ذكر

المواضع التي يستحبّ فيها الصلاة بمكة

وآثار النبي صلّى الله عليه وسلم فيها وتفسير ذلك

فمنها البيت الذي ولد فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم (١)

في دار أبي يوسف ، ولم يزل هذا البيت في الدار ، حتى قدمت الخيزران أمّ الخليفتين ، موسى وهارون ، فجعلته مسجدا يصلّى فيه ، وأخرجته من الدار (٢).

وزعم بعض المكيّين أنّ رجلا من أهل مكة ، يقال له : سليمان بن أبي مرحب ، كان يذكر أن ناسا سكنوا هذا البيت ، ثم انتقلوا منه ، قالوا : والله ما أصابتنا فيه حاجة ولا جائحة قطّ ، فلما خرجنا منه اشتدّ علينا الزمان (٣).

وهو من أصحّ الآثار عند أهل مكة ، يحقّق ذلك مشايخهم.

__________________

(١) أنظر الأثر (٢١٠٠) وتعليقنا عليه.

(٢) الأزرقي ٢ / ١٩٨ ، وشفاء الغرام ١ / ٢٦٩ ، والقرى ص : ٦٦٤.

(٣) الأزرقي ٢ / ١٩٩ ، وشفاء الغرام ١ / ٦٩.


٢٢٩٧ ـ حدّثنا الحسن بن علي أبو الزبير ، قال : ثنا [يوسف بن](١) موسى القطّان ، قال : ثنا حكّام بن سلم ، قال ثنا عنبسة بن سعيد ، عن عثمان الطويل ، عن أبي العالية الرياحي ، قال : خطبنا أبو بكر الصدّيق ـ رضي الله عنه ـ فقال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «مولدي مكة ومهاجري المدينة».

٢٢٩٨ ـ حدّثنا محمد بن عبد الملك الواسطي ، قال : ثنا معلّى بن عبد الرحمن / قال : ثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن عبد الله بن أبي جعفر ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : ولد رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الاثنين في

__________________

٢٢٩٧ ـ إسناده حسن.

شيخ المصنّف ، هو : الحسن بن علي بن مسلم بن ماهان النيسابوري. ترجمه ابن أبي حاتم ٣ / ٢٢ وقال : كتبت عنه بمكة ، وذكرته لأبي زرعة ، فعرفه ، وقال : كان معنا بالبصرة ، وهو : صدوق.

وعثمان الطويل ، سكت عنه البخاري ٦ / ٢٥٨. وقال أبو حاتم : شيخ. الجرح ٦ / ١٧٣. وذكره ابن حبان في ثقات التابعين ٥ / ١٥٧. وقال : يروي عن أنس بن مالك ، ربما أخطأ.

وعنبسة بن سعيد ، هو : الرازي.

والحديث رواه أبو بكر المروزي في مسند أبي بكر الصدّيق ص : ١٦٩ من طريق : يوسف بن موسى القطان ، به بأطول منه.

٢٢٩٨ ـ إسناده متروك.

معلى بن عبد الرحمن الواسطي ، متّهم بالوضع ، ورمي بالرفض. التقريب ٢ / ٢٦٥.

رواه أحمد ١ / ٢٧٧ ، والبيهقي في الدلائل ١ / ٧٣ كلاهما من طريق : ابن لهيعة ، عن خالد بن أبي عمران ، عن حنش ، عن ابن عباس ، مختصرا. وذكره الهيثمي في المجمع ١ / ١٩٦ وعزاه لأحمد والطبراني في الكبير ، وقال : وفيه ابن لهيعة ، وهو ضعيف ، وبقيّة رجاله ثقات من أهل الصحيح. وذكره المتقي الهندي في الكنز ١٢ / ٤٤٤ ، وعزاه لابن عساكر.

(١) سقطت من الأصل.


أول شهر ربيع الأول ، وأنزلت عليه السورة يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول ، ودخل المدينة يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول ، وقبض صلّى الله عليه وسلم يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول.

٢٢٩٩ ـ وحدّثنا أحمد بن حميد الأنصاري ، عن المعلّى بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن الزهري ، عن عبيد الله ابن عبد الله ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : ولد النبي صلّى الله عليه وسلم يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول ، وقبض صلّى الله عليه وسلم يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول.

ومنها بيت النبي صلّى الله عليه وسلم

وهو المنزل [الذي] كانت تنزله خديجة بنت خويلد ـ رضي الله عنها ـ وفيه كان مسكن رسول الله صلّى الله عليه وسلم معها ، وفيه صلّى الله عليه وسلم ابتنى بها ، وولدت فيه خديجة ـ رضي الله عنها ـ أولادها جميعا ، وفيه توفّيت ـ رضي الله عنها ـ فلم يزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيه ساكنا حتى خرج صلّى الله عليه وسلم زمن الهجرة ، فأخذه عقيل بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ فيما أخذه ، فاشتراه معاوية ـ رضي الله عنه ـ وهو خليفة ، فاتّخذه مسجدا يصلّى فيه وبناه بناء جديدا.

وحدوده الحدود التي كانت لبيت خديجة ـ رضي الله عنها ـ لم تغيّر ، غير أنّ معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ لمّا بناه فتح فيه بابا من دار

__________________

٢٢٩٩ ـ إسناده متروك.

ذكره ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٢٦٠ ـ ٢٦١ وعزاه لخيثمة بن سليمان ، من طريق : المعلى بن عبد الرحمن به ، وقال : رواه ابن عساكر في تاريخه.


أبي سفيان بن حرب بن أميّة ، فهو فيها قائم إلى اليوم ، وهي الدار التي قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيها يوم الفتح : «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن»وهي اليوم تعرف برائطة بنت أبي العباس (١).

وفي بيت خديجة ـ رضي الله عنها ـ حجر خارج من البيت كان سليم بن مسلم أو غيره من المكيّين يقول : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يجلس تحته يستتر من الرمي إذا جاءه من دار عدي بن الحمراء ، ودار أبي لهب.

وذرع ذلك الحجر ذراع وشبر.

فأمّا بعض أهل مكة فكان يقول : إنّ هذه رفاف كان أهل مكة يتّخذونها في بيوتهم ، صفائح من حجارة يكون شبه الرفاف يضعون عليها أمتعتهم التي تكون في بيوتهم ، ولكلّ بيت قديم من بناء المكيّين إلّا وفيه رفاف نحو من ذلك الحجر. والقول الأول أثبت ـ يعني : أصل الحديث ـ (٢).

٢٣٠٠ ـ حدّثنا عبد الله بن شبيب أبو سعيد ، قال : حدّثني ابراهيم بن المنذر ، قال : حدّثني ابراهيم بن علي الرافعي ، عن ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن ربيعة بن عباد الدّيلي ، قال : لقد أسمعكم تذكرون مما كانت تناله قريش من رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وإن منزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان بين منزل أبي

__________________

٢٣٠٠ ـ إسناده ضعيف.

عبد الله بن شبيب : علّامة ، لكنّه واه. وابراهيم بن علي بن حسن الرافعي : ضعيف.

التقريب ١ / ٤٠.

ذكره الهيثمي ٦ / ٢١ وعزاه للطبراني في الأوسط ، وقال : وفيه ابراهيم بن علي بن الحسن الرافعي ، وهو ضعيف.

(١) الأزرقي ٢ / ١٩٩ ، وأنظر ما بعد الأثر (٢١١٢).

(٢) الأزرقي ٢ / ١٩٩ ـ ٢٠٠.


لهب ، وبين منزل عقبة بن أبي معيط ، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته رجع وقد وضعوا الأنحاث (١) والأرحام والدّماء على بابه ، فينحّيه بسية (٢) قوسه ويقول : يا معشر قريش / ما أسوأ جواركم.

ومنها الموضع الذي بأجياد الصغير

وهو الذي يقال له : المتّكأ. وبعض الناس يقولون : أول ما نزل القرآن في ذلك الموضع نزل فيه : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وهي أول سورة نزلت من القرآن.

٢٣٠١ ـ حدّثني بذلك ابن منصور ، قال : ثنا سفيان ، عن [ابن](٣) إسحق ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ.

__________________

٢٣٠١ ـ إسناده حسن.

شيخ المصنّف ، هو : إسحاق بن منصور الكوسج.

رواه البخاري ١ / ٢٢ ، ومسلم ٢ / ١٩٧ ، والطبري في التفسير ٣٠ / ٢٥٢ ، والحاكم ٢ / ٥٢٩ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ١٥٥ كلّهم من طريق : الزهري ، به. وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي.

والمتّكأ : لا زال معروفا في شعب أجياد الصغير ، على ما قال البلادي في معجم معالم الحجاز ٨ / ١٨. وسألت عنه الشريف محمد بن فوزان فلم يعرفه.

(١) كذا في الأصل. وفي مجمع الزوائد (الأنحات) بالتاء. ولم أقف لها على معنى في كتب اللغة التي بين يديّ.

(٢) أي طرف القوس المعرقب. اللسان ١٤ / ٣٦٧.

(٣) في الأصل (أبو).


٢٣٠٢ ـ حدّثنا أبو بشر ، قال : ثنا خالد ، عن قرّة ، عن أبي رجاء ، قال : كان أبو موسى ـ رضي الله عنه ـ يقرئنا ، يجلسنا حلقا حلقا ، وعليه بردان أبيضان ، فأقرأني هذه السورة : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وقال : هذه أول سورة أنزلت على محمد صلّى الله عليه وسلم.

٢٣٠٣ ـ حدّثنا أحمد بن سليمان ، قال : ثنا زيد بن المبارك ، قال : أنا ابن ثور ، عن ابن جريج ، قال : قال عطاء : عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : أول سورة أنزلت على محمد صلّى الله عليه وسلم (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ).

وبعض المكيّين يضعّف أمر المتّكأ غير أنهم يحقّقون أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم ـ صلّى بأجياد وكان فيه (١).

٢٣٠٤ ـ حدّثني حسين بن حسن ، قال : أنا الهيثم بن جميل ، قال : ثنا

__________________

٢٣٠٢ ـ إسناده صحيح.

خالد ، هو : ابن الحارث ، وقرّة ، هو : ابن خالد ، وأبو رجاء ، هو : عمران بن ملحان.

رواه ابن أبي شيبة ١٠ / ٥٤٢ ، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي في سيرة ابن إسحاق ص : ١٢٣ ، والطبري في التفسير ٣٠ / ٢٥٢ ، وأبو نعيم في الحلية ١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ كلّهم من طريق قرّة بن خالد ، به. وذكره السيوطي في الدرّ ٦ / ٣٦٨ ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وابن الضرّيس ، وابن الأنباري في المصاحف ، والطبراني ، والحاكم ، وابن مردويه ، وأبي نعيم في الحلية.

٢٣٠٣ ـ شيخ المصنّف ، هو : الصفّار الصنعاني ، لم أعرف حاله. وبقية رجاله موثّقون. ومحمد ، هو : ابن ثور الصنعاني.

رواه البيهقي في الدلائل ٧ / ١٤٤ من طريق : خصيف ، عن مجاهد ، به بنحوه.

٢٣٠٤ ـ إسناده مرسل.

زهير ، هو : ابن معاوية ، أبو خيثمة ، وسماعه من أبي إسحاق السبيعي بأخرة.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٠٢.


زهير ، عن أبي إسحق ، قال : كان بين أصحاب الإبل والغنم تنازع ، فاستطال أصحاب الإبل على أصحاب الغنم ، فبلغنا أن ذكر للنبي صلّى الله عليه وسلم ، فقال صلّى الله عليه وسلم : «بعث الله ـ عزّ وجلّ ـ موسى وداود ـ عليهما الصلاة والسلام ـ وهم يرعون الإبل ، وبعثت وأنا أرعى غنما لأهلي بأجياد».

٢٣٠٥ ـ وحدّثنا حسين بن حسن الأزدي ، عن الهيثم بن عدي ، عن أبي اليقظان بن أبي عبيد بن عبد الله بن عمّار بن ياسر ، عن لؤلؤة مولاة عمّار ، قالت : حدّثنا عمار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ قال : كنت تربا للنبي صلّى الله عليه وسلم في الجاهلية ، وكنت أرعى غنم أهلي ، ويرعى غنم أهله ، فوعدني بموضع نرعى فيه غنمنا. قال : فأتيته صلّى الله عليه وسلم وقد سبقني إليها ، وإذا هو يخلّي غنمه عن الرعي ، فقلت : يا محمد ، مالك تخلّي غنمك عن الرعي؟ فقال صلّى الله عليه وسلم : «واعدتك ولم أكن لأدعها ترعى حتى تأتي». قال أبو سعيد : التخلية : المنع.

٢٣٠٦ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، ومحمد بن ميمون ، وعبد الجبار ، قالوا : ثنا سفيان ، قال : ثنا أبو إسحق الشيباني ، عن زرّ بن حبيش ، عن

__________________

رواه ابن سعد ١ / ١٢٦ من طريق : أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن زهير به. وانظر سيرة ابن إسحاق ص : ١٢٤.

٢٣٠٥ ـ إسناده متروك.

الهيثم بن عدي الطائي. قال أبو حاتم : متروك. وقال ابن معين : ليس بثقة ، كذّاب.

الجرح ٩ / ٨٥. وقال ابن عدي : هو صاحب أخبار وأسماء ونسب وأشعار. الكامل ٧ / ٢٥٦٣. وقال ابن المديني : هو أوثق من الواقدي ، ولا أرضاه في شيء. اللسان ٦ / ٢٠٩. وأبو اليقظان ، لم أقف على ترجمته.

٢٣٠٦ ـ إسناده صحيح.

رواه البخاري ٨ / ٦١٠ ، ومسلم ٣ / ٣ ، والترمذي ١٢ / ١٦٨ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ٣٦٦ كلّهم من طريق : أبي إسحاق الشيباني ، به مختصرا.


عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ في قوله ـ تبارك وتعالى ـ : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى)(١) قال : لم يره في صورته إلّا مرّتين ، مرّة عند سدرة المنتهى ، ومرة بأجياد ، له ستمائة جناح ، قد سدّ الأفق.

قال [ابن](٢) ميمون في حديثه : قال سفيان : وقال مجاهد : من نحو أجياد ، منسوج بالدرّ والياقوت.

ومنها مسجد في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي ،

عند الصفا في الدار التي تعرف اليوم بالخيزران ، كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيها مختفيا ، وفيه أسلم عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يدعو فيها إلى الإسلام (٣).

٢٣٠٧ ـ / حدّثنا ابن أبي يوسف المكي ، قال : ثنا اسماعيل بن زياد المكي ، أنّ ابن جريج ، كان يحدّث عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه كان يحدّث عن عامر بن ربيعة ـ حليف بني عدي بن كعب ـ قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : وكان من المهاجرين الأولين. أنه قال :

__________________

٢٣٠٧ ـ إسناده متروك.

إسماعيل بن زياد المكي : متروك ، كذّبوه. التقريب ١ / ٦٩.

ذكره ابن حجر في الإصابة ٢ / ٧٦ ـ ٧٧ نقلا عن الفاكهي بسنده.

وذكره الصالحي في سبل الهدى والرشاد ٢ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤ مختصرا وعزاه للفاكهي والأموي وأبي نعيم في الدلائل.

(١) سورة النجم (١٨).

(٢) سقطت من الأصل.

(٣) الأزرقي ٢ / ٢٠٠ ، وشفاء الغرام ١ / ٢٧٤.


بينا نحن مع النبي صلّى الله عليه وسلم بمكة وهو يسرّ الإسلام ، ومعه عصابة من المسلمين ، إذ هتف هاتف على بعض جبال مكة من الليل ، وفتية من المشركين يسمعون صوته ويعرفون قوله ، وهو يقول :

قبّح الله رأي كعب بن فهر

ما أدقّ العقول والأحلام

بينها باهي يعيب عليها

دين آبائها الحماة الكرام

حالف الحيّ حليف نصر

عليهم ، ورجال النخيل والآكام

توشك الخيل أن تروها جهارا

تقتل القوم في البلاد التهامي

هل كريم منكم له نفس حرّ

ماجد الوالدين والأعمام

ضاربا ضربة تكون نكالا

ورواحا من كربة واغتمام

قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : قال عامر بن ربيعة : فوثب المشركون علينا وهمّوا بنا. قال : فلما بلغ النبي صلّى الله عليه وسلم صياح الصائح ، قال عامر بن ربيعة : هذا شيطان فيمن يدخل في الأوثان ، ويكلّمهم فيها ، ولم يعلن شيطان بتحريض على نبي قطّ إلّا قتله الله ـ تعالى ـ.

قال عامر بن ربيعة ـ رضي الله عنه ـ : فمكثنا ثلاث ليال ثم دخل علينا النبي صلّى الله عليه وسلم في بيت عند الصفا ـ كنا نجتمع فيه ـ مسرورا ، فقال : «أشعرتم أنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ قتل الشيطان المحرّض عليكم ، قتله رجل من عفاريت الرجل ، يدعى : سمحجي ، فأسميته : عبد الله ، لم يزل في طلبه منذ ثلاث حتى ظفر به البارحة ، فقتله». قال عامر بن ربيعة : فلما أمسينا من ليلة أخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم صادقا مصدّقا ، هتف هاتف بالمكان الذي هتف فيه الشيطان فقال :

نحن قتلنا مسعرا ، لمّا طغى واستكبرا

وصغر الحقّ وسنّ المنكرا


أتبعته سيفا هذاما مبترا

بشتمه نبيّنا المظفّرا

أنا نذير من أراد البطرا

من قومه وغيره أن يفجرا

أتبعته حتى رئي معفّرا

٢٣٠٨ ـ وحدّثني أبو الحسن ابراهيم بن محمد بن جبير بن محمد بن عدي بن الخيار بن نوفل النوفلي ، قال : حدّثني إسحق بن خنيس مولى النبي صلّى الله عليه وسلم ، عن مسلم الطائفي [](١) عن عزير بن الجريحي [عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس](٢) ، قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم في دار الأرقم مختفيا في أربعين رجلا وبضع عشرة امرأة. قال : فدقّ الباب رجل قصير ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : «افتحوا له إنها لنغمة شيطان». قال : ففتح له فدخل رجل قصير فقال : السلام عليكم يا نبي الله ورحمة الله وبركاته / قال صلّى الله عليه وسلم : «وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، من أنت؟»قال : أنا هامة بن

__________________

٢٣٠٨ ـ لم أقف على تراجم رجال هذا الحديث.

والحديث ذكره ابن حجر في الاصابة ٣ / ٥٦٣ ـ ٥٦٤ نقلا عن الفاكهي بسنده.

ورواه أيضا العقيلي في الضعفاء ١ / ٩٨ ـ ٩٩ ، والبيهقي في دلائل النبوّة ٥ / ٤١٨ ـ ٤١٩ بإسناد آخر.

ونسبه الحافظ ابن حجر إلى عبد الله بن أحمد في زيادات الزهد ، وابن مردويه في التفسير ، وأبي موسى المديني في الذيل على معرفة الصحابة ، وإلى كتاب الطيوريات ـ من انتخاب السلفي ـ وإلى ابن عساكر في تاريخه ، والبيهقي في شعب الإيمان أه.

وطرق هذا الحديث كلّها ضعيفة لا تثبت كما قال العقيلي وجعفر المستغفري في الصحابة.

(١) هنا كلمة لم أستطع قراءتها.

(٢) الزيادة من الإصابة.


[أهيم](١) بن لاقيس بن إبليس. فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم : «ما أرى بينك وبين إبليس إلّا أبوين؟»قال له : نعم يا رسول الله. قال صلّى الله عليه وسلم : «فمثل ما أنت يوم قتل قابيل هابيل؟»قال : أنا يا رسول الله يومئذ غلام قد علوت الآكام ، وأمرت بالآثام ، وإفساد الطعام ، وقطيعة الأرحام. قال له صلّى الله عليه وسلم : «بئس الشيخ المتوشم ، والشباب الناسي». قال : لا تقل ذا يا رسول الله فإني كنت مع نوح ـ عليه السلام ـ ، وأسلمت معه ، ثم لم أزل معه حتى دعا على قومه ، فهلكوا فبكا وأبكاني ، ثم لم أزل معه حتى هلك ، ثم لم أزل مع الأنبياء نبيّا نبيّا ، كلهم يهلك حتى كنت مع عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ ثم رفعه الله إليه ، وقال لي : إن لقيت محمدا صلّى الله عليه وسلم فاقرئه السلام ، فقام على قدميه النبي صلّى الله عليه وسلم فقال : «وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ، وعليك السلام يا هامة بن الهام كما أقرئتني من حبيبي السلام».

٢٣٠٩ ـ حدّثنا ابن أبي سلمة ، قال : ثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز ، عن أبيه ، قال : حدّثني ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ قال : لمّا ظهر أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم قام رجل من الجن على أبي قبيس ، يقال له مسعر ، فقال :

قبّح الله رأي كعب بن فهر

ما أقلّ العقول والأحلام

حالف الحيّ حيّ نصر عليهم

ورجال النخيل والآكام

هل على امرئ منكم له نفس صدق

واحد الوالدين والأعمام

__________________

٢٣٠٩ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه.

والحديث ذكره ابن حجر في الإصابة ٢ / ٧٧ نقلا عن الفاكهي.

(١) في الأصل (الهام) والتصويب من الإصابة.


قال : فأصبحت قريش تقول : توانيتم ، حتى خرج منكم الجن ، قال : فلما كان القابلة قام في مقامه رجل من الجنّ يقال له سمحج ، فقال :

نحن قتلنا مسعرا

لمّا طغى واستكبرا

بشتمه نبيّنا المظفّرا

أوردته سيف جزور مفترا

أنا نذير من أراد البطرا

فسمّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم : عبد الله.

ومنها موضع فوق أبي قبيس يقال له : مسجد ابراهيم ـ صلوات الله على نبيّنا محمد وعليه وسلّم ـ.

وزعم أهل مكة عن أشياخهم ، عن [ابن](١) مجاهد ، عن أبيه ، قال : إن ابراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما أمر أن يؤذّن بالحجّ ، قام فوق أبي قبيس ، فقال : يا عباد الله ، أجيبوا داعي الله ، فكانوا يرون ذلك المسجد حيث قام ابراهيم ـ عليه السلام ـ فالله أعلم كيف كان (٢).

وقد زعم بعض أهل مكة أنه بلغه أنّ رجلا من أهل الجاهلية قال : رأيت ذات يوم شخصا على رأس أبي قبيس يرفع ويخفض ، فارتقيت إليه ، فإذا أنا برسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو قائم يصلّي. فالله أعلم كيف ذلك ، ولم يسمع فيه بأكثر من هذا.

__________________

(١) في الأصل (أبي) وهو خطأ.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٠٣.


٢٣١٠ ـ غير أنّ حسين بن حسن حدّثنا ، قال : ذكره عبد الواحد بن زيد [البصري](١) / قال : كنت مع أيوب السختياني على أبي قبيس ، فصلّى ، فأطال الصلاة. قال : والحرّ شديد. قال الحسين : ولم يكن يومئذ على أبي قبيس بيوت ، إنما حدثت بعد. قال : فعطشت ، فقلت : يا أبا بكر العطش.

فقال : تكتم عليّ؟ قلت : نعم. فقال بيده. بسم الله. قال : فإذا ماء قد نبع. قال : فشربت منه ، ثم قال : بسم الله. قال : فما ذكرته لأحد حتى مات أيوب ـ رحمه الله ـ.

٢٣١١ ـ وحدّثنا سلمة بن شبيب ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : أنا ابن جريج ، قال : سألت عطاء عن الرجل يصلّي على أبي قبيس بصلاة الإمام ، فقال : ذلك جائز ، وليس لك تضعيف الإمام. قال : فأما بعض أهل مكة فكان يقول : هو مسجد ابراهيم القبيسي ، كان يسكنه في الزمن الأول ، فنسب إليه (٢) ، فالله أعلم.

٢٣١٢ ـ وحدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن

__________________

٢٣١٠ ـ إسناده ضعيف جدا.

رواه أبو نعيم في الحلية ٣ / ٥ من طريق : عبد الواحد بن زيد ، به. والذهبي في السير ٦ / ٢٣ من طريق عبد الواحد ، أيضا ، وقال : لا يثبت.

٢٣١١ ـ إسناده صحيح.

٢٣١٢ ـ تقدّم هذا الخبر برقم (١٨٨٤).

(١) في الأصل (البصروي) وهذه النسبة إلى (بصرى) البلد المعروف بالشام ، وعبد الواحد بن زيد من أهل البصرة ، قال عنه ابن معين : ليس بشيء ، ضعيف الحديث. وقال البخاري : تركوه. وقال الفلّاس : كان قاصّا ، وكان متروك الحديث. التاريخ الكبير ٦ / ٦٢.

ولسان الميزان.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٠٢.


دينار ، قال : كان ابن لنواس ، أو نواس (١) ، يضحك ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ فكان يقول : ليت أبا قبيس ذهبا. فيقول ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : وما تصنع به؟ قال : أموت عليه.

ومنها مسجد بعرفة عن يمين الإمام في الموقف ، يقال له : مسجد ابراهيم صلّى الله عليه وسلم ، وليس بمسجد عرفة.

٢٣١٣ ـ حدّثنا علي بن المنذر الكوفي ، قال : ثنا ابن فضيل ، قال : ثنا يزيد بن أبي زياد ، قال : خرجنا مع مجاهد نسير حتى إذا خرجنا من الحرم نحو عرفات ، قال : هل لكم في مسجد ، كان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يستحبّ أن يصلّي فيه؟ قال : قلنا نعم. فصلّينا فيه ، ثم قال : لقد صلّى فيه سبعون نبيا كلّهم يؤمّ الخيف.

ومنها مسجد الكبش الذي بمنى

وإنّما سمّي : مسجد الكبش ، لأن الكبش الذي ذبح ابراهيم فداء اسماعيل ـ صلوات الله على محمد وعليهما وسلّم ـ نزل عليه في موضع المسجد ، وقد كتبنا ذكره مفسّرا في موضعه (٢).

__________________

٢٣١٣ ـ إسناده ضعيف.

يزيد بن أبي زياد : ضعيف.

وأنظر الأزرقي ٢ / ٢٠٢.

(١) كذا في الأصل ، وقد تقدّم باسم (ابن أبي النواس) ... ووقع في صحيح البخاري ، ومسند الحميدي (نوّاس).

(٢) الأزرقي ٢ / ١٧٥.


ومنها مسجد بأعلى مكة عند الردم الأعلى عند بئر جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل ـ رضي الله عنه ـ

ويقال لها : البئر العليا. يقول (١) : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم صلّى فيه.

٢٣١٤ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا بشر بن السري ، قال : ثنا عمر بن كثير المكي ، قال : حدّثني عبد الرحمن بن كيسان ـ مولى خالد بن أسيد ـ قال : حدّثني أبي ، قال : رأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلم يصلّي الظهر والعصر متلببا بثوب عند البئر العليا.

هكذا قال سعيد : عمر بن كثير ، وإنّما هو عمرو.

وقد بنى هذا المسجد عبد الله بن عبد الله بن العباس بن محمد ، وبنى جنيبذا إلى جنبه ، حوضا يسقى فيه الماء (٢).

وسمعت بعض أهل مكة من الفقهاء يقول : كان الناس لا يجاوزون في السكن في قديم الدهر هذه البئر إنما كان الناس فيما دونها إلى المسجد ، وما فوق ذلك خال من الناس.

وقال / عمر بن ربيعة أو غيره يذكر هذه البئر :

نزلت بمكة في قبائل نوفل

ونزلت خلف البئر أبعد منزل

حذرا عليه من مقالة كاشح

ذرب اللسان يقول ما لم يفعل (٣)

__________________

٢٣١٤ ـ إسناده حسن.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ٣١٣ ، وأحمد ٣ / ٤١٧ ، وابن ماجه ، ١ / ٣٣٤ كلّهم من طريق : عمرو بن كثير ، به. وذكره ابن حجر في الإصابة ٣ / ٣٩١ وعزاه لابن أبي خيثمة والبغوي ، وحسّن إسناده. وذكره السيوطي في الجامع الكبير ٢ / ٥٩٤ وعزاه لابن أبي شيبة.

(١) كذا في الأصل. وأنظر الأزرقي ٢ / ٢٠٠.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٠.

(٣) البيتان في ديوانه ص : ٣٤٠.


٢٣١٥ ـ وسمعت أبا يحيى بن أبي مسرّة ، يقول : كان آخر البيوت عند الردم نحوا من هذا الموضع ، واحتجّ في ذلك بقول عطاء : إذا جاوز الردم ـ يعني الحاجّ ـ صنع ما شاء.

ومنها مسجد بأعلى مكة يقال له : مسجد الحرس

وهو الذي يعرف به اليوم ، وإنّما سمّي مسجد الحرس ، لأن صاحب الحرس بمكة كان يطوف فيجتمع إليه أعوانه من شعاب مكة وأرباعها عند ذلك المسجد ، فسمّي مسجد الحرس. وهو في طرف الحجون ، وهو مسجد الجنّ ، الذي خطّ فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ خطّا (١).

٢٣١٦ ـ حدّثنا هارون بن موسى بن طريف ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي عثمان بن سنّة الخزاعي ـ وكان من أهل الشام ـ قال : إنّ عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي

__________________

٢٣١٥ ـ نقله الفاسي في شفاء الغرام ١ / ١٤ عن الفاكهي. ثم قال الفاسي : والمسجد المشار إليه هو المسجد المعروف بمسجد الراية ، والبئر المشار إليها لعلّها البئر التي عند هذا المسجد. وأوضح الأستاذ ملحس في تعليقه على الأزرقي في أنّ البئر تعرف اليوم ب (بئر الدشيشة) بالكمالية ، وقد تقدّم تحديد موضعه في الردوم.

٢٣١٦ ـ شيخ المصنّف لم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات.

رواه النسائي ١ / ٣٧ ـ ٣٨ ، والطبري في التفسير ٢٦ / ٣٢ ، كلاهما من طريق : ابن وهب ، به. ورواه البيهقي في الدلائل ٢ / ٢٣٠ من طريق الليث بن سعد ، عن يونس ، به.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٠١.


صلّى الله عليه وسلم وهو بمكة ـ : «من أحبّ منكم أن يحضر أمر الجنّ الليلة فليفعل»فلم يحضر منهم أحد غيري ، فانطلقنا ، حتى إذا كنّا بأعلى مكة ، خطّ لي برجله صلّى الله عليه وسلم خطّا ، ثم طفقوا يتقطعون مثل قطع [السحاب](١) ذاهبين ، حتى بقي منهم به رهط ، وقد فرغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع الفجر ، فانطلق فتبرّز ، ثم أتاني ، فقال : ما فعل الرهط؟ قلت : هم أولئك يا رسول الله ، فأعطاهم صلّى الله عليه وسلم عظما وروثا زادا ، ثم نهى أن يستطيب أحد بعظم أو بروث.

٢٣١٧ ـ حدّثنا هارون بن موسى ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، قال : إنّ عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : «بتّ الليلة أقرأ على الجنّ ، ربعا ، بالحجون».

٢٣١٨ ـ حدّثني عمرو بن محمد ، قال : ثنا أبو مصعب ، قال : ثنا [حاتم](٢) ، عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال : أتاني رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنا بالحجون في خيمة لي وأنا شاكي ، ومعه صلّى الله عليه وسلم مهاجرة الفتح فلما انتهى إليّ نحّاهم ، ودخل.

__________________

٢٣١٧ ـ إسناده ضعيف.

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، لم يدرك ابن مسعود.

رواه الطبري ٢٦ / ٣٣ من طريق : ابن وهب ، به. وذكره السيوطي في الدرّ المنثور ٦ / ٤٤ وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير ، وأبي الشيخ في «العظمة».

٢٣١٨ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقية رجاله موثّقون.

(١) في الأصل (السمك).

(٢) في الأصل (أبو حاتم) وهو خطأ ، وحاتم ، هو : ابن إسماعيل. وأبو مصعب ، هو : أحمد بن أبي بكر الزبيري.


٢٣١٩ ـ حدّثنا أحمد بن سليمان الصنعاني ، قال : ثنا زيد بن المبارك ، قال : ثنا [ابن](١) ثور ، عن ابن جريج ، قال أخبرني مخبر ، عن أبي عبيدة ابن عبد الله بن مسعود ، عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلم : «إنّي قد أمرت أن أتلو القرآن على الجنّ ، فمن يذهب معي؟ فسكتوا. ثم الثانية ، فسكتوا ، ثم الثالثة ، فقال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : أنا أذهب معك ، يا رسول الله. قال صلّى الله عليه وسلم : «أنت تذهب معي»فانطلق حتى إذا جاء صلّى الله عليه وسلم الحجون عند شعب أبي دبّ ، خطّ عليّ خطّا ، وقال : لا تجاوزه. ثم مضى صلّى الله عليه وسلم الى الحجون / فانحدروا عليه أمثال الحجل ، يحدرون الحجارة بأقدامهم ، يمشون يقرعون في دفوفهم كما تقرع النسور في دفوفها ، يزولون في سواد الليل ، حتى غشوه ولا أراه ، فقمت ، فأومأ إليّ بيده ، أن : إجلس ، فتلا القرآن ، فلم يزل صوته صلّى الله عليه وسلم يرتفع ، ولصقوا بالأرض حتى ما أراهم ، ثم انفتل صلّى الله عليه وسلم إليّ ، فقال : «أردت أن تأتيني؟»قلت : نعم يا رسول الله ، فقال صلّى الله عليه وسلم : «ما كان ذلك لك ، هؤلاء الجنّ أتوا يستمعون القرآن ، ثم ولّوا إلى قومهم منذرين ، فسألوني الزاد ، فزوّدتهم العظم والبعر ، فلا يستطيبن أحد بعظم ولا بعر».

قال ابن جريج في [حديثه](٢) هذا : وأمّا مجاهد ، فقال : قال عبد الله ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : فانطلق بي النبي صلّى الله عليه وسلم حتى إذا دخلت المسجد الذي عند حائط عوف ، خطّ عليّ خطّا ، فأتاه نفر منهم ، فقال

__________________

٢٣١٩ ـ إسناده ضعيف.

(١) في الأصل (أبي) وهو محمد بن ثور الصنعاني.

(٢) في الأصل (حديث).


أصحابنا : كأنّهم رجال الزطّ (١) ، وكأنّ وجوههم المكاكي (٢). قال مجاهد : قالوا : ما أنت؟ قال : «أنا نبيّ»فقالوا : فمن يشهد لك على ذلك؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «هذه الشجرة ، تعالي يا شجرة»فجاءت تجرّ عروقها الحجارة لها فقاقع حتى انتصبت بين يديه صلّى الله عليه وسلم ، فقال : «على ما ذا تشهدين؟»قالت : أشهد أنك رسول الله. قال صلّى الله عليه وسلم : «اذهبي»فرجعت كما جاءت تجرّ عروقها ، ولها فقاقع ، حتى عادت حيث كانت ، فسألوه صلّى الله عليه وسلم : ما الزاد؟ فزوّدهم العظم والحثة (٣) ، ثم قال صلّى الله عليه وسلم : لا يستطيبنّ أحد بعظم ولا حثة». قال ابن جريج : فذكرت ذلك لعبد العزيز بن عمر ، فعرفه ، فقال : هذا حديث مستفيض بالمدينة.

أمّا الجنّ الذين لقوه صلّى الله عليه وسلم بنخلة ، فجنّ نينوى. وأمّا الجنّ الذين لقوه صلّى الله عليه وسلم بمكة فجنّ نصيبين.

٢٣٢٠ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : ثنا أبو [ضمرة](٤) ، عن سعد ابن إسحق بن كعب ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : ذهبت مع النبي صلّى الله عليه وسلم حين خرجنا من مكة ، حتى إذا كنا ببعض أودية مكة ، دخل ، فذكر نحو حديث ابن جريج ، وزاد فيه ؛ قال : «هل تدرون من هؤلاء؟»قلت : لا ها الله. قال صلّى الله عليه وسلم : «هؤلاء جنّ نصيبين ، أو الموصل»يشكّ سعد. «جاءوا إلى الإسلام ، فأسلموا ، لنا الحيوان ولهم الرمّة».

__________________

٢٣٢٠ ـ إسناده صحيح.

(١) جنس من السودان والهنود والواحد زطّي. اللسان ٧ / ٣٠٨.

(٢) جمع مكوك وهو نوع من المكاييل فكأنّه شبه وجوههم بذلك. النهاية ٤ / ٣٥٠.

(٣) كذا في الأصل ، ولم أقف على معناها.

(٤) في الأصل (أبو حمزة) وهو خطأ. وأبو ضمرة ، هو : أنس بن عياض.


٢٣٢١ ـ فأمّا الحسن بن علي الحلواني ، فحدّثنا قال : حدّثنا [يعقوب بن](١) ابراهيم بن سعد ، عن جعفر بن ميمون ، قال : أنبأني أبو تميمة الهجيمي ، عن ابن عثمان ، عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم صلّى صلاة العشاء ، ثم انصرف ، فأخذ بيد ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ، فخرج به ، حتى أتى أبطح مكة ، فأجلسه ، ثم خطّ عليه خطّا ، ثم قال له : «لا تبرح ، ويحك ، فإنها ستنتهي إليك رجال ، فلا تكلّمهم ، فإنّهم لن يكلّموك». ثم انطلق رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى لم أره. فبينا أنا كذلك ، إذا أنا برجال كأنّهم الزطّ ، شعورهم وأجسامهم ، لا أرى عورة ، ولا أرى بشرا ، فجعلوا ينتهون إلى الخطّ ، فلا يجوزونه ، ثم يصدرون إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم / حتى إذا كان من آخر الليل ، جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنا في خطيّ ، فقال : «لقد آذاني هؤلاء منذ الليلة»ثم دخل صلّى الله عليه وسلم عليّ في الخط ، فتوسّد فخذي ثم رقد صلّى الله عليه وسلم ، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا نام نفخ ، فذكر حديثا فيه طول.

٢٣٢٢ ـ وفي الحجون تقول هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، كما حدّثنا الزبير بن أبي بكر :

لحا الله كل صائبة بوجّ

ومكة أو بأطراف الحجون

تدين لمعشر قتلوا أباها

أقتل أبيك جاءك باليقين

__________________

٢٣٢١ ـ إسناده حسن.

أبو تميمة الهجيمي ، هو : طريف بن مجالد. وأبو عثمان ، هو : النّهدي.

رواه أحمد ١ / ٣٩٩ ، والترمذي ١٠ / ٢٩٨ كلاهما من طريق : أبي تميمة الهجيمي ، به.

٢٣٢٢ ـ وجّ : واد من أودية الطائف معروف.

(١) سقطت من الأصل. والحلواني إنّما يروى عن يعقوب ، لا عن أبيه.


وقال عبد الله بن سالم الخياط يذكر الحجون :

سائل بطلحة بالبطاح

بطاح مكّة فالحجون

هل مثل طلحة فيكم

فيمن يقيم ومن يبين

وقال النابغة (١) يذكر الحجون :

حلفت بما تساق له الهدايا

على التأويب يعصمها الدرين

بربّ الراقصات بكلّ سهب

بشعث الكوم موعدها الحجون

ويقال إنّ مسلحة ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ كانت بالحجون.

٢٣٢٣ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني عمّي ـ مصعب بن عبد الله ـ قال : بلغني أن مسلحة كانت لعبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ بالحجون ، فيما بين المسجد وبئر ميمون ، والحجّاج ببئر ميمون ، فبعث إليه الحجّاج جريدة خيل ، فهربت تلك المسلحة ، حتى أتوا ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ واتبعتهم الجريدة ، حتى أدخلوهم المسجد الحرام ، فندب عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ الناس ، فانتدب محمد بن المنذر في أناس معه ، فقاتلهم حتى بلغ الحجون منتهى مسلحة عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ ، ثم وقف الناس وقفة ، فذمّرهم (٢) محمد بن المنذر ، واستنهضهم ، وقال : اصنعوا بهم ما صنعوا بكم ، فقاتلهم حتى أدخلهم عسكر الحجّاج بن يوسف ، ثم كان يحرسها.

__________________

٢٣٢٣ ـ بئر ميمون : منسوبة إلى ميمون بن الحضرمي ، سيأتي التعريف بها ـ إن شاء الله ـ في مبحث الآبار الجاهلية.

(١) ديوانه ص : ٨٦.

(٢) ذمّرهم : لامهم وحضّهم. اللسان ٤ / ٣١١.


٢٣٢٤ ـ حدّثنا هارون بن موسى بن طريف ، قال : ثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحرث ، عن أبي الأسود ، قال : إنّ عبد الله ـ مولى أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ حدّثه أنه سمع أسماء ـ رضي الله عنها ـ كلّما مرّت بالحجون ، تقول : لقد نزلنا معه صلّى الله عليه وسلم ها هنا ، ونحن يومئذ خفاف الحقائب ، قليل ظهرنا ، قليل زادنا ، فاعتمرت أنا وأختي عائشة والزبير ـ رضي الله عنهم ـ فلما مسحنا البيت أحللنا وأهللنا بالعشي بالحج.

ومنها مسجد البيعة

بيعة الأنصار ليلة العقبة ، عقبة منى ، وقد فسّرنا ذلك في موضعها.

٢٣٢٥ ـ حدّثنا علي بن حرب ، قال : ثنا القاسم بن يزيد ، عن سفيان ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : لما وعد النبي صلّى الله عليه وسلم / الأنصار ليلة العقبة ، فالتقوا بالعقبة ، فقالوا : سل لربك يا رسول الله ، ولنفسك ما شئت. قال صلّى الله عليه وسلم : «أسأل لربّي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأسألكم لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم». قالوا : فماذا لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «لكم الجنة».

__________________

٢٣٢٤ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقيّة رجاله ثقات.

أبو الأسود ، هو : محمد بن عبد الرحمن بن نوفل.

٢٣٢٥ ـ إسناده منقطع ، لأنّ الثوري لم يدرك جابرا ـ رضي الله عنه ـ ولعلّه قد سقط من السند : (أبو الزبير المكي) والله أعلم.

رواه أحمد ٣ / ٣٢٢ ، وابن سعد ١ / ٢١٧ ، والأزرقي ٢ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ٤٤٢ كلّهم من طريق : ابن خثيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، به. ورواه الحاكم ٢ / ٦٢٦ من طريق الثوري ، عن داود بن أبي هند ، وغيره ، عن الشعبي ، عن


ومنها مسجد بذي طوى عند مفترق الطريقين : طريق التنعيم ، وطريق جدّة. يقال له : مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم (١).

ومنها مسجد يقال له : مسجد الشجرة بأعلى مكة في دبر دار منارة البيضاء ، التي عند سفح الجبل مقابل الحجون بحذاء مسجد الحرس ، كانت فيه شجرة ، وأن النبي صلّى الله عليه وسلم دعاها من موضعها فجاءته (٢).

٢٣٢٦ ـ حدّثنا حسين بن حسن الأزدي ، قال : ثنا محمد بن حبيب ، عن هشام ـ يعني : ابن الكلبي ـ عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم عرض على ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف الإسلام ودعاه إلى الله ـ تعالى ـ وكان ركانة

__________________

جابر ، به. وصحّحه على شرط مسلم.

ولا يزال هذا المسجد قائما حتى الآن وهو على يسار الذاهب إلى منى من مكة المكرّمة.

قبل العقبة في شعبة هناك.

٢٣٢٦ ـ إسناده موضوع.

محمد بن حبيب ، هو البغدادي ، صاحب المحبّر والمنمّق. ترجمته في تاريخ بغداد ٢ / ٢٧٧.

والخبر في المنمّق ص : ١٧٤ ـ ١٧٥ عن هشام ، به. ورواه البلاذري في أنساب الأشراف ١ / ١٥٥ عن هشام ، به.

وقد روى خبر المصارعة فقط أبو داود ٤ / ٧٨ ـ ٧٩ ، والترمذي ٧ / ٢٧٨ من طريق : أبي الحسن العسقلاني ، عن أبي جعفر بن محمد بن علي بن ركانة ، عن أبيه ، قال : فذكره. وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، وإسناده ، ليس بالقائم ، ولا نعرف أبا الحسن العسقلاني ولا ابن ركانة.

(١) وهذا المسجد على يمينك وأنت متّجه إلى بئر طوى عند مفترق الطريقين. وقد أزيل في توسّعه الشارع المذكور.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٠١.


من أشدّ العرب ، لم يصرعه أحد قط ، فقال : لا يسلم حتى تدعو شجرة فتقبل إليك. فقال النبي صلّى الله عليه وسلم لشجرة ـ وهو بظهر مكة ـ : «أقبلي بإذن الله ـ عزّ وجلّ ـ»وكانت طلحة أو سمرة. قال : فأقبلت ، وركانة يقول : ما رأيت كاليوم سحرا أعظم من هذا ، مرها فلترجع ، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «إرجعي بإذن الله ـ تعالى ـ»فرجعت. فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «أسلم»قال : لا والله حتى تدعو نصفها فيقبل إليك ، ويبقى نصفها في موضعه. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لنصفها : «أقبك بإذن الله ـ تعالى ـ»فأقبل ، وركانة يقول : ما رأيت كاليوم سحرا أعظم من هذا ، مرها فلترجع. فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «إرجعي بإذن الله ـ عزّ وجلّ ـ»فرجعت ، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «أسلم»فقال له ركانة : لا حتى تصارعني ، فإن صرعتني أسلمت ، وإن صرعتك كففت عن هذا المنطق. قال : فصارعه النبي صلّى الله عليه وسلم فصرعه ، وأسلم ركانة ـ رضي الله عنه ـ بعد ذلك.

٢٣٢٧ ـ حدّثنا عبد الله بن هاشم ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان (١) ، عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : جاء جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ إلى النبي صلّى الله عليه وسلم ذات يوم ، وهو جالس حزين ، قد خضب بالدماء ، قد ضربه بعض أهل مكة ، فقال : «فعل بي هؤلاء وفعلوا»قال : فقال جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ : أتحب أن أريك آية؟ قال

__________________

٢٣٢٧ ـ إسناده حسن.

رواه أحمد ٣ / ١١٣ ، وابن ماجه ٢ / ١٣٣٦ كلاهما من طريق : أبي معاوية ، به.

وذكره ابن كثير في البداية ٦ / ١٢٣ ـ ١٢٤ ، وقال : هذا إسناد على شرط مسلم.

(١) هو : طلحة بن نافع.


رسول الله صلّى الله عليه وسلم : [نعم](١) قال : فنظر إلى شجرة من وراء الوادي ، فقال : أدع تلك الشجرة ، فدعا صلّى الله عليه وسلم بها ، فجاءت تمشي ، حتى قامت بين يديه صلّى الله عليه وسلم ، ثم قال : مرها فلترجع. قال : فأمر بها ، فرجعت إلى مكانها التي كانت فيه. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «حسبي».

٢٣٢٨ ـ وحدّثنا علي / بن المنذر ، قال : ثنا ابن فضيل ، قال : ثنا أبو حيّان التميمي (٢) ، عن عطاء ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : كنا مع النبي صلّى الله عليه وسلم فأقبل أعرابيّ ، فلما دنا منه ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «أين تريد؟»قال : إلى أهلي. قال صلّى الله عليه وسلم : «هل لك إلى خير؟»قال : ما هو؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «تشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمدا عبده ورسوله»قال : من شاهد على ما تقول؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «هذه الشكمة»ـ يعني : الشجرة ـ فدعا بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهي بشاطئ الوادي ، فأقبلت تخدّ الأرض حتى قامت بين يديه صلّى الله عليه وسلم فاستشهدها ثلاثا أنه كما قال ، ثم رجعت إلى منبتها ، فرجع الأعرابيّ إلى قوله صلّى الله عليه وسلم فقال : إن يتبعوني أقبلت بهم ، وإلّا رجعت فكنت معك.

٢٣٢٩ ـ وحدّثني عبد الله بن مهران ، قال : حدّثني عبيد الله بن محمد بن

__________________

٢٣٢٨ ـ إسناده حسن.

ذكره ابن كثير في البداية ٦ / ١٢٥ عن الحاكم بإسناده إلى محمد بن فضيل ، به ، وقال : هذا إسناد جيد.

٢٣٢٩ ـ إسناده صحيح.

(١) سقطت من الأصل ، وألحقتها من المراجع.

(٢) هو : يحيى بن سعيد بن حيان.


عائشة ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أبي رافع ، عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال : بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم جالسا بالحجون كئيبا حزينا فقال : «اللهم أرني آية لا أبالي من كذّبني بعدها من قومي»فأتاه جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، فقال : ادع تلك الشجرة ، فجاءت تخدّ الأرض ، أو تخطّ الأرض ، حتى وقفت بين يديه ، ثم قال لها : «ارجعي»فرجعت ، فقال : «لا أبالي من كذّبني بعدها من قومي».

٢٣٣٠ ـ حدّثني محمد بن صالح ، قال : ثنا ابراهيم بن أبي سويد ، وداود بن شبيب ـ جميعا ـ قال : ثنا حمّاد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي رافع ، عن عمر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلّى الله عليه وسلم بنحوه : وهذا هو الصحيح.

ومنها مسجد يقال له السرر

وهو الذي بناه عبد الصمد بن علي.

٢٣٣١ ـ حدّثنا ابن أبي عمر ، قال : ثنا معن بن عيسى ، عن مالك بن

__________________

٢٣٣٠ ـ إسناده ضعيف.

علي بن زيد ، هو : ابن جدعان.

رواه ابن سعد ١ / ١٧٠ من طريق : حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن زيد ، قال : فذكره. ورواه البيهقي في الدلائل ٦ / ١٣ من طريق : حمّاد بن سلمة ، به.

٢٣٣١ ـ إسناده صحيح.

رواه مالك ٢ / ٣٩٩ عن محمد بن عمرو بن حلحلة ، به. والنسائي ٥ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩ ، وابن حبّان (ص : ٢٥٤ موارد الظمآن) والبيهقي ٥ / ١٣٩ ، والمزّي في تهذيب الكمال ٢ / ١٠٦٠ كلّهم من طريق : مالك ، به.


أنس ، عن محمد بن عمرو بن حلحلة الدّيلي ، عن محمد بن عمران الأنصاري ، عن أبيه ، أنه قال : عدل إليّ عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وأنا نازل تحت سرحة بطريق مكة ، فقال : ما أتى بك تحت هذه الشجرة؟ قلت : أردت ظلّها. قال : فهل غير هذا؟ قلت : لا ، ما أنزلني إلّا ذلك. قال عبد الله : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «إذا كنت بين الأخشبين من منى ـ ونفح بيده نحو المشرق ـ فإنّ هناك واديا يقال له : السرر ، به سرحة نزل تحتها سبعون نبيّا».

٢٣٣٢ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن عجلان ، عن زيد بن أسلم ، عن رجل ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ نحوه ، ولم يرفعه.

٢٣٣٣ ـ وحدّثني حامد بن أبي حامد ، أبو الحسن مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن أبي معاوية الضرير ، عن الأعمش ، عن ابن ذكوان ، عن ابن عمر ـ رضي

__________________

وذكره الطبري في القرى ص : ٥٤٠ ، وعزاه لمالك والنسائي ، وأبي حاتم. وذكره السيوطي في الكبير ١ / ٨٦ وعزاه للنسائي والبيهقي.

والسرحة : الشجرة العظيمة ، لا ترعى ، ولكن يستظلّ بها. لسان العرب ٢ / ٤٨٠.

ووادي السرر : سيأتي التعريف به ، ولا وجود لهذا المسجد اليوم.

٢٣٣٢ ـ في إسناده من لم يسمّ.

رواه عبد الرزاق ١١ / ٤٥٠ ـ ٤٥١ عن معمر ، عن زيد بن أسلم ، به.

٢٣٣٣ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه. وابن ذكوان ، هو عبد الله بن ذكوان. قال ابن حجر : يحتمل أن يكون أبا الزناد ، فقد ذكر خليفة بن خياط وغيره أنّه لقي ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ثم نقل الحافظ عن ابن حبّان في الثقات : شيخ بصري وليس بأبى الزناد ، يخطئ. أنظر لسان الميزان ٣ / ٢٨٤.

رواه ابن عدي في الكامل ٤ / ١٤٤٩ من طريق : الحسن بن حماد ، عن أبي معاوية ، به.


الله عنهما ـ ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «لقد سرّ في ظل سرحته سبعون نبيّا ، لا تعبل ولا تجرّد ولا تسرف ـ لا يقع فيها دودة ، يقال لها : السرف ، تأكل الشجر ـ».

٢٣٣٤ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني محمد بن الحسن ، عن عبد العزيز بن عمران ، قال : أخبرني عبد الله بن جعفر / عن [أبي](١) عون ، عن المسور بن مخرمة ـ رضي الله عنه ـ قال : حسر السيل عن حجر بمسجد السرر عند قبر المرأتين ، مكتوب فيه : أنا أسيد بن أبي العيص ، ترحّم الله على بني عبد مناف ، فهذا كانت قريش في الجاهلية.

ومنها مسجد عند البرامين

إلى الجدر الذي يلي دار عمر بن عبد العزيز ، مقابل دار أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ يزعم بعض المكيّين أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم كان كثيرا ما يجلس فيه.

وكان لبيت خديجة ـ رضي الله عنها ـ طريق إليه إلى جنب دار أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ (٢).

__________________

وقوله : لا تعبل ، أي : لا يسقط ورقها. النهاية ٣ / ١٧٤.

ولا تجرد : أي لم تصحبها آفة تهلك ثمرتها ولا ورقها.

ولا تسرف : لم تصبها السرفة ، وهي دويبة صغيرة تثقب الشجرة ، فتتّخذه بيتا. النهاية ٢ / ٣٦١.

٢٣٣٤ ـ إسناده ضعيف.

أسيد بن أبي العيص ، هو : والد عتاب ، وكان سيّد قومه ، كثير المال. نسب قريش ص : ١٨٧.

رواه الأزرقي ٢ / ٢٨١ من طريق : عبد العزيز بن عمران ، به.

(١) في الأصل (ابن) وهو خطأ.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٥٦.


ومنها مسجد عند شعب علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ

يقال : إنّه دخل في دار الحارث بن عبد المطلب (١) ، وأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم كان يصلّي فيه ، ويجلس فيه ، فالله أعلم كيف ذلك.

٢٣٣٥ ـ حدّثنا عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا عبد الصمد بن حسان ، عن سفيان ، في قوله ـ تبارك وتعالى ـ : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) قال : أسري به صلّى الله عليه وسلم من شعب أبي طالب.

ومنها مسجد بذي طوى (٢)

عند ثنية المدنيّين المشرفة على مقبرة مكة ، وبين الثنية التي تهبط على الحصحاص ، وذلك المسجد بنته زبيدة بأزج.

٢٣٣٦ ـ حدّثنا ابن أبي مسرّة ، قال : ثنا ابراهيم بن عمرو بن أبي صالح ، قال : أخبرني القاسم بن عبد الله ، عن عبيد الله بن عمر ، عن أبيه

__________________

٢٣٣٥ ـ سفيان ، هو : الثوري. وشعب أبي طالب : يعرف اليوم بشعب علي.

٢٣٣٦ ـ إسناده متروك.

القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم : متروك ، ورماه أحمد بالكذب.

التقريب ٢ / ١١٨.

(١) وقع في الأصل (رضي الله عنه) والحارث بن عبد المطلب ، مات في الجاهلية. أنظر الإصابة ١ / ٣٨٧.

(٢) راجع الأزرقي ٢ / ٢٠٣.


[...](١) وسالم بن عبد الله ، حتى خرجت معهما حتى إذا أتيا ذا طوى ، نحو ثنية المدنيّين ، قال : فجاء أكمة هنا لك غليظة ، فصلّى عليها ، وزعم أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم صلّى هنا لك. قلت للقاسم : أهو المسجد الذي [يبنى] الآن؟ قال : لا.

٢٣٣٧ ـ وحدّثني أبو يحيى ، قال : حدّثني ابراهيم بن عمرو ، قال : أخبرني القاسم ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : أخطأ الأئمة ، ليس بالمسجد الذي يبنون.

ومنها مسجد الشجرة

٢٣٣٨ ـ حدّثني عبد الله بن أحمد ، قال : حدّثني ابراهيم بن عمرو ، قال : أخبرني عبد المجيد بن أبي روّاد ، عن أبيه ، قال : زعموا أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم صلّى في مسجد الشجرة ـ يعني : المسجد الذي دون يأجج ـ.

٢٣٣٩ ـ حدّثنا هارون بن موسى بن طريف ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : إنّ سالم بن عبد الله ، أخبره : أنّ

__________________

٢٣٣٧ ـ إسناده متروك.

٢٣٣٨ ـ إسناده ضعيف ، تقدّم برقم (١٧٦٤).

ويأجج واد معروف ، يقال له اليوم (وادي ياج) ، فيه مسجد التنعيم اليوم ، ومولّدات كهرباء تغذّي مدينة مكة. ومسجد الشجرة غير معروف اليوم.

٢٣٣٩ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقيّة رجاله ثقات.

(١) هنا سقط في الأصل ، لم أعرفه ، ومضمون الخبر عند الأزرقي ٢ / ٢٠٣ من طريق نافع.


عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ، كان يبدأ بالمسجد الذي كانت الشجرة عنده ، إذا ذهب نحو مكة ، فإن وجده فارغا صلّى فيه ، وإن لم يجده فارغا ذهب إلى المسجد الآخر فصلّى فيه.

قال عمر بن أبي ربيعة (١) يذكر يأجج :

/ وأسرج لي الدّهماء واعجل بمطرفي

ولا يعلمن حيّ من الناس مذهبي

وموعدك البطحاء من بطن يأجج

أو الشعب ذي الممروخ من بطن مغرب

ومنها مسجد في جبل ثور

في طريق عرنة على يسارك ، وهو الغار الذي ذكره الله ـ عزّ وجلّ ـ في كتابه حيث يقول : (إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا)(٢).

٢٣٤٠ ـ حدّثني أحمد بن حميد الأنصاري ، عن خلف بن تميم ، قال : ثنا موسى بن مطير ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، قال : قال أبو بكر

__________________

٢٣٤٠ ـ إسناده متروك.

وموسى بن مطير ذكره ابن أبي حاتم في الجرح ٨ / ١٦٢ ، وقال : روى عن أبيه ، عن أبي هريرة.

والخبر ذكره الهيثمي في المجمع ٣ / ٢٩٧ ، وقال : رواه البزّار ، وفيه موسى بن مطير ، وهو كذّاب.

(١) ديوانه ص : ٥٥ ، ضمن أبيات أخرى.

(٢) سورة التوبة (٤٠).


ـ رضي الله عنه ـ لابنه : يا بني إن حدث حدث ، أو كان كون ، فأت الغار الذي كنت فيه أنا ورسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فكن فيه ، فسيأتيك فيه رزقك غدوة وعشيّة.

ومنها مسجد في جبل حراء

كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يأتيه ويعتكف فيه الأيام.

٢٣٤١ ـ حدّثنا أبو [عمّار](١) الحسين بن حريث ، قال : ثنا الفضل بن موسى ، عن صالح بن موسى ، عن عاصم بن أبي النّجود ، عن زرّ بن حبيش ، عن سعيد بن زيد ـ رضي الله عنه ـ ، قال : اختبأنا مع النبي صلّى الله عليه وسلم من أذى المشركين بحراء ، فلمّا استوينا عليه ، رجف بنا ، فضرب النبي صلّى الله عليه وسلم بكفّه ، ثم قال : «أثبت حراء فما عليك إلّا نبيّ أو صدّيق أو شهيد»قال : وعليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة والزبير ، وعبد الرحمن ، وسعيد بن زيد ـ رضي الله عنهم ـ.

__________________

٢٣٤١ ـ إسناده ضعيف جدا.

طلحة بن موسى بن إسحاق التيمي : متروك. التقريب ١ / ٣٦٣.

رواه أحمد ١ / ١٨٧ ، ١٨٨ ، ١٨٩ ، وأبو داود ٤ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤ ، والترمذي ١٣ / ١٨٦ ـ ١٨٧ ، وابن ماجه ١ / ٤٨ ، والحاكم ٣ / ٤٥٠ كلّهم من طريق : عبد الله بن ظالم التيمي ، عن سعيد بن زيد ، بنحوه.

(١) في الأصل (علي) وهو خطأ.


ذكر

الدآبّة وخروجها ، ومن أين تخرج من مكة؟

٢٣٤٢ ـ حدّثنا عبد الله بن أبي سلمة ، قال : حدّثني أبو غزيّة ، عن ابراهيم بن اسماعيل ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : الدابّة التي يخرج الله ـ عزّ وجلّ ـ من الأرض هي : الثعبان الذي كان في البيت ، تخرج قبل التروية بيوم ، أو يوم التروية ، أو يوم عرفة ، أو يوم النحر.

٢٣٤٣ ـ حدّثنا ابن أبي سلمة ، قال : ثنا ابراهيم ، ويعقوب بن بكر ، عن عبد العزيز بن عمران ، عن ابراهيم بن اسماعيل ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : الدابّة التي يخرج الله ـ تعالى ـ (مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ)(١) الآية ، هو : الثعبان الذي كان في

__________________

٢٣٤٢ ـ إسناده ضعيف.

أبو غزية ، هو : محمد بن موسى الأنصاري. وابراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأنصاري : ضعيف. التقريب ١ / ٣١.

رواه الأزرقي ٢ / ١٥٨ من طريق : عبد العزيز بن عمران ، عن ابراهيم بن إسماعيل ، به.

٢٣٤٣ ـ إسناده ضعيف.

ابراهيم ، هو : ابن المنذر الحزامي.

رواه الأزرقي ٢ / ١٥٧ ـ ١٥٨ من طريق : محمد بن يحيى ، عن عبد العزيز بن عمران ، به.

(١) سورة النمل (٨٢).


جوف الكعبة فاختطفه العقاب ، فألقاه بأصل حراء لمخسف العماليق بقية قوم عاد.

٢٣٤٤ ـ وحدّثنا محمد بن زنبور ، قال : ثنا فضيل بن عياض ، عن هشام ابن حسان ، عن قيس بن سعد ، عن عامر بن واثلة ، قال : كنّا عند حذيفة ابن أسيد ، فذكرت له الدابّة ، فقال : تخرج ثلاث خرجات ، خرجة في بعض البوادي ثم [تكمن]. وخرجة في بعض القرى حتى تذكر ويهريق الأمراء فيها الدماء. قال : فبينا الناس عند أفضل المساجد وأعظمها وأشرفها ، حتى ظننا أنّه سيقول : المسجد الحرام ، ولم يسمّ شيئا ، إذ ارتفعت الأرض ، وخرجت الدابّة وهرب الناس / وتبقى عصابة من المؤمنين تقول : لا ينجّينا من أمر الله ـ عزّ وجلّ ـ شيء ، فتجلو وجوههم حتى تجعلها كالكوكب الدريّ ، ثم تتبع الناس فتخطم الكافر ، وتجلو وجه المؤمن ، ثم لا ينجو منها هارب ، ولا يدريها طالب. قالوا : وما الناس يومئذ يا حذيفة؟ قال : شركاء في الأموال ، جيران في الرباع ، أصحاب في الأسفار.

٢٣٤٥ ـ حدّثنا أحمد بن صالح ، قال : ثنا نعيم بن حمّاد ، عن ابن

__________________

٢٣٤٤ ـ إسناده صحيح.

رواه الطبري في التفسير ٢٠ / ١٤ ـ ١٥ ، والحاكم ٤ / ٤٨٤ ـ ٤٨٥ كلاهما من طريق : قيس بن سعد ، به. وصحّحه الحاكم وأقرّه الذهبي. ورواه ابن أبي شيبة ١٥ / ٦٦ ـ ٦٧ بإسناده إلى أبي الطفيل ، به بنحوه. وذكره السيوطي في الدرّ ٥ / ١١٦ ، وعزاه لابن مردويه ، والطيالسي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، والبيهقي في البعث.

٢٣٤٥ ـ إسناده ضعيف جدا.

طلحة بن عمرو الحضرمي : متروك.

رواه الطبراني في الكبير ٣ / ١٩٣ ، والحاكم ٤ / ٤٨٤ كلاهما من طريق : طلحة بن عمرو ، به. وذكره الهيثمي في المجمع ٨ / ٧ وقال : فيه طلحة بن عمرو ، وهو متروك.


وهب ، عن طلحة بن عمرو ، عن عبد الله بن عمير الليثي ، عن أبي الطفيل ، عن أبي سريحة ، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : «تخرج الدابّة ثلاث خرجات»ثم ذكر نحو حديث فضيل.

٢٣٤٦ ـ وحدّثني أحمد بن سليمان ، قال : ثنا ابن المبارك ، قال : ثنا ابن ثور ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في دابّة الأرض ، قال : مولعة ذات ريش ، فيها ألوان الدوابّ كلّها ، وفيها من كلّ أمة سيمة ، وسيماها من هذه الأمة أنّها تتكلّم بلسان عربيّ مبين ، تكلّمهم ، وكلامها : (أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ).

٢٣٤٧ ـ حدّثنا محمد بن إدريس ، قال : ثنا سعيد بن منصور ، قال : ثنا حبيب بن أبي حبيب الجرمي ، قال : ثنا قتادة ، عن الحسن ، عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ، قال وهو يومئذ بمكة : لو شئت أخذت سبتيّتيّ هاتين ، ثم مشيت حتى أدخل الوادي الذي تخرج منه دابّة الأرض ، فإنها تخرج وهي ذامّة للناس ، فتلقى المؤمن ، فتسمه في وجهه وكتفه ، فيبيضّ لها وجهه ، وتسم الكافر وكتفه ، فيسودّ لها وجهه ، وهي دابّة ذات زغب وريش ، فتقول : (أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ).

٢٣٤٨ ـ وحدّثني أحمد بن صالح ، قال : ثنا نعيم ، عن ابن وهب ، عن

__________________

٢٣٤٦ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقية رجاله ثقات ، وابن ثور ، هو : محمد.

ذكره السيوطي في الدرّ ٥ / ١١٥ وعزاه لابن المنذر.

٢٣٤٧ ـ رجاله ثقات ، وقتادة بن دعامة ، مدلس ، وقد عنعن.

وقوله : سبتيّتيّ : أي : نعليّ.

٢٣٤٨ ـ أحمد بن صالح لم أقف عليه ، وبقية رجاله موثّقون.


عمرو بن مالك الشرعبي ، عن ابن الهاد ، عن عمر بن الحكم ، عن عبد الله ابن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : تخرج الدابّة من شعب أجياد ، رأسها يمسّ السحاب ، وما خرجت رجلاها من الأرض.

٢٣٤٩ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن فرات القزّاز ، عن أبي الطفيل ، عن أبي سريحة ـ حذيفة بن أسيد الغفاري ـ أنه قال : أشرف علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، ونحن نذكر الساعة ، فقال : «ما تذكرون؟»قلنا : الساعة : فقال : «أما إنّها لا تقوم حتى يكون قبلها عشر آيات ، فذكر الدجّال ، والدخان ، والدابّة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ويأجوج ومأجوج ، ونزول عيسى بن مريم ، وثلاث خسوف ، خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم.

__________________

والشرعبي ـ بفتح المعجمة وسكون الراء ، وفتح المهملة ـ ويقال له أيضا : عمر ، قال ابن حجر : وهو الأصح. التقريب ٢ / ٦٢. وابن الهاد ، هو : يزيد بن عبد الله بن أسمامة بن الهاد الليثي.

رواه الطبري ٢٠ / ١٦ من طريق : ابن لهيعة ، ويحيى بن أيوب ، عن ابن الهاد ، به.

وذكره السيوطي في الدرّ ٥ / ١١٧ وعزاه لنعيم بن حمّاد في «الفتن».

٢٣٤٩ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٤ / ٦ ، والحميدي ٢ / ٣٦٤ ، ومسلم ١٨ / ٢٦ ـ ٢٧ ، والطبري ٣ / ١٨٩.

كلّهم من طريق : سفيان بن عيينة ، به. ورواه ابن أبي شيبة ١٥ / ١٣٠ ، ١٦٣ ، والترمذي ٩ / ٣١ ، وابن ماجه ٢ / ١٣٤١ ثلاثتهم من طريق : سفيان الثوري ، عن فرات القزّاز ، به. ورواه الطيالسي ٢ / ٢١٤ ، وأبو داود ٤ / ١٦٣ كلاهما من طريق : فرات القزّاز ، به.


٢٣٥٠ ـ حدّثنا محمّد بن زنبور ، قال : ثنا اسماعيل بن جعفر بن أبي كثير ، قال : ثنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : «بادروا بالأعمال ستا : طلوع الشمس من مغربها ، والدخان ، والدجّال ، والدابّة ، وخاصة أحدكم ، وأمر العامة».

٢٣٥١ ـ حدّثنا حسين ، قال : ثنا اسماعيل بن ابراهيم ، قال : ثنا أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين ، قال : نبّئت أن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ كان يقول : كلّ ما وعد الله رسوله قد رأينا غير أربع : الدجال ، والدابّة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ويأجوج ومأجوج.

قال : ونبئت أن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ كان يقول : قد مضى الدخان ، كان سنين كسنيّ يوسف / والبطشة الكبرى يوم بدر ، وقد انشق القمر (١).

٢٣٥٢ ـ وحدّثنا علي بن الحسين بن إشكاب ، قال : ثنا محمد بن ربيعة الكلابي.

__________________

٢٣٥٠ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٢ / ٣٧٢ ، ومسلم ١٨ / ٨٧ كلاهما من طريق : إسماعيل بن جعفر ، به.

ورواه الطيالسي ٢ / ٢١٢ من طريق : عبد الله بن رباح ، عن أبي هريرة ، به.

٢٣٥١ ـ إسناده منقطع.

رواه ابن أبي شيبة ١٥ / ١٧٩ ـ ١٨٠ ، والطبري ٨ / ١٠١ ، كلاهما من طريق : ابن سيرين ، به.

٢٣٥٢ ـ إسناده ضعيف.

(١) رواه الطبري ٢٥ / ١١٢ بإسناده إلى مسروق ، عن ابن مسعود به ، وإسناده صحيح.


٢٣٥٣ ـ وحدّثنا عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا خالد بن عبد الرحمن ـ جميعا ـ قالا : ثنا الفضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : تخرج الدابّة من صدع في الصفا ، كحضر الفرس ثلاثة أيام ، ولا يخرج ثلثها.

٢٣٥٤ ـ وحدّثنا أبو علي الحسين بن منصور الأبرش ، قال : ثنا سعيد بن هبيرة ، قال : ثنا حمّاد بن سلمة ، قال : أنا طلحة ـ يعني ابن يحيى بن طلحة ـ عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : تخرج دابّة الأرض ، فيفزع الناس إلى الصلاة ، فتأتي الرجل وهو يصلّي فتقول : طوّل ما أنت مطوّل ، فو الله لأخطمنّك.

٢٣٥٥ ـ حدّثنا محمد بن موسى الواسطي ، قال : ثنا محمد بن اسماعيل ،

__________________

٢٣٥٣ ـ إسناده ضعيف.

عطية بن سعد العوفي. صدوق يخطيء كثيرا وكان شيعيا مدلسا. التقريب ٢ / ٢٤.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ٦٧ ، والطبري ٢ / ١٤ كلاهما من طريق : فضيل بن مرزوق ، به.

٢٣٥٤ ـ إسناده ضعيف.

سعيد بن هبيرة بن عديس بن أنس بن مالك ، قال أبو حاتم ، ليس بالقوي ، روى أحاديث أنكرها أهل العلم. الجرح ٤ / ٧٠ ـ ٧١ وقال ابن حبّان : يروي الموضوعات عن الثقات ، كأنّه كان يضعها أو توضع له ، فيجيب فيها. اللسان ٣ / ١٤٨.

ذكره السيوطي في الدرّ ٥ / ١١٥ وعزاه لعبد بن حميد.

٢٣٥٥ ـ إسناده ضعيف.

رواه البخاري في التاريخ الكبير ٣ / ٣١٦ عن يحيى بن معين ، عن هشام بن يوسف ، به. ورواه من طريق البخاري ، العقيلي في الضعفاء ٢ / ٦١ وابن عدي في الكامل ٣ / ١٠١٣. ورواه ابن عدي أيضا ٧ / ٥٦٩ ، من طريق : يحيى بن معين عن هشام ، به.


[قال : ثنا يحيى بن معين](١) قال : ثنا هشام بن يوسف ، عن رباح بن عبيد الله ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «بئس الشعب شعب أجياد ، تخرج منه الدابّة ، تصيح ثلاث صيحات يسمعها من بين الخافقين».

٢٣٥٦ ـ وحدّثنا أبو زيد ـ محمد بن حسّان ـ قال : ثنا أبو بكر بن عياش ، عن المغيرة ، عن ابراهيم ، قال : قلنا له : (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) أو تكلمهم؟ قال : لا ، بل (تُكَلِّمُهُمْ) ، يعني : الكلام.

٢٣٥٧ ـ حدّثنا أبو بشر ، قال : ثنا مهنّا أبو شبل ، قال : ثنا حمّاد ، عن علي بن زيد ، عن أوس بن خالد ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال :

__________________

وذكره الهيثمي في المجمع ٨ / ٧ وعزاه للطبراني في الأوسط ، وقال : وفيه رباح بن عبيد الله ابن عمر ، وهو ضعيف. وذكره السيوطي في الدرّ ٥ / ١١٧ وعزاه لابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور.

٢٣٥٦ ـ إسناده صحيح.

محمد بن حسّان ذكره ابن أبي حاتم ٧ / ٢٣٨ وقال : سمعت منه مع أبي. وهو صدوق ثقة. ومغيرة ، هو : ابن مقسم. وابراهيم ، هو : النخعي.

٢٣٥٧ ـ إسناده ضعيف.

علي بن زيد بن جدعان : ضعيف. ومهنا بن عبد الحميد : ثقة.

رواه أحمد ٢ / ٢٩٥ ، والترمذي ١٢ / ٦٢ ـ ٦٣ ، وابن ماجه ٢ / ١٣٥١ ـ ١٣٥٢ ، والطبري ٢٠ / ١٥ ، والحاكم ٤ / ٤٨٥ كلّهم من طريق : حمّاد بن سلمة ، به. وذكره السيوطي في الدرّ ٥ / ١١٦ وعزاه لأحمد ، والطيالسي ، وعبد بن حميد ، والترمذي ، وابن ماجه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، وابن مردويه ، والبيهقي في البعث والنشور.

(١) سقط من الأصل واستدركته من المراجع.


قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «تخرج الدابّة معها عصا موسى ، وخاتم [سليمان](١) ، فتجلو وجه المؤمن بالعصا ، وتخطم أنف الكافر ، حتى أنّ أهل الخوان ليقعدون ، فيقول هذا لهذا : يا مؤمن ، وهذا لهذا : يا كافر».

٢٣٥٨ ـ وحدّثنا أبو بشر ، قال : ثنا أبو شبل ـ مهنّا ـ عن حمّاد ، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز ، وقتادة ، عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ ، أنه أخذ نعله ، وقال : لو شئت أن لا أنتعل حتى أضع رجلي حيث تخرج الدابة من قبل أجياد مما يلي الصفا.

٢٣٥٩ ـ وحدّثني أحمد بن صالح ـ عرضته عليه ـ قال : ثنا نعيم ، قال : ثنا محمد بن الحارث ، عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني ، عن أبيه ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «إذا كان الوعد الذي قال الله ـ تبارك وتعالى ـ : (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) قال : ليس ذاك بحديث ولا كلام ، ولكنه سمة تيسم من أمرها الله ـ تعالى ـ ويكون خروجها من الصفا ليلة أهل منى ، فيصبحون بين رأسها وذنبها ، لا يدخل أحد ولا يخرج خارج ، حتى إذا فرغت مما أمرها الله ـ تعالى ـ به كانت أول خطوة تضعها ، بإنطاكية».

__________________

٢٣٥٨ ـ إسناده صحيح.

رواه الطبري ٢٠ / ١٥ بإسناده إلى قيس بن سعيد ، عن عطاء ، قال : فذكره.

٢٣٥٩ ـ إسناده ضعيف جدا.

محمد بن الحارث ضعيف. وابن البيلماني ، ضعيف ، وقد اتّهمه ابن عدي وابن حبّان. التقريب ٢ / ١٨٢.

ذكره السيوطي في الدرّ ٥ / ١١٥ وعزاه لنعيم بن حمّاد في «الفتن».

(١) في الأصل (إسماعيل).


٢٣٦٠ ـ وحدّثنا أبو بشر بكر بن خلف ، وعبد الله بن أحمد ، قالا : ثنا عمر بن [سهل](١) ، قال : ثنا مهدي بن عمران ، قال : سئل أبو الطفيل [وأنا عنده](٢) ، فقيل له : من أين تخرج الدابّة؟ فقال : بلغني أنّها تخرج من الصفا أو المروة.

٢٣٦١ ـ وحدّثنا بكر بن خلف ، قال : ثنا أبو شبل ، عن حمّاد ، عن هشام بن حسان ، عن حفصة بنت سيرين ، عن أبي العالية ، قال : الآيات كلّها في ستة أشهر.

ذكر

أخشبي مكة وما جاء فيهما

وأخشبا مكة : الجبل الذي يقال له : أبو قبيس ، وهو الجبل المشرف على الصفا ، وهو ما بين / أجياد الصغير إلى السويداء ، إلى الخندمة. وكان يسمّى في الجاهلية : الأمين (٣).

__________________

٢٣٦٠ ـ إسناده ليّن.

مهدي بن عمران الحنفي ، قال عنه البخاري : لا يتابع على حديثه. اللسان ٦ / ١٠٦.

وذكره ابن حبّان في ثقات التابعين ٥ / ٤٣٦.

٢٣٦١ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١٥ / ١٨٢ عن يزيد بن هارون ، عن هشام ، به.

(١) في الأصل (سهيل) ، وهو خطأ. وعمر بن سهل ، هو : المازني.

(٢) في الأصل (وأبا عبدة).

(٣) الأزرقي ٢ / ٢٦٦.


٢٣٦٢ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني يحيى بن محمد بن ثوبان ، عن سليم بن مسلم ، عن عبد الوهاب بن مجاهد ، قال : أبو قبيس أول جبل وضعه الله ـ عزّ وجلّ ـ على الأرض حين مادت الأرض.

٢٣٦٣ ـ حدّثنا أحمد بن سليمان ، قال : ثنا زيد بن المبارك ، قال : أنا ابن ثور ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، في قوله ـ تعالى ـ : (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) قال : رأوه منشقا ، فقال : (سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) ذاهب. قال : أخبرني أبو معمر ، عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : رأيت القمر منشقّا شقتين قبل مخرج النبي صلّى الله عليه وسلم بمكة ، شقة على أبي قبيس ، وشقة على كدى وكدى ، فقالوا : سحر القمر فنزلت : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) ، كما أريناكم القمر منشقا ، فإنّ الذي يخبركم عن الساعة حقّ (١).

قال ابن جريج : رفع الركن يوم الغرق على أبي قبيس.

__________________

٢٣٦٢ ـ إسناده متروك.

سليم بن مسلم ، هو : الخشّاب ، قال ابن معين : ليس بثقة. وعبد الوهاب بن مجاهد : متروك ، كذّبه الثوري.

رواه الأزرقي ٢ / ٢٦٧ من طريق : سليم بن مسلم ، عن عبد الوهاب بن مجاهد ، به.

وذكره البسنوي في محاضرة الأوائل ص : ١١٩.

٢٣٦٣ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه.

رواه الطبري ٢٧ / ٨٧ ـ ٨٨ من طريق : ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، به. وذكره الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٧٦ ، نقلا عن الفاكهي.

(١) رواه البخاري ٦ / ٦٣١ ، ٧ / ١٨٣ ، ٨ / ٦١٧ ومسلم ١٧ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ، والترمذي ١٢ / ١٧٤ ـ ١٧٥ ، والطبري ٢٧ / ٨٥ كلّهم من طريق : أبي معمر ، به. ونقله الفاسي في الشفاء ١ / ٢٧٦ عن الفاكهي. وأبو معمر ، هو : عبد الله بن سخبرة الأزدي.


٢٣٦٤ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني يحيى بن محمد بن ثوبان ، عن سليم بن مسلم ، عن [ابن] مجاهد ، قال : إنّ ابراهيم النبيّ ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما أمر أن ينادي في الناس بالحجّ ، قام على رأس أبي قبيس ، فقال : يا عباد الله ، أجيبوا داعي الله. قال : وعلى رأس أبي قبيس صخرة يقال لها : صخرة أبي يزيد.

وأبو قبيس : أحد أخشبي مكة ، وهو الجبل المشرف على الصفا ، وهو ما بين حرف أجياد الصغير إلى السويداء التي تلي الخندمة ، وكان يسمى في الجاهلية : الأمين ، ويقال : إنما سمّي الأمين أن الركن كان مستودعا فيه عام الطوفان. فلما بنى ابراهيم ـ صلى الله عليه وسلّم ـ البيت ، ناداه أبو قبيس : إنّ الركن في موضع كذا وكذا.

ويقال : إقتبس الركن من أبي قبيس ، فسمّي أبا قبيس.

ويقال : كان رجل من مذحج ، ويقال : من إياد ، نهض فيه بالبناء أوّل الناس ، وكان الرجل يدعى : قبيسا ، فسميّ : أبا قبيس (١).

والأخشب الآخر : الذي يقال له : الأحمر. وكان يسمّى في الجاهلية : الأعرف. وهو الجبل المشرف وجهه على قعيقعان ، على دور عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنه ـ.

وفيه موضع يقال : الجرّ والميزاب. وانما سمّي : الجر والميزاب أن هنالك موضعين يشرف أحدهما على الآخر ، والأعلى يصب في الأسفل ، فاسم

__________________

٢٣٦٤ ـ إسناده متروك.

ذكره السيوطي في الدرّ المنثور ٤ / ٣٥٤ وعزاه لعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم من قول مجاهد.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧ ، وشفاء الغرام.


الأعلى : الميزاب. واسم الأسفل : الجر. وهذا كله حدّثنا به الزبير (١).

وفي ظهره الآخر موضع يقال له : قرن أبي ريش. وعلى رأسه صخرات مشرفات فوق الجبل الأحمر ، يقال لها : الكبش ، عليها منارة يؤذّن عليها.

وفي ظهره موضع يقال له : قرارة المدحى كان أهل مكة ـ فيما يزعمون ـ يتداحون هنالك بالمداحي والمراصيع (٢).

٢٣٦٥ ـ حدّثنا حسين بن حسن ، قال : أنا هشيم ، قال : أنا حصين ، عن عكيم بن عمرو ، قال : جاءت امرأة إلى ابن عباس ـ رضي الله عنها ـ فقالت : إنها نذرت إن عاش ابنها أن تجعله نصرانيا ، فقال : اذهبي فاجعليه مسلما ، أو جاء رجل فقال : إني نذرت أن أبيت على قعيقعان مجردا حتى يصبح. فضحك منه ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وقال : انظروا إلى هذا أراد الشيطان يبدي عورته فيضحك منه / وأصحابه. ثمّ قال له : انطلق فالبس عليك ثيابك ، وصلّ على قعيقعان حتى تصبح.

٢٣٦٦ ـ حدّثنا حسين بن [عبد المؤمن](٣) ، قال : ثنا علي بن عاصم ، قال : ثنا يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم يوم فتح مكة : «هذه حرّمها الله ـ تعالى ـ يوم خلق السماوات والأرض ووضع هذين الأخشبين».

__________________

٢٣٦٥ ـ عكيم بن عمرو لم أقف عليه ، وحصين ، هو : ابن عبد الرحمن.

رواه عبد الرزاق ٨ / ٤٣٨ من طريق : ابن جريج ، عن ابن أبي حسين ، عن ابن عباس ، مختصرا.

٢٣٦٦ ـ إسناده ضعيف.

رواه أحمد ١ / ٢٥٩ بإسناده إلى مجاهد ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، بنحوه.

(١) ، (٢) الأزرقي ٢ / ٢٦٧ ـ ٢٦٨. ولا زال اسم القرارة يطلق على هذا الموضع إلى الآن.

(٣) في الأصل (عبد الرحمن). وقد تقدّم مرارا.


٢٣٦٧ ـ وحدّثنا ابن أبي عمر ، قال : قال سفيان بن عيينة في قوله ـ تعالى ـ (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) قال : قالوا : يا محمد : إنّ أرضنا بين جبلين ـ يعني : أبا قبيس ، والأحمر ـ فأخّر عنا هذين الجبلين حتى نزرع ، وأجر لنا فيها عيونا ، وأحي لنا قصيّ بن كلاب فإنه كان له عقل نسأله أحق ما تقول؟ فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى ، بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً)(١) قال : لا يكون هذا ، ولم يكن أوّلا ، أو لم يكفهم ما يرون من الآيات : السماوات والأرض والجبال والمطر.

٢٣٦٨ ـ سمعت الزبير بن أبي بكر ، يقول : ما بين أخشبيها ، وجنحتيها أكرم من فلان ، والأخاشب والجباجب : جبال مكة.

وأنشد الزبير بن أبي بكر للعامري في الأخشبين :

نبايع بين الأخشبين وإنّما

يد الله بين الأخشبين نبايع

__________________

٢٣٦٧ ـ إسناده صحيح إلى سفيان.

٢٣٦٨ ـ عن الأخاشب والجباجب أنظر تاج العروس ١ / ٢٣٤ ، ولسان العرب ١ / ٣٥٤.

والعامري ، هو : خدّاش بن زهير ، من بني عامر بن صعصعة ، شاعر جاهلي ، يقال : إنّ قريشا قتلت أباه في حرب الفجار ، فكان خدّاش يكثر من هجوها. ويقال : إنّه أسلم بعد غزوة حنين. والصحيح أنّه جاهلي.

قال أبو عمرو بن العلاء : خدّاش أشعر من لبيد ، وأبى الناس إلّا تقدمة لبيد. أنظر طبقات فحول الشعراء ١ / ١٤٤. والشعر والشعراء ٢ / ٦٤٥. والإصابة ١ / ٤٥٥.

وبيته هذا ذكره ابن عساكر في تاريخه (تهذيبه ٧ / ٢٦١) ، ونسبه للعباس بن مرداس ابن أبي عامر السلمي ، وهو صحابي من مسلمة الفتح ، ولعلّ نسبة البيت للعباس أقرب إلى الصحّة.

(١) سورة الرعد (٣١).


ذكر

فضل مقبرة مكة واستقبالها القبلة

وذكر

مقبرة مكة في الجاهلية والإسلام

ولا يعلم بمكة شعب يستقبل القبلة ليس فيه انحراف عنها إلا شعب مقبرة أهل مكة ، فانه يستقبل وجه الكعبة كلها مستقيما (١).

٢٣٦٩ ـ حدّثنا أبو بشر ـ بكر بن خلف ـ وعبد الله بن اسحاق ، قالا : ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني ابراهيم بن أبي خداش ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال : «نعم المقبرة هذه».

قال ابن جريج : يعني : مقبرة مكة.

__________________

٢٣٦٩ ـ إسناده صحيح.

إبراهيم بن أبي خدّاش الهاشمي ، ذكره ابن حبّان في ثقات التابعين ٤ / ١٠. وسكت عنه البخاري ١ / ٢٨٤ ، وابن أبي حاتم ٢ / ٩٨.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٩ ، وأحمد ١ / ٣٦٧ ، والبخاري في التاريخ ١ / ٢٨٤ ، والأزرقي ٢ / ٢٠٩ ، والطبراني في الكبير ١١ / ١٣٧ كلّهم من طريق : ابن جريج ، به.

وذكره الهيثمي في المجمع ٣ / ٣٩٧ وعزاه لأحمد ، والبزّار والطبراني في الكبير. وذكره السيوطي في الكبير ١ / ٨٥٦ وعزاه للفاكهي والديلمي.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٠٩.


٢٣٧٠ ـ وحدّثني أبو جعفر أحمد بن صالح ، قال : ثنا محمد بن يحيى ، عن عبد الرحيم بن زيد العمّي ، عن أبيه ، عن شقيق بن سلمة ، عن عبد الله ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : وقف النبي صلّى الله عليه وسلم على المقبرة ، وليس بها يومئذ مقبرة ، فقال : يبعث الله ـ تبارك وتعالى ـ من هذه البقعة ، ومن هذا الحرم كلّه سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، يشفع كلّ واحد منهم في سبعين ، وجوههم من الأولين والآخرين كالقمر ليلة البدر». فقال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ : يا رسول الله فمن هم؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «من الغرباء». فقال : يا رسول الله ، ما لمن هلك في حرم الله ـ عزّ وجلّ ـ؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «من هلك في حرم الله ـ تعالى ـ محتسبا داره بعثوا آمنين يوم القيامة». قال : فما لمن هلك في حرمك؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «من هلك بالمدينة محتسبا داره حبّا لله ـ تعالى ـ ولرسوله ، بعثوا آمنين يوم القيامة». قال : فما لمن هلك بين الحرمين ـ مكة والمدينة ـ؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «من هلك بين مكة والمدينة / حاجا أو معتمرا أو طلب طاعة من طاعة الله ـ عزّ وجلّ ـ بعثوا آمنين يوم القيامة».

٢٣٧١ ـ حدّثنا ميمون بن الحكم الصنعاني ، قال : ثنا محمد بن جعشم ، قال : أنا ابن جريج ، قال : أخبرني ابن أبي مليكة في حديث رفعه إلى

__________________

٢٣٧٠ ـ إسناده متروك.

عبد الرحيم بن زيد العمّي ، ضعيف ، كذّبه ابن معين.

ذكره الفاسي في الشفاء ١ / ٢٨٤ وعزاه للجندي في فضائل مكة من طريق : عبد الرحيم العمّي ، به.

٢٣٧١ ـ إسناده مرسل.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٥١٧ ، ٥٧٠ ، وابن أبي شيبة ٣ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤ ، والترمذي ٤ / ٢٧٥ ، وابن ماجه ١ / ٥٠٠ ، والأزرقي ٢ / ٢١١ كلّهم من طريق : ابن جريج ، به.


النبي صلّى الله عليه وسلم قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال : «ائتوا موتاكم فسلّموا عليهم ، وصلّوا ، [فإنّ](١) لكم فيهم عبرة».

قال ابن أبي مليكة : ورأيت أنا عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم ـ رضي الله عنها ـ تزور قبر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر ـ رضي الله عنهم ـ ، ومات بالحبشي على بريد من مكة ، وقبر ـ رضي الله عنه ـ بمكة.

٢٣٧٢ ـ وحدّثنا ميمون بن الحكم ، قال : ثنا محمد بن جعشم ، قال : أنا ابن جريج ، قال : حدّثت عن مسروق بن الأجدع ، عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ، قال : خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما وخرجنا معه ، حتى انتهينا إلى المقابر ، فأمرنا فجلسنا ، ثم تخطّا إلى القبور حتى انتهى إلى قبر منها ، فجلس إليه ، فناجاه طويلا ، ثم ارتفع نحيب رسول الله صلّى الله عليه وسلم باكيا ، فبكينا لبكاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثمّ إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أقبل إلينا ، فلقيه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ، فقال : ما الذي أبكاك يا رسول الله؟ لقد أبكانا وأفزعنا ، فأخذ صلّى الله عليه وسلم بيد عمر ـ رضي الله عنه ـ ، وأومأ إلينا فأشار ، فقال : «أفزعكم بكائي؟»فقلنا : نعم يا رسول الله. فقال صلّى الله عليه وسلم : «إن القبر الذي رأيتموني عنده قبر آمنة بنت وهب ، واني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي ، ثم استأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي ، فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) كذلك حتى تقصّى الآيات

__________________

٢٣٧٢ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه وبقيّة رجاله ثقات.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٢ ـ ٥٧٣ ، والأزرقي ٢ / ٢١٠ ـ ٢١١ وابن ماجه ١ / ٥٠١ ، وابن حبّان (ص : ٢٠١ موارد الظمآن) كلّهم من طريق : ابن جريج به.

ورواه ابن أبي شيبة ٣ / ٣٤٣ من طريق : جابر بن يزيد ، عن مسروق به مختصرا.

(١) في الأصل (كأن) والتصويب من المراجع.


كلّها : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ) فأخذني ما يأخذ الولد لوالده في الرّقة ، فذاك الذي أبكاني ، ألا إني كنت نهيتكم عن ثلاث : عن زيارة القبور ، وأكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث ، ليسعكم ، وعن نبيذ الأوعية ، فزوروا القبور ، فانها تزهّد في الدنيا وتذكّر الآخرة ، وكلوا لحوم الأضاحي ، وأبقوا منها ما شئتم ، فإنما نهيتكم أنّ الخير قليل توسعة على الناس ، ألا وإنّ كلّ وعاء لا يحرّم شيئا ، كلّ مسكر حرام».

قال ابن جريج : وأخبرني عثمان بن صفوان ، قال : إنّ آمنة بنت وهب أمّ النبي صلّى الله عليه وسلم دفنت في شعب أبي دبّ (١).

قال ابن جريج : وأخبرني ابراهيم بن أبي خداش ، قال : إنّ ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : لمّا أشرف النبي صلّى الله عليه وسلم على المقبرة ، وهو على طريقه الأول ، فأشار بيده وراء الضفيرة. فقال : نعم المقبرة هذه (٢).

قلت للذي يخبرني : أخصّ الشعب؟ قال : هكذا قال ، ولم يخبرني أنه خص شيئا إلا كذلك أشار بيده وراء الضفيرة (٣).

قال ابن جريج : وحدّثت عن سعيد بن جبير ، وجاء مقبرة مكة فقيل له : اتطأ على القبر؟ فقال : أين أطأ؟ أها هنا؟ وأشار إلى ثنية المدنيّين (٤).

قال ابن جريج في حديثه هذا : قال لي عطاء : يكره أن توطأ القبور ، وأن يجلس عليها ، فقلت : اتخطّا؟ قال : أكرهه. قال وما يفعل ذلك؟ إنّا إذا بلغنا قبر أحدهم انا لنطؤه (٥).

__________________

(١) رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٣ عن ابن جريج ، به.

(٢) تقدّم تخريجه برقم (٢٣٦٩).

(٣) رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٩ عن ابن جريج ، به.

(٤) رواه عبد الرزاق ٣ / ٥١١ عن ابن جريج ، عن رجل ، عن سعيد ، به.

(٥) رواه عبد الرزاق ٣ / ٥١٠ عن ابن جريج ، به.


٢٣٧٣ ـ حدّثنا حسين بن حسن الأزدي ، قال : ثنا سويد ، قال : أخبرني أسد / بن راشد ، عن حرب بن [سريج](١) ، عن أبي بشر [الندبي](٢) عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ ، قال : كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى أتى مقبرة ، فخلّا عن ناقته ، ولم يكن أحد يأخذ برأسها ، ولم تكن تقرّ لمنافق فأخذ رجل برأسها ، ففتل رأسها ، فدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فجعل يدنو حتى ظننا أنه قد نزل فينا شيء ، فتوجّه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ، فلمّا رآه أقبل عليه بوجهه ، فقال : «هذا قبر آمنة بنت وهب الزهرية أم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، واني سألت ربي أن يشفّعني فيها ، وأنه أبى عليّ».

وقد زعم بعض أهل مكة عن أشياخهم أنّ أهل الجاهلية كانوا يدفنون موتاهم في شعب أبي دبّ (٣) وقام الإسلام على ذلك ، وهم يدفنون هنا لك وبالحجون (٤) أيضا إلى شعب الصفي ، صفي السباب. [وفي الشعب](٥) اللاصق بثنيّة المدنيين ، الذي هو اليوم مقبرة أهل مكة ، ثم تمضي المقبرة مصعدة بالجبل (٦) إلى ثنية أذاخر بحائط خرمان. وكان يدفن في هذه المقبرة

__________________

٢٣٧٣ ـ أسد بن راشد لم أعرفه ، وبقيّة رجاله موثّقون.

(١) في الأصل (حرب بن أبي شريح) وهو خطأ. فهو حرب بن سريج بن المنذر المنقري.

(٢) في الأصل (الندى) وهو خطأ ، فهو بشر بن حرب ، أبو عمرو الندبي ، بفتح النون والدال ، بعدها باء موحّدة.

(٣) شعب أبي دبّ ، هو الشعب المسمّى اليوم (دحلة الجنّ) وسوف يأتي التعريف به في الفصل الجغرافي ـ إن شاء الله ـ.

(٤) الحجون هنا ، هو الحجون القديم ، والمراد هنا المنطقة التي يطلق عليها اليوم (برحة الرشيدي). وقد امتدّ أمامها موقف طويل للسيارات بعدّة أدوار. وسوف يأتي التعريف بالحجون ـ إن شاء الله ـ.

(٥) سقطت من الأصل ، وألحقتها من الأزرقي والفاسي. وهذا الشعب هو الذي على يسارك وأنت هابط من ثنيّة المدنيّين (ريع الحجون اليوم) ، ويقولون إنّ فيه قبر خديجة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ.

(٦) أي جبل (أبي دجانة) أو (جبل البرم) على ما سيأتي ، وعلى ما سمّاه الفاكهي ، فتمتدّ المقبرة هذه لتأخذ جزءا من المنطقة المسمّاة (الجعفرية) حتى تتّصل قبورها بمقبرة الخرمانية ، ثم تصعد المقبرة


التي عند ثنية أذاخر آل أسيد بن أبي العيص بن أمية ، وفيها دفن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذ مات بمكة ، وكان نازلا على عبد الله بن خالد بن أسيد في داره ، وكان صديقا له وخاصّا (١).

٢٣٧٤ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : كان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذا قدم مكة أهدى إلى عبد الله بن خالد من صدقة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ. قال : فلما حضرت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ الوفاة أوصى عبد الله بن خالد أن لا يصلي عليه الحجّاج ـ وكان الحجّاج بمكة واليا بعد مقتل ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ فصلّى عليه عبد الله بن خالد ليلا على ردمهم عند باب داره ، ودفنه في مقبرتهم هذه ، عند ثنية أذاخر بحائط خرمان ـ رحمه الله وغفر له ـ.

ويدفن في هذه المقبرة مع آل خالد بن أسيد آل سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم إلى يومنا هذا (٢).

وشعب أبي دبّ الذي يعمل فيه الجزّارون بمكة فسمّي به. وعلى فم الشعب سقيفة من حجارة بناها أبو موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ ، ونزلها

__________________

٢٣٧٤ ـ إسناده صحيح.

ذكره الأزرقي ٢ / ٢١٠.

الخرمانية فتصل قبورها إلى ثنية أذاخر (ربع ذاخر اليوم) من الجهة اليسرى وأنت خارج إلى الثنية من مكة. وقد غمر العمران هذه المنطقة كلّها ، ولم يعد للقبور هذه عين ولا أثر ، إلّا جزءا صغيرا من مقبرة الخرمانية لا زال قائما إلى اليوم ، أحاط به سور أمانة العاصمة الحديدي ، على شكل مثلّث ، ويحيط بها الطريق العام من الجهة الشمالية ، تقابل فوّهة شعب أذاخر ، ويقابلها مركز صحي المعابدة اليوم ، وفي هذه المقبرة قبر عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٠٩ ـ ٢١٠.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢١٠.


حين انصرف من الحكمين ، وقال فيما ذكروا : أجاور قوما لا يغدرون ولا يمكرون ـ يعني بذلك : أهل المقابر ـ (١).

وقال بعض المكيين : إنّ في هذا الشعب قبر آمنة بنت وهب ابن عبد مناف بن زهرة أم رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

وقال بعضهم : قبرها في دار رائعة ، فالله أعلم (٢).

٢٣٧٥ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن يزيد ابن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلم : «استأذنت ربي في أن أزور قبر أمي فأذن لي ، واستأذنته في أن أدعو لها فأبى أن يأذن لي».

٢٣٧٦ ـ وحدّثنا محمد بن علي ، قال : ثنا يعلى بن عبيد ، قال : ثنا أبو منين ـ يزيد بن كيسان ـ عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، قال : زار النبي صلّى الله عليه وسلم قبر أمه ، فبكى ، فذكر نحوه ، وزاد فيه : «فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت».

__________________

٢٣٧٥ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٢ / ٤٤١ ، وابن أبي شيبة ٣ / ٣٤٣ ، ومسلم ٧ / ٤٥ ، وأبو داود ٣ / ٢٩٦ ، وابن ماجه ١ / ٥٠٠ ـ ٥٠١ ، والنسائي ٤ / ٩٠ ، والبيهقي في السنن ٤ / ٧٦ ، والدلائل ١ / ١٩٠ كلّهم من طريق : يزيد بن كيسان ، به.

٢٣٧٦ ـ إسناده صحيح.

رواه الحاكم ١ / ٣٧٥ ـ ٣٧٦ من طريق : يعلى بن عبيد ، به. وقال : هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه.

(١) المرجع السابق ٢ / ٢١٠.

(٢) المصدر السابق ٢ / ٢١٠. ودار رائعة تقع ما بين شعب علي ، وشعب عامر ، وقد تقدّم ذكرها في الرباع.


٢٣٧٧ ـ حدّثنا محمد بن سليمان ، ومحمد بن اسماعيل ، قالا : ثنا قبيصة بن عقبة ، عن سفيان الثوري ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه / قال : لما افتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلم مكة أتى جذم قبر فجلس إليه ، وجلس الناس حوله ، فجعل صلّى الله عليه وسلم كهيئة المخاطب ، ثم قام صلّى الله عليه وسلم وهو يبكي ، فاستقبله عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ، وكان من أجرأ الناس عليه صلّى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله بأبي وأمي ، ما الذي أبكاك ، قال صلّى الله عليه وسلم : «هذا قبر أمي ، استأذنت ربّي أن أزور قبرها فأذن لي ، واستأذنته أن أستغفر لها ، فلم يأذن لي ، فذكرتها ، فوقفت ، فبكيت». قال : فلم ير باكيا أكثر من ذلك اليوم.

٢٣٧٨ ـ وحدّثني أبو ابراهيم ، قال : حدّثني عيسى بن اسحق المكّي ، قال : خرجت مع عبد الله بن قنبل في جنازة ، فقال لي : كنت مع عمي الزنجي ابن خالد ها هنا في جنازة ، فدعا داود الأعور الذي كان يكون على المقابر ، فقال له : يا داود أنت بيتك في المقابر ، وأنت تنام فيها ، فهل رأيت فيها شيئا يعجبك أو تنكره؟ فقال : والله لاحدثنّك ، إني كنت في ليلة شاتية شديدة البرد مقمرة ، فدخلت في المقبرة ساعة في أول الليل ، ثم أتيت خيمتي

__________________

٢٣٧٧ ـ إسناده حسن.

رواه ابن سعد ١ / ١١٧ ، وابن أبي شيبة ٣ / ٣٤٣ ، والحاكم ١ / ٣٧٥ ، والبيهقي في الدلائل ١ / ١٨٩ كلّهم من طريق : الثوري به. ورواه الطبري ١١ / ٤٢ من طريق : علقمة ابن مرثد ، به. قال ابن سعد : وهذا غلط ، وليس قبرها بمكة ، وقبرها بالأبواء. قلت : لا يعني قوله (لما افتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلم مكة أتى جذم قبر) أنّ ذلك الفعل كان بمكة ، ومعناه أنّه في طريقه إلى الفتح ، أو في رجوعه من فتح مكة جاء ذلك القبر ؛ وقبرها بالأبواء على الصحيح ، ولا دلالة في الأحاديث الصحيحة السابقة أن قبرها بمكة.

٢٣٧٨ ـ في سنده من لم أقف عليه.


لأرقد ، فلما تلففت بكسائي ، سمعت صوتا من أقصى المقبرة : لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير. فقعدت أسمع ساعة ، فو الله ما رأيت أحدا ، فلمّا ان هويت لأرقد ، إذا أنا بالصوت يقول مثل قوله الأول : لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، فخرجت ، وقلت : والله لا أنتهي حتى أنظر ما الخبر؟ فدرت في المقبرة ساعة ما أسمع شيئا ولا أرى أحدا ، حتى إذا هويت لأخرج سمعت الصوت ، فخرجت أؤمّ الصوت ، فقعدت ليلا لاستمع ، فإذا بالصوت يخرج من القبر : لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت ، بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، فأتيت القبر فعلّمته بحجارة ، ثم خرجت فرقدت ثم ترددت إلى القبر أطلب أين هو ، فوجدت عجوزا عنده ، فقلت لها : أيا أمة من صاحب هذا القبر؟ فارتاعت لمسألتي عنه ، وقالت : ما له وما سؤالك عنه؟ فأخبرتها بالذي سمعت ، فقالت : وسمعته؟ قلت : نعم. قالت : فو الله ما فاتته في رقاده ، يتكلم بها لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير.

ويقال : إنّ قصي بن كلاب دفن بالحجون ، وهي المقبرة الأولى.

وحدّ الحجون (١) : الجبل المشرف الذي بحذاء المسجد الذي يلي شعب

__________________

(١) ما ذكر في طرفي الحجون لا يعرف اليوم ، فالمسجد الذي بحذاء شعب الجزّارين (شعب أبي دبّ) لا يوجد اليوم ، كما أنّ حائط عوف ، وبيوت ابن الصيقل لا يعرفان اليوم كذلك. فكأنّ الفاكهي يريد بالمسجد هنا : المسجد الذي أقامه بغا بالقرب من بئر أبي موسى الأشعري ، عندما نثلها وأصلحها وبنى عندها سقّاية وجنبذا ، ومسجدا. وكما قلت : إنّ المسجد لا يوجد اليوم ، وأمّا البئر


الجزّارين إلى ما بين الحوضين اللذين في حائط عوف ، وبيوت ابن الصيقل على الحجون (١).

وابن الصيقل مولى لآل الزبير بن العوام ـ رضي الله عنه ـ.

٢٣٧٩ ـ فحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني ابراهيم بن المنذر ، عن الواقدي ، قال : مات قصيّ بن كلاب بمكة فدفن بالحجون ، فتدافن الناس بعده بالحجون. قال : فكان أهل مكة يدفنون موتاهم في جنبتي الوادي يمينا وشمالا في الجاهلية وصدر الاسلام ، ثم إنّ الناس حوّلوا مقبرتهم في الجانب الأيسر (٢) لما جاء عن / رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الخبر لقوله : «نعم المقبرة ونعم الشعب»فهي مقبرة أهل مكة ، إلّا آل عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية ، وأبي سفيان بن عبد الأسد ، فهم يدفنون في المقبرة العليا بحائط خرمان إلى يومنا هذا.

__________________

٢٣٧٩ ـ ذكره الأزرقي ٢ / ٢١١.

والحوض ، فأغلب ظنّي : أنّها البئر التي كانت تسمّى (بئر غيلمة) وكان عندها حوض تسمّيه العامة : حوض أبي طالب ، والبئر والحوض يقعان في أسفل فوّهة دحلة الجنّ ، وقد طمّ البئر ، وأزيل الحوض وأدخلا في توسعة طريق الحرم.

فحدّ الحجون الأعلى ، هو : الضفّة السفلى من دحلة الجنّ.

وأمّا حائط عوف فموضعه في المنطقة المسمّاة اليوم بالكمالية ، مقابل بناية البريد المركزي الآن ، وموضعه يقابل مدخل السيّارات الذي ببرحة الرشيدي ، وتهبط عليه الثنيّة الصغيرة من شعب عامر ، فهذا هو حدّ الحجون الأسفل ، والله أعلم.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٧٣.

(٢) وبانتقال المقبرة من الجانب الأيمن للخارج من مكة إلى الجانب الأيسر أهملت المقابر في الجانب الأيمن بالتدريج حتى لم يبق فيه قبر اليوم ، بل منذ زمن بعيد ، وكذلك انتقل اسم الحجون بعد الفاكهي إلى الجانب الأيسر ، فأطلق على المقبرة اليسرى ، ولم يعد يطلق اسم الحجون اليوم إلّا على الجانب الأيسر وهذا منذ عهد الفاسي ، بل قبله كذلك ، ولذلك وقع لبعض الفضلاء في القديم والحديث خبط في ذلك.


٢٣٨٠ ـ وفي مقبرة الحجون يقول كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي بعد في الإسلام. حدّثنا بذلك الزبير بن أبي بكر :

عينيّ جودي بعبرة أسراب

بدموع كثيرة التسكاب

إنّ أهل الحصاب قد تركوني

موزعا مولعا بأهل الخراب

كم بذاك الحجون من حيّ صدق

من كهول أعفة وشباب

سكنوا الجزع جزع بيت أبي

موسى إلى النخل من صفيّ السباب

أهل دار تتابعوا للمنايا

ما على الدهر بعدهم من عتاب

فارقوني وقد علمت يقينا

ما لمن ذاق ميتة من إياب

أحزنتني حمولهم يوم ولّوا

من بلادي وآذنوا بالذهاب

وزاد غير الزبير :

فلي الويل بعدهم وعليهم

صرت خلوا وملّني أصحابي

وكانت مقبرة المطيّبين بأعلى مكة (١).

ومقبرة الأحلاف بأسفل مكة (٢).

__________________

٢٣٨٠ ـ الأبيات بعضها في الأزرقي ٢ / ٢١١ ، والأغاني ١ / ٣٢١ ـ ٣٢٢ ، ٨ / ٣٤٣ ، ٩ / ١٧٤.

ومعجم البلدان ٣ / ٤١٥.

(١) هي المقبرة التي سبق ذكرها ، وتسمّى اليوم (مقبرة المعلاة) وهي أكبر مقابر مكة وفيها الدفن اليوم ، وقد سوّرت بأسوار جيّدة ونظّمت تنظيما بديعا.

(٢) هي مقبرة الشبيكة ، على ما أفاده الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٢٨٧ ، مستدلّا على ذلك بأنّه لا يوجد في أسفل مكة مقبرة سواها. قلت : وهذه المقبرة لا زالت قائمة إلى اليوم ، ولكن لا يدفن فيها ، إنّما الدفن في مقبرة المعلاة. ومقبرة الشبيكة عليها سور حديث بني في عهد الملك سعود بن عبد العزيز ، وتقع على يسار الخارج من مكة على ثنية كدي ، ويمين الخارج من مكة على جبل الكعبة على ثنية الحزنة في جبل عمر ، وهي مشهورة معروفة.

وقد تقدّم الكلام عن الأحلاف والمطيّبين.


٢٣٨١ ـ وحدّثني ابراهيم بن عبد الرحيم ، قال : سمعت عمّي ينشد لبعض أهل مكة في الحجون والمقبرة التي به :

فإذا مررت على الحجون وأهله

فصل الحجون وأهله بسلام

كم بالحجون وبينه من سيّد

ضخم الدّسيعة ماجد مكرام

خلّى منازله وأصبح ثاويا

بالشعب بين دكادك وأكام

وقال الفضل بن (١) العباس اللهبي يذكر من قبر بمكة من قومه :

أبا الفضل تقى فينا ومكرمة

تنافس الأرض موتانا إذا قبروا

ترى بنا فضلها عن كلّ مقبرة

إذا العباد لفضل بينهم حشروا

تبكي السماء علينا في مقابرنا

إذا تسوّى على أمواتنا الحفر

والشمس تبكي على هلّاكنا جزعا

لو تستطيع لهم نشرا لقد نشروا

__________________

٢٣٨١ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وكذلك عمّه.

وقوله : ضخم الدسيعة ، أي : واسع العطاء ، والدسيعة : العطاء ، لسان العرب ٨ / ٨٥.

(١) تقدّمت ترجمته بعد الخبر (١١٤٣).


ذكر

مقبرة المهاجرين بمكة

وهي التي عند الحصحاص (١)

وما جاء فيها

٢٣٨٢ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد ، ومحمد بن أبي عمر ، وسعيد بن عبد الرحمن ، قالوا : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، قال : كان ناس قد أقرّوا بالإسلام ، ولم يهاجروا ، فلمّا كان يوم بدر ، خرج بهم كرها ، فقاتلوا وأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ)(٢) إلى قوله : (عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) الآية /. ثم قال : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) الآية ، فكتب بذلك من كان بالمدينة إلى من كان بمكة ممن كان قد أسلم. فقال رجل من بني بكر ـ قال يعقوب في حديثه : قال سفيان : فبلغنا أنه ضمرة بن جندب ـ وكان

__________________

٢٣٨٢ ـ إسناده صحيح إلى عكرمة.

رواه الأزرقي ٢ / ٢١٢ ، والطبري في التفسير ٥ / ٢٣٩ ، والبيهقي ٩ / ١٤ ، كلّهم من طريق سفيان ، به. وأشار إليه ابن حجر في الإصابة ١ / ٢٥٣ ونسبه للفاكهي. وذكره السيوطي في الدرّ ٢ / ٢٠٨ وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر.

(١) هذه المقبرة لا زالت قائمة ، وتقع على يمين الهابط من (ريع الكحل) يريد الزاهر ، بأصل الجبل ، وتبعد عن أول جسر ريع الكحل قرابة المائتي متر.

وقد شقّ طريق في هذه المقبرة بعرض يقارب الستة أمتار ، ليصعد إلى العمائر الحديثة التي أقيمت في سفح الجبل ، فوق المقبرة ، فصارت المقبرة كأنّها مقبرتان ، وقد سوّرتا بسور قدر قامة الإنسان ، ووضع لها بابان من حديد مشبّكان ، ولا دفن فيها اليوم ، ولأنّ الذين حول هذه المقبرة يجهلون حرمة الموتى ، فقد تراهم يلقون في هذه المقبرة بعض مخلّفاتهم ، حتى يخيّل للرائي أنّها ليست مقبرة ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.

(٢) النساء (٩٧ ـ ٩٨).


مريضا : أخرجوني إلى الروح ، فخرجوا به ، فلما بلغوا به الحصحاص مات ، فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ...)(١) إلى آخر الآية.

٢٣٨٣ ـ حدّثنا [أبو بشر](٢) قال : ثنا ابن أبي الضيف ، قال : ثنا عبد الله ابن عثمان بن خثيم ، عن [عبيد الله](٣) بن عياض بن عمرو القارّي ، عن أبيه ، عن جده عمرو بن القارّي ، ـ رضي الله عنه ـ قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم دخل على سعد بن مالك ـ رضي الله عنه ـ يوم الفتح ، وهو بمكة ، بعد ما انطلق إلى خيبر ، ورجع من الجعرانة ، وعنده عمرو بن القارّي ، فقال سعد ـ رضي الله عنه ـ : يا رسول الله إنّ لي مالا كثيرا ، وإنّ ورثتي كلالة (٤) ، أفأتصدّق بمالي كله؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «لا». قال أفأتصدق بشطره؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «لا». قال : أفأتصدق بثلثه؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «نعم». قال : «كثير»ثم جهش إليه سعد ـ رضي الله عنه ـ فقال : يا رسول الله أموت بالأرض التي خرجت منها من الشرك مهاجرا؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «إنّي لأرجو أن يرفعك الله ، فينكأ بك أقواما ويرفع بك آخرين ، يا عمرو بن القارّي ان مات سعد بن مالك ، فادفنه ها هنا»وأشار صلّى الله عليه وسلم نحو عقبة المدنيّين.

__________________

٢٣٨٣ ـ إسناده ليّن.

ابن أبي الضيف ، هو : محمد بن زيد ، أبو الضيف : مستور. كما في التقريب ٢ / ١٧٢.

رواه ابن سعد ٣ / ١٤٦ ، والبيهقي ٩ / ١٨ ـ ١٩ كلاهما من طريق : ابن خثيم ، به.

ثم قال البيهقي : واختلف في هذه الرواية على ابن خثيم في اسم حفدة عمرو بن القاري.

(١) النساء (١٠٠).

(٢) في الأصل (أبو بر).

(٣) في الأصل (عبد الله).

(٤) هو الذي : لا ولد له ، ولا والد.


٢٣٨٤ ـ وحدّثني أحمد بن سليمان ، قال : ثنا زيد بن المبارك ، قال : ثنا ابن ثور ، عن ابن جريج (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ)(١) قال : هو : [جندب](٢) بن ضمرة ، أحد بني ليث.

قال ابن جريج : وقال مولى ابن عباس : قال ضمرة : اللهم أبلغت في المعذرة والحجّة ، ولا معذرة ولا حجّة ، فخرج شيخا كبيرا ، فمات فنزلت هذه الآية.

قال ابن جريج في حديثه هذا : وأخبرني يعلى [عن](٣) سعيد بن جبير ، قال : مات بسرف.

٢٣٨٥ ـ وحدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا هشام بن سليمان عن ابن جريج ، قال : أخبرني اسماعيل بن محمد بن سعد ، قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم أمر السائب بن عمير القارّي فقال : إن مات سعد ـ لسعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ فلا تقبره بمكة.

__________________

٢٣٨٤ ـ إسناده إلى ابن جريج حسن.

نقله ابن حجر في الاصابة ١ / ٢٥٣ عن الفاكهي مختصرا. وروى الطبري في قوله (اللهم : ... الخ) ٥ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠ عن ابن جريج ، عن عكرمة. وعبد بن حميد ، وابن جرير ، والبيهقي ، بنحوه.

٢٣٨٥ ـ إسناده منقطع.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٨ ـ ٥٧٩ عن ابن جريج به. وذكره ابن حجر في الإصابة ٢ / ١١ ونسبه للفاكهي ، وقال : وأخرجه ابن منده.

(١) سورة النساء (١٠٠).

(٢) في الأصل (خندق) وهو تصحيف. وانظر كلام ابن حجر عن إسم هذا الرجل في الإصابة ، حيث ذكر فيه أقوالا ثلاثة : جندب بن ضمرة ، وضمرة بن جندب ، وجندع بن ضمرة.

(٣) في الأصل (بن) وهو خطأ. ويعلى يحتمل أن يكون : ابن مسلم ، ويحتمل أن يكون : ابن حكيم ، وكلاهما من شيوخ ابن جريج ، ومن تلامذة سعيد بن جبير.

وسرف : بعد التنعيم ، سوف يأتي التعريف به.


وقال غير أبي عبد الله في هذا الحديث : وأشار بيده نحو ذي طوى. قال : وأراد بنو عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن يخرجوه من مكة ، فمنعهم عبد الله بن خالد ، وقال : قد حضر الناس.

٢٣٨٦ ـ حدّثنا عبد الجبار بن العلاء ، قال : ثنا سفيان ، عن اسماعيل بن محمد بن سعد ، عن الأعرج ، قال : خلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلم على سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ رجلا ، فقال : إن مات بمكة فلا تدفنوه بها. قال سفيان : لأنه ـ رضي الله عنه ـ كان مهاجرا.

٢٣٨٧ ـ وحدّثنا ميمون بن الحكم ، قال : ثنا محمد بن جعشم ، قال : أنا ابن جريج ، قال : أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن نافع بن سرجس ، قال : إنّ سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ اشتكى خلاف النبي صلّى الله عليه وسلم بمكة حين ذهب / النبي صلّى الله عليه وسلم إلى الطائف ، فلما رجع قال النبي صلّى الله عليه وسلم لعمرو بن القارّي : إن مات فها هنا ، وأشار صلّى الله عليه وسلم إلى طريق المدينة.

قال ابن جريج : وحدّثني ابن خثيم ، عن نافع بن سرجس ، قال : عدنا أبا واقد البكري في مرضه الذي مات فيه ، فمات فدفن في قبور المهاجرين.

قال : ومات ناس من الأنصار من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم فدفنوا هنا لك.

قال : واتّبعت بعضهم ـ يعني : تلك التي دون فخّ.

__________________

٢٣٨٦ ـ إسناده مرسل.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٨ ، وابن سعد ٣ / ١٤٦ ، والبيهقي ٩ / ١٩ كلّهم من طريق : سفيان به مرسلا.

٢٣٨٧ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقيّة رجاله موثّقون.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٧ عن ابن جريج ، به.


قال ابن جريج : ما زلت أسمع وأنا غلام أنها قبور المهاجرين (١).

قال ابن جريج : وحدّثت عن يحيى بن عبد الله بن صيفي ، أنه قال : يبعث من مات وقبر في تلك المقبرة آمنا يوم القيامة.

قال ابن جريج في حديثه هذا : وكنت أسمع قبل ذلك أن من مات في الحرم فأن ذلك له (٢).

ذكر المحصّب (٣)

وحدوده ، وما جاء فيه

٢٣٨٨ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : ليس المحصّب بشيء ، إنما هو منزل نزله رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

__________________

٢٣٨٨ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب ، والحميدي ١ / ٢٣٢ ، والدارمي ٢ / ٥٤ ، والبخاري ٣ / ٥٩١ ، ومسلم ٩ / ٦٠ ، والترمذي ٤ / ١٥٣ ، والأزرقي ٢ / ١٥٩ ، والطبراني في الكبير ١١ / ١٦٧ ، وابن خزيمة ٤ / ٣٢٤ ، والبيهقي ٥ / ١٦٠ كلّهم من طريق : سفيان ، به.

ومعنى قوله : ليس المحصّب بشيء : أي ليس نزول المحصّب بعد النفر الأخير من مناسك الحجّ.

(١) رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٨ ، والأزرقي ٢ / ٢١٢ كلاهما من طريق : ابن جريج ، به.

(٢) رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٨ ، والأزرقي ٢ / ٢٠٩ كلاهما من طريق : ابن جريج ، به إلّا أنّ الأزرقي جعله : عن ابن جريج ، عن إسماعيل بن الوليد بن هشام.

(٣) سيحدّده الفاكهي بعد قليل.


٢٣٨٩ ـ حدّثنا ابن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ ، قالت : إنما نزله رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأنه كان أسمح لخروجه ـ تعني : المحصّب ـ.

٢٣٩٠ ـ حدّثنا ابن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، قال : كان عمرو بن دينار يذكر عن صالح بن كيسان هذا الحديث ، فقال لنا عمرو : اذهبوا إلى صالح بن كيسان فسلوه عن حديث يذكره في المحصّب ، قد اعتمر فسألته عنه ، فقال لي : عن سليمان بن يسار ، قال : قال أبو رافع ـ رضي الله عنه ـ وكان على ثقل النبي صلّى الله عليه وسلم : لم يأمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أنزل الأبطح ، ولكن أنا ضربت قبّته فجاء صلّى الله عليه وسلم فنزل.

٢٣٩١ ـ حدّثنا الحسن بن علي ، ومحمد بن أبي عمر ، قالا : ثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ كانوا ينزلون الأبطح.

__________________

٢٣٨٩ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب ، وأحمد ٦ / ٤١ ، ١٩٠ ، ٢٠٧ ، ٢٣٠ ، والبخاري ٣ / ٥٩١ ، ومسلم ٩ / ٥٩ ، والترمذي ٤ / ١٥٥ وأبو داود ٢ / ٢٨٣ ، والأزرقي ٢ / ١٢٠ ، والبيهقي ٥ / ١٦١ ، كلّهم من طريق : هشام بن عروة به.

٢٣٩٠ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب ، والحميدي ١ / ٢٥١ ، ومسلم ٩ / ٦٠ ـ ٦١ ، وأبو داود ٢ / ٢٨٣ ، والأزرقي ٢ / ١٥٩ ، وابن خزيمة ٤ / ٣٢٣ ، والبيهقي ٥ / ١٦١ كلّهم من طريق : سفيان بن عيينة ، به.

٢٣٩١ ـ إسناده صحيح.

رواه مسلم ٩ / ٥٩ ، وابن خزيمة ٤ / ٣٢٥ ، والبيهقي ٥ / ١٦٠ ، ثلاثتهم من طريق : عبد الرزاق ، به.


٢٣٩٢ ـ وحدّثنا محمد بن أبان ، قال : ثنا عبد الرزاق ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلّى الله عليه وسلم مثله سواء.

٢٣٩٣ ـ وحدّثنا ابن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن مالك بن مغول عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال : نزل النبي صلّى الله عليه وسلم بالأبطح في قبّة ضربت له ، فجعل يصلي ، فركز بين يديه العنزة ، ثم صلى إليها ، وإن الحمار والكلب والمرأة لتمرّ من ورائها. قال وخرجوا بفضل وضوء رسول الله صلّى الله عليه وسلم فابتدره الناس فأصبت منه.

٢٣٩٤ ـ حدّثنا هارون بن موسى بن طريف ، قال : ثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، قال : إن قتادة حدّثه ، أن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ حدّثه أن النبي صلّى الله عليه وسلم صلّى الظهر والعصر والمغرب ورقد رقدة بالمحصّب ثم ركب إلى البيت فطاف به.

٢٣٩٥ ـ حدّثنا ابن طريف ، قال : حدّثنا ابن وهب / عن عمرو بن

__________________

٢٣٩٢ ـ إسناده صحيح.

رواه الترمذي ٤ / ١٥٢ ، وابن خزيمة ٤ / ٣٢٥ كلاهما من طريق : عبد الرزاق ، به.

وقال الترمذي : صحيح حسن غريب.

٢٣٩٣ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٤ / ٣٠٧ ، ٣٠٨ ، ٣٠٩ ، وابن خزيمة ٤ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦ كلاهما من طريق : عون بن أبي جحيفة ، به.

٢٣٩٤ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه. والحديث روي بإسناد صحيح عند البخاري ٣ / ٥٩٠ ، والبيهقي ٥ / ١٦٠ كلاهما من طريق : ابن وهب ، به.

٢٣٩٥ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقيّة رجاله موثّقون.


الحرث ، قال : إنّ أبا الزبير أخبره ، أنّ ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ كان يقول : ما الإناخة بالمحصّب سنّة ، إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم انتظر به عائشة ـ رضي الله عنها ـ حتى تأتي.

٢٣٩٦ ـ حدّثنا أبو مروان ـ محمد بن عثمان ـ قال : ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن ابن أبي ذئب ، عن شعبة ، قال : إنّ ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ كان يقول : إنما كانت ليلة الحصبة أنّ العرب كان يخاف بعضها بعضا ، فيجتمعون ، فيتواعدون بها ، ثم يخرجون جميعا ، فجرى الناس عليها.

٢٣٩٧ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن الحسن بن حيّ ، عن عمرو بن دينار ، قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ كانوا يحصّبون.

٢٣٩٨ ـ حدّثنا محمد بن يحيى ، قال : ثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن عائشة وأسماء بنتي أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ أنهما لم تكونا تحصّبان.

__________________

٢٣٩٦ ـ إسناده حسن.

شعبة ، هو : مولى ابن عباس : صدوق يخطئ على ما في التقريب.

٢٣٩٧ ـ إسناده مرسل.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب من طريق : وكيع ، عن الحسن بن حي ، به.

٢٣٩٨ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب ، والأزرقي ٢ / ١٥٩ كلاهما من طريق : هشام بن عروة ، به.


٢٣٩٩ ـ وحدّثنا ابن أبي مسرّة ، قال : ثنا محمد بن حرب ، قال : ثنا حزام بن هشام ، قال : أخبرني أخي عبد الله بن هشام ، عن أبي ، أنه سمعه يقول : نزل عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ المحصّب فنظر إلى القمر ، واستلقى [فحدّثه](١) القوم بحديث ولم يجبهم فيه بشيء ، فقالوا : رقد أمير المؤمنين ، فاستفاق لهم ، وقال : لا والله ما رقدت ، ولكن حدّثت نفسي بحديث حال بيني وبين حديثكم ، فقالوا : وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال : نظرت إلى [القمر](٢) وإلى الأشياء كلّها ، فإذا هي تزيد وتزيد ، ثم ترجع حتى لا تكون شيئا ، ثم ذكرت موت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فخشيت أن يكون موت رسول الله صلّى الله عليه وسلم هلاك الإسلام ، حتى لا يبقى منه شيء ، فذلك الذى حال دون حديثكم.

٢٤٠٠ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن طاوس ، قال : كان أبي يحصّب في شعب الخوز.

__________________

٢٣٩٩ ـ فيه عبد الله بن هشام ، ولم أقف على حاله ، وبقيّة رجاله موثّقون. ومحمد بن حرب بن سليم. قال أبو حاتم : صالح الحديث ليس به بأس. الجرح ٨ / ٢٣٧. وحزام بن هشام بن حبيش الخزاعي ، قال أبو حاتم : شيخ محلّه الصدق. الجرح ٣ / ٢٩٨. وذكره ابن حبّان في الثقات ٦ / ٢٤٧. وعبد الله بن هشام ذكره ابن أبي حاتم ٣ / ٢٩٨ في ترجمة أخيه حزام وسكت عنه. وهشام بن حبيش بن خالد الخزاعي ذكره ابن حبّان في ثقات التابعين ٥ / ٥٠١ و ٥٠٣. وذكره ابن أبي حاتم ٩ / ٥٣ وسكت عنه.

٢٤٠٠ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب من طريق : سفيان به.

وشعب الخوز : هو مدخل الملاوي إلى ريع المسكين. وسوف يأتي الكلام عنه في المباحث الجغرافية.

(١) في الأصل (بحزمة).

(٢) في الأصل (القوم) وصوابه ما أثبت كما يدل عليه سياق القصّة.


٢٤٠١ ـ حدّثنا أبو مروان ، محمد بن عثمان ، عن عبد العزيز بن محمد ، قال : ابن أبي ذئب : وأخبرني صالح مولى التوأمة ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : كانت بنو تميم وربيعة تخاف بعضها بعضا.

٢٤٠٢ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثنا أيوب ، وعبيد الله ، عن نافع قال : كان ابن أبي عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذا جاء من منى جاء المحصّب فصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ويهجع به هجعة ثم يخرج.

٢٤٠٣ ـ حدّثنا الحسن بن محمد الزعفراني ، قال : ثنا عفان ، عن حماد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلّى الله عليه وسلم نحو حديث ابن عيينة.

٢٤٠٤ ـ حدّثنا أبو مروان ، قال : ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن هشام بن عروة ، قال : إنّ [أباه](١) عروة لم يكن يحصّب.

__________________

٢٤٠١ ـ إسناده حسن.

٢٤٠٢ ـ إسناده صحيح.

رواه البخاري ٣ / ٥٩٢ ، والبيهقي ٥ / ١٦٠ كلاهما من طريق : خالد بن الحارث به.

٢٤٠٣ ـ إسناده حسن.

حمّاد ، هو : ابن سلمة.

رواه أحمد ٢ / ١١٠ ، ١٢٤ من طريق : سريج ، ويونس ، عن حمّاد ، به.

٢٤٠٤ ـ إسناده حسن.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب من طريق : عبدة ، عن هشام به.

(١) في الأصل (أبا) والتصويب من ابن أبي شيبة.


وحد المحصّب (١) : ما بين شعب عمرو الذي عند بئر عمرو بن عبد الله ،

__________________

(١) اختلف العلماء في تحديد المحصّب الذي يسنّ المبيت فيه بعد الإنصراف من منى طولا وعرضا على أقوال.

الأول : قول الأزرقي ٢ / ١٦٠ (وحدّ المحصّب : من الحجون مصعدا في الشق الأيسر وأنت ذاهب إلى منى إلى حائط خرمان مرتفعا عن الوادي ، فذلك كلّه المحصّب).

والحجون المراد هنا ، هو : الحجون الجاهلي أي برحة الرشيدي اليوم. وأم خرمان ، هي : منطقة الحرمانية التي أقيم على جزء كبير منها مبنى أمانة العاصمة المقدّسة. ومراد الأزرقي أن المحصّب إنّما يكون في الجهة اليسرى من هذه المنطقة فقط ، فإذا أخرجنا المقبرة من هذا التحديد لأنّهم أجمعوا على أنها ليست من المحصّب ، لم يسلم لنا إلّا المنطقة المسمّاة اليوم ب (الجعفرية) والجهة اليسرى من الجميّزة إلى الخرمانية.

القول الثاني : قول الإمام الشافعي الذي نقله الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٣١٤ ، قال : (قال الشافعي : المحصّب : ما بين الجبلين ، جبل العيرة ، والجبل الآخر ، وهو على باب جبل المقبرة) أه.

وجبل العيرة : هو ، جبل المنحنى ، المقابل لقصر الملك فيصل ، على يمينك وأنت ذاهب إلى منى.

والجبل الآخر : هو جبل الحجون كما يفهم من معنى كلام الإمام الشافعي.

وعلى هذا فيدخل جانبا الوادي في المحصّب إلّا موضع المقبرة. وهذا ما اختاره الفاسي.

القول الثالث : قول الأصمعي الذي نقله ياقوت في معجم البلدان ٥ / ٦٢ (حدّه ما بين شعب عمرو إلى شعب بني كنانة).

وشعب عمرو هو : الملاوي العليا الممتدّة إلى جهة منى ؛ وشعب بني كنانة ، هو : ما يسمّى البياضية اليوم ، وقد قام على مدخله قصر السقاف الطويل.

وعلى هذا : فالمحصّب هو ذلك الفضاء الذي أقيم عليه قصر السقاف وما خلفه ليس إلّا.

القول الرابع : قول الإمام الفاكهي : وهو ما بين شعب عمرو الذي هو الملاوي إلى ثنية أذاخر.

فيأخذ فضاء البيّاضية ، وموضع قصر السقاف والخرمانية ثم يصعد في شعب أذاخر حتى يصل ريع ذاخر.

القول الخامس : القول الذي نقله الفاكهي عن بعض المكيّين أنه : ما بين شعب الصفيّ إلى حائط مقيصرة وهو فناء دار محمد بن سليمان ، إلى حائط خرمان ، إلى ثنية أذاخر.

وشعب الصفي ، هو : الجميّزة اليمنى للصاعد إلى منى. وحائط مقيصرة يمتدّ تجاه قصر أبي جعفر المنصور اللاصق بجبل سقر ، وجبل سقر ، هو : الجبل الصغير المشرف على مدخل شعب الأخنس الذي يسمّى اليوم (الخنساء) ، وهو لاصق بجبل قلعة المعابدة.

ودار محمد بن سليمان موضعه بالقرب من قصر الإمارة القديم الذي يجاور أمانة العاصمة من الشرق.

وعلى هذا القول : فالمحصّب : يأخذ المساحة التي تقابل جبل سقر ، ثم ينزل ليأخذ موضع قصر السقاف اليوم ، ثم يأخذ منطقة الخرمانية ، ثم يصعد إلى ريع ذاخر.

وهناك قول آخر حدّد المحصّب من الحجون إلى منى ، وهذا بعيد لا دليل عليه.


الذي عندها العرضان (١). سمعت أبا يحيى بن أبي مسرّة يقول : كان يقال لها : دين (٢) العرضين الظاهر ، ثم يصعد إلى الثنية التي تسلك إلى الجعرانة ، إلى حائط خرمان مرتفعا.

وقال بعض المكيين : المحصّب : ما بين شعب الصفيّ إلى حائط مقيصرة ، وهو فناء دار محمد بن سليمان. وفيما بين حائط خرمان إلى الثنية التي تسلك إلى الجعرانة ، وهي ثنية أذاخر / وكان يسمى المحصّب ، وحائط خرمان : خيف بني كنانة.

__________________

وقول آخر جعل المحصّب هو : الوادي الذي فيه الجمار ، وما بعده. وهذا أبعد من الذي قبله ، ولا دليل على ذلك أيضا.

أمّا القول الأول ، وهو : قصر الأزرقي المحصّب على الجهة اليسرى فقط من الحجون إلى الخرمانية ، قول لا ينهض له دليل ، بل الدليل عكسه. لأن التحصيب إنّما أخذ من فعل النبي صلّى الله عليه وسلم. وإنّما حصّب النبي صلّى الله عليه وسلم في خيف بني كنانة. وخيف بني كنانة يطلق على شعب الصفيّ ، وشعب الصفيّ على ما حررناه وعلى ما سيأتي تحريره ـ إن شاء الله ـ هو : الجميّزة اليمنى للصاعد من مكة ، وهذا الشعب يقع في يمين الوادي للمصعد لا على يساره ـ وعلى ذلك فأكثر التحصيب إنّما يكون على يمين الوادي ، لأنّ الناس عندما كانوا يحصّبون في شعب الصفيّ ، وشعب عمرو ، وشعب الخوز ، وكل ذلك على يمين الوادي ، فقصره على يسار الوادي يحتاج إلى دليل ، والله أعلم.

وأمّا القول الثاني : وهو مدّ طول المحصّب من الجهة العليا إلى حدّ جبل العيرة ، (وهو جبل المنحنى اليوم) انفرد به الشافعي ـ رحمه الله ـ إن صحّ عنه ، ولم يتابعه على ذلك أحد ، وتحصيب النبي صلّى الله عليه وسلم إنّما كان أسفل من ذلك.

والأزرقي والفاكهي ، والأصمعي ، ومسلم بن خالد الزنجي ـ شيخ الشافعي ـ لم يتعدّوا بحدّ المحصّب الأعلى ما قابل الخرمانية لا من جهة شعب عمرو ، ولا من جهة أذاخر ، والله أعلم.

وأمّا القول الثالث : في قصر المحصّب على شعب عمرو إلى شعب بني كنانة ، فهذا على اعتبار أنّ خيف بني كنانة يطلق على الخرمانية وعلى صفيّ السباب ، والحجّاج إذا حصّبوا ملؤوا هذه المنطقة شعب الصفيّ ، (الجمّيزة) وشعب عمرو (الملاوي وفسحة البيّاضية) والخرمانية ، وهذا صحيح ، لكنّهم إذا كثروا نزلوا ما يقابل ذلك وهو شعب أذاخر إلى ثنيّة أذاخر ، وهذا ما يتخرّج عليه القول الرابع ، وهو أولى الأقوال بالقبول عندي.

أمّا القول الخامس فلا يبعد قبوله ، وهو عين القول الرابع ، إلّا أنّه مدّ نهايته العليا إلى أعلى قليلا ، والعلم عند الله.

(١) كذا في الأصل ، ولم أعرفه ، ولعلّه يعني الأرض العريضة الفضاء في مدخل الملاوي ، وكانت هناك آبار أزيلت قبل سنوات قليلة.

(٢) كذا في الأصل ولعلّها بئر.


٢٤٠٥ ـ حدّثنا العباس بن محمد الدوري ، قال : ثنا محمد بن مصعب ، قال : ثنا الأوزاعي ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ : قال : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين أراد أن ينفر من منى ، قال : «نحن نازلون غدا ـ إن شاء الله ـ بالمحصب بخيف بني كنانة ، حيث تقاسموا على الكفر»وذلك (١) أن قريشا تقاسموا على بني هاشم ، وعلى بني عبد المطلب ، أن لا يناكحوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

٢٤٠٦ ـ فحدّثنا أبو بشر ، والحسن بن علي ، قالا : ثنا يزيد بن هارون ، عن محمد بن إسحق ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ قال : لمّا قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى ـ قال الحلواني : من خيبر ، يعني : بين بني هاشم وبني المطلب ـ جئت أنا ، وعثمان ـ رضي الله عنه ـ فقلت : يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم ، لا ينكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم ، أرأيت إخواننا من بني المطلّب أعطيتهم وتركتنا ، وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «إنّهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام»زاد الحلواني في حديثه «وإنما بنو هاشم وبنو المطّلب شيء واحد ثم شبّك بين أصابعه»قال الحلواني : وأرانا يزيد كيف

__________________

٢٤٠٥ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٢ / ٥٤٠ ، والبخاري ٣ / ٤٥٣ ، ومسلم ٩ / ٦١ ، وأبو داود ٢ / ٢٨٣ ، وابن خزيمة ٤ / ٣٢١ ، والبيهقي ٥ / ١٦٠ كلّهم من طريق : الأوزاعي به.

٢٤٠٦ ـ إسناده حسن.

رواه أحمد ٤ / ٨١ ، والبخاري ٦ / ٢٤٤ ، ٥٣٣ ، ٧ / ٤٨٤ ، وأبو داود ٣ / ٢٠١ ، وابن ماجه ٢ / ٩٦١ ، والنسائي ٧ / ١٣٠ ـ ١٣١ ، والبيهقي في الدلائل ٤ / ٢٤٠ كلّهم من طريق : الزهري به.

(١) من هنا إلى آخر الحديث من كلام الزهري ، على ما ذكر ابن حجر في الفتح.


شبك. وأرانا أبو محمد الحلواني : كيف شبّك بيده.

٢٤٠٧ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، قال : سمعت عمر ابن حبيب ، يحدّث ، عن الزهري ، قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلم لرجل : موعدك خيف بني كنانة ، حيث تقاسم الكفّار علينا.

قال ابن أبي عمر ، قال : سفيان ، قال عمر بن حبيب : حائط الصفيّ (١).

وقال بعض أهل مكة : نزل النبي صلّى الله عليه وسلم بالمحصّب دار عبد العزيز بن عبد الله ، وهي التي دبر بركة أمّ جعفر التي بأعلى (٢) مكة.

وقال آخرون : بل نزل بالمحصّب فوق ذلك فيما بين الحجون إلى حائط خرمان إلى أن يلتوي بالجبل (٣) الذي عنده المسجد (٤) الذي صلّي على أبي

__________________

٢٤٠٧ ـ إسناده ضعيف ، مرسل.

عمر بن حبيب القاضي : ضعيف. التقريب ٢ / ٥٢.

(١) تفسير عمر بن حبيب لخيف بني كنانة بأنّه (حائط الصفيّ) من إطلاق الكل على الجزء ، لأنّ خيف بني كنانة يطلق : على شعب الصفيّ ، وعلى الخرمانية. وسيأتي تحرير ذلك ـ إن شاء الله ـ.

(٢) سبق وصف الفاكهي لهذه البركة ، وكيفيّة بنائها ، وما أنشد فيها من الشعر ، ويظهر لي أنّها تقع إلى شمال مدخل موقف السيّارات في برحة الرشيدي ، بقرب المسجد القديم هناك ، ولا زالت تلك الأرض تابعة لعين زبيدة حتى اليوم ، وأقيم فيها مخازن لحفظ بعض مستلزمات هذه العين وغيرها.

ونزول النبيّ صلّى الله عليه وسلم هنا ، في هذه المنطقة ، وقد سمّيت في بعض الروايات (الحجون) كما ورد عن أسماء ـ رضي الله عنها ـ ، هذا النزول إنّما كان نزوله الأول قبل التعريف. ولذلك سمّاه عطاء (أعلى مكة) أمّا نزوله الثاني بعد التعريف فكان في المحصّب ، في خيف بني كنانة ، وسمّاه عطاء (أعلى الوادي).

وبذلك يتبيّن صحّة قول من قال : نزل صلّى الله عليه وسلم بالحجون ، وصحّة قول من قال : نزل صلّى الله عليه وسلم : بالمحصّب. لأنّهما نزولان ، وليس نزولا واحدا.

(٣) هو : نزاعة الشوي ، على ما سيأتي ـ إن شاء الله ـ.

(٤) لا زال هذا المسجد قائما إلى اليوم ، وهو مسجد صغير يقابل مبنى أمانة العاصمة من الجنوب ، وهو يلاصق قصر السقاف من جهة مكة.


جعفر أمير المؤمنين فيه ، وهو الشعب الذي يخرجك على شعب الخوز (١) ، وفي ذلك يقول الشاعر :

فلا والذي مسّحت أركان بيته

أعوذ به فيمن يعوذ ويرغب

[سسك](٢) ما أرسى ثبير مكانه

وما دام جار الحجون المحصّب

٢٤٠٨ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني محمد بن يحيى ، عن رباح بن محمد السهمي ، عن الزنجي ابن خالد ، قال : حد المحصّب ما بين شعب عمرو إلى شعب بني كنانة. قال : وقال بعض المكيين : المحصّب ما بين دار العباس بن محمد ، إلى فناء دار محمد بن سليمان وحائط خرمان ، إلى الثنية التي تسلك إلى الجعرانة ، وهي ثنية أذاخر. وإنما سمّي المحصّب لرمي (٣) الجمرة الأخيرة يسيل حصباؤها بالمحصّب.

٢٤٠٩ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا ابراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله أبي ربيعة ، عن أم كلثوم بنت أبي بكر ، عن ، عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت : أذن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ لأزواج / النبي صلّى الله عليه وسلم في آخر حجة حجّها ، فلما

__________________

٢٤٠٨ ـ أنظر ما سبق في تحديد المحصّب.

٢٤٠٩ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن سعد ٣ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤ ، وابن شبّة في تاريخ المدينة ٣ / ٨٧٣ ، وأبو الفرج في الأغاني ٩ / ١٥٩ ـ ١٦٠ ، كلّهم من طريق : الزهري به. وذكره ابن حجر في الإصابة ٢ / ١٥٢ وعزاه للفاكهي ، وقال : إسناده صحيح.

(١) هو الشعب الذي يهبط عليه ريع المسكين يمينا وشمالا وسوف يأتي تحريره ـ بعون الله ـ.

(٢) كذا في الأصل ولعلّها (نسيتك).

(٣) كذا في الأصل ، ولعلّ فيها سقطا.


نزل الحصبة عمر ـ رضي الله عنه ـ وارتحل من آخر الليل أقبل راكب فقال : أين كان منزل أمير المؤمنين؟ فأشير له إليه ، قالت : فأناخ ورفع عقيرته يتغنى ، فقال :

عليك السلام من أمير وباركت

يد الله في ذاك الأديم المخرّق

فمن يجر أو يركب جناحي نعامة

ليدرك ما قدّمت بالأمس تسبق

قضيت أمورا ثمّ غادرت بعدها

نوائح في أكمامها لم تفتّق

قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : إعلموا إليّ علم هذا الرجل فلم يجدوا في مكانه أحدا.

قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : إني لأحسبه من الجن ، فلما قتل عمر ـ رضي الله عنه ـ نحل الناس بهذه الأبيات شمّاخ (١) ، أو جمّاع بن ضرار.

وقال امرؤ القيس بن حجر الكنديّ (٢) في المحصّب يذكره :

فلله عينا من رأى من تفرّق

أشتّ ، وأنأى من فراق المحصّب

وقال الكميت بن [زيد](٣) أيضا في ذلك :

إذا ما قضيت من أهل يثرب حاجة

فمكة من أوطانها فالمحصّب

__________________

(١) الشمّاخ بن ضرار بن سنان بن أميّة بن ذبيان ، صحابي مخضرم. ترجمته في الإصابة ٢ / ١٥١ ـ ١٥٢ ، والأغاني ٩ / ١٥٨.

(٢) ديوانه ص : ٤٩.

(٣) في الأصل (يزيد) وهو خطأ. والكميت بن زيد بن خنيس الأسدي ، شاعر اشتهر في العصر الأموي ، وكان عالما بتاريخ العرب ولغتهم وأنسابهم وأخبارهم ، ذا ميل لبني هاشم ، وأكثر من مدحهم ، مات سنة (١٢٦).

ترجمته في الشعر والشعراء ٢ / ٥٨١ ، ومعجم الشعراء ص : ٢٣٨ ، والأغاني ١٧ / ١ ـ ٤١.


وقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة (١) في المحصب :

نظرت إليها بالمحصّب من منى

ولي نظر لو لا التحرّج عارم

وقال عمر بن أبي ربيعة أيضا (٢) فيه :

نظرت إليها بالمحصّب من منى

فقلت : شعاع الشمس ، والشمس تقصر

وقال عمر بن أبي ربيعة (٣) أيضا فيه :

ألم تربع على الطلل التريب

عفا بين المحصّب فالطلوب

بمكة دارسا درجت عليه

خلاف الحيّ ريح صبا دبوب (٤)

وقال الفرزدق (٥) يذكر المحصّب والمواسم وهو يفتخر بقومه :

هم سمعوا يوم المحصّب من منى

ندائي وقد لفت رقاق المواسم

وقال النصيب (٦) يذكره :

ذكرتك يوم النحر لمّا بدا لنا

خدوج تدانى ضحوة بالمحصّب (٧)

خدوج عليها الرقم قد أزرت به

وقنّعن من خضر الفريد المذهّب (٨)

__________________

(١) ديوانه ص : ٣٤٨.

(٢) لم أجده في ديوانه.

(٣) ديوانه ص : ٢٠. والطلوب : جبل سيأتي التعريف به.

(٤) كذا في الأصل ، وفي الديوان (دؤوب).

(٥) لم أجده في ديوانه.

(٦) النصيب بن رباح ، أبو محجن ، مولى عبد العزيز بن مروان. شاعر فحل. أخباره في الأغاني ١ / ٣٢٤ ، والشعر والشعراء ١ / ٤١٠ ، ومعجم الأدباء ١٩ / ٢٢٨.

(٧) الخدوج : الناقة التي تلقي ولدها قبل أوانه لغير تمام الأيام. وإن كان تام الخلق. اللسان ٢ / ٢٤٨.

(٨) الرقم : نوع من الثياب ، يكون مخطّطا ، من حرير أو غيره. اللسان ١٢ / ٢٤٩.

وقوله : (أزرت) أي : اتّزرت ، يريد : ما وضع عليه من جلال.

وقوله (قنعن) أي : رفعن رؤوسهنّ ، والمقنع من الإبل : الذي يرفع رأسه خلقة. اللسان ٨ / ٢٩٩.


وقال عمر بن المسلم الرياحي في المحصب وهو يذكر محمد بن خالد العثماني :

يا ابن الذي خطّ الحصى في يمينه

وأكرم من وافى جمار المحصّب

وحبر ثلاث قد مضوا لسبيلهم

مضوا سلفا أرواحهم لم تشعّب

هو الثالث الهادي بهدي محمّد

على رغم أنف الساخط المتعتّب

 / ذكر

جبل ثور وفضله

٢٤١٠ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ، قال : ثنا بشر بن السري ، قال : ثنا نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم خرج إلى ثور ، وأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فجعل أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يكون أمامه مرّة ، وخلفه مرّة ، فسأله النبي صلّى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال ـ رضي الله عنه ـ : إذا كنت أمامك خشيت تؤتى من خلفك ، وإذا كنت خلفك خشيت تؤتى من أمامك ، حتى انتهينا إلى الغار. قال أبو بكر : ـ رضي الله عنه ـ كما أنت يا رسول الله ـ حتى أدخل يدي فأحسّه وأقمّه ، فإن كانت فيه دابّة أصابتني قبلك. قال : وبلغني أنه كان في الغار جحر ، فألقم أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ رجله ذلك الجحر فرقا أن يخرج منه شيء يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

__________________

٢٤١٠ ـ إسناده مرسل.

رواه الأزرقي ٢ / ٢٠٥ بسنده إلى ابن أبي مليكة ، به.

وقوله (الفريد) : الشذر الذي يفصل بين اللؤلؤ والذهب في العقد ، واحدته : فريدة. اللسان ٣ / ٣٣٢. فكأنّ الشاعر يريد أن يقول : إنّه تذكّر محبوبته عندما رأى تلك الناقة ، وقد جلّلت بالثياب المخطّطة ، وقلّدت القلائد.


٢٤١١ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، ويعقوب بن حميد ـ يزيد أحدهما على صاحبه ـ قالا : ثنا سفيان ، عن سعيد بن عمرو بن سعيد ، قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلم لعائشة ـ رضي الله عنها ـ : «لو رأيتني وأباك حين رقينا الجبل ، فأما رسول الله صلّى الله عليه وسلم فتقطّرت قدماه دما ، وأما أبوك فصارت قدماه كالصفوانين».

فقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم لم يتعود الحفية ، ولا الرعية ، ولا الشقوة ، «فلما دخلنا الغار إذا بحجر في الغار ، فألقمه أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ قدمه حتى أصبح».

٢٤١٢ ـ وحدّثنا علي بن المنذر ، قال : ثنا ابن فضيل بن غزوان ، قال : ثنا الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا)(١) قال : فبلغني ـ والله أعلم ـ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتاه جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ فأمره بالخروج ، فخرج إلى الغار من يومه ، وقال لأهله : إن جاء أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فأخبروه أني في الغار من أسفل مكة ، فجاء أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ إلى أهل رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبروه بالذي أمرهم به ، فطلبه أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فلحقه صلّى الله عليه وسلم أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ في بعض الطريق ، فحسبه رسول الله صلّى الله عليه وسلم من العدو ، فأسرع المشي فخاف أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ أن يشقّ عليه ، فعرّف صوته ، فعرفه رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقام حتى لحقه

__________________

٢٤١١ ـ إسناده مرسل.

سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي ، تابعي ثقة ، مات بعد سنة (١٢٠).

التقريب ١ / ٣٠٢.

٢٤١٢ ـ إسناده متروك.

(١) سورة التوبة (٤٠).


فانطلقا ، حتى دخلا الغار ، وأصبح المشركون من قريش يطلبونه ، فجاءوا بالقافة يقفون الأثر ، فانقطع الأثر حين انتهوا إلى الغار ، وفيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : «الّلهم عمّ عنّا أبصارهم»وأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ شديد الحزن ، فقال صلّى الله عليه وسلم : «لا تحزن إنّ الله معنا»قال فضربوا يمينا وشمالا حول الغار ، وعمى الله تعالى أبصارهم أن يدخلوه ، (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى) الآية.

٢٤١٣ ـ حدّثنا الحسن بن علي الحلواني ، وعلي بن سهل ، وعبد الله بن مهران ، قالوا : ثنا عفّان ، قال : ثنا همّام / عن ثابت ، عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : إنّ أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ حدّثه قال : قلت : يا رسول الله ـ ونحن في الغار ـ لو ينظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه!! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟»يعني : أنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ معهما ، يعينهما ، ويبصرهما.

٢٤١٤ ـ حدّثنا عبد الله بن أبي سلمة ، قال : حدّثنا محمد بن الحسن ، عن

__________________

٢٤١٣ ـ إسناده صحيح.

همّام ، هو : ابن يحيى.

رواه ابن سعد ٣ / ١٧٣ ـ ١٧٤ ، وأحمد ١ / ٤ ، والبخاري ٧ / ٨ ـ ٩ ، ومسلم ١٥ / ١٤٨ ـ ١٤٩ ، والترمذي ١١ / ٢٣٩ والبيهقي في الدلائل ٢ / ٤٨٠ ـ ٤٨١ كلّهم من طريق : عفّان ، به.

٢٤١٤ ـ إسناده متروك.

محمد بن الحسن ، هو : ابن زبالة المدني ، كذّبوه. التقريب ٢ / ١٥٤.

والجلد بن أيوب : قال : عنه أحمد : ضعيف ليس يسوى حديثه شيئا. وقال الدارقطني : متروك. اللسان ٢ / ١٣٣.

ذكره السيوطي في الدرّ المنثور ٣ / ١١٩ ، وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه.


معاوية بن عبد الله ، قال : حدّثني الجلد بن أيوب ، عن معاوية بن قرّة ، عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ ، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) قال : «لم يتجلّ منه إلّا قدر الخنصر ، فطارت ستة أجبل ، فوقع ثلاثة بالمدينة ، وثلاثة بمكة ، فالذي وقع بالمدينة : أحد وورقان ورضوى ، والذي وقع بمكة : ثور ، وثبير ، وحراء».

٢٤١٥ ـ حدّثني أبو سعيد الربعيّ ، قال : ثنا محمد بن يحيى بن عبد الحميد الكناني ، قال : حدّثني عبد العزيز بن عمران ، عن الجلد بن أيوب ، عن معاوية بن قرّة ، عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلّى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه.

٢٤١٦ ـ حدّثني أبو عبد الله ـ محمد بن أبي مقاتل ـ قال : ثنا بشر بن معاذ البصري ، قال : ثنا عون بن عمرو القيسي ، قال : ثنا أبو مصعب المكي ، قال : أدركت زيد بن أرقم ، والمغيرة بن شعبة ، وأنس بن مالك ـ رضي الله عنهم ـ يتحدّثون أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بات في الغار ، فأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ شجرة فنبتت في وجه النبي صلّى الله عليه وسلم فسترت وجه النبي صلّى الله عليه وسلم وأمر الله

__________________

٢٤١٥ ـ إسناده ضعيف جدا.

شيخ المصنّف ، هو : عبد الله بن شبيب ، واه. وعبد العزيز بن عمران ، هو : المعروف ب (ابن أبي ثابت) متروك.

٢٤١٦ ـ إسناده ضعيف.

أبو مصعب : مجهول.

رواه ابن سعد ١ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، والعقيلي في الضعفاء ٣ / ٤٢٢ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ٤٨١ ـ ٤٨٢ ثلاثتهم من طريق : عون بن عمرو به. وذكره الهيثمي في المجمع ٦ / ٥٢ ـ ٥٣ وعزاه للبزّار ، والطبراني ، وقال : وفيه جماعة لم أعرفهم. وذكره الصالحي في سبل الهدى والرشاد ٣ / ٣٣٩ ، وعزاه لابن سعد وأبي نعيم ، والبيهقي وابن عساكر.


ـ عزّ وجلّ ـ العنكبوت فنسجت على وجه النبي صلّى الله عليه وسلم بمثل الخامة. قال : قلت : ما الخامة يا أبا مصعب؟ قال : ثوب العروس الذي يلي جسدها ، وأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ حمامتين وحشيتين فوقعا بفم الغار ، وأقبل المشركون من كل بطن من قريش ، حتى إذا كانوا من النبي صلّى الله عليه وسلم على قدر أربعين ذارعا ، معهم قسيّهم ، وعصيّهم ، وهراواتهم ، قلت : ما الهراوة؟ قال : الذي على رأسها الفصل. قال : فنظر أولهم ، فرأى الحمامتين ، فرجع : فقال له أصحابه : هلّا نظرت في الغار؟ قال : رأيت حمامتين على فم الغار ، فعرفت أن ليس فيه أحد. قال : فسمع النبي صلّى الله عليه وسلم ، قوله فعرف النبي صلّى الله عليه وسلم أن الله ـ تعالى ـ دارأ بهما عنه ، فسمت عليهما ، وفرض [جزاءهنّ](١) ، وانحدرن في حرم الله ـ تعالى ـ وفرّخن كلّ شيء في الحرم.

قال ابن [أبي](٢) مقاتل : يعني : جزاءهنّ : جعل لهنّ رزقا.

٢٤١٧ ـ حدّثنا عبد الملك بن محمد ، عن زياد بن عبد الله ، عن ابن اسحق ، قال : حدّثني رجل من أهل مكة ، قال : لم يدخل النبي صلّى الله عليه وسلم الغار حتى دخله أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ قبله فلمسه بيده ، فقال : إن كانت فيه دابّة تلدغني أحبّ إلي من أن تلدغ النبي صلّى الله عليه وسلم فلم يجد شيئا ، فدخل النبي صلّى الله عليه وسلم فدعا شجرة يقال لها : راة ، فأقبلت ، حتى قامت على باب الغار ، وأقبل رجل منهم رافعا ثوبه ، فقال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ للنبي صلّى الله عليه وسلم : ما تراه يرانا؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : «لو رآنا ما استقبلنا بفرجه»قال الرجل : ليس ها هنا ، فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) الآية.

__________________

٢٤١٧ ـ إسناده ضعيف.

وانظر سبل الهدى والرشاد ٣ / ٣٣٩.

(١) في الأصل (قراها) والتصويب من المراجع ، ومما ذكر من قول : ابن أبي مقاتل الآتي.

(٢) سقطت من الأصل.


قال أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ / في الغار وظلمته ، وما لقي سراقة إذ عرض لهما في الطريق إذ ساخت به فرسه في الأرض :

قال النّبيّ ولم أجزع يوقّرني

ونحن في شدة من ظلمة الغار

لا تخش شيئا فإنّ الله ثالثنا

وقد توكّل لي منه بإظهار

حتى إذا الليل وارانا جوانبه

وصار من دون من يخشى بأستار

سار الأريقط يهدينا وأينقنا

ينعبن بالقوم نعبا تحت أكوار (١)

حتى إذا قلت : قد أنجدن عارضنا

من مدلج فارس في منصب واري

فقال : كرّوا فقلنا : إنّ كرّتنا

من دونها إن لم يعثر الضّاري

أن تخسف الأرض بالأحوى وصاحبه

فانظر إلى أربع في الأرض غوّار (٢)

يقول لمّا رأى أرساغ مهرته

قد سخن في الأرض لم تحفر بمحفار

يا قوم هل لكم أن تطلقوا فرسي

وتأخذوا موثقي في نصح أسراري

فقال قولا رسول الله مجتهدا

يا ربّ إن كان هذا غير إخفاري

فنجّه سالما من شرّ دعوتنا

ومهره طلقا من خوف آثار

فأظهر الله إذ يدعو حوافره

وفاز فارسه من هول أخطار (٣)

٢٤١٨ ـ وحدّثنا عبد الملك بن محمد ، عن زياد بن عبد الله ، عن ابن

__________________

٢٤١٨ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه.

رواه البيهقي في الدلائل ٢ / ٤٨٩ بإسناده إلى ابن إسحاق.

(١) الأينق : جمع قلّة لناقة. النهاية ٥ / ١٢٩ وقوله (ينعبن) أي : يسرعن. نعب البعير : إذا أسرع في سيره. اللسان ١ / ٧٦٥.

وقوله (أكوار) ، أي : الجماعة من الإبل. النهاية ٤ / ٢٠٨.

(٢) الأحوى : الحصان الكميت الذي يعلوه سواد. النهاية ١ / ٤٦٥.

(٣) أنظر الأبيات في الروض الأنف ٤ / ٢١٨ ـ ٢١٩ ، وسبل الهدى ٣ / ٣٥٤ ـ ٣٥٥ ، وعزاها الأخير لابن عساكر.


إسحق ، قال : قال سراقة شعرا يذكر فيه خروجه في طلب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وما أصاب فرسه ، يصف لأبي جهل بن هشام ما رأى يومئذ من الهول ، ويأمره بالكفّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال :

أبا حكم والله لو كنت شاهدا

لأمر جوادي اذ تسيخ قوائمه

عجبت ولم تشكك بأن محمّدا

رسول وبرهان فمن ذا يكاتمه

عليك بردّ القوم عنه فانّني

أرى أمره يوما ستبدو معالمه

بأمر يود النصر عنها بإلبها

وأنّ جميع الناس طرّا تسالمه

ذكر

حراء وفضله

٢٤١٩ ـ حدّثني أبو سعيد عبد الله بن شبيب الربعي ، قال : حدّثني أبو بكر ابن [شيبة الحزامي](١) قال : حدّثني عمر بن أبي بكر المؤمّلي ، عن زكريا بن عيس الشعبي ، عن ابن شهاب ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه ، قال : لقيت زيد بن عمرو بن نفيل ، وهو خارج من مكة يريد حراء ، وأنا

__________________

٢٤١٩ ـ إسناده ضعيف جدا.

زكريا بن عيسى الشعبي ، قال عنه أبو حاتم : منكر الحديث. الجرح ٣ / ٥٩٧ ـ ٥٩٨. وعمر بن أبي بكر الموصلي : ضعّفه أبو زرعة وقال أبو حاتم : ذاهب الحديث ، متروك الحديث. اللسان ٤ / ٢٨٧ ، والجرح ٦ / ١٠٠. وعبد الله بن شبيب : واه.

والحديث : ذكره ابن حجر في الإصابة ١ / ٥٥٢ وفي الفتح ٧ / ١٤٣ نقلا عن الفاكهي.

ورواه الطبري في التاريخ ٢ / ٢٠٤ من طريق : الواقدي وذكره ابن عساكر (تهذيبه ٦ / ٣٣).

(١) في الأصل (أبي شيبة الخزاعي) وهو خطأ ، فهو : عبد الرحمن بن عبد الله بن شيبة الحزامي.


داخل مكة ، فإذا هو قد كان بينه وبين قومه شيء في صدر النهار ، لما أظهر من خلافهم واعتزل آلهتهم ، وما كان يعبد آباؤهم ، فقال : يا عامر بن ربيعة ، انّي قد فارقت قومي ، واتّبعت ملة ابراهيم ، وما كان يعبد اسماعيل من بعده ، كان يصلي إلى هذه البنيّة ، وانا انتظر نبيّا من ولد اسماعيل ـ عليه الصلاة والسلام ـ ثمّ من بني / عبد المطلب ، وما أراني أدركه ، وأنا أؤمن به ، وأصدّق به ، وأشهد أنّه نبي ، فإن طال بك يا عامر مدة ، فآمن به وأقرئه منّي السلام ، وسأخبرك ما نعته حتّى (١) لا يخفى عليك ، قلت : هلمّ. قال : هو رجل ليس بالقصير ولا بالطويل ، ولا بكثير الشعر ، ولا بقليله ، وليس يفارق عينيه حمرة ، خاتم النبوة بين كتفيه ، واسمه أحمد صلّى الله عليه وسلم ، وهذا البلد مولده ومبعثه ، ثمّ يخرجه قومه ، ويكرهون ما جاء به ، حتى يهاجر إلى يثرب فيظهر أمره ، فإياك أن تخدعنّ ، فإني طفت البلاد ، أطلب دين ابراهيم ، فكلّ من سألت من اليهود والنصارى يقولون : هو الذي وراءك ، وينعتونه لي مثل ما نعتّه لك ، ويقولون : لم يبق نبيّ غيره. قال عامر ابن ربيعة ـ رضي الله عنه ـ ، فوقع الإسلام في قلبي ، فلما تنبّأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكنت رجلا حليفا ، فلم أقدر على اتباعه ظاهرا ، فأسلمت سرّا ، وكنت أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقول زيد بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ وأقرئه منه السلام ، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يردّ عليه ، ويترحّم عليه ، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «رأيته في الجنة يسحب ذيولا».

٢٤٢٠ ـ وحدّثني عبد الملك بن محمد ، عن زياد بن عبد الله ، عن محمد

__________________

٢٤٢٠ ـ إسناده مرسل ، ورجاله موثّقون.

رواه ابن إسحاق في السيرة (تهذيب ابن هشام ١ / ٢٥١ ـ ٢٥٤ ، ورواه الطبري في

(١) مزجت عبارة (مانعته حتى) في الأصل ، حتى تكاد تقرأ (ما يقتضي) ... وفي تهذيب ابن عساكر وسأخبرك بنعته حتى لا يخفى عليك.


ابن اسحق ، قال : حدّثني وهب بن كيسان ، أنه سمع عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ يسأل عبيد بن عمير الجندعي (١) عن بدوّ أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قال عبيد : كان صلّى الله عليه وسلم يجاور بحراء من كل سنة شهرا ويطعم من جاءه من المشركين فإذا قضى جواره ، لم يصل إلى بيته حتى يطوف بالكعبة ، فبينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، بحراء وكان يقول : «لم يكن من الخلق شيء أبغض إليّ من شاعر أو مجنون كنت لا أطيق النظر إليهما ، فلما ابتدأني الله ـ عزّ وجلّ ـ بكرامته ، أتاني رجل في كفه نمط (٢) من ديباج فيه كتاب ، وأنا نائم ، فقال : (اقْرَأْ) فقلت : وما أقرأ؟ فغطّني ، حتى ظننت أنه الموت ، ثم كشط عني ، فقال : (اقْرَأْ) فقلت : وما أقرأ؟ فعاد لي مثل ذلك ، فقال : (اقْرَأْ) فقلت : وما أقرأ؟ فعادوني بمثل ذلك. فقلت : أنا أمّيّ ، ولا أقولها إلا تنحيا من أن يعود لي بمثل الذي فعل بي ، فقال : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) إلى قوله : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) ثم انتهى كما كان يصنع بي. قال : ففزعت ، فكأنما صوّر في قلبي كتابا ، فقلت : إنّ الأبعد لشاعر أو مجنون. فقلت : لا تحدّث عني قريش بهذا ، لأعمدنّ إلى حالق من الجبل فلأطرحنّ نفسي منه فلأقتلها ، فخرجت ، وما أريد غير ذلك ، فبينا أنا عامد لذلك اذ سمعت مناديا ينادي من السماء : يا محمد ، أنت رسول الله ، وأنا جبريل ، فذهبت أرفع رأسي ، فإذا رجل صافّ قدميه في أفق السماء ، فوقفت لا أقدر على أن أتقدّم ولا أتأخّر ، وما أصرف وجهي في ناحية من السماء إلا قد رأيته ، حتى بعثت خديجة ـ رضي

__________________

التاريخ ٢ / ٢٠٦ ـ ٢٠٧ من طريق ابن إسحاق ونقل بعضه الصالحي في سبل الهدى ٢ / ٣١١ ـ ٣١٦.

(١) هو : الليثي ، وجندع : بطن من ليث. الأنساب ٣ / ٣٤٦.

(٢) النمط : وعاء كالسفط.


الله عنها ـ إليّ رسلها في طلبي ، ورجعوا إليها ، فلم أزل كذلك حتى كاد النهار يتحوّل ، ثم انصرفت فجئت خديجة ـ رضي الله عنها ـ / فجلست إلى فخذيها مضيفا (١) ، فقالت : يا أبا القاسم ، أنّى كنت؟ والله لقد بعثت في طلبك رسلي! قال صلّى الله عليه وسلم : قلت : إنّ الأبعد لشاعر أو مجنون. فقالت ـ رضي الله عنها ـ : معاذ الله يا ابن عمّ ، ما كان الله ليفعل بك إلّا خيرا ، لعلّك رأيت شيئا أو سمعت؟ فأخبرها الخبر ، فقالت : يا ابن عمّ ، والذي يحلف به ، إني لأرجو أن تكون نبيّ هذه الأمة ، ثم جمعت عليها ثيابها ، ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل ، وكان يقرأ الكتب ، فأخبرته الخبر ، وقصّت عليه ما قصّ عليها النبي صلّى الله عليه وسلم فقال ورقة : والذي نفسي بيده ، لأن كنت صدقتني انه لنبيّ هذه الأمة ، إنه ليأتيه الناموس (٢) الأكبر الذي يأتي موسى ، فقولي له : فليثبت. قال : فرجعت ـ رضي الله عنها ـ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر ، فاستكمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم جواره بحراء ، ثم نزل فبدأ بالبيت ، فطاف به فلقيه ورقة بن نوفل ، فقال : يا ابن أخي أخبرني بالذي رأيت ، فقصّ عليه خبره ، فقال : والذي نفسي بيده انه ليأتيك الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى ، وإنك لنبيّ هذه الأمة ، ولتؤذينّ ، ولتخرجنّ ، ولتقاتلنّ ولتنصرنّ ، ولئن أدركت ذلك لأنصرنّك نصرا يعلمه الله مني حقا ، ثم دنا ، فقبّل شواته ـ يعني : وسط رأسه ـ ثم انصرف. فقال ورقة بن نوفل في ذلك (٣) :

__________________

(١) أي ملتصقا.

(٢) أي : صاحب السر ، وهو جبريل (عليه السلام).

(٣) أنظر سيرة ابن هشام ١ / ٢٠٣.


ذكرت وكنت في الذكرى لجوجا

لهمّ طال ما بعث النشيجا

ووصف من خديجة بعد وصف

فقد طال انتظاري يا خديجا

وقال ورقة بن نوفل أيضا في ذلك (١) :

يا للرجال لصرف الدهر والقدر

وما عسى [قد] قضاه الله من غير

جاءت خديجة تنبيني لأخبرها

وما لنا بخميس الغيب من خبر

فكان ما سألت عنه لأخبرها

أمرا أراه سيأتي الناس في أخر

بأنّ أحمد يأتيه فيخبره

جبريل أنك مبعوث إلى البشر

فقلت : كان الذي ترجين ينجزه

لك الإله فرجّي الخير وانتظري

فأرسليه إلينا كي نسائله

عن أمره ، ما يرى في النوم والسهر

فقال : حين أتاني منطقا عجبا

يقفّ منه أعالي الجلد والشعر

إنّي رأيت أمين الله واجهني

في صورة أكملت في أحسن الصور

ثمّ استمرّ فكاد الخوف يذعرني

مما يسلّم ما حولي من [الشجر[(٢)

وللمليك عليّ أنّ دعوتهم

قبل الجهاد بلا منّ ولا كدر

ليت المليك إله الناس أخّرني

حتى تعالى من يدعو من البدر

٢٤٢١ ـ / حدّثنا محمد بن ميمون ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثنا

__________________

٢٤٢١ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ١ / ٤١٢ ، والبخاري ٨ / ٦١٠ ، ومسلم ٣ / ٣ ، والترمذي ١٢ / ١٦٨ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ٣٧٢ كلّهم من طريق : زرّ بن حبيش ، وكلّهم لم يذكر لفظة (حراء).

(١) الأبيات في سيرة ابن إسحاق ص : ١٢٣ ـ ١٢٤ ، وفي المستدرك ٢ / ٦٠٩ ـ ٦١٠ ، وفي دلائل البيهقي ٢ / ١٥٠ ـ ١٥١ ، وفي البداية والنهاية ٣ / ١٠ ـ ١١ ، وفي السيرة الشامية ٢ / ٣١٦ ـ ٣١٧.

وعقب عليها ابن كثير بقوله : وعندي في صحتها عن ورقة نظر.

(٢) في الأصل (السور) والتصويب من المراجع.


أبو [إسحاق](١) السبيعي ، عن زرّ بن حبيش ، قال : قال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى)(٢) قال : رأى جبريل ـ عليه السلام ـ بحراء له ستمائة جناح ، قد سدّ الأفق.

٢٤٢٢ ـ حدّثنا عبد الله بن شبيب الربعي ، قال : حدّثني أيوب بن سليمان ابن بلال ، قال : حدّثني أبو بكر بن أبي أويس ، قال : حدّثني سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قلت يا رسول الله [......](٣) صلّى الله عليه وسلم : «لما استعلن لي جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالرسالة جعلت لا أمرّ بحجر ولا شجر إلّا قال : السلام عليك يا رسول الله».

٢٤٢٣ ـ حدّثنا محمد بن أبان البلخي ، قال : ثنا عبد الله بن إدريس [الأودي](٤) قال : أخبرني حصين بن عبد الرحمن السلمي ، عن هلال بن يساف ، عن عبد الله بن ظالم المازني ، قال : لما قدم معاوية ـ رضي الله عنه ـ

__________________

٢٤٢٢ ـ إسناده ضعيف.

شيخ المصنّف : واه. وأبو بكر بن أبي أويس ، هو : عبد الحميد بن عبد الله بن أبي أويس.

٢٤٢٣ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ١ / ١٨٧ ، وأبو داود ٤ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤ ، والترمذي ٣ / ١٨٦ ـ ١٨٧ ، وابن ماجه ١ / ٤٨ ، والحاكم ٣ / ٤٥٠ ـ ٤٥١ ، وأبو نعيم في الحلية ١ / ٩٦ كلّهم من طريق : حصين ، به. وقال الترمذي : حسن صحيح.

(١) في الأصل (سفيان) وهو : تصحيف.

(٢) سورة النجم (١٨).

(٣) في الأصل سقط ، ولعلّ الساقط (كيف كان الوحي ، قال).

(٤) في الأصل (الأزدي) وهو خطأ.


الكوفة ، أقام المغيرة بن شعبة خطباء يتناولون عليّا ـ رضي الله عنه ـ ، وفي الدار سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ـ رضي الله عنه ـ ، فأخذ بيدي ثم قال : ألا ترى إلى هذا الظالم الذي يأمر بلعن رجل من أهل الجنة ، وأشهد على التسعة أنهم في الجنة ، ولو شهدت على العاشر لم آثم. قال : قلت : وما التسعة؟ قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلم وهو على حراء : «أثبت حراء ، فإنه ليس عليك إلّا نبي أو صدّيق أو شهيد». قال : قلت : ما التسعة؟ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف ، قال : قلت : من العاشر؟ فتلكّأ هنيّة ، وقال : أنا ـ رضي الله عنهم ـ.

٢٤٢٤ ـ حدّثنا عبد الله بن شبيب الربعي ، قال : حدّثني ابراهيم بن المنذر ، قال : حدّثني عباس بن أبي [شملة](١) ، قال : حدّثني موسى بن يعقوب ، عن عباد بن إسحق ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن [الخيار](٢) ، قال : سمعت عثمان ـ رضي الله عنه ـ يوم قتل يقول : بينا أنا ورسول الله صلّى الله عليه وسلم على صخرة بحراء ، إذ تحرّكت الصخرة فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «إنّما عليك نبي ، أو صدّيق ، أو شهيد»كان عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وأنا وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف ، ـ رضي الله عنهم ـ.

__________________

٢٤٢٤ ـ إسناده ضعيف جدا.

شيخ المصنّف : واه. وعباس بن أبي شملة سكت عنه ابن أبي حاتم ٦ / ٢١٧. وعباد ابن إسحاق ، هو : ابن عبد الله بن الحارث العامري.

رواه أحمد ١ / ٥٩ ، والنسائي ٦ / ٢٣٦ ، كلاهما من طريق : أبي إسحاق السبيعي ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، قال : فذكره.

(١) في الأصل (سلمة) وهو تصحيف.

(٢) في الأصل (الأحب) وهو تحريف.


٢٤٢٥ ـ حدّثنا محمود بن غيلان ، قال : ثنا علي بن الحسين بن واقد ، عن أبيه ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم على حراء ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : «أثبت فإنّه ليس عليك إلّا نبي ، أو صدّيق أو شهيد»قال : وعليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان ، ـ رضي الله عنهم ـ.

٢٤٢٦ ـ وحدّثنا يعقوب بن حميد ، ومحمد بن أبي عمر ، قالا : ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم ، كان على صخرة بحراء ، هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير ـ رضي الله عنهم ـ فتحركت الصخرة ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : إهد ، فما عليك إلّا نبي ، أو صدّيق ، أو شهيد».

قال يعقوب في حديثه : وحدّثني ابن أبي أويس ، عن سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد / عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلّى الله عليه وسلم نحوه. وزاد فيه : وسعد بن أبي وقاص ، ـ رضي الله عنه ـ (١).

__________________

٢٤٢٥ ـ إسناده حسن.

رواه أحمد ٥ / ٣٤٦ من طريق : علي بن الحسين ، به. وذكره الهيثمي ٩ / ٥٥ وعزاه لأحمد ، وقال : رجاله رجال الصحيح. وقال ابن حجر في الفتح ٧ / ٣٨ : إسناده صحيح. وذكره السيوطي في الجامع الكبير ١ / ١٩ ونسبه لأحمد وابن أبي عاصم.

٢٤٢٦ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٢ / ٤١٩ ، ومسلم ١٥ / ١٩٠ ، والترمذي ١٣ / ٥١ ، والبيهقي في الدلائل ٦ / ٣٥٢ كلّهم من طريق : الدراوردي ، به.

(١) رواه مسلم ١٥ / ١٩٠ من طريق : إسماعيل بن أبي أويس ، به.

وإسناده صحيح.


٢٤٢٧ ـ وحدّثني اسماعيل بن عبد الله ، قال : حدّثني يعقوب بن إسحاق الحضرمي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس ـ رضي الله عنه ـ ، عن النبي صلّى الله عليه وسلم بنحوه.

٢٤٢٨ ـ حدّثنا ابن أبي عمر ، وسلمة ، وغيرهم ، قالوا : ثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وهو يحدّث عن فترة الوحي فقال في حديثه : «بينا أنا أمشي ، إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالسا على كرسيّ بين السماء والأرض ، فاجتثيت منه رعبا. قال : فرجعت ، فقلت : زمّلوني زمّلوني ، فدثّروني ، فأنزل الله (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)(١) وهي : الأوثان.

٢٤٢٩ ـ حدّثني أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزّة ـ أبو الحسن ـ قال : ثنا أحمد بن هلال النميري ـ بصريّ ـ قال : ثنا طلحة

__________________

٢٤٢٧ ـ إسناده حسن.

رواه الطيالسي ٢ / ١٣٩ ، والبخاري ٧ / ٥٣ ، وأبو داود ٤ / ٢٩٥ ، والترمذي ١٣ / ١٥٢ ، والبيهقي في الدلائل ٦ / ٣٥٠ كلّهم من طريق : قتادة ، به.

وذكره السيوطي في الكبير ١ / ١٩ ونسبه للطيالسي ، وأحمد ، وابن حبّان.

٢٤٢٨ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٣ / ٣٧٧ ، ومسلم ٢ / ٢٠٤ ، والترمذي ١٢ / ٢٢٤ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ١٤٠ ـ ١٤١ كلّهم من طريق : الزهري به.

٢٤٢٩ ـ إسناده ضعيف جدا.

طلحة بن عمرو الحضرمي المكي : متروك. التقريب ١ / ٣٧٩.

(١) سورة المدثر (١ ـ ٥).


ابن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ. قال أبو الحسن : وحدّثنا العلاء بن عبد الجبار ، قال : ثنا نافع بن عمر الجمحي ، قال : سمعت القاسم بن أبي بزة (١) ، يقول : بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم في جبل حراء ، ومعه جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، إذ قال له : يا محمد ، هذه خديجة بنت خويلد ـ رضي الله عنها ـ ، معها حلاب (٢) فيه حيس ، وشكوة ماء ، فأقرئها السلام من الرحمن الرحيم ، ثم أقرئها السلام منّي.

قال : فأشرف رسول الله صلّى الله عليه وسلم فإذا هو بخديجة ـ رضي الله عنها ـ ، فقال صلّى الله عليه وسلم : «خديجة»فقالت : لبّيك يا رسول الله. قال صلّى الله عليه وسلم : «أمعك حلاب فيه حيس؟»قالت : نعم ، ومن أنبأكه؟ فو الذي اصطفاك على البشر ، ما اطّلع عليه إلّا ربّ العالمين. قال صلّى الله عليه وسلم «جبريل ـ عليه السلام ـ وهو يقرئك السلام من الرحمن الرحيم ، ثم يقرئك السلام»فقالت ـ رضي الله عنها ـ إنّ الله هو السلام ، وعلى جبريل السلام.

٢٤٣٠ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ انها قالت : أوّل ما بدئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان صلّى الله عليه وسلم لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح ، وحبّب إليه الخلاء ، فكان صلّى الله عليه وسلم يأتي حراء فيتحنّث فيه ـ وهو : التعبّد ـ الليالي ذوات العدد يتزوّد لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة ـ رضي الله عنها ـ فتزوّده مثل ذلك ، حتى فجأه الحقّ وهو بغار حراء ، فجاء

__________________

٢٤٣٠ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٦ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ، والبخاري ١٢ / ٣٥١ ـ ٣٥٢ ، ومسلم ٢ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥ كلّهم من طريق : عبد الرزاق ، به.

(١) إسناده مرسل.

(٢) الحلاب : إناء. والحيس : تمر وأقط يدقّان ، ويعجنان بسمن.


الملك فيه ، فقال : (اقْرَأْ) فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطّني ، ثم بلغ منّي الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : (اقْرَأْ) فقلت : ما أنا بقارئ ، فغطّني الثانية ، حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : (اقْرَأْ) فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) حتى بلغ (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) فرجع بها ترجف بوادره ، حتى دخل صلّى الله عليه وسلم على خديجة ـ رضي الله عنها ـ / فقال : زمّلوني ، زمّلوني ، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال صلّى الله عليه وسلم : «يا خديجة ، ما لي؟ فأخبرها الخبر ، وقال : قد خشيت على نفسي ، فقالت له صلّى الله عليه وسلم : كلّا أبشر ، فو الله لا يخزيك الله أبدا ، إنّك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق. ثم انطلقت خديجة ـ رضي الله عنها ـ حتى أتت ورقة بن نوفل ابن أسد بن عبد العزي بن قصي ، وهو ابن عمّ خديجة ـ رضي الله عنها ـ أخي أبيها ، وكان امرأ قد تنصّر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي ، فكتب بالعربية من الانجيل ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا ، قد عمي فقالت له خديجة ـ رضي الله عنها ـ : يا ابن عمّ ، اسمع من ابن أخيك محمّد صلّى الله عليه وسلم ، فقال ورقة بن نوفل : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ـ عليه السلام ـ يا ليتني فيها جذعا أكون حيّا حين يخرجك قومك ، فقال صلّى الله عليه وسلم : أو مخرجيّ هم؟ قال ؛ نعم ، لم يأت رجل قطّ بما جئت به إلّا عودي ، وأوذي ، وإن يدركني يومك انصرك نصرا مؤزّرا ، ثم لم يلبث ورقة أن توفي ، وفتر الوحي فترة ، حتى حزن رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

٢٤٣١ ـ حدّثني حميد بن مسعدة ، قال : ثنا حصين بن نمير ، عن

__________________

٢٤٣١ ـ إسناده حسن.

رواه الترمذي ١٢ / ١٧٦ ، والطبري ٢٧ / ٨٦ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ٢٦٨ ثلاثتهم من


حصين ، [عن](١) محمد [بن](٢) جبير بن مطعم ، عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ ، قال : إنشقّ القمر ورسول الله صلّى الله عليه وسلم بمكة حتّى رأيت حراء بين شقّتيه.

٢٤٣٢ ـ حدثنا حسين بن حسن ، قال : أنا الثقفي ، قال : ثنا أيّوب ، عن ابن أبي مليكة ، قال : إنّ عائشة ـ رضي الله عنها ـ جاورت بين حراء وثبير شهرين ، فكنا نأتيها ويأتيها ناس من قريش يتحدّثون إليها ، فإذا لم يكن ثمّ عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ـ رضي الله عنهم ـ صلّى بها غلامها ذكوان ، أبو عمرو (٣).

ذكر

الآبار التي كانت بمكة تشرب مع زمزم

ويقال ـ والله أعلم ـ : إنّ أوّل بئر حفرت بمكة حين أهبط الله آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، إلى مكة ، حفرها آدم وسمّاها : كرّ آدم في شعب (٤) حواء من المفجر.

__________________

طريق : حصين ، به. وذكره السيوطي في الدرّ ٦ / ١٣٣ وعزاه لأحمد وعبد بن حميد ، والترمذي وابن جرير ، والحاكم ، وأبي نعيم والبيهقي في دلائلهما.

٢٤٣٢ ـ إسناده صحيح.

رواه عبد الرزاق ٤ / ٣٥٠ عن معمر ، عن أيوب به بنحوه. وقد تقدّم نحوه بعد الأثر (١٣٣٥) عن ابن جريج ، عن عطاء.

(١) في الأصل (بن) وهو خطأ.

(٢) في الأصل (عن) وهو خطأ أيضا.

(٣) في الأصل بعده (رضي الله عنه).

(٤) شعب حواء سيذكره الفاكهي في المباحث الجغرافية ، وكذلك المفجر ، ويسمّى اليوم العزيزيّة. وانظر الأزرقي ٢ / ٢١٤.


وزعموا أنّ مرّة بن كعب حفر بئرا يقال لها : رمّ. ويقال : بل هي من حفائر كلاب بن مرة. وبلغني أن موضعها عند طرف الموقف بعرفة ، قريبا من عرنة (١).

وحفر كلاب بن مرّة بئرا يقال لها : خمّ كانت مشرب الناس في الجاهلية ، ويقال : إنّها كانت لبني مخزوم (٢).

٢٤٣٣ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : قال أبو الحسن الأثرم ، قال أبو عبيدة : أخبرنا خالد بن أبي عثمان ، قال : وكان أول من احتفر بأبطح مكة سقاية يشربها الحاجّ والناس غير زمزم ، فحفر قصيّ ركيّة ، موضعها في دار أمّ هانئ بنت أبي طالب ـ رضي الله عنها ـ وسمّاها : العجول. وكانت العرب إذا استقوا منها ارتجزوا ، فقال رجل من [وارديها]:

نروي على العجول ثمّ ننطلق

إن قصيّا قد وفى وقد صدق

بالشبع للحاجّ وريّ المغتبق.

وهي البئر التي دفع فيها هاشم بن عبد المطلب أخا بني ظويلم بن عمرو النصري فيها ، فمات.

٢٤٣٤ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني أبو الحسن الاثرم ، عن

__________________

٢٤٣٣ ـ أبو الحسن الأثرم ، هو علي بن المغيرة. وأبو عبيدة ، هو : معمر بن المثنى.

وانظر البلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٥١ ، وفتوح البلدان ص : ٦٤ ، والأزرقي ١ / ١١٢ ـ ١١٣ ، ٢ / ٢١٥ ، والسهيلي في الروض الأنف ٢ / ١٢٤ ، والصالحي في سبل الهدى والرشاد ١ / ٣٢٥.

والعجول : دخلت في توسّعات الحرم الشريف.

٢٤٣٤ ـ ذكره الأزرقي ١ / ١١٣ ، ٢ / ٢١٦ ، والفاسي في شفاء الغرام ٢ / ٨٩.

(١) الأزرقي ٢ / ٢١٤ ، والبلاذري ١ / ٥١.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢١٤.


أبي عبيدة ، قال / حدّثني خالد بن أبي عثمان ، قال : إنّ عبد شمس احتفر بعد العجول : خمّا ، وهي البئر التي عند الردم (١) ، عند دار عمرو بن عثمان ، وهذه خلف دار آل جحش بن رئاب الأسدي ، التي يقال لها : دار أبان بن عثمان.

يقال : إنّ قصيا حفرها ، فدثرت ، وإنّ جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ نثلها ، وأحياها ، وعندها مسجد بناه عبد الله بن عبيد الله بن العباس ابن محمد ، يقال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم صلّى فيه ، وكان يقال لها : البئر العليا.

وقال ابن إسحق : وحفر هاشم بن عبد مناف : بذّر ، وقال حين حفرها : لأجعلنّها بلاغا للناس. وهي البئر التي في حق المقوّم بن عبد المطلب في ظهر دار طلوب مولاة زبيدة في أصل المستنذر (٢).

__________________

وهذه البئر كانت معروفة إلى عهد قريب ، وسمّاها الأستاذ ملحس في تعليقه على الأزرقي (بئر الدشيشة) بالكمالية.

قلت : وقد وهم الأستاذ ملحس في تحديد موضع هذه البئر ، حيث ظنّ أنّ مسجد الراية هو المسجد الأعلى ـ مسجد الكمالية ـ المقابل للبريد المركزي الحالي ، ومسجد الراية إنّما هو مسجد الجودرية ـ كما سبق تحرير موضعه ـ وهذه البئر تقع في قبلة مسجد الجودرية في زقاق ضيّق كان بين قبلة المسجد والدار التي أمامه ، وهذا الزقاق نافذ إلى شارع الغزة ، وكانت هذه البئر لاصقة بأصل جدار الدار التي في قبلة المسجد ـ وقد دثرت هذه البئر اليوم.

(١) هو ردم عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ وقد تقدّم تحديد موضعه.

(٢) المستنذر جبل بين شعب علي ، وشعب عامر ، وسوف يأتي ذكره.

وبئر (بذّر) رجا الأستاذ ملحس أنّها (بئر الحمام) لكونها واقعة تحت خطم الخندمة. حيث نقل عن أبي عبيدة أنّها البئر التي عند خطم الخندمة.

قلت : وقد وهم الأستاذ ملحس في تحديده موضع هذه البئر لأنّ المكان الذي ذكره يقع في وسط شعب ابن عامر عند المسجد الذي يلقاك على يمينك عند أول صعودك جبل الخندمة إلى الملاوي.

وهذا ليس من ربع بني هاشم ، والذي أراه أنّها البئر التي كانت واقعة في ملتقى شارع الصفا مع شارع سوق الليل في أول ميدان الغزّة ، مقابل موقف النقل الجماعي سابقا الذي كان فيه قصر الاسمنت في السابق. وهذه قد دفنت اليوم وأدخلت ضمن ميدان الغزة ، وموقعها على التحديد على يمين الخارج من أسفل موقف سيّارات الغزة ، بميدان الغزّة.


ويقال : إنّ قصيّا حفرها ، فنثلها أبو لهب ، وهي التي يقول فيها بنات عبد المطلب :

نحن حفرنا بذّر

بجانب المستنذر (١)

وهي في زقاق يعرف : بأبي ذرّ.

وذكروا أنّ هاشما حفر : سجلة ، وهي البئر التي يقال لها : بئر المطعم بن عدي بن نوفل ، كانت دخلت في دار القوارير ، أدخلها حمّاد البربري حين بنى الدار لأمير المؤمنين هارون ، فكانت البئر شارعة في المسعى. ويقال : إنّ جبيرا ابتاعها من هاشم (٢).

وقال بعض المكيّين : إنّ عديّ بن نوفل كان اشتراها من أسد بن هاشم (٣). ويقال : بل وهبها له أسد حين ظهرت زمزم (٤). ويقال : لا بل كانت هذه البئر لعديّ بن نوفل أنبطها بين المشعرين ، وكان يسقي عليها الحاج.

وقد قال مطرود بن كعب الخزاعي يذكر ذلك ، فقال :

فما النيل يأتي بالسفين يكبّه

بأجود سيبا من عديّ بن نوفل

وأنبطتّ بين المشعرين سقاية

لحجّاج بيت الله أفضل منهل (٥)

ويقال : بل وهبها عبد المطلب حين حفر زمزم واستغنى عنها للمطعم بن

__________________

(١) ذكره الأزرقي ١ / ١١٣ ، ٢ / ٢١٦ ، وابن هشام في السيرة ١ / ١٥٦ ، والفاسي في شفائه ٢ / ٨٩ ـ ٩٠ ، والبلاذري في فتوح البلدان ص : ٦٥.

(٢) الأزرقي ١ / ١١٣ ، ٢ / ٢١٧.

(٣) سيرة ابن هشام ١ / ١٥٧ ، وفتوح البلدان للبلاذري ص : ٦٥.

(٤) الأزرقي ١ / ١١٣ ، ٢ / ٢١٧ ، وابن هشام ١ / ١٥٧ ، والبلاذري ص : ٦٥ ، ومعجم البلدان ٣ / ١٩٣ ، وشفاء الغرام ٢ / ٩٠.

(٥) تقدّم ذكر البيتين والتعريف بقائلهما في الأثر (٢١٢٧).


عديّ فأذن له أن يضع حوضا عند زمزم من أدم يستقي منها ، ويسقي الحاجّ ، وهو أثبت الأقاويل عندهم (١).

٢٤٣٥ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن الكلبي ، قال : إنّ عبد المطلب بن هاشم ، أعطى المطعم بن عديّ حوضا من وراء زمزم ، فكان يسقي فيه الحاجّ.

٢٤٣٦ ـ وحدّثني أبو الحسين ابراهيم بن محمد بن جبير النوفلي ، قال : بلغني أنّ جبير بن مطعم ، خرج هو ، وعمر بن الخطاب ، وأبو سفيان بن حرب ، وعمر ـ رضي الله عنه ـ بينهما فلما كان برأس الردم ، التفت إلى أبي سفيان ، فقال : أين حقّك مما ها هنا؟ قال له : يا أمير المؤمنين ، ما تحت قدميك حتى تجنا. قال : إنّ ظلمك يا أبا سفيان لقديم ، ليس لأحد ها هنا ملك ، ولا ينقل ، هذه مذاهب الحاجّ ومنافذهم ، فسرّ بذلك جبير بن مطعم.

وله دار على بئره فهدمها ، وأباح بئره.

وحفر عبد شمس بن هاشم بن عبد مناف بئرا يقال لها : الطويّ ، وموضعها دار ابن يوسف (٢).

__________________

٢٤٣٥ ـ إسناده متروك.

ذكره الأزرقي ٢ / ٢١٧ ، والبلاذري في فتوح البلدان ص : ٦٥ ، والفاسي في الشفاء ٢ / ٩٠.

٢٤٣٦ ـ إسناده معضل.

رواه بنحوه الأزرقي ٢ / ٢٣٧ ، وتقدّم بنحوه برقم (٢٠٧٧). وبئر (سجلة) هذه قد دخلت في المسجد الحرام ، لأنّ دار القوارير دخلت في توسعات المسجد الحرام.

(١) الأزرقي ١ / ١١٣ ، ٢ / ٢١٧ ، وشفاء الغرام ٢ / ٩٠.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢١٧ ـ ٢١٨. ودار ابن يوسف ، وهي : دار المولد النبوي ، التي هي الآن مكتبة مكة المكرمة ، التابعة لوزارة المعارف ، وبقرب هذه الدار ، على يسار الداخل إلى شعب علي بئر قديمة


٢٤٣٧ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني أبو الحسن الأثرم ، عن أبي عبيدة معمّر بن المثنى ، قال : إنّ عبد شمس حفر الطويّ وهي التي بأعلى مكة ، عند دار البيضاء دار محمد بن يوسف ، فقالت سبيعة بنت عبد شمس :

إنّ الطويّ إذا ذكرتم ماءها

صوب السماء عذوبة وصفاء

٢٤٣٨ ـ / وحدّثنا الزبير ، قال : حدّثني أبو الحسن الأثرم ، عن أبي عبيدة معمر بن المثنى ، قال : ثمّ احتفر أمية بن عبد شمس : الجفر ، فسمّاها : الجفر. وقال أمية :

أنا حفرت للحجيج الجفرا

وهو في وجه المسكن الذي كان لبني عبد الله بن عكرمة بن خالد بن عكرمة المخزومي ، وهي بطرف أجياد الكبير ، فاشترى ذلك المسكن ياسر خادم زبيدة ، فأدخله في المتوضئات التي عملها على باب أجياد.

وكانت لبني عبد شمس بئر يقال لها : أمّ جعلان ، موضعها دخل في المسجد الحرام(١).

__________________

٢٤٣٧ ـ نقله ياقوت في معجم البلدان ٤ / ٥١ عن الزبير بن بكّار.

وذكر البيت البلاذري في فتوح البلدان ص : ٦٦.

٢٤٣٨ ـ ذكره الأزرقي ٢ / ٢١٨ ، ٢٢٢ ، وابن هشام في السيرة ١ / ١٥٧ ، والبلاذري في فتوح البلدان ص : ٦٥ ، وياقوت في معجم البلدان ، ٢ / ١٤٧ نقلا عن الزبير مختصرا.

قلت : ولا وجود لهذه البئر اليوم ، لأنّ مدخل أجياد الكبير صار اليوم ميدانا من ميادين الحرم الشريف.

مدّت إليه مواسير عين زبيدة ، وبني فوقها مسجد صغير قبل أكثر من أربعين عاما ، فلعلّها هي بئر الطوي ، والله أعلم.

(١) الأزرقي ٢ / ٢١٨.


وكانت لهم أيضا بئر يقال لها : العلوق ، عند دار أبان بن عثمان (١).

وكانت لبني أسد بن عبد العزّى بئر يقال لها : شفيّة. ويقال : سقية.

موضعها في دار أم جعفر (٢) ، يقال لها : بئر الأسود (٣). ولها يقول الحويرث ابن أسد.

٢٤٣٩ ـ كما حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، عن أبي الحسن الأثرم ، عن أبي عبيدة.

ماء شفيّه كصوب المزن

وليس ماؤها بطرق أجن

وكانت لبني جمح بئر يقال لها : سنبلة. كانت لخلف بن وهب ، في

__________________

٢٤٣٩ ـ ذكره البلاذري في فتوح البلدان ٢ / ٧٢٥ ، والبكري في معجم ما استعجم ٢ / ٧٢٥ ، والسهيلي في الروض ٢ / ١٢٨ ، وياقوت ٣ / ٣٥٣ نقلا عن أبي عبيدة.

وقوله : طرق ، أي : الماء الذي خيض فيه ، وبيل ، ويعر ، فكدّر. اللسان ١٠ / ٢١٦.

والأجن : الماء المتغيّر الطعم واللون.

(١) المرجع السابق ٢ / ٢١٨ ودار أبان بن عثمان هذه على رأس ردم عمر ، عند مسجد الجودرية.

(٢) هي زبيدة ، زوج الرشيد ، ودارها كانت عند باب الخيّاطين ، أي : مقابل باب ابراهيم الآن ، وقد دخلت هذه الدار في توسعات المسجد الحرام.

(٣) علّق الأستاذ ملحس على بئر (شفية) بأنّ الأزرقي وهم في تحديد موضعها ، وخلط بينها وبين بئر الأسود ، لأن شفيّة موضعها بين المأزمين على ما ذكر البلاذري وياقوت.

قلت : إنّ الواهم في ذلك هو الأستاذ ملحس ، وليس الأزرقي ، لأنّ (شفيّة) يقال لها : بئر الأسود ، وموضعها كما حدّده الأزرقي في دار زبيدة.

أمّا البئر التي بين المأزمين ، والأصحّ : على رأس المأزمين ـ مأزمي عرفة ـ هي : بئر (السقيا) وليست شفيّة. والسقيا حفرها عبد الله بن الزبير ، ولا زالت معروفة إلى اليوم وتقع على يمين النازل من عرفة على طريق رقم (٨) قبل صعوده ثنية المرار.

والأسود الذي نسبت إليه (شفية) قال الأستاذ ملحس : هو الأسود بن عبد الأسد المخزومي ـ أه وهذا وهم منه ـ رحمه الله ـ لأنّ الأسود الذي نسبت إليه البئر من بني أسد وليس من بني مخزوم. فهو إذن : الأسود ابن البختري بن هاشم بن الحارث بن أسد بن عبد العزى الأسدي.

وقد ذكره على الصحة في موضع الآبار التي حفرت بعد زمزم في الجاهلية ٢ / ٢٢٤.


خط الحزامية ، بأسفل مكة ، قبالة دار الزبير بن العوام ـ رضي الله عنه ـ يقال لها اليوم : بئر أبيّ (١). ويقال إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم بصق فيها ، والله أعلم كيف ذلك. ويقال : إنّ ماءها جيد من الصداع (٢) من حديث ابراهيم بن يحيى.

وكانت لهم عند ردم الجمحيّين بئر يقال لها : أمّ حردان ، ذكر أنه لا يدرى من حفرها ، ثم صارت لبني جمح. ويقال : هي لعبد الله بن صفوان (٣).

وكانت لبني سهم بئر يقال لها : مرمرم (٤) يقال : دخلت في المسجد الحرام حين وسّعه أبو جعفر أمير المؤمنين في ناحية بني سهم.

وكانت لبني سهم أيضا بئر يقال لها : الغمر ، لم يذكر موضعها (٥).

٢٤٤٠ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني أبو الحسن الأثرم ، عن أبي عبيدة ، قال : فحفرت بنو سهم : الغمر ، فقال بعضهم :

نحن حفرنا الغمر للحجيج

تثجّ الماء أيّما ثجيج

وقد سمعنا في البئار حديثا جامعا (٦).

__________________

٢٤٤٠ ـ نقله ياقوت ٤ / ٢١١ عن أبي عبيدة ، وذكره البلاذري في فتوح البلدان ص : ٦٧ ، والبكري ٢ / ٧٢٦ ، والسهيلي في الروض ٢ / ١٢٨.

(١) بئر (سنبلة) كانت في عهد الفاسي تسمّى (بئر النبي) صلّى الله عليه وسلم ، ولعلّها البئر التي أدخلت في المسجد الحرام ويقال لها (بئر الداودية) وموضعها بين باب ابراهيم وبين باب الوداع. لا زالت قائمة في أقبية المسجد الحرام.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢١٩ ، والبلاذري في فتوح البلدان ص : ٦٦ ، وسيرة ابن هشام ١ / ١٥٨ ، وياقوت ٣ / ٢٦١.

(٣) الأزرقي ٢ / ٢١٩ ، ولا وجود لهذه البئر اليوم ، إذ أنّ جانب بني جمح ، وهو الشقّ الغربي المطلّ على المسجد الحرام كلّه هدم ، وأصبح فضاء واسعا من المؤمل إلحاقه بالمسجد الحرام.

(٤) كذا في الأصل ، وعند الأزرقي (رمرم).

(٥) الأزرقي ٢ / ٢٢٠ ، وابن هشام في السيرة ١ / ١٥٨.

(٦) الأزرقي ٢ / ٢٢٠.


ويقال : كان أول من حفر بئرا مرّة ، حفر بئرا يقال لها : اليسيرة ، خارجة من الحرم ، فكانوا يشربون منها دهرا ، إذا كثرت الأمطار فشربوا ، وإذا قحطوا ذهب ماؤها. وكانوا يشربون من أغادير في رؤوس الجبال (١) وحفر مرّة بئرا أخرى يقال لها الرواء ، وهما خارجتان من مكة ، في بواديها ، مما يلي عرفة ، وهم يومئذ حول مكة.

ثم حفر كلاب بن مرّة : خمّا ، ورمّا ، والجفر ، وهذه بئار كلاب بن مرّة ، وكلّها خارجا من مكة (٢).

ثم كان قصيّ حين جمع قريشا بمكة ، وأهل مكة على ما كان عليه الآباء من الشرب في رؤوس الجبال ، ومن هذه الآبار الخارجة من مكة ، فلم يزل الأمر على ذلك حتى هلك قصيّ ثم ولده كانوا يفعلون ذلك حتى هلك أعيان بني قصيّ : عبد الدار ، وعبد مناف ، وعبد العزّى ، وعبد بنو قصيّ ، فخلف أبناؤهم في قومهم على ما كان من فعلهم.

ويقال : إنّه لما حفر أمية بن عبد شمس الجفر لنفسه ، حفر ميمون بن الحضرمي (٣) بئره ، وكانت آخر بئر حفرت من هذه البئار في الجاهلية ، ولم يكن بمكة يومئذ ماء يشرب إلّا زمزم ، وبئر ميمون ، قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ / يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ)(٤) ، فقال :

__________________

(١) الأزرقي ٢ / ٢٢٠ ، وفتوح البلدان ص : ٦٤ ، وعنده : حفرها لؤي بن غالب.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، وفتوح البلدان ص : ٦٤.

(٣) إسم الحضرمي : عبد الله بن عمّار بن أكبر بن ربيعة بن مالك الحضرمي. وكان عبد الله الحضرمي ـ أبوه ـ قد سكن مكة وحالف حرب بني أمية. وميمون هو : أخو العلاء ، الصحابي الجليل الذي استعمله النبي صلّى الله عليه وسلم على البحرين. أنظر الإصابة ٢ / ٤٩١. وفتوح البلدان ص : ٦٥ ، ومعجم البلدان ١ / ٣٠٢.

(٤) سورة الملك (٣٠).


والله أعلم : إنّ تلك الآبار كانت تغور فيذهب ماؤها (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) وزمزم ماؤها معين (١).

٢٤٤١ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر قال : ثنا سفيان ، عن الكلبي ، في قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) قال : نزلت في زمزم ، وبئر ميمون بن الحضرمي ، وكانت بئرا جاهلية.

٢٤٤٢ ـ حدّثنا عبد السلام بن عاصم ، قال : ثنا جرير ، عن ليث ، قال : كان طاوس ليلة الصدر يبيت من وراء بئر ميمون إلى مكة.

وقال بعض شعراء أهل مكة في بئر ميمون هذه :

يا بئر ميمون قد هيّجت لي طربا

يا ليت ميمون لم تحفر له بير

فلو تراها وقد جاد الربيع بها

وأنبتت من أفانين وتنوير

يا بئر ميمون لا أخطتك غادية

تغدو عليك بسحّ غير مبرور (٢)

٢٤٤٣ ـ حدّثنا ابن أبي عمر ، قال : قال سفيان : وهي بئر ميمون بن

__________________

٢٤٤١ ـ ذكره ابن حجر في الفتح ٨ / ٦٦١ وعزاه للفاكهي بسنده.

وذكره السيوطي في الدرّ ٦ / ٤٩ ، ونسبه لابن المنذر والفاكهي.

٢٤٤٢ ـ إسناده ضعيف.

٢٤٤٣ ـ شعب عثمان ، هو : حيّ الروضة اليوم ، وصدره أعلى بستان الجفّالي ، ومسيله يفرع في أصل جبل المنحنى (العيرة). (ومقيصرا) اسم رجل ، ويريد (حائط مقيصرة) وهو بستان كان يشغل أعلى مدخل الملاوي على الطريق العام الصاعد إلى منى ، مقابل جبل سقر ، المشرف على حيّ (الخنساء).

وأنت ترى أنّ بئر ميمون احتلّت أهميّة كبيرة ، فهي كانت البئر الثانية في مكة بعد زمزم ، وبهما فسّر جماعة من المفسّرين قوله تعالى (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) وقد احتلّ

(١) الأزرقي ٢ / ٢٢٢ ، وفتوح البلدان ص : ٦٥.

(٢) الأبيات فيها إقواء.


الحضرمي ، أخي عمرو بن الحضرمي وكانت بئرا جاهلية ، وفيها يقول القائل :

إلى بئر ميمون فما حاز حوزها

إلى شعب عثمان فاسقي مقيصرا

__________________

موضع بئر ميمون أيضا أهميّة تاريخيّة ، حيث عنده عسكر الحجّاج في قتاله لابن الزبير ، وعنده مات أبو جعفر المنصور ، وغسّل بمائه ، إلى غير ذلك ، ولذلك نرى وجوب تحديد موضعه على الإستطاعة.

أمّا الفاسي فقد قال في الشفاء ١ / ٣٤٣ عندما عدّد الآبار التي بين المعلاة ومنىّ «ومنها بئر ميمون بن الحضرمي أخي العلاء بن الحضرمي ، وهي التي الآن بالسبيل المعروف بسبيل الستّ بطريق منى ، وممن عمّرها المظفّر ـ صاحب أربل ـ في سنة أربع وستمائة على ما وجدت بخط عبد الرحمن بن أبي حرمي المكي في حجر بهذه البئر يتضمّن عمارة صاحب أربل لها وعرّفها ببئر ميمون الحضرمي»أه ثم قال الفاسي في موضع آخر ١ / ٣١٤ «جبل العيرة : بقرب السبيل الذي يقال له : سبيل الستّ».

قلت : وجبل العيرة ، هو المسمّى اليوم (جبل المنحنى) يقابل الآن قصر الملك فيصل ، الذي هو مقرّ إمارة مكة حاليا.

وقد حدّد الحربي وغيره المسافة بين بئر ميمون وبين الحرم بميلين ، وبين بئر ميمون وبين منى بميلين أيضا. باعتبار أن الميل (٣٥٠٠) ذراعا.

ثم حرّر إبراهيم رفعت المسافة بين باب بني شيبة وبين سبيل الستّ فكانت (٣٦٧٥) مترا ، ثم بين سبيل الستّ وبين منى فكانت (٣١٢٠) مترا. (أنظر مرآة الحرمين ١ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩).

وقد حرّرت أنا المسافة بين باب الصفا الأعلى ، إلى جبل العيرة فكانت (٣٥٠٠) مترا ، ومن جمرة العقبة إلى جبل العيرة فكانت (٣٣٥٠) مترا وكل ذلك بالسيارة.

وعلى هذا فموضع بئر ميمون اليوم دخل في قصر الملك فيصل الذي هو مقرّ الإمارة اليوم.

ويؤيد ما ذهبنا إليه أدلّة كثيرة منها :

ما ذكره الفاكهي أن ثبير غيناء يشرف على بئر ميمون. ومن وقف عند الموضع الذي حدّدناه يرى ثبيرا مشرفا عليه إشرافا.

ومنها ما ذكره الحربي في المناسك ص : ٥٠٣ في وصفه لطريق منى قال : «وقبل أن تبلغ بئر ميمون طريق آخر إلى منى ، يمنة الطريق»أه. قلت : والذي يعنيه الحربي هو طريق الملاوي الآن يفترق له من القصر الملكي القديم ، المعروف ب (قصر السقاف).

ومنها : ما ذكره الفاكهي عن القصور التي أصبحت بالقرب من بئر ميمون.

وإنّ الأهميّة التاريخيّة التي اكتسبها بئر ميمون هو : ثروة مائه وعذوبته ، وكونه في


٢٤٤٤ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني أبو الحسن الأثرم ، عن أبي عبيدة ، قال : وحفرت بنو عبد الدار : أمّ أحراد ، فقالت أميمة بنت عميلة بن السبّاق بن [عبد الدار](١) امرأة العوّام بن خويلد :

نحن حفرنا البحر أمّ أحراد

ليست كبذّر النزور الجماد

قال فأجابتها ضرّتها صفية :

نحن حفرنا بذّر

تسقي الحجيج الأكبر

من مقبل ومدبر

وأنتم أحرادكم لم تذكر

وحفرت بنو مخزوم : سقيا ، بئر هشام بن المغيرة (٢).

__________________

مفترق طرق مكة العليا ، طريق : منى ومزدلفة وعرفات ، ثم طريق : نجد والعراق ، ثم طريق : الطائف.

فأطلق بئر ميمون على موضع البئر ، وعلى المنطقة المحيطة به من ثبير غيناء إلى الخرمانية ومن جبل العير إلى جبل العيرة. يؤيّد ذلك ما أورده الفاكهي من أخبار وقعت في هذه المنطقة التي حدّدناها ، ثم يضيفها إلى بئر ميمون. أنظر الأخبار ١٦٧١ و ٢٤٨٣ و ٢٥٠٦.

وأغرب البكري في تحديده لبئر ميمون بأنّها بين البيت والحجون ـ أنظر معجمه ٢ / ١٢٨٥ ـ. كما وهم الأستاذ البلادي في تحديده لموضع هذا البئر بين الخرمانية والحجون ، لأنّ ذلك لا يتّفق مع ما أسلفنا من أدلّة ، وخاصة ما ذكره الحربي من أنّ موضع بئر ميمون بعد اختراق طريق منى الأيمن.

٢٤٤٤ ـ ذكره البلاذري في فتوح البلدان ص : ٦٦ ، والبكري في معجمه ٢ / ٧٢٥ ، والسهيلي ٢ / ١٢٥ ، وذكره الأزرقي ٢ / ٢٢٢ مختصرا ونقله عنه الفاسي في الشفاء ١ / ٩٠ ، وأنظر ابن هشام في السيرة ١ / ١٥٧.

(١) في الأصل (عبد الله) وهو خطأ.

(٢) ذكره الأزرقي ٢ / ٢٢٣ ، والبلاذري في فتوح البلدان ص : ٦٧ ، وكلاهما لم يذكر موضع هذه البئر أيضا. ولا أعلم بئرا جاهلية بهذا الإسم إلّا البئر التي عند بستان الخمّاشية ، المستأجرة من إدارة المياه.

وهو سقيا عبد الله بن الزبير الواقعة على يمين النازل من عرفات على الطريق رقم (٧) ، وقد اندثر البستان وبقيت البئر وآثاره ، وعلى يمينك شعب يقال هو (شعب السقيا) ، وعلى فم هذا الشعب بئر لا زالت قائمة إلى اليوم ، أفاد الأزرقي ، والفاكهي أنّها بئر جاهلية ، نثلتها خالصة مولاة الخيزران.

فعرفت ببئر (خالصة) وكانت تسمّى (السقيا) فلعلّها هي والله أعلم.


وحفرت بنو تيم : الحفير ، وهي بئر عبد الله بن جدعان (١).

٢٤٤٥ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني أبو الحسن الأثرم ، عن أبي عبيدة معمر بن المثنّى ، قال : حفرت بنو تيم : الحفير ، فقال بعضهم :

الله سخّر لنا الحفيرا

بحرا يجيش ماؤه غزيرا

٢٤٤٦ ـ حدّثنا عبد الله بن عمران ، قال : ثنا سعيد بن سالم القدّاح ، قال : قال عثمان ـ يعني : ابن ساج ـ : أخبرني محمد بن إسحق ، قال : ولمّا انتشرت قريش ، وكثر ساكن مكة ، قبل حفر عبد المطلب زمزم ، قلّت على الناس المياه ، واشتدّت عليهم فيه المؤنة ، فحفر عبد شمس بن عبد مناف بن قصيّ : الطويّ ، وهي البئر التي بأعلى مكة ، عند دار محمد بن يوسف البيضاء ، وحفر هاشم بن عبد مناف : بذّر وهي البئر التي عند المستنذر ، بخطم الخندمة ، على فم شعب أبي طالب ، وزعموا أنه حين حفرها قال : لأجعلنّها بلاغا للناس ، وحفر : سجلة ، وهي بئر المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف التي كانوا يسقون عليها بين الصفا والمروة ، ويزعم بنو نوفل أنّ مطعم ابن عديّ كان ابتاعها من أسد بن هاشم ، ويزعم بنو هاشم أنما وهبها حين ظهرت زمزم ، واستغنوا بها عن تلك الآبار. وحفر أمية بن عبد شمس : الجفر ، فلما حفرت بنو عبد شمس آبارا وسقت عليها ، حفرت قبائل من قريش آبارا يسقون عليها ويشربون منها / فحفرت بنو أسد بن عبد العزى

__________________

٢٤٤٥ ـ ذكره ياقوت في المعجم ٢ / ٢٧٧ نقلا عن معمر بن المثنى ، وذكره البلاذري في الفتوح ص : ٦٧ باختلاف يسير.

٢٤٤٦ ـ إسناده حسن إلى ابن إسحاق.

وأنظر سيرة ابن هشام ١ / ١٥٦ ـ ١٥٧ ، والأزرقي ٢ / ٢٢١ ، وما بعدها.

(١) ذكره البلاذري في الفتوح ص : ٦٧ ، وسمّاها الأزرقي ٢ / ٢٢٣ (الثريّا).


[سقية](١) بئر بني أسد ، وحفرت / بنو جمح : سنبلة ، وهي بئر خلف بن وهب ، وحفرت بنو سهم : الغمر ، وهي بئر بني سهم ، وكانوا يسقون عليها ، ويبارون بها ويقولون فيها الأشعار. وكان بعضهم يأخذ على بئره الأجر من بعض الناس. قال : فلما حفر عبد المطلب : زمزم ترك الناس أو عامّتهم تلك الآبار ، وأقبلوا على زمزم لمكانها من البيت ، ولأنّها بئر اسماعيل ـ عليه السلام ـ ابن خليل الله ابراهيم ـ صلّى الله على نبيّنا محمد وعليه وسلّم ـ ولفضل مائها على سائر المياه في العذوبة والكثرة.

٢٤٤٧ ـ حدّثني عبد الملك بن محمد ، عن زياد بن عبد الله ، عن ابن إسحق ، نحو ذلك وزاد فيه : قال : وقد قالت [خالدة](٢) بنت هاشم تذكر سجلة :

نحن حفرنا يا لقوم سجله

في دارنا ذات فصول سهله

نابتة فوق سقائها بقله

تسقي الحجيج زعلة فزعله

وزاد فيه : وحفر عبد شمس : الطوي ، وهي البئر التي عند دار الحجاج ابن يوسف.

وقال عبد شمس بن عبد مناف حين حفر بئره : الطويّ قال :

إنّ الطويّ إذا ذكرتم ماءها

صوب السحاب عذوبة لا يترك

كانت عطاء من قدير مالك

يسقي بها الحجّاج ليست تفرك

__________________

٢٤٤٧ ـ الشعر هكذا في الأصل وفيه اضطراب ، وورد في فتوح البلدان ص : ٦٥ ، والسهيلي في الروض ٢ / ١١٤ ، والبكري ٢ / ٧٢٤ ـ ٧٢٥ ، وياقوت ٣ / ١٩٣ بشكل آخر. وقوله : (زعلة فزعلة) قال البكري : أي : جرعة فجرعة.

(١) في الأصل (سقاية) وهو تصحيف ، صوبته من ابن هشام وقد ذكرها الفاكهي سابقا (شفيّة) بالشين المعجمة والفاء ، وكله ذلك وارد.

(٢) في الأصل (خالته) والتصويب من فتوح البلدان ، ومعجم البلدان.


فلأسخرنّ من التتار وذكرها

بملوحة يسقون منها الهلّك (١)

ولأفخرنّ بأنّ بئري ذكرها

أكناف قيصر لا تباع فتملك

وقال أميّة بن عبد شمس حين حفر بئره : الجفر لنفسه :

هممت همّا أن أموت غمّا

حفرت جفرا ودفنت خمّا

والجفر لا بد بأن تطما

حتى يرى الأمر لنا خضمّا

ونعرف الحقّ إذا ألمّا

نحن وليناكم فلم نذمّا

ثمّ فرجنا الهمّ بعد ما أهمّا

ثمّ قمعنا الأبلح الغشمّا

حتى تركنا سمعه أصمّا

والحقّ لا بدّ بأن يحمّا

حتّى يكون أمرنا أعمّا

لأن قومي فرجوا المهمّا

وزاد فيه : وكان بعضهم فيما ذكروا يأخذ على بئره الأجر من بعض الناس ، فقال الحويرث بن أسد بن عبد العزى لشفيّة بئر بني [أبيه](٢) يفخر بشفيّة :

هذي الشفيّة قد عرفتم فضلها

مثل الصياح مصيبة للفاجر (٣)

كانت عطاء لا ينال وفضلها

باد لعمرك زينة للذاكر

صوب السماء فلا يذاق كطعمها

إلّا المدام عمارة للعامر

فيها نفاخر من أتانا فاخرا

وهي المغاث لبدونا والحاضر

وقال شاعر بني سهم يذكر الغمر ، بئر بني سهم :

ماذا يقول الفاخرون بمائهم

جهلا وبئري ذكرها لا ينفد

__________________

(١) البيت كذا في الأصل ، وفي معناه غموض.

(٢) في الأصل (أمية) وهو تصحيف.

(٣) البيت كذا في الأصل.


فضلت بئاركم بصوب سحابة

على صلة الطريق ترصد

فيها عذوبة ماء مزن فارس

فلها عذوبته وليست تفسد

/ وقال شاعر بني جمح يمتدح : سنبلة بئر خلف بن وهب الجمحي :

نحن حفرنا بئر صدق سنبله

ثمّ تركناها برأس القنبله

تصبّ ماء مثل فيض العنبله

ليست كبذّر لا ولا كالحرمله

تسقي عبيطا عندها كاليعمله

ثمّ سقينا الناس عند المسهله

صوب سحاب ربّنا هو أنزله (١)

وقال الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف يفخر على خداش بن عبد الله ابن قيس في شيء كان بينه وبينه ، ويذكر فضل بين عبد مناف :

نحن حفرنا في أباطح مكة

حفيرا لطول الدهر عند العواقب

نسقي بها الحجيج في كلّ ضيقة

إذا عطشوا ينزون نزو الجنادب

وإن على أسيافنا السّمّ من يعد

يبؤ بخسف أن يبؤ غير غالب

ويرجع مذموما ملوما مقصّرا

خداش لئيما كعبه غير راتب

لنا مكرمات من ينلها منا غدا

تقصر لذا تلك الأمور المصاعب

إذا فزع الحي التهامون أرفضوا

إلينا رجالا بين راض وعاتب (٢)

وقالت صفية بنت عبد المطلب ـ رضي الله عنها ـ بعد ذلك بزمان وهي تفاخر أميمة بنت عميلة بن [السباق](٣) بن عبد الدار ، وكانتا عند العوام بن خويلد ضرّتين تفخر إحداهما على الأخرى :

__________________

(١) الأبيات في معجم البكري ٢ / ٧٢٥ ، ٧٥٩ ، والروض الأنف ٢ / ١٢٨ ، ومعجم البلدان ٣ / ٢٦١.

(٢) الأبيات كذا في الأصل وفي بعضها اضطراب.

(٣) في الأصل (عبد السباق) وهو خطأ.


نحن حفرنا بذّر بجانب المستنذر

الطيب العذب الذي لم يمقر

كانت بلاغا للحجيج الأكبر

وأمّ أحرادكم لم تذكر

ونحن نسقي عند كلّ صرصر

مثل سحاب ماؤه لم يقصر

أو كغرير المزن عند الأحجر

نسقي بغير الجعل لمّا نفخر

قال : فأجابتها أميّة بنت عميلة بن السباق بن عبد الدار تقول (١) :

نحن حفرنا البئر أمّ أحراد

نسقي الحجيج كدم الفصاد

دما عبيطا ليس من أعواد

ثم يسيح الماء في الجماد

سيح سحاب سال في رماد

أتفخري ببذرك الرهاد؟

٢٤٤٨ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني أبو الحسن الأثرم ، عن أبي عبيدة ، قال : فلما إحقفا عبد المطلب زمزم عفوا هذه المياه ـ يعني : لما أظهرها عبد المطلب ـ.

ذكر

الآبار التي حفرت بعد زمزم في الجاهلية

فمنها بئر في دار محمد بن يوسف البيضاء ، حفرها عقيل بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ في حق المقوّم بن عبد المطلب ، [ويقال](٢) حفرها عبد شمس بن عبد مناف ونثلها عقيل بن أبي طالب ، يقال له : الطويّ ،

__________________

٢٤٤٨ ـ ذكره ابن هشام في السيرة ١ / ١٥٨.

(١) أنظر معجم البكري ٢ / ٧٢٥ ، وفتوح البلاذري ص : ٦٦ ، والروض الأنف ٢ / ١٢٥.

(٢) سقطت من الأصل ، وأضفتها من الأزرقي.


ويقال : بل حفرها قصيّ ونثلها بعده أبو لهب (١). وبئر الأسود بن البختري ، كانت على باب دار الأسود عند الخياطين ، دخلت في دار زبيدة الكبيرة عند الخيّاطين ، والبئر قائمة في سفل الدار إلى اليوم (٢).

وركايا قدامة بن مظعون / حذاء أضاة القبط (٣) بعرنة في شقها الذي يلي مكة.

وبئر حويطب بن عبد العزّى في بطن وادي مكة بين يدي داره (٤).

وبئر الصلاصل بفم شعب البيعة عند عقبة منى (٥) ، ولها يقول أبو طالب (٦) :

ونسلمه حتى نصرّع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

وينهض قوم في الحديد اليكم

نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل

__________________

(١) الأزرقي ٢ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ، وقد تقدّم ذكرها في الآبار الجاهلية.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٢٤ وقد تقدّم ذكرها.

(٣) الإضاءة : الماء المستنقع من سيل أو غيره. معجم البلدان ١ / ٢١٤ ، وسيأتي ذكر هذا الموضع وسبب تسميته بذلك في المباحث الجغرافية ـ ووقع عند الأزرقي (إضاءة النبط) بالنون. ولا أعلم لهذه البئر وجودا اليوم.

(٤) الأزرقي ٢ / ٢٢٤ ، وحويطب بن عبد العزي بن أبي قيس بن عبدودّ ، من بني عامر بن لؤي ، صحابي أسلم يوم الفتح ، وهو أحد المجدّدين لأنصاب الحرم ، وقد مضت ترجمته. ودار حويطب ذكرها الفاكهي في رباع بني عامر بن لؤي ، ورباعهم تقابل رباع بني هاشم ، فرباع بني هاشم على يمين الصاعد لوادي مكة ، وهم على يسار الصاعد ، أي أنّ موضع رباعهم هو سوق الجودريّة الآن ودار حويطب موضعها أعلى من دار الحمّام التي آلت لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ فيكون موضعها قبل وصولك لأول الردم ـ ردم عمر ، رضي الله عنه ـ فموضعها في أول سوق الجودرية الآن. ولا أعلم أنّ في هذا الموضع بئرا اليوم ، والعلم عند الله.

(٥) شعب البيعة لا زال معروفا بمنى ، وهو على يسارك إذا جئت من منى من مكة ، قبل أن تصل إلى جمرة العقبة ، ويبعد عن الجمرة أقلّ من ٥٠٠ م.

وبئر الصلاصل كانت قائمة قبل أعوام قليلة ، ثم غطّيت حين وسّع طريق الجمرات ، فدخلت فيه ، وهي على يسار الداخل إلى شعب البيعة.

(٦) البيتان ضمن قصيدة طويلة ، ذكرها ابن هشام في السيرة ١ / ٢٩٤. وأنظر الأزرقي ٢ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧.


والبئر التي [تعرف ببئر](١) خالصة مولاة الخيزران في المسيل الذي يفرع بين مأزمي عرفة ، ومسجد ابراهيم.

وبئر أجياد في دار زهير بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي.

بئر خمّ : (٢) جاهلية ، وهي لآل زريق بن وهب الله المخزومي ، جدّ أبي القاسم العائذي.

ذكر

الآبار الإسلاميّة

بئر أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ على باب شعب أبي دبّ بالحجون ، حفرها حين انصرف من الحكمين ، ثم اندملت فلم تزل مدمولة حتى نثلها بغا مولى أمير المؤمنين في سنة اثنتين وأربعين ومائتين ، على يد وكيله ابن شلقان وهي قائمة إلى اليوم (٣).

__________________

(١) في الأصل : (التي ببيت خالصة) ، وهو تحريف. وبئر خالصة قلنا هي السقيا ، وخالصة إنّما نثلتها وعمّرتها ، وقد تقدّم تحديد موضعها في الآبار الجاهلية. وانظر الأزرقي ٢ / ٢٢٤.

(٢) بئر خمّ : لا زالت قائمة إلى اليوم ، وعلى يسار الخارج من مكة بعد التقاء طرق : ربع كديّ ، وريع بخش ، وأنفاق باب الملك ، وموضعها قرب التقاء هذا الطريق الدائري الثالث. وتقع الآن ضمن أسوار حجز السيارات بكديّ ، وهي دون الميثب ، أقيمت عليها حجرة حديثة صغيرة ، وعليها مضخة ماء. وقد ذكرها الفاكهي في المباحث الجغرافية في شق مسفلة مكة اليماني قبل الأثر (٢٥١١) وحدّد موضعها فقال : خمّ قريبة من الميثب ، حفرها مرّة بن كعب بن لؤي ... الخ.

وتطلق لفظة (خمّ) على الغدير الذي عند الجحفة ، وعلى شعب خمّ الذي هو عند بركة ماجن ، وسيأتي ، وعلى بئر حفرها عبد شمس في البطحاء ، وعلى بئر عند ردم بني جمح. أنظر معجم البكري ١ / ٥١٠ ، وياقوت ٢ / ٣٨٩ ، ومتّفق ياقوت ص : ١٤٠.

(٣) هذه البئر ، غالب ظني أنّها البئر التي كانت تسمّى (بئر غيلمة) بفوّهة دحلة الجنّ ، وكانت العامة تسمّيها (حوض أبي طالب) وقد دثرا وأدخلا عندما ما وسّع شارع المسجد الحرام. وأنظر الأزرقي ٢ / ٢٢٥ ، والبلاذري في الفتوح ص : ٦٨ ، وياقوت ١ / ٣٠٢ حيث نقل هذا الخبر عن الفاكهي.


وبئر آل شوذب ، كانت على باب المسجد ، عند باب آل شيبة ، فدخلت في المسجد الحرام حين وسّعه المهدي في خلافته ، وهي في الزيادة الأولى التي كان وليها جعفر بن سليمان في سنة إحدى وستين ومائة.

وشوذب : مولى لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ (١).

والبرود : بفخّ ، أسفل من شعب المبيّضة حفرها خراش بن أمية ، محرّش ، ويقال : محرّش الكعبي فيما يقولون ، ولها يقول الشاعر :

بين البرود وبين بلدح نلتقي (٢)

وبئر بكّار بذي طوى ، عند ممادر بكّار. وبكّار رجل من أهل العراق كان يسكن مكة (٣).

__________________

(١) الأزرقي ٢ / ٢٢٥ ، والبلاذري ص : ٦٨.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٢٦ ، والبلاذري ص : ٦٨. والبرود في الأصل : هو الجبل الذي قتل عنده الحسن بن علي بن الحسين بن حسن بن علي بن أبي طالب ، يوم فخّ ، ويعرف اليوم ب (جبل الشهيد) وهو يشرف على حيّ الشهداء من الغرب ، وهناك خمس آبار قديمة لا زالت قائمة على يسار الذاهب إلى التنعيم يشرف عليها جبل البرود ، إثنتان منها لا زالت أمانة العاصمة تضخّ منهما المياه ، واحدها يقال له : بئر الكردي ، وثلاثة منها معطّلة ، فيها مياه آسنة ، ولم أستطع أن أجزم أيّها هو البرود.

وهناك برود آخر في مجتمع طريق حجّاج العراق ونجد ـ سابقا ـ تقع اليوم على يمين الذاهب من الطريق المزفّت إلى الجعرانة ، قبل الجعرانة بخمسة كيلومترات تقريبا ، وتبعد عن طريق الجعرانة أكثر من كيلو متر واحد شرقا ، يسلك إليها من طريق ترابي. وهناك في ـ هذا الموضع بئر عظيمة ، وقفت عليها ، وبقربها حياض واسعة ، وآثار سدود ، وقنوات للمياه ، تصل بين هذه الحياض وبين مجرى عين يذهب حتى يلتقي مع مجرى عين زبيدة الآتي من المشاش ، عند الريع الأخضر. وقد أشار الفاكهي إلى نحو ذلك فيما تقدّم. والبئر وصفها ابراهيم رفعت في مرآة الحرمين ١ / ٣٧٠ حيث قال (والبئر مطوية بالحجارة المنحوتة ، قطرها ستة أمتار ، وعمقها اثنا عشر مترا ، ماؤها عذب ، لا يزيد ارتفاعه في قاعه عن خمسين سنتيما) قلت : عندما وقفت عليها رأيت ماءها ثرّا ، وقد غطّيت البئر بألواح من الحديد ، وأقيمت عليها مضخّة مياه ، وبنيت عندها حجرة صغيرة لهذه المضخّة ، وقد كان معي الشريف محمد بن فوزان ـ رحمه الله ـ يوم وقفت على هذه البئر.

وقد وهم الأستاذ ملحس عندما جعل بئر البرود التي ذكرها الأزرقي والفاكهي هنا هي : البردان ، فقد أبعد ـ رحمه الله ـ في ذلك كل البعد ، فالبردان عين بأعلى نخلة اليمانية (المضيق) اليوم ، وليست كما حدّدها الفاكهي بفخّ.

(٣) بئر بكّار : موضعها في الحفاير اليوم ، وثنية الحزنة : هي (ريع الحفاير) الآن ، وسيذكر الفاكهي


وبئر وردان مولى المطلب بن أبي وداعة ، بذي طوى عند سقاية سراج بفخ (١). وسراج : مولى لبني هاشم. وفي هذا الموضع يقول بعض الشعراء :

إلى [مبيت] سراج فالبرود فما

حازت بلادح ذات النّخل والسدر

وبئر لابن هشام ببئر ميمون ، تدعى الهشامية ، وراء الدار التي كانت لأم عيسى بنت سهيل ، مقابلة دار محمد بن داود (٢).

وبئر لكثير بن الصلت في داره التي بالثنيّة وهي دار طاقة (٣).

وبئر عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ بقعيقعان.

وبئر لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ على حمّامه عند دار الحمّام (٤).

وبئر لعبد الله بن عامر : في شعب ابن عامر (٥).

وبئر السقيا : فوق مأزمي عرفة ، عند مسجد ابراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ من عرنة ، كانت جاهلية حفرتها خالصة (٦).

__________________

انّك إذا هبطت من ريع الحزنة نهبط على المادر ـ الحفاير ـ بئر بكار.

يوجد الآن جنوب مسجد الطبيشي بالحفاير بئر قديمة مدمولة ، في وسط ملتقى أزقّة هناك ، فلعلّها هي ، إذ ينطبق عليها وصف الفاكهي والله أعلم ، ولعلّ الأستاذ ملحس قد وهم في جعل هذه البئر هي بئر طوى ، لأنّه وهم قبلها في تحديد ثنية الحزنة حيث جعلها : ريع أبي لهب ، فجرّه هذا الخطأ إلى خطأ آخر ـ رحمه الله ـ.

(١) ذكره الأزرقي ٢ / ٢٢٦ ، والبلاذري في فتوحه ص : ٦٨.

(٢) تقدّم تحديدنا لموضع بئر ميمون ، وأنّها دخلت في قصر الإمارة اليوم المعروف ب (قصر الملك فيصل) وكذلك فيه موضع دار محمد بن داود ، لأنّه كان يقابل جبل العيرة (المنحنى) ، وحول بئر ميمون آبار عديدة.

(٣) يريد بالثنيّة هنا هي (كدى) الثنية السفلى بالشبيكة.

(٤) تقدّم ذكرنا لدار الحمّام ، وأنّها إحدى الدور الستّ المقطورة التي كان يملكها معاوية ، وأنّ موضعها اليوم يقع في سوق الجودرية.

(٥) كان في شعب عامر أكثر من بئر ، فقد كانت على فوّهته بئر ، وفي أقصاه بئر يقال لها (بئر الحمام) بتخفيف الميم ، موضعها مقابل المسجد الكبير بهذا الشعب ، فلا أدري أيّهما بئر ابن عامر.

(٦) تقدّم ذكرها في الآبار الجاهلية.


والياقوتة : التي بمنى حفرها أبو بكر الصدّيق ـ رضي الله عنه ـ في خلافته فعملها الحجّاج بعد مقتل ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ فيما يزعمون ، وضرب فيها وأحكمها (١).

وآبار (٢) عمرو بن عثمان : التي بمنى في شعب عمرو ، ومنها يشرب اليوم الناس بمنى ، ويسكبون الماء في مضاربهم.

وبئر الشركاء : بأجياد لبني مخزوم (٣).

وبئر عكرمة : بأجياد الصغير ، في الشعب الذي يقال له : الأيسر (٤).

وبئر ابن المرتفع.

٢٤٤٩ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : محمد بن المرتفع بن النضر / بن الحارث صاحب بئر ابن المرتفع بمكة.

وبئر ابن المرتفع التي فوق الأنصاب إلى طريق العراق ، وتعرف ببئر ابن

__________________

٢٤٤٩ ـ ذكره ابن الكلبي في جمهرة النسب ١ / ٧٤ ، والبلاذري في فتوح البلدان ص : ٢٤.

قلت : ويكاد يغلب على ظنّي أنّ بئر ابن المرتفع هي بئر البرود العظيمة ، لأنّها في طريق العراق ، ولأنّها فوق الأنصاب ، ولأنّها مطوية بحجارة منحوتة جيدة العمارة ، ولأنّها من أعذب المياه كما ذكر الفاكهي. وقد تقدّم قبل قليل وصفنا لبئر البرود ، والله أعلم.

(١) ذكره الأزرقي ٢ / ٢٢٤ ، وذكر في ٢ / ١٨٥ أنّ ما بين وسط حياض الياقوتة وبين حدّ محسر ألفا ذراع ، أي : أقلّ من كيلومتر واحد. وما بين جمرة العقبة وحدّ محسر سبعة آلاف ومائتا ذراعا. فيكون بعد الياقوتة عن جمرة العقبة خمسة آلاف ومائتا ذراع ، أي أقلّ من ثلاث كيلو مترات ـ ولا تعرف اليوم ـ.

(٢) كذا في الأصل ، بصيغة الجمع ، وفي الأزرقي بالافراد ، وشعب عمرو بن عثمان بن عفان في منى ولعلّه ما يسمّى الآن بحارة قريش بمنى فهي التي ينطبق عليها هذا الوصف.

والآبار في (حارة قريش) خمسة آبار ، ولكنّها لا تعرف بهذا الإسم اليوم.

(٣) الأزرقي ٢ / ٢٢٤.

(٤) المصدر السابق ٢ / ٢٢٥ ، وقد سمّي هذا الشعب في مواضع شقّ مسفلة مكة اليماني : شعب المتّكأ ، وذكر أنّه بأقصى شعب أجياد الصغير ، وأنّ هذه البئر حفرتها زينب بنت سليمان بن علي.


المرتفع اليوم ، لرجل يقال له : ابن حوس (١) ، وقد عمرها ابن عثمان المكي ، وسوّاها ، وهي من أعذب المياه.

وآبار (٢) الأسود بن سفيان بن عبد الأسد المخزومي في أصل ثنية أم قردان.

وبئر يقال لها : الطلوب كانت لعبد الله بن صفوان ، ويقال : بل كانت لعمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية في شعب عمرو بالرمضة ، دون الميثب (٣).

__________________

(١) كذا في الأصل ولم أعرف ابن حوس هذا ، ولعلّ في العبارة سقطا ، ولا يزال (حوّاس) يطلق على واد عند البرود يصبّ في المغمّس وعلى منطقة قرب بئر البرود يقال لها (خريبات حوّاس) وهذا مما يدعم ما ذهبنا إليه في بئر ابن المرتفع. ولم أعرف ابن عثمان المكي المذكور بعد.

(٢) كذا في الأصل بصيغة الجمع ، وكذلك في الأزرقي ٢ / ٢٩٣ عند ذكره لثنية أمّ قردان ، ويظهر أنّها أكثر من بئر. وقد جاء تحديد موضع هذه الآبار عند البلاذري في الفتوح ١ / ٦٨ حيث قال : وبئر الأسود ـ نسبت إلى الأسود بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ـ وهي بقرب بئر خالصة ، مولاة أمير المؤمنين المهدي ـ أه كلامه. ونقل الأستاذ ملحس مضمون كلام البلاذري هذا ، معتمدا عليه في تحديد موضع آبار الأسود المخزومي. قلت : وقد تقدّم تحديدنا لموضع بئر خالصة ، وأنّها لا تزال قائمة في فم شعب السقيا على يمين النازل من عرفة على طريق رقم (٧).

وعلى ما تقدّم فموضع آبار الأسود هناك بالقرب من بئر ابن الزبير بالخمّاشية.

وفي ذلك عندي نظر ، لأنّ البلاذري أراد أن يعني أنّ ثنية أم قردان هي الثنية الهابطة على شعب السقيا ، والهابطة كذلك على آبار الأسود ، وهذا بعيد لأنّ الأزرقي والفاكهي عند ما ذكرا شعب السقيا وبئر خالصة ذكراها في شق معلاة مكة اليماني ، وعندما ذكرا ثنية أم قردان ذكراها في شق مسفلة مكة اليماني ، وشتان بين الشقين. ويوجد اليوم ريع خلف جبل بشيم ب (١) كم يقال له (ريع القرادي) ، يسيل على (وادي السلولي) أوقفنا عليها الشيخ حسن بن سالم الخزاعي ـ شيخ خزاعة اليوم ـ فلعلّها المقصودة بأم قردان. ثم إن ما يسيل عليه الريع هذا من أرض أصبح اليوم مزرعة وموضع كسارة للحجارة يملكها سليمان خياط.

(٣) بئر الطلوب : هذه البئر بالرمضة دون الميثب ، والرمضة ما يسمّى اليوم بقوز النكّاسة ، وهو جزء من المسفلة يخترقه الطريق الدائري الثالث ، والميثب مطلّ على قوز النكّاسة من الشرق ، وهذه البئر لا زالت موجودة على يسارك وأنت متّجه إلى أسفل مكة ، وهي البئر الموجودة في بستان الشيخ عبد الله أحمد كعكي ، وهي بئر قديمة كبيرة ، وقد خطّط هذا البستان وأصبح منطقة سكنية.


وبئر أم النعمان ، بذي طوى (١) ، كانت الناس يشربون منها في الفتنة ، زمن اسماعيل بن يوسف الطالبي.

٢٤٥٠ ـ حدّثنا عبد السلام بن عاصم ، قال : ثنا أبو زهير ، قال : ثنا ابن إسحق عن نافع ، أنّ ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ كان إذا قدم مكة نزل بذي طوى.

٢٤٥١ ـ وحدّثنا ابن أبي مسرّة ، قال : ثنا ابراهيم بن محمد الشافعي ، قال : ثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، عن الضحّاك بن عثمان ، عن أيوب بن موسى ، عن سعيد بن العاص ـ رضي الله عنه ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم كان يقصر الصلاة بالعقيق إذا خرج إلى مكة ، ويقصر بذي طوى إذا خرج من مكة.

__________________

٢٤٥٠ ـ إسناده حسن.

أبو زهير ، هو : عبد الرحمن بن مغراء. وابن إسحاق ، هو : محمد ، وهو ثقة إلّا أنّه مدلس ، وقد عنعن هنا ، لكن تابعه موسى بن عقبة.

رواه البخاري ٣ / ٥٩٢ من طريق : موسى بن عقبة ، عن نافع ، به.

٢٤٥١ ـ إسناده منقطع.

أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص ، روى عن سعيد بن العاص ، ولم يدركه. تهذيب الكمال ١ / ١٣٦.

رواه أبو داود في المراسيل (تحفة الأشراف ٤ / ١٦) من طريق : الفضيلي ، عن عبد العزيز بن أبي حازم ، به.

(١) لعلّها بئر (ذي طوى) المشهورة اليوم بجرول ، وتقابل مبنى مستشفى الولادة ، ويقوم عليها بناء عثماني قديم كتب عليه (بئر طوى). وعن فتنة الطالبي أنظر تاريخ ابن جرير ١١ / ١٣٦ ، والعقد الثمين ٣ / ٣١٢.


ذكر

ما عمل بمكة من سقايات بعد الآبار

حياض المزدلفة ، عملها عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ (١).

السداد التي بالنصع وبطن الأفيعية في طرف النخيل ، عملها ، الحجّاج بن يوسف ، يقال لها : السداد الأعظم ، منها سد يقال له : أثال (٢).

سداد أبي جراب ، أسفل من عقبة منى دون القبور ، على يمين الذاهب إلى منى. وأبو جراب اسمه : عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن أميّة الأصغر ، عمله في ولاية ابراهيم بن هشام على مكة والمدينة ، بغير إذن ابراهيم ابن هشام ، فكتب ابراهيم إلى عامله بمكة ، أن يقف أبا جراب في الشمس حتى يدفن بئره ، ففعل ذلك ، فاستعان أبو جراب أهل مكة حتى غوروا تلك البئر ، ودفنوا ذلك السد (٣).

__________________

(١) لا وجود لها الآن.

(٢) سداد الحجّاج لا زالت قائمة إلى اليوم في شعب عمرو بن عبد الله بن خالد بن أسيد الذي يطلق عليه اليوم : (المعيصم) اثنان على يمينك وأنت نازل من المزدلفة ، والآخر الكبير ، وهو : أثال على يسارك ، واللذان في يمينك قائمان في ثبير النصع ، وما فاض منهما يسكب في وادي أفيعية. وسوف يأتي وصف السداد في المباحث الجغرافية ـ إن شاء الله ـ وانظر الأزرقي ٢ / ٢٨١.

(٣) ذكره ياقوت في معجم البلدان ٣ / ١٩٦ ـ ١٩٧ نقلا عن الفاكهي.

وأمّا القبور التي ذكرها فلا زالت موجودة إلى الآن على يمينك وأنت صاعد إلى منى ، قبل أن تصل إلى ما يقابل شعب البيعة ، قرب بيت يعرف ب (بيت صدقي) آلت ملكيّته للدولة الآن.


ذكر

ما أجري من العيون بمكة وحولها في الحرم

سمعت بعض أشياخنا يذكر أنّ معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ كان أجرى بمكة عيونا ، واتّخذ لها أخيافا ، وكانت فيها النخيل والزروع.

فمنها حائط عوف : وموضعه من زقاق خشبة دار مبارك التركي ، ودار جعفر ، ودار مال الله ، وموضع الماجلين ماجل أمير المؤمنين هارون اللاحق بالحجون ، فهذا موضع حائط عوف إلى الجبل (١).

ويقال لهذا الموضع : حوض الحمر.

وعوف كان قيّما لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ على ذلك الحائط فنسب إليه ، وكانت لهذا الحائط عين تسقيه. وكان فيه النخيل ، وكان له مشرعة يردها الناس.

٢٤٥٢ ـ فحدّثني أبو جبير ـ محمد بن جبير النوفلي ـ قال : ثنا أبو أمية بن أبي الدهم النحوي المكي ، عن أبيه ، قال : كانت لي سقيفة في السد الذي يطلّ على المجزرة اليوم في حائط عوف ، وحائط عوف فيه النخيل لا يتخلّص طائره ، فسمعت خارفا في نخلة يخرفها ويتغنّى :

__________________

٢٤٥٢ ـ في إسناده من لم أعرفه.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٢٨. وقال الفاسي في الشفاء ١ / ٢٩٦ عن حائط عوف : لا يعرف ، ولعلّه أحد البساتين التي في الجبل الذي يقال له : جبل ابن عمر أه.

قلت : موضع حائط عوف في الكمالية ، مقابل بناية البريد المركزي اليوم ، وقد كانت إلى عهد غير بعيد بساتين خضراء ، فغمرها العمران. والماجلان المذكوران ، هما حوضان كبيران كانا يسمّيان في عهد الفاسي : بركتي الصارم وكانتا لاصقتين بسور مكة.


قل لأسماء أنجزي الميعادا

وانظري أن تزوّدي منك زادا

/ وإذا ما حللت أرضا من الشام

وجاورت حميرا ومرادا

وإذا ما سمعت من نحو أرضي

بمحبّ قد مات أو قيل : كادا

فارتجي أن أكون منك قريبا

وسلي الصادرين والورّادا

ومنها حائط يقال له : الصفيّ (١) ، موضعه بين دار زينب بنت سليمان التي صارت لعمرو بن مسعدة ، والدار التي فوقها ، إلى دار العباس بن محمد التي بأصل نزاعة الشوي ، وكان له عين ، وكان فيه النخل ، وكان له مشرعة يردها الناس وفيه يقول الشاعر (٢) :

سكنوا الجزع جزع بيت أبي موسى

إلى النخل من صفيّ السباب

ومنها حائط مقيصرة (٣) وكان موضعه نحو بركتي سليمان بن جعفر ، إلى نحو قصر أمير المؤمنين المنصور أبي جعفر ، يقال : موضعه موضع دار لبابة بنت علي ، ومحمد بن سليمان بن علي ، إلى القرن الذي عليه بيوت المطبّقي.

وكانت له عين ، ومشرعة ، وكان فيه النخل. ومقيصرة قيّم كان لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ فنسب إليه.

ويقال عن العتبي قال : دخل معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ حائطا له بمكة ومعه ابن صفوان ، فقال : كيف ترى هذا الحائط؟ قال : أراه على غير ما وصف الله ـ تعالى ـ به البلد ، فقال : قال الله ـ عزّ وجلّ ـ

__________________

(١) حائط الصفيّ : وموضعه في شعب الصفيّ ، وهو الجميّزة الآن ، وكانت عينه جارية إلى عهد غير بعيد كما أخبرني بعض من يسكن هذا الموضع منذ زمن بعيد ، وانظر بحثنا عن المحصّب فيما سبق.

(٢) القائل هو : كثير بن كثير السهمي ، وقد تقدّم هذا البيت ضمن أبيات أخرى.

وانظر الأزرقي ٢ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩.

(٣) موضعه أعلى مدخل الملاوي اليوم ، مقابل جبل سقر الذي يشرف على الخنساء من الغرب. ولا زالت بعض الآبار قائمة في ذلك المكان إلى اليوم. وانظر الأزرقي ٢ / ٢٢٩.


(بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ)(١) وأراك قد جعلت زرعا. قال معاوية ـ رضي الله عنه ـ : متى تعلمت هذه الآية؟ فقال : أما أنا فقد أوجعتك ، فقل ما شئت.

ومنها حائط يقال له : حائط مورّش (٢) ، وموضعه في دار محمد بن سليمان ابن علي ، ودار لبابة بنت علي ، ودار عبيد الله بن قثم ، اللواتي بفم شعب الخوز ، وكان فيه النخل ، وكانت له عين ومشرعة يردها الناس على طريق منى ، وطريق العراق. ومورّش كان قيّما لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ فنسب إليه الحائط.

ومنها حائط خرمان (٣) وهو من ثنية أذاخر إلى بيوت أبي جعفر العلقمي ، وبيوت ابن أبي الرزّام ، ومدخله قائم إلى اليوم ، وكان فيه النخل والزرع حديثا من الدهر ، وكانت له عين ومشرعة يردها الناس.

٢٤٥٣ ـ حدّثنا أبو سعيد حسين بن حسن ، قال : حدّثني علي بن الصبّاح ، قال : ثنا ابن الكلبي ، قال : ثنا معروف بن خرّبوذ المكي ، قال : كان علقمة بن صفوان بن محراب الكناني ـ جد مروان من قبل أمه ـ له في ظهر مكة ماء ، يقال له : السرر عند موضع يقال له : حائط خرمان ، فخرج على جمل له ، عليه إزار ورداء ، وهو يظنّ أنه قد أصبح ، وعليه ليل ، وكانت معه مقرعة ، فلما انتهى إلى موضع خرمان ، إذا هو بشيء له رجل

__________________

٢٤٥٣ ـ ابن الكلبي متروك.

(١) سورة إبراهيم (٣٧).

(٢) موضعه في البياضية ، دبر قصر السقاف ، وقد كانت فيه بعض الأشجار إلى عهد قريب ، أما آباره فلم تدفن إلّا قبل سنتين. وانظر الأزرقي ٢ / ٢٢٩.

(٣) لا يزال موضعه معروفا باسم (الخرمانية) وقد أقيم على أكثر أرضه بناية جميلة ضخمة لأمانة العاصمة المقدّسة. وانظر الأزرقي ٢ / ٢٢٩.


واحدة ويد واحدة ، وعين واحدة معه السيف ، وهو يدور حول حماره ويقول :

علقم إنّي مقتول

وإني لحمي مأكول

أضربهم بالهدلول

ضرب غلام مسمول

رحب الذراع بهلول

فقال له علقمة : ما لي ولك تقتل من لا يقتلك ، إغمد عنّي منصلك.

قال ذلك الشق :

عنيت لك عنيت لك

كيما أبيح معقلك

ثم أحل منزلك

فاصبر على قدر لك

فضربه بالمقرعة ، وضربه ذلك الشق بالسيف ، فوقعا جميعا إلى الأرض ، وذهب حمار علقمة ، حتى أتى منزله ، فوثب ولده / وأهله فاتبعوا الأثر ، فوجدوه مغشيا عليه وإذا إلى جانبه فحمة ، وإذا في علقمة مثل الخط ، فجاءوا به فعاش علقمة سبعة أيام ، ثم مات ، وعطّل ذلك الماء حتى جاء الإسلام فقالت الجنيّة لدى ذلك الشق :

قولوا [لمن] يعذلني

فيما يلوموا ولمه

كان بكائي دائما

على ابن أمّي سلمه

إن تقتلوا سيدنا

فقد أتانا علقمه

كلاهما كان له

في قومه مغلغمه

لن تسكنوها أبدا

وفي تهامة سلمه

قال أبو سعيد يريد بقوله سلمة : الشجر.

ومنها : حائط حراء (١) ، وهو أسفل حراء ، وضفيرته قائمة إلى اليوم ، وكان فيه النخل ، وكانت فيه مشرعة يردها الناس.

__________________

(١) لا زالت بئره قائمة إلى اليوم ، ولكن لا زرع فيه. وأنظر الأزرقي ٢ / ٢٢٩.


وفي حراء وثبير يقول القائل :

وارحل بودّك حيث شئت فليس لي

أسف عليك ولا لديك كثير

أخرجت من سجن غداة هجرتني

وانحطّ عن عنقي حرا وثبير

ومنها : حائط ابن طارق (١) ، بأسفل مكة ، وكانت عينه تمر في بطن وادي مكة ، وتحت الأرض ، وكانت له عين ومشرعة ، وكان فيه النخل ، وكان موضعه أسفل قرن ابن شهاب ، وكان معاوية ـ رضي الله عنه ـ ابتاعه من طارق بن عبد الرحمن بن المرتفع بن الحارث بن عبد مناة ، وكان فيه نخل.

قال ابن أبي عمر : أدركت فيه أصول النخل. ثم كان هذا الحائط للوليد بن عبد الملك بعد ذلك ، وفيه عين تمرّ اليوم في وادي مكة ، وأصله لآل طارق ، فرهنه عند رجل ، فغرق في الرهن ، فهو للمخزوميّين لآل الحارث ابن عبد الله بن ربيعة ، ولهم بيوت عند أصل قرن (٢).

ومنها : حائط فخّ (٣) ، ولم يزل قائما إلى سنة ست وأربعين ومائتين ، فقدم الصائغ أسحق بن سلمة ، فقطع شجره ، وجعل له فلجا يذهب إلى بركة جعلها ناحية الحصحاص (٤) ، وذلك أنّ أهل مكة ضاقوا من الماء ، فأبطل الحائط ولم ينتفع الناس بشيء من مائه ، وقد كان الناس ينتفعون به ، ويستنفعون فيه ، وموضعه قديم معروف المكان ، ويشربه مارة الطريق ، وفي

__________________

(١) كان موضعه بالمسفلة ، عند موقف السيّارات المتعدّد الأدوار الآن ، وكان قرب موضع هذا الموقف بركة تسمّى (بركة ماجل).

(٢) كذا في الأصل.

(٣) ذكره الأزرقي ٢ / ٢٣٠ ، وقال : وهو قائم إلى اليوم ، فاختصر ما فصّله الفاكهي. وقال الأستاذ ملحس محددا موضع هذا الحائط : في المكان المعروف بالشهداء. قلت : وحيّ الشهداء حيّ واسع فيه أكثر من حائط ، ومنها ما كان قائما إلى قبل أعوام قليلة ، منها ما هو لبعض الأشراف ، ومنها ما هو وقف على بعض المدارس الشرعيّة بمكة ، وغير ذلك. فلا أدري أين موضعه ، والله أعلم.

(٤) أي بعد هبوطك من ريع الكحل نحو الشهداء.


هذا الموضع يقول الشاعر :

أستودع الله ظبيا قد كلفت به

مرعاه فخّ إلى فسقية الطبري

وقد عمر اليوم هذا الحائط ، وردّ في موضعه ، وصرفت عينه إلى الحائط كما كانت.

٢٤٥٤ ـ وحدّثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا ابراهيم بن عمرو ، قال : أخبرني القاسم بن [عبد الله](١) بن عمر ، عن عبيد الله بن عمر ، قال خرجت مع أبي ، وسالم بن عبيد الله حتى إذا كنا بفخّ دخل فاغتسل.

ومنها : حائط بلدح (٢) ، وهو قائم إلى اليوم.

٢٤٥٥ ـ حدّثنا الحسن بن علي ، قال : ثنا عفّان بن مسلم ، قال : ثنا وهيب ، قال : ثنا موسى بن عقبة ، قال : ثنا سالم ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه سمعه يحدّث عن النبي صلّى الله عليه وسلم ، أنّه لقي زيدا بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح وذلك قبل أن ينزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم الوحي ، فقدّم إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم ، فأبى أن يأكل منها ، وقال : إنّي لا آكل مما

__________________

٢٤٥٤ ـ إسناده متروك.

القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب متروك ، ورماه أحمد بالكذب.

٢٤٥٥ ـ إسناده صحيح.

رواه البخاري ٧ / ١٤٢ ، ٩ / ٦٣٠ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ١٢١ ، كلاهما من طريق : موسى بن عقبة به. وأشار الحافظ في الفتح إلى رواية الفاكهي هذه.

(١) في الأصل (عبيد الله) وهو تصحيف.

(٢) وهذا الحائط لم يحدّد الفاكهي موضعه ، وبلدح واد واسع طويل ، يبدأ من نهاية حيّ الشهداء وينتهي بالحديبية الشميسي ـ وأشهر حوائطه هي الحوائط التي لا زالت قائمة إلى اليوم في أم الدود (أم الجود اليوم) وبستان القزّاز ، وبستان أم الدرج ، وقد أقيم في موضع أحد بساتينه فندق كبير اسمه : فندق مكة إنتركنتننتال ، ولا زالت بعض الآبار قائمة حتى اليوم في تلك المواضع.


تذبحون على أنصابكم ، ولا آكل إلّا مما ذكر اسم الله عليه. حدّث بهذا عبد الله عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

وفي بلدح يقول الشاعر :

/ وبالمنحنى ذي السرح من بطن بلدح

إلى بئر بكّار قواء بسابس (١)

وقال آخر :

حبّذا ماء بلدح

وهوا فيه نازله

ومنها : حائط الحمّام (٢) ، وهو بالمعلاة ، بالقرب من بركة أم جعفر وذلك الموضع يقال له : دار الحمّام اليوم ، وإنّما سمّي الحمّام : أن حمّاما لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ كان في أسفله ، وكان فيه نخل.

٢٤٥٦ ـ حدّثني عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا أحمد بن محمد ، عن [عبد الرحمن](٣) بن حسن ، عن أبيه ، قال : إن زمعة ، أو ابن زمعة قال

__________________

٢٤٥٦ ـ إسناده حسن.

أحمد بن محمد ، هو : الأزرقي. وزمعة ، هو : ابن الأسود بن عامر ، القرشي العامري. صحابي أسلم يوم الفتح. أنظر الإصابة ١ / ٥٣٢.

(١) القواء : الأرض التي لم تسكن. والبسابس : هي الأرض القفر ، واحدها بسبس. اللسان ٦ / ٢٩.

(٢) سبق تحديدنا لموضع بركة أم جعفر ، ورجّحنا أنّ موضعها عند مدخل موقف سيارات برحة الرشيدي ، ويغلب على ظنّي أن موضع هذا الحائط هو في الجهة المقابلة لبركة أم جعفر ، فيكون موضعه بالقرب من موضع بناية البريد المركزي اليوم ، وذلك لأمرين : الأول : أنّ دار الحمّام سبق وأن حدّدها الفاكهي على يسرة الصاعد في الوادي ، بالقرب من ردم عمر بن الخطاب ، أي في سوق الجودرية اليوم.

والثاني : أنّ موضع سوق الجودرية كان لبني عامر بن لؤي ـ على ما أوضحه الفاكهي ـ في الرباع ، وزمعة أو ابن زمعة هو من بني عامر بن لؤي ، فأراد الخيف الذي يقع في أعلى رباعهم ليزرعه ، فغلبه في ذلك أبو سفيان. والله أعلم.

(٣) في الأصل (عبد الرحيم) وهو خطأ. وعبد الرحمن بن حسن بن القاسم بن عقبة الأزرقي.


لعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : يا أمير المؤمنين أقطعني خيف الأرين أملأه عجوة. قال : نعم. فبلغ ذلك أبا سفيان ـ رضي الله عنه ـ ، فقال : دعوه فليملأه ثم لننظر أيّنا يأكل جناه. فلما سمع بذلك تركه ، حتى كان معاوية ـ رضي الله عنه ـ فهو الذي ملأه ، وجعل له عينا ، وكان فيه نخل.

قال عبد الرحمن : أنا أدركت العجوة فيه ـ يعني حائط الحمّام ـ.

ذكر

طرقات مكة وشوارعها التي يدخل منها

ولمكة أربع مداخل وشوارع يدخل منها ويخرج منها. فمنها : الطريق العظمى وهي المعلاة على كداء ، محجة العراق بئر ميمون بن الحضرمي (١).

والطريق الأخرى : وهي المسفلة يسلكها أهل اليمن.

وطريقان بالثنية إحداهما على كدى ، وذي طوى ، يسلكها أهل الشام ، وأهل مصر ، ومن أراد العراق على طريق المدينة. والأخرى ثنية المقبرة ، وهي ثنية المدنيّين التي تشرف على الحجون. فهذه طرقات مكة وشوارعها.

٢٤٥٧ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا عبد الله بن موسى ، عن أسامة

__________________

٢٤٥٧ ـ إسناده حسن.

أسامة بن زيد ، هو : الليثي.

(١) كذا العبارة في الأصل ، وأرى أنّ فيها اضطرابا ، فالطريق العظمى : لا تمرّ على كداء (ريع الحجون) بل تجعل كداء على يسارها ، ثم تمضي مصعدة ، وعند جبل المنحنى وبئر ميمون ينحني الطريق يسارا ليمرّ على محجّة العراق ونجد. وأراد الفاكهي بالطريقين الأولين : الطريقين اللذين يدخلان مكة في أرض سهلة دون عقبة أو ثنية. وأما الطريقان الآخران فهما اللذان يدخلان مكة ولكن على ثنية.


ابن زيد ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال : مكة كلّها طريق يدخل من ها هنا ويخرج من ها هنا.

٢٤٥٨ ـ حدّثنا ابن كاسب ، قال ثنا ابراهيم بن أبي بكر ، قال : رأيت محمد بن المنكدر دخل من ثنية المدنيّين حتى أتى الأبطح فأناخ به.

ذكر

فضل المعلاة على المسفلة

٢٤٥٩ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : ثنا حمزة بن عتبة اللهبي ، قال : سمعت أن النبي صلّى الله عليه وسلم لما حدّ المشاعر بالمعلاة ، عرفة ، ومنى ، والجمار ، والصفا ، والمروة ، والمسعى والركن ، والمقام ، والحجر ، برز إلى أسفل مكة فنظر يمينا وشمالا فقال : «ليس لله ـ تبارك وتعالى ـ فيما ها هنا حاجة»ـ يعني : من المشاعر ـ.

ذكر

معلاة مكة ومسفلتها

وحدّ المعلاة فيما يقال ـ والله أعلم ـ ، وفيما جاء الأثر بذلك حديث جرهم ، وقطورا ، أنهم لما نزلوا مكة بعد العماليق ، اقتسموا مكة نصفين ،

__________________

٢٤٥٨ ـ إسناده ليّن.

إبراهيم بن أبي بكر بن المنكدر ، سكت عنه البخاري ١ / ٢٧٦ ، وابن أبي حاتم ٢ / ٩٠ ، وذكره ابن حبّان في الثقات ٦ / ١٢.

٢٤٥٩ ـ إسناده منكر ، وقد تقدّم برقم (١٨٥٧).


فكان لجرهم ، أعلى الوادي ، وكان لقطورا أسفله ، فكان حوز جرهم وجه الكعبة إلى الركن الأسود ، والمقام ، وموضع زمزم ، مصعدا يمينا وشمالا ، وقعيقعان إلى أعلى الوادي. وكان حوز قطورا المسفلة ظهر الكعبة الركن اليماني ، والغربي ، وأجيادين ، والثنية ، والمسفلة.

وكانت جرهم تعشّر من جاء من المعلاة ، وكانت قطورا تعشّر من جاء من المسفلة.

/ وحدّ ذلك من شق مكة الأيمن ما حازت دار الأرقم بن أبي الأرقم ، والزقاق الذي على الصفا يصعد منه إلى جبل أبي قبيس مصعدا في الوادي ، فذلك كله من المعلاة.

وحدّ أعلى المسجد الحرام مما يلي الشقّ الأيسر من زقاق البقر الذي عند الطاحونة ، دارا عبد الصمد بن علي اللتان تقابل دار يزيد بن منصور الحميري ، خال المهدي ، التي يقال لها : دار العروس مصعدا إلى قعيقعان ، ودار جعفر بن محمد ، ودار العجلة وما حاز سيل قعيقعان إلى السويقة مصعدا ، فذلك كلّه من المعلاة.

وحدّ المسفلة من الشق الأيمن : من الصفا إلى أجيادين ، فما أسفل منه ، فذلك كلّه من المسفلة (١).

وحدّ المسفلة من الشق الأيسر : من زقاق البقر منحدرا إلى دار عمرو بن العاص ، ودار زبيدة ، فذلك كلّه من المسفلة.

فهذه حدود المعلاة والمسفلة ـ فيما يقال ـ ، والله أعلم.

٢٤٦٠ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني أبو ضمرة أنس بن عياض

__________________

٢٤٦٠ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١٢ / ٩٢ ـ ٩٣ ، وعبد الرزاق ١١ / ٢٤١ ، والحاكم في المستدرك

(١) قارن الأزرقي ٢ / ٢٦٦. وارجع إلى مباحث رباع مكة لتعرف مواضع الدور التي ذكرها.


الليثي ، عن هشام بن عروة ، عن عروة قال : إنّ أول رجل سلّ سيفه في الله ـ تعالى ـ الزبير بن العوام ـ رضي الله عنه ـ ، نفخت نفخة من الشيطان : أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فأقبل الزبير ـ رضي الله عنه ـ يشقّ الناس بسيفه ، والنبي صلّى الله عليه وسلم بأعلى مكة ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : «ما لك يا زبير؟»قال ـ رضي الله عنه ـ : أخبرت أنك أخذت. قال : فصلّى عليه ، ودعا له ، ولسيفه.

٢٤٦١ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ ، قالت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم دخل من أعلى مكة ، وخرج من أسفلها.

٢٤٦٢ ـ وحدّثني ابراهيم بن أبي يوسف ، قال : ثنا يحيى بن سليم ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يدخل مكة من الثنية العليا ، ويخرج من الثنية السفلى.

٢٤٦٣ ـ حدّثنا أبو سعيد ، قال : ثنا سويد بن سعيد ، قال : ثنا [عبد الله

__________________

٣ / ٣٦٠ ، وأبو نعيم في الحلية ١ / ٨٩ ، كلّهم من طريق : هشام بن عروة به ، إلّا أنّ الحاكم رواه عن عروة من طريق آخر.

وذكره ابن حجر في الإصابة ١ / ٥٢٧ وعزاه للزبير بن بكار.

٢٤٦١ ـ إسناده صحيح.

رواه البخاري ٣ / ٤٣٧ ، ومسلم ٩ / ٤ ، والترمذي ٤ / ٨٦ ، وأبو داود ٢ / ٢٣٧ كلّهم من طريق : ابن عيينة ، به.

٢٤٦٢ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقيّة رجاله موثّقون.

رواه البخاري ٣ / ٤٣٦ ، ومسلم ٩ / ٣ ، والترمذي ٤ / ٨٦ ، وأبو داود ٢ / ٢٣٧ كلّهم من طريق : عبيد الله العمري ، به.

٢٤٦٣ ـ شيخ المصنّف ، هو : الأزدي ، لم أقف عليه ، وبقيّة رجاله موثّقون.

ذكره السيوطي في الدرّ المنثور ٣ / ٧٣ وعزاه لأبي الشيخ بن حيّان في تفسيره.


ابن بكير](١) الغنوي ، عن محمد بن سوقة ، عن عون بن عبد الله ، عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)(٢) قال : طريق مكة.

ذكر

معلاة مكة اليماني ، وما يعرف اسمه من المواضع ، والسقايات ،

والجبال ، وما أحاط به الحرم (٣)

فاضح (٤) : بأصل جبل أبي قبيس ، ما أقبل على المسجد والمسعى ، وإنّما سمّي فاضحا أنّهم كانوا فيما مضى يتخّلون ويتبرّزون هنالك ، فإذا جلسوا كشف أحدهم ثوبه ، فسمي ما هنا لك فاضحا.

__________________

(١) في الأصل (عبيد الله بن دكين) وهو تصحيف. وعبد الله بن بكير هذا قال عنه الساجي : من أهل الصدق ، وليس بالقوي. اللسان ٣ / ٢٦٤.

(٢) سورة الأعراف (١٦).

(٣) إنّ تقسيم الفاكهي لأرض الحرم إلى أربعة أرباع ، ذاكرا مواضع كل ربع بالتسلسل ، ابتداء بالمسجد الحرام ، وانتهاء بحدود الحرم من تلك الناحية ، سهّل علينا معرفة كثير من المواضع وتسميتها بأسمائها الحاضرة ، أي سهّل علينا مسألة ربط الماضي بالحاضر ، لأن غالبها لم يتغيّر خاصة الجبال والوديان والشعاب ، والثنايا ، او الآبار وما إلى ذلك. وأفادنا في اكتشاف كثير من الأوهام التي وقع فيها بعض الفضلاء من القدامى والعصريّين الذين لهم اهتمام بتاريخ مكة ومواضعها ، وإذا أردنا أن نتعرّف على المواضع المذكورة في كل ربع من أرباع مكة ، فما علينا إلّا أن نمسك الخيط من رأسه ، ثم نساير الفاكهي فيما يذكر ويصف ويحدّد ، لنربط بين القديم والجديد ، ونتجنّب الوهم قدر الإمكان ، والله الموفّق.

(٤) فاضح : يمثّل الرأس الجنوبي لحيّ القشاشية ، ويمكن تحديد موضعه الآن بأنّه من فوّهة أول أنفاق المشاة التي تربط اليوم بين الصفا وبين أجياد الصغير ، إلى مدخل موقف السيارات المقام على فوّهة شعب علي. وقد سهّل فيه طريق للخارج من الصفا يريد شارع الصفا وشعب علي ، وصار رأسه طريقا يتّصل بالجسر الآتي من جهة أجياد ، وموضعه الأسفل صار ميدانا من ميادين الحرم لكثرة ما ضرب فيه ونحت منه.


وقال بعض المكيّين : فاضح من حق آل نوفل بن الحارث ، إلى حدّ دار محمد بن يوسف ، فم الزقاق الذي فيه مولد رسول الله صلّى الله عليه وسلم (١). وإنّما سمّي فاضحا فيما يقال : أنّ جرهما ، وقطورا ، اقتتلوا دون دار محمد بن يوسف عند حق آل نوفل بن الحارث ، فغلبت جرهم قطورا ، وأخرجوهم من الحرم ، وتناولوا النساء فسمّي بذلك فاضحا (٢).

قال عبد الله بن أبي عمار (٣) ، يذكر فاضحا أو غيره :

/ إنّ المجالس لا مجالس مثلها

شعب الألامق ردم آل عياض

ليست كمثل قعيقعان وفاضح

وعراض أجيادين شرّ عراض

الخندمة : ما بين حرف السويداء إلى الثنية التي عليها بئر ابن أبي سمير ، في شعب عمرو ، مشرفة على أجياد الصغير ، وعلى شعب ابن عامر ، وعلى دار محمد بن سليمان ، في طريق منى. وهو جبل في ظهر أبي قبيس ، ومن قافيته الخندمة من ظهرها ، مشرف على دار ابن صيفي المخزومي ، من الثنية التي يسلك منها من شعب ابن عامر إلى شعب آل سفيان ، دون شعب الخوز.

وذلك الموضع الذي على يمين من انحدر من الثنية التي يسلك منها من شعب ابن عامر. وعلى دار محمد بن سليمان في طريق منى إذا جاوزت المقبرة عن يمين الذاهب إلى منى (٤).

__________________

(١) معنى ذلك أنّه أدخل في حدّه الأعلى موقف السيارات كلّه.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٦٨ ـ ٢٦٩.

(٣) تقدّمت ترجمته بعد الأثر (١٨٦٢). والألامق : لم أجدها في المراجع.

(٤) الأزرقي ٢ / ٢٦٩ ، وياقوت ٢ / ٣٩٢ ـ ٣٩٣ ، ونقله الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠ عن الفاكهي.

وقوله (حرف السويداء) لم أعرفه بالضبط ، لكن أول الخندمة معروف يبدأ من الحافة العليا لشعب علي ، فلعلّها هي : السويداء ، فهذا بداية جبل الخندمة ، وأما نهايته : فالثنية التي عليها بئر ابن أبي السمير بالروضة وهذه الثنية هي التي عليها اليوم منزل يعرف باسم منزل حامد أزهر ، وكانت تسمّى (الخضراء) ولا تبعد كثيرا عن بستان الجفالي ، في منتصف طريق : العزيزية ـ الروضة ، وقد


٢٤٦٤ ـ فحدّثني أبو بكر أحمد بن محمد بن ابراهيم المليكي ، قال : حدّثني عبد الله بن عمر بن أسامة الجندي ، قال : ثنا أبو صفوان المرواني ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : ما مطرت مكة قط إلّا كان للخندمة عزة (١) ، وذلك أن فيها قبر سبعين نبيا.

__________________

٢٤٦٤ ـ شيخ المصنّف ، وشيخ شيخه لم أعرفهما. وبقيّة رجاله ثقات.

وأبو صفوان المرواني ، هو : عبد الله بن سعيد.

ذكره الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٢٧٩ نقلا عن الفاكهي بسنده ، ثم قال بعده : والله أعلم بصحته.

سهّلت هذه الثنية بقرار من مجلس الوزراء رقم ١٤٤ وتاريخ ٢٧ / ١٠ / ١٣٧٤ هجرية ، عرّض طريقها ، ثم أقيم عليها قبل سنتين جسر يربط طريق العزيزية بطريق الروضة ، ويمر من تحت هذا الجسر الطريق الآتي من الملاوي وأنفاق شعب عامر ، المؤدّي إلى أنفاق الملك فهد ، ثم شعب علي في منى. ولم تعد هذه الثنية معروفة اليوم من شدّة ما ضرب فيها. وأمّا بئر ابن أبي السمير ، فلا تعرف اليوم ، ولعلّها دفنت عند تسهيل هذه الثنية وتعريضها. وقد أغفل الفاكهي والأزرقي ذكر هذه البئر عند ذكر هما لآبار مكة ، فلا ندري أهي بئر جاهلية أم إسلامية. هذا هو الحدّ الأعلى للخندمة ، وإن كان بعض الفضلاء من أهل العصر قد مدّ هذا الحدّ لأعلى من ذلك ، فجعله عند ملتقى طريق كديّ المار على حيّ الهجرة بالطريق الذاهب إلى الطائف على طريق (الهدة). وهذا ليس ببعيد لاتّصال هذه الجبال ببعضها.

ونلاحظ هنا أن الفاكهي والأزرقي يطلقان اسم الجبل على سلسلة من الجبال قد تطول وقد تقصر ، وهذا ما سوف نراه كثيرا عندهما.

وأمّا قوله (في شعب عمرو) فعمرو هنا ، هو : ابن عثمان بن عبد الله بن خالد بن أسيد الأموي.

وهذا شعب من شعاب أربعة ذكرها الفاكهي بإسم (شعب عمرو) ، والثاني : هو : شعب عمرو ابن عبد الله بن خالد بن أسيد الأموي ، عمّ السابق ، وهذا الشعب هو : المعيصم اليوم ، وفيه سداد الحجّاج. والثالث : شعب عمرو بن عثمان بن عفّان ، في منى ، وفيه آبار عمرو بن عثمان التي سبق الكلام عنها في الآبار الإسلامية ، ورجّحنا هناك أنّه المسمّى اليوم (حارة قريش) بمنى. والرابع : شعب عمرو بن عبد الله بن صفوان الجمحي في المسفلة بالرمضة دون المثيب ، وارجع إلى مبحث الآبار الإسلامية. وبقيّة المواضع التي في تعريف الخندمة سوف يأتي الكلام عنها في موضعها ـ إن شاء الله ـ.

(١) في الشفاء (أمطرها).


٢٤٦٥ ـ وحدّثني محمد بن موسى القطّان ، قال : ثنا موسى بن إسماعيل ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، قال أنا جرير بن حازم ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : قلت لأبي يا أبت كيف أسرك أبو اليسر؟ ولو شئت لجعلته في كفّك؟ قال : يا بني لا تقل ذلك ، لقيني وهو أعظم في عيني من الخندمة.

وهي التي هرب فيها عكرمة بن أبي جهل ، وسهيل بن عمرو ، وصفوان ابن أمية ، يوم الفتح حين دخل النبي صلّى الله عليه وسلم مكة حتى ، وجدوا بعد ذلك وأسلموا. فأما سهيل فخرج إلى الشام ، فمات بها مجاهدا (١) ، وأما عكرمة بن أبي جهل ، ٢٤٦٦ ـ فحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : قتل عكرمة بن أبي جهل يوم : أجنادين في زمن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ عنه شهيدا ، وليس له

__________________

٢٤٦٥ ـ إسناده ضعيف.

علي بن زيد بن جدعان : ضعيف.

ذكره الصالحي في سبل الهدى والرشاد ٤ / ١١٧ ـ ١١٨ ، وعزاه لأبي نعيم.

٢٤٦٦ ـ الخبر في الأزرقي ٢ / ٢٦٩ ، ومغازي الواقدي ٢ / ٨٢٧ ، وسيرة ابن هشام ٤ / ٥١ ، وتاريخ الطبري ٣ / ١١٩ ، ونسب قريش لمصعب ص : ٣١١ ، وأنساب الأشراف ١ / ٣٥٦ ، والإصابة ١ / ٣٥١. وقائل هذا الرجز ، هو : حماس بن قيس الدئلي. ووقعة (أجنادين) كانت في سنة ثلاث عشرة من الهجرة في الشام بين المسلمين والروم. وانظر معجم البلدان ١ / ١٠٣ ، والبداية والنهاية لابن كثير ٧ / ٥٤.

والرواية السابقة ذكرتها المصادر المذكورة ، وغيرها ، وقد تردّد الأستاذ البلادي في قبول هذه الرواية في كتابيه معجم معالم الحجاز ٣ / ١٦١ ، ومعالم مكة التاريخيّة ص : ٩٨ ، وبنى هذا التردّد على أن خالدا دخل من أسفل مكة ، من (كدى) ـ ريع الرسّام اليوم ـ والخندمة في أعلى مكة ، والذي دخل من أعلى مكة هو النبي صلّى الله عليه وسلم من ريع ذاخر ، والزبير بن العوام ، من ثنية كداء ـ ريع الحجون اليوم ـ.

(١) الإصابة ٢ / ٩٢ ـ ٩٣.


عقب ، وهو من مسلمة الفتح. وفيه ـ رضي الله عنه ـ يقول الشاعر :

إنّك لو شهدتنا بالخندمه

إذ فرّ صفوان وفرّ عكرمه

ولحقتنا بالسيوف المسلمه

لم تنطقي في اللّوم أدنى كلمه

وفي ظهر الخندمة : المفاجر (١) ، وواحدها : المفجر ، وفيها يقول الشاعر :

فبطن مكة أسقا فأسقا

محسّرا ، فمزدلفات فالمفاجر

والجبل الأبيض (٢) : المشرف على حق أبي لهب ، وحق ابراهيم بن محمد ابن طلحة بن عبيد الله ، وكان يسمّى في الجاهلية : المستنذر ، وله تقول بعض بنات عبد المطلب :

نحن حفرنا بذّر

بجانب المستنذر (٣)

جبل مرازم (٤) : الجبل المشرف على حقّ آل سعيد بن العاص ، هو منقطع حق أبي لهب ، إلى منتهى حق ابن عامر الذي يصل حق آل عبد الله

__________________

قلت : ونظر الأستاذ البلادي في محله ، وتردّده مقبول في مناقشة المصادر التي ذكرت قتال خالد في الخندمة ، وهذا الإشكال تزيله رواية الفاكهي عندما يذكر أنّ صفوان وعكرمة وغيرهما إنّما لجأوا إلى الخندمة واختبأوا فيها فرارا من خالد ، ولا يفيد هذا أنّه وقع قتال في الخندمة بقيادة خالد ، فالقتال كان في أسفل مكة ، وهم هربوا واختبأوا في أعلاها ، والله أعلم.

(١) المفاجر : سوف يذكرها الفاكهي في موضعها.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٧٠. وقد سبق تحديدنا لبئر بذّر. والجبل الأبيض ، هو : الجبل الذي كان مشرفا على (قصر الإسمنت) بالغزّة الذي اتّخذ موضعه فيما بعد ميدانا تقف فيه سيارات النقل الجماعي ، ويمكن تحديده بأنّه من نهاية مكتبة مكة (مولد النبي سابقا) إلى خلف عمائر الجفّالي ، وقد غمره العمران.

(٣) تقدّم هذا البيت في مبحث آبار مكة قبل زمزم.

(٤) الأزرقي ٢ / ٢٧٠. وموضعه ما بعد عمائر الجفّالي إلى أن تصل إلى شعب عامر ، وقد غمره العمران حتى لا تكاد تراه.


ابن خالد بن أسيد. ومرازم : رجل كان يسكنه من بني سعد بن بكر بن هوازن.

قرن مصقلة : وهو قرن قد بقيت منه بقية بأعلى مكة في دبر دار ابن سمرة ، عند موقف الغنم ، هو بها بين شعب ابن عامر ، وطرف دار رائعة في أصله. ومصقلة : رجل كان يسكنه في الجاهلية (١).

٢٤٦٧ ـ / فحدّثني ميمون بن الحكم الصنعاني ، قال : ثنا محمد بن جعشم ، قال : أنا ابن جريج ، قال : أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم ، أن محمد بن الأسود بن خلف أخبره ، أنّ أباه الأسود حضر النبي صلّى الله عليه وسلم يبايع الناس يوم الفتح ، قال : جلس عند قرن مصقلة.

قال : وقرن مصقلة الذي إليه بيوت ابن أبي ثمامة ، وهي دار ابن سمرة ، وما حولها.

قال الأسود : فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم جلس إليه ، فجاءه الناس الصغار والكبار ، والرجال والنساء ، يبايعونه على الإسلام والشهادة. قال : قلت : وما الشهادة؟ قال : أخبرني محمد بن الأسود أنّه صلّى الله عليه وسلم بايعهم على الإيمان بالله ، والشهادة : لا إله إلّا الله.

جبل نبهان (٢) : الجبل المشرف على شعب أبي زياد ، في حق آل

__________________

٢٤٦٧ ـ شيخ المصنّف لم أعرفه ، وبقيّة رجاله موثّقون.

رواه أحمد ٣ / ٤١٥ ، ٤ / ١٦٨ ، والطبراني في الكبير ١ / ٢٨٠ والأزرقي ٢ / ٢٧٠ ـ ٢٧١ كلّهم من طريق ابن جريج به. إلّا أنّ أحمد اختصره ، والأزرقي أرسله. وذكره الهيثمي في المجمع ٦ / ٣٧ وقال : رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، وأحمد باختصار ، ورجاله ثقات.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٧٠ ، والفاسي في شفاء الغرام ١ / ٢٦٠. وموقف الغنم كان عند مسجد الجودريّة (مسجد الراية).

(٢) هذه الجبال الثلاثة ذكرها الأزرقي ٢ / ٢٧١ ، وهي داخلة في شعب عامر ، وشعب عامر : شعب واسع اكتنفته بعض الجبال والشعاب ، ولا يعرف بالتحديد أيّا من الجبال والشعاب هي التي تسمّى بهذه الأسماء ، وقد سبق تحديدنا لموضع حائط عوف.


عبد الله بن عامر. ونبهان ، وأبو زياد : موليان لعبد الله بن عامر.

جبل زيقيا (١) : الجبل المتّصل بجبل نبهان إلى حائط عوف. وزيقيا مولى لآل أبي ربيعة المخزومي ، كان أول من بنى فيه ، فسمّي به ، ويقال له اليوم : جبل الزيقي. وفيه كان يسكن عبد الله بن رجاء المكي ، أخبرني ذلك ابنه عنه.

جبل الأعرج (١) : في حق آل عبد الله بن عامر ، مشرفا على شعب أبي زياد ، وشعب ابن عامر. والأعرج

مولى لأبي بكر الصدّيق ـ رضي الله عنه ـ كان فيه فسمّي به ونسب إليه.

المطابخ (٢) : شعب عبد الله بن عامر كلّه يقال له : المطابخ. سمّي بذلك لتبّع ، لما قدم مكة طبخ فيه ونحر.

٢٤٦٨ ـ حدّثني عبد الله بن شبيب بن [](٣) ، قال أنشدني الزبير بن أبي بكر ، قال : أنشدني عمّي ، قال أنشدني أبي عبد الله بن مصعب ، في سلّ الزبير ـ رضي الله عنه ـ سيفه :

فسلي سليمى خابرا بفعالنا

ليس العميّ بأمرنا كالخابر

هل سلّ في الإسلام سيفا قبلنا

في الله يعدل كلّ باغ جائر

سلّ الزبير ببطن مكة سيفه

قبل السيوف ، وكان غير مساتر

__________________

٢٤٦٨ ـ شيخ المصنّف واه وبقيّة رجاله لا بأس بهم.

وسبب إيراد الفاكهي لهذا الشعر يبيّنه الخبر بعده.

(١) راجع الحاشية رقم ٢ في الصفحة السابقة عن الجبال الثلاثة.

(٢) لا زال هذا الشعب يحمل اسم (شعب عامر) وهو مشهور ، اكتنفه العمران شعابا وجبالا ، وقد علّقت لافتات على بعض جدران بيوته كتب عليها : (شعب بني عامر) وهذا خطأ ، فبنو عامر بن كعب بن لؤي ما كانت هذه منازلهم. ويجري الآن فتح نفقين في جبل الخندمة يصلان شعب عامر بشعب الخوز (جهة ريع المسكين) ثم إلى شعب عمرو وشعب عثمان (الملاوي والروضة) ثم يتّصل طريقهما بأنفاق الملك فهد في أصل ثبير ، ليصلا إلى شعب علي في منى (شعب مجر الكبش).

(٣) بياض في الأصل.


٢٤٦٩ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد ، والزبير بن أبي بكر ، قالا : ثنا سليمان ابن حرب ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن سعيد ابن المسيب قال : أول من سل سيفا في الله ـ عزّ وجلّ ـ الزبير بن العوام ـ رضي الله عنه ـ ، كان قائلا بشعب المطابخ إذ سمع نغمة : قتل محمد ، فخرج متجرّدا سيفه صلتا ، فلقي رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فقال : «ما لك يا زبير؟»قال ـ رضي الله عنه ـ : لا ، إلّا أنّي سمعت نغمة أنّك قتلت. قال صلّى الله عليه وسلم : «فماذا كنت صانعا؟»قال : استعرض أهل مكة ، فدعى له النبي صلّى الله عليه وسلم بخير. قال سعيد : فأرجو أن لا يضيع الله ـ تعالى ـ دعاء النبي صلّى الله عليه وسلم للزبير ـ رضي الله عنه ـ.

٢٤٧٠ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : وفي ذلك يقول [الأسدي](١) :

هذا وأوّل سيف سلّ في غضب

لله سيف الزبير المنتضى أنفا

حميّة سبقت من فضل نجدته

قد يحبس النجدات المحبس الأزفا

وفي شعب ابن عامر يقول بعض شعراء مكة :

/ إذا جئت باب الشعب شعب ابن عامر

فأقرئ غزال الشعب مني سلاميا

وقل لغزال الشعب : هل أنت نازل

بشعبك يا من ينزل القلب ساهيا

وما نظرت عيني إلى وجه طالع

من الحجّ إلّا بلّ دمعي ، ردائيا

__________________

٢٤٦٩ ـ إسناده ضعيف.

علي بن زيد بن جدعان : ضعيف.

ذكره ابن حجر في الإصابة ١ / ٥٢٧ ، وعزاه للزبير بن بكّار. وقد تقدّم هذا الحديث بإسناد صحيح برقم (٢٤٦٠).

٢٤٧٠ ـ ذكره ابن عساكر في تاريخه (تهذيبه ٥ / ٣٦٠ ـ ٣٦١) باختلاف يسير ، والشطر الثاني من البيت الثاني مضطرب ، نقلته كما هو.

(١) في الأصل (السدى) والتصويب من تهذيب ابن عساكر.


ثنية أبي مرحب (١) : المشرفة على شعب أبي زياد ، في حق ابن عامر ، التي تهبط على حائط عوف مختصر من شعب ابن عامر إلى المعلاة وإلى منى.

شعب أبي دبّ (٢) : وهو الشعب الذي فيه الجزّارون. وأبو دبّ : رجل من بني سواءة بن عامر بن صعصعة.

وفي فم الشعب سقيفة لأبي (٣) موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ ، ولها يقول كثير بن كثير :

سكنوا الجزع جزع بيت أبي موسى

إلى النخل [من] صفيّ السباب

[سكنوا](٤) بعد غبطة ورجاء

وسرور بالعيش تحت التراب

٢٤٧١ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا هشام بن سليمان ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عمرو بن شعيب ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قال : بينا نحن مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ببعض أهل الوادي ، يريد أن يصلّي فأقام وفمنا ، إذ خرج حمار من شعب أبي دبّ ـ شعب أبي موسى ـ فأمسك النبي صلّى الله عليه وسلم ، فلم يكبر وأجرى إليه يعقوب بن زمعة أخا بني زمعة ، حتى ردّه.

وعلى باب الشعب بئر لبغا مولى أمير المؤمنين. وكانت قد دثرت واندمكت

__________________

٢٤٧١ ـ إسناده منقطع.

ذكره ابن الأثير في أسد الغابة ٥ / ٥٢٢ ، وعزاه لأبي موسى المديني. وذكره ابن حجر في الإصابة ٣ / ٦٢٩ وعزاه لابن أبي عمر في مسنده ، وقال ابن حجر : منقطع.

(١) لا زالت هذه الثنية معروفة ، ومسلوكة ، بين شعب عامر وبين المعلاة ، وبرحة الرّشيدي. وإذا سلكتها من شعب عامر تهبط بك على مدخل موقف سيارات برحة الرّشيدي. وانظر الأزرقي ٢ / ٢٧١.

(٢) هو الشعب الذي يسمّى اليوم : دحلة الجنّ ، وقد غمره العمران يمنة ويسرة ، وهو يشرف على مسجد الجنّ.

(٣) لا وجود لهذه السقيفة اليوم.

(٤) في الأصل (مسكنا) وقد تقدّم البيتان ضمن أبيات أخرى في الكلام عن مقبرة مكة.


حتى نثلها بغا الكبير ، وأحكمها وبنى بحذائها سقاية يسقى فيها الماء ، واتّخذ عندها مسجدا يصلّى فيه.

وكان أبو موسى ـ رضي الله عنه ـ نزل الشعب حين انصرف من الحكمين (١).

٢٤٧٢ ـ فحدّثنا حسين بن حسن ، قال : ثنا عبد الوهاب الثقفي ، قال : سمعت يحيى بن سعيد ، قال : أخبرني أبو الزبير ، أن طاوسا أخبره ، أنّ أبا موسى ـ رضي الله عنه ـ حين تفرّق هو وعمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ حين حكم الحكمين ، فطاف هو وطاوس ، فزعم طاوس أنّ رجلا اعترض لأبي موسى ـ رضي الله عنه ـ فقال : يا أبا موسى أهذه الفتنة التي كانت تذكر؟ قال : ما هذه إلّا حيضة من حيضات الفتن ، وبقيت الردّاح المطبقة ، من أشرف لها أشرفت له ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ، والصامت خير من المتكلّم ، والنائم خير من المستيقظ.

٢٤٧٣ ـ وحدّثني محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا القدّاح سعيد بن سالم ، قال : كان فلان الأعمى يسكن في شعب الجزّارين ، وكانت له فيه زوجة ، فبلغه أنّ عمر بن أبي ربيعة أطاف ببيته ، فقال لقائده : صلّ بي الجمعة إلى

__________________

٢٤٧٢ ـ إسناده صحيح.

ذكره الهندي في كنز العمّال ١١ / ٢٤٢ ـ ٢٤٣ وعزاه لنعيم بن حمّاد في الفتن.

وقوله : الرداح : أي : الثقيلة. لسان العرب ٢ / ٤٤٨.

٢٤٧٣ ـ نقله الفاسي في العقد الثمين ٦ / ٣١٧ عن الفاكهي.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٧٢ ، وهذه البئر قلنا إنّها (بئر غيلمة) وكان عندها حوض تسمّيه العامة : حوض أبي طالب ، وقد أزيلا عند توسعة شارع المسجد الحرام.


جنب عمر ، فلمّا انصرف من الجمعة ، أخذ بحاشية ثوب عمر ثم صاح :

ألا من يشتري جارا نؤوما

بجار لا ينام ولا ينيم

ويلبس بالنهار ثياب إنس

وتحت الليل شيطان رجيم

فقال له عمر : أقلنيها فهي التوبة ، فأرسله.

وقبر آمنة بنت وهب بن عبد مناف في هذا الشعب ، شعب أبي دبّ.

/ وقال بعضهم قبرها في دار رائعة (١). وقال بعضهم : بل قبرها بالأبواء.

٢٤٧٤ ـ حدّثنا محمد بن علي ، قال : ثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، قال : قال ابن إسحق في حديثهما : حدّثني عبد الله بن أبي بكر ، قال : ماتت أم رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالأبواء بين مكة والمدينة ، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم ابن ست سنين.

قال ابن حميد في حديثه : وكانت قدمت المدينة على أخواله صلّى الله عليه وسلم من بني عدي بن النجار تزيره إياهم ، فماتت وهي راجعة إلى مكة.

والقول الأول (٢) أثبت عند أهل مكة أن يقال : ماتت بمكة من أجل الحديث.

__________________

٢٤٧٤ ـ إسناده منقطع.

وابن حميد ، هو : محمد بن حميد. وسلمة ، هو : ابن الفضل الأبرش.

رواه ابن إسحاق في السيرة ص : ٦٥ ، وابن سعد ١ / ١١٦ ، والبيهقي في الدلائل ١ / ١٨٨ كلّهم من طريق : عبد الله بن أبي بكر بن حزم به. وذكره البلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٩٤ ، والصالحي في سبل الهدى ٢ / ١٦٣.

(١) دار رائعة ، ويقال : رابغة ، مقابل دار الحمّام بأصل قرن مسقلة. ذكرها الفاكهي في الرباع.

والأبواء : تقدّم التعريف بها.

(٢) يريد الفاكهي بالقول الأول : شعب أبي دبّ. وقد ضعّف ابن سعد والبلاذري هذا القول ، وقال البلاذري : هو غير ثبت. والحديث الذي أشار إليه الفاكهي تقدّم برقم (٢٣٧٧) وانظر تعليقنا عليه.


الحجون (١) : الجبل المشرف بحذاء مسجد الجن ، ويعرف اليوم بمسجد الحرس ، وفيه ثنية تسلك من حائط عوف من عند الماجلين اللّذين فوق دار مال الله إلى شعب الجزّارين. وبأصله في شعب الجزّارين كانت المقبرة في الجاهلية (٢). وفيه عاد النبي صلّى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ في مرضه بمكة عام الفتح (٣) ، وفيه يقول الجرهمي (٤) ما يقول.

٢٤٧٥ ـ وحدّثني محمد بن إدريس ، قال : ثنا الحميدي ، قال : ثنا سفيان ، قال : سمعت [عمرو](٥) يحدّث ، عن عكرمة ، عن رجل من قريش أنّهم كانوا في سفينة ، فحجبهم الريح ، أو قال : كسرت نحو جزائر فرسان.

قال الرجل : فبينا أنا أمشي إذ لقيني شيخ ، فسألني : ممّن أنت؟ قلت : رجل من قريش من أهل مكة. قال : فتنفّس ، ثم قال : واها لمكة ، ثم أنشأ يقول :

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

أنيس ولم يسمر بمكة سامر

بلى نحن كنا أهلها فأزالنا

صروف الليالي والجدود العواثر

قال : قلت : من أنت يرحمك الله؟ قال : امرؤ من جرهم.

وفي الحجون يقول كثير بن كثير في الإسلام :

__________________

٢٤٧٥ ـ فيه من لم يسمّ.

والبيتان مشهوران ينسبان ضمن قصيدة طويلة لمضاض بن عمرو بن الحارث الجرهمي ، وقيل : غيره. وقد ذكرهما الأزرقي ١ / ٩٧ ، وانظر شفاء الغرام ١ / ٣٧٥.

(١) يتبيّن من وصف الفاكهي للحجون أنّه ما بين ثنية أبي مرحب ، إلى دحلة الجنّ.

وهذا الموضع يسمّى اليوم (برحة الرّشيدي) وانظر تعاليقنا على مبحث مقبرة مكة. وهذا هو الحجون الجاهلي.

(٢) راجع مبحث مقبرة مكة.

(٣) أنظر الأحاديث (٢٣٨٣) ، (٢٣٨٥) ، (٢٣٨٦) ، (٢٣٨٧) وغيرها.

(٤) هو : مضاض بن عمرو.

(٥) في الأصل (أبا عمرو) وهو خطأ ، فهو عمرو بن دينار.


كم بذاك الحجون من حيّ صدق

من كهول أعفّة وشباب (١)

وقال الأعشى (٢) في الحجون :

فما أنت من أهل الحجون ولا الصفا

ولا لك حقّ الشرب من ماء زمزم

وقال الكميت بن [زيد](٣) يذكره :

وإن لنا بمكة أبطحيها

وما بين الأخاشب والحجونا

وفي الحجون يقول أبو طالب (٤) :

جزى الله رهطا بالحجون تبايعوا

على ملأ يهدي بخير ويرشد

قعودا لدى خطم الحجون كأنهم

مقاولة بل هم أعزّ وأمجد

وقال ضرار (٥) بن الخطاب يوم الفتح يذكر الحجون :

يا نبيّ الهدى إليك لجا

حيّ قريش [ولات](٦) حين لجاء

حين ضاقت عليهم سعة الأرض

وعاداهم أهل السماء

والتقت حلقتا البطان عليهم

ثم غودروا بالصيلم الصلماء

إنّ سعدا يريد قاصمة الظهر

بأهل الحجون والبطحاء

__________________

(١) تقدّم ضمن أبيات في ذكر مقبرة مكة.

(٢) الأعشى ، هو : ميمون بن قيس بن جندل ، وهو : الأعشى الكبير ، أدرك الإسلام ولم يسلم. أخباره في الأغاني ٩ / ١٠٨ ، والمرزباني ص : ٤٠١ ، والشعر والشعراء ١ / ٢٥٧.

وهذا البيت في ديوانه ص : ١٢٣ ضمن قصيدة يهجو فيها عمر بن عبد الله بن المنذر.

(٣) في الأصل (يزيد) وهو خطأ ، تقدّمت ترجمته بعد الأثر (٢٤٠٩).

(٤) البيتان في سيرة ابن هشام ٢ / ١٨ ضمن قصيدة له. والمقاولة : الملوك. اللسان ١١ / ٥٧٥.

(٥) ضرار بن الخطّاب بن مرداس القرشي الفهري ، صحابي ، فارس ، شاعر أسلم يوم الفتح ، ولم يكن في قريش أشعر منه ، استشهد في وقعة أجنادين. الإصابة ٢ / ٢٠١ ، وتهذيب ابن عساكر ٧ / ٣٢.

وأبياته في الاستيعاب ٢ / ٢٠٢ ، والإصابة ٢ / ٢٠١ نقلا عن الزبير بن بكّار.

(٦) في الأصل (واي) والتصويب من المرجعين السابقين. وقوله : البطان ، هو : حزام القتب الذي يجعل تحت بطن البعير. و (الصيلم الصلماء) : الداهية الشديدة. أنظر : حسن الصحابة ١ / ٣٢ ـ ٣٣.


كداء (١) : الجبل المشرف على الوادي ، مقابل مقبرة أهل مكة اليوم ، تحته بيوت عبد الرحمن بن يزيد ، وابن خلف مولى العبّاس بن محمد ، وهو ممتدّ إلى دار الأراكة.

/ شعب الصفيّ (٢) : وهو الذي يقال له : صفيّ السباب ، وهو فيما بين الراحة.

__________________

(١) كذا في الأصل ، وهكذا في الأصل الذي اعتمده الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٣١١ ، وأرى أنّ وجود هذه الترجمة هنا وهم من النساخ ، لا أنسبه للفاكهي ، لأنّ ما هو مذكور في شرح الترجمة هذه سيذكره الفاكهي في (ثنية كدى) ـ ريع الرسّام اليوم ـ ودار ابن خلف مولى العباس ، ودار الأراكة ذكرهما الفاكهي وحدّد موضعهما على ثنية (كدى) ولو لا وجود هذه الترجمة في أصل الفاسي لحذفتها من هنا ، وراجع ما كتبه الفاكهي عن ثنية (كدى).

(٢) تقدّم تحديدنا لموضع شعب الصفيّ في مبحث المحصّب ، وبيّنا أنّه الشعب الذي يسمّى اليوم الجميّزة ، وفيه ثلاث حارات : حارة العمّر (بنو عامر) ، وحارة البياشة ، وحارة بني سلول. وسألت بعض قدماء سكان هذا الشعب عن وجود عيون ماء فيه فأفادني أن في أقصى هذا الشعب كان الماء ينساب انسيابا بيّنا ، وأدركه بعض مشايخ ذلك الحيّ ، وسمّاه لي بعضهم : مصافي ـ والله أعلم بصحّة ذلك ـ وإن كان ذلك صحيحا فهو يؤكّد أنّ في هذا الشعب كانت حوائط ، وقد تقدّم ذكر الفاكهي لحائط الصفيّ.

أمّا جبل الراحة الذي هو حدّ شعب الصفيّ الأسفل : فهو الجبل الذي يقابل ركن مقبرة المعلاة من الناحية الشمالية الشرقية. ويقابل أيضا أول عمائر الأشراف بالجعفريّة المشرفة على المقبرة ، ويقال لهذا الجبل الآن : (جبل العداويين). وأما نزّاعة الشوى ـ الحدّ الأعلى لشعب الصفيّ ـ فهو القرن الذي يشرف على البيّاضيّة ، ويفصل بين الجميّزة وبين البيّاضية ، والمسجد الذي صلّي فيه على أبي جعفر المنصور لا زال قائما إلى اليوم في أصل هذا القرن ، وبجنبه قصر البيّاضيّة.

وأمّا : صفيّ السباب (وصفيّ : جمع صفاة ، والسباب : بكسر السين وتخفيف الباء ـ بمعنى : الشتم ـ) فقد ذهبت اليوم ، وأثرها لا زال ظاهرا ، يتوسّط فوّهة شعب الجميّزة مشرفا على الطريق العام ، على يمين الخارج من مكة إلى منى ، وبجنبه يجلس عمدة حيّ الجميّزة ، وأقيم بجنبه محطّة ضخّ لمياه عين زبيدة ، واضح لمن تأمّله.

هذا هو شعب الصفيّ ، وقد غمره العمران حتى لا تكاد تجد موضعا لبناء فيه.

وقد ذهب الشريف محمد بن فوزان ـ رحمه الله ـ فيما أخبرنا به شفويّا ، والأستاذ البلادي في كتبه معجم معالم الحجار ٥ / ٦٠ ، ومعالم مكة التاريخية ص : ١٤٦ ، وأودية مكة ص : ١١١ إلى أنّ شعب الصفيّ هو في الجهة الأخرى ، على يسار الصاعد من مكة لا على يمينه ، وهو الشعب الذي فيه مسجد الإجابة ، ويقال لهذا الشعب اليوم : (شعبة النور) أو (شعبة الحرّث) أو (الشعبة) بدون إضافة.

وجعلا صفيّ السباب : هو الجبل المقابل لهذا الشعب ، الذي بجنبه المسجد المعروف بمسجد النوق.


والراحة : الجبل الذي يشرف على الوادي ، عليه المنارة. وبين نزاعة الشوى.

ونزّاعة الشوى : هو الجبل الذي بين شعب الصفيّ وشعب الخوز ، عليه بيوت القاسم بن أيمن ، وتحته المسجد الذي صلّي على أبي جعفر أمير المؤمنين عنده ، الذي عنده بيوت بني قطر ، وهو الذي يقول له أبو الفضلاء عبد الله بن خالد مولى الأخنس بن شريق فيما يزعمون :

إذا ما مررتم نحو نزّاعة الشوى

بيوت بني قطر فانفذوا أيّها الركب

ويقال لنزّاعة الشوى أيضا : قرن معدان. وابن قطر : مولى لبني عامر بن لؤي. ويقال : مولى لبني عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، أو لآل المتوكّل ابن أبي نهيك.

__________________

قلت : وهذا وهم منهما والذي ينقض ما ذهبا إليه أمور :

أ ـ أنّ الفاكهي والأزرقي ذكرا شعب الصفيّ في شقّ معلاة مكة اليماني ، والموضع الذي ذكراه هو في شقّ معلاة مكة الشامي.

ب ـ أنّ شعب الصفيّ كان فيه حائط لمعاوية ، وكانت فيه عين جارية ذكر ذلك الفاكهي والأزرقي ، ولم يذكر أحد أنّ في الشعبة ما يصلح ليكون حائطا ، ولم يذكروا أنّها كانت فيها عين.

ج ـ أنّ شعب الصفيّ كان مناخا للحجّاج يحصّبون فيه ، والشعبة لا تصلح لذلك لضيقها وقصرها ، بخلاف الجميّزة.

د ـ أنّ المحققين من المؤرّخين يجعلون الحدّ الأعلى للمحصّب هو الخرمانية ، والشعبة فوق ذلك فلا تدخل في حدّ المحصّب مع أنّ شعب الصفيّ هو جزء كبير من المحصّب ، بل منهم من قال : إن المحصّب هو شعب الصفيّ.

ه ـ أنّ الشعب الذي فيه مسجد الإجابة سمّاه الفاكهي والأزرقي : شعب آل قنفذ ، كما أنّ الأكمة الصخرية التي أمامه سمّياها : جبل غراب.

والذي يلاحظ على الأستاذ البلادي أنّه عندما ذكر شعب آل قنفذ في معجم معالم الحجاز ٥ / ٦٣ قال عنه : هو شعبة النور ... ونسمّيها أيضا شعبة الحرّث. ثم قال : وهذا تداخل يحدث التشويش ، ولكن ليس بالإمكان سواه. أه. قلت : ولو تأمل الأستاذ البلادي ولم يعجل لما خرج بهذه النتيجة المحيّرة ، فالمواضع هذه واضحة لمن مسك الحبل من رأسه على ما رسمه الفاكهي والأزرقي ـ رحمهما الله تعالى ـ في تقسيمهما أرض الحرم إلى أربعة أرباع فذكرا مواضع كل ربع بالتسلسل ـ في الغالب ـ ، حتى نهاية أرض الحرم.


وإنّما سمّي شعب السباب لأنّ أهل الجاهلية كانوا فيما يقال ـ والله أعلم ـ : إذا قضوا مناسكهم نزلوا المحصّب ليلة الحصبة ، فوقفت قبائل من العرب بفم الشعب ، وكانوا يتواعدون لتلك.

٢٤٧٦ ـ كما حدّثنا عبد الجبار بن العلاء ، عن بشر بن السري ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : وكانوا يخاف بعضهم بعضا يتواعدون هنالك ، فيقفون بفم الصفيّ ، فيتفاخرون بآبائهم وأيامهم ، ووقائعهم في الجاهلية.

٢٤٧٧ ـ فحدّثنا تميم بن المنتصر ، قال : ثنا إسحق الأزرق ، عن القاسم ابن عثمان ، عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ في قوله تعالى : (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ)(١) قال : كانوا يذكرون آباءهم في الحجّ ، فيقول بعضهم : كان أبي يطعم الطعام ، ويقول بعضهم : كان أبي يضرب بالسيف ، ويقول بعضهم : كان أبي يجزّ نواصي بني فلان. ويقال : ويقوم من كل قبيلة شاعرهم ، وخطيبهم ، فيقول : فينا فلان ، وفينا فلان ، ولنا يوم كذا ، ووقعنا ببني فلان يوم كذا ، ثم يقوم الشاعر ، فينشد ما قيل فيهم من الشعر ، ثم

__________________

٢٤٧٦ ـ إسناده صحيح.

ذكره السيوطي في الدرّ المنثور ١ / ٢٣٢ بنحوه وعزاه لابن أبي حاتم وابن مردويه ، والضياء في المختارة.

٢٤٧٧ ـ إسناده حسن.

القاسم بن عثمان ، ذكره ابن حبّان في ثقات التابعين ٥ / ٣٠٧ ، وقال : ربما أخطأ.

وذكره البخاري في الكبير ٧ / ١٦٥ ، وابن أبي حاتم ٧ / ١١٤ وسكتا عنه.

رواه الطبري في التفسير ٢ / ٢٩٦ عن تميم بن المنتصر ، به. وذكره السيوطي في الدرّ ١ / ٢٣٢ وعزاه للفاكهي.

(١) سورة البقرة (٢٠٠).


يقول من يفاخرنا فليأت بمثل فخرنا ، فمن كان يريد المفاخرة من القبائل قام فذكر مثالب تلك القبيلة ، وما فيها من المساوئ ، وما ذكرت به ، يردّ عليه ما قال. ثم يفخر هو بما فيه ، وفي قومه ، فكان ذلك من أمرهم حتى جاء الله ـ عزّ وجلّ ـ بالإسلام ، وأنزل في كتابه على نبيّه صلّى الله عليه وسلم يقول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) يعني : دعوا هذه المفاخرة ، والمكاثرة ، واذكروا الله ـ عزّ وجلّ ـ (١).

٢٤٧٨ ـ حدّثنا عبد الجبار بن العلاء ، قال : ثنا بشر بن السري ، قال : ثنا سعيد بن مسلم ، قال : سألت عكرمة عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) ، قال كما أذكر أبي؟ فقال : لا ولا نعمة ، ولكن كما يذكرك أبوك ، فإن الوالد موكّل بالولد.

٢٤٧٩ ـ وأخبرني الحسن بن محمد الزعفراني ، عن حجّاج بن محمد ، عن ابن جريج ، عن عطاء (كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) قال : أبه ، أمه.

٢٤٨٠ ـ وحدّثنا أبو بشر ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان عن عاصم ، عن أبي وائل ، في قوله ـ عزّ وجلّ ـ (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ

__________________

٢٤٧٨ ـ إسناده صحيح.

سعيد بن مسلم ، هو : ابن بانك المدني.

٢٤٧٩ ـ إسناده صحيح.

رواه الطبري ٢ / ٢٩٧ من طريق : حجّاج بن محمد ، به. وذكره السيوطي في الدرّ ١ / ٢٣٢ وعزاه لابن أبي حاتم.

٢٤٨٠ ـ إسناده صحيح.

رواه الطبري ٢ / ٢٩٦ ، ٢٩٨ من طريق : محمد بن بشّار ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، به.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٧٤.


آباءَكُمْ) قال : كان أهل الجاهلية يذكرون أفعال آبائهم في الناس ، فنزلت : (مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا) [هب لنا](١) غنما ، تهب (٢) لنا إبلا (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) فلما نزلت هذه الآية / كفّتهم عن ذلك ، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقد خطبهم.

٢٤٨١ ـ حدّثنا عبد الجبار بن العلاء قال : ثنا سفيان ، عن أيوب ، عن عكرمة ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «لا تفتخروا بآبائكم الذين موّتوا في الجاهلية ، فو الله لجعل يدهده الخرء بأنفه خير من آبائكم الذين موّتوا في الجاهلية».

وفي هذا الشعب يقول كثير بن كثير :

سكنوا الجزع جزع بيت أبي موسى

إلى النخل من صفيّ السباب (٣)

ويقال : إنّ شعب عمرو بن عثمان بن عبد الله بن خالد بن أسيد ما بين شعب الخوز إلى نزّاعة الشوى إلى الثنية التي تهبط في شعب الخوز يعرف اليوم بشعب [النوبة](٤).

__________________

٢٤٨١ ـ رجاله ثقات ، لكنّه مرسل.

رواه أحمد ١ / ٣٠١ ، والطبراني في الكبير ١١ / ٣١٩ ، وابن عدي في الكامل ٢ / ٧١٩

(١) سقطت من الأصل ، وألحقتها من الطبري.

(٢) كذا في الأصل ، وفي الطبري (هب).

(٣) أنظر مباحث مقبرة مكة.

(٤) سقطت من الأصل ، وألحقتها من الأزرقي. والذي اتّضح لي من دراسة هذه الشعاب الثلاثة (شعب الخوز ، وشعب بني كنانة ، وشعب عمرو بن عبد الله بن خالد بن أسيد) ما يلي :

إن شعب بني كنانة يمتدّ من البيّاضية يمينا إلى قرب الثنية التي تهبط من شعب عامر على شعب الخوز. أمّا شعب الخوز فيأخذ مفضى هذه الثنية يسارا ويمينا ، ثم يأخذ مفضى البيّاضية الأيسر للداخل إليها من الخرمانية ، ثم يستمرّ هذا الشعب يسارا حتى يصل إلى ريع التنك.

أمّا شعب عمرو : فهو الملاوي اليوم إلى أن يصل إلى ثبير الخضراء الذي يسيل منه شعب الملاوي ، والله أعلم.


شعب بني كنانة : من المسجد الذي صلّي فيه على أبي جعفر ، إلى الثنية (١) التي تهبط على شعب الخوز. ويقال : إنّ أبا جعفر أمير المؤمنين لما صلّي عليه ، دفن في مقبرة أهل مكة التي عند العقبة (٢).

٢٤٨٢ ـ حدّثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مسرّة ، قال : حدّثني محمد بن عبيدة الشويفعي ، قال : حدّثني اسماعيل بن عبيد الله بن أبي صالح ، مولى عبد الله بن عامر ، قال : توفّي أبو جعفر يوم التروية سنة ثمان وخمسين ومائة ، وصلّي عليه عند الخطيم (٣) في مسجد هناك ، وضرب على المقبرة ـ يعني : مقبرة مكة ـ سرادق ، ثم أتي بنعشه ، فأدخل في السرادق ، فلما فرغ من دفنه ، ورجع الناس ، ورفع السرادق ، وإذا بقبرين واحد في أعلى المقبرة ، وواحد في أسفلها ، مما يلي المسجد ، ثم بنى عليهما جنبذان (٤).

قال لي يا أبو يحيى : أدركت أحد الجنبذين أنا. قال : ثم حجّ المهدي بعد ذلك ، فرأيته جاء إلى الجنبد الأعلى في المقبرة ، فوقف على ذلك القبر ، والناس خلفه فصلّى عليه.

__________________

كلّهم من طريق : هشام الدّستوائي ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس. وذكره الهيثمي في المجمع ٨ / ٨٥ وعزاه لأحمد والطبراني في الأوسط والكبير بنحوه ، وقال : ورجال أحمد رجال الصحيح. وذكره السيوطي في الكبير ١ / ٨٩٧ وعزاه لأحمد والطبراني.

٢٤٨٢ ـ في إسناده من لم أعرفه.

(١) وقد سهل فيها طريق للسيارات يهبط على شعب عامر.

(٢) العقبة ، هي : ثنية كداء (ريع الحجون) اليوم.

(٣) ويقال له : الخطم أيضا ، وهو الذي سمّاه الفاكهي سابقا : نزّاعة الشوى.

(٤) واحدهما : جنبذ ، هي في الأصل : المكان المستدير المرتفع يشبه القبّة. وهي فارسيّة معرّبة. تاج العروس ٢ / ٥٥٥.


وفي وجه شعب الخوز دار (١) لبابة بنت علي ، ومحمد بن سليمان بن علي.

وفي هذه الدار كان يسكن عبيد الله بن قثم ، وهو يومئذ والي مكة مع زوجته لبابة بنت علي ، وفيها رأى الرؤيا التي أفزعته.

٢٤٨٣ ـ حدّثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا خالد بن سالم مولى ابن صيفي المكي ، قال : أخبرني ابراهيم بن سعيد بن صيفي المخزومي ، وكان صديقا لعبيد الله بن قثم ، قال : أرسل إليّ عبيد الله بن قثم وهو أمير مكة نصف النهار ، وكان نازلا ببئر ميمون (٢) ، في دار لبابة بنت علي ، زوجته ، وهي معه ، فأتيته وهو مذعور ، فقال : يا أبا إسماعيل إنّي رأيت والله عجبا في قائلتي ، خرج إليّ وجه إنسان من هذا الجدار ، فقال :

بينما الحيّ وافرون بخير

حملوا خيرهم على الأعواد

أنا والله ميّت. قال : قلت : كلا ، هذا والله من الشيطان. قال : لا والله. قال : قلت : فينعى غيرك. قال : من؟ قلت : لعلّ غيرك. قال : كأنّك تعرّض بلبابة بنت علي ، هي والله خير مني. قال : فو الله ما مكثنا إلّا شهرا أو نحوه ، حتى ماتت لبابة ، فقال لي : يا أبا إسماعيل ، هو ما قلت. قال : ثم أقمنا سنة ، فأرسل إليّ في مثل ذلك الوقت ، فأتيته ، فقال : قد والله خرج إليّ ذلك الوجه بعينه ، فقال :

/ بينما الحيّ وافرون بخير

حملوا خيرهم على الأعواد

أنا والله ميت ، قال : قلت : كلا إن شاء الله. قال : ليس ها هنا لبابة أخرى تعلّلني بها. قال : فمكثنا شهرا أو نحوه ثم مات.

__________________

٢٤٨٣ ـ نقله الفاسي في العقد الثمين ٥ / ٣١٦ عن الفاكهي.

(١) رجّحنا أنّ موضع هذه الدار هو قصر الإمارة القديم الذي كان يسمّى (قصر الملك سعود).

(٢) لا يريد هنا موضع البئر ، وإنّما يريد المنطقة التي يطلق عليها اسم بئر ميمون على ما أوضحنا سابقا.


٢٤٨٤ ـ وحدّثني أبو عبيدة محمد بن محمد بن خالد المخزومي ، قال : أخبرني زكريا بن زكريا بن مسلمة بن مطر ، وغيره ، أنّ عبيد الله بن قثم ـ وهو يومئذ والي مكة ـ قال : رأيت في منامي أنّ رجلا وقف بين يديّ فقال :

بينما الحيّ وافرون بخير

حملوا خيرهم على الأعواد

قال : فظننت أنّه يعنيني بذاك ، وقلت : نعيت إليّ نفسي ، ثم ذكرت أنّ لبابة بنت علي بن عباس زوجته ، فقلت : إنّها خير منّي ، وأنّها التي تموت ، وأقمت شهرين أو ثلاثة بذلك ، ثم ماتت ، فأقمت بعدها أشهرا أو نحوها فإذا بذاك الرجل قد مثل بين يديه فقال :

فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى

تأهّب لأخرى بعدها فكأن قدي

قال : فبعث حين رأى ذلك إلى ابراهيم بن سعيد بن صيفي ، وإلى زكريا ابن الحارث بن أبي مسرّة ، فذكر ذلك لهما ، فتوجّعا له ، وقالا له : يقيك الله أيّها الأمير ، قال : فلم يلبث إلّا يسيرا حتى مات ، وأوصى إلى يحيى بن عمر الفهري ، وكان على شرطه.

قال أبو عبيدة : وكان يسكن في دار لبابة بنت علي زوجته حذاء شعب الخوز وفيها رأى الرؤيا.

شعب الخوز : يقال له شعب بني المصطلق جانبي الثنية التي بشعب الخوز بأصلها بيوت سعيد بن عمر بن ابراهيم الخيبري ، وبين شعب بني كنانة التي فيه بيوت ابن صيفي ، إلى الثنية التي تهبط على شعب عمرو (١) الذي فيه بئر ابن أبي سمير.

__________________

٢٤٨٤ ـ نقله الفاسي في العقد الثمين ٥ / ٣١٦ ـ ٣١٧ عن الفاكهي.

(١) تقدّم قبل قليل تحديدنا لشعب الخوز ، وشعب عمرو. والثنية التي أشار إليها الفاكهي هنا هي التي تسمّى اليوم : ريع التنك.


وإنّما سمّي : شعب الخوز لأن نافع بن الخوزي ، مولى عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث الخزاعي ، نزله ، وكان أول من بنى فيه.

٢٤٨٥ ـ حدّثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا خالد بن سالم مولى بني صيفي ، قال : جاء رجل من أهل العراق على نجيب له برحل ، ومعه غلام ، وتحته خرج ، فقال : أين الخطيم (١) فدلّوه على الخطيم ، الذي على باب شعب الخوز ، فنزل عن نجيبه ، وتوسّد رداءه ، واستلقى في التراب ثم رفع عقيرته يغني :

إنّي سمعت من الفجاج مناديا

من ذا يعين على الفتى المعوان

حانت منيّته وعجّل دفنه

بالخطم عند منازل الركبان

قال : ثم قال : من يدلّني على قبر ابن سريج؟ فقال فتى من الخزاعيين : هو بموضع من نخلة ، وأنا أدلّك عليه ، فاخرج معي. قال : فأردفه خلف غلامه ، وخرج به حتى أتى به أرض عبد الملك من نخلة ، فأوقفه على قبر [ابن](٢) سريج ، قال : فنزل فترحّم عليه ، وأمر غلامه فحطّ رحل راحلته ، ونحرها ، وأخرج عشرين دينارا فدفعها إلى الخزاعي ، فقال : شأنك بالناقة

__________________

٢٤٨٥ ـ في إسناده من لم أعرفه.

ذكره أبو الفرج في الأغاني ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢٣ بنحوه.

وهذه الثنية تهبط على شعب عثمان ، لا على شعب عمرو بن عثمان ، وترى الفاكهي يخلط هنا بين شعب عمرو وشعب عثمان لتقاربهما ، بل إنّ شعب الخوز ، وشعب بني كنانة ، وشعب عمرو كلها متداخلة مع بعضها وليس بينها حدود طبيعيّة تفصلها عن بعضها.

وبئر ابن أبي السمير لا وجود لها اليوم ، وقد تقدّم الكلام عنها ، ويغلب على ظنّي أنّ موضعها قريب من منزل حامد أزهر اليوم بالروضة.

(١) هو نزّاعة الشوى الذي مرّ ذكره.

(٢) في الأصل (أبي). وهو المغنّي المشهور.


المنحورة ، وبرحلها. قال : ثم ركب على [](١) ورجع وغلامه يمشي / خلفه إلى مكة. قال الخزاعي : فبعت لحم الجزور من أهل القرية ، ورجعت برحلها وعشرين دينارا.

شعب عثمان (٢) : هو الشعب الذي فيه طريق منى ، يسلك من شعب الخوز ، بين شعب الخوز وبين الخضراء ، ومسيله يفرع في أصل العيرة ، وفيه بئر ابن أبي سمير.

والفداحية (٣) : فيما بين شعب عثمان وشعب الخوز ، وهي مختصر طريق منى سوى الطريق العظمى.

العيرة (٤) : ومقابله جبل يقال له : العير ، الذي بأصله دار صالح بن العباس بن محمد ، وكانت قبله لخالصة ، ويقال هو العيرة أأيضا.

__________________

(١) بياض في الأصل.

(٢) شعب عثمان : هو الشعب الذي يقع فيه حيّ الروضة اليوم ، وصدره يسمّى اليوم : بستان الجفّالي ، حيث فيه قصر الشيخ ابراهيم الجفّالي وبستانه ، ومستودعات تابعة لبعض تجاراته. ومن سلك شعب الخوز ثم شعب عمرو (الملاوي) ثم شعب عثمان (الروضة) استطاع أن يصل إلى منى من غير الطريق العظمى ، حيث يصعد الثنية (الخضراء) التي عندها منزل حامد أزهر ثم يمضي مصعدا إلى منى.

والخضراء التي ذكرها الفاكهي ، هي الثنية الخضراء ، وسمّاها بعضهم : الخضيراء ـ بالتصغير ـ حتى لا تلتبس بالثنية الخضراء التي تسمّى اليوم (ريع الكحل).

والثنية الخضراء هذه قد سهّلت اليوم ، وأقيم عندها جسر يربط امتداد شارع الأبطح بالشارع المؤدّي إلى العزيزية ، ويمرّ من تحت هذا الجسر الشارع الآتي من أنفاق شعب عامر ، والملاوي والذاهب إلى منى عن طريق أنفاق الملك فهد في أصل جبل ثبير.

وقد وهم الأستاذ البلادي عند ما جعل رأس شعب عثمان هو : ريع المسكين ، فإذا كان رأسه ريع المسكين فكيف يفرع سيله في أصل جبل العيرة؟.

(٣) الفدّاحية : يغلب على ظنّي أنها طريق ريع التنك ، فهي الطريق التي تصل بين شعب الخوز وشعب عثمان.

(٤) العيرة : جبل مشهور يسمّى اليوم (جبل المنحنى) و (جبل الشيبي) وهو الجبل الذي يفصل بين الروضة والملاوي ، ويشرف على قصر الملك فيصل ـ رحمه الله ـ ، الذي فيه اليوم امارة منطقة مكة.

أمّا العير : فهو جبل يقابل العيرة من ناحية الشمال وعليه قلعة مشهورة ، تسمّى (قلعة المعابدة) ويسمّيه بعضهم : (جبل المعابدة) وسيأتي تحديده في ذكر شقّ معلاة مكة الشامي ـ إن شاء الله ـ.


٢٤٨٦ ـ وله يقول الحارث بن خالد المخزومي ، كما حدّثنا الزبير بن أبي بكر :

أقوى من آل ظليمة الحزم

فالعيرتان فأوحش الخطم

أظليم إنّ مصابكم رجلا

أهدى السلام إليكم ظلم

خطم الحجون (١) : يقال له الخطم ، والذي أراد الحارث الخطم دون سدرة آل أسيد (٢). الذي تقدّم ذكره في هذه الورقة (٣) ليس بخطم الحجون ، والحزم (٤) : أمامه متياسرا عن طريق العراق.

رباب (٥) : القرن في أصل الخندمة بين بيوت عثمان بن عبد الله وبين

__________________

٢٤٨٦ ـ ذكره الأزرقي ٢ / ٢٨٦ ، وأبو الفرج في الأغاني ٩ / ٢٢٥ وياقوت ٢ / ٣٧٩ ، والفاسي في العقد الثمين ٤ / ١٤ نقلا عن الزبير بن بكّار.

(١) خطم الحجون : يغلب على ظنّي أنه الجبل الذي يقع بين مستشفى الملك فيصل بالششة وبين حيّ الروضة مقابل لجبل العيرة من ناحيته الشرقية.

وعليه أقيمت مصانع ثلج الخياط ، وهو أقرب الجبال المنفصلة بين العيرتين.

والحزم : هو الجبل الصغير الذي يقابل جبل الخطم شمالا ، بين مستشفى الملك فيصل وبين قصره ، وبين الحزم والخطم طريق منى العظمى ، وفي أصل الحزم مقبرة من مقابر مكة ، توقّف الدفن فيها اليوم.

وأرى أن الأستاذ البلادي وهم عند ما جعل خطم الحجون هو : ما حازت مقبرة أهل مكة (مقبرة الحجون) باتّجاه أذاخر وعن يمين الأبطح (معالم مكة ص : ٩٥) فالحجون الذي يريده الأزرقي والفاكهي غير الحجون الذي عناه الأستاذ البلادي ، والحجون عندهما جزء من جبل الخندمة ، وهو الحجون الجاهلي ، ثم إنّ هذا الذي وصفه البلادي سمّاه الأزرقي والفاكهي (جبل أبي دجانة) أو (جبل البرم).

(٢) سيأتي التعريف به ، ومجتمع سدرة خالد هي ما سمّي اليوم (ميدان العدل).

(٣) يريد ما ذكره في نزّاعة الشوى ، وقد سمّاه (الخطيم) بالتصغير.

(٤) في الأزرقي : الحزم : (سدرة أمامه) فأضاف لفظة السدرة.

(٥) رباب : سوف يذكره الفاكهي مرّة أخرى ، واتّضح لي أنه آخر الجبال في سلسلة جبل الخندمة من جهة الشمال وهو الجبل الذي يشرف على مستشفى الملك فيصل من الشرق ، وليس بينه وبين ثبير إلّا شعب الرخم. وصار اليوم منقطعا انقطاعا كليّا عن سلسلة قرن الخندمة الذي يبدأ من منزل حامد أزهر ، وتنتهي بالرباب. وذلك لتسهيل الثنية الخضراء ، والثنية الأخرى التي كانت مدرجا تصعده الابل في طريق منى العظمى بالقرب من مستشفى الملك فيصل بالششة.


العيرة ، ويقال لذلك الشعب شعب عثمان بن عبد الله بن خالد بن أسيد.

المفجر (١) : ما بين الثنية التي يقال لها الخضراء إلى خلف دار يزيد بن منصور ، يهبط على حياض ابن هشام التي بمفضى مأزمي منى إلى الفجّ الذي يلقاك على يمينك إذا أردت منى ، يفضي بك إلى بئر نافع بن علقمة وبيوته ، حتى تخرج على ثور.

وبالمفجر موضع يقال له : بطحاء قريش ، كانت قريش في الجاهلية وأول الإسلام يتنزّهون به ، ويخرجون إليه غدوة وعشيّة ، وذلك الموضع بذنب المفجر في مؤخره يصبّ فيه ما جاء من سيل الفدفدة (٢).

شعب حوّاء (٣) : في طرف المفجر على يسارك وأنت ذاهب إلى المزدلفة ، وفي ذلك الشعب البئر التي يقال لها : كرّ آدم ، حفرها آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ فيما يقال : والله أعلم.

واسط : قرن كان أسفل من جمرة العقبة بين المأزمين ، فضرب حتى

__________________

(١) الثنية الخضراء سبق تحديدنا لها ، وعلى هذا يكون المفجر تلك الأراضي المنبسطة التي تبدأ من هذه الثنية ثم إلى مدخل مأزمي منى مما يلي الششة ثم يأخذ يمينا حتى يصل إلى دقم الوبر عند مزدلفة ، وحديقة البلدية التي بين العزيزية ومزدلفة ، ثم يأخذ يمينا إلى الطريق الدائري الثالث الموصل إلى مزدلفة ، ثم يستمرّ إلى ثور ، ثم بعد ثور بطحاء قريش. وهي الأرض المنبسطة الواقعة جنوب ثور.

وعلى ذلك فالمفجر تقوم عليه الأحياء الآتية :

أ ـ الجزء الأعظم من الششة.

ب ـ منطقة محبس الجنّ.

ج ـ منطقة العزيزية بكاملها.

د ـ شارع كديّ عند ثور.

ه ـ بطحاء قريش التي تعرف بهذا الاسم إلى اليوم.

(٢) الفدفدة : سيأتي التعريف بها في مسفلة مكة اليماني.

(٣) شعب حوّاء : الذي أراه أنّه هو الشعب الصغير الذي يفرع من دقم الوبر إلى جهة العزيزية ، وهو شعب صغير ، ولا وجود لشعب في هذه المنطقة سواه ، ويمرّ فيه مجرى عين زبيدة القديم. أمّا البئر فقد أدركناها في السبعينات من هذا القرن الهجري ، ولا أعلم عنها شيئا الآن.


ذهب (١). ويقال : الذي ضرب فيه عبد الله بن صفوان الجمحي الطويل.

ويقال : واسط الجبلان اللذان دون العقبة (٢).

وقال بعض المكيّين : بل تلك الناحية من بركة القسرى إلى العقبة تسمّى واسط [المقيم](٣).

٢٤٨٧ ـ فحدّثني أحمد بن محمد بن حمزة بن واصل ، عن أبيه ، قال : إنّ عبد المجيد بن أبي رواد قال لأحمد بن ميسرة ، وهو في طريق منى ، ووقف به على واسط في هذا الموضع ، فقال : يا أحمد ، أتعرف واسطا؟ قال : لا.

قال : فضرب برجله الأرض على بقية جبل ، فقال : هذا واسط الذي يقول فيه كثيّر عزّة :

خليليّ أمّا أهل عزّة بكرة

فبانوا وأمّا واسط فمقيم

وقال بعض أهل مكة : واسط القرن الذي على يسار من ذهب إلى منى ، دون الخضراء ، في وجهه / مما يلي الطريق بيوت مبارك بن يزيد ، مولى الأزرق

__________________

٢٤٨٧ ـ نقله ياقوت في معجم البلدان ٥ / ٣٥٢ عن الفاكهي.

(١) هذا هو التحديد الأول لواسط ، ويفيد أنّ هذا القرن لا وجود له الآن فقد ذهب قبل زمن الفاكهي ، وقد يكون مثل القرن الذي كان خلف جمرة العقبة فأزيل ، ويكون موضعه على يسار الداخل إلى شعب البيعة عند بئر الصلاصل.

(٢) كأنّه يريد بهذا التحديد الجبلين اللذين هما شمال وجنوب العقبة ، وهذا فيه بعد لأنّ واسطا جبل واحد وليس جبلين.

(٣) في الأصل (القيم) والتصحيح من الأزرقي. وبركة القسري تقع في جبل ثقبة الذي يسمّى اليوم (الغسّالة) وما بين بركة القسري هذه إلى العقبة هو ما يشمله هذا التحديد ، وفيه بعد أيضا لأنّ ما بين هذين الغايتين أكثر من جبل وأكثر من شعب ، والمسافة بينهما في حدود (٥) كم ، إلّا أن يقال : إنّ قائل هذا القول أراد ببركة القسري هي بئر القسري ، الواقعة أسفل جمرة العقبة الذي تهبط عليه الثنية القادمة من شعب الرخم ، وعند ذلك يستقيم المعنى.


ابن عمرو ، وفي ظهره دار محمد بن عمر بن ابراهيم الحميري (١) ، ويحتجّون في ذلك بقول مضاض بن عمرو الجرهمي.

٢٤٨٨ ـ أخبرنا محمد بن إدريس ، قال : ثنا الحميدي ، قال : كان سفيان ربما أنشد هذا الشعر :

وأبدلنا زيد بها دار غربة

بها الخوف باد ، والعدوّ المحاصر

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

أنيس ولم يسمر بمكة سامر

ولم يتربّع واسطا فجنوبه

إلى المنحنى [من ذي](٢) الأراكة حاضر

قال الحميدي : كان يزيد هذا في حديث أبي حمزة الثمالي عن عكرمة.

قال ابن إدريس ، قال الحميدي : وواسط الجبل الذي يجلس عنده المساكين إذا ذهبت إلى منى. وقال : إن آخر من سهّله (٣) وضرب فيه خالصة مولاة الخيزران.

الرباب (٤) : القرن الذي عند ثنية الخضراء ، بأصل ثبير غيناء ، عند

__________________

٢٤٨٨ ـ أنظر الخبر (٢٤٧٥).

(١) عند الأزرقي (الخيبري) ولم أقف على ترجمته. وعلى هذا القول فواسط يجعلونه ما سمّيناه (الحزم) وهو قبل مستشفى الملك فيصل ، على يسارك وأنت مصعد إلى منى.

(٢) في الأصل (دون الأراكة) والتصويب من معجم ياقوت حيث نقل هذا الشعر عن الفاكهي كما صوّبناه ، وهكذا جاءت الرواية في الأغاني والأزرقي.

(٣) كأنّ الحميدي ـ رحمه الله ـ يجعل واسطا هو الثنية التي تقع في طريق الششة شرق مستشفى الملك فيصل ، وكانت هذه الثنية إلى زمن قريب مدرّجا تصعده الإبل ، ثم سهّل هذا المدرّج اليوم وأصبح شبه ميدان فسيح يقع فيه تقاطع طريق الششة منى ، وطريق الملاوي منى ، الذاهب إلى أنفاق الملك فهد ، ولم يعد أثر لهذه الثنية.

وانظر معجم البلدان ٥ / ٣٥٣ حيث نقل هذا الخبر عن السهيلي ، وعن الفاكهي. وأنظر المشترك وضعا لياقوت ص : ٤٣٣.

(٤) تقدّم قبل قليل ذكره للرباب ، وهناك جعله قريبا من العيرة ، وهنا جعله (بأصل ثبير ، دون بئر ميمون ، وأسفل من قصر المنصور) وهذا مشكل جدا ، فلا يمكن أن يكون بأصل ثبير ، ثم يكون قبل بئر ميمون ، وأسفل من قصر المنصور. لأنّ قصر المنصور كان بأصل جبل العير ، وهو جبل المعابدة


بيوت ابن لاحق ، مشرفة عليها ، وهي عند القصر الذي بنى محمد بن خالد بن برمك ، دون بئر ميمون بن الحضرمي ، وأسفل من قصر المنصور [أبي] جعفر.

[ذو](١) الأراكة : وكان هناك عرض فيما بينه وبين الخضراء وبين بيوت ابن ميسرة الزيات.

شعب الرخم (٢) : الشعب الذي بين الرباب وبين أصل ثبير غيناء ، وفي هذا الشعب يقول بعض أهل مكة :

يا طيب ملعبنا بالشعب بالرخم

إلى ثبير إلى بستان مسرور

إلى المسيل الذي يلقى منازلنا

إلى الأباطح فالقصرين فالدور (٣)

__________________

الذي عليه القلعة. وبئر ميمون دخل في قصر الملك فيصل ، وثبير موضعه مشهور ، فكيف يتوافق هذا كلّه؟!. وتحديده الأول للرباب ، أراه هو الصحيح ، وهو الذي يتوافق مع ما سيذكره في شعب الرخم ، إذ هو الشعب الذي بين ثبير وبين الرباب ، وأنت إذا صعدت في أصل ثبير على يسارك وأنت متّجه من مكة إلى أنفاق الملك فهد ـ إذا صعدت في ذلك الموضع ثم تأمّلت شعب الرخم من ذلك العلو لا تجد في الضفة الثانية لهذا الشعب إلّا جبل الرباب الذي سبق تحديده أول مرة ، والذي أراه أن الفاكهي هنا وكذلك الأزرقي ذكرا لفظا آخر غير الرباب فتصحّف على الناسخ فصار (الرباب) والله أعلم ـ.

(١) في الأصل (دون) وهو تصحيف صوّبته من الأزرقي. والعرض الذي ذكره الفاكهي يمتدّ بين الثنية الخضراء وبين أصل ثبير ، وهو عرض واسع يشكّل طرف المفجر من هذه الجهة.

(٢) هذا الشعب لم يغمره العمران إلّا من جهته الجنوبية امتدادا للششّة ، أمّا صدر الشعب ففتح بينه وبين شعب علي في منى نفقان يسمّان اليوم (أنفاق الملك فهد) ، وأقيم امتدادا لهذين النفقين في هذا الشعب جسور توصل بين فوّهة الأنفاق وبين الطريق الآتي من أنفاق الملاوي وشعب عامر. أمّا بطن الشعب فجعلت شوارع تدخل إلى منى وتخرج منها إلى طريق الطائف ـ عن طريق اليمانية ـ وطريق آخر يتّجه إلى شارع الحجّ ثم إلى المدينة ، ثم شارع آخر يتّجه إلى مكة عن طريق العدل. والثنيّة التي في هذا الشعب على يمينك وأنت متّجه إلى منى من هذا الشعب ، والتي تهبط على بئر القسري في أول منى ، وقد سهّلت وعرضت وجعلت من الشوارع المهمّة التي تدخل إلى منى وتخرج منها. ومن المشاريع المهمة في هذا الشعب هو تحويل مجرى سيله من وادي ابراهيم إلى وادي فخّ ، للتخفيف من وطأة السيل على الحرم الشريف.

(٣) كأنه يريد بالقصرين : قصر المنصور ، وقصر ابن برمك ، وبستان مسرور لم أعرف موضعه ، ولم يرد ذكره عند الفاكهي في حوائط مكة.


ولثبير يقول ابراهيم بن عبّاد :

وهل عائد ما قد مضى من زماننا

ليالي نعصي في الهوى ونطيع

ليالي قطوف اللهو دانية لنا

ومشربنا صاف ، ونحن جميع

ففجّ ثبير لا يرى البؤس بعدنا

وجاد عليه [صيّب](١) وربيع

الأثبرة :

ثبير غيناء (٢) : وهو المشرف على بئر ميمون بن الحضرمي ، وقلّته المشرفة على شعب علي ، وعلى شعب الحضارمة بمنى ، كان يسمّى في الجاهلية سميرا ، ويقال لقلّته : ذات القتادة ، وكان فوقه قتادة ، ولها يقول الحارث بن خالد المخزومي :

إلى طرف الجمار فما يليها

إلى طرف القتادة من ثبير (٣)

ولثبير يقول امرؤ القيس بن حجر الكندي :

كأنّ ثبيرا في عرانين وبله

[كبير](٤) أناس في [بجاد](٥) مزمّل

والوبل : [المطر](٦) ، [والبجاد](٥) : الكساء.

__________________

(١) في الأصل (صيف) وهو تصحيف.

(٢) لا زال معروفا إلى اليوم ، وهو من أعلى جبال مكة.

(٣) البيت في ديوان الحارث ص : ٦٧ ، ونقله جامعه من الأزرقي.

(٤) في الأصل (كثير) وهو تصحيف.

(٥) في الأصل (نجاد) وهو تصحيف أيضا. والبيت ورد في شرح القصائد العشر للخطيب التبريزي ص : ٧٢ ، وشرح الزوزني للمعلّقات السبع ص : ٥٤. وورد هذا البيت من رواية الأصمعي بلفظ : كأن أبانا في أفانين ودقه ... الخ. وهكذا جاءت الرواية في الديوان ص : ١٥٨ ، ومعجم البلدان لياقوت ١ / ٦٢ ، وورد في اللسان ١٣ / ٢٨٣ بعجز آخر. وقوله (عرانين) جمع : عرنين ، وهو الأنف ، استعاره لأوائل المطر لأن الأنوف تتقدّم الوجوه ، والوبل : جمع وابل ، وهو : المطر الغزير العظيم القطر. والبجاد : كساء مخطط ، ومزمّل ، أي : ملفف ، أراد أن يشبّه ثبيرا في أوائل المطر بسيّد أناس قد تلفف بكساء مخطط. أنظر شرح الزوزني.

(٦) في الأصل (الطمرد) وهو تصحيف شنيع.


وله يقول النصيب :

ألا ليس ذاكم

وإن كثرت لهجرتها الكرور

لدي بكاتن ما دام حيّ

وما أمسى لمحرمه ثبير (١)

/ وله يقول الخزاعي (٢) يذكر مكانه ومكان قومه من مكة ، فقال :

ألا زعم المغيرة أنّ كعبا

بمكة منهم قدر كثير (٣)

فلا تعجب مغير بأن ترانا

بها يمشي [المعهلج](٤) والمهير

بها آباؤنا وبها نبتنا (٥)

كما أرسى بمكته ثبير

٢٤٨٩ ـ وحدّثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : ذهبت أنا وعبيد بن عمير ، إلى عائشة ، عند بئر ميمون ، وهي معتكفة بثبير.

__________________

٢٤٨٩ ـ إسناده صحيح. تقدّم برقم (٤٨٣).

(١) البيت الأول كذا في الأصل وفيه سقط. والكرور : هي الكرّة بعد الأخرى ، وكاتن : من الكتن ، وهو : الدرن والوسخ. اللسان ١٣ / ٣٥٤. ويريد : أن تكرار هجرتها له لا يكدّر ولا يوسّخ صفو حبّه لها ما دام هناك حيّ ، وما دام ثبير يراه من دخل الحرم. والله أعلم.

(٢) هو : الجون بن أبي الجون الخزاعي كما ذكره ابن إسحاق في السيرة كما في تهذيبه ٢ / ٥٢ ، وابن حبيب في المنمّق ص : ٢٣٣.

(٣) يريد المغيرة : والد الوليد بن المغيرة المخزومي.

(٤) في الأصل (المهملج) وهو تصحيف ، صوّبته من المراجع. ومعناه الرجل المتردّد في الإماء كأنه منحوت من أصلين ، من العلج ، لأنّ الأمة : علجة ، ومن : اللهج ، كأن واطئ الأمة قد لهج بها. قاله السهيلي في الروض الأنف ٤ / ٢٢ ـ ٢٣.

والمهير : هو : ابن الحرّة ، أي : الصحيح النسب.

(٥) في المراجع (ولدنا).


ولثبير يقول قيس بن [ذريح](١) أيضا :

حلفت بمن أرسى ثبيرا مكانه

عليه ضباب فوقه يتعصّب

لقد عشت من لبنى زمانا أحبّها

أخا الموت إذ بعض المحبين يكذب

وله يقول أيضا بعض الشعراء :

لا أنس م الأشياء لا أنس مجلسا

لنا ولها بالسفح سفح ثبير (٢)

ولثبير يقول السلمي (٣) ، وهو يوعد حيّا من العرب كانوا يطلبون السلم ، فأبي عليهم ، وقال :

ألا لا تطمعوا منّا بسلم

طوال الدهر ما أرسى ثبير

٢٤٩٠ ـ وحدّثني ابراهيم بن عبد الرحيم ، عن عمه ، أو غيره.

٢٤٩١ ـ وحدّثنا أبو يحيى ، قال : ثنا عزيز بن الخلّال ، عن بعضهم ، قال : إنّ ابن الرهين العبدري كان يوافي كلّ يوم أصل ثبير ، فينظر إليه وإلى قلّته إذا تبرّز وفرغ ، ثم يقول : قاتلك الله ، فماذا فني من قومي من رجال ونساء وأنت قائم على ذنبك ، فو الله ليأتينّ عليك يوم ينسفك الله فيه عن وجه الأرض نسفا ، فيذرك قاعا صفصفا لا يرى فيك عوج ولا أمت.

__________________

٢٤٩٠ ـ راجع الخبر (١٨٨٢).

٢٤٩١ ـ تقدّم برقم (١٨٨٣).

(١) في الأصل (جريج) وهو تصحيف. وقيس بن ذريح الكناني ، شاعر من العصر الأموي ، اشتهر بحب لبنى بنت الحباب الكعبية ، وكان من سكان المدينة ، مات سنة (٦٨). أخباره في الأغاني ٩ / ١٨٠ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٢٨. وهذا الشعر في الأغاني ٢ / ٥٥ ونسبه لمجنون بني عامر ، وفيه : لقد عشت من ليلى زمانا أحبها ... إلخ.

(٢) ذكره ياقوت في معجم البلدان ٢ / ٧٤ وعزاه للعرجي.

(٣) هو : العباس بن مرداس السلمي ، صحابي شاعر من سادات قومه ، أدرك الجاهلية والإسلام ، وأسلم قبيل الفتح. أخباره في الإصابة ٢ / ٢٦٣ ، وتهذيب ابن عساكر ٧ / ٢٥٨.


وثبير : الذي يقال له : جبل الزنج ، وإنّما سمّي جبل الزنج أن زنوج مكة فيما مضى كانوا يلعبون فيه ، وهو ثبير النخيل (١) ويقال : إنّ الأقحوانة : الجبل الذي به ثنية الخضراء ، وبأصله بيوت الهاشميّين ، يمر سيل منى بينه وبين وادي ثبير (٢).

ويقال : بل الأقحوانة ما بين بئر ميمون ، إلى بئر ابن هشام (٣).

__________________

(١) هذه العبارة وما بعدها هكذا جاءت في الأصل ، وجاءت عند الأزرقي إذا أهملنا زيادات المحقّق عليها (وثبير الذي يقال له ثبير الزنج ، وإنّما سمّي جبل الزنج ، لأنّ زنوج مكة كانوا يحتطبون منه ويلعبون فيه ، وهو : من ثبير النخيل ، ويقال له : الأقحوانة ، الجبل الذي به الثنية الخضراء) إلى آخر ما عند الفاكهي. والعبارة مضطربة عند الفاكهي ، كما هي مضطربة عند الأزرقي. ولو سرنا على عبارة الأزرقي لقلنا : إنّ ثبير الزنج هو ثبير النخيل ، وهو الأقحوانة أيضا ، وهذا هو سبب إقحام تعاريف الأقحوانة في هذا الموضع. أما لو سرنا على عبارة الفاكهي فيكون ثبير الزنج هو ثبير النخيل. أمّا الأقحوانة فموضع آخر غيرهما ، لكن أين الرابط لذكر الأقحوانة في هذا الموضع؟ هذا مشكل ، خاصة وأنّ العبارة وردت في بعض نسخ الأزرقي (ويقال : الأقحوانة : الجبل الذي فيه الثنية الخضراء) بحذف لفظة (له). فيتعيّن السقط والاختلال على هذا.

وقد فرّق الأستاذ ملحس بين ثبير النخيل وثبير الزنج ، وأهمل ابن ظهيرة ذكر ثبير النخيل ، مع أنّه ذكر ثمانية من أثبرة مكة. والذي يجب أن نعوّل عليه في تعريف ثبير النخيل هو ما ذكره الفاكهي والأزرقي ، فالأزرقي جعل ثبير الزنج جزءا من ثبير النخيل ، والفاكهي جعل ثبير الزنج هو ثبير النخيل كلّه.

وجبل الزنج سمّاه ابن ظهيرة في الجامع اللطيف ص : ٣١٤ : جبل النوبي ، بأسفل مكة في جهة الشبيكة ، وبه مولد عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ.

وقال الأستاذ البلادي في معالم مكة ص : ٥٦ عن ثبير الزنج : (وهو المعروف اليوم بجبل المسفلة ، وله أسماء عديدة منها : جبل عمر : يطلق على القسم المشرف على الشبيكة ... وجبل الناقة يجاور جبل عمر من الجنوب الشرقي ... يجاور ذلك جبل الشراشف ، وفي الجنوب الغربي ، جبل النوبة ...

ويسمّى غربه جبل الحفاير) أه. قلت : قد أحسن الأستاذ البلادي في تفصيل جبال هذا الثبير ، فهو إذن سلسلة جبليّة تبدأ من ريع الحفاير وتنتهي بقوز المكّاسة ، وهذا الجبل هو الذي يفصل بين حيّ المسفلة بكامله ، وحيّ الحفاير بكامله (الطندباوي). وقد فتح في هذا الجبل نفقان يربطان بين حيّ المسفلة وبين حيّ الطندباوي وشارع المنصور.

(٢) هذا هو القول الأول في تحديد الأقحوانة ، وسبق أن سمّينا هذا الجبل (الرباب) إذ هو الجبل الذي يمرّ سيل منى بينه وبين ثبير.

(٣) سبق تحديدنا لموضع بئر ميمون. أمّا بئر ابن هشام فلا يبعد عن موضع بئر ميمون ، وعلى ذلك فتكون الأقحوانة أرضا فضاء ، وليست جبلا. وهذا ما جزم به الزبير بن بكّار ـ كما سيأتي ـ وهذا ثاني تحديدات الأقحوانة.


ويقال : بل الأقحوانة بأجياد الصغير في ظهر دار الدّومة ، وما ناحاها (١). والقول الأول أصحّ.

ولها يقول الحارث بن المغيرة المخزومي :

من ذا يسائل عنّا أين منزلنا

فالأقحوانة منّا منزل قمن (٢)

وللأقحوانة يقول الحارث بن خالد أو غيره :

سقى سدرتي أجياد فالدّومة التي

إلى الدار صوب الراكب المتنزل

فلو كنت بالدار التي مهبط الصفا

مرضت إذا ما غاب عنّي معلّلي (٣)

وزعم بعض أهل مكة : أن الأقحوانة باللّيط ، من أكناف مكة ، كان يجلس فيه قوم من قريش فيتحدّثون / فيه بالعشي ، ويلبسون ثيابا حمراء وموّردة [ومطيّبة](٤) وكان ذلك من فعلهم في أول الزمان ، وإنّ المجلس كان إذا احتدب (٥) نظر إليه كأنّه تفاحة من ألوان الثياب المصبّغة ، وإنّما سمّي الأقحوانة فيما يقال لهم بحسن ألوان ثيابهم (٦).

وقال لي بعض أهل مكة : الأقحوانة والأستوانة والزرديانة كلّها باللّيط وبعضها قريب من بعض.

٢٤٩٢ ـ وحدّثني أبو سعيد عبد الله بن شبيب الربعي ، قال : ثنا عبد الله بن

__________________

٢٤٩٢ ـ ذكر هذا الخبر ياقوت في معجم البلدان ١ / ٢٣٤ نقلا عن كتاب «الحنين إلى الأوطان»للقاضي الشريف أبي طاهر الحلبي.

(١) سبق ذكر دار الدّومة في رباع بني مخزوم ، وهو التحديد الثالث للأقحوانة.

(٢) البيت في ديوانه ص : ١٠٣ ، وأنظر معجم البلدان ١ / ٢٣٤.

(٣) لم أجدهما في ديوانه الذي جمعه الدكتور يحيى الجبوري.

(٤) في الأصل كلمة غير مفهومة وأثبتّ ما عند الأزرقي.

(٥) أي اجتمع ، وقد احدوديت ظهور الجالسين على شكل حلقة ، فالناظر من بعيد يراه كأنه تفاحة.

(٦) ذكره الأزرقي ٢ / ٢٧٩. والليط : هو الحيّ المعروف اليوم : بالطندباوي ، وفيه الحفاير ، (الممادر سابقا) وكان يجتمع فيها الماء أيضا. وهذا هو التحديد الرابع لموضع الأقحوانة.


محمد بن الهشامين المخزومي ، عن رجل ، قال : خرج قوم من أهل مكة ميّارا إلى الشام ، قال : فبينا هم يسيرون إذا هم بقصر ، وغدر ، قال : قال بعض القوم لبعض : لو ملنا إلى هذا القصر فقلنا بفنائه ، قال : فبينا نحن كذلك إذ انفرج الباب عن (١) مثل الغزال العطشان ، فسبح (٢) الباب بيديه ، ثم قال (٣) : أي فتيان ، ممن القوم؟ فقلنا : أضاميم ، ثم قال :

يا من يسائل عنّا أين منزلنا

فالأقحوانة منّا منزل قمن

إذ نلبس العيش صفوا ما يكدّره

سعي الوشاة ولا ينبو بنا الزمن

من كان ذا شجن بالشام محبسه

فإنّ غيري من أمسى له الشجن

وإنّ ذا القصر حقّا ما به وطني

لكن بمكّة حقّ الدار والوطن (٤)

قال : ثم لجّ (٥) بها ، فخرجت عجوز منخالة (٦) ، فنضحت في وجهها من الماء ، ثم قالت : والله للموت خير لك من هذا ، هذا لك في كل يوم مرات. قال : فقلت لها : يا عجوز ، من هذه الجارية؟ فقال : كانت لرجل من أهل مكة ، فاشتراها صاحب هذا القصر فهي تنزع إلى مكة ، وتذكر أوطانها.

قال أبو سعيد : قال لنا هذا الشيخ ابن الهاشمين المخزومي بأجياد عند البئر التي بأعلى جياد.

__________________

(١) عند ياقوت (عن امرأة مثل الغزال).

(٢) كذا في الأصل.

(٣) عند ياقوت (قالت).

(٤) ديوان الحارث بن خالد ص : ١٠٣ ـ ١٠٥.

(٥) عند ياقوت (ثم شهقت شهقة وخرّت مغشيا عليها).

(٦) كذا في الأصل ، ولم أجد لها معنى في كتب اللغة ، ولعلّها مصحّفة ، وعند ياقوت (فخرجت عجوز من القصر).


٢٤٩٣ ـ وقد ذكر ابن أبي عمر ، عن محمد بن عبد الرحمن القاضي ، عن محمد بن عبد الرحمن الأوقص نحو هذا الخبر ، إلّا أنّه قال : خرجنا في خلافة بني أميّة غزاة ، فأصابنا مطر ، فأوينا إلى قصر من تلك القصور ، نستذري به من الريح والمطر ، فإذا بجارية قد خرجت من القصر ، فأنشدت هذا الشعر ، وزاد فيه فقال : فلما أصبحت ، غدوت على صاحب القصر ، فقلت له ، فقال : هذه جارية مولّدة ، اشتريتها من مكة ، وخرجت بها إلى الشام ، فو الله ما ترى عيشنا ولا ما نحن فيه شيئا. فقلت : أتبيعها؟ فقال : إذا أفارق روحي.

٢٤٩٤ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر : إنّ هذا الشعر للحارث بن خالد. قال الزبير : وهو خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة ، وأمّه بنت أبي سعيد بن الحارث بن هشام ، وأمّها صخرة بنت أبي جهل بن هشام. وكان الحارث شاعرا كثير الشعر ، وهو الذي يقول : فذكر نحوا من الشعر الأول وزاد فيه :

إذا الجمار خوى ممّن نسرّ به

والحجّ داج به معرورف ثكن (١)

قال الزبير : والأقحوانة : ما بين بئر ميمون إلى بئر ابن هشام المخزومي ، وموضع تلك (٢) البئر دبر دار أم عيسى بنت سهل التي تقابل دار ابن داود.

__________________

٢٤٩٣ ـ ذكره الأزرقي ٢ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠.

٢٤٩٤ ـ تقدّم ذكر خالد بن الحارث المخزومي في أكثر من موضع ، وأنظر الفهارس.

(١) البيت في ديوان الحارث ص : ١٠٥ ولفظة (الجمار) جاءت في الديوان : (الحجاز) وفي العقد الثمين وتهذيب ابن عساكر : (الجبان). ولفظة (الحجّ) جاءت في الديوان (الحاج) ولفظة (معرورف) جاءت في الديوان (مغرورق) ، وفي العقد الثمين (معزوزف). وفي البيت اختلاف واضطراب شديدان يحتاج إلى أصل مضبوط لإثبات صوابه.

(٢) أي : بئر ابن هشام ، ولم أعرف من المراد ب (ابن هشام) فهم كثيرون الذين ينسبون إلى هشام من بني مخزوم أمراء وأعلاما ، ودار ابن داود ليست بعيدة عن بئر ميمون وهي بالقرب من جبل العيرة


/ وثبير النّصع : الذي فيه سداد الحجّاج ، وهو جبل المزدلفة عن يسارك وأنت ذاهب إلى منى (١).

٢٤٩٥ ـ حدّثنا عبد الجبار بن العلاء ، عن اسماعيل بن عبد الملك ، عن

__________________

٢٤٩٥ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ١ / ٢٩ ، ٣٩ ، والدارمي ٢ / ٥٩ ـ ٦٠ ، والبخاري ٣ / ٥٣١ ، وأبو داود

(لمنحنى) أيضا. وعلى ذلك فالاختلاف شديد في تحديد موضع الأقحوانة ، والذين اختلفوا في موضعها هم المختصّون بتاريخ مكة وجغرافيتها في القديم : الزبير ، والأزرقي ، والفاكهي ، وليس لديّ ما يثبت هذا وينقض ذاك ، والعلم عند الله ـ تعالى ـ.

(١) هكذا عند الأزرقي أيضا (على يسار الذاهب إلى منى) وهذا مشكل ، إذ الذي يتبادر إلى الذهن من العبارتين أن هذا الجبل على يسار الذاهب من المزدلفة إلى منى ، وهذا ليس صحيحا لأنّ الجبل الذي على يسار النازل إلى منى من مزدلفة إنّما سمّاه الأزرقي والفاكهي (ذات السليم) وهذا مشهور.

أمّا جبل المزدلفة الذي سمّي (ثبير النصع) والذي فيه سداد الحجّاج إنما هو على يمين الذاهب إلى منى من المزدلفة.

والذي يظهر أنّ الفاكهي والأزرقي أرادا أن يقولا : إنّ ثبير النصع على يسار الذاهب إلى منى من شعب عمرو بن عبد الله بن خالد بن أسيد (المعيصم) وهذا صحيح ، لأنّ شعب عمرو هو الذي فيه سداد الحجّاج أيضا.

وثبير النصع هو أعلى جبل في منطقة المزدلفة وهو يحدّ أرضها من جهة الشمال الشرقي ومشهور اليوم ب (جبل مزدلفة) ويحدّ ثبير النصع من جهة الشرق (ريع المرار) ، ومن الغرب (ثبير الأحدب).

وبعضهم يطلق اليوم على (ثبير النصع) جبل الأحدب.

وثبير النصع هذا هو الجبل الذي لم يكونوا يدفعون من مزدلفة حتى يروا الشمس على رأسه ، وليس هو جبل (ثبير غيناء) المتقدّم ، كما توهّمه بعض الفضلاء من القدامى أو المحدثين.

أمّا القدماء فمنهم المحب الطبري في كتابه (شرح التنبيه) على ما نقله الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٢٨٩ ـ ٢٩١ حيث جعله (ثبير غيناء) الذي تقدّم ذكره ، وكذلك صنع ياقوت في معجمه ، وابن ظهيرة في جامعه ، ومن المحدثين الأستاذ البلادي في كتابيه أودية مكة ص : ٩٧ ، ومعالم مكة ص : ٥٥ حيث جعله ثبير غيناء لا ثبير النصع ، وأنّ ثبير غيناء هو المقصود بقول المشركين (أشرق ثبير كيما نغير) وهذا غير صحيح والله أعلم.

وقد وقفت مع الشريف محمد فوزان الحارثي عند تحديدنا لحدود مزدلفة وتبيّن لي أنّ جبل مزدلفة (ثبير النصع) هو أعلى الجبال المحيطة بالمزدلفة وفيه سداد الحجّاج وهو أول جبل تشرق عليه الشمس في مزدلفة.

أمّا الجبال التي على يسار النازل من مزدلفة إلى منى فإنّها جبال صغيرة ومسمياتها معروفة وهي تحدّ مزدلفة جنوبا ، فأعلاها (ذات السليم) ثمّ (المريخيّات) وأطلت في ذلك لبيان ما أشكل على البعض والله أعلم.


شعبة ، عن أبي إسحق ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال : إنّ أهل الجاهلية كانوا يقولون لثبير هذا إذا أرادوا أن يدفعوا من المزدلفة : أشرق ثبير ، كيما نغير ، فلا يدفعوا حتى يروا الشمس عليه ، فخالفهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فدفع قبل طلوع الشمس.

وثبير الأعرج : المشرف على حقّ الطارقيّين ، بين المغمّس والنخيل (١).

الثقبة : التي تصبّ [من] ثبير غيناء (٢). وهو الفجّ الذي فيه قصر الفضل بن الربيع ، إلى طريق العراق إلى بيوت آل جريج.

__________________

٢ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣ ، والترمذي ٤ / ١٣٢ ـ ١٣٣ ، والنسائي ٥ / ٢٦٥ ، وابن ماجه ٢ / ١٠٠٦ كلّهم من طريق : أبي إسحاق ، به.

(١) يظهر من تحديد الفاكهي والأزرقي لهذا الجبل أنّه الجبل المسمّى اليوم (جبل الطارقي) وهو أشمخ الجبال الواقعة بين المغمّس والنخيل. والمغمّس ، هو : السهل الفسيح الواسع الذي يبدأ من أرض الصفاح والشرائع العليا (حنين) إلى سهل عرفات ، بل إنّ سهل عرفات كلّه ما هو إلّا امتداد لأرض المغمّس. ويقع في وسط أرض المغمّس وادي عرنة. وشقّ الآن طريق مزفّت يصل بين عرفات وبين طريق الطائف على السيل ، طوله حوالى (١٥) كم إذا سلكته تكون قد توسطت أرض المغمّس.

وأمّا (النخيل) فقد ضبطها ياقوت بضمّ النون وفتح الخاء مصغرا ، ولم يبيّن مستنده. وأمّا ابن ظهيرة فقد جعلها بإسم الشجر المعروف ، وقال : لعلّه أراد بالنخيل بساتين ابن عامر التي كانت في جهة عرنة ، لأنّه كان بها نخيل فيما مضى. أه. وضبط ياقوت لهذه اللفظة بالتصغير يشعر أنّه اسم لموضع وليس هو موضع لشجر النخيل ، وبساتين ابن عامر فيها بعد عن هذا الجبل والله أعلم. وقد جعل بعض الفضلاء ثبير الأعرج اسما لجبل حراء ، وفي ذلك نظر لدقّة تحديد الفاكهي والأزرقي لموضع هذا الجبل الذي أسميناه جبل الطارقي وهو الجبل العالي الذي يكون على يسار القادم إلى مكة من طريق السيل إذا دخل أرض الصفاح واقترب من أنصاب الحرم ، ويشرف اليوم على حيّ الشرائع السفلى. ولا زال يطلق على أحد شعابه التي تسيل منه شمالا على أراضي ذوي الدخل المحدود اسم (شعب الأعرج).

(٢) يعرف ثقبة اليوم ب (الغسّالة) وفي هذا الشعب قام حيّ واسع من أحياء مكة ، وقد غمره العمران سفلا وعلوا. ولا زال السدّ الذي أقامه خالد القسري قائما في هذا الشعب إلى اليوم ، ولكن هدم من وسطه مقدار ثلاثين مترا لفتح شارع عريض يربط هذا الحيّ بأحياء مكة الأخرى ، وهذا السدّ يقع في مدخل حيّ الغسّالة ، وبني بقربه مسجد حديث يقال له (مسجد السديري) على يمين الداخل إلى هذا لحيّ. وأعلى من هذا السدّ سدّ آخر أقلّ منه إحكاما وأقصر منه طولا ، على يسار الصاعد في هذا الشعب ، وهذا بني متأخرا عن سدّ القسري بكثير ، ولكن هذا السدّ كاد أن يدفن تماما ولم يبق ما


السدر : من بطن السرر ، والأفيعيّة : من السرر ، مجاري الماء منه. ما سيل مكة السدر ، وأعلى مجاري السرر (١).

وزعم بعض أهل مكة عن أشياخهم : أن الثقبة بين حراء وثبير فيها بطيحاء من بطيحاء الجنة (٢).

المشقّرات (٣) : هي أقرن بين محجّة العراق ، وبين مكة ، وفيها جبل أحمر. [وهو] القرن الذي عن يمين من دخل مكة من العراق. والوادي بينه وبين

__________________

يرى منه إلّا رأسه ، وأقيمت عند حافته العليا عمائر ثلاث ، ولا يتنبّه إليه الناظر إلا بالتأمّل والتدقيق.

وفي أقصى الشعب جدّا ، بئر مطوية بصخور طيّا محكما لكنّه غير منتظم ، قد دفعت السيول بالصخور والأتربة إلى داخل البئر ، ومع ذلك تجد فيها الماء ، لا يبعد عنك أكثر من متر ونصف المتر ، ولو نثلت هذه البئر لجادت بالماء ، ويغلب على ظنّي أنّها بئر خالد القسري التي أنبط منها عينه المشهورة التي أخرجها في المسجد الحرام على ما تقدّم تفصيله عند الفاكهي. أما دبول هذه العين فلا تجد لها أثرا ، وسألت عنها بعض قدماء سكان ذلك الحيّ فقال إنها كانت مشاهدة قبل سنوات ، وقد غمرها العمران.

(١) هكذا جاءت هذه العبارة في الأصل ، وجاءت عند الأزرقي أكثر غموضا حيث قال : (السرر : من بطن السرر ، الأفيعيّة من السرر مجاري الماء ، منه ماء سيل مكة من السرر ، وأعلى مجاري السرر).

والذي أفهمه من عبارة الفاكهي أنه أراد أن يعرّف (السدر) وليس السرر كما جاء في نسخة الأزرقي ، فذكر أن السدر ، أو مكة السدر وهو ما سيأتي بيانه هو من بطن السرر ، والسرر هو الوادي الذي يسمّى اليوم (المعيصم) وهو شعب عمرو بن عبد الله بن أسيد ، وهو الشعب الذي فيه سداد الحجّاج. وهذا الشعب الواسع لو وقفت في وسطه عند سد أثال (وهو أكبر سدود الحجّاج) لتبيّن لك أن هذا الشعب يفترق سيله عند فم الشعب الذي عليه السد إلى مجريين : الأول يتجه غربا حتى يسكب في سدرة خالد ، والثاني يتجه شرقا حتى يصب في منى بعد أن يدور حول جبل المضيبيع.

ومجرى الماء الشرقي من المعيصم هو الذي يسمّى الأفيعية على ما يفهم من كلام الفاكهي ، وعلى ما أوقفني عليه الشريف محمد بن فوزان الحارثي ـ رحمه الله ـ. أما مكة السدر فيطلقه الفاكهي والأزرقي على صدر وادي فخ بعد أن يجتمع فيه سيل وادي جليل ، وسيل وادي أذاخر ، وسيل شعب آل عبد الله بن خالد بن أسيد ، وهو غير سدرة خالد ، فمكة السدر تسيل على فخ ، وسدرة خالد تسيل على وادي الأبطح ، ولكن جمع سيلهما فوجّها الآن إلى فخّ.

(٢) ذكره الأزرقي ٢ / ٢٨١ عن أشياخه.

(٣) لم يذكرها الأزرقي ، وهذه الأقرن لا زالت قائمة ، وفيها جبل يضرب إلى الحمرة ضرب فيه لتوسعة الطريق ، ولا يعرف اسمه اليوم ، وموضعها بعد دخولك مكة قبل أن تصل إلى جسر تقاطع طريق الطائف مع طريق المعيصم.


ثبير غيناء ، وفيه يقول الشاعر :

أقول لأصحابي إذا العير شمّرت

ألا عرّجوا كيما نحلّ المشقّرا

أقول لركب أمّموا : أين داركم؟

فنترك ما كنتم بها أو تنكرا

فعاجوا علينا بالسلام وغيرهم

سقى الله بالأمطار غينا فعرعرا

السداد : ثلاثة أسدّة ، بشعب عمرو بن عبد الله بن خالد ، وصدرها يقال له : النصع ، عملها الحجّاج ، تحبس الماء ، والكبير منها يدعى : أثال.

وهو : سدّ عمله الحجّاج في صدر شعب عمرو ، وجعله على وادي مكة ، وجعل مفيضه يسكب في سدرة خالد ، وهو على يسار من أقبل من شعب عمرو.

فأمّا السدّان الآخران ، فإنّهما عن يمين من أقبل من شعب عمرو ، وهما يسكبان في أسفل منى (١).

سدرة خالد (٢) : وهي : صدر وادي مكة ، ومن شقها واد يقال له : الأفيعيّة. ويسكب فيه (٣) أيضا : شعب علي بمنى ، وشعب عمارة الذي فيه منازل سعيد بن سالم ، وفي ظهره الرخم. ويسكب فيه أيضا مسيل

__________________

(١) سداد الحجاج لا زالت ثلاثتها قائمة إلى اليوم وهي سليمة لم ينخرم منها شيء ، اثنان منها تقابل مجزرة المعيصم النموذجية ، خلف موقف سيارات حجاج البر. والآخر على فم شعب يقام فيه الآن خزان عظيم للمياه لا أعرف اسمه ، إلّا أن اسم هذا السد (أثال).

وحبّذا لو التفتت إدارة الآثار لتسوير هذه السداد والحفاظ عليها ، فهي معالم تاريخية صمدت في وجه السيول العارمة أكثر من ألف وثلاثمائة سنة ، وربما امتدت بعض أيدي الطامعين إليها فعبثت بها ، وقد رأيت بنفسي بعض بوادر ذلك.

(٢) سدرة خالد : أسفلها ما يمسّى اليوم ب (العدل) وأعلاها المنطقة الموازية لحي الغسّالة إلى الجسر الذي يمر عليه طريق المعيصم فوق طريق الطائف. وقد قامت عليها أحياء سكنية جميلة. والأفيعية على يسار من أقبل من طريق الطائف في منطقة المعيصم. وكان هذا صدر وادي مكة ، أو وادي ابراهيم ، لكنه حوّل إلى خريق العشر (فخّ) كما تقدّم.

(٣) أي في وادي مكة.


[المنحر](١) من منى ، وما جاز [المنحر](١) من الجمار ببكة.

وبكّة : الوادي الذي به الكعبة.

وبطن مكة ، وسائر الوادي : مكة. فمن ذلك : المربع ـ حائط ابن برمك ـ هلمّ جرّا ، وفخّ ـ وهو أعظمها ، [وصدره](٢) شعب بني عبد الله ابن خالد بن أسيد.

والغميم (٣) : ما أقبل على المقطع.

ويلتقي سيلهما سيل وادي مكة وبكة بقرب [البحر](٤).

سدرة خالد : هي صدر وادي مكة ، أعظم السيل سيلها إذا سال ، يقال له : سيل عارم ، إذا سال وعظم ، وهو مثل عند أهل مكة ، إذا وجد الرجل على الرجل قال له : إذهب ، ذهب بك سيل سدرة. وهو من مكة على ستة أميال ، وهو على طريق الذاهب إلى العراق.

ولخالد بن (٥) عبد الله بن أسيد يقول عمران الأسلمي :

/ ومنزلة بين الطريقين لم يكن

لينزلها إلّا فتى مثل خالد

فلو كان حوض المجد لا حوض فوقه

مكان الثريّا كنت أول وارد

ولو نال نجم السعد أكرم من مشى

لنال بكفيه نجوم الأساعد

__________________

(١) في الأصل (المفجر) والتصويب من الأزرقي.

(٢) في الأصل (وصدر) والتصويب من الأزرقي ٢ / ٢٨٢.

(٣) الغميم : شعب يسيل من جبل الستار ، ويفيض على اهميجة. هكذا قال لي الشريف محمد بن فوزان الحارثي ـ رحمه الله ـ وبعض أرض هذا الشعب كثيرة البطحاء ، كان أهل مكة يأخذونها منه حتى صارت أرضه أشبه بالحفائر الواسعة ، ثم منعوا هذه الأيام. وموضع هذا الشعب : إذا سلكت طريق الطائف من مكة وقبل أن تصل إلى أعلام الحرم تأخذ يسارا ، على طريق ترابي ، فذاك هو الغميم إلى أن تصل إلى جبل الستار.

(٤) في الأصل (المجر) والتصويب من الأزرقي.

(٥) ترجمته في تهذيب تاريخ ابن عساكر ٥ / ٦٦.


وهو خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية.

المقطع : منتهى الحرم من طريق العراق ، تسعة أميال. وهو مقلع الكعبة (١). وإنّما سمّي المقطع لغلظه وأنه قطع بالزبر ، ومنه الحجارة التي بنيت بها الكعبة.

ويقال : إنّ المقطع على غير هذا الوجه ، أنّ أهل الجاهلية كانوا إذا خرجوا من الحرم لتجارة أو غيرها علّقوا في رقابهم ورقاب أباعرهم لحاء من لحاء الحرم ، يأمنون بها حيثما توجّهوا ، فإذا رجعوا قطعوا ذلك اللحاء من رقابهم ورقاب ابلهم ، فسمّي بذلك المقطع (٢).

٢٤٩٦ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن مالك بن مغول ، قال : سئل عطاء بن أبي رباح ، عن «القلائد»فقال : هي لحاء الشجر كان من تقلّده أمن.

ثنيّة خلّ : بطرف المقطع ، منتهى الحرم ، من طريق العراق (٣).

__________________

٢٤٩٦ ـ رواه الطبري في التفسير ٦ / ٥٦ من طريق : وكيع ، عن مالك بن مغول ، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور ٢ / ٢٥٤ ، وعزاه عبد بن حميد ، وابن جرير.

(١) المقطع : جبل معروف يشرف على ثنية خلّ ، وهو على يمين الداخل إلى مكة ، وليس بالجبل العظيم الإرتفاع.

أنظر معجم معالم الحجاز ٨ / ٢٣٠. قلت : قد رأيت على هذا الجبل علمين كبيرين من أنصاب الحرم. وانظر كتابنا عن حدود الحرم الشريف.

(٢) الأزرقي ١ / ٢٢٢ ، ٢ / ٢٨٢ ، وشفاء الغرام ١ / ٥٦.

(٣) لا زالت معروفة ، وتكون قبيل أنصاب الحرم للخارج من مكة ، وقد سهّلت اليوم تسهيلا يكاد يذهب بمعناها ، لتوسعة طريق الطائف ، وأقيم عليها خزانات مياه ، والخزانات تكون على يمين الخارج من مكة. وقد أفاد الأستاذ البلادي في معجم معالم الحجاز ٣ / ١٤٢ ، أن هذه الخزانات أقيمت في عهد الملك عبد العزيز لتخزين مياه العين الجديدة الممدودة من وادي الزبارة إلى مكة.

قلت : ويقال لهذه الثنية أيضا (خلّ الصفاح) نسبة إلى أرض الصفاح التي تهبط عليها هذه الثنية للخارج من مكة ، وهي أرض بيضاء واسعة ، تقع ضمن سهل المغمّس الأفيح ، ويتوسطها الآن طريق الطائف ، وسمّيت اليوم : الشرائع السفلى ، وقرية المجاهدين. وانظر صور هذه الثنية ووصفها ووصف أعلامها في كتابنا (حدود الحرم).


والسقيا : المسيل الذي يفرع بين مأزمي عرفة ونمرة على مسجد ابراهيم خليل الرحمن ـ عليه السلام ـ. وهو شعب على يمين المقبل من عرفة إلى منى. وفي هذا الشعب بئر عظيمة ، يقال : إنّ ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ حفرها (١).

وعلى باب شعب السقيا بئر جاهلية يقال : إنّ خالصة عمّرتها فهي تعرف بها اليوم.

والستار : من فوق الأنصاب ، وإنّما سمّي الستار لأنّه ستر بين الحل والحرم (٢).

ذكر

شقّ معلاة مكة الشامي وتسمية ما فيه من الشعاب والجبال

والمواضع مما أحاط به الحرم من ذلك

شعب قعيقعان : وإنّما سمّي قعيقعان لتقعقع السلاح فيه.

٢٤٩٧ ـ حدّثني ابن أبي سلمة ، قال : ثنا الوليد بن عطاء ، عن [أبي](٣) صفوان المرواني ، عن ابن جريج ، قال : قال مجاهد ، قال ابن

__________________

٢٤٩٧ ـ شيخ المصنف لم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات. فالوليد بن عطاء ، هو : ابن الأغرّ ، وثّقه

(١) تقدّم في مباحث الآبار تعريفنا ببئر ابن الزبير ، وبئر خالصة ، وقلنا إنّ أرض ابن الزبير تسمّى اليوم : ببستان الخمّاشية ، وآثار النخيل لا زالت فيها إلى اليوم ، وبئر خالصة لا زالت قائمة ، وهي تقع على يمين الطريق (٧) للنازل من عرفة.

(٢) جبل الستار لا زال معروفا إلى اليوم ، وعليه أنصاب الحرم ، وهو الجبل الذي يكون خلف جبل المقطع ، على يسار الخارج من مكة ، ويقال له (ستار لحيان) تمييزا له عن جبل (ستار قريش) الذي هو قرب عرفات. وانظر كتابنا عن (حدود الحرم الشريف).

(٣) في الأصل (ابن) وهو خطأ.


عباس ـ رضي الله عنهما ـ : وضع اسماعيل ـ عليه السلام ـ في الخيل وجاه السلاه ، فكانت كلّما أخرجت تقعقع بعضها على بعض ، فبذلك سميت قعيقعان.

٢٤٩٨ ـ حدّثنا محمد بن إسماعيل ، قال ثنا أبو نعيم ، قال : ثنا شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : كنّا عند النبي صلّى الله عليه وسلم والشمس على قعيقعان ، فقال : «ما بقي من أعماركم في أعمار من مضى إلّا كما بقي من هذه الشمس إلى غروب الشمس».

فحدّ ذلك ما بين دار يزيد بن منصور التي بالسويقة ، ويقال لها : دار العروس ، إلى دور ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ إلى الشعب الذي منتهاه في أصل الأحمر (١) ، إلى فلق (٢) ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ الذي يسلك منه إلى الأبطح.

والسويقة (٣) : على فم قعيقعان ، ويقال : إنّ فضيل بن عياض ـ رضي الله عنه ـ نزل هذه الدار ـ دار العروس ـ مرّة.

__________________

ابن عدي وعبد الله بن شبيب ، كما في لسان الميزان ٦ / ٢٢٤. وأبو صفوان المرواني ، هو : عبد الله بن سعيد.

نقله الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٣٦٩ عن الفاكهي بهذا الإسناد ، مطوّلا ، وسيأتي برقم (٢٥٠٩). وانظر سيرة ابن هشام ١ / ١١٨ ، والأزرقي ١ / ١٠٣ ، ومعجم البلدان ٤ / ٣٧٩. وقوله (وجاه) معناه : كثير ، والسلاه نوع من الخرز ، والمعنى أنه زيّن الخيل بأنواع من الحلي فإذا خرجت تحركت فسمع لها قعقعة.

٢٤٩٨ ـ إسناده حسن.

ذكره بنحوه السيوطي في الجامع الكبير ١ / ٦٩٨ ، وعزاه للخطيب البغدادي.

(١) أي : جبل الأحمر ، وسيأتي ذكره ـ إن شاء الله ـ.

(٢) وهو الفلق : لا زال يعرف بهذا الإسم ، وسمّي به الشارع المارّ بهذا الفلق.

(٣) السويقة ـ بالتصغير ـ موضع مشهور كان على فم شعب قعيقعان ، لكنه دخل في التوسعة السعودية للمسجد الحرام سنة (١٣٧٥) إلّا أن الإسم بقي يطلق على سوق كان لها شأن ولا يزال في مكة قرب


٢٤٩٩ ـ فحدّثني إبراهيم بن يعقوب ، قال : سمعت ابن فضيل ، يقول : سمعت حمزة بن يزيد ، يقول : نزل الفضيل بن عياض ـ رضي الله عنه ـ مرة دار ابن منصور ـ أراه : يزيد بن منصور ـ فقلت له : يا أبا علي ، تنزل دار ابن منصور؟ / أو تنزل هذه الدار؟ فقال انسان (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ)(١) فقال فضيل : هو ذاك.

وعند السويقة ردم عمله عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ حين بنى داره بقعيقعان ليردّ السيل عند دار حجير بن أبي إهاب وغيرها (٢).

وفوق ذلك ردم بين ربع آل المرتفع وبين دار عفيف ، ردم عن السويقة ، وربع الخزاعيّين ، ودار الندوة ودار شيبة بن عثمان.

جبل شيبة (٣) : هو الجبل الذي يطلّ على جبل الديلمي ، وكان جبل الديلمي وجبل شيبة يسمّيان في الجاهلية : واسطا. وكان جبل شيبة للنّباش بن زرارة التميمي ، ثم صار بعد ذلك لشيبة.

جبل الديلمي (٤) : جبل مشرف على المروة ، كان يسمّى في الجاهلية فيما يقولون سميرا.

والديلمي : مولى لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ كان بنى في ذلك الجبل فنسب إليه.

__________________

المروة ، وكان يباع فيها ما يحتاجه الحاج ويتموّله ، ثم أصبح أكثر ما يباع فيها القماش ، وإذا أطلقت لفظة (السويقة) فإنما يراد بها (سوق السويقة).

(١) سورة الحج (٢٥).

(٢) لا وجود لهذا الردم اليوم ، ولا للذي بعده ، والدور المذكورة تقدّم ذكر مواضعها في مباحث الرباع.

أنظر الأزرقي ٢ / ٢٨٤.

(٣) لا يعرف الآن بهذا الإسم إنما سمّي جبل (قلعة فلفل) اشتهر بقلعة أقيمت فوق هذا الجبل ، وأقيم عليها الآن أجهزة للإرسال اللاسلكي.

(٤) يعرف اليوم ب (جبل القرارة) وهو الجبل الذي فيه عمارة الأشراف ، آل غالب ، وقد مهّدت فيه طريق موصلة بين المدّعى وبين القرارة ، وغمره العمران.


الجبل الأبيض (١) : الجبل المشرف على فلق ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ.

والخافض : أسفل من الفلق ، اسمه : السائل ، وهو مشرف على دار الحمّام (٢). وإنّما كان سبب تسهيل ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ الفلق وضربه فيه حتى فلقه أنّ الأموال التي كانت تأتيه من العراق وغيرها ، كان يدخل بها مكة ، فيعلم الناس بها ، فكأنّه كره ذلك ، فأمر بالفلق ، فعمل وسوّي ، فكان إذا جاءه مال دخل به ليلا ثم سلك به من المعلاة في الفلق ، حتى يخرج به على دوره بقعيقعان ، فيدخل ذلك المال ولا يدري أحد.

وعلى الفلق موضع يقال له : رحى الريح (٣) ، كان سوّي فيه موضع رحى للريح ، حديثا من الدهر ، فلم يستقم ، وهو موضع قلّما تفارقه الريح.

جبل تفّاحة (٤) : المشرف على دار سلمة بن زياد ، ودار الحمّام وزقاق النار.

وتفّاحة : كانت مولاة لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ وهي أول من بنى في ذلك الجبل بناء ، فنسب إليها.

__________________

(١) هو الجبل الذي يكون على يسارك إذا صعدت فلق ابن الزبير من الأبطح تريد الحرم ، وهو يشرف على الفلق من جهة الشرق ، وعلى الحلقة القديمة من جهة الغرب ، وقد غمره العمران.

(٢) دار الحمّام سبق بيان موضعها ، وأنها إحدى الدور الست المقطورة التي يملكها معاوية بن أبي سفيان ، وموقعها قرب المدّعى ، فالخافض هو الجبل الذي يشرف على هذه الدار ، وموضعه منتهى القرارة اليوم ، وقد مهّد فيه طريق واسعة حديثة تربط الحلقة القديمة بالمروة.

(٣) لا يعرف هذا الموضع اليوم.

(٤) زقاق النار ، لعله الزقاق الذي بجوار مسجد (مقرأ الفاتحة) بالمدّعى ، لأنه الزقاق الوحيد الباقي الذي يربط بين المدّعى والقرارة ، وهذا الزقاق كان يفصل بين داري الحمّام ، وبين دار ببّة ، وكلاهما من ممتلكات معاوية ـ رضي الله عنه ـ. والداران تقعان في سوق الجودرية الآن ، فالجبل المشرف عليهما هو : جبل تفاحة ، وكأنه متصل بجبل الخافض ، الذي مهّد فيه طريق واسعة تربط بين القرارة والحلقة القديمة.


جبل الحبشي (١) : الجبل المشرف على دار السري بن عبد الله التي صارت للحرّاني. واسم الجبل الحبشيّ ، لم ينسب إلى رجل حبشيّ ، وإنّما هذا اسم الجبل.

أولات يحاميم : [الأحداب التي](٢) بين دار السري إلى ثنيّة [المقبرة](٣) العظمى التي فيها قبر أمير المؤمنين أبي جعفر. وتعرف باليحاميم ، وأولها : [القرن](٤) الذي على ثنيّة المدنيين.

٢٥٠٠ ـ حدّثنا ابن أبي مسرّة ، قال : ثنا ابراهيم بن عمرو ، عن مسلم بن خالد ، عن اسماعيل بن أميّة ، قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يدخل من ثنيّة المدنيّين ، ويخرج من كدى.

٢٥٠١ ـ حدّثنا هارون بن موسى الفروي ، قال : ثنا عبد الله بن الحارث ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان إذا دخل مكة دخلها من الثنيّة العليا ، وإذا خرج خرج من الثنيّة السفلى.

__________________

٢٥٠٠ ـ إسناده منقطع.

٢٥٠١ ـ إسناده صحيح ، تقدّم تخريجه برقم (٢٤٦٢).

(١) هو الجبل الذي يسمّى اليوم : جبل السلمانية ، وهو الذي يمتد من فلق ابن الزبير إلى ثنية المدنيين.

وقد فتح فيه اليوم نفقان يربطان بين الأبطح وبين جرول.

(٢) في الأصل (الأحداث) وهو خطأ صوّبته من الأزرقي. وهذه الأحداب أقيم عليها ما يسمّى (حي السليمانية) وقد غمرها العمران ، ومهّد فيها طريق بينها وبين المقبرة ، يربط بين ريع الحجون وبين فلق ابن الزبير ، وقد ذكر الأستاذ البلادي سببا في تسمية هذا الحي بالسليمانية أنظره في معالم مكة التاريخية ص : ٢٢٣.

(٣) في الأصل (المغيرة) وهو تصحيف صوّبته من الأزرقي.

(٤) في الأصل (القرى) والتصويب من الأزرقي.


٢٥٠٢ ـ حدّثنا ابن أبي عمر ، قال : ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص ، عن أبيه ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم دخل من ثنيّة العقبة ، ثم ذكر نحوه.

فأول اليحاميم : القرن الذي على ثنيّة المدنيّين ، وعلى رأسه بيوت ابن أبي حسين / النوفلي ، والذي يليه [القرن](١) المشرف على دار منارة.

والحبشي فيما بين ثنيّة المدنيّين وفلق ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ [ومقابر](٢) أهل مكة بأصل ثنيّة المدنيّين وهي التي كان ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ مصلوبا عليها (٣).

٢٥٠٣ ـ حدّثني أبو الفضل ـ عباس بن الفضل ـ عن مرّة ، قال : ثنا يزيد أبو خالد ، قال : رأيت ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ مصلوبا ـ يعني على هذه الثنيّة ـ ، ورأيت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أقبل على بغلة صفراء ، وعليه عمامة سوداء ، فطلب إلى الحجّاج أن يأذن له في دفنه ، فأمره ، فذهب فدفنه.

وكان أول من سهّل هذه الثنية فيما يقولون : معاوية ـ رضي الله عنه ـ ثم عملها عبد الملك بن مروان بعده ، ثم كان آخر من بنى ضفائرها وحدودها وأحكمها المهدي (٤).

__________________

٢٥٠٢ ـ إسناده ضعيف.

عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب : ضعيف.

٢٥٠٣ ـ تقدّم هذا الخبر برقم (١٦٧٦).

(١) في الأصل (العرق) والتصويب من الأزرقي.

(٢) في الأصل (مقابل) والتصويب من الأزرقي.

(٣) الأزرقي ٢ / ٢٨٦.

(٤) الأزرقي ٢ / ٢٨٦. وفي عهد الفاسي في سنة (٨١١) وسّع فيها بعض المجاورين بمكة ـ أثابه الله ـ وفي سنة (٨١٧) سهل بعضهم طريقا في هذه الثنية غير الطريق المعتادة ، وهذه الطريق تكون على اليسار


شعب المقبرة (١) : شعب مبارك لا يعلم بمكة شعب مستقبل القبلة غيره.

ومن ثنية المقبرة دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم في حجّة الوداع.

قال بعضهم : إنّ ثنية المقبرة هو اسمها ، يقال لها : ثنية المقبرة. ويقال : اسمها كداء ، وهي ثنية المعلاة (٢).

ويقال : إنّ ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ أول من سهّلها.

٢٥٠٤ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني يحيى بن محمد ، عن سليم ، عن عمر بن قيس ، عن عطاء ، قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم دخل عام حجّة الوداع من أعلى مكة من ثنيّة المقبرة ، بات ، ثم دخل حتى أصبح ، فطاف ، وسعى ، ثم نزل المحصّب.

__________________

٢٥٠٤ ـ إسناده ضعيف جدا.

عمر بن قيس ، هو : سندل : متروك.

رواه الأزرقي ٢ / ١٦١ من طريق : ابن جريج ، عن عطاء ، مرسلا.

للهابط من هذه الثنية إلى المقبرة والأبطح ، وكانت خرجة ضيقة جدا ، فتح ما يليها من الجبل بالمعاول حتى اتسعت ، فصارت تسع أربع مقاطير من الجمال محمّلة ، وكانت قبل ذلك لا تسع إلّا واحدا ، وسهّلت أرضها بتراب ردم فيها حتى استوت ، وصار الناس يسلكونها أكثر من الطريق المعتادة وجعل بينهما حاجزا من حجارة مرضومة ، وكان في بعض هذه الطريق قبور فأخفي أثرها.

أفاد ذلك الفاسي في الشفاء ١ / ٣٠٩. قال ابراهيم رفعت في مرآته ١ / ٣٠ : ثم جعل سودون المحمّدي رئيس العمائر بالمسجد الحرام سنة (٨٣٧) هذين الطريقين طريقا واحدا ، فردم الطريق الجديدة المنخفضة عن القديمة بنحو قامة حتي سوّاها بالأولى وجعلهما طريقا واحدا يسع عدة قطائر أه. أما الآن فإن هذه الثنية وسّعت ، وجعل فيها طريقان واحد للصعود والآخر للنزول ، وكل طريق تتسع لثلاث سيارات ، وربط بها جسر يمر فوق الشارع المؤدي إلى المسجد الحرام. ويسمّيها الناس (ريع الحجون).

(١) هو الشعب الذي فيه قبر خديجة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ.

(٢) يتحصل مما ذكره الفاكهي لهذه الثنية من أسماء ستة ، وهي : ثنية المدنيين ، وثنية كداء ، وثنية المقبرة ، والثنية العليا ، وثنية العقبة ، وثنية المعلاة. وانظر الأزرقي ٢ / ٢٨٦.


كداء : الجبل المشرف على المقبرة ، والوادي ، وله يقول حسّان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ يوم الفتح :

عدمت بنيّتي إن لم تروها

تثير النقع عن كنفي كداء

وفي كداء يقول شاعر من العرب :

كرهت كتيبة الجمحيّ لمّا

رأيت الموت سال على كداء

أبو دجانة (١) : الجبل الذي خلف المقبرة شارعا على الوادي يقال له : جبل البرم. وأبو دجانة والأحداب التي خلفه تسمّى : ذات أعاصير : غراب (٢) : القرن الذي عليه بيوت خالد بن عكرمة ، بين حائط خرمان وبين شعب آل قنفذ. مسكن ابن أبي الرزّام ، ومسكن ابن جعفر ، وحائط خرمان عنده.

شعب آل قنفذ (٣) : هو الشعب الذي فيه دار آل خلف بن عبد الله بن السائب. ويقال : آل عبد ربّه بن السائب ، مقابل قصر محمد بن سليمان.

وكان يسمّى شعب اللئام. وهو : قنفذ بن زهير من بني أسد بن خزيمة.

وهو الشعب الذي على يسارك فوق حائط خرمان ، وفيه اليوم دار الخلفيين

__________________

(١) لا يعرف بهذا الإسم اليوم ، وهو الجبل المشرف على عمائر الأشراف ، وعلى الخندريسة ، ويمتد إلى شعب أذاخر. أما الأحداب التي خلفه فتشمل بعض حي العتيبيّة ، وبعض منطقة اللصوص ، المسمّاة الآن شارع الجزائر. وكانت فيها مجزرة مكة ، ثم تحولت إلى أذاخر ثم إلى المسفلة الآن.

(٢) هذا القرن لا زال قائما ، يحدّه من الأعلى مسجد النوق ومن الأسفل مبنى أمانة العاصمة ، وقد شقّ فيه الطريق العام فأدار حوله كأنه قوس من جهة الشمال ، وعلى هذا القرن مبنى تابع اليوم لشرطة العاصمة. هذا القرن هو الذي جعله الشريف محمد بن فوزان الحارثي ـ رحمه الله ـ والأستاذ البلادي (صفيّ السباب). وقد بيّنا سابقا أن صفيّ السباب خلاف هذا.

(٣) هذا الشعب هو الشعب الذي فيه مسجد الإجابة ، ويسمّى (الشعبة) أو (شعبة الحرّث). وهذا الشعب يقابل قرن غراب ، وهو على يسار الصاعد من مكة إلى منى بعد شعب أذاخر ، هذا الشعب جعله الشريف محمد بن فوزان ، والأستاذ البلادي (شعب الصفيّ) وهو وهم بيّنته في مبحث (شعب الصفيّ).


من بني مخزوم. وفي هذا الشعب كان ينزل الحضارمة. ويعرف بالخلفيّين. فيه مسجد (١) هنالك يقال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم صلّى فيه.

٢٥٠٥ ـ حدّثني أبو يحيى بن أبي مسرّة ، قال : حدّثني محمد بن محمد المخزومي ـ أبو عبيدة ـ قال : ثنا زكريا بن مطر ، عن صفية بنت زهير بن قنفذ الأسدية ، عن أبيها ـ رضي الله عنه ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم كان يكون في حراء بالنهار ، فإذا [كان](٢) الليل نزل من حراء فأتى المسجد الذي في الشعب الذي خلف دار أبي عبيدة / يعرف بالخلفيّين ، وتأتيه خديجة ـ رضي الله عنها ـ من مكة ، فيلتقيان في المسجد ـ الذي في الشعب ، فإذا قرب الصباح افترقا ، أو نحوه.

العير : هو الجبل الطويل مقابل المقبرة (٣). وبيوت حق أبىّ بأصل العير.

وهو مشرف على شعب الزارويّة (٤) ويقال له : ذو الأراكة ، وبأصله دار صالح ابن العباس ، وفيه يقول الشاعر :

فالخطم فالعير فبطحاهما

فالحصر فالعيرة فالطاهر

__________________

٢٥٠٥ ـ لم أقف على تراجم رجال هذا السند ، ما خلا شيخ المصنف.

والحديث ذكره ابن حجر في الإصابة ١ / ٥٣٧ وعزاه للفاكهي.

(١) هذا المسجد لا زال قائما إلى اليوم ، عامرا ، ومشهور ب (مسجد الإجابة).

(٢) سقطت من الأصل وألحقتها من الإصابة.

(٣) أي مقبرة أذاخر. وجبل (العير) يسمّى اليوم (جبل قلعة المعابدة) وهو من أطول الجبال في تلك المنطقة ، وعليه قلعة مشهورة. ويسمّيه بعضهم (أبو دلامة).

(٤) كذا في الأصل ، وعند الأزرقي (آل زارويه) وسيذكرهم المصنف بعد قليل ب (آل زرارة) ومرة (الزراوزيين) ولم أقف على نسب هؤلاء الموالي للقارة في كتب النسب التي بين يديّ ، ولم تتأكّد لي صحة هذه اللفظة ، فأبقيتها كما هي. وشعب الزاروية ، أو الزراوزيين ، أو آل زرارة هذا : هو الشعب الذي يكون بين جبل سقر ، وبين جبل العير ، وهو شعب صغير على يسارك وأنت صاعد من مكة إلى منى قبل أن تصل إلى شعب (الخانسة) ، وقد غمره العمران اليوم ، وعلى فوّهته أقيمت عمارات ومتاجر. وقد وهم الأستاذ البلادي في معالم الحجاز ٥ / ٥٧ في جعل هذا الشعب هو في فوهة شعب أذاخر ، وأبعد كل البعد في ذلك.


سقر (١) : الجبل المشرف على قصر أبي جعفر ، عليه بيوت بني قريش ، موالي بني شيبة ، ثم ابتاعه صالح بن العباس وأسماه : المستقر ، وفيه يقول الشاعر :

أوحش المستقرّ من بعد أنس

وعقّبته الرياح والأمطار

٢٥٠٦ ـ حدّثنا أبو يحيى بن أبي مسرّة ، قال : ثنا محمد بن الحسن بن الحسن ، قال : دعاني صالح بن العباس ، فأدخلني في قصره هذا ببئر ميمون ، فأراني بستانه ، فقال : كيف ترى هذا؟ فقلت : أصلح الله الأمير هذا البستان والله كما قال القائل :

فلمّا نزلنا منزلا طلّه الندى

أنيقا وبستانا من النبت [غاليا[(٢)

أجدّ لنا طيب المكان وحسنه

منى فتمنّينا فكنت الأمانيا

ثم صار هذا القصر بعد ذلك للمنتصر بالله ، وقد خرب اليوم ، وذهبت معانيه.

وكان سقر يسمّى في الجاهلية : السيات (٣). وكان يقال له : جبل كنانة ، رجل من العبلات ، من ولد الحارث بن أمية بن عبد شمس الأصغر.

__________________

٢٥٠٦ ـ أراد ببئر ميمون هنا المنطقة لا موضع البئر ، وإنما منطقته ، وجبل سقر ليس بعيدا عن موضع بئر ميمون.

(١) الجبل الصغير المشرف على حي (الخانسة) أو (الخنساء) من جهة الغرب ، ووهم الأستاذ البلادي في جعل هذا الجبل هو (جبل المعابدة) أو (أبو دلامة) فجبل المعابدة هو (العير) السابق ذكره ، أو (العيرة الشامية) على ما سمّاه بعضهم. أنظر معجم معالم الحجاز ٤ / ٢٠٧.

(٢) في الأصل (خاليا) وهو تصحيف. ومعنى (غاليا) من غلا النبت إذا ارتفع وعظم والتفّ ورقه وكثرت نواميه. اللسان ١٥ / ١٣٤.

(٣) كذا في الأصل ، وفي الأزرقي (الستار).


وفي سقر يقول بعض الشعراء :

أبصرت وجها كالقمر

بين حراء وسقر

وفيه حقّ لآل زرارة موالي القارّة ، حلفاء بني زهرة.

وحقّ الزراوزيّين منه بين [العير](١) وسقر ، إلى ظهر شعب آل الأخنس (٢) بن شريق ، يقال له اليوم : شعب الزراوزيين. ويقال له أيضا : شعب الأزارقة وذلك أن نجدة بن عامر الحروري عسكر فيه عام حجّ. ويقال له : شعب العيشوم ، نباتا فيه.

والأخنس بن شريق حليف لبني زهرة ، واسم الأخنس : أبيّ ، وإنّما سمّي الأخنس ، أنه خنس ببني زهرة ، فلم يشهدوا بدرا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفي الأخنس فيما يقال ـ والله أعلم ـ نزلت (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ)(٣).

وذلك الشعب الذي يخرج منه إلى أذاخر ، بينه وبين فخّ. ويقال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح من أذاخر حتى خرج على بئر ميمون ثم انحدر في الوادي (٤).

وفي أذاخر يقول القائل :

وتذكرت من أذاخر رسما

كدت أقضي لذكر ذاك حمامي

__________________

(١) هي العيرة الشامية ، أو (العير). وكانت في الأصل (العيرة).

(٢) شعب آل الأخنس هو ما يسمّى اليوم (الخانسة) أو (الخنساء) وهو حي معمور مزدحم من أحياء مكة. وهذا الشعب زفّت فيه شارع يربط بين شارع الحج (خريق العشر) وبين شارع الأبطح. واسم (الخانسة) أو (الخنساء) إنما هو تحريف للفظة (الأخنس). وقد وهم الأستاذ البلادي في معالم الحجاز ٥ / ٥٧ في جعل هذا الشعب هو شعب أذاخر الذي يسيل على فخ ، والذي فيه مجزرة مكة.

والأمر واضح لو لم يعجل الأستاذ البلادي في توجيه كلام الأزرقي توجيها بعيدا.

(٣) ذكره السيوطي في الدر المنثور ٦ / ٣٩٢ وعزاه لابن أبي حاتم ، عن السدّي.

(٤) الأزرقي ٢ / ٢٨٨.


جبل حراء (١) : وهو الجبل الطويل الذي بأصل شعب آل الأخنس ، مشرفا على حائط مورش (٢) ، وهو الحائط الذي يقال له : حائط حراء ، على يسار الذاهب إلى العراق. وهو المشرف القلّة ، مقابل ثبير غيناء ، محجة العراق ، بينه وبينه.

وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتعبّد فيه مبتدأ النبوة في غار / في رأسه مما يلي القبلة ، وقد كتبنا ما فيه في موضعه (٣).

٢٥٠٧ ـ حدّثنا علي بن سهل ، قال : ثنا عفّان ، قال : ثنا أبان بن يزيد ، قال : ثنا يحيى بن أبي كثير ، قال : ثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن قال : سألت جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ فقال : أحدّثك كما حدّثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : «جاورت في حراء»وذكر حديثا طويلا.

وقال بعض الشعراء في حراء :

منعّمة لم تدر ما عيش شقوة

ولم تغتزل يوما على عود عوسج

تفرّج عنها الهمّ لمّا بدا لها

حراء كرأس الفارسيّ المتوّج (٤)

الجواء (٥) : جبل في شعب الأخنس بن شريق ، وكانت تنزل الحبش فيما هنالك قديما.

__________________

٢٥٠٧ ـ إسناده صحيح.

رواه البخاري ٨ / ٦٧٧ ـ ٦٧٨ ، ومسلم ٢ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ، بسنديهما عن يحيى ، به.

(١) جبل مشهور معروف.

(٢) تقدّم ذكره وتحديد موضعه في عيون مكة ، وقد حدّد موضعه هناك بأنه في فوّهة شعب الخوز ، وهنا جعله حائط حراء نفسه ، وجعلهما هناك اثنين ، والله أعلم أين الصواب.

(٣) كأنه كتب ذلك في الجزء المفقود.

(٤) الأزرقي ٢ / ٢٨٨.

(٥) لعله الجبل الفاصل بين الخانسة والعدل.


قال عنترة بن غالب (١) العبسي يذكره :

يا دار عبلة بالجواء تكلّمي

وعمي صباحا دار عبلة واسلمي

القاعد (٢) : هو الجبل الساقط أسفل حراء على الطريق عن يمين من أقبل من العراق ، أسفل من بيوت ابن أبي الرزام الشيبي.

أظلم (٣) : هو الجبل الأسود بين ذات جليلين ، وبين الأكمة.

وذات جليلين : من منتهى شعب الأخنس من مؤخره مما يلي أذاخر إلى مكة السدر.

ضنك (٤) : وهو الشعب بين أظلم وبين أذاخر على محجة الطريق. وانما سمي ضنكا أن في ذلك الشعب كتابا في عرق أبيض مستطيل في الجبل مصوّر صورة ، مكتوب الضاد والنون والكاف متصل بعضه ببعض كما كتبت (ضنك) فلذلك سمي ضنكا.

[مكة] السدر (٥) : من بطن فخّ إلى المحدث.

__________________

(١) عنترة بن عمرو بن شدّاد بن عمرو بن قراد بن مخزوم بن عوف بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس. شاعر فارس مشهور. والشعر هنا مشهور. أنظر شرح القصائد العشر للخطيب التبريزي ص : ٢٣٣.

(٢) لا يعرف اليوم بهذا الإسم ، وهناك أكثر من جبل ساقط أسفل حراء على طريق الطائف السيل ، على يسارك وأنت خارج من مكة.

(٣) الأكمة لم يحدّد الفاكهي موضعها ، وذات جليلين حدّدها الفاكهي من منتهى شعب الخانسة إلى مكة السدر ، ومكة السدر انظرها في موضعها.

(٤) لا زال هذا الشعب على حاله ويعرفه أهل هذا الشأن ، منهم الشريف محمد بن فوزان الحارثي الذي أوقفنا على الجبل المطل على هذا الشعب حيث قرأنا الكتابة بذلك العرق الأبيض في وسط الجبل ، وهي باقية على حالها ، وانظر ملحق الصور.

(٥) أما المحدث فهو تلك الفسحة من الأرض التي يلتقي بها شعب آل عبد الله بن خالد بن أسيد وشعب أذاخر ليتكون منهما وادي فخّ. ويحد هذه الفسحة اليوم ثلاثة رؤوس : الأول : شارع الحج ، الثاني : سد اللصوص ، الثالث : مجزرة مكة القديمة. ويقوم على طرف من المحدث اليوم : أسواق الدوّاس المعروفة. أما المجزرة فقد نقلت من هناك ، وأما السد ففي النية إزالته لأن مجرى السيل قد جعل تحت


قال الحارث (١) بن خالد أو غيره فيها :

إلى طلل بالجزع من مكة السدر

لليلى عفا بين المشقر فالحضر

فظلت وظلّ القوم في غير حاجة

كذا غدوة حتى دنت حزّة العصر

شعب بني عبد الله (٢) : ما بين الجعرانة إلى المحدث.

__________________

الأرض في مجار اسمنتية ضخمة. وأرض المحدث خطّط بعضها اليوم للسكن. وبعضها الآخر تخطط فيه شوارع.

وأما مكة السدر : فهو جزء من شارع الحج اليوم ، مبتدؤه من المحدث ومنتهاه منطقة سجن مكة ، لأن منطقة سجن مكة هي بطن وادي فخ ، وإن شئت أن تقول : إنّ مكة السدر تنتهي بالسد الأسمنتي الذي أقيم في وادي فخ قبيل السجن لما أبعدت أيضا. هذه هي مكة السدر. وقد وهم الأستاذ البلادي عندما جعل مكة السدر هي : الصفيراء فقط ، فالصفيراء في الجهة الجنوبية للمحدث ، مع أن مكة السدر في الجهة الشمالية ـ والله أعلم ـ.

(١) ديوانه ص : ٦٦ ـ ٦٧ نقلا عن الأغاني.

(٢) هذا الشعب هو الذي كان فيه طريق الجعرانة القديم ، ولا زالت آثاره بائنة ، وقد أقيم في صدر هذا الشعب خزان كبير للمياه وامتدت على طول الشعب تحت الأرض مواسير هذا الخزان التي تسقي بعض نواحي مكة المكرّمة ، ويمتد هذا الشعب من جبال نقواء إلى شارع الحج ، ويلتقي سيل هذا الشعب مع وادي فخ (خريق العشر) عند أسواق الدوّاس في شارع الحج ، وهناك يلتقي بفخ أيضا شعب أذاخر الشامي. وفي صدر شعب بني عبد الله هذا أنعم الله عليّ بتملك مزرعة حفرت فيها بعض الآبار ، وإذا أردت هذا الشعب الآن فاسلك طريق الطائف السيل السريع ، ثم بعد جبل حراء بمسافة خذ يسارا تجد طريقا ترابيا ، ثم امض قليلا فهذا الغميم ، وبعد الغميم بقليل تجد على يمينك صخرة عظيمة واسعة الأعلى مستدقة الأسفل جدّا كأنها قمع ، فهذا هو (القمعة) التي سيأتي ذكرها بعد قليل ، وبعد القمعة تكون قد دخلت في شعب بني عبد الله ، فامض صاعدا ، وستجد على يسارك عند منطقة العسيلة صخورا كبارا عليها كتابات قديمة ، بالخط الكوفي أرّخ بعضها سنة ثمانين هجرية ، وبعضها الآخر في سنة (٩٤) هجرية ، وخطوط أخرى جميلة مقرؤة ، وعلى يسار هذه الصخور تجد آبار العسيلة العذبة ، ثم تمضي في طريقك صاعدا وستلقى أمامك مزارع حديثة ، وعلى يمينك خزان المياه السالف الذكر ، ثم إذا مضيت قليلا تجد ثنية تظهرك على حائط ثرير الذي ينسب لعبد الله بن الزبير ، هذه الثنية هي (النقواء السفلى) أو (المستوفرة) وتجد على يمينك على جبل هناك علامة من علامات حدود الحرم ، وهذه الثنية ينقسم سيلها قسمين فما سال على حائط ثرير فهو حلّ ، وما سال منها على شعب بني عبد الله فهو حرم. وإنما أطلت في هذا التعليق حتى يغنينا عن التعليق على الأماكن المذكورة بعد في هذا الشعب. وقد أوقفني على كثير من هذه المواضع الشريف محمد بن فوزان الحارثي. وانظر كتابنا عن حدود الحرم المكي الشريف.


الخضر متين (١) : على يمين شعب آل عبد الله بن خالد بن أسيد بحذاء أرض ابن هربذ.

القمعة (٢) : قرين دون شعب بني عبد الله بن خالد ، على يمين الطريق ، في أسفله حجر عظيم ، مفترش أعلاه ، مستدق أصله جدّا ، كهيئة القمع.

القنينة (٣) : شعب بني عبد الله بن خالد. وهو الشعب الذي يصب على بيوت مكتومة مولاة محمد بن سليمان.

النقواء السفلى (٣) : ثنية ، فيما بين شعب بني عبد الله والجعرانة ، كانت تسمى المستوفرة.

ثنية الشعيبة الشرقية (٤) : التي تصب على حائط ابن هربذ.

ثنية أذاخر (٥) : التي تشرف على حائط خرمان.

ومن أذاخر فيما يقال ، دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم / يوم الفتح. وقبر ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ بأصلها.

__________________

(١) هكذا في الأصل ، وفي الأزرقي (الحضرمتين) بالإهمال. ولم أعرف أرض ابن هربذ. وقد اضطرب في الحضرمتين قول الأستاذ البلادي ، ففي كتابه «أودية مكة ص : ١٠٦»قال : (لا أستبعد أن يكون (الحضرميّين) أي : مكان منسوب إلى أناس من حضرموت) فجعلها مصحفة عن الحضرميين. وفي «معجم معالم الحجاز ٣ / ٢٣»جعله الوادي الأوسط الذي يسيل من ثنية خلّ فيجتمع بشعب بني عبد الله شمال شرقي حراء أه. أما ادعاء التصحيف فهذا فيه بعد ، وأما أنه أحد الشعاب التي على يمين شعب بني عبد الله فربما يكون صحيحا ، إلّا أن الفاكهي والأزرقي كلاهما لم يبيّن لنا ما هي (الحضرمتين). وهل الياء والنون للتثنية ، أم هي من أصل الكلمة ، ولم يعرّفانا هل هي جبل ، أم ثنية ، أم شعب؟ وهل هما : جبلان ، أم ثنيتان ، أم صخرتان؟ والأمر يحتاج إلى إيضاح ليس بوسعنا الوقوف عليه ، والله أعلم.

(٢) أنظر تعليقنا على شعب بني عبد الله.

(٣) أنظر تعليقنا على شعب بني عبد الله أيضا.

(٤) لم أعرفها ، ولم أعرف موضع حائط ابن هربذ هذا.

(٥) لا زالت معروفة إلى اليوم ، وتسمّى الآن (ريع ذاخر) وقام حولها حيّ من أحياء مكة المعروفة.


النقواء العليا (١) : ردهة وراء سدرة خالد ، ماء كان الناس ينزلونه ، وفيه ثنية تسلك إلى نخلة ، من شعب بني عبد الله.

والمستوفرة (٢) : ثنية تظهرك على حائط يقال له : حائط ثرير ، كان للبوشنجاني. وعلى رأسها أنصاب الحرم ، فما سال منها مما يلي ثرير فهو حلّ ، وما سال مما يلي الشعب فهو حرم.

٢٥٠٨ ـ حدّثنا ابن أبي مسرة ـ أبو يحيى ـ قال : ثنا خالد بن سالم ـ مولى ابن صيفي ـ قال : كنا في نزهة لنا بشعب آل عبد الله ، فخرجنا نتمشّى به ، فإذا سعيد بن سالم القدّاح ، وهو يومئذ فقيه أهل مكة ، في إزار قد أقبل من ناحية ثرير ومعه جريدة فيها ثوب ، قد جعله مثل [البند](٣) وهو يقول : لا حكم إلّا الله. قال : فقلنا له : ما هذا يا أبا عثمان؟ قال : كنّا في نزهة لنا ، فبعنا الإمارة من فلان ، فجار علينا ، فخرجنا له.

__________________

٢٥٠٨ ـ ذكره الفاسي في العقد الثمين ٤ / ٥٦٥ نقلا عن الفاكهي.

(١) تكون على يسارك وأنت صاعد في شعب بني عبد الله بعد العسيلة ، وثنيّتها مسلوكة اليوم ، لكنها غير مزفّتة ، وقد وقفت عليها ، وانظر وصفنا لها في كتابنا (حدود الحرم).

(٢) أنظر تعليقنا على (شعب بني عبد الله). وملحق الصور ، وكتابنا عن (حدود الحرم الشريف) وأنصاب الحرم لا زالت آثارها موجودة على رأس هذه الثنية وفيها آثار النورة القديمة.

(٣) في الأصل (البدر) وهو تصحيف صوّبته من العقد الثمين. والبند ، هو : العلم الكبير ، وجمعه بنود.

النهاية ١ / ١٥٧.


ذكر

شقّ مسفلة مكة اليماني وما فيه

مما يعرف من المواضع والجبال والشعاب والآبار

إلى منتهى ما أحاط به الحرم

فحدّ ذلك أجياد الصغير ، وهو الشعب الملاصق بأبي قبيس ، مستقبله أجياد الكبير. وعلى فم الشعب دار هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي ، ودار زهير بن أبي أمية المخزومي إلى المتكأ ، مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ويقال : إنّما سمّي أجياد : أن خيل تبّع كانت فيه.

وقد قالوا : بل هي خيل اسماعيل ـ صلوات الله على نبينا محمد وعليه وسلم (١) ـ.

٢٥٠٩ ـ حدّثني عبد الله بن أبي سلمة ، قال : ثنا الوليد بن عطاء ، عن أبي صفوان ، عن ابن جريج ، قال : قال مجاهد قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : «إنّ أباكم اسماعيل ـ عليه السلام ـ أول من ذلّلت له الخيل العراب ، فأعتقها وأورثكم حبّها ، وذلك أن اسماعيل ـ عليه السلام ـ خرج حتى أتى أجياد ، فألهمه الله ـ تعالى ـ الدعابة بالخيل ، فدعى ، فلم يبق في بلاد العرب عليها فرس إلّا أتاه وذلّله الله له وأمكنه من نواصيها».

قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : فبذلك سمّيت أجياد لأنها اجتمعت في أجيادين.

__________________

٢٥٠٩ ـ الخبر تقدّم بعضه برقم (٢٤٩٧) فانظره هناك ـ وقد ذكره ياقوت في معجم البلدان ١ / ١٠٥ بدون إسناد.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٩٠.


رأس الإنسان : الجبل الذي بين أجياد الكبير ، وبين أبي قبيس ، يقال له : رأس الإنسان (١).

أنصاب الأسد (٢) : جبل بأجياد الصغير ، في ربع الوليد بن المغيرة ، مشرف على أجياد الكبير في أقصى الشعب.

وفي أجياد الصغير بأصل الخندمة ، بئر يقال لها : بئر عكرمة ، على باب شعب المتكأ ، حفرتها زينب بنت سليمان بن علي.

وعند المتّكأ بئر حفرها سليمان بن عبد الله بن سليمان بن علي ، وهو أمير مكة في سنة سبع عشرة ومائتين (٣).

شعب الخاتم : بين أجياد الكبير والصغير (٤) ، وإنما سمّي شعب الخاتم أن خاتم عبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد الذي كان يكون في كفّه رئي في كفّه ، وقد سقطت بمكة بأجياد في هذا الموضع ، وقد قتل في ناحية البصرة ، فيقال : إنّ بعض الطير أخذ يده فألقاها في هذا الموضع.

سمعت رجلا بصريا يقول ذلك.

__________________

(١) هكذا العبارة في الأصل ، وفي الأزرقي (بين أجياد الكبير وبين أبي قبيس) ونقل الأستاذ البلادي في معجم معالم الحجاز ٤ / ١١ عن ياقوت فيما نقله عن الأصمعي : (أنه الجبل الذي بين أجياد الصغير وبين أبي قبيس) ، ثم قال الأستاذ البلادي : هذا هو الصواب ، لأن أجياد الصغير وأبي قبيس متجاوران ، أما أجياد الكبير فبعيد عن أبي قبيس. أه.

قلت : رأس الإنسان كان جبلا أشبه ما يكون بالقرن في منتهى جبل أبي قبيس مائلا إلى الجنوب حتى يكاد يسدّ فوهة أجياد الصغير ، وكان بين رأس الإنسان وبين أبي قبيس شعب صغير ، كان هو الحد الفاصل بين معلاة مكة ومسفلتها ، وهذا الجبل يكون بين فوّهة أجياد الكبير وبين جبل أبي قبيس ، وذلك لأن فوّهة أجياد الكبير تمتد أطول من فوّهة أجياد الصغير. وهذا الجبل قد أزيل بالكلية وأقيم محله اليوم فندق قصر الصفا ، وما تبقى منه أصبح بعد إزالته من ساحات الحرم الشريف. وبسبب إزالة هذا الجبل صوّب الأستاذ البلادي ما نقله ياقوت وهو وهم.

(٢) هذا الجبل هو الذي يفصل بين أجياد الكبير وأجياد الصغير ، وفتحت اليوم فيه أنفاق تربط بين أجياد الكبير وبين أجياد الصغير.

(٣) الأزرقي ٢ / ٢٩١.

(٤) هو الشعب الصغير الذي يكون خلف مستشفى أجياد الآن.


جبل نفيع : ما بين بئر زينب بنت سليمان حتى تأتي أنصاب الأسد (١).

وإنّما سمّي نفيعا أنه كان فيه / أدهم (٢) للحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم ، كان يحبس فيه غلمانه ، وكان ذلك الأدهم يسمّى نفيعا.

الميغة (٣) : وهو جبل خليفة ، وبه يعرف اليوم ، مشرف على أجياد الكبير ، وعلى الخليج ، والحزامية. وهو خليفة بن عمر ، رجل من بني بكر ، ثم أحد بني جندع ، كان أول من سكن فيه وابتنى. ومسيله يمر في موضع يقال له : الخليج ، يمرّ في دار حكيم بن حزام ، وقد خلّج هذا الخليج تحت بيوت الناس وابتنوا فوقه ، وكان يسمّى هذا الجبل في الجاهلية كيدا.

وكان ما بين دار الحارث الصغيرة إلى موقف [البقر](٤) بأصل جبل خليفة سوق في الجاهلية ، وكان يقال له : الكثيب ، أسفل من جبل خليفة ، وهو اليوم من حدّه ذلك إلى موقف البقر (٥) من أعمر فج بمكة ، وأكثره أهلا وصانعا. وفي هذا الفج زقاق جحوش وفيه زقاق وحوح بن الأسلت أخي أبي مقير بن الأسلت. وإذا أفضيت منه افضيت إلى رباع للكنانيين ، فمنها دار مالك بن الضجنان الكناني ، يعرف اليوم بدار مالك. ولهم ربع عند بيوت المكندري. وفيه ربع في أول الزقاق لابن حفيص بن محلفا ، مولى آل ماجدة.

__________________

(١) هو الجبل الذي يقابل اليوم مدخل القصور الملكية ، فإذا أقبلت من أنفاق محبس الجن تريد الحرم يكون على يسارك بعد خروجك من الأنفاق.

(٢) الأدهم : القيد ، سمّي بذلك لسواده. اللسان ١٢ / ٢١٠.

ولعل لفظة (محبس الجنّ) إنما جاءت من (حبس الحارث بن عبيد المخزومي) لغلمانه هنا ، فصيرتها العامة للجن.

(٣) جبل خليفة هو المشهور ب (جبل قلعة أجياد) لقلعة بنيت فوقه ، ولا زالت قائمة. ويقابل اليوم باب الملك عبد العزيز من أبواب الحرم الشريف. وفتح تحته طولا نفقان طويلان يربطان بين ميدان باب الملك ومنطقة كديّ ، ونفقان عرضيان تحت القلعة يربطان بين المسفلة وبين أجياد الكبير. وقد أفاد الأزرقي أنه الجبل الذي صعد فيه المشركون يوم فتح مكة ينظرون إلى النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه.

(٤) في الأصل (البقرة).

(٥) هي المنطقة التي تشمل السوق الصغير من الهجلة حتى المسيال عند مكتبة الحرم المكي الجديدة.


وقد روى سفيان بن عيينة عن أبيه ، عن ابن حفيص بن محلفا ، حديث «من جرّ إزاره خيلاء».

وفي أجياد الكبير موضع يقال له : النمارق ، وموضع يقال له : المشاجب ، ناحية الدحضة.

٢٥١٠ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، ومحمد بن منصور ، قالا : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : كنا نصلي مع ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ الصبح ، ثم أدخل جياد فأقضي حاجتي فما أعرف وجه صاحبي.

والمشاجب (١) : موضع بأجياد ، مشرف على السلمات ، متنزّه للشباب بأجياد الكبير ، عند الموضع الذي يقال له : المياه ، يحبس المطر. كان فتيان من أهل مكة يتنزّهون هنالك.

محرزة الغوث (٢) : كانت بين دار [الدّومة] ودار زهير بن أبي أمية ـ والغوث من الأزد ، فأخذها آل زهير فبنوا بها بيوتا.

قرن القرط (٣) : بذنب أجيادين جميعا ، عليه ربع آل مرّة بن عمرو

__________________

٢٥١٠ ـ إسناده صحيح.

رواه عبد الرزاق ١ / ٥٧١ من طريق : ابن عيينة به. ورواه ابن أبي شيبة ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢١ من طريق : عمرو بن دينار ، به بنحوه.

(١) المشاجب : انفرد بها الفاكهي ، وهو أعلى موضع في المصافي عند محبس مياه الأمطار ، قد غمره العمران الآن وأصبح جزءا من المصافي.

(٢) محرزة الغوث : دار الدّومة كانت في شعب أجياد الصغير لبني مخزوم ، وعليه فمحرزة الغوث في أجياد الصغير ، لا يعرف موضعها اليوم.

(٣) كذا في الأصل (القرط) بإهمال الأخير وفي الأزرقي (القرظ). والقرط : نوع من علف الحيوانات.

أما القرظ : فهو شجر يدبغ به ، وهو من أجود أنواع الدباغ بأرض العرب. أنظر اللسان ٧ / ٤٥٤.

وذنب أجيادين أي : طرفهما مما يلي الحرم ، وهذا القرن لا وجود له اليوم ، لأنه أزيل وقد صار موضعه جزءا من ميدان باب الملك. وموضعه ما كان يعرف بزقاق البخارية سنة ١٣٧٣ ه‍ وهذا الزقاق يقع بين السوق الصغير وبين شارع المسيال وكان أرفع من الشارعين المذكورين ، وقد دخل في ميدان باب الملك وأزيل ارتفاعه ، وقد شاهدته في ذلك الوقت.


الجمحي. وإنما سمّي قرن القرط أن الناس كانوا في الجاهلية يبتاعون عنده القرط. وعنده منقطع ضفيرة الحارث بن عبد الله ، ما بين دار جعفر بن يحيى ، ودار قيس بن السائب إلى الدحضة من الشق اليماني وإلى صخرة لقمان وهي جاهلية ، وهي صخرة ملقاة في الطريق.

السلمات (١) : في ظهر الدحضة ، وهي تصب في اللاحجة.

شعب العروس (٢) : منقطع السلمات بأجياد الكبير.

صخرة الغراب (٣) : بأجياد الكبير في مدبرها ، يدفع شقّها الشامي على أجياد الكبير ، وشقها اليماني في اللاحجة.

البوّالة (٤) : بأقصى جياد الكبير ، أقصى الشعب.

الجرّ والميزاب (٥) : موضع بأجياد ، عند المياه ، محبس للأمطار.

/ الحفر : موضع يدعى في الجاهلية الحفر في دار خالد بن العاص ، دخل في دار عيسى بن موسى.

الأصفى (٦) : ويقال : المصافي بالدحضة ، مواضع يجتمع فيها الماء في أيام الربيع والخريف.

__________________

(١) السلمات : انفرد بها الفاكهي ، وهي الشعب الشرقي في شارع بخش ، وهذا الشعب يقع خلف الدحضة أي شمالها وشرق شارع بخش ويصب سيله في شارع بخش ثم في اللاحجة.

(٢) شعب العروس : انفرد به الفاكهي وهو الشعب الذي يشرف على بئر بليلة بجياد جنوبا ، وسيله يسيل في شارع بخش وتحدّه السلمات جنوبا.

(٣) صخرة الغراب : انفرد بها الفاكهي ، وهي غير معروفة الآن وقد سألت كثيرا عنها وتتبعت وصف الفاكهي ، فلم اهتد إليها ، ولكنها بدبر أجياد الكبير ولعل العمران غمرها فأصبحت لا تعرف.

(٤) يطلق على هذه المنطقة اليوم (بئر بليلة) ، وكأن لفظة (بليلة) آتية من (البوّالة) والله أعلم.

(٥) لم يبيّن في أي أجيادين هو ، ولكن يعرف موضع في ظهر أجياد الكبير إذا خرجت من أنفاق المصافي يكون على يمينك بعد حوالي (٣٠٠) متر في الجبل ، إذا سال ذلك الموضع ترى ماءه ينحط كالميزاب ، فلعله هو. وقد تقدّم ذكره للجرّ والميزاب أيضا عند قعيعقان!؟؟.

(٦) لا زال هذا الموضع يعرف (بالمصافي) وغمره العمران ، وعلى فوهته أقيم فندق حديث سمّي (فندق أجياد مكة).


اللّاحجة (١) : هي الثنية التي بأصل بيوت أبي أحمد المرواني ، ثم إلى الجبل المشرف على كثيب الرمضة وبيوتها ، وهي آخر عمران مكة من أسفلها ، وفيها يقول الشاعر :

متى أرى عرمسا تهوي برحل

إلى الرمضات تهدا بتلك الطريقا

الغرابات (٢) : جبال سود مصطفات على يمينك ، وأنت ذاهب إلى المسفلة.

الميثب (٣) : من الثنية إلى أسفل الرمضة ، وفيه ردهة تمسك الماء.

ثمد (٤) : الشعب الذي خلف بيوت بني زريق بن وهب الله.

ثنية بني عظل (٥) : هي الثنية التي تضرب على حائط ابن طارق.

__________________

(١) اللاحجة : هي ما يسمّى اليوم (ريع بخش) ثم تنزل إلى مدخل أنفاق باب الملك ثم إلى منطقة كديّ التي فيها محاجر السيارات إلى الميثب ، وجبل السرد يحدّها جنوبا ، ثم جبل ثور شرقا. وبطن اللاحجة هو ما أقيم عليه اليوم مباني شركة عثمان أحمد عثمان ، إلى حي الهجرة كل ذلك هو : اللاحجة. وسيلها يجتمع في موضع مباني شركة عثمان أحمد عثمان ثم يسير جنوبا تاركا جبل السرد غربه حتى يلتقي بسيل وادي عرنة أسفل مكة. وقول الشاعر (عرمسا) يريد : الناقة الشديدة. اللسان ٦ / ١٣٨. وبقية الشطر الثاني لم تتبيّن لي صحة قراءته.

(٢) إذا هبطت من ريع بخش تريد كديّا تجد تلك الغرابات مصطفات على يمينك ، ومنها جبل الميثب الذي يفصل بينه وبين الغرابات ريع كديّ.

(٣) الرمضة ، هو ما يسمّى اليوم ب (قوز النكّاسة) وأصله (قوز المكاسة) قيل لأن بعض أمراء مكة كان يضع أعوانه هناك لأخذ المكس من أهل اليمن ، لأن ذلك الموضع مدخلهم إلى مكة ، وهو المنطقة التي تكون بعد ملتقى شارع المنصور وشارع المسفلة حتى تصل إلى ما بعد الطريق الدائري الثالث بقليل وكان بها بستان للكعكي ، وقد غمرها العمران الآن ويخترقها الطريق الدائري الثالث الموصل بين طريق جدّة والمشاعر المقدسة.

وقوز الميثب : هو المنطقة الرملية الفاصلة بين جبل الميثب ، وجبل السرد ، فيحده شمالا جبل الميثب ، وجنوبا جبال السرد ، وشرقا كديّ ، وغربا المسفلة ، ويخترقه الطريق الدائري الثالث. ولا زالت الرمال واضحة فيه ولكن بدأ في تخطيطه منطقة سكينة.

(٤) بيوت بني رزيق بن وهب الله لم أعرف موضعها. وسيأتي بعد قليل أنها تقع في اللواحج.

(٥) هي ما يسمّى اليوم : ريع كديّ ، الذي يهبط على محاجز سيارات حجاج البر ، وإذا علوته مشرّقا يكون جبل الميثب على يمينك ، والغرابات على يسارك.


اليحاميم أيضا : جبال أسفل المجزرة ، بأسفل مكة.

شعب البين (١) : فيه المجزرة بالمسفلة اليوم ، وفيه طرح تراب وادي مكة حين عزق.

ذات الرّماض (٢) : شعب يفرع من ثور ، ويصير في بطن اللاحجة.

قال الشاعر في اللواحج ، وهذه المواضع :

إنّ اللواحج قد علم

ن من المخارج في الربيع

ذات الرّماض فثور من

يربع صنيع ابن الربيع

سامي المنظر (٣) : قرن أسفل من الطلوب دون أضاءة لبن كانت قريش يجلسون على ذلك الموضع ، ينتظرون تجارتهم حتى تأتي من اليمن.

أضاءة لبن (٤) : وانما سمّيت اضاءة لبن لأن الجبل المطلّ عليها يقال له : لبن.

والأضاءة : في الوادي وهي خبت يجتمع سيل وادي مكة فيه.

__________________

(١) شعب المجزرة : يغلب على ظني أنه الشعب الذي يكون على يسارك وأنت متجه من المسفلة إلى ريع كديّ قبل أن تصل إلى الريع ، وعليه فتكون اليحاميم قبل وصولك إلى هذا الشعب على اليسار ، والله أعلم.

(٢) هذا الشعب يسيل من ثور ويتجه نحو الغرب فيفيض سيله على بطن اللاحجة ، على موضع مباني شركة عثمان أحمد عثمان. والشعر هكذا في الأصل ، وهو غير مستقيم الوزن.

(٣) أما الطلوب : فهو الجبل الذي يقع جنوب بطحاء قريش ، يشرف على مصانع زمزم للمكيّفات والثلج ، ويمتد غربا حتى اللجبة.

وسامي المنظر ، هو : قرن صغير يقال له اليوم (بريق المنظر) يتوسط مخطط الخياط على يمين الداخل إلى مكة من طريق الليث الجديدة ، قبل أن تصل إلى حلقة الخضار (سوق الخضار) بحوالى (٥٠٠) م. وقد بدأ صاحب المخطط بتكسيره وإزالته ، ولا أظن إلّا أنه سيزال بالمرّة.

(٤) جبل لبن يقال له اليوم (لبين) عنده حدّ الحرم الجنوبي. (وإضاءة لبن) يشرف عليها جبل (لبين) ويقال لها اليوم (العقيشيّة) وغالبها اليوم ملك للأستاذ عدنان بلغنيم. ولفظة (عقيشيّة) نسبة إلى رجل يقال له (ابن عقيش) كان يملك أضاة لبن في عهد الفاسي. وبعض أهل مكة يسميها اليوم (العكيشية) بالكاف.


السرد (١) : الجبل الذي بين الطلوب واللاحجة ، ويقال لرأسه : الميثب ، وفيه ردهة تمسك الماء يقال لها : النبعة.

اضاءة الحمام (٢) : عند الجبل الذي يقال له الحبشي ، يحبس الماء بين اضاءة لبن وبين الحبشي ، ومنها يمتدر الناس المدر الحرّ.

المروّح : موضع هناك ، قال الشاعر :

وذو المروّح أقفر من ضفيا

وبدّل بعد ساكنه الحماما

ومقابله شعب بني الحلاق

ذنب الطاوس : يقابل شعب بني الحلاق ، وفيه بئر عبد العزيز بن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة.

اللاحجة السلمات (٣) : وهي تصب على الأجنا ، يزعم آل خالد بن العاص أنها لهم ، وبها لهم ثلاثة آبار ، وقد اندفنت منها بئران.

اللاحجة الأخرى (٤) : الصخرة القائمة بين اللاحجة والفدفدة.

__________________

(١) جبل السرد : تحدّه بطحاء قريش شرقا ، وقوز الميثب فيه الطريق الدائري الثالث شمالا ، وسوق الخضار الجديد غربا ، وجنوبا مدخل بطحاء قريش من أسفل مكة الفاصل بينه وبين جبل الطلوب ، وهو جبل غير مأهول اليوم ، وهو من الجبال الكبيرة بمكة.

(٢) جبل حبشي : يسمّى اليوم (جبل الراقد) ويبعد عن مكة حوالي (١٣) كم على ما ذكر الأستاذ البلادي في كتاب أودية مكة ص : ١٠١ ، ووصفه بأنه جبل أسمر ذو خطوط بيض ، يمر طريق اليمن القديم قربه من الغرب ، ويصفق فيه سيل وادي عرنة ، وعنده توفي عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنهما ـ. قلت : وهو جبل مشهور عند أهل تلك الديار ، وسيل عرنة إنما يمرّ جنوبه ، وهو يشرف على العقيشيّة من الشرق.

(٣) اللاحجة السلمات : هي من كدي. وهو ما يسمّى الآن حي الهجرة. وأصلها بلاد كانت لعبيد الصمّاني ، وقد أصبحت الآن مخططا يمر فيها طريق كديّ المسمّى الآن الطريق الدائري الثالث لمكة المكرّمة. وهي شمال ثور. وفي حدّها الشرقي صخرة اللاحجة الأخرى.

(٤) اللاحجة الأخرى : طرف جبل المقنعة مما يلي شارع كدي ، وجبل المقنعة مطل على الفدفدة من الغرب ، وهو الذي على يمينك وأنت خارج من أنفاق المصافي ، وهذه الصخرة نهاية الجبل ، يمر طريق كدي من جانبها ، فهي شمال الطريق. ومحطة بنزين السرور جنوبي الطريق يفصل بينهما طريق كدي ، وقد أزيلت هذه الصخرة وجزء من الجبل الذي خلفها لاعداده أراضي للسكن لأنها لاصقة بشارع كدي المسمّى الآن الطريق الدائري الثالث لمكة المكرّمة.


قالت سرية بنت شبيب الجمحية / وكانت نازلة بذات الرّماض ، وجارتها فاطمة بنت المغيرة بن العاص نازلة على اللاحجة ، فقالت :

سرية سبيت اللواحج من منزل

ولا مثل جارك يا فاطمه

بدفع صيغ فويق المرار

فالدوح فالصخرة القائمه

قال : فأجابتها فاطمة :

إذا جئت حيّا بذات الرّماض

فابلغ سرية عن فاطمه

وقولا : فقد جاءني قولها

أيقظى تحدّثت أم نائمه

ذممت اللواحج فاستغفري

وتوبي إلى الله يا ظالمه

فلو بتّ في منزلي ليلة

تمنّيت أنك لي خادمه

بأبطح حلواج دمث الربا

بما شئت من دوحة ناعمه

وثمد : إلى جانبه. وهنالك صخرة يقال لها : صخرة الميثب (١).

غار بني الحلاق : موضع هنا لك.

وهذه المواضع كلها باللواحج يقرب بعضها من بعض.

وفي الرمضة موضع يقال له : النبعة وهي مياه يجتمع بعضها إلى بعض.

قال بعض الشعراء في هذه المواضع يذكرها :

يا صاح ما أطيب خمّا وثمد

وصخرة الميثب دمثا كالبرد

وغار حلاق فذاك المعتمد

وقال آخر :

في نبعة ونبعات

طابت وطاب ماؤها

__________________

(١) صخرة الميثب : هي الصخرة اللاصقة بجبل الميثب جنوبا ، وهذه الصخرة مشرفة على الميثب من الغرب وعلى المسفلة من الشرق.


وقال فيه شاعر آخر :

فلا تبرحن أكناف نبع مقيمة

إلى شرف في مشطة وتعطر

بئر خمّ (١) : قريبة من الميثب ، حفرها مرّة بن كعب بن لؤي. وكان الناس يأتون خمّا في الجاهلية والإسلام في الدهر الأول يتنزهون به ، ويكونون فيها.

٢٥١١ ـ حدّثنا محمد بن منصور ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : سمعت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ بخمّ يقول : «بكاء الحيّ على الميت عذاب للميت».

وفي خمّ يقول الراجز :

لا تستقى إلّا بخمّ والحفر

وكان ماء للمغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، على باب دار قيس بن الزبير عادية قديمة.

عدافة (٢) : الجبل الذي خلف المسروح ، من وراء الطلوب ، على طريق الحبشي.

المقنعة (٣) : الجبل الذي عند الطلوب باللاحجة ، من ظهر الدحضة وظهر أجياد الكبير إلى بيوت ابن رزق الله المخزومي.

__________________

٢٥١١ ـ إسناده حسن إلى ابن عمر.

(١) تقدّم التعريف بها وتحديد موضعها في مبحث آبار مكة.

(٢) عدافة : لم أستطع تحديد موضعه ، إلّا أن الطريق المؤدي إلى جبل حبشي هو درب اليمن القديم.

وعلى يسار الذاهب إلى حبشي سلسلة جبال ليست بالعالية فلعله أحد جبال هذه السلسلة.

(٣) المقنعة : الجبل الذي ذكرنا أن فيه (الجر والميزاب) وهو الجبل الذي يكون على يمينك وأنت خارج من أنفاق المصافي ، فهذا يكون في اللاحجة ، وهو في ظهر الدحضة ، ولكنه بعيد عن الطلوب نوعا ما ، وإذا علوته ترى الطلوب جنوبك.


وفي ناحية خمّ شعب يقال له شعب الناقة. وانما سمّي شعب الناقة لأن فيه صخرة من رآها ظن أنها ناقة باركة ، وهي من حجارة (١).

الفدفدة (٢) : بين مؤخر المفجر واللاحجة.

ذات اللها : تصب في الفدفدة.

ذو مراخ (٣) : بين مزدلفة وبين البركة ، ما كان لابراهيم بن هشام المخزومي ، وبين أرض ابن معمر.

وفيه يقول الحارث بن خالد المخزومي (٤) :

/ أحقّا أنّ جيرتنا استحبوا

حزون الأرض بالبلد السخاخ (٥)

على عقر الأباطح من [ثبير](٦)

إلى ثور فمدفع ذي مراخ

السلفين اليماني والشامي : [متنان](٧) بين اللاحجة وعرنة ، وله يقول الشاعر :

ألم [تسل] التناضب عن سليمى

تناضب مقطع السلف اليماني (٨)

__________________

(١) شعب الناقة لا زال على حاله ، وهو الذي يقابل محجر السيارات الغربي في كدي ، وهو على يسار الذاهب إلى جدة من الخط الدائري الثالث ، ويحدّه قوز الميتب من الشمال والغرب ، وجبل السرد من الجنوب والشرق ، وهو مأهول اليوم ، وفيه مسجد صغير ومساكن شعبية. أما الصخرة فلا زالت على حالها واضحة لمن تأملها.

(٢) الفدفدة : هو ذلك الشعب الذي يسيل من ظهر الدحضة ، والذي تقع فيه فوهة أنفاق المصافي من جهة ثور. وذات اللها : شعب على يسارك إذا خرجت من أنفاق المصافي ودخلت في الفدفدة.

(٣) هي الجبال التي يقال لها اليوم (المريخيّات) وهي وذات السليم الحدّ الجنوبي لمزدلفة.

(٤) ديوانه ص : ٥٠ نقلا عن الأغاني.

(٥) حزون الأرض : ما غلظ منها. والسخاخ : ما لان منها ، وما كان ترابها حرا.

(٦) سقطت من الأصل ، وألحقتها من الديوان.

(٧) في الأصل : (متيامنان) والتصويب من الأزرقي. أما السلف اليماني فهو المعروف اليوم ب (الحسينية) وهي بلاد زراعية خصبة غزيرة المياه. وأما السلف الشامي فهي تلك الأرض المنبسطة التي يقوم عليها حيّ العوالي وما والاه من الشمال إلى أن تصل إلى طريق كدي المتجه إلى عرفات ، فهذا كله السلف الشامي.

(٨) الأزرقي ٢ / ٢٩٣.


التناضب (١) : موضع فيه شجر ملتفّ أخضر ريان ، واحدة من هذا الشجر يقال له تنضبة ، وجماعة التناضب.

قال الأعشى (٢) يذكر امرأة :

[مليكيّة](٣) جاورت بالحجا

ز قوما عداة وأرضا شطيرا (٤)

بما قد تربّع روض القطا

وروض التناضب حتى تصيرا

يريد بقول : تصيرا : من النعمة والنضارة.

الضحاضح (٥) : وراء السلفين.

ذو السدير (٦) : من منقطع اللاحجة إلى المزدلفة.

ذات السليم (٧) : الجبل الذي بين مزدلفة وبين ذي مراخ.

الوتير (٨) : ماء بناحية ملكان ، على يوم من مكة ، في ناحية ملكان ،

__________________

(١) هي ما يسمّى اليوم (الطندباوي) وهو تحريف للفظة (التنضباوي) ، وهي الجهة الشرقية من شارع المنصور.

(٢) ديوان الأعشى الكبير ص : ٩٣ ضمن قصيدة طويلة.

(٣) في الأصل (مليلية) وهو تصحيف.

(٤) شطيرا أي بعيدا. اللسان ٤ / ٤٠٨. وقوله (تربع) أي : ترعى. (ومتى تصيرا) جوابه في البيت الذي بعده. راجع الديوان.

(٥) سيأتي التعريف بها.

(٦) هو المنطقة الممتدة من مزدلفة في الجنوب الغربي حتى جبل النسوة المعروف اليوم (بالمسخوطة) الذي بقربه مستشفى النور ، وهذه المنطقة جزء من المفجر ، لأن من عادة الفاكهي أن المنطقة إذا كانت واسعة أعطاها إسما مجملا ، ثم سمّى بقية أجزاءها على التفصيل.

(٧) هو الجبل الذي يحد مزدلفة من الجنوب ويكون على يمين السالك طريق ضب إلى عرفات.

(٨) قال الأستاذ البلادي في معجم معالم الحجاز ٩ / ١٢٠ : يعرف اليوم بالوتائر ، وقد يقال : الوتران : وهما شعبتان جنوب غربي مكة بطرف حدود الحرم ، تصب في العقيشيّة من الغرب تأتي من سود حمي ، ثم يذهب ماؤها إلى عرنة ، وهي في ديار خزاعة ، وتبعد عن مكة (١٦) كيلا ، وفيها الآن مساكن لخزاعة ومزارع. أه. قلت : ويعرفها جمع من خزاعة باسم (الوتير) أيضا ، وقد أوقفنا عليها الشيخ حسن بن سالم الخزاعي.


كان يعرف بخزاعة ، وعليه قتلتهم بنو بكر ، وفيه خرج المستنصر منهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يستنصره على بني بكر.

اضاءة النبط : بعرنة في الحرم (١) ، كان يعمل فيها نبط بعث بهم معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ يعملون الآجرّ لدوره بمكة ، فسميّت بهم. وفي عرنة يقول الحارث بن (٢) خالد المخزومي ، ويذكرها مع مواضع هناك :

عفت [عرفات] فالمصايف من هند

واقفر ما بين الجرير إلى المهدي

وغيّرها طول التقادم والبلا

فليست كما كانت تكون على عهدي

ومسكنها بالربع ربع عراعر

الى الهضبات القفر فالابلق الفرد

ثنية أم قردان (٣) : مشرفة على الصلا ، موضع بئر الأسود بن سفيان المخزومي.

يرمرم : أسفل من ذلك ، وفيها يقول الشاعر ـ رجل من أشجع ـ :

فإن يكن ظنّي صادقي لمحمد

تروا خيله بين الصلا ويرمرم

قرن ابن شهاب (٤) : وهو من بني ليث بن جندع ، وهو المشرف على

__________________

(١) أضاءة النبط : لا تعرف بهذا الإسم اليوم ، بل تقوم عليها قريه تعرف باسم (الهمدانية). وهي أرض مدرة طينية تقع إلى الغرب من طريق عرفات الدائري الخارجي ، وتكون على يسار النازل من عرفات على طريق المشاة. وانظر ملحق الصور.

(٢) هكذا نسبها الفاكهي للحارث المخزومي ، وقد وجدت البيتين الأولين في ديوان عمر بن أبي ربيعة ص : ١١٦. وجاء الشطر الثاني من البيت الأول في الديوان (فأوحش ما بين الجريبين فالنهد).

(٣) ثنية أم قردان : تقدّم الكلام عنها ، وقلنا لعلها ما يعرف اليوم ب (ريع القرادي) إلّا أنه لا يعرف الصلا اليوم ، ولا تعرف آبار للأسود هناك. والله أعلم.

(٤) قرن ابن شهاب : هذا القرن لاصق بجل الغرابات المشرف على بركة ماجل من الشرق ، وهو عند موضع البركة القديمة ، والذي عمل بجانبها موقف متعدّد الأدوار للسيارات تابع لأمانة العاصمة ، وقد أزيل جزء من هذا القرن لتوسعة الشارع المار بجانبه الموصل بين شارع المسيال وأسفل مكة عن طريق ما يسمّى (قهوة الخنكار).


ماجل ابن طارق. وطارق : من بني الحارث بن عبد مناة ، كان الحائط له ، فابتاعه منه معاوية ـ رضي الله عنه ـ. وعلى قرن بن شهاب بيوت ابن أبي خرزة ، حائط كان بمكة ، وكانت قبله لمسلمة بن الحارث مولى بني عامر بن لؤيّ.

قائد (١) : بين قرن ابن شهاب ، وبين ثنية آل زريق الدنيا ، وهي مجتمع الماء ، إذا جاء المطر.

وقائد : هو ثنية خمّ ، الثنية التي تهبط على صخرة لقمان ، في مؤخر أجياد الكبير.

والدحضة (٢) : بين بيوت بني خالد وبين بيوت سلمة بن ساسان.

/ ذات اللجب (٣) : ردهة أسفل اللاحجة ، تمسك الماء.

ذات ارحاء (٤) : بين الغرابات وبين ذات اللجب ، وهنالك بئر حفرها رجل من بني خزيمة.

__________________

(١) الذي يبدو من كلام الفاكهي أن اسم (قائد) يطلق على موضعين :

الأول : المنطقة المنخفضة التي تكون بين بركة ماجل وبن ثنية كدي.

الثاني : يطلق على ثنية كدي نفسها ، إذ هي (ثنية خم) التي تكون في مؤخر أجياد الكبير ، وهي الهابطة من المسفلة على بئر خمّ.

(٢) الدحضة : هي الشعاب الواقعة على يسارك وأنت خارج من أجياد عند ملتقى شارع أنفاق الملك وشارع بخش ، وهناك شعب خم وبئر خمّ ، وهذه الشعاب متداخلة يحدّها غربا حجز السيارات الشرقي ، وجنوبا الخط الدائري الثالث ، وقد غمر العمران أجزاء منها.

(٣) تعرف اليوم ب (اللجبة) وهي خلف بطحاء قريش جنوبا ، والأصح خلف جبل الطلوب الذي عنده مصانع باقادر للمكيفات والثلج ، ولها مدخل من بطحاء قريش ، ومدخل آخر من العقيشيّة ، ويحدّها جبل الراقد من الجنوب ، وجبل الطلوب من الشمال.

(٤) ذات أرحاء : من المسفلة ، وهي المنطقة الواقعة غرب جبل السرد لأنه الفاصل بين الغرابات وبين ذات اللجب ، ومبدؤها بعد انتهاء قوز النكاسة عند صخرة الميثب ، وتمتد إلى الجنوب ، وفيها الآن سوق الخضار واللحوم الجديد لمكة المكرّمة.


النسوة (١) : أحجار تطؤها في محجة مكة إلى عرفة ، يفرع عليها سيل القفيلة من ثور.

يقال : إنّ امرأة فجرت ، فحملت فلما دنا ولادها خرجت حتى جاءت ذلك الموضع ، فلما حضرتها الولادة قبّلتها امرأة ، فكانت خلف ظهرها امرأة أخرى ، فيقال ـ والله أعلم ـ إنهن مسخن جميعا في ذلك الموضع ، فهي تلك الحجارة.

القفيلة (٢) : قيعة تمسك الماء عند موضع النسوة ، وهي من حد ثور.

ثور (٣) : جبل بأسفل مكة ، وهو الغار الذي كان فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ مختبئين.

شعب [البانة](٤) : شعب في ثور ، وهو الذي يقول فيه الهذلي :

أفي الآيات والدمن المنول

بمفضى سيل بانة فالغليل

الرمضة (٥) : موضع بأسفل مكة هنالك ، كثيب عليه بيوت لناس من بني مخزوم ، وبني جمح ، وفي ظهر الكثيب شعب لعمرو بن عبد الله بن صفوان الجمحي.

__________________

(١) جبل النسوة : يعرف اليوم ب (المسخوطة) ولا زالت الأحجار التي ذكرها الفاكهي قائمة على رأس الجبل إلى اليوم ، وهي على طريق اللاحجة (طريق كديّ الجنوبي) من سلكه يريد عرفة تكون على يمينه بعد محطة البنزين ، وقبل مستشفى النور ، وتقابل فوهة أنفاق المصافي من جهة ثور.

(٢) هذه القيعة لا زالت على حالها ، وقد أخذ جزءا منها طريق اللاحجة وهي عند ملتقى سيل الفدفدة (طريق أنفاق المصافي) بجبل النسوة ، إلّا أنه في أيام كتابة هذه التعليقات ردم بعضها بأتربة تأتي بها شاحنات لتخطيطها منطقة سكنية.

(٣) جبل مشهور جدا.

(٤) في الأصل (الباز) والتصويب من الأزرقي ، وكلاهما لم يحدّده.

والشعاب النازلة من ثور أكثر من واحد ، وقد عرفنا منها : (ذات الرماض) الذي يتجه غربا ، والشعاب التي تتجه شمالا هناك شعب على يمينك وأنت متجه إلى مزدلفة من كدي عالق شمالا في جبل ثور فيه مدخل ثان لجبل ثور صعدت منه مرة إلى جبل ثور سنة ١٣٩٦ ه‍ ، يقع بين محطة البنزين المسماة محطة السرور وجبل النسوة المعروف بالمسخوطة قبل مستشفى النور.

(٥) الرمضة : هي ما يسمّى اليوم (قوز النكاسة) وقد سبق وصفه.


الضحاضح (١) : ثنية كرز من وراء السلفين ، تصب في النبعة ، بعضها في الحل ، وبعضها في الحرم.

الحبشي (٢) : جبل بأسفل مكة ، خلف الطلوب ، كان الناس يأتونه في الزمن الأول ، وفيه مات عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق ـ رضي الله عنهما ـ.

٢٥١٢ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، وعبد الجبار بن العلاء ، قالا : ثنا سفيان ، عن منصور الحجبي ، عن أمه ، قالت : ذهبت إلى عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم ـ رضي الله عنها ـ أعزيها بأخيها عبد الرحمن بن أبي بكر ـ رضي الله عنهم ـ ومات بالحبشي جبل بأسفل مكة ، فنقل إلى مكة فقالت ـ رضي الله عنها ـ : يرحم الله أخي ، ما من أمره شىء آسى عليه إلّا أنه لم يدفن حيث مات.

٢٥١٣ ـ وحدّثنا محمد بن عبد الله المقريء ، وسعيد بن عبد الرحمن ، يزيد أحدهما على صاحبه ، قالا : ثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي

__________________

٢٥١٢ ـ إسناده صحيح.

منصور ، هو : ابن عبد الرحمن بن طلحة الحجبي ، وأمه : صفية بنت شيبة.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٥١٧ عن ابن جريج ، عن منصور ، به.

٢٥١٣ ـ إسناده صحيح. تقدّم برقم (٢٣٧١).

(١) الضحاضح : هي (ثنية ابن كرز) هكذا قال الأزرقي. ولم يتبيّن لي وجه الصواب هل هي ثنية (ابن كرز) أم (ثنية كرز) إذ لم أعرف لمن منهما تنسب هذه الثنية. ويطلق اليوم على هذه الثنية (ريع مهجرة) أو (ريع مبعّر) وهي ثنية تنحصر بين جبل الخاصرة وبين جبل المظالف. وهي إحدى منافذ أهل اليمن إلى مكة ، وكانت طريقا مشهورا ، وقد وجدت عليها أنصاب الحرم. وقول الفاكهي (بعضها في الحل وبعضها في الحرم) يريد هذه الثنية ، لا شعب نبعة ، لأن شعب نبعة الذي يقال له اليوم (فجّ مهجرة) كله في الحل. وما سال من هذه الثنية شرقا على الحسينية فهو حرم ، وما سال منها غربا على فجّ مهجرة فهو حل. وانظر ملحق الصور ، وكتابنا عن حدود الحرم الشريف.

(٢) سبق التعريف به ، وهو الذي يسمّى اليوم (الراقد).


مليكة ، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ ، أنها كانت إذا قدمت مكة جاءت إلى قبر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ فسلمت عليه.

وزاد غيرهما في هذا الحديث ثم تقول :

وكنا كندماني جذيمة حقبة

من الدهر حتى قيل لن يتصدّعا

فلمّا تفرّقنا كأني ومالكا

لطول اجتماع لم نبت ليلة معا (١)

ثم تقول : يرحمك الله يا أخي ، أما والله لو شهدتك ما زرتك ، ولو حضرتك لدفنتك حيث مت.

الغراب (٢) : جبل بأسفل مكة بعضه في الحل ، وبعضه في الحرم. وقد زعم بعض أهل مكة أن النبعة تصب في أصل غراب.

__________________

(١) قائل هذا الشعر هو : متمم بن نويرة اليربوعي التميمي ، وهو صحابي من أشراف قومه ، وكان شاعرا فحلا ، توفي في حدود سنة (٣٠). وهذا الشعر في قصيدة من أشهر مراثي العرب ، قالها في أخيه مالك بن نويرة الذي قتله خالد بن الوليد في حروب الردة. أنظر معجم الشعراء ص : ٤٣٢ ، والأغاني ١٥ / ٣٠٨ ، والإصابة ٣ / ٣٤٠.

وجذيمة هو : ابن مالك بن فهم التنوخي القضاعي الأبرش ، جاهلي أحد ملوك قضاعة بالحيرة ، قتلته الزبّاء ، بثأر أبيها ، أنظر نهاية الأرب ١٥ / ٣١٦. و (ندمانا جذيمة) هما مالك بن فارج التغلبي ، وأخوه عقيل. أنظر الأغاني ، وعيون الأخبار ١ / ٢٧٤.

(٢) جبل غراب : قال الأستاذ البلادي في معالم مكة التاريخية ص : ٢٠٢ : يعرف اليوم ب (سود حميّ) سلسلة سوداء جنوب غربي مكة ، ماؤها في وادي عرنة ، تسيل الوتائر منها إلى ما كان يعرف ب (أضاءة لبن) من حدود الحرم تبعد (١٦) كيلا من المسجد الحرام. اه وفي ذلك بعد عندي. لأن (غرابا) المقصود هنا هو ذلك الجبل الذي يشرف على طريق اليمن القديم ، ويراه من سلك هذا الطريق ، ثم إنه مذكور في حدود الحرم. و (سود حميّ) لا يقع على طريق اليمن ، ولا يراه سالك هذا الدرب ، وهو خارج حدود الحرم بالاتفاق ، بل إن الوتير الذي يسيل من سود حمي ليس في الحرم ، فكيف بسود حميّ؟ إذن المقصود بجبل غراب هنا جبل آخر ، كبير بحيث يقع نصفه الجنوبي في الحل ، ونصفه الشمالي في الحرم. وقد جبت تلك المنطقة التي يمكن أن يقع فيها جبل غراب أكثر من مرّة ، مستصحبا معي أهل الخبرة من هذيل (دعد) وخزاعة ، والجحادلة ، وسألت عنه الشريف محمد بن فوزان الحارثي ـ رحمه الله ـ والشريف شاكر بن هزّاع ، وقد اختلفت فيه أقوالهم ولم يجمعوا على جبل بعينه. وسبب هذا الاختلاف هو وجود عدّة جبال في تلك المنطقة سوداء ، ويطلق على كل منها اسم (غراب) بسبب ذلك السواد.

وليس لدي من دليل على غراب بعد ذلك سوى وجود أنصاب الحرم فوقه ، وعندما ارتقيت


/ ذكر

حدود مسفلة مكة الشامية ، وما يعرف فيها من الأسماء

والمواضع والجبال ، فيما أحاط به الحرم

الحزورة (١) : وهي سوق مكة القديم. كان بفناء دار أم هانئ بنت أبي طالب ـ رضي الله عنها ـ التي عند الخيّاطين ، فدخلت في المسجد الحرام ، كانت في أصل المنارة هلم جرّا إلى الحثمة. والحزاور والجباجب : الأسواق.

وقال بعض المكيّين : بل كانت الحزورة : في موضع السقاية التي عملت الخيزران بفناء دار الأرقم. وقالوا : بل بحذاء الردم في الوادي. فأما الصحيح من ذلك المشهور عند أهل مكة : فإنها عند الخياطين. ولا أعلم أني سمعت ابن أبي عمر يقول ذلك. وزعم سفيان بن عيينة أن الحزورة دخلت في المسجد الحرام.

وفي الحزورة يقول الجرهميّ :

وبدّلها قوما اشحا أشدة

على ما هم يشرونه بالحزاور (٢)

٢٥١٤ ـ حدّثني حسين بن حسن ، قال : ثنا حجاج بن أبي منيع ، عن

__________________

٢٥١٤ ـ إسناده حسن.

جدّ حجاج ، هو : عبد الله بن أبي زياد الرصافي.

الجبل الأسود الذي يشكل الرأس الغربي لجبل الخاصرة ، والذي يقع بين مسيل فج مهجرة من الجنوب وبين وادي عرنة من الشمال ، وجدت أنصاب الحرم على هذا الجبل الأسود القاتم ، ويبعد هذا الجبل عن مسيل فج مهجرة (٣٠٠) م فقط ، ففج مهجرة يسيل أسفل منه ، وعليه ففج مهجرة هو نبعة ، وثنية ابن كرز التي تسيل على نبعة هي (ثنية مهجرة) والله أعلم.

(١) الحزورة : دخلت في المسجد الحرام على الصحيح ، وكانت في جهة باب (أم هانيء) وجهة (السوق الصغير).

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٩٥ ، وأوله : وبداها قوم أشحا ... الخ.


جده ، عن الزهري ، قال : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، قال : إنّ عبد الله بن عدي بن الحمراء ـ رضي الله عنه ـ أخبره ، أنه رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم واقفا بالحزورة من مكة ، وهو يقول : «أما والله اني لأعلم أنك خير أرض الله ، وأحب أرض الله إلى الله ، ولو لا أني أخرجت منك ما خرجت».

والحزورة : كانت سوق مكة القديم ، وكان فيه مجتمع الناس للبيع والشراء ، وعندها كانت دار أم هانئ بنت أبي طالب ـ رضي الله عنها ـ (١).

٢٥١٥ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن مسعر ، عن رجل ، عن يحيى بن جعدة ، عن أم هانئ بنت أبي طالب ـ رضي الله عنها ـ ، قالت : كنت أتسمع قراءة النبي صلّى الله عليه وسلم وأنا نائمة على عريش أهلي.

الحثمة (٢) : بأسفل مكة ، صخرات في ربع عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وقال بعض أهل مكة : لا بل كانت عند دار رويس ، بأسفل مكة على باب دار يسار مولى بني أسد بن عبد العزى. والأول أشهر عند المكيين أنها في ربع عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ.

__________________

رواه أحمد ٤ / ٣٠٥ ، والترمذي ١٣ / ٢٨٠ ، وابن ماجه ٢ / ١٠٣٧ ، والحاكم ٣ / ١٧ كلهم من طريق الزهري ، به. ورواه عبد الرزاق ٥ / ٢٧ ، والأزرقي ٢ / ١٥٦ كلاهما عن أبي سلمة مرسلا. وانظر شفاء الغرام ١ / ٧٤ ـ ٧٥.

٢٥١٥ ـ في إسناده رجل مبهم.

رواه النسائي ٢ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ، وابن ماجه ١ / ٤٢٩ بإسنادهما إلى وكيع ، عن مسعر ، عن أبي العلاء (وهو : هلال بن خباب) عن يحيى ، به.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٩٤.

(٢) الحثمة : لم يعد لها وجود اليوم ، فتلك الصخرات كانت في ربع عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وربع عمر كان عند الجبل المسمّى اليوم (جبل عمر) ، وقد نحت منه الكثير لتوسعات شتى في الطرق والدور.


٢٥١٦ ـ حدّثنا عبد الجبار بن العلاء ، ومحمد بن عبد الملك الواسطي ، قالا : ثنا يزيد بن هارون ، عن سفيان بن حسين ، عن يعلى بن مسلم ، عن مجاهد ، قال : قرأ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ على المنبر (جَنَّاتِ عَدْنٍ) فقال : أيها الناس أتدرون ما جنات عدن؟ قصر في الجنة ، له خمسة آلاف باب ، على كل باب خمس وعشرون ألفا من الحور العين ، لا يدخله إلّا نبي ، وهنيئا لصاحب القبر ، وأشار إلى قبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، أو صدّيق ، وهنيئا لأبي بكر ـ رضي الله عنه ، أو شهيد ، وأنّى لعمر الشهادة ، وإن الذي أخرجني من منزلي بالحثمة قادر على أن يسوقها إليّ. وزاد محمد بن عبد الملك في حديثه ، قال : يزيد بن هارون : قال سفيان بن حسين : الحثمة : منزله بمكة.

وفي الحثمة يقول المهاجر بن خالد بن الوليد بن المغيرة :

لنساء بين الحجون إلى الحث

مة في ليال مقمرات وشرق

/ ساكنات البطاح أشهى إلى القل

ب من الساكنات دور دمشق (١)

وفي الحثمة ولد عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ.

٢٥١٧ ـ حدّثني أبو زرعة الجرجاني ، قال : ثنا عبد الرحمن السكّري ، قال : ثنا سفيان بن عيينة ، قال : سمعت عمرا بن دينار ، أو سمعت في مجلس

__________________

٢٥١٦ ـ إسناده منقطع.

مجاهد لم يدرك عمر ـ رضي الله عنه ـ.

ذكره البكري في معجمه ٢ / ٤٢٥ ، والسيوطي في الدر المنثور ٤ / ٥٧ ، وعزاه لابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد ، به.

٢٥١٧ ـ إسناده منقطع.

ذكره ابن حجر في الإصابة ٣ / ٣ وعزاه للبيهقي بسند منقطع.

(١) البيتان في الأزرقي ٢ / ٢٩٥ ، ومعجم البكري ٢ / ٤٢٥ ـ ٤٢٦ ، وياقوت ٢ / ٢١٨.


عمرو بن دينار ، قال : قال عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ : بينا أنا بالحثمة إذ سمعت صارخا من دار الخطاب. قال : فقلت ما هذا؟ قالوا : [.....](١) للخطاب مولودا ـ يعني : عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ.

٢٥١٨ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : كان الحارث بن خالد خطب في مقدمه دمشق عمرة بنت النعمان بن بشير بن سعد الأنصارية ، فقالت :

كهول دمشق وشبّانها

أحبّ إلي من الجاليه

لهم ذفر كصنان التيوس

أعيا على المسك والغاليه

فقال الحارث بن خالد يجيبها :

ساكنات العقيق أشهى إلى النف

س من الساكنات [دور دمشق [(٢)

يتضوّعن إن تطيبن بالمس

ك صنانا كأنّه ريح [مرق](٣)

٢٥١٩ ـ وحدّثنا الزبير أيضا قال : وهي ـ يعني : هذه الأبيات ـ للمهاجر ابن خالد. وقال : لنساء بين الحجون إلى الحثمة ....

والحثمة : صخرات مشرفات في ربع عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ الطويل المشرف عليه اسمه : العاقر وفيه يقول الشاعر :

هيهات منها ان الم خيالها

سلمى اذا نزلت بسفح العاقر(٤)

__________________

٢٥١٨ ـ ذكره الفاسي في العقد الثمين ٤ / ١٢ نقلا عن الزبير بن بكار ، وذكر ابن منظور في اللسان ١٠ / ٣٤٠ أبيات الحارث بن خالد فقط.

٢٥١٩ ـ نقله الفاسي في العقد الثمين ٤ / ١٢.

(١) في الأصل كلمة غير واضحة.

(٢) في الأصل (العقيق) ، والتصويب من العقد واللسان.

(٣) في الأصل (مشرق) وهو خطأ صوبته من المصدرين السابقين.

والمرق : الإهاب المنتن ، كما في اللسان.

(٤) البيت في الأزرقي ٢ / ٢٩٢.


زقاق النار (١) : بأسفل مكة مما يلي دار بشر بن فاتك الخزاعي. وانما سمّي زقاق النار زعموا لما كان يكون به من الشرور.

بيت الأزلام : [لمقيس](٢) بن عبد قيس السهمي. ويقال : مقيس بن صبابة العامري.

وكان بالحثمة التي تلي دار رويس في مبطح السيل بأسفل مكة. صار اليوم لجعفر بن سليمان بن علي.

شعب الليل (٣) : الذي فيه المجزرة بأسفل مكة ، وبين يديه دار الورّاقين التي يقال لها : دار مصر.

جبل زرزر (٤) : الجبل المشرف على دار يزيد بن منصور الحميري ، خال المهدي بالسويقة ، على حق آل نبيه بن الحجّاج السهمي. وكان يسمّى في الجاهلية القائم.

وزرزر كان بمكة فيما ذكروا [حائكا](٥) ، كان أول من بنى فيه ، فنسب

__________________

(١) ذكره الأزرقي ٢ / ٢٩٥ ، ولا يعرف اليوم. وهو خلاف زقاق النار الذي ورد ذكره عند ذكر جبل تفاحة ، لأن ذلك في شعق معلاة مكة الشامي. وهذا في شق مسفلة الشامي والذي يظهر من ترتيب الفاكهي أن هذا الزقاق هو المعروف اليوم بزقاق السقيفة الواقع بين شارع الهجلة وشارع المسيال.

(٢) في الأصل (قيس) وهو خطأ ، صوابه من المنمّق ص : ٥٤ وذكره الأزرقي ٢ / ٢٩٥ ، و (مبطح السيل) يعرف اليوم ب (المسيال). وهو الطريق الموصل إلى أسفل مكة من الحرم تحت جبل القلعة من جهة الغرب.

(٣) شعب الليل ، لم يحدده الفاكهي ، ولم أعرف موضعه. وقد ذكر الفاكهي ثلاثة مواضع يعمل فيها جزّار ومكة ، شعب الليل أحدهما ، وثانيها (شعب البين) في المسفلة اليمانية ، وقد تقدم ، وشعب (أبي دب) دحلة الجن في معلاة مكة : و (دار مصر) لم يتحدد لي موضعها إلّا أنها في الشبيكة في رباع بني جمح ، فقد يكون شعب الليل أحد الشعاب التي تسيل على الشبيكة من قعيقعان ، والله أعلم.

(٤) جبل زرزر : هو الجبل الذي يكون على يمينك إذا هبطت من الفلق تريد الحرم ، وقد نجرت حافته فأصبحت امتدادا للطريق الذي يصل بين الشبيكة والفلق. وأقيم على بعض حافته أيضا متاجر وفنادق ، أشهرها فندق مكة.

(٥) في الأصل (حائطا) والتصويب من الأزرقي.


الجبل إليه وهو مولى لبني سهم ، ويقال : مولى لآل جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ.

٢٥٢٠ ـ حدّثنا ابن [إدريس](١) قال : ثنا الحميدي ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثنا زرزر ـ مولى آل جبير بن مطعم.

وقد روى عنه سفيان حديثين.

٢٥٢١ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، وعبد الجبار ، قالا : ثنا سفيان ، عن زرزر ، قال : سألت عطاء : أنسلّم على النساء؟ فقال : إن كن شوابّا فلا.

قال (٢) : وسألت عطاء : عن الرجل يقرأ القرآن فيخرج منه الريح ، قال : يمسك عن القراءة حتى يذهب.

جبل النار (٣) : الذي يلي جبل زرزر ، وإنما سمي جبل النار أنه كان أصاب أهله حريق متوال.

/ جبل أبي يزيد (٤) : الجبل الذي يصل جبل زرزر مشرفا على حق آل عمرو بن عثمان ، الذي عند زقاق مهر. ومهر : انسان معلم كتّاب فيما يزعمون.

وأبو يزيد : رجل من أهل سواد الكوفة ، زعم المكيون أنه كان أميرا على

__________________

٢٥٢٠ ـ زرزر بن صهيب ، من أهل شرجة ، مولى لآل جبير بن مطعم ، سمع عطاء بن أبي رباح ، روى عنه ابن عيينة ، وقال : كان رجلا صالحا. قال ابن معين : ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات ٦ / ٣٤٨. انظر التاريخ الكبير ٣ / ٤٥٠ ـ ٤٥١ والجرح والتعديل ٣ / ٦٢٣ ـ ٦٢٤ ، ومعجم البلدان ٣ / ٣٣٤.

٢٥٢١ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ٨ / ٦٣٥ عن ابن عيينة ، به.

(١) في الأصل (ابن أبي ادريس) وهو خطأ.

(٢) رواه عبد الرزاق ١ / ٣٤١ عن ابن عيينة ، به.

(٣) جبل النار : هو الجبل اللاصق بجبل زرزر. مما يلي مدخل حارة الباب.

(٤) لم أعرفه ، لأن زقاق مهر لم يتبين لي موضعه.


[الحاكة](١) بمكة. بل كان أول من بنى فيه فنسب إليه. وهو يتوالى آل هشام ابن المغيرة.

جبل عمر (٢) : المشرف على حق آل عمر ، وحق آل مطيع بن الأسود ، وحق آل كثير بن الصّلت الكندي ، وينسب اليوم إلى عمر. وكان هذا الجبل يدعى في الجاهلية : ذا أعاصير. وكان بعض أهل مكة يقول : كان يدعى : الفسطاط ، لأنه منبسط. وهو علامة للمكيين في قديم الدهر لصلاة السبحة (٣) ، إذا وقعت الشمس عليه صلوا السبحة.

٢٥٢٢ ـ فحدّثني عبد الله بن أحمد ، قال : حدّثني يوسف بن محمد ، عن سفيان بن عيينة ، عن عبد الكريم بن أبي أمية ، قال : كان من تعرف ـ قال : أبو يحيى : ـ يعني : عطاء ومجاهدا ـ يقولون ، أو يصلون السبحة إذا وقعت الشمس على جبل عمر.

جبال الإذخر (٤) : التي تلي جبل عمر ، تشرف على وادي مكة بالمسفلة ، وكانت تسمى في الجاهلية : الهديات (٥) ، وكانت تسمى : الأعصار (٦).

الحزنة (٧) : الثنية التي تهبط من حق آل عمر ، ومطيع بن الأسود ، ودار

__________________

٢٥٢٢ ـ إسناده ضعيف.

(١) في الأصل (حالة) والتصويب من الأزرقي.

(٢) جبل عمر : لا يزال يعرف بهذا الإسم إلى اليوم. على يسارك وأنت خارج من الحرم متجها إلى جدّة من ريع الحفائر ، لاصق بريع الحفائر.

(٣) أي : صلاة الضحى.

(٤) في الأزرقي (جبل الأذاخر) ويفهم من كلام الفاكهي أنه الجبل اللاصق بجبل عمر يمتد نحو المسفلة ، وهو الجبل المشرف على أول الهجلة ، ويعرف الآن بجبل عمر لأنه امتداد له.

(٥) في الأزرقي (المذهبات).

(٦) في الأزرقي (الأعصاد) بالدال.

(٧) الحزنة : هو ريع الحفاير الذي يهبط على حي الطندباوي (التنضب) والممادر هي : الحفاير.


كثير بن الصلت الكندي إلى الممادر [وبئر](١) بكّار. وهي ثنية قد ضرب فيها ، وفلق الجبل ، فصار فلقا في الجبل يسلك فيه إلى الممادر. ويقال : إنّ يحيى بن خالد بن برمك هو الذي ضرب فيها ، يختصر منها إلى عين كان أجراها في المغش من فخّ وعمل هناك بستانا.

شعب أرني (٢) : بالثنية في حق آل الأسود ، ويقال : إنّ ارني مولى لحفصة بنت عمر أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ. وقالوا : بل كان فيها فواجر في الجاهلية ، فكان إذا دخل عليهن انسان قلن : ارني ، أرني ـ يقلن : اعطني ـ فسمّي : شعب ارني. والقول الأول أعجب إلى أهل مكة ، أن يكون لارني مولى حفصة بنت عمر ـ رضي الله عنهما ـ.

وفي شعب ارني يقول الشاعر :

إنّي أعوذ بربّ البيت مجتهدا

وربّ مكة ذي الآلاء والنعم

يا أهل مكة من ظبي كلفت به

بشعب يرني لا يأوي لمن يهم

٢٥٢٣ ـ حدّثنا أبو بشر ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي.

٢٥٢٤ ـ وحدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد الله بن الوليد ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، قال : كن نساء بمكة يقال لهن : القالقيات فنهوا عنهن.

__________________

٢٥٢٣ ـ إسناده حسن.

٢٥٢٤ ـ إسناده صحيح إلى سلمة.

(١) في الأصل (ثبير) وهو خطأ صوبته من الأزرقي ، وانظر مباحث الآبار فيما تقدم.

(٢) لعله الشعب اللاصق بمقبرة الشبيكة من الشمال ، والذي فيه المدرسة الصولتيّة اليوم ، فهو بالثنية ، وهذه من رباع بني عدي بن كعب ، ويقال لهذا الشعب اليوم (الخندريسة).


ثنية كدى (١) : التي يهبط منها إلى ذي طوى ، وهي التي دخل منها قيس ابن سعد بن عبادة ـ رضي الله عنه ـ يوم الفتح ، وخرج منها رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى المدينة.

٢٥٢٥ ـ حدّثنا عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا ابراهيم بن عمرو بن [أبي](٢) صالح ، قال : أخبرني القاسم بن عبد الله ، عن [عبد الله](٣) بن دينار ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يدخل من ثنية كداء ، ويخرج من ثنية كدى ـ قلت : أين كداء؟ قال / ثنية المدنيّين. وثنيّة كدى هذه الأخرى. وعلى كدى بيوت يوسف بن يعقوب الشافعي ، ودار أبي طرفة الهذليين التي يقال لها : دار الأراكة فيها اراكة خارجة من الدار في الطريق. وهو الجبل الذي على طريق التنعيم ، وهو بذي طوى.

٢٥٢٦ ـ حدّثنا عبد السلام بن عاصم ، قال : ثنا أبو زهير ، عن محمد بن اسحق ، عن نافع ، قال : إنّ ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ كان إذا قدم

__________________

٢٥٢٥ ـ إسناده متروك.

القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب متروك ، ورماه أحمد بالكذب. التقريب ٢ / ١١٨.

٢٥٢٦ ـ إسناده حسن.

رواه مالك في الموطأ ٢ / ٢٢٦ عن نافع ، عن ابن عمر ، ورواه ابن أبي شيبة ٤ / ٧٥ من طريق : يحيى بن سعيد ، عن نافع ، به. وذو طوى : يسمّى اليوم (جرول) فيه بئر قديمة لا زالت تجود بالماء العذب ، وهذه البئر يقال لها (بئر طوى).

(١) تعرف اليوم ب (ريع الرسّام) ، سمّيت بذلك لأن الذي يأخذ الرسم الضريبة على القادم من جدّة يقعد هناك ، فسمّي الريع به.

(٢) سقطت من الأصل.

(٣) في الأصل (عبيد الله) وهو خطأ.


مكة نزل بذي طوى ، فإذا أصبح اغتسل هو وأصحابه يأمرهم بذلك ، ثم يدخل مكة فيستلم الحجر ثم يطوف بالبيت.

وفي ذي طوى يقول الشاعر :

إذا جئت أقصى ذي طوى وشعبه

فقل لهما : جاد الربيع عليكما

وقل لهما : ليت الركاب التي مضت

إلى أهل سلع قد رجعن إليكما

وقال شاعر يذكرهم أيضا :

سقا واسطا فالمنحنى من أراكة

مصيفا بأعلى ذي طوى ومربّعا

الأبيض (١) : الجبل المشرف على كدى على شعب أرني على يسار الخارج من مكة.

قرن أبي الأشعث (٢) : وهو الجبل المشرف على كدى يمين الخارج من مكة ، وهو من جبل الأحمر.

وأبو الأشعث رجل من بني أسد بن خزيمة يقال له : كثير بن عبد الله بن بشر.

بطن ذي طوى (٣) : ما بين مهبط ثنية المقبرة التي بالمعلاة إلى الثنية القصوى التي يقال لها : الخضراء ، تهبط على قبور المهاجرين دون فخّ.

بطن مكة (٤) : مما يلي ذي طوى ، ما بين الثنية البيضاء التي تسلك إلى التنعيم إلى ثنية الحصحاص التي بين ذي طوى وبين الحصحاص.

__________________

(١) لا يعرف اليوم بهذا الاسم ، وهو الجبل المشرف على الخندريسة ، وهو الجزء الشمالي من جبل الكعبة.

(٢) هو الجبل الذي يكون على يمينك وأنت خارج من ريع الرسام في حارة الباب ، وهذا الجبل يفصل بين حارة الباب والقرارة.

(٣) يسمّى اليوم العتيبيّة. والثنية الخضراء هي (ريع الكحل) وقبور المهاجرين على يمينك إذا هبطت من ريع الكحل.

(٤) الثنية البيضاء : هي الثنية التي تؤدي بك إلى التنعيم ، بينها وبين مسجد عائشة ما يقارب الكيلو الواحد. وثنية الحصحاص هو الريع الذي على يمينك وأنت متوجه إلى الشهداء بعد أن تجعل ريع


المقلع (١) : الجبل الذي بأسفل الحصحاص عن يمين الخارج إلى المدينة. وعليه بيت لعبد الله بن يزيد مولى السري بن علي ، وهو يطل على الحصحاص بين يديه حجارة كثيرة كبار ، يقال : إنه بكى على النبي صلّى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة ، والله أعلم.

فخّ (٢) : الوادي الذي بأصل ثنية البيضاء إلى بلدح ، وهو الوادي تطؤه [في طريق جدّة على يسار ذي طوى](٣).

٢٥٢٧ ـ حدّثنا ابن أبي مسرّة قال : ثنا ابراهيم بن عمرو ، قال : أخبرني القاسم بن عبد الله ، عن عبيد الله بن عمر (٤) قال : خرجت مع أبي ، وسالم ابن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ حتى إذا كنا بفخّ ، دخلنا فاغتسلنا.

٢٥٢٨ ـ وحدّثني ميمون بن أبي محمد ، قال : ثنا محمد بن اسماعيل ، قال : ثنا رجل من أهل البادية ، قال : إنّي لفي واد من الأودية ونحن ننتظر

__________________

٢٥٢٧ ـ إسناده متروك.

تقدم برقم (٢٤٥٤).

٢٥٢٨ ـ ذكره ياقوت ١ / ٤٨١ ، ولفظه :

ألا يا لقوم للسواد المصبّح

ومقتل أولاد النبيّ ببلدح

الكحل في ظهرك ، وهذا الريع يهبط بك إلى اللصوص قادما من الشهداء. ويقع هذا الريع في جبل الحصحاص ، بل ان جبل الحصحاص ينحصر بين ريع الكحل ، وريع الحصحاص هذا. فهذه الفسحة العريضة وما تضم من حي الزاهر والشهداء كلها هي : بطن مكة.

(١) يعرف اليوم ب (البكّاء) وهو على يمينك إذا دخلت منطقة أبي لهب تريد الشهداء.

(٢) فخ : تقدم أن صدره هو (شعب بني عبد الله) وشعب بني عبد الله ينتهي بالمحدث (أسواق الدّواس) اليوم ، وعند ملتقى أذاخر الشامي بشعب بني عبد الله يسمّى الوادي فخا إلى أن يصل إلى الثنية البيضاء ، فيطلق عليه بعد الثنية البيضاء (بلدح) ويقال له اليوم (الزاهر) فإذا تجاوز الزاهر أطلق عليه (أم الدود) وعلى ذلك : ففخّ تطأه وأنت ذاهب إلى المدينة ، وبلدح تطأه وأنت ذاهب إلى جدة.

(٣) سقطت من الأصل وألحقتها من الأزرقي.

(٤) في الأصل (رضي الله عنهما).


السائق في غدنا ، ونقدّر له الدخول إذ سمعنا صوتا بالليلة وهو يقول :

وإنّا لحيّان وإنّا لجيرة

ومصرع أولاد الرسول ببلدح

فقلنا : حدث والله بمكة حدث. فلمّا أصبحنا لم ننشب أن طلع سائقنا ، فقلنا : ويحك أيّ شيء تحدّثنا؟ قال : الشرّ ، قتل الناس بفخّ ، وأخبر الخبر.

٢٥٢٩ ـ وحدّثني أبو سعيد عبد الله بن شبيب الربعي / قال : حدّثني هارون ابن صالح الطلحي ، قال : ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم اغتسل ـ أظنّه قال : بفخّ لدخوله مكة.

قال ابن نمير الثقفي يذكر نسوة رآهنّ بفخّ رائحات :

مررن بفخّ رائحات عشيّة

يلبيّن للرحمن معتمرات

وقال شاعر يذكر [فخّا] أيضا وجوار رآهنّ فيما هنالك :

ماذا بفخّ من الإشراق والطيب

ومن جوار تقيّات رعابيب

٢٥٣٠ ـ حدّثني أبو العباس الكديمي ، قال : حدّثنا محمد بن يزيد بن خنيس ، قال : ثنا وهيب بن الورد ، قال : كان ابراهيم خليل الرحمن ـ عليه الصلاة والسلام ـ إذا ذكر الموت تسمع خفقان فؤاده من ذي طوى.

الممدرة (١) : بذى طوى عند بئر بكّار ينقل منها الطين الذي يبتني به أهل

__________________

٢٥٢٩ ـ إسناده ضعيف.

عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ضعيف. التقريب ١ / ٤٨٠.

رواه الدارقطني في سننه ٢ / ٢٢١ من طريق : أبي اسماعيل الترمذي ، عن هارون بن صالح ، به.

٢٥٣٠ ـ إسناده حسن إلى وهيب.

(١) الممدرة : هي التي تعرف اليوم ب (حي الطندباوي) ويعرفها العامة ب (الحفاير).


مكة ، وإذا جاء المطر استنقع فيها الماء.

المغش (١) : من طرف اللّيط إلى خيف الشيرق بعرنة.

٢٥٣١ ـ حدّثنا محمد بن صالح ـ غير مرّة ـ قال : حدّثنا سعيد بن أبي مريم ، قال : ثنا نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم كان يذهب لحاجته نحو المغش.

وقال ابن صالح مرة أخرى : نحو المغشى أو المغش.

٢٥٣٢ ـ حدّثنا ابن أبي مسرّة ، وابن أبي بزّة المكيان ، قالا : ثنا العلاء ابن عبد الجبار ، قال : ثنا نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يتبرّز. قال ابن أبي بزّة : إذا أراد أن يقضي الحاجة ، ذهب إلى المغش.

قال أحدهما : وهو على ميل من مكة.

٢٥٣٣ ـ وحدّثني ابن أبي بزّة ، قال : حدّثني علي بن القاسم بن عبد الله ابن سليمان بن علي بن عبد الله بن العبّاس ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : ما وجد لرسول الله صلّى الله عليه وسلم رجيع من الخلاء قط.

خزرورع (٢) : طرف اللّيط مما يلي المغش.

__________________

٢٥٣١ ـ إسناده صحيح.

٢٥٣٢ ـ إسناده مرسل.

٢٥٣٣ ـ إسناده ضعيف.

(١) المغش : لم يتبين لي موضعه إذ إن خيف الشرق لم أعرفه ، وأظن أن لفظة (عرنة) محرّفة ، إذ سيأتي بعد قليل أن المغش يبعد عن مكة ميل واحد ، وعرنة أبعد من ذلك بكثير.

(٢) خزرورع : لم أعرفه.


الستار (١) : الجبل المشرف على فخّ مما يلي طريق المحدث ، أرض لآل يوسف بن الحكم الثقفي.

مقبرة النصارى (٢) : دبر المقلع على طريق بئر ابن عنبسة بذي طوى.

٢٥٣٤ ـ حدّثنا ابن أبي مسرّة ، قال : ثنا ابراهيم بن عمرو بن [أبي](٣) صالح ، قال : ثنا عمر بن قيس ، عن نافع بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ، أنه كان إذا دخل مكة اغتسل عند بئر أبي عنبسة. قال : ويخبرنا أنّه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم عندها.

جبل البرود (٤) : هو الجبل الذي قتل عنده حسين بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب وأصحابه ـ رضي الله عنهم ـ بفخّ.

الثنية البيضاء (٥) : الثنية التي فوق البرود ، التي قتل حسين وأصحابه ـ رضي الله عنهم ـ بينها وبين البرود.

__________________

٢٥٣٤ ـ إسناده ضعيف جدا.

عمر بن قيس ، هو (سندل) مترك. التقريب ٢ / ٦٢.

(١) الستار : هو الجبل الذي يشرف على أسواق الدوّاس وعلى الأرض التي في جنوبها من الغرب ، ويكون سد اللصوص بينه وبين الجبل الذي يحد أذاخر الشامي من الجنوب الغربي ، والأرض التي يشرف عليها جبل الستار هذا من الشمال لا زالت فيها آثار مجرى عين ، ولا زالت دبولها ظاهرة ، وبعض عيونها لا زالت قائمة يزرع عليها بعض أهل مكة ، وهذه الأرض تكون على يمينك إذا هبطت من ريع اللصوص تريد فخّا. وهو غير الستار الذي هو عند الصفاح.

(٢) لا تعرف اليوم مقبرة في مكة بهذا الاسم. والمقلع معروف ، الجبل المطلّ على أبي لهب ، ودبره منطقة لعتيبيّة ، وهي : صدر وادي ذي طوى ، ولا أعرف في هذه المنطقة مقبرة بهذا الإسم.

(٣) سقطت من الأصل.

(٤) جبل البرود : يعرف اليوم بجبل الشهيد ، وهو على يسارك إذا توجهت إلى الثنية البيضاء ، وبأصله مقبرة الشهداء.

(٥) تقدم التعريف بها.


/ الحصحاص (١) : الجبل المشرف على ظهر ذي طوى إلى بطن مكة مما يلي بيوت أبي أحمد المخزومي ، عند موضع يقال له : [البرود](٢).

[المدوّر : متن](٣) من الأرض ، فيما بين الحصحاص وسقاية أهيب بن ميمون.

٢٥٣٥ ـ حدّثنا هارون بن موسى بن طريف ، قال : ثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، قال : إنّ بكيرا حدّثه ، أنّ ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ لم يكن يدخل مكة إلّا غدوة ، وكان يعرّس بذي طوى ، والناس والخلفاء يعرّسون بذلك المكان.

٢٥٣٦ ـ وحدّثني أبو جعفر محمد بن إسماعيل ، قال : ثنا سعيد بن منصور ، قال : ثنا الدراوردي ، عن يزيد بن الهاد ، عن بشر بن سعيد ، قال : لما أسري بالنبي صلّى الله عليه وسلم أتاه جبريل ـ عليه السلام ـ إلى ذي طوى ، فلما أراد أن يفارقه قال صلّى الله عليه وسلم : يا جبريل لا آمن قومي. قال : ثمّ أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ وهو يصدّقك.

المربع (٤) : فيما بين البرود وبين دار أبي صالح بن العباس ، له فلج قائم إلى اليوم ، وكان بستانا عمله مبارك الطبري ، ثم دثر ، وعينه قائمة دائرة.

__________________

٢٥٣٥ ـ شيخ المصنف لم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات.

٢٥٣٦ ـ إسناده مرسل.

بشر بن سعيد ذكره ابن حبان في ثقات التابعين ٤ / ٧٠.

(١) جبل الحصحاص : هو الجبل الذي يكون على يمينك إذا توسطت ريع الكحل ، يشرف على حي الزاهر من الشرق ، وبأصله مقبرة المهاجرين.

(٢) سقطت من الأصل.

(٣) في الأصل (المدوّرتين) والتصويب من الأزرقي ، وسقاية أهيب بن ميمون لم أعرف موضعا.

(٤) المربع : لم أعرف موضعه ، لأن دار أبي صالح بن العباس لم يعيّن الفاكهي موضعها. والبساتين في


حياض مجنّة (١) : يقال : إنّها عند قبور الشهداء بالحصحاص من وراء المربع ، وفيما هناك بئر عذبة يسقى منها يقال لها البرود وهي من أطيب ماء بمكة.

وفي ظهر ذي طوى : الحصحاص والمربع الذي وصفنا ، وفخّ وبيوت سراج والبرود وبلدح. وهذا كلّه قريب بعضه من بعض ، يقال لذلك كلّه : بطن مكة. وفي بيوت سراج يقول القائل :

سقى الله فخّا فالصعيد الذي به

بيوت سراج ما ألف قاطبه

وفي البرود والحصحاص يقول الشاعر :

إلى الصفح من مفضى البرود وبلدح

إلى وادي الحصحاص حين يدعثرا

ثنية أم الحارث (٢) : هي الثنية التي على يسارك إذا هبطت ذي طوى تريد فخّا بين الحصحاص وبين طريق جدّة. وهي أم الحارث بنت نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب.

مسلم (٣) : الجبل الذي انطلق منه النبي صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ ليلة هاجرا فبذلك سمّي مسلما ولقيتهما به أسماء ـ رضي الله عنها ـ ،

__________________

المنطقة المحيطة بجبل البرود كثيرة ، منها ما أقيم عليه فلل واسعة ، ومنها ما قد دثر وأبيضت أرضه ، ومنها ما هو بستان لأمانة العاصمة فيها قصور للأفراح وقاعة للمؤتمرات.

(١) لا زالت بعض الآبار عند جبل البرود قائمة إلى اليوم تستقي منها البلدية وبعضها جف ماؤها ، فلعل حياض مجنّة كانت عند احدى تلك الآبار ولم أستطع أن أحدد أي تلك الآبار (بئر البرود).

(٢) ثنية أم الحارث : تعرف اليوم ب (ريع البيبان) وكان قد نقل إليها باب جدّة بعد أن كان في (ريع الرسّام) وقد كان طريق جدّة القديم ولا زال يمر عليها ، ويقوم على يمين الداخل إلى مكة منها مبنى تابع لوزارة الحج والأوقاف ، يقوم على هذه الثنية.

(٣) مسلم : ذكره الأزرقي بأنه المشرف على بيت حمران ، بذي طوى على طريق جدّة ، والزيادة المتقدمة انفرد بها الفاكهي. وهو الجبل الواقع غرب وادي ذي طوى ، يحده شرقا ذي طوى ، وغربا الشارع الواقع أمام القشله «الثكنة العسكرية لمكة المكرّمة»وجنوبا شارع التيسير وشمالا ريع أبو لهب.

والحزنتان هما : ريع الحفاير ، وريع الرسّام ، وقد تصحفت هذه اللفظة عند الأزرقي إلى (الحرّتين).


وهو المشرف على ثنية حمران بذي طوى على طريق جدّة وادي ذي طوى : بينه وبين قصر ابن أبي محمود ، وهو عند مفضى مهبط الحزنتين الصغيرة والكبيرة.

٢٥٣٧ ـ حدّثني حسين بن حسن الأزدي ، قال : ثنا محمد بن حبيب ، عن هشام بن الكلبي ، عن [ابن](١) الخرّبوذ ، قال : كانت بنو سهم ابن عمرو أعزّ أهل مكة ، وأكثره عدّا ، وكانت لهم صخرة عند الجبل الذي يقال له : مسلم. قال : وكانوا إذا أرادوا أمرا نادى مناديهم : يا صباحاه. ويقولون : أصبح ليل ، فتقول : قريش ما لهؤلاء المشائيم؟ ما يريدون؟ ويتشاءمون بهم.

وكان منهم قوم يقال لهم بني الغيطلة ، وكان الشرف والبغي فيهم. وهي الغيطلة بنت مالك بن الحارث بن كنانة ، ثم من بني شنّوق بن مرّة تزوجّها / قيس بن عدي بن سهم ، فولدت له الحارث وحذافة ، وكان فيهم العدد والبغي. قال : فقتل رجل منهم حيّة ، وأصبح ميتا على فراشه ، قال : فغضبوا فقاموا إلى كل حيّة في تلك الدار فقتلوهنّ ، وأصبح عدّتهن موتى على فرشهم ، فتتبّعوهم في الأودية والشعاب فقتلوهنّ ، وأصبحوا وقد مات منهم بعدد ما قتلوا من الحيّات.

قال : فصرخ صارخ منهم : أبرزوا لنا يا معشر الجنّ. قال : فهتف هاتف من الجنّ ، فقال :

يا آل سهم قتلتم عبقريا

فصبّحناكم بموت ذريع

يا آل سهم كثرتم وبطرتم

والمنايا تنال كلّ رفيع

قال : فنزعوا وكفّوا ، وقلّوا.

__________________

٢٥٣٧ ـ إسناده متروك.

رواه ابن حبيب في المنمّق ص : ١٢١ ـ ٢٢٢ عن ابن الكلبي به.

(١) في الأصل (أبي) وهو خطأ ، فهو : معروف ابن خرّبوذ.


قال الكلبي : وفيهم نزلت (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) قال : وقال ابن الخرّبوذ : وجعلوا يعدّون من مات منهم أيام الحيّات ، وهذا قبل الوحي ، وذلك أنّه وقع بينهم وبين بني عبد مناف بن قصي شرّ ، فقالوا : نحن أكثر منكم ، وقال : هؤلاء نحن أعزّ منكم ، فجعلوا يعدّون من مات منهم بالحيّات ، فنزلت هذه الآية فيهم على لسان محمد صلّى الله عليه وسلم.

متن ابن علياء (١) : ما بين المقبرة والثنيّة التي خلفها [إلى المحجّة](٢) التي يقال لها : الخضراء. وابن علياء رجل خزاعي.

جبل أبي لقيط (٣) : هو الجبل الذي بأصله حائط ابن الشهيد [بفخّ]

__________________

(١) لم يتضح لي موضعه ، فلا أدري أيّة مقبرة يعني ، فإن كان يعني مقبرة المهاجرين فالثنية التي خلفها هي (الخضراء) وان كان يعني مقبرة المعلاة وثنية كداء فما بعدهما إلى الثنية الخضراء أسماه فيما سبق (بطن وادي طوى) ، فربما أراد القسم الغربي من حي العتيبية إلى ما يقابل انفاق السليمانية من جهة جرول. والله أعلم.

(٢) سقطت من الأصل ، وألحقتها من الأزرقي.

(٣) لم يتضح لي موضعه ، لأن الفاكهي لم يحدد فيما سبق موضع حائط ابن الشهيد. إلا أنه ذكر أن عند هذا الحائط ثنية سماها (ثنية وردان) و (ثنية أذاخر) ولا أعرف بعد ثنية البيبان ثنية قريبة إلّا الثنية التي يقوم عليها منزل (البوقري) المجاور لساحة إسلام التي هي أحد الملاعب القديمة لكرة القدم بمكة المكرّمة. وهي في طريق جدة القديم ، بعدها بقليل على يمين الداخل لمكة المكرّمة ، محطة للدفاع المدني ، وبعد الدفاع المدني ميدان واسع يكون مركز تقاطع الشوارع الذاهبة والقادمة من شارع المنصور والذاهبة والقادمة من ريع البيبان ، والذاهبة والقادمة إلى النزهة (ويسمى ميدان الغزّاوي). وعلى هذا يكون جبل أبي لقيط هو ذلك الجبل الذي فيه ذلك الريع الذي يقوم عليه منزل (البوقري).

وأما حائط ابن الشهيد فقد كان قبل سنوات بستان كبير يقوم فيه قصر ضخم للأشراف يقال له : قصر الشهيد ، والبستان يقال له : بستان الشهيد أيضا ، وهو على يمينك إذا أردت جدّة على الطريق القديم قبل ملحة الحروب ، عند الميدان الذي يتقاطع فيه شارع الستين الآن بطريق جدة القديم في الزاوية اليمنى وأنت متجه إلى جدة ، إلا أن هذا البستان أصبح اليوم من الأحياء السكنية العامرة ، والقصر لا أثر له ، فلعله هو : حائط ابن الشهيد لأن ثنية وردان تهبط عليه ، وهي الثنية الوحيدة القريبة منه.

وقد أفاد بعضهم أن هذه التسمية متأخرة ، لأن قصر الشهيد سمّي باسم أحد الأشراف الذين اغتيلوا في جدّة في زمن ليس ببعيد ، قلت : وهذا لا يمنع أن تتطابق التسميات ، إلّا أن الذي يبعد هذا الاستنتاج هو أن هذا الحائط في بلدح وليس في فخّ ، والعلم عند الله. وأضيف للعلم أن في تلك


وقد صار هذا الحائط اليوم لابن حشيش البزّار ، وعمّره وأجرى له فلجا ، وجعل فيه النخل والبقول ، وهو متنزّه لأهل مكة اليوم ، قريب.

ثنيّة أذاخر : وليست الثنيّة التي دخل منها رسول الله صلّى الله عليه وسلم عند حائط خرمان ، ولكنّها المشرفة على مال ابن الشهيد بفخّ وأذاخر ويقال لها : ثنيّة وردان.

شعب أشرس (١) : الشعب الذي يفرع على بيوت ابن وردان مولى السائب ابن أبي وداعة. وأشرس مولى للمطلب بن أبي وداعة السهمي.

وقد روى سفيان عن أبيه حبيب حديث المقام ، والمقاطّ ، حين ردّ عمر ـ رضي الله عنه ـ المقام إلى موضعه الآن زمن السيل.

الغراب (٢) : الجبل الذي بمؤخّر شعب آل الأخنس بن شريق إلى أذاخر.

__________________

المنطقة منطقة بستان الشهيد وما حولها كانت بساتين واسعة جميلة أعرف منها أربعة ، ثلاثة ذهبت ، وبقى واحد منها إلى اليوم. أما الأول فهو : بستان الشهيد ، وهو كما وصفت لك. والثاني : بستان كان يملكه الشيخ حمد السليمان أخو الشيخ عبد الله السليمان وزير المالية في عهد الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ ، وهذا البستان قريب من بستان الشهيد ، وهو قبل بستان الشهيد على يمين الخارج من مكة يريد جدة على الطريق القديم ، وكانت فيه بركة ماء واسعة كنا نسبح فيها ، وهذا البستان أقيم عليه اليوم غالب هي الزهراء الجميل.

والثالث : بستان القزّاز ، وهو على يسار الذاهب إلى جدة ، يقابل بستان الشهيد ، ولا زالت قصور القزّاز قائمة في ذلك الموضع.

والرابع : بستان أم الدرج ، وهو الوحيد الذي لا زال باقيا وهو ملك الشيخ محمد سرور الصبّان ، وهو بعد بستان قزّاز على يسارك وأنت متجه إلى جدّة على الطريق القديم ، وهذا البستان يقابل فوّهة ملحة الغراب التي فيها إدارة المرور الآن ، وبنى الشيخ الصبان هناك مسجدا فخما عامرا ، ولا زالت قصوره ومنها (قصر السرور) قائمة في ذلك البستان.

(١) شعب أشرس : لم أعرفه ، لأن بيوت بن وردان لم أعرف موضعها.

(٢) هذا الجبل لا زال معروفا في شمال الخانسة ، ويتضح لك تماما إذا وقفت على قمة ريع ذاخر ونظرت نحو الشمال تراه يستقبلك بكلّه ، وهو جبل أسود ، ولذلك سمّي (الغراب) ، ومن الغريب أن يذكره الفاكهي والأزرقي في شقّ مسفلة مكة الشامي ، وكان من الصحيح أن يذكره في شق معلاة مكة الشامي.


شعب المطّلب بن أبي وداعة السهمي (١) : الشعب الذي خلف شعب أشرس يفرع في وادي ذي طوى.

ذات جليلين (٢) : ما بين مكة السدر وفخّ.

شعب زريق (٣) : يفرع في الوادي الذي يقال له : ذي طوى. وزريق مولى كان في الحرس مع نافع بن علقمة ، ففجر بامرأة يقال لها : درّة ـ مولاة كانت بمكة فيما يقال ـ فرجما جميعا في ذلك الشعب فسمّي : شعب زريق.

البغيبغة (٤) : والبغيبغة بطرف أذاخر.

كتد : جبل بالشريب.

والشريب : بين طريق الحبشي وبين المغش. غير أن حلحلة : بين الممدرة وكتد.

جبل المغش (٥) : منه تقطع الحجارة البيض التي يبنى بها ، وهي الحجارة

__________________

(١) شعب المطّلب : لم أعرفه ، والشعاب التي تصب في وادي ذي طوى أكثر من واحد ، وقد جاءت العبارة عند الأزرقي (شعب المطلب : الشعب الذي خلف شعب الأخنس بن شريق يفرع في بطن ذي طوى) وهذا وهم اما من الناسخ أو غيره ، وأين شعب الأخنس من ذي طوى. والله أعلم.

(٢) ذات جليلين : قد عرفها الفاكهي في مبحث شق معلاة مكة الشامي بأنها (من منتهى شعب الأخنس من مؤخره مما يلي أذاخر إلى مكة السدر) ومكة السدر قد عرفناها ، وعليه فذات جليلين هي ما يطلق عليه اليوم (الصفيراء) والله أعلم.

(٣) شعب زريق : لم أعرفه.

(٤) البغيبغة : لم يبين لنا الفاكهي ما هي ، هل هي ثنية أم بئر أم جبل.

أما (بغبغة) بالتكبير فتطلق اليوم على واد يسيل من جبال شاهقة تشرف على وادي العسيلة من الغرب ، وليست بعيدة عن جبل (النقواء) وهذا الوادي الضيّق المنحدر يصب في وادي ياج. ويطلق على الجبال العالية التي يسيل منها هذا الوادي (جبال بغبغة) أيضا ، وكلا الجبال والوادي ليسا بطرف أذاخر ، والله أعلم. وانظر كتابنا عن حدود الحرم الشريف.

(٥) كتد ، والشريب ، والمغش ، وحلحلة لم أعرفها على التحديد. إلّا أنه يفهم من تحديد الفاكهي للمغش أنه (من طرف الليط إلى خيف الشيرق بعرنة) وخيف الشيرق لم أعرفه لأنه لم يسبق له ذكر ، إلّا أن عرنة معروف ، ولم يكن يطلق في السابق إلّا على الحد الغربي لموقف عرفة حتى يلتقي بوادي نعمان ، ثم ينعدم اسم (عرنة) ويطلق اسم نعمان الأراك على الواد حتى مصبه. ترى كيف إذا يكون المغش ما بين الليط إلى عرنة؟ إلّا إذا قلنا انه يستوعب اللاحجة ، وما يقابلها من المفجر ، وذي مراخ


المنقوشة البيض بمكة / يقال انها من مقلعات الكعبة ، ومنه بنيت دار العباس ابن محمد المشرفة على الصيارفة.

ذو الأبرق (١) : ما بين المغش إلى ذات الجيش.

ذات الجيش (٢) : بين المغش وبين رحا. وإنّما سمّيت ذات الجيش لحرجة من سمر كانت فيها.

٢٥٣٨ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه. قال : كنا مع عائشة ـ رضي الله عنها ـ بذات الجيش ، فدخلت في خفّها حسكة فنزعته ومشت في خفّ واحد ، وقالت : لا أخشى أبا هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، فإنّه زعم أن لا يمشى في النعل الواحد ولا في الخفّ الواحد.

__________________

٢٥٣٨ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ٨ / ٤١٧ من طريق : ابن عيينة به مختصرا.

حتى عرنة. وهذه كلها قد وصفها الفاكهي وسمّاها بأسمائها. وقد يعنّ على الخاطر أن تكون لفظة (عرنة) مصحفة. أو أن وادي عرنة قد يطلق في السابق على (نعمان الأراك) كما يطلق اليوم ، فيكون المغش من طرف المسفلة عند ملتقى شارع المنصور بطريق الليث حتى العقيشية. وهذا الأخير قد جنح إليه الأستاذ البلادي في معجم معالم الحجاز ، وعندي فيه نظر. أما أن المغش يأخذ منطقة ملتقى شارع المنصور بطريق الليث وجزءا من طريق الليث فهذا صحيح لا نقاش فيه.

أما أنه يصل إلى العقيشية (أضاة لبن) فهذا موضع النظر والله أعلم.

(١) ذو الأبرق : إذا عرفنا أن المغش يشمل جزءا من تقاطع طريق الليث بالطريق الدائري الثالث ، وأن ذات الجيش هي ما بعد المقتلة على ما يأتي وصفها ، فنستطيع أن نقول : إنّ ذا الابرق هو : تلك المساحة التي تمتد من تقاطع طريق اليمن بالطريق الدائري الثالث وتمتد شمالا غربا مع الطريق الدائري الثالث فتشمل منطقة الاسكان في الرصيفة جميعه ثم تمتد لتأخذ جزءا من طريق جدة السريع ثم تعبر لتصل إلى طريق جدة القديم عند المقتلة ، فهذا هو ذو الأبرق ، والله أعلم.

(٢) ذات الجيش : هي تلك المنطقة التي تكون على يسار الذاهب إلى جدة على الطريق القديم ، وتبدأ من المقتلة فتتجه جنوبا غربا ثم غربا حتى تصل إلى ردهة الراحة الآتي وصفها ، والله أعلم.


الشيق (١) : طرف بلدح يسلك منه إلى ذات الحنظل على يمين طريق جدّة ، [قد عمل الدورقيّ حائطا وعينا بفوهة ذلك الشعب](٢).

ذات الحنظل : ثنيّة في مؤخّر هذا الشعب تفرع في بلدح (٣).

أنصاب الحرم : على رأس الثنية (٤) ، ما كان في وجهها في هذا الشقّ فهو حرام ، وما كان في ظهرها فهو حل.

__________________

(١) الشيق : شعب لا يعرفه إلّا القلة ، وهو كما وصف الفاكهي : في طرف بلدح ، على يمين طريق جدة القديم وقد قام في فوّهة هذا الشعب فندق كبير مشهور يقال له (فندق انتركنتنتال) وكاد أن يستوعب فوهة هذا الشعب كلها ، إذا سلكت هذا الشعب ثم أخدت يسارا أخرجك على ثنية صخرية ضيقة بين سلسلتين جبليتين ليستا عاليتين ، وهذه الثنية هي (ثنية ذات الحنظل) المشهورة.

وتجد على رأس هذه الثنية يمينا ويسارا أنصاب الحرم القديمة متهدمة قد تناثرت صخورها ، وقد وقفت على خمسة أعلام من هذه الأعلام المتهدمة هناك على رآسي الثنية ، اثنان على يمينك وأنت خارج من الحرم وثلاثة على يسارك.

وطول هذا الشعب من رأس الثنية هذه إلى طرف (فندق انتركنتننتال) (٣٨٠٠) م ، وطوله من رأس الثنية إلى طريق جدة (٤٠٠٠) م بالضبط.

ويطلق اليوم على غالب أرض هذا الشعب اسم (أم الدود) والتسمية الحديثة (أم الجود).

أما لو سلكت هذا الشعب وأخذت يمينا أخرجك على طريق المدينة السريع إلى ما فوق التنعيم بقليل.

وأما عين الدورقي وحائطه الذي ذكره الفاكهي فقد قام على موضع هذه العين وهذا الحائط الآن فندق (انتركنتننتال) وتسقى حدائق هذا الفندق اليوم من عين الدورقي التي لم تعد معروفة بهذا الاسم اليوم.

وقد وهم الأستاذ ملحس في تحديده لشعب الشيق بأنه قرب الجراحية في طريق التنعيم ، وتبعه في هذا الوهم الأستاذ البلادي في معجم معالم الحجاز ، وقد سمّاه (فج الرحا) وهذه تسمية حديثة.

(٢) كانت العبارة في الأصل (قد عمل فيها الدور ، وفيها حائط ، وعينها فوهة ذلك الشعب) وصوّبتها من الأزرقي.

(٣) كانت العبارة في الأصل (ذات الحنظل : بين أرض سعيد وبين أرض الطائفي ، ثنية في مؤخر هذا الشعب يفرع على بلدح) وعبارة (بين أرض سعيد ، وبين أرض الطائفي) ليس هذا موضعها ، أقحمت في تعريف ذات الحنظل خطأ فحذفتها ، مستندا إلى واقع الحال ، وإلى كتاب الأزرقي.

وسوف يأتي بعد قليل في (ملحة الغراب) أنه يفرع على حائط الطائفي ، وأن (ملحة الحروب) تفرع على حائط ابن سعيد ، وما بين هذين الحائطين وبين ثنية ذات الحنظل حوالي (٥) كم ، فكيف تفصل هذه الثنية بين الحائطين؟

وأما عن وصف ثنية ذات الحنظل فقد وصفناها قبل قليل.

(٤) يريد بالثنية هنا (ثنية ذات الحنظل) وقد وقفت على هذه الأنصاب وصوّرتها ، وانظر كتابنا عن حدود الحرم الشريف.


العقلة (١) : ردهة تمسك الماء في أقصى الشيق.

الأرنبة (٢) : شعب يفرع في [ذات] الحنظل وما بين ثنيّة أم رباب إلى الثنية التي بين اللّيط وبين شعب عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة.

وذات الحنظل : هو الفج (٣) الذي من عين الحائط إلى ثنيّة الحرم.

العبلاتين (٤) : بين ذي طوى واللّيط.

الثنيّة البيضاء (٥) : التي بين فخّ وبلدح.

شعب البين (٦) : الشعب الذي يفرع على حائط خرشة في بلدح.

ملحة الغراب (٧) : شعب يفرع في بلدح ويفرع على حائط الطائفي.

__________________

(١) هذه الردهة لا زالت موجودة وقد وقفت عليها ، وسوّرها بعضهم بسور سلكي ، وحفر عندها بئرا رجاء أن يتخذها مزرعة.

(٢) الشعاب التي تفرع في ذات الحنظل أكثر من واحد ، فالآتية من الشرق ثلاثة وكلها تخرجك إلى قرب التنعيم فلا أدري أيّها يريد. وشعب عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة لم أعرفه ، إذ لم يسبق له ذكر ، والله أعلم.

(٣) أطلق اسم الثنية على الشعب الذي تسيل فيه ، وهذا الفج هو (شعب الشيق) عينه ، وقد تقدم وصفه. وأراد بقوله (عين الحائط) حائط الدروقي المتقدم ذكره ، (وثنية الحرم) هي ثنية ذات الحنظل نفسها ، لأن شمالها بحوالي (١) كم ثنية أخرى كان يخترقها الطريق القادم من المدينة ووادي مرّ الظهران الذي يسلك على ثنية ذات الحنظل فسمى ثنية ذات الحنظل (ثنية الحرم) لأنها هي التي عليها أنصاب الحرم ، وأما الأخرى فهي في الحل قطعا.

(٤) العبلاتين : ينطبق وصف الفاكهي هنا على المنطقة التي فيها القشلة (الثكنة العسكرية) وما حولها لأنها هي الواقعة بين الليط (الحفاير) وبين ذي طوى. والله أعلم.

(٥) تقدم التعريف بها.

(٦) لم أعرف موضع حائط خرشة هذا ، ولم يسبق للفاكهي أن حدّد موضعه.

(٧) ملحة الغراب : لا زال يعرفه البعض اليوم باسم (ملحة) وهو الشعب الذي يكون على يمينك وأنت ذاهب إلى جدّة ، قبل أن يصل إلى شعب (شيق) ، وقد قام في فوهة هذا الشعب الشمالية بناية حكومية تعمل فيها اليوم (ادارة مرور مكة المكرّمة) ويقابل هذا الشعب من الغرب مسجد الصبان ، وبستانه المسمى (بأم الدرج). وهذا الشعب لو سلكته من فوهته في طريق جدّة لأخرجك على التنعيم ، وهذا الشعب مأهول في أوله وآخره ، وتناول العمران بعض وسطه. وأما حائط الطائفي فلا يعرف اليوم إذ لا يوجد بستان في هذا الشعب اليوم ، فلعله كان في فوهة هذا الشعب مكان إدارة المرور ، أو بقربها ، والله أعلم.


ملحة الحروب (١) : شعب يفرع على حائط ابن سعيد ببلدح.

العشيرة (٢) : حذاء أرض ابن أبي مليكة إذا جاوزت طرف الحديبيّة ، عن يسار الطريق.

قبر العبد (٣) : بذنب الحديبيّة ، على يسار الذاهب إلى جدّة. وإنّما سمّي قبر العبد أن عبدا لبعض أهل مكة أبق فدخل في غار فيها هنالك ، فمات فيه ، فرضمت عليه الحجارة ، فكان في ذلك الغار قبره.

الجفة (٤) : ردهة يجتمع فيها الماء من حنكة الحل إلى المضيق يقال لها : الرماق.

__________________

(١) ملحة الحروب : لا زالت معروفة بهذا الاسم ، وتعرف أيضا (دحلة الحروب) لأن غالب سكانها من (حرب) وهي على يمينك وأنت ذاهب إلى جدّة قبل (ملحة الغراب) بقليل ، ويسيل هذا الشعب على موضع (بستان الشهيد) وقصره ، الذي أصبح اليوم أحد المخططات السكنية لمكة المكرّمة.

(٢) العشيرة : لم تعد معروفة اليوم ، وأرض ابن أبي مليكة لا تعرف ، إلا أن الحديبية معروفة. ويتبين من وصف الفاكهي للعشيرة أنها المنطقة التي أقيم عليها اليوم (مخفر شرطة الشميسي) لأنه هو الذي يكون على يسارك بعد الحديبية. والله أعلم.

(٣) قبر العبد : سألت عنه بعض أهل الخبرة فلم يعرفه ، إلّا أن الشريف محمد بن فوزان الحارثي أخبرني أنه يقع على طريق مكة جدة الذي أنشأه الملك سعود ـ رحمه الله ـ غرب الحديبية ، قبل أميال الحرم عند مخفر الشرطة القديم في خشم ضلع هناك ، والله أعلم.

(٤) الجفّة : تطلق اليوم على جبل مشهور يقابل الدومة الحمراء من الشمال ، وسيذكرها الفاكهي في مبحث (ما يسكب من أودية الحل في الحرم) وهناك حددها بأوضح مما هنا ، حيث ذكر هناك أنها على يسار الذاهب إلى جدّة عند حنك الغراب ، مقابلة لردهة بشام.

قلت : أما قوله (حنك الغراب) فهو جبل أظلم الذي هو أحد الحدود الغربية للحرم الشريف ، وهذا الجبل عبارة عن سلسلة جبلية سوداء تمتد من غرب الشميسي ويمر من رأسه الجنوبي طريق جدّة السريع ، وهو الى الغرب قليلا من بوابة مكة المكرّمة التي تقام حديثا على طريق جدة السريع.

وردهة بشام لا زالت معروفة باسم (بشيم) بالتصغير ، وقام على هذه الردهة مزرعة لقائم مقام مكة الشريف شاكر بن هزّاع ، والجبل الذي يحدّ ردهة بشيم من الجنوب هو حد الحرم هناك.

وأما قول الفاكهي هنا (حنكة الحل) فمراده والله أعلم (حنك الغراب) وأما قوله (المضيق) فلم أعرف ما أرد به هنا ، وليس في هذا الموضع ما يسمّى الآن بهذا الاسم. ولعله أراد ذلك الممر الذي يقع بين جبل الجفّة من الشرق وبين جبل الدومة السوداء من الغرب ، والله أعلم وقوله (الرماق) لم يعد هذا الاسم معروفا الآن في هذا الموضع.


التخابر (١) : بعضها في الحل وبعضها في الحرم ، وهي على يمين الذاهب إلى جدّة إلى أنصاب الأعشاش وبعض الأعشاش في الحل وبعضها في الحرم.

وهي على بحيرة البهيماء وبحيرة الأصفر والرغباء ، ما أقبل على بطن مرّ الظهران منهنّ فهو حل ، وما أقبل على المديراء منهنّ فهو حرم.

كبش (٢) : الجبل الذي دون نعيلة في طرف الحرم.

رحا (٣) : وقالوا ذات أرحاء في الحرم وهو ما بين أنصاب المصانيع إلى ذات الجيش. ورحا ردهة الراحة دون الحديبيّة على يسار الذاهب إلى جدّة.

__________________

(١) التخابر : لم يبين الفاكهي مراده بالتخابر ، هل هي : جبال أم رمال؟ والذي يذهب إلى جدّة على الطريق القديم يحد على يمينه قبل أنصاب الأعشاش رمالا يتخللها نبات الحمض (الأعشاش) ، وقبل هذه الرمال سلاسل جبلية تمتد شرقا وغربا ، وبعض هذه الجبال في الحل وبعضها في الحرم ، فلعله أراد الجبال والله أعلم. وانظر كتابنا عن حدود الحرم.

وأما قوله (المديراء) فالمراد به ذلك الشعب الذي يكون على يمين الذاهب إلى جدة عند بئر (المقتلة) وفي هذا الشعب ريع يقال له (ريع المرير) أيضا ، وهذا الريع يسيل في وادي الجوف ، وهو ـ أعني الريع ـ حدّ من حدود الحرم وعليه أنصاب الحرم.

(وبحيرة الأصفر ، والبهيماء ، والرغباء) لا تعرف اليوم بهذه الأسماء ، إنما يقال لهذه الأرض عند البدو الآن (جردة) ـ بفتحات ـ فما سال من هذه المناطق على المرير فهو حرم ، وما سال عكسه فهو حل. وانظر كتابنا عن حدود الحرم.

(٢) كبش : كتبت للشريف محمد بن فوزان أسأله عن (كبش ونعيله) وغيرها ، فكتب إليّ عن (كبش) قائلا : هو الجبل الصغير بجانب نعيلة في طرف الحرم من جانب وادي عرنة ، و (نعيلة) تقع شرق العكيشية. قلت : يريد الشريف بقوله (وادي عرنة) من جهة جنوب مكة على طريق اليمن. وقال الأستاذ البلادي في معجم معالم الحجاز ٩ / ٧٤ عن نعيلة : ربوة ذات سلم وحرمل يصعدها طريق اليمن إذا قطع عرنة على (١٢) كم جنوب مكة ، وهي أول الحل في هذه الجهة بأعلاها ـ يعني : نعيلة ـ مما يلي جبلة بلاد عثرية للشيخ عبد الله الهباش ـ أحد سكان مكة من قبيلة الحوازم. أه. ثم أفاد الأستاذ البلادي عن كبش ما أفاده الشريف محمد بن فوزان الحارثي. قلت أنظر عن نعيلة : كتابنا عن حدود الحرم الشريف.

(٣) رحا : أفاد الفاكهي والأزرقي أنها (ردهة الراحة) وحدّدا موضعها على يسار الذاهب إلى جدّة قبل الحديبية. وهذه الردهة لا زالت على حالها في أرض مدرة يجتمع فيها ماء المطر ، مستوية كراحة اليد ، ولعل هذا هو سبب تسميتها بالراحة. وهذه الأرض لو جئت إلى مكة على طريق الملك سعود القديم لوجدتها على يمينك بعد أعلام الملك سعود بحوالى (٢) كم ، تحيط بها الرمال فلا تكاد تصل إليها اليوم إلا بصعوبة.


ذكر

مسجد البيعة من منى وتفسير ما كان فيه من رسول الله صلّى الله عليه وسلم

٢٥٣٩ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا يحيى بن سليم المكي ، عن ابن خثيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم لبث عشر سنين يتتبّع الناس في منازلهم بمجنّة وعكاظ ، ومنازلهم بمنى : «من يقريني وينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنّة؟»ولا يجد أحدا ينصره ولا يؤويه حتى إنّ الرجل يرحل من اليمن ، أو من مضر إلى ذي رحمه ، فيأتيه قومه ، فيقولون له : احذر غلام قريش ، لا يفتنك ، ويمشي بين رحالهم ، يدعوهم إلى الله ـ تعالى ـ ، يشيرون إليه بالأصابع ، حتى بعثنا الله ـ تعالى ـ له من يثرب ، فيأتيه الرجل منّا فيؤمن به ، ويقرئه القرآن ، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه ، حتى لم تبق دار من دور يثرب إلّا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام ، ثمّ بعثنا الله ـ تعالى ـ فائتمرنا واجتمعنا سبعون رجلا منّا ، فقلنا حتى متى نذر رسول الله صلّى الله عليه وسلم يطرد في جبال

__________________

٢٥٣٩ ـ إسناده حسن.

رواه ابن سعد ١ / ٢١٧ ، وأحمد ٣ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠ ، والأزرقي ٢ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ، والحاكم ٢ / ٦٢٤ ـ ٦٢٥ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ٤٤٣ كلهم من طريق : ابن خثيم ، به.

ويطلق اليوم اسم (الرحا) على ثنية (ذات الحنظل) نفسها ، كما يطلق على (فج ذات الحنظل) السابق وصفه ، وهذه تسمية ليست قديمة ، أي لم تكن معروفة في عصر الفاكهي والأزرقي ، واطلاق اسم الرحا على (ثنية ذات الحنظل) وفجها أوقع بعض الفضلاء في لبس شديد ، وجعلهم يخلطون في هذا المعلم المهم (أعني : ذات الحنظل). ومن المتفق عليه بين الأزرقي والفاكهي أن (رحا) في الحرم ، فكيف تكون من حدود الحرم؟ وأيضا فإن (الرحا) هي ردهة ، فكيف تكون ثنية؟ ثم انّ الأزرقي والفاكهي جعلا (رحا) بين أنصاب المصانيع وبين ذات الجيش. وأنصاب المصانيع معروفة وتبعد عن ثنية (ذات الحنظل) حوالي (٥) كم إلى شمالها الغربي ، وذات الجيش تشمل منطقة (المقتلة) وجانبها الغربي حتى تحيط بردهة الراحة من الغرب ، فكيف إذن تكون (رحا) هي ذات الحنظل؟


مكة ، ويخاف؟ فرحلنا حتى قدمنا عليه في الموسم ، فواعدناه شعب العقبة ، فقال عمّه العباس ـ رضي الله عنه ـ : يا ابن أخي ، إنّي لا أدري ما هؤلاء القوم الذين جاؤوك ، إنّي ذو معرفة بأهل يثرب ، فاجتمعنا عنده صلّى الله عليه وسلم من رجل ورجلين ، فلمّا نظر العباس ـ رضي الله عنه ـ في وجوهنا ، فقال : هؤلاء قوم لا أعرفهم ، هؤلاء أحداث. فقلنا : يا رسول الله ، على ما نبايعك؟ فقال صلّى الله عليه وسلم : «تبايعوني على السمع والطاعة على النشاط والكسل ، وعلى النفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وعلى أن تقولوا في الله ، لا يأخذكم فيه لومة لائم ، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم ، فتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ، ولكم الجنة». فقمنا نبايعه ، فأخذ بيده صلّى الله عليه وسلم أسعد بن زرارة ـ رضي الله عنه ـ وهو أصغر السبعين إلّا أنا.

٢٥٤٠ ـ فحدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي خالد ، عن الشعبي ، قال : لمّا جاءت الأنصار ، وعدهم النبي صلّى الله عليه وسلم العقبة ، فأتاهم ، ومعه العباس ـ رضي الله عنه ـ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «يا معشر الأنصار تكلّموا وأوجزوا ، فإنّ علينا عيونا». فقال أبو أمامة أسعد بن زرارة ـ رضي الله عنه ـ : اشترط لربّك ، واشترط لنفسك ، واشترط لأصحابك ، فقال صلّى الله عليه وسلم : «أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، ولنفسي : أن تمنعوني ممّا تمنعون منه أنفسكم ، ولأصحابي : المساواة في ذات أيديكم»ثم خطب خطبة لم يخطب المرد ولا الشيب خطبة مثلها. قال : فما لنا؟ قال : «الجنّة». قال : أبسط يدك فأنا أول من بايعك.

__________________

٢٥٤٠ ـ إسناده مرسل.

رواه ابن أبي شيبة ١٤ / ٥٩٨ ـ ٥٩٩ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ٤٥١ كلاهما من طريق اسماعيل بن أبي خالد ، به.


ثمّ رجعنا إلى حديث جابر ـ رضي الله عنه ـ :

قال : فقال ـ يعني : أبا أمامة ـ رضي الله عنه ـ : رويدا يا أهل يثرب ، إنّا لم نضرب إليه أكباد المطيّ إلّا ونحن نعلم أنّه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وإنّ إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة / وقتل خياركم ، وأن تعضّكم السيوف ، فإمّا أنتم قوم تصبرون عليها إذا مسّتكم ، وقتل خياركم ، ومفارقة العرب كافة ، فخذوه ، وأجركم على الله ، وامّا أنتم تخافون على أنفسكم خيفة ، فذروه فهو أعذر لكم عند الله. فقالوا : يا سعد أمط عنه يدك ، فو الله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها. قال : فقمنا إليه رجلا رجلا يأخذ علينا بشرط العباس ـ رضي الله عنه ـ ويعطينا على ذلك الجنّة.

٢٥٤١ ـ وحدّثني عبد الملك بن محمد ، عن زياد بن عبد الله ، قال : قال ابن اسحاق : حدّثني محمد بن أبي أمامة بن [سهل](١) ابن حنيف ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، قال : كنت مع أبي كعب بن مالك حين ذهب بصره ، وكنت إذا خرجت معه إلى الجمعة [فسمع](٢) الأذان صلى [على](٣) أبي أمامة أسعد بن زرارة ، قال : فمكث على ذلك حينا لا يسمع الأذان للجمعة إلّا صلى عليه واستغفر له. قال : فقلت في نفسي : إنّ هذا يعجزني أن لا أسأله؟ ما له إذا سمع الأذان بالجمعة صلّى على أبي أمامة أسعد بن زرارة؟ قال : فخرجت به يوم الجمعة كما كنا نخرج ،

__________________

٢٥٤١ ـ إسناده حسن.

رواه ابن هشام في السيرة ٢ / ٧٧ ، والحاكم ٣ / ١٨٧ كلاهما من طريق : ابن اسحاق ، به.

(١) في الأصل (سهيل).

(٢) زدتها من المستدرك.

(٣) في الأصل (فصلى) والتصويب من السيرة.


فلما سمع الأذان بالجمعة صلّى عليه ، واستغفر له. قال : فقلت : يا أبه ما لك إذا سمعت الأذان بالجمعة صلّيت على أبي أمامة أسعد بن زرارة؟ فقال : أي بني ، أوّل من جمّع بنا بالمدينة في هزم من حرّة بني بياضة ، مكان يقال له : نقيع الخضمات. قال : قلت له : وكم كنتم يومئذ؟ قال : أربعون رجلا.

٢٥٤٢ ـ حدّثنا عبد الملك بن محمد ، عن زياد بن عبد الله ، قال : قال ابن اسحاق : فحدّثني معبد بن كعب بن مالك أخو بني سلمة ، أن [أخاه](١) عبيد الله بن كعب بن مالك ـ وكان من أعلم الأنصار ـ حدّثه أن أباه كعب بن مالك ، ـ وكان كعب ممن شهد العقبة ، وبايع رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : فخرجنا في حجّاج قومنا من المشركين ، وقد فقهنا وصلّينا ، ومعنا البراء ابن معرور ـ رضي الله عنه ـ سيدنا وكبيرنا ، فلما وجّهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة ، قال البراء بن معرور ـ رضي الله عنه ـ : يا هؤلاء اني قد رأيت رأيا ، والله ما أدري أتوافقوني عليه أم لا؟ فقلنا : ما هو؟ قال : تصلّون إلى الكعبة! قال : قلنا : ما أمرنا نبيّنا صلّى الله عليه وسلم ، نصلي إلّا إلى الشام. وما نريد أن نخالفه.

قال : اني لمصلّ إليها. قال : قلنا : لا تفعل. قال : فكنّا إذا حضرت الصلاة نصلي إلى الشام ويصلي إلى الكعبة ، حتى قدمنا مكة وقد عبنا عليه ما صنع ،

__________________

٢٥٤٢ ـ إسناده حسن.

رواه ابن هشام في السيرة ٢ / ٨١ ـ ٨٥ ، وأحمد في المسند ٣ / ٤٦٠ ـ ٤٦٢ ، والطبري في التاريخ ٢ / ٢٣٧ ، والطبراني في الكبير ١٩ / ٨٧ ـ ٩٠ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ٤٤٤ ـ ٤٤٨ كلهم من طريق : ابن اسحاق به. وذكره الهيثمي في المجمع ٦ / ٤٥ ، وعزاه لأحمد والطبراني ، وقال : رجال أحمد رجال الصحيح ، غير أن ابن اسحاق ، قد صرّح بالسماع.

(١) في الأصل (أباه) وهو خطأ.


وأبى إلّا الإقامة عليه. قال : فلما قدمنا مكة ، قال : يا أخي أنطلق إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى أسأله عما صنعت في سفري هذا ، فإني والله لقد وقع في نفسي منه شيء لما رأيت من خلافكم ايّاي فيه ، فخرجنا نسأل عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكنا لا نعرفه ، لم نره قبل ذلك ، فلقينا رجلا من أهل مكة ، فسألناه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال : هل تعرفونه؟ قال : قلنا : لا. قال : فهل تعرفون العباس بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ؟ قال : قلنا نعم ـ وكنا نعرف العباس ، كان لا يزال يقدم علينا تاجرا ـ قال : فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس ـ رضي الله عنه ـ ، فدخلنا المسجد ، فإذا العباس ـ رضي الله عنه ـ جالس ورسول الله صلّى الله عليه وسلم معه جالس. فسلّمنا ، ثم جلسنا إليه ، فقال / النبي صلّى الله عليه وسلم للعباس ـ رضي الله عنه ـ : هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟ قال : نعم ، هذا البراء بن معرور ، سيد قومه ، وهذا كعب بن مالك ، قال : فو الله ما أنسى قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم : الشاعر؟ ـ يريد كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : نعم ، قال : فقال البراء بن معرور ـ رضي الله عنه ـ : يا نبي الله إني قد خرجت في سفري هذا ، وقد هداني الله ـ تعالى ـ إلى الإسلام ، فرأيت ألا [أضع](١) هذه البنيّة بظهر ، فصليت إليها ، وقد خالفني أصحابي في ذلك ، حتى وقع في نفسي من ذلك شيء ، فماذا ترى يا رسول الله؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «قد كنت على قبلة لو صبرت عليها».

قال : فرجع البراء ـ رضي الله عنه ـ إلى قبلة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فصلّى معنا إلى الشام. وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات ، وليس كذلك كما قالوه ، ونحن أعلم به منهم.

ثم خرجنا إلى الحج ، وواعدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام

__________________

(١) في الأصل (أضيّع).


التشريق ، فلما فرغنا من الحج ، وكانت ليلة التي واعدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق ، ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام ـ أبو جابر ـ سيّد من ساداتنا ، وكلنا يكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا ، فكلّمناه ، وقلنا : يا أبا جابر إنك سيّد من ساداتنا ، وشريف من أشرافنا ، وانّا نرغب بك عما أنت عليه أن تكون حطبا للنار غدا ، ثمّ دعوناه إلى الإسلام ، وأخبرناه بميعادنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم العقبة. قال : فأسلم وشهد معنا من رجالنا لميعاد رسول الله صلّى الله عليه وسلم مستخفين تسلل القطا ، إذ اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن سبعون رجلا ، منهم امرأتان ، نسيبة بنت كعب ، أم [عمارة](١) ، احدى بني عامر بن النجار ، وأسماء بنت عمرو بن عدي بن نابي احدى بني سلمة ، وهي : أم منيع. قال : فاجتمعنا بالشعب ، ننتظر رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى جاءنا ليلتئذ عمّه العباس بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ وهو يومئذ على دين قومه ، إلّا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ، فيوثّق له ، فلما جلسنا كان العباس ـ رضي الله عنه ـ أوّل من تكلّم ، فقال : يا معشر الخزرج ـ قال : وكانت العرب يسمّون هذا الحي من الأنصار الخزرج أوسها وخزرجها ـ إنّ محمدا صلّى الله عليه وسلم منّا حيث علمتم ، وقد منعناه من قومنا ، [ممن] هو على رأينا ، وهو في عزّ من قومه ، ومنعة من بلده.

قال : قلنا : ما قلت. فتكلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فدعى إلى الله ـ تعالى ـ ورغّب في الإسلام ، ثم قال صلّى الله عليه وسلم : «أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم».

قال : فأخذ البرآء بن معرور ـ رضي الله عنه ـ بيده ، ثم قال : نعم ، والذي بعثك بالحقّ لنمنعنّك مما نمنع منه أزرنا (٢) يا رسول فبايعنا ، فنحن والله

__________________

(١) في الأصل (عمّار).

(٢) أزرنا ، أي : نساءنا ، أو : أنفسنا. الروض الأنف ٤ / ١١٩.


أهل الحروب ، وأهل الحلقة ، ورثناها كابرا عن كابر. فاعترض القول والبراء يكلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن التيهان ـ حليف بني عبد الأشهل ـ فقال : يا رسول الله ، إنّ بيننا وبين الناس حبالا ، وإنّا قاطعوها ، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟

قال : فتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وقال : «بل الدم بالدم ، والهدم / بالهدم ، أنا منكم وأنتم منّي ، دمي مع دمائكم ، وهدمي مع هدمكم ، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم».

وقد قال لهم النبي صلّى الله عليه وسلم «أخرجوا إليّ اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم». فأخرجوا منهم اثنى عشر رجلا ، تسعة من الخزرج ، وثلاثة من الأوس.

٢٥٤٣ ـ وحدّثني عبد الملك بن محمد ، عن زياد بن عبد الله ، قال : قال ابن اسحاق : وأما [معبد](١) بن كعب بن مالك فحدّثني عن أخيه ـ عبد الله ابن كعب ، عن أبيه كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يقول : أوّل من ضرب على يد رسول الله صلّى الله عليه وسلم البراء ابن معرور ـ رضي الله عنه ـ وتتابع القوم. فلما بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم صرخ الشيطان من رأس العقبة بأبعد صوت سمعته قط : يا أهل الجباجب ـ والجباجب : المنازل ـ هل لكم في مذمّم والصبّاء ، وقد اجتمعوا على حربكم؟

ـ والمذمّم من كلام العرب : المهين الكسير ـ.

__________________

٢٥٤٣ ـ إسناده حسن.

رواه ابن هشام في السيرة ٢ / ٨٩ ـ ٩١ مكملا للخبر السابق ، وكذا في المراجع السابقة.

(١) في الأصل (سعيد) وهو خطأ.


قال الشاعر في ذلك :

حاموا على من عاب غير مذمّم

سكن الصريحة من بقيع الغرقد

ثم رجعنا إلى حديث ابن اسحاق :

قال : فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : ما يقول عدوّ الله؟ ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «هذا ابن أزيب ، تسمع يا عدوّ الله ، أما والله لأفرغنّ لك». ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «ارفضّوا إلى رحالكم».

قال : فقال له العباس بن عبادة بن نضلة : والذي بعثك بالحق ، ان شئت لنميلنّ على أهل منى غدا بأسيافنا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «لم أؤمر بذلك».

قال : فرجعنا إلى مضاجعنا ، فنمنا ، حتى أصبحنا ، فلمّا أصبحنا غدت علينا جلة من قريش حتى جاؤونا في منازلنا. قال : فقالوا : يا معشر الخزرج ، قد بلغنا أنكم جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجوه من بين أظهرنا ، وتبايعونه على حربنا ، وانه والله ما من العرب أحد [أبغض](١) إلينا من أن تشبّ الحرب بيننا وبينه منكم. قال : فأتبعه هنالك قوم من قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شيء ، وما علمناه. وصدقوا ، لم يعلموا ما كان منّا. وبعضنا ينظر إلى بعض. قال ثم قام القوم وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي وعليه نعلان جديدان ، فقلت كلمة كأنّي أريد أشرك القوم فيما قالوا : يا أبا جابر ، أما تستطيع وأنت سيّد من ساداتنا أن تتخذ نعلا مثل نعل هذا الفتى من قريش؟ فسمعها الحارث ، فخلعها ثم رمى بها إليّ. قال : فقلت : والله لا أردّها ، فأل صالح قال : والله ، لئن صدق الفأل لأسلبنّه.

هذا حديث كعب بن مالك عن العقبة وما حضر منها ، فجميع من شهد

__________________

(١) ألحقتها من ابن هشام.


العقبة من الأوس والخزرج سبعون رجلا ، وقد حضر البيعة منهم امرأتان يزعمون أن قد بايعتا.

٢٥٤٤ ـ حدّثني عبد الملك بن محمد ، عن زياد بن عبد الله ، عن ابن اسحاق ، قال : حدّثني يزيد بن أبي حبيب ، عن مرثد بن عبد الله اليزني ، عن أبي عبد الله ـ عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي ـ ، عن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ قال : كنت ممّن حضر العقبة الأولى ، اثنا عشر رجلا ، بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم على بيعة النساء ، وذلك قبل أن تفترض الحرب.

٢٥٤٥ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي ادريس الخولاني ، قال : إنه سمع عبادة بن الصامت / يذكر البيعة. قال ـ رضي الله عنه ـ : بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مجلسه. فقال : «تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا. فقرأ علينا الآية ، فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا ، فعوقب به فهو كفّارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئا ، فستره الله ـ تعالى ـ عليه ، فهو إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ إن شاء عذّبه ، وإن شاء غفر له.

٢٥٤٦ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، ومحمد بن منصور ، قالا : ثنا سفيان ،

__________________

٢٥٤٤ ـ إسناده حسن.

رواه الحاكم ٢ / ٦٢٤ من طريق ابن اسحاق ، به. ورواه البخاري ٧ / ٢١٨ ، ومسلم ١١ / ٢٢٤ كلاهما من طريق : الليث ، عن يزيد ، به بنحوه.

٢٥٤٥ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٥ / ٣٢٠ ، والبخاري ١ / ٦٤ ، ومسلم ١١ / ٢٢٢ ، والترمذي ٦ / ٢١٨ ، والنسائي ٧ / ١٤١ ـ ١٤٢ كلهم من طريق : الزهري ، به.

٢٥٤٦ ـ إسناده صحيح.

رواه البخاري ٧ / ٢١٩ عن علي بن المديني ، عن سفيان ، به.


عن عمرو بن دينار ، قال : سمعت جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ يقول شهد بي خالاي العقبة.

تسمية

من شهد العقبة من الأنصار

٢٥٤٧ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ، قال : ثنا محمد بن فليح بن سليمان ، عن موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب.

قال أبو يوسف : وقد ثبّت في ذلك ، قال : هذه تسمية من شهد العقبة :

من بني سلمة :

البراء بن معرور بن صخر ، وهو نقيب ، وهو أول من أوصى بثلث ماله وهو ببلده.

وعبد الله بن عمرو بن حرام ، وهو نقيب.

ورافع بن مالك بن العجلان ، نقيب.

وأبو أمامة أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة ، نقيب.

ومن بني عبد الأشهل :

أبو الهيثم بن التيهان ، نقيب.

وأسيد بن الحضير بن سماك ، نقيب.

ومن بني عمرو بن عوف :

سعد بن خيثمة ، نقيب.

وعبد الله بن رواحة ، نقيب.

__________________

٢٥٤٧ ـ إسناده حسن إلى الزهري.

أنظر سيرة ابن هشام ٢ / ٩٧ ـ ١١٠ ، وأنساب الأشراف ١ / ٢٤٠ ـ ٢٥٢ ، وسبل الهدى والرشاد ٣ / ٢٩٣ ـ ٣٠٧.


وسعد بن الربيع ، نقيب.

وعبادة بن الصامت ، نقيب.

والمنذر بن عمرو ، نقيب.

وسعد بن عبادة بن دليم ، نقيب.

وقال عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن خيثمة : لم يشهد سعد بن خيثمة العقبة.

فهؤلاء النقباء.

وبشر بن البراء بن معرور ، وهو الذي أكل مع النبي صلّى الله عليه وسلم من الشاة التي سمّ فيها يوم خيبر.

ومعقل بن المنذر.

وطفيل بن النّعمان.

وطفيل بن مالك.

وجبّار بن صخر.

و [يزيد] بن خذام.

ومسعود بن يزيد.

وثابت بن الجذع. واسم الجذع : ثعلبة بن [زيد].

وعمير بن الحارث.

وجابر بن عبد الله بن عمرو.

ومعاذ بن جبل.

وكعب بن مالك.

وخالد بن [عمرو](١).

__________________

(١) في الأصل (ابن أبي عمرو) وهو خطأ.


وأبيّ بن كعب.

وخالد بن عمرو بن أبي كعب.

وعمرو بن عنمة.

وثعلبة بن عنمة.

وأبو اليسر ، واسمه : كعب بن عمرو.

ويزيد بن عامر بن حديدة.

وقطبة بن عامر.

وصيفيّ بن أسود.

وعبد الله بن أنيس.

وسليم بن عمرو.

وسنان بن صيفي بن خنساء.

والمختار بن حارثة. ويقال : الضحّاك بن حارثة.

ومسعود بن [يزيد](١) بن سبيع.

وعامر بن نابئ [بن زيد](٢).

ويقال : أم [شباث](٣) شهدت العقبة ، وكانت على رحال القوم ، وهي بنت سبيع (٤) ، وهي أم منيع [بنت](٥) عمرو.

وعبّاد بن قيس بن عامر بن [خالد](٦).

__________________

(١) في الأصل (زيد) وهو خطأ.

(٢) في الأصل (عامر بن زريع بن نابي) وهو خطأ ، والتصويب من المراجع.

(٣) في الأصل (أم سنان) وهو تحريف ، صوّبته من الاصابة ٤ / ٤٧٧ ، وسبل الهدى ٣ / ٣٠٧.

(٤) كذا في الأصل ، وهو غريب ، إذ لم أجد أحدا ذكر أباها بهذا الاسم ، إنما سمّوها : أسماء بنت عمرو ابن بن عدي بن نابي بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة.

(٥) في الأصل (ابن).

(٦) في الأصل (الحارث) والتصويب من المراجع.


وأبو خالد (١) ، الحارث بن قيس بن خالد بن مخلّد.

وذكوان بن عبد قيس بن خلدة.

ومن بني بياضة بن زريق :

زياد بن لبيد بن ثعلبة.

وفروة بن عمرو [بن وذفة](٢) بن عبيد بن عامر بن بياضة.

ومن بني النجّار ثم من بني مازن :

قيس بن أبي صعصعة ، واسم أبي صعصعة : عمرو بن زيد بن عوف.

وعمرو بن غزيّة بن عمرو بن ثعلبة.

ومن بني [عمرو بن](٣) مالك بن النجّار ثم من بني حديلة :

أوس بن ثابت بن المنذر.

وأبو طلحة زيد بن سهل بن حرام.

ومن بني النجار [من بني](٤) عمرو بن مبذول ، واسم [مبذول](٥) :

عامر بن مالك / :

[سهل](٦) بن [عتيك](٧) بن النّعمان.

ومن بني غنم بن مالك بن النجار :

أبو أيوب ، خالد بن زيد.

وعمارة بن حزم بن زيد بن لوذان.

__________________

(١) في الأصل (ابن الحارث) وهو خطأ.

(٢) في الأصل (وورقة) والتصويب من المراجع.

(٣) زيادة من ابن هشام.

(٤) زيادة من المراجع.

(٥) في الأصل (أبي مبذول) والتصويب من المراجع.

(٦) في الأصل (وسهل) وهو خطأ ، أنظر المراجع.

(٧) في الأصل (عبيد) وهو خطأ.


ومعاذ بن عفراء.

وعوف بن الحارث [بن رفاعة](١).

وأبيّ بن كعب.

وسلمة بن سلامة بن وقش من بني عبد الأشهل.

ومن بني حارثة بن الحارث :

ظهير بن رافع.

وأبو بردة بن نيار ، حليف من بلى.

و [نهير](٢) بن الهيثم.

ومن بني ظفر :

قتادة بن النّعمان.

ومن بني عمرو بن عوف.

رفاعة بن [عبد المنذر](٣).

وعبد الله بن جبير.

ومن حلفائهم :

معن بن عديّ.

ومن بني الحارث بن الخزرج :

عبد الله بن الربيع.

وأبو مسعود ، عقبة بن عمرو بن ثعلبة.

وعبد الله بن زيد بن عبد ربّه ، الذي أري النداء.

__________________

(١) هذه الزيادة ذكرها في الإسم الذي يليه فقال (وأبيّ بن كعب بن رفاعة) وهذا خطأ ، ورفاعة جد عوف وليس جد أبيّ.

(٢) في الأصل (زهير) وهو تحريف.

(٣) في الأصل (المنذر) والزيادة من المراجع.


وخارجة بن زيد بن أبي زهير.

وخلّاد بن سويد بن ثعلبة.

وبشير بن سعد بن ثعلبة.

ومن بني سالم بن عوف ، و [غنم](١) بن عوف ، من بني الحلبي : عباس ابن عبادة بن نضلة. وكان خرج إلى النبي صلّى الله عليه وسلم بمكة ثم قدم المدينة فكان يقال له : المهاجر.

وأبو عبد الرحمن (٢) ، يزيد بن ثعلبة (٣).

وعقبة بن وهب بن كلدة ، وهو من قيس عيلان ، حليف لبني [غنم](٤) ابن عوف.

ورفاعة بن عمرو بن زيد ، كان خرج إلى النبي صلّى الله عليه وسلم ثمّ رجع مهاجرا.

ومن بني ساعدة بن كعب.

سعد بن عبادة بن دليم ، وهو نقيب.

و [منذر](٥) بن عمرو ، وهو نقيب.

وكان الناس قد انقضّت عليهم بمنى في أيام الحج صخرة ، وذلك أن الأمطار توالت بمكة ، فانقضّت هذه الصخرة من الجبل من ناحية العقبة ، فقتلت جماعة من الحاج وذلك في سنة (٦).

__________________

(١) في الأصل (جشم) وهو خطأ.

(٢) في الأصل (بن يزيد) وهو خطأ.

(٣) في الأصل (ومن بني الحبلى : يزيد بن ثعلبة) فحذفتها لأنها مكررة.

(٤) في الأصل (جشم) وهو خطأ.

(٥) في الأصل (ومسعود) وهو تحريف.

(٦) كذا في الأصل.


ذكر

منى وحدودها ، ومن كان يردّ الناس من العقبة

أن يبيتوا من ورائها والعمل بها في أيام التشريق

٢٥٤٨ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني يحيى بن محمد بن ثوبان ، عن رباح ، عن الزنجي بن خالد ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : حدّ منى رأس العقبة ، مما يلي منى إلى المنحر.

ويقال : سميت منى لاجتماع الناس بها. والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس : منى.

__________________

٢٥٤٨ ـ رباح ، هو : ابن محمد السهمي ، لم أعرف حاله ، وكذلك يحيى بن محمد بن ثوبان.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٢ من طريق : الزنجي. ونقله الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٣١٩ عن الفاكهي ، ثم قال : وقوله (إلى المنحر) تصحيف صوابه (محسر) لأنه حد منى من جهة المزدلفة.

قلت : هذا هو حد منى على ما روي عن عطاء والشافعي ـ رحمهما الله ـ : من مبتدأ جمرة العقبة إلى وادي محسّر. ومبتدأ الجمرة هو : مجتمع الحصا ، لا نفس الشاخص ولا مسيل الحصى ، كما نقل عن الإمام الشافعي ، هذا هو الحد الغربي. أما الحد الشمالي فهو الجبل المسمّى (القابل) وما أقبل منه على منى فهو منها. والحد الجنوبي هو : الجبل المسّمى (الصايح) وما أقبل منه على منى فهو منها.

والحد الشرقي فهو وادي محسّر ، وليس الوادي من منى. وعرضه (خمسمائة ذراع وأربعون ذراعا) على ما ذكره الأزرقي. وقد ذكر الشيخ رحمة الله السندي أن أول محسّر هو : القرن المشرف من الجبل الذي على يسار الذاهب إلى منى ، ولم يذكر آخره ، غير أن الشيخ عبد الغني ذكر آخره نقلا عن الشيخ حنيف المرشدي حيث قال : وطوله ميل ، وقيل : خمسمائة وخمسة وأربعون ذراعا. أنظر ارشاد الساري (١٤٧). والواقع أن طول محسّر أكثر من ذلك إذا اعتبرناه من صدوره حتى مسيله ، والظاهر أن رافده الشمالي الشرقي داخل في منى والله أعلم.


واسم الجبل الذي مسجد الخيف بأصله : الصائح. ويقال : اسم الصائح : صبّ. واسم الجبل الذي على وجاهه على يسارك إذا أتيت منى : القابل.

٢٥٤٩ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني ، يحيى بن محمد ، عن سليم ، عن ابن جريج ، أنه قال : كل منى إذا هبطت من محسر ما صعدت في بطن المسيل فأنت في منى إلى العقبة عند جمرة العقبة.

٢٥٥٠ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمر ، عن محمد بن المنكدر ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : «منى كلها منحر ، وفجاج مكة كلها منحر».

٢٥٥١ ـ وحدّثنا عبد الله بن هشام ، قال : حدّثنا يحيى بن سعيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال نبي الله صلّى الله عليه وسلم : «قد نحرت ها هنا ومنى كلها منحر».

٢٥٥٢ ـ حدّثنا أبو بكر الطرطوسي ، قال : ثنا عمرو بن قسيط الرقي

__________________

٢٥٤٩ ـ يحيى بن محمد بن ثوبان لم أقف عليه وبقية رجاله موثقون.

٢٥٥٠ ـ إسناده صحيح.

٢٥٥١ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٣ / ٣٢٦ ، ومسلم ٨ / ١٩٥ ، وأبو داود ٢ / ٢٥٤ ، والبيهقي ٥ / ٢٣٩ كلهم من طريق : جعفر بن محمد ، به.

٢٥٥٢ ـ إسناده حسن.

جدة يحيى بن حصين ، هي : أم حصين.

رواه الطبراني في الكبير ٢٥ / ١٥٧ من طريق : عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن يحيى بن حصين ، عن جدّته قالت : رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم غاديا إلى منى ...


الشامي ، ثنا [عبيد الله](١) بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن [يحيى ابن حصين ، عن جدّته ، قالت](٢) ، رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم / غاديا إلى منى ، وبين يديه بلال معه عصا عليها ثوب يستره من الشمس.

٢٥٥٣ ـ حدّثنا محمد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا الوليد بن مسلم ، قال : حدّثني عثمان بن أبي عاتكة الأزدي ، قال : حدّثني علي بن يزيد الهلالي ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ عمّن أخبره ، أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم رائحا إلى منى ، يقدم موكبه ، وبلال ـ رضي الله عنه ـ إلى جنبه ، معه عود عليه ثوب أو شيء يظلّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

٢٥٥٤ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، قال : حدّثني خمسة أو ستة ، منهم : أيوب بن موسى ، قال أحدهم : عن أسلم عن عمر

__________________

الحديث. ورواه أحمد ٦ / ٤٠٢ ، ومسلم ٩ / ٤٥ ، وأبو داود ٢ / ٢٢٨ ثلاثتهم من طريق : زيد بن أبي أنيسة ، عن يحيى بن حصين ، عن جدته ، قالت : ...... الحديث.

ورواه ابن سعد ٢ / ١٨٤ ـ ١٨٥ ، والنسائي ٧ / ١٥٤ من طريق : يحيى بن حصين ، عن جدّته قالت ... الحديث.

٢٥٥٣ ـ إسناده ضعيف.

محمد بن عبد الرحمن ، هو : ابن سهم الأنطاكي. وعلي بن يزيد الهلالي ، ويقال : الألهاني : ضعيف. التقريب ٢ / ٤٦.

رواه ابن سعد ٢ / ١٧٧ ، وأحمد ٥ / ٢٦٨ ، والطبراني في الكبير ٨ / ٢٦٧ ثلاثتهم من طريق : الوليد بن مسلم ، به.

وذكره الهيثمي في المجمع ١ / ٢٣٢ وعزاه لأحمد والطبراني.

٢٥٥٤ ـ إسنادهما صحيح.

رواه مالك في الموطأ ٢ / ٣٦٨ ، وابن أبي شيبة ١ / ١٨٤ أ ، والأزرقي ٢ / ١٧٢ ثلاثتهم من طريق : نافع عن ابن عمر به.

(١) في الأصل (عبد الله).

(٢) في الأصل (حبيب بن عبد الرحمن عمّن حدثه ، قال) وهو تحريف صوّبته من المراجع السابقة.


ـ رضي الله عنه ـ ، وقال الآخر : عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : لا يبيتن أحد من الحاجّ من وراء جمرة العقبة. وكان يرسل رجالا فلا يجدون أحدا شذّ إلّا أدخلوه.

٢٥٥٥ ـ قال ابن أبي عمر : ووجدت في مكان آخر : سفيان ، عن أيوب ابن موسى ، عن نافع ، عن أسلم ، نحوه.

قال سفيان : فأما اسماعيل بن أمية ، وأيوب [السختياني](١) ، فانهما كانا يخالفان فيه أيوب بن موسى ، يقولانه : عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر ـ رضي الله عنهما ـ نحوه.

٢٥٥٦ ـ حدّثنا [الحسن](٢) بن علي الحلواني ، قال : ثنا زيد بن حباب ، عن موسى بن عبيدة ، عن صدقة بن يسار ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ هذه السورة نزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق بمنى ، وهو في حجة الوداع (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) فعرف رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه الوداع.

__________________

٢٥٥٥ ـ إسناده صحيح.

٢٥٥٦ ـ إسناده ضعيف.

موسى بن عبيدة الربذي : ضعيف.

رواه البيهقي في السنن ٥ / ١٥٢ ، وفي الدلائل ٥ / ٤٤٧ من طريق : زيد بن الحباب ، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور ٦ / ٤٠٦ وعزاه لابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والبزار ، وأبي يعلى ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل.

(١) إسناده ضعيف.

(٢) في الأصل (الحسين) وهو خطأ.


٢٥٥٧ ـ حدّثنا يحيى بن أبي طالب ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال أنا حجاج بن أرطأة عن أبي يزيد ، مولى عبد الله بن الحارث عن أم جندب الأزدية ـ رضي الله عنها ـ ، قالت : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «أيها الناس ، لا تقتلوا أنفسكم عند جمرة العقبة ، وعليكم بمثل [حصى](١) الخذف».

٢٥٥٨ ـ حدّثنا [الحسن](٢) بن علي الحلواني ، قال : ثنا يعقوب بن ابراهيم بن سعد ، قال : ثنا أبي ، عن ابن اسحق ، قال : حدّثني يحيى بن أبي الأشعث ، عن اسماعيل بن إياس بن عفيف الكندي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كنت امرأ تاجرا ، فقدمت الحج ، فأتيت العباس بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ لأبتاع منه ، فو الله اني لعنده ـ بمنى ـ إذ خرج

__________________

٢٥٥٧ ـ إسناده حسن بالمتابعة.

أبو يزيد ، ذكره ابن حجر في «التعجيل ص : ٥٢٨»وسكت عنه.

رواه أحمد ٦ / ٣٧٦ ، وابن سعد ٨ / ٣٠٧ ، والبيهقي ٥ / ١٢٨ ثلاثتهم من طريق : يزيد ابن هارون. لكن رواه أحمد ٥ / ٢٧٠ ، وابن أبي شيبة ١ / ١٩٥ أ ، والحميدي ١ / ١٧٣ ـ ١٧٤ ، وأبو داود ٢ / ٢٧١ ، والطبراني في الكبير ٢٤ / ١٥٩ ، كلهم من طريق : يزيد بن أبي زياد ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن جدّته أم جندب ، قالت : فذكرته.

٢٥٥٨ ـ إسناده حسن.

رواه أحمد ١ / ٢٠٩ ـ ٢١٠ ، والبخاري في التاريخ الكبير ٧ / ٧٤ ـ ٧٥ ، والطبراني ١٨ / ١٠٠ ، والحاكم ٣ / ١٨٣ كلهم من طريق : يعقوب بن ابراهيم به. وقال البخاري بعده : لا يتابع في هذا. قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ورواه ابن سعد ٨ / ١٧ ـ ١٨ ، وابن الأثير في أسد الغابة ٤ / ٤٨ ـ ٤٩ بإسنادهما إلى أسد بن عبد الله البجلي ، عن ابن يحيى بن عفيف ، عن أبيه ، عن جده ، به. وذكره ابن حجر في الإصابة ٢ / ٤٨٠ وزاد نسبته للبغوي ، وابن أبي خيثمة ، وابن منده ، وصاحب الغيلانيات كلهم من طريق : يعقوب بن ابراهيم ، به.

(١) في الأصل (حذى).

(٢) في الأصل (الحسين).


رجل من خباء قريبا منه ، فنظر إلى الشمس ، فلما رآها مالت ، قام فصلى ، ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي خرج منه ذلك الرجل ، فقامت خلفه ، فصلّت ، ثم خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخباء فقام ، فصلى معه ، فقلت للعباس ـ رضي الله عنه ـ : من هذا يا عباس؟ قال : هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي صلّى الله عليه وسلم قلت : من هذه المرأة؟ قال : هذه المرأة خديجة بنت خويلد ـ رضي الله عنها ـ قلت : فمن هذا الفتى؟ قال : هذا علي بن أبي طالب ابن عمه ـ رضي الله عنه ـ قلت : فما هذا الذي يصنع؟ قال : يصلي ، ويزعم أنه نبي ، فلم يتبعه على أمره إلّا امرأته ، وابن عمه الفتى ، وهو يزعم أنه ستفتح عليه كنوز كسرى وقيصر.

قال : وكان عفيف ، وهو ابن عم الأشعث بن قيس ، يقول ـ وحسن اسلامه ـ : لو كان الله ـ تبارك وتعالى ـ هداني يومئذ فأكون ثانيا مع علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ.

٢٥٥٩ ـ حدّثنا أبو يحيى بن أبي مسرّة ، قال : ثنا خلّاد بن يحيى ، قال : ثنا سفيان ، قال (إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ)(١) قال : هي منى.

قال أبو يحيى : ولذلك العرب تسميها / : البلدة إلى اليوم.

فأقول أنا : وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم وقد خطب : «أيّ بلد هذا»قالوا : حرام.

__________________

٢٥٥٩ ـ إسناده حسن.

ذكره السيوطي في الدر المنثور ٥ / ١١٩ من قول أبي العالية الرياحي ، وعزاه لابن أبي حاتم.

(١) سورة النمل (٩١).


٢٥٦٠ ـ حدّثنا محمد بن يحيى الزمّاني ، قال : ثنا عبد الوهاب الثقفي ، قال : ثنا خالد ، عن [أبي مليح](١) عن نبيشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «ألا إنّ هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله ـ عزّ وجلّ ـ».

٢٥٦١ ـ حدّثنا أبو مروان ـ محمد بن عثمان ـ ويعقوب بن حميد ، ومحمد ابن أبي عمر ، قالوا : ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن عمرو بن سليم الزرقي ، عن أمه ـ رضي الله عنها ـ قالت : بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ يقول : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : «إنّ هذه أيام طعم وشرب ، فلا يصم أحد»فاتبع الناس وهو ـ رضي الله عنه ـ على جمله يصيح بذلك.

٢٥٦٢ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، وسعيد بن عبد الرحمن ، قالا : ثنا

__________________

٢٥٦٠ ـ إسناده صحيح.

خالد ، هو : الحذّاء.

رواه أحمد ٥ / ٧٥ ، ومسلم ٨ / ١٧ والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف ٩ / ٦) والبيهقي ٤ / ٢٩٧ أربعتهم من طريق هشيم ، عن خالد ، به.

٢٥٦١ ـ إسناده صحيح.

رواه النسائي في السنن الكبرى من طريق : قتيبة عن ليث ، عن ابن الهاد ، به. (تحفة الأشراف ٧ / ٤٦٩ ـ ٤٧٠).

٢٥٦٢ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ٤ / ٢٠ ، وابن خزيمة ٤ / ٣١٣ كلاهما من طريق : سفيان به. رواه أحمد ٣ / ٤١٥ وابن جرير في التفسير ٢ / ٣٠٤ كلاهما من طريق : عمرو بن دينار ، به.

ورواه ابن ماجه ١ / ٥٤٨ ، والبيهقي ٤ / ٢٩٨ كلاهما من طريق : حبيب بن أبي ثابت ، عن نافع ، به. وزاد ابن حجر في الإصابة ١ / ١٥٥ نسبته للدارقطني ، وأبي ذر الهروي ، وصححاه.

(١) في الأصل (ابن فليح) وهو خطأ إنما هو : أبو المليح الهذلي.


سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن بشر بن سحيم الغفاري ، ـ رضي الله عنه ـ قال : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث ينادي أيام منى : «لا يدخل الجنة إلّا نفس مؤمنة ، وإنها أيام أكل وشرب».

٢٥٦٣ ـ حدّثنا ابن أبي عمر ، وسعيد ، قالا : وحدّثنا سفيان ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث بديل ابن ورقاء الخزاعي ـ رضي الله عنه ـ بمثل ذلك وزاد فيه «وبعال».

٢٥٦٤ ـ حدّثنا أبو مروان محمد بن عثمان ، قال : ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن محمد بن أبي حميد ، عن اسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص ، عن جده ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لسعد ـ رضي الله عنه ـ : قم فصح في الناس : «إنّ أيام منى أيام أكل وشرب لا صوم فيها».

وفي هذا الباب أحاديث كثيرة اختصرناها.

٢٥٦٥ ـ حدّثنا الحسين بن عبد المؤمن ، قال : ثنا علي بن عاصم ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن زيد بن وهب ، قال : سأل أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ

__________________

٢٥٦٣ ـ إسناده مرسل.

رواه ابن سعد ٢ / ١٨٧ ، وابن أبي شيبة ٤ / ٢٠ كلاهما من طريق : محمد بن علي ، به. ورواه الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٥٠ من وجه آخر.

٢٥٦٤ ـ إسناده ضعيف.

رواه أحمد ١ / ١٦٩ من طريق : روح ، عن محمد بن أبي حميد المدني ، به.

٢٥٦٥ ـ إسناده ضعيف.

يزيد بن أبي زياد : ضعيف. التقريب ٢ / ٣٦٥.

ذكره ابن حجر في الاصابة ٧ / ١٥٠ وعزاه للفاكهي. ورواه البيهقي ١٠ / ٧٦ من طريق : جرير ، عن يزيد بن أبي زياد ، به. وقد رواه البخاري ٧ / ١٤٧ ، والبيهقي ١٠ / ٧٦ من طريق : قيس بن أبي حازم ، قال : فذكره بنحوه.


امرأة بمنى وهي في خيمة لها ماء يشربه ، توميء إليه ولا تكلمه ، فلم يزل بها حتى كلمته قالت : من أنت؟ قال : أنا رجل من قريش. قالت : قريش كثير ، فمن أيّهم أنت؟ قال : أنا أبو بكر. قالت : بأبي وأمي إنه كان بين قومي قتال في الجاهلية ، فنذرت إن أصلح الله بينهم أن أحجّ صامتة لا أتكلم.

فقال ـ رضي الله عنه ـ لها : تكلّمي فإنّ الإسلام هدم ما كان قبل ذلك.

٢٥٦٦ ـ وحدّثني الحسن بن عثمان ، قال : ثنا ابراهيم بن حمزة الزبيري ، قال : ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن رجل سمّاه ، عن ابن شهاب ، قال : كنت مع الوليد بن عبد الملك بمنى في بعض أيام التشريق ، فأخّر صلاة العصر حتى كادت الشمس أن تغرب ، فصاح به صائح من الجبل : الصلاة ، لا صلى الله عليك ، الصلاة ، لا صلى الله عليك ، الصلاة ، لا صلى الله عليك ، قال : فخنق من ساعته ، ثم لم يزل يختنق نتعاهده بعد ذلك حتى مات.

٢٥٦٧ ـ حدّثني أبو عمر الصوفي ، قال : حدّثني أحمد بن شبيب ، عن يزيد [بن] زريع ، عن سعيد ، عن قتادة ، قال : كانت شجرة عند الجمرة ، وكانت تعبد ـ يعني في الجاهلية ـ قال : فأمر السلطان بها فقطعت.

٢٥٦٨ ـ وحدّثنا محمد بن يوسف الجمحي ، قال : ثنا أبو قرّة ، قال :

__________________

٢٥٦٦ ـ في إسناده من لم يسمّ.

٢٥٦٧ ـ شيخ المصنف لم أقف عليه ، وبقية رجاله موثقون.

في الأصل (عن) وهو خطأ.

٢٥٦٨ ـ عبد الله بن عتبة بن طاوس لم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات.


سمعت عبد الله بن عتبة بن طاوس ، يذكر عن عمه [عبد الله](١) بن طاوس ، قال : ستكون بمنى / ملحمة تزلّ في دمائهم صغار الإبل ، ولا يزال الناس في فتنة حتى يصيح صائح من السماء : إنّ الأمير فلان.

٢٥٦٩ ـ حدّثنا حسين بن حسن ، قال : ثنا هشيم بن بشير ، عن عبد الملك ابن أبي سليمان ، عن عطاء أنه كان لا يرى بأسا بالانتفاع بشعور الناس التي تحلق بمنى.

٢٥٧٠ ـ حدّثنا سلمة بن شبيب ، قال : وحدّثنا عبد الرزاق ، قال : أنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : ان النبي صلّى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر ، ثم رجع فصلى الظهر بمنى.

قال : وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يفعل مثل ذلك.

٢٥٧١ ـ حدّثنا عبد السلام بن عاصم ، قال : ثنا أبو زهير ، قال : ثنا محمد بن اسحق ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر بمنى.

قال : وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ لا يصلي الظهر يوم التروية إلّا بمنى.

__________________

٢٥٦٩ ـ إسناده حسن.

ذكره ابن حجر في تغليق التعليق ٢ / ١٠٧ نقلا عن الفاكهي بسنده المذكور.

٢٥٧٠ ـ إسناده صحيح.

رواه مسلم ٩ / ٥٨ ، وأبو داود ٢ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، وابن خزيمة ٤ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، والبيهقي ٥ / ١٤٤ كلهم من طريق : عبد الرزاق ، به.

٢٥٧١ ـ إسناده حسن.

رواه مالك ٢ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨ عن نافع ، به. ومن طريق مالك رواه البيهقي ٥ / ١١٢.

(١) في الأصل (عبيد الله) وصوابه ما أثبت.


٢٥٧٢ ـ حدّثنا عبد الرحمن بن يونس السرّاج ، ويعقوب بن حميد ، قالا : ثنا حاتم بن اسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس ، وأمر صلّى الله عليه وسلم بقبّة له من شعر فضربت له بنمرة فسار.

٢٥٧٣ ـ حدّثنا حسين بن حسن ، قال : حدّثنا الثقفي ، قال : أنا عبيد الله ابن عمر ، قال نبئت أن القاسم وسالما كانا يقولان لأهل مكة إذا خرجوا إلى منى : قصّروا.

٢٥٧٤ ـ حدّثنا حسين ، قال : ثنا أسباط ، قال : ثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، قال : إنّ عطاء كان يقصر بمنى.

٢٥٧٥ ـ وحدّثنا علي بن عبد العزيز ، قال : ثنا مالك بن اسماعيل ، قال : ثنا عبد الرحمن بن عبد رب ، عن العلاء بن أبي العباس الشاعر المكي ، عن

__________________

٢٥٧٢ ـ إسناده صحيح.

تقدم تخريجه برقم (١٤١٠).

٢٥٧٣ ـ رجاله ثقات ، إلّا أن شيخ عبيد الله بن عمر لم أعرفه.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٧٢ أ و ٢ / ٤٥١ من طريق الثقفي به.

٢٥٧٤ ـ إسناده حسن.

واسباط : لعلّه : ابن نصر.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٧٨ أعن ابن فضيل ، عن عبد الملك ، به.

٢٥٧٥ ـ إسناده صحيح.

العلاء بن أبي العباس ، هو : العلاء بن السائب بن فرّوخ ، كان ابن عيينة يثني عليه (قاله البخاري في الكبير ٦ / ٥١٣). ووثقه ابن معين كما في الجرح ٦ / ٣٥٦. وذكره ابن حبان في الثقات ٧ / ٢٦٥.


أبي الطفيل ، عن عليّ ـ رضي الله عنه ـ قال : إنّ من ورائكم حجة ، شرّ [حجة](١) حجّها الأولون والآخرون ، ينتهب فيها الحاج حتى تتنتهب الأحلاس.

قال عليّ : معنى الحلس : الذي يكون على أسنمة الإبل.

٢٥٧٦ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان بن عيينة ، عن الوليد ابن كثير ، عن وهب بن كيسان. قال سفيان : أظنه قال : صلى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ العشاء ثم أقبل على الناس ، فقال : سبق أبو القاسم صلّى الله عليه وسلم بالخيرات ، وقد جاء ذكوان مولى مروان ، فأخبر أن الناس هادون ، قد قضوا نسكهم. قال : وكان جاء في يومين وليلة من منى إلى المدينة ، وهو الذي يقول :

أنا الذي كلّفتها سير ليلة

من أهل منى نصّا إلى أهل يثرب

٢٥٧٧ ـ حدّثنا محمد بن ادريس ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عبد الله بن مسلم ، عن ابراهيم بن يحيى ، أو عن يحيى بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن

__________________

٢٥٧٦ ـ إسناده صحيح.

٢٥٧٧ ـ إسناده ضعيف.

رواه الطبراني في الكبير ١ / ٣١٥ ، ١٧ / ١٧٠ ـ ١٧١ من طريق : أبي عاصم ، به.

وذكره الهيثمي في المجمع ٥ / ١٣٨ وعزاه للطبراني ، وقال : فيه عبد الله بن مسلم بن هرمز وهو ضعيف. وذكره السيوطي في الجامع الكبير ١ / ٥٩٣ وعزاه لابن سعد والبغوي والباوردي وأبي نعيم.

ويحيى بن ابراهيم : قال عنه ابن حجر في الاصابة بعد أن ذكر هذا الحديث : مجهول. ثم قال : وقد اختلف في سياقه عن أبي عاصم ، فقيل : يحيى بن عطاء بن ابراهيم ، وقيل : عن يحيى بن ابراهيم ، وقيل : عن يحيى بن ابراهيم بن عطاء ، عن أبيه ، عن جدّه ، حكاه ابن أبي حاتم ، وقيل غير ذلك أه. وقوّى الحافظ الرواية الأولى.

(١) سقطت من الأصل ويقتضيها السياق.


جده ، قال : كنت أمشي مع النبي صلّى الله عليه وسلم بمنى ، فقال : «يا أيها الناس قابلوا بين النعال».

٢٥٧٨ ـ حدّثنا أبو سعيد ـ عبد الله بن شبيب الربعي ـ قال : ثنا الزبير قال : حدّثني بكار بن رباح ـ مولى الأخنس بن شريق قال : حدّثني اسحق ابن مقمة ، عن أمه [قالت](١) سمعت ابن سريج على أخشب منى ليلة النفر ، وقد رفع عقيرته يتغنى :

جدّدي الوصل يا قريب وجودي

لحبيب (٢) فراقه قد ألمّا

ليس بين الرّحيل والبين الّا

أن يردّوا جمالهم فتزمّا

/ قال : فما تشاء أن تسمع من خباء أو مضرب حنينا أو بكاء إلّا سمعته.

٢٥٧٩ ـ حدّثنا أبو بشر ـ بكر بن خلف ـ قال : ثنا أبو بكر الحنفي ، قال : ثنا الضحاك بن عثمان ، قال : رأيت عروة بن الزبير قائما أيام منى ، وهو يذوق عسلا.

٢٥٨٠ ـ وحدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن [عبيد بن عمير](٣) قال : إنّ عمر بن الخطاب

__________________

٢٥٧٨ ـ رواه أبو الفرج في الأغاني ١ / ٢٩٣ من طريق : عبد الله بن شبيب ، به. والبيتان في ديوان عمر بن أبي ربيعة ص : ٣٩٣ باختلاف يسير.

٢٥٧٩ ـ إسناده حسن.

٢٥٨٠ ـ إسناده صحيح.

رواه البيهقي ٣ / ٣١٢ من طريق : يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، به.

وذكره الطبري في القرى ص : ٤٨٢ وعزاه لسعيد بن منصور.

(١) في الأصل (قال).

(٢) في الأغاني (المحب).

(٣) في الأصل (عبيد الله بن عمر) وهو خطأ صوبته من البيهقي.


ـ رضي الله عنه ـ كان يكبّر في قبّته بمنى ، فيكبّر أهل السوق بتكبيره حتى ترتّج منى تكبيرا.

٢٥٨١ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد المجيد بن أبي روّاد ، عن ابن جريج ، قال : قال عطاء : سمعنا أنّه يكره أن ينزل أحد دون العقبة إلينا هلمّ إلى مكة.

ذكر

التكبير بمنى ـ أيام منى ـ

والسنّة في ذلك

٢٥٨٢ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد المجيد بن أبي روّاد ، عن ابن جريج ، قال : التكبير أيام منى أوّله حين تنحرف عن الجمرة ، وآخره إلى الليل من آخر تلك الأيام.

قال ابن جريج : وقال عطاء : كان الأئمة يكبّرون خلف الصلوات بمنى أيام منى كلّها ، قبل أن يقوم الإمام بمنى. فأما بمكة فلا.

قال ابن جريج : فقال عطاء : سمعت [عبيد بن عمير](١) يقول : كان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يكبّر في قبته بمنى تلك الأيام ، فيسمعه

__________________

٢٥٨١ ـ إسناده حسن.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٢ بسنده إلى الزنجي ، عن ابن جريج ، به.

٢٥٨٢ ـ إسناده حسن.

أثر عمر تقدم تخريجه قريبا.

(١) في الأصل (عبيد الله بن عمر) وهو خطأ.


أهل المسجد ، فيكبّرون ، فيسمعهم أهل الأسواق أيضا ، فيكبرون حتى ترتجّ منى تكبيرا.

٢٥٨٣ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد المجيد ، عن ابن جريج ، قال : حدّثني ابن طاوس ، عن أبيه ، أنه كان ينكر قلّة تكبير الناس أيام منى.

قال ابن جريج : وأخبرني نافع ، أن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ كان يكبّر بمنى تلك الأيام ، وخلف الصلوات ، وعلى فراشه ، وفي الصلوات ، وفي فسطاطه ، وفي مجلسه ، وفي ممشاه تلك الأيام جميعا.

ذكر

لم سمّي الموسم : الموسم

وأيام التشريق : أيام التشريق

٢٥٨٤ ـ حدّثني ابراهيم بن يعقوب ، عن يحيى بن آدم ، قال : ثنا أبو حمّاد ، عن جابر ، قال : سألت أبا جعفر : لم سمّيت أيام التشريق؟ قال : لأنهم كانوا يشرقون للشمس بمنى في غير بيوت ولا أبنية في الحج.

__________________

٢٥٨٣ ـ إسناده حسن.

ذكره البيهقي في سننه ٣ / ٣١٢ معلقا.

٢٥٨٤ ـ إسناده ضعيف.

جابر الجعفي : ضعيف. وأبو حماد ، هو : الكوفي.

رواه ابن أبي شيبة ٤ / ١١٢ ـ ١١٣ عن سفيان ، عن جابر ، به.


٢٥٨٥ ـ وحدّثني أبو علي الفرضي ، عن رجل ـ ذهب عليّ اسمه ـ عن هشيم ، عن أبي بشر ، قال : كان القسري ـ خالد بن عبد الله ـ يسأل قتادة ، عن أيام التشريق : لأي شيء به سمّيت أيام التشريق؟ فقال : كانوا يشرّقون القديد ، فسألوني عن ذلك فأنشدتهم قول عباس بن مرداس السلمي :

موقوفة ينظر التشريق راكبها

كأنها في حبال الرمل مسلوس

٢٥٨٦ ـ وحدّثني جنيد ـ أبو بكر ـ ، قال : ثنا المقدّمي ، قال : أخبرني عمر بن علي المقدّمي ، عن سفيان بن حسين ، عن أبي بشر ، قال : إنّما سمي الموسم الموسم لأنّ الناس يتوسّم بعضهم فيه بعضا.

٢٥٨٧ ـ حدّثنا عبد الرحمن بن يونس ، ويعقوب بن حميد ، قالا : ثنا حاتم بن اسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم لما أتى محسّرا سلك على الطريق الوسطى التي تخرجك على الجمرة الكبرى حتى / أتى الجمرة التي عند الشجرة ، فرمى بسبع حصيات ، يكبّر مع كل حصاة منها.

__________________

٢٥٨٥ ـ في إسناده من لم يسمّ. وأبو بشر ، هو : جعفر بن أبي وحشية. والعبّاس بن مرداس تقدمت ترجمته بعد الخبر (٢٤٨٩).

وهذا الخبر ذكره السيوطي في الدر المنثور ١ / ٢٣٦ وعزاه لابن أبي الدنيا.

والمسلوس : اللين المنقاد.

٢٥٨٦ ـ إسناده ليّن.

جنيد بن حكيم بن جنيد الأزدي الدقاق ، قال الدارقطني : ليس بالقوي. تاريخ بغداد ٧ / ٢٤١. والمقدّمي ، هو : محمد بن أبي بكر.

٢٥٨٧ ـ إسناده صحيح.

تقدم برقم (١٤١٠).


ذكر

ما قيل من الشعر بمنى

وقد قال الناس فى منى ، وجمرة العقبة ، والنفر أشعارا كثيرة ، سنذكر بعضها :

قال بعض الشعراء :

ما دعانا إليه موقفنا

يوم التقينا بجانب العقبة

قد كنت لو لا محبتي لكم

من أغلظ الناس كلّهم رقبه

وقال كثيّر عزّة في منى :

تفرّق آلاف الحجيج على منى

وشتتهم شعث النوى صبح أربع

فريقان ، منهم سالك بطن نخلة

وآخر منهم سالك بطن تضرع

فلم أر دارا مثلها دار غبطة

ولهو إذا التفّ الحجيج بمجمع

أقلّ مقيما راضيا بمكانه

وآخر منهم طاعن لم يودّع

وأصبحت لا تلقى خباء عهدته

به غدوة أوتاده لم تنزّع

فشاقوك لما وجّهوا كل وجهة

فبانوا وخلّوا عن منازل بلقع

وقال آخر من العرب في منى والحج :

قالت عليّة لي فيما تحاولني

الا تحجّ؟ فقلت : الحجّ محظور

قالت : أرى الناس قد حجّوا ، فقلت لها :

ما حجّ ناس ولكن حجت العير

ولو حججت على ما تفعلين بنا

لم يقبل الحجّ حتى ينفخ الصور

لن يقبل الله من معشوقة عملا

يوما وعاشقها غضبان مهجور

وليس يأجرها في قتل عاشقها

لكنّ عاشقها في ذاك مأجور


وقال مجنون بني عامر ، أو غيره :

وناديت يوم النفر ، واشتقت للهوى :

هل الودّ ممن أدبر اليوم يرجع

فنوديت : أن لا ، [أوجر] القلب إنما

ثلاث منى وقت الحجيج المودّع

وقال جعفر الغنوى :

وناديت يوم النفر واشتقت للهوى :

هل الودّ ممن يرحل اليوم يقبل

فنوديت أن لا ، [أوجر] القلب إنما

ثلاث منى وقت الحجيج المؤجّل

٢٥٨٨ ـ وحدّثني أبو سعيد ـ عبد الله بن شبيب الربعي ـ قال : أنشدني الزبير بن أبي بكر :

فلمّا تقضّى الحجّ وانشعبت بنا

نوى غربة عمّن نحب شطون

رحلنا فشأمنا وراحوا فيمّنوا

وفاضت لروعات الفراق عيون

رحلنا وحاجات النفوس حوامل

ولم تقض من أهل الصفاء شجون

 / ذكر

منزل النبي صلّى الله عليه وسلم من منى وموضعه

صلّى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده وتفسير ذلك ...

٢٥٨٩ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن قال : ثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، عن ابن جريج قال : أخبرني عثمان بن أبي سليمان ، عن [عبد الله](١) بن

__________________

٢٥٨٨ ـ لم أقف على اسم قائل هذه الأبيات.

٢٥٨٩ ـ إسناده مرسل.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٣ من طريق : عبد المجيد بن أبي روّاد ، به. وذكره الطبري في القرى ص : ٤٧٩ ، ونسبه لأبي سعد في شرف النبوة ، والأزرقي.

(١) في الأصل (عبد الملك) وهو خطأ ، إنما هو : عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم.


أبي بكر قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلم : «إذا قدمنا منى ـ ان شاء الله تعالى ـ نزلنا الخيف».

والخيف مسجد منى التي تحالفوا علينا فيه. قال ابن جريج : قلت لعثمان : أيّ حلف؟ قال : الأحزاب.

٢٥٩٠ ـ وحدّثنا محمد بن أبي عمر ، وعبد الجبار بن العلاء ، قالا : ثنا سفيان ، عن حميد بن قيس ، عن محمد بن ابراهيم التيمي ، عن رجل من قومه يقال له ـ معاذ بن عثمان أو عثمان بن معاذ ـ من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلم يعلم الناس مناسكهم بمنى ، قال : وفتح الله ـ تعالى ـ اسماعنا حتى أنّا لنسمعه ونحن في رحالنا. قال : فنزل المهاجرون شعب المهاجرين ، ونزل الأنصار شعب الأنصار ، ونزل الناس منازلهم ، وعلم الناس مناسكهم وقال : «ارموا بمثل حصى الخذف».

٢٥٩١ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن قال : ثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، عن ابن جريج قال : أخبرني عثمان أيضا قال : أخبرني طلحة بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال : كان منزلنا ـ يريد أبا بكر ـ عند الصخرة التي عليها المنارة.

__________________

٢٥٩٠ ـ إسناده حسن.

رواه ابن سعد ٢ / ١٨٥ ، وابن أبي شيبة ١ / ١٧٦ ب ، والحميدي ٢ / ٣٧٦ ـ ٣٧٧ ، وأحمد ٤ / ٦١ ، وأبو داود ٢ / ٢٦٦ ، والنسائي ٥ / ٢٤٩ ، والأزرقي ٢ / ١٧٣ ، والبيهقي ٥ / ١٢٧ كلهم من طريق : حميد بن قيس ، عن محمد بن ابراهيم التيمي ، عن عبد الرحمن بن معاذ ، به. وذكره الحافظ في الاصابة ٢ / ٤٥٧ ثم قال : قد رواه عبد الوارث ، عن حميد بن قيس ، عن محمد بن ابراهيم ، عن عبد الرحمن بن معاذ أخرجه أبو داود والنسائي ، وهو المحفوظ أه.

٢٥٩١ ـ إسناده حسن.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٣ عن ابن أبي روّاد ، به.


قال ابن جريج : قال طاوس : نزل النبي صلّى الله عليه وسلم بمنى عن يسار مصلّى الإمام بمنى (١).

قال ابن جريج : وقال غير طاوس من أشياخنا مثل قول طاوس ، وزاد فيه : قال : وأمر النبي صلّى الله عليه وسلم بنسائه أن ينزلن حيث الدار دار منى ، وأمر الأنصار أن ينزلوا الشعب وراء الدور ، وقال للناس : «انزلوا»فأشار النبي صلّى الله عليه وسلم إلى نواحي منى (٢).

وقال بعض المكيين : الأحجار التي بين يدي المنارة هو موضع مصلى النبي صلّى الله عليه وسلم لم يزل أهل العلم يصلّون هنالك وهو مسجد العيشومة (٣).

٢٥٩٢ ـ وحدّثني محمد بن ميمون ، قال : سمعت سفيان بن عيينة ، قال : لما قدم صفوان بن سليم. قال : قلت : أين يجلس؟ قالوا : مما يلي المنارة فهو مما يليها بمنى قال : قلت : صفوه لي بشيء أتعرّفه ، قالوا : انك تعرفه بالخشوع إذا رأيته.

قال : فأتيت المسجد ، فإذا أنا بالشيخ فجلست إليه ، فقلت : من أهل المدينة رحمك الله؟ قال : نعم. قال : قلت : لا أسأل عنك أحدا.

__________________

٢٥٩٢ ـ إسناده حسن.

رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ ١ / ٦٦١ ، وأبو نعيم في الحلية ٣ / ١٦١ كلاهما من طريق سفيان ، به. وذكره الذهبي في سير النبلاء ٨ / ٣٦٦.

(١) رواه الأزرقي ٢ / ١٧٢ بسنده إلى ابن جريج ، عن الحسن بن مسلم ، عن طاوس ، به.

(٢) رواه الأزرقي ٢ / ١٧٢ ـ ١٧٣.

(٣) العيشومة : نبت طويل دقيق محدد الأطراف كأنه الأسل ، تتخذ منه الحصر الرقاق. اللسان ١٢ / ٤٠٣. والمراد هنا ، هو : مسجد الخيف.


ذكر

مسجد الخيف وفضله وفضل الصلاة فيه

٢٥٩٣ ـ حدّثنا علي بن المنذر الكوفي ، وعبدة بن عبد الرحيم ، قالا : ثنا محمد بن فضيل بن غزوان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير. قال عبدة في حديثه : عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلم : «قد صلى في مسجد الخيف سبعون نبيّا ، فيهم موسى ـ عليه السلام ـ وكأني أنظر إليه ، عليه عباءتان قطوانيّتان ، وهو محرم على بعير من أزد شنوءة مخطوم ـ ولم يقل عبدة : من أزد شنوءة ـ بخطام من ليف وله ضفران».

٢٥٩٤ ـ حدّثنا محمد بن صالح ، قال : ثنا أبو همّام الدلّال ، قال : ثنا ابراهيم بن طهمان ، عن منصور عن مجاهد / عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا».

__________________

٢٥٩٣ ـ إسناده ضعيف.

رواية ابن فضيل ، عن عطاء كانت بعد الاختلاط.

رواه الطبراني في الكبير ١١ / ٤٥٢ ـ ٤٥٣ من طريق : ابن فضيل ، به. وذكره الهيثمي في المجمع ٣ / ٢٢١ و ٢٩٧ وعزاه للطبراني في الكبير والأوسط ، وقال : فيه عطاء بن السائب ، وقد اختلط وذكره الهندي في كنز العمّال ١٢ / ٢٢٨ وعزاه للطبراني وابن عساكر.

والعباءة القطوانية ، هي العباءة البيضاء القصيرة الخمل. النهاية ٤ / ٨٥.

٢٥٩٤ ـ إسناده صحيح.

أبو همّام الدلال ، هو : محمد بن محبب.

ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٣ / ٢٩٧ وعزاه للبزّار ، وقال : رجاله ثقات. وانظر كشف الأستار ٢ / ٤٨ ـ ٤٩.


٢٥٩٥ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : لو كنت من أهل مكة لصليت في منى كلّ سبت.

٢٥٩٦ ـ حدّثنا أحمد بن صالح ، قال : ثنا محمد بن عبد الله ، عن صخر ابن جويرية عن عائشة بنت سعد ، قالت : كان سعد ـ رضي الله عنه ـ يقول : لو كنت من أهل مكة ما أخطأني جمعة لا أصلي فيه ـ يعني مسجد الخيف ـ ولو يعلم الناس ما فيه لضربوا إليه أكباد الإبل ، ولأن أصلي في مسجد الخيف ركعتين أحبّ إليّ من أن آتي بيت المقدس مرتين فأصلي فيه.

٢٥٩٧ ـ حدّثنا حسين بن حسن السلمي ، قال : ثنا هشيم ، عن يعلى بن عطاء ، عن جابر بن الأسود ، عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال : شهدت مع النبي صلّى الله عليه وسلم حجته ، قال : فصليتها بعد صلاة الصبح في مسجد الخيف ـ يعني مسجد منى ـ فلما قضى صلاته ، وانحرف إذا هو برجلين في آخر القوم لم يصلّيا معه ، فقال صلّى الله عليه وسلم : «عليّ بهما»فأتي بهما ترعد فرائصهما. قال : «ما منعكما أن تصلّيا معنا؟»قالا : يا رسول الله إنّا قد صلّينا في رحالنا. قال

__________________

٢٥٩٥ ـ إسناده صحيح.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٤ عن ابن أبي روّاد ، به.

٢٥٩٦ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقية رجاله موثقون.

٢٥٩٧ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٤ / ١٦٠ ، وأبو داود ١ / ٢٢٤ ، والترمذي ٢ / ١٨ ـ ١٩ ، والنسائي ٢ / ١١٢ ـ ١١٣ ، والطبراني ٢٢ / ٢٣٣ ، والدارقطني ١ / ٤١٣ ، وابن حبان (موارد الظمآن ص : ١٢٢) ، والبيهقي ٢ / ٣٠٠ كلهم من طريق : يعلى بن عطاء ، به.


صلّى الله عليه وسلم : «فلا تفعلا ، إذا صلّيتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصلّيا معهم فإنها لكم نافلة».

٢٥٩٨ ـ وحدّثنا حسين بن حسن ، قال : أنا عبد الوهاب الثقفي ، قال : أنا هشام بن حسان ، عن يعلى بن عطاء ، عن جابر بن يزيد بن الأسود السوائي ، عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال : صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مسجد الخيف صلاة الصبح ـ ثم ذكر نحوه.

٢٥٩٩ ـ حدّثنا عبد الله بن عمران المخزومي ، قال : ثنا سعيد بن سالم ، قال : ثنا عثمان بن ساج قال : أخبرني خصيف بن عبد الرحمن ، عن مجاهد ، قال : حجّ خمسة وسبعون نبيا كلهم قد طاف بهذا البيت ، وصلى في مسجد منى ، فإن استطعت لا تفوتك صلاة في مسجد منى فافعل.

٢٦٠٠ ـ وحدّثنا عبد الله بن منصور ، عن سعيد بن سالم ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قبر آدم ـ عليه السلام ـ بمكة ، أو في مسجد الخيف ، وقبر حوّاء بجدّة.

٢٦٠١ ـ وحدّثنا ابن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن جدعان ، عن

__________________

٢٥٩٨ ـ إسناده صحيح.

رواه عبد الرزاق ٢ / ٤٢١ ، وأحمد ٤ / ١٦١ ، والطبراني في الكبير ٢٢ / ٢٣٢ ، والدارقطني ٤ / ٤١٣ كلهم من طريق : هشام بن حسان ، به.

٢٥٩٩ ـ إسناده حسن.

رواه الأزرقي ١ / ٦٩ ، ٢ / ١٧٤ من طريق : سعيد بن سالم ، به.

٢٦٠٠ ـ إسناده حسن.

٢٦٠١ ـ إسناده ضعيف.

ابن جدعان ، هو : علي بن زيد ، ضعيف.


سعيد بن المسيّب ، قال : مرّ موسى عليه السلام ـ بفج الروحاء ، وعليه عباءتان قطوانيتان تجاوبه صفاح الروحاء ، وهو يقول : لبيك عبدك وابن عبديك. ومرّ عيسى بن مريم ـ عليهما السلام ـ يلبي ، وهو يقول : لبيك عبدك وابن أمتك بنت عبديك. ومن قبل أو من بعد سبعون نبيّا خاطمي رواحلهم بحبال الليف ، حتى صلوا في مسجد الخيف.

٢٦٠٢ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، عن ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : أين مصلى النبي صلّى الله عليه وسلم من مسجد الخيف ـ وهو مسجد منى ـ؟ قال : لا أدري.

قال ابن جريج : وأخبرني اسماعيل بن أمية ، قال : إنّ خالد بن مضرّس أخبره أنه رأى أشياخا من الأنصار يتحرّونه أمام المنارة قريبا منها (١).

٢٦٠٣ ـ وحدّثنا ابن أبي عمر ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن أشعث ابن سوّار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : صلّى في مسجد الخيف سبعون نبيا ، كلهم مخطمين باللّيف ـ قال مروان : يعنى رواحلهم ـ.

٢٦٠٤ ـ حدّثنا محمد بن سليمان ابن بنت مطر ، قال : ثنا عبد الله بن

__________________

٢٦٠٢ ـ إسناده حسن.

٢٦٠٣ ـ إسناده ضعيف.

أشعث بن سوّار : ضعيف. التقريب ١ / ٧٩.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٤ عن ابن أبي عمر ، به.

٢٦٠٤ ـ شيخ المصنف لم أعرفه ، وبقية رجاله موثقون.

وعبد السلام ، هو : ابن أبي الجنوب.

(١) إسناده حسن. ورواه الأزرقي ٢ / ١٧٤ بإسناده إلى ابن جريج ، وذكره الطبري في القرى ص : ٥٣٩ وعزاه للأزرقي ، وأبي ذر.


نمير ، قال : ثنا محمد بن اسحق / عن عبد السلام ، عن الزهري ، عن محمد ابن جبير بن مطعم ، عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال : قام رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالخيف من منى ، فقال : نضّر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ، فبلّغها من لم يسمعها ، فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، وربّ حامل فقه لا فقه له ، ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن : اخلاص العمل لله ، والنصيحة لولاة الأمر ، ولزوم الجماعة ، فإن دعوتهم تكون من ورائهم.

٢٦٠٥ ـ حدّثنا عمر بن حفص الشيباني ، وعبد الجبار بن العلاء ، قالا : ثنا النضر بن كثير السعدي ـ أبو سهل العبداني ـ قال : صلى إلى جنبي عبد الله ابن طاوس بمنى في مسجد الخيف ، فكان إذا رفع رأسه من السجدة وضع يده تلقاء وجهه. فقلت لوهيب ـ صاحب الكرابيس ـ : إني رأيت هذا يصنع شيئا لم أر أحدا يصنعه. فقال له وهيب : يصنع (١) لم تر أحدا يصنعه؟ قال : إني رأيت أبي يصنعه ، وقال أبي : رأيت ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ يصنعه. قال ـ وأظنه قال ـ قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : رأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلم يصنعه.

٢٦٠٦ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد المجيد بن أبي روّاد ،

__________________

رواه أحمد ٤ / ٨٠ ، وابن ماجه ١ / ٨٥ ، والطبراني في الكبير ٢ / ١٣١ ، والحاكم ١ / ٨٧ كلهم من طريق ابن اسحاق ، به.

٢٦٠٥ ـ إسناده ضعيف.

النضر بن كثير السعدي : ضعيف. التقريب ٢ / ٣٠٢.

ووهيب ، هو : ابن خالد.

٢٦٠٦ ـ إسناده حسن.

وأثر أبي هريرة حسن الإسناد ، رواه الأزرقي ٢ / ١٧٤ من طريق ابن أبي رواد.

(١) كذا في الأصل وفيه سقط.


عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : رجل من التجار شغل في أيام الحج في بيعه ، فلم يستطع الصلاة فيه حتى نفر؟ قال : فيصلى فيه. قلت : أتوجب الصلاة فيه؟ قال : لا ولكن صلوا فيه ما استطعتم ، وأخبرني أنه سمع أبا هريرة ـ رضي الله عنه ـ يقول : لو كنت من أهل مكة ، ما جاءت عليّ جمعة إلا صليت فيه.

٢٦٠٧ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : رأيت محمد بن الحنفية ـ رضي الله عنه ـ يصلي بمنى في مسجد الخيف ، والناس يمرّون بين يديه. قال : فجاء شاب من أهله فجلس بين يديه.

٢٦٠٨ ـ حدّثنا ابن أبي مسرّة وابن أبي سلمة ـ يزيد أحدهما على صاحبه ـ قالا : ثنا يحيى بن عبد الله بن أبي قزعة ، قال : ثنا محمد بن موسى ، قال : حدّثني زيد بن أسلم ـ قال ابن أبي سلمة في حديثه : عن أبيه ـ : إن آدم ـ عليه السلام ـ لحد له في مسجد الخيف ، ودفن في وتر من الثياب.

٢٦٠٩ ـ حدّثنا أحمد بن محمد بن أبي بزّة ، ومحمد بن بشر بن رياس بن أبي مسرّة ، قالا : ثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، قال : حدّثني عبد الله بن قالون

__________________

٢٦٠٧ ـ إسناده صحيح.

رواه عبد الرزاق ٢ / ٣٦ عن سفيان ، به.

٢٦٠٨ ـ يحيى بن عبد الله بن أبي قزعة لم أعرف حاله. وكذلك شيخه محمد بن موسى.

٢٦٠٩ ـ عبد الله بن قالون لم أعرفه ، وبقية رجاله موثّقون.

والأثر ذكره البخاري في التار يخ الكبير ٢ / ٢٦٤ ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٣ / ١٨٩ مختصرا.


ـ قال ابن بشر في حديثه : وكان ينقل عن المجانين ـ عن حفص الطيب (١) قال : رأيت شيطانا يفتي الناس في مسجد الخيف بمنى ـ قال ابن بشر في حديثه : فعرفته ـ وقال ابن أبي بزة فقلت له : فلان؟! قال : ممثل من بين أيديهم.

٢٦١٠ ـ حدّثنا ميمون بن الحكم ، قال : ثنا محمد بن جعشم ، قال : أنا ابن جريج ، قال : قلت له يعني ـ عطاء ـ : رجل نذر جوارا في مسجد منى أيوفيه أم لا من أجل أنه مسجد غير جامع إلا أيام منى قط أم بمكة؟ قال : بل يوفيه. ثم قلت له : إنه غير جامع؟ قال : ولكن له شأنه ، فليوفه.

ذكر

ما قيل في مسجد الخيف من الشعر

وقد قالت الشعراء في مسجد الخيف أشعارا كثيرة ، نذكر بعضها.

قال عمر بن أبي ربيعة :

ألا يا أهل خيف منى

غزالكم أشاط دمي

بلا ترة ولا قود

ولا قاض ولا حكم (٢)

وقال مجنون بني عامر في خيف منى :

/ وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى

فهيّج أحزان الفؤاد ولا يدري

دعا باسم ليلى غيرها فكأنّما

[أطار](٣) بليلى طائرا كان في صدري

__________________

٢٦١٠ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقية رجاله موثّقون.

(١) كذا في الأصل وفي المراجع السابقة (حفص الطائي) وكذا في ثقات ابن حبان ٦ / ٢٠٠.

(٢) لم أجد هذا البيت في ديوانه.

(٣) في الأصل (اطالة) والبيتان مع أبيات أخرى في الأغاني ٢ / ٢٢.


٢٦١١ ـ وقال عبيد الله بن قيس الرقيّات ـ أحد بني عامر بن لؤي ـ أنشدني ذلك أبو يحيى :

حبّذا الحجّ والثريا ومن بالخيف

من أجلها وملقى الرجال

حبّذا هنّ من لبانة قلبي

وجديد الشباب من سربال

[علّقوا أرسن](١) الجياد ومرّوا

قارنيها بشاحجات البغال

وقال عبد الرحمن بن حسان :

ألا لا تعدني ليلة قبل ليلة الخيف من

منى إذا نام أهل المنازل

ولا مثل يوم غاب عنّي جماله

صريعا بجمع تحت أيدي الرواحل

يسائلن من هذا الصريع الذي

يرى وينظر شزرا من جلال المراجل

وقال بعض المكيين :

وجارية من أهل غشم لقيتها

بخيف منى والناس يمتزجونا

فسلمت تسليما خفيفا ، وسلمت

وقلت من أي الناس تنتسبينا؟

فقالت : أنا شكرية ومنازلي

بغشم وجئنا الأجر مطّلبينا

فقلت لها : ما للأجر جئت تعمدّا

ولكن قلوب الناس تستلبينا

فقالت : بلى للأجر جئنا فإن نمت

فو الله ما كنّا بمعتمدينا

__________________

٢٦١١ ـ أبو يحيى ، هو : ابن أبي مسرّة ، والبيتان الأول والثالث في ديوان عبيد الله بن قيس ص : ١١٢ ـ ١١٥.

(١) في الأصل (حلقوا أرؤس) والتصويب من الديوان.


وقال بعض (١) الشعراء أيضا :

لا أنس لا أنس يوم (٢) الخيف موقفها

وموقفي وكلانا ثمّ ذو شجن

وقولها للثريّا وهي باكية (٣)

والدمع منها على الخدين ذو سنن

وقال النميري (٤) أيضا :

إن رمن بخيف منى وثور

كأنّ عراص معناها زبور

منازل أوحشت من أم عمرو

فعفتها الجنائب والدبور

فلا ينسى فؤادك أمّ عمرو

ولو طال الليالي والشهور

أقول وقد أميط الخسف عنها

أشمس تلك أم قمر منير

حلفت لها بربّ منى إذا ما

تغيّب في عجاجته ثبير

لأنت أحب شيء إن جلسنا

وإن زرنا فأكرم من نزور

وبشيرها لنا الميمون حتى

رأيناها ببطن منى تسير

وقال عمر بن أبي ربيعة (٥) :

لدرع ذات الخال يوم فراقنا (٦)

بالخيف موقف صحبتي وركابي

وعرفت أن ستكون دار غريبة

منها إذا جاوزت بطن خضاب (٧)

وتبوأت من بطن مكة منزلا

غرد الحمام مشرّف الأبواب

__________________

(١) البيتان في ديوان عمر بن أبي ربيعة ص : ٤١٣.

(٢) في الديوان (بل ما نسيت ببطن الخيف ...).

(٣) في الديوان (وقولها للثريا يوم ذي خشب ...).

(٤) هو محمد بن عبد الله بن عمر بن خرشه ، شاعر أموي كان يهوى زينب بنت يوسف ، أخت الحجاج.

مولده ونشأته ووفاته بالطائف. أنظر معجم الشعراء ص ٣٤٢ ، والأغاني ٦ / ١٩٠.

(٥) ديوانه ص : ٤٣.

(٦) في الديوان : لم تجز أم الصلت يوم فراقنا ...

(٧) في الديوان (جاوزت أهل حصابي).


/ ذكر

مسجد الكبش وفضله وما جاء فيه

٢٦١٢ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، قال : سمعت رجلا من أهل المدينة يخبر عن أبيه ، قال : نزل الكبش على ابراهيم خليل الرحمن صلّى الله عليه وسلم من العرق الأخضر الذي في ثبير.

٢٦١٣ ـ وحدّثني محمد بن علي ، قال : ثنا أبو بكر ، قال : ثنا يحيى بن اليمان ، عن سفيان ، عن جابر ، عن أبي الطفيل ، عن علي ـ رضي الله عنه ـ : (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)(١) قال : كبش أعين أقرن أبيض ، مربوطا بسمرة في ثبير.

٢٦١٤ ـ وحدّثني محمد بن علي ، قال : ثنا أبو بكر ، قال ثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن ابن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : الكبش رعى في الجنة سبعين خريفا.

__________________

٢٦١٢ ـ في إسناده من لم يسم.

٢٦١٣ ـ إسناده ضعيف.

جابر ، هو : الجعفي. ومحمد بن علي ، هو : ابن الوليد السلمي البصري. وأبو بكر ، هو : اسماعيل بن حفص بن عمرو بن دينار.

رواه ابن جرير في التفسير ٢٣ / ٨٦ ، وفي التاريخ ١ / ١٤٢ عن أبي كريب ، عن يحيى ابن يمان ، به.

٢٦١٤ ـ إسناده حسن.

ذكره ابن كثير في التأريخ ١ / ١٥٨ ، وعزاه لابن أبي حاتم من طريق الثوري. وذكره السيوطي في الدر المنثور ٥ / ٢٨٤ وعزاه لابن جرير.

(١) سورة الصافات (١٠٧).


٢٦١٥ ـ وحدّثني محمد بن علي ، قال : ثنا محمد بن حميد ، قال : ثنا يعقوب القمّي ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ، قال : كان الكبش الذي فدى به ابراهيم ابنه كبشا أملح ، صوفه مثل القزّ الأحمر.

٢٦١٦ ـ وحدّثني محمد بن علي ، قال : ثنا أبو بكر ، قال : ثنا خالد بن محمد ، عن محمد بن ثابت ، قال حدّثني موسى ـ مولى أبي بكر ـ قال : حدّثني سعيد بن جبير ، قال : لما رأى ابراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ ذبح اسحاق ـ عليه السلام ـ سار به مسيرة شهر في روحة واحدة ، طويت له الأودية والجبال.

٢٦١٧ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني يحيى بن محمد بن ثوبان ، عن سليم ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : النحر حيث ينحر الامام.

__________________

٢٦١٥ ـ إسناده ضعيف.

محمد بن حميد الرازي : ضعيف. ويعقوب بن عبد الله الأشعري القمّي ، وجعفر ، هو : ابن أبي المغيرة القمّي.

٢٦١٦ ـ إسناده ضعيف.

موسى مولى أبي بكر ، هو : موسى بن سعد المدني ، مولى أبي بكر الصديق : مجهول.

التقريب ٢ / ٢٨٣.

٢٦١٧ ـ إسناده ضعيف.

سليم بن مسلم الخشاب : ليس بثقة. الجرح ٤ / ٣١٤.

رواه ابن أبي شيبة ٤ / ٦٣ بإسناده إلى ابن جريج.


ذكر

شعب علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ

واتساع منى بأهله

٢٦١٨ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : جاء محمد بن علي ألفان من أهل الكوفة لو أمرهم أن يزيلوا الجبل لأزالوه. قال عمرو : فكانوا في شعب علي ـ رضي الله عنه ـ اعتزل بهم محمد بن علي ، فكان ربما أتاهم الفزع ، فينادي مناديهم : إنّ مهديا يأمركم أن تأخذوا السلاح.

وقال بعض الناس : إنّ عليا ـ رضي الله عنه ـ لم ينزل هذا الشعب ، [ولكن نزله] محمد بن علي بن الحنفية أيام ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ فنسب إلى علي ـ رضي الله عنه ـ من أجل ذلك.

وإلى جنبه شعب يقال له : شعب عمارة فيه منازل سعد بن سالم.

ومن وراء ذلك شعب يقال له : شعب البشامة ، ناحية مضرب علي بن عيسى.

٢٦١٩ ـ وحدّثنا محمد بن عبد الملك الواسطي ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : أنا أبو مالك ، قال : ثنا سالم بن أبي الجعد ، أنه كان محمد بن علي ـ رضي الله عنهما ـ في الشعب ـ يعني : هذا الشعب ـ.

__________________

٢٦١٨ ـ إسناده صحيح.

٢٦١٩ ـ إسناده حسن.

أبو مالك ، هو : سعد بن طارق الأشجعي.

رواه ابن سعد ٥ / ١٠٣ بإسناده إلى ثوير ، به ، بنحوه.


٢٦٢٠ ـ وحدّثني ابراهيم بن يعقوب ، عن قبيصة بن عقبة ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن محمد بن الحنفية ـ رضي الله عنه ـ أنّه قال وهو في الشعب : لو أنّ عليا ـ رضي الله عنه ـ أدرك هذا الأمر ، لكان هذا موضع رحله ، أو قال : رجله.

٢٦٢١ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : ثنا يحيى بن محمد بن ثوبان ، عن سليم بن مسلم ، عن عبيد الله بن أبي زياد ، عن أبي الطفيل ، قال : سمعت ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ يسأل عن منى ، ويقال عجبا لمنى ضيّقة في غير الحج ، وما تسع من الحاج. فقال ابن عباس : / إنّ منى يتّسع بأهله كاتّساع الرحم للولد.

ويقال : إنّما سمّيت : منى ، لما يمنى فيها من الدماء (١).

ذكر

طريق النبي صلّى الله عليه وسلم إلى منى

٢٦٢٢ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : ثنا يحيى بن محمد بن ثوبان ،

__________________

٢٦٢٠ ـ إسناده حسن.

رواه ابن سعد ٥ / ٩٤ من طريق : قبيصة بن عقبة ، به.

٢٦٢١ ـ إسناده ضعيف.

سليم بن مسلم الخشاب ليس بثقة. قاله ابن معين.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٩ من طريق : يحيى بن محمد ، عن سليم ، به.

٢٦٢٢ ـ يحيى بن محمد لم أقف عليه. والخبر عند الأزرقي ١ / ٣٠٣.

(١) الأزرقي ٢ / ١٨٠.


عن هشام بن سليمان ، عن محمد بن عبد الرحمن ، قال : كانت طريق النبي صلّى الله عليه وسلم إلى منى في الجبل على يسارك وأنت ذاهب إلى منى (١).

فحبس ابن علقمة (٢) ـ وهو يومئذ والي مكة ـ أعطيات الناس ، فضرب بها ذلك الجبل حتى فتح الطريق التي يسلك الناس اليوم. فطريق النبي صلّى الله عليه وسلم قائمة في ذلك الجبل إلى يومنا هذا. ثم دثرت تلك الطريق وانقطع الناس منها ، حتى كان زمن المتوكل على الله ، فبعث إسحاق بن سلمة فعمّرها

__________________

(١) يريد : طريق النبي صلّى الله عليه وسلم التي سلكها من منى إلى شعب الأنصار يوم أخذ البيعة عليهم. وقد كان هناك قرن صخري يمتد من جمرة العقبة حتى يتصل بجبل منى الشامي (القابل) وكانت جمرة العقبة لاصقة بذلك القرن ، وقد سلك النبي صلّى الله عليه وسلم ظهر هذا القرن آتيا من منى إلى شعب الأنصار ، وقد سهل طريق النبي صلّى الله عليه وسلم هذا من ذكرهم الفاكهي ، وبقي هذا القرن قائما حتى سنة (١٣٧٥) هجرية ، ثم دعت الحاجة لإزالة هذا القرن بالكلية وتسويته بالأرض ، فأصدر رئيس المحاكم الشرعية بمكة المكرّمة والدي الشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش ـ رحمه الله ـ فتوى شرعية بجواز إزالة هذا القرن برقم (٣١٤ / ٤) في (١ / ٨ / ١٣٧٥) بناء على طلب سمو وزير الداخلية برقم (٨٠٤ / ٢) في (٢٨ / ٧ / ١٣٧٥) وفحوى هذه الفتوى : نظرا لضيق المكان الواقع بجوار العقبة الكبرى ضيقا أصبح مع الزمن السبيل الوحيد الذي يعاني منه الناس مختلف المشاق والصعوبات ، فإنه لا مانع شرعا من إزالة الجبل الذي خلف جمرة العقبة تسهيلا للحجّاج وتلافيا للزحام الشديد على أن يبقى الرمي على صفته الحالية ، وعلى ذلك يلزم بقاء الحوض على شكله ، وبقاء الشاخص كما هو ، وإنه لا بأس من رميها من أعلاها كما فعل عمر ـ رضي الله عنه ـ لما رأى الزحام عندها أه. وكان بمنى شارعان فقط حتى سنة ١٣٤٧ ه‍ وهما الشارع الأعظم الذي به الجمرات ، وشارع سوق العرب ، فأمر جلالة الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ بفتح شارعين آخرين فأصبحت شوارع منى ، الأول الشارع الجديد عن يمين الصاعد إلى عرفات ، والثاني الشارع الأعظم ، والثالث الشارع المعروف بسوق العرب ، والرابع الشارع الجديد الذي يبدأ من أول المدرج الواقع خلف جمرة العقبة ، وقد ذكر ذلك الشيخ عبد الله بن محمد غازي في تاريخه المخطوط «إفادة الأنام بأخبار بلد الله الحرام».

وفي عام ١٣٩٨ ه‍ وسّعت منطقة الجمرات وأخذ من الجبال المحيطة بها شيء كثير ، كما عمل دور ثان للرجم بعد أن ظللت الجمرات ، وطوّل الشاخص ليراه الرامي من الدور الثاني ، أما حوض الجمرات السفلى فلا يزال على حالته. وأجرت الحكومة في عهد جلالة الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود تعديلات وتنظيمات في جميع شوارع منى ونظمت الخدمات اللازمة للحجاج وفتحت أنفاق متعددة من الشمال والجنوب وأنفاق أخرى في الغرب في منطقة مجر الكبش فسهل الدخول إليها والخروج منها من كل جهة.

(٢) هو : نافع بن علقمة الكناني.


وجدّدها ، وضرب في الجبل ، ونصبها شبيهة الأنصاب ، وعمل ضفيرة عقبة منى ، وجدرانها ، وأصلح هذه الطريق التي يقال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم سلكها من منى إلى الشعب ، ومعه العباس بن عبد المطلب ، ـ رضي الله عنه ـ وهو شعب البيعة للأنصار ، الذي أخذ فيه ـ رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم على أبي أمامة أسعد بن زرارة ، وأبي الهيثم وأصحابهم ـ رضي الله عنهم ـ البيعة على الإسلام ، والنصرة له.

وقد كانت هذه الطريق قد دثرت ، وعفت زمانا لأن الجمرة زائلة عن موضعها ، فردّها اسحاق إلى موضعها الذي كانت عليه ، وبنى من ورائها جدارا أعلاه عليها ، ومسجدا متصلا بذلك الجدر ، لئلا يصل إليها من يريد الرمي من أعلاها ، وجعل على ذلك كله أعلاما بناها بالجصّ والنورة ، لأن السنة لمن أراد رميها أن يقف من تحتها ، ويستبطن الوادي ، ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه ، ويرمي كما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعمر ـ رضي الله عنه ـ من بعده.

٢٦٢٣ ـ حدّثني سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد الله بن الوليد ، عن سفيان ، عن الحجاج ، عن وبرة ، عن الأسود ، قال : إنّ عمر ـ رضي الله عنه ـ رمى الجمرة من فوقها ، ورأى الزحام عليها.

فهذه الطريق تسلك إلى اليوم.

__________________

٢٦٢٣ ـ فيه الحجاج بن أرطأة وهو صدوق مدلس وقد عنعن. وبقية رجاله موثّقون. ووبرة ، هو : ابن عبد الرحمن السلمي.


ذكر

قرن (١) الثعالب وما جاء فيه

٢٦٢٤ ـ حدّثنا هارون بن موسى بن طريف ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : حدّثني عروة بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ عائشة ـ رضي الله عنها ـ حدثته أنها قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم كان أشدّ عليك من يوم أحد؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «لقد لقيت من قومك ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، أن عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن كلاب ـ هكذا قال ابن طريف : وإنما هو : كلال ـ فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مغموم على وجهي ، فلم استفق إلّا وأنا بقرن الثعالب ، فرفعت رأسي ، فإذا سحابة قد أظلّتني ، فنظرت فإذا فيها جبريل ـ عليه السلام ـ فناداني ، فقال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك ، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. قال : فناداني ملك الجبال فسلّم عليّ ، ثمّ قال : يا محمد إنّ الله ـ عزّ وجل ـ قد سمع قول قومك لك / وأنا ملك الجبال ، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك بما شئت ، فإن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا».

__________________

٢٦٢٤ ـ شيخ المصنف لم أقف عليه ، وبقية رجاله ثقات.

والحديث رواه البخاري ٦ / ٣١٢ ـ ٣١٣ من طريق : ابن وهب ، به.

(١) قرن الثعالب : سألت عنه الشريف محمد بن فوزان الحارثي (رحمه الله) فأخبرني أنه القرن الذي يقابل ربع البابور من الشمال ، وقد أزيل رأسه وسوّي بالشارع الموازي لجسر الملك عبد العزيز ، حتى صار أشبه بهضبة من الهضاب ويطلق عليه اليوم (ربوة منى) ويمر على طرفه الغربي الشارع القادم من جسر الملك عبد العزيز.


ومن مسجد منى إلى قرين الثعالب ، ألف ذراع وخمسمائة ذراع وثلاثون ذراعا (١).

وقرين الثعالب : جبل مشرف على أسفل منى ، ويقال : إنّما سمّي قرين الثعالب لكثرة ما كان يأوي إليه من الثعالب (٢).

ذكر

البناء بمنى وكراهيته

٢٦٢٥ ـ حدّثنا أبو بشر بكر بن خلف ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : ثنا اسرائيل ، عن ابراهيم بن مهاجر ، عن يوسف بن ماهك ، عن [أمّه](٣) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قلت يا رسول الله : ألا نبني لك بمنى بيتا أو بناء يظلك من الشمس؟ فقال صلّى الله عليه وسلم : «لا ، إنما منى مناخ من سبق إليه».

قال : وسألت أمي عائشة ـ رضي الله عنها ـ يبنى منزلها بمنى؟ فقالت : إني لا أحلّ لك ، ولا لأحد أن يستحل منى لشأني.

__________________

٢٦٢٥ ـ إسناده حسن.

رواه أحمد ٦ / ١٨٧ ، والدارمي ٢ / ٧٣ ، وأبو داود ٢ / ٢٨٦ ، والترمذي ٤ / ١١١ ، وابن ماجه ٢ / ١٠٠٠ ، وابن خزيمة ٤ / ٢٨٤ ، والحاكم ١ / ٤٦٦ ـ ٤٦٧ ، والبيهقي ٥ / ١٣٩ كلهم من طريق : اسرائيل ، به.

(١) نقله ابن حجر في الفتح ٣ / ٣٨٥ عن الفاكهي ، وذكره الأزرقي ٢ / ١٨٥.

(٢) نقله الحافظ في الفتح ٣ / ٣٨٥ عن الفاكهي.

(٣) في الأصل (أبيه) والتصويب من المراجع.


٢٦٢٦ ـ وحدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن اسماعيل بن أمية ، قال : إنّ عائشة ـ رضي الله عنها ـ استأذنت النبيّ صلّى الله عليه وسلم في بناء كنيف لها بمنى ، فلم يأذن لها.

٢٦٢٧ ـ وحدّثنا ابراهيم بن أحمد اليماني بصنعاء ، قال : ثنا يزيد بن أبي حكيم ، عن مسلم بن خالد ، قال : سمعت ابن أبي نجيح يقول : كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ تكره البنيان بمنى.

قال ابن أبي نجيح : وبلغني أن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ أرخص في الكنيف.

٢٦٢٨ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن طلق بن حبيب ، قال : سأل عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ زيد بن صوحان ، فقال : أين منزلك؟ قال : في الشق الأيسر. قال عمر ـ رضي الله عنه ـ : ذلك منزل الداج ، فلا تنزله. قال سفيان : ثم يقول عمر ـ رضي الله عنه ـ : ومنزلي في منزل الداج. قال سفيان : وكان منزل عائشة بنت طلحة ـ رضي الله عنها ـ شارعا على باب المسجد إذا خرجت إلى عرفة.

__________________

٢٦٢٦ ـ إسناده منقطع.

إسماعيل بن أمية الأموي ثقة ، إلّا أنه لم يلق عائشة ولا أحدا من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم. التقريب ١ / ٦٧.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٣ عن سفيان ، به.

٢٦٢٧ ـ شيخ المصنف لم أقف عليه ، وبقية رجاله موثّقون.

٢٦٢٨ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ٤ / ٥٩ ، والأزرقي ٢ / ١٧٣ كلاهما من طريق : سفيان ، به.

وذكره الهندي في الكنز ٥ / ٢٣٩ وعزاه للأزرقي. والداج : التجار الذين يأتون للتجارة.


٢٦٢٩ ـ حدّثنا أبو بشر بكر بن خلف ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان الثوري ، عن محمد بن سوقة ، عن سعيد بن جبير ، قال : كان التجار يدعون الداج فينزلون ناحية ، والحاج ينزلون مكانا آخر.

٢٦٣٠ ـ حدّثنا محمد بن يحيى ، قال : ثنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : الداج : التجار الذين يأتون للتجارة.

ذكر

رمي الجمار ، وأول من رماها ،

وذكر رمي جبريل

ـ عليه الصلاة والسلام ـ بابراهيم ـ عليه السلام ـ

والسنّة في رميها ومن كره الركوب إليها

٢٦٣١ ـ حدّثنا الحسين بن عبد المؤمن ، قال : ثنا علي بن عاصم ، عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : جاء جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ إلى ابراهيم ـ عليه السلام ـ ليريه

__________________

٢٦٢٩ ـ إسناده صحيح.

٢٦٣٠ ـ إسناده صحيح.

٢٦٣١ ـ إسناده حسن بالمتابعة.

رواه أحمد ١ / ٣٠٦ ـ ٣٠٧ بإسناد صحيح إلى ابن عباس مرفوعا. ورواه الطبري في التفسير ٢٣ / ٨٠ بإسناده إلى أبي الطفيل عن ابن عباس من قوله.

ورواه البيهقي ٥ / ١٥٣ من طريق : أبي حمزة ، عن عطاء ، به.

ورواه الأزرقي ٢ / ١٧٥ ـ ١٧٦ بإسناده إلى مجاهد من قوله.

وذكره الهيثمي في المجمع ٣ / ٢٦٠ وعزاه لأحمد والطبراني.


المناسك. قال : فلما ذهب به انفرج له ثبير فدخله ، فأتى عرفات ، فقال له : أعرفت؟ قال : نعم. قال : ثم أتى جمعا فجمع به بين / الصلاتين. قال : فمن هناك سميت : جمعا. ثم أتى به منى ، فعرض له الشيطان عند الجمرة الأولى ، فقال له جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ : خذ سبع حصيات فارمه بها ، وكبّر مع كل حصاة ، ففعل ذلك فساخ الشيطان ، ثم عرض له عند الجمرة الثانية ، فقال له : خذ سبع حصيات فارمه وكبّر مع كل حصاة ، ففعل فساخ الشيطان ، فعرض له عند جمرة العقبة فأمره بمثل ذلك ، ففعل ، فساخ الشيطان ، ثم لم يزل يعرض له.

٢٦٣٢ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، قال : أخبرني سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أمه ـ رضي الله عنها ـ قالت : رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وربما قالت : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وهو يرمي الجمرة من بطن الوادي وهو على بغلة وهو يقول : «أيها الناس عليكم السكينة ، لا يقتل بعضكم بعضا ، إذا رميتم الجمرة فارموها بمثل حصى الخذف».

٢٦٣٣ ـ وحدّثنا عمر بن حفص الشيباني ، ومحمد بن [أبي](١) عمر ـ يزيد أحدهما على صاحبه ـ قالا : ثنا حفص بن غياث ، قال : ثنا جعفر بن محمد ،

__________________

٢٦٣٢ ـ إسناده حسن بالمتابعة.

ويزيد بن أبي زياد توبع بالحديث (٢٥٥٧) فارجع إليه.

٢٦٣٣ ـ إسناده صحيح.

رواه النسائي ٥ / ٢٧٥ ، وابن خزيمة ٤ / ٢٧٩ ـ ٢٨٢ ، والبيهقي ٥ / ١٣٧ كلهم من طريق : حفص بن غياث ، به.

(١) سقطت من الأصل.


عن أبيه ، عن علي بن حسين ، عن ابن عباس ، عن الفضل بن عباس ـ رضي الله عنهم ـ قال : أفضت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من عرفة ، فلم يزل يلبّي حتى رمي جمرة العقبة يكبّر مع كل حصاة ، ثم قطع التلبية مع آخر حصاة.

٢٦٣٤ ـ حدّثنا سلمة بن شبيب ، قال : ثنا عثمان بن عمر ، قال : ثنا عثمان ابن مرّة ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي ، قال : أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم في حجة الوداع أن نرمي جمرة العقبة بمثل حصى الخذف.

٢٦٣٥ ـ حدّثنا محمد بن يحيى الزمّاني قال : ثنا عبد الله بن جعفر الرقّي ، قال : ثنا [عبيد الله](١) بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن [يحيى](٢) بن حصين ، عن جدته ـ أم حصين ـ رضي الله عنهما ـ قالت : حججت مع النبي صلّى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فرأيت بلالا وأسامة ـ رضي الله عنهما ـ وبلال يقود بخطام راحلته ، والآخر يستره بثوبه من الحرّ حتى رمى جمرة العقبة ، ثم انصرف ، ثم قال : ألّلهم أشهد ، هل بلغت ، ثم يقول : إن أمّر عليكم عبد مجدع ـ أراها قال : أسود ـ يقودكم لكتاب الله ـ تعالى ـ فاسمعوا له وأطيعوا.

__________________

٢٦٣٤ ـ إسناده حسن.

عثمان بن عمر ، هو : ابن فارس العبدي.

ذكره الهيثمي في المجمع ٣ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩ وعزاه للطبراني في الكبير ، وقال : رجاله : رجال الصحيح.

٢٦٣٥ ـ إسناده صحيح تقدم برقم (٢٥٥٢).

(١) في الأصل (عبد الله) وصوابه ما أثبت.

(٢) في الأصل (محمد) وهو خطأ.


٢٦٣٦ ـ حدّثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ، قال : ثنا يحيى بن سليم ، عن أيمن بن نابل ، قال : سمعت قدامة بن عبد الله بن عمار الكلابي ، قال : رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم يرمي الجمرة على ناقة صهباء أو حمراء ليس فيه ضرب ، وليس فيه دفع وليس فيه إليك إليك.

٢٦٣٧ ـ حدّثنا عباس بن عبد العظيم العنبري ، وابن أبي رزين ، قالا : ثنا عمر بن عبد الوهاب الرياحي أبو حفص ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، عن روح ابن القاسم ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عمرو بن عطاء بن أبي الحوار ، عن الحارث بن البرصاء ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت النبي صلّى الله عليه وسلم يقول ـ وهو يمشي بين جمرتين من الجمار ـ : «من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين فأخذه فليتبوأ بيتا من النار».

٢٦٣٨ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، قال : سمعت الحجاج بن يوسف يقول : لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة كذا

__________________

٢٦٣٦ ـ إسناده حسن.

تقدم تخريجه بعد الحديث (١٣٥٣).

٢٦٣٧ ـ إسناده صحيح.

رواه الطبراني في الكبير ٣ / ٢٩٠ من طريق : عمر بن عبد الوهاب ، به. ورواه الحاكم ٤ / ٢٩٤ ـ ٢٩٥ بإسناده إلى اسماعيل بن أمية ، به. وذكره السيوطي في الجامع الكبير ١ / ٧٥٣ وعزاه لابن حبّان والبغوي والباوردي وابن قانع والطبراني والحاكم والبيهقي.

٢٦٣٨ ـ إسناده صحيح.

رواه البخاري ٣ / ٥٨١ ، ومسلم ٩ / ٤٣ ، والنسائي ٥ / ٢٧٤ ، وابن خزيمة ٤ / ٢٧٨ ، والبيهقي ٥ / ١٢٩ كلهم من طريق : الأعمش به. ورواه أبو داود ٢ / ٢٧٣ ، والترمذي ٤ / ١٣٥ ، وابن ماجه ٢ / ١٠٠٨ بأسانيدهم إلى ابراهيم ، به.


وكذا. فذكرت ذلك لابراهيم بن يزيد النخعي ، فقال : أخبرني عبد الرحمن ابن يزيد قال : مشيت مع ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ يوم النحر في بطن الوادي حتى أتى الجمرة / فجعلها عن يمينه ثم اعترضها فرماها. فقلت له : يا أبا عبد الرحمن ، إن [الناس](١) يرمونها من فوقها؟ فقال : ابن مسعود ـ رضي الله [عنه](٢) ـ : من ها هنا ، والذي لا إله غيره رماها الذي أنزلت عليه سورة البقرة.

٢٦٣٩ ـ حدّثنا الحسن بن علي قال : ثنا أبو أسامة ، قال : أخبرني عوف الأعرابي ، عن زياد بن الحصين ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم غداة العقبة : «هات ألقط لي حصيات»فلقطتّ له حصيات هي حصى الخذف ، فجعل يقبضهن بيده ويقول : «نعم بمثل هؤلاء ، فارموا»ثم قال : «أيها الناس إياكم والغلوّ في دينكم ، فإنما أهلك من كان قبلكم بالغلو في الدين».

٢٦٤٠ ـ حدّثنا أبو يحيى بن أبي مسرة ، قال : ثنا أبو جابر ، ثنا هشام بن

__________________

٢٦٣٩ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ١ / ٣٤٧ ، وابن أبي شيبة ١ / ١٧٦ ب ، وابن ماجه ١ / ١٠٠٨ ، والنسائي ٥ / ٢٦٨ ، والطبراني في الكبير ١٢ / ١٥٦ ، وابن حبان (ص : ٢٤٩ موارد الظمآن) والحاكم ١ / ٤٦٦ كلهم من طريق : عوف ، به.

٢٦٤٠ ـ إسناده حسن بالمتابعة.

أبو جابر ، هو : محمد بن عبد الملك المكي. قال أبو حاتم : أدركته ، وليس بقوى.

الجرح ٨ / ٥.

(١) في الأصل (شاء) والتصويب من المراجع.

(٢) في الأصل (عنهما).


الغاز ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : وقف رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع ، قال : «أي يوم هذا؟»قالوا : يوم النحر. قال : «فأي بلد هذا!»قالوا : البلد الحرام. قال : «فأي شهر هذا؟»قالوا : الشهر الحرام. قال : «هذا يوم الحج الأكبر ، فدماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة هذا البلد في هذا اليوم»ثم قال : «هل بلّغت؟»قالوا : نعم. فطفق رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : «اللهم اشهد»ثم ودّع الناس. فقال : هذه حجة الوداع.

٢٦٤١ ـ وحدّثنا ابن أبي عمر قال : ثنا وكيع ، عن حماد بن سلمة ، عن أبي غالب ، عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال : جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم وهو عند الجمرة الأولى ، فقال : يا رسول الله أي الجهاد أفضل؟ فسكت رسول الله صلّى الله عليه وسلم عنه ، فلم يجبه ، ثم سأله عند الوسطى ، فقال له مثل ذلك ، فلما رمى جمرة العقبة ، وضع صلّى الله عليه وسلم رجله في الغرز ، فقال : «أين السائل؟ كلمة عدل عند إمام جبار».

__________________

رواه ابن سعد ٢ / ١٨٣ ـ ١٨٤ ، وابن ماجه ٢ / ١٠١٦ ، بإسناديهما إلى هشام به بنحوه مطوّلا. ورواه أبو داود ٢ / ٢٦٤ ، من طريق هشام بن الغاز مختصرا. ورواه البخاري ٣ / ٥٧٤ معلقا. ورواه البيهقي ٥ / ١٣٩ بإسناده إلى أبي محمد ، عبد الله بن محمد بن اسحاق الفاكهي (ابن المصنّف) عن ابن أبي مسرّة ، به.

٢٦٤١ ـ إسناده حسن.

رواه أحمد ٥ / ٢٥٦ ، وابن ماجه ٢ / ١٣٣٠ كلاهما من طريق : حمّاد بن سلمة ، به.


ذكر

من رخص في الركوب إلى الجمار ومن كرهه ،

وذكر مشي الأئمة إليها وتعظيمها

٢٦٤٢ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد المجيد بن أبي روّاد ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني أبو الزبير : أنه سمع جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ يقول : رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر ، ويقول لنا : «خذوا مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه».

٢٦٤٣ ـ حدّثنا أبو بشر بكر بن خلف ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، قال : رأيت ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ يرمي الجمار ماشيا ذاهبا وراجعا.

٢٦٤٤ ـ حدّثنا صالح بن مسمار ، قال : ثنا معن بن عيسى ، قال : ثنا محمد بن صالح التمار ، قال : رأيت القاسم بن محمد يرمي الجمار ماشيا ذاهبا وراجعا. قال صالح : وسمعت عامر بن عبد الله ، يقول : إنّ عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ فعل ذلك.

__________________

٢٦٤٢ ـ إسناده حسن.

رواه ابن سعد ٢ / ١٨١ ، وابن أبي شيبة ١ / ١٧٦ ب ، ومسلم ٩ / ٤٧ ، والترمذي ٤ / ١٣٣ ، والدارقطني ٢ / ٢٧٥ ، وابن خزيمة ٤ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨ ، والبيهقي ٥ / ١٣٠ بأسانيدهم إلى ابن جريج ، به.

٢٦٤٣ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٧٤ ب من طريق : وكيع ، عن سفيان ، به.

٢٦٤٤ ـ إسناده حسن.


٢٦٤٥ ـ حدّثنا عبد الجبار بن العلاء ، قال : ثنا بشر بن السري ، قال : ثنا ابراهيم بن نافع : أنه سمع عطاء يحدّث عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ أنه كان يكره أن يرمي شيئا من الجمار راكبا إلّا من ضرورة.

٢٦٤٦ ـ حدّثنا / سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، عن ابن جريج ، قال : سألت عطاء عن الركوب إلى الجمار حتى يأتيها للرمي ، فقال : ما أحبه ، وما كنت لآمر به إلّا من وجع ، أو امرأة ثقيلة لا تستطيع أن تمشي إليها. قلت : أفرأيت إذا فرغت منها أرجع راكبا؟ قال : فرغت حينئذ فاركب إن شئت. قلت لعطاء : كيف بلغك أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يصنع في ذلك؟ قال : بلغنا أنه كان يمشي إليها. قال : قلت له : أمشى إذا رجع أم ركب؟ قال : لا أدري. قال : لا أظنه إلّا كان ينقلب ماشيا.

قال عطاء : أدركت الناس يمشون إلى الرمي مقبلين ومدبرين (١).

قال ابن جريج : وأخبرني عمرو بن دينار ، قال : رأيت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يمشي مقبلا ومدبرا إلى الجمار.

وكان عطاء لا يوجب المشي إليها ، ولكن يقول : لم يركب وهو صحيح (٢).

قال ابن جريج : وأخبرني نافع قال : لم يكن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يركب إلى الرمي مقبلا إليه ولا مدبرا عنه (٣).

__________________

٢٦٤٥ ـ إسناده منقطع.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٧٤ ب عن ابن نمير ، عن ابراهيم ، به. والبيهقي ٥ / ١٣١ من طريق : أبي عامر ، عن ابراهيم ، به. وقال وقد سقط من إسناده بين ابراهيم وعطاء رجل.

٢٦٤٦ ـ إسناده حسن.

(١)،(٢)،(٣) رواهن ابن أبي شيبة ١ / ١٧٤ ب من طريق ابن جريج ، به.


٢٦٤٧ ـ حدّثنا عبد الله ، قال : ثنا محمد بن حرب ، عن مالك ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، قال : إن الناس كانوا إذا رموا الجمار مشوا ذاهبين وراجعين ، وأول من ركب معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ.

ذكر

حصى الجمار أنّه يرفع إذا قبل

٢٦٤٨ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن فطر ، وابن أبي حسين ، عن أبي الطفيل ، قال : قلت لابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ : رمي الناس الجمار في الجاهلية والإسلام ، فكيف لا يسدّ الطريق؟ قال : ما يقبل منه رفع ، ولو لا ذلك كان أعظم من ثبير.

٢٦٤٩ ـ حدّثنا أبو بشر ، قال : ثنا أزهر بن سعيد ، قال : ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، قال : سألت أبا الطفيل عن حصى الجمار أن لا يكون هضابا

__________________

٢٦٤٧ ـ إسناده صحيح.

عبد الله ، هو : ابن أبي مسرّة. ومالك ، هو : ابن أنس.

والحديث في الموطأ ٢ / ٣٧٠. ورواه من طريق مالك البيهقي ٥ / ١٣١.

٢٦٤٨ ـ إسناده صحيح.

فطر ، هو : ابن خليفة. وابن أبي حسين ، هو : عبد الله بن عبد الرحمن. رواه ابن أبي شيبة ٤ / ٣٢ عن سفيان ، به. وذكره المحب الطبري في القرى ص : ٤٣٦ وعزاه لسعيد ابن منصور.

٢٦٤٩ ـ أزهر بن سعيد لم أعرفه ، وبقية رجاله موثّقون.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٦ ـ ١٧٧ ، والبيهقي ٥ / ١٢٨ كلاهما من طريق : ابن خثيم ، به.


تسدّ الطريق؟ قال : سألت ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ عنه ، فقال : ملك موكل به ، فما يقبل منه رفع ، وما لم يقبل منه بقي.

٢٦٥٠ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن سليمان بن المغيرة ـ أبي عبد الله العبسي ـ عن عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أنّه قال : الحصى قربان فما يقبل من الحصى رفع.

٢٦٥١ ـ حدّثنا عمر بن حفص الشيباني ، قال : ثنا عمر بن علي ، قال : ثنا عبد الله بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : الحصى قربان يتقرّب به العبد إلى الله ـ تعالى ـ فما يقبل منه رفع.

٢٦٥٢ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد المجيد ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عبد الله بن مسلم بن هرمز ، عن سعيد بن جبير بنحوه ، ـ وزاد فيه ـ : وما لم يقبل منه فهو الذي يبقى.

٢٦٥٣ ـ حدّثنا أبو بشر قال : ثنا وهب بن جرير ، قال : ثنا شعبة ، عن

__________________

٢٦٥٠ ـ إسناده حسن.

رواه ابن أبي شيبة ٤ / ٣٢ ، والأزرقي ٢ / ١٧٧ ، والبيهقي ٥ / ١٢٨ كلهم من طريق : سفيان ، به.

٢٦٥١ ـ إسناده ضعيف.

عبد الله بن مسلم بن هرمز ، ضعيف.

٢٦٥٢ ـ إسناده ضعيف.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٧ من طريق : مسلم بن خالد الزنجي ، عن ابن جريج ، به.

وذكره السيوطي في الدر ١ / ٢٣٥ وعزاه للأزرقي.

٢٦٥٣ ـ إسناده حسن.

عياش الكليبي سكت عنه البخاري ٧ / ٤٧ ، وابن أبي حاتم ٧ / ٥ ، وذكره ابن حبان في الثقات ٧ / ٢٩٣. وشعبة لا يروى إلّا عن موثوق الرواية.


عيّاش الكليبي ، عن عبد الله بن باباه ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ نحوه.

٢٦٥٤ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن فطر ، عن أبي العباس ، عن أبي الطفيل ، قال : سألت ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قلت : ما بال [هذه] الجمار ترمى في الجاهلية والإسلام ، كيف لا تسدّ الطريق؟ قال : إنّه ما تقبل الله ـ عزّ وجلّ ـ من امرئ إلّا رفع حصاه.

٢٦٥٥ ـ حدّثنا محمد بن علي ، قال : ثنا علي بن الحسين ، قال : حدّثني أبي ، عن أبي الزبير ، أنّه سمع مجاهدا يقول : ما يقبل من الجمار رفع.

٢٦٥٦ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن جريج ، قال : قال عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ : / ما تقبّل الله حجّ امرئ إلّا رفع حصاه.

٢٦٥٧ ـ حدّثنا سلمة بن شبيب ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، أنّه كان يلتقط له مثل حصى الخذف.

__________________

٢٦٥٤ ـ إسناده حسن.

أبو العباس ، هو : السائب بن فرّوخ.

٢٦٥٥ ـ إسناده حسن.

محمد بن علي ، هو : ابن حمزة المروزي. وعلي بن الحسين ، هو : ابن واقد المروزي.

٢٦٥٦ ـ إسناده ضعيف.

ابن جريج لم يلق عمر ـ رضي الله عنه ـ.

٢٦٥٧ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٧٦ ب عن أبي خالد الأحمر ، عن ابن جريج ، عن ابن طاوس ، به.


٢٦٥٨ ـ حدّثنا سلمة بن شبيب ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أنا سعيد ابن عبد العزيز ، قال : سمعت عطاء الخراساني يقول : يغفر للحاج بكل حصاة من حصى الجمار كبيرة من الكبائر.

٢٦٥٩ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، عن ابن جريج ، قال : أخبرت أنّ نفيعا كان جالسا عند ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذ قال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ما كنّا نتراءى في الجاهلية من الحصى ، والمسلمون اليوم أكثر ، ثم أنه لضحضاح. قال ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : إنّه والله ما قبل الله من امرئ حجّه إلّا رفع حصاه. قال : ثم سألت ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بعد ذلك فقلت : يا أبا عباس ، إنّي توسطتّ الجمرة فرميت من بين يديّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ، فما وجدت له مسّا؟ فقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : ما من عبد إلّا هو موكّل به ملك يمنعه مما لم يقدّر ، فإذا جاء القدر لم يستطع منعه منه ، والله ما تقبل الله ـ عزّ وجلّ ـ من امرئ حجّه إلّا رفع حصاه.

٢٦٦٠ ـ حدّثنا عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا سليمان ، عن حمّاد ، عن كثير بن شنظير ، عن عطاء ، قال : إرم الجمار وكبّر ، ولا ترم ثم تكبّر.

__________________

٢٦٥٨ ـ إسناده صحيح.

سعيد بن عبد العزيز ، هو : التنوخي الدمشقي.

٢٦٥٩ ـ إسناده منقطع متروك.

نفيع بن الحارث ، أبو داود الأعمى : متروك ، وقد كذّبه ابن معين التقريب ٢ / ٣٠٦.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٧ ـ ١٧٨ من طريق : ابن جريج ، به.

٢٦٦٠ ـ إسناده حسن.

سليمان ، هو : ابن حرب. وحمّاد ، هو : ابن زيد.

ذكره المحب الطبري ص : ٤٤١ وعزاه لسعيد بن منصور.


٢٦٦١ ـ حدّثنا سلمة بن شبيب ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : سئل ابن جريج عن رجل أخذ حصى المسجد فرمى به الجمرة. قال : أجزأ عنه ، ويعيد في المسجد مثلها.

ذكر

من حيث ترمى الجمار ووقت ذلك والدعاء

٢٦٦٢ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن بن سعيد بن حسّان بن عبيد الله بن أبي نهيك المخزومي ، قال : ثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، عن ابن جريج ، قال : قال عطاء : أحب إليّ أن أرمي الجمرة أسفل من السيل ـ ولم يكن يوجبه ـ قال : ثم أرجع من أسفل السيل ، كما كان النبي صلّى الله عليه وسلم يصنع.

قال : فإن دهمك الناس فارمها من حيث شئت ، ولا بأس ولا حرج. قلت لعطاء : فمن أين أرمي السفليّين؟ قال : أعلهما كما [يصنع من أقبل من أسفل منى. قال : فإن دهمك الناس فارمهما من فوقهما](١) ـ ولم يكن يوجبه ـ قال : فإن كثر عليك الناس ، فلا جناح عليك من أي نواحيها رميتها. قال عطاء : ولا يضرّك من أيّ الطرق سلكت إلى الجمرة.

__________________

٢٦٦١ ـ إسناده صحيح.

٢٦٦٢ ـ إسناده حسن.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٨ من طريق : ابن جريج ، به. وروى بعضه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٩ ب ، ١٧٠ أمن طريق ابن جريج.

(١) هذه عبارة الأزرقي ، وجاءت عبارة الفاكهي مضطربة وهذه هي (كما كان النبي صلّى الله عليه وسلم يصنع ، أعل من أسفل منى فيفرعهما).


قال ابن جريج : وأصعد عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ في بعض البنيان ـ بنيان العقبة ـ فرمى الجمرة من ثمّ (١).

قال عطاء : لا يرمي يوم النحر إلّا جمرة العقبة. قال : وترمى كل جمرة منهنّ بعد ، وترمى كل جمرة منهنّ بسبع حصيات مع كل إرسال حصاة تكبير.

قلت لعطاء : أكبّر بيدي كلما رميت بحصاة كما أكبّر بيدي في الصلاة؟ قال : لا إرم وكبّر ، ولا تكبّر بيديك ، ولا ترفعهما.

قال ابن جريج : وأخبرني نافع قال : كان عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يكبّر عند كل حصاة رمى بها (٢).

قال ابن جريج : وأخبرني محمد بن يوسف مولى عمرو بن عثمان ، قال : إنّ عبد الله بن عمرو بن عثمان أخبره : أنّه سمع أبا حبّة الأنصاري يفتي بأن لا بأس بما رمى به الإنسان الجمرة من الحصى / يقول : من عدده.

فقال : فجاء عبد الله بن عمرو بن عثمان إلى عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ فقال : إنّ أبا حبّة الأنصاري يفتي الناس أنّ لا بأس بما رمى به الإنسان من حصى الجمرة يقول من عدده. فقال ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : صدق أبو حبّة ـ وأبو حبّة رجل من أهل بدر ـ (٣).

قال ابن جريج : قال عطاء : إن رميت بحصاتين معا ، فلا يضرّك ، وكبّر على كل واحدة منهنّ تكبيرة أو سقطتا منك ، وقال : وأقول أن لا يعمد لذلك.

قال ابن جريج : وأخبرني أبو الزبير : أنّه سمع جابر بن عبد الله ـ رضي

__________________

(١) اسناده منقطع.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٩٦ ب بإسناده إلى الأسود ، وهو اسناد حسن.

(٢) رواه الأزرقي ٢ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ، وابن أبي شيبة ١ / ١٩٥ أكلاهما من طريق : ابن جريج ، به.

(٣) رواه ابن حزم في المحلّى ٧ / ١٣٤ بإسناده إلى عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، به.


الله عنهما ـ يقول : لا أدري بكم رمى النبي صلّى الله عليه وسلم (١). قال ابن جريج : قلت لعطاء : أرأيت لو وقفت على الجمرة ، فإذا سبع حصيات قد سقطن ، أو حصاة واحدة ، آخذ من الجمرة من حصاها بدل ما سقط من حصاي؟ قال : نعم. قال : قلت له : أفأحبّ إليك أن أبدّل من غيرها؟ قال : ليس ذلك بأحبّ إليّ. قال : قلت : أفلا أدع أن آخذ من أهل حصاي ، وآخذ من كل جمرة سبعا فأرميها بهن؟ قال : لا أحب ذلك ، ولكن خذ من البيت أو غير البيت. قال عطاء : خذ الحصى من حيث شئت ، من جمع أو من حيث شئت من غيرها. قال : قلت لعطاء : أغسل الحصى ، فإنّي أخشى أن لا يكون طيبا من طريق الحج؟ قال : فلا تغسله ، وهو زعم ، لا تغسله (٢).

٢٦٦٣ ـ حدّثنا أبو بشر بكر بن خلف ، قال : ثنا غندر ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير ، قال : رأيت عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يرمي الجمرة ، وإن بين كتفيه اثنتي عشرة رقعة بعضها من أدم.

ذكر

القيام عند الجمار والدعاء ورفع الأيدي

٢٦٦٤ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : ذهبت أرمي الجمار ، فسألت هل رمى عبد الله بن عمر ـ رضي

__________________

٢٦٦٣ ـ إسناده صحيح.

٢٦٦٤ ـ إسناده صحيح.

(١) إسناده حسن.

(٢) رواه ابن أبي شيبة ٤ / ٢٧ من طريق : ابن جريج ، به.


الله عنهما ـ فقالوا : لا ولكن قد رمى أمير المؤمنين ـ يعنون ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ. قال عمرو : فانتظرت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ، فلما زالت الشمس خرج فأتى الجمرة الأولى فرماها ، ثم تقدّم أمامها قليلا ، فوقف وقوفا طويلا ، ثم أتى الوسطى فرماها ، ثم قام عن يسارها فوقف وقوفا طويلا ، ثم أتى جمرة العقبة فرماها ثم انصرف ولم يقف عندها.

٢٦٦٥ ـ حدّثنا هارون بن موسى بن طريف ، قال : ثنا ابن وهب ، عن عمرو ، قال : إنّ أبا الزبير حدّثه : أنّه رأى عبد الله عمر ، وعبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهم ـ يرميان الجمار حين تزيغ الشمس ، ورآهما يطيلان الوقوف عند الجمرتين الأوليين.

٢٦٦٦ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن نافع ، قال : كان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يقوم عند الجمرة الوسطى [هذه] الصخرة السابلة التي في الجبل.

٢٦٦٧ ـ حدّثنا أبو عمار الحسين بن حريث قال : ثنا يحيى بن سليم ، قال : سمعت عبد الله بن عثمان بن خثيم ، يقول : سمعت سعيد بن جبير ، يقول : كانوا يقومون عند الجمرتين بقدر قراءة سورة البقرة.

قال ابن خثيم : فقلت لسعيد : إنّ من الناس سريع القراءة ، ومنهم بطيء القراءة. قال : فقال لي سعيد : أجرها على قراءتي. قال : وكان سعيد بن جبير رجلا سريع القراءة (١).

__________________

٢٦٦٥ ـ شيخ المصنّف لم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات.

٢٦٦٦ ـ إسناده صحيح.

٢٦٦٧ ـ إسناده حسن.

(١) رواه الأزرقي ٢ / ١٧٩ بإسناده إلى ابن جريج ، عن ابن خثيم ، به.


٢٦٦٨ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، عن ابن جريج قال : أخبرني ابن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، قال : رميت مع ابن عباس ـ رضي الله تعالى عنهما ـ / فوقف عند الجمرتين قدر سورة من السبع ، فذكر نحو حديث يحيى بن [سليم](١) ـ وزاد فيه ـ :

قال ابن جريج : قال ابن خثيم : فأخبرت عليا الأزدي (٢) ، خبر سعيد ابن جبير إياي بذلك ، فقال : كذلك كنت أجري. يقول : احرز قدر قيام سورة من السبع.

٢٦٦٩ ـ حدّثنا ابن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن خثيم ، عن مجاهد ، قال : إذا رميت الجمار فقال : هكذا ومدّ يده ورفعها حتى رأيت بياض إبطيه.

٢٦٧٠ ـ حدّثنا عبد الجبار بن العلاء ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، قال : حزرت قراءتي بقيام ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عند الجمرتين بقدر سورة من المئين.

٢٦٧١ ـ حدّثنا يحيى بن جعفر ، قال : ثنا علي بن عاصم ، قال : أنا أبو

__________________

٢٦٦٨ ـ إسناده حسن.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٨٣ أ ، والأزرقي ٢ / ١٧٩ كلاهما من طريق : ابن جريج به.

٢٦٦٩ ـ إسناده حسن.

٢٦٧٠ ـ إسناده حسن.

٢٦٧١ ـ إسناده حسن.

أبو الأزهر ، هو : صالح بن درهم ، وشيخ المصنّف ، هو : يحيى بن جعفر بن الزبرقان ، أبو طالب.

(١) في الأصل (سليمان) وهو خطأ.

(٢) هو : علي بن عبد الله الأزدي.


الأزهر قال : رأيت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ راح إلى الجمار في ساعة لو ألقيت قطعة من لحم في الشمس لرأيت أنّها تشوى.

٢٦٧٢ ـ وحدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، قال : ذهبت أرمي الجمار مع أبي فرأينا رجلا يطيل القيام يدعو عند الجمار. فقال لي : سل من هذا؟ فسألت عنه ، فقيل لي : عامر بن عبد الله بن الزبير. قال : ورأيت عليه عمامة قد أرخاها بين كتفيه.

٢٦٧٣ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا مروان ، عن هارون بن [ابراهيم](١) قال : رأيت عطاء بن أبي رباح على حمار واقفا عند الجمرة الوسطى قدر ما كان إنسان قارئا سورة البقرة.

٢٦٧٤ ـ حدّثنا أبو عمّار ـ الحسين بن حريث ـ ، وابراهيم بن أبي يوسف جميعا ، قالا : ثنا يحيى بن سليم ، قال : حدّثني عبد الله بن عثمان بن خثيم ، قال : حدّثني محمد بن الأسود بن خلف الخزاعي ، قال : أدركت الناس يتزوّدون الماء في الإداوا إذا ذهبوا يرمون الجمار من طول القيام عند الجمرتين.

٢٦٧٥ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن قال : ثنا عبد الله بن الوليد ، عن

__________________

٢٦٧٢ ـ إسناده صحيح.

٢٦٧٣ ـ إسناده صحيح.

مروان ، هو : ابن معاوية.

٢٦٧٤ ـ إسناده حسن.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٨٣ أوالأزرقي ٢ / ١٧٩ كلاهما من طريق : ابن خثيم ، به.

٢٦٧٥ ـ إسناده حسن.

(١) في الأصل (أبي ابراهيم) وهو خطأ.


سفيان ، عن سليمان التيمي عن أبي مجلز قال : رميت مع ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : فحزرت قيامه ، فكان قدر (سورة يوسف) ، ورمى حين كان الظلّ ثلاثة أشبار. قال : وشبرته فكان الظلّ ثلاثة أشبار.

٢٦٧٦ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، عن ابن جريج ، قال : قال عطاء : رأينا ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يقوم عند الجمرتين قدر ما كنت قارئا سورة البقرة.

قال ابن جريج : قلت لعطاء : استقبل البيت في الدعاء عند الجمرتين؟ فقال لي : ما قال في استقبال البيت في الموقف بعرفة آخر ما ذكرته في هذا الباب (١).

قال ابن جريج : وأخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ يقول : رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم رمى بمثل حصى الخذف.

قال ابن جريج : وأخبرني هارون بن أبي عائشة ، عن عدي بن عدي ، عن سلمان بن ربيعة الباهلي ، قال : نظرنا عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يوم النفر الأول ، فخرج علينا تقطر لحيتة ماء ، في يده حصيات ، وفي حجزته حصيات ماشيا يكبّر في طريقهم حتى رمى الجمرة الأولى ، ثم مضى حتى انقطع من فضض الحصى ، وحيث لا يناله حصى من رمى ، فدعا ساعة ، ثم مضى إلى الجمرة الوسطى ، ثم الأخرى (٢).

__________________

٢٦٧٦ ـ إسناده حسن.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٩ ، وابن أبي شيبة ١ / ١٨٣ كلاهما من طريق : ابن جريج به.

(١) رواه الأزرقي ٢ / ١٧٩ بإسناده إلى ابن جريج.

(٢) هارون بن أبي عائشة سكت عنه البخاري ٨ / ٢٢٠ ، وابن أبي حاتم ٩ / ٩٣ ، وذكره ابن حبان في الثقات. والخبر رواه الأزرقي ٢ / ١٧٨ ، وذكره الهندي في كنز العمال ٥ / ٢١٧ ـ ٢١٨ وعزاه لمسدّد.


قال ابن جريج : قال عطاء : إذا رميت قمت عند الجمرتين السفلاوين قلت : حيث يقوم الناس الآن؟ قال : نعم ، فدعوت بما بدا لك ولم أسمع / بدعاء معلوم في ذلك. قال : قلت : ألا يقام عند العقبة؟ قال : لا ، ولا يقام عند رمي الجمار يوم النفر.

قال : قلت : أبلغك ذلك عن ثبت؟ قال : نعم. قال : وحق أو سنة ، على الراجل والراكب ، والراجل والمرأة ، والناس أجمعين القيام عند مدعى الجمرتين القصواوين (١).

قال ابن جريج : وأخبرني أبو الزبير ، أنّه سمع جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ يقول : إذا رميت الجمرة فتقدم إلى بطن المسيل.

٢٦٧٧ ـ حدّثني عبد الله بن عمرو بن أبي سعد ، قال : ثنا عبد الرحمن بن ابراهيم اللخمي ، قال : ثنا أبو علي الحرماري ، قال : زعم النهشلي قال : خرج فتيان من قريش معهم عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة يختلون النساء عند الجمار ، فجعل أولئك ينظرون إلى الشارة والهيئة ، وهو ينظر إلى المحاسن إلى أن مرّت به امرأة باذة الهيئة ، مستقرّة في الخمار ، فأنشأ يقول وهو يومئ إليها :

[و] ما كان بالحيّين هذا ولا هذا

ولا راح يرمي هذه الجمرات

شبيه بها إنّي عليم بمثلها

قديم التصابي عارم النظرات

__________________

٢٦٧٧ ـ في إسناده من لم أعرفه.

(١) رواه الأزرقي ٢ / ١٧٨.


ذكر

ما قيل في الجمار من الشعر

وقد قالت الشعراء في الجمار أشياء سأذكر بعضها.

قال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة (١) ، ويقال بل القائل ذلك الحارث ابن خالد :

ولم أر كالتجمير أحسن منظرا

ولا كليالي الحج أفتن ذا هوى

ومن [مالى](٢) عينيه من شيء غيره

إذا راح نحو الجمرة البيض كالدّما

يسحّبن أذيال المروط بأسوق

خلال إذا ولّين أعجازها روا

وقال عمر بن أبي ربيعة أيضا في الجمار :

كان يوم الجمار مما قضى الله

علينا وخطّ بالأقلام

قد تمنيت أنني لك درع

وازار وحلية في نظام

وقال العرجي يذكرها أيضا :

وللرمي قد تبدي الحسان أكفّها

ويفترّ بالتكبير عن شعب غرّ

فيا ربّ مشغوف بنا لا ينالنا

غداة تساق المشعرات إلى النحر

غداة يوافي أهل جمع مع الحصى

كذا الجمرة القصوى ذوو لمم غبر

فيا ربّ باد شجوه ومعوّل

إذا ما رأى الأطناب تنزع للنفر

__________________

(١) ديوانه ص : ١٨.

(٢) في الأصل (قال).


وقال مجنون بنى (١) عامر :

ولم أر ليلى بعد موقف ساعة

ببطن منى ترمي جمار المحصّب

ويبدي الحصى منها إذا قذفت به

من الدرع أطراف البنان المخضّب

فلما رأت أن التفرق غلته

وأنّا متى ما نفترق نتشعّب

أشارت بموسوم كأن بنانه

عليه المثاني من دمقس مذهّب

إلّا إنما غادرت يا أمّ مالك

مرا أينما تذهب به الريح يذهب

/ وقال شاعر أيضا في الجمار :

إنّي امرؤ يعتادني ذكر

منها ثلاث منى لذا صبري

ومواقف بالمشعرين لها

ومناظر الجمرات والنحر

وقال شاعر من العرب أيضا يذكرها :

ألا واها لهذا الحجيج والتجهر والنحر

لأن حجّ لأن حجّ لأن حجّ أبو بكر

أخ له وابن أخت كل بما يفعل عن أمري

فإن أيسرا يسرت وعشر الرمي عشر (٢)

وقال شاعر أيضا :

تقول التي ترمي الجمار عشية

وتبدي لنا منها بنانا مخضّبا

غدا ينفر الحجاج من بطن مكة

وتفترق الأحياء شرقا ومغربا

فابلست واسترجعت إذ نطقت به

وقلت لها : العينان بالدمع تسكبا

وقال بعضهم :

أتعهد الحيّ ليل السامر العرد

بجانب الجمرة القصوى إلى السبد

هل للزمان إياب في تصرفه

بليلة سلفت منكنّ لم تعد

__________________

(١) بعض هذه الأبيات في الأغاني ٢ / ٢٠ ، ٣٤.

(٢) كذا في الأصل ، وفيه اضطراب.


ذكر

مقبرة منى واسمها

٢٦٧٨ ـ حدّثني أبو ابراهيم اسماعيل المكي ، قال : قال أخي : اسم مقبرة منى : (ثياد) ، وأنشد لبعض الشعراء :

شهد الحجيج منى واقام بثياد

ومضوا لظباتهم وأقام (١)

ذكر

أول من نصب الأصنام بمنى

٢٦٧٩ ـ حدّثنا عبد الله بن عمران المخزومي ، قال : ثنا سعيد بن سالم ، عن عثمان بن ساج ، قال : أخبرني محمد بن اسحق : أن عمرو بن لحى نصب بمنى سبعة أصنام ، ونصب صنما على (القرين) الذي بين مسجد منى والجمرة الأولى على بعض الطريق ، ونصب على الجمرة الأولى صنما وعلى (المدعى) صنما ، وعلى الجمرة الوسطى صنما ، ونصب على شفير الوادي فوق الجمرة العظيمة صنما ، وعلى الجمرة العظمى صنما ، وقسّم عليهن حصى الجمرات إحدى وعشرين حصاة يرمي كل وثن بثلاث حصيات ، ويقال للوثن حين يرمي أنت أكبر من فلان. ـ الصنم الذي يرمي قبله ـ.

__________________

٢٦٧٨ ـ أخو شيخ المصنّف لم أعرفه.

٢٦٧٩ ـ إسناده حسن إلى أبي إسحاق.

رواه الأزرقي ٢ / ١٧٦ من طريق : سعيد بن سالم ، به.

(١) البيت كذا في الأصل ، وفيه اضطراب.


ذكر

ذرع ما بين الجمار وذرع منى (١)

من جمرة العقبة إلى الجمرة الوسطى أربعمائة ذراع وسبعة وثمانون ذراعا وإحدى عشرة اصبعا.

ومن الجمرة الوسطى إلى الجمرة الثانية ـ وهي تلي مسجد منى ـ ثلثمائة ذراع وخمسة أذرع.

ومن الجمرة التي تلي مسجد منى إلى أوسط أبواب مسجد منى ألف ذراع وثلثمائة ذراع وواحد وعشرون ذراعا.

/ وذرع منى من جمرة العقبة إلى وادي محسّر ، وهو آخر منى ، سبعة آلاف ذراع ومائتا ذراع.

وذرع منى من مؤخر المسجد الذي يلي الجبل إلى الجبل الذي بحذائه ألف ذراع وثلاثمائة ذراع.

وذرع شعب علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وهو على يسار جمرة العقبة ، إذا نزلت من العقبة ست وثلاثون ذراعا.

وعرض الطريق الأعظم حيال الجمرة الوسطى ، وهي الطريق التي سلكها النبي صلّى الله عليه وسلم يوم النحر حين غدا من قزح إلى جمرة العقبة بمنى ، وكانت الأئمة تسلكها ، حتى تركت منذ سنة المائتين ، وجاء أمراء بعد ذلك فسلكوا الطريق اللاصقة بالمسجد وليست تلك بطريق النبي صلّى الله عليه وسلم فيما يقولون ، ومن حد مؤخر مسجد منى إلى مسجد المزدلفة ثمانية آلاف ذراع وذراع فيما يقال والله أعلم.

__________________

(١) أنظر هذا المبحث في الأزرقي ٢ / ١٨٥ ـ ١٨٦.


ذكر

ذرع مسجد منى وطوله وعرضه

وذرع مسجد الخيف من وجهه في طوله من حدّته التي تلي دار الإمارة إلى حدّته التي تلي عرفة مائتا ذراع وثلاثة وتسعون ذراعا واثنتا عشرة أصبعا.

ومن حدّته التي تلي الطريق السفلى في عرضه إلى حدّته التي تلي الجبل مائة ذراع وأربعة أذرع واثنتا عشرة أصبعا.

وطوله مما يلي الجبل في حدّته السفلى إلى حدّته التي تلي دار الإمارة مائتا ذراع وأربعة وستون ذراعا وثماني عشرة أصبعا.

وعرضه مما يلي الإمارة مائتا ذراع.

وفي قبلة المسجد مما يلي دار الإمارة ست ظلال كان زوّقها الصائغ اسحاق ابن سلمة وعملها.

وفيه من الأساطين مائة وثمان وستون أسطوانة منها في القبلة ثمان وسبعون ، مما يلي بطن المسجد أربع وعشرون ، وفي شقه الأيمن أربع وثلاثون ، وفي أسفله الذي يلي عرفات خمس وعشرون ، وفي شقه الأيسر الذي يلي الجبل إحدى وثلاثون.

منها واحدة في الظلة.

وعلى مسجد الخيف عشرون بابا متفرقة في جوانبه.

ثم قدم اسحاق بن سلمة فعمل ضفيرة لمسجد منى ليرد سيل الجبل عن المسجد ودار الإمارة ، فعمل هنالك ضفيرة عريضة مرتفعة السمك وأحكمها بالحجارة والنورة والرماد ، فصار ما ينحدر من السيل يتسرب في أصل الضفيرة من خارجها ، ثم يخرج إلى الشارع الأعظم بمنى ، ولا يدخل المسجد ولا دار


الإمارة منه شيء ، وصار ما بين الضفيرة والمسجد وهو عن يساره رفقا للمسجد وزيادة في سعته.

وعمّر ما كان يحتاج إلى العمارة في المسجد ، ثم تهدّم ذلك وخرب لقلة تعاهده اليوم.

وعندنا جميع ذرع باطن المسجد ، وجميع ما فيه ، ولكنا اختصرنا ذلك مخافة التطويل.

فكانت أبواب مسجد الخيف على ذلك حتى قدم بشر الخادم مولى أمير المؤمنين على عمارة المسجد ، فغيّرها ، فسدّ الباب الذي يلي الجبل مخافة من السيل ، وذلك في سنة ست وخمسين ومائتين.

ذكر

ذرع أسفل منى وما بين مأزمي منى والعقبة

/ ومن حد مسجد منى الذي يلي عرفات إلى وسط حياض الياقوتة ثلاثة آلاف وسبعمائة ذراع ، وثلاثة وخمسون ذراعا.

ومن وسط حياض الياقوتة إلى حد محسّر ألفا ذراع.

ومن حد مأزمي منى من الجبل إلى الجبل خمسون ذراعا (١).

٢٦٨٠ ـ حدّثنا محمد بن عبد الملك الواسطي ، قال : ثنا معلى بن عبد الرحمن قال : ثنا شريك عن ليث عن طاوس ، عن عبد الله بن عباس

__________________

٢٦٨٠ ـ إسناده ضعيف.

ليث ، هو : ابن أبي سليم.

(١) أنظر تفاصيل هذا المبحث في الأزرقي ٢ / ١٨١ ـ ١٨٥.


ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال : لا يبيتن أحد من دون المأزمين ـ وهما جبلان من دون العقبة إلى مكة ـ يقول أيام منى.

٢٦٨١ ـ وحدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان.

وحدّثنا ابن ادريس ، قال : ثنا الحميدي قال : ثنا سفيان ، قال : ثنا يزيد أبو خالد ، عن علي الأزدي قال : رأيت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وهو بين مأزمي منى وسمع الناس يقولون : لا إله إلّا الله ، فقال : هي هي.

فقال : يا أبا عبد الرحمن : ما هي هي؟ قال : (وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها)(١).

قال الحميدي في حديثه : ما بين مأزمي منى.

وقال بعض الشعراء في المأزمين يذكرهما :

ألم يكن بجنوب المأزمين إلى

خيفي منى فمناخ المنحر الجسد

ليل يقرب من نفس شقيقتها

ويلصق الكبد الحرّى إلى الكبد

٢٦٨٢ ـ حدّثنا يحيى بن جعفر بن أبي طالب ، قال : ثنا علي بن عاصم ، قال : ثنا أبو الأزهر ، قال : رأيت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يلبي بمكة حتى إن كاد ليسمع ما بين الجبلين ـ يعني المأزمين ـ من منى إن شاء الله ـ.

__________________

٢٦٨١ ـ إسناده حسن.

يزيد أبو خالد : لا بأس به. أنظر الأثر (١٦٥٦).

رواه عبد الرزاق ٥ / ٤٩٧ ـ ٤٩٨ ، والطبري ٢٦ / ١٠٥ كلاهما من طريق : سفيان ، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور ٦ / ٨٠ وعزاه لعبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردوية ، والبيهقي.

٢٦٨٢ ـ إسناده حسن.

أبو الأزهر ، هو : صالح بن درهم الباهلي.

(١) سورة الفتح (٢٦).


وذرع طريق العقبة من العلم الذي على الجدار إلى العلم الآخر الذي يحدّه تسعة وستون ذراعا. والطريق مفروشة بحجارة يمر عليها سيل منى.

وذرع الطريق الأعظم طريق العقبة الخارجة ستة وثلاثون ذراعا (١).

ذكر

المزدلفة وحدودها وذكر فضلها وما جاء فيها

٢٦٨٣ ـ حدّثنا عبد الله بن أبي سلمة ، قال : ثنا عبد الجبار بن سعيد ، عن أبي بكر بن عبد الله ، عن عمر بن عطاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : جمع من مفضى المأزمين إلى القرن الذي خلف وادي محسّر.

٢٦٨٤ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : ثنا يحيى بن محمد ، عن رباح عن الزنجي بن خالد عن ابن جريج عن عطاء ، بنحوه.

٢٦٨٥ ـ وحدّثنا الزبير ، قال : حدّثني يحيى بن محمد ، عن سليم ، عن ابن

__________________

٢٦٨٣ ـ إسناده متروك.

أبو بكر بن عبد الله ، هو : ابن أبي سبرة : ضعيف رموه بالوضع. التقريب ٢ / ٣٩٧.

وعمر بن عطاء ، هو : ابن أبي الخوّار المكي. ذكره السيوطي في الدر ١ / ٢٢٤ وعزاه لعبد ابن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر.

٢٦٨٤ ـ يحيى بن محمد بن ثوبان : لم أقف عليه. ورباح ، هو : ابن محمد السهمي : لم أقف عليه كذلك.

٢٦٨٥ ـ يحيى بن محمد لم أقف عليه وبقية رجاله موثقون.

(١) الأزرقي ٢ / ١٨٥.


جريج عن عطاء بنحوه ، إلّا أنّه قال : حتى يبلغ القرن الأحمر دون (محسّر) على يمين من خرج من مكة.

وإنّما سمّيت المزدلفة لمزدلف الناس عنها ، وأنّهم لا يقيمون بها يوما كاملا.

٢٦٨٦ ـ حدّثنا عبد الله بن منصور ، عن عمر بن علي ، عن أبي سعيد بن أبي المعزّ الأودي ، عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : أهبط الله ـ عزّ وجلّ ـ آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالهند ، وأهبط حواء بجدّة ، ولا يعلم واحد منهما بمكان صاحبه ، حتى اجتمعا بجمع ، فسمّيت جمعا لاجتماعهما بها.

__________________

قلت : والذي تحصل لي من أقوال العلماء في حدود مزدلفة ، وأقوال الشريف محمد ابن فوزان الحارثي ـ رحمه الله ـ هو ما يلي :

حدّها الشمالي : هو ثبير النصع (جبل المزدلفة) ويقال له (الأحدب) أيضا.

وحدّها الجنوبي : جبل ذات السليم ، وذو مراخ (المريخيّات) ثم قرن مزدلفة الذي يمر سيل محسّر بينه وبين دقم الوبر.

وحدّها الغربي : جبل المضيبيع ، ثم وادي محسّر ، ووادي محسر إذا وصل القرن الجنوبي الذي بأسفل الصائح (جبل منى اليماني) اتجه إلى مزدلفة ، لكنه لا يدخلها ، بل يمر بين دقم الوبر من الشرق وبين قرن مزدلفة من الغرب ، ثم يتجه جنوبا عدلا ، حتى يصل إلى آخر سلسلة ذي مراخ (المريخيّات).

وحدّها الشرقي : ريع المرار الذي يمر به الطريق (٨) و (٩) ، ثم ريع الغزالة الذي يمر به الطريق (٧) ثم منتهى المأزمين ، مأزمي عرفة المعروفة عند العامة ب (الأخشبين) اللذين يمر بينهما الطريقان (٥) و (٦) وطريق المشاة ، الذي هو : طريق المأزمين. أما طريق ضبّ فهو الذي فيه الطريقان (٣) و (٤). والله أعلم.

٢٦٨٦ ـ أبو سعيد بن أبي المعز لم أعرفه ، وبقية رجاله موثقون.

ذكره المحب الطبري في القرى ص : ٤٢٠ ، وابن حجر في الفتح ٣ / ٥٢٣.


٢٦٨٧ ـ حدّثنا أبو مروان ـ محمد بن عثمان ـ قال : ثنا ابراهيم بن سعد ، عن أبيه ، قال : رأيت القاسم بن محمد يضرب راحلته حتى هبط من محسّر.

فقلت : يا أبا محمد ما هذا؟ فقال : قد كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ تأمر ببغلتها فتضرب حتى تهبط محسّر حتى تخرج منه.

قال سعد بن ابراهيم : وأخبرني طلق بن حبيب أنّه دفع مع / ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ فلما هبط من جمع أوضع راحلته (١).

ـ هذا كلّه من حديث أبي مروان ـ.

٢٦٨٨ ـ وحدّثنا عبد الله بن منصور ، عن سليم بن مسلم ، عن محمد بن عبد الرحمن المخزومي ، عن أبيه قال : حججت مع أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ فلمّا رأى أهل جمع قال : الله أجلّ وأكرم وأعظم من أن يخيب أحدا من هؤلاء حتى يرده بقضاء حاجته.

٢٦٨٩ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر [وعبد الجبار بن العلاء](٢) قالا : ثنا

__________________

٢٦٨٧ ـ إسناده حسن.

حديث عائشة رواه البيهقي ٥ / ٢٦ بإسناده إلى سليمان بن بلال بن علقمة ، عن أمه ، عن عائشة.

٢٦٨٨ ـ إسناده ضعيف جدا.

سليم بن مسلم ، هو : الخشّاب : متروك الحديث.

وعبد الرحمن ، هو : ابن الحارث بن هشام المخزومي.

٢٦٨٩ ـ إسناده حسن.

والرجل الفهمي ، هو : محمد بن عبد الله بن أبي رافع الفهمي ، ويقال اسم أبيه : عبد الرحمن : مقبول التقريب ٢ / ١٧٦.

(١) رواه ابن أبي شيبة ٤ / ٨٠ بإسناده إلى موسى بن عبيدة ـ وهو : الربذي ـ عن يزيد بن عبد الرحمن ، قال : فذكره بنحوه.

(٢) في الأصل (والعلاء بن عبد الجبار) وهو خطأ.


سفيان ، قال : ثنا مسعر ، أنّه سمع رجلا من فهم يقول : كنا مع عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ بالمزدلفة ، فأمر بجزور فنحرت ، ثم أطعمنا ، وعبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنهما ـ مع القوم ، فقال عبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنهما ـ : كنّا عند النبي صلّى الله عليه وسلم ، فكان يلقي اللحم ، وسمعته يقول : «إنّ أطيب لحم لحم الظهر». زاد عبد الجبار في حديثه : قال سفيان : فقلت لمسعر : جاء ما جاء به الفهمي ، قال : بالمزدلفة.

٢٦٩٠ ـ وحدّثنا عبد الله بن هاشم ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم وقف بالمزدلفة فقال : «قد وقفت ها هنا والمزدلفة كلّها موقف».

٢٦٩١ ـ حدّثنا أبو بشر بكر بن خلف ، قال : ثنا صفوان بن عيسى ، قال : ثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب ، عن مجاهد عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : حدّثني الفضل بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : أردفني رسول الله صلّى الله عليه وسلم غداة جمع ، قال : ودفع معنا رجل من الأعراب له إبنة ، فالتفت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فرآني أنظر إليها نظرا شديدا ، فأمال النبي صلّى الله عليه وسلم رأسي

__________________

رواه أحمد ١ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ، وابن ماجه ٢ / ١٠٩٩ ـ ١١٠٠ ، والترمذي في الشمائل ، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف ٤ / ٣٠٤) كلهم من طريق : مسعر ، به.

وذكره السيوطي في الجامع الكبير ١ / ١١٧ وعزاه لأحمد وابن ماجه والطبراني والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان والضياء في المختارة.

٢٦٩٠ ـ إسناده حسن.

رواه النسائي ٥ / ٢٦٥ ، وابن خزيمة ٤ / ٢٧١ كلاهما من طريق : يحيى بن سعيد ، به.

٢٦٩١ ـ إسناده حسن.

رواه أحمد ١ / ٢١٤ ، وابن ماجه ٢ / ١٠١٠ ـ ١٠١١ ، والنسائي ٥ / ٢٧٦ بأسانيدهم إلى خصيف ، عن مجاهد ، به.


حتى أمال وجهي عنها ، فلم يزل يلبي حتى رمى الجمرة.

٢٦٩٢ ـ وحدّثنا عبد الله بن منصور ، عن عبد الرحيم بن زيد العمى ، عن أبيه عن أبي وائل عن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «ما حضر أحد هذا الجمع يؤمن بالله مخلصا يدعوه إلّا استجاب الله ـ عزّ وجلّ ـ له».

٢٦٩٣ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا عبد الله بن رجاء عن عبيد الله ابن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : لم يكن يحرّك فيّ شيء من تلك المشاهد إلّا في بطن محسّر.

٢٦٩٤ ـ حدّثنا حسين بن حسن ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، قال : سمعت عبد العزيز بن أبي رواد في مسجد منى يحدّث عن أبي سلمة الحمصي ـ يرفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلم ـ أنّه أمر بلالا ـ رضي الله عنه ـ في موقف جمع قبل الدفعة ، أن أسمع الناس ، فنادى في الناس : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ قد تطول عليكم ، ووهب مسيئكم لمحسنكم ، وأعطى محسنكم ما سأل ، فادفعوا بسم الله.

__________________

٢٦٩٢ ـ إسناده متروك.

عبد الرحيم بن زيد العمّي : ضعيف ، وكذّبه ابن معين. التقريب ١ / ٥٠٤.

٢٦٩٣ ـ إسناده صحيح.

رواه مالك في الموطأ ٢ / ٣٣٢ عن نافع به ، ورواه البيهقي ٥ / ١٢٦ من طريق مالك.

وذكره المحب الطبري ص : ٤٣١ وعزاه لسعيد بن منصور.

٢٦٩٤ ـ إسناده ضعيف.

أبو سلمة الحمصي : مجهول. التقريب ٢ / ٤٣٠.

رواه ابن ماجه ٢ / ١٠٠٦ من طريق : وكيع ، عن ابن أبي روّاد ، به. وذكره المحب في القرى ص : ٤٢٦ وعزاه لابن ماجه ، وتمّام في فوائده.


٢٦٩٥ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثنا مسعر ، وسفيان الثوري ، وغيرهما ، عن سلمة بن كهيل

عن الحسن العرني ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال : «أنا أغيلمة بن عبد المطلب»ـ وهو يلطح أفخاذنا ـ «أي بنيّ لا ترموا الحجارة حتى تطلع الشمس»وكان قدّمهم من المزدلفة إلى منى في ضعفة أهله من المزدلفة.

٢٦٩٦ ـ وحدّثنا أبو أمامة ـ محمد بن أبي معاوية ـ قال : ثنا النهشلي ، قال : حجّ سليمان بن عبد الملك فنظر إليه عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة وقد شاب فقال :

/ رأيت أبا الوليد غداة جمع

به شيب وقد عدم الشبابا

ولكن تحت ذاك الشيب لبّ

إذا ما ظن أمرض أو أصابا

يعني بقوله : أمرض : أي وقع قربه.

٢٦٩٧ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي ، قال : ثنا عبد المجيد بن أبي روّاد ، عن ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : أين المزدلفة؟ قال : المزدلفة

__________________

٢٦٩٥ ـ إسناده منقطع.

الحسن العرني لم يسمع من ابن عباس. تهذيب الكمال ١ / ٢٦٥.

رواه أحمد ١ / ٢٣٤ ، وأبو داود ٢ / ٢٦٣ ، والنسائي ٥ / ٢٧٠ ـ ٢٧٢ ، وابن ماجه ٢ / ١٠٠٧ ، والطبراني ١٢ / ١٣٩ ، والبيهقي ٥ / ١٣١ ـ ١٣٢ كلهم من طريق : سفيان ومسعر ، به.

وقال أبو داود : (اللّطح) : الضرب اللين.

٢٦٩٦ ـ البيتان لم أجدهما في ديوان عمر بن أبي ربيعة.

٢٦٩٧ ـ إسناده حسن.

ذكره جميعه الأزرقي ٢ / ١٩٢ ـ ١٩٣ ، والحربي في «المناسك»ص (٥٠٧).


إذا أفضيت من مأزمي عرفة ، فذلك إلى محسّر. قال : ليس المأزمان مأزما عرفة من المزدلفة ولكن مفضاهما. قال : وتقف بأيّهما شئت؟ قال : وأحبّ إليّ أن تقف دون قزح ، وهلمّ إلى منى. قال عطاء : فإذا أفضيت من مأزمي عرفة ، فانزل في كل ذلك عن يمين وشمال ، وأين شئت. قال : قلت : فانزل في الجرف إلى الجبل الذي يأتي يميني حين أفضي إذا أقبلت من المأزمين؟ قال : نعم إن شئت. قال : وأحبّ إليّ أن تنزل دون قزح هلمّ إلينا ، وحذوه.

قال : قلت : فأحبّ إليك أن أنزل على قارعة الطريق؟ قال : سواء إذا خفضت عن قزح هلمّ إلينا. ـ وهو يكره أن ينزل الإنسان على الطريق ـ.

قال : تضيّق على الناس. قال : وإن نزلت فوق قزح إلى مفضى مأزمي عرفة فلا بأس إن شاء الله.

قال : وقلت له : أرأيت قولك أن أنزل أسفل من قزح أحبّ إليك من أجل أيّ شيء تقول ذلك؟ قال : من أجل طريق الناس ، إنّما ينزل الناس فوق قزح فتضيّق على الناس طريقهم ، فيؤذي ذلك المسلمين. قال : قلت : هل بك إلى ذلك؟ قال : فأبى إلّا ذلك.

قال : قلت : أفرأيت إن اعتزلت منازل الناس وذهبت في الجرف الذي عن يمين المقبل من عرفة لست أقرب أحدا؟ قال : لا أكره ذلك.

قلت : وذلك أحبّ إليك أم أنزل أسفل من قزح في الناس؟ قال : سواء ذلك كلّه إذا اعتزلت ما يؤذي الناس من التضييق عليهم في طريقهم.

قال : قلت : إنّما ظننت أنك تقول نزل النبي صلّى الله عليه وسلم أسفل قزح فأحببت أن ينزل الناس أسفل من قزح؟ قال : لا والله ، ما في ذلك ، ما لشيء منها عندي آثره على شيء.

قال : قلت : أين تنزل أنت؟ قال : أقول عند بيوت ابن الزبير الأولى عند حائط المزدلفة ، في بطحاء هناك.


قال ابن جريج : وأخبرني عطاء ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنّه كان يقول : ارفعوا عن محسّر ، وارفعوا عن عرفات.

قال : قلت له : رفع ما ذا؟ قال : أما قوله : ارفعوا عن محسّر ، ففي المنزل بجمع ، أي لا تنزلوا محسّرا لا تبلغوه.

قال : قلت : فأين محسّر؟ أين يبلغ من جمع؟ وأين يبلغ الناس منازلهم من محسّر؟ قال : لم أر الناس يخلّفون بمنازلهم القرن الذي يلي حائط محسّر الذي هو أقرب قرن في الأرض من محسّر عن يمين الذاهب من مكة ، عن يمين الطريق (١). قال : ومحسّر إلى ذلك القرن ، يبلغه محسّر ، وينقطع إليه. قال : فأحسب أنها كدية محسّر ، حتى ذلك القرن. قال : فلا أحبّ أن ينزل أحد أسفل من ذلك القرن تلك الليلة.

ويقال : إنّها سمّيت المزدلفة ، لازدلاف الناس عليها ، وأنّهم لا يقيمون بها يوما واحدا ، ولا ليلة تامة (٢).

وقال بعض الشعراء في المزدلفة يذكرها :

/ أقبل شيخان من المزدلفه

كلاهما لحيته مختلفه

وقال أبو طالب بن عبد المطلب في جمع (٣) :

وليلة جمع والمنازل من منى ،

وما فوقها من حرمة ومنازل

وجمع إذا ما المقربات أجزنه

سراعا كما يخرجن من وقع وابل

__________________

(١) هذا القرن يكون على يمين المقبل من منى يريد المزدلفة قبل وصوله إلى نهاية دقم الوبر بقليل ، وكان هذا القرن يقابل وادي محسر من الجنوب ، بل يضرب فيه سيله تماما ، وقد أزيل هذا القرن بسبب التوسعات المستمرة في تلك المنطقة وغيرها ، وهذا القرن كان حدّا من حدود مزدلفة لأنه يقابل محسرا تماما.

(٢) أنظر فتح الباري ٣ / ٥٢٣.

(٣) البيتان في سيرة ابن هشام ١ / ٢٩٣ ضمن قصيدة أبي طالب اللامية.


قال ابن ربيعة يذكر محسّرا أيضا (١) :

ومقالها بالنعف نعف محسّر

لفتاتها : هل تعرفين المعرضا

هذا الذي أعطى مواثق عهده

حتى رضيت ، وقلت لي : لن ينقضا

بالله ربّك إن ظفرت بمثلها

منه ليعترفنّ ما قد أقرضا

ذكر

قزح (٢) والمشعر الحرام والجبل وما بينهما ،

وذكر الوقود بالنار على قزح

٢٦٩٨ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن عمّار [بن](٣) معاوية الدهني ، عن [أبي](٤) إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : سألت عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ عن المشعر الحرام؟ فقال : إن اتّبعتنا أخبرتك أين هو. قال : فاتّبعته ، فلمّا دفع من عرفة

__________________

٢٦٩٨ ـ إسناده حسن.

رواه الأزرقي ٢ / ١٩١ من طريق : سفيان ، به. وابن جرير ٢ / ٢٨٨ ، والبيهقي ٥ / ٢٣ بإسناديهما إلى أبي اسحاق به.

وذكره السيوطي في الدر المنثور ١ / ٢٢٤ وعزاه لوكيع ، وسفيان ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والأزرقي ، والبيهقي في «السنن».

(١) ديوانه ص : ٢٢٣.

(٢) قزح : بضم القاف وفتح الزاي المعجمة ـ جبيل صغير يقع في الطرف الجنوبي الشرقي من مزدلفة ، أقيم عليه اليوم قصر ملكي ، وهو يشرف على مسجد المشعر الحرام من الجنوب ، وبينه وبين ذات السليم (مكسر) الطريقان (٣) و (٤) المؤديان إلى طريق ضب. والجبل الذي كان يعرف (بالميقدة) لأنهم كانوا يوقدون عليه النار. ولا زال قزح على حاله لم يؤخذ منه إلّا اليسير.

(٣) في الأصل (أبي) وهو خطأ.

(٤) في الأصل (ابن) وهو خطأ أيضا ، فهو : أبو اسحاق السبيعي.


ووضعت الركاب أيديها في الحرم ، قال : أين السائل عن المشعر؟ قلت : هو ذا. قال : قد دخلت فيه. قلت : إلى أين؟ قال إلى أن تخرج منه.

٢٦٩٩ ـ وحدّثنا محمد بن اسحق بن شبّويه ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : المشعر الحرام : المزدلفة كلّها.

٢٧٠٠ ـ حدّثنا إسماعيل بن سالم ـ أبو محمد ـ قال : ثنا هشيم بن بشير ، قال : أنا حجّاج ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنّه سئل عن قوله تعالى (فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) قال : هو الجبل وما حوله.

٢٧٠١ ـ حدّثنا إسماعيل بن سالم ، قال : أنا هشيم ، عن مغيرة ، عن ابراهيم ، قال : إنّ ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ رأى زحام الناس على الجبل ، فقال : يا أيّها الناس إنّ ما ها هنا مشعر.

__________________

٢٦٩٩ ـ إسناده حسن.

رواه ابن جرير ٢ / ٢٨٨ من طريق : عبد الرزاق ، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور ١ / ٢٢٤ وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم والحاكم.

٢٧٠٠ ـ إسناده حسن.

رواه ابن جرير ٢ / ٢٢٨ ، والبيهقي ٥ / ١٢٣ كلاهما من طريق : هشيم ، به. وذكره السيوطي في الدر ١ / ٢٢٤ وعزاه لسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي في سننه.

٢٧٠١ ـ إسناده حسن.

رواه ابن جرير ٢ / ٢٨٧ من طريق : اسرائيل ، عن مغيرة ، به. وذكره السيوطي في الدر ١ / ٢٢٤ وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير.


٢٧٠٢ ـ حدّثنا ابن أبي مسرّة ، قال : ثنا عبد الصمد بن حسّان ، قال : ذكر سفيان عن السدى ، عن سعيد بن جبير في قوله تعالى : (الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) قال : هو ما بين جبلي المزدلفة.

٢٧٠٣ ـ حدّثنا ابن أبي عمر ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، قال : إنّ ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ كان يقدّم ضعفة أهله فيقومون عند المشعر الحرام ، فيذكرون الله ـ تعالى ـ ما بدا لهم ، ثم يدفعون ، فمنهم من يأتي منى لصلاة الصبح ومنهم من يأتي بعد ذلك. وقال أولئك ضعفه. ويقول : أذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في ذلك.

٢٧٠٤ ـ حدّثنا حسين بن حسن ، قال : أنا الثقفي ، عن حبيب ، قال : قيل لعطاء ـ يعني في الموقف ـ بجمع : قال : ما فوق بطن محسّر. قيل : إلى قزح؟ قال : وما وراء ذلك هو المشعر الحرام.

٢٧٠٥ ـ حدّثنا عبد الله بن أبي سلمة ، قال : قال محمد بن الحسن

__________________

٢٧٠٢ ـ إسناده حسن.

رواه ابن جرير ٢ / ٢٨٨ ، والبيهقي ٥ / ١٢٣ كلاهما من طريق : الثوري ، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور ١ / ٢٢٤ وعزاه لابن أبي شيبة.

٢٧٠٣ ـ إسناده صحيح.

رواه البخاري ٣ / ٥٢٦ ، ومسلم ٩ / ٤١ ، وابن خزيمة ٤ / ٢٧٥ ، والبيهقي ٥ / ١٢٣ كلهم من طريق : الزهري ، به.

٢٧٠٤ ـ إسناده صحيح.

الثقفي ، هو : عبد الوهاب بن عبد المجيد. وحبيب ، هو : ابن أبي ثابت.

٢٧٠٥ ـ إسناده متروك.

محمد بن الحسن ، هو : ابن زبالة ، كذّبه أهل العلم. التقريب ٢ / ١٥٤. وكليب الجهني : صحابي ، مقل.


المدني ، عن محمد بن مسلم الجهني ، [عن عثيم بن كثير بن كليب الجهني](١) عن أبيه ، عن جدّه ـ وكان من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم ، رضي الله عنه ـ قال محمد بن الحسن : وقد روى الواقدي عن محمد هذا ، قال : رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم / في حجّته ، وقد دفع من عرفة إلى جمع ، والنار توقد بالمزدلفة ، حتى نزل قريبا منها.

٢٧٠٦ ـ حدّثنا ابن أبي سلمة ، قال : ثنا محمد بن الحسن ، عن إسحق ابن عبد الله بن خارجة ، عن أبيه ، قال : أبصر سليمان بن عبد الملك النار ، فقال لخارجة بن زيد : متى كانت هذه النار يا أبا يزيد؟ قال : كانت في الجاهلية ثم نقضتها قريش ، فكانت لا تخرج من الحرم إلى عرفة. تقول : نحن أهل الله ، وكانوا يحجّون في الجاهلية فيرون تلك النار.

٢٧٠٧ ـ وحدّثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا المغيرة بن عبد الرحمن.

٢٧٠٨ ـ وحدّثنا أبو مروان ـ محمد بن عثمان ـ قال : ثنا عبد العزيز بن

__________________

والحديث رواه الواقدي في المغازي ٣ / ١١٠٥ من طريق : محمد بن مسلم به. ومن طريق الواقدي رواه الأزرقي ٢ / ١٩١. وذكره السيوطي في الدر وعزاه للأزرقي.

٢٧٠٦ ـ إسناده متروك.

رواه الواقدي في المغازي ٣ / ١١٠٥ من طريق : اسحاق بن عبد الله ، به. ومن طريق الواقدي رواه الأزرقيّ ٢ / ١٩١.

٢٧٠٧ ـ إسناده صحيح.

٢٧٠٨ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ١ / ٧٥ ـ ٧٦ ، وأبو داود ٢ / ٢٦٢ ، والترمذي ٤ / ١١٩ ـ ١٢١ ، وابن ماجه ٢ / ١٠٠١ ، وابن جرير ٢ / ٢٩٠. والبيهقي ٥ / ١٢٢ كلهم من طريق : عبد الرحمن ابن الحارث بن عباس ، المخزومي ، به.

(١) سقطت من الأصل ، وألحقتها من مغازي الواقدي وأخبار الأزرقي.


محمد ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن أبي رافع. قال يعقوب في حديثه : عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم وقف على قزح وقال : «هذا الموقف ، وكل مزدلفة موقف».

٢٧٠٩ ـ حدّثنا عبد الله بن هاشم ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم وقف بمزدلفة فقال : «قد وقفت ها هنا والمزدلفة كلّها موقف».

ذكر

قزح وصفته وكيف هو؟

٢٧١٠ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، وعبد الجبار بن العلاء ، قالا : ثنا سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع ، عن [جبير](١) بن الحويرث ، قال : رأيت أبا بكر الصدّيق ـ رضي الله عنه ـ

__________________

٢٧٠٩ ـ إسناده صحيح.

تقدّم برقم (٢٦٩٠).

٢٧١٠ ـ إسناده حسن.

سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع ، ويقال له أيضا : عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع ، سكت عنه البخاري ٥ / ٢٨٨ ، وابن أبي حاتم ٥ / ٢٣٩ ، وابن حجر في التعجيل ص : ١٥٤ وذكره ابن حبّان في ثقات التابعين ٥ / ٧٨.

رواه ابن أبي شيبة ٤ / ٣٠ ، وابن جرير ٢ / ٢٩٠ ، والبيهقي ٥ / ١٢٥ كلهم من طريق : سفيان بن عيينة ، به.

(١) في الأصل (جرير) وهو تصحيف.


واقفا على قزح ، ثم دفع ، فجعل يحرس بعيره بمحجن في يده حتى انكشفت فخذه.

وقزح : اسطوانة من حجارة مدوّرة تدويرها أربعة وعشرون ذراعا ، وطولها في السماء اثنا عشر ذراعا ، وهي شبه المنارة ، وفيها خمس وعشرون درجة (١).

وهي على أكمة مرتفعة ، كان يوقد عليها في خلافة هارون ـ أمير المؤمنين ـ بالشمع ليلة المزدلفة ، وكانت قبل ذلك إنّما يوقد عليها بالحطب. فلما مات هارون كانوا بعده يضعون عليها مصابيح كبارا ، يسرج فيها بفتيل جلال ، فكان ضؤوها يبلغ مكانا بعيدا ، ثم صارت اليوم يوقد عليها بمصابيح صغار ، وقيل : أدق من الأولى ، ليلة المزدلفة. وكان أول من جعل النفّاطات بين المأزمين ليلة النحر في الدفعة المعتصم بالله ـ أمير المؤمنين ـ أمر بها لطاهر بن عبد الله سنة حجّ ، ثم هي تجعل إلى اليوم.

ذكر

ذرع مسجد المزدلفة

وذرع مسجد المزدلفة تسعة وخمسون ذراعا واثنتا عشرة أصبعا في مثله ، وعرضه مثل ذلك.

يكون مكسرا ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة ذراع وأحد وأربعين ذراعا ، يدور حوله جدار ليس بمظلّل.

وذرع طول جدر القبلة في السماء سبعة أذرع ، وثماني عشرة أصبعا ، معطوفا في الشق الأيمن عشرة أذرع ، وفي الشقّ الأيسر مثله.

__________________

(١) لا وجود لهذه الأسطوانة اليوم. وانظر الأزرقي ٢ / ١٨٧.


وذرع ما بين مؤخّر مسجد المزدلفة من شقّه الأيسر إلى قزح أربعماية ذراع وعشرة أذرع (١).

وعندنا ذرع جميع المزدلفة ، وما فيها ، ولكن اختصرنا ذلك (٢).

/ ذكر

طريق ضب

٢٧١١ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، عن ابن جريج قال : سلك عطاء من عرفة إلى جمع طريق ضب ، فقيل له في ذلك ، فقال : لا بأس بذلك إنّما هي الطريق.

وطريق ثنية ضب من طريق المزدلفة إلى عرفة ، وهي في أصل المأزمين على يمين الذاهب إلى عرفة (٣).

ويقال ـ والله أعلم ـ : إنّها كانت طريق موسى بن عمران النبي ـ صلّى الله عليه وعلى نبيّنا محمد وسلّم ـ.

__________________

٢٧١١ ـ إسناده حسن.

رواه الأزرقي ٢ / ١٩٣ من طريق : الزنجي ، عن ابن جريج ، به.

(١) لقد أقامت الحكومة السعودية السنية مكان هذا المسجد مسجدا حديثا أوسع منه ، وجعلت له المنارات ، وأجادت بناءه كما أجادت بناء مسجد الخيف ومسجد نمرة وغيرهما من المساجد.

(٢) أنظر تفاصيلها في الأزرقي ٢ / ١٨٦ ـ ١٨٧.

(٣) طريق ضبّ : يمر عليه اليوم طريق السيارات رقم (٣) و (٤). وإذا سلكت هذا الطريق من مزدلفة إلى عرفات جعلت ذات السليم (جبل مكسّر) على يمينك ، ومأزم عرفات الجنوبي على يسارك وتوجهت إلى عرفات. وعلى يسارك في هذا الطريق تجد بناء لمجرى عين زبيدة لاصقا بالجبل (مأزم عرفة الجنوبي) أو (الأخشب اليماني).


ذكر

نمرة ومنزل الخلفاء بها في الحج

٢٧١٢ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، عن ابن جريج ، عن عطاء قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم نزل يوم عرفة بنمرة ، ويظنّ أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم نزل ليلة جمع منزل الأئمّة ، الآن ليلة جمع.

قال ابن جريج : وأخبرني زبّان بن سلمان ، أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم نزل يوم عرفة عند الصخرة المقابلة منزل الأئمة يوم عرفة ، التي بالأرض في أصل الجبل ، وستر إليها بثوب عليه (١).

٢٧١٣ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ، قال : ثنا [حاتم](٢) بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم غدا من منى إلى عرفة ، فسار ولم يشكّ الناس

__________________

٢٧١٢ ـ إسناده حسن.

رواه الأزرقي ٢ / ١٩١ ، ١٩٣ ـ ١٩٤ ، بإسناده إلى الزنجي عن ابن جريج ، به.

٢٧١٣ ـ إسناده صحيح.

والحديث تقدّم أوله برقم (١٤١٠).

(١) إسناده مرسل.

رواه أبو داود في كتاب «المراسيل»بإسناده إلى ابن جريج. قاله المزي في تحفة الأشراف ١٣ / ١٩٥.

(٢) في الأصل (جابر) وهو تحريف.


أنّه واقف بالمشعر الحرام ، فأمر صلّى الله عليه وسلم بقبّة له فضربت بنمرة فسار حتى أتى عرفة فوجد القبّة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها حتى زاغت الشمس.

٢٨١٤ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن علقمة بن أبي علقمة ، عن أمه ، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنّها كانت تنزل نمرة.

٢٧١٥ ـ وحدّثنا سلمة بن شبيب ، قال : ثنا عبد الرزاق قال : أنا عبيد الله ، بن عمر ، عن نافع ، قال : إنّ ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ كان يغتسل عشيّة عرفة حين يريد الرواح إلى الموقف.

٢٧١٦ ـ وحدّثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا وكيع ، قال : ثنا نافع بن عمر ، عن ابن [حسّان](١) المخزومي ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم نزل بعرفة في وادي نمرة ، قال : وكان منزل ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.

__________________

٢٧١٤ ـ إسناده صحيح.

أم علقمة : اسمها (مرجانة) روى لها البخاري تعليقا. التقريب ٢ / ٦١٤.

٢٧١٥ ـ إسناده صحيح.

ذكره المحب في القرى ص (٣٩٥) وعزاه لسعيد بن منصور.

٢٧١٦ ـ إسناده حسن.

رواه بن أبي شيبة ٤ / ٥٨ ـ ٥٩ ، وأبو داود ٢ / ٢٥٦ ، وابن ماجه ٢ / ١٠٠١ كلهم من طريق ، وكيع ، به.

(١) في الأصل (حدث) وهو تحريف ، إنما هو : سعيد بن حسان المخزومي.


ذكر

ذرع حدّ الحرم إلى نمرة والموقف

ومنزل النبي صلّى الله عليه وسلم يوم عرفة

ومن حدّ الحرم إلى مسجد عرفة ألف ذراع وستمائة ذراع وخمسة أذرع.

ومن نمرة ـ وهو : الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفة تريد الموقف ـ إلى مسجد عرفة ألفا ذراع وستمائة ذراع وأربعة وخمسون ذراعا.

وتحت جبل نمرة غار طوله خمسة أذرع في عرض أربعة أذرع.

وذكروا أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم كان ينزله يوم عرفة حتى يروح إلى الموقف ، وهو منزل الأئمة إلى اليوم (١).

٢٧١٧ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا حاتم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم أتى نمرة فقال بها ، ثم راح إلى الموقف.

__________________

٢٧١٧ ـ إسناده صحيح.

وقد تقدّم أوله برقم (١٤١٠).

(١) قارن بالأزرقي ٢ / ١٨٨ ـ ١٨٩.


٢٧١٨ ـ وحدّثني محمد بن العلاء أخو / عبد الجبار بن العلاء ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا نافع بن عمر ، عن سعيد بن حسان ، قال : إنّ عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ كان ينزل الغار من نمرة ، الذي كان ينزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

والغار داخل حدّ دار الإمارة في بيت في الدار (١).

ومن الغار إلى مسجد عرفة ألف ذراع وإحدى عشرة أصبعا.

ومن مسجد عرفة إلى موقف الإمام عشيّة عرفة ميل. يكون الميل خلف الإمام إذا وقفت ، وهو حبل المشاة (٢).

ذكر

ما بين المزدلفة إلى عرفة

وذرع ما بين مأزمي عرفة مائة ذراع وذراعان واثنتا عشرة أصبعا.

وذرع ما بين مسجد مزدلفة إلى مسجد عرفة ثلاثة أميال وثلاثة آلاف وثلاثمائة وتسعة عشر ذراعا (٣).

__________________

٢٧١٨ ـ إسناده حسن.

تقدّم نحوه برقم (٢٧١٦).

(١) لا أثر لهذه الدار اليوم.

(٢) قارن بالأزرقي ٢ / ١٨٩.

وحبل المشاة : أو (حبال عرفة) عبارة عن أرض رملية تحيط بجبل الرحمة من الغرب والجنوب والشرق ، والمقصود هنا هو الحبل الشرقي.

(٣) قارن بالأزرقي ٢ / ١٨٧.


انتهى ـ بحمد الله ـ

المجلّد الرابع من القسم الثاني من كتاب :

«أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه»

للإمام أبي عبد الله محمد بن إسحاق الفاكهي

ويليه المجلّد الخامس ، وأوّله :

(ذكر ذرع مسجد عرفة

وكم فيه من الأبواب والشراف)

والحمد لله أولا وآخرا


فهرس

موضوعات المجلد الرابع من القسم الثاني من كتاب

«أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه»

للفاكهي



صفحة

٥

ذكر المواضع التي يستحبّ فيها الصلاة بمكة وآثار النبي صلّى الله عليه وسلم فيها وتفسير ذلك

٧

ومنها بيت النبي صلّى الله عليه وسلم

٩

ومنها الموضع الذي بأجياد الصغير

١٢

ومنها مسجد في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي

١٦

ومنها موضع فوق أبي قبيس يقال له «مسجد إبراهيم»ـ عليه الصلاة والسلام ـ

١٨

ومنها مسجد بعرفة عن يمين الإمام في الموقف

١٨

ومنها مسجد الكبش الذي بمنى

١٩

ومنها مسجد بأعلى مكة عن الردم الأعلى

٢٠

ومنها مسجد بأعلى مكة يقال له «مسجد الحرس»

٢٦

ومنها مسجد البيعة

٢٧

ومنها مسجد بذي طوى عند مفترق الطريقين

٢٧

ومنها مسجد يقال له «مسجد الشجرة»

٣٠

ومنها مسجد يقال له «مسجد السرر»

٣٢

ومنها مسجد عند البرّامين

٣٣

ومنها مسجد عند شعب علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ

٣٣

ومنها مسجد بذي طوى

٣٤

ومنها مسجد الشجرة

٣٥

ومنها مسجد في جبل ثور

٣٦

ومنها مسجد في جبل حراء

٣٧

ذكر الدآبّة وخروجها ، ومن أين تخرج من مكة؟

٤٥

ذكر أخشبي مكة وما جاء فيهما

٥٠

ذكر فضل مقبرة مكة واستقبالها القبلة


صفحة

٥٠

وذكر مقبرة مكة في الجاهلية والإسلام

٦٢

ذكر مقبرة المهاجرين بمكة وهي التي عند الحصحاص وما جاء فيها

٦٦

ذكر المحصّب وحدوده ، وما جاء فيه

٧٩

ذكر جبل ثور وفضله

٨٥

ذكر جبل حراء وفضله

٩٦

ذكر الآبار التي كانت بمكة تشرب مع زمزم

١١٢

ذكر الآبار التي حفرت بعد زمزم في الجاهلية

١١٤

ذكر الآبار الإسلاميّة

١٢٠

ذكر ما عمل بمكة من السقايات بعد الآبار

١٢١

ذكر ما أجري من العيون بمكة وحولها في الحرم

١٢٨

ذكر طرقات مكة وشوارعها التي يدخل منها

١٢٩

ذكر معلاة مكة ومسفلتها

١٣٢

ذكر معلاة مكة اليماني ، وما يعرف اسمه من المواضع ، والسقايات ، والجبال ، وما أحاط به الحرم

١٧٣

ذكر شقّ معلاة مكة الشامي وتسمية ما فيه من الشعاب والجبال والمواضع مما أحاط به الحرم من ذلك

١٨٩

ذكر شقّ مسفلة مكة اليماني وما فيه مما يعرف من المواضع والجبال والشعاب والآبار إلى منتهى ما أحاط به الحرم

٢٠٦

ذكر حدود مسفلة مكة الشامية ، وما يعرف فيها من الأسماء والمواضع والجبال ، فيما أحاط به الحرم

٢٣١

ذكر مسجد البيعة من منى وتفسير ما كان فيه من رسول الله صلّى الله عليه وسلم

٢٤٦

ذكر منى وحدودها ، ومن كان يردّ الناس من العقبة أن يبيتوا من ورائها والعمل بها في أيام التشريق


صفحة

٢٥٩

ذكر التكبير بمنى ـ أيام منى ـ والسنّة في ذلك

٢٦٠

ذكر لم سمّي الموسم : الموسم وأيام التشريق : أيام التشريق

٢٦٢

ذكر ما قيل من الشعر بمنى

٢٦٣

ذكر منزل النبي صلّى الله عليه وسلم من منى وموضعه صلّى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده وتفسير ذلك ...

٢٦٦

ذكر مسجد الخيف وفضله وفضل الصلاة فيه

٢٧٢

ذكر ما قيل في مسجد الخيف من الشعر

٢٧٥

ذكر مسجد الكبش وفضله وما جاء فيه

٢٧٧

ذكر شعب علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ واتساع منى بأهله

٢٧٨

ذكر طريق النبي صلّى الله عليه وسلم إلى منى

٢٨١

ذكر قرن الثعالب وما جاء فيه

٢٨٢

ذكر البناء بمنى وكراهيته

٢٨٤

ذكر رمي الجمار ، وأول من رماها ، وذكر رمي جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ بابراهيم ـ عليه السلام ـ والسنّة في رميها ومن كره الركوب إليها

٢٩٠

ذكر من رخص في الركوب إلى الجمار ومن كرهه ، وذكر مشي الأئمة إليها وتعظيمها

٢٩٢

ذكر حصى الجمار أنّه يرفع إذا قبل

٢٩٦

ذكر من حيث ترمى الجمار ووقت ذلك والدعاء

٢٩٨

ذكر القيام عند الجمار والدعاء ورفع الأيدي

٣٠٤

ذكر ما قيل في الجمار من الشعر

٣٠٦

ذكر مقبرة منى واسمها

٣٠٦

ذكر أول من نصب الأصنام بمنى

٣٠٧

ذكر ذرع ما بين الجمار وذرع منى


صفحة

٣٠٨

ذكر ذرع مسجد منى وطوله وعرضه

٣٠٩

ذكر ذرع أسفل منى وما بين مأزمي منى والعقبة

٣١١

ذكر المزدلفة وحدودها وذكر فضلها وما جاء فيها

٣١٩

ذكر قزح والمشعر الحرام والجبل وما بينهما ، وذكر الوقود بالنار على قزح

٣٢٣

ذكر قزح وصفته وكيف هو؟

٣٢٤

ذكر ذرع مسجد المزدلفة

٣٢٥

ذكر طريق ضب

٣٢٦

ذكر نمرة ومنزل الخلفاء بها في الحج

٣٢٨

ذكر ذرع حدّ الحرم إلى نمرة والموقف ومنزل النبي صلّى الله عليه وسلم يوم عرفة

٣٢٩

ذكر ما بين المزدلفة إلى عرفة

اخبار مكة في قديم الدهر وحديثه - ٤

المؤلف:
الصفحات: 336