
بسم الله الرّحمن
الرحيم
المحمدون
من اسمه محمد بن أحمد
بن إبراهيم
١ ـ محمد بن أحمد بن
الرضى بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم :
يلقب : بالرضى
الطبرى المكى الشافعى ، إمام مقام الخليل عليهالسلام بالمسجد الحرام.
ولد : فى سنة عشرين
وسبعمائة. سمع من : عيسى الحجى ، وجماعة من شيوخ أخيه شيخنا محب الدين الآتى ذكره.
وأجاز له معه جماعة من شيوخه الشاميين والمصريين. وخلف أباه فى الإمامة بالمقام فيها.
وخطب بالمسجد
الحرام فى المدة التى صد عنها الضياء الحموى عن الخطابة. وهى من موسم سنة تسع وخمسين
وسبعمائة إلى وصول العسكر فى جمادى الآخرة سنة ستين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة
عن سبع وثلاثين سنة أو نحوها.
٢
ـ محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم بن محمد الطبرى المكى :
أخو الرضى السابق
، شيخنا الإمام محب الدين أبو البركات إمام المقام. ولد سنة سبع وعشرين وسبعمائة.
وأجاز له من دمشق
: أبو العباس الحجار ، وأحمد بن المحب المقدسى ، وأحمد بن الفخر عبد الرحمن البعلى
، وأيوب الكحال ، وآخرون من دمشق ومصر ، يأتى إن شاء الله تعالى بعضه فى ترجمة
أخيه شيخنا أبى اليمن ، والشريف أبى الفتح الفاسى.
وأجاز له من ثغر
الإسكندرية جماعة منهم : وجيهة بنت على الإسكندرية.
__________________
وسمع على : عيسى
بن عبد الله الحجى صحيح البخارى ، وعلى الزين الطبرى ، وعثمان بن الصفى ، وأبى
طيبة محمد بن أحمد بن أمين الأفهرى : سنن أبى داود بفوت من باب التختم فى اليمن أو
اليسار إلى آخرها. ثم سمعها كاملة على عثمان بمفرده.
وعلى أبى عبد الله
الوادياشى : أكثر الموطأ رواية يحيى بن يحيى ، والتيسير للدانى. وعلى المعظم عيسى
بن عمر بن أبى بكر الأيوبى : الأحاديث السباعية والثمانية ، تخريج ابن الظاهرى
لمؤنسة خاتون بنت العادل أبى بكر بن أيوب. وغير ذلك على جماعة ، وبعض ذلك بقراءته
وحدث.
سمع منه الأعيان ،
منهم : شيخنا القاضى جمال الدين ابن ظهيرة ، وحدث عنه وقرأت عليه ، وسمعت منه
أشياء.
وخلف أخاه الرضى
فى الإمامة ، ثم تركها لابنه الإمام رضى الدين أبى السعادات محمد فى أواخر عمره
بنزول منه.
وخطب فى وقت نيابة
عن صهره القاضى كمال الدين أبى الفضل النويرى ، وناب عنه فى العقود وعن أبيه
القاضى محب الدين النويرى ، ثم ترك.
وكان فيه خير
وإحسان إلى جيرانه ، وكان يتأثر على تشييع الجنائز. ثم حصل له بآخره كسر من فرس
رفسته ، وتعلل بذلك مدة ، ثم شفى على عرج أصابه ، صار بسببه يمشى على عصاتين.
وتوفى ليلة الأحد
العشرين من ذى القعدة سنة خمس وتسعين وسبعمائة بمكة ودفن صبيحتها بالمعلاة.
أخبرنى الإمام محب
الدين أبو البركات محمد بن أحمد بن الشيخ رضى الدين الطبرى ، بقراءتى عليه بمنزله
بالسويقة بمكة : أن أبا العباس أحمد بن أبى طالب الصالحى أنبأه إذنا مكاتبة.
وقرأت على مسند
العصر أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن صديق الدمشقى بها وبالمسجد الحرام : أخبرنا
أبو العباس الحجار سماعا ، وأقر به عن أبى إسحاق إبراهيم بن عثمان الكاشغرى ،
والأنجب بن أبى السعادات الحمامى ، وثامر بن مسعود بن مطلق ، وأبى طالب عبد اللطيف
بن محمد بن القبيطى ، وأبى الحسن على بن محمد بن كبه ، وأبى الفضل محمد بن محمد بن
السباك ، وزهرة بن محمد بن أحمد البغدادى ، قالوا : أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد
الباقى.
زاد الكاشغرى ،
وأبو الحسن على بن عبد الرحمن قالا : أخبرنا مالك بن أحمد البانياسى ، قال :
أخبرنا أحمد بن محمد بن المجبر ، قال : أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى ، قال
: حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبى بكر الزهرى عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن سالم عن
ابن عمر رضى الله عنهما : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرّ على رجل ، وهو يعظ أخاه فى الحياء ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «الحياء من
الإيمان».
أخرجه البخارى عن
عبد الله بن يوسف التنيسى. وأبو داود عن عبد الله بن مسلمة القعنبى عن مالك.
وأخرجه النسائى عن هارون بن عبد الله الحمال ، عن معن ابن عيسى ، وعن الحارث بن
مسكين المصرى عن عبد الرحمن بن القاسم الفقيه ، كلاهما عن مالك ، فوقع لنا بدلا
للبخارى عاليا بدرجة ، ولأبى داود بدرجتين وغالبا بدرجتين بالنسبة إلى رواية
النسائىرحمهمالله تعالى.
٣
ـ محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم الطبرى :
أخو الرضى والمحب
المقدم ذكرهما. يكنى : أبا اليمن ، ويلقب أمين الدين. سألته عن مولده فذكر ما
يقتضى : أنه فى سنة ثلاثين وسبعمائة.
وأجاز له من مصر
مع إخوانه : مسندها يحيى بن يوسف بن المصرى ، وأحمد بن أحمد الشارعى ، وإبراهيم بن
الخيمى وآخرون من أصحاب النجيب الحرانى ، وأخيه العز ، والمعين الدمشقى ، وابن
عزون وغيرهم.
ومن الشام : أبو
بكر بن الرضى ، وزينب بنت الكمال والحافظان البرزالى والمزى وآخرون من أصحاب ابن
عبد الدايم وغيره ، يأتى ذكر بعضهم فى ترجمة شيخنا الشريف أبى الفتح الفاسى وغيره
من شيوخنا.
ومن مكة : جماعة ،
منهم : عيسى بن عبد الله الحجى. وسمع منه بعض الترمذى غير معين. وسمع من عثمان بن
الصفى الطبرى : سنن أبى داود فى سنة سبع وأربعين. وسمع على الزين الطبرى والأفهرى
، وابن المكرم : سنن النسائى بفوت غير معين. وسمع على ابن المكرم : فضل رجب للقطب
القسطلانى ، بسماعه منه وغير ذلك. وعلى عثمان بن شجاع الدمياطى : سيرة الحافظ
الدمياطى عنه.
وسمع عليه أيضا :
المسلسل بالأولية ، بسماعه من الدمياطى. وعلى الفخر النويرى ،
__________________
والسراج الدمنهورى
: موطأ بن بكير. وعلى أبيه الإمام شهاب الدين الطبرى ، والحمال الواسطى : مسند
الشافعى.
وعلى المشايخ
الأربعة : القاضى عز الدين بن جماعة ، وتاج الدين ابن بنت أبى سعد ، والشيخ نور
الدين الهمدانى ، والشيخ شهاب الدين الهكارى : بعض الترمذى ، بسندهم الآتى ذكره.
وتفرد بالسماع من
الحجى والآقشهرى ، والزين الطبرى ، وعثمان الدمياطى ، وعبد الوهاب الواسطى. وتفرد
بإجازتهم خلا الحجى ، وبإجازة جماعة منهم : قاضى المدينة شرف الدين الأميوطى ،
ومؤذنها الجمال المطرى ، وبرهان الدين المسرورى ، وخالص البهائى ، وعلى بن عمر بن
حمزة الحجار ، والحسن بن على بن إسماعيل الواسطى ، والعلامة مصلح الدين موسى بن
أمير حاج الرومى ، المعروف بملك العلماء شارح «البديع» لابن الساعاتى ، وخضر بن
حسن النابتى وغيرهم ، وحدث.
قرأت عليه كثيرا
من الكتب والأجزاء ، وسمعت منه.
وسمع منه : صاحبنا
الحافظ أبو الفضل بن حجر وغيره من المحدثين. وكان مشهورا بالخير يقصد للزيارة
والتبرك. له وقع فى قلوب الناس مع الانقباض عنهم. وصحب جماعة من الفقراء والصالحين
، وعادت عليه بركتهم. وكان منور الوجه.
وأخبرنى صاحبنا
الفقيه شهاب الدين أحمد بن إبراهيم المرشدى عن الفقيه أبى المسعود محمد بن حسين بن
على بن ظهيرة الآتى ذكره أنه قال له ـ ما معناه ـ : رأيت النبىصلىاللهعليهوسلم فى النوم بالحطيم حول الكعبة ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «سلم على هذا ـ وأشار بيده إلى أبى اليمن الطبرى المذكور
، وهو يطوف ـ فإنه من أهل الجنة». أو قال : «من سلم عليه دخل الجنة» هذا معنى ما
حكاه لى شهاب الدين المرشدى عن أبى السعود. وفى ذلك منقبة للشيخ أبى اليمن
المذكور.
دخل أبو اليمن
ديار مصر غير مرة ، منها : فى سنة سبع وتسعين وسبعمائة ، وفيها: ولى الإمامة بمقام
إبراهيم بعد أخيه المحب شريكا لابن أخيه الرضى بن المحب وكان ينوب عن أخيه المحب
فى الإمامة ، ويؤم الناس فى صلاة التراويح فى كل سنة غالبا. واستمر على ذلك حتى نزل عن الإمامة عند وفاته لابنه الإمام
أبى الخير.
توفى فى تاسع عشر
صفر سنة تسع وثمانمائة بمكة المشرفة ، ودفن بالمعلاة.
أخبرنى الشيخ
الصالح الإمام أبو اليمن محمد بن أحمد بن الشيخ رضى الدين الطبرى قراءة عليه ،
وأنا أسمع : بانتخاب صاحبنا الإمام صلاح الدين خليل بن محمد الأقفهسى.
٤ ـ محمد بن أحمد بن
إبراهيم بن يعقوب بن أبى بكر جمال الدين ، المعروف بابن البرهانى ، الطبرى ، المكى
، الشافعى ، الفقيه ، المفتى :
سمع من الصفى
والرضى الطبريين : صحيح البخارى ، وغير ذلك على الرضى وغيره.
وتفقه على الشيخ
نجم الأصفوانى وغيره. وأخذ الفرائض عن الشيخ عبد الله اليافعى.
ومن شيوخه فى
العلم : العلامة مصلح الدين موسى بن أمير حاج الرومى ، المعروف بملك العلماء.
وكان فقيها فاضلا
ديّنا ، صالحا مباركا مشهورا بالخير. درس بالحرم الشريف وأفتى وحدث.
سمع منه المحدث
جمال الدين بن عبد الله بن حديدة فى سنة سبع وأربعين وسبعمائة. وشيخنا ابن شكر
بعد ذلك وغيره من شيوخنا.
وناب فى الخطابة
عن التاج الخطيب الطبرى. وعن القاضى تقى الدين الحرازى. وناب فى العقود عن القاضى شهاب الدين الطبرى ، والقاضى أبى
الفضل النويرى.
توفى ظهر يوم
الخميس الثانى عشر من ذى القعدة سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة ودفن بالمعلاة. هكذا
وجدت تاريخ وفاته بخط شيخنا ابن شكر.
٥ ـ محمد بن أحمد بن
أحمد ، يلقب بالجمال بن الشهاب بن الشهاب ، ويعرف بقمر الدولة :
نقلت هذا كله من
حجر قبره بالمعلاة ، وترجم فيه كل من والده وجده : بالقاضى. وفيه: أنه توفى يوم الأربعاء سابع شوال سنة ست وخمسين
وسبعمائة.
٦ ـ محمد بن أحمد بن
إدريس بن عمر أبو بكر :
ذكره ابن زبر فى
وفياته. وذكر أنه توفى فى ذى الحجة سنة سبع وستين ومائتين بمكة. ولم يذكر من حاله
سوى هذا ، وما عرفت من حاله غير ذلك.
٧ ـ محمد بن أحمد بن
إسماعيل بن أحمد ، يلقب بشرف الدين ، ويعرف بالبدماصى المصرى:
نزيل مكة. ذكر لنا
: أنه من ولد أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، وأنه تعدل
بالقاهرة ، وجلس
للشهادة فى بعض الحوانيت بظاهرها ، وجلس لذلك بمكة ، وكتب الوثائق كثيرا ولم يحمد
فى ذلك.
وسمع بمكة من
شيخنا ابن صديق وغيره من شيوخنا بمكة. وبها توفى فى حادى عشر ذى الحجة من سنة ثمان
وثمانمائة بمكة ودفن بالمعلاة بعد أن جاور بمكة نحو عشر سنين متصلة بموته ، وقد
جاوز الأربعين فيما أحسب.
٨ ـ محمد بن أحمد بن
إسماعيل الدمشقى ، يلقب شمس الدين ، ويعرف بابن الصعيدى ، وبالأحدب المقرئ :
جاور بمكة مدة
سنين ، وانتصب للإقراء بالمسجد الحرام. وكان خيّرا مباركا.
توفى يوم الجمعة
السادس عشر من جمادى الأولى سنة تسع وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة ، وقد بلغ
الخمسين أو قاربها.
٩ ـ محمد بن أحمد بن
أمين بن معاذ بن سعاد الآقشهرى ، يلقب ، بالجلال ، ويكنى : أبا عبد الله وأبا طيبة :
روى عن الأستاذين
: أبى جعفر بن الزبير الغرناطى ، وناصر الدين أبى على المسدالى ، وجماعة من أهل
المغرب سماعا وإجازة عن جماعة من أهل المشرق منهم : العز الفاروقى.
وسمع الكثير
بالحرمين على الصفى والرضى ، ومن جماعة كثيرين. عاش منهم بعده غير واحد. وخرّج
لبعضهم. وله عناية كبيرة بهذا الشأن ، إلا أنه لم يكن فيه نجيبا ؛ لأن له تعاليق
مشتملة على أوهام فاحشة. وله مجاميع كثيرة ، وإلمام بالأدب ، وحظ وافر من الخير.
وقد حدثنا عنه غير واحد من شيوخنا. وجاور سنين كثيرة بمكة والمدينة ، وبها مات فى
سنة تسع وثلاثين وسبعمائة. وهو فى أثناء عشر الثمانين ؛ لأنه ولد سنة أربع وستين
وستمائة. كذا وجدت مولده بخط الذهبى. وترجمه : بنزيل مكة.
١٠ ـ محمد بن أحمد بن
أبى بكر بن محمد بن سالم بن إبراهيم وقيل : أبو بكر بن أحمد بن سالم الحرانى شمس
الدين المعروف : بابن القزاز :
سمع من : عبد
الأول بن على الواسطى جزءا من حديث طلحة بن يوسف. ومن محمد بن مقبل بن المنى : جزء
ابن مقسم. ومن ابن الخيّر ، ويحيى بن قميرة ببغداد.
وبمصر : من ابن
رواح ، وابن الحميرى ، والمرسى. وبحلب : من الحافظ يوسف بن خليل. وبحرّان : من
المجد ابن تيمية. وبالحجاز وديار بكر ، وحدث.
سمع منه : أبو
العلاء الفرضى ، والمزى ، والبرزالى. وذكره فى معجمه وأثنى عليه. فقال : كان من
أهل القرآن وكثير التلاوة ، يتلوه فى غالب أيامه كل يوم ختمة ، متعبدا حسن السمت ،
مليح الشيبة ، ذا وقار وسكون.
جاور بمكة زمانا
وحج مرات. وقال : قرأت داخل الكعبة ألف وثلاثمائة وأربعا وخمسين ختمة. انتهى.
وذكره الذهبى فى
معجمه ، وقال : كان حفظه للحكايات والملح ، إلا أنه لا يوثق بنقله وسماعاته
فصحيحة. انتهى باختصار.
وتوفى فى العشر
الأخير من ذى الحجة سنة خمس وسبعمائة بمكة برباط رامشت. ومولده بحران سنة ثمان عشرة وستمائة. ولشيخنا محمد بن أحمد
بن عبد الله المعروف بابن عوض البيطار الصالحى منه إجازة.
١١ ـ محمد بن أحمد بن
أبى بكر الخراسانى ، أبو بكر ، الصوفى ، النجار :
نزيل بغداد ، وسمع
بمكة شيئا فى سنة أربع وخمسمائة :
وروى عنه : أبو
سعد السمعانى ، وقال : كان رفيقى فى سفره إلى الشام ، وخرجنا صحبته إلى زيارة
القدس ، وما افترقنا إلى أن رجعنا إلى العراق. وكان نعم الرفيق ، شيخ ، صالح ، قيم
بكتاب الله ، دائم البكاء ، كثير الحزن ، جاور بمكة مدة.
توفى فى ربيع
الأول سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وله ثمانون سنة ، انتهى.
١٢ ـ محمد بن أحمد بن
جار الله بن زائد السنبسى المكى ، يلقب بالجمال ابن الشهاب :
ولد ـ فيما بلغنى
ـ سنة ثمانين وسبعمائة ، وعنى بحفظ القرآن الكريم ، وتعلم الكتابة حتى انصلح خطه ،
وصار يكتب به الوثائق لنفسه وغيره.
وعنى بالتجارة
فحصل نقدا طائلا فيما قيل ، وعقارا ، وناله تعب فى بعض الأحايين ـ لغناه ـ من
الدولة.
ولما مرض مرضه
الذى مات به : لقى فيه ألما عظيما لحرارة عظيمة اعترته فى جوفه. وأقام لذلك أياما
وليالى منغمسا فى الماء ، جالسا فى قدر من نحاس يسع جزورا فيما
قيل ، وهو مع ذلك
لا يستطيع شرب الماء ، وامتنع من شربه اثنى عشر يوما ، يؤتى به إليه ينظره ولا
يكاد يسيغه.
وفى مرضه هذا :
طلق إحدى زوجتيه ثلاثا ، قاصدا بذلك حرمانها الميراث من مخلفه ، وتخصيص زوجته
الأخرى بذلك. وبعد وفاته : ادعى عندى وكيل شرعى لزوجته التى طلقها بما صدر منه.
فأجاب وكيل الزوجة الأخرى بإنكار ما ادعاه ، وقال : طلقها فى صحته. فشهد عندى
جماعة من الفقهاء : بطلاقه لزوجته ثلاثا فى حال مرضه ، قاصدا بذلك حرمان المطلقة
من الميراث. فحكمت لها بالميراث من مخلفه. ورام وكيل الزوجة الأخرى دفعها عن الميراث بزعمه أن المذكور
كان طلق زوجته المشار إليها ثلاثا فى صحته ، وأن عنده بذلك بينة. فلم يفده ذلك ؛
لأن فى شرح ابن الحاجب الفرعى تحليل الجندى المالكى ما نصه :
فرع : قال الباجى
: لو مات فشهد الشهود أنه كان طلقها البتة فى صحته ، فقد جعله ابن القاسم كالمطلق
فى المرض ؛ لأن الطلاق إنما يقع يوم الحكم ، ولو لم يقع يوم الحكم لكان فيه الحد
إذا أقر بالوطء وأنكر الطلاق. وهذا الذى علل به الباجى فى المدونة نحوه. انتهى
باختصار.
وكانت وفاة
المذكور فى أوائل النصف الثانى من يوم الجمعة الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة
ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة المشرفة ، ودفن بالمعلاة بكرة يوم السبت. سامحه الله
تعالى.
١٣ ـ محمد بن أحمد بن
جعفر بن على الديوانى المكى :
كان خدم عنان بن
مغامس بن رميثة أمير مكة فى ولايته الثانية على مكة. وخدم غيره من أمراء مكة.
وبها توفى فى سنة
ست وثمانمائة فى غالب الظن ، وإلا ففى التى بعدها. ودفن بالمعلاة.
* * *
من اسمه محمد بن أحمد بن الحسن
١٤ ـ محمد بن أحمد بن
الحسن بن عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش بن عتبة بن أبى لهب القرشى الهاشمى :
هكذا نسبه ابن حزم
فى الجمهرة ، وقال : ولى الصلاة بمكة. انتهى.
١٥ ـ محمد بن أحمد بن
الحسن السجزى ، أبو عبد الله المكى المقرى ، ويعرف: بجو بكار :
روى عن : الحافظ
أبى موسى المدينى وغيره. سمع منه : ابن أبى الصيف. وحدث بالحرمين ، وجاور بها حتى
مات.
ذكره ابن الدبيثى
فى تاريخ بغداد. فإنه لم يذكر متى كانت وفاته ولا محلها وما عرفت وقتها ، إلا أنه
كان حيا فى سنة ست وتسعين وخمسمائة ؛ لأن سليمان بن خليل العسقلانى قرأ فيها عليه
رواية حفص عن عاصم ، وأجاز له. كذا ذكر ابن مسدى فى معجم شيوخه.
وهو معدود فى
مشيخة الحرم بمكة ، وبها توفى ؛ لأنى وجدت بالمعلاة حجرا ملقى مكتوب فيه : هذا قبر
الشيخ الصالح الإمام فخر الدين محمد بن أحمد بن حسين يعرف بجو بكار السجزى رحمهالله تعالى وهو المذكور.
وتسمية جده :
بحسين فى هذا الحجر تخالف ما ذكرناه أولا ، والله أعلم بالصواب.
١٦ ـ محمد بن أحمد بن
الحسن بن الزين محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد القسطلانى المكى ، الحنفى ، يلقب
بالجمال :
سمع بمكة : من
الشيخ جمال الدين الأميوطى ، وعبد الله النشاورى وغير هما. وسمع بمصر : من بعض
شيوخنا بالسماع ، وبالشام من بعض شيوخنا بالإجازة وأظنه سمع بمكة من عبد الرحمن بن
الثعلبى. وله اشتغال بالعلم ونباهة. وكتب بخطه عدة كتب ، وكتب الوثائق أيضا.
توفى فى حادى عشر
ذى الحجة سنة إحدى وثمانمائة بمنى ، ودفن بالمعلاة فى صبيحة اليوم الثانى فى مقبرة
أسلافه ، وقد بلغ الأربعين أو قاربها.
١٧ ـ محمد بن أحمد بن
سالم بن ياقوت المكى :
المؤذن بالحرم
الشريف. سمع من : عيسى الحجى به ، والزين الطبرى.
ومات فى حياة أبيه
فى عشر السبعين وسبعمائة بالقاهرة بالخانقاة الصالحية ، سعيد السعداء. سامحه الله
تعالى.
١٨ ـ محمد بن أحمد بن
أسعد ، الإمام أبو عبد الله بن الفراء المعافرى ، الأندلسى ، الجيانى ، المقرئ :
أخذ القراءات عن
مكى بن أبى طالب ، وقرأ عليه جماعة. ومات بمكة سنة تسع وستين
وأربعمائة بعد
الحج والمجاورة. ذكره الذهبى فى طبقات القراء وتاريخ الإسلام ، ومنها لخصت هذه
الترجمة.
١٩ ـ محمد بن أحمد بن
سعيد بن فرقد أبو عمرو المخزومى :
مؤذن مسجد جدة. عن
: عمر بن حفص البصرى. وعنه : ابن الأعرابى فى معجمه.
٢٠ ـ محمد بن أحمد بن
أبى سعيد المكى :
أظن ظنا غالبا :
أن المكى اسم لا صفة. وعليه قد لا تكون الترجمة هذه من شرط كتابنا هذا. فيحرر.
الإمام أبو الفرج
الأعرجى ، شمس الأئمة ، الخطيب ، الفقيه ، الحاسب ، المدرس ، المفتى ، المناظر ،
الواعظ ، الرئيس ، المقدم ، ذو المحاسن العديدة.
وكان شيخ العلماء
بخوارزم غير منازع ، أكثر من خمسين سنة. وكان مائلا إلى الحديث.
سمع من : شيخ
القضاة إسماعيل بن البيهقى ، ومن الزمخشرى وغيره. وكان ثقة عدلا.
مات فى ربيع الأول
سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ، وتزاحموا على سريره ، وجاوز الثمانين.
نقلت هذه الترجمة
هكذا من خط الحافظ الذهبى ، فيما انتقاه من المجلد الأول من تاريخ خوارزم للحافظ
الرحال محمود بن محمد بن عباس بن أرسلان الخوارزمى. وذكر أنه نحو من ثمان مجلدات
كبار. انتهى.
٢١ ـ محمد بن أحمد بن
سنان بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى ، المكى:
كان من أعيان
القواد العمرة. توفى فى آخر سنة أربع ، أو فى سنة خمس وثمانين وسبعمائة مقتولا فى
الحمام بمكة ، قتله بعض الأشراف.
٢٢
ـ محمد بن أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى ، المكى الخطيب
كمال الدين أبو الفضل بن قاضى مكة وخطيبها شهاب الدين :
ولد فى حادى عشر
ربيع الأول سنة ست وخمسين وسبعمائة بمكة.
__________________
وسمع بها على
الفقيه خليل المالكى : جانبا معينا من آخر الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى. وعلى
القاضى عز الدين بن جماعة : منسكه الكبير على المذاهب الأربعة والأربعين التساعية
له ، وجزء ابن نجيد ، والبردة للبوصيرى عنه إجازة. وعلى ابن جماعة ، والقاضى موفق
الدين عبد الله الحنبلى : مسند عبد بن حميد بفوت ، وعلى محمد بن أحمد بن عبد
المعطى : صحيح ابن حبان.
وأجاز له من مصر :
ابن القطروانى ، وابن الرصاص ، والجزائرى ، وناصر الدين الفارقى ، وناصر الدين
التونسى ، وفتح الدين القلانسى ، وآخرون. ومن دمشق : عبد الله ابن قيم الضيائية
وآخرون.
وحدث بمسموعاته أو
أكثرها ، وبأشياء كثيرة عن شيوخه بالإجازة.
وناب فى الخطابة
بمكة عن أبيه ، وعن القاضى عز الدين النويرى. وباشر فى الحرم. وأضر بأخرة سنين ،
وكان دائم الدهر ملازما لبيته ، كافيا للناس خيره وشره.
وتوفى فى آخر ليلة
الأحد خامس صفر سنة تسع وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
* * *
من اسمه محمد بن أحمد بن عبد الله
٢٣ ـ محمد بن أحمد بن
عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم ، قاضى مكة ، جمال الدين بن الشيخ
محب الدين الطبرى المكى الشافعى ، يكنى أبا عبد الله ، وأبا محمد ، وأبا أحمد:
ولد يوم السبت
سادس صفر سنة ست وثلاثين وستمائة بمكة.
وسمع بها من ابن
أبى حربى : صحيح البخارى. ومن شعيب الزعفرانى ، وابن الحميرى: الأربعين الثقفية ، والأربعين
البلدانية للنسفى. وعلى ابن الحميرى : معجم الإسماعيلى ، وسنن الشافعى رواية
المزنى ، وغير ذلك. وعلى جماعة. وحدث ، أفتى ، ودرس.
وله تآليف ، منها
: «التشويق إلى البيت العتيق» فى المناسك ، و «نظم كفاية المتحفظ» فى اللغة. وله
نظم حسن.
وناب فى الحكم بمكة
عن قاضيها عمران بن ثابت الفهرى. ثم ولى قضاءها بعد
عمران فى صفر سنة
ثلاث وسبعين وستمائة. ثم عزل نفسه سنة خمس وسبعين. ثم جاء أمر الملك المظفر صاحب
اليمن بعوده فى سنة ست وسبعين. واستمر حتى مات فى غالب الظن ، وولايته لبعض هذه
المدة مخففة.
وقد أثنى عليه غير
واحد ، منهم : البرزالى ؛ لأنه ترجمه : بالقاضى العلامة. قال : وكان فقيها فاضلا ،
وله شعر جيد.
ومنهم : الحافظ
الذهبى ؛ لأنه قال : كان متقنا للفقه والعربية. ومنهم : أحمد بن أيبك الدمياطى ؛
لأنه قال : كان فاضلا فى علوم وترجح على والده. وذكر أنه توفى فى ذى القعدة سنة
أربع وتسعين وستمائة.
وهكذا ذكر وفاته
البرزالى نقلا عن الشيخ عبد الله بن خليل المكى. وذكر أنه توفى بمكة ، وأنه كان
قاضيا بها مدة سنين. انتهى.
وأرخ وفاته بهذه
السنة الذهبى فى العبر ، وفى تاريخ الإسلام ، إلا أنه قال فى تاريخ الإسلام : مات
فى ذى القعدة أو قبلها بعد أبيه بيسير. وقال فيه أيضا : أصابه فالج جده.
وجزم فى العبر
بوفاته قبل أبيه ، وتبعه على ذلك الإسنائى فى طبقاته ، وهو وهم منهما ؛ لأنى وجدت
بخط القاضى نجم الدين بن القاضى جمال الدين الطبرى المذكور كتابا ذكر فيه : أن
المظفر صاحب اليمن زاد جده المحب الطبرى والد المذكور فى معلوم التدريس فى المدرسة
المنصورية بمكة. ولم يزل ذلك مستمرا إلى أن مات أخذها الولد كذلك. والدلالة من هذا
الكلام على أن المذكور توفى بعد أبيه ظاهرة.
أنشدنى القاضيان
أبو محمد بن أحمد بن عبد العزيز ، وأبو العباس أحمد بن أبى عبد الله القرشيان إذنا
بخطهما عن القاضى نجم الدين محمد بن القاضى جمال الدين محمد بن الشيخ محب الدين
الطبرى ، إجازة إن لم يكن سماعا.
قال : أنشدنا
والدى لنفسه قصيدة نبوية أولها :
أنخ أيها الصادى
الشديد ظماؤه
|
|
ورد منهلا أحلا
من الشهد ماؤه
|
وسل عند باب
المصطفى أى حاجة
|
|
أردت وما تهوى
فرحب فناؤه
|
ولا تخش إذ
أصبحت جارا لمن غدا
|
|
كفيلا بأمن
الخائفين التجاؤه
|
ومنها :
ليهنك يا قلبى
فذا ثمر المنى
|
|
بساحة خير
المرسلين اجتناؤه
|
وبشراك يا من حل
فى ذاك الحمى
|
|
وبل غليلا
وانجلت بر حاؤه
|
فيا قاصدنه قم
أمام ضريحه
|
|
وحسبك فخرا أن
حواك إزاؤه
|
وقبل وضع فى
الترب خدك خاضعا
|
|
ولذ عائذا واطلب
وسل ما تشاؤه
|
ففى ذلك النادى
منى كل آمل
|
|
وفيه لمن وافى
عليلا شفاؤه
|
لعمرك قد حلت
مفاخر أحمد
|
|
ونمت أياديه وعم
ثناؤه
|
ولم لا وهذا
المجتبى من ذرى العلا
|
|
وبيت لمحض
المكرمات بناؤه
|
خلاصة عز من لؤى
بن غالب
|
|
وجوهر إفضال
تبدّا صفاؤه
|
تغذى لبان المجد
طفلا فأصدرت
|
|
موارده ما كان
منه ارتواؤه
|
سما فى سموات
السمو فأشرقت
|
|
شموس سناه
واستبان بهاؤه
|
٢٤ ـ محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد المعطى بن مكى بن طراد
الأنصارى ، المكى ، جمال الدين ، يكنى أبا الفضائل ، وأبا عبد الله ، المعروف بابن
الصفى :
ولد فى سادس صفر
سنة اثنتين وسبعمائة بمكة. وأجاز له من شيوخها فى سنة ثلاث وسبعمائة : أمين الدين
بن القطب القسطلانى ، والشرف يحيى بن محمد بن على الطبرى ، وتفرد بإجازتهما
وغيرهما من شيوخ مكة وغيرها.
وسمع بها على
الفخر التوزرى : الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ، ورواية أبى مصعب وصحيح مسلم ،
وجامع الترمذى ، والشمائل له ، والملخص للقابسى ، والشفا للقاضى عياض ، والثقفيات
، والخلعيات ، والقبلانيات ، والقصائد الوترية لابن رشيد عنه ، ومشيخة ابن الحميرى
، والفوائد المدنية من حديثه عنه. وعلى جده لأمه الصفى الطبرى ـ وبه عرف ـ وأخيه
الرضى : صحيح البخارى ، وصحيح ابن حبان ، خلا من قوله : ذكر البيان بأن عند وقوع الفتن على المرء محبة غيره ما يحبه
لنفسه ، إلى آخر الكتاب. فعلى الرضى فقط وعليهما : الثقفيات ، والسادس ، والسابع ،
والثامن من المحامليات ، وثانى حديث سعدان ، وجزء سفيان بن عيينة. وراجع الإعراب
للنسائى ، وفوائد العرائس للنقاش وغير ذلك.
وعلى الرضى فقط
جامع الترمذى بفوت ، وتاريخ مكة للأزرقى وغير ذلك. وعلى أبى عبد الله بن محمد بن
على بن قطرال ، وأبى عبد الله محمد بن محمد بن حريث : كتاب الشفا للقاضى عياض. وعلى فاطمة وعائشة بنتى القطب
القسطلانى : سداسيات الرازى وغير ذلك.
وعلى الرضى على بن
بجير الشيبى : فضل رمضان لأبى اليمن بن عساكر ، وغير ذلك على جماعة آخرين. وحدث
بكثير من مسموعاته. وتفرد منها بأشياء.
سمع منه جماعة من
شيوخنا ، منهم : الحافظان العراقى ، والهيثمى ، ونور الدين الفوى ، وابن شكر ،
ووالدى ، والقاضى جمال الدين بن ظهيرة وجماعة.
وكان رجلا صالحا
ديّنا. ولزم الشيخ عبد الله اليافعى مدة ، وأخذ عنه الفرائض ، وبرع فيها. واشتغل
بالفقه كثيرا ، ولم يتميز فيه.
توفى فى تاسع عشر
شهر رجب ، سنة ست وسبعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
٢٥
ـ محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد القاشانى الفقيه أبو زيد ، المروزى ، الشافعى
:
روى عن محمد بن
يوسف الفربرى : صحيح البخارى. وحدث عنه بمكة. وجاور بها سبع سنين.
وسمع من أصحاب على
بن حجر. روى عنه : الدارقطنى وغيره. وأخذ الفقه عن أبى إسحاق المروزى. وعنه أخذ
القفال المروزى.
قال الخطيب : كان
أحد أئمة المسلمين ، حافظا لمذهب الشافعى ، حسن النظر ، مشهورا فى الزهد والورع.
توفى يوم الخميس
ثالث عشر شهر رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة بمرو ، قاله أبو نعيم.
ومولده سنة إحدى
وثلاثمائة ، انتهى.
وما ذكرناه من
مجاورته بمكة سبع سنين ذكره صاحب المرآة نقلا عن الخطيب البغدادى ، ولم أره فى
تاريخه. وكذلك ذكره أيضا الإسنائى.
__________________
٢٦ ـ محمد بن أحمد بن عبد الرحمن القرشى ، العلامة الكبير ،
شمس الدين ، المعروف بابن خطيب بيرود ، الدمشقى ، الشافعى :
ولد سنة إحدى
وسبعمائة. سمع على ما ذكر من الحجار ووزيره : صحيح البخارى. وتفقه على فقيه الشام
البرهان بن الفركاح وغيره.
وأخذ الأصول عن
الشيخ شمس الدين الأصبهانى ، شارح مختصر ابن الحاجب وكانت له فيه يد طولى مع معرفة
جيدة بالفقه والأدب.
وأفتى ودرس بمشهد
الإمام الشافعى رضى الله عنه ، بالقرافة وبالجامع الحاكمى ، بعد الشيخ شمس الدين
بن اللبان.
ثم ترك ذلك للشيخ
بهاء الدين أحمد بن الشيخ تقى الدين السبكى. وعوضه عنه أخوه القاضى حسين بن القاضى
تقى الدين السبكى بدرس الشامية البرانية ظاهر دمشق. فباشرها مدة سنين ، ثم تركها.
وتوجه إلى الحجاز
فى موسم سنة ستين وسبعمائة. وجاور بمكة نحو ثلاث سنين ، على ما أخبرنى به بعض
أقاربه.
وكان جاور بها قبل
ذلك فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة. ثم توجه إلى مصر ، ثم عاد إلى مكة وجاور بها ،
ثم عاد إلى مصر ، ثم توجه إلى مكة.
وقد ولى قضاء
المدينة بعد الحكرى ، وباشره نحو سنتين ثم عاد إلى مصر بعد الحج من سنة ثمان
وستين. وولى بها تدريس مدرسة أم الملك الأشرف صاحب مصر. ثم توجه إلى دمشق فى سنة
إحدى وسبعين ، وعاد فى آخرها إلى تدريس الشامية البرانية بعد موت القاضى تاج الدين
السبكى ، واستمرت معه حتى مات.
وكان سئل فى تركها
لمن فيه أهلية وافرة من جهة العلم على عوض. فتوقف تورعا.
وكانت وفاته فى
سادس عشر شوال سنة سبع وسبعين وسبعمائة بدمشق ، ودفن بباب الصغير. سامحه الله
تعالى.
٢٧ ـ محمد بن أحمد بن
عبد الرحمن ، الدمشقى الأصل ، المدنى المولد والدار ، الشافعى الإمام ، المفنن ،
أبو الفضائل جمال الدين ، المعروف بابن الشامى :
سمع بالمدينة من
العفيف المطرى ، وتخرج به ، وبدمشق من عمر بن أميلة. وبمصر من جويرية بنت الهكارى
وغيرها. وله عناية بهذا الشأن ، وكتب فيه طباقا عديدة.
__________________
وأخذ الفقه عن
العلامة عماد الدين إسماعيل بن خليفة الجبائى بدمشق ، وأذن له فى الإفتاء
والتدريس. وكان فاضلا فى فنون ، وله خط حسن.
وتوفى فى يوم
الثلاثاء فى نصف صفر سنة تسع وسبعين بمكة. ودفن بالمعلاة ، ولم يكمل الأربعين.
٢٨ ـ محمد بن أحمد بن
الوجيه عبد الرحمن بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى ، الخزرجى ، المكى ،
المعروف بالوجيه. وهى شهرة جده :
سمع على الشيخ
خليل المالكى وغيره بمكة.
وتوفى بها فى
أوائل شعبان سنة ست وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة عن أربع وثمانين سنة ؛ لأنه ولد فى
سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة ، على ما أخبرت به عنه ، وكان يدعى بآخره سنا أعلا من
هذا. والله أعلم.
٢٩ ـ محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن بن
القاسم بن عبد الله ، الهاشمى، العقيلى :
قاضى مكة ،
وخطيبها ، وعالمها ، كمال الدين أبو الفضل ، النويرى ، الشافعى. ولد ليلة الأحد
مستهل شعبان سنة اثنين وعشرين وسبعمائة بمكة.
وسمع بها من جده
لأمه القاضى نجم الدين الطبرى : بعض السيرة لابن إسحاق ، تهذيب ابن هشام.
وأجاز له ومنه
القاضى زين الدين الطبرى ، وعيسى الحجى ، وغيرهما : جامع الترمذى ، وعلى الحجى :
صحيح البخارى ، فى سنة ثلاث وثلاثين.
وبالمدينة من
الزبير الأسوانى : الشفا للقاضى عياض ، وغير ذلك على غيرهم بالحرمين. كما سيأتى فى
ترجمة أخيه القاضى نور الدين النويرى.
ثم رحل فى طلب
العلم. فسمع بدمشق من مسندها أحمد بن على الجزرى : جزء آدم بن أبى إياس ، وعلى
الحافظ أبى الحجاج المزى : مجلسا من أماليه ، فيه حديث «الأعمال بالنيات» . ومقطوعان له أحدهما : فى ثواب عيادة المريض. والآخر : فى
__________________
مذاكرة العلم.
وحدث عنه بصحيح البخارى سماعا ، خلا فوتا شملته الإجازة ، وعلى القاضى شمس الدين
محمد بن أبى بكر النقيب : الأربعين الحديثية ، لشيخه شيخ الإسلام محيى الدين
النواوى عنه.
وتفقه عليه ، وعلى
قاضى دمشق العلامة تقى الدين على بن الكافى السبكى. وأخذ العلم أيضا عن التاج
المراكشى بدمشق. وبمكة عن : الشيخ جمال الدين بن هشام ، أخذ عنه العربية.
والشيخ ولى الدين
المعروف بالمنفلوطى ، أخذ عنه فنونا من العلم ، وانتفع به فى ذلك كثيرا ، وبالتاج
المراكشى.
وحصل من العلم على
أوفر نصيب ، رقى به أعلا الذروة ، واشتهر ذكره ، وبعد صيته ، وصار المنظور إليه
ببلده ، بل بالحجاز كله ، ودرس ، وأفتى ، وناظر ، وحدث.
وناب فى الحكم عن
خاله القاضى شهاب الدين الطبرى. ثم ولى قضاء مكة بعد صرف القاضى تقى الدين الحرازى
، فى أثناء سنة ثلاث وستين وسبعمائة. وباشر ذلك من استقبال رمضان هذه السنة ،
واستمر على ذلك حتى مات.
وولى مع ذلك خطابة
الحرم ونظره. وكان يعبر عن نظره فيما مضى بمشيخة الحرم وحسبة مكة ، وتدريس الثلاثة
مدارس التى لملوك اليمن بمكة ، وهى المنصورية ، والمجاهدية ، والأفضلية. وهو أول
من درس بالأفضلية ، وكان يسكن بها ، وإليه نظر هذه المدارس.
وولى تدريس درس
بشير الحمدار مشافهة منه. ودرس الحديث لوزير بغداد ، ودرس
__________________
الفقه للملك
الأشرف شعبان ، صاحب مصر. ولم تجتمع هذه الوظائف لأحد قبله من قضاة مكة ، وبعضها
لم يكن إلا فى زمنه.
واستمر على ولايته
لجميع ذلك إلى أن مات ، إلا أنه صرف عن المدارس قبيل وفاته ، ولم يصل الخبر بذلك
إلا بعد مماته.
وكان السبب الأعظم
فى عزله عن المدارس : أنه منع القاضى زكى الدين الخروبى تاجر الخواص السلطانية
بالديار المصرية ؛ إذ كان مجاورا بمكة فى سنة خمس وثمانين وسبعمائة من تحصيب
المسجد الحرام ، وقال له : لا يكون هذا إلا من مال السلطان ، يعنى : صاحب مصر.
وعارضه أيضا فى
غير ذلك من مراده بمكة ، فشق ذلك على الخروبى كثيرا وأحب إيذاء المذكور ، وما وجد
إلى ذلك سبيلا إلا من جهة المدارس بمكة ، وأمرها لصاحب اليمن. وكان إذ ذاك الملك
الأشرف إسماعيل بن الأفضل عباس بن مجاهد على بن المؤيد داود بن المظفر يوسف بن
المنصور عمر بن على بن رسول.
وكان للخروبى عند
الأشرف مكانة لقيامه بمصالحه فى التجارة وغيرها بمصر. ولما عرف الأشرف رغبته فى
ذلك ، عزل المذكور عن ذلك.
وكان قبل ذلك وشى
إليه بعض الناس بهذا القاضى. فما قبل فيه قول الواشى ، وكتب إليه بخطه يقول له :
أنت على نظرك وتدارسك ، لا يقبل فيك نقل ناقل ، كيف والقول فيه مكذوب.
هذا معنى ما بلغنى
من كتابة الأشرف إلى القاضى.
وكان يصل إليه من
الأشرف صلة طائلة فى موسم كل سنة ، بسبب خطبته له بمكة ، وقيامه بالهدى عنه بمنى ،
وهدية يهديها القاضى إليه.
وبلغنى : أنه وصل
إليه من الأشرف بسبب ذلك فى بعض السنن سبعة وعشرون ألف درهم. وما ظفر بذلك من صاحب
اليمن قاض بعده. وغاية ما ظفر به بعضهم نحو ثلث ذلك وأقل.
ثم انقطع ذلك مع
ما كان يصل لأمير مكة والمؤذنين ، وما جرت به العادة من مدة خمس سنين متوالية ،
أولها : سنة أربع عشرة وثمانمائة ، لتغير صاحب اليمن الملك الناصر أحمد بن الأشرف
على صاحب مكة.
وكان أميرا بمكة
فى عصر عجلان وابنه أحمد يراعيانه كثيرا ، لتحققهما أن له عند المصريين قدرا خطيرا
وكان يراعيهما فيما ليس فيه ملامة ؛ لأنهما سألاه فى الخطبة بمكة لصاحب العراق شيخ
أويسى لما وصلهما منه هدية سنية ، ففعل ذلك وقتا ، ثم ترك ذلك حتى الآن.
وكان يقول ولاة
الحكم بمكة : أمر أهل الحرم إلىّ ، فلا يعرضوا لهم بحكومة ، ويكفهم عن ذلك كثيرا.
فعز أهل الحرم عند الدولة بذلك.
وكان السيد أحمد
بن عجلان يتردد إليه كثيرا لما يعرض له من الحوائج عنده ، فيجتمعان بأسفل الأفضلية
، وربما أمر القاضى باطلاعه إليه إلى مجلسه بوسط الأفضلية ، فيفعل ذلك السيد أحمد
بن عجلان بمشقة عظيمة لثقله باللحم. وأثر ذلك فى نفسه شيئا مع تأثيره من معارضة
القاضى له فى بعض مقاصده ، وحمله ما فى نفسه من الأثر على أن مكن بعض الناس من
الإساءة بالقول على القاضى بحضرتهما وحضرة ملأ من الناس ، فعرف القاضى أن ذلك أمر
صنع بليل ، وأنه عليه كثير الميل. فألزم نفسه الصبر ، ليفوز بما فيه من الأجر ،
وكان على الأداء صبورا ، وعند الناس مشكورا ، ولم يكن يطمع بوظيفة القضاء فيما
مضى.
وبلغنى أنه قال
للنجاب حين جاءه مبشرا بذلك : المراد غيرى ـ يعنى الحرازى ـ لأنه ظن أن الذى مع
النجاب استمرار الحرازى. فما كان إلا له ، وصدق بذلك ما بشره به خطيب دمشق جمال
الدين محمود بن جملة ؛ لأنه كان قال له فى حياة خاله : بينا أنا بين الركنين خطر
لى أنك تكون قاضيا بمكة ، فاستبعد ذلك لضعف حاله فلما مات خاله جاءه كتاب المذكور
من دمشق يقول له فيه : بلغنا موت القاضى شهاب الدين الطبرى ، وصلينا عليه صلاة الغائب
، وما كان لك سوف يصلك على ضعفك وإن كرهت ، أو قال : وإن عجزت.
هذا معنى ما بلغنى
من كتابه.
وأول ما سعى له فى
الخطابة بمكة ، وكتب له محضرا ليقف عليه من له الكلام فى الولاية فيعرف أهليته
لذلك ، وكتب فيه جماعة من جلة علماء الديار المصرية ـ إذ ذاك ـ وهم : الشيخ شهاب
الدين أحمد بن النقيب صاحب مختصر الكفاية ، والشيخ جمال الدين عبد الرحيم الأسنوى
صاحب المهمات وغيرها ، والشيخ بهاء الدين بن الشيخ تقى الدين السبكى ، وهو المحرك
لهذه القضية.
ولما سعى له فى
الخطابة عند من له الكلام ، قال : إن كان يصلح لجميع الوظائف فيولاها ، فعرف
بأهليته لذلك ، فأشار بولايته لجميع ذلك ، فتم ذلك.
وكان ذا يد طولى
فى فنون من العلوم مع الذكاء المفرط والفصاحة والإجادة فى التدريس والإفتاء
والخطبة ، ووفور العقل والجلالة عند الخاصة والعامة. ومع ذلك فهو كثير التواضع مع
الفقراء وأهل الخير ، مكرما لهم. وحصل له بذلك خير كثير ولأولاده.
وكان كثير المروءة
والمكارم ؛ لأنه كان يخدم الأعيان الواردين إلى مكة بما يليق بجلالهم ، وربما هادى
بعضهم إلى بلده. وكان يديم البر لجماعة من أقاربه وغيرهم من أهل الخير.
وكان يقوم بكلفة
كثير ممن يسافر معه إلى الطائف وإن كثروا ، وتكرر ذلك منه مرات.
وقام أيضا عمن
سافر معه إلى المدينة النبوية بكثير من الكلف ، وآخر قدماته إليها فى موسم سنة
ثمانين وسبعمائة ، وجاور بها إلى أثناء السنة التى بعدها وخطب فى بعض هذه المدة
بالحرم النبوى ، وأم الناس به نيابة عن ولده خال قاضى الحرمين محب الدين النويرى.
وكان إذ ذاك قاضى
المدينة وخطيبها وإمامها ، وقل أن اتفق ذلك لغيرهما ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وتيسر لكل منهما ما لم يتيسر للآخر. فما تيسر للأب سعة الرزق عليه بأخرة ، بحيث
أنه مات ولا دين عليه ، وهذه نعمة عظيمة ، سيما ببلاد الحجاز ، فقل أن اتفق ذلك
فيه لرئيس ، وخلف تركة غير طائلة ، وهو جدى لأمى.
توفى يوم الثلاثاء
ثالث عشر شهر رجب سنة ست وثمانين وسبعمائة ، وهو متوجه من الطائف إلى مكة ، فنقل
إليها ، ودفن بالمعلاة بعد الصلاة عليه بالحرم الشريف.
وكان يخيل له :
أنه يموت فى مرضه هذا ؛ لأن منجما بالشام أخبره بنيله رياسة بلده فنال ما سبق ،
وبمبلغ سنه. فذكر قوله لما ابتدأ به المرض ، وحسب عمره فإذا هو موافق لقول المنجم
، فتم عليه الفناء المتحتم.
أخبرنى جدى لأمى
قاضى القضاة كمال الدين أبو الفضل النويرى إذنا ، وأخوه القاضى نور الدين على بن
أحمد سماعا غير مرة : أن المعظم عيسى بن المغيث عمر بن العادل أبى بكر بن الكامل
محمد بن العادل أبى بكر بن أيوب أخبرهما سماعا بالحرم
الشريف ، قال :
أخبرتنا السيدة مؤنسة خاتون بنت الملك العادل أبى بكر بن أيوب سماعا ، قالت :
أخبرتنا أم هانى عفيفة بنت أبى بكر أحمد بن أبى عبد الرحمن بن أبى بكر محمد
الأصبهانية إجازة من أصبهان قالت : أخبرتنا أم إبراهيم فاطمة بنت أحمد بن القاسم
الجوزدانية ، قراءة عليها وأنا أسمع ، قالت : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن
ربذة التاجر ، قال : أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير الطبرانى
الحافظ ، قال : حدثنا أبو مسلم الكشى قال : حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن أيمن
ابن نايل عن قدامة بن عبد الله رضى الله عنه ، قال : «رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يرمى جمرة العقبة على ناقة صهباء لا ضرب ولا طرد ولا جلد
ولا إليك إليك».
وبه إلى مؤنسة
قالت : وأخبرنا أبو الحسن المؤيد بن محمد بن على الطوسى النيسابورى فى كتابه إلينا
من نيسابور ، قال : أخبرنا فقيه الحرم الشريف أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد
بن محمد الصاعدى الفراوى ، قراءة عليه وأنا أسمع بنيسابور.
وبه إلى مؤنسة
قالت : وأخبرنا أبو روح عبد العزيز بن محمد بن أبى الفضل الهروى البزاز فى كتابه
إلينا من هراة. قال : أخبرنا أبو القاسم تميم أبى سعيد الجرجانى ، قراءة عليه وأنا
أسمع بهراة.
وبه إلى مؤنسة ،
قالت : وأخبرتنا أم المؤيد زينب بنت أبى القاسم عبد الرحيم بن الحسن الشعرى
الجرجانى فى كتابها إلينا من نيسابور ، قالت : أخبرنا أبو محمد إسماعيل ابن أبى
القاسم بن أبى بكر بن عبد الرحمن بن القارئ ، قراءة عليه وأنا أسمع بنيسابور ،
قالوا : أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن مسرور الزاهد ، قال : أخبرنا أبو عمرو
إسماعيل بن مجيد بن أحمد السلمى ، قال : حدثنا أبو مسلم الكجى ، قال : حدثنا أبو
عاصم عن أيمن بن نايل عن قدامة بن عبد الله رضى الله عنه ، قال : «رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ناقة صهباء يرمى الجمرة ولا ضرب ولا طرد ولا جلد ولا
إليك إليك».
__________________
وأخبرنيه بهذا
العلو مع الاتصال : أم عيسى مريم بنت أحمد بن محمد الأذرعى بقراءتى عليها بمنزلها
ظاهر القاهرة فى الرحلة الأولى : أن أبا الحسن على بن عمر بن أبى بكر الصوفى
أخبرها سماعا فى الخامسة وتفردت عنه ، قال : أخبرنا العلامة شرف الدين محمد بن عبد
الله بن أبى الفضل المرسى ، قال : أخبرنا الأشياخ الثلاثة المؤيد بن محمد الطوسى ،
وأبو روح عبد العزيز محمد الهروى ، وأم المؤيد زينب عبد الرحمن الشعرى بسندهم
السابق.
أخرجه الترمذى فى
الحج من جامعه عن أحمد بن منيع عن مروان بن معاوية. وأخرجه النسائى فيه من سننه عن إسحاق بن إبراهيم.
وأخرجه ابن ماجة
فيه من سننه عن أبى بكر بن أبى شيبة كلاهما عن وكيع كلاهما عن أيمن بن نايل. فوقع
لنا عاليا بحمد الله ومنه.
أنشدنى جدى لأمى
القاضى أبو الفضل النويرى إجازة ، وأبو عبد الله محمد بن على البكرى بقراءتى عليه
: أن الحافظ أبا الحجاج المزى أنشدهما لنفسه ، سماعا لجدى وإجازة للبكرى :
من حاز العلم
وذاكره
|
|
صلحت دنياه
وآخرته
|
فأدم للعلم
مذاكرة
|
|
فحياة العلم
مذاكرة
|
وأنشدنى المذكوران
كما سبق ذكره : أن الحافظ أبا الحجاج المزى أنشدهما لنفسه :
إن عاد يوما رجل
مسلم
|
|
أخا له فى الله
أو زاره
|
فهو جدير عند
أهل النهى
|
|
بأن يحط الله أو
زاره
|
٣٠ ـ محمد بن أحمد بن عبد القوى نجم الدين بن ضياء الدين الإسنائى
:
ذكره الشيخ جمال
الدين الإسنائى فى طبقاته ، فقال : كان عالما فاضلا فى علوم كثيرة ، صالحا ، زاهدا
، قواما فى الحق.
قرأ فى صباه بقوص
على قاضيها نور الدين الإسنائى ، ثم رحل إلى القاهرة ، فلازم الاشتغال بها ملازمة كثيرة شديدة ، بحيث كان يبحث فى اليوم والليلة
على المشايخ نحو اثنا عشر درسا فى عدة من العلوم ، ويحرر فى باقى الليل ما كان قد
بحثه فى ذلك اليوم.
__________________
وأقام على ذلك مدة
، ثم عاد إلى بلده ودرس فيها بالمدرسة الإفرمية المعزية ، وبالمدرسة المحدثة ،
وبجامعها العتيق. وانتصب للاقراء والتصنيف ، فانتفع به كثيرون.
وصنف تصانيف كثيرة
فى علوم متعددة ، منها : كتاب جامع الأصول على أبواب الفقه ، ثم ترك ذلك.
وجاور بمكة ـ شرفها
الله تعالى ـ ولزم العبادة ، وخشونة العيش ، ومجاهدة النفس ، ومجالسة أهل القلوب.
إلى أن توفى بمنى ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من ذى الحجة سنة ثلاث وستين
وسبعمائة عن نحو سبعين سنة. ونقل إلى المعلاة وشهد جنازته خلق كثير. انتهى.
وذكره الشيخ زين
الدين العراقى فى ذيله على ذيل والده على العبر للذهبى.
٣١ ـ محمد بن أحمد بن
عثمان بن عجلان ـ بكسر العين ـ القيسى الأشبيلى:
ولد سنة ثمان
وأربعين وستمائة فى صفر. وأجاز له ـ باستدعاء أبيه ـ مسند تونس أبو الحسين أحمد بن
محمد بن السراج ، وحدث عنه ببعض الروض الأنف للسهيلى عنه.
سمع ذلك منه بمصر
الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس اليعمرى بقراءته. وحكى عنه : أنه قيد جده عجلان ـ بكسر
العين.
وذكر ابن سيد
الناس أنه توفى سنة أربع وعشرين وسبعمائة بمكة بعد الحج.
وذكر القطب الحلبى
فى تاريخه : أنه توفى بمكة فى آخر عام أربع وعشرين وسبعمائة أو فى أوائل عام خمسة
وعشرين وسبعمائة.
ووجدت بخط المحدث
جمال الدين إبراهيم بن القطب الحلبى ، فى تاريخ أبيه فى ترجمة المذكور : أنه توفى
وهو متوجه إلى الحج قريبا من عقبة أيلة ، فى سنة أربع وعشرين. ونقل ذلك عن أبى البركات الفاسى.
٣٢
ـ محمد بن أحمد بن عثمان بن عمر التونسى ، العلامة ، المفنن ، البارع ، أبو عبد
الله ، المعروف بالوانوغى :
نزيل الحرمين
الشريفين. ولد ـ فى غالب ظنى ـ سنة تسع وخمسين وسبعمائة بتونس ، ونشأ بها.
__________________
وسمع بها من مسندها
ومقرئها أبى الحسن بن أبى العباس البطرنى فى خاتمة أصحاب الأستاذ أبى جعفر بن
الزبير بالإجازة. وله من البطرنى إجازة بجميع ما يرويه.
وسمع من مفتى تونس
وعالمها الشيخ أبى عبد الله محمد بن عرفة الورغمى ، وأخذ عنه : التفسير والفقه فى
التهذيب للبرادعى ، وفى مختصرى ابن الجلاب وابن الحاجب ، وفى تأليف شيخه ابن عرفة
فى الفقه. سمع عليه أكثره ، وأخذ عنه : المنطق والأصلين.
وأخذ عن القاضى
ولى الدين عبد الرحمن بن خلدون ، المنطق والأصلين وعلوم الحساب والهندسة.
وأخذ عن الشيخ أبى
العباس : القضاء ، والنحو فى عدة كتب ، وأخذه عن غيره. وله بالعلم أتم عناية.
وكان ذا معرفة
بالتفسير ، والأصلين ، والمنطق ، والعربية ، والفرائض ، والحساب ، والجبر ،
والمقابلة وأما الفقه : فمعرفته به دون ما سبق.
وكان إذا رأى شيئا
وعاه وقرره ، وإن لم يسبق له به عناية. وكان يعينه على ذلك ما منحه من شدة الذكاء
وسرعة الفهم. وكان حسن الإيراد للتدريس والفتوى ، وعلى كثير من الكلام يقوى.
ويحفظ نكتا ظريفة
وأشعارا لطيفة ، وينشدها بصوت حسن. وفيه مروءة ولطف فى المعاشرة.
وله تأليف على
قواعد شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام الشافعى. ذكر أنه زاد عليه فيما أصله
فوائد كثيرة ، ورد عليه كثيرا مما قاله ، وأوقفنى على موضع من ذلك يتعلق بفضل مكة
والمدينة ، فرأيت فيه ما ينتقد فى مواضع منه ، ولا أبعد أن يكون فيه كثير من هذا
المعنى.
وله سؤالات فى
فنون من العلم ، تشهد بفضله ، وهى عشرون سؤالا بعثها من المدينة يتعرف جواب علماء
الديار المصرية عنها ، فتصدى للجواب عنها مولانا وشيخنا قاضى القضاة شيخ الإسلام
جلال الدين بن مولانا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى ، أمتع الله بحياته ، ورد
عليه كثيرا مما قاله فيها. ووصل ذلك إلى المذكور. فذكر لى أنه رد ما ذكره شيخ
الإسلام.
وله فتاوى كثيرة
متفرقة لم يسدد فى كثير منها لمخالفته فى ذلك المنقول ، ومقتضى القواعد.
وقد بينت أشياء من
ذلك فى عدة من أجوبته ، وما وقف إلا على بعض ذلك. وأجاب عنه بما لا يخلو من نظر ،
وثم عليه فى بعضها تناقض ظاهر لاختلاف جوابه فى الواقعة الواحدة. ويقال : إنه كان
يقصد بذلك مراعاة خواطر السائلين. وهذا مما عيب عليه. وعيب عليه أيضا كثرة إطلاقه
للسانه فى أعيان من العلماء. وقد سمعت منه أشياء من ذلك.
منها : أنه قال :
إن شراح مختصر ابن الحاجب فى الفقه لم يفهموه.
وسمعت بعض الناس
يذكر له كلاما للشيخ أبى محمد بن أبى حمزة فى الإعراض عن كتاب الزمخشرى فى التفسير
والإقبال على تفسير ابن عطية وغيره من علماء السنة. فقال : هذا الكلام ما يسوى
حبة.
وسألته عن كلام
العراقى فى الأصول فلم يحمده. وسمعته كثيرا لا يثبت لشيخه ابن عرفة فى أكثر الفنون
كثير معرفة.
وكان لتآليف ابن
عرفة يعيب. وأكثر ظنى : أنه فى ذلك غير مصيب.
ووجدت بخط
الوانوغى من الزلل فى حق العلماء أكثر مما سمعت منه. وذلك فى وريقات ذكر فيها
اشتغاله بالعلوم لسؤال بعض الناس له عن ذلك. فمما فيها ـ بعد ذكره مختصر ابن
الحاجب الفرعى ـ : ولم يوفق أحد من شراحه إلى شرحه كما ينبغى ، بل كلها أفسده
وأفسد مسائله.
وبادر إلى
الاعتراض عليه وإلى تخطئته ، ولم يقع على الغرض الذى قصده المصنف ، ثم قال : وله
اصطلاحات وعبارات شرحها الشراح مفرقة ، وشرحها بعضهم مجموعة لم يصادفوا فيها
المقرر ، ولا أصابوا شاكلة الرمى.
وقد سمعت قراءة
هذا الكتاب على الشيخ ابن عرفة مرارا. وكانت قراءته فيه هينة ، وقراءته للمدونة
أحسن ، وكان مولعا بالرد عليه وعلى شارحه ابن عبد السلام. وسمعت على الشيخ ابن
عرفة كتاب مسلم ، سماع تفهم وبحث.
ولم يكن له اشتغال
بعلم الحديث ، فلم ينظر فيه نظر المحدث باصطلاح المعروف إنما يتكلم عليه ببعض ما
ذكره صاحب الإكمال ، وهو أحسن ما عليه. وبعده القرطبى على مختصره.
وأما شرح النووى :
فقليل الفائدة مع الطول المسئم.
وسمعت ابن عرفة
يقول : لقد أتعب الناس فى نسخه ، فهلا كتب كراسة فقط بما زاد على القاضى من ضبط
الأسماء المشكلة ، وكفى الناس المؤنة. وفيه مواضع كنت أنبه عليها وقت القراءة.
ثم قرأت مختصر ابن
الحاجب فى الأصول على أشياخ ، وما رأيت منهم من شق له غبارا ، وإنما يقرؤنه
بالسلاطة وقوة الجأش.
ثم قال : وعلى
كثرة شروحاته ، فهو محتاج إلى الشرح ؛ لأنهم فى مواضع لا يفصحون بشرحها ، بل
يتركونها كما هى بينهم عموم وخصوص فى تفسير المسائل.
وقد تكلمنا على
كثير من مسائله المشكلة المهملة عند الشراح.
وقد ألف الناس
بعده فلم يبلغوا شأوه. ألف البيضاوى : كتاب المنهاج ، سلك فيه طريقة الإمام الرازى
على عادته.
وألف ابن الساعاتى
، وتبع فى ذلك طريقة الآمدى ، وقصد حل كثير من أسئلة ابن الحاجب والرد عليه فى
كثير من الأدلة بزعمه ، فلم يصادف الغرض.
وأصعب الطرق فى
الأصول طريقة الحنفية. قرأت فيه كتاب ابن الساعاتى وأقرأته ، وللتفتازانى على كتاب
التوضيح لصدر الشريعة كتاب جليل.
وإنما أتوا فى
طريقهم من النظر فى الألفاظ مجردة عن اعتبار ما سيقت له ، ومن عدم مساعدة الطبع
والذوق ، وليحترز الناظر فى البرهان من زلة ذكرها فى أول كتابه يقول : إنه اجتمع
يوما مع ابن سينا ، فتكلم معه فى تعليق العلم القديم بالجزئيات ، فأورد عليه شبهة
عجز عن حلها. فألزمه إنكار ذلك فأنكره ، وكتبه هناك. ولعلها دست عليه فى كتابه.
وقد اختصره ابن المنير فأبدع.
وكذلك يحترز
الناظر فى شراح ابن الحاجب ، وفى كتب المتأخرين فى علم أصول الدين من زلة أطبقوا
عليها لسبب مخالطتهم لكتب الفلاسفة. ومن ذلك كان يقول بعض الأشياخ فيهم : أفراخ
الفلاسفة. وقد أوضحت فساد قولهم وزللهم فيما كتبت على المختصر.
ثم قال بعد ذكره :
قرأته فى علم أصول الدين والمدخل لقراءة هذا العلم عند أشياخنا : كتاب الإرشاد ،
وليس فيه شفاء العليل.
ثم قال ـ بعد ذكره
لعلم البيان ، وما قرأ فيه ـ : وكان الشيخ أبو حيان على جلالته فى علم العربية
ينبو عنه طبعه.
ثم قال ـ بعد ذكره
لتلخيص المفتاح ـ : وعليه شروحات كثيرة ، منها شرح السبكى وهو اسم شرح بلا مسمى.
وفيما كتب المذكور بخطه غير هذا من هذا المعنى. وفيه أسطر مسودة لا يعرف ما فيها.
وأخبرنى المكتوب
إليه ذلك : أن فى المواضع المسودة كلاما نال فيه كثيرا من شيخه ابن عرفة. وكل ما
رأينا من السواد هو عند ذكره ابن عرفة.
وذكر لى الشيخ
خليل بن هارون الجزائرى نزيل مكة ، وهو المكتوب إليه على ما ذكر لى : أنه الذى سود
ذلك ؛ لأنه لم يستطع أن يرى ذما فى ابن عرفة لجلالة قدره.
وليس كل ما نقلناه
من خط الوانوغى فى كتبه مجتمعا على ما ذكرناه وإنما أكثره مفرق بخطه ، ومراده بالبرهان
: البرهان إمام الحرمين ، وبالإرشاد : الإرشاد له.
ووجدت بخطه على
سؤال ذكر لى فيه : أن الشيخ الإمام تقى الدين السبكى يرى أن من يقدمه الأب على
ابنه عند غيبة الجد أولى من الحاكم ما نصه بعد رده لكلام السبكى : والحاصل : أن
فهم الشيخ مخالف للقواعد ، وإطلاقات الأئمة ، وتأويل على المذهب ، أو مذهب على
خلاف القواعد المجمع عليها ، فلا يعتمده الحاكم ، ولا يراعى ما وافقه من الحكم.
والله أعلم. انتهى.
فانظر إلى ما فى
هذا اللفظ من عدم تحسين الخطاب فى حق الإمام السبكى وإلى ما فيه من التكرار بلا
فائدة ، أو عدم استقامة قوله ، فإنه قال : والحاصل أن فهم الشيخ مخالف للقواعد.
ثم قال : أو مذهب
على خلاف القواعد المجمع عليها. فإن أراد بقوله : القواعد فى الموضعين : قواعد
الشافعية ، كان أحد اللفظين تكرار بلا فائدة ، وإن أراد بذلك : قواعد الشافعية
وغيرهم لم يكن ذلك مستقيما ؛ لأن مذهب مالك لا ولاية للجد على ابن ابنه ، وسبب
تجريه بالولاية عليه لوصيه إن كان وإلا فللحاكم ، على الزلل فى حق العلماء ، فإنه
كان كثير العجب بنفسه ؛ بحيث يرى أنه لو لقى مالكا وغيره من الأئمة لحاجهم.
وبلغنى عنه أنه
كان يقول : لى أن أفتى بالشىء وضده ، ولا أسأل عن ذلك ، ونحى فى ذلك إلى نيله
لرتبة الاجتهاد.
ولم يكن لأهل عصره
بكثير فضل معترفا ، ولا كان فى البحث منصفا لحرصه على ترويج حجته ، وإعلاء رتبته.
وكان يسارع إلى
دعوى اتفاق أهل مذهبه ولدعوى الإجماع ، ولا يخلو فى ذلك من نزاع ، ولو أعرض عن
جميع هذه الأمور ، وعن إدخال نفسه فيما بين الناس من الشرور ، وعما ينسب إليه من
اتباع الهوى فى الفتن ؛ لكان الثناء عليه أكثر وأجمل ، ولعل لخدمته للعلم يعفى عنه
كل زلل.
وقد درس بالحرمين
، وأفتى فيهما كثيرا. وكنت أتعرف رأيه فى كثير من مسائل الفقه ، لما فى كثير منها
من الغموض. وكان يستحسن تقريرى للسؤال عنها ، وما أشير إليه من أثناء السؤال من
الجواب عنه.
وقد سوغ لى
الإفتاء والتدريس فى المذهب ، ورواية ما له من مروى ومصنف. وكتب لى خطه بذلك ،
وصورة ما كتبه :
بسم الله الرحمن
الرحيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم ، يقول كاتبه العبد الفقير إلى ربه ،
محمد بن أحمد الوانوغى : إنه لما منّ الله سبحانه علىّ بالتردد إلى مكة المشرفة
حاجا ومعتمرا ومجاورا ، وطلبت الاجتماع بعلمائها وفضلائها وصلحائها وحكامها ، كان
ممن اجتمعت به وذاكرته وباحثته مرارا عديدة فى مسائل كثيرة من مسائل الفقه وغوامضه
، وما يتعلق بها.
وتكررت أسئلته عن
ذلك كله ، وباحثته فيها مرة بعد أخرى ، السيد الفقيه الفاضل ، الأعدل ، الأكمل ،
الجامع للصفات الكاملة الحسنى ، الأصيل ، القاضى تقى الدين محمد ابن الشيخ الحسيب
، الأصيل شهاب الدين أحمد بن على الفاسى ، نفع الله بفوائده وعلومه الجليلة.
وقد ورد علينا
بالمدينة المشرفة ، وحضر معنا درس الفقه والأصول ، وأبدى فيه من فوائده ومباحثه
الجليلة ما يليق بعلمه وفضله على طريقة أهل الفنون والمباحثة ، فرأيته بذلك كله
أهلا للتدريس ، والفتوى ، والحكم ، وإفادة الطالبين مع ما جبل عليه من حسن الفهم ،
وحسن الإيراد ، وسعة التأنى فى البحث والمراجعة فيه ، فأوجب ذلك كله الإذن له فى
التدريس ، والفتوى ، وإفادة الطلبة وحثه على الاشتغال بذلك كله ، والملازمة له ؛
لينتفع به الناس عموما وأهل بلده خصوصا ، فإنى لم أر فى فقهاء المالكية بالحجاز
كله من يقاربه فى جميع ما ذكر ـ نفع الله به ـ ولا فى اتصافه فى العلم ، ولا فى
الفهم عن الأئمة ـ زاده الله وإيانا فقها وعلما ـ فليتجرد ـ أعزه الله تعالى ـ لذلك
، ويأخذ فيه بالحزم ، والعزم لمسيس الحاجة فى ذلك ، وافتقار الناس إليه زمانا
ومكانا. والله سبحانه يسدده ، ويوفقه للخير ، والفهم ، والجد فى العلم بمنه وكرمه.
وقد أجزت له مع
ذلك أن يروى عنى جميع ما يصح لى روايته من مروى ومصنف بشرطه.
قال : وكتبه العبد
المسمى أوله : محمد بن أحمد الوانوغى المالكى ، نزيل الحرمين الشريفين بتاريخ ثانى
عشر من ذى الحجة الحرام سنة ثلاث عشرة وثمانمائة. انتهى.
وكان حوى كتبا
كثيرة ودنيا فيها سعة ، بالنسبة إلى مثله فأذهبها بتسليفها لمن لا يتيسر منه كثير
خلاص لفقره مع معرفته بحاله ، ولكن يحمله على ذلك ما يلتزم له به المتسلف من الربح
الكثير ، وما حصل له من ذلك إلا اليسير.
واتفق له فى طلب
ذلك ما لا يليق بأهل العلم من كثرة التردد للباعة للمطالبة وإعراض بعضهم عنه فى
حال طلبه واتفق ذلك له بالحرمين.
وأول قدومه إليها
سنة ثمانمائة فحج فيها وعاد إلى مصر ، ثم عاد قبيل رمضان من التى بعدها إلى مكة ،
فجاور وحج فيها.
وسار إلى المدينة
، وتوصل منها إلى مصر بعد الحاج بمدة ، فى أثناء سنة اثنتين وثمانمائة ، وحج فيها
، ومضى إلى المدينة واستوطنها. وصار يتردد إلى مكة فى كثير من السنين.
ثم قدم مكة بأهله
فى سنة خمس عشرة ، فجاور بها نحو أربعة أشهر قبل الموسم وقبل فيها ما يقبله
الحجازيون من الفتوح لضيق حاله.
ومضى بعد الحج إلى
المدينة وترك أهله بمكة ، وصار يتردد إلى المدينة لما يعرض له فيها من الحوائج.
وأدركه الأجل بمكة
ـ بعد علة طويلة بالإسهال والاستسقاء ـ فى سحر يوم الجمعة تاسع عشر من شهر ربيع
الآخر سنة تسع عشرة وثمانمائة. وصلى عليه بالحرم الشريف عند باب الكعبة ، وذهب به
إلى المعلاة من باب بنى شيبة.
ودفن بها قريبا من
قبر الشيخ أبى الحسن الشولى فى ضحى اليوم المذكور. سامحه الله تعالى. ووجدت بخطه
تنبيهات تتعلق بكتب فى المذهب وغيره.
منها : وفى ابتداء
قراءتى لعلم النحو ابتدأت قراءة الفقه على الشيخ أبى عبد الله بن عرفة ، فقرأت
عليه كتاب ابن الجلاب فى أول العام ، وكان يكره منا مطالعة شىء من مشروحاته كما
كان يكره مطالعة شىء من مشروحات الرسالة عدا شرح القاضى عبد الوهاب.
ويحكى عن الشيخ
ابن عبد السلام وغيره من الأشياخ : أنهم لا يعتمدون على شىء من مشروحات الكتابين ،
ولا على ما ينقلونه ، ويقولون : إنه لو لم يثبت عندهم : أن أحدا منهم فى طبقة من
يعتمد عليه فى الفهم والنقل. انتهى.
وفى هذا نظر
بالنسبة إلى بعض شراح الكتابين ، فإن الشيخ شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافى ،
ممن شرح ابن الجلاب ، والشيخ تاج الدين عمر بن على الفاكهانى : ممن شرح الرسالة ،
وهما بالفضل مشهوران ، لا سيما القرافى. ولعل شرحاهما لم يبلغا المغرب فى زمن من
قال ذلك ، وليس على الرسالة أحسن من شرح الفاكهانى وكثرة فوائده ، وقل أن لا
يعزوها. والله أعلم.
ومنها : وكان
الشيخ ابن عبد السلام يقول : من لا يختم المدونة فى كل سنة لا تحل له الفتوى منها.
ومنها : وكان
الشيخ ابن عبد السلام يقول : ينبغى للطالب أن يحترز فى نظر كتاب ابن عطية أكثر من
كتاب الزمخشرى ، فإن الزمخشرى عدو ظاهر ، ينفر الناس من قبول كلامه ببادئ الرأى ،
فلا يسكن إليه إلا بعد العلم بحاله.
وأما ابن عطية :
فالنفس سريعة القبول بكلامه ببادئ الرأى ، وفيه كثير من تفاسير المعتزلة ينقلها ،
ويظن أن ليس فيها شىء وتحتها السم القاتل. انتهى.
ووجدت بخطه فى
سؤال يسأل فيه عما نقله ابن عبد الرفيع عن الشيخين أبى عمران الفاسى ، وأبى بكر بن
عبد الرحمن من انفساخ الإجازة بالبيع الواقع بعدها فى المستأجر ـ بفتح الجيم ـ وعما
فى الجواهر لابن شاس من عدم الفسخ فى ذلك ما نصه :
وأما صاحب الجواهر
، فالظاهر أن ما لا يقف على نص فيه ويجده منصوصا للشافعية ولا يظهر له مخالفته
للمذهب ينقله نصا فى المذهب.
والظاهر : أن أمره
فى هذه المسألة كذلك ؛ لأنه لو وقف على النص فلا يتركه. وأشياخنا ينقلون عن
أشياخهم : أنه ينقل عن الشافعية كثيرا ، وأنه لا يبلغ رتبة من يعتمد على فهمه فى
المذهب وإن عزاه ، ويصرحون بمنع الفتيا والحكم منه ، وما لا يعزوه أشد فى ذلك ،
والله أعلم. انتهى.
٣٣ ـ محمد بن أحمد بن عجلان ـ بفتح العين ـ ابن رميثة بن أبى
نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى
بن حسين بن سليمان بن على بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى ابن
عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب ، الحسنى ، المكى ، يلقب جمال
الدين :
أمير مكة. ولى
إمرة مكة ثمان سنين شريكا لأبيه ، غير مائة يوم من آخرها ، فإنه استقل بها بعد
أبيه. وأول ولايته فى سنة ثمانين وسبعمائة.
وكان يصل إليه من
صاحب مصر سبب ذلك : تقليد وخلعة فى كل موسم ، على ما ذكر لى والدى ، وهو المخبر لى
بولايته فى سنة ثمانين.
ولم يكن لولايته
فى حياة أبيه أثر ؛ لأن أباه كان يقوم بمصالح العسكر ، وهو الذى ينظر فى الأمور
إلى أن مات ، فعند ذلك نظر فيها ولده مع عمه كبيش وكان لا يفصل أمرا دون كبيش ،
وإلى كبيش معظم النظر فى الأمور.
وبعث محمد ـ بعد
موت أبيه ـ إلى الملك الظاهر صاحب مصر كتابا يخبر فيه بموت أبيه ، ويسأل استقراره
عوضه فى إمرة مكة ، ومحضرا فيه خطوط أعيان أهل الحرم بسؤال ولايته.
فأجاب السلطان إلى
ذلك وبعث إليه تقليدا وخلعة بالولاية مع رسوله عطيفة بن محمد بن عطيفة بن أبى نمى
، فبلغ مكة فى آخر شوال سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، أو فى أول ذى القعدة منها.
وفى ليلة العشرين
من شعبان هذه السنة ، مات أحمد ، فلبس ابنه خلعة الولاية وقرأ تقليده بالإمرة
بالحرم الشريف على رءوس الأشهاد.
وكان السلطان ولاه
ذلك وهو متغير عليه لما بلغه عنه من موافقته على كحل الأشراف الذين مات أبوه ، وهم
فى سجنه ، وهم : عمه محمد بن عجلان ، وخالاه : أحمد ، وحسن ابنا ثقبة ، وابن خاله
على بن أحمد بن ثقبة ؛ لأن السلطان المذكور كان سأل أباه فى إطلاقهم فامتنع ،
فأضمر السلطان ولاية عنان بن مغامس بن رميثة لإمرة مكة عوض محمد هذا ، وسيره مع
الحاج المصرى ، ولم يطلعه على ذلك ، وأمر أمير
__________________
الحاج بعدم
الاحتفال به لئلا يشوش من إكرامه محمد بن أحمد فينفر ، فيفوت المراد منه.
وعرف السلطان
الأمير جركس الخليلى أمير أخور المالكى الظاهرى بما فى نفسه فى حق محمد وعنان ،
وكان من الحجاج فى هذه السنة ـ وهى حجته الأولى وحجته الثانية فى سنة تسعين
وسبعمائة ـ فلما وصل إلى مكة خدمه محمد وأمه السيدة فاطمة بنت ثقية كثيرا. وبعثت
إليه أمه تسأله عن حال ابنها وعنان ، فذكر لها أنه لا يعلم على ابنها سوءا ، وربما
قيل : إنه حلف لها على ذلك ، فانشرح لذلك خاطرها وحسنت لابنها الإقدام على ملاقاة
المحمل المصرى لخدمته على عادة أمراء الحجاز ، وكان محجما عن ذلك لإشارة كبيش عليه
بعدم ملاقاة المحمل ، وما زالت به أمه حتى وافقها على مرادها.
فخرج فى عسكره إلى
أن حضر عند المحمل ، فلما أخذ يقبل خف الجمل على العادة ، وثب عليه باطنيان فجرحاه
جرحات مات بها من فوره.
وذلك فى يوم
الاثنين مستهل الحجة سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، وله نحو عشرين سنة، ونقل إلى
المعلاة ، ودفن بها بعد الصلاة عليه وغسله وتكفينه. وتوجع الناس عليه كثيرا ، سيما
أمه.
ويقال : إنها كانت
دعت عليه بالهلاك بعد أن عرفت بكحل أخويها ، ومن ذكر معهما لعظم ألمها لذلك وألم
الناس أيضا لكحلهم ، فإن صح عنها ذلك ، فقد استجيب دعاؤها وما خطر لها ببال قتله.
وكان كبيش يتوقع
له ذلك ، ولذلك نهاه عن ملاقاة المحمل. وكانت أمه لا تظن يصيبه من السوء فى ملاقاة
المحمل غير اعتقاله ، وغلب على ظنها سلامته لما ذكر لها الخليلى.
ويقال : إن
الخليلى عوتب على ما ذكره لأمه ؛ لأنه ظهر بعد ذلك ما يدل على علمه للسوء فيه ،
فاعتذر بعدم قدرته على إفشاء السر ، وقال : كان ينبغى لهم أن يفطنوا لملازمة
جماعتنا لحمل السلاح ، وما كان لمحمد فى كحل المذكورين راحة ؛ لأنه ابتلى بفقد
الحياة ، ويستبعد أن يكون للمذكورين على ذلك قدرة إلا أن يشاء الله وكل ما يسدونه
إليه من الأذى يسير بالنسبة إلى ما أصابه من البلاء.
ويقال : إنه لم
يوافق على كحلهم ، حتى عظم عليه فى التخويف من شرهم ، فما نفعه الحذر من القدر ،
ولكنه فاز بالشهادة.
ولما قتل أعلنت
ولاية عنان بمكة عوض المذكور ، ودخل مكة مع الترك ، وهم متسلحون حتى انتهوا إلى
أجياد ، فحاربوا من ثبت لهم من جماعة محمد ، ثم ولوا ، وترك الترك الحرب مع التيقظ
مخافة العدو ، وانقطع بقتل محمد ولاية أولاد أحمد.
ويقال : إن أحمد
بن عجلان ، رأى فى المنام أن عنانا جب ذكره. فذكر ذلك أحمد لبعض الناس ، فقال له :
يقطع عنان ذكر ولدك المذكور ، فكان كذلك ؛ لأن محمدا قتل ولم يترك ولدا ذكرا ، وما
ترك أبوه ذكرا غيره.
وكان أحمد قد منح
ابنه محمدا هذا ثلاثة خيول ، أحياها بوادى مر وهى : البثنى ، والبحرين ، والحميمة.
وثبت إقرار أحمد
بملك ابنه محمد لذلك عند قاضى مكة محب الدين النويرى بشهادة عمه القاضى نور الدين
النويرى على أحمد بن عجلان بذلك ، ويمين ابنه محمد على صحة ذلك عند الحجر الأسود.
وكان أبوه زوجه
على ابنة على بن مبارك بن رميثة بن سعدانة بنت عجلان.
واحتفل أحمد
بالنفقة فى عرس ولده عليها احتفالا عظيما ، ورزق منها بنتا تسمى شمسية ، هى الآن
زوجة السيد رميثة بن محمد بن عجلان أمير مكة ، فى سنة تسع عشرة وثمانمائة. فالله
يسدده وإلى الخير يرشده.
٣٤ ـ محمد بن أحمد بن
عطية بن ظهيرة بن مرزوق ، القرشى ، المكى ، المخزومى :
سمع من : عيسى
الحجى ، والآقشهرى ، والشريف أبى الخير الفارسى ، وموسى الزهرانى. وما علمته حدث.
وأجاز له من دمشق
القاضى سليمان بن حمزة وجماعة.
وذكر لى شيخنا أبو
حامد بن ظهيرة : أنه توفى فى أواخر ذى الحجة سنة تسع وأربعين وسبعمائة بمكة.
٣٥ ـ محمد بن أحمد بن على بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن
أحمد بن ميمون ابن راشد القبسى ، الشيخ قطب الدين ، أبو بكر بن الشيخ أبى العباس
القسطلانى ، المكى ، الشافعى :
ولد فى السابع
والعشرين من ذى الحجة سنة أربع عشرة وستمائة بمصر. وحمل فى موسم سنة تسع عشرة إلى
مكة ، فنشأ بها.
__________________
وأجاز له من
شيوخها : الحافظ أبو الفتح الحصرى ، إمام الحنابلة.
وسمع بها من : أبى
الحسن بن البنا جامع الترمذى ، ومن أبى طالب عبد المحسن بن أبى العميد الحقيقى ،
إمام مقام إبراهيم بمكة أربعين عبد المنعم الفراوى عنه.
وعلى الشيخ شهاب
الدين السهروردى كتابه : عوارف المعارف فى التصوف ولبس منه خرقة التصوف ، وعلى
جماعة من شيوخ ولده أبى المعالى ، الآتى ذكره بطلبه.
ثم رحل فسمع بدمشق
من : إسماعيل بن أحمد العراقى ، وأحمد بن المفرح بن مسلمة الأموى ، وغيرهما.
وببغداد فى سنة
خمسين وستمائة من : إبراهيم بن أبى بكر الزغبى ، وأبى السعادات عبد الله بن عمر
البندنيجى ، وفضل الله بن عبد الرزاق الجيلى ، وموهوب بن أحمد الجواليقى ، ويحيى
بن قميرة ، وغيرهم.
وسمع أيضا بالكوفة
، ومنيح ، وحران ، وحمص ، والمعرة ، ودنيس ، والقدس ، ومصر ، والمدينة ، واليمن.
وعنى بهذا الشأن ، فكان فيه من ذوى الحفظ والإتقان.
وقرأ الشيخ قطب
الدين القسطلانى ـ على ما ذكر ـ الفقه والتفسير والخلاف ، وأنواع العلوم ، على :
شيخ الحرم نجم الدين بشير بن حامد التبريزى.
__________________
ودرس ـ على ما ذكر
ـ بمدرسة دار زبيدة بالحرم بحضرة والده.
وأفتى فى سنة ثلاث
وثلاثين وستمائة ، وأفتى فيما بعد ذلك كثيرا ، وحدث بكثير من مسموعاته ، وببعض
تآليفه.
ومن تآليفه شىء
يتعلق بتاريخ اليمن ، ومختصر فى علم الحديث سماه : «المنهج المبهج عند الاستماع
لمن رغب فى علوم الحديث على الاطلاع» ومختصر فى الأسماء المبهمة فى الحديث ، و «ارتقاء
الرتبة فى اللباس والصحبة» ، ومجلس فى فضل رمضان ، ومجلس فى فضل ذى القعدة.
ومن تآليفه على ما
ذكره ابن رشيد الفهرى فى رحلته : كتاب فى المناسك. ذكر أنه وقف عليه ، وعقيدة
سماها : «لسان البيان عن اعتقاد الجنان» واختصر هذه العقيدة ، وحمل الإيجاز فى
الإعجاز بنار الحجاز ، وفواضل الزمن فى فضائل اليمن ، ولعله الذى ذكرناه أولا ،
ومنهاج النبراس فى فضائل بنى العباس ، ورسالة الحمالة جزء ، وجلالة الدلالة على
إقامة العدالة ، وتأنيس النضارة على إقامة الوزارة ، وكتاب النصح من موارد المتالف
فى الاقتداء والمخالف ، ومسألة تكلم فيها على مسألة عز الدين ـ يعنى ابن عبد
السلام ـ فى تفضيل الأنبياء. ثم قال : ألفيت أسماء هذه «التصانيف» بخط أبى إسحاق
البلقينى.
وذكر ابن رشيد
أيضا : أن من تصانيف القطب : كتاب «الورد الزائد فى بر الوالدين». وذكر أنه قرأ
عليه مختصر العقيدة له ، انتهى.
وحدث الشيخ قطب
الدين القسطلانى قديما.
سمع منه فى تسع
وأربعين وستمائة بدمشق جماعة كبار من محدثيها إذ ذاك منهم : شقيشقة ، والمعين
الدمشقى ، والزين النابلسى ، وغيرهم.
وسمع منه : رفيقه
الحافظ شرف الدين الدمياطى ، والحافظ قطب الدين الحلبى.
وقال : كان إماما
، عالما محدثا ، حافظا ، مفتيا ، ثقة ، حجة ، حسن الأخلاق ، سخيا ، عفيفا ، مكرما
للواردين عليه ، حسن الاستماع لما يقرأ عليه ، كثير السعى فى حوائج الناس ، وذكر
ثناء آخر.
وسمع منه أيضا :
الحافظ أبو الفتح ابن سيد الناس. وقال فى جواب مسائل ، سئل عنها : وأما المسئول عن
أحفظ من لقيت ، فأولهم فى التقديم ، وأولاهم بالتعظيم : الشيخ
الإمام ، قدوة
الناسكين ، عمدة السالكين ، قطب الدين بقية العلماء العاملين. وسمع منه غيرهم من
الأعيان ، وأثنوا عليه كثيرا ، وهو حرى بذلك.
فقد ذكر جد أبى :
الشريف أبى عبد الله الفاسى ، أحد تلامذة القطب القسطلانى هذا : أن الشيخ قطب
الدين القسطلانى هذا قال : كنت أقرأ على شيخنا أبى عبد الله محمد بن عمر بن يوسف
القرطبى بالمدينة النبوية ، فجئته يوما وأنا فى وقت خلوة ، وأنا يومئذ حديث السن ،
فخرج إلىّ وقال : من أدبك بهذا الأدب وعاب علىّ؟ فذهبت عنه ، وأنا منكسر ، فدخلت
المسجد ، وقعدت عند قبر النبى صلىاللهعليهوسلم ، فبينا أنا جالس على تلك الحال ، وإذا الشيخ ـ رضى الله
عنه ـ قد جاءنى وقال : قم. فقد جاء فيك شفيع لا يرد. انتهى. وهذه منقبة عظيمة.
وذكر جدى أنه سمعه
أيضا يقول : عاهدت الله تعالى أن لا أرد سائلا. انتهى. وهذه خصلة حسنة مستلزمة
لمحبته ومدحه.
وكان عين لقضاء
مكة فى سنة خمس وأربعين وستمائة ، فتوقف. وفضائله كثيرة.
وتوفى ليلة السبت
الثامن والعشرين من المحرم سنة ست وثمانين وستمائة بمنزله بالكاملية ، ودفن
بالقرافة ، وشهد جنازته خلق كثير وضجوا عليه بالبكاء.
وكان طلب من مكة
بعد موت أخيه التاج القسطلانى لمشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة ، فوليها حتى
مات.
وقال الأديب ناصر
الدين أبو على شاور طرخان الكنانى ، المعروف بابن النقيب فى القطب القسطلانى لما
توجه إلى القاهرة بعد موت أخيه التاج :
استوحشت مكة من
قطبها
|
|
واستأنست مصر به
والديار
|
شيخ شيوخ الحرم
المقتدى برأيه
|
|
عند الأمور
الكبار
|
فيا له قطب مدار
العلا عليه
|
|
والقطب عليه
المدار
|
أنشدنى إبراهيم بن
محمد الصوفى بقراءتى عليه بالحرم الشريف سابع عشر رجب سنة خمس وثمانمائة : أن
الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبى أنشده إذنا وجماعة ، قالوا :
أنشدنا الشيخ قطب الدين القسطلانى لنفسه إجازة إن لم يكن سماعا فى لزوم ما لا يلزم
، وكتب ذلك عنه الحافظ الدمياطى :
ألا هل لظل
بالأراك معاد
|
|
وهل ذلك العيش
الهنى يعاد
|
وهل زائر
الزوراء زائر أبطح
|
|
وخيف منى دار
تحل سعاد
|
وهل لطوى
والمأزمين ومشعر
|
|
تدان فقد أضنى
الفؤاد بعاد
|
وهل مدنف باك
تكدر عيشه
|
|
وأقلقه داعى
الغرام يعاد
|
وهل ذلك السر
الذى كان بيننا
|
|
وما فطن الواشى
لذاك يعاد
|
ومن شعره ما
رويناه بالإسناد المذكور ، وسمعه منه أيضا الدمياطى :
أراعك وشك البين
أم أنت غافل
|
|
أم القلب فى إثر
الظعائن راحل
|
لقد لج هذا
الوجد حتى كأنه
|
|
يحاول ثأرا عند
من هو قاتل
|
تحيرت حتى لو
سئلت عن الهوى
|
|
لفرط الجوى لم
أدر ما أنا قائل
|
أجبنا بنا
بالجزع عن أيمن الحمى
|
|
ترى هل لما أدرى
من الشوق ناقل
|
تمنع من أهوى
علىّ بوصله
|
|
فعندى من الوجد
المبرح شاغل
|
كتمت هواه برهة
فنمت به
|
|
دموع على خدى
هوام هوامل
|
رعى الله هاتيك
المعاهد كم بها
|
|
عهود بقلب
أحرقته البلابل
|
ومن شعره أيضا ما
رويناه عنه بالإسناد المذكور :
ألا هل عشيات
الأراك رواجع
|
|
فتنعم عينا
والعيون هواجع
|
ونرفل فى ذيل من
القرب سابل
|
|
ويسكن نصب حركته
القواطع
|
ونرفع جرم الهجر
عنا بوصلها
|
|
عوامل لما أن
عداها التقاطع
|
غريب له مذ بان
بان برامه
|
|
فؤاد معنى
أزعجته المطامع
|
يبيت يناجى
النجم والطرف ساهر
|
|
بجنب قريح قد
جفته المضاجع
|
له مذ رأى
الأحباب سفح مدامع
|
|
وزفرة مصمود وهل
ذاك نافع؟
|
تشاغل دهرا
بالحديث يظنه
|
|
يشتت هما وهو
للهم جامع
|
ولم يثنه قول
الوشاة بأنه
|
|
وإن ظن عاص فهو
بالقطع طائع
|
تبدل من مر
التصابى حلاوة
|
|
فلذ له ما طال
فيه التنازع
|
دعوا العتب فيما
قد مضى وتصدقوا
|
|
ببذل الرضى
فالعمر لولاه ضائع
|
ومن لى بوصل
أرتجيه وإننى
|
|
بطيف خيال فى
المنام لقانع
|
أجيروا من الجور
المفرق للمنى
|
|
بجمع على مر
الدهور يطاوع
|
ومنه بهذا الإسناد
:
إذا طاب أصل
المرء طابت فروعه
|
|
ومن عجب جاءت يد
الشوك بالورد
|
وقد يخبث الفرع
الذى طاب أصله
|
|
ليظهر صنع الله
فى العكس والطرد
|
ومنه بهذا الإسناد
:
ألا هل لهجر
العامرية إقصار
|
|
فيقضى من الوجد
المبرح أوطار
|
ويشفى غليلا من
عليل مولّه
|
|
له النجم
والجوزاء فى الليل سمار
|
أغار عليه السقم
من جنباته
|
|
وأغراه بالأحباب
نأى وتذكار
|
ورق له مما
يلاقى عذوله
|
|
وأرقه دمع ترقرق
مدرار
|
يحن إلى برق
الأثير وقلبه
|
|
ويخفق إن ناحت
حمام وأطيار
|
عسى ما مضى من
خفض عيش على الحمى
|
|
يعود فلى فيه
نجوم وأقمار
|
ومنه بهذا الإسناد
:
حقيق على
المشتاق تعفير خده
|
|
بباب الذى يهواه
فى السر والجهر
|
وإيثار ما يرضاه
فى السخط والرضى
|
|
وإيثار ما يرضيه
فى النفع والضر
|
ومنه بهذا الإسناد
:
علم الحديث مفيد
كل مكرمة
|
|
فادأب فديتك يا
ذا الجد والأدب
|
واعكف على الدرس
ليلا إن أردت علا
|
|
فالعلم يعلى دنى
الأصل فى الرتب
|
ومنه بهذا الإسناد
:
ستأتى من الرب
الرحيم لطائف
|
|
توسع ما قد ضاق
فى السر والجهر
|
فكن واثقا بالله
وارص نواله
|
|
تنل ما تشا من
مالك الخلق والأمر
|
ومنه بهذا الإسناد
:
إذا كان أنسى فى
التزامى لخلوتى
|
|
وقلبى عن كل
البرية خالى
|
فما ضرنى من كان
لى الدهر قاليا
|
|
ولا سرنى من كان
فىّ موالى
|
ومنه بهذا الإسناد
:
لأجهدن على أن
لا أرى أحدا
|
|
وأنثنى خاليا عن
قرب من بعدا
|
وأعمل الفكر
فيما أستفيد به
|
|
يوم النشور غدا
عند الإله يدا
|
إنى اعتبرت بنى
الدنيا فما ظفرت
|
|
كفى بود امرئ
ألقاه معتمدا
|
ولا فى الشدائد
أعوان على زمن
|
|
ولا الرخاء
أياديهم تمد يدا
|
ومن تصدى إلى
إتيان بابهم
|
|
أهين حينا وألفى
منهم نكدا
|
والحر يأنف عن
ذل يفيد به
|
|
عزا فكيف بذل
قاصرا بدا
|
العز ترك بنى
الدنيا بأجمعهم
|
|
لا عن هوان بهم
بل ترك من زهدا
|
وقد كتب هذه
الأبيات عنه ابن رشيد ، وذكرها فى رحلته مع تخميسها للشيخ قطب الدين القسطلانى.
وذكر فى رحلته
سؤالا سئل عنه الشيخ قطب الدين القسطلانى ، وأجاب عنه بجواب مفيد ، وقد رأيت أن
أذكره لما فى ذلك من الفائدة ، كما هو فى رحلة ابن رشيد.
قال فى ترجمة
الشيخ قطب الدين أبى بكر بن القسطلانى : وحضرت شيخنا الإمام أبى بكر ، وقد ورد
عليه هذا السؤال ، فأجاب عليه ، وقرأت عليه السؤال والجواب ، وكتبته عنه ، وكتب لى
خطه عليه ، ونص ذلك :
ما يقول السادة
الفقهاء ـ وفقهم الله لطاعته ، وأعانهم على مرضاته ـ فى الدروزة ، هل هى مباحة
مطلقا أو لا تباح إلا مع الضرورة؟ وهل تباح مع القدرة على الكسب أم لا؟ وهل تباح
مع استغراق الزمان فى العلم ، ما يعنى به العلم الذى هو فرض عين ، وإنما يعنى به
العلم الذى هو فرض كفاية أم لا؟ وإذا قلنا بإباحتها ، فهل يقتصر على الكفاية؟ أم
يجوز الإدخار؟ وهل يجوز فيها أكل الطيبات ولبس الناعم من الثياب؟ أم يجوز فيها
الاقتصار على الخشن من الثياب وأكل الخبز الخشكار بلا أدم ، أم يجوز معه إدام؟ وهل
إذا كان له عائلة ولا يطيقون الفاقة وكسبه ما يفى بأودهم ، فهل له أن يدروز بحقهم
أو حق من تلزمه نفقتهم؟ أفتونا وأوضحوا إيضاحا شافيا أوضح الله لكم الطريق ورزقكم
فيها التوفيق.
الجواب : الله
الموفق والمعين.
أصل السؤال عند
الضرورة مشروع ، وعند الاستغناء عنه ممنوع ، هذا إذا كان يسأل لنفسه ، أما من كان
يسأل لغيره فيجوز له السؤال ، وقد سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى المسجد لغيره.
وأما الدروزة فى
مصطلح أهل الطريق : فهى لأجل الغير مباحة ، بل مندوب إليها مع الغنى والفقر فى
الطالب لها تأسيا بفعله عليهالسلام.
وأما لنفسه : فإن
كان لضرورة ، فهى مباحة ، وإن كان مع غنى فحرام فى أخذ فرض الزكاة مكروه فى صدقة
التطوع.
وأما أخذ صدقة
الفرض مع الغنى بالمال أو القوة على الكسب ممن له بالمهنة عادة : فحرام.
وأما إذا تعارض
الاشتغال بالعبادة مع السؤال ، أو الاشتغال بالكسب : فبين أهل الطريق فيه اختلاف.
والذى يظهر لى أن
عمارة الزمن بالعبادة مع تضييع زمن يسير فى السؤال لتحصيل قيام النية أولى.
وأما الاشتغال
بعلم فرض الكفاية : فإنه أولى من الاشتغال بالسبب مع الجهل ، وإذا أبيح السؤال ،
وحصل ما يزيد على الكفاية ، فإن ادخره لغيره فلا بأس.
وأما لنفسه ،
فحكمه فى طريق القوم : المنع ، كان عليهالسلام لا يدخر شيئا لغد.
وأما أكل الطيب ،
ولبس الناعم : فعند قصده لذلك ، فهو ممنوع منه ، وإن وقع شىء من ذلك ، فإن اختار
التقشف وإيثار الغيرية ، كان فى حقه أولى ، وإن وافق وأخذ بقدر الضرورة ، فلا بأس.
وله أن يأكل بإدام
، وله أن يدروز لعائلته ما يتم به كفايتهم ، وكذلك لمن يرد عليه من الفقراء.
وحمل الزنبيل له
فى الطريق شروط :
أحدها : خلوه عن
الخط فيه ، بل يمتثل ما يؤمر به من المتقدم عليه.
وثانيها : إحضار
ما طرح فيه بين يدى من أقامه فى تلك الخدمة.
وثالثها : وجود
الأمانة فيما يحمله إلى الجماعة حتى يأتى به موفرا لا يخرج شيئا منه لا لنفسه ولا
لغيره.
ورابعها : أن يخرج
وهو آيس من تعلق الأمل لجهة معينة ، بل يقصد الله تعالى فى تيسير طلبه.
وخامسها : إن سأل
شخصا معينا فلا يقف عنده بعد رده ، إما بإباحة أو منع ، ولا يفعل كما يفعل العوام
من السؤال ، ويقول : عاودوهم ، فإن القلوب بيد الله تعالى.
وسادسها : إن سأل
وهو مار فى طريقه فليأخذ ما يعطاه وهو مقبل ، ولا يرجع لمن يريد أن يعطيه شيئا إذا
ولى عنه ، بل إن أراد المعطى يتبعه حتى يعطيه ذلك القدر ، فإن رجع وأخذ منه كان
خللا فيما التزمه من طريقه.
وسابعها : أن يقصد
بسعيه ذلك : وجه الله وإدخال الراحة والمسرة على قلوب إخوانه.
وثامنها : أن يرى
لهم الفضل عليه فيما أقاموه فيه ، فإنهم اعتقدوا فيه أهلية لما أقاموه فيه.
وتاسعها : أن لا
يلتفت إذا مشى ، بل يجعل نظره إلى أمامه حيث يضع قدمه.
وعاشرها : إن
اختار أن يذكر عند حمل الزنبيل ذكرا معينا ، كقول : لا إله إلا الله محمد رسول
الله ، شىء لله ، أو غيره من الأذكار مع قوله : شىء لله ، أو يمشى ، وهو ساكت.
وصورة المشى فيه
كافية فى الطلب ، أو يجعل الزنبيل على كتفه ويتمشى ، فمن وقع له فيه خاطر أن يسأله
سأله ، فكل ذلك واسع الاعتبار فيه بالعوائد والنيات. والله الموفق.
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى» . انتهى السؤال والجواب.
وقال ابن رشيد :
وكان كثير البدار إلى الفتوى ، فكثرت أجوبته.
٣٦ ـ محمد بن أحمد بن
على بن عمر الأنصارى ، المصرى ، شمس الدين ، المعروف بابن جن البير :
نزيل مكة المشرفة.
سمع من : ابن عبد المعطى ، وابن حبيب ، وغيرهما بمكة. جاور بمكة مدة مستوطنا فيها.
وكان يتجر بها ، ويتولى صدقة الخبز للأمير جر كس الخليلى وأمثاله على حواصله.
وكان بينه وبين
الشريف أحمد بن عجلان ـ صاحب مكة المشرفة ـ ملاءمة كثيرة. فلما ولى مكة عنان بن
مغامس بعد محمد بن أحمد بن عجلان ، نهبت داره بمكة ، وخرج هو إلى نخلة ، ثم عاد
إلى مكة بعد ذلك بأشهر فى السنة التى جرى عليه فيها ما ذكرناه ، وهى سنة تسع
وثمانين وسبعمائة.
وحضر الوقعة التى
كانت بأذاخر فى آخر شعبان من هذه السنة بين عنان وآل
__________________
عجلان ، فلما حصل
الظفر فيها لعنان ، قبض على المذكور ؛ لأنه لم يستطع الهزيمة ، وتمت عليه فى هذا
اليوم إهانة عظيمة.
وتوفى يوم الأحد
تاسع عشرين من المحرم سنة خمس وتسعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة. نقلت نسبة
هذا من خط الشيخ نور الدين الفيومى.
٣٧ ـ محمد بن أحمد بن
على المكى ، المعروف بالغنومى :
سمع من الشيخ خليل
المالكى. ولم يحدث فيما علمت. وكان نجارا خيرا. توفى فى سنة ست وتسعين وسبعمائة
بمكة ، ودفن بالمعلاة.
٣٨ ـ محمد بن أحمد بن
على بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن على بن عبد الرحمن بن سعيد
بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن على بن حمود بن ميمون بن
إبراهيم بن على بن عبد الله بن إدريس بن الحسن بن الحسين بن على بن أبى طالب ،
يكنى أبا عبد الله ، وأبا الطيب ـ وبها اشتهر أخيرا ـ ويلقب تقى الدين الحسينى ،
الفاسى ، المكى ، المالكى ، قاضى المالكية بمكة ، مؤلف هذا الكتاب:
ولد فى ليلة
الجمعة العشرين من ربيع الأول سنة خمس وسبعين وسبعمائة بمكة. ونقل مع والدته وأخيه
نجم الدين بن عبد اللطيف ـ الآتى ذكره ـ إلى المدينة النبوية ؛ لأن خالهما قاضى
الحرمين محب الدين النويرى كان بها ـ إذا ذاك ـ قاضيا فى سنة تسع وسبعين أو فى سنة
ثمانين.
وسمع بها المذكور
الحديث على أم الحسن فاطمة بنت الشيخ شهاب الدين الحرازى فى سنة ثلاث وثمانين. ومن
مسموعه عليها : الثقفيات العشرة.
ودرس القرآن
العظيم ، حتى جود حفظه. ثم قرأ فى سنة سبع وثمانين : الأربعين للنووى ، وباب
الإشارات معها ، ثم كتاب الرسالة لابن أبى زيد المالكى ، وأكمل حفظه فى سنة ثمان
وثمانين وعرضهما بالمدينة النبوية.
__________________
وفى شوال من سنة
ثمان وثمانين ، انتقل المذكور وأخوه ووالدتهما من المدينة إلى مكة ، بعد وصول
خالهما إليها قاضيا بها وخطيبا.
وقرأ المذكور بها
عمدة الأحكام ، حتى حفظها وعرضها فى سنة تسع وثمانين. وفيها صلى بالناس التراويح
بمقام الحنابلة بالمسجد الحرام.
وفيها ابتدأ يدرس
مختصر ابن الحاجب الفرعى ، وأكمل حفظه فى سنة اثنين وتسعين وسبعمائة.
وفيها عرضه ، وحبب
إليه فيها سماع الحديث النبوى ، فسمع بها على المسند أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن
صديق الدمشقى ، المعروف بابن الرسام : المنتخب من مسند عبد بن حميد ، ثم صحيح
البخارى ، ومسند الدارمى.
وعلى القاضى نور
الدين على بن أحمد النويرى : الموطا لمالك ، رواية يحيى بن يحيى ، والشفا للقاضى
عياض ، وغير ذلك.
وسمع فى سنة ثلاث
وتسعين ، على الشيخ القدوة شهاب الدين بن الناصح القرافى المصرى ، لما جاور بمكة :
صحيح مسلم ، وجامع الترمذى ، وسنن أبى داود وغير ذلك على غيره.
وفيها أكمل حفظ
الألفية فى النحو لابن مالك ، وعرضها ودرس حفظا جانبا كبيرا من مختصر ابن الحاجب
الأصلى.
وفيها قرأ بحثا :
الورقات فى أصول الفقه ، لإمام الحرمين ، على فتح الدين صدقة الترمنتى المصرى.
وفيها أو فى التى
قبلها : قرأ فى الرسالة تفقها على ابن عم أبيه الشريف عبد الرحمن ابن أبى الخير
الفاسى. وحضر دروسه فى ابن الحاجب الفرعى ، وابن الجلاب وغير ذلك.
وسمع فى سنة أربع
وتسعين : على ابن صديق عدة أجزاء وغير ذلك.
وفى سنة خمس
وتسعين : قرأ فى التنقيح للقرافى بحثا على الشيخ شمس الدين القليوبى ، وحضر دروسه
فى العربية ، وغير ذلك بمكة.
وفيها : قرأ على
ابن صديق سنن ابن ماجة.
وفى سنة ست وتسعين
: سمع على المحدث شمس الدين بن سكر أجزاء كثيرة ، وسمع عليه قبل ذلك.
وفيها : قرأ سنن
النسائى على ابن صديق.
وفيها : خرج جزءا
حديثيا لشمس الدين بن الحبشى ، ثم خرج جزءا آخر لابن سكر فى سنة سبع وتسعين ، وخرج
قبل ذلك لغيرهما.
وفى سنة ست وتسعين
: سمع بالمدينة على قاضيها برهان الدين إبراهيم بن فرحون : تاريخ المدينة للمطرى ،
بسماعه منه ، وعلى عبد القادر الحجار المدنى عدة أجزاء.
وفيها : سمع وقرأ
أكثر مختصر الشيخ خليل الجندى فى الفقه على مذهب مالك رحمهالله ، على تلميذه القاضى زين الدين خلف بن أبى بكر التحريرى
المالكى بحثا.
وسمع عليه دروسا
فى مختصر ابن الحاجب الفرعى ، ومنهاج البيضاوى بالحرم النبوى فى مدة أشهر.
وفى سنة سبع
وتسعين : قرأ على مفتى الحرم وقاضيه جمال الدين أبى حامد محمد بن عبد الله بن
ظهيرة ، القرشى ، الشافعى ، أحاديث مشيخة ابن البخارى عن ابن أميلة ، وابن أبى عمر
عنه ، ومعجم ابن جميع عن ابن أميلة والإسكندرى وغير ذلك من الأجزاء العوالى وغيرها
، وتبصر بها فى متعلقات الحديث.
وفيها رحل وأخوه
عبد اللطيف بعد الحج إلى الديار المصرية ، وقرأ بها ، وأخوه يسمع شيئا كثيرا على :
البرهان إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد البعلى ، المعروف بالشامى ، والزين عبد
الرحمن بن أحمد العربى المعروف : بابن الشيخة ، وأم عيسى مريم بنت أحمد ابن القاضى
شمس الدين محمد بن إبراهيم الأذرعى ، وشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقينى ،
والإمام سراج الدين عمر بن أبى الحسن الأنصارى ، المعروف بابن النحوى ، وابن
الملقن ، والحافظين : زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقى ، ونور الدين على بن
أبى بكر الهيثمى ، وأبى المعالى عبد الله بن عمر الحلاوى ، وأحمد بن حسن ، المعروف
بالسويداوى ، وخلق.
وقرأ على العراقى
شرحه لألفيته فى الحديث ، المسماة بالتبصرة ، حتى أكمل قراءته بحثا وفهما فى سابع
عشر جمادى الآخرة من سنة ثمانمائة.
وأذن له الحافظ
زين الدين العراقى فى أن يدرس ويفيد فى علم الحديث ، وكتب له بذلك خطه.
وفى شعبان سنة
ثمان وتسعين ، رحل من القاهرة إلى دمشق لسماع الحديث.
وفى العشر الأخير
من المحرم منها : كان قدومه إلى القاهرة من مكة.
وقدم دمشق فى آخر
شعبان ، وقرأ بها وبصالحيتها وغير ذلك من غوطتها أشياء كثيرة من الكتب والأجزاء
على جماعة كثيرين من أصحاب الحجار ، وغيره منهم : على ابن محمد بن أبى المجد
الدمشقى ، قرأ عليه صحيح البخارى بسماعه له على وزيره ، ومن كتابه : الإكراه إلى
آخره ، على الحجار ، وغير ذلك من الأجزاء.
ومنهم : مسند
الدنيا أبو هريرة عبد الرحمن بن الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى ،
قرأ عليه بكفر بطنا : الأربعين ، التى خرجها له أبوه ، وعدة أجزاء متصلة
بالسماع من حديث أبى الوقت السجزى ، والحافظ أبى طاهر السلفى ، وأجزاء أخر عالية
من حديث غيرهما.
فمن ذلك : المائة
الشريحية ، وجزء بنى الهرثمية ، وثانى حديث ابن مسعود لابن صاعد ، وأحاديث الترمذى
، من ذم الكلام للهروى ، والبعث والنشور لابن أبى داود ، والثقفيات العشر ، وبعض
الشيرازيات ، وجميع الخلعيات بسماعه لأجزاء منها على يحيى ابن سعد عن ابن صباح ،
وإجازته لباقيها من ابن سعد عن ابن صباح ، وجزء مأمون بن هارون ، ومشيخة السهروردى
، عن ابن الشيرازى عنه ، ومجلس رزق الله التميمى وغير ذلك.
ثم توجه إلى
القاهرة فى صفر من سنة تسع وتسعين وسبعمائة ، وزار المسجد الأقصى ، وسمع به على
مسنده أبى الخير أحمد بن الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدى العلائى الأربعين ،
التى خرجها له المحدث أبو حمزة أنس بن على الأنصارى ، والنصف الأول من الجزء الأول
الكبير من حديث المخلص بسماعه على الحجار عن القطيعى وغير ذلك ، وعلى غيره.
وبغزة على أحمد بن محمد بن عثمان الخليلى : المسلسل بالأولية ،
وجزء ابن عرفة ، والبطاقة ، بسماعه لذلك كله على الميدومى.
__________________
وقدم القاهرة فى
ربيع الأول منها. فسمع بها على : على بن أبى المجد وغيره أشياء كثيرة ، منها على
ابن أبى المجد : العوارف للسهروردى بإجازته من القاضى سليمان بن حمزة ، وأبى نصر
بن الشيرازى عنه.
وحضر دروس القاضى
تاج الدين بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز المالكى بالحجازية مدة. وأذن له فى سنة
ثمانمائة فى جمادى الآخرة فى الإفتاء والتدريس.
وفى هذه السنة :
رحل إلى دمشق ، وسمع بها أشياء كثيرة من الكتب والأجزاء لم يكن سمعها قبل ذلك ،
وسمع بها فى هذه الرحلة على شيوخ لم يكن سمع عليهم ، منهم : أم القاسم خديجة بنت إبراهيم
بن سلطان البعلى ، روت له عن القاسم بن عساكر حضورا ، وتفردت عنه وغيرها من أصحاب
الحجار وغيره.
وعاد منها إلى
القاهرة فى رمضان من سنة ثمانمائة وحج فيها.
وحضر فى سنة إحدى
وثمانمائة مجلس الشريف عبد الرحمن الفاسى فى الفقه ، وأذن له فى التدريس والإفتاء
فى هذه السنة ، وقرأ فيها : صحيح البخارى ، والموطأ رواية يحيى ابن يحيى ، على
الإمام برهان الدين إبراهيم بن موسى بن أيوب الإنباسى الشافعى.
وقرأ عليه قبل ذلك
بزاويته بالمقسم ظاهر القاهرة شيئا من الحديث ، ومن منهاج البيضاوى فى الأصول
بحثا.
وتوجه بعد الحج من
سنة إحدى وثمانمائة إلى القاهرة ، فوصلها فى العشر الأخير من المحرم سنة اثنتين
وثمانمائة.
وسمع بها فى هذه
السنة : غالب مسند الإمام أحمد بن حنبل بقراءة صاحبه الحافظ الحجة شهاب الدين أحمد
بن على بن حجر ، على أبى المعالى عبد الله بن عمر الحلاوى ، ثم أكمل عليه ما فاته
منه ، ورحل فى هذه السنة إلى الإسكندرية ، ولم يقدر له بها سماع.
وكان رحل إليها فى
رمضان سنة تسع وتسعين وسبعمائة. وسمع بها على الهزبر رئيس المؤذنين بالجامع الغربى
بقراءته : مشيخة الرازى عن ابن المصفى.
ورحل أيضا فى سنة
اثنين وثمانمائة إلى دمشق ، صحبة الحافظ الحجة ابن حجر. فسمع بسرياقوس ، على الإمام صدر الدين الأبشيطى جزء البطاقة.
__________________
وبغزة على أحمد بن
عثمان الخليلى ، السابق ذكره.
وبالرملة على
المحدث شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد ، المعروف بالمهندس.
وبزغلش : المسلسل
بالأولية ، وما فى مشيخة ابن البخارى من جزء الأنصارى.
وعلى المفتى عبد
الله بن سلمان المصرى المالكى ، المعروف بابن شحادة : حديث ابن ماسى فى جزء
الأنصارى ، بسماعهما لذلك من الميدومى.
ثم سمع بدمشق وصالحيتها
: بقراءة ابن حجر ، والإمام خليل بن محمد بن محمد الآقفهسى ، وبقراءة غيرهما
وقراءة نفسه أشياء كثيرة جدا من الكتب والأجزاء والمنتخبات على فاطمة بنت ابن
المنجا وغيرها من أصحاب الحجار وغيره. وكان مبدأ ذلك فى رمضان سنة اثنتين
وثمانمائة.
وفى أوائل المحرم
من سنة ثلاث : توجه إلى القاهرة فى صحبة الحافظ ابن حجر وخليل الآقفهسى ، ووصلوا
إليها فى آخر المحرم فى سنة ثلاث ، بعد أن سمع أشياء بنابلس والقدس وغيره.
وسمع بالقاهرة فى
سنة ثلاث ، وفى سنة أربع ، أشياء كثيرة.
وفى سنة أربع :
أذن له القاضى زين الدين خلف فى الإفتاء والتدريس ، وكذلك القاضى تاج الدين بهرام
المالكى ، بعد قراءته عليه جميع كتابه الفائق المسمى بالشامل ، الذى اختصر فيه شرح
ابن الحاجب الفرعى ، لشيخه الشيخ خليل الجندى المالكى ، المسمى بالتوضيح ، قراءة
تصحيح وبحث لما أشكل. وكتب له بهرام عليه إجازة قال فيها :
إنه قرأ عليه
كتابه «الشامل» قراءة بحث وتفهم. وقد أفاد فى ذلك أكثر مما استفاد. وقد أذنت له أن
يرويه عنى ، مع جميع ما ألفته فى الفقه والنحو ، والأصول من منظوم ومنثور ، وفى
الفرائض ، والعروض وغير ذلك ، وما قرأته على الأشياخ ، أو سمعته من حديث وتفسير ،
وغير ذلك من العلوم ، وأجزته بالفتيا والتدريس فى جميع ذلك ، لعلمى أنه أهل لذلك ،
مستحق لأن ينظم فى سلك أهل العلم. انتهى باختصار.
__________________
وحج فى هذه السنة
، وأقام بمكة حتى حج فى سنة خمس وثمانمائة.
وقرأ فى هذه السنة
: صحيح مسلم ، على قاضى الحرم جمال الدين بن ظهيرة ، وأذن له فى التدريس فى علم
الحديث ، ثم توجه بعد الحج من سنة خمس وثمانمائة إلى اليمن.
وسمع بها بعدن على
الوجيه عبد الرحمن بن حيدر الشيرازى ، من حديث الفخر ابن البخارى يسيرا.
وتوجه منها إلى
مكة ، فبلغها فى أواخر ذى القعدة فى سنة ست وثمانمائة.
ومضى بعد الحج إلى
المدينة النبوية ، ثم إلى دمشق فى الدرب الشامى ، على طريق تبوك. فبلغها فى الرابع والعشرين من المحرم سنة سبع وثمانمائة.
وسمع بها على :
خطيبها ومفتيها شهاب الدين أحمد بن حجى. وأذن له ابن حجى فى التدريس فى علم الحديث
، ونحويها نور الدين الأنبارى وغيرهما ، وعلق بها واستفاد.
وتوجه منها فى يوم
الجمعة ، الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة سبع وثمانمائة إلى القاهرة على طريق
الغور وبيسان ، ووصل القاهرة فى جمادى الآخرة.
وسمع بها على
الحافظ نور الدين الهيثمى جانبا كبيرا من كتابه مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، وغير
ذلك.
__________________
وفى شوال منها :
ولى قضاء المالكية بمكة ، من قبل الملك الناصر فرج بن الملك الظاهر برقوق. ولم يل
القضاء بمكة قبله أحد مستقلا ، ورتب له على ذلك معلوم.
وتوجه مع الحجاج
المصريين إلى مكة ، فبلغها فى آخر ذى القعدة من سنة سبع وثمانمائة.
وفى أوائل ذى
الحجة قرئ توقيعه بالولاية بالمسجد الحرام خلف مقام الحنفى بعد صلاة العصر بحضرة
أمير الحاج المصرى الأمير كزل العجمى وغيره من أعيان الحجاج وأهل مكة.
وفى سنة اثنتى عشر
وثمانمائة زار المدينة النبوية ، وحضر بها مجلس الإمام أبى عبد الله محمد بن أحمد
الوانوغى فى الأصول والفقه وغير ذلك.
وأذن له الوانوغى
فى الإفتاء والتدريس ، وكتب له خطه بذلك بمنى فى أيامها من سنة ثلاث عشرة.
ومما كتبه
الوانوغى فى إجازته للمذكور ـ بعد أن ذكر طلبه للاجتماع بعلماء مكة ـ : كان ممن
اجتمعت به وذاكرته ، وباحثته مرارا عديدة فى مسائل كثيرة من مسائل الفقه وغوامضه ،
وما يتعلق بها ، وتكررت أسئلته عن ذلك كله ومباحثه فيها ، مرة بعد أخرى السيد
الفقيه ، الفاضل ، الأعدل ، الأكمل الجامع للصفات الفاضلة ، الحسيب الأصيل ،
القاضى تقى الدين محمد بن الشيخ الحسيب الأصيل شهاب الدين أحمد بن على الفاسى ،
نفع الله بفوائده وعلومه الجليلة.
وقد ورد علينا
بالمدينة الشريفة ، وحضر معنا درس الفقه والأصول ، وأبدى فيه من فوائده ومباحثه
الجليلة ما يليق بعلمه وفضله على طريقة أهل الفنون والمباحث ، فرأيته فى ذلك كله أهلا
للتدريس ، والفتوى ، والحكم ، وإفادة الطالبين ، مع ما جبل عليه من حسن الفهم ،
وحسن الإيراد ، وسعة البال فى البحث والمراجعة فيه.
فأوجب ذلك كله
الإذن له فى التدريس ، والفتوى ، وإفادة الطلبة ، وحثه على الاشتغال بذلك كله ،
والملازمة له ؛ لينتفع به الناس عموما ، وأهل بلده خصوصا ، فإنى لم أر من فقهاء
المالكية بالحجاز كله من يقاربه فى جميع ما ذكرناه ـ نفع الله به ـ ولا فى اتصافه
فى العلم ولا فى الفهم عن الأئمة. انتهى. بنصه باختصار من أوله وآخره.
وسبق صورة جميع ما
كتبه الوانوغى فى ترجمة الوانوغى.
وفى سنة أربع عشرة
وثمانمائة درس للمالكية بالمدرسة السلطانية الغياثية البنجالية ، التى بالجانب
اليمانى من المسجد الحرام عند باب الحزورة.
ودرس قبل ذلك
بالمسجد الحرام مدة. وأفتى كثيرا من سنة ثمان وثمانمائة وإلى تاريخه.
واستمر متوليا
لتدريس البنجالية ولقضاء المالكية ، حتى صرف عن ذلك فى الرابع والعشرين من شوال
سنة سبع عشرة وثمانمائة بقريبه الشريف أبى حامد بن الشريف عبد الرحمن الفاسى.
وفى ابتداء العشر
الأول من ذى القعدة منها : عاد إلى ولاية قضاء المالكية بمكة وأتى الخبر بذلك
والتوقيع فى ليلة الخامس عشر من ذى الحجة ، فباشر الأحكام ، وامتنع منها قريبه
المذكور.
وكان مدة مباشرة
قريبه لذلك نحو اثنى عشر يوما.
واستمر صاحب هذه
الترجمة مباشرا إلى سابع عشر المحرم سنة عشرين وثمانمائة لوصول توقيع بوظيفة قضاء
المالكية للإمام شهاب الدين أحمد بن القاضى نور الدين على النويرى ، مبينا على
إنهاء فاسد بسعى بعض أهل الهوى. وتاريخ التوقيع عاشر ذى الحجة سنة تسع عشرة
وثمانمائة.
ولم يباشر ذلك
شهاب الدين النويرى المذكور لاختفائه خوفا من تعب يناله من وجه آخر.
فلما كان الرابع
من جمادى الأولى سنة عشرين وثمانمائة : وصل توقيع شريف يتضمن استقرار صاحب هذه
الترجمة ، واستمراره فى وظيفته قضاء المالكية بمكة وأعمالها ، وما كان معه قبل ذلك
، فباشر الأحكام وغيرها إلى تاريخه وهو شهر رجب سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة ، ولم
يخل فى خلال مباشرته من خيّر منصف يحمده ويذكر محاسنه ، ولا من بذىء متحامل يغض
منه بالهوى. وقد بلى بمثل ذلك الأخيار فى جميع الأعصار.
وشيوخ صاحب هذه
الترجمة كثيرون جدا ، ولعلهم نحو خمسمائة شيخ بالسماع والإجازة. ومن شيوخه
بالإجازة : التاج أحمد بن محمد بن عبد الله بن محبوب ، والزين عبد الرحمن بن
الأستاذ الحلبى.
وقد سمع المذكور
بالحرمين ، وديار مصر ، والشام ، واليمن.
ومن شيوخه باليمن
: المقرئ شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد بن عياش
الدمشقى ، سمع منه
أحاديث من جزء ابن عرفة عن على بن العز عمر ، حضورا عن أحمد ابن عبد الدايم بزبيد
فى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. وسمع بها أيضا فى سنة ثمان عشرة وثمانمائة.
ومن مؤلفات صاحب
هذه الترجمة : أربعون حديثا متباينة الإسناد والمتون بالسماع المتصل من حديث
العشرة المشهود لهم بالجنة ، والصحابة الذين انتهى إليهم العلم ، والصحابة
المكثرين ، والعبادلة الأربعة ، والأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة ، وفيها من
النفائس غير ذلك.
وكان ابتداء
تخريجه لها فى سنة تسع وتسعين وسبعمائة بالقاهرة.
ومنها : فهرست
تشتمل على ذكر أشياء من مروياته بالسماع والإجازة ، ولم يذكر فيها من الأجزاء إلا
ما كان مترجما باسم الكتاب ، وهو قليل. وذكر فى أوائلها أحاديث عالية من مروياته.
وكان تأليفه لها
فى أوائل سنة اثنتى عشرة وثمانمائة ، وهى فى عدة كراريس ؛ وسبب تأليفه لها : أن
الشيخ الإمام البارع عطا الله الهندى الحنفى سأله فى ذلك ، وسأله أن يسوغ له
التدريس والفتوى فى مذهب مالك ، فأجابه صاحب هذه الترجمة لسؤاله.
ومنها : تواريخ
لمكة المشرفة ، بعضها على نمط تاريخ الأزرقى ، جمع فيها بين ما ذكره الأزرقى من
أخبار عمارة الكعبة المعظمة ، وخبر حليتها ، ومعاليقها وكسوتها ، وخبر الحجر
الأسود والحجر ـ بسكون الجيم ـ والمقام مقام إبراهيم الخليل عليهالسلام ، والمسجد الحرام ، وزمزم ، وسقاية العباس بن عبد المطلب
رضى الله تعالى عنه ، والصفا والمروة ، وحدود الحرم ، والأماكن المباركة بمكة
المشرفة ، وحرمها المعروف بعضها بالمساجد ، وبعضها بالمواليد ، وبعضها بالدور ،
وأمطار مكة فى الجاهلية والإسلام وغير ذلك. وبين ما كان بعد الأزرقى من الأخبار
الملائمة لذلك.
وأضاف إلى ذلك
أحاديث وآثارا فى فضائل الكعبة والأعمال المتعلقة بها ، وفى فضل الحجر الأسود
والركن اليمانى ، والحجر ـ بسكون الجيم ـ والمقام ، والمسجد الحرام ، ومكة ،
والحرم ، وزمزم ، وغير ذلك من المواضع المباركة بمكة وحرمها ، مما ذكره الأزرقى.
وأضاف إلى ذلك أمورا كثيرة مفيدة لم يذكرها الأزرقى ، فى بعضها ما عنى بجمعه
الأزرقى ، وبعضها لم يعن به.
فمن الأول :
أحاديث نبوية ، وآثار عن الصحابة والسلف ، وأخبار جاهلية لها تعلق بمكة وأهلها ،
وولاتها ، وملوكها.
ومن الثانى :
مسائل فقهية وحديثية ، وما علمه من المآثر بمكة وحرمها ، كالمدارس والربط وغير ذلك
، وما علمه من ولاة مكة فى الإسلام على سبيل الإجمال ، وأخبار إسلامية تتعلق بمكة
وأهلها وولاتها والحجاج ، ويسير من هذه الأخبار ذكرها الأزرقى.
وذكر أيضا بعض
المآثر ، وبعض المسائل الفقهية. وهذا القسم مما يكثر الاغتباط به لأن غالبه لم
يحوه كتاب ، وإليه تشرق ذوو الألباب.
وهذه التآليف خمسة
، أكبرها : «شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام» فى مجلدين.
ثم مختصره المسمى
: «تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام». فى نحو نصف أصله. وإلى الآن لم يكمل
تأليفهما بالكتابة.
ثم مختصره : «تحصيل
المرام ، من تاريخ البلد الحرام».
ثم مختصره : «هادى
ذوى الأفهام ، إلى تاريخ البلد الحرام».
ثم مختصره : «الزهور
المقتطفة ، من تاريخ مكة المشرفة».
ومنها ، تاريخ
يسمى : «العقد الثمين ، فى تاريخ البلد الأمين» ، يشتمل بعد خطبته على الزهور
المقتطفة ، ثم سيرة نبوية مختصرة من سيرة مغلطاى. وفيها زيادات عليها كثيرة مفيدة.
ثم تراجم جماعة من
ولاة مكة ، وقضاتها ، وخطبائها ، وأئمتها ، ومؤذنيها ، وتراجم جماعة من العلماء
والرواة من أهل مكة وغيرهم ، ممن سكنها مدة سنين ، أو مات بها.
وتراجم جماعة
وسعوا المسجد الحرام ، أو عمروه.
وتراجم جماعة
عمروا أشياء من الأماكن المباركة بمكة وحرمها ، كالمساجد والمواليد وغير ذلك.
وتراجم جماعة
عمروا أشياء من المآثر بمكة ، كالمدارس ، والربط ، والآثار ، والسبل ، والبرك ،
والمطاهر ، وغير ذلك.
وتراجم جماعة من
الصحابة رضى الله عنهم ذكروا مع غير أهل مكة لسكناهم غيرها. وإنما ذكرهم فى تأليفه
لكونهم مكيين ؛ لأن مكة دارهم ـ بلا ريب ـ وسكناهم غيرها إنما كان بأخرة ، ولا
يخرجهم ذلك عن كونهم مكيين ، وهم الصحابة رضى الله عنهم من قريش وأبناؤهم ، وإن لم
يثبت لبعض الأبناء صحبة ، أو ولد بغير مكة ؛ لأنهم تبع لآبائهم.
وكذلك الصحابة من
بنى كنانة وخزاعة لمشاركتهم قريشا فى الدار ، وهى مكة ، أو باديتها ، كما بينه فى
تأليفه ، وإن كانوا عدوا مع غير أهل مكة ؛ لأن المعنى فى عدهم مع غير أهل مكة ما
ذكره فى قريش.
وكذلك الصحابة من
موالى قريش وكنانة وخزاعة ؛ لأنهم فى حكمهم ، وكذلك الصحابة من خلفاء قريش.
وكذلك الصحابة من
أهل الطائف من ثقيف ومواليهم ، ومن غيرهم ؛ لأن الطائف من عمل مكة من قديم الزمان
، حتى الآن.
وكان ابتداء تأليف
التراجم المذكورة فى العقد الثمين على الوجه المذكور فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة
، وإلى الآن لم يكمل تأليفها ؛ لأن أكثر أهل الكنى من الرجال والنساء المسميات
والمكنيات لم يكتب تراجمهم ، وكذلك عدة تراجم فى حرف الياء المثناة من تحت ـ يسر
الله تأليف ذلك كله وتحريره.
وهذا التأليف :
يكون فى خمس مجلدات ، مع مراعاة الاختصار ، بترك إخراج الأحاديث فى كل ترجمة وغير
ذلك.
ولم يخل هذا
التأليف من أحاديث وآثار وحكايات وأشعار. وكل ذلك بالإسناد والتراجم المذكورة على
ترتيب حروف المعجم ، خلا المحمدين والأحمدين فإنهم مقدمون على غيرهم لشرف هذين
الاسمين على غيرهما من الأسماء.
وكان قد ألف فى
سنة خمس وثمانمائة مجلدا فى هذا المعنى ، غير أنه لم يذكر فيه من الصحابة المشار
إليهم إلا نفرا يسيرا جدا ، ثم اختصره باليمن فى سنة ست وثمانمائة.
ثم اختصر المختصر
وأكمل تأليفه بدمشق فى سنة سبع وثمانمائة. وجعل فى أوله مقدمة لطيفة تتضمن أشياء
من أخبار الكعبة المعظمة ، والمسجد الحرام ، والأماكن المباركة بمكة وحرمها ،
وحدود الحرم وغير ذلك.
ووقف عليه خطيب
دمشق ومفتيها القاضى الإمام شهاب الدين أحمد بن حجى وغيره من فضلاء دمشق. وكتب كل
منهم بخطه ثناء على ذلك المختصر ومؤلفه.
ثم وقف عليه
الحافظان العلامة ولى الدين أبو زرعة أحمد بن حافظ الإسلام زين الدين عبد الرحيم
بن الحسين العراقى ، وأبو الفضل أحمد بن على بن حجر العسقلانى بالقاهرة فى سنة سبع
وثمانمائة. وكتب كل منهما ثناء على ذلك المختصر ومؤلفه.
وكان ابتداء
عنايته بتحصيل تراجم غير الصحابة فى سنة اثنتين وثمانمائة بالقاهرة ، ثم ظفر منها
بجانب كبير بدمشق فى هذه السنة ، ثم صار يزداد معرفة فى ذلك ، وعلق جميع ما علمه
من ذلك من غير ترتيب ، ثم ألفه ورتبه كما سبق بيانه.
وكان أراد أن يجعل
التاريخ الكبير الذى ألفه على نمط تاريخ الأزرقى مقدمة للعقد الثمين ، فلما عرف
أنه يجىء كبيرا ، وأنه يكون مع التراجم فى مجلدات كثيرة ، أفرد التاريخ الذى على
نمط تاريخ الأزرقى عن التاريخ الذى فيه التراجم ، وضم إلى الذى فيه التراجم
المختصر الأصغر المسمى ، بالزهور ، ليحصل للناظر فى التاريخ الذى فيه التراجم
معرفة ما اشتمل عليه الزهور والتراجم.
وكان تأليفه
للزهور فى سنة تسع عشرة وثمانمائة. وكان ـ لما استطال التاريخ الذى على نمط تاريخ
الأزرقى ـ اختصر منه قبل أن يفرده عن التراجم مختصرا سماه تحفة الكرام بأخبار
البلد الحرام ، يكون فى مجلد ، ورتبه على أربعة وعشرين بابا ، وجاء الباب الأخير
منه قدر ثلث الكتاب لكون الكلام انجر فيه من شىء إلى شىء ، ثم جعل الباب الأخير
بما ضمه إليه من الفوائد الكبيرة ، والأخبار المتعلقة بفتح مكة وولاتها والحجاج
وغير ذلك ، خمسة عشر بابا فى شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ، ومختصره المسمى
تحفة الكرام ، بأخبار البلد الحرام.
فلما اختصر
المختصرات بعد ذلك ، جاءت أبوابها أربعين بابا. وفى كل من هذه المختصرات من
الفوائد والأخبار ما ليس فى الآخر.
ومنها : تأليف
يسمى : «عجالة القرى للراغب فى تاريخ أم القرى» ، اختصره من العقد الثمين ولم
يكمله. وأكثر تراجمه مؤلفة. ويكون ـ إن شاء الله تعالى ـ فى مجلدين أو أكثر.
ومنها : فى
التاريخ الذى لا يختص لمكة تأليف ، سماه : «بغية أهل البصارة فى ذيل الإشارة». فى
خمسة عشر كراسا صغارا.
والإشارة المذكورة
: تأليف للحافظ. أبى عبد الله الذهبى ، ذكر فيه جماعة من أعيان العلماء والرواة
وغيرهم ، واختصر فيه فى الغالب على اسم الإنسان ، وأبيه وجده ، وما يعرف به ، وقد
يذكر شهر وفاته ، وابتدأ فيه من السنة الأولى من الهجرة ، وانتهى فيه إلى سنة إحدى
وسبعمائة.
فذيل عليه صاحب
هذه الترجمة من سنة إحدى وسبعمائة وإلى تاريخه على النمط
الذى ذكره الذهبى
، وأبسط قليلا وجاهد الذيل فى قدر الإشارة ، ثم أوضح التراجم المذكورة فى هذا
الذيل إيضاحا مناسبا بزيادة تراجم ، وإلى الآن لم يكمل تأليفه لذلك. والباقى منه
أكثر التراجم من سنة إحدى وسبعمائة ، وإلى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ؛ لأنه ابتدأ
من أول القرن التاسع ، ثم ما قبله حتى انتهى إلى سنة أربعين.
ومنها : تأليف
لطيف نحو ثلاثة كراريس ، سماه : «إرشاد ذوى الأفهام إلى تكميل كتاب الأعلام بوفيات
الأعلام للحافظ الذهبى» ، ويسمى أيضا : «درة التاريخ». ابتدأ فيه الذهبى من السنة
الأولى من الهجرة ، وانتهى فيه إلى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة.
واختصر فيه الذهبى
فى الغالب على ما يعرف به الإنسان ، وذيل عليه صاحب هذه الترجمة ذيلا أبسط منه
مناسبا له.
ومنها : اختصار
كتاب «حياة الحيوان» للشيخ كمال الدين موسى بن محمد الدميرى ، الآتى ذكره ، ونبه
فيه على أشياء كثيرة مفيدة تتعلق بما ذكره الدميرى فى ذلك.
وفرغ من اختصاره
مع الشبهات المشار إليه من غير استقصاء فى آخر ذى القعدة سنة اثنتين وعشرين
وثمانمائة ، وسمى هذا المختصر «مطلب اليقظان ، من كتاب حياة الحيوان».
ومنها : فى الفقه
عدة تآليف ، منها فى المناسك : ثلاثة تآليف ، الأصغر منها : كراس صغير ، والأوسط :
كراسان صغيران ، وكلاهما على مذهب مالك والشافعى رضى الله عنهما ، والأكبر لم يكمل
تأليفه.
وسنذكر فيه إن شاء
الله تعالى مذهب أبى حنيفة وابن حنبل رحمهماالله تعالى واسمه : «إرشاد الناسك إلى معرفة المناسك».
ومنها : عدة تآليف
فى مسائل مفردة ، حصل فيها نزاع بينه وبين غيره من المعاصرين له ، منها : الإيقاظ
من الغفلة والحيرة فى مسألة إقرار ظهيرة ، وهى : أن ظهيرة حصل منه إقرار مولح ،
فحكم نائب صاحب هذه الترجمة ببطلان ذلك الإقرار.
فأفتى الشيخ أبو
عبد الله الوانوغى ـ السابق ذكره ـ فى ذلك الحكم بما لم يسدد فيه.
وألف صاحب هذه
الترجمة فى الرد على الوانوغى التأليف المشار إليه ، ثم اختصره فى مختصرين.
ووقف على المختصر
الأصغر من ذلك قاضى القضاة بالقاهرة ، وشيخ المالكية بها : جمال الدين عبد الله
الآقفهسى رحمهالله. وكتب عليه ما نصه :
لقد حقق وأجاد
فيما آتى به من السداد ، كل ذلك بفضل الكريم الجواد. وكتبه عبد الله الآقفهسى
المالكى.
ثم وقف عليه
الإمام عالم فاس وابن عالمها : أبو القاسم بن موسى بن محمد بن موسى
العبدوسى ، الفاسى المالكى بمكة ، لما قدمها حاجا فى سنة عشرين وثمانمائة وكتب
عليه ما نصه :
الحمد لله ، يقول
كاتبها أبو القاسم العبدوسى ـ لطف الله تعالى به ـ وقفت على ما أفتى به سيدنا
الإمام ، العالم ، العامل ، الحافظ ، القدوة ، تقى الدين محمد بن أحمد بن على
الحسنى ، فوجدته الحق الذى لا يشك فيه ، وما سواه من الجواب غيره هذيان لا أدرى
كيف صدر من كاتبه. والله يرشد من يشاء إلى فضله بمنه ورحمته.
وكتب الإمام أبو
القاسم العبدوسى المذكور بعد أن مر على شفاء الغرام ، تأليف صاحب هذه الترجمة ثناء
كثيرا على نحو صافحه.
وسمع على صاحب
الترجمة أربعة أحاديث من أول أربعينه المتباينة ، وهى أحاديث الخلفاء الأربعة
الراشدين ، وسيأتى ما كتبه على شفاء الغرام إن شاء الله تعالى.
وكتب العلامة
الكبير الحافظ ولى الدين أبو زرعة أحمد بن الحافظ زين الدين العراقى فى سنة سبع
وثمانمائة على المختصر الأصغر من كتاب التراجم الذى فى أوله : المقدمة اللطيفة
المشار إليها ما نصه فى أول ورقة منه ترجمة له «عجالة القرى ، فى مختصر تاريخ أم
القرى» تأليف الشيخ الإمام العالم الحافظ زين المحدثين ، مفيد الطالبين ، مفتى
المسلمين ، ذى الفوائد العديدة ، والمناقب الحميدة تقى الدين محمد بن أحمد بن على
الحسنى الفاسى المكى المالكى. أمتع الله ببقائه ، وزاد فى علوه وارتقائه آمين.
ثم كتب أيضا على
التأليف المذكور فى ورقة غير هذه الورقة ما نصه :
أما بعد حمد الله
الذى شرف ما شاء من البقاع ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذى شرفت بمنشئه
ومدفنه تلك الأصقاع ، وعلى آله وصحبه الذين جمعوا بين شرفى العلوم والاتضاع.
__________________
فقد وقفت على هذا
التأليف الجارى على القوانين والأوضاع ، والتصنيف البديع الذى ليس فيه ابتداع ،
والجمع الذى يشهد لجامعه بحسن الاختراع ، والمجموع الجامع لصدق النقل وحسن
الانتزاع ، والتاريخ الذى انعقد على فضيلة الإجماع ، والروض الذى ضاع نشره وما ضاع
منه بل حفظ وذاع ، فانتفعت به أحسن الانتفاع ، والتقطت من فوائده ما ليس فى حسنه
نزاع ، واعترفت لجامعه بحسن الجمع وكثرة الاطلاع ، وسعة المعرفة والاضطلاع.
فهو إمام له فى
المشكلات انبساط ، وعلى العلم انجماع ، وحافظ فى حفظه اتساع ، وثقة فيما ينقله عن
كتاب أو سماع ، وعالم له مع تواضعه ارتفاع ، ومتقن ضم إلى حضور القلب حسن
الاستماع. والله تعالى يحفظ عليه ما من به عليه من التقى فهو خير زاد ، وغنى النفس
فهو خير متاع ، ويديم النفع به حتى يأتى أمر الله الذى ليس له دفاع.
كتبه أحمد بن عبد
الرحيم العراقى الشافعى ـ لطف الله به وبوالديه ومشايخه ـ حامدا ومصليا ومسلما فى
ليلة الأربعاء الثانى والعشرين من شوال سنة سبع وثمانمائة بمنزلى بشاطئ النيل
المبارك بظاهر القاهرة. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وكتب الحافظ شهاب
الدين ابن حجر على هذا التأليف ، ما نصه :
الحمد لله الذى
جعل من تولاه بعنايته تقيا ، وفضل بعض خلقه على بعض ، فرقى منهم سعيدا وأردى منهم
شقيا ، وشرف بعض الأمكنة على بعض ، فاختص البلد الحرام بالأمن والمحبة والبركة ،
وكفى بذلك فخرا مرضيا.
وصلى الله على
سيدنا محمد أرفع العالمين قدرا عليا ، وعلى آل محمد وصحبه الأبرار الذين حفظوا
السنن ونقلوها ، وعرفوا معانيها وعقلوها ، ونظروا إلى الدنيا بعين الازدراء فما
مقلوها ، صلى الله عليهم أجمعين ، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد : فقد
وقفت على هذا التأليف البديع وصفا ، الغريب صنفا ، فوجدته فاق المصنفات فى هذا
الفن ، لصدق معزاه ، وتخصص بالشرف المطلق لفظه ومعناه ، فهو تصنيف شريف ، فى معنى
شريف ، لبلد شريف ، اختاره الله وارتضاه.
حبّره وأجاد فى
تأنيقه السيد الإمام الأوحد ، البارع المتقن ، ذو الأصل الزكى ، والذهن الوقاد
الذكى ، تقى الدين ، مفتى المسلمين ، حامى حمى الفقه والحديث ، مع ما انضاف إلى
ذلك من تقوى صدقت لاسمه مسماه ، وعبادة وزهادة ، وتواضع لائق بمن
اصطفاه الله ،
فالله تعالى يلهمه شكر هذه المنة ، ويبقيه لحفظ السنة. قاله وكتبه أحمد بن على
العسقلانى.
وكتب عليه خطيب
دمشق ومفتيها : القاضى شهاب الدين أحمد بن الإمام علاء الدين حجى السعدى الشافعى
ما نصه :
الحمد لله وسلام
على عباده الذين اصطفى ، أما بعد : فقد وقفت على مختصر التاريخ لمكة المشرفة ،
الذى جمعه السيد الشريف ، الإمام ، المحدث ، الفقيه ، العالم ، البارع فى فنون
العلم ، المفيد ، المؤرخ الأوحد ، الضابط ، المتقن ، الثقة ، اليقظ ، جمال
المحدثين ، تقى الدين أبو عبد الله محمد بن السيد الشريف ، الإمام العالم شهاب
الدين أبى العباس أحمد الحسنى ، الفاسى المكى المالكى ، متع الله به ونفعه ،
وأعلاه ورفعه.
فرأيته قد أبان
فيه عن حفظ واطلاع ، ومعرفة واضطلاع ، وضبط لما يكتبه ويمليه ، وتحرير لما ينقله
ويرويه ، فأفدت منه أشياء مفيدة ، وعلقت منه تراجم وأسماء عديدة ، وذاكرنى بمواضع
من لفظه ، معتمدا على فهمه وحفظه ، وإنى لأرجو إن طال أجله ، ودام عمله : أن يصير
ممن يعتمد عليه ، ويشار بالأصابع إليه والله تعالى المسئول أن يزيد فى حياته
ويوفقنى وإياه لمرضاته.
قال ذلك وكتبه :
أحمد بن حجى بن موسى بن أحمد بن سعد السعدى الشافعى ، حامدا لله تعالى مصليا على
نبيه محمد وآله وصحبه ومسلما ، فى الثامن من جمادى الأولى سنة سبع وثمانمائة.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وقد أحسن فى
الثناء على هذا التأليف ، وعلى مؤلفه من فضلاء المحدثين : بدر الدين أبو حمزة أنس
بن على بن محمد بن أحمد الأنصارى الدمشقى ، وصلاح الدين ـ ويقال : غرس الدين ـ خليل
بن محمد بن محمد بن عبد الرحيم الآقفهسى المصرى ، وشمس الدين محمد بن أبى بكر عبد
الله بن محمد بن أحمد بن مجاهد القيسى الدمشقى ، المعروف بابن ناصر الدين.
وكتب كل منهم خطة
بذلك. وصورة ما كتبوه موجود فى التاريخ المذكور ، وترك ذكره اقتصارا.
وكتابة : أنس ،
وابن ناصر الدين فى سنة سبع وثمانمائة.
وكتابة : غرس
الدين خليل فى سنة ثمان وثمانمائة ، بعد أن قرأ التأليف المذكور على مؤلفه.
وكتب العلامة ولى
الدين أبو زرعة بن العراقى على ما وقف عليه من إيضاح ذيل الإشارة ، المسمى «بغية
أهل البصارة» تأليف صاحب هذه الترجمة. وذلك فى سنة إحدى وسبعمائة ، وإلى سنة عشرين
وثمانمائة ما نصه :
وقفت على هذا
التاريخ المفيد ، والتأليف الفريد ، فوجدته قد اشتمل على نبأ من حضرنا ومن غاب عنا
، وملك قلب كل تاريخى منا ، واستوجب الثناء الجميل منا ، واستفدت من فوائده وعلقت
بعض ما احتجب إليه من فرائده.
وكيف لا ، وجامعه
محدث كبير ، وحافظ خطير ، يعتمد على ما قال ، ويتلقى بالقبول ، ولا يطرح كطرح
القيل والقال ، هذا مع تفنن فى العلوم ، وبراعة فى المنطوق والمفهوم ، وكم له من
إفادة مشتملة على الحسنى وزيادة ، فالله يشكر سعيه ، ويديم رعيه ، ويمتع بحياته
ويعيد من بركاته. كتبه أحمد بن العراقى. غفر الله له. انتهى.
وكتب تحت ذلك :
الحافظ شهاب الدين بن حجر. أحسن الله إليه ما صورته كذلك : يقول فقير رحمة ربه
أحمد بن على العسقلانى.
وكتب على ذلك أديب
اليمن ، وفخر العلماء به ، القاضى شرف الدين إسماعيل بن أبى بكر ، المعروف : بابن
المقرى اليمنى ، ما نصه :
الحمد لله وحده ،
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وقفت على هذا التأليف
التالى فوائد العبر ، والآتى بأحاديث الموعظة الحسان بأصح خبر ، فلله در مصنفه من
إمام حافظ ، وبحر بجواهر العلوم لافظ ولا حق برز على السابق ، وبذل فى علو المرتبة
الأعلام الحفاظ موافق ، بلغه الله غاية الأمنية وأجزل ثوابه على هذا المقرون بحسن
النية ، آمين آمين. كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى إسماعيل بن أبى بكر المقرى
اليمنى. عفا الله عنه.
وكتب الحافظ أبو
زرعة ، على الزهور المقتطفة تأليف صاحب هذه الترجمة ما صورته:
الحمد لله ، وبه
نستعين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد: فقد وقفت على
هذا التأليف البارع ، والمختصر الجامع ، فرأيته قد حوى من العلم فنونا ، وفجر من
بحار العلم عيونا ، وسلك فيه أحسن طريقة ، وغرس فيه رياضا أنيقة ، وقام بما يجب من
حق البلد الحرام ، وبلغ طالب ذلك مع اختصاره أقصى المرام ، إن تكلم فى الفقه فبحر
زاخر ، وإن حرر التاريخ حوى أقوال الأوائل والأواخر.
وقد وقفت قديما
على تاريخه الكبير ، واعترفت له بالفضل الكثير ، فشكر الله سعيه وأدام رعيه ، وحمى
به تلك البقاع الشريفة ، فقد صار بها بعد أصحابنا الماضين أحسن خليفة. كتبه أحمد
بن عبد الرحيم بن العراقى الشافعى ، غفر الله له ولوالديه ولمشايخه. آمين.
وكتب الحافظ شهاب
الدين ابن حجر ـ أبقاه الله تعالى ـ على هذا التأليف أيضا ما صورته : الزهور
المقتطفة من تاريخ مكة المشرفة ، للشيخ الإمام الحافظ الأوحد الشريف ، تقى الدين
محمد بن الشيخ شهاب الدين أحمد بن على الفاسى ، ثم المكى ، قاضى المالكية بمكة
المشرفة.
وكتب أيضا : الحمد
لله وسلام على عباده الذين اصطفى. أما بعد : فقد وقفت على هذا التصنيف المفيد ،
والعقد الفريد ، فرأيته قد أجاد تلخيصا وتهذيبا ، وفاق ترتيبا وتبويبا ، جمع جامعه
ـ حفظه الله ـ فيه أشتات الفوائد ، ومزج الأخبار التاريخية بالمسائل الحكمية ، مزج
العقيان بالجواهر فى القلائد ، فلقد أبقى لما ألف البلد الأمين ذكر مخلدا ، وارتقى
بما انتقى درجا يعسر على من رام اللحاق بها المدى ، فالله المسئول أن يحرسه بعينه
، ويمده بعونه ، ويحفظ نفسه ، ويحمى حماه ، ويوليه الثواب الجزيل على من تولاه.
قال ذلك محبه :
الصادق أحمد بن على العسقلانى حامدا لله تعالى ، مصليا على محمد المصطفى وعلى آله
وأصحابه ، مسلما.
وكان ذلك فى شعبان
سنة عشرين وثمانمائة.
وكتب القاضى شرف
الدين إسماعيل المقرى اليمنى ، على هذا التأليف ما نصه : الحمد لله وحده ، وصلى
الله على رسوله وآله وصحبه وسلم.
وقفت على هذا
التصنيف البديع ، والترصيف الذى تضمنت فصوله زهر الربيع المشتمل على فرائد الفوائد
، وفوائد الفرائد ، الجامع لنوادر المحاسن ، المفيد منها للأوابد ، فرأيت عقود لآل
أو نجوم ليال ، تشهد أن مصنفها الإمام الذى كل فضل خلفه يصلى جار بيت الله الحرام
، الذى هو لذخائر المشكلات مجلى ، فلقد أبدع وأغرب ، وذهب فى الإحسان كل مذهب ،
وأبقى له فى الصالحات ذكرا ، ومن الحمد والأجر كنزا وذخرا ، جعله الله للمتقين
إماما ، وبلغه من كل خير مراما آمين. كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى إسماعيل بن
أبى بكر المقرى اليمنى. ألهمه الله رشده.
وكتب الحافظ ولى
الدين أبو زرعة بن العراقى الشافعى ، على تحصيل المرام ، تأليف صاحب هذه الترجمة ،
ما صورته : تحصيل المرام ، من تاريخ البلد الحرام ، تأليف الشيخ الإمام العلامة
الحافظ قاضى القضاة ، مفتى المسلمين تقى الدين محمد بن الإمام العلامة شهاب الدين
أحمد الحسنى الفاسى الأصل ، ثم المكى المالكى ، أدام الله فوائده ونفع به آمين.
كتب هذا على ظهره فى أول ورقة منها.
وكتب أيضا : الحمد
لله وسلام على عباده الذين اصطفى. وبعد : فقد وقفت على هذا التأليف البديع ،
المحتوى على أحسن الترتيب وجودة الترصيع ، فوجدته جامعا للمعارف ، يجتمع على قبوله
الموافق والمخالف ، إن طلبت منه تحقيق التاريخ ظفرت بالمطلوب ، وإن رمت معرفة
الأحكام الشرعية وجدتها على أحسن أسلوب ، وإن رغبت فى نقل الأحاديث وتمييز صحيحها
من سقيمها حصلت على ذلك المرغوب ، فهو لكل فن جامع ، ولفضائله على كل ذى فضل خاضع.
والله يشكر سعى مفيده فيا نعم ما أفاد ، ويا حسن ما أبدى وأعاد ، وكيف لا ، وهو
الإمام الحافظ الجامع لأنواع الفضائل ، والآخذ من كل علم بسهم غير عائل ، جمع الله
له خيرى الدنيا والأخرى وجعل نعمه عليه تترى.
كتبه فقير رحمة
الله تعالى أحمد بن عبد الرحيم بن العراقى ، الشافعى ، غفر الله له. انتهى. وكانت
كتابته لذلك فى سنة عشرين وثمانمائة.
وكتب الحافظ أبو
زرعة أيضا على تحفة الكرام الأولى ، وهى التى أبوابها أربعة وعشرون بابا فى سنة
ثلاث عشرة وثمانمائة ما نصه :
كتاب : «تحفة
الكرام بأخبار البلد الحرام» تصنيف الشيخ ، الإمام ، العالم ، العلامة ، الحافظ ،
مفتى المسلمين ، قاضى القضاة السيد الشريف تقى الدين أبى الطيب محمد بن أحمد بن
على الحسنى الفاسى المكى المالكى ، أدام الله النفع بفوائده آمين.
كتب ذلك فى أول
ورقة منه بظهره. ثم كتب فى الورقة نفسها ، ما نصه :
الحمد لله ، وقفت
على هذا التأليف البديع ، المنسوج على هذا المنوال المنيع ، ومررت عليه سطرا سطرا
، فوجدته فى معناه بحرا ، قد أتى فيه مصنفه بكل غريب ، ورصعه بكل معنى عجيب ، وكيف
لا ، وهو إمام له بهذا الفن أتم إلمام قد رحل فيه وجال ، ولقى أعلام الرجال ، وفى
هذا النوع الخاص قد سمع وطالع وحرر وراجع ، فشكر الله سعيه وأحسن رعيه ، وأدام
النفع بفوائده ، وأجزاه منه على أجمل عوائده.
قد قلت إذ رأيته
نخبة هذا الزمن ، لا تحسبن حسنه قد جاء سوى من حسن.
كتبه أحمد بن عبد
الرحيم بن العراقى فى شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة.
وكتب عليه الحافظ
شهاب الدين ابن حجر ما نصه : الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى.
وقفت على هذا
التأليف الشريف ، وعرفت فضل ما فيه من التنويع والتصريف ، فوجدت مجموعا جامعا ،
وأعجوبة حوت الحسن والحسنى معا ، قد حرر مؤلفه وأتقن ، وغاص على الدر من مظانه
فأمعن ، فجزاه الله عن بلده الحرام ، ومشاعره العظام : أحسن جزاء ، وكفاه جميع ما
يتوقاه من الأسواء ، آمين آمين.
قاله الفقير
المعترف بالتقصير : أحمد بن على القسطلانى ، الشهير : بابن حجر.
وكتبه فى الشهر
المذكور أعلاه من سنته ، حامدا لله تعالى ، ومصليا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
، ومسلما.
وكتب الإمام
العلامة المفنن أبو الفضل محمد بن إبراهيم التلمسانى الشهير : باب الإمام المالكى
، نزيل القاهرة المحروسة فى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بالقاهرة على نسخة من هذا ،
ومن تحفة الكرام الأولى ما نصه :
يا روض آداب
ومعدن حكمة
|
|
وصباح إرشاد
وبحر علوم
|
يا شمس ذاك
القطر نورك قد جلا
|
|
من أفق ذاك
القطر كل بهيم
|
جمعت فضائلك
الفضائل كلها
|
|
من حادث لك فى
العلا وقديم
|
خذها أبا عبد
الإله وسيلة
|
|
لنظام حب كان
غير زنيم
|
وعليكم منى
السلام مرددا
|
|
عن محض ود فى
الفؤاد مقيم
|
ما عسى أن يطنب فى
وصف هذا الموضوع ألسنة الأقلام ، أو يعبر عن هذا الكلام فنون الكلام ، فهذا هو
الفرا الذى فى جوفه كل الصيد ، والأمنية التى لا يتعاطاها عمرو ولا زيد ، وهذه هى
الموهبة التى حسبناها على صنائع الله تميمة لا تقلع بعدها عين ، وقلادة على حلل
المفاخر لا تحتاج معها زين ، رأينا منه إنشاء أخدم اليراع بين يديه وشاء ، وسئل عن
معاينة الاختراع ، فقال : (٥٦ : ٣٥ إنا أنشأناهن إنشاء) فأهلا به من عربى عراف يصف
السانح والبانه ، ويبين فيحسن الإبانة ، أدى الأمانة ، وحاز بخدمة التعريف شرف
السدانة ، فلله دره من قلم دبج تلك الحلل ، ونقع محاج الدواة من المسترشدين العلل
، وجمح بفرط تحصيله وفهامته ، وذهب حيث لا حيث لمضاء ذهنه
وشهامته ، وأجاد
فى الأوصاف ، واعتمد التحقيق والإنصاف ، وجاء بما ليس فى طوق غيره من الوطاف ، فما
لك أيها الفاضل من مساجل ولا مفاضل ، ولا منازع ، ولا مناضل ، لقد وصلت المنازل
الوسام ، الوافرة الحظوظ فى الفخر والأقسام ، كيف لا ، وثمر الجنة ليس من سائر
الثمر ، ولا ينظر السها إلا من سها عن القمر ، وإذا ذكر الصالحون فحيهلا عمر ، وإن
ذكرت المدن والقرى ، قلنا : هذه أم القرى ، فليس كل الخطب خطبة المنبر ، ولا لسائر
الأيام كيوم الحج الأكبر ، وإذا وصف قطرا من وصفه أو عرفه من عرفه ، فقل له : إنما
الحج عرفه ، والسلام على سيادة من يقف عليه.
قال ذلك وكتبه أبو
الفضل محمد بن إبراهيم الإمام المغربى التلمسانى مولدا. كان الله له ولطف به وتاب
عليه آمين.
وكتب قاضى مكة
وخطيبها ومفتيها وحافظها : جمال الدين أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشى
الشافعى على هذا التأليف ما نصه :
الحمد لله الذى
منح الفتوحات المكية من كان تقيا ، وفتح له أبوابا كانت مغلقة فولجها ، وأظهر منها
جواهر وحليا ، وادخر لمن اختاره من المتأخرين ما عجز عنه كثير من المتقدمين ، وكان
عليهم خفيا. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ، وما كان ربك
نسيا.
والصلاة والسلام
على خير الخلائق سيدنا محمد الذى ختم الله به الأنبياء ، فلم يبعث بعده نبيا ،
وعلى آل سيدنا محمد الطيبين وأصحابه المنتخبين. صلاة وسلاما يتعاقبان بكرة وعشيا.
أما بعد : فقد
وقفت على هذا التأليف العظيم ، والتصنيف الذى لم ينسخ على منواله فى الحديث
والقديم ، فألفيته قد احتوى على أنواع العجائب ، واشتمل على الفوائد النفيسة ،
وجمع أشتات الغرائب ، واجتمع لمؤلفه ـ أبقاه الله تعالى ـ فيه ما لم يجتمع لمؤرخ
من المفاخر ، وأذكرنى قول من قال من أهل الأدب : كم ترك الأول للآخر. وذكرت قول
ابن مالك ـ رحمهالله ـ فى خطبه الجميلة. وناهيك بأثر عبد الله فى دقيق العلم
وجليله ، وإذا كانت العلوم منحا إلهية ، ومواهب اختصاصية : فغير مستبعد أن يدخر
لبعض المتأخرين ما عسر على كثير من المتقدمين. وكيف لا ، ومؤلفه كما قيل :
«ابن جلا وطلاع ثنايا العلا»
فاق أهل زمانه فى
الفضائل ، وجمع أشتات العلوم ونفائس العقائل ، ورحل إلى البلاد
الشاسعة ، فحصل
العلوم النافعة ، وعاد بأشرف الوسائل ، وأفاد من علومه الجمة وفوائده المهمة ، ما
سار فى البلدان والقبائل ، مضافا إلى النسب الشريف العالى ، والحسب المنيف الغالى
، والأخلاق الجميلة ، والصفات الحسنة الجليلة والسجايا الطاهرة ، والمزايا الباطنة
والظاهرة (١٩ : ٦٣ تلك الجنة التى نورث من عبادنا من كان تقيا).
أبقاه الله تعالى
للمسلمين ، وأدام به النفع للمستفيدين ، بمنه وكرمه آمين.
كتبه العبد الفقير
إلى عفو الله تعالى ولطفه : محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشى الشافعى لطف الله
تعالى به آمين ، بالمسجد الحرام ، تجاه الكعبة المعظمة فى يوم الثلاثاء التاسع من
شهر ربيع الأول من سنة اثنتى عشرة وثمانمائة. أحسن الله عاقبتها.
والحمد لله ،
اللهم صل على سيدنا محمد النبى الأمى ، وعلى آل سيدنا محمد وصحبه وسلم. حسبنا الله
ونعم الوكيل. انتهى.
وكتب السيد الإمام
البارع عز الدين محمد بن إبراهيم بن على بن المرتضى الحسنى الصنعانى ـ أبقاه الله
تعالى ـ إذ كان مجاورا بمكة على هذا التأليف ما نصه :
يا تقى الدين
أحسنت قرى أم البلاد
|
|
وحزت الثنا
بالعقد الثمين المستجاد
|
بتواريخ ملاح
شافيات كل صاد
|
|
وأحاديث فصلت
ذات جياد
|
لو درى الركب
بهذا ما سرى الركب بحادى
|
|
أو درى ماذا
جمادها أشواق الجماد
|
زادنى شكرا على
جيرتها بعد البعادى
|
|
فامتلا قلبى
بحبى وفؤادى بودادى
|
فهى سعداى وسعدى
وسعودى وسعاد
|
|
فهنيا لتقى
الدين تشويق العبادى
|
بعبادات وفضل
وصلاح ورشاد
|
|
قلت لما أن
هدانى وهو عندى خير هادى
|
أبلغ العلم
وأشفاه لأدواء الفؤادى
|
|
اختصار فى جلاء
وبلوغ فى مرادى
|
كتبه مطالعة العبد
الداعى ومستمد الدعاء محمد بن إبراهيم الحسنى السنى. سامحه الله تعالى. انتهى
بحروفه.
وكتب على هذا
التأليف أيضا بمدينة شيراز : قاضيها الإمام المفنن المقرئ المحدث شمس الدين أبو
الخير محمد بن محمد الدمشقى ، المعروف بالجزيرى الشافعى ، ما نصه :
قد وقف العبد
على فرائدى
|
|
لحسنها يا صاح
ألف زائد
|
فقلت من شوقى إذ
وقفت
|
|
وقد ذكرت معهدا
غرست
|
يا حبذا من تحفة
الكرام
|
|
حوت حديث البلد
الحرام
|
فقف على ساكن
ذاك المربع
|
|
واعطف على مرفوع
ذاك الموضع
|
فإنها منازل
الأحباب
|
|
وموطن الوحى من
الكتاب
|
ما مثل ذا فى
نوعه مصنف
|
|
لله ما أحرزه
المؤلف
|
العالم العلامة
الإمام
|
|
الكامل الأعجوبة
الهمام
|
قاضى القضاة
العادل الزكى
|
|
محمد بن أحمد
التقى
|
العلوى الحسنى
المالكى
|
|
أحسن به من سيد
ومالكى
|
بيض وجهه به هذا
التقى
|
|
شتان بينه وبين
الأزرقى
|
أود لو يتحفنى
بنسخه
|
|
منها لأبقى من
كرام العترة
|
وإن تكن تشرفنى
بالذكرى
|
|
فيها فغاية
ارتفاع قدرى
|
بالله ما ألف
شخص مثله
|
|
فالله يبقيه
ويبقى فضله
|
ويجمع الشمل به
فى الحرم
|
|
رب أجب فأنت أهل
الكرم
|
والطف بنا وارحم
ومنّ واسترى
|
|
كتبه محمد بن
الجزرى
|
محمد لا مصليا
محسبلا
|
|
بديهة بلا ترو
عجلا
|
خامس شوال ضحى
من عام
|
|
ضوء يرى هدى لذى
الأفهام
|
وكتب الإمام أبو
القاسم بن الإمام موسى العبدوسى الفاسى المالكى ـ السابق ذكره ـ على شفاء الغرام
بأخبار البلد الحرام ، لصاحب هذه الترجمة ما نصه :
الحمد لله : يقول
كاتبه أبو القاسم بن موسى بن محمد بن موسى بن معطى ، عرف : بالعبدوسى ، لطف الله
تعالى به.
وقفت على ما ألفه
سيدنا ، الإمام ، العالم ، العامل ، القدوة ، المصنف ، قاضى قضاة المالكية : تقى
الدين أبو الطيب محمد بن أحمد بن على الحسنى المالكى ـ نفع الله تعالى
به ـ فى تعريفه
بحال مكة المعظمة ، ومشاعرها المكرمة ، وجميع أحوالها المحترمة ومجاورة نبيه
العظيم ، فوجدته أسأم نفسه ، وقطع وقته فى طاعة الله الكاملة وما يقربه من ربه فى
جنة عالية.
وكيف لا ، وهو فرع
النبوة المعظمة ، وسليل السيادة المحترمة ، ومجاور بيته العظيم ، وسيادة كل من هو
به من عالم وحكيم ، أكمل الله تعالى عليه نعمه ، ووالى عليه فضله وكرمه. والله
تعالى يرشد الجميع إلى طاعته ، ويحملنا على ما يرضيه بمنه وكرامته ، جمع بما ألفه
بين المختلفات ، ووفق بين المفترقات وبين ما أشكل من المشتبهات ، وسرد من أحاديث
سيدنا ومولانا محمد صلىاللهعليهوسلم ما أبلج القلب باليقين ، ويوجب على كل عاقل أن يشد عليه
باليمين ، ويجعله فى ذخائره العقد الثمين. انتهى بنصه.
وكتب على تحصيل
المرام قاضى الحنابلة بدمشق : الإمام عز الدين محمد بن علاء الدين على بن بهاء
الدين عبد الرحمن بن قاضى القضاة عز الدين محمد بن قاضى القضاة تقى الدين سليمان
بن حمزة القدسى الصالحى ما نصه :
الحمد لله رب
العالمين وصلواته على سيدنا محمد خاتم النبيين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وسلم تسليما
كثيرا إلى يوم الدين.
أتى الشريف
التقى المشهور كالعلم
|
|
فى مكة وبيت
الله والحرم
|
بكل معنى بديع
غير منكتم
|
|
يهدى إلى الرشد
بل يشفى من السقم
|
أبرزت فى الكون
تأليفا به ائتلفت
|
|
قلوبنا شغفا يا
طاهر الشيم
|
رمت العلا
لتحصيل المرام به
|
|
فنلت ما رمت من
فضل ومن نعم
|
لله درك كم در
نظمت به
|
|
قلدت جيد أولى
الأفضال والكرم
|
وكم علوم حيت من
بعد ما درست
|
|
نشرتها طى ما
رصعت بالقلم
|
وكم أفدت وكم
أسندت من حكم
|
|
وكم أعدت وكم
أبديت للفهم
|
وكم وكم ما عسى
بالوصف أذكره
|
|
وليس يأتى عليه
الوصف بالكلم
|
أذكرتنا سلفا
حدثتنا بهم
|
|
يا حافظ الوقت
من عرب ومن عجم
|
بالحفظ يرعاك جل
الله خالقنا
|
|
ونسأل الله أن
يبقيك للأمم
|
قال ذلك وكتبه :
أقل العبيد محمد بن على الحنبلى ، لطف الله تعالى به بتاريخ سلخ شهر صفر الخير سنة
ثمان عشرة وثمانمائة بمكة المشرفة ، زادها الله تعالى شرفا وتعظيما. وحسبنا الله
ونعم الوكيل. انتهى.
وكتب عليه أيضا :
الشيخ الإمام العلامة المفتى شمس الدين محمد بن أحمد بن موسى الكفيرى الدمشقى
الشافعى ، أحد نواب الحكم بدمشق ، والمفتين بها ما نصه :
الحمد لله حمدا
يليق بجلاله. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله.
وبعد : فقد وقفت
على هذا التأليف البديع ، وتأملت ما أودع فيه من حسن الترصيع ، فوجدت مؤلفه ـ أدام
الله تعالى له التأييد ، وأجزل له من نعمه المزيد ـ قد أحسن فى ترصيعه وأجاد ،
وأوضح فيه المشكلات وأفاد ، وهذب ونقح ما حاوله من متعلقات أشرف البلاد ، وأكثر فى
تأليفه هذا من الفوائد العجيبة ، والملح المطربة الغريبة ، التى لم يقف الخادم فى
هذا الباب على مثالها ، ولم أر من نسج فيه على منوالها ، فنزهت فى رياضه الناظر ،
وروحت بالتفكر فى محاسنه الخاطر ، واجتنيت من ثماره الرائقة ، ولخصت من فرائد
فوائده الفائقة ، ما يطرب السامع ويوجب المدح والثناء على الجامع :
فلا زال محروس
الجناب مؤيدا
|
|
مدى الدهر لا
يخشى عيون الحواسد
|
بيت على الطلاب
من بحر علمه
|
|
جواهر قد أضحت
أعز الفوائد
|
ويوضح منها كل
صعب ممنع
|
|
ويمنح منها
بالعتاق الشوارد
|
أدام لنا الله
الكريم حياته
|
|
وأجرى عليه منه
أسنى العوايد
|
وأبقاه فى عز
وسعد وسؤدد
|
|
وأمن على رغم
العدو المعاند
|
والعبد يعتذر إلى
جنابه فى التقصير فى الإطناب ، فماذا عسى أن يقول من ذهل حين رأى العجب العجاب؟
خرس عند ذلك لسانه عن المقال ، وأغرب قلمه عما فى ضميره بلسان الحال مع اشتغال
باله ، فقال :
ماذا أقول وماذا
قال من سبقت
|
|
أقواله فى التقى
الطاهر الشيم
|
قاضى القضاة
وبحر العلم ذو نسب
|
|
يسود كل نسيب
ساد من قدم
|
من غير أسلافه
من كل طائفة
|
|
سادت على الغير
من عرب ومن عجم
|
فكم غريب حوى
تأليفه ولقد
|
|
أبان عن فضله
المشهور كالعلم
|
وعن عوالى
أسانيد محررة
|
|
تضىء كالبدر
يجلو خندس الظلم
|
فليبق ذا العالى
المقدار فى دعة
|
|
وفى سرور وفى عز
وفى نعم
|
على تطاول أيام
الزمان بلا
|
|
خوف ولا فتنة
تخشى ولا نقم
|
على أنى لو أطنب
فى مدحه لاعتذرت إليه من التقصير ، وكان الذى أظن أنى قد بالغت فيه بالنسبة إلى
فضله يسير ، وليعلم ـ أبقاه الله تعالى ـ أن لسان التقصير قصير :
فما هو إلا نخبة
العصر فى الورى
|
|
وإنسان عين
للزمان ومنطق
|
وبحر علوم فاق
كل مصنف
|
|
فهل هو إلا
العالم العارف التقى
|
فلا زال يعلو
شأنه فى سيادة
|
|
ويسمو إلى أعلا
المعالى ويرتقى
|
قال ذلك وكتب أقل
الخدام والمحب على الدوام : محمد بن أحمد بن موسى الكفيرى بلدا ، الدمشقى منشأ ،
الشافعى مذهبا ، الأشعرى معتقدا ، نزيل المسجد الحرام حامدا الله تعالى ومصليا على
نبيه ، ومسلما ، ومحوقلا ، ومحسبلا.
وكان ذلك فى خامس
شهر الله المحرم سنة عشرين وثمانمائة بمكة المشرفة ، تجاه الكعبة الشريفة ، زادها
الله تعالى شرفا. آمين.
وكتب عليه قاضى
عدن : جمال الدين محمد بن سعيد كبن ما نصه ، بعد الحمدلة والصلاة :
يقول راجى ربه
المقتدر
|
|
محمد نجل سعيد
الطبرى
|
وبابن كبن قد
غدا بين الورى
|
|
جد له أبو أب
مشتهرا
|
أحمد رب البيت
والمشاعر
|
|
والركن والحجر
الرفيع الطاهر
|
ثم الصلاة مع
سلام دائم
|
|
على النبى
المصطفى من هاشم
|
وآله وصحبه
الأخيار
|
|
وزوجه وتابعى
الآثار
|
وقد رأت عيناى
فى هذا الزمن
|
|
تصنيف مولاى
التقى المؤتمن
|
قاضى القضاة
المالكى الفاسى
|
|
أكرم به من حافظ
للناس
|
أفادهم من علمه
غرائبا
|
|
وجمع الفنون
والعجائبا
|
وجاء بالتحصيل
للمرام
|
|
تاريخه للبلد
الحرام
|
حاو به أخبار
حال الحرم
|
|
من حادث فيه
وعهد القدم
|
وجامع أحكامه
وحدّه
|
|
ومنجز والله فيه
وعده
|
محرك لكل عزم
ساكن
|
|
مشوق لأشرف
الأماكن
|
ما الأزرقى
والفاكهى والإتحاف
|
|
كمثله لمن يرى
بالإنصاف
|
قلت لمن عن وصفه
يسألنى
|
|
والله هذا حسن
من حسن
|
نظمت بعض وصفه
بذا الرجز
|
|
ومن أراد نعته
كلا عجز
|
ولم أكن أهلا
لذا وإنما
|
|
معنى طفيلى به
تهجما
|
فى شهر صوم واجب
فى عام
|
|
ضوء يزين بهجة
الختام
|
(تمت)
مات المؤلف رحمة
الله عليه فى ليلة الأربعاء ثالث شوال سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة بمكة المشرفة.
وصلى عليه بعد صلاة الصبح عند باب الكعبة ، ودفن بالمعلاة بقبر سيدى الشيخ على بن
أبى الكرم السولى رحمهالله عليهما ، ولله در القائل حين قال :
ما زلت تلهج
بالأموات تكتبها
|
|
حتى رأيتك فى
الأموات مكتوبا
|
ولقد ـ والله
العظيم ـ أحيى مكة وأهلها مؤلفاته الحسنة.
٣٩ ـ محمد بن أحمد بن
عمر الجعفرى المريمينى ، الخطيب شرف الدين أبو بكر الحلبى :
هكذا أملى علينا
نسبه لما قدم علينا مكة. وروى لنا عن الأديب أبى عبد الله محمد ابن أحمد بن على بن
جابر الهوارى الأندلسى قصيدته البديعية التى أولها :
بطيبة انزل ويمم سيد الأمم
سمعتها عليه مرة.
وسمعت منه بيتين ذكر : أنهما للعلامة صدر الدين أبى الربيع سليمان بن يوسف بن مفلح
الياسوفى ، وأنشدنيهما من لفظه عنه ، سماعا على ما ذكروهما:
ليس الطريق سوى
طريق محمد
|
|
فهى الصراط
المستقيم لمن سلك
|
من يمش فى
طرقاته فقد اهتدى
|
|
سبل الرشاد ومن
يزغ عنها هلك
|
وأنشدنيهما
العلامة صدر الدين الياسوفى إجازة مكاتبة بخطه.
وكان قدومه علينا
مكة فى موسم سنة أربع وتسعين. وجاور بها حتى سافر مع الحجاج فى موسم سنة ست وتسعين
إلى حلب.
ثم قدم إلى مكة فى
موسم سنة تسع وتسعين ، واستمر بها حتى مات ، غير أنه خرج إلى الطائف زائرا ، وكان
فى مدة إقامته بمكة يقرأ الحديث على المشايخ.
توفى صاحب هذه
الترجمة بمكة ، بعد أن جاور بها سنين كثيرة فى عصر يوم الخميس سادس عشرين صفر سنة
إحدى وثمانمائة. ودفن فى صبيحة يوم الجمعة بالمعلاة. وقد بلغ الستين أو جاوزها.
وكان يعانى الوعظ
بمكة ، ولديه فضيلة. وله إلمام بقراءة الصحيحين ، وعلى ذهنه فوائد تتعلق بهما.
٤٠ ـ محمد بن أحمد بن
عيسى بن المنصور أبى جعفر عبد الله بن على بن عبد الله بن عباس العباسى :
أمير مكة. ذكر
الفاكهى ما يدل لولايته عليها ؛ لأنه قال : وأول من استصبح فى المسجد الحرام فى
القناديل فى الصحن : محمد بن أحمد المنصورى ، جعل عمدا من خشب فى وسط المسجد ،
وجعل بينهما حبالا ، وجعل فيها قناديل يستصبح فيها. وكان كذلك فى ولايته حتى عزل
محمد بن أحمد ، فعلقها عيسى بن محمد فى إمارته الآخرة. انتهى.
وذكر العتيقى :
أنه حج بالناس سنين ؛ لأنه قال : وحج بالناس سنة ثلاث وخمسين ومائتين : محمد بن
أحمد بن عيسى بن المنصور ، يعرف بكعب البقر.
وقال : وحج بالناس
سنة ست وخمسين ، محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور.
وقال أيضا : وحج
بالناس سبع سنة وخمسين ومائتين ، محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور كعب البقر.
انتهى.
فاستفدنا مما ذكره
العتيقى حجه بالناس فى هذه السنين ، ولعله كان فى أحدها واليا على مكة. والله
أعلم.
وقال العتيقى :
وولى الموسم سنة إحدى وخمسين ـ يعنى : ومائتين ـ محمد بن أحمد ابن عيسى بن
المنصور. انتهى.
وذكر ابن الأثير :
أن المعتز العباسى أنفذه ، وعيسى بن محمد المخزومى إلى مكة بعد أن خرج بها إسماعيل
بن يوسف العلوى ، وأن إسماعيل وافى عرفة وبها محمد وعيسى المذكوران فقاتلهما
إسماعيل.
ورأيت فى نسخة من
كتاب ابن الأثير ما يقتضى : أن اسم والد محمد هذا : إسماعيل. وذلك ـ فيما أظن ـ تصحيف
؛ لأن النسخة التى رأيت ذلك فيها كثيرة السقم والله أعلم.
٤١ ـ محمد بن أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن أبى بكر العمرى ،
يكنى أبى البركات :
ابن مفتى مكة شهاب
الدين الحرازى المكى. سمع بمكة من : جده لأمه الرضى
__________________
الطبرى وغيره ،
وبدمشق من : الحجار وغيره فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وما عرفت من حاله سوى هذا.
ذكره البرزالى فى
تاريخه فى المتوفين فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة.
٤٢ ـ محمد بن أحمد بن
قاسم بن عبد الرحمن العمرى ، أبو الفضل ، المعروف : بابن الحرازى ، المكى الشافعى
ـ أخو السابق :
حضر على جده لأمه
الرضى الطبرى ، وفاطمة بنت القطب القسطلانى. وسمع من : جماعة بعد ذلك بطلبه وطلب
العلم ، وحصل منه نصيبا وافرا ، أعانه عليه شدة ذكائه.
وأخذ الفقه عن
والده الشيخ شهاب الدين الحرازى ، والشيخ نجم الدين الأصفوانى. ودرس ، وأفتى ،
ووعظ. وكان يعمل ميعادا فى آخر النهار عند الإسطوانة الحمراء.
فلما وقع الطاعون
العام فى ذى القعدة سنة تسع وأربعين وسبعمائة. كان يعلم الناس دعاء ليسلموا به
منه. فكان ممن قضى الله له فيه بالشهادة.
وكانت وفاته فى
أوائل ذى الحجة من السنة المذكورة بمكة. وهو فى أثناء عشر الأربعين.
٤٣ ـ محمد بن أحمد بن
قاسم العمرى ، أبو عبد الله بن الشيخ شهاب الدين الحرازى المكى ، يلقب بالمحب :
سمع من جده لأمه
الرضى الطبرى : الصحيحين وغير ذلك. وما علمته حدث وبحث على والده كتبا فى الفقه.
ومات سنة أربع وستين وسبعمائة بالقاهرة.
٤٤ ـ محمد بن أحمد
قاسم بن عبد الرحمن بن أبى بكر العمرى : قاضى مكة ، وخطيبها تقى الدين الحرازى المكى الشافعى ، يكنى
أبا اليمن :
ولد سنة ست
وسبعمائة بمكة. وسمع بها على جده لأمه الرضى الطبرى ، وأخيه الصفى : صحيح البخارى
، وعلى جده لأمه بمفرده جامع الترمذى ، وسنن أبى داود والنسائى ، وأحاديث صحيح ابن
حبان ، واختلاف الحديث للشافعى وغير ذلك من الكتب والأجزاء ، وعلى الفخر عثمان بن
محمد التوزرى : الموطأ رواية يحيى بن يحيى ، والشمائل وغير ذلك عليهم وعلى غيرهم
من شيوخ مكة ، والواردين إليها ، منهم : الصدر إسماعيل بن يوسف بن مكتوم القبسى.
سمع منه : جزء أبى
الجهم الباهلى ، ومشيخته تخريج الفخر بن البعلبكى بمنى فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة.
وتفقه على أبيه
وغيره من شيوخ مكة. ورحل إلى الشام فأخذ بها الفقه عن : قاضى حماة شرف الدين
البارزى ، وأذن له فى الفتوى والتدريس ، فدرس وأفتى كثيرا. وانتفع الناس به فى
ذلك. وكان يجلس للتدريس قرب باب العجلة. وحدث ، سمع منه : الشيخ نور الدين الفوى
بقراءته ، ووالدى وغيرهما من شيوخنا. وولى قضاء مكة بعد موت ابن خالته القاضى شهاب
الدين الطبرى.
ثم ولى ـ مع
القضاء بعد ذلك ـ : خطابة الحرم لما صرف عنها الضياء الحموى فى سنة إحدى وستين
وسبعمائة ، وباشرها من استقبال رمضان من هذه السنة. وكان جهورى الصوت يرتج المسجد
له إذا خطب.
واستمر على ذلك
حتى صرف عنه فى أثناء شعبان سنة ثلاث وستين وسبعمائة بجدى القاضى أبى الفضل
النويرى.
وكانت مباشرته
للقضاء سنتين وتسعة أشهر تقريبا ، واستمر مصروفا حتى مات. ولزم بيته فى حال صرفه ،
بحيث كان لا يخرج منه غالبا إلا يوم الجمعة مع ملازمة الاشتغال بالعلم والعبادة
والمصالح الدينية.
وكان فى قضائه
نزيها عفيفا ، بحيث : أنه فرق صدقة لؤلؤ لها صورة جاءت من الهند فلم يصرف منها
لأحد من جهته شيئا. ومع ذلك فما سلم من الكلام.
وكانت وفاته فى
جمادى الأولى سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة بجوار والده وأخيه. وكان
ذا معرفة بالفقه ، مشاركا فى غيره من فنون العلم. وله خط جيد.
٤٥ ـ محمد بن أحمد بن
قيس الساوى ، أبو جعفر ، مقرئ مكة :
روى عن إبراهيم بن
الحسين الهمدانى. وسمع منه : أبو بكر بن المقرئ بالمسجد الحرام ، وروى عنه فى
معجمه.
٤٦ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر محمد ابن إبراهيم ، يلقب زين الدين
بن القاضى زين الدين بن القاضى جمال الدين بن الحافظ محب الدين الطبرى ، المكى
الشافعى مسند مكة :
ولد فى يوم الخميس
العاشر من جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وسبعمائة بالمدينة النبوية.
وأجاز له فى سنة
إحدى وأربعين ، من مصر : القاضى شمس الدين بن القماح وأحمد ابن كتغدى ، ومحمد بن
غالى ، وأحمد بن على المستولى ، وأبو نعيم الإسعردى ، والبدر الفارقى ، وأحمد بن
محمد بن عمر بن أبى الفرج الحلبى ، وأحمد بن محمد بن أحمد الشهير : بابن الإخوة ،
والحسن بن السديد ، وعليك الخازندار ، وأبو الفتح الميدومى ويوسف بن أحمد بن عبيد
الله بن جبريل الموقع ، وإبراهيم بن محمد الفيومى وعبد الرحيم بن شاهد الجيش ،
وعبد الباقى اليمانى ، والأستاذ أبو حيان ، والتاج التبريزى ، وعمر بن حسين
الشطنوفى وجماعة.
ومن أهل دمشق :
الحافظان جمال الدين المزى ، وشمس الدين الذهبى ، وأحمد بن على ابن حسن الجزرى ،
ومحمد بن أبى بكر بن أحمد بن عبد الدايم ، وأحمد بن عمر بن عفاف الموشى ، وعبد
الرحمن بن مناع البكريتى ، وعبد الرحمن بن عبد الهادى ، وعلى ابن العز عمر ، ومحمد
بن إبراهيم بن أبى عمر ، وأخته فاطمة ، ومحمد بن أبى على بن مكارم ابن البلوط ،
وعلى بن عيسى بن المظفر بن الشيرجى ومحمد بن عمر السلاوى ، ومحمد بن الخباز ،
وأخته زينب ، وعمتهما نفيسة ، ومحمد بن أحمد بن محمود بن راشد المرداوى ، وأخوه
عبد الرحمن ، وعبد الرحيم بن أبى اليسر ، وعلى بن عبد المؤمن بن عبد الحارثى ،
وعبد الله بن على بن هلال الأزدى ، وعيسى بن عبد الكريم بن عساكر ، ويوسف بن يحيى
بن الحنبلى ، والعلامة شمس الدين بن النقيب ، والعلامة تقى الدين السبكى ، وآخرون
من أصحاب ابن البخارى وغيره.
وسمع بمكة من
السراج الدمنهورى ، وفخر الدين عثمان بن يوسف النويرى : موطأ ابن بكير سنة أربع
وأربعين وسبعمائة.
ومن ابن بنت أبى
سعد ، وشهاب الدين الهكارى ، ونور الدين الهمدانى ، وعز الدين ابن جماعة : جانبا
كبيرا مع جامع الترمذى ، وهو من أول الكتاب إلى آخر الميعاد الرابع والعشرين ، من
ثلاثين ميعادا ، وآخره آخر تفسير سورة (قَدْ أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ) ، وعلى فخر الدين النويرى ، وابن جماعة : غالب النسائى.
وعلى ابن جماعة : كثيرا من الكتب والأجزاء.
وعلى الحافظ صلاح
الدين العلائى : الجزء الأول من الأجزاء العشرة المشتمل على المسلسلات بشرط
التسلسل ، والأربعين المعنية بعيون فنونها عن المبعير ، فى اثنى عشر جزءا ،
والأربعين الإلهية فى ثلاثة أجزاء ، وبيان نوابغ الكرم على ساكنى أرض الحرام ، وكل
ذلك من تأليفه. وذلك فى سنة خمس وخمسين.
وعلى العفيف
المطرى : تاريخ المدينة لوالده ، والقصائد الوتريات لمحمد بن على الغرناطى ، جد
زين الدين المذكور لأمه.
ومن محمد بن سالم
الحضرمى ، والكمال بن حبيب ، وغير واحد.
وتلى بالسبع على
المقرئ ناصر الدين العقيبى ، وأبى عبد الله محمد بن سليمان الحكرى. وأذنا له فى
الإقراء بذلك.
وحفظ كتبا علمية
فى فنون. وحضر مجالس العلم عند القاضى أبى الفضل النويرى وغيره ، وكان يقرأ عليه
البخارى فى غالب السنين.
وكان ذا مكانة
عنده ، وأمينا له على أموال الأيتام ، ونائبا له فى عقود الأنكحة ، وفى تنذير
الجراحات.
وولى بعض هذه
الأمور عن ابن أخته القاضى محب الدين بن القاضى أبى الفضل النويرى ، وحكم فى بعض
القضايا نيابة عن القاضى عز الدين بن القاضى محب الدين النويرى.
وكان معيدا
بالمدرسة بمكة. وله نباهة فى العلم ومروءة طائلة. ورث وراثات كثيرة من أقاربه ، من
أولاد القاضى شهاب الدين الطبرى ومواليه. وامتحق ذلك منه حتى احتاج كثيرا بآخره ،
وناله من ذلك مشقة عظيمة ، ولما قاساه من ضيق حاله وحال عياله بعد التوسع الكثير.
ومع ذلك ، فلم يخل
من المروءة. وحدث فى آخر عمره بكثير من الكتب والأجزاء سمعت منه.
وبلغنى أنه لما
مات أبوه حضر عند من حضر إليه من الرجال. فقيل له : ما اسمك؟ فقال : زين الدين ،
فلقب بذلك. واستحسن ذلك منه ؛ لأنه كان ابن سنتين وثمانية أشهر وأربعة أيام. وهو
سبط الشيخ أبى عبد الله الغرناطى ابن ابنته أم كلثوم ، وكان بها بارا.
توفى وقت العصر من
يوم الأربعاء سادس عشر شهر رمضان سنة خمس عشرة وثمانمائة.
ودفن فى صبيحة يوم
الخميس السابع عشر منه بالمعلاة ، بعد صلاة عليه بالحرم الشريف ، حضرت الصلاة عليه
ودفنه ، وهو خال والدتى ، وأخو أمها لأبيها.
٤٧ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن القرشى العقيلى ، قاضى مكة ،
وخطيبها عز الدين أبو المفاخر بن قاضى الحرمين وخطيبهما محب الدين أبى البركات بن
قاضى مكة كمال الدين أبى الفضل النويرى ، المكى الشافعى :
ولد فى سحر ليلة
الاثنين حادى عشر رمضان سنة خمس وسبعين وسبعمائة بطيبة. وبها نشأ. وكان أبوه بها
قاضيا.
وأجاز له من دمشق
المسندون : عمر بن الحسن بن أميلة المراغى المزى ، وصلاح الدين محمد بن أحمد بن
أبى عمر ، وحسن بن أحمد بن هلال الطحان ، وجماعة فى سنة ست وسبعين.
وسمع بالمدينة ـ فيما
أظن ـ من شيختنا أم الحسن بنت الفقيه أحمد بن قاسم الحرازى.
وبمكة من شيخنا
إبراهيم بن صديق : الصحيح وغيره.
وروى عنه الصحيح ،
وعنى بالفقه كثيرا. وكان فيه نبيها ، وحفظ فيه التنبيه والحاوى أو أكثره ، وكان
يذاكر بالحاوى.
وتفقه مدة طويلة
بشيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وتفقه قليلا بشيخنا الشيخ برهان الدين
الأنباسى ، أحد أعيان الشافعية بالديار المصرية ، لما قدم إلى مكة فى سنة إحدى
وثمانمائة ، قرأ عليه فى الحاوى ، وأجازه بالتدريس والإفتاء. وناب لأبيه فى
الخطابة فى سنة ست وتسعين وفيما بعدها.
وناب عنه فى الحكم
فى سنة سبع وتسعين ، وفى درس بشير.
وباشر جميع وظائف
أبيه بأثر موته ، لأن أباه استنجز له توقيعا من الملك الظاهر بأن يكون نائبا عنه
فى حياته مستقلا بعد وفاته.
وأنهى خبر موت
أبيه إلى السلطان الظاهر بمصر ، فولاه السلطان قضاء مكة وخطابتها وحسبتها ، ونظر
المسجد الحرام والأوقاف والربط المشرفة فى أثناء شهر رمضان سنة تسع وتسعين.
وفى رجب منها :
كانت وفاة أبيه ، ووصل إليه العهد والتشريف بذلك فى الثانى
والعشرين من شوال
من السنة المذكورة. واستمر مباشرا لذلك من هذا التاريخ إلى أوائل ذى الحجة سنة ست
وثمانمائة.
وكان عزل عن ذلك
بمصر أياما قليلة ، وقت سفر الحاج من مصر ، فى سنة ثلاث وثمانمائة ، ثم عاد لولاية
ذلك ، ووصل له عهد بذلك كتب بعد سفر الحاج عن مصر.
وكان بعض الحجاج
ذكر عزله بمكة ، وأرجف بذلك أعداؤه فما راعهم إلا وصول العهد بولايته.
وكان عزله فى موسم
سنة ست وثمانمائة بالتحامل عليه ؛ لأن أمير الحاج المصرى طولون ذكر : أن السلطان
فوض إليه أمر عزله وتولية من يصلح.
وكان قد وصل إليه
عهد باستقراره على ولايته كتب بعد سفر الحاج من مصر ، ولم يذكر ذلك لأمير الحاج ،
ولا للقائمين عليه لما اجتمعوا للكشف عن أمره ، وقام من المجلس حنقا.
وغلب على ظنه أنهم
لا يقدمون على ولاية غيره ، فلم يصب ظنه ، وأشاع عنه بعض أعدائه أنه عزل نفسه
واستدعى شيخنا القاضى جمال الدين إلى مجلس أمير الحاج فشافهه بالولاية ، وخلع عليه
وولاه أيضا صاحب مكة. وباشر ما كان يباشره القاضى عز الدين من الوظائف.
وتوجه القاضى عز
الدين بعد الحج إلى المدينة النبوية ، وأقام بها إلى أن وصل عهد بولايته لوظائفه
فى ربيع الأول أو الثانى من سنة سبع وثمانمائة. ووصل لشيخنا القاضى جمال الدين
عهدا بالولاية لذلك.
ووصل كتاب السلطان
: بأن يجتمع الناس ويستقر من يختارونه من الرجلين فتحامل بعض العوام كثيرا على
القاضى عز الدين لعلمهم : أن أمير البلد لا يرغب فى ولايته. واستمر القاضى جمال
الدين مباشرا إلى الموسم من هذه السنة.
وفى هذا الموسم :
قرئ توقيع القاضى عز الدين بعوده للولاية ، وقرئ فيه توقيعى بولايتى لقضاء
المالكية بمكة ، ولبسنا جميعا تشريفا بذلك.
والذى أعان على
تنفيذ ولاية القاضى عز الدين بمكة فى هذا التاريخ أمير الركب المصرى كزل العجمى.
وكان أعداؤه
عارضوا ولايته بكتاب وصل من الأمير السالمى مدير الدولة بمصر
يتضمن : أن القاضى
جمال الدين متولى ؛ لأن ولاية القاضى عز الدين كانت قد اشتهرت بمصر.
وتوصل أعداؤه
بكتاب السالمى إلى معارضته بعد الموسم فى الخطابة ، وأمر الحرم والحكم ، فتم لهم
ذلك فيما عدا الحكم لأن القاضى عز الدين لم يوافق على اجتنابه.
وتوقف شيخنا
القاضى جمال الدين عن مباشرة ذلك كله.
فلما كانت ليلة
الثانى من ربيع الثانى وصل إلى القاضى جمال الدين عهد وتشريف بولايته للوظائف
المذكورة ، فباشر ذلك إلى النصف الثانى من شعبان سنة عشر وثمانمائة.
وفى آخر الشهر
المذكور : وصل عهد للقاضى عز الدين وتشريف بولايته للوظائف المذكورة.
وباشر ذلك فى
أوائل رمضان من هذه السنة إلى آخر رجب سنة اثنتى عشرة وثمانمائة.
وفى أثناء العشر
الأوسط من شعبان قبيل نصفه من هذه السنة وصل توقيع وخلعة للقاضى جمال الدين
بولايته للوظائف المذكورة ، فباشر ذلك إلى العشرين من ربيع الثانى سنة ثلاث عشرة
وثمانمائة.
وفى هذا التاريخ ،
وصل للقاضى عز الدين توقيع وخلعة بولايته للوظائف المذكورة ، وقرئ توقيعه بذلك ،
وكانت قراءته يوم الجمعة ، فخطب بالناس.
وكان القاضى جمال
الدين قد عمر المنبر ليخطب فى يوم الجمعة المذكور ، فخطب عليه غيره. فتعجب الناس
من هذا الإتقان.
واستمر القاضى عز
الدين مباشرا للوظائف المذكورة إلى أوائل ذى الحجة سنة ثلاث عشرة.
وفى هذا التاريخ :
وصل للقاضى جمال الدين عهد بولايته للوظائف المذكورة ، كتب بدمشق ، ووصل مع بعض
الحجاج منها.
واستمر القاضى
جمال الدين مباشرا لذلك إلى الرابع عشر من شوال سنة ست عشرة وثمانمائة.
وفى هذا التاريخ :
وصل للقاضى عز الدين عهد بولايته للخطابة ، ونظر الحرم والحسبة بمكة ، فقرئ عهده
بذلك ، ولبس التشريف بحضرة القاضى جمال الدين.
فلما كان الموسم
من هذه السنة : وصل إلى القاضى جمال الدين عهد بالخطابة دون النظر والحسبة ،
وباشرها مع القضاء وما معه إلى أثناء ربيع الآخر سنة سبع عشرة وثمانمائة ، ثم وصل
إلى القاضى عز الدين توقيع بالخطابة ، ونظر الحرم والحسبة فى هذا التاريخ ، وباشر
ذلك القاضى عز الدين.
ثم سعى للقاضى
جمال الدين فى الخطابة ، فوليها واتفق أن ولايته لها كانت بعد وفاته ؛ لأنه توفى
فى سابع عشر رمضان من هذه السنة.
ولما وصل خبر
وفاته إلى القاهرة ، قرر القاضى عز الدين فى الخطابة مع نظر الحرم والحسبة.
وكان أمير الحاج
المصرى فى سنة سبع عشرة أبقاه على الخطابة ، وما زال مباشرا لها ولنظر الحرم
والحسبة من ربيع الآخر سنة سبع عشرة ، وإلى أن عرض له من المرض ما منعه من
المباشرة فى ذى القعدة سنة تسع عشرة ، فباشر ذلك نوابه.
وقدر أنه صرف عن
الخطابة والحسبة فى عاشر ذى الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة بأبى البركات بن أبى
السعود بن ظهيرة.
وما وصل الخبر
بولايته لذلك إلا بعد موته بنحو خمسة وعشرين يوما : لأن أبا البركات مات فى الثانى
والعشرين من ذى الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة ، فباشر نائب القاضى عز الدين
الخطابة والحسبة مع نظر الحرم إلى أن توفى القاضى عز الدين.
ومما وليه القاضى
عز الدين ، تدريس المدرسة الأفضلية بمكة ، ودرس بشير وغير ذلك.
وكان صارما فى
الأحكام ، وله بها معرفة ، وقل أن يستكبر شيئا ، وفيه احتمال كثير للأذى ، ومروعة
كثيرة.
وكان جيد الحفظ
للقرآن ، سريع التلاوة ، مديما لها غالبا ليلا ونهارا. وصح لى أنه سمع يتلو ليلا
قبيل موته بنحو عشرة أيام.
وكان وهنه فى هذه
المدة شديدا. وكان ابتداء مرضه الذى مات به الفالج ، ثم أمورا أخر يرجى له بها
كثرة الثواب.
وتوفى ليلة الأحد
الحادى والعشرين من شهر ربيع الأول سنة عشرين وثمانمائة بمكة. وصلى عليه عقب صلاة
الصبح عند باب الكعبة. ودفن بالمعلاة على جده القاضى أبى الفضل. وكثر عليه البكاء
والأسف ، ممن لم يعرفه ، وممن له عرف. وهو ابن خالى وأخى من الرضاع ، تغمده الله
برحمته.
٤٨ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن أحمد بن عبد العزيز العقيلى الهاشمى ، خطيب مكة ، ومحتسبها ، كمال الدين
أبو الفضل بن قاضى الحرمين ، وخطيبهما محب الدين أبى البركات بن قاضى مكة كمال
الدين أبى الفضل النويرى ، المكى الشافعى :
ولد فى الخامس
والعشرين من المحرم سنة سبع وتسعين وسبعمائة ، وحفظ القرآن ، وقرأ فى التنبيه
وغيره ، وحضر دروس شيخنا قاضى مكة جمال الدين محمد بن عبد الله ابن ظهيرة الشافعى.
وقرأ فى الفقه
بمكة على الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الله الغزى أحد نواب الحكم والمفتين بدمشق.
وأذن له فى
الإفتاء والتدريس ، كما أخبر به العزى وأنا حاضر فى مجلس حافل بسطح زمزم بعد
عمارتها ، وقد اجتمعنا لقراءة ختمة هناك للملك المؤيد صاحب مصر وكتب إشارته على
بعض الفتاوى ، وألقى قبل ذلك بحضرته درسا بالمدرسة الأفضلية بمكة ، ودرس بها مدة
سنين ، ثم انتزعها منه صاحبنا الفقيه وجيه الدين عبد الرحمن بن الجمال المصرى.
وناب عن أخيه
القاضى عز الدين بن محب الدين النويرى فى الخطابة بمكة فى موسم سنة تسع عشرة
وثمانمائة.
وفيها سافر لمصر
وعاد لمكة مع الحجاج.
وناب فى نظر الحرم
، ووليه مع الخطابة وحسبة مكة ، بعد موت أخيه فى سنة عشرين وثمانمائة.
وفى شوال من سنة
اثنتين وعشرين وثمانمائة : جاء توقيع بعزله عن نظر الحرم والحسبة بمكة ، وولاية
القاضى جلال الدين بن أبى السعادات بن القاضى أبى البركات ابن أبى السعود لذلك
عوضه ، وباشر ذلك أبو السعادات إلى أول ذى الحجة من هذه السنة ، ثم باشر ذلك أبو
الفضل لوصول توقيع له بذلك مع الخطابة إلى الرابع عشر من صفر سنة ثلاث وعشرين
وثمانمائة ، ثم وصل لجلال الدين أبى السعادات بالخطابة ، ونظر الحرم والحسبة ،
فباشر ذلك إلى أول ربيع الآخر من هذه السنة.
وفى هذا التاريخ :
عاد أبو الفضل لمباشرة الوظائف الثلاثة ، واستمر مباشرا لها إلى جمادى الأولى ، أو
الآخرة سنة أربع وعشرين وثمانمائة.
وباشرها معه فى
هذا التاريخ : أبو السعادات لوصول توقيع لأبى السعادات يقتضى شتراكهما فى الوظائف
الثلاثة من الملك المظفر أحمد بن المؤيد.
واستمر على مباشرة
الخطابة إلى شعبان من هذه السنة ، ثم أشار أمير مكة الشريف حسن بن عجلان بتركهما
للمباشرة حتى يكاتب الدولة بمصر فى أمرهما ومن قرر باشر ، فباشر عوضهما الخطابة
الإمام عبد الهادى بن الشيخ أبى اليمن محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى إلى آخر ذى
القعدة من هذه السنة.
وفى هذا التاريخ :
باشر أبو الفضل الخطابة ، ونظر الحرم والحسبة بمفرده لوصول توقيع إليه من الملك
الظاهر ططر الذى كان يدبر دولة المظفر بن المؤيد يقتضى استقرار أبى
الفضل فى الوظائف المذكورة بمفرده.
وفى سنة ثلاث
وعشرين : وصله توقيع مؤيدى بأن يحكم بمكة ، فباشر ذلك شيئا قليلا ، ثم ترك لعدم
رضى القاضى الشافعى محب الدين بن ظهيرة ـ الآتى ذكره ـ بذلك. ثم توالفا بعد ذلك
كثيرا ، وعرض لهما مرض منع كلا منهما من زيارة الآخر حتى ماتا.
وكان موت أبى
الفضل فى ليلة الثلاثاء سابع أو ثامن عشرين شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين
وثمانمائة بمكة. وصلى عليه عقب صلاة الصبح. ونادى المؤذن بالصلاة عليه فوق زمزم.
ودفن بالمعلاة فى قبر أبيه. وخلف زوجته حاملا ، فولدت بعده بنحو عشرة أيام ولدا
ذكرا سمى بأبى الفضل.
٤٩ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن إبراهيم بن أبى بكر ، يلقب بالجمال ابن الصفى ، الطبرى ، المكى :
سمع جامع الترمذى
من يوسف بن إسحاق الطبرى. وسمع من جماعة ، وحدث. سمع منه جماعة من شيوخنا ، وقرأت
الجامع على بعضهم عنه.
__________________
ومات فى ليلة الجمعة
الحادى والعشرين من صفر سنة خمس وثلاثين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. هكذا وجدت
وفاته بخط إبراهيم بن يونس البعلبكى.
٥٠ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن أبى بكر المقدومى :
قاضى مكة. حدث عن
عبد الله بن شبيب المدنى.
وسمع منه أبو
القاسم الطبرانى فى سنة ثلاث وثمانين ومائتين ، وروى عنه فى معجمه الصغير.
كان على قضاء مكة
فى سنة ثمانين ومائتين ، ولم أدر متى كان ابتداء ولايته ، ولا انتهاؤها ، ولا متى
مات رحمة الله عليه.
٥١ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشى المخزومى الشافعى ، يكنى أبا الفتح ، ويلقب تقى
الدين بن قاضى مكة محب الدين بن قاضيها جمال الدين:
ولد قبيل الظهر
بنحو ساعة فى سابع عشر ذى القعدة سنة ثمان وثمانمائة بمكة.
وحفظ القرآن ،
والمنهاج للنووى ، وجمع الجوامع للسبكى ، والألفية فى النحو وغير ذلك.
وحضر دروس والده
بالمدرستين المجاهدية والبنجالية بمكة ، وكان طالبا فيهما.
وسمع الحديث على
جده القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، وشيخنا زين الدين ابن حسين المراغى وغيرهما.
وكان ذا فهم وذكاء. رام أن يلى تداريس أبيه بعده.
وعاجلته المنية
فمات بعد أبيه بخمسة وخمسين يوما بعد العصر من يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الآخرة
سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة ، وصلى عليه بعد صلاة الصبح بالمسجد الحرام عند
الحجر الأسود.
ودفن بالمعلاة إلى
جانب أبيه عند قبر مقرئ الحرم عفيف الدين عبد الله الدلاصى ، رحمهالله تعالى.
٥٢ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن عبد المعطى الأنصارى المكى ، أبو عبد الله بن الشيخ أبى العباس النحوى :
سمع من القاضى عز
الدين بن جماعة كثيرا وغيره. وقرأ النحو على أبيه ، وقرأ فى الفقه على شيخنا
الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى.
ودرس بعد أبيه فى
درس فى الفقه كان قرره لابنه القاضى ناصر الدين بن سلام الإسكندرى.
توفى فى أوائل صفر
سنة ثمان وتسعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة. وقد قارب الأربعين. وهو خالى من
الرضاع.
٥٣ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن عبيد بن يقطين الأسدى ، أبو بكر اليقطينى المقرئ :
حدث عن محمد بن
إسحاق الثقفى وجماعة. وذكر الخطيب البغدادى : أن أبا الفتح ابن مسرور القواس ذكر :
أنه قدم عليهم مصر وحدثهم بها قال.
وتوفى بمكة سنة
خمسين وثلاثمائة. وكان ثقة. ذكره القطب الحلبى فى تاريخ مصر. ومنه لخصت هذه
الترجمة.
٥٤ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن على ، يلقب بشمس الدين ، ويعرف بابن النجم الصوفى المصرى :
نزيل مكة. سمع
بمصر ـ فيما أحسب ـ من قاضيها أبى البقاء السبكى صحيح البخارى. وصحب الشيخ يوسف
الكورانى ، المعروف بالعجمى ، وصار من مريديه.
ونظر فى كتب
الصوفية وغيرها من كتب العلم. وكان ـ على ما بلغنى ـ يميل إلى ابن عربى الصوفى.
وكتب بخطه كتبا
وفوائد ، منها على ما ذكر لحفظ النفس والمال : الله حفيظ ، قديم ، أزلى ، حى ،
قيوم ، لا ينام. وذكر : أن من قال ذلك إلى جهة مال له غائب حفظ.
وجاور بمكة نحو
ثمانية عشر عاما. وتأهل بها وولد له.
وسمع الحديث بها
من بعض شيوخنا بالسماع والإجازة. وتعبد كثيرا واشتهر. ثم انتقل إلى المدينة فسكنها
عامين وأشهرا.
ثم توفى بها فى
شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانمائة ، ودفن بالبقيع.
أملى على نسبه
هكذا : ولده محمد سبط يوسف بن القروى.
٥٥ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن عمار ، الحافظ الشهيد ، أبو الفضل بن أبى الحسين الجارودى :
سمع من عثمان بن
سعيد الدارمى ، وهو أقدم شيخ له ، وأحمد بن نجدة ، ومعاذ بن منى وغيرهم.
وحدث عنه : الحافظ
أبو على ، ومحمد بن المظفر ، ومحمد بن أحمد بن حماد بن حماد الكوفى وغيرهم.
وتوفى بمكة شهيدا
فى فتنة القرامطة التى كان مقدمهم فيها أبو طاهر القرمطى.
وكانوا وافوا مكة
يوم الاثنين لسبع خلون من ذى الحجة سنة سبع عشرة وثلاثمائة. وقيل : فى ثامن الشهر.
وقتل فيها زهاء ثلاثين ألفا من الحجاج وغيرهم.
وقد شرحنا شيئا من
خبر هذه الفتنة فى تأليفنا «شفاء الغرام» ومختصراته الثلاثة.
٥٦ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن عمر التحيوى ، أبو أحمد اليمنى :
كان ينوب عن عمه
الوزير على بن محمد فى فصل قضاء الناس. وما فعله لم يعارضه فيه ، وهو مع ذلك فى
الغالب سالكا طريق الزهد.
وكان عالى الهمة.
جاور بمكة مدة سنين.
توفى يوم الخميس
تاسع عشر ذى القعدة سنة اثنتى عشرة وسبعمائة.
ذكره الملك الأفضل
عباس بن المجاهد صاحب اليمن فى كتابه «العطايا السنية» ومنه لخصت هذه الترجمة.
٥٧ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن الصدر عمر القاضى تقى الدين :
توفى يوم الجمعة
ثالث جمادى الآخرة سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
ومن حجر قبره لخصت
هذه الترجمة.
٥٨ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن القاسم الهروى ، أبو أسامة المقرى :
نزيل مكة. تلى على
: أبى أحمد السامرى ، وأبى الطيب بن غليون ، وأقرأ.
قال الدانى :
رأيته يقرأ بمكة ، وربما أملى الحديث من حفظه ، فقلب الأسانيد وغير المتون. انتهى.
وكان سمع بها من :
ابن عبد السلام بن محمد بن موسى ، وإسحاق بن زوران. وبمصر من : أبى طاهر الذهلى ،
وأبى محمد بن حنونة. وبدمشق من الفضل بن جعفر ، وجماعة ، وحدث.
روى عنه ولده :
عبد السلام ، وأبو منصور محمد بن أحمد بن عبد كوبة ، وأبو سعد إسماعيل بن على
السمان ، سمعا منه بمكة.
وبها توفى سنة سبع
عشرة وأربعمائة عن ثمان وثمانين سنة. كما ذكر الذهبى فى الميزان. ومنه ، ومن تاريخ
مصر للقطب الحلبى لخصت هذه الترجمة.
٥٩ ـ محمد بن أحمد بن
محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر نجم الدين بن القاضى شهاب
الدين أبى الفضل بن القاضى نجم الدين بن القاضى جمال الدين بن الشيخ محب الدين
الطبرى المكى :
سمع من عثمان بن
الصفى وغيره. ودرس ـ بعد أبيه ـ بالمدرسة المنصورية والمجاهدية بمكة ، ورام المنصب
، فاخترمته المنية دونه. توفى فى أحد الجمادين سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة.
ودفن بالمعلاة
بجوار ضريح والده وجده بعد خاله القاضى تقى الدين الحرازى بيسير. وكان حسن الشكالة
صينا.
٦٠ ـ محمد بن أحمد بن
أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن على الحسنى ، أبو
الفتح الفاسى ، يلقب ولى الدين :
سمع بمكة من :
عثمان بن الصفى : سنن أبى داود ، ومن عمه أبى الخير الفاسى : بعض الملخص للقابسى ،
ومن جماعة.
وسمع بالمدينة ـ فى
الخامسة ـ على الزبير الأسوانى : الشفا للقاضى عياض ، وعلى الجمال المطرى ، وخالص
البهائى : إتحاف الزائر ، لأبى اليمن بن عساكر عنه ، وعن على ابن عمر بن حمزة
الحجار عدة أجزاء.
وأجاز له من دمشق
: أبو بكر بن الرضى ، وزينب بنت الكمال ، وعبد الرحمن بن عبد الهادى ، ومحمد بن
عمر السلاوى ، وعلى بن العز عمر ، وأحمد بن محمد بن سلمان ، المعروف بابن غانم ،
والحافظان : المزى ، والبرزالى ، ويحيى بن فضل الله العمرى ، وآخرون.
ومن مصر : مسندها
يحيى بن المصرى ، وإبراهيم بن الخيمى ، وأحمد بن أحمد الشارعى ، وأحمد بن منصور
الجوهرى ، وأحمد بن على المشتولى ، وأحمد بن محمد بن عمر الحلبى ، وأبو نعيم بن
الإسعردى ، والقاضى شمس الدين بن القماح ، والأستاذ أبو
حيان النحوى ،
وبدر الدين الفارقى ، ومحمد بن عالى الدمياطى ، وعائشة بنت الصنهاجى ، وزهرة بنت
الخننى ، وآخرون.
وحدث بقراءتى ،
وطلب العلم ، وحفظ فى الفقه : مختصر ابن الجلاب ، وفى النحو:الكافية الشافعية لابن
مالك. وكان يحضر مجلس عمه الشريف أبى الخير الفاسى.
وكان عالما فاضلا
، وله نظم كبير. وكان ظريفا إلى الغاية نستحسن مجالسته لما يذكره من الحكايات
والأشعار المستظرفة ، مع ديانة وخير وعبادة كثيرة.
توفى ـ رحمهالله ـ فى عصر يوم الأربعاء خامس صفر من سنة ست وتسعين وسبعمائة
بمكة ، ودفن ـ صبيحة يوم الخميس ـ بالمعلاة.
ومولده فى ليلة
الجمعة سابع عشرين من ذى القعدة سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة بمكة. وهو سبط البهاء
الخطيب الطبرى.
أخبرنا الشريف
العالم أبو الفتح محمد بن أحمد الحسنى ، بقراءتى عليه بالمسجد الحرام عن يحيى بن
يوسف بن المصرى إذنا : أن أبا الحسن على بن هبة الله الخطيب أخبره إذنا ، قال :
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن نسيم العيشونى.
وقرأت على أبى
هريرة بن الذهبى بغوطة دمشق فى الرحلة الأولى ، أخبرك الأمين محمد بن أبى بكر
النحاس حضورا ، قال : أخبرنا يوسف بن محمود الساوى ، قال : أخبرنا أبو طاهر السلفى
، قال : أخبرنا على بن محمد بن العلاف ، قال : أخبرنا أبو القاسم بن بشران ، قال :
أخبرنا أبو بكر الآجرى ، قال : حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد
الواسطى ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن الحكم الوراق النسائى ، قال : حدثنا يزيد ابن
هارون ، قال : أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن
صهيب رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة نودوا : أن يا أهل الجنة
إن لكم عند الله موعدا لم تروه. قالوا : وما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ويزحزحنا عن
النار ويدخلنا الجنة؟ قال : فيكشف الحجاب ، فينظرون إليه. فو الله ما أعطاهم شيئا
هو أحب إليهم منه. ثم تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (لِلَّذِينَ
أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ).
__________________
وأخبرنا أعلا من
هذا جماعة كثيرون ، من طرق كثيرة من أحسنها : ما أخبرتناه أم عيسى بنت أحمد الحنفى
: أن على بن عمر أخبرها ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن مكى ، قال : أخبرنا جدى أبو
طاهر السلفى ، قال : أخبرنا أبو القاسم على بن الحسين الربعى ، قال : أخبرنا أبو
الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزار ، قال : أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار. قال :
أخبرنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا حماد بن سلمة عن
ثابت عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن صهيب رضى الله عنه ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا : أن يا أهل الجنة إن
لكم عند الله موعدا لم تروه ، فيقولون : ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ، ويزحزحنا عن
النار ، ويدخلنا الجنة؟ قال : فيكشف الحجاب عزوجل ، وينظرون إليه تبارك وتعالى. قال : فو الله ما أعطاهم
الله شيئا هو أحب إليهم منه. قال : ثم قرأ : (لِلَّذِينَ
أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ)».
هذا حديث صحيح
أخرجه مسلم فى صحيحه عن أبى بكر بن أبى شيبة الحافظ عن يزيد بن هارون فوقع لنا
بدلا له عاليا بدرجتين ، ولله الحمد والمنة.
وأنشدنى الشريف
الفاضل أبو الفتح الفاسى لنفسه إجازة من قصيدة نبوية :
يا حاديا يحدو
بزمزم والصفا
|
|
عرج فديتك نحو
قبر المصطفى
|
وانزل على ذاك
الضريح ولذ به
|
|
فهناك تلقى ما
تروم من الشفا
|
وارتع هديت
بروضة من جنة
|
|
وادع فثم يجاب
من قد أسرفا
|
واقرأ سلامى عند
رؤية قبره
|
|
وقل الكئيب
المستهام على شفا
|
٦١ ـ محمد بن أحمد بن محمد القزوينى الصوفى :
ذكر لنا : أنه سمع
من مظفر الدين محمد بن محمد بن يحيى العطار المصرى ، ولم يحرر ما سمعه منه. وسمع ـ
وهو كبير ـ على جماعة من شيوخنا وغيرهم ، بديار مصر والحجاز.
وصحبه الشيخ يوسف
العجمى. وأخذ عنه الطريق وجماعة من أهل الخير. وكانت له معرفة بطريق الصوفية ،
ومواظبة على العبادة ، مع حسن الطريق.
__________________
جاور بالحرمين
الشريفين غير مرة ، منها : نحو خمس سنين متوالية متصلة بوفاته أو أزيد.
وكان يسكن برباط
ربيع ، ثم انتقل عنه قبيل وفاته لحاجته إلى من يمرضه.
وتوفى فى ثانى
عشرين شعبان سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة وقد جاوز الستين. وكان
خيرا صالحا حسن العقيدة ، قاله ابن حجر فى معجمه.
٦٢ ـ محمد بن أحمد بن
المسيب اليمنى :
أمير مكة. وجدت
بخط بعض العصريين : أن فى سنة ست وأربعين عزل الملك المنصور عمر بن على بن رسول
صاحب اليمن الأمير فخر الدين السلاح عن مكة وأعمالها ، وأمر ابن المسيب عوضه بعد
أن ألزم نفسه ما لا يؤديه من الحجاز بعد كفاية الجند ، وقود مائة فرس فى كل سنة.
فتقدم إلى مكة بمرسوم السلطان نور الدين ، فدخلها وخرج عنها الأمير فخر الدين
السلاح.
فأقام ابن المسيب
أميرا بمكة سنة ست وأربعين ، والتى بعدها فغير فى هذه المدة جميع الخير الذى وضعه
مولانا السلطان نور الدين ، وأعاد الجبايات والمكوس بمكة ، وقلع المربعة التى كان
السلطان كتبها ، وجعلها على زمزم.
واستولى على الصدقة
التى كانت تصل من اليمن ، وأخذ من المجد بن أبى المال المال الذى كان تحت يديه
لمولانا السلطان الملك المظفر ، وبنى حصنا بنخلة يسمى العطشان ، واستخلف هذيلا
لنفسه ، ومنع الجند النفقة. فتفرقوا عنه ، ومكر مكرا ، فمكر الله به.
ولما تحقق الشريف
أبو سعد منه الخلاف على السلطان ، وثب عليه ، وأخذ ما كان معه من خيل وعدد ومماليك
وقيده ، وأحضر أعيان أهل الحرم ، وقال : ما لزمته إلا لتحقيقى خلافه على مولانا
السلطان. وعلمت أنه أراد الهرب بهذا المال الذى معه إلى العراق ، وأنا غلام مولانا
السلطان ، والمال عندى محفوظ ، والخيل والعدد إلى أن يصل مرسوم السلطان. فوردت
الأخبار بعد أيام يسيرة بوفاة السلطان. انتهى.
وما عرفت شيئا من
حاله زيادة على هذا سوى : أنه كان استدار الملك المنصور ، على ما وجدت فى حجر قبره
ولده بالمعلاة. ومنه نقلت نسبه هذا.
٦٣ ـ محمد بن أحمد بن
ميمون بن قاسم التونسى ، المالكى ، المعروف : بابن المغربى :
أخو : حسن وزينب ـ
الآتى ذكرهما. رأيت بخط بعضهم قصيدة فى مدح الشريف
رميثة بن أبى نمى
الحسنى صاحب مكة. ذكر : أنها لمحمد بن المغربى هذا ، وهى :
السعد قارن وجهك
المسعودا
|
|
والله ملك ملكك
التخليدا
|
وجيوش نصرك يا
رميثة أقبلت
|
|
تسعى إليك
عساكرا وجنودا
|
منها :
لا زال سعدك
بالدوام موفقا
|
|
وسديد رأيك فى
الأمور رشيدا
|
يا طاعن اللبات
وخزا بالقنا
|
|
والحرب شب شراره
الموقودا
|
يا بهجة الدنيا
وعين زمانها
|
|
وسخيها ومليها
المقصودا
|
أمّنت خوف
المسلمين وروعهم
|
|
ولممت شملهم
فصار نضيدا
|
لا زلت ذخرا
للأنام وملجأ
|
|
وعميم ملكك
للورى ممدودا
|
وبقيت فى النعم
التى أوتيتها
|
|
متقلبا وعلى
العلا محسودا
|
وتركت سائرها لكون
ما ذكرته أصلح شىء فيها.
٦٤ ـ محمد بن أحمد بن أبى نصر الشيخ شمس الدين ، المعروف :
بالدباهى ، البغدادى :
ذكره الذهبى فى
معجمه ، وترجمه ، بالإمام ، الزاهد ، القدوة. وحكى عنه أنه قال : إن النشتبرى أجاز
له من ماردين . وأنه صحب الشيخ عبد الله كتيلة مدة ، وسافر معه قال :
وكان الدباهى حسن
الجملة ، عديم التكلف ، وافر الإخلاص ، رأسا فى متابعة السنة ، فصيحا ، واعظا ،
حسن المشاركة فى العلم ومعاملات القلوب.
دخل البلاد وجاور
عشر سنين ، ثم تحول إلى دمشق ، فانتفعنا بمجالسته ، وبآدابه أنشدنا بمكة سنين ،
وبالمدينة أشياء حسنة ، وحكايات نافعة. انتهى.
وذكره البزرالى فى
تاريخه ، وقال : كان سيدا من السادات. وجاور بمكة سنين ، وبالمدينة أيضا.
__________________
وذكر : أنه توفى
قبل المغرب من نهار يوم الخميس الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة
وسبعمائة. ودفن بسفح قاسيون. ومولده سنة ست أو سبع وثلاثين. انتهى.
٦٥ ـ محمد بن أحمد بن
هبة الله محمد بن الخزرجى القاضى زين الدين ، الشهير بابن الأنصارى:
ولى القضاء
بدمنهور وغيرها من الوجه البحرى مدة. وتردد إلى مكة مرات وجاور بها وتعبد بها.
توفى يوم الثلاثاء
ثالث عشر من جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة. ودفن بالمعلاة.
وكان ذا ثروة بمكة
ونعمة ظاهرة. وكانت له مكارم وصدقة وافرة ، وإحسان جزيل إلى الرؤساء. وله فى ذلك
أخبار :
منها : أنه أهدى
لقاضى القضاة برهان الدين بن جماعة بالقدس خرجا مملوءا قماشا حسنا. ونال بذلك خيرا
ومكانة من ابن جماعة لما ولى قضاء الديار المصرية.
ومنها : أنه أهدى
للقاضى أبى البقاء السبكى ـ لما عزم على التوجه إلى دمشق قاضيا بها بعد صرفه عن
قضاء مصر بابن جماعة ـ خمسمائة مثقال ذهبا ، بعد أن أتى مودعا له من بلده دمنهور.
ومنها : أنه لما
مات شرف الدين المناوى والد شيخنا القاضى صدر الدين ، أتى لأخيه القاضى تاج الدين
المناوى ، وهو إذ ذاك عبارة عن قاضى القضاة عز الدين بن جماعة لتفويضه الأمور إليه
، وقال ابن الأنصارى لتاج الدين المناوى : عندى للقاضى شرف الدين المناوى عشرة
آلاف درهم ، فقال لتاج الدين المناوى : بمسطور؟ فقال : مثلى لا يكتب عليه مسطور ،
فهل ترسمون آتيكم بها أو أتسبب فيها ، كما كنت أو لا؟ فقال : لا تسببوا فيها. فعجب
من ذلك تاج الدين ، ولم يكن عند ابن الأنصارى لشرف الدين المناوى شىء البتة. وإنما
قصد التقرب إلى أخيه القاضى تاج الدين ؛ ولذلك صار مكينا عنده.
وله فى الإحسان
إلى القاضى محب الدين ناصر الجيش ، والشيخ بهاء الدين السبكى وغيرهم من الأعيان
أخبار كثيرة.
وكان مع ذلك : لا
يقبل ممن يهدى إليه شيئا ولو كان مأكولا. وله فيما بلغنى إحسان كثير لقصد وجه الله
لناس كثير من الفقراء وغيرهم.
وأخبرنى بعض
أصحابنا أنه رآه بمكة فى النوم بعد وفاته ، وقال له : ما فعل الله بك يا سيدى؟
فقال له ابن الأنصارى : والله مشى الحال على خير بكرمى. والمخبر لى بهذه الحكاية
من خواص ابن الأنصارى العارفين بخفايا أمره.
وأخبرنى عن ابن
الأنصارى بما ذكرته من خبره مع المناوى وأبى البقاء وابن جماعة وغير ذلك.
ومما حكاه لى من
سعادة ابن الأنصارى : أنه أسلم فى شىء يقال له : التيلة مائة درهم فى الأردب ،
وأنه باع ذلك بعد مدة بألف درهم ومائة درهم الأردب. وأنهم وجدوا له بعد موته فى
مخزن له بالفارقانية : خمسة آلاف مثقال ذهب ، وخمسة وستين ألف درهم فضة.
وأنه لما توجه من
القاهرة لقصد الحج والمجاورة ، استدان من مال الأيتام بالقاهرة عشرة آلاف درهم
باثنى عشر ألف درهم إلى سنة برهن وثيق. وقصد بذلك خفاء أمره فى الغناء ، وإظهار
احتياجه ، وذلك مما يقصده العقلاء.
وله فى مثل ذلك
أخبار أخر. وله معرفة بالوراقة والمكاتيب الحكمية وحفظ الحاوى. ومن خطه نقلت نسبه
هذا.
٦٦ ـ محمد بن أحمد بن يزيد ، أبو يونس الجمحى :
من أهل مكة ، وكان
يسكن المدينة. روى عن محمد بن المنذر بن الزبير بن هشام بن عروة.
ذكره هكذا ابن
حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات ، قال : وروى عنه أصحابنا.
٦٧ ـ محمد بن أحمد بن
يونس المكى ، المعروف بالكركى ، لقب بالجمال :
كان عاقلا ، خيّرا
، ذا مروءة وصيانة ، وأخلاق حسنة.
كتبت عنه بمكة
دعاء ، ذكر لى أنه للنفع من الأعداء ، على ما بلغه عن شيخ اليمن
__________________
علما وعملا : أحمد
بن العجيل ، يقال ثلاثا عند الصباح وعند المساء ، وهو : اللهم يا مخلص المولود من
ضيق مخاض أمه ، ويا معافى الملدوغ من شدة حمة سمه ، ويا قادرا على كل شىء بعلمه :
أسألك بمحمد واسمه أن تكفينى كل ظالم بظلمه.
توفى فى العشر
الأخير من شوال سنة تسع وثمانمائة بالقاهرة. وقد بلغ الخمسين أو قاربها.
٦٨ ـ محمد بن أحمد
الخلاوى ، أبو بشير :
أحد مشايخ الحرم
فى وقته. ذكره أبو عبد الرحمن السلمى فى طبقاته.
وذكر : أنه جاور
بمكة فى آخر سفرة سافرها عشرين سنة متوالية. مات بمكة سنة ست ، ونعى إليهم سنة سبع
وثمانين وستمائة.
٦٩ ـ محمد بن أحمد
شمس الدين ، المعروف بابن المؤذن ، القدسى :
نزيل الحرمين
الشريفين. ولد بالقدس ، ونشأ بها فيما أظن ـ وخدم بها الوالى العارف الشيخ محمد ،
المعروف بالقرمى مدة ، ثم تغير عليه القرمى ؛ لأنه صار يتأكل من الناس بالقرمى.
وحصل له بخدمة
القرمى شهرة عند الناس ، استفاد بها صحبة جماعة من الأكابر منهم القاضى زكى الدين
الخروبى. وندبه إلى اليمن فى بعض حوائجه.
ودخل اليمن غير
مرة ، وأكرم مورده فيها القاضى سراج الدين عبد اللطيف بن سالم لمودة بينهما من
مكة.
وتوفى ، وهو قافل
من اليمن فى العشر الوسط من شعبان سنة ثمان وتسعين وسبعمائة ، بموضع بقال له :
ملكان ، أو قريبا منه على أميال من مكة ، ودفن هناك. وذهبت دنياه التى قفل بها من
اليمن ، ولم يحسن مواراته بعد موته.
وأومل قدومه إلى
الحجاز فى حدود سنة سبعين وسبعمائة ، وصار يتردد إليه ، وانقطع به بعد ذلك ، وصار
يتردد إلى مصر وغيرها من البلاد الشامية طلبا للرزق. سامحه الله تعالى.
٧٠ ـ محمد بن أحمد
ناصر الدين ، المعروف بالسخاوى ، المصرى ، الشافعى :
حفظ فى صغره كتبا
علمية ، وعرضها على جماعة من أعيان العلماء بالقاهرة فى
عشر السبعين
وسبعمائة ، منهم الشيخ جمال الدين عبد الرحيم الإسنائى ، وحضر دروسه ، ودروس جماعة
من أهل العلم.
وكانت لديه نباهة
وتذاكر بفوائد حسنة. جاور بمكة غير مرة ، وبها توفى فى شعبان سنة عشر وثمانمائة ،
ودفن بالمعلاة عن بضع وستين سنة.
* * *
من اسمه محمد بن
إبراهيم
٧١ـ محمد بن إبراهيم بن أحمد بن طاهر ، الشيخ فخر الدين أبو
عبد الله ، الفارسى ، الفقيه، الصوفى :
سمع بهمدان من أبى العلاء العطار وغيره ، وبأصبهان من الحافظ أبى موسى
المدينى ، وبدمشق من الحافظ أبى القاسم بن عساكر ، وبالإسكندرية من الحافظ السلفى
، وأكثر عنه.
وسمع من غيرهم
بهذه البلاد وغيرها ، على ما ذكره ابن مسدى ، قال : وتفقه على مذهب الشافعى بجماعة
من الأكابر ، ختمهم بأبى البركات محمد بن الموفق الخيوشانى.
وأفتى ، وذكر ،
وحدث ، وفسر ، وحج مرات ؛ وجاور كرات ، ولزم بآخره قرافة مصر ، وانقطع فيها بمعبد
ذى النون المصرى ، وكان مكينا مكانه موطنا على الديانة. انتهى.
وقال ابن الحاجب
الأمينى : كان صاحب مقامات ومعاملات ، إلا أنه كان بذىء اللسان ، كثير الوقيعة فى
الناس ، من عرف ومن لم يعرف ، لا يفكر فى عاقبة ما يقول. وكان ميله إلى الكلام
أكثر من الحديث.
وذكر ابن نقطة :
أنه قرأ عليه يوما حكاية عن يحيى بن معين ، فسبه ونال منه ، انتهى.
__________________
وذكر الذهبى : أنه
كان مغرما بوصف القدود والخدود ، والنهود ، قال : وله شعر منه وقوله :
اسقنى طاب
الصبوح
|
|
ما ترى النجم
يلوح
|
اسقنى كاسات راح
|
|
هى للأرواح روح
|
غن لى باسم
حبيبى
|
|
فلعلى أستريح
|
نحن قوم فى سبيل
العشق
|
|
نغدو ونروح
|
نحن قوم نكتم
الأسرار
|
|
والدمع يبوح
|
وذكر له تآليف ؛
ومنها «مطية النقل ، وعطية العقل» فى علم الكلام ، قال : وكان كثير الميل إليه ،
وتأليفه على طريقة الصوفية الفلاسفة. انتهى.
قلت : بلغنى عنه
أنه قال : سألت الله أربعين سنة أن يزيل بغض العرب من قلبى حتى فعل ، وآخر أصحابه
الرئيس بهاء الدين على بن عيسى ، المعروف بابن القيم.
وتوفى فى ليلة
الجمعة الرابع عشر ذى الحجة سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وكان مولده ـ تقريبا ـ فى
سنة عشرين وخمسمائة. وذكر وفاته ومولده هكذا ابن مسدى.
وذكر التاج السبكى
فى طبقاته : أنه جاور بمكة زمانا.
٧٢ ـ محمد بن إبراهيم
بن أبى العباس أحمد بن عبد الله التونسى الأصل ، المكى، المعروف والده بالزعبلى :
ولد بمكة ، وحفظ
بها القرآن ، ورغب فى الاشتغال بالعلم ، وحضر فيه دروسا كثيرة عند الشيخ جلال
الدين عبد الواحد بن إبراهيم المرشدى الحنفى ، وتصدى للشهادة مدة. وتوفى فى السادس
عشر من ذى القعدة سنة خمس وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة. وقد قارب
الأربعين ـ ظنا. وكان فى خير وأصيب به أبوه.
٧٣ ـ محمد بن إبراهيم
بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى ، يلقب بالجمال:
يروى جامع الترمذى
عن ابن البنا ، يرويه عنه ابنه الرضى إبراهيم إمام المقام إجازة.
ولم أدر متى مات ،
إلا أنه كان حيا فى سنة إحدى وخمسين وستمائة.
٧٤ ـ محمد بن إبراهيم
بن بدر بن بدران بن عبد القادر بن عمر بن الشيخ موفق الدين الكواشى السلامى ، يلقب
شمس الدين ، ويعرف : بابن الحبشى ـ بحاء مهملة مفتوحة وباء موحدة مفتوحة وشين
معجمة مكسورة ـ للنسبة :
هكذا كتب لنا هذا
النسب بخطه. وذكر : أنه ولد سنة خمس وعشرين وسبعمائة ببيت المقدس.
وروى لنا عن :
أحمد بن عبد الرحمن الصرخدى ، وعبد الله بن أبى التائب ، وعلى ابن محمد البندنيجى
، وأسماء بنت ابن صصرى ، وزينب بنت الكمال ، وجماعة من العلماء والرواة ، بمقتضى :
أن هؤلاء الشيوخ أجازوا فى استدعاء كتب ببيت المقدس فى شعبان سنة إحدى وثلاثين
وسبعمائة ، بخط موسى بن على الزهرانى ـ نزيل مكة ـ لجماعة مذكورين فيه ، منهم :
محمد بن إبراهيم بن بدر الحبشى ، بهذا النص.
وغلب على ظنى أنه
صاحب هذه الترجمة ، ثم تشككت فى ذلك بعد موته. والله أعلم بحقيقة ذلك.
ووجدت فى بعض
طبقات السماعات على فاطمة بنت العز إبراهيم المقدسى ما صورته:
محمد بن إبراهيم
بن بدر الحبشى ، مع جماعة فى سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة فى بيت المقدس.
فإن كان المذكور
فى الطبقة هو المذكور فى هذه الترجمة ، فهذا سماع له ، وأظن : أن ذلك فى طبقة سماع
على فاطمة المذكورة لانتخاب الطبرانى لابنه على بن فارس ، وإلا ففى جزء ابن عرفة ،
وإلا ففى نسخة أبى مسهر الغسانى.
وجاور ابن الحبشى
ـ هذا ـ بمكة سنينا كثيرة ، حتى توفى بها فى أوائل سنة ثمان وتسعين وسبعمائة ،
بالموضع الذى يقال : بيت أبى بكر الصديق رضى الله عنه بأسفل مكة.
ولم يعلم موته إلا
بعد تغيره. وكان يدعى معرفة أسرار الحروف والكيمياء واتهم بعملها. وله حظ وافر من
العبادة ، وفى لسانه بدارة.
٧٥ ـ محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن الفضل المكى أبو جعفر
الديبلى :
محدث مكة. روى عن
محمد بن زنبور : نسخة إسماعيل بن جعفر المدنى عنه ، وعن محمد بن على الصايغ ،
وسعيد بن عبد الرحمن المخزومى.
وروى عنه : ابن
المقرى فى معجمه ، وأبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس المكى العطار، وغيرهما.
__________________
وتوفى بعد العصر
من يوم السبت ليومين خليا من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. ودفن يوم
الأحد ضحوة بمكة.
هكذا ذكر وفاته
ابن زبر فى وفياته.
وقد ذكره : العز
ابن الأثير فى اختصاره لأنساب ابن السمعانى ، وأفاد فيه غير ما سبق ، لأنه قال :
الديبلى هو ـ بفتح الدال وسكون الياء المثناة من تحتها وضم الباء الموحدة ، وفى
آخرها لام ـ هذه النسبة إلى ديبل ، وهى مدينة على ساحل الهند ، قريبة من السند ، ينسب إليها جماعة كثيرة من العلماء ، منهم أبو جعفر محمد
بن إبراهيم ابن عبد الله الديبلى ، جاور بمكة.
روى عن : أبى عبد
الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومى ، وأبى عبد الله الحسين بن الحسن المروزى.
روى عنه : أبو بكر
بن المقرى ، وأبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس المكى ، وغيرهما. انتهى.
قرأت على فاطمة
وعائشة بنتى محمد بن عبد الهادى بالسفح فى الرحلة الأولى : أن أبا العباس أحمد بن
أبى طالب الحجار أخبرهما عن أبى الحسن محمد بن أحمد بن عمر القطيعى ، قال : أخبرنا
أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسى ، قال : أخبرنا الحسن بن عبد الرحمن الشافعى ،
قال : أخبرنا أحمد بن إبراهيم العطار ، قال : أخبرنا محمد بن إبراهيم الديبلى ،
قال: أخبرنا محمد بن زنبور ، قال : أخبرنا إسماعيل بن جعفر ، قال : أخبرنا عبد
الله بن دينار : أنه سمع ابن عمر رضى الله عنهما يقول : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم «نهى عن بيع
الولاء وعن هبته».
__________________
وأخبرنا أبو هريرة
بن الحافظ الذهبى بقراءتى عليه فى الرحلة الأولى : أن عيسى بن عبد الرحمن المطعم
أخبره سماعا فى الثالثة ، وأجاز له.
أخبرنا أبو المنجا
عبد الله بن عمر البغدادى ، قال : أخبرنا أبو الوقت السجزى ، قال: أخبرتنا أم
الفضل بنتى بنت عبد الصمد الهرثمية ، قالت : أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد المعروف
بابن أبى شريح ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد البغوى. قال : حدثنا مصعب ، قال :
حدثنى مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما : أن رسول
الله صلىاللهعليهوسلم «نهى عن بيع
الولاء وعن هبته».
أخرجه النسائى فى
البيوع عن قتيبة بن سعيد الثقفى عن مالك ، وعن على بن حجر عن إسماعيل بن جعفر ،
فوقع لنا بدلا عاليا.
٧٦ ـ محمد بن إبراهيم
بن عبد الله الأسدى الحجازى :
من أهل مكة. هكذا
ذكره صاحب الخريدة ، وذكر : أنه لقى أبا الحسن التهامى ، وتوجه إلى العراق واتصل
بخدمة الوزير المغربى بمرو وخراسان وغزنة .
وبها مات مستهل
المحرم سنة خسمائة.
مولده بمكة فى
المحرم سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. ومن شعره :
قلت ثقلت إذ
أتيت مرارا
|
|
قال ثقلت كاهلى
بالأيادى
|
قلت طولت قال لا
بل تطولت
|
|
وأبرمت قال حبل
الودادى
|
٧٧ ـ محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن سالم بن الحسن بن هبة الله بن
صصرى الثعلبى ، يلقب بالشرف ، ويعرف بابن صصرى الدمشقى :
سمع على الفخر بن
البخارى مشيخته بكمالها.
__________________
وباشر وظائف بدمشق
، منها نظر جامعها الأموى ، وغير ذلك. توفى فى سابع ذى الحجة سنة سبع عشرة
وسبعمائة بظاهر مكة. ودفن بالمعلاة عن خمسة وثلاثين سنة.
٧٨ ـ محمد بن إبراهيم
بن عبد الرحمن الدمشقى القاضى أمين الدين ، المعروف بابن الشماع :
نزيل مكة. سمع
بدمشق من وزيرة بنت أبى المنجا : صحيح البخارى ، ومسند الشافعى ، بفوت يسير فى
المسند.
وسمع على التقى
محمد بن عمر الجزرى : تفسير الكواشى ، بسماعه من مؤلفه خلا من سورة البلد إلى آخره
، فأجازه ، وسمع عليه أيضا : جامع الأصول لمجد الدين بن المبارك بن الأثير على ابن
أخت المؤلف عنه ، وغير ذلك على جماعة بدمشق ، ومصر ، والإسكندرية.
وحدث بمكة بالمسند
، وتفسير الكواشى. سمع منه جماعة من شيوخنا ، منهم : المحب محمد بن أحمد بن الرضى
الطبرى ، وابن شكر وغيرهما بمكة ، ودرس بها.
وله اشتغال بالعلم
ونباهة. وأذن له فى الفتوى القاضى شرف الدين البارزى ، قاضى حماة ، ثم القاضى عز الدين بن جماعة ، وناب عنه فى الحكم فى بعض
ضواحى القاهرة.
ثم ولى القدس
والخليل استقلالا من مصر مدة مديدة فى زمن القاضى تقى الدين السبكى
، قاضى دمشق.
وكان مولده سنة
ثمان وتسعين وستمائة. وتوفى خامس صفر سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بمكة ، ودفن
بالمعلاة بعد أن جاور بمكة سنين كثيرة.
ولى من القاضى
أمين الدين الشماع هذا إجازة باستدعاء شيخنا ابن شكر.
__________________
أخبرنى القاضى
أمين الدين محمد بن إبراهيم عبد الرحمن الشماع ، نزيل مكة إجازة.
وقرأت على الخطيب
على بن محمد بن أبى المجد الدمشقى بظاهرها ، قالا : أخبرتنا أم محمد وزيرة بنت عمر
بن المنجا التنوخية ، قالت : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن المبارك ابن الزبيدى ،
قال : أخبرنا أبو الوقت عن عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزى ، قال : أخبرنا جمال
الإسلام أبو الحسن بن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودى ، قال : أخبرنا أبو
محمد عبد الله بن أحمد الحموى ، قال : أخبرنا محمد بن يوسف الفربرى ، قال : أخبرنا
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الحافظ ، قال : حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبى عبيدة
عن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفى بيته منه شىء»
فلما كان العام المقبل ، قالوا : يا رسول الله ، نفعل كما فعلنا عام الماضى؟ قال صلىاللهعليهوسلم «كلوا وأطعموا ،
وادخروا ، فإن ذلك العام كان بالناس جهد ، فأردت أن تعينوا فيها» .
أخرجه مسلم عن
الحافظ أبى يعقوب إسحاق بن منصور الكوسج عن أبى عاصم ، فوقع لنا بدلا عاليا له.
٧٩ ـ محمد بن إبراهيم
بن عبد الحميد بن على الموغانى الأصل ، تقى الدين ، المعروف بابن عبد الحميد
المدنى :
سمع بمصر من :
جويرية بنت الهكارى ، وعبد الله بن الإمام علاء الدين الباجى وغيرهما. وذكر أنه
سمع بدمشق من : ابن أميلة ، وصلاح الدين بن أبى عمر.
وله اشتغال بالعلم
، ونباهة فى الأدب وغيره ، وذكاء مفرط ، بحيث إنه لما أصابه الصمم ، كان يكتب له
فى الهواء ، وفى يده ليلا ، فلا يفوته شىء من فهمه غالبا. وكان الناس يتعجبون من
ذلك.
وكانت له مكانة
عند أمير المدينة ثابت بن نعير بن منصور بن جماز بن شيحة. ثم نال مكانة عند صاحب
مكة الشريف حسن بن عجلان ، وأعيان جماعته ، وكان
__________________
يكتب عنه إلى مصر
وغيرها ، وأقام عنده إلى ذلك مدة سنين ، وله ترداد كثير إلى مكة من قبل ولايته.
ودخل اليمن فنال
فيه خيرا. وترافقنا فى سفرة سافرناها إلى الطائف لقصد الزيارة ، وسمعت من لفظه
بالسلامة من وادى الطائف ـ حديث : «الأعمال بالنيات» من الغيلانيات عن ابن أميلة ،
وابن أبى عمر ، إجازة إلىّ لم يكن سماعا. وسمعت منه حكايات.
وتوفى فى أول يوم
الأحد الحادى والعشرين من المحرم سنة ست عشرة وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة ، وقد بلغ
السبعين أو قاربها.
شهدت الصلاة عليه
ودفنه ، شهد ذلك الشريف حسن ، صاحب مكة.
٨٠ ـ محمد بن إبراهيم
بن محمد بن إبراهيم ، ويلقب بالجمال ، ابن العز ، الأصبهانى ، المكى :
كان ذا نظم وعناية
بالشعر ، وجمع فى ذلك مجاميع. وورث مالا جزيلا عن أبيه ، وبالغ فى الإسراف فيه حتى
احتاج فى آخر عمره وصار يتكسب من عمل يده بالتجارة وغيرها. ثم توجه إلى مصر.
ومات بالبيمارستان
المنصورى سنة خمس أو ست وسبعين وسبعمائة. وكان صاهر القاضى شهاب الدين الطبرى على
ابنته السيدة خديجة.
٨١ ـ محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد بن على بن عبد الله بن
عباس العباسى :
أمير مكة والطائف
، ولى ذلك بعد عزل عبد الصمد بن على فى سنة تسع وأربعين ومائة ، وحج بالناس فيها ،
كما ذكر ابن جرير الطبرى.
ثم عزل عن ذلك فى
سنة ثمان وخمسين ومائة بإبراهيم بن يحيى ـ الآتى ذكره.
وذكر الفاكهى :
أنه ولى مكة للمنصور ، وابنه المهدى.
وذكره ابن الأثير
فى : ولاية مكة للرشيد. ولم يبين تاريخ ولايته للرشيد ، وبين ذلك ابن كثير ؛ لأنه
ذكر : أنه حج بالناس فى سنة ثمان وسبعين ، وهو أمير مكة.
__________________
وذكر الذهبى : أنه
ولى دمشق للمهدى ، ولابنه الرشيد.
وروى عن : أبى
جعفر المنصور ، وجعفر بن محمد الصادق. وروى عنه : ابنه موسى ، وحفيده إبراهيم بن
عبد الصمد. وكان كبير القدر.
توفى سنة خمس
وثمانين ومائة. انتهى.
ولمحمد بن إبراهيم
ـ هذا ـ يقول العنبرى :
إنى أتيت بأمر
يقشعر له
|
|
أعلا الذؤابة
أمرا مفظعا عجبا
|
لما عمدت كتاب
الله أرهنه
|
|
أيقنت أن زمان
الناس قد كلبا
|
وما عمدت كتاب
الله أرهنه
|
|
إلا ولم يبق هذا
الدهر لى نشبا
|
فافتك طه
وياسينا فإنهما
|
|
للسبع من محكم
الفرقان قد نسبا
|
وقال ـ أيضا ـ العنبرى
لمحمد بن إبراهيم :
اقض عنى يا ابن
عم المصطفى
|
|
أنا بالله من
الدين وبك
|
من غريم فاحش
يقذرنى
|
|
أشوه الوجه لعرض
منتهك
|
أنا والظل وهو
ثالثنا
|
|
أين ما زلت من
الأرض سلك
|
ذكر ذلك الزبير بن
بكار.
وقد أثنى عليه
الفاكهى ، وذكر له أخبارا حسنة. فتذكر ذلك لما فيه من الفائدة ونص ما ذكره :
وكان محمد بن
إبراهيم من أفاضل بنى هاشم ، ممن ولى مكة. كان وليها لأبى جعفر المنصور ، ثم
للمهدى أمير المؤمنين. فحدثنا محمد بن أبى عمر عن بعض أشياخه ، قال : كتب أمير
المؤمنين المهدى إلى محمد بن إبراهيم يقول له : بلغنى أن سفيان فيما قبلك ، فإذا
جاءك كتابى فادفعه إلىّ.
فلما ورد عليه
الكتاب أخفاه أياما. وكان سفيان يخرج فى الليل فيطوف ، فتحينه محمد بن إبراهيم فى
ذلك الوقت من الليل ، وكان لمحمد بن إبراهيم وقت من الليل يطوف ويلى خلف المقام ،
فلصق بسفيان ، فقرأ بهذه الآية : (إِنَّ الْمَلَأَ
يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) [القصص : ٢٠] فعرف
سفيان ما أراد ، فخرج من ليلته.
فلما كان بعد ذلك
أظهر الكتاب فى الناس ، وأمر بطلبه فلم يوجد. وسمعت عبد
الرحمن الحائى
يقول : رأيت محمد بن إبراهيم يصلى فى أيام الموسم بلا جند ولا أعوان. انتهى.
وذكر ابن الأثير
خبرا على تقوى محمد بن إبراهيم ـ هذا ـ لأنه قال فى أخبار سنة ثمان وخمسين ومائة
من الهجرة :
وفيها : حبس محمد
بن إبراهيم الإمام ، وهو أمير مكة جماعة ، أمر المنصور بحبسهم. وهم : رجل من آل
على بن أبى طالب ـ كان بمكة ـ وابن جريج ، وعباد بن كثير ، وسفيان الثورى ، ثم
أطلقهم من الحبس بغير إذن المنصور. فغضب عليه.
وكان سبب إطلاقهم
: أنه نظر ، وقال : عمدت إلى ذى رحم فحبسته ـ يعنى : بعض ولد على ـ وإلى نفر من
أعلام المسلمين فحبستهم ، ويقدم أمير المؤمنين ، فلعله يأمر بقتلهم فيشتد سلطانه
وأهلك ، فأطلقهم وتحلل.
فلما قارب المنصور
مكة ، أرسل إليه محمد بن إبراهيم بهدايا فردها عليه. انتهى.
قلت : وقع لنا
حديثه عاليا فى جزء البانياسى.
أخبرنى به محمد بن
إبراهيم الصوفى قراءة وسماعا بمكة ودمشق : أن أبا العباس الحجار أخبره عن الكاشغرى
، والأنجب الحمامى ، وعامر بن مسعود ، وعبد اللطيف بن القبيطى ، وعلى بن محمد بن
كبة ، وابن السباك ، وزهرة بنت محمد ، إذنا ، قالوا : أخبرنا ابن البطى.
زاد الكاشغرى ،
وابن تاج الفراء ، قالا : أخبرنا مالك البانياسى ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد
المجبر ، قال : أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى ، قال : حدثنى أبى ، قال :
حدثنا جدى محمد بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن خالد بن علقمة عن عبد خير عن على
رضى الله عنه أنه «دعا بماء فتوضأ ثلاثا ثلاثا. وقال : هكذا كان وضوء رسول اللهصلىاللهعليهوسلم» .
__________________
٨٢ ـ محمد بن إبراهيم
بن محمد المقرى ، أبو عبد الله ، البغدادى :
ذكره ابن النجار
فى تاريخه ، قال : بغدادى ، أقام بمكة ، وحدث بها. وكان دينا ، زاهدا، من أهل
القرآن والحديث والفقه والخلاف والنحو. حدث بمكة عن أبى على بن أحمد التسترى
وجماعة من الغرباء.
روى عنه أبو
المظفر محمد بن على الشيبانى الطبرى ، قاضى مكة.
وحكى أنه مات
بالكوفة بعد انصرافه من الحج لسنة ست عشرة وخمسمائة.
٨٣ ـ محمد بن إبراهيم
بن محمد ، يلقب بالظهير ، الأصبهانى :
كان من بقايا
الصالحين بمكة ، على ما وجدت فى بعض مجاميع الشيخ أبى العباس الميورقى بخطه أو بخط
غيره ، إلا أنه لم يسمعه ، وإنما قال : شيخ الرباط الظهير ، الأصبهانى. انتهى.
وهو والد : العز
إبراهيم الأصبهانى ـ الآتى ذكره ـ وجد ابنه محمد ـ المقدم ذكره.
٨٤ ـ محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران القرشى ، المؤذن ،
الكوفى ، أبو جعفر ، ويقال أبو إبراهيم :
سمع : جده مسلم بن
مهران ، وحماد بن أبى سليمان ، وسلمة بن كهيل ، وعلى بن بذيمة.
روى عنه : مسلم بن
قتيبة ، وأبو داود سليمان بن داود الطيالسى ، فقال : محمد بن إبراهيم بن مسلم بن
مهران ، وشعبة بن الحجاج ، فكناه : أبا جعفر ، ولم يسمه ، وموسى ابن إسماعيل ،
فقال : محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران ، ويحيى بن سعيد القطان. وقال: محمد بن
مهران ، وأبو الوليد الطيالسى.
روى عنه : أبو
داود ، والترمذى ، والنسائى : حديثين. قال يحيى بن معين : محمد بن مسلم بن المثنى
: ليس به بأس.
__________________
وذكره ابن حبان فى
الطبقة الثالثة من الثقات. ونسبه كما ذكرنا ، وقال : من أهل مكة ، كنيته أبو
إبراهيم. انتهى.
وقد اختلف فى نسبه
، فقيل : محمد بن إبراهيم بن مهران بن المثنى القرشى ، مولاهم ، أبو جعفر. ويقال :
أبو إبراهيم الكوفى. ويقال : البصرى ـ مؤذن مسجد العريان ـ ويقال : محمد بن مسلم
بن مهران بن المثنى. ويقال : محمد بن أبى المثنى. ويقال : محمد ابن المثنى. ويقال
: محمد بن مهران ، وكنية جده : مسلم أبو المثنى. ويقال : كنيته : مهران أبو
المثنى.
كتبت أكثر هذه
الترجمة من التهذيب للحافظ المزى.
٨٥ ـ محمد بن إبراهيم
بن الفخار الأصبهانى ، أبو نصر :
سمع من أبى الحسن
الهكارى وغيره. وحدث عنه بأصبهان بشىء يسير. وروى عنه أبو زكريا بن منده.
وذكر : أنه مات فى
سنة تسع وتسعين وأربعمائة بأصبهان ، بعد أن جاور بمكة سنين. وكان كثير العبادة
والصلاح ، حسن الوجه ، سليم القلب.
ذكره ابن السمعانى
فى ذيل تاريخ بغداد. ومنه لخصت هذه الترجمة.
وقد روى عنه حكاية
فى فضل مقبرة مكة ؛ لأنه ذكر : أن أبا زكريا بن مندة الحافظ ، سمع محمد بن أبى
منصور بن عليك التاجر ، قال : سمعت من ثقات المجاورين بمكة ، قالوا : سمعنا أبا
نصر بن أبى الفخار بمكة يحدث : أنه رأى فى المنام كأن إنسانا مدفونا بمقبرة
المعلاة: استخرج ومروا به إلى موضع آخر ، قال : فسألت عن حاله : لم استخرجتم هذا
الميت؟ قالوا : هذه المقبرة منزهة عن قبور أهل البدعة فلا تقبل أرضها مبتدعا.
انتهى.
وهذا إن صح
فيستخرج منها من دفن فيها من أهل البدعة.
ويقرب من هذه
الحكاية ما يحكى من : أن شخصا يقال له : الشر يشير من كبار الرافضة بالمدينة
النبوية توفى بها ، ودفن بالبقيع ، ثم بعد مدة رؤى بعض أهل الخير الغرباء يقرأ على
قبره ويلازم عليه القراءة. فليم على ذلك. فقال لهم : كان لى شيخ توفى فى غير
المدينة. فرأيته فى المنام ، فقال لى : أنا نقلت إلى قبر الشر يشير بالمدينة. ونقل
الشر يشير إلى قبرى ، وأنا ألازم القراءة على هذا القبر لهذا المعنى.
هذا معنى هذه
الحكاية ، وهى مشهورة عند أهل المدينة وغيرهم. والله أعلم.
٨٦ ـ محمد بن إبراهيم بن المنذر ، شيخ الحرم الشريف ، أبو بكر
النيسابورى ، الفقيه ، المجتهد ، الحافظ :
سمع : محمد بن
ميمون ، ومحمد بن إسماعيل الصائغ ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، والربيع بن
سليمان المرادى ، وخلقا كثيرا.
وحدث عنه : أبو
بكر بن المقرى ، ومحمد بن يحيى بن عمار الدمياطى ، والحسن بن على بن شعبان ، وأخوه
الحسين بن على وآخرون.
ولا يلتفت إلى
تكذيب العقيلى له فى دعواه السماع من الربيع بن سليمان صاحب الشافعى ؛ لأنه ثقة
حجة. ولا إلى قول مسلمة بن قاسم عنه : أنه لا يحسن الحديث ؛ لأنه إمام متبحر فيه ،
وتآليفه تشهد بذلك.
وكان فقيها مجتهدا
، إلا أنه كان كثير الميل إلى مذهب الشافعى ، وهو معدود فى أصحابه.
وذكره الشيخ أبو
إسحاق الشيرازى فى طبقات الفقهاء الشافعية ، وقال : صنف فى اختلاف العلماء كتبا لم
يصنف أحد مثلها ، واحتاج إلى كتبه الموافق والمخالف. ولم أعلم عمن أخذ الفقه.
انتهى.
وترجمه الذهبى :
بالحافظ ، العلامة ، الفقيه ، الأوحد ، شيخ الحرم ، وقال : صاحب الكتب التى لم
تصنف ككتاب «المبسوط فى الفقه» وكتاب «الإشراف فى اختلاف العلماء» وكتاب «الإجماع»
وغير ذلك.
وكان غاية فى
معرفة الخلاف والدليل. وكان مجتهدا لا يقلد أحدا.
وذكر فى طبقات
الحفاظ : أن ابن القطان القابسى : أرخ وفاته سنة ثمان عشرة وثلاثمائة.
__________________
وقال : ما ذكره
أبو إسحاق ـ يعنى الشيرازى ـ من وفاته : لم يصح ، فإن محمدا بن عمار لقيه ، وسمع
منه فى سنة ست عشرة وثلاثمائة. انتهى.
قلت : الذى ذكره
الشيخ أبو إسحاق فى طبقاته : أنه توفى بمكة المشرفة سنة تسع أو عشر وثلاثمائة.
وذكره ابن الجوزى
، لما تكلم على حديث «طبقات أمتى» فى الطبقة الثانية وهى من سنة عشرين وثلاثمائة
إلى سنة ستين وثلاثمائة. فمقتضى ذلك : أن يكون حيا فى سنة عشرين وثلاثمائة ، وليس
ذلك بمستقيم لما سبق فى تاريخ موته. والله أعلم.
أخبرنا أبو حفص
عمر بن محمد بن أحمد بن سلمان الصالحى ، بقراءتى عليه بدار السنة الظاهرية بدمشق
فى الرحلة الأولى : أن أبا بكر بن محمد بن الرضى المقدسى ، أخبره سماعا فى الرابعة
وإجازة له :
قال : أخبرنا محمد
بن إسماعيل الخطيب ، قال : أخبرنا يحيى بن محمود الثقفى ، قال: أخبرنا إسماعيل بن
الفضل الإخشيد وجماعة ، قالوا : أخبرنا عبد الرزاق بن عمر القاضى ، قال : أخبرنا
أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرى ، الحافظ ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن
إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرنى
مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن رافع بن إسحاق : أنه سمع أبا أيوب
الأنصارى رضى الله عنه يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إذا ذهب أحدكم
إلى الغائط أو البول فلا يستقبل القبلة بفرجه ولا يستدبرها» .
قال الحافظ الذهبى
: لم يخرجوه فى الكتب وإسناده جيد.
وقد روى النسائى
لرافع هذا حديثا. انتهى.
٨٧ ـ محمد بن إبراهيم
بن يوسف بن محمد النيسابورى ، أبو عمرو ، الزجاجى ، الصوفى ، أحد مشايخ الصوفية
الكبار :
ذكره أبو عبد
الرحمن السلمى فى طبقات الصوفية له ، وقال : صحب أبا عثمان
__________________
والجنيد ، والثورى
، والخواص. دخل مكة ، وأقام بها ، وصار شيخها ، والمنظور إليه فيها.
حج قريبا من ستين
حجة. وقيل : إنه لم يبل ولم يتغوط فى الحرم أربعين سنة. وهو بها مقيم.
توفى سنة ثمان
وأربعين وثلاثمائة.
وذكره صاحب المرآة
، وحكى عنه أنه قال : ماتت أمى فورثت منها دارا ، فبعتها بخمسين دينارا ، وخرجت
إلى الحج ، وإذا برجل فى البرية راكب على فرس ، قال : إيش معك؟ قلت : ـ الصدق أنجى
ـ معى خمسون دينارا ، فأخذها فعدها ، فوجدها كما قلت. فرمى بها إلىّ ، وقال : قد
أخذنى صدقك. ثم نزل من الدابة ، وقال : اركبها فإنى على أثرك ، ولحقنى إلى مكة.
وجاور بها حتى مات.
* * *
من اسمه محمد بن
إسحاق
٨٨ ـ محمد بن إسحاق
بن أحمد بن إسحاق بن أبى بكر الشيرازى ، الشيخ ، غياث الدين، الأبرقوهى ، نزيل مكة
، يكنى أبا المعالى ، بن أبى الفضل الشيرازى ، ويعرف بالكتبى :
ولد بأبرقوه فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة. وكان من جماعة السلطان شاه
شجاع صاحب بلاد فارس. وجرت له على يده صدقات بمكة ومآثر ، منها : الرباط الذى
قبالة باب الصفا ، وأوقاف عليه وعلى غيره بمكة ومنى.
وفى هذا الرباط
حجر مكتوب فيه : أن الواقف شرط أنه : يسكنه الفقراء الأعجام المجردون المتقون دون
الهنود ، ومن لا سكن له بمكة المشرفة إلا فى الموسم ، أو لا بيوت لهم.
وتاريخ وقفه سنة
إحدى وسبعين وسبعمائة. وفيه حجر آخر مؤرخ بسنة ست وسبعين.
وكان الشيخ غياث
الدين هذا دخل إلى بلاد الشام ، وسمع بها من ست العرب بنت
__________________
محمد بن الفخر على
، المعروف بابن البخارى : الشمائل للترمذى. وما علمته حدث. وأظنه أجاز لنا. والله
أعلم.
وله معرفة بالطب ،
وله فيه تأليف حسن ، وانتفع به الناس فى ذلك كثيرا بمكة. وكان يحسن إليهم بما
يحتاجونه من الأدوية وغير ذلك.
وجاور بمكة نحو
ثلاثين سنة على طريقة حميدة من الإقبال على العبادة والخير وكف الأذى.
وضعف بآخره ، وعجز
عن الحركة ، وانقطع فى بيته حتى توفى فى تاسع عشرين جمادى الأولى سنة خمس
وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وكان والده قاضى شيراز ، ويلقب عز الدين.
٨٩ ـ محمد بن إسحاق
بن شبويه الخراسانى ، ثم البيكندى ، أبو عبد الله :
ذكر ابن يونس :
أنه قدم مصر ، وحدث بها عن عبد الرزاق بن همام وغيره. ثم خرج إلى مكة ، فتوفى بها.
وقال غنجار فى
تاريخ بخارى : إنه توفى فى شوال سنة اثنتين وستين ومائتين بمكة. وضبط شبويه ـ بشين
معجمة ـ. وأما الأمير أبو نصر بن ماكولا ، فقالها بسين مهملة بعدها باء موحدة.
وذكر ذلك القطب
الحلبى فى تاريخ مصر ، ومنه لخصت هذه الترجمة.
٩٠ ـ محمد بن إسحاق
بن العباس الفاكهى ، المكى ، مؤلف أخبار مكة :
روى فيه عن : ابن
أبى عمر العدنى ، وبكر بن خلف ، وحسين بن حسن المروزى ، وجماعة.
وكتابه فى أخبار
مكة ، كتاب حسن جدا لكثرة ما فيه من الفوائد النفيسة وفيه غنية عن كتاب الأزرقى.
وكتاب الأزرقى لا
يغنى عنه ؛ لأنه ذكر فيه أشياء كثيرة حسنة مفيدة جدا لم يذكرها الأزرقى. وأفاد فى
المعنى الذى ذكره الأزرقى أشياء كثيرة ، لم يفدها الأزرقى.
__________________
وما عرفت متى مات
، إلا أنه كان حيا فى سنة اثنتين وسبعين ومائتين ؛ لأنه ذكر فيها قضية تتعلق
بالمسجد الحرام ، وما عرفت من حاله سوى هذا.
وإنى لأعجب من
إهمال الفضلاء لترجمته ، فإن كتابه يدل على أنه من أهل الفضل ، فاستحق الذكر ، وأن
يوصف بما يليق به من الفضل والعدالة ، أو الجرح ، وحاشاه من ذلك. وشابهه فى إهمال
الترجمة الأزرقى صاحب أخبار مكة ـ الآتى ذكره.
وهذا عجب أيضا ،
فإنه بمثابة الفاكهى فى الفضل. وما هما فيما أحسب بدون الجندى صاحب فضائل مكة ،
فإن له ترجمة فى كتب العلماء ، والله أعلم بحقيقة ذلك.
٩١ ـ محمد بن إسحاق
بن وهب بن أعين ، الإمام ، أبو ربيعة ، الربعى ، المكى ، المقرى :
مؤذن المسجد
الحرام. هكذا ذكره الذهبى فى طبقات القراء ، وقال : قرأ على البزى ، وعرض على قبل
أيضا قديما. وألف قراءة ابن كثير. وأقرأ فى حياة شيخه ـ قراءة عليه ـ محمد بن
الصباح ، ومحمد بن عيسى بن بندار ، وعبد الله بن أحمد النخلى ، وإبراهيم ابن عبد
الرزاق ، وأبو بكر النقاش المفسر ، وهبة الله بن جعفر ، وهو أنبل أصحاب البزى فى
وقته.
توفى فى رمضان سنة
أربع وتسعين ومائتين. انتهى.
٩٢ ـ محمد بن إسحاق
الخوارزمى شمس الدين الحنفى :
نزيل مكة ، ونائب
الإمامة بمقام الحنفية. كان ذا فضل فى العربية ومتعلقاتها وغير ذلك ، كثير التصدى
للاشتغال والإفادة ، والنظر والكتابة.
وأظنه أخذ العربية
عن صهره إمام الحنفية شمس الدين ، المعروف بالمعيد.
وناب عنه فى
الإمامة بالمسجد الحرام ، وعن ابنه شهاب الدين أحمد بن شمس الدين المعيد فى
غيبتهما وحضورهما فى مدة سنين كثيرة.
ودخل من مكة للهند
طلبا للرزق ، وعاد لمكة ، وجمع شيئا فى فضائلها ، وفضائل الكعبة وغير ذلك. وجل ذلك
غير قليل من تاريخ الأزرقى ، وكتب المناسك.
وكان يكتب صفة
الكعبة المعظمة ، والمسجد الحرام فى أوراق ، ويهادى بها الناس فى الهند ، وغيرها.
وفيه دين وخير وسكون وانجماع عن الناس.
وتوفى فى آخر يوم
من ربيع الأول يوم الخميس سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة بكرة يوم
الجمعة مستهل ربيع الآخر.
وهو فى عشر الستين
ظنا أو جاوزها.
* * *
من اسمه محمد بن
إسماعيل
٩٣ ـ محمد بن إسماعيل
بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى ، يلقب جمال الدين :
ذكره الرضى فيما
نقلته من خطه فى أسانيده لمروياته ، وذكر : أنه يروى عنه جامع الترمذى. أجازه
مكاتبة بالمسجد الحرام عن ابن البنا سماعا.
ونقلت من خطه أيضا
: استدعاءات نقلها من خط قريبه المجد عبد الله بن محمد بن محمد بن أبى بكر الطبرى
: سأل فيها الإجازة لجمال الدين محمد بن إسماعيل الطبرى هذا ، وغيره من أولاد أبى
بكر الطبرى.
وبعضها مؤرخ بيوم
الثلاثاء عشرين شهر رجب سنة إحدى وخمسين وستمائة. فاستفدنا من هذا حياته فى هذا
التاريخ.
٩٤ ـ محمد بن إسماعيل
بن حسين بن عبد الله ، الشيرازى الأصل ، المكى المولد والدار ، المؤدب بالحرم
الشريف :
سمع على : أحمد بن
سالم المؤذن ، وعبد الوهاب القروى الإسكندرى : بعض الموطأ رواية يحيى بن يحيى ،
على ما وجدت بخط شيخنا ابن شكر. ونسبه بخطه كما ذكرنا. وكان خيرا. أدب الأطفال مدة
فى الحرم الشريف تحت مأذنة باب العمرة.
وتوفى بعد التسعين
ـ بتقديم التاء على السين ـ وسبعمائة بيسير بمكة. ودفن بالمعلاة.
٩٥ ـ محمد بن إسماعيل بن سالم الصايغ ، أبو جعفر :
من أهل مكة. هكذا
ذكره ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات ، وقال : يروى
__________________
عن أبى عاصم ،
وأهل العراق. حدثنا عنه أصحابنا محمد بن عبد الرحمن الدوغلى وغيره. انتهى.
وروى محمد بن
إسماعيل هذا عن : أبيه ، وأبى أسامة ، وحجاج الأعور ، وعبد الله بن بكر السهمى ،
وخلق بالعراق والحجاز.
وروى عنه : أبو
داود ، على ما قال صاحب الكمال ـ وتعقب ذلك عليه الحافظ أبو الحجاج المزى ، وقال :
لم أقف ذلك ، وإنما وجدنا لابن الأعرابى صاحب أبى داود رواية عنه فى بعض الروايات
التى رواها فى سنن أبى داود فى الوضوء وغيره. انتهى.
وروى عن الصايغ
هذا خلق منهم : العقيلى ، وابن صاعد ، وأحمد بن المنادى ، وابن أبى حاتم ، وأبو
القاسم البغوى ، وقال : صدوق.
وقال ابن خراش :
هو من أهل الفهم والأمانة.
وقال ابن المنادى
: مات فى جمادى الأولى سنة ست وسبعين ومائتين.
٩٦ ـ محمد بن إسماعيل
بن عبد الرحمن الشيبى :
زعيم الشيبيين ،
وصاحب حجابة الكعبة. هكذا ذكره ابن جبير فى حلته.
وكتب عنه شيئا فى
طول الكعبة. ذكرناه فى محله من تأليفنا «شفاء الغرام» ومختصراته ، وهو لا يصح ،
والله أعلم.
وذكر ابن جبير :
أنه عزل عن الحجابة لهناة نسبت إليه ، ثم أعيد سريعا ؛ لأنه صودر عنها بخمسمائة
دينار مكية.
وذلك فى ذى القعدة
سنة تسع وسبعين وخمسائة. فاستفدنا من هذا حياته فى هذا التاريخ.
وجده عبد الرحمن ؛
هو ابن ديلم.
٩٧ ـ محمد بن إسماعيل
بن على اليمنى ، تقى الدين ، أبو عبد الله ، المعروف بابن أبى الصيف ـ بالصاد
المهملة ـ الشافعى ، فقيه مكة :
حدث عن ابن عمار
الأطرابلسى : بصحيح البخارى ، وعن أبى على الحسنى بن على البطليوسى : بصحيح مسلم ،
وعن الميانشى : بجامع الترمذى.
وسمع من جماعة
آخرين بمكة. وحدث ، ودرس ، وأفتى كثيرا.
وله نكت على
التنبيه مفيدة ، ومجاميع حديثية ، منها : أربعون حديثا عن أربعين شيخا من أربعين
مدينة وغير ذلك.
وكان حريصا على
تحصيل الرواية ؛ لأنه أحب أن يروى شيئا عن الحافظ المنذرى. فسمع شيئا من رواية
المنذرى ، عن عمر بن طبرزاد على شخص سمع ذلك من المنذرى.
وهذا مذكور فى
التكملة بمعنى ما ذكرناه.
ووجدت بخط بعض
أصحابنا فيما نقله الشيخ أبى العباس الميورقى : ورد أن سفهاء مكة من أهل الجنة ،
واتفق بين عالمين بالحرم منازعة فى تأويل الحديث وسنده ، فأصبح الذى طعن فيه ، وقد
اعوج أنفه. وقيل له : أى والله سفهاء مكة من أهل الجنة. وكرر عليه ذلك الذى كان
ينازعه. انتهى. بالمعنى باختصار.
وبلغنى : أن هذا
الرجل هو ابن أبى الصيف المذكور ، وأنه كان يقول : معنى الحديث: أسفاء مكة ، أى
المحزونون على تقصيرهم ، والله أعلم.
وتوفى فى ذى الحجة
سنة سبع وستمائة.
هكذا ذكر وفاته
الزكى المنذرى فى التكملة. وذكرناه أيضا فى المتوفين فى سنة تسع عشرة وستمائة.
وتبعه على ذلك
الذهبى فى تاريخ الإسلام. وهذا عجيب منه ، وأعجب من ذلك ما ذكره الإسنائى من : أنه
توفى سنة سبع عشرة. والصواب : أنه توفى سنة تسع وستمائة. كما ذكر غير واحد منهم :
الميورقى والجندى فى تاريخ فى اليمن.
وذكر : أنه انتهت
إليه رياسة الفقه بمكة بعد محمد بن مقبل الأبينى العجيبى ـ الآتى ذكره ، والله
أعلم.
٩٨ ـ محمد بن إسماعيل
بن مخلب :
متولى مؤتة بالحجاز. هكذا ذكره الحافظ رشيد الدين محمد بن الحافظ زكى
الدين المنذرى فى مختصره لتاريخ المسبحى.
__________________
وذكر : أنه التقى
مع أحمد بن الحسين الحسنى ، وقتل من الطائفتين جماعة ، وأخذ ابن مخلب أسيرا فى يدى
أبى الحسين أحمد بن الحسين ، ثم قتل أحمد بن الحسين ، وقتل ابن مخلب بعده ، وذلك
فى سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ، انتهى.
ورأيت فى أخبار
فتنة أبى طاهر القرمطى بمكة : أن أميرها ابن محارب ، أو ابن مخلب ـ الشك منى حارب
أبا طاهر ـ : فإن كان ابن مخلب هو المحارب ، فلعله هذا ، والله أعلم.
٩٩ ـ محمد بن إسماعيل
بن يوسف بن عثمان المقرى ، شمس الدين ، الشهير بالحلبى :
نزيل مكة المشرفة.
وجدت بخطه : أنه قرأ القرآن العظيم بالقراءات السبعة على نيف وعشرين شيخا ، أولهم
: الشيخ شمس الدين الأربلى ببلدة حلب ، وآخرهم : شمس الدين العسقلانى.
ووجدت بخطه أيضا :
أنه قرأ القرآن العظيم على ابن السلار ، يعنى أمين الدين عبد الوهاب بن يوسف بن
إبراهيم الدمشقى.
وأخبرنى عنه ـ من
اعتمده ـ : أنه قرأ على المقرى شمس الدين بن اللبان ـ يعنى محمد بن أحمد بن على ـ وما
عرفت : هل قراءته على ابن اللبان وابن السلار بالسبع ، أو ببعضها؟
ووجدت بخطه أيضا :
أنه قرأ القرآن بالروايات العشر ، وضمن ذلك أبياتا له نظمها.
وكان ذا معرفة
بالقراءات ، مجيدا للكتابة ، كتب بخطه كثيرا ، وأقرأ كثيرا.
وكان فى بعض
الأحايين يقرأ فى موضع من القرآن ، ويقرأ عليه فى موضع آخر ، ويكتب فى موضع آخر ،
فيصيب فيما يقرأه ويكتبه ، وفى الرد على من يقرأ عليه ، بحيث لا يفوته شىء فى الرد
عليه على ما بلغنى.
وهذا نحو مما حكى
عن بعض القراء من : أنه كان يسمع لثلاثة نفر يقرءون عليه دفعة واحدة فى أماكن
مختلفة. وعيب ذلك على هذا المقرئ ، والذى عاب ذلك هو.
ووجدت بخط المذكور
شيئا من أحواله ، وفيه أمور تستغرب. من ذلك : أنه كتب مصحفا على الرسم العثمانى ،
فى ثمانية عشر يوما ولياليها بالجامع الأزهر بالقاهرة فى سنة خمس وستين وسبعمائة.
ووجدت بخطه : أنه
كتب مائة وأربعة وثمانين مصحفا ، وربعة ، بقطع لطيف وكبير. جميعها مكتوبا على
الرسم العثمانى. وأنه كتب ذلك من صدره ، وأن بعض ما كتبه من هذا العدد ، وذلك أريد
من الربع مكتوب بالقراءات السبع ، وعدة علوم.
__________________
وذكر : أنه كتب
لتلك العلوم ديباجة لكل مصحف عدة أوراق بين فيها ما وضعه فيه من العلوم.
ووجدت بخطه : أنه
لما بلغ من العمر سبع عشرة سنة : حببه الله فى كتابة القرآن ووفقه لذلك حتى كتب
مدة فى كل أربعين يوما مصحفا ، ثم كتب مدة فى كل ثلاثين يوما مصحفا ، وأنه حفظ عدة
كتب وعرضها ، واشتغل بعدة علوم ، وبكتابة الخط المنسوب على عدة مشايخ ، وبالقراءات
السبع على عدة مشايخ ، كل ذلك ببلدة حلب ، قبل سنة ثلاث وستين ، وأنه رحل إلى مصر
من بلده لطلب العلم والقراءات ، والكتابة على الشهاب غارى ، فعاد بقصده.
ووجدت بخطه : أنه
روى الشاطبية عن عدة مشايخ ، منهم العسقلانى. انتهى بالمعنى.
وقد جاور المذكور
بالحرمين عدة سنين. ومقامه بمكة نحو خمس عشرة ـ فيما أظن ـ وسافر منها إلى بلاد
اليمن ، وعاد إليها ، وذلك فى سنة خمس وثمانمائة.
ولم يزل بها حتى
توفى فى السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة أربع عشرة وثمانمائة بمكة. ودفن
بالمعلاة. وله من العمر سبعون سنة أو أزيد.
* * *
من اسمه محمد بن
إدريس
١٠٠ ـ محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن
عبيد ابن عبد بن زيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى ،
الإمام ، البحر ، المجتهد ، أبو عبد الله ، الشافعى ، المكى :
ولد سنة خمسين
ومائة بغرة من أرض الشام ، على الصحيح. وقيل : بعسقلان .
__________________
وقيل : باليمن.
وهذان القولان حكيا عنه.
وقيل : ولد بمنى ،
حكاه ابن معين فى التنقيب. ثم حمل إلى مكة وله سنتان.
وحكى عنه : أنه
قدم مكة ، وهو ابن عشر أو نحوها.
وحكى عنه : أنه
حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين ، والموطأ وهو ابن عشر سنين.
وسمع الحديث بمكة
على جماعة ، منهم : سفيان بن عيينة ، وسعيد بن سالم القداح ، ومسلم بن خالد الزنجى
، فقيه مكة. وأذن له فى الإفتاء ، وله دون العشرين سنة.
وقيل : إنه أفتى ،
وهو ابن خمس عشرة سنة ، ثم رحل إلى المدينة ، ولازم بها الإمام مالك بن أنس رضى
الله عنه مدة ، يأخذ عنه العلم.
وسمع بالمدينة من
إسماعيل بن جعفر ، وجماعته.
ثم رحل إلى العراق
، فقدم بغداد سنة خمس وتسعين ، وأقام بها حولين ، واجتمع عليه علماؤها ، وأخذوا
عنه.
وصنف كتابه
القديم. ثم خرج إلى مكة ، ثم عاد إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وأقام بها شهرا.
ثم خرج إلى مصر ،
وصنف بها كتبه الجديدة ، ونشر بها العلم ، وأقام بها حتى مات آخر يوم من رجب سنة
أربع ومائتين. ودفن بالقرافة. وقد زرت قبره ـ بحمد الله ـ مرارا.
وله كرامات ظاهرة.
منها : أنه قال للبويطى : تموت فى قيودك. فمات فيها.
وقال للمزنى :
يكون لك بعدى سوق يعظم به شأنك عند الملوك وغيرهم.
وقال لابن عبد
الحكم : تنتقل إلى مذهب أبيك. وكان مالكيا ، فانتقل إليه.
وقال للربيع
المرادى : أنت رواية كتبى. فعاش بعده قريبا من سبعين سنة ، ورحل الناس إليه من
أقطار الأرض لسماعها.
ومناقبه كثيرة.
وقد صنف فيها جماعة منهم الحاكم والبيهقى.
__________________
١٠١ ـ محمد بن إدريس
بن عمر ، المكى ، أبو بكر ، وراق الحميدى :
روى عن : بكر بن
خلف ـ ختن أبى عبد الرحمن المقرى ـ وعثمان بن يمان الحدانى ، ومحرز بن سلمة
العدنى.
وذكر ابن زبر فى
وفياته : أنه توفى فى ذى الحجة سنة سبع وستين ومائتين.
١٠٢ ـ محمد بن إدريس
بن غانم بن مفرح العبدرى ، الشيبى ، المكى ، المعروف بأبى راجح:
شيخ الحجبة ،
وفاتح الكعبة. ذكر لى غير واحد من أهله ، وغيرهم : أنه ولى مشيخة الحجبة ، يعنى
فتح الكعبة أربعين سنة. وعندى فى ذلك نظر ، فإنه كان فى أوائل القرن الماضى.
وكان أحمد بن ديلم
فى أوائل القرن شيخا ، بل كان شيخا فى آخر القرن الذى قبله ، وولى بعده علىّ بن
بجير ، ومن المستبعد : أن يكون أبو راجح ولى قبلهما ، أو فى حياتهما. وأما بعدهما
فلا يمكن أن يكون ولى هذه المدة ؛ لأنه يلزم من ذلك أن يكون عاش إلى أواخر عشر
الستين وسبعمائة. وكان الشيخ فى هذا التاريخ : محمد بن أبى بكر الشيبى ـ الآتى
ذكره.
ولعل المذكور :
باشر حجابة الكعبة أربعين سنة بعضها شيخا ، وبعضها من جملة الحجبة.
ولم أدر متى مات
إلا أن بعض أقاربه ذكر لى ما يدل على : أنه كان فى عشر الأربعين وسبعمائة والله
أعلم.
١٠٣ ـ محمد بن إدريس
بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم ، الحسنى ، المكى :
أمير مكة. ذكر
الشيخ تاج الدين عبد الباقى بن عبد المجيد اليمنى ، فى كتاب «بهجة الزمن فى تاريخ
اليمن» أن الأمير بيبرس الجاشنكير لما حج فى سنة إحدى وسبعمائة
__________________
أمر بمكة أبا
الغيث ، ومحمد بن إدريس وخلفهما لصاحب مصر.
فأقام أبو الغيث
أياما ، وأخرج من مكة محمد بن إدريس ، واستبد بالإمرة ، وجرت بينهما حروب كثيرة ،
وقتل فيها جماعة من الأشراف.
وكاتب أبو الغيث
السلطان ـ يعنى المؤيد صاحب اليمن ـ وبذل الخدمة والنصيحة والرهينة ، فقبل ذلك
منه. انتهى.
ولم يزد الشيخ تاج
الدين المذكور فى نسب محمد بن إدريس المذكور على اسم أبيه.
ورأيت ما يخالف ما
ذكره فى تأمير الجاشنكير لمحمد بن إدريس هذا بمكة ؛ لأن كلام بيبرس الدوادار فى
تاريخه يدل على : أن الأمير بيبرس إنما أمر بمكة فى هذا التاريخ أبا الغيث ، وأخاه
عطيفة ابنى أبى نمى. والله أعلم بالصواب.
وبلغنى : أن أبا
نمى أمير مكة جعل لمحمد بن إدريس هذا ربع ما يتحصل لأمير مكة فى كل سنة ، ولكنه لم
يجعل له ولاية بمكة ، وأن أبا نمى كان كثير الاغتباط بمحمد بن إدريس هذا. ويقول
فيه ـ لكثره اغتباطه به إذا رآه ـ : هنيئا لمن هذا ولده. وأن بعد موت أبى نمى :
أشار بعض الناس على أولاد أبى نمى بقتل محمد بن إدريس هذا. وقال لهم : لا يتم لكم
معه أمر إلا إن قتلتموه. فتشاوروا فى ذلك ، وذكروه لحميضة بن أبى نمى ، فلم يوافق
على ذلك حميضة ، وأعرضوا عن قتل محمد بن إدريس.
وكان بعد ذلك بين
إخوته أولاد إدريس ، وأولاد أبى نمى حروب كثيرة ، منها ، فى شهر واحد ، شهر رمضان
: بضع وعشرون لقية. والله أعلم بحقيقة ذلك.
__________________
١٠٤ ـ محمد بن أسعد الثعلبى ، أبو سعيد ، المكى ، ثم المصيصى :
روى عن : زهير بن
معاوية ، وأبى إسحاق الفزارى ، وعبثر بن القاسم ، وابن المبارك. روى عنه : عبد
الله بن عبد الرحمن ، ومحمد بن المثنى وغيرهم.
قال أبو زرعة :
منكر الحديث. ذكره الذهبى ، فى تاريخ الإسلام.
١٠٥ ـ محمد بن أيوب
المكى :
أخذ مع جماعة فى
الزندقة ، فأقروا ، فاستتابه المهدى العباسى ، وذلك فى سنة ست وستين ومائة.
١٠٦ ـ محمد بن الأسود بن خلف بن بياضة الخزاعى :
من أهل مكة. يروى
عن عمرو بن العاص. روى عنه عمرو بن عبيد الله بن صفوان الجمحى.
ذكره ابن حبان فى
الطبقة الثانية من الثقات.
١٠٧ ـ محمد بن أصلم
الناصرى ، الأمير ، ناصر الدين ، ابن الأمير بهاء الدين:
أظنه كان من
العسكر الذى أنفذه الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون ـ صاحب الديار المصرية
والشامية ـ فى سنة ستين وسبعمائة إلى مكة لحسم مواد الفساد منها ، وتقوية لمن ولاه
إمرتها ، وهو محمد بن عطيفة بن أبى نمى ، وسند بن رميثة بن أبى نمى.
وكان مقدم هذا
العسكر : الأمير جركتمر المازونى حاجب الحجاب بالقاهرة. وفيه عدة أمراء سواه ،
منهم شهاب الدين أحمد بن أصلم ـ أخو المذكور.
وكانت وفاة
المذكور فى يوم السبت تاسع عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وسبعمائة بمكة. ودفن
بالمعلاة.
نقلت وفاته من حجر
قبره بالمعلاة. وترجم فيه بتراجم كثيرة.
__________________
١٠٨ ـ محمد بن بركات
بن أبى حزمى فتوح بن بنين بن عبد الرحمن بن عبد الجبار بن محمد المكى ، المعروف
بابن أبى حزمى :
ابن أخى : عبد الرحمن
بن أبى حزمى ـ الآتى ذكره. كان كعمه يكتب الوثائق ، وينقش أحجار القبور وغيرها.
وعلى خطهما وضاءة.
ولم أدر متى مات ،
إلا أنه كان حيا فى شهر رمضان سنة اثنتى عشرة وستمائة ؛ لأنى رأيت بخطه حجرا نقشه
فى هذا التاريخ.
١٠٩ ـ محمد بن أبى
البركات بن أبى الخير بن حمد الهمدانى ، أبو عبد الله ، الصوفى :
هكذا ذكره ابن
مسدى فى معجمه قال : وذكر لى أنه قرأ فى صغره سورة الفاتحة على أبى العلاء الحافظ
بهمدان ، وأنه سافر وقد ترعرع ، فقرأ القراءات بواسط على بعض المؤذنين ، حتى حفظ
الشواذ.
وصحب الشيخ أحمد
بن على الرفاعى. ولبس منه ، وأذن له يلبس عنه. هذا الذى سمعت منه قديما بديار مصر
، ثم قال : وعلى ما ذكره من رواية أبى العلاء : يكون مولده بعد الخمس والخمسين
وخمسمائة ، فإنه قال : توفى وقد ترعرعت.
وكانت وفاة أبى
العلاء بهمدان فى جمادى الأولى من سنة تسع وستين. فادعى بمكة أن مولده فى ربيع
الآخر من سنة ست وأربعين وخمسمائة. وأحسب أن الذى أخذه من عشر الستين جعله من عشر
الخمسين.
ثم سمعته بمكة
يقول : فى سنة ثمان وخمسين زدت على المائة ثلاث عشرة سنة. وأسمع فى هذه السنة صحيح
البخارى بالإجازة العامة من أبى الوقت لمن أدرك حياته.
وسمع ذلك جماعة من
العوام الذين لا يفهمون. فإنا لله وإنا إليه راجعون. يسمع هذا الكتاب الذى هو عمدة
الإسلام بمثل هذا التلفيق إبراء إلى الله تعالى من عهدة الطريق. انتهى. باختصار
لشىء من حال بن أبى البركات ، يأتى ذكره. والسامعون عليه : جماعة من أهل مكة
وغيرهم ، والقارئ لهم عليه لذلك الفخر التوزرى ـ الآتى ذكره.
ووجدت بخط
الميورقى : أن ابن أبى الخير ـ هذا ـ قال له : سمعت على أبى الوقت.
ورأيت فى أربعين
الملك المظفر صاحب اليمن : أن ابن أبى الخير هذا دخل اليمن.
وادعى أنه حضر عند
أبى الوقت السجزى ، وسمع منه شيئا من صحيح البخارى ، وأنه أجاز له. انتهى.
وإنما ذكرت هذا
تعجبا لكونه فى البطلان أعجب من دعواه إجازة أبى الوقت العامة ، وكيف تصح إذ ذاك
إجازة أبى الوقت العامة فضلا عن السماع منه؟ وهو قد قال ما ينافى ذلك ؛ لأن ابن
مسدى نقل عنه : أنه كان حين مات الحافظ أبو العلاء العطار مترعرعا ، والترعرع هو
قرب البلوغ ، وبين وفاة أبى الوقت ووفاة أبى العلاء العطار أزيد من سن الترعرع
الذى ذكر ابن أبى البركات : أنه سنة حين مات الحافظ أبو العلاء. وهو مؤاخذ بقوله
هذا ، فيعمل بمقتضاه. وينتج ذلك : عدم إدراكه إجازة أبى الوقت العامة ، فضلا عن
السماع منه ؛ لتقدم وفاة أبى الوقت على وفاة أبى العلاء بخمسة عشر عاما وتسعة أشهر
وأيام. وهذا مما لا ريب فيه عند الحذاق. والله أعلم.
وذكر ابن مسدى
شيئا من حال ابن أبى البركات هذا ؛ لأنه قال : وكان قد سكن دمياط ، وتمشيخ فيها
للنساء وملن إليه. وكان الجماعة من أهل الطريق ينكرون ذلك عليه ، منهم أبو الحسن ،
المعروف بابن قفل وغيره.
ثم تردد إلى مكة
مرات لم يخل بيته قط من مجتمع نسائيات ، لا يلتفت فى شىء من ذلك إلى كثرة الشناعة
عليه. والله أعلم بما لديه.
ثم قال : وسافر عن
مكة نحو الديار المصرية فى صدر سنة تسع وخمسين ، ثم عاد إلى مكة فى آخر سنة ستين.
انتهى.
ولم يذكر ابن مسدى
وفاته. ووجدت بخط الميورقى : أنه توفى سنة اثنتين وستين وستمائة.
ووجدت بخط جد أبى
الشريف أبى عبد الله الفاسى : أنه توفى سنة تسع وستين.
وما ذكره الميورقى
فى وفاته : أقرب إلى الصواب. والله أعلم.
* * *
من اسمه محمد بن أبى
بكر
١١٠ ـ محمد بن أبى
بكر بن أحمد بن عمر بن عبد الله الذوالى ، اليمنى الزبيدى، الشيخ جمال الدين ، أبو
عبد الله المعروف بالزوكى ـ بزاى مضمومة :
ولد فى رمضان سنة
خمس وعشرين وسبعمائة ، كان إماما فاضلا متفننا ، وإليه انتهت
الرياسة باليمن فى
علم الأدب. وكان حسن الخلق ، سليم الصدر ، مشهورا بالخير والصلاح.
وذكر : أنه أرى
النبى صلىاللهعليهوسلم فى المنام ، وقال له ما معناه : أن من قرأ عليه دخل الجنة.
وقد أخذ عنه لذلك غير واحد من أهل العلم ، منهم شيخنا الشريف تقى الدين عبد الرحمن
بن أبى الخير الفاسى.
وكان يذكر له
مكاشفة ، وهى : أنه لما بلغه خبر هذه الرؤيا : عزم على الذهاب إليه ليقرأ عليه ،
فقصده الشيخ محمد الزوكى ـ هذا ـ إلى موضعه ، وقرأ عليه شيخنا ـ المذكور ـ جانبا
من مختصر ابن الحاجب الفرعى.
وسمعت شيخنا عبد
الرحمن ـ المذكور ـ يقول : إنه سمع الشيخ محمد الزوكى ـ هذا ـ يقول : إنه رأى
النبى صلىاللهعليهوسلم فى المنام وسأله عن وقوع الطلاق المنجز فى مسألة : كلما
وقع عليك طلاقى ، فأنت طالق قبله ثلاثا ، فقال النبى صلىاللهعليهوسلم : يقع الطلاق المنجز.
وهذه المسألة
مقررة فى كتب الفقه ، وتعرف بالسريجية ؛ لأن أبا العباس بن سريج وغيره من الأئمة
الشافعية ، يقولون بعدم الطلاق المنجز ، باعتبار التعليق المتقدم ..
وفى هذه الرؤية رد
عليهم وتأييد لقول من خالفهم ، وهم أكثر العلماء ، فإنهم : قالوا بوقوع المنجز.
والله أعلم.
وذكر بعض العصريين
: أن المذكور حج فى سنة تسع وستين وسبعمائة ، ثم فى سنة اثنتين وسبعين ، وجاور
سنتين ، ثم فى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة.
ومات بمكة فى آخر
شهر ذى الحجة سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة ، ودفن ـ بعد صلاة الجمعة ـ بالمعلاة ،
بقرب خديجة رضى الله عنها.
وأخبرنى صاحبنا
العفيف عبد الله بن محمد بن على العجمى ، المكى : أن أباه مرض بالإسهال يرمى الدم
، وأفرط به ذلك حتى صار يقوم فى اليوم والليلة نحو ستين مرة. وأن بعض أصحاب أبيه
أتى إليه بالشيخ محمد الزوكى هذا ، يزوره ويدعو له بالعافية ، لاشتهاره عند أهل
مكة بالخير والصلاح. فدعا الزوكى لأبيه ، ولازمه أبوه فى الدعاء له بالعافية.
ثم إن الزوكى قال
له : اكشف عن بطنك فكشف عنه ، وكشف الزوكى عن بطنه ، وألصق كل منهما بطنه بالآخر
وتواخيا ، وخرج الزوكى من عند المشار إليه ، وبإثر خروجه عنه : قل رميه الدم وشفى
عن قرب.
هذا معنى ما
أخبرنى به العفيف العجمى.
ومن أحواله
الجميلة ما حدثنى به مولانا القاضى الإمام تقى الدين عمر بن القاضى جمال الدين
محمد بن عيسى اليافعى ، قاضى عدن أبين بها ، قال : بلغنى أن بعض أصحاب الفقيه
الزوكى المذكور ، كان عليه دين للقاضى جمال الدين بن الجلاد ، أحد الحكام بعدن ،
وأن وكيله شوش بالطلب على من عليه الدين ، فاستمهل المديان الوكيل أياما ، وكلف
المديان الفقيه الزوكى ، السفر إلى عدن ليشفع له عند ابن الجلاد.
فأتى الزوكى إلى
عدن وشفع عند ابن الجلاد فى حاجة صاحبه ، فقبل شفاعته. وصرف ابن الجلاد للزوكى
خمسمائة دينار فضة معاملة عدن كرامة للزوكى ، فأبى أن يقبلها ، وقال : إنما جئت
للشفاعة ، ولا أحب أن أنال فى سفرى غير ذلك.
هذا معنى ما حكاه
لى القاضى تقى الدين اليافعى من خبر الزوكى فى هذه القصة.
وحكى أيضا : أن
ابن الجلاد بعث بالدراهم للزوكى إلى زبيد.
وحكى لى أيضا :
خبر رؤية الزوكى للنبى صلىاللهعليهوسلم وسؤاله من مسأله الطلاق ، وجوابه فيها بما يوافق ما
ذكرناه.
وذكر لى القاضى
تقى الدين اليافعى : أن هذه الرؤيا كانت بعدن.
وأن من جملة رؤيا
الزوكى : أنه سأل النبى صلىاللهعليهوسلم عن الذين يفضلون عليا رضى الله عنه على أبى بكر رضى الله
عنه ، فقال له النبى صلىاللهعليهوسلم : ليسوا على شىء. هذا معنى ما ذكر لى القاضى تقى الدين فى
هذه النكتة أيضا.
١١١ ـ محمد بن أبى بكر الصديق رضى الله عنهما :
يأتى فى باب محمد
بن عبد الله ؛ لأن اسم أبى بكر الصديق عبد الله.
١١٢ ـ محمد بن أبى
بكر بن خليل الملقب بالرضى :
أحد فقهاء مكة.
يأتى ذكره فى باب محمد بن عبد الله ؛ لأن اسم والده أبى بكر عبد الله.
__________________
١١٣ ـ محمد بن أبى
بكر بن علىّ بن يوسف ، الذورى الأصل ، المكى المولد والدار ، أبو الفضل ، المعروف
، بابن المصرى :
سمع بمكة
وبالقاهرة من شيخنا ابن الملقن وغيره. وتوفى بالقاهرة فى سنة خمس وتسعين وسبعمائة.
وكان حسن القراءة فى الصلاة.
١١٤ ـ محمد بن أبى
بكر بن علىّ بن يوسف ، الذورى الأصل ، الملقب : بالجمال المصرى:
نزيل زبيد ،
وحاكمها. ولد بالذورة ـ من صعيد مصر ـ فى سنة تسع وأربعين وسبعمائة ، أو قبلها
بسنة أو بعدها بسنة. ونشأ بها حتى بلغ أو راهق ، ثم قدم مكة فى عشر السبعين
وسبعمائة ولا يم قاضيها أبا الفضل النويرى وخدمه كثيرا.
ولما ظهرت له
نجابته صار يرسله على مصالحه وهديته لصاحب اليمن ، فاشتهر ذكره ، ثم تغير على
القاضى أبى الفضل بقرب مؤتة.
وسكن زبيد
واستوطنها وداخل الأعيان من أهلها ، فنما أمره إلى الملك الأشرف صاحب اليمن ،
فاستظرفه لكثرة مجونه وأقبل عليه وصار يحضر مجلسه ، وولاه حسبة زبيد.
وصحب القاضى سراج
الدين عبد اللطيف بن سالم لما ولى سد زبيد بعد عوده من مكة.
وحصل دنيا وأملاكا
، ثم عظم أمره فى مبادئ دولة الملك الناصر بن الأشرف ؛ لأنه صار يرسله إلى عدن
وغيرها لإحضار الأموال منها. وكان يقيم الحرمة ، ودخل رعبه فى القلوب.
وولى إمرة زبيد فى
بعض السنين ، ثم صرف عن ذلك ، وكان أمره بعد ذلك بها أنفذ من أمر أميرها ، وقلة
حرمته عن ذلك فى بعض السنين لوشى بعض أهل الدولة به عند الملك الناصر.
__________________
وولى نظر أوقاف
المدارس التى بمكة مدة سنين ، ودام ذلك معه حتى مات. وكان إليه أمانة المعاقيب
السلطانية بزبيد ، ورزق من الأولاد الذكور أزيد من عشرين ذكرا.
وكان كثير التلاوة
، وفيه مرورءة وإحسان إلى من نفذ إليه من أهل مكة.
روى لنا بزبيد عن
: القاضى عز الدين بن جماعة : حديث ابن مسعود فى القضاء والقدر من معجم ابن جميع ،
سمعه عليه بمكة.
وابتلى بقرب موته
بكثرة البرد ، فكان يحمل إلى الحمام فيلبث فيه الزمن الطويل. وربما قيل : إنه كان
إذا خرج منه يوضع فى قدر فيه ماء حار لشدة ما يجده من البرد.
توفى فى ليلة
الجمعة الخامس عشر من ذى القعدة الحرام سنة عشرين وثمانمائة بزبيد ، ودفن بمقبرة
الشيخ إسماعيل الجبرتى.
وكان الذى ناله من
الخير بسبب خدمته للشيخ إسماعيل المذكور ، رحمهماالله تعالى.
١١٥ ـ محمد بن أبى
بكر بن علىّ بن يوسف الذورى الأصل ، المكى المولد والدار ، نحوى مكة ، الإمام
البارع نجم الدين ، المعروف بالمرجانى :
ولد فى سنة ستين
وسبعمائة بمكة ، وسمع بها على قاضى الديار المصرية عز الدين بن جماعة : جانبا من
منسكه الكبير فى المذاهب الأربعة ، وحديث عبد الله بن مسعود رضى الله عنه : «يجمع
خلق أحدكم فى بطن أمه ...» . الحديث من معجم ابن جميع ، والبردة للبوصيرى.
__________________
وسمع بعنايته
بمكة. وقرأ كثيرا من الكتب الكبار ، والأجزاء على : الشيخ جمال الدين إبراهيم بن
محمد الأميوطى ، والعفيف عبد الله بن محمد النشاورى ، خاتمة أصحاب الرضى الطبرى
بالسماع ، وعلى غيرهما.
وروى الثقفيات عن
النشاورى سماعا. ورحل إلى دمشق فقرأ على المسند شمس الدين محمد بن أحمد الأسمرى
المنبجى ، خطيب المزة ، وابن خطيبها : الموطأ لمالك ، رواية يحيى بن بكير ، ومسند
الشافعى ، ومسند الدارمى ، ومسند عبد بن حميد. وقرأ مسند عبد على جماعة من أصحاب
الحجار.
وسمع على الحافظ
شمس الدين بن المحب الصامت وغيره ، من أصحاب القاضى سليمان.
واستجاز لى من
المذكورين ، ومن محمد بن عمر بن عوض البيطار ، وإبراهيم ابن أبى بكر السلار ، وأبى
الهول على بن عمر الجوزى ، ويوسف بن محمد الصيرفى وغيرهم.
وعنى بفنون من
العلم ، ومهر فى العربية ومتعلقاتها ، وله معرفة بالأدب ونظم ونثر.
ومن نظمه قصيدة
مفيدة سماها «مساعد الطلاب فى الكشف عن قواعد الإعراب» ضمنها ما ذكره الشيخ جمال
الدين بن هشام فى تأليفه «مغنى اللبيب» ، «وقواعد الإعراب فى معانى الحروف» ، وما
لغيره فى المعنى. وله عليها شرح ، وقد سمعتها عليه ، وكثيرا من شرحها لما كنا
نشتغل عليه.
وكان حسن الإيراد
والدرس لجودة عبارته وقوة معرفته بالعربية.
وقد أخذها عن
جماعة منهم : نحوى مكة الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى المالكى ،
والشيخ أبو عبد الله الغمارى ، المغربى قدم عليهم مكة.
وكان فاضلا فى
فنون على ما ذكر لنا المرجانى ، وأخذ عن غير واحد من الفضلاء.
وحضر فى الفقه
والأصلين ، وغير ذلك عند : الشيخ جمال الدين الأميوطى ، وجدى قاضى مكة كمال الدين
أبى الفضل النويرى ، وكان يلائمه كثيرا.
وله عناية بالفقه
، ودرس فيه بالمدرسة المنصورية بمكة فى ست وعشرين سنة ، فإنه ولى تدريسها فى سنة
إحدى وثمانمائة مع نظر المدارس الرسولية بمكة.
وقيل موته بأشهر :
نزل عن تدريس المنصورية لولده كمال الدين أبى الفضل ، ودرس فى حياة أبيه.
وخرج عنه نظر
المدارس نحو سنة فى آخر سنة إحدى وعشرين وثمانمائة ، وعاد إليه فى آخر التى بعدها.
وعرض له قبل موته بنصف سنة مرض توهن له بدنه ورأيه.
وقد سمعت عليه :
المنسك الصغير للقاضى عز الدين بن جماعة بإجازته منه. وحدث عنه بالمنسك الكبير غير
مرة ، وبالثقفيات عن النشاورى ، وحدثت بها معه.
وكان مليح الكتابة
سريعها ، ذا مروءة كثيرة ، وحياء ، وتواضع ، وإنصاف. وكان لى موادا.
ودخل اليمن غير
مرة ، ومصر مرتين ، الأولى : فى سنة ثمان وثمانين ، والثانية : فى سنة تسع وتسعين
وسبعمائة ، لتحصيل كتب للملك الأشرف صاحب اليمن. وكان محسنا له.
وعانى بمكة :
كتابة الوثائق والسجلات على خالى قاضى مكة محب الدين بن القاضى أبى الفضل النويرى
، وقرأ عليه بعض كتب الحديث ، وكانت المودة بينهما كبيرة.
واستفاد بعد الفقر
عقارا ودنيا بسعى جميل.
وملك كتبا كثيرة
نفيسة ، وكان محسنا بعاريتها ، وربما أحسن مرات بمعلومه على نظر المدارس ، ومعلوم
التدريس بالمنصورية لمن ليس له فى المدارس اسم من الطلبة وغيرهم.
وجمع شيئا فى
طبقات الفقهاء الشافعية ، وكان اختصره من طبقات الإسنائى ، ونظم شيئا فى دماء
الحج.
وتوفى وقت العصر
من يوم السبت خامس شهر رجب سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة بكرة
يوم الأحد سادسه ، رحمهالله ، وجزاه خيرا.
١١٦ ـ محمد بن أبى
بكر بن عيسى بن عثمان الأشعرى ، المعروف بابن حنكاش :
ذكره الجندى فى
تاريخه. وذكر : أنه ولد سنة تسع وثلاثين وستمائة.
وتفقه ، وغلب عليه
الشعر. وسكن مكة ، إذ نال من أبى نمى ـ صاحبها ـ حظوة.
وكان أبوه من صدور
العلماء باليمن.
١١٧ ـ محمد بن أبى
بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى :
سمع كثيرا من :
يونس الهاشمى ، وزاهر بن رستم ، وابن أبى الصيف ، وتفقه عليه. ومات فى حياته بأثر
قدومه مكة ، من زيارة النبى صلىاللهعليهوسلم فأمر بدفنه على حاله محرما.
كذا ذكر الميورقى
، ولم يذكر تاريخ وفاته. وكانت فى الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة خمس
وستمائة بمكة.
ومولده بعد العصر
آخر يوم من جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. نقلت مولده ووفاته من خط شيخنا
ابن شكر ، وذكر : أنه نقل ذلك من خط المحب الطبرى.
١١٨ ـ محمد بن أبى
بكر بن محمود بن يوسف بن علىّ الكرانى ، الهندى ، المكى ، والحنفى:
كان يزوق السقوف
بالدهان. وفيه قوة وشهامة. توفى بالقاهرة سنة تسعين وسبعمائة.
١١٩ ـ محمد بن أبى
بكر بن مسعود بن يحيى اليمنى ، المعروف : بالحبيشى :
المؤدب بمكة. سمع
بها من : الشيخ فخر الدين النويرى ، والقاضى عز الدين بن جماعة فى سنة ثلاث
وخمسين.
وأدب بها جماعة من
الأعيان ، منهم : شيخنا السيد تقى الدين عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى ، وسألته
عنه. فقال : كان صالحا عابدا.
جاور بمكة مدة
طويلة تزيد على عشرين سنة ، ومات بها بعد الستين وسبعمائة.
وذكر : أنه كان
يؤدب عند بعض الأمراء باليمن ، فراودته على نفسه بعض حريم الأمير ؛ لأنه كان جميلا
، فقطع مذاكيره ، وأرسل بها إليها. انتهى.
والحبيشى ـ بضم
الحاء المهملة وباء موحدة مفتوحة ، وياء مثناة ساكنة ، وشين معجمة ـ وبالنسبة :
تصغير حبشى ، وهم قبيلة باليمن ، يقال لهم : بنى حبيش ، منهم علماء أعيان فى جبال
اليمن.
١٢٠ ـ محمد بن أبى
بكر بن ناصر بن أحمد العبدرى ، الشيبى ، المكى ، يلقب بالجمال :
شيخ الحجبة ،
وفاتح الكعبة. ذكر شيخنا ابن شكر ، على ما وجدت بخطه : أنه ولى
ذلك بعد محمد بن
يوسف الشيبى فى أوائل جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وسبعمائة قبل موت محمد بن
يوسف. واستمر على ذلك حتى مات.
إلا أنه صرف عن
ذلك فى أوائل سنة سبع وخمسين وسبعمائة ، وهو غائب بمصر بأبى الفضل الشيبى ـ الآتى
ذكره.
واستنجز محمد بن
أبى بكر ـ هذا ـ مرسوما سلطانيا بعوده كما كان ، لكون صهره يوسف بن محمد بن أبى
راجح ـ الآتى ذكره ـ ينوب عنه فى ذلك إلى حين حضوره إلى مكة.
فباشر يوسف ذلك فى
آخر شعبان أو فى أول رمضان من السنة المذكورة. انتهى.
وكانت وفاته فى
سنة سبع وسبعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، وهو فى عشر السبعين. وكان الناس
يراعونه لإقدامه فى الكلام.
ونافر القاضى شهاب
الدين الطبرى ، قاضى مكة ، وهو من أسباب عزله من الحجابة. وكان ذا مروءة وهمة
عالية.
سمع بآخره من :
القاضى عز الدين بن جماعة ، والفخر النويرى.
ومولده ـ فيما
بلغنى ـ ببلاد مقدشوه ، وكان يتردد إليها ، وولد له فيها بعض أولاده.
١٢١ ـ محمد بن أبى
بكر بن أبى الحسن الطوسى :
إمام مقام الخليل عليهالسلام. حدث عن عبد الرحمن بن ديلم الشيبى بكتاب تاريخ مكة
للأزرقى. رواه عنه الشريف يونس بن يحيى الهاشمى.
توفى يوم الجمعة
ثامن عشر رجب سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
نقلت وفاته من حجر
قبره بالمعلاة ، وهو بخط عبد الرحمن بن أبى حرمى ، إلا أنه لم يذكر الطوسى ، وهو
هو لأنه إمام مقام إبراهيم الخليل عليهالسلام.
١٢٢ ـ محمد بن ثابت بن سباع المكى :
روى عن : عائشة
رضى الله عنها ، وأم كرز الكعبية. روت عنه بنته خيرة. روى عنه : ابن عمه سباع بن
ثابت.
__________________
روى له الترمذى.
وذكره ابن حبان فى ثقاته.
وذكره مسلم فى :
الطبقة الثانية من تابعى أهل مكة.
١٢٣ ـ محمد بن ثابت الأنصارى ، المراكشى :
كانت له معرفة
بالقراءات السبع ، قرأها على : الشيخ برهان الدين المسرورى ، وسراج الدين
الدمنهورى بمكة ، ولم يكمل عليه.
وكان يؤدب الأطفال
بمكة عند باب أجياد من الحرم الشريف. توفى سنة تسع وأربعين وسبعمائة بمكة.
ذكره لى شيخنا أبو
بكر بن قاسم بن عبد المعطى ، بمعنى هذا.
وأخبرنى صاحبنا
العفيف عبد الله بن الجمال محمد بن علىّ العجمى المكى ، عن أبيه ، عن محمد بن ثابت
ـ المذكور ـ : أنه نذر للشيخ أبى العباس السبتى بدرهم كان معه فيه خرق ، وتصدق به
عنه ؛ لأن العادة جرت عندهم ببلادهم بالنذر للمذكور والصدقة عنه بالمنذور ، وأنهم
يفعلون ذلك لقضاء الحوائج ، ويجدون له أثرا.
وكان ابن ثابت فعل
ما فعل رجاء لحصول ملبوس يتدفأ به. فما مضى عليه غير قليل حتى وهب له برنوس ، أو
كساء فيه خرق. فكره ذلك ، وقال : ليته كان صحيحا. فنام فرأى فى المنام قائلا يقول
له : لو تصدقت بدرهم غير مخروق لكان ما أعطيته كذلك.
هذا معنى ما
أخبرنى به صاحبنا العفيف ، وهى قضية عجيبة. والرجل المنذور له مشهور بعظيم الصلاح.
أعاد الله علينا من بركاته وبركات الصالحين.
والسبتى ، بسين
مهملة ، ثم باء موحدة ، ثم تاء مثناة من فوق وياء للنسبة.
١٢٤ ـ محمد بن جابر
بن عبد الله ، المعروف بالحراشى ، اليمنى :
سكن مكة مدة فى
حال ولاية أبيه لأمر جدّه. ثم دخل بعد ذلك بمدة إلى اليمن فأكرمه صاحب اليمن ،
ووقع بينه وبين أهل الشرجة فتنة قتل فيها بعضهم.
__________________
ثم استدعاه أبوه
إلى مكة بعد أن لايم صاحبها ، فوصل إلى مكة فى الموسم من سنة ست عشرة وثمانمائة ،
ثم قبض عليهما بمنى ، وشنقا بعد المغرب من ليلة نصف ذى الحجة سنة ست عشرة
وثمانمائة. وكان شنقه بباب الشبيكة ، وشنق أبيه بباب المعلاة.
وبلغنى : أن محمدا
ـ هذا ـ لما استأذن صاحب اليمن فى القدوم إلى مكة ، وأخبره باستدعاء أبيه له ، قال
له كلاما معناه : إنكما تشنقان أو تكحلان. فكان من أمرهما ما كان.
وبلغنى : أن محمدا
ـ هذا ـ فاضت روحه من خوف القتل قبل شنقه ، فالله يغفر له. وقبره بالمعلاة. وعمره
ثلاثون ـ ظنا ـ والله أعلم.
١٢٥ ـ محمد بن جار
الله بن حمزة بن راجح بن أبى نمى الحسنى ، المكى :
كان من أعيان
الأشرف ذوى أبى نمى.
توفى فى آخر اليوم
السابع من ذى القعدة سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة. وقد بلغ
الثلاثين أو جاوزها.
١٢٦ ـ محمد بن جار
الله بن صالح بن أحمد الشيبانى ، المكى :
سمع من بعض شيوخه
بمكة ، وحفظ بعض المختصرات فى فقه الحنفية ، واشتغل بالعلم.
وسافر مع أبيه إلى
مصر فى موسم سنة أربع عشرة وثمانمائة ، فأقام بها إلى أن توفى فى سنة خمس عشرة وثمانمائة
فى ذى الحجة ـ فيما أحسب ـ بخانقاه سعيد السعداء. ودفن بمقبرة الصوفية. وقد جاوز
العشرين ، وكان خيرا.
* * *
من اسمه محمد بن جعفر
بن أحمد
١٢٧ ـ محمد بن جعفر
بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسى قاضى مكة ، وخطيبها عماد الدين ، ويقال :
فخر الدين أبو جعفر ، ويقال : أبو الحسن البغدادى :
ذكر المنذرى : أنه
ولد فى الرابع عشر من رجب ، سنة أربع وعشرين وخمسمائة. وأجاز له : أبو القاسم بن
الحصين ، والقاضى أبو بكر الأنصارى ، والشروطى ، وجماعة.
وسمع من : جده أبى
جعفر أحمد بن محمد العباسى ، وأبى الوقت السجزى ، وغيرهم.
وتفقه على الإمام
أبى الحسن بن الخل ببغداد ، وسمع منه ، وحدث ، وأجاز له. وتولى القضاء بمكة
والخطابة بها.
وولى قضاء القضاة
ببغداد ، وتوفى بها ليلة التاسع عشر من جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وخمسمائة ،
ودفن بالعطافية عند جده.
وذكره ابن الدبيثى
فى ذيل تاريخ بغداد. وذكر من حاله ما ذكره المنذرى بزيادة فى ذلك وغيره ، فقال :
وتولى القضاء بمكة والخطابة بها فى سنة تسع وسبعين وخمسمائة ، وخرج إليها فى هذه
السنة.
وخطب فى أيام
الموسم ، وصلى بنا الجمعة ، وكنت فى هذه السنة حاجا.
ولما عزل قاضى
القضاة أبو طالب علىّ بن علىّ بن النجارى ، عن قضاء القضاة يوم الجمعة ، رابع شهر
رمضان سنة أربع وثمانين وخمسمائة ولى أبو الحسن محمد بن جعفر العباسى ـ هذا ـ قضاء
القضاة فى هذا اليوم.
وشافهه بالولاية
الوزير أبو المعالى سعيد بن علىّ بن حديدة ، فحضر الجمعة ، ومعه العدول ، وأتباع
مجلس الحكم ممن كتب عهده وقرئ. وخلع عليه فى الشهر المذكور.
فلم يزل على حكمه
وقضائه ، يسمع الشهادات ، ويثبت الحقوق ، ويقبل الشهود ، إلى أن عزل يوم الاثنين
ثانى عشر جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانين وخمسمائة بمحضر من القضاة والعدول
والفقهاء عند أستاذ الدار العزيزة ـ شيد الله قواعدها بالعز ـ أبى المظفر عبيد
الله بن يونس ، بسبب كتاب أثبته باسم الحسن بن زركل الاسترابادى التاجر ، على
فاطمة بنت محمد بن حديدة زوجة أبى المعالى بن حديدة ـ الذى كان وزيرا ـ بشهادة
أحمد بن علىّ بن كردى ، ومحمد بن محمد بن المهتدى.
وكان الكتاب مزورا
على المرأة المذكورة ، وتولى إثباته أبو الفتح محمد بن محمود بن الحرانى ، وكان
أحد العدول ، وأقر أنه مزور ، وأن قاضى القضاة ارتشى على إثباته من الحسن
الاسترابادى ، خمسين دينارا وثيابا. فسئل العباسى عن ذلك ، فأنكر وقال : هذا سجلى
، وثبت عندى بشهادة الشاهدين المذكورين ، فحضر محمد بن محمد بن المهتدى وأنكر :
أنه شهد على المرأة المذكورة ، وأنه شهد عند العباسى به.
فاستفتى الفقهاء
الحاضرون : إذا أنكر الشاهد أنه شهد عند الحاكم بشىء ، هل القول قوله أو قول
الحاكم؟.
فأفتوا أن القول
قول الشاهد. وأكد ذلك شهادة ابن الحرانى عليه : أنه مزور ، وأنه ارتشى على إثباته
للزور.
فعزل أستاذ الدار
ـ يومئذ ـ بمحضر من الجمع ، وأمر برفع طيلسانه وانفصل الجمع ووكل به أياما ، ثم
أفرج عنه.
وحضر الشاهد الآخر
، وهو أحمد بن علىّ بن كردى ، فأنكر شهادته كما أنكرها ابن المهتدى.
وعزل ابن الحرانى
المذكور أيضا ، وشاهدان كان خطهما على ظهر السجل بمعارضة بأصله ، ولزم العباسى
بيته إلى أن مات. انتهى.
١٢٨ ـ محمد بن جعفر
بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم بن محمد بن الحسين ابن محمد بن موسى بن عبد الله
بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ابن علىّ ابن أبى طالب الحسنى ، المكى ،
أبو هاشم ، أمير مكة :
ذكر صاحب المرآة
فى أخبار سنة خمس وخمسين وأربعمائة : أن محمد بن هلال الصابى نقل عمن ورد من الحج
أنهم : ذكروا دخول الصليحى صاحب اليمن إلى مكة ، واستيلاؤه عليها ، وما فعله من
الجميل فيها ، وأن الأشراف الحسنيين راسلوه.
وكانوا قد نهدوا عن مكة ، فسألوه : أن يرتب منهم من يختاره ، فرتب فى
الإمارة : محمد بن أبى هاشم ، وكان صهر شكر ـ يعنى ابن أبى الفتوح ـ على ابنته ،
وأمرّه على الجماعة ، وأصلح بين العشائر ، واستخدم له العساكر ، وأعطاه مالا
وخمسين فرسا وسلاحا.
ولما رحل الصليحى
إلى اليمن متخوفا من الأشراف لموت سبعمائة رجل من أصحابه ، أقام نائبا عنه بمكة ،
محمد بن أبى هاشم. فقصده الحسينيون بنو سليمان ، مع حمزة بن أبى وهاس ، فلم يكن
لأبى هاشم بهم طاقة ، وحاربهم وخرج من مكة ، فتبعوه فرجع وضرب واحدا منهم ضربة ،
فقطع درعه وفرسه وجسده ، ووصل إلى الأرض. فدهشوا ورجعوا عنه.
وكان تحت فرس تسمى
دنانير ، لا يكل ولا يمل ، وليس له فى الدنيا شيبه. فمضى إلى وادى الينبع ، وقطع
الطريق عن مكة ، والقافلة.
__________________
ونهب بنو سليمان
مكة ، ومنع الصليحى الحج من اليمن ؛ فغلت الأسعار وزادت البلية. انتهى بلفظه إلا
يسيرا فبالمعنى.
وذكر صاحب المرآة
ما يقتضى : أن بنى أبى الطيب الحسنيين : ملكوا مكة بعد شكر.
وكان من خبره بعد
ذلك : أنه عاد إلى الإمرة ، وقطع خطبة المستنصر العبيدى صاحب مصر ، وسبب ذلك : ذلة
المصريين بالقحط المفرط ، واشتغالهم بأنفسهم ، حتى أكل بعضهم بعضا ، وتشتتوا فى
البلاد ، وكاد الخراب أن يستولى على سائر الأقاليم حتى بيع الكلب بخمسة دنانير ،
والهر بثلاثة دنانير ، وبلغ الأردب مائة دينار.
وأعاد الخطبة
العباسية بعد قطعها من الحجاز من نحو مائة سنة ، وخطب للخليفة القائم بأمر الله
أبى جعفر عبد الله بن عبد القادر أحمد بن إسحاق بن المقتدر العباسى ، وللسلطان ألب
أرسلان السلجوقى.
وذكر بعضهم : أنه
لما افتتح الخطبة العباسية ، قال : الحمد لله الذى هدى بأهل بيته إلى الرأى المصيب
، وعوض بنيه بلبسه الشباب بعد المشيب ، وأمال قلوبنا إلى الطاعة ، ومتابعة أهل
الجماعة ، وترك الأذان بحى على خير العمل ، انتهى.
وكان فعله لذلك فى
سنة اثنتين وستين وأربعمائة ، على ما ذكر غير واحد ، منهم ابن الأثير ؛ لأنه قال ـ
فى أخبار هذه السنة ـ : وفيها ورد رسول صاحب مكة محمد ابن أبى هاشم ، ومعه ولده
إلى السلطان ألب أرسلان يخبره بإقامة الخطبة للخليفة القائم ، وللسلطان بمكة ،
وإسقاط خطبة العلوى صاحب مصر ، وترك الأذان بحى على خير العمل ، فأعطاه السلطان
ثلاثين ألف دينار وخلعا نفيسة ، وأجرى له كل سنة عشرة آلاف دينار. وقال : إذا فعل
مهنا أمير المدينة كذلك أعطيناه عشرين ألف دينار ، وفى كل سنة خمسة آلاف دينار.
انتهى.
وذكر شيخنا ابن
خلدون فى تاريخه : أن أبا الغنائم النقيب لما جاور بمكة سنة سبع وخمسين وأربعمائة
استقال أميرها ابن أبى هاشم ـ هذا ـ حتى قطع خطبة المستنصر صاحب مصر ، وخطب للقائم
العباسى.
ثم قطع خطبته فى
سنة ثمان وخمسين لما قطع المستنصر الميرة عن مكة. ثم أعاد خطبة القائم فى سنة تسع
وخمسين ثم قطع خطبته ، فأرسل إلى أمير مكة مالا وعاتبه على قطع خطبته. فخطب له فى
أيام الموسم سنة اثنتين وستين ، واعتذر إلى المستنصر. انتهى. وهذا لم أر من ذكره
سواه.
وكان المستنصر
العبيدى صاحب مصر ، أرسل رسولين فى سنة ست وستين وأربعمائة إلى ابن أبى هاشم أمير
مكة ـ هذا ـ : ففتحا عليه خطبته للخليفة العباسى ، والسلطان ألب أرسلان ، وبذلا له
مالا على قطع الخطبة لهما.
فلم يلتفت إليهما
، وأقصاهما ؛ لأنه كان وصل له ولأصحابه صحبة السلار من المال ما ملأ عينه وقلبه.
وأخذ السلار من
الحاج الذين اتبعوه دنانير فدفعها إليه وإلى العبيد ، فلما لم يصل فى سنة سبع
وستين من جهة الخليفة العباسى ما كان يصل لأمير مكة قطع خطبة المهتدى العباسى.
وصادف مع ذلك : أن المستنصر أرسل إليه بهدايا وتحف ليخطب له ، وقال له : إنما كانت
أيمانك وعهودك للقائم وللسلطان ألب أرسلان ، وقد ماتا. فخطب للمستنصر ، ثم قطع
خطبته فى سنة ثمان وستين.
وخطب للمهتدى عبد
الله بن محمد الذخيرة بن القائم الخليفة العباسى. وصار يخطب تارة لبنى العباس ،
وتارة لبنى عبيد.
وما ذكره من خبر
ابن أبى هاشم ورسولى المستنصر وما وصل إليه مع السلار ، وما جمع له السلار : ذكر
صاحب المرآة ما يوافقه. وما ذكرناه من خطبة ابن أبى هاشم فى سنة سبع وستين
للمستنصر ، وقطع خطبته فى سنة ثمان وستين ؛ ذكر ابن الأثير ما يوافقه.
وذكر : أن قطع
خطبته فى سنة ثمان وستين كان فى ذى الحجة منها ، وقال ـ لما ذكر خطبة ابن أبى هاشم
للمستنصر فى سنة سبع وستين ، وقطع خطبة المهتدى : وكانت مدة الخطابة العباسية بمكة
أربعا وستين وخمسة أشهر ـ يعنى من حين إعادتها إلى حين قطعها فى سنة سبع وستين.
وذكر ما يوافق ما
ذكرناه من إهداء المستنصر لابن أبى هاشم فى هذه السنة. ثم هرب ابن أبى هاشم من مكة
فى سنة أربع وثمانين وأربعمائة إلى بغداد ، لما استولى عليها التركمان الذين
أرسلهم السلطان ملك شاه بن ألب أرسلان السلجوقى للاستيلاء على الحجاز واليمن ،
وإقامة الدعوة له هناك.
وكان توجههم إلى
اليمن فى سنة خمس وثمانين ، وملكوا عدن واستولوا على كثير من البلاد وعاثوا فيها ،
وأساءوا السيرة.
وأصاب مقدمهم جدرى
فمات ، فحملوه إلى بغداد ودفنوه بها.
وما ذكرناه من خبر
التركمان ومقدمهم ، ذكره بعض من عاصرناه فى تاريخه ، وأكثر ظنى أنه شيخنا ابن
خلدون. والله أعلم.
وما ذكرناه من هرب
ابن أبى هاشم منهم ذكره ابن الأثير ؛ لأنه قال ـ فى أخبار سنة أربع وثمانين
وأربعمائة ـ : فيها وصل ابن أبى هاشم أمير مكة مستغيثا من التركمان. انتهى.
وذكر ابن الأثير فى
كامله : أن محمد بن أبى هاشم ـ هذا ـ فى سنة ست وثمانين وأربعمائة ، سير عسكرا
لينهبوا الحاج ، فلحقوهم بالقرب من مكة ، فنهبوا كثيرا من أموالهم وجمالهم ،
فعادوا إليها وأخبروه وسألوه أن يعيد إليهم ما أخذ منهم ، وشكوا إليه بعد ديارهم ،
فأعاد بعض ما أخذه منهم ، فلما أيسوا منه ساروا من مكة عائدين على أقبح صفة.
فلما بعدوا عنها
ظهر عليهم جموع من العرب فى عدة جهات ، فصانعوهم على مال أخذوه من الحاج بعد أن
قتل منهم جماعة وافرة ، وهلك كثير بالضعف والانقطاع ، وعاد السالم منهم على أقبح
صورة. انتهى.
وهؤلاء الحجاج من
حجاج الشام على ما ذكر ابن الأثير.
وذكر صاحب المرآة
: أن ابن أبى هاشم ـ هذا ـ : كان فى سنة اثنتين وستين وأربعمائة: أخذ قناديل
الكعبة وستورها وصفائح الباب ، وصادر أهل مكة حتى هربوا منه. انتهى.
وذكر ابن الأثير :
أنه توفى فى سنة سبع وثمانين وأربعمائة ، وقد جاوز سبعين سنة ، قال: ولم يكن له ما
يمدح به.
وذكر الذهبى وفاته
وسنه : بمعنى ما ذكره ابن الأثير ، وقال : كان ظالما قليل الخير. انتهى.
وذكر شيخنا ابن
خلدون : أن ابن أبى هاشم ـ هذا ـ : جمع أنجادا من الترك ،
__________________
وزحف بهم إلى
المدينة ، وأخرج منها بنى حسين وملكها ، وجمع بين الحرمين. وأن ولايته كانت ثلاثا
وثلاثين سنة.
ووقع فى النسخة
التى رأيتها من تاريخ شيخنا ابن خلدون فى نسب ابن أبى هاشم ـ هذا ـ : سقط وتخبيط
فى نسبه ؛ لأنه أسقط بين جعفر ، وأبى هاشم محمد بن عبد الله ، وصحف الحسين والد
أبى هاشم بالحسن. والصواب ما ذكرناه. والله أعلم.
١٢٩ ـ محمد بن جعفر
الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علىّ بن الحسين بن علىّ بن أبى طالب العلوى
، الملقب بالديباجة :
له رواية عن أبيه.
وروى : عنه إبراهيم بن المنذر ، ومحمد بن يحيى بن أبى عمر العدنى ، ويعقوب بن حميد
بن كاسب. وكان بطلا شجاعا عاقلا ، يصوم يوما ويفطر يوما.
وكان العلويون
بايعوه بمكة أيام المأمون ، وذلك فى يوم الجمعة فى ربيع الأول سنة مائتين ، بعد
إبائه لذلك.
وجمع الناس لبيعته
، طوعا وكرها ، ابنه على بن محمد بن جعفر ، وحسين بن حسن الأفطس لما بلغه موت أبى
السرايا ، الذى أنفذ الحسين إلى مكة للاستيلاء عليها.
ولم يكن لمحمد بن
جعفر هذا مع ابنه على والحسين والأفطس من الأمر شىء. وسار ابنه على والحسين
وجماعتهم بمكة ، أقبح سيرة ، بحيث وثب على بن محمد بن جعفر على غلام أمرد ، وهو
ابن قاضى مكة ، يقال له : إسحاق بن محمد ، وكان جميلا ، فأخذه قهرا.
فلما رأى ذلك أهل
مكة ومن بها من المجاورين : اجتمعوا بالحرم الشريف ، واجتمع منهم جمع كثير. فأتوا
محمد بن جعفر ، وقالوا له : لنخلعنك ولنقتلنك ، أو لتردن إلينا هذا الغلام.
فأغلق بابه وكلمهم
من شباك ، وطلب منهم الأمان ليركب إلى ابنه ويأخذ الغلام ، وحلف لهم أنه لم يعلم
بذلك ، فأمنوه.
وركب إلى ابنه ،
وأخذ الغلام منه وسلمه إلى أهله ، ولم يلبثوا إلا يسيرا حتى قدم
__________________
إسحاق بن موسى
العباسى عامل اليمن ، فارا منها لتغلب إبراهيم بن موسى بن جعفر ، ونزل المشاش.
واجتمع العلويون
إلى محمد بن جعفر الديباجة ، وقالوا : قد رأينا أن تخندق علينا بأعلا مكة.
ثم حشدوا الأعراب
، فقاتلهم إسحاق أياما ، ثم كره الحرب ، وطلب العراق ، فلقيه الجند للذين نفذهم :
هزيمة ، ومعهم الجلودى ، وورقاء بن جميل ، فقالوا لإسحاق : ارجع معنا ، ونحن نكفيك
القتال ، فرجع معهم.
واجتمع إلى محمد هذا
غوغاء أهل مكة ، وسودان أهل البادية ، والأعراب ، فعبأهم ببئر ميمون.
وأقبل ورقاء
وإسحاق بن موسى بمن معهما من القواد والجند فالتقوا وقتل جماعة ، ثم تحاجزوا ، ثم
التقوا من الغد ، فانهزم محمد وأهل مكة ، وطلب محمد الديباجة منهم الأمان ، فأجلوه
ثلاثا ، ثم نزح عن مكة.
ودخلها إسحاق
وورقاء فى جمادى الآخرة. وتفرق الطالبيون عن مكة كل قوم ناحية. فأخذ محمد ناحية
جده ، ثم طلب الجحفة.
فخرج عليه محمد بن
حكيم من موالى آل العباس ، ومعه عبيد ليدركوه ؛ لأن الطالبيين كانوا نهبوا داره ،
وبالغوا فى أذاه. فلحقه بقرب عسفان ، وانتهب جميع ما معه ، حتى لم يبق فى وسطه إلا
سراويل ، وهمّ بقتله ، ثم رحمه وطرح عليه ثوبا وعمامة ، وأعطاه دريهمات ، فمضى
وتوصل إلى بلاد جهينة على الساحل ، فأقام هناك أشهرا يجمع الجموع.
وكان بينه وبين
والى المدينة هارون بن المسيب ، وقعات عند الشجرة وغيرها فهزم وفقئت عينه بسهم ،
وقتل من أصحابه خلق كثيرون ، ورد إلى موضعه.
فلما انقضى الموسم
طلب الأمان من الجلودى ، ومن ورقاء بن جميل ، وهو ابن عم الفضل بن سهل ، فأمناه ،
وضمن له ورقاء عن المأمون ، وعن الفضل بالأمان. فقبل ذلك.
__________________
وأتى مكة لعشر
بقين من ذى الحجة ، فخطب الناس وقال : إنى بلغنى أن المأمون مات ، وكان له فى عنقى
بيعة ، وكانت فتنته عمت الأرض فبايعنى الناس ، ثم إنه بلغنى : أن المأمون حى صحيح
، وأنا أستغفر الله من البيعة ، وقد خلعت نفسى من بيعتى التى بايعتمونى عليها ،
كما خلعت خاتمى هذا من أصبعى ، فلا بيعة لى فى رقابكم.
ثم نزل وسار سنة
إحدى ومائتين إلى العراق ، فسيره الحسن بن سهل إلى مرو. فلما سار المأمون إلى
العراق صحبه ، فمات بجرجان .
وفى تاريخ الذهبى
ـ بعد أن ذكر قدوم الديباجة إلى مكة بالأمان ـ : فصعد عيسى ابن يزيد الجلودى
المنبر بمكة ، وصعد دونه محمد بن جعفر عليه قباء أسود ، فخلع نفسه ، واعتذر عن
خروجه : بأنه بلغه موت المأمون ، وقد صح عندى الآن أنه حى ، وأستغفر الله من فعله.
ثم خرج به عيسى
الجلودى إلى العراق ، فبعث به الحسن بن سهل إلى المأمون وبقى قليلا.
ثم مات فى شعبان
سنة ثلاث ومائتين. فصلى عليه المأمون ، ونزل فى لحده ، وقال : هذه رحم قطعت من
سنين.
وقيل : إن سبب
موته : أنه جامع ودخل الحمام ، وافتصد فى يوم واحد ، فمات فجأة.
كتبت هذه الترجمة
من تاريخ ابن الأثير ، المسمى بالكامل ، وتاريخ الإسلام للحافظ الذهبى ، وجمعت بين
ما ذكراه ، وكل منهما : ذكر ما لم يذكر الآخر.
وقال فى حقه ابن
الأثير : وكان شيخا محببا فى الناس ، مفارقا لما عليه كثير من أهل بيته من قبح
السيرة. وكان يروى العلم عن أبيه جعفر ، وكان الناس يكتبون عنه.
وكان يظهر زهدا.
فلما أتوه ، قالوا : نعلم منزلتك فى الناس ، فهلم نبايع لك بالخلافة ، فإن فعلت لم
يتخلف عليك رجلان. فامتنع من ذلك ، فلم يزل به ابنه على وحسين بن حسن الأفطس ، حتى
غلباه على رأيه ، وأجابهم.
فأقاموا فى ربيع
الآخر ، فبايعوه بالخلافة ، وجمعوا الناس فبايعوه طوعا كرها ، وسموه : أمير
المؤمنين ، فبقى شهورا وليس له من الأمر شىء. انتهى. وبعض هذا ذكرناه فيما سبق.
__________________
١٣٠ ـ محمد بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن
محمد بن على بن عبد الله بن عباس ، الخليفة ، المستنصر بن المتوكل بن المعتصم بن
الرشيد بن المهدى بن المنصور العباسى:
ولاه أبوه الحرمين
والطائف واليمن ، فى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين فى رمضان ، ثم عزل بمحمد بن داود بن
عيسى العباسى.
ثم ولى الخلافة
بعد أبيه ، فلم تطل مدته ، ومات بالخوانيق فى ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين
عن ست وعشرين سنة. وكانت مدة خلافته سبعة أشهر.
قال الذهبى : كان
ربعة حسنا أعين أقنا بطينا ، مليح الصورة ، مهيبا. وكان كامل العقل محببا فى الخير
، محسنا إلى آل على ، بارا لهم.
وقيل : إن أمراء
الترك خانوه ، فلما حمّ دسوا إلى طبيبه ثلاثين ألف دينار ، ففصده بريشة مسمومة.
وقيل : سم فى
كمثرى. وقيل : إنه قال : يا أماه ذهبت منى الدنيا والآخرة ، عاجلت أبى فعوجلت.
١٣١ ـ محمد بن جعفر بن أبى الأزهر ، مولى بنى هاشم ، أبو صالح
، المكى ، المعروف ، بابن زنبور :
روى عن إسماعيل بن
جعفر : نسخة وقعت لنا عالية إليه. وروى عن : حماد بن زيد وفضيل بن عياض ،
والدراوردى ، وابن أبى حازم وجماعة.
روى عنه : النسائى
، وأحمد بن عمر ، والبزار ، وعمر بن مجير ، وأبو عروبة ، وابن صاعد ، ومحمد بن
إبراهيم الديبلى ، وطائفة.
__________________
وثقه النسائى ،
وقال : لا بأس به. وقال : مات سنة ثمان وأربعين ومائتين.
وذكره ابن حبان فى
الثقات. وقال أبو أحمد والحاكم : ليس بالمتين عندهم ، تركه ابن خزيمة.
وقال صاحب الكمال
: يقال : إنه حج ثمانين حجة. وذكر الذهبى : أنه مات فى ذى الحجة سنة ثمان وأربعين
يعنى ، ومائتين.
قرأت على فاطمة
وعائشة بنتى محمد بن عبد الهادى بالسفح فى الرحلة الأولى : أن أبا العباس أحمد بن
أبى طالب الحجار ، أخبرهما عن أبى الحسن محمد بن أحمد بن عمر المؤرخ ، قال :
أخبرنا الشريف أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسى ، قال أخبرنا أبو على
الحسن بن عبد الرحمن الشافعى ، قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسى المكى
، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلى ، قال : حدثنا أبو صالح محمد بن
أبى الأزهر ، المكى ، المعروف بابن زنبور ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، قال : حدثنا
عبد الله بن دينار : أنه سمع ابن عمر رضى الله عنهما ، يقول : «كنا نبايع رسول
اللهصلىاللهعليهوسلم ، على السمع والطاعة. يقول لنا : فيما استطعتم» .
أخرجه مسلم ،
والترمذى ، والنسائى ، عن على بن حجر. ومسلم أيضا عن يحيى بن أيوب ، وقتيبة ، كلهم
عن إسماعيل بن جعفر. فوقع لنا بدلا لهم عاليا .
١٣٢ ـ محمد بن جعفر بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد
مناف الهاشمى :
ولد بالحبشة. وحلق
النبى صلىاللهعليهوسلم رأسه ورءوس إخوته ، حين جاءوا مع ابنى جعفر ،
__________________
ودعا لهم ، وقال :
«أنا وليهم فى الدنيا والآخرة» وقال : «أما محمد ، فشبيه عمنا أبى طالب».
وكان صغيرا فى عهد
النبى صلىاللهعليهوسلم ، وتزوج أم كلثوم بنت على ، بعد تأيمها من عمر بن الخطاب
رضى الله عنه.
وذكر الأموى فى
مغازيه : أنه كان مع محمد بن أبى بكر الصديق رضى الله عنهما ، حين بعثه على بن أبى
طالب إلى مصر ، فلما قتل ، هرب محمد بن جعفر إلى فلسطين ، واستجار بأخواله من خثعم
، فمنعوه من معاوية لما طلبه ، ولم يزل عندهم حتى مات.
وذكر الواقدى :
أنه استشهد بتستر . وأمه : أسماء بنت عميس رضى الله عنها.
١٣٣ ـ محمد بن أبى جهم بن حذيفة بن غانم ، القرشى ، العدوى :
يأتى فى محله ،
وهو : محمد بن عامر ، ومحمد بن عبيد ؛ لأنه اختلف فى اسم أبى جهم ، فقيل : عامر.
وقيل : عبيد.
١٣٤ ـ محمد بن الحارث بن قيس ، المخزومى. المكى :
روى عن على
الأزدى. وروى عنه : ابن جريج ، وابن عيينة. هكذا ذكره ابن حبان فى الثقات.
١٣٥ ـ محمد بن حازم
بن شميلة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة ، الحسنى ، المكى :
كان من أعيان
الأشراف آل أبى نمى. وله مكانة عند أمير مكة الشريف عجلان. وكان يتشبه به فى خصال
الإمرة.
توفى سنة سبع
وسبعين وسبعمائة.
__________________
١٣٦ ـ محمد بن حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة
بن جمح ، القرشى ، الجمحى ، المكى :
قال الزبير : وولد
محمد بن حاطب بأرض الحبشة. وقال : حدثنى محمد بن سلام الجمحى ، قال : حدثنى بعض
أصحابنا : أن أول من سمى فى الإسلام بالنبى صلىاللهعليهوسلم : محمد ابن حاطب.
ولد بأرض الحبشة.
وأرضعته : أسماء بنت عميس ، وأرضعت أمه : عبد الله بن جعفر ، فكانا يتواصلان على
ذلك حتى ماتا.
وقال الزبير :
حدثنى محمد بن سلام ، قال : جاءت عمر حلل من اليمن ، فأعطى أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأبو أيوب الأنصارى غائب ، فرفع له حلة ، وأخذ لنفسه
حلة.
فقدم أبو أيوب
وحلة عمر عليه ، فقال : ما هذه الحلة؟ قالوا : حلل أتت من اليمن. قال ـ جازما ـ :
افتعلها.
قال : فسمعها عمر
رضى الله عنه ، فقال : قد رفعنا لك حلة. فإن شئت : فهى بها. قال : نعم.
فدخل عمر رضى الله
عنه فلبس حلة أبى أيوب وأرسل إلى أبى أيوب بحلته. فجعل أبو أيوب ينظر إليها ، فإذا
هى أجود من حلة عمر رضى الله عنه. فقال : هل لك فى الأولة؟ قال: نعم.
قال له زيد بن
ثابت : يا أمير المؤمنين ، هل لك فى المحمديين؟ قال : ومن هم؟ قال محمد بن حاطب ،
ومحمد بن جعفر ، ومحمد بن أبى بكر. قال : نعم. وعند زيد : أم محمد ابن حاطب جويرية
ـ إحدى بنى عامر بن لؤى ـ فقال : أعطهم.
__________________
فأخذ زيد أجود حلة
، فأعطاها محمد بن حاطب. فقال عمر رضى الله عنه : أى هات ، أى هات ، وتمثل بشعر
عمارة بن الوليد :
أسرّك لما صرع
القوم وانتبشوا
|
|
أن أخرج منها
سالما غير غارم
|
بريا كأنى لم
أكن كنت فيهم
|
|
وليس الخداع من
تصافى التنادم
|
ردها ، فغطاها
بثوب ، فقال : أدخل يدك وأنت لا تراها فأعطهم.
قال الزبير :
وحدثنى مصعب بن عبد الله ، قال : كان محمد بن حاطب عند قدومه من أرض الحبشة ، وهو
صبى ، قد أصابه حرق نار فى إحدى يديه.
فذهبت به أم جميل
بنت المحلل إلى النبى صلىاللهعليهوسلم ، فرقاه النبى صلىاللهعليهوسلم ولمحمد بن حاطب محبة ورواية عن النبى صلىاللهعليهوسلم والصحابة ، منهم : أمه أم جميل بنت المحلل ، وعلى بن أبى
طالب.
روى عنه : ابناه
إبراهيم ، والحارث ، وحفيده عثمان بن إبراهيم ، وسماك بن حرب ، وغيرهم.
ومات بمكة سنة
أربع وسبعين من الهجرة ، على ما قال أبو عمر بن عبد البر.
قال النووى : وهو
الأشبه.
وانكفأت عليه ـ بقرب
المدينة ـ قدر كانت على النار ، فاحترق ذراعه.
فذهبت به أمه إلى
النبى صلىاللهعليهوسلم ، فتفل عليه ، ودعا له بالشفاء. فلم تقم به أمه حتى برئ ،
ودعا له بالبركة ، ومسح رأسه.
وذكر النووى : أنه
شهد مع على الجمل وصفين ، والنهروان ، وأنه أول من سمى محمدا فى الإسلام.
وروى ذلك أبو عمر
من حديث أمه فاطمة بنت المحلل. وقيل : جويرية بنت المحلل. وذكر أبو عمر : أن عداده
فى الكوفيين.
١٣٧ ـ محمد بن حامد
بن الحارث البغدادى ، نزيل مكة ، أبو رجاء :
حدث عن : أحمد بن
خيثمة ، ومحمد بن الجهم وعبد الله بن مسلم بن قتيبة.
__________________
وسمع منه جماعة ،
منهم أبو محمد النحاس بمكة ، سمع منه حديثين ، قال : ما سمعت منه سواهما. رواهما
عنه عن الحسن بن عرفة.
حدثنا على بن
قدامة عن ميسرة بن عبد ربه عن عبد الكريم الجزرى ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
رضى الله عنهما رفعهما أحدهما : «يا على خلقت أنا وأنت من نور الله وشيعتنا من
نورنا». والآخر : «نجم بأعلى العقيق ، فإنه أقر لله بالوحدانية ولك بالإمامة».
قال الذهبى : هما
ـ والله العظيم ـ : موضوعان ، والآفة من ميسره ، فإنه يضع الحديث. انتهى.
وقد وثق أبا رجاء
هذا ، أبو عمرو الدانى فيما نقله عنه الذهبى فى الميزان ، وقال : ما أرى هذا الشيخ
ممن يعتمد عليه. انتهى.
وذكر الذهبى : أنه
مات سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة. وقيل : فى آخر سنة أربعين. وذكر: أنه ولد سنة خمس
وأربعين ومائتين.
١٣٨ ـ محمد بن حجاج
بن إبراهيم الحضرمى ، أبو بكر ، وأبو عبد الله ، وبها اشتهر ، بن الوزير أبى محمد
، المعروف بابن مطرف الإشبيلى :
نزيل مكة ، وشيخها
، الولى العارف ، ذو الكرامات الشهيرة. ذكر جدى أبو عبد الله الفاسى : أنه ولد سنة
ثمان عشر وستمائة ، وحج سنة ثلاث وخمسين.
وسمع من ابن مسدى
: الشفا للقاضى عياض ، والشمائل للترمذى.
ثم عاد إلى
الإسكندرية. ثم عاد إلى مكة فى سنة ستين ، ثم توجه إلى عدن ، وأقرأ بها العربية ،
ولم يزل مقيما بها إلى سنة تسع وستين.
فتوجه إلى مكة
وأقام بها إلى أن مات. غير أنه جاور بالمدينة فى سنة خمس وتسعين. انتهى.
وذكر الذهبى : أنه
جاور بمكة نحو ستين عاما ، وكان يطوف فى اليوم والليلة ستين أسبوعا ، وأن حميضة بن
أبى نمى ـ صاحب مكة ـ حمل نعشه.
إلا أن الذهبى وهم
فى تاريخ وفاته ؛ لأنه ذكره فى المتوفين فى سنة سبع وسبعمائة. وتبعه على ذلك
اليافعى فى تاريخه.
ووجدت بخط العفيف
المطرى أنه : توفى فى سنة أربع وسبعمائة ، وذلك وهم أيضا ؛ لأنه إنما توفى فى ليلة
الخميس ثالث شهر رمضان سنة ست وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.
كذا وجدت وفاته
على حجر قبره بالمعلاة. ووجدتها كذلك بخط جدى أبى عبد الله الفاسى ، وذكر : أنه
نزل قبره مع بعض أصحابه.
وله كرامات
مشهورات ، منها ـ على ما ذكر اليافعى فى تاريخه ـ : أنه قال للشيخ أبى محمد عبد الله
بن عمران البسكرى ـ بباء موحدة وسين مهملة ، وكاف مفتوحة وراء مهملة مكسورة وياء
للنسبة ـ لما جاء إلى ابن مطرف مودعا له ، وقد عزم على الزيارة فى طريق الماشى :
تلقون شدة ، ثم تغاثون.
وكان الأمر كما
قال ابن مطرف. وله على ما ذكر جدى ، تقييد على جمل الزجاجى.
وذكر العفيف
المطرى : أنه قرأ النحو على أبى على الشلوبين. وأنه كان يحفظ كتاب سيبويه قال :
وكان من الصالحين الأولياء العاملين الزهاد. انتهى.
وذكر جدى : أن ابن
مطرف ـ هذا ـ سكن برباط الموفق سنينا كثيرة ، قال جدى: أظن من سنة ثلاث وثمانين
وستمائة إلى أن انتقل منه فى شهر رمضان سنة ثمان وتسعين بسبب تسلط متسلط.
قال : وكان سكناه
قبل ذلك فى مدرسة المالكية التى بناها ابن الحداد المهدوى فى الثنية من مكة.
وكتب جدى عنه :
بيتين حسنين ؛ لأنى وجدت بخط جدى : أنشدنى الشيخ الصالح ، القدوة أبو عبد الله
محمد بن أبى محمد حجاج بن إبراهيم بن مطرف الحضرمى الإشبيلى ، نزيل مكة ـ شرفها
الله تعالى ـ بها لإبراهيم بن سهل الإشبيلى الشاعر :
أخاف عليك أن
أشكو بثى
|
|
مشافهة فيخجلك
السماع
|
وإن عبرت عن
شوقى بكتب
|
|
تلهب فى أناملى
اليراع
|
وكتب جدى عنه غير
ذلك ؛ لأنه قال فى تعاليقه : وسمعت الشيخ أبا عبد الله بن
__________________
مطرف الإشبيلى
يقول : كان الإمام الإبيارى يقول : لو رأيت منكرا ، فأردت أن أغيره ، فقال لى الذى
يغير عليه : يا إبيارى أى شىء أدخلك فى هذا الفضول؟ لرأيت أن يسقط عنى وجوب تغيير
المنكر. انتهى.
والإبيارى ـ هذا ـ
من كبار أئمة المالكية المصريين.
١٣٩ ـ محمد بن أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد
مناف بن قصى بن كلاب ، القرشى ، العبشمى ، أبو القاسم :
ولد بالحبشة ،
وكفله عثمان بعد قتل أبيه ، وبقى فى كفالته ونفقته سنين. وكان أشد الناس تأليبا
على عثمان. وكان خرج إلى مصر ، وعبد الله بن أبى سرح وال لها.
فلما وفد عبد الله
على عثمان رضى الله عنه انتزى محمد بن أبى حذيفة على مصر ، ومنعه من دخولها لما
عاد إليها ، ثم ولاها له على بن طالب رضى الله عنه لما ولى ، ثم عزله عنها بقيس بن
سعد بن عبادة ، ثم قتله مولى لمعاوية بن أبى سفيان حين خرج محمد إلى الشام.
١٤٠ ـ محمد بن حرب بن سليمان ، المكى ، أبو عبد الله :
روى عن ، مالك بن
أنس. وروى عنه : عبد بن حميد ، ومحمد بن أحمد بن الجنيد.
١٤١ ـ محمد بن حسب
الله ، القرشى ، الأموى ، المكى ، يلقب بالجمال ، ويعرف بالزعيم:
كان وافر الملاءة
، يقال : إن تركته بلغت ثلاثمائة ألف ألف. وقيل : ثمانمائة ألف ألف ومائتى ألف
درهم. وقيل : ثلاثمائة ألف ألف وستمائة ألف درهم. وهو الذى اكتسب ذلك.
وكان لا يبالى فى
إعطاء المال على وجه السلف بالفائدة ، ويعيب على من يطلب منه القليل.
__________________
وكان ينال من
غرمائه كثيرا بالقول والفعل ، وربما حبس بعضهم بغير مؤامرة الحكام ، بسبب إدلاله
عليهم بإحسانه إليهم ، والله يغفر له.
توفى فى ليلة
الجمعة الثالث من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.
* * *
من اسمه محمد بن
الحسن
١٤٢ ـ محمد بن الحسن
بن محمد بن سعد بن الخشاب المخزومى ، أبو العباس، الصوفى :
ذكره الخطيب فى
تاريخ بغداد ، وقال : صاحب حكايات عن محمد بن جعفر عن أبى جعفر محمد بن عبد الله
الفرغانى ، وأبى بكر الشبلى.
ورى عنه : أبو عبد
الرحمن السلمى ، وأبو عبد الله الحاكم ، وذكر : أنه نزل بنيسابور ، وخرج إلى مكة ،
فحج وجاور. وتوفى بمكة سنة إحدى وستين وثلاثمائة.
١٤٣ ـ محمد بن الحسن
بن عبد الله بن على بن محمد بن عبد الملك الأموى ، قاضى الحرمين ، أبو الحسن بن
أبى الشوارب :
ولد سنة اثنتين
وتسعين ومائتين. وقلده المطيع قضاء الشرقية ، والحرمين ، واليمن ومصر ، وغير ذلك ،
فى رجب سنة أربع وثلاثين.
ثم صرف عن ذلك فى
رجب سنة خمس وثلاثين ؛ لأنه كان ينسب إلى الاسترشاء فى الأحكام.
وتوفى فى رمضان
سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. ذكره الخطيب فى تاريخه ، ومنه لخصت هذه الترجمة.
١٤٤ ـ محمد بن حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى.
الشريف أبو نمى ، ويقال : أبو مهدى بن أبى سعد ، صاحب مكة وابن صاحبها ، يلقب نجم
الدين :
ولى إمرة مكة نحو
خمسين سنة ، إلا أوقاتا يسيرة زالت ولايته عنها فيها ـ يأتى ذكرها.
__________________
وذكر صاحب «بهجة
الزمن» فى مدة ولايته لمكة ، ما ذكرناه فى مدة ولايته لها ، بزيادة فى ذلك لأنه
قال : واستمرت إمرته على مكة ونواحيها ما ينيف على خمسين سنة. انتهى.
وما ذكره من أن
ولاية أبى نمى على مكة ونواحيها ينيف على خمسين سنة ، فيه نظر ؛ لأنه لم يل إلا
بعد أبيه ، وبين وفاتيهما تسع وأربعون سنة وأشهر.
وغايتها خمسين على
الخلاف فى تاريخ شهر موت والده أبى سعد ، إلا أن يكون أبو نمى ولى إمرة مكة نيابة
عن أبيه ، ويضاف ذلك إلى ولايته بعده ، فلا إشكال. والله أعلم.
واستقل أبو نمى
بإمرة مكة فى أكثر المدة المشار إليها ، وشارك عنه إدريس بن قتادة فى بعضها.
وولايته المشتركة
سبع عشرة سنة أو نحوها ، وولايته المستقلة إحدى وثلاثون سنة أو نحوها.
وقال الذهبى فى
ذيل سير النبلاء له فى ترجمة أبى نمى ـ هذا ـ : وكانت ولايته نحوا من أربعين سنة
بعد عمه ـ الذى قتله ـ انتهى.
وفيما ذكره الذهبى
نظر ؛ لأن عمه المشار إليه هو إدريس بن قتادة ، وكانت وفاته فى سنة تسع وستين
وستمائة ، على ما وجدت بخط الميورقى ، وذكر ذلك غير واحد من المؤرخين.
ومقتضى ما ذكرناه
من تاريخ وفاة إدريس بن قتادة : أن تكون ولاية أبى نمى بعده إحدى وثلاثين سنة
وأشهرا ، إلا أن أبا نمى لم يعش بعد عمه إدريس إلا المدة التى أشرنا إليها كما
سيأتى فى تاريخ وفاة أبى نمى.
وقد وجدت ما يوهم
الاختلاف فى ابتداء ولايته ؛ لأن ابن محفوظ ذكر ـ فيما وجدت بخطه ـ أن فى شوال سنة
اثنتين وخمسين ، جاء الشريفان أبو نمى وإدريس ، وأخذا مكة من غانم بن راجح بن
قتادة بالقتال ، ولم يقتل بينهم إلا ثلاثة أنفس ، منهم عالى شيخ المبارك.
وأقاما بها إلى
الخامس والعشرين من ذى القعدة ، فجاء ابن برطاس المبارز بن على من اليمن ، فأخذها
منهم ، وتقاتلوا بالسرجة من قوز المكاسة. وكان معهما جماز بن شيحة صاحب المدينة.
وحج بالناس تلك
السنة ابن برطاس ، ولم يزل مقيما بمكة إلى آخر السنة. انتهى.
ووجدت بخط
الميورقى : وولى أبو نمى بعد قتل أبيه أبى سعد فى المحرم سنة ثلاث وخمسين وستمائة.
انتهى.
وهذا وإن أوهم
الخلاف فى تاريخ ابتداء ولاية أبى نمى بمكة ، فليس خلافا فى الحقيقة ، لإمكان
الجمع بين ما ذكره ابن محفوظ فى ابتداء ولايته ، وبين ما ذكره الميورقى فى
ابتدائها.
وذلك : أن يحمل
كلام الميورقى على أنه أراد ولاية أبى نمى بمكة بعد خروج ابن برطاس منها.
ويحمل ما ذكره ابن
محفوظ على : ولاية أبى نمى التى بعد غانم بن راجح.
ويؤيد ذلك : أن
الميورقى ، وابن محفوظ ، ذكر كل منهما ما يقتضى : أن أبا نمى ولى مكة بعد ابن
برطاس فى سنة ثلاث وخمسين وستمائة ؛ لأن الميورقى قال : ثم استحكم أبو نمى وعمه
إدريس على مكة ، فأخرج الشرفا الغز بسفك دماء خيل ابن برطاس الوالى لها من جهة
اليمن ، وامتلأ الناس رعبا ، وسفكت الدماء بالحجر يوم السبت لأربع ليال بقين من
المحرم سنة ثلاث وخمسين وستمائة. انتهى.
وذكر فى موضع آخر
نحو ذلك باختصار بالمعنى. انتهى.
وقال ابن محفوظ ـ فيما
وجدت بخطه ـ : سنة ثلاث وخمسين وستمائة جاء أبو نمى وإدريس ومعهما جماز بن شيحة
صاحب المدينة ، فدخلوا مكة ، وأخذوها من ابن برطاس بعد القتال. انتهى.
وذكر بعض العصريين
حرب بين ابن برطاس ، وأبى نمى ، وإدريس الحرب الأول والحرب الثانى. وذكر : أنه أسر
فى الثانى ، ثم خلص لافتدائه نفسه.
وسنوضح ذلك أكثر
من هذا فى ترجمته.
وجرى بين أبى نمى
وعمه إدريس بسبب مكة أمور ، منها : أن أبا نمى فى سنة أربع وخمسين وستمائة : أخذ
مكة من عمه إدريس ، وكان شريكه فيها ، لما راح إدريس إلى أخيه راجح بن قتادة ، ثم
جاء إدريس مع راجح بن قتادة ، وأصلح راجح بين إدريس وأبى نمى.
ومنها : أن أبا
نمى ـ فى سنة سبع وستين ـ : أخرج عمه إدريس من مكة ، وانفرد بالإمرة ، وخطب لصاحب
مصر الملك الظاهر بيبرس الصالحى البندقدارى.
وكتب إليه أبو نمى
ـ يذكر له ـ : أنه لما شاهد من عمه إدريس ميلا إلى صاحب اليمن ، وتحاملا على دولته
، أخرجه من مكة ، وانفرد بالإمرة ، وخطب له ، وسأل مرسومه إلى أمراء المدينة : ألا
يتخذوا عمه عليه.
فاشترط عليه صاحب
مصر : تسبيل بيت الله للعاكف والباد ، وأن لا يؤخذ عنه حق ، ولا يمنع زائر فى ليل
أو نهار ، وأن لا يتعرض إلى تاجر ولا حاج بظلم ، وأن تكون الخطبة والسكة له ،
ولأبى نمى على ذلك عشرون ألف درهم فى كل سنة.
فلما ورد جواب أبى
نمى إلى صاحب مصر بالتزام ذلك ، كتب له تقليدا بالإمرة بمفرده.
ومنها : أن إدريس
بن قتادة بعد إخراج أبى نمى له من مكة : حشد وجمع ، وتوجه إلى مكة المشرفة ، ثم
اصطلح مع أبى نمى ، واتفقا على طاعة صاحب مصر. وكتب إليه إدريس يعرفه بذلك ، فسلمت
الأوقاف لنوابهما.
ذكر هاتين
الحادثتين ابن عبد الظاهر كاتب الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر فى السيرة التى جمعها
للملك الظاهر.
ومنها : أنه فى
سنة تسع وستين وستمائة : وقع بين أبى نمى وعمه خلف ، فاستظهر إدريس على أبى نمى ،
وخرج أبو نمى هاربا من بين يدى عمه ، ووصل ينبع ، واستنجد بصاحبها ، وجمع ، وحشد ، وقصد مكة.
فالتقى هو وعمه
إدريس وتحاربا ، فطعن أبو نمى إدريس ألقاه عن جواده ، ونزل إليه ، وحز رأسه ،
واستبد بالإمرة.
ذكر هذه الحادثة
بمعنى ما ذكرناه القطب اليونينى فى ذيل المرآة.
وذكر : أن فى آخر
جمادى الأولى من السنة المذكورة : وصل النجابون إلى مصر من عند أبى نمى ، وأخبروا
بذلك.
__________________
ووجدت بخط
الميورقى : ما يشهد لبعض هذه القضية بزيادة فائدة ؛ لأنه ذكر : أن فى ربيع الأول
سنة تسع وستين قتل ولد لأبى نمى وطرد أبوه ، وبعد قتله بأربعين يوما قتل أبوه عمه
إدريس. وجرى بين أبى نمى ، وجماز بن شيحة صاحب المدينة أمور تتعلق بولاية مكة.
منها ـ على ما
وجدت بخط الميورقى ـ أن عيسى بن الشيخ جرير ، قال : أخرج الأمير جماز بن شيخة
الحسنى أبا نمى من مكة ـ شرفها الله تعالى ـ فى آخر صفر سنة سبعين وستمائة.
وجاءت مواليه سنة
سبعين وستمائة ، وأبو نمى مطرود ، وأكمل لقتل ولده سنة ، ثم رجع أبو نمى إلى مكة
فى ربيع وهزم جماز بن شيحة الحسنى ، ثم جاء الحسينى لإخراج أبى نمى فى شعبان سنة
ثلاث وسبعين.
فأعطاه أبو نمى
ورجع ، وخلى بينه وبين قتلة أبيه أبى سعد. انتهى.
ووجدت بخط ابن
محفوظ : ما يشهد للقضية التى كانت بين أبى نمى ، وجماز بن شيحة فى سنة سبعين
بزيادة فائدة ؛ لأنه ذكر : أن فى سنة سبعين وستمائة ، وصل جماز ـ يعنى صاحب
المدينة ـ وغانم بن إدريس ، وأخذ مكة ، وبعد أربعين يوما أخذها منهم أبو نمى.
انتهى.
وفى هذا فائدة لا
تفهم من كلام الميورقى ، وهى : أن مدة إخراج أبى نمى من مكة أربعين يوما.
وفيه فائدة أخرى ،
وهى : أن غانم بن إدريس كان مع جماز فى هذه القضية ، وغانم ابن إدريس ، هو : غانم
بن حسن بن قتادة.
ويدل لذلك : ما
وقع فى الخبر الذى ذكره الميورقى من : أن جماز بن شيحة خلى بن أبى نمى وقتلة ابنه.
انتهى.
وقتلة ابنه هم :
أولاد حسن بن قتادة ، ومنهم إدريس بن حسن ، والد غانم بن إدريس المحارب لأبى نمى.
ومنها : ـ على ما
وجدت بخط المؤرخ شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزرى الدمشقى ـ : أن فى التاسع عشر
من شهر ربيع الآخر سنة خمس وسبعين كانت وقعة بين أبى نمى صاحب مكة ، وبين جماز بن
شيخة صاحب المدينة ، وبين صاحب ينبع إدريس ابن حسن بن قتادة ، فظهر عليهما أبو نمى
، وأسر إدريس ، وهرب جماز.
وكانت الوقعة فى
مر الظهران . وكانت عدة من مع أبى نمى مائتى فارس ومائة وثمانين راجلا
، ومع إدريس وجماز مائتين وخمسة عشر فارسا ، وستمائة راجل. انتهى.
ومنها : ـ على ما
وجدت بخط ابن محفوظ ـ : أن فى سنة سبع وثمانين ، جاء جماز ابن شيحة وأخذ مكة ،
وأقام بها إلى آخر السنة ، وأخذها منه نواب أبى نمى. وقد اختصر ابن محفوظ هذه
الواقعة.
وقد وجدتها أبسط
من هذا فى وريقة وقعت لى ـ لا أعرف كاتبها ـ فيها : أن جماز بن شيحة أمير المدينة
تزوج خزيمة بنت أبى نمى ، وبنى بها فى ليلة السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة
اثنتين وثمانين وستمائة ، ثم حاربه جماز ـ المذكور ـ بعد ذلك ، وطلب من السلطان
الملك المنصور عسكرا ، فسير عسكرا تقدمه أمير ، يقال له : الجكاجكى. فتوجهوا إلى
مكة وأخذوها ، وأخرجوا أبا نمى منها.
وخطب لجماز ،
وضربت السكة باسمه. وذلك فى سنة سبع وثمانين ، وبقيت فى يده مدة يسيرة.
ثم إن امرأة يقال
لها : أم هجرس ، من صبايا خزيمة ، سقت الأمير جماز سمّا ، فاضطرب له جسمه ، وحصل
من الجكاجكى مراسلة إلى أبى نمى فى الباطن ، فعرف جماز أنه مغلوب ، فرحل عن مكة.
ووصل إلى المدينة
، وهو عليل من السم ، فلم يزالوا يعالجونه حتى برئ. وأرسل الأمير جماز بالجكاجكى
مقيدا إلى السلطان ، فحبسه ، ولم يزل فى يد أبى نمى إلى أن توفى.
قلت : الملك
المنصور ـ المشار إليه ـ هو : قلاوون الصالحى. ولعل سبب إنجاده لجماز على أبى نمى
: عدم وفاء أبى نمى باليمين التى حلفها للمنصور قلاوون.
ويبعد جدا أن يعين
أحدا على أبى نمى مع وفاء أبى نمى باليمين المذكورة ؛ لأن الملوك تقنع من نوابهم
بالطاعة ، وإظهار الحرمة ، سيما نواب الحجاز.
وهذه نسختها على
ما وجدت فى تاريخ شيخنا ناصر الدين بن الفرات العدل الحنفى، وهى : أخلصت يقينى ،
وأصفيت طويتى ، وساويت بين باطنى وظاهرى فى
__________________
طاعة مولانا السلطان
الملك المنصور وولده السلطان الملك الصالح ، وطاعة أولادهما ووارثى ملكهما ، لا
أضمر لهم سوءا ولا غدرا فى نفس ، ولا مال ، ولا سلطنة.
وأنى عدو لمن
عاداهم ، صديق لمن صادقهم ، حرب لمن حاربهم ، سلم لمن سالمهم.
وأننى لا يخرجنى
عن طاعتهم طاعة أحد غيرهما ، ولا ألتفت فى ذلك إلى جهة غير جهتهما ، ولا أفعل أمرا
مخالفا لما استقر من هذا الأمر ، ولا أشرك فى تحكيمهما علىّ ولا على مكة المشرفة ،
وحرمها ، وموقف حلها زيدا ولا عمرا.
وأننى ألتزم ما
اشترطته لمولانا السلطان ، وولده فى أمر الكسوة الشريفة المنصورية الواصلة من مصر المحروسة
، وتعليقها على الكعبة المشرفة فى كل موسم وأن لا يتقدم علمه علم غيره.
وأننى أسبل زيارة
البيت الحرام أيام موسم الحج وغيرها للزائرين ، والطائفين ، والبادين ، والعاكفين
اللائذين بحرمه ، والحاجين الواقفين.
وأننى أجتهد فى
حراسثهم من كل عاد بفعله ، وقوله (٢٩ : ٦٧ ويتخطف الناس من حوله).
وأننى أو منهم فى
شربهم ، وأعذب لهم مناهل شربهم.
وأننى ـ والله ـ أستمر
بتفرد الخطبة والسكة بالاسم الشريف المنصورى ، وأفعل فى الخدمة فعل المخلص الولى.
وأننى ـ والله ـ أمتثل
مراسيمه امتثال النائب للمستنيب ، وأكون لداعى أمره أول سامع مجيب.
وأننى ألتزم بشروط
هذه اليمين من أولها إلى آخرها ، لا أنقضها. انتهى.
وكان حلف أبى نمى
لهذه اليمين فى سنة إحدى وثمانين وستمائة ، على ما ذكره شيخنا العدل ناصر الدين بن
الفرات.
وقد رأيت ما يدل
على أن أبا نمى لم يف ببعض هذه اليمين ؛ لأنى وجدت بخط ابن محفوظ : أن فى آخر يوم
من ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وستمائة ، خطب للملك المظفر صاحب اليمن ، وقطعت
خطبة خليل بن المنصور بعد أن خطب له فى أولها.
وهذا إنما يصدر عن
أبى نمى ، ولعل أبا نمى تأول أن الأشرف خليل بن المنصور
قلاوون لم يدخل فى
يمينه المنصور وابنه الصالح ، لكون الأشرف لم يسم فيها فإن كان تأول ذلك ، فهو
تأويل غير مستقيم لدخوله فى قوله فى اليمين : وطاعة أولادهما.
وأظن أن الحامل
لأبى نمى على تقديم صاحب اليمن على صاحب مصر : كون صلته أعظم من صلة صاحب مصر ؛
لأن العاقل لا يفعل أمرا يلحقه فيه ضرر إلا لنفع أكبر. وكانت صلة صاحب اليمن لأبى
نمى عظيمة ، على ما وجدت فى مقدارها ؛ لأن بعض الناس ذكرها ، وذكر شيئا من حال
صاحب اليمن بمكة ، وحال أبى نمى معه. وذلك مما يحسن ذكره هنا. ونص ذلك :
وقد كان الملك
المؤيد لما تسلطن : جهز تلك السنة علمه المنصور ، ومحمل الحج السعيد ، صحبة القائد
ابن زاكى ، فتلقاه الشريف أبو نمى صاحب مكة بالإجلال والإكرم ، وخفقت ذوائب العلم
المنصور على جبل التعريف بعرفة ، وأعلن مؤذنه على قبة زمزم بمناقب السلطان على
رءوس الأشهاد.
وسمع تلك الأوصاف
من ضمه ذلك المقام الشريف ، وحلف للسلطان الملك المؤيد الأيمان الغليظة ، وكتب على
قميصه ، ما يقتضى ما جرت به العادة.
ووصل إلى الشريف ـ
المذكور ـ ما اقتضته المواهب السلطانية مما كان قرره الخليفة : من العين ، والغلة
، والكساوى ، والطيب من المسك ، والعود ، والصندل ، والعنبر ، والثياب الملونة ،
والخلع النفيسة.
وكان مبلغ العين :
ثمانون ألف درهم ، ومبلغ الغلة : أربعمائة مد. انتهى من كتاب «العقود اللؤلؤية فى
أخبار الدولة الرسولية» لبعض مؤرخى اليمن فى عصرنا.
والذى يصل لصاحب
مكة من صاحب اليمن : نحو ربع ذلك أو أقل ، ومبلغ الطعام المذكور بكيل مكة : ألف
غرارة ومائتا غرارة مكية. وذلك فى عصرنا.
والخليفة ـ المشار
إليه ـ هو الملك المظفر ، والد الملك المؤيد.
ووجدت بخط ابن
محفوظ أيضا : أن أمير الركب فى سنة اثنتين وتسعين وستمائة : استحلف أبا نمى على
الرواح إلى مصر ، فأعطاه ألف دينار. فعزم فى سنة ثلاث وتسعين ، ثم رجع من ينبع لما
بلغه موت الأشرف. انتهى.
ووقع من أبى نمى
فى حق الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر ما أوجب انحرافه منه غير مرة.
منها : أن أبا نمى
وعمه إدريس : أخرجا نائبا كان للملك الظاهر ، يقال له : مروان ، نائب أمير جاندار
فى سنة ثمان وستين وستمائة. وكتب إليه الملك الظاهر غير مرة بالرضا عما ارتكبه أبو
نمى مما لا ينبغى فعله.
منها : فى سنة خمس
وسبعين وستمائة ؛ لأنى وجدت بخط الميورقى : أهان الله ولاة مكة بكتاب من والى مصر
يزجرهم فيه عن الجور فى آخر سنة خمس وسبعين وستمائة.
قلت : ووالى مصر
فى هذا التاريخ هو الظاهر بيبرس ، ووالى مكة فى هذا التاريخ هو أبو نمى.
ووجدت فى تاريخ
شيخنا ابن خلدون : أنه كان بين أبى نمى ، وبين الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر منافرة
، فكتب إليه الظاهر كتابا منه : من بيبرس سلطان مصر إلى الشريف الحسيب النسيب أبى
نمى محمد بن أبى سعد.
أما بعد : فإن
الحسنة فى نفسها حسنة ، وهى من بيت النبوة أحسن ، والسيئة فى نفسها سيئة ، وهى من
بيت النبوة أوحش.
وقد بلغنا عنك
أيها السيد : أنك آويت المجرم ، واستحللت دم المحرم ، ومن يهن الله فما له من مكرم
، فإن لم تقف عند حدك وإلا أغمدنا فيك سيف جدك ، والسلام. فكتب إليه نمى :
من محمد بن أبى
سعد إلى بيبرس سلطان مصر.
أما بعد : فإن
المملوك معترف بذنبه تائب إلى ربه ، فإن تأخذ ، فيدك الأقوى ، وإن تعفو ، فهو أقرب
للتقوى ، والسلام. انتهى.
وبعض الناس يذكر
فى كتاب بيبرس إلى أبى نمى غير ما سبق. وذكر : أنه كتب إليه يقول له : إنه بلغنا
عنك أيها السيد : أنك أبدلت حرم الله بعد الأمن بالخيفة ، وفعلت ما يحمر الوجه ،
ويسود الصحيفة. انتهى.
ولعل ذلك كتب مع
الألفاظ السابق ذكرها ، فحفظ بعضهم الأول فقط ، وحفظ بعضهم الثانى فقد ، وظن ظان
أنهما كتابان وهما واحد. والله أعلم.
ووقع فى زمن أبى
نمى فتن بعضها بينه وبين أمير الحاج ، وبعضها بين الحجاج وأهل مكة ذكرناها فى
تأليفنا : «شفاء الغرام ومختصراته» ونشير هنا لشىء منها باختصار.
فمنها : أن أبا
نمى صدّ الحاج عن دخول مكة ، لوحشة بينه وبين أمير الحاج ، فنقب الحجاج السور ،
وأحرقوا باب المعلاة ، ودخلوا مكة هجما بعد فرار أبى نمى منها.
وذلك فى موسم سنة
ثلاث وثمانين وستمائة.
ومنها : أن فى سنة
تسع وثمانين : حصل بين أهل مكة والحجاج فتنة فى المسجد الحرام ، قتل فيها من
الفريقين فوق أربعين نفرا ـ فيما قيل ـ ونهبت الأموال.
ولو أراد أبو نمى
نهب الجميع لفعل إلا أنه تثبت.
وقد أثنى على أبى
نمى غير واحد من العلماء مع ذكرهم لشىء من أخباره.
منهم : الحافظ
الذهبى ؛ لأنه قال فى «ذيل سير النبلاء» فى ترجمة أبى نمى : شيخ ضخم ، أسمر ، عاقل
، سايس ، فارس ، شجاع ، محتشم ، تملك مدة طويلة ، وله عدة أولاد ، وفيه مكارم
وسؤدد.
وذكره لى أبو عبد
الله الدباهى ، فأثنى ، وقال : لو لا المذهب لصلح للخلافة ، كان زيديا كأهل بيته ،
انتهى.
وقال القاضى : تاج
الدين عبد الباقى اليمانى فى كتابه «بهجة الزمن فى تاريخ اليمن» بعد أن ذكر وفاة
أبى نمى : وكان أميرا ، كبيرا ، زعيما ، ذا بخت ، وحظ فى الإمرة ، يرغب إلى الأدب
وسماعه ، وله الإجازات السنية للشعراء الوافدين عليه بإطلاق الخيل الأصايد فى
مقابلة القصائد. انتهى.
وللأديب موفق
الدين على بن محمد الحندودى فى أبى نمى ـ هذا ـ من قصيدة يمدحه بها ، أولها :
أقاتلتى بغير دم
ظلامه
|
|
أما قود لديك
ولا غرامه
|
بخلت علىّ منك
بدرّ ثغر
|
|
تقبله الأراكة
والبشامه
|
ولو أن الفريق
أطاع أمرى
|
|
لما اختار
الرحيل على الإقامة
|
وكم بالطعن يوم
مضاحكات
|
|
عدمنا من قلوب
مستهامه
|
وبين أكلّة
الحادين شمس
|
|
قرعت لبينها سنى
ندامه
|
ومنها :
لقد جربت هذا
الدهر حتى
|
|
عرفت به السماح
من الملامه
|
يريد إقامتى
فيهم قويم
|
|
وما لى بين
أظهرهم إقامه
|
خداع ثمامة بن
أثال فيهم
|
|
معاينة وكذب أبى
ثمامه
|
منها فى المدح :
وفى الحرم
الشريف خضم جود
|
|
كأن البحر أنحله
النظامه
|
أما والحجر
والحجرات منى
|
|
وبيت الله ثالثه
قسامه
|
لئن نزلت بسوح
أبى نمى
|
|
لقد نزلت على
كعب بن مامه
|
بأبلج أين منه
البدر نورا
|
|
وحسنا فى الجمال
وفى الوسامه
|
وذو كرم وزنت
الناس طرا
|
|
بخنصره فما
وزنوا قلامه
|
منها :
أبا المهدى كم
لك من إياد
|
|
كشفت بها عن
الصادى أوامه
|
وكم لك من وقائع
ذكرتنا
|
|
بوقعة خالد يوم
اليمامه
|
عمرت تهامة
بالعدل حتى
|
|
تمنت نجد لو
كانت تهامه
|
حقيق أن يسال بك
المصلى
|
|
ويدعو فى الأذان
وفى الإقامه
|
وأن تعطى القضيب
وأى حق
|
|
لغيرك فى القضيب
وفى الإمامه
|
وفى مدحه الأديب
عبد الواحد القيروانى ـ الآتى ذكره ـ بأشعار حسنة ، أجاد فيها عنه.
ونظم كثيرا ، على
ما نقله الصلاح الصفدى ، عن أبى حيان.
ووقفت له فى بعض
المجاميع على قصيدة جيدة يمدحه بها ، أولها :
خليلى هيا فانظر
ذلك اليرقا
|
|
تبدى لنا يهفو
على طرف البرقا
|
فمن مبلغ عنى
بلادى وأهلها
|
|
ولم تأل لى عنهم
غوادى النوى سحقا
|
بأنى لم أنفك
للخرق قاطعا
|
|
إلى أن وصلت
السيد الملك الخرقا
|
وأن صروف الدهر
عنى تماسكت
|
|
لأنى قد استمسكت
بالعروة الوثقا
|
ندا لأبى المهدى
هديت لنيله
|
|
وأحرزت ما قد جل
منه وما دقا
|
وطلقت أمرا لهم
حين لقيته
|
|
وقابلت فى ساحته
وجهه الطلقا
|
هو ابن أبى سعد
الزكى ولاده
|
|
ولم يزك فرعا
غير من قد زكا عرقا
|
من القوم يستشفى
بمسح أكفهم
|
|
لداء ومنها أو
بها الغيث يستسقا
|
لهم كرم سهل
المنال وإنما لهم
|
|
شرف وعر المسالك
والمرقا
|
وسيأتى غزلها فى
ترجمته.
ومدحه قاضى مكة
نجم الدين الطبرى بقصيدتين. إحداهما نونية بليغة ـ على ما بلغنى ـ ولم أقف عليها.
والأخرى عينية. سيأتى ذكرها فى ترجمة القاضى نجم الدين الطبرى ، أولها :
أمفرقا جمع
الخزاين إذ عدا
|
|
كرما لمفترق
المحامد يجمع
|
وبلغنى : أنه لما
مات أبو نمى ، امتنع الشيخ عفيف الدين الدلاصى من الصلاة عليه: فرأى فى المنام
السيدة فاطمة بنت النبى صلىاللهعليهوسلم رضى الله عنها ، وهى بالمسجد الحرام يسلمون عليها ، فجاء
ليسلم ، فأعرضت عنه ـ ثلاث مرات ـ ثم إنه تحامل عليها ، وسألها عن سبب إعراضها عنه
، فقالت له : يموت ولدى ولا تصلى عليه؟ فقال لها ـ ما معناه ـ : أنه ظالم. انتهى
بالمعنى.
وذكر اليافعى فى
تاريخه نقلا عن حميضة بن أبى نمى أنه قال : إن لأبيه خمس خصال : العز ، والعلم ،
والكرم ، والشجاعة ، والشعر. انتهى.
ومن شعر أبى نمى
على ما ذكر بيبرس الدوادار فى تاريخه. وذكر : أنه كتب به إلى الملك المنصورى لما
تسلطن بعد الملك العادل كتبغا المنصورى فى سنة ست وتسعين وستمائة.
أما وتعادى
المقريات الشوارب
|
|
بفرسانها فى ضيق
ضنك المقانب
|
وبالجحفل الجرار
أفرط جمعه
|
|
كأسراب كدرى فى
سوار قوارب
|
وبالزرد الموصوف
ضمت عصوبه
|
|
على كل ماضى
العزم خيف المحارب
|
وبالبيض والبيض
الرقاق ألية
|
|
لبتر عداتى حلفه
غير كاذب
|
لقد نصر الإسلام
بالملك الذى
|
|
ترعرع من شيم
الملوك السناجب
|
حسام الهدى
والدين منصوره الذى
|
|
رقا فى سماء
المجد أعلى المراتب
|
ملوك جهات الأرض
يعفو لعزه
|
|
فمرهوبها من
سيفه أى راهب
|
تفرد بالملك
العظيم فلم تزل
|
|
له خضعا صيد
الملوك الأغالب
|
__________________
مضى كتبغا خوف
الحمام وقد أتت
|
|
إليه أسود الخيل
من كل جانب
|
وأحييته بالعفو
منك وزدته
|
|
لباس أمان من
عقاب العواقب
|
وأحرزت ملك
الأرض بالسيف عنوة
|
|
وعبدت من فى
شرقها والمغارب
|
توليت هذا الأمر
فى خير طالع
|
|
لأسعد نجم فى
السعادة ثاقب
|
وكان لأبى نمى هذا
من الأولاد الذكور : أحد وعشرون ذكرا ، واثنى عشر أثنى. على ما ذكر الشهاب أحمد بن
عبد الوهاب النويرى فى تاريخه.
وذكر : أنه مات عن
هذا العدد ، وعن أربع زوجات لم يسم أحدا من الأولاد. والذى عرفت اسمه من أولاد أبى
نمى : حسان ، وحمزة ، وحميضة ، وراجح ، ورميثة ، وزيد ، وزيد آخر ، وسيف ، وشميلة
الشاعر ، وعبد الله ، له ذرية بالعراق ، وعبد الكريم ، وعاطف ، وعطاف ، وعطيفة ،
ومقبل ، ولبيدة ، ومنصور ، ومهدى ، ونمى ، وأبو دعيج ، وأبو سعد ، وأبو سويد ،
وأبو الغيث. وآخرهم وفاة : سيف. وهى تدل على : أنهم ثلاثة وعشرون ذكرا.
وأظن : أن نمى ليس
ولدا لأبى نمى ، وإنما كنى به لمعنى آخر ، فظن ظان : أنه كنى بذلك ؛ لأن له ولدا
يسمى : نميا. والله أعلم.
وما ذكرناه فى
عددهم يوهم خلاف ما ذكره النويرى فى عددهم ، ويمكن التوفيق : بأن يكون الزائد على
ما ذكره النويرى : مات قبل أبى نمى والله أعلم.
أخبرنى بمجموع ما
ذكرته من أسماء أولاد أبى نمى غير واحد من أشياخنا وغيرهم. وليس كل منهم أخبرنى
بهذه الأسماء ، وإنما كل منهم ذكر لى بعضها ، فتحصل لى من مجموع ما قالوه هذه
الأسماء.
وذكر النويرى :
أنه توفى فى رابع صفر سنة إحدى وسبعمائة.
وذكر وفاته فى هذا
التاريخ قاضى مكة نجم الدين الطبرى ، بزيادة فوائد تتعلق بأبى نمى هذا. ولنذكر
كلامه بنصه لذلك.
قال ـ فى كتاب
كتبه إلى بعض أهل اليمن بخطه ، يخبر فيه بوفاة أبى نمى ، وغير ذلك ـ :
أن أبا نمى حم فى
ليلة الأحد العشرين من المحرم ، وكان معه خرّاج فى مقاعده ، وفى مواضع من بدنه ،
فلم يزل مريضا حتى مات فى يوم الأحد رابع صفر وغسل بالحديد ،
وحمل فى محمل.
ودخل به إلى مكة من درب الثنية ، وطيف به حول البيت ، وخرج به من درب المعلاة ،
ودفن خارجا عن قبة أبيه وجده الأعلى ، وهو قتادة.
وكان أميرا عظيما.
وحصل بالوادى وبمكة من الحزن والبكاء والضجيج ما لم ير مثله. فسبحان الحى الذى لا
يموت ، لا إله إلا الله الحى القيوم. انتهى.
ورأيت فى «ذيل سير
النبلاء» للذهبى فى ترجمة أبى نمى : أنه توفى فى ذى الحجة سنة إحدى وسبعمائة.
انتهى.
وهذا وهم من
الذهبى إن لم يكن من الناسخ ؛ لأن القاضى نجم الدين قاضى مكة قال : إنه توفى فى
يوم الأحد رابع صفر سنة إحدى وسبعمائة. وهو أقعد الناس بمعرفة ذلك ، فيعتمد قوله
فيه. كيف وما ذكره النويرى فى تاريخ وفاة أبى نمى يعضد قول نجم الدين الطبرى.
وذكر الذهبى : أنه
كان فى أثناء السبعين. انتهى.
١٤٥ ـ محمد بن حسن بن
عيسى بن محمد بن أحمد بن مسلّم ـ بتشديد اللام ـ العدنانى ، الحلوى ، يلقب بالجمال
، ويعرف بابن العليف الشاعر :
نزيل مكة. وكان
كثير الشعر يقع له فيه أشياء مستحسنة ، وكانوا يغلو فى استحسانها ، بحيث يفضل نفسه
فيها على المتنبى وأبى تمام. وعيب عليه ذلك مع أشعار له تدل على غلوه فى التشيع.
وكان بينه وبين
يحيى النشوشا ، شاعر مكة مهاجاة ، أقرع فيها النشوشا عليه.
وله مدائح كثيرة
فى جماعة من الأعيان ، منهم : الأشرف صاحب اليمن ، والإمام صلاح بن على الزيدى
صاحب صنعاء ، وأمراء مكة : الشريف عجلان بن رميثة ، وأولاده الأمراء شهاب الدين
أحمد ، وعلاء الدين على ، وبدر الدين حسن ، وابن عمهم عنان بن مغامس.
وأجازه عنان على
بعض قصائده فيه ، وهى التى أولها :
بروج زاهرات أو مغانى
بثمانية وعشرين
ألف درهم على ما بلغنى.
ونال ـ أيضا ـ من
الشريف حسن صلات جيدة. وله فيه مدائح كثيرة حسنة.
وانقطع إليه فى
آخر عمره نحو اثنتى عشرة سنة ، حتى مات بمكة فى ليلة الجمعة سابع رجب سنة خمس عشرة
وثمانمائة ، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة.
ومولده سنة اثنتين
وأربعين وسبعمائة بحلى.
وكان يتردد إلى
مكة ، وسمع بها فى بعض قدماته من القاضى عز الدين بن جماعة : بعض أربعينه
المتباينة ، ولم يحدث.
كتبت عنه أشياء من
شعره غاب عنى الآن أكثرها ، منها ـ فى غالب الظن ـ قوله فى الإمام صلاح بن على من
قصيدة ، وأنشدنى ذلك عنه غير واحد ممن سمعه منه :
يا وجه آل محمد
فى وقته
|
|
لم يبق بعدك
منهم الأفقا
|
لو كانت الأبرار
آل محمد
|
|
كتب العلوم لكنت
منها المصحفا
|
أو كانت الأبرار
آل محمد
|
|
الأنبياء لكنت
منها المصطفا
|
أو كانت الأسباط
آل محمد
|
|
يابن الرسول
لكنت فيهم يوسفا
|
١٤٦ ـ محمد بن الحسن الفهرى أبو عبد الله المكى ، الشاعر ، المنجم
:
ذكره القطب الحلبى
فى تاريخ مصر ، وقال : قدم مصر.
وروى بسنده إلى
أبى الفرج غيث بن على المنصورى : أنه سأله عن مولده ، فقال : سنة تسعين. وأراده
أهل مصر أن يحدث ، فقال : شاعر منجم ، لا يصلح لى هذا. ولم يحدث. وأنشد له غيث
شعرا.
توفى فى رجب سنة
أربع وستين وأربعمائة. ذكره ابن ميسر. انتهى.
١٤٧ ـ محمد بن حسن بن
محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على القيسى ، يكنى أبا عبد الله ، ويعرف بابن
الزين القسطلانى :
سمع من الزين
الطبرى وغيره من شيوخ أخيه شيخنا أحمد بن حسن بن الزين القسطلانى ـ الآتى ذكره.
وأجاز له أيضا
جماعة من شيوخه. وما علمته حدث. وتوفى فى سنة سبعين وسبعمائة.
١٤٨ ـ محمد بن حسن بن
الزين القسطلانى المكى :
أخو أبى عبد الله
السابق ، يلقب محب ، كذا سماه محمد بن أبيك السروجى فى إجازة فيها اسمه واسم أخويه
أبى عبد الله وأحمد.
أجاز لهما فيها
جماعة من شيوخ مصر والشام ، سبق ذكرهم فى ترجمة شيخنا الشريف أبى الفتح الفاسى.
ووجدت بخط أبيه فى
بعض سماعاته : تسميته بعمر. فسمع من الزين الطبرى وغيره من شيوخ أخيه أحمد. وتوفى
سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة.
١٤٩ ـ محمد بن الحسن
، الناصح ، الحنفى ، الطبرى ، يكنى أبا جعفر ، ويلقب ركن الدين:
توفى يوم الجمعة
عاشر ذى الحجة سنة أربع وعشرين وخمسمائة بمنى. ودفن بالمعلاة.
ومن حجر قبره نقلت
ما ذكرته ، وترجم فيه بالغريب ، الشهيد ، الشيخ ، الإمام.
* * *
من اسمه محمد بن
الحسين
١٥٠ ـ محمد بن الحسين
بن سعيد بن أبان بن عبد الله بن بشر بن عقبة بن عامر الجهنى :
هكذا نسبه صاحب الجمهرة
، وقال : محدّث ، سكناه همدان. مات بمكة سنة سنة ست وعشرين وثلاثمائة.
١٥١ ـ محمد بن الحسين بن عبد الله ، البغدادى ، أبو بكر
الآجرىّ :
نزيل مكة. سمع أبا
مسلم الكجى ، وأبا خليفة الفضل بن الحباب ، وجعفرا الفريابى وغيرهم. وروى عنه :
أبو الحسين بن بشران ، وأخوه أبو القاسم ، وأبو نعيم وغيرهم.
قال الخطيب : كان
دينا ثقة ، له تصانيف.
وقال ابن خلكان :
كان فقيها شافعيا ، صالحا ، عابدا ، ذا تصانيف كثيرة ، حج
__________________
فأعجبته مكة. فقال
: «اللهم ارزقنى الإمامة بها سنة» ، فسمع هاتفا يقول : «بل ثلاثين سنة» ، فكان
كذلك.
توفى بمكة فى
أوائل المحرم سنة ستين وثلاثمائة. انتهى.
وقال ابن رشيد فى
رحلته : وقرأت بخط شيخنا الخطيب الصالح أبى عبد الله بن صالح ما نصه : وجد بخط أبى
جعفر أحمد بن محمد بن ميمون الطليطلى ما نصه : سألنا أبا الفضل محمد بن أحمد
البزار : متى توفى الآجرى؟ فقال : توفى ـ رحمهالله ـ يوم الجمعة أول يوم من المحرم سنة ستين وثلاثمائة بمكة ،
ودفن بها.
وكان بلغ من العمر
ـ ستّا وتسعين سنة أو نحوها.
وقال غيره : وجاور
بمكة ثلاثين سنة ، رحل من بغداد إليها فاستوطنها إلى أن توفى.
وكان يدعو كثيرا
أن لا تبلغه سنة ستين ، فما مضى من أول يوم من السنة إلا ساعة أو نحوها ، حتى
توفى.
ونسب إلى قرية من
قرى بغداد ، يقال لها : آجر. انتهى ما نقلته من خط الخطيب أبى عبد الله محمد بن
صالح.
وفيما ذكره ابن
خلكان : من أن الآجرى كان شافعيا نظر ؛ لأنه حنبلى.
ومن تصانيفه : «كتاب
الشريعة» ، وكتاب «التفرد والعزلة» ، و «الأربعون» ، و «الثمانون» ، وغير ذلك.
ووقع لنا حديثه عاليا.
أخبرناه أبو هريرة
عبد الرحمن بن أبى عبد الله الذهبى ، وعلى بن محمد بن أحمد بن منصور السلمى ، بقراءتى
عليه بجامع دمشق فى الرحلة الأولى ، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد الدمشقى ، قراءة
وسماعا بالمسجد الحرام : أن أبا العباس أحمد بن أبى طالب الصالحى أخبرهم ، قال :
أخبرنا أبو النجا عبد الله بن عمر البغدادى سماعا ، قال : أخبرنا أبو الفتح محمد
بن عبد الباقى ، قال : أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون ، قال : أخبرنا
أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران ، قال : أخبرنا أبو بكر الآجرى ، قال : حدثنا
أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلوانى ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا
زهير ، يعنى : ابن معاوية ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمى ،
قال : سمعت علقمة بن وقاص الليثى ، يقول : سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول :
سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى.
فمن كانت هجرته
إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو
امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه». هذا حديث صحيح .
١٥٢ ـ محمد بن حسين
بن عبد المؤمن بن محمد بن ذاكر بن عبد المؤمن بن أبى المعالى بن أبى الخير بن ذاكر
بن أحمد بن الحسين بن شهريار الكازرونى المكى ، جمال الدين :
مؤذن المسجد
الحرام بقبة بئر زمزم ، ورئيس المؤذنين بمكة ، المسند الخير.
حضر فى الثالثة ،
سنة تسع وأربعين وسبعمائة بالمسجد الحرام ، على قاضى القضاة عز الدين عبد العزيز
بن قاضى القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة الكنانى ، والشيخ شهاب الدين
أحمد بن الحسين الهكارى ، والشيخ تاج الدين أحمد بن عثمان بن بنت أبى سعد الأنصارى
، والشيخ نور الدين على بن محمد الهمدانى ، والسماع من لفظه جانبا جيدا من «جامع
الترمذى» ، وهو من «كتاب البيوع» ، إلى «باب ما جاء فى كم نقطع يد السارق» ، ومن «باب
ما جاء بقطع يد السارق فى خمسة دراهم» ، إلى «باب ما جاء فى الشفا وغير ذلك» ،
وحدث ، سمعت منه.
وكان خيّرا ملازما
لحفظ الوقت والأذان مع علو سنه وضعف بدنه.
وكان إليه أمر
الأذان بمنارة الميل الأخضر بالمسعى ، ثم جعل رئيسا على المؤذنين بعد موت الرئيس
بهاء الدين عبد الله بن على ، الآتى ذكره ، فى سنة ثمان وثمانمائة ، حتى مات فى
ليلة الجمعة ثامن عشرى ربيع الأول () سنة ست وعشرين وثمانمائة بمكة ، عن نحو تسع وسبعين سنة.
١٥٣ ـ محمد بن حسين بن على بن أحمد بن عطية بن ظهيرة ،
المخزومى ، أبو السعود المكى :
سمع بمكة من
القاضيين : موفق الدين الحنبلى ، وعز الدين بن جماعة وغيرهما ، وما علمته حدث ،
وطلب العلم ، وبرع فى الفرائض والحساب.
وناب فى الحكم
بمكة عن خاله القاضى شهاب الدين بن ظهيرة.
__________________
ومات فى صفر سنة
اثنتين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومولده بعد صلاة المغرب من ليلة الجمعة
خامس عشرى شعبان سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بمكة.
١٥٤ ـ محمد بن حسين بن محمد بن آذر بهرام الفارسى ، أبو عبد
الله الكارزينى ـ بتقديم الراء ـ مقرئ مكة :
قرأ على الحسن بن
سعيد المطوعى. وقرأ عليه خلق ، منهم الشريف عبد القاهر العباسى ، بما فى «المبهج»
لسبط الخياط فى سنة أربعين وأربعمائة ومات فيها أو بعدها.
وكان الأستاذ أبو
على عمر بن عبد المجيد الترمذى يصحف فيه ، يقول : الكازرينى ـ بتقديم الزاى.
١٥٥ ـ محمد بن الحسين بن محمد الحافظ ، أبو سعد الحرمى :
نزيل هراة . ذكره الحافظ أبو سعد السمعانى فى الأنساب فى «الحرمى» ـ بفتح
الحاء المهملة والراء ـ نسبة إلى حرم الله تعالى. وقال : له رحلة إلى الهند.
وقال [الذهبى فى
التذكرة] : قرأت بخط محمد بن على بن محمد الهمدانى : الحافظ أبو سعد الحرمى ، كان
من الأوتاد ، لم أر بعينى أحفظ منه.
سمعت الشيوخ بهراة
يقولون : له عشرون ـ يعنى سنة ـ هاهنا قاطن ، تحيرنا فى أمره.
كان يعيش على
طريقة لا يعرفه أحد ، ولا يخالط الناس ، منزو عنهم. قال : وذكر أبو جعفر الحافظ
بهمذان ، قال : سمعت أبا حامد الخيام الواعظ يقول : إن كان لله بهراة أحد من
أوليائه فهو هذا الرجل ، يعنى أبا سعد الحرمى.
سمع أبو سعد
الحرمى هذا ، بمكة من أبى نصر السجزى ، وعبد العزيز بن بندار الشيرازى ، وببغداد
من أبى بكر الخطيب ، وبمصر من ابن الطفال وابن حمصة وغيرهما.
__________________
وتوفى فى شعبان سنة
إحدى وتسعين وأربعمائة. ودفن بجبل كازياركاه .
١٥٦ ـ محمد بن حسين
بن الزين محمد بن الأمين محمد بن القطب محمد بن أبى العباس أحمد بن على بن محمد بن
الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون ، يكنى أبا الخير ، ويعرف بابن الزين
القسطلانى المكى :
سمع من عثمان بن
الصفى الطبرى بعض سنن أبى داود. وسمع على المشايخ الأربعة : تاج الدين أحمد بن
عثمان بن بنت أبى سعيد ، ونور الدين على بن محمد بن عبد القادر الهمدانى ، وشهاب
بن أحمد بن أحمد بن الحسين الهكارى ، والقاضى عز الدين بن جماعة ، من أول الترمذى
إلى باب : «ما جاء فى الحث على الوصية» ، بسماع ابن بنت أبى سعيد ، لجميعه ،
وبسماع الهكارى ، لنصفه ، الثانى من ابن ترجم ، بسماعه من ابن البنا ، وبإجازة
الهمدانى من ابن البخارى بسماعه من ابن طبررد ، وبإجازة ابن جماعة من ابن وريدة
بإجازته من ابن طبرزد بسماعه وابن البنا من الكروخى.
وسمع على القاضى
عز الدين بن جماعة أيضا ، والشيخ فخر الدين النويرى بعض «سنن النسائى» وحدث ، سمعت
منه أحاديث من «سنن أبى داود» ، وحدثنا واحدا من الترمذى ، وسمع منه أصحابنا.
وتوفى [فى] ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.
وسألته عن مولده ،
فقال : فى سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة بمكة.
أخبرنى أبو الخير
محمد بن حسين بن الزين القسطلانى بقراءتى عليه ، قال : أخبرنا الإمام تاج الدين
أحمد بن عثمان بن بنت أبى سعد ، قال : أخبرنا محمد بن إبراهيم بن ترجم المازنى ،
قال : أخبرنا أبو الحسن على بن نصر بن المبارك ، المعروف بابن البنا.
(ح) وأخبرنى
الإمام برهان الدين إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد البعلى ، قراءة عليه ، وأنا
أسمع ، قال : أنا أبو الحسن على بن محمد بن ممدود البندنيجى سماعا ، قال : أنا
محمد بن على بن عبد الصمد ، المعروف بابن الهنى ، قال : أنا عبد العزيز بن محمد بن
الأحصر.
__________________
(ح) قال البندنيجى
: وأنبأنا عاليا : عبد الخالق بن الأنجب النشتبرى ، قالوا : ثلاثتهم ، أنا أبو
الفتح عبد الملك بن أبى القاسم الكروخى سماعا ـ إلا النشتبرى ، فقال إجازة ـ قال:
أنا أبو عامر محمود بن القاسم بن محمد الأزدى ، وأبو بكر أحمد بن عبد الصمد بن أبى
الفضل الغورجى ، وأبو نصر عبد العزيز بن على الترياقى.
قالوا : أخبرنا
عبد الجبار بن محمد الجراحى ، قال : أنا محمد بن أحمد بن محبوب التاجر ، قال : أنا
أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذى ، قال : ثنا قتيبة وهناد ، قالا : ثنا بن الأحوص عن
سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن أبيه ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا
يبالى من مرّ من وراء ذلك» .
١٥٧ ـ محمد بن الحسين
محمود ، يلقب بالشرف ، المعروف بابن الكويك : صدر التجار بمصر توفى بمكة سنة أربع
وستين وسبعمائة ، على ما ذكر شيخنا العلامة أبو زرعة فى تاريخه.
وذكر لى بعض
أصحابنا : أنه مات فى الطريق ، وحمل إلى مكة فدفن بها. ووقف دار حديث بمصر.
١٥٨ ـ محمد بن حطاب بن الحارث بن عمر الجمحى :
ولد قبل خروج أبيه
إلى الحبشة ، وخرج به معه إليها ، ثم أتى به منها عمه حاطب ابن الحارث ؛ لأن أباه
مات بطريق الحبشة.
قال الذهبى : ولعله
أول من سمى فى الإسلام محمدا. وقبل ذلك ابن عمه محمد بن حاطب ، وحطاب ـ بالحاء
المهملة ـ على ما ذكر الأكثرون. وقيل : بالخاء المعجمة.
ذكره الكاشغرى ،
وهو أسن من ابن عمه محمد بن حاطب ، المتقدم ذكره.
١٥٩ ـ محمد بن أبى
حكيم المخزومى ، أبو الحسين :
من أهل مكة. هكذا
ذكره ابن النجار فى ذيل تاريخ بغداد . وقال : شاعر ، مليح القول.
__________________
ذكره محمد بن داود
بن الجراح الكاتب فى كتاب «الورقة فى أخبار شعراء المحدثين» وقال : نزل بغداد شاعر
صالح الشعر ، متعجرف ، يتبع غرائب الكلام فى شعره.
حدثنى محمد بن
القاسم قال : سمعته يقول : أنا أشعر من امرئ القيس ، أو خفى أشعر منه.
حدثنى على بن
العباس الرومى ، قال : كان ابن أبى حكيم يقول جيد الشعر ويحظره ، فلم يخرج شعره.
ومات بموته.
أنشدنى محمد بن
الأزهرى بن عيسى ، قال : أنشدنى ابن أبى حكيم لنفسه :
شادن يملك
القلوب هواه
|
|
حسن الوجه حسنه
أطغاه
|
أهيف لو يقال
للحسن يا حسن
|
|
تخبر مستوطنا ما
عداه
|
وإذا ما بدا
لعينك قلت ال
|
|
بدر يجلو دجا
الظلام سناه
|
صيغ فردا فلو
ذكرت جميع الن
|
|
اس الشعر ما
عنيت سواه
|
١٦٠ ـ محمد بن حمدان بن سلمة بن مسعود بن محمد بن على القحطانى
المكى العطار :
سمع من أبى الحسن
على بن المقير : السادس من حديث «المخلص» عن ابن الزغوانى إجازة ، ومجلسا من إملاء
الحافظ أبى أحمد معمر بن الفاخر.
وأجاز له الكاشغرى
، وابن القبيطى ، وجماعة من بغداد وغيرها من البلاد ، وحدث.
سمع منه المحدث
نجم الدين بن عبد الحميد.
وأجاز فى استدعاء
بخطه ، مؤرخ بمحرم سنة سبع وثمانين وستمائة ، لجماعة من شيوخ شيوخنا وهو من شيوخ
الأستاذ أبى حيان النحوى بالإجازة ومن خطه نقلت نسبة هذا فى ترجمته ، إلا أنه أسقط
مسعود بين سلمة ومحمدا ، وأثبته فى نسب أخيه أحمد الآتى ذكره ، وهو سهو. والله
أعلم.
ومولده سنة اثنتين
وعشرين وستمائة ، على ما وجدت بخط أبى حيان. ولم أدر متى مات.
١٦١ ـ محمد بن حمود
بن أحمد بن سعيد بن عبد الله ، أمين الدين أبو عبد الله المصرى الأصل ، المكى
المولد :
ذكره القطب الحلبى
فى تاريخ مصر ، وقال : كان فاضلا يشعر شعرا حسنا. وذكر أن شيخه القطب القسطلانى
ذكره فيما جمعه مما يتعلق بتاريخ اليمن.
فقال : من التجار
المترددين إلى اليمن وإلى مصر ، ولكثر إقامته بمكة خرج إلى اليمن ، فأقام بها إلى
أن توفى بزبيد ، يوم السبت خامس عشر جمادى الأولى سنة تسع وستين وستمائة. انتهى.
وأخبرنى أبو إسحاق
إبراهيم بن محمد الصوفى ، بقراءتى عليه بحرم الله ، أن الحافظ قطب الدين عبد
الكريم بن عبد النور الحلبى ، أخبره إجازة مكاتبة من مصر ، قال : أنبأنا شيخنا أبو
بكر بن القسطلانى ، يعنى الحافظ قطب الدين ونقلت من خطه ، أن أمين الدين بن
العالمة أنشده لنفسه بمكة :
ترحلت عنى
فارتحلت بمهجتى
|
|
وفارقتنى كرها
فراق حياتى
|
وما كانت الدنيا
سواك فأظلمت
|
|
لبعدك فى عينى
جميع جهاتى
|
١٦٢ ـ محمد بن حويطب القرشى :
ذكره هكذا ابن عبد
البر ، وقال : روى عن النبى صلىاللهعليهوسلم حديثه عند خصيف الجزرى. انتهى.
وذكره الذهبى فى
التجريد ، وقال : حديثه عند خصيف الجزرى. كذا قال ابن عبد البر وابن أبى حاتم.
١٦٣ ـ محمد بن خالد بن حمدون بن محمد ، مجد الدين أبو المعالى
الهكارى الهذبانى ، الجوينى الحموى الشافعى الكتبى :
سمع من ابن بهروز
، ومن إبراهيم بن الخير ، ومن ابن المنى فى آخرين ببغداد ، وبحلب من ابن رواحة ،
ويعيش النحوى ، والحافظ ابن خليل ، وبدمشق من ابن مسلمة ، ومكى ابن علان ، وبمصر
من ابن الجميزى ، وابن الحباب ، وبمكة من شعيب الزعفرانى.
وحدث بأماكن ،
منها مكة ، سمع منه بها ، الرضى الطبرى إمام المقام. وجاور بمكة مدة.
وسمع منه أيضا
الحافظان : المزى ، والبزرالى ، وأثنيا عليه. وكان يتجر فى الكتب.
وتوفى فى المحرم
سنة سبع وثمانين وستمائة بحلب.
__________________
كتب هذه الترجمة
من ذيل ابن رافع باختصار.
١٦٤ ـ محمد بن خالد بن الحويرث القرشى :
من أهل مكة. هكذا
ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات ، قال : يروى عن أبيه عن عبد الله بن
عمر رضى الله عنه.
روى عنه عبد
الواحد ، وروح بن عبادة. انتهى. وذكره صاحب الكمال ، وقال : سمع أبوه عبد الله بن
عمر. روى عنه : روح بن عبادة ، وأبو نعيم. روى له أبو داود.
١٦٥ ـ محمد بن خالد بن محمد بن عبد الله بن زهير بن أبى أمية ـ
واسم أبى أمية حذيفة ـ بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى
المكى :
ذكره الزبير بن
بكار ، ونسبه كما ذكرنا ؛ لأنه قال لما ذكر ولد زهير بن أبى أمية ابن المغيرة ،
قال : وهم ينزلون بمكة ، منهم : أبو بكر ومحمد ابنا خالد بن محمد بن عبد الله بن
زهير بن أبى أمية ، كانا من وجوه قريش بمكة ، لهما قدر وسن.
١٦٦ ـ محمد بن خالد بن يزيد البردعى :
نزيل مكة. روى عن
رزق الله بن موسى ، وعطية بن بقية ، ويونس بن عبد الأعلى ، وعبد الله بن خلف ،
وعصام بن رواد بن الجراح.
سمع منه أبو بكر
بن المقرى ، فى المسجد الحرام. روى له فى معجمه. ومنه لخصت هذه الترجمة.
وروى عنه أيضا :
أبو محمد الحسن بن رشيق العسكرى ، وأبو جعفر العقيلى ، وأبو على النيسابورى ، وأبو
القاسم الطبرانى ، ومحمد بن سعيد بن عبد بن العربى ، قال مسلمة بن خالد : كان شيخا
ثقة كثير الرواية ، وكان ينكر عليه حديث تفرد به وسألت العقيلى عنه ، فقال : شيخ
صدوق لا بأس به إن شاء الله ، قتل من فتنة القرمطى ، بمكة سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
__________________
١٦٧ ـ محمد بن خليفة
:
ذكره هكذا الذهبى
فى تجريد الصحابة ، وقال : شهد الفتح فيما يقال ، كان اسمه عبد مناف ، فغيره النبى
صلىاللهعليهوسلم.
١٦٨ ـ محمد بن داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبد
الله ابن عباس ، الهاشمى العباسى ، أمير مكة والمدينة :
ذكر ابن جرير :
أنه كان واليا على مكة سنة إحدى وعشرين ومائتين ، وحج بالناس فيها ، وفيما بعدها
من السنين إلى سنة ست وثلاثين ومائتين ، إلا سنة سبع وعشرين ومائتين ، فإنه لم يحج
بالناس فيها ؛ لأن الذى حج بالناس فيها المتوكل جعفر بن المعتضد ، قبل أن يلى
الخلافة على ما ذكر العتيقى.
وذكر العتيقى ما
يوافق ما ذكره ابن جرير ، فى حج محمد بن داود بالناس ، فى جميع السنين المشار
إليها ، إلا سنة إحدى وعشرين ، فإنه ذكر أن صالح بن العباس حج بالناس فيها.
وعلى ما ذكر
العتيقى ، يكون محمد بن داود ، حج بالناس ثلاث عشرة سنة.
وعلى ما ذكر ابن
جرير : يكون حج بالناس أربع عشرة سنة . ولعله كان الوالى على مكة فى هذه السنين ، وفى أكثرها.
والله أعلم.
وولايته لمكة فى
بعض هذه السنين محققة.
وذكر الرشيد محمد
بن الزكى المنذرى فى مختصره لتاريخ المسبحى : أن محمد بن داود هذا : حج بالناس فى
سنة اثنتين وعشرين ومائتين ، وهو والى مكة والطائف. انتهى.
وولايته للمدينة.
ذكرها الفاكهى ؛ لأنه قال فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله : «ذكر
__________________
منبر مكة» ، ويقال
: إن أول من خطب على المنبر ـ منبر مكة والمدينة ـ وجمع له ذلك فى الولاية فى
خلافة بنى هاشم : جعفر بن سليمان بن على ، ومن بعده داود بن عيسى ، ثم ابنه محمد
بن داود. انتهى.
١٦٩ ـ محمد بن داود
بن ناصر السّنبسى الدمشقى ، يلقب ناصر الدين ، ويعرف بالصالحى الشافعى الصوفى :
نزيل مكة.
سمع من القاضى
سليمان بن حمزة المقدسى ، على ما أخبرنى به بعض أصحابنا ، وحدث بمكة عن أحمد بن
على الجزرى ، بمسلسلات أبى القاسم التيمى سماعا ، بشرط التسلسل ، سمعها عليه جماعة
من شيوخنا منهم ابن سكر ، ورواها لنا عنه.
ولما قدر الله
تعالى بالرحلة إلى دمشق ، قرأتها على حسن بن محمد بن العلامة شمس الدين محمد بن
أبى الفتح البعلى الحنبلى ، وتسلسلت لى عليه بسماعه لها حضورا بشرط التسلسل ، على
أحمد بن على الجزرى ، شيخ الصالحى هذا ، فعلت لى درجة.
وكنت قرأتها قبل
ذلك على أبى هريرة بن الذهبى ، وتسلسلت لى عليه عن أحمد ابن عبد الرحمن البعلى
سماعا بشرط التسلسل ، عن خطيب مردا أحد شيوخ الجزرى ، عن يحيى بن محمود الثقفى عن
التيمى.
وكان الصالحى رجلا
صالحا معتقدا. جاور بمكة مدة. وكان يسكن برباط ربيع بمكة ، وبها توفى فى ليلة
الأربعاء الثانى من شهر ربيع الأول سنة سبع وستين وسبعمائة ، ودفن بالمعلاة. ومن
حجر قبره نقلت وفاته.
ووجدت بخط بعض أهل
العصر ، أنه توفى فى مستهل صفر سنة تسع وستين. وهذا يخالف ما وجدته فى حجر قبره من
تاريخ وفاته. والله أعلم بالصواب.
١٧٠ ـ محمد بن ربيعة بن الحارث بن حمزة الهاشمى :
ذكره هكذا الذهبى
فى التجريد ، وقال : قيل : إنه أدرك النبى صلىاللهعليهوسلم. له عن عمر رضى الله عنه. وعنه الأعرج.
١٧١ ـ محمد بن ركانة :
ذكره البغوى فى
الصحابة ، وهو تابعى ، ذكره ـ هكذا ـ الذهبى فى التجريد. ولعله
__________________
محمد بن ركانة بن
عبد يزيد المطلبى ، الراوى عن أبيه. وعنه ولده أبو جعفر ، الذى روى له الترمذى
وأبو داود.
١٧٢ ـ محمد بن أبى
زفر الواسطى :
هكذا ذكره ابن
حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات ، وقال : شيخ كان بمكة.
روى عن إسحاق
الأزرق ، ويزيد بن هارون. حدثنا عنه شيوخنا. مستقيم الحديث انتهى.
١٧٣ ـ محمد بن زنبور المكى :
هو محمد بن جعفر
بن أبى الأزهر ، مولى بنى هاشم. تقدم فيمن اسمه محمد بن جعفر.
١٧٤ ـ محمد بن زياد
المكى :
عن ابن أبى مليكة.
تفرد عنه المعافى بن عمران. قال ابن مندة : مجهول. ذكره الذهبى فى الميزان
والمغنى.
١٧٥ ـ محمد بن زياد المكى :
روى عن محمد بن
عمران بن آدم ، قال : الدارقطنى : ليس بالقوى. ذكره الذهبى ـ هكذا ـ فى الميزان.
١٧٦ ـ محمد بن زيد
أبو عبد الله المكى.
هكذا ذكره ابن
حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات.
وقال : يروى عن
عبد الله بن عثمان بن خيثم. وقد سمع عبد الله أبا الطفيل. روى عن ابن أبى فديك.
انتهى.
وقال الذهبى فى
اختصار التهذيب : محمد بن أبى الصيف زيد ، مولى بنى مخزوم ، مكى ، عن عبد الله بن
عثمان بن خيثم ، وابن أبى نجيح وجماعة.
وعنه : محمد بن
ميمون الخياط ، وبكر بن خلف ، ختن المقرى ، انتهى.
١٧٧ ـ محمد بن السائب بركة :
من أهل مكة ذكره ـ
هكذا ـ ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات ، وقال : يروى عن ميمون ، عن أبى ذر.
روى عنه ابن جريج.
__________________
وقال المزى فى
التهذيب : محمد بن السائب بن بركة حجازى يعد فى المكيين. روى عن عمرو بن ميمون
الأودى ، عن أمه عن عائشة.
وعنه : ابن جريج ،
ومسلم بن خالد ، وابن عيينة ، وابن علية ، ويحيى بن سليم وجماعة. وثقه ابن معين
وأبو داود النسائى.
وروى له الترمذى ، وابن ماجة . وله عندهما حديثان .
وذكره الذهبى فى
الميزان للتمييز ؛ لأنه ذكر فيه اثنين كل منهما يسمى محمد بن السائب، أحدهما :
الكلبى المفسر الأخبارى. والآخر : البكرى شيخ الوليد بن مسلم. قال : الأودى
يتكلمون فيه.
ونقل عن الخطيب :
أنه الكلبى. وغلط من جعلهما اثنين. انتهى. والبكرى يروى عن أبيه. ويروى له أبو
داود فى المراسيل.
١٧٨ ـ محمد بن سالم بن إبراهيم بن على الحضرمى ، جمال الدين ،
أبو عبد الله المكى الشافعى :
وجدت بخطه : أنه
ولد سنة ست وثمانين وستمائة بمكة ، وسمع بها. قرأ القرآن بالروايات ، على العفيف
الدلاصى ، مقرئ مكة.
__________________
وسمع بها من
الشريف يحيى المدعو محمد بن على الطبرى : الأربعين فى المحمدين للجيانى وغير ذلك ،
وعلى الفخر التوزرى : الموطأ رواية يحيى بن يحيى ، والصحيحين ، والسنن الأربعة ،
خلا سنن ابن ماجة وغير ذلك ، وعلى الصفى والرضى الطبريين : الثقفيات وغير ذلك ،
وعلى الرضى فقط : الوسيط فى التفسير للواحدى وغير ذلك ، وعليه وعلى أبى عبد الله
الشريف الفاسى : العوارف للسهروردى.
وسمع بمكة من
آخرين ، وسمع بمصر على : على بن هارون الثعلبى : مسند الدرامى ، وجزء أبى الجهم ،
وعلى علىّ بن نصر الله بن الصواف مسموعه من سنن النسائى ، وعلى محمد بن عبد الحميد
الأنصارى : صحيح مسلم ، وعلى أبى عبد الله بن محمد بن محمد بن أبى الفتوح القرشى :
الموطأ رواية يحيى بن يحيى.
وعلى الجمال محمد
بن المكرم الأنصارى : الناسخ والمنسوخ للحازمى وعلى حسن ابن عبد الكريم الغمارى ،
سبط زيادة : المحدث الفاصل ، والتيسير للدانى ، والشاطبية والرائية ، وعلى أبى
الحسن على بن عيسى بن القيم : الأول من حديث سفيان بن عيينة رواية الثقفى. وعلى
آخرين بمصر.
وسمع بالإسكندرية
: على عبد الرحمن بن مخلوف : المحدث الفاصل وغير ذلك عليه وعلى غيره. وحدث بكثير
من مسموعاته.
وسمع منه جماعة من
شيوخنا ، منهم : القاضى مجد الدين الشيرازى وغيره ، والحافظان : العراقى ،
والهيثمى ، وابن سكر.
وذكر أنه توفى فى
ليلة السبت سادس المحرم سنة اثنتين وستين وسبعمائة. وهذا وهم ، لأنه كان حيا فى
يوم الجمعة رابع جمادى الأولى من هذه السنة. وجدت فى هذا اليوم بجزء فيه مسلسلات
وغير ذلك بقراءة ابن سكر ، والسماع بخطه على ما وجدته بخط بعض أصحابنا.
وذكر لى وفاته فى هذه
السنة ، شيخنا قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة ، إلا أنه لم يذكر تاريخ شهر وفاته
، وقال : فى آخر السنة. انتهى.
وذكر ابن فرحون فى
تاريخه : أنه توفى ـ فيما يغلب على ظنه ـ سنة أربع وستين وسبعمائة بمكة. وقد أثنى عليه
ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور» قال : كان أخا صدق وورع وعلم واجتهاد فى
الصلاة والصيام والقيام ، مع طهارة اللسان والعرض ، حتى لو أو ذى صبر ، ومتى جرى
منه هفوة أو غيبة هبّ إلى ذلك الشخص ، وتحلل منه ، ووصف بكرم وخدمة لأصحابه ،
انتهى.
١٧٩ ـ محمد بن سعيد المغربى ، المعروف بالمجرد :
نزيل مكة. كان متعبدا
، وفيه سماح وكرم نفس.
وبلغنى عنه : أنه
دخل إلى بلاد العجم ، وجال نحو أربع عشرة سنة ، وضاق خاطره بها ، لكونه لا يعرف
لسانهم فتعلمه ، ونسى كلام العرب. وأنه أراد بعد ذلك استعلامهم ، فما عرف ما قالوه
له.
هذا معنى ما بلغنى
عنه فى هذه الحكاية.
وقد تردد لليمن
مرات ، وصحب بها جماعة من الصالحين ، وأهل الدنيا ، ونال فيها برا طائلا غير مرة.
وأدركه الأجل بتعز باليمن ، بعد قدومه إليها من مكة بقليل فى ليلة الحادى
والعشرين من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين وثمانمائة.
ودفن بمقبرة
الأجناد. وقد بلغ السبعين أو جاوزها. لقيته غير مرة يتكلم بكلام العرب.
* * *
من اسمه محمد بن
سليمان
١٨٠ ـ محمد بن سليمان
بن عبد الله بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس العباسى ، أمير مكة :
قال يعقوب بن
سفيان : ولى سليمان ـ يعنى والد محمد هذا ـ مكة والمدينة سنة أربع عشرة ومائتين.
وكان ابنه ـ يعنى
محمدا هذا ـ على مكة مرة ، وعلى المدينة مرة. وكان هو وأبوه يتداولان على المدينة
ومكة. انتهى.
وذكر الأزرقى ما
يدل لولاية محمد بن سليمان هذا على مكة ؛ لأنه قال فى الترجمة التى ترجم عليها
بقوله : ما جاء فى أول من استصبح حول الكعبة ، وفى المسجد الحرام بمكة ، وليلة
هلال المحرم : فلم يزل مصباح زمزم على عمود طويل مقابل الركن الأسود الذى وضعه
خالد القسرى.
__________________
فلما كان محمد بن
سليمان على مكة فى خلافة المأمون فى سنة ست عشرة ومائتين ، وضع عمودا طويلا مقابله
بحذاء الركن الغربى. انتهى.
ومحمد بن سليمان
الذى ذكره الأزرقى ، هو محمد بن سليمان الذى ذكرناه والله أعلم. وليس هو محمد بن
سليمان بن على بن عبد الله بن عباس ، الذى أمره الهادى على حرب الحسين صاحب فخ ، لكونه توفى سنة ثلاث وسبعين ومائة على ما ذكر المسبحى
وغيره ، وهو عم أبى محمد بن سليمان الذى ترجمناه ، ولا هو محمد بن سليمان الزينبى
الآتى ذكره. والله أعلم.
١٨١ ـ محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام
بن محمد ابن على بن عبد الله بن العباس ، المعروف بالزينبى :
أمير مكة. ذكر ابن
جرير فى أخبار سنة خمس وأربعين ومائتين ما نصه : وحج بالناس محمد بن سليمان بن عبد
الله بن محمد بن إبراهيم ، الإمام ، ويعرف بالزينبى ، وهو والى مكة.
وذكر أنه حج
بالناس سنة ست وأربعين ، وسنة سبع وأربعين ، وسنة تسع وأربعين. انتهى. ولعله كان
الوالى على مكة هذه السنين . والله أعلم.
وقال الفاكهى فى
الأوليات بمكة : وأول من أحدث القناديل على زمزم من السنة إلى السنة : محمد بن سليمان
بن عبد الله. انتهى.
وقال أيضا فى
الترجمة التى ترجم عليها بقوله : ذكر عيون زمزم وغير ذلك بعد أن ذكر عمارة موضع
زمزم فى زمن المعتصم : ولم تزل الأمراء بعد ذلك تسرج فى قناديل زمزم فى المواسم ،
حتى كان محمد بن سليمان الزينبى فأسرج فيها من السنة إلى السنة بقناديل بيض كبار ،
وهو يومئذ والى مكة ، فامتثل ذلك من فعله ، وجرى ذلك إلى اليوم. انتهى.
__________________
١٨٢ ـ محمد بن سليمان بن مسمول المخزومى :
يروى عن نافع ، عن
القاسم بن مخول . ويروى عن عبيد الله بن سلمة بن وهرام. روى عنه إبراهيم بن
عبد الرحمن بن مهدى ، وإسحاق بن أبى إسرائيل.
قال البخارى :
سمعت الحميدى يتكلم فى محمد بن سليمان بن مسمول المسمولى المخزومى ، سكن مكة.
وقال النسائى :
مكى ضعيف. وقال أبو حاتم : ضعيف .
١٨٣ ـ محمد بن سليمان
:
من ولد سليمان بن
داود ، المسمى بالناهض القائم فى أيام المأمون. هكذا ذكره شيخنا ابن خلدون فى
تاريخه ، فى ولاة مكة من الأشراف.
وذكر أنه خطب
لنفسه بالإمامة أيام المقتدر ، وخلع طاعة العباسيين. وذلك فى سنة إحدى وثلاثمائة
فى الموسم ، فقال : الحمد لله الذى أعاد الحق إلى نظامه ، وأبرز زهر الإسلام من
كمامه ، وكمل دعوة خير الرسل بأسباطه لا ببنى أعمامه ، صلى الله عليه وعلى آله
الطاهرين ، وكف عنهم ببركته أيدى المعتدين. وجعلها كلمة باقية إلى يوم الدين ، ثم
أنشد :
لأطلبن بسيفى
|
|
من كان للجور
بنا
|
وأسطون بقوم
|
|
بغوا وجاروا
علينا
|
يهدون كل بلاء
|
|
من العراق إلينا
|
وكان يلقب بالزيدى
لاتباعه بعض مذاهب الإمامية. انتهى.
١٨٤ ـ محمد بن سلامة
، المكى :
كان من أعيان أهل
مكة ، مقدما على أهل المسفلة.
توفى فى خامس رجب
من سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.
__________________
١٨٥ ـ محمد بن سيف بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن
قتادة الحسنى ، المكى:
كان من أعيان
الأشراف آل أبى نمى ، وأقربهم نسبا إليه قبل موته بعشر سنين ؛ فإنه لم يكن بينه
وبين أبى نمى إلا والده سيف. ودخل العراق طلبا للرزق ، ولم ينل طائلا ، وعرض له
بأخرة بياض.
ومات فى جمادى
الأولى سنة ست وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وهو فى عشر السبعين ظنا.
١٨٦ ـ محمد بن أبى الساج ، الملقب بالأفشين ، أمير الحرمين :
ذكر ابن حمدون فى
التذكرة : أن عمرو بن الليث ، ولاه بعده إمرة الحرمين ، وطريق مكة ، وذلك فى سنة
ست وستين ومائتين.
وذكر الرشيد
المنذرى : أنه توفى سنة ثمان وثمانين ومائتين.
١٨٧ ـ محمد بن أبى
سعد على بن عبد الله بن عمر بن أبى المعالى يحيى بن عبد الرحمن بن الحسين بن على
الشيبانى ، الطبرى ، المكى :
توفى ليلة الاثنين
سادس محرم سنة ثمان عشرة وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره كتبت هذا ،
وترجم فيه بالشاب المقتول ظلما جمال الدين بن القاضى بهاء الدين.
١٨٨ ـ محمد بن أبى سلمة المكى :
قال العقيلى : لا
يتابع على حديثه. حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا محمد بن مهران الجمال ، قال :
ذكر محمد بن أبى سلمة عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة رضى الله عنه ،
قال : أهديت لعائشة وحفصة هدية ، وهما صائمتان فأكلتا منها. فذكرتا ذلك لرسول الله
صلىاللهعليهوسلم فقال : «اقضيا يوما مكانه ولا تعودا».
كتبت هذه الترجمة
من الميزان .
__________________
١٨٩ ـ محمد بن أبى
سويد بن أبى دعيج بن أبى نمى الحسنى المكى :
[.............................................].
١٩٠ ـ محمد بن شريك ، أبو عثمان المكى :
سمع عمرو بن دينار
، وعبد الله بن أبى مليكة ، وعكرمة بن خالد ، وابن أبى نجيح.
روى عنه : أبو
نعيم ، ووكيع ، وأبو معاوية الضرير ، وأبو أسامة ، وأبو أحمد الزبيرى ، وجعفر بن
عون.
قال أحمد بن حنبل
، ويحيى بن معين ، وأبو زرعة : هو ثقة.
وقال أبو حاتم :
لا بأس به. روى له أبو داود . ذكره هكذا صاحب الكمال.
١٩١ ـ محمد بن صالح بن أحمد القاضى بدر الدين بن القاضى علم
الدين الإسنائى المصرى ناظر الأوقاف بالقاهرة :
تردد إلى مكة مرات
، وجاور بها ، إلى أن مات فى العشر الأوسط من ذى الحجة
__________________
سنة تسع وسبعين
وسبعمائة. ودفن بالمعلاة.
ذكره شيخنا
العلامة الحافظ أبو زرعة بن العراقى فى تاريخه.
١٩٢ ـ محمد بن صالح بن عبد الرحمن الأنماطى ، أبو بكر المعروف
بكيلجة :
ذكره الخطيب
البغدادى فى تاريخه قال : «وسمع مسلم بن إبراهيم ، وعفان بن مسلم ، وأبا سلمة
التبوذكى ، وأبا عمر المقعد ، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبى ، وسعد بن أبى مريم
المقرى ، ومحبوب بن موسى بن محبوب القزاز.
روى عنه يحيى بن
محمد بن صالح ، وعبيد الله بن عبد الرحمن السكرى والقاضى أبو عبد الله المحاملى
ومحمد بن مخلد الدورى ـ وكان يسميه أحمد فى بعض رواياته عنه ـ وإسماعيل بن محمد
وغيرهم. وكان حافظا متقنا ثقة.
قرأت بخط محمد بن
مجالد : سنة اثنتين وسبعين ومائتين فيها ، يعنى : أن محمد بن صالح كيلجة : مات
بمكة.
قلت : الصحيح :
أنه مات سنة إحدى وسبعين. انتهى كلام الخطيب مختصرا ملخصا.
١٩٣ ـ محمد بن صالح
بن أبى حرمى فتوح بن بنين ، المكى العطار :
توفى شهيدا محرما
يوم الاثنين ثانى عشر جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وخمسمائة. ودفن بالمعلاة.
ومن حجر قبره بها
لخصت هذه الترجمة. وفيه : أنه دفن يوم الخامس عشر من الشهر المذكور.
١٩٤ ـ محمد بن صبيح بن عبد الله ، الحسامى ، المكى ، أبو عبد
الله ، يلقب بالجمال شيخ رباط غزى :
ولد فى ذى القعدة
سنة ثلاث وثمانين وستمائة بمكة.
__________________
هكذا رأيت بخط ابن
سكر ، ثم رأيت بخطه أيضا : أنه ولد فى سنة ثلاث وسبعين وستمائة.
سمع على الفخر
التوزرى : الموطأ رواية يحيى بن يحيى ، وصحيح مسلم ، بفوت ميعاد ، وسمع على الرضى
الطبرى : صحيح البخارى ، وسمع على القاضى جمال الدين الحنبلى بعض صحيح البخارى ،
وعلى الزين الطبرى ، وقريبه محمد بن الصفى ، والجمال المطرى ، وعيسى بن عبد الله
الحجى ، وبلال عتيق ابن العجمى : جامع الترمذى ، وسمع على العفيف الدلاصى ، وهذه
الطبقة ، ومن دونها كثيرا.
وحدث بالبخارى ،
قرأه عليه شيخنا عبد الله بن الزين الطبرى المكى.
وسمع منه شيخنا
ابن سكر بعض مسموعاته ، وسمع عليه بإجازته العامة من الفخر بن البخارى. وذكر أنه
توفى آخر سنة ثلاث وستين وسبعمائة. والله أعلم .
ومولده سنة اثنتين
وثمانين وستمائة.
قال : ابن شكر
فيما رأيته بخطه : وكان شيخا صالحا ، صابرا فقيرا ، أضر فى آخر عمره ، واحتسب ،
حتى لقى الله. وكان ملازما لسماع الحديث وإسماعه ، وأكثر من الاستماع لكل ما يقرأ
فى الحرم.
وكان والده مولى
القائد حسن بن إبراهيم الهاشمى المكثرى ، وسيأتى التعريف ببعض حالهما فى محله.
١٩٥ ـ محمد بن أبى
الضوء التونسى :
جاور بمكة ، وبها
توفى [................................].
وحدث عن أبى
الوليد محمد بن عبد الله بن حزم. سمع منه بمكة عن أبى بحر سفيان ابن العاص الأسدى.
سمع منه بقراءته
ابنه أبو الحجاج يوسف بقوص.
وكان مشهورا
بالخير والزهد. ذكره ـ هكذا ـ القطب الحلبى فى تاريخ مصر.
__________________
١٩٦ ـ محمد بن طارق المكى :
عن ابن عمر ومجاهد
وطاوس. وعنه : ليث بن أبى سليم والسفيانان. وثقه النسائى. وقال أبو حاتم : كان
رجلا صالحا.
وقال ابن شبرمة :
لو شئت كنت ككرز
فى تعبده
|
|
أو كابن طارق
حول البيت والحرم
|
قد حال دون لذيذ
العيش خوفهما
|
|
وسارعا فى طلاب
الفوز والكرم
|
قال نصر الرومى :
كان محمد بن طارق هذا جاور بمكة ، وكان يطوف فى اليوم اليوم والليلة سبعين أسبوعا
، فكان يعدل ذلك بعشرة فراسخ.
روى له ابن ماجة
حديثا واحدا ، وهو من روايته عن طاوس عن عائشة ، وابن عباس ، أن النبى صلىاللهعليهوسلم : أخّر طواف الزيارة إلى الليل. وهو حديث مرسل على ما قاله
البخارى.
ورواه أبو داود ،
والترمذى ، والنسائى من رواية أبى الزبير عن عائشة وابن عباس.
١٩٧ ـ محمد بن طغج بن جف بن يلتكين الإخشيد ، أبو بكر ، أمير
الحرمين والديار المصرية ، والشامية :
كان طغج من القواد
الطولونية. وولى الشام لخمارويه بن أحمد بن طولون. فترك
__________________
بعد موته أولادا
أكبرهم محمد هذا. فولى الولايات ، وتنقل فى المراتب إلى أن ملك مصر والشام.
وكان ابتداء
ولايته الديار المصرية والدعاء له بها ، فى يوم الجمعة لاثنتى عشرة ليلة خلت من
رمضان سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ، ولم تثبت ولايته هذه. ثم ولى مصر فى خلافة
الراضى بالله سنة ثلاث وعشرين.
وكانت فى ابتدائها
مفتعلة. وجد تقليدا جاء من دار الخلافة ببغداد باسم ابن تكين ، فكشط تكين ، وكتب
طغج وأنفذه إلى مصر ، وكان بالساحل. فتوقف أهل مصر ، فسار إليها وتقاتلوا ، فغلب
الإخشيد.
ودخل مصر يوم
الأربعاء لسبع بقين من رمضان من السنة ، ثم وصل له التقليد من دار الخلافة سنة
أربع وعشرين.
وفى سنة ثمان
وعشرين ، لقبه الخليفة الراضى بالله بالإخشيد ، بسؤال منه فى ذلك.
وفى سنة إحدى
وثلاثين ، خرج الإخشيد إلى المتقى الخليفة العباسى أخى الراضى ، فولاه مصر والشام
والحرمين ؛ وعقد على ذلك من بعده لولديه : أبى القاسم أنوجور. ومعنى أنوجور
بالعربى ـ محمود ـ وأبى الحسن على ، على أن يكفلهما كافور الخصى.
وكان عوده إلى مصر
يوم الأحد الثالث والعشرين من جمادى الآخرة. وأخذ البيعة لابنه أبى القاسم أنوجور
لليلتين بقيتا من ذى القعدة منها.
وفى خامس شعبان
سنة ثلاث وثلاثين ، خرج إلى الشام ، والتقى بأصحاب ابن حمدان ، على لدّ وهزمهم ، ثم صار إلى حمص وقاتل سيف الدولة ابن حمدان ،
ومضى إلى حلب ، ثم وقع الصلح بيهما ، وتسلم الإخشيد من سيف الدولة حلب وحمص
وإنطاكية .
وتزوج سيف الدولة
، بنت عبد الله بن طغج أخى الإخشيد.
__________________
ثم عاد الإخشيد
إلى دمشق ، فتوفى بها فى يوم الجمعة لثمان بقين من ذى الحجة سنة أربع وثلاثين.
وكان عمره ستا
وستين سنة وخمسة أشهر وسبعة أيام.
وكانت مدة ولايته
الأولى من لدن دخوله إلى مصر إلى حين وفاته أحد عشر سنة وثلاثة أشهر إلا يوما
واحد.
لخصت هذه الترجمة
من نهاية الأرب للنويرى. وذكر القطب الحلبى فى تاريخ مصر. وحكى عن أبى محمد
الفرغانى : أن مولده فى نصف رجب سنة ثمان وستين ومائتين بمدينة السلام ، وأنه حمل
بعد موته بدمشق فى تابوت إلى بيت المقدس فدفن هناك.
وذكر القطب : أن
أبا الحسين الرازى ، ذكر أن الإخشيد هذا : توفى سنة خمس وثلاثين. وذكر قولا أيضا :
أنه توفى بمصر وحمل إلى بيت المقدس.
وقال النويرى فى
نهاية الأرب : قال : التنوخى : كان الإخشيد حازما شديد التيقظ فى حروبه ، حسن
التدبير ، مكرما للأجناد أيّدا فى نفسه ، لا يكاد يحر قوسه إلا الأفراد من الناس
لقوته ، حسن السيرة فى رعيته.
وكان جيشه يحتوى
على أربعة آلاف رجل ، وله ثمانية آلاف مملوك بحربة ، يحرسه فى كل ليلة منها ألف
مملوك. وكان إذا سافر يتنقل فى الخيام عند النوم ، حتى كان ينام فى خيمة الفراشين
قال : وترك الإخشيد سبع بيوت مال ، فى كل بيت منها ألف ألف دينار من سكة واحدة.
وذكر النويرى : أن
بعد موت الإخشيد ، بويع لابنه أبى القاسم ، أنوجور ، ومعنى ذلك : محمود ، وعمره
اثنا عشر سنة بالشام ، ثم بمصر فى ثانى المحرم سنة خمس وثلاثين.
وتوفى لسبع خلون
من ذى القعدة سنة تسع وأربعين وثلاثمائة.
وكان كافور
الإخشيدى الغالب على أمره ، والحاكم على دولته ، وليس معه إلا مجرد الاسم. وعقدت
البيعة بعده لأخيه أبى الحسن علىّ ، فى يوم الأحد لثمان خلون من ذى القعدة ، فجرى
كافور معه على عادته مع أخيه ، وزاد على ذلك بأن سجنه ومنعه من الظهور إلى الناس
إلا معه. ولم يزل على ذلك حتى مات لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة خمس وخمسين
وثلاثمائة.
وقيل : إن وفاته
كانت فى هذا التاريخ من سنة أربع وخمسين. وخلف ولدا واحدا ، وهو أبو الفوارس أحمد.
وملك بعد أبى
الحسن على ، الأستاذ أبو المسك كافور الخصى الإخشيدى ، مستقلا دون شريك ولا منازع
، حتى مات فى يوم الثلاثاء لعشر بقين من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثلاثمائة
مسموما ، سمته جارية له فى لوزينج ـ وقتلت الجارية بعده ـ وله خمس وستون سنة على
التقدير. فإنه جلب فى سنة ثنتى عشرة وثلاثمائة ، وعمره أربع عشرة سنة وبيع باثنى
عشر دينارا.
وذكر المؤيد ـ صاحب
حماة ـ أنه كان يدعى لكافور الإخشيد هذا ، على المنابر بمكة والحجاز الشريف.
انتهى.
وفى أيام أبى
مولاه محمد بن طغج الإخشيد : كادت تقع فتن فى مكة بين الإخشيدية وجماعة بنى بويه ،
بسبب الخطبة بمكة لكل من بنى بويه والإخشيدية كما سبق ذكره فى الفصل الثانى عشر من
الباب الرابع والعشرين من مقدمة هذا الكتاب.
وذكر القطب الحلبى
فى تاريخه : أن طغج والد الإخشيد هذا ـ بطاء مهملة وغين معجمة ساكنة بعدها جيم
مخففة ، وقيل : بضم الغين ـ ومعناه : عبد الرحمن وجف : والد طغج ـ بجيم ـ قاله ابن
ماكولا.
وقال ابن عساكر :
قرأت فى كتاب عتيق : جف ـ بفتح الجيم ـ والإخشيد ـ بكسر الهمزة ، ومعناه بلسان أهل
فرغانة ملك الملوك. انتهى.
وذكر الحافظ علاء
الدين ، مغلطاى : أن الإخشيد يقال لمن ملك فرغانة. وذكر ألقابا لملوك البلاد ، وقد
رأيت أن أثبت ذلك هنا للفائدة.
قال فيما أنبئت به
عنه : «والنجاشى : اسم لكل من ملك الحبشة ، ويسميه المتأخرون الأمحرى وكذلك خاقان
: لمن ملك الترك ، وقيصر لمن ملك الروم ، وتبع لمن ملك اليمن ، فإن ترشح للملك سمى
قيلا ، وبطليموس لمن ملك اليونان ، والفطيون لمن ملك اليهود ـ هكذا قاله بن
خرداذبة ـ والمعروف مالخ ، ثم رأس الجالوت ، والنمرود : لمن ملك الصابئة ، ودهمن ،
وفعفور : لمن مالك الهند ، وغانة لمن ملك الزنج ، وفرعون : لمن ملك
__________________
مصر والشام ، فإن
أضيف إليها الاسكندرية : سمى العزيز ، ويقال : المقوقس ، وكسرى : لمن ملك العجم ،
والإخشيد : لمن ملك فرغانة ، والنعمان لمن ملك العرب من قبل العجم ، وجالوت : لمن
ملك البربر». انتهى.
١٩٨ ـ محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر
الصديق ، المدنى أمير مكة:
ذكره ابن حبان فى
الطبقة الثالثة من الثقات ، وقال : يروى عن أبيه عن معاوية بن جاهمة.
روى عنه ابن جريج
، وعبد الرحمن بن أبى بكر ، وكان عاملا لعمر بن عبد العزيز على مكة. انتهى. وذكره
المزى فى التهذيب ، ونسبه كما نسبه ابن حبان.
وقال المزى : روى
عن أبيه طلحة بن عبد الله ، ومعاوية بن جاهمة. وقيل : عن أبيه عن معاوية بن جاهمة.
وروى عنه داود بن
عبد الرحمن العطار ، وعبد الرحمن بن أبى بكر المليكى ، وعبد الملك بن جريج ، ومحمد
بن إسحاق ، وقال : روى له النسائى ، وابن ماجة. ووهم صاحب الكمال فى موضعين من
ترجمته ، لأنه لما نسبه أسقط : عبد الله بن طلحة وعبد الرحمن.
كذا وجدته فى نسخة
معتمدة من الكمال ، ولعل ذلك من ناسخها. والآخر : ما ذكره من رواية أبى داود له.
وهو لم يرو له. وإنما روى له النسائى وابن ماجة على ما يقتضيه كلام المزى.
١٩٩ ـ محمد بن طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن
سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى ، المعروف بالسجاد :
يكنى أبا القاسم ،
وأبا سليمان ، والصحيح : أبو القاسم ، على ما ذكر ابن عبد البر.
__________________
قال الزبير بن
بكار : وحدثنى محمد بن يحيى عن إبراهيم بن أبى يحيى ، عن محمد بن زيد بن المهاجر
بن قنفذ عن إبراهيم بن محمد بن طلحة قال : لما ولد محمد بن طلحة بن عبيد الله ، أتى
به طلحة إلى النبى صلىاللهعليهوسلم ، فقال له اسمه.
فقال : محمدا. قال
: يا رسول الله أكنه أبا القاسم؟ قال : لا أجمعها له. هو أبو سليمان.
قال الزبير :
وحدثنى هارون بن صالح بن إبراهيم قال : حدثنى عبيد الله بن محمد بن عمران بن عمه
يونس بن إبراهيم ، قال : أسمى رسول الله صلىاللهعليهوسلم محمد بن طلحة : محمدا. وكناه أبا القاسم.
قال الزبير :
وحدثنى أبو بكر بن يزيد بن جعدية ، فقال : حدثنى أشياخ من ولد طلحة بن عبيد الله ،
منهم : عبيد الله بن محمد بن عمران ، قالوا : لما ولد محمد بن طلحة ابن عبيد الله
، أتى به طلحة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فوضعه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى حجره ، ثم حنكه ، ثم مسح على رأسه ، وبرك عليه وأسماه
باسمه محمدا ، وكناه بكنيته أبا القاسم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال عبد الله : فكنا نقول : لا يصلح من ولده أحد ، يمسح
رسول الله صلىاللهعليهوسلم على رأسه ، قال : ثم صلعنا بعد.
وقال الزبير : قتل
محمد بن طلحة يوم الجمل. حدثنى عمى مصعب بن عبد الله قال : فمر به على بن أبى طالب
رضى الله عنه فى القتلى. فقال : هذا السجاد ورب الكعبة ، هذا الذى قتله بر أبيه.
وكان طلحة أمره
يوم الجمل أن يتقدم أن يتقدم باللواء ، فتقدم ، ونثل درعه بين رجليه ، وقام عليها.
فجعل كلما حمل عليه يقول : نشدتكم بحاميم ، فيصرف الرجل عنه ، حتى شد عليه رجل من
بنى أسد بن خزيمة يقال له : حديدة ، فنشده بحاميم فلم ينته لذلك ، فطعنه فقتله.
وقال الزبير :
حدثنى محمد بن الضحاك بن عثمان الخزامى عن أبيه ، قال : كان هوى محمد بن طلحة بن
عبيد الله مع على بن أبى طالب رضى الله عنه. ونهى على عن قتله وقال : من رأى
البرنس الأسود فلا يقتله ، يعنى : محمدا. فقال لعائشة رضى الله عنها يومئذ : يا
أمه ما تأمرينى؟ قالت : أرى أن تكون كخير بنى آدم ، أن تكف يدك ، فكف يده فقتله
رجل من بنى أسد بن خزيمة يقال له : كعب بن مدلج من بنى منقذ بن طريف. ويقال : قتله
شداد بن معاوية العبسى ويقال : بل قتله عصام بن مقشر البصرى ،
وعليه كثرة
الحديث. وهو الذى يقول فى قتله :
وأشعث قوام
بآيات ربه
|
|
قليل الأذى فيما
ترى العين مسلم
|
دلفت له بالرمح
من تحت بزه
|
|
فخر صريعا
لليدين وللفم
|
شككت إليه
بالسنان قميصه
|
|
فأرديته عن ظهر
طرف مسوم
|
أقمت له فى دفعه
مثل قد
|
|
امى النسر حران
لهذم
|
يذكرنى حم لما
طعنته
|
|
فهلا تلا حم قبل
التقدم
|
على غير شىء غير
أن ليس تابعا
|
|
عليا ومن لا
يتبع الحق يظلم
|
ويروى فى رواية
أخرى : خرقت له بالرمح جيب قميصه.
فقال على رضوان
الله عليه حين رآه صريعا : صرعه هذا المصرع بره بأبيه.
ويروى أن عليا لما
أخبر بقتله قال : (إِنَّا لِلَّهِ
وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) إن كان لما علمت شابا صالحا ، ثم قعد كئيبا حزينا ، وأمه :
حمنة بنت جحش ، أخت زينب زوج النبىصلىاللهعليهوسلم.
٢٠٠ ـ محمد بن أبى جهم عامر :
قال ابن عبد البر
: وقيل : عبيد. قال الزبير بن بكار : ابن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن
عبيد بن عويج بن عدى بن كعب القرشى العدوى.
ولد فى عهد النبى صلىاللهعليهوسلم ، على ما ذكر الذهبى.
وذكر الزبير بن
بكار : أن أمه خولة بنت القعقاع بن معبد بن زرارة. وقال : قتله مسرف بن عقبة يوم
الحرّة. وقال : حدثنى عمى مصعب بن عبد الله قال : كان ابن عقبة
__________________
بعد ما أوقع بأهل
المدينة يوم الحرة فى إمرة يزيد بن معاوية ، فأنهبها ثلاثا ، أتى بقوم من أهل
المدينة ، وكان أول من قدم إليه محمد بن أبى جهم ، قال : تبايع أمير المؤمنين ،
على أنك عبد قن إن شاء أعتقك وإن شاء استرقك. قال : فقال : بل أبايع على أنى ابن
عم كريم حر. فقال: اضربوا عنقه. انتهى.
وكانت قصة مسرف بن
عقبة بالمدينة فى آخر ذى الحجة سنة ثلاث وستين من الهجرة.
وقد ذكر هذه القصة
غير واحد من أهل الأخبار ، منهم الزبير بن بكار ؛ لأنه قال بعد أن ذكر شيئا من خبر
يزيد بن معاوية : ويزيد الذى أوقع بأهل المدينة ، بعث إليهم مسلم بن عقبة المرى ،
أحد بنى مرة بن عمرو بن سعد بن ذبيان ، فأصابهم بالحرة بموضع يقال له : واقم، من
مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ميل ، فقتل أهل المدينة مقتلة عظيمة ، فسمى ذلك اليوم
يوم الحرة.
وأنهب المدينة
ثلاثة أيام ، وهو الذى يسميه أهل المدينة مسرفا ، ثم خرج يريد مكة وبها ابن الزبير
، فمات فى طريق مكة ، فدفن على ثنية يقال لها : المشلل مشرفة على قديد.
فلما ولى عنه
الجيش ، انحدرت إليه ليلى أم ولد يزيد بن عبد الله بن زمعة من أستاره ، فنبشته
وصلبته على ثنية المشلل .
وكان مشرف قتل
يزيد بن عبد الله بن زمعة بن الأسود أبا ولدها.
٢٠١ ـ محمد بن عباد بن جعفر بن رعانة بن أمية بن عائذ بن عبد
الله بن عمر ابن مخزوم المخزومى المكى :
وأمه زينب بنت عبد
الله بن السائب بن أبى السائب المخزومى.
__________________
سمع أبا هريرة ،
وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، وجابر بن عبد الله ، وعائشة ، وجماعة.
روى عنه ابنه جعفر
، والزهرى ، والأوزاعى ، وابن جريج ، وزياد بن إسماعيل ، وعبد الحميد بن جبير بن
شيبة.
قال ابن سعد : كان
ثقة قليل الحديث. ووثقه أبو زرعة ، وابن معين ، وقال : مشهور. وقال أبو حاتم : لا
بأس بحديثه ، روى له الجماعة.
٢٠٢ ـ محمد بن عباد بن الزبرقان المكى :
سكن بغداد. وسمع
سفيان بن عيينة ، وصحبه ، وحاتم بن إسماعيل ، وأبا ضمرة أنس ابن عياض ، وأبا صفوان
عبد الله بن سعيد الأموى ، وطلحة بن يحيى الزرقى ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردى ،
ومروان بن معاوية وجماعة.
روى عنه : البخارى
، ومسلم ، وأبو يعلى الموصلى ، والبغوى وجماعة.
قال محمد بن سعد :
توفى فى آخر ذى الحجة سنة أربع وثلاثين ومائتين بعسكر الخليفة بسر من رأى . وكذا قال البخارى ، وزاد : ببغداد : وقال البغوى وغيره :
مات أول يوم من سنة خمس وثلاثين .
وقال موسى بن
هارون : مات يوم الخميس. وسئل عنه أحمد بن حنبل ، فقال : حديثه حديث أهل الصدق.
وقال ابن معين : لا بأس به.
__________________
٢٠٣ ـ محمد بن العباس بن عثمان بن شافع الشافعى المكى :
عم الإمام
الشافعى. روى عن أبيه. وعنه ابنه إبراهيم بن محمد الشافعى ، وحديثه عزيز. روى له
ابن ماجة ، وقال : يروى عن أبيه والحجازيين المقاطيع. ذكره المزى فى التهذيب ، ولم
أره فى الكمال.
* * *
من اسمه محمد بن عبد
الله
٢٠٤ ـ محمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد شمس الدين
الإستجى المصرى الشافعى :
نزيل مكة. جاور
بها مدة سنين ، مستوطنا بها متأهلا فيها. ولى مباشرة فى الحرم ، وله نظم كبير ،
ويقع له فيه الحسن ، غير أنه كان يتهم بانتحال معانيه ، والله أعلم.
وكان سمع بمكة
صحيح البخارى على محمد بن صبيح المكى شيخ رباط غزى ، والقاضى أبى الفضل النويرى
قبل ولايته ، ثم صحبه ، واشتهر بصحبته ومدحه بقصائد ، ورثاه بعد موته بمرثية
بليغة.
وسمع بمكة من
الكمال بن حبيب الحلبى وبالمدينة من : قاضيها بدر الدين بن الخشاب ، وبدمشق فى سنة
وثمانين وسبعمائة من [........]
وتوفى فى العشرين
من شعبان سنة ثمان ثمانين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
أنشدنى الإمام
النحوى نجم الدين محمد بن أبى بكر المكى المعروف بالمرجانى من
__________________
لفظه ، أن الأديب
شمس الدين محمد بن عبد الله بن أحمد الإستجى أنشده لنفسه.
أم النواظر فى
محراب حاجبها
|
|
طرف تلا من
معانى حسنها سورا
|
فلو ملكت فؤادى
كنت أجعله
|
|
وقفا له ولطرفى
أجعل النظرا
|
وأنشدنى الإمام
نجم الدين المرجانى أيضا أن الإستجى ، أنشده لنفسه أيضا :
وشادن قسنا على
ريقه
|
|
سلافنا والجامع
السكر
|
فقام فى العشاق
تحلابه
|
|
يتلو علينا إنما
الخمر
|
ومن شعره أيضا
قصيدة يمدح فيها النبى صلىاللهعليهوسلم ، أولها :
فى القلب منى
للأحبة منزل
|
|
لسوى الأحبة ليس
فيه مدخل
|
قلب على التوحيد
قد أسسته
|
|
فلذاك بالأهواء
لا يتزلزل
|
ورفعت بالتفويض
ما شيدته
|
|
منه براحات
الرضى كى يكمل
|
وجعلت من كتمان
حالى فوقه
|
|
سقفا علا وإليه
لا يتوصل
|
وأقمت فيه من
رجائى سلما
|
|
أرقى به عن ظن
ما لا يجمل
|
ولبابه السامى
طبعت من الحجى
|
|
قفلا بأيدى الحزم
منى يقفل
|
ولديه حراس به
وكلتهم
|
|
وعلى الطريق
إليه ستر مسبل
|
وخلوت فيه بمن
أحب فقال لى
|
|
وكل بباب السر
من لا يغفل
|
ففعلت فأنتظمت
فنون مسوتى
|
|
وغدوت فى بردى
هناء أرفل
|
فسكرت ثم رأيت
سكرى يقتضى
|
|
سكرا ويلزم من
أداه تسلسل
|
فرقيت من ذاك
المقام لمرتقى
|
|
لم يرقه إلا
رجال كمل
|
قوم برحمة ربهم
وبفضله
|
|
ومعونة منه إليه
توصل
|
لم لا ومرشدهم
وهاديهم إلى
|
|
سبل الهدى
الهادى النبى المرسل
|
المصطفى الأوفى
المراد المجتبى
|
|
الأرشد الأتقى
الأخص الأكمل
|
ومنها :
بالسبق فاز وإن
تأخر بعثه
|
|
فهو الأخير
عناية والأول
|
أفلت بمبعثه
شموس شرائع
|
|
وبشرعه شمس به
لا تأفل
|
ومنها :
فبنانه عند
العطاء ووجهه
|
|
ينهل ذا كرما
وذا يتهلل
|
وله أيضا من قصيدة
نبوية أولها :
نام الخلى وذو
الغرام مسهد
|
|
وله النجوم بما
يكابد تشهد
|
نادى الأحبة لو
سمحتم بالكرى
|
|
فلعل طيفكم
المفدى يسعد
|
قالوا ألم تعلم
بأن أخا الهوى
|
|
حكم الغرام بأنه
لا يرقد
|
فأجاب سمعا
للغرام وطاعة
|
|
إن الغرام على
المحب له اليد
|
قسما بعزة من
أحب وذلتى
|
|
إنى وإنى العبد
وهو السيد
|
قد لذ لى ذلى
لديه ولم أزل
|
|
عذب لدى عذابه
وتعبد
|
ووحق نور سنا
جلال جماله
|
|
وقديم إحسان له
لا يجحد
|
ذل المريد بلا
مراء عزة
|
|
وحياته فى موته
لا يشهد
|
كم ذا أصرح
بالمقال لعلهم
|
|
يحنوا وحالى حين
أسكت ينشد
|
يا سادة عتقوا
الرقاب وبرهم
|
|
أبدا لأحرار
الورى يستعبد
|
الأمر أمركم
فقولوا امتثل
|
|
واقضوا فرأيكم
الكريم مسدد
|
ومنها :
وأتى العذول لما
رأى من حالتى
|
|
يثنى عنانى عنكم
ويفند
|
ويقول إن لم تسل
عشت معذبا
|
|
سترى فتشكر ما
أقول وتحمد
|
فأجبته دعنى
عدمتك ناصحا
|
|
ما فى جنوبك لا
رعيت تردد
|
إن المنية فيهم
أمنيتى
|
|
فبأى شىء بعدها
تتهدد
|
عنى إليك فلو
عدلت عدلت عن
|
|
عذلى وكنت إلى
المحبة ترشد
|
لكن ظلمت وزاد
قلبك قسوة
|
|
صبرا عليه فقد
يلين الجامد
|
ومنها :
تالله لو أدركت
معنى حسن من
|
|
أهواه لم تبرح
به تتوجد
|
إن الذى ببديع
حسن صفاته
|
|
يا صاح همت هو
النبى محمد
|
المصطفى الهادى
الرسول المجتبى
|
|
الطاهر النور
المشفع أحمد
|
العاقب الماحى
المقفى من له
|
|
فضل عظيم لا
تطاوله يد
|
والقصيدة الأولى
اللامية ، وجدتها بخطه. والثانية : بخط غيره. وصرح فيها وفى الأولى ، بأن ناظمها
الإستجى.
ومن شعره أيضا ،
قوله من قصيدة أولها :
أما والعيون
السود ما أنا بالسالى
|
|
ولا والقدود
الهيف لا حلت عن حالى
|
فيا أيها اللاحى
رويدك إننى
|
|
ولا فخر صب قد
رضيت بإذلالى
|
وقد شاع بين
الناس أنى متيم
|
|
فما لى وقد باح الخفاء لعذالى
|
ولله برق لاح من
جانب الحمى
|
|
فهيج أشواقى
وأنعش بلبالى
|
وأذكرنى ثغر
المليحة باسما
|
|
كدر حباب لاح من
كاس جريالى
|
ولم أك بالناسى
ولكنه بدا
|
|
وذكرى قد ألقى
إلى قدها بالى
|
وماذا على صب
تنعم باله
|
|
فطورا بمعسول
وطورا بعسالى
|
ومن لى بثغر قد
حمته مناظرا
|
|
علىّ كما شاء
الهوى لحظه والى
|
ألمياء هل بى فى
وصالك مطمع
|
|
تلوذ به عند
اشتياقك آمالى
|
فلو لا الرجا يا
غاية السول والمنى
|
|
لمت ولم أبلغ
مناى بأوجالى
|
وقائلة مهلا
فحسبك ما جرى
|
|
من الدمع
والشكوى على الطلل البالى
|
فقلت لها كفى
فتلك منازل
|
|
نزلت بها قدما
على خير نزال
|
بها كنت أمشى من
سرور لمثله
|
|
بمنعرج بها
اللذات مشية مختال
|
وكنت بها للهو
أدعى فأنثنى
|
|
كأنى على
الأفلاك أسحب أذيالى
|
وكم نلت من لبنى
بها من لبانة
|
|
بلا منة تخشى
ولا ذل تسآلى
|
وكم بت أجلو
والمديرة مقلتى
|
|
سلاف جمال
مازجته بإجمالى
|
وكم بت لا أخشى
رقيبا سوى الدجى
|
|
ولا واشيا إلا
شذا طيبها الغالى
|
فما لى لا أبكى
الغداة لبينها
|
|
وأندب ربعا من
شمائلها خالى
|
وأنشد من فرط
الصبابة والأسى
|
|
بذل كسانيه
الهوى وبإذلالى
|
محبك لم يسأم
وإن دام وصله
|
|
وإن صد يا لبنى
فما هو بالسالى
|
٢٠٥ ـ محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن
إبراهيم الطبرى المكى الشافعى ، المعروف بالبهاء الخطيب ، خطيب مكة وابن خطيبها :
ذكر أنه ولد سنة
ثمان وسبعين وستمائة بمكة ، وأنه سمع بها على يوسف بن إسحاق الطبرى ، ولم يصرح بما
سمعه عليه ، ولعله سمع عليه الترمذى ، أو بعضه فإنه كان يرويه عاليا.
وسمع المذكور من
جده المحب الطبرى ، سنن النسائى رواية ابن السنى ، وأربعين البامنجى ، وعلى الفقيه التوزرى : الموطأ رواية يحيى بن يحيى وغير
ذلك. وحدث.
__________________
وسمع من أبيه بعض
صحيح البخارى. وعنه أخذ خطابة الحرم سنة أربع وسبعمائة ، ودامت ولايته لها.
وكان فاضلا ، له
نظم ونثر وخطب ، وفيه كيس ومروءة وكرم وحسن خلق.
سمع منه البرزالى
شيئا من نظمه ، وما علمته حدث إلا بنظمه.
وذكر أنه توفى يوم
الجمعة السادس والعشرين من ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة. ودفن من يومه
بالمعلاة بعد الصلاة عليه عند باب الكعبة ، وكان له مشهد عظيم.
وبلغنى عن الشيخ
خليل المالكى أنه رأى ـ بعد موت البهاء الخطيب ـ امرأة من أقاربه فى المنام ،
فقالت للشيخ : هذا البهاء مسكين ما أحد يقرأ له شيئا ، ما أحد يهدى له شيئا ،
فقرأت له بعد ذلك شيئا من القرآن وأهديته إليه ونمت ، فرأيت المرأة التى رأيتها فى
المنام ، فقالت لى : جزاك الله عنه خيرا ، أحسنت إليه. هذا معنى ما بلغنى عن الشيخ
خليل.
أنشدنى الإمام أبو
اليمن محمد بن أحمد بن إبراهيم الطبرى ، بقراءتى عليه بالحرم الشريف ، قلت له :
أنشدك الحافظ علم الدين القاسم بن محمد البرزالى إجازة ، أن خطيب مكة بهاء الدين
محمد بن عبد الله بن المحب الطبرى ، أنشده لنفسه بمنزله بمكة فى يوم الجمعة السادس
عشر من الحجة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة ، فقال :
أرانى اليوم
للأحباب شاك
|
|
وقدما كنت
للأحباب شاكر
|
وما لى منهم
أصبحت باك
|
|
أباكر بالمدامع
كل باكر
|
نهارى لا يزال
القلب ساه
|
|
وليلى لا يزال
الطرف ساهر
|
أذاقونى عنادا
طعم صاب
|
|
وقالوا كن على
الهجران صابر
|
وها قلبى إلى
الأحباب صاغ
|
|
يميل إلى رضاهم
وهو صاغر
|
أحن إلى لقاهم
كل عام
|
|
وأرجو وصلهم فى
شعب عامر
|
أهيل الجود مقصد
كل حاج
|
|
وليس لهم عن
الأحباب حاجر
|
سقى ربعا حواهم
كل غاد
|
|
وصين جمالهم من
كل غادر
|
ومن شعره ـ على ما
بلغنى عن جدى القاضى أبى الفضل النويرى هذه الأبيات الثمانية ، وهى أربعة مقاطيع.
منها : مقطوع
أنشده للسلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون بمصر ، وأظن ذلك لما
توجه إليها طلبا
للرزق ووفاء للدين ، صحبة أمير مكة الشريف رميثة بن أبى نمى الحسنى ، فى سنة ست
وعشرين وسبعمائة ، قال :
محا محياك كل
بوس
|
|
من سفر فيه قد
شقينا
|
ولم نكن بعد إذ
رأينا
|
|
وجهك نتلو لقد
لقينا
|
ومنها : لما سأل
بعض الأكابر عن ملوحة ماء زمزم :
هو الحظ أما
العير ترتع فى الفلا رطيبا
|
|
وأنف العود
بالعود يخزم
|
لك الحمد أمواه
البلاد كثيرة
|
|
عذاب وخصت
بالملوحة زمزم
|
البيتان مشهوران
للمعرى أبى العلاء .
ومنها قوله لما
اجتمع مع جماعة ، منهم ابن عمه القاضى نجم الدين ، لقراءة ختمة ، وقد سقط طائر فى
حجره فأصغى إليه بأذنه ، وقال : هذا الطائر يقول : وأنشد على لسانه فقال :
إنى سررت بقربكم
وقدومكم
|
|
وقراءة القرآن
فى ناديكم
|
ونزلت فى وكرى
إليكم آمنا
|
|
ومؤمنا لما دعى
داعيكم
|
ومنها : قوله
مخاطبا لأرغون الدوادار نائب السلطنة بمصر ، لما حج فى بعض السنين ، وحضر خطبته
بمكة ، فتوقف فقال :
من ذا يراك ولا
يها
|
|
ب إذا قرا وإذا
خطب
|
إن التثبت للخطي
|
|
ب إذا رآك من
العجب
|
٢٠٦ ـ محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة النسائى :
أبو الوليد
الأزرقى المكى ، مؤلف «أخبار مكة». حدث فيه عن جماعة ، منهم : جده أحمد بن محمد
الأزرقى ، وإبراهيم بن محمد الشافعى ، ومحمد بن يحيى بن أبى عمر بن الأزرق بن عمرو
بن الحارث بن أبى شمر العدنى.
__________________
روى عنه : إسحاق
بن أحمد الخزاعى ، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى ، ووقع لنا حديثه من طريقه
عاليا.
وما علمت متى مات
، إلا أنه كان حيا فى خلافة المنتصر محمد ابن جعفر المتوكل العباسى ، وقد تقدم
ذكرها فى ترجمته ؛ لأنه ذكر فى الخطط : أن القصر المسمى سقر والستار ، فى الجاهلية
، صار للمنتصر ، وترجمه بأمير المؤمنين ، ولم أر من ترجمه ، وإنى لأعجب من ذلك.
ووهم النووى ـ رحمهالله ـ فى قوله فى شرح المهذب بعد أن ذكر حدود الحرم ، نقلا عن
أبى الوليد الأزرقى هذا ، أنه أخذ عن الشافعى وصحبه ، وروى عنه ، وإنما كان ذلك
وهما لأمرين :
أحدهما : أن الذين
صنفوا فى طبقات الفقهاء الشافعية لم يذكروا فى أصحاب الشافعى إلا أحمد بن محمد بن
الوليد جد أبى الوليد هذا.
الأمر الثانى : لو
أن أبا الوليد هذا روى عن الإمام الشافعى لأخرج عنه فى تاريخه لما له من الجلالة
والعظمة ، كما أخرج عن جده وابن أبى عمر العدنى ، وإبراهيم بن محمد الشافعى ، ابن
عم الإمام الشافعى.
والسبب الذى أوقع
النووى فى هذا الوهم ، أن أحمد الأزرقى جد أبى الوليد هذا ، يكنى بأبى الوليد ،
فظنه النووى هو ، والله أعلم ، وإنما نبهت على ذلك لئلا يغتر بكلام النووى ، فإنه
ممن يعتمد عليه ، وهذا مما لا ريب فيه.
أخبرنا أبو إسحاق
إبراهيم بن محمد بن صديق الدمشقى ، بقراءتى عليه : أن أبا العباس أحمد بن أبى طالب
الحجار أخبره وغيره عن أبى إسحاق إبراهيم بن عثمان الكاشغرى ، وأبى محمد الأنجب بن
أبى السعادات الحمامى ، وثامر بن مسعود بن مطلق ، وعبد اللطيف بن محمد بن القبيطى
، وعلى بن محمد بن كبة ، وأبى الفضل محمد ابن محمد بن السباك ، وزهرة بنت محمد بن
أحمد بن حاضر ، قالوا : أخبرنا أبو الفتح بن البطى ـ زاد الكاشغرى ـ : أبو الحسن
بن تاج القراء ، قالا : أخبرنا مالك بن أحمد البانياسى ، قال : أخبرنا أحمد بن
محمد بن الصلت المجير ، قال : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم ابن عبد الصمد الهاشمى ،
قال : حدثنا أبو الوليد محمد بن عبد الله الأزرقى ، قال : حدثنا جدى ، قال : حدثنا
سفيان عن أبى الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم رضى الله عنه ، قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا بنى عبد مناف ، إن وليتم من هذا الأمر شيئا ، فلا
تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى ، أية ساعة شاء من ليل أو نهار ».
__________________
٢٠٧ ـ محمد بن عبد الله بن أحمد ، التونسى الأصل ، المكى
المولد والدار ، المعروف بابن المرجانى :
سمع من شيخنا ابن
صديق وغيره من شيوخنا ، واشتغل فى الفقه والعربية وتنبه فى ذلك ، وله نظم وخط جيد
، وكتب به أشياء كثيرة ، وكان دينا خيرا ساكنا.
توفى فى ليلة
السبت ثانى ذى الحجة سنة عشر وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة فى صبيحتها عن أربع
وعشرين سنة تقريبا.
__________________
٢٠٨ ـ محمد بن عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدى ، أسد خزيمة :
ولد قبل الهجرة
بخمس سنين على ما قال الواقدى ، وهاجر مع أبيه إلى الحبشة ، ثم إلى المدينة وأوصى
به النبى صلىاللهعليهوسلم ، فاشترى له مالا بخيبر ، وأقطعه دارا بسوق الرقيق
بالمدينة.
وروى عنه وعن
عمتيه : حمنة بنت جحش ، وزينب بنت جحش ، وعائشة الصديقة.
وروى عنه ابنه
إبراهيم ، والمعلى بن عرفان وغيرهما ، روى له أحمد والنسائى ، وابن ماجة ، قال
المزى : مختلف فى صحبته.
ومن حديثه : «أن
المؤمن لا يدخل الجنة ، وإن رزق الشهادة ، حتى يقضى دينه»، وبنو جحش حلفاء بنى عبد شمس ، وقيل : حلفاء حرب بن أمية.
٢٠٩ ـ محمد بن عبد
الله بن الحسين بن على بن أبى طلحة ، البرمكى الهروى أبو عبد الله ، ويقال : أبو
الفتح الحنبلى ، إمام الحنابلة بالحرم الشريف :
سمع من أبى
المعالى بن النحاس ، وأبى الوقت السجزى ، وغيرهم ببغداد ، ومصر ، والإسكندرية ، ثم
صار إلى مكة واستوطنها إلى حين وفاته ، وأمّ فيها بمقام الحنابلة سنين ، وحدث فيها
بالكثير.
وكان حيا فى سنة
تسعين وخمسمائة بمكة ، وفيها توفى أو بعدها بيسير. ودفن بالمعلاة.
__________________
ومولده سنة ثمان
وعشرين وخمسمائة. ذكره المنذرى فى التكملة ، ومنه لخصت هذه الترجمة.
٢١٠ ـ محمد بن عبد
الله بن خطاب بن جعيد بن عبد الملك القرشى السهمى :
توفى فى ربيع
الأول سنة سبع وثلاثين وستمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخصت هذه
الترجمة.
٢١١ ـ محمد بن عبد
الله بن زكريا البعدانى :
نزيل الحرمين
الشريفين. كان خيرا صالحا مؤثرا ، منور الوجه ، كثير العبادة ، له إلمام بالفقه
والتصوف ، وجاور بالحرمين نحو ثلاثين سنة ، على طريقة حسنة من العبادة وسماع
الحديث والاشتغال بالعلم.
وكان قدم إلى مكة
فى أول عشر السبعين وسبعمائة ، وأقام بها إلى سنة تسع وثمانين وسبعمائة أو بعدها
بقليل ، إلا أنه كان يتردد إلى المدينة ، ثم انتقل إليها فى هذا التاريخ ، وصار
يتردد إلى مكة ، ويتمشيخ على الفقراء برباط دكالة بالمدينة ، وعمره من مال سعى فيه
عند بعض أرباب الدنيا. وبها توفى فى العشر الأخير من ذى الحجة سنة عشر وثمانمائة ،
ودفن بالبقيع ، وهو فى عشر الستين ، وكان من وجوه أهل بلده بعدان أصحاب الشوكة بها
، وبعدان ـ بباء موحدة وعين ودال مهملتين وألف ونون ـ ـ بلدة من
مخلاف جعفر باليمن.
٢١٢ ـ محمد بن عبد الله بن سارة القرشى :
من أهل مكة. يروى
عن سالم بن عبد الله ، وزيد بن أسلم. روى عنه ابن المبارك. ذكره ابن حبان هكذا فى
الطبقة الثالثة من الثقات.
٢١٣ ـ محمد بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة
القرشى المكى ، قاضى مكة وخطيبها ومفتيها ، جمال الدين أبو حامد بن الشيخ عفيف
الدين الشافعى :
ولد ليلة عيد
الفطر سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة. وسمع بها على الشيخ
__________________
خليل المالكى
الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى وغير ذلك ، وعلى القاضى تقى الدين الحرازى ، بعض
ثمانين الآجرى ، وعلى محمد بن سالم الحضرمى [....] وعلى القاضى عز الدين بن جماعة أربعينه التساعية ، والمنسك
الكبير له ، وجزء ابن نجيد عن أحمد بن عساكر ، وزينب بنت كندى ، كلاهما عن المؤيد
الطوسى. وسمعه على القاضى موفق الدين الحنبلى قاضى الحنابلة بمصر ، مع ابن جماعة
بمكة ، وسمع عليهما مسند عبد ، بفوت ، وعلى الشيخ عبد الله اليافعى فهرسته ، وصحيح
البخارى. وسمعه على محمد بن أحمد بن عبد المعطى ، وأحمد بن سالم المؤذن وغيرهما ،
وأكثر عنهما بعنايته ، وعلى الكمال محمد بن عمر بن حبيب الحلبى صحيح البخارى ،
وسنن ابن ماجة ، ومسند الشافعى ، ومعجم ابن قانع ، وأسباب النزول للواحدى ، ومقامات
الحريرى وغير ذلك ، عليه وعلى غيره من الغرباء وأهل مكة.
ورحل إلى مصر ،
فسمع بها من مسندها الزين عبد الرحمن بن على بن هارون الثعلبى جزء ابن الطلاية ،
ومسموعه من سنن النسائى ، رواية ابن السنى وهو مسموع ابن الصواف عنه سماعا.
ومن محمد بن على
الحراوى ، سمع منه «فضل الخيل» للدمياطى عنه ، والعلم للمرهبى ، ومن البهاء عبد
الله بن خليل المكى ، وأكثر عنه ، ومن خلق.
وبدمشق من عمر بن
حسن بن أميلة جامع الترمذى ، وسنن أبى داود. وكان قرأهما قبل ذلك بمكة بنزول درجة
، ومشيخة ابن البخارى تخريج ابن الظاهرى ، وسمعها على صلاح الدين بن أبى عمر ، مع
مسند ابن حنبل بقراءته له غير قليل ، فبقراءة غيره ، والشمائل للترمذى ، والمنتقى
الكبير من الغيلانيات ، والمنتقى الصغير منها ، ومن المسند.
وعلى الرئيس بدر
الدين محمد بن على بن قواليح ، صحيح مسلم عن أحمد بن عساكر سماعا فى الثالثة عن
المؤيد ، وعلى البرهان إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن فلاح الدمشقى الإسكندرى :
معجم بن جميع ، عن عمر بن القواس حضورا.
وسمع على ابن
أميلة مسموعه من هذا المعجم ومن خلق بدمشق ، وسمع ببعلبك من مسندها أحمد بن عبد
الكريم البعلى صحيح مسلم عن زينب بنت كندى عن المؤيد وغير ذلك ، عليه وعلى جماعة
ببعلبك ، وحمص ، وحماة ، وحلب ، وبيت المقدس ، وغزة.
__________________
وأجاز له جماعة
كثيرون من شيوخ البلاد التى سمع بها وغيرها.
وخرج له عن شيوخه
بالسماع والإجازة : صاحبنا الإمام صلاح الدين خليل بن محمد الأقفهسى معجما حسنا ،
حدث به وبكثير من مروياته ، ودرس وأفتى كثيرا.
ومن شيوخه فى
العلم بمكة : القاضى أبو الفضل ، وعمه القاضى شهاب الدين ، والشيخ جمال الدين
الأميوطى ، والشيخ برهان الدين الأبناسى ، والشيخ زين الدين العراقى ، والشيخ أبو
العباس بن عبد المعطى وغيرهم.
ومن شيوخه فى ذلك
بمصر : قاضيها أبو البقاء محمد بن عبد البر السبكى ، وشيخ الإسلام سراج الدين
البلقينى ، والعلامة سراج الدين المعروف بابن الملقن ، وابن النحوى وغيرهم.
ومن شيوخه فى ذلك
بدمشق : القاضى أبو البقاء السبكى ، والعلامة عماد الدين إسماعيل بن خليفة
الحسبانى. وقد أخذ عنه الفقه كثيرا ، وكذلك عن القاضى أبى البقاء ، وأخذ عن أبى
البقاء غير ذلك من فنون العلم ، وأبو العباس العنابى تلميذ أبى حيان.
ومن شيوخه فى ذلك
بحلب ، مفتيها الشيخ شهاب الدين أحمد بن حمدان الأذرعى ، أخذ عنه جانبا من الفقه
فى المنهاج ، وأخذ عن غيره بحلب.
وسوغ له الإفتاء
والتدريس من هؤلاء الشيوخ : القاضى أبو الفضل ، وشيخ الإسلام البلقينى ، وابن
الملقن والحسبانى ، والأميوطى والأبناسى. وأباح له البلقينى التدريس فى الحديث
وأصول الفقه والعربية.
وأباح له التدريس
فى العربية ، أبو العباس بن عبد المعطى ، وأخذها أيضا ، عن العنابى ، وكانت له
معرفة حسنة بالعربية.
وأما الفقه ، فكان
كثير الاستحضار له ، وكذلك الحديث متونا وأسماء ولغة وفقها ، وله مشاركة حسنة فى
غير ذلك من فنون العلم ، ويذاكر بأشياء كثيرة مستحسنة من التاريخ والشعر.
وصنف شرحا على «الحاوى
الصغير» حرر منه من كتاب البيع إلى الوصايا ، وله جزء فى زمزم ، وله نظم صالح ،
وتصدى للإفادة والتدريس نحو أربعين سنة.
وكان أكثر من يفتى
بمكة ، والفتاوى ترد كثيرا إليه من بلاد الطائف ولية ، وربما أتته من بلاد زهران ، وكتب على ما أتاه منها أجوبة
مفيدة ، قيدت عنه فى كراريس ، ووردت عليه من عدن أسئلة نحو مائة ، فأجاب عنها بما
يسع كراريس ، ووردت عليه مسائل من بلاد اليمن غير عدن ، فأجاب عنها.
وأول ولايته
مباشرة فى الحرم الشريف ، تلقاها عن الجمال التعكرى وتدريس درس بشير
الجمدار الناصرى ، تلقاه عن القاضى أبى الفضل بحكم وفاته ، ولم ينازعه فيه عمه ،
ثم نازعه فيه خالى قاضى الحرمين محب الدين النويرى لما ولى قضاء مكة ، بحجة أن
العادة جرت بولاية القضاة بمكة له ، فانتزع منه ووليه خالى ، ثم عاد إليه فى ولاية
القاضى عز الدين بن القاضى محب الدين وولى عوضه قضاء مكة ، وما كان بيده من
الوظائف فى موسم سنة ست وثمانمائة بتفويض من أمير الركب المصرى طولو الناصرى ؛
لأنه ذكر أن السلطان بمصر جعل له ذلك مع تفويض من صاحب مكة وباشر ذلك إلى موسم سنة
سبع وثمانمائة.
ثم ولى ذلك القاضى
عز الدين ولم يتمكن كل التمكن ، لورود كتاب الأمير السالمى مدبر الدولة بمصر ، بأن
القاضى جمال الدين على ولايته.
وكان قد اشتهر
عزله بمصر ، ثم جاءته الولاية فى ليلة ثانى ربيع الآخر سنة ثمان وثمانمائة ، وباشر
ذلك إلى أواخر شعبان سنة عشر وثمانمائة ، ثم باشر ذلك القاضى عز الدين فى أوائل
رمضان إلى قبيل النصف من شعبان سنة اثنتى عشرة ، ثم باشر ذلك القاضى جمال الدين
إلى العشرين من ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة ، ثم باشر ذلك القاضى عز الدين
، إلى موسم هذه السنة ، ثم باشر ذلك القاضى جمال الدين إلى أن شغله المرض الذى مات
فيه عن ذلك.
وكان عزل عن ذلك
بنائب له من أقاربه ، وهو القاضى كمال الدين أبو البركات
__________________
ابن أبى مسعود ،
السابق ذكر والده غير مرة ، منها فى سنة أربع عشرة وخمس عشرة ، وما تم لأبى
البركات أمر لعزله ، بالقاهرة قبل خروج ولايته منها.
وكان القاضى جمال
الدين عزل عن الخطابة ونظر الحرم والحسبة ، فى سنة ست عشرة وثمانمائة بالقاضى عز
الدين. وباشر ذلك فى النصف الثانى من شوال هذه السنة إلى موسمها ، فعادت الخطابة
فقط للقاضى جمال الدين ، وباشرها من موسم هذه السنة ، إلى أثناء شهر ربيع الآخر
سنة سبع عشرة ، ثم عادت للقاضى عز الدين ، وباشرها حتى مات القاضى جمال الدين ،
وكانت فوضت إليه بعد موته ، وقبل العلم به.
وولى القاضى جمال
الدين تصديرين لبشير الجمدار ، كان أحدهما مع الشيخ جمال الدين الأميوطى ، والآخر
مع عمه القاضى شهاب الدين بن ظهيرة.
وولى تدريس
المدرسة المجاهدية سبع عشرة سنة ـ بتقديم السين ـ وولى تدريس المدرسة الغياثية ،
مدرسة السلطان غياث الدين صاحب بنجالة. وأظنه ولى تصديرا ببعض المدارس الرسولية
بمكة ، قبل أن يلى تدريس المجاهدية بتقرير الناظر على ذلك ، القاضى سراج الدين عبد
اللطيف بن سالم ، وبعد موته كانت ولايته للمدرسة المجاهدية ، وقد نزل عنها وعن
البنجالية ، لولده القاضى محب الدين ، فباشر ذلك مباشرة حسنة ، وباشر بعد أبيه
قضاء مكة وأعمالها ، ونظر الأوقاف والربط بها.
ولكن بعد أن سبقه
إلى ذلك ، قريبه القاضى أبو البركات ، فإنه ولى ذلك ، بعد وفاة القاضى جمال الدين
، وباشر ذلك أحد عشر شهرا متوالية تزيد أياما.
فأول مباشرة
القاضى محب الدين ، فى العشر الأخير من ذى القعدة سنة ثمان عشرة ، وآخرها خامس
شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة. ثم عاد إلى مباشرة ذلك فى خامس ذى الحجة سنة تسع
عشرة ، بعد صرف أبى البركات عن ذلك.
ثم مات أبو
البركات بذات الجنب فى ليلة ثالث عشرى ذى الحجة ، والقاضى محب الدين مستمر على
المباشرة إلى سنة عشرين وثمانمائة ، وقد خرجنا عن المقصود ، ولكن لفوائد.
وكان القاضى جمال
الدين ، ذا حظ عظيم من الخير والعبادة والعفاف والصيانة ، وما يدخل تحت يده من
الصدقات يصرفه فى غالب الناس وإن قل ، وفقد فى معناه.
وكان موته فى ليلة
الجمعة السادس عشر من شهر رمضان سنة سبع عشرة وثمانمائة
بمكة ، ودفن
بالمعلاة على جد أبيه لأمة العفيف الدلاصى ، مقرئ الحرم ، بعد أن تعلل مدة طويلة بالإسهال. فالله
يتغمده برحمته.
وما ذكرناه من أن
وفاته فى ليلة السادس عشر من شهر رمضان ، موافق لرؤية أهل مكة لهذا الشهر.
وأما على رؤية أهل
عدن وغيرهم له ، فهى ليلة السابع عشر من شهر رمضان ، والله أعلم بحقيقة ذلك.
وقد سمعت منه
معجمه ، وقرأت عليه كثيرا من مروياته ، منها : صحيح مسلم ، ومشيخة ابن البخارى ،
ومعجم ابن جميع وغير ذلك. وما سمعته أجمع من غيره ، وأباح لى التدريس فى علم
الحديث والإفادة فيه.
وكان يتفضل بكثير
من الثناء ، وذلك مما اكتسبناه من صفاته الحسنى.
وقد سمعنا منه
ببلاد الفرع ، ونحن متوجهون فى خدمته لزيارة الحضرة النبوية. وما أطيب
تلك الأوقات. ولله در القائل :
وتلك الليالى
الماضيات خلاعة
|
|
فما غيرها بالله
فى العمر يحسب
|
٢١٤ ـ محمد بن أبى بكر عبد الله بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس بن أبى عبد
الله العسقلانى المكى ، شيخ الحرم ومفتيه ، رضى الدين أبو عبد الله ، المعروف بابن
خليل الشافعى :
سمع من أبى الحسن
على بن الجميزى : الثقفيات. وعلى ابن أبى الفضل المرسى : صحيح ابن حبان. وعلى محمد
بن على الطبرى ، وابن مسدى ، وأبى اليمن بن عساكر وأكثر عنهما.
__________________
سمع منه جماعة من
الأئمة. منهم : نجم الدين بن عبد الحميد ، ومات قبله. وأبو عبد الله بن رشيد خطيب
سبتة ، وذكره فى رحلته. وذكر أنه لقيه بمنزله من الحرم الشريف ، وسمع منه المسلسل
بالأولية ، قال : وتذاكرت مع رضى الدين فى مسائل فقهية وأصلية. وكان شديد العارضة
، حديد النظر ، متعرضا لإيراد الشبه.
وقد كانت جرت بينه
وبين الشيخ الصالح الفقيه أبى محمد المرجانى ، قبل قدومى ، مذاكرة ، كان عنها بعض
تغير ، إذا كان أبوه بعيدا عن طرق المناظرة.
كان فى رضى الدين
فضل حد وفى المناظرة ، ثم قال : ورضى الدين هذا ، هو أحد العلماء العاملين الآمرين
بالمعروف والناهين عن المنكر.
وله فى ذلك مع
أمير مكة أبى نمى محمد بن أبى سعد ، حكايات ونوادر تحكى وتذكر ، وقد انتهى الأمر
به ـ فيما بلغنى ـ إلى أن سجنه ، فرأى أبو نمى فيما يرى النائم كأن الكعبة ـ شرفها
الله تعالى ـ تطوف بالمحل الذى سجن فيه رضى الدين بن خليل ، فوجه إليه وأطلقه
واعتذر إليه. ورضى الدين هذا ، هو الذى تدور عليه الفتيا أيام الموسم. انتهى.
وممن سمع عليه
أيضا. الشيخان : علاء الدين العطار ، وعلم الدين البرزالى ، وذكره فى معجمه ، فقال
: كان شيخا جليل القدر ، عالما متدينا ، له معرفة بالفقه على مذهب الشافعى ، وعليه
مدار القتوى بمكة معتمدا فيها ؛ وإن كان الشيخ محب الدين الطبرى شيخ الجماعة قوالا
بالحق ، آمرا بالمعروف ، ناه عن المنكر ، له فى القلوب الجلالة ، ويتوسل به فى
الحوائج ، ناسكا صالحا ، دائم الصيام والطواف ، قاضيا لحوائج الناس ، من قصده مشى
معه متواضعا. وكان يعرف «التنبيه» مسألة مسألة ، ويحفظ «المفصل» ، ويعرف طرفا من
العربية. انتهى.
وذكره الذهبى فى
تاريخ الإسلام ، وقال : كان فقيها عالما ، مفتيا ، ذا فضل ومعارف وعبادة وصلاح ، وحسن
أخلاق.
وقد سمع منه ابن
العطار ، والبرزالى ، وجماعة. وأجاز لى مروياته وترجمه : شيخ الحرم.
__________________
وذكر لى شيخنا
القاضى جمال الدين بن ظهيرة : أنه وجد للفقيه جمال الدين بن خشيش الآتى ذكره كتابا
ألفه سماه «المقتضب» قرأه عليه الرضى بن خليل وكتب له بخطه بسبب قراءته له عليه
ألقابا منها : مفتى الحرمين ، وذلك فى سنة أربع وستين وستمائة.
قلت : هذه مزية
للرضى ، ومع ذلك فما سلم من الأذى. فقد وجدت بخط أبى العباس الميورقى : خرق
الشرفاء هيبة الرضى محمد بن أبى بكر بن خليل فى شوال سنة خمس وسبعين ، ولم يزد على
ذلك ، ولم يذكر سبب ذلك. ولعل سبب هذه القضية إنكاره المنكر ، كما ذكر ابن رشيد
فيما سبق.
ووجدت ذلك بخط أبى
عبد الله بن قطرال فى تعاليقه ، فى أثناء ترجمة الرضى بن خليل هذا ؛ لأنه قال :
أخبرنى ثقة ، أنه سجن مرة على تغيير منكر قام به. فرأى صاحب مكة أبو نمى الكعبة
المشرفة تطوف بالسجن الذى كان فيه ، فأخرجه واستعطفه وسأل المغفرة. انتهى. وهذه
منقبة عظيمة.
وللرضى بن خليل
هذا نظم ، فمنه ما أنشدناه الشيخ أبو اليمن محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم الطبرى
بقراءتى عليه الحرم الشريف ، أن أباه وعثمان بن الصفى أنشداه إجازة عنه. ونقلت من
خطه هذه الأبيات :
إن الحليفة
للمدينة محرم
|
|
ويلملم يمن وشام
جحفة
|
عرق عراق ثم نجد
قرنها
|
|
هذى المواقيت
الشريفة جمة
|
فحليفة عشر
وجحفة أربع
|
|
ومراحل التالى
اثنتان ريحة
|
ومنه بهذا الإسناد
، وأنشد ذلك له ابن الجزرى فى تاريخه :
يا نازحين ودمع
العين ينزحه
|
|
من بعد بعدهم
عودوا ولى عود
|
ترى لييلات سلع
هل تعود بكم
|
|
وذاوى الحب هل
ينشق له عود
|
أفنى جميعى
هواكم لا عدمتكم
|
|
سوى أنين ووجد
فهو موجود
|
وحق حبكم لا خنت
عهدكم
|
|
فعللونى بوصل أو
به جودوا
|
لله وقت قضيناه
على دعة
|
|
والشمل مجتمع
والبين مطرود
|
ومنه به :
أيها النازح
المقيم بقلبى
|
|
فى أمان أنى
حللت ورحب
|
جمع الله بيننا
عن قريب
|
|
فهو أقصى مناى
منك وحبى
|
وأنشد له ابن
الجزرى هذين البيتين ، ولا أدرى هل هما له أم لا؟ فقال : وكتب من مكة إلى الشام :
وما أبتدأ العبد
فى كتبه
|
|
سلام لأمر
تظننونه
|
ولكنه إذا رأى
كونه
|
|
تحيتهم يوم
يلقونه
|
وتوفى الرضى بن
خليل هذا ، فى الحادى والعشرين من ذى الحجة سنة خمس وتسعين وستمائة بمكة ، ودفن
بالمعلاة بالقرب من سفيان بن عيينة. هكذا ذكر وفاته البرزالى فى معجمه ، نقلا عن
الشيخ بهاء الدين عبد الله بن الشيخ رضى الدين المذكور.
وذكر الذهبى فى
تاريخ الإسلام : أنه توفى فى الحادى والعشرين من ذى الحجة سنة ست وتسعين. كذا وجدت
بخطى فيما نقلته من التاريخ المذكور ، وهو وهم منى إن لم يكن منه. والظاهر أن
الوهم منه ، لأنه ذكره فى «العبر» فى المتوفين سنة ست ، إلا أنه لم يذكر الشهر ،
وإنما كان ذلك وهما ؛ لأنى وجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى : أنه توفى فى آخر
شهر ذى الحجة سنة خمس وتسعين بمكة. وذكر أنه عاده فى مرضه ، وحضر الصلاة عليه ،
ودفنه بالمعلاة. وما ذكره جدى موافق لما ذكره البرزالى ، وهو إنما نقل وفاته عن
الشيخ بهاء الدين عبد الله بن الشيخ رضى الدين المذكور ، وهما أقعد بمعرفة ذلك من
غيرهما. ومولده ـ على نل ذكر البرزالى ـ بمنى فى حادى عشر ذى الحجة فى آخر أيام
التشريق ، سنة ثلاث وثلاثين وستمائة.
٢١٥ ـ محمد بن عبد الله بن عبد الله الدمشقى القلعى المقرى ،
ناصر الدين المعروف بالعقيبى:
نسبة إلى العقيبة
، موضع بدمشق ، المتصدر بالحرم الشريف. هكذا وجدت نسبه بخطه.
ووجدت بخطه : أنه
قرأ القرآن الكريم ختمة كاملة بما احتوته قصيدة الإمام الشاطبى من مذاهب القراء ،
على المقرئين بدر الدين محمد بن أحمد بن بصحان الدمشقى ، وشمس الدين محمد بن أحمد
بن على الرقى ، وحدث عنهما بالقصيدة المذكورة ، بقراءة ابن بصحان لها ، على الرضى
جعفر بن القاسم بن دبوقا ، وقراءة الرقى لها ، على الجمال إبراهيم بن داود الفاضلى
، والشهاب أبى بكر بن عثمان بن عبد الخالق بن مزهر الأنصارى.
__________________
وعنهما أخذ
القراءة بقرائتهما لها على العلم السخاوى ، عن الناظم ، تلا عليه لأبى عمرو بن العلاء
من طريق الدورى ، والسوسى عن اليزيدى عنه ختمة ، جمع فيها بين الطريقين ، شيخنا
القدوة تفى الدين عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى. وكتب له الإجازة بخطه. ومنها
نقلت ما ذكرت.
وسألت شيخنا
المذكور عنه. فقال : تصدر للإقراء بدمشق وبالمدينة. ومات بها أو بمكة ، وأقام بها
مدة طويلة.
وكان مستجاب
الدعوة. وكان يقرأ غالبا فى كل يوم ختمة. وذكر أنه سمعه يقول : كنت أقرأ فى كل يوم
من رمضان ختمتين ، فلما كان آخر الشهر ، صرت أرى مكتوبا : الله ، الله ، الله ،
على جميع ما يقع عليه بصرى من الأرض والسماء والجبال ، فانقطعت عن المسجد وحضور
الجماعة ودخول الخلاء وغير ذلك ، وتركت التصرف ، وأقمت على ذلك يومين ، ثم زال عنى
فى الثالث.
وذكر لى شيخنا :
أن بعض الناس حسّن للشيخ ناصر الدين هذا ، أن يصطرف دراهم ، بمسعودية ، فى وقت
رخصها ، ليستفيد فيها وقت غلوها ، فاتفق أنه فعل. فلما تبين له تحريم ذلك ، تصدق
بالجميع. وكان مبلغا له صورة. وذكر أنه كان شديد المراقبة لنفسه.
وقد ذكره ابن
فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور» ، فقال : كان إماما فى القراءات وموادها ، ملازما
للمشتغلين ، انتفع الناس عليه بدمشق ورأس فيها.
انفرد بمكة ثم
بالمدينة. وكان من الأولياء ، وأهل الفراسة. وكذا عنده حدة عظيمة على الطلبة وهيبة
عليهم.
توفى رحمهالله سنة أربع وستين وسبعمائة. انتهى.
٢١٦ ـ محمد بن عبد
الله بن عبد الحق بن عبد الله بن عبد الأحد بن على المخزومى المكى المقرئ ، قطب
الدين بن الشيخ عفيف الدين الدلاصى المكى :
سمع على الفخر
التوزرى ، الموطأ رواية يحيى بن يحيى. وسمع على والده ، وخلفه فى التصدر للإقرار
بالحرم الشريف.
ومات شابا فى
مستهل صفر ، سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة بمكة ، كما ذكر البرزالى فى تاريخه. وذكر
أنه اجتمع به بعرفة ، وسمع بقراءته ، وسأله عن تاريخ وفاة والده. وله على ما بلغنى
إجازة من العز الفاروثى.
وبلغنى عن صهره ،
زوج أخته ، ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى ، أنه لما مات صهره محمد هذا ،
نظر فى قبره ، فتخيل أنه ضيق عليه ، فنام فرأى الميت فى النوم. فقال له : خاطرى
معك لضيق قبرك عليك. فقال : ما هو ضيق ، وأنا أرى منه الحجر الأسود. فتعال انظر ،
فنظر إليه ، فرأى الحجر الأسود ، ورأى كأنه فى مرجة خضراء كأنها بستان ، وفيه
أشجار. فقال له : أنا أقيم عندك.
فقال له : الله
يستر بك أهلك. فاستيقظ وهو يجد طعم التفاح فى فمه. هذا معنى ما بلغنى فى ذلك.
٢١٧ ـ محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن صابر السلمى
الدمشقى ، أبو طالب بن أبى المعالى :
المعروف جده بابن
سيدة ـ بسين مفتوحة وياء آخر الحروف مشددة مكسورة بعدها دال مهملة وتاء تأنيث ـ هكذا
ذكره المنذرى فى التكملة . وذكر أنه سمع أباه.
وذكر القطب الحلبى
فى تاريخ مصر : أنه سمع أباه وأبا طاهر الخشوعى ، وأبا محمد ابن عساكر. وسافر إلى
مصر ، وسمع بها من إسماعيل بن صالح بن ياسين ، وأبى القاسم البوصيرى ، مربعة ابن
دريد.
أخبرنا ابن بركات
، أخبرنا القضاعى ، أخبرنا أبو مسلم عنه : سمعها منه أبو حامد بن الصابونى ، وسمع
منه الحسن الخلال ، وعلى بن هارون الثعلبى.
وجاور بمكة سنين ،
وكانت له دنيا واسعة ، وحال حسن ، فتزهد فى عنفوان شبابه فيها وطرحها ، وصحب
الصالحين ، وأهل الخير.
وتوفى لسبع خلون
من محرم سنة سبع وثلاثين وستمائة ، وقد جاوز السبعين ودفن فى يومه بمقبرة ابن
أوراب. انتهى باختصار.
٢١٨ ـ محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ، القاضى صدر الدين أبو
بكر المراغى :
كان من أعيان أهل
زمانه فضلا وتقدما. قدم بغداد فى صباه فى سنة اثنتين وثلاثين
__________________
وخمسمائة ، فسمع
بها من شيخ الشيوخ أبى البركات إسماعيل بن أبى سعد النيسابورى وغيره. وعاد إلى
بلده وتولى القضاء ، وعلت حاله وكثر جاهه وماله.
وقدم بغداد حاجا
فى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة ، وتلقاه الموكب وعلماء بغداد ، على ما ذكر ابن
الجزرى ، قال : وكان شيخا كثير المال ، حسن الهيئة ، يلبس الحرير ، ويجعل الذهب
على دابته ، وحج وعاد إلى بلده ، وواصل جماعة من أهل بغداد بعطائه لما قدمها ، وله
آثار حسنة ببلده.
توفى هناك فى سنة
تسعين وخمسمائة أو نحوها. ونقل إلى مدينة النبى صلىاللهعليهوسلم ، فدفن برباط أنشأه مجاور لحرم النبى صلىاللهعليهوسلم. ذكره ابن الدبيثى فى ذيل تاريخ بغداد. ومنه كتبت الترجمة
مختصرة.
وهو صاحب الرباط
الذى على باب الجنائز بمكة ، المعروف ببيت الكيلانى ، كما فى الحجر الذى على بابه
، وفيه أنه أوقفه على الغرباء الواصلين إلى محروسة مكة ، حرسها الله تعالى ،
النازلين فيه ، والمجتازين وغيرهم من العرب والعجم ، فى ذى الحجة سنة خمس وسبعين
وخمسمائة.
٢١٩ ـ محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير :
ويقال له : محمد
المحرم ـ بالحاء المهملة ـ لكونه كان يحرم بالحج بمنصرفه إلى بلده ، ويبقى السنة
محرما.
روى عن عطاء وابن
أبى مليكة.
وعنه : النفيلى ،
وداود بن عمرو الضبى ، وشبابة ، ومنصور بن مهاجر ، وعدة.
ضعفه ابن معين ،
وقال : ليس بثقة. وقال البخارى : منكر الحديث. وقال النسائى: متروك. وقال أبو حاتم
: واه.
ضمرة عن ابن شوذب
، قال : قال عكرمة : ما أعلم أحدا شرا منك؟ قال : وكيف؟قال : لأن الناس يستقبلون
هذا البيت بالتلبية وأنت تستدبره بها .
__________________
وكان محمد يحرم
السنة كلها ، إذا انصرف إلى أهله لبى بالحج.
كتبت هذه الترجمة
ملخصة من الميزان للذهبى.
٢٢٠ ـ محمد بن أبى بكر الصديق ، واسم عبد الله بن أبى قحافة
عثمان بن عامر ، القرشى التيمى ، أبو القاسم :
ولد عام حجة
الوداع بذى الحليفة ـ أو بالشجرة ـ وخلف على بن أبى طالب أباه على أمه أسماء بنت
عميس ، وتربى فى حجره.
وكان على رجالته
يوم الجمل ، وشهد معه صفين.
وكان على ـ رضى
الله عنه ـ يثنى عليه ويفضله ؛ لأنه كان ذا عبادة واجتهاد. وولاه مصر ، فسار إليه
عمرو بن العاص رضى الله عنه ، واقتتلوا ، فانهزم محمد بن أبى بكر ، ودخل خربة فيها
حمار ميت ، ودخل جوف الحمار ، فأحرق فى جوفه وقتل قبل تأمر عمر بن العاص. وقيل :
قتله معاوية بن خديج فى المعركة صبرا. ثم أحرق فى جوف حمار.
وكان قتله فى سنة
ثمان وثلاثين ، وفيها : ولى مصر بعد الأشتر النخعى ، على ما قال أبو عمر بن عبد
البر.
وكلام الذهبى يدل
على أنه وليها قبل الأشتر ، ووافق على أنه توفى سنة ثمان وثلاثين ، وهو ممن اتهم
بقتل عثمان. وقيل : إنه شارك فيه.
٢٢١ ـ محمد بن عبد الله بن على بن محمد بن عبد السلام بن أبى
المعالى ابن أبى الخير الكازرونى ، المكى ، جمال الدين :
رئيس المؤذنين
بالحرم الشريف سمع من الرضى الطبرى : سنن أبى داود ، والنسائى ، وعلوم الحديث لابن
الصلاح ، وحدث.
__________________
سمع منه جماعة من
شيوخنا وغيرهم ، منهم شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، وقال : كان له معرفة
بعلم الميقات. وصنف فى ذلك أرجوزة ، أولها :
قال ابن عبد
الله والسلام
|
|
مؤذن الكعبة
والمقام
|
وسافر إلى بلاد
الهند ، ومكث بها مدة طويلة. ثم عاد إلى مكة فى أواخر عمره ، واستمر بها حتى مات
فى سنة سبع وسبعين وسبعمائة. انتهى.
وذكر لى ابن أخيه
الرئيس بهاء الدين عبد الله بن على : أن عمه هذا ، توفى فى شوال منها ، وأن مولده
فى رمضان سنة إحدى عشرة وسبعمائة.
وذكر لى أن أباه
كان فى فاقة شديدة عند ولادته ، ففتح عليه بسنجة ذهب ، زنتها ثلاثون مثقالا.
انتهى. وكان المذكور يعانى تجبير الأعضاء.
٢٢٢ ـ محمد بن عبد
الله بن على بن يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقى ، ثم المصرى شمس الدين ، أبو
عبد الله بن الكمال أبى بكر بن قاضى القضاة أبى الحسن بن أبى المحاسن ، المعروف
بابن شاهد القيمة :
نزيل مكة. سمع من
عمه المعين أحمد بن على الدمشقى ، كتاب : فضل الصلاة لإسماعيل القاضى ومشيخته ،
ومجلس البطاقة ، وسمع من أبى مضر الواسطى. وحدث عنه ببعض صحيح مسلم ، ولعله سمعه
كله. رواه عنه الآقشهرى.
وسمع منه البرزالى
، وذكره فى معجمه. وقال : ولد بالقاهرة سنة أربع وأربعين وستمائة وتزوج بها وجاءته
بها أولاد ، ثم قدم مكة. وأقام من عشرين ، وتزوج بها وجاءته بها أولاد ، وتوفى بها
فى سنة تسع وعشرين وسبعمائة.
وذكر القطب الحلبى
فى تاريخ مصر : أنه توفى أوائل سنة تسع وعشرين وسبعمائة بمكة. وأنه ولد بدرب
الأتراك بالقاهرة ، فى مستهل ربيع الأول سنة أربع وأربعين وستمائة.
__________________
٢٢٣ ـ محمد بن عبد الله
بن عليات بن فضالة بن هاشم بن هانى بن خرز القرشى العثمانى ، أبو عبد الله المكى :
خادم الشيخ أبى
محمد عبد الرحمن المغربى. هكذا نسبه الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته.
وذكر أنه سمع من
الحافظ أبى الفتوح الحصرى : سنن النسائى ، رواية بن السنى وحدث بها. سمعها منه
الفخر التوزرى.
وتوفى فى ليلة
الخميس الثامن عشر من صفر سنة خمس وستين وستمائة بمكة ، شرفها الله تعالى. ومولده
فى سنة خمس وسبعين وخمسمائة.
وذكر القطب الحلبى
فى نسبه ، ما يخالف ما ذكره الشريف أبو القاسم.
فقال لما ذكر ابنه
أبا حامد الآتى ذكره : محمد بن محمد بن عبد الله بن فضالة بن عبد الله المعروف
بعلياش بن هانى بن فضالة بن هانى بن خزر.
ووجدت بخط يعقوب
بن أبى بكر الطبرى فى استدعاء مؤرخ بجمادى الأولى سنة تسع وخمسين وستمائة ما مثاله
: أجاز لهم الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن ماخوخ المعروف بالخادم. وكتب عنه
بحضوره ، من غرة ربيع الأول سنة ستين وستمائة.
وهذا كما ترى
مخالف لما ذكره القطب الحلبى وشيخه ، وهو المذكور ، لأنى رأيت فى محاذاة اسمه بخط
القطب القسطلانى ، والاستدعاء بخطه : ووفاته كما ذكره الشريف أبو القاسم ، إلا أنه
ذكرها أبين ، فقال : ليلة الخميس.
ووجدت بخط جدى أبى
عبد الله الفاسى : أنه نقل من خط أبى المعالى محمد بن القطب القسطلانى :
توفى أبو عبد الله
محمد بن ماخوخ ، المعروف بالخادم ، وهو خادم الشيخ عبد الرحمن الغمارى سنة أربع
وستين وستمائة ، فهذا كما تراه مخالف فى النسب ، اللهم إلا أن يكون ماخوخ لقبا لأبيه
والله أعلم.
ومن الوفاة ـ والصواب
وفاته ـ : فى سنة خمس وستين وستمائة.
وخزر ـ بخاء معجمة
وزاى ثم راء ـ على ما يقتضيه ضبط الشريف أبى القاسم الحسينى بخطه ، سبق بيانه.
٢٢٤ ـ محمد بن عبد الله بن عمر بن مسعود ، العمرى المكى :
كان من أعيان
القواد العمرية. توفى ـ مقتولا من سهم أصابه ، رماه به مبارك بن عطيفة بن أبى نمى
ـ سنة سبع وثلاثين وسبعمائة بظاهر مكة ؛ وسبب قتله : أن مباركا وجد عليه ، لأنه
كان فيمن خرج إلى مبارك ، لخلاص محمد بن الزين القسطلانى من مبارك ، لما قبض على
ابن الزين.
والعمرى : نسبة
إلى جده عمر ، ومسعود ـ والد عمر ـ مولى أبى سعد حسن بن على بن قتادة ، صاحب مكة
الآتى ذكره.
٢٢٥ ـ محمد بن عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمر بن مسعود
القائد العمرى المكى :
كان من أعيان
القواد العمرية. وممن جسّر السيد رميثة بن محمد بن عجلان بن رميثة الحسنى ، على
هجم مكة ، فى آخر جمادى الآخرة سنة ست عشرة وثمانمائة.
وتوفى فى آخر سنة
أربع وعشرين ثمانمائة ، أو فى أول سنة خمس وعشرين وثمانمائة ، وقد بلغ الخمسين ،
أو قاربها ظنا.
٢٢٦ ـ محمد بن عبد الله بن عمرو بن محمد بن زياد بن إسماعيل بن
عبد الله بن المطلب بن أبى وداعة القرشى السهمى ، أبو عمرو ، قاضى مكة :
ذكره صاحب الجمهرة
ابن حزم. وذكر أنه كان على قضاء مكة أيام المطيع ، وأن له ابنا محدثا اسمه على.
انتهى.
قلت : والمطيع :
هو المطيع لله أبو القاسم الفضل بن جعفر بن المقتدر العباسى ، وأيامه المشار إليها
هى أيام خلافته ، وكانت من سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ، إلى ذى القعدة سنة ثلاث
وستين وثلاثمائة.
٢٢٧ ـ محمد بن عبد
الله بن الفتوح بن محمد المكناسى المحاصر جمال الدين أبو عبد
الله ، إمام المالكية بالحرم الشريف :
هكذا نسبه
الميورقى تعاليقه ، وذكر أنه تولى إمام مقام المالكية بمكة ، سنة ثمان وثمانين
__________________
وخمسمائة. وذكر
أنه وقف فى هذا العام «المقرب» لابن أبى زمنين المالكى ، بست مجلدات ، على
المالكية والشافعية والحنيفة ، الذين يكونون بمكة.
وجعل مقره بخزانة
المالكية بمكة. ولم يذكر الميورقى وفاته.
ووجدتها على حجر
قبره بالمعلاة عند حائط قبر الشولى ، بخط عبد الرحمن بن أبى حرمى ، وترجمه :
بالفقيه الإمام العالم العامل الزاهد الورع.
وذكر كنيته ولقبه
كما ذكرنا ، وكذلك نسبه ، إلا أنه لم يذكر محمد بعد فتوح.
وأرخ وفاته بيوم
الخميس العاشر من جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
٢٢٨ ـ محمد بن عبد
الله بن أبى الفضل بن أبى على بن عبد الكريم الطائى ، شيخ الحرم ، ظهير الدين أبو
عبد الله بن منعة البغدادى الزعفرانى :
سمع من الشرف بن
أبى الفضل المرسى : الأربعين للفراوى ، تخريج ولده ، وجزء ابن نجيد. وسمع من
سليمان بن خليل ، ويعقوب بن أبى بكر الطبرى : جامع الترمذى. وحدث.
سمع منه جماعة ،
منهم : الشريف أبو عبد الله الفاسى ، والحافظ قطب الدين الحلبى ، وذكره فى معجمه ،
فقال : كان ينسب إلى بعض تشيع ، وكان شيخ الحرم فى وقته ، من بقية السلف ، ولديه
فضيلة.
وسمع منه : الحافظ
علم الدين البرزالى ، وذكره فى معجمه وتاريخه ، وقال : إنه شيخ حسن.
أقام بمكة ثمانيا
وخمسين سنة ، وكان دخلها شابا مع الشيخ عفيف الدين منصور بن منعة. وكان عمه شيخ
الحرم ، وله مكانة كبيرة من جهة الخلافة.
فلما مات ، استمر
شيخنا هذا بها على وظيفة عمه إلى أن توفى بالمهجم ـ من بلاد اليمن ـ فى السادس من
رمضان سنة ثمان وسبعمائة. وصلى عليه من الغد عقب صلاة الصبح ، ودفن بالمقبرة
الشامية بالبلد المذكور.
وكان توجه فى هذه
السنة إلى بلاد اليمن ، متوفدا صاحبها الملك المؤيد فناله منه بر ورفد ، ثم عاد
فأدركه الأجل بالمهجم من تهامة .
__________________
ومولده : سنة ثلاث
وثلاثين وستمائة ببغداد. انتهى.
قلت : الزعفرانى :
نسبة إلى قرية من أعمال نهر عيسى من بغداد ، هكذا وجدت بخط ابن مسدى فى الأربعين
التى خرجها لعمه ؛ ومن خطه نقلت هذا النسب ، وذكر أنه سأل عمه عنه.
٢٢٩ ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس
الهاشمى الخليفة ، أبو عبد الله المهدى بن أبى جعفر المنصور العباسى :
ذكرناه فى هذا
الكتاب ، لكونه ممن وسع المسجد الحرام وعمره. بويع بمكة بالخلافة بعد موت أبيه بها
، وبلغه الخبر بذلك فى أحد عشر يوما ، وكان أبوه عهد إليه بالخلافة ، واستمر حتى
مات فى العشر الأخير من المحرم ، سنة تسع وستين ومائة ، عن ثلاث وأربعين سنة
بماسبذان .
وسبب موته : أنه
ساق خلف صيد ، فدخل الوحش خربة ، فدخل الكلاب خلفه وتبعهم المهدى ، فدق ظهره فى
باب الخربة لشدة سوقه ، فتلف لساعته.
وقيل بل أكل طعاما
سمته جاريته لضرتها ، فلما وضع يده فيه ، ما جسرت أن تقول هيأته لضرتى. ويقال كان «إنجاص»
فأكل واحدة وصاح من جوفه ، ومات من الغد ، وكانت خلافته عشر سنين وشهرا.
__________________
وكان طويلا أبيض
مليحا ، حسن الأخلاق ، حليما فضا بالزنادقة ، جوادا ممدحا ، محببا إلى الناس ،
وصولا لأصحابه ، ولم يل الخلافة أحد أكرم منه ولا أبخل من ابنه. ويقال : إنه أعطى
شاعرا مرة خمسين ألف دينار. ويقال : إن المنصور خلا فى الخزائن مائة ألف ألف وستين
ألف ألف درهم ، ففرقها المهدى.
ولما حج فى سنة
ستين ومائة ، قسم فى أهل مكة والمدينة ، ثلاثين ألف ألف درهم ، على ما قيل ،
وأربعمائة ألف دينار ، وصلت إليه من مصر واليمن ، ومائة ألف ثوب وخمسين ألفا ،
وكسا الكعبة ، ووسع المسجد الحرام ، ثم زاد فيه مرة أخرى ، وأنفق فى ذلك أموالا
عظيمة.
وقد ذكرنا ذلك
أبسط من هذا فى كتابنا «شفاء الغرام» ومختصراته.
ولما حج حمل إليه
الثلج إلى مكة ، ولم يتم ذلك لأحد قبله.
وأمر فى سنة إحدى
وستين ، بعمارة طريق مكة ، وبنائه القصور فيها ، أوسع من القصور التى بناها السفاح
، وأمر باتخاذ البرك ، وإصلاح المياه وتجديد الأميال.
وفى سنة ست وستين
ومائة أمر بإقامة البريد بين مكة واليمن ، وبين المدينة النبوية ومكة ، فأقيم لذلك
بغال وإبل ، وهو أول ما أقيم فى تلك الأراضى.
٢٣٠ ـ محمد بن عبد
الله بن محمد بن أحمد بن قاسم ، تقى الدين بن الشيخ عفيف الدين بن قاضى مكة تقى
الدين ، بن مفتى مكة شهاب الدين ، الحرازى المكى :
سمع من عمة أبيه
شيختنا أم الحسن فاطمة ، والعفيف النشاورى ، وأجاز له جماعة من شيوخنا الشاميين
بالإجازة ، واشتغل بالعلم فعاجلته المنية.
توفى فى صفر سنة
ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.
٢٣١ ـ محمد بن عبد الله بن أحمد بن قاسم الحرازى ، أخو السابق
شقيقه ، يكنى أبا الفضل :
حضر على عمه فيما
أحسب ، وسمع من شيخنا ابن صديق وغيره. وعنى بالعلم فتنبه.
ودخل اليمن والهند
طلبا للرزق. فأدركه الأجل بكلبرجة ـ ببلاد الهند ـ فى سنة عشرة وثمانمائة ، ووصل
نعيه فى سنة أربع عشرة وثمانمائة. وعاش نيفا وثلاثين سنة.
__________________
٢٣٢ ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن أمية
الأصغر ابن عبد شمس بن عبد مناف القرشى ، أمير مكة :
ذكره الفاكهى فقال
: ومن ولاة مكة أيضا : أبو جراب الأموى ، وهو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد
الله بن الحارث بن أمية الأصغر. كان على مكة فى زمن عطاء بن أبى رباح.
فحدثنا سعيد بن
عبد الرحمن قال : حدثنا بن أبى رواد عن بن جريج ، قال : أمر أبو جراب عطاء ـ وهو
أمير مكة ـ أن يحرم فى الهلال ، وكان يلبى بين أظهرنا ، وهو حلال ، ويعلن التلبية.
انتهى.
وولاية أبى جراب
لمكة ، تكون فى خلافة عبد الملك بن مروان ، أو خلافة أحد من أولاده الأربعة. والله
أعلم.
وذكره بن حزم فى
الجمهرة ، وأنه يلقب أبا جراب ، ونسبه كما نسبه الفاكهى. وقال : قتله داود بن على
بن عبد الله بن العباس. انتهى.
وذكر الزبير بن
بكار : أن أمه رملة بنت العلاء بن طارق بن المرقع من كنانة.
٢٣٣ ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ، القاضى جمال
الدين بن فهد القرشى ، الهاشمى المكى :
سمع على المفتى
عماد الدين عبد الرحمن بن محمد الطبرى : صحيح مسلم ، عن المرسى ، وعلى أخيه الشرف
يحيى بن محمد الطبرى : أربعى المحمدين للجيانى وغير ذلك ، وعلى الأمين محمد بن
القطب القسطلانى : الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ، وعلى التوزرى الموطأ أيضا ،
وصحيح البخارى ، ومسند الدارمى ، ومسند الشافعى ، والشفا ، وعلى الصفى الطبرى ،
وأخيه الرضى : صحيح البخارى وغير ذلك ، وعلى الظهير بن منعة : جزء ابن نجيد ، وعلى
أحمد بن ديلم الشيبى : الأربعين المختارة لابن مسدى ، وعلى بنتى القسطلانى :
سداسيات الرازى ، وغير ذلك من الكتب والأجزاء ، بقراءته وقراءة غيره.
__________________
وتفقه على قاضى
مكة نجم الدين الطبرى وصحبه ، وانتفع به ، وناب عنه فى الحكم ، وعن القاضى شهاب
الدين أحمد بن القاضى نجم الدين الطبرى ، حتى مات ، وهو القائم بولاية القاضى شهاب
الدين ، وكان فاضلا فى الفقه وغيره.
وكان يفتى ويعانى
التجارة فى كثير من الأشياء ، وحصل دنيا طائلة ، وخلف تركة لها صورة من العقار
وغيره. وكان طارحا للتكلف ، يجلس للحكم فى السوق فى غالب النهار.
وذكره البرزالى فى
تاريخه ، نقلا عن العفيف المطرى ، فقال : كان فقيها مفننا معظما ، نزها قوالا
بالحق ، لم يخلف بعده ببلده مثله ؛ وذكر أنه توفى فى يوم الثلاثاء رابع شعبان سنة
خمس وثلاثين وسبعمائة بمكة. وأن مولده فى أوائل شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين
وستمائة. انتهى.
ووجدت بخط ابن
البرهان الفقيه جمال الدين ، أنه توفى يوم الأربعاء الرابع من شعبان سنة ست
وثلاثين ، وأنه ناب عن القاضى نجم الدين الطبرى. انتهى.
والصحيح فى وفاته
، ما ذكره ابن البرهان ؛ لأنى وقفت له على إجازة كتبها لجدى القاضى أبى الفضل
النويرى ، فى عرضه عليه لجميع كتاب «التنبيه» فى الفقه لأبى إسحاق الشيرازى ،
تاريخها سلخ رمضان سنة خمس وثلاثين. وأجاز له جميع مروياته.
٢٣٤ ـ محمد بن عبد الله بن محمد الأندلسى ، أبو عبد الله ،
العلامة المفسر ، شرف الدين ، المعروف بابن أبى الفضل المرسى السلمى :
سئل عن مولده ،
فذكر أنه فى ذى الحجة سنة تسع وستين وخمسمائة بمرسية. وقيل : سنة سبعين.
وسمع بالمغرب من
جماعة ، منهم أبو محمد عبد الله الحجرى. سمع عليه : الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ،
ثم رحل من المغرب فى سنة ثلاث وستمائة.
__________________
فسمع بمصر ، من
الحافظ أبى الحسن على بن على بن المفضل المقدسى ، وبدمشق من قضاتها : أبى القاسم
بن الحرستانى ، وأبى اليمن الكندى ، وابن ملاعب.
وبواسط : من أبى
الفتح الميدانى ، مشيخته ، وببغداد من أبى أحمد عبد الوهاب بن سكينة جزءا وغيره.
وبنيسابور : من
أبى الحسن المؤيد بن محمد الطوسى ، صحيح مسلم ، وجزء بن نجيد. وروى عنه الموطأ ،
رواية أبى مصعب ، ومن منصور بن المنعم الفراوى ، سنن البيهقى الكبير ، وعوالى جده
أبى عبد الله الفراوى ، والأربعين له ، ومن زينب الشعرية جزء ابن نجيد وغيره.
وبهراة : من أبى
روح عبد المعز بن محمد بن الهروى : صحيح ابن حبان بفوت يسير ، تشمله الإجازة ،
وأربعى الأستاذ أبى القاسم القشيرى ، عن زاهر السرخسى عنه ، وجزء ابن نجيد.
وبمكة : من الشريف
يونس بن يحيى الهاشمى وطبقته.
وحدث بالكثير
بأماكن عدة ، منها مكة. وتردد إليها مرات ، وجاور بها كرات.
سمع منه الحفاظ
والأعيان من العلماء ، وبالغوا فى الثناء عليه.
قال ابن النجار فى
تاريخ بغداد : هو من الأئمة الفضلاء فى فنون العلم : الحديث ، وعلوم القراءات ،
والفقه ، والخلاف ، والأصلين ، والنحو ، واللغة. وله قريحة حسنة ، وذهن ثاقب ،
وتدقيق فى المعانى ، وله مصنفات فى جميع ما ذكرناه. وله النظم والنثر الحسن. وكان
زاهدا ، متورعا ، حسن الطريق ، كثير العبادة ، ما رأيت فى فنه مثله. انتهى.
وذكره المحب
الطبرى فى «التعريف بمشيخة الحرم الشريف» ، الذى جمعه على لسان الملك المظفر صاحب
اليمن.
وذكر من تآليفه
تفسيرا كبيرا يزيد على عشرين سفرا ، وأوسط عشرة أسفار ، وصغيرا ثلاثة أسفار ،
ومختصر مسلم سفران ، والضوابط الكلية فى علم العربية ، وكتاب الكافى فى النحو ، فى
غاية الحسن ، قال : ولم يتم ، بقى منه يسير. قال : وله التعاليق الرائقة فى كل فن.
وذكره أيضا فى
كتاب «العقود الدرية والمشيخة المكية المظفرية». وترجمه بالشيخ
الفقيه ، الإمام
العالم الماهد ، المحدث المسن فخر الزمان ، علم العلماء زين الرؤساء إمام النظار،
رئيس المتكلمين ، أحد علماء الزمان ، المتصرف أحسن التصرف فى كل فن. أصله من مرسية، من بلاد الأندلس ، لم يزل مشتغلا من صغره إلى كبره. وله
المباحث العجيبة والتصانيف الغريبة ، وجمع الأقطار فى رحلته ، ارتحل إلى غرب بلاده
، ثم إلى الإسكندرية ، والديار المصرية ، والشام ، والعراقين. ودخل بلاد العجم ،
وناظر ، وقرأ وأقرأ ، واستفاد وأفاد. ولم يزل يقرى ويدرس حيث حل ، ويقر له بعلمه
وفضله كل محل ، ثم قال : وجاور بمكة سنين كثيرة. انتهى.
وذكره القطب
اليونينى ، فى ذيل المرآة ، وأثنى عليه ، ثم قال : وجاور بمكة مدة. وذكر أنه كان
مالكيا. وما ذكره من كونه مالكيا ، يرد على قاضى دمشق تاج الدين السبكى ، حيث ذكره
فى كتابه «طبقات الفقهاء الشافعية».
ويؤيد ذلك : أن
المغاربة كلهم مالكيون إلا النادر منهم. نعم كثير منهم ينتحلون الأثر، ولعل هذا
منهم.
ووقع للقاضى تاج
الدين فى ترجمة المذكور ، شىء يتعجب منه ، لفرط ذكائه وفطنته ، وهو قوله بعد أن
ذكر كلام ابن النجار الذى ذكرناه : لم يذكر ابن النجار وفاته. ووجه العجب ، أنه لا
يمكن ابن النجار أن يذكر وفاة شخص تأخر بعده اثنى عشر سنة ، فإن ابن أبى الفضل
توفى فى النصف من شهر ربيع الأول سنة خمس وستمائة بين الزعقة والعريش من منازل الرمل وهو متوجه من مصر إلى دمشق. ودفن من يومه
بتل الزعقة.
هكذا ذكره الشريف
أبو القاسم الحسينى فى وفياته. وأرخ وفاته هكذا ، غير واحد. منهم: القطب الحلبى ،
فى تاريخ مصر. وزاد تعيين اليوم الذى مات فيه ، قال : يوم الاثنين ، وقال : كان
كريما.
قال شيخنا أبو
حيان : أخبرنى شرف الدين الجزايرى ـ بتونس ـ أنه دخل على
__________________
شرف الدين بن أبى
الفضل هذا ، وكان ضعيفا ، فقال له : خذ ما تحت ذلك ، وأشار إلى بساط أو سجادة ،
قال : فرفعت ذلك : فوجدته نحوا من أربعين دينارا ذهبا ، فأخذتها.
قال : وكان يحكى
عن ابن أبى الفضل ، أنه كان له فى البلاد التى ينتقل إليها من الكتب ، بحيث أنه لا
يستصحب كتبا ، اكتفاء بما له من الكتب فى البلد الذى يسافر إليها. انتهى.
ووجدت بخط الذهبى
فى تاريخ الإسلام ، قال : وجدت بخط العلاء الكندى ، يعنى على يد المظفر الوداعى :
أن كتب المرسى كانت مودوعة بدمشق ، فرسم السلطان ببيعها.
وكانوا فى كل
ثلاثاء ، يحملون منها جملة إلى دار السعادة لأجل البادرائى ، ويحضر الفقهاء ،
فاشترى البادرائى منها جملة كثيرة.
وبيعت فى نحو من
سنة. وكانت فيها نفائس ، وحرزت كتبه ثمنا عظيما. وصنف تفسيرا كبيرا لم يتمه.
انتهى.
وآخر أصحابه
بالسماع : أيوب الكحال ، وبالإجازة : أحمد بن على الجزرى ، وهما من شيوخ شيوخنا.
وقد أخرجنا حديثه فى ترجمة جدى القاضى أبى الفضل النويرى لأمر اقتضاه الحال.
أنشدتنى الأصلية
أم عيسى مريم بنت أحمد بن القاضى شمس الدين محمد بن إبراهيم الأذرعى ، بقراءتى
عليها فى الرحلة الأولى بمنزلها بظاهر القاهرة.
قالت : أنشدنا أبو
النون يونس بن إبراهيم بن عبد القوى الكنانى سماعا ، أن العلامة الكبير شرف الدين
أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن أبى الفضل المرسى ، أنشده لنفسه إجازة ، وكتب
ذلك عنه الحافظ ابن مسدى فى معجمه.
قالوا محمد قد
كبرت وقد أتى
|
|
داعى المنون وما
اهتممت بزاد
|
قلت الكريم من
القبيح لضيفه
|
|
عند القدوم
مجيئه بالزاد
|
ومن شعره أيضا :
ما أنشدناه القاضى المفتى أبو بكر بن الحسين الشافعى ، بقراءتى عليه بطيبة : أن
أحمد بن على بن حسن الجزرى أنشده إذنا مكاتبة ، قال : أنشدنا ابن أبى الفضل المرسى
إجازة ، قال :
من كان يرغب فى
النجاة فما له
|
|
غير اتباع
المصطفى فيما أتى
|
ذاك السبيل
المستقيم وغيره
|
|
سبل الضلالة
والغواية والردى
|
فاتبع كتاب الله
والسنن التى
|
|
صحت فذاك إذا
اتبعت هو الهدى
|
ودع السؤال بكم
وكيف فإنه
|
|
باب يجر ذوى
البصيرة للعمى
|
الدين ما قال
الرسول وصحبه
|
|
والتابعون ومن
مناهجهم قفا
|
ومن شعره أيضا :
ما رويناه عنه بهذا الإسناد ، وهو ما قاله ، وقد دخل بعض بلاد العجم ، فلم يعبا به
:
أيجهل قدرى فى
الورى ومكانتى
|
|
تزيد على مرقى
السماكين والنسر
|
ولى حسب لو أنه
منقسم
|
|
على أهل هذا
العصر تاهوا على العصر
|
كما أن فخرى
ظاهر لذوى النهى
|
|
وهل يختفى عند
الهدو سنا البدر
|
وأعجب أن الغرب
يبكى لفرقتى
|
|
أسى ومحيا الشرق
يلقى بلا نشر
|
ومنه أيضا بهذا
الإسناد ، والبيت الثانى مضمن لغيره :
دخلت هراة
أستفيد علومها
|
|
فألفيت من فيها
حمير الورى فهما
|
يمرون بى لا
يعرفون مكانتى
|
|
كأنى دينار يمر
به أعمى
|
٢٣٥ ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن أبى المكارم ـ خطيب الحرم ـ ضياء الدين أبو
الغنايم بن نجم الدين أبى محمد الحموى المكى الشافعى :
سمع من جده لأمه
الرضى إبراهيم بن محمد الطبرى : الصحيحين ، وجامع الترمذى ، والشمائل له ، وسنن
أبى داود والنسائى ، وأحاديث صحيح ابن حبان ، واختلاف الحديث للشافعى ، وعلوم
الحديث لابن الصلاح ، والملخص للقابسى ، وتاريخ مكة للأزرقى ، وعدة أجزاء ، منها :
الثقفيات العشرة ، سمعها عليه وعلى أخيه الصفى الطبرى ، وعلى الشريف أبى عبد الله
الفاسى : العوارف للسهروردى ، وعلى أبى عبد الله بن حريث : الشفاء للقاضى عياض ،
وعلى العفيف الدلاصى : الشاطبية ، وعلى فاطمة بنت القطب القسطلانى : ثلاثة مجالس
من أمالى الجوهرى ، وعلى الصدر إسماعيل بن يوسف ابن مكتوم الدمشقى ، لما قدم حاجا
: جزء أبى الجهم ، ومشيخته ، تخريج ابن الفخر البعلبكى ، بمنى ، فى أيامها سنة
إحدى عشرة وسبعمائة وعلى الأمين عبد القادر بن محمد الصعبى : جزء البطاقة ، وعلى
جماعة من القادمين إلى مكة بعد ذلك.
وحدث بقليل من
مروياته ، وله اشتغال بالعلم ونباهة ، وصحب الشيخ سراج الدين
__________________
الدمنهورى ، وأخذ
عنه. وصحب الشيخ عبد الله اليافعى ، وأخذ عنه : الفرائض والحساب ، وكان يقرأ له «مواعيده»
بين يديه قراءة حسنة ، يكثر بكاء الحاضرين لها ، ثم وقع بينهما ، بسبب بيت قاله
الشيخ اليافعى.
وهو قوله :
فيا ليلة فيها
السعادات والمنى
|
|
لقد صغرت فى
جنبها ليلة القدر
|
أنكره عليه الضياء
، وبالغ فى النكارة ، حتى كفر اليافعى بذلك ، وتهاجرا على ذلك مدة سنين ، ثم رغب
الضياء فى ملايمة اليافعى والاستغفار له ، فأبى اليافعى إلا أن يطلع الضياء المنبر
ويعترف بخطأ نفسه على رءوس الناس ، فأبى الضياء من ذلك.
وكان الضياء فى
شبابه يسافر للتجارة لليمن ، وحصل دنيا طائلة ، ثم ذهب كثير منها ، لما احترق
منزله ليلة عرفة ، من سنة ستين وسبعمائة.
وكان ولى خطابة
الحرم فى سنة تسع وخمسين وسبعمائة ، وجاءه بذلك توقيع من صاحب مصر ، وصده مع ذلك
عنه الشريف عجلان ، بوساطة أصحاب القاضى شهاب الدين الطبرى ، لما بينهم من العداوة
، بعد أن خرج فى شعار الخطبة إلى أفناء المسجد الحرام فى الموسم ، ثم باشرها بعد
عزل الشريف عجلان ، وأخيه ثقبة ، ووصول العسكر فى جمادى الآخرة ، من سنة ستين ،
ولم يحمد فى أدائه للخطبة ، وعجب الناس منه فى ذلك ، ومن إجادته عمل «المواعيد»
عند اليافعى ، جل من لا يتغير.
وبلغنى : أنه لما
شرع فى الصلاة أول مرة ، قرأ السورة قبل الفاتحة ، ثم فطن ، فقرأ الفاتحة.
وولى مع ذلك ،
المشاركة فى نظر الحرم ومشيخته ، واستمر مباشرا لذلك حتى وصلت الرجبية فى سنة إحدى
وستين ، فصرف عن ذلك بالتقى الحرازى قاضى مكة واستمر مصروفا ، حتى مات شهيدا
مبطونا.
وكان بأخرة كثير
الطواف ، وملازمة المسجد ، وينطوى على ديانة.
وبلغنى : أنه بذل
خمسة وثلاثين ألف درهم ، لصهره عبد الكريم النهاوندى الآتى ذكره ، ليفتدى بها
يمينا وجبت عليه ، فأبى صهره إلا يمينه ، ففعل. وكان عالى الهمة ، ولم يل ـ على ما
بلغنى ـ فى شبابه ، ما وليه أمثاله من وظائف الأشباع وشبههما فى الحرم.
وكان موته فى ليلة
الثلاثاء حادى عشرى المحرم سنة سبعين وسبعمائة بمكة. ودفن صبح ذلك اليوم بقبر
والده بالمعلاة.
ومولده فى رمضان
سنة ثمان وسبعمائة ، على ما ذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين ابن ظهيرة ، وأنه رأى
خط جده الرضى الطبرى ، أنه ولد سنة ست وسبعمائة ، والله أعلم.
٢٣٦ ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن الضياء محمد بن عبد الله بن
محمد ابن محمد بن أبى المكارم ، يكنى أبا الخير ، ويعرف بابن الضياء الحموى الأصل
، المكى :
سمع على شيخنا زين
الدين بن حسين المراغى ، لما قدم إلى مكة ، أشياء كثيرة من الحديث ، وقرأ فى «التنبيه»
حفظا ، وبحث منه جانبا على قاضى مكة محب الدين أحمد ابن شيخنا قاضى مكة جمال الدين
بن ظهيرة.
وكان كثير
الملازمة له ، ويكتب عنه بعض السجلات ، وتبصر به فى الفقه ، وفيه حياء وخير ودين.
توفى ضحى يوم
الأربعاء مستهل شهر جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة المشرفة ، ودفن
بالمعلاة ، عن نحو ثلاثين سنة.
٢٣٧ ـ محمد بن عبد
الله بن محمد بن مقبل العجيبى ، أبو عبد الله المكى :
سمع من يونس
الهاشمى : صحيح البخارى ، ومن زاهر بن رستم ، ومن أبى الفتوح الحصرى : مسند
الشافعى ، وحدث.
سمع منه : أبو
محمد عبد الله بن عبد العزيز المهدوى.
وأجاز لفاطمة بنت
القطب القسطلانى وإخوتها باستدعاء أبيهم ، فى استدعاء مؤرخ بذى القعدة سنة ثلاث
وأربعين وستمائة ، فاستقدنا من هذا حياته فى هذا التاريخ. والعجيبى : بجيم وياء
مثناة من تحت وياء موحدة وباء للنسبة.
وسمع منه الحافظ
الدمياطى بمكة ، ووصفه بالفقيه. وكان حج الدمياطى هذا التاريخ ، عام ثلاث وأربعين.
٢٣٨ ـ محمد بن عبد
الله بن محمد بن يوسف العبدرى ، أو عبد الله المكى ، المعروف بغسّانى ، إمام جامع
القلزم :
حدث عن الحسن بن
محمد. سمع منه بالقلزم أبو الفضل جعفر بن أحمد بن سليمان السعدى النحوى.
__________________
روى عنه : عبد
الله بن محمد بن يحيى بن الضريس. ذكر القطب الحلبى فى تاريخ مصر هكذا. ونقلت من خط
ولده إبراهيم تلو ذلك.
ذكره مسلمة بن
قاسم ، قال : يعرف بغسان بن أبى غسان ، سكن القلزم ، وكان خطيبها ، وكان ضعيفا فى
الحديث ، متشيعا ، كتبت عنه. انتهى.
وذكره ابن طاهر فى
مختصره «لألقاب» الشيرازى ، فقال : غسان : محمد بن عبد الله ابن محمد يوسف المكى.
انتهى.
٢٣٩ ـ محمد بن عبد
الله بن ماهان ، أبو بكر :
ذكره أبو الشيخ فى
طبقات أصبهان ، وقال : كان كثير الحديث ، يخرج فى كل سنة إلى الحج. ومات بمكة.
وروى عنه حديثا عن
القاسم بن موسى بن الحسن الأشيب.
٢٤٠ ـ محمد بن عبد الله بن موهوب بن جامع بن عبدون البغدادى
أبو عبد الله الصوفى ، المعروف بابن البنا :
ذكره الرشيد
العطار فى مشيخته ، فقال ـ بعد أن أخرج عنه حديثا ـ : شيخنا أبو عبد الله هذا ، من
أعيان المشايخ الصلحاء أرباب التصوف ، صحب الشيخ أبا النجيب السهروردى وغيره.
وروى لنا عن
الحافظ أبى الفضل بن ناصر ، وأبى الكرم الشهرزورى ، ونصر بن نصر العكبرى ، وأبى
بكر بن الزاغونى ، وروى عن غيرهم. وجاور بمكة سنين. وكان حسن الأخلاق ، جميل
المنظر والمخبر.
سمعت منه بمصر
والشام ، سئل عن مولده. فقال : فى سنة ست وثلاثين ببغداد.
وتوفى فى منتصف ذى
القعدة سنة اثنتى عشرة وستمائة بدمشق ، رضى الله عنه.
وذكر المنذرى فى «التكملة»
أنه سمع منه بمكة سنة ستمائة.
قلت : آخر الرواة
عنه : أبو حفص عمر بن القواس ، له منه إجازة ، حدث بها عنه.
__________________
٢٤١ ـ محمد بن عبد الله بن نجيح المكى :
روى عن هشيم ،
وفضيل بن عياض ، وسفيان بن عيينة ، وعيسى بن يونس.
وعنه : أحمد بن
الفرات وعبيد بن الحسن ، وعبيد الله بن بندار الضبى ، وجماعة.
وله غرائب. وكان
قدم أصبهان. وتوفى فى حدود الأربعين ومائتين.
ذكره الذهبى فى
تاريخ الإسلام. ومنه كتبت هذه الترجمة.
٢٤٢ ـ محمد بن عبد الله بن يزيد العدوى ، مولى آل عمر بن
الخطاب رضى الله عنهم ، أبو يحيى بن أبى عبد الرحمن المقرى المكى :
سمع أباه ، وسفيان
بن عيينة ، وسعيد بن سالم القداح ، ومروان بن معاوية وغيرهم.
روى عنه : النسائى
، وابن ماجة ، وابن خزيمة ، وابن جوصا ، وابن صاعد ، وأبو قريش محمد بن جمعة ،
وأبو عروبة ، وأبو حاتم ، وحفيده عبد الرحمن بن عبيد الله بن محمد بن أبى عبد
الرحمن المقرى ، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى. ووقع لنا حديثه من طريقه عالية
وغيرهم.
وثقه النسائى
وغيره. وقال ابن أبى حاتم : سمع منه أبى ، سنة خمس وخمسين ومائتين ، وهو صدوق ثقة
، سئل أبى عنه. فقال : صدوق. انتهى.
وذكر ابن زبر :
أنه مات فى شعبان سنة ست وخمسين ومائتين بمكة. وقاله الدولابى وغيره.
قرأت على إبراهيم
بن محمد الدمشقى بجامعها ، وبالمسجد الحرام : أن أبا العباس الحجار أخبره عن
إبراهيم بن عثمان الكاشغرى ، والأنجب الحمامى ، وتامر بن مسعود ، وعبد اللطيف بن
القبيطى ، وعلى بن محمد بن كبة ، وأبى الفضل محمد بن محمد السباك ، وزهرة بنت محمد
بن أحمد بن حاضر ، قالوا : أخبرنا أبو الفتح بن البطى ـ زاد الكاشغرى وأبو الحسن
بن تاج القراء ـ قالا : أخبرنا مالك بن أحمد البانياسى ، قال :
__________________
أخبرنا أحمد بن
محمد المجير ، قال : أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى ، قال : حدثنا أبو يحيى
محمد بن عبد الله بن يزيد بن أبى عبد الرحمن المقرى بمكة ، قال : حدثنا أبى ، قال
: حدثنا الربيع بن صبيح عن يزيد الرقاشى عن أنس بن مالك رضى الله عنه ، أن النبىصلىاللهعليهوسلم قال : «من كانت نيته طلب الآخرة ، جعل الله تبارك وتعالى
غناه فى قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهى راغمة ، ومن كانت نيته طلب الدنيا
، جعل الله تبارك وتعالى الفقر بين عينيه ، وشتت عليه أمره ، فلم يأته من الدنيا
إلا ما كتب له» .
أخرجه الترمذى عن
هناد بن السرى التميمى الحافظ الزاهد ، عن وكيع بن الجراح الراسبى ، أحد الأعلام ،
عن الربيع بن صبيح. وضعفه النسائى.
قال أبو زرعة :
صدوق عن أبان الرقاشى ، وهو ضعيف ، فوقع لنا عاليا.
٢٤٣ ـ محمد بن عبد
الله المعروف بالحلبى الحنفى ، والمعروف بأبى شامة :
ولد بمكة ونشأ بها
، وسافر إلى ديار مصر والشام غير مرة. وكان ينتسب إلى بنى شيبة ـ حجبة الكعبة ـ طلبا
للرزق ، وربما انتسب إلى غيرهم من أعيان مكة ، طلبا للزرق فى بعض البلاد.
وتوفى بالإسكندرية
فى حدود سنة تسعين وسبعمائة ، سامحه الله.
٢٤٤ ـ محمد بن عبد
الله الشاطبى ، ويكنى أبا عبد الله :
كان رجلا صالحا
جليلا. ذكره القطب القسطلانى فى «ارتقاء الرتبة» وقال : كان كثير الخدمة للفقراء ،
والإيثار لهم. وجاور بمكة فى آخر عمره حتى مات بها. ولم يذكر له وفاة.
توفى يوم الثلاثاء
الثالث من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
نقلت وفاته واسم
أبيه من حجر قبره ، وترجم بالشيخ الصالح السعيد الشهيد.
__________________
٢٤٥ ـ محمد بن عبد الله [.........] القاضى ناصر الدين المحلى :
نزيل مكة. أظنه
حفظ «المنهاج» فى الفقه للنواوى. وكان يذاكر بمسائل منه ، وعانى الشهادة والوثائق
، وناب فى بعض أعمال المحلة الكبرى عن صهره قاضيها عز الدين بن سليم ، وعانى
التجارة وتردد لأجلها مرات إلى عدن ، وجاور بمكة سنين كثيرة ، وبالمدينة النبوية
أشهرا ، وتوجه من مكة قاصدا وادى الطائف ، فسقط من البعير الذى كان عليه راكبا ،
فحمل إلى مكة ، ومات قبل وصوله إليها ، وغسل بالأبطح ودفن بالمعلاة وذلك فى شهر
ربيع سنة عشرين وثمانمائة ، وأظنه بلغ الستين ، وفيه دين وخير رحمهالله تعالى.
٢٤٦ ـ محمد بن عبد الله بن أبى مليكة :
٢٤٧ ـ محمد بن عبيد الله بن أبى يزيد المكى :
يروى عن أبيه عن
ابن عباس. روى عنه : ابن جريج. هكذا ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات.
٢٤٨ ـ محمد بن عبد
الحميد بن عبد الله بن خلف بن عبد الكريم بن حسين القرشى المصرى المالكى المحدث ،
نجم الدين أبو بكر ، المعروف بابن عبد الحميد :
نزيل مكة. ذكر
القطب الحلبى أنه ولد سنة خمس وأربعين وستمائة. وأجاز له سبط السلفى . ثم طلب ، فسمع من جماعة من أصحاب البوصيرى ، والأرتاحى ، ويحيى ابن محمود الثقفى ، وأبى طاهر الخشوعى
، وبالغ حتى صار إذا وقع فى يده كتاب يجتهد فى اتصاله ولو بإجازة أو سماع نازل.
__________________
ورحل إلى دمشق
والإسكندرية ، وكتب بخطه كثيرا. وكان ثقة كثير الإفادة. وكان له معرفة بهذا الشأن
، ومن العلماء العاملين ، وعباد الله الصالحين. كتبت عنه بمصر ، وبمكة وبدر.
انتهى.
وقد سمع ابن عبد
الحميد هذا بقراءته غالبا بمكة ، على من سمع من ابن بنت الجميزى ، وابن الفضل
المرسى وغيرهما.
وكتب عنه جدى أبو
عبد الله الفاسى أشياء ، وترجمه فى بعض ما كتبه عنه : بصاحبنا ومفيدنا.
ومما كتب عنه جدى
: سمعت الفقيه نجم الدين أبا بكر محمد بن عبد الحميد القرشى المصرى يقول : سمعت
شيخنا أبا عبد الله محمد بن موسى بن النعمان الفاسى يقول فى قولهصلىاللهعليهوسلم : «لا يصبر أحد على لأواء المدينة وشدتها إلا كنت له شفيعا
أو شهيدا يوم القيامة».
قال «أو» : هاهنا
بمعنى التنويع ، معناه : أن الناس رجلان : طائع ، وغير طائع ، فمن كان طائعا :
فرسول الله صلىاللهعليهوسلم شاهد له ، وغير الطائع : يكون رسول الله صلىاللهعليهوسلم شافعا له. بمعناه ، انتهى.
وذكر القطب الحلبى
أن ابن عبد الحميد هذا ، توفى يوم الأحد الرابع والعشرين من شهر رجب سنة ثلاث
وتسعين وستمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
__________________
ووجدت فى حجر قبره
بالمعلاة : أنه توفى يوم الأحد الرابع من رجب من السنة.
* * *
من اسمه محمد بن عبد
الرحمن
٢٤٩ ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد الصنهاجى أبو عبد الله
الفاسى ، المعروف بابن الحداد :
ذكره القطب الحلبى
فى تاريخ مصر ، وقال : مولده فى النصف من جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين وستمائة
بفاس وتفقه بتونس وسمع على جماعة. وكتب عن صاحبنا أبى عبد الله محمد بن عمر بن
رشيد ، ورحل وقدم إلى ديار مصر. وسمع بها على بعض شيوخنا المتأخرين ، ورحل إلى
دمشق ، فسمع بها ، وحصل أصولا وكتبا ، وكتب بخطه. وكان له قليل معرفة بالحديث
وغيره ، مائلا إلى طريقة التصوف ، عارفا بكلام أهل الطريق. انتهى.
وذكر الذهبى : أنه
كان مجازفا فيما ينقله. ولشيخنا أبى هريرة بن الذهبى منه إجازة.
وتوفى بعلة
الإسهال ـ فى يوم التروية ـ سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ذكر
وفاته هكذا العفيف المطرى وغيره.
أخبرنى أبو هريرة
بن الحافظ الذهبى إذنا مشافهة فى آخرين ، عن ابن الحداد هذا ، قال : أخبرنا أبو
عبد الله محمد بن عمر بن رشيد ، قال : قال الشيخ الصالح أبو الحسن على بن عبد
الكريم الدمشقى ـ مقيم برباط مصر ـ : رأيت فى المنام رشيد الدين محمد ابن عبد
العظيم المنذرى بعد موته ، عند وصول الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل ، وقد زينت القاهرة ومصر. فقال لى : فرحتم
بالسلطان لما دخل؟. فقلت له :
__________________
الناس فرحوا به.
فقال : أما نحن ، فإنا دخلنا الجنة ، ورأينا النبى صلىاللهعليهوسلم وقبلنا يده ، وقال : أبشروا كل من كتب بيده ـ قال : رسول
الله صلىاللهعليهوسلم ـ فهو معنا فى الجنة.
٢٥٠ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر بن عبيد الله بن أبى
مليكة القرشى التيمى المليكى المكى ، أبو غرارة :
روى عن أبيه ، وعم
أبيه عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة ، وموسى بن عقبة ، وعبيد الله بن عمر ،
ومحمد بن المنكدر ، والقاسم بن محمد.
روى عنه : إسماعيل
بن أبى أويس ، وأخوه عبد الحميد ، إبراهيم بن محمد الشافعى ، ومسدد بن مسرهد ،
وأبو عاصم النبيل ، وأبو حومل العامرى ، ومحمد بن أبى بكر المقدمى.
قال أبو زرعة :
مكى ، لا بأس به.
وقال البخارى :
محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الجدعانى : منكر الحديث.
وقال النسائى :
ليس بثقة.
روى له أبو داود ،
وابن ماجة ، كما ذكر صاحب الكمال.
وقال المزى :
والذى روى له أبو داود ، أقدم من هذا. وقد ذكرنا حديثه فى ترجمة أبيه عبد الرحمن
بن أبى بكر ، ويحتمل أن يكون أبا الثورين المذكور بعد هذا ، والله أعلم. وقد فرق
البخارى ، وأبو حاتم وغيرهما بينهما ، كما حكى ابن عدى.
٢٥١ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر القرشى الجمحى أبو
الثورين المكى :
روى عن عبد الله
بن عباس ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب.
__________________
روى عنه : عثمان
بن الأسود ، وعمرو بن دينار.
روى له : ابن
ماجة. ويحتمل أن يكون الذى روى له أبو داود من رواية أبى حومل العامرى عنه عن أبيه
عن جابر. والله أعلم. انتهى. من تهذيب الكمال.
قلت : وأبو
الثورين ـ بالثاء المثلثة ـ تثنية ثور. وهو صدوق. كما قال الذهبى فى الميزان. وقال
غيره : مات مع عطاء بن أبى رباح.
٢٥٢ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى سلمة بن سفيان بن عبد الأسد
بن هلال ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى :
قاضى مكة وأميرها.
ذكر نسبه هكذا الزبير بن بكار ، وابن حزم فى الجمهرة ، إلا أنه زاد فى نسبه «محمدا»
بين عبد الرحمن وأبى سلمة ويحتمل أن ذلك سقط فى كتاب الزبير من الناسخ ، أو ما زاد
فى الجمهرة من الناسخ. والله أعلم.
وولاية المذكور
لإمرة مكة وقضائها. ذكرها الفاكهى ؛ لأنه قال : وكان ممن ولى مكة بعد ذلك : محمد
بن عبد الرحمن السفيانى ، كان على قضاية مكة وإمارتها. انتهى.
وذكر معنى ذلك فى
غير موضع ، ولم يذكر الزبير إلا ولايته لقضاء مكة ، وأفاد من خبره ما لم يذكر
الفاكهى ، فنذكره لما فيه من الفائدة.
قال الزبير :
استقضاه أمير المؤمنين موسى ـ يعنى الهادى ـ على مكة. وكان قد استخلفه على القصاء
بمكة : محمد بن عبد الرحمن المخزومى ، المعروف بالأوقص حين توفى ، فولاه أمير
المؤمنين موسى القضاء ، وأقره أمير المؤمنين هارون الرشيد حتى صرفه المأمون. فولاه
قضاء بغداد شهرا ، ثم صرفه. انتهى.
ومقتضى ما ذكره
الزبير بن بكار ، من أن الهادى ولى محمد بن عبد الرحمن هذا قضاء مكة ، وأن الرشيد
أقره ، وأن المأمون صرفه عن ذلك ، أن تكون ولايته لقضاء مكة ثمانية وعشرين سنة أو
أزيد ؛ لأن الهادى إنما ولى الخلافة فى سنة تسع وستين ومائة ، والمأمون إنما ولى
الخلافة سنة ثمان وتسعين ومائة.
وقال الزبير :
حدثنى عمى مصعب بن عبد الله ، عن جدى عبد الله بن مصعب قال:كنت عند أمير المؤمنين
الرشيد ، فقال له بعض جلسائه فى محمد بن عبد الرحمن : هو حدث السن ، وليس مثله يلى
القضاء ، فقلت : لن يضيع فتى من قريش فى مجلس أنا
__________________
فيه ، فأقبلت
عليهم ، فقلت لهم : وهل عاب الله أحدا بالحداثة؟. أمير المؤمنين حديث الس ،
أفتعيبونه؟. وقد قال الله عزوجل : (سَمِعْنا فَتًى
يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) [الأنبياء: ٦٠]
فقال لهم أمير المؤمنين الرشيد : صدق. أنا حديث السن. أفتعيبوننى بالحداثة؟. وأقره
على القضاء.
٢٥٣ ـ محمد بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبى
طلحة ابن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى القرشى العبدرى الحجبى ، أبو عبد
الله ، وقيل : أبو القاسم المكى، أخو منصور بن عبد الرحمن الحجبى :
روى عن أخيه منصور
، وصفية بنت شيبة ، وهى أمه. وقيل : جدته.
روى عنه : شعبة بن
الحجاج ، وأبو عاصم ، وأبو جعفر النفيلى ، وابن المبارك ، ووكيع ابن الجراح.
روى له أبو داود.
وذكره ابن حبان فى الثقات.
ذكره صاحب الكمال
وتهذيبه. وصرح بأنه مكى. ولم يصرح بذلك صاحب الكمال.
٢٥٤ ـ محمد بن عبد
الرحمن بن عبد الله بن محمد بن أبى عبد الرحمن عبد الله ابن يزيد المقرى ، أبو
يحيى المكى :
ذكره الحافظ رشيد
الدين المنذرى فى «مختصره لتاريخ المسبحى». وذكر أنه توفى فى يوم الأحد لسبع بقين
من ذى القعدة سنة أربع وأربعين وثلاثمائة بمكة ، قال : وكان أحد مشايخها ، مقبول
الشهادة ، معروفا بالأمانة عند القضاة وغيرهم.
وكان يحدث عن على
بن عبد العزيز ، بكتاب القراءات لأبى عبيد ، وكان عنده ، عن محمد بن على الصايغ
الصغير وغيره.
__________________
٢٥٥ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق ، عبد الله بن أبى
قحافة ، عثمان بن عامر القرشى التيمى ، أبو عتيق :
ذكر أبو عمر : أنه
هو وأباه وجده أبيه أبا قحافة : أدركوا النبى صلىاللهعليهوسلم ، قال : وليست هذه المنقبة لغيرهم. ونقل ذلك عن موسى بن
عقبة. وله رواية.
٢٥٦ ـ محمد بن عبد
الرحمن بن عثمان بن الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم
، يلقب بالمحب ، ويعرف بابن عثمان الطبرى المكى :
سمع من الزين
الطبرى «التنبيه» للشيخ أبى إسحاق الشيرازى ، عن جده المحب الطبرى ، عن الشيخ بشير
التبريزى ، عن ابن سكينة ، عن الأرموى ، عن المؤلف.
وعلى السراج عمر
الدمنهورى ، والفخر النويرى : الموطأ ، رواية يحيى بن بكير ، فى سنة ست وأربعين
وسبعمائة ، وعلى غيرهم ، ورغب فى السماع كثيرا.
وسمع أولاده ،
وسمع معهم ، وبالغ حتى سمع من شيخنا جمال الدين الأميوطى ، وما علمته حدث ، وسكن
بأخرة ، قرية التنضب ـ من وادى نخلة الشامية ـ مدة سنين ، وأم بها ، وخطب وباشر
العقود بها ، نيابة عن جدى القاضى أبى الفضل النويرى ، ومن بعده من قضاة مكة.
ولم يزل على ذلك
حتى مات فى أثناء النصف الأول من سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.
مولده فى سنة خمس
وثلاثين وسبعمائة.
٢٥٧ ـ محمد بن عبد
الرحمن بن عثمان بن الصفى أحمد الطبرى يلقب بالمجد :
أخو المحب السابق
، سمع من جده عثمان : سنن أبى داود [..........].
٢٥٨ ـ محمد بن عبد
الرحمن بن عثمان بن الصفى الطبرى أخو المحب السابق ، يكنى أبا الخير:
سمع من جده عثمان
وغيره. وما علمت من حاله سوى هذا.
__________________
٢٥٩ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى الفتح ، كمال الدين أبو
الطاهر العمرى المصرى ، المؤذن بالحرم الشريف :
سمع من ابن علاق :
جزء البطاقة ، ومن ابن عبد الهادى القيسى ، خطيب المقياس ، والعز الحرانى ، وأبى
بكر بن الأنماطى وغيرهم. وحدث.
سمع منه الحافظ
علم الدين البرزالى ، وكتب عنه الآقشهرى. وأجاز لشيخنا أبى هريرة بن الذهبى.
وتوفى يوم الاثنين
رابع عشرى رجب سنة تسع وعشرين وسبعمائة بمكة ، ودفن من يومه بالمعلاة.
ووجدت بخطى فيما
نقلته من تاريخ مصر للقطب الحلبى : أن أبا الطاهر المؤذن هذا ، توفى رابع شهر رجب
سنة أربع وعشرين وسبعمائة. وهذا وهم.
وهو أخو المحدث
تاج الدين عتيق بن عبد الرحمن العمرى الصوفى.
وذكر البرزالى :
أن أبا الطاهر هذا ، كان رجلا خيرا ، مليح الكتابة ، حسن الهيئة. انتهى.
ووجدت بخط الشيخ
أبى طيبة محمد بن أحمد بن أمين الآقشهرى. أخبرنى الشيخ أبو الطاهر محمد بن عبد
الرحمن بن أبى الفتح العمرى : أنه ارتكب عليه الدين ، وضاق نفسه من ذلك ، ولازم
الدعاء فى [...]. قال : فأتيت بالسحر إلى مقام الحنبلى واستقبلت ، فرأيت
شخصا يقول : ما لك. قل هذا الدعاء يقضى الله عنك الدين ، قل : اللهم يا من بيده
خزائن السماوات والأرض ، ومن يقول للشىء كن فيكون ، أسالك أن تصلى على محمد وعلى
آل محمد ، وأن تغنينى من الفقر ، وأن تعافينى من الدين ، وأن توسع علىّ من رزقك
الحلال الطيب الواسع المبارك فيه. انتهى.
٢٦٠ ـ محمد بن عبد
الرحمن بن محمد بن أحمد بن خليف الأنصارى الخزرجى المدنى ، يلقب بالشمس بن التقى
بن الجمال المطرى :
سمع بالمدينة من
القاضى عز الدين : جزءه الكبير الذى خرجه لنفسه ، ومن القاضى بدر الدين إبراهيم بن
الخشاب : صحيح البخارى ، وغير ذلك بالمدينة ، وله اشتغال
__________________
بالعلم ونباهة.
وكان يؤذن بالحرم النبوى كأبيه وجده بمأذنة الرئاسة ، ودخل ديار مصر والشام
واليمن.
وتوفى بمكة فى آخر
ذى الحجة سنة ست وثمانمائة. ودفن بالمعلاة.
٢٦١ ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن خليف بن عيسى بن
عساس ابن بدر بن يوسف بن على بن عثمان الأنصارى الخزرجى ، يكنى أبا حامد ، ويعرف
بابن المطرى المدنى ، يلقب بالرضى بن التقى بن الجمال ، قاضى المدينة بالنبوية
وخطيبها وإمامها. وهو أخو السابق :
ولد بها سنة تسع
وأربعين وسبعمائة ، وأجاز له فيها يوسف بن محمد الدلاصى ، راوى الشفاء ، وأبو
الفتح الميدومى ، وابن اللبان ، وأجاز له فيها بعد ذلك من دمشق مسندها : محمد بن
إسماعيل بن الخباز ، وآخرون من شيوخ شيخنا الحافظ زين الدين العراقى باستدعائه على
ما بلغنى.
وسمع بالمدينة :
صحيح البخارى ، من عمه العفيف المطرى ، وسمع من القاضى عز الدين بن جماعة الموطأ ،
رواية يحيى بن يحيى ، عن الجلال بن عبد السلام الإسكندرى سماعا بسنده ، وعن ابن
الزبير إجازة عن الطوسى ، عن ابن خليل القيسى ، عن ابن الطلاع بسنده ، والجزء
المعروف بجزء البيتوتة ، وجزءا كبيرا من حديثه ، خرجه لنفسه ، وغير ذلك كثيرا.
وسمع من غيرهما وحدث.
سمعت منه بمكة ،
وبالريمة من وادى نخلة اليمانية ، وبالطائف. وكان له بالعلم عناية ،
ولد معرفة حسنة بالفقه والعربية وغير ذلك. وله نظم وخط جيد ، وإقبال على أهل الخير
، وعناية بالعبادة.
درس وأفتى ، وأذن
بالحرم النبوى بمأذنة الرئاسة ، ثم ولى قضاء المدينة وخطابتها وإمامتها ، على عادة
من تقدمه من قضاة المدينة ، فى أول سنة إحدى عشرة وثمانمائة.
ولم يزل على ذلك ،
حتى توفى فى ليلة الخميس سادس عشر ذى الحجة سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن
بالمعلاة.
__________________
وكان قدم إليها
حاجا ـ وهو متعلل ـ فأقام بها حتى توفى فى التاريخ المذكور ، وكان أقام بها غير
مرة ، منها : سنة وسبعة أشهر متوالية قبل مجىء الولاية إليه بمكة ، وكان مجيئها
إليه ، وهو بالطائف فى النصف الثانى من ربيع الآخر من سنة إحدى عشرة.
وتوجه من مكة إلى
المدينة فى أوائل جمادى الأولى من هذه السنة ، وباشر الوظائف المذكورة ، وحمدت
مباشرته لها.
أخبرنى القاضى أبو
حامد محمد بن القاضى تقى الدين عبد الرحمن بن القاضى جمال الدين محمد بن أحمد
المطرى قراءة عليه ، وأنا أسمع بالمسجد الحرام : أن القاضى عز الدين عبد العزيز بن
محمد بن إبراهيم بن جماعة ، أخبره سماعا عن أبى الفضل أحمد بن هبة الله ابن عساكر
الدمشقى حضورا قال : أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروى ، وزينب بنت عبد
الرحمن الشعرى ، قال أبو روح : أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامى ، قال : أخبرنا أبو
عثمان بن أبى سعيد العيار.
وحدثنا : وقرأت
على يوسف بن عثمان بن مسلم الكتانى ـ بالتاء ـ أخبرك عبد الله ابن الحسن بن الحافظ
سماعا. قال : أخبرنا أبو الحسن على بن يوسف الصورى ، قال : أخبرتنا زينب بنت عبد
الرحمن الشعرى.
وحدثنا : وأخبرنى
عاليا : يوسف بن عثمان المذكور ، وأبو حفص عمر بن محمد بن عمر البالسى ، بقراءتى
عليهما ، قالا : أخبرتنا زينب ابنة الكمال أحمد بن عبد الرحيم المقدسية ، قال
الأول : سماعا ، وقال الثانى : حضورا ـ فى الرابعة ـ قالت : أنبأنا عبد الخالق بن
الأنجب النشتبرى ، قال هو وزينب الشعرية : أخبرنا وجيه بن طاهر الشحامى ـ قالت
زينب : سماعا ، وقال النشتبرى : إجازة ـ قال : أخبرنا أبو حامد أحمد ابن الحسن
الأزهرى.
وحدثنا : وقرأت
على أبى هريرة بن الذهبى ، أخبرك أحمد بن أبى طالب الصالحى سماعا ، عن داود بن
معمر عموما ، قال : أخبرتنا فاطمة بنت محمد بن أحمد بن البغدادية ، قالت : أخبرنا
العيار ، قال هو والزهرى : أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدى ، قال : حدثنا أبو العباس
محمد بن إسحاق السراج ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا الليث عن نافع عن
ابن عمر رضى الله عنهما قال : «من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترا ، فإن رسول
اللهصلىاللهعليهوسلم كان يأمر بذلك».
وأخبرناه بهذا
العلو مع اتصال السماع : أبو هريرة عبد الرحمن بن الحافظ أبى عبد الله الذهبى ،
بقراءتى عليه : أن أبا العباس أحمد بن نعمة الصالحى ـ أخبره سماعا ـ وعيسى بن
معالى المطعم ـ حضورا ـ قالا : أخبرنا أبو المنجا بن اللتى ، قال : أخبرنا أبو
الوقت السجزى قال : أخبرنا محمد بن مسعود الفارسى ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن
أبى شريح ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد البغوى ، قال : حدثنا أبو الجهم العلاء
بن موسى ، قال : حدثنا الليث بن سعد عن نافع ، أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما
قال : «من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترا ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يأمر بذلك».
أخرجه مسلم
والنسائى عن قتيبة ، فوقع لنا موافقة لهما وبدلا عاليين ، ولله
الحمد ومن شعره.
إذ غاب قومى
حبيبى قلت منتصرا
|
|
هل نقص البدر ما
فيه من الكلف
|
قالوا ثناياه
سود قلت ويحكم
|
|
لله فى ذاك سر
غامض وخفى
|
أشار للخلق أن
الريق منه شفا
|
|
سم الأوساد
فاستشفوا من التلف
|
٢٦٢ ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خالد بن سعيد بن جرجة المخزومى مولاهم ، أبو
عمر المكى المقرئ مقرئ أهل مكة ، الملقب قنبل :
ذكره الذهبى فى
طبقات القراء ، فقال : الإمام شيخ المقرئين. ولد سنة خمس وتسعين ومائة ، وجوّد
القرآن على أبى الحسن الفواس.
وأخذ عن البزى ،
وانتهت إليه رئاسة الإقراء لعلو إسناده ، وتلا عليه : ابن مجاهد ، وابن شنبوذ.
وذكر جماعة ، ثم قال : قيل إنه كان يستعمل دواء لشفاء البصر يسمى قنبيلا ، فلما
أكثر من استعماله ، عرف به ، ثم خفف ، وقيل له : قنبل. وقيل. بل هو من قوم يقال
لهم : القنابلة.
__________________
وكان قد ولى فى
وسط عمره شرطة مكة ، فحمدت سيرته ، ثم إنه طعن فى السن وشاخ ، وقطع الإقراء قبل
موته بسبع ستين.
توفى سنة إحدى
وتسعين ومائتين. وقد رماه ابن المنادى ، بأنه اختلط فى آخر عمره ، وتفرد ابن مجاهد
عنه بأحرف فيها كلام ، ذكرناه فى ترجمة ابن مجاهد ، والله أعلم
٢٦٣ ـ محمد بن عبد
الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك الأزدى
يلقب بالجمال ، ويعرف بابن الملجوم المكى أبو عبد الله :
سمع من ابن
الجميزى ، وابن أبى الفضل المرسى ، ثم رحل فسمع بدمشق وحلب ، ومنبج ، وحران ، وبغداد ، من بعض شيوخ الحافظين : قطب الدين
العسقلانى ، وشرف الدين الدمياطى ، لأنه كان رافقهما فى الرحلة.
وسمع منه الدمياطى
ببغداد وبها مات ، سنة خمسين وستمائة ، على ما قال الدمياطى فى معجمه.
٢٦٤ ـ محمد بن عبد
الرحمن بن محمد بن على بن الحسين بن عبد الملك بن أبى النصر الطبرى المكى ، يلقب
بالجمال بن العماد :
سمع من أبى اليمن
بن عساكر ، ومن المحب الطبرى ، وقرأ «التنبيه» للشيخ أبى إسحاق ، على أبيه المفتى
عماد الدين الطبرى ، عن جده لأمه سليمان بن خليل ، عن الشيخ بشير التبريزى ، عن
ابن سكينة ، عن الأموى عنه. وقرأه على شيخ اليمن أحمد بن موسى بن العجيل ، بإسناد
نازل ، ولكن قراءته عليه قراءة تفهم وضبط ، واجتهاد وتحصيل ، على ما وجدت بخط ابن
العجيل ، وترجمة : بالفقيه الأجل العالم العامل.
وتاريخ انقضاء
القراءة على ابن العجيل ، عشية الثلاثاء لعشر ليال بقين من جمادى الأولى سنة سبع
وثمانين وستمائة.
__________________
ولم أدر متى مات ،
إلا أنه كان حيا سبع وتسعين وستمائة ، وعاش بعد ذلك فى غالب ظنى.
وقد اتفق لمحمد
هذا وابن له ، حكاية عجبية إلى الغاية. ذكرها لى شيخنا قاضى الحرم جمال الدين بن
ظهيرة ، ذكر أنه سمعها من الناس ، وملخصها : أنهما كانا بالشام ، فحصل لهما مرض
شديد ، فدخل عليهما شخص ، وقال لهما : أتشتهيان أن أحمل عنكما المرض؟. فقالا : نعم
، فانتفض انتفاضة ، فقاما يمسيان ، فأعطاهما درهمين ، وقال لهما : إذا اشتريتما
حاجة فاشترياها بأحدهما فقط ، وأتركا الآخر عندكما ، وأمرهما بالتوجه إلى القاضى
بدمشق.
فلما وصلا إلى
موضعه ، عرفا بأنه طلبهما ، فدخلا إليه ، فأحسن إليهما ، فتوجها مع الحجاج ، فكانا
يشتريان الحاجة بأحد الدرهمين ، ثم يعود إليهما الدرهم بعينه. فاتفق أنهما اشتريا
حاجة بهما فلم يعودا.
٢٦٥ ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد الهاشمى ، أبو عبد الله
الصقلى إمام المالكية بالحرم الشريف :
ولى الإمامة مدة
سنين ، فى آخر القرن السادس ، وفى أوائل القرن السابع ولم أدر متى مات ؛ إلا أنه
كان حيا فى سنة سبع وستمائة بمكة.
وسمع بها من يونس
الهاشمى ، وزاهر بن رستم ، إمام المقام. وترجم فى سماعه عليهما : بإمام المالكية
وبالحرم الشريف.
٢٦٦ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير بن أبى عبد الله محمد
بن عبد الرحمن الحسنى ، الشريف أبو الخير الفاسى المكى المالكى :
حضر على القاضى عز
الدين بن جماعة ، وسمع من ابن عبد المعطى ، وابن حبيب الحلبى بمكة وغيرها. وتفقه
على الشيخ موسى المراكشى ، وعلى أبيه ، وخلفه فى تصديره بالمسجد الحرام ، فأجاد
وأفاد ، وكان من الفضلاء الأخيار ، وله حظ من العبادة والخير ، والثناء عليه جميل.
وتوفى فى ثالث
شوال سنة ست وثمانمائة بطيبة ، ودفن بالبقيع. وقد جاوز الأربعين بيسير ، وعظمت
الرزية بفقده ، فإنه لم يعش بعد أبيه إلا نحو سنة.
__________________
وبلغنى أنه رأى فى
المنام ـ وأبوه مريض ـ أن شخصا ـ أظنه مغربيا ـ أعطاه كساء ، وقال له : بعه بثلاثة
عشر درهما ، اعط أباك منها ثلاثة ، والباقى لك فأول ذلك بمقدار حياتهما ، وتردد فى
الدرهم هل هو شهر أو سنة ، فقدر أن أباه مات بعد ثلاثة أشهر بعد الرؤية ، فغلب على
ظنه أنه لا يعيش بعد أبيه إلا عشرة أشهر ، فعاش بعد أبيه عشرة أشهر وسبعة عشر يوما
، لأن أباه توفى فى ليلة نصف ذى القعدة سنة خمس وثمانمائة. وهذه الرؤية مما حملته
على اهتمامه بزيارة النبى صلىاللهعليهوسلم ، ورغب مع ذلك فى الوفاة فى جواره عليهالسلام. فحقق الله له قصده.
٢٦٧ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير محمد بن أبى عبد الله
محمد بن محمد ابن عبد الرحمن الحسنى ، الشريف أبو عبد الله الفاسى المكى المالكى ،
أخو أبى الخير السابق ، وهو أبو عبد الله الصغير ، لأنه كنى بكنية جد أبيه أبى عبد
الله الفاسى الكبير ، الآتى ذكره ، يلقب محب الدين :
ولد فى سنة أربع
وسبعين وسبعمائة بمكة ، وسمع بها على غير واحد من شيوخها. منهم العفيف عبد الله
النشاورى ، وغير واحد من القادمين إليها ، منهم عبد الوهاب القروى الإسكندرى ،
شيئا من آخر «المحدث الفاصل» للرامهرمزى ، والشيخ جمال الدين الأميوطى ، وإبراهيم
بن صديق ، وبعض ما سمعه على ابن صديق معى وبقراءتى.
وسمع معى بالقاهرة
وبقراءتى على جماعة من شيوخنا ، منهم : على بن أبى المجد الدمشقى ، وعبد الله بن
عمر الحلاوى ، وأحمد بن حسن السويداوى ، والبرهان إبراهيم ابن أحمد الشامى.
وله إجازة من عمر
بن أميلة ، وصلاح الدين بن أبى عمر ، ومن عاصرهم من شيوخ دمشق وغيرها.
وحدث عن بعض شيوخه
بالإجازة ، المشار إليهم ، وعن غيرهم ممن سمع منهم ، وحفظ «مختصر» ابن الحاجب فى
الفقه و «الرسالة» لابن أبى زيد ، وغير ذلك من المختصرات.
وكان يحضر تدريس أبيه
بمكة كثيرا. وقرأ فى الفقه بالقاهرة على بعض شيوخها من المالكية ، وتبصر فى الفقه
قليلا ، ودرس فيه قليلا.
__________________
وعرض له قولنج
تعلل به سنين كثيرة ، ولم يغارفه حتى توفى فى آخر ليلة الاثنين الثامن لشهر ربيع
الآخر ، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة ، بدار زبيدة ، وصلى عليه عقيب طلوع الشمس
بالمسجد الحرام ، عند قبة الفراشين كأبيه ، ودفن بالمعلاة على أبيه ، بقبر أبى
لكوط.
ولم يوجد ـ فيما
بلغنى ـ لأبيه أثر فى القبر ، وبين وفاتيهما سبعة عشر سنة ونحو خمسة أشهر ، رحمها
الله تعالى.
وعرض له قبيل موته
إسهال كثير بالدم ، ولعله مات بذلك ، فيكون شهيدا باعتبار أنه مبطون ، وقد دخل
لأجل الرزق إلى القاهرة مرتين ، ومرتين إلى اليمن ، وأقام بالقاهرة فى القدمة
الأولى أزيد من عامين ، وفى الثانية : نحو عام ونصف ، ودخل فيها الإسكندرية ، وهو
ابن عمتى ، وابن ابن عم أبى ، رحمهالله تعالى.
٢٦٨ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير بن أبى عبد الله محمد
بن عبد الرحمن ، الحسنى الفاسى المكى المالكى ، الشريف القاضى رضى الدين أبو حامد
، شقيق أبى الخير ، وأبى عبد الله :
ولد فى رجب سنة
خمس وثمانين وسبعمائة ، وقيل فى سادس رجب سنة أربع وثمانين بمكة.
وسمع بها ـ ظنا ـ على
العفيف عبد الله بن محمد النشاورى ، والشيخ جمال الدين إبراهيم الأميوطى.
وسمع ـ يقينا ـ على
جماعة من شيوخنا بالحرمين ، منهم : مسند الحجاز إبراهيم بن محمد بن صديق الرشام ،
والشيخ زين الدين أبو بكر بن الحسين المراغى ، أشياء كثيرة من مروياتهما.
وأجاز له
باستدعائى ، واستدعاء غيرى ، جماعة من شيوخنا الشاميين وغيرهم ، وحفظ عدة من
المختصرات فى فنون من العلم ، وثقه بوالده ، وشيخنا القاضى زين الدين خلف النحريرى
المالكى ، فى «مختصر» الشيخ الجليل وغيره ، والشيخ أبى عبد الله الوانوغى ، وقرأ
عليه فى «مختصر» ابن الحاجب الأصلى ، وحضر درسه فى فنون من العلم بمكة وغيرها.
__________________
وأخذ العربية عن
إمام الحنفية بمكة الشيخ شمس الدين الخوارزمى ، المعروف بالمعيد ، والشيخ شمس
الدين محمد بن جامع البوصيرى ، لما جاور بمكة ، وكثرت عنايته بالفقه ، فتبصر فيه
وفى غيره.
وكتب بخطه ـ ولا
بأس به ـ عدة كثيرة من المؤلفات ، وبعضها مجلدات ، وأذن له شيخنا القاضى زين الدين
خلف فى التدريس ، ورأيت خطه له بذلك.
وذكر لى صاحب
الترجمة ، أنه أذن له فى الإفتاء ، وذلك فى سنة سبع وثمانمائة ، بعد أن رحل من مكة
إلى المدينة ، وللأخذ عن شيخنا المذكور.
وجلس من بعد هذه
السنة للتدريس فى موضع تدريس والده ، وصار لا يترك ذلك إذا كان بمكة ، إلا لشغل أو
مرض ، أو فى الأوقات التى يترك الناس فيها التدريس ، كرمضان وأيام المراسم.
وكان يدرس بغير
هذا الموضع ، بزيادة باب إبراهيم ، عند دار زبيدة ، وكان كثير الجلوس هناك ، وكان
يفتى الناس كثيرا فى المدة المشار إليها ، ومدة تصديه للتدريس والإفتاء ، نحو خمس
عشرة سنة ، وكثير من فتاويه يقصد فيه المعارضة فيما رفع إلىّ من الأحكام ، ويتم
عليه فى ذلك أشياء كثيرة على غير السداد ، وبينت له ذلك ، وقف عليه مرات.
وكان قبل ذلك
مائلا إلىّ فاستنبته فى العقود والفسوخ ، ثم تكدر لبعض القضايا الواقعة عندى لبعض
قرابته ، فرغب عن ذلك ، وتصدى للمعارضة بالفتوى وحب الولاية لمنصب قضاء المالكية الذى
بيدى ، ووليه فى حال غيبتى باليمن ، بإعانة جماعة كان فى نفسهم منى شىء.
وكتب له بذلك
توقيع مؤرخ بالرابع والعشرين من شوال سنة عشرة وثمانمائة ، ووصل هذا التوقيع لمكة
، وقرئ فى أوائل ذى الحجة منها ، بمجلس أمير الحاج المصرى ، ولبس لأجل ذلك خلعة
وباشر الأحكام.
فلما رحل الحجاج
المصريون عن مكة ليلة ، أتانى توقيع ـ بالولاية على عادتى ـ مؤرخ بسابع ذى
القعدة منها فباشرت ، وترك هو المباشرة ، واستمر شديد الحرص على عوده للولاية ،
فلم يتم له ذلك حتى مات ، مع عدم إجماله فى طلب ذلك ، فلا حول
__________________
ولا قوة إلا بالله
، ورام جماعة من أهل الخير الإصلاح بينى وبينه ، على أن أستنيبه وأعطيه نصف
المعلوم ، فأجبتهم لسؤالهم ، ولم يوافق هو على ذلك ، لإشارة كثير من أهل الهوى
عليه بعدم الموافقة على ذلك ، قدر شىء لكان ، وبلغنى أنه جمع شيئا يتعلق بابن
الحاجب الفرعى ، ذكر فيه الراجح مما فيه الخلاف ، وسماه «الأداء الواجب فى تصحيح
ابن الحاجب» وهذا أو غالبه موجود فى شرح ابن الحاجب ، ولكن لجمعه فائدة فى الجملة
، ولم أقف على شىء من ذلك ، ووقفت له على شىء جمعه فى قدر ثلاث كراريس ، تتعلق «بمختصر»
الشيخ خليل الجندى ، وشارحيه الإمامين : صدر الدين عبد الخالق بن الفرات ، وشيخنا
القاضى تاج الدين بهرام لذكرهما فى شرحهما أشياء انتقدها عليهما ، وبعث بذلك إلى
فضلاء المالكية بالقاهرة لينظروا فيه ، فوقف على ذلك ـ فيما بلغنى ـ من المعتبرين
: شيخنا قاضى القضاة جمال الدين عبد الله بن مقداد الأقفهسى ، وقاضى القضاة شمس
الدين البساطى ، ولم يكتبا ولا غيرهما عليه حرفا ، ولم يحمداه على ذلك فيما بلغنى
، ولعل ذلك لعدم ورود أكثر ما أورده ، وإساءته فى العبارة فى بعض ذلك.
وقد ناب فى الحكم
بمكة عن قاضيها شيخنا العلامة جمال الدين بن ظهيرة ، وحكم فى قضايا لم يخل فيها من
انتقاد ، ولديه فى الجملة خير.
توفى وقت العصر من
يوم الخميس خامس عشر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وثمانمائة ، ودفن فى بكرة الجمعة
بالمعلاة ، عند قبر أبى لكوط .
وكانت مدة علته
ثمانية أيام ، وهى حمى حادة دموية ، ولعله فاز بسببها بالشهادة ، فإنها نوع من
الطاعون فيما قيل.
٢٦٩ ـ محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن يحيى بن هشام بن العاص بن
المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى ، قاضى مكة ، والملقب بالأوقص
:
روى عن ابن جريج ،
وعيسى بن طهمان.
روى عنه معن بن
عيسى ، ومحمد بن الحسن بن زبالة ، وذكره ابن حبان فى الثقات.
قال العقيلى :
يخالف فى حديثه ، وقال أبو القاسم بن عساكر : ضعيف.
__________________
وذكر الأزرقى :
أنه كان على قضاء مكة ، لما أمر المهدى بشراء الدور ، لتوسعة المسجد عام حج ، وهو
عام ستين ومائة.
وذكره الزبير بن
بكار ، فقال : ومن ولد هشام بن العاص بن هشام : الأوقص ، وهو محمد بن عبد الرحمن
بن هشام بن يحيى بن هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة.
وكان على قضاء مكة
فى أيام المهدى أمير المؤمنين ، ومات فى خلافة أمير المؤمنين موسى الهادى ، وأمه
أم أبان بنت عبد الحميد بن عباد بن مطرف بن سلامة ، من بنى مخربة. وقال : قال
الدارمى : يمدح محمد بن عبد الرحمن المعروف بالأوقص :
أبا خالد أشكو
غريما مشوها
|
|
ببابى لا يحيا
ولا يتوجه
|
له مقلتا كلب
ومنخر ثعلب
|
|
وبالضبع إن
شبهته هو أشبه
|
إذا قلت أقبل
زادك الله بغضة
|
|
وثنى وجهه لا بل
غريمى أشوه
|
ولو كنت إن
ماطلته مل وأنثنى
|
|
ولكنه يشرى على
ويسفه
|
وذكره الفاكهى فى
قضاة مكة ؛ لأنه قال فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله «ذكر من ولى قضاء مكة من
أهلها من قريش» وكان منهم : محمد بن عبد الرحمن بن هشام الأوقص ، قضى للمهدى ،
وخلف عنده أموال المسجد الحرام ليعمر المسجد ، ففعل. انتهى.
وذكره الذهبى فى
الميزان. ومنه كتبت من روى عنه ، ومن يروى عنه ، والكلام فيه ، وعرّفه بقاضى
المدينة ، ولعله قضاها أيضا ، والله أعلم.
وروينا عن الأزرقى
قال : حدثنى محمد بن أبى عمر ، عن القاضى محمد بن عبد الرحمن بن محمد المخزومى ،
عن القاضى الأوقص محمد بن عبد الرحمن بن هشام ، قال : خرجت غازيا فى خلافة بنى
مروان ، فقفلنا من بلاد الروم ، فأصابنا مطر فأوينا إلى قصر ، فاستدرينا به من
المطر ، فلما أمسينا ، صرخت جارية مولدة من القصر ، فتذكرت مكة وبكت عليها ،
وأنشأت تقول :
من كان ذا
بالشام يحبسه
|
|
فإن فى غيره
أمسى لى الشجن
|
فإن ذا القصر
حقا ما به وطنى
|
|
لكن بمكة أمسى
الأهل والوطن
|
من ذا يسائل عنا
أين منزلنا
|
|
فالأقحوانة منا
منزل قمن
|
إذ نلبس العيش
صفوا ما يكدره
|
|
طعن الوشاة ولا
ينبو بنا الزمن
|
__________________
فلما أصبحنا لقيت
صاحب القصر ، فقلت له : رأيت جارية خرجت من قصرك ، فسمعتها تنشد كذا وكذا ، فقال :
هذه جارية مولدة مكية ، اشتريتها وخرجت بها إلى الشام ، فوالله ما ترى عيشنا ولا
ما نحن فيه شيئا. فقلت : تبيعها؟. قال : إذا أفارق روحى. انتهى.
٢٧٠ ـ محمد بن عبد
الرحمن بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القرشى الأصفونى الأصل ، المكى
المولد والدار :
سمع بمكة من
الحافظ صلاح الدين العلائى وغيره بمكة.
وتوفى بعد الستين
وسبعمائة ، ببلد أبيه الشيخ نجم الدين الأصفونى ، مفتى مكة الآتى ذكره ، وهى أصفون
ـ من صعيد مصر الأعلى ـ وهو سبط الشيخ ظهيرة بن أحمد ابن عطية بن ظهيرة
المخزومى ، الآتى ذكره.
٢٧١ ـ محمد بن عبد
السلام بن أبى المعالى بن أبى الخير ذاكر بن أحمد بن الحسن ابن شهريار الكازرونى ،
أبو عبد الله المكى ، يلقب بالجلال :
مؤذن الحرم
الشريف. سمع من زاهر بن رستم : جامع الترمذى ، وسمع من يحيى بن ياقوت البغدادى :
فضائل العباس لابن السمرقندى ، وحدث.
سمع منه : عبد
الله بن عبد العزيز المهدوى ، ومات قبله بسنتين ، وجماعة آخرهم:أبو نصر بن الشيرازى ، شيخ شيوخنا .
توفى ليلة الثامن
والعشرين من ذى الحجة ، سنة خمس وخمسين وستمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومولده فى
نحو سنة تسعين وخمسمائة.
نقلت مولده ووفاته
ونسبه هذا ، من وفيات الشريف أبى القاسم الحسينى.
٢٧٢ ـ محمد بن عبد الصمد بن [......] المغربى المعروف بالتازى :
جاور بمكة سنين
كثيرة ، تقارب العشرين أو أزيد ، واشتغل بالفقه قليلا ، وكان يذاكر من حفظه بمواضع
من موطأ مالك ، رواية يحيى بن يحيى ، ويفهم أنه يحفظه.
__________________
وسمع بمكة على النشاورى
، وشيخنا ابن صديق ، وغيرهما من شيوخنا. ولم يكن بالمرضى فى دينه ، والله يغفر له.
توفى فى آخر ذى
الحجة سنة خمس وثمانمائة ، أو أول التى بعدها ، برباط السدرة بمكة ، وكان يسكن به
، ودفن بالمعلاة.
٢٧٣ ـ محمد بن عبد
العزيز بن الحسين بن عبد الله التميمى السعدى الأنصارى ، القاضى أبو عبد الله بن
القاضى الجليس أبى المعالى ، المعروف بابن الحباب المالكى :
ذكره المنذرى فى
التكملة ، وذكر أنه سمع من الحافظ السلفى ، وأبى الطاهر بن عوف بالإسكندرية.
وسمع بمصر من
جماعة ، منهم الشريف أبو الفتوح ناصر بن الحسين الزيدى ، وقرأ عليه القرآن
بالروايات ، وقرأ الأدب على العلامة أبى محمد بن برى ، وأجاز له. وحدث. ولى ولايات رفيعة.
وتوفى ليلة سلخ
المحرم سنة خمس وستمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
ومولده فى ذى
القعدة سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة ، وهو من بيت رواية ، وتقدم فى الولايات
والفضيلة ، حدث منهم جماعة.
٢٧٤
ـ محمد بن عبد الكريم بن أحمد بن عطية بن ظهيرة ، المخزومى ، محب الدين أبو عبد
الله المكى :
سمع من الآقشهرى ،
والزين الطبرى ، وعثمان بن الصفى وغيرهم.
وذكر لى شيخنا أبو
بكر بن عبد المعطى : أنه حفظ الحاوى فى الفقه ، والكافية فى النحو لابن الحاجب.
وكان رجلا حسنا ، وسألت عنه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. فقال : كان رئيسا
محتشما حسن الشكل.
توفى سنة أربع
وستين وسبعمائة بالقاهرة.
٢٧٥
ـ محمد بن عبد الكريم بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى المكى ، أخو
السابق ، يلقب بالجمال وبأبو سمنطح :
ولد فى آخر حياة
أبيه أو بعد وفاته بمكة ، وبها نشأ. فلما بلغ وملك أمره ، باع كثيرا
__________________
مما ورثه من أبيه
، وصار يتردد إلى اليمن فى غالب السنين ، ويكثر من التزويج بزبيد وغيرها ، ويحج فى
غالب السنين ، وعرض له بعد الحج من سنة اثنتين وثمانمائة ـ مرض تعلل به حتى مات فى
المحرم سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، وقد جاوز الخمسين بسنين
يسيرة. وله إجازة من متأخرى أصحاب الفخر بن أميلة ومن عاصره ، رحمهالله.
٢٧٦
ـ محمد بن عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المكى ، يلقب
بالجمال ، ويعرف بالطويل :
كان من الطلبة
الشافعية بالمدرسة البنجالية الجديدة بمكة ، وعانى بأخرة الشهادة ، ودخل ديار مصر
طلبا للرزق غير مرة.
ومات فى جمادى
الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.
٢٧٧ ـ محمد بن عبد
الكريم بن عبد الغفار بن عبد الكريم ابن عبد الرحمن النهاوندى ، القاضى شمس الدين
:
هكذا وجدته منسوبا
بخط الشيخ أبى حيان فى شيوخه بالإجازة.
وذكر أن مولده فى
تاسع عشرى رمضان ، سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بمكة ، وأنه سمع الثقفيات من ابن بنت
الجميزى. انتهى ما ذكره أبو حيان ، ولم يصرح بأنه مكى ، وهو من بيت مشهور ، كان
بمكة.
٢٧٨ ـ محمد بن عبد
المحسن بن سلمان بن عبد المرتفع ، المخزومى الأبوتيجى :
نزيل مكة. سمع على
الفخر التوزرى ، والرضى الطبرى.
وذكر لى سبطه
شيخنا السيد تقى الدين عبد الرحمن الفاسى : أنه كان دائم الصيام لا يفطر إلا
العيدين ، وكانت له ملاة ، وكان كثير الإيثار. توفى بمكة.
٢٧٩ ـ محمد بن عبد
المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى :
ذكر الزبير بن
بكار : أن أمه بنت حمزة الهمدانى. قال : وكان له قدر وشرف.
٢٨٠ ـ محمد بن عبد
المعطى بن أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى ، يلقب بالجمال :
ذكره ابن أخيه
شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى ، وقال : قرأ على الصفى بن
__________________
أبى المنصور ،
والقطب القسطلانى ، وأبى العباس المرسى ، واجتمع ببعض أصحاب ابن الرفاعى، وصحب
أصحاب الشيخ أبى السعود ، وأبى الحسن الشاذلى.
وتوفى سنة خمس
وأربعين سبعمائة تقريبا بمصر ، ودفن بالقرافة. وقد نيف على المائة ، وهو والد
شيخنا أبى العباس النحوى.
ووجدت سماعه على
مؤنسة خاتون ، بنت الملك العادل.
٢٨١ ـ محمد بن عبد
الملك بن عبد الله بن محمد بن محمد القرشى البكرى ، جمال الدين بن الشيخ الصالح
أبى مروان بن الشيخ العلامة العارف أبى محمد ، المعروف بالمرجانى ، التونسى الأصل
، الإسكندرى المولد ، المكى الدار :
ولد بالإسكندرية ،
وأجاز له جماعة ، فى استدعاء مؤرخ سنة سبع وعشرين وسبعمائة ، من مصر والإسكندرية ،
منهم : إبراهيم بن أحمد بن عبد المحسن الغرافى ، ووجيهة بنت على الصعيدى ، وأبو
الحسن على بن إسماعيل بن قريش ، وأبو المحاسن يوسف بن عمر الختنى ، وأبو النون
يونس بن إبراهيم الدبوسى ، والركن بن القويع الشيخ ، وأبو حيان ، والقاضى فخر
الدين عبد الواحد بن المنير ، وجماعة.
وسمع بمكة من
الفخر عثمان بن الصفى الطبرى : سنن أبى داود ، ومن القطب بن المكرم وجماعة ، وما
علمته حدث. وأجاز لى فى استدعاء بخط شيخنا ابن شكر.
ومن خط المذكور
نقلت نسبه هذا.
ووجدت بخط شيخنا
ابن شكر : أنه ولد بمكة. وذكر لى غيره من شيوخنا : أنه ولد بالإسكندرية.
ومولده ـ على ما
وجدت بخط شيخنا ابن شكر ـ فى سنة أربع وعشرين وسبعمائة.
وتوفى فى شوال سنة
إحدى وثمانين وسبعمائة ودفن بالجبل الذى يقال إن فيه قبر عبد الله بن عمر بن
الخطاب رضى الله عنهما ، بوصية منه فى ذلك ، ولا يصح أن ابن عمر ، دفن فى هذا
الجبل ، كما أوضحناه فى كتابنا «شفاء الغرام ومختصراته».
وكان رجلا صالحا ،
دينا خيرا ، ذا عبادة كثيرة ، وانفراد عن الناس ، وله اشتغال فى الفقه ، وعناية بالتفسير
، وعلم الحرف والأسماء والأوفاق.
__________________
٢٨٢ ـ محمد بن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكى :
روى عن أبيه. روى
عنه روح بن عبادة.
ذكره ابن حبان فى
كتاب الثقات. روى له ابن ماجة فى كتاب التفسير.
كتبت هذه الترجمة
من التهذيب للمزى.
٢٨٣ ـ محمد بن عبد الملك بن أبى محذورة الجمحى المكى :
روى عن أبيه ، عن
جده. وعنه سفيان الثورى ، وأبو قدامة الحارث بن عبيد الإيامى. روى له أبو داود.
وذكره ابن حبان فى الثقات.
٢٨٤ ـ محمد بن عبد الملك بن محمد ، الأمير شمس الدين المعروف بابن المقدم :
كان من أكبر
الأمراء النورية ، ثم الصلاحية ، واستنابه السلطان صلاح الدين يوسف ابن أيوب بدمشق. ووقف بها مدرسة على الحنفية داخل باب الفراديس ، وشهد معه فتح بيت المقدس.
فلما انقضى الفتح
، توجه إلى الحجاز ، وفى صحبته خلق كثير من بلاد شتى ، فلما وقفوا بعرفة ، وقع
بينه وبين طاشتكين أمير الحاج العراقى قتال ، لأنه أراد التقدم بالإفاضة قبل
طاشتكين ، ورفع علم السلطان صلاح الدين ، وقال طاشتكين : لا يرفع هنا إلا علم
الخليفة ، ولا يتقدمه أحد بالإضافة ، فجرى بسبب ذلك قتال بين الفريقين ، فقتل
جماعة
__________________
من أصحاب ابن
المقدم ، ونهبت أموالهم ، ولو لا كفه لهم عن القتال ؛ مراقبة لحرمة الزمان والمكان
، لانتصفوا من أهل العراق ، وجرح هو عدة جراحات ، وقضى الله تعالى له بالشهادة فى
يوم النحر ، سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة بمنى. ونقل إلى المعلاة فدفن بها ، هكذا
ذكر فى تاريخ ابن الأثير وغيره.
ورأيت فى حجر قبره
بالمعلاة : أنه توفى يوم الخميس الحادى عشر من ذى الحجة من السنة المذكورة ، وهو
يخالف ما سبق. والله أعلم.
وفيه فى نسبه
زيادة «محمد» بعد عبد الملك ، وقبره بقرب القبر الذى يقال له قبر خديجة بنت خويلد
رضى الله عنهما.
وفى تاريخ ابن
الأثير أكثر مما ذكرناه من حاله.
٢٨٥ ـ محمد بن عبد
الملك الحضرمى :
نزيل مكة. هكذا ذكره
القطب الحلبى فى تاريخ مصر ، فى شيوخ شجاع بن محمد ابن سيدهم ، المدلجى ، المتصدر
بالجامع العتيق.
٢٨٦ ـ محمد بن عبد المهدى بن على بن جعفر المكى :
كان من جملة
المشارفين فى ديوان الشريف حسن بن عجلان فى بعض ولايته على مكة. توفى فى سنة اثنتى
عشرة وثمانمائة [........]. من بلاد اليمن ، ووصل نعيه إلى مكة فى شهر رجب منها ، أو
فى جمادى الآخرة.
٢٨٧ ـ محمد بن عبد
المؤمن بن خليفة الدكالى ، الملقب بالبهاء
المكى :
أجاز له فى سنة
ثمان وعشرين وسبعمائة : أبو العباس الحجار ، وجماعة من دمشق ، باستدعاء خاله
الشريف أبى الخير الفاسى. وسمع منه : الموطأ ، وعلى الزين الطبرى وعثمان بن الصفى
والآقشهرى : سنن أبى داود ، وعلى جماعة بمكة ، وبالمدينة : على الزبير بن على
الأسوانى : الشفا للقاضى عياض ، وعلى المطرى ، وخالص البهائى : الإتحاف ، لأبى
اليمن بن عساكر.
__________________
وسمع من القاضى
ناصر الدين التونسى بالقاهرة ، وتردد إليها مرات.
وبها توفى سنة تسع
وستين وسبعمائة. وكان باشر الحسبة بمكة نيابة.
٢٨٨ ـ محمد بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مصعب الزبيرى
، أبو البركات المكى:
رحل إلى العراق
والشام ومصر والأندلس.
وروى عن أبى زيد
المروزى ، والدارقطنى ، والقاضى أبى بكر الأبهرى ، وغيرهم ، حدث عنه أبو محمد بن
حزم ، وأبى محمد بن جراح. وقال : كان ثقة ، متحريا فيما ينقله ، لقيته بإشبيلية فى
سنة أربع وثلاثين وأربعمائة ، وفيها توفى. وأخبرنى أن مولده سنة سبع وأربعين
وثلاثمائة ، وكان ممتعا بحواسه.
ذكره الذهبى فى
تاريخ الإسلام ، ومنه اختصرت هذه الترجمة.
٢٨٩ ـ محمد بن عبد
الوهاب بن أحمد العجلى ، أبو بكر المكى :
روى عن إبراهيم بن
محمد التيمى القاضى. سمع منه فى جامع البصرة : الحافظ أبو بكر الإسماعيلى ، وذكره
فى معجمه.
٢٩٠ ـ محمد بن عبد
الله بن عبد الغفار القزاز المكى أبو عبيد الله :
حدث عن إبراهيم بن
محمد الشافعى.
وسمع منه : ابن
المقرى بمكة ، وذكره فى معجمه.
٢٩١ ـ محمد بن عبيد بن أبى صالح المكى :
سكن بيت المقدس.
يروى عن صفية بنت شيبة ، ومجاهد بن جبر ، وعدى بن عدى الكندرى.
روى عنه : ثور بن
يزيد الحمصى ، وعبيد الله بن أبى جعفر المصرى.
قال أبو حاتم : هو
ضعيف الحديث. وذكره ابن حبان فى الثقات.
__________________
روى له أبو داود
حديثا واحدا ، ورواه ابن ماجة ، إلا أنه سمى فى روايته : عبيد الله ابن أبى صالح ،
وهو وهم على ما قال المزى. والله أعلم.
* * *
من اسمه محمد بن عثمان
٢٩٢ ـ محمد بن عثمان
بن الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى :
سمع من جده الصفى
، وعم أبيه الرضى الطبرى ، والفخر عثمان التوزرى ، وغيرهم كثيرا ، وما علمته حدث.
وتوفى فى ثالث
عشرى شوال ، سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
وكان يعرف بأبى
عكاز ـ بعين مهملة وكاف وألف وزاى معجمة ـ وما عرفت تحقيق سبب هذه الشهرة.
٢٩٣ ـ محمد بن عثمان
بن إبراهيم الحجى :
قال : كان شجر
الحرم حصيدا لا شوك فيه : فلما أحدثت خزاعة المعاصى فى الحرم ، اقشعر الشجر من
معاصيهم ، فخرج له هذا الشوك.
روى ذلك الزبير بن
بكار فى نسب قريش ، عن حمزة بن عتبة اللهبى عنه.
٢٩٤ ـ محمد بن عثمان
بن أبى بكر الملقب بالشمس ، ويعرف بالطنبداوى :
نزيل مكة. ولد
بطنبدى من ديار مصر ، ونشأ فيها ، ثم انتقل إلى مكة وسكنها مدة
سنين ، وحصل له بها أولاد وعقار. وكان بزازا فى القيسارية التى بسوق العطارين عند
رباط الشرابى.
توفى فى النصف
الثانى من ذى الحجة ، سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، بعد رحيل
الحجاج من مكة بثلاثة أيام أو نحوها.
٢٩٥ ـ محمد بن عثمان بن خالد بن عمر بن عبد الله بن الوليد بن
عثمان بن عفان الأموى ، أبو مروان المدنى :
نزيل مكة وقاضيها.
روى عن أبيه ، وإبراهيم بن سعد ، وعبد العزيز بن أبى حازم ، وعبد العزيز بن محمد
الدراورى وغيرهم.
__________________
روى عنه جماعة ،
منهم : ابن ماجة ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وقال : ثقة ، وإسحاق بن أحمد الخزاعى.
وقال صالح بن محمد
: ثقة صدوق ، إلا أنه يروى عن أبيه المناكير ، ولا يعرف أباه.
وذكره ابن حبان
الثقات ، وقال : يخطئ ويخالف.
وروى له النسائى
فى الخصائص.
وذكر ابن حزم فى
الجمهرة : أنه ولى قضاء مكة للمعتصم والواثق. انتهى.
والمعتصم : هو أبو
إسحاق محمد بن الرشيد ، ولى بعد أخيه المأمون بعهد منه فى رجب سنة ثمان عشرة
ومائتين ، إلى أن مات فى ربيع الأول سنة سبع وعشرين ، فهذه أيامه.
والواثق : هو هارون بن المعتصم ، ولى بعد أبيه بعهد منه ، إلى أن
مات فى ذى الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين فهذه أيامه ، فولاية أبى مروان هذا
لقضاء مكة ، تحتمل أن تكون هذه المدة أو بعضها ، والله أعلم.
وتوفى ابن حبان :
مات بمكة فى آخر سنة أربعين ، وأول سنة إحدى وأربعين.
٢٩٦ ـ محمد بن عثمان بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحى المكى :
عن حميد بن قيس
المكى ، وهشام بن عروة ، وعبد السلام بن أبى الجنوب ، والحكم ابن أبان ، وغيرهم.
__________________
وعنه : أحمد بن
حنبل ، والحميدى ، ويعقوب بن حميد بن كاسب ، وأحمد بن محمد ابن عون القواس.
قال أبو حاتم :
منكر الحديث ، ضعيف الحديث. وذكره ابن حبان فى الثقات.
كتبت هذه الترجمة
من تهذيب الكمال ؛ لأنى لم أرها فى الكمال.
٢٩٧ ـ محمد بن عثمان بن موسى بن عبد الله الآمدى ، ثم المكى
القاضى جمال الدين الحنبلى:
إمام الحنابلة
بالحرم الشريف. أجاز له التاج عبد الوهاب بن عساكر ، وابن مسدى ، وسليمان بن خليل
، ويعقوب الطبرى ، وابن مضر الواسطى ، وأحمد بن عبد الدايم ، وجماعة.
وسمع من أبى اليمن
بن عساكر : صحيح البخارى ، ورواه عن أبيه عن ابن أبى حرمى.
وسمع على أبيه :
صحيح مسلم ، بفوت شملته الإجازة ، عن المرسى.
وسمع على المحب
الطبرى : سنن أبى داود بفوت من أولها ، إلى كتاب المسح على الخفين ، وسنن النسائى
، وكتابه : الرياض النضرة.
وسمع ببغداد من
الرشيد بن أبى القاسم : مسند الشافعى وصحيح البخارى ، وسمع بدمشق على جماعة ،
وحدث.
سمع منه الآقشهرى
وغير واحد من شيوخنا ، وروى لنا بعضهم عنه.
وناب فى الحكم
بمكة ، عن القاضى نجم الدين الطبرى ، وابنه القاضى شهاب الدين ، وباشر الحسبة بمكة
ـ على ما بلغنى ـ وما عرفت هل ذلك نيابة أو استقلالا ، وكان فيه صرامة ، وله همة.
وكان خلف أباه فى
الإمامة ، حتى توفى فى ضحوة يوم الأحد العشرين من جمادى الآخرة ، سنة إحدى وثلاثين
وسبعمائة بمكة. ودفن بعد العصر بالمعلاة.
وكانت ولايته
للإمامة سبعا وخمسين سنة ، ونحو نصف سنة.
نقلت وفاته من خط
الآقشهرى. ووجدت بخطه فى نسبه : القرشى الفهرى.
__________________
ووجدت بخط بعض
العصريين حكاية عن أبيه ، وقال فى تعريفه : الطائى. والله أعلم بالصواب.
٢٩٨ ـ محمد بن عثمان
بن يوسف بن أبى بكر ، يلقب بالعلم ، ويكنى أبا ذر ، ابن الشيخ فخر الدين النويرى
المالكى :
توفى فى يوم
الأربعاء سابع عشر شوال سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة من يومه.
وكان أبوه مجاورا
بمكة فى هذه السنة ، وحصل عنده ألم لفقده. تغمدهما الله برحمته.
٢٩٩ ـ محمد بن عثمان المكى :
عن عمرو بن دينار
المكى. شيخ مجهول. ذكره الذهبى فى المغنى والميزان.
وقال فى الميزان
فى ترجمة محمد بن شريك المكى : وقال : إنما هو عثمان بن عبد الله. قاله الدارقطنى.
٣٠٠ ـ محمد بن عثمان
المكى :
يروى عن على بن
سلم ، عن مكحول. روى عنه : أبو عاصم النبيل.
ذكره ـ هكذا ـ ابن
حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات.
٣٠١ ـ محمد بن عجلان بن رميثة بن أبى نمى الحسنى ، المكى :
ولى إمرة مكة
نيابة عن أخيه على بن عجلان ، نحو نصف سنة ، فى سنة أربع وتسعين وسبعمائة ، لما
توجه أخوه علىّ فيها إلى مصر.
وولى إمره مكة ـ بعد
قتل أخيه علىّ ـ إلى حين قدوم أخيه الشريف حسن بن عجلان من مصر ، فى آخر ربيع
الأول سنة ثمان وتسعين وسبعمائة.
وذلك أزيد من نصف
سنة يسيرا.
ووليها نيابة عنه
بعد قدومه إلى مكة من مصر [..........].
__________________
وكان ابن عمه عنان
بن مغامس بن رميثة ، لما ولى إمرة مكة فى ولايته الأولى ، لاءم محمد بن عجلان هذا
، وأقبل كل منهما على الآخر كثيرا. واستخلف عنان محمدا هذا بجدة ، وترك معه فيها
من لاءمه من عبيد أحمد بن عجلان ، وبعض موالى أبيه مغامس ، يكون عينا على محمد ،
فأنهى هذا المولى إلى عنان ، عن محمد تقصيرا ، فكتب عنان إليه يزجره ويغلظ له ،
فاستشاط محمد غضبا ، واستدعى كبيشا ومن معه من آل عجلان وغيرهم ، فقدموا عليه جدة
، واستولوا على ما فيها من أموال الكارم ، وغلال المصريين بالنهب ، وما قدر عنان
على إزالتهم من جده ، ولا استنقاذ ذلك منهم.
وكان ذلك من أعظم
أسباب عزله.
وكان عجلان يرغب
فى أن يكون ابنه محمد هذا ، ضدا لولده أحمد بن عجلان ، بأن يفعل فى البلاد فعلا
يظهر به محمد ، ويغضب لفعله أحمد ، فيلين بذلك جانب أحمد لأبيه ـ لأنه كان قوى
عليه ـ وينال بذلك مقاصد من ولده أحمد ، وينال بذلك محمد أمرا فى البلاد ، فلم
ينهض محمد بمراد أبيه مع تيسر سبب ذلك ، وصورة الحال فى ذلك : أن عجلان كتب ورقة
إلى ابنه محمد ، يأمره بأن يشغب هو وأصهاره الأشراف على أحمد بن عجلان ، وأن يأخذ
من خيل أبيه ما شاء ، ويذهب إلى نخلة ، ويأخذ منها أدرعا هناك مودعة له ، ويأخذ
ممن هى مودعة عنده ما يحتاج إليه من المصروف ، ووصلت ورقته إلى ابنه محمد ، وهو فى
لهو مع بعض أصدقاء أخيه أحمد ، فأوقفهم على ورقة أبيه ، فاستغلوه وبعثوا بها إلى
أخيه أحمد ، وأشغلوه باللهو إلى أن بلغ أخاه الخبر ، وقصد أحمد أباه فى جمع كثير ،
معاتبا له على ما فعل ، وكان قد بلغه ما كان من ابنه محمد ، فشق عليه كثير ،
واعتذر لأحمد ، وأعرض عن محمد لقلة حزمه.
وكان محمد قصد
قافلة متوجهة من مكة إلى المدينة فيها قاضى مكة أبو الفضل النويرى ، فنهب محمد جمال القافلة
ببدر ، وتوصل من فيها إلى المدينة ، وبلغ الخبر أباه عجلان ، فجد فى السير حتى
أتاهم بالمدينة ، فاستعطفهم وأرضاهم برد الجمال ، أو بمال ـ الشك منى ـ والله
أعلم.
وكان محمد ـ بعد
ذلك ملائما لأخيه أحمد ، وأخوه مكرم له ، ثم نفر منه محمد ، فتوجه من مكة بعد الحج
، فى سنة ست وثمانين وسبعمائة ، قاصدا مصر ، طالبا لخبر. فلما كان بينبع أشار عليه
أمير الحاج المصرى ، أبو بكر بن سنقر الجمالى ، بأن يرجع إلى
__________________
مكة ، ويرجع معه
بعنان بن مغامس ، وحسن بن ثقبة ، وكانا قاصدين مصر لشكوى أحمد ، لكونه لم يجبهما
إلى ما رسم لهما به عليه السلطان بمصر ، وكان أمير الحاج قد أشار على المذكورين
بالرجوع إلى مكة ، وضمن لهما عن أحمد ، الموافقة على قصدهما إذا رجعا إليه ، وضمن
لمحمد عن أحمد ، إسعافه لما يرومه من أحمد ، وأطمعه بالمزية فى الإحسان من أحمد ،
إذا وصل إليه بالمذكورين.
فرجع الثلاثة إلى
أحمد ، ولم يتوثق محمد لنفسه ولا لمن معه من أحمد ، اغترارا من بنفسه ، لظنه أن
أحمد لا يسوءه فى نفسه ولا من معه ، فلم يصب ظنه ؛ لأن أحمد قبض عليه وعلى
المذكورين لما اجتمعوا به ، وضمّ إليهم أحمد بن ثقبة ، وابنه عليا ، وقيد الخمسة.
ومن الناس من يقول
: إن أحمد ندب محمدا لإحضار عنان وحسن ، فلما حضرا إليه قبض عليهما ، فأنكر ذلك
محمد على أحمد ، فضمه إليهما ، وسجن الخمسة بالعلقمية عند المروة ، فلما مات أحمد
، كحلوا ـ غير عنان ـ فإنه كان نجا من السجن قبل موت أحمد بيسير ، وكان من أمرهم
وأمر محمد ، ثم سعى محمد ، فى اعتقال عنان بمصر. فأجيب سؤاله.
وكان محمد قدمها
فى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ، بعد ثورة منطاش على الناصرى ، ومصير الأمر إليه بعد قبضه على الناصرى وسجنه. وهو الذى
أجاب محمدا لسجن عنان.
وكان محمد هذا فى
سنة ثمانمائة ، دخل إلى اليمن ، فأكرمه صاحب اليمن الأشرف وجهز معه محملا إلى مكة
فى سنة ثمانمائة ، بعد انقطاع محمله نحو عشرين سنة ، وتوجه به محمد بعد الحج ؛
ليأتى به ثانية إلى مكة ، فاقتضى رأى صاحب اليمن عدم إرساله ، فتوجه محمد إلى مكة
وأقام بها ، حتى مات فى الثانى عشر من ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة ، ودفن
بالمعلاة.
٣٠٢ ـ محمد بن عرفة
بن محمد الأصبهانى المكى ، المؤذن على قبة بئر زمزم ، عرف بعبود:
سمع على أبى
المظفر بن علوان : أربعى المحمدين للجيانى ، وما علمته حدث. وأجاز
__________________
للقطب القسطلانى ،
وابنه أبى المعالى ، فى استدعاء مؤرخ بشهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وستمائة ،
وتاريخ خطه يوم السبت سلخ الحجة ، سنة سبع وثلاثين وستمائة. ولم أدر متى مات ، غير
أنه يستفاد حياته فى هذا التاريخ.
ومولده ـ على ما
وجدت بخطه ـ ليلة خامس رمضان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
٣٠٣ ـ محمد بن عطيفة
بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة ابن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم
الحسنى المكى :
أمير مكة ، وليها
بعد أن عزل ابنا عمه : عجلان ، وثقبة ، ابنا رميثة بن أبى نمى ، شريكا لابن عمه
سند بن رميثة. ويقال : إن ولاية مكة عرضت عليه بمفرده ، فأبى إلا أن يليها شريكا
لبعض أولاد رميثة ، فولى معه سند بن رميثة.
وبلغنى أنه لما
وصل الخبر بولايتهما إلى مكة ، أشار عجلان إلى ثقبة ، بأن يعطى كل منهما أربعمائة
بعير ، لبنى حسن ، ليساعدوهما على بقاء ولايتهما.
ومنع ابن عطيفة
ومن معه ، فلم يوافق على ذلك ثقبة ، واحتج بعجزه عن الإبل المطلوبة منه ، ولما
بينه وبين سند من كثرة الألفة ، ومعاضدة سند له.
وكان صاحب مصر ،
الملك الناصر حسن ، لما ولى مكة سندا ، وابن عطيفة ، جهز من مصر مع ابن عطيفة
عسكرا فيه أربعة من الأمراء ، وهم : جركتمر الماردينى حاجب الحجاب بالقاهرة ، وهو
مقدم العسكر ، وقطلوبغا المنصورى ، وعلم دار ، وابن أصلم .
وذكر ابن محفوظ :
أن هذا العسكر ، كان نحوا من مائتى مملوك ، ومعهم تسعون فرسا ، وأنهم وصلوا إلى
مكة فى الثامن من جمادى الآخرة ، سنة تسعين وسبعمائة. انتهى.
وذكر لى بعض الناس
، أن هذا العسكر وصل إلى مكة فى رجب من السنة المذكورة ، والله أعلم بالصواب فى
ذلك.
ولما وصل هذا
العسكر إلى مكة ، وصل إليهم سند بن رميثة ، فأعطوه تقليده وخلع عليه ، وعلى ابن
عطيفة ، ودعى لهما على زمزم ، وانصلح بالعسكر حال مكة ، وارتفع منها الجور وانتشر
العدل بها ، وأسقط المكس من المأكولات ، وجلبت الأقوات ،
__________________
فرخصت فيها
الأسعار إلى الغاية ، وانقمع أهل الفساد ، بحيث لم يتجاسر أحد منهم على حمل السلاح
بمكة ؛ لأن مقدّم العسكر أمر بذلك.
واستمر هذا الحال
بمكة ـ على ما ذكرناه ـ إلى انقضاء الحج من سنة إحدى وستين وسبعمائة ، ثم تغير ذلك
لفتنة عظيمة وقعت بين بنى حسن من أهل مكة ، والعسكر الذى بها ، وهذا العسكر غير
العسكر الذى قدم إلى مكة مع ابن عطيفة ، ومقدم هذا العسكر أميران ، أمير يقال له :
قندس ، قدم من القاهرة فى جماعة ، وأمير يقال له ناصر الدين بن قراسنقر المنصورى ،
قدم من الشام فى جماعة ، ليقيموا بمكة ، عوض العسكر الذى قدم مع ابن عطيفة ، وكان
قدوم العسكر الذى مع قندس ، وابن قراسنقر إلى مكة فى الموسم من سنة إحدى وستين
وسبعمائة.
وسبب الفتنة بين
هذا العسكر ، وأهل مكة ، أن بعض العسكر رام النزول بدار المضيف عند الصفا ، فمنعه
من ذلك بعض الأشراف ، من ذوى علىّ ، فتضاربوا ، وبلغ ذلك بنى حسن والترك ، فثارت
الفتنة بينهم.
وقيل إن سبب
الفتنة : أن بعض الترك نزل بدار المضيف ، فطالبه بعض الأشراف بالكراء ، فضرب بعض
الترك الشريف ، فقتل الشريف التركى ، فثار جماعة من الترك على الشريف ، فصاح
الشريف ، فاجتمع إليه بعض الشرفاء واقتتلوا ، وبلغ ذلك الترك وبنى حسن ، فقصد
الأشراف أجيادا.
ووجدوا فى ذهابهم
إلى أجياد ، خيلا على باب الصفا ، للأمير ابن قراسنقر ، ليسقى عليها بعد طوافه ، فإنه كان
ذلك اليوم ، ذهب للعمرة من التنعيم ، فركبها الأشراف ، وبلغ ابن قراسنقر الخبر ،
وهو يطوف ، فقطع طوافه ، وتقدم للمدرسة المجاهدية ليحفظها ، فإنه كان نازلا بها ،
وتحصن هو وبعض الترك فى المسجد الحرام ، وأغلقوا أبوابه ، وهدموا الظلة التى على
رأس أجياد الصغير ، ليروا من يقصدهم من بنى حسن ، ويمنعوه من الوصول إليهم بالنشاب
وغيره ، وعملوا فى الطريق عند المجاهدية أخشابا كثيرة ، لتحول بينهم وبين من
يقصدهم من الفرسان ، من أجياد الكبير ، هذا ما كان من خبر الترك.
__________________
وأما ما كان من
خبر بنى حسن ، فإنهم لما توجهوا لأجياد ، استولوا على اصطبل ابن قراسنقر ، وقصدوا
الأمير قندس ، وكان نازلا ببيت الزباع بأجياد ، فقاتلوه من خارجه حتى غلبوه ،
ودخلوا عليه الدار ، فقتلوا جماعة من أصحابه ، وهرب هو من جانب منها ، فاستجار
ببعض الشرائف ، فأجارته.
ونهب منزله بنو
حسن ، وقصد طائفة منهم الترك الذين بالمسجد ، فقتلوا من سراة بنى حسن : مغامس بن
رميثة ، أخا سند ، وغيره.
وكان من أمر الترك
بعد ذلك ، أنهم خرجوا من مكة ، بعد أن استجاروا ببعض بنى حسن على أنفسهم وأهلهم
وأموالهم ، ولم يخرجوا من مكة إلا بما خف من أموالهم ، وخرج بعدهم من مكة ابن
عطيفة ، قاصدا مصر خائفا يترقب ، بسبب ما كان بين ذوى عطيفة والقواد العمرة من
القتل ، وكان تخلى فى وقت الفتنة عن نصرة الترك ، بإشارة بعض بنى حسن عليه بذلك ،
وقوى عزمه على ذلك ، قتل الترك لمغامس بن رميثة.
ووجدت بخط بعض
أصحابنا فيما نقله من خط ابن محفوظ : أن ابن عطيفة أراد أن يتعصب للترك ، فتهدده
لذلك بعض بنى حسن بالقتل ، وأنه وسندا ، قعدا فى البلاد بعد سفر الترك ، وفى كون
ابن عطيفة أقام بمكة بعد سفر الترك منها نظر ، لأن المعروف عند الناس أنه سافر بعد
الفتنة إلى مصر ، اللهم إلا أن يكون مراد ابن محفوظ ، أنه أقام بمكة أياما يسيرة
بعد سفر الترك ، ثم سافر من مكة ، فلا منافاة حينئذ. والله أعلم.
ولما وصل ابن
عطيفة مصر ، لم يكن له بها وجه ؛ لأن العسكر لم يحمده. وكذا أهل مكة ، لتقصيره فى
نصره كل من الفريقين ، ولم يزل بمصر مقيما ، حتى مات فى أثناء سنة ثلاث وستين
وسبعمائة أو بعدها بقليل.
وكانت مدة ولايته
سنة ونصفا ، تزيد أياما أو تنقص أياما ، للاختلاف فى تاريخ قدومه إلى مكة ، مع
العسكر الذى جهز معه إلى مكة ، حين ولايته لها.
ولشيخنا ـ بالإجازة
ـ الأديب يحيى بن يوسف المكى ، المعروف بالنشو ، مدايح فى ابن عطيفة هذا ، منها ما
أنشدناه ـ إجازة ـ من قصيدة له يمدحه بها سنة تسع وثلاثين وسبعمائة أولها :
تذيب فؤادى
بالغرام وتجحد
|
|
وترضى بإتلافى
وما لى منجد
|
أمالك نفسى وهى
نفس أبية
|
|
وما عنده من
رحمة لى توجد
|
أتنقض عهدى
والعهود وفية
|
|
ألست على العهد
الذى أنت تعهد
|
وتنكر ما بينى
وبينك فى الهوى
|
|
ولى فيك أشجان
تقيم وتقعد
|
فحبك لى دين
ووجهك قبلة
|
|
وحالك ركن
للمقبل أسود
|
ومنها فى المدح :
إمام له فضل
عظيم على الورى
|
|
كريم الأيادى
بالسماحة أوحد
|
يجود بما تحوى
يداه تكرما
|
|
ويعلم أن المال
ليس يخلد
|
فتى لم ير
الراؤون مثل صفاته
|
|
إذا قيل هذا
حاتم فهو أجود
|
أجلّ الورى قدرا
وجاها ورفعة
|
|
وأكرم من يرجى
عطاه ويقصد
|
وله فيه من أخرى ،
وأنشدناه إجازة :
أترضى بإتلاف
المحب ظلامة
|
|
فتأخذه بالعنف
والرفق أليق
|
أعندك علم أنه
بك هائم
|
|
وأكباده من لوعة
الهجر تحرق
|
فأحواله تنبى
بما فى ضميره
|
|
إذا لم يكن
للقول منه مصدق
|
ومنها فى المدح :
بلوت بنى الدنيا
جميعا بأسرهم
|
|
وجربتهم إن
التجارب تصدق
|
فلم أر فى ذا
العصر مثل محمد
|
|
إمام به الدنيا
تضىء وتشرق
|
جوادا إذا جار
الزمان على الورى
|
|
يجود بما تحوى
يداه وينفق
|
لقد جلّ عن قدر
الملوك الذى مضوا
|
|
إلى الغاية
القصوى من الفضل يسبق
|
يجود على العافى
ويبدى اعتذاره
|
|
فأوراقه بالجود
والبذل تورق
|
لقد أعجز المداح
فى بعض وصفه
|
|
عليهم بأنواع
المكارم يغدق
|
ومنها :
على أنه والله
واحد عصره
|
|
وهل مثله من
بغداد ذا العصر يخلق
|
ومن لامنى فى
مدحه فهو جاهل
|
|
فجيدى بالإحسان
منه مطوق
|
وإن كان مدح
الغير عندى سنة
|
|
فمدحى له فرض
علىّ محقق
|
٣٠٤ ـ محمد بن عقبة بن إدريس بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد
الكريم الحسنى ، المكى :
كان من جملة من
أصيب فى الفتنة التى كانت بعرفة ، بين الحجاج المصريين وأهل مكة ، وسبب ذلك ـ على
ما بلغنى ـ أن رميثة بن أبى نمى صاحب مكة ، شكا إلى أمير الحاج المصرى ، ما يلقاه
من بنى حسن ، فاقتضى رأى الأمير الركوب عليهم ، فركب
والتقى مع بنى حسن
، فقتل من الترك قريب من ستة عشر نفرا ، وقتل من أتباع الأشراف غير واحد ، وظفر
الأشراف على الترك ، ولم يتعرضوا للحجاج بنهب على ما قيل ، ونفر الناس من عرفة
خائفين ، وأخذ بعضهم طريق المظلمة ، وربما عرفت هذه الحادثة بسنة المظلمة ، ولم
يحضر بنو حسن بمنى على العادة تخوفا من الحجاج ، ورحل الحجاج جميعهم فى النفر
الأول ، ونزلوا الزاهر ، ولم يصبحوا فيه ، وكانت الوقعة بعرفة فى يومها ، من سنة
ثلاث وأربعين وسبعمائة.
وتوفى محمد بن
عقبة ، من جرح أصابه فى هذه الفتنة ، فى يوم الثلاثاء ، حادى عشر ذى الحجة من
السنة المذكورة.
٣٠٥ ـ محمد بن علوان بن هبة الله التكريتى الحوطى ـ بفتح الحاء
وسكون الواو بعدها طاء مهملة مكسورة ـ أبو عبد الله الصوفى الشافعى :
إمام مقام إبراهيم
الخليل عليهالسلام بالحرم الشريف.
سمع ببغداد من
النقيب أبى جعفر الفارسى ، وأبى المظفر بن الشبلى ، وأبى الوقت السجزى ، وأبى
الفتوح الطائى وغيرهم ، وخرج منها ـ وهو شاب ـ إلى مكة ، فأقام بها مجاورا أكثر من
خمسين سنة ، وحدث بها.
سمع منه بها ابن
أبى الصيف ، وأمّ بمقام إبراهيم ، بعد محمد بن أبى بكر الطوسى مديدة ، إلى أن توفى
فى شعبان سنة ثلاث وستمائة. ودفن بالمعلاة.
كتبت هذه الترجمة
مختصرة من تاريخ ابن الدبيثى باختصار.
وذكر صاحب هذه
الترجمة ، المنذرى فى التكملة ، وقال : لنا منه إجازة كتب بها إلينا من مكة.
وذكر أنه توفى فى
شعبان ، سنة أربع وستمائة ، قال : ويقال : كانت وفاته فى شعبان من سنة ثلاث.
انتهى.
وما ذكره المنذرى
من وفاته فى سنة أربع ، رأيته مكتوبا فى حجر قبره بالمعلاة. وفيه : أنه توفى يوم
الأحد ثالث عشر شعبان ، سنة أربع وستمائة. انتهى.
وما ذكرناه فى ضبط
الحوطى ، ذكره المنذرى فى التكملة.
* * *
__________________
من اسمه محمد بن على
٣٠٦ ـ محمد بن على بن
أحمد بن إسماعيل المدلجى ، أبو الطيب بن الشيخ نور الدين الفوى ، يلقب ولى الدين :
عنى به أبوه ،
فأسمعه الكثير بالحجاز وبالشام ، على غير واحد من أصحاب ابن البخارى ، وابن شيبان
وطبقتهم ، منهم : ست العرب بنت محمد بن البخارى ، وزغلش ، ومحمود بن خليفة. وهو فى
غالب ذلك حاضر ، وما علمته حدث. وحفظ كتبا علمية ، وله اشتغال ونباهة قليلة ، مع
لعب ودخول فيما لا يعنيه من متعلقات ولاة الأمر.
وأفضى به الحال فى
ذلك ، إلى أن قتل فى أوائل سنة خمس وتسعين وسبعمائة ، بظاهر المدينة النبوية ، وهو
متوجه منها إلى الديار المصرية.
وبلغنى أنه عذب
عذابا عظيما ، قطع لسانه ، ثم قطعت آرابه ، ثم أزهقت روحه ، وعسى الله أن يكفر
بذلك عنه.
وكان سكن مكة ـ فى
صباه ـ سنين كثيرة مع أبيه. ودخل مصر والشام غير مرة ، وحصل له بها شهرة.
٣٠٧ ـ محمد بن على بن جعفر البغدادى ، أبو عبد الله ، ويقال :
أبو بكر ـ وهو أصح ـ الكتانى :
ذكره أبو عبد
الرحمن السلمى فى طبقات الصوفية ، وقال : صحب الجنيد ، وأبا سعيد الخراز ، وأبا
الحسن النورى.
أقام بمكة ، وجاور
بها إلى أن مات ، وكان أحد الأئمة. وحكى عن أبى محمد المرتعش أنه كان يقول :
الكتانى سراج الحرم.
مات سنة اثنتين
وعشرين وثلاثمائة. كذلك ذكره أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن جعفر الرازى.
وذكره الخطيب فى
تاريخ بغداد ، فقال : أحد مشايخ الصوفية ، سكن مكة. وكان فاضلا نبيلا ، حسن
الإشارة.
__________________
وذكر أن أبا عبد
الرحمن السلمى قال : وسمعت محمد بن عبد الله بن شاذان يقول : وكان يقال : إن
الكتانى ختم فى الطواف اثنى عشر ألف ختمة.
وذكر أيضا : أن
أبا عبد الرحمن السلمى قال : سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان يقول: سمعت محمد بن
على الكتانى يقول : من طلب الراحة بالراحة ، عدم الراحة.
٣٠٨ ـ محمد بن على بن الحسين بن الحسن بن القاسم بن محمد بن
القاسم بن الحسين بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى ، أبو الحسن بن أبى
إسماعيل الهمدانى الصوفى :
ذكر القطب الحلبى
: أنه سمع بنيسابور من الأصم ، وأبى على الحافظ ، وبغيرها من خيثمة بن سليمان ،
وجعفر بن محمد الخلدى ، وجماعة ، بهمذان ، وبغداد ، وهيت ، والرقة ، ومعرة النعمان ، ودمشق ، ومصر ، وبمكة من ابن الأعرابى ، وجاور بها مدة ،
وحج مرات.
وروى عنه : أبو
عبد الله الحاكم ، وأبو عبد الرحمن السلمى ، وأثنى عليه كثيرا فى تاريخ الصوفية.
وذكر الخطيب : أنه
ولد بهمذان ، ونشأ ببغداد ، وسافر إلى الشام.
وصحب الصوفية.
وصار كبيرا شهيرا. وحج مرات على الوحدة ، وجاور بمكة ، ودرس فقه الشافعى ، على أبى
على بن أبى هريرة ببغداد ، وكان فى آخر عمره يجازف فى الرواية ، على ما حكى عنه.
وحكى الخطيب عن
شيخه أبى حازم العبدرى ، أنه توفى فى المحرم سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة ، وهو ابن
ثلاث وثمانين سنة ، ببلخ.
__________________
وقيل : توفى فى
سنة أربع وتسعين. قاله أبو سعد الإدريسى.
كتبت هذه الترجمة
مختصرة ، من تاريخ مصر للقطب الحلبى.
٣٠٩ ـ محمد بن على بن
الحسين بن على بن عبد الملك بن أبى النضر الطبرى المكى ، المعروف بابن النجار ،
يكنى أبا عبد الله :
سمع من المفتى شرف
الدين أبى المظفر محمد بن علوان بن مهاجر الموصلى : الأربعين من رواية المحمدين ،
المخرجة من صحيح البخارى ، تخريج الحافظ أبى بكر محمد بن ياسر الجيانى ، مع
الزيادة بها عنه ، فى يوم الثلاثاء سادس صفر سنة ثلاث وستمائة بالحرم الشريف ،
بقراءة سليمان بن خليل العسقلانى.
وصاهر محمد بن على
الطبرى هذا ، سليمان بن خليل على ابنته ، وولد له منها أولاده الأربعة ، الآتى
ذكرهم ، وحدث بالأربعين المذكورة ، بقراءة جماعة من الأئمة غير مرة.
منهم : المحدث أبو
الفتح الأبيوردى ، وفقهاء مكة : ابن خشيش ، والمحب الطبرى ، والرضى بن خليل
العسقلانى ، وترجمه : بالشيخ الصالح الورع الزاهد ، وآخر من سمعها منه وفاة ، ولده
يحيى.
وتوفى يوم
الثلاثاء ثانى رجب ، سنة ستين وستمائة بمكة ، وصلى عليه ولده الفقيه عبد الرحمن ،
ودفن بالمعلاة.
وجدت وفاته بمكة ،
هكذا ، بخط جدى أبى عبد الله الفاسى ، ونقلها من خط شيخه القطب القسطلانى.
ووجدت أيضا بخط
الشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته هكذا ، إلا أنه لم يقل يوم الثلاثاء.
٣١٠ ـ محمد بن على بن الحسين بن على بن الحسين ، قاضى الحرمين
، تاج الخطباء ، ركن الدين أبو المظفر الشيبانى الطبرى المكى :
حدث عن أبى الحسين
بن محمد الطريثيثى الصاهلى ، والمفتى أبى الطاهر يحيى بن محمد بن أحمد المحاملى ،
وشيخ الحرمين ، أبو الوفا محمد بن عبد الله الطوسى ، المعروف بالمقدسى وغيرهم.
__________________
روى عنه : أبو حفص
الميانشى ، فى مجالسه المكية ، عن شيوخه هؤلاء.
وروى عنه أيضا ،
عن جده الحسين بن على ، عن عبد الغافر الفارسى ، حديثا من صحيح مسلم ، وهذا يدل
على أنه حفيد الحسين بن على الطبرى ، فقيه مكة ، الآتى ذكره ، فإنه يروى صحيح مسلم
عن عبد الغافر الفارسى ، والله أعلم.
ووجدت بخط بعض
المحدثين من أصحابنا زيادة فى نسبه ، وأنه أجاز للحافظ ابن بشكوال ، ونص ما رأيته
: محمد بن على بن الحسين بن على بن الحسين بن محمد بن شيبة بن إياد بن عمر بن
العلاء الشيبانى ، قاضى الحرمين المعظمين ، أبو المظفر.
قال ابن بشكوال :
كتب إلينا بإجازة ما رواه بخطه من مكة ـ حرسها الله تعالى ـ انتهى.
توفى أبو المظفر
هذا ، يوم الجمعة سابع عشر ربيع الأول سنة خمس وأربعين وخمسمائة بمكة.
نقلت وفاته من حجر
قبره بالمعلاة ، بالمقبرة المعروفة بيت ابن فهد والشيبانيين.
٣١١ ـ محمد بن على بن حسين ، المصرى الأصل ، المكى المولد
والدار ؛ المعروف بابن جوشن:
كان من جملة تجار
مكة ، وخلف عقارا طائلا [.............................].
توفى [..........] من سنة ست وثمانمائة [.........] من وادى الهدةالمعروفة بهدة بنى جابر مقتولا.
٣١٢ ـ محمد بن على بن
خليل ، المقرئ الفاضل شمس الدين ، المعروف بالشيرجى المقرئ نزيل مكة :
عنى بالقراءات
السبع ، وكانت له بها خبرة ، وعلى ذهنه حكايات وأخبار حسنة.
__________________
وكان حسن الصوت
بالقراءة ، وحين كان يصلى التراويح بالمسجد الحرام. كان الجمع يكثر لسماع قراءته ،
ودام على ذلك سنين ، ثم ترك ، قبيل موته لضعفه.
وكان من القراء
الملازمين للقراءة عند قبر الليث بن سعد ، فقيه مصر بالقرافة ، وعادتهم يقرءون عند
قبره ختمة ، يبتدئونها فى كل يوم جمعة ، بعد صلاة الجمعة ، ويختمونها فى آخر ليلة
السبت. وقد تردد إلى مكة غير مرة ، آخرها فى سنة أربع وثمانمائة ، فى رسالة لصاحب
مكة ، وحبب الله له سكناها ، فانقطع بمكة حتى مات ، وسكن بدار خديجة أم المؤمنين
بنت خويلد رضى الله عنها ، بزقاق الحجر بمكة ، ويعرف بمولد السيدة فاطمة ، حتى مات
بها.
وكان ابتداء سكناه
بها فى آخر سنة خمس وثمانمائة ، بعد موت عمر النجار المؤذن ، وكان أمرها إليه
قبله.
وكان يجتمع إليه
بها فى كل ليلة سبت ، جماعة من المداح ويقرءون شيئا من القرآن العظيم ، ويذكرون
الله تعالى ويمدحون ، وكان ملازما للتلاوة.
وبلغنى أنه كان
يقرأ فى كل يوم وليلة ختمة ، وفى مرض موته ثلث ختمة.
وتوفى فى ليلة
الخميس ثالث عشرى ربيع الأول ، سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن فى صبيحتها
بالمعلاة ، وقد تأهل بمكة ، بابنة الشيخ جمال الدين الأميوطى ، ورزق منها أولادا.
٣١٣ ـ محمد بن على بن زيد الصائغ ، أبو عبد الله المكى ، محدث
مكة :
ذكره ابن حبان فى
الطبقة الرابعة من الثقات ، فقال : يروى عن أبى نعيم ، وأحمد بن شبيب. روى عنه
الحجازيون. انتهى.
وذكر ابن نقطة فى «التقييد»
: أنه حدث عن سعيد بن منصور الخراسانى بسننه ، وأن دعلج بن أحمد السجزى ، رواها
عنه ، قال : توفى سنة إحدى وتسعين ومائتين فى ربيعها الأول.
وحكى ابن نقطة عن
الدارقطنى : أنه قرأ بخط أبى جعفر الطحاوى ، أنه توفى فى النصف الأول من ذى
القعدة.
__________________
وجزم الذهبى فى «العبر»
، بوفاته فى ذى القعدة ، وقال : وهو فى عشر المائة.
٣١٤ ـ محمد بن على بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن
هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشى المطلبى المكى :
روى عن ابن أبيه :
عبد الله بن على بن السائب ، والزهرى.
روى عنه : ابن
بنته : محمد بن إبراهيم الشافعى ، والحسن بن محمد بن أعين الحرانى ، والإمام محمد
بن إدريس الشافعى ، وهو ابن عم جده ، ويونس بن محمد المؤدب.
قال الشافعى :
ثقة.
روى له أبو داود
والنسائى. كتبت هذه الترجمة من التهذيب.
٣١٥ ـ محمد بن على بن
صخر ، القاضى أبو الحسن الحارثى البصرى :
نزيل مكة الشافعى.
حدث عن أبى محمد الحسن بن على ، المعروف بابن غلام الزهرى الحافظ ، وعثمان بن عمر
بن السباك ، ويوسف بن يعقوب البخترى وغيرهم ، وانتقى عليه أبو نصر السجزى خمسة
مجالس بمصر ، فسمعها منه الحافظ أبو إسحاق الحبال ، وأخوه عبد الرزاق ، بقرافة مصر
الكبرى.
وسمع منه بمكة
هياج بن عبيد الحطينى.
وأجاز فى سنة خمس
وثلاثين ، لأبى صادق مرشد بن القاسم المدينى وحدث عنه بالإجازة كثيرا.
وذكر الذهبى : أنه
توفى فى جمادى الآخرة ، سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة بزبيد.
٣١٦ ـ محمد بن على بن
عبد الله بن على بن محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى الكازرونى، المكى أبو الخير
المؤذن بالحرم الشريف :
كذا سماه لى أخوه
رئيس المؤذنين بالحرم ، عبد الله. وذكر لى أن أخاه أبا الخير هذا ، ولد سنة أربع
وخمسين وسبعمائة.
وقد أجاز لهما ـ باستدعاء
شيخنا ابن سكر من دمشق ـ ابن أميلة ، وأحمد بن
__________________
النجم ، وقريبه
صلاح الدين بن أبى عمر وآخرون ، وما علمت له سماعا ، وباشر رئاسة الحرم فى غيبة
أخيه المذكور.
وتوفى فى شعبان
سنة تسع وتسعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، سامحه الله تعالى.
٣١٧ ـ محمد بن على بن
الخالق اليمانى :
كذا وجدته مذكورا
فى جزء بخط الشيخ تقى الدين محمد بن رافع السلامى.
ذكر أن فيها
أحاديث مخرجة من أصول سماعات جماعة من أهل مكة.
كتبه عن المسند
بدر الدين أبى المحاسن يوسف بن محمد الكردى الدمشقى عنهم ، وترجمة : بالشيخ الإمام
شمس الدين ، وأخرج عنه حديث أنس : «لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاث» من جزء الأنصارى ، عن أبى اليمن ريحان بن عبد الله الشرقى
السكينى سماعا ، فى ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وستمائة ، عن الحافظ بن الأخضر ،
عن القاضى أبى بكر الأنصارى بسنده.
وهذا الجزء هو
سماع شيخنا جمال الدين الأميوطى الآتى ذكره ، على يوسف المذكور من ابن رافع.
٣١٨ ـ محمد بن على بن أبى طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم
ابن عبد مناف ، القرشى الهاشمى ، أبو القاسم المعروف بابن الحنفية :
[وروى عن : عبد
الله بن عباس ، وعثمان بن عفان ، وأبيه على بن أبى طالب ، وعمار بن ياسر ، ومعاوية
بن أبى سفيان ، وأبى هريرة.
__________________
روى عنه : ابناه
إبراهيم بن محمد بن الحنفية ، والحسن بن محمد بن الحنفية ، وسالم بن أبى الجعد ،
وابنه عبد الله بن محمد بن الحنفية ، وعبد الله بن محمد بن عقيل بن أبى طالب ،
وعبد الأعلى بن عامر الثعلبى ، وعطاء بن أبى رباح ، وابنه عمر بن محمد بن الحنفية.
وقال أحمد بن عبد
الله العجلى : تابعى ، ثقة ، كان رجلا صالحا وثلاثة يكنون بأبى القاسم رخص لهم :
محمد بن الحنفية ، ومحمد بن أبى بكر ، ومحمد بن طلحة بن عبيد الله.
وقال إبراهيم بن
عبد الله بن عبد الله بن الجنيد : لا نعلم أحدا أسند عن على عن النبىصلىاللهعليهوسلم أكثر ولا أصح مما أسند محمد بن الحنفية.
وقال الزبير بن
بكار : وتسميه الشيعة : المهدى ، أخبرنى عمى مصعب بن عبد الله ، قال كثير : قيل :
إنه ولد فى خلافة أبى بكر ، وقيل : فى خلافة عمر ، ومات برضوى سنة ثلاث وسبعين ، ودفن بالبقيع ، وقيل : مات سنة ثمانين ،
وقيل : سنة إحدى وثمانين ، وقيل : سنة اثنتين وثمانين ، وقيل : سنة اثنتين وتسعين
، وقيل : سنة ثلاث وتسعين ، وهو ابن خمس وستين ، وقيل غير ذلك فى تاريخ وفاته ومبلغ
سنه. روى له جماعة].
٣١٩ ـ محمد بن على بن
عثمان الأصبهانى المكى ، يلقب بالجمال ، ويعرف بالعجمى العطار:
سمع بأخرة على
الفخر النويرى ، والقاضى عز الدين بن جماعة ، شيئا يسيرا من سنن النسائى ، رواية
ابن السنى. كان له دكان بسوق العطارين ، عند باب بنى شيبة ، وفيه خير ومروءة.
توفى فى رجب أو
شعبان ، من سنة تسع وتسعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة. وقد بلغ الثمانين.
وبلغنى أنه جاوزها ، وكان رجلا جيدا مقبول الشهادة عند الحكام. انتهى.
٣٢٠ ـ محمد بن على بن عطية ، الحارثى ، أبو طالب المكى ، صاحب «قوت
القلوب»:
ذكره الخطيب فى
تاريخ بغداد ، وقال بعد أن نسبه : صنف كتابا سماه «قوت
__________________
القلوب» على لسان
الصوفية ، ذكر فيه أشياء منكرة مستبشعة فى الصفات.
وحدث عن أحمد بن
على المصيصى ، وأبى بكر المفيد وغيرهما.
حدثنى عنه : محمد
بن المظفر الخياط ، وعلى بن عبد العزيز الأزجى ، قال : وقال لى أبو طاهر محمد بن
على ابن العلاف : كان أبو طالب المكى ، من أهل الجبل ، ونشأ بمكة ، ودخل البصرة
بعد وفاة أبى الحسن بن سالم فانتمى إلى مقالته ، وقدم بغداد ، واجتمع الناس عليه
فى مجلس الوعظ ، فخلط فى كلامه ، وحفظ عنه أنه قال : ليس على المخلوقين أضر من
الخالق. فقذعه الناس وهجروه ، وامتنع من الكلام على الناس بعد ذلك.
حدثنى أبو القاسم
الأزجى ، وأحمد بن محمد العتيقى قالا : توفى أبو طالب المكى فى جمادى الآخرة سنة
ست وثمانين وثلاثمائة.
قال العتيقى : وكان
رجلا صالحا مجتهدا فى العبادة ، وله مصنفات فى التوحيد. انتهى.
وقال ابن خلكان فى
ترجمته : كان رجلا صالحا مجتهدا ، وكان يستعمل الرياضة كثيرا ، حتى قيل إنه هجر
الطعام زمانا ، فاقتصر على أكل الحشائش المباحة ، فاخضر جلده من كثرة تناولها ،
ولم يكن من أهل مكة ـ وإنما كان من الجبل ، وسكن مكة ، فنسب إليها
٣٢١ ـ محمد بن على بن
عطية المكناسى ، أبو عبد الله :
ذكره القطب الحلبى
فى تاريخ مصر ، فبما أخبرنى به عنه ، شيخنا ابن صديق بقراءتى عليه ، وقال : قال لى
شيخنا القطب القسطلانى : هذا ابن عطية ، سافر وساح ، وجاور بمكة دفعات ، ودخل
الشام والحجاز واليمن ، وكان فيه صدق وإيثار. انتهى.
أخبرنى إبراهيم بن
محمد الدمشقى ، فيما قرأت عليه بالحرم الشريف ، أن الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن
عبد النور ، أخبره إجازة قال : حدثنى شيخنا الإمام قطب الدين أبو بكر محمد بن أحمد
بن على القسطلانى من لفظه فى صفر سنة خمس وثمانين وستمائة بالمدرسة الكاملية من
القاهرة ، قال : أخبرنى الشيخ أبو عبد الله محمد بن على ابن عطية المكناسى بالحرم
الشريف ، فى سنة سبع وخمسين وستمائة ، قال : كنت حاضرا عند الشيخ العارف فخر الدين
الفارسى بقرافة مصر ، فأنشد فقير بين يديه :
وما صد عنى أنه
لى مبغض
|
|
ولا أن قتلى فى
الهوى من مراده
|
ولكن رأى أن
الدنو يزيدنى
|
|
غراما فأحبيى
مهجتى ببعاده
|
فصاح عليه صيحة
منكرة ، وقال : لا. وأنشد الشيخ :
يمثّله فكرى وإن
غاب شخصه
|
|
فما هو إلا غائب
مثل حاضر
|
وتشغلنى ذكراه
عن ذكر غيره
|
|
فما لسواه أن
يمر بخاطرى
|
٣٢٢ ـ محمد بن على بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطائى الحاتمى الأندلسى المرسى ،
أبو بكر ، الملقب محيى الدين ، المعروف بابن العربى الصوفى :
هكذا نسبه الحافظ
ابن مسدى فى معجمه. وذكر أنه قرأ القرآن بالروايات ، على نجية بن يحيى ، واختص به.
سمع من : أبى عبد
الله محمد بن سعيد بن زرقون ، وأبى بكر بن الجد ، ومن أبى بكر محمد بن خلف بن صاف
المقرى ، ومن أبى الوليد جابر بن أبى أيوب الحضرمى ، وغيرهم.
وبسبتة من أبى
محمد بن عبيد الله ـ يعنى الحجرى ـ وغيره ، وبإشبيلية من أبى محمد عبد المنعم بن
محمد الخزرجى لما قدم عليهم ، والقاضى أبى جعفر بن مضاء ، وبمرسية من القاضى أبى
بكر بن أبى حمزة وغيره.
وذكر أنه لقى عبد
الحق بن عبد الرحمن الأزدى ببجاية . قال : وفى ذلك نظر ، وأن الحافظ السلفى ، أجاز له ،
وأحسنها الإجازة العامة.
__________________
وذكر أنه سمع من
أبى الخير أحمد بن إسماعيل الطالقانى ، ومن أبى المكارم فضل الله ابن محمد
النوقانى. انتهى ما ذكره ابن مسدى من شيوخه.
وقد طعن الحافظ
الذهبى فى سماع ابن عربى من الطالقانى. وقال : هذا إفك بين ، ما لحقه. وذكر أنه
سمع بدمشق من قاضيها الجمال بن الحرستانى.
وذكر غير الذهبى :
أن ابن عربى سمع بمكة : جامع الترمذى ، من زاهر بن رستم ، ورأيت ما يدل لسماعه من
زاهر ، ورأيت سماعه من يونس الهاشمى لشىء من صحيح البخارى ، فى نسخة بيت الطبرى ،
بخط ابن عربى ، وسماعه لذلك بمكة.
وكان جاور بمكة
مدة سنين ، وألف فيها كتابه الذى سماه : «بالفتوحات المكية» وله تواليف أخر ، منها
: كتاب فصوص الحكم ، وشعر كثير جيد من حيث الفصاحة ، إلا أنه شابه بتصريحه فيه بالوحدة
المطلقة ، وصرح بذلك فى كتبه.
وقد بين الشيخ تقى
الدين ابن تيمية الحنبلى ، شيئا من حال الطائفة القائلين بالوحدة. وحال ابن عربى
منهم بالخصوص ، وبين بعض ما فى كلامه من الكفر ، ووافق على تكفيره بذلك جماعة من
أعيان علماء عصره ، من الشافعية والمالكية والحنابلة ، لما سئلوا عن ذلك.
وقد رأيت أن أذكر
شيئا من ذلك ، مع شىء آخر من كلام الناس فى ابن العربى هذا ، لما فى أمره من
الالتباس على كثير من الناس ، نعوذ بالله من الضلال ، ونسأله التوفيق لما فيه صلاح
الحال.
ونص السؤال الذى
أفتى فيه ابن تيمية ، ومن أشرنا إليه من الأئمة : ما يقول السادة أئمة الدين وهداة
المسلمين فى كتاب بين أظهر الناس ، زعم مصنفه أنه وضعه وأخرجه للناس ، بإذن النبى صلىاللهعليهوسلم ، فى منام زعم أنه رآه ، وأكثر كتابه ضد لما أنزل الله من
كتبه المنزلة ، وعكس وضد لما قاله أنبياؤه.
فما قال فيه : إن
آدم إنما سمى إنسانا ، لأنه من الحق بمنزلة إنسان العين من العين ، الذى يكون به
النظر ، وقال فى موضع آخر : إن الحق المنزه ، هو الخلق المشبه. وقال فى قوم نوح :
إنهم لو تركوا عبادتهم لود وسواع ويغوث ويعوق ، لجهلوا من الحق أكثر مما تركوا.
ثم قال : إن للحق
فى كل معبود ، وجها يعرفه ، ويجهله من يجهله ، فالعالم يعلم من
عبد ، وفى أى صورة
ظهر حين عبد ، وإن التفريق والكثرة ، كالأعضاء فى الصورة المحسوسة.
ثم قال فى قوم هود
: إنهم حصلوا فى عين القرب ، فزال البعد ، فزال به حرّ جهنم فى حقهم ، ففازوا
بنعيم القرب من جهة الاستحقاق ، فما أعطاهم هذا الذوقى اللذيذ من جهة المنة ،
وإنما استحقته حقائقهم من أعمالهم التى كانوا عليها ، وكانوا على صراط مستقيم.
ثم أنكر فيه حكم
الوعيد فى حق من حقت عليه كلمة العذاب من سائر العبيد.
فهل يكفر من يصدقه
فى ذلك ، أو يرضى به منه ، أو لا؟ وهل يأثم سامعه إذا كان بالغا عاقلا ، ولم ينكره
بلسانه أو بقلبه ، أم لا؟.
أفتونا بالوضوح
والبيان ، كما أخذ الله على العلماء الميثاق بذلك ، فقد أضر الإهمال بالجهال.
ذكر جواب من ذكرنا من
الأئمة عن هذا السؤال :
جواب ابن تيمية :
«الحمد لله رب
العالمين. هذه الكلمات المذكورة المنكرة ، كل كلمة منها من الكفر الذى لا نزاع فيه
بين أهل الملل ، من المسلمين واليهود والنصارى ، فضلا عن كونه كفرا فى شريعة
الإسلام ، فإن قول القائل : إن آدم للحق بمنزلة إنسان العين من العين الذى يكون به
النظر ، يقتضى أن آدم جزء من الحق ـ تعالى وتقدس ـ وبعض ، وأنه أفضل أجزائه
وأبعاضه ، وهذا هو حقيقة مذهب هؤلاء القوم ، وهو معروف من أقوالهم ، والكلمة
الثانية توافق ذلك ، وهو قوله : إن الحق المنزه هو الخلق المشبه.
وذكر ابن تيمية
كلاما لابن العربى ـ ليس فى السؤال ـ فى هذا المعنى.
قال فيه ابن عربى
: فهو عين ما ظهر ، وعين ما بطن فى حال ظهوره ، وما ثم من يراه غيره ، وما ثم من
يبطن عنه سواه ، فهو ظاهر لنفسه باطن عنه ، وهو المسمى أبو سعيد الخراز وغير ذلك
من الأسماء المحدثات.
ثم قال ابن تيمية
بعد ذكره كلاما آخر لابن عربى فى المعنى : فإن صاحب هذا الكتاب المذكور ، الذى هو «فصوص
الحكم» وأمثاله ، مثل صاحبه الصدر القونوى التلمسانى ، وابن سبعين ، والششترى ،
وأتباعهم.
مذهبهم الذى هم
عليه : أن الوجود واحد ، ويسمون أهل وحدة الوجود ، ويدعون التحقيق والعرفان ، وهم
يجعلون وجود الخالق ، عين وجود المخلوقات.
فكل ما تتصف به
المخلوقات من حسن وقبيح ، ومدح وذم ، إنما المتصف به عندهم عين الخالق.
ثم قال ابن تيمية
: ويكفيك بكفرهم ، أن من أخف أقوالهم : إن فرعون مات مؤمنا بريئا من الذنوب ، كما
قال ـ يعنى ابن عربى ـ وكان موسى قرة عين لفرعون ، بالإيمان الذى أعطاه الله عند
الغرق ، فقبضه طاهرا مطهرا ، ليس فيه شىء من الخبث ، قبل أن كتب عليه شىء من
الآثام ، والإسلام يجب ما قبله.
وقد علم بالاضطرار
، من دين أهل الملل : المسلمين واليهود والنصارى ؛ أن فرعون من أكفر الخلق.
واستدل ابن تيمية
على ذلك ، بما تقوم به الحجة ، ثم قال : فإذا جاءوا إلى أعظم عدو لله من الإنس
والجن ، أو من هو من أعظم أعدائه ، فجعلوه مصيبا محقا فيما كفره به الله ، علم أن
ما قالوه أعظم من كفر اليهود والنصارى ، فكيف بسائر مقالاتهم؟.
وقد اتفق سلف
الأمة وأئمتها ، على أن الخالق تعالى بائن من مخلوقاته ، ليس فى ذاته شىء من
مخلوقاته ، ولا فى مخلوقاته شىء من ذاته ، والسلف والأئمة كفروا الجهمية لما قالوا
: إنه حال فى كل مكان ، فكان مما أنكروه عليهم ، أنه كيف يكون فى البطون والحشوش
والأخلية ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا. فكيف من جعله نفس وجود البطون والحشوش
والأخلية والنجاسات والأقذار؟.
ثم قال ابن تيمية
: وأين المشبهة المجسمة من هؤلاء؟ فإن أولئك غاية كفرهم أن جعلوه مثل المخلوقات ،
لكن يقولون : هو قديم ، وهى محدثة ، وهؤلاء جعلوه عين المحدثات ، وجعلوه نفس
المصنوعات ، ووصفوه بجميع النقائص والآفات ، التى يوصف بها كل فاجر وكافر ، وكل
شيطان وكل سبع ، وكل حية من الحيات. فتعالى الله عن إفكهم وضلالهم ، ثم قال :
وهؤلاء يقولون : إن النصارى إنما كفروا لتخصيصهم ، حيث قالوا : إن الله هو المسيح.
فكل ما قالته
النصارى فى المسيح ، يقولونه فى الله سبحانه وتعالى ، ومعلوم شتم النصارى لله
وكفرهم به ، وكفر النصارى جزء من كفر هؤلاء. ولما قرأوا هذا الكتاب المذكور ، على
أفضل متأخريهم ، قال له قائل : إن هذا الكتاب يخالف القرآن ، فقال :
القرآن كله شرك ،
وإنما التوحيد فى كلامنا هذا ، يعنى أن القرآن يفرق بين الرب والعبد ، وحقيقة
التوحيد عندهم : أن الرب هو العبد. فقال له قائل : فأى فرق بين زوجتى وبنتى؟ قال:
لا فرق ، لكن هؤلاء المحجوبون. قالوا : حرام. فقلنا : حرام عليكم. وهؤلاء إذا قيل
مقالتهم : إنها كفر ، لم يفهم هذا اللفظ حالها ، فإن الكفر جنس تحته أنواع متفاوتة
، بل كفر كل كافر جزء من كفرهم ، ولهذا قيل لرئيسهم : أنت نصيرى. قال : نصير جزء
منى.
ثم قال ابن تيمية
: وقد علم المسلمون واليهود والنصارى بالاضطرار من دين المسلمين ، أن من قال عن
أحد من البشر : إنه جزء من الله ، فإنه كافر فى جميع الملل ؛ إذ النصارى لم تقل
هذا ، وإن كان قولهم من أعظم الكفر ، لم يقل أحد إن عين المخلوقات هى أجزاء الخالق
، ولا إن الخالق هو المخلوق ، ولا إن الحق المنزه هو الخلق المشبه ، وكذلك قوله :
إن المشركين لو تركوا عبادة الأصنام ، لجهلوا من الخلق المشبه ، وكذلك قوله : إن
المشركين لو تركوا عبادة الأصنام ، لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا منها ، هو من
الكفر المعلوم بالاضطرار بين جميع الملل ، فإن أهل الملل ، متفقون على أن الرسل
جميعهم نهوا عن عبادة الأصنام ، وكفروا من يفعل ذلك ، وأن المؤمن لا يكون مؤمنا
حتى يتبرأ من عبادة الأصنام ، وكل معبود سوى الله. كما قال تعالى (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا
مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا
وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ
وَحْدَهُ) [الممتحنة : ٤]
واستدل على ذلك بآيات أخر.
ثم قال : فمن قال
: إن عباد الأصنام ، لو تركوهم لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا منها ، أكفر من
اليهود والنصارى ، ومن لم يكفرهم ، فهو أكفر من اليهود والنصارى ، فإن اليهود
والنصارى يكفرون عباد الأصنام ، فكيف من يجعل تارك عبادة الأصنام جاهلا من الحق ،
بقدر ما ترك منها ، مع قوله : فإن العالم يعلم من عبد ، وفى أى صورة ظهر حين عبد ،
فإن التفريق والكثرة كالأعضاء فى الصورة المحسوسة ، وكالقوة المعنوية فى الصورة
الروحانية ، فما عبد غير الله فى كل معبود ، بل هو أعظم كفرا من كفر عباد الأصنام
، فإن أولئك اتخذوهم شفعاء ووسائط ، كما قالوا : (ما نَعْبُدُهُمْ
إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣].
وقال تعالى : (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ
شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ) [الزمر : ٤٣]
وكانوا مقرين بأن الله خالق السماوات والأرض ، وخالق
الأصنام ، كما قال
تعالى : (وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [الزمر: ٣٨]. واستدل على ذلك بغير هذه الآية.
ثم قال : وهؤلاء
أعظم كفرا من جهة أن هؤلاء جعلوا عابد الأصنام عابدا لله لا عابدا لغيره ، وأن
الأصنام من الله تعالى ، بمنزلة أعضاء الإنسان من الإنسان ، ومنزلة قوى النفس من
النفس ، وعباد الأصنام اعترفوا بأنها غيره ، وأنها مخلوقة.
ومن جهة ، أن عباد
الأصنام من العرب كانوا مقرين بأن للسماوات والأرض وسائر المخلوقات مغاير للسماوات
والأرض وسائر المخلوقات. بل المخلوق هو الخالق. ولهذا جعل أهل قوم عاد وغيرهم من
الكفار على صراط مستقيم ، وجعلهم فى القرب. وجعل أهل النار يتنعمون فى النار ، كما
يتنعم أهل الجنة فى الجنة.
وقد علم بالاضطرار
من دين الإسلام ، أن قوم عاد وثمود وفرعون وقومه ، وسائر من قص الله تعالى قصته من
أعداء الله تعالى ، وأنهم معذبون فى الآخرة ، وأن الله لعنهم وغضب عليهم ، فمن
أثنى عليهم وجعلهم من المقربين ومن أهل النعيم ، فهو أكفر من اليهود والنصارى.
وهذه الفتوى لا
تحتمل بسط كلام هؤلاء وبيان كفرهم وإلحادهم ، فإنهم من جنس القرامطة الباطنية الإسماعيلية
، الذين كانوا أكفر من اليهود والنصارى ، وأن قولهم يتضمن الكفر بجميع الكتب
والرسل ، كما قال الشيخ إبراهيم الجعبرى ، لما اجتمع بابن عربى صاحب هذا الكتاب
قال : رأيته شيخا نحسا يكذب بكل كتاب أنزله الله تعالى ، وبكل نبى أرسله.
وقال الفقيه أبو
محمد بن عبد السلام ، لما قدم القاهرة ، وسألوه عن ابن عربى ، فقال : هو شيخ سوء
مقبوح ، يقول بقدم العالم ، ولا يحرم فرجا. فقوله بقدم العالم ؛ لأن هذا قوله. وهو
كفر معروف. فكفره الفقيه أبو محمد بذلك. ولم يكن بعد ، ظهر من قوله : إن العالم هو
الله ، وإن العالم صورة الله وهوية الله ، فإن هذا أعظم من كفر القائلين بقدم
العالم الذين يثبتون واجب الوجود. ويقولون : إنه صدر عنه الوجود الممكن.
وقال عنه من عاينه
من الشيوخ : إنه كان كذابا مفتريا. وفى كتبه مثل «الفتوحات المكية» وأمثالها ، من
الأكاذيب ما لا يخفى على لبيب. ثم قال : لم أصف عشر ما يذكرونه من الكفر ، ولكن
هؤلاء التبس أمرهم على من لا يعرف حالهم ، ما التبس أمر القرامطة الباطنية ، لما
ادعو أنهم فاطميون.
وانتبسوا إلى
التشيع ، فصار المتشيعون مائلين إليهم ، غير عالمين بباطن كفرهم.
ولهذا كان من مال
إليهم أحد رجلين : إما زنديقا منافقا ، أو جاهلا ضالا. وهكذا هؤلاء الاتحادية ،
فرءوسهم هم أئمة كفر يجب قتلهم ، ولا تقبل توبة أحد منهم ، إذا أخذ قبل التوبة ،
فإنه من أعظم الزنادقة ، الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر ، وهم الذين يبهمون
قولهم ومخالفتهم لدين الإسلام ، ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم ، أو ذب عنهم ، أو
أثنى عليهم أو عظم كتبهم ، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم ، أو كره الكلام فيهم ،
وأخذ يعتذر عنهم أو لهم ، بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو ، ومن قال : إنه صنف هذا
الكتاب ، وأمثال هذه المعاذير التى لا يقولها إلا جاهل أو منافق ، بل تجب عقوبة كل
من عرف حالهم ، ولم يعاون على القيام عليهم. فإن القيام على هؤلاء من أعظم
الواجبات ؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان ، على خلق من المشايخ والعلماء والملوك
والأمراء. وهم يسعون فى الأرض فسادا ، ويصدون عن سبيل الله ، فضررهم فى الدين ،
أعظم من ضرر من يفسد على المسلمين دنياهم ، ويترك دينهم ، كقطاع الطرق ، وكالتتار
الذين يأخذون أموالهم ويبقون على دينهم ، ولا يستهين بهم من لم يعرفهم ، فضلالهم
وإضلالهم أطم وأعظم من أن يوصف.
ثم قال : ومن كان
محسنا للظن بهم وادعى أنه لم يعرف حالهم ، عرف حالهم ، فإن لم يباينهم ويظهر لهم
الإنكار ، وإلا ألحق بهم وجعل منهم ، وأما من قال : لكلامهم تأويل يوافق الشريعة ،
فإنه من رءوسهم وأئمتهم ، فإنه إن كان ذكيا ، فإنه يعرف كذب نفسه ، فيما قال ، وإن
كان معتقدا لهذا باطنا وظاهرا ، فهو أكفر من النصارى. انتهى باختصار.
وقد كتبنا جواب
ابن تيمية هذا بكماله فى موضع غير هذا.
ذكر جواب من وافقه فى
إنكار المقالات المذكورة فى هذا السؤال ، وتكفير
قائلها :
ذكر جواب القاضى بدر
الدين بن جماعة :
«هذه الفصول
المذكورة ، وما أشبهها من هذا الباب بدعة وضلالة ومنكر وجهالة ، لا يصغى إليها ولا
يعرج عليها ذو دين ، ثم قال : وحاشا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يأذن فى المنام بما يخالف ويعاند الإسلام ، بل ذلك من
وسواس الشيطان ومحنته ، وتلاعبه برأيه وفتنته.
وقوله فى آدم :
إنه إنسان العين ، تشبيه لله تعالى بخلقه.
وكذلك قوله : الحق
المنزه ، هو الخلق المشبه ، إن أراد بالحق رب العالمين ، فقد صرح بالتشبيه وتغالى
فيه. وأما إنكاره ما ورد فى الكتاب والسنة من الوعيد ، فهو كافر به عند علماء أهل
التوحيد.
وكذلك قوله فى قوم
نوح وهود ، قول لغو باطل مردود. وإعدام ذلك ، وما شابه هذه الأبواب من نسخ هذا
الكتاب ، من أوضح طرق الصواب ، فإنها ألفاظ مزوقة ، وعبارات عن معان غير محققة ،
وإحداث فى الدين ما ليس منه. فحكمه رده ، والإعراض عنه». ثم قال : كتبه محمد بن
إبراهيم الشافعى. انتهى باختصار.
ذكر جواب القاضى سعد
الدين الحارثى ، قاضى الحنابلة بالقاهرة :
«الحمد لله ، ما
ذكر من الكلام المنسوب إلى الكتاب المذكور ، يتضمن الكفر ، ومن صدق به ، فقد تضمن
تصديقه بما هو كفر ، يجب فى ذلك الرجوع عنه والتلفظ بالشهادتين عنده ، وحق على كل
من سمع ذلك إنكاره ، ويجب محو ذلك وما كان مثله وقريبا منه ، من هذا الكتاب ، ولا
يترك بحيث يطلع عليه ، فإن فى ذلك ضررا عظيما ، على من لم يستحكم الإيمان فى قلبه
، وربما كان فى الكتاب تمويهات وعبارات مزخرفة ، وإشارات إلى ذلك ، لا يعرفه كل
أحد ، فيعظم الضرر. وكل هذه التمويهات ضلالات وزندقة. والحق إنما هو فى اتباع كتاب
الله ، وسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقول القائل : إنه أخرج الكتاب بإذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بمنام رآه ، فكذب منه على رؤياه للنبى صلىاللهعليهوسلم». كتبه عبد الله : مسعود بن أحمد الحارثى.
ذكر جواب خطيب
القلعة الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الجزرى الشافعى :
«الحمد لله. قوله
: فإن آدم عليهالسلام ، إنما سمى إنسانا ، تشبيه وكذب باطل. وحكمه بصحة عبادة
قوم نوح للأصنام كفر ، لا يقر قائله عليه.
وقوله : إن الحق
المنزه : هو الخلق المشبه ، كلام باطل متناقص وهو كفر.
وقوله فى قوم هود
: إنهم حصلوا فى عين القرب ، افتراء على الله ورد لقوله فيهم.
وقوله : زال البعد
، وصيرورية جهنم فى حقهم نعيما ، كذب وتكذيب للشرائع ، بل الحق ما أخبر الله به من
بقائهم فى العذاب.
وأما من يصدقه
فيما قاله ، لعلمه بما قال ، فحكمه كحكمه من التضليل والتكفير إن كان عالما ، فإن
كان ممن لا علم له ، فإن قال ذلك جهلا عرف بحقيقة ذلك ويجب
تعليمه وردعه عنه مهما
أمكن ، وإنكاره الوعيد فى حق سائر العبيد ، كذب وردّ لإجماع المسلمين ، وإنجاز من
الله عزوجل للعقوبة ، فقد دلت الشريعة دلالة ناطقة ، أن لابد من عذاب
طائفة من عصاة المؤمنين ، ومنكر ذلك يكفر.
عصمنا الله من سوء
الاعتقاد ، وإنكار المعاد. والله أعلم». وكتب محمد بن يوسف الشافعى.
ذكر جواب القاضى زين
الدين الكنتانى الشافعى ، مدرس الفخرية والمنصورية بالقاهرة :
«الله الموفق ،
زعم المذكور أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أذن له فى وضع الكتاب المذكور ، كذب منه على النبى صلىاللهعليهوسلم ، فإن الله تعالى بعث النبى صلىاللهعليهوسلم هاديا (وَداعِياً إِلَى
اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) [الأحزاب : ٤٣] ،
هذا فى هذه الدار ، فكيف أحواله فى دار الحق؟.
أما قوله فى آدم :
فكذب من جهة الاسم ، وكفر من جهة المعنى ، إن أراد بالحق مالك الملك الغنى عن
العالمين.
وأما قوله : الحق
هو الخلق. فهو قول معتقد الوحدة ، وهو قول كأقوال المجانين ، بل أسحاق من هذا ،
للعلم الضرورى بأن الصانع غير المصنوع.
وأما قوله : إن
التفريق والكثرة. فهذا قول القائلين بالوحدة أيضا ، الذين ظاهر كلامهم لا يعتقده
عاقل ، فإن أجلى الضروريات ، كون كل أحد يعلم أن غيره ليس هو هو ، وأنه هو ليس
غيره.
وقوله فى قوم هود
، كفر ؛ لأن الله تعالى أخبر فى القرآن عن عاد ، أنهم كفروا بربهم ، والكفار ليسوا
على صراط مستقيم.
فالقول بأنهم
كانوا عليه [كذب] بصريح القرآن ، وإنكار الوعيد فى حق من حقت عليه الكلمة من
تحقيق الوعيد فى القرآن ، تكذيب للقرآن ، فهو كفر أيضا ، ومن صدق المذكور فى هذه
الأمور أو بعضها مما هو كفر ، يكفر ، ويأثم من سمعه ولم ينكره ، إذا كان مكلفا ،
وإن رضى به كفر ، والحالة هذه». وكتب عمر بن أبى الحرم الشافعى.
__________________
ذكر جواب الشيخ نور
الدين البكرى الشافعى
«الحمد لله رب
العالمين ، من رأى النبى صلىاللهعليهوسلم فى المنام فقد رآه حقا ، وإذا كان قد أتى شخص من المصنفين
بتصنيف ابتدع فيه وألحد فى الحقائق الشرعية ، وظهر فيه أن مفسدته أكثر من مصلحته ،
تحقق بذلك كذبه فيما أخبر به فى رؤياه النبى صلىاللهعليهوسلم ، أنه أمره بذلك الكتاب ، وأذن له فيه ؛ فإن النبى صلىاللهعليهوسلم لا يقول إلا الحق فى اليقظة والمنام.
وأحسن أحوال من
قال إنه رآه فى مثل تلك الحال ، وأنه أمره أو أذن له فى مثل هذا المصنف ، أن يكون
قد سمع من النبى صلىاللهعليهوسلم كلاما فهمه على خلاف المراد ، أو وقع له غلط بطريق آخر.
هذا فيمن ادعى ذلك فى تصنيف ظاهره الغلط والفساد.
وأما تصنيف تذكر
فيه هذه الأقوال المتقدمة فى الاستفتاء ، ويكون المراد بها ظاهرها ، فصاحبها ألعن
وأقبح من أن يتأول له ذلك ، بل هو كاذب فاجر ، كافر فى القول والاعتقاد ، ظاهرا
وباطنا ، وإن كان قائلها لم يرد ظاهرها ، فهو كافر بقوله ، ضال بجهله ، ولا يعذر
فى تأويله لتلك الألفاظ ، إلا أن يكون جاهلا بالأحكام جهلا تاما عاما ، ولم يعذر
فى جهله بمعصيته لعدم مراجعته العلماء. والتصانيف على الوجه الواجب من المعرفة فى
حق من يخوض من أمر الرسل ومتبعيهم ، أعنى معرفة الأدب فى التعبيرات ، على أن فى
هذه الألفاظ ما يتعذر أو يتعسر تأويلها كلها كذلك». انتهى باختصار.
ذكر جواب الشيخ شرف
الدين عيسى الزواوى المالكى
«الحمد لله وحده.
أما هذا التصنيف الذى هو ضد لما أنزله عزوجل فى كتبه المنزلة ، وضد أقوال الأنبياء المرسلة ، فهو
افتراء على الله ، وافتراء على رسوله صلىاللهعليهوسلم. ثم قال : وما تضمنه هذا التصنيف ، من الهذيان والكفر
والبهتان ، فكله تلبيس وضلال وتحريف وتبديل ، ومن صدق بذلك أو اعتقد صحته ، كان
كافرا ملحدا صادا عن سبيل الله تعالى ، مخالفا لملة رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، ملحدا فى آيات الله ، مبدلا لكلمات الله ، فإن أظهر ذلك
وناظر عليه ، كان كافرا يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل وعجل الله بروحه إلى الهاوية
والنار الحامية. وإن أخفى ذلك وأسره ، كان زنديقا ، فيقتل متى ظهر عليه ، ولا تقبل
توبته إن تاب ، لأن حقيقة توبته لا تعرف. ثم قال : فيقتل مثل هؤلاء ، ويراح
المسلمون من شرهم ، وإفشاء الفساد فى دينهم. وهؤلاء قوم يسمون الباطنية ، لم
يزالوا من قديم الزمان ضلالا فى الأمة ، معروفين بالخروج من الملة ، يقتلون متى ظهر
عليهم ،
وينفون من الأرض ،
متى اتهموا بذلك ، ولم يثبت عليهم ، وعادتهم التصلح والتدين ، وادعاء التحقيق وهم
على أسوأ طريق.
فالحذر كل الحذر
منهم ، فإنهم أعداء الله وشر من اليهود والنصارى ، لأنهم قوم لا دين لهم يتبعونه ،
ولا رب يعبدونه ، وواجب على كل من ظهر على أحد منهم ، أن ينهى أمره إلى ولاة
المسلمين ، ليحكموا فيه بحكم الله.
ثم قال : فمن لم
يقدر على ذلك غيّر بلسانه ، وبين للناس بطلان مذهبهم وشر طويتهم ، ونبه عليهم
بقوله مهما قدر ، وحذر منهم مهما استطاع.
ومن عجز عن ذلك :
غيّر بقلبه وهو أضعف المراتب. ويجب على ولى الأمر ، إذا سمع بمثل هذا التصنيف ،
البحث عنه ، وجمع نسخه حيث وجدها وإحراقها ، وأدب من اتهم بهذا المذهب أو نسب إليه
أو عرف به ، على قدر قوة التهمة عليه ، إذا لم يثبت عليه ، حتى يعرفه الناس
ويحذروه ، والله ولى الهداية بمنه وفضله». كتبه عيسى الزواوى المالكى. انتهى
باختصار.
وهذا السؤال ،
أظنه كان فى آخر العشر الأول من القرن الثامن ، أو أول سنة من العشر الثانى منه.
وجرى نحو من هذا
السؤال ، فى آخر القرن الثامن ، فى دولة الملك الظاهر برقوق صاحب الديار المصرية والشامية. وأجاب عليه جماعة من
العلماء المعتبرين من أرباب المذاهب ، بأن الكلام المسئول عنه كفر ، إلى غير ذلك
مما تضمنه جوابهم ، وأسماء جميعهم لا تحضرنى الآن ، ولكن منهم مولانا شيخ الإسلام
سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان بن نصير البلقينى الشافعى ، أحد المجتهدين فى
مذهبه ، ومن طبق ذكره الأرض علما.
__________________
وقد سمعت صاحبنا
الحافظ الحجة القاضى شهاب الدين أبا الفضل أحمد بن على بن حجر العسقلانى الشافعى ،
وهو الآن المشار إليه بالتقدم فى علم الحديث ، أمتع الله بحياته ، يقول : إنه ذكر
لمولانا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى ، شيئا من كلام ابن عربى المشكل ، وسأله
عن ابن عربى. فقال له شيخنا البلقينى : هو كافر.
وقد سئل عنه وعن
شىء من كلامه ، شيخنا العلامة أبو عبد الله محمد بن عرفة الورغمى التونسى المالكى
، عالم أفريقية بالمغرب. فقال ما معناه : من نسب إليه هذا الكلام ، لا يشك مسلم
منصف فى فسقه وضلاله وزندقته. وهذا مما أرويه عن شيخنا ابن عرفة إجازة.
وسئل عنه شيخنا
الإمام البارع ، قاضى الجماعة بالديار المصرية ، أبو زيد عبد الرحمن ابن محمد ،
المعروف بابن خلدون الحضرمى المالكى ، فذكر فى جوابه أشياء من حال ابن عربى
وأشباهه ، ونذكر شيئا من ذلك لما فيه من الفوائد.
أنبأنى القاضى أبو
زيد عبد الرحمن بن خلدون الأصولى قال : أعلم أرشدنا الله وإياك للصواب ، وكفانا شر
البدع والضلال ، أن طريق المتصوفة منحصرة فى طريقين :
الطريقة الأولى :
وهى طريقة السنة ، طريقة سلفهم الجارية على الكتاب والسنة ، والاقتداء بالسلف
الصالح من الصحابة والتابعين.
ثم قال : والطريقة
الثانية : وهى مشوبة بالبدع ، وهى طريقة قوم من المتأخرين ، يجعلون الطريقة الأولى
وسيلة إلى كشف حجاب الحس لأنها من نتائجها.
ثم قال : ومن
هؤلاء المتصوفة : ابن عربى ، وابن سبعين ، وابن برجان ، وأتباعهم ، ممن سلك سبيلهم
ودان بنحلتهم ، ولهم تواليف كثيرة يتداولونها ، مشحونة من صريح الكفر ، ومستهجن
البدع ، وتأويل الظواهر لذلك على أبعد الوجوه وأقبحها ، مما يستغرب الناظر فيها من
نسبتها إلى الملة أو عدها فى الشريعة.
ثم قال : وليس
ثناء أحد على هؤلاء ، حجة للقول بفضله ، ولو بلغ المثنى ما عسى أن يبلغ من الفضل ؛
لأن الكتاب والسنة ، أبلغ فضلا وشهادة من كل أحد. ثم قال : وأما حكم هذه الكتب
المتضمنة لتلك العقائد المضلة ، وما يوجد من نسخها بأيدى الناس ، مثل : الفصوص ،
والفتوحات لابن عربى ، والبد لابن سبعين ، وخلع النعلين لابن قسى ، وعين اليقين
لابن برجان ، وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض ، والعفيف التلمسانى وأمثالها ،
أن تلحق بهذه الكتب ، وكذا شرح ابن الفرغانى للقصيدة التائية من نظم ابن الفارض.
فالحكم فى هذه
الكتب كلها وأمثالها ، إذهاب أعيانها متى وجدت ، بالتحريق بالنار والغسل بالماء ،
حتى ينمحى أثر الكتابة ، لما فى ذلك من المصلحة العامة فى الدين ، بمحو العقائد
المضلة ، ثم قال : فيتعين على ولى الأمر ، إحراق هذه الكتب دفعا للمفسدة العامة ،
ويتعين على من كانت عنده التمكين منها للإحراق ، وإلا فينزعها منه ولى الأمر ،
ويؤدبه على معارضته فى منعها ؛ لأن ولى الأمر لا يعارض فى المصالح العامة. انتهى
باختصار.
وقوله : وليس ثناء
أحد على هؤلاء حجة ، إنما ذكره ؛ لأن فى السؤال الذى أجاب عنه: وهل ثناء الشيخ أبى
الحسن الشاذلى إن صح ، حجة تنهض على فضل مصنف هذا الكتاب؟ ، يعنى الفصوص لابن عربى
، فيلتمس له أحسن المخارج أولا.
ذكر شىء مما رأيته
للناس فى أمر ابن عربى ، غير ما سبق
فى هذا السؤال
أنبئت عن الأديب
المؤرخ ، صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدى قال : سمعت أبا الفتح بن سيد الناس يقول
: سمعت ابن دقيق العيد يقول : سألت ابن عبد السلام عن ابن عربى. فقال : شيخ سوء
كذاب ، يقول بقدم العالم ، ولا يحرم فرجا. انتهى.
ووجدت بخط الحافظ
أبى الفتح بن سيد الناس ، وأنبأنى عنه غير واحد ، سمعت الشيخ الإمام الحافظ الزاهد
العلامة أبا الفتح محمد بن على بن وهب القشيرى يقول : سمعت شيخنا الإمام أبا محمد
بن عبد السلام وجرى ذكر أبى عبد الله محمد بن العربى ، فقال : شيخ سوء مقبوح كذاب.
فقلت له : وكذاب أيضا. قال : نعم. تذاكرنا يوما بمسجد الجامع بدمشق ، التزويج
بجوارى الجن. فقال : هذا فرض محال ، لأن الإنس جسم كثيف ، والجن روح لطيف ، ولن
يعلو الجسم الكثيف الروح اللطيف.
ثم بعد قليل رأيت
به شجة ، فسألته عن سببها. قال : تزوجت امرأة من الجن ورزقت منها ثلاثة أولاد.
فاتفق يوما أن تفاوضنا فأغضبتها ؛ فضربتنى بعظم ، حصلت منه هذه الشجة وانصرفت ،
فلم أرها بعدها ، أو معناه. انتهى.
وما ذكره الإمام
ابن عبد السلام من أوصاف ابن عربى المذمومة ، لا تلائم صفات أولياء الله تعالى.
ووجه تكذيبه فى
الحكاية التى ذكرناها عنه : أنه لا يستقيم أن يتزوج امرأة جنية ولا إنسية ، ويرزق
منها ثلاثة أولاد فى مدة قليلة.
ولا يعارض ما صح
عن ابن عبد السلام ، فى ذم ابن عربى ، ما حكاه عنه الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعى
فى كتابه «الإرشاد والتطريز» لأنه قال : وسمعت أن الشيخ الفقيه الإمام عز الدين بن
عبد السلام ، كان يطعن فى ابن العربى ويقول : هو زنديق.
فقال له يوما بعض
أصحابه : أريد أن ترينى القطب. فأشار إلى ابن عربى ، وقال : هذاك هو. فقيل : فأنت
تطعن فيه؟ فقال : حتى أصون ظاهر الشرع ، أو كما قال ، رضى الله عنهما.
أخبرنى بذلك غير
واحد ما بين مشهور بالصلاح والفضل ، ومعروف بالدين ، ثقة عدل ، من أهل الشام ومن
أهل مصر ، إلا أن بعضهم روى : أريد أن ترينى وليا ، وبعضهم روى القطب. انتهى.
وإنما لم يكن ما
حكاه اليافعى معارضا لما سبق من ذم ابن عربى ؛ لأن ما حكاه اليافعى ، بغير إسناد
إلى ابن عبد السلام ، وحكم ذلك الإطراح ، والعمل بما صح إسناده فى ذمه. والله
أعلم.
وأظن ظنا قويا ،
أن هذه الحكاية من انتحال غلاة الصوفية ، المعتقدين لابن عربى ، فانتشرت حتى نقلت
إلى أهل الخير ، فتلقوها بسلامة صدر.
وكان اليافعى ـ رحمهالله ـ سليم الصدر فيما بلغنا ، وإنما قوى ظنى بعدم صحة هذه
الحكاية ، لأنها توهم اتحاد زمان مدح ابن عبد السلام لابن عربى ، وذم ابن عبد
السلام له.
فإن تعليل ابن عبد
السلام ذمه لابن عربى لصيانته للشرع ، يقتضى أن ابن عربى ، عالى الرتبة فى نفس
الأمر ، حال ذم ابن عبد السلام له. وهذا لا يصدر من عالم متق. فكيف بمن كان عظيم
المقدار فى العلم والتقوى ، كابن عبد السلام؟ ومن ظن به ذلك ، فقد أخطأ وأثم ، لما
فى ذلك من تناقض القول.
ولا يعارض ذلك ما
يحكى من اختلاف المحدثين فى جرح الراوى وتوثيقه ؛ لأن الراوى يكون ثقة فى نفسه ،
ولكنه مع ذلك يلابس أمرا كبدعة ، وللمحدثين فى ذلك خلاف ، هل هو جرح أو لا؟ فمن
عدله من المحدثين ، نظر إلى أن ذلك الأمر غير قادح فى الراوى ، ومن جرحه رأى ذلك
الأمر قادحا.
وربما كان الراوى
يخطئ أحيانا أو يقل ضبطه بالنسبة إلى غيره ، فيرى بعض المحدثين
ذلك فيه جرحا ،
ويرى بعضهم ذلك لا يجرحه ، لقلة الخطأ ووجود الضبط فى الجملة ، إلى غير ذلك من
الوجوه التى حصل بسببها الخلاف فى الجرح ، وليس منها وجه فيه ما يدل على اتحاد زمن
ذلك ، من قائل واحد فى راو ، إنما ذلك لاختلاف الرأى فى حال الراوى. والله أعلم.
ويمكن تأويل ما فى
هذه الحكاية من ثناء ابن عبد السلام على ابن عربى ـ إن صح ثناؤه عليه ـ بأن يكون
بين طعن ابن عبد السلام وثنائه عليه ، زمن يصلح فيه حال ابن عربى ، وليس فى مثل
ذلك تعارض.
وما ذكر فى
الحكاية من ثناء ابن عبد السلام على ابن عربى ، على تقدير صحته. منسوخ بما ذكره
ابن دقيق العيد عن ابن عبد السلام فى ذمه لابن عربى.
فإن ابن دقيق
العيد لم يسمع ذلك من ابن عبد السلام إلا بمصر ، بعد موت ابن عربى بسنين ، لأن ابن
دقيق العيد ، ولد فى شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة ، ونشأ ببلدة قوص ، واشتغل بها
فى مذهب الشافعى وغيره من العلوم ، على ابن عبد السلام ، فبلوغه واشتغاله بالعلم
فى بلده ، ثم قدومه إلى القاهرة ، لا يكون إلا بعد سنة أربعين وستمائة ، وابن عربى
مات فى ربيع الآخر ، سنة ثمان وثلاثين وستمائة بدمشق ، وثناء ابن عبد السلام على
ابن عربى المذكور ، كان فى حياة ابن عربى ، بدليل ما فيها ، من أنه أراه لمن يسأله
عن القطب أو الولى.
وفى السنة التى
مات فيها ابن عربى ، أو فى التى بعدها ، كان خروج ابن عبد السلام من دمشق ، لتعب
ناله من صاحبها ، الصالح إسماعيل بن العادل أبى بكر بن أيوب ؛ لأنه سلم قلعة
الشقيف للفرنج ، فأنكر ذلك عليه ابن عبد السلام ، فعزل ابن عبد
السلام عن خطابة دمشق وسجنه ، ثم أطلقه ، وتوجه من دمشق إلى الكرك ، فتلقاه صاحب الكرك ، الناصر داود بن المعظم عيسى ، وسأله
أن يقيم عنده فلم يفعل ، واعتذر بأنها لا تسع نشر علمه ، فقصد مصر ، فتلقاه صاحبها
الصالح نجم الدين أيوب
__________________
ابن الكامل ،
وأكرمه وولاه الخطابة بالجامع العتيق بمصر ، والقضاء بها مع الوجه القبلى ، وتصدى
لنشر العلم والإفادة على أحسن سبيل. وهذا كله لا يخفى على أحد من أهل التحصيل.
وقال ابن مسدى فى
ترجمة ابن عربى فى معجمه ، بعد أن ذكر ما نقلناه عنه من شيوخ ابن عربى : يلقب
بالقشيرى ، لقبا غلب عليه لما كان يشير من التصوف إليه ، ولقد خاض فى بحر تلك
الإشارات ، وتحقق بمحيى تلك العبارات ، وتكون فى تلك الأطوار ، حتى قضى ما شاء من
لبانات وأوطار ، ثم قال : وله تواليف كثيرة ، تشهد له بالتقدم والإقدام ، ومواقف
النهايات ومزالق الأقدام.
وكان مقتدرا على
الكلام ، ولعله ما سلم من الكلام ، وعندى من أخباره عجائب ، ومن صحيح منقولاته
غرائب. وكان ظاهرى المذهب فى العبادات ، باطنى النظر فى الاعتقادات ، ولهذا ما
ارتبت فى أمره ، والله أعلم بسره.
قال : ومن شعره
المحكم الفصول ، السالم من الفضول قوله :
يا غاية السول
والمأمول يا سندى
|
|
شوقى إليك شديد
لا إلى أحد
|
ذبت اشتياقا
ووجدا من محبتكم
|
|
فآه من فرط شوقى
آه من كمدى
|
يدى وضعت على
قلبى مخافة أن
|
|
ينشق صدرى لما
خاننى جلدى
|
ما زال يرفعها
طورا ويخفضها
|
|
حتى وضعت يدى
الأخرى لشديدى
|
انتهى.
وأنشدنى هذه
الأبيات وغيرها من شعر ابن عربى أبو هريرة بن الذهبى ، إذنا عن القاسم بن مظفر بن
عساكر ، عن ابن عربى إجازة.
وذكره القطب
القسطلانى ـ على ما ذكر الأستاذ أبو حيان النحوى ـ فى كتاب ألفه القطب ، فى ذكر
الطائفة القائلة بالوحدة المطلقة فى الموجودات ، ابتدأ فيه بالحلاج ، وختم فيه
بابن سبعين. فقال : انتقل ـ يعنى ابن عربى ـ من بلاد الأندلس إلى هذه البلاد بعد
التسعين وخمسمائة. وجاور بمكة ، وسمع بها الحديث ، وصنف «الفتوحات المكية» بها.
وكان له لسان فى
التصوف ، ومعرفة لما انتحاه من هذه المقالات ، وصنف بها كتبا كثيرة على مقاصده
التى اعتقدها ، ونهج فى كثير منها مناهج تلك الطائفة ، ونظم فيها أشعارا كثيرة ،
وأقام بدمشق مدة ، ثم انتقل إلى الروم ، وحصل له فيها قبول وأموال جزيلة ، ثم عاد
إلى دمشق ، وبها توفى. انتهى.
ومن خط أبى حيان
نقلت ذلك ، وذكره الذهبى فى العبر ، فقال : صاحب التصانيف ، وقدوة القائلين بوحدة
الوجود ، ثم قال : وقد اتهم بأمر عظيم.
وقد وصف شيخ
الإسلام تقى الدين على بن عبد الكافى السبكى ، ابن عربى هذا وأتباعه ، بأنهم ضلال
جهال ، خارجون عن طريقة الإسلام ؛ لأنه قال فيما أنبأنى به عنه الحافظان : زين
الدين العراقى ، ونور الدين الهيثمى ، فى شرحه على «المنهاج» للنووى ، فى باب
الوصية ، بعد ذكره للمتكلم : وهكذا الصوفية منقسمون كانقسام المتكلمين ؛ فإنهما من
واد واحد ، فمن كان مقصوده معرفة الرب سبحانه وتعالى وصفاته وأسمائه ، والتخلق بما
يجوز التخلق به منها ، والتجلى بأحوالها ، وإشراق المعارف الإلهية عليه ، والأحوال
السنية عنده ، فذلك من أعظم العلماء ، ويصرف إليه من الوصية للعلماء والوقف عليهم
، ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين ، كابن العربى وأتباعه ، فهم ضلال جهال ،
خارجون عن طريقة الإسلام ، فضلا عن العلماء. انتهى.
وذكره الذهبى فى
الميزان ، فقال : صنف التصانيف فى تصوف الفلاسفة وأهل الوحدة ، وقال أشياء منكرة ،
عدها طائفة من العلماء مروقا وزندقة ، وعدها طائفة من العلماء ، من إشارات
العارفين ورموز السالكين ، وعدها طائفة ، من متشابه القول ، وأن ظاهرها كفر وضلال
، وباطنها حق وعرفان ، وأنه صحيح فى نفسه كبير القدر. وآخرون يقولون : قد قال هذا
الكفر والضلال ، فمن ذا الذى قال : إنه مات عليه. فالظاهر عندهم من حاله ، أنه رجع
وأناب إلى الله ، فإنه كان عالما بالآثار والسنن ، قوى المشاركة فى العلوم.
قال : وقولى أنا
فيه : أنه يجوز أن يكون من أولياء الله تعالى ، الذين اجتذبهم الحق إلى جنابه عند
الموت ، وختم له بالحسنى.
وأما كلامه ، فمن
فهمه وعرفه على قواعد الاتحادية وعلم محط القوم ، وجمع بين أطراف عبارتهم ، تبين
له الحق فى خلاف قولهم ، وكذلك من أمعن النظر فى «فصوص الحكم» أو أنعم التأمل ،
لاح له العجب ، فإن الذكى إذا تأمل من ذلك ، الأقوال والنظائر والأشباه ، فهو أحد
رجلين ، إما من الاتحادية فى الباطن ، وإما من المؤمنين بالله ، الذين يعدون أن
أهل هذه النحلة من أكفر الكفرة. انتهى.
وقال فى تاريخ
الإسلام ، على ما أخبرنى به ابن المحب الحافظ ، إذنا عنه سماعا : هذا الرجل كان قد
تصوف وانعزل وجاع وسهر ، وفتح عليه بأشياء امتزجت بعالم الخيال
والخطرات والفكرة
، واستحكم ذلك ، حتى شاهد بقوة الخيال أشياء ، ظنها موجودة فى الخارج، وسمع من طيش
دماغه خطابا ، اعتقده من الله ، ولا وجود لذلك أبدا فى الخارج ، حتى إنه قال : لم
يكن الحق أوقفنى على ما سطره لى فى توقيع ولايتى أمور العالم ، حتى أعلمنى بأنى
خاتم الولاية المحمدية بمدينة فاس ، سنة خمس وتسعين.
فلما كانت ليلة
الخميس فى سنة ثلاثين وستمائة ، أوقفنى الحق على التوقيع بورقة بيضاء فرسمته بنصه
: هذا توقيع إلهى كريم ، من الرءوف الرحيم إلى فلان. وقد أجزل له رفده ، وما خيبنا
قصده ، فلينهض إلى ما فوض إليه ، ولا تشغله الولاية عن المثول بين أيدينا شهرا
بشهر ، إلى انقضاء العمر. انتهى.
وهذا الكلام فيه
مؤاخذات على ابن عربى.
منها : إن كان
المراد بما ذكره من أنه خاتم الولاية المحمدية ، أنه خاتم الأولياء ، كما أن نبينا
محمدا صلىاللهعليهوسلم خاتم الأنبياء ، فليس بصحيح ، لوجود جمع كثير من أولياء
الله تعالى العلماء العاملين فى عصر ابن عربى ، وفيما بعده على سبيل القطع ، وإن
كان المراد أنه خاتم الأنبياء بمدينة فاس ، فهو غير صحيح أيضا ، لوجود الأولياء
الأخيار بها بعد ابن عربى. وهذا من الأمر المشهور.
أنشدنى شيخنا
المحدث ، شمس الدين محمد بن المحدث ظهير الدين إبراهيم الجزرى ، سماعا من لفظه فى
الرحلة الأولى بظاهر دمشق ، أن الحافظ الزاهد شمس الدين محمد بن المحب عبد الله بن
أحمد المقدسى الصالحى ، أنشده لنفسه سماعا ، وأنشدنى ذلك إجازة ، شيخنا ابن المحب
المذكور :
دعى ابن العريبى
الأنام ليقتدوا
|
|
بأعورة الدجال
فى بعض كتبه
|
وفرعون أسماه
لكل محقق
|
|
إماما ألا تباله
ولحزبه
|
وسئل عنه شيخنا
العلامة المحقق الحافظ المفتى المصنف ، أبو زرعة أحمد بن شيخنا الحافظ العراقى
الشافعى ، أبقاه الله تعالى ، فقال : لا شك فى اشتمال «الفصوص» المشهورة على الكفر
الصريح الذى لا يشك فيه. وكذلك «فتوحاته المكية» فإن صح صدور ذلك عنه ، واستمر
عليه إلى وفاته ، فهو كافر مخلد فى النار بلا شك.
وقد صح عندى عن
الحافظ جمال الدين المزى ، أنه نقل من خطه فى تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ
عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) [البقرة : ٦]
كلاما ينبو عنه السمع ، ويقتضى الكفر ، وبعض كلماته لا يمكن تأويلها ، والذى يمكن
تأويله منها ، كيف يصار إليه مع مرجوحية التأويل ، والحكم إنما يترتب على الظاهر.
وقد بلغنى عن
الشيخ علاء الدين القونوى ـ وأدركت أصحابه ـ أنه قال فى مثل ذلك : إنما يؤول كلام
المعصومين ، وهو كما قال ، وينبغى أن لا يحكم على ابن عربى نفسه بشىء ، فإنى لست
على يقين من صدور هذا الكلام منه ، ولا من استمراره عليه إلى وفاته. ولكنا نحكم
على هذا الكلام بأنه كفر. انتهى.
وما ذكره شيخنا من
أنه لا يحكم على ابن العربى نفسه بشىء ، خالفه فيه شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين
البلقينى لتصريحه بكفر ابن عربى كما سبق عنه. وقد صرح بكفر ابن العربى ، واشتمال
كتبه على الكفر الصريح ، الإمام رضى الدين أبو بكر بن محمد بن صالح ، المعروف بابن
الخياط ، والقاضى شهاب الدين أحمد بن على الناشرى الشافعيان ، وهما ممن يقتدى به
من علماء اليمن فى عصرنا ، ويؤيد ذلك فتوى من ذكرنا من العلماء وإن كانوا لم
يصرحوا باسمه ، إلا ابن تيمية ، فإنه صرح باسمه ؛ لأنهم كفروا قائل المقالات
المذكورة فى السؤال ، وابن عربى هو قائلها لأنها موجودة فى كتبه التى صنفها ،
واشتهرت عنه شهرة يقتضى القطع بنسبتها إليه. والله أعلم.
والقونوى المشار
إليه فى كلام شيخنا أبى زرعة ، هو شارح الحاوى الصغير فى الفقه.
ووجدت ذلك فى ذيل
تاريخ الإسلام للذهبى ، فإنه قال فى ترجمة القونوى : وحدثنى ابن كثير يعنى : الشيخ
عماد الدين صاحب التاريخ والتفسير ، أنه حضر مع المزى عنده ـ يعنى القونوى ـ فجرى
ذكر «الفصوص» لابن عربى ، فقال : لا ريب أن هذا الكلام الذى فيه كفر وضلال. فقال
صاحبه الجمال المالكى : أفلا تتأول يا مولانا؟. فقال : لا ، إنما يتأول قول
العصوم. انتهى.
والمزى : هو
الحافظ جمال الدين صاحب تهذيب الكمال ، والأطراف. وفى سكوته إشعار برضاه بكلام
القونوى. والله أعلم.
وأما الكلام الذى
لابن عربى على تفسير قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا) *) الآية التى أشار
إليها شيخنا الحافظ أبو زرعة فى كلامه ، فهو ما حدثنى به شيخنا أبو زرعة بعدما
كتبه لى بخطه من حفظه بالمعنى على ما ذكر ، وربما فاته بعض المعنى ، فذكره باللفظ.
قال : سمعت والدى ـ رحمهالله ـ غير مرة يقول : سمعت قاضى القضاة برهان الدين بن جماعة يقول
: نقلت من خط الحافظ جمال الدين المزى ، قال : نقلت من خط ابن عربى فى الكلام على
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا) الآية ، ستروا محبتهم ، سواء عليهم
أنذرتهم أم لم
تنذرهم : استوى عندهم إنذارك وعدم إنذارك ، لما جعلنا عندهم ، لا يؤمنون بك ، ولا
يأخذون عنك ، إنما يأخذون عنا. ختم الله على قلوبهم فلا يعقلون إلا عنه. وعلى
سمعهم ، فلا يسمعون إلا منه. وعلى أبصارهم غشاوة ، فلا يبصرون إلا منه. ولا
يلتفتون إليك ولا إلى ما عندك ، بما جعلناه عندهم وألقينا إليهم.
وقد بين شيخنا
فاضل اليمن شرف الدين إسماعيل بن أبى بكر ، المعروف بابن المقرى الشافعى ، من حال
ابن عربى ما لم يبينه غيره ؛ لأن جماعة من صوفية زبيد : أوهموا من ليس له كثير
نباهة ، علو مرتبة ابن عربى ، ونفى العيب عن كلامه. وذكر ذلك شيخنا ابن المقرى مع
شىء من حال الصوفية المشار إليهم ، فى قصيدة طويلة من نظمه. فقال فيما أنشدنيه
إجازة :
ألا يا رسول
الله غارة ثائر
|
|
غيور على حرماته
والشعائر
|
يحاط بها
الإسلام ممن يكيده
|
|
ويرميه من
تلبيسه بالفواقر
|
فقد حدثت
بالمسلمين حوادث
|
|
كبار المعاصى
عندها كالصغائر
|
حوتهن كتب حارب
الله ربها
|
|
وغربها من غربين
الحواضر
|
بحاسر فيها ابن
العريبى واجترى
|
|
على الله فيما
قال كل التجاسر
|
فقال بأن الرب
والعبد واحد
|
|
فربى مربوبى
بغير تغاير
|
وأنكر تكليفا إذ
العبد عنده
|
|
إله وعبد فهو
إنكار حائر
|
وخطأ إلا من يرى
الخلق صورة
|
|
وهوية لله عند
التناظر
|
وقال تجلى الحق
فى كل صورة
|
|
تجلى عليها فهى
إحدى المظاهر
|
وأنكر أن الله
يغنى عن الورى
|
|
ويغنون عنه
لاستواء المقادر
|
كما ظل فى
التهليل يهزا بنفيه
|
|
وإثباته مستجملا
للمغاير
|
وقال الذى ينفيه
عين الذى
|
|
أتى به مثبتا لا
غير عند التجاور
|
فأفسد معنى ما
به الناس أسلموا
|
|
وألغاه إلغا
بينات التهاتر
|
فسبحان رب العرش
عما يقوله
|
|
أعاديه من أمثال
هذى الكبائر
|
فقال عذاب الله
عذب وربنا
|
|
ينعم فى نيرانه
كل فاجر
|
وقال بأن الله
لم يعص فى الورى
|
|
فما ثم محتاج
لعاف وغافر
|
وقال مراد الله
وفق لأمره
|
|
فما كافر إلا
مطيع الأوامر
|
وكل امرئ عند
المهيمن مرتضى
|
|
سعيد فما عاص
لديه بخاسر
|
وقال يموت
الكافرون جميعهم
|
|
وقد آمنوا غير
المفاجا المبادر
|
وما خص بالإيمان
فرعون وحده
|
|
لدى موته بل عم
كل الكوافر
|
فكذبه يا هذا
تكن خير مؤمن
|
|
وإلا فصدقه تكن
شر كافر
|
وأثنى على من لم
يجب نوح إذ دعا
|
|
إلى ترك ود أو
سواع وناسر
|
وسمى جهولا من
يطاوع أمره
|
|
على تركها قول
الكفور المجاهر
|
ولم ير بالطوفان
إغراق قومه
|
|
ورد على من قال
رد المناكر
|
وقال بلى قد
أغرقوا فى معارف
|
|
من العلم
والبارى لهم خير ناصر
|
كما قال فازت
عاد بالقرب واللقا
|
|
من الله فى
الدنيا وفى اليوم الآخر
|
وقد أخبر البارى
بلعنته لهم
|
|
وإبعادهم فاعجب
له من مكابر
|
وصدق فرعونا
وصحح قوله
|
|
أنا الرب الأعلى
وارتضى كل سامر
|
وأثنى على فرعون
بالعلم والذكا
|
|
وقال بموسى عجلة
المتبادر
|
وقال خليل الله
فى الذبح واهم
|
|
ورؤيا أبنه
تحتاج تعبير عابر
|
يعظم أهل الكفر
والأنبياء لا
|
|
يعاملهم إلا بحط
المقادر
|
ويثنى على
الأصنام خيرا ولا يرى
|
|
لها عابدا ممن
عصى أمر آمر
|
وكم من جراءات
على الله قالها
|
|
وتحريف آيات
لسوء تفاسر
|
ولم يبق كفر لم
يلابسه عامدا
|
|
ولم يتورط فيه
غير محاذر
|
وقال سيأتينا من
الصين خاتم
|
|
من الأولياء
للأولياء الأكابر
|
له رتبة فوق
النبى ورتبة
|
|
له دونه فاعجب
لهذا التنافر
|
فرتبته العليا
تقول لأخذه
|
|
عن الله لا وحيا
بتوسيط آخر
|
ورتبته الدنيا
تقول لأنه
|
|
من التابعية فى
الأمور الظواهر
|
وقال اتباع
المصطفى ليس واضعا
|
|
لمقداره الأعلى
وليس بحاقر
|
فإن تدن منه
لاتباع فإنه
|
|
يرى منه أعلى من
وجوه أواخر
|
ترى حال نقصان
له فى اتباعه
|
|
لأحمد حتى جا
بهذى المعاذر
|
فلا قدس الرحمن
شخصا يحبه
|
|
على ما يرى من
قبح هذى المخابر
|
وقال بأن
الأنبياء جميعهم
|
|
بمشكاة هذا
تستضى فى الدياجر
|
وقال فقال الله
لى بعد مدة
|
|
بأنك أنت الختم
رب المفاخر
|
أتانى ابتدا
بيضاء سطر ربنا
|
|
بإنفاذه فى
العالمين أو امرى
|
وقال فلا تشغلك
عنى ولاية
|
|
وكن كل شهر طول
عمرك زائرى
|
فرفدك أجزلنا
وقصدك لم يخب
|
|
لدينا فهل أبصرت
يا ابن الأخاير
|
بأكذب من هذا
وأكفر فى الورى
|
|
وأجرا على غشيان
هذى الفواطر
|
فلا يدّعوا من
صدقوه ولاية
|
|
وقد ختمت
فليؤخذوا بالأقادر
|
فيا لعباد الله
ما ثم ذو حجا
|
|
له بعض تمييز
بقلب وناظر
|
إذا كان ذو كفر
مطيعا كمؤمن
|
|
فلا فرق فينا
بين بر وفاجر
|
كما قال هذا إن
كل أوامر
|
|
من الله جاءت
فهى وفق المقادر
|
فلم بعثت رسل
وسنت شرائع
|
|
وأنزل قرآن بهذى
الزواجر
|
أيخلع منكم ربقة
الدين عاقل
|
|
بقول غريق فى
الضلالة حائر
|
ويترك ما جاءت
به الرسل من هدى
|
|
لأقوال هذا
الفيلسوف المغادر
|
فيا محسنى ظنا
بما فى فصوصه
|
|
وما فى فتوحات
الشرور الدوائر
|
عليكم بدين الله
لا تصبحوا غدا
|
|
مساعر نار قبحت
من مساعر
|
فليس عذاب الله
عذبا كمثل ما
|
|
يمنيكم بعض
الشيوخ المدابر
|
ولكن أليم مثل
ما قال ربنا
|
|
به الجلد إن
ينضج يبدل بآخر
|
غدا يعلمون
الصادق القول منهما
|
|
إذا لم يتوبوا
اليوم علم مباشر
|
ويبدو لكم غير
الذى يعدونكم
|
|
بأن عذاب الله
ليس بضائر
|
ويحكم رب العرش
بين محمد
|
|
ومن سن علم
الباطل المتهاتر
|
ومن جا بدين مفترى
غير دينه
|
|
فأهلك أغمارا به
كالأباقر
|
فلا تخدعن
المسلمين عن الهدى
|
|
وما للنبى
المصطفى من مآثر
|
ولا تؤثروا غير
النبى على النبى
|
|
فليس كنور الصبح
ظلما الدياجر
|
دعوا كل ذى قول
لقول محمد
|
|
فما آمن فى دينه
كمخاطر
|
وأما رجالات
الفصوص فإنهم
|
|
يعومون فى بحر
من الكفر زاخر
|
إذا راح بالريح
المتابع أحمدا
|
|
على هديه راحوا
بصفقة خاسر
|
سيحكى لهم فرعون
فى دار خلده
|
|
بإسلامه المقبول
عند التجاور
|
ويا أيها الصوفى
خف من فصوصه
|
|
خواتم سوء غيرها
فى الخناصر
|
وخذ نهج سهل
والجنيد وصالح
|
|
وقوم مضوا مثل
النجوم الزواهر
|
على الشرع كانوا
ليس فيهم لوحدة
|
|
ولا لحلول الحق
ذكر لذاكر
|
رجال رأوا ما
الدار دار إقامة
|
|
لقوم ولكن بلغة
للمسافر
|
فأحيوا لياليهم
صلاة وبيتوا
|
|
بما خوف رب
العرش صوم البواكر
|
مخافة يوم
مستطير بشره
|
|
عبوس المحيا
قمطرير المظاهر
|
فقد نحلت
أجسادهم وأذابها
|
|
قيام لياليهم
وصوم الهواجر
|
أولئك أهل الله
فالزم طريقهم
|
|
وعد عن دواعى
الابتداع الكوافر
|
انتهى باختصار.
وكثير من هذه
المنكرات فى كلام ابن عربى ، لا سبيل إلى صحة تأويل فيها ، فإذا لا يستقيم اعتقاد
أنه من أولياء الله ، مع اعتقاد صدور هذه الكلمات منه ، إلا باعتقاد ابن عربى ،
خلاف ما صدر منه ، ورجوعه إلى ما يعتقده أهل الإسلام فى ذلك ، ولم يجئ بذلك عنه
خبر ؛ لأنه لا يرى ما صدر منه موجبا لذلك ، ولأجل كلامه المنكر ، ذمه جماعة من
أعيان العلماء وقتا بعد وقت.
وأما من أثنى عليه
، فلفضله وزهده وإيثاره واجتهاده فى العبادة ، واشتهر ذلك عنه ، حتى عرفه جماعة من
الصالحين عصرا بعد عصر ، فأثنوا عليه بهذا الاعتبار ، ولم يعرفوا ما فى كلامه من
المنكرات ، لاشتغالهم عنها بالعبادات ، والنظر فى غير ذلك من كتب القوم ، لكونها
أقرب لفهمهم ، مع ما وفقهم الله تعالى من حسن الظن بآحاد المسلمين ، فكيف بابن
عربى؟. وبعض المثنين عليه ، يعرفون ما فى كلامه ، ولكنهم يزعمون أن لها تأويلا
وحملهم على ذلك كونهم تابعين لابن عربى فى طريقته ، فثناؤهم على ابن عربى مطرح
لتزكيتهم معتقدهم.
وقد بان بما ذكرناه
، سبب ذم الناس لابن عربى ومدحه ، والذم فيه مقدم. وهو ممن كبه لسانه ، نسأل الله
المغفرة.
وأما ما يحكى فى
المنام ، من نهى ابن عربى لشخص من إعدام كتبه ، ممن يصنع ذلك فى الحياة ، وكذا ما
يرى فى النوم من خصوص عذاب لشخص ، بسبب ذمه لابن عربى أو لكتبه ، فهو من تخويف
الشيطان.
وقد بلغنى نحو ذلك
، عن الإمام البارع زين الدين عمر بن مسلم القرشى الشافعى ، خطيب دمشق ، وصح لى
ذلك عنه.
وسمعت صاحبنا
الحافظ الحجة ، القاضى شهاب الدين أحمد بن على بن حجر ، الشافعى يقول : جرى بينى
وبين بعض المحبين لابن عربى ، منازعة كثيرة فى أمر ابن عربى ، حتى نلت منه لسوء
مقالته ، فلم يسهل ذلك بالرجل المنازع لى فى أمره ، وهددنى بالشكوى إلى السلطان
بمصر ، بأمر غير الذى تنازعنا فيه ، ليتعب خاطرى. فقلت له : ما للسلطان فى هذا
مدخل ، ألا تعال نتباهل ، فقل أن تباهل اثنان ، فكان أحدهما كاذبا ، إلا وأصيب.
قال : فقال لى :
بسم الله. قال : فقلت له : قل اللهم إن كان ابن عربى على ضلال ، فالعنى بلعتك ،
فقال ذلك. وقلت أنا : اللهم إن كان ابن عربى على هدى ، فالعنى
بلعنتك ،
وافترقنا. قال : ثم اجتمعنا فى بعض متنزهات مصر فى ليلة مقمرة. فقال لنا : مر على
رجلى شىء ناعم ، فانظروا. فنظرنا فقلنا : ما رأينا شيئا. قال : ثم التمس بصره ،
فلم ير شيئا.
هذا معنى ما حكاه
لى الحافظ شهاب الدين بن حجر العسقلانى.
وقد عاب تصوف ابن
عربى بعض الصوفية ، الموافقين له فى القول بالوحدة ؛ لأن عبد الحق بن سبعين الآتى
ذكره ، قال : إن تصوف ابن عربى فلسفة جمحة ، وهذا مشهور عن ابن سبعين ، ويا ويح من
بالت عليه الثعالب.
وقد أتينا فى
ترجمة ابن عربى ، بما لا يوجد مثله مجموعا فى كتاب. وقد عنى بعض أهل العصر ، الذى
ليس لهم كثير نباهة ولا تحصيل ، بتأليف ترجمة لابن عربى ، ذكر فيها أشياء ساقطة ،
وبينا شيئا من ذلك ، فى الترجمة التى أفردناها لابن عربى ، بسؤال بعض الأصحاب لى
فى ذلك ، وهى مختصرة مما فى هذا الكتاب ، وفيها زيادات قليلة ، ولكنها على غير
ترتيبه.
وتوفى ابن عربى فى
ليلة الجمعة ، الثانى والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وستمائة بدمشق.
ودفن بصالحيتها ـ وقبره بها يعرف ـ بتربة بنى الزكى.
٣٢٣ ـ محمد بن على بن أبى راجح بن محمد بن إدريس العبدرى ،
الشيبى الحجبى المكى ، جمال الدين بن نور الدين :
شيخ الحجبة ،
وفاتح الكعبة المعظمة. ولى فتح الكعبة المعظمة بعد موت قريبه ، فخر الدين أبى بكر
بن محمد ، بن أبى بكر الشيبى ، فى صفر أو ربيع الأول ، سنة سبع عشرة وثمانمائة.
ولم يزل متوليا لذلك ، حتى مات ، وكان فيه خير وسكون.
وجود الكتابة ،
وسكن زبيد مدة سنين ، وصار يتردد منها إلى مكة ، ثم استقر بها من حين ولى فتح
الكعبة إلى حين وفاته.
وكانت وفاته قبيل
الظهر من يوم الخميس ثالث عشر جمادى الأولى ، سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة. وصلى
عليه فى الساباط ، الذى خلف مقام إبراهيم الخليل عليهالسلام ، ونادى المؤذن للصلاة عليه فوق زمزم ، بعد صلاة العصر ،
ودفن بالمعلاة ، وقد بلغ الستين ، ظنا غالبا.
__________________
وأخبرنى بعض
أصحابنا : أنه اجتمع معه ، وقد انصرفوا من دفن ميت بالمعلاة ، فقال لصاحبنا : فى
وجهك الموت ، لمرضه قبل ذلك. فقدر أن المذكور مات ، وعاش صاحبنا المخبر لى بهذه
المقالة ، وصار مفتاح الكعبة المعظمة بعده ، لقريبه نور الدين على بن أحمد الشيبى
، المعروف بالعراقى.
٣٢٤ ـ محمد بن على بن
محمد بن عبد الكريم بن حسن ، الخواجا جمال الدين ابن الخواجا الكبير علاء الدين ،
المعروف بالشيخ على الجيلانى التاجر الكارمى :
نزيل مكة . عنى بحفظ القرآن الكريم ، وصلى به التراويح فى مقام
الحنفية ، سنة ست عشرة وثمانمائة. ثم جوده ببعض الروايات ، على شيخنا صدر القراء ،
قاضى شيراز ، شمس الدين محمد بن محمد بن الجزرى بمكة ، لما قدمها فى سنة ثلاث
وعشرين وثمانمائة ، وعلى غيره قبل ذلك ، وكان خيرا ساكنا عفيفا.
أقام بمكة فى
كفالة والده سنين كثيرة تزيد على العشر. ثم توفى فى جمادى الأولى سنة أربع وعشرين
وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة ، بتربة عمرها والده ، وكثر أسفه عليه ؛ لأن والدته
توفيت فى آخر المحرم من هذه السنة ، وأخته شقيقته ، توفيت فى آخر شوال من السنة
التى قبلها ، وكلتاهما بمكة.
٣٢٥ ـ محمد بن على بن محمد بن على بن ضرغام بن على بن عبد
الكافى البكرى المصرى ، والمحدث المقرئ الفقيه ، شمس الدين أبو عبد الله ، المعروف
بابن سكر (بسين مهملة):
نزيل مكة الحنفى.
ولد فى تاسع عشر ، شهر ربيع الأول ، سنة تسع عشرة وسبعمائة بالقاهرة ـ على ما
أخبرنى به ـ وعنى بالحديث ، فقرأ وسمع على الموفق أحمد بن أحمد ابن عثمان الشارعى
: سداسيات الرازى ، عن جد أبيه ، فسمعها على الملك أسد الدين عبد القادر ابن عبد
العزيز (ابن الملوك) الأيوبى ، عن خطيب مردا ، وسمع على عبد القادر هذا : التوكل
لابن أبى الدنيا ، وجزء منتقى من الحكايات والأخبار ، فى ذكر المحدثين الأبرار ،
تخريج البردانى ، انتقاء الحافظ السلفى وروايته عنه ، والمجالس السلماسيات للسلفى
، وجزء من حديثه عن الأئمة الخمسة ، وهم : البخارى ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذى
، والنسائى.
__________________
كل ذلك عن محمد بن
عبد الهادى المقدسى إجازة ، عن السلفى إجازة.
وجزء من غرائب
مالك لابن المقرى ، عن الكفرطابى ، إجازة ، عن يحيى بن محمود الثقفى. وعلى صالح بن
مختار الأشنهى : الأول من فوائد حاجب بن حاجب الطوسى ، عن محمد بن عبد
الهادى ، عن السلفى ، وعلى مسند مصر يحيى بن يوسف المصرى : أربعى بن أسلم الطوسى ،
ومجلس السلمى ، وابن بالويه ، وجزء من حديث أبى صادق المدينى ، وأبى الحسن بن
الفراء ، انتقاها السلفى عنهما ، وفى آخره حكايات وأشعار من روايته ، كل ذلك عن
ابن رواج ، عن السلفى.
ومن أول مشيخة ابن
الجميزى ، إلى الشعر الذى فى ترجمة على بن قينان الدمشقى ، خلا تراجم الشيوخ ،
والكلام على الأحاديث ، إلا الخطبة التى فى ترجمة ابن المرحب عن ابن الجميزى ،
إجازة ، ومجلسا من حديث خرجه له التقى بن رافع.
وعلى عبد الرحمن
بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادى : صحيح مسلم ، والدعاء للمحاملى ، لما قدم
عليهم مصر ، وعلى يوسف بن محمد الدلاصى : الشفا للقاضى عياض ، عن ابن تامتيت عن
ابن الصائغ ، عن مؤلفه.
وغير ذلك كثيرا ،
على غير واحد من أصحاب ابن عبد الدايم ، والنجيب الحرانى ، وابن علاق ، والمعين
الدمشقى ، وابن عزون. وغيرهم بمصر والقاهرة.
وسمع بالإسكندرية
من جماعته ، وسمع وقرأ النازل غالبا بالحرمين واليمن على جماعة كثيرين.
وبالغ فى ذلك ،
وحرص حرصا لم ير ولم يسمع مثله ؛ لأن صاحبنا المحدث بدر الدين حسن بن على الإسعردى
، أخبرنى بدمشق ، أن ابن سكر هذا ، سأله أن يسمع عليه شيئا سمعه صاحبنا على شيخنا
بالإجازة ، الحافظ شمس الدين بن المحب المقدسى ، المتوفى فى ذى القعدة سنة تسع
وثمانين وسبعمائة.
وأجاز له من دمشق
: أبو بكر بن الرضى ، ومحمد بن أبى بكر بن أحمد بن عبد الدايم ، وزينب بنت الكمال
وآخرون.
وكان عنى
بالقراءات ، فقرأ على الأستاذ أبى حيان الأندلسى ، وشمس الدين محمد ابن محمد بن
نمير المعروف بابن السراج ، الكاتب المجود وأجازاه.
__________________
على من لم يثبتهم
، فإن عرفه بفعلهم ، اتهمه وعارضه بقوله : إنهم سمعوا. وقد شاهد ذلك منه جماعة
غيرى من أصحابنا وغيرهم.
توفى سحر يوم
الأربعاء الخامس والعشرين من صفر ، سنة إحدى وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة عند
سيدى الشيخ خليل المالكى ، بوصية منه فى ذلك.
وكان قدم مكة فى
سنة تسع وأربعين وسبعمائة حاجا ، ثم بدا له استيطانها ، فاستوطنها حتى مات.
إلا أنه خرج منها
فى بعض السنين إلى اليمن وإلى المدينة وإلى جيلة .
أخبرنى المحدث
المقرئ ، شمس الدين محمد بن على البكرى ، قراءة وسماعا ، أن يحيى ابن يوسف ،
المعروف بابن المصرى ، أخبره سماعا عن أبى الحسن بن الجميزى إجازة.
وقرأت على أبى
هريرة بن الذهبى بغوطة دمشق ، أخبرنى الأمين محمد بن أبى بكر النحاس ، وأبو الفتح
محمد بن عبد الرحيم المقدسى ، حدثنا : وأخبرتنى فاطمة بنت أحمد الفقيه سماعا بطيبة
، أن جدها الرضى الطبرى ، أخبرها ، قالوا : أخبرنا ابن الجميزى سماعا قال : أخبرنا
أبو طاهر أحمد بن محمد السلفى الحافظ ، قال : أخبرنا أبو عبد الله القاسم ابن
الفضل الثقفى ، قال : أخبرنا أبو الفتح هلال ابن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا أبو
عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش القطان ، قال : حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام
العجلى ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن عاصم بن سليمان ، عن عبد الله بن سرجس رضى
الله عنه ، قال : أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو جالس فى أصحابه ، فدرت من خلفه ، فعرف الذى أريد ،
فألقى الرداء عن ظهره ، فرأيت موضع الخاتم على نغض كتفه ، مثل الجمع ، حوله خيلان
كأنها الأثاليل ، فرجعت حتى استقبلته ، ثم قلت : غفر الله لك يا رسول الله. فقال
القوم : استغفر لك رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقال : نعم ، ولكم. ثم تلا الآية : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ)[محمد : ١٩].
__________________
وانتصب للإقراء
بالحرم الشريف ، عند أسطوانة فى محاذاة باب أجياد ، وأخذ خطوط من عاصره من أمراء
مكة وقضاتها ، بالجلوس عندها.
وذكر لنا ، أنه
كان يتأثر ممن يجلس عندها ، حتى فى غيبته ، لخيال وهمى قام فى ذهنه فى ذلك ، وقام
هذا الخيال بذهنه ، حتى فى تحديثه ، فإنه لم يحدث إلا باليسير من مروياته ، متسترا
فى منزله غالبا ، مع تبرم يظهر منه غالبا فى ذلك.
وخرج لنفسه جزءا
صغيرا ، ولغيره مشيخات وغيرها ، على غير اصطلاح الناس ، وسلك فى التخريج طريقة لا
تحمد ، وهى أنه يدرج فى الإسناد ما لم يقع به الإخبار.
ومثال ذلك : أن
الرضى الطبرى مثلا ، سمع جزء سفيان بن عيينة على ابن الجميزى ، وله إجازة من سبط السلفى
، وهما سمعاه من السلفى ، لكن لم يحدث به الرضى ، إلا عن ابن الجميزى فقط ، فسمعه
منه جماعة كذلك ، فيأتى ابن سكر ، فيخرج منه شيئا لمن سمعه على الرضى ، ويقول له :
أخبرك الرضى الطبرى سماعا ، قال : أخبرنا ابن الجميزى سماعا ، وسبط السلفى إجازة ،
قالا : أخبرنا السلفى ، وإنما لم يحسن هذا ، لكونه على خلاف عمل أهل الحديث من أهل
عصرنا ، وغير [....] فإنهم مازلوا ينبهون على ما يقع به الإخبار فى السماع
والرواية.
ومثال ذلك فى
السماع : أن يكون لإنسان إسناد متعدد ، فيقرأ ، ثم يأتى شخص بعد قراءته ، ويسمع
بعض المقروء بهذا الإسناد ، ويعاد له بعض طرق الإسناد ، فينبهون على ما سمع من
الإسناد.
ومثال ذلك فى
الرواية : أن يكون لإنسان شيخان مثلا فى جزء ، فيحدث به مرة عنهما ، ويسمعه بذلك
شخص ، ويحدث به مرة عن أحدهما ، ويسمعه بذلك آخر ، ثم يجمع بين السامعين عليه فى
الرواية.
ولمم يقع الإخبار
فى رواية فلان عن فلان ، إلا عن فلان فقط. ومثل هذا كثير ، لا يخفى على من له أدنى
نباهة ، ولا يحتاج إلى استدلال.
وشاهدنا منه أيضا
تساهلا آخر فى تسميعه لأهل بيته ، فإنهم يكونون غالبا من وراء حجاب ، ويقومون
ويبعدون عن مجلس السماع ، بحيث لا يسمعون إلا صوتا غفلا ، وربما لا يسمعون شيئا ،
فيأمر بكتابتهم فى الطباق ، من غير تنبيه على ذلك ، ويغضب
__________________
هذا حديث صحيح
أخرجه الترمذى عن أبى الأشعث هذا ، فوافقناه مع العلو بدرجتين. فلله الحمد والمنة.
وهو من الأحاديث التى رويناها عالية ، من حديث حماد ابن زيد.
أنشدنى المحدث شمس
الدين بن سكر من لفظه بعرفات فى يومها ، قال : أنشدنى الأستاذ أبو حيان محمد بن
يوسف الأندلسى النحوى ، والمقرى شمس الدين محمد بن محمد بن نمير بن السراج ، أن
العلامة شيخ النحاة بمصر ، بهاء الدين محمد بن إبراهيم ابن النحاس أنشدهما لنفسه :
اليوم شىء وغدا
مثله
|
|
من نخب العلم
التى تلتقط
|
يحصل المرء بها
حكمة
|
|
وإنما السيل
اجتماع النقط
|
٣٢٦ ـ محمد بن على بن محمد بن على بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن
يوسف بن أحمد الأنصارى الحارثى الخزرجى ، أبو عبد الله ، المعروف بابن قطرال
الأندلسى ، ثم المراكشى :
نزيل مكة. هكذا
وجدت نسبه بخطه ، ووجدت بخطه : أنه يروى عن المسند أبى على الحسن بن الحسين بن
عتيق المهدوى : الشفا للقاضى عياض سماعا ، خلا شيئا يسيرا من آخره ، وحدث به عنه ،
وعن العلامة أبى على الحسين بن عبد العزيز بن الأحوص الفهرى ، وعن جماعة من أهل
المغرب والمشرق إجازة ، منهم محمد بن عبد الخالق ابن طرخان الإسكندرى.
ووجدت بخطه أسماء
جماعة من شيوخه بالإخبار من أهل المشرق ، ومنهم : الفخر على بن البخارى ، وابن
شيبان ، والتقى الواسطى ، وعبد الرحمن بن الزين ، وابن الكمال ، وابن الأنماطى ،
وابن فارس ، والعز الحرانى ، وغازى الحلاوى. انتهى.
وسمع بمصر من على
بن هارون الثعلبى ، وسمع بمكة الكثير ، بقراءته غالبا على الفخر التوزرى ، والرضى
الطبرى ، وأخيه الصفى وغيرهم.
وحدث. سمع منه
جماعة من الأعيان ، وأثنوا عليه ، منهم الجد أبو عبد الله الفاسى.
ووجدت بخطه : سمعت
الشيخ الصالح ، أبا عبد الله محمد بن على بن قطرال ، الأنصارى المحصل الفاضل رحمهالله ، يقول : سمعت الإمام الإستاذ أبا جعفر بن الزبير ،
بمدينة غرناطة ، رحمهالله ، يقول : كان بمدينة مرسية رجل من الموثقين ، وكان له فى
الوقائع فهم عجيب.
فما اتفق ، أن
إنسانا جاءه ، فقال : يا سيدى ، ذهب من بيتى ثوب حرير أحمر ـ ويسمونه الجلدى ـ فنظر
ساعة ، ثم قال له المؤذن : جاركم أخذه ، فذهب الرجل إلى المؤذن وكلمه ، فحلف له ما
أخذه ، وأدخله داره ، ففتشها فلم يجد شيئا ، فرجع الرجل إلى ذلك الفقيه الموثق ،
فأخبره أن المؤذن حلف له ، وأدخله داره وفتشها فلم يجد شيئا ، فنظر ذلك الفقيه ،
ثم قال للرجل : هل رأيت فى بيت المؤذن شيئا من الطعام؟ فقال : نعم ، رأيت شيئا من
الشعير. فقال : اطلب الثوب فيه ، فرجع الرجل فطلب الثوب فى ذلك الشعير ، فوجده ،
فسئل ذلك الفقيه ، من أين لك هذا؟.
فقال : لما أخبرنى
بذهاب الثوب ، فرأيت ديكا يتطاول بعنقه ، فوقع لى أن المؤذن أخذ ، فلما أنكر ،
نظرت فرأيت شخصا فى يده حزمة من سنبلة شعير ، وفى وسطها نوار من شقائق النعمان ،
ففهمت أن الثوب الحرير الأحمر فى وسط الشعير ، فكان كذلك. انتهى.
وهذه حكاية عجيبة
، لم يسمع فى الفطنة لها بنظير ، مع كون الحكايات فى هذا المعنى كثير.
وقال جدى أيضا :
وأخبرنى الشيخ الصالح الأصيل ، أبو عبد الله محمد بن على ابن قطرال المراكشى قال :
أخبرنى الفقيه القاضى بمدينة فاس ـ كلأها الله ـ أبو غالب بن الفقيه القاضى أبى
عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن المغيلى : أن والده مرض مرضا شديدا أشفاه ، وكان
يعالجه رجل يهودى ، طبيب حاذق ، يعرف بالعنكبوت ، قال : فلم يزل يعالجه إلى أن عجز
، وقال لأهله : ترفقوا بهذا الرجل ما استطعتم ، فإنه ليس فيه طمع.
قال : فأرسلت والدتى
رسولا إلى الشيخ أبى عثمان ، تعرفه حال الفقيه ، وتسأله الدعاء له ، أو مثل هذا.
قال : فأرسل الشيخ
أبو عثمان بإناء فيه ماء ، وقال : اسقوه هذا الماء ، قال : فسقوه ذلك الماء ، قال
: فما هو إلا أن شرب ذلك الماء ، رمى من بطنه شيئا أسود لا يدرى ما
__________________
هو ، فأرسلوا إلى
الطبيب العنكبوت ، وأطلعوه على ذلك الذى رماه الفقيه ، فقال : هذا شىء ما يخرج على
يد طبيب أصلا ، وإنما يخرج هذا بوجه ، إلى أن أخبروه بشرب ذلك الماء ، الذى أرسل به الشيخ أبو
عثمان ، فاعترف بذلك.
قال جدى : والشيخ
أبو عثمان هذا ، يعرف بالورياجلى ، وهو من صنهاجة ، وكان قد صحب سيدى أبا محمد عبد
الرزاق ، وعبد الرزاق صحب سيدنا أبا مدين رضى الله عنه.
وكان لأبى عثمان
فى مدينة فاس ، العجائب من خوارق العادات ، وبقى أبو عبد الرحمن المغيلى ، قاضيا
بمدينة فاس ، إلى أن دخلها بنو مرين ، قريب الخمسين والستمائة ، فقتلوه هو وولده
وجماعة آخرين من أكابر البلد. انتهى.
ولأبى عبد الله بن
قطرال هذا نظم ، فمنه ما أنشدناه إبراهيم بن أبى بكر بن عمر ، ومحمد بن محمد بن
عبد الله الصالحيان ، إذنا مكاتبة منهما : أن أبا عبد الله بن قطرال هذا ، أنشدها
لنفسه إجازة مكاتبة ، وتفردا بها عنه :
حمى الله دار
العامرية بالحمى
|
|
وروى بريا ذلك
الشعب والشعبا
|
ألا هل لهاتيك
الظلال إفاءة
|
|
وذاك النسيم
الحاجرى ألا هبا
|
أما وعشايا
بالعميم يديرها
|
|
علىّ نديمى
كالمشعشعة الصهبا
|
لقد أصبحت نآى
حقيقة هابها
|
|
لدن أوطنت منى
محبتها القلبا
|
فلا أدعى شيئا
ولا أشتكى نوى
|
|
ولا أختشى فصلا
ولا أتقى حجبا
|
ومن شعره أيضا ،
ما أنشدناه الشيخان المذكوران إجازة عنه ، قال :
إن أيام الرضا
معدودة
|
|
فالرضا أجمل شىء
بالعبيد
|
لا تظنوا عنكم
لى سلوة
|
|
ما على شوقى
إليكم من مزيد
|
راجعوا أنفسكم
تستيقنوا
|
|
أنكم فى الوقت
أقصى ما أريد
|
إن يوما يجمع
الله بكم
|
|
فيه شملى هو
عندى يوم عيد
|
وقد كتب عنه هذه
الأبيات ، المحدث فخر الدين عثمان بن بلبان المقاتلى ، وكتبها عن المقاتلى :
القاضى عز الدين بن جماعة. وأنشدناها عنه شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير
الفاسى. وكان ابن قطرال هذا ، صالحا كبير القدر ، عالما نحويا أديبا.
توفى بمكة ، فى
سادس جمادى الأولى سنة عشر وسبعمائة برباط الخوزى ـ بخاء معجمة ـ طلع أعلاه لنشر
ثيابه ، فوقع به الدرابزين ، فسقط إلى الأرض ، فمات.
__________________
ومولده ـ فيما
نقلته من خطه ـ فى سحر يوم الاثنين حادى عشر الحجة سنة خمس وخمسين وستمائة بمراكش.
نقلت تاريخ وفاته وسببها ، من خط جدى أبى عبد الله الفاسى.
٣٢٧ ـ محمد بن على بن
أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى ، الفاسى ، المكى ، يلقب بالمحب
وبالجمال :
سمع من إبراهيم بن
النحاس الدمشقى ، والحافظ العلائى بمكة. وعلى غير واحد من شيوخهما ، منهم : عثمان
بن الصفى ، والشيخ خليل المالكى ، وتفقه عليه وتميز ـ على ما ذكر لى شيخنا الشريف
عبد الرحمن الفاسى ـ وذكر أنه كان كريما ، ذا مكارم وإحسان إلى الفقراء ، مع
التفقد لأحوالهم.
وباشر فى الحرم
نيابة عن أبيه ، حتى توفى فى شوال سنة ثلاث وستين وسبعمائة بمكة ، عن أربع وعشرين
سنة. وسبب موته ـ على ما قيل ـ : إنه شرب شيئا وضع له فى ماء وهو لا يشعر.
٣٢٨ ـ محمد بن على بن
الزين محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على القسطلانى المكى:
سمع من الجمال
المطرى ، والزين الطبرى وغيرهما ، واشتغل بالعلم كثيرا ، وحصل ، وصحب جدى القاضى
أبا الفضل النويرى كثيرا ، وانتفع به فى ذلك ، وكتب بخطه أشياء كثيرة ، وكان فقيها
نبيها ، جيدا صالحا خيرا ، حسن الثناء ، كثير البر بأبيه.
توفى ـ على ما
وجدت بخط شيخنا ابن سكر ـ فى أوائل رمضان ، سنة سبع وخمسين وسبعمائة بمكة.
٣٢٩ ـ محمد بن على بن محمد المكى ، المعروف بالبادى :
سمع بالمدينة من
قاضيها بدر الدين بن الخشاب : بعض صحيح البخارى ، ودخل بلاد الهند ، وديار مصر ،
وبها مات ، قبل سنة تسعين ـ بتقديم التاء على السين ـ وسبعمائة ، أو بعدها بيسير.
٣٣٠ ـ محمد بن على بن
أبى منصور الأصبهانى ، الوزير جمال الدين أبو جعفر ، المعروف بالجواد ، لجوده :
ذكرناه فى هذا
الكتاب ، لما صنع من المآثر الحسنة بمكة ، كما سبق فى المقدمة.
__________________
وقد ذكره صاحب
مرآة الزمان فقال بعد نسبه : وزير الموصل ، وكانت الموصل فى أيامه ملجأ لكل ملهوف
، ومفزعا لكل مكروب ، ولم يكن فى زمانه من يضاهيه ولا يقاربه فى الجود والنوال ،
والإحسان والإفضال.
وكان كثير الصلات
، عزيز البر والصدقات ، بنى مسجد الخيف بمنى ، وغرم عليه أموالا كثيرة ، وجدد
الحجر إلى جانب الكعبة ، وزخرف البيت بالذهب ، وبنى أبواب الحرم ، وشيدها ورفع
أعتابها صيانة للحرم ، وبنى المسجد الذى على جبل عرفة ، والدرج التى يطلع فيها
إليه.
وكان الناس يعانون
فى صعود شدة ، وأجرى الماء إلى عرفات ، وعمل البرك والمصانع ، وأجرى الماء فى
قنوات ، وكان يعطى أهل مكة فى كل سنة مالا عظيما ، ليجروا الماء إلى عرفات.
وبنى على مدينة
رسول الله صلىاللهعليهوسلم سورا ، وكانت الأعراب تنهبها وتغير عليها.
فكان الخطيب يقول
على المنبر : اللهم صن حرم من صان حرم نبيك صلىاللهعليهوسلم ، وهو محمد ابن على الأصبهانى.
وكانت صدقته
وصلاته فى المشرق والمغرب ، يبعث بها إلى خراسان والعراق والبصرة والكوفة وبغداد
والشام ومصر والحجاز واليمن ، فيعم الفقهاء والعلماء والزهاد وأرباب البيوت
وغيرهم. وما خيب من قصده.
وكان له فى كل يوم
خارج عن أرباب البيوت : مائة دينار ، يتصدق بها على باب بنى شيبة ، ولأجل هذا
الخرج العظيم ، كان ينسب إلى عمل الكيمياء ، وحوشى من ذلك وبنى الجسور والقناظر ،
والربط ، والجسر الذى بناه على دجلة عند جزيرة ابن عمر ، بالحجر المنحوت والرصاص ،
وأوثقه بالحديد بين البنيان.
وبنى الرباط
بالموصل وسنجار ونصيبين. وكان إذا
قل ما بيده باع بسط داره وثيابه ، ويتصدق بها. وكان يبعث إلى عمر الملا بالأموال
فيتصدق بها. وكان قد وقع بالموصل قحط ، فكان يقول : هذه أيام المواساة.
__________________
ذكر وفاته : لما
سارت الركبان بجوده ، وعم بمعروفه أهل الدنيا ، حسده أقوام ، فكذبوا عليه عند قطب
الدين ، وقالوا : إنه يأخذ أموالك فيتصدق بها ، وما كان قطب الدين يقدر على قبضه ،
لما كان بينه وبين زين الدين من المصافاة ، فوضع من أغرى بينه وبين زين الدين ،
فتغير عليه ، فقبض عليه قطب الدين ، واعتقله فى قلعة الموصل فقال ابن المعلم
الشاعر :
إن يعزلوك
لمعروف سمحت به
|
|
على ذوى الأرض
ذات العرض والطول
|
فأنت يا واحد
الدنيا وسيدها
|
|
بذلك الجود فيها
غير معزول
|
ثم ندم زين الدين
، على موافقته لقطب الدين على قبضه ؛ لأن خواص قطب الدين ، الذين كانت أيديهم
مقبوضة عن التصرف ، لما قبض جمال الدين ، انبسطوا فى الأمر والنهى على خلاف غرض
زين الدين. وأقام فى الحبس سنة ، ثم توفى.
وحكى أبو القاسم
الصوفى ـ وكان صاحبه ـ قال : قال لى جمال الدين : كنت أخشى أن أنقل من الدست إلى
القبر ، فلو جاء الموت الآن ما كرهته ، ثم قال لى : يا أبا القاسم ، إذا جاء طائر
أبيض إلى الدار فعرفنى. فقلت فى نفسى : قد اختلط الرجل.
فلما كان من الغد
، سقط طائر أبيض لم أر مثله ، فعرفته ، فاستبشر وقال : جاء الحق.
ثم قال : بينى
وبين أسد الدين شيركوه عهد : من مات منا قبل صاحبه حمله إلى المدينة ، وعملا قبرين
ـ فاذهب إلى أسد الدين وذكره. وأقبل على ذكر الله وتشهد حتى مات. وطار الطائر ،
ودفن فى تابوت بالموصل وذلك فى رمضان.
ومضى أبو القاسم
إلى أسد الدين ، فأخبره ، فقال : صدق. وأعطاه مالا صالحا يحمله به ، ويقرئ بين يدى
تابوته عند النزول وعند الرحيل ، وأن ينادى بالصلاة عليه فى كل بلد.
فخرجوا بتابوته
على هذه الهيئة ، فقدموا به بغداد ، ونزلوا به الشونيزية ، ولم يبق ببغداد أحد إلا
خرج ، وخصوصا من كان له إليه إحسان. فصلوا عليه وبكوا وترحموا.
ثم خرجوا به إلى
الحلة والكوفة ، وزاروا به المشهدين. فقام بعض العلويين بالكوفة على تل عال. فلما
مر بجنازته رفع صوته وقال :
سرى نعشه فوق الرقاب
وطال ما
|
|
سرى بره فى
العالمين ونائله
|
__________________
يمر على الوادى
فتثنى رماله
|
|
عليه وبالنادى فتبكى
أرامله
|
فلم ير باكيا أكثر
من ذلك اليوم. ثم ساروا به مع الحاج ، فلما وصلوا إلى وادى المحرم ، ألقى على
تابوته شقة كأنه محرم ، ثم أتوا به عرفات ، وخرج أهل مكة باكين وصعدوا به إلى
الجبل.
ثم نزلوا به إلى
منى ، واشتروا جمالا ونحروها عنه ، ثم دخلوا به مكة ، وطافوا به حول البيت ،
واشتغل الناس به عن البيت ، من كثرة البكاء والصراخ ، وخرج النساء المجاورات ،
التى كان يصل إليهن بره ، بين يدى تابوته يبكين ويصرخن ، وكان يوما عظيما ، وساروا
به إلى المدينة ، فخرج أهلها وفعلوا كما فعل أهل مكة ، ودخلوا به إلى الروضة ،
فصلوا عليه وحملوه إلى رباطه ، فدفنوه به ، وبين رباطه وبين مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أذرع ، عرض الطريق.
وكان فصيحا ، ولما
حبس قال :
أين اليمين وأين
ما عاهدتنى
|
|
ما كان أسرع فى
الهوى ما خنتنى
|
وتركتنى حيران
صبا مدنفا
|
|
أرعى النجوم
وأنت ترقد هاهنى
|
فلأرفعن إلى
إلهى قصة
|
|
بلسان مظلوم
وأنت ظلمتنى
|
ولأدعون عليك فى
غسق الدجى
|
|
فعساك تبلى
بالذى أبليتنى
|
ولم يحمل إلى مكة
ميت قبله ، سوى الحرة ملكة عدن ، وابن رزيك أخو الصالح طلائع ، والخادم أرهست صاحب
عمان ، انتهى.
قلت : وما ذكره
صاحب المرآة ، من أنه لم يحمل إلى مكة ميت قبل الجواد سوى من ذكرهم ـ وهم بلا ريب
ـ لأنه حمل إلى مكة قبل الجواد هذا ، الوزير أبو الفضل جعفر ابن الفضل بن الفرات ،
المعروف بابن حنزابة.
ومن العجب أن صاحب
المرآة ذكر ذلك ، وذكر أنه فعل له ما فعل بالجواد ، من الطواف بالبيت ، وإحضاره
عرفة ، والذهاب به إلى المدينة ، ودفنه فى تربة هناك. وذلك فى سنة إحدى وتسعين
وثملاثمائة. وفيها مات فى شهر ربيع الأول بمصر. وذكر أنه كان يبعث فى كل سنة لأهل
الحرمين مالا وكسوة وطعاما.
ووهم أيضا الذهبى
فى قوله فى ترجمة الجواد : إنه دفن بالبقيع ؛ لأنه إنما دفن برباطه ، كما ذكر صاحب
المرآة وغيره.
قال الذهبى : ولقد
حكى ابن الأثير فى ترجمة الجواد : مآثر ومحاسن لم يسمع بمثلها فى الأعمار.
٣٣١ ـ محمد بن على بن يحيى بن على الأندلسى ، أبو عبد الله
الغرناطى ، المعروف بالشامى لقدوم والده الشام :
ولد سنة إحدى
وسبعين وستمائة بأحواز غرناطة. وسمع بها ، وتلا بالسبع على أبى جعفر بن الزبير.
وسمع بتونس من أبى محمد عبد الله بن هارون الطائى : الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ،
ثم قدم القاهرة فى سنة سبعمائة ، ولم يقم. وحج ، وتوجه إلى الحجاز ، فسمع بالمدينة
من أبى القاسم خلف بن عبد العزيز القتبورى : الشفا للقاضى عياض ، ومن الكمال عبد
الله بن محمد الغرناطى : الشاطبية ، وبمكة الكثير على الفخر التوزرى. وتلا عليه
بالسبع ، وعلى الصفى والرضى الطبريين.
وأقرأ وحدث
بالموطأ ، والشفا ، وشىء من نظمه ، كتب عنه منه أبياتا ، جدى أبو عبد الله الفاسى
ووصفه بنزيل حرم الله تعالى.
وهذا يدل على أنه
استوطن مكة ، ولا ريب فى ذلك ؛ لأنه تأهل فيها بابنة النفيس البهنسى ، ورزق منها
بنتين ، إحداهما : تزوجها جدى على الفاسى ، وأولدها عمى محمدا ، وعمتى منصورة ،
وهى أم الحسين .
والأخرى : تزوجها
القاضى شهاب الدين الطبرى وعمه الزين الطبرى ، وهى أم كلثوم ، وسيأتى ذكرهما فى
النساء.
وذكر البرزالى :
أنه أقام بالحرمين نحو خمسة عشر سنة. ومعظم إقامته بالمدينة.
وذكر أنه توفى بها
، يوم الاثنين سادس صفر سنة خمس عشرة وسبعمائة.
وكذا وجدت وفاته
بخط جدّى ، إلا أنه قال : يوم الاثنين السابع من صفر ، وقد ذكره غير واحد وأثنوا
عليه ، منهم : الذهبى فى طبقات القراء ، وترجمه : بالإمام العلامة المتفنن ، وقال
: كان بارعا فى مذهبى مالك والشافعى ، عارفا بالنحو وعلم الفلك. وله شعر رائق ،
واشتغل بالعربية زمانا. وله دنيا يتجر فيها ، ولذلك كان فيه قوة نفس وتيه ، والله
يغفر له.
وقال فى آخر
الترجمة : أملى علىّ أكثر هذا ، ابن المطرى صاحبى ، يعنى العفيف بن
__________________
الجمال.
أنشدنى مفتى
المسلمين ، تقى الدين عبد الرحمن بن السيد القدوة أبى الخير بن أبى عبد الله
الفاسى ، بقراءتى عليه ، أن والده أنشده إجازة قال : أنشدنا أبو عبد الله محمد ابن
على الغرناطى لنفسه أبياتا :
جرمى عظيم يا
عفو وإننى
|
|
بمحمد أرجو
التسامح فيه
|
فبه توسل آدم فى
ذنبه
|
|
وقد اهتدى من
يقتدى بأبيه
|
ومنها :
إذا المرء لم
يرو العلوم فيرتوى
|
|
ولم يلبس التقوى
فذاك الصدى العارى
|
وإن هو لم تصقله
صحبة عارف
|
|
تربيه لم ينفك
عنه صدا العار
|
ومنها :
سلوا ما عندكم
من محض ودى
|
|
لكم تجدوه مرعيا
أكيدا
|
ولا والله أبرح
طول عمرى
|
|
بكم مستكثرا
ولكم ودودا
|
٣٣٢ ـ محمد بن على بن يوسف بن خواجا المكى :
ذكر لى شيخنا أبو
بكر بن عبد المعطى : أنه حفظ التنبيه ، والعمدة ، والشاطبية ، ثم لعب. ومات بمصر
أو باليمن. وأمه أم هانئ بنت أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى. وكان أبوه خياطا ، قدم
من العراق ، وأدعى أنه شريف حسينى. وهجا يحيى النشو المكى ، محمد بن خواجا هذا ،
بأبيات منها :
مشوف يشكو من
ابن خواجه
|
|
قال ما لى
بانتسابك من حاجة
|
انتهى.
وأنشدنى بعض
أصحابنا ، قال : أنشدنى يحيى النشو لنفسه ، يهجو محمد بن خواجا :
رأيت فى النوم
إمام الهدى
|
|
أعنى على بن أبى
طالب
|
فقلت هذا النحس
من نسلكم
|
|
فقال لا والطالب
الغالب
|
وما عرفت متى مات
، إلا أنه كان حيا ، فى ثالث عشر شوال ، سنة إحدى وخمسين وسبعمائة ؛ لأنه سمع فى
هذا التاريخ بمصر ، على قاضيها عز الدين بن جماعة ، والمسند فتح الدين محمد بن
محمد بن أبى الحرم القلانسى ، بقراءة المحدث ، شرف الدين المزى ، على ما وجدت بخطه
: سنن ابن ماجة ، فى مجالس آخرها التاريخ الذى ذكرناه.
٣٣٣ ـ محمد بن على بن يحيى جمال الدين بن القاضى الكبير نور
الدين ابن جميع العدنى :
ولد سنة إحدى
وسبعين وسبعمائة ، أو فى التى قبلها ، بعدن ، وبها نشأ وقدم منها إلى مكة ، للحج
والمجاورة ، فى سنة ثمان وثمانمائة ، فحج وجاور إلى أوائل سنة أربع عشرة وثمانمائة
، وتوجه بعد ذلك إلى عدن ، راجيا حصول رزق يتجمل به حاله ، من أخيه لأبيه ، القاضى
الكبير وجيه الدين عبد الرحمن ، لتوليه ما كان يليه أبوها بعدن ، فأدركه الأجل فى
أثناء سنة أربع عشرة وثمانمائة بعدن ، وبلغنا نعيه بمكة ، فى رمضان منها. وكان ظفر
من مال أبيه بجانب يسير ، ثم ذهب من يده فى غير لهو ، وكان أبوه وافر الملاءة
والحشمة ، وإليه أمر المتاجر السلطانية بعدن.
توفى فى بكرة عيد
الفطر ، سنة ثلاث وثمانمائة بعدن.
٣٣٤ ـ محمد بن على بن يوسف بن سالم بن عطية بن صالح بن عبد
النبى الجهنى المكى ، المعروف بابن أبى الإصبع ، يلقب بالجمال :
سمع من بعض شيوخنا
بمكة ، وكان أحد الطلبة بدرس يلبغا ، بالمسجد الحرام ، ويتردد إلى اليمين للتجارة .
توفى فى سادس عشر
صفر ، سنة خمس عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة فى صبيحة السابع عشر.
٣٣٥ ـ محمد بن على بن عبد الكريم المصرى :
نزيل مكة ،
المعروف باليمنى وبالكتبى ، شيخ الفراشين بالحرم الشريف.
كان من سكان
القاهرة ، وصوفيا بخانكة بيبرس بالقاهرة ، وولى فراشة بالمسجد الحرام. وكان يتردد
من القاهرة إلى مكة ويقيم بها أوقاتا ، ثم بأخرة ، كثرت إقامته بمكة ، وصار يتردد
إلى القاهرة قليلا ، وتمشيخ بأخرة على الفراشين ، ودخل اليمن للتجارة ، واشترى
بمكة دارا ، ثم وقفها على نفسه وأولاده ، وخلف أولادا صغارا وحملا.
__________________
وتوفى فى آخر يوم
الاثنين ، تاسع عشرى الحجة ، سنة خمس وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن فى صبيحتها
بالمعلاة ، وقد بلغ السبعين أو قاربها.
وبلغنى عنه : أنه
سمع بالقاهرة على قاضيها أبى البقاء السبكى ، بعض صحيح البخارى. والله أعلم.
٣٣٦ ـ محمد بن على أبو عبد الله الحافظ ، يعرف بقرطمة :
بغدادى كبير حافظ
مقدم فى العلم.
ذكره هكذا الخطيب.
قال : سمع محمد بن حميد الرازى ، وأبا سعيد الأشج والحسن ابن محمد بن الصباح
الزعفرانى وأحمد بن منصور الرمادى.
ورحل إلى خراسان ،
فكتب عن محمد بن يحيى الذهلى بنيسابور ، وعن غيره. وله رحلة أيضا إلى الشام
والحجاز ، ومصر ، وأحسبه سكن الكوفة وحدث بها.
روى عنه : أبو بكر
بن أبى دارم الكوفى وغيره.
وروى الخطيب بسنده
إلى داود بن يحيى بن يمان أنه قال : والله ما رأيت أحفظ من قرطمة. وذكر حكاية
عجيبة فى حفظه.
قال الخطيب :
بلغنى أن قرطمه هذا ، توفى بمكة سنة تسعين ومائتين.
٣٣٧ ـ محمد بن أبى
على [.....]
هو واقف الدار
المعروفة بابن غنايم بمكة بالقرب من الدريبة ؛ لأن على بابها حجرا مكتوب فيه : وقف
وحبس وسبل وتصدق بهذا الرباط : الملك العادل بهاء الدولة والدين شرقا وغربا ، ملك
الجبال والغور والهند ، محمد بن أبى على. وذكر دعاء ، ثم قال : على
الصوفية الرجال العرب والعجم ، على أن يكون عدد الساكنين فيه عشرة لا غير ، سواء
كانوا مجاورين أو مجتازين ، أو بعضهم مقيم ، وبعضهم مجتاز. وذلك فى سنة ستمائة.
* * *
__________________
من اسمه محمد بن
عمران
٣٣٨ ـ محمد بن عمران
بن عبد الرحمن بن الحارث الهذلىّ :
ذكره يعقوب بن
سفيان الفسوى فى رجال مكة ، فى الأول من مشيخته. وروى عنه ، عن أبيه عمران ، عن
مجاهد ، مسائل سأله عنها.
أخبرنى بذلك أبو
هريرة بن الذهبى ، قال : أخبرنا يحيى بن محمد بن سعد ، قال : أخبرنا ابن اللتى ،
قال : أخبرنا عمر بن عبد الله الحربى ، قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن محمد العطار
، قال : أخبرنا أبو على الحسن بن شاذان البزار ، قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر بن
درستويه النحوى ، قال : أخبرنا يعقوب بن سفيان الفسوى ، قال : حدثنا محمد ابن
عمران بن أبى الحارث الهذلى ، قال : حدثنى عمران بن عبد الرحمن أنه ذكر أنه خرج
يوم الجمعة رائحا إلى الصلاة ، فى يوم صائف شديد حره ، حتى أدرك مجاهد بن جبر ،
حذو دار عمر بن عبد العزيز ، فماشاه وسأل به. فأقميت الصلاة يوم الجمعة. فخرج أهل
الصنائع من تحت ظلالهم وأستارهم ، منهم الذى يرمل على رجليه ، ومنهم الذى يسعى.
قال : فقلت له :
يا أبا الحجاج ، عافاك الله ، ما هذا العمل الذى أرى؟ قال : ليس هذا بشىء ، إنما
السعى القصد ، وليس السعى على الأقدام. قلت : يا أبا الحجاج ، ما رأيك فى السائل
ببابى ، فربما قلت للحىّ أطمعوه ، وربما قلت لهم : باركوا عليه. قال : ابدأ بمن
تعول ، إبدأ بمن تعول ، مرتين ، فإن كان فضل فأرضخ منه. قلت : فما رأيك فى الخادم
، يكون طعامى وطعام عيالى سوى طعامه؟. قال : أطت السماء الدنيا وحق لها ، ما منها
موضع أربع أصابع إلا وعليه جبهة ملك ساجد لله ، فيها خولكم ، من أحسن منهم ،
فأطعموه مما تأكلون ، واكسوهم مما تلبسون ، ومن خالفكم منهم ، فلا تعذبوا خلق الله
عزوجل.
٣٣٩ ـ محمد بن عمران بن موسى الحجبى ، أبو عبد الله المكى :
يروى عن أبى
المظفر بن علوان أربعى المحمدين للجيانى عنه. وما علمته حدث ، وهو من شيوخ الملك
المظفر صاحب اليمن بالإجازة.
وقد ذكره المحب
الطبرى فى مشيخة المظفر.
* * *
__________________
من اسمه محمد بن عمر
٣٤٠ ـ محمد بن عمر بن
خليل بن إبراهيم بن يحيى العسقلانى المكى ، يلقب بالكمال :
حدث عن أبى الفتوح
الحصرى بمسند الدارمى ، عن أبى الوقت السجزى ، سمعه عليه جماعة ، منهم : الفخر
التوزرى ، والرضى الطبرى ، وهو خاتمة أصحابه بالسماع. وأما بالإجازة : فعيسى بن
عبد الله الحجبى ، الآتى ذكره. ولم أدر متى مات ، إلا أنه كان حيا فى سنة ستين
وستمائة ، فى ربيعها الآخر.
وسئل عن مولده ،
فقال : بعد صلاة العصر ، يوم الجمعة لسبع خلون من ربيع الأول سنة سبع وستمائة.
٣٤١ ـ محمد بن عمر بن
عثمان بن عبد العزيز بن طاهر البخارى ، أبو بكر ، وأبو الفضل الحنفى ، إمام
الحنفية بالحرم الشريف ، الملقب كاك :
سمع ببلده بخارى : أبا الحسن على بن محمد بن جذام الفقيه وغيره بها ، وبنسف
، وبسمرقند ، وبنيسابور ، والرى ، وهمذان ، على جماعة ، منهم : أبو على محمد بن سعيد بن
نبهان ، وأبو الغنائم محمد بن محمد بن على النرسى ببغداد. وحدث بها.
__________________
ذكره ابن النجار
فى تاريخها وقال : نزلها مدة ، وجاور بمكة سنين ، كان إماما لأصحاب أبى حنيفة
بالمسجد الحرام ، وكان شيخنا دينا فاضلا صالحا متدينا مكثرا من الحديث.
وذكر ابن النجار :
أن الحسن بن أبى معشر اللباد أخبره بأصبهان ، أن الحافظ أبا موسى المدينى ، قال :
خرج كاك من مكة معنا ، راجعا إلى بلاده ، فمات بأجفر ـ منزل بين فيد والثعلبية ـ يوم الأحد الرابع والعشرين ، من المحرم سنة خمس وعشرين
وخمسمائة ، وصلينا عليه ، ودفن هناك ، وحديثه فى «نزهة الحفاظ» لأبى موسى.
وذكر ابن النجار :
أنه سأله عن مولده فقال : سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. انتهى.
وقد أجاز كاك هذا
، للحافظ السلفى ، وذكره فى كتابه «الوجيز» وقال فى ترجمته : وخرج لنفسه فوائد ،
وجمع ما وفق له من المسلسلات ، ورأيت فيما رواه غرائب. انتهى.
٣٤٢ ـ محمد بن عمر بن على بن إبراهيم الحلوى المكى ، المعابدى
يلقب بالجمال ، ويعرف بالوكيل :
كان أحد تجار مكة
المعتبرين ، ملك عقارا طائلا بحيف بنى شديد وغيره. وبلغنى أن الذى ملكه فى الخيف
من الماء ، أربعة وثمانون ساعة ، وأنه كان يشترى الساعة بخمسة آلاف درهم ، وملك فى
البرقة نحو خمسين ساعة ماء فيما بلغنى. وكان ذا مروءة كثير القرى للأضياف إن كثروا
، وأوصى عند موته بالتصدق بثلث ماله ، وجعله ثلاثة أقسام : قسم لأقاربه الفقراء ،
وقسم لمعتقيه وخدامه ، وقسم للفقراء والمساكين ، من غير تعيين. وأنه توفى وهو فى
عشر الخمسين.
__________________
توفى فى يوم
الأربعاء الثامن من شهر ربيع الآخر ، سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة ودفن بالمعلاة.
والمعابدى : نسبة
إلى موضع بظاهر مكة ، فوق مقبرة المعلاة.
والحلوى : نسبة إلى
البلدة المعروفة بحلى ابن يعقوب.
٣٤٣ ـ محمد بن عمر بن على بن عمر المكى ، أبو الطيب ، المعروف
بالسحولى ، نسبة إلى السحول من بلاد اليمن :
ولد ليلة الخميس ،
مستهل شهر رمضان ، سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة ، على ما ذكر بمكة ، وأجاز له من
شيوخها : عيسى الحجى ، والزين الطبرى ، والآقشهرى وغيرهم.
ومن شيوخ المدينة
: الجمال المطرى ، وخالص البهائى ، وعلى بن عمر بن حمزة الحجار ، وسمع منه عدة
أجزاء بالمدينة ، وسمع بها على الزبير بن على الأسوانى : الشفا للقاضى عياض ، فى
آخر الخامسة ، وحدث به غير مرة بمكة. سمعت عليه قطعة منه ، وغير ذلك ، وأجاز لى
مروياته ، وكان حسن الطريقة بأخرة. وكان فقيها بالمدارس بمكة ، وله خط جيد ، ونظم.
وأضر قبل موته بسنين.
وتوفى يوم السبت
ثامن ذى الحجة ، سنة سبع وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة بعد أن مرض أياما يسيرة ،
ودخل مصر والشام مرات.
أخبرنى أبو الطيب
محمد بن عمر بن على السحولى ، بقراءتى عليه بالمسجد الحرام : أن أبا الحسن على بن
عمر بن حمزة الحجار ، أخبره سماعا بالحرم النبوى قال : أخبرنا الحافظ شرف الدين
عبد المؤمن بن خلف الدمياطى سماعا بالقاهرة قال : أخبرنا أبو البقاء محمد بن على
بن السباك وأبو الفضل محمد بن على بن أبى السهل الواسطى ، وموهوب ابن أحمد
الجواليقى ، وإبراهيم بن أبى بكر الرعينى ، بقراءتى عليهم ببغداد قالوا : أخبرنا
أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل قال : أخبرنا الحسين بن على بن البسرى ،
وعلى بن الحسين الربعى ، قالا : أخبرنا محمد بن محمد بن مخلد البزار ، قال : حدثنا
القاضى أبو الحسين عمر بن الحسين الأشنانى الشيبانى ، إملاء فى رجب سنة تسع
وثلاثين وثلاثمائة. قال : وحدثنا محمد بن عيسى بن حبان المدائنى ، قال : حدثنا
سفيان بن عيينة عن منصور ، عن إبراهيم ، عن همام ، عن حذيفة رضى الله عنه قال :
سمعت النبى صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا يدخل الجنة قتات» .
__________________
وأخبرناه أعلا من
هذا : أحمد بن محمد بن عبد الله الحميرى ، وإبراهيم بن عمر بن أبى بكر الصالحى ،
إذنا عن الحافظ الدمياطى بسنده.
وأخبرناه عاليا
أحسن من هذا : العماد أبو بكر بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن أبى
عمر ، وآخرون ، بقراءتى عليهم قالوا : أخبرنا أبو الحسن على بن محمد ابن ممدود البندنيجى
سماعا ، عن أبى عبد الله محمد بن أبى الفتوح نصر بن أبى الفتوح الحصرى إجازة قال:
أخبرنا ابن شاتيل بسنده.
٣٤٤ ـ محمد بن عمر بن
محمد بن بليق الحرانى الخياط المجاور ، يكنى أبا عبد الله ، وينعت بالمحب :
ذكره هكذا ابن
الحاجب الأمينى فى معجمه ، قال : من مجاورى رباط الزنجيلى بمكة شرفها الله ، وكان
أولا من ساكنى حران ، ثم انتقل إلى مكة ، جاور بها سنين ، مع قلة ذات اليد ،
والتقنع بالكفاف وأظن أصله تركيا.
سمع بدمشق حنبلا
وابن طبرزد ، والكندى ، سألت عنه الحافظ بن عبد الواحد ، فقال: رجل خير. انتهى.
٣٤٥ ـ محمد بن عمر بن
محمد بن عمر بن الحسن بن عبد الله بن أحمد التوزرى :
الإمام ضياء الدين
أبو عبد الله بن الإمام تقى الدين أبى البركات القسطلانى المكى المالكى ، إمام
المالكية بالحرم الشريف.
ولد بتوزر سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ، وقدم مكة قبل العشرين وستمائة
، وسمع
__________________
بها
من أبى الحسن بن البنا : جامع الترمذى ، وصحب الشيخ شهاب الدين السهروردى بمكة ،
وقرأ عليه كتابه : عوارف المعارف ، وحدث وأفتى ودرس.
ووجدت بخط
الميورقى : أنه درس بمدرسة المالكية التى لابن الحداد المهدوى بالشبيكة ، أسفل
مكة.
ووجدت بخط جدى أبى
عبد الله الفاسى : أنه درس بالمنصورية بمكة ، ولم يذكر هل ذلك فى الفقه أو الحديث؟
والظاهر أن ذلك فى الحديث ؛ لأن درس الفقه بهذه المدرسة ، هو على مذهب الإمام
الشافعى ، ومدرسه المحب الطبرى.
ووجدت بخط
الميورقى ما يؤيد ذلك ؛ لأنه ترجمه بإمام الحديث بالمدرسة النورية بمكة ، والنورية
: هى المنصورية ؛ لأن نور الدين المنسوبة إليه : هو السلطان الملك المنصور صاحب
اليمن والمدرسة المشار إليها ، ولا معنى لإمام الحديث بها ، إلا مدرسه فيها.
وولى الإمامة بعد
أبيه ـ على ما وجدت بخط الميورقى ، والقطب القسطلانى فى تاريخ وفاة أبى البركات
والد ضياء الدين هذا ـ واستمر على ذلك حتى مات.
وقد أثنى عليه غير
واحد من الفضلاء ، منهم : الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته ، فقال : كان شيخا
فاضلا ، وفقيها حسنا ، وله نظم جيد ، انتهى.
وذكره المحب
الطبرى ، فى مشيخة الملك المظفر ، فقال : إمام المالكية بالحرم الشريف ، ومفتيها
ومدرسها ، قرأ وأقرأ وأفاد واستفاد ، وروى الكثير ، وارتحل إلى مدينة السلام ،
وغيرها من البلاد. وغلب عليه الفقه والفتيا ، وإظهار الخمول والتواضع.
وذكره جدى فى
تعاليقه ، فقال : كان من فضلاء أهل زمانه علما ونزاهة وعفافا ، وكان عالما بالأصول
والفقه والعربية والحديث. سمع وحدث ودرس بالمنصورية إلى حين وفاته ، وكان شاعرا
حسنا ، انتهى.
ومما بلغنا من
أخباره الحسنة ، أنه لما حضره الأجل ، أمر أهله أن لا يبكوا عليه إذا مات ، ففعلوا
ذلك ، وكان عبد له عند موته غائبا عنه بمكة ، فى حاجة يقضيها ، فلما جاء العبد
إليه ، وعرف بموته ، صرخ العبد باكيا ، فأسكت العبد ، وعد ذلك كرامة لمولاه.
__________________
ومما حكى لنا من
كراماته ، أنه كان يقول لأهله : أين عينى تراكم بعد ثمان؟ ، فكانوا يتعجبون من
قوله ، ولا يعرفون مراده ، فلما مضت ثمان سنين من موته ، وجدوا حالهم فى الدنيا ،
قد تغير وذهب منهم ما كان خلفه لهم من الميراث ، أو غالبه بالبيع وغيره ، بتولى
ولده «أحمد» ذلك ، وكان أحمد هذا ولى الإمامة بعده ، ومات بعد ثمان سنين من موت
أبيه ، وأنزل فى قبر أبيه ، وكان الذى أنزل «أحمد» فى القبر ، أخوه عمر ، فرأى
أباه ضياء الدين القسطلانى هذا ، جالسا فى قبره ، فتغير لذلك عقل عمر ، هذا معنى
ما بلغنا فى ذلك.
ومن شعره :
الناس خدام من
أثرى وإن أمروا
|
|
وهم عدو لمن قد
خانه القدر
|
ذنب المقل كطود
لا يحركه
|
|
ريح التنصل مهما
جاء يعتذر
|
وصاحب المال
مكروم وإن عظمت
|
|
منه الإساءة
مقبول ومغتفر
|
تبارك الله
مازال الورى خدما
|
|
لذى اليسار وإن
لم يحصل الوطر
|
ومن شعره أيضا :
حسدونى وليس
عندى مما
|
|
حسدونى عليه غير
الكفاف
|
ولحونى على انفرادى
عنهم
|
|
وانفرادى أن لا
أرى من أصافى
|
بذلوا أوجها
رجاء ازدياد
|
|
وحمانى عن بذل
وجهى عفافى
|
قل لمن أعمل
المطى مجدا
|
|
راجيا للغنى
بقطع الفيافى
|
أنا فى نعمة
وأحمد ربى
|
|
روضتى مسجدى
وزهرى طوافى
|
لا أبالى ما صان
وجهى قليل
|
|
أن ينال الغنى
العدو المنافى
|
ومن شعره أيضا :
لا يدرك السودد
العالى بلا نصب
|
|
ما المجد فى طول
أكمام وأردان
|
وليس يرفع ذا
جهل سمو أب
|
|
ولو علت قدماه
رأس كيوان
|
إن رمت نيل
المعالى فاستفد أدبا
|
|
جودا وحلما
وصفحا عن أذى الجانى
|
فمر تقى المجد
وعر ليس تدركه
|
|
إلا بعفو وإغضاء
وإحسان
|
وبذل مال لمنتاب
له أمل
|
|
راج بذاك محبا
كان أو شانى
|
سيان عندك فى
بذل الندى أبدا
|
|
قاص أتاك لنيل
البر أو دانى
|
حسب العدو إذا
أبدى خضاعته
|
|
ذل السؤال على
مطلوبه الفانى
|
وله شعر سوى ما
ذكرناه ، وقد كتب عنه من شعره : القطب القسطلانى وأبو العباس الميورقى ، والرضى بن
خليل وغيرهم. وكتب عنه الميورقى أشياء مفيدة منها : دعاء ألهمه الإمام ضياء الدين
القسطلانى هذا لقضاء الدين ، وقد رأيت أن أذكره لما فى ذلك من الفائدة.
قال الميورقى ـ مما
وجدت بخطه ـ حدثت إمام المالكية بالحرم الشريف ، عن منامة عجيبة لى رأيتها فى
الرزق ، بوج الطائف ، فى تلك الشدائد التى اتفقت بعد الخمسين والستمائة ، قمت منها
وأنا قد حفظت شيئا عجيبا ، ما كنت سمعته قط.
فقال لى الإمام
بالحرم الشريف ، مفتى المالكية : ارتكبنى ـ بمكة شرفها الله تعالى ـ دين فقدم رجل
بمال كثير للصدقة ، فلم أتعرض له ، ولا هو أيضا سأل عن أمثالى. فبت مهموما ، فإذا
فى النوم بشيخ قد قال لى : اكتب ، وإن الله قد خار لك فى ذلك المال ، فما يصلح
لأمثالك ، فكتب عنه ما لم أسمعه قط قبل تلك الليلة : اللهم صلّ على محمد وعلى آل
محمد ، وهب لى من رزقك الحلال الواسع المبارك ، ما تصون به وجوهنا عن التعرض إلى
أحد من خلقك ، واجعل لنا اللهم إليه طريقا سهلا من غير نصب ، ولا تعب ، ولا منة ،
ولا تبعة ، وجنبنا اللهم الحرام حيث كان وأين كان وعند من كان ، وحل بيننا وبين
أهله ، واقبض عنا أيديهم ، واصرف عنا قلوبهم ، حتى لا تتقلب إلا فيما يرضيك ولا
تستعين برحمتك إلا على ما تحب ، يا أرحم الراحمين.
قال : فاستيقظت
وأنا أحفظه ، فلزمت الدعاء سنة بعد صلاة الصبح ، فإذا بسلطان تونس قد بعث لى من
بيت مال المسلمين ألف دينار ، فبلغ الدعاء إلى مدرس المالكية بقوص ، الشيخ الصالح
العالم أبى الحسن على بن وهب المعروف بابن دقيق العيد ، رضى الله عنه ، وكان عليه
دين أثقل ظهره ، مثل ما كان علىّ ، فكاتبنى فى الرؤيا ، وطلب منى الدعاء.
قال : فكتبت إليه
بذلك ، فدعا به أيضا نحو السنة ، وكتب لى بقضاء دينه من حيث لا يحتسب ، أو كما
حدثنى به ، حتى انتشر هذا الدعاء فى العصر ، وبقى العمل به عند الفضلاء ، حتى سمعت
بعض هداة العصر ، يعظمه ، فسألته عن أصله ، فقال : لا أدرى ، وأظنه نبويا. قيل إن
المالكى يرويه. انتهى ما وجدته بخط الميورقى.
وذكر لى بعض
أقاربى : أن عنده تأليفا للإمام ضياء الدين القسطلانى هذا ، فى رجال الموطأ لمالك.
وما ذكرناه فى
نسبه هو المعتمد ؛ لأنه يناسب الشيخ تاج الدين القسطلانى ، أخى الشيخ قطب الدين
القسطلانى ، على ما ذكر الذهبى ؛ لأنه ذكر فى ترجمة الضياء هذا : أنه يجتمع هو
والشيخ تاج الدين القسطلانى ، فى جدهما الأعلى الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون
، وإنما نبهت على ذلك ، لأنى وجدت بخط بعض الطلبة ، نقلا عن خط الميورقى ما يخالف
ذلك ؛ لأنه كتب عن الضياء القسطلانى هذا أبياتا.
وقال : القرشى
المنتسب إلى خالد بن الوليد. وقال : لم يصح عندنا إلى الآن ، ولعله صح عند أبى
البركات ـ يعنى والد الضياء ـ والله أعلم.
وكانت وفاة الضياء
القسطلانى ، فى يوم الأربعاء ثامن عشرى شوال ، سنة ثلاث وستين وستمائة ، ودفن فى
صبيحة يوم الخميس. هكذا وجدت وفاته بخط القطب القسطلانى ، والشريف أبى القاسم
الحسينى فى وفياته وغيرهما ، وكذا هى فى حجر قبره بالمعلاة ، إلا أن فيه يوم
الاثنين ، مكان يوم الأربعاء. والله أعلم.
وما ذكرناه فى
مولده وقدومه إلى مكة ، ذكره القطب الحلبى ، نقلا عن شيخه القطب القسطلانى ، وكذا
وجدت مولده بخط القطب القسطلانى.
ووجدت بخط أبى
الفتح بن سيد الناس ، فيما انتخبه من معجم الحافظ ابن مسدى : أن الضياء القسطلانى
، ولد فى أواخر سنة تسع وتسعين وخمسمائة.
٣٤٦ ـ محمد بن عمر بن
مسعود بن على اليمنى ، المكى ، يلقب بالجمال ويعرف بالتعكرى :
سمع فى سنة خمس
وثلاثين وسبعمائة ، من الزين الطبرى ، وعثمان بن الصفى ، والآقشهرى : سنن أبى داود
، بفوت ، وسمع فى سنة ست وثلاثين وسبعمائة ، على الحجى ، والزين الطبرى : الجزء
الأول من جامع الترمذى ، من تجزئة ثلاثة ، بفوت غير معين ، ومن جماعة بعد ذلك ،
وما علمته حدث.
وذكر لى شيخنا أبو
بكر بن قاسم بن عبد المعطى : أنه حفظ التنبيه ، والألفية ، ومنهاج البيضاوى ، وأنه
اشتغل على القاضى تقى الدين الحرازى. انتهى.
وباشر الجمال
التعكرى هذا ، فى الحرم الشريف ، وناب فى الحسبة بمكة عن قاضيها أبى الفضل النويرى
حتى توفى.
وكانت وفاته ـ على
ما أخبرنى به والدى أعزه الله تعالى ـ فى محرم سنة ست وثمانين وسبعمائة.
٣٤٧ ـ محمد بن عمر بن يوسف بن عمر بن نعيم الأنصارى ، أبو عبد
الله القرطبى ، الفقيه المالكى المقرى :
أخذ القراءات
بالمغرب عن جماعة ، منهم : أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحجرى ، وبمصر
عن أبى القاسم الشاطبى ، وبدمشق من أبى جعفر العتكى ، وسمع منهم ومن أبى القاسم بن
موقا ، وأبى الفضل بن الدليل وغيرهما بالإسكندرية ، ومن أبى القاسم البوصيرى ،
وأبى عبد الله الأرتاحى ، وأبى محمد بن برى بمصر ، وبمكة من أبى المعالى عبد
المنعم بن عبد الله الفراوى ، وأقرأ بعد وفاة الشاطبى ، وروى عنه قصدتيه ، رواهما
عنه الحسن بن عبد الكريم الغمارى ، سبط زيادة ، وهو خاتمة أصحابه.
وقد أجاز لشيخنا
بالإجازة : ابن السلار ، وابن عوض.
قرأ عليه القطب
القسطلانى رحمهالله ، ختمة واحدة بالمدينة. وسمع منه ، وقد سمع عليه جماعة من
الأعيان ، منهم : الحافظ عز الدين أبو الفتح بن الحاجب الأمينى ؛ وذكره فى معجمه ،
وقال بعد أن نسبه كما ذكرنا : كان شيخ الحرمين فى زمانه ، لزهده وعلمه ورفعة مكانه
، وذكر أنه كان كثير الاعتكاف والمجاورة لبيت الله الحرام ، وزيارة قبر نبيه عليهالسلام. انتهى. وقد أم بالحرم الشريف النبوى.
وتوفى فى مستهل
صفر ، سنة إحدى وثلاثين وستمائة ، ودفن بالبقيع.
هكذا أرخ وفاته
المنذرى ، والرشيد العطار ، وابن مسدى ، والحافظ الذهبى فى تواليفه.
ووجدت بخط جدى أبى
عبد الله الفاسى : أنه توفى سنة تسع وعشرين وستمائة. وذكر أن شيخه قطب الدين
القسطلانى أملاه عليه ، وهذا مخالف لما ذكره الجماعة ، وهو وهم ، والله أعلم.
ووجدت بخط جدى
الشريف أبى عبد الله الفاسى ، أشياء حسنة منقولة عن القرطبى هذا ، فحسن ببالى
إثباتها هنا.
__________________
منها : أن جدى قال
: أخبرنى الشيخ الإمام رضى الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد ابن إبراهيم الطبرى ،
إمام مقام إبراهيم عليهالسلام قال : أخبرنى الإمام الزاهد تقى الدين أبو العباس أحمد بن
عبد الواحد بن مرا الحورانى : أن الشيخ القرطبى ، وهو الإمام علم العلماء والزهاد
، أبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف الأنصارى ، الفاسى المولد ، القرطبى الأصل ،
رأى النبىصلىاللهعليهوسلم فى المنام ، فسأله أن يعلمه كلمات فى الاستخارة ، فعلمه
النبى صلىاللهعليهوسلم هذه الكلمات : اللهم رب محمد ، أسألك بترابه الطيب الطاهر
، وما ضمه من أعضائه ، ورفعته به إلى ملكوتك الأعلى ، أن تعزم لى على أحب الأمور
إليك منى ، ولا تكلنى إلى نفسى طرفة عين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، يقوله
ثلاثا. انتهى.
وقال جدى : أنشدنا
شيخنا قطب الدين رحمهالله ، قال : أنشدنا شيخنا أبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف
القرطبى الأصل ، الفاسى المولد ، رحمهالله ورضى عنه .
لو كنت أعقل ما
أطبقت مقلتى
|
|
وكان دمعى على
الخدين يستبق
|
كأننى شمعة يبدو
توقدها
|
|
لمن أراد اهتداء
وهى تحترق
|
ووجدت بخطه : سمعت
شيخنا أبا بكر محمد بن أحمد القسطلانى رحمهالله يقول : كان شيخنا أبو عبد الله القرطبى ، إذا جاءه أحد من
الأشراف ، يقوم له قائما ، ولا يزال قائما حتى يقضى ذلك الشريف حاجته ، أو ينصرف ،
أو يجلس ، وله أخبار مع السلطان الملك الكامل فى حق شرفاء المدينة وتعظيمهم.
انتهى.
وبلغنى أن سبب
كثرة تعظيم الشيخ أبى عبد الله القرطبى للأشراف : أنه مات منهم شخص ، فتوقف عن
الصلاة عليه ؛ لكونه كان يلعب بالحمام ، فرأى النبى صلىاللهعليهوسلم فى المنام ، ومعه ابنته السيدة الزهراء فاطمة رضى الله
عنها ، وهى معرضة عن القرطبى فاستعطفها ، فقالت تعاتبه : أما يسع جاهنا مطيرا؟.
وبلغنى : أنه بعد
هذه الرؤيا ، سافر مع بعض الأشراف إلى مصر ، لقصد قضاء حوائجهم هناك ، فإن الكامل
صاحب مصر ، كان يأتى إليه ويزوره.
فكان الشيخ أبو
عبد الله يخدهم بنفسه ، فلما وصلوا إلى مصر ، سعى فى حوائجهم حتى قضيت سريعا.
وذكر جدى حكايتين
فى تعظيم القرطبى هذا ، لذرية الأولياء :
__________________
إحداهما : أنه لما
توجه إلى الحجاز ، على طريق الصعيد ، قصد بقنا ، بنت سيدى الشيخ عبد الرحيم
القنائى ، زوجة الشيخ أبى الحسن بن الصباغ ليزورها ، فسلم عليها وهى فى حجابها ،
فلما أراد الانفصال أرسلت إليه بسجادة ، وفيها أقراص خبز ، وقطع سكر ، وقوالب جبن
، ثم رآه بعض من كان معه ، يدق الخبز ، فتعجب من ذلك لشدة الرخص ، فسأل عن ذلك
الشيخ ، فقال : هذا أدقه يكون شفاء يستشفى به ، وكحلا للأعين.
والأخرى : أنه لما
بلغه موت الشيخ عبد الرزاق ، صاحب الشيخ أبى مدين ، قصد عزاء أصحاب الشيخ وولده
بالإسكندرية ، فسمع أصحاب الشيخ عبد الرزاق بمجىء القرطبى معزيا فخرجوا للقائه ،
فاجتمعوا خارج الإسكندرية. وكان مع أصحاب الشيخ عبد الرزاق ولد له صغير. فسلم
القرطبى على ولد الشيخ وقبل قعر قدمه ، وقال له : إكراما لأبيك. انتهى بالمعنى.
ومما يحسن ذكره
هنا ، ذكر شىء من حال الشيخ عبد الرزاق المذكور فى هذه الحكاية ، فمن ذلك : أن جدى
قال : وأخبرنى ـ يعنى أبا عبد الله محمد بن شعيب بن عبد الله الفشتانى ـ أن الشيخ
أبا عثمان ـ يعنى الورياجلى ـ خرج من مدينة فاس وبلادها ، قاصدا سيدنا أبا مدين
رضى الله عنه ، ليصحبه. قال : فلما قدم بجاية ، جاء إلى منزل الشيخ ، فأستأذن عليه
، فكلمه من وراء الباب ولم يظهر له ، وقال له : عليك بعبد الرزاق ، وكان عبد
الرزاق فى الإسكندرية ، فسافر من ثم إلى الإسكندرية ، وصحب عبد الرزاق ، ونال منه
نصيبه ، نفع الله بهم ، ثم رجع إلى مدينة فاس ، وانتفع به ، وأشهر من ظهر من
أصحابه ، أبو محمد الفشتانى.
ورأيت على قبر
سيدنا عبد الرزاق بالإسكندرية ـ وقبره مشهور بالديماس ـ توفى سنة خمس وتسعين
وخمسمائة.
وقال رحمهالله : سمعت الشيخ أبا العباس أحمد بن الإمام العارف القدوة أبى
الحسن الشاذلى رحمهالله ، يقول غيره مرة : كنت أتكرّر إلى قبر سيدى أبى محمد عبد
الرزاق ، صاحب أبى مدين ، ومهما عرض لى أمر جئته. قال رحمهالله : فعرضت لى حاجة ضرورية. قال : فجئت إلى قبره ، وقرأت ما
تيسر من القرآن ، وذكرت حاجتى. قال : ثم التفت إلى القبر ، وكان عليه الرمل ، فإذا
عليه مكتوب : أحمد قضيت حاجته. انتهى.
ولهم ثلاثة
قرطبيون علماء ، عاصر بعضهم المذكور ، وبعضهم تأخر عنه ، وهم : أبو
العباس أحمد بن
عمر القرطبى صاحب «المفهم» المتوفى فى ذى القعدة سنة ست وخمسين وستمائة ، شيخ
الدبوسى ، وزينب بنت عبد السلام بالإجازة ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبى بكر
بن فرح ـ بالحاء المهملة ـ الأنصارى القرطبى ، مؤلف «التفسير» و «التذكرة» المتوفى
فى أوائل سنة إحدى وسبعين وستمائة ، بمنية ابن خصيب من صعيد مصر ، وأبو العباس أحمد بن فرح ـ بالحاء المهملة ـ
القرطبى.
٣٤٨ ـ محمد بن عمر بن
الشيخ [.....]
أبو عبد الله الدبسى :
توفى يوم الأربعاء
تاسع عشر جمادى الأولى سنة خمسين وستمائة.
كتبت هذه الترجمة
من خط عبد الله بن عبد الملك المرجانى ، إلا أنه وقع فى خطه : خمس وستمائة ، وهو
سبق قلم ، يدل عليه أنه حكى عن أبيه عن الدلاصى عنه ، الحكاية المتقدمة فى المقدمة
، فى فضل مقبرة المعلاة وأهلها ، ولا يستقيم حكايتها بهذا الإسناد ، إلا أن يكون
الدبسى توفى سنة خمسين ـ بياء بعد السين ـ وأما بإسقاطها فلا ؛ لأن الدلاصى صرح فى
الإسناد بسماعه من الدبسى.
نعم لو لم يصرح
بذلك ، على أنه يصح أن يكون توفى سنة خمس ـ بلا ياء ـ وتكون رواية الدلاصى لها بواسطة
، ثم بنفسه لوثوقه به. والله أعلم. ولم يتعرض المرجانى لضبط الدبسى ، وأظنه بالباء
الموحدة ، نسبة إلى الدبس. والله أعلم.
٣٤٩ ـ محمد بن عمرو بن العاص بن وائل السهمى :
قال العدوى : صحب
النبى صلىاللهعليهوسلم ، وتوفى النبى صلىاللهعليهوسلم وهو حدث.
وذكر الواقدى :
أنه شهد صفين ، وقاتل فيها ، ولم يقاتل فيها أخوه عبد الله. وكذلك قال الزبير بن
بكار ، وقال : لا عقب له.
وذكره ابن قدامة
وقال : كان شجاعا شاعرا ، وهو الذى يقول يوم صفين :
__________________
ولو شهدت جمل مقامى ومشهدى
الأبيات المشهورة.
وذكرها له أبو عمر ، وبينهما اختلاف فى بعض ألفاظها. وذكرها الزبير بن بكار أيضا
فقال : حدثنى عمر بن أبى بكر المؤملى عن زكريا بن عيسى ، عن ابن شهاب قال : إن
محمد بن عمرو بن العاص ، شهد القتال يوم صفين ، وكان أهل الشام يوم صفين ، خمسة
وثلاثين ألفا ، وكان أهل العراق عشرين أو ثلاثين ومائة ألف. فلما التقوا بصفين ،
قال محمد بن عمرو فى ذلك أبيات شعر ، وأبلى ذلك اليوم :
ولو شهدت جمل
مقامى ومشهدى
|
|
بصفين يوما شاب
فيه الذوائب
|
غداة أتى أهل
العراق كأنهم
|
|
من البحر لج
موجه متراكب
|
وجئناهم نمشى
كأن صفوفنا
|
|
شهاب حريق رفعته
الجنائب
|
فقالوا لنا إنا
نرى أن تبايعوا
|
|
عليا فقلنا بل
نرى أن تضاربوا
|
فطاروا إلينا
بالرماح كماتهم
|
|
وطرنا إليهم
بالأكف قواضب
|
إذا ما أقول
استهزموا عرضت لنا
|
|
كتائب منهم وارجحنت
كتائب
|
فلا هم يولون
الظهور فيدبروا
|
|
فرارا كفعل
الخادرات الذوائب
|
قال ابن شهاب :
وأنشدت عائشة رضى الله عنها أبياته هذه. فقالت : ما سمعت شاعرا أصدق شعرا منه.
٣٥٠ ـ محمد بن عمرو بن موسى بن محمد بن حماد ، المكى ، الحافظ
أبو جعفر العقيلى. مؤلف كتاب «الضعفاء» :
سمع بمصر : أحمد
بن داود المكى ، والمقدام بن داود الرعينى ، وجماعة.
__________________
وروى عن إسحاق
الدبرى ، وبشر بن موسى الأسدى ، ومحمد بن إسماعيل الترمذى وجماعة.
ذكره مسلم بن قاسم
، فقال : ثقة جليل القدر عظيم الخطر ، عالم بالحديث ، ما رأيت أحدا من أهل زماننا
، أعرف بالحديث منه ، ولا أكثر جمعا. وكان حسن التأليف ، عارفا بالتصنيف. وذكر أنه
امتحنه مع جماعة من أصحابه ، فى أحاديث من مروياته ، بدلوا فيها ألفاظا ، وزادوا
ألفاظا ، وتركوا منها أحاديث صحيحة ، فلما قرأها عليه ، فطن لذلك ، وأخذة منه
الكتاب والقلم ، وأصلحها من حفظه.
توفى فى ربيع
الأول سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة بمكة ، كما ذكر ابن زبر فى وفياته ، وذكر أنه
شهد جنازته.
٣٥١ ـ محمد بن عياض الزهرى :
ذكره ـ هكذا ـ الذهبى
فى التجريد ، وقال : ذكره الحاكم فى مستدركه فى الصحابة ، قال : رفعت إلى النبى صلىاللهعليهوسلم فى صغرى ، وأنا فى خرقة.
* * *
من اسمه محمد بن عيسى
٣٥٢ ـ محمد بن عيسى بن سالم بن على بن محمد الأزدى الدوسى
اليمنى الشريشى منشأ ، ثم المكى الدار ، الفقيه الإمام مفتى الحرمين ، المفتى جمال
الدين أبو أحمد ، المعروف بابن خشيش (بخاء معجمة) الشافعى :
وجدت سماعه على
ابن أبى الفضل المرسى لأجزاء من صحيح ابن حبان ، ولعله سمعه كله ، وعلى محمد بن
على بن الحسين الطبرى ، أربعى المحمدين للجيانى ، وحدث وأجاز.
وذكر أبو العباس
الميورقى فيما وجدت بخطه ، أنه رأى بخطه فى إجازة : أن مولده سنة
إحدى وستمائة. وذكر أنه قال له بمنى فى سنة سبعين ، وقد سأله عن حاله : ما
__________________
حال ما سنه سبعون؟.
وذكر أنه توفى بالمدينة سنة أربع وسبعين وستمائة ، وترجمه : بالإمام المدرس المفتى
بمكة ـ شرفها الله تعالى ـ الفرضى النحوى اللغوى الأصولى.
وذكر لى شيخنا
القاضى جمال الدين بن ظهيرة : أن عنده كتابا حسنا فى الفقه ، يسمى : «المقتضب»
لابن خشيش هذا ، قرأه عليه الرضى بن خليل العسقلانى.
ومن مؤلفاته :
نظمه للتنبيه للشيخ أبى إسحاق الشيرازى ، وشرحه لذلك فى أربعة مجلدات ، وقفا برباط
ربيع بمكة المشرفة ، وأسند فيه أحاديث كثيرة الاستدلال بها عن جماعة.
٣٥٣ ـ محمد بن عيسى بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد
الحميد بن عبد الله بن أبى عمر بن حفص بن المغيرة المخزومى :
أمير مكة ، هكذا
نسبه صاحب الجمهرة. وذكر أنه ولى مكة للمعتمد ، بعد عزل ابن عمه أبى عيسى محمد بن
يحيى المخزومى ، فقتل أبو المغيرة أبا عيسى ، ودخل مكة ورأسه بين يديه. انتهى.
والمعتمد : هو
المعتمد على الله أحمد بن جعفر المتوكل العباسى. ولى الخلافة بعد ابن عمه المهتدى
، أبى إسحاق محمد بن الواثق بن المعتصم ، لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب ، سنة ست
وخمسين ومائتين ، حتى مات سنة تسع وسبعين ومائتين ، فهذه أيامه. ولم يبين ابن حزم
السنة التى ولى أبو المغيرة فيها مكة. وما عرفت أنا ذلك ، والذى عرفته من تاريخ
ولايته على مكة ، سنة ثلاث وستين ومائتين ؛ لأن الفاكهى قال فى الترجمة ، التى
ترجم عليها بقوله ، تجريد الكعبة : فكانت الكسوة على الكعبة على ما وصفنا ، حتى
كانت سنة ثلاث وستين ومائتين ، فورد كتاب من أحمد الموفق بالله ، على محمد بن عيسى
، وهو يومئذ على مكة ، يأمره بتجريد الكعبة.
فقرأ الكتاب فى
دار الإمارة ، لتسع ليال بقين من ذى الحجة ، ثم أمر بإحضار التجار والعامة ، حتى
سمعوا ذلك ، يأمره بتجريد الكعبة ، وأن يقسم كسوتها التى تطرح عليها ، على ثلاثة
أثلاث ، ثلث للقرشيين ، لقرابتهم من النبى صلىاللهعليهوسلم ، وثلث للحجبة ، وثلث على أهل الحلة من أهل مكة. فأمر
العامل بتجريدها ، فجردت يوم الخميس ، لثمان ليال بقين من ذى الحجة.
__________________
ثم قال : فصار إلى
القرشيين ثلثهم ، وصار إلى الحجبة ثلثهم ، وبقى ثلث العامة ، على يدى صاحب المعونة
، ليقسمه بينهم. انتهى.
وما ذكرناه من
كلام الفاكهى ، يشعر بأن أبا المغيرة ولى مكة ، عن أبى أحمد الموفق.
وذكر ابن الأثير ،
ما يدل على أنه وليها بعد ذلك لصاحب الزنج ؛ لأن ابن الأثير قال فى أخبار سنة خمس
وستين ومائتين : وفيها كانت موافاة أبى المغيرة عيسى بن محمد المخزومى إلى مكة
لصاحب الزنج. انتهى.
وما ذكره ابن
الأثير ، فى اسم أبى المغيرة وأبيه ، عكس ما ذكره ابن حزم فى ذلك ، ولعله سقط من
كتاب ابن الأثير «ابن» بين ابن المغيرة وعيسى. وبذلك يتفق ما ذكره ، مع ما ذكره
ابن حزم ، الله أعلم.
وصاحب الزنج ، وهو
على بن أحمد العلوى ، بزعمه ؛ لأنه كان ينتمى إلى يحيى بن زيد بن علىّ بن الحسين
بن علىّ بن أبى طالب ، وهو ممن أكثر فى الأرض الفساد. وأخبار فى ذلك مشهورة.
وذكر ابن الأثير
شيئا من حال أبى المغيرة ؛ لأنه قال فى أخبار سنة ست وستين ومائتين: وفيها قدم
محمد بن أبى الساج مكة ، فحاربه ابن المخرومى فهزمه محمد. واستباح ماله ، وذلك يوم
التروية. انتهى.
وقال أيضا فى
أخبار سنة ثمان وستين ومائتين : وفيها صار أبو المغيرة إلى مكة ، وعاملها هارون بن
محمد الهاشمى ، فجمع هارون جمعا احتمى بهم ، فصار المخزومى إلى مشاش فغور ماءها ، وأتى جدة ، فنهب الطعام ، وأحرق بيوت أهلها.
وصار الخبز فى مكة أوقيتين بدرهم ، ثم قال : وحج بالناس فيها هارون بن محمد بن
إسحاق الهاشمى ، ابن أبى الساج على الأحداث والطريق.
وقال فى أخبار سنة
تسع وستين ومائتين : وفيها وجه ابن أبى الساج جيشا بعد ما انصرف من مكة ، فسيره
إلى جدة. وأخذ المخزومى مركبين فيهما مال وسلاح. انتهى.
٣٥٤ ـ محمد بن عيسى
بن الزين محمد بن الأمين محمد بن القطب القسطلانى ابن أبى العباس القسطلانى المكى
:
سمع من عثمان بن
الصفى الطبرى : سنن أبى داود بفوت ، وما علمته حدث ، وما
__________________
عرفت متى ولد ،
ولا متى مات تحقيقا ؛ إلا أنى أظن ، أنه مات فى عشر السبعين وسبعمائة بمكة. وكانت
أمه بنت أخت الشيخ ضياء الدين الحموى.
٣٥٥ ـ محمد بن عيسى بن محمود العلوى الهندى الأصل ، المكى
المولد والمنشأ :
ذكره لى شيخنا أبو
بكر بن قاسم بن عبد المعطى. وذكر أنه صحبه اثنتى عشرة سنة ، ودخل إلى بلاد السودان
، وحصل دنيا ، ثم ذهبت منه.
ومات بالمدينة
النبوية سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة.
٣٥٦ ـ محمد بن عيسى
بن يزيد الجلودى ، أمير مكة :
ذكر الذهبى فى
تاريخ الإسلام : أن محمد بن جعفر الديباجة ، لما خلع نفسه ، ودخل فى طاعة المأمون
، خرج به عيسى الجلودى إلى العراق ، واستخلف على مكة ابنه محمد. وكان ذلك فى أواخر
سنة مائتين.
٣٥٧ ـ محمد بن غالب بن يونس بن محمد بن غالب الأنصارى الأندلسى
الجيانى ، شمس الدين أبو عبد الله ، المعروف بابن شعبة :
سمع من أحمد بن
عبد الدايم مشيخته ، تخريج ابن الظاهرى ، وحدث بها وبالأربعين للنووى عنه. ثم رأيت
له ثبتا بسماعات كثيرة على جماعة كثيرين ، منهم : أحمد بن أبى الخير الحداد
الدمشقى ، سمع عليه المعجم الكبير للطبرانى.
وذكره القطب
الحلبى فى تاريخ مصر ، وقال : أخذ النحو عن العلامة محمد بن أبى الفضل الثعلبى ،
وقال : كان دينا ثقة ورعا زاهدا ، اجتمعت به بمكة سنة ثلاث وسبعمائة.
ووجدت بخط جدى أبى
عبد الله الفاسى ، أنه توفى فى أول شهر الله المحرم ، سنة اثنتين وسبعمائة. وهذا
أصح إن شاء الله تعالى ، لأن جدى أقعد بمعرفته لسكونه بالحجاز.
وأما مولده ، فذكر
القطب ، أنه فى سنة سبع وعشرين ، وقيل : سنة خمس وثلاثين بجيان. وكتب عنه جدى
بيتين لغيره وهما :
__________________
ومن يحمد الدنيا
لعيش يسره
|
|
فذاك لعمرى عن
قليل يلومها
|
إذا أقبلت كانت
على المرء فتنة
|
|
وإن أدبرت كانت
كثير همومها
|
٣٥٨ ـ محمد بن غانم بن صهبانة بن حمزة بن بلدح بن أبى الفرج بن أبى
الليل ابن يحيى بن عبد الله بن محمد تغلب بن عبد الله الأكبر بن محمد بن موسى بن
عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب ، الحسنى
البلدحى ، الشريف شرف الدين أبو غانم بن أبى محمد المكى:
مولده ـ على ما
ذكر الدمياطى فى معجمه ـ فى ليلة الاثنين رابع عشر جمادى الأولى ، سنة ثمان
وستمائة. وسمع من سليمان بن خليل ، مجلدات من صحيح البخارى ، وقرأ عليه وعلى صهره
محمد بن على بن الحسين الطبرى : أربعى المحمدين للجيانى وغير ذلك ، وكتب الطباق ،
وكان له شعر. سمع عليه منه الحافظ الدمياطى.
أنشدنا الشيخان :
إبراهيم بن السلار ، ومحمد بن محمد بن عبد الله المقدسى ، إذنا مكاتبة من الشام ،
أن الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطى ، أنشدهما إجازة مكاتبة من مصر ،
وتفردا بها عنه ، قال : أنشدنا الشريف الفاضل محمد بن غانم ابن صهبانة لنفسه :
أترى المطى بما
نحاول تشعر
|
|
أم راقها ما نحن
فيه فتسكر
|
أم قد تفرست
المطى فتنثنى
|
|
فى حالنا فبدا
لها ما تستر
|
يا سعد إن لألاء
برق لاح من
|
|
أرض العراق
فراعها لا تنفر
|
لا تزجرنها
تستزدها سرعة
|
|
فلومض هذا البرق
زجر آخر
|
خذها بتجذاب
البرى من جلعد
|
|
ضخم وجعلدة أمون
تحضر
|
ومنها :
وإلى أمير
المؤمنين فنصها
|
|
نصا فإنك
بالمراد ستظفر
|
وذكر الحافظ
الدمياطى : أنه ولد ليلة الاثنين ، الرابع عشر من جمادى الأولى سنة ثمان وستمائة
بمكة.
وقد ذكره ابن رافع
فى ذيل تاريخ بغداد ، وساق نسبه إلى على بن أبى طالب رضى الله عنه هكذا.
ومنه نقلته ونقلت
مولده والأبيات ، ولم يذكر متى مات.
وقد وجدت بخطه
طبقة السماع لأربعى الجيانى على الطبرى ، بقراءته بالحرم
الشريف ، وتاريخها
يوم الخميس تاسع شوال سنة ثلاث وخمسين وستمائة ، فيستفاد من هذا ، حياته فى هذا
التاريخ.
٣٥٩ ـ محمد بن غانم
بن مفرج بن محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن عبيد بن حمزة بن بركات بن عبد الله بن
شيبة بن نبيه بن شيبة بن شعيب بن وهب بن عثمان ابن أبى طلحة بن عبد الله بن عبد
العزى بن عثمان بن عبد الدار :
هكذا وجدته منسوبا
فى حجر قبره بالمعلاة. وفيه : أنه توفى يوم الأحد سابع عشرى ربيع الآخر سنة تسع
وعشرين وستمائة.
٣٦٠ ـ محمد بن غانم
بن محمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى :
سمع من عيسى الحجى
، والزين الطبرى ، ومحمد بن الصفى ، وبلال عتيق ابن العجمى ، والجمال المطرى : بعض
الترمذى ، وعلى الآقشهرى : الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى. وما علمته حدث.
وسألت عنه شيخنا
القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، فذكر أنه انتقل من مكة إلى اليمن ، وأقام بها حتى
مات فى حدود سنة تسعين وسبعمائة ، بزبيد.
٣٦١ ـ محمد بن غانم
بن يوسف بن إدريس بن غانم بن مفرج الشيبى الحجبى المكى :
سمع على الحجى ، والآقشهرى
، وموسى الزهرانى : جامع الترمذى ، بفوت ثلاثة مجالس من أوله ، وعلى الآقشهرى :
الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ، سنة خمس وثلاثين وسبعمائة ، وعلى المقرى برهان
الدين المسرورى : جزءا جمعه القاضى شمس الدين بن العماد الحلبى ، جوابا لسائل سائل
عن قوله : (وَأَنْ لَيْسَ
لِلْإِنْسانِ) ، بإجازة منه. وحدث به شيخنا ابن سكر ، وأجاز له سنة نيف
وستين وسبعمائة ، ولم أدر متى مات.
وبلغنى أنه ولى
فتح الكعبة ، نيابة عن يوسف بن أبى راجح الشيبى ، إما فى آخر عشر الثمانين
وسبعمائة ، وإلا فى أوائل عشر التسعين وسبعمائة.
وبلغنى أن منجما
أخبره بدمشق ، أنه يلى فتح الكعبة ، ففرح ، وقال : استقلالا أو نيابة؟. قال له
المنجم : لا أدرى.
٣٦٢ ـ محمد بن فتح
الله الطائفى :
كان إماما بقرية
السلامة ، وله ترداد كثير إلى مكة ، ويقيم بها أوقاتا كثيرة ، وكان
__________________
كثير الزيارة
للنبى صلىاللهعليهوسلم فى طريق الماشى.
توفى فى أوائل سنة
ثمان وتسعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، وقد بلغ الستين أو جاوزها. وسبب موته
: أنه سقط فى البئر التى عند باب الحزورة. وكان خيرا.
٣٦٣ ـ محمد بن فرج المكى ، يلقب بالجمال ، ويعرف بابن بعلجد :
كان بتردد إلى
اليمن كثيرا ، فى دولة ابن سيده الشريف أحمد بن عجلان بن رميثة ، لتوليه لأمر
العلم الذى ينفذه صاحب اليمن كل سنة إلى مكة ، وحصل دنيا ، وتقرب منها بقربات ،
منها : الرباط الذى بقرب باب الحزورة ، والسبيل الذى عند عين بازان بالمسعى. وله
على ذلك وقف ، وتاريخ وقف الرباط ، سنة سبع وثمانين وسبعمائة. كذا فى حجر فيه.
وفى حجر آخر : أنه
وقفه على الفقراء المنقطعين بمكة فى شهر رجب سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، وشرط
النظر فيه لنفسه مدة حياته ، ومن بعده لأولاده الذكور ، ومن بعدهم لقاضى مكة
الشافعى ، وعمر بعض الرباط ، المعروف برباط السبيل بالمدينة النبوية ، وهو رباط القاضى
كمال الدين ، المعروف بابن السهروردى. وفارق مكة لما قتل محمد بن أحمد بن عجلان ،
فى موسم سنة ثمان وثمانين وسبعمائة.
وولى عوضه إمرة
مكة : عنان بن مغامس ، ثم التأم على محمد بن عجلان بن رميثة ، لما تباين محمد بن
عجلان وعنان ، وألف بين كبيش بن عجلان ، ومحمد بن عجلان ، حتى اجتمعا بجدة ، وصار
شريكهما فى الأمر بها والرأى ، وأنفق هو وكبيش على بنى حسن ، أموالا جزيلة بجدة
ليمكنوهم من إخراج عنان وأصحابه من مكة ، وخرجوا من جدة بعد نهبها قاصدين مكة ،
ففارقهم جماعة من رءوس الأشراف وانحازوا إلى عنان ، وأقام مع آل عجلان بوادى مر ،
حتى جاء الخبر بولاية على بن عجلان لإمره مكة ، عوض عنان ، وأنفق حينئذ هو وكبيش
على القواد العمرة والحميضات وبعض الأشراف أموالا جزيلة.
وسار مع العسكر
إلى مكة ، فقتل كبيش فى جماعة من القواد والعبيد ، فى سلخ شعبان سنة تسع وثمانين ،
ورجع ابن بعلجد فيمن رجع ، إلى الموضع الذى توجهوا منه إلى مكة ، وأقاموا به ، حتى
وصل على بن عجلان من الديار المصرية متوليا لإمرة مكة.
__________________
فدخلها ابن بعلجد
، هو وآل عجلان ، خلا محمد بن عجلان ، فإنه توجه إلى جدة لحفظها ، فى موسم سنة تسع
وثمانين ، وصار ابن بعلجد متوليا لتدبير أمر علىّ بمكة مدة قليلة ، ثم اخترمته
المنية فى الحادى والعشرين من المحرم سنة تسعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
وفى حجر قبره :
أنه توفى فى هذا التاريخ من سنة تسع وثمانين وسبعمائة ، وهو غلط بلا ريب ، سبق
إليه قلم الكاتب ، فليعلم ذلك.
٣٦٤ ـ محمد بن فرج
المكى ، القائد جمال الدين :
كان أبوه مولى
لبعض الأعراب المعروفين بالتبيتات :
ولد المذكور بمكة
، ونشأ بها وبباديتها ، وخدم السيد محمد بن محمود بن أحمد بن رميثة سنين كثيرة.
وكثر إقباله عليه ، لما رأى فيه من الأمانة والصدق والمروءة والعقل والأدب. فلما
مات لاءم السيد حسن بن عجلان بن رميثة صاحب مكة ، فعظم إقباله عليه ، ودخل معه فى
أمور خاصة لم يدخلها غيره ، وقطع عليه بأشياء بغير مشاورته. فأمضاها الشريف حسن ،
فكثر اعتباره عند الناس لذلك. واستفاد نقدا وعقارا وإبلا وغير ذلك. وكانت فيه
مروءة وعصبية كثيرة لأصحابه. وفيه تواضع ، وينسب لتشيع.
وتوفى فى ليلة نصف
شعبان سنة سبع وعشرين وثمانمائة ، بقرب الواديين ؛ وكان أتى إليه من مكة ، لما
تحقق بولاية السيد على بن عنان بن مغامس بن رميثة الحسنى لإمرة مكة ، عوض السيد
حسن.
وكان هيأ لنفسه
قبرا بناه بالمعلاة ، وفى غيبته عن مكة ، أدخل فيه ابن لمقدم العسكر الواصل إلى
مكة ، مع على بن عنان ، ثم امتنع أبوه من دفنه فيه.
٣٦٥ ـ محمد بن فرقد
بن هوشاب ، ظهير الدين الشيبانى الإسكندرى ، نزيل مكة العمرى:
كان يكتب العمر
ويبيعها. هكذا ذكره القطب الحلبى.
ووجدت بخط سليمان
بن خليل العسقلانى : أنه سمع بقراءة ظهير الدين هذا ، على أبى الحسن بن البنا ،
خمسة عشر جزءا من جامع الترمذى ، فى مجالس آخرها فى العشر الأول من جمادى الأولى
سنة عشرين وستمائة ، بالحرم الشريف ، ولعله قرأ الكتاب كله ، فإن سليمان بن خليل ،
سمعه بكماله ، وحدث به عن ابن البنا.
أخبرنى أبو إسحاق
إبراهيم بن محمد الدمشقى ، بقراءتى عليه ، تجاه الكعبة ، أن الحافظ قطب الدين عبد
الكريم بن عبد النور الحلبى ، أجازه مكاتبة ، وتفرد بها عنه. قال : أنبأنا أبو بكر
محمد بن أحمد بن على القسطلانى ، قال : أنشدنى الفقيه محمد بن فرقد بن هوشاب
الشيبانى الإسكندرى ، قال : أنشدنى أبو بكر بن أبى عبد الله الهاشمى الواعظ :
يا نعمة تدرا
إلى شاكر
|
|
تعمه جودا
وإحسانا
|
أفضل منها عند
بيت الذى
|
|
ما شاء فى عالمه
كانا
|
وكيف لا وهى
التى لم تزل
|
|
تسعد دنيانا
وأخرانا
|
٣٦٦ ـ محمد بن أبى الفتح الواسطى ، ، المحدث أبو عبد الله ، ويعرف
بالنقاش :
ذكره ـ هكذا ـ ابن
الحاجب الأمينى فى معجمه ، وقال : سمع الكثير ، وطاف البلاد ، وجال فى الآفاق.
وكان طوافه على مذهب الصوفية والسياح ، لا على مذهب المحدثين ، وكان يسمع فى ضمن
ذلك.
وجاور بمكة شرفها
الله ، مدة سنين ، سمعت عليه بها. وكان معه بعض أصول سماعاته العالية ، وأثباته
وقفت عليها ، وشاهدت خطوط عدة مشايخ وحفاظ ، سمع بقراءتهم وأثبتوا له. وسمعت من
بعض الطلبة ، أنه كان يدعى أكثر مما سمع ، والله أعلم بحاله.
توفى بمكة. انتهى.
٣٦٧ ـ محمد بن فضيل :
٣٦٨ ـ محمد بن قاسم
بن قاسم بن مخلوف الحسنى الصقلى ، الشريف أبو عبد الله ، المعروف بالبنزرتى
المالكى ، نزيل الحرمين الشريفين :
هكذا أملى علىّ
نسبه.
وذكر لى أنه ولد
سنة ست وثلاثين وسبعمائة ، وأنه سمع بدمشق : جامع الترمذى ، وسنن أبى داود ، على
عمر بن أميلة ، وعلى محمود بن خليفة المنبجى : سنن النسائى بفوت معين ، فى أصل
السماع ، وعلى إبراهيم بن عبد الله الزيتاوى : سنن ابن ماجة بنابلس.
__________________
وقد رأيت أصل
سماعه له لما ذكر ، خلا سنن ابن ماجة ، فإنى لم أر أصله فيها ، ورأيت فوته معينا
فى سنن النسائى ، وهو من كتاب الصيام إلى كتاب الزكاة.
وقد حدثنا بسنن
أبى داود وجامع الترمذى لما قرأتهما بمكة على شيخنا القدوة ، شهاب الدين بن الناصح
، وحدثنا ببعض سنن النسائى ، لما قرأ ذلك على شيخنا ابن صديق ، وحدثنا بسنن ابن
ماجة بمفرده ، واعتمدنا على قوله فى ذلك ؛ لأنه ثقة خير دين.
كان له إلمام
بالحديث من كثرة قراءته ، وعلى ذهنه منه فوائد. وله حظ وافر من العبادة ، مع حسن
الطريقة.
وكان قدم إلى
المدينة ، فى حدود سنة سبعين وسبعمائة ، وسكنها مدة سنين ، ولازم قراءة الحديث
النبوى عند الحجرة النبوية ، وصار يتردد إلى مكة ، فأدركه الأجل ، فى شوال سنة
أربع وتسعين وسبعمائة ودفن بالمعلاة ، وشهدت الصلاة عليه ودفنه.
٣٦٩ ـ محمد بن القاسم
بن محمد بن عبد الله بن عبد الرزاق الجمحى المكى :
حدث عن أبى حمة
محمد بن يوسف الزبيدى ، وسمع من ابن منصور الجوّاز المكى.
سمع منه الحافظ
أبو بكر الإسماعيلى ، سنة ست وتسعين ومائتين ، روى عنه فى معجمه.
٣٧٠ ـ محمد بن أبى
القاسم بن أحمد بن عبد الصمد الخزرجى ، المعروف باليمانى :
كان له اشتغال
بالعلم ، مع قراءة حسنة بالمحراب. وكان رام الإمامة بمقام الحنفية بالمسجد الحرام
، بعد خاله أبى الفتح الحنفى ، وتهيّأ له ذلك من جهة السلطان صاحب مصر ، فمنعه من
ذلك قاضى مكة أبو الفضل النويرى ، لأمر فيه اقتضى ذلك ، سامحه الله.
وتوفى فى آخر سنة
أربع وتسعين وسبعمائة بدمشق ، بعد أن أقام بديار مصر مدة سنين.
٣٧١ ـ محمد بن أبى القاسم ، المعروف بابن الأجل الدمشقى ، يلقب
شمس الدين :
نزيل مكة. ذكر أنه
ولد سنة ثلاثين وسبعمائة ، وأنه قرأ الفقه على العلامة فخر الدين
__________________
المصرى الشافعى ،
وقاضى القضاة تقى الدين السبكى وغيرهما. وكان فقيها فاضلا ، وعلى ذهنه فوائد.
كانت له دنيا
فتركها ، وآثر الإقامة بمكة على طريقة حميدة ، حتى توفى بها. وكان عنده زهد وتخيل
من الناس ، وانحراف عنهم ، وملك دنيا طائلة ، ثم ذهبت منه ، وانقطع بمكة نحو خمسة
عشر سنة قبل موته. ثم مات فى النصف الثانى من ربيع الأول سنة خمس وثمانمائة. ودفن
بالمعلاة.
٣٧٢ ـ محمد بن قلاوون الصالحى :
الملك الناصر بن
الملك المنصور ، صاحب الديار المصرية والشامية والحجازية ، وغير ذلك من البلاد
الإسلامية ، ذكرناه فى هذا الكتاب ، لأنه عمر أماكن بالمسجد الحرام والحجر والمقام
وزمزم ، وسقاية العباس ، وعمل للكعبة بابا حلاه بخمسة وثلاثين ألف درهم وثلاثمائة
درهم. وأجرى إلى مكة عينا من جهة جبل ثقبة فى مجرى عين بازان ، وعمل مطهرة بالمسعى ، مقابلة لباب بنى
شيبة.
ولى السلطنة ثلاث
مرات ، الأولى : نحو سنة. والثانية : نحو عشر سنين. والثالثة : نحو اثنتين وثلاثين
سنة. وصورة الحال فى ذلك : أنه بويع بالسلطنة بعد قتل أخيه الأشرف خليل ، فى
المحرم سنة ثلاث وتسعين وستمائة ، وهو ابن تسع سنين ، واستمر إلى أن خلع فى المحرم
سنة أربع وتسعين.
وولى عوضه نائبه
الملك العادل كتبغا المنصورى ، مملوك أبيه ، وبعث الناصر المذكور إلى الكرك ،
ليتعلم هناك القرآن والخط. فلبث هناك إلى أن قتل المنصور حسام الدين لاجينالمنصورى ، الذى انتزع الملك من كتبغا ، ولما قتل لاجين ،
بويع الناصر المذكور
__________________
بالسلطنة ، وخطب
له بالديار المصرية ، وهو إذ ذاك بالكرك ، فى ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين، ثم أحضر
إليها ، واستمر سلطانا إلى أن أظهر التخلى عن الملك ، لما تم عليه من كثرة الحجر
من نائبه سلار ، وأستاداره بيبرس الجاشنكير ، حتى قيل إنه منع من خروف مشوى
اشتهاه.
وكان تخليه عن
الملك ، فى آخر سنة ثمان وسبعمائة ، بعد أن صار بالكرك ، وكان توجه إليها مظهرا
لقصد الحج منها ، ولما عرف الأمراء بمصر بإعراضه ، تسلطن عوضه بيبرس الجاشنكير ،
وتلقب بالمظفر ، وناب له سلار ، واستوسق له الأمر ، وأقام الناصر إلى أثناء سنة تسع وسبعمائة ، ثم
توجه منها إلى دمشق ، راجيا للملك ، وحرك عزمه على ذلك ، جماعة من المماليك هربوا
إليه من مصر ، وراسل الناصر الأفرم نائب دمشق ؛ ليكون معه فتوقف. وقال ما معناه :
كيف يكون هذا وقد أمرنا بالطاعة لغيره ـ يعنى المظفر ـ لأن الناصر كان كتب من
الكرك لما تخلى عن الملك إلى نواب البلاد ، يأمرهم بالطاعة لمن يتسلطن عوضه ، ثم
إن الأفرم خذل وفرّ إلى الشقيف ؛ ووصل إلى الناصر ، قراسنقر المنصورى وغيره من
نواب البلاد الشامية ، وسار بمن انضم إليه إلى الديار المصرية ، فوصلها سالما ،
وجلس على سرير الملك بها ، فى يوم عيد الفطر من سنة تسع وسبعمائة ، وكان المظفر
بيبرس قد توجّه من مصر لقصد الناصر ؛ فبان عن المظفر جماعة من أمرائه ، وقصدوا
الناصر ، فخذل المظفر.
ورجع إلى مصر ،
بعد أن تفرق عنه عسكره ، ثم أرسل إلى الناصر يطلب منه الأمان ، وأن ينعم عليه
بمكان يأوى إليه فى غلمانه ، فأجابه إلى ذلك ، وعين له مكانا ، ثم تغير عن ذلك
الناصر بعد قليل ، واستدعى المظفر إليه فقتله ، وأباد الناصر جماعة من أعدائه. وقيل
: إنه قبض ـ لما عاد إلى مصر ـ على السماط اثنين وثلاثين أميرا ، وتمهد له الأمر
حتى مات ، وهادته الملوك ، وفعل أفعالا جميلة.
منها : جامع أنشأه
على شاطئ النيل بمصر ، يعرف الآن بالجامع الجديد ، ومدرسة بالقاهرة ، بين القصرين
، وتعرف بالناصرية ، وقرّر بها دروسا فى المذاهب الأربعة ، والقراءات ، والتفسير ،
والعربية ، وطلبة وتصادير وغير ذلك ، وخانقاه للصوفية بسرياقوس ، وغير ذلك ، وحج
ثلاث مرات ، الأولى : فى سنة اثنتى عشرة ، والثانية : فى سنة تسع عشرة ، والثالثة
: فى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة ، وجهزّ إلى مكة العساكر غير مرة ، لتمهيد أمرها
، ولتأييد من يوليه إمرتها من أولاد أبى نمىّ ، واتفق له من نفوذ
__________________
الأمر بمكة
والحجاز ، ما لم يتفق لأحد من مملوك الترك بمصر ، وأنجد الملك المجاهد صاحب اليمن
بعسكر ، أيام حرب المجاهد ، والظاهر بن المنصور أيوب بن المظفر.
ومن محاسنه : أنه
كان معظما لمنصب الشرع ، وقد صحّ لى عن قاضى القضاة عز الدين بن جماعة أنه قال :
كان الملك الناصر ـ يعنى المذكور ـ يدعونى فى دار العدل بحضرة الأمراء ، ويذكر لى
سرا ما ليس فى السرّية كبير فائدة ، وظهر لى أن الذى يحمله على ذلك ، تعظيم منصب
الشرع عند الحاضرين.
ومما اتفق له ولم
يتفق لملك من بعده ، أنه أجاز الصفى الحلى على قصيدة مدحه بها بمائة ألف درهم ،
وعدد أبياتها مائة بيت.
وولى السلطنة من
أولاده لصلبه ثمانية ، وهم : المنصور أبو بكر ، ثم الأشرف كجك ، ثم الناصر أحمد
صاحب الكرك ، ثم الصالح إسماعيل ، ثم الكامل شعبان ، ثم المظفر حاجى ، ثم الناصر
حسن ، ثم الصالح صالح ، ولم يتفق ذلك لملك سواه ولا لخليفة. وأكثر ما يعرف فى ذلك
أربعة لرجل واحد ، وهم : الوليد ، وسليمان ، ويزيد وهشام ، أولاد عبد الملك بن
مروان ، وثلاثة ، وهم : الأمين ، والمأمون ، والمعتصم ، أولاد الرشيد العباسى ،
والراضى ، والمتقى ، والمطيع ، بنو المقتدر.
ويقال : إن جيش
مصر ، كان فى أيام الناصر المذكور ، أربعة وعشرون ألف مقاتل. ولم يتفق ذلك بعده.
وسببه : أن الناصر كان يرى تكثير المقاتلة ، فلا يعطى كلا منهم إلا قدر كفايته أو
أزيد بقليل ، ولم ير ذلك الولاة بعده ، وأعطوا لكل من يحبونه أضعاف ما كان يعطيه
الناصر.
ووجدت بخط الحافظ
شهاب الدين أحمد بن أيبك الدمياطى فى وفياته ، ترجمة للملك الناصر هذا ، ذكر فيها
من حاله قليلا مما ذكرناه ، ثم قال : وكان من المعرفة لسياسة الملك على أمر عظيم ،
لا يكاد أحد يعرف ما فى باطنه. وكان كثير التحيل ، يقرب من يقرب ممن يختاره من
مماليكه إلى منزلة لم يبلغها أحد ، ثم يسلبه تلك النعمة فى ساعة واحدة ، ويهلكه
غير محتفل به. انتهى.
وقال ابن شاكر فى
ترجمته : وكان راتبه من اللحم لمطبخه ولمماليكه وغيرهم : ستة وثلاثين ألف رطل مصرى
، وبالغ فى شراء الخيل ، حتى اشترى بيت الكرمدى بمائتى ألف. وبالغ فى شراء المماليك
، حتى اشترى بخمسة وثلاثين ألف درهم. انتهى. يعنى : الواحد من المماليك.
توفى فى ليلة
الخميس حادى عشرى ذى الحجة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، بقلعة الجبل ، وحمل فى
محفة ليلة الجمعة ثانى عشرى الحجة ، إلى المدرسة المنصورية بالقاهرة فغسل بها ،
وصلى عليه ، ودفن عند أبيه.
وذكر ابن شاكر
الكتبى فى تاريخه : أنه توفى تاسع عشر الحجة.
وذكر الشريف
الحسينى ، أنه توفى فى يوم الأربعاء العشرين من ذى الحجة ، والأول أصوب إن شاء
الله ، لأن ابن أيبك الدمياطى ، ذكره فى وفياته ، وهو بذلك أعرف. وله من العمر
ثمان وخمسون سنة ، تنقص نحو عشرين يوما.
٣٧٣ ـ محمد بن قيس بن شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار
:
ذكره ـ هكذا ـ الذهبى
فى التجريد. وقال : من مهاجرة الحبشة ، أورده (س) .
٣٧٤ ـ محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف المطلبى
المكى :
أرسل عن النبى صلىاللهعليهوسلم. وروى عن أبى هريرة وعائشة.
وروى عنه : ابنه
حكيم ، وعبد الله بن كثير ، وعمر بن محيصن.
وثقه أبو داود ،
وروى له فى المراسيل.
وروى له الترمذى ،
والنسائى ، ومسلم ، ولم يصرح المزى فى التهذيب بأنه مكى ، إنما قال : حجازى. نعم
قال الذهبى فى مختصر التهذيب : إنه مكى.
٣٧٥ ـ محمد بن قيس
المكى :
روى عن عمرو بن
قيس السلوى. روى عنه : هشام بن حسان. ذكره ـ هكذا ـ ابن حبان فى الطبقة الثالثة من
الثقات.
__________________
٣٧٦ ـ محمد بن كثير :
المقرئ بالحرم
الشريف. هكذا وجدته بخط ابن عبد الحميد ، فى عدة طباق ، على جماعة سمع عليهم ،
منهم : عز الدين الفاروثى بمكة ، فى حدود سنة تسعين وستمائة.
٣٧٧ ـ محمد بن كحل العزى ، المكى ، يلقب بالجمال :
كان أبوه من موالى
السيد عز الدين حميضة بن أبى نمى ، صاحب مكة. ولذلك قيل له : العزى ، ونشأ ملائما
لجماعة من أعيان الأشراف وغيرهم ، وظهرت منه خصال جميلة ، واشتهر ذكره ، وصار
مقبول الشهادة عند الحكام ، وغيرهم. ورزق جانبا من الدنيا وعدة أولاد ، وكان زيدى
المذهب ، وينسب إليه الغلو فيه ، مع قوة فى الرمى بالنشاب ، وكان طويل الشكالة ،
غليط الجسم ، شديد السمرة.
توفى فى المحرم
سنة عشرين وثمانمائة. وقد جاوز الثمانين بسنة أو بسنتين. وكان على ذهنه فوائد من
أخبار بنى حسن ولاة مكة وغيرهم.
٣٧٨ ـ محمد بن كمال بن على بن أبى بكر ، الهندى الدهلوى ، شمس
الدين الحنفى :
هكذا وجدته منسوبا
بخط شيخنا ابن سكر. ووجدت بخطه أيضا : أنه سمع على شيختنا أم الحسن فاطمة بنت
الحرازى. وكان أحد الطلبة بدرس يلبغا.
وكان يؤم بمقام
الحنفية نيابة عن إمامه ، شبخنا الشيخ شمس الدين محمد بن محمود بن محمود الخوارزمى
، المعروف بالمعيد ، ولازمة مدة ، وأخذ عنه علم العربية وغيرها.
وكان جاور بمكة
سنين كثيرة متأهلا بها ، حتى توفى فى طاعون كان سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة ،
ودفن بالمعلاة. وكانت وفاته قبل شهر رجب.
* * *
من اسمه محمد بن محمد
بن أحمد
٣٧٩ ـ محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم أبى بن بكر الطبرى ،
أبو عبد الله بن الشيخ أبى اليمن :
سمع من أبيه وعمه
وشيخنا ابن صديق وغيرهم من شيوخنا.
__________________
وناب فى الإمامة
عن أبيه حينا ، واخترمته المنية ، وهو فى عشر الثلاثين. وكانت وفاته فى جمادى
الأولى من سنة سبع وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة. وهو سبط الفقيه جمال الدين بن
البرهان الطبرى ، المقدم ذكره.
٣٨٠ ـ محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن
أبى بكر بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر الطبرى ، المكى ، الإمام رضى الدين أبو
السعادات بن الإمام محب الدين أبى البركات الشافعى :
إمام مقام الخليل عليهالسلام بالمسجد الحرام. ولد فى سنة سبعين وسبعمائة فى هلال ذى
الحجة ، أو قبل ذلك بمكة.
وسمع بها على
الجمال محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد المعطى شيئا من الثقفيات.
وسمع من الجمال
محمد بن عمر بن حبيب الحلبى ـ فيما بلغنى ـ شيئا من سنن ابن ماجة ، وعنى بحفظ
القرآن والفقه.
وناب عن أبيه فى
الإمامة فى مدة سنين ، ثم نزل أبوه عن الإمامة له قبيل وفاته. فشاركه فيها عمه
الشيخ أبو اليمن محمد بن أحمد الطبرى ، السابق ذكره ، مدة سنين ، وشاركه فيها بعد
أبى اليمن ، ابنا عمه أبى اليمن ، الإمامان : أبو الخير ، وعبد الهادى.
وكان يصلى وقتا ،
وعمه وأولاده وقتا. ونزل قبل وفاته بثلاثة أيام أو أكثر ، عما بيده من الإمامة
لابنه محب الدين محمد ، وهو فى مبدأ سن الشبوبية. وفقه الله.
ولم يعش له ولد
ذكر كما عاش ابنه محب الدين هذا. ولعله ما رزق ذكرا سواه ، ورزق عدة بنات ، زوج
منهن ثلاثا ، ومات بعضهن قبل ذلك.
وكان يتخيل من
الناس كثيرا ، ولا يأكل من طعام بعض بناته تخيلا.
وكان أبوه قد أوصى
لبعضهن بثلث ماله ، فعاد ذلك عليه بنفع. وكان بيد أبيه عدة منازل بمكة ومنى. وقل
احتيال ولده المذكور بعمارة ما صار إليه من ذلك ، فخربت وقل نفعه بها ، فتعب لذلك.
توفى ليلة الأحد
سلخ جمادى الأولى ـ والظاهر أنها ليلة مستهلّ جمادى الآخرة ـ سنة اثنتين وعشرين
وثمانمائة بمكة. وصلى عليه عقيب صلاة الصبح فى الساباط المتصل بقبة المقام ، ودفن
بالمعلاة. وكان الجمع وافرا وقت تشييعه ودفنه.
__________________
وكان قد انقطع
بمنزله قبل موته بشهرين أو أكثر ، لما عرض له من الضعف بعسر الإراقة ، ثم تعلل
بغير ذلك ، ورام تقديم ابنه فى الإمامة فى مدة انقطاعه ، فما تم له قصد.
وكان أبى تزوج
بأمه ، وقام بكثير من مصالح المذكور.
وأمه هى أم الحسن
فاطمة بنت الشيخ أبى العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى ، الآتى ذكره. وعاشت بعده
وعظمت عليها البلية بوفاته ، فإن أخته شقيقته أم الحسين ماتت قبله ، ثم تلتها أخته
لأمه ، أم هانئ ، وهى أختى لأبى ، رحمهمالله أجمعين.
٣٨١ ـ محمد بن محمد
بن أحمد بن إبراهيم بن يعقوب بن أبى بكر الطبرى المكى ، أبو المكارم بن الفقيه
جمال الدين ، المعروف بابن البرهان الطبرى :
سمع بمكة من الحجى
، والزين الطبرى وعبد الوهاب الواسطى وغيرهم ، وبالقاهرة من فتح الدين القلانسى ،
والقاضى عز الدين بن جماعة ، فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة ، وما عرفت متى مات ،
إلا أنه كان حيا فى سنة ثمان وخمسين وسبعمائة.
٣٨٢ ـ محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يعقوب الطبرى أبو
المحاسن ابن البرهان المكى، أخوه :
سمع بمكة من الحجى
، والزين الطبرى ، وعبد الوهاب الواسطى : بعض الترمذى. وبالقاهرة من : القلانسى ،
وابن جماعة فى التاريخ السابق. وما علمته حدث ، وله اشتغال فى العلم.
وتوفى سنة ست
وثمانين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.
٣٨٣ ـ محمد بن محمد
بن أحمد بن الحسن بن عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش ابن عبد المطلب بن هاشم القرشى
الهاشمى ، إمام المسجد الحرام :
هكذا نسبه ابن
المقرى ، وفى هذا النسب نظر ، لأن فيه سقطا وتخبيطا ، وصوابه : محمد بن محمد بن
أحمد بن الحسن بن عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش بن عتبة بن أبى لهب ، واسمه : عبد
العزى بن عبد المطلب بن هاشم. كما ذكر صاحب الجمهرة أبو محمد بن حزم الحافظ
النسابة ، كما نسب أباه محمد بن أحمد ، المقدم ذكره.
__________________
وقد حدث هذا ، عن
بحر بن نصر بن سابق الخولانى.
٣٨٤ ـ محمد بن
محمد بن أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة ، يكنى أبا السعود بن أبى الفضل
بن القاضى شهاب الدين ، المعروف بابن ظهيرة :
سمع بمكة من شيخنا
ابن صديق وغيره من شيوخنا ، وسمع بالقاهرة بقراءتى على شيختنا مريم بنت الأذرعى ،
وحفظ كتبا علمية ، وحضر دروس شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، ثم اخترمته المنية
، وهو ابن عشرين سنة أو نحوها فى سنة اثنتين وثمانمائة بمكة.
٣٨٥ ـ محمد بن محمد
بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم ، قاضى مكة ومفتيها ،
نجم الدين أبو حامد بن القاضى جمال الدين ابن الشيخ محب الدين الطبرى المكى
الشافعى :
ولد فى شوال سنة
ثمان وخمسين وستمائة ، كما وجدت بخط جدّى أبى عبد الله الفاسى ، وقيل فى سنة تسع
وخمسين.
وأجاز له فى
استدعاء مؤرخ بهذه السنة : نجم الدين سليمان بن خليل ، والحافظ ابن مسدى ، والكمال
محمد بن عمر بن خليل ، وأبو عبد الله بن الخادم ، والتاج بن عساكر ، وجماعة ، منهم
: عم جدّه يعقوب بن أبى بكر الطبرى ، وسمع عليه جامع الترمذى ، وأبو اليمن بن
عساكر ، وسمع عليه صحيح مسلم بفوت وغير ذلك ، وعلى العز أحمد بن إبراهيم الفاروثى
، خطيب دمشق ، مسند الشافعى ، وفضائل القرآن لأبى عبيد ، وجزء البانياسى ، والحاوى
فى الفقه عن مؤلفه الإمام عبد الغفار بن عبد الكريم ابن عبد الغفار القزوينى ،
وبحثه عليه.
وسمع على جدّه
المحب سنن أبى داود ، وتفقه عليه ، ودرس وأفتى مدة ، وولى قضاء مكة بعد أبيه مدة ،
تزيد على خمسة وثلاثين عاما حتى مات ، وحدث.
وسمع منه جماعة ،
منهم : البرزالى ، وذكره فى معجمه وقال : كان شيخا فاضلا ، فقيها مشهورا بمعرفة
الفقه ، يقصد بالفتوى من بلاد اليمن والحجاز.
وحكى عن العفيف
المطرى أنه قال : كان صدوقا معظما كبيرا ، رأسا فى الفقهاء الشافعية ، مع النظر
الفائق ، والشعر الرائق ، ولم يخلق بعده فى الحرمين مثله. وذكر أنه
__________________
توفى فى ضحوة يوم
الجمعة ثانى جمادى الآخرة سنة ثلاثين وسبعمائة ، ودفن بالمعلاة بعد العصر، وقد
رثاه جماعة من أهل مكة بقصائد ، نذكر شيئا منها فى تراجمهم ، ويقال : إن الجن بكته
، ومدحه غير واحد ، منهم : النجم الطوفى العالم المشهور ، بثلاثة أبيات لها موجب ،
وهو أنه حضر بالمدينة النبوية ، عند قاضيها عمر بن أحمد بن الخضر الأنصارى الشافعى
المعروف بالسراج فى درسه ، فتكلم معه فى العلم ، فلم ينصفه السراج ، ثم قدم النجم
الطوفى إلى مكة عند قاضيها نجم الدين الطبرى ، وتكلم معه فى العلم فأنصفه وأكرمه ،
فقال فى الرجلين :
سراج بالمدينة
ثم نجم
|
|
بمكة أصبحا
متناقضين
|
فهذا ما علمت له
بزين
|
|
وهذا ما علمت له
بشين
|
فأطفأه المهيمن
من سراج
|
|
وأبقى النجم نور
المشرقين
|
أخبرنى بذلك بعض
مشايخنا عن العفيف المطرى. وقد أخبرنى شيخنا العلامة القاضى جمال الدين بن ظهيرة ،
أن الشيخ عفيف الدين عبد الله بن الزين الطبرى ، أخبره أن القاضى نجم الدين كان
جالسا فى جمع حفل ، فقام رجل من المجلس فأنشد :
يا أيها الجمع
المنظم شمله
|
|
بشيوخه وكهوله
وشبابه
|
هل فيكم من منتم
إلا له
|
|
أو فيكم متجمل
إلا به
|
ومن محفوظات القاضى
نجم الدين : المحرر للرافعى.
وبلغنى : أنه دخل
إلى اليمن ، مع جدّه الشيخ محب الدين الطبرى ، وأن الملك المظفر أو غيره من
الأعيان ، التمس من الشيخ محب الدين نسخة من المحرر فقال : ليس معى منه نسخة ،
وإنما ابنى هذا ـ يعنى القاضى نجم الدين يحفظه ، وهو يمليه عليكم ، فأملاه عليهم
القاضى نجم الدين ، ثم عارضوا ما أملاه عليهم على نسخة ظفروا بها ، فلم يجدوا
خلافا إلا بالعطف بالواو والفاء ، فى مسائل قليلة.
هذا ما بلغنى فى
هذه الحكاية بالمعنى.
ورأيت جوابا
للقاضى نجم الدين الطبرى ، على فتيا يحسن ذكرها لما فيه من الفائدة بالنسبة إلى
أهل مكة. ونص السؤال بعد البسملة : ما تقول السادة الفقهاء أئمة الدين ، وعلماء
المسلمين ، فسح الله فى مدتهم ، ونفع ببركتهم : فى رجل باع من رجل مبيعا بدراهم
مسعودية ، فى نخلة ، ونقدها يخالف نقد مكة المشرفة ، هل يلزمه نقد نخلة أو نقد مكة
، ولو أنه شرط له حالة البيع ، نقد مكة وجوازها ، فبطلت تلك السكة الأولى ، وظهرت
سكة أخرى. هل يلزمه القديمة أم الجديدة؟.
فلو أنه شرط له
جواز مكة ، الذى سيظهر بعد ، على ما جرت به عادة مكة ، هل يصح ذلك؟. ويلزمه من
السكة الجديدة أم لا يصح؟.
ولو أن المديون
أشهد على نفسه فى ظاهر الأمر ، بما يلزمه جميع ما يدعيه خصمه ، والأمر فى الباطن
على خلاف ذلك ، هل يحل له أخذ ذلك ، بناء على إقرار خصمه فيما بينه وبين الله عزوجل ، أم هو حرام عليه؟.
وإذا كان الشهود
عالمين بباطن الحال ، وأشهدهم المديون بما يعضد خصمه ، مع علمهم بأن الأمر على
خلاف ما أشهدهم به ، هل تجوز لهم الشهادة أم لا؟.
أفتونا مأجورين
مثابين إن شاء الله ، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.
ونص الجواب :
الجواب ـ والله
الموفق ـ : أنهما إذا تبايعا فى نخلة ، ولم يعينا نقد مكة ، لزم نقد نخلة ، وإن
عيناه فحدثت سكة غير التى كانت حالة البيع ، فلا تلزم إلا السكة التى كانت حالة
البيع ، ولو شرطا السكة التى ستحدث ، كعادة مكة ، لم يصح ذلك ، وكان البيع باطلا ،
ولو أشهد المديون على نفسه بما يلزمه فى ظاهر الشرع مطلوب خصمه ، ولا مستند له فى
الباطن ؛ فلا يحل لخصمه إلا ما كان حلالا له قبل إشهاده ، ومتى أخذ منه غير ذلك ،
كان حراما عليه، ومتى علم الشهود خلاف ما أشهدهم المشهد ، حرمت عليهم الشهادة.
والله سبحانه أعلم.
وكتب محمد بن محمد
الطبرى ، حامدا مصليا مسلما. انتهى.
وقد كتب بموافقته
على الجواب : الرضى إبراهيم بن محمد الطبرى إمام المقام ، والشيخ شهاب الدين أحمد
بن قاسم الحرازى ، والفقيه على بن إبراهيم بن محمد بن حسين البجلى ، وأخوه عمر بن
إبراهيم بن محمد بن حسين البجلى ، والفقيه على بن محمد الحكمى ، رحمهمالله تعالى.
ومن شعر القاضى
نجم الدين الطبرى ، ما أنشدناه القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة ، أجاز عنه إجازة
:
أشبيهة البدر
التمام إذا انتهى
|
|
حسنا وليس البدر
من أشباهك
|
مأسور حسنك إن
يكن مستشفعا
|
|
فإليك فى الحسن
البديع بجاهك
|
أشفى أسى أعيى
الأساة دواؤه
|
|
وشفاه يحصل
بارتشاف شفاهك
|
فصليه واغتنمى
بقاء حياته
|
|
لا تقتليه جوى
بحق إلهك
|
ومن شعره ما
رويناه عنه بهذا الإسناد ، فى مدح الشريف أبى نمى محمد بن أبى سعد الحسنى ، صاحب
مكة ، وكتب ذلك عنه ، القاضى عز الدين بن جماعة ، قال :
أمفرقا جمع
الخزائن إذ غدا
|
|
كرما لمفترق
المحامد يجمع
|
أنا من ولاه
لبيتكم طبع وما
|
|
ذو الطبع فى حال
كمن يتطبع
|
أعددت حبكم
وسيلتى التى
|
|
ما راح يفزع من
إليها يفزع
|
وحلت حلاك
لمنطقى فنظمتها
|
|
دررا بها تاج
الفخار مرصع
|
فإذا دفعت إلى
الخطوب رجوتها
|
|
بالله ثم بحد
عزمك تدفع
|
وإذا رأيت غمام
خطب مطبقا
|
|
بى من سواك رجوته
بك يقشع
|
فإذا أتانى
الضيم منك وأصبحت
|
|
من فيض جودك
غلتى لا تنقع
|
فبمن ألوذ وأين
مثلك آخر
|
|
فى القوم يستسقى
حياه فيهمع
|
أنا من أطال لك
المديح وما له
|
|
فى كسب شىء غير
ودك مطمع
|
وفرت مالك وهو
غير موفر
|
|
ووقفت عنه وفيه
كل يكرع
|
وحميت نفسى ورده
مع أننى
|
|
ظام إليه وهو
طام مترع
|
كيلا يقال مودة
موصولة
|
|
بحقير دنيا حيث
يقطع تقطع
|
فأقل ما لى لا
عدمتك أننى
|
|
أحمى المضرة حيث
لا أنا أنفع
|
أأكون ممن لا
يزال بجهده
|
|
يرعاك وهو بما
يشاء يروع
|
حاشا لمثلك أن
يضيع حافظا
|
|
ما زال فيك
ثناؤه يتضوع
|
ولئن فعلت ولا
أراك وحق ما
|
|
لا كان منك
بحالة يتوقع
|
فلتخبرن بما
يقال إذا غدت
|
|
مدحى تشنف من
حواه المجمع
|
ولتسمعن وقيت كل
رذيلة
|
|
ما قد يسرك أنه
لا يسمع
|
ممن إذا أنشدت
مدحك قال لى
|
|
أين الصنيع ومثل
ذا بك يصنع
|
ما بعد مدحك
واعتقادك فيهم
|
|
فإذا خفضت فمن
لديهم يرفع
|
أما فمى فوحق
جدك لا يرى
|
|
أبدا لغير
مديحكم يتطلع
|
يا ماجدا لا منع
يوجد عنده
|
|
أبدا وليس لديه
جود يمنع
|
أيليق أن تثنى
العنان مخيبا
|
|
فى القصد من
قدام بابك يقرع
|
وكان أكبر أولاد
الملك الكامل ، وملك الملك المسعود مكة ـ شرفها الله تعالى ـ وبلاد الحجاز مضافة
إلى اليمن ، واتسعت المملكة للملك الكامل.
ولقد حكى من حضر
الخطبة يوم الجمعة بمكة ، لما وصل الخطيب الدعاء للملك الكامل ، قال : صاحب مكة
وعبيدها ، واليمن وزبيدها ، ومصر وصعيدها ، والشام وصناديدها ، والجزيرة ووليدها ،
سلطان القبلتين ، ورب العلامتين ، وخادم الحرمين الشريفين ، أبو المعالى محمد
الملك الكامل ناصر الدين ، خليل أمير المؤمنين. انتهى من تاريخ ابن خلكان.
وكان من خبر الملك
الكامل فيما يتعلق بملكه لمكة ، أنها لم تزل فى ولايته ، من حين مات ابنه الملك
المسعود صاحب اليمن ومكة بها ، فى سنة ست وعشرين إلى سنة تسع وعشرين.
فلما كان فى هذه
السنة ، نازعه فيها الملك المنصور نور الدين عمر بن على بن رسول صاحب اليمن ، وكان
بعد أن دعا لنفسه بالسلطنة ببلاد اليمن وكان قبل ذلك يظهر أنه نائب للملك الكامل
باليمن ؛ لأن الملك المسعود بن الملك الكامل ، كان استناب الملك المنصور هذا ، على
بلاد اليمن ، لما توجه منها لقصد دمشق ، حين سمع بموت عمه الملك المعظم. فمات
الملك المسعود بمكة. وبقى الملك المنصور باليمن ، يظهر الطاعة للكامل ، إلى أن
تمكن من إظهار الدعوة لنفسه ببلاد اليمن ، كما يأتى فى ترجمته.
فعند ذلك بعث إلى
مكة فى سنة تسع وعشرين ، أميرا يقال له : ابن عبدان مع الشريف راجح بن قتادة. وبعث
معهما خزانة كبيرة ، فنزلوا الأبطح ، وحصروا الأمير الذى بمكة ، من جهة الملك
الكامل. وكان يقال له : الطغتكين ، وأرسل الشريف راجح ابن قتادة إلى من مع طغتكين.
وذكرهم إحسان نور الدين إليهم ، أيام ولايته على مكة ، نيابة عن الملك المسعود ،
فمال إليهم رؤساؤهم.
فلما أحس بذلك
طغتكين ، هرب إلى ينبع ، وعرف الكامل الخبر ، فجهز جيشا كثيفا من مصر ، وأمر
الشريف أبا سعد ، صاحب ينبع ، والأمير شيحة أمير المدينة ، أن يكونا مع عسكره ،
ففعلا.
فلما وصل العسكر
إلى مكة ، قابلوا راجح بن عبدان ، فقتل ابن عبدان ، وانكسر أهل مكة ، واستولى
عليها طغتكين ، وأظهر حقده فى أهلها.
فلما كانت سنة
اثنتين وثلاثين ، أرسل السلطان نور الدين بخزانة كبيرة إلى راجح ، على يد ابن
النصيرى ، وأمره باستخدام الجند ، ليمنعوا العسكر المصرى الواصل إلى مكة
من دخولها ، فوصل
ابن النصيرى إلى راجح ، فى وقت لم يمكنه فيه استخدام من يقوى على مقاومة العسكر
المصرى ، وكان العسكر المصرى خمسمائة فارس ، فيه خمسة من الأمراء ، مقدمهم الأمير جفريل
، ففر راجح وابن النصيرى إلى اليمن.
فلما كانت سنة
ثلاث وثلاثين ، أرسل السلطان نور الدين عسكرا مقدمهم الشهاب ابن عبدان ، ومعه
خزانة إلى راجح ، ليستخدم بها عسكرا ، ففعل. فلما صاروا قريبا من مكة ، خرج إليهم
العسكر المصرى ، فالتقوا بمكان يقال له : الخريفين بين مكة والسرين فانهزمت الأعراب ، وأسر ابن عبدان ، وبعث به جفريل إلى
الديار المصرية مقيدا.
فلما كانت سنة خمس
وثلاثين ، توجه السلطان نور الدين إلى مكة فى ألف فارس ، وأطلق لكل جندى يصل وإليه
من أهل مصر المقيمين بمكة ، ألف دينار وحصانا وكسوة ، فمال إليه كثير من الجند ،
وأرسل إلى راجح بن قتادة ، فواجهه فى أثناء الطريق ، وحمل إلى راجح النقارات
والكسوات ، واستخدم عنه.
٣٨٦ ـ محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المعطى
الأنصارى الخزرجى المكى ، يلقب قطب الدين ، ويعرف بابن الصفى :
سمع بمكة من أبيه
، وأحمد بن سالم ، والكمال بن حبيب الحلبى وغيرهم.
وحفظ «الحاوى» فى
الفقه ، واشتغل بالعلم بمكة ، على الشيخ عبد الله الكردى فى الحاوى ، وبالقاهرة
على شيخنا العلامة سراج الدين ابن الملقن.
وبلغنى أنه أجاز
بالتدريس ، ولم يزل بالقاهرة حتى توفى بها ، فى أول سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ،
شهيدا مطعونا ، سامحه الله.
٣٨٧ ـ محمد بن محمد
بن أحمد بن على بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون بن راشد القسطلانى
القيسى ، أمين الدين أبو المعالى بن الشيخ قطب الدين بن الشيخ أبى العباس
القسطلانى المكى الشافعى :
سئل عن مولده ، فذكر
أنه فى سلخ جمادى الآخرة ، سنة خمس وثلاثين سبعمائة
__________________
وستمائة ، بدار
العجلة بمكة ، وقد عنى به أبوه ، واستجاز له من جماعة من شيوخه بمكة ، والشام ،
ومصر ، وبغداد ، وأسمعه الكثير على جماعة.
وقد تفرد بإجازة
جدّه لأبيه أبى العباس القسطلانى ، وحدث بها عنه ، وجده لأمه الإمام تقى الدين عمر
بن محمد القسطلانى إمام المالكية ، وسمع على ابن أبى حرمى ، صحيح البخارى وغير ذلك
، وعلى شعيب بن يحيى الزعفرانى [.......] وعلى ابن بنت الجميزى : الثقفيات ومشيخته ، والأربعين له ،
تخريج الرشيد العطار ، وغير ذلك ، وعلى ابن أبى الفضل المرسى : الموطأ ، رواية
يحيى بن يحيى ، وصحيح ابن حبان ، وعلى أبى محمد بن عبد الله بن لب الشاطبى :
الموطأ. وحدث.
سمع منه الأعيان ،
منهم : النجم أبو بكر بن عبد الحميد ، ومات قبله بأزيد من عشرة أعوام ، والحافظان
: قطب الدين الحلبى ، وعلم الدين البرزالى ، وذكره فى معجمه وترجمه : بالإمام
العالم الفقيه ، وقال : كان شيخا جليلا كبير القدر ، فقيها فاضلا ، شيخ الحديث
بالحرم بمكة ، والمدرسة المظفرية.
وذكر أنه توفى
ليلة الأربعاء ، مستهل المحرم ، سنة أربع وسبعمائة ودفن بالمعلاة.
٣٨٨ ـ محمد بن محمد بن أحمد بن الأنصارى ، المصرى الأصل ، المكى
المولد والدار ، المعروف والده بابن جن البير :
ورث عن أبيه بعض
دنيا وأذهبها ، ثم توفى غريقا فى البحر المالح ببلاد اليمن ، فى سنة عشر وثمانمائة
، سامحه الله تعالى.
وأخبرنى بعض الناس
أنه رآه فى المنام ، فسأله عن حاله ، فذكر عفو الله عنه ، وسأله عن سبب ذلك ، فقال
: بالجوع. انتهى بالمعنى وكان ابتلى بفاقة شديدة ، وكان يجوع لأجلها. من أصحابه
ثلاثمائة فارس ، وسار راجح مسايرا للسلطان على الساحل ، ثم تقدم إلى مكة. فلما
تحقق جفريل وصول الملك المنصور ، أحرق ما كان معه من الأثقال ، وتقدم إلى الديار
المصرية ، فلما كان بالمدينة النبوية ، بلغه الخبر بوفاة الملك الكامل. وكانت بعد
العصر يوم الأربعاء ثانى عشرى شهر رجب ، سنة خمس وسبعمائة وستمائة بدمشق. وأخفوا
موته إلى يوم الجمعة وقت الصلاة ، ثم أعلنوا ذلك ، حتى ترحموا عليه على السدة بين
المنبر بالجامع بدمشق ، ودعا بها لولده الملك العادل ، صاحب الديار المصرية.
__________________
وفى أخبار الملك
الكامل كثرة كثيرة ، وفيما ذكرنا منها كفاية ؛ إذ القصد الاختصار ، وسيأتى ذكر
ولده الملك المسعود فى حرف الياء.
٣٨٩ ـ محمد بن محمد
بن إبراهيم بن عبد الرحمن الدمشقى ، المعروف بابن الشماع :
سكن مكة مع أبيه
القاضى أمين الدين بن الشماع مدّة سنين ، ثم بعد موته ، سكن اليمن بزبيد مدة سنين.
وكان يتردد إلى
مكة ، وأدركه بها الأجل ، فى أحد الربيعين من سنة ثلاث عشرة وثمانمائة ، ودفن
بالمعلاة.
٣٩٠ ـ محمد بن أبى بكر محمد بن أيوب بن شاذى بن مروان الملك
الكامل ، ناصر الدين أبو المعالى بن الملك العادل سيف الدين أبو بكر صاحب الديار
المصرية والشامية [......] ومكة المشرفة :
ذكر ابن خلكان :
أن والده الملك العادل ، لما تمهدت له البلاد ، قسمها بين أولاده ، فأعطى أولاده ،
فأعطى الملك الكامل الديار المصرية والملك المعظم عيسى البلاد الشامية ، والملك
الأشرف موسى البلاد الشرقي ، والملك الأوحد نجم الدين أيوب ميافارقين ، وتلك النواحى ، ثم إن جماعة كثيرة من الأمراء بالديار
المصرية ، منهم
__________________
عماد الدين أحمد
بن المشطوب ، اتفقوا مع الملك الفائز سابق الدين إبراهيم بن الملك العادل ،
وانضموا إليه ، وظهر للملك الكامل منهم أمور تدل على أنهم عازمون على تفويض
السلطنة إليه ، وخلع الملك الكامل ، واشتهر ذلك بين الناس.
وكان الملك الكامل
يداريهم ، لكونه فى قبالة العدو ، ولا يمكنه المعافرة والمنافرة ، وطول روحه معهم
، ولم يزل على ذلك حتى وصل إليه الملك المعظم صاحب دمشق ، فأطلعه الملك الكامل على
صورة الحال فى الباطن ، وأن رأس هذه الطائفة ، ابن المشطوب المذكور. فجاءه يوما
على غفلة إلى خيمته ، واستدعاه ، فخرج إليه وقال : أريد أن أتحدث معك سرا فى خلوة
، فركب فرسه وسار معه وهو جريدة ، وكان المعظم جرد جماعة ممن يعتمد عليهم ويثق
بهم. وقال لهم : اتبعونا ، ولم يزل المعظم يشاغله بالحديث ، ويخرج معه من شىء إلى
شىء ، حتى أبعد عن المخيم ، ثم قال : يا عماد الدين هذه البلاد لك ، ونشتهى أن
تهبها لنا ، ثم أعطاه شيئا من النفقة ، وقال لأولئك المجردين : تسلموه حتى تخرجوه
من الرمل ، فلم يسعه إلا امتثال الأمر ، لانفراده وعدم القدرة على الممانعة فى تلك
الحال ، ثم عاد إلى أخيه الكامل ، وعرفه صورة ما جرى ، ثم جهز أخاه الملك الفائز
إلى الموصل ، لإحضار النجدة منها ، فمات بها.
وكان ذلك خديعة
لإخراجه من البلاد.
فلما خرج هذان
الشخصان من العسكر ، تحللت عزائم من بقى من الأمراء الموافقين لهما ، ودخلوا فى
طاعة الكامل كرها لا طوعا. فلما استراح خاطر الملك الكامل ، من جهة هذا العدو ـ وهم
الفرنج الذين نازلوه بدمياط ـ وتفرغ للأمر الذين كانوا متحاملين عليه ، نفاهم عن
البلاد ، وبدد شملهم وشردهم ودخل القاهرة وشرع فى عمارة البلاد ، واستخرج الأموال
من جهاتها ، وكان سلطانا عظيم القدر ، جميل الذكر محبا للعلماء ، متمسكا بالسنة
النبوية ، حسن الاعتقاد ، معاشرا لأرباب الفضائل ، حازما فى أموره ، لا يضع الشىء
إلا فى موضعه ، من غير إسراف ولا إقتار.
وكان ييبت عنده كل
ليلة جماعة من الفضلاء ويشاركهم فى مباحثهم وبنى بالقاهرة دار حديث ، ورتب لها
وقفا جيدا.
وكان قد بنى على
ضريح الإمام الشافعى قبة عظيمة ، ودفن أمه عنده ، وأجرى إليها ماء من النيل ،
ومدده بعيد ، وغرم على ذلك جملة عظيمة.
ولما مات أخوه الملك
المعظم صاحب الشام ، وقام ولده الملك الناصر صلاح الدين
داود مقامه ، خرج
الملك الكامل من الديار المصرية ، قاصدا أخذ دمشق منه. وجاء أخوه الملك الأشرف
مظفر الدين موسى ، واجتمعا على أخذ دمشق ، بعد فصول جرت يطول شرحها ، وذلك فى أول
شعبان ، سنة خمس وعشرين وستمائة ، فلما ملكها دفعها لأخيه الملك الأشرف ، وأخذ
عوضها من بلاد الشرق : حرّان والرّها وسروج والرقة ورأس عين . وتوجه إليها بنفسه فى تاسع شهر رمضان المعظم من السنة.
وفى شوال سنة ست
وعشرين وستمائة ، كان الملك الكامل مقيما بحران ، بعساكر الديار المصرية ، وجلال
الدين خوارزم شاه ، يوم ذاك يحاصر خلاط ـ وكانت لأخيه الملك الأشرف ـ ثم رجع إلى الديار المصرية ،
وتجهز فى جيش عظيم ، وقصد آمد
__________________
فى سنة تسع وعشرين
وستمائة ، فأخذها مع حصن كيفا وتلك البلاد ، من الملك المسعود ابن الملك الصالح ، من بنى
أيوب.
ولما مات الملك
الأشرف ، جعل ولىّ عهده أخاه الملك الصالح إسماعيل بن الملك العادل ، فقصده الملك
الكامل ، وانتزع منه دمشق ، بعد مصالحة جرت بينهما ، وذلك فى تاسع جمادى الآخرة
سنة خمس وثلاثين وستمائة ، وأبقى عليه بعلبك وأعمالها ، وبصرى ، وأرض السواد وتلك البلاد.
ولما ملك البلاد
الشرقية وآمد وتلك النواحى ، واستخلف فيها ولده والملك الصالح نجم الدين أيوب ،
واستخلف ولده الأصغر الملك العادل سيف الدين أبا بكر بالديار المصرية. وكان الملك
الكامل سير ابنه الملك المسعود إلى اليمن.
٣٩١ ـ محمد بن محمد
بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم ، نور الدين الطبرى المكى :
روى عن ابن البناء
: جامع الترمذى ، وحدث. سمع منه أبو العباس بن الظاهرى الحافظ ، حديثا سمعه منه
بجنين.
وكتبه عنه فى
أربعينية البلدانية ، ولم أدر متى مات ، غير أنه أجاز فى استدعاء مؤرخ بسنة اثنتين
وستين وستمائة ، فاستفدنا من هذا ، حياته إلى هذا التاريخ ، الاستدعاء بخط أبى
العباس الميورقى. وكتب تحت خطه : فقيه مدرس. وذكر ما يدل على أنه ولى القضاء نيابة
عن عمه القاضى فخر الدين إسحاق بن أبى بكر الطبرى ، الحاكم بمكة واليمن ، وما عرفت
هل نيابة المذكور عن عمه باليمن أو بمكة؟ والله أعلم.
__________________
ومولده فى بكرة
السادس والعشرين من ذى القعدة سنة ثلاث وستمائة. نقلت مولده من خط شيخنا ابن سكر.
وذكر أنه نقله من خط المحب الطبرى.
٣٩٢ ـ محمد بن محمد
بن أبى بكر الرازى ، أبو عبد الله المكى :
سمع من ابن البنا
، وحدث عنه : سمع منه الحافظان : أبو العباس بن الظاهرى ، والشريف أبو القاسم
الحسينى ، وذكره فى وفياته.
وذكر أنه توفى فى
ثالث رجب سنة خمس وستين وستمائة بقوص ـ من صعيد مصر الأعلى ـ فيما بلغه.
٣٩٣ ـ محمد بن محمد
بن ثابت الأنصارى ، المراكشى الأصل ، المكى المولد والدار :
كان فراشا بالمسجد
الحرام.
وتوفى فى عشر
السبعين وسبعمائة ، وكان أبوه يؤدب الأطفال بالمسجد الحرام.
٣٩٤ ـ محمد بن محمد
بن حسين بن على بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى ، أبو الخير بن أبى
السعود ، يلقب بالقطب :
سمع من بعض شيوخنا
بمكة ، وكان يحضر معنا درس شيخنا الشريف عبد الرحمن الفاسى ويقرأ عليه فى بعض كتب
الفقه وحصل كتبا حسنة.
وولى إمامة
المالكية بالمسجد الحرام ، بعد وفاة القاضى نور الدين على بن أحمد النويرى ، من
جهة أمير مكة ، أربعة أشهر وأياما ، ثم عزل عن ذلك ، لما وصل الخبر من الديار
المصرية ، بولاية ابنى المتوفى ، وبقى ذلك فى نفسه ، مع حب ولاية قضاء المالكية
بمكة ، حتى اخترمه الحمام دون المرام ، فى يوم النفر الثانى من سنة أربع عشرة
وثمانمائة ، فى آخر النهار بمكة ، ودفن فى صبيحة اليوم الرابع عشر من ذى الحجة فى
هذه السنة بالمعلاة ، عن أربعين سنة أو أزيد بيسير.
٣٩٥ ـ محمد بن محمد بن حسين بن على بن أحمد بن عطية بن ظهيرة
المخزومى ، المكى ، قاضى مكة ، كمال الدين أبو البركات بن أبى السعود :
ولد فى سنة خمس
وستين وسبعمائة ، وحضر فى سنة سبع وستين ، على القاضى عز الدين بن جماعة ، شيئا من
«منسكه» وغيره. وسمع بعد ذلك من غير واحد.
__________________
وولى قضاء مكة ،
ونظر الأوقاف بها والربط ، بعد موت شيخنا القاضى جمال الدين ابن ظهيرة ، وباشر ذلك
بها أحد عشر شهرا ، ثم عزل عن ذلك بقاضى القضاة محب الدين أحمد بن القاضى جمال
الدين بن ظهيرة. وباشر ذلك فى العشر الأخير من ذى القعدة سنة ثمانى عشرة ، إلى
خامس شوال سنة تسع عشرة ، ثم باشر ذلك أبو البركات ، إلى أوائل ذى الحجة من هذه
السنة. ثم باشر ذلك بعد عزله ، القاضى محب الدين. واستمرّ أبو البركات معزولا حتى
مات.
وكان قبل ذلك ينوب
فى الحكم بمكة ، عن القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، ثم حصل بينهما كدر كثير ، أوجب
سعيه على القاضى جمال الدين فى المنصب غير مرة ، ثم توالفا ظاهرا لا باطنا ، حتى
مات القاضى جمال الدين ، وهو على نيابته.
وأول نيابته عنه
فى ربيع الآخر سنة ثمان وثمانمائة ، عقيب وصوله من مصر ، بولاية القاضى جمال الدين
، وباشر عنه مع نيابة الحكم ، نيابة الحسبة بصولة مهيبة ، واشتهر ذكره ، ثم تغير
خاطره على مستنيبه ، لاستنابته لولده القاضى محب الدين فى الخطابة والحكم ، ولسعيه
لولده فى مرسوم بالنيابة ، وحمل ذلك القاضى أبا البركات ، على السعى فى مرسوم
بالنيابة ، ونظر بعض الأوقاف ، وأتاه هذا المرسوم ، وهو متوجه لمصر فى حوائج ندبه
لأجلها صاحب مكة ، وبلغه فى الطريق عزل مستنيبه ، وما نال بمصر قصدا فى أمر
مستنيبه ، وذلك فى سنة عشر وثمانمائة ، وعاد فيها مع الحجاج إلى مكة.
ولما عاد مستنيبه
إلى القضاء فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة ، استناب القاضى أبا البركات فى الحكم
والحسبة ، فلما كان الموسم من هذه السنة ، حصل بينهما كدر ؛ لأن ولدا للقاضى أبى
البركات ، سعى لنفسه فى نيابة القاضى جمال الدين ، فى جميع وظائفه ، ولأبيه فى
نيابة الحكم ونظر الأوقاف بمكة ، وتخيل القاضى أبو البركات ، أن القاضى جمال الدين
لا يعينه على قصده ، فنافره وانقطع عنه ، ولكنه باشر الحكم والحسبة ، حتى جاء عزل
القاضى جمال الدين ، فى ربيع الآخر ، من سنة ثلاث عشرة وثمانمائة ، بالقاضى عز
الدين النويرى.
وسعى بعض الناس فى
أن يستنيب القاضى أبا البركات ، لأنه كان قد زوج بعض أولاده ، على أخت القاضى عز
الدين ، فلم يقبل وظهر من أبى البركات شماتة بقريبه وميل عليه.
فلما عاد القاضى
جمال الدين فى موسم هذه السنة ، لم يستنب القاضى أبا البركات ،
فسعى لأبى البركات
ابنه فى القضاء وغيره من الوظائف ، يبذل فيما قيل ، فأجيب سؤاله. ثم فطن الأعيان
بمصر لذلك فأنكروه ، وأعيد القاضى جمال الدين.
وكان ابن أبى
البركات ، قد أرسل لأبيه بالتوقيع المنسوخ ، وعرفه بعود القاضى جمال الدين. فذكر
ذلك أبو البركات للناس ، وتوقع أن توقيع القاضى جمال الدين بعوده وصل إليه ، ثم
عرف أن هذا التوقيع لم يصل ، فندم على إخباره بعزل نفسه ، وذلك فى ربيع الآخر سنة
أربع عشرة وثمانمائة ، وقويت الوحشة بينه وبين القاضى جمال الدين بعد ذلك.
فلما كان المحرم ،
سنة ست عشرة وثمانمائة ، حصل بينهما صلح بسعى بعض جماعة أمير مكة ، وحضر الأمير
هذا الصلح ، ودخل فيه ابن القاضى جمال الدين ، وصهره القاضى الحنبلى بمكة.
وكان أبو البركات
قد حلف بالطلاق من زوجتيه ، أنه لا ينوب عن القاضى جمال الدين ، فألزمه الساعى فى
الصلح بمخالعتها ، ففعل ذلك ، وناب عن القاضى جمال الدين ، وجدد عقده على زوجتيه ،
وحكم بعدم طلاقهما حاكم يرى أن اليمين لا تعود بعد الطلاق ، إذا وقع المحلوف عليه
فى العصمة الثانية. وتوالفا ظاهرا لا باطنا ، ثم حصل بينهما بعد أيام الحج من هذه
السنة منافرة ، ثم اجتمعا وتوالفا ، حتى مات القاضى جمال الدين ، فى رمضان سنة سبع
عشرة وثمانمائة.
وكان من خبر
القاضى أبى البركات بعد ذلك ما سبق ذكره.
ومات بمكة معزولا
، فى ليلة الأربعاء الثانى والعشرين من ذى الحجة ، سنة عشرين وثمانمائة ، بعلة ذات
الجنب ، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة ، وخلف عدة أولاد ، ودنيا من العقار والنقد ،
وغير ذلك.
وقد ناب فى الحسبة
بمكة ، عن جده لأمه ، القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة ، الآتى ذكره.
٣٩٦ ـ محمد بن محمد بن سالم بن على بن إبراهيم الحضرمى ألأصل ،
المكى المولد والدار ، يلقب بالضياء ، ويعرف بابن سالم :
سمع بالمدينة على
الزبير بن على الأسوانى : الشفاء للقاضى عياض ، عن ابن تامتيت
__________________
عن ابن الصائغ ،
عنه ، وعلى الجمال المطرى ، وخالص البهائى : الإتحاف ، لأبى اليمن بن عساكر عنه ،
وعلى علىّ بن عمر الحجار ، عدة أجزاء من مروياته ، وأجاز له هؤلاء الشيوخ ، وجماعة
من مكة منهم : عيسى الحجى ، والزين الطبرى ، والآقشهرى ، وحدث ببعض الشفاء
بالقاهرة.
سمع منه بها أخى
شقيقى المفتى عبد اللطيف ، وصاحبنا المحدث شهاب الدين الكلوتاتى. ولم أسمع منه
قصدا ، لكنه أجاز لى باستدعائى فى مبدأ الطلب ، والله يغفر له.
وكان سكن القاهرة
مدة سنين ، مستوطنا لها فى أواخر عمره ، وبها توفى سحر يوم الجمعة ، السادس
والعشرين من شعبان ، سنة سبع وثمانمائة. ودفن بتربة الصوفية خارج باب النصر. وقد
بلغ الثمانين أو جاوزها بيسير ، ولم يكن يحرر تاريخ مولده ، إلا أنه يتحصل من
كلامه ما ذكرناه.
٣٩٧ ـ محمد بن محمد
بن سعيد بن عمر بن على الصغانى ، العلامة ضياء الدين الهندى الحنفى :
هكذا وجدت نسبه
بخطه فى ثبت له ذكر فيه : أنه سمع على الجمال المطرى : صحيح البخارى عن أبى اليمن
بن عساكر ، والتوزرى ، وقرأ عليه : صحيح مسلم ، عن الحافظ الدمياطى ، والتوزرى ،
وجامع الترمذى وغير ذلك ، وعلى القطب ابن المكرم : الموطأ رواية يحيى بن يحيى ، عن
العفيف الدلاصى ، ولبس منه الخرقة ، وذلك فى عشر الأربعين وسبعمائة ، بالمدينة
النبوية.
وقد سمع بها من
أبى الحسن على بن عمر بن حمزة الحجار : عدة أجزاء ، وحدث عنه بالخلعيات ، وسمع
بالقاهرة من بدر الدين الفارقى ، وغيره من أصحاب النجيب الحرانى. ولى منه إجازة
باستدعاء شيخنا ابن سكر.
وكان أقام
بالمدينة مدة سنين ، يدرس ويفتى ويتاجر ، ثم حصل بينه وبين أميرها جماز ابن منصور
، منافرة لطلبه منه مالا ، وتوقف الضياء فى تسليمه ، فسجن فى الجب بالقلعة ، ثم
أطلق ، وحصل بينه وبين أميرها جماز بن منصور منافرة أيضا ؛ لأن جمازا اجتمع مع
الضياء وغيره من علماء المدينة بالروضة ، ووقع من جمازا كلام سيئ فى حق أبى بكر
وعمر رضى الله عنهما ، فكفره الضياء لذلك ، فقال له جماز : تكفرنى؟. فقال له : نعم
، ثم تخوف الضياء وهرب من المدينة إلى ينبع ، فاستجار بأميرها أبى الغيث فأجاره ،
ومنع منه الطلب ، وأخفاه وأعانه على الوصول إلى مصر.
وأنهى الضياء ما
وقع من جماز إلى الدولة ، فرسم بقتل جماز ، فقتل لما حضر لخدمة المحمل ، وبعد قتله
نهبت دار الضياء بالمدينة.
وأخذ له دفين ،
وهو أربعمائة الف درهم فيما قيل ، وغير ذلك. وكانت له بنت كبيرة تعلم حاله ،
فأوذيت حتى سعت فى هلاك نفسها ، للراحة من العذاب.
وسكن الضياء بعد
ذلك مكة ، وتولى تدريس الحنفية ، الذى قرره بمكة الأمير يلبغا الخاصكى الأتابكى ،
وباشره فى شوال سنة ثلاث وستين.
واستمر مستوطنا بمكة
، حتى مات بها فى يوم الجمعة الخامس من ذى الحجة سنة ثمانين وسبعمائة ، ودفن
بالمعلاة ، وقد جاوز الثمانين فيما بلغنى ، وخلف تركة أحصيت بمائة ألف درهم ونيف
وثلاثين الف درهم ، منها مائة ألف نقد وثمن عروض ، والباقى ديون له على الناس.
وكان عارفا بمذهبه
وأصوله ، مع مشاركة فى العربية وغيرها ، وعنده لمذهبه عصبية مفرطة عيبت عليه ، لما
فيها من الغض من الإمام الشافعى وأتباعه.
وقد سمعت شيخنا
الحافظ زين الدين العراقى يقول : إنه اجتمع مع الضياء هذا ، فى بيع تركة كتب بمكة
، فعرض منها كتاب من تواليف الخطيب البغدادى ، فزاد فى ثمنه شيخنا الحافظ العراقى
، فقال له الضياء : تشترى هذا الكتاب وتزيد فيه؟. فقال له العراقى : وإيش فى هذا؟
فقال الضياء : الخطيب قد تكلم فى أبى حنيفة ، فقال له العراقى : ما تكلم فيه ،
وإنما ذكر كلام الناس فيه.
هذا معنى ما سمعته
من شيخنا الحافظ العراقى ، وكثير من الحنفية يسيئون القول فى الخطيب ، وأفرط بعضهم
فى ذلك ؛ لأنه بلغنى عن بعض الفضلاء من قضاة عصرنا الحنفية ، ما معناه ، أنه قال :
وا عجبا لأهل الحديث ، كيف يحتجون بالخطيب ، وقاضى القضاة شمس الدين الحريرى قد
أسقطه. انتهى.
فاعجب لهذا الزلل
، ونسأل الله السداد فى القول والعمل.
٣٩٨ ـ محمد بن محمد بن صالح بن إسماعيل ، الكنانى المدنى ،
يلقب شمس الدين ابن شمس الدين:
ولد سنة سبعين
وسبعمائة بالمدينة ، ونشأ بها ، وحفظ كتبا فى فنون من العلم ، وقرأ
__________________
القرآن بالروايات
السبع أو ببعضها ، على والده ، وأذن له فى الإقرار بذلك ، وسمع الحديث من قاضى
المدينة بدر الدين ابن الخشاب وغيره ، وأجاز له جماعة ، وناب عن أخيه القاضى ناصر
الدين عبد الرحمن فى الحكم والخطابة والإمامة بالمدينة النبوية.
وكان ذا نباهة فى
الفقه وغيره ، وفيه خير وديانة.
قدم مكة غير مرة
للحج والعمرة ، منها فى المحرم سنة أربع عشرة وثمانمائة فأدركه الأجل بها بعد قضاء
نسكه ، فى أول صفر ، سنة أربع عشرة. ودفن بالمعلاة.
٣٩٩ ـ محمد بن محمد
بن أبى بكر عبد الله بن خليل بن إبراهيم العسقلانى المكى ، أبو عبد الله ، المعروف
بابن خليل :
سمع على يحيى
الطبرى ، وسمع على التوزرى ، والصفى ، والرضى كثيرا. وأجاز له جماعة من دمشق
وغيرها ، من شيوخ أخيه الحافظ بهاء الدين ، ما علمته حدث ، وكان له اشتغال بالعلم
، على ما ذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة.
ووجدت بخط الرضى
الطبرى ، سماعا عليه ، ترجمه فيه : بالفقيه الأجل.
وتوفى سنة تسع
وأربعين وسبعمائة بمكة ، على ما أخبرنى به القاضى جمال الدين ابن ظهيرة ، والشريف
عبد الرحمن الفاسى.
٤٠٠ ـ محمد بن محمد
بن عبد الله بن عثمان العسقلانى المكى ، يكنى أبا عبد الله ، ويلقب نجم الدين بن
رضى الدين :
توفى يوم الاثنين
، الثانى من ذى القعدة سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ، ودفن بالمعلاة.
ومن حجر قبره ،
نقلت نسبه ووفاته ، وهو بخط محمد بن بركات بن أبى حرمى ، وترجمه : بالسعيد الشهيد
، وترجم أباه : بالفقيه الشهيد.
٤٠١ ـ محمد بن محمد
بن عبد الله بن فضالة بن عبد الله ، المعروف بعلياش بن هانى بن فضالة بن حرب
القرشى ، العثمانى ، أبو حامد بن أبى عبد الله بن أبى محمد ، المكى ، المعروف بابن
الخادم :
مولده يوم الاثنين
ثانى عشر شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين وستمائة بمكة. وسمع بها على أبى الحسن بن
المقير ، وشعيب الزعفرانى ، وابن الجميزى وابن أبى الفضل المرسى وغيرهم ، وسمع
بغيرها من البلاد. وحدث.
روى عنه أبو الفتح
بن سيد الناس.
وتوفى فى صفر سنة
ثلاث وسبعمائة ، ودفن من الغد بمقابر الصوفية بباب النصر. هكذا ذكر نسبه ووفاته
ومولده ، القطب الحلبى فى تاريخ مصر ، وقال : كان خيرا ، وأجاز لى ما يرويه ، وما
ذكره فى نسبه ، مخالف لما ذكره شيخه الشريف أبو القاسم الحسينى ، فى ترجمة أبى عبد
الله بن الخادم ، والد أبى حامد هذا ، كما سبق ذكره ، والله أعلم بالصواب.
وجدت بخط أبى بكر
الرحبى فى وفياته : أنه توفى فى سادس صفر ، وأنه ولد سنة سبع وعشرين.
٤٠٢ ـ محمد بن محمد
بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الهاشمى ، أبو الخير بن القاضى جمال الدين ،
المعروف بابن فهد المكى :
سمع على الفخر
النويرى ، والسراج الدمنهورى : الموطأ ، رواية يحيى بن بكير ، وسألت عنه شيخنا العلامة
القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، فقال : كان رجلا صالحا خيرا متعبدا.
ومولده ـ تقريبا ـ
سنة خمس وثلاثين وسبعمائة.
وتوفى فى ذى الحجة
، سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
٤٠٣ ـ محمد بن محمد
بن عبد الله بن محمد بن أبى المكارم ، يلقب بالجمال بن الضياء الحموى المكى :
سمع من الفخر
عثمان بن الصفى : السنن لأبى داود ، ومن الجمال إبراهيم بن محمد ابن النحاس
الدمشقى : مشيخة العشارى ، ومن الشيخ خليل المالكى ، ومحمد بن صالح الحضرمى ،
وغيرهم. وما علمته حدث.
وسافر إلى بلاد
العجم وغيرها طلبا للرزق ، وحصل دنيا ، وذهبت منه مرات ، وتعلل بعدها حتى مات فى
محرم سنة ثمان وثمانين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
أفادنى وفاته ،
ولده صاحبنا الوجيه عبد الرحمن.
٤٠٤ ـ محمد بن المحب محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن الصفى
أحمد بن محمد ابن إبراهيم الطبرى المكى ، يلقب بالجمال :
ولد فى شوال سنة
إحدى وستين وسبعمائة.
__________________
وسمع من القاضى عز
الدين بن جماعة أربعينه التساعية ، وعنى به أبوه بعد ذلك ، فأسمعه كثيرا من الجمال
محمد بن أحمد بن عبد المعطى ، والكمال بن حبيب الحلبى ، وغيرهما ، وحدث. سمعت منه
بنخلة بمسجد التنضب منها ، بعض الأربعين التساعية ، وهو الحديث الحادى والثلاثون
والثانى والثلاثون منها.
وكان يؤم بمسجد
التنضب ويخطب به ، ويتولى عقد الأنكحة ، نيابة عن قضاة مكة بعد أبيه.
وتوفى فى سادس
المحرم سنة خمس عشرة وثمانمائة بالتنضب.
٤٠٥ ـ محمد بن أبى الطاهر بن عبد الرحمن بن أبى الفتح العمرى ،
المؤذن بالحرم الشريف ، صدر الدين بن تاج الدين :
سمع من الفخر
التوزرى : الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ، ومن الرضى الطبرى ، ووالده أبى الطاهر.
وأجاز له من مصر ،
حافظها شرف الدين الدمياطى وجماعة ، باستدعاء عمه ، مع جماعة من دمشق ، من شيوخ
البهاء بن خليل ، وما علمته حدث.
وأجاز لبعض شيوخنا
فى استدعاء مؤرخ بسنة ست وخمسين وسبعمائة.
وتوفى بقريب ذلك
فى عشر الستين ، وإلا ففى عشر السبعين ـ بتقديم السين على الباء ـ وسبعمائة بمكة ،
ودفن بالمعلاة.
وكان مشهورا بكثرة
الأكل ، وله فى ذلك أخبار.
منها : أنه تعشى
مع رفيق له بوادى مرّ ، مرتين ، حتى أظهر الشبع ، ثم أكل صاعا مكيا من رطب بالليل.
ومنها : أنه شرب
خمسة أرطال وربع رطل بالمصرى زيتا فى حاصل الحرم.
ومنها : أنه شرب
بمكة سمنا ، لما طالبه البائع بالظرف ، ولم يصبر عليه حتى يفرغها فى منزله.
وكان يؤذن بمنارة
دار الندوة ، وأظنه تلقاها عن أبيه ، رحمهمالله تعالى.
__________________
٤٠٦ ـ محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن على ،
الحسنى الإدريسى ، أبو عبد الله الفاسى :
نزيل مكة. سمع
بمصر من القطب القسطلانى : جامع الترمذى ، وعوارف المعارف للسهروردى ، وكتاب
الفصول ، فى أخبار الشيخ أبى عبد الله القرشى وغيره من المشايخ ، جمع الشيخ أبى
العباس القسطلانى ، وارتقاء الرتبة فى اللباس والصحبة ، من تأليفه هو ، وفضائل
جامع الترمذى ، تخريج الحافظ أبى القاسم الإسعردى ، من مروياته ، بحضور مخرجه ،
وغير ذلك ، وعلى العز عبد العزيز بن عبد المنعم الحرانى : صحيح البخارى ، وعلى
غازى بن أبى الفضل الحلاوى الغيلانيات ، وعلى الفضل بن نصر بن رواحة الأنصارى
مشيخته ، تخريج أبى القاسم الإسعردى ، وأربعين فى فضل الأنصار ببلبيس ، وعلى أبى غالب هبة الله بن غالب السامرى البغدادى جزء
البانياسى بالحرم الشريف فى العشرين من ذى الحجة ، سنة ست وثمانين وستمائة ، عن
أبى الوقت محاسن بن عمر الحراسى عن أبى بكر بن الزاغونى عن البانياسى بسنده ،
وسمعه على غيره.
وعلى أبى نصر عبد
الله بن محمد بن على الطبرى ، سبط سليمان بن خليل : «اليقين» لابن أبى الدنيا ، عن
ابن المقير وغير ذلك ، وعلى أخيه المفتى عماد الدين عبد الرحمن محمد بن الطبرى ،
فى محرم سنة سبع وثمانين بالحرم. ومن هذا العام ، استوطن مكة ، وسمع بها على جماعة
من شيوخها مع أولاده.
وعلى العز
الفاروثى : مسند الشافعى ، فى محرم سنة تسع وثمانين وكتب عن جماعة ، وصحب جماعة من
العلماء والصالحين ، وأخذ عنهم ، وصار قدوة فى العلم والعمل.
وحدث ، سمع منه
حماعة من الأعيان ، منهم : المحدث عز الدين يوسف بن الحسن الزرندى ؛ نزيل الحرم
النبوى ، ومات قبله ، والحافظ قطب الدين الحلبى ، سمع منه بيتين بمصر ، عن ناظمهما
أبى الحسن على بن إبراهيم التجانى ـ بتاء مثناة من فوق مشددة وجيم ـ وهما :
__________________
بينى وبين خطوب
الدهر ملحمة
|
|
سيف القناعة
فيها قائم بيدى
|
متى دهانى من
دهمائها عدد
|
|
هززته فانثنت
مهزومة العدد
|
وذكره فى تاريخه
بمصر ، وقال : كان خيرا صالحا ، دينا. اجتمعت به بمصر وبمكة ، ودعا لى ، وانتفعت
ببركته. انتهى.
وسمعت شيخنا
العلامة تقى الدين عبد الرحمن بن أبى الخير بن أبى عبد الله الفاسى ، يقول : سمعت
الشيخ خليل بن عبد الرحمن المالكى ، يثنى على الشريف أبى عبد الله الفاسى ثناء
بليغا ، ويذكر له كرامات.
منها : ما حدثنى
به شيخنا الشريف تقى الدين المذكور ، وكتبت عنه : أنه سمع الشيخ خليل المالكى يقول
: أساء شخص على الشريف أبى عبد الله الفاسى إساءة بليغة بالمسجد الحرام ، فلم يخرج
المسىء من المسجد ، حتى عرض له داء ؛ مات به سريعا.
ومنها : ما حدثنى
به شيخنا الشريف تقى الدين أيضا ، قال : سمعت الشيخ خليلا يقول : كان الشريف أبو
عبد الله الفاسى ، أسند وصيته إلى الشيخ أبى عبد الله بن الحاج ، مؤلف «المدخل»
فاجتمع ابن الحاج بعد موت الشريف أبى عبد الله الفاسى ، بجماعة من الأعيان ، من
التجار وغيرهم ، وسألهم فى عمل دائرة لقضاء دين الشريف أبى عبد الله ؛ لأنه كان
فقيرا. فرأى ابن الحاج ، الشريف أبا عبد الله الفاسى فى المنام ، فقال له : بع
تركتى ، واقض دينى.
فأعرض ابن الحاج
عن هذه الرؤيا ، وعدها من حديث النفس ، وقال : ما عسى أن تكون تركته فى دينه ، وهو
فقير وغريب ، وصمم على عمل الدائرة. فرآه فى المنام ثانية ، فقال له : بع تركنى.
ثم رآه الثالثة ، وقال له : ما لك ولدينى ، بع تركتى واقض دينى. فعرف أنها رؤيا حق
، فجمع ابن الحاج الناس ، ليبيع تركته ، فبيعت بأوفى الأثمان ، حتى إن إبريقه
الفخار ، بيع بثلاثمائة وستين درهما ، وسبحته بألف درهم ، وكانت ألف حبة ، تفرقها
الناس ، وبيع صاع، مقدر على صاع النبى صلىاللهعليهوسلم بمائة وثمانين.
قال الشيخ خليل :
وصار لى بهذا الثمن ، فقضى الله ببركته دينه من تركته ، وفضلت منها فضلة لورثته.
وكانت وفاته يوم
الخميس السابع والعشرين من صفر ، وقيل : ثامن عشر منه ، من سنة تسع عشرة وسبعمائة
بمصر ، ودفن بالقرافة ، عند الشيخ أبى محمد بن أبى جمرة ، وكان قدومه من مكة إلى
مصر ليتداوى من مرض عرض له ، وهو ضيق النفس ، فأدركه الأجل.
ولم أدر متى كان
مولده ؛ إلا أنى وجدت بخطه ما يقتضى ، أنه كان بالغا فى سنة ثلاث وسبعين ، ودخل
الديار المصرية فى آخر رمضان سنة ثمانين ، وحج سنة إحدى وثمانين ، وعاد إلى مصر ،
ثم جاء إلى مكة سنة ست وثمانين ، فاستوطنها.
وقد رأيت أن أثبت
هنا ما علقه جدى عن العلماء وأهل الخير ، من الفوائد العلمية والشعر ، ومناقب
الصالحين ، وشيئا مما أبداه جدى من الفوائد المتعلقة ببعض ما ذكره عن العلماء وأهل
الخير ، على صورة ما وجد بخطه : سمعت الشيخ أبا محمد المرجانى ، بمدينة تونس ، سنة
ثمانين وستمائة ، رحمهالله ، يقول فى قوله صلىاللهعليهوسلم : «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلته أنا
والنبيون من قبلى : لا إله إلا الله» .
قال ، رحمهالله : عرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمته أفضل الأزمان للدعاء ، بقوله : «أفضل الدعاء دعاء يوم
عرفة» ثم رفع هممهم عن طلب مصالحهم ، والاشتغال بذكر ربهم ، فقال : «وأفضل ما قلته
أنا والنبيون من قبلى : لا إله إلا الله» فإذا اشتغل العبد بذكر ربه عن طلب مصالحه
، قيل له : من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين.
وقال : سمعت الشيخ
العارف القدوة ، أبا محمد عبد الله بن محمد المرجانى ، رحمهالله ، يقول فى قوله عليهالسلام : «إن قراءة سورة الواقعة أمان من الفاقة».
قال الشيخ رحمهالله : سر ذلك فى السورة قوله : (أَفَرَأَيْتُمْ ما
تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) [الواقعة : ٥٨ ،
٥٩] الآية (أَفَرَأَيْتُمْ ما
تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) [الواقعة : ٦٣ ،
٦٤] الآية (أَفَرَأَيْتُمُ
النَّارَ الَّتِي تُورُونَ. أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ
الْمُنْشِؤُنَ) الآية [الواقعة : ٧١ ، ٧٢].
فهذه مواد
الأسباب. فإذا قرأ القارئ هذه الآيات ؛ وانسلخ من الالتفات إليها ، واثقا بمسببها
وخالقها ، تيسرت له الأسباب وسيقت إليه خادمة ، فلا تناله فاقة لكونه واثقا بمسبب
الأسباب ، لا ملتفتا إلى الأسباب. والله المستعان.
__________________
سمعت معنى هذا
الكلام ، من الشيخ رضى الله عنه بمدينة تونس ، سنة ثمانين وستمائة.
وقال : سمعت
الإمام أبا محمد عبد الله بن محمد المرجانى يقول : وقد تكلم فى عذاب القبر. وقال رحمهالله : عذاب القبر بحسب تعلق النفس بالعادة.
قلت : فعلى هذا ،
من كان أعرق فى التعلق بالعادة ، كان عذاب القبر عليه أشد.
وقال : وسمعته
يقول فى قول الصحابى : «ومن فاتته قراءة أم القرآن ، فقد فاته خير كثيرة» ، يعنى
فى الصلاة.
قال رحمهالله : من فاتته لحظة مع الإمام ، فقد فاته خير كثير.
وقال : سمعت الشيخ
الإمام أبا محمد المرجانى ، رحمهالله ، يقول فى قوله تعالى : (الَّذِي يَراكَ حِينَ
تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) [الشعراء : ٢١٨ ،
٢١٩] ما من ذرة ساجدة لله فى السماء والأرض ، إلا ورسول الله صلىاللهعليهوسلم ساجد معها فى مقامها.
وقال : وسمعته
يقول فى قوله صلىاللهعليهوسلم : «ما أخرجك يا أبا بكر؟ قال : الجوع. ما أخرجك يا عمر؟
قال : الجوع. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وأنا أخرجنى الذى أخرجكما» .
قال الشيخ رضى
الله عنه ، قوله : «أخرجنى الذى أخرجكما». الذى : لفظ مبهم ظاهره الجوع ، والمراد «الله»
والله أعلم ، وهو الذى أخرجه حقيقة فعبر بلفظ «الذى»
__________________
وهو يصدق على
السبب وعلى المسبب ، فشاركهم فى ظاهر الحال دفعا للوحشة الواقعة فى ذكر الجوع. قلت
: وهذا من معالى الأخلاق وكريم الشيم ، وهو من معنى قوله تعالى : (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الشعراء : ٢١٥].
وقال : سمعت الشيخ
الصالح أبا محمد عبد الله بن عمران البكرى ، بمدينة رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يقول : سمعت شيخنا أبا محمد عبد الله بن محمد المرجانى رحمهالله يقول : لا يجوز استنباط معنى من لفظ إلا بخمسة شروط : أن
لا يخل بالفصاحة ، ولا بالمعقول ، ولا بالمنقول ، وأن يكون اللفظ يحتمله ، وأن
يوجد من روحانية ذلك اللفظ.
قال لى صاحبنا أبو
محمد عبد الله بن عمران ، رحمهالله : قال لنا شيخنا أبو محمد المرجانى،رحمهالله ـ لما ذكر هذا الشرط الأخير ـ معنى قولنا : إنه يوجد من
روحانية ذلك اللفظ ، احترازا من أن يوجد من معنى يشبهه.
مثاله : ماء الورد
وماء النسرين ، فكلاهما مشتبه ، ولكن لهذا خاصية ، ولهذا خاصية.
وقال : سمعت شيخنا
أبا محمد عبد الله بن محمد بن أبى جمرة ، رحمهالله ، يقول : من أهل الله من يطلق له الإذن فى التصرف ، ومنهم
من يكون إذنه المراجعة فى كل شىء. فقلت له : يا سيدى ، أيهما أتم حالا؟. فقال لى :
وأين لذاذة المراجعة؟.
وقال : دخلت أنا
وصاحب لى ـ سنة أربع وثمانين وستمائة فى شهر رجب ـ على الإمام تقى الدين أبى عبد
الله محمد بن على بن وهب القشيرى زائرين ، ونحن عازمان على السفر إلى زيارة بيت
المقدس. فقال لى ولصاحبى : اذكرانى فى دعائكما ، دعاء قصد وعبادة ، لا دعاء عادة ،
فقلت له أنا : يا سيدى ، ما دعاء العادة؟ قال : مثاله الحارس فى السوق يقول : لا
إله إلا الله ، ويرفع صوته ، قصده التعريف بأنه منتبه. قال : وشبهه قول الطالب
للشيخ : ويغفر الله لنا ولكم. هى عادة بين الطلبة.
وقال : أنشدنى
الإمام أوحد زمانه ، تقى الدين محمد بن الإمام القدوة مجد الدين أبى الحسن على
المذكور أعلاه ـ يعنى ابن دقيق العيد ـ لنفسه :
تمنيت أن الشيب
عاجل لمتى
|
|
وقرب منى فى
صباى مزاره
|
لآخذ من عهد
الشباب نشاطه
|
|
وآخذ من عهد
المشيب وقاره
|
وأنشدنى أيضا
لنفسه :
__________________
وما ضرنا بعد
المسافة بيننا
|
|
سرائرا تسرى
إليكم فنلتقى
|
وقال : سمعت الشيخ
أبا يعقوب يوسف بن إبراهيم بن عقاب الجذامى الشاطبى ، نزيل تونس ، بها ، يقول :
لما دخل الشيخ أبو مدين رضى الله عه مدينة تونس ، كان يجلس فيتكلم على أصحابه ،
فمر عليه بعض فقهاء تونس ، فجلس مع الجماعة فى المجلس ، فلما فرغ الشيخ أبو مدين
رضى الله عنه من كلامه ، خرج ذلك الفقيه ، وصار يقول : أبو مدين ، أبو مدين رجل لا
يحسن العربية ، ويلحن فى كلامه ، فصار يكثر من هذا المعنى ، ثم بعد ذلك بمدة ، مرّ
على المجلس ، فدخل فحضر مع الجماعة ، فحين جلس ، قال الشيخ أبو مدين رضى الله عنه
: ما عاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم طعاما قطّ ، إن اشتهاه أكله وإلا تركه ، فوقع فى نفس ذلك
الفقيه ، أنه مراد بذلك ، فاستغفر مما كان منه.
وقال بعد أن ذكر
شيئا من حال ابن عقاب : وقد حضرت مع جماعة من الطلبة ، فى المدة التى كان شيخنا
أبو محمد المرجانى رضى الله عنه فيها فى مصر ، يتكلم فى جامعها. فذكروا حديث الشيخ
أبى محمد ، فقال بعض الطلبة الحاضرين : هذا يلحن فى كلامه ، فقلت له فى الوقت :
لحنها معرب
وأعجب من ذا
|
|
أن إعراب غيرها
ملحون
|
وسمعت الشيخ أبا
محمد عبد الله بن عمران البكرى يقول : سمعت رجلا من أهل تونس يعرف بابن الخارجى ـ وبنو
الخارجى بيت فى تونس يعرفون بالفقه والعلم ـ يقول : كنت أجلس مع شهود تونس للتوثيق
، فبينا نحن جلوس ذات يوم ، إذ جاءنا الشيخ أبو الحسن الشاذلى ، ومعه رجل من
أصحابه يريد أن يتزوج ، فأخذنا نكتب الصداق ، والشيخ واقف،رحمهالله ، فأخذ الشيخ أبو الحسن يحكى لنا من بعض أخبار الأولياء.
فقلت فى نفسى : مد الشيخ الزلاقة ، يعنى بذلك إنه يحب أن يكتب له الصداق بغير شىء.
فلما فرغنا من كتب
الصداق ، أعطانا الشيخ دينارا ذهبا. وقال : الشيخ ما يمد الزلاقة.
قال : فمن حينئذ
صحبته وتركت ما كنت فيه. وكان إذا حكاها يبكى ، رحمهالله.
وقال : سمعت أم
أبى البركات ، ميمونة ابنة أبى عبد الله محمد بن ناصر ـ بمدينة
__________________
فاس ، رحمها الله
ـ تقول : كان لوالدى مخزن فيه شعير ، فأصاب الناس سنة شديدة ، واشتد الغلاء وكثر
الضعيف. قالت لى : وكان ذلك المخزن له منفس غير بابه ، فأغلق والدى باب المخزن ،
وكان يخرج الشعير من ذلك المنفس ، وكان كل يوم يأمر أهله أن يخرجوا جانبا من
الشعير ، ويطحنونه ، ويخبز منه بعضه خبز ، وبعضه حريرة ، ويجتمع الضعفاء من أول
النهار. فيأمر من يفرقه عليهم.
قالت : فلم يزل
كذلك ، إلى أن ذهب الشتاء وانجلت تلك الشدة ، وتفرق الناس يأكلون من بقول الأرض ،
ومن أوائل فريك الزرع ، وقل الطالب. قالت : فقال والدى : افتحوا هذا المخزن ،
واكنسوه مما بقى فيه ، فقد جاء الحصاد إن شاء الله تعالى.
قالت : ففتحوا
المخزن ، فوجدوه ما نقص منه شيئا أصلا. وقال : وكانت هذه ميمونة لنا مثل الوالدة ،
وكانت من خيار الناس وفضلائهم.
وقال : سمعت
الإمام محب الدين أبا العباس أحمد بن عبد الله الطبرى المكى يقول ـ بمكة المشرفة ـ
: كنت جالسا يوما مع الجماعة المعروفين بدكتهم المعروفة بهم ، عند باب إبراهيم من
المسجد الحرام ، فنظر أحدهم ، فرأى فى الطواف فقيرا من أصحابهم ، فقال لمن إلى
جنبه من الجماعة : أما ترى فلانا يطوف؟ ـ على معنى الغبطة له على الطواف ـ فقال له
صاحبه : إذا أردت تطوف ، امش إلى السوق ، وخذ مد حب ، وأوقية سمن وكل وطف ، من
يقعد معنا ما يذكر طوافا ولا غيره.
ومعنى هذه الحكاية
: أن أعمالنا قلبية ، لا تتقيّد بالحركات الظاهرة فى كثير من المندوبات ، فإن كنت
أنت ممن يحب الطواف ، فكل الخبز وطف ، وكن فيما أنت فيه ، ولا تدخل علينا غير ما
نحن فيه ، فقد قالوا : نفس من ذاكر ، خير من ألف ركعة من غيره.
وقال : سمعت الشيخ
أبا عبد الله الوشيكى ـ رحمهالله ـ يحكى عن بعض مشايخه ، أنه كان يقول : إذا أشكلت عليكم
المسائل ، فعليكم بالصالحين ، فإنه تعالى يقول فى كتابه العزيز: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ
قَلْبَهُ) [التغابن : ١١].
ومن هدى الله قلبه ، فلا إشكال معه أو عنده.
قلت : وهذه
الهداية أيضا والله أعلم ، فى هداية خاصة ، وهى فى قوله تعالى : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا
هُدىً) [مريم : ٧٦].
وقال : سمعت
الفقيه أبا محمد عبد الله بن محمد بن حسن بن عبّاد أيضا ، يحكى عن
الإمام الحافظ أبى
القاسم بن زانيف ، وكان من أكابر علماء زمانه بمدينة فاس ، أنه كان يقول : النظر
فى وجه الظالم خطيئة ، واستعظام ما هو فيه ، من الكبائر. ويشبه هذا الكلام ، أن
يكون مرويا ، فإن مثله لا يدرك بالرأى.
قال : وسمعت الشيخ
أبا البركات المذكور ، يعنى : مبارك بن على التنملى المراكشى يقول : كان أبو عبد
الله محمد اللمدانى فى أول أمره ، مكاسا بمدينة تونس ، فلما تاب على يد الشيخ
العارف القدوة ، أبى محمد عبد الله بن محمد المرجانى ، رحمة الله عليهم ، جمع جميع
ما كان عنده من الأسباب ، فاجتمع من ذلك اثنا عشر ألف دينار ، ودنانير الغرب ، كل
دينار عشرة دراهم. فحملها إلى الشيخ رضى الله عنه ، فقبض الشيخ ذلك منه ، ثم قال
له : لابد لك من سبب تقيم به عيالك ، ولا شىء معك ، فردها عليه على وجه القرض
بمثلها ، وتسبب أبو عبد الله اللمدانى فى ذلك المال ، وصار مهما فضل له شىء ، حمله
إلى الشيخ حتى وفى جميع المال ، وتصرف فيه الشيخ ، رحمهالله ، على حسب ما يقتضيه نظره الصالح.
وقال : سمعت الشيخ
الصالح أبا محمد عبد الله بن محمد المرجانى ـ رحمهالله تعالى ـ يقول : كنت فى حال الطلب ، أنسخ كتاب : «الإكمال»
للقاضى عياض ، رحمهالله ، وكنت فى حال فاقة شديدة ، وكنت إذا نسخت الكراس ، أعرض
على نفسى : أيما أحب إليك ، هذا الكراس أو وزنه دراهم؟.
فكنت أجد عندى أن
الكراس أحب إلى من ذلك. وحكى ـ رحمهالله تعالى ـ هذه الحكاية ، فى معرض أن العبد إذا كان مرادا
بحاله زينها الحق بعينه له ، حتى لا يبغى بها بدلا.
وقال : سمعت شيخنا
أبا بكر محمد بن محمد القسطلانى ، رحمهالله ، يقول :
إن الشباب
والفراغ والجدة
|
|
مفسدة للمرء أى
مفسدة
|
وسمعته يقول : من
لم يؤدبه والداه ، أدبه الليل والنهار. من يخف صوله الليالى ، أثر فى وجهه الغبار.
انتهى.
مررت يوما بمدينة
فاس ، بموضع يقال له حجر معدان ، فرأيت براءة مطروحة فى الأرض ، فقرأتها ، فإذا
فيها مكتوب :
__________________
شغلنا بكسب
العلم عن مكسب الغنا
|
|
كما شغلوا عن
مكسب العلم بالوفر
|
فصار لهم حظ من
الجهل والغنا
|
|
وصار لنا حظ من
العلم والفقر
|
وقال :
جئتمانى لتعلما
سر سعدى
|
|
تجدانى بسر سعدى
شحيحا
|
إن سعدى لمنية
المتمنى
|
|
جمعت عفة ووجها
مليحا
|
وقال : أنشدنى بعض
الأصحاب بمدينة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ونحن فى بنى سلمة ، عند بئر رومة ، لبعضهم :
لله قوم إذا
حلوا بمنزلة
|
|
حل الندى ويسير
الجود إن ساروا
|
تحيا بهم كل أرض
ينزلون بها
|
|
كأنهم لبقاع
الأرض أمطار
|
وقال : أخبرنى
الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن عمر الزبيدى قال : أخبرنى الفقيه محمد الصمعى ، وكان
شيخا معمرا قد أدرك المتقدمين ، قال : أخبرنى والدى أنه كان حاضرا حين أخرج الملك
المسعود بن الملك الكامل ، الشيخ محمد بن أبى الباطل ، من بلاد اليمن ، وعزم على
تسفيره إلى بلاد الهند ، فحضر جماعة لوداعه ، فأنشده بعضهم :
ليت شعرى أى أرض
أجدبت
|
|
فأغيثت بك من
بعد تلف
|
ساقك الله إليها
رحمة
|
|
وحرمناك بذنب قد
سلف
|
فوصل الشيخ إلى
ثغر عدن ، وتوفى بها إلى رحمة الله تعالى. فكان رحمة لأهل عدن ، رحمهالله ورضى عنه ، ونفعنا ببركته آمين.
وقال : سمعت الأخ
الكريم القدوة ، أبا أحمد خليفة بن عطيفة ، صاحب الشيخ أبى العباس المرسى يقول :
سمعت سيدى أبا العباس ـ رضى الله عنه ـ يقول : العارف هو الذى تم له السبيل إلى كل
شىء.
ودخلت على الشيخ
أبى عبد الله الوشيكى ـ رحمهالله تعالى ـ بمنزله بمدينة فاس ، مودعا له عند سفرى إلى المشرق
، سنة تسع وسبعين وستمائة ، فقال لى : أوصيك؟ قلت : نعم. قال : إذا قيل لك هذه مكة
شرفها الله تعالى وهذا رجل من أهل الله ، فابدأ بالرجل. وليتنى فعلت ما قال لى ،
فإنه يفوت ، ومكة شرفها الله تعالى ، لا تفوت.
__________________
قال : وسمعت الشيخ
شهاب الدين أحمد بن الشيخ العارف بالله ، القدوة : أبى الحسن الشاطبى ـ رضى الله
عنه ـ يقول : كتب والدى ، رحمهالله ، إلى بعض أصحابه كتابا ، فقال فيه : والخير يطمع فى مثله
، ولا يرجى الفضل إلا من محله.
قال : وسمعته يقول
: لما أقام والدى بالديار المصرية ، كتب إلى أصحابه بتونس : كنا عندكم نعبد الله
على الصبر ، ونحن فى بلد نعبد الله فيها على الشكر.
وقال : وسمعته
يقول ـ يعنى الشيخ سراج الدين عمر بن الشيخ مجد الدين على بن وهب القشيرى ، المعروف
بابن دقيق العيد ـ يقول فى مجلس تدريسه بمدينة قوص : كان والدى رحمهالله تعالى فى آخر عمره ، تخرج إليه يد فى كل يوم بعد صلاة
الصبح من القبلة فتصافحه ، ثم ترجع.
وقال : أعطانى
الشيخ الصالح القدوة زين الدين محمد بن منصور الإسكندرى ، عرف بابن القفاص ، كتابا
كتبه بخطه وناولنيه بثغر الإسكندرية ، سنة ست وثمانين وستمائة ، وفيه مكتوب ، فذكر
شيئا ، ثم قال : وفى ذلك الكتاب أيضا : جاء رجل من أهل بغداد إلى الشيخ الفقيه
العالم محيى الدين أبى الحسن على بن محمد القرميسينى يطلب منه إجازات لأناس من أهل بغداد. فامتنع الشيخ رضى
الله عنه من إجابته لذلك. ثم أنشد رضى الله عنه :
لعب دعونى نحوه
|
|
والجد أولى
بالرجال
|
لا استجيز ولا
أجي
|
|
ز ولست أرضى
بالمحال
|
كم مظهر طلبا بح
|
|
ق وهو يرتع فى
الضلال
|
٤٠٧ ـ محمد بن أبى الخير محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير محمد بن أبى عبد الله
محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى المكى المالكى ، يكنى أبا البركات ،
ويلقب بالجمال :
ولد فى ليلة مستهل
المحرم ، سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بمكة ، وبها نشأ ، وحفظ مختصرات فى فنون من
العلم ، واشتغل بالعلم ، وناب عنى فى الحكم مرتين ، وولى إمامة المالكية بالمسجد
الحرام ، بتفويض من السلطان بمصر ، لا من قاضى القضاة الشافعى بها ،
__________________
عقيب سفر الحاج
منها ، فى سنة تسع عشرة وثمانمائة ، فأتى مكة فى خامس ذى الحجة منها.
وفى بكرة سادس ذى
الحجة منها قرئ توقيعه بالإمامة ، بحضرة أمير الحاج وغيره من الأعيان. وباشر
الصلاة من ظهر هذا اليوم ، إلى اليوم الرابع أو الخامس من جمادى الأولى ، سنة
عشرين وثمانمائة ، لوصول توقيع شريف سلطانى من مصر ، وخط قاضى القضاة بعود من كان
قبله للإمامة ، وهو الإمام شهاب الدين أحمد بن الإمام نور الدين على بن أحمد
النويرى ، وأخوه الإمام ولى الدين أبى عبد الله. وكان أبو عبد الله غائبا بمصر ،
وهو المرسل بولايته وولاية أخيه. وكان أخوه شهاب الدين متواريا بمكة ، لأمر اقتضاه
الحال ، فباشر ذلك نائبهما ، ولم يقدر للجمال محمد بن أبى الخير هذا ، عود لإمامة
المالكية ، حتى توفى. وجاءه توقيع بنيابة الحكم عنى ، ثم انفسخ حكمه.
ومات ـ والأمر على
ذلك ـ فى ليلة الاثنين سادس المحرم ، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة المشرفة ،
ودفن بالمعلاة فى بكرة هذا اليوم ، عقيب الصلاة عليه بالمسجد الحرام ، فى صحنه
بقرب سقاية العباس رضى الله عنه.
وكان أوصى أن لا
يصلى عليه إلا خارج المسجد ، عند بابه المعروف بباب الجنائز.
٤٠٨ ـ محمد بن محمد بن عبد المؤمن بن خليفة الدكالى أبو الخير
بن البهاء المكى :
سمع من القاضى عز
الدين بن جماعة ، واشتغل بالعربية على الشيخ أبى العباس بن عبد المعطى ، بمكة. ثم
انتقل إلى مصر ، وأقام بها نحو عشرة أعوام ، حتى مات فى أوائل سنة إحدى وتسعين
وسبعمائة ، سامحه الله.
وبلغنى أنه كان
شديد الذكاء.
٤٠٩ ـ محمد بن محمد بن عبد المؤمن بن خليفة الدكالى ، أبو
الفضل بن البهاء المكى ، يلقب بالكمال :
ولد فى سنة أربع
وستين وسبعمائة أو قبلها بقليل ، وهو الظاهر ، لما يأتى ذكره.
وسمع على القاضى
عز الدين بن جماعة بمكة ، فى سنة سبع وستين وسبعمائة أربعينه
__________________
التساعية وغير
ذلك. وأجاز له ابن أميلة ، وصلاح الدين بن أبى عمر ، وغيرهما من أصحاب ابن البخارى
، وأحمد بن عساكر ، وعمر بن القواس وغيرهم ، وحدث.
سمعت منه شيئا من
مروياته بالإجازة عن أصحاب الفخر.
سمع منه أصحابنا
بقرية المبارك ، من وادى نخلة ، وأدب الأطفال بمكتب بشير الجمدار بالمسجد
الحرام مدة سنين ، وعانى الشهادة ، ثم الوكالة فى الخصومات وغيرها. وكان منزلا
بدروس الحنفية بمكة ، وكان طويلا غليظا ، وأمه فاطمة بنت الشيخ يعقوب الكورانى.
توفى فى أول وقت
العصر ، يوم الأربعاء ثامن جمادى الأولى ـ ولعله تاسعه ـ سنة ثلاث وعشرين
وثمانمائة بمكة. ودفن فى بكرة يوم الخميس بالمعلاة. وخلف ولدين وثلاث بنات ، سامحه
الله تعالى.
٤١٠ ـ محمد بن محمد
بن عبد الوهاب بن إسماعيل بن صالح بن عيسى الحسنى ، السبكى ، يلقب بالعماد :
[.......................................................................]
وجدت بخط شيخنا
الحافظ أبى زرعة بن العراقى ، فى تاريخه : أنه توفى يوم الاثنين سلخ شهر رمضان سنة
سبع وسبعين وسبعمائة. وذكر أنه قريب للقاضى نجم الدين حمزة بن على بن محمد بن أبى
بكر بن عمر بن عبد الله بن السبكى ، وترجمه : بالشريف المقرى.
٤١١ ـ محمد بن محمد
بن عثمان بن الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر ، يلقب بالرضى الطبرى :
سمع من جده عثمان
: سنن أبى داود ، وعلى الزين الطبرى. وسألت شيخنا أبا بكر ابن القاسم بن عبد
المعطى ، فقال لى ما ملخصه : اشتغل بالعلم ، وحفظ : التنبيه ، والألفية ، والعمدة
، وعرض ذلك على الشيخ سراج الدين الدمنهورى ، وكان يحضر مجلسه بعد زواجه لأخت
القاضى أبى الفضل النويرى ، طمعا فى الرزق.
__________________
وكان فى الهند شخص
صحبه الرضى بمكة ، يقال له : جلال الدين ، حصلت له هناك شهرة ، فمات هناك. انتهى.
وكان توجه إلى
بلاد الهند ، فى سنة ثمان وخمسين وسبعمائة. وورد كتابه منها إلى صهره القاضى أبى
الفضل النويرى ، فى سنة ثمان وسبعين وسبعمائة.
ومات قريبا من
ذلك.
وكان تزوج أخت
القاضى أبى الفضل ، ولازمه فى العلم مدة.
٤١٢ ـ محمد بن محمد
بن عثمان بن الصفى الطبرى المكى ـ أخو الرضى السابق ـ يلقب بالصفى :
سمع من جده عثمان [....................................................]
توفى فى أثناء عشر
الستين وسبعمائة ، على ما وجدت بخط شيخنا ابن سكر. انتهى.
وسبب موته : أن
بعض من يعاشره ، جب ذكره فى داره وأغلقها عليه ، قاتله الله ، وخفى أمره إلى أن
ظهرت رائحة كريهة من داره التى قتل فيها ، فتسور عليه منها ، فوجد قتيلا ، وقد
أنتن ، فغسل وكفن وصلى عليه ودفن بالمعلاة. سامحه الله تعالى.
ولهما أخ اسمه
أحمد ما عرفت شيئا من حاله ، سوى أنه سمع من جده عثمان بن الصفى.
٤١٣ ـ محمد بن محمد
بن عثمان بن موسى بن عبد الله ، يلقب [......]
الدين بن القاضى الإمام جمال الدين بن الإمام موفق الدين الآمدى المكى :
إمام الحنابلة
بالحرم الشريف. سمع من والده ، والجمال عبد الرحمن بن محمد بن يحيى الواسطى ،
والإمام أحمد بن الرضى الطبرى ، وولى الإمامة تسعا وعشرين سنة ـ بتقديم التاء ـ لأنه
كان خلف أباه فى الإمامة.
وتوفى فى سنة تسع
وخمسين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
٤١٤ ـ محمد بن محمد
بن عثمان بن بنجير السميرى ، الإمام أبو عبد الله :
كان إمام مقام
إبراهيم عليهالسلام بالمسجد الحرام. ذكره القطب القسطلانى ، فى «ارتقاء الرتبة».
__________________
وذكر أنه لبس
الخرقة من ناصر بن عبد الله بن عبد الرحمن العطار ، كما لبسها من يد المذكور ، كما
لبس من شيخه إسماعيل بن الحسن. ولم أدر من حاله ، سوى ما ذكرت.
٤١٥ ـ محمد بن محمد
بن على الهروى :
نزيل مكة. روى عن
إسحاق الدبرى ، وعنه أبو منصور محمد بن محمد القاضى الأزدى. توفى ـ تقريبا ـ فى
عشر الستين وثلاثمائة.
ذكره الذهبى فى
تاريخ الإسلام ، وقال : شيخ حسن. وذكر أيضا : أنه توفى فى حدود الخميسن وثلاثمائة.
٤١٦ ـ محمد بن محمد
بن على الكاشغرى :
هكذا نسبه القاضى
بهاء الدين محمد بن يوسف الجندى ، فى تاريخ أهل اليمن ، تأليفه.
وذكر أنه أقام
بمكة أربع عشرة سنة ، وصنف بها كتابا سماه «مجتمع الغرايب ، ومنبع العجايب» فى
أربع مجلدات. وقدم اليمن ، وكان أول قدومه حنفيا ، ثم صار شافعيا. وسئل عن ذلك
فقال : رأيت كأن القيامة قامت ، والناس يدخلون الجنة زمرة زمرة ، فصرت مع زمرة
منهم ، فجذبنى شخص وقال : يدخل الشافعية قبل أصحاب أبى حنيفة؟ فعزمت أن أكون مع
المتقدمين فقرأ «المهذب» ، وكان ماهرا فى النحو واللغة والتفسير والوعظ ، وكان
يتظاهر بمذهب الصوفية. وحكم جماعة ، ثم ترك ذلك الأمر. وابتنى رباطا فى أماكن ،
منها : رباط فى ساحل موزع ، وكان يختلف إليه فى أيام ثماره. فنزل إليه كجارى عادته
، فى سنة خمس وسبعمائة ، فأدركته الوفاة هنالك : وقبر إلى وجه الفقيه صالح بن عبد
الله بن الخطيب.
قلت : ووجدت له
تأليفا ببلاد اليمن ، ذكر أنه اختصر فيه «أسد الغابة لابن الأثير».
٤١٧ ـ محمد بن محمد
بن على الوخشى المعروف بكش اسفهسلار وخش :
ترجم فى حجر قبره
بالمعلاة بتراجم ، منها : الغريب السعيد الشهيد الملكى العالمى العادلى ، المؤيد
المظفر المنصور ، المجاهد فى سبيل الله ، تاج الدولة والدين اختيار الملوك والسلاطين
، ملك الأمراء فى العالمين.
وفى حجر قبره :
أنه توفى فى العشر الأول من ربيع الأول ، سنة ثلاث وعشرين وستمائة.
٤١٨ ـ محمد بن محمد
بن عمر الهندى ، الكابلى الحنفى :
جاور بمكة مدة حتى
مات بها ، وسمع بها على الفخر التوزرى ، والقاضى عز الدين ابن جماعة ، سنة ثلاث
وخمسين وسبعمائة.
وذكر لى والدى أنه
كان يؤم بمقام الحنفية عن أبى الفتح الحنفى ، وأنه حكم بمكة فى وقائع ، نيابة عن
جدى القاضى أبى الفضل النويرى ، منها : فى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة. وسألت عنه
شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. قال : كان شيخا مباركا ، كتب بخطه كثيرا ووقف
جملة.
وكان يسكن برباط
السدرة ، وكان ينوب عن أبى الفتح الحنفى فى الإمامة ، ومات قبله بمكة. انتهى.
٤١٩ ـ محمد بن محمد
بن أبى رعون المكى :
هكذا ذكر القطب
الحلبى فى تاريخ مصر ، وقال : سيره محمد بن عمار ،
قاضى الشيعة بمصر
إلى أسيوط مع محمد بن عبد الله بن إسحاق ، والحسين بن الحسن بن
عبدويه ، وعبد الله بن عبد الله الكراجلى ، بسبب شخص أسلم ، وأقام مدة يصوم ويصلى
، ثم ارتد ، وأحضر إلى القاضى فى سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ، وقال لمحمد بن محمد
هذا : استتبه وعده بمائة ددينار ، فان تاب ورجع ، فأعطه إياها ، وإلا فاضرب عنقه.
قال : فجئت إليه وعرضت عليه التوبة فلم يتب ، فضربت عنقه. وأقام مطروحا ، ثم حمل
إلى النيل فغرق. انتهى.
قلت : هكذا وجدت
فى النسخة التى وقفت عليها من تاريخ مصر للقطب الحلبى : سنة ثمان وخمسين ، وهو وهم
ـ إن لم يكن من الناسخ ـ فإن القاضى محمد بن النعمان ، إنما ولى بعد أخيه أبى
الحسن على ، فى رجب سنة أربع وسبعين ، ولا يقال : إنه كان إذ ذاك قاضيا نيابة عن
أخيه ؛ لأن أخاه إنما ولى بعد سنة ستين وثلاثمائة كما يأتى فيما بعد.
__________________
٤٢٠ ـ محمد بن
محمد بن محمود الكرانى الهندى ، أبو الفضل ، المعروف بابن محمود الحنفى:
سمع من التقى
الحرازى ، قاضى مكة ، نحو النصف الأول من ثمانين الآجرى ، وعلى القاضى عز الدين بن
جماعة ، والقاضى موفق الدين الحنبلى : جزء ابن نجيد ، وغير ذلك على ابن جماعة
وغيره.
وكان أحد الطلبة
بدرس يلبغا ، ويعمل العمر ويعانى حرفا كثيرة. توفى فى أثناء سنة أربع وثمانمائة
بمكة ، ودفن بالمعلاة.
٤٢١ ـ محمد بن محمد
بن محمود الهندى :
نزيل مكة. كان
يخدم الشيخ عبد الله اليافعى ، ويكتب له تصانيفه ، ولازمه مدة طويلة ، ثم تركه ،
ولازم القاضى أبو الفضل النويرى ، إلى أن أضرّ. وكان يقرأ عليه فى «الحاوى الصغير»
ويلازم درسه ومجالسه ويخدمه ، ولم يحصل شيئا.
وتوفى قبل القاضى
أبى الفضل بسنتين أو نحوهما شهيدا ، وقع على رأسه حجر فرضخه.
٤٢٢ ـ محمد بن محمد
بن مسكين ، يلقب بالكمال :
ذكره القطب الحلبى
فى تاريخ مصر ، وذكر أنه وجد بخط شيخه قطب الدين القسطلانى : أن ابن مسكين هذا ،
جاور بمكة سنين ، ثم خرج منها فى سنة اثنتين وسبعين وستمائة. ودخل مصر ، وبه مرض
الاستسقاء. وتوفى بها يوم الجمعة الحادى والعشرين من المحرم من السنة المذكورة.
انتهى.
ووجدت مجلسا فيه
فوائد الحافظ أبى بكر بن مسدى ، سمعه عليه جماعة منهم : كمال الدين أبو الفتح محمد
بن محمد بن الحسين بن مسكين القرشى. وترجم بالفقيه الأجل ، والظاهر أنه المذكور.
وتاريخ السماع
سادس عشر شوال ، سنة إحدى وعشرين وستمائة ، بالحرم الشريف ، تجاه الكعبة المعظمة.
__________________
٤٢٣ ـ محمد ـ ويدعى نسيم ـ بن محمد ـ ويدعى سعيد ـ بن مسعود ـ المدعو
بخواجه إمام ـ بن محمد بن على بن أحمد بن عمر بن إسماعيل بن الأستاذ أبى على الحسن
بن على بن محمد بن إسحاق بن عبد الرحيم بن أحمد ، العلامة الخير ، نسيم الدين أبو
عبد الله بن العلامة سعيد الدين بن ضياء الدين النيسابورى الأصل ، الكازرونى
المولد والدار ، الشافعى :
نزيل مكة. هكذا وجدت
نسبه لأبى على الدقاق ، بخط بعض أصحابنا ، ورأيت ذلك بخطه ـ فيما أظن ـ ذكر أنه
ولد بكازرون من بلاد فارس ، سنة خمس وثلاثين وسبعمائة. ونشأ بها ،
واشتغل فيها على أبيه بالعلم ، وسمع منه بها بعض تصانيفه ، وأنه استجاز له من
الحافظ أبى الحجاج المزى وغيره من شيوخ دمشق ، وأن الإجازة عنده بكازرون.
سمعت منه شيئا من
كتاب «المولد النبوى» الذى صنفه أبوه ، وكان يرويه عنه على ما ذكر. وكان فاضلا فى
العربية ومتعلقاتها ، مع مشاركة حسنة فى الفقه وغيره ، وعبادة كثيرة ، وديانة
متينة ، وأخلاق حسنة.
جاور بمكة سنين
كثيرة تزيد على العشر ، ملازما للعبادة والخير ، وإفادة الطلبة. وسمع بها من شيخنا
جمال الدين الأميوطى ، وعفيف الدين النشاورى. ثم توجه من مكة إلى بلاده بإثر الحج
، من سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. فوصل إليها ، ثم توجه إلى مكة ، فأدركه الأجل
باللار فى سنة إحدى وثمانمائة ، ووصل خبر وفاته إلى مكة فى سنة اثنتين وثمانمائة.
وكان زار المدينة النبوية فى طريق الماشى ، وسهل فى طريقها أماكن مستصعبة. وفعل
مثل ذلك فى جبل حراء وجبل ثور. أجزل الله تعالى على ذلك ثوابه.
٤٢٤ ـ محمد بن محمد
بن المكرم بن أبى الخير رضوان بن أحمد بن القيم ، يلقب بالقطب أبو بكر بن الجمال ،
بن الجلال ، ويعرف بابن المكرم المصرى :
نزيل مكة. سمع من
القطب القسطلانى مجلسا له فى فضل شعبان ، على ما وجدت بخط الآقشهرى. وحدث عنه به ،
وبصحيح ابن حبان إجازة ، وسمع على أبيه «السيرة
__________________
لابن إسحاق» عن
ابن المقير عن ابن ناصر عن الخلعى والحبال ، وعلى علىّ بن نصر الله ابن الصواف
مسموعه من سنن النسائى ، وعلى الحجار ، ووزيرة : صحيح البخارى ، وعلى الرضى الطبرى
بمكة صحيح البخارى ، وابن حبان ، وغير ذلك.
كان جاور بمكة مدة
طويلة ، ملازما للعبادة ، مطرحا للتكلف ، وجاور بالمدينة النبوية أيضا ، وبالقدس
الشريف. ومات به فى شعبان سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة.
ومولده فى سنة خمس
وسبعين وستمائة ، على ما وجدت بخط الآقشهرى. وكان من كتاب الأنساب بالقاهرة ، فى
دولة السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون الصالحى ، ثم ترك واستنجز توقيعا شريفا
بأن يصرف له معلومه على ذلك ، حيث كان بالمساجد الثلاثة. وجدت بخط الآقشهرى أنه
كتب فى دولة المنصور قلاوون ، وابنه الأشرف خليل.
وذكر لى شيخنا أبو
بكر بن قاسم بن عبد المعطى : أن ابن المكرم هذا ، جاور بمكة أزيد من عشرين سنة ،
وكان يطوف مكشوف الرأس فى الحر الشديد ، وكان كثير الوقيعة فى الناس ، وكانت داره
بمكة ، المدرسة الأفضلية.
٤٢٥ ـ محمد بن محمد بن موسى ، الدمشقى الشوبكى :
نزيل مكة المشرفة.
جاور بها سنين كثيرة على خير ، وكان له بالعلم قليل عناية ، وتزوج زوجة أخيه الشيخ
شهاب الدين ـ الآتى ذكره ـ وولد له منها أولاد.
وتوفى فى سادس عشر
المحرم ، سنة أربع وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.
٤٢٦ ـ محمد بن محمد
بن منصور المصرى ، الفراش بالحرم الشريف ، يلقب ناصر الدين :
سمع من الرضى
الطبرى : صحيح مسلم ، وجامع الترمذى ، والسنن لأبى داود ، وصحيح ابن حبان ، وحدث
به عنه مع ابن المكرم ، فى مجالس آخرها فى ذى القعدة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة.
ومن السامعين له
عليه ، العلامة شمس الدين محمد بن أبى بكر الزرعى ، المعروف بابن قيم الجوزية
الحنبلى.
ويستفاد من هذا
حياته فى هذا التاريخ.
__________________
٤٢٧ ـ محمد بن
محمد بن ميمون الجزائرى ، أبو عبد الله ، المعروف بابن الفخار ، لكون جدّه كان
يبيع ذلك :
هكذا ذكره لى
صاحبنا أبو الطيب محمد بن الزين القيروانى ، نزيل مصر ، قال : إن أصله من الأندلس
: ومولده بالجزائر من بلاد المغرب. قرأ بها القرآن والفقه ، ثم انتقل إلى تلمسان ، وأقام بها.
وثابر على قراءة
العلم على جماعة من شيوخها ، كقاضى الجماعة بها ، أبى عثمان سعيد العقبانى مدة ،
ثم وصل إلى تونس ، وحضر مجلس الإمام أبى عبد الله بن عرفة ، وعظمه وأكرم مثواه
وكان يطلب منه الدعاء ، وحضر مجلس قاضى الجماعة ، أبى مهدى عيسى الغبرينى.
وأقام بتونس سنة
أو أكثر قليلا ، ثم ارتحل إلى مصر ، فأقام بها أشهرا ، ثم حج. وأقام بالمدينة خمسة
أعوام ، يؤدب الأطفال. انتهى.
وأخبرنى صاحبنا
الشيخ خليل بن هارون الجزائرى ـ نزيل مكة ـ غير مرة ، عن شخص يقال له الحسن
المرينى ـ أثنى عليه الشيخ خليل ، ووصفه بصلاح وخير ـ أن الشيخ أبا عبد الله بن
الفخار هذا ، كان إذا لقيه قال : ما لى أراك مخروطا؟.
قال المرينى :
فقلت فى نفسى : كأنه يكاشفى ، فعزمت على امتحانه ، وخرجت فى الليل إلى باب منزلى
عريانا ، واستغفرت الله تعالى ، فلما أصبحت ، غدوت إلى الشيخ أبى عبد الله بن
الفخار ، فلما رآنى أعرض عنى.
قال : فقلت له :
إيش جرى؟. قال : تخرج إلى باب منزلك عريانا؟. قال : فاستغفرت الله تعالى ، وقلت :
لا أعود. قال : فقال لى : لو لا الأدب مع الشرع ، لأخبرت ما يصنع الإنسان على
فراشه؟.
__________________
هذه الحكاية
كتبتها من حفظى ، بالمعنى الذى حدثنى به الشيخ خليل بن هارون ، وفيها منقبة للشيخ
أبى عبد الله بن الفخار.
وكان من العلماء
العاملين الصالحين الأخيار.
توفى عصر يوم
الخميس التاسع والعشرين من رمضان ، سنة إحدى وثمانمائة ، ودفن فى صبيحة يوم الجمعة
ـ وكان يوم العيد ـ قبل صلاة العيد بالمعلاة ، رحمهالله. وكان جاور بمكة من عام ثمانمائة.
٤٢٨ ـ محمد بن محمد
بن يوسف الذروى ، الشهير بالمصرى :
الفراش بالحرم
الشريف. سمع من الزين الطبرى ، وعثمان بن الصفى ، والآقشهرى : السنن لأبى داود ،
بفوت غير مضبوط ، فى سنة [.........] وثلاثين وسبعمائة.
وسمع بعد ذلك من
جماعة ، منهم القاضى عز الدين بن جماعة ، فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة ، ولم أدر
متى مات ، إلا أنا استفدنا حياته فى هذا التاريخ.
وكان له وجاهة عند
الناس بمكة ، باعتبار مخالطته لبعض سلطنة مكة.
٤٢٩ ـ محمد بن محمد
السبتى ، الفقيه أبو عبد الله المالكى :
كان يؤم المالكية
نيابة. ولم أدر متى مات ، إلا أنه كان حيا فى سنة عشر وسبعمائة. وفيها سمع على
التوزرى بمكة ، ومن طبقة السماع ، استفدت هذه الترجمة.
ووجدت فى تعاليق
الشيخ أبى العباس الميورقى بخطه أو بخط غيره ، ذكر جماعة ، ترجمه : بأنه بقايا
الصالحين منهم : أبو عبد الله التوزرى السقطى ، نائب المالكية ، له نحو عشرين سنة
مجاورا. انتهى. وأظنه المذكور والله أعلم.
٤٣٠ ـ محمد بن محمد ،
بدر الدين أبو عبد الله بن علاء الدين ، أبى عبد الله الآقصرائى الحنفى :
توفى يوم الجمعة
ثالث عشرى ذى القعدة سن ثلاث وسبعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.
ومن حجر قبره لخصت
هذه الترجمة ، وترجم فيه : بالشيخ العلامة مفتى المسلمين وخطيبهم ، وترجم والده :
بالعلامة.
__________________
٤٣١ ـ محمد بن محمد
الجديدى المالكى ، الشيخ الصالح أبو عبد الله القيروانى :
كذا ذكره صاحبنا
أبو الطيب بن أبى الزين القيروانى. وقال فيما قرأت بخطه وحدثنى به : ولد بالقيروان
، ونشأ بها ، وتفقه على الفقيه القاضى أبى عبد الله محمد بن محمد ابن عبد
خليل بن فيراز المرادى ، وحضرت مجلس قراءته عليه لصحيح.
وكان مشتغلا بنفع
خلق الله ، له كرامات باهرة ، وأحوال سنية ، ابتنى زاوية بالقيروان ، واجتمع عليه
خلق كثير من أهل الخير ، وانصرفت الأوجه إليه ، وعظم شأنه ، وانتفع عليه خلق كثير
، وسعى فى مصالح العامة ، ثم كثر عليه التعب من كلف الناس. فسافر إلى الحج ، فحج
وأقام بمكة.
وكان سفره من
القيروان ، فى عام اثنتين وثمانين وسبعمائة ، فأقام بها على اجتهاد وعبادة، وحضور
لمجلس العلم ، إلى أن توفى بها فى شهور سنة سبع وثمانين وسبعمائة ، وعمره قريب
الستين.
أخبرنى غير واحد
ممن أثق بدينه من أهل القيروان ، عن أحمد بن عبد السلام بن هيت : أنه كان عنده
ليلة ، فتذاكروا ما القيروان فيه من قلة المطر والقحط.
قال : فقال لى :
يا أحمد ، بعنى المطر أو أبيعك؟.
قال : فبهت ،
فأشار إلى خادمه أن أشترى منه. فقلت له : نعم. قال : بكذا وكذا. قلت : نعم ، وغلب
عليه النوم. فخرجت من عنده ، والسماء صحو والقمر منير. فما بعدت عن بيت الشيخ ،
حتى غاب القمر ، وجاءت السماء بمطر كأفواه القرب ، تلك الليلة ، حتى خشيت سقوط
البيت من كثرة النوء.
فلما أصبحت أخذت
فى شراء ما اشترط علىّ الشيخ ، فجهزت طعامان وأردت أن أمضى ، فخرجت من الباب ،
وإذا به ينادى : يا أحمد ، لا تتكلم على بشىء ، لئلا يظهر لك منى قطيعة أبدية.
فقلت له : يا سيدى ، الذى اشترطت تجهز ، فقال : ادع فلانا وفلانا وأطعمهم ، فإنهم
فقراء ، فدعوتهم ولم يحضر الشيخ معهم. وسألت أحمد بن عبد السلام عن هذه الحكاية ،
بعد وفاة الشيخ بمدة ، فاعترف لى بذلك.
__________________
كان رحمهالله من الزهد على جانب عظيم ، ومن الورع على شىء صالح ، مع
جلالة مقداره ، وطول صمت وحسن سمت ، وتحكيم السنة على ظاهره وباطنه ، والأمر
بتعليم العلم ، والإعانة لطلبته ، رحمهالله ونفع به. انتهى.
والجديدى : نسبة
إلى قرية تسمى الجديدة ، بساحل القيروان ـ وهى بجيم ودالين مهملتين ـ ذكر لى ذلك
صاحبنا أبو الطيب القيروانى. وكتب عنى وفاة الشيخ محمد الجديدى ، هذا.
وتوفى أبو الطيب
القيروانى ، المشار عليه ، فى أوائل سنة ست وثمانمائة غريقا فى البحر المالح ، وهو
متوجه إلى اليمن.
* * *
من اسمه محمد بن محمد
بن محمد (ثلاثة)
٤٣٢ ـ محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على ، يلقب بالزين
القسطلانى المكى :
أجاز له من مصر
ابن الأنماطى ، وابن خطيب المزة ، وشامية بنت البكرى ، وآخرون ، منهم : جدّه لأبيه
القطب القسطلانى ، وآخرون من مكة ، منهم : جدّه لأمه المحب الطبرى.
وسمع منه سنن أبى
داود ، وسمع على أبيه أمين الدين القسطلانى : الموطأ ، رواية يحيى ابن يحيى ، وعلى
يوسف بن إسحاق الطبرى : المجلد الثانى من الترمذى ، من نسخة بيت الطبرى ، وهى من
تجزئة ثلاثة ، وسمع على أبى اليمن بن عساكر : البخارى ، بفوت يسير ، على ما ذكر ،
كما وجدت بخط الآقشهرى نقلا عنه. وذكر أنه أجاز له فى سنة ثلاثين وسبعمائة بمكة.
انتهى.
وذكر البرزالى أنه
توفى فى سابع صفر من السنة المذكورة. وهكذا وجدت وفاته فى مختصر تاريخ النويرى.
ووجدت فيه : أنه ولد سنة ثلاث وستين ، ومات عن تسعة أولاد ذكور. يأتى ذكرهم إن شار
الله تعالى.
٤٣٣ ـ محمد بن محمد بن محمد بن حسين بن على ، يكنى أبا المكارم
بن أبى البركات بن أبى السعود بن ظهيرة ، القرشى المخزومى ، المكىّ ، يلقب بالجمال
:
ولد فى شعبان سنة
تسع وثمانين وسبعمائة. سمع بمكة من بعض شيوخنا ، وأجاز له
__________________
جماعة من شيوخنا
الشاميين ، وحفظ كتبا علمية ، وحضر دروس شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، وسعى
فى نيابة الحكم عنه بمكة وغير ذلك ، فما تم له ما أراد ، ثم سكن مصر إثر ذلك ،
ووصل منها إلى مكة فى موسم سنة ست عشرة ، وعاد إليها فى التى بعدها ، وسعى لأبيه
فى قضاء الشافعية بمكة ، بعد شيخنا المذكور ، فتم له ذلك ، وكان سعى فيه قبل ذلك
لأبيه غير مرة ، فما تم له مراد.
٤٣٤ ـ محمد بن محمد
بن محمد بن سعيد ، يلقب بالشرف بن الضياء الهندى الحنفى :
سمع بمكة من ابن
حبيب ، وابن عبد المعطى وغيرهما.
وتوفى فى سنة ست
وسبعين وسبعمائة بالقاهرة.
٤٣٥ ـ محمد بن محمد بن محمد بن سعيد الصاغانى. يلقب بالكمال بن
الضياء المكى الحنفى ، أبو الفضل :
ولد بمكة فى النصف
الأخير من ليلة ثالث عشر ربيع الآخر سنة تسع وستين وسبعمائة. وسمع بها على بعض
شيوخنا ، وقرأ على شيخنا شمس الدين بن سكر ، أشياء من الحديث ، وسمعت ذلك بقراءته
، وأجاز له ـ من دمشق ـ ابن أميلة ، وصلاح الدين ابن أبى عمر وغيرهما. وما علمته
حدث ، وعنى بالفقه وغيره.
وسكن قبل وفاته
بسنين كثيرة ، وادى نخلة ، ثم استقر منها بخيف بنى عمير. وكان يؤم الناس به ،
ويخطب ، ويعقد الأنكحة ، وتعانى التجارة إلى رهاط وشبهها ، فى دنيا قليلة. وكان قد حصل على جانب من تركة
أبيه ، ثم على ثمن عقار ، ورثه وابن له ، من زوجته فاطمة بنت برهان الدين المرشدى
، وأذهب جميع ذلك ، وبعد إذهابه لذلك ، سكن وادى نخلة ، إلى أن توفى فى السادس عشر
من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة ، بخيف بنى عمير ، ونقل إلى المعلاة
، ودفن بها فى بكرة يوم الأحد سابع عشرة ، وهو فى أثناء عشر الستين ؛ وهو سبط يوسف
القروى.
__________________
٤٣٦ ـ محمد بن محمد
بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ، نجم الدين ابن فهد القرشى ، الهاشمى
المكى :
سمع من القاضى عز
الدين بن جماعة : أربعينه التساعية ، وجزءا صغيرا خرّجه لنفسه ، والشفاء للقاضى
عياض ، وسمعه على محمد بن أحمد بن عبد المعطى ، وغير ذلك.
وسمع من ابن حبيب
: سنن ابن ماجة بفوت ، ومقامات الحريرى ، وغير ذلك.
وأجاز له عدة
مشايخ من الشام ، ومصر ، والإسكندرية. وحدث.
وكان سكن أصفون ـ من
ديار مصر ـ مدة سنين ، تعلقه أن جده والد والدته ، الشيخ نجم الدين الأصفونى ، له
بها دور وضياع موقوفة على ذريته ، ثم عاد إلى مكة فى سنة خمس وتسعين وسبعمائة ،
وأقام بها حتى مات فى آخر يوم الاثنين ، الثانى عشر من شهر ربيع الأول ، سنة إحدى
عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
ومولده ـ فيما
كتبه بخطه على بعض الاستدعاءات ـ تقريبا ، فى سنة ستين وسبعمائة بمكة. وهو والد
صاحبنا المحدث البارع المفيد تقىّ الدين بن فهد.
٤٣٧ ـ محمد بن محمد
بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن على ، الحسنى ، الشريف أبو الخير بن أبى
عبد الله الفاسى ، المكى المالكى ، يلقب بالمحب :
ولد يوم الجمعة
الثامن والعشرين من رجب سنة ثمان وسبعين وستمائة بمكة ، وسمع بها باعتناء أبيه على
يحيى الطبرى : أربعين المحمدين للجيانى ، وجزء ابن عرفة ، وغير ذلك ، وعلى الظهير
بن منعة : جزء ابن نجيد ، وعلى الفخر التوزرى : الصحيحين ، والسنن الأربعة ، وعلى
الصفى والرضى الطبريين : صحيح البخارى ، وصحيح ابن حبان ، وغير ذلك كثيرا عليهم ،
وعلى غيرهم ، من شيوخ مكة والقادمين إليها ، منهم : الصدر إسماعيل بن يوسف بن
مكتوم القيسى ، سمع عليه جزء أبى الجهم ومشيخته ، تخريج الفخر بن الفخر البعلى ،
بمنى فى أيامها ، سنة إحدى عشرة ، وسمع بالمدينة على والده أيضا ، والمحدث عز
الدين يوسف الحسن الزرندى ، كتاب «العوارف للسهروردى» وعلى غيرهما.
ورحل به أبوه إلى
مصر ، فسمع بها على ابن هارون الثعلبى : مسند الدارمى ، وجزء أبى الجهم ، وعلى ابن
أبى الفتوح القرشى : الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ، وعلى محمد بن عبد الحميد :
صحيح مسلم ، وغير ذلك ، عليهم وعلى غيرهم ، بمصر والإسكندرية ، ثم
طلب بنفسه ، فسمع
بدمشق من أبى العباس الحجار ، مسموعه من الكتب والأجزاء ، خلا مسند الدارمى ، وغير
ذلك ، وعلى النجم العسقلانى : الموطأ ، رواية أبى مصعب. وعلى أيوب الكحال بعض
النسائى ، وعلى جماعة كثيرين ، وتلا بالروايات بمكة ، على مقرئها العفيف الدلاصى
وسمع منه ، وعلى الشيخ أبى عبد الله محمد بن إبراهيم القصرى ، وتفقه ، وشارك فى
العلوم.
ومن شيوخه الذين
أخذ عنهم العلم بثغر الإسكندرية : الشيخ تاج الدين الفاكهانى ، شارح «الرسالة» لابن
أبى زيد ، والعمدة ، والأربعين للنواوى ، وغير ذلك ، والقاضى وجيه الدين يحيى بن
محمد المعروف بابن الجلال ، وأذن له فى الإفتاء والتدريس.
وصحب بالإسكندرية
جماعة من أهل الخير : منهم : الشيخ خليفة ، وياقوت تلميذ الشيخ أبى العباس المرسى
، فعادت بركتهم عليه ، وطاب ذكره ، ولازم التدريس والإفادة والفتوى والانزواء إلى
أهل الخير ، مع الزهد والإيثار والعبادة والجلالة عند الناس.
وحدث. روى لنا عنه
ابنه مفتى الحرم ، تقى الدين عبد الرحمن الفاسى.
وسمع منه جماعة من
الأعيان ، وأثنى عليه ابن فرحون فى «نصيحة المشاور» لأنه قال : وكان ممن رفع الله
مكانته وشهر بين الناس منزلته ، محل الولد الشيخ الجليل الفقيه العلامة ، السيد
الشريف أبو الخير ، ابن سيدنا وشيخنا أبى عبد الله الفاسى الحسنى ، نزيل مكة
المشرفة. نشأ فى عبادة الله ، وتبتل إلى الاشتغال بالمذهب المالكى ، حتى رآه الله
أهلا للتدريس والإلقاء والإفادة. فدرس واشتغل ، وصحب رجالا من مشايخ الوقت ،
وارتحل إلى الاسكندرية ، وأدرك بها من أهل العلم والصلاح ، والأئمة ، جماعة كثيرين
، فصحبهم وأخذ عنهم ، وكسب من أخلاقهم وصفاتهم ، ما أظهر عليه نورا وبهاء ورئاسة
لم تكن لأحد من نظرائه.
وذكر أنه توفى يوم
الجمعة ، أول جمعة فى شعبان سنة سبع وأربعين وسبعمائة بالمدينة. ودفن بالبقيع ،
حيال قبر إبراهيم بن النبى صلىاللهعليهوسلم. وذكر لى وفاته ، كما ذكر ابن فرحون ابنه شيخنا الشريف عبد
الرحمن ، وأفادنى أنها فى شهر رمضان من السنة المذكورة.
٤٣٨ ـ محمد بن محمد
بن محمد بن على بن إبراهيم بن حريث العبدرى السبتى ، خطيب سبتة وإمامها :
ذكره العفيف
المطرى فيما نقل عنه الحافظ علم الدين البرزالى فى تاريخه ، قال :
مولده فى العشر
الأول من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وستمائة بمدينة سبتة ، ونشأ بها وحصل وصار
خطيبها. ولزم الإقرأ فى الفقه ثلاثين سنة.
كان حسن الهيئة
منور الوجه كثير البشر ، مع كثرة الخشوع والبكاء. خرج من بلده بغية الحج والمجاورة
إلى الموت ، وباع كتبه بألف دينار ، ووقف أملاكه على جامع سبتة ، واستصحب معه ما
قام بأمره إلى حين وفاته.
وكانت إقامته
بالحرمين ، نحو سبع سنين ، ما يتناول فيها من أحد شيئا. وكان كثير الإيثار والشفقة
على الغرباء.
ومن علومه :
القراءات والحديث ، والفقه ، والنحو. وروى الموطأ عن أبى الحسين عبد الله بن أحمد
بن أبى الربيع ، عن ابن بقى ، وروى الشفاء للقاضى عياض. وحدث بمكة والمدينة ، سمع
منه أعيان من بهما.
وتوفى فى الحادى
والعشرين من جمادى الأولى ، سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
انتهى.
قلت : خاتمة
أصحابه بالسماع والإجازة : شيخنا شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان المدنى ،
المعروف بالششترى ، سمع عليه الشفاء بفوت يسير ، شملته الإجازة.
وتفرد به عنه.
وممن سمعه عليه الشيخ خليل المالكى ، إمام المالكية بالحرم الشريف.
٤٣٩ ـ محمد بن محمد بن محمد بن عمرك بن أبى سعيد بن عبد الله
بن القاسم ابن عبد الرحمن بن علقمة بن النضر بن معاذ بن عبد الرحمن بن القاسم بن
محمد بن أبى بكر الصديق القرشى البكرى ، أبو الفتوح الصوفى النيسابورى :
سمع ببلده نيسابور
، على أبى الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيرى : أربعينه السباعية ، ومن
جماعة منهم أبو الفضل [.....] ببغداد ، وابن خميس بالموصل ،
__________________
والحافظان : ابن
عساكر بدمشق ، والسلفى بالإسكندرية. وحدث بدمشق ومصر وبغداد ومكة.
وذكر الحافظ ابن
النجار : أنه جاور بمكة مدة طويلة بأهله.
سمع منه الحافظان
: المنذرى ، والرشيد العطار وجماعة. وآخر أصحابه : عمر بن القواس، له منه إجازة ،
حدث بها عنه.
وتوفى ليلة الحادى
عشر فى جمادى الأولى سنة خمس عشرة وستمائة.
وكان مولده
بنيسابور ، سنة ثمان عشرة وخمسمائة ، فى أولها.
٤٤٠ ـ محمد بن محمد
بن محمد ، المعروف بابن هلال الأزدى الدمشقى. يلقب بالعماد بن العماد بن العماد ،
ويلقب أيضا بالشمس ، واشتهر بها عند كثير من الناس :
كان من تجار
الشاميين المترددين إلى مكة ، وبها توفى فى حادى عشر المحرم سنة اثنتى عشرة
وثمانمائة وقد تكهل. وبلغنى : أنه سمع من ابن قواليج.
٤٤١ ـ محمد بن محمد
بن محمد بن يوسف الذروى الأصل ، المكى المولد والدار ، المعروف بالمصرى :
كان فراشا بالحرم
الشريف. وتوفى بعد التسعين وسبعمائة بالقاهرة.
* * *
من اسمه محمد بن محمد
بن محمد بن محمد (أربعة)
٤٤٢ ـ محمد بن محمد
بن محمد بن محمد بن أحمد بن على القيسى ، أبو عبد الله ، الملقب إمام الدين بن
الزين القسطلانى المكى :
سمع من يحيى
الطبرى ، أربعى المحمدين للجيانى ، وعلى الفخر التوزرى : الموطأ ، رواية يحيى بن
يحيى ، وسنن أبى داود ، وعلى الصفى الطبرى ، وأخيه الرضى : صحيح البخارى ، وغير
ذلك ، عليهم وعلى غيرهم.
وحدث ، سمع منه
شيخنا ابن سكر ، شيئا من سنن أبى داود ، وأجاز له. وكان ذا مال وافر. كان يسافر فى
التجارة إلى اليمن ، وفيه خير.
وبلغنى : أنه عزم
فى بعض السنين على سفر ، فأتاه شخص ، فادعى عليه بألف
درهم ، وأحضره إلى
الحاكم بمكة ، والتمس يمينه ، فسلم ذلك القدر للمدعى عليه ، ثم جاء بعد ذلك إلى
الحاكم أو غيره من أعيان الناس ، وحلف بالله يمينا مغلظة ، أن المدعى عليه لا
يستحق عليه شيئا فيما ادعاه ، فليم على كونه لم يخلف ويبرأ. فقال : كنت على سفر
وخفت أن يعرض لى فيه سوء ، فيقال أصابه هذا لحلفه كاذبا. هذا معنى ما بلغنى فى هذه
الحكاية.
توفى فى آخر
المحرم ، سنة أبع وخمسين وسبعمائة بمكة.
ومولده على ما كتب
بخطه : سنة إحدى وتسعين وستمائة. انتهى.
٤٤٣ ـ محمد بن محمد
بن محمد بن محمد بن أبى بكر الدمراجى الهندى الدلوى ، نجيب الدين الحنفى :
هكذا بخط شيخنا
ابن سكر فى بعض سماعاته بمكة.
ووجدت بخط شيخنا
ابن سكر سماع النجيب هذا ، على القاضى عز الدين بن جماعة لأربعينه التساعية ،
تخريج الفخر بن الكويك ، فى سنة سبع وستين وسبعمائة بمكة. ووصفه شيخنا ابن سكر :
بالمقيم بحرم الله تعالى. وأجاز لى باستدعائه.
وكان كتب بخطه
كثيرا من كتب العلم ، وكان فاضلا فى مذهبه ، وكان يعتمر فى كل يوم غالبا ، مدة
مقامه بمكة. إلى أن ضعف وعجز.
توفى بعد التسعين
وسبعمائة بيسير بمكة. وهو فى عشر السبعين.
سمعت شيخنا قاضى
القضاة جمال الدين بن ظهيرة ـ أبقاه الله تعالى ـ يقول : إن الشيخ نجيب الدين هذا
، أخبرهم أن شيخا له من أهل الهند ، وصفه بالعلامة ، وقدم مكة. اجتمع بالعفيف
الدلاصى ، مقرئ الحرم ، ليقرأ عليه ، فاعتذر له بأنه لا يقرئ العجم ، لكونهم لا
يخرجون الحروف من مخارجها. فقال له : لا عليك أن تسمع قراءتى. فإن أرضيتك وإلا تركت.
فقال له : اقرأ.
فلما شرع فى
القراءة قال له : إنى أشم منك رائحة النسب ، فإلى من تنسب؟ فقال : أنتسب إلى خالد
بن الوليد. فقال له : وأنا أنتسب إليه ، وذكر كل منهما ، فاجتمعا نسبته فى بعض
الأجداد.
هذا معنى الحكاية
، وهى عجيبة وفيها منقبة للشيخ عفيف الدين الدلاصى.
وكلام ابن حزم فى
الجمهرة ، يقتضى أن خالد بن الوليد لا عقب له. وقد انتسب إليه خلق كثير من العلماء
، والله أعلم بصحة ذلك.
وأخبرنى صاحبنا
الخير جمال الدين محمد بن أبى بكر بن على ، المعروف بالمرشدى المصرى : أنه كان فى
يوم عاشوراء فى بعض السنين بمكة ، عند شيخنا القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة ،
قاضى مكة الآتى ذكره ، فأمر بعض الناس بالمضى إلى الشيخ نجيب الدين ببيتين من
الشعر ، يتضمنان ذلك ، هما :
عشر بعاشورا
كتحال توسعة
|
|
صلح الورى مسح
اليدين على اليتيم
|
صوم صلاة جنازة
صلة الرحم
|
|
غسل زيارة عالم
عود السقيم
|
انتهى.
وتخيل بعض من
لقيناه أن البيتين المشار إليهما ، للقاضى شهاب الدين بن ظهيرة وما ذكره لى جمال
الدين المرشدى يخالف ذلك.
وقد كتب لى بخطه
ما نصه : ذكرت هذه الخصال فى يوم عاشوراء ، بحضرة القاضى شهاب الدين بن ظهيرة رحمهالله. فأرسل إلى الشيخ نجيب الهندى ، رحمهالله ، فكتبها من عنده بحضرة الفقيه المرشدى محمد ، وذكر
البيتين.
ومما يحسن ذكره
هنا لكونه فى المعنى ، وفيه من الفائدة ما ليس فى البيتين.
قول شيخنا قاضى
القضاة جمال الدين بن ظهيرة ، الذى أنشدناه إجازة إن لم يكن سماعا.
فى يوم عاشوراء
صم ثم اغتسل
|
|
صل اكتحل وعلى
العيال فوسع
|
وتصدقن رأس
اليتيم امسح وصل
|
|
زر عالما ولذات
شحنا فادفع
|
وعلى الجنازة صل
واستك وأقرأن
|
|
والعلم فاطلبه
تعلم ترفع
|
وقول صاحبنا
الفاضل خليل بن هارون بن مهدى الجزائرى المغربى ، نزيل مكة ، وفيه ما ليس فى
الأبيات قبل ذلك ، وأعطانيه بخطه فى يوم عاشوراء ، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة.
صم صل صل أصلح
تصدق واكتحل
|
|
وسع عد امسح زر
تعلم واغتسل
|
قل سورة الإخلاص
ألفا يوم عا
|
|
شوراء يرحمك
الإله فتنتصل
|
٤٤٤ ـ محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله
بن فهد القرشى الهاشمى المكى :
يكنى أبا زرعة ،
ويلقب بدر الدين ، ابن صاحبنا المحدث البارع المفيد ، تقى الدين أبى الفضل بن نجم
الدين أبى النصر بن أبى الخير.
ولد فى يوم الأحد
، مستهل المحرم ، مفتتح سنة ثمان وثمانمائة بمكة.
اعتنى به والده ،
فاستجاز له عدة من مشايخ بلده ، والواردين إليها ، ومن مشايخ مصر والشام
والإسكندرية وغيرهم.
وأحضره على جماعة
، منهم : الإمام أبو اليمن الطبرى. وأسمعه عدّة من الكتب والأجزاء ، من ذلك :
الكتب الستة ، ومسند الإمام أحمد ، وصحيح ابن حبان ، على جمع من الشيوخ ، منهم :
علامة الحجاز ، ومسند الدنيا ، زين الدين أبو بكر بن الحسين المراغى ، وشمس الدين
الحنبلى ، ويعرف بالشامى ، وعبد الرحمن بن طولوبغا الشكرى ، والحافظ أبو حامد بن
ظهيرة ، والإمام أبو الخير بن الجزرى.
وحفظ القرآن
العظيم ، وعدة كتب ، منها : كتاب فى الحديث ، ألفه له والده ووسمه ، بغنية المريد
وبغية المستفيد ، والحاوى الصغير فى الفقه ، والألفية لابن مالك. عرضهم علىّ
فأجاد.
وأخبرنى والده :
أنه قرأ عليه كلا منهم ، وهو قائم على رجليه فى مجلس واحد عن ظهر قلبه ، لم يغلط
غلطة سوى أنه توقف فى موضع من الحاوى ، فحزره فوقع مغشيا عليه ، فانتهره ، فقام
وعاد فى قراءته كالسيل الجارى. انتهى.
اشتغل وحصل وقرأ
وطبق وحضر دروسا عدة ، منها فى الفقه ، على الوجيه عبد الرحمن المصرى ، وفى النحو
، على الجلال عبد الواحد المرشدى ، وتخرج بوالده. وكان له فهم وذكاء.
كتب بخطه جملة
فوائد حديثية وغيرها.
ذكر لى والده أنه
استفاد منه جملة. جمع رباعيات صحيح مسلم ، وقد رتبها والده على حروف المعجم ،
ومناقب الإمام الشافعى مختصرة ، ومعجم شيوخه ، جميع ذلك مسودات.
عاجلته المنية عن
تبييضها ، فى عشاء ليلة الأحد سابع عشرين جمادى الأولى ، سنة ست وعشرين وثمانمائة
بمكة المشرفة ، وصلى عليه عقيب صلاة الصبح ، بالساباط المتصل بقبة مقام إبراهيم
الخليل بالمسجد الحرام ، ودفن بالمعلاة على جدّ أبيه ، رحمهماالله تعالى ، وحزن عليه والداه.
٤٤٥ ـ محمد بن أبى محمد بن ظفر ، الفقيه أبو هاشم المغربى
الأصل ، المكى المولد والمنشأ ، الحموى الدار :
ذكر نسبه هكذا ،
أبو الحسن القطيعى فى «ذيل تاريخه لبعداد». وقال : قدم بغداد ، ولا أعلم له رواية
، ثم نزل حماة من بلاد الشام ، وهو مشهور بالخير والعلم والعبادة. درس فقه الشافعى
بها. توفى سنة سبع وستين وخمسمائة بحماة.
وذكر القطيعى فى
موضع آخر من تاريخه : أن أبا المحاسن عمر بن على القرشى ، سمع منه ، وأنه سأل عنه
بحماة فى شهر ربيع الأول سنة سبع وستين.
فقيل له مات منذ
أيام ، رحمهالله. فاستفدنا من هذا زيادة فى معرفة تاريخ وفاته.
وذكر أنه سأل عن
مولده ، فقال : فى شعبان سنة سبع وتسعين وأربعمائة بمكة ، حرسها الله.
وقال فى هذه
الترجمة : وقد روى عن أبى عبد الله الحسين بن على الطبرى ، وأبهم القطيعى روايته
عن الحسين ، ولعل ذلك بالإجازة.
وأما بالسماع فلا
يمكنه ؛ لأن الحسين المذكور ، مات فى سنة ثمان وتسعين وأربعمائة ، كما سيأتى فى
ترجمته.
وذكره ابن خلكان
فى تاريخه ، قال : أحد الأدباء الفضلاء ، صاحب التصانيف الممتعة ، منها : سلوان
المطاع فى عداون الأتباع ، صنفه لبعض الأمراء بصقلية . وخير البشر بخير البشر ، وكتاب الينبوع فى تفسير القرآن
الكريم ، وكتاب أنباء نجباء الأبناء ، وكتاب الحاشية على درة الغواص للحريرى ،
وشرحا المقامات ، وهما شرحان كبير وصغير ، وغير ذلك من التواليف الظريفة.
كان قصير القامة ،
دميم الخلقة ، غير صبيح الوجه ، ثم قال : وكانت نشأته بمكة ، ومولده بصقلية.
وسكن آخر الوقت
بمدينة حماة. وتوفى بها سنة خمس وستين وخمسمائة ، رحمهالله. انتهى.
__________________
قلت : هذا كما ترى
مخالف لما ذكره القطيعى فى تاريخ وفاته ، وموضع ولادته. والله أعلم.
قال ابن خلكان :
ولم يزل يكابد الفقر إلى أن مات ، حتى قيل : إنه زوج ابنته بغير كفء من الحاجة
والضرورة ، وأن الزوج رحل بها من حماة وباعها فى بعض البلاد.
قال : وظفر ، بضم
الظاء المعجمة والفاء بعدها راء ـ وهو المصدر من قولهم : ظفر بالشىء يظفر ظفرا :
إذا فاز به. انتهى.
وذكره القطب
الحلبى فى تاريخ مصر ، فقال : محمد بن محمد بن ظفر الحجازى ، المكى ، الفقيه
الواعظ المتكلم المالكى. وقال : رحل من بلده صغيرا فى طلب العلم ، ودخل إلى بلاد
المغرب ، ولقى أبا بكر الطرطوشى بالإسكندرية ، وعلماء أفريقية ، ولقى بالأندلس أبا
بكر بن العربى ، وأبا مروان الباجى ، وأبا الوليد الدباغ ، وابن مسرة.
وكان يذكر الناس
فى المساجد ، ودخل إلى صقلية ، ثم إلى دمشق ، واستوطن حماة ، وبها مات ، فى عشر
السبعين وخمسمائة ، ودفن خارجها.
قال القطب الحلبى
: نقلت ذلك من الجزء الثالث ، فى أوزاع المسالك لتعريف أصحاب مالك. انتهى.
قلت : هذا مخالف
لما ذكر القطيعى ، من أنه درس فقه الشافعى ، ولعله جمع بين الأمرين ، فتنتفى
المعارضة ، وفيه مخالفة فى نسبه ، وهو أنه سقط بين «محمد» وبين أبيه : «أبو محمد».
ولعل ذلك سقط من الناسخ لا من المؤلف.
ومن شعره ابن ظفر
المذكور ، ما أنشده له القطيعى :
يا معزّى بالعلم
من ذلّ جهلى
|
|
ومريحى بالزهد
من كلّ كلّى
|
ما عرفت السرور
ما ذقت طعم ال
|
|
روح يوما حتى
جعلتك شغلى
|
أنت حسبى من كل
شر فكن لى
|
|
هاديا[...] وإلا فمن لى
|
ومما أنشده له ابن
خلكان :
جعلتك فى قلبى
أنت عالم
|
|
بأنك محمول وأنت
مقيم
|
ألا إن شخصا فى
فؤادى محله
|
|
وأشتاقه شخص
علىّ كريم
|
ومنه ، مما ذكره
ابن خلكان ـ أورده له العماد الأصبهانى فى كتاب الخريدة :
__________________
على قدر فضل
المرء تأتى خطوبه
|
|
ويعرف عند الصبر
منه نصيبه
|
ومن قل فيما
يتقيه اصطباره
|
|
فقد قل فيما
يرتجيه نصيبه
|
٤٤٦ ـ محمد بن محفوظ بن محمد بن غالى ـ بغين معجمة ـ الجهنى
الشبيكى المكى :
كانت له عناية
بالتاريخ. ووجدت بخطه تاريخا يسيرا ، من انقضاء دولة الهواشم ، إلى بعد التسعين
وستمائة ؛ إلا أنه تخلل سنين كثيرة ، لم يذكر فيها شيئا ، وهو معذور ، لما ذكرناه
من عدم اعتناء من قبله بهذا الشأن.
ووجدت له بخط غيره
تاريخا له من سنة خمس وعشرين وسبعمائة ، إلى آخر عشر الستين وسبعمائة. وانتفعت
بذلك ، ووقع له فيه لحن فاحش ، وعبارات عامية. ومع ذلك ، فبلغنى أن له نظما ، وله
عناية بدواوين الشعراء والتاريخ.
وكتب بخطه كثيرا ،
وكان خطه جيدا ، ونسخ بالأجرة ، واشتهر بصحبة ابن العز الأصبهانى ، وكتب داودين كثيرة.
مات سنة سبعين
وسبعمائة ، ظنا.
٤٤٧ ـ محمد بن محمود بن أحمد بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى
:
ولى إمرة مكة وقتا
، نيابة عن خالد أحمد بن عجلان. فلما ولى عنان بن مغامسا بن رميثة إمرة مكة ، بعد
قتل محمد بن أحمد بن عجلان ، استمال إليه محمد بن محمود هذا ، فمال إليه قليلا ،
ثم فارقه محمد بن محمود ، ولاءم أخواله آل عجلان ، وحضر معهم الحرب الذى كان بينهم
وبين عنان ، وأصحاب ذوى أبى نمى ، بأذاخر فى تاسع عشرين شعبان ، سنة سبع وثمانين
وسبعمائة.
فلما ولى على بن
عجلان بن رميثة أمر مكة فى موسم هذه السنة ، صار أمر مكة ، إلى محمد بن محمود هذا
؛ لأن على بن عجلان ، صار لا يقطع أمرا دونه ، لنبل رأيه. ودام معه على ذلك حتى
قتل.
فلما ولى الشريف
حسن بن عجلان ، إمرة مكة ، ناب عنه فى ذلك وقتا.
وتوفى فى [.....] شوال سنة ثلاث وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وكان نبيل
الرأى ، كثير الإطعام والمروءة. وله شعر.
__________________
٤٤٨ ـ محمد بن محمود بن محمود بن محمد بن عمر بن فخر الدين بن
بون شيخ بن الشيخ طاهر بن عمر الخوارزمى ، الشيخ شمس الدين ، المعروف بالمعيد ـ بميم
مضمومة وعين مهملة مكسورة وياء مثناة من تحت ساكنة بعدها دال مهملة ـ الحنفى :
إمام مقام الحنفية
بالمسجد الحرام. ولى ذلك بعد عمر بن محمد بن أبى بكر الشيبى ، فى سنة ثمانين
وسبعمائة ، ودام فى ذلك إلى أن أظهر الترك عنه ، لابنه الإمام شهاب الدين أحمد ،
قبيل وفاته بأيام يسيرة.
وكان باشر فى
حياته عدة سنين ، لعجز أبيه عن الحركة ، وسبب شهرته بالمعيد ، ولايته الإعادة بدرس
الحنفية ، الذى قرره بمكة ، الأمير يلبغا ، المعروف بالخاصكى.
وولى تدريس
الحنفية بالمسجد الحرام ، الذى قرره الأمير أيتمش ، الذى جعله الملك الظاهر برقوق
أتابكا لولده الملك الناشر فرج ، صاحب الديار المصرية.
وولى أيضا : مشيخة
رباط رامشت بمكة ، بعد الشيخ ناصر الدين الخجندى. وكان جيد المعرفة بالنحو
والتصريف ومتعلقاتهما. وله مشاركة حسنة فى الفقه ، وحظ وافر من الخير والعبادة.
سمع من العفيف المطرى
، جزءا من حديثه ، خرجه له الحافظ الذهبى ، حدثنا به عنه ، وعن الحجار ، بما فيه
عنه إذنا عاما. وسمع من العفيف المطرى غير ذلك.
وسمع أيضا من
اليافعى ، بعض «مشارق الأنوار» للصغانى ولعله سمعه كله ، وكان يذكر أنه سمع منه
صحيح البخارى ، وأنه سمع من الكمال بن حبيب الحلبى ، وسمع من محمد بن أحمد بن عبد
المعطى ، وأمين الدين بن الشماع ، وغيرهما من شيوخ مكة ، الذين عاصرناهم.
وسمعته يذكر أنه
رأى النبى صلىاللهعليهوسلم ، وأنه قال له : يا محمد ، قل آمنت بالله وملائكته وكتبه
ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله.
وقرأت عليه فى
تصريف العزى ، وفى الملحة للحريرى. وسمعت منه شعرا له ، وأخذ منه غير واحد من
فقهاء مكة وغيرهم.
أنشدنى العلامة
المفنن المدرس المفتى ، شمس الدين محمد بن محمود الخوارزمى لنفسه :
__________________
أهواك ولو حرصت
من أهواكا
|
|
الروح فداك ربنا
أبقاكا
|
إن مت يقول كل
من يلقانى
|
|
بشراك قتيل حبه
بشراكا
|
وأنشدنى لنفسه :
أفنى بكل وجودى
فى محبته
|
|
وانثنى ببقاء
الحب ما بقيا
|
لا خير فى الحب
إن لم يفن صاحبه
|
|
وكيف يوجد صب
بعد ما لقيا
|
توفى يوم الثلاثاء
ـ قبيل الظهر ـ سلخ جمادى الأولى ، سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة
قريبا من قبر عبد المحسن الخفيفى بعد أن صلى عليه بباب الكعبة. وأخرج إلى المعلاة
من باب بنى شيبة.
وكان بعض الناس
عارض فى إخراجه من هذا الباب ، فلم يتم له ذلك. وكان حصل له ضرر قبل وفاته بنحو
عشر سنين ، ثم عولج فأبصر قليلا ، بحيث أنه صار يكتب أسطرا قليلة.
٤٤٩ ـ محمد بن محمود
بن يوسف الكرانى ، الهندى ، المكى الحنفى :
سمع من الزين
الطبرى ، وعبد الوهاب بن محمد بن يحيى الواسطى : جامع الترمذى ، وعلى الجمال بن
النحاس مشيخة العشارى ، وغير ذلك ، عليه وعلى الزين ، وغيرهما من شيوخ مكة ،
والقادمين إليها.
٤٥٠ ـ محمد بن مختار
الزواوى ، أبو عبد الله :
ذكره هكذا الجندى
فى تاريخ اليمن. وذكر أن الثقة ، أخبره أنه سئل عن قولهصلىاللهعليهوسلم : «الخلافة فى قريش ، والقضاء فى الأنصار ، والأذان فى
الحبشة». فكيف عمل الشافعى بالخبر الأول دون الأخيرين؟ وما الفرق فأجاب الزواوى
باثنى عشر فرقا.
قال : وكان قدومه
اليمن سنة خمسين وستمائة ، فقرأ وارتحل إلى مكة ، وتوفى بها.
قلت : ذكر مؤلف «العطايا
السنية» أنه توفى لبضع وستين وستمائة.
٤٥١ ـ محمد بن
المرتفع بن النضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى بن
كلاب القرشى المكى :
هكذا ذكر نسبه
الزبير بن بكار ؛ لأنه قال : ومحمد بن المرتفع بن النضير بن الحارث ، صاحب بئر ابن
المرتفع بمكة. وأمه أم ولد. ونسب قبل ذلك جد أبيه النضير بن الحارث
كما ذكرنا. وذلك
أن الحارث بن علقمة كان رهينة قريش ، عند أبى يكسوم الحبشى.
وقال فى موضع آخر
: إنما سمى ابن الرهين ، لأن قريشا رهنت جده النضير بن الحارث فى شىء كان بينهم
وبين بعض أحياء العرب. انتهى.
وقد ذكر ابن حبان
، محمد بن المرتفع هذا ، فى الطبقة الثالثة من كتاب الثقات له. فقال : محمد بن
المرتفع القرشى من أهل مكة. يروى عن [.........].
روى عنه ابن جريج
وابن عيينة. انتهى.
هكذا ذكره ابن
حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات.
٤٥٢ ـ محمد بن مسلم بن تدرس القرشى الأسدى ، مولى حكيم بن حزام
، أبو الزبير المكى :
سمع من العبادلة
الأربعة ، وجابر وأبى الطفيل وعائشة رضى الله عنها ، وغيرهم. روى عنه هشام بن عروة
، وأيوب السختيانى ، والسفيانان ، ومالك ، والليث.
قال يحيى بن عطاء
: حدثنى أبو الزبير ، وكان من أكمل الناس عقلا وأحفظهم. وقال يحيى بن معين : أبو
الزبير ثقة ، ولم يلق عبد الله بن عمر.
ووثقه النسائى.
قال أبو حاتم : لا يحتج به.
روى له الجماعة ،
إلا أن البخارى ، روى له مقرونا بغيره.
وقال البخارى عن
على بن المدينى : مات قبل عمرو بن دينار. ومات عمرو سنة ست وعشرين ومائة.
__________________
قال عمرو بن على ،
وأبو عيسى الترمذى : مات سنة ثمان وعشرين ومائة. وقد وقع لنا حديثه عاليا.
أخبرنى جماعة ،
منهم : أبو هريرة بن الحافظ أبى عبد الله الذهبى ، قراءة منى عليه فى الرحلة
الأولى بغوطة دمشق ، أخبرك عيسى بن عبد الرحمن بن معالى المطعم ، سماعا فى الثالثة
، وأبو العباس الحجار وجماعة إذنا ، قالوا : أنا أبو المنجا بن اللتى قال : أنا
أبو الوقت السجزى قال : أنا محمد بن أبى مسعود الفارسى ، قال : أنا عبد الرحمن بن
أبى شريج ، قال : أنا أبو القاسم البغوى ، قال : أنا أبو الجهم الباهلى ، قال :
أنا الليث بن سعد ، عن أبى الزبير ، عن جابر رضى الله عنه ، أنه قال : جاء سليك
الغطفانى يوم الجمعة ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم على المنبر ، فقعد قبل أن يصلى ؛ فقال له النبى صلىاللهعليهوسلم : «أركعت ركعتين؟ قال : لا. قال : قم فاركعها».
أخرجه مسلم عن
محمد بن رمح التجيبى ، مولاهم ، وأخرجه أيضا النسائى عن قتيبة ابن سعيد الثقفى ،
كلاهما عن الليث. فوقع لنا بدلا لهما عاليا ، بالنسبة إلى مسلم بدرجتين. ولله
الحمد.
٤٥٣ ـ محمد بن مسلم بن سوسن ، ويقال : ابن سيس ، ويقال : ابن
سنين. ويقال : ابن سوير الطائفى المكى :
روى عن إبراهيم بن
ميسرة ، وعمرو بن دينار ، وأيوب بن موسى ، وعبد الله بن طاوس ، وابن أبى نجيح ، وعبد
الله بن عبد الرحمن بن أبى حسين ، وابن جريج.
روى عنه : يحيى بن
سليم الطائفى ، وعبد الوهاب الثقفى ، ويزيد بن هارون وعبد الرحمن بن مهدى ، وقتيبة
بن سعيد ، والقعنبى ، وأبو نعيم ، وأبو مسهر وغيرهم.
روى له الجماعة ،
إلا أن البخارى لم يرو له إلا استشهادا.
قال أحمد بن حنبل
: ما أضعف حديثه.
__________________
وقال ابن معين :
ثقة لا بأس به.
وقال أبو داود :
ليس به بأس.
ذكره ابن حبان فى
الثقات ، وقال : كان يخطئ. وذكره ابن سعد فى أهل الطائف ، وقال : سكن مكة ، ومات
بها.
وقال المزى : يعد
فى المكيين. مات سنة سبع وسبعين ومائة.
٤٥٤ ـ محمد بن مسلم
المخزومى ، مولاهم :
نزيل مكة. ويلقب
بالجوسق. روى عن سعيد بن المسيب ، وروى عنه : معن بن عيسى. ذكره ابن طاهر فى «مختصر
الألقاب» للشيرازى.
٤٥٥ ـ محمد بن مصفى بن بهلول القرشى ، أبو عبد الله الحمصى :
روى عن أحمد بن
خالد الوهبى وأبى ضمرة أنس بن عياض ، وبقية بن الوليد ، وأبى اليمان الحكم بن نافع
، وسفيان بن عيينة ، وعلى بن عياش ، وابن أبى فديك ، ومحمد بن حرب الخولانى
وجماعة.
روى عنه : أبو
داود والنسائى. قال صالح ، وابن ماجة ، والدولابى ، وأبو حاتم الرازى : صدوق.
قال صالح بن محمد
البغدادى : كان مخلطا وأرجو أن يكون صدوقا. وقد حدث بأحاديث مناكير.
ذكره ابن حبان فى
الثقات ، وقال : كان يخطئ. وقال أيضا : سمعت محمد بن عبيد الله الكلاعى يقول :
عادلت محمد بن المصفى من حمص إلى مكة سنة ست وأربعين ومائتين ، فاعتل بالجحفة علة
ضعفه. ودخلنا مكة ، فطيف به راكبا وخرجنا به إلى منى ، فاشتدت عليه علته ، فمات ،
فدفناه بمنى.
__________________
٤٥٦ ـ محمد بن المطلب
القرشى الأسدى :
أمير مكة ، أظنه
من ولد الحصين بن عبد الله بن نوفل بن عدى بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن
كلاب ؛ لأن الزبير بن بكار لما ذكر أولاد نوفل بن أسد : ورقة ، وصفوان ، وعديا ،
قال بعد أن ذكر شيئا من خبر عدى بن نوفل : وبقية ولد نوفل ، من ولد الحصين بن عبد
الله بن نوفل بن عدى بن نوفل بن أسد ، ومنهم محمد بن المطلب ، كان الجلودى استخلفه
على مكة. انتهى.
والجلودى ـ المشار
إليه ـ هو عيسى بن يزيد الجلودى.
ولى مكة للمأمون
فى سنة مائتين من الهجرة ـ فيما أظن ـ بعد فتنة العلويين بمكة فى هذه السنة.
وقد تقدم خبر هذه
الفتنة فى ترجمة محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين على بن
الحسين بن على بن أبى طالب ، رضى الله عنهم أجمعين.
٤٥٧ ـ محمد بن معالى بن عمر بن عبد العزيز الحلبى ، نزيل مكة ،
يلقب شمس الدين ، ويعرف بابن معالى :
سمع على أحمد بن
محمد بن الجوخى : بعض سنن النسائى ، وهو من كتاب الجنائز إلى الصلاة على القبر ،
ومن باب : رد السائل إلى باب من لا يقع طلاقه من الأزواج ، ومن باب : إذا أوصى
لعشيرته الأقربين ، إلى كتاب المزارعة ، على أن البذر والنفقة على ربع ما يخرج
الله منها ، والسماع بقراءة ابن سند ، فى سنة أربع وستين وسبعمائة بجامع دمشق ،
وسمع على المحدث شمس الدين محمود بن خليفة المنبجى جزء [......] ، وعلى عمر بن أميلة المائة المنتقاة من مشيخة ابن البخارى
انتقاء العلائى ، والجزء الخامس والتاسع ، والعاشر ، والثالث عشر من المشيخة
المذكورة. وذيلها للحافظ المزى ؛ وعلى صلاح الدين بن أبى عمر ، من مسند الإمام
أحمد بن حنبل ، مسند العشرة وما معه ، ومسند أبى هريرة ، ومسند النسائى ـ خلا
الجزء الثانى عشر منه ـ ومسند عائشة ـ خلا نحو ربعه الأول ـ وعلى ابن قواليج بعض
صحيح مسلم ، وعلى إبراهيم بن فلاح الإسكندرى ، وعلى إبراهيم بن أمين الدولة :
مشيخة سنقر الكبرى ، وعلى جماعة من أصحاب القاضى سليمان بن حمزة وغيره بدمشق.
__________________
وذكر أنه سمع من
إبراهيم بن الشهاب محمود بحلب ، وحدث بمكة.
سمع منه بعض
أصحابنا ، ولم يقدر لى السماع منه. وله اشتغال بالعلم ونباهة قلية. ويذاكر بفوائد.
وسكن القاهرة مدة
سنين ، ثم انتقل إلى مكة وجاور بها نحو عشر سنين متوالية ، حتى توفى بها فى ليلة
السبت ثامن ذى القعدة سنة تسع وثمانمائة. ودفن بالمعلاة.
٤٥٨ ـ محمد بن معاوية بن أعين النيسابورى ، أبو على البغدادى :
نزيل مكة. روى عن
زهير بن معاوية ، وسليمان بن بلال وسلام بن مطيع ، والليث ابن سعد وغيرهم.
روى عنه : خلف بن
عمر بن العكبرى ، ويحيى بن حميد الحمانى ، وهو من أقرانه ، ومحمد بن إسحاق الصفانى
، ومحمد بن عبد الله المطين.
كذبه ابن معين
وقال مسلم : متروك. وقال الدارقطنى : يضع الحديث ، وقال أبو زرعة : كان شيخا صدوقا
، كلما لقن تلقن.
وقال حرب بن إسماعيل
: كان ثقة فى نفسه ؛ إلا أنه كان يغلط فى الأسانيد ، وقال المزى : كان له عبادة
وفضل وصلاح.
وذكر أنه سكن
بغداد مدة ، ثم انتقل إلى مكة ، فنزلها حتى مات.
قال مطين : مات
سنة تسع وعشرين ومائتين ، بمكة.
ولهم محمد بن
معاوية ، اثنان آخران :
أحدهما : الزيادى
البصرى ، الملقب عصيدة ، روى له النسائى فى «اليوم والليلة».
وذكره ابن حبان فى
الثقات.
__________________
والآخر : الآنماطى
المعروف بابن مالج الواسطى البغدادى ، روى له النسائى أيضا فى السنن ، وقال : لا
بأس به.
وذكره ابن حبان فى
الثقات ، فقال : صاحب وهم. وقال مطين : كان واقفيا.
٤٥٩ ـ محمد بن مغامس
بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى :
أخو أمير مكة عنان
بن مغامس ، الآتى ذكره. كان من أعيان الأشراف ، مليح الشكالة.
توفى سنة تسع
وسبعين وسبعمائة ، أو فى سنة ثمانين وسبعمائة ، بوادى مر ، مقتولا. قتله بعض بنى
عمه أيام عرس أخيه عنان بن مغامس ، على أم المسعود بنت أحمد بن عجلان،رحمهماالله تعالى.
٤٦٠ ـ محمد بن مفلح البلينى المكى ، يلقب بالجمال :
كان أبوه عبدا
للشريف ثقبة بن رميثة ، أمير مكة ، فنشأ مع أولاده خدم عنان بن مغامس فى ولايته
الأولى. ولاءم ولاة ينبع : وبير بن نخبار ، وأخاه مقبلا ، على الكرامة. ونال منهم
خيرا. وكان يقيم بينبع كثيرا ويتردد لمكة ، وبها مات فى المحرم سنة خمس وعشرين
وثمانمائة ، أو فى آخر سنة أربع وعشرين ، وهو فى عشر الستين ظنا. وكان يلائم
الدولة بمكة ، ويداين الناس بها. وكان استفاد دنيا وعقارا بمكة ، وبعض أوديتها.
٤٦١ ـ محمد بن مفلح
بن أحمد العجيبى :
هكذا ذكره الجندى
فى تاريخ اليمن وقال : إنه من قوم يعرفون بالعجيبيين.
أقام بمكة مدة
يدرس ويفتى ، وإليه انتهى ذلك فى مكة. وعنه أخذ الفقيه عمر التباعى.
وكانت وفاته بمكة
فى آخر المائة السادسة. وانتقل ذلك إلى ابن أبى الصيف. انتهى.
قلت : تفرد ابن
أبى حرمى بالسماع منه.
٤٦٢ ـ محمد بن مقاتل الكسائى ، أبو الحسن المروزى :
سمع سفيان بن
عيينة ، وعبد الله بن المبارك ، وعباد بن العوام ، ووكيع وهشيما ، وأبا عاصم ،
وأبا ضمرة ، وأبا نميلة ، وغيرهم.
__________________
روى عنه : أحمد بن
حنبل ، وإبراهيم الجنيد ، وأحمد بن سيار ، وأحمد بن منصور المرزبان ، والبخارى ،
وسمويه ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وقال : صدوق.
وذكره ابن حبان فى
الثقات ، وقال : كان متقنا.
وقال الخطيب
البغدادى : كان ثقة.
وقال البخارى :
مات سنة ست وعشرين مائتين فى آخرها.
وذكر صاحب الكمال
: أنه نزيل بغداد. وانتقل بأخرة إلى مكة ، وجاور بها حتى مات.
وذكر الذهبى فى
اختصار التهذيب : أن لقبه رخ ، ورخ ـ براء مهملة وخاء معجمة ـ كذا ذكره الذهبى فى
الألقاب ، له.
٤٦٣ ـ محمد بن منصور بن ثابت بن خالد الخزاعى ، أبو عبد الله
الجواز المكى :
روى عن بشر بن
السرى ، وخلاد بن يحيى ، وزيد بن الحباب ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الملك بن
إبراهيم الجدى وغيرهم.
روى عنه النسائى ،
وأحمد بن عمر الخلال المكى ، وزكريا السجزى ، وعلى بن عبد العزيز البغوى ، وابن
خزيمة ، وابن صاعد ، والدولابى ، وقال : مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
ذكره ابن حبان فى
الثقات.
وقال الدارقطنى :
ثقة.
٤٦٤ ـ محمد بن منيف المكى ، المعروف بالأزرق :
[.........................................].
توفى أوائل شوال
سنة إحدى وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
__________________
٤٦٥ ـ محمد بن موسى بن على بن عبد الصمد بن محمد بن عبد الله
المراكشى ، الحافظ المفيد ، جمال الدين أبو البركات المكى الشافعى :
سبط الشيخ عبد
الله اليافعى. ولد فى ليلة الأحد ثالث رمضان سنة سبع وثمانين وسبعمائة ، بمكة
المشرفة. ونشأ بها على العفاف والصيانة ، والخير والعناية الكثيرة بفنون من العلم
والحديث ، فقرأ على جماعة فى الفقه والأصول ، والعربية ، والمعانى والبيان والعروض
والفرائض والحساب ، وبرع فى هذه العلوم.
وتقدم كثيرا فى
الأدب ، وله فيه النظم الكثير المليح لغوصه على المعانى الحسنة. وتقدم كثيرا فى
الحديث لجودة معرفته بالعلل وأسماء المتقدمين ، والمتأخرين ، والمرويات ، والعالى
والنازل ، مع الحفظ لكثير من المتون ، ولم يكن له فى ذلك نظير بالحجاز ، وكان حسن
الجمع والتأليف ، والإيراد لما يحاوله من النكت والأسئلة والإشكالات ، وافر الذكاء
، سريع الكتابة ، مليحها.
ومن شيوخه فى
العلم بمكة : قاضى قضاتها جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة السابق ذكره ،
تفقه عليه كثيرا ، وقرأ عليه جملة كثيرة من مروياته ، والشيخ شمس الدين محمد بن
محمود الخوارزمى ، المعروف بالمعيد ، أخذ عنه كثيرا فى العربية ومتعلقاتها ،
وانتفع فى العربية كثيرا بزوج والدته ، صاحبنا الشيخ الإمام خليل بن هارون
الجزائرى.
وتفقه أيضا
بالمدينة النبوية ، على شيخها ، مسند الحجاز أبى بكر بن الحسين المراغى ، قرأ عليه
تأليفه ، المسمى بالعمد فى شرح الزبد ، فى الفقه ، وأذن له فى الإفتاء والتدريس.
وقرأ عليه شيئا
كثيرا جدا من مروياته بالمدينة ومكة ، وهو من أجل شيوخه فى الرواية بالحجاز. وأحسن
شيوخه فى الرواية على الإطلاق ، شيخنا مسند الحجاز ، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن
صديق الرسام ، الآتى ذكره ، وسمع عليه بمكة شيئا كثيرا من الكتب الكبار ،
والأجزاء.
وقرأ بمكة كثيرا
على الشيخين أبى اليمن محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى ، وزين الدين محمد بن الزين
أحمد بن محمد بن المحب الطبرى ، وبالمدينة على رقية بنت أبى مزروع ، وخلق كثيرين ،
بمكة وطيبة.
ورحل للرواية
والدراية من مكة بعد الحج ، فى سنة أربع عشرة وثمانمائة ، إلى صوب
__________________
الشام فسمع بدمشق
، وقرأ كثيرا على جماعة كثيرين ، أحسنهم رواية ، مسندة الوقت ـ إذ ذاك ـ أم عبد
الله عائشة بنت المحتسب شمس الدين محمد بن عبد الهادى المقدسية الصالحية ، شيختنا.
وجماعة كثيرين ،
رووا له عن أصحاب ابن عبد الدايم ، وابن أبى اليسر ، وابن أبى عمر ، وابن البخارى
، وطبقتهم ، منهم : عبد القادر بن الأرموى ، وهو من أصحاب زينب بنت الكمال ، وعبد
الرحمن بن طولوبغا ، وشمس الدين محمد بن محمد بن عياش الجوخى ؛ وفاطمة بنت عبد
الله الحورانى ، وقطو ملك بنت ناصر الدين محمد بن إبراهيم ابن الملوك ، ولطيفة بنت
عز الدين الأماسى.
وسمع ببعلبك ، على
محمد بن إسماعيل بن بردس ، وهو من أصحاب محمد بن إسماعيل ابن الخباز ، وبحلب على
محدثها الإمام برهان الدين إبراهيم سبط بن العجمى وغيره بحلب ، وغيرها من بلاد
الشام.
وقصد بعد ذلك
الديار المصرية ، فسمع وقرأ بالقدس ، والخليل ، على جماعة من أصحاب الميدومى.
وبالقاهرة على مسندها
شرف الدين أبى الطاهر محمد بن أبى اليمن بن الكويك ، قرأ عليه مسموعه أو غالبه ،
من «الحلية» لأبى نعيم ، وغير ذلك كثيرا ، وعلى شيخنا شيخ الإسلام ولى الدين أبى
زرعة أحمد بن شيخنا حافظ الإسلام زين الدين العراقى أشياء من مروياته ، وشرح والده
لألفيته فى الحديث المسماة : «بالتبصرة» ، وعلى جماعة من أصحاب أصحاب ابن البخارى
، منهم : جمال الدين عبد الله بن على العسقلانى الحنبلى ، سبط القلانسى.
ورحل إلى
الإسكندرية ، فسمع بها من القاضى كمال الدين عبد الله بن محمد بن محمد بن خير :
السداسيات ، والمشيخة : للرازى ، وهو يروى ذلك عن ابن الصفى ، وروى له عن
الوادياشى ، وقرأ بها : الترمذى على بعض رواته ، عن ابن البورى ، ولقى صاحبنا
الحافظ الناقد الحجة ، أبا الفضل أحمد بن على بن حجر العسقلانى ، وذاكره فيما
يتعلق بالحديث ، وانتفع به فى ذلك ، وبشيخنا الحافظ ولى الدين أبى زرعة بن العراقى
، متع الله بحياتهما ، وعاد إلى مكة ، وقد حصل من الرواية والدارية فيما يتعلق
بالحديث وغيره ، على حظ طائل.
وخرج فى سنة إحدى
عشرة وثمانمائة ، مشيخة حسنة لشيخنا زين الدين أبى بكر ابن الحسين المراغى ،
سمعناها بقراءته عليه بمنى.
وخرج مشيخة أيضا
لشيخنا مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازى ، الآتى ذكره ، قاضى اليمن ، وأخذ عنه
هناك.
وخرج لغير واحد من
شيوخه وأصحابه ، وشرع فى تخريج «معجم» لى ، فألف منه عدة كراريس ، فى تراجم
المحمدين.
وخرج لنفسه أربعين
حديثا متباينة الإسناد والمتون ؛ وكلها موافقة لأصحاب الكتب الستة ، فجاءت فى غاية
الحسن ، دالة على كثرة حفظه ، ولم يبيضها.
وكتب شيئا كالشرح
على «نخبة الفكر» لصاحبنا الحافظ شهاب الدين أبى الفضل ابن حجر ، ولم يكمله ، وله
تواليف كثيرة لم يكملها ، منها : شىء على نمط «الموضوعات» لابن الجوزى ، وشىء
يتعلق بتاريخ المدينة النبوية ، وشىء فى علم الحديث ، على طريق ابن الصلاح ، ولم
يكمل شيئا من هذه التواليف.
ودخل اليمن مرات
كثيرة ، منها : فى سنة عشرين وثمانمائة ، وولى بها السماع للحديث بالمدرسة التاجية
بزبيد ، ومال بعد ذلك إلى استيطان اليمن ، فنقل إليه تعاليقه وأجزاءه ، وكتبه ، وظهر
لفضلاء اليمن فضيلته فى الحديث وغيره ، فأحبوه ونوهوا بذكره ، ونمى خبره إلى الملك
الناصر صاحب اليمن ، فمال إليه ، ونال منه برّ غير مرة ، بعد مديحه للملك الناصر
بقصائد طنانة.
وتوجه من اليمن
لقصد الحج ، فى النصف الثانى من ذى القعدة ، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة ، وكان
ببعض المراسى القريبة من جدة فى يوم حار. وركب فى وسط هذا النهار فرسا عريا ، وركض
كثيرا ليدرك الحج ، وكان بدنه ضعيفا ، فازداد ضعفا ، وأدرك أرض عرفة فى آخر ليلة
النحر فيما ذكر ، وما أتى إلى منى ، إلا فى آخر يوم النفر الأول ؛ لأنه مشى على
قدميه ، وهو شديد الضعف فى يومين إلى المزدلفة ، فى يوم النفر الأول ، علمنا خبره
، فمضى إليه من أحضره إلى منى ، ونفر منها إلى مكة ، ولم يزل عليلا ، وربما أفاق
قليلا فى بعض الأيام ؛ حتى مات بعد صلاة الصبح ، من يوم الجمعة الثامن والعشرين من
ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة ، بمكة المشرفة ، بعد أن كتب وصيته بخطه فى
هذا اليوم ، ودفن بالمعلاة بعد صلاة الجمعة ، وتأسف الناس عليه كثيرا ، لوفور
محاسنه.
وكنت عظيم الأسف
عليه ، لما بينى وبينه من الصداقة الأكيدة ، ولما يفيدنيه فى الحديث وغيره. وقل أن
اجتمعت به إلا وأفادنى شيئا. وكان مع وفور فضيلته ، يذاكرنى بأشياء كثيرة من
متعلقات الحديث. فأذكر له فيها ما يعتمده.
وقد سمع منى بوادى
الفرع ، ونحن متوجهون لزيارة المصطفى عليهالسلام ، فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة ، أحاديث من الثقفيات ،
وغير ذلك. وسمعت منه شعرا كثيرا ، لغيره ولنفسه ، فمنه قوله فى مشيخة شيخنا
المراغى ، بعد ذكره لأسانيده :
فى زى ذى قصر
بدت
|
|
لكنه عين السمو
|
فاعجب لها وهى
القصي
|
|
رة كيف تنسب
للعلو
|
ومنه قوله ، الذى
كتب به على «بديعية» الأديب زين الدين شعبان المصرى :
وروضة للزين
شعبان قد
|
|
أربت على زهر
حلا فى ربيع
|
لو لم تفق نسج
الحريرى لما
|
|
حاكت بهذا النظم
رقم البديع
|
وكتب بمكة شيئا من
شعره ، إلى شيخنا العلامة عمدة المقرئين ، شمس الدين أبى الخير محمد بن محمد بن
محمد بن على بن يوسف ، المعروف بابن الجزرى ، قاضى شيراز. وكان قدم مكة من شيراز
للحج والمجاورة ، بعد زيارته للمدينة ، وسأل فيها من شيخنا ابن الجزرى ، أن يبيح
له التدريس والإفتاء فى الفقه والحديث ، فأجابه لذلك شيخنا ابن الجزرى نظما. والذى
كتب به صاحب هذه الترجمة ، هو فيما أنبأنا به ، قوله :
يا شمس أفق بلاد
الشرق كم شهدت
|
|
سيارة بعلاها
سرن فى البشر
|
يا سابق العلما
فى كل مشكلة
|
|
وكل علم أمنت
السبق فانتظر
|
مددت أبحر علم
لا يطاق فمذ
|
|
جزرت رفقا دعاك
الناس بالجزرى
|
نداء ذى غلة
قالت على نبأ
|
|
البحر عذبا هنا
فأغنى عن المطر
|
ها قد قصدتك
أبغى بالإجازة تش
|
|
ريفا لديك بفتوى
العلم والخبر
|
حققتم معنى لفظ
الإجازة لل
|
|
طلاب لكن بلا رد
لمنتظر
|
قد أسفت على تلك
الفضائل لم
|
|
ما كان تسليمها
الوديع للسفر
|
طلعت علما علينا
والشموس كذا
|
|
تسير عاما فسر
بالعز والظفر
|
فأجابه العلامة
شمس الدين الجزرى ما نصه :
يا عالما ما له
فى الناس من شبه
|
|
وناظما جوهرا قد
زين بالدرر
|
ويا إماما له فى
الحفظ أى يد
|
|
فاق الألى سلفوا
فى غابر العصر
|
شرفتنى بقريض لا
نظير له
|
|
بسيط بحر أتى
صفوا بلا كدر
|
نعم أجزتك ما
أروى وما لى من
|
|
نظم ونثر وأن
تفتى مع الحذر
|
وعلمنا بك يغنى عن تقيده
|
|
بشرطه فارو ما تبغى
بلا خطر
|
واعذر ضعيفا
بعيد الدار مرتحلا
|
|
قد قالها وهو
مجتاز على سفر
|
وأنت أصبحت فردا
فى الحديث وفى
|
|
أنواع فضل
وإفضال بلا نظر
|
والله يبقيك فى
خير وكاتبه
|
|
محمد وهو
المشهور بالجزرى
|
ومولدى عام «إذن»
فى دمشق وذا
|
|
قد قلت عام «أضا
حجى» على الكبر
|
والحمد لله ربى
والصلاة على
|
|
محمد المصطفى
المبعوث من مضر
|
انتهى بنصه.
٤٦٦ ـ محمد بن موسى
بن عميرة بن موسى اليبناوى المكى ، سبط حسين بن زين الدين القسطلانى :
ولد بمكة ليلة
الحادى والعشرين من رمضان سنة إحدى وستين وسبعمائة. وأجاز له من أجاز لأخيه أحمد.
سمع بمكة من الشيخ
عبد الله اليافعى ، والقاضى عز الدين بن جماعة ، وغيرهما.
ومات شابا فى
النصف الأول ، من سنة تسعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، ومات بعده بأيام ،
أخوه أحمد بمكة.
٤٦٧ ـ محمد بن موسى بن عيسى بن على ، العلامة المفنن ، كمال الدين
، المعروف بالدميرى المصرى الشافعى ، نزيل مكة ، يكنى أبا البقاء :
ولد فى أوائل سنة
اثنتين وأربعين وسبعمائة تقريبا ، كذا وجدت فى بعض الاستدعاءات التى أجاز فيها
بخطه. وأظنه ـ والله أعلم ـ ولد بالقاهرة ، وسمع بها على ما بلغنى ، جامع الترمذى
، على مظفر الدين العطار المصرى ، وعلى على بن أحمد العرضى الدمشقى ، ولعله سمع
على العرضى شيئا من مسند أحمد بن حنبل.
وسمع بالقاهرة
كثيرا ، من عبد الرحمن بن على بن محمد بن هارون الثعلبى ، ومن محمد بن على الحراوى
: كتاب «الخيل» للحافظ شرف الدين الدمياطى عنه ، و «العلم» للمرهبى ، ومن غيرهما
من شيوخها.
وسمع بمكة ، من
مسندها الجمال محمد بن أحمد بن عبد المعطى : صحيح ابن حبان ، وغير ذلك.
__________________
وسمع بمكة أيضا ،
على مسند حلب ، كمال الدين محمد بن عمر بن حبيب الحلبى : سنن ابن ماجة ، ومسند
الطيالسى ، ومسند الشافعى ، ومعجم ابن قانع ، وأسباب النزول للواحدى ، والمقامات
الحريرية ، وغير ذلك.
وعنى بالعلم كثيرا
، وأخذه عن جماعة ، منهم : الشيخ بهاء الدين أحمد بن الشيخ تقى الدين السبكى ، أخذ
عنه فنونا من العلم ، ولازمه كثيرا ، وانتفع به. ولما رآه الشيخ بهاء الدين السبكى
، أهلا للتدريس والفتوى ، تكلم له مع جدى القاضى كمال الدين أبى الفضل النويرى ،
فى أن يجيز له ذلك ، ففعل ، وتفقه أيضا بالشيخ جمال الدين عبد الرحيم الإسنائى ،
وأخذ الأدب عن الشيخ برهان الدين القيراطى وبرع فى التفسير والحديث والفقه وأصوله
والعربية والأدب. وله تواليف حسنة منها : الديباجة ، فى شرح سنن ابن ماجة ، وهو فى
نحو خمس مجلدات ـ على ما وجدت بخطه ـ وشرح المنهاج للنواوى ، وسماه : النجم الوهاج
، وكتاب حياة الحيوان ، وهو كتاب نفيس ، وقد اختصرته فى سنة اثنتين وعشرين
وثمانمائة. ونبهت فيه على أشياء كثيرة ، تتعلق بما ذكره المؤلف.
وله تواليف غير
ذلك ، وله نظم جيد ، وحظ وافر من العبادة والخير. وكان بأخرة يسرد الصوم ، وأفتى
ودرس ، وأعاد ، بأماكن فى القاهرة ، منها : جامع الأزهر ، كانت له فيه حلقة يشتغل
فيها الطلبة فى يوم السبت غالبا ، ومنها : القبة من خانقاه بيبرس ، بالقاهرة ، كان
يدرس فيها الحديث ، وكنت أحضر عنده فيها.
وكان يذكر الناس
بمدرسة ابن البقرى داخل باب النصر فى يوم الجمعة غالبا ، ويفيد فى مجلسه هذا أشياء
حسنة من فنون العلم. وذكر الناس أيضا بجامع الظاهر بالحسينية ، بعد العصر فى يوم
الجمعة غالبا. ودرس أيضا بمكة وأفتى.
وجاور بمكة مدة
سنين مفرقة ، وتأهل ، ورزق بها أولادا. وأول قدماته إلى مكة ، فى موسم سنة اثنتين
وستين وسبعمائة ، على ما بلغنى عنه. وجاور بها ، حتى حج سنة ثلاث وستين.
ثم جاور بها فى
سنة ثمان وستين ، قدمها مع الرجبية فى هذه السنة ، وأقام بها حتى حج ، ثم قدم إلى
مكة فى سنة اثنتين وسبعين ، وأقام بها حتى حج من سنة ثلاث وسبعين ، وفيها سمع من
ابن عبد المعطى ، وابن حبيب.
ثم قدمها فى موسم
سنة خمس وسبعين ، وأقام بها حتى حج من سنة ست وسبعين. وفيها تأهل بمكة فيما أحسب.
ثم قدمها فى موسم
سنة ثمانين وسبعمائة ، وأقام بها حتى حج من سنة إحدى وثمانين وسبعمائة.
ثم قدمها فى سنة
تسع وتسعين وسبعمائة ، وأقام بها حتى حج من سنة ثمانمائة.
وتوجه إلى القاهرة
، وأقام بها حتى توفى فى ثالث جمادى الأولى سنة ثمان وثمانمائة. ودفن بمقابر
الصوفية ، بسعيد السعداء ، وكان أحد الصوفية بها ، وشاهدا فى وقفها. تغمده الله
برحمته.
سمعت منه فى
القاهرة حديثا من سنن ابن ماجة.
وسمع منه أصحابنا
المحدثون ، منهم : الإمام صلاح الدين خليل بن محمد الأقفهسى ، فى جوف الكعبة
المعظمة.
٤٦٨ ـ محمد بن موسى
القاضى :
ذكره هكذا أبو
الحسن محمد بن نافع الخزاعى ، وذكر أنه غير أبواب زيادة دار الندوة عما كانت عليه
فى الابتداء. وذكر أنه غير باب الخياطين ، وباب بنى جمح ما بين دارى زبيدة مسجدا ،
وصله بالمسجد الكبير ، يعنى بذلك ، الزيادة المعروفة بزيادة باب إبراهيم ، وذلك فى
سنة ست أو سبع وثلاثمائة. وذلك لما كان إليه أمر البلد ، وهذا يفهم منه.
ولى قضاء مكة ،
والنظر فيها. وما علمت من حاله سوى هذا.
٤٦٩ ـ محمد بن موسى الغمارى المغربى :
شيخ رباط الموفق
بمكة. كان كثير العناية بالعبادة وأفعال الخير معظما عند الناس متواضعا لهم ،
قاضيا لحوائجهم.
ومن أخباره
الجميلة : ما بلغنى عن صاحبنا الشيخ خليل بن هارون الجزائرى ـ الآتى ذكره ـ أن
الغمارى هذا ، أصابته فاقة بمكة ، فخرج بعد ذلك إلى الطواف بالكعبة المشرفة ، فلما
كان بالمطاف ، إذا هو يراه مملوءا ذهبا وفضة ، فغاصت رجله فيه إلى فوق قدمه. فقال
لها ـ يعنى الدنيا ـ : تغرينى ، تغرينى ، هكذا؟ ولم يتناول من ذلك شيئا. هذا معنى
ما بلغنى فى هذه الحكاية.
__________________
وكان يأتيه بر من
المغرب وغيره ، يقوم به أوده وأود عياله ، ويبر منه غيره ، وتزوج بأخرة فى مكة ،
وجاءته بها أولاد ، وخلف زوجته حاملا ، فوضعت بعد موته بيومين أولادا ثلاثة ،
بعضهم مصور ، واثنان مضغة.
وكان قدومه إلى
مكة ، فى سنة ثمانين وسبعمائة ، أو قربها ، وله من العمر ـ إذ ذاك ـ أربع وعشرون
سنة. هذا معنى ما بلغنى عنه فى تاريخ قدومه بمكة وسنه.
وبلغنى : أنه دخل
بلاد اليمن ، وجال فى بلدانها ، كصنعاء وما يليها ، وشاهدته بمكة بعد سنة تسعين
وسبعمائة بقليل ، ولم يزل بها حتى مات ، إلا أنه فى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة ،
توجه لزيارة المدينة النبوية ، وجاور بها أشهرا ، ولا أبعد أن يكون اتفق له مثل
ذلك مرة أخرى أو أكثر.
وكان يحضر معنا
كثيرا ، مجلس شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى ، ويسأل سؤالات كثيرة
بسكون وتؤدة.
وولى مشيخة رباط
الموفق بمكة ، والنظر فى مصالحه سنين كثيرة ، ولم يكن يعارضه فيما يختاره فى ذلك
أحد من قضاة مكة.
وكان صاحب مكة
الشريف حسن بن عجلان ، يكرمه ويشفعه كثيرا ، وكذلك نوابه.
ولما مات ، كثر
ازدحام الخلق من القضاة والعلماء والأعيان وغيرهم ، على حمل نعشه ، لحسن معتقدهم
فيه ، ودفن بالشبيكة ، أسفل مكة ، عند بعض أولاده.
وهناك صلى عليه ،
بكرة يوم الجمعة ، التاسع عشر لصفر سنة سبع وعشرين وثمانمائة ، بوصيته لذلك.
وكانت وفاته فى
ليلة الجمعة المذكورة بعد العشاء. وخرج لشهود جنازته المخدّرات ، وقل أن شاهد
الناس مثلها فى كثرة الجمع ، رحمهالله.
٤٧٠ ـ محمد بن المؤمل بن أحمد بن الحارث بن عمر بن عبد الله بن
عمرو بن الحارث بن عمرو بن المؤمل بن حبيب بن تميم بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن
عدى بن كعب القرشى العدوى:
هكذا نسبه صاحب
الجمهرة ، وقال : محدث شامى ، سكن مكة ، وبها مات سنة تسع عشرة وثلاثمائة. وهو ثقة
، عالم بالنحو ، واسع الرواية. انتهى.
__________________
قلت : سمع من محمد
بن إسماعيل بن علية ، والزبير بن بكار.
وروى عنه : أبو
بكر بن القرشى وغيره.
٤٧١ ـ محمد بن ميمون الخياط البزاز ، أبو عبد الله المكى :
سمع سفيان بن عيينة
، وسليمان بن حرب ، وشعيب بن حرب ، وعبد الملك بن إبراهيم الجدى ، وعبد المجيد بن
عبد العزيز بن أبى رواد ، والوليد بن مسلم ، وأبا سعيد مولى بنى هاشم، وجماعة.
وروى عنه :
الترمذى والنسائى ، وابن ماجة ، وابن أبى عاصم ، وأبو عروبة ، والزبير ابن بكار ،
وزكريا الساجى ، والبغوى ، وابن صاعد ، وأبو حاتم ، وقال : كان أميا مغفلا. وذكر
أنه سمع من ابن سعيد مولى بنى هاشم ، عن شعبة ، حديثا باطلا. وما أبعد أن يكون وضع
للشيخ ، فإنه كان أميا.
ذكره ابن حبان فى
الثقات ، وذكر أنه كان بغدادى ، سكن مكة.
وقال الدولابى :
مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
ولهم محمد بن
ميمون الزعفرانى : أبو النضر الكوفى المفلوج ، غيره على ما قال أبو حاتم. قال :
ومن لا يفهم لا يميز بينهما.
ولهم : محمد بن
ميمون آخران ، أحدهما : حجازى ، يروى عن أبى الزناد.
وعنه : أبو مروان
العثمانى. روى له ابن ماجة.
والآخر : أبو حمزة
السكرى. روى له الجماعة.
٤٧٢ ـ محمد بن نافع
بن أحمد بن إسحاق بن نافع الخزاعى ، أبو الحسن المكى :
حدث عن عمه إسحاق
بن أحمد الخزاعى بتاريخ مكة للأزرقى ، وله عليه حاشيتان يتعلقان بزيادة دار الندوة
، وزيادة باب إبراهيم. رواه عنه : الحسن بن أحمد بن إبراهيم ابن فراس.
__________________
ونقل المسبحى فى
تاريخه عنه : أنه كان فيمن دخل الكعبة ، وشاهد الحجر الأسود فيها ، عندما عمل له
الحجبة طوقا يشد به ، بعد إتيان القرامطة به إلى مكة ، فى سنة أربعين وثلاثمائة ،
وكان رده فى موضعه ، يوم النحر من سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة.
وكان محمد بن نافع
هذا حيا فى سنة خمسين وثلاثمائة. وله تآليف فى فضائل الكعبة ؛ لأن ياقوتا قال فى
معجم البلدان ، لما تكلم على قوله : «بلدة» وبلدة أيضا مدينة بالأندلس من أعمال رندة ، منها : سعد بن محمد
بن سعد الله بن يعقوب الأموى البلدى ، أبو عثمان.
رحل إلى المشرق
سنة خمسين وثلاثمائة ، ولقى أبا بكر محمد بن الحسين الآجرى ، قرأ عليه جملة من
تواليفه بمكة ، ولقى أبا الحسن بن نافع الخزاعى ، وقرأ عليه «فضائل الكعبة» من تأليفه.
انتهى.
وما علمت من حال
الخزاعى سوى هذا.
٤٧٣ ـ محمد بن النعمان بن منصور بن أحمد بن القاضى أبى عبد
الله بن أبى حنيفة ، قاضى الحرمين وغيرهما.
ذكر ابن خلكان :
أنه ولى القضاء بتقليد من العزيز العبيدى ، صاحب مصر ، بعد موت أخيه أبى الحسن على
، يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. وقرئ سجله بعد صلاة
الجمعة ، وكان كسجل أخيه فى جامع ولايته. وكان فى سجل أخيه : القضاء بالديار
المصرية والشام والحرمين والغرب ، وجميع مملكة العزيز ، والخطابة والإمامة ،
والعيار بالذهب والفضة ، والموازين والمكاييل. ولم يزل على ذلك ، حتى مات ليلة
الأربعاء ، رابع صفر سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.
ومولده فى صفر سنة
أربعين وثلاثمائة بالمغرب وأقامت مصر بعده بغير قاض أكثر من شهر.
٤٧٤ ـ محمد بن هبة
الله بن محمد بن يحيى ، أبو نصر الشيرازى.
ذكره ـ هكذا ـ الإسنائى
فى طبقاته ، وقال : كان فقيها بارعا صالحا رئيسا. قدم
__________________
بغداد شابا ،
وتفقه بها على الشيخ أبى إسحاق الشيرازى ، إلى أن برع فى المذهب ، وأعاد فى
المدرسة النظامية. وسمع وحدث وجاور بمكة مدة.
مات فى ربيع الأول
سنة ست عشرة وخمسمائة ، عن أربع وسبعين سنة.
قال الإسنائى :
وذكر العبادى فى طبقاته ، شخصا آخر قديما يقال له : أبو نصر الشيرازى ، أخذ عن أبى
سهل الصعلوكى. وسيأتيك أيضا شخص آخر يعرف بابن الشيرازى ، وهو يشتبه بهما ، فليعلم
ذلك.
وأشار إلى القاضى
أبى نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن مميل الشيرازى ، المتوفى فى جمادى
الأولى سنة خمس وثلاثين وستمائة. وقد لا يشتبهان لتأخر ابن مميل.
٤٧٥ ـ محمد بن هبة الله بن ثابت ـ فقيه الحرم ـ أبو نصر
البندنيجى الشافعى ، مؤلف المعتمد.
سمع أبا طالب
العشارى ، وأبا إسحاق الرملى ، وأبا محمد الجوهرى وغيرهم. رواه عنه الحافظ أبو
القاسم التيمى. وأجاز للحافظ السلفى.
وكان قرأ المذهب
والخلاف على الشيخ أبى إسحاق الشيرازى. ودرس فى حياته. ثم انتقل إلى مكة وسكنها ،
حتى توفى بها فى سنة خمس وتسعين وأربعمائة.
هكذا ذكر وفاته
الحافظ ابن النجار وغير واحد. فعلى هذا ما ذكره الجندى من أنه توفى سنة خمسمائة
وهم قطعا. وكذلك ما ذكره الإسنائى فى طبقاته نقلا عن بعضهم ، من أنه توفى باليمن ،
وهم بلا شك ؛ لأن السلفى وابن النجار ، ذكرا أنه توفى بمكة ، وهما من أعرف الناس به.
ومولده فى جمادى
الآخرة سنة سبع وأربعمائة ، وقيل : سنة عشر. وكان قد كف بصره ، ومع ذلك فكان يعتمر
فى شهر رمضان كل يوم عمرة.
وكان يقرأ فى
الأسبوع ، ستة آلاف مرة : قل هو الله أحد.
٤٧٦ ـ محمد بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة
بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم المخزومى.
أمير مكة والمدينة
والطائف. ولى ذلك بعد عزل أخيه إبراهيم بن هشام ، ولم يل ذلك
__________________
بعده دفعة واحدة.
وإنما ولى مكة والطائف فى سنة أربع عشرة ومائة ، على ما ذكر ابن جرير ، وابن
الأثير.
قال ابن الأثير ،
بعد ذكره لولاية محمد بن هشام على مكة والطائف فى سنة أربع عشرة ومائة : وقيل : بل
ولى محمد سنة ثلاث عشرة.
ذكر ابن جرير ،
وابن الأثير : أنه كان عاملا على مكة والمدينة والطائف ، فى سنة سبع عشرة ومائة.
وذكر ابن جرير مثل
ذلك فى أخبار سنة ثمانى عشرة ومائة ، قال : وقيل : كان عامل المدينة فى هذه السنة :
خالد بن عبد الملك. انتهى.
وخالد بن عبد
الملك هذا ، هو خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم بن أبى العاص الأموى ، كان
والى المدينة فى سنة أربع عشرة ومائة ، بعد عزل إبراهيم بن هشام ، أخى محمد بن
هشام هذا.
وذكر ابن جرير :
أن محمد بن هشام هذا ، كان عاملا على مكة والمدينة والطائف ، فى سنة تسع عشرة
ومائة ، وفى سنة عشرين ومائة ، وفى سنة إحدى وعشرين ومائة.
وذكر ابن الأثير
ما يوافق ما ذكره ابن جرير ، فى ولاية محمد بن هشام ، على مكة والمدينة والطائف ،
فى هذه الثلاث السنين.
وقال فى أخبار سنة
اثنتين وعشرين ومائة : وحج بالناس هذه السنة ، محمد بن هشام المخزومى. وكان عمال
الأمصار من تقدم ذكرهم قبل.
وقال فى أخبار سنة
ثلاث وعشرين ومائة : وكان العمال فى الأمصار ، العمال فى السنة التى قبلها. انتهى.
وهذا يدل على أن
محمد بن هشام ، كان على مكة والمدينة والطائف ، فى سنة اثنتين وعشرين ومائة ، وسنة
ثلاث وعشرين ومائة ؛ لأنه ذكر أنه كان على ذلك فى ثلاث سنين ، قبل هاتين السنتين.
والله أعلم.
وأظن أن ولايته
دامت إلى انقضاء خلافة ابن أخيه هشام بن عبد الملك ، وذلك فى شوال سنة خمس وعشرين
ومائة.
وذكر ابن جرير :
أنه حج بالناس سنة أربع عشرة ومائة ـ فى قول ـ وسنة خمس عشرة. وجزم بذلك ، وسنة
ثمانى عشرة ـ فى قول ـ وسنة إحدى وعشرين.
وذكر ابن الأثير :
أنه حج بالناس سنة أربع عشرة ـ فى قول ـ وسنة خمس عشرة ، وسنة ثمانى عشرة. وفى سنة
عشرين ـ فى قول ـ وفى سنة إحدى وعشرين ـ فى قول ـ وفى سنة إحدى وعشرين ، وفى سنة
اثنتين وعشرين ، وفى سنة أربع وعشرين. وذكر العتيقى فى أمراء الموسم : أن محمد بن
هشام حج بالناس ، فى سنة خمس عشرة ومائة ، وهو أمير مكة ، وحج بالناس بعد ذلك خمس
حجج متوالية ، أولها : سنة عشرين ومائة. وحج بالناس أيضا فى سنة ثمانى عشرة. وحكى
قولا : أنه حج بهم فى سنة تسع عشرة ، بعد أن جزم بأن الذى حج بالناس فى هذه السنة
، مسلمة ، أبو شاكر بن هشام ابن عبد الملك أمير المؤمنين. انتهى.
وذكر الفاكهى فى
ولايته لمكة شعرا هجى به ؛ لأنه قال : وكان من ولاة مكة لبنى أمية ، محمد بن هشام
بن إسماعيل ، وله يقول العرجى ، كما ذكر الزبير عن عمه ، ولم أسمعه منه ، حدثنيه
ابن شبيب عنه ، قال : لما ولى محمد بن هشام الحج ، أنشا العرجى يقول :
ألا قل لمن أمسى
بمكة ثاويا
|
|
ومن جاء من نجد
ونقب المشلل
|
دعوا الحج لا
تستهلكوا نفقاتكم
|
|
فما حج هذا
العام بالمتقبل
|
وكيف يزكى حج من
لم يكن له
|
|
إمام لدى تعريفه
غير دلدل
|
يظل يرائى
بالنهار صلاته
|
|
ويلبس فى
الظلماء وشاح القرنفل
|
انتهى.
وقال ابن خلكان فى
ترجمة [.......] قال ابن إسحاق : وكان الوليد بن يزيد مضطغنا على محمد بن
هشام أشياء كانت تبلغه عنه فى حياة هشام.
فلما ولى الخلافة
قبض عليه وعلى أخيه إبراهيم بن هشام ، وأشخصا إليه إلى الشام ، ثم دعى له بالسياط
، قال له محمد : أسألك بالقرابة. فقال : وأى قرابة بينى وبينك؟. هل
__________________
أنت إلا من أشجع.
قال : فأسألك بصهر عبد الملك. قال : لم تحفظه. قال له : يا أمير المؤمنين ، قد نهى
رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عن أن يضرب فى شىء بالسياط إلا فى حد. قال : وفى حد
أضربك وقود ، أنت أول من سن ذلك على العرجى ، وهو ابن عمى ، وابن أمير المؤمنين
عثمان ، فما رعيت حق جده ولا نسبته لهشام ، ولا ذكرت حينئذ هذا الخبر ، أنا ولى
ثأره ، اضرب يا غلام ، فضربهما ضربا شديدا ، وأثقلا بالحديد ، ووجه بهما إلى يوسف
بن عمر بالكوفة ، وأمره باستضافتها وتعذيبهما حتى يتلفا. وكتب إليه : احبسهما مع
ابن النصرانية ـ يعنى خالد القسرى ـ ونفسك نفسك إن عاش أحد منهم ، فعذبهم عذابا
شديدا ، وأخذ منهما مالا عظيما ، حتى لم يبق فيهم موضعا للضرب.
وكان محمد بن هشام
مطروحا ، فإذا أرادوا أن يقيموه ، أخذوا بلحيته ، فحذبوه بها. ولما اشتدت الحال
بهما ، تحامل إبراهيم لينظر فى وجه محمد ، فوقع عليه ، فماتا جميعا. ومات خالد
القسرى معهما فى يوم واحد. انتهى.
قلت : كانت وفاة
خالد ، فى محرم سنة ست وعشرين ومائة ، كما ذكره غير واحد.
٤٧٧ ـ محمد بن يحيى
بن على ، سبط الشيخ خالد الواسطى ، الشيخ الصالح الزاهد شمس الدين أبو عبد الله بن
الشيخ الصالح محيى الدين :
توفى ليلة الاثنين
خامس المحرم سنة سبعين وستمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
ومن حجر قبره لخصت
هذه الترجمة.
٤٧٨ ـ محمد بن يحيى بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن عبد
الوهاب بن عبد الله بن أبى عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومى أبو عيسى :
أمير مكة. هكذا
نسبه صاحب الجمهرة ، وقال : كان المعتمد قد ولى أبا عيسى هذا مكة ، ثم عزله بأبى
المغيرة المذكور ، فتحاربا ، فقتل أبو عيسى. ودخل أبو المغيرة مكة ، ورأس أبى عيسى
بين يديه. انتهى.
وأبو المغيرة هو :
محمد بن عيسى السابق ذكره.
وذكر ابن حزم : أن
أبا عيسى ، ابن عمة أبى المغيرة ، وزوج أخته وابن عمه.
وذكر الفاكهى ما
يقتضى أن أبا عيسى محمد بن يحيى المخزومى ، ولى مكة نيابة عن
__________________
الفضل بن العباس ؛
لأنه قال : وكان محمد بن يحيى المخزومى وليها ، استخلفه عليها الفضل بن العباس ،
فقال شاعر من أهل مكة :
امعجوا يا بنى المغيرة
فيها
|
|
فبنو حفص منكم
أمراء
|
انتهى. ولا مانع
من أن يكون أبو عيسى ولى مكة عن الفضل بن عباس نيابة كما ذكر الفاكهى ، وعن
المعتضد استقلالا ، كما ذكر ابن حزم. والله أعلم.
٤٧٩ ـ محمد بن يحيى
بن عياد ـ بمثناه من تحت ـ الصنهاجى المكى :
سمع على عثمان بن الصفى
، والجمال بن النحاس ، وجماعة بعده كثيرا ، وما علمته حدث ، وتردد إلى اليمن بقصد
التجارة ، وحصل دنيا. فغرقت منه ، فذهب وتعلل بعدها ، حتى مات فى حدود سنة ثمانين
وسبعمائة.
٤٨٠ ـ محمد بن يحيى بن أبى عمر ، ويقال محمد بن أبى عمر ،
منسوبا إلى جده ، وقيل أبو عمر ، كنية أبيه يحيى ، الحافظ أبو عبد الله العدنى :
نزيل مكة. سمع من
سفيان بن عيينة ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردى ، وعبد الوهاب الثقفى ، وعبد
المجيد بن أبى رواد ، وعبد الرحمن العمى ، وفضيل بن عياض ، ومروان بن معاوية ،
ووكيع بن جراح ، ويحيى بن سليم الطائفى ، ويزيد بن هارون ، وأبى عبد الرحمن المقرى
، وأبى معاوية الضرير ، وغيرهم.
وروى عنه مسلم
والترمذى ، وابن ماجة ، وبقية بن مخلد ، وزكريا الساجى ومحمد ابن إسحاق الثقفى ،
وهلال بن العلاء الرقى ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة الرازى الدمشقى. وإسحاق بن أحمد
الخزاعى. روى عنه مسنده ، ووقع لنا حديثه من طريقه عاليا ، وجماعة ، وروى النسائى
عن رجل عنه.
وذكره ابن حبان فى
الثقات. انتهى.
وقال الحسن بن
أحمد بن الليث الرازى : حج سبعا وسبعين حجة ، قال : وبلغنى : أنه لم يقعد عن
الطواف (ستين) سنة.
وقال البخارى :
توفى بمكة لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذى الحجة ، سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
__________________
قرأت على أبى
هريرة بن الحافظ الذهبى فى الغوطة ، ظاهر دمشق ، أن أبا نصر محمد ابن محمد بن
الشيرازى ، والقاسم بن مظفر الطبيب ، أخبراه عن أبى عبد الله محمد ابن عبد الواحد
المدينى ، قال : أنا إسماعيل بن على الحمامى ، قال : أنا الأديب أبو مسلم محمد ابن
على بن مهرايرد المقرى ، قال : أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرى الحافظ ،
قال : أنا إسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعى بالمسجد الحرام ، قال : ثنا محمد بن يحيى
بن أبى عمر المعدنى ، قال : ثنا بشر بن السرى ، قال : ثنا مسعر ، عن قتادة ، عن
أنس رضى الله عنه ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «سووا صفوفكم ، فإن إقامة الصف من حسن الصلاة» .
٤٨١ ـ محمد بن يحيى
بن مؤمن بن على الغبرينى الزواوى ، أبو عبد الله الملقب منديل المالكى:
قدم مكة ، وسمع
بها من شيختنا أم الحسن بنت الحرازى ، والجمال الأميوطى وغيرهما.
ووجدت بخط أبى
العباس بن عبد المعطى النحوى ، أنه حضر عنده دروسا فى علم العربية ، فوجده بحرا فى
تحقيق مسائل هذا العلم. انتهى.
وكان رجلا صالحا
زاهدا ورعا فاضلا مفننا ، وكان أبتلى بالوسواس ، وتعب به كثيرا.
وجاور بمكة سنين ،
حتى توفى بها فى سنة سبع وثمانين وسبعمائة ، ودفن بالمعلاة.
__________________
٤٨٢ ـ محمد بن يحيى
بن منصور الجنزى ـ بجيم ونون وزاى ـ أبو سعد النيسابورى :
قدم نيسابور بسبب
الأستاذ أبى القاسم القشيرى ، وصار من مريديه ، ثم جاور بمكة مدة. وكان يروض نفسه
، ويواصل بين الصيام.
وتوفى مقتولا
بجامع نيسابور الجديد ، فى سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
ومولده فى سنة ست
وتسعين وأربعمائة. وكان والده مشهورا باليسار.
كتبت هذه الترجمة
ملخصة من تاريخ الإسلام.
٤٨٣ ـ محمد بن يحيى بن يونس ، شرف الدين القرقشندى :
تردد إلى مكة مرات
، منها فى موسم سنة ثمان وثمانمائة ، ثم توجه إلى اليمن ، فى سنة تسع عشرة
وثمانمائة ، بقصد التجارة ، وعاد إلى مكة فيها ، أو فى التى بعدها.
وتوفى يوم الأحد
سادس عشر شعبان ، سنة عشر وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة عند تربة أم سليمان.
٤٨٤ ـ محمد بن يحيى
المكى :
قدم أصبهان ، وحدث
عنه أبو مسعود وغيره.
حدث عن ابن عيينة
، والفضيل بن عياض ، وعيسى بن يونس ، وأبى إسحاق الفزارى. روى عنه : أبو مسعود ،
حديثا تفرد به.
ذكره هكذا أبو
الشيخ فى «طبقات المحدثين بأصبهان ، والواردين عليها».
٤٨٥ ـ محمد بن يزيد بن خنيس المخزومى ، مولاهم ، أبو عبد الله
المكى :
روى عن أبيه ،
وسعيد بن حسان المخزومى ، وابن جريج ، وعبد العزيز بن أبى رواد ، وسفيان الثورى
وجماعة.
__________________
روى عنه أحمد بن
الفرات ، وحنبل بن إسحاق ، وعبد بن حميد ، ومحمد بن سليمان الباغندى ، وأبو يحيى
بن أبى مسرة ، وأبو حاتم. وقال : كان شيخا صالحا ، كتبنا عنه بمكة ، وكان ممتنعا
من التحديث ، أدخلنى عليه ابنه.
وذكره ابن حبان فى
الثقات ، وقال : كان من خيار الناس ، ربما أخطأ ، يجب أن يعتبر بحديثه إذا بين
السماع فى خبره. روى له الترمذى وابن ماجة.
٤٨٦ ـ محمد بن يزيد
المكى :
يروى عن مجاهد ،
روى عنه نافع بن يزيد. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات.
٤٨٧ ـ محمد بن يعقوب بن إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد
الرحيم بن محمد بن المعالى الشيبانى الطبرى المكى ، يلقب بالجمال ، ويعرف بابن
زبرق :
ولد فى سنة ثلاث
وخمسين وسبعمائة ، ظنا غالبا ، وسمع على القاضى موفق الدين الحنبلى ، والقاضى عز
الدين بن جماعة ، جزء ابن نجيد.
سمعت عليه منه
جانبا بين الحرمين ، ونحن متوجهون إلى طيبة. ثم قرأت عليه منه جانبا بسولة من وادى
نخلة اليمانية ، وكان له بها مال ، ودخل ديار مصر غير مرة. وولى النظر على قلشان ،
وقف السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على الشيبانيين بالبحيرة من ديار مصر وكان
إماما وخطيبا بسولة من وادى نخلة وهو من ذرية القاضى أبى المعالى الشيبانى ، الآتى
ذكره.
وتوفى ليلة
الأربعاء ثالث صفر سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة.
وكان مرضه خمس
ليال بعد قدومه من جدة.
٤٨٨ ـ محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر بن أبى بكر بن
أحمد بن محمود بن إدريس بن فضل الله بن الشيخ أبى إسحاق إبراهيم بن على ، القاضى
مجد الدين أبو الطاهر الفيروزابادى الشيرازى الشافعى اللغوى :
نزيل مكة. ولد
بشيراز فى سنة تسع وعشرين وسبعمائة. وسمع بها من المحدث شمس
__________________
الدين محمد بن
يوسف الزرندى المدنى : صحيح البخارى ، وببغداد على بعض أصحاب الرشيد بن أبى القاسم
، وبدمشق من مسندها محمد بن إسماعيل بن الخباز : جزء ابن عرفة ، وعوالى مالك
للخطيب ، ومن محمد بن إسماعيل الحموى : السنن الكبرى للبيهقى بفوت ، ومن أحمد بن
عبد المؤمن المرداوى : المنتقى من أربعين عبد الخالق الشحامى ، ومن الإمام شهاب
الدين أحمد بن مظفر النابلسى : معجم ابن جميع ، ومن عبد الله بن محمد بن إبراهيم
المعروف بابن قيم الصيائية : مشيخة الفخر بن البخارى ، تخريج ابن الظاهرى عنه ،
ومن يحيى بن على بن مجلى بن الحداد الحنفى : الأربعين النواوية ، عن النواوى سماعا
بدعواه وما قبل ذلك منه ، وغيرهم.
وببيت المقدس ،
على الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدى العلائى : الأول من مسلسلاته ، وغير ذلك.
وبمصر من محمد بن
إبراهيم البيانى : الصحيحين فيما أحسب ، الشك منى فى محل السماع ، لا فى المسموع.
وسمع بمصر على أبى
الحرم محمد بن محمد القلانسى ، ومظفر الدين محمد بن محمد ابن يحيى العطار ،
والقاضى ناصر الدين محمد بن محمد بن أبى القاسم ، المعروف بابن التونسى ، والمحدث
ناصر الدين محمد بن أبى القاسم بن إسماعيل الفارقى : رباعيات الترمذى ، والمنتقى
الكبير من الغيلانيات.
وسمع على الفارقى
والقلانسى : ثلاثيات المعجم الصغير للطبرانى ، وغير ذلك ، وعلى القلانسى فقط :
ثمانيات مؤنسة خاتون ، بنت الملك العادل ، وسباعياتها : تخريج ابن الظاهرى وتسلسل
له مطلقا ، الحديث المسلسل بالأولية الذى بأولها ، لبس منه خرقة التصوف ، وعلى
مظفر الدين العطار : الجزء الأخير من الغيلانيات ، وعلى الأديب جمال الدين محمد بن
محمد بن محمد بن الحسن ، المعروف بابن نباتة : جزء الحرفى.
ومن أحمد بن محمد
بن الحسن الإمام الجزائرى : الجزء الثانى من مشيخة يوسف بن المبارك الخفاف ، ومن
على بن أبو العرضى «الطهور» لأبى عبيد ، ومعجم ابن جميع ، وبعض المسند لابن حنبل ،
ومن القاضى عز الدين بن جماعة أربعينه التساعيات ، وجزؤه الكبير ، ومنسكه الكبير ،
والبردة للبوصيرى عنه.
وبمكة من إمامها
خليل بن عبد الرحمن المالكى ، وقاضيها تقى الدين الحرازى ، ونور الدين على بن
الزين القسطلانى ، قرأ عليه الموطأ لمالك ، رواية يحيى بن يحيى ، وغيرهم.
ولقى جمعا كثيرا
من الفضلاء ، وأخذ عنهم ، وأخدوا عنه ، منهم : الصلاح الصفدى ، وكتب عنه البيتين
الآنى ذكرهما أخيرا ، وأوسع فى الثناء عليه ، وخرج له الإمام جمال الدين محمد بن
الشيخ موسى المراكشى المكى ، مشيخة حسنة عن شيوخه ، ولم يقدر لى قراءتها عليه ،
ولا سمعها عليه أحد ، غير أن بعض أصحابنا المكيين ، أخبرنى أنه قرأ عليه أحاديث
شيوخ السماع ، ببستانه بنخل ربيد.
وكانت له بالحديث
عناية غير قوية ، وكذا بالفقه ، وله تحصيل فى فنون من العلم ، ولا سيما اللغة ،
فإن له فيها اليد الطولى ، وألف فيها تواليف حسنة ، منها : القاموس المحيط ، ولا
نظير له فى كتب اللغة ، لكثرة ما حواه من الزيادات على الكتب المعتمدة ، كالصحاح
وغيرها.
ومن تواليفه : شرح
الفاتحة ، ألفه فى ليلة واحدة ، على ما ذكر. وشرح على البخارى ، ما أظنه أكمله.
وكتاب فى الأحاديث الضعيفة ، مجلدات. وكراس فى علم الحديث ، رأيته بخطه. وله الدر
الغالى فى الأحاديث العوالى ، والصلات والبشر فى الصلاة على خير البشر. والمغانم
المطابة فى معالم طابة. والوصل والمنى فى فضائل منى. وشىء فى فضل الحجون ، ومن دفن
فيه من الصحابة. ولم أر فى تراجمهم فى كتب الصحابة ، التصريح بأنهم دفنوا جميعا
بالحجون ، بل ولا أن كلهم مات بمكة ، فإن كان اعتمد فى دفنهم أجمع بالحجون ، على
من قال : إنهم نزلوا مكة ، فيلزم من نزولهم بها ، أن يكون جميعهم دفن بالحجون ،
فإن الناس كانوا يدفنون بمقبرة المهاجرين بأسفل مكة ، وبالمقبرة العليا بأعلاها ،
وربما دفنوا فى دورهم. والله أعلم. والمتفق وضعا والمختلف صقعا والمرقاة الوفية فى
طبقات الحنفية ، أخذها من طبقات الشيخ محيى الدين عبد القادر الحنفى. والروض
المسلوف فيما له إسمان إلى ألوف.
وتجبير الموشين فى
السين والشين. وأسماء الخمر. وترقيق الأسل فى تصفيق العسل ، كراريس ، ألفها فى
ليلة ، عندما سأله بعض الناس عن العسل ، هل هو قىء النحلة أو خرؤها. والإسعاد إلى
رتبة الاجتهاد. وفضل السلامة على الخبزة ، كفضل الدر على الخرزة. والسلامة والخبزة
: قريتان بوادى الطائف.
وألفيت بخطه فى
إجازة لبعض أصحابنا ، ذكر تواليف له كثيرة جدا ، ومنها بعض ما ذكرناه من تواليفه ،
وفيما ذكرناه زيادة فائدة فى ذلك. فنذكر ذلك كله لما فيه من الفائدة.
ونص ذلك : وأجزت
له أن يروى عنى جميع ما يجوز عنى روايته ، وما لى من تأليف وتصنيف فى فنون العلم
الشريفة التى منها فى التفسير : كتاب بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز ،
مجلدان. وكتاب تنوير المقباس فى تفسير ابن عباس ، أربع مجلدات. وكتاب تيسير فاتحة
الإياب فى تفسير فاتحة الكتاب ، مجلد كبير ، وكتاب الدر النظيم المشير إلى مقاصد
القرآن العظيم. وحاصل كورة الخلاص ، فى تفسير سورة الإخلاص. وشرح قطبة الحشاف ،
شرح خطبة الكشاف.
وفى الحديث : كتاب
شوارق الأسرار العلية ، شرح مشارق الأنوار النبوية ، أربع مجلدات. وكتاب منح
البارى ، بالسيح الفسيح الجارى ، فى شرح صحيح البخارى ، كمل ربع العبادات منه ، فى
عشرين مجلدا. وكتاب عمدة الحكام ، فى شرح عدة الأحكام ، مجلدان وكتاب امتصاص
الشهاد فى افتراض الجهاد. وكتاب النفحة العنبرية ، فى مولد خير البرية وكتاب
الصلات والبشر فى الصلاة على خير البشر. وكتاب الوصل والمنى فى فضائل «منى» وكتاب
المغانم المطابة ، فى معالم طابة ، وكتاب مهيج الغرام إلى البلد الحرام.
وكتاب إثارة
الحجون ، لزيارة الحجون. وكتاب أحاسن اللطائف ، فى محاسن الطائف. وكتاب فصل الدرة
من الخرزة ، فى فضل السلامة على الخبزة.
وكتاب روضة الناظر
فى ترجمة الشيخ عبد القادر. وكتاب تعين العرفات للمعين على عين عرفات. وكتاب منية
السول فى دعوات الرسول. وكتاب الإسعاد بالإصعاد ، إلى درجة الاجتهاد ، ثلاث مجلدات
وكتاب اللامع المعلم العجاب ، الجامع بين المحكم والعباب ، وزيادات امتلأ بها
الوطاب ، واعتلى منها الخطاب ، فغاق كل مؤلف هذا الكتاب ، يقدر تمامه فى مائة مجلد
، كل مجلد يقرب من صحاح الجوهرى فى المقدار. وكتاب القاموس المحيط ، والقابوس
الوسيط ، الجامع لما ذهب من لغة العرب شماطيط. وكتاب الروض المسلوف فيما له اسمان
إلى ألوف. وكتاب الدرر المبثثة فى الغرر المثلثة. وكتاب بلاغ التلغين فى غرائب
الملغين وكتاب تحفة القماعيل فيمن يسمى من الملائكة والناس بإسماعيل ، وكتاب تسهيل
طريق الوصول إلى الإحاديث الزائدة على جامع الأصول ، أربع مجلدات. وكتاب أسما
البراح فى أسماء النكاح. وكتاب أسماء الغادة فى أسماء العادة. وكتاب الجليس الأنيس
، فى أسماء الخندريس. وكتاب أنواء الغيث فى أسماء الليث. وكتاب الفضل الوفى ، فى
العدل الأشرفى. وكتاب مقصود ذوى الألباب فى علم الإعراب ، مجلد. وكتاب نزهة
الأذهان فى فضائل أصبهان. وكتاب التجاريح ، فى فوائد متعلقة بأحاديث المصابيح.
انتهى ما وجد بخطه.
وله شعر كثير ، فى
بعضه قلق ، لجلبه فيه ألفاظا لغوية عويصة.
وكان كثير الاستحضار
لمستحسنات من الشعر والحكايات ، وله خط جيد من الإسراع فى الكتابة. وكان سريع
الحفظ. بلغنى عنه أنه قال : ما كنت أنام حتى أحفظ مائتى سطر. أخبرنى عنه بذلك من
سمعه منه ، من أصحابنا المعتمدين. وحدث بكثير من تصانيفه ومروياته.
سمع منه شيخنا
القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وحدث عنه فى حياته ، وصاحبنا الحافظ أبو الفضل بن حجر
، وغيره من أصحابنا الفضلاء. سمعت منه بمنزله بمنى : جزء ابن عرفة ، والمائة
المنتقاة من مشيخة ابن البخارى ، انتقاء العلائى. وقرأت عليه قبل ذلك فى مبدأ
الطلب : السيرة النبوية ، لعبد الغنى المقدسى ، عن ابن الخباز ، عن ابن عبد الدايم
، عنه ، والأربعين النواوية عن ابن مجلى ، عن النواوى ، والبردة عن ابن جماعة ، عن
ناظمها.
وولى قضاء الأقضية
ببلاد اليمن ، عشرين سنة متوالية ، تزيد قليلا ، متصلا بموته ، عن صاحبى اليمن :
الملك الأشرف إسماعيل بن الأفضل عباس بن المجاهد ، وولده الملك الناصر أحمد ،
وللملك الناصر ألف الكتاب الذى فيه الأحاديث الضعيفة ، ليريحه من التفتيش عليها فى
كتب الحديث. وكان دخوله لليمن من بلاد الهند.
ولما دخل اليمن
أكرمه الملك الأشرف. ونال منه بر ورفعة ، وتزوج الأشرف ابنته.
ونال كرامة من جماعة
من ولاة البلاد ، منهم : ابن عثمان ملك الروم ، وشاه منصور ابن عم شاه شجاع ،
وكذلك من تمر لنك ، وحصل منهم دنيا طائلة ، فما يطول بقاؤها بيده ، لتسليمه لها
إلى من يمحقها بالإسراف فى صرفها. وقدم إلى مكة مرات ، وجاور بها كرات.
وأول قدومه إليها
ـ فيما علمت ـ قبل سنة ستين وسبعمائة ، ثم قدم إليها فى سنة سبعين وسبعمائة ،
وأقام بها خمس سنين متوالية ، أو ست ، الشك منى ، ثم رحل عنها وعاد إليها غير مرة
، منها بعد التسعين ـ بتقديم التاء ـ وسبعمائة ، وكان بها مجاورا فى سنة اثنتين
وتسعين وسبعمائة ، ورحل منها إلى الطائف ، وله فيها بستان كان لجدى لأمى ، اشتراه
فيما أحسب فى هذه السنة.
ولما حج فيها ،
دخل مع الركب العراق ، لأن القان أحمد بن أويس صاحب العراق ، استدعاه فى كتاب كتبه
إليه ، وفيه نبأ عظيم عليه ، من جملته :
القائل القول لو
فاه الزمان به
|
|
كانت لياليه
أياما بلا ظلم
|
والفاعل الفعلة
الغراء لو مزجت
|
|
بالنار لم يك ما
بالنار من حمم
|
وفيه بعد ذكر هدية
إليه من مستدعيه :
ولو نطيق لنهدى
الفرقدين لكم
|
|
والشمس والبدر
والعيوق والفلكا
|
وما عرفت خبره مع
مستدعيه ، ودار فى البلاد حتى وصل إلى عدن ، ثم إلى مكة ، وما عاد إلى مكة إلا فى
سنة اثنتين وثمانمائة ، من بلاد اليمن ، فحج وجاور بقية السنة ، وشيئا من أول
السنة التى بعدها ، وجعل داره التى أنشأها الصفا ، مدرسة للملك الأشراف صاحب اليمن
، وقرر بها طلبة وثلاثة مدرسين ، فى الحديث ، وفى فقه مالك ، والشافعى وزار
المدينة النبوية ، وقرر بها مثل ما قرر بمكة ، واشترى حديقتين بظاهرها وجعلها لذلك
، ثم عاد إلى مكة ، ثم إلى اليمن لقصد الأشرف ، فمات الأشرف قبل وصوله إليها ،
فأعرض عما قرره ، ثم قدم إلى مكة ، فى سنة خمس وثمانمائة ، فى رمضان ـ فيما أحسب ـ
وذهب فى بقيتها إلى الطائف قبل الحج ، ثم حج وأقام بمكة مدة ، وبالطائف ، فى سنة
ست وثمانمائة ، وحج فيها ، وتوجه إلى المدينة مع الحاج ، لتقريره ما كان اشتراه
بها ، فإنه نوزع فيه ، ثم عاد إلى مكة بعد أن ظفر ببعض قصده ، وتوجه إلى اليمن ،
على طريق السراة ، وأقام بالخلف والخليف نحو تسعة أشهر ، ثم توصل منه إلى زبيد ، وأقام بها غالبا ،
وبتعز مدة ، لما كان فوض إليه من تداريس مدارس بها، منها : المؤيدية والمجاهدية ،
وغير ذلك. وكان يرغب فى الرجوع إلى مكة ، فما قدر له ذلك حتى مات.
وكان يحب الانتساب
إلى مكة ؛ لأنه كان يكتب بخطه : الملتجئ إلى حرم الله تعالى ، واقتدى فى كتابة ذلك
، بالرضى الصاغانى اللغوى الآتى ذكره.
وكان يذكر أنه من
ذرية الشيخ أبى إسحاق الشيرازى ، مؤلف «التنبيه» وذكر له
__________________
نسبا إليه ، أملاه
على بعض أصحابنا ، لما كتب سماعنا عليه. تقدم ذكره ، واستغرب ذلك الناس منه ،
واستغربوا منه أكثر ، ما كان يذكره من انتسابه إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه،
من جهة الشيخ أبى إسحاق.
وكان حوى من الكتب
شيئا كثيرا ، فأذهبها بالبيع ، وما وجد له بعد موته منها ، ما كان يظن به. ومتعه
الله تعالى ، بسمعه وبصره ، بحيث إنه قرأ خطا دقيقا قبيل موته بيسير.
وكان موته فى ليلة
الثلاثاء ، العشرين من شوال سنة سبع عشرة وثمانمائة بزبيد ، ودفن بمقبرة الشيخ
إسماعيل الجبرتى ، بباب سهام.
وما ذكرناه من
تاريخ ليلة موته ، موافق لرؤية أهل زبيد لهلال شوال ، وعلى رؤية أهل عدن وغيرهم ،
يكون موته فى ليلة تاسع عشر شوال. والله أعلم.
أنشدنى العلامة
اللغوى ، قاضى الأقضية ببلاد اليمن ، مجد الدين أبو الطاهر محمد بن يعقوب بن محمد
الفيروزابادى بمنى سماعا ، وأكبر ظنى أنى سمعته من لفظه لنفسه :
أحبتنا الأماجد
إن رحلتم
|
|
ولم ترعوا لنا
عهدا وإلا
|
نودّعكم ونودعكم
قلوبا
|
|
لعل الله يجمعنا
وإلا
|
وهذان البيتان هما
اللذان كتبهما عنه الصلاح الصفدى ، وسمعت من ينتقد عليه قوله فى آخر البيت الثانى «وإلا»
بما حاصله : أنه لم يتقدم له ما يوطئ له ، وأن مثل هذا لا يحسن إلا مع تقديم توطئة
للمقصود. والله أعلم.
وأنشدنى شيخنا
المذكور إذنا ، قال : دخلت على الشيخ تقى الدين ببستانه بالزعفرانية ظاهر دمشق ،
فأنشدنى من لفظه :
مضى عصر الصبا
لا فى انشراح
|
|
ولا عيش يطيب مع
الملاح
|
ولا فى خدمة
المولى تعالى
|
|
ففيه كل أنواع
الفلاح
|
وكنت أظن يصلحنى
مشيبى
|
|
فشبت فأين آثار
الصلاح
|
وأنشدنى هذه
الأبيات ، صاحبنا الإمام أبو المحاسن محمد بن إبراهيم الحنفى ، سماعا من لفظه عن
شيخنا القاضى مجد الدين من لفظه ، وحكى عنه قصة إنشادها ، وفى معنى هذه الأبيات
باختصار بليغ ، قول القائل :
وأضعت عمرك لا
خلاعة ماجن
|
|
حصلت فيه ولا
وقار مبجل
|
٤٨٩ ـ محمد بن يعقوب
بن محمد بن أحمد بن على بن عبد الله الجاناتى المكى ، يلقب بالجمال ، سبط الشيخ
عبد الله اليافعى :
ولد بمكة ونشأ بها
، وعنى بالفقه والعربية وتبصر فيهما ، وانتفع فى العربية وغيرها ، بزوج والدته
صاحبنا الشيخ خليل بن هارون الجزائرى.
وسمع كثيرا من
الحديث بعناية أخيه لأمه ، صاحبنا الحافظ جمال الدين محمد بن موسى المراكشى ،
السابق ذكره ، على جماعة من شيوخ أخيه جمال الدين المذكور ، وسافر فى صحبته من مكة
المشرفة بعد الحج ، من سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة إلى اليمن ، فدخل زبيد ثم تعز
، ثم عدن ، ثم عاد إلى زبيد. فعرض له بها ضعف ، حتى مات به فى شوال من سنة ثلاث
وعشرين وثمانمائة ، وهو فى أثناء عشر الثلاثين ، وخلف حملا من امرأة تزوجها بزبيد.
وكان كثير الإقبال
على العلم والمطالعة فى كتبه ، وفيه خير وحياء ، وأمه السيدة زينب بنت الشيخ عبد
الله بن أسعد اليافعى ، رحمهالله تعالى.
* * *
من اسمه محمد بن يوسف
٤٩٠ ـ محمد بن يوسف
بن إدريس بن مفرج بن غانم الشيبى المكى :
شيخ الحجبة ،
وفاتج الكعبة.
ولى ذلك كما ذكر
لى غير واحد ، بعد يحيى بن على بن بحير الشيبى.
وتوفى سنة تسع
وأربعين وسبعمائة. انتهى.
ووجدت بخط شيخنا
ابن سكر ، أنه توفى فى جمادى الأولى من السنة ، وقد أجاز له فى سنة ثلاث عشرة :
الدشتى ، والقاضى سليمان بن حمزه ، وابن مكتوم ، وابن عبد الدايم ، والمطعم ،
وجماعة ، باستدعاء البرزالى وغيره. وما علمت له سماعا.
٤٩١ ـ محمد بن يوسف
بن عبد الله بن خطاب ـ بخاء معجمة ـ القرشى السهمى العمرى ـ بفتح العين المهملة ـ المكى
:
أجاز له الدشتى ،
والقاضى سليمان بن حمزة ، وجماعة باستدعاء البرزالى. وما علمت له سماعا ، وما
علمته حدث.
وكان من مشايخ
قريش ، يقيم بأرض خالد بوادى مر ، من أعمال مكة المشرفة.
٤٩٢ ـ محمد بن يوسف
بن على بن محمود بن أبى المعالى ، النزارى نسبا الصبرى بلدا ، قاضى تعز :
كان ذا فضل فى
الفقه والنحو واللغة ، والحديث ، والتفسير والقراءات السبع والفرائض. درس
بالغرابية ، ثم بالمظفرية الكبرى. وكان كثير الصلاح والورع والعبادة ، ساعيا فى
قضاء حوائج الناس.
حج فى سنة اثنتين
وأربعين وسبعمائة ، مع الملك المجاهد صاحب اليمن.
فتوفى فى آخر يوم
عرفة من هذه السنة شهيدا مبطونا ، وغسل بمنى ، ودفن بالأبطح.
٤٩٣ ـ محمد بن يوسف بن موسى بن يوسف بن موسى بن يوسف بن
إبراهيم ابن عبد الله بن المغيرة الأزدى المهلبى ، جمال الدين أبو بكر ، ويقال :
أبو المكارم بن أبى أحمد ، الشهير بابن مسدى ، ويقال : ابن مسد ـ بضم الميم وسكون
السين وحذف الياء ـ الأندلسى الغرناطى :
نزيل مكة وخطيبها
، وإمام المقام الشريف. ولد يوم عيد الأضحى سنة تسع وخمسمائة بوادى آش من الأندلس.
وقرأ على جماعة ،
منهم : قاضى الجماعة بقرطبة أبو القاسم بن بقى المخلدى ، وجماعة بالمغرب ، ثم رحل
بعد العشرين وستمائة ، فسمع بالثغر ، من محمد بن عمار الحرانى وغيره ، وبمصر من
الفخر الفارسى ، وأبى القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمى ، وقرأ عليه
بالروايات ، وأبى الحسن بن المقير وأكثر عنه ، وجماعة بمصر ، وبدمشق من أبى القاسم
الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى ، وغيره ، وبحلب من الموفق عبد اللطيف بن
يوسف البغدادى وغيره ، ومن أبى البركات عبد الرحمن بن عبد اللطيف الصوفى ، وجماعة
بمكة.
وأجاز له من
شيوخها إمامها أبو إسحاق زاهر بن رستم الأصبهانى ، والشريف يونس بن يحيى الهاشمى ،
ومن بغداد : ابن الأخضر وابن سكينة.
__________________
ومن دمشق : قاضيها
أبو القاسم الحرستانى ، والعلامة أبو اليمن الكندى ، وجماعة يجمعهم كلهم معجمه
الذى خرجه لنفسه فى ثلاث مجلدات كبار. وكان عنى بهذا الشأن كثيرا ، وخرج لنفسه
ولغير واحد من شيوخ عصره. ووقع له فى معجمه أوهام قليلة كما ذكره الذهبى ، ووقع له
وهم فى بعض تخاريجه على ما ذكر أيضا ؛ لأنه خرج لابن الجميزى ، من رابع المحامليات
عن شهدة ، قال : وهذا خطأ ، وكتب بخطه الكثير ، وكان يكتب بالمغربى والمشرقى خطأ
حسنا. وكان سريع الكتابة ؛ لأنى وجدت بخط الشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل ، أنه
سمع الرضى الطبرى يقول : إنه سمع ابن مسدى يقول : كنت أكتب قبل أن أتغدى كراسين.
انتهى.
وله تواليف كثيرة
، منها : الأربعون المختارة ، فى فضل الحج والزيارة ، وغير ذلك فى الحديث ، ومنسك
ذكر فيه خلاف العلماء. ونظم ونثر حسن ، وخطب. وحدث بأشياء من ذلك ، ومن مروياته.
وآخر الرواة عنه :
مسند الشام فى عصره ، أحمد بن على الجزرى ، له منه إجازة ، قرأ عليه بها الشريف
أبو المحاسن محمد بن على بن حمزة الحسينى ، ومن خطه استفدت ذلك.
وقد روى عنه جماعة
من الأعيان ، منهم : أبو اليمن بن عساكر ، وأبو عبد الله بن النعمان ، والعفيف بن
مزروع ، والحافظ الدمياطى ، وجماعة كثيرون ، وآخرهم وفاة : الرضى الطبرى ، إمام
المقام ، وأشك فى سماع القاضى بدر الدين بن جماعة منه ، فإن صح سماعه ، فهو آخر
أصحابه بالسماع. والله أعلم.
وكتب عنه الرشيد
العطار ، ومات قبله.
وذكره جماعة من
الحفاظ ، ووصفوه بالحفظ ، منهم : منصور بن سليم الهمدانى ، وقال : كان حافظا متقنا.
والشريف أبو القاسم الحسينى ، وقال : كان فاضلا حسن المعرفة بالصناعة الحديثية.
والقطب الحلبى ، وقال : كان يميل إلى الاجتهاد ، ويؤثر الحديث. والحافظ الذهبى ،
وقال فى الميزان : كان من بحور العلم ، ومن كبار الحفاظ ، له أوهام ، وفيه تشيع ،
ورأيت جماعة يضعفونه ، وله معجم فى ثلاث مجلدات كبار ، طالعته وعلقت منه كثيرا.
قتل بمكة. انتهى.
وقال فى طبقات
الحفاظ : وله تصانيف كثيرة ، وتوسع فى العلوم ، وتفنن ، وله اليد الطولى فى النظم
والنثر ، ومعرفة بالفقه وغير ذلك ، وفيه تشيع وبدعة. وذكر أن الشيخ رضى الدين
الطبرى ، كان يمتنع من الرواية عنه. انتهى.
وقد تكلّم فيه من
غير ما وجه ، منها : أن الحافظ قطب الدين الحلبى قال فى تاريخه : قال : الشيخ أبو
حيان الأندلسى : أخبرنى شيخنا الناقد أبو على بن أبى الأحوص ، أن بعض شيوخهم عمل
أربعين حديثا ، فأخذها ابن مسدى ووصل بها أسانيده وأدعاها. ومنها لما فيه من
التشيع والبدعة ؛ لأنه نظم قصيدة نحوا من ستمائة بيت نال فيها من معاوية ـ رضى
الله عنه ـ وذويه ، على ما ذكر الذهبى ، وذكر أن العفيف المطرى ، أراها له ، وأنه
سمع التقى العمرى يقول : سألت أبا عبد الله بن النعمان عن ابن مسدى ، فقال : ما نقمنا
عليه غير أنه تكلم فى أم المؤمنين عائشة. انتهى.
وقد تكلم ابن مسدى
أيضا ، فى جماعة كبار ، فلا جرم ، أنه توفى مقتولا غيلة ، مقطوع اللسان ، على ما
بلغنى بمنزله برباط القزوينى على باب السدة ، واتهم الأمير به جماعة وحلفوا ، وطل
دمه.
وكانت وفاته يوم
السبت العاشر من شوال ، سنة ثلاث وستين وستمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة من يومه.
كذا وجدت وفاته
بخط أبى العباس الميورقى والقطب القسطلانى.
ووجدت بخط الشريف
أبى القاسم الحسينى فى وفياته ، وغيرها ، أنه توفى فى حادى عشر شوال ، وهذا مخالف
لما ذكرناه ، وهما أعرف بوفاته ، والله أعلم.
ولعل سبب الخلاف ،
اختلاف حصل فى مبدأ الشهر ، والله أعلم.
وأما كلام الإمام
رضى الدين محمد بن على بن يوسف الشاطبى اللغوى النحوى المقرئ ، نزيل القاهرة ، فى
ابن مسدى هذا ، فمحمول على الممازحة.
أشار إلى ذلك
الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس اليعمرى ؛ لأنه سئل عمن تكلم فى ابن مسدى ، فذكر له
ترجمة ، بين فيها أشياء من حاله وفضله ، وقال فيها : وذكر لى عبيد ـ يعنى الإسعردى
الحافظ ـ : أنه كان جالسا مع الشيخ الإمام الرضى الشاطبى ، ينظران فى إجازة ،
فاجتاز بهما ابن مسدى ، وسلم وجلس إليهما يتكلم ، فقال : ما هذه؟ ففال له الرضى :
إجازة فيها خط ابن يونس وابن الجوزى ، فاحذر أن تلحق اسمك فيها ، فإن وفاتهما قبل
مولدك ، ومصدرهما قبل موردك ، فتبسما وأفاضا فى غير ذلك وتكلما.
وقال الحافظ أبو
الفتح بن سيد الناس : إنما هذا من الشاطبى ، فعلى الممازحة مقبولة ،
وليست على غير
المداعبة محمولة ، ولو خرجت ، مخرج الجد ، لكانت جد مقبولة ، بدليل التبسم والرضى
، وانفصالها ، على أنه ليس لهذا الكلام مقتضى. انتهى.
ومما يعاب على ابن
مسدى حرصه على أخذ الأجرة على التحديث ، وقد ذكر هذه القضية عنه ابن رشيد فى رحلته
، فقال فيما ذكره من أخبار الذين لقيهم بالمدينة النبوية : وأخبرنى أبو إسحاق
المذكور ـ يعنى إبراهيم بن يحيى بن محمد بن يحيى الفاسى ـ أنه سمع الموطأ ، رواية
يحيى بن يحيى الليثى ، على ابن مسدى. وأجاز له.
وأخبرنى أنه لما
جاء يسمع عليه الموطأ ، قال له : لزمتنى يمين أنى لا أسمعه إلا بعشرة دنانير عينا
، فقلت له : لو جعلت على الناس فى سماعه عشرة فلوس ، لزهدتهم فيه ، ولم يكن ما
أعطيه ، فجاء بعض بنى الدنيا ليسمعه عليه. فبعث ابن مسدى إلىّ فسمعته معه ، قال
ابن رشيد : وهذه جرحة ، إلا أن يتأول عليه أنه قصد بذلك تنفيق العلم ، فالله أعلم.
فقد كان الرجل معروفا بالدين والفضل. انتهى.
وذكر القطب الحلبى
: أن ابن مسدى ولى تصدر بالفيوم ، وأقام به ، وأن القطب القسطلانى ، أخبره أن ابن مسدى قدم
المدينة سنة ست وأربعين وستمائة من مصر ، وكنت مجاورا بها ، وتوجه إلى مكة ، فحج
ذلك العام ، وأقام بها ، إلى أن توفى بها ، بعد أن ولى خطابه الحرم ، وإمامة
المقام. انتهى.
قلت : وليهما فى
سنة إحدى وستين ، بعد الفقيه سليمان بن خليل العسقلانى.
وذكر الذهبى عن
العفيف المطرى : أنه كان يداخل الزيدية ، فولوه خطابة الحرم ، وكان ينشئ الخطب فى
الحال. انتهى.
ووجدت بخط الشيخ
بهاء الدين عبد الله بن خليل : أنه سمع الشيخ رضى الدين الطبرى يقول ، وقد ذكرنا
له ابن مسدى ، فقال : سمعته يقول : كنت أسرج السراج وأتكئ على المخدة قليلا ، ثم
استيفظ ، فأقرأ أربع عشرة قائمة حفظا ، وسمعته يقول : أعرف البخارى ومسلما بالفاء
والواو. ودخلت عليه يوما وفى يده كتاب ، فقال : هذا من عند أبى إسحاق البلفيقى ،
فقلت له : ما ذكر فيه؟. فقال ذكر فيه : أنه رأى النبى صلىاللهعليهوسلم فى النوم ، وعنده جماعة ، وهم يذكرون قصائد ، ومدح بها
النبى صلىاللهعليهوسلم : أين أنتم من قصيدة ابن مسدى الدالية. انتهى.
__________________
قلت : هى القصيدة
الموسومة : بأسى المنائح فى أسمى المدائح ، التى أولها :
أورد ظماك فقد
بلغت الموردا
|
|
لن يحمد الإصدار
من لا أوردا
|
وسنذكر شيئا منها
فيما بعد.
ومن مناقب ابن
مسدى ـ على ما وجدت بخط الميورقى ، بعد ذكره لوفاته ووفاة الضياء المالكى ـ :
وأخبرنا أن بعض القراء ، كان يقرأ حوله ـ أعنى حول ابن مسدى ـ فوقف ، فرد عليه
الحافظ ابن مسدى من قبره ، بصوته الذى كان القارئ يعرفه ، لم يشك فيه أنه كان حيا
يسمع ويضبط. انتهى.
ومن شعر ابن مسدى
، ما أنشدنا الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إسماعيل الطبرى ، عن
قريبه الإمام رضى الدين أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الشافعى إمام مقام
إبراهيم الخليل بالمسجد الحرام ، قال : أنشدنا الإمام جمال الدين أبو بكر محمد بن
يوسف بن موسى بن مسدى الأندلسى إجازة لنفسه :
تحوم علينا
للمنايا حوائم
|
|
كأنا حبوب
والحمام حمائم
|
ولم أر كالدنيا
حبالة صائد
|
|
ترى النمل فى
أشراكها والضراغم
|
ولو علمت منه
البهائم علمنا
|
|
إذا هزلت خوف
المنون البهائم
|
حياة وموت ذا
لذاك مباين
|
|
وبينهما
للنائبات تلازم
|
فيا صاحبى رافق
رفيعا يمانيا
|
|
فإنك للبرق
الشامى شايم
|
ونادم نداماك
التقا وصحابه
|
|
فإنك يوما
للمنايا منادم
|
ومن شعره ما
رويناه بالإسناد المتقدم إليه :
أعفر وجهى فى
التراب لعزه
|
|
عسى عطفة منه
ترق لذلتى
|
وأطرق تعظيما
وأغضى مهابة
|
|
ويحرسنى فرط
الحياء لزلتى
|
وأمرج خوفى
بالرجاء لأننى
|
|
أرى علتى فى حبه
وتعلتى
|
٤٩٤ ـ محمد بن يوسف بن زكريا بن على بن أبى بكر بن يحيى بن غازى بن
الجعفرى المالكى ، المعروف بابن السقطى ـ بالقاف ـ يلقب بالشمس ، ويكنى أبا عبد
الله :
هكذا وجدته منسوبا
بخط شيخنا صدر الدين الياسوفى ، وترجمه بالشيخ الفقيه العالم الواعظ ، وذكر أنه
قرأ عليه سنده لصحيح مسلم ، فقال : حدثنا شمس الدين محمد بن عمر السلاوى بقراءة
أبى زرعة المقدسى بالنورية ، سنة ست وأربعين وسبعمائة ، لجميع صحيح مسلم ، وساق
الإسناد إليه.
وأنشدنى الأئمة
العلماء : صدر الدين أبو الربيع سليمان بن يوسف بن مفلح الياسوفى ، وشهاب الدين
أحمد بن العلامة عماد الدين إسماعيل بن خليفة الحسبانى وشمس الدين محمد بن الظهير
إبراهيم الجزرى ، إذنا ، مشافهة ومكاتبة ، أن الواعظ شمس الدين محمد بن يوسف بن
يحيى السقطى المكى ، أنشدهم لنفسه هذه الأبيات ، وذكر أنه نظمها ارتجالا ، بين يدى
الشيخ جمال الدين الإسنائى ، ذكر فيها أسماء مصنفاته ـ وقد أنشده شخص ثلاثة أبيات
فى كتابه «التمهيد» فقال :
سناء الإسنائى
أبدى لنا
|
|
جواهر «التمهيد»
كالكوكب
|
نقح بالعلم «مهماته»
|
|
«تذكرة»
للطالب المجتبى
|
فزاد رى فى مدا
عمره
|
|
فهو لنا «نهاية
المطلب»
|
ولم أدر متى مات ،
إلا أنه كان حيا فى سنة ست وثمانين وسبعمائة بمصر ، وكان وعظ بمكة.
٤٩٥ ـ محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن
درهم الأزدى مولاهم ، أبو عمر القاضى :
قاضى الحرمين
واليمن والشام ، والجانب الشرقى والشرقية ، وعدة نواح من السواد ، ولى ذلك بتقليد
من المقتدر ، بإشارة الوزير أبى على الحسن بن على بن عيسى ، فى سنة إحدى وثلاثمائة
، ثم قلده قضاء القضاة فى سنة سبع عشرة ، وكان من خيار القضاة حلما وعقلا وجلالة
وصيانة وذكاء وفضلا وكرما ، سمع محمد بن الوليد البسرى ، ومحمد بن إسحاق الصاغانى
، وجماعة.
وروى عنه أبو بكر
الأبهرى الفقيه ، وأبو الحسن الدارقطنى ، وجماعة.
وتوفى يوم
الأربعاء لخمس بقين ، وقيل لسبع بقين ، من شهر رمضان سنة عشرين وثلاثمائة ، ودفن
فى داره ، ومولده لسبع خلون من رجب ، سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
٤٩٦ ـ محمد بن يوسف
بن يعقوب بن المأمون عبد الله بن الرشيد هارون بن المهدى محمد بن المنصور عبد الله
بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى المكى :
أمير مكة ، وليها
سنة ثمان وستين ومائتين ، وقدم مصر ، فحدث بها عن على بن عبد العزيز البغوى ،
بموطأ مالك ، وكان ثقة مأمونا.
__________________
وتوفى فى ذى الحجة
سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة ، وذكره صاحب البداية والنهاية الحافظ عماد الدين بن
كثير.
٤٩٧ ـ محمد بن يوسف
النهدى :
سكن مكة. وتوفى
سنة ثلاثين وخمسمائة ، ذكره ابن المفضل المقدسى فى وفياته هكذا.
٤٩٨ ـ محمد بن يوسف
المكى ، المعروف بالمطرز :
سمع على عبد
الوهاب بن محمد القروى الإسكندرى بمكة : المسلسل بالأولية ومشيخته ، وحدث.
سمع منه بعض
أصحابنا المحدثين بمكة ، وبها مات فى أول ذى الحجة سنة ست وعشرين وثمانمائة ، ودفن
بالمعلاة.
وسبب موته أنه سقط
عليه بعض منزله فهلك ، ففاز بالشهادة ، وكان شديد الأدمة ، قاضيا لحوائج أصحابه ،
سامحه الله تعالى.
* * *
من اسمه محمد «غير
منسوب»
٤٩٩ ـ محمد المكى :
أصله من بلخ .
يروى عن ابن
المبارك ، روى عنه يعقوب الفارسى. ذكره ابن حبان هكذا ، فى الطبقة الرابعة من
الثقات.
٥٠٠ ـ محمد الحرانى :
ذكره المؤرخ شمس
الدين محمد بن إبراهيم الجزرى ، فقال فيما وجدت بخطه : كان كثير العبادة والطواف
والذكر ، جاور بمكة مدة ، ثم انتقل عنها إلى بلاده ، فمات بها. وذكر فى سبب
انتقاله حكاية عجيبة ملخصها : أنه شيع جنازة بالمعلاة ، فلما كان الليل ، رأى فى
المنام أنه أتى ذلك القبر ، فوجد جماعة ينبشون ذلك الرجل ، فقال لهم : لأى
__________________
شىء تنبشونه؟ فإنه
كان رجلا صالحا مباركا كثير العبادة. قالوا لى : صحيح ، غير أنا نحن الملائكة
النقالة ، ونحن ننقله إلى الحفرة التى خلق منها ، فقال لهم : بالله عليكم ،
فالحفرة التى لى من أين هى؟ قالوا : هى بأرض حران ، قال : فقلت : إنما جئت إلى هنا
، حتى أموت بمكة ، وأدفن بها. قالوا : إذا مت ، نقلناك إلى الحفرة التى خلقت منها.
فانتبهت مرعوبا ، ثم تفكرت فى نفسى ، قلت : إذا كان ولابد من أن ينقلونى ، فدعنى
أسافر إلى أهلى ، وموت عندهم.
٥٠١ ـ محمد الهورى :
ذكره ابن فرحون فى
كتابه «نصيحة المشاور» وذكر أنه كان من الأولياء والقدماء الذين ينفقون من الغيب ،
أكثر إقامته بمكة المشرفة ، ثم انتقل إلى المدينة فأقام بها ، وسكن بيتا فيه شبّاك
إلى الحرم فى الحصن العتيق ، وصادف غلاء عظيما وعدم التمر ، حتى وصل صاعه الخمسين
، ولا يوجد ، وذلك فى سنة خمس وتسعين وستمائة ، وكان يتصدق بالتمر البرنى على
الناس ، لا يعلم أحد من أين يأتى به ، ولا من يشتريه له ، لو أراد ذلك ما وجد
لقلته وعدمه.
وذكر أن جماعة
أخبروه عنه ، أنه لما أقام بمكة أنفق على أهلها وضعفائها أموالا مستكثرة ، فوقع
خبره إلى الشريف ـ أظنه حميضة ـ فدخل عليه بيته على غفلة ، فرحب به وأجلسه فى وسط
بيته ، وقدم إليه كسيرات وشيئا من مخللات ، فقال له : ما أريد إلا أن أن ترينى ما
فى بيتك ، أو تعطينى ما يكفينى وحاشيتى. فقال له الشيخ : البيت بين يديك ، والله
ما أدخر عنك شيئا. فقام الشريف وأعوانه إلى البيت ، وفتشوه وحفروه ، فلم يجدوا فى
بيته شيئا غير برانى المخلل ، وشيئا لا يعبأ به ، فتركوه وانصرفوا. ولم يزل مستمرا
على ذلك الإنفاق ، إلى أن توفى ، رحمهالله.
وذكر أن الشيخ
جمال الدين المطرى ، قال : إن شيوخ مكة كانوا ينكرون عليه شيئا من أحواله ، لأنه
كان يطوف بالليل ومعه نساء مخدرات ، وغير مخدرات ، يعرفهن واحدة واحدة ، وربما تكون
امرأة لا يعرف أحد اسمها فيسميها ، فيأخذ فى مؤانستهن ، والكلام معهن ، ولا يلتفت
إلى كلام المنكرين.
٥٠٢ ـ محمد الزيلعى :
ذكره البرزالى فى
تاريخه ، وذكر أنه كان رجلا صالحا ، يسكن رباط رامشت بمكة ، وبها توفى فى سنة إحدى
وعشرين وسبعمائة ، صلّى عليه صلاة الغائب بجامع دمشق فى أول رمضان.
٥٠٣ ـ محمد المعروف
بأبى طرطور :
شيخ اشتهر بالصلاح
بمكة ، وذكرت له مكاشفات ، منها ـ فيما قيل ـ إنه رنق يوما بالحرم الشريف ، ورفع
رأسه وأخبر بعود السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون ، صاحب مصر ، إلى السلطنة.
وكان قد خلع فى سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة ، فسمعه القطب الهرماس ؛ لأنه كان إلى
جانبه فقام من ساعته إلى الأمير أزدمر الخازندار ، وكان أميرا على الرجبية الواصلة
فى سنة خمس وخمسين وسبعمائة ، فجلس عنده ورنق ، ثم رفع رأسه وأخبر بما سمع من
الشيخ أبى طرطور ، وأمرهم بكتابته فأرخوه ، فجاءت به الأخبار ، وذلك فى شوال من
سنة خمس وخمسين. وهذه القضية اتصل الهرماس بها بالسلطان حسن ، ونال به وجاهة.
وذكر لى شيخنا أبو
بكر بن قاسم بن عبد المعطى أن أبا طرطور هذا ، ذكر له أنه من أصحاب الشيخ عبد
العزيز الدميرى ، وأخذ طريقة التصوف عن الشيخ أبى الفتح الواسطى ، والبرهان
الدميرى. وكان يعمل الميعاد فى الجامع الظاهرى بحضرة خلق كثير من الناس ، أخبرنى
بذلك من كان يلازم الجامع ، ويحضر مجالس الوعظ. قال : وكان يفسر القرآن عن ظاهر
قلبه بين الحجر الأسود والركن اليمانى ، وكان لأهل مصر فيه اعتقاد ، وله مكاشفات ،
وكان يخرب على نفسه وربما وجدت الحشيشة معه. انتهى.
وذكر لى الشيخ
يعقوب بن أحمد الأبيارى المكى أن الشيخ أبا طرطور كاشف أباه بقضية حكاها لى ، وهو
الذى ذكر لى أن اسمه محمد ، وذكر أنه توفى بمكة ، قبل القاضى شهاب الدين الطبرى ،
وكانت وفاة القاضى فى آخر شعبان سنة ستين وسبعمائة. وقد ذكر لى وفاته على نحو من
ذلك غير واحد.
٥٠٤ ـ محمد المعروف
بالموات :
ذكره لى شيخنا
العلامة القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، وذكر أنه كان رجلا صالحا ، كثير الذكر
والعبادة ، وللناس فيه اعتقاد كثير ، ويسألونه الدعاء.
وكان إذا سأله أحد
الدعاء لقضاء حاجة يقول له : اعمل حظرة للفقراء. فعمل ذلك جماعة منهم ، فانقضت
حوائجهم.
توفى سنة أربع
وستين ، أو سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة.
وكان جاور بها
سنين كثيرة ، وكان له كشف كثير. كان يذكر أنه يجتمع بجماعة من الأموات فى اليقظة.
٥٠٥ ـ محمد التبريزى
:
المجاور بحرم الله
تعالى. كذا وجدته فى حجر قبره بالمعلاة ، وترجم فيه بالشيخ الصالح الزاهد العابد
شمس الدين. وفيه أنه توفى يوم السبت سابع عشرى رمضان ، سنة ثمان وسبعين وسبعمائة.
٥٠٦ ـ محمد المعروف
بحشيش.
اشتهر بالصلاح
بمكة. وأصله من الحريرة من العراق ، على ما أخبرنى عنه ، صاحبنا الشيخ صلاح الدين
خليل بن محمد الأقفهسى وأخبرنى أنه سمعه يذكر ويترضى عن الشيخين رضى الله عنهما
مرارا ، من غير ذكر عثمان وعلى رضى الله عنهما ، قال : فقلت فى نفسى ، قل : وعثمان وعلى. فقال ذلك مرارا بمجرد
هذا. انتهى.
وذكر لى عن جماعة
من المسافرين ، أنه كانت تتفق عليهم فى البحر شدة ، فيينذرون له ، فإذا قدموا مكة
طالبهم بالنذر ، من غير إطلاعهم له على ذلك.
وذكر هو لى أنه
بشر والدى ، ووالدتى حامل بى ، أنها تأتى بولد ذكر ، وكان ينام فى أول الليل قليلا
، ثم يستيقظ ولا يزال يذكر حتى السحر ، لكنه كان يخالط النساء والمردان فى بعض
الأوقات مخالطة منكرة ، والله أعلم بحاله. وكان يتخيل الأذى من أناس فيقع فيهم.
توفى فى سلخ ذى
الحجة سنة ثمان وتسعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة وقد جاوز الستين ـ فيما أحسب
ـ أقام بمكة أزيد من ثلاثين سنة.
وحشيش : بحاء
مهملة وشين معجمة مكسورة وياء مثناة من تحت وشين معجمة. والحريرة : بحاء مهملة وراء.
٥٠٧ ـ محمد المعروف
بالأريصى :
نزيل مكة. اشتغل
بها كثيرا فى الفقه ، على الشيخ موسى المراكشى ، وشيخنا الشريف عبد الرحمن. وفى
الفرائض ، على القاضى شهاب الدين بن ظهيرة ، وتنبه فيها وفى الفقه قليلا.
وكان رجلا مباركا
، كثير العبادة والخير ، مع شدة الفاقة.
توفى قريبا من سنة
ثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، بعد أن جاور بمكة سنين كثيرة تقارب الثلاثين.
وكان يسكن برباط الموفق.
٥٠٨ ـ محمد المعروف
بالقدسى :
شيخ مبارك خيرّ ،
كان يسكن عند قبو مدرسة السلطان حسن صاحب مصر ، بقرب القلعة. وتردد منها إلى مكة
مرارا. وتعبد فيها كثيرا ، على طريقة حسنة.
وكانت له معرفة
بطريق الصوفية. وبلغنى أنه صحب الشيخ محمد القرمى بالقدس كثيرا ، وأنه كان يصوم
الدهر ، ويقوم الليل ، وله على ما ذكر نظم سمعته ينشد منه شيئا ، ولكننى لم أحفظه.
وكان يسكن فى رباط
الخوزى ، وبه توفى ، فى يوم الجمعة الثامن عشر من ذى القعدة سنة إحدى عشرة
وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، وهو فيما أحسب فى عشر الستين أو أزيد. وكان يعرف
بشيخ الخدام ؛ لأن الخدام بالقاهرة كانوا يعتقدونه ، والله أعلم.
وجاء بآخر نسخة «ف»
ما نصه :
تم الجزء الأول من
كتاب «العقد الثمين ، فى تاريخ البلد الأمين» ، تأليف الشيخ الإمام العالم العلامة
الحافظ المؤرخ تقى الدين أبى الطيب محمد بن الشيخ الإمام العلامة أقضى القضاة شهاب
الدين أبى العباس أحمد بن على الحسنى الفاسى المكى المالكى ، قاضى المسلمين.
تغمده الله برحمته
وأسكنه فسيح جنته آمين ، فى يوم الاثنين ثامن عشرين شهر ربيع سنة سبع وستين
وثمانمائة بمكة المشرفة.
والحمد لله وحده ،
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، وحسبنا الله ونعم
الوكليل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
وجاء بآخر نسخة
فقال : ما نصه :
قال فى أصله : تم
الجزء الأول من كتاب «العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» تأليف الشريف الإمام
العالم العلامة الحافظ المؤرخ تقى الدين أبى الطيب محمد قاضى المسلمين ابن الإمام
العلامة أقضى القضاة أبى العباس أحمد شهاب الدين بن على بن أبى عبد الله محمد بن
محمد الحسنى الفاسى المكى المالكى ، تعمده الله برحمته والرضوان ، وأسكنه فسيح
الجنان ، فى يوم الثلاثاء خامس عشرى شعبان عام أربعة وسبعين وثمانمائة بمنزلنا
بمكة المشرفة.
قال فى أصله : على
يد أفقر عباد الله إلى عفو الله ، أبى فارس وأبى الخير عبد العزيز ابن عمر بن محمد
بن محمد بن أبى الخير محمد بن فهد الهاشمى المكى الشافعى ، تجاوز الله عنه خطأه
وخطاياه.
غفر الله له
ولوالديه ، وللمسلمين أجمعين آمين. وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا
بالله العلى العظيم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
والحمد لله رب العالمين.
* * *
آخر الجزء الثانى ، ويليه إن شاء الله الجزء الثالث ، وأوله : «حرف الألف».
المحتويات
المحمدون........................................................................ ٣
من اسمه محمد بن أحمد بن الحسن................................................. ١٠
من اسمه محمد بن أحمد بن عبد الله................................................ ١٣
من اسمه محمد بن إبراهيم........................................................ ٩٤
من اسمه محمد بن إسحاق...................................................... ١٠٨
من اسمه محمد بن إسماعيل...................................................... ١١١
من اسمه محمد بن إدريس....................................................... ١١٥
من اسمه محمد بن أبى بكر...................................................... ١٢١
من اسمه محمد بن جعفر بن أحمد................................................ ١٣١
من اسمه محمد بن الحسن....................................................... ١٤٨
من اسمه محمد بن الحسين...................................................... ١٦٣
من اسمه محمد بن سليمان...................................................... ١٧٧
من اسمه محمد بن عبد الله...................................................... ١٩٣
من اسمه محمد بن عبد الرحمن................................................... ٢٣٤
من اسمه محمد بن عثمان....................................................... ٢٥٧
من اسمه محمد بن على......................................................... ٢٦٨
من اسمه محمد بن عمران....................................................... ٣١٦
من اسمه محمد بن عمر......................................................... ٣١٧
من اسمه محمد بن عيسى....................................................... ٣٣٠
من اسمه محمد بن محمد بن أحمد................................................ ٣٤٤
من اسمه محمد بن محمد بن محمد................................................ ٣٨٧
من اسمه محمد بن محمد بن محمد بن محمد........................................ ٣٩٢
من اسمه محمد بن يوسف...................................................... ٤٣٢
من اسمه محمد غير منسوب..................................................... ٤٣٩
المحتويات..................................................................... ٤٤٥
|