

الفصل الثالث : تكبيرة الإحرام
وهي ركن تبطل
الصلاة بتركها عمداً وسهواً ،
______________________________________________________
[الفصل الثالث : تكبيرة الإحرام]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (تكبيرة
الإحرام وهي ركن تبطل الصلاة بتركها عمداً وسهواً) بإجماع الأصحاب وإجماع الامّة إلّا شاذّاً كما في «الذكرى
وجامع المقاصد والمدارك » وبإجماع علماء الإسلام عدا الزهري والأوزاعي كما في «المعتبر
» وبإجماع المسلمين عدا الحسن وقتادة وسعيد بن المسيب والحكم والزهري
والأوزاعي كما في «المنتهى » وهو مذهب عامّة العلماء كما في «التذكرة » وبالإجماع كما ذكره جماعة . ومع هذا كلّه قال
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
مولانا المقدّس الأردبيلي : كأنّه إجماعي عندنا ، انتهى. وأمّا صحيح الحلبي عن «أبي
عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن رجل نسي أن يكبّر حتى دخل في الصلاة؟
فقال : أليس كان من نيّته أن يكبّر؟ قلت : نعم. قال : فليمض على صلاته » وصحيح البزنطي عن «الرضا عليهالسلام قال : قلت له رجل نسي أن يكبّر تكبيرة الافتتاح حتّى
كبّر للركوع؟ قال : أجزأ » فقد أجاب عنهما الشيخ بالحمل على من لا يتيقّن الترك بل شكّ فيه. وقال
المحقّق الثاني وصاحب «المدارك» : إنّ بعضها يأبى عن هذا الحمل. وقال
في المدارك : إلّا أنّه لا بدّ من المصير إليه ، انتهى.
قلت : إن أرادا
من الإباء أنّه خلاف الظاهر ففيه أنّ الحمل إنّما يكون إذا خالف الظاهر وإلّا فلا
حمل ، وإن أرادا من الإباء المعنى الحقيقي أي الامتناع في الواقع ففيه أنّه ليس
كذلك ، ثمّ إنّه ينافيه قوله في «المدارك» لا بدّ من المصير إليه ، على أنّ صحيح
الحلبي يحتمل احتمالاً ظاهراً أن يكون المراد من قوله عليهالسلام فيه : أليس كان من نيّته أن يكبّر ، أنّه لا يمكن عادةً
أن يكون لم يكبّر لكونه أوّل صلاته وهذا النسيان لا أصل له ، بل الظاهر أنّه كبّر.
وسيجيء أنّ الظنّ في الأفعال كالظنّ في الركعات. روى الصدوق مرسلاً عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «الإنسان لا ينسى تكبيرة الافتتاح » ويشهد لذلك قول أحدهما عليهماالسلام : «إذا استيقن أنّه لم يكبّر فليعد ولكن كيف يستيقن ». ومن هنا يظهر حال صحيحة البزنطي أنّ قوله عليهالسلام «أجزأه» ، ليس باقياً على ظاهره للقرينة المذكورة.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال في «كشف
اللثام » : إنّ صحيح البزنطي يحتمل احتمالاً ظاهراً أنّه إذا
كان متذكّراً لفعل الصلاة عنده أجزأه فليقرأ بعده إن تذكّر ولمّا يركع ولم يكن
مأموماً ، ثمّ ليكبّر مرّة اخرى للركوع وليركع ، إذ ليس عليه أن ينوي بالتكبير
أنّه تكبير الافتتاح كما في التذكرة والذكرى ونهاية الإحكام للأصل ، فلا حاجة
للحمل على التقيّة أو الشكّ ، مع أنّ الإجزاء ينافره ، انتهى فتأمّل.
وفي «مجمع
البرهان» لو لا الإجماع لكان حملها على الإجزاء مع تكبير الركوع وحمل الأخبار
الاخر الدالّة على الإعادة على عدم الإجزاء مع عدم تكبير الركوع جيّداً بحمل
المطلق على المقيّد أو على الاستحباب. وقال أيضاً : وأمّا الركنية بمعنى كون زيادة
التكبيرة أيضاً موجبة للإعادة فما رأيت ما يدلّ عليه ولا على النيّة ولا على
القيام المتصل . وتبعه على ذلك صاحب «المدارك » «والمفاتيح والحدائق» مع أنّه نسب ذلك في الأخير إلى الأصحاب . وفي الثاني إلى المشهور . وقد تقدّم لنا في مبحث القيام أنّ ذلك قضية الأصل
ومعقد الإجماع كما يظهر ذلك من «المهذّب البارع » وغيره ، وقد برّهنا على ذلك هناك. ونقل كلام الأصحاب في
المقام واستيفاء الكلام سيأتي إن شاء الله تعالى بمنّه وكرمه عند تعرّض المصنّف
لذلك حيث يقول : ولو كبّر للافتتاح ثمّ كبّر له ثانياً بطلت. وسيأتي في مباحث
السهو أيضاً استيفاء الكلام في أطراف المسألة.
__________________
وصورتها : الله أكبر ، فلو عرّف «أكبر» أو عكس الترتيب
______________________________________________________
[صورة تكبيرة الإحرام]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وصورتها الله أكبر)
كما عليه
علماؤنا كما في «المعتبر والمنتهى ». وهي جزء من الصلاة عندنا وعند أكثر أهل العلم كما في «الذكرى
».
قوله : (فلو عرّف : أكبر)
أي بطلت صلاته
كما هو مذهب الشيخ في «المبسوط » وأكثر أهل العلم كما في «المنتهى » والمخالف في ذلك منّا الكاتب فإنّه كرهه كما نقل عنه ومن العامّة الشافعي .
قوله : (أو عكس الترتيب)
وفي «النهاية والتذكرة والموجز الحاوي وكشف الالتباس والجعفرية وشرحيها » أنّه تشترط الموالاة والمقارنة بينهما بلا تخليل شيء
حتى لو قال : الله تعالى أكبر بطلت. وقالوا : لا يضرّ
__________________
أو أخلّ بحرف أو قال : الله الجليل أكبر ،
______________________________________________________
الفصل بالنفس. وفي «مجمع البرهان » أنّ قضية قوله جلّ اسمه :(وَذَكَرَ اسْمَ
رَبِّهِ فَصَلّى) جواز عكس الترتيب وجوازه بكلّ ما يصدق عليه اسم الله
تعالى. قال : وكأنّ التعيين بالبيان.
قوله
: (أو أخلّ بحرف)
من الإخلال
بحرف إسقاط همزة «الله» للوصل. قال الشهيد في «الذكرى» : لأنّ التكبير الوارد من
صاحب الشرع إنّما كان بقطع الهمزة ولا يلزم من كونها همزة وصل سقوطها ، إذ سقوط
همزة الوصل من خواصّ الدرج بكلام متصل ، ولا كلام قبل تكبيرة الإحرام ، فلو تكلّفه
فقد تكلّف ما لا يحتاج إليه ولا يعتدّ به ، فلا يخرج اللفظ عن أصله المعهود شرعاً . ومثل ذلك ذكر في «جامع المقاصد وكشف الالتباس وروض الجنان والمقاصد العليّة وكشف اللثام» قال في الأخير : لفظ النيّة لا اعتداد به
شرعاً وإن جاز ، فهو في حكم المعدوم . واعترضهم في «المدارك » بأنّ المقتضي للسقوط كونها في الدرج ، سواء كان ذلك
الكلام معتبراً عند الشارع أم لا كما هو واضح ، انتهى. ونقل جماعة عن بعض أصحابنا أنّه يوصل إذا اقترن بلفظ النيّة ،
لوجوبه لغةً ، وقالوا :
__________________
أو كبّر بغير العربية اختياراً
______________________________________________________
إنّ الأصحّ خلافه. قلت : ذهب جماعة من النحويّين إلى أنّها همزة قطع بناءً على أنّها جزء من الاسم
الشريف وليست للتعريف ، نعم المشهور أنّها همزة وصل.
قوله : (أو كبّر بغير العربية اختياراً)
فإنّها تبطل
عند علمائنا كما في «التذكرة » وهو الذي نذهب إليه والمخالف أبو حنيفة كما في «المنتهى
».
ولو اضطرّ إلى
العجمية أجزأ كما صرّح به جماعة . ولا تفاوت بين الألسنة كما في «نهاية الإحكام والدروس وجامع المقاصد والجعفرية وشرحيها ». وفي «الموجز الحاوي وكشف الالتباس والمقاصد العليّة » أنّ الأفضل تقديم السريانية والعبرانية وبعدهما
الفارسية على التركية والهندية. وحكى في «المقاصد العليّة » عن بعض القول بوجوب تقديم السريانية والعبرانية.
واحتملت أولويّة
__________________
أو أضافه إلى أيّ شيءٍ كان أو قرنه بمن كذلك وإن عمّم كقوله : أكبر من كلّ
شيء وإن كان هو المقصود بطلت. ويجب على الأعجمي التعلّم مع سعة الوقت ،
______________________________________________________
هذا التقديم احتمالاً في «نهاية الإحكام » وغيرها . والسريانية لغة آدم ونوح وإبراهيم عليهمالسلام والعبرانية لغة بني إسرائيل. وأمّا أولوية الفارسية
فلاحتمال نزول كتاب المجوس بها ولما قيل من أنّها لغة حملة العرش.
قوله : (أو أضافه إلى أيّ شيء)
معناه أنّه
أضافه إلى شيء أيّ شيء كان كالموجودات والمعلومات.
قوله : (وإن كان هو المقصود بطلت)
يريد أنّه لو
قال : أكبر من كلّ شيء بطلت وإن كان ذلك هو المقصود من قوله الله أكبر كما في «التذكرة
ونهاية الإحكام وكشف الالتباس » وبذلك رواية العلل .
وفي «معاني
الأخبار » عن الصادق عليهالسلام بطريقين أنّ معناه أكبر من أن يوصف. وفي خبر جابر بن
عبد الله الأنصاري الّذي وجده صاحب «البحار » بخطّ الشيخ محمد بن علي الجبعي من خطّ الشهيد أنّ معنى
تكبيرة الإحرام أنه سبحانه أكبر من أن يوصف بقيام أو قعود ، والتكبيرة الثانية
أكبر من أن يوصف بحركة أو جمود .. إلى آخره.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «النفلية وشرحها » أوّل في الرواية الّتي رواها أحمد بن أبي عبد الله عن
علي عليهالسلام : التكبير الأوّل من هذه التكبيرات السبع أن يلمس
بالأخماس أي بالأصابع الخمس أو يدرك بالحواس الخمس الظاهرة أو أن يوصف بقيام أو
قعود .. إلى آخره. وفي «معاني الأخبار والتوحيد » بطريق متصل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : لقول المؤذّن الله أكبر معانٍ كثيرة منها
أنّه يقع على قدمه وأزليّته وأبديّته وعلمه وقوّته وقدرته وحلمه وكرمه وجوده
وعطائه وكبريائه .. إلى آخر الحديث.
وقال في «البحار
» : إنّ ما ذكر من المعاني كلّها داخلة في معنى الكبرياء والأكبرية ويرجع
بعضها إلى كبرياء الذات وبعضها إلى الكبرياء من جهة الصفات وبعضها إلى الكبرياء من
جهة الأعمال ، انتهى.
وقول المصنّف :
«بطلت» لا غبار عليه أصلاً ، لأنّ العبادة الباطلة عند الاصوليين هي الّتي لم
توافق مراد الشارع ، سواء سبق انعقادها ثمّ طرأ عليه البطلان أم حصلت المخالفة
لمراده فيها ابتداء ، فسقط ما في «جامع المقاصد » من أنّ البطلان يقتضي سبق الصحّة ، فإنّه جرى في ذلك
على المتعارف المخالف لاصطلاح الاصوليين.
هذا وفي «المبسوط
» لا يجوز أن يمدّ لفظ الله ، وفي «الدروس والألفية »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وغيرهما لا يجوز مدّ همزة الله فيصير استفهاماً. وفي «الشرائع » وغيرها يستحبّ ترك المدّ في لفظ الجلالة. وفي «الروض والمسالك » وغيرهما أنّ معناه يستحبّ ترك المدّ الزائد المتخلّل بين اللام
والهاء على العادة ، لأنّه لا بدّ من مدّ طبيعي كما في «إرشاد الجعفرية والميسية والمقاصد العليّة والفوائد المليّة » بل في الأخير : لا يجوز تركه ، ونقل في «إرشاد
الجعفرية » عن بعض القرّاء استحسانه بقدر ألفين. وفي «جامع
المقاصد » لا يضرّ لو مدّ لفظ الجلالة. وفي «المقاصد العليّة » لا يضرّ وإن طال. وفي «النفليّة » يستحبّ إخلاءها من شائبة المدّ في همزة الله ، انتهى.
وفي «الجعفرية وشرحها والروض والمسالك والميسية
__________________
فإن ضاق أحرم بلغته ،
______________________________________________________
والمدارك والفوائد المليّة » وغيرها لو تحقّق المدّ في همزة الله تبطل به وإن لم يقصد
الاستفهام. وقوّاه في «المقاصد العليّة ».
وما في «الشرائع»
وغيرها من أنّه يستحبّ ترك المدّ في لفظ الجلالة يحتمل أن يكون المراد منه مدّ
همزتها لكن لا بحيث تنتهي إلى زيادة ألف فتكون بصورة الاستفهام فإنّها تبطل حينئذٍ
على الأقرب كما في «التذكرة ونهاية الإحكام » وقد سمعت ما في «المبسوط».
وفي «الذكرى » وغيرها كما عرفت أنّه لا فرق حينئذٍ بين أن يقصد الاستفهام أو
لا. وفي «المنتهى والتحرير » قصر البطلان فيهما على قصده. وتمام الكلام سيأتي إن
شاء الله تعالى عند تعرّض المصنّف له.
[حكم من لم يتعلّم التكبير حتى ضاق الوقت]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (فإن ضاق الوقت أحرم
بلغته) كما في «الشرائع والمنتهى والتذكرة والتحرير
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والبيان والدروس والموجز الحاوي وروض الجنان » وغيرها .
وفي «جامع
المقاصد » يفهم من ذلك عدم جوازه مع السعة وإن لم يجد من يعلّمه
، لأنّ حصوله ممكن. وفي «المدارك » بعد ذكر عبارة الشرائع : انّما يتجه ذلك مع إمكان
التعلّم لا مطلقاً ، انتهى. وفي «المبسوط » إن لم يحسنها ولم يتأتّ له التعلّم جاز له أن يقول كما
يحسنه. ومثله «جامع الشرائع » ونحوه ما في «النافع والمعتبر والجعفرية وإرشادها والمقاصد العليّة » وغيرها حيث قيل فيها : وإن تعذّر صورة لفظه. وأوضح من ذلك كلّه
ما في «كشف اللثام » حيث قال : فإن ضاق الوقت عن التعلّم أو لم يطاوعه
لسانه أو لم يجد من يعلّمه ولا سبيلاً إلى المهاجرة للتعلّم أحرم بلغته ، انتهى.
وظاهر عبارة
الكتاب وجميع هذه الكتب وصريح «المبسوط» أنّ ذلك جائز.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ولمّا كان المراد من الجواز في المقام الوجوب ، لأنّه إذا جاز وجب ، لكونه
ركناً للواجب ، عبّر بالوجوب في «نهاية الإحكام » وكذا «الذكرى وكشف الالتباس » قال في «نهاية الإحكام » : ولو كان ناطقاً لا يطاوعه لسانه على هذه الكلمة
الشريفة وجب أن يأتي بترجمته ، لأنّه ركن عجز عنه ، فلا بدّ له من بدل والترجمة
أولى ما يجعل بدلاً عنه ، لأدائها معناه ، ولا يعدل إلى سائر الأذكار.
وفي «كشف
الالتباس » ولا يعدل إلى سائر الأذكار وإن قدر على عربية غير
التكبير من الأذكار. وفي «كشف اللثام» لا يعدل إلى سائر الأذكار ممّا لا يؤدّي
معناه. وعليه نزّل عبارة نهاية الإحكام ، قال : وإلّا فالعربي منها أقدم نحو :
الله أجلّ وأعظم . وفي «الذكرى » أنّ المعنى معتبر مع اللفظ فإذا تعذّر اللفظ وجب
اعتبار المعنى. ومعناه أنّه يجب لفظٌ له العبارة المعهودة والمعنى المعهود وإن لم
يجب إخطاره بالبال ، فإذا لم تتيسّر العبارة لم يسقط المعنى. وهو معنى ما في «المعتبر
والمنتهى وجامع المقاصد » من نحو قولهم : إذا تعذّر صورة لفظه روعي معناه ، لكن
ليس فيها إلّا الجواز كما عرفت.
هذا وإن لم
يمكنه التعلّم إلّا بالمسير إلى بلد اخرى وجب وإن بَعُدَ كما نصّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عليه جماعة . قال في «نهاية الإحكام » بخلاف التيمّم حيث لا يجب عليه المسير للطهارة ، لأنّه
بالتعلّم يعود إلى موضعه وينتفع به طول عمره. واستصحاب الماء للمستقبل غير ممكن.
قال في «كشف اللثام » العمدة ورود الرخصة في التيمّم دونه. وفي «التذكرة » يجب عليه التعلّم إلى أن يضيق الوقت ، فإن صلّى قبله
مع التمكّن لم يصحّ ، وإن ضاق كبّر بأيّ لغة كانت ، ثمّ يجب التعلّم بخلاف التيمّم
في الوقت إن جوّزناه ، لأنّا إن جوّزنا له التكبير بالعجمية في أوّل الوقت سقط فرض
التكبير بالعربية أصلاً ، لأنّه بعد أن صلّى لا يلزمه التعلّم في هذا الوقت وفي
الوقت الثاني مثله ، بخلاف الماء فإنّ وجوده لا يتعلّق بفعله ، انتهى.
وفي «كشف
اللثام » لا يقال : لم لا يجوز أن تصحّ الصلاة وإن أثم بترك
التعلّم كما في آخر الوقت ، لأنّا نقول : إن صحّت في أوّل الوقت لم يكن أثم ، لأنّ
وجوب التعلّم إنّما يتعلّق به في وقت الصلاة كتحصيل الماء والساتر ، فكما لا تصحّ
الصلاة عارياً في أوّل الوقت إذا قدر على تحصيل الساتر وتصحّ في آخره وإن فرط في
التحصيل فكذا ما نحن فيه ، انتهى.
وفي «نهاية
الإحكام وكشف الالتباس » لو أخّر التعلّم مع القدرة إلى ضيق الوقت لم تصحّ
صلاته ، بل تجب عليه الإعادة بعد التعلّم. قلت : في وجوب الإعادة نظر يعلم ممّا
ذكر في الساتر إذا فرّط في تحصيله كما سمعت. وقد تقدّم الخلاف في تساوي اللغات
وعدمه.
__________________
والأخرس يعقد قلبه بمعناها مع الإشارة وتحريك اللسان.
______________________________________________________
هذا ، وفي «المدارك
» يحرم بلغته ، وترجمة التكبير بالفارسية (خداى بزرگتر است) عند علمائنا
وأكثر العامّة. وقال بعضهم : يسقط التكبير عمّن هذا شأنه ، وهو محتمل. وكذا قال في
«الحدائق ». وفي «نهاية الإحكام والموجز الحاوي وكشف الالتباس وإرشاد الجعفرية والروض » أنّ ترجمته بها خداي بزرگتر ، فلو قال خداي (بزرگ)
وترك التفضيل لم يجز. وفي «كشف اللثام » بزرگتر بفتح الراء الأخيرة أو كسرها وهو لغة بعض
الفارسيين وفي لغة آخرين بزرگتر است. وأمّا لفظ خداي فليس مرادفاً لله وإنّما هو
مرادف للمالك والربّ بمعناه ، وإنّما المرادف له : أيزد ويزدان.
[حكم الأخرس]
قوله
قدّس الله تعالى روحه : (والأخرس
يعقد قلبه بمعناها مع الإشارة وتحريك اللسان) كما في «البيان وجامع المقاصد وفوائد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الشرائع والميسية وروض الجنان » لكن في الجميع تقييد الإشارة بالإصبع ما عدا الأخير
فإنّه قال فيه : إنّه أحوط ولكنّ في «الميسية» أيضاً تحريك الرأس ، ولعلّه سهو من
القلم أراد أن يكتب اللسان فكتب الرأس ، فتأمّل.
وفي «المبسوط والتحرير » يكبّر بالإشارة بإصبعه من دون ذكر عقد قلبه وتحريك
لسانه. وفي «الإرشاد والمدارك » يعقد قلبه ويشير بإصبعه. وفي «التذكرة والذكرى » يحرّك لسانه ويشير بإصبعه. وفي «نهاية الإحكام » يحرّك لسانه ويشير بأصابعه أو شفته ولهاته مع العجز عن
تحريك اللسان. وفي «الموجز الحاوي وكشف الالتباس » يحرّك لسانه فشفتيه ولهاته ويشير بإصبعه. فقد اتفقت
هذه الكتب على ذكر الإشارة بالإصبع. وفي «المعتبر والمنتهى » الاقتصار على نسبة ذلك إلى الشيخ ، ويلوح من ذلك
التأمّلفي ذلك.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الشرائع والنافع والتبصرة » يعقد قلبه مع الإشارة. وفي «جامع الشرائع » يجزي الأخرس تحريك لسانه وإشارته. وفي «المفاتيح » يأتي بها الأخرس على قدر الإمكان. وفي «كشف اللثام » يعقد قلبه ويحرّك لسانه وشفته ولهواته. وقد اتفقت هذه
على عدم ذكر الإشارة بالإصبع كالكتاب. وفي «كشف اللثام » أحسن المصنّف حيث لم يقيّد الإشارة بالإصبع هاهنا كما
قيّدها بها غيره ، لأنّ التكبير لا يشار إليه بالإصبع غالبا وإنّما يشار بها إلى
التوحيد ، انتهى.
وفي «روض
الجنان » لا شاهد على التقييد بالإصبع على الخصوص. وفي «المنتهى
» قال بعض الجمهور : يسقط فرضه عنه. ولنا أنّ الصحيح يجب عليه النطق بتحريك
لسانه والعجز عن أحدهما لا يسقط الآخر. قالوا : الإشارة وحركة اللسان تتبع اللفظ ،
فإذا سقط فرضه سقطت توابعه ، وهو باطل ، لأنّ إسقاط أحد الواجبين لا يستلزم إسقاط
الآخر. وعندي فيه نظر ، انتهى. وفي «مجمع البرهان » كأنّ ذلك لإجماعهم وأنّه لا بدّ من شيء يدلّ على ذلك
وأنّ التحريك كان واجباً والكلّ كما ترى. نعم الإجماع دليل إن كان ، انتهى. ومثله
قال في «المدارك » ثمّ احتمل ما نقله في المنتهى عن بعض العامّة ، ثمّ
قال : المصير إلى ما ذكره الأصحاب أولى.
__________________
ويتخيّر في
تعيينها من السبع ،
______________________________________________________
وفي «جامع
المقاصد والمدارك » وأمّا عقد القلب بها فلأنّ الإشارة والتحريك لا اختصاص
لهما بالتكبير ، فلا بدّ من مخصّص. قالا : ومعنى عقد القلب بمعناها أن يعتقد أنّه
تكبير وثناء في الجملة لا المعنى الموضوع لها. ومثله ما في «فوائد الشرائع والميسية والروض » وكذا ما في «كشف اللثام » حيث قال : أي يعقد قلبه بإرادتها وقصدها لا المعنى
الذي لها ، إذ لا يجب إخطاره بالبال. وفيه أيضاً : الاقتصار على اللسان لتغليبه
كقول الصادق عليهالسلام في خبر السكوني «تلبية الأخرس وتشهّده وقراءته للقرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته
بإصبعه» وهو مستند الإشارة هنا. وفي «روض الجنان » بعد إيراد هذا الخبر قال : فعدّوه إلى التكبير نظراً
إلى أنّ الشارع جعل له مدخلاً في البدليّة عن النطق.
وفي «كشف
اللثام » الأخرس هو الذي سمع التكبيرة وأتقن ألفاظها ولا يقدر
على التلفّظ بها أصلاً.
[في تخيير المصلّي في تعيين تكبيرة الإحرام من السبع]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويتخيّر في تعيينها
من السبع) عند
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أصحابنا كما في «المنتهى والذكرى » وبلا خلاف كما في «المفاتيح والبحار » وبه صرّح في «المبسوط والمصباح والشرائع والنافع والمعتبر والتذكرة والإرشاد والتحرير ونهاية الإحكام والذكرى والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد والروض » وغيرها . وقد يظهر ذلك من «المقنعة والنهاية والجُمل والعقود والوسيلة ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الفقه
الرضوي والمبسوط والمصباح ونهاية الإحكام والذكرى والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد وروض الجنان » أنّ الأفضل جعلها الأخيرة. وهو المنقول عن «الإصباح
والاقتصاد » وهو خيرة الاستاذ الشريف أيّده الله تعالى. وفي «الذكرى » نسبته
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إلى الأصحاب. وفي «رسالة صاحب المعالم » نسبته إلى أكثر المتأخّرين.
وقد يظهر من «المراسم
والغنية والكافي » فيما نقل عنه أنه يتعيّن كونها الأخيرة. وقد يظهر من «الغنية
» الإجماع عليه. وفي «التذكرة » الاقتصار على نسبة ذلك إلى المبسوط.
وقد يظهر من «الدروس
» أنها الاولى حيث قال : وإضافة ستّ إليها. وقال البهائي في حواشي الاثني
عشرية والسيّد نعمة الله والكاشاني في «الوافي والمفاتيح » والمحدّث البحراني : الظاهر أنها الاولى. وفي «المدارك » لا أعرف مأخذ فضل كونها الأخيرة. وفي «كشف اللثام» لا
أعرف لتعيّن جعلها
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الأخيرة أو فضله علّة ، بل خبرا زرارة وحفص عن الصادقَين عليهماالسلام قد يؤيّدان العدم ، لتعليلهما السبع بأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كبّر للصلاة والحسين عليهالسلام إلى جانبه يعالج التكبير ولا يحيره ، فلم يزل صلىاللهعليهوآلهوسلم يكبّر ويعالج الحسين عليهالسلام حتى أكمل سبعاً فأحار الحسين عليهالسلام في السابعة. نعم يترجّح ذلك بالبعد عن عروض المبطل وقرب
الإمام من لحوق لاحق به ، انتهى.
قلت : الوجه في
ذلك بعد ما يظهر من «الغنية والذكرى» من دعوى الإجماع عليه ما دلّ على عداد
التكبيرات في الصلاة حيث لم تعدّ الستّ منها ، وما ورد من أنّ الأفضل للإمام أن يجهر بالتحريمة ، ويشهد له أنّ
دعاء التوجّه بعدها ، وسيأتي في مسنونات القراءة ذكر الناصّ على أنّ دعاء التوجّه
بعدها ، وخبر الحلبي لا يدلّ على أنها الاولى ، وأخبار الحسين عليهالسلام وإن ظهر منها أنها الاولى لكن نقول أوّل وضعها لذلك لا
يستلزم استمرار هذا الحكم مع أنّ العلل الواردة فيها كثيرة كما نطق بذلك خبر قطع
الحجب وخبر الفضل بن شاذان ، على أنّ أخبار الحسين عليه الصلاة وأتمّ السلام ليست
نصّة في ذلك.
واستدلّ على
أنّها الاولى صاحب «الحدائق » بأخبار غير أخبار الحسين عليهالسلام ولم يظهر لي وجه دلالتها ، بل الظاهر أنها ليست من
الدلالة في شيء.
ومن العجيب
الغريب ما وقع للموليين المقدّسين صاحب «البحار» ووالده ، قال في «البحار » كان الوالد قدسسره يميل إلى أن يكون المصلّي مخيّراً بين الافتتاح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بواحدة وثلاث وخمس وسبع ، ومع اختيار كلّ منها يكون الجميع فرداً للواجب
المخيّر كما قيل في تسبيحات الركوع والسجود وهذا أظهر من أكثر الأخبار كما لا يخفى
على المتأمّل فيها ، بل بعضها كالصريح في ذلك ، وما ذكروه من أنّ كلًّا منها
قارنتها النيّة فهي تكبيرة الإحرام إن أرادوا نيّة الصلاة فهي مستمرّة من أوّل
التكبيرات إلى آخرها ، مع أنهم جوّزوا تقديم النيّة في الوضوء عند غسل اليدين ،
لكونه من مستحبّاته ، فأيّ مانع من تقديم نيّة الصلاة عند أوّل التكبيرات
المستحبّة فيها. وإن أرادوا نيّة كونها تكبيرة الإحرام فلم يرد ذلك في خبر. وعمدة
الفائدة الّتي تتخيّل في ذلك جواز إيقاع منافيات الصلاة في أثناء التكبيرات ، وهذه
أيضاً غير معلومة ، إذ يمكن أن يقال بجواز إيقاع المنافيات قبل السابعة وإن قارنت
نيّة الصلاة الاولى ، لأنّ الستّ من الأجزاء المستحبّة ، أو لأنّه لم يتمّ
الافتتاح بعد البناء على ما اختاره الوالد ، لكنّهم نقلوا الإجماع على ذلك ،
وتخيير الإمام في تعيين الواحدة الّتي يجهر بها يومئ إلى ما ذكروه ، إذ الظاهر أنّ
فائدة الجهر علم المأمومين بدخول الإمام في الصلاة ، فالأولى رعاية الجهتين معاً
بأن يتذكّر النيّة عند واحدة منها ولا يوقع مبطلاً بعد التكبيرة الاولى ، ولو لا
ما قطع به الأصحاب من بطلان الصلاة إذا قارنت النيّة تكبيرتين منها لكان الأحوط
مقارنة النيّة للُاولى والأخيرة معاً ، انتهى.
قلت : المعلوم
من الأخبار وفتاوى الأصحاب وإجماعاتهم أنّ التكبير الواجب إنّما هو تكبيرة واحدة وهي
تكبيرة الافتتاح والدخول في الصلاة لا أكثر منها ، وقد سمّيت بذلك في جملة من
الأخبار ، وهي الّتي مضى عليها الناس في صدر الإسلام ، وما عداها فإنّما زيد
استحباباً للعلل المذكورة ، وليست من الافتتاح والتحريمة في شيء حقيقة ، وتسميتها
بذلك مجاز للمجاورة ، ومجرّد استحبابها لا يوجب التخيير بين أن يجعل الإحرام
بواحدة أو ثلاث أو سبع ، بل ذلك تشريع لمخالفته الإجماع والأخبار وتصريح الأصحاب.
وقوله «إنّ ذلك
أظهر من أكثر الأخبار وبعضها كالصريح في ذلك» ممّا
.................................................................................................
______________________________________________________
يتعجّب منه. ولعلّه أشار إلى خبر (حسنة خ ل) الحلبي لقوله عليهالسلام «إذا افتتحت الصلاة فارفع يديك ثمّ ابسطهما بسطاً ثمّ كبّر ثلاث تكبيرات»
وأنت خبير بأنّ الخبر إنّما سيق لبيان الأدعية ومحالها ونسبة الافتتاح إلى الثلاث
مجاز. ولعلّ من مواضع الشبهة أيضاً عنده ما في حسنة زرارة من قوله عليهالسلام : «أدنى ما يجزي من التكبير في التوجّه تكبيرة واحدة
وثلاث تكبيرات أحسن وسبع أفضل» وقوله عليهالسلام في صحيح الحلبي : «أخفّ ما يكون من التكبير في الصلاة ثلاث تكبيرات»
وقوله عليهالسلام في خبر أبي بصير : «إذا افتتحت الصلاة فكبّر إن شئت واحدة وإن شئت
ثلاثاً وإن شئت خمساً وإن شئت سبعاً». وأنت تعلم أنّ مساق هذه الأخبار والغرض منها
إنّما هو بيان الرخصة في هذه التكبيرات الستّ المستحبّة بتركها والاقتصار على
تكبيرة الإحرام أو الإتيان بأحد الأعداد المذكورة لا أنّ المعنى أنّه يحصل
الافتتاح بكلّ من هذه الأعداد فيكون واجباً مخيّراً.
وقوله «وما
ذكروه .. إلى آخره» فيه أنّا نختار الشقّ الثاني وهو نيّة كونها تكبيرة الإحرام.
وقوله «لم يرد
بذلك خبر» فيه أنه وإن لم يرد بهذا العنوان ولكن يستفاد من الأخبار الدالّة على
الافتتاح بتلك التكبيرة وتسميتها تكبيرة الافتتاح ، على أنه من المعلوم أنّ الشارع
قد جعل التكبير محرّماً بقوله : تحريمها التكبير ، والتكبير من حيث هو لا يكون محرّماً ولا موجباً
للدخول في الصلاة إلّا إذا اقترن بالقصد إلى ذلك ، فما لم ينو بالتكبير الإحرام
ويقصد به الافتتاح لا يصير محرّماً ولا موجباً للافتتاح ، ولكلّ امرئٍ ما نوى.
__________________
ولو كبّر للافتتاح ثمّ كبّر له بطلت صلاته
______________________________________________________
وأمّا قوله «يمكن
أنّ يقال بجواز إيقاع المنافيات قبل السابعة وإن قارنت نيّة الصلاة الاولى لأنّ
الستّ من الأجزاء المستحبّة» فعجيب من مثله ، لأنّه متى قصد بالأوّل الافتتاح
والدخول فيها حرمت عليه المنافيات لقولهم صلّى الله عليهم : «تحريمها التكبير»
ومعناه أنه يحرم عليه بالتكبير ما حلّ له قبله. ولا يتوقّف الدخول في الصلاة على
أزيد من الواحدة ، فكيف يجوز له إيقاع المنافيات وهو قد دخل في الصلاة بمجرّد كونه
في الستّ المستحبّة وإلّا لجاز إيقاع المنافيات في القنوت مثلاً بناءً على
استحبابه وإن كان في أثناء الصلاة.
[في بطلان الصلاة بتكرار تكبيرة الاحرام]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو كبّر للافتتاح
ثمّ كبّر له ثانياً بطلت صلاته)
كما في «المبسوط
وجامع الشرائع والشرائع والتحرير والإرشاد ونهاية الإحكام والتذكرة والذكرى والدروس والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المقاصد وفوائد الشرائع والجعفرية وشرحيها والميسية والروض وفوائد القواعد » ولا خلاف فيه كما في «الحدائق » لأنّه قد زاد ركناً في الصلاة كما في «نهاية الإحكام والذكرى وجامع المقاصد والغرية وإرشاد الجعفرية وفوائد القواعد والروض » وزيادته مبطلة على كلّ حال كما نصّ عليه غير واحد من هؤلاء. وفي «مجمع البرهان والمفاتيح والحدائق » أنّ ذلك أي زيادة الركن مبطلة على كلّ حال هو المشهور.
ويظهر من
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المدارك » أنه لا خلاف فيه حيث قال بعد أن تأمّل في ذلك : إن لم
يكن إجماعيّاً. ولو أنّه عثر على مخالف لاستظهر به.
وعلّله في «المبسوط
» بأنّ الثانية غير مطابقة للصلاة ، يريد أنّه زاد فيها جزءً على ما شرّع
فلا تكون مشروعة. وفي «التذكرة » لأنّه فعل منهيّ عنه فيكون باطلاً ومبطلاً للصلاة ،
وكأنّ الكلّ بمعنى كما في «كشف اللثام ». وفي «المنتهى » نسبة هذا الحكم إلى المبسوط. وظاهره القول به.
وفي «جامع
المقاصد » تبطل بنيّة الافتتاح بالتكبير الثاني ، سواء نوى
الصلاة معه أم لا ، أمّا إذا لم ينو فلأنّ قصد الافتتاح الثاني يصيّره ركناً. ولا
يقدح في ذلك عدم مقارنة النيّة التي هي شرط ، لأنّ شرطيّتها لصحّته لا لكونه
للافتتاح ، فإنّ المتصوّر في زيادة أيّ ركن كان هو الإتيان بصورته قاصداً بها
الركن كما لو أتى بركوع ثانٍ ، لامتناع ركوعين صحيحين في ركعة واحدة. وأمّا مع
النيّة فبطريق أولى ، انتهى. ومثله قيل في «الغرية والروض وفوائد القواعد ».
وقال في «الذكرى
» ولو نوى بالثانية الافتتاح غير مصاحبة نيّة الصلاة فالأقرب البطلان
لزيادة الركن إن قلنا أنّه بنيّة الافتتاح المجرّدة عن نيّة الصلاة تحصل ركنيّته
وإلّا فلا إبطال. وفي «كشف اللثام » بعد أن نقل ذلك عن الشهيد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قال : وعندي أنّ نيّة الافتتاح ملزوم نيّة الخروج. وقال في «جامع المقاصد » : لا يقال استئناف النيّة يقتضي بطلان ما سبق لتضمّنه
قصد الخروج بالإعراض عن النيّة الاولى فتصحّ الثانية ، لأنّا نقول إن صحّ هذا لم
تقع النيّة الثانية معتبرة حيث إنّ البطلان إنّما يتحقّق بها.
وفي «مجمع
البرهان » لا يبعد اشتراط تكرار النيّة في البطلان فإنّه بغير
النيّة كأنّه ليس بتكبير الإحرام ، بل ذكر مجرّد إلّا أن يقصد به الإحرام فتأمّل ،
انتهى. وظاهر إطلاق الأصحاب وصريح «الموجز الحاوي وكشف الالتباس » أنّها تبطل ولو كان التكبير سهواً ، وذلك كأن ينوي
الصلاة ثانياً بناءً على جواز تجديد النيّة في الأثناء أيّ وقت اريد لا على الخروج
منها ويقرن النيّة بالتكبير سهواً أولزعمه لزوم التكبير أو جوازه كلّما جدّد
النيّة جاعلاً له جزء من الصلاة. وفي «كشف اللثام » في إبطاله سهواً نظر لعدم الدليل. نعم في العمد يكون
قد زاد عمداً في الصلاة جزءً ليس منها شرعاً وهو مبطل ، انتهى ، فتأمّل فيه.
وفي «المدارك » البطلان بتركه عمداً أو سهوا لا يستلزم البطلان
بزيادته ، إلّا أن يكون إجماعا ونحوه (ومثله خ ل) ما في «المفاتيح والحدائق» وقد
تقدّم ردّ كلامهم هذا في موضعين * مضافاً إلى ما سمعته الآن من إطباق الأصحاب على ذلك.
وسيأتي في مباحث السهو عند قوله «أو زاد ركوعاً» تمام الكلام بما لا مزيد عليه ،
ويأتي في مبحث الركوع والسجود ما له نفع تامّ في المقام.
__________________
(*) بحث القيام
وصدر بحث التكبيرة (منه).
__________________
إن لم ينو الخروج قبله (قبل ذلك خ ل) ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله تعالى روحه : (إن لم ينو الخروج
قبله) كما في «التذكرة ونهاية الإحكام والدروس والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والجعفرية وشرحيها والميسية والروض وفوائد القواعد » وكذا «الذكرى والبيان » على أحد الوجهين ، لأنّه لو نوى الخروج أوّلاً بطلت
الصلاة ، لارتفاع استمرار النيّة كما تقدّم بيان ذلك. وعلى هذا فتنعقد بالتكبير
ثانياً مع النيّة إلّا على ما ذهب إليه المحقّق في «الشرائع » والشهيد في ظاهر «البيان » من أنها لا تبطل بنيّة الخروج ، فإطلاق الكتب
__________________
ولو كبّر له ثالثا صحّت. ويجب التكبير قائماً ،
______________________________________________________
الماضية منزّل على ذلك ما عدا «الشرائع» لما عرفت ، وما عدا «جامع الشرائع » لأنّه لم يتعرّض فيه لبطلان الصلاة بنيّة الخروج وعدمه
، فيحتمل أن يكون موافقاً لابن عمّه أو للمشهور.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو كبّر له ثالثاً
صحّت) كما نصّ عليه في أكثر الكتب المتقدّمة . ولا فرق في ذلك بين أن يكون الخروج قبل هذا التكبير أم
لا بعد أن لا يكون نوى الخروج قبل التكبير الثاني ، كما لا فرق بين أن يكون علم
بطلان صلاته بالثاني أم لا ، لأنّه لم يزد في الصلاة شيئاً وإن زعم أنّه زاد.
[شروط تكبيرة الإحرام]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجب التكبير قائماً)
أجمع علماؤنا
كما في «إرشاد الجعفرية والمدارك » على أنّه يجب في هذا التكبير ما يجب في الصلاة من
الطهارة والقيام والاستقبال وغير ذلك. وبوجوب القيام فيه صرّح المحقّق والشهيدان والكركي
__________________
فلو تشاغل بهما دفعةً أو ركع قبل انتهائه بطلت ،
______________________________________________________
وتلميذاه والأردبيلي وتلميذه السيّد المقدّس وغيرهم . وفي «المعتبر والمنتهى » وغيرهما لأنّه جزء من الصلاة المشروطة بالقيام أي إلّا في بعض
أجزائها المعلومة. وفي «كشف اللثام » عليه منع واستدلّ عليه فيه بالصلوات البيانيّة وبقول
الصادق عليهالسلام في صحيح سليمان بن خالد «إذا أدرك الإمام وهو راكع كبّر الرجل وهو مقيم صلبه ثمّ ركع قبل أن يرفع
الإمام رأسه فقد أدرك الركعة».
قوله قدّس الله تعالى روحه : (فلو تشاغل بهما دفعةً
أو ركع قبل انتهائه بطلت)
يريد أنّه لو
تشاغل بالتكبير والقيام دفعة أو ركع قبل انتهائه مأموماً أو غيره بطلت صلاته كما
في «المنتهى والتذكرة والتحرير والذكرى والدروس وجامع المقاصد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والجعفرية وشرحيها والروض والمسالك » وغيرها . وفي «الشرائع والإرشاد » الاقتصار على أنّه لو كبّر قاعداً أو هو آخذ في القيام
بطلت. وفي «المعتبر » الاقتصار على أنّه لو كبّر قاعداً بطلت.
وفي «المبسوط والخلاف » أنّه إن كبّر المأموم تكبيرة واحدة للافتتاح والركوع
وأتى ببعض التكبير منحنياً صحّت صلاته. وفي «المعتبر » هو حسن. واستدلّ عليه في «الخلاف » بأنّ الأصحاب حكموا بصحّة هذا التكبير وانعقاد الصلاة
به ولم يفصّلوا بين أن يكبّر قائماً أو يأتي به منحنياً ، فمن ادّعى البطلان احتاج
إلى دليل. وفي «الذكرى والروض والمسالك » بعد نقل ذلك عن الشيخ قالا لم نعرف مأخذه. قلت : قد
عرفته ممّا ذكر في الخلاف. وفي «جامع المقاصد » أنه ضعيف. قلت : وجه ضعفه ما سمعته من قول الصادق عليهالسلام.
__________________
وإسماع نفسه تحقيقاً أو تقديراً.
______________________________________________________
وأنّ القيام في التكبير ركن وكلّ عبادة خالفت ما تلقّيناه من الشارع زيادةً
أو نقصاناً أو هيئةً فالأصل بطلانها إلى أن يقوم دليل على الصحّة من غير افتراق
بين الجاهل والعالم العامد والساهي كما صرّح بذلك في «التذكرة وفوائد الشرائع » وغيرهما .
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وإسماع نفسه تحقيقاً
أو تقديراً) كما في «المنتهى ونهاية الإحكام والبيان والألفية وجامع المقاصد والمقاصد العليّة » ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة كما في «المنتهى وجامع المقاصد » لأنّه لفظ واللفظ إمّا صوت أو كيفية له والصوت كيفيّة
مسموعة والأخبار ناطقة به في القراءة كما في «كشف اللثام ». وفي «جامع المقاصد »
__________________
ويستحبّ ترك
المدّ في لفظ الجلالة و «أكبر»
______________________________________________________
لأنّ الذكر لا يحصل إلّا بالصوت والصوت ما يمكن سماعه وأقرب سامع إليه نفسه
، انتهى.
وحمل الشيخ صحيح علي بن جعفر «أنّه سأل أخاه عليهالسلام عن الرجل يصلح له أن يقرأ في صلاته ويحرّك لسانه في
القراءة في لهواته من غير أن يسمع نفسه؟ قال : لا بأس أن لا يحرّك لسانه يتوهّم
توهّماً » على من يصلّي خلف من لا يقتدي به تقيّة. ويجوز حمله
على المأموم ونهيه عن القراءة وتجويز التوهّم له كما في «كشف اللثام » ويفهم من هذا أنّه لا يجب الجهر ولا الإخفات عيناً بل
يتخيّر فيه مطلقاً.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويستحبّ ترك المدّ في
لفظ الجلالة وأكبر) أمّا المدّ في لفظ الجلالة فقد تقدّم الكلام فيه في أوّل
البحث. وأمّا المدّ في لفظ أكبر فعبارة المصنّف هنا كعبارة «النافع والمعتبر » وكذا عبارة «الشرائع والإرشاد والبيان ».
وفي «المبسوط والسرائر وجامع الشرائع والدروس وفوائد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الشرائع وإرشاد الجعفرية » أنّه لو أشبع فتحة الباء بحيث يؤدّي إلى زيادة ألف
بطلت. ومثل ذلك ما في «الألفية والبيان » وغيرهما . قال الشيخ والعجلي وغيرهما : لأنّ «أكبَار» جمع كَبَر وهو الطبل. وفي «تعليق
النافع والميسية والروض والمسالك والفوائد المليّة والمدارك » أنّها تبطل بزيادة الألف ، سواء قصد الجمع أم لم
يقصده. واحتمل ذلك في «الذكرى » وهو الظاهر من إطلاق الأوّلين.
وفي «المعتبر والمنتهى ونهاية الإحكام والتذكرة والتحرير »
__________________
وإسماع الإمام المأمومين ،
______________________________________________________
الفرق في «أكبار» بين قاصد الجمع وغيره فتبطل على الأوّل دون الثاني ،
واحتجّ له في «المنتهى » بأنه قد ورد الإشباع في الحركات إلى حيث ينتهي إلى
الحروف في لغة العرب ولم يخرج بذلك عن الوضع. قال في «كشف اللثام » : يعني ورد الإشباع كذلك في الضرورات ونحوها من
المسجعات وما يراعى فيها المناسبات فلا يكون لحناً وإن كان في السعة ، انتهى.
وفي «الذكرى » وغيرها لو كان الإشباع يسيراً لا يتولّد منه ألف لم يضرّ. قلت
: وهذا مراد من قال يستحبّ ترك المدّ في «أكبر». وفي «نهاية الإحكام والتذكرة وفوائد الشرائع » وغيرها أنّها تبطل بمدّ همزة أكبر.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويستحبّ إسماع الإمام
المأمومين) أي تكبيرة الإحرام هذا ممّا لا نعرف فيه خلافاً كما في «المنتهى
» وبه صرّح في «جامع الشرائع والشرائع والمعتبر والمنتهى
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتذكرة والتحرير والإرشاد والذكرى والبيان والنفلية والروض » وغيرها .
ويسرّ الإمام
بغير تكبيرة الإحرام أي الستّ الباقية كما في «جامع الشرائع والمنتهى والروض » وغيرها . وفي «التحرير » لا يستحبّ له أن يسمع من خلفه غير تكبيرة الإحرام.
ويستحبّ
الإسرار للمأموم ويتخيّر المنفرد كما في «التذكرة والدروس والبيان والروض والمدارك ». وفي «البيان » يحتمل تبعيته الفريضة في المنفرد. وفي «الروض » في توظيف أحدهما له نظر.
__________________
ورفع اليدين بها
______________________________________________________
وفي «المنتهى والتحرير » لا يستحبّ للمأموم أن يسمع الإمام. وفي الأخير : يسمع
المأموم غيره ولا يستحبّ له أن يسمع من خلفه. وفي «الذكرى » أنّ الجعفي أطلق * رفع الصوت بها. وفي «المدارك » لا نعرف مأخذه.
[في استحباب رفع اليدين في التكبير]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (و)
يستحبّ (رفع اليدين بها)
لا خلاف فيه
بين العلماء كما في «المعتبر » وبين أهل العلم كما في «المنتهى » وبين علماء أهل الإسلام كما في «جامع المقاصد وتعليق النافع » وهو مذهب المعظم كما في «كشف اللثام » والمشهور كما في «الحدائق ».
وكذا يستحبّ
عندنا الرفع في كلّ تكبيرات الصلاة كما في «التذكرة ».
__________________
(*) يعني من
غير فرق بين الإمام والمأموم والمنفرد (منه).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الأمالي » انّ من دين الإمامية الإقرار بأنه يستحبّ رفع اليدين
في كلّ تكبيرة في الصلاة. وهو مذهب أكثر أهل العلم كما في «المنتهى » ذكر ذلك في بحث الركوع. وبه صرّح (وهو خيرة خ ل) الشيخ
وجميع من تأخّر عنه إلّا من شذّ من متأخّري المتأخّرين. وفي «الانتصار » ممّا انفردت به الإمامية القول بوجوب رفع اليدين في
كلّ تكبيرات الصلوات (الصلاة خ ل). ثمّ قال : والحجّة فيما ذهبنا إليه طريقة
الإجماع وبراءة الذمّة. وقال الكاتب على ما نقله عنه في «الذكرى » في بحث الركوع : إذا أراد أن يكبّر للركوع أو السجود
رفع يديه مع نفس لفظه بالتكبير ولو لم يفعل أجزأه ذلك إلّا في تكبيرة الإحرام.
وظاهره كما في «الذكرى » الوجوب. ونقله عنه في «المفاتيح ».
وفي «المعتبر » لا أعرف وجه ما حكاه المرتضى. وفي «حاشية المدارك » مراد المرتضى من الوجوب ما ذكره الشيخ من أنّ الوجوب
عندنا على ضربين : ضرب على تركه العقاب ، وضرب على تركه العتاب ، لعدم قائل منّا
بالوجوب فضلاً عن الإجماع عليه ، انتهى. ومثله قال في «المنتهى » في بحث الركوع.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «البحار والمفاتيح وكشف اللثام والحدائق » أنّ مذهب السيّد قوي. واستدلّوا عليه بظواهر الأوامر
في الأخبار الكثيرة وفي قوله جلّ شأنه : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ
وَانْحَرْ) للأخبار بأنّ النحر هو رفع اليدين بالتكبير ، وهي أيضاً
كثيرة. وفي «البحار » لكن لو قيل بأنه لا معنى لوجوب كيفيّة المستحبّ فلا
مانع من القول به في تكبيرة الإحرام ، انتهى. وقد استدلّ على المشهور بالأصل وبقول
الصادق عليهالسلام لزرارة «رفعك يديك في الصلاة زينتها» وبقول الرضا عليهالسلام للفضل في خبر العلل والعيون إنّما يرفع اليدان بالتكبير ، لأنّ رفع اليدين ضرب من
الابتهال والتبتّل والتضرّع فأحبّ الله عزوجل أن يكون العبد في وقت ذكره متبتّلاً متضرّعاً مبتهلاً ،
ولأنّ في رفع الأيدي إحضار النيّة وإقبال القلب على ما قال وقصد. وفي «كشف اللثام » لا عبرة بالأصل مع النصوص بخلافه من غير معارض قال :
وضعف الخبرين عن الدلالة واضح.
قلت : في قرب
الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جدّه علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام «قال : على الإمام أن يرفع يديه في الصلاة وليس على غيره أن
__________________
إلى شحمتي الاذن ،
______________________________________________________
يرفع يديه في التكبير» وقد حمله الشيخ في «التهذيب » على أنّ فعل الإمام أكثر فضلاً وأشدّ تأكيداً وإن كان
فعل المأموم أيضاً فيه فضل. قلت : هو دليل على عدم وجوب الرفع مطلقاً لعدم القائل
بالفصل بين الإمام وغيره.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (إلى شحمتي الاذن)
إجماعاً كما في
«الخلاف » وبه صرّح في «النهاية والمبسوط والشرائع ونهاية الإحكام والتحرير والإرشاد والتذكرة والتبصرة والدروس والذكرى
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والموجز الحاوي وشرحه والمسالك » وغيرها لكن في بعض هذه إلى اذنيه وفي بعض آخر إلى حذاء اذنيه
وأكثرها كالكتاب. وقال الصدوق : يرفعهما إلى النحر ولا يجاوز بهما الاذنين حيال الخدّ
، وعن الحسن بن عيسى : يرفعهما حذاء منكبه أو حيال خدّيه لا يجاوز بهما
اذنيه.
وفي «الخلاف » أنّ الرفع حذاء المنكب خيرة الشافعي وإلى حذاء الاذنين
خيرة أبي حنيفة. وفي «النافع والمعتبر والمنتهى ونهاية الإحكام » في تكبير الركوع يرفع يديه حيال وجهه. وفي «المعتبر » أنّ هذا هو الأشهر. وفيه وفي «المنتهى » وفي رواية إلى اذنيه ، وبها قال الشيخ ، وقال الشافعي
: إلى منكبه ، وبه رواية عن أهل البيت عليهمالسلام. وزاد في «المعتبر » أنّ الأوّل أشهر. ومثله ما في «المقنعة والنافع » هنا حيث قيل فيهما : يرفعهما حيال وجهه. وفي «الروض
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ومجمع البرهان » أقلّه محاذاتهما للخدّين وفي «المقنعة وجُمل السيّد والمراسم » لا يتجاوز بهما شحمتي اذنيه. وفي «المعتبر والموجز الحاوي » يكره أن يتجاوز بهما رأسه. وفي «البيان » يكره أن يتجاوز بهما اذنيه.
والمفهوم من
الأخبار أنّ أعلى مراتب الرفع ما سامت الاذنين كما يشير إلى ذلك قوله عليهالسلام في صحيح زرارة : «ولا تجاوز بكفّيك اذنيك» أي حيال
خدّيك كما في «الكافي » ونحوه خبر أبي بصير و «فقه الرضا » عليهالسلام ، وأقلّه أن يكون أسفل من وجهه قليلاً كما في صحيحة
معاوية بن عمّار . ويحتمل أنّها هي الّتي أشار إليها الصدوق بقوله : يرفعهما إلى النحر ، فإنّه أسفل من الوجه
قليلاً ، لكن في «مجمع البيان » عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّ معنى «انْحَرْ»
الرفع إلى
النحر. وقد فسّر في عدّة أخبار منها صحيح ابن سنان بالرفع حذاء الوجه. قلت : لأنّ انحر مشتقّ من النحر
بمعنى موضع القلادة وأعلى الصدر ، فإنّ اليدين حالة رفعهما حذاء الوجه يحيطان
بالنحر. وفي خبر زرارة الوارد في آداب الصلاة «وارفع
__________________
والتوجّه بستّ تكبيرات غير تكبيرة الإحرام ،
______________________________________________________
يديك بالتكبير إلى نحرك». ومن العجيب ما في «الحدائق » من أنّه لم يجد في الأخبار لفظ النحر.
وأمّا الخبر
الّذي رواه في «الذكرى » عن ابن أبي عقيل وذكره في «المعتبر والمنتهى » فقد قال في «البحار » روى هذه الرواية مخالفونا في كتبهم ، فبعضهم روى أذان
خيل وبعضهم أذناب خيل ، قال في النهاية مالي أراكم رافعي أيديكم في الصلاة كأنها
أذناب خيل شمس هي جمع شموس وهى النفور من الدواب. قال في «البحار » والعامّة حملوها على رفع الأيدي في التكبير ، لعدم
قولهم بشرعيّة القنوت في أكثر الصلوات. وتبعهم الأصحاب فاستدلّوا بها على كراهة
تجاوز اليدين عن الرأس في التكبير ، ولعلّ الرفع للقنوت منها أظهر ويحتمل التعميم
والأحوط الترك فيهما معاً ، انتهى. قلت : ينبغي له أن يخصّ ذلك بالفريضة كما في
خبر أبي بصير وغيره .
[في استحباب التوجّه بستّ تكبيرات]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والتوجّه بستّ
تكبيرات غير تكبيرة الإحرام)
إجماعا كما في «الانتصار
والخلاف » ولا خلاف فيه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
كما في «المنتهى وجامع المقاصد والحدائق ».
واختلفوا في
أنّ هذا الحكم عامّ في الفرائض والنوافل أو خاصّ. في البعض؟ فعن علي بن بابويه أنها إنّما تستحبّ في أوّل كلّ فريضة واولى نوافل
الزوال واولى نوافل المغرب واولى صلاة الليل والوتر وصلاة الإحرام. ومثل ذلك قيل
في «الفقه المنسوب إلى الرضا عليهالسلام » وفي «الهداية » أنّ ذلك من السنّة. وفي «التهذيب » لم أجد به خبراً مسنداً. وفي «المبسوط والمصباح والنزهة ونهاية الإحكام والتذكرة والتحرير والتلخيص وحواشي الشهيد» زيادة الوتيرة على الستّ المذكور. وهو
المنقول عن القاضي وابن طاووس في «فلاح السائل» ونسب ذلك جماعة إلى «المقنعة» والموجود في آخر عباراتها خلاف
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك كما يأتي. وفي «تخليص التلخيص» أنه المشهور. وفي «جامع المقاصد » قاله الجماعة. ولعلّه إلى ذلك أشار في «الخلاف » حيث قال : ويستحبّ في مواضع مخصوصة من النوافل ، وقد
يظهر منه الإجماع على ذلك. وفي «المراسم » استحبابها في سبع هي هذه إلّا صلاة الإحرام فذكر
مكانها الشفع.
وفي «السرائر والتخليص» عن بعض الأصحاب قصر استحبابها على الفرائض
الخمس. وعن «محمّديات السيّد » أنّها إنّما تستحبّ في الفرائض دون النوافل.
وفي «المقنعة والسرائر والمعتبر والمختلف والدروس والذكرى والموجز الحاوي وكشف الالتباس وكشف اللثام » استحبابها في كلّ صلاة. قيل : وهو ظاهر «الانتصار والجُمل» لمكان الإطلاق. وفي «المنتهى
»
__________________
بينها ثلاثة أدعية.
______________________________________________________
لو قيل به كان حسناً. وفي «البيان » أنّه أولى ، وقوّاه أيضاً في حواشي الكتاب. وفي «الحدائق
» أنّه المشهور. ولعلّه أراد بين المتأخّرين وإلّا فقد سمعت ما في «التخليص».
وفي «المختلف » ما أدري لأيّ شيء اقتصر الشيخ على ما عدّه. وقوله «لم
أجد به خبراً مسنداً» ينافي الفتوى به ، إذ لا دليل عقلي عليه. وقد استدلّ عليه
هؤلاء بإطلاق الأخبار. وفيه أنّه منزّل على الفريضة بل بعضها كالصريح في ذلك
كأخبار العلل بزيادة هذه التكبيرات ، نعم ذكر الله تعالى حسن على كلّ
حال. ونقل أنّه روي في «فلاح السائل» عن الباقر عليهالسلام أنّه قال : «افتتح في ثلاثة مواطن بالتوجّه والتكبير في
أوّل الزوال وصلاة الليل والمفردة من الوتر» وأنه حمله فيه على التأكيد في هذه
وأنه خصّص الاستحباب في سبعة مواطن كالمبسوط وغيره كما مرَّ.
ولا فرق في
استحباب هذه التكبيرات بين المنفرد والإمام والمأموم (كما نصّ عليه أكثر الأصحاب كما مرّت الإشارة اليه آنفاً). وفي «الذكرى » أنّ ظاهر الكاتب اختصاص المنفرد بالاستحباب ، قال :
وهو شاذّ. قلت : وصحيح الحلبي وغيره حجّة عليه.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وبينها ثلاثة أدعية)
كما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«جُمل الشيخ والوسيلة والسرائر والتحرير والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد والمفاتيح ».
ولعلّهم أرادوا
أنّ ذلك بعد الثالثة والخامسة وبعد السادسة فقد ورد أنّ بعدها «يا محسن قد أتاك
المسيء ..» إلى آخره». ويحتمل أن يكونوا أرادوا ما في «النهاية والمبسوط والتذكرة ونهاية الإحكام » حيث قيل فيها : بينها ثلاثة أدعية يكبّر ثلاثاً ويدعو
ثمّ اثنتين ويدعو ثمّ يكبّر اثنتين ويتوجّه ، فيكونوا قد غلبوا لفظ البين على
البعد ، فيراد بالأدعية الثلاثة الدعاءان المشهوران وما بعد الكلّ من دعاء التوجّه
كما في «المقنعة والمراسم وجامع الشرائع وفلاح السائل » على ما نقل عنه «والمعتبر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمختلف والمنتهى ورسالة صاحب المعالم وشرحها ». وفي «المختلف » أنه المشهور. وفي «الذكرى » الكلّ حسن.
وفي «الروض » يستحبّ ستّ تكبيرات مضافة إلى تكبيرة الإحرام يكبّر
ثلاثاً ويدعو واثنتين ويدعو بلبّيك .. إلى آخره وبيا محسن .. إلى آخره ثمّ واحدة
ويقول وجّهت وجهي .. إلى آخره ، انتهى فتأمّل.
وفي «المنتهى وجامع المقاصد » لا خلاف بين علمائنا في استحباب التوجّه بسبع تكبيرات
بالأدعية المأثورة. وفي «الانتصار » الإجماع على الفصل بينها بتسبيح وذكر مسطور.
وفي «المختلف » بعد أن ذكر ما نقلناه عنه قال : وقال ابن الجنيد : إنّ
هذا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
مستحبّ ، ويستحبّ أيضاً في الاستفتاح أن يقال بعد التكبيرات الثلاث الاول «اللهمّ
أنت الملك الحقّ .. إلى آخره» ثمّ يكبّر تكبيرتين ويقول «لبيك .. إلى آخره» ثمّ
يكبّر تكبيرتين ويقول «وجّهت إلى قوله وأنا من المسلمين والحمد لله ربّ العالمين»
ثمّ يقول «الله أكبر» سبعاً و «سبحان الله» سبعاً و «الحمد لله» سبعاً و «لا إله
إلّا الله» سبعاً من غير رفع يديه. قال : وقد روى ذلك جابر عن أبي جعفر عليهالسلام والحلبي وأبو بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام ومهما اختار من ذلك أجزأه أو بعضه. قال في «المختلف» :
وهذا التكبير والتسبيح والتحميد والتهليل لم ينقل في المشهور ، انتهى .
وفي «النفلية » روى التسبيح بعده سبعاً والتحميد سبعاً. وفي «شرحها » ذكره ابن الجنيد ونسبه إلى الأئمة عليهمالسلام ولم نقف عليه : قلت : روى في العلل بطريق صحيح «أنّ زرارة قال لأبي جعفر عليهالسلام : فكيف نصنع؟ قال : تكبّر سبعاً وتسبّح سبعاً وتحمد
الله وتثني عليه ثمّ تقرأ» فهذه أقوال علمائنا.
وقال المحدّث
الكاشاني في «الوافي» يستفاد من خبر الحلبي أنّ وقت دعاء التوجّه بعد إكمال السبع
وإن افتتح بالاولى ، وذلك لأنّ الافتتاح لمن يأتي بالزائد على الواحدة إنّما يقع
بالمجموع فكلّها داخل في صلاته واقع بعد الإحرام ، كيف لا ولو كان بعضها خارجاً
عنها واقعاً قبل الإحرام لم يكن من الافتتاح في شيء ، فما ذكروه في وقت الدعاء
ممّا يخالف ذلك لا وجه له ولا مستند ، انتهى فتأمّل فيه.
هذا وفي «المبسوط
» وجملة من كتب علمائنا يجوز الإتيان بالتكبير ولاءً.
__________________
[في استحباب التطابق بين الرفع والوضع وبين التكبير]
فرع : في «المعتبر
والمنتهى » من السنّة أن يرفع يديه عند ابتدائه بالتكبير ويكون
انتهاء الرفع عند انتهاء التكبير ويرسلهما بعد ذلك ، قالا : لا نعرف فيه خلافاً.
وزاد في «المعتبر» أنّه قول علمائنا. وقالا : لأنّه لا يتحقّق رفعهما بالتكبير
إلّا كذلك ، ذكرا ذلك في بحث الركوع. وفي «المفاتيح » في المقام أنّ هذا هو المشهور. قلت : في «الذكرى » عن الكراجكي أنّ محلّ تكبير الركوع عند إرسال اليدين
بعد الرفع. وفي «التذكرة» قال ابن سنان رأيت الصادق عليهالسلام يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح. وظاهره يقتضي ابتداء
التكبير مع ابتداء الرفع وانتهائه عند انتهائه. وهو أحد وجهي الشافعي ، والثاني
يرفع ثمّ يكبّر عند الإرسال ، وهو عبارة بعض علمائنا. وظاهر كلام الشافعي أنه
يكبّر بين الرفع والإرسال ، انتهى.
فرعٌ آخر : قال
في «التذكرة » : ويبسط كفّيه حال الرفع إجماعاً.
فرعٌ آخر :
ظاهر كلام علمائنا الاتفاق على استحباب ضمّ الأصابع حين الرفع عدا الإبهام فقد
اختلفوا فيها (فيه خ ل) ضمّاً وتفريقاً ، ففي «المعتبر والمنتهى والتذكرة » عن الكاتب والمرتضى استحباب تفريق الإبهام وضمّ الباقي
، ونقله في «الذكرى » عن القاضي والعجلي ، قال : ولتكن الأصابع مضمومة ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي الإبهام قولان ، وفرقه أولى. واختاره ابن إدريس تبعاً للمفيد وابن
البرّاج ، وكلّ ذلك منصوص.
قلت : لم أقف
على نصّ بالعموم ولا الخصوص لا في موضع الوفاق ولا في موضع الخلاف إلّا قول الباقر
عليهالسلام : «ولا تنشر أصابعك وليكونا على فخذيك قبالة ركبتك»
فتأمّل في دلالته. واستدلّ في «المنتهى والتذكرة والمدارك » على ضمّ الأصابع بخبر حمّاد وقد وصف صلاة أبي عبد الله
عليهالسلام فأرسل يديه جميعاً على فخذيه قد ضمّ أصابعه . وأنت خبير بأنّ خبر حمّاد لم يشتمل على رفع اليدين في
تكبيرة الإحرام فضلاً عن كونها في حال الرفع مضمومة الأصابع ، وقد صرّح فيه بالرفع
في تكبير الركوع والسجود ولكنّه غير متضمّن أيضاً لضمّ الأصابع إلّا أن يقال ذكر
ذلك في صدر الرواية. قال : فقام أبو عبد الله عليهالسلام مستقبل القبلة منتصباً فأرسل يديه على فخذيه قد ضمّ
أصابعه وقضية الاستصحاب بقاء ذلك إلى حال الرفع.
وفي «البحار » عن زيد النرسي في كتابه عن أبي الحسن الأوّل عليهالسلام أنّه رُئي يصلّي فكان إذا كبّر في الصلاة ألزق أصابع
يديه الإبهام والسبّاحة والوسطى والتي تليها وفرّج بينها وبين الخنصر .. الحديث.
وهو لا يصلح دليلاً في المقام ، فالمدار على الإجماع والاستصحاب في الأصابع ويبقى
الكلام في الإبهام.
__________________
الفصل الرابع : في القراءة
وليست ركناً
______________________________________________________
[الفصل الرابع : في القراءة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وليست ركناً)
كما هو مذهب
الأكثر كما في «المعتبر والبحار » وهو الأشهر كما في «جامع المقاصد والكفاية » والمشهور كما في «المدارك والحدائق » وهو الأظهر من الروايات كما في «المبسوط » والشيخ في «الخلاف » ادّعى عليه الإجماع حيث قال : إنّ مَن نسي الفاتحة
حتّى يركع مضى في صلاته. وفي «التنقيح» قال ابن حمزة : إنّها ركن والباقون على
خلافه ، وليس
__________________
بل واجبة تبطل الصلاة بتركها عمداً ،
______________________________________________________
في «الوسيلة » لذلك ذكروا إنّما عدّ الاستقبال فيها ركناً ، بل لا
أجد في المسألة مخالفاً إلّا ما نقله الشيخ في «المبسوط » عن بعض أصحابنا من أنّها ركن تبطل الصلاة بتركها سهواً
، نعم قد يلوح من «كشف اللثام والحدائق » الميل إليه.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (بل واجبة)
بإجماع
المسلمين إلّا الحسن بن صالح بن حي كما في «الذكرى » وكذا «المدارك » وبالإجماع كما في «الخلاف والمعتبر والتذكرة وإرشاد الجعفرية » ولا نعلم فيه خلافاً بين العلماء كافّة إلّا من الحسن
بن صالح كما في «المنتهى » ولا خلاف فيه كما في «التنقيح والبحار ». وفي «الخلاف والمعتبر
__________________
ويجب الحمد ،
______________________________________________________
والتذكرة » الإجماع أيضاً على أنها شرط في صحّتها. وفي «المنتهى » لا نعلم فيه خلافاً أيضاً. وقضية ذلك أنها تبطل الصلاة
بتركها عمداً. وفي «كشف اللثام » أنه المشهور. وهذا يشعر بوجود الخلاف ولم نجده.
[في وجوب الحمد وسورة
كاملة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وتجب الحمد)
وجوب قراءة
الحمد في ركعتي الثنائية والاوليين من غيرها مجمع عليه كما في «الخلاف والوسيلة والغنية والمنتهى والتذكرة والذكرى وإرشاد الجعفرية والمقاصد العلية والروض والمدارك والبحار والحدائق » والإجماعات السالفة منصبّة أيضاً على ذلك. هذا حال
الفريضة.
__________________
ثمّ سورة كاملة في ركعتي الثنائية والاوليين من غيرها ،
______________________________________________________
وأمّا النافلة
فالأقرب تعيّن الحمد فيها كما في «الذكرى والمدارك وشرح الشيخ نجيب الدين والحدائق » وفي الأخير : أنه الأشهر. وقال في «التذكرة والتحرير » : لا تجب فيها للأصل. قلت : قد يقال إنّه لو تمّ ذلك
لجرى في غير القراءة كالتشهّد وغيره. وفي «المختلف» عن ابن أبي عقيل أنه قال : من
قرأ في صلوات السنن في الركعة الاولى ببعض السورة وقام في الركعة الثانية ابتدأ من
حيث بلغ ولم يقرأ بالفاتحة ، قال في «المختلف» : وأصحابنا لم يعتبروا ذلك ،
والأقوى قراءة الفاتحة ، لعموم الأمر بقراءتها في كلّ ركعة .
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ثمّ سورة كاملة في
ركعتي الثنائية والاوليين من غيرها)
إجماعاً كما في
«الانتصار والوسيلة والغنية وشرح القاضي لجُمل العلم والعمل» على ما نقل عنه . وهو الظاهر من روايات أصحابنا ومذهبهم كما في «الخلاف » والظاهر من المذهب كما في «المبسوط » والأظهر بين الأصحاب كما في «التنقيح » وهو مذهب الأصحاب ما عدا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الإسكافي والديلمي والمحقّق والشيخ في أحد قوليه كما في «المفاتيح ». وفي «الذكرى» في آخر مباحث القراءة أنّ عمل الأصحاب
غالباً على الوجوب . وهو المشهور كما في «المختلف والذكرى والمقاصد العلية ومجمع البرهان وكشف اللثام والحدائق » ومذهب الأكثر كما في «المنتهى ومجمع البرهان » أيضاً و «البحار » والأشهر كما في «التذكرة وجامع المقاصد والروض والروضة ».
ونقله في «المختلف
» عن الحسن والتقي والقاضي وتبعه على ذلك جماعة . ويأتي ما في «كشف الرموز والتخليص» من أنّ الحسن مخالف
والعبارة المنقولة عنه في «المتمسّك» ظاهرة في الخلاف كما يأتي. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«كشف الرموز» أنّ المذهب المشهور يلوح من كلام المفيد وسلّار ، وفيه أنّ عبارة «المراسم» كما يأتي صريحة في الخلاف
كما يأتي *.
وبالمشهور صرّح
الشيخ في «التهذيب والاستبصار والجُمل والخلاف والمبسوط » كما عرفت. وتبعه على ذلك جميع من تأخّر عنه إلّا من سنذكره. وكلامه في «النهاية» مضطرب كما يأتي
نقله. وقد نقل عنه فيها الخلاف جماعة كثيرون . ونقلوا ذلك أيضاً عن الكاتب ويأتي نقل كلامه وأنه ليس نصّاً في
ذلك كعبارة «المنتهى » وإن نسب إليه ذلك جماعة أيضاً. نعم عبارة
__________________
(*) كذا في
نسخة الأصل أعني بتكرير كما يأتي والظاهر زيادة أحدهما.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المراسم » صريحة في الاستحباب ، وهو خيرة «المدارك والذخيرة والكفاية والمفاتيح » وبه قيل أو ميل إليه في «المعتبر والمنتقى ». وفي «التنقيح» أنّ قول الشيخ في النهاية قويّ ولذلك
قال في «النافع» أظهرهما ولم يقل أصحّهما . وفي «الروض » أنّ الوجوب أولى. وهذا يلوح منه الميل إلى الاستحباب.
وفي «كشف الرموز» قال الحسن بن أبي عقيل في «المتمسّك» أقلّ ما يجزي في الصلاة عند
آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من القراءة فاتحة الكتاب .
وأمّا عبارة
الكاتب فيستفاد منها عدم إجزاء الحمد وحدها ، بل لا بدّ ، إمّا من السورة كلّها أو
بعضها. قال على ما نقل : ولو قرأ بامّ الكتاب وبعض سورة في الفرائض أجزأ.
ومثله قال الشيخ في «المبسوط » قال : قراءة سورة بعد الحمد واجب ، على أنه إن قرأ بعض
السورة لا نحكم ببطلان الصلاة. قلت : هذا ممّا يضعّف استدلال المصنّف في «المختلف » وجماعة من المتأخّرين بخبر يحيى بن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عمران الهمداني وغيره تمسّكاً بعدم القول بالفصل ، لأنّ علماءنا بين قائل
بوجوب السورة كاملة وعدمه لا غير ، فتأمّل.
وأمّا كلام
الشيخ في «النهاية » فهو من التشويش بمكان ، لأنّه حكم أوّلاً بوجوب
القراءة ثمّ قال : وأدنى ما يجزي الحمد والسورة معها لا تجوز الزيادة والنقصان عنه
، فمن صلّى بالحمد وحدها من غير عذر لم يجب عليه إعادة الصلاة غير أنه قد ترك
الأفضل ، وإن اقتصر على الحمد ناسياً أو في حال الضرورة لم يكن به بأس. وقال : لا
يجوز أن يقتصر على بعض سورة وهو يحسن تمامها ، فإن فعل ذلك كانت صلاته ناقصة وإن
لم يجب عليه إعادتها إلى أن قال : وأمّا صلاة النوافل فلا بأس أن يقتصر فيها على
الحمد وحدها. ثمّ قال : وقراءة بسم الله الرحمن الرحيم واجبة في جميع الصلوات قبل
الحمد وبعدها إذا أراد أن يقرأ سورة معها إلى أن قال : ومن ترك بسم الله الرحمن
الرحيم متعمّداً قبل الحمد أو بعدها قبل السورة فلا صلاة له ووجب عليه إعادتها ،
إلى غير ذلك مما يظهر لمن تأمّل مطاوي كلامه في الكتاب المذكور.
وأمّا المصنّف
في «المنتهى » فكلامه نصّ صريح في الوجوب من دون تأمّل أصلاً. نعم في
مسألة تبعيض السورة اختار أوّلا عدم الجواز ، ثمّ قال في آخر كلامه : لو قيل فيه
روايتان أحدهما جواز الاقتصار على البعض والاخرى عدمه كان وجهاً ، ويحمل المنع على
كمال الفضيلة ، انتهى. وأنت خبير بأنّ هذا الكلام لا يدلّ على اختيار التبعيض
فضلاً عن أن يدلّ على اختيار استحباب السورة أو الميل إليه.
حجّة المشهور
الإجماعات المنقولة هنا كما سمعت والإجماعات المنقولة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في صلاة العيدين على وجوب قراءة السورة فيها ، ويظهر من الأخبار الواردة
فيها اتحادها مع اليومية غير أنه يزاد فيها تكبيرات ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى
بلطفه ورحمته وكرمه ، والصلوات البيانية ، لأنّها كما تقتضي وجوب قراءة الحمد كذلك تقتضي وجوب
قراءة السورة ، لأنّ فعل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وفعل الأئمة صلوات الله عليهم بالنسبة إليهما واحد ،
والأخبار الدالّة على وجوب القراءة ، لأنّ لفظ القراءة شامل
للحمد والسورة ، ولو كان المراد الحمد خاصّة لقيل الحمد أو فاتحة الكتاب بدل
القراءة ، لأنّه أظهر وأسدّ لعدم الباعث حينئذٍ على التعبير بلفظ القراءة ،
فالإتيان بلفظ القراءة فيه ظهور وإيماء إلى أنّ الواجب هو القراءة من حيث إنّها
قراءة وكونها الحمد والسورة يظهر من دليل آخر. ولو كان الواجب هو الحمد من حيث
إنّها حمد لم يتّجه التعبير بالقراءة ، لأنّه لا عناية حينئذٍ بالقراءة من حيث
إنّها قراءة ، ويشير إلى ذلك قول الرضا عليهالسلام للفضل بن شاذان في خبر العلل «امر الناس بالقراءة في الصلاة لئلّا يتركوا القرآن».
وحجّتهم أيضاً
ما رواه الصدوق والشيخ في الصحيح عن الباقر عليهالسلام فيما إذا أدرك الرجل بعض الصلاة مع الإمام الحديث ،
فإنّ فيه دلالات متعدّدة ، وما رواه الكليني في الصحيح في مبحث الأذان ، فإنّ فيه الأمر بقراءة السورة بعد الحمد والأمر حقيقة
في الوجوب ، وخبر محمد بن إسماعيل قال : قلت : أكون في طريق مكة فننزل للصلاة في
مواضع فيها الأعراب أيصلّى المكتوبة على الأرض فيقرأ امّ الكتاب وحدها أم يصلّى
على الراحلة بفاتحة الكتاب
__________________
والبسملة آية منها ومن كلّ سورة ،
______________________________________________________
والسورة ؟ .. الحديث ، وما ورد أنّ المريض تجزيه فاتحة الكتاب
وحدها حين يصلّي على الدابّة ، وما ورد أنّ قل هو الله أحد تجزي في خمسين صلاة ، وصحيح الحلبي الدالّ بمفهومه ، وخبر يحيى بن عمران الهمداني وخبر منصور ابن حازم حيث يقول فيه الصادق عليهالسلام «لا تقرأ في المكتوبة بأقلّ من سورة ولا بأكثر » لظهور أنّ المراد بها غير الحمد ، لأنّه المفهوم من
النصوص والفتاوى ، ولو كان المراد بها الحمد لم يناسب عن الأكثر منها ، بل وجوب
السورة من شعار الشيعة كما أنّ تركها وعدم وجوبها من شعار مخالفيهم ، والأخبار
الواردة بخلاف ذلك محمولة على الضرورة ومنها التقية كما يشهد لذلك أيضاً خبر
إسماعيل بن الفضل .
[في البسملة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والبسملة آية منها
ومن كلّ سورة) أمّا أنها آية من الحمد فعليه الإجماع كما في «الخلاف ومجمع البيان ونهاية الإحكام والذكرى وجامع المقاصد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمدارك وكشف اللثام » وظاهر «السرائر » وهو مذهب علمائنا وأكثر أهل العلم كما في «المعتبر » ولا خلاف فيه كما في «الحدائق » وهو مذهب أهل البيت عليهمالسلام كما في «المنتهى ».
وأمّا أنّها
آية من كلّ سورة فبالإجماع في الكتب المذكورة ما عدا المعتبر والمدارك وكشف اللثام. نعم قال في «المدارك
» : عليه عامّة المتأخّرين وظاهر «الذكرى » الإجماع على أنّها ليست آية من براءة. وبه صرّح جمهور
أصحابنا . ولا خلاف في أنها بعض آية من النمل كما في «المبسوط ». وفي «المنتهى » أنه مذ هب أهل البيت عليهمالسلام. وفي «الذكرى » عن الكاتب أنه يرى أنها في الفاتحة بعضها وفي غيرها
افتتاح لها ، قال : وهو متروك. وفي «الدروس » وغيره أنه شاذّ.
__________________
فلو أخلّ بحرفٍ منها عمداً أو من السورة ،
______________________________________________________
والضمير في «فيقرأها»
في صحيح الحلبيين عائد إلى الفاتحة على الظاهر ، فلا إشكال فيه. وصحيح
عمر بن يزيد ربّما يدلّ كما في «الذكرى وكشف اللثام » على أحد أمرين إمّا عدم الدخول في سائر السوَر أو
كونها بعض آية منها ، فإنّها إن كانت آية منها فلا سورة أقلّ من أربع آيات إلّا أن
يريد عليه التنصيص على الأقلّ.
[في الإخلال بحرف أو إعراب أو تشديد]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو أخلّ بحرفٍ منها
عمداً) أي بطلت صلاته إجماعاً كما في «المعتبر والمنتهى وكشف اللثام » وفي الأخير : لنقصانها عن الصلاة المأمورة وإن رجع
فتدارك لزيادتها حينئذٍ عليها ، وإن أخلّ بحرف من كلمة منها فقد نقص وزاد معاً على
المأمورة وإن لم يتدارك إن نوى بما أتى به من الكلمة الجزئية وإلّا نقص وتكلّم في
البين بأجنبي.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو من السورة)
أي بطلت بلا
خلاف كما في «المنتهى » تدارك أم لا كما في «المعتبر وكشف اللثام » لذلك إلّا على عدم وجوبها إن لم يتكلّم بأجنبي.
__________________
أو ترك إعراباً
______________________________________________________
قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو ترك إعراباً)
أي بطلت
إجماعاً كما في «المعتبر » وبلا خلاف كما في «المنتهى » ولا نعرف فيه خلافاً كما في «فوائد الشرائع » وهو المعروف كما في «الكفاية » والمشهور كما في «كشف الالتباس ».
ولا فرق في ذلك
بين الرفع والنصب والجرّ والجزم والضمّ والفتح والكسر والسكون كما في «الذكرى والدروس وجامع المقاصد والروض والمقاصد العليّة والمسالك ».
وعن السيّد جواز تغيير الإعراب الّذي لا يتغيّر به المعنى وأنه
مكروه. وفي «نهاية الإحكام والتذكرة » أنّ البطلان بترك الإعراب هو الأقوى ، وهذا يشعر بأنّ
قول السيّد قويّ وضعفه ظاهر كما في «كشف اللثام ».
__________________
أو تشديداً
______________________________________________________
قوله
قدّس الله تعالى روحه : (أو
تشديداً)
أي إذا تركت
تشديداً بطلت كما في «المبسوط وجامع الشرائع والشرائع والمنتهى والتحرير والتذكرة والإرشاد ونهاية الإحكام والذكرى والدروس والبيان وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والجعفرية وإرشادها والميسية والروض والمسالك » وغيرها ولا نعرف فيه خلافاً كما في «فوائد الشرائع ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي أكثر هذه
أنّ مثله ترك المدّ المتصل والإدغام الصغير * بل في «فوائد الشرائع » لا نعرف فيه خلافاً أيضاً. وفي «كشف اللثام » أنّ فكّ الإدغام من ترك الموالاة بين الحروف إن تشابه
الحرفان وإلّا فهو من إبدال حرف بغيره ، وعلى التقديرين من ترك التشديد. نعم لا
بأس به بين كلمتين إذا وقف على الاولى نحو لم يكن له انتهى.
وقد يظهر من «المعتبر
» التوقّف في التشديد حيث اقتصر على نسبته إلى «المبسوط» وقد لا يكون
متردّداً. وقد يلوح من «الكفاية » التوقّف في المدّ المتصل. وقال جماعة من العامّة : لا تبطل بتركه.
وفي «التذكرة » الإجماع على أنّ في الحمد أربعة عشر تشديداً ، وفي «المنتهى
» لا خلاف فيه.
__________________
(*) الإدغام
الصغير هو إدراج الساكن الأصلي في المتحرك ، سواء كانا متماثلين كهل لك أو
متقاربين كقوله تعالى : «مِنْ رَبِّكَ»
والإدغام
الكبير هو إدراج المتحرك بعد الإسكان في المتحرك كقوله تعالى شأنه :
«فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ»
والمدّ المتصل
ما يكون حرف المدّ وموجبه في كلمة واحدة وموجبه هو الهمزة (منه قدسسره).
__________________
أو موالاةً ،
______________________________________________________
[في ترك الموالاة في القراءة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو موالاةً)
الّذي فهمه
المحقّق الثاني والشهيد الثاني في «جامع المقاصد وفوائد القواعد » أنّ المراد بالموالاة الموالاة بين الكلمات. وفي «كشف
اللثام » أنّ المراد الموالاة بين حروف كلمة ، قال : لأنّ تركها
لحن مخلّ بالصورة كترك الإعراب ، انتهى. قلت : وإلى ذلك أشار في «الألفية » حيث قال : فلو وقف في أثناء الكلمة بحيث لا يعدّ
قارئاً بطلت. وفي «المقاصد العلية » أنّ هذا مع الاختيار ، أمّا لو اضطرّ إليه كما لو
انقطع النفس في وسط الكلمة لم يقدح لكن يجب الابتداء من أوّلها.
وفي «جامع
المقاصد » لو وقف في أثناء الكلمة نادراً لم يقدح في صحّة
الموالاة بخلاف ما إذا كثر بحيث يخلّ بالنظم الّذي به الإعجاز كما لو قرأ مقطعاً
حتّى صارت قراءته كأسماء حروف الهجاء ، انتهى. وقد سمعت ما في «كشف اللثام » من أنّ فكّ الإدغام من ترك الموالاة إن تشابه الحرفان.
وأمّا الموالاة
بين الكلمات ففي «نهاية الإحكام والذكرى والبيان
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والألفية وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والجعفرية وشرحيها والميسية والروض وفوائد القواعد والمقاصد العلية » أنّه إذا قرأ خلال قراءة الصلاة شيئاً آخر قرآنا كان
أو ذكراً عامداً بطلت صلاته ، لأنّ هذا الإخلال نقض لجزء الصلاة الواجب ومخالفة
للصلاة البيانية عمداً. وإلى هذا أشار الشهيد في «الذكرى » بقوله : لتحقّق المخالفة المنهيّ عنها ، والشهيد
الثاني في «الروض » بقوله : ومذهب الجماعة واضح.
وردّه في «مجمع
البرهان » بأنه غير واضح. نعم لو ثبت بطلان الصلاة بالتكلّم بمثل
ما قرأ في خلالها بدليل أنه كلام أجنبي ، وإن كان قرآناً أو ذكراً غير مجوّز
لتحريمه ، فيلحق بكلام الآدميين ، فيبطل بتعمّده الصلاة لو صحّ مذهب الجماعة ولكن
فيه تأمّل ، إذ قد يمنع ذلك. وفي «المدارك » بعد نقل كلام الذكرى يتوجّه عليه منع كون ذلك مقتضياً
للبطلان.
وفي «الحدائق » أنّ هذا النهي غير موجود في الأخبار إلّا أن يدّعى أنه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
مأمور بالموالاة والأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضدّه الخاصّ وهو القراءة
خلالها. وفيه أنه لا دليل على وجوب الموالاة إلّا دعوى أنّه المفهوم من القراءة
مضافاً إلى التأسّي ، وتوجّه المنع إلى جملة من هذه المقدّمات واضح ، انتهى.
وردّ الاستاذ
أدام الله تعالى حراسته في «حاشية المدارك » جميع ذلك بأنّ العبادة توقيفية ، وإطلاق القراءة ينصرف
إلى الفرد الشائع ولا عموم فيه ، مع أنّ الشهيد لم يتمسّك بالإطلاق ، بل بالتأسّي
ولا شكّ أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما كان يفعل كذلك ، فالآتي به لم يكن آتياً بالمأمور
به.
وفي «الروض والمقاصد العلية والمدارك » أنّ كلام هؤلاء لا يتمّ على إطلاقه ، إذ القدر اليسير
كالكلمة والكلمتين لا يقدح في ذلك عرفاً ، فالأصحّ الرجوع في ذلك إلى العرف.
وقال الاستاذ
في «حاشية المدارك » لا يخفى أنه لم ينقل عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه كان يقرأ القدر اليسير بينها ، وحاله وحال الكثير
واحد بالنسبة إلى المنقول عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم. نعم إطلاقات الأوامر الواردة بالقراءة تشمل ما ذكروه
والإطلاق حجّة ويكفي لكون المقصود والمعنى معلوماً معروفاً ، انتهى كلامه.
وفي «مجمع
البرهان » بعد نقل ذلك عن الروض في حكم الناسي عدم القدح بذلك
غير ظاهر ، ولو كان ظاهراً فالقيد ظاهر. ويلزمه مثله في العمد ، انتهى.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وصريح «المبسوط
والتذكرة والدروس والموجز الحاوي وكشف الالتباس والمدارك » أنّ الواجب على هذا العامد استئناف القراءة لا الصلاة.
وقد يظهر ذلك من «الشرائع والتحرير والإرشاد » حيث قيل فيها : ولو قرأ خلالها من غيرها استأنف ، من
دون نصّ على العامد والناسي ، ولعلّ مستندهم الأصل.
وفيه : إنّ
تعمّد إبطال الجزء الواجب منها أيّ جزء كان مبطل لها ، على أنّ إطلاق «الشرائع
والتحرير والإرشاد» كصريح «الدروس» قاض بأنّه لا فرق في ذلك بين العامد والناسي ،
ولا نعلم بذلك قائلا كما في «الروض » فهو قول ثالث كما ستعرف.
وأمّا إذا قرأ
خلالها كذلك ناسيا فالمشهور استئناف القراءة ، لبطلانها بفوات الموالاة كما في «المقاصد
العلّية » وفي «الروض » نسبته إلى باقي الأصحاب ما عدا الشيخ. وهو خيرة
المصنّف فيما سيأتي والشهيد في «الذكرى والدروس »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمحقّق الثاني وتلميذيه والشهيد الثاني وسبطه . وقد يظهر ذلك من «الشرائع والتحرير والإرشاد» وقد سمعت
عباراتها. وفي «المبسوط ونهاية الإحكام والتذكرة والموجز الحاوي وكشف الالتباس وكشف اللثام » أنه إذا قرأ بينها من غيرها سهواً نسياناً أعاد من حيث
انتهى إليه للأصل * ولعلّه هو الأصحّ (الوجه خ ل) إن لم يختلّ نظام الكلام. فقد
تحصّل أنّ ما في «الدروس» من إعادة العامد والناسي القراءة من رأس لا موافق له
عليه إلّا الظواهر الّتي سمعتها ، وقد صرّح أكثرهم أنه لا يبطلها سؤال الرحمة والتعوّذ من النقمة والتسبيح
وردّ السلام وتسميت العاطس والحمد عند العطسة. وفي «المقاصد العلية » أنه
__________________
(*) ولأنّ
الموالاة هيئة في الكلمات تابعة لها ، فإذا نسي القراءة ترك المتبوع والتابع ،
فعليه الإتيان بها في محلّها ، وإذا نسي الموالاة فإنّما ترك التابع ولا يلزم من
كون النسيان عذراً في الأضعف كونه عذراً في الأقوى (منه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المشهور. وفي «الخلاف » الإجماع على استحباب الأوّلين.
وفي «التذكرة ونهاية الإحكام » لا تبطل بتكرير آية. قال في «التذكرة» : سواء وصلها
بما انتهى إليه أو ابتدأ من المنتهى خلافاً لبعض الشافعية في الأوّل. وفي «الذكرى » لو كرّر آية من الحمد أو السورة لم يقدح في الموالاة
وإن لم يأت بالآية الّتي قبلها ، ولو كرّرها عمداً فكذلك ، وكذا الآيتان فصاعداً.
ولو شكّ في كلمة أتى بها ، والأجود إعادة ما يسمّى قرآناً ، وأولى منه عدم جواز
الإتيان بمجرّد الحرف الذي شكّ فيه.
وقال في «التذكرة
» : ولو كرّر الحمد عمداً ففي إبطال الصلاة به إشكال ينشأ من مخالفة
المأمور به ومن تسويغ تكرار الآية ، فكذا السورة ، انتهى. وفي «الذكرى » أنّ الأقرب عدم البطلان. وروى الحميري في «قرب الإسناد
» عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر «أنّه سأل أخاه عليهالسلام عن الرجل يصلّي له أن يقرأ في الفريضة فتمرّ الآية فيها
التخويف فيبكي ويردّد الآية؟ قال : يردّد القرآن ما شاء».
وفي «نهاية
الإحكام » لو سبّح أو هلّل في أثنائها أو قرأ آية اخرى بطلت مع
الكثرة ، انتهى. وفي «المعتبر » إذا مرَّ بآية فيها ذكر الجنّة سألها إلى أن قال : ولو
أطال في خلال القراءة كره وربما بطل إن خرج عن نظم القراءة المعتادة ، انتهى.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الشرائع ونهاية الإحكام والتذكرة » وما يأتي من الكتاب أنه إذا قطع القراءة ناوياً لقطعها
وسكت أعاد القراءة ، لوجوب الموالاة للتأسّي وبطلان الفعل بنيّة القطع مع القطع ،
وصحّت صلاته للأصل ، فإنّ القراءة ليست ركناً. وهو ظاهر «الإرشاد » حيث قال : أعاد. وفي «نهاية الإحكام » تقييد ذلك بما إذا سكت قصيراً. وفي «الميسية والمسالك والروض والمدارك » تقييد ذلك بما إذا سكت طويلاً بحيث يخرج عن كونه
قارئاً لا عن كونه مصلّياً وإلّا أعاد الصلاة.
وفي «جامع
المقاصد » هذا مشكل ، لأنّ نيّة قطع القراءة إن أراد بها عدم
العود إليها كان في الحقيقة كنيّة قطع الصلاة وإن لم يرد ذلك بأن قصد القطع في
الجملة لكنّه لم يسكت كان المأتيّ به غير محسوب من قراءَة الصلاة ، فإنّ أفعال
الصلاة وإن لم تحتج إلى نيّة تخصّها لكن يشترط عدم وجود نيّة تنافيها فيكون كما لو
قرأ بينها غيرها. ونحو ما في «الجعفرية وشرحيها » بدون تفاوت أصلاً.
وفي «المدارك » أنّ ظاهر عبارة الشرائع أنه لا فرق بين نيّة العود
وعدمه ولا بين السكوت الطويل والقصير وهو مشكل ، انتهى. وفي «المبسوط »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إذا نوى القطع فسكت أعاد الصلاة. وفي «التلخيص » لو نوى القطع فسكت أعاد على رأي وفي شرحه هذا ذكره في
المبسوط وتوقّف فيه المصنّف ، انتهى. واعتذر في «الذكرى » عمّا في المبسوط بأنّ المبطل هنا نيّة القطع مع القطع
فهو في الحقيقة نيّة المنافي مع فعله.
وفيه أنّ
السكوت بمجرّده غير مبطل للصلاة إذا لم يخرج به عن كونه مصلّياً. فإن قيل : لعلّه
بناه على أنّ نيّته قطعها تتضمّن نيّة الزيادة في الصلاة شيئاً لم يشرع أو نقصها ،
فقد عدل عن نيّة الصلاة إلى صلاة غير مشروعة. قلنا : فيه أوّلاً أنه قد يخلو عن
ذلك ، وثانياً أنّ نيّة المنافي إمّا أن تبطل بدون فعله أو لا ، كما سبق منه النصّ
عليه في بحث النيّة ، فإن كان الأوّل بطلت الصلاة بنيّته القطع وإن لم يسكت ، وإن
كان الثاني لم يبطل ما لم يسكت طويلاً بحيث يخرج عن كونه مصلّياً.
وفي «البيان » إذا قطع القراءة طويلاً يخرج به عن الولاء بطلت الصلاة
، وكذا إذا نوى قطع القراءة وسكت طويلاً. وفي «التذكرة والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد والجعفرية وشرحيها » وغيرها أنه إذا سكت طويلاً حتى خرج عن كونه قارئاً بطلت قراءته
أي وإن لم ينو القطع. وفي
__________________
أو أبدل حرفاً بغيره وإن كان في الضاد والظاء ،
______________________________________________________
«نهاية الإحكام والتذكرة » وما يأتي من «الكتاب والموجز الحاوي وشرحه » وغيرها أنه لو سكت لا بنيّة قطع القراءة أو نوى قطع القراءة
ولم يسكت صحّت قراءته وصلاته. قال المصنّف : بخلاف ما إذا نوى قطع الصلاة فإنّه
يبطلها. واحتجّ على ذلك في «التذكرة ونهاية الإحكام » بأنّ الصلاة تحتاج إلى النيّة واستدامتها حكماً بخلاف
القراءة ، انتهى.
وقال جماعة : لو سكت في أثناء القراءة بما يزيد على العادة لأنّه
ارتجّ عليه وأراد التذكّر لم يضرّ إلّا أن يخرج عن كونه مصلّياً. وتمام الكلام
سيأتي في محلّه إن شاء الله تعالى بلطفه وكرمه ورحمته وبركة محمّد وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
[في إبدال حرف بغيره]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو أبدل حرفا بغيره
وإن كان في الضاد والظاء)
كما نصّ على
ذلك في «نهاية الإحكام والتذكرة والذكرى
__________________
أو أتى بالترجمة مع إمكان التعلّم وسعة الوقت ،
______________________________________________________
والبيان » وغيرها ، لأنّه لا خلاف في وجوب إخراج الحروف من مخارجها كما
في «الحدائق » لأنّ إخراج الحرف من غير مخرجه إخلال بحقيقة ذلك الحرف
الّذي هو إخلال بماهية القراءة. وجوّزه الشافعي في أحد الوجهين بناءً على العسر.
[في عدم إجزاء
الترجمة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو أتى بالترجمة مع
إمكان التعلّم وسعة الوقت)
عدم إجزاء
الترجمة مذهب أهل البيت عليهمالسلام كما في «المنتهى » وعليه الإجماع كما في «الغنية والمعتبر والذكرى والمدارك ».
وفي «الخلاف » من لا يحسن القراءة وجب عليه أن يحمد الله سبحانه لا
يجزيه غيره ، ثم نقل الإجماع على ذلك. وفي «البيان والموجز الحاوي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وكشف الالتباس وجامع المقاصد وفوائد الشرائع وتعليق النافع » أنّ الترجمة لا تجزي مع العجز أيضاً. وهو ظاهر «المبسوط
والخلاف والناصرية والغنية والنافع والمعتبر والتحرير والمنتهى والكافي » على ما نقل عنه ، ولكن بعضها أظهر في الدلالة من بعض.
ومن قال ، يلوح من المبسوط جوازها مع العجز فكأنّه إنّما لحظ
أوّل كلامه.
وفي «نهاية
الإحكام والروض » أنها تجب مع العجز عن القرآن وبدله من الذكر. وهو
الظاهر من عبارة الكتاب. وفي «التذكرة » إجزائها حينئذٍ. وفي «الذكرى » احتمال ذلك. وفيها أيضاً : أنه لو علم الذكر بالعربية
__________________
أو غيّر الترتيب ،
______________________________________________________
وترجمة القرآن يحتمل تقدّم الترجمة على الذكر لقربها إلى القرآن ولجواز
التكبير بالعجمية عند الضرورة. ثمّ إنّه قال : ويمكن الفرق بين التكبير والقراءة
بأنّ المقصود بالتكبير لا يتغيّر بالترجمة ، إذ الغرض الأهمّ معناه والترجمة أقرب
إليه بخلاف القراءة ، فإنّ الإعجاز يفوت ، إذ نظم القرآن معجز وهو الغرض الأقصى ،
وهذا هو الأصح ، انتهى. وفي «الخلاف ونهاية الإحكام وجامع المقاصد » تقديم الذكر على الترجمة. وفي الأخير «والجعفرية وشرحها » أنه لو قدر على ترجمة القرآن وترجمة الذكر تعيّنت
ترجمة الذكر ، لأنّ الذكر لا يخرج عن كونه ذكراً بالترجمة بخلاف القرآن. قلت : وقد
يدلّ على ذلك عموم خبر ابن سنان . وظاهر «الروض » التوقّف.
وفي «نهاية
الإحكام والتذكرة » أنّ الأقرب أنّ الأولى بجاهل القرآن والذكر العربي
ترجمة القرآن. وتمام الكلام يأتي إن شاء الله تعالى بلطفه وعفوه وكرمه ورحمته.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو غيّر الترتيب)
بين الآيات
__________________
أو قرأ في الفريضة عزيمة ،
______________________________________________________
أو الكلمات عمدا كما نصّ عليه الأكثر * وعلى وجوب ترتيب آيها الإجماع كما
في «المعتبر » وأمّا الترتيب بين الحمد والسورة فسيأتي الكلام فيه إن
شاء الله تعالى.
[في عدم جواز قراءة عزيمة في الفريضة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو قرأ في الفريضة
عزيمة) فإنّ قراءتها فيها غير جائزة إجماعاً كما في «الانتصار والخلاف والغنية
__________________
(*) في «نهاية
الإحكام والمنتهى والذكرى والموجز وشرحه وجامع المقاصد والجعفرية وشرحيها والمقاصد» وغيرها (منه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ونهاية الإحكام وكشف الالتباس وإرشاد الجعفرية » وظاهر «التذكرة » حيث نسبه إلى علمائنا. ونقلت حكايته عن «شرح القاضي لجُمل السيّد» وهو من دين
الإمامية كما في «الأمالي » ومذهب الأكثر كما في «المنتهى والمعتبر » والأشهر كما في «الذكرى والروضة والروض » والمشهور كما في «المدارك والمفاتيح والبحار والحدائق ». وقد يلوح دعوى الإجماع من كلّ ما نسب فيه الخلاف للكاتب.
وفي «مجمع
البرهان » لا خلاف في عدم جواز الاكتفاء بقراءتها على تقدير وجوب
سورة كاملة وتحريم إتمامها والبطلان معه. وبالنهي عن قراءتها صرّح الصدوق في «الهداية
» والسيّد في «الجُمل » أيضا والشيخ في
__________________
(١٩) .................................................................................................
______________________________________________________
«النهاية والمبسوط » وجميع من تأخّر إلّا أنّ بعضهم عبّر بعدم الجواز ما
عدا الطوسي في «الوسيلة» والديلمي في «المراسم» فإنّهما لم يتعرّضا له ، بل في «السرائر
» النصّ على البطلان بقراءتها كالمصنّف وأكثر المتأخّرين عنه. وقد سمعت ما في «مجمع البرهان» من نفي الخلاف عن
ذلك ، بل كاد يكون إجماعا «التذكرة ونهاية الإحكام » نصّين في ذلك ، بل الظاهر من المانعين منها ومن
إجماعاتهم أنّ الصلاة تبطل بقراءتها كما في «البحار » وغيره .
وقال الكاتب
على ما نقل : لو قرأ سورة من العزائم في النافلة سجد وإن قرأ في
الفريضة أومأ ، فإذا فرغ قرأها وسجد. وقد فهم منه المصنّف والشهيد وجماعة الجواز ، وليس نصّاً ، بل يمكن حمله على الناسي أو يراد
من الإيماء ترك القراءة مجازاً كما ينبّه عليه قوله : وإن فرغ قرأها وسجد.
وفي «المدارك » أنّ المتّجه القول بالجواز. وقد يفوح من
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الروض والمفاتيح » التأمّل في ذلك ، لضعف خبري زرارة وسماعة ، ولا بتناء ذلك على وجوب إكمال السورة وتحريم القِران
وفورية السجود مطلقاً وأنّ زيادة السجدة مبطلة كذلك. وكلّ هذه المقدّمات لا تخلو
من نظر ، كذا قال في «المدارك ».
قلت : أمّا ضعف
الخبرين فمنجبر بالشهرة ومؤيّد بالإجماعات ، على أنّ في واحد منها بلاغاً ، على
أنّ عبد الله بن بكير ممّن أجمعت له العصابة ، والقاسم بن عروة وصف المصنّف خبراً هو فيه بالصحّة. وفي «مجمع البرهان » قيل : هو ممدوح ، وفي موضع آخر منه : يفهم من ابن داود
مدحه ، انتهى. وللصدوق إليه طريق وقد حسّنه المجلسي ، ويروي عنه في الصحيح ابن عمير وهو كثير الرواية
ومقبولها. ويظهر من الفضل بن شاذان أنه من أصحابنا المعروفين.
وفي «التنقيح » أنّ المشهور أنّ سجودها واجب على الفور وأنه لا بدل له
يعني الإيماء ليس بدلاً عنه. وقال : إنّ زيادة السجود عمداً مبطلة إجماعاً ، وقال
: إنّ الحكم يبتني على هذه المقدّمات. وفي «الإيضاح » في مسألة قراءة الناسي للعزيمة أنّ زيادة السجود
للتلاوة في الفريضة حرام إجماعاً. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«مجمع البرهان » لا خلاف في فورية سجودها وعدم جواز السجدة في الصلاة
بمثلها وأنّ الركوع ونحوه ينافي الفورية ، انتهى. بل هو قد قال في «المدارك » في مسألة سجدة التلاوة ما نصّه : أجمع الأصحاب على أنّ
سجود التلاوة واجب على الفور ، بل قال في هذا البحث المشار إليه في الردّ على ابن الجنيد حيث
نقل عنه أنّه يؤمئ إيماءً فإذا فرغ قرأها وسجد : هذا مشكل لفوريّة السجود ، انتهى.
فلو تمّ ما ذكره في الردّ على الأصحاب هنا لا يتمّ ردّه على ابن الجنيد كما هو
ظاهر ، بل قد نقول : إنّ الأصحاب احتجّوا على ذلك في كتبهم الاستدلالية بأنّ ذلك مستلزم لأحد محذورين إمّا الإخلال
بالواجب إن نهيناه عن السجود وإمّا زيادة سجدة في الصلاة عمداً إن أمرناه به.
وأمّا القول
بأنّ ذلك مبنيّ على وجوب إكمال السورة وتحريم القران فغير وجيه وإن كان قد ذكره
المحقّق وجماعة ، لأنّ غاية ما دلّ عليه النهي في كلامهم وإجماعاتهم
أنه لا يجوز قراءة العزيمة في الفريضة للمحذورين ، سواء أوجبنا السورة أو جعلناها
مستحبّة ، فالمراد أنّ هذه السورة الّتي تقرأ في هذا الموضع وجوبا أو استحباباً لا
يجوز أن تكون عزيمة للمحذورين ولا ترتيب لذلك على جواز القران وعدمه ولا على غير
ذلك ، فالغرض بيان أنّ هذه السورة لا تجوز قراءتها في الصلاة كغيرها بأيّ كيفية
كانت. وهذا معنى صحيح لا يترتب على شيء ممّا ذكروه ، فبقي الكلام في أنه لو قرأ
منها ما عدا موضع السجدة فهل تصحّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
صلاته أم لا؟ وهي مسألة اخرى يترتّب الكلام فيها على وجوب السورة وعدمه.
وكذا لو عدل إلى سورة اخرى بعد أن قرأ منها بعضاً فهل تصحّ صلاته أيضا أم لا وهي
مسألة اخرى مبنيّة على تحريم القران وأنه أعمّ من زيادة سورة كاملة أو بعض منها ،
فتأمّل جيّداً.
وأمّا أخبار المسألة الّتي تشير إلى خلاف المشهور فتحمل على التقية
لإطباق الجمهور على خلافنا أو يحمل بعضها على الناسي أو على القراءة في النافلة
وهل تبطل بمجرّد الشروع في العزيمة أم يتوقّف ذلك على بلوغ موضع السجود؟ ففي «المسالك
والروض والروضة والمقاصد العلية » أنها تبطل بمجرّد الشروع. قال في «الروض» على القول
بالتحريم مطلقاً كما ذكره المصنّف والجماعة : إن قرأ العزيمة عمداً بطلت الصلاة
بمجرّد الشروع في السورة وإن لم يبلغ موضع السجود ، للنهي المقتضي للفساد. وفي «مجمع
البرهان » لا يظهر البطلان بمجرّد الشروع على تقدير التحريم
مطلقاً أو مع القيود ، بل إنّما تبطل بالتمام ، بل بقراءة آية السجدة إلّا أن يفهم
أنّ الغرض هو النهي عن الصلاة في هذه الحالة وليس بظاهر أو يقال إنّه كلام أجنبي.
ومثله ما في «المدارك » حيث قال : لو سلّمنا أنّ النهي عن قراءة هذه السورة
للتحريم لم يلزم منه البطلان ، لأنّ تعلّق النهي بذلك لا يخرجه عن كونه قرآناً
وإنّما يتمّ مع الاعتداد به في الصلاة بناءً على القول بوجوب السورة ، لاستحالة
اجتماع الواجب والحرام في الشيء الواحد. هذا كلّه فيما يتعلّق بالعامد.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا إذا
قرأها ناسياً ففي «السرائر » إن قرأها ناسياً مضى في صلاته ثمّ قضى السجود بعدها
وأطلق. وقال المصنّف فيما سيأتي : لو قرأ عزيمة في الفريضة ناسياً أتمّها وقضى
السجدة. وضمير «أتمّها» يحتمل رجوعه إلى الفريضة وإلى العزيمة. وفي «التذكرة » أنه إذا ذكر قبل تجاوز نصفها رجع وجوباً على إشكال ،
فإن تجاوز ففي الرجوع إشكال ، فإن منعناه قرأها كملاً ثمّ أومأ ويقضيها بعد
الفراغ. ونحوه ما في «نهاية الإحكام» وفي «الذكرى » في الرجوع ما لم يتجاوز النصف وجهان يلتفتان إلى أنّ
الدوام كالابتداء أو لا؟ والأقرب الأوّل ، وإن تجاوزه ففي جواز الرجوع وجهان من
تعارض عمومين ، أحدهما المنع من الرجوع هنا مطلقاً والثاني المنع من زيادة سجدة ،
وهو أقرب ، وإن منعناه أومأ بالسجود ثمّ يقضيها ، ويحتمل وجوب الرجوع ما لم يتجاوز
السجدة ، وهو قريب مع قوّة العدول مطلقاً ما دام قائماً.
وفي «البيان وإرشاد الجعفرية » يعدل ما لم يركع. وقوّاه في «جامع المقاصد وفوائد الشرائع » وفي «جامع المقاصد » ينبغي الجزم بأنه إن لم يبلغ النصف يعدل وجوباً لثبوت
النهي وانتفاء المقتضي للاستمرار. وفي «الروض والمسالك والمقاصد العلية » يعدل ما لم يتجاوز السجدة تجاوز النصف أم لا.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقد قرّبه المصنّف فيما سيأتي. وفي «المسالك » ولو لم يذكر حتى قرأ السجدة أتمّ ثمّ قضاها. وفي «الروض
والمقاصد العلية » إن لم يذكر حتّى تجاوز السجدة فوجهان. وفي «المقاصد
العلية » وكذا بعد الفراغ منها مع زيادة رجحان في احتمال
الاجتزاء بها ، انتهى. وفي «المدارك » بعد أن نقل عن جدّه اختيار العدول قبل بلوغ السجدة وان
تجاوز النصف اعترضه بأنه مشكل ، لإطلاق الاخبار المانعة من جواز العدول من سورة
إلى اخرى مع تجاوز النصف ، انتهى. قلت : قد اعترف في «المدارك » في بحث صلاة الجمعة بأنه لم يقف على مستند في تقييد
جواز العدول بعدم تجاوز النصف. قال : واعترف الشهيد في الذكرى بعدم الوقوف عليه
أيضاً ، انتهى فتأمّل في كلاميه. ومن هنا يظهر لك ما في قوله في «الذكرى » في المقام من تعارض العمومين وتمام الكلام في المسألة
سيأتي إن شاء الله تعالى. هذا في الفريضة.
وأمّا النافلة
ففي «الخلاف » الإجماع على جواز قراءتها فيها. وفي «الحدائق » لا خلاف في ذلك. وفي «البحار » أنه المشهور.
ويسجد لها وهو
في النافلة كما صرّح به الشيخ والكندري على ما نقل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والعجلي وابن سعيد والمحقّق والكركي . وصرّح العجلي والمحقّق والمصنّف فيما سيأتي بالوجوب.
وهو ظاهر «جامع المقاصد » أو صريحه. وفي «الخلاف » إن سجد جاز وإن لم يسجد جاز ، وهو كما ترى ، ولعلّه
ظنّ أنّ صلاة النافلة تمنع من المبادرة. وفي «الخلاف » أيضاً و «جامع الشرائع والمنتهى » يستحبّ إذا رفع رأسه من السجود أن يكبّر. قلت : هذا
رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن الصادق عليهالسلام قال : «إذا قرأت شيئاً من العزائم الّتي تسجد فيها فلا
تكبّر قبل سجودك ولكن تكبّر حين ترفع رأسك» وهذه الرواية ذكرها في «الوافي » في سجدات القرآن لا في جملة أخبار العزائم ، وفي «التهذيب
» في باب نسبة الصلاة وصفتها والمفروض والمسنون من الزيادات.
وفي «التذكرة ونهاية الإحكام والروضة والمقاصد العلية » لو سمع أو استمع اتفاقا أومأ لها وقضاها. وفي «الكتاب»
فيما سيأتي و «جامع المقاصد » أنه إذا قرأ العزيمة في النافلة أو استمع وهو فيها
يسجد وجوباً ثمّ
__________________
أو ما يفوت الوقت به ،
______________________________________________________
ينهض ويتمّ القراءة ويركع ، وإن كان السجود أخيراً استحبّ بعد النهوض قراءة
الحمد ليركع عن قراءة. وفي «المبسوط » أو سورة اخرى أو آية. ولعلّه استفاد العموم من عموم
العلّة وإلّا فخبرا الحلبي وسماعة ، قد تضمّنا قراءة فاتحة الكتاب. ولا يتعيّن عليه ذلك
كلّه لنفلية الصلاة ولقول أمير المؤمنين عليهالسلام في خبر وهب بن وهب «إذا كانت السورة السجدة أجزأك أن
تركع بها » قال في «كشف اللثام » : وهو أولى ممّا فهمه الشيخ منه من الاجتزاء بالركوع
عن السجود لها فإنّ لفظ الخبر «بها» بالباء في النسخ دون اللام. وتمام الكلام
سيأتي إن شاء الله تعالى بلطفه ورحمته وكرمه.
[عدم جواز قراءة ما يفوت الوقت به]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو ما يفوت الوقت به)
أي بطلت صلاته
كما في «البيان وجامع المقاصد والمقاصد العلية والمسالك والروض » وهو معنى ما في «المبسوط والنافع والجعفرية » وغيرها من
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
النهي عن ذلك حيث قيل فيها : لا تقرأ ، وما في «التحرير ونهاية الإحكام والتبصرة والتذكرة والذكرى والدروس » من عدم الجواز.
والتحريم هو
المشهور كما في «المفاتيح » وإلى ما في المبسوط مال في «المعتبر » أو قال به. وفي «المنتهى » هو جيّد. وفي «الحدائق » نسبة التحريم والبطلان إلى الأصحاب وأنه لم يقف له على
مستند. ولم يذكر ذلك في «جُمل الشيخ والوسيلة» في جملة ما يبطل الصلاة.
وفي «المدارك والمفاتيح والحدائق » أنّ الحكم المذكور مبنيّ على القول بوجوب السورة
وتحريم القران أي ما زاد على السورة ، وإلّا فلا يتّجه المنع ، أمّا على القول
بالاستحباب فظاهر ، وأمّا على القول بالوجوب مع تجويز الزيادة فلأنّه يعدل إلى
سورة قصيرة ، وما أتى به من القراءة غير مضرّ. وفي «كشف اللثام » أو تعمّد قراءة ما يفوت الوقت به من السورة للنهي
المبطل إلّا أن لا يجب إتمام السورة فيقطعها متى شاء ، فإن لم يقطعها حتى فات
الوقت وقصد الجزئية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أوضاق الوقت عن أزيد من الحمد فقرأ معها سورة قاصداً بها الجزئية بطلت
الصلاة ، لأنّه زاد فيها ما لم يأذن به الله تعالى. نعم إن أدرك ركعة في الوقت
احتمل الصحّة ، وإن لم يقصد الجزئية احتملت الصحّة ، انتهى.
وفي «المسالك والمقاصد العلية » تبطل بمجرّد الشروع وإن لم يخرج الوقت. وفي «مجمع
البرهان » انّ ظاهر الإرشاد والروض التحريم بمجرّد الشروع فتبطل
للنهي ، قال : وفيه تأمّل لجواز الترك في وقت يسع سورة أقصر ، فلا تبطل الصلاة ما
أمكن ذلك ، بل لا يحرم ذلك ما لم يتحقّق ذلك ، بل يمكن الصحّة بعيداً على تقدير
تحقّق ضيق الوقت بحيث لا يسع لتلك السورة ولا لغيرها فيصير الوقت ضيّقاً ، وضيق
الوقت لا تجب فيه السورة فتصحّ إلّا أنه ارتكب الحرام في إسقاطها وتضييع الوقت
الواجب صرفه في القراءة الواجبة ، ولمّا لم تكن تلك القراءة محسوبة منها فلا تبطل
الصلاة بالنهي عنها ويحتمل الإبطال ، لأنّ النهي أخرجها عن كونها عبادة وانّها
حينئذٍ تصير كالكلام الأجنبي ، فتأمّل فيه لما تقدّم ، وهذا كلّه إذا لم يقصد
الوظيفة ومعه الظاهر التحريم ، انتهى.
وصرّح الشهيدان
والمحقّق الثاني أنه لو قرأها ناسياً أو ظنّ السعة عدل مع الذكر وإن
تجاوز النصف. وفي «الروض » لا فرق في فوات الوقت بين إخراج الفريضة الثانية على
تقدير قراءته في الفريضة الاولى كالظهرين وإخراج بعض الفريضة عن الوقت.
__________________
أو قرن بين سورتين ،
______________________________________________________
[في القران بين السورتين]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو قرن بين سورتين)
أي بعد الحمد
فإنّها تبطل الصلاة حينئذٍ كما في «النهاية والإرشاد وشرح الشيخ نجيب الدين وحاشية المدارك والحدائق » وهو المنقول عن «المهذّب» ونقله في «الذكرى » عن المرتضى. ونقله المصنّف وصاحب التخليص وجماعة عن «الانتصار والمصرية الثالثة والخلاف» ويأتي الموجود
فيها. ومال إليه أو عنه في «الألفية » حيث قال : بطلت على قول. وفي «التلخيص » على رأي.
وفي «فقه الرضا
عليهالسلام والفقيه والهداية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والأمالي والخلاف » لا تقرن في الصلاة ، فاقتصر فيها على النهي عن القران.
وهو المنقول عن «الاقتصاد ورسالة عمل اليوم والليلة». وفي «الأمالي » أنه من دين الإمامية. وفي «الخلاف » أنه الأظهر في مذهب أصحابنا.
وفي «الانتصار والمسائل المصرية الثالثة والكافي » على ما نقل عنهما و «التحرير والمنتهى والمختلف والتبصرة والميسية» لا يجوز القران ، وهو ظاهر «التذكرة ». وفي «الانتصار » الإجماع عليه.
وفي «الموجز
الحاوي » يحرم القران إن جعله جزءً أي إن اعتقد وجوب الثانية
كما في «شرحه ». وفي «التنقيح » عن الشيخ أنّ تحريمه مذهب الأكثر.
وظاهر «كشف
الرموز ونهاية الإحكام وكشف الالتباس » التردّد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في الحرمة والكراهة. ولم يذكر في «جُمل الشيخ والوسيلة» في تروك الصلاة.
وفي «المبسوط » كما عن «الإصباح » لا يجوز القران ولا تبطل به الصلاة. وفي «المنتهى » بعد أن حكم تردّد في البطلان كظاهر «التحرير والتذكرة ».
وفي «الاستبصار
والسرائر وجامع الشرائع والشرائع والمعتبر والذكرى والبيان والنفلية والدروس وجامع المقاصد والجعفرية وشرحيها وفوائد الشرائع وفوائد القواعد والفوائد الملية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والروض والمسالك ومجمع البرهان والمدارك والمفاتيح والبحار وكشف اللثام » وغيرها أنّ ذلك مكروه. ونقل ذلك في «التذكرة » عن المرتضى ، ولعلّه في بعض مسائله. وقد سمعت ما في «الذكرى»
عنه وهو مذهب سائر المتأخّرين كما في «المدارك » وجمهور المتأخّرين ومتأخّريهم كما في «البحار والحدائق ».
وفي «السرائر » أنّ أحداً من أصحابنا لم يعدّه من قواطع الصلاة ،
انتهى. وقد سمعت ما نقلناه عن القدماء.
وفي «جامع
المقاصد » لو قرن على قصد التوظيف شرعاً وجوباً أو استحباباً حرم
وأبطل قطعاً. ومثله بدون تفاوت ما في «المسالك وفوائد القواعد ومجمع البرهان ». وفي «حاشية الإرشاد » لا خلاف في التحريم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بل البطلان مع قصد المشروعية ووظيفة القراءة. وفي «المقاصد العلية » هذا كلّه إذا لم ينو بالزائد الوجوب وإلّا بطلت لزيادة
الواجب في غير محلّه وإن قلنا بالكراهة. وقد سمعت ما في «الموجز الحاوي وكشفه».
وفي «كشف اللثام » إذا قرأهما قاصداً بهما الجزئية بطلت للنهي المفسد.
وفي «المدارك والبحار والحدائق » انّ موضع الخلاف قراءة الزائد على أنه جزء من القراءة
المعتبرة في الصلاة ، إذ الظاهر أنه لا خلاف في جواز القنوت ببعض الآيات. وفي «كشف
اللثام » أن تردّد المصنّف في المنتهى في البطلان من الأصل ومن
كونه فعلاً كثيراً مرشد إلى أنّ عدم الإبطال إذا لم يقصد الجزئية والأمر كذلك ،
انتهى.
وفي «جامع
المقاصد والمقاصد العلية والمسالك وفوائد القواعد » يتحقّق القران بقراءة أزيد من سورة وإن لم يكمل
الثانية بل بتكرار السورة الواحدة أو بعضها. ومثله تكرار الحمد. ونحوه ما في «الروض
» وعبارة «الإرشاد » تعطي تحقّقه بقراءة أزيد من سورة وإن لم يكمل الثانية
حيث قال : ولا مع الزيادة على سورة. ومثلها عبارة «الخلاف ». وفي «فوائد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الشرائع » تكرار الحمد كالسورتين. وفي «نهاية الإحكام » الإشكال في عدّ تكرار السورة الواحدة والحمد من
القران.
وفي «المدارك » انّ ظاهر الشرائع وغيرها أنّ محل النزاع في الجمع بين
السورتين في الركعة الواحدة بعد الحمد ، وهو الّذي تعلّق به النهي في صحيح محمد ،
وقال : إنّ ما ذكره جدّه ربما كان مستنده إطلاق النهي عن قراءة ما زاد في خبر
منصور.
وفي «البحار » أنّ ما ذكره الشهيد الثاني من تحقّقه بأزيد من سورة
فيه نظر ، لأنّه ينافي تجويزهم العدول قبل تجاوز النصف ، انتهى. وفي «كشف اللثام»
أنّ أخبار جواز العدول من سورة إلى اخرى اختياراً تجوز القران بين سورة وبعض سورة
اخرى ، وكذا خبر الحميري حيث قال الكاظم عليهالسلام «يردّد القرآن ما شاء» وخبر منصور يشمل النهي عنه. ونحوه الاقتصاد والخلاف والكافي ورسالة
عمل اليوم والليلة والإرشاد ، بل يمكن تعميم القران بين السورتين الواقع في غيره *.
وفي خبر ابن بكير جواز الدعاء بالسورة في الصلاة فيحتمل انتفاء الحرمة أو
الكراهة اذا دعا بسورة أو بعضها في الفريضة ، انتهى .
وفي «مجمع
البرهان » فيما ذكره المحقق الثاني والشهيد الثاني من تعميم
__________________
(*) أي في غير
خبر منصور.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
القران المبحوث عنه بحيث يشمل زيادة كلمة اخرى على السورة الواحدة ولو كانت
من تلك السورة أو الفاتحة لا لغرض صحيح كالإصلاح تأمّل ، لأنّه إذا كان ذلك ممّا
لا خلاف في التحريم والبطلان مع قصد المشروعية كما ذكره المحقّق الثاني ومن
المعلوم جواز قراءة القرآن عندهم في الصلاة مطلقاً إلّا بين الفاتحة والسورة بحيث
يخلّ بترتيبها لم يبق محلّ للنزاع إلّا أن يستثنى ما بينهما بقصد القران من الجائز
ويخصّ القران به أو يقيّد المتنازع فيه بقصد القران ويستثنى ذلك من الجائز أيضاً
أو بغير ذلك من الاعتبارات ، ولكن ما أجد شيئاً يطمئنّ به القلب وإن أمكن مثل هذه
الاعتبارات ، فإمّا أن نخصّ القران المتنازع فيه بالسورة الكاملة في محلّ القراءة
كما هو ظاهر بعض الأدلّة وكلام الجماعة وبخصّ الجواز بغيرها ، أو يكون النزاع
بينهم في الجواز وعدمه بحيث تكون معدودة من القراءة المعتبرة في الصلاة ، أو مجرّد
الجواز وعدمه في هذه الحالة ويكون الجواز في غيرها من الأحوال مثل الركوع والسجود
وما بينهما والقنوت وسائر الحالات إلى أن قال : واعلم أنّ نقل الإجماع من المحقّق
الثاني مؤيّد لحمل قوله عليهالسلام في خبر منصور «ولا بأكثر» على التحريم بقصد المشروعية
ووظيفة الصلاة ، بل الظاهر المتبادر هنا من النهي ذلك ، لأنّ الغرض بيان أفعال
الصلاة ووظائفها ، ومعلوم أن ليس المراد النهي عن قراءة القرآن فإنّهم يجوّزونها
مطلقاً ولغرض آخر مثل ادخلوها بسلام للإذن بالدخول. ويدلّ عليه الروايات وكلامهم.
قال : فاضمحلّت شبهة الروض الّتي أوردها على خبر منصور الّذي هو دليل وجوب السورة
حيث قال : إذا حمل خبر منصور على كراهية القران لم يبق لوجوب السورة دليل إلّا أن
يقال : إنّ الدليل ليس منحصراً فيه أو يحمل النهي الثاني على الكراهة والأوّل على
التحريم. قال في «مجمع البرهان» : وارتفع استبعاد القول بالتحريم لأنّه فعل كثير
فيكون حراماً. ثم قال : الظاهر من وجه التحريم كونه ملحقاً بكلام الآدميّين
والتردّد في البطلان لأجله ولكونه قرآناً وإن كان حراماً ، ثمّ إنّه بعد أن اختار
الصحّة قال : إنّ في هذه الأخبار الدالّة على كراهة القران مع القول
.................................................................................................
______________________________________________________
بها دلالة على وجود الكراهة في العبادات بمعناها الحقيقي ، إذ لا نزاع لأحد
في أنّ الأولى ترك السورة الثانية بمعنى عدم حصول ثواب أصلاً بفعله ، بل إنّما
النزاع في الإثم وعدمه ، انتهى كلامه أفاض الله تعالى علينا من بعض فضله وبركاته.
هذا ما يتعلّق بنقل أقوال العلماء.
ولمّا كانت هذه
المسألة ممّا خالف المتأخّرون فيها المتقدّمين واستندوا في ذلك إلى ما لا يصلح
للاستناد وجب التعرّض لذلك وبسط الكلام فيه وإن خالف وضع الكتاب.
فنقول : استدلّ
المتأخّرون بالأصل والعمومات وصحيح ابن يقطين وبما رواه في «السرائر » عن زرارة.
وفيه : أنّ
الأصل لا يجري في العبادات ، سلّمنا ولكنّه قطع بالأدلّة الاخر. والمنقول في
العبادات التوقيفية عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة عليهمالسلام الاقتصار على سورة واحدة ، بل الشيعة على ذلك في
الأعصار والأمصار.
والعمومات
الدالّة على الكراهة لم نجدها بل هي تدلّ على الاستحباب ، والقول بالاستحباب خلاف
الإجماع إلّا أن يقال : إنّ الكراهية عندهم بمعنى أقلّية الثواب وإلّا فالقراءة في
نفسها مستحبّة.
وفيه : أنّ
العمومات الدالّة على الكراهة بهذا المعنى أيضاً لم نجدها ، بل الظاهر منها عدم
هذه الكراهة إلّا أن يقال : الكراهة ترجع إلى خصوص كونها في الصلاة ، فالرجحان
يظهر من العمومات والكراهة تظهر من دليل آخر.
وفيه : أنّ
دليل الكراهة إن كان مخصّصاً لدليل الاستحباب ومخرجاً هذه الصورة من العمومات فلا
وجه للتمسّك بالعمومات ، لأنّ العمومات تدلّ على ضدّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المطلوب ، وإن أرادوا عدم التخصيص وقالوا : إنّ العمومات تدلّ على استحباب
القراءة والخصوصيات تدلّ على مرجوحية الخصوصية ، فهذا بعينه رأي الأشاعرة ،
والشيعة تتحاشى عنه ، ولهذا يحملون الكراهة على أقلّية الثواب ، وإن أرادوا أنّ
العمومات تدلّ على الاستحباب والخصوصيّات تدلّ على أقلّية الثواب ففيه أنّهم إن
أرادوا تخصيص العمومات فلا وجه للتمسّك بالعمومات على حسب ما عرفت ، وإن أرادوا
عدم التخصيص ففيه أنّ مقتضى العمومات عدم أقلّية الثواب ومقتضى الخصوصيات أقلّية
الثواب وبينهما تناقض واجتماعهما محال.
وأمّا صحيح ابن
يقطين الذي نفى فيه البأس عن القران بين السورتين في المكتوبة والنافلة ففيه إنّا
قد نقول : إنّ الظاهر منه عدم الكراهة ، لكون البأس نكرة في سياق النفي إلّا أن
يؤوّل بأنّ المراد منه عدم الحرمة والمؤوّل ليس بحجّة ، ثم إنّ ابن يقطين وزير
الخليفة والتقية كانت في زمان الكاظم عليهالسلام في غاية الشدّة فيترجّح من ذلك ورودها على سبيل التقية
، على أنّ الجمع بعد التقاوم والتعادل ، ولا تقاوم بعد ملاحظة ما قال الصدوق والمرتضى من أنّ من دين الإماميّة ومما انفردت به عدم جواز
القران ، إلى غير ذلك ممّا مرَّ ، على أنّه يكفينا الشكّ في الأمر التوقيفي ، لوجوب
الإطاعة العرفية والبراءة اليقينية.
وأمّا ما نطق
به الموثّق من قول الباقر عليهالسلام «إنّما يكره أن تجمع بين سورتين» ، ففيه إنّا نقول : ليس المراد بالكراهة
الكراهة الاصطلاحية عند من لا يقول بالحقيقة الشرعية والقائل بها لا يقول بثبوتها
في مثل الكراهة والسنّة ، مع أنّه قد كثر استعمال الكراهة في الأخبار في المعنى
الأعمّ ، على أنّ زرارة كما رواها روى : «أنّه سأل الصادق عليهالسلام عن القران ، فقال : إنّ لكلّ سورة حقّاً فاعطها حقّها
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
من الركوع والسجود». قلت : وحقّ السورة من الركوع والسجود أن يأتي بهما بعد
السورة. ومثل ذلك روى الصدوق في كتاب «الخصال » ومثله خبر عمر بن يزيد . وروى العيّاشي بإسناده عن المفضّل بن صالح عن الصادق عليهالسلام «قال : لا تجمع سورتين في ركعة إلّا الضحى .. إلى آخره». وهذا رواه في «المعتبر
والمنتهى » عن جامع البزنطي. وفي «قرب الإسناد » عن علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام «قال : سألته عن رجل قرأ سورتين في ركعة ، قال : إن كان في نافلة فلا بأس
وأمّا الفريضة فلا يصلح». وروى ابن إدريس عن كتاب حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام «قال : لا قران بين سورتين في ركعة ولا قران بين صومين». وروى الصدوق في «الهداية
» مرسلاً عن مولانا الصادق عليهالسلام أنّه «قال : لا تقرن بين السورتين في الفريضة وأمّا
النافلة فلا بأس». وقال في كتاب «الفقه الرضوي » : قال العالم عليهالسلام : «لا تجمع بين السورتين في الفريضة» هذا كلّه مضافاً
إلى صحيح محمد وخبر منصور وخبر ابن أبي يعفور ومفهوم موثق عبيد بن زرارة ، فأين يقع خبر «السرائر » الذي يقول فيه الباقر عليهالسلام : «لا تقرننّ بين السورتين
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في الركعة» فإنّه أفضل من هذه الأخبار ، على أنّه ليس نصّاً في مطلوبهم.
وأمّا ما ذكره
في «المدارك » معتضداً به من قول ابن إدريس أنّ الإعادة وبطلان
الصلاة تحتاج إلى دليل وأنّ أصحابنا لم يذكروا ذلك في قواطع الصلاة ، ففيه بعد ما
عرفت من نصّ القدماء أنّه يلزم على هذا أنّ كلّ من فعل فعلاً على أنّه صلاة تكون
صلاته بذلك الفعل صحيحة ، لأنّ من المعلوم أنّ الصحّة تحتاج إلى دليل فيما لم يقطع
بعدم ضرره.
وقول المصنّف
في «المختلف » أنّ القارن بين السورتين غير آتٍ بالمأمور به على وجهه
فيبقى في عهدة التكليف ، قويّ متين ، لأنّ المأمور به هي الصلاة التي جزءها سورة
واحدة فيكون جزؤها جزءً واحداً ، فإذا جعل جزءها متعدّداً لم يكن آتياً بالمأمور
به على النحو الذي طلب منه.
وما ضعّفه به
في «المدارك » من أنّ الامتثال حصل بقراءة السورة الواحدة والنهي عن
الزيادة لو سلّمنا أنّه للتحريم فهو أمرٌ خارج عن العبادة فلا يترتّب عليه الفساد
ضعيف كما قال المحقّق الشيخ محمد ابن الشيخ حسن في حاشية الكتاب المذكور ، قال : لا يخلو كلام شيخنا من نظر ، لأنّ
الظاهر من القران قصد الجمع بين السورتين لا العدول ، ولا ريب في جوازه مع الشرط
المذكور. وحينئذ فكلام العلّامة متوجّه ، لأنّ قصد السورتين يقتضي عدم الإتيان
بالمأمور به ، إذ المأمور به السورة وحدها. وقول شيخنا أنّ النهي عن الزيادة نهي
عن أمر خارج إنّما يتمّ لو تجدّد فعل الزيادة بعد فعل الاولى قاصداً لها منفردة ،
وأين هذا من القران؟ انتهى.
قلت : وإن كان
بنى ذلك على أنّ الصلاة اسم للجامعة للأركان فهو آتٍ
__________________
أو خافت في الصبح أو اوليي المغرب والعشاء عمداً عالماً ، أو جهر في
البواقي كذلك ،
______________________________________________________
بالأركان والشرائط الثابتة ، ففيه أنّ ذلك موقوف على ثبوت الحقيقة الشرعية
أو أنّه من القرينة يعرف أنّ المراد مجرّد الأركان ، لأنّه إذا تعذّرت الحقيقة
اللغوية فالمصير إلى الحقيقة عند المتشرّعة متعيّن ، لأنّه قد كثر استعمال الشارع
هذا اللفظ فيه غاية الكثرة فلا يصار إلى معنى مجازي آخر ، لأنّه ليس بهذه المثابة.
وفيه أنّ المتشرّعة مختلفون فمنهم من يقول : إنّ الصلاة اسم للصحيحة ، ومنهم من
يقول : إنّها اسم للجامعة للأركان ، ولا دليل على تعيين إرادة الأخير حتى يتحقّق
الفراغ اليقيني من الشغل اليقيني إلّا أن يتمسّك بالأصل ، وفيه ما فيه. فقول
المتقدّمين أوفق بالصواب وأبعد عن الشكّ والارتياب.
[لو خافت في موضع الجهر أو بالعكس]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو خافت في فرض الصبح
واوليي المغرب والعشاء عمداً عالماً أو جهر في البواقي كذلك)
أي فإنّها تبطل
صلاته إجماعاً كما في «الخلاف » وهو المشهور كما في «المختلف وتخليص التلخيص والذكرى وجامع المقاصد والغرية والروضة ومجمع البرهان والمدارك والبحار وشرح الشيخ نجيب الدين» ومذهب الأكثر كما
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في «المنتهى والتذكرة » ومذهب أبي الصلاح والشيخين وأتباعهما كما في «المعتبر ». وفي «كشف اللثام » أنّه قول المعظم. وفي «السرائر » لا خلاف بيننا في أنّ الصلاة الإخفاتية لا يجوز فيها
الجهر بالقراءة. وفيها أيضاً : لا خلاف بين أصحابنا في وجوب الإخفات في الركعتين
الأخيرتين. وفي «التبيان » حدّ أصحابنا الجهر فيما يجب الجهر به .. إلى آخره. وفي
«الغنية » الإجماع على وجوب الجهر في فرض الصبح واوليي المغرب
والعشاء والإخفات في البواقي.
وقد فهم
المحقّق والشهيد من الشيخ في التهذيب دعوى الإجماع حيث قال في «التهذيب » خبر علي بن جعفر يوافق العامة ولسنا نعمل به ، فقال
المحقّق : هذا تحكّم من الشيخ ، فإنّ بعض الأصحاب لا يرى وجوب
الجهر بل يستحبّه. وقال الشهيد ردّاً على المحقّق : لم يعتدّ الشيخ بخلاف هذا المخالف
، إذا لا اعتداد بخلاف من يعرف اسمه ونسبه ، انتهى.
وفي «السرائر » في موضع آخر : الصلاة عندهم على ضربين جهرية وإخفاتية.
وفي «التذكرة » غلط السيّد والجمهور ، للإجماع على مداومة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة عليهمالسلام وجميع الصحابة على ذلك ، فلو كان مسنوناً لأخلّوا به في
بعض الأحيان ، انتهى.
قلت : ولم أجد
أحداً من قدماء علمائنا ومتأخّريهم خالف في وجوب الجهر والإخفات فيما ذكر سوى ما
نقل عن الكاتب ، وخلافه لا يعبأ به ، لشذوذه ومعرفة اسمه ونسبه عند من
يشترط ذلك وموافقته للعامّة في كثير من المسائل الّتي خالفوا فيها الأصحاب كنقض
الوضوء بالأشياء التي قال بها العامّة وخالفهم فيها علماؤنا أجمع.
وأمّا السيّد فإنّه وإن نسب إليه الخلاف في «المصباح» جماعة من
الأصحاب لكن المنقول من عبارته قد يقال إنّه ليس نصّاً في ذلك ، قال : إنّه من
وكيد السنن حتى روي : «إنّ من تركه عامداً أعاد » وغير ظاهر أنّ مراده من السنّة هو المعنى المصطلح عليه
، ولا يبعد أن يكون مراده الطريقة الشرعية المقرّرة ، كما لا يخفى على من مارس
عباراته ، ويشير إلى ذلك قوله : حتى روي .. إلى آخره. فإن قلت : هذا يؤيّد
الاستحباب ، قلت : كثيراً ما يقولون بالوجوب أو الحرمة ويحكمون مع ذلك بصحّة
الصلاة كما سمعت في حرمة القران ووجوب السورة.
وفي «مجمع
البرهان » لو لا خوف الإجماع لكان القول بالاستحباب أولى. وفي «المدارك
» لعلّه أولى. وإلى ذلك مال المولى الخراساني . وفي «البحار » لا يخلو عن قوّة. وفي «المنتقى » جعل ذلك احتمالاً.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ومستندهم في
ذلك الأصل وصحيح عليّ بن جعفر «أنّه سأل أخاه عليهالسلام عن الرجل يصلّي من الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل
عليه أن لا يجهر؟ قال : إن شاء أجهر وإن شاء لم يفعل » قالوا إنّه أوضح سنداً وأظهر دلالة من خبر زرارة.
والمقدّمتان
ممنوعتان ، لأنّ خبر زرارة رواه الصدوق بثلاثة طرق صحاح ، ذكرها في «المنتقى » في جملة «صحي» لا «صحر». ورواه في «التهذيب » أيضاً بطريق صحيح. ويعضده مفهوم صحيح زرارة الآخر وقول الرضا عليهالسلام في خبر علل الفضل : «فوجب أن يجهر فيها» وما رواه الصدوق في حكاية صلاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالملائكة إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الّتي أشار إليها الاستاذ أدام الله تعالى حراسته في «حاشية
المدارك » المعتضدة بالشهرة المؤيّدة بالإجماعات.
وظاهر خبر عليّ
بن جعفر عدم رجحان الجهر فيما يجهر فيه ، وهذا لا قائل به أصلاً
، بل ظاهر لفظ السائل بعيد عن الصواب إن أراد الجهر في القراءة ، ولهذا رواه في «المعتبر
» بلفظ «هل له أن لا يجهر؟» وفي «قرب الإسناد » للحميري
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«هل عليه أن يجهر؟» وعلى كلٍّ يحتمل السؤال عن الجهر أو عدمه في غير
القراءة من الأذكار كما أنّ في «قرب الإسناد » أيضاً عن عليّ بن جعفر «أنّه سأل أخاه عليهالسلام عن الرجل هل يصلح له أن يجهر بالتشهّد والقول في الركوع
والسجود والقنوت؟ فقال : إن شاء جهر وإن شاء لم يجهر» على أنّ الشيخ وجماعة حملوا
الخبر المذكور على التقية كما سمعت . وفي «المختلف » حمله على الجهر العالي. وقد أطال الاستاذ وصاحب «الحدائق » في إقامة البراهين على القول المشهور.
وقد يستفاد من
العبارة حيث ترك التقييد بالقراءة أنّه يجب الإخفات في البواقي ولو في التسبيح
الواقع فيها عوضاً عن الحمد. ونحوها عبارة «المعتبر والمنتهى والتبصرة والألفية » وغيرها حيث ترك فيها التقييد بالقراءة ولم يقولوا فيها كما قيل
في «المبسوط وجامع الشرائع والشرائع » وغيرها : يجب الجهر بالقراءة .. إلى آخره.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الغنية » يجب الإخفات فيما عدا ما ذكرنا بدليل الإجماع. ووجوب
الإخفات في التسبيح المذكور هو المشهور كما في «الروض والمقاصد العلية والآيات الأردبيلية والحدائق » بل قال في الأخير : بل ربما ادّعي عليه الإجماع. وهو
خيرة «الذكرى والدروس والبيان والألفية وجامع المقاصد والجعفرية والغرية وإرشاد الجعفرية والروض والمقاصد العلية ورسالة الشيخ حسن صاحب المعالم وشرحها لتلميذه الشيخ نجيب الدين وحاشية
المدارك ». وفي «التنقيح » الإخفات أولى وأشدّ يقيناً للبراءة وهو حسن كما في «الأنوار
القمرية » وأحوط كما في «المدارك والبحار »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهو واجب إن وجب في القراءة كما في «مجمع البرهان ». ونقل الشيخ نجيب الدين حكاية الإجماع على الإخفات
فيما عدا الصبح واوليي العشاءين ، واستدلّ به على وجوب الإخفات في التسبيح
المذكور. وقد يلوح من «حاشية المدارك » دعوى الإجماع.
وفي «الأنوار
القمرية » ما وجدت لوجوب الإخفات في التسبيح دليلاً إلّا ما دلّ
على الإخفات في مواضعه من الإجماع ، انتهى.
وفي «السرائر ونهاية الإحكام والتذكرة والموجز الحاوي والكفاية والحدائق » أنّه لا يجب الإخفات فيه. وفي «البحار » أنّه أقوى ، وتدلّ بعض الأخبار ظاهراً على رجحان الجهر
ولم أر به قائلا ، انتهى. قلت : وجدت في «هامش رسالة تلميذ ابن فهد » أنّ بعض الأصحاب ذهب إلى استحباب الجهر فيه.
وقد يتوهّم بعض
من لا تدرّب له من عبارة الفقيه وجوب الجهر فيه أو الاستحباب حيث قال : إلّا يوم الجمعة
في صلاة الظهر فإنّه يجهر فيها وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الركعتين الاخراوين بالتسبيح ، فيظنّ أنّه معطوف على قوله «فيها» وليس كذلك
وإنّما هو معطوف على قوله في الركعة الاولى الحمد ، حيث قال : وأفضل ما يقرأ في
الصلاة في الركعة الاولى الحمد .. إلى آخره. ويدلّ على ذلك قوله بعد العبارة
الموهمة قال الرضا عليهالسلام : «إنّما جعل القراءة في الركعتين .. الحديث».
وفي «المهذّب وغاية المرام وكشف الالتباس » ذكر القولين من دون ترجيح. وفي «المدارك » أنّ ما ذكره في الذكرى من أنّ عموم الإخفات في الفريضة
كالنصّ غير واضح فلا تسوية. وفي «الحدائق » أنّا إن سلّمنا البدلية فوجوب المساواة في جميع
الأحكام ممنوعة. وفي «حاشية المدارك » أنّ أهل العرف يفهمون التسوية والعوام لا يفهمون إلّا
وجوب الإخفات فيه إذا قيل لهم إنّه بدل عن القراءة التي يجب فيها الإخفات. ثمّ
إنّه في «الحدائق » منع البدلية وقال : بل المستفاد من الأخبار العكس وهو
أصالة التسبيح وفرعية القراءة لا العكس كما ذكره وإن كان ظاهر كلامهم الاتفاق عليه
، انتهى.
قلت : ما ذكره
من أنّ ظاهر الأصحاب الاتفاق على البدلية حقّ كما تدلّ عليه الأخبار الواردة في التسبيح حيث نفي في كثير القراءة أو لا ثم
ذكر فيها التسبيح ، فلو لا أنّها الأصل لما احتيج فيها إلى ذلك ، وقد نطق الكتاب
المجيد بالأمر بالقراءة في الصلاة كقوله جلّ اسمه (فَاقْرَؤُا ما
تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) وقوله
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تعالى شأنه (فَاقْرَؤُا ما
تَيَسَّرَ (مِنَ الْقُرْآنِ) عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) بل الأخبار متواترة بالقراءة فيها ، ثمّ إنّ في الخبر الذي علّل فيه كون التسبيح أفضل من القراءة من أنّ
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دهش لما ذكر ما رأى من عظمة الله تعالى فقال : سبحان
والحمد لله .. إلى آخره دلالة على ما ذكرنا.
وممّا يدلّ على
الإخفات في الأخيرتين مطلقاً صحيح ابن يقطين «قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الركعتين اللتين يصمت فيهما أيقرأ فيهما بالحمد وهو
إمام يقتدى به؟ قال : إن قرأ فلا بأس» وأمّا خبر «العيون » عن الضحّاك أنّه صحب الرضا عليهالسلام من المدينة إلى مرو فكان يسبّح في الاخراوين يقول :
سبحان الله والحمد الله ولا إله إلّا الله والله أكبر ثلاث مرّات فإنّه ربما أشعر
بالجهر بالتسبيح لأن كان الضحّاك يسمع ذلك منه عليهالسلام وأقلّ الجهر إسماع الغير ، لكن الحقّ أنّ إسماع النفس
إسماعاً تامّا بحيث لا يسمع من يليه الذي لا أقرب منه ممّا لا يطاق.
وحيث اقتضى
المقام بيان حال الجهر والإخفات فنقول : أقلّ الجهر إسماع القريب وحدّ الإخفات
إسماع نفسه بإجماع العلماء كما في «المعتبر والتذكرة » وبلا خلاف بين العلماء كما في «المنتهى » وعن «التبيان » نسبته إلى الأصحاب حيث قال : حدّ أصحابنا الجهر فيما
يجب الجهر فيه بأن يسمع غيره والمخافتة بأن يسمع نفسه.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وظاهر هذه
الإجماعات خروج ما أسمع الغير عن الإخفات كما هو ظاهر «الشرائع » وجملة من «كتب المصنّف والذكرى والدروس والبيان » وغيرها بل في «المعتبر » أيضاً لا نعني بالجهر إلّا إسماع الغير ، ذكر ذلك في
الاحتجاج للجهر بالتسمية. ومثل ذلك قال في «المنتهى » في آخر كلامه في المقام. وأوضح من ذلك عبارة «السرائر » ففيها حدّ الإخفات أعلاه أن تسمع اذناك القراءة وليس
له حدّ أدنى ، بل إن لم تسمع اذناه القراءة فلا صلاة له وإن سمع مَن عن يمينه
وشماله صار جهراً ، فإذا فعله عامداً بطلت صلاته.
وعن الراوندي : أنّ أقلّ الجهر أن تسمع من يليك وأكثر المخافتة أن
تسمع نفسك. وعن ابن جمهور : لو سمعها القريب منه لم يكن سارّاً فتبطل صلاته إن
قصد إسماعه لصيرورته جاهراً ، أمّا لو لم يقصد ففي الإبطال إشكال أقربه الإبطال إن
صدّق عليه أقلّ الجهر.
وذهب المحقّق
الثاني وتلميذاه والفاضل الميسي والشهيد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الثاني والمولى الأردبيلي وكافّة من تأخّر على ما أجد إلى أنّه لا بدّ في صدق الجهر وحصوله من
اشتمال الكلام على الصوت أسمع قريباً أو لم يسمع وإن لم يشتمل عليه سمّي إخفاتاً
كذلك. وهو ظاهر «التحرير والتلخيص » حيث قيل فيهما : أقلّ الإخفات أن يسمع نفسه ، وهذا
كالصريح في الإخفات مع إسماع الغير. وفي «الموجز الحاوي » أنّ أعلاه أدنى الجهر وهو ظاهر «كشف الالتباس ». وفي «نهاية الإحكام » أنّهما كيفيّتان متضادّتان. وظاهره كما فهمه المحقق
الثاني والشهيد الثاني أنّ الجهر إنّما يتحقّق بالكيفية المعروفة في الجهر ،
فلا يكفي فيه إسماع الغير وإن بعُد كثيراً.
وكلام هؤلاء
كما ترى ظاهر المخالفة لكلام اولئك ، فإنّهم جعلوا أقلّ مراتب الجهر أن يسمع مَن
قرب منه اشتمل على صوت أو لم يشتمل وأنّ الإخفات عبارة عن إسماع نفسه اشتمل على
صوت أو لم يشتمل. وقد سمعت دعوى الإجماع على ذلك. واللازم أنّ من قرأ في الصلاة
الإخفاتية بحيث يسمعه مَن قرب منه وإن لم يشتمل على صوت فإنّ صلاته تبطل بذلك كما
هو صريح «السرائر » وصريح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المتأخّرين عنهم أنّه متى كان كذلك فإنّ الصلاة صحيحة والعرف يساعد
المتأخّرين ، فإنّ مجرّد إسماع القريب مع عدم الاشتمال على الصوت لا يطلق عليه
الجهر عرفاً. والمتبادر منه في العرف ما اشتمل على هذا الجرس الذي هو الصوت وإن
كان خفيّاً وما لم يشتمل عليه يسمّى إخفاتاً وإن لم يسمعه القريب. بل في «كشف
اللثام » عسى أن لا يكون إسماع النفس بحيث لا يسمع من يليه ممّا
يطاق. ويدلّ على قول المتأخّرين خبر الضحّاك المتقدّم.
وينبغي نقل
جملة من عبارات المتأخّرين ، ففي «جامع المقاصد » الجهر والإخفات حقيقتان متضادّتان كما صرّح به في
نهاية الإحكام عرفيّتان يمتنع تصادقهما في شيء من الأفراد ، ولا يحتاج في كشف
مدلولهما إلى شيء زائد على الحوالة على العرف إلى أن قال بعد تعريف المصنّف للجهر
بأنّ أقلّ الجهر إسماع القريب تحقيقاً أو تقديراً ما نصّه : وينبغي أن يزاد فيه
قيد آخر وهو تسميته جهراً عرفاً وذلك أن يتضمّن إظهار الصوت على الوجه المعهود.
ثمّ قال بعد قوله «وحدّ الإخفات» : لا بدّ من زيادة قيد آخر وهو تسميته مع ذلك
إخفاتاً بأن يتضمّن إخفاء الصوت وهمسه وإلّا لصدق هذا الحدّ على الجهر ، وليس
المراد إسماع نفسه خاصّة ، لأنّ بعض الإخفات قد يسمعه القريب ولا يخرج بذلك عن
كونه إخفاتاً ، انتهى. ومثل ذلك قال تلميذاه في شرحيهما على الجعفرية.
وفي «الروض » الجهر والإخفات كيفيّتان متضادّتان لا يجتمعان في
مادّة كما نبّه عليه في نهاية الإحكام ، فأقلّ السرّ أن يسمع نفسه لا غير تحقيقاً
أو تقديراً ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأكثره أن لا يبلغ أقلّ الجهر ، وأقلّ الجهر أن يسمع مَن قرب منه إذا كان
صحيح السمع مع اشتمال القراءة على الصوت الموجب لتسميته جهراً عرفاً وأكثره أن لا
يبلغ العلوّ المفرط ، وربّما فهم بعض أنّ بين أكثر السرّ وأقلّ الجهر تصادقاً وهو
فاسد ، لأدائه إلى عدم تعيين أحدهما لصلاة لإمكان استعمال الفرد المشترك في جميع
الصلوات وهو خلاف الواقع ، والتفصيل قاطع للشركة ، انتهى. ومثله ما في «فوائد
الشرائع وفوائد القواعد والميسية والروضة والمقاصد العلية والمدارك » بل في «الميسية وفوائد القواعد» التصريح بأنّ الإخفات
قد يسمعه القريب على وجه لا يجتمع مع الجهر. ولعلّ هذا البعض الذي اشير إليه في
فوائد الشرائع والروض والمسالك هو صاحب «الموجز الحاوي» والصيمري كما سمعت.
وفي «المدارك » ربما أوهم هذا الضابط الذي ذكره المحقّق وغيره بظاهره
تصادق الجهر والإخفات في بعض الأفراد وهو معلوم البطلان ، انتهى. قلت : لعلّه عنى
ما ذكره جدّه من الاعتراض على الضابط المذكور حيث فهم من عبارة
الفاضلين والشهيد عطف الإخفات على المضاف إليه في قولهم : أقلّ الجهر أن يسمع
القريب والإخفات ، أي أقلّ الإخفات. واللازم من هذا تصادق الجهر والإخفات في إسماع
القريب بأن يكون ذلك أعلى مراتب الإخفات ، لأنّ أقلّه إسماع نفسه وأكثره حينئذٍ
إسماع القريب وهو أقلّ مراتب الجهر ، فيكون بينهما عموم وخصوص من وجه. وأنت خبير
بأنّ الظاهر منهم أنّ ذلك ليس بياناً للمرتبة الدنيا منه بل إنّما هو بيان لمعنى
حقيقة الإخفات وليس معطوفاً على المضاف إليه بل على المضاف أو الواو للاستئناف.
__________________
أو قال «آمين» آخر الحمد لغير تقيّة بطلت صلاته.
______________________________________________________
وفي «مجمع
البرهان » أحاله على العرف ، قال : وقيل هو جوهر الصوت. وفي «المفاتيح
والكفاية » المرجع إلى العرف. وفي «البحار » يرد على الضابط الذي ذكروه أنّه مع إسماع نفسه يسمع
القريب أيضاً غالباً ، وضبط هذا الحدّ بينهما في غاية الإشكال إن أمكن ذلك ، ولذا
قال بعض الجهر ظهور جوهر الصوت والإخفات همسه ، وبعضٌ أحاله على العرف ، انتهى.
وفي «الذكرى » في بحث الجهر بالبسملة احتمال أنّ الإخفات جزء من
الجهر ، انتهى. وقد قال الله سبحانه وتعالى : (فَانْطَلَقُوا وَهُمْ
يَتَخافَتُونَ) والجمع بين كلام الأصحاب ممكن كما اشير إليه في «جامع
المقاصد » فتدبّر.
[في قول آمين بعد الحمد]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو قال «آمين» آخر
الحمد لغير تقية) فإنّها إذا قالها كذلك تبطل صلاته إجماعاً كما في «الانتصار
والخلاف ونهاية الإحكام والتحرير » بل في الأخير و «الخلاف » قول «آمين» حرام
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تبطل بها الصلاة ، سواء جهر به أو أسرّ في آخر الحمد أو قبلها إماماً كان
أو مأموماً أو على كلّ حال وإجماع الإمامية عليه. وفي «المنتهى وكشف الالتباس » نسبة البطلان بها آخر الحمد إلى علمائنا.
وفي «كشف
الرموز » أنّ التحريم مذهب الثلاثة وأتباعهم لا أعرف فيه
مخالفاً إلّا ما حكى شيخنا دام ظلّه في الدرس عن أبي الصلاح. وفي «المهذّب البارع » هو مذهب الأصحاب ما عدا التقي. ويستفاد من هذين أنّ
المراد من التحريم الإبطال.
وفي «المعتبر والمنتهى وكشف الرموز والمدارك » أنّ المفيد والمرتضى والشيخ يدعون الإجماع على تحريمها
وإبطال الصلاة بها. ولعلّ المفيد ذكر هذا الإجماع في غير «المقنعة».
وفي «الأمالي » من دين الإمامية الإقرار بأنّه لا يجوز قول «آمين» بعد
الفاتحة. وفي «الغنية والتذكرة » الإجماع على تحريم ذلك. ويستفاد من «التذكرة» وكذا «الغنية»
أنّ المراد من التحريم البطلان.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الذكرى والروض ومجمع البرهان وجامع المقاصد » أنّ المشهور الإبطال ، بل في الأخير كاد يكون إجماعاً.
وفي موضع آخر من الأوّل نسبته إلى جمهور الأصحاب. وفي «التنقيح وإرشاد الجعفرية » أنّ الأكثر على التحريم. وفي «الدروس » قول ابن الجنيد شاذّ.
ونحوه ما في «الخلاف
والتحرير» من عدم الفرق بين كونها آخر الحمد أو قبلها للإمام أو المأموم ما في «المبسوط
» وجملة من كتب المتأخّرين «كالبيان وفوائد الشرائع والميسية والروض » وغيرها ، بل هو الظاهر من حجج الأكثر على المسألة.
وعن الكاتب أنّه قال في قنوت الصلاة : يستحبّ أن يجهر به الإمام في
جميع الصلوات ليؤمّن من خلفه على دعائه. وهو رخصة بل ترغيب في التأمين. وقال أيضاً
: لا يصل الإمام ولا غيره قراءته ولا الضالّين بآمين ، لأنّ ذلك يجري
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
مجرى الزيادة في القرآن ممّا ليس منه. ولو قال المأموم في نفسه «اللهمّ
اهدنا إلى صراطك المستقيم» كان أحبّ إليَّ ، لأنّ ذلك ابتداء دعاء منه ، وإذا قال «آمين»
تأميناً على ما تلاه الإمام صرفت القراءة إلى الدعاء الذي يؤمّن عليه سامعه.
وقد سمعت ما
ذكره أبو طالب وأبو العباس عن التقي من كراهة ذلك كما هو خيرة «المفاتيح » وإليه مال مولانا الأردبيلي في «المجمع » واحتمله المحقّق في «المعتبر ». وفي «المدارك » الأجود التحريم دون الإبطال. وفي «الذكرى » أنّ الحسن والنقي والجعفي في «الفاخر» لم يتعرّضوا له
بنفي ولا إثبات.
وعن ابن
شهرآشوب أنّه بناه على أنّه ليس قرآناً ولا دعاءً أو تسبيحاً
مستقلًّا ، قال : ولو ادّعوا أنّه من أسماء الله تعالى لوجدناه في أسمائه ولقلنا
يا آمين. وفي «الخلاف » قول «آمين» من كلام الآدميّين. وفي «نهاية الإحكام والتحرير وجامع المقاصد والروض » أنّه ليس قرآناً ولا دعاءً بل اسم للدعاء والاسم غير
المسمّى. ومثله ما في «كشف الرموز والمهذّب البارع ». بل في «التنقيح »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
اتفق الكلّ على أنّها ليست قرآناً ولا دعاءً وإنّما هي اسم للدعاء والاسم
غير المسمّى. وفي «الانتصار » لا خلاف في أنّها ليست قرآناً ولا دعاءً مستقلًّا.
وظاهر «الغنية » أنّ العامّة متفقون على أنّها ليست قرآناً ولا دعاءً
ولا تسبيحاً. وفي «كشف اللثام » أنّ المشهور أنّها ليست دعاءً لكنّه بعد أن نقل عن
التحرير ما ذكرناه عنه قال : إنّه مبنيّ على أنّ أسماء الأفعال أسماء لألفاظها
والتحقيق خلافه. ونحوه ما في «مجمع البرهان والمدارك » وقد استدلّا بنصّ الشيخ الرضي على ذلك حيث قال : وليس
ما قاله بعضهم من أنّ صه مثلاً اسم للفظ اسكت الذي هو دالّ على معنى الفعل فهو علم
للفظ الفعل لا لمعناه بشيء لأنّ العربي القحّ يقول صه مع أنّه ربما لا يخطر بباله
لفظ اسكت وربما لم يسمعه أصلاً ولو قلت اسم لإصمت أو امتنع أو اكفف عن الكلام أو
غير ذلك ممّا يؤدّي هذا المعنى لصحّ ، فعلمنا أنّ المقصود المعنى لا اللفظ ،
انتهى.
وفيه : أنّ ما
نفاه إجماعيّ عند أهل العربية بل بديهيّ كما قال الاستاذ أدام الله تعالى حراسته
في «حاشية المدارك » وقال أيضاً : إنّ «آمين» عند فقهائنا من كلام
الآدميّين. قلت : وقد سمعت ما في «الانتصار والتنقيح والغنية».
وفي «الحدائق » لا خلاف بين أهل العربية في وجود هذا القسم الذي هو
اسم الفعل في الأقسام المذكورة في كلامهم. وقال : الظاهر أنّ الأخبار التي وردت
بالمنع والنهي عنه لا وجه لتصريحها بذلك إلّا من حيث كونه كلاماً أجنبياً خارجاً
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عن الصلاة مبطلاً لها متى وقع فيها ، وإلّا فالنهي عنه مع كونه دعاءً كما
ادّعي واستفاضة الأخبار بجواز الدعاء في الصلاة ممّا لا يعقل له وجه ، انتهى. قلت
: ويرد عليهم أيضاً أنّه لو صحّ ما ذكره المحقّق الرضي كانت أسماء الأفعال من
الألفاظ المترادفة ويلزم حينئذ من ذلك انعدام قسم اسم الفعل بالكلّية ، فإنّ كلامه
جارٍ في جميع أسماء الأفعال التي وضعت بإزائها ، فتأمّل.
وأمّا كلام أهل
اللغة ففي «القاموس » آمين بالمدّ والقصر وقد يشدّد الممدود ويمال أيضاً عن
الواحدي في البسيط اسم من أسماء الله عزوجل ومعناه اللهمّ استجب أو كذلك مثله فليكن أو كذلك فافعل.
وقال ابن الأثير : هو اسم مبنيّ على الفتح ومعناه اللهمّ استجب. وقيل
معناه كذلك فليكن. وعن «المغرب» معناه استجب. وفي «الكشّاف » أنّه صوت سمّي به الفعل الذي هو استجب ، كما أنّ دع
وحيهل وهلمّ أصوات سمّيت بها الأفعال الّتي هي أمهل وأسرع وأقبل. وعن «المصباح
المنير » أمين بالقصر في الحجاز والمدّ إشباع بدليل أنّه لا
يوجد في العربية كلمة على فاعيل ، ومعناه اللهمّ استجب. وقال أبو حاتم : معناه كذلك ، وعن الحسن البصري أنّه اسم من أسماء
الله تعالى ، انتهى. فليس معنى «آمين» منحصراً في اللهمّ استجب لفظاً أو معنىً بل
لها معانٍ اخر ليست بدعاٍ قطعاً.
ومن الأخبار
الدالّة على النهي عنها خبر محمد الحلبي المروي بطريقين
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أحدهما فيه محمد بن سنان والآخر عبد الكريم ، ويظهر من «المعتبر » أنّه ثقة ، وحسن جميل بإبراهيم ، وخبر العلل ، بل قد يظهر المنع من صحيح بن وهب وقول الصادق عليهالسلام في صحيح جميل «ما أحسنها واخفض الصوت بها» إن كان بصيغة التعجّب أفاد الاستحباب ، ولذا
قطع الأصحاب بحمله على التقية وإن كان المحقّق يرويه بصيغة نفي التحسين ويقول : إنّ الجواز مستفاد من
قوله عليهالسلام «واخفض الصوت بها» ففيه : أنّ المتبادر من الاقتصار على نفي الحسن نفي
القبح أيضا ، فتأمّل. وإن روينا «اخفض» بصيغة الماضي على أن يكون المراد أنّه عليهالسلام أخفض صوته بكلمة «ما أحسنها» كان ظاهراً في التقية لكن
يردّه أنّه لم يرد ماضيه على وزن أفعل ، ثمّ إنّ جميلاً روى النهي عنها ، وأظهر
منه ما إذا روي «ما أحسنها» من الإحسان بمعنى العلم على صيغة التكلّم و «ما» نافية
كقوله عليهالسلام في التثويب «ما نعرفه » وعلى هذا فلا تنافي بين خبري جميل.
وأمّا قول
المولى الأردبيلي وتلميذه السيّد المقدّس : انّ النهي لا يوجب الفساد لتوجّهه إلى أمر خارج عن
العبادة ففيه : أنّ هذا حقّ في غير المقارن ، أمّا الخارج المقارن فالحقّ فيه
الفساد ، لأنّ العبادة توقيفية فإذا منع فيها من فعل شيء
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في أثنائها ففعل فيها لم تكن هي الّتي أمر بها ، كما هو الشأن فيما إذا قال
في التحريمة «الله أكبر» بضمّ الراء أو «أكبر من كلّ شيء».
وأمّا ما وقع
للمحقّق والمصنّف وأبي العباس حيث استدلّوا بأنّه لو قال «اللهمّ استجب» لم يجز فكذا
ما هو بمعناه وهو آمين ، فمرادهم أنّه لو قال «اللهمّ استجب» أو «آمين» مع عدم قصد
الدعاء المتعارف كان لغواً وعبثاً وهو منهيّ عنه خصوصاً في العبادة. وهذا إنّما
يجوز بتقدير سبق الدعاء والتقدير عدمه ، فإن قلتم نقصد بالفاتحة الدعاء قلنا لكم
نفرض ذلك فيمن لم يقصد ، فلا مناص لكم إلّا أن تقولوا بوجوب القصد متى أراد
التلفّظ بذلك لكن ذلك ما ذهب إليه ذاهب ، فاندفع ما أورده الشهيدان وغيرهما من أنّه لا وجه للبطلان بقوله : اللهمّ استجب. نعم
للعامّة أن يقولوا : يجوز ذلك مع عدم قصد الدعاء للنصوص الواردة عندهم بخصوص ذلك ، لكنّ المحقّق والمصنّف ردّوا نصوصهم بأنّها غير صحيحة عندهم ، لعدم الوثوق
براويها ، لأنّ أبا هريرة قد شهد عليه عمر بأنّه عدوّ الله وعدوّ رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخذ منه ما أخذه خيانة من مال البحرين.
وأمّا قول
المصنّف لغير تقية فعلى تقدير الإلجاء إليها لا نزاع في جوازه بل في وجوبه ، لكنّ
الإلجاء بعيد ، لجواز الإخفاء عندهم ، بل هو عندهم أولى.
ولم يتعرّض
المصنّف لما إذا زاد واجباً غير ركن عمداً وقد عدّ في «الذكرى
__________________
ولو خالف ترتيب
الآيات ناسياً استأنف القراءة إن لم يركع ، فإن ذكر بعده لم يلتفت.
______________________________________________________
والبيان والألفية وشروحها الأربعة والجعفرية وشرحيها » من مبطلات الصلاة زيادة الواجب عمداً ، فعلاً كان أم
غيره لكن قيّده المحقّق الثاني في «شرح الألفية» والشهيد الثاني بغير الكيفية ،
لأنّ زيادة الطمأنينة غير مبطلة ما لم يخرج به عن كونه مصلّياً. وفي «نهاية الإحكام
والتذكرة » أنّ زيادة الواجب مبطلة ، ولم يستثن من هذه الكلّية
إلّا كراهية القران بين السورتين عند من كرهه وقد تقدّم آنفاً. وفي «التذكرة ونهاية الإحكام والذكرى » أنّ تكرير الآية من الحمد أو السورة لا يبطل.
[لو خالف ترتيب الآيات ناسياً]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو خالف ترتيب
الآيات ناسياً استأنف القراءة إن لم يركع ، فإن ذكر بعده لم يلتفت)
كما صرّح بذلك
__________________
وجاهل الحمد مع
ضيق الوقت يقرأ منها ما تيسّر ، فإن جهل الجميع قرأ من غيرها بقدرها ،
______________________________________________________
كلّ من تعرّض له. وفي «كشف اللثام » على الحكمين النصوص والفتوى من غير خلاف إلّا في
الاستئناف من الأوّل إن فاتت الموالاة فسيأتي الخلاف فيه إن شاء الله تعالى ،
انتهى. وفي «المسالك والمدارك » انّما يستأنف القراءة إن لم يكن البناء على السابق ولو
بفوات الموالاة وإلّا بنى عليه.
[حكم جاهل الحمد]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وجاهل الحمد يقرأ
منها ما تيسّر) يريد أنّ جاهل بعض الحمد يجب عليه أن يقرأ منها ما علمه
إذا ضاق الوقت ، وقد نقل الإجماع على ذلك في «الذكرى وإرشاد الجعفرية والمدارك والمفاتيح ». وفي «المعتبر والروض » انّ من لم يحسن القراءة وضاق قرأ ما يحسن إجماعاً. وفي
«المنتهى » نفى الخلاف عنه.
وتنقيح أطراف
المسألة يتمّ برسم مسائل :
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الاولى : هل
يقتصر على ما عرفه من الحمد من دون تكرار ولا إبدال؟ أقوال : ففي «المعتبر والمنتهى والتحرير ومجمع البرهان والمدارك » الاكتفاء بما علمه. وهو ظاهر «الشرائع والإرشاد » وغيرهما . وفي «جامع المقاصد » الاكتفاء ضعيف. وفي «التذكرة والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والمقاصد العلية » يكرّره إن لم يعلم من القرآن غيره. وقضيّة ذلك كما هو
صريح «التذكرة » وغيرها أنّه إن علم عوّض عمّا يجهله ممّا يعلمه من غيرها. ومال
إلى التكرير في «إرشاد الجعفرية » ونفاه في «المعتبر » وتبعه في «البيان » ونقله عنه في «الذكرى » ساكتاً عليه.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الروض » انّ التعويض عنه من غيرها هو المشهور. وفي «الروضة » هو الأشهر. وهو خيرة «نهاية الإحكام والدروس والبيان والجعفرية وشرحيها والميسية وحاشية المدارك » وقوّاه في «جامع المقاصد » وقد سمعت ما في «التذكرة» وغيرها.
وكلام «الذكرى » يعطي أنّه إن كان يحسن النصف الأوّل منها قرأه وأضاف
إليه غيره بقدر النصف الآخر. وفي «البيان وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والميسية» وغيرها وجوب مساواة البدل في الحروف. وفي «الروض » انّه المشهور و «الروضة » انّه الأشهر. قال في «البيان » :
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ولو أحسن غيرها قرأ منه بقدر حروفها فزائداً وقرأ سورة كاملة معه إن أحسنها
وإلّا فبعض سورة.
وفي «حاشية
المدارك » إن كان الزائد الذي يعلمه من غير الحمد لا يوازيها
كرّره حتى يوازيها ، انتهى.
ولا فرق فيما
يعلمه من الحمد بين الآية أو بعضها إن كان يسمّى قرآناً كما في «المنتهى والتحرير والتذكرة والذكرى والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد والروض والروضة والمسالك » وقال هؤلاء : وإن لم يسمّ قرآناً فلا تجب قراءته.
واستحسن ذلك في «المعتبر ». وقال في «البيان » : لا يجب تكرار هذا البعض ولا الآية التامّة.
الثانية : إذا
لم يعلم من الحمد شيئاً ففي «الشرائع » وموضع من «المبسوط »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أنّه يقرأ ما تيسّر أو يهلّل ويسبّح ويكبّر ، وظاهرهما أنّه مخيّر بين
الذكر والقراءة. وفيه : أنّه ربما كان في صحيح عبد الله بن سنان دلالة على أنّ الذكر إنّما يجزي مع الجهل بقراءة
الفاتحة وغيرها مطلقاً. وفي «النهاية والخلاف والنافع والتبصرة » وموضع من «المبسوط » إن لم يعلم منها شيئاً قرأ ما يحسن ، بل في الأخير :
سواء كان بعدد آياتها أو دونها أو أكثر. وظاهره أن يقرأ ما شاء إلّا أن يحمل قوله «أو
ما دون» على من لم يحسن سواه. وفي «المعتبر والمنتهى والتحرير » لا يجب الإتيان بسبع آيات. وفي «التذكرة ونهاية الإحكام والموجز الحاوي وكشف الالتباس » إيجاب سبع آيات. وفي «الذكرى » انّه أولى.
وفي «نهاية
الإحكام » أيضاً الأقرب وجوب مساواة الحروف لحروف الفاتحة أو
الزيادة عليها ، لأنّها معتبرة في الفاتحة فتعتبر في البدل مع إمكانه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
كالآيات. ونحوه ما في «جامع المقاصد والجعفرية وشرحيها » من إيجاب مراعاة الحروف والآيات إن أمكن بغير عسر ،
فإن عسر اكتفى بالمساواة في الحروف أو زيادة البدل. وفي «نهاية الإحكام وجامع المقاصد » لا يجب أن يعدل حروف كلّ آية بآية من الفاتحة ، بل
يجوز أن يجعل آيتين مكان آية.
ويجب مراعاة
التتالي إجماعاً كما في «إرشاد الجعفرية » وبه صرّح جماعة . فإن تعذّر أجزأ التفريق كما في «التذكرة والذكرى والدروس والروض » وغيرها . وفي «الموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد والجعفرية والغرية وإرشاد الجعفرية » انّه لو كان التفريق مخلّا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بتسمية المأتيّ به قرآناً فكما لو لم يعلم شيئاً. وفي «التذكرة » الأقرب أنّه يؤمر بقراءة ما تفرّق وإن كانت الآيات لا
تفيد معنى منظوماً إذا قرأت لأنّه يحسن الآيات. قال : ولو كان يحسن ما دون السبع
احتمل أن يكرّرها حتى يبلغ قدر الفاتحة. والأقوى أنّه يقرأ ما يحسنه ويأتي بالذكر
للباقي. قلت : لعلّه لأنّ الفاتحة سبع مختلفة فالتكرير لا يفيد المماثلة.
هذا وفي «المنتهى
» انّه إذا جهل جميع الحمد وعلم سورة كاملة قرأها عندنا. وفي «التحرير » انّه الأقرب ، انتهى. وهل عليه سورة اخرى أو بعضها عوض
الحمد؟ ففي «الذكرى والروضة » أنّ عليه ذلك. وهو ظاهر «حاشية المدارك » وإليه مال في «الروض » واحتمله في «جامع المقاصد ». وفي «المنتهى » ليس عليه ذلك. وفي «التحرير » فيه إشكال.
الثالثة : من
لم يحسن شيئاً من السورة لم يعوّض بالذكر كما في «التذكرة والذكرى والبيان وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والروض والكتاب» كما يأتي. وفي «المنتهى والبحار » لا خلاف في جواز الاقتصار على الحمد في هذه المواضع
والنافلة. وفي موضع آخر منه : لا خلاف من أهل العلم في جواز الاقتصار على الحمد في
النافلة وكذا في جوازه مع ضيق الوقت في الفريضة. قلت : وما نحن فيه أولى ، لأنّهم
قالوا : إنّ في ذلك اقتصاراً على موضع الوفاق ولأنّها تسقط مع الضرورة فمع الجهل
أولى.
وفي «حاشية
المدارك » انّه يعوّض عنها بالذكر. وكأنّه أدام الله تعالى
حراسته لم يظفر بما في «المنتهى» وقد يلوح أو يظهر وجوب التعويض عنها من كلّ من
قال فيمن لم يعلم شيئاً من القرآن أنّه يسبّح ويهلّل ويكبّر بقدر القراءة لأنّ
ظاهر ذلك وجوب تكراره بقدر الحمد والسورة ، فينطبق على ذلك إجماع «الخلاف» كما
يأتي في المسألة الرابعة ، فيعارض إجماع المنتهى فليلحظ ذلك. ويظهر من «تعليق
النافع » للمحقّق الثاني إيجاب التعويض مطلقاً ، قال فيما علّق
على النافع عند قوله : وفي وجوب السورة مع الحمد في الفرائض للمختار مع السعة
وإمكان التعلّم قولان أظهرهما الوجوب ما نصّه : يفهم من التقييد بسعة الوقت أنّه
مع الضيق لا يجب وليس كذلك ، إذ لا دليل على السقوط هنا ، إذ لا يسقط شيء من
الامور المعتبرة في الصلاة لضيق الوقت ، ولا أعلم لأحد التصريح بسقوط السورة للضيق
، بل التصريح بخلافه موجود في «التذكرة» انتهى. ويحتمل أن يكون مراده السقوط مع
العلم بها لضيق الوقت ، إلّا أنّه غير الظاهر من كلامه.
الرابعة : أن
لا يعلم شيئاً من القرآن ، ففي «المبسوط وجامع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الشرائع والشرائع والنافع والتحرير والتذكرة والتبصرة والإرشاد والكتاب» فيما يأتي أنّه يكبّر الله ويسبّحه ويهلّله.
وفي «الحدائق » انّه المشهور. وفي «نهاية الإحكام » زيادة التحميد. وفي «الخلاف» فإن لم يحسن شيئاً أصلاً
يعني من القرآن ذكر الله تعالى وكبّره ، وفي موضع آخر : وجب أن يحمد الله مكان القراءة إجماعاً. وفي «اللمعة » ذكر الله تعالى بقدرها. وفي «مجمع البرهان » لو لم يكن في «الإرشاد» ذكر التهليل لكان أولى نظراً
إلى صحيح عبد الله ابن سنان . وفي «الذكرى » لو قيل يتعيّن ما يجزي في الأخيرتين من التسبيح على ما
يأتي إن شاء الله تعالى كان وجهاً. ونقله فيها عن الكاتب والجعفي. وهو خيرة «الدروس
والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفوائد الشرائع والجعفرية والغرية وإرشاد الجعفرية والميسية والمسالك » وقوّاه في «جامع المقاصد ». وفي «الروض » هو متجه. وفي «الروضة » هو أولى. وفي «المدارك » أحوط. وفي «مجمع البرهان » يجزي التكبير والتسبيح ، بل يحتمل أن يكون المراد
بالتكبير في صحيح ابن سنان تكبيرة الإحرام ، فيكون التسبيح وحده كافياً.
ويجب أن يكون
ذلك بقدر القراءة كما في «الشرائع والنافع والمعتبر ونهاية الإحكام والإرشاد والموجز الحاوي » وغيرها . ولعلّ المراد بقدر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الفاتحة كما في «التذكرة والبيان وكشف الالتباس والميسية والروض والروضة ومجمع البرهان » وغيرها .
ومعنى قولنا
بقدرها أن يكون بقدر زمانها كما في «نهاية الإحكام » وفي «جامع المقاصد والروض » انّ المساواة أحوط. وفي «الحدائق » انّ المشهور بين المتأخّرين وجوب المساواة. وفي «التذكرة
» انّ الأولى عدم وجوب المساواة ، لأنّ الذكر بدل من غير الجنس فيجوز أن
يكون دون أصله كالتيمّم. وفي «مجمع البرهان » لا دليل على وجوب المساواة. وفي «المعتبر » تستحبّ المساواة. وعلى ذلك نزّل عبارة «النافع » وهو خيرة «المدارك ».
الخامسة : أن
لا يعلم قرآناً ولا ذكراً ، ففي «التذكرة ونهاية الإحكام
__________________
ثمّ يجب عليه التعلّم ، ويجوز أن يقرأ من المصحف ،
______________________________________________________
والدروس والموجز الحاوي وشرحه والمسالك » انّه يجب عليه الوقوف بقدرها. واستحسنه في «الروضة » وقال في «الجعفرية » إنّ في بعض الأخبار إيماء إليه. واحتمل وجوب تحريك
لسانه كالأخرس. وقد تقدّم الكلام في الترجمة.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ثمّ يجب عليه التعلّم)
الظاهر أنّه لا
كلام في أنّه يأتي بالبدل إذا فرّط حتى ضاق الوقت وأنّه يأثم. وإنّما الكلام في
الإجزاء حينئذٍ وعدمه. ففي «الموجز الحاوي وكشف الالتباس » انّه يقضي. وفي «كشف اللثام » انّها تجزيه صلاته وإن أثم ، انتهى. وقد تقدّم في
التكبيرة ما له نفع في المقام.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجوز أن يقرأ من
المصحف) قال في «الخلاف والمبسوط والنهاية ». من لا يحسن القرآن ظاهراً جاز له أن يقرأ من المصحف.
وفي «الخلاف» الإجماع عليه. وفي «المنتهى» يجوز
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
القراءة من المصحف لمن لم يحفظ ، وهو قول أكثر أهل العلم ، وخالف أبو حنيفة
. وفي «البيان والمسالك » المصحف مقدّم على الائتمام ، والائتمام مقدّم على
البدل. ونحوه ما في «الروض » حيث قال : لو قدر على الائتمام وجب. وقريب منه متابعة
الغير وأولى منه القراءة من المصحف.
وفي «كشف اللثام
» لم أعرف وجه تقديم القراءة من المصحف على الائتمام. وفي «الذكرى » ولو تتبع قارئاً أجزأ عند الضرورة ، وفي ترجيحه على
المصحف احتمال لاستظهاره * في الحال ولو كان يستظهر في المصحف استويا. وفي وجوبه
عند امكانه احتمال ، لأنّه أقرب إلى الاستظهار الدائم ، انتهى. وضمير وجوبه في
كلامه يرجع إلى المتابعة ، ولعلّه يريد أنّها تتعيّن ولا يجوز مع إمكانها القراءة
من المصحف.
وفي «جامع
المقاصد » إذا لم يقدر على القراءة إلّا بالمصحف تعيّن ،
والائتمام والمتابعة كالقراءة من المصحف. وفي «كشف اللثام » إذا جهل عن ظهر القلب وجب أن يأتمّ أو يتبع قارئاً أو
يقرأ من المصحف. ونحوه ما في «المفاتيح ».
__________________
* الاستظهار
القرأة عن ظهر القلب (بخطه قدسسره).
__________________
وهل يكفي مع إمكان التعلّم؟ فيه نظر.
______________________________________________________
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وهل يكفي مع إمكان
التعلّم؟ فيه نظر) ظاهر «النهاية والخلاف والمبسوط » وصريح «التحرير والايضاح والذكرى وجامع المقاصد والروض والمسالك » أنّه لا يكفي القراءة من المصحف مع إمكان التعلّم ،
لأنّه صلىاللهعليهوآله لم يأمر الأعرابي بالقراءة من المصحف ولوجوب تعلّم جميع
أجزاء الصلاة والقراءة منها ، ولأنّ القراءة من المصحف في الصلاة مكروهة إجماعاً
ولا شيء من المكروه بواجب. وهذا ذكره في «الإيضاح » وفي الكلّ تأمّل. نعم الاستدلال بأنّ المتبادر من
القراءة المأمور بها ما عن ظهر القلب وبأنّها المعهودة المستمرّة وجيه. وفي «التذكرة
ونهاية الإحكام » انّه يكفي ذلك. وفي «المفاتيح » الخبر مؤيّد لعدم الوجوب ، يريد خبر الصيقل . وفي «البحار » انّ الجواز غير بعيد.
__________________
فإن لم يعلم شيئاً كبّر الله تعالى وسبّحه وهلّله بقدرها ثمّ يتعلّم. ولو
جهل بعض السورة قرأ ما يحسنه منها ، فإن جهل لم يعوّض بالتسبيح. والأخرس يحرّك
لسانه بها ويعقد قلبه.
______________________________________________________
وقوله
قدّس الله تعالى روحه : (فإن
لم يعلم شيئاً إلى قوله : لم يعوّض بالتسبيح) قد تقدّم الكلام فيه مستوفى.
[حكم الأخرس]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والأخرس يحرّك لسانه
بها ويعقد قلبه) كما في «الشرائع والنافع والمعتبر والمنتهى والتحرير والإرشاد والتذكرة والتبصرة وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والميسية والروض والمسالك ومجمع البرهان » وغيرها . ويشير مع ذلك بإصبعه كما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الجعفرية والميسية والروض » وكذا «مجمع البرهان ». وفي «جامع المقاصد وفوائد الشرائع » ورد في ذلك رواية لا بأس بها وأنّ الحكم ينسحب إلى
باقي الأذكار. وفي «الذكرى» خبر السكوني يدلّ على اعتبار الإشارة بالإصبع في
القراءة كما مرَّ في التكبير .
وفي «كشف
اللثام » عسى أن يراد تحريك اللسان إن أمكن والإشارة إن لم يمكن
ويعضده الأصل ، ثمّ الإشارة بالإصبع لعلّها إنّما تفهم التوحيد فإنّما تفعل لإفهام
ما أفاده من القرآن كما في (هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في سورة الإخلاص وكذا (إِيّاكَ نَعْبُدُ
وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ) في سورة الحمد ، انتهى.
وفي «المبسوط » الاقتصار على ذكر تحريك اللسان من دون ذكر عقد القلب.
وفي «المنتهى » فيه نظر. ونحوه ما في «المعتبر ». قلت : لعلّ الشيخ لحظ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أنّ التحريك بالقراءة يلزمه عقد القلب كما يأتي بيانه.
وفي «النهاية » قراءة الأخرس وشهادته الشهادتين إيماء بيده مع
الاعتقاد بالقلب. ولعلّه أراد بالاعتقاد تحريك اللسان معه تنزيلاً له لمكان عدم
الصوت منزلة الاعتقاد.
وفي «الدروس والبيان والذكرى » يعقد قلبه بمعناها. ثمّ قال في الأخير : ولو تعذّر
إفهامه جميع معانيها أفهم البعض وحرّك لسانه به. وأمر بتحريك اللسان بقدر الباقي
وإن لم يفهم معناه مفصّلاً ، وهذه لم أر فيها نصّاً ، انتهى. وهذا صريح في أنّ
المراد بعقد القلب بمعناها تصوّرها بقلبه. وردّوه بأنّه لا دليل على وجوب ذلك على
الأخرس وغيره ، ولو وجب لعمّت البلوى أكثر الخلق.
وفي «جامع
المقاصد وفوائد الشرائع والميسية والروض والمسالك والمدارك » أنّ معنى عقد القلب بمعناها أن يقصد بحركة اللسان إلى
كونها حركة للقراءة ، إذ الحركة صالحة للقراءة وغيرها ، فلا تتخصّص إلّا بالنيّة ،
وإلى ذلك اشيرفي «المعتبر والمنتهى ». وفي «المسالك » وغيرها على ذلك تنزّل عبارة الشهيد. وفي «الروض » يحتمل أن يريد الشهيد ما يحصل به التمييز بين ألفاظ
الفاتحة ليتحقّق القصد إلى أجزائها جزءً جزءً ولا يكفي قصد مطلق القراءة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
للقادر على فهم ما به يتحقّق القصد إلى الأجزاء.
وفي «كشف
اللثام » ما في كتب الشهيد من عقد القلب بالمعنى مسامحة يراد به
العقد بالألفاظ ، على أنّه إنّما ذكر معنى القراءة وقد يقال معناها الألفاظ ، وإن
أراد معانيها فقد يكون اعتبارها لأنّها لا تنفكّ عن ذهن من يعقد قلبه بالألفاظ إذا
عرف معانيها ، أو لأنّ الأصل هو المعنى وإنّما سقط اعتباره عن الناطق بلفظه رخصة ،
فإذا سقط اللفظ وجب العقد بالمعنى ، انتهى.
وليعلم أنّ
المراد بالأخرس الذي يعقد القلب على الألفاظ هو الذي يعرف القرآن أو الذكر أو يسمع
إذا أسمع أو يعرف معاني أشكال الحروف إذا نظر إليها. وأمّا الأخرس الذي لا يعرف
ولا يسمع فلا يمكنه عقد القلب على الألفاظ. نعم إن كان يعرف أنّ في الوجود ألفاظاً
وأنّ المصلّي يأتي بألفاظ أو قرآن أمكنه العقد بما يلفظه أو يقرأه المصلّي جملةً ،
كما أشار إلى ذلك كلّه في «كشف اللثام » قال : وهل يجب على هذا تحريك اللسان؟ الوجه العدم
للأصل وما أسنده الحميري عن عليّ ابن جعفر «أنّه سأل أخاه عليهالسلام عن الرجل يقرأ في صلاته هل يجزيه أن لا يحرّك لسانه وأن
يتوهّم توهّماً؟ قال : لا بأس» ولهذا اكتفى في التذكرة ونهاية الإحكام لجاهل
القرآن إذا ضاق الوقت أو فقد المرشد ، بالقيام قدر الفاتحة. وظاهر «الذكرى» وجوب
تحريك اللسان ووجوب التحريك بالحروف إذا أمكن ، فإذا لم يمكن الحروف لم يسقط
التحريك. والجواب أنّ الواجب إنّما هو التلفّظ بالحروف والتحريك تابع له في الوجوب
لمّا لم يمكن التلفّظ بها بدونه ، لا يقال فلا يجب على الّذي يعرف أو يسمع أيضاً
إذ لا حرف إذ لا صوت ، لأنّ القراءة كحديث النفس بتحريك اللسان في اللهوات من غير
صوت ممّا اعتبرها الشارع وفيمن يصلّي خلف إمام يتّقيه ولا يأتمّ به ، ويدفع عموم
الخبر أنّه لا قراءة لهذا الأخرس. نعم إن كان أبكم أصمّ خلقة لا يعرف أنّ في
الوجود لفظاً أو صوتاً اتجه
__________________
ولو قدّم
السورة على الحمد عمداً أعاد ،
______________________________________________________
أن يكون عليه ما يراه من المصلّين من تحريك الشفة واللسان ، انتهى كلامه
برمّته.
[لو قدّم السورة على الحمد]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو قدّم السورة على
الحمد عمداً أعاد) أي أعاد الصلاة كما في «المنتهى ونهاية الإحكام والتحرير والإرشاد والتذكرة والذكرى والدروس والألفيّة والبيان وكشف الالتباس وجامع المقاصد والجعفرية وشرحيها والميسية والمسالك والروض والمقاصد العلية وحاشية المدارك ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «المبسوط » كان عليه إذا قرأ الحمد أن يقرأ سورة بعدها. ونحوه ما
في «الشرائع » حيث قال : لو قدّم السورة على الحمد عمداً أعاد السورة
أو غيرها بعد الحمد. وفي «المدارك » أنّ ظاهر عبارة الشرائع عدم الفرق بين العامد والناسي
، قال : وهو كذلك وأنّ البطلان غير واضح. وظاهره أنّ القول بالبطلان إنّما هو
لجدّه. وإلى القول بعدم البطلان جنح في «مجمع البرهان » وقال به أو مال إليه صاحب «الحدائق ».
قلت : قد يحمل
كلام «المبسوط والشرائع» على ما إذا لم يرد تقديم السورة بنيّة الجزئيّة كما أشار
إلى ذلك في «جامع المقاصد وكشف اللثام » حيث قال في «كشف اللثام» : ولو قدّم السورة على الحمد
عمداً ناوياً بها جزء الصلاة أعاد الصلاة ، لأنّ ما فعله خارج عن الصلاة المأمور
بها وكذا إذا لم ينو الجزئية وأبطلناها بالقران إلّا أن يعيدها بعد الحمد ولم يكن
تكرير سورة واحدة قراناً ، انتهى. وقال في «جامع المقاصد» : إنّ إعادة الصلاة
لثبوت النهي في المأتيّ به جزءً من الصلاة المقتضي للفساد ، انتهى. ولعلّه أشار
بذلك إلى أنّ الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضدّه الخاصّ.
وفي «المنتهى وحاشية المدارك » الاستناد إلى أنّ العبادة توقيفية. وفي
__________________
ونسياناً يستأنف القراءة.
______________________________________________________
«مجمع البرهان » ما حاصله : أنّ هذا لا يستلزم البطلان ، لإمكان تداركه
ما لم يركع فيقرأ تلك السورة أو سورة اخرى بعد الحمد فلا يكون خالف التوقيف. نعم
مع اعتقاده الترتيب على الوجه الذي أتى به يكون مشرّعاً فتبطل صلاته مع تعمّده
للنهي ، لكنّه متى تدارك ذلك قبل الركوع كما ذكرنا فقد حصل الامتثال بالترتيب ،
والنهي إنّما توجّه إلى أمر خارج عن الصلاة وهو القصد المذكور ، انتهى حاصل كلامه
فليتأمّل فيه.
وعن بعض
الأصحاب التفصيل بين ما إذا كان عازماً على إعادتها فتصحّ
الصلاة أو لا فتبطل ، فقد تكثّرت الأقوال في المسألة. وفي «الذكرى » لو لم توجب السورة لم يضرّ التقديم على الأقرب لأنّه
أتى بالواجب وما سبق قرآن لا يبطل الصلاة. نعم لا يحصل له ثواب قراءة السورة بعد
الحمد ولا يكون مؤدّياً للمستحبّ. وردّه في «كشف اللثام » بأنه إن نوى بها الجزء المستحبّ بطلت الصلاة.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ونسياناً يستأنف
القراءة) كما في «المنتهى والتذكرة والتحرير ونهاية الإحكام والألفية » وظاهرها أنّه يستأنف القراءة من أوّلها ، كما نسب ذلك
في «المسالك » إلى جماعة. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المدارك » إلى القيل. وفي «جامع المقاصد والجعفرية وشرحها والمقاصد العلية والمسالك وفوائد القواعد » انّ الحمد إذا وقعت بعد السورة كانت قراءتها صحيحة فيستأنف
تلك السورة أو سورة اخرى. وقال في «الوسيلة » : من قرأ السورة قبل الحمد ناسياً وذكر قبل الركوع قرأ
الحمد وأعاد السورة. وظاهر «المدارك » أنّ هذا الخلاف في صورة تقديم السورة عمداً ، والظاهر
أنّه غفلة منه. وفي «الذكرى » أعاد السورة بعد الحمد. وفي «الدروس والروض » تقييد الاستئناف بما إذا لم يركع. واستدلّ على هذا
الحكم في «مجمع البرهان وكشف اللثام » بعدّة أخبار.
__________________
ولا تجوز
الزيادة على الحمد في الثالثة والرابعة ،
______________________________________________________
[عدم جواز الزيادة على الحمد في الثالثة والرابعة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولا تجوز الزيادة على
الحمد في الثالثة والرابعة)
إجماعا كما في «المنتهى
وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية وكشف اللثام » وظاهر «الخلاف » بل في «المنتهى » أنّه قول أهل العلم إلّا الشافعي في أحد قوليه. ونحوه
ما في «جامع المقاصد ». وفي «التذكرة » نسبته إلى علمائنا. وفي «الذكرى » الإجماع على الاجتزاء بالحمد في الأخيرتين.
ولعلّ المراد
من قوله في «التحرير » : لا تجب الزيادة على الحمد .. إلى آخره عدم الجواز.
ولعلّ معقد الإجماعات ما إذا فعل ذلك بقصد الجزئية.
__________________
ويتخيّر فيهما بينها وبين «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله
أكبر» مرّة ، ويستحبّ ثلاثاً ،
______________________________________________________
[التخيير في الثالثة والرابعة بين الحمد والتسبيح]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويتخيّر فيهما بينها
وبين «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر» مرّة ويستحبّ ثلاثاً)
أمّا التخيير
فيهما بين القراءة والتسبيح فعليه الاتفاق كما في «الخلاف والمختلف والذكرى والمهذّب وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية والروض والمدارك والمفاتيح » وظاهر «المنتهى ونهاية الإحكام والتذكرة » حيث نسبه فيها إلى علمائنا. ولا خلاف فيه كما في «السرائر
والبحار وتخليص التلخيص» وفي الأخير : إلّا ما يظهر من كلام
الحسن حيث قال : من نسي القراءة في الاوليين وذكر في الأخيرتين سبّح فيهما ولم
يقرأ فيهما شيئاً ، لأنّ القراءة في الاوليين
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتسبيح في الأخيرتين ، انتهى.
والظاهر أنّ
معقد هذه الإجماعات على ما عدا أخيرتي المأموم فإنّهم اختلفوا فيه على ستة أقوال
كما سيأتي في الفرع الخامس. ولا بدّ من حمل خبر الاحتجاج على نسخ الفضل أي إزالته وبيان أنّ القراءة أفضل.
وأمّا جواز
الاكتفاء بالمرّة الواحدة في الجملة فهو خيرة «المقنعة والتهذيب والاستبصار وجامع الشرائع والنافع والمعتبر وكشف الرموز والمختلف والمنتهى ونهاية الإحكام والإرشاد والتحرير والتبصرة والتذكرة والذكرى والدروس
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والألفية واللمعة والموجز الحاوي والمقتصر والتنقيح وكشف الالتباس وجامع المقاصد والجعفرية وفوائد الشرائع والغرية وإرشاد الجعفرية والميسية والروض والروضة والمسالك والمقاصد العلية ومجمع البرهان والمنتقى والمدارك
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والذخيرة والمفاتيح والبحار وشرح الشيخ نجيب الدين» وإليه مال أو قال به في «النفلية
» وهو المحكي عن «البشرى ». وهو أشهر الأقوال كما في «المقاصد العلية » ومذهب الأكثر كما في «مجمع البرهان ».
وقد ذهب جماعة من هؤلاء إلى التخيير بينها وبين الثلاث. وقال في «الجامع
» : يجزي عنها يعني القراءة تسع كلمات : سبحان الله والحمد لله ولا إله
إلّا الله ثلاثاً ، وأربع تجزي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله
أكبر ، وثلاث تجزي الحمد لله وسبحان الله والله أكبر ، وأدناه سبحان الله ثلاثاً.
وهو عمل بجميع الأخبار. وفي «المعتبر » أنّ الوجه القول بالجواز في الكلّ والأربع أولى وقول
النهاية أحوط لكن ليس بلازم ، انتهى. وقريب منه ما في «النافع والروض » وكذا «المدارك والمنتقى ».
وفي «الذكرى » أنّ القول بالجواز في الكلّ قويّ لكنّ العمل بالأكثر
أولى
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
مع اعتقاد الوجوب. وقال : إنّ صاحب البشرى مال إلى إجزاء الجميع لعدم
الترجيح ، وأنه أورد على نفسه التخيير بين الوجود والعدم وهو غير معهود ، وأنه
أجاب بالتزامه كالمسافر في مواضع التخيير. وفي «الميسية والبحار » الاكتفاء بمطلق الذكر. وإليه مال صاحب «الذخيرة » قال في «البحار » : الذي يظهر لي من مجموع الأخبار الاكتفاء بمطلق
الذكر. قلت : في «المهذّب البارع » لم يقل أحد بذلك.
ويدلّ على
الاكتفاء بالمرّة بعد صحيح زرارة على الصحيح ما رواه الصدوق في «الفقيه » بسند صحيح إلى محمد بن عمران المتضمّن حديث المعراج.
ومثله خبر «العلل » عن محمد بن أبي حمزة إلّا أن يقال : إنّ خبر زرارة
الذي هو أوضحها دلالة يمكن أن يكون بياناً لإجزاء ما يقال لا لعدد الأجزاء.
هذا وفي «السرائر
» أنّ الأربع للمستعجل خاصّة.
وأمّا وجوب تكرير
الأربع ثلاثاً فهو المنقول عن «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام» وعن الحسن وظاهر «الاقتصاد والمهذّب » وهو خيرة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«التلخيص والبيان وحاشية المدارك » وظاهر «النهاية ومختصر المصباح ». وفي «الشرائع والروض » انّه أحوط. وفي «المقاصد العلية » انّه أولى.
وفي «حاشية
المدارك » الاستدلال عليه بما في «الفقه الرضوي » وبخبر ابن أبي الضحّاك أحمد بن علي الأنصاري الّذي صحب الرضا عليهالسلام من المدينة إلى مرو ، قال : فكان يسبّح في الاخراوين
يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر. ثم قال أيّده الله
تعالى : رواية الاثنتي عشرة منجبرة بالشهرة بين الأصحاب ، لأنّهم بين قائل
بمضمونها بعنوان الوجوب ، وقائل به بالوجوب التخييري ، وقائل به بالاستحباب ،
وقائل بأنّه أحوط ، وقائل بأنه أحد أفراد الواجب المطلق فلم يوجد لها رادّ ،
انتهى.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قلت : خبر ابن
أبي الضحّاك رواه في «البحار » بدون تكبير ، ثم قال : بيان : في بعض النسخ زيد في
آخرها «والله أكبر» والموجود في النسخ القديمة الصحيحة كما نقلنا بدون التكبير
والظاهر أنّ الزيادة من النسّاخ تبعاً للمشهور ، انتهى. وقال فيه أيضاً : إنّ خبر
السرائر الذي استدلّ به أيضاً على هذا القول رواه ابن إدريس في موضعين أحدهما في
باب كيفية الصلاة وزاد فيه «والله أكبر» وثانيهما في آخر الكتاب فيما استطرفه من
كتاب حريز ولم يذكر فيه التكبير. قال : والنسخ المتعدّدة التي رأيناها متفقة على
إسقاط التكبير. ويحتمل أن يكون زرارة رواه على الوجهين ورواهما حريز في كتابه وهو
بعيد ، والظاهر زيادة التكبير من قلمه أو من النسّاخ ، لأنّ سائر المحدّثين رووا
هذه الرواية بدون تكبير. وزاد في «الفقيه» بعد التسبيح : تكملة تسع تسبيحات.
ويؤيّده أنه نسب في «المعتبر والتذكرة» القول بتسع تسبيحات إلى حريز وذكرا هذه
الرواية ، انتهى.
قلت : نظرت ذلك
في نسختين من «السرائر» إحداهما صحيحة عتيقة من خطّ علي بن محمد بن الفضل الآبي في
سنة سبع وستين وستمائة ترك التكبير في الموضعين ، وفي نسخة اخرى كثيرة الغلط ذكره
في الموضعين. وفي «الذكرى » قال ابن أبي عقيل : تقول سبحان الله والحمد لله ولا
إله إلّا الله والله أكبر سبعاً أو خمساً وأدناه ثلاث قال : ولا بأس باتباع هذا الشيخ
العظيم الشأن في استحباب ذكر الله تعالى. وفي «الفقيه » اختيار التسع كما نقل ذلك عن رسالة أبيه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتقي ونقله في «المعتبر والتذكرة والذكرى والمهذّب البارع » عن حريز. وفي «كشف الرموز » عن الحسن. وفي «البحار » عن قدماء المحدّثين الآنسين بالأخبار المطّلعين على
الأسرار كحريز والصدوق ، انتهى. وردّه بعض المتأخّرين كالشهيد الثاني وغيره لكن قال في «المنتهى » : قال أبو الصلاح : مخيّر بين الحمد وثلاث تسبيحات
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله ، وهذا يخالف ما نقلوه عن أبي الصلاح.
وفي «الهداية وجُمل السيّد ومصباحه» على ما نُقل عنه و «المبسوط والجُمل والعقود والمصباح وعمل يوم وليلة» على ما نُقل عنه و «المراسم والغنية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والسرائر » اختيار العشر بإسقاط التكبير مرّتين وحكي عن الحسن والقاضي . وقد اعترف الأصحاب في كتبهم الاستدلالية بعدم الوقوف في ذلك على نصّ
بالخصوص. وعن علي بن مسعود الكيدري التخيير بين العشر والاثنتي عشرة. وعن الكاتب كما في «المختلف
» انّه قال : والذي يقال في مكان القراءة تحميد وتسبيح وتكبير يقدّم ما
يشاء.
وبقي هنا امور
يجب التنبيه عليها :
الأوّل
: المشهور بين
الأصحاب كما في «الذكرى وكشف الالتباس والفوائد الملية والمدارك والحدائق » أنّ التخيير بين القراءة والتسبيح ثابت سواء نسي
القراءة في الاوليين أم لا. وفي «البيان » انّه الأشهر. وهو خيرة «المبسوط وجامع الشرائع والتحرير والذكرى والبيان
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والنفلية والموجز الحاوي وكشفه وجامع المقاصد والفوائد الملية » وقرّبه في «المختلف » وقوّاه في «التذكرة والمنتهى ».
وفي «التنقيح » نقل عن الشيخين تعيين الفاتحة حينئذٍ. وفي «المنتهى والمدارك والمفاتيح » عن الخلاف تعيينها أيضاً وليس في «الخلاف » إلّا أنّ القراءة إذا نسيها أحوط وكأنّهم لم يلحظوا
آخر كلامه أو أنّهم فهموا أنّ الاحتياط على سبيل الوجوب. وكذا اختار في «التنقيح » أنّ الأحوط القراءة. وقد سمعت ما نقلناه عن الحسن وأنّ
ظاهره تعيين التسبيح أو فضله. وقد ينطبق على ذلك إجماع صاحب «التخليص» فليلحظ
كلامه فيما سبق.
وفي «نهاية
الإحكام » ذكر ذلك من دون ترجيح ، فلعلّه متردّد في المسألة.
وكذا صاحب «المهذّب » جعل في المسألة ثلاثة مذاهب : التخيير مع أفضلية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
القراءة كما في المبسوط والجامع ، والعكس ونسبه إلى الحسن ، وبقاء القراءة.
ولم يرجّح شيئاً لكن عادته عدم الترجيح. وقد يظهر من «المختلف » فضل التسبيح. ولم نجد أحداً نقل ما نقل في «التنقيح»
عن المفيد.
وفي «الذكرى » وقد روي : أنّه إذا نسي في الاوليين القراءة تعيّن في
الأخيرتين ولم نظفر بحديث صريح في ذلك ، انتهى. قلت : هنا خبر صحيح صريح في ذلك
وهو ما رواه في «الفقيه » عن حريز عن زرارة «عن أبي جعفر عليهماالسلام قال : قلت له : رجل نسي القراءة في الاوليين فذكرها في
الأخيرتين؟ فقال : يقضي القراءة والتكبير والتسبيح الذي فاته في الاوليين في
الأخيرتين ولا شيء عليه» مضافاً إلى قول الصادق عليهالسلام في خبر الحسين «اقرأ في الثالثة» وما في «المختلف والذكرى » وغيرهما من أنّ الأمر فيه بالقراءة لا ينافي التخيير ، ففيه إنّ
ظاهر الأمر الإيجاب عيناً والتخيير يحتاج إلى دليل. وما استدلّوا به على التخيير
من قول الصادق عليهالسلام في صحيح عمّار «إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أوّلها» ففيه انّه يجوز أن يراد كراهية الحمد والسورة معاً كما تشير إليه
الأخبار الواردة في مسألة المسبوق من باب صلاة الجماعة كمرسل أحمد بن النضر وغيره .
الثاني
: المشهور بين الأصحاب
وجوب الترتيب في هذا التسبيح كما في «جامع المقاصد » وهو خيرة «المنتهى ونهاية الإحكام والتذكرة والذكرى والبيان والدروس والألفية والموجز الحاوي وكشف الالتباس والجعفرية وشرحيها وجامع المقاصد والمقاصد العلية والروض » وهو ظاهر جماعة . وفي «التنقيح » الأولى كونه مرتّباً واستشكل فيه في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«التحرير ». وفي «المعتبر » كما عن الكاتب أنّه غير واجب وفي «المدارك والذخيرة » أنّه قريب.
قلت : قد يقال
إنّ ظاهر كلّ من قال بالتخيير بين الصور الواردة في الأخبار عدم وجوبه ، لأنّه
أراد الجمع بين الأخبار المختلفة في الكيفية بالتقديم والتأخير والزيادة والنقصان
، وأيّده بإطلاق الأخبار الاخر فكان عدم الترتيب عنده متّجهاً. ويرشد إلى ذلك أنّ
المحقّق في «المعتبر» لمّا كان قائلاً بالتخيير ذهب إلى عدم وجوب الترتيب. ويجيء
على هذا أنّ كلّ من استند من القائلين بصورة معيّنة إلى خبر مخصوص قد ورد بها
يلزمه القول بذلك على الكيفية الواردة المنقولة وأنّها تختلّ باختلالها ولا معنى
لالتزامه بجواز تقديم المعطوفات على بعض المستلزم لعدم الترتيب ، فلا يتجّه لهم
الاختلاف في ذلك إلّا أن يقال إنّ القائلين بالمرّة مثلاً لهم أن يقولوا إنّ صحيح
زرارة إنّما ورد لبيان أجزاء ما يقال لا لبيان الترتيب ، وحينئذٍ فيرد عليهم أنّه
يمكن أن يكون الخبر لبيان إجزاء ما يقال لا لعدد الأجزاء فيسقط الاستدلال بالخبر.
والحاصل : أنّ
الذي يظهر أنّ محلّ النزاع في كلامهم غير محرّر وإن ظهر من الذكرى وغيرها أنّ
النزاع جارٍ في جميع الأقوال ، قال في «الذكرى » بعد أن نقل الأقوال في كيفيته ما نصّه : تنبيهات أحدها
هل يجب الترتيب فيه كما صوّره في رواية زرارة؟ الظاهر نعم أخذاً بالمتيقّن ونفاه
في المعتبر للأصل مع اختلاف الرواية ، انتهى. ومثله صنع جماعة ممّن تأخّر عنه. والذي يسهل الخطب في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المسألة أنّ القائل بعدم الترتيب ما عدا الكاتب هو الذاهب إلى التخيير.
الثالث
: قال في «المنتهى
» : الأقرب عدم وجوب الاستغفار. وفي «المدارك » الاولى زيادة الاستغفار ، ونحوه قال صاحب المعالم في «رسالته
». وفي «الحبل المتين » لا يحضرني أنّ أحدا قال بوجوبه إلّا ما يظهر من
المنتهى ، انتهى.
الرابع
: المشهور أنّه
يجب الإخفات فيه ، وقد تقدّم الكلام في ذلك مستوفى .
الخامس
: المفهوم من
كلام جماعة من علمائنا أنّ التخيير المجمع عليه في الأخيرتين بين الحمد والتسبيح
إنّما هو فيما عدا أخيرتي المأموم في الرباعية وأخيرته في الثلاثية ، وذلك أنّهم
اختلفوا هنا فيما يجب على المأموم وجعلوا هذا الخلاف شعبة من الخلاف في اوليي
المأموم بالنسبة إلى جواز القراءة وعدمه ، فاختلفوا في الأخيرتين هنا على أقوال ،
ولنُشر إليها على سبيل الإجمال ، والتفصيل سيأتي في محلّه بعون الله تعالى وفضله
وبركة محمّد وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ففي «المقنع » على المأمومين أن يسبّحوا في الاخراوين. وفي «الفقيه » روى زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال «لا تقرأ شيئاً في الأخيرتين» واستظهر في «السرائر
» سقوط القراءة والتسبيح فيهما. وعن «الواسطة » للطوسي التخيير بين
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
القراءة والتسبيح والسكوت وأنّها مترتّبة في الفضل. وفي «الذخيرة » تحريم القراءة في الإخفاتية في الاوليين والأخيرتين.
وإليه مال المولى الأردبيلي .
ونقل في «الروض
» عن ابن سعيد استحباب التسبيح في نفسه ويحمد الله أو قراءة الحمد مطلقاً ،
وليست عبارته صريحة في ذلك ، قال ما نصّه : وإن كان في صلاة إخفات سبّح مع نفسه
وحمد الله وندب إلى قراءة الحمد فيما لا يجهر فيه ، انتهى. وهذه كما ترى لا تعرّض فيها للأخيرتين ونقل في
«الروض » أيضاً عن المختلف وجماعة التخيير في الجهرية بين قراءة
الحمد والتسبيح استحباباً. والموجود في «المختلف » أنّ الأقرب في الجمع بين الأخبار استحباب القراءة في
الجهرية إذا لم يسمع قراءة ولا همهمة وتحريم القراءة فيها مع السماع والتخيير في
القراءة والتسبيح في الأخيرتين من الإخفاتية ، وظاهر كلامه التخيير لا الاستحباب
وذلك في الإخفاتية لا الجهرية ، فالظاهر أنّ النقل غير خالٍ من الخلل في الموضعين.
ونقل عن الشيخ
في «الروض » أيضاً استحباب قراءة الحمد وحدها في الجهرية
والإخفاتية ولم يسنده إلى كتاب ، وليس في «النهاية والمبسوط والجُمل» إشارة إلى
الأخيرتين بوجه ، بل جميع ما ذكره في الأوّلين من الأحكام يرجع إلى الاوليين. وفي «المعتبر
» أطلق الشيخ استحباب قراءة الحمد للمأموم في الإخفاتية. وفي «التنقيح » ظاهر الشيخين استحباب قراءة الحمد في أخيرتي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الإخفاتية ، وهو أحوط ، انتهى.
والمشهور بين
علمائنا أنّ المأموم كالمنفرد يتخيّر فيهما بين القراءة والتسبيح ، وهو المنقول عن
المرتضى والتقي . وبه صرّح في «الغنية » وقد يظهر من «المراسم » استحباب ترك القراءة مطلقاً. وفي «المعتبر » في الأخيرتين روايتان.
السادس
: لو قلنا
بالتخيير بين الصوَر المتقدّمة كما هو أحد الأقوال في المسألة واختار المكلّف
الإتيان بما زاد على الأربع كما هو القول الأوّل فهل يوصف الزائد هنا بالوجوب أو
الاستحباب؟ قولان ، الشهيدان والفاضل المقداد والمحقّق الثاني وغيرهم على الوجوب ، بل نسبه في «الروضة » إلى ظاهر النصّ والفتوى. والمصنّف في كتبه الاصولية والفقهية اختار الثاني ، لكن بعضها
صريح في ذلك وبعضها ظاهر فيه. ووافقه على ذلك صاحب «كشف
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الرموز » واحتجّ عليه بجواز تركه ولا شيء من الواجب يجوز تركه.
واعترض بأنّه إن أراد تركه مطلقاً فمنعه واضح لانتقاضه
بالواجبات الكلّية كالتخييرية وأخواتها ، وإن اريد به لا إلى بدل فمسلّم لكنّ
المتروك له بدل وهو الفرد الأنقص ، بمعنى أنّ مقولية الواجب على الفرد الزائد
كمقولية الكلّي على أفراده المختلفة قوّةً وضعفاً وحصول البراءة بالفرد الناقص لا
من حيث هو جزء الزائد بل من حيث إنّه الفرد الناقص. وقد وقع مثله في تخيير المسافر
بين القصر والإتمام.
وأورد على القول الأوّل أوّلاً أنّ اللازم من ذلك إمكان كون
الزائد واجباً لكن إذا تحقّقت البراءة في ضمن الفرد الناقص لم يبق دليل على وجوب
الزائد ، فنحن لا نستبعده بل ننفيه حتى يقوم عليه الدليل.
ويجاب بأنّا نمنع تحقّق البراءة في ضمن الفرد الناقص بقول
مطلق بل إنّما يتمّ ذلك فيما لو قصد الإتيان بالناقص ليكون فرداً ناقصاً من أفراد
الواجب الكلّي بأن قصده أوّلاً أو عدل إليه عند تمامه ، أمّا إذا قصد الامتثال
بالكلّية فإيقاع الناقص ضروري من حيث إنّه جزء ، فتحقّق البراءة بالفرد الناقص
والحال هذه ممنوع كما أنّه لو قصد المكلّف في مقام القصر والتمام الامتثال بالأربع
، فإنّه لا يبرأ بما إذا سلّم ساهياً على الركعتين أو أحدث أو فعل منافياً على
القول باستحباب التسليم أو وجوبه خارجاً ، فدلالة الرواية على وصف الزائد بالوجوب
من حيث إنّه جزء الواجب لا من حيث الزيادة ، وإطلاق الزائد عليه مجاز نظراً إلى
اختيار الفرد الناقص. وإلى هذا الجواب اشير في «الروض » وإن قصرت العبارة في الجملة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عن تأديته. وعلى هذا فالزيادة لا توصف بوجوب لحصول البراءة بما أتى به
وسقوط التكليف ولعدم تعلّق النيّة بهذه الزيادة والعبادات تابعة للقصود ولا
باستحباب لعدم الدليل. نعم نفس الصورة الكاملة هي الموصوفة بالوجوب ، لأنّها أحد
أفراد الكلّي التخييري وبالاستحباب ، لأنّها الفرد الكامل منه لا هذه الزيادة كما
يتوهّم. ومتى قصد المكلّف الصورة الزائدة فالواجب هو مجموع تلك الصورة وما أتى به
من الصورة الناقصة ضمن هذه الصورة الكاملة لا يكون مبرئاً للذمّة ما لم يتعلّق به
قصد من أوّل الأمر أو عدول إليه.
وأورد ثانياً بأنّ الوجوب والاستحباب حكمان متقابلان فكيف
يوصف الزائد بالاستحباب مع حكمهم بوجوبه تخييراً؟
وأجاب عن ذلك
جماعة بحمل الاستحباب على العين بمعنى كونه أفضل الفردين الواجبين وذلك لا ينافي
وجوبه تخييراً من جهة تأدّي الواجب به. وبذلك يظهر الجواب عمّا أورده في «المدارك » من أنّه إن اريد الاستحباب بالمعنى المعروف وهو رجحان
الفعل مع جواز تركه لا إلى بدل لم يمكن تعلّقه بشيءٍ من أفراد الواجب التخييري
وإن اريد كون أحد الفردين الواجبين أكثر ثواباً من الآخر فلا امتناع فيه إلّا أنّه
خروج عن المعنى المصطلح ، انتهى.
وحاصل الجواب
التزام الشقّ الثاني ولا محذور فيه بعد ظهور المراد. والأقعد في الجواب أن يقال :
نلتزم الشقّ الأوّل ، وأنّ جواز ترك المندوب لا إلى بدل من
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
جهة ندبه لا ينافي عدم جواز تركه من جهة وجوبه تخييراً باعتبار كونه أحد
أفراد الواجب وغاية ما يلزم اتصافه بالوجوب والاستحباب باعتبارين ولا امتناع فيه
وإنّما يمتنع اتصافه بهما من جهة وجوبه التخييري. وإلى هذا أشار من أجاب بأنّ
الاستحباب متعلّق بالفرد الكامل من أفراد المخيّر ويجوز تركه لا إلى بدل ، إذ لا
يقوم مقامه في الكمال غيره. والبدل الحاصل من فعل الواجب إنّما هو بدل لهذا الفرد
من حيث الوجوب لا من حيث الاستحباب.
ولا يخفى عليك
أنّه قد يلوح من كلامهم فيما تقدّم وما يأتي من كلام الشهيدين أنّ محل البحث هو
الزائد بعد الإتيان بالصورة الناقصة وقد عرفت أنّ البحث إنّما هو في الصورة
الكاملة وهى الاثنتا عشرة فإنّها هي الموصوفة بالاستحباب الذاتي والوجوب التخييري.
تنبيهان :
احتمل في «الروض
» فيما لو شرع في الزائد على الأقلّ وجوب المضي ووجوب إيقاعه على الوجه
المأمور به في الواجب وجواز تركه وتغييره عن الهيئة الواجبة ، لأنّ جواز تركه قد
يقتضي جواز تبعيضه وتغييره عن وصفه مع كونه ذكر الله تعالى بطريق أولى ، قال :
فيبقي حاله منظوراً إليه ، فإن طابق وصف الواجب كان واجباً وترتّب عليه ثواب
الواجب ، وإلّا فلا ، ولا قاطع بأحد الأمرين. ومثله قال في «الروضة ».
والتحقيق أنّه
متى قصد الفرد الزائد وتجاوز الفرد الناقص فالأظهر وجوب الإتمام ، ومتى قصد الفرد
الناقص وزاد عليه قاصداً العدول إلى الفرد الزائد وجب ذلك وإن قصد بالزائد مجرّد
الذكر فأولى بالصحّة ، وأمّا إذا قصد التسبيح الموظّف وقطع بعد تجاوزه المرتبة
الاولى وقبل بلوغ المرتبة الزائدة ففيه إشكال.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
واستقرب الشهيد
في «قواعده » جواز قطعه وعدم احتسابه واجباً إلّا بعد إكماله لجواز
تركه ابتداءً فيستصحب ولأصالة البراءة من وجوب الإكمال. ثمّ قال : لا يرد أنّ
القطع يفضي إلى زيادة ما ليس بصحيح في الصلاة على تقدير وروده * على ما ليس بذكر
ولا في معناه لوقوع الإذن فيه شرعاً ، والخروج عن وضع الذكر طارٍ بعد القطع فلا
يقدح فيه بوجه ، انتهى وهو قويّ.
التنبيه الثاني : ما ذكر من الكلام في المقام جارٍ بالنسبة إلى القدر
الزائد على المسمّى في مسح الرأس وتسبيح الركوع والسجود ولكنّ الشهيد في «الذكرى » اختار في المسح الزائد على المسمّى الاستحباب التفاتاً
إلى جواز تركه ، وتعجّب منه بعض المتأخّرين لأنّه اختار هنا وجوب الزائد.
وقال في «الروض
» : استقرب شيخنا في الذكرى استحباب الزائد عن أقلّ الواجب محتجّاً بجواز
تركه ، قال : هذا إذا أوقعه دفعةً ولو أوقعه تدريجاً فالزائد مستحبّ قطعاً. وهذا
التفصيل حسن لأنّه مع التدريج يتأدّى الوجوب بمسح جزء فيحتاج إيجاب الثاني إلى
دليل بخلاف ما إذا مسحه دفعة ، إذ لم يتحقّق فعل الواجب إلّا بالجميع ، انتهى.
__________________
* أي ورود
القطع.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
واورد عليه بأنّ ذلك منافٍ لما صرّح به هنا من وجوب الزائد من
التسبيحات ، إذ التدريج هنا ضروري ، فينبغي القطع باستحباب الثانية والثالثة من
التسبيحات.
وأجاب الفاضل
البهائي بأنّ وجه التخيير بالنسبة إلى المسح غيره بالنسبة إلى
التسبيح ، فإنّ القول بالتخيير في التسبيح إنّما أدّى إليه ضرورة الجمع بين
الأخبار المختلفة في بيان كيفيّته والقول به في المسح إنّما نشأ من إطلاق الأمر
الصادق بمجرّد المسمّى ولو بجزء من إصبع أو بالمسح بمجموع الثلاث وما بينها من
الأفراد ، وأفراد الكلّي في الأوّل هي مجموع كلّ واحدة من الصور الّتي وردت بها
النصوص ، وفي الثاني هو كلّ مسحة أوقعها المكلّف دفعةً أعمّ من أن تكون يسيرة أو
مستوعبة. فالمكلّف إذا مسح تدريجاً فقد أدّى الواجب الذي هو مسمّى المسح بهذا
الجزء الذي قطع عليه ، فإيجاب المسح على الثاني بعد القطع على ذلك الجزء الذي حصل
المسمّى في ضمنه وبرئت الذمّة به يحتاج إلى دليل ، وليس بخلاف التسبيح ، فإنّ
المكلّف إذا تجاوز الصورة الناقصة قاصداً إيجاد الكلّي في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ضمن الصورة الزائدة لم يصدق عليه أنّه أوجد الكلّي في ضمن الناقصة حيث إنّه
لم يقصدها بالكلّية وإن كان حصولها ضرورياً من حيث الجزئية والعبادات تابعة للقصود
والنيّات ، وإلّا لم يكن الفرد الزائد فرداً للواجب الكلّي بالمرّة ، لأنّ الصورة
الصغرى حاصلة في ضمنها النية وإن كان مجرّد الإتيان بها وإن لم يكن مقصوداً موجباً
لحصول الكلّي في ضمنها وحصول البراءة اليقينيّة لزم ما قلناه. وفيه ردّ للأخبار
الدالّة على وجوبها المحمولة على الوجوب التخييري جمعاً ، انتهى.
والظاهر أنّ
منشأ الإيراد هو توهّم كون المتّصف بالاستحباب والوجوب التخييري هو الزائد على
الصورة الناقصة ، إذ على تقديره لو جعل مناط الحكم بالوجوب والاستحباب هو الاتصال
والانفصال تعيّن هنا الحكم بالاستحباب لتحتّم انفصال التسبيحة الثانية والثالثة
عمّا قبلها. وممّا ذكر يعلم حال تسبيح الركوع والسجود ، فإنّه إن قلنا إنّ الواجب
فيه مجرّد الذكر كان من قبيل المسح ، وإن قلنا إنّ الواجب هو التسبيح المخصوص كان
من قبيل التسبيح هنا بناءً على مذهب من يختار فيه * التخيير بين الأفراد المروية
أو بين بعضها ، كما يأتي الكلام فيه بمشيئة الله تعالى ولطفه وإحسانه ورحمته وبركة
محمّد وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنّ فيه أقوالاً خمسة.
السابع من
الامور : قال في «الذكرى » إذا شرع في القراءة أو التسبيح فالأقرب أنه ليس له
العدول إلى الآخر ، لأنّه إبطال للعمل ولو كان العدول إلى الأفضل مع احتمال جوازه.
وفي «المدارك » الظاهر الجواز مطلقاً. وفي «الذكرى » لو شرع في أحدهما بغير قصد إليه فالظاهر الاستمرار
عليه لاقتضائية الصلاة فعل أيّهما كان.
__________________
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «جامع
المقاصد » لو شرع في أحدهما فهل له تركه والعدول إلى الآخر؟ فيه
تردّد يلتفت إلى لزومه بالشروع وعدمه. وفيه وفي «الذكرى » انّه لو كان قاصداً إلى أحدهما فسبق لسانه إلى الآخر
فالأقرب أنّ التخيير باقٍ ، فإن تخيّر غيره أتى به ، وإن تخيّر ما سبق إليه لسانه
فالأجود استئنافه ، لأنّه عمل بغير نية. قلت : يفهم ذلك من حكمهم بوجوب القصد إلى
سورة مخصوصة.
الثامن
: لو شكّ في
عدده بنى على الأقلّ كما هو المشهور كما في «البحار » وبه صرّح في «الذكرى » وغيرها . قالوا : ولو ذكر الزيادة لم يكن به بأس.
التاسع
: قال في «المدارك
» : ظاهر الأصحاب أنّه لا تستحبّ الزيادة على اثنتي عشرة. وقد سمعت ما في «الذكرى
» عن الحسن وما قاله فيها. وفي «جامع المقاصد » المشهور استحباب تكراره لا يزيد على ثلاث أو سبع أو
خمس.
العاشر
: صرّح جماعة بوجوب الموالاة فيه وأنّه ليس فيه بسملة. وفي «الذكرى وجامع المقاصد » الأقرب أنّها غير مسنونة. وفي «الذكرى » انّه
__________________
وللإمام القراءة ،
______________________________________________________
لو أتى بها لم يكن به بأس. وفيها وفي «جامع المقاصد والمدارك » يجوز أن يقرأ في ركعة ويسبّح في اخرى.
[استحباب القراءة للإمام في الركعتين الأخيرتين]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وللإمام القراءة) يستحبّ للإمام اختيار القراءة فيهما كما في «الاستبصار والشرائع والتحرير والنفلية والبيان وجامع المقاصد وتعليق النافع ومجمع البرهان » وإليه مال في «الروض والفوائد الملية » وقال في الأخير : إنّه المشهور. وفي الأوّل «والبيان » وما بعده أنّ التسبيح والقراءة سواء بالنسبة إلى المنفرد لكنّ في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«مجمع البرهان » التأمّل في ذلك. وفي «التحرير » أنّ المصلّي يعني غير الإمام بالخيار. وقد سمعت ما ذكر
آنفاً في الفرع الخامس من حال المأموم. وفي «الروض » يمكن أن يقال بأنّ التسبيح أحوط للخلاف في الجهر
بالبسملة في الأخيرتين فإنّ ابن إدريس حرّمه وأبا الصلاح أوجبه فلا يسلم من
الخلاف. وفيه أنّهما مذهبان نادران كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، على أنّ الموجب
إنّما هو القاضي لا أبو الصلاح. وعن التقي أنّ القراءة أفضل مطلقاً وهو خيرة «اللمعة » وإليه مال في «المدارك » ويلوح من «مجمع البرهان » الميل إليه.
وظاهر الصدوقين
على ما نقل والعجلي وصريح «الحدائق » تفضيل التسبيح مطلقاً. وهو المنقول عن الحسن . وإليه مال جملة من متأخّري المتأخّرين كالحرّ وغيره . وهو خيرة «المنتقى والحبل المتين » إلّا أنّهما وافقا الكاتب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في التفصيل المنقول عنه كما يأتي. وفي «الروض » وربما قيل إنّ من لم تسكن نفسه إلى التسبيح فالتسبيح
أفضل له مطلقاً ، فتحمل عليه رواية أفضلية التسبيح.
وفي «البحار » ذهب جماعة من محقّقي المتأخّرين إلى ترجيح التسبيح
مطلقاً وحملوا الأخبار الدالّة على أفضلية القراءة للإمام أو مطلقاً على التقية ،
لأنّ الشافعي وأحمد يوجبان القراءة في الأخيرتين ومالكاً يوجبها في ثلاث ركعات من
الرباعية وأبا حنيفة خيّر بين الحمد والتسبيح وجوّز السكوت. ويردّ عليه (عليهم خ ل)
أنّ التخيير مع أفضلية القراءة أو التفصيل بين الإمام والمنفرد ممّا لم يقل به أحد
من العامّة فلا تقبل الحمل على التقية. نعم يمكن حمل أخبار التسوية المطلقة على
التقية لقول أبي حنيفة بها ، ثمّ إنّه احتمل ترجيح القراءة للآية ولما ورد في فضل الفاتحة ولأنّه لا خلاف في كيفيّتها
وعددها ولرواية الحميري لقوّة سندها لما يظهر من الشيخ من أنّها منقولة بأسانيد
معتبرة. ثمّ أخذ يدفع ما أورد عليها من الإشكال. وفي كلامه نظر يأتي بيانه.
وظاهر «النهاية
والجُمل والمبسوط والمعتبر » التخيير مطلقاً ، بل هو ظاهر «الخلاف والمراسم والغنية وجامع الشرائع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والإرشاد » وغيرها ونسب في «الذكرى » وغيرها إلى ظاهر الشيخ في أكثر كتبه. وفي «التنقيح » نسبته إلى سائر كتب الشيخ ، وعبارة «المعتبر » هكذا : اختلفت الرواية ففي رواية : هما سواء ، وفي
رواية : التسبيح أفضل ، وفي رواية : إن كنت إماماً فالقراءة أفضل ، والكلّ جائز.
وعن الكاتب انّ الإمام إن أمن لحوق مسبوق بركعة استحبّ له التسبيح
وإلّا القراءة ، والمنفرد عن تخييره والمأموم يقرأ فيهما. واستحسن في «كشف اللثام » تفصيل الكاتب في الإمام لأنّه جمع حسن.
وفي «المنتهى » انّ الأفضل للإمام القراءة وللمأموم التسبيح. واستحسنه
في «التذكرة ». وفي «البحار » انّه لا يخلو عن قوّة. وقال في «المنتهى » أيضاً : لا فرق بين القراءة والتسبيح لثبوت التخيير
والحكمة تنافي التخيير بين الراجح والمرجوح ، انتهى فتأمّل فيه.
وفي «الدروس » استحباب التسبيح للمنفرد والقراءة للإمام. وفي «جامع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المقاصد » لا نجد إلى الآن قائلاً باستحباب التسبيح للمنفرد
والقراءة للإمام. ونحوه ما في «الروض » وكأنّهما لم يلحظا الدروس.
وفي «نهاية
الإحكام والمختلف والذكرى والتنقيح وكشف الالتباس وإرشاد الجعفرية والروضة والمفاتيح » ذكر الأقوال من دون ترجيح. ولعلّه يستتبع القول
بالتخيير مطلقاً.
ويدلّ على
أفضلية التسبيح للإمام وغير الإمام صحيح زرارة الصريح بذلك الّذي رواه الصدوق . ومثله صحيحه الآخر الّذي رواه ثقة الإسلام عن الباقر عليهالسلام أيضاً وصحيحه الآخر الذي رواه الشيخ عن الصادق عليهالسلام ورواه أيضاً الصدوق بأدنى تفاوت. وظاهر هذه الأخبار أو صريحها تعيين
التسبيح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
دون الأفضلية لمكان النهي فيها عن القراءة والنفي لها ، لكنّ الإجماع على
التخيير أوجب حملها على الأفضلية ، ولا مساغ لحمل النهي والنفي فيها على النهي عن
تحتّم القرآن ، لأنّ قوله عليهالسلام في الثالثة والرابعة «إنّما هو تسبيح وتكبير .. إلى
آخره» دالّ على حصر الموظّف في ذلك ، وهذه الأخبار قلّ من ألمّ بها. وفي «كشف
اللثام » ذكر واحداً منها.
وفي الصحيح إلى
محمد بن عمران العجلي عن الصادق عليهالسلام انّ التسبيح أفضل من القراءة في الأخيرتين. ومثله خبر «العلل
» وهما يفهمان أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم سبّح كان إماماً للملائكة. وقد سمعت فيما مضى خبر
ابن أبي الضحّاك الذي صحب الرضا عليهالسلام. وروى الصدوق في الصحيح عن زرارة عن مولانا الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إذا كنت خلف إمام إلى أن قال : ولا تقرأنّ
شيئاً في الأخيرتين». وروي أيضاً في «الفقيه والعلل » عن الرضا عليهالسلام أنّه قال : «إنّما جعل القراءة في الاوليين والتسبيح في
الأخيرتين للفرق بين ما فرضه الله عزوجل وبين ما فرضه من عند رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم». وروى الشيخ في الصحيح عن الباقر عليهالسلام «قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام إلى أن قال : يسبّح في الأخيرتين». ومثله ما رواه في
الموثق عن أمير المؤمنين عليهالسلام. وقال الصادق عليهالسلام في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الصحيح لزرارة : «يجزي في الأخيرتين سبحان الله والحمد لله ولا
إله إلّا الله والله أكبر» ونحوه ما رواه المحقّق في «المعتبر ».
وروى الشيخ في «الاستبصار
» في الصحيح عن الحلبي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إذا قمت في الركعتين الأخيرتين لا تقرأ
فيهما فقل : الحمد لله وسبحان الله والله أكبر» لكنّه أسقط في «التهذيب » الأخيرتين والظاهر أنّه سهو من قلمه الشريف. ووجه
الاستدلال أنّ قوله عليهالسلام «لا تقرأ فيهما» جملة خبرية وقعت صفة للمعرّف بلام الجنس القريب من النكرة
كما في قوله : ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني وكما قاله الزمخشري في قوله عزوجل : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ) ويشهد لذلك ما رواه زرارة في صحاحه من أنّ الركعتين الأخيرتين لا قراءة فيهما ،
وما أشار إليه المحقّق من أنّ «لا» بمعنى غير ، وما في «المنتقى » من أنّ «لا تقرأ» جملة طلبية وأنّ الفاء تصحيف الواو
لا وجه له لاستلزام الأوّل تقدير الإرادة والثاني فتح باب يؤدّي إلى رفع الوثوق
بالأخبار.
وصحيح معاوية
بن عمّار دالّ على أولوية التسبيح كما في «المختلف
__________________
ويجزئ المستعجل والمريض في الاوليين الحمد.
______________________________________________________
والحبل المتين » ذكره في «المختلف» في مسألة من نسي القراءة في
الاوليين ونحوه خبر سالم بن أبي خديجة لمن تأمّل فيه.
وما في «البحار
» من أنّ التخيير مع أفضلية القراءة لم يقل به أحد من العامّة ، فعجيب منه
على سعة اطّلاعه ، فقد نصّ ابن روزبهان في كتابه الذي ردّ فيه على «كشف الحقّ ونهج الصدق» أنّ
مذهب أبي حنيفة أنّه يقرأ في الأخيرتين بالفاتحة فقط وهذا أفضل ، وإن سبّح أو سكت
جاز ، انتهى. فكان على هذا مذهب أبي حنيفة التخيير مع أفضلية القراءة فينزّل خبر
محمد بن حكيم على التقية ويمكن حمل أخبار الآمر بالفاتحة للإمام على التقية ، لأنّ المتبادر منها
الوجوب كما صرّح به مولانا الأردبيلي ولا ينافيه لفظ الأفضلية ، فتأمّل. وما نقله في «المدارك
» عن الاستبصار غير خالٍ عن الخلل في النقل.
[جواز الاقتصار على الحمد في الاوليين للاضطرار]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجزئ المستعجل
والمريض في الاوليين الحمد)
إجماعاً كما في
«كشف اللثام ». وفي «المعتبر والمفاتيح »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الإجماع على جواز الاقتصار على الحمد للضرورة. وفي «المنتهى » لا خلاف في ذلك بين أهل العلم. وفي «التذكرة » الإجماع على جواز ذلك في حالة الضرورة والاستعجال. وفي
«التنقيح » لا خلاف حال الاضطرار ولا كلام مع ضيق الوقت عن
قراءتها. وفي «المدارك » لا خلاف في جواز الاقتصار على الحمد في الفرائض حال
الاضطرار كالخوف وضيق الوقت وعدم إمكان التعلّم. وفي «البحار » الإجماع على ذلك حال الاضطرار كالخوف والمرض وضيق
الوقت. وفي «الغنية » انّ كان هناك عذر جاز الاقتصار على الحمد وحدها.
وفي «الروضة » تفسير الضرورة بضيق الوقت والحاجة التي يضرّ فوتها
وجهالة السورة مع العجز عن التعلّم وظاهر «التذكرة » وصريح «فوائد الشرائع وتعليق النافع » انّ ضيق الوقت لا تسقط به السورة. قال في الأخير :
يفهم من تقييده أي المحقّق في النافع بسعة الوقت أنّه مع الضيق لا تجب ، وليس كذلك
إذ لا دليل على السقوط هنا ، إذ لا يسقط شيء من الامور المعتبرة في الصلاة لضيق
الوقت ، ولا أعلم لأحد التصريح بالسقوط بل التصريح بخلافه موجود في التذكرة ،
انتهى. وقد سمعت كلام الأصحاب واحتمل في «نهاية الإحكام » حيث قال : ولو ضاق الوقت عن ركعة بأخفّ سورة وتمكّن من
إدراكها بالحمد خاصّة احتمل وجوب القضاء وفعلها أداء بالحمد خاصّة ، انتهى.
وبالأداء حكم مولانا
__________________
وأقلّ الجهر
إسماع القريب تحقيقاً أو تقديراً ، وحدّ الإخفات إسماع نفسه كذلك ،
______________________________________________________
الأردبيلي ، بل قال : إنّ تركها هنا أولى من تركها في غيره من بعض
ما ذكروه.
وقد تقدّم في
أحكام الحائض ما له نفع في المقام ، وتقدّم آنفا ما ينبغي مراجعته.
[الصلوات الجهريّة والإخفاتيّة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وأقلّ الجهر إسماع
القريب .. إلى آخره) قد تقدّم الكلام في ذلك مستوفى غاية الاستيفاء.
ولنُشر إلى فرع
ذكره المصنّف في «التذكرة ونهاية الإحكام » وتبعه عليه جماعة كأبي العباس والكركي والصيمري وغيرهم ، قالوا : كلّ صلاة تختصّ بالنهار ولا نظير لها ليلاً
فالسنّة فيها الجهر كالصبح ، وكلّ صلاة تختصّ بالليل ولا نظير لها نهاراً فالسنّة
فيها الجهر كالمغرب ، وكلّ صلاة تفعل نهاراً ولها نظير بالليل فما يفعل نهاراً
فالسنّة فيه الإخفات كالظهرين وما يفعل ليلاً فالسنّة الجهر كالعشاء ، فصلاة
الجمعة والعيد سنّتهما الجهر ، لأنّها يفعلان نهاراً ولا نظير لهما ليلاً. وأصله
قوله عليهالسلام : «صلاة النهار عجماء» وصلاة كسوف الشمس يستحبّ فيها
الإسرار لأنّها تفعل نهاراً ولها نظير بالليل هي صلاة خسوف القمر ويجهر في الخسوف
، قالوا : وأمّا صلاة الاستسقاء فعندنا كصلاة العيد.
__________________
ولا جهر على المرأة.
______________________________________________________
وفي «الذكرى»
انّ هذا قياس محض لا أصل له عندنا وقد نصّ الأصحاب على الجهر بصلاة الكسوف كالخسوف
، ويلزم أنّ صلاة الاستسقاء سرّ وقد نصّ الجماعة على أنّها كالعيد والعيد جهر
ويلزم أيضاً أن يكون القضاء تابعاً للّيل والنهار ، والإجماع من الأصحاب أنّه يقضي
كما فات ، وكذا قضاء النوافل يجهر فيه ويسرّ على ما كان نصّ عليه الشيخ في «الخلاف»
ولم يحتجّ بالإجماع بل بالحديث ، انتهى ما في الذكرى .
[في عدم الجهر على المرأة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولا جهر على المرأة)
في شيء من
الصلوات كافّة وهو قول كلّ من يحفظ عنه العلم كما في «المنتهى » وإجماع العلماء كما في «المعتبر » وإجماع الكلّ كما في «الذكرى » وبالإجماع كما في «التذكرة والتحرير ونهاية الإحكام وإرشاد الجعفرية وجامع المقاصد والروض وكشف اللثام ».
واستندوا في
ذلك إلى أنّ صوتها عورة يجب إخفاؤه عن الأجانب ، بل في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الأخير : أنّ كلمتهم متفقة على ذلك. وفيه وفي «البحار والحدائق » أنّ ظواهر الكتاب والسنّة لا تساعد على ذلك. وذكر في
الأخير جملة من الأخبار التي يفهم منها أنّ صوتها غير عورة.
والمشهور كما
في «البحار والحدائق » أنّها لو جهرت وسمعها الأجنبي فالأقرب الفساد لتحقّق
النهي في العبادة. وبه صرّح في «الذكرى وجامع المقاصد والجعفرية وشرحيها والمقاصد العلية » وغيرها . وناقش فيه جملة من متأخّري المتأخّرين .
وفي «البحار والحدائق » أنّ الظاهر من كلام الأكثر وجوب الإخفات عليها في
موضعه. وربما أشعرت بعض عباراتهم بثبوت التخيير لها مطلقاً. وقال الفاضل الأردبيلي
قدسسره : ولا دليل على وجوب الإخفات على المرأة في الإخفاتية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إلّا أنّ الأحوط موافقة المشهور ، انتهى كلامهما. وقال الخراساني نحواً من ذلك.
وفي «شرح الشيخ
نجيب الدين» عن حاشية الشيخ إبراهيم القطيفي على النافع أنّها تسرّ فيما يسرّ به
الرجل وجوباً وفيما يجهر به تتخيّر إلّا مع سماع الأجنبي فتخافت وجوباً ، انتهى.
وفي «المفاتيح » النساء مخيّرات مع عدم سماع الأجنبي ومعه قيل : لا
يجوز لهنّ الجهر فتبطل. واشتراط تحريم إسماعهنّ بخوف الفتنة غير بعيد. وأمّا تحريم
السماع للأجنبي فمشروط به.
وفي «الروضة والمقاصد العلية » تتخيّر بين الجهر والإخفات مع عدم سماع الأجنبي. وفي «الروض
» يجوز لها السرّ مطلقاً. وفي «جامع المقاصد » وغيرها لا جهر عليها وجوباً. وفي «الدروس والجعفرية وشرحيها والميسية» أنّه لو سمعها المحرم أو النساء أو لم يسمعها
أحد الافتاء بجواز الجهر. واستظهر ذلك في «الذكرى وجامع المقاصد » واستجوده في «كشف اللثام »
__________________
ويعذر فيه الناسي
والجاهل.
______________________________________________________
وقال فيه : إنّ الحميري روى في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جدّه علي بن جعفر «أنّه سأل
أخاه عليهالسلام عن النساء هل عليهنّ الجهر بالقراءة في الفريضة؟ قال :
لا إلّا أن تكون امرأة تؤمّ النساء فتجهر بقدر ما تسمع قراءتها». قال : وهذا الخبر
دليل أنّ ما في التهذيب من خبري علي بن جعفر وعلي بن يقطين عنه عليهالسلام «في المرأة تؤمّ النساء ما حدّ رفع صوتها بالقراءة والتكبير؟ فقال : بقدر
ما تسمع» بضمّ تاء «تسمع» من الإسماع ولم أظفر بفتوى توافقه ، انتهى.
وليعلم أنّ حكم
القضاء حكم الأداء بإجماع أهل العلم كما في «المنتهى ».
وأمّا إذا
اختلف حكم القاضي والمقضي عنه كالرجل يقضي عن المرأة والمرأة تقضي عن الرجل فلم
أقف في ذلك على كلام لأحد من علمائنا غير صاحب «الحدائق » فإنّه قال : الأقرب الأنسب بالقواعد هنا هو الاعتبار
بحال القاضي لا المقضي عنه ، انتهى ، وما قرّبه هو الذي عليه مشايخنا المعاصرون دام توفيقهم.
[في معذوريّة الناسي والجاهل]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويعذر فيه الناسي
والجاهل)
__________________
أي يعذر الجاهل في كلّ من الجهر والإخفات أو يعذر في الجهر فعلاً وتركاً.
وقد نقل على معذوريتهما فيهما الإجماع في «التذكرة » ونفى عنه الخلاف في «المنتهى والحدائق » ونسبه إلى الأصحاب في «المدارك » وقال فيه : إنّه يستفاد من صحيح زرارة عدم وجوب
التدارك ولو قبل الركوع وعدم وجوب سجود السهو. وفي «البيان وجامع المقاصد » لا يجب عليه التدارك ولو في أثناء القراءة.
وفي «جامع
المقاصد » المراد بالناسي من ذهل عن كون الصلاة جهريّة مع علمه
بحاله فخافت وبالعكس. ويحتمل إلحاق ناسي وجوب الجهر في بعض الصلوات والإخفات في
بعض آخر وهو ناسي الحكم به بل إلحاق ناسي معنى الجهر والإخفات إن أمكن الجهل
بمدلولهما أو نسيانه عادةً. ويراد بالجاهل جاهل وجوب كلّ منهما في موضعه بحيث لا
يعلم الّتي يجب فيها الجهر من الّتي يجب فيها الإخفات ، سواء علم أنّ هناك جهرية
وإخفاتية في الجملة أم لم يعلم شيئاً ، ويمكن أن يراد به مع ذلك الجاهل بمعنى
الجهر والإخفات وإن علم أنّ في الصلاة
__________________
و «الضحى» و «ألم نشرح» سورة واحدة ، وكذا «الفيل» و «لإيلاف» وتجب البسملة
بينهما على رأي ،
______________________________________________________
ما يجهر به وما يخافت إن أمكن هذا الفرض إلى أن قال : ولا فرق في هذا الحكم
بين الرجل والمرأة على الظاهر. ولو جهرت فسمعها أجنبي جاهلة بالحكم ففي الصحّة وجهان
، انتهى.
[والضحى وألم نشرح سورة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والضحى و (أَلَمْ نَشْرَحْ)
سورة واحدة وكذا الفيل و (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ).
وتجب البسملة بينهما على رأي) الضحى و (أَلَمْ نَشْرَحْ) سورة واحدة عند آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كما في «الاستبصار » ومن دين الإمامية الإقرار بذلك كما في «الأمالي » وهو الّذي تذهب إليه الإمامية كما في «الانتصار » وهو قول علمائنا كما في «السرائر والتحرير ونهاية الإحكام والتذكرة والمهذّب البارع » ورواه أصحابنا كما في «الشرائع ومجمع البيان والتبيان» على ما نقل ، ومذهب السيّد والشيخ وأتباعهما كما في «كشف الرموز »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهو المشهور كما في «الروض والروضة والذخيرة » وبين المتقدّمين كما في «البحار والحدائق » ومذهب الأكثر كما في «الذكرى وجامع المقاصد ».
وهو خيرة «الفقيه
والهداية والأمالي وثواب الأعمال والفقه المنسوب إلى الرضا عليهالسلام والنهاية والمبسوط والإصباح» على ما نقل عنه «والسرائر وجامع الشرائع والنافع » وبعض كتب المصنّف والشهيد *
__________________
(*) كاللمعة (منه
قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وغيرها . وهو ظاهر «الشرائع » ونقله جماعة عن المفيد.
ويدلّ عليه من
الأخبار بعد ما سمعت من نسبته إلى روايات الأصحاب ما في «كتاب القراءات» لأحمد بن
محمد بن سيّار روى البرقي عن القاسم بن عروة عن أبي العباس عن الصادق عليهالسلام «قال : الضحى وألم نشرح سورة واحدة ». وروى الصدوق في «الهداية » عن مولانا الصادق عليهالسلام أنّهما جميعاً سورة واحدة. وفي «فقه الرضا عليهالسلام » روي : «أنّ الضحى وألم نشرح سورة واحدة». وفي صحيح
الشحّام «قال : صلّى بنا أبو عبد الله عليهالسلام الفجر فقرأ الضحى وألم نشرح في ركعة» فإنّ الظاهر قراءتهما
في ركعة من فرض الفجر مع ما مرَّ من تحريم القران. وأمّا ما في «المجمع » عن العيّاشي بسنده إلى المفضّل بن صالح وفي «المعتبر والمنتهى » عن البزنطي عن المفضّل بن صالح من قول الصادق عليهالسلام «لا تجمع بين سورتين في ركعة إلّا الضحى و (أَلَمْ نَشْرَحْ) و (أَلَمْ تَرَ) و (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ)» ففيه مع الإغماض عن سنده أنّه خرج مخرج التجوّز
والمسامحة في التعبير من حيث إنّهما
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
سورتان باعتبار الرسم في القران والشهرة على اللسان ، على أنّا نقول الاستثناء
منقطع أو نحمله على التقية. وأمّا صحيح الشحّام الآخر فمحمول على النافلة كما في «التهذيبين » أو يكون سبيله سبيل الأخبار الدالّة على التبعيض وأين
يقعان من تلك الأخبار المؤيّدة بالشهرة المعتضدة بالإجماعات والأخبار الآتية في
الفيل ولإيلاف ، مضافاً إلى ما سيأتي من الإجماعات على وجوب الجمع بينهما في ركعة.
ثمّ إنّه لم
يعرف الخلاف من أحد قبل المحقّق في «المعتبر » حيث قال : ولقائل أن يقول لا نسلّم أنّهما سورة واحدة
بل لِمَ لم يكونا سورتين وإن لزم قراءتهما في الركعة الواحدة على ما ادّعوه؟
ويطالب بالدلالة على كونهما سورة واحدة وليس قراءتهما في الركعة دالّة على ذلك ،
وقد تضمّنت رواية المفضّل تسميتهما سورتين. ونحن قد بيّنّا أنّ الجمع بين السورتين
في الفريضة مكروه فيستثنيان من الكراهيّة ، انتهى. ونحوه ما في «التذكرة والمختلف والذكرى والمهذّب البارع والتنقيح وجامع المقاصد والروض والروضة وفوائد القواعد ومجمع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
البرهان والمدارك والبحار » وغيرها .
والحاصل : أنّ
المشهور بين من تأخّر عن المحقق أنّهما سورتان. وقال في «الذكرى » فإن قلت : لو كانتا سورتين لم يقرن بينهما الإمام عليهالسلام ، لأنّه لا يفعل الحرام ولا المكروه ، فدلّ على أنّهما
سورة وكلّ سورة لا يجوز تبعيضها في الفريضة. قلت : لِمَ لا يستثنيان من الحرام أو
المكروه لتناسبهما في الاتصال؟ انتهى. وقال أيضاً : رواية المفضّل تدلّ على أنّهما سورتان ، ويؤيّده
الإجماع على وضعهما في المصحف سورتين وهو متواتر ، انتهى.
وأمّا الفيل
ولإيلاف فقد ذكر فيهما ما ذكر في الضحى و (أَلَمْ نَشْرَحْ) من الإجماعات والنسبة إلى الإمامية ورواية الأصحاب
والشهرة والنسبة إلى الأكثر إلّا ما في «الاستبصار » من نسبة وحدتهما إلى آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ويدلّ على
أنّهما سورة واحدة من الأخبار ما في «مجمع البيان » عن العيّاشي عن أبي العباس عن أحدهما عليهماالسلام «قال : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ
فَعَلَ رَبُّكَ) و (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) سورة واحدة» وما في «كتاب القراءات » لأحمد بن محمد بن سيّار عن البرقي عن القاسم بن عروة
عن شجرة أخي بشير النبّال عن الصادق عليهالسلام أنّهما سورة واحدة ، وعن محمد بن علي بن محبوب عن أبي
جميلة مثله وكذا ما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«فقه الرضا عليهالسلام » وما في «الهداية » عن الصادق عليهالسلام. وفي «مجمع البيان » روي أنّ ابي بن كعب لم يفصل بينهما في مصحفه.
ويجب الجمع
بينهما في ركعة واحدة كما في «الانتصار » قال فيه : إنّ وجوب الجمع كذلك إجماعي وأنه من
متفرّدات الإمامية. وفي «الأمالي » انّ من دينها الإقرار بأنّه لا يجوز التفرقة بينهما في
ركعة. وفي «التهذيب » وعندنا لا يجوز قراءة هاتين السورتين إلّا في ركعة
واحدة يقرأهما موضعاً واحداً. وفي «التذكرة » نسبة ذلك إلى علمائنا. وفي «الذكرى » أفتى الأصحاب بوجوب الجمع بناءً على وجوب السورة
الكاملة وعلى أنّهما سورة. وفي «جامع المقاصد » على وجوب الجمع شهرة عظيمة.
وفي «إرشاد
الجعفرية » أنّ مذهب الأكثر وجوب الجمع بينهما وقد نسبه جماعة إلى الصدوق والشيخين وعلم الهدى وهو خيرة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الهداية والنهاية والمبسوط » على الظاهر منهما و «السرائر والشرائع والتحرير والتذكرة ونهاية الإحكام والبيان والمهذّب البارع والروضة » وظاهر «الروض » وغيره . وكلّ من قال بأنّهما سورة واحدة وأنّه يجب إكمال
السورة يلزمه القول بوجوب الجمع وإن لم يصرّح به.
وفي «المعتبر والمنتهى » نسبة وجوب الجمع بينهما إلى الصدوق والشيخين والسيّد
والاحتجاج لهم بخبري الشحّام والمفضّل ثمّ اعترضا عليهم بأنّ أقصى مدلولهما
الجواز. وتبعهما على ذلك المحقّق الثاني والمولى الأردبيلي وصاحب «المدارك » وكذا المولى الخراساني يظهر منه ذلك. لكنّ المحقّق
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الثاني بعد أن قال : ليس في الأخبار ما يدلّ على وجوب قراءتهما
معاً في ركعة رجّح الوجوب للتأسّي. وفي «كشف اللثام » إذا ثبت الجواز وانضمّ إليه الاحتياط وجب الجمع. وفي «مجمع
البرهان » القول بوجوب الفيل ولإيلاف في ركعة أبعد من القول
بوجوب الضحى وألم نشرح لعدم الرواية الصحيحة في الأوّلين ، انتهى. وأنت خبير بأنّ
الضعف تجبره الشهرة العظيمة وتعضده الإجماعات.
وأمّا وجوب
البسملة بينهما فهو مذهب الأكثر كما في «المقتصر » وهو خيرة «السرائر والتذكرة ونهاية الإحكام والمنتهى والتحرير والمقتصر والتنقيح وجامع المقاصد والجعفرية وشرحيها وتعليق النافع وفوائد القواعد والروض والروضة » وكاد يكون صريح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المختلف والبيان » وهو ظاهر «الإيضاح والمهذّب البارع ». وفي بعض هذه التصريح بوجوبها على التقديرين *. وفي «المدارك ومجمع البرهان » تجب البسملة إن وجبت قراءتهما معاً ، لكن قال في
الأخير : الظاهر إجماعهم على أنّ البسملة جزء من كلّ منهما. وفي «إرشاد الجعفرية » ترك البسملة مستبعد عند المتأخّرين.
وفي «السرائر » تجب البسملة بينهما لإثباتها في المصاحف ولا خلاف في
عدد آياتهما ، فإذا لم تبسمل بينهما نقصتا من عددهما فلم يكن قد قرأهما جميعاً.
قلت : هذا مبنيّ على عدم الخلاف في كون البسملة آية أو بعض آية من السورة. قال : وأيضاً طريق الاحتياط يقتضي ذلك ، لأنّه بقراءة
البسملة تصحّ الصلاة بغير خلاف وفي ترك قراءتها خلاف ، انتهى. واعترضه في «كشف
الرموز » بأنّ ثبوتها في المصحف لا يدلّ على وجوب الإعادة ،
وقوله «عدد الآيات معلوم بلا خلاف» لا استدلال فيه لأنّ البسملة إمّا أن تعدّ من
الآيات أو لا ، فعلى الثاني لا نقصان ، وعلى الأوّل تعدّ في موضع ثبت حكمها وهو
محلّ النزاع ، وقوله «بلا خلاف» هو مجرّد دعوى ، لأنّ كلّ من لا يثبت حكمها لا
يعدّها آية ، انتهى فتأمّل.
__________________
(*) أي كونهما
سورة أو سورتين (منه).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الاستبصار
والتهذيب والجامع والشرائع والنافع » أن لا بسملة بينهما. وقد سمعت ما في «كشف الرموز» وفي «البحار
» انّ الأكثر على ترك البسملة بينهما. قلت : ويظهر من «التهذيب » الاتفاق على ذلك حيث قال : وعندنا لا يفصل بينهما
بالبسملة في الفرائض. وفي «التبيان ومجمع البيان» على ما نقل انّ الأصحاب لا يفصلون بينهما بها ، وأنّ في «التبيان»
أنّهم أوجبوا ذلك. واحتجّ له في «المختلف» باتحادهما ، وأجاب بمنعه وإن وجبت
قراءتهما وبعد التنزيل بمنع أن لا يكون كسورة النمل. واقتصر في «الذكرى » على نقل ذلك عن التبيان واستعظام ذلك عن العجلي ، ونقل
كلام المعتبر وهو قوله : الوجه أنّهما إن كانتا سورتين فلا بدّ من إعادة البسملة
وإن كانت سورة واحدة كما ذكر علم الهدى
__________________
والمعوّذتان من القرآن.
______________________________________________________
والمفيد وابن بابويه فلا إعادة ، للاتفاق على أنّها ليست آيتين من سورة.
وفي «الدروس » تجب البسملة ، وإن جعلناهما سورة واحدة لم تجب على
الأشبه.
[المعوّذتان من القرآن]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والمعوّذتان من
القرآن) بلا خلاف بين أهل العلم كافّة كما في «المنتهى » وبإجماع المسلمين لانقراض خلاف ابن مسعود واستقرار
الإجماع بعده كما في «الذكرى وجامع المقاصد ». وفي كتاب «طبّ الأئمّة » عليهمالسلام عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : أخطأ ابن مسعود أو قال : كذب ابن مسعود.
وروى علي بن ابراهيم في «تفسيره » بسنده عن أبي بكر الحضرمي «أنّ الصادق عليهالسلام قال : إنّ أبي كان يقول : فعل ذلك ابن مسعود برأيه هما
من القرآن».
ويدلّ على جواز
قراءتهما في الصلاة المفروضة على الخصوص صحيح صفوان وخبر جابر بن مولى بسّام وخبر منصور بن حازم وخبر الحسين
__________________
ولو قرأ عزيمةً
في الفريضة ناسياً أتمّها وقضى السجدة ، والأقرب وجوب العدول إن لم يتجاوز السجدة
، وفي النافلة يجب السجود وإن تعمّد ، وكذا إن استمع ، ثمّ ينهض ويتمّ القراءة ،
وإن كان السجود أخيراً استحبّ قراءة الحمد ليركع عن قراءة.
ولو أخلّ
بالموالاة فقرأ بينها من غيرها ناسياً أو قطع القراءة وسكت استأنف القراءة ،
وعمداً تبطل. ولو سكت لا بنيّة القطع أو نواه ولم يفعل صحّت.
______________________________________________________
ابن بسطام الذي رواه في «طبّ الأئمة عليهمالسلام». وفي «الفقه المنسوب إلى الرضا عليهالسلام» روي أنّ المعوّذتين من الرقية ليستا من القرآن ادخلوها
في القرآن وقيل : إنّ جبرئيل عليهالسلام علّمهما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أن قال : وأمّا المعوّذتان فلا تقرأهما في الفرائض
ولا بأس في النوافل ، انتهى * ولا وجه لحمله على التقية كما صنع من قطع بحجّيته
لعدم المخالف من العامّة كما سمعت.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو قرأ عزيمة في
الفريضة ناسياً إلى قوله : ليركع عن قراءة)
قد تقدّم الكلام في ذلك كلّه مستوفى ، وكنّا وعدنا باستيفاء
الكلام فيه هنا وعدنا استوفيناه هناك.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو أخلّ إلى قوله :
صحّت) قد تقدّم الكلام فيه بما لا مزيد.
__________________
(*) هذا ممّا
يوهن الاعتماد على الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام (بخطّه قدسسره).
__________________
ويستحبّ الجهر
بالبسملة في أوّل الحمد والسورة في الإخفاتية ،
______________________________________________________
[استحباب الجهر بالبسملة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويستحبّ الجهر
بالبسملة في أوّل الحمد والسورة في الإخفاتية)
عند علمائنا
كما في «التذكرة » ويستحبّ الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم فيما لا تجهر
فيه بالقراءة إجماعاً كما في «الخلاف » واستحباب الجهر بها انفراد للأصحاب في الفرض والنفل
سفراً وحضراً جماعةً وفرادى ، والجمهور على خلاف هذا الإطلاق كما في «المعتبر ». وفيه أيضاً وفي «جامع المقاصد » أنّ العجلي خصّص ما نصّ عليه الأصحاب. والمشهور
استحباب الجهر بها للإمام والمنفرد في أوّل الحمد والسورة في الإخفاتية كما في «المختلف
وتخليص التلخيص والذكرى وجامع المقاصد » أيضاً و «البحار والحدائق » وهو مذهب الأكثر كما في «المنتهى والمدارك والمفاتيح وشرح الشيخ نجيب الدين» وفي كثير من هذه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أنّ ذلك في الاوليين والأخيرتين وإدخال ذلك تحت الشهرة.
وفي «المدارك » وكذا «الذكرى » المشهور من شعائر الشيعة الجهر بالبسملة لكونها بسملة
حتى قال ابن أبي عقيل : تواترت الأخبار أن لا تقيّة في الجهر بالبسملة ، انتهى.
والحاصل : أنّ
الحكم المذكور خيرة الصدوق ومن تأخّر عنه من كلّ من تعرّض له ما عدا من سنذكره ومنهم الكاتب فإنّه قال على ما نقل باستحباب الجهر بها للإمام وأمّا
المنفرد فلا ، وصرّح بأن يجهر بالبسملة في الأخيرتين. وفي «مجمع البرهان » انّه ليس من الضعف بمكانة القولين الآخرين يريد قول
القاضي والحلبي والعجلي للأخبار الواردة في الإمام كخبر الثمالي وصفوان . وأوجبه القاضي مطلقاً والحلبي في اوليي الظهرين. وفي «الغنية » انّ قول الحلبي أحوط ، وقد يظهر منها وجوب الإخفات بها
فيما عدا ذلك.
وفي «البحار » انّ عدم ترك الجهر أحوط لإطلاق الوجوب في بعض الأخبار
، يريد بذلك قول الصادق عليهالسلام في خبر الأعمش المروي في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الخصال » «الإجهار ب (بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) في الصلاة واجب» وهو محتمل الثبوت والوجوب في الجهرية
كما في «كشف اللثام ».
وخصّه العجلي بالاوليين وقال : بعدم جواز الجهر بها في الأخيرتين ،
ونقل الإجماع على جواز الإخفات بها فيهما ، ونزّل على مذهبه قول الشيخ في «الجُمل » : والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم فيما لا يجهر
بالقراءة في الموضعين ، قال : يريد بذلك الظهر والعصر. قلت : ومثل عبارة الجُمل
عبارة «الوسيلة ». وفي «المنتهى » انّ حمله لعبارة الجُمل فاسد ، لاحتمال إرادة أوّل
الحمد والسورة. ومثله قال في «المختلف ». وفي «الذكرى » قول العجلي مرغوب عنه ، لأنّه لم يسبق إليه ، انتهى.
واستدلّ عليه
في «السرائر » باختصاص الاستحباب بما يتعيّن فيه القراءة ، وردّ
بأنّه أوّل المسألة. واستدلّ أيضاً بالاحتياط ، وردّ بأصل البراءة من وجوب الإخفات
فيها. وهذا ضعيف لكنّ عموم الأدلّة والإجماعات الخاصّة حجّة عليه ، ومع ذلك كلّه
قوّاه صاحب «الحدائق » ونزّل الأخبار على إرادة الإمام.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
هذا ، وقال
الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وأحمد وأبو عبيد : لا يجهر بالبسملة على حال . فالأخبار الواردة في الإخفات بها محمولة على التقية.
بقي الكلام
فيما نقل عن الحسن من تواتر الأخبار بأنّه لا تقية في الجهر بالبسملة ،
ففي «البحار » انّه خلاف المشهور والأخبار الّتي وصلت إلينا لا تدلّ
على ذلك إلّا رواية صاحب الدعائم ، ويشكل تخصيص عمومات التقية بأمثال ذلك ، انتهى.
قلت : خبر «الدعائم
» هكذا : «روينا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي
وجعفر بن محمد عليهم الصلاة والسلام أنّهم كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم
فيما يجهر فيه بالقراءة من الصلوات في أوّل فاتحة الكتاب وأوّل السورة في كلّ ركعة
ويخافتون بها فيما يخافت فيه من السورتين جميعاً» قال علي بن الحسين عليهماالسلام : «اجتمعنا ولد فاطمة عليهاالسلام على ذلك». وقال جعفر بن محمد عليهماالسلام : «التقيّة ديني ودين آبائي ولا تقيّة في ثلاث : شرب
المسكر والمسح على الخفّين وترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم».
وليعلم أنّ
معنى استحباب الجهر بالبسملة هنا أنّه أفضل الفردين الواجبين على التخيير ، فلا
منافاة بين استحبابه عيناً ووجوبه تخييراً لعدم اتحاد الموضوع ، وليس المراد ما
ذكره الشهيد في «قواعده » وتبعه عليه صاحب «كشف الالتباس » من أنّ الاستحباب راجع إلى اختيار المكلّف ذلك الفرد
بعينه فيكون
__________________
وبالقراءة مطلقاً في الجمعة
______________________________________________________
فعله واجباً واختياره مستحبّاً ، لأنّ استحباب اختياره فرع استحبابه
وأفضليته ، فما فرّ عنه لم يسلم منه.
[استحباب الجهر بالقراءة في الجمعة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وبالقراءة مطلقاً في
الجمعة) أي في البسملة وغيرها ، وقد أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم
على أنّه يجهر بالقراءة في صلاة الجمعة كما في «المنتهى » وقال فيه : ولم أقف على قول للأصحاب في الوجوب وعدمه
والأصل عدمه. وفي «المعتبر » لا يختلف في استحباب الجهر في الجمعة أهل العلم. وفي «التنقيح
» نقل عليه إجماع العلماء. وقد نقل الإجماع على الاستحباب في «التذكرة ونهاية الإحكام والكتاب» فيما يأتي و «الذكرى والبيان وقواعد الشهيد وجامع المقاصد والروضة » في بحث صلاة الكسوف و «الغرية وإرشاد الجعفرية والمقاصد العلية والفوائد الملية
__________________
وظهرها على رأي ،
______________________________________________________
والمفاتيح والحدائق » ويأتي تمام الكلام في بحث الجمعة وننقل هناك خلافاً.
[استحباب الجهر بالقراءة في ظهر الجمعة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وفي ظهرها على رأي)
إجماعاً كما في
«الخلاف » وهو المشهور كما في «قواعد الشهيد والمدارك والذخيرة » وهو مشهور في الرواية كما في «البيان » وللأخبار المقتضية للشهرة كما في «جامع المقاصد » وهو مذهب الشيخ ومن تبعه كما في «الذكرى » وهو خيرة «النهاية والمبسوط والخلاف والشرائع والتحرير والمنتهى والتلخيص »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
حيث قال : على رأي. و «جامع المقاصد وفوائد الشرائع والمدارك والمفاتيح والتذكرة » في المقام. واستوجهه في «المنتقى » وقرّبه في «الذخيرة » وقد يظهر ذلك من «جامع الشرائع » وهو المنقول عن الكيدري . وخالف في ذلك الجمهور كما في «المنتهى ».
ولا فرق في ذلك
بين أن تصلّى جماعة أو فرادى كما نصّ عليه الشيخ وغيره . وعن علم الهدى في «المصباح » أنّه قال : روي أنّ الجهر إنّما يلزم من صلّاها مقصورة
بخطبة أو صلّاها ظهراً في جماعة. وفي «السرائر » يستحبّ إذا صلّيت جماعة لا فرادى.
والظاهر من
كلام الصدوق على اختلاف النسخ في جماعة وخطبة أنّه إنّما يرى جواز الجهر في الظهر
جماعةً دون استحبابه كما فهمه منه صاحب «كشف اللثام » وإليه أشار في «الذكرى » حيث قال : إنّ مذهب العجلي ظاهر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الصدوق. وما في «كشف اللثام» أوفق بكلامه ممّا في «الذكرى» والأمر سهل. وله
في «الفقيه » عبارتان : إحداهما في بحث القراءة واخرى في بحث الجمعة
، والّتي في بحث الجمعة فالموجود في النسخ الكثيرة : والأصل أنّه إنّما يجهر فيها
إذا كانت خطبة ، وفي بعضها : إذا كانت جماعة.
وفي «المعتبر » انّ ترك الجهر في الظهر للإمام والمنفرد أشبه بالمذهب
، ونقله عن بعض الأصحاب واستضعف تأويل (حمل خ ل) الشيخ لروايتي محمد وجميل بالتقية
(على التقية خ ل) وتبعه على ذلك تلميذه في «كشف الرموز » وقد سمعت ما في «المنتهى» من نسبة الخلاف إلى الجمهور.
وفي «البيان والدروس » انّ ما في المعتبر أقرب. وفي «الذكرى » لعلّه أقرب. وفي «نهاية الإحكام وإرشاد الجعفرية وكشف اللثام والتذكرة » في بحث الجمعة انّه أحوط. وفي «الميسية» انّه أجود.
وفي «المسالك » هو الأولى. وفي «الفوائد الملية » انّه أقوى. فقد تحصّل أنّه لم يقطع أحد بعدم جواز
الجهر في الظهر للإمام
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إلّا ما في «المعتبر » عن بعض الأصحاب الذي لم نجده. وفي «الإيضاح وتخليص التلخيص وكشف الالتباس» وغيرها نقل الأقوال من دون ترجيح.
[وظيفة المكلّف في القراءات السبع والعشر]
فرع : قال أكثر
علمائنا : يجب أن يقرأ بالمتواتر وهي السبع. وفي «جامع المقاصد » الإجماع على تواترها. وكذا «الغرية». وفي «الروض » إجماع العلماء وفي «مجمع البرهان » نفي الخلاف في ذلك. وقد نعتت بالتواتر في الكتب
الاصولية والفقهية «كالمنتهى والتحرير والتذكرة والذكرى والموجز
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الحاوي وكشف الالتباس والمقاصد العلية والمدارك » وغيرها ، وقد نقل جماعة حكاية الإجماع على تواترها من (عن خ ل) جماعة. وفي رسم
المصاحف بها وتدوين الكتب لها حتى أنّها معدودة حرفاً فحرفاً وحركةً فحركة ممّا
يدلّ على أنّ تواترها مقطوع به كما أشار إلى ذلك في «مجمع البرهان » والعادة تقضي بالتواتر في تفاصيل القرآن من أجزائه
وألفاظه وحركاته وسكناته ووضعه في محلّه لتوفّر الدواعي على نقله من المقرّ لكونه
أصلاً لجميع الأحكام والمنكر لإبطال كونه معجزاً ، فلا يعبأ بخلاف من خالف أو شكّ
في المقام.
وفي «التذكرة ونهاية الإحكام والموجز الحاوي وكشف الالتباس ومجمع البرهان والمدارك » وغيرها أنّه لا يجوز أن يقرأ بالعشر. وفي جملة منها أنّه لا تكفي شهادة الشهيد في الذكرى بتواترها. وفي «الدروس
»
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
يجوز بالسبع والعشر. وفي «الجعفرية وشرحيها » انّه قوي. وفي «جامع المقاصد والمقاصد العلية والروض » أنّ شهادة الشهيد لا تقصر عن ثبوت الإجماع بخبر
الواحد. فحينئذٍ تجوز القراءة بها. بل في «الروض » انّ تواترها مشهور بين المتأخّرين. واعترضهما المولى
الأردبيلي وكذا تلميذه السيّد المقدّس بأنّ شهادة الشهيد غير كافية ، لاشتراط التواتر في
القرآن الذي يجب ثبوته بالعلم ولا يكفي الظنّ فلا يقاس بقبول الإجماع بخبر الواحد
، نعم يجوز ذلك للشهيد لأن كان ثابتاً عنده بطريق علمي ، انتهى.
والحاصل : أنّ
أصحابنا متفقون على عدم جواز العمل بغير السبع والعشر ، إلّا شاذّ منهم كما يأتي
والأكثر على عدم العمل بغير السبع ، لكن حكي عن ابن طاووس في مواضع من كتابه المسمّى ب «سعد السعود» أنّ القراءات
السبع غير متواترة ، حكاه عنه السيّد نعمة الله واختاره وقال : إنّ الزمخشري
والشيخ الرضي موافقان لنا على ذلك. وستسمع الحال في كلام الزمخشري والرضي.
وفي «وافية
الاصول » اتفق قدماء العامّة على عدم جواز العمل بقراءة غير
السبع أو العشر المشهورة وتبعهم من تكلّم في هذا المقام من الشيعة ولكن لم ينقل
دليل يعتدّ به ، انتهى. وظاهره جواز التعدّي عنها ويأتي الدليل المعتدّ به. وفي
نسبة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك إلى قدماء العامّة نظر لشهادة التتبّع بخلافه. نعم متأخّروهم على ذلك ،
هذا الحافظ أبو عمر وعثمان بن سعيد المدني والإمام مكي أبو طالب وأبو العباس أحمد
ابن عمّار المهدوي وأبو بكر العربي وأبو العلاء الهمداني قالوا على ما نقل : إنّ
هذه السبعة غير متعيّنة للجواز كما سيأتي. وقال شمس الدين محمد بن محمد الجزري في «كتاب
النشر لقراءات العشر » : كلّ قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت المصاحف
العثمانية ولو احتمالاً وصحّ سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردّها ووجب
على الناس قبولها ، سواء كانت عن السبعة أم العشرة أم غيرهم. ومتى اختلّ ركن من
هذه الأركان الثلاثة اطلق عليها أنّها ضعيفة أو شاذّة أو باطلة ، سواء كانت عن
السبعة أم عمّن هو أكبر منهم ، هذا هو الصحيح عند التحقيق من السلف والخلف. ونحوه
قال أبو شامة في كتاب «المرشد الوجيز » غير أنّه قال فيه بعد ذلك : غير أنّ هؤلاء السبعة
لشهرتهم وكثرة الصحيح المجمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما
ينقل عن غيرهم ، انتهى.
وليعلم أنّ هذه
السبع إن لم تكن متواترة إلينا كما ظنّ لكن قد تواتر إلينا نقل الإجماع على
تواترها فيحصل لنا بذلك القطع.
إذا عرفت هذا
فاعلم أنّ الكلام يقع في مقامات عشرة :
الأوّل
: في سبب اشتهار
السبعة مع أنّ الرواة كثيرون.
الثاني
: هل المراد
بتواترها تواترها إلى أربابها أم إلى الشارع؟
الثالث
: هل هي متواترة
بمعنى أنّ كلّ حرف منها متواتر أم بمعنى حصر المتواتر فيها؟
الرابع
: على القول
بعدم تواترها إلى الشارع هل يقدح ذلك في الاعتماد عليها أم لا؟
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الخامس
: ما الدليل على
وجوب الاقتصار عليها؟
السادس
: هل هذه
القراءات هي الأحرف السبعة التي ورد بها خبر حمّاد بن عثمان أم لا؟
السابع
: هل يشترط فيها
موافقة أهل النحو أو الأقيس عندهم أو الأشهر والأفشى في اللغة أم لا؟ بل العمل على
الأثبت في الأثر والأصحّ في النقل؟
الثامن
: هل يشترط
تواتر المادّة الجوهرية فقط وهي التي تختلف خطوط القرآن ومعناه بها؟ أم هي والهيئة
المخصوصة سواء كانت لا تختلف الخطوط والمعنى بها كالمدّ والإمالة أو يختلف المعنى
ولا يختلف الخطّ ك «ملك يوم الدين» بصيغة الماضي مثلاً ويعبد مبنياً للمفعول أو يختلف الخطّ ولا يختلف المعنى ك «يخدعون
ويخادعون» أم لا يشترط تواتر الهيئة المخصوصة بأقسامها أم يشترط تواتر بعض الأقسام
دون بعض؟
التاسع
: ما حال
القراءتين المختلفتين اللتين يقضى اختلافهما إلى الاختلاف في الحكم؟
العاشر
: هل الشاذّ
منها كأخبار الأحاد (كخبر الواحد خ ل) أم لا؟
وبعض هذه
المقامات محلّها كتب القراءات وكثير منها محلّها كتب الاصول. والسبب الباعث على
التعرّض لهذا الفرع الذي لم يذكره المصنّف وبسط الكلام فيه أنّ بعض * فضلاء إخواني
وصفوة خلاصة خلّاني أدام الله تعالى تأييده سأل عن بعض ذلك ورأيته يحبّ كشف الحال
عمّا هنالك.
__________________
(*) هو السيّد
السند المقدّس الفاضل العامل المعتبر السيّد حمزة بن المرحوم السيّد حيدر (منه).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إذا تمهّد هذا
فنقول : القرّاء صحابيّون وتابعيّون أخذوا عنهم ومتبحّرون ، والصحابيّون المقرئون
سبعة : أمير المؤمنين وسيّد الوصيين عليهالسلام ، وابيّ ، وزيد بن ثابت ، وعثمان ، وابن مسعود ، وأبو
الدرداء وأبو موسى الأشعري. والقارئون : ابن عباس ، وعبد الله بن السائب ، وأبو
هريرة وهم تلامذة ابيّ ما عدا ابن عباس فإنّه قرأ على زيد أيضاً. والتابعيّون
المكيّون ستة والمدنيّون أحد عشر والكوفيّون أربعة عشر والبصريّون ستة والشاميّون
اثنان. وأمّا المتبحّرون فخلق كثير لكنّ الضابطين منهم أكمل ضبط من المكيّين ثلاثة
: عبد الله بن كثير ، وحميد بن قيس الأعرج ، ومحمد بن محيصن ، ومن المدنيّين أيضاً
ثلاثة : شيبة ، ونافع ، وأبو جعفر ابن القعقاع ، ومن البصريّين خمسة : عاصم ، وأبو
عمرو ، وعيسى بن عمر ، وعبد الله ابن إسحاق ، ويعقوب ، ومن الكوفيّين خمسة : يحيى
بن وثاب ، وسليمان ، وحمزة ، وعاصم والكسائي ، ومن الشاميّين أيضا خمسة : عطية ،
وإسماعيل ، ويحيى بن الحارث ، وشريح الحضرمي ، وعبد الله بن عامر.
وحيث تقاصرت
الهمم عن ضبط الرواة لكثرتهم غاية الكثرة اقتصروا ممّا يوافق خطّ المصحف على ما
يسهل حفظه وتنضبط القراءة به فعمدوا إلى من اشتهر بالضبط والأمانة وطول العمر في
الملازمة للقراءة والاتفاق على الأخذ عنه ، فأفردوا إماماً من هؤلاء في كلّ مصر من
الأمصار الخمسة المذكورة وهم : نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو بن عامر ، وعاصم ،
وحمزة ، والكسائي. وقد كان الناس بمكّة على رأس المائتين على قراءة ابن كثير ،
وبالمدينة على قراءة نافع ، وبالكوفة على قراءة حمزة وعاصم ، وبالبصرة على قراءة
أبي عمرو ويعقوب ، وبالشام على قراءة ابن عامر. وفي رأس الثلاثمائة أثبت ابن مجاهد
اسم الكسائي وحذف يعقوب ولم يتركوا بالكلّية ما كان عليه غير هؤلاء كيعقوب وأبي
جعفر وخلف ، ومن هنا كانوا عشرة. وكلّ واحد من هؤلاء أخذ عن جماعة من التابعين ،
والكسائي أخذ عن حمزة وأبي بكر بن عيّاش. وقد روى عن كلّ واحد من السبعة خلقٌ كثير
لكن اشتهر في الرواية عن كلّ واحد اثنان.
.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا ما وقع
في المقام الثاني فالظاهر من كلام أكثر علمائنا وإجماعاتهم أنّها متواترة إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ونقل الإمام الرازي اتفاق أكثر أصحابه على ذلك كما يأتي
نقل كلامه. وقال الشهيد الثاني في «المقاصد العلية » : إنّ كلًّا من القراءات السبع من عند الله تعالى نزل
به الروح الأمين على قلب سيّد المرسلين صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلّم الطاهرين تخفيفاً على الامّة وتهويناً على أهل
هذه الملّة.
قلت : وروى
الصدوق في «الخصال » بإسناده إليهم قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أتاني آتٍ من الله عزوجل يقول : إنّ الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد.
فقلت : يا ربي وسّع على امتي. فقال : إنّ الله تعالى يأمرك أن تقرأ على سبعة أحرف»
وربّما استدلّ عليه بقول الصادق عليهالسلام في خبر حمّاد بن عثمان «إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف وأدنى ما للإمام أن يفتي على سبعة وجوه ..
الحديث» وفي دلالته تأمّل.
وقال الشيخ في «التبيان
» : إنّ المعروف من مذهب الإمامية والتطلّع في أخبارهم ورواياتهم أنّ
القرآن نزل بحرف واحد على نبيّ واحد غير أنّهم أجمعوا على جواز القراءة بما
يتداوله القرّاء وأنّ الإنسان مخيّر بأيّ قراءة شاء قرأ وكرهوا تجريد قراءة بعينها
، انتهى.
وقال الطبرسي
في «مجمع البيان » : الظاهر من مذهب الإمامية أنّهم أجمعوا على القراءة
المتداولة بين القرّاء وكرهوا تجريد قراءة مفردة ، والشائع في أخبارهم أنّ القرآن
نزل بحرف واحد ، انتهى. وكلام هذين الإمامين قد يعطي أنّ التواتر إنّما هو
لأربابها.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال الزركشي
في «البرهان » : التحقيق أنّها متواترة عن الأئمة السبعة ، أمّا
تواترها عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ففيه نظر ، فإنّ أسنادهم لهذه القراءات السبع موجود في
الكتب وهو نقل الواحد عن الواحد ، انتهى.
قلت : لعلّه
أشار إلى قولهم : إنّ ابن كثير أخذ عن عبد الله بن السائب وهو أحد تلامذة ابيّ ولم
يقولوا إنّه أخذ عن غيره من تلامذة ابيّ كأبي هريرة وابن عباس ولا عن غيرهم ، فظاهرهم
أنّه إنّما نقل عن واحد ولم يقولوا فيه كما قالوا في نافع وغيره انّه أخذ عن جماعة
، ولكن لعلّ ذلك لاشتهار أخذه عنه وإن أخذ عن غيره.
وقال الإمام
الرازي : اتفق الأكثر على أنّ القراءات منقولة بالتواتر ، وفيه
إشكال ، لأنّها إن كانت منقولة بالتواتر وأنّ الله خيّر المكلّفين بينها كان ترجيح
بعضها على بعض واقعاً على خلاف الحكم الثابت بالتواتر ، فوجب أن يكون الذاهبون إلى
ترجيح البعض على البعض مستوجبين للفسق إن لم يلزمهم الكفر ، كما ترى أنّ كلّ واحد
من هؤلاء القرّاء يختصّ بنوع معيّن من القراءة ويحمل الناس عليه ويمنعهم عن غيره ،
وإن قلنا بعدم التواتر خرج القرآن عن كونه مفيداً للجزم والقطع وذلك باطل قطعاً ،
انتهى.
قلت : قد
يستأنس لذلك بما نراه من النحويين من نسبة بعضهم بعضاً إلى الغلط مع أنّهم الواسطة
في النقل عن العرب ومذاهبهم في النحو كاشفة عن كلام العرب في تلك المسائل والإشكال
الذي ذكره جار في ذلك أيضاً فتأمّل ، وسيأتيك التحقيق.
وقال الزمخشري : إنّ القراءة الصحيحة الّتي قرأ بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما هي في صفتها وإنّما هي واحدة والمصلّي لا تبرأ
ذمّته من الصلاة إلّا إذا قرأ بما وقع فيه الاختلاف على كلّ الوجوه كملك ومالك
وصراط وسراط وغير ذلك ، انتهى.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وكلامه هذا إمّا مسوق لإنكار التواتر إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم أو إنكاره من أصله.
و «قال الصادق عليهالسلام في صحيح الفضيل لمّا قال له : إنّ الناس يقولون إنّ القرآن نزل على
سبعة أحرف : كذب أعداء الله ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد». ومثله خبر
زرارة . وقال المحدّث الكاشاني في «الوافي » بعد نقل الخبرين : المقصود منهما واحد وهو أنّ القراءة
الصحيحة واحدة. قلت : قد يقرب منهما صحيح المعلّى .
وقال الاستاذ
أيّده الله تعالى في «حاشية المدارك » رادّاً على الشهيد الثاني ما نصّه : لا يخفى أنّ
القرآن عندنا نزل بحرف واحد من عند الواحد والاختلاف جاء من قبل الرواية ، فالمراد
بالمتواتر ما تواتر صحّة قراءته في زمان الأئمة عليهمالسلام بحيث كانوا يجوّزون ارتكابه في الصلاة وغيرها ، لأنّهم عليهمالسلام كانوا راضين بقراءة القرآن على ما هو عند الناس بل ربما
كانوا يمنعون من قراءة الحقّ ويقولون هي مخصوصة بزمان ظهور القائم عجلّ الله تعالى
فرجه ، انتهى.
قلت : يشير
بذلك إلى الأخبار الواردة في ذلك كخبر سالم بن سلمة وغيره وكلامه ككلام الشيخ والطبرسي والكاشاني يعطي وجوب
القراءة بهذه القراءات وإن لم تكن قرآناً رخصة وتقية ، وفيه بُعد. وعلى هذا فيحمل
خبر «الخصال» المتقدّم على التقية وكلام الأصحاب وإجماعاتهم على التواتر إلى
أصحابها لا إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وينحصر الخلاف فيمن صرّح بخلاف ذلك كالشهيد الثاني
وغيره.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ويؤيّد * ذلك ما سمعته عن هؤلاء الجماعة من العامّة وأنّ الظاهر من قولهم
أنّ هؤلاء متبحّرون أنّ أحدهم كان إذا برع وتمهّر شرع للناس طريقاً في القراءة لا
يعرف إلّا من قبله ولم يرد على طريقة مسلوكة ومذهب واضح متواتر محدود وإلّا لم
يختص به ، ووجب على مقتضى الغالب في العادة أن يعلم به الآخر المعاصر له ، لاتحاد
الفن وعدم البعد عن المأخذ. وكيف نطّلع نحن على تواتر قراءات هؤلاء ولا يطلّع
بعضهم على ما تواتر إلى الآخر؟ إنّ ذلك لمستبعد جدّا إلّا أن يقال إنّ كلّ واحد من
السبعة ألّف طريقته من متواترات كان يعلمها الآخر لكنّه اختار هذه دون غيرها من
المتواترات لمرجّح ظهر له كالسلامة من الإمالة والروم ونحو ذلك. فطريقته متواترة
وإن لم تكن الهيئة التركيبية متواترة وبذلك حصل الاختصاص والامتياز. وإن صحّ ما
نقله الرازي من منع بعضهم الناس عن قراءة غيره اشتدّ الخطب وامتنع الجواب.
والشهيد الثاني
أجاب عمّا اشكل على الرازي كما سمعت بأنّه ليس المراد بتواترها أنّ كلّ ما ورد من
هذه السبع متواتر بل المراد انحصار المتواتر الآن فيما نقل من هذه القراءات ، فإنّ
بعض ما نقل عن السبعة شاذّ فضلاً عن غيرهم كما حقّقه
__________________
(*) وقد يؤيّد
ذلك بما قيل من أنّ كتب القراءة والتفسير مشحونة من حكاية قراءة أهل
البيت عليهمالسلام يقولون قرأ عاصم كذا وقرأ علي عليهالسلام كذا إلّا أن يجاب بحمل ما روي عنهم عليهمالسلام رواية الآحاد أو أنّ ذلك كان من المتواترات الذي
اختارها عاصم مثلاً ، فلا مانع من أن يكون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أو علي عليهالسلام قرأ ببعض المتواترات وقرأ عاصم بالبعض الآخر. ومنه يعلم
حال ما يقال : إنّ لكلّ واحد راويين فمن أين حصل التواتر؟ لأنّا
نقول : الراويان ما رويا أصل التواتر وإنّما رويا المختار من المتواتر كما ستعرف (منه
عفا الله تعالى عنه).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
جماعة من أهل هذا الشأن ، انتهى. وقال سبطه بعد نقل هذا عنه : هذا مشكل جدّاً لكن «لكون ظ»
المتواتر لا يشتبه بغيره كما يشهد به الوجدان ، انتهى. قلت : وكلامه هذا بظاهره قد
يخالف كلامه السابق من أنّ الكلّ نزل به جبرئيل .. إلى آخره ، فليلحظ ذلك ، على
أنّه ذكر الكلامين في كتاب واحد وهو «المقاصد العلية» والجمع بينهما ممكن. تمّ
إنّه لو ثمّ كانت جميع القراءات متواترة ، إذ ما من قراءة إلّا وبعض ما تألّفت منه
متواتر قطعاً كمواقع الاجتماع إلّا أن يقال بأنّ المراد أنّ ما يفارق غير السبع
السبع لا متواتر فيه بخلاف السبع فإنّ ما تفارق به غيرها أكثره متواتر. وفيه : أنّ
تواتر ما تمتاز به هذه القراءات عن البواقي مع عدم علم أصحابها بعيدٌ كما سمعت
مثله في هذه السبع.
وقد علم ممّا
ذكر حال المقام الثالث. وقد تحصّل من المقامين على القول الأوّل * في المقام
الثاني أنّ كلّ ما ورد إلينا متواتراً من السبع فهو متواتر إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وما اختلفت الرواية فيه عن أحدهما يعدل عنه إلى ما
اتفقت فيه الرواية عن القارئ الآخر ، لأنّه ليس بواجب ولا مستحبّ عند الكلّ اتباع
قراءات الواحد في جميع السورة ولا مانع عندهم من ترجيح بعضها على بعض لسلامته من
الإدغام والإمالة ونحو ذلك وإن كان الكلّ من عند الله تعالى ** نعم يتجه المنع إن
كان نعم يتجه المنع إن كان المرجّح لإحداهما يمنع من الاخرى ولم يسمع ذلك إلّا من
الرازي وظاهرهم الاتفاق على خلافه.
قال في «المنتهى
» : وأحبّها إليَّ قراءة عاصم بطريق أبي بكر بن عيّاش وطريق أبي عمرو ابن
العلاء فإنّهما أولى من قراءة حمزة والكسائي لما فيهما من
__________________
(*) وهو
التواتر إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم (منه).
(**) كما هو
الشأن في الواجب المخيّر (منه).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الإدغام والإمالة وذلك كلّه تكلّف ، ولو قرأ بذلك صحّت صلاته بلا خلاف ،
انتهى. وظاهره فيه القول بتواترها إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. وأمّا القائلون بتواترها إلى أربابها فقط فلا يتجه
عليهم إيراد الرازي.
وليعلم أنّ
القائلين بأنّ كلّ حرف منها متواتر كما هو ظاهر الأكثر لا بدّ لهم من تأويل * ما
وقع لبعض المفسّرين والنحويين كالزمخشري ونجم الائمة من إنكار بعض الحروف تصريحاً أو تلويحاً حيث حكم الأوّل
بسماجة قراءة ابن عامر «قتل أولادَهم شركائِهم» وردّها للفصل بين المتضايفين
والثاني أي الرضي في قراءة حمزة «تساءلون به والأرحامِ» بالجرّ ونحو ذلك. وهذا
ممّا يؤيّد ما ذهب إليه الشهيد الثاني وجماعة من محقّقي هذا الشأن كما سمعت. وقد
استفيد من هذا وما قبله بيان الحال في المقام الثالث.
وأمّا ما وقع
في المقام الرابع «فالقائل بتواترها إلى أربابها دون الشارع يقول إنّ آل الله عليهمالسلام أمروا بذلك فقالوا : اقرأوا كما يقرأ الناس » وقد كانوا يرون أصحابهم وسائر من يتردّد إليهم يحتذون
مثال هؤلاء السبعة ويسلكون سبيلهم ولو لا أنّ ذلك مقبول عنهم لأنكروا عليهم مع أنّ
فيهم من وجوه القراءة كأبان بن تغلب وهو من وجوه أصحابهم صلّى الله عليهم ، وقد
استمرّت طريقة الناس وكذا العلماء على ذلك ، على أنّ في أمرهم بذلك أكمل بلاغ ،
مضافاً إلى نهيهم عن مخالفتهم. ويؤيّد ذلك أنّه قد نقل عن كثير منهم متواترا أنّهم
تركوا البسملة مع أنّ الأصحاب مجمعون على بطلان الصلاة بتركها ، فلو كانت متواترة
إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(*) يمكن
تأويلها بأنّ غيرها أحبّ إلى الرادّ منها كما سمعت عن المنتهى لا أنّه لا يجوز
القراءة بها ، فتأمّل (منه).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ما صحّ لهم أن يحكموا ببطلان الصلاة حينئذٍ. وأمّا على القول بأنّ آل الله
سبحانه جوّزوا ذلك صحّ أن يقال بأنّهم صلّى الله عليهم استثنوا ذلك ، فليلحظ هذا.
وأمّا ما وقع
في المقام الخامس فالدليل على وجوب الاقتصار عليها أنّ يقين البراءة إنّما يحصل
بذلك ، لاتفاق المسلمين على جواز الأخذ بها إلّا ما علم رفضه وشذوذه ، وغيرها
مختلف فيه ، ومن المعلوم أنّها المتداولة بين الناس ، وقد نطقت أخبارنا بالأمر
بذلك وانعقدت إجماعات أصحابنا على الأخذ به كما سمعته عن «التبيان ومجمع البيان»
وكذا «المنتهى» فجواز الأخذ بغيرها يحتاج إلى دليل. ولو لا ذلك لقلنا كما قال
الزمخشري : لا تبرأ ذمّة المصلّي إلّا إذا قرأ بما وقع الاختلاف فيه على كلّ
الوجوه.
وأمّا ما وقع
في المقام السادس فقد سمعت خبر «الخصال» وقد روى العامّة في أخبارهم أنّ القرآن نزل على سبعة أحرف كلّها شافٍ
وافٍ وادّعوا تواتر ذلك عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم واختلفوا في معناه إلى ما يبلغ أربعين قولاً ، أشهرها
الحمل على القراءات السبع ، لكن في خبر حمّاد بعد قوله عليهالسلام : إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف وأدنى ما للإمام أن
يفتي على سبعة وجوه ، وقد فهم منه جماعة من أصحابنا أنّ المراد بالسبعة أحرف البطون والمعنى أنّه
نزل مرموزاً به إلى سبعة بطون ، فتلك أقلّ ما للإمام أن يفتي به وما زاد على ذلك
فبطون البطون كما جاء في الأخبار : «أنّ لكلّ بطن بطناً حتى ينتهي إلى سبعين ».
والقول بأنّ
الأحكام خمسة فما هذا الزائد؟ جوابه : أنّه يمكن في بيان التكليف كأن يبيّن الوضوء
مثلاً ببيان أو بيانين أو ثلاثة أو عشرة ، لأنّ له أن يعمّم وأن يخصّص وأن يطلق
وأن يشترط ويقيّد وتختلف الشرائط والقيود والتخصيصات
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فتتضاعف أضعافاً كثيرة ، وأمّا إذا أفتى بالأحكام فلا يتجاوز الخمسة.
وممّا يؤيّد
ذلك ما قاله مكي بن أبي طالب : إنّ ابن جبير قد صنّف قبل ابن مجاهد كتاباً في
القراءات واقتصر على خمسة أخبار على عدد الأمصار الّتي أرسل عثمان إليها المصاحف ،
قال : ومن الناس من قال إنّه وجّه سبعة؟ هذه الخمسة ومصحفاً إلى اليمن وآخر إلى
البحرين. ولمّا أراد ابن مجاهد وغيره مراعاة هذا العدد ولم يعلم لذينك المصحفين
بخبر أثبتوا قارئين آخرين كمّلوا بهما العدد الّذي ورد به الخبر ، وعثر عليه من لم
يعرف أصل المسألة فظنّ أنّ المراد بالأحرف السبعة القراءات السبع ، انتهى. وهذا
يؤيّد ما عليه أصحابنا وإن خالفها من وجه آخر. وقد سمعت أنّ المعروف من مذهب
الإمامية أنّه إنّما نزل على حرف واحد كما في «التبيان ومجمع البيان ».
وأمّا ما وقع في
المقام السابع فالظاهر من علمائنا وغيرهم عدم وجوب موافقة المتواتر أهل النحو أو
الأقيس عندهم ، وكم من قراءة أنكرها أهل النحو كإسكان «بارئكم ويأمركم وما يشعركم»
ونصب قوماً في «ليجزى قوماً» وغير ذلك ، بل النحو ينبغي أن ينزّل على القرآن
المجيد وأن يكون مستقيماً به لا العكس. ولا يجب موافقة الأفشى والأظهر في اللغة ،
لأنّ القراءة سنّة متّبعة يجب قبوله ، وهذا الخبر مشهور وقد رووه عن زيد بن ثابت .
وأمّا ما وقع
في المقام الثامن فلا كلام في اشتراط المادّة الجوهرية الّتي تختلف خطوط القرآن
ومعناه بها لأنّها قرآن ، فلا بدّ أن تكون متواترة وإلّا لزم أن يكون بعض القرآن
غير متواتر وهو باطل. وهذا قياس من الشكل الثالث
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهو هكذا : القراءات السبع قرآن والقراءات السبع غير متواترة ينتج بعض
القرآن غير متواتر.
وأمّا الهيئة
التي لا تختلف الخطوط والمعنى بها كالمدّ والإمالة ففيها خلاف ، فجماعة من متأخّري
أصحابنا على أنّه لا يجب تواترها. واعترض عليهم بأنّ المراد بالقرآن هنا
هو اللفظ والهيئة وإن لم تكن جزءً لجوهره لكنّها عارضة لازمة فلا يمكن نقله بدونها
، فالقول بوجوب تواتر الأوّل ينافي القول بعدم وجوب تواترها واجيب بأنّ الهيئة
الخاصّة ليست بلازمة ، بل اللازم هو القدر المشترك بينها وبين غيرها والمطلوب أنّ
الهيئة المخصوصة لا يجب تواترها وإن وجب تواتر القدر المشترك.
وأمّا ما يختلف
به المعنى دون الخطّ فلا بدّ من تواتره وإلّا فهي من الشواذّ كملك بصيغة الماضي.
وكذا ما يختلف به الخطّ فقط لا بدّ من تواترها ، بل ذلك ليس من الهيئة بل من
الموادّ والجواهر.
وأمّا ما وقع
في المقام التاسع فالمشهور بين المتأخّرين كما في «وافية الاصول » التخيير. وقد سمعت ما في «المنتهى» ممّا هو أحبّ إليه
وما استند إليه. ومستند المشهور تكافؤ القراءات وانتفاء الترجيح لكونها كلّها
قرآناً فكانا بمنزلة آيتين ، فإن كان اختلافهما مفضياً إلى الاختلاف في الحكم
عملوا بما يقتضيه ذلك كما خصّصوا قراءة الأكثرين «حَتّى يَطْهُرْنَ»
بالتخفيف
بقراءة بعضهم بالتشديد. وفي «وافية الاصول » الأولى الرجوع في ذلك إلى أهل الذكر صلوات الله عليهم
أجمعين إن أمكن وإلّا فالتوقّف. وفيه : أنّه إن كان هناك مرجّح أخذ به من دون
توقّف وإلّا فالتخيير كما عليه الأكثر.
__________________
والترتيل ،
______________________________________________________
وأمّا ما وقع
في المقام العاشر فالمعروف أنّ الشاذّ مرفوض ، وخالف أبو حنيفة وزعم أنّه بمنزلة الآحاد ، فمن عمل بالآحاد فعليه العمل
به ، إذ لا وجه لنقل العدل له في القرآن إلّا السماع من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إمّا بوجه القرآن أو بوجه البيان. وأجاب بعض أصحابنا بمنع ذلك ، لجواز أن يكون ذلك مذهباً للقارئ. والقول
بأنّ العدل لا يلحق مذهبه بالكتاب معارض بأنّ العدل لا يلحق الخبر بالكتاب ، على
أنّ اعتقاد العدل بأنّه قرآن إمّا من جهة الخطأ في الاجتهاد أو من جهة النسيان
والسهو وذلك لا ينافي عدالته.
[استحباب الترتيل]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والترتيل)
بإجماع العلماء
كافّة كما في «المدارك والحدائق » وفي «الصحاح » الترتيل في القراءة الترسّل فيها من غير بغي * وفي «القاموس
» رتّل الكلام ترتيلاً أحسن تأليفه. وفي «الكشّاف » ترتيل القرآن قراءته على ترسّل وتودة بتبيين الحروف
وإشباع الحركات. وفي «النهاية » التأنّي فيها والتمهّل وتبيين الحروف والحركات تشبيهاً
بالثغر المرتّل
__________________
(*) أي زيادة
طغيان (منه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهو المشبّه بنور الاقحوان. وفي «المغرب » الترتيل في الأذان وغيره أن لا يعجل في إرسال الحروف
بل يثبّت فيها ويبيّنها تبييناً ويوفّيها حقّها من الإشباع من غير إسراع من قولهم
ثغر مرتّل ورتل مفلّج مستوي النسبة حسن التنضيد. ومثله ما نقل عن «العين ». وقال الطبرسي في «مجمع البيان » : رتّله أي بيّنه بياناً واقرأ على هينتك ، وقيل :
معناه ترسّل فيه ترسّلاً ، وقيل : معناه تثبّت فيه تثبيتاً ، ثمّ روى الخبر الآتي
نقله. وسيأتي ما نقل عن «التبيان» والزجّاج.
وفي «المعتبر والمنتهى » تبيين الحروف من غير مبالغة. وفي «نهاية الإحكام » نعني به بيان الحروف وإظهارها ولا يمدّه بحيث يشبه
الغناء. ومثله قال في «التذكرة » ولعلّ المراد بالمبالغة في الأوّلين وبالمدّ المشبّه
بالغناء في الأخيرين هو البغي المذكور في كلام الجوهري. وما ذكره في «المعتبر»
نقله فيه عن الشيخ ، ولعلّه فهمه من قوله في «المبسوط » ينبغي أن يبيّن الحروف ويرتّلها.
وفي «إرشاد
الجعفرية » هو تبيين الحروف وإظهارها. وفي «المدارك » الترتيل الترسّل والتبيين وحسن التأليف. وفي «الذكرى
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفوائد الشرائع وتعليق النافع » أنّه حفظ الوقوف وأداء الحروف. وفي «المفاتيح » وبيان الحروف. وفي «الروضة » معناه لغةً الترسّل فيها والتبيين بغير بغي ، وشرعاً
كما في الذكرى. ومثله قال في «الروض » وقال فيه : اختلفت العبارة عنه شرعاً وذكر ما ذكر في
المعتبر ونهاية الإحكام والذكرى وظنّ أنّ ما في نهاية الإحكام يخالف ما في
المعتبر. وكذا قال في «المسالك » له ثلاثة معانٍ وذكر ما في الكتب الثلاثة.
وفي «جامع المقاصد
» المراد بالتبيين المأخوذ في عبارة المنتهى في تعريف الترتيل هو ما زاد
على القدر الواجب من التبيين. ومثله ما في «الميسية». وعدّ في «النفلية » الترتيل من المستحبّات ، قال : هو تبيين الحروف
بصفاتها المعتبرة من الهمس والجهر والاستعلاء والإطباق والغنّة وغيرها والوقف
التامّ والحسن عند فراغ النفس مطلقاً. وفسّر الشهيد الثاني التامّ بالذي لا يكون
للكلام قبله تعلّق بما بعده لفظاً ولا معنىً ، والحسن بالذي يكون له تعلّق من جهة
اللفظ دون المعنى. ثم قال : ومن هنا يعلم أنّ مراعاة صفات الحروف المذكورة وغيرها
ليس على وجه الوجوب كما يذكره علماء فنّه مع إمكان أن يريدوا به تأكيد الفعل كما
اعترفوا به في اصطلاحهم على الوقف الواجب . وقريب من ذلك ما في «الحبل المتين ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «المعتبر » ربما كان الترتيل واجباً إذا اريد به النطق بالحروف من
مخارجها بحيث لا يدمج بعضها في بعض. ويدلّ عليه قوله تعالى (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) ومثله بدون تفاوت أصلاً ما في «الذكرى والفوائد الملية » وفي «المدارك » انّه حسن.
وفي «البحار » انّ الّذي يظهر من كلام اللغويين هو أنّ الترتيل
الترسّل والتأنّي ، وعليه حمل الآية جماعة من أصحابنا وغيرهم ، لكن لمّا روى
العامّ والخاصّ عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه وابن عباس تفسيره بحفظ الوقوف
وأداء الحروف وفي بعض الروايات : وبيان الحروف تمسّك به أصحاب التجويد وفسّروه
بهذا الوجه ، وتبعهم الشهيد قدّس الله تعالى روحه وكثير ممّن تأخّر عنه وتبعوهم في
تفسيرهم الحديث حيث فسّروه على قواعدهم ومصطلحاتهم. وفي الحدائق لم أقف على هذه الرواية في كتب الأخبار ويحتمل أن تكون
من طرق العامّة وإن استسلفها أصحابنا في هذا المقام.
وفي «كشف
اللثام» كأنّ الشهيد عنى في تفسيره بحفظ الوقوف أن لا يهذّ هذّ الشعر. ولا ينثر
نثر الرمل. وقال فيه أيضاً : الترتيل يتضمّن التأنّي في الأداء كما في التبيان
وغيره ، لأنّ التبيين كما قال الزجّاج لا يتمّ بالتعجيل . وقال عليّ بن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إبراهيم في تفسيره (رَتِّلِ الْقُرْآنَ
تَرْتِيلاً) قال : بيّنه بياناً ولا تنثره نثر الرمل ولا تهذّه هذّ
الشعر. وفي الكافي مسنداً عن عبد الله بن سليمان «أنّه سأل الصادق عليهالسلام عن قوله عزوجل : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ
تَرْتِيلاً) قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : بيّنه تبياناً ولا تهذّه هذّ الشعر ولا تنثره نثر
الرمل ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة». وفي مجمع
البيان عن أبي بصير عنه عليهالسلام هو أن تتمكّث فيه وتحسّن به صوتك ، انتهى.
قلت : في «دعائم
الإسلام » أنّ أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام قال : بيّنه
تبيانا ولا تنثره نثر الدَقَل ولا تهذّه هذّ الشعر ، قفوا عند عجائبه وحرّكوا به
القلوب ، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة ، انتهى.
وفي «النهاية » في حديث ابن مسعود هذّاً كهذّ الشعر ونثراً كنثر
الدَقَل أراد لا تسرع فيه كما تسرع في قراءة الشعر والهذّ سرعة القطع والدَقَل ردي
التمر أي كما يتساقط الرطب اليابس من العذق إذا هزَّ ، انتهى.
قال في «البحار
» حمل كلتا الفقرتين على الإسراع ، ويمكن حمل نثر الدَقَل في رواية الكتاب
على كثرة التأنّي والفصل بين الحروف كثيراً فيكون كالدَقَل المنثور واحد هنا وآخر
في موضع آخر ، ذكر هذا في موضع من البحار. وقال في المقام : ولقد أحسن الوالد قدسسره حيث قال : الترتيل الواجب هو أداء الحروف من المخارج
وحفظ أحكام الوقوف بأن لا يقف على الحركة ولا يصل بالسكون فإنهما غير جائزين
باتفاق القرّاء وأهل العربية ، والترتيل المستحبّ هو أداء الحروف بصفاتها المحسّنة
لها وحفظ الوقوف التي استحبّها القرّاء وبيّنوها في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
تجاويدهم. والحاصل : انّه إن حملنا الترتيل في الآية على الوجوب كما هو
دأبهم في أوامر القرآن فليحمل على ما اتفقوا على لزوم رعايته من حفظ حالتي الوصل
والوقف وأداء حقّهما من الحركة والسكون أو الأعمّ منه ومن ترك الوقف في وسط الكلمة
اختياراً. ومنع الشهيد رحمهالله من السكوت على كلمة بحيث يخلّ بالنظم ، فلو ثبت تحريمه
كان أيضاً داخلاً فيه ، ولو حمل الأمر على الندب أو الأعمّ كان مختصّاً أو شاملاً
لرعاية الوقف على الآيات مطلقاً كما ذكره جماعة من أكابر أهل التجويد. ويشمل أيضاً
على المشهور رعاية ما اصطلحوا عليه من الوقف اللازم والتامّ والحسن والكافي
والجائز والمجوّز والمرخّص والقبيح ، لكن لم يثبت استحباب رعاية ذلك عندي ، لأنّ
تلك الوقوف من مصطلحات المتأخّرين ولم تكن في زمان أمير المؤمنين صلوات الله عليه
، فلا يمكن حمل كلامه عليهالسلام عليه إلّا أن يقال غرضه عليهالسلام رعاية الوقف على ما يحسن بحسب المعنى على ما يفهمه
القارئ ولا ينافي هذا حدوث تلك الاصطلاحات بعده. ويردّ عليه أيضاً أنّ هذه الوقوف
إنّما وضعوها على حسب ما فهموه من تفاسير الآيات ، وقد وردت الأخبار الكثيرة كما
ستأتي في أنّ معاني القرآن لا يفهمها إلّا أهل بيت نزل عليهم القرآن ، ويشهد له
أنّا نرى كثيراً من الآيات كتبوا فيها نوعاً من الوقف بناءً على ما فهموه ووردت
الأخبار المستفيضة بخلاف ذلك المعنى ، كما أنّهم كتبوا الوقف اللازم في قوله
سبحانه : (وَما يَعْلَمُ
تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) على آخر الجلالة ، لزعمهم أنّ الراسخين في العلم لا
يعلمون تأويل المتشابهات ، وقد وردت الأخبار المستفيضة في أنّ الراسخين هم الأئمة عليهمالسلام وهم يعلمون تأويلها ، مع أنّ المتأخّرين من مفسّري
العامّة والخاصّة رجّحوا في كثير من الآيات تفاسير لا توافق ما اصطلحوا عليه في
الوقوف. ولعلّ الجمع بين المعنيين لورود الأخبار على الوجهين وتعميمه بحيث يشمل
الواجب والمستحبّ من كلّ منهما ، حتى أنّه يراعى في الوقف ترك قلّة المكث بحيث
ينافي التثبّت والتأنّي ، وكثرة المكث بحيث ينقطع الكلام ويتبدّد النظام فيكره أو
يصل إلى حدّ يخرج عن كونه قارئاً
والوقوف في محلّه ،
______________________________________________________
فيحرم على المشهور ، أولى * وأظهر تكثيراً للفائدة ورعايةً لتفاسير العلماء
واللغويين وأخبار الأئمة الطاهرين صلوات الله تعالى عليهم أجمعين ، انتهى كلامه ،
وقد نقلناه بطوله لجودة محصوله فيما نحن فيه وفي المسألة الآتية.
[في استحباب الوقوف في مواردها]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والوقوف في محلّه)
أي المحلّ
المعروف عند القرّاء ، فأجودها التامّ ثمّ الحسن ثمّ الجائز كما في «الذكرى وجامع المقاصد والروض والمدارك » وفي «كشف اللثام » المراد بمحلّه المحلّ الذي يحسن فيه الوقف لتحسينه
الكلام ودخوله في الترتيل ، انتهى. وفي الأربعة الاول و «مجمع البرهان » انّه لا يتعيّن في موضع بل متى شاء وقف ومتى شاء وصل.
وفي «الروض ومجمع البرهان والمدارك » أنّ ما ذكره القرّاء واجباً
__________________
(*) خبر لعلّ (بخطّه
قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أو قبيحاً لا يعنون به معناه الشرعي كما صرّح به محقّقوهم ، بل في «مجمع
البرهان» إجماع الأصحاب على عدم وجوب وقف في القرآن ، وقد سمعت ما في «الفوائد
الملية ».
وفي «النفلية والفوائد الملية » يستحبّ الوقف عند فراغ النفس ، وفي الأخير : ولو كان
من الممنوعة. وفي «كشف اللثام » يجوز الوقف على كلّ كلمة إذا قصرا لنفَس وإذا لم يقصر
على غير المضاف ، ما لم يكثر فيخلّ بالنظم ، ويلحق بذلك الأسماء المعدودة ، انتهى.
وقد سمعت منع الشهيد من السكوت على كلمة بحيث يخلّ بالنظم. ولا
تغفل عمّا نقله في «البحار» عن والده.
وليعلم أنّ
الوقف على ما لا يفيد معنىً مستقلًّا قبيح كالشرط والمضاف ، والتامّ هو الذي لا
تعلّق له بما بعده لا لفظاً ولا معنىً ، والحسن ما له تعلّق به من حيث اللفظ فحسب
ك «الحمد لله» والكافي ما له تعلّق به من حيث المعنى فحسب مثل قوله تعالى :
(لا رَيْبَ فِيهِ) .. و (مِمّا رَزَقْناهُمْ) وقال السيّد شريف : اشترط بعضهم في الكافي أن يكون ما بعد الموقوف عليه
متعلّقاً به تعلّقاً إعرابياً.
وقال الحريري : أكثر ما يوجد الوقف التامّ في الفواصل ورءوس الآي وقد
يوجد قبل انقضاء الفاصلة نحو قوله عزوجل : (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ
أَهْلِها أَذِلَّةً)
__________________
والتوجّه أمام القراءة ،
______________________________________________________
إذ قوله سبحانه «أَذِلَّةً»
هو آخر كلام
بلقيس ، وقد يوجد بعد انقضائها نحو قوله تعالى : (وَإِنَّكُمْ
لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ) إذ رأس الآي «مُصْبِحِينَ»
وتمام الكلام
قوله «وَبِاللَّيْلِ»
لأنّه معطوف
على المعنى ، أي بالصبح وبالليل ، انتهى.
قالوا : والوقف
التامّ في الفاتحة أربعة : على آخر «البسملة» وعلى «الدِّينِ»
وعلى «نَسْتَعِينُ»
وعلى «الضّالِّينَ»
والحسن عشرة :
على «الرَّحْمنِ»
وعلى «الجلالة»
وعلى «الْعالَمِينَ»
وعلى «الرَّحْمنِ»
وعلى «الرَّحِيمِ»
وعلى «نَعْبُدُ»
وعلى «الْمُسْتَقِيمَ»
وعلى «عَلَيْهِمْ»
الأوّل والثاني
(الأولى والثانية خ ل). قلت : وعلى هذا يلزم أن يكون الوقف على «الصراط» ممّا يعدّ
حسناً.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والتوجّه أمام
القراءة) المراد بالتوجّه دعاء التوجّه بعد تكبيرة الإحرام ، وقد
نصّ على أنّ دعاء التوجّه بعدها في «المراسم والغنية والبيان واللمعة وجامع المقاصد والروضة » وهو ظاهر «المقنعة والنهاية والمبسوط » وغيرها ، بل في «الروضة» يتوجّه بعد التحريمة حيث ما فعلها ،
لكن في «النفلية والفوائد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الملية » ثمّ يدعو بعد التكبيرة السابعة ، سواء كانت تكبيرة
الإحرام أم غيرها ، انتهى. وعن كتاب «عمل يوم وليلة » فإن قدّم التوجّه ثمّ كبّر تكبيرة الإحرام وقرأ بعدها
كان جائزاً. وقد تقدّم في بحث التكبيرات السبع ما له نفع في المقام.
والموجود في
بعض الكتب الّتي تعرّض فيها لهذا الدعاء هكذا : «وجّهتُ وجهي
للّذي فطر السماوات والأرض على ملّة إبراهيم حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين ،
إنّ صلاتي .. إلى آخره» وبه صحيح زرارة . وفي «النهاية » لم يذكر قوله : «على ملّة ابراهيم» ثمّ قال : وإن قلت «على
ملّة إبراهيم ودين محمد ومنهاج عليّ حنيفاً مسلماً .. إلى آخره» كان أفضل ، وفي
بعضها زيادة بعد : الّذي فطر السماوات والأرض «عالم الغيب والشهادة» كما في حسن
الحلبي . وفي «المقنعة والمراسم » «وجّهتُ وجهي للّذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً
على ملّة ابراهيم ودين محمّد وولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله
عليهم (عليه خ ل) وما أنا من المشركين ، إنّ صلاتي .. إلى آخره» وهو المنقول عن «المقنع
». وفي «الغنية » كما عن «الكافي » : على ملّة إبراهيم ودين محمّد وولاية أمير المؤمنين
علي والأئمة من ذرّيتهما صلوات الله
__________________
والتعوّذ بعده
______________________________________________________
عليهم حنيفاً مسلماً .. إلى آخره. وفي «احتجاج الطبرسي » عن صاحب الزمان صلّى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين في
جواب محمّد بن عبد الله الجعفري الحميري : «السنّة المؤكّدة فيه الّتي كالإجماع
الذي لا خلاف فيه وجّهتُ وجهي للّذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً على ملّة
ابراهيم ودين محمّد وهدي * عليّ أمير المؤمنين وما أنا من المشركين ، إنّ صلاتي ..
إلى آخره».
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والتعوّذ بعده)
التعوّذ أمام
القراءة مستحبّ بالإجماع كما في «الخلاف والمنتهى والذكرى والفوائد الملية والبحار وكشف اللثام » وبلا خلاف كما في «مجمع البيان » وبه صرّح كلّ من تعرّض له. وعن الشيخ أبي علي ابن الشيخ انّه واجب. وقد رموه تارةً
__________________
(*) أي طريقه (بخطه
قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بالشذوذ واخرى بالغرابة.
وفي «البحار » لو لا الأخبار الكثيرة لتأتّى القول بوجوب الاستعاذة
في كلّ ركعة يقرأ فيها بل في غير الصلاة عند كلّ قراءة ، لكنّ الأخبار الكثيرة
تدلّ على الاستحباب وتدلّ بظاهرها على اختصاصه بالركعة الاولى والإجماع المنقول
والعمل المستمر مؤيّد. ومن مخالفة ولد الشيخ يعلم معنى الإجماع الذي ينقله والده
وهو أعرف بمسلك أبيه ومصطلحاته ، انتهى كلامه ، فتأمّل فيه.
وليس عندنا من
الأخبار الدالّة على عدم الوجوب إلّا خبر فرات بن أحنف وخبر «الفقيه » في حكاية صلاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبقيّة الأخبار ظاهرة في الوجوب كالآية الشريفة ، فالأصل في ذلك الإجماع منّا ومن العامّة ، بل
قال مالك : لا يتعوّذ في المكتوبة ، وعن ابراهيم النخعي ومحمد بن سيرين انّهما كانا يتعوّذان بعد القراءة.
وليعلم أنّه
يستحبّ الإخفات بها كما نصّ عليه أكثر من تعرّض له . وفي «الخلاف » الإجماع عليه. وفي «الذكرى وجامع المقاصد والفوائد الملية »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
نسبة استحباب الإخفات بها ولو في الجهرية إلى الأكثر ، وفي «التذكرة وإرشاد الجعفرية » أنّه على ذلك عمل الأئمة عليهمالسلام. وفي «المفاتيح » بعد نسبة استحباب الإخفات بها إلى المشهور قال كما في «الذكرى
» : إنّ الخبر الفعلي محمول على تعليم الجواز.
وفي «البحار»
لم أر مستنداً للإسرار والإجماع لم يثبت. ورواية حنّان بن سدير تدلّ على استحباب
الجهر حيث يقول : «إنّ الصادق عليهالسلام تعوّذ بإجهار» ولا سيّما للإمام في المغرب .. إلى آخر
ما قال . واستجوده صاحب «الحدائق ». والإجماع المنقول والسيرة المنقولة عن الأئمة عليهمالسلام وفتوى الأصحاب من غير خلاف مع شهادة صحيح صفوان حجّة عليهما.
وصورته : «أعوذ
بالله من الشيطان الرجيم» كما «في المبسوط » وغيره . وفي «الفوائد الملية » انّها محلّ وفاق. وفي «الحدائق » انّ هذا هو المشهور. وفي «البحار » انّه الأشهر. وفي «المفاتيح » انّها مشهورة. وبها قال من القرّاء
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ابن كثير وعاصم وأبو عمر. وفي «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام والمقنع والمقنعة والمراسم » «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم». وفي «المفاتيح
» أنّها مشهورة أيضاً. وفي «المبسوط وجامع الشرائع » وغيرهما انّه مخيّر بينهما ، وظاهرهم أنّ الاولى أولى. وفي «الحدائق
» انّ هذه الصورة أقوى دليلاً لما رواه البزنطي عن ابن عمّار والحميري في «قرب الإسناد » عن أبي عبد الله عليهالسلام. وهو الّذي قاله الإمام العسكري عليهالسلام في تفسيره والمروي في دعائم الإسلام عن الصادق عليهالسلام. وأمّا الصورة الاولى فليس بها إلّا رواية الخدري والظاهر أنّها عامّية. قلت : هذه رواها الشهيد في «الذكرى
».
وعن القاضي انّه زاد بعد الصورة الثانية «إنّ الله هو السميع
العليم» ولعلّ
__________________
في أوّل ركعة ، وقراءة سورة مع الحمد في النوافل ،
______________________________________________________
مستنده موثّقة سماعة إلّا أنّ فيها «أستعيذ» كما في بعض خُطب أمير المؤمنين عليهالسلام.
وقال نافع وابن
عامر والكسائي إنّه : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إنّ الله هو السميع العليم»
وعن بعضهم : «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم» وقال حمزة : «نستعيذ
بالله من الشيطان الرجيم ».
قوله قدّس الله تعالى روحه : (في أوّل ركعة)
إجماعاً كما في
«الخلاف وجامع المقاصد » وفي الأوّل : دون ما عداها ، لأنّه لا دليل عليه. وفي «المنتهى
» تستحبّ في أوّل ركعة خاصّة ثمّ لا تستحبّ في باقي الركعات عند علمائنا.
قلت : وبذلك صرّح جماعة كثيرون. وفي «الذكرى » لا تتكرّر عندنا وعند الأكثر ، فلو نسيها في الاولى لم
يأت بها في الثانية. وفي «المبسوط » التعوّذ ليس بمسنون بعد القراءة ولا تكراره.
وقد بقي هنا شيء
ينبغي التنبيه عليه وهو أنّه قال في «الفوائد الملية » المعنى في أعوذ واستعيذ واحد. قال الجوهري : عذت بفلان
واستعذت به أي
__________________
وقصار المفصَّل في الظهرين والمغرب ونوافل النهار ، ومتوسّطاتُه في العشاء
، ومطوّلاتُه في الصبح ونوافل الليل ،
______________________________________________________
لجأت إليه ، وفي أستعيذ موافقة لفظ القرآن إلّا أنّ أعوذ في هذا المقام
أدخل في المعنى وأوفق ، لامتثال الأمر الوارد بقوله :
«فَاسْتَعِذْ»
لنكتة دقيقة
وهي أنّ السين والتاء شأنهما الدلالة على الطلب ، فوردتا في الأمر إيذاناً بطلب
التعوّذ ، فمعنى استعذ أي اطلب منه أن يعيذك ، فامتثال الأمر أن يقول : أعوذ بالله
، أي ألتجئ إليه ، فإنّ قائله متعوّذ قد عاذ والتجأ ، والقائل أستعيذ ليس بعائذٍ ،
إنّما هو طالب العياذ به كما يقال أستخير الله أي أطلب خيرته ، واستقيله أي أطلب
إقالته وأستغفره أي أطلب مغفرته لكنّه قد دخلت هنا في فعل الأمر وفي امتثاله بخلاف
الاستعاذة. وبذلك يظهر الفرق بين الامتثال بقول أستغفر الله دون أستعيذ بالله ،
لأنّ المغفرة إنّما تكون من الله فيحسن طلبها والالتجاء يكون من العبد فلا يحسن
طلبه ، فتدبّر ذلك فإنّه لطيف. ويظهر منه أنّ كلام الجوهري ليس بذلك الحسن وقد
ردّه عليه جماعة ، انتهى ما في الفوائد الملية.
وقد أنكر ذلك
بعض متأخّري المتأخرين فقال : لا يخفى أنه إذا كان معنى أستعذ أطلب منه أن
يعيذك فامتثال الأمر بقوله أستعيذ ظاهر لا سترة فيه لأنّ معناه أطلب من الله أن
يعيذني ، لأنّ السين والتاء شأنهما الدلالة على الطلب كما لا يخفى. وأمّا الامتثال
بقوله أعوذ بالله فغير ظاهر إلّا بجعل هذه الجملة مراداً بها الطلب والدعاء ،
وأمّا إذا بقيت على ظاهرها من الإخبار بالالتجاء فظاهر عدم تحقّق الامتثال بها.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وقصار المفصّل في
الظهرين والمغرب ونوافل النهار ، ومتوسّطاته في العشاء ، ومطوّلاته في الصبح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ونوافل
الليل) الكلام في المقام يقع في مباحث :
الأوّل
: قال جماعة من
المتأخّرين كالشهيد الثاني وسبطه والمولى الأردبيلي والمحدّث الكاشاني وصاحب «الحدائق » انّه ليس في أخبارنا تصريح باسم المفصّل ولا تحديده ،
وإنّما رواه الجمهور عن عمر بن الخطّاب وتبعهم أصحابنا. وإلى ذلك يشير كلام
المحقّق الثاني .
ونحن نقول :
روى الكليني بسنده إلى سعد الإسكاف أنّه قال «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اعطيت السور الطوال مكان التوراة والمئين مكان
الإنجيل والمثاني مكان الزبور وفضّلت بالمفصّل ثمان وستون سورة وهو مهيمن على سائر
الكتب .. الحديث» وقال في كتاب «مجمع البحرين » : وفي الخبر المفصّل ثمان وستون سورة ، انتهى. قلت :
وقد عددت من سورة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الناس فإذا السوَر ثمان وستون سورة. وقال في «مجمع
البحرين » أيضاً وفي الحديث : «وفضّلت بالمفصّل» وفي كتاب «دعائم
الإسلام » ما نصّه : ولا بأس أن يقرأ في الفجر بطوال المفصّل وفي
الظهر والعشاء الآخرة بأواسطه وفي العصر والمغرب بقصاره ، انتهى. إلّا أنّه لم
يسنده إلى الرواية. وعن «التبيان » ما نصّه : قال أكثر أهل العلم : أوّل المفصّل من سورة
محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى سورة الناس ، وقال آخرون : من ق
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إلى الناس. وقالت فرقة ثالثة وهو المحكي عن ابن عباس : انّه من سورة الضحى
إلى الناس ، انتهى.
وقد صرّح باسم
المفصّل في «المصباح » في نوافل الزوال و «المراسم والسرائر والنافع والمعتبر » وجملة من كتب المصنّف والشهيدين وأبي العباس والمحقّق الثاني وتلميذه وغيرهم . وفي «المعتبر والمنتهى » أنّه ذكره الشيخ وأومأ إليه المفيد وعلم الهدى. قلت :
وقد أومأ إليه في «جامع الشرائع» كما يأتي نقل ذلك كلّه. والحاصل انّ هذا الاسم
مشهور في كتب علمائنا كما ستسمع.
وأمّا تحديده
فالمشهور أنّه من سورة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الناس وأنّ طواله إلى عمّ وأوساطه منها إلى الضحى
وقصاره منها إلى الناس كما في «المدارك وشرح نجيب الدين والمفاتيح ». وفي «الحدائق » نسبته إلى أصحابنا ، وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الروض » أنّ ذلك هو المسموع. وفي «جامع المقاصد » سمعناه مذاكرة وفي كلام الأصحاب ما يرشد إليه ، انتهى.
قلت : هذا التفصيل مذكور في جملة من كتب علمائنا «كفوائد الشرائع والفوائد الملية والروض » وغيرها وهو ظاهر «النافع والمعتبر والبيان والنفلية » أو صريح هذه الكتب. وإليه اشير في كتب المتقدّمين كما
ستسمع. وفي «الفوائد الملية » انّ المشهور أنّ أوّله من سورة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. وفي «الروضة » أنّ ذلك أشهر الأقوال. وقد سمعت ما في «التبيان».
وقد اختلفت في
ذلك أقوال العامّة فالمشهور بينهم كما في «الحدائق » هو المشهور بين أصحابنا من التحديد والتفصيل.
وفي «القاموس وإرشاد الجعفرية » انّ الأصح أنّ أوّله من الحجرات وآخره آخر القرآن ،
وقيل : إنّه من الجاثية وقيل : من القتال ، وقيل : من ق ، وقيل :
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
من الصافّات وقيل : من الصفّ ، وقيل : من تبارك ، وقيل : من إنّا فتحنا ،
وقيل : من سبّح باسم ربك الأعلى ، وقيل : من الضحى ، وقيل : من الرحمن ، وقيل : من
الإنسان.
البحث الثاني : قد ذكر المصنّف استحباب قصاره في الظهرين والمغرب
وفاقاً «للنافع والإرشاد والمنتهى ونهاية الإحكام والتحرير والموجز الحاوي وإرشاد الجعفرية » وهو ظاهر «كشف الالتباس ». وفي «المعتبر » انّه حسن ، بل هو خيرة «المبسوط والنهاية والشرائع وجامع الشرائع » حيث إنّ فيها استحباب القدر والنصر والتكاثر والجحد في
الظهرين والمغرب. وقد نسبه غير واحد إلى الشيخ. وفي «المدارك » انّه المشهور. وقد يلوح من «التذكرة » التأمّل في ذلك حيث اقتصر على نسبته إلى الشيخ.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «المعتبر والذكرى والمفاتيح » انّ الذي ينبغي العمل عليه هو ما رواه محمّد بن مسلم . قلت : في الخبر المذكور انّ العصر والمغرب سواء وأنّ
الظهر كالعشاء. وهو خيرة «الدروس والبيان والنفلية وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والروض » حيث قالوا فيها باستحباب قصار المفصّل في العصر
والمغرب. وفي «المفاتيح » انّ استحباب القصار في المغرب هو المشهور. وقد سمعت ما
في «دعائم الإسلام ». وفي «اللمعة والروضة » يستحبّ قصرها في العصر والمغرب بما دون ذلك ، انتهى
كلامهما.
الثالث
: قد حكم
المصنّف باستحباب القصار من المفصّل في نوافل النهار كما في «النفلية وشرحها ». وفي «المبسوط والتحرير والذكرى »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
استحباب قصار السور. وكذا «الدروس » وهو الظاهر من «جامع الشرائع » حيث قال : وفي نفلها من القصار.
وفي «المدارك والحدائق » انّهما لم يقفا على رواية تدلّ بمنطوقها على ذلك. قلت
: قال الشيخ في «المصباح » : روي أنّه يستحبّ أن يقرأ في كلّ ركعة يعني من نوافل
الزوال الحمد وإنّا أنزلناه وقل هو الله أحد وآية الكرسي. وخبر أبي هارون المكفوف صريح في أنّه يقرأ في ركعات الزوال الثمان الحمد وقل هو
الله أحد وأنّ المجموع ثمانون آية. هذا وقال في «المبسوط » : الإخلاص أفضل ، يعني في نوافل النهار.
الرابع
: قد حكم
المصنّف باستحباب متوسّطات المفصّل في العشاء وفاقاً للمشهور كما في «المدارك » وهو خيرة «النافع والإرشاد ونهاية الإحكام والمنتهى والتحرير والموجز الحاوي وإرشاد الجعفرية » وهو ظاهر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«كشف الالتباس ». وفي «المعتبر » نسبته إلى الشيخ واستحسانه بل هو خيرة «المبسوط» وفي
قوّته ما في «المبسوط والنهاية وجامع الشرائع والشرائع » من استحباب الطارق والأعلى والانفطار وشبهها في العشاء
، وقد يلوح من «التذكرة » التأمّل فيه حيث نسبه إلى الشيخ. وفي «المفاتيح » انّ المشهور استحباب متوسّطاته في الظهر والعشاء. وهو
خيرة «الدروس والنفلية وفوائد الشرائع وجامع المقاصد والروض وفوائد القواعد والفوائد الملية ». وفي «البيان » أن ذلك هو الأقرب. وهو الظاهر من «اللمعة والروضة » حيث قيل فيهما : وتوسّط السورة في الظهر والعشاء كهل
أتاك والأعلى. وقد سمعت
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ما في «المعتبر والذكرى والمفاتيح» من استحباب العمل بما رواه محمّد ، وقد
سمعت أنّه روى أنّ الظهر كالعشاء. وقد سمعت ما في «دعائم الإسلام».
الخامس
: قد اختار
المصنّف استحباب مطوّلات المفصّل في الصبح وفاقاً «للسرائر والنافع والإرشاد والتحرير والمنتهى ونهاية الإحكام والتذكرة والدروس والبيان والنفلية والموجز الحاوي وفوائد الشرائع وإرشاد الجعفرية » وهو خيرة «النهاية والمبسوط والشرائع وجامع الشرائع » حيث قيل فيها : باستحباب المزّمّل والمدّثّر والإنسان
وشبهها في الغداة. وفي «المدارك والمفاتيح » أنّ استحباب مطوّلات المفصّل فيها هو
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المشهور. وقد سمعت ما في «دعائم الإسلام». وفي «المقنعة » يقرأ الحمد وسورة من المتوسّطات وأحبّ له سورة الإنسان
وفي «المراسم » يقرأ فيها من سور المفصّل ما أراد. وفي «اللمعة » يستحبّ تطويل السورة في الصبح. قال في «الروضة » كهل أتى وعمّ لا مطلق التطويل ، انتهى.
وقد سمعت ما في
«المعتبر والذكرى» من العمل برواية محمد بن مسلم وفيها : أنّه يقرأ في الغداة بعمّ
وهل أتاك وهل أتى ولا اقسم. وفي «دعائم الإسلام » روينا عن جعفر بن محمد عليهماالسلام «أنّه قال : يقرأ في الظهر والعشا الآخرة مثل والمرسلات وإذا الشمس كوّرت ،
وفي العصر والعاديات والقارعة وفي المغرب مثل قل هو الله أحد وإذا جاء نصر الله
وفي الفجر أطول من ذلك».
وفي «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام» قال العالم : اقرأ في صلاة الغداة المرسلات وإذا الشمس
كوّرت ومثلهما من السوَر ، وفي الظهر إذا السماء انفطرت وإذا زلزلت ومثلهما ، وفي
العصر العاديات والقارعة ومثلهما ، وفي المغرب والتين وقل هو الله أحد ومثلهما ، انتهى.
وفي «التذكرة ونهاية الإحكام » لو خالف ذلك كلّه جاز بإجماع العلماء. وفي «المعتبر » أنّ عليه فتوى العلماء وعمل الناس كافّة.
السادس
: قد حكم
المصنّف باستحباب مطوّلات المفصّل في نوافل الليل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
كما في «النفلية وشرحها ». وفي «كشف اللثام » انّما وجدت ذلك في هذا الكتاب لا غير ، وكأنّه لم يلحظ
«النفلية وشرحها» وسيأتي للمصنّف عن قريب أنّه يستحبّ في الستّ من نوافل الليل
السوَر الطوال.
وفي «النهاية والمصباح والمبسوط والسرائر والذكرى » وغيرها يستحبّ في الستّ من نوافل الليل مثل الأنعام والكهف
والأنبياء والحواميم ، وفي «المراسم والشرائع ونهاية الإحكام والتحرير والدروس » وغيرها حيث قيل فيها : يقرأ في نوافل الليل مطوّلات السوَر.
وفي «المدارك والحدائق » انّهما لم يقفا في ذلك على رواية تدلّ بمنطوقها عليه.
قلت : في «مصباح الشيخ » روى أنّه يستحبّ أن يقرأ في الستّ من نوافل الليل مثل
الأنعام والكهف والأنبياء ويس والحواميم.
__________________
وفي صبح الاثنين والخميس «هل أتى»
______________________________________________________
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وفي صبح الاثنين
والخميس هل أتى) ذكر ذلك الشيخ وأتباعه كما في «المدارك » وهو المشهور كما في «الحدائق ». وفي «المنتهى » الاقتصار على نسبته إلى الشيخ. وقال الصدوق : يقرأ في صبح اليومين في الركعة الاولى هل أتى وفي
الثانية هل أتاك حديث الغاشية. وهو خيرة «البيان والدروس واللمعة والنفلية والموجز الحاوي وإرشاد الجعفرية والروضة والفوائد الملية وكشف اللثام » وهو ظاهر «كشف الالتباس » وقد يلوح من جماعة آخرين الميل إليه.
__________________
وفي عشاءي الجمعة ب «الجمعة» و «الأعلى»
______________________________________________________
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وفي عشاءي الجمعة
بالجمعة والأعلى) هذا ممّا انفردت به الإمامية وعليه إجماعها كما في «الانتصار
» وهو قول الشيخ في النهاية والمبسوط والمرتضى وابن بابويه وأكثر الأصحاب
كما في «المدارك » وهو الأظهر والأشهر في الفتوى كما في «الذكرى » وقاله الشيخ وجماعة كما في «جامع المقاصد ». وفي «الخلاف » الإجماع على استحباب قراءة الجمعة في المغرب والعشاء
الآخرة. والمشهور أنّه يقرأ الجمعة في الاولى والأعلى في الثانية في كلّ منهما كما
في «الحدائق ». وفي «المنتهى » الاقتصار على نسبته إلى الشيخ. وعن الحسن أنّه يقرأ في الثانية من العشاء المنافقين. وفي «مصباح
الشيخ » ينبغي أن يقرأ ليلة الجمعة بالجمعة وقل هو الله أحد. وهو المنقول عن «مصباح
السيّد والاقتصاد وكتاب عمل يوم وليلة » وبه خبر الكناني والحميري .
__________________
وفي صبحها بها وب «التوحيد» ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وفي صبحها بها
وبالتوحيد) قاله الأكثر كما في «جامع المقاصد والتنقيح والروض » وهو المشهور كما في «الروض » أيضاً و «الحدائق » وظاهر «الذكرى » أو صريحها. وفي «المدارك » انّه قول الشيخين وأتباعهما. وفي «الخلاف » الإجماع على استحباب قراءة الجمعة وقل هو الله أحد في
صلاة الفجر ، وقبل ذلك نقل الإجماع على استحباب قراءة الجمعة في صلاة الغداة. وفي «الفقه
المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام والانتصار ومصباح الشيخ » أنّه يقرأ في غداة الجمعة بالجمعة والمنافقين. وهو
المنقول عن الصدوق . وفي «الانتصار » الإجماع عليه وأنّه من متفرّدات الإمامية. وعن الحسن انّه خيّر بين المنافقين والإخلاص في الركعة الثانية.
__________________
وفيها وفي ظهريها بالجمعة وب «المنافقين» ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وفيها وفي ظهريها
بالجمعة والمنافقين) استحباب قراءة الجمعة والمنافقين في الجمعة وظهريها
إجماعي كما في «الانتصار ». وفي «الخلاف والغنية » الإجماع عليه في الجمعة. وفي «المهذّب البارع والمقتصر » انّه الأظهر بين الأصحاب. وفي «المختلف وتخليص التلخيص» انّ المشهور استحبابهما فيها وفي
ظهريها.
وفي «الفوائد
الملية » ليس في الأخبار والفتوى تعيين إحداهما لركعة مخصوصة
فيتخيّر فيهما. قلت : كأنّه لم يطّلع على «المراسم والغنية » حيث قيل فيهما الجمعة في الاولى والمنافقين في الثانية
وإجماع الغنية يشمل ذلك.
وفي «الفقيه » كما نقل عن «المقنع » والتقي وجوب السورتين في ظهرها للمختار ، وقال جماعة : يلزمهم ذلك في الجمعة بالطريق الأولى. قلت :
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ولعلّه لذلك نسب إليهم جماعة الوجوب فيها وفي ظهرها. وفي «الفوائد الملية » نسبة مختار الصدوق إلى جماعة. وعن المرتضى في «المصباح
» إيجابهما في الجمعة وأنّه قال : وقد روي أنّ المنفرد يلزمه قراءتهما. وفي
«كشف الرموز والمفاتيح » الأحوط أن لا يترك ذلك إلّا لعذر.
وفي «مصباح
الشيخ » وفي العصر بالجمعة وقل هو الله أحد والمنافقين. ولعلّ النسخة فيها سقط
لكنّه في موضع آخر صرّح باستحباب السورتين في الظهرين.
وقال في «الذكرى»
: واعلم أنّ الشيخ نجم الدين نقل في المعتبر أنّ ابن بابويه أوجبهما في الظهر
والعصر في كتابه الكبير وحكى كلامه متضمّناً العصر ، ولم نر في النسخ التي وصلت
إلينا سوى الظهر. وهو الذي نقله الفاضل في المختلف ، انتهى . وقد تتبع جماعة الشهيد في إنكار ذلك على المعتبر ، والموجود في «المعتبر
» في نسخة صحيحة هكذا : وفي رواية من صلّى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين
أعاد ، وقد ذهب إلى ذلك بعض أصحاب الحديث ، قال ابن بابويه في كتابه الكبير : وفي
الظهر والعصر بالجمعة والمنافقين فإن نسيتهما أو واحدة منهما في صلاة
__________________
والجهر في نوافل الليل والإخفات في النهار ، وقراءة «الجحد» في أوّل ركعتي
الزوال وأوّل نوافل المغرب والليل والغداة ،
______________________________________________________
الظهر وقرأت
غيرهما ثمّ ذكرت فارجع إلى سورة الجمعة والمنافقين ما لم تقرأ نصف السورة ، فإن
قرأت نصف السورة فتمّم السورة واجعلها ركعتي نافلة وسلّم وأعد صلاتك بالجمعة
والمنافقين ، وقال علم الهدى .. إلى آخره ، هذا كلامه وهو كما ترى ليس فيه تصريح بما
نسبوه إليه ، بل أوّله ظاهر في أنّ الكلام في الظهر ، وكيف ينسب المحقّق إليه ذلك
وهو يقول بعد تلك العبارة بلا فاصلة : ولا بأس أن تصلّي العشاء والغداة والعصر
بغير سورة الجمعة والمنافقين إلّا أنّ الفضل أن تصلّيها بالجمعة والمنافقين ، هذا
كلام الصدوق رحمهالله تعالى. وأمّا ما في «الشرائع » من قوله : ومنهم من يرى وجوب السورتين في الظهرين ،
وليس بمعتمد ، فليس فيه تصريح بأنّه ابن بابويه في كتابه الكبير ، ولعلّه غيره.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والجهر في نوافل
الليل والإخفات في النهار)
استحباب ذلك
مجمع عليه كما في «المعتبر والمنتهى والذكرى وجامع المقاصد والمفاتيح ». وفي «الفوائد الملية » انّه المشهور.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (و)
يستحبّ (قراءة الجحد في أوّل
ركعتي الزوال وأوّل نوافل المغرب والليل وأوّل)
فريضة (الغداة
__________________
اذا أصبح والفجر والإحرام والطواف ، وفي ثوانيها بالتوحيد ،
______________________________________________________
إذا
أصبح) بها ونافلة (الفجر والإحرام وأوّل
ركعتي الطواف و) يستحبّ (في ثوانيها)
القراءة (بالتوحيد)
صرّح بذلك في «المبسوط
والنهاية والمصباح والنزهة والتحرير ونهاية الإحكام والبيان » وغيرها وهو ظاهر «الشرائع ». وفي «جامع المقاصد » انّه المشهور والعمل به أولى ، وقال : إنّه لا دلالة
في رواية معاذ على ما ذكروا. قلت : والرواية هكذا : «لا تدع أن تقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) و (قُلْ يا أَيُّهَا
الْكافِرُونَ) في سبعة مواطن : في الركعتين قبل الفجر وركعتي الزوال .. الحديث» من دون ذكر الأوّل. ولعلّه لذلك ذكر بعض
المتأخّرين الحكم بلفظ الرواية والشهيد في «الذكرى » استحبّ العمل بها ونقل كلام الشيخ وذكر أشياء ثمّ قال
: وروي استحباب تقديم التوحيد على الجحد في المواضع السبعة. وفي «الدروس » من السنن قراءة التوحيد والجحد في سنة الفجر وركعتي
الزوال واوليي سنّة المغرب واوليي صلاة الليل وركعتي الإحرام
__________________
وروي العكس ، والتوحيد ثلاثين مرّة في أوليي صلاة الليل ،
______________________________________________________
والفجر إذا أصبح بها وركعتي الطواف وروي البدأة بالجحد.
والمراد
بالإصباح بالغداة انتشار الصبح وذهاب الغسق وظهور الحمرة كما صرّح به جماعة .
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وروي بالعكس)
كذا قيل في «النهاية
والمبسوط والتحرير ونهاية الإحكام والذكرى والبيان » وغيرها والّذي في «التهذيب والكافي » بعد ذكر خبر معاذ : انّ في رواية اخرى أنّه يبدأ في
هذا كلّه بقل هو الله أحد وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون إلّا في الركعتين قبل
الفجر فإنّه يبدأ بقل يا أيها الكافرون ثمّ يقرأ في الركعة الثانية بقل هو الله
أحد. وفي «المدارك » لا ريب أنّ العمل بالرواية المفصّلة أولى انتهى.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (و)
قراءة (التوحيد
ثلاثين مرّة في اوليي صلاة الليل)
كما صرّح بذلك
أكثر علمائنا . وقد ظنّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الشهيدان والكركي وجماعة أنّ بين هذا الحكم والحكم باستحباب قراءة الجحد في
الاولى من صلاة الليل كما تقدّم تنافياً ، فانتهضوا إلى الجمع بجواز القران في
النافلة أو بحمل صلاة الليل على الركعتين المتقدّمتين على الثمان كما ورد في بعض
الأخبار ، وهذا نقله الشهيد عن شيخه عميد الدين. وقالوا : يحتمل أن يكون كلّ واحد
من السورتين سنّة فيتخيّر المصلّي. وقال بعضهم : على ما روي من أنّ الجحد في
الثانية لا إشكال ، فإن قراءة التوحيد في الاولى ثلاثين مرّة محصّل لقراءة التوحيد
فيها. وردّ الأخير في «المدارك » بأنّ المروي قراءة التوحيد ثلاثين مرّة في كلّ من
الركعتين فالإشكال بحاله ، وردّ الأوّل والثاني بأنّه خروج عن الظاهر ورجّح
الاحتمال الثالث.
وفي «كشف
اللثام » أنّ هذا مستحبّ وذاك مستحبّ آخر ولا تنافي بينهما بوجه
، فإذا وسع الوقت وقوي على هذا فعله وإلّا قرأ السورتين وفي المقنعة انّه يستحبّ
قراءة التوحيد ثلاثين في الاولى والجحد ثلاثين في الثانية ، قال : وإن قرأ في
نوافل الليل كلّها الحمد وقل هو الله أحد أحسن في ذلك ، وأحبّ له أن يقرأ في كلّ
ركعة منها الحمد وقل هو الله أحد ثلاثين مرّة ، فإن لم يتمكّن من ذلك قرأها عشراً
عشراً ، ويجزيه أن يقرأها مرّة واحدة في كلّ ركعة
__________________
وفي البواقي السوَر الطوال ، وسؤال الرحمة عند آيتها والتعوّذ من النقمة
عند آيتها ، والفصل بين الحمد والسورة بسكتة خفيفة ، وكذا بين السورة وتكبيرة
الركوع.
______________________________________________________
إلّا أنّ تكرارها حسب ما ذكرناه أفضل وأعظم أجراً ، انتهى.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وفي الباقي السوَر
الطوال) قد سبق للمصنّف استحباب طوال المفصّل فيمكن أن يكون
المراد السوَر الطوال من المفصّل.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وسؤال الرحمة عند
آيتها والتعوّذ عن النقمة عند آيتها)
قد نقل الإجماع
على ذلك في «الخلاف » ونصّ عليه في «المبسوط » وغيره . وقد سبق الكلام فيه. وفي «المدارك » ويستحبّ ذلك للمأموم لما رواه الكليني .
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والفصل بين الحمد
والسورة بسكتة خفيفة ، وكذا بين السورة وتكبيرة الركوع)
كما في «المنتهى
والتحرير والذكرى والنفلية وجامع المقاصد والموجز الحاوي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والفوائد الملية والمفاتيح » واستحبّ في «الذكرى » أيضاً «والفوائد الملية » السكوت عقيب الحمد في الأخيرتين وعقيب التسبيح. وقال
في «الذكرى » : وفي رواية حمّاد تقدير السكتة بعد السورة بنفَس ، يعني روايته
الواردة حكاية صلاة الصادق عليهالسلام. وقال : قال ابن الجنيد : روى سمرة وابيّ بن كعب عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «انّ السكتة الاولى بعد تكبيرة الافتتاح والثانية بعد
الحمد» انتهى.
قلت : الحجّة
على ما ذكره المصنّف ما رواه الشيخ عن غياث بن كلوب عن إسحاق بن عمّار «عن الصادق عليهالسلام عن أبيه عليهالسلام : إنّ رجلين من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اختلفا في صلاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فكتبا إلى ابيّ بن كعب كم كانت لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من سكتة؟ قال : كانت له سكتتان إذا فرغ من امّ القرآن
وإذا فرغ من السورة». وهذا الخبر قد تلوح منه أمارات التقية ، لأنّ عدوله عليهالسلام عن الإفتاء بذلك إلى الإخبار بما نقل إشارة إلى ذلك
وأنّ قصده حكاية ما عليه العامّة ، فالعمل برواية حمّاد أقرب إلى الصواب ، لكن في «الخصال
» «عن الخليل عن الحسين ابن حمدان عن إسماعيل بن مسعود عن يزيد بن ذريع عن
سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن أنّ سمرة بن جندب وعمران بن حصين تذاكرا ،
فحدّث سمرة أنّه حفظ عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سكتتين سكتة إذا كبّر وسكتة إذا فرغ من قراءته عند
ركوعه ، ثم إنّ قتادة ذكر السكتة الأخيرة إذا فرغ من قراءة غير
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المغضوب عليهم ولا الضالّين ، أي حفظ ذلك سمرة وأنكر عليه عمران بن حصين ،
قالا : فكتبنا في ذلك إلى ابيّ بن كعب وكان في كتابه إليهما أو في ردّه عليهما أنّ
سمرة قد حفظ».
قال الصدوق :
إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما سكت بعد القراءة لئلّا يكون التكبير موصولاً
بالقراءة وليكون بين القراءة والتكبير فصل ، وهذا يدلّ على أنّه لم يقل آمين بعد
فاتحة الكتاب سرّاً ولا جهراً ، لأنّ المتكلّم سرّاً أو علانيةً لا يكون ساكتاً ،
وفي ذلك حجّة قوية للشيعة على مخالفيهم في قولهم آمين بعد الفاتحة ولا قوّة الّا بالله
، انتهى كلام الصدوق .
وهذا الحديث
يخالف خبر إسحاق في السكتة الاولى حيث تضمّن أنّها بعد تكبيرة الإحرام. والظاهر
أنّه عامي لأنّ رجاله من العامّة. وقد نقل في «المنتهى » ما تضمّنه هذا الخبر عن بعض العامّة وما تضمّنه خبر
إسحاق عن أحمد والأوزاعي وجماعة.
ويبقى الكلام
في كلام الصدوق في «الخصال» وهو قوله : وهذا يدلّ على أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقل آمين إلى آخره ، فإنّي لا أعرف له وجهاً وجيهاً
، لأنّ الخبر المذكور دالّ على أنّ السكتة الأخيرة بعد تمام القراءة قبل الركوع
وهذا هو الذي حفظه سمرة ، والتأمين إنّما هو بعد الفاتحة ، والسكتة بعد الفاتحة
إنّما ذكرها قتادة. نعم كلامه هذا يتمّ في رواية إسحاق بن عمّار إلّا أنّه لم
ينقلها في الخصال. ثمّ إنّ هذا الخبر يخالف ما نقله الكاتب عن سمرة وابيّ بن كعب
كما سمعت. ولم يظهر لي مختار الصدوق في الخصال ولذا لم نذكر مذهبه عند ذكر كلام
الأصحاب. وأقصى ما يستفاد منه أنّ السكوت مستحبّ بعد السورة لئلّا تسقط همزة القطع
من لفظة الجلالة وأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سكت بعد الفاتحة.
__________________
ويجوز الانتقال من سورة إلى اخرى بعد
التلبّس ما لم يتجاوز النصف إلّا في الجحد والإخلاص إلّا إلى الجمعة والمنافقين ،
______________________________________________________
[العدول من سورة إلى اخرى]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجوز الانتقال من
سورة إلى اخرى بعد التلبّس ما لم يتجاوز النصف إلّا في الجحد والإخلاص إلّا إلى
الجمعة والمنافقين) يقع الكلام في المقام في مباحث :
الأوّل
: في جواز
العدول من سورة بعد الحمد غير الجحد والإخلاص إلى اخرى بعد التلبّس بها ما لم
يتجاوز نصفها. وهذا الحكم بهذه القيود خيرة «المقنعة والنهاية والمبسوط والشرائع والمعتبر والمنتهى ونهاية الإحكام والتذكرة والتحرير والإرشاد والبيان والألفيّة وكشف اللثام » وظاهر «مجمع البرهان » وهو المنقول عن «المهذّب والإصباح » والمشهور
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
كما في «كشف الالتباس والبحار والذخيرة ».
وفي «السرائر وجامع الشرائع والدروس والموجز الحاوي وجامع المقاصد والجعفرية وشرحيها والروض والمقاصد العلية » الحكم بعدم العدول عند بلوغ النصف. وفي «الجعفرية وإرشاد الجعفرية » انّه الأشهر. وفي «الذكرى » انّه مذهب الأكثر ، قال بعد أن حكاه عن الجعفي والكاتب
والعجلي وعن الصدوق في العدول إلى الجمعة والمنافقين وعن الشرائع مع أنّ فيها
التجاوز كما سمعت : فتبيّن أنّه مذهب الأكثر. ثمّ قال : والشيخ اعتبر مجاوزة النصف
، ولعلّ مراده بلوغ النصف ، انتهى. وفي «جامع المقاصد والمفاتيح » انّ القولين مشهوران. وفي «جامع المقاصد » نسبة هذا القول إلى «نهاية الإحكام» والموجود فيها ما
ذكرناه.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الذكرى وجامع المقاصد » انّ بلوغ النصف إنّما يمنع الانتقال في الّتي لم يكن
مريداً لها. قال في «الذكرى» : وعلى ذلك يحمل كلام الأصحاب والروايات. واستندا في
ذلك إلى مقطوعة البزنطي عن أبي العباس الآتية. وقد اعترف جماعة من علمائنا
كالشهيدين وغيرهما حتى صاحب «البحار » بأنّ التحديد بمجاوزة النصف أو بلوغه غير موجود في
النصوص.
قلت : في «الفقه
المنسوب إلى الرضا عليهالسلام» وتقرأ في صلاتك كلّها يوم الجمعة وليلة الجمعة سورة
الجمعة والمنافقين وسبّح اسم ربّك الأعلى ، وإن نسيتها أو واحدة منها فلا إعادة
عليك ، فإن ذكرتها من قبل أن تقرأ نصف سورة فارجع إلى سورة الجمعة ، وإن لم تذكرها
إلّا بعد ما قرأت نصف سورة فامض في صلاتك. فالعجب من مولانا العلّامة المجلسي مع
تصدّيه لنقل أخبار هذا الكتاب والبحث في معانيها وإيضاحها كيف غضّ الطرف عن هذه
العبارة ولم يتكلّم فيها أصلاً ، وهي ممّا تدلّ على القول الثاني.
وفي كتاب «دعائم
الإسلام » ما نصّه : وروينا عن جعفر بن محمد صلوات الله عليهما
أنه قال : من بدأ بالقراءة في الصلاة بسورة ثمّ رأى أن يتركها ويأخذ في غيرها فله
ذلك ما لم يأخذ في نصف السورة الاخرى ، إلّا أن يكون بدأ بقل هو الله أحد فإنّه لا
يقطعها ، وكذلك سورة الجمعة أو سورة المنافقين في الجمعة لا يقطعهما إلى غيرهما ،
وإن بدأ بقل هو الله أحد فقطعها ورجع إلى سورة الجمعة أو سورة المنافقين في صلاة
الجمع يجزيه خاصّة ، انتهى. وهذه صريحة في القول الأوّل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
حيث رتّب رجحان جواز الرجوع على عدم الدخول في النصف الآخر من السورة التي
قرأها ، فلو دخل فيه مضى ، وهذا معنى تجاوز النصف. فهذه الرواية مع الأصل وعموم
أدلّة التجاوز والإجماع كما في «روض الجنان ومجمع البرهان » وظاهر «المفاتيح » على عدم جواز العدول بعد التجاوز.
وخبر أبي
العباس الذي حكاه الشهيد في «الذكرى» عن البزنطي عن الصادق عليهالسلام كما نقله في «البحار » عن الذكرى وعنه عليهالسلام كما حكاه في «كشف اللثام » عن الشهيد ، وعن البزنطي عن أبي العباس ، كما وجدناه
في نسختين من «الذكرى وجامع المقاصد والروض » في الرجل يريد أن يقرأ سورة فيقرأ في اخرى؟ قال : يرجع
إلى الّتي يريد وإن بلغ النصف. وما في «قرب الإسناد وكتاب المسائل » بسنديهما عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام «قال : سألته عن رجل أراد سورة فقرأ غيرها هل يصلح له أن يقرأ نصفها ثمّ
يرجع إلى السورة التي أراد؟ قال : نعم ما لم يكن (قُلْ هُوَ اللهُ
أَحَدٌ) و (قُلْ يا أَيُّهَا
الْكافِرُونَ)» أدلّة متعاضدة مؤيّدة بالشهرة على القول الأوّل. ويحمل
على ذلك النهي عن إبطال العمل مؤيّداً إن لم نقل إنّ الترك والقطع غير الإبطال *
__________________
(*) لأنّ
الإبطال جعل الفعل كلا فعل (منه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ولم نقل إنّ المراد الإبطال بالكفر كما فسّره جماعة .
وأمّا قول
الصادق عليهالسلام في خبر عبيد ابن زرارة «له أن يرجع ما بينه وبين أن يقرأ ثلثيها» فنحمله على الشروع في الثلث
الثاني.
وأمّا صحيح
الحلّي والكناني وأبي بصير «عن الصادق عليهالسلام في الرجل يقرأ المكتوبة بنصف السورة ثمّ ينسى فيأخذ في
اخرى حتى يفرغ منها ثمّ يذكر قبل أن يركع ، قال : يركع ولا يضرّه» فيمكن جعله
دليلاً على القول الأوّل بأن يقال لو لم يكن العدول عمداً عن النصف جائزاً لكانت
قراءة السورة الثانية غير معتبرة ، فيكون كمن ترك القراءة نسياناً وذكر قبل الركوع
فإنّه يجب عليه القراءة بإتمام ما ترك ، فتأمّل. وبهذا يندفع ما شنّعوا به على الشيخ في الاستدلال به للمفيد ، سلّمنا عدم
الدلالة لكنّا نقول لا دلالة فيه على القول الأوّل ولا الثاني ، لأنّه في النسيان
وليس فيه ذكر لعدم العدول أصلاً إلّا بمفهوم ضعيف بعيد. ويحتمل أن يكون معناه
فينسى ما هو فيه فيتعمّد الاخرى.
واحتجّ في «نهاية
الإحكام وكشف الالتباس » للقول الأوّل بأنّه إذا تجاوز النصف يكون قد قرأ معظم
السورة ومعظم الشيء يعطي حكمه ، فكما لا يجوز القران بين سورتين فكذا بين السورة
ومعظم الاخرى ، ولمّا تقاصرت درجة النصف عن حكم الشيء فلا يعتدّ به ، فبقي
التخيير إلّا في الجحد والإخلاص لشرفهما.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وما في «الذكرى
» من إرجاع مذهب الشيخ إلى القول الآخر والحال أنّه لا دليل عليه كما اعترف
به لا وجه له ، مع أنّ كلام الشيخ في «التهذيب » صريح في العدول مع بلوغ النصف. وما في «البحار والحدائق » من عدم تحقّق الإجماع على عدم جواز العدول مع تجاوز
النصف لا وجه له ، مع نقله في «الروض ومجمع البرهان » وظاهر «المفاتيح » بل كاد يكون معلوماً.
وأضعف شيء
استدلال المحقّق الثاني والشهيد الثاني على القول الثاني بقوله تعالى (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) وقد سمعت ما في الاستدلال به. نعم لو ثبت أنّ القطع في
الأثناء يوجب عدم الثواب بالكلّية واستحقاق العقاب صحّ ما قالاه. وقد خرجنا عن
الغرض في هذا الكتاب حرصاً على بيان الصواب.
البحث الثاني : المشهور بين الأصحاب عدم جواز العدول عن الجحد والإخلاص
كما في «كشف الالتباس والمسالك ومجمع البرهان والبحار
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وكشف اللثام والحدائق ». وفي «البيان » نسبته إلى فتوى الأصحاب. وفي «مجمع البرهان » أيضاً الإجماع عليه. والأمر كما قال ، لأنّ المخالف
إنّما هو المحقّق في «المعتبر » حيث قال : إنّ العدول عن السورتين مكروه. واحتمله في «التذكرة
» وقد يلوح من «المنتهى » التوقّف فيه «كالبحار والذخيرة » واقتصر الصدوق على حظر العدول عن التوحيد. وفي «الانتصار » انّ ممّا انفردت به الإمامية حظر الرجوع عن سورة
الإخلاص ، وروي : (قُلْ يا أَيُّهَا
الْكافِرُونَ) أيضاً ، وانّ الوجه فيه مع الإجماع أنّ شرف السورتين لا
يمتنع أن يجعل لهما هذه المزية ، انتهى. وصرّح جماعة بعدم جواز العدول عنهما إذا شرع فيهما ولو بالبسملة
بنيّة إحداهما.
بقي الكلام
فيما لو خالف وعدل فهل تبطل صلاته أم لا؟ لم أجد فيه تصريحاً لأحد من أصحابنا إلّا
ما نقله صاحب «الحدائق » عن والده واستجوده من بطلان الصلاة ، والظاهر أنّ
الأمر كذلك.
الثالث
: لا خلاف في
جواز العدول في الجملة واستحبابه عن الجحد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والإخلاص إلى الجمعة والمنافقين كما في «مجمع البرهان » لكن ظاهر «الانتصار والسرائر » في بحث القراءة و «الشرائع » في بحث الجمعة كما فهمه منه الميسي والشهيد الثاني عموم المنع حيث لم يستثنوا الجمعة والمافقين ، وهو ظاهر
المنقول عن الكاتب ، لكن العجلي في بحث الجمعة استثناهما.
واعلم أنهم
اختلفوا أيضاً في مقامات :
الأوّل
: أنّ ذلك في
ظهر يوم الجمعة كما في «الفقيه والنهاية والمبسوط والسرائر وجامع الشرائع والمنتهى والتلخيص ». قال في «جامع المقاصد » : كلامهم هذا يقتضي جوازه في الجمعة بالطريق الأولى.
وفي «كشف اللثام » لعلّهم يعنون ما يعمّ الجمعة.
قلت : وبذلك أي
الجمعة وظهرها صرّح الشهيدان والمحقّق
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الثاني وتلميذاه وغيرهم ، بل في «البحار » الظاهر اشتراك الحكم عندهم بين الظهر والجمعة بلا خلاف
في عدم الفرق بينهما ، والأخبار إنّما وردت بلفظ الجمعة والظاهر أنها تطلق على ظهر
يوم الجمعة مجازاً أو هي مشتركة بين الجمعة والظهر اشتراكا معنويّاً. وفي «التذكرة
وجامع المقاصد » وظاهر «الموجز والروض » أو صريحهما انّ ذلك في الجمعة والظهر والعصر. وعن
الجعفي تجويز العدول عنهما إلى الجمعة والمنافقين في صلاة
الجمعة وصبحها والعشاء ليلتها ، ونقل ذلك في «إرشاد الجعفرية » عن بعض الأصحاب ولعلّه عنى الجعفي. وفي «مجمع البرهان » الاحتياط ترك العدول في العصر بل في الظهر. وفي «الحدائق
» محلّ ذلك صلاة الجمعة لا الظهر.
الثاني
: أطلق في «المبسوط
والنهاية والتحرير والإرشاد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتذكرة والموجز الحاوي والمنتهى » في المقام جواز الانتقال عن السورتين أعني الجحد
والإخلاص إلى السورتين * من دون تقييد بعدم تجاوز النصف أو بلوغه. وفي «مجمع البرهان
» لا أرى دليلاً على عدم جواز الرجوع مع تجاوز النصف انتهى. وكذا أطلق
مولانا الصادق عليهالسلام في خبري الحلبي وعبيد . وفي «السرائر والدروس والنفلية وجامع المقاصد والجعفرية وشرحيها والروض والفوائد المليّة والمقاصد العلية » التقييد بعدم بلوغ النصف. وفي «المسالك والحدائق » انّه المشهور وهو المنقول عن الكيدري .
__________________
(*) الجمعة
والمنافقين (كذا بخطّه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وعن «الإصباح » وفي «الفقيه » كما نقل عن «المقنع » انّه إن قرأ نصف سورة غير الجمعة والمنافقين في ظهر
الجمعة أتمّها ركعتين نافلة. وفي «جامع الشرائع » إذا قرأ غير الجمعة والمنافقين في ظهر الجمعة وبلغ
النصف فله أن يجعلهما ركعتي نافلة. وفي «المنتهى » في بحث الجمعة و «البيان وكشف الالتباس » التقييد بعدم تجاوز النصف. وفي «البحار » أنّ الأكثر قيّدوه بعدم تجاوز النصف في السورتين. وفي «التحرير
» في بحث الجمعة ولو تجاوز النصف نقل نيّته إلى النفل مستحبّاً.
واحتجّ مَن
قيّد ببلوغ النصف بأنّ فيه جمعاً بين قول الصادق عليهالسلام : «حين سئل عن رجل أراد أن يصلّي الجمعة فقرأ قل هو
الله أحد : «يتمّها ركعتين ثمّ يستأنف» وبين الأخبار الدالّة على العدول ، قالوا : لأنّ العدول من الفريضة
إلى النافلة بغير ضرورة غير جائز ، فحملنا هذه الرواية على بلوغ النصف وبقية
الروايات على عدمه. وفيه نظر من وجوه : منها انّه يمكن الجمع بالتخيير كما هو ظاهر
الكليني . ومنها انّه قد جاز العدول عن الفريضة في مواضع
كاستدراك الجماعة والأذان والإقامة. نعم روى الحميري في «قرب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الإسناد » عن الكاظم عليهالسلام أنه قال : «وإن أخذت في غيرها وإن كان قل هو الله أحد
فاقطعها من أوّلها وارجع إليها» أي إلى الجمعة أو المنافقين.
الثالث
: قال المحقّق
الثاني وتلميذاه والشهيد الثاني في «جامع المقاصد والجعفرية وشرحيها والروض والمقاصد العلية » يشترط أن يكون الشروع في الجحد والإخلاص نسياناً. وقد
يظهر من «المختلف» نسبته إلى الأكثر كما يأتي نقل ذلك عنه. وفي «البحار » أنّ التعميم أظهر كما هو المستفاد من إطلاق أكثر
الروايات. قلت : وإطلاق الفتاوى ، وليس في الروايات إلّا أنّ المصلّي إذا قرأ سورة
التوحيد وكان في قصده قراءة سورة فلا يرجع عنها إلّا إلى السورتين ، وهذا المعنى
لا خصوص له بالناسي بل ينطبق على العامد. ويصحّ حمل اللفظ عليه ، وخبر عليّ بن
جعفر لا وجه لقصره على حال النسيان. وما قيل : من أنّ الخروج عن مقتضى الأخبار الصريحة في المنع عن
العدول من سورة التوحيد بمجرّد الاحتمال غير جيّد ، بل الواجب الاقتصار على
المتيقّن وهو الناسي ، لأنّه متيقّن الإرادة ومجمع عليه ، ففيه : انّ ذلك مبنيّ
على ظهور الإخبار في الناسي ، والظاهر من إطلاقها كما هو ظاهر الأكثر انطباقها على
العامد ، وإن سلّمنا أنّها في الناسي أظهر قلنا : ذلك يقتضي الأولوية لا الخصوصية.
وقد سمعت ما في «البحار» والمقام مقام تأمّل.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الرابع
: قال في «المختلف
» ذهب أكثر علمائنا إلى أنه يجوز الرجوع عن نية الفرض إلى النفل للناسي.
قلت : وبذلك صرّح الشهيدان وغيرهما ، وقد سمعت ما في «الفقيه والمقنع والإصباح والجامع»
ومنع العجلي من ذلك محتجّاً بقوله عزوجل :
(وَلا تُبْطِلُوا
أَعْمالَكُمْ).
الخامس
: في «مجمع
البرهان والبحار والحدائق » ليس في الأخبار دلالة على جواز العدول من الجحد إلى
السورتين وإنّما تضمّنت العدول عن التوحيد إليهما ، وتوقّف في الأوّل واستظهر عدم
جواز العدول عنها إليهما في الأخير. قلت : يدلّ عليه من الأخبار الخبر الذي نقلناه
عن كتاب «قرب الإسناد وكتاب المسائل» في البحث الأوّل ، وقد نقلنا تمامه عن «قرب الإسناد» في المقام الثاني ، مضافاً إلى الإجماع المنقول على المساواة بينهما في «جامع
المقاصد وإرشاد الجعفرية وروض الجنان » والشهرة بين القدماء والمتأخّرين كما في «البحار » وقد سمعت نقل الشهرة على ذلك في مواضع ، بل سمعت نفي
الخلاف
__________________
ولو تعسّر الإتيان بالباقي للنسيان انتقل مطلقاً ،
______________________________________________________
عن ذلك في «مجمع البرهان » فلا وجه لتوقّفه فيه.
وليعلم أنه
يتحقّق الدخول في السورة بالدخول بالبسملة التي قرأت بقصد تلك السورة. ولو قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) من سورة الإخلاص ولم يكن قد قرأ البسملة بقصد الإخلاص
بل قرأها بقصد سورة اخرى فالأحوط الرجوع إلى الإخلاص بإعادة البسملة بقصدها ثمّ
إتمام الإخلاص. نعم لو كان قد قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ
أَحَدٌ) أو بعضها من دون شعور وكان قد بسمل بقصد غيرها فله أن
يرجع عنها إلى ذلك الغير. وإن قرأ البسملة بقصد الجحد مثلاً ثمّ قرأ قل هو الله
أحد بغير شعور فله أن يرجع عنها إلى الجحد ، وإن كان بقصد وشعور لكنّه غفل عن كونه
مريداً للجحد فالأحوط الرجوع إلى الجحد ، لصدق أنّه دخل في الجحد وحكمه حينئذٍ عدم
جواز العدول عنها ولو إلى الإخلاص. وكذا الحال فيما لو قرأ البسملة بقصد الإخلاص
ثمّ قرأ قل يا أيها الكافرون.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو تعسّر الإتيان
بالباقي للنسيان انتقل مطلقاً)
لا أجد في هذا
مخالفاً ويظهر من «البحار » دعوى الإجماع عليه ، قال : لو تعسّر عليه الإتيان
ببقية السورة للنسيان أو حصول ضرر بالإتمام فقد صرّح الأصحاب بجواز العدول. وفي «التذكرة
» لو وقفت عليه آية من السورة وجب العدول عنها إلى اخرى وإن تجاوز النصف
تحصيلاً لسورة كاملة.
وفي «جامع
المقاصد » أراد بقوله «مطلقاً» في التوحيد والجحد وغيرهما ،
تجاوز النصف أم لا. ومثله ما لو شرع في سورة بظنّ سعة الوقت فتبيّن ضيقه عنها
فإنّه يعدل عنها أيضاً ، وكذا خوف فوات الرفقة ونزول ضرر به ، وجوباً
__________________
ومع الانتقال يعيد البسملة ،
______________________________________________________
في هذه المواضع ، لما فيه من تحصيل الواجب ودفع الضرر. قال : ولو سكت
المصنّف عن قوله «للنسيان» لكان أخصر وأشمل.
وفي «كشف
اللثام » مثل النسيان ما إذا كانت السورة عزيمة. قال : وفي قوله
«تعسّر» إشارة إلى أنّه إن أمكن استحضار المصحف والقراءة منه أو حمل الغير على
القراءة ليتبعه فيها من غير منافٍ للصلاة لم يجب عليه للأصل والخبر ، قال : وأمّا
صحيح زرارة الدالّ على أنه له أن يدع المكان الذي غلط فيه ويمضي في
قراءته ، وأنه إن قرأ آية وشاء أن يركع ركع ، فلا تعلّق له بما نحن فيه ، لأنّه في
النوافل أو التقية إلّا أن لا توجب سورة كاملة بعد الحمد في الفريضة وكلامنا على
الإيجاب ، انتهى. وفي «الذكرى» هو محمول على النافلة كما قال الشيخ وكذا كلّ ما
ورد في هذا الباب ، مع أنّ الأشهر في الأخبار أنّ السورة مستحبّة وإن كان العمل من
الأصحاب غالباً على الوجوب ، انتهى .
[في إعادة البسملة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ومع الانتقال يعيد
البسملة) هذا مذهب أكثر الأصحاب كما في «البحار » والمشهور كما في «الحدائق » وبه صرّح في «التحرير والإرشاد والتذكرة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والذكرى والدروس والجعفرية وشرحيها والروض » وغيرها لأنّها جزء من كلّ سورة والذي أتى به جزء المعدول عنها
فلا يجزي عن جزء المعدول إليها! وفي «كشف اللثام » قد يتردّد في هذا ، انتهى. قلت : سيجيء كلام المتردّد
والمجازم بعدم الوجوب.
وفي ٠«جامع
المقاصد » تجب البسملة والقصد إذا لم يكن مريداً تلك السورة التي
انتقل إليها قبل ذلك ولم يكن قرأ بعضها ، أمّا معه فلا يجب بل ينتقل إلى موضع قطع
لمقطوعة البزنطي عن أبي العباس. قلت : قد سلف نقلها . قال : ولا يرد علينا ما سبق من أنّه لو قرأ خلال
القراءة غيرها انقطعت الموالاة ووجب إعادة القراءة فكيف لم يجب هنا؟ وأجاب بأنّه
لمّا كان من نيّته أنّ ذلك من قراءة الصلاة لم يكن من غيرها ، انتهى.
وقد أشار إلى
هذا في «روض الجنان » فقال : إنّ حكمه في الإرشاد بإعادة البسملة لو قرأها
بعد الحمد من غير قصد بعد القصد إلى سورة معيّنة فيه إشكال ، لأنّه إن كان قرأها
أوّلاً عمداً لم يتجه القول بالإعادة ، بل ينبغي القول ببطلان الصلاة للنهي عن
قراءتها من غير قصد وهو يقتضي الفساد ، وإن كان قرأها ناسياً
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فقد تقدّم القول بأنّ القراءة خلالها نسياناً توجب الإعادة من رأس ، فالقول
بإعادة البسملة وما بعدها لا غير لا يتمّ على تقديري العمد والنسيان. والذي ينبغي
القطع به فساد القراءة على تقدير العمد للنهي. وهو الذي اختاره الشهيد في البيان
وحمل الإعادة هنا على قراءتها ناسياً ، وقد تكلّف لدفع الإشكال بأنّ المصلّي لمّا
كان من نيّته أنّ ذلك من قراءة الصلاة لم يكن من غيرها فلم يقدح في الموالاة.
ويؤيّده رواية البزنطي عن أبي العباس لكنّها مقطوعة ومادّة الإشكال غير منحسمة ،
انتهى.
قلت : الظاهر
أنّ هذا الكلام وقع منه غفلةً وسبحان من لا يغفل ، فإنّ المراد من عبارة الإرشاد
أنه لو قرأ بعد الحمد البسملة من غير قصد سورة يجب عليه إعادتها إذا قصد سورة ،
والذي تقدّم في مسألة وجوب الموالاة إنّما هو القراءة في خلال آيات الحمد أو
السورة ، وأين هذا من ذاك؟ والمحقّق الثاني إنّما أورد هذا الإشكال في مسألة
العدول الذي يتحقّق فيها القراءة في خلال آيات السورة كما سمعت ، والذي في «البيان » أنه لو بسمل لا بقصد سورة معيّنة عامداً ثمّ اختار
سورة واكتفى لها بالبسملة التي لا بقصد سورة معيّنة كانت صلاته باطلة ، وليس فيه
أنّه لو أعاد البسملة بقصد السورة التي أراد قراءتها أنّ صلاته تكون باطلة ، لأنّه
سمّى أوّلاً لا بقصد سورة معيّنة. سلّمنا أنّ الشهيد أو غيره قال ذلك لكنّا نطالب
بالنهي الدالّ على البطلان وليس هو إلّا المستفاد من الأمر بقصد البسملة في السورة
، ولا نسلّم أنه يقتضي البطلان وإنّما يقتضي عدم الاكتفاء بها مع السورة ، لأنّه
لا يفهم من وجوب القصد بالبسملة تحريم قراءتها بدونه ، على أنّ الشهيد الثاني لا
يقول أنّ الأمر بالشيء يقتضى النهي عن ضدّه الخاصّ ، ثمّ إنّ قوله أخيراً «ينبغي
القطع بفساد القراءة» ربما ناقض قوله أوّلاً «ينبغي القطع ببطلان الصلاة» بل هذا
هو قضية دليله.
قال مولانا
الأردبيلي : ما فهمت هذا الإشكال وبعد ثبوته ما فهمت رفعه
__________________
وكذا لو سمّى بعد الحمد من غير قصد سورة معيّنة.
______________________________________________________
بما ذكره إلّا أن لا نقول بالإشكال وهو المطلوب ، انتهى.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وكذا)
تعاد البسملة (لو سمّى بعد الحمد من
غير قصد سورة معيّنة) هذا هو المشهور كما في «الحدائق » ومذهب الأكثر كما في «البحار » وهو خيرة «التحرير والتذكرة والإرشاد والذكرى والدروس والبيان والألفية والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد والجعفرية وشرحيها والمقاصد العلية » وعليه الاستاذ الشريف أدام الله تعالى حراسته ، ولكن في «الذكرى
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والجعفرية وشرحيها » أنه لو جرى لسانه على بسملة وسورة أنّ الأقرب الإجزاء
، وفي «الدروس » أنه الظاهر ، وفي «جامع المقاصد » لا بُعد في ذلك مع ظاهر رواية أبي بصير. ومال إليه في «الروض
» بعد أن ردّه أوّلاً. وفي «كشف اللثام » بعد ذكر عبارة المصنف : هذا إن سلّم فإنّما يسلم فيما
إذا قصد سورة فقرأ غيرها ، ولذا قال الشهيد لو جرى لسانه على بسملة .. إلى آخره.
وفي «جامع
المقاصد والمقاصد العلية والروض » انه لا حاجة إلى القصد في الحمد ، لأنّها متعيّنة
فيحمل الإطلاق على ما أمر به. وفي «كشف اللثام » نسبته إلى القيل.
وعن الشهيد في بعض تحقيقاته انّه لو اعتاد سورة معيّنة لم يلزمه
القصد. وهو خيرة «الموجز الحاوي وشرحه » وفي «جامع المقاصد » لا أعلم فيه شيئاً إذا كان بحيث يسبق لسانه إليها عند
القراءة والاقتصار على اليقين هو الوجه. وفي «الروض » الإجزاء هنا بعيد.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «جامع
المقاصد والجعفرية وشرحيها والروض والمقاصد العلية » أنّه لا يجب القصد إن لزمه سورة بعينها ، لأنّه لمّا
تعيّن كان مقصوداً من أوّل الصلاة ، وفي «كشف اللثام » نسبته إلى القيل.
قلت : ينبغي الكلام
في محلّ القصد ، فمحلّه من غير خلاف بعد الفراغ من الحمد. وعن الشهيد في بعض تحقيقاته الاكتفاء بالقصد المتقدّم في أثناء
الصلاة ، وفي «الموجز الحاوي وشرحه » له أن يعيّن بعد الفاتحة ، وفيها : ومن أوّل الحمد
والصلاة. ونقله في «إرشاد الجعفرية » عن بعض المتأخّرين. وفي «جامع المقاصد » لو قصد سورة من أوّل الصلاة لا أعلم فيه شيئاً يقتضي
الاكتفاء وعدمه والاقتصار على اليقين هو الوجه. وفي «الروض والمقاصد العلية » وفي الاكتفاء بالقصد المتقدّم في أثناء الصلاة بل
قبلها وجه.
وقد تأمّل
جماعة من متأخّري المتأخّرين في أصل الحكم أعني وجوب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قصد السورة قبل البسملة أوّلهم فيما أجد المولى الأردبيلي ، قال : وجوب قصد السورة قبل البسملة غير واضح ، لأنّ
نيّة الصلاة تكفي لأجزائها بالاتفاق ولو فعلت مع الغفلة والذهول ، ويكفيه قصد
فعلها في الجملة ، واتباع البسملة في السورة يعيّن كونها جزءً لها وذلك كافٍ ، مع
عدم تسليم اشتراط ذلك التعيين قبل القراءة. وبالجملة : بمثل هذا يشكل إيجاب شيء
والبطلان مع عدمه والإعادة بعد قراءة السورة لأجله ، مع جهل أكثر المسلمين لمثله
وعدم معذورية الجاهل عندهم ، على أنه منقوض بالمشتركات الكثيرة مثل التخيير بين
التسبيحات والفاتحة ، بل قراءة الفاتحة فإنّه يحتمل وجوهاً غير قراءة الصلاة ،
وكذا السورة والتسبيحات ، بل جميع الأفعال. ويؤيّده عدم تعيين القصر والإتمام في
مواضع التخيير ، وعدم وجوب تعيين الواجب من الذكر مع التعدّد واحتمال كل واحدة الواجبة
لا الاولى فقط كما قيل ، فلو جرى لسانه بسورة مع البسملة فالظاهر الصحّة مع القول
بوجوب القصد لفوات محلّه ولزوم التكرار بغير دليل وكون النسيان عذراً ، ويؤيّده
رواية البزنطي عن أبي العباس ، فإنّه يدلّ على أنّه بعد النصف لا يرجع فبعد
الإتمام بالطريق الاولى ، بل ظاهره يدلّ على جواز ترك القصد إلى غيره عمداً ،
فتأمّل ، انتهى كلامه.
ونحوه ما في «البحار
» حيث قال : الظاهر أنّه إذا أتى بالبسملة فقد أتى بشيء يصلح لأن يكون
جزءً لكلّ سورة وليس لها اختصاص بسورة معيّنة ، فإذا أتى ببقية الأجزاء فقد أتى
بجميع أجزاء السورة المعيّنة ، كما إذا كتب بسملة بقصد سورة ثمّ كتب بعدها غيرها
لا يقال إنّه لم يكتب هذه السورة بتمامها. ولو تمّ ما ذكروه لزم أن يحتاج كلّ كلمة
مشتركة بين السورتين إلى القصد مثل الحمد لله ، والظاهر أنّه لم يقل أحد به. ويمكن
أن يستدلّ بهذا الخبر على عدم لزوم نيّة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
البسملة ، وأشار إلى خبر «قرب الإسناد وكتاب المسائل» المتقدّم آنفاً ، قال
: لأنّه إذا كان مريداً لسورة اخرى فقد قرأ البسملة لها ، ففي صورة عدم العدول
يكون قد اكتفى ببسملة قصد بها اخرى. ولو قيل : لعلّه عند قراءة السورة قصد البسملة
لها ، قلنا : إطلاق الخبر يشمل ما إذا نسي السورة بعد قراءة البسملة للُاخرى وعدم
التفصيل دليل العموم.
وقال السيّد
المقدّس السيّد صدر الدين في «شرحه على وافية الاصول» ترويجاً لكلام ملّا محمد
أمين الاستربادي من أنّ أصحابنا يفتون بلا دليل : إنّ النصوص دلّت على وجوب قراءة
سورة كاملة ، ولا ريب لأحد في أنّ النائم والغافل وبعض الحيوانات العجم لو فرض
تكلّمه إذا قرأ سورة الإخلاص مثلاً مع البسملة يقال في العرف انّه قرأ هذه السورة
مع عدم القصد لهؤلاء لا إلى السورة مطلقاً ولا إلى هذه السورة بعينها فضلاً عن
البسملة ، وليس لأحد أن يدّعي أنّ السورة الكاملة موضوعة بحسب الشرع لصورة قصد
اللافظ في بمسلتها كونها جزءً منها ، إذ لا دليل على ذلك ، ولو كان هناك دليل لا
يكون الحكم خفيّاً غير ظاهر كما هو المفروض. والحقّ أنّ السورة عبارة عن كلمات
مخصوصة باسلوب مخصوص ويخرج انضمام البعض منها إلى البعض الآخر الكلام المشترك أو
الكلمة المشتركة الواقعين فيها عن الاشتراك ويصيرّهما مخصوصين ، وليس للقصد مدخل
في أكثر الآيات والكلمات المشتركة ولو سلّم أنّ له مدخلاً فيه ولو بالعلّية
التامّة فلا مانع من قيام غيره مقامه في هذه العلّية وهو الانضمام الذي قلنا به ،
فما الذي دلّ على أنّ من لم يقصد لا يكون ممتثلاً بل تكون صلاته باطلة ، انتهى . وقد سمعت ما في «كشف اللثام».
وتحقيق المقام
كما أوضحه بعض مشايخنا المحقّقين أدام الله حراسته *
__________________
(*) هو شيخنا المقدّس الشيخ حسين نجف أيّده الله تعالى (كذا بخطه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أن يقال : لا شكّ في أنّ للقصد مدخلاً في اختصاص البسملة بالسورة من بين
سائر ما صلحت له من السوَر كما حكموا بحرمة قراءة البسملة بقصد العزيمة على الجنب
وبحرمة العدول عن التوحيد إذا قرأها بقصدها في الصلاة ، وعلى هذا فإن قصد الجنب
بالبسملة عزيمة فقد فعل حراماً ، فإذا قرأ بعد هذه البسملة التوحيد مثلاً فلا يخلو
من وجوه ثلاثة ، أحدها : انّ هذا الاتصال قد صيّرها جزء من سورة التوحيد وسلبها
عمّا كانت عليه من كونها جزءً من العزيمة ، وهو باطل قطعاً. الثاني : أن يكون هذه
البسملة الواحدة صارت جزءً من العزيمة باعتبار القصد ومن التوحيد باعتبار الاتصال
، وهذا باطل أيضاً إذ لا معنى لكون الآية بعد تقضيها وانعدامها غير نفسها ، مضافاً
إلى أصل عدم التداخل. وأمّا ما اعتمدوا عليه من الصدق العرفي فله وجهان ، أحدهما :
أنّه لا يحكم بذلك إلّا عند ظهور القصد. وثانيهما : أنّ ذلك بطريق المجاز بمعنى
عدم الإخلال فيها من جهة لفظها ، ألا ترى أنّ العرف لا يحكم فيما ذكرنا انّه قرأ
التوحيد كاملةً وقرأ آيةً من غيرها. ولمّا تبيّن أنّ الاتصال من حيث هو اتصال لا
تأثير له وكذا البسملة من حيث هي ليس فيها إلّا عموم الصلاحية لكلّ سورة ظهر
الاحتياج إلى القصد الذي لا شكّ في تأثيره وصيرورة البسملة بسببه مختصّة
ببعض السوَر وإن لم يأت بشيء منها بعدها ، على أنه يكفينا الشكّ في تأثير الاتصال
لمكان الشغل اليقيني بالإكمال.
وقال شيخنا
العلّامة المعتبر أدام الله تعالى حراسته : التحقيق في المقام أن يقال انّه لا بدّ من القصد
الإجمالي بمعنى انّه لا يكفي مجرّد الاتصال ولا يشترط قصد السورة وتعيينها بالخصوص
بل تكفي البسملة بقصد أنّ ما سيختاره ويوقعه الله في خلده من السوَر يعيّنها ،
لأنّه قاصد قراءة سورة جزماً فتتعيّن حينئذٍ البسملة
__________________
ومريد التقدّم
خطوة أو اثنتين يسكت حالة التخطّي.
______________________________________________________
بتعيّن السورة في الواقع والتعيّن الواقعي وقصده لا ينفكّ عنه أحد ، وقد
وجدنا أنّ التعيّن في الواقع قد كفى في العقود كقولك : استأجرتك أو صالحتك على أن
تعطي كلّ من يدخل هذه الدار درهماً ، فالقارئ إذا عيّن سورة وبسمل لها فلا كلام ،
فإذا عدل عنها فلا بدّ من البسملة وإذا بسمل بقصد أنّ ما سيجيء ويقع في خلده
فالبسملة له وهو المعيّن لها كما بيّناه فلا يتحقّق في ذلك عدول إلّا بعد الشروع
في السورة التي تقع في خلده.
[في إرادة التقدّم أو التأخّر حال القراءة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ومريد التقدّم خطوة
أو اثنتين يسكت حال التخطّي)
هذا الحكم
مشهور كما في «الذكرى » وبه صرّح في «النهاية والمبسوط وجامع الشرائع والمنتهى والتحرير والتذكرة والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد » وغيرها . وهل هذا السكوت واجب؟ يحتمل ذلك إن سلبنا القيام عنه
وإلّا كان مستحبّا كذا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قال في «التذكرة ». وفي «الذكرى » الأقرب وجوبه ، لظاهر الرواية ولأنّ القرار شرط في
القيام. ونقل فيها أنه توقّف فيه بعض المتأخّرين. وفي «كشف الالتباس » ولو رفع رجله لحاجة أمسك وجوباً. وفي «جامع المقاصد»
وفي رواية أنّ مريد التخطّي يجرّر رجليه ولا يرفعهما ، قال : ويؤيّده الخروج عن
هيئة المصلّي بالقيام على قدم واحدة .
__________________
الفصل الخامس في الركوع
وهو ركن في الصلاة تبطل بتركه عمداً
وسهواً
______________________________________________________
[الفصل الخامس : في الركوع]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وهو ركن في الصلاة
تبطل بتركه عمداً أو سهواً)
وجوب الركوع
ثابت بإجماع علماء الإسلام كما في «المعتبر والتذكرة » وبالضرورة من الدين كما في «البحار والمفاتيح » وبالإجماع كما في «الغنية والمنتهى والدروس والذكرى وجامع المقاصد » وغيرها .
وهو ركن في
الصلاة بالاتفاق كما في «التذكرة » والدروس
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتنقيح » وظاهر «الوسيلة » وبلا خلاف كما في «المنتهى وجامع المقاصد والتنقيح » أيضاً و «الروض والبحار ».
وأمّا بطلان
الصلاة بتركه عمداً أو سهواً فعليه الإجماع كما في «المفاتيح وشرح الشيخ نجيب الدين». وفي «الغنية » الإجماع على بطلان الصلاة بتركه سهواً. وهو مذهب
الأكثر كما في «المدارك » ولا فرق في البطلان بتركه سهواً بين الاوليين
والأخيرتين عند علمائنا كما في «التذكرة ». وفي موضع آخر عند أكثر علمائنا. ولا خلاف في ذلك بل
هو إجماعي كما في «إرشاد الجعفرية » وهو المشهور كما في «تخليص التلخيص وكشف اللثام وشرح الشيخ نجيب الدين والحدائق » ولا يلتفت إلى ما يوجد في الكتب بخلاف ذلك
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
كما في «السرائر ».
قلت : وهو مذهب
السيّد والمفيد * والديلمي وجمهور المتأخّرين. وفي سهو «المدارك » نسبته إلى عامّة المتأخّرين. وهو المنقول عن الحسن والتقي والقاضي.
وفي «الدروس والمدارك » انّه لو فسّر الركن بما تبطل الصلاة بتركه سهواً
بالكلّية لم يكن منافياً لقول الشيخ ، لأنّ الآتي بالركوع بعد السجود لم يتركه في
جميع الصلاة.
ونقل عن أبي
علي وعلي بن بابويه أنّ الصلاة تبطل بتركه سهواً في الركعة الاولى دون الثانية
والثالثة والرابعة ، وقد نقل عبارتيهما في «المختلف ». وفي «المبسوط » في فصل الركوع انّ الصلاة تبطل بتركه سهواً إذا كان في
الركعتين الاوليين من كلّ صلاة ، وكذا إذا كان في ثالثة المغرب ، وإن كان في
الركعتين الأخيرتين من الرباعية إن تركه ناسياً وسجد سجدتين أو واحدة منهما أسقط
السجدة وقام فركع وتمّم صلاته ، انتهى. ومثله قال في «جامع الشرائع »
__________________
(*) لكن عبارة
المفيد محتملة على بُعد مذهب الشيخ (منه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
من دون تفاوت. ونقل ذلك عن «كتابي الأخبار» وهذا في الحقيقة نفي لركنية
السجود بمعنى عدم البطلان بزيادته. وقال في فصل السهو من «المبسوط » في تعداد السهو الذي يوجب الإعادة : ومن ترك الركوع
حتى سجد ، وفي أصحابنا من قال بسقوط السجود ويعيد الركوع ثمّ يعيد السجود ،
والأوّل أحوط ، لأنّ هذا الحكم مختصّ بالركعتين الأخيرتين ، انتهى.
وهذا الذي نسبه
إلى بعض أصحابنا هو ما في «الجُمل والوسيلة » بدون تفاوت أصلاً ، ونقل ذلك في «المختلف » عن «الاقتصاد». وهذا الذي نقله الشيخ عن بعض الأصحاب
من الإطلاق نقله عن الشيخ في «المنتهى » وعن بعض الأصحاب في «التذكرة ».
وقال الشيخ في «النهاية
» : فإن تركه ناسياً في حالة السجود وجب عليه الإعادة ، فإن لم يذكر حتّى
صلّى ركعة اخرى ودخل في الثالثة ثمّ ذكر أسقط الركعة الاولى وبنى كأنّه صلّى
ركعتين ، وكذلك إن كان قد ترك الركوع في الثانية وذكر في الثالثة أسقط الثانية
وجعل الثالثة ثانية وتمّم الصلاة ، انتهى.
وظاهر «المدارك
والشافية» أو صريحهما أنّه لو ذكر ترك الركوع في السجدة الاولى أو بعدها
قبل الدخول في الثانية لا تبطل صلاته بل يركع ويسجد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
السجدتين. وتمام الكلام في المسألة سيأتي في محلّه بعون الله تعالى ورحمته
الواسعة وبركة خير خلقه محمّد وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وظاهر جماعة وصريح آخرين * أنّ الركن في الركوع هو الانحناء كما
سيأتي. وفي موضع من «الخلاف » أنّ الطمأنينة في الركوع ركن من أركان الصلاة وأدّعى
على ذلك الإجماع. وقال أيضا في مسألة اخرى : رفع الرأس من الركوع والطمأنينة واجب
وركن بالإجماع. وتمام الكلام يأتي إن شاء الله تعالى.
والمشهور بين
الأصحاب كما في «الروضة » أنّ زيادته على حدّ نقيصته تبطل بها الصلاة سهواً. قلت
: وبذلك صرّح الأكثر . وهو ظاهر كلّ من قال انّه ركن. وفي «مجمع البرهان » أمّا بطلان الصلاة بزيادته حتى يتمّ معنى الركن عند
الأصحاب فلا أذكر الآن ما يدلّ عليه ، انتهى.
وأوّل من فتح
باب الشكّ في البطلان بزيادة الركن فيما أجد الآن الشهيد الثاني فإنّه قال : هذه الكلّية تخلّفت في مواضع كثيرة ،
وادّعى أنّ ذلك هو الّذي
__________________
(*) كالشهيدين والفاضل المقداد وغيرهم (بخطّه قدسسره).
__________________
ويجب في كلّ ركعة مرّة إلّا الكسوف وشبهه.
ويجب فيه
الانحناء بقدر وضع يديه على ركبتيه ،
______________________________________________________
دعا الشهيد في اللمعة في بحث التروك لترك ذكر أنّ زيادة الركن مبطلة ، مع أنّه
قد نصّ فيها في بحث السهو على بطلانها بها ، وكذا في بقية كتبه. وتبع الشهيد
الثاني على ذلك جماعة من متأخّري المتأخّرين فأخذوا يتأمّلون في الدليل على ذلك. وقد تقدّم بيان الدليل وتمام الكلام في مبحث القيام. وسيأتي كلام
الناصّين على أنّ زيادة الركن سهواً مبطلة وذكر المواضع المستثناة من ذلك بتوفيق
الله تعالى وبركة محمّد وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجب في كلّ ركعة
مرّة إلّا في الكسوف وشبهه)
بالإجماع
المستفيض فيهما.
[وجوب الانحناء في الركوع]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجب فيه الانحناء)
بلا خلاف ،
لأنّه حقيقته كما في «المنتهى » وقال فيه قبل ذلك أيضاً : إنّ الركوع هو الانحناء لغةً
وشرعاً. وصرّح بذلك جماعة . وفي «الذكرى » الإجماع على أنّه لا يتحقّق مسمّى الركوع شرعاً إلّا
بانحناء الظهر إلى أن تبلغ اليدان عيني الركبتين ، انتهى.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (بقدر)
يتمكّن معه من (وضع
يديه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
على
ركبتيه) كما في «الشرائع وجامع الشرائع والتحرير والمنتهى والذكرى وجامع المقاصد والمفاتيح ». وفي الأربعة الأخيرة : الإجماع على ذلك ، لكن في «المنتهى
والذكرى» ذكر البلوغ. وفي الأخيرين : الوضع كالكتاب. وظاهرها الاكتفاء في وصول جزء
من اليد. ويأتي ما يقيّده ويصرفه عن ظاهره بل في «جامع الشرائع والذكرى وجامع المقاصد » عيني ركبتيه. وفي «نهاية الإحكام والتذكرة والإرشاد والروض » وضع راحتيه على ركبتيه ، وفي بعضها : بلوغ راحتيه
إليهما. وفي «التذكرة » إجماع اهل العلم كافّة عليه ، أي على بلوغ راحتيه
إليهما ما عدا أبا حنيفة.
وفي «الروض»
الراحة الكفّ ومنها الأصابع وعن «الديوان » انّ الراحة الكفّ. وعن الفيّومي في «السامي» انّ الراحة ما فوق الأصابع.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «النافع والمعتبر والتبصرة والدروس والبيان والألفية واللمعة والموجز الحاوي وكشف الالتباس والجعفرية وشرحيها والميسية والروضة والمدارك » وضع كفّيه على ركبتيه ، وفي بعضها : وصول كفّيه إلى
ركبتيه. وفي «المعتبر » إجماع أهل العلم كافّة على وصول كفّيه إليهما غير أبي
حنيفة. وفي «جُمل السيّد » يملأ كفّيه من ركبتيه. وفي «مصباح الشيخ » يلقمهما كفّيه.
فإجماعا «المعتبر
والتذكرة» وما صرّح به في هذه الكتب قد تطابقت على معنى واحد وهو اعتبار وصول جزء
من باطن الكفّ وأنه لا يكتفي برؤوس الأصابع كما صرّح به في «البيان وجامع المقاصد وفوائد الشرائع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والروض والروضة » بل في «جامع المقاصد » لم أقف في كلام لأحد يعتدّ به على الاجتزاء ببلوغ رؤوس
الأصابع في حصول الركوع ، انتهى. قلت : هذا يدلّ على أنّه لم يفهم من إجماعي «المنتهى
والذكرى» ما لعلّه يفهم منهما من الاجتزاء بذلك ، سلّمنا الظهور لكنّ الإجماعات
الاخر توجب الصرف عن هذا الظاهر وتوجب حمل قوله عليهالسلام في الخبر الّذي رواه في «المعتبر » «فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك»
على أنّ المراد الوصول إلى مجموع عين الركبة لأنّ من الأصابع الإبهام وباقي
الأصابع بينها تفاوت ، فإذا وصلت أطراف الكلّ إلى مجموع عين الركبة دخل جزء من
باطن الكفّ ، كما أشار إلى ذلك الاستاذ أدام الله حراسته في «حاشية المدارك » أو يحمل على أنّ المراد بالأطراف الأطراف التي تلي
الكفّ كما في «جامع المقاصد » ويعضد ذلك ما في «الذخيرة» من أنّ في عبارتي المنتهى
والذكرى مسامحة .
فما في «البحار
» من أنّ المسامحة في إجماعي المعتبر والتذكرة لم يصادف محلّه كما عرفت ،
وما في «الحدائق » من نسبة الاجتزاء ببلوغ رؤوس الأصابع إلى المشهور ففيه
انّا لم نجد المصرّح بذلك إلّا الشهيد الثاني في «المسالك » وقد سمعت ما في «جامع المقاصد».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وليعلم أنه قد يظهر من «السرائر والنفلية » أنه لا يجب على المرأة أن تنحني انحناء الرجل ، بل
القدر الذي تصل معه يداها إلى فخذيها فوق ركبتيها ، واحتمل ذلك في «الفوائد الملية
» ويأتي في المستحبّات نقل عبارتيهما.
وليعلم أنه قد
صرّح أكثر علمائنا بأنه لا يجب هذا الوضع. وفي «الذكرى » الإجماع عليه ، ونفى الخلاف فيه جماعة .
وفي «نهاية
الإحكام والتذكرة والذكرى والدروس والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس والجعفرية وشرحيها » أنه لا بدّ أن لا ينوي بالانحناء غير الركوع ، فلو قرأ
آية سجدة فهوى ليسجد أو أراد قتل حيّة أو نحو ذلك فلمّا بلغ حدّ الراكع بدا له أن
يجعله ركوعاً لم يجزء بل يجب أن ينتصب ثمّ يركع ، لأنّ الركوع الانحناء ولم يقصده
، وإنّما يتميّز الانحناء للركوع منه عن غيره بالنيّة ، بل في «نهاية الإحكام» أنه
لا فرق في ذلك بين العامد والساهي على
__________________
والطمأنينة فيه بقدر الذكر الواجب ،
______________________________________________________
إشكال ووجهه كما في «كشف اللثام» من حصول هيئة الركوع وعدم
اعتبار النية لكلّ جزء كما في «المعتبر والمنتهى والتذكرة» وغيرها ، غايته أن لا
ينوي غيره عمداً . وفي «الموجز الحاوي وكشف الالتباس » فرض المسألة في صورة النسيان.
وفي «الذكرى والدروس وجامع المقاصد والمقاصد العلية والروض والروضة والمسالك » انّه لا يكفي في الركوع الانخناس أي إخراج الركبتين
ولا المركّب منه ومن الانحناء لخروجه عن معنى الركوع.
[في وجوب الطمأنينة في الركوع]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والطمأنينة)
وجوب الطمأنينة
في الانحناء إجماعي كما في «الناصريات والغنية والمعتبر والمنتهى
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتذكرة وجامع المقاصد » ومعناها السكون بحيث تستقرّ أعضاؤه في هيئة الركوع
وينفصل هويه عن ارتفاعه منه عند علمائنا أجمع كما في «التذكرة » وكذا «المنتهى » ولعلّ هذا المعنى داخل تحت الإجماع. وهو عين قول
الأكثر انّها الكون حتّى يرجع كلّ عضو إلى مستقرّه وإن قلّ.
وفي «الخلاف » الإجماع على ركنيّتها كما عرفت. وكلام الكاتب المنقول
في «الذكرى والبحار » كالصريح في أنّها ركن. وفي «البحار » انّ المشهور أنّها ليست بركن. قلت : وبذلك صرّح في «المعتبر
والتذكرة والمنتهى والذكرى والبيان » وغيرها . وفي «الدروس » في ركنيّتها قولان. وهذا يشعر بالتردّد. وقال في «الذكرى
» كأنّ الشيخ يقصر الركن فيها على استقرار الأعضاء وسكونها ، والخبر دالّ
عليه ، ولأنّ مسمّى الركوع لا يتحقّق يقيناً إلّا به ، أمّا الزيادة التي تساوي
الذكر فلا إشكال في عدم ركنيّتها ، انتهى.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «المفاتيح»
الإجماع على وجوبها بقدر الذكر الواجب . وبه صرّح في «السرائر والشرائع والنافع والمعتبر والمنتهى والتذكرة والذكرى والألفية وجامع المقاصد والمقاصد العلية » وغيرها لتوقّف الواجب وهو الذكر راكعاً عليها. وفي «كشف اللثام
» هذا إنّما يتمّ إذا لم يزد في الانحناء على القدر الواجب وإلّا فيمكن
الجمع بين مسمّى الطمأنينة والذكر حين الركوع مع عدم الطمأنينة بقدره ، انتهى. وفي
«التذكرة والذكرى والدروس والموجز الحاوي وجامع المقاصد وكشف الالتباس » انّه لو زاد في الهوي ثمّ ارتفع والحركات متواصلة لم
تقم زيادة الهوي مقام الطمأنينة.
__________________
والذكر من تسبيح وشبهه على رأي ،
______________________________________________________
[في وجوب الذكر في الركوع]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والذكر)
يجب فيه الذكر
إجماعاً كما في «الخلاف والمعتبر والمنتهى والذكرى وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية والمدارك والمفاتيح ». وفي «غاية المراد » انّه لا خلاف فيه. وفي «الوسيلة » الإجماع على وجوب تسبيحة واحدة في الركوع. ونحوهما في
«الغنية والوسيلة» كما يأتي.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (من تسبيح وشبهه)
فلا يتعيّن
التسبيح بلا خلاف كما في «السرائر » بل مطلق الذكر كافٍ كما هو خيرة «المبسوط والمنتهى والتذكرة والإرشاد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتحرير ونهاية الإحكام والمختلف وغاية المراد والموجز الحاوي والتنقيح وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والجعفرية وشرحيها والميسية وكنز العرفان والمسالك والروض والروضة والمدارك ورسالة صاحب المعالم » وقوّاه في «المقاصد العلية ».
ونسبه في «المنتهى
» إلى جُمل الشيخ والنهاية ، والموجود في «النهاية والجامع » الاقتصار على أنّ «لا إله إلّا الله والله أكبر» بدل
التسبيح. قال في «النهاية » بعد أن ذكر أنّ التسبيح فريضة : وإن قال بدلاً من
التسبيح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«لا إله إلّا الله والله أكبر» كان جائزاً ، انتهى. وظاهره عدم إجزاء غير
هذا عن التسبيح ، فتأمّل ، ويأتي ما في «الجُمل».
ويضعّف القول
بالاكتفاء بمجرّد الذكر أنّ قضيّته الاكتفاء بتسبيحة واحدة صغرى للمختار وذلك خلاف
فتوى الأصحاب كما يأتي ، بل قد يظهر من القاضي الإجماع عليه ، وخلاف ظواهر الأخبار بل كاد يكون خلاف صريح خبر معاوية بن عمّار . نعم يظهر من «الغنية» كما يأتي الاجتزاء بالصغرى
للمختار ومن إطلاق صحيحي زرارة وابن يقطين ، وأين يقَعان من تلك الأخبار وفتوى الأصحاب؟ وفي «الروض
» لا منافاة بين الأخبار ، فإنّ التسبيحة الواحدة الكبرى وما يقوم مقامها
يعدّ ذكراً لله تعالى ، فتكون أحد أفراد الواجب التخييري المدلول عليه بالأخبار
الاخر ، فإنّها دلّت على إجزاء ذكر الله تعالى وهو أمر كلّي يتأدّى في ضمن الكبرى
والصغرى المكرّرة والمتحدة فيجب الجميع تخييراً. ثمّ قال : لكن رواية ابن عمّار
تأبى هذا الحمل لكن لا صراحة فيها بأنّ ذلك أخفّ الواجب فتحمل على أخفّ المندوب ،
انتهى فتأمّل ، ثمّ ما ذا يصنع بإجماع القاضي إلّا أن يضعّفه بأنّ كلّ من اكتفى
بمطلق الذكر أجاز الاكتفاء بالواحدة الصغرى ، فتأمّل جيّداً.
والمشهور كما
في «المقاصد العلية والبحار وكشف اللثام » تعيّن التسبيح.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهو مذهب الأكثر كما في «غاية المراد والتنقيح وجامع المقاصد والروض » ومذهب المعظم كما في «الذكرى » وهو ظاهر الصدوقين كما نقل و «المقنعة والفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام والجُملين والتهذيب والهداية » والديلمي والمنقول عن الكاتب والحسن والقاضي والتقي والحلبي. وفي «المنتهى
» نسبة ذلك إليهم من دون ذكر أنّ ذلك ظاهرهم. وفي «المختلف » نسبته إلى ظاهرهم. وهو خيرة «الشرائع والنافع والمعتبر والتلخيص والتبصرة والبيان
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والدروس والألفية واللمعة وحاشية المدارك » وبعض هذه وإن لم يكن صريحاً في ذلك لكنّه كالصريح فيه.
وفي «الذكرى » انّه أولى.
وفي «الانتصار » الإجماع على إيجاب التسبيح وانّه ممّا انفردت به
الإمامية. وفي «الخلاف والوسيلة والغنية » الإجماع على وجوب تسبيحة واحدة في الركوع. ويظهر من «شرح
جُمل السيّد » للقاضي دعوى الإجماع على انّه لا يجوز الاقتصار على
سبحان الله كما يأتي نقل كلامه برُمّته.
وفي «الأمالي » انّ من دين الإمامية الإقرار بأنّ القول في الركوع
والسجود ثلاث تسبيحات إلى أن قال : ومن لم يسبّح فلا صلاة له إلّا أن يهلّل أو
يكبّر أو يصلّي على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعدد التسبيح فإنّ ذلك يجزئه ، انتهى فتأمّل. وفي «كشف
اللثام » انّ التهليل والتكبير ونحوهما تسبيح ، ذكر ذلك في ردّ
الاستدلال بخبر الحضرمي. وفيه نظر ظاهر ، لورود التسبيح في الأخبار وكلام الأصحاب
في المقام وغيره في مقابلتهما وهو المفهوم عرفاً ولغةً وإن تلازما أو صحّ الصدق
مجازاً ، فليتأمّل.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «المنتهى » اتفق الموجبون للتسبيح من علمائنا على أنّ الواجب من
ذلك تسبيحة واحدة كبرى ، صورتها «سبحان ربّيَ العظيم وبحمده» أو ثلاث صغريات مع
الاختيار ومع الضرورة واحدة ، انتهى. وفي «المعتبر» تسبيحة واحدة كبرى مجزئة أو «سبحان
الله» ثلاثاً ومع الضرورة تجزئ الواحدة. وقال أبو الصلاح : لا يجزئ أقلّ من ثلاث
اختياراً وبه قال ابن أبي عقيل ، انتهى. ونحوه قال المحقّق الثاني . وفي «غاية المراد والتنقيح » اختلف الموجبون للتسبيح فأوجب أبو الصلاح والمحقّق
ثلاث تسبيحات صغريات أو واحدة كبرى للمختار وواحدة صغرى للمضطرّ ، انتهى.
وفي «المختلف » في تذنيب ذكره : الظاهر من كلام الصدوقين وجوب واحدة
كبرى أو ثلاث صغريات من دون تقييد بمختار ومضطرّ. قلت : الظاهر من «الهداية والفقيه» التخيير بين ثلاث كبريات أو «سبحان الله سبحان
الله سبحان الله» وأنّ واحدة تجزئ المريض والمعتلّ .
وفي «البحار » القائلون بالتسبيح اختلفوا على أقوال : الأوّل : جواز التسبيح مطلقاً كما في الانتصار. الثاني : وجوب تسبيحة واحدة كبرى وهي «سبحان ربي العظيم وبحمده»
كما في النهاية. قلت : قد سمعت ما في «النهاية والجامع». نعم تعيّن التسبيحة
الواحدة الكبرى خيرة «جُمل السيّد والمراسم والمصباح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتبصرة» وقد يظهر من القاضي دعوى الإجماع عليه كما يأتي. وفي «البيان » الأظهر أنّ هذه تجب عينا. الثالث : التخيير بين واحدة كبرى وثلاث صغريات وهي «سبحان الله»
وهو ظاهر الصدوق والشيخ في التهذيب. قلت : قد سمعت ما في كتب الصدوق. نعم ما ذكره
خيرة «الشرائع واللمعة والألفية » للمختار ، وفي «اللمعة» يكفي مطلق الذكر للمضطرّ. وفي «الشرائع»
واحدة صغرى.
الرابع : وجوب ثلاث على
المختار وواحدة على المضطرّ وهو منسوب إلى أبي الصلاح. قلت : وإلى الحسن كما سمعت.
وقال أبو الصلاح على ما نقل : إنّ الأفضل «سبحان ربّي العظيم وبحمده» ويجوز «سبحان الله».
وفي «جامع المقاصد والمدارك » انّ ظاهر كلامه هذا أنّ المختار لو قال «سبحان ربّي
العظيم وبحمده» ثلاثاً كانت واجبة. قلت : وكلامه هذا يفيد أنّ كلًّا من «سبحان
الله وسبحان ربّي العظيم وبحمده» يكفي مرّة للمضطرّ. الخامس : نسب في التذكرة القول بوجو ثلاث تسبيحات كبار إلى بعض
علمائنا ، انتهى ما في البحار.
قلت : هذا الذي
ذكره في «التذكرة » خيرة «المقنعة» حيث قال : «سبحان ربي العظيم وبحمده»
ثلاث مرّات وإن قالها خمساً فهو أفضل وسبعاً أفضل .
وينبغي أن يزيد
صاحب البحار قولاً سادساً وهو ما في «النافع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والاستبصار » من التخيير بين «سبحان ربّي العظيم» مرّة بدون «وبحمده»
و «سبحان الله» ثلاثاً ، وفي الضرورة مرّة واحدة كما في خبر هشام بن سالم وهو وجه جمع بين التثليث والتوحيد.
وينبغي أن يزيد
سابعاً وهو ما في «الغنية» من جواز الاقتصار على «سبحان الله» مرّة واحدة اختياراً
حيث قال : وأقلّ ما يجزئ تسبيحة واحدة ولفظه الأفضل «سبحان ربّي العظيم وبحمده»
ويجوز فيهما «سبحان الله » قلت : وإطلاق صحيح زرارة يعطي ذلك ، وكذا صحيح ابن يقطين لكن يدفعه ما يأتي عن «شرح الجُمل».
وليعلم أنّ
المفيد أجاز «سبحان الله» ثلاثاً للعليل والمستعجل . وفي «المعتبر والمنتهى » الإجماع على إجزاء الواحدة الصغيرة للمضطرّ.
وفي «المعتبر وكنز العرفان» لفظة «وبحمده» مستحبّة عندنا . وظاهرهما دعوى الإجماع كما هو صريح «المنتهى» كما يأتي
نقل عبارته ، لكن الاستاذ تأوّل ذلك كما سيأتي. وفي «التنقيح» الأكثر على أنّ لفظ «وبحمده»
ليس بواجب وإن قلنا بمعطوفه . وفي «غاية المراد » انّ القائلين بالكبرى منهم من أوجب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فيها «وبحمده». وفي «الذكرى وجامع المقاصد» انّ الأولى وجوبها . وتعجّب من الكركي صاحب «المدارك» حيث إنّه قال بوجوبها
مع ترجيحه مطلق الذكر . قلت : لعلّه أراد الوجوب تخييراً لا عيناً كما في «الروض
والروضة ».
وفي «الذكرى وجامع المقاصد والروض والمدارك والبحار » انّه ليس في كثير من الأخبار ذكر «وبحمده» وهذا عجيب
من صاحب البحار وقد وجدت الاستاذ أدام الله تعالى حراسته في «حاشية المدارك » قد ذكر تسعة أخبار قد ذكر فيها «وبحمده» وهي صحيحة
زرارة وصحيحة حمّاد المشهورتين وصحيحة عمر بن اذينة المروية في الكافي في علل الأذان وهي طويلة والصدوق
رواها في العلل بطرق متعدّدة ورواية إسحاق بن عمّار المروية في العلل عن الكاظم عليهالسلام في باب علّة كون الصلاة ركعتين ورواية هشام
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ابن الحكم عن الصادق عليهالسلام في ذلك الباب ورواية هشام عن الكاظم عليهالسلام في باب علّة كون التكبيرات الافتتاحية سبعاً ورواية أبي
بكر الحضرمي المروية في «التهذيب » وغيره وصحيحة زرارة أو حسنته عن الباقر عليهالسلام رواها في التهذيب والصدوق يتفاوت في الذكر قبل التسبيح ورواية حمزة بن
حمران والحسن بن زياد قالا : دخلنا على الصادق عليهالسلام .. الحديث ، انتهى ما ذكره الاستاذ أيّده الله تعالى.
قلت : ورواية
إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب «الغارات » التي حكى فيها أمير المؤمنين عليهالسلام صلاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ورواية كتاب «العلل » لمحمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم قال : سئل أمير
المؤمنين عليهالسلام عن معنى قوله : سبحان ربي العظيم وبحمده ، وما ذكر في «الفقه
المنسوب إلى الرضا عليهالسلام » فإنّه حجّة عند صاحب «البحار» فعلى هذا تكون الأخبار
اثني عشر خبراً.
قال الاستاذ : فالأخبار الّتي لم يذكر فيها هذا اللفظ وأنّها لقليلة
قد بني فيها على المسامحة في تركه تخفيفاً في التعبير واتكالاً على الظهور كما وقع
مثله كثيراً ، إذ لا شكّ في أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول هذا اللفظ في ركوعه وسجوده والمسلمون تابعوه
على ذلك وشاع وذاع إلى أن ادّعي فيه الإجماع ، وكذا الأئمة صلّى الله عليهم يذكرونه
ويداومون عليه ، كما تضافرت الأخبار بذلك كما سمعت
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفيها الصحيح الّذي لا غبار عليه المعمول به. وقال : وترك ذلك في صحيح
الحلبي ، لأنّه في مقام ذكر المستحبّات ، ونحوه خبر هشام إلى أن قال : مع أنّ شدّة
استحباب قول «سمع الله لمن حمده» عند رفع الرأس تشهد على ذكر «وبحمده» في الركوع
على سبيل التعاقب إلى أن قال : ومما يشهد على ذلك أنّ العلّامة في المنتهى نقل عن العامّة روايتهم عن ابن مسعود «أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرّات : سبحان ربّي
العظيم وبحمده» ومثله عن حذيفة ، ثمّ قال : ويستحبّ أن يقول في ركوعه «سبحان ربّي
العظيم وبحمده» وفي سجوده «سبحان ربّي الأعلى وبحمده» ذهب إليه علماؤنا أجمع. قال
الاستاذ : لعلّ مراده أنّ المستحبّ كون ذلك ثلاث مرّات.
قلت : يشهد
لهذا التأويل قوله في «التذكرة» يستحبّ أن يقول ثلاث مرّات «سبحان ربّي العظيم
وبحمده» إجماعاً ، لكنّ الإنصاف أنّ هذا التأويل في عبارة المنتهى بعيد
، لأنّه قال بعد ذلك : وتوقّف أحمد في زيادة «وبحمده» وأنكرها الشافعي وأبو حنيفة . فهذا الإجماع كالإجماع الظاهر من «المعتبر وكنز العرفان » غير قابل للتأويل ، لكن يدفع هذا الإجماع ما قد سمعت
من أنّ عظماء قدماء أصحابنا كالمفيد في «المقنعة» والسيّد في «الجُمل» والشيخ في «المصباح
والاقتصاد وعمل يوم وليلة» على ما نقل عن الأخيرين والديلمي في «المراسم» والقاضي
في «شرح جُمل السيّد» على ما نقل عنه ظاهرهم أو صريحهم ما سمعت من أنّ «ربّي
العظيم وبحمده» متعيّن. وفي «كشف اللثام» انّ «سبحان ربّي العظيم وبحمده» هو
المشهور روايةً وفتوى . وقد سمعت ما في «التبصرة
__________________
والرفع منه ،
______________________________________________________
والبيان» وغيرهما ، بل قال القاضي في «شرح جُمل السيّد» ما نصّه على ما نقل
: واعلم أنّ أقلّ ما يجزئ في تسبيح الركوع والسجود تسبيحة واحدة وهي أن
يقول في الركوع «سبحان ربّي العظيم وبحمده» و «سبحان ربّي الأعلى وبحمده» في
السجود. وأمّا الاقتصار على «سبحان الله» وحدها فلا يجوز عندنا مع الاختيار ،
انتهى. وكلامه يحتمل أنّ هذه اللفظة لا تجزئ مرّة أو لا تجزئ مطلقاً وإنّما
المتعيّن «سبحان ربّي العظيم وبحمده» فقد تحصّل أنّ دعوى الإجماع ضعيفة جدّاً.
[في وجوب الرفع من الركوع]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (و)
يجب (الرفع
منه) أي من الركوع إجماعاً كما في «الوسيلة والغنية والتذكرة والذكرى وجامع المقاصد والمدارك والمفاتيح وكشف اللثام » وظاهر «المعتبر ».
وفي «الخلاف » رفع الرأس من الركوع والطمأنينة واجب وركن إجماعاً ،
انتهى. وأنكره الأكثر. ويأتي كلام الاستاذ أيّده الله تعالى في ذلك.
__________________
والطمأنينة فيه.
______________________________________________________
وفي «نهاية الإحكام » لو ترك الاعتدال في الركوع والسجود في صلاة النفل لم
تبطل ، لأنّه ليس ركناً في الفرض فكذا في النفل ، انتهى. وقد ضعّف وزيّف دليله.
[في وجوب الطمأنينة في الرفع]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والطمأنينة فيه)
أي في الرفع ،
وقد نقل الإجماع على وجوبها في الرفع في «الغنية والتذكرة وجامع المقاصد والمفاتيح وكشف اللثام » ونفى عنه الخلاف في «المدارك وشرح الشيخ نجيب الدين».
وفي «الألفية وجامع المقاصد والروض والروضة والمقاصد العلية » انّه يكفي في هذه الطمأنينة مسمّاها ، وفي الأربعة
الأخيرة : انّه يجب أن لا يطيلها بحيث يخرج عن كونه مصلّياً. وفي «الذكرى » عن بعض متأخّري الأصحاب أنّه لو طوّلها عمداً بذكر أو
قراءة بطلت صلاته ، لأنّها واجب قصير
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فلا يشرع فيه التطويل. وردّه في «الذكرى» بالأخبار الحاثّة على الذكر
والدعاء في الصلاة من دون تقييد بمحلّ مخصوص. وفي «جامع المقاصد » انّ ما ذكره في الذكرى متّجه ويلوح من المبسوط الأوّل
، انتهى. ولعلّه فهمه من قوله : رفع الرأس واجب حتى ينتصب ويطمئنّ ، انتهى.
وفي «النفلية والفوائد الملية» استحباب زيادة الطمأنينة فيه بغير
إفراط ، بل بقدر الذكر الواقع فيه ، وهو قول : «سمع الله لمن حمده » واحتمل في «المقاصد العلية » البطلان فيما إذا اطمأنّ ساكتاً غير ذاكر وزاد عن
مسمّى الطمأنينة بحيث يخرج عن كونه مصلّياً عند من علم أنّه غير ذاكر.
وقد سمعت أنّ
الشيخ في «الخلاف» ادّعى الإجماع على ركنية هذه الطمأنينة والأكثرون كما في «الذكرى
وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية » على خلافه. وفي «الدروس» في ركنيّتها قولان . وفي «المفاتيح » انّ القول بالركنية شاذّ.
وفي «حاشية
المدارك » حكم الشيخ بالركنية للأخبار الواردة في أنّ من لم يقم
صلبه فلا صلاة له. وقد استدلّوا في بحث ركنية القيام بأنّ من أخلّ بالقيام مع
القدرة لا يكون آتياً بالمأمور به على وجهه ، ومن المعلوم أنّ هذا شامل
__________________
وطويل اليدين
ينحني كالمستوي ،
______________________________________________________
لما نحن فيه. وقول الصادق عليهالسلام في صحيح زرارة «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة» كما يدفع
قول الشيخ يدفع القول بركنية القيام مطلقاً ، وإن كنّا أجبنا هناك بجوابين لكنّ
أحدهما لا يتمشّى في المقام وهو أنّ الفرض نادر الوقوع ، والجواب الثاني * عنه
يشكل تمشّيه هنا ، فالأحوط مراعاة مذهب الشيخ ، لأنّ التعارض من باب العموم من وجه
، انتهى كلامه حرسه الله تعالى فتأمّل.
[في انحناء طويل اليدين]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وطويل اليدين ينحني
كالمستوي) كما صرّح به جمهور المتأخّرين لانتفاء حقيقة الركوع إذا
انتفى الانحناء المذكور. وهو المشهور كما في «مجمع البرهان ».
وفي «التحرير والتذكرة والدروس والبيان وجامع المقاصد والروض » وغيرها أنّ قصيرهما وفاقدهما ينحنيان أيضاً كالمستوي حملاً
لألفاظ النصوص على الغالب ، لأنّه الراجح. وفي «مجمع البرهان » انّه المشهور. وفي «البيان»
__________________
(*) الجواب
الثاني أنّ الصحيحة مخصوصة بالإجماع وقد ذكرناهما فيما مضى (منه قدسسره).
__________________
والعاجز عن الانحناء يأتي بالممكن ، فإن عجز أصلاً أومأ برأسه ،
______________________________________________________
لا يجزي قصيرهما أن ينخنس لتصل كفّاه ركبتيه .
وقال في «مجمع
البرهان » وأمّا انحناء طويل اليدين وقصيرهما كالمستوي فدليله
غير واضح ، ولا يبعد القول بالانحناء حتّى يصل إلى الركبتين مطلقاً لظاهر الخبر مع
عدم المنافي وعدم التعذّر. نعم لو وصل بغير انحناء يمكن اعتبار ذلك مع إمكان
الاكتفاء بما يصدق عليه الانحناء ، ولا شكّ أنّ ما قالوه أحوط في الطويل ، وفي
القصير ينبغي اعتبار ما قلناه ، انتهى.
[في العاجز عن الركوع]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والعاجز عن الانحناء
يأتي بالممكن) أي العاجز عن الانحناء الواجب يأتي بالممكن كما هو قول
العلماء كافّة كما في «المعتبر ». وفي «المبسوط والتذكرة » لو أمكنه الانحناء إلى أحد الجانبين وجب. وبه قال في «المقاصد
العلية ». وفي «الدروس والذكرى » الاقتصار على نسبته إلى الشيخ.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (فإن عجز عن الانحناء
أصلاً أومأ برأسه) إذا عجز عن الانحناء إلى الحدّ المعيّن أو دونه ولو
بالاعتماد أومأ بإجماع العلماء كافّة كما في «المعتبر » برأسه أو بعينيه كما قالوه كما في
__________________
والقائم على هيئة الراكع لكبر أو مرض يزيد انحناء يسيراً للفرق ،
______________________________________________________
«المفاتيح ». وبه صرّح الشهيدان وغيرهما .
[في من كان على هيئة
الراكع]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والقائم على هيئة
الراكع) خلقة أو (لكبر أو مرض يزيد
انحناءً يسيراً للفرق) وهذه الزيادة واجبة كما في «الشرائع والإرشاد والدروس والبيان والموجز الحاوي وجامع المقاصد وحاشية الإرشاد وكشف الالتباس والميسية» وكذا «الروض » ، وفي بعض هذه التقييد بما إذا لم يخرج بذلك عن مسمّى
الراكع.
وفي «جامع
المقاصد» أنّه لو كان انحناؤه على أقصى مراتب الركوع ففي ترجيح الفرق أو هيئة
الركوع تردّد . وفي «الذكرى والدروس والموجز الحاوي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وكشف الالتباس وجامع المقاصد والمسالك والمقاصد العلية » انّه لو أمكنه أن ينقص من انحنائه حال قيامه باعتماد
أو غيره وجب ذلك قطعاً ، ولا تجب الزيادة حينئذٍ حال الركوع لحصول الفرق.
وفي «المبسوط والمعتبر والمنتهى والتذكرة والمقاصد العلية والمسالك والمدارك وكشف اللثام » انّ القائم على هيئة الراكع لا يجب عليه زيادة
الانحناء اليسير لتحقّق حقيقة الركوع ، وإنّما المنتفي هيئة القيام ، وأجاب في «جامع
المقاصد » بأنه لا يلزم من كونه حدّ الركوع أنه يكون ركوعاً ،
لأنّ الركوع من فعل الانحناء المخصوص ولم يتحقّق ، ولأنه المعهود من صاحب الشرع
الفرق بينهما ولا دليل على السقوط ولظاهر قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «فائتوا منه بما استطعتم» وما دلّ على وجوب كون الإيماء للسجود أخفض ينبّه
على ذلك ، انتهى فتأمّل. واستشكل في «التحرير » ولم يرجّح في «الذكرى ».
__________________
ولو شرع في الذكر الواجب قبل انتهاء الركوع أو شرع في النهوض قبل إكماله
عامداً ولم يعده بطلت صلاته.
______________________________________________________
[لو شرع في الذكر قبل انتهاء الركوع]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو شرع في الذكر
الواجب قبل انتهاء الركوع أو شرع في النهوض قبل إكماله عامداً ولم يعده بطلت صلاته)
كما في «التحرير
والألفية والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس والجعفرية والذكرى والدروس » لكن فيما عدا الأخيرين ترك قوله : ولم يعده ، كما ترك
ذكر «العمد» في الأوّلين ، وأمّا الأخيران فقد ذكر العمد وعدم الإعادة فيهما لكنّه
قال : حيث يمكن العود بأن تكون الإعادة في حالة لا يخرج بها عن حدّ الراكع.
وفي «جامع
المقاصد » أنّ قوله : عامداً ولم يعده ، يفهم منه أنّ الناسي لا
تبطل صلاته ، وكذا العامد إذا أعاد الذكر ، وليس بجيّد لثبوت النهي المقتضي للفساد
في العامد والإخلال بالواجب لو تذكّر الناسي في حال الركوع ولم يعد الذكر مع
احتمال الاجتزاء بالمأتيّ به هنا ، لأنّ الناسي معذور. ولو ترك المصنّف قوله : ولم
يعده ، لكان أسلم ، انتهى. ونحوه قال تلميذه في «إرشاد الجعفرية ».
__________________
ولو عجز عن الطمأنينة سقطت ، وكذا لو عجز عن الرفع ،
______________________________________________________
وفي «المقاصد
العلية» في صحّة الصلاة وعدمها لو أعاد العامد وجهان : الصحّة لحصول الغرض وهو
الإتيان بالذكر في محلّه ، وما مضى ذكر الله تعالى فلا يؤثّر في البطلان كمطلق
الذكر. وعدم الصحّة لتحقّق النهي فيما فعل من الذكر في غير محلّه وهو يقتضي الفساد
، ولاستلزامه زيادة الواجب في غير محلّه عمداً ، إذ الغرض إيقاعه على وجه الوجوب
فلا يكون كالذكر المندوب في الصلاة. وهذا أقوى. ثم قال : وإطلاق العبارة أي عبارة
الألفية يحتمل الوجهين .
وفي «كشف
اللثام » أنّ المنهي عنه إمّا تقديم الذكر أو النهوض ولا يؤثّر
شيئاً منهما فساد الصلاة. ثمّ إنّه بعد أن نقل عبارة الكتاب وعلّل الحكم فيها
بوجوب إيقاع الذكر بتمامه راكعاً مطمئنّاً قال : هذا إن تمّ وجوب الاطمئنان بقدر
الذكر وإلّا فالمبطل إيقاع شيء من الذكر في غير حدّ أقلّ الركوع ، انتهى.
[لو عجز عن الطمأنينة والرفع]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو عجز عن الطمأنينة
في الركوع سقطت) كما قطع به كلّ من تعرّض له ، وفي «جامع المقاصد وكشف اللثام » لكن ينحني مع الإمكان زيادة حتى يأتي بالذكر راكعاً.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وكذا لو عجز عن الرفع)
والطمأنينة فيه
، هذا أيضا ممّا لا كلام فيه ، وإنّما الكلام فيما لو قدر على الرفع قبل التلبّس
بالسجود ، ففي «الخلاف والمبسوط » انّه لا يعود. وفي «المعتبر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمنتهى » هو مشكل. وفي «الدروس والتحرير » الاقتصار على نسبته إلى الشيخ. وفي «التذكرة ونهاية الإحكام والموجز الحاوي وكشف الالتباس » انّه يعود.
وفي «البيان»
لو قدر على الرفع والطمأنينة بعد أن جلس للسجود فالأقرب أنّه لا يتدارك وكذا لو
تركهما نسياناً ، مع احتمال الرجوع قويّاً في الموضعين ، وأقوى منه ما لو سقط بعد
تمام الركوع إلى الأرض لعارض فإنّه يرجع لهما. ولو سقط قبل كمال الركوع رجع له ،
ومنعه في المعتبر لئلّا يزيد ركناً. والأقرب جواز قيامه منحنياً إلى حدّ الراكع لا
وجوبه. ولو قام لم تجب الطمأنينة هنا قطعاً لهذا القيام ، انتهى. وفي «الذكرى» ما في المعتبر جيّد على مذهبه ،
إذ الطمأنينة ليست عنده ركناً ويجيء على قول الشيخ في الخلاف وجوب العود . وقرّب في «المنتهى » ما في المعتبر من عدم الرجوع بعد أن استشكل فيه.
وقوّاه أيضاً في «الجعفرية » ولم يرجّح في «التذكرة » فظاهرها التردّد.
__________________
فإن افتقر إلى ما يعتمد عليه وجب.
ويستحبّ
التكبير قبله ،
______________________________________________________
وصاحب «إرشاد الجعفرية » وافق البيان.
وفي «الخلاف » لو شكّ في أصل الركوع بعد هويه إلى السجود لم يلتفت ،
للإجماع على أنّ الشك بعد الانتقال لا حكم له ، والمحقّق ظاهره التوقّف. وفي «الذكرى » الوجه القطع بما قاله الشيخ.
[في وجوب تحصيل ما يعتمد عليه]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (فإن افتقر إلى ما
يعتمد عليه وجب) كما نصّ عليه في «المبسوط » وغيره فيما إذا افتقر في الركوع إلى ذلك ، وكذا لو افتقر إليه
في الرفع أو الطمأنينة كما نصّ عليه جماعة . وعبارة الكتاب قابلة لشمول الجميع. وقالوا : يجب تحصيل
ما يعتمد عليه والاعتماد عليه من باب المقدّمة ، فلو افتقر إلى عوض وجب بذله وإن
زاد إذا كان مقدوراً إذا لم يضرّ بحاله.
[في استحباب التكبير قبل الركوع]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويستحبّ التكبير قبله)
أمّا استحباب
التكبير فعليه استقرّ الإجماع والمخالف الحسن وسلّار كما في «الذكرى »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وعليه اتفاق أصحابنا قديماً وحديثاً ما عدا الحسن كما في «الحدائق » وهو المعروف من مذهب الأصحاب كما في «المدارك » وليس بواجب عند علمائنا كما في «التذكرة » وأكثر أهل العلم على استحبابه كما في «المعتبر والمنتهى » وهو المشهور كما في «المختلف والروض ومجمع البرهان » بل في الأخيرين : انّ الشهرة عظيمة ، ومذهب الأكثر كما في «المنتهى » أيضاً و «جامع المقاصد وكشف اللثام » ويدلّ عليه صريح خبر علل الفضل بن شاذان كما في «حاشية المدارك ».
وفي «المبسوط والمراسم » نسبة القول بوجوبه إلى بعض أصحابنا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي الأخير : أنّه الأصحّ في نفسي. ونقل ذلك عن الحسن ، ويشر إلى ذلك كلام «الانتصار والفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام ».
وقال الشيخ
نجيب الدين العاملي يشمّ من المفيد في كتاب «الاشراف » الوجوب حيث لم يفرّق في عداد التكبير بين تكبيرة
الإحرام وغيرها إلّا أنّه ينسب إليه القول باستحباب الجميع ما عدا الخمس تكبيرات
في أوّل الصلوات ، انتهى. قلت : لعلّه استشعر ذلك منه ، لأنّه لم يقل كصاحب «النزهة»
وغيره حيث عدّوا التكبيرات ونصّوا على أنّ الواجب منها واحدة وهي تكبيرة الإحرام ،
فتأمّل.
وفي «الوسيلة » أنّ تكبير الركوع مختلف فيه. وفي «الشرائع » التردّد ثمّ استظهار الندب. وفي «المدارك والحدائق » أنّ المسألة محلّ إشكال.
وأمّا كونه
قبله أي حال القيام فهو مذهب الأصحاب كما في «المعتبر
__________________
رافعاً يديه بحذاء اذنيه ،
______________________________________________________
والمدارك » وعليه نصّ الأكثر .
وفي «مجمع
البرهان » لا يشترط فيه القيام للأصل. وفي «الخلاف » يجوز أن يهوي بالتكبير. وفي «الذكرى » وغيرها لا ريب في الجواز إلّا أنّ ذاك أفضل. وفي «المنتهى وجامع المقاصد» إن أراد الشيخ المساواة فممنوعٌ . ونقل عن الكاتب في «الذكرى » في بحث السجود أنه قال : إذا أراد أن يدخل في فعل من
فرائض الصلاة ابتدأ بالتكبير مع حال ابتدائه وهو منتصب القامة لافظ به رافع يديه
إلى نحو صدره ، انتهى. وعن «مصباح السيّد» انّه قال فيه : وقد روي انّه إذا كبّر
للدخول في فعل من الصلاة ابتدأ بالتكبير في حال ابتدائه وللخروج بعد الانفصال عنه . وفي «تعليق الإرشاد» لو كبّر هاوياً وقصد استحبابه
باعتبار الكيفية أثم وبطلت صلاته . ونحوه ما في «جامع المقاصد ».
قوله
قدّس الله تعالى روحه : (رافعاً
يديه بحذاء اذنيه
__________________
وكذا عند كلّ تكبيرة ، وسمع الله لمن حمده ناهضاً ،
______________________________________________________
وكذا عند كلّ تكبيرة)
هذا تقدّم
الكلام فيه مستوفى عند البحث في تكبيرة الإحرام ، وذكرنا فروعاً ثلاثة قبل الفصل
الرابع في القراءة ، لها نفع في المقام. وقال الشهيد في «الذكرى » : إنّ رفع اليدين ثابت في حقّ القاعد والمضطجع
والمستلقي.
[في استحباب سمع الله لمن حمده ناهضاً]
قوله : (وسمع الله لمن حمده ناهضاً)
المراد أنه
يقول ذلك بعد رفع الرأس وانتصابه من الركوع فيكون موافقاً لإجماع صريح «المنتهى » وظاهر «المعتبر والمسالك » وللمشهور كما في «الفوائد الملية والحدائق » وللأكثر كما في «الذكرى » وهو خيرة «المقنعة والمصباح والسرائر والشرائع والنافع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمعتبر والمنتهى والتحرير والتذكرة ونهاية الإحكام والتبصرة والذكرى والنفلية وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والجعفرية وشرحيها والروض والفوائد الملية والوسيلة » في مستحبّات الكيفيّات. نقل ذلك عن «الجامع » ولم أجده ، وعن «المقنع ». وفي «النهاية والخلاف » فإذا رفع رأسه من الركوع قال ، وفي «الخلاف» الإجماع
عليه. وفي «المراسم » ثمّ يرفع رأسه منه ويقول. ولعلّ الكلّ بمعنى واحد.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «اللمعة والروضة » في حالة رفعه منه. ونحوه ما في «الإرشاد » ولم يقيّده بشيء في «البيان ». وفي «الغنية » انّه يقوله عند الرفع ، فإذا استوى قائماً قال : «الحمد
لله رب العالمين أهل الكبرياء والعظمة والجود والجبروت» وهو المنقول عن التقي وظاهر «الاقتصاد ».
ونقله في «الذكرى
» عن ظاهر الحسن والسرائر ، والموجود في «السرائر » ثمّ يرفع رأسه من الركوع وهو يقول بعد فراغه من الرفع «سمع
الله لمن حمده» .. إلى آخره.
وفي «المبسوط والجُمل والعقود والوسيلة » في مستحبّات الأفعال أنّه يستحبّ ذلك عند الرافع.
وفي «الذكرى » انّ ما قاله الحلبيان مردود بالأخبار المصرّحه بأنّ
الجميع بعد انتصابه. والأمر كما قال كما في «كشف اللثام ».
ولا فرق في هذا
الذكر بين الإمام والمأموم والمنفرد إجماعاً كما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المنتهى » وعند علمائنا كما في «المعتبر والمسالك والبحار ».
وفي «المدارك » لو قيل باستحباب التحميد خاصّة كان أولى لصحيح جميل.
وفي «المنتهى ونهاية الإحكام » قال الشيخ في المبسوط : ولو قال «ربّنا لك الحمد» لم
تفسد صلاته لأنّه نوع تحميد لكن المنقول عن أهل البيت عليهمالسلام أولى بل في «المنتهى» عندنا.
وفي «المعتبر » يستحبّ الدعاء بعد سمع الله لمن حمده بأن يقول «الحمد
لله أهل الكبرياء والعظمة» إماماً كان أو مأموماً ، ذكر ذلك الشيخ ، وهو مذهب
علمائنا. ثمّ نقل عن بعض العامّة أنّ الإمام والمأموم يقولان : «ربّنا لك الحمد»
وعن أبي حنيفة يقولها المأموم دون الإمام. ثمّ رجّح قولنا بأنّه المرويّ عن أهل
البيت عليهم الصلاة والسلام وأنّه أفصح لفظاً وأبلغ في الحمد فيكون أولى ، ثمّ
أيّده بما رواه أحمد في مسنده ، ثمّ نقل عن الشيخ أنّه قال : إن قال «ربّنا ولك
الحمد» لم تبطل صلاته ، ومن الجمهور من أسقط الواو ، لأنّها زيادة لا معنى لها ،
وقال بعض أهل اللغة : الواو قد تزاد في كلام العرب ، انتهى ما في المعتبر.
وفي «الذكرى » أنكر في المعتبر «ربّنا لك الحمد» وتدفعه قضية الأصل
وخبر الحسين بن سعيد وطريقه صحيح. وإليه ذهب صاحب «الفاخر» واختاره ابن الجنيد ولم
يقيّده بالمأموم ، انتهى ما في الذكرى. قلت : هذا الخبر رواه في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الذكرى » عن الحسين بن سعيد بإسناده عن محمد بن مسلم عن الصادق عليهالسلام أنّه «قال : إذا قال الإمام «سمع الله لمن حمده» قال من
خلفه : ربّنا لك الحمد ، وإن كان وحده إماماً أو غيره قال : سمع الله لمن حمده
الحمد لله ربّ العالمين».
وليعلم أنّهم
اختلفوا في رفع اليدين بعد الركوع ، ففي «الفقيه » ثمّ ارفع رأسك من الركوع وارفع يديك واستوِ قائماً ثمّ
قل «سمع الله لمن حمده» .. إلى آخره. ونقل ذلك في «الذكرى » عن علي بن الحسين وصاحب الفاخر وقرّبه فيها لصحّة
الخبرين وعدم إنكار الشيخ لشيء منهما في التهذيب وأصالة الجواز وعموم «أنّ الرفع
زينة الصلاة واستكانة من المصلّي». ومال إليه في «المدارك ومجمع البرهان » ونفى عنه البأس في «البيان والحبل المتين ».
وعن رسالة «التحفة
» للسيّد نعمة الله الجزائري أنّ هذا الرفع مصاحب للتكبير وأنّه ادّعى أنّ
الخبرين صريحان في ذلك. وفيه نظر ظاهر. وتبعه على ذلك بعض المتأخّرين عنه. واستدلّ عليه بأنّه لمّا ثبت استحباب الرفع ثبت
استحباب التكبير ، لعدم انفكاكه عنه ، إذ لم يعهد من الشارع رفع بدون تكبير. وقال
: قد ذكر في الخبرين الملزوم مع إرادة اللازم ، انتهى. وفي «التلخيص » يستحبّ التكبير للركوع والسجود أخذاً ورفعاً. وفي «تخليصه»
هذا هو المشهور وأوجبه سلّار ، انتهى فتأمّل.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «مجمع
البرهان والمدارك » يستفاد من الخبرين عدم تقييد الرفع بالتكبير ، بل لو
ترك التكبير استحبّ له الرفع. ونحو ذلك ما في «الذكرى » وأنكر بعض متأخّري المتأخّرين استحباب التكبير في المقام. وقال : لم يقل به أحد ممن
تقدّم على السيّد نعمة الله وإنّما الكلام في المجرّد عن التكبير ، انتهى حاصل
كلامه.
قلت : قال
الكاتب فيما نقل عنه : إذا أراد أن يدخل في فعل من فرائض
الصلاة ابتدأ بالتكبير مع حال ابتدائه وهو منتصب القامة لافظ به رافع يديه إلى نحو
صدره ، وإذا أراد أن يخرج من ذلك الفعل كان تكبيره بعد الخروج منه وحصوله فيما
يليه من انتصاب ظهره في القيام وتمكّنه من الجلوس ، انتهى. وهذه قد تعطي في أحد
الاحتمالين أنّه يكبّر للقيام من الركوع ، فتأمّل.
وفي «المعتبر » لا يستحبّ رفع اليدين عند رفع الرأس من الركوع عند
علمائنا. وفي «المنتهى » لا يرفع يديه وقت قيامه من الركوع ، ذكره ابن أبي عقيل
، لأنّه غير منقول. وفي «الذكرى » لم أقف على قائل باستحبابه إلّا ابني بابويه وصاحب
الفاخر ، ونفاه ابن أبي عقيل والفاضل ، وهو ظاهر ابن الجنيد .. إلى آخر كلامه
المتقدّم.
__________________
والتسبيح سبعاً أو خمساً أو ثلاثاً ، صورته : سبحان ربّيَ العظيم وبحمده ،
______________________________________________________
وفي «البيان والبحار » المشهور عدم استحبابه. قلت : المصرّح بعدم الاستحباب
جماعة قليلون جدّاً وأكثر كتبهم خالية عن ذكر هذا الفرع ولم يذكره في النفلية في
المستحبّات ولا في الجُمل والوسيلة في مندوبات الأفعال والكيفيّات. وفي «رسالة
البهائي» لا يكبّر للرفع من الركوع بل يقول سمع الله. وقال في «الحاشية» ولا يكبّر
للقيام إلى الركعة الثانية ولا إلى الرابعة بل هو كالقيام إلى التشهّد.
وفي «الذكرى » نسبة استحباب هذا الرفع إلى جماعة من العامّة. وفي «البحار
» لعلّه لمّا كان أكثر العامّة على استحباب الرفع صار ذلك سبباً لرفعه عند
أكثرنا ، انتهى. وفي «حاشية المدارك » الظاهر بمعونة الأخبار الظاهرة في عدم استحبابه مثل
صحيح زرارة وحمّاد أنّ ورود هذين الخبرين بالاستحباب على التقية. ثمّ قال : مرادي
بصحيحة زرارة المستجمعة لجميع الآداب والمستحبّات وكذا صحيحته الاخرى الطويلة ،
لكن دلالتها أضعف وتتقوّى بفتوى المعظم والإجماع المنقول ، انتهى كلامه دام ظلّه
العالي.
[في استحباب التسبيح سبعاً أو خمساً أو ثلاثاً]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والتسبيح سبعاً أو
خمساً أو ثلاثاً) قال في «الخلاف » : الثلاث أفضل إلى السبع إجماعاً. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«جامع المقاصد والمدارك » انّ ظاهر كثير من العبارات أنّ السبع نهاية الكمال.
وفي «الذكرى » أنّ ذلك ظاهر الشيخ وابن الجنيد وكثير من الأصحاب ،
انتهى. وفي «الفقة » المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام أو تسعاً. وفي «الوسيلة والنافع والتذكرة والبيان واللمعة والنفلية والموجز الحاوي وتعليق النافع والفوائد الملية ومجمع البرهان وكشف اللثام » أو سبعاً فما زاد ، وفي جملة منها : أنّ ذلك لغير الإمام. وقد يظهر من بعضها أنّ منتهى جميع ذلك أربع وثلاثون أو ستّون. وفي «المعتبر
» الوجه استحباب ما يتسع له العزم ولا يحصل به السأم إلّا أن يكون إماماً
فإنّ التخفيف له أليق إلّا أن يعلم منهم الانشراح لذلك. وقد تبعه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
على هذا التفصيل المصنّف في جملة من كتبه وكذا الشهيدان والمحقّق الثاني والصيمري والميسي وغيرهم ، لكن قد يظهر من جماعة منهم عدم تجاوز العددين المذكورين في خبري أبان وابن حمران .
وهل يستحبّ مع
الزيادة على سبع الوقوف على وتر أم لا؟ احتمل الثاني جماعة لظاهر الخبرين وعدم الدليل على إيثار ما زاد على
النصوص. وفي «الذكرى » الظاهر استحباب الوتر لظاهر الأحاديث وعدّ السّتين لا
ينافي الزيادة عليه ، ولعلّه يريد أنّ ذلك هو الذي ضبط عدده.
وهل الواجب من
الجميع الاولى؟ أم يمكن وصف الجميع به على جهة الوجوب التخييري؟ خلاف. وقد تقدّم
الكلام فيه في التسبيح في الركعتين الأخيرتين. واستقرب في «الذكرى » كون الواجب الاولى وإن لم يقصدها وأنّه لو نوى وجوب
غيرها جاز. وفيها أيضاً : انّه يستحبّ للإمام رفع الصوت بالذكر في الركوع
والرفع والمأموم يسرّ والمنفرد مخير إلّا التسميع فإنّه جهر لصحيحة زرارة . وفي «النفلية » أنّ المنفرد مخيّر في جميع أذكاره من دون نصّ على
__________________
والدعاء بالمنقول قبل التسبيح ،
______________________________________________________
التسميع بأنّه جهر. وفي «الفوائد الملية » ذكر المنفرد تابع لقراءته استحباباً.
[في الدعاء بالمنقول قبل التسبيح]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والدعاء بالمنقول قبل
التسبيح) ففي «الكافي والتهذيب » وأكثر كتب الأصحاب الّتي تعرّض فيها لهذا الدعاء أنّه ما رواه زرارة في
صحيحه عن أبي جعفر عليهماالسلام ، وهو : اللهمّ لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك
توكّلت وأنت ربّي ، خشع لك سمعي وبصري وشعري ولحمي ودمي وعصبي وعظامي وما أقلّته
قدماي غير مستنكفٍ ولا مستكبرٍ ولا مستحسر ، سبحان ربّي العظيم وبحمده ، ثلاث
مرّات في ترسّل.
وفي «الفقيه » : اللهمّ لك ركعت ولك خشعت ولك أسملت وبك آمنت وعليك
توكّلت وأنت ربّي ، خشع لك وجهي وسمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخّي وعصبي
وعظامي وما أقلّت الأرض مني لله ربّ العالمين.
وفي كتاب «فلاح
السائل والنفلية ومصباح الشيخ » : اللهم لك ركعت ولك خشعت وبك آمنت ولك أسلمت وعليك
توكّلت وأنت ربّي ، خشع لك سمعي
__________________
وردّ ركبتيه إلى خلفه ، وتسوية ظهره ومدّ عنقه موازياً لظهره ، ورفع الإمام
صوته بالذكر ، والتجافي ،
______________________________________________________
وبصري ومخّي وعصبي وعظامي وما أقلّته قدماي لله ربّ العالمين ، لكن في
المصباح ذكر موضع «قدماي ، الأرض منّي».
[ردّ الركبتين إلى خلفه وغيره من المستحبات]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وردّ ركبتيه إلى خلفه
، وتسوية ظهره ، ومدّ عنقه موازياً لظهره)
استحباب هذه
كلّها ثابت بإجماع العلماء كما في «المعتبر » وكافّة كما في «المنتهى ». وفي «التذكرة » الإجماع على استحباب ردّ ركبتيه إلى خلفه. وذلك مذكور
في خبر حمّاد وغيره . ومعنى مدّ العنق في الركوع ما قاله أمير المؤمنين عليهالسلام كما في «الفقيه » : آمنت بالله ولو ضربت عنقي.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ورفع الإمام صوته
بالذكر) قد تقدّم الكلام فيه. وفي «المنتهى » لا يعرف فيه خلاف.
[استحباب التجافي في الركوع]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والتجافي)
فلا يضع شيئاً
من أعضائه على شيء إلّا اليدين بالإجماع كما في «جامع المقاصد » وبلا خلاف
__________________
ووضع اليدين على ركبتيه مفرّجات الأصابع ،
______________________________________________________
كما في «المنتهى ».
وأصله النبو
والارتفاع. قال الجوهري : جافى جنبه عن الفراش أي نبا. والمراد هنا عدم إلصاق
يديه ببدنه بل يخرجهما عنه بالتجنيح وهو أن يخرج العضدين والمرفقين عن بدنه
كالجناحين ، ويصير التجافي أيضاً بفتح الإبطين وإخراج الذراعين عن الإبطين ، وقد
يطلق التجنيح على جميع ذلك. وقد ذكر جميع ذلك في «الفوائد الملية ».
وفي «نهاية
الإحكام وكشف الالتباس » انّ التجافي لا يستحبّ للمرأة ، لأنّ الضمّ أستر لها.
[استحباب وضع اليدين على الركبتين]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ووضع اليدين على
ركبتيه مفرّجات الأصابع) استحباب ذلك ثابت بإجماع العلماء كافّة إلّا ابن مسعود
كما في «المعتبر والمنتهى » وبإجماع العلماء إلّا ابن مسعود وصاحبيه الأسود ابن
زيد وعبد الرحمن بن الأسود كما في «التذكرة » وقد تقدّم نقل الإجماع على أنّ وضعهما ليس بواجب.
وفي «الذكرى » انّ التطبيق وهو جعل إحدى الكفّين على الاخرى ثمّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إدخالهما بين ركبتيه مكروه وليس بمستحبّ كما قال ابن مسعود وصاحباه ، وليس
بحرام على الأقرب ، إذ ليس فيه أكثر من ترك وضعهما على الركبتين الذي هو مستحبّ ،
انتهى. وفي «الجعفرية وإرشاد الجعفرية » انّه مكروه.
قلت : في «الخلاف
» الإجماع على أنّه لا يجوز التطبيق في الصلاة وهو أن يطبق إحدى يديه على
الاخرى ويضعهما بين ركبتيه. وبه قال جميع الفقهاء. وقال ابن مسعود : ذلك واجب ،
انتهى. وفي «كشف اللثام » أنّ في الخلاف إجماع المسلمين ، لانقراض خلاف ابن
مسعود يعني على عدم رجحانه ، انتهى. والموجود فيه ما ذكرناه. وفي «الألفية » انّه حرام مبطل على خلاف فيه. وفي «المختلف» عن الكاتب
: انّ التطبيق منهيّ عنه. وفيه عن أبي الصلاح : انّه مكروه ، ثمّ قال : وهو الأقرب
للأصل . ولا دلالة في الإجماع ولا في خبر حمّاد على التحريم. واحتمل في «نهاية
الإحكام » أنّه مكروه ونسب المنع إلى بعض العلماء.
وفي «الذكرى » نسبة القول بتحريمه إلى أبي الصلاح والفاضلين وظاهر
الخلاف وابن الجنيد. وقد سمعت ما في «المختلف» عن أبي الصلاح ، بل هو في «البيان » نسب إليه الكراهة. وليس في «المعتبر والشرائع والنافع »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
التصريح بالتحريم ، بل ولا يظهر منه في المعتبر ذلك. ولم أجد فيما يحضرني *
من كتب المصنف اختيار القول بالتحريم سوى ما سيأتي له في الكتاب في الفصل الثامن ،
وقد سمعت ما في «المختلف ونهاية الإحكام».
وعلى القول
بالتحريم يمكن البطلان للنهي عن العبادة كالتكفير. وروى في «قرب الإسناد » عن علي بن الحسين عليهماالسلام : «إنّ وضع الرجل إحدى يديه على الاخرى في الصلاة عمل
وليس في الصلاة عمل». والحاصل : انّه فعل خارج عن كيفية الصلاة مرجوح ، للأمر بوضع
الكفّين على الركبتين ، ففعله بنية الرجحان حرام مبطل قطعاً ، وبدونه حرام على
القول بوجوب الوضع على الركبتين ، وإلّا فإن كان كما قال جماعة في التكفير كان حراماً مبطلاً عمداً وإلّا فإن صحّ
النهي عنه كما ذكره أبو علي ويحتمله قوله عليهالسلام «ليس في الصلاة عمل» أمكن الإبطال ، لرجوعه إلى النهي عن الركوع بهذه
الكيفية ، ويمكن الصحّة لأنّ النهي عن وصف خارج. وروى الحميري في «قرب الإسناد » بسنده عن علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام «قال : سألته عن تفريج الأصابع في الركوع أسنّة هو؟ فقال : من شاء فعل ومن
شاء ترك» وقد يشعر بأنّه ليس بسنّة. ولعلّ المراد أنّه ليس بسنّة مؤكّدة أو ليس من
الواجب الذي علم من جهة السنّة.
__________________
(*) الذي
يحضرني من كتب المصنّف تسعة كتب (منه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الذكرى واللمعة والبيان والنفلية وشرحها والروضة » انّه يقدّم في الوضع اليمنى على اليسرى.
وفي «النفلية » يستحبّ للمرأة وضع يديها فوق ركبتيها. وفي «المقنعة والنهاية والوسيلة والسرائر » وأكثر كتب المتأخّرين انّ المرأة إذا ركعت وضعت يديها فوق فخذيها لئلّا تطأطئ
كثيراً فترتفع عجيزتها ، ذكروا ذلك في آداب المرأة ، كما نصّ على ذلك في خبر زرارة
. وفي «الذكرى وجامع المقاصد » انّ على خبر زرارة عمل الأصحاب. وفيهما أيضاً : انّ
الرواية وكلام الأصحاب يشعران بأنّ ركوعها أقلّ انحناءً من ركوع الرجال ، فربّما
استفيد منه عدم بلوغ يديها ركبتيها في الركوع ، فلا يكون ما اعتبروه في الركوع
جارياً على إطلاقه ، ويمكن أن يقال استحباب وضع اليدين فوق الركبتين لا ينافي كون
الانحناء بحيث تبلغهما اليدان ، والأمر بوضعهما كذلك للتنبيه على أنّ زيادة
__________________
وتختصّ ذات العذر بتركه
______________________________________________________
الانحناء المطلوبة في الرجل غير مطلوبة منها ، فيبقى إطلاق الأخبار وكلام
الأصحاب جارياً على ظاهره. ومثله قال في «الفوائد الملية » لكنّه احتمل اجتزائها بدون انحناء الرجل وهو القدر
الذي تصل معه يداها إلى فخذيها فوق ركبتيها كما تشعر به الرواية ، لأنّها معلّلة
بقولهم عليهمالسلام : لئلّا تطأطئ كثيراً فترتفع عجيزتها ، انتهى.
قلت : يجب
عليها أن تنحني بحيث يمكنها وضع يديها على ركبتيها ليصدق الركوع الشرعي يقيناً ،
والعجيزة إنّما ترتفع بدفع الركبتين إلى خلف فتضعهما فوقهما لئلّا ترفعهما ، فلا
وجه لما احتمله في شرح النفلية.
وفي «الذكرى » عن الكاتب انّه قال : لو كان أقطع الزند أوصل مكان
القطع إلى الركبة ووضعه عليها. قال في «الذكرى» : إن أراد الاستحباب فلا بأس وإن
أراد الوجوب في الإيصال فممنوع ، إذ الواجب انحناء تصل معه الكفّان لا رؤوس
الزندين. قال : وقال : ولو كانت مشدودة فعل بها كذلك ، وكذا لو كانت له يد بغير
ذراع.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وتختصّ ذات العذر
بتركه) هذا ذكره المصنّف في جملة من كتبه والشهيدان والكركي ، وقالوا عدا الكركي : ولو كان العذر بهما سقط ، وقد
سمعت كلام الكاتب.
__________________
ويكره جعلهما تحت ثيابه.
______________________________________________________
[كراهة جعل اليدين تحت الثياب]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويكره جعلهما تحت
ثيابه) بل تكونان بارزتين أو في كمّه كما في «المبسوط ». وفي «الذكرى والمسالك وتعليق الإرشاد » قاله الأصحاب ، وفي «الروض وجامع المقاصد » قاله الجماعة ، وفي «المنتهى » قاله في المبسوط. وفي «المعتبر» قاله في المبسوط وهو حسن
، نعم لو كان زيقه واسعاً ولا ساتر له كاللحمة أو غيرها بحيث ترى عورته لو ركع
فالأشبه أنّ صلاته تبطل ، لأنّ ستر العورة مع الإمكان شرط ولم يحصل .
وفي «الغنية » ويستحبّ أن لا يصلّي ويداه داخل الثياب ، وظاهره دعوى
الإجماع عليه. وفي «الذكرى » عن الكاتب انّه قال : لو ركع ويداه تحت ثيابه جاز ذلك
إذا كان عليه مئزر وسراويل. وقال أبو الصلاح : يكره إدخال اليدين في الكمّين أو
تحت الثياب وأطلق ، انتهى ما في الذكرى. وفي «كشف اللثام» عن التقي انّه قال : تحت
الثياب أشدّ كراهة .
وفي «النفلية»
يستحبّ بروز اليدين ، ودونه أن يكونا في الكمّين وأن لا يكونا تحت ثيابه . وفي «شرحها» انّ هذا هو المشهور ولم نقف فيه على رواية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بخصوصه . ومثل ما في النفلية ما في «الدروس والبيان ».
وفي «كشف
اللثام » يكره جعلهما تحت ثيابه كلّها في الركوع أو غيره ، قال
: وإنّما ذكره المصنّف عند الركوع لأنّه عنده ربما تسبّب لانكشاف العورة ، انتهى.
وفي «الوسيلة» يكره أن يجعل يده تحت ثوبه . وفي «الإرشاد» يكره ويده تحت ثيابه فتأمّل جيّداً.
وفي «جامع
المقاصد والمسالك والروض » ليس في أكثر العبارات تصريح بما إذا لم يكن ثمّ ثوب
آخر. وفي الأخير : لعلّهم اعتمدوا على ذكر الثياب بصيغة الجمع المضاف فإنّه يفيد
العموم ، فتختصّ الكراهة بما إذا كانت اليدان تحت جميع الثياب ، فمع فقد المجموع
الّذي يصدق فواته بفوات بعض أجزائه لا تتمّ الكراهة. وفي العبارة يريد عبارة
الإرشاد ما يقتضي الاكتفاء في الكراهة بوضع إحدى اليدين والرواية تنفيه ، انتهى.
وفي «الفوائد
الملية » بعد ذكر الشهيد استحباب بروز اليدين أنّ حدّهما ما
اعتيد بروزه هو الراحة والأصابع وما جاوزهما إلى الزند ، انتهى. والأصل في المسألة
صحيح محمّد وخبر عمّار .
__________________
الفصل السادس : في السجود
وهو واجب
______________________________________________________
(الفصل السادس : في
السجود)
في «المعتبر والمنتهى والتحرير ونهاية الإحكام وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية والمقاصد العلية والروض » وغيرها انّ معناه لغةً الخضوع ، وشرعاً وضع الجبهة على الأرض.
وهذا ظاهر في عدم دخول وضع باقي الأعضاء في الحقيقة ، فيكون من واجباته كالذكر.
ويلوح من «الذكرى » أنّ ما عدا الجبهة له دخل في نفس السجود كما يأتي.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وهو واجب)
بإجماع العلماء
كما
__________________
في كلّ ركعة سجدتان ،
______________________________________________________
في «المعتبر والذكرى » وبالإجماع كما في «الوسيلة والغنية والمنتهى والتذكرة ونهاية الإحكام وجامع المقاصد وكشف اللثام والمدارك » بل في الأخير و «المفاتيح » انّه من ضروريّات الدين.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (في كلّ ركعة سجدتان)
بإجماع العلماء
كافّة كما في «المعتبر والتذكرة » وبلا خلاف بين علماء الإسلام كما في «المنتهى ».
__________________
هما معاً ركن ،
______________________________________________________
[في ركنية السجدتين]
قوله : (هما معاً ركن)
بالإجماعات
المستفيضة كما ستسمع. وقضيّة ذلك أنّ المجموع ركن ، وأورد عليه لزوم بطلان الصلاة
بفوات السجدة الواحدة ، لفوات المجموع بفوات الجزء. قالوا : وإن كان المراد أنّ
مسمّى السجود فيهما ركن وهو الأمر الكلّي الصادق بالواحدة ومجموعهما ولا يتحقّق
الإخلال به إلّا بترك السجدتين معاً ، فيرد عليه لزوم بطلان الصلاة بزيادة الواحدة
سهواً كما هو مقتضى الركن.
وأجاب في «الذكرى
» عن الأوّل بأنّ انتفاء الماهيّة هنا غير مؤثّر وإلّا لكان الإخلال بعضو
من أعضاء السجود مبطلاً. وردّه المحقّق الثاني والشهيد الثاني بأنّ الركن على تقدير كونه هو المجموع يجب أن يكون
الإخلال به مبطلاً ، فاللازم إمّا عدم ركنيّته أو بطلان الصلاة بكلّ ما يكون
إخلالاً به. قالا : وما ادّعاه من لزوم البطلان بالإخلال بعضو من أعضاء السجود غير
ظاهر ، لأنّ وضع ما عدا الجبهة لا دخل له في نفس السجود كالذكر والطمأنينة. وقالا
: ولو قيل مراد الأصحاب أنّ الركن مسمّى السجود من السجدتين لم يسلّم أيضاً ، لأنّ
زيادة سجدتين معاً سهواً مبطل قطعاً. وقالا : إنّ ما ذكره الأصحاب من ضابط الركن
لا يخلو من مناقشة وأنّ الحكم لا شبهة فيه. وقال الشهيد الثاني : وحينئذٍ فيمكن
جعل الركن مجموع السجدتين كما أطلقه الأصحاب ولا يبطل بنقصان الواحدة سهواً وإن
استلزم فوات الماهيّة المركبّة أو يلتزم كون الركن مسمّى السجود ولا يبطل بزيادة
الواحدة سهواً فيكون أحدهما مستثنى كنظائره.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ومثله قال شيخه
الفاضل الميسي وسبطه في «المدارك » حيث قال : انتفاء الماهيّة غير مؤثّر. وهذا الإشكال
غير مختصّ بهذه المسألة بل هو آتٍ في الإخلال بحرف واحد من القراءة لفوات الماهيّة
المركّبة أعني الصلاة بفواته. والجواب عن الجميع واحد وهو إثبات الصحّة بدليل من
خارج ، انتهى.
وقال مولانا
الأردبيلي : الدليل على ركنيّتهما بمعنى أنّهما لو زيدتا أو تركتا
معاً بطلت الصلاة هو الإجماع وبعض الأخبار ، وهما ما دلّا على البطلان بزيادة
إحداهما أو تركها ، فالمراد بترك الركن تركه بالكلّية بحيث ما يبقى منه ما يعتبر
جزءً أو عبادةً ، ولا شكّ في اعتبار السجدة الواحدة وكونها عبادة للأخبار والإجماع
، وعدم ذلك في أجزاء النيّة والتكبير ، بل قيل لا جزء للنيّة فإنّه ما لم يصحّ
الكلّ لم يعدّ ذلك الجزء عبادة ، وعلى تقدير التسليم يقال : إنّما ثبت شرعاً
البطلان بترك هذا بالكلّية بخلاف غيره ، انتهى.
وأجاب الشهيد
في «حواشيه على الكتاب» بأنّ الركن هو الماهيّة من حيث هي هي ، وعدم الكلّ إنّما
يكون بعدم كلّ فرد لا بعدم واحد من أفراده. ونقل عن والده جوابين ضعيفين أعرضنا عن
ذكرهما لذلك.
وقال الفاضل
البهائي في «الرسالة » : لا بُعد في إجزاء بعض الأجزاء عن الكلّ ، فلو جعل
الركن كلا السجدتين أو ما أقامه الشارع مقامهما كالواحدة حال نسيان الاخرى لم يكن
بعيداً ، انتهى. وإلى نحو ذلك أشار المحقّق السيّد علي صائغ وبعض المتأخّرين ، قال : إنّ المعهود من ترك الركن في عرف الفقهاء هو ما
كان بحيث يمتنع تداركه وذلك يتوقّف على شيئين فوات محلّ ذلك الفعل وعدم ورود الشرع
بفعله بعد الصلاة ، ومن ذلك يظهر عدم صحّة لزوم البطلان
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بترك الواحدة سهواً على تقدير كون الركن مجموع السجدتين ، انتهى فتأمّل.
وقال الشيخ
نجيب الدين العاملي : إنّ بعض المتأخّرين أجاب بأنّ الركن هو السجدة الاولى ، قال
: ووجهه بما فيه طول وبُعد.
قلت : هذا نقله
صاحب «البحار » قال : وربما يتوهّم اندفاع الشبهة بما يومئ إليه خبر
المعراج بأنّ الاولى كانت بأمره سبحانه وتعالى والثانية أتى بها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من قِبل نفسه ، فتكون الاولى فريضةً وركناً والثانية
سنّةً بالمعنى المقابل للفريضة وغير ركن. وأورد عليه فقال بعد تسليم دلالة الخبر
عليه : انّه لا ينفع في رفع الفساد بل يزيده ، إذ لا يعقل حينئذٍ زيادة الركن ،
لأنّ السجدة الاولى لا تتكرّر إلّا بأن يفرض أنّه سها عن الاولى وسجد اخرى بقصد
الاولى فيلزم زيادة الركن بسجدتين أيضاً (بسجدة خ ل) * مع أنّه يلزم أنّه لو سجد
ألف سجدة بغير هذا الوجه لم يكن زاد ركناً ، على أنّه لو اعتبرت النيّة في ذلك
يلزم بطلان صلاة من ظنّ أنّه سجد الاولى ثمّ سجد بنيّة الأخيرة فظهر له بعد الصلاة
ترك الاولى ولم يقل به أحد.
ثمّ إنّه نقل
وجهاً آخر في دفع الشبهة وهو أنّ الركن أحد الأمرين من إحديهما وكلتيهما. وردّه
بأنّه إذا سجد ثلاث سجدات سهواً يلزم بطلان صلاته حينئذٍ انتهى. وليس هو ما نقلناه
عن البهائي ، لأنّه شرط في ركنيّة الواحدة نسيان الاخرى. اللهمّ إلّا أن يريد ما
أراد البهائي فلا يرد عليه ما أورده المجلسي. ونقل عن بعض الأفاضل المقاربين لعصره
أنّه حلّ الإشكال بأنّ الركن المفهوم المردّد بين السجدة بشرط لا ** والسجدتين
بشرط لا وثلاث سجدات بشرط لا ، إذ ترك الركن حينئذٍ
__________________
(*) كذا وجدناه
(كذا بخطّه قدسسره).
(**) أي بشرط
أن لا يكون معها سجدة اخرى (كذا بخطّه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إنّما يكون بعدم تحقّق السجدة مطلقاً ، وإذا سجد أربع سجدات أو أكثر لا
يتحقّق الركن أيضاً. وردّه بأنّه لا خلاف بأنّ بطلان الصلاة فيما إذا أتى بأربع أو
أكثر إنّما هو لزيادة الركن لا لتركه. قال : ويلزم على هذا أن يكون البطلان لترك
الركن وعدم تحقّقه لا لزيادته.
ثمّ إنّه قال :
ويخطر بالبال وجه آخر لدفع الإشكال على سياق هذا الوجه لكنّه أخصر وأفيد * وهو أن
يكون الركن المفهوم المردّد بين سجدة واحدة بشرط لا وسجدتين بلا شرط ، فإذا أتى
بسجدة سهواً فقد أتى بفرد من الركن ، وكذا إذا أتى بهما ، ولا ينتفي الركن إلّا
بانتفاء الفردين بأن لا يسجد أصلاً ، وإذا سجد ثلاث سجدات لم يأت إلّا بفرد واحد
وهو الاثنان لا بشرط شيء ، وأمّا الواحدة الزائدة فليست فرداً له لكونها مع اخرى
وما هو فرد له على هذا الوجه هو بشرط أن لا يكون معها شيء ، وإذا أتى بأربع فما
زاد أتى بفردين من الاثنين. قال : وهذا وجه متين لم أر أحداً سبقني إليه ومع ذلك
لا يخلو عن تكلّف. والأظهر في الجواب أن يقال : غرض هذا المعترض إمّا إيراد
الإشكال على الأحاديث الواردة في الباب أو على كلام الأصحاب ، والأوّل لا وجه له
لخلوّ الروايات عن ذكر الركن ومعناه وعن هذه القواعد الكلّية ، بل إنّما ورد حكم
كلّ من الأركان بخصوصه وورد حكم السجود هكذا ، فلا إشكال يرد عليها. وأمّا الثاني
فغير وارد عليه أيضاً ، لتصريحهم بحكم السجود فهو مخصّص للقاعدة الكلّية ، كما
خصّصت تلك القاعدة بما ذكر في كلامهم وفصّل في زبرهم ، انتهى.
هذا وفي موضع
من «السرائر » التصريح بأنّ السجدة الواحدة ركن كما يأتي نقل ذلك عنه
عند نقل كلام الكليني.
__________________
(*) لم نجد هذه
الكلمة مستعملة في اللغة (منه عفا الله تعالى عنه).
__________________
لو أخلّ بهما عمداً أو سهواً بطلت صلاته لا بالواحدة سهواً.
______________________________________________________
[في الإخلال بالسجدتين]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (لو أخلّ بهما عمداً
أو سهواً بطلت صلاته) في «المعتبر والتذكرة » إجماع العلماء كافّة على أنّهما معاً ركن لو أخلّ بهما
عمداً أو سهواً أو جهلاً بطلت صلاته. وفي «السرائر » لا خلاف في ذلك. وقد نقلت الشهرة في عدّة مواضع . وفي «المختلف » الإجماع على أنّهما ركن ، ذكر ذلك في أثناء احتجاجه.
وفي «الغنية ونهاية الإحكام وتعليق الإرشاد ومجمع البرهان والمختلف » في أثناء كلامه الإجماع على بطلان الصلاة بالإخلال
بهما عمداً أو سهواً. وفي «تعليق الإرشاد » الإجماع أيضاً على أنّ زيادتهما معاً كذلك. وهو أي
الإجماع على ذلك ظاهر «مجمع البرهان » وإليه ذهب الأكثر كما في «جامع المقاصد والمقاصد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
العلية وكشف اللثام » وهو المشهور كما في «الروضة ».
ولا فرق في
بطلانها بالإخلال بهما عمداً أو سهواً بين أن يكون ذلك في الاوليين أو الأخيرتين
عند علمائنا كما في «التذكرة » في بحث السهو. وفي موضع من «السرائر » انّ على ذلك إطباق الطائفة ، وفي موضع آخر نفى الخلاف فيه ، وفي موضع آخر : ولا يلتفت إلى ما يوجد في بعض الكتب بخلاف ذلك. وفي «الروض
وغاية المرام وشرح الشيخ نجيب الدين والبحار والمفاتيح » انّ ذلك هو المشهور. وهو خيرة المفيد في «المقنعة والعزّية» والتقي على ما نقل عنهما ، والشيخ في «النهاية » وموضع من «المبسوط » وجمهور من تأخّر عنه .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الجُمل
والعقود والوسيلة وجامع الشرائع والاقتصاد » على ما نقل عنه : انّ من ترك سجدتين أو واحدة منهما في
الأخيرتين بنى على الركوع الأوّل وسجد السجدتين ، هذه عبارة «الجُمل» وعبارة «الوسيلة»
: ومن ترك السجدتين في واحدة من الأخيرتين بعد الركوع لم يعتدّ به وبقيامه وقراءته
وجلس وسجد. وعبارة «الجامع» : والسهو عن السجود في الأخيرتين من الرباعية فإنّه لا
يسقط ذلك ويتلافى ويتمّم. وفي موضع من «المبسوط » : من ترك سجدتين من الركعتين الأوّلتين حتى يركع فيما
بعدهما أعاد على المذهب الأوّل وعلى الثاني يجعل السجدتين في الثانية للأوّل ويبني
على صلاته. وأشار بالمذهب الأوّل إلى ما ذكره في الركوع من أنّه إذا ترك الركوع
حتى سجد أعاد . وقد اعترف جملة من المتأخّرين ومتأخّريهم بعدم الوقوف لهؤلاء على دليل. وتكلّف لهم في
«المختلف » بأنّ السجدتين مساويتان للركوع في جميع الأحكام.
وهذا كلّه
إنّما هو فيما إذا تركهما ولم يذكرهما إلّا بعد الركوع ، وأمّا إذا تركهما وذكرهما
بعد قيامه وقبل ركوعه فصريح «السرائر » وظاهر «المقنعة » أو صريحهما وجوب الإعادة. وهو الّذي يظهر من المنقول
من عبارة التقي .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وعن المفيد في «العزّية » أنّه إن تيقّن أنّه ترك السجدتين معاً وذكر ذلك قبل
ركوعه في الثانية سجد السجدتين واستأنف القراءة. وهو المشهور بين المتأخّرين بل كاد يكون وفاقياً كما هو الشأن في السجدة الواحدة.
وهذا أعني ما ذكره المفيد هو ظاهر السيّد والشيخ وسلّار وغيرهم حيث عدّوا في الّذي يوجب إعادة الصلاة السهو عن سجدتين
في ركعة ولم يذكر ذلك حتّى ركع في الثانية ، ومفهوم ذلك عدم الإعادة عند الذكر قبل
الركوع. نعم قد يشعر قولهم فيما يوجب التلافي أنّه إن نسي سجدة واحدة وذكرها في
حال قيامه وجب عليه أن يرسل نفسه فيسجدها ويعود إلى القيام ، بأنّ هذا الحكم مختصّ
بالواحدة ، فتأمّل.
وقال الطوسي في
«الوسيلة » : ومن نسي السجدتين من الركعتين الأخيرتين وذكر بعد
القيام فحكمه مثل حكم من نسي سجدة واحدة. وكلامه يعطي الفرق بين الاوليين
والأخيرتين ، وتمام الكلام يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.
وفي «المبسوط والجُمل والتهذيب والاستبصار والوسيلة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وجامع الشرائع » انّ الصلاة لا تبطل بزيادة سجدتين في إحدى الأخيرتين
سهواً لكن في موضع من «المبسوط وجامع الشرائع » انّ ذلك في الأخيرتين من الرباعية ، وقد تقدّمت
الإشارة إلى هذه العبارات في بحث الركوع ، بل عن علي بن بابويه أنّها لا تبطل بزيادتهما في الثانية أيضاً ، وعن الكاتب
أنّه يرجو له الإجزاء إذا زادهما في الثانية وأنّ الإعادة مع اتساع الوقت
أحبّ إليه ، وقد استند الشيخ ومن تبعه إلى خبر محمّد ، وهو يحتمل الاستئناف مع معارضته بغيره ، مضافاً إلى
ما مرَّ ولعلّ علياً وأبا علي استندا إلى اختصاص الإعادة في خبر البزنطي بالاولى.
ولا تبطل
الصلاة لو أخلّ فيها بالسجدة الواحدة سهواً إجماعاً كما في «التذكرة والذكرى » وإجماعاً إلّا من الحسن كما في «المسالك » وهو مذهب الشيخين والسيّد وأتباعهم كما في «المختلف » وهو مذهب المعظم كما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«البحار » والمشهور كما في «المختلف » أيضاً و «الروض وشرح نجيب الدين» ومذهب الأكثر كما في «جامع المقاصد والمدارك والمفاتيح وكشف اللثام » وقد سمعت ما تقدّم في بيان معنى ركنيّة السجدتين ونسبة
عدم الإخلال بالواحدة إلى الأصحاب والإيراد الذي انتهضوا لدفعه إنّما أورده بعضهم
دليلاً للحسن.
ولا فرق في ذلك
أي عدم البطلان في الإخلال بها سهواً بين أن يكون ذلك في الاوليين أو الأخيرتين
كما هو خيرة المفيد في «المقنعة » والسيّد والطوسي والتقي والديلمي والعجلي وجمهور المتأخّرين بل جميعهم فيما أجد لكن بعضهم صرّح
وبعضهم أطلق ، بل لا فرق في ذلك بين الرباعية وغيرها كما في «الخلاف » حيث فرض المسألة في الركعة الاولى من دون تعرّض لذكر
الأخيرتين ، وهو الّذي يقتضيه إطلاقهم.
وخالف الحسن
وثقة الإسلام فأبطلاها بالإخلال بالواحدة سهواً مطلقاً
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أي من غير فرق بين الاوليين والأخيرتين. قال في «الكافي » في فتاواه السبع عشرة : فإن ركع فاستيقن أنّه لم يكن
سجد إلّا سجدة أو لم يسجد شيئاً فعليه إعادة الصلاة. وفي «المختلف والذكرى » نسبة ذلك إلى ظاهر الحسن. وعن الكاتب انّ الأحوط الإعادة إن تركها في الاوليين وكان في وقت.
ونقل في «الخلاف » وغيره عن بعض أصحابنا أنّ نسيان سجدة في الاوليين حتى يركع
يوجب الاستئناف.
وفي «المختلف » انّ الشيخ وغيره نقل عن بعض أصحابنا أنّ كلّ سهو يلحق
الاوليين سواء كان في أفعالها أو عددها وسواء كان في الأركان من الأفعال أو غيرها
يوجب إعادة الصلاة.
وفي «الذكرى » عن المفيد والشيخ في التهذيب أنّ كلّ سهو يلحق
الاوليين موجب لإعادة الصلاة. وفي «التهذيب » نسيان السجدة الواحدة في الاوليين مبطل للصلاة لا في
الأخيرتين وهو محتمل «الاستبصار ». وتمام الكلام في مباحث السهو بما لا مزيد عليه.
ولا تبطل لو
زاد واحدة سهواً كما هو مذهب كثير من المتقدّمين وجمهور المتأخّرين أو جميعهم. وفي
«جامع المقاصد » نسبته إلى أكثر الأصحاب.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأبطلها بزيادتها ثقة الإسلام مطلقاً ، قال : فإن سجد ولم يدر أسجد سجدتين أم سجدة
فعليه أن يسجد اخرى حتى يكون على اليقين من السجدتين ، فإن سجد ثمّ ذكر أنّه قد
كان سجد سجدتين فعليه أن يعيد الصلاة ، لأنّه قد زاد في صلاته سجدة ، انتهى كلامه.
وقد ذكر ذلك في الفتاوى السبع عشرة. ومثل ذلك عبارة «السرائر » دون تفاوت إلّا أن قال : لمكان زيادته فيها ركناً ،
فقد جعل السجدة ركناً.
وفي «جُمل
العلم والعمل » فإن ركع وذكر في حال الركوع أنّه قد كان ركع فعليه أن
يرسل نفسه للسجود من غير أن يرفع رأسه ولا يقيم صلبه ، فإن ذكر أنّه قد كان ركع
بعد انتصابه كان عليه إعادة الصلاة لزيادة فيها ، وكذلك الحكم فيمن سها ولم يدر
أسجد اثنتين أم واحدة عند رفع رأسه وقبل قيامه فليسجد سجدة ليكون من السجدتين على
يقين ، فإن ذكر وهو ساجد أو بعد قيامه أنّه كان قد سجد اثنتين فليعد الصلاة. وعدّ
في «الغنية » فيمن يجب عليه إعادة الصلاة من سها فزاد ركعة أو سجدة
، ثمّ قال : كلّ ذلك بدليل الإجماع. ونقل القول بذلك عن التقي . وقد سمعت ما في «الذكرى» وما نقله الشيخ عن بعض
أصحابنا. وعن الحسن أنّ الّذي يفسد الصلاة ويوجب الإعادة عند آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الزيادة في الفرض بركعة أو سجدة.
ولا مستند
لهؤلاء من الأخبار إلّا ما رواه الشيخ في «التهذيب » عن محمد ابن أحمد عن الميثمي عن رجل عن المعلّى بن
خنيس «قال : سألت أبا الحسن الماضي عليهالسلام في الرجل ينسى السجدة من صلاته ، قال : إذا ذكرها قبل
ركوعه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
سجدها وبنى على صلاته ثمّ سجد سجدتي السهو بعد انصرافه ، وإن ذكرها بعد
ركوعه أعاد الصلاة ، ونسيان السجدة في الاوليين والأخيرتين سواء» وقد رموه بالضعف
لأن كان المعلّى فيه كلام والإرسال ومعارضته بما هو أقوى منه. وبقي فيه شيء لم
ينبّهوا عليه وهو أنّ المعلّى قُتل في زمن الصادق عليهالسلام وقضية قوله «أبا الحسن الماضي عليهالسلام» تشير إلى أنّه بقي بعد موت الكاظم عليهالسلام فليلحظ ذلك. وحمله في «التهذيبين » على ترك السجدتين معاً لا الواحدة وجوّز حمله على
السجدة الواحدة وتخصيص الحكم بالركعتين الاوليين ، لأنّك قد سمعت مذهبه في «التهذيب»
وحمل التسوية فقط في الخبر على ما إذا كان ترك السجدتين بأن يكون قوله عليهالسلام : «ونسيان السجدة» حكماً مستأنفاً ، فتأمّل. وحمل بعضهم
الإعادة على الاستحباب.
وخبر إسماعيل
بن جابر حجّة على الحسن والكاتب والكليني. وهو بإطلاقه وصريح
خبر موسى بن عمر عن محمّد بن منصور حجّتان على الشيخ في «التهذيب» كخبر
المعلّى بن خنيس ، لكنّه في «التهذيب» حمل الركعة الثانية في خبر ابن منصور على
ثانية الأخيرتين ، وهو بعيد كتأويل خبر المعلّى. والذي دعاه إلى ذلك تضافر الأخبار
بأنّه لا سهو في الاوليين أو لا بدّ من سلامتهما ، وأقوى مستنده ما رواه في الصحيح
عن البزنطي «أنّه سأل أبا الحسن عليهالسلام عن رجل يصلّي ركعتين ، ثمّ ذكر في الثانية وهو راكع
أنّه ترك سجدة في الاولى ، فقال : كان أبو الحسن عليهالسلام يقول : إذا تركت السجدة في الركعة الاولى فلم تدر واحدة
أو اثنتين استقبلت حتى يصحّ لك اثنتان ، وإذا كان في الثالثة والرابعة فتركت سجدة
بعد أن تكون حفظت الركوع أعدت السجود».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهذا الخبر
رواه الكليني في «الكافي » والحميري في «قرب الإسناد » وفيهما «استقبلت الصلاة» وليس في «الكافي» قوله عليهالسلام «وإذا كان في الثالثة .. إلى آخره» وإنّما آخر الخبر فيه «حتى يصحّ لك
اثنتان» وعلى هذا لا ينطبق على مدّعى الشيخ جميعه. وعلى ما رواه هو يحتمل أن يكون
المراد استقبال السجدة ، لأنّه لم يذكر الصلاة ، وعلى هذا فيكون المعنى أنّ السائل
لمّا سأل عن رجل تيقّن وهو راكع في الثانية أنه ترك سجدة من الاولى أجاب عليهالسلام بأنّ على الشاكّ أن يأتي بالسجدة في محلّها حتى يكون
آتياً بالسجدتين فالمتيقّن أولى ، والراكع في الثانية لم يتجاوز محلّ الإتيان
بالسجدة فيهوي إلى السجود الثاني ، بخلاف ما إذا أتمّ الركعتين فتيقّن في الثالثة
أو الرابعة أنه ترك سجدة في الاولى فإنّما عليه قضاء السجدة بعد ، بل نقول على ما
في «الكافي وقرب الإسناد» من استقبال الصلاة لا منافاة ، فإنّ الرجوع إلى السجود
استقبال للصلاة أي رجوع إلى جزء متقدّم منها.
ويحتمل حمله
على استحباب الاستقبال كما في «الذكرى والوافي» وقال في «الذكرى » ظاهره أنّه شكّ في السجود ويكون الترك بمعنى توهّم
الترك وقرينته «فلم يدر واحدة أو اثنتين» وفيه دلالة على أنّ الشكّ في أفعال
الاوليين يبطل وفيه مخالفة للمشهور ، انتهى. وقال في «الوافي » : إن اريد بالواحدة والثنتين الركعة والركعتان فلا
إشكال في الحكم وإنّما الإشكال حينئذٍ في مطابقة الجواب للسؤال ، وإن اريد السجدة
والسجدتان فيشبه أن يكون «أو» مكان «الواو» في قوله عليهالسلام «ولم تدر» أو يكون قد سقط الهمزة من قلم النساخ ، انتهى. وأنت خبير بأنّه
لا حاجة إلى هذا كلّه لما سمعته في توجيهه ، وقد اعترف بعضهم بإجماله وعدم فهم
معناه.
__________________
ويجب فيه
الانحناء بحيث يساوي موضع جبهته موقفه أو يزيد بقدر لبنة لا غير.
______________________________________________________
هذا وليعلم
أنّه قد استدلّ الأكثر على البطلان بالإخلال بالسجدتين وبزيادتهما بالأصل
وبقول الباقر عليهالسلام في صحيح زرارة «لا تعاد الصلاة .. إلى آخره» وبقول الصادق عليهالسلام في حسن الحلبي «الصلاة ثلاثة أثلاث» وبالإجماع على أنهما ركن
وترك الركن وزيادته تبطل الصلاة.
وناقش في ذلك
بعض المتأخّرين قال في دلالة مفهوم خبر زرارة على أنّ الإخلال بهما
مبطل ، تأمّل ، وكذا منطوق خبر الحلبي ، والتمسّك بالإجماع في موضع النزاع مصادرة
، والأصل عدم الركنية وبراءة الذمّة ، انتهى. وهو من الفساد بمكان وأنّ هناك خبرين
ظاهرين في أنّ الإخلال بهما مبطل وهما خبر محمد عن أحدهما عليهماالسلام «قال : إنّ الله تعالى فرض الركوع .. الخبر» وموثق منصور «قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّي صلّيت المكتوبة .. الحديث».
[في قدر الانحناء في السجود]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجب فيه الانحناء
بحيث يساوي موضع جبهته موقفه أو يزيد)
عليه (بقدر
لبنة لا غير) معناه أنّه لا يجوز
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أن يكون موضع جبهته أعلى من موضع رجليه بأزيد من لبنة. وفي «المنتهى » نسبته إلى علمائنا ، وفي «الذكرى » في بحث ما يسجد عليه و «المدارك » نسبته إلى الأصحاب. وهو خيرة «النهاية والمبسوط والشرائع والنافع والمعتبر » والمصنّف في غير هذا الكتاب والشهيدين والكركي وتلميذيه وأبي العباس والصيمري وسائر من تأخّر. وهو المنقول عن الكيدري .
وفي «جامع
المقاصد » لا بدّ أن يكون موضع جبهته مساوياً لموقفه أو زائداً
عليه بمقدار لبنة موضوعة على أكبر سطوحها لا أزيد عند جميع علمائنا. وفي «المعتبر والتذكرة » لا يجوز أن يكون موضع السجود أعلى من موضع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المصلّي بالمعتدّ به اختياراً عند علمائنا ، قالا : وقدّر الشيخ حدّ الجواز
بلبنة ومنع ما زاد ، انتهى كلاماهما ، فتأمّل.
وفي «المدارك » استشكل في الحكم ومال إلى المنع من الارتفاع مطلقاً ،
لأن كان في سند دليلهم النهدي مع أنّه هو الهيثم ، ولو تأمّل فيه من وجه آخر كان
أوجه وهو أنّ «بدنك» يحتمل «يديك» بياءين مثناتين من تحت فلا يفيد العلوّ على
الموقف ، لكنّها في كتب الأخبار والاستدلال «بدنك» بالباء الموحّدة والنون ، وقد
أرسل الكليني «إذا كان موضع جبهتك» فلا مجال في هذا للاحتمال ، والضعف منجبر بما سمعت.
واستدلّ عليه
في «التذكرة ونهاية الإحكام وإرشاد الجعفرية » بأنّه لا يتمكّن من الاحتراز عنه غالباً وأنّه لا يعدّ
علوّاً عرفاً أي علوّاً يخرج الساجد عن مسمّاه لغةً وعرفاً.
وعن الكاتب انّه قال : ولا يختار أن يكون موضع السجود إلّا مساوياً
لمقام المصلّي من غير رفع ولا هبوط ، فإن كان بينهما قدر أربع أصابع مقبوضة (مفتوحة
خ ل) * جاز ذلك مع الضرورة لا الاختيار. ولو كان علوّ مكان السجود كانحدار التلّ
ومسيل الماء جاز ما لم يكن في ذلك تحرّف وتدريج وإن تجاوز لضرورة ، انتهى. وقال في
«الذكرى » ظاهره أنّ الأرض المنحدرة كغيرها في اعتبار الضرورة ،
انتهى.
__________________
(*) في الذكرى
ذكر مفتوحة وفي كشف اللثام مقبوضة (كذا بخطّه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الوسيلة » في مباحث التروك الّتي يقطع الصلاة فعلها عدّ السجود
على موضع ارتفع عن موضع القيام بأكثر من حجم المخدّة. وفي «السرائر » ينبغي أن يكون موضع سجوده مساوياً في العلوّ والهبوط
لموضع قيامه ولم أجده تعرّض لغير ذلك. وفي «الكفاية » الأولى المساواة. ولعلّه تبع في ذلك صاحب «المدارك».
وفي «الحدائق » نسبة التقدير باللبنة إلى الأصحاب. وفي موضع من «الذكرى
» تقديرها بذلك ، وفي موضع آخر منها و «جامع المقاصد والميسية والروض والمسالك والمدارك » انّها قدّرت بأربع أصابع. وفي «الوسيلة » ما سمعته. وفي «الجعفرية وفوائد الشرائع والروضة » الاقتصار على ذكر أربع أصابع من دون ذكر اللبنة.
وأكثر الأصحاب
كما في «المسالك » ذكروا العلوّ لا غير. قلت : وظاهرهم جواز الانخفاض من
دون تقدير. وبجواز الانخفاض صرّح جماعة. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«التذكرة » لو كان أخفض جاز إجماعاً.
وفي «البيان والدروس والذكرى والجعفرية وفوائد الشرائع وتعليق النافع وإرشاد الجعفرية والميسية والروض والروضة وكشف اللثام » * وظاهر «الموجز الحاوي وجامع المقاصد » أو صريحهما أنّ الانخفاض كالارتفاع يشترط فيه التقدير
باللبنة ولا يجوز الزائد عليها. وبه صرّح في «جامع المقاصد » في بحث المستحبّات ، وفي «المسالك والمدارك » أنه أحسن. واستدلّوا عليه بموثّقة عمّار ، وهي واضحة الدلالة. ولم يوجبه المولى الأردبيلي
والخراساني.
__________________
(*) ذكر ذلك في
كشف اللثام في المستحبّات (منه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الروض والمسالك والمقاصد العلية » لا فرق في المنع من الاختلاف المذكور بين كونه بسبب
بناء أو أرض منحدرة وإنّما يفرّق بينهما في علوّ الإمام مع المأموم مع مساواة مسجد
كلّ لموقفه. ومثله ما في «الموجز الحاوي والميسية والمدارك والحدائق » واستدلّ عليه في «المسالك » وغيرها بإطلاق النصوص والفتاوى.
وفي «الجعفرية وشرحيها والميسية والمقاصد العلية » انّ اللبنة تعتبر في جميع المساجد. ونقل ذلك المحقّق
الثاني والشهيد الثاني وسبطه وصاحب «الذخيرة » وغيرهم عن الشهيد ، واستظهره الخراساني من «نهاية الإحكام» وفي
«تعليق النافع والمدارك والمفاتيح والذخيرة » انّه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أحوط ، وفي «الروض » انّه أولى. وفي «جامع المقاصد » للنظر فيه مجال. وفي «مجمع البرهان » لا دليل على اعتباره.
قلت : لم أجد
الشهيد أوجب ذلك في كتبه السبعة وهي «الذكرى والبيان والدروس واللمعة والألفية
وحواشيه على الكتاب والنفلية» وإنّما قال في «الذكرى والنفلية » تستحبّ مساواة مساجده في العلوّ والهبوط. نعم في هامش
بعض نسخ «البيان » بعد قوله «أو يزيد بلبنة» : وكذا باقي المساجد ، من
دون ذكر «صح» والنسخ الاخر ليس فيها ذلك. وعبارة «نهاية الإحكام » الّتي فهم منها الخراساني اعتبار ذلك هي قوله : يجب
تساوي الأعالي والأسافل أو انخفاض الأعالي. قال : وهذا ظاهر فيما ذكره الشهيد.
قلت : قال
الشهيد في «الذكرى والبيان » وهل يجب كون الأسافل أعلى من الأعالي؟ الظاهر لا ،
انتهى. واستدلّ عليه في «الذكرى » بالأصل وبأنّ الارتفاع بقدر لبنة يشعر بعدم وجوب هذا
التنكّس. قال : نعم هو مستحبّ لما فيه من زيادة الخضوع والتجافي المستحبّ ، انتهى
كلامه ، فليلحظ كلامه وكلام المصنّف في النهاية.
وقد كتب بعض
الفضلاء على «حاشية البيان» في نسختين عندي ما نصّه :
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ظاهر النهاية أنّ الأسافل موضع الرجلين ، لأنّه قال عقيبه : ولو كان موضع
جبهته أعلى من موقفه بالمعتدّ عمداً مع القدرة لم يصحّ. وظاهر الذكرى أنّ الأسافل
الدبر وهو مكتوب تحت الأسافل بخطّ ابن محمود ، ثمّ قال بعد ذكره الظاهر لا لقضيّة
الأصل ولأنّ الارتفاع بقدر لبنة يشعر بعدم وجوب هذا التنكيس : نعم هو مستحبّ لما
فيه من التجافي في المستحبّ. قلت : ففي ذكر التجافي تلويح بل تصريح بأنّ المراد
بالأسافل الدبر لعدم حصوله بعلوّ موقف الرجلين ، انتهى كلام المحشّي.
هذا واستحبّ
المصنّف فيما يأتي من الكتاب وجملة من كتبه وسائر من تأخّر عنه إلّا من قلّ مساواة موضع الجبهة للموقف وقال بعضهم
: يستحبّ مساواة موضع الجبهة لموضع الإبهامين حال السجود لا حال القراءة
ونزّل عليه عباراتهم. وفي «الدروس والنفلية وشرحها » وموضع من «الذكرى » استحباب المساواة في باقي المساجد أيضاً. وفي «الدروس » يجوز التفاوت بما لا يزيد عن لبنة.
__________________
ووضعها على ما
يصحّ السجود عليه ،
______________________________________________________
وفي «الذكرى » لو كان موضع الجبهة أخفض من القدم جاز والأفضل التساوي
وفي ما يأتي من الكتاب و «التحرير ونهاية الإحكام والبيان » وموضع من «الذكرى» قد سمعته يستحبّ أيضاً كون موضع
الجبهة أخفض عن الموقف ، لانّه أبلغ في الخضوع. وإليه مال في «جامع المقاصد » أو قال به. وقيّد فيه وفي «البيان وكشف اللثام » بعدم زيادة الانخفاض عن اللبنة. وقد سمعت ما في «السرائر
والمدارك والكفاية» وما حكي عن الكاتب.
[وجوب وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ووضعها على ما يصحّ
السجود عليه) هذا تقدّم الكلام فيه. وأمّا إذا وضعها على ما لا يصحّ السجود
وليس أرفع من حدّ المسجد ففي «البيان وجامع المقاصد والجعفرية وشرحيها
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والروض والمدارك وكشف اللثام » انّه يجرّها ولا يرفعها حذراً من تعدّد السجود ، بل في
«الروض وإرشاد الجعفرية» التصريح بعدم جواز رفعها. وإليه أشار في «نهاية الإحكام ». وفي «الذكرى » الأولى أن يجرّها ولا يرفعها. وقال هؤلاء جميعاً ما
عدا صاحب المدارك وفاقاً «للمعتبر والمنتهى ونهاية الإحكام » : إنّه لو وضعها على مرتفع بأزيد من لبنة يجوز له أن
يرفعها ويسجد على المساوي. قلت : ولعلّ الحال في المنخفض أزيد من لبنة كذلك عند
مَن يعتبر التقدير بها فيه.
وقال أبو
العباس : لو وقعت على ما لا يصحّ السجود عليه جاز له رفعها وإن
زاد بذلك سجدة. أمّا لو وقعت على ما يكره السجود عليه جرّها بغير رفع. وحمل الشيخ
في «الاستبصار » الأخبار الدالّة على الجرّ على الحالة الّتي يتمكّن
الإنسان معها من وضع جبهته مستوياً من غير أن يرفع رأسه حذراً من زيادة سجدة ،
وحمل أخبار الرفع على حالة الاضطرار الّذي لا يتأتّى له ذلك إلّا مع رفع الرأس.
وفي «المدارك والذخيرة » انّها إذا وقعت على مرتفع يزيد عن لبنة فالأولى جرّها
مع الإمكان.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «البحار » يمكن حمل أخبار جواز الرفع على النافلة كما هو مورد
خبر غيبة الشيخ وأخبار العدم على الفريضة ، أو الاولى على الجواز والثانية على
الكراهية. قال : ولعلّ بعض ما ذكرناه من الحمل أوجه ممّا ذكروه ، إذ عدم تحقّق
السجود الشرعي كما يكون في الارتفاع زائداً عن اللبنة يكون في وقوع الجبهة على ما
لا يصحّ السجود عليه أو عدم الاستقرار فيه. وأمّا أصل حقيقة السجود شرعاً وعرفاً
ولغةً فالظاهر أنّه يتحقّق مع قدر من الانحناء ووضع الجبهة. ويلزمهم أنّه إذا وضع
جبهته على أزيد من لبنة مرّات لا يتحقّق معها الفعل الكثير لا يكون مبطلاً لصلاته
ولعلّهم لا يقولون به. والظاهر أنّ جواز ذلك للضرورة ومع عدمها لا يجوز الرفع كما
هو ظاهر الشيخ ، انتهى كلامه. وفي ما ذكره في بيان أوجهية ما احتمله وما ألزم به
الأصحاب نظر ظاهر يعلم ممّا ذكرناه عن «التذكرة ونهاية الإحكام» في بيان التقدير
بلبنة.
وفي «الحدائق » المفهوم من كلام الأصحاب من غير خلاف يعرف إلّا من
صاحب المدارك ومن تبعه كالفاضل الخراساني انه لو وقعت جبهته حال السجود على ما لا
يصحّ السجود عليه ممّا هو أزيد من لبنة ارتفاعاً أو انخفاضاً أو غيره ممّا لا يصحّ
السجود عليه فإنّه يرفع رأسه ويضعه على ما يصحّ السجود عليه. وإن كان ممّا يصحّ
السجود عليه ولكن لا على الوجه الأكمل وأراد تحصيل الفضيلة فإنّه يجرّ جبهته ولا
يرفعها لئلّا يلزم زيادة سجدة ، انتهى كلامه. وما فهمه من كلام الأصحاب من أنّها
إذا وقعت على لبنة فما دون ممّا لا يصحّ السجود عليه رفعها ووضعها على ما يصحّ
السجود عليه فقد سمعت كلامهم الصريح بخلافه.
__________________
والسجود عليها
______________________________________________________
[وجوب وضع الجبهة في تحقّق السجود]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والسجود عليها)
أي يجب السجود
على الجبهة. وهي ما بين قصاص الشعر وطرف الأنف طولاً وبين الجبينين عرضاً كما في «المقاصد
العلية » ونحوه ما في «المسالك والروض » من أنّ حدّها قصاص الشعر من مستوي الخلقة والحاجب. وفي
«القاموس » الجبهة موضع السجود من الوجه أو مستوي ما بين الحاجبين
إلى الناصية. وقال فيه : الجبينان حرفان يكتنفان الجبهة من جانبيها فيما بين
الحاجبين مصعداً إلى قصاص الشعر أو حروف الجبهة مما بين الصدغين متصلاً بحذاء
الناصية كلّه جبين ، انتهى.
ووجوب السجود
عليه إجماعي كما في «الخلاف والغنية والتذكرة ونهاية الإحكام والذكرى وإرشاد الجعفرية » وغيرها . وعن «شرح الجُمل »
__________________
وعلى الكفّين
______________________________________________________
للقاضي لا خلاف فيه. وفي «المنتهى » لا خلاف في أنّه لا يجزي السجود على الرأس والخدّ. وفي
«الذكرى » عن المختصر الأحمدي انه يكره السجود على نفس قصاص
الشعر دون الجبهة ، انتهى فتأمّل.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والكفّين)
قد تقدّم بيان
الكفّ وأنّه ما يشمل الأصابع ورؤوس الأصابع غير مجزئة لأنّها حدّ الباطن كما في «المسالك
».
ووجوب السجود
على الكفّين إجماعي كما في «الغنية والتذكرة والذكرى وإرشاد الجعفرية » وشرح الشيخ نجيب الدين ، إلّا من علم الهدى ، وفي «المدارك
» نسبته إلى الأصحاب. وفي «المعتبر والمنتهى » إلى الشيخين وأتباعهما ما عدا السيّد.
وبالكفّين صرّح
في «المقنعة والمراسم والهداية والشرائع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والنافع والمعتبر وجامع الشرائع والإرشاد والتحرير والمنتهى والذكرى والألفية والبيان وجامع المقاصد وتعليق الإرشاد والمقاصد العلية والروض والروضة والمدارك والمفاتيح » وغيرها ، وقد صرّح في هذه كلّها بالوجوب ما عدا الثلاثة الاول
فإنّ الوجوب كاد يكون صريحها.
وفي «جُمل
السيّد والسرائر » مكان الكفّين ، مفصل الزندين من الكفّين ، وفي نسخة
اخرى : مفصل الكفّين عند الزندين. وقد يظهر من «الذكرى » أنّ ابن الجنيد موافق للسيّد حيث قال : لو لقي الأرض
بمفصل الكفّين أجزأ عند
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المرتضى وابن الجنيد ، لصدق السجود على اليدين ، انتهى. فإن كان ابن الجنيد
قائلاً بمقالة المرتضى فذاك ، وإن كان إنّما عبّر باليدين فقضية ما في «الذكرى»
أنّ كلّ من عبّر باليدين يلزمه القول بمقالة المرتضى فتأمّل. وعن القاضي في «شرحه لجُمل السيّد» انّه لا خلاف عندنا في السبعة
المذكورة فيه. وحمله الشهيد على الاجتزاء به عن الكفّين. قال في «كشف اللثام » هذا الحمل أولى من تعيّنه.
وفي «النهاية والمبسوط والخلاف والجُمل والعقود والمصباح والوسيلة ونهاية الإحكام والمختلف والدروس والجعفرية » ذكر اليدين مكان الكفّين ، ونقل ذلك عن الإصباح . وفي «الخلاف ونهاية الإحكام » الإجماع عليه ، وفي «المختلف » انّه المشهور.
__________________
والركبتين وإبهامي الرجلين ،
______________________________________________________
وفي «الذكرى » انّ أكثر أصحابنا على وجوب ملاقاة الكفّين بباطنهما
تأسّياً بالنبي وأهل بيته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل في «نهاية الإحكام والتذكرة » أنّ ظاهر علمائنا أنّه يجب أن يلقي الأرض ببطون راحته.
وظاهر كلام المرتضى إجزاء إلقاء زنده ، انتهى. وممّا صرّح فيه باعتبار الباطن «البيان
وكشف الالتباس وتعليق الإرشاد وفوائد الشرائع وإرشاد الجعفرية والمقاصد العلية ». وفي «الروض والكفاية » انّه أحوط. وتردّد في «المنتهى » في ظاهرهما.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والركبتين)
هذا لا كلام لأحد فيه ولا في وجوبه.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وإبهام الرجلين)
وجوب السجود
عليهما إجماعي كما في «نهاية الإحكام والتذكرة والذكرى وإرشاد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الجعفرية وشرح الشيخ نجيب الدين». وفي «المدارك » نسبته إلى الأصحاب وفي «المعتبر والمنتهى » نسبته إلى الشيخين وأتباعهما.
وبالإبهامين
صرّح في «الهداية والمقنعة والنهاية » في المقام وسائر كتب الأصحاب إلّا ما سننقله عمّا عبّر فيه بخلاف ذلك. وفي «كشف
الالتباس » انّ المشهور التعبير بالإبهامين ، بل في «الذكرى وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والروض والمسالك وكشف اللثام » انّ الوجه تعيّن الإبهامين ، قالوا : نعم لو تعذّر
السجود عليها لعدمها أو لقصرها جاز على بقيّة الأصابع كما حمل عليه الشيخ خبر هارون بن خارجة. ونقله الشهيد في حواشيه عن السيّد
عميد الدين وأنّه قال : لو ترك السجود عليهما وسجد على بقيّة الأصابع فالأولى عدم
الصحّة.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «المنتهى وكشف اللثام والحدائق » أنّ الأقرب في الإبهامين تساوي ظاهرهما وباطنهما. وفي «تعليق
الإرشاد وفوائد الشرائع وإرشاد الجعفرية والمقاصد العلية والروض والمدارك » انّه لا يجب في الإبهامين وضع رؤوسها بل أيّ جانب وضع
أجزأ ، وفي «الموجز الحاوي وشرحه » يراعى ظاهر الأصابع دون رؤوسها ، وفي «المصباح والمبسوط والغنية والنهاية » في باب التحنيط أطراف أصابع الرجلين. وهو المنقول عن
كتاب «أحكام النساء» للمفيد «والكافي ». وفي «الغنية » الإجماع عليه ، وفي «جُمل السيّد والسرائر »
__________________
والذكر كالركوع ،
______________________________________________________
طرفي إبهامي الرجلين. وفي «نهاية الإحكام والموجز الحاوي » العبرة في الرجلين بأطراف الأصابع. وفي «التذكرة وكشف اللثام » العبرة في الإبهامين بأناملهما.
وفي «المبسوط » أيضا و «جامع الشرائع » انّه لو وضع بعض أصابع رجليه أجزأ. وفي «الجُمل
والعقود والوسيلة والموجز الحاوي » ذكر أصابع الرجلين مكان الإبهامين ، وفي «الخلاف » في نسختين الاقتصار على أنّ وضع القدمين فرض ونقل
الإجماع عليه ، ولم يذكر إبهاماً ولا رؤوساً ولا أطرافاً. وقد وقع في «كشف اللثام » خلل في المقام فإنّه نسب إلى الشيخ في سائر كتبه أنّه
ذكر مكان الإبهامين أطراف أصابع الرجلين وقد سمعت ما في «الخلاف والنهاية» في
المقام.
[في ذكر السجود]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والذكر كالركوع)
أمّا وجوب
الذكر في السجود فعليه الإجماع المستفيض ، وأمّا أنّه لا فرق فيه بين التسبيح وشبهه
__________________
وقيل : يجب «سبحان ربّيَ الأعلى وبحمده»
______________________________________________________
كما هو خيرة المصنّف في الركوع فقد نصّ على ذلك في «المنتهى والتحرير والإرشاد والتذكرة والموجز الحاوي والجعفرية وشرحيها وجامع المقاصد ومجمع البرهان » وغيرها . ويفهم من «الشرائع » ترجيح الذكر هنا. وفي «نهاية الإحكام » أنّه أقوى. وفي «الروض » قوي وفي «الكفاية » أقرب.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وقيل : يجب سبحان
ربّيَ الأعلى وبحمده) كما في «النهاية والمراسم *
__________________
(*) قال في
المراسم : والواحدة الواجبة في الركوع ، وقالوا في السجود : إنّ حكمه حكمه (منه).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتبصرة والبيان والذكرى » ونقل ذلك عن كتاب «عمل يوم وليلة وشرح جُمل السيّد» للقاضي. وفي «الانتصار والخلاف والغنية » الإجماع على وجوب التسبيح فيه. وفي «الخلاف والوسيلة » الإجماع على وجوب تسبيحة واحدة في السجود. وهو قد يعطي
أنّها الكبرى ، أعني سبحان ربّيَ الأعلى وبحمده. وفي «الغنية » الإجماع على ذلك أيضا إلّا أنّه قال : يجوز في هذه
الواحدة سبحان الله. وفي «جُمل العلم » يسبّح في السجود ويقول : سبحان ربّيَ الأعلى وبحمده.
وفي «المصباح » الإجزاء يقع بواحدة كبرى. وفي «المبسوط » الذكر فيه واجب وأقلّ ما يجزي تسبيحة واحدة. وفي «الجُمل
والعقود » يجب السجود الأوّل والتسبيح فيه والسجود الثاني والذكر
فيه. وقال في المسنّنات : يستحبّ قول ما زاد على تسبيحة واحدة في
الاولى ومثل ذلك في الثانية.
وخيرة (وظاهر خ
ل) «المقنعة » وجوب الكبرى ثلاثاً للمختار ،
__________________
والطمأنينة بقدره ،
______________________________________________________
وسبحان الله ثلاثاً للمريض والمستعجل. وظاهر «الفقيه والهداية » التخيير بين ثلاث كبريات وثلاث صغريات. وفي «جامع
الشرائع » التخيير بين واحدة كبرى وبين لا إله إلّا الله والله
أكبر. وفي «السرائر » تجب تسبيحة واحدة ثمّ أحالهعلى الركوع.
والحاصل : انّ
أقوال الأصحاب هنا كأقوالهم في الركوع من دون تفاوت إلّا ما سمعته عن «النهاية
والشرائع» في ظاهرها وغيرهما ممّا هو قليل جدّاً. وفي «المعتبر » الذكر فيه واجب أو التسبيح والبحث فيه كما في الركوع.
وفي «المدارك والحدائق » البحث فيه كالركوع خلافاً واستدلالاً واختياراً. ونحوه
ما في «إرشاد الجعفرية وفوائد الشرائع والمفاتيح ».
[في الطمأنينة في
السجود]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والطمأنينة بقدره)
تجب الطمأنينة
في السجود بقدر الذكر عند علمائنا كما في «المعتبر » وبالإجماع كما في «المدارك
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمفاتيح » وبلا خلاف كما في «مجمع البرهان » وبه صرّح جمهور المتأخّرين . فلو شرع فيه قبل وصول الجبهة إلى الأرض أو رفع قبل
انتهائه بطل عند علمائنا أجمع كما في «التذكرة ». وفي «الغنية » الإجماع على وجوب الطمأنينة فيه ، وفي «الخلاف » الإجماع على أنّها ركن. وخالفه في ذلك جميع من تأخّر
عنه.
وفي «الروض » لا بدّ من زيادة الطمأنينة على الذكر يسيراً ليتحقّق
وقوعه حالتها ، قال : ولو لم يعلم الذكر وجبت بقدره. وفي «الذكرى » وغيرها : تجب بقدره إلّا مع الضرورة المانعة.
وفي «جامع
المقاصد » هل يسقط وجوب الذكر مع التعذّر أم يأتي به على حسب
مقدوره؟ فيه تردّد ، انتهى. وفي «المسالك والمدارك وحاشية المدارك » يجب الذكر بحسب الإمكان.
__________________
ورفع الرأس من الاولى ،
______________________________________________________
[في رفع الرأس من السجدة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ورفع الرأس من الاولى)
رفع الرأس من
الاولى واجب بالإجماع كما في «الوسيلة والغنية والمنتهى والذكرى وجامع المقاصد والمدارك والمفاتيح » وظاهر «المعتبر وكشف اللثام » خلافاً لبعض العامّة حيث قال : لو رفع بمقدار ما يرفع السيف أجزأه ، وقال
بعض منهم : لو انتقلت من مكانها إلى أخفض كفاه. وفي «الخلاف » الإجماع على أنّ رفع الرأس من السجود ركن والاعتدال
جالساً مثل ذلك ، انتهى.
وكذا يجب الرفع
من الثانية إجماعاً كما في «الوسيلة والغنية والتذكرة والمفاتيح » وبلا خلاف كما في «المنتهى ». وفي «كشف
__________________
والطمأنينة قاعداً.
______________________________________________________
اللثام » انّ في التذكرة نفي الخلاف ، والموجود فيها خلاف ذلك ،
قال : يجب الرفع من السجود إمّا للقيام أو الجلوس لا خلاف بينهما إجماعاً ، انتهى .
وترك المصنّف
ذكر وجوب الرفع من الثانية إمّا لوقوع الخلاف في الاولى دونها أو لأنّ الرفع منها
لا يجب لنفسه وإنّما يجب للقيام أو للجلوس وللتشهّد كما في «التذكرة ونهاية الإحكام ».
[في وجوب الطمأنينة في الرأس قاعداً]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والطمأنينة قاعداً)
أي تجب
الطمأنينة في الرفع من الاولى حال كونه قاعداً ، وقد نقل على ذلك الإجماع في «الغنية
والمنتهى والتذكرة وجامع المقاصد والغرية وإرشاد الجعفرية والمقاصد العلية والمدارك والمفاتيح والحدائق » وقد سمعت ما في «الخلاف».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهل تجب
الطمأنينة في الرفع من الثانية وهي المسمّاة بجلسة الاستراحة أم لا؟ ففي «الانتصار
والناصرية والغنية » الإجماع على الوجوب ، قال في «الغنية» : والطمأنينة
بعد رفع الرأس قائماً وجالساً بدليل الإجماع. وقد يلوح الوجوب من خلال «المقنعة والمراسم والسرائر » وهو ظاهر المنقول في «الذكرى » عن الكاتب والحسن وعليّ بن بابويه. قال أبو علي : إذا
رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الاولى والثالثة حتى يماسّ ألياه الأرض أو
اليسرى وحدها يسيراً ثمّ يقوم جاز ذلك. وقال العماني : إذا أراد النهوض ألزم ألييه
الأرض ثمّ نهض معتمداً على يديه. وقال أبو الحسين ابن بابويه : لا بأس أن لا يقعد
في النافلة ، انتهى. وكلامهم يعطي الوجوب. وإليه مال في «كشف اللثام ». وفي «البحار وحاشية المدارك » انّه أحوط.
والمشهور كما
في «الإيضاح والمختلف والبيان وإرشاد الجعفرية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ومجمع البرهان والبحار » وغيرها انّها مستحبّة غير واجبة. وفي «المنتهى » نسبته إلى علمائنا ما عدا السيّد. وفي «المعتبر » إلى أكثر أهل العلم. وفي «التذكرة وجامع المقاصد والغرية» إلى الأكثر. وفي «تلخيص الخلاف » الإجماع عليه لكنّي لم أجد في «الخلاف» دعوى الإجماع
على ذلك.
والظاهر أنّ
عمدة أدلّة القائلين بالاستحباب خبر زرارة ، وهو يحتمل النفل والتقية والعذر ، ويلوح من خبر رحيم أمارات التقية فليس صريحاً في عدم الوجوب كما في «الذكرى
». وقال أمير المؤمنين عليهالسلام لمّا قيل له : كان من قبلك أبو بكر وعمر إذا رفعوا
رؤوسهم من السجود نهضوا على صدور أقدامهم كما تنهض الإبل : «إنّما يفعل ذلك أهل
الجفا من الناس». وقال أبو الحسن عليهالسلام فيما رواه زيد النرسي في كتابه : «إذا رفعت رأسك من آخر
سجدتك في الصلاة قبل أن تقوم فاجلس جلسة إلى أن قال : ولا تطش من سجودك كما يطيش
هؤلاء
__________________
ويكفي في وضع الجبهة الاسم ،
______________________________________________________
الأقشاب في صلاتهم ». وقال أمير المؤمنين عليهالسلام في خبر «الخصال » والسند معتبر : «اجلسوا في الركعتين حتى تسكن جوارحكم
ثمّ قوموا ، إنّ ذلك من فعلنا» لكن عدم ذكره في خبر حمّاد الذي تعرّض فيه للدقائق من المندوبات مع الشهرة العظيمة
وخبر زرارة ونحوه تقوّي القول بالاستحباب. وفي «مجمع البرهان والبحار » انّه لا خلاف بين الأصحاب في رجحانها وإنّما الخلاف في
وجوبها. وفي «كشف اللثام » وعلى فضلها الإجماع في ظاهر الأصحاب.
[فيما يجزي من الجبهة في السجود]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويكفي في وضع الجبهة
الاسم) كما هو المشهور كما في «الروض والبحار والحدائق » والأشهر كما في «الكفاية » ومذهب الأكثر كما في «جامع المقاصد والمدارك والمفاتيح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وشرح نجيب الدين» وبه صرّح الشيخ وجميع من تأخّر عنه ما عدا العجلي والشهيد في «الذكرى » في المقام ، لكنّه فيها في بحث المكان وافق المشهور كما وافقهم في «الألفية وحواشيه على الكتاب» وقد يظهر منه في «البيان » التردّد. وقال في «الدروس » لا ينقص في الجبهة عن درهم. وأمّا العجلي فقد قال في «السرائر» كما نقل عن الكاتب انّ مقدار الدرهم يجزئ من بجبهته علّة. وقد يظهر منهما
إيجاب وضع الكلّ حيث قيّدا ذلك بذي العلّة ، مع أنّ في «الروض والمقاصد العلية » انّه لا خلاف في عدم وجوب الاستيعاب.
وفي «الفقيه » في المقام انّه يجزئ مقدار الدرهم وفي باب ما يسجد
عليه وما لا يسجد عليه نقله عن رسالة أبيه إليه ، وذكر بعد ذلك الأخبار الدالّة
على الاكتفاء بالاسم. والاجتزاء بذلك أي بمقدار الدرهم هو المنقول عن «الفقه
المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام». وفي «دعائم الإسلام » عن جعفر بن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
محمد عليهماالسلام «أنّه قال : أقلّ ما يجزئ أن يصيب الأرض من جبهتك قدر درهم» ومن الغريب ما
في «الذكرى » من نسبته إلى كثير.
وعلى هذا القول
هل يكفي مقدار الدرهم وإن كان متفرقاً كالسبحة والحصى؟ إشكال كما في «شرح نجيب
الدين».
ولا خلاف كما
في «الفوائد الملية والمقاصد العلية » في أنّه يكفي في باقي الأعضاء الاسم ، وفي «مجمع
البرهان والذخيرة والمدارك والحدائق » لم ينقل فيه خلاف. وبه صرّح الشيخ والمحقّق وابن عمّه والمصنّف في جملة من كتبه والشهيدان وأبو العباس والمحقّق الثاني والصيمري وغيرهم .
__________________
فإن عجز عن الانحناء رفع
______________________________________________________
وفي «المنتهى » هل يجب استيعاب جميع الكفّ بالسجود؟ عندي فيه تردّد ،
والحمل على الجبهة يحتاج إلى دليل لورود النصّ في خصوصية الجبهة ، فالتعدّي
بالاجتزاء في البعض يحتاج إلى دليل ، وقد قال قبل ذلك : لا يجب السجود على جميع
أجزاء السجود. وفي «كشف اللثام » الخمرة في عهدهم عليهمالسلام قد تفيد الإجزاء في الكفّين انتهى.
هذا وقد صرّح
جماعة منهم المصنّف في «نهاية الإحكام » بأنّه يكفي وضع الأصابع دون الكفّ وبالعكس ، وقد
تقدّمت الإشارة إلى ذلك. وفي «الموجز الحاوي وشرحه » لو ضمّ أصابعه إلى كفّه وسجد عليها أو جافى وسط كفّه
ولاقى الأرض بأطراف أصابعه وزنده لم يجز. واستشكل في «نهاية الإحكام » فيما إذا ضمّ أصابعه إلى كفّه وسجد عليها. وفي «التذكرة
» قرّب المنع ، وقد تقدّم ما في «المسالك» عند بيان المراد من الكفّ.
[حكم مَن عجز عن الانحناء للسجود]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (فإن عجز عن الانحناء
رفع
__________________
ما يسجد عليه ، فإن تعذّر أومأ ، وذو الدُمَّل يضع السليم بأن يحفر حفيرة
ليقع السليم على الأرض ، فإن استوعب سجد على أحد الجبينين ، فإن تعذّر فعلى ذقنه ،
______________________________________________________
ما
يسجد عليه) إجماعاً كما في «المنتهى (١)» وعند
علمائنا كما في «المعتبر (٢) والتذكرة (٣)».
قوله قدّس الله تعالى روحه : (فإن تعذّر أومأ)
أي فإن تعذّر
رفع ما يسجد عليه فإنّه يجزئه الإيماء إجماعاً كما في «التذكرة ». والإيماء بالرأس إن أمكن وإلّا فبالعينين كما قالوه ،
كما في «المفاتيح » وإن تعذّر الإيماء بهما فبواحدة كما في «كشف اللثام ». وقد تقدّم في بحث القيام تمام الكلام في المقام ونقلنا أقوال
الأصحاب في أطراف المسألة وما يتعلّق بها ، وذكرنا في بحث ما يسجد عليه كلام المفيد والصدوق في الموتحل والسابح وما ذهبا
إليه من أنّ إيماءهما في الركوع أخفض منه في السجود ، واستوفينا الكلام هناك أكمل
استيفاء.
[في سجود ذي الدُمَّل]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وذو الدُمَّل يضع
السليم بأن يحفر حفيرة ليقع السليم على الأرض ، فإن استوعب سجد على أحد الجبينين ،
فإن تعذّر فعلى ذقنه) كما في «الشرائع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والنافع والمعتبر والمنتهى والتحرير ونهاية الإحكام والتذكرة والإرشاد والذكرى والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد وفوائد الشرائع وتعليقي النافع والإرشاد والجعفرية وشرحيها والميسية والروض والمسالك والمدارك والمفاتيح » وقوّاه في «البحار ». وفي «الدروس » فلو منعه قرح فالمروي : احتفار حفيرة له ، فإن تعذّر
سجد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
على أحد الجبينين ، فإن تعذّر فعلى الذقن. وفي «السرائر » بعد أن حكم بكفاية مقدار الدرهم من الجبهة لذي العلّة
قال : فإن لم يتمكّن من ذلك أجزأه أن يسجد على ما بين الجبهة والصدغين منحرفاً ،
فإن لم يتمكّن أيضاً من ذلك سجد على ذقنه ، انتهى. فهذه قد اتفقت على السجود على
إحدى (أحد خ ل) الجبينين ومع التعذّر فعلى الذقن.
وفي «المدارك » لا خلاف بين العلماء في أنّ ذا الدُمَّل يحفر حفيرة
ليقع السليم على الأرض ، لأنّ مقدّمة الواجب المطلق واجبة. وفي «البحار » نسبته إلى المشهور.
وفي «المنتهى » وكثير من كتبهم أنّه لا فرق في ذلك بين الدُمَّل وما كان نحوه ممّا
يمنع من وضعها على الأرض من دون استيعاب. وقال جماعة كثيرون : إنّ ذلك لا يختصّ بالحفيرة ، فلو اتخذ له مجوّفة من
طين أو خشب أجزأ.
وفي «جامع
المقاصد وتعليق النافع ومجمع البرهان والمدارك » نسبة السجود على إحدى الجبينين عند استيعاب الجبهة
بالدُمَّل أو نحوه إلى الأصحاب.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «حاشية المدارك » الإجماع عليه. وفي «المفاتيح والبحار » نسبته إلى المشهور.
وفي «جامع
المقاصد وإرشاد الجعفرية والروض » انّه لا خلاف في تقديم الجبينين على الذقن. وفي هذه
الثلاثة و «فوائد الشرائع وتعليق الإرشاد » انّه لا أولويّة لتقديم الجبين الأيمن على الأيسر ، بل
في «تعليق الإرشاد» انّ ظاهر كلام الأكثر عدم الترتيب بين الجبينين. وفي «المدارك ومجمع البرهان والذخيرة » انّه أولى. وفي «الميسية» انّه أحوط. وأوجبه في «الحدائق
».
وفي «مجمع
البرهان والبحار » انّ المشهور أنّه يسجد على ذقنه إذا تعذّر الجبينان ،
بل في الأوّل لا يبعد كونه إجماعياً ، قال : ومرسل علي بن محمّد يقيّد بتعذّر الجبينين للإجماع أو الشهرة
، وفي «المدارك » انّ مضمونها مجمع عليه.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الروض » نسبته إلى الأصحاب. وفي «الخلاف » الإجماع على أنّه إذا لم يقدر على السجود على جبهته
وقدر على السجود على أحد قرنيه أو على ذقنه سجد عليه.
وهل يجب كشف
الشعر عن الذقن؟ ففي «الميسية والروض والمسالك ومجمع البرهان » يجب كشفه إن أمكن ، وفي «المدارك وحاشيته » لا يجب ، وفي «الذخيرة » لعلّه أقرب.
ونصّ جماعة على أنّ المراد بالتعذّر المشقّة الشديدة. هذا تمام
الكلام فيما يتعلّق بالمشهور.
وقال الشيخ في «النهاية
» فإن كان في جبهته دُمَّل أو خراج لم يتمكّن من السجود عليه فلا بأس أن يسجد على أحد
جانبيه ، فإن لم يتمكّن سجد على ذقنه ، وقد أجزأه ذلك ، وإن جعل لموضع الدُمَّل
حفيرة ووضعه فيها لم يكن به بأس. وقال في «المبسوط » فإن كان هناك دُمّل أو خراج ولم يتمكّن سجد على
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
جانبيه فإن لم يتمكّن سجد على ذقنه ، وإن جعل لموضع الدُمَّل حفيرة يجعله
فيها كان جائزاً. وفي «جامع الشرائع » فإن كان في موضع سجوده دُمَّل سجد على أحد جانبيه ،
فإن تعذّر فعلى ذقنه ، وإن جعل حفيرة للدُمَّل جاز. وهذه العبارات كما في «الذكرى وكشف اللثام » صريحة في عدم وجوب الحفر ، قال في الأخير : والأمر
كذلك إذا أمكن السجود بدونه على بعض الجبهة كما هو المفروض فيها ، لأنّهما قد حكم
فيهما بالسجود على جانبيه أي جانبي الدُمَّل من الجبهة فكأنّهما قالا يريد الشيخ
وابن سعيد سجد على أحد جانبي الدُمَّل من الجبهة إن أمكن بالحفرة أو بغيره وإلّا
سجد على الذقن من دون تجويز للجبينين ، انتهى.
ونقل في «الذكرى
» عن ابن حمزة ، ولعلّه ذكره في «الواسطة» انّه يسجد على أحد جانبيها ، فإن
لم يتمكن فالحفيرة ، فإن لم يتمكن فعلى ذقنه ، انتهى. والظاهر أنّ ضمير «جانبيها»
عائد إلى الجبهة أي جانبي الجبهة. ولمّا قدّم السجود عليهما على الحفيرة لم يكن
بدّ من أن يريد الجانبين من الجبهة لا الجبينين.
وعن الصدوقين
في «الرسالة والمقنع » انّ ذا الدُمَّل يحفر له حفيرة وأنّ من بجبهته ما
يمنعه يسجد على قرنه الأيمن من جبهته ، فإن عجز فعلى قرنه الأيسر منها ، فإن عجز
فعلى ظهر كفّه ، فإن عجز فعلى ذقنه ، انتهى. وليس في «الفقيه» إلّا رواية مصادف
ومرسل «الكافي ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام» فإن كان على جبهتك علّة لا تقدر على السجود فاسجد على
قرنك الأيمن ، فإن تعذّر فعلى قرنك الأيسر ، فإن لم تقدر فاسجد على ظهر كفّك ، فإن
لم تقدر فاسجد على ذقنك. وفي «كشف اللثام » انّ في بعض القيود أنّ الأنف مقدّم على الذقن ، فإن لم
يتمكّن من الجبينين سجد على الأنف إن أمكن وإلّا فعلى الذقن ، انتهى.
وليعلم أنّ
المحقّق استدلّ على السجود على أحد الجبينين بأنّهما مع الجبهة
كالعضو الواحد ، فقام كلّ واحد منهما مقامها ، ولأنّ السجود على أحد الجبينين أشبه
بالسجود على الجبهة من الإيماء ، والإيماء سجود مع تعذّر الجبهة ، فالجبينان أولى.
وزاد الكركي وغيره : انّ السجود على الذقن يجزئ مع الضرورة فهما أولى. وفي
«حاشية المدارك » انّ هذه الوجوه لا تخلو من ضعف فالعمدة الإجماع. وفي «كشف
اللثام » ضعف وجهي المحقّق ظاهر مع انحراف الوجه بوضعهما عن
القبلة وخلّوهما عن نصّ وإجماع ، انتهى.
قلت : يمكن الاستدلال
على ذلك بعد ما ادّعى عليه من الإجماع كما سمعت بما رواه عليّ بن ابراهيم في
تفسيره عن أبيه عن أبي الصباح عن إسحاق بن عمّار «قال : قلت
للصادق عليهالسلام : رجل بين عينيه قرحة لا يستطيع
__________________
فإن تعذّر أومأ ،
______________________________________________________
أن يسجد عليها ، قال : يسجد ما بين طرف شعره ، فإذا لم يقدر يسجد على حاجبه
الأيمن فإن لم يقدر فعلى حاجبه الأيسر ، فإن لم يقدر فعلى ذقنه .. الحديث» بحمل
الحاجبين على الجبينين إلّا أنّها اشتملت على الترتيب ، وتؤخذ عبارة «فقه الرضا عليهالسلام» مؤيّدة. ويمكن أن يستدلّ عليه بعموم قول الباقر عليهالسلام لزرارة : «ما بين قصاص الشعر إلى موضع الحاجب ما وضعت منه
أجزأك».
ويظهر من «الذخيرة
» أنّ هناك رواية بذلك حيث قال فيها : ولا ترتيب بين الجبينين ، لإطلاق
الرواية ، لكنّ الأولى تقديم الأيمن خروجاً من خلاف ابن بابويه ، انتهى. ولعلّه
أراد خلافه في «المقنع» لكن ليس في المقام إلّا الأخبار الأربعة الّتي أشرنا إليها
وهذه الرواية الّتي أشار إليها لم نجدها. ويشهد على ذلك أنّ كلّ من قال بعدم
الترتيب استند إلى الأصل وعدم الدليل ولم يستند إلى الإطلاق المذكور.
ومرسل الكليني
لا ينافي المشهور حيث دلّ على أنّ مَن بجهته علّة لا يقدر على السجود عليها يضع
ذقنه على الأرض كما ظنّه صاحب «الحدائق » وغيره ، لأنّ الجبينين داخلان في الجبهة ، فكان على هذا
كإجماع «الخلاف» دالاً على المشهور بطرفيه ، وقد سمعت ما في «مجمع البرهان». وقد
تقدّم تفسير الجبين عند ذكر الجبهة.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (فإن تعذّر أومأ)
كما نصّ عليه
في
__________________
ولو عجز عن الطمأنينة سقطت. ويستحبّ التكبير قائماً ، وعند انتصابه منه
لرفعه مرّة ، وللثانية اخرى ، وعند انتصابه من الثانية ،
______________________________________________________
أكثر الكتب المتقدّمة. وقد عرفت فيما مضى أنّ الإيماء على أنحاء
مترتّبة أوّلها الإيماء بما يمكن من الانحناء وآخرها الإيماء بالعين الواحدة ، فإن
تعذّر ذلك كلّه ففي «كشف اللثام » احتمال سقوط الصلاة ، وأنّ الأحوط أن يصلّي ويكتفي
بالإخطار بالبال. وفي «جامع المقاصد » إنّ تعذّر الحفيرة وما في معناها بمنزلة استيعاب العذر
الجبهة.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو عجز عن الطمأنينة
سقطت) قد تقدّمت الإشارة إليه ، كما تقدّم نقل كلامهم في سقوط الذكر
حينئذٍ وعدمه.
[في تكبير السجود]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويستحبّ التكبير
قائماً ، وعند انتصابه لرفعه مرّة ، وللثانية اخرى وعند انتصابه من الثانية)
أمّا استحباب
التكبير للسجود فهو فتوى علمائنا كما في «المنتهى والتذكرة » وظاهر «الغنية » الإجماع عليه ، وهو خيرة المعظم كما في «كشف اللثام ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمخالف إنّما هو الحسن وسلّار . والكلام فيه كما في تكبير الركوع ، وقد استوفينا
الكلام هناك. وأكثر من تعرّض لهذا الفرع هنا أحاله على تكبير الركوع وكثير منهم
تعرّض له هناك.
وفي «التذكرة » يستحبّ رفع اليدين به عند علمائنا. وظاهر «الغنية » الإجماع عليه. وقد تقدّم الكلام في هذا في بحث تكبيرة الإحرام. وتقدّم قبل الفصل الرابع في القراءة ذكر فروع لها نفعٌ في
المقام.
وأمّا استحبابه
حال كونه قائماً ، فإذا انتهى هوى إلى السجود ، فهو فتوى علمائنا كما في «المنتهى والتذكرة ». وعن الحسن : يبدأ بالتكبير قائماً ويكون انتهاء التكبير مع
مستقرّه ساجداً. ويدلّ عليه خبر المعلّى بن خنيس . وخيّر في «الخلاف » بين هذا القول والتكبير قائماً. وعن أبي علي : انّه إذا أراد أن يدخل في فعل من فرائض الصلاة ابتدأ
بالتكبير مع حال ابتدائه وهو منتصب القامة رافع يديه إلى نحو صدره ، وإذا أراد أن
يخرج عن ذلك الفعل كان تكبيره بعد الخروج منه وحصوله فيما يليه من انتصاب ظهره في
القيام وتمكّنه من الجلوس.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وعن «مصباح السيّد » وقد روي : أنّه إذا كبّر للدخول في فعل من الصلاة
ابتدأ بالتكبير في حال ابتدائه وللخروج بعد الانفصال عنه. وقد تقدّم نقل كلاميهما هذا في بحث الركوع.
وفي «الذكرى » وغيرها : لو كبّر في هويه جاز وترك الأفضل. وفي «التذكرة والذكرى » لا يستحبّ مدّه ليطابق الهوي.
وأمّا استحباب
التكبير عند كمال انتصابه من السجود مرّتين لرفعه مرّة وللسجدة الثانية اخرى فلا
أجد فيه خلافاً إلّا ما يظهر من سلّار وما نقل عن الحسن . ونقل عن صاحب «الفاخر» إيجاب إحديهما. وقد تقدّمت الإشارة إلى ذلك.
وقد صرّح جمهور
أصحابنا باستحبابه أيضاً عند كمال انتصابه من الثانية. وفي «الشرائع » وفي وجوب التكبير الأخذ فيه والرفع منه تردّد والأظهر
الاستحباب.
وفي «جُمل
العلم والعمل » انّه يرفع رأسه من السجود رافعاً يديه بالتكبير. وعن «المهذّب
والاقتصاد » انّه يرفع رأسه بالتكبير ، وفي «المقنعة »
__________________
وتلقّي الأرض بيديه ،
______________________________________________________
يرفع يديه بالتكبير مع رفع رأسه. وكلامهم يحتمل أن لا تكون المعيّة
المنافية مرادة ، ويرشد إلى ذلك أنّه في «السرائر » أتى بعبارة المقنعة ونصّ بعد ذلك على استحباب أن يكون
التكبير بعد التمكّن من الجلوس ، وهذا يدلّ على أنّه لم يرد بالمعيّة في عبارته ما
ينافيه. وقد سمعت ما نقلناه عن الكاتب و «المصباح».
وقال في «الذكرى
» بعد نقل عبارة الكاتب المتقدّمة : ويقرب منه كلام المرتضى ، ثمّ قال :
وليس في كلام ابن الجنيد مخالفة للتكبير في الاعتدال ، بل هو نصّ عليه. وفي
المعتبر أشار إلى مخالفة ذلك كلام المرتضى ، لأنّه لم يذكر في المصباح الاعتدال ،
انتهى ما في الذكرى. قلت : في «المعتبر والمنتهى والتذكرة » بعد نقل ما في المصباح من قوله : وقد روى .. إلى آخره
الوجه إكمال التكبير قبل الدخول ، وزاد في «المعتبر» انّ الوجه أيضاً الابتداء به
بعد الخروج وانّ على ذلك روايات الأصحاب.
[استحباب تلقّي الأرض باليدين وعدمه]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وتلقّي الأرض بيديه)
أي يستحبّ له
اذا أهوى إلى السجود أن يتلقّى الأرض بيديه قبل وضع ركبتيه ، وقد نقل على ذلك
الإجماع في «الخلاف والمنتهى والتذكرة والبحار » وظاهر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«المعتبر ونهاية الإحكام وجامع المقاصد » حيث قيل فيها إنّه مذهب علمائنا. وهو ظاهر «الغنية » أو صريحها. وبه صرّح في «المقنعة وجُمل العلم » وغيرها .
وفي «مجمع
البرهان » الظاهر أنّه لا قائل بالوجوب ، وكأنّه لم يطّلع على «الأمالي».
وفي «الفوائد الملية » انّ المشهور الاستحباب. وأوجبه الصدوق في «الأمالي » وجعله من دين الإمامية ، قال : لا يجوز وضع الركبتين
على الأرض قبل اليدين. وهو ظاهر «التهذيب » حيث حمل خبري أبي بصير وعبد الرحمن ابن أبي عبد الله
على الضرورة ومن لا يتمكّن. وفي «المبسوط » ولا يتلقّاها بركبتيه ، فتأمّل. وفي «التذكرة » لو غيّر الهيئة جاز إجماعاً.
وفي «المنتهى والذكرى والدروس والبيان والروض »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وغيرها يستحبّ أن يكونا معا ، قالوا : وروي السبق باليمين. قال
الشهيد في «الذكرى» وهو اختيار الجعفي. قلت : الرواية الّتي أشاروا إليها رواية
عمّار .
وفي «المقنعة والنهاية والوسيلة والسرائر » انّ المرأة إذا أرادت السجود بدأت بالقعود وفي كثير من
كتب المتأخّرين : انّها تبدأ باليدين قبل الركبتين لئلّا ترتفع عجيزتها .
__________________
والإرغام بالأنف ،
______________________________________________________
وفي «الغنية » الإجماع على أنّها تجلس من غير أن تنحني ، وفي خبر
زرارة : «إذا جلست للسجود بدأت بالقعود والركبتين قبل اليدين». وفي «الذكرى وجامع المقاصد » أنّ عليه عمل الأصحاب.
[استحباب الإرغام بالأنف]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والإرغام بالأنف)
يستحبّ الإرغام
بالأنف عند علمائنا كما في «المعتبر والمنتهى » وظاهر «الغنية » أو صريحها الإجماع عليه. وفي «المدارك » الإجماع على أنّه من السنن الأكيدة. وفي «الخلاف » وضع الأنف على الأرض سنّة مستحبّ إجماعاً. وفي «التذكرة
» وظاهر «جامع المقاصد » الإجماع على عدم وجوبه.
وفي «الفقيه والهداية » ما نصّه : الإرغام سنّة فمن تركه فلا صلاة له.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ونقل ذلك في «الذكرى » عن «المقنع» وعليه دلّ خبر عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة وموثق
عمّار . وهما مع إمكان حملهما على التأكّد معارضان بقول الصادق عليهالسلام في خبر محمد بن مصادف : «ليس على الأنف سجود» وبالأخبار الاخر الّتي نصّ فيها على أنّه سنّة في مقابلة أنّ السجود على
السبعة فرض. وذلك لأنّ لفظ «السنّة» وإن كان مشتركاً بين ما ثبت وجوبه بالسنّة
وبين المستحبّ إلّا أنّه متى قوبل بالفرض ترجّح كونه بالمعنى الثاني.
وفي «جُمل
العلم والعمل » الإرغام بطرف الأنف ممّا يلي الحاجبين من وكيد السنن.
ومثله قال في «السرائر ». وفي «الروض » انّه أولى. وفي «التحرير والتذكرة والبيان » الاقتصار على نسبة ذلك إلى المرتضى. وفي «المراسم » يرغم بطرف أنفه سنّة مؤكّدة. وفي «المعتبر والمنتهى والدروس والموجز
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمسالك والروض والمدارك » الاجتزاء بإصابة الأنف المسجد بأيّ جزء اتفق. وفي «الفقه
المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام» وترغم بأنفك ومنخريك في موضع الجبهة ، انتهى. و «المنخران»
عبارة عن ثقبي الأنف و «الثقبان» ممتدّان من رأس الأنف الأسفل إلى أعلاه.
وفي «المدارك » إنّا لم نقف على مأخذ المرتضى. قلت : لعلّ مأخذه ما
رواه في «العيون » عن أحمد بن زياد عن عليّ بن إبراهيم عن محمد بن الحسن
المدني عن عبد الله بن الفضل عن أبيه في حديث طويل «انّه دخل على أبي الحسن موسى عليهالسلام قال : فإذا أنا بغلام أسود وبيده مِقصّ يأخذ اللحم من
جبينه وعرنين أنفه من كثرة السجود».
وعن «البشرى»
انّ ما ذهب إليه السيّد ضعيف ، لافتقاره إلى تهيئة موضع للسجود ذي هبوط وارتفاع
لانخفاض هذا الطرف غالباً ، وهو ممنوع إجماعاً ، فالقول به تحكّم شديد . وقال في «كشف اللثام » بعد نقل حكاية ذلك عن البشرى : السجود على الألواح من
التربة الشريفة أو غيرها يسهل الأمر ، ولعلّهما يعني السيّد والعجلي يُريدان
الاجتزاء به لا تعيّنه و «بالطرف» ما يعمّ المتصل بهما * وما بعده ، انتهى. وقال
الكاتب : يماسّ الأرض بطرف الأنف وخدّيه ، وفي نقل آخر :
وحدبته .
__________________
(*) أي
الحاجبين (منه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «المنتهى وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية والميسية والروض والمسالك والفوائد الملية والمدارك » انّ الإرغام بالأنف وضعه على الرغام بالفتح وهو التراب
، وفي «الميسية والروض والمسالك » انّ المراد به هنا السجود عليه ووضعه على ما يصحّ
السجود عليه.
وفي «النفلية » عدّ الإرغام مستحبّاً والسجود على الأنف مستحبّاً آخر.
وهو خيرة الاستاذ أدام الله تعالى حراسته في «حاشية المدارك » وقال : إنّ الأخير يتأدّى بالأوّل.
وفي «الفوائد
الملية » أنّ السنّة تتأدّى بوضعه على ما يصحّ السجود عليه وإن
كان التراب أفضل. وقال : السجود على الأنف أعمّ وأنّه يجوز انفكاك إحدى السنّتين
عن الاخرى. وفي خبر علي عليهالسلام ما يدلّ على هذا العامّ ، انتهى.
وفي «كتاب
الأربعين» للبهائي : الظاهر أنّ السجود على الأنف سنّة مغايرة للإرغام وربما قيل :
الإرغام يتحقّق بملاصقة الأنف الأرض وإن لم يكن معه اعتماد ، ولهذا فسّره بعض
علمائنا بمماسّة الأرض التراب ، فبينهما عموم من وجه ، وفي كلام شيخنا الشهيد ما
يعطي أنّ الإرغام والسجود على الأنف شيء واحد ،
__________________
والدعاء بالمنقول قبل التسبيح ،
______________________________________________________
مع أنّه عدّ في بعض مؤلّفاته كلًّا منهما سنّة على حدة. ثمّ على تفسير
الإرغام بوضع الأنف على التراب هل تتأدّى سنّة الإرغام بوضعه على مطلق ما يصحّ
السجود عليه وإن لم يكن تراباً؟ حكم بعض الأصحاب بذلك وجعل التراب أفضل ، وفيه ما
فيه فليتأمّل ، انتهى. وأشار إلى وجه التأمّل في الحاشية بأنّه قياس
مع الفارق.
قلت : قد يقال : إنّ التعبير في الأخبار بلفظ الإرغام تارةً وبلفظ
السجود في بعض إنّما خرج مخرج المسامحة ، وانّ المراد واحد وهو وضع الأنف على ما
يصحّ السجود عليه من رغام وغيره ، وذكر الإرغام إنّما هو من حيث فضله ، والأنف
تابع للجبهة فحاله حالها. ثمّ في موثّقة عمّار «لا تجزئ صلاة لا يصيب الأنف فيها ما يصيب
الجبينين». وفي خبر عبد الله بن المغيرة «ما يصيب الجبهة» وهذه الإصابة أقوى من الاولى ، لأنّ فيها الاعتماد ، فلو لا
أنّ ذلك مبنيّ على التوسّع في التعبير لكان هناك قسم ثالث ، فليتأمّل. وعن بعض متأخّري المتأخرين : الاكتفاء في الأنف بما يقع عليه
سائر المساجد.
[استحباب الدعاء قبل التسبيح]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويستحبّ الدعاء
بالمنقول قبل التسبيح) بإجماع العلماء كما في «المعتبر والمنتهى والتذكرة ».
__________________
والتسبيح ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً فما زاد ،
______________________________________________________
وأمّا الدعاء
ففي «فلاح السائل » ثمّ تقول في السجود ما رواه الكليني عن أبي عبد الله عليهالسلام وفيه زيادة برواية اخرى «اللهمّ لك سجدت وبك آمنت ولك
أسلمت وعليك توكّلت وأنت ربّي ، سجد لك سمعي وبصري وشعري وعصبي ومخّي وعظامي ، سجد
وجهي البالي الفاني للّذي خلقه وصوّره وشقّ سمعه وبصره ، تبارك الله أحسن الخالقين».
قلت : وهذا
موافق لما في «المصباح والنفلية » إلّا أنّ فيهما تقديم «الفاني» على «البالي» ولا تفاوت
أصلاً بين ما في «النفلية والمصباح». وفي «الفوائد الملية » أنّ بينهما تفاوتاً يسيراً ولم أجده فيما يحضرني
منهما. وفي «الكافي والتهذيب » : وأنت ربّي سجد وجهي للّذي خلقه وشقّ سمعه وبصره ،
الحمد لله ربّ العالمين ، تبارك الله أحسن الخالقين. وفي «الذكرى » ذكره كما في الكافي ثمّ قال : وإن قال «خلَقه وصوّره»
كان حسناً.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (و)
اختيار (التسبيح
ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً)
الكلام قد
تقدّم في نظيره وهو الركوع. وفي «الخلاف » الإجماع على أنّ إكمال التسبيح أن يسبّح سبعاً.
__________________
والتخوية للرجل ،
______________________________________________________
[حكم التخوية حال السجود للرجل]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والتخوية للرجل)
كما نصّ على
ذلك جماعة . ودلّ عليه خبر حفص الأعور وغيره . وفي «الغنية » الإجماع على التجنيح. وعن الكاتب انّه قال : لو لم يجنّح الرجل أحبّ إليّ.
وفي «الذكرى » انّ الشيخين لم يصرّحا بالتجنيح بل قالا : يجافي
مرفقيه عن جنبيه ويقلّ بطنه ولا يلصقه بفخذيه ولا يحطّ صدره ولا يرفع ظهره
محدودباً ويفرّج بين فخذيه. وهذا الأخير قاله في المبسوط ، والتجنيح مذكور في رواية حمّاد ، انتهى ما في الذكرى.
وفي «الفوائد
الملية » انّ التجنيح أن يرفع مرفقيه عن الأرض ولا يفترشهما
افتراش الأسد ، وانّ التجافي أن لا يوقع شيئاً من جسده على شيء. ويأتي ما في «كشف
الالتباس». وفسّرت التخوية في «التذكرة ونهاية الإحكام » بأن يفرّق بين فخذيه وساقيه وبين بطنه وفخذيه وبين
جنبيه وعضديه وساعديه وبين ركبتيه ومرفقيه ويفرّق بين رجليه. قال : وسمّي تخوية
لأنّه ألقى الخواء بين الأعضاء.
__________________
والدعاء بين
السجدتين ،
______________________________________________________
وفي «السرائر والمنتهى » يستحبّ أن يجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه وفخذيه
عن ساقيه. وقريب من ذلك ما في «المقنعة ». وفي «المنتهى » انّه لا خلاف فيه. وباستحباب التجنيح صرّح ابنا سعيد والعجلي والشهيدان وأبو العباس وغيرهم . وفي «كشف الالتباس » بعد أن فسّر التخوية بما في التذكرة قال : إنّ التفريق
بين الفخذين والساقين وبين البطن والفخذين هو التجافي وانّ تفريقه بين جنبيه
وعضديه هو التجنيح. وفي «الوسيلة » عدّ في المندوبات رفع الأعضاء بعضها عن بعض ، والأمر
في ذلك واضح.
وأمّا المرأة
فقد نصّوا على أنّها تسبق بالركبتين وتبدأ بالقعود قبل أن تسجد
وتفترش ذراعيها ولا تتخوّى ولا ترفع عجيزتها.
[استحباب الدعاء بين السجدتين]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والدعاء بين السجدتين)
هذا فتوى
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الأصحاب وجماعة أهل العلم كما في «المعتبر والمنتهى ». وفي «التذكرة » الإجماع عليه. وأنكره أبو حنيفة وأوجبه أحمد .
وأقلّه «استغفر
الله ربّي وأتوب إليه» كما في «النفلية وشرحها » وقال في شرحها : رواه حمّاد ، وليس في التهذيب بخطّ
الشيخ لفظ «الله» بعد «استغفر» وتبعه المصنّف في الذكرى والمحقّق في المعتبر ،
انتهى. قلت : لفظ «الله» موجود في المعتبر في خبر حمّاد.
وفي «النفلية وشرحها » انّ فوق ذلك في الفضل : «اللهمّ اغفر لي وارحمني
واجبرني وادفع عنّي وعافني إنّي لما أنزلت إليَّ من خيرٍ فقير ، تبارك الله ربّ
العالمين». وفي «الذكرى » عن الكاتب أنّه أسقط «تبارك الله رب العالمين» وزاد «سمعت
وأطعتُ غفرانك ربّنا وإليك المصير». وفي «المصباح » : اللهم اغفرلي وارحمني واجبرني واهدني إنّي لما أنزلت
إليَّ من خيرٍ فقير» انتهى. وفي خبر الفضيل بن يسار «اللهمّ اعفُ عنّي واغفر لي وارحمني واجبرني واهدني إنّي لما أنزلت إليَّ من
خيرٍ فقير».
__________________
والتورّك ،
______________________________________________________
[استحباب التورّك في القعود]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والتورّك)
نقل الإجماع في
«التذكرة » على استحبابه بينهما. وفي «المقنعة وجُمل السيّد والمراسم » يجلس متمكّناً على الأرض قد خفض فخذه اليسرى عليها
ورفع فخذه اليمنى عنها. وفي «الوسيلة » والجلوس على الفخذ الأيسر ووضع ظاهر القدم اليمنى على
باطن اليسرى. وعن المرتضى في «المصباح » انّه يجلس مماسّاً بوركه الأيسر مع ظاهر فخذه اليسرى
على الأرض رافعاً فخذه اليمنى على عرقوبه الأيسر وينصب طرف إبهام رجله اليمنى على
الأرض ويستقبل بركبتيه معاً القبلة.
وقال في «الغنية
» : ويردّ رجله اليمنى إلى خلفه إذا جلس. وذكر التورّك في التشهّد فقال :
يجلس في حال التشهّد متورّكاً على وركه الأيسر مع ضمّ فخذيه ووضع ظاهر قدمه اليمنى
على باطن قدمه اليسرى. وفي «السرائر » يجلس مماسّاً بوركه الأيسر مع ظاهر فخذه اليسرى الأرض
رافعاً فخذه اليمنى عنها جاعلاً بطن ساقه الأيمن على بطن رجله اليسرى وظاهرها
مبسوطاً على الأرض وباطن فخذه اليمنى على عرقوبه الأيسر وينصب .. إلى آخر كلام
المرتضى في المصباح.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الذكرى » عن الكاتب أنّه قال : إنّه يضع ألييه * على بطن قدميه
ولا يقعد على مقدم رجليه وأصابعهما ولا يقعي إقعاء الكلب ، انتهى. وقد يريد الجواز
وأنّه غير الهيئة المكروهة. وفي «البيان » عن الحسن بن عيسى أنّه ينصب طرف إبهامه اليمنى على
الأرض.
والذي ذكره
الشيخ والمحقّق والمصنّف والشهيدان والمحقّق الثاني وغيرهم أنّه يجلس على وركه الأيسر ويخرج رجليه جميعاً ويفضي
بمقعدته إلى الأرض ويجعل رجله اليسرى على الأرض وظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه
اليسرى. وفي «الكفاية » انّه الأشهر الأقرب. وقال المحقّق والمصنّف : إنّ هذا أولى ممّا ذكره السيّد.
وفي «كشف
اللثام » يجلس على وركه اليسرى بأن يفضي بها إلى الأرض ويجلس
عليها ويضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى كما فعله الصادق عليهالسلام في خبر حمّاد ، ويلزمه أن يكون فخذه اليمنى على عرقوبه
الأيسر كما ذكره السيّد ، انتهى.
__________________
(*) بغير تاء
على خلاف القياس (منه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا المرأة
ففي أكثر كتب المتاخّرين أنّها إذا جلست في تشهّدها أو بين السجدتين أو
للاستراحة ضمّت فخذيها ورفعت ركبتيها وساقيها عن الأرض واضعةً قدميها على الأرض.
وفي «الغنية » الإجماع عليه إلّا أنّه لم يذكر جلسة الاستراحة. ونصّ
بعضهم على أنّها لا تجلس متورّكة كالرجل. وفي «المقنعة » إذا جلست ضمّت فخذيها. وفي «الوسيلة » ضمّت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض. وهي كعبارات
المتأخّرين.
وفي «النهاية » جلست على ألييها ورفعت ركبتيها من الأرض كما يفعل
الرجل ومثله ما في «المعتبر » وأكثر كتب المصنّف. وقال في «البيان » : وتجلس على ألييها لا كما يجلس الرجل ، وفي بعض
الأخبار كما يجلس الرجل وهو من سهو الكتّاب. وقال في «الذكرى » : الأصل في ذلك خبر زرارة الذي رواه الكليني وفي الخبر : «فإذا جلسَت فعلى ألييها ليس كما يقعد
الرجل» فلفظة «ليس» موجودة في الكافي وفي التهذيب «فعلى ألييها كما يقعد الرجل» بحذف
__________________
وجلسة الاستراحة على رأي ، وقول «بحول الله وقوّته أقوم وأقعد» عند القيام
منه ،
______________________________________________________
لفظة «ليس» وهو سهو من الناسخين ، وسرى هذا السهو في التصانيف. كالنهاية
للشيخ وغيرها ، قال : وهو كما لا يطابق المنقول في الكافي لا يطابق المعنى ، إذ
جلوس المرأة ليس كجلوس الرجل ، لأنّها في جلوسها تضمّ فخذيها وترفع ركبتيها من
الأرض بخلاف الرجل فإنّه يتورّك ، انتهى ما في الذكرى.
وقال في «كشف
اللثام » : المراد بقعود الرجل قعوده للسجود ولا تورّك فيه
اتفاقاً ، وإنّ بعض نسخ العلل يوافق نسخ التهذيب ، والخبر فيها مسند إلى أبي جعفر عليهالسلام. وقال الشهيد في حواشيه على الكتاب مثل ما قال في
الذكرى ، وقال : إنّه وجد لفظة «ليس» في علل الصدوق بإسناد جيّد إلى زرارة عن أبي
جعفر عليهالسلام. وفي «هامش البيان » مكتوب ما نصّه : لو حمل ذلك على جلوس الرجل المصلّي
قاعداً لم يكن به بأس. قلت : وهذا الخبر ذكره في «الفقيه » في آداب المرأة في الصلاة بلفظة «ليس» لكنّه هكذا في
نسخة صحيحة مضبوطة محشّاة : جلسَت على ألييها ليس كما يقعي الرجل ، وفي نسخة اخرى
: ليس كما يقع الرجل.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وجلسة الاستراحة على
رأي) قد تقدّم الكلام في ذلك مستوفى.
[في استحباب «بحول الله» عند الأخذ في القيام]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وقول «بحول الله
وقوّته أقوم وأقعد» عند القيام منه)
إن كان المراد
عند القيام من السجود كما استظهره
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في «جامع المقاصد » كان موافقاً لما في «المعتبر والنافع والمنتهى والتذكرة والمفاتيح والإرشاد » على ما فهمه منه في «مجمع البرهان » وبذلك نطق صحيحا محمد وعبد الله بن سنان . وفي «روض الجنان ومجمع البرهان » انّ ذلك جائز ، وإن كان المراد عند القيام من الجلوس
كما فهمه في «كشف اللثام » كان موافقاً لما في «المقنعة والمراسم والمبسوط والنهاية » وسائر كتب علمائنا إلّا ما ذكر أو ما لم يتعرّض له فيه منها. وفي «كشف
اللثام » نسبته إلى فتاوى الأصحاب. وفي «الروض » إلى الأكثر. وفي «الدروس » انّه الأشهر.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الذكرى » نسبته إلى ابني بابويه والجعفي والكاتب والمفيد وأبي
الصلاح وسلّار وابن حمزة وظاهر الشيخ ، ثمّ قال : وهو الأصحّ. واستدلّ عليه برواية
عبد الله بن سنان وليست دالّة على ذلك. والأولى الاستدلال عليه بصحيح
رفاعة وأبي بكر الحضرمي وغيرهما . ولعلّ ما نسبه إلى ابن حمزة وجده له في «الواسطة».
وفي «جامع
المقاصد » كأنّ الشهيد في الذكرى يريد بقوله «أنّ الأصح استحبابه
عند الأخذ في القيام» الأخذ في الرفع من السجود وإن كان خلاف المتبادر من العبارة
وإلّا لم تكن الرواية دليلاً عليه ، انتهى. قلت : الشهيد نسب ذلك إلى من سمعت ثمّ
قال : وهو الأصحّ ، وكثير من عباراتهم لا يقبل هذا التأويل ، لأنّ فيها أنّه يجلس
من السجود ثمّ ينهض وهو يقول بحول الله .. إلى آخره. وبذلك نطقت عبارة «المقنعة والمصباح والمراسم والسرائر » وغيرها . فالأولى تأويل ما في «المعتبر والمنتهى» وغيرهما بما
يوافق المشهور. وقد يرشد إلى ذلك قولهما في بحث التشهّد : إذا قام من التشهّد
الأوّل لم يقم بالتكبير واقتصر على قوله «بحول الله وقوّته أقوم وأقعد» فليتأمّل.
__________________
وأن يعتمد على يديه سابقاً برفع ركبتيه ،
______________________________________________________
وفي «النفلية وإرشاد الجعفرية والروض والفوائد الملية والكفاية » وغيرها انّه يقول عند الأخذ في القيام «بحول الله وقوّته أقوم
وأقعد وأركع وأسجد» كما في صحيح ابن سنان واستحسنه في «البيان ».
[في الاعتماد على اليدين عند القيام]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وأن يعتمد على يديه
سابقاً برفع ركبتيه) هذا نقل الإجماع على استحبابه في «المنتهى والتذكرة وجامع المقاصد والحدائق » وظاهر «المعتبر والمدارك ». وفي «الغنية » الإجماع على أنّه يعتمد في القيام منه على يديه. وفي «المنتهى
» أيضا أجمع كلّ من يحفظ عنه العلم على أنّ هذه الكيفيّة مستحبّة ويجوز
خلافها.
__________________
ومساواة موضع الجبهة للموقف أو خفضه عنه ، ووضع اليدين ساجداً بحذاء اذنيه
،
______________________________________________________
وفي «الذكرى » عن الحسن : انّه إذا أراد النهوض ألزم ألييه الأرض ثمّ
نهض معتمداً على يديه.
وفي «التحرير والمنتهى والذكرى والنفلية والموجز الحاوي وكشف الالتباس والجعفرية وإرشادها والفوائد الملية » وغيرها انّه يستحبّ أن تكون الأصابع حينئذٍ مبسوطة غير مضمومة
كالّذي يعجن ، ونقله في «الذكرى » عن الجعفي قال : ورواه الشيخ والكليني. وفي «النفلية وشرحها » يستحبّ أيضاً جعل اليدين آخر ما يرفع.
قوله قدّس الله
تعالى روحه : (ومساواة
موضع الجبهة .. إلى آخره)
[حكم وضع اليدين بحذاء الاذنين]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ووضع اليدين ساجداً
بحذاء اذنيه) إجماعاً
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
كما في «الغنية » وبه صرّح في «الجُمل والعقود » وغيره . وفي «المنتهى » يستحبّ عند أهل العلم كافّة وضع الراحتين مبسوطتين
مضمومتي الأصابع حيال منكبيه موجّهات إلى القبلة. وفي «المعتبر » انّ هذا قول العلماء. وفي «نهاية الإحكام » الإجماع عليه ، إلّا أنّه ذكر «اليدين» موضع «الراحتين».
واستحباب توجيه
الأصابع إلى القبلة صرّح به الشيخان وغيرهما .
ونقل عن الكاتب
: تفريق الإبهامين عن سائر الأصابع ، وفي خبر زرارة : ضمّهنّ جميعاً. وفي خبر زيد النرسي «انّ الصادق عليهالسلام فرّج بين أصابع يديه وقال : إنّهما يسجدان كما يسجد
الوجه».
وفي «النفلية وشرحها » يستحبّ جعل المرفقين حيال المنكبين والكفّين بحذاء
الاذنين مضمومتي الأصابع. وفي موضع من «الوسيلة » وضع اليدين بحذاء الاذنين ، وفي موضع آخر : بسط الكفّين مضمومتي الأصابع حيال الوجه بين يدي
الركبتين.
__________________
وجالساً على فخذيه ونظره ساجداً إلى طرف أنفه ، وجالساً إلى حجره ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وجالساً على فخذيه)
مبسوطتين
مضمومتي الأصابع بحذاء عيني ركبتيه عند علمائنا كما في «التذكرة وجامع المقاصد ».
[جملة من آداب المصلّي]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ونظره ساجداً إلى طرف
أنفه) ذكر ذلك الأصحاب كما في «الروض والمدارك » وقاله جماعة من الأصحاب كما في «الذكرى وجامع المقاصد » وفي «التذكرة » أو يغمّضهما.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وجالساً إلى حجره)
ذكر ذلك
الأصحاب كما في «المدارك » وبه صرّح في «الجُمل والعقود والوسيلة والسرائر » وغيرها . وفي «الذكرى » قاله المفيد وسلّار بين السجدتين ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأطلق ابن البرّاج أنّ الجالس ينظر إلى حجره ، انتهى. وفي «المبسوط والإرشاد واللمعة والروضة والروض » ومتشهّداً إلى حجره. وفي «الروضة والروض » ذكره الأصحاب. وفي «الروضة » لم نقف على مستنده.
وقال الشيخان
وعلم الهدى كما في «المنتهى » وجماعة من علمائنا : انّه ينظر راكعاً إلى ما بين رجليه. وقال
الشيخ في «النهاية » : وغمّض في ركوعك عينيك ، فإن لم تفعل فليكن نظرك إلى
ما بين رجليك. ونحوهما في «الوسيلة والمعتبر والمنتهى » وإليه مال في «التذكرة ». وفي «السرائر » يستحبّ أن يكون في هذه الحالة مغمّض العينين. وفي «المدارك
» التخيير بينهما.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي خبر حمّاد تغميض العينين حال الركوع ، وفي خبر مسمع النهي عن التغميض في الصلاة. وحمل في «المعتبر والمنتهى » على غير حالة الركوع. وفي «كشف اللثام » يجوز أن يكون حمّاد زعم أنّه عليهالسلام غمّض ولم يكنه.
وفي «الجُمل
والعقود والوسيلة والسرائر » وكثير من كتبهم انّه ينظر قائماً إلى مسجده. وقال الشهيدان في
«النفلية وشرحها والروضة » : وليكن ذلك بغير تحديق.
وصرّح جماعة بأنه ينظر قانتاً إلى باطن كفّيه. وفي «المدارك » لم أقف فيه على رواية تدلّ بمنطوقها عليه. واستدلّ
عليه في «المعتبر » بأنّ النظر
__________________
ويكره الإقعاء.
______________________________________________________
إلى السماء مكروه لحسن زرارة والتغميض مكروه لرواية مسمع ، فيتعيّن شغله بالنظر إلى باطن الكفّين. وفي «الذكرى والفوائد الملية » يستحبّ نظره إلى بطونهما ذكره الجماعة.
[معنى الإقعاء في الصلاة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويكره الإقعاء)
قال في «البحار
» : قال في الصحاح : أقعى الكلب إذا جلس على أسته مفترشاً وناصباً يديه.
وقد جاء النهي عن الإقعاء في الصلاة ، وهو أن يضع ألييه على عقبيه بين السجدتين.
وهذا تفسير الفقهاء ، وأمّا أهل اللغة فالإقعاء عندهم أن يلصق الرجل ألييه بالأرض
وينصب ساقيه ويتساند إلى ظهره. وقال الجزري في النهاية : فيه : إنّه نهي عن
الإقعاء في الصلاة الإقعاء أن يلصق الرجل ألييه بالأرض وينصب ساقيه وفخذيه ويضع
يديه على الأرض كما يقعي الكلب. وقيل : هو أن يضع ألييه على عقبيه بين السجدتين.
والقول الأوّل ومنه الحديث «أنّه عليهالسلام أكل مقعيا» أراد أنّه كان يجلس عند الأكل على وركيه
مستوفزاً غير متمكّن. وقال في القاموس : أقعى في جلوسه تساند إلى ما وراءه والكلب
جلس على أسته. وفي المغرب : الإقعاء أن يلصق ألييه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه
على الأرض كما يقعي الكلب ، وتفسير الفقهاء أن يضع ألييه على عقبيه بين السجدتين.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «المصباح
المنير » أقعى إقعاءً ألصق ألييه بالأرض ونصب ساقيه ووضع يديه
على الأرض كما يقعي الكلب. قال : وقال الجوهري : الإقعاء عند أهل اللغة .. وذكر
نحو ما تقدّم. وعن ابن القطاع : أقعى الكلب جلس على ألييه ونصب فخذيه وأقعى الرجل
جلس تلك الجلسة.
وفي «كشف
اللثام» انّ الإقعاء من القعو وهو كما حكاه الأزهري عن أبي العباس عن ابن الأعرابي
أصل الفخذ ، فهو الجلوس على القعوين إمّا بوضعهما على الأرض ونصب الساقين والفخذين
قريباً من إقعاء الكلب والفرق أنّه يفترش الساقين والفخذين أو بوضعهما على
العقبين. وهو المعروف عند الفقهاء المنصوص عليه في خبري زرارة وخبر حريز ، وفي
معاني الأخبار كالأوّل عند اللغويين ، وهو يستلزم أن يعتمد على الأرض بصدور
القدمين كما في المعتبر والمنتهى والتذكرة. وقال الراوندي في حلّ المعقود من
الجُمل والعقود : قيل الإقعاء بين السجدتين هو أن يثبّت كفّيه على الأرض فيما بين
السجدتين ولا يرفعهما ، انتهى .
قلت : هذا
الإقعاء رواه العامّة عن ابن عمر ، قالوا : كان يقعي في الصلاة ويثري وقالوا
: معناه أنّه كان يضع يديه بالأرض بين السجدتين فلا يفارقان الأرض حتّى يعيد
السجود ، وهكذا يفعل كلّ من أقعى.
وفي «الذكرى » عن بعض علمائنا أنّه عبارة عن أن يعتمد على عقبيه
ويجعل يديه على الأرض. وفي «المعتبر والمنتهى والتذكرة وكشف
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الالتباس وحاشية المدارك » انّ الإقعاء عند الفقهاء أن يعتمد بصدور قدميه على
الأرض ويجلس على عقبيه وأنّ بحثهم على تقديره. وفي «البحار والحدائق » الاتفاق عليه. وهو أي الإجماع ظاهر «جامع المقاصد وفوائد الشرائع والروض » وفي الأوّل والأخير أيضاً انّه المشهور. وبه فسّره كلّ
من تعرّض لتفسيره منّا. وفي «الميسية» تفسيره بذلك وقال : كما يقعي الكلب. وفي «الذكرى
والمسالك » الاقتصار على نسبته إلى المعتبر.
قلت : ما في
الميسية من التفسير بالمعنى المشهور والتشبيه بإقعاء الكلب فيه إشارة إلى أنّ التشبيه
لا يجب أن يكون كاملاً من كلّ وجه.
وفي «الذكرى » عن الكاتب انّه قال : في الجلوس بين السجدتين يضع
ألييه على بطن قدميه ولا يقعد على مقدّم رجليه وأصابعهما ولا يقعي إقعاء الكلب.
وقال في تورّك التشهّد : يلزق ألييه جميعاً ووركه الأيسر وظاهر فخذه الأيسر بالأرض
، فلا يجزيه غير ذلك ولو كان في طين ، ويجعل بطن ساقه الأيمن على رجله اليسرى
وباطن فخذه على عرقوبه الأيسر ويلزق حرف إبهام رجله اليمنى ممّا يلي حرفها الأيسر
بالأرض وباقي أصابعها عالياً عليها واستقبل بركبتيه جميعاً القبلة.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وعن سعد بن عبد
الله «أنّه قال
للصادق عليهالسلام : إنّي اصلّي في المسجد الحرام فأقعد على رجلي اليسرى
من أجل الندى؟ فقال : اقعد على ألييك وإن كنت في الطين». قال في «كشف اللثام » عنى السائل جلوسه على أليته اليسرى مفترشاً لفخذه
وساقه اليسريين أو غير مفترش ، ناصباً لليمينين أو غير ناصب؟ فأمره عليهالسلام بالقعود عليهما بالإفضاء بهما إلى الأرض متورّكاً أو
غير متورك أو لا به.
وفي «شرح صحيح
مسلم » : اعلم أنّ الإقعاء ورد فيه حديثان : أحدهما أنّه سنّة وفي حديث آخر
النهي عنه ، وقد اختلف العلماء في حكمه وتفسيره اختلافاً كثيراً ، والصواب الّذي
لا معدل عنه أنّ الإقعاء نوعان : أحدهما أن يلصق ألييه بالأرض وينصب ساقيه ويضع
يديه على الأرض كإقعاء الكلب ، هكذا فسّره أبو عبيدة معمّر بن المثنى وصاحبه أبو
القاسم بن سلام وآخرون من أهل اللغة. وهذا النوع هو المكروه الذي ورد النهي عنه ،
والنوع الثاني أن يجعل ألييه على عقبيه بين السجدتين. وهذا هو مراد ابن عباس أنّه
سنّة ، وقد نصّ الشافعي على استحبابه في الجلوس بين السجدتين وحمل حديث ابن عباس
عليه جماعة من المحقّقين منهم البيهقي والقاضي عياض وآخرون ، قال القاضي : قد ورد
عن جماعة من الصحابة والسلف أنّهم كانوا يفعلونه ، انتهى.
وفي «البحار » انّ الظاهر من كلام أكثر العامّة انّ الإقعاء الجلوس
على العقبين مطلقاً ، ثمّ قال : لعلّ مرادهم المعنى الذي اتفق عليه أصحابنا ، لأنّ
الجلوس على العقبين حقيقة لا يتحقّق إلّا بهذا الوجه فإنّه إذا جعل ظهر قدمه على
الأرض يقع الجلوس على بطن القدمين لا على العقبين ، ثمّ أيّده بقول الجزري عند
تفسير إقعائه صلىاللهعليهوآلهوسلم عند الأكل كما مرَّ.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقد تحصّل أنّ
له معاني وأنّ المعنى المعروف بين علمائنا وأكثر مخالفينا قد ورد في اللغة.
وأمّا حكمه ففي
«الخلاف والمقنع » على ما نقل عنه و «الإرشاد والتبصرة والدروس والموجز الحاوي » وغيرها انّ الإقعاء مكروه. وظاهرها الإطلاق كما هو ظاهر الكتاب
وصريح «المختلف وجامع المقاصد وتعليق النافع وفوائد الشرائع والروض والفوائد الملية ». وفي «الخلاف » دعوى الإجماع على كراهته. ونقل الإطلاق عن «نهاية
الإحكام » والموجود فيها خلافه كما يأتي. وفي «مجمع البرهان » العلّة المذكورة في التشهّد جارية في غيره وكأنّه
إجماع. ومثله قال في «المدارك » وفي «الذكرى
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والبيان » انّ الأشهر والمشهور كراهته في جلسة الاستراحة وبين
السجدتين.
والأكثر على
كراهته بين السجدتين كما في «المدارك وكشف اللثام ». وفي «البحار » انّه بذلك ورد أكثر الروايات وعبارات كثير من الأصحاب.
وفي «الغنية » الإجماع على أنّه يستحبّ أن لا يقعي بين السجدتين.
وبكراهته بين السجدتين صرّح في «الجُمل والعقود والنافع والشرائع والمعتبر وكتب المصنّف ما عدا المختلف وكشف الالتباس والكفاية والمفاتيح » وغيرها . ونقل ذلك في «المعتبر والمنتهى » عن محمّد بن مسلم ومعاوية ابن عمّار. وفي «كشف اللثام » يحتمله «الخلاف» كما يحتمله الكتاب. وفي «المدارك »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
نسبة ذلك إلى الخلاف. قلت : لعلّ محمّداً ومعاوية يذهبان إلى ما رويا كما
يأتي. وفي موضع من «المبسوط » في بحث سنن التروك قال : ولا يقعي بين السجدتين.
وفي «الوسيلة والسرائر والجامع والنفلية والفوائد الملية » انّه مكروه في التشهّد وبين السجدتين. وفي «السرائر وجامع الشرائع والدروس والجعفرية وإرشاد الجعفرية » انّه في التشهّد أكره (أشدّ كراهية خ ل).
وفي موضع من «المبسوط
» يجوز الإقعاء بين السجدتين وإن كان التورّك أفضل ، انتهى. فإن قلنا إنّ
ترك السنّة يستلزم ارتكاب المكروه كما ذهب إلى ذلك جماعة كان الشيخ في المبسوط قائلاً بكراهته بينهما ، وإن قلنا
إنّ الاستحباب والكراهية إنّما يتعلّقان بالامور الوجودية الّتي يتعلّق بها الأمر
والنهي صريحاً كان قائلا بعدم الكراهة كما فهم منه ذلك جماعة . ويجري هذا في قولهم : يستحبّ التورّك في التشهّد.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الفقيه » لا بأس به بين السجدتين ولا بأس به بين الاولى
والثانية وبين الثالثة والرابعة ، ونحوه ما في «السرائر » وفي «النهاية » لا بأس أن يقعد متربّعاً أو يقعي بين السجدتين. وقد
نسب جماعة إلى الشيخ وعلم الهدى عدم كراهيّته بين السجدتين. وفي «المعتبر
والمنتهى » نسبة جواز الإقعاء بينهما إلى الشيخ وعلم الهدى ، وفي
الأخير : زيادة ابن بابويه ، ولعلّهما أرادا بالجواز عدم الكراهية ، وينبغي على
هذا نسبة ذلك إلى «السرائر» أيضاً.
وفي «الفقيه » أيضاً لا يجوز الإقعاء في التشهّدين. وفي «النهاية » لا يجوز ذلك حال التشهّد. وفي «السرائر » حمل كلامهما على تأكّد الكراهة وهو الحقّ للأصل وإجماع
الخلاف وصحيح زرارة وخبر حريز الّذي رواه في «السرائر ». وبعد هذا حكم في «الحدائق » بحرمته في التشهّد وقرّب حرمته بين السجدتين.
وقد بقى الكلام
في مقامين : الأوّل في الجمع بين الأخبار ، والثاني في بيان حكم الإقعاء بالمعاني
الّتي غير المعنى المعروف بين أصحابنا.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فنقول : قال
الصادق عليهالسلام في خبر أبي بصير : «لا تقع بين السجدتين إقعاءً» وفي صحيح محمّد وابن
عمّار والحلبي : «لا تقع بين السجدتين كإقعاء الكلب» وفي خبر عمرو بن جميع : «لا بأس به بين السجدتين ولا يجوز في التشهّد» لكن
هذه صرّحت بالمعنى المعروف عند الفقهاء وفي صحيح الحلبي : «لا بأس بالإقعاء بين السجدتين».
قال الاستاذ
أدام الله حراسته في «حاشية المدارك » : يمكن حمل خبر أبي بصير على إقعاء الكلب ، لصحيحة
محمّد والحلبي وابن عمّار ، ولعدم مناسبة التأكيد بقوله «إقعاءً» وكذا الوحدة ،
فيكون المراد نوعاً منها ، وللجمع بين هذه وصحيحة الحلبي الاخرى ، لأن كان الراوي
واحداً ، فتأمّل. لكن يمكن الحمل على النوع ويكون المراد نفي جميع الأنواع لكونه
نكرة في سياق النفي. ويمكن الحمل على التأكيد ويكون المراد تأكيد النهي ، فتأمّل.
إذ الظاهر منه أنّه الذي ذكره الفقهاء لفهمهم ويحصل منه الظنّ البتة ، مضافاً إلى
دعواهم الإجماع وأنّ العامّة لا يعدّونه مكروهاً بل يرتكبونه. وهذا أيضاً من
المؤيّدات. ويؤيّد هذا أيضاً أنّ إقعاء الكلب بين السجدتين في غاية الصعوبة بحيث
لا يكاد يرتكبه أحد حتى يحتاج إلى المنع منه سيّما والتأكيد من المنع بخلاف ما
ذكره الفقهاء فإنّه لغاية سهولته سيّما في حالة الاستعجال يرتكبونه سيّما العامّة
لما عرفت ، مع أنّ الحمل على التأكيد غير مناسب على أيّ حال ، فالأظهر النهي عن
جميع الأفراد ، مع أنّ النكرة في سياق النفي تفيد العموم ، على أنّ المطلق ينصرف
إلى الأفراد الشائعة فكيف ينصرف إلى ما لا يتحقّق ، فظهر أنّ الإقعاء بمعنييه
مكروه كما يظهر من ابن الجنيد بل الفقهاء أيضا وعدم تصريحهم لعلّه لما ذكرنا من
عدم الارتكاب حتى يحتاج إلى المنع ، انتهى كلامه أدام الله تعالى حراسته.
وجمع صاحب «الحدائق
» بين الأخبار بحمل أخبار النهي على إقعاء الكلب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وحمل على ذلك رواية أبي بصير وحمل أخبار الجواز على الإقعاء بالمعنى الّذي
عند الفقهاء كما في رواية ابن جميع ، قال : وعلى ذلك يحمل إطلاق رواية الحلبي. قال
: هذا بالنسبة إلى الجلوس بين السجدتين الذي هو مورد اختلاف الأخبار ، وأمّا
التشهّد فظاهر روايتي معاني الأخبار والسرائر هو المنع منه وليس لهما معارض.
ويؤيّد ذلك النهي عن القعود على قدميه في صحيح زرارة. وتعدية الحكم إلى الجلوس بين
السجدتين ممنوعة ، لأنّ الذكر والدعاء في التشهّد أكثر منهما بين السجدتين. ثمّ
اعترض بأنّ ظاهر الأخبار وكلام الأصحاب استحباب التورّك في جلوس الصلاة مطلقاً ،
ثمّ أجاب عن ذلك بما ذكره الشيخ من حمل أخبار الجواز على الرخصة ، ثمّ احتمل حمل
روايات نفي البأس عن الإقعاء بمعنى الجلوس على العقبين على التقية ، انتهى كلامه.
وفي «البحار»
أنّ المعنى المشتهر بين اللغويين خلاف ما هو المستحبّ من التورّك ، وأمّا إثبات
كراهيّته فمشكل ، لأنّه لا يدلّ على كراهيّته ظاهراً إلّا أخبار الإقعاء وهي ظاهرة
في معنى آخر مشتهر بين الأصحاب. ويؤيّده ما ورد في حديث زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام «ولا تقع على قدميك» إذ الظاهر من الإقعاء على القدمين أن يكون الجلوس
عليهما وإن لم تكن ظاهرة في معنى آخر ، فمجرّد الاحتمال لا يكفي للاستدلال. فإن
قلت : اشتهاره بين اللغويين يؤيّده ، قلنا : الشهرة بين علماء الفريقين في خلافه
تعارضه والأولى ترك هذا الجلوس ، لاشتهار هذا المعنى بين اللغويين ، واحتمله بعض
علمائنا مع أنّه خلاف ما هو السنّة في الجلوس ، والفرق بين ترك السنّة وارتكاب
المكروه ضعيف بل قيل باستلزامه له ، انتهى . وقد سمعت كلام الاستاذ أيّده الله تعالى.
ثمّ قال في «البحار»
: وأمّا الجلوس على القدمين من غير أن يكون صدور القدمين على الأرض فهو خلاف
المستحبّ ولم أر من أصحابنا من قال بكراهيّته ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بل يظهر من كلام ابن الجنيد أنّه قال باستحبابه. وقد اتفقت كلمة أصحابنا في
تفسير الإقعاء المكروه بما عرفت ، فإثبات كراهيّته بما يوهمه إطلاق كلام بعض
اللغويين والمخالفين مشكل. فإن قلت : ما مرَّ من قول أبي جعفر عليهالسلام : «ولا تقع على قدميك» وقوله عليهالسلام : «إيّاك والقعود على قدميك فتتأذّى بذلك .. الحديث»
يدلّان على شمول النهي لهذا الفرد أيضاً ، قلنا : أمّا الخبر الأوّل فقد ورد النهي
فيه عن الإقعاء عل القدمين لا مطلق القعود عليهما فيتوقّف الاستدلال به على أنّ
الإقعاء موضوع لخصوص هذا الفرد أو لما يشمله وقد عرفت ما فيه ، نعم بظاهره ينفي
المعنى المشهور عند اللغويين. وأمّا الخبر الثاني فهو وارد في الجلوس للتشهّد لا
بين السجدتين. ولو ارتكبنا التكليف في ذلك بأنّ العلّة الّتي ذكرها في التشهّد
تحصل في غيره فيتعدّى الحكم إليه كما قيل ، فمع أنّه يمكن المناقشة فيه بمنع جريان
العلّة إذ الدعاء والذكر في التشهّد أكثر منهما بين السجدتين لا نسلّم أنّه يدلّ
على هذا المعنى ، إذ يحتمل أن يكون المراد به النهي عن أن يجعل باطن قدميه على
الأرض غير موصل ألييه إليها رافعاً فخذيه وركبتيه إلى قريب ذقنه كما يتجافى المسبوق
، بل الخبر الأوّل أيضاً يحتمل ذلك ، فظهر معنى آخر للإقعاء ، والفرق بينه وبين
المعنى المشتهر بين اللغويين بإلصاق الأليين بالأرض وعدمه. وربما احتمل كلام ابن
الجنيد أيضاً ذلك حيث قال : ولا يقعد على مقدّم رجليه وأصابعهما. والتعليل الوارد
في الخبر أيضاً شديد الانطباق على هذا الوجه ، ولو سلّم عدم إرادة هذا المعنى
فالتعليل الوارد في الخبر بالمعنى المشهور بين الأصحاب ألصق. وبالجملة الأظهر حمل
الإقعاء المنهيّ عنه على ما هو المشهور بين الأصحاب ، ولكن الأحوط والأولى ترك
الجلوس على الوجوه الأربعة التي ذكرنا أنّها من محتملات الأخبار ، بل يحتمل أن
يكون المراد النهي عن جميعها إن جوّزنا استعمال اللفظ في المعنيين الحقيقيّين أو
المعنى الحقيقي والمجازي معاً انتهى كلامه رضياللهعنه.
__________________
تتمّة
يستحبّ سجود
التلاوة على القارئ والمستمع والسامع في أحد عشر :
______________________________________________________
[استحباب سجود التلاوة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (تتمّة : يستحبّ سجود
التلاوة على القارئ والمستمع والسامع في أحد عشر موضعاً)
نقل الإجماع
على استحباب سجود التلاوة في الأحد عشر موضعاً في «الخلاف والتذكرة » بل في «الخلاف» انّ عليه إجماع الامّة إلّا في موضعين
: «ص» والسجدة الثانية في الحجّ. وفي «المدارك » انّ هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب مدّعى عليه
الإجماع. وفي «الكفاية » لا أعرف فيه خلافاً. وفي «الذكرى » الإجماع على أنّ جميع سجدات القرآن خمس عشرة. وفي «البحار
والحدائق » لا خلاف فيه.
وأمّا أنّ ذلك
مستحبّ على القارئ والمستمع والسامع فظاهر «التذكرة وكشف اللثام » الإجماع عليه كما هو صريح «جامع المقاصد ». وفي «المدارك » انّه لم يقف على نصّ معتدّ به يدلّ على استحبابه في
الأحد عشر موضعاً. قلت : يدلّ عليه من الكتب الأربعة خبر أبي بصير الّذي قال فيه :
__________________
في الأعراف والرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والحجّ في موضعين والفرقان
والنمل وص والانشقاق.
______________________________________________________
«وسائر القرآن أنت فيه بالخيار إن شئت سجدت وإن شئت لم تسجد» إذ لا معنى
لإباحة العبادة ، فتأمّل. ومن غيرها صحيح محمّد المروي في «السرائر » الّذي يقول فيه : «كان علي بن الحسين عليهماالسلام يعجبه أن يسجد في كلّ سورة فيها سجدة» وأوضح منه دلالة
خبر «مجمع البيان » وخبر «العلل » وقال الصدوق : يستحبّ أن يسجد في كلّ سورة فيها سجدة. وعلى هذا
فتدخل آل عمران كما فهم ذلك منه في «المنتهى ».
قوله قدّس الله تعالى روحه : (في الأعراف والرعد
والنحل وبني إسرائيل ومريم والحجّ في موضعين وفي الفرقان والنمل وص والانشقاق)
كما صرّح بذلك
علماؤنا كما في «التذكرة » وقد سمعت ما في «الخلاف» وغيره. وأسقط أبو حنيفة ثانية الحجّ ، وقال ابن إسحاق : أدركت الناس منذ سبعين
سنة يسجدون في الحجّ سجدتين ، حكى ذلك عنه المصنّف وغيره .
__________________
ويجب على الأوّلين في العزائم ،
______________________________________________________
وفي «التذكرة وكشف الالتباس » وغيرهما انّ السجود في الأعراف في آخرها وهو قوله تعالى : (وَلَهُ يَسْجُدُونَ) وفي الرعد في قوله تعالى (وَظِلالُهُمْ
بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) والنحل (وَيَفْعَلُونَ ما
يُؤْمَرُونَ) وبني إسرائيل (وَيَزِيدُهُمْ
خُشُوعاً) ومريم (خَرُّوا سُجَّداً
وَبُكِيًّا) والحجّ (يَفْعَلُ ما يَشاءُ) و (افْعَلُوا الْخَيْرَ) والفرقان (وَزادَهُمْ نُفُوراً) والنمل (رَبُّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ) وفي ص (وَخَرَّ راكِعاً
وَأَنابَ) وفي الانشقاق عند قوله تعالى (لا يَسْجُدُونَ).
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجب على الأوّلين في
العزائم) وجوب السجود على القارئ والمستمع مجمع عليه كما في «الخلاف
والمختلف ونهاية الإحكام والذكرى وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية والفوائد الملية وكشف اللثام والحدائق ». وفي «المدارك »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عليه إجماع العلماء. وفي «التذكرة وكشف الالتباس والكفاية والبحار » لا خلاف فيه. وفي «الذخيرة » نسبته إلى الأصحاب. وبذلك خرج عن قاعدته في اصوله.
وصرّح جمهور
علمائنا بأنّ مواضع السجود في الأربع آخر الآية. وفي آخر كلام «الحدائق » انّ ظاهرهم الاتفاق عليه.
وفي «الخلاف » على ما فهمه الأكثر. «والمبسوط وجامع الشرائع والتذكرة ونهاية الإحكام والذكرى والجعفرية والمسالك » وغيرها انّ موضعه في حم في قوله (إِيّاهُ تَعْبُدُونَ) وقد يلوح من آخر كلام «التذكرة» موافقة «المعتبر» كما
يأتي. وظاهر «الجعفرية» كما في «شرحها » انّه لو أتى بالسجود بعد لفظ السجدة لم يقع في محلّه
ولا بدّ من إعادته بعد تمام الآية ، انتهى. فتأمّل.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ويدلّ على أنّ
موضعه في حم إيّاه تعبدون صريح خبر «مجمع البيان » وخبر «دعائم الإسلام ».
وفي «المعتبر والمنتهى والموجز الحاوي وكشف الالتباس » انّ الاولى أن يكون عند قوله تعالى (وَاسْجُدُوا لِلّهِ) بل في «الموجز وشرحه» الحكم به وظاهر «التحرير » التوقّف. ونقل البهائي في بعض فوائده عن بعض أصحابنا القول بوجوبه عند التلفّظ بالسجدة. وقال
في «المعتبر » : قال الشيخ في الخلاف : موضع السجود في حم السجدة عند
قوله (وَاسْجُدُوا لِلّهِ) وقال في المبسوط عند قوله (إِنْ كُنْتُمْ
إِيّاهُ تَعْبُدُونَ) والاولى أولى.
وقال في «الذكرى
» ليس كلام الخلاف صريحاً فيما ذكر في المعتبر ولا ظاهراً فيه بل ظاهره ما
قلناه ، لأنّه ذكر في أوّل المسألة أنّ موضعه فيها عند قوله تعالى (وَاسْجُدُوا لِلّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ
إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ) ثمّ قال : وأيضاً قوله
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
(وَاسْجُدُوا لِلّهِ
الَّذِي خَلَقَهُنَّ) أمر والأمر يقتضي الفور عندنا وذلك يقتضي السجود عقيب
الآية ، ومن المعلوم أنّ آخر الآية «تَعْبُدُونَ»
ولأنّ تخلّل
السجود في أثناء الآية يؤدّي إلى الوقوف على المشروط دون الشرط وإلى ابتداء القارئ
بقوله (إِنْ كُنْتُمْ
إِيّاهُ تَعْبُدُونَ) وهو مستهجن عند القرّاء ، ولأنّه لا خلاف فيه بين
المسلمين ، إنّما الخلاف في تأخير السجود إلى «يَسْأَمُونَ»
فإنّ ابن عباس
والثوري وأهل الكوفة والشافعي يذهبون إليه والأوّل هو المشهور عند الباقين. فإذاً
ما اختاره في المعتبر لا قائل به ، فإن احتجّ بالفور قلنا هذا القدر لا يخلّ
بالفور وإلّا لزم وجوب السجود في باقي آي العزائم عند صيغة الأمر وحذف ما بعده من
اللفظ ولم يقل به أحد ، انتهى ما في الذكرى. ونحو ذلك قال في «كشف اللثام ».
وقضية عبارة
الكتاب أنّه لا يجب السجود على السامع كما هو صريح «الخلاف والشرائع والمنتهى والتحرير والتذكرة والبيان والموجز الحاوي » وهو ظاهر «جامع الشرائع » وقرّبه في «الكفاية » وإليه مال الاستاذ أيّده الله تعالى في «حاشية المدارك
». وفي «الخلاف » وظاهر «التذكرة »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الإجماع عليه. وفي «كشف الالتباس » انّه المشهور. وفي «الفوائد المليّة » انّه مذهب الأكثر.
واستدلّوا عليه
بخبر عبد الله بن سنان «أنّه سأل الصادق عليهالسلام عن رجل سمع السجدة تُقرأ ، قال : لا تسجد إلّا أن يكون
منصتاً لقراءته مستمعاً لها أو يصلّي بصلاته ، فأمّا أن يكون يصلّي في ناحية وأنت
تصلّي في ناحية اخرى فلا تسجد لما سمعت». وقال في «الذكرى » : في طريق الخبر محمّد بن عيسى عن يونس ، مع أنّها
تتضمّن وجوب السجود إذا صلّى بصلاة التالي لها ، وهو غير مستقيم عندنا ، إذ لا
يقرأ في الفريضة عزيمة على الأصحّ ، ولا تجوز القدوة في النافلة غالباً إلى أن قال
: ولا شكّ عندنا في استحبابه على تقدير عدم الوجوب. قلت : التضعيف برواية العبيدي
عن يونس ضعيف ، والظاهر حمله على الائتمام بالمخالف أو على الائتمام بالمرضي
الناسي ، والقدوة في بعض النوافل كالاستسقاء والغدير والعيدين مع اختلال الشرائط
جائزة.
وفي «السرائر وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والجعفرية والميسيه والفوائد الملية والمسالك » انّه يجب على السامع. وهو المنقول
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عن الكاتب وإليه مال في «الذكرى ». وفي «الحدائق » انّه مذهب الأكثر. وفي «الدروس » انّه أحوط. وفي «المنتهى » عن الشيخ انّه قال فيه تردّد أحوطه الوجوب.
واستدلّ عليه
في «السرائر » بالإجماع على إطلاق القول بالوجوب على القارئ والسامع
ونسبه أيضاً إلى الأصحاب. ويدلّ عليه من الأخبار خبر أبي بصير وخبر كتاب «المسائل » وخبر «الدعائم » وأمّا صحيح محمّد الّذي استدلّ به في «المدارك » فظاهر في الاستماع.
وظاهر «المختلف
» التوقّف. وفي «المدارك » أنا من المتوقّفين. وفي «البحار » الجمع بين الأخبار إمّا بحمل أخبار الأمر بالسجود
بمجرّد السماع على الندب أو حمل ما دلّ على التخصيص بالاستماع دون السماع على
التقية. وفصّل في «المبسوط » فأوجبه على السامع إذا لم يكن في الصلاة والعدم إذا
كان فيها ، انتهى. وما ذاك إلّا لدليل عثر عليه.
__________________
ولا يجب فيها تكبير ولا تشهّد ولا تسليم ولا طهارة
______________________________________________________
[لا تكبير ولا تشهّد ولا تسليم في سجدة التلاوة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولا يجب فيها تكبير)
عند الشروع
فيها عندنا كما في «التذكرة وكشف اللثام ». وفي «المدارك » أجمع الأصحاب على عدم مشروعيّته فيها. وفي «البحار والحدائق » انّ المشهور عدم وجوب التكبير لها.
وفي «المنتهى ونهاية الإحكام والتحرير والدروس والموجز الحاوي وجامع المقاصد والجعفرية وإرشاد الجعفرية والغرية والفوائد الملية والمدارك » انّه يستحبّ التكبير عند الرفع. وفي «البحار » الأحوط عدم الترك.
__________________
ولا تشهّد ولا تسليم
______________________________________________________
وفي «التذكرة » هو مستحبّ أو شرط وجهان. ونفاه في «النفلية » مطلقاً على ما فهمه منها شارحها. وتحتمل عبارة «مجالس
الصدوق والمبسوط والخلاف وجامع الشرائع والذكرى والبيان والكفاية » وجوب التكبير عند الرفع ، بل قد يظهر ذلك من بعض هذه ،
وفي الأوّل عدّه من دين الإمامية. وهو ظاهر خبر عبد الله بن سنان ومحمّد بن مسلم الّذي رواه البزنطي فى جامعه ، لكنّ المصنّف في «المنتهى
» فهم من المبسوط والخلاف الاستحباب.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولا تشهّد ولا تسليم)
ليس فيها تشهّد
ولا تسليم إجماعاً كما في «التذكرة وجامع المقاصد » وظاهر «المنتهى ونهاية الإحكام » وقد يلوح دعواه من «المدارك ». وفي
__________________
ولا طهارة
______________________________________________________
«المنتهى » أيضاً ليس عليه تشهّد بلا خلاف ، والظاهر منه بقرينة
ما سبق أنّه لا خلاف فيه بين أهل العلم. وصرّح جماعة بأنّهما لا يشرعان فيها.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولا يجب فيها طهارة)
كما هو فتوى
علمائنا كما في «المنتهى » وهو خيرة «المبسوط والشرائع وجامع الشرائع والمختلف والتذكرة والتحرير ونهاية الإحكام والدروس والبيان والنفلية والموجز الحاوي وشرحه وجامع المقاصد وفوائد الشرائع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والجعفرية وشرحيها والمدارك ». وفي «الذكرى » انّه أظهر. وفي «البحار والكفاية » انّه أقرب. واستظهر جماعة كالمصنّف في «المختلف » والشهيد من الكاتب اشتراطها. وفي «البيان » أومى إليه ابن الجنيد.
وفي «النفلية والبيان والفوائد الملية » أنّ الأفضل الطهارة لها. وفي «التذكرة » في بحث التجديد أنّه يستحبّ التجديد لسجود التلاوة
والشكر. وفي «الذكرى » لا يستحبّ التجديد لهما ، انتهى. وكلام الأصحاب غاية
ما يعطي عدم اشتراطه لا عدم استحبابه.
وفي «النهاية » انّ الحائض إذا سمعت سجدة القرآن لا يجوز لها أن تسجد.
ومنع في «المقنعة » من قراءة الجنب سوَر العزائم وقال : لأنّ في هذه
السوَر سجوداً واجباً ولا يجوز السجود إلّا لطاهر من النجاسات بلا خلاف ، كذا في
__________________
ولا استقبال ،
______________________________________________________
«التهذيب » وبعض نسخ «المقنعة» وليس في بعضها لفظ «بلا خلاف». وعن
كتاب «أحكام النساء » له من سمع موضع السجود فإن لم يكن طاهر فليومِ بالسجود
إلى القبلة إيماءً.
وقد تقدّم نقل
ذلك كلّه في الفصل الثاني في أحكام الحائض وقد جعلنا المسألة هناك منقسمة إلى مسألتين : الاولى
أنّ سجودها لآية السجدة سائغ أم لا؟ والثانية إذا ساغ فهل هو على سبيل الوجوب أو
الاستحباب أو يفصّل؟ واستوفينا نقل كلامهم في ذلك وجمعنا بين الأخبار الواردة في
الحائض تارةً بحمل الناهية منها على التقية واخرى على ما إذا قرأت غير العزائم
ونقلنا جمع الشيخ في «التهذيبين».
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولا استقبال للقبلة)
عندنا كما في «كشف
اللثام » واستدلّ عليه فيه بالأصل وخبر «العلل » وخلافاً للجمهور كما في «المنتهى » وهذا السجود ليس بصلاة فلا يشترط فيه ما يشترط في
الصلاة عندنا كما في «التذكرة » ولا يشترط فيه الستر والخلوّ عن النجاسة كما صرّح به
المصنّف في «نهاية الإحكام » والكركي والشهيد الثاني وغيرهم .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الميسيّة» وكذا لا يشترط فيه غيره من شروط الصلاة. وفي «الجعفرية وشرحها » في اشتراط الستر والاستقبال والخلوّ عن النجاسة وجهان.
[فروع يجب التنبيه عليها :]
هل يجب السجود
فيها على الأعضاء السبعة أم لا؟ وهل يشترط وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه في
الصلاة أم لا؟
قال في «المعتبر
» : وضع الجبهة يسمّى سجوداً فيتحقّق معه الامتثال ومازاد خارج عن مسمّى
السجود فينفي بالأصل ، ذكر ذلك في بحث سجدة الشكر. وفي «الفوائد الملية » الظاهر أنّه لا يشترط فيها وضع ما عدا الجبهة من
الأعضاء السبعة. وفي «كشف الالتباس » انّه المشهور.
وفي «التحرير » الأقرب اشتراط السجود على الأعضاء السبعة. وفي «البيان
» الأشبه اشتراط السجود على السبعة وعلى ما يصحّ السجود عليه ، فإن تعذّر
فكسجود الصلاة.
وفي «نهاية
الإحكام والتذكرة » في وجوب ما عدا الجبهة إشكال. وفي «جامع المقاصد والجعفرية » في كفاية وضع الجبهة على الأرض واعتبار
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
السجود على ما يصحّ السجود عليه في الصلاة وجهان. وفي «المدارك والكفاية » في اشتراط السجود على السبعة والسجود على ما يصحّ
السجود عليه نظر. وفي الأخير (الكفاية خ ل) لا يبعد الاشتراط.
وفي «كشف
الالتباس والفوائد الملية » لا يشترط السجود على ما يصحّ السجود عليه في الصلاة.
وفي «جامع المقاصد وفوائد الشرائع وإرشاد الجعفرية وكشف الالتباس والميسية والمسالك والمدارك » انّ الأحوط وضع باقي المساجد والسجود على ما يصحّ
السجود عليه. وفي «البحار » انّه الأحوط وإن لم يقم دليل مقنع عليه.
وقال في «جامع
المقاصد» : الالتفات إلى الأمر بوضع الجبهة من دون تقييد يقتضي عدم اشتراط وضع
غيرها ، والالتفات إلى أنّ ذلك يحتمل أن يراد به السجود في الصلاة يقتضي الاشتراط
، قال : وكذا القول في اعتبار مساواة المسجد الموقف ، ومثله اعتبار السجود على ما
يصحّ السجود عليه في الصلاة. وقد يؤيّد اعتباره هنا التعليل بأنّ الناس عبيد ما
يأكلون ويلبسون فإنّ العلّة قائمة هنا ، انتهى .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهو حاصل كلام «الذكرى » وناقشهما في ذلك صاحب «الحدائق » وتمام الكلام يأتي في سجدة الشكر. وقال في «جامع
المقاصد » : ويمكن بناء الحكم في هذه على أنّ مفهوم السجود شرعاً
هل يستدعي ذلك أم لا؟ انتهى.
قلت : قد تقرّر
في محلّه أنّ في جريان الأصل في العبادات إشكالاً ، وكذا في كون أساميها أسامي
للأعمّ والذمّة مشغولة بيقين فلا بدّ من الفراغ اليقيني أو العرفي. ومن هنا يعلم
أنّه على القول بأنّ العبادة اسم للصحيحة وأنّه لا يتمسّك في نفي الشرط بأصل العدم
يتعيّن في هذا السجود اشتراط ما يشترط في سجود الصلاة إلّا ما قام النصّ أو
الإجماع على عدم اشتراطه. وقد عرفت معاقد الإجماعات وموارد النصوص.
وفي «حواشي
الشهيد» يجب فيها الستر والنيّة والسجود على الأعضاء السبعة ويجوز على ما لا يصحّ
السجود عليه.
وفي «جامع
الشرائع والتذكرة والتحرير والموجز الحاوي والجعفرية وشرحها وكشف الالتباس والفوائد الملية والمدارك » انّ الذكر في هذا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
السجود مستحبّ غير واجب. وفي «البيان » انّ الراوندي في «المغني» قال : من قرأ في نافلة «اقرأ»
سجد وقال : «إلهي آمنّا بما كفروا وعرفنا منك ما أنكروا وأجبناك إلى ما دعوا ،
فالعفو العفو» ثمّ يرفع رأسه ويكبّر. قلت : نسب هذا في «المنتهى » إلى الصدوق. وقال أيضاً : وقد روي : أنّه يقال في سجدة
العزائم : «لا إله إلّا الله حقّاً حقّاً لا إله إلّا الله إيمانا وتصديقاً لا إله
إلّا الله عبوديةً ورقّاً ، سجدتُ لك يا ربّي تعبّداً ورقّاً لا مستنكفاً ولا
مستكبراً بل أنا عبد ذليل خائف مستجير» قلت : جعل هذا الصدوق في «مجالسه» من دين الإمامية على ما نقل.
وقال الصادق عليهالسلام فيما رواه ابن محبوب عن عمّار : «إذا سجدتَ قلت ما تقول في السجود» وهو المنقول عن
الكاتب . وروى الكليني في الصحيح عن أبي عبيدة الحذّاء عن أبي عبد الله عليهالسلام ما يخالف ذلك كلّه.
وقال جماعة : وقت نيّتها عند الهوي إليها ، وآخرون : عند وضع الجبهة ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وخيّر بين هذين في «البحار » وقيل : يجوز عند استدامة الوضع. واستشكل فيه بعضهم والأمر في النيّة هيّن.
وفي «الخلاف » وظاهر «التذكرة » الإجماع على أنّه يجوز أن يفعل هذا السجود في جميع
الأوقات وإن كانت مكروهة. وبه صرّح جماعة والمخالف جماعة من العامّة. وفي «النفلية » روى كراهيّته في الأوقات المكروهة ، وفي «شرحها » العمل على خلاف ما روي. قلت : الرواية رواية عمّار وهي معارضة بإطلاق الأخبار وصريح خبر «دعائم الإسلام»
والإجماع ، فلا وجه لاستشكال صاحب «الحدائق » ولا مجال للتوقّف ، هذا كلّه مع الغضّ عن سندها. وفي «المبسوط
» يكره السجود المستحبّ عند طلوع الشمس وغروبها.
وصرّح جماعة بأنّ السجود يتكرّر بتكرّر السبب ، سواء تخلّل السجود
أم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
لا ، لأصل عدم التداخل. وفي «البحار » الحكم مشكل مع عدم التخلّل ، وتبعه على ذلك صاحب «الحدائق
».
وفي «البيان » انّ الأقرب أنّه لا يحرم على المصلّي فرضاً استماع
سجدة العزائم ، فحينئذٍ يومئ ويقضي. وفي «الموجز الحاوي » انّه حرام ، فإن فعل أومأ وقضى.
وفي «نهاية الإحكام
» لو قرأ «السجدة» ماشياً فإن لم يتمكّن أومأ ، وإن كان راكباً سجد على
دابّته إن تمكّن وإلّا وجب النزول والسجود ، فإن تعذّر أومأ. ونحوه ما في «المنتهى
والموجز الحاوي ». وفي «التذكرة » لو قرأ «السجدة» ماشياً سجد فإن لم يتمكّن أومأ ، ونقل
كلام العامّة إلى أن قال : وإن كان راكباً سجد على راحلته وإلّا نزل ، وفعله علي عليهالسلام إلى أن قال : ولا نعلم فيه خلافاً.
وفي «نهاية
الإحكام والتذكرة والبيان » قيل يكره اختصار السجود ، فقيل : هو أن ينتزع آيات
السجدة فيتلوها ويسجد فيها ، وقيل : أن يسقطها من قراءته. وفي «التذكرة » انّ التفسير الأخير أولى. وفي «المنتهى » بعد نسبته إلى القيل اختار أنّه مكروه.
__________________
ويقضيها الناسي.
______________________________________________________
[حكم قضاء سجدة التلاوة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويقضيها الناسي)
كما في «المبسوط
والخلاف والذكرى والبيان وحواشي الشهيد والموجز الحاوي ». وفي «الكفاية » المشهور أنّه يجب قضاؤها مع الفوات. وفي «التحرير » قول الشيخ جيّد واحتمله في «التذكرة ونهاية الإحكام » حيث قال فيها : ويحتمل أن يقال بالأداء لعدم التوقيت
فدلّ على أنّ قول الشيخ محتمل له أيضاً فيهما.
وناقش في «المعتبر
» في تسميته قضاءً لعدم التوقيت وإن وجبت المبادرة فإنّها واجب آخر ، قال
في «الذكرى » لأنّه لمّا وجبت الفورية كان وقتها وقت وجود السبب ،
فإذا فات فات وقتها. وفي «الميسية والمسالك والفوائد الملية والبحار » انّ ما في المعتبر هو المعتبر. وفي
__________________
وسجدتا الشكر
مستحبّتان عند تجدّد النِعَم ودفع النِقَم وعقيب الصلاة ،
______________________________________________________
«كشف اللثام » انّ المناقشة في محلّها فليحمل القضاء على الفعل أو
الفعل المتأخّر كما في عمرة القضاء ، انتهى. وفي «جامع المقاصد والمدارك » الأصحّ أنّه لا يدخلها أداءً ولا قضاءً لأنّهما من
توابع الوقت المضروب شرعاً وهو منتفٍ لما قلناه من الفورية. وهو خيرة الاستاذ أدام
الله تعالى حراسته في «حاشية المدارك » قال : لأنّ الفوريّة لا تستلزم التوقيت بلا تأمّل
فإنّها أعمّ ، فإذا ظهر أنّ بعد فوات وقت وجود السبب لا بدّ من الإتيان ظهر عدم
التوقيت ، ولذا لم يقل فليقضها وقال يسجد.
[استحباب سجدتي الشكر]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وسجدتا الشكر
مستحبّتان عند تجّدد النِعَم ودفع النِقَم وعقيب الصلاة)
نقل الإجماع
على استحباب السجود للشكر في هذه المواضع الثلاثة في «الخلاف والتذكرة والمنتهى » وظاهر «المعتبر ». وفي «كشف اللثام » لا خلاف فيه عندنا والأخبار به متضافرة. وفي «جامع
المقاصد » لا خلاف بين أكثر علمائنا إلّا من شذّ في استحبابه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عند تجدّد النِعَم ودفع النِقَم. وفي «الحبل المتين » على ما نقل عنه الإجماع عليه. وفي «المدارك » نسبته إلى علمائنا. وفي «كشف الحقّ » ذهبت الإمامية إلى استحباب سجدة الشكر ومالك على الكراهة وأبو حنيفة نفى المشروعية.
ولم يقيّد
المصنّف الصلاة بالفريضة كما صنع جماعة وقضيته أنّه مشروع بعد النافلة كما صرّح به في «المصباح
والسرائر » وغيرهما . وفي «المعتبر والمنتهى ونهاية الإحكام » الاقتصار على ذكر الفرائض.
وقد أتى
المصنّف بلفظ التثنية في المواضع الثلاثة كما في «الشرائع والجعفرية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وشرحها ». وفي «المبسوط والخلاف وجامع الشرائع والمعتبر والتذكرة والموجز الحاوي » التعبير بلفظ الوحدة عند المواضع الثلاثة. وفي «التحرير
» وجملة من كتبهم التعبير بسجود الشكر. وكلّ من ذكر التعفير والعود إلى
السجود فقد أراد التثنية وإن عبّر بالوحدة. وممّا ذكر فيه التعفير في المواضع
الثلاثة والعود إلى السجود «التحرير والمنتهى والبيان وكشف الالتباس وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والمسالك والمدارك » وهذه كلّها موافقة للكتاب.
وفي «المقنعة والنهاية والسرائر » ذكر التثنية في الصلاة. ونقل ذلك
__________________
ويعفِّر بينهما.
______________________________________________________
في «كشف اللثام » عن الاقتصاد والقاضي والحلبي وابني سعيد. وليس في «الجامع»
ذكر تثنية ولا تعفير. وفي «الشرائع» ما سمعته. وفي «المعتبر » ذكر الوحدة أوّلاً في الجميع ثمّ ذكر التعفير ، وظاهر
أنّ ذلك عقيب الصلاة لكنّه ليس بذلك الواضح ، ثمّ إنّه لم يذكر في «المعتبر » العود إلى السجود في التعفير وبدونه لا يتحقّق التعدّد
، لأنّ التعفير قد يصير في السجدة الواحدة كأن يسجد أوّلاً ويلصق خدّه الأيمن ثمّ
الأيسر بالأرض ويرفع رأسه كما في بعض الأخبار وكما ذكره الشيخ في سجدة الشكر عقيب الظهر والعصر.
وفي «المصباح » ذكر الوحدة بعد الظهر والعصر وبعض نوافل الليل وذكر
التثنية بعد المغرب والعشاء والصبح حيث ذكر فيها التعفير والعود إلى السجود.
وفي «الحدائق » الظاهر من كلام الأصحاب ، وكذا من الأخبار أنّ سجود
الشكر المندوب يتأدّى بالمرّة الواحدة وإن كان التعدّد بالفصل بتعفير الخدّين بين
السجدتين أفضل ، فإنّ كثيراً من الأخبار إنّما اشتمل على سجدة واحدة وجملة منها
دلّت على التعدّد ، وكذا في كلام الأصحاب ربما عبّر بالسجدة وربما عبّر بسجدتي
الشكر والكلّ منصوص.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وأن يعفِّر بينهما)
في «الخلاف
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمنتهى » الإجماع على استحباب التعفير في سجدة الشكر. وهو ظاهر «المعتبر
والتذكرة » حيث نسب فيهما إلى علمائنا. وفي «كشف الحقّ » نسبته إلى الإماميّة. وفي «جامع المقاصد والمدارك » الإجماع على استحبابه بين السجدتين كما نطقت به عبارة
الكتاب. وظاهر «المعتبر والمنتهى » الإجماع على أنّ التعفير للخدّين حيث قال فيهما :
ويستحبّ فيهما التعفير وهو أن يلصق خدّه الأيمن بالأرض ثمّ خدّه الأيسر وهو مذهب
علمائنا. وفي الأخير أجمع.
وبالخدّين صرّح
في «المصباح والسرائر والتحرير والذكرى والبيان وكشف الالتباس والجعفرية وشرحها وجامع المقاصد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفوائد الشراع والميسية» وغيرها . وبالجبينين صرّح أيضا في «النفلية والجعفرية وشرحها والميسيّة والفوائد المليّة والمسالك والمدارك » وفي أكثر هذه المراد بالتعفير وضع الجبين على التراب
بين السجدتين وكذا الخدّين. واستدلّوا عليه بالخبر المشهور وهو أنّ من «علامات المؤمن تعفير الجبين».
وناقشهم صاحب «الحدائق
» باحتمال أنّ المراد بالجبين هو الجبهة كما مرَّ نظيره في باب التيمّم ،
قال : ويؤيّده إفراد الجبين في الخبر والمراد حينئذ إنّما هو استحباب السجود على
الأرض ، وجعل ذلك من علامات المؤمن من حيث إنّ المخالفين لا يرون استحباب سجدة
الشكر .. إلى آخر ما قال.
قلت : قال الشافعي
وأحمد واسحاق وأبو ثور وابن المنذر باستحباب سجود الشكر في المواضع
الثلاثة وإنّما أطبقوا على نفي التعفير فلم يتمّ لصاحب «الحدائق» ما استند إليه.
وفي «كشف
اللثام » يستحبّ أن يعفّر بينهما خدّيه أو جبينيه أو الجميع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أو أحدهما فهو كالسجود مما شهد بفضلة الأخبار والاعتبار وانعقد عليه
إجماعنا ولمّا أنكره الجمهور كان من علامات الإيمان ، انتهى.
وفي «الخلاف » الإجماع على أن ليس فيها تشهّد ولا تسليم ولا تكبير
افتتاح ولا تكبير السجود. وبه صرّح كثير ممّن تأخّر عنه .
وفي «المبسوط » يستحبّ التكبير لرفعه من السجود. وكذا قال في «جامع
الشرائع » ونفاه في «التحرير » وظاهر «التذكرة والذكرى والبيان وكشف الالتباس وجامع المقاصد » التأمّل فيما في المبسوط. وفي «المعتبر والمنتهى » لعلّه يشبه سجود التلاوة.
وهل يشترط فيه
وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه؟ في «الذكرى » لا يشترط وفي «جامع المقاصد » فيه تردّد.
وأمّا وضع
الأعضاء السبعة ففي «الذكرى » انّه معتبر قطعاً. وظاهر
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«جامع المقاصد » التوقّف حيث اقتصر على نسبته إلى «الذكرى». قلت : ما
في «الذكرى» مخالف لما اعتبره سابقاً من صدق السجود بمجرّد وضع الجبهة ، فتأمّل.
هذا وصرّح الشهيدان
والمحقّق الثاني بأنّ السنّة في التعفير تتأدّى بدون الوضع على التراب
وإن كان أفضل.
وفي «نهاية
الإحكام والتذكرة » الأقرب استحباب هذا السجود عند تذكّر النعمة وإن لم
تكن متجدّدة خلافاً للجمهور كما في الأخير ، وفي «الذكرى » يستحبّ ذلك إن لم يكن سجد لها. وفي «البيان » في أصل الحكم نظر.
وقال في «التذكرة
» : يجوز أن يؤدّي هذا السجود وسجود التلاوة على الراحلة عندنا.
وفي «نهاية
الإحكام والموجز الحاوي وشرحه » يجوز التقرّب بالسجود المجرّد من دون سبب. وفي «البيان
» فيه نظر. وفي «نهاية الإحكام » وكذا بالركوع على إشكال ، ونفاه الشهيد وغيره .
__________________
الفصل السابع : في التشهّد
ويجب في آخر
الصلاة مطلقاً وعقيب الثانية في الثلاثية والرباعية.
______________________________________________________
(الفصل السابع في
التشهّد)
هو تفعّل من
الشهادة وهي عبارة عن الخبر القاطع لغةً كما في «المنتهى وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية والروض » وفي الثاني والثالث أنّه شرعاً الشهادة بالتوحيد
والرسالة والصلاة على النبيّ وآله صلّى الله عليهم أجمعين. وفي «الروض» أنّه شرعاً
الشهادة لله بالتوحيد ولمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بالرسالة ، ويطلق على ما يشمل الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تغليباً أو بالنقل. ونحوه قال في «الروضة والمقاصد العلية ».
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجب في آخر الصلاة
مطلقاً وعقيب الثانية في الثلاثية والرباعية)
وجوب التشهّد
في هذين الموضعين
__________________
والواجب : أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّداً رسول الله اللهم
صلّى على محمّد وآل محمّد.
______________________________________________________
هو مذهب أهل البيت عليهم الصلاة والسلام كما في «المنتهى » وقد نقل على ذلك الإجماع في «الخلاف والغنية والمعتبر والتذكرة والذكرى وجامع المقاصد ومجمع البرهان والمدارك والمفاتيح وكشف اللثام » وهو صريح «الانتصار والناصريات » في التشهّد الأوّل وظاهرهما أو صريحهما في الثاني
أيضاً. وظاهر «كشف الحقّ » فيهما أيضاً. وفي «المبسوط » بعد أن حكم بوجوبهما نفى الخلاف عن خمسة أشياء في
التشهّد. وعدّ وجوبهما في «الأمالي » من دين الإمامية. وفي «الكفاية » انّه لا خلاف فيه.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ونفى أبو حنيفة
ومن تابعه الوجوب عن التشهّدين. والشافعي والأوزاعي نفياه عن الأوّل ، وعن قومٍ منهم انّ الثاني
غير واجب.
والحاصل : انّه
يستفاد من مطاوي عبارات علمائنا أنّ الحكم بوجوبهما كاد يكون ضروريّاً عندهم
وإنّما وقع النزاع بينهم في مقامات :
الأوّل
: هل تجب في
التشهّد في الموضعين الشهادتان أم لا؟ ذهب المعظم كما في «كشف اللثام » إلى وجوبهما فيه كلّ مرّة. وفي «المبسوط وجامع المقاصد » انّه لا خلاف فيه بين أصحابنا. وفي «المنتقى » انّ عليه عمل الاصحاب. وفي «جامع المقاصد » أيضاً انّ عليه عمل الأصحاب كافّة. وفي «الغنية والتذكرة والذكرى ومجمع البرهان » الإجماع عليه. وفي «شرح الشيخ نجيب الدين» لعلّ
الإجماع منعقد على ذلك.
وفي «الذكرى » عن «الفاخر» إجزاء شهادة واحدة في الأوّل. وعن «المقنع
» أنّ أدنى ما يجزي في التشهّد أن تقول الشهادتين أو تقول بسم الله وبالله
ثمّ تسلّم ، قال في «الذكرى » بعد نقله هذا القول : هو شاذّ لا يعدّ ، ويعارضه إجماع
الإماميّة على الوجوب ، انتهى.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا الأخبار
الّتي قد يظهر منها خلاف ذلك فهي خبر حبيب الخثعمي وبكر ابن حبيب فإنّهما قد تضمّنا إجزاء حمد الله تعالى عن الشهادتين ،
وقد حملا في «الذكرى » وغيرها على التقية ، والأولى حملهما على بيان ما يستحبّ فيه أي
أدنى ما يستحبّ فيه ذلك ويحتملان النسيان ، وسؤال بكر يحتمل أن يكون عن وجوب
التحيّات ونحوها كما يقوله بعض العامّة .
ومنها صحيح
زرارة الّذي قد يظهر منه نفي وجوب الشهادة بالرسالة في التشهّد الأوّل ، وإليه
استند صاحب «الفاخر» وقد أجاب عنه في «المعتبر » بأنّه ليس مانعاً من وجوب الزيادة ، فالعمل بما يتضمّن
الزيادة أولى. واقتفى المصنّف في «المنتهى » أثره في هذا الكلام لكنّه عدل في العبارة الأخيرة إلى
ما هو أوضح في إفادة الغرض ، فقال بعد ذكره : لعدم المانعية من وجوب الزيادة فيعمل
بما تضمّنه حديث الزيادة ، ثمّ اعترض بما حاصله أنّ الخبر يدلّ على الإجزاء وهو
ينفي وجوب الزائد وأجاب بأنّه لو كان المراد من الإجزاء هذا المعنى للزم إجزاء
الشهادة الواحدة في التشهّد الأخير ، لدلالة صحيح البزنطي على أنّ القدر المجزي
فيهما واحد لكنّ التالي باطل ، للنصّ في الخبر المبحوث عنه على أنّ المجزي في
الأخير هو الشهادتان.
وأنت تعلم أنّ
هذا الجواب ليس بحاسم لمادّة الإشكال ، إذ حاصله حصول التعارض بين الخبرين فيحتاج
إلى الخروج عن حقيقة الإجزاء في هذا الخبر.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأنت خبير بأنّ هذا القدر غير كافٍ بمجرّده في دفع الاعتراض ، بل يحتاج إلى
بيان المعنى الذي يناسب حمل الإجزاء عليه ويوافق القواعد ، وهو أن يقال : إنّ
السؤال كان عن وجوب ما زاد على الشهادتين من التحيّات ونحوها فأجاب عليهالسلام بأوّل ما يجب فيه أي تقول أشهد أن لا إله إلّا الله ..
إلى آخر ما تعرف ، أو يقال الغرض من السؤال استعلام كيفية التشهّد وأنّه هل يختلف
فيه حكم الأوّل والأخير فاكتفى عليهالسلام في جواب السؤال الأوّل بذكر كيفية الشهادة بالوحدانية
اعتماداً على أنّ كيفية الشهادة الاخرى معروفة ، وجعل الجواب عن السؤال الثاني
بالشهادتين كناية عن الاتفاق في الحكم بالنسبة إلى القدر المجزي ، والوجهان
متقاربان ، ولئن استبعدا فليس وراءه إلّا الحمل على التقية ، وعليه اقتصر الشهيد في
«الذكرى » فتأمّل. ولعلّ الصدوق في «المقنع» استند إلى خبري
عمّار و «قرب الإسناد
» للحميري.
المقام الثاني : هل يجب في التشهّدين مع الشهادتين الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ ففي «الغنية والمعتبر والمنتهى والتذكرة والحبل المتين ورياض السالكين » الإجماع عليه. وفي «جامع المقاصد » نفى الخلاف فيه. وفيه أيضاً كما يظهر من «المنتقى » أنّ عليه عمل الأصحاب. وهو مذهب الإمامية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
كما في «كشف الحقّ » وهو مذهب أصحابنا كما في «كنز العرفان ». وفي «مجمع البرهان » كأنّه إجماع. وفي «الكفاية » انّه المشهور. وفي «المبسوط » بعد أن حكم بوجوب التشهّدين قال : لا خلاف بين أصحابنا
في وجوبها في التشهّد. وعلى ذلك نقل الإجماع في «الذكرى ». وفي «الناصريات » وموضع من «الخلاف » الإجماع على وجوبها في التشهّد الأوّل ، وفي موضع آخر
منه الإجماع على أنّ أدنى التشهّد الشهادتان والصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي موضع آخر من «الخلاف» انّها ركن ، ولعلّه عنى
الوجوب والبطلان بتركها عمداً. وفي «كشف اللثام » انّ وجوب الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع الشهادتين مذهب المعظم.
وليس في «الفقيه
» ذكر الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا الصلاة على الآل عليهمالسلام في شيء من التشهّدين لكنّه روى فيه صحيح زرارة وأبي بصير الناطق بأنّه لا صلاة له إن ترك
الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. واعتذر الاستاذ أدام الله تعالى حراسته عن تركه ذكرها في التشهّد بأنّه
بنى ذلك على ظهور الحال في أنّ الناس يصلّون عقيب اسم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : إنّه قال في «أماليه» : إنّ من دين الإمامية
الإقرار بأنّه يجزي في التشهّد الشهادتان والصلاة على
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
النبي وآله عليهمالسلام قلت : لم أجد ذلك في «الأمالي» وإنّما فيها الاقتصار
على قوله : يجزي في التشهّد الشهادتان .
وعن الكاتب أنّه أوجبها في أحدهما ، وعن «رسالة علي بن بابويه » أنّه أوجبها في الثاني. ونقل ذلك الشيخ نجيب الدين عن
ظاهر الصدوق أبي جعفر. ولم يورد ثقة الإسلام في «الكافي» شيئاً من الأخبار
المتضمّنة لذكر الصلاة على النبي أو عليه وآله عليهمالسلام لكنّه روى في بحث الأذان قول الباقر عليهالسلام بطريق صحيح : «صلّ عليه كلّما ذكرته أو ذكره ذاكر » ومن المعلوم أنّ من يتشهّد الشهادتين يذكره صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد روى فيه في المقام خبر سورة بن كليب المتضمّن وجوب الشهادتين.
وفي «المدارك » أقصى ما تدلّ عليه الأدلّة وجوب الصلاة على محمّد وآله
صلىاللهعليهوآلهوسلم في الصلاة أمّا كونها في كلّ من التشهّدين فلا. وفي «كشف
اللثام » انّ الأدلّة إنّما توجبها في الجملة ولذا أوجبها أبو
علي كذلك ، انتهى.
قلت : قال في «المنتهى
» بعد أن ذكر الأخبار الدالّة على وجوب الصلاة عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم والأخبار الدالّة على وجوب الصلاة عليه وآله صلّى الله
عليهم أجمعين من طريق العامّة والخاصّة ما نصّه : ولا تجب إلّا في الموضع المتنازع
فيه بالإجماع ، وقد كان ذكر أنّ النزاع في وجوب الصلاة عليه وآله عليه وعليهمالسلام في التشهّدين ، فليلحظ هذا فإنّ به يتمّ الاستدلال ،
على أنّ في الإجماعات السالفة بلاغاً.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
هذا ولنذكر
الحال في وجوب الصلاة عليه صلىاللهعليهوآله في غير الصلاة على سبيل الاستطراد لمناسبة المقام ، ففي
«الناصريات والخلاف والمعتبر والمنتهى والتذكرة » الإجماع على عدم وجوبها في غير الصلاة. وفي «مجمع
البرهان » انّه المشهور. وذهب صاحب «كنز العرفان » وصاحب «رياض السالكين » وصاحب «الحدائق » إلى الوجوب ، ونقلاه عن ابن بابويه. وإليه ذهب الشيخ
البهائي في «مفتاح الفلاح » ونفى عنه البُعد في «المدارك ». وفي «الذخيرة » عن بعض المتأخّرين ولعلّه المولى الأردبيلي أنّه قال :
يمكن اختيار الوجوب في كلّ مجلس مرّة إن صلّى آخر وإن صلّى ، ثمّ ذكر تجب أيضاً
كما تتعدّد الكفّارة بتعدّد الموجب ، انتهى.
والأصل
والإجماعات السالفة وعدم ورودها في الأخبار وعدم تعليمها للمؤذّنين في زمانه صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن ورد تعليمها في أخبار الأئمة عليهمالسلام وعدم وجودها في كثير من الأدعية المضبوطة عن الأئمة
الطاهرين مع ذكره صلىاللهعليهوآلهوسلم أدلّة صدق على عدم وجوبها في غير الصلاة.
وللعامّة في
ذلك أقوال مختلفة : ففي «الكشّاف » الصلاة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
واجبة ، وقد اختلفوا ، فمنهم من أوجبها كلّما جرى ذكره ، ومنهم من قال :
تجب في كلّ مجلس وإن تكرّر ذكره ، ومنهم من أوجبها في العمر مرّة. والّذي يقتضيه
الاحتياط الصلاة عند كلّ ذكر ، انتهى كلامه في الكشّاف.
وفي «مفتاح
الفلاح وخلاصة الأذكار » للكاشاني أنّ صحيح زرارة يقتضي وجوب الصلاة عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، سواء ذكر باسمه الشريف أو لقبه أو كنيته. واحتمل في
الأوّل أنّ الضمير الراجع إليه كذلك ، واستظهره في الثاني. وقال في الأوّل : لم
أظفر لعلمائنا بشيء في ذلك قلت : والظاهر أنّ ما يدلّ عليه من غير ما ذكر كخير
الخلق وخير البرية ونحو ذلك كذلك.
وليعلم أنّ
الأخبار من طرقنا كخبر ميمون القدّاح وطرق العامّة كخبر «الصواعق المحرقة » لابن حجر وغيره منهم ناطقة بأنّ المراد بالصلاة عليه
هو أن يصلّى عليه وعلى آله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
المقام الثالث : هل تجب الصلاة على الآل عليهم الصلاة والسلام في
التشهّدين؟ ففي «الغنية والمنتهى وكنز العرفان والحبل المتين » الإجماع على وجوبها فيهما وهو ظاهر «المعتبر » حيث نسبه فيه إلى علمائنا. وفي «جامع المقاصد » نفي الخلاف عنه. وفي «الخلاف
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والتذكرة والذكرى » الإجماع على وجوبها في التشهّد. وفي «المبسوط » نفي الخلاف عنه بين أصحابنا. ويظهر من «المنتقى » أنّ عليه عمل الأصحاب. وفي «الكفاية » انّه المشهور. وقد سمعت كلام الكاتب والصدوقين وغيرهم
فيما مضى.
ويدلّ عليه من
طريق العامّة ما رووه عن كعب الأحبار في كيفية الصلاة عليه «قال : قد عرفنا السلام عليك كيف
الصلاة؟ قال : اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد» وما رواه صاحب «الصواعق المحرقة » من أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن الصلاة البتراء الحديث. وقد قال الاستاذ الشريف
أدام الله تعالى حراسته في حلقة درسه المبارك الميمون أنّه وجد هذا الخبر يعني خبر
كعب مذكوراً بعدّة طرق من طرقهم. ورووا عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليهالسلام عن أبي مسعود الأنصاري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من صلّى صلاة ولم يصلّ عليَّ وعلى أهل بيتي لم تقبل
صلاته.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
واستدلّ عليه في
«المنتهى » بقول الصادق عليهالسلام في خبر الحلبي «أجملهم» قال : والأمر للوجوب. ولا يجب إلّا في الموضع المتنازع فيه
بالإجماع ، وبخبر عبد الملك بن عمر الأحوال . وفي «فهرست الوسائل » وجوب الصلاة على محمد وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم في التشهّد وبطلان الصلاة بتعمّد تركها ، فيه ثلاثة
أحاديث وإشارة إلى ما تقدّم هنا وفي الأذهان وإلى ما يأتي في الذكر وغيره انتهى.
المقام الرابع : في صورة الشهادتين ففي «الشرائع والمعتبر والمنتهى والتبصرة والذكرى وكشف الالتباس » انّ صورتهما كما ذكره المصنّف هنا وهي «أشهد أن لا إله
إلّا الله ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله» قال في «الذكرى» : هذا هو ظاهر الأصحاب
وخلاصة الأخبار ، انتهى. وهو ظاهر «المقنع » على ما نقل عنه و «المبسوط والجُمل والعقود والمصباح والنهاية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والخلاف والوسيلة والمراسم والغنية والسرائر والإرشاد والتذكرة » حيث قيل فيها : وأدنى ما يجزي في التشهّد الشهادتان (وأدنى
التشهّد الشهادتان خ ل). وفي «الخلاف والغنية » الإجماع عليه. وفي «المدارك والكفاية والمفاتيح » انّه المشهور وهو مذهب الأكثر كما في «الروض » ومذهب كثير كما في «جامع المقاصد ».
وفي «النافع والدروس والموجز الحاوي ومجمع البرهان » زيادة «عبده ورسوله» في الثانية وفي الاولى «وحده لا
شريك له». وفي «كشف اللثام والروض » انّه المشهور. وقد سمعت ما مرَّ عن «الروض». وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الذخيرة والكفاية والمفاتيح » انّه أحوط. ومال إليه في «الروض » وذكر ذلك في «الفقيه وجُمل العلم » وغيرهما مع جملة مستحبّات. وتردّد في وجوب «وحده لا شريك له» في
«نهاية الإحكام والتذكرة ».
وفي «الألفية وجامع المقاصد وفوائد الشرائع وحاشيتي النافع والإرشاد والجعفرية وشرحها » الحكم بوجوب كلّ من الشهادتين تخييراً. وقرّبه في «البيان
» بعد أن تردّد فيه. وإليه مال في «شرح الألفية ». وفي «الذخيرة » الظاهر انّه مُجزٍ اتفاقاً ، وفي «المقنعة » أدنى ما يجزي في التشهّد أن يقول المصلّي «أشهد أن لا
إله إلّا الله وأنّ محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم عبده ورسوله».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الروض » انّ خبر سورة بن كليب الّذي قال فيه الباقر عليهالسلام ، حيث سأله عن أدنى ما يجزي في التشهّد : الشهادتان فيه
قصور عن مقاومة الأخبار الاخر ، لضعفه برجال متعدّدة ، وبأنّه مطلق غير دالّ على
عبارة مخصوصة ، والخبر الآخر مقيّد بألفاظ معيّنة بياناً للشهادتين ، والمطلق يجب
حمله على المقيّد وبأنّ العمل بالأوّل يستلزم جواز حذف لفظة «أشهد» الثانية مع
الإتيان «بواو» العطف وحذف «الواو» مع الإتيان بها بل حذفهما معاً وإضافة «الرسول
والآل» إلى المضمر مع حذف «عبده» لصدق الشهادتين في جميع هذه التعبيرات وأصحاب
القول بالتخيير لا يقولون به ، انتهى كلامه فتأمّل فيه. وتمام الكلام في صورة
الشهادتين يأتي عند تعرّض المصنّف له.
المقام الخامس : في صورة الصلاة على محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ففي «الذكرى » انّ الأشهر قول «اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد» وفي «المفاتيح
» انّه المشهور. وفي «المنتهى » أنّ المجزي من الصلاة «اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد»
وما زاد فهو مستحبّ بلا خلاف. وقد فهم صاحب «مجمع البرهان » الإجماع على تعيين هذه الصورة. وصرّح في «الدروس والبيان والألفية وجامع المقاصد والجعفرية وشرحها » بتعيّنها. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الكفاية » انّه أحوط.
وفي «التبصرة والتذكرة » انّ ذلك أقلّه لكن في الأخير لو أضاف «الآل» إلى
المضمر أجزأ. وفي «المقنعة » وأدنى ما يجزي في التشهّد أن يقول المصلّي «أشهد أن لا
إله إلّا الله وأنّ محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم عبده ورسوله» ومثلها في خصوص الصلاة عبارة «المراسم ». وفي «نهاية الإحكام » ولو قال : «صلّى الله على محمّد وآله ، أو : صلىاللهعليهوآله ، أو : صلّى الله على رسوله وآله» فالأقرب الإجزاء
لحصول المعنى. وقال في «الذكرى » : يمكن إجزاء «صلىاللهعليهوآله» لحصول مسمّى الصلاة
، ويمكن اختصاصه بالضرورة ، قال : ويحمل عليه مضمر سماعة ، انتهى.
والاجتزاء
بمطلق الصلاة ظاهر «النهاية والخلاف والمبسوط والوسيلة والغنية والسرائر والشرائع والنافع والمعتبر
__________________
ولو أسقط «الواو» في الثانية (الثاني خ ل) أو اكتفى به أو أضاف «الآل» أو «الرسول»
إلى المضمر فالوجه الإجزاء.
______________________________________________________
والإرشاد » حيث أطلق فيها إجزاء الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو ظاهر المنقول عن الكاتب . وفي «الخلاف والغنية» الإجماع على إجزاء الصلاة على
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي «المبسوط» نفي الخلاف عنه.
[حكم إسقاط بعض صورة الصلاة أو الإضافة إليها]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو أسقط «الواو» في
الثانية أو اكتفى به أو أضاف «الآل» أو «الرسول» إلى المضمر فالوجه الإجزاء)
كما هو صريح «التذكرة
وكشف الالتباس » وفخر الدين كما نقله عنه في الثاني. وكما هو ظاهر الأكثر ، لأنّهم
إنّما أوجبوا الشهادتين والصلاتين ، كما في «كشف اللثام ». وفي «الخلاف والغنية » وغيرهما الإجماع على وجوب الشهادتين كما مرَّ آنفاً.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ومنع من هذه
التغييرات في «الدروس والموجز الحاوي وجامع المقاصد وكشف الالتباس » واحتمل في «الإيضاح » عدم الإجزاء. وفي «البيان والجعفرية وشرحها » لو أضاف «الآل» أو «الرسول» من غير لفظ «عبده» إلى
المضمر لم يجز. وفي «الألفية » لو أسقط واو العطف في الثاني لم يجز. وفي «المقاصد
العلية » انّ المنع أولى. وذكر في «الذكرى » أنّ ظاهر الأخبار في هذين المنع ، قال : ويمكن استناد
الجواز إلى رواية حبيب فإنّها تدلّ بفحواها على ذلك ، والأولى المنع. وقال في «كشف
اللثام » الأولى الاستناد إلى الأصل وإطلاق الأخبار والفتاوى
واشتمال الأخبار المفصّلة على المندوبات. وتردّد في «التحرير والمنتهى » في ترك الواو أو أشهد. وظاهر «الروض والروضة » التردّد في التغيير عن الصورة المذكورة.
__________________
ويجب فيه
الجلوس
______________________________________________________
واستدلّ في «جامع
المقاصد » على المنع من هذه التغييرات بأنّ مخالفة المنقول غير
جائزة وبقاء المعنى غير كافٍ ، لأنّ التعبّد بالألفاظ المخصوصة ثابت. وهذه الرواية
تشير إلى رواية أبي بصير لا تنهض لمعارضة غيرها من الأخبار المشهورة في المذهب.
واعترضه في «روض الجنان » بأنّ الأخبار المشهورة تضمّنت «وحده لا شريك له» ولفظ «عبده»
والمخيّر لا يحتم وجوبها ولم يستفيدوا جواز حذفها إلّا من هذا الحديث المطلق فكيف
يردّ؟! وأراد بالحديث المطلق خبر سورة ، وقد عرفت أنّ المحقّق الثاني وجّه الردّ
إلى حديث أبي بصير ويجوز العمل ببعض الخبر دون بعضه ، فالأولى معارضته بما في «كشف
اللثام».
[وجوب الجلوس في التشهّد]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجب فيه الجلوس)
بالإجماع كما
في «الغنية والمنتهى والمدارك وكشف اللثام » ولا خلاف فيه كما في «المبسوط » وهو قول كلّ من أوجب التشهّد كما في «المنتهى » أيضاً ، وفعله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والصحابة والتابعون كما في «المعتبر ». وفي «الخلاف » التشهّد الأخير والجلوس فيه واجبان إجماعاً.
__________________
مطمئنّاً بقدره ، فلو شرع فيه وفي الرفع أو نهض قبل إكماله بطل. والجاهل
يأتي منه بقدر ما يعلمه مع التضيّق ثمّ يجب التعلّم مع السعة.
______________________________________________________
قوله قدّس الله تعالى روحه : (مطمئنّاً بقدره)
إجماعاً كما في
«جامع المقاصد والمفاتيح » وظاهر «كشف الحقّ » وبلا خلاف كما في «مجمع البرهان ».
قوله قدّس الله تعالى روحه : (فلو شرع فيه وفي
الرفع أو نهض قبل إكماله بطل)
أي إذا كان
عامداً مختاراً. وببطلانه تبطل الصلاة عند علمائنا كما في «التذكرة » فإن كان ناسياً تداركه إن بقي محلّه إجماعاً ، وإلّا
ففي «جامع المقاصد وروض الجنان » انّ الظاهر أنّه لا يقضيه بعد الصلاة لوقوعه في الجملة
والمخلّ به إنّما هو بعض واجباته وهي لا تقضى. ووجه القضاء أنّ عدم وقوعه على وجهه
يصيّره في حكم المعدوم فتأمّل فيه. نعم لو نسي التشهّد الأوّل كلّه مع المضي
فالأكثر كما سيأتي إن شاء الله تعالى على القضاء. وخالف في ذلك الصدوقان والمفيد فاكتفوا عنه بالّذي في سجود السهو. وتمام الكلام في
محلّه.
[حكم الجاهل بوجوب التشهّد أو بعربيّته]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والجاهل يأتي منه
بقدر ما يعلمه مع الضيق ، ثمّ يجب التعلّم مع السعة)
الجاهل
بالتشهّد إمّا جاهل بأجزائه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أو بعربيّته ، والأوّل هو المراد هنا ، وقد أشار إلى الثاني بقوله فيما
يأتي : فإن جهل العربية فكالجاهل. ونحن ننقل عبارات الأصحاب في المقامين ومنها
يظهر الخلاف الواقع في البين ، ففي «المبسوط والشرائع » أنّ من لا يحسن التشهّد والصلاة أتى بما يحسنه إذا ضاق
الوقت. وفي «المعتبر » من لم يحسن التشهّد والصلاتين وجب التعلّم بالعربية
كما قلناه ، انتهى.
وفي «جامع
الشرائع » في بحث القراءة انّه إذا لم يحسن التشهّد وضاق الوقت
تشهّد. وفي «المنتهى » ذكر هذه العبارة وقال بعدها : ولو ضاق وعجز أتى
بالممكن بلغته ولو لم يقدر سقط عنه ، انتهى. وفي «التحرير » بعد عبارة المعتبر بأدنى تفاوت قال : ومع ضيق الوقت
يأتي بما يحسن. وفي «التذكرة » من لا يحسن التشهّد والصلاتين وجب عليه التعلّم ، فإن
ضاق الوقت أو عجز أجزأت الترجمة ، انتهى. وقد خالفت عبارة المنتهى فتأمّل.
وفي «الجعفرية » ولو لم يحسن التشهّد وضاق الوقت عن التعلّم قيل يجتزي
بالحمد لله بقدره. وفي «المقاصد العلية » والجاهل بالعربية يجب عليه التعلّم ، فإن ضاق الوقت
أتى بما علمه منها ، فإن لم يحسن شيئاً أجزأت الترجمة ، فإن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
لم يحسن فالأولى وجوب الجلوس بقدره حامداً لله تعالى ، فإن لم يحسن التحميد
وجب الجلوس بقدره.
وفي «كشف
اللثام » عند قول المصنّف «فإن جهل العربية فكالجاهل» المراد في
وجوب تعلّم الواجب واستحباب تعلّم المندوب لا في السقوط رأساً لما عرفت من وجوب
الترجمة. ونصّ عليه في المعتبر والتذكرة ونهاية الإحكام ، لعموم الشهادتين
والصلاتين في الأخبار والفتاوى ، انتهى. وقد سمعت عبارة «المعتبر» ولم أجد فيه
غيرها ولعلّه ممّا زاغ عنه النظر.
وفي «جامع
المقاصد » فإن جهل العربية وضاق الوقت أتى بالممكن كالجاهل بأصل
التشهّد. وفي «الميسية» يجب عليه الإتيان بما يحسن ويجب فعل الباقي بالترجمة إن
أحسنها كما يجب لو لم يحسن شيئاً. وفي «فوائد الشرائع » عند قوله فيها : وجب عليه الإتيان بما يحسن مع الضيق ،
وهل يعوّض عن الفائت بالتحميد؟ يحتمل ذلك ، ولو لم يحسن شيئاً منه عوّض عنه
بالتحميد. وإليه ذهب في الذكرى ، فإن لم يحسن شيئاً أمكن القول بالجلوس بقدره ،
وهذا الفرض بعيد ، لأنّ الإسلام إنّما يتحقّق بالإقرار بالشهادتين ، انتهى. وهذه
العبارات منها الصريح ومنها الظاهر في المقام الثاني.
وفي «الدروس » يجب الإتيان بلفظه ومعناه ومع التعذّر تجزي الترجمة
ويجب التعلّم ، ومع ضيق الوقت يجزي الحمد لله بقدره. وفي «البيان » الجاهل يجب عليه التعلّم فإن ضاق الوقت أتى بما علم
وإلّا فالترجمة وإلّا احتمل الذكر إن علمه والسقوط. وفي «الذكرى » لو أبدل الألفاظ المخصوصة بمرادفها من
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
العربية أو غيرها لم يجز ، نعم تجزي الترجمة لو ضاق الوقت عن التعلّم ،
والأقرب وجوب التحميد عند تعذّر الترجمة للروايتين. وقطع في «إرشاد الجعفرية » بما في الذكرى.
وفي «الموجز
الحاوي » يتعلّم الجاهل إلى آخر الوقت فيأتي بالممكن منه ، ولو
لم يعرف شيئاً حمد الله تعالى بقدره ، ولو لم يعرف لفظاً جلس قدره. وفي «جامع
المقاصد » بعد قول المصنّف : «والجاهل يأتي منه .. إلى آخره» ما
نصّه : ولو لم يعلم شيئاً سقط.
وفي «روض
الجنان » الجاهل بالتشهّد يتعلّم مع السعة ومع الضيق يأتي منه
بقدر ما يعلمه ، لأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور ، فإن لم يعلم شيئاً قيل سقط
والأولى الجلوس بقدره حامداً لله تعالى كما ورد الأمر به في خبر الخثعمي عن الباقر عليهالسلام من الاجتزاء بالتحميد مطلقاً ، فإنّ أقلّ محتملاته حمله
على الضرورة ، وهو اختيار الشهيد ، فإن لم يحسن التحميد وجب الجلوس بقدره ، لأنّه
أحد الواجبين وإن كان مقيّداً مع الاختيار بالذكر ، انتهى.
وفي «كشف
اللثام » في شرح عبارة المصنّف في المقام الأوّل : والجاهل
بأجزائه يأتي منه بقدر يعلمه ، فإن علم ببعضها عربياً وبالبعض أعجمياً أتى بهما
كذلك ، ولو لم يعلم شيئاً منهما إلّا أعجمياً أتى به ، ولو لم يعلم إلّا بعضها أتى
به خاصّة كما يعلمه عربياً أو عجمياً وجلس بقدر الباقي ، ولو لم يعلم شيئاً جلس
بقدر الجميع مع الضيق عن التعلّم وإن أهمله مع السعة وأثم به ، انتهى. وهذه
العبارات منها الصريح في المقام الثاني ومنها الظاهر ومنها المحتمل للمقامين.
__________________
ويستحبّ
التورّك وزيادة التحميد والدعاء والتحيّات.
______________________________________________________
[في مستحبّات التشهّد]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويستحبّ التورّك فيه)
نقل على ذلك
الإجماع في «الخلاف والغنية » وظاهر «المنتهى » وقد تقدّم تمام الكلام فيه بما لا مزيد عليه في
التورّك بين السجدتين وفي مسألة الإقعاء .
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وزيادة التحميد
والدعاء والتحيّات) أمّا التحميد فمعروف. وأمّا الدعاء فلعلّه أراد به ما هو
المعروف من قول : وتقبّل شفاعته في امّته .. إلى آخره. وقد تعطي عبارة «النفلية والفوائد الملية » انّه مختصّ بالأوّل كما أنّ التحيّات مختصّة بالثاني ،
وظاهر الكتاب أن لا اختصاص في الأمرين. ولعلّه اعتمد في ذلك على قول الشيخ في «النهاية
» وإن قال هذا يعني قوله : «اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وتقبّل شفاعته
في امّته وارفع درجته» في التشهّد الثاني وجميع الصلوات لم يكن به بأس غير انّه
يستحبّ أن يقول في التشهّد الأخير «بسم الله وبالله .. إلى آخره» وذكر التحيّات ،
فمعناه أنّ هذا أفضل في التشهّد الأخير ، ويحمل ما في «النفلية والفوائد الملية»
من قولهما : ويختصّ تشهّد آخر الصلاة بقوله التحيّات ، على الاختصاص بالأفضلية أو
أنّه لا يستحبّ في الأوّل.
وكيف كان ،
فمورد التحيّات التشهّد الّذي يخرج به من الصلاة عند جميع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الأصحاب كما في «البيان والفوائد الملية ». وفي «الذكرى والفوائد الملية » لا تحيّات في التشهّد الأوّل بإجماع الأصحاب. قال في «الذكرى»
غير انّ أبا الصلاح قال فيه : «بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى كلّها
لله ، لله ما طاب وزكا ونما وخلص ، وما خبث فلغير الله» وتبعه ابن زهرة ، ولو أتى
بالتحيّات في الأوّل معتقداً لشرعيّتها مستحبّاً أثم واحتمل البطلان ، ولو لم
يعتقد استحبابها خلا عن إثم الاعتقاد ، وفي البطلان وجهان عندي. ولم أقف للأصحاب
على هذا الفرع ، انتهى. وفي «البيان » لو أتى بها فيه فالظاهر الجواز. وفي «إرشاد الجعفرية » لو أتى بها فيه واعتقد مشروعيّته بطلت صلاته.
وفي «المعتبر والذكرى » انّ الأفضل في التشهّد ما في خبر أبي بصير . وفي «المنتهى » انّه الأكمل ، وذكر استحبابه جماعة من المتأخّرين لكن في افتتاحه : «بسم الله وبالله
والحمد لله وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله الّا الله .. إلى آخره.» وأكثر
الأصحاب كما في «الذكرى والفوائد الملية والبحار »
__________________
ولا تجزي الترجمة ، فإن جهل العربية فكالجاهل. ويجوز الدعاء بغير العربية
مع القدرة ،
______________________________________________________
افتتحوه بقولهم «بسم الله وبالله والأسماء الحسنى كلّها لله» وفي خبر «العلل
» «بسم الله وبالله لا إله إلّا الله والأسماء الحسنى كلّها لله».
وذكر في «الفوائد
الملية » أنّه رأى خبر أبي بصير في «التهذيب» بخطّ الشيخ رحمهالله في كلّ واحدة من الصلاة والسلام والترحّم إعادة العطف ب
«على» وأنّه زادها رابعاً في قوله «كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم» وخامسا
في قوله «اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد» وقد ذكر في «المعتبر والمنتهى والتذكرة والذكرى » وغيرها هذا الدعاء مسقطين لفظ «على» من الجميع.
قوله : (ولا تجزي الترجمة ، فإن جهل العربية
فكالجاهل) تقدّم الكلام في ذلك (٨).
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجوز الدعاء فيه
بغير العربية مع القدرة) جواز الدعاء بغير العربية في الصلاة مع القدرة هو
المشهور بين الأصحاب حتّى أنّه لا يعلم قائل بالمنع سوى سعد بن عبد الله كما في «جامع
المقاصد » ومذهب الأكثر كما في «كشف اللثام ». وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«التذكرة » جواز الدعاء بغير العربية في الصلاة مذهب الأكثر.
وإنّما ذكرنا ما في التذكرة على حدة ، لأنّه لم يذكر فيها القدرة. وقد يظهر من «المنتهى
» دعوى الإجماع حيث قال في بحث القنوت : يجوز الدعاء بغير العربية خلافاً
لسعد بن عبد الله من قدمائنا ، انتهى. ونقل أبو جعفر بن بابويه عن شيخه محمّد بن الحسن بن الوليد عن سعد بن عبد الله
أنّه كان يقول : لا يجوز الدعاء في القنوت بالفارسية. قال : وكان محمّد بن الحسن
الصفّار يقول : إنّه يجوز ، قال : والذي أقول به انّه يجوز.
وفي «المعتبر » انّ الجواز أشبه. وفي هذا ميل إلى العدم. وفي «جامع
المقاصد » انّ عدم الجواز هو المتّجه ، لأنّ كيفية العبادة
متلقّاة من الشرع كالعبادة ولم يعهد منه مثل ذلك إلّا أنّ الشهرة بين الأصحاب حتى
لا يعلم قائل بالمنع سوى سعد مانعة من المصير إليه ، انتهى. واحتاط جماعة من
متأخّري المتأخّرين بتركه كصاحب «البحار » وغيره .
وفي «كشف
اللثام» لا نعرف لقول سعد مستنداً إلّا ما في المختلف من أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يتخلّل صلاته دعاء بالفارسية مع قوله : «صلّوا كما
رأيتموني اصلّي» وفيه أنّه لو عمّ هذا لم يجز الدعاء بغير ما كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعو به ولا في شيء من أجزاء الصلاة غير ما سمع دعاؤه
فيه ، فإن اجيب بخروج ذلك بالنصوص قلنا فكذا غير العربي ، للاتفاق على جواز الدعاء
فيها بأيّ لفظ اريد من العربي من غير قصر على المأثور ، للعمومات وهي كما تعمّ
العربي تعمّ غيره .
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وليعلم أنّه
يجوز الدعاء فيه للدين والدنيا إجماعاً كما في «الخلاف والتذكرة ». ويجوز للمصلّي الدعاء أين شاء من الصلاة أوّلها أو
وسطها أو آخرها إجماعاً كما في «الانتصار » وخالف في المقامين جماعة من العامّة .
وهل يجوز
الدعاء بالمكروه كالحياكة والحجامة وركوب البحر؟ ظاهر قولهم : يجوز الدعاء للدين
والدنيا ما لم يكن محرّماً ، أنّ ذلك جائز ، وهذه العبارة وقعت في «المنتهى » وغيره ، بل قد يلوح من «المنتهى» دعوى الإجماع على جواز
الدعاء بالمكروه حيث نسب الخلاف بعد ما ذكرناه عنه إلى أحمد ، قال : وقال أحمد :
يجوز بما يقرّب من الله دون ما يقصد به الدنيا . ويظهر جواز ذلك من إجماعهم على جواز الدعاء بالمباح ،
والمكروه مباح. وفي «الانتصار» الإجماع على جواز الدعاء بما أحبّ الداعي . وفي «كشف اللثام » يجوز الدعاء للدنيا بما اريد عندنا ولم يجز أحمد إلّا
بما يقرّب من الله تعالى دون ملاذ الدنيا. وفي «الروضة » عند قول الشهيد في اللمعة : «لدينه ودنياه بالمباح» ما
نصّه : المراد بالمباح هنا مطلق الجائز وهو غير الحرام. وفي «الذكرى» الدعاء كلام
فمباحه مباح وحرامه حرام .
__________________
أمّا الأذكار الواجبة فلا.
______________________________________________________
قوله قدّس الله تعالى روحه : (أمّا الأذكار الواجبة
فلا) أي لا تجوز إلّا بالعربي المأثور اختياراً لوجوب التأسّي
فيها ، لكونها أجزاءها ولعدم يقين البراءة منها لو كانت غير عربية كما في «جامع المقاصد
وكشف اللثام » وخرج بالواجبة المندوبة ، لدخولها في عموم ما يناجي به
العبد ربّه فكانت كالدعاء.
__________________
خاتمة
الأقوى عندي
استحباب التسليم بعد التشهّد ،
______________________________________________________
[في التسليم]
(خاتمة : الأقوى عندي استحباب التسليم)
التسليم حقيقة
شرعية في اللفظ الموضوع لتحليل المصلّي من الصلاة بمعنى أنّه يحلّ به ما كان
حراماً بتكبيرة الإحرام من الأفعال المنافية للصلاة كما في «إرشاد الجعفرية ».
وقد اختلف
الأصحاب فيه على قولين :
الأوّل
: أنّه واجب كما
في «الناصريات والوسيلة والمراسم والغنية وجامع الشرائع والشرائع والنافع والمعتبر وكشف
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الرموز والمنتهى والإيضاح والذكرى والبيان والدروس واللمعة والألفيّة وقواعد الشهيد والمقتصر والموجز الحاوي والتنقيح وكشف الالتباس والحبل المتين والوسائل والمفاتيح وشرحه وحاشية المدارك والحدائق » وهو ظاهر «الفقيه والهداية والأمالي والمهذّب البارع » بل كاد يكون صريح الأخيرين. وهو
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المنقول عن الحسن والجعفي صاحب «الفاخر» والسيّد في «المحمّديات»
وأبي الصلاح وأبي صالح وأبي سعيد من علمائنا الحلبيين والقطب الراوندي . ونقله الشهيد عن الشيخ أحمد بن المتوّج المعاصر له. ونقله البهائي وتلميذه الشيخ نجيب الدين وصاحب «الحدائق » عن صاحب «البشرى» وهو الّذي استقرّ عليه رأي المصنّف
كما في «شرح الإرشاد » لفخر الإسلام. وقد فعله الصحابة والتابعون ولم ينقل عن
أحد منهم الخروج بغيره كما في «المعتبر » وهو مذهب أكثر المتأخّرين كما في «الروض ». قلت : هذه الشهرة يصدّقها الوجدان وإن نقلت على خلاف
ذلك كما يأتي.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الناصريات»
انّ كلّ من قال إنّ التكبير من الصلاة قال التسليم واجب وانّه من الصلاة . ونقل ذلك عنه في «المختلف والذكرى وغاية المراد ». وفي «الغنية والذكرى» انّه لا خلاف في وجوب الخروج من الصلاة ، وإذا
ثبت ذلك لم يجز بلا خلاف بين أصحابنا الخروج منها بغير التسليم من الأفعال
المنافية . وهو الأحوط كما في «المبسوط وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والجعفرية والميسية والمقاصد العلية والروض والمسالك ورسالة صاحب المعالم».
وفي «المقنعة » في صلاة الوتر انّ التسليم في ركعتيه لا يجوز تركه.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال في «التهذيب» عند ذكره ذلك : عندنا أنّ من يقول السلام علينا في
التشهّد فقد انقطعت صلاته ، فإن قال بعد ذلك السلام عليكم جاز وإن لم يقل جاز . وبه جمع بين ما دلّ على وجوب التسليم وما دلّ على
التخيير.
وقد اختلف
النقل عن «المبسوط» ففي «غاية المراد » نسب إليه القول بالوجوب وقال في «المعتبر» والشيخ في
المبسوط يوجب «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» ويجعله آخر الصلاة ، كذا نقل
ذلك في «الذكرى » عن المعتبر ، والموجود في «المعتبر » نسبة ذلك إلى الشيخ من دون ذكر المبسوط. وفي «كشف
الرموز» أنّ الشيخ في المبسوط والخلاف متردّد .
وله في «المبسوط»
عبارات : أحدها قوله : والتشهّد يشتمل على خمسة أجناس لا خلاف في أنّها واجبة ،
إلى أن قال : والسادس التسليم ففي أصحابنا من جعله فرضاً وفيهم من جعله نفلا. وقال
في مواضع اخر : ومن قال من أصحابنا إنّ التسليم سنّة يقول إذا قال : «السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين» فقد خرج من الصلاة ومن قال إنّه فرض فبتسليمة واحدة يخرج
من الصلاة ، وينبغي أن ينوي بها ذلك والثانية ينوي بها السلام على الملائكة أو على
من في يساره. وقال في فصل تروك الصلاة : والحدث الّذي يفسد الصلاة هو ما يحصل بعد
التحريم إلى حين
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الفراغ من كمال التشهّد والصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فمتى حدث فيما بين ذلك بطلت صلاته ، هذا على قول من
يقول من أصحابنا إنّ التسليم ليس بواجب ، ومن قال إنّه واجب قال تبطل ما لم يسلّم
، والأوّل أظهر في الروايات ، والثاني أحوط للعبادة ، انتهى.
هذا تمام
الكلام في نقل كلام القائلين بالوجوب ومن احتاط به ، لكنّ القائلين بالوجوب
اختلفوا في أنّه جزء حينئذٍ أم لا؟
ففي «الناصريات
» انّه لم يجد به نصّاً من الأصحاب ، ثمّ قوّى الجزئية والركنية واستدلّ
بالإجماع المركّب المتقدّم ذكره. ووافقه المصنّف في «المنتهى والتذكرة» وقد قال في الأخير بالاستحباب.
وفي «الحبل
المتين والمفاتيح » انّه واجب خارج عن الصلاة. والشهيد في «قواعده » مال إليه أو قال به. وبه قطع الحرّ العاملي . وإليه يميل كلام «البشرى» فيما نقل عنه ، قال : لا
مانع من أن يكون الخروج «بالسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» وأن يجب «السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته» بعده للحديث الّذي رواه ابن اذنية عن الصادق عليهالسلام في وصف صلاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : انّه لمّا صلّى أمر أن يقول للملائكة «السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته» إلّا أن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
يقال هذا في الإمام دون غيره ، انتهى.
قلت : وإليه
يميل كلام الجعفي من حكمه بعدم بطلان الصلاة بتخلّل الحدث مع قوله بوجوب التسليم
على ما في «الذكرى » ونقل هذا القول عن ابن جمهور . وهو لازم للصدوق حيث قال بعدم ضرر المنافي بعد الركن ، بل نقل ذلك عنه صريحاً. والفاضل المقداد بعد أن نقل ذلك عن
الشهيد اعترضه بأنّ القائل قائلان : إنّه إمّا واجب فهو جزء من الصلاة ولهذا حصروا
الواجبات في ثمانية أو غير واجب فيكون واحداً من مندوباتها ، فالقول بكونه واجباً
غير جزء خرق للإجماع .
وفي «كشف اللثام»
انّ الأصل والأخبار الكثيرة تعضد عدم الجزئية وساق في «الحدائق » جملة من الأخبار الدالّة على عدم الجزئية كصحيح
الفضلاء وصحيح ابن أبي يعفور وصحيح سليمان بن خالد . قلت : ويدلّ عليه الأخبار الدالّة على أنّ تخلّل الحدث
بين التشهّد والتسليم غير مضرّ في الصلاة كما سنذكره في الدليل الرابع من أدلّة
القائلين بالاستحباب. وقال الأستاذ في «شرح المفاتيح» إنّه لم يعرف من أحد الجواب
عن هذه الأخبار ، وقد أجبنا نحن عنها هناك.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «كشف اللثام» أنّ في خبري أبي بصير دلالة على عدم الجزئية ولا سيّما
أحدهما الّذي يقول فيه الصادق عليهالسلام فيمن رعف قبل التشهّد : «فليخرج فليغسل أنفه ثمّ ليرجع
فليتمّ صلاته فإنّ آخر الصلاة التسليم ».
وفي «السرائر والذخيرة» انّه مستحبّ خارج عن الصلاة . وإليه يميل كلام صاحب «البحار ». وفي «الحدائق » بعد نقله ذلك عن الذخيرة انّه قول ثالث.
وينقدح إشكال
على القائلين بالوجوب والخروج أنّ من عمدة ما استدلّوا به على الوجوب أخبار «تحليلها
التسليم» وهي ظاهرة في دخوله وجزئيّته وأنّ التحليل لا يحصل إلّا به. وقضيّة كلامهم
هنا حصول التحليل بغيره وإن وجب الإتيان به. وهذا الإشكال أورده في «التنقيح » على شيخه الشهيد في «قواعده».
وقد يجاب عنه بأنّا لا نسلّم أنّ قوله عليهالسلام «تحليلها التسليم» ظاهر في الجزئيّة وكذا «تحريمها التكبير» لأنّ الإضافة
تفيد مغايرة المضاف للمضاف إليه وتفيد الإضافة فيما نحن فيه عدم الجزئية ، فإنّ
الظاهر أنّ تحريم الشيء غير الشيء وكذا تحليله. ولهذا لا يدخل في الصلاة بأوّل
جزء من التكبير وقد يقال إنّه إذا فرغ من التكبير تبيّن أنّ جميع التكبير كان من
الصلاة ، كما إذا قال بعتك هذا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الثوب لم يكن ذلك بيعاً ، فإذا قال المشتري قبلت صار المجموع بيعاً. وعلى
هذا يكون التسليم خارجاً ولو ابتدأ به لا يخرج من الصلاة فإذا فرغ منه تبيّن أنّ
جميعه وقع خارج الصلاة.
وفي «الحبل
المتين» انّ الروايات الّتي يمكن أن يستنبط منها جزئيّته وخروجه متخالفة ، ويلوح
من كلام القائلين بوجوبه الحكم بخروجه ، لأنّهم اشترطوا في صحّة الصلاة بظنّ دخول
الوقت دخوله في أثنائها ، وقيّدوه بما قبل التسليم ولم يعتبروا دخوله في أثنائه.
قلت : إنّما يتمّ هذا لو كان المصرّح بذلك كلّ من قال بالوجوب والظاهر خلاف ذلك.
ثمّ قال : وقد يتراءى أنّه لا طائل في البحث عن ذلك لرجوعه في الحقيقة إلى البحث
عن وجوب التسليم واستحبابه ، فعلى القول بالوجوب لا معنى لخروجه ، وعلى القول
بالاستحباب لا معنى لدخوله ، وليس بشيء ، إذ على القول باستحبابه يمكن أن يكون من
الأجزاء المندوبة كبعض التكبيرات السبع ، وعلى القول بوجوبه يمكن أن يكون من
الامور الخارجة عن حقيقة الصلاة كالنية عند بعض. ثمّ ذكر كلام البشرى ثمّ قال :
ويتفرّع على الحكم بجزئيّته أو خروجه فروع. والحاصل أنّ كلًّا من احتمالي جزئيّته
وخروجه يتمشّى على تقديري وجوبه واستحبابه ، انتهى.
وهل تجب فيه
نية الخروج به من الصلاة أم لا؟ في «الدروس والألفية والمهذّب البارع وفوائد الشرائع والمدارك والمفاتيح وشرحه » لا يجب فيه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك. وفي «التحرير والمنتهى والتذكرة وغاية المراد » انّه الأقرب. وفي «التحرير والنفلية» انّ ذلك مستحبّ . وفي «الفوائد الملية» انّه أشهر .
وفي «جامع
الشرائع» يجب فيه نية الخروج . وفي «الذكرى» انّي لا أعلم له موافقاً . وفي «كشف اللثام» تبعاً «لجامع المقاصد» إن كان جزء لم
يجب نيّة الخروج به ولا نيّته كسائر أجزاء الصلاة ، وإن لم يكن له فوجهان ، انتهى. لكنّه في «جامع المقاصد» قال : إن لم يكن له
جزء اتجه الوجوب .
وفي «شرح
المفاتيح» انّ الأخبار في غاية الظهور على عدم الوجوب ، واستدلّ الموجب بأنّه من
كلام الآدميين ولذا تبطل به الصلاة إذا وقع في أثنائها عمداً ، فإذا لم يقترن بنية
تصرّفه إلى التحليل كان مناقضاً وبأنّه يجب على الحاجّ والمعتمر نية التحليل وهي
كما ترى لكنّ الواجب قصد الامتثال والتعيين كما هو الشأن في أجزاء الصلاة ، انتهى ما في شرح المفاتيح.
وليعلم أنّ
صاحب «إرشاد الجعفرية» اعترض على القائلين بأنّ الأحوط في التسليم نية الوجوب
بأنّه كيف يجوز لمن أقام الدليل على استحباب التسليم الإغماض عن دليله المقتضي
لذلك ومخالفة رأيه وينوي الوجوب ، ثمّ استظهر أنّه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
لو فعل ذلك لم تبرأ ذمّته .
وأجاب الشهيد
الثاني بأنّ ذلك لا يقدح في الصلاة بوجه ، لأنّه إن طابق الواقع وإلّا كان فعلاً
خارجاً من الصلاة ، فلا يضرّ عدم مطابقة نية الوجوب به بخلاف الأفعال الداخلة فيها
فإنّ نيّتها لا بدّ أن تكون مطابقة لاعتقاد الفاعل حذراً من زيادة واجب في الصلاة
أو إيقاع واجب بنيّة الندب. قال : ولو اشترطنا في الخروج من الصلاة على تقدير
القول بندبية التسليم الخروج به أو فعل المنافي كما يظهر من الشهيد في بعض كتبه
وجماعة كان التسليم حينئذٍ بنيّة الوجوب كفعل المنافي فلا يقدح أيضاً بوجه ، انتهى.
هذا تمام القول
في الوجوب وما يتعلّق به ويبقى الكلام في دليله وسيأتي إن شاء الله تعالى واضح
الدلالة ساطع البرهان.
القول الثاني : إنّ التسليم مستحبّ كما في «المقنعة والنهاية والاستبصار والجُمل والعقود والسرائر والإرشاد والتذكرة ونهاية الإحكام والتحرير والمختلف ومجمع البرهان
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمدارك » ونقله في «كشف اللثام » عن ابن طاووس والقاضي. وهو ظاهر «الخلاف » وظاهر عليّ بن الحسين كما في «غاية المراد » وهو أرجح كما في «جامع المقاصد » وأوضح دليل وأكثره وأكثر قائلاً كما في «تعليق النافع » وهو أبين دليلاً كما في «فوائد الشرائع ». وفي «الكفاية والذخيرة» انّه أقرب . وهو الأظهر من مذهب أصحابنا كما في «الخلاف » وإليه ذهب أجلّاء الأصحاب كما في «جامع المقاصد » أيضاً والشيخ وأتباعه كما في «غاية المراد » ومذهب أكثر القدماء كما في «الذكرى » وأكثر المتأخّرين كما في «المدارك » وجمهور المتأخّرين كما في «الحدائق ». وقال البهائي : إنّه مذهب مشايخنا المتأخّرين عن عصر
الشهيد . وفي «غاية المراد» أيضاً انّ الأصحاب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ضبطوا الواجب والندب وكلّهم جعلوه من قبيل الندب . وفي «الروض» انّ أدلّة الندب لا تخلو عن رجحان . وفي «السرائر» انّه ظاهر المفيد . وفي «كشف الرموز» انّ الشيخ متردّد في المبسوط والخلاف
والمقطوع به ما نقلناه عن الثلاثة. ولم يرجّح شيء من المذهبين في «التبصرة
وغاية المراد وإرشاد الجعفرية » ولم يتعرّض لشيء منهما في الانتصار وجُمل العلم.
هذا وليعلم
أنّه لا بدّ قبل الخوض في الاستدلال من تحقيق مذهب الشيخين اللذين هما عمدة القائلين
بالاستحباب بل هما رضياللهعنهما أوّل من صرّح به ولم يعهد من غيرهما ممّن تقدّم عليهما
إلّا ما في «غاية المراد» من أنّه ظاهر عليّ ابن الحسين.
والّذي يظهر من
كلامهما في «التهذيبين والمقنعة» انحصار تحليل الصلاة في التسليم ، وقضية ذلك أنّ كلّما يصدر من المنافيات قبل التسليم
يكون حراماً كصدوره في الصلاة ، وهذا لا يجتمع مع استحباب التسليم مع أنّهما صرّحا
به.
وقد تعرّض صاحب
«الذخيرة» للجمع بين الكلامين ، فجمع بأنّ المراد أنّ الخروج عن الصلاة بالكلّية
منحصر في التسليم بخلاف الخروج عن واجباتها فإنّه بالصلاة على النبيّ وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم بناءً على ما صرّح به الشيخ في الاستبصار
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
من أنّ آخر الصلاة هو الصلاة على النبيّ وآله صلّى الله عليهم أجمعين .
وفيه : أنّ
كلامه في مواضع اخر من «الاستبصار» ظاهر في أنّ آخرها نفس الشهادتين ، وكلامه في شرح كلام المفيد عند قوله «لا يجوز ترك التسليم في ركعتي الوتر» يأبى عن
ذلك حيث قال : عندنا أنّ من يقول «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» فقد
انقطعت صلاته ، فإن قال بعد ذلك «السلام عليكم» جاز وإن لم يقل جاز . وبه جمع بين الأخبار الدالّة على وجوب التسليم
والدالّة على استحبابه ، على أنّ ظاهر كلام المفيد يأبى هذا الجمع ، لأنّ ظاهره
أنّه إذا ترك التسليم في الوتر تصيران موصولة بالثالثة كما هو مذهب جماعة من
العامّة ، لأنّه إذا كان التشهّدان والصلاتان مخرجين عن الصلاة
لا تصيران موصولة قطعاً.
فإن قلت : لعلّ
مراد الشيخين أنّ التسليم إنّما يجب في خصوص ركعتي الوتر تعبّداً أو للرواية
الواردة في ذلك بخصوصه دون الفريضة.
قلت : ظاهر
الشيخ أنّ القاعدة في الصلاة من حيث هي فريضة كانت أو نافلة وتراً أو غيرها أنّه
إذا قال «السلام علينا» بعد التشهّد فقد انقطعت صلاته ، على أنّه لم يرد في الوتر
إلّا أنّها ركعتان مفصولتان عن الثالثة وما يؤدّي هذا المعنى ، وورد أيضاً : «إن
شئت سلّمت وإن شئت لم تسلّم ». وهذا عين ما يقولانه في الفريضة من أنّ الخروج عن نفس
الركعتين يتحقّق بالتشهّدين أو الصلاتين فيكونان مفصولتين ، فلا يعارض ما دلّ على التخيير في التسليم ، وما ورد في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بعض الأخبار من الأمر بالتسليم بعد الركعتين في الوتر لا يقضي
بالوجوب لمكان الأخبار الناطقة بالتخيير فإنّها كاشفة عن أنّ الأمر ليس على
الوجوب.
وهذا عين ما
يذهبان إليه في الفريضة ، مع أنّ الأوامر الواردة في الفرائض أكثر من أن تحصى ،
مضافاً إلى أنّها محفوفة بقرائن ظاهرة في الوجوب آبية عن حمل الأمر فيها على إرادة
الخروج عن الصلاة وأنّه كناية عنه ، فالأمر في الوتر حينئذٍ أسهل شيء عندهما
لخلوّه عن القرائن المذكورة ، على أنّك قد سمعت أنّ الشيخ جمع بما ذكره في شرح
كلام المفيد بين الأخبار الدالّة على الوجوب والدالّة على الاستحباب ، فخصّ الوجوب
بالسلام علينا ، والاستحباب بالسلام عليكم.
ونظره في هذا
إنّما هو إلى الأخبار الواردة في خصوص الانصراف بالسلام علينا وهي إنّما وردت في
الفرائض ، بل لم يرد خبر كذلك في خصوص الوتر ، بل لم نعرف أحداً من علمائنا خصّ
هذا الحكم بالوتر ، بل ملاحظة كلام الشيخ عند ذكر ما دلّ على ذلك قاضية بأنّ
الخروج عن الفريضة عنده غير متحقّق قبل «السلام علينا» وناهيك بذلك ما فهمه
المحقّق منه في «المعتبر » حيث نسب إليه القول بوجوب السلام علينا وتعيينه للخروج
عن الصلاة كما مرَّ آنفاً.
وما في «الذخيرة
» من أنّ الخروج عن الواجبات يتحقّق قبل «السلام علينا» وإن أراد أن يأتي
بالمستحبّات خرج عنها به يصير «السلام عليكم» لأن كان بعده مثل تسبيح الزهراء عليهاالسلام وغيره من التعقيبات. وقد استند في «الذخيرة» فيما ذكر
إلى ما ذكره في «الذكرى» حيث قال : وهنا سؤال وهو أنّ القائلين باستحباب الصيغتين
يذهبون إلى أنّ آخر الصلاة الصلاة على النبيّ وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما صرّح به الشيخ في الاستبصار وهو ظاهر كلام
الباقين ، فما معنى انقطاع الصلاة بصيغة «السلام علينا» .. إلى آخرها وقد انقطعت
بانتهائها فلا تحتاج إلى قاطع وقد دلّت
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الأخبار على أنّ «السلام علينا» قاطع؟ ولا جواب عنه إلّا بالتزام أنّ
المصلّي قبل هذه الصيغة يكون في مستحبّات الصلاة وإن كانت الواجبات قد مضت وبعد
هذه الصيغة لا يبقى للصلاة أثر ويبقى ما بعدها تعقيباً لا صلاة. قال : وبهذا يظهر
القول بندبيّته وأنّه مخرج من الصلاة إلّا أنّه يلزم منه بقاؤه في الصلاة بدون
الصيغتين وإن طال ، ولا استبعاد فيه حتّى يخرج عن كونه مصلّياً أو يأت بمنافٍ.
فإن قلت :
البقاء في الصلاة يلزمه تحريم ما يجب تركه ووجوب ما يجب فعله والأمران منفيّان هنا
فينتفي ملزومهما وهو البقاء في الصلاة.
قلت : لا نسلّم
انحصار البقاء في هذين اللازمين على الإطلاق ، إنّما ذلك قبل فراغ الواجبات ، أمّا
مع فراغها فينتفي هذان اللازمان ويبقى باقي اللوازم من المحافظة على الشروط وثواب
المصلّي واستحباب الدعاء ، انتهى ما في الذكرى.
ونحن نقول :
حمل انحصار التحليل في التسليم في الأخبار وكلام الأصحاب على ذلك مستبعد جداً ،
لأنه إذا حصل تحليل كلّ ما حرّم فعله قبل التسليم فبالتسليم لا يحصل تحليل شيء
أصلاً ، لامتناع تحصيل الحاصل وجعل التسليم آخر مستحبّات الصلاة مشروطاً بالطهارة
والاستقبال وغيرهما مزيداً في ثواب الصلاة لا يناسب كونه محلّلاً منها فضلاً عن
انحصار التحليل فيه كما أفصح به كلام الشيخين اللذين هما العمدة في القول
بالاستحباب.
والحاصل : انّ
الّذي صرّح به الفريقان ونطقت به الأخبار أنّ الصلاة من العبادات الّتي تحتاج إلى
محلّل وأنّها ليست ممّا يخرج منه بتمامه من دون صفة زائدة وهي المحلّلية. وقد اتفق
علماء الإسلام بأنّ آخر التشهّد ليس له هذه الصفة. واتفق علماؤنا بأنّ المنافي ليس
محلّلاً ، لأنّ معنى التحليل هو الإتيان بما يحلّل المنافي لا نفس المنافي ،
فانحصر المحلّل في التسليم فكان واجباً لوجوب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الخروج من الصلاة بالضرورة ولا خروج إلّا به لانحصار المحلّل فيه كما عرفت.
ولا فرق في ذلك بين كونه جزءً واجباً أو خارجاً واجباً. فالقول باستحبابه مع
التصريح بانحصار التحليل فيه غير مستقيم ، على أنّا لا نجد فرقاً بينه وبين
التكبيرات الستّ من التكبيرات السبع إذا جعل المصلّي السابعة تكبيرة الإحرام ، إذ
التحريم حينئذٍ لم يتحقّق إلّا من السابعة وقبلها لا يكون تحريم قطعاً ، ومع ذلك
نقول إنّ التكبيرات الستّ من مستحبّات الصلاة وليست بتكبيرة الإحرام ولم يعدّها
أحد منها فضلاً عن حصر الإحرام فيها. هذا مع أنّه منع من مساواة جميع أجزاء الصلاة
في جميع الأحكام ، فلا وجه للحكم بكون التسليم جزءً مستحبّاً من الصلاة دون
التعقيبات ، بل ينبغي أن يكونا من سنخ واحد كما هو الشأن في الإقامة والتكبيرات
الستّ ، وهذا ممّا يضعّف القول بالاستحباب.
وقال الاستاذ
أدام تعالى حراسته في «حاشية المدارك وشرح المفاتيح » : انّ السبب الّذي دعا الشيخين إلى ما قالاه هو أنّ
المعروف عند الخاصّة والعامّة أنّ التسليم يراد منه «السلام عليكم» وهو الظاهر من
الأخبار. قلت : وكذا قال في «الذكرى ». قال الاستاذ : ولمّا شاع وذاع بين العامّة أنّ «السلام
علينا» من أجزاء التشهّد وليس بتسليم واستقرّ على ذلك اصطلاحهم ولذا يذكرونه في
التشهّد الأوّل كما استقرّ اصطلاحنا على أنّ «السلام عليك أيّها النبي» من أجزاء
التشهّد وكان ما اصطلح عليه العامّة مخالفاً للحقّ أظهر الأئمة صلوات الله عليهم
أنّ من قال «السلام علينا» خرج من الصلاة من غير تنبيه على أنّ ما اصطلح عليه
العامّة من أنّ «السلام علينا» من أجزاء التشهّد فاسد ، بل وافقوهم على اصطلاحهم
وتابعوهم في تعبيرهم إمّا تقيةً كما في بعض المواضع أو مماشاةً بناءً على أنّه لا
مشاحة في الاصطلاح بعد العلم بأنّ الخروج يتحقّق «بالسلام علينا» فلذا نبّهوا على
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الخروج به ، وأرادوا فيما إذا أطلقوا التسليم «السلام عليكم» وإن صرّحوا في
بعض الأخبار أنّ التسليم «السلام علينا» ومن هنا وقع التوهّم في كون التسليم
مستحبّاً أو واجباً خارجاً أو مستحبّاً خارجاً. قال : والشيخان لمّا وجدا أنّ
المكلّف يخرج «بالسلام علينا» من الصلاة وأنّه من جملة التشهّد وأنّ التسليم هو «السلام
عليكم» وأنّه بعد الخروج عن الصلاة لا شيء عليه وأنّه يظهر من غير واحد من
الأخبار عدم وجوب شيء في التشهّد سوى الشهادتين والصلاة على النبي وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم دعاهما جميع ما ذكر إلى القول بالاستحباب. وأنت بعد خبرتك
بما ذكرناه ظهر عليك أنّ ذلك غفلة عن حقيقة الحال. ولذا قال الشيخان بعدم الخروج
عن الصلاة إلّا بالتسليم ، لما ظهر غاية الظهور من أنّ التحليل في الصلاة لا بدّ
منه كالتحريم وأنّ التسليم محلّ أحكام كثيرة ككون سجدتي السهو بعده ، وكذا الأجزاء
المنسية الّتي تتدارك بعد الصلاة ، وكذا صلاة الاحتياط الواجبة ، إلى غير ذلك حتى
أنّهما ومن تبعهما صرّحوا بوجوب التسليم في ثانية الوتر ، بل ربما حكموا به في
ثالثته وكثير من الصلاة مع تصريحهم بأنّ النافلة أهون من الفريضة ، ويعلّلون عدم
لزوم فعل جزء من أجزاء النافلة فيها وجواز تركه بأنّه جزء النافلة وليس بركن في
الفريضة وغفلوا عمّا أشرنا إليه من الأحكام وأنّ محلّ تدارك الواجبات الّتي لا
تحصى بعده ، انتهى.
وقال في «الذكرى»
: انّ الشيخ ومن تبعه جعلوا التسليم الّذي هو خبر عن التحليل هو «السلام عليكم»
وأنّ «السلام علينا» قاطع للصلاة وظاهرهم أنّه ليس بواجب ولا يسمّى تسليماً .
وأمّا أدلّة
الوجوب فهي بعد المركّب كما عرفت أنّ العبادة توقيفية والعلم ببراءة الذمّة
والخروج عن العهدة في الواجب اليقيني لا يقطع به إلّا مع التسليم ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وما رواه الصدوق في «الفقيه» عن أمير المؤمنين عليهالسلام حيث قال باب افتتاح الصلاة وتحريمها وتحليلها «قال أمير
المؤمنين عليهالسلام : افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها
التسليم ». وقد رواه ثقة الإسلام بسند معتبر عن الصادق عن رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم . وقال في «الهداية» : قال الصادق عليهالسلام : «تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم ». وقد رواه الشيخ في «الخلاف ».
وصاحب «الغوالي
» والسيّد في «الناصريات » والسيّد حمزة في «الغنية » والمحقّق في «المعتبر » واليوسفي في «كشف الرموز » والمصنّف في «التذكرة » وفخر الإسلام في «الإيضاح » والمقداد في «التنقيح » والكركي في «جامع المقاصد » والصيمري في «كشف الالتباس » والشهيد الثاني في «الروض »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وصاحب «إرشاد الجعفرية » وغيرهم قائلين إنّه يدلّ على الوجوب قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وفي «السرائر والشرائع والمختلف والمهذّب البارع » روايته بقول روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وفي «المنتهى» انّ هذا الخبر تلقّته الامّة بالقبول
ونقله الخاصّ والعامّ . وفي «المختلف وجامع المقاصد» انّه من المشاهير وفي «روض الجنان» انّه مشهور .
وفي كتاب «المناقب»
لابن شهرآشوب عن أبي حازم «قال : سئل عليّ بن الحسين عليهماالسلام : ما افتتاح الصلاة؟ قال : التكبير ، قال : ما تحليلها؟
قال : التسليم ». وفي كتاب «معاني الأخبار» عن عبد الله بن الفضل
الهاشمي بسند معتبر «قال : سألت الصادق عليهالسلام عن معنى التسليم في الصلاة ، فقال : التسليم علامة
الأمن وتحليل الصلاة ». وفي «عيون أخبار الرضا عليهالسلام» فيما كتبه للمأمون «قال عليهالسلام : تحليل الصلاة التسليم ». وفي حديث الفضل بن شاذان المروي في «العلل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وعيون الأخبار» : «إنّما جعل التسليم تحليل الصلاة ولم يجعل بدله تكبيراً
أو تسبيحاً أو ضرباً آخر .. الحديث». وفي كتاب «العلل» أيضاً في باب علّة
التسليم في الصلاة بسنده عن المفضّل بن عمر عن «الصادق عليهالسلام سأله عن العلّة الّتي من أجلها وجب التسليم في الصلاة ،
قال : لأنّه تحليل الصلاة إلى أن قال : قلت : لم صار تحليل الصلاة التسليم؟ قال :
لأنّه تحيّة الملَكين ». وفي آخر «الخصال» في باب شرائع الدين عن الأعمش عن «الصادق
عليهالسلام أنّه قال : لا يقال في التشهّد الأوّل السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين لأنّ تحليل الصلاة هو التسليم ».
وهذه الروايات
مع صلاحيّتها للاستقلال بالاستدلال مؤيّدة وجابرة للرواية المشهورة ، فهي عند
العجلي متواترة ، لأن كان التواتر عنده يحصل بالثلاثة (بثلاثة ل خ ل) أخبار فما
زاد ، فسقط ما في «السرائر» من أنّها خبر آحاد لا توجب علماً ولا عملاً ، على أنّ السيّدين علم الهدى وأبا المكارم لا يعملان
بأخبار الآحاد وقد استدلّا بها ، فلو لا أنّها مقطوع بها عندهما لما صحّ لهما
الاستدلال بها ، على أنّ هذا المذهب مرغوب عنه عند غيرهم مجمع على خلافه ، وسقط ما
في «المختلف » وجملة من كتب المتأخّرين من أنّها مرسلة غير متصلة الرجال.
وأمّا ما في «الذخيرة»
من أنّ طريقة السيّد والشيخ إيراد الأخبار العاميّة للاحتجاج بها على العامّة فليس في روايتهما لها وإيرادها ما يدلّ على التعويل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عليها بل هو محلّ التأمّل ، ففيه : أنّ السيّد في «الناصريات » استدلّ بها من دون إيماء إلى الردّ على العامّة ، بل
هي العمدة عنده في فتواه ، وهو الّذي فهمه منه العجلي والمصنّف وغيرهما في «السرائر
والمختلف » وغيرهما . والشيخ في «الخلاف » جعلها دليل بعض أصحابنا القائلين بالوجوب ، وليس في
كلامه ما يوهم احتمال الاحتجاج بها على العامّة أصلاً ، على أنّ في رواية ثقة
الإسلام والصدوق وابن شهرآشوب وغيرهم لها بلاغاً.
وأمّا وجه
الاستدلال بها فهو أنّ «التسليم» وقع خبراً عن «التحليل» لأنّ هذا من المواضع التي
يجب فيها تقديم المبتدأ على الخبر ، لكونهما معرفتين وحينئذٍ فيجب كونه مساوياً
للمبتدأ أو أعمّ منه ، فلو وقع التحليل بغيره كان المبتدأ أعمّ ولأنّ الخبر إذا
كان مفرداً كان هو المبتدأ بمعنى تساويهما في الصدق لا المفهوم ، كذا ذكر في
المعتبر وغيره .
واحتجّ آخرون بوجه آخر وهو أنّ «تحليلها» مصدر مضاف إلى الصلاة فيعمّ
كلّ تحليل يضاف إليها ، ووجّه الحصر في «المختلف» بأنّ تقديم الخبر يدلّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
على حصره في الموضوع . وكأنّه يرى أنّ إضافة المصدر إلى معموله إضافة غير
محضة كإضافة الصفة إلى معمولها وهو خلاف ما عليه محقّقو العربية.
واعترض على هذا
الاستدلال بأنحائه جماعة ، قالوا : نمنع لزوم كون الخبر مساويا للمبتدأ أو أعمّ
فإنّه يجوز الإخبار بالأعمّ من وجه كزيد قائم وبالأخصّ كقول حيوان يتحرّك كاتب.
ومنشأ ذلك أنّ المراد بالإخبار الإسناد في الجملة لا دائماً. ومنه يعلم أنّه لا
يجب تساوي المفردين في الصدق والمفهوم.
وقالوا : نمنع
كون إضافة المصدر للعموم ، لجواز كونها للجنس أو العهد ، على أنّ التحليل قد يحصل
بغير التسليم كالمنافيات وإن لم يكن الإتيان بها جائزاً. وحينئذٍ فلا بدّ من تأويل
التحليل بالذي قدّره الشارع ، فكما أمكن إرادة التحليل الّذي قدّره على سبيل
الوجوب أمكن إرادة الّذي قدّره على سبيل الاستحباب.
وقالوا : الخبر
متروك الظاهر ، فإنّ التحليل ليس نفس التسليم ، فلا بدّ من إضمار ، ولا دليل على
ما يقتضي الوجوب. فإن قلت : يراد بالمصدر هنا اسم الفاعل مجازاً. قلنا : المجاز
والإضمار متساويان ، فلا يتعيّن أحدهما. هذا جميع ما ذكروه في المقام.
ونحن نقول :
المشهور المعروف بين النحويين وأهل الميزان منع كون الخبر أخصّ من المبتدأ وإلّا
لعرى الكلام عن الفائدة ، ولهذا لا يجوز الحيوان انسان واللون سواد. وفي «كشف
الرموز » انّ ذلك ثابت عند أهل اللسان ، انتهى. والمشهور أيضاً
عند النحويين أنّ الخبر إذا كان مفرداً كان هو المبتدأ. وفي «المنتهى » نقل اتفاق النحويين على ذلك.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقد تقرّر في
الاصول أنّ الإضافة حيث لا عهد تفيد العموم ولا عهد هنا والأصل
عدمه ، على أنّ الجنس نافع في المقام كالاستغراق.
وإذا تعارض
المجاز والإضمار فالأقوال ثلاثة وترجيح المجاز قول جماعة ، على أنّا في غنية عن ذلك. وقد يدّعى أنّ المبتدأ
والخبر إذا كانا معرفتين كان الحمل حمل مواطاة لا حمل متعارف وبذلك أثبتوا مفهوم
الحصر في زيد المنطلق والمنطلق زيد.
وما ذكروه من
أنّ التحليل قد يحصل بالمنافيات ففيه : أنّ إفساد الصلاة وإبطالها غير التحليل ،
أمّا على القول بأنّها اسم للصحيحة فظاهر ، وأمّا على القول بأنّها اسم للأعمّ فمع
أنّه باطل نقول الفاسدة غير محتاجة إلى تحليل ، مع أنّ المتبادر من الإطلاق إنّما
هو الصحيحة ، على أنّ معنى التحليل هو الإتيان بما يحلّل المنافي لا أنّه نفس
المنافي على أنّ القائلين بالاستحباب يقولون يحصل التحليل بالتشهّد. ومن المعلوم
أنّ تحصيل الحاصل محال ، مع أنّ مفاد الخبر بقاء التحريم إلى إتمام التسليم.
قولكم كما أمكن
إرادة التحليل على سبيل الوجوب أمكن على سبيل الاستحباب ممنوع ، لأنّ وجوب الطهارة
وتكبيرة الافتتاح يرجّحان الوجوب ، هذا مع قطع النظر عن أدلّة المسألة ، فيتعيّن
حينئذٍ إضمار ما يقتضي الوجوب.
وقال الاستاذ
أدام الله تعالى حراسته في «شرح المفاتيح» : ويدلّ على الوجوب أيضاً الروايات
الكثيرة الصحيحة الدالّة على كون السجود الفائت والتشهّد الفائت وسجدتا السهو
موضعها شرعاً بعد التسليم ، ولا معنى لكون أمر واجب موضعه بعد أمر مستحبّ ، إذ على
اختيار ترك المستحبّ إمّا يترك الواجب شرعاً ويكون تركه جائزاً شرعاً وهو فاسد
جزماً ، وإمّا أن يفعل من دون مراعاة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الموضع المقرّر شرعاً وهو أيضا فاسد جزماً ، وإمّا أن لا يكون بعد التسليم
موضعه المقرّر جزماً وهو خلاف منطوق تلك الأخبار ، بل وربما يحكمون بأنّ سجدة
السهو بعد التشهّد قبل التسليم مذهب العامّة وكذا كونه للزيادة بعده وللنقيصة
قبله. والروايات المذكورة صحيحة معتبرة مفتى بها عند الكلّ ومنهم القائلون
باستحباب التسليم ، بل في هذه الروايات دلالة من جهة اخرى أيضاً مثل موثّقة عمّار في نسيان السجدة حيث «قال عليهالسلام : ولا يسجد حتى يسلّم فإذا سلّم سجد». وفي رواية محمد بن
منصور : «فإذا سلّمت سجدت». وفي خبر إسماعيل بن جابر : «فليمض على صلاته حتى يسلّم ثمّ يسجدها فإنّها قضاء».
وفي رواية أبي بصير : «فإذا انصرف قضاها» وستعرف معنى الانصراف ، ومثل
صحيحة الحسين بن أبي العلاء في نسيان التشهّد : «فليتمّ صلاته ثمّ يسلّم ويسجد
سجدتي السهو». وفي صحيحة الحلبي : «فامض في صلاتك حتى تفرغ فإذا فرغت فاسجد سجدتي السهو
بعد التسليم». وفي صحيحة الفضيل : «فليمض في صلاته وإذا سلّم سجد سجدتين» ومفهوم الشرط
حجّة. وفي صحيحة سليمان بن خالد : «فليتمّ الصلاة حتى إذا فرغ فليسلّم» إلى غير ذلك ،
وفي القيام موضع القعود سهواً وبالعكس في صحيحة معاوية بن عمّار «يسجد سجدتي السهو بعد التسليم» إلى غير ذلك ، وفي التكلّم ناسياً في صحيحة
عبد الرحمن بن الحجّاج «يتمّ صلاته ثمّ يسجد سجدتي السهو ، فقلت : سجدتا السهو قبل التسليم هما أو
بعده؟ قال :
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بعده » إلى غير ذلك ، وفي الشكّ بين الأربع والخمس في صحيحة
عبد الله بن سنان : «فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثمّ سلّم بعدهما»
ومثلها صحيحة أبي بصير . وفي صحيحة الحلبي : «فتشهّد وسلّم واسجد سجدتين» إلى غير ذلك. وأشدّ ممّا
ذكر الأخبار الواردة في الشكّ بين الركعات والإتيان بالاحتياط مثل صحيحة ابن أبي
يعفور في الشكّ بين الركعتين والأربع : «قال عليهالسلام : يتشهّد ويسلّم ثمّ يقوم فيصلّي ركعتين .. الحديث»
ومثلها صحيحة زرارة ومثلهما صحيحة الحلبي . وفي الشكّ بين الثنتين والثلاث والأربع في الصحيحة : «أنّه
يصلّي ركعتين من قيام ويسلّم ثمّ يأتي بركعتين من جلوس ويسلّم». وفي اخرى : «يقوم فيصلّي ركعتين من قيام ويسلّم ثمّ يصلّي ركعتين
من جلوس ويسلّم». وفي الشكّ بين الثلاث والأربع وردت أخبار كثيرة معتبرة في أنّه يبني على الأربع ويسلّم ويأتي
بركعتين جالساً ، إلى غير ذلك. ومنها ما ورد في قضاء الفوائت مثل صحيحة زرارة الطويلة إذ فيها : «وإن كنت صلّيت من المغرب ركعتين ثمّ
ذكرت العصر فانوها العصر وأتمّها بركعتين ثمّ سلّم ثمّ صلّ المغرب ، إلى أن قال :
فانوها المغرب وسلّم وقم فصلّ العشاء» وفي صلاة الخائف في صحيحة الحلبي : «ثمّ يسلّم بعضهم على بعض إلى أن قال : ثمّ يسلّم
عليهم فينصرفون بتسليمة ..
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إلى آخر الحديث» فلاحظ ، ومثلها صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله وغيرها فلاحظ. وحمل هذه الصحاح المعتبرة التي لا تكاد تحصى
وكلّها مفتى بها على ما إذا اتفق أنّ المكلّف اختار التسليم وأنّه إن اتفق أنّه لم
يسلّم تكون صلاة الاحتياط والجزء المنسي وسجدة السهو والصلاة الآتية بعد الإتيان
المنسية وغير ذلك وقتها بعد الفراغ من خصوص التشهّد بعيد غاية البُعد ، إذ لم
يتحقّق في واحد منها إشارة إلى ذلك ، بل حمل خبر واحد منها بعيد وخلاف الظاهر
فضلاً عن المجموع واجتماعها على البعد ولا سيّما بعد ملاحظة الأوامر الواردة فيها
، بل والتأكيدات في بعضها ، مضافاً إلى السياق والقرائن الاخر كما سنشير إليه
والله يعلم.
وممّا ذكر ظهر
فساد جواب صاحب الذخيرة عن كلّما ذكر بأنّ الأوامر في أخبار الأئمة عليهمالسلام لم يثبت كونها حقيقة في الوجوب ، وفساد هذا ظاهر ، مع
أنّ القائلين بالاستحباب يسلّمون أنّ الأمر حقيقة في الوجوب ومدار فقههم وفقه
غيرهم على ذلك ، وفي الأخبار الواردة في التعقيبات هكذا : «إذا سلّمت فاقرأ كذا
وما يؤدّي مؤدّاه.» وممّا يدلّ على الوجوب أيضاً الأخبار المتضمّنة للأمر بالتسليم
، وهو حقيقة في الوجوب والأخبار في غاية الكثرة إلّا أنّي أذكر بعضها وأكتفي به عن
البواقي ، مضافاً إلى الأخبار السابقة المتضمّنة للأمر فدلالتها من وجهين كما عرفت
، بل ليس بمجرّد الأمر بل السياق أيضاً يقتضي الحمل على الوجوب مثل قولهم : ابن
على كذا وتشهّد وصلّ ركعتين بعد الأمر بالتسليم ، أو اسجد كذلك ، إلى غير ذلك ممّا
هو مسلّم كون الأمر به على الوجوب ، فالدلالة صارت من وجوه كثيرة والأخبار أيضا في
غاية الكثرة ، إذ الّذي ذكرنا إنّما هو في بعض تلك الأخبار.
وأمّا البعض
الّذي أذكره الآن فهو صحيحة ابن أذينة المروية في «الكافي »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «العلل » بطرق متعدّدة منها الصحيح والمعتبر ، وهي تتضمّن تعليم
الله نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم في عرشه هيئة الصلاة وفيها بعد أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم بالصلاة على نفسه وآله «فقال : يا محمد سلّم ، فقلت :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إلى أن قال عليهالسلام : ومن ذلك كان السلام مرّة واحدة تجاه القبلة» فالدلالة
فيها أيضاً ليس من مجرّد الأمر ، بل السياق والمقام أيضاً قرينتان على الوجوب.
ويدلّ عليه
أيضاً معتبرة أبي بصير عن «الصادق عليهالسلام عن رجل صلّى الصبح فلمّا جلس في الركعتين قبل أن يتشهّد
رعف ، قال : فليخرج وليغسل أنفه ثمّ ليرجع فيتمّ صلاته فإن آخر الصلاة التسليم».
وأجاب عنه في «الذخيرة» بعد الإغماض عن السند بأنّ كون آخر الصلاة التسليم لا
يقتضي وجوبه ، مع أنّ الغاية قد تكون خارجة. ولا يخفى أنّ السند لا غبار عليه إلّا
من عثمان بن عيسى وهو ممّن اجتمعت العصابة له وغير ذلك ممّا ذكرنا في ترجمته ، مع
انجبارها بفتوى الأكثر وغير ذلك مما مرَّ. وسيجيء تعليل الأمر بالتشهّد بكون آخر
الصلاة التسليم وهو ظاهر في كون المراد أنّ آخر المأمور به هو التسليم لا آخر
المستحبّات ، لعدم المناسبة ، بل هو مضرّ ، لأنّ المستحبّ يجوز تركه فيلزم منه كون
التشهّد أيضاً كذلك. والأخبار المتضمّنة لأمثال ما ذكر قيّدوها بعدم فعل المنافي
للصلاة ، والمقيّد هو الشيخان ، وهذه من جملة تلك الأخبار ، مع أنّ خروج بعض
الرواية عن الحجّية غير مانع عندهم عن التمسّك بالباقي ، بل القطع بعدم حجيّة
البعض أيضاً كذلك عندهم ، ولذا تمسّكوا بالأخبار الدالّة على أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سها ، مع تصريحهم بأنّ عصمته تمنع عن ذلك عندنا قطعاً.
وقس عليها الأخبار الاخر وهي من الكثرة بمكان ، بل مدارهم عليه سيّما على التخصيص
، نعم في مقام التعارض ترجيح السالم عن ذلك أولى إن لم يعارضه أولوية اخرى.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ويدلّ عليه
أيضاً صحيحة زرارة وابن مسلم «قالا : قلنا للباقر عليهالسلام : رجل صلّى في السفر أربعا أيعيد؟ قال : إن كان قرئت
عليه آية التقصير وفسّرت له فصلّى أربعاً أعاد» ومثلها الأخبار الدالّة على أنّ
الناسي يعيد ، وقد مرّت في مبحثها. وسيجيء أخبار دالّة على أنّ من زاد في صلاته
فعليه الإعادة وأنّ ذلك مسلّم عند القائل بالاستحباب. ووجه الدلالة أنّه إذا كان
الخروج عن الصلاة بمجرّد الفراغ عن التشهّد كما هو صريح كلامه فلا وجه للإعادة ،
لأنّ حاله حال من أتمّ صلاته وسلّم جميع تسليماته فقام وصلّى ركعتين اخراوين
سهواً. وما أجاب به بعضهم بأنّ الأمر لعلّه باعتبار أنّه نوى المجموع فيكون إتيان
الفعل على غير وجهه قد ظهر فساده ، فإنّ التغيير لم يقع في نفس المأمور به ، بل
وقع زيادة خارجة عنه بعد إتمام المأمور به وإتيانه تامّاً ، فعلى فرض الحرمة يكون
النهي تعلّق بالخارج ، مع أنّ القائل بالاستحباب قال ما ذكرنا ولم يشترط عدم وقوع
زيادة ولم يقل بأنّ مع الزيادة لم يكن المكلّف بالفراغ عن التشهّد خارجاً عن
الصلاة وإذا فعل أمراً خارجا عن الصلاة أيّ ضرر يكون فيه سيّما في حال النسيان ،
فظهر فساد ما أجاب به في الذخيرة بأنّ العلّة لا نسلّم أنّها ما ذكره المستدلّ ،
إذ لا نصّ عليها. وفيه : مضافاً إلى ما عرفت أنّ امتثال الأمر يقتضي الإجزاء
إجماعاً ولو لا كون العلّة ما ذكر لزم خرق القاعدة المسلّمة ، مع أنّ مداره ومدار
غيره على أنّ إيجاب الإعادة دليل على عدم الصحّة شرعاً وهم يوجبون الإعادة هنا ،
على أنّه سيجيء استدلال القائل بالاستحباب بصحّة صلاة من زاد ركعة بعد التشهّد ،
فاعترفوا بأنّ عدم البطلان ليس منشأه إلّا استحباب التسليم ، مع أنّه ظاهر أنّ ذلك
لا يقتضي الاستحباب كما ستعرف.
ويدلّ عليه
أيضاً صحيحة الفضلاء الواردة في صلاة الخوف حيث «قال عليهالسلام : فصار للأوّلين التكبير وافتتاح الصلاة وللآخرين
التسليم» فجعل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
التسليم معادلاً لتكبيرة الافتتاح ومقابلاً لها ولو كان مستحبّاً لما صار
كذلك ، مع أنّه على الاستحباب ربما كان يحصل انكسار القلب لو لم يحصل التشاحّ
والتخاصم ولا يصير بينهما عدل فربّما كان محلّ القرعة. وهذه الصحيحة من شواهد صحّة
حديث : مفتاحها التكبير .. إلى آخره فتأمّل.
ويدلّ عليه
أيضاً موثّقة عمّار عن «الصادق عليهالسلام عن التسليم ما هو؟ فقال : إذن» إذ الإذن معناه الرخصة.
ولو كانت الرخصة سابقة على التسليم حاصلة من الفراغ من التشهّد لما أجاب كذلك.
والأخبار الظاهرة في ذلك كثيرة منها صحيحة الحلبي ورواية أبي كهمس وموثّقة أبي بصير السابقات الدالّة على انحصار الانصراف عن الصلاة في
السلام علينا .. إلى آخره. وهذه الروايات وأمثالها صريحة في عدم تحقّق الانصراف عن
الصلاة من الفراغ عن الشهادتين كما قاله المستحبّون. ويؤيّده بل يدلّ عليه أنّ المسبوق إذ صار إماماً يقدّم من يسلّم بالمأمومين
أو يأتي ببدله كما سيجيء ، ويؤيّده بل يدلّ عليه ما ورد فيها في الوتر من لزوم التسليم بين ركعتيه والثالثة.
ويدلّ عليه
أيضاً عمومات ما ورد في أنّ مَن شكّ فلم يدر ركعة صلّى أم اثنتين يجب عليه
الإعادة ، فإنّها شاملة لصورة وقوع الشكّ بعد التشهّد. والإجماع والأخبار ناهضان
على عدم الاعتداد بالشكّ إذا وقع بعد الفراغ ، فلو كان الفراغ من التشهّد فراغاً
من الصلاة لزم عدم الاعتداد بهذا الشكّ في مثل صلاة الفجر والقصر ، فتخرج صورة
وقوع التشهّد والتسليم جميعاً بالإجماع والأخبار ويبقى الباقي ، بل في صحيحة زرارة
عن «أحدهما عليهماالسلام من لم يدر واحدة صلّى أم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
اثنتين يعيد إلى أن قال : قلت : فإنّه لم يدر في اثنتين هو أم في أربع؟ قال
: يسلّم ويقوم فيصلّي ركعتين ثمّ يسلّم ولا شيء عليه» فقوله عليهالسلام «يسلّم ويقوم» ظاهر في أنّ الشكّ المذكور وإن وقع بعد الفراغ من التشهّد
حكمه كذلك ، بل ربما كان الظاهر هنا خصوص الصورة المذكورة. وفي صحيحة الحسين بن
أبي العلاء عن «الصادق السلام إذا استوى وهمه في الثلاث والأربع
سلّم وصلّى ركعتين وأربع سجدات بفاتحة الكتاب وهو جالس». وفي صحيحة ابن مسلم عن «الصادق عليهالسلام عن رجل صلّى ركعتين فلا يدري ركعتان هي أو أربع ، قال :
يسلّم ثم يقوم فيصلّي ركعتين .. الحديث» إلى غير ذلك ، مع ما عرفت من الدلالة من
وجوه اخر أيضاً مثل الأمر بالتسليم ثمّ بالقيام إلى صلاة ركعتين ثمّ الإتيان بهما
، إذ كلّها واجبة والأمر حقيقة في الوجوب ومع جميع ذلك عيّن الشارع موضع القيام
إلى الركعتين إذ جعله بعد التسليم في جميع الأخبار ، وهكذا صدر خطاب الفقهاء ،
والعمومات غير شاملة لصورة وقوع التشهّد والتسليم جميعاً بالإجماع والأخبار.
ويدلّ عليه
أيضاً استصحاب اعتبار الشكّ واستصحاب كون المكلّف في واجبات الصلاة واستصحاب تحريم
منافيات الصلاة واستصحاب إجراء أحكام الصلاة.
ويدلّ عليه
أيضاً الأخبار الدالّة على وجوب صلاة ركعتين على المسافر وغيره ممّن يكون فرضه
الركعتين والتخيير لمن يكون فرضه التخيير ، فلو كان بمجرّد الخروج عن التشهّد يخرج
عن الصلاة يكون ممتثلاً مطيعاً آتياً بالمأمور به صلّى ركعتين أو أزيد ولا معنى
للتخيير أيضاً. نعم لو صلّى أزيد من ركعتين عامداً عالماً يكون عاصياً فاعلاً
للحرام الخارج عن الصلاة دون مَن فعل ذلك جاهلاً
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أو ناسياً أو اضطراراً أو خوفاً ، وتأويل الجميع بما لا يلائم القول به
ارتكاب خلاف ظاهر الأخبار الكثيرة ، فلاحظ وتأمّل.
ويشهد له أيضاً
أنّهم في مقامات الحاجة والاستعجال أمروا بالتسليم ولم يرفعوا اليد عنه وهي أيضاً
كثيرة فتتبع جميع الأبواب ، وهذه أيضاً مؤيّدات بقاء الأوامر الكثيرة على حقيقتها
وظواهرها.
وبالجملة :
جميع ما ذكرنا منبّهات وإشارات وليست الأنواع والأصناف منحصرة في ذلك فضلاً عن
الأشخاص وأشخاص الأحاديث في كلّ نوع كثيرة ، بل ربما كانت في غاية الكثرة ، بل
ربما كانت متواترة ، فتتبع جميع الأبواب الّتي لها ربط بالصلاة ، انتهى كلامه في شرح المفاتيح أدام الله تعالى حراسته. ونقلناه
على طوله لكثرة نفعه وعظم وقعه.
وأمّا أدلّة
القائلين بالاستحباب فهي امور :
الأوّل
: انّ الوجوب
زيادة تكليف والأصل عدمه. وفيه : انّ الأصل مقطوع بالأخبار الدالّة على وجوبه كما
سمعت ، على أنّا نمنع جريان الأصل في ماهية العبادة كما قرّر في محلّه.
الثاني
: ما رواه الشيخ
في الصحيح عن محمّد بن مسلم «عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : إذا استويت جالساً فقُل أشهد أن لا إله إلّا
الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، ثمّ تنصرف» وجه الاستدلال
به أنّ الانصراف يراد به المعنى اللغوي ، لأنّه ليس حقيقة شرعية وحينئذٍ فلا يختصّ
بالتسليم.
ويجاب أوّلاً :
أنّ الظاهر من الخبر طلب الإتيان بالانصراف وتحصيله حيث قال عليهالسلام «ثمّ تنصرف» ولم يقل انصرفت ، والجملة الخبريّة في المقام بمعنى الأمر ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وطلب تحصيل الانصراف يدلّ على أنّه كان غير حاصل وإلّا لاستحال طلبه ، فكان
الخبر دالاً على عدم الخروج من الصلاة حتى يأتي بالمخرج ولا مخرج بعد التشهّد سوى
التسليم.
وثانياً : انّ
الظاهر من جملة من الأخبار أنّ الانصراف حقيقة في التسليم ، ففي صحيح الحلبي عن «الصادق عليهالسلام : كلّما ذكرت الله عزوجل والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو من الصلاة ، فإن قلت السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين فقد انصرفت». وأصرح منه خبر أبي كهمس حيث «سأل الصادق عليهالسلام عن السلام عليك أيّها النبي انصراف هو؟ فقال : لا ولكن
إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو انصراف». ومثله صحيح أبي بصير وموثّقته ، فقد حكم الشارع بأنّ الانصراف لا
يتحقّق بالسلام عليك وأنّه منحصر في السلام علينا وأنّه هو الانصراف ، فكيف يصحّ
لنا أن نقول إنّه يتحقّق بالفراغ من التشهّد وأخبارهم يفسّر بعضها بعضاً.
وثالثاً :
بأنّا لو سلّمنا بأنّ المراد من الانصراف المعنى اللغوي وأنّ المقام مقام إطلاق
لكنّا نقول إنّ المطلق ينصرف إلى الشائع المتعارف وما هو إلّا الانصراف بالتسليم ،
والإطلاق والعموم لو سلّمناهما في المقام قلنا إنّهما ليسا بمكانة التصريح الوارد
في الخبر الصحيح وخبر أبي كهمس وغيرهما ، على أنّا نقول المأمور به إمّا التسليم
فقط أو غيره أو الأعمّ منهما ، والأخيران فاسدان وإلّا لزم الأمر بالمرجوح وترك
الراجح أو مساواته له وهما باطلان ، سلّمنا ولكن يصير التسليم واجب تخييراً وهذا
مذهب أبي حنيفة وشناعته ظاهرة وليس مذهب
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
القائل بالاستحباب ، لأنّه يقول بكفاية التشهّد للخروج. ثمّ إنّا نقول لفظ «الانصراف»
انّما ورد مطلقاً في بعض الأخبار تقريباً لأمر آخر وفي الأخبار الاخر ورد مصرّحاً
به انّه السلام علينا كما عرفت ولفظ التكبير في الافتتاح ورد مطلقاً في عدّة أخبار
كثيرة والقائل باستحباب التسليم لم يرض بالاكتفاء بما يعدّ في العرف تكبيراً لله
جلّ شأنه ، بل قالوا لا يجوز فيها إلّا ما ورد من الشارع وإن كان غيره مطابقاً
لظاهر العرف ، لأنّ العبادة توقيفية ، ولم يرد في تكبيرة الافتتاح ما يشير إلى
التزام الهيئة المعروفة فضلاً عن التصريح والحصر والشواهد الّتي لا تحصى كما في
المقام.
ورابعاً : إنّا
نقول لو كان الراوي فهم من قوله عليهالسلام «ثم ينصرف» الخروج من الصلاة بمجرّد الفراغ من التشهّد من دون مراعاة
التسليم لكان للراوي أن يسأل لِم يسلّمون ويلتزمون بالتسليم ولا يأتون بالمنافي
قبله ويصنعون فيه ما يصنعون في الصلاة كما سأل الراوي عن التحيّات لمّا قال الإمام
عليهالسلام بكفاية التشهّد فقال له : «هذا اللطف من الدعاء يلطف
العبد به ربّه» على أنّا نقول : إنّ استدلالهم بالخبر لو تمّ لدلّ على عدم وجوب
الصلاتين فما هو جوابكم فهو جوابنا. والحلّ أنّ الراوي لم يسأل إلّا عن كيفيّة
التشهّد بناءً على ما كان يرى من العامّة الخلاف فيها ، فإنّ منهم من اكتفى
بالشهادة بالتوحيد «فسأل محمد بن مسلم عن التشهّد في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الصلاة؟ فقال عليهالسلام : مرّتين ، قال : فقلت : وكيف مرّتين؟» ومراده أنّ
المرّتين كلام مجمل يحتمل كون الشهادة بالتوحيد مرّتين فأجابه عليهالسلام بأنّك «إذا استويت جالساً فقل : أشهد أن لا إله إلّا
الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، ثم تنصرف» فصرّح بأنّه ما
لم يتشهّد (يشهد خ ل) بالرسالة لا ينصرف من الصلاة ردّاً على من اكتفى بالتوحيد
وجوّز الانصراف بعدها ، فلهذا لم يتعرّض لوجوب الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع وجوبها عندهم إلّا الشاذّ منهم ، وتعرّض الإمام عليهالسلام لذكر «وحده لا شريك له» ولذكر «عبده» وليست الصلاة عليه
صلىاللهعليهوآلهوسلم بأهون من ذلك. فظهر أنّ الغرض بيان وجوب الشهادتين وأنّ بيانهما لمكان
العامّة أهمّ في نظره في ذلك الوقت من الصلاة والتسليم ، وكذا لم يتعرّض للصلاة
على الآل عليهمالسلام مع أنّ أحمد وبعض الشافعية قائلون بوجوبها. وإن أبوا عن هذا البيان
، قلنا : هذا خبر متروك الظاهر فلا يعمل به عند جماعة منهم ، بل نقول : إنّا نقطع
أنّ الإمام عليهالسلام لم يكن في صدد بيان أنّ الانصراف يتحقّق بأيّ نحو كان ،
بل كلامه بالنسبة إلى ذلك مجمل فلا يستدلّ به. ثمّ إنّ في الإتيان «ثمّ» الدالّة
على التعقيب والترتيب والتراخي إشارة إلى كون الانصراف مطلوباً بعد امور اخر مثل
الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآله والأدعية الاخر إن اتفق أنّ المكلّف اختار ذلك.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وخامساً : انّ
غاية ما تدلّ عليه هو تمام الصلاة بعد التشهّد ، وهو غير منافٍ لمذهب من يختار في
المسألة كون التسليم واجباً خارجاً.
الثالث
: من أدلّة
الاستحباب صحيحة زرارة والفضيل ومحمّد عن «الباقر عليهالسلام قال : إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته ، فإن كان
مستعجلا في أمر يخاف أن يفوته فسلّم وانصرف أجزأه».
وفيه : أوّلاً
أنّ قوله عليهالسلام : مضت صلاته ، ليس على ظاهره قطعاً ، لأنّ الصلاتين
واجبتان ، وحينئذٍ فلا بدّ من تأويله ، فيحتمل أن يكون المراد معظم الصلاة أو مضت
الأجزاء الأكيدة من صلاته كقوله عليهالسلام «أوّل صلاة أحدكم الركوع » ويحتمل أن يكون المراد قد شارف مضي الصلاة ويحتمل أن
يكون المراد أنّه مضت واجباتها وإليه نظر المستدلّ. وفيه : أنّ الصلاتين واجبتان
ولم تمضيا ، وأنّ آخر الخبر يدلّ على الوجوب ، لأنّ الإجزاء ظاهر في أقلّ الواجب
ومفهوم الشرط حجّة والشرط هو الاستعجال في أمر يخاف فوته ، وحمله على الاستحباب
يتوقّف على ثبوت مانع من الوجوب. وقد عرفت حال قوله عليهالسلام : «مضت صلاته» ولو كان المراد بيان الاستحباب لتعارض
صدر الخبر وعجزه ولكان المناسب أن يقول لا بأس بتركه لا أن يقول أجزأه التسليم إن
كان مستعجلاً. وبهذا كلّه يتعيّن الحمل على أحد الاحتمالين الأوّلين.
وثانياً : أنّه
لا ينهض دليلاً على القائلين بوجوبه وخروجه.
وثالثاً : أنّ
دلالته على عدم وجوب الصلاتين أظهر منها على عدم وجوب التسليم على تقدير التسليم
فما هو جوابكم فهو جوابنا ، والأظهر أن يقال : انّ الخبر إنّما سيق لبيان حال
المأموم إذا أراد الانصراف كما ورد مثل ذلك في أخبار اخر فكان الخبر دالاً على
الوجوب.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الرابع
: صحيح عليّ بن
جعفر عن «أخيه موسى عليهالسلام وقد سأله عن المأموم حيث يطيل الإمام التشهّد فيأخذ
الرجل البول أو يتخوّف على شيء يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال : يتشهّد هو
وينصرف ويدَع الإمام».
ويرد على
الاستدلال به مثل ما أوردناه على الاستدلال بالخبر الأوّل ، ثمّ إنّا نقول : إنّ
المراد من الانصراف هو التسليم وقد عرفت أنّه حقيقة فيه شرعاً ، فلا تفاوت بين أن
يقول يسلّم أو يقول ينصرف ، وإن أبيت عن هذا قلنا : هذا الخبر رواه الصدوق في «الفقيه
» والشيخ في موضع آخر من «التهذيب » هكذا : «يسلّم وينصرف» ولا ريب في ترجيح هذه الرواية
على تلك ، لموافقة الشيخ في الموضع الآخر الصدوق ولموافقتها للأخبار الاخر الّذي
يقول فيها الإمام عليهالسلام حيث «سئل عن رجل يكون خلف الإمام فيطيل الإمام التشهّد
: أنّه يسلّم ويمضي لحاجته إن أحبّ » مع أنّه (أنها خ ل) أوفق بالسؤال ، لأنّ السائل فرض
تحقّق التشهّد في الجملة من الإمام وأنّه يطيل ، ومن المعلوم أنّ المأموم يتّبعه
إلّا أنّه لا يتأتّى له الصبر إلى أن يتمّم التشهّد الطويل ويسلّم ، فالمناسب في
الجواب أن يقال : يسلّم وينصرف. ولا يقول يتشهّد وينصرف ، لأنّه ليس المراد أنّه
يتشهّد التشهّد الطويل قطعاً ولم يقل له إنّ أقلّ الواجب من التشهّد لم يحصل ، بل
ربما ظهر له عليهالسلام حصوله من المأموم ، لأنّه قال لا يمكنه الإتيان بالأكثر
، وعلى هذا فالمناسب الاستفصال فيقال في الجواب : إذا لم يأت بأقلّ الواجب من
التشهدّين يأتي به.
الخامس
: أنّه لو وجب
التسليم لبطلت الصلاة بتخلّل المنافي بينه وبين التشهّد واللازم باطل فالملزوم
مثله. أمّا الملازمة فإجماعية ، وأمّا بطلان اللازم فلمّا رواه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
زرارة في الصحيح عن «الباقر عليهالسلام أنّه سأله عن الرجل يصلّي ثمّ يجلس فيحدث قبل أن يسلّم
، قال : تمّت صلاته» وما رواه الحلبي في الحسن عن «الصادق عليهالسلام إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا
كان الالتفات فاحشاً وإن كنت قد تشهّدت فلا تعد» وما رواه غالب بن عثمان في
الموثّق عن «الصادق عليهالسلام قال : سألته عن الرجل يصلّي المكتوبة فيقضي صلاته
ويتشهّد ثمّ ينام قبل أن يسلّم ، قال : تمّت وإن كان رعافاً فاغسله ، ثمّ ارجع
فسلّم».
والجواب أوّلاً
: بأنّا لا نسلّم أنّ الملازمة إجماعية ، وقد عرفت مذهب صاحب «البشرى» وابن جمهور
والشهيد في «قواعده» وغيرهم ممّن قال بالوجوب والخروج ، وخبر زرارة غير صحيح ،
لأنّ في طريقه أبان بن عثمان ، على أنّ في آخره «وإن كان مع إمام فوجد في بطنه أذى
فسلّم في نفسه وقام فقد تمّت صلاته» وهذا ظاهر في وجوب التسليم ، وظاهر خبري
الحلبي وغالب بن عثمان كخبر الحسن بن الجهم متروك.
وثانياً :
بأنّها معارضة بالأخبار الكثيرة الصحيحة والمعتبرة فنطرح هذه أو نحملها على
التقية.
وثالثاً :
بأنّها لا تنهض حجّة على من يقول بالوجوب والخروج كما أشرنا إليه.
ورابعاً :
بالحلّ وفيه شفاء النفس وهو أنّا نقول : قد عرفت أنّ التسليم كان مشهوراً بين
الخاصّة والعامّة في «السلام عليكم» وكان «السلام علينا» محسوباً من التشهّد
كالسلام عليك أيّها النبي وكان المتعارف ذكرهما فيه كما هو المتعارف الآن. وقال في
«الذكرى » : إنّ الشيخ في جميع كتبه جعل التسليم الّذي هو خبر
التحليل هو «السلام عليكم» وأنّ «السلام علينا» قاطع للصلاة وأنّه ليس بواجب ولا
يسمّى تسليماً ، قال : وكذا صنع من تبعه ، انتهى. وهذا يشهد لما ذكرنا ، وعليه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فالإطلاق في خبر زرارة وموثّق غالب يحمل على الشائع المتعارف وهو «السلام
عليكم» وقوله عليهالسلام في الحسن : «إن كنت تشهّدت فلا تعد» على أنّه قال فيه
السلام علينا ، كما تقدّم بيان ذلك كلّه وبيان السبب في ذلك. وعلى ما حملنا عليه
الحسن يحمل عليه خبر الحسن بن الجهم وإن بعُد. ولو كان المراد الشهادتين فقط
فالدلالة على عدم وجوب الصلاتين أظهر منها على عدم وجوب التسليم ، والجواب الجواب.
السادس
: قول الصادق عليهالسلام في خبر معاوية بن عمّار «إذا فرغت من طوافك وأنت في مقام إبراهيم عليهالسلام فصلّ ركعتين إلى أن قال : ثمّ تشهّد واحمد الله واثن
عليه وصلّ على النبي» فإنّ ظاهره عدم وجوب التسليم ولا قائل بالفصل.
والجواب كما
مرَّ بحمل التشهّد على ما يشمل التسليم كما أنّه يطلق على مجموع تلك الأذكار
الطويلة اسم التشهّد وإلّا لدلّ على عدم وجوب الصلاة على الآل عليهمالسلام ، وإن قلنا إنّ المراد حمد الله تعالى بعد صلاة
الركعتين كان دالاً على عدم وجوب الصلاتين. وبهذا استدلّ صاحب «المدارك » وبموثّق يونس بن يعقوب الّذي قال فيه لأبي الحسن عليهالسلام : «صلّيت بقوم فقعدت للتشهّد ثمّ قمت فنسيت أن اسلّم
عليهم ، فقال له عليهالسلام : ألم تسلّم وأنت جالس؟ قال : بلى ، قال : لا بأس عليك»
وفيه : أنّ الغرض من السؤال أنّه بعد أن أتمّ صلاته وسلّم لم يلتفت إلى القوم
بوجهه ، ولذا قال له : ألم تسلّم وأنت جالس ، يعني ألم تأت بالصيغة الواجبة.
السابع
: خبر زرارة في الشكّ بين الاثنتين والأربع أنّه يصلّي ركعتين
ويتشهّد ولا شيء عليه. وفيه : أنّ البناء على الأقلّ مذهب العامّة كما أنّ البناء
__________________
وصورته : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أو : السلام علينا وعلى عباد
الله الصالحين ،
______________________________________________________
على الأكثر مذهب الإمامية ، فعلى هذا يترجّح أنّ كلّ ما ظاهره الاستحباب
محمول على التقية ، على أنّا نقول : إنّ التشهّد يشمل السلام علينا ، كما مرَّ.
الثامن
: صحيح زرارة عن
«الباقر عليهالسلام في رجل صلّى خمساً ، قال : إن كان جلس قدر التشهّد فقد
تمّت صلاته ». وفيه : أنّه لو تمّ الاستدلال به لدلّ على عدم وجوب
التشهّد والصلاتين وعدم وجوب تداركهما ، على أنّه لا ينهض على القائل بالدخول في
الصلاة وأنّها تبطل بالزيادة مطلقاً ، مع أنّ الوارد في الأخبار أنّ من زاد في
صلاته فعليه الإعادة. وكما أخرج المستدلّ هذا الخبر عن القاعدة أخرجه خصمه أيضاً ،
بل خروج مضمونه عن القاعدة وفاقي على الظاهر ، فلا وجه للردّ به ، فلو كانت الصلاة
ثنائية أو ثلاثية ووقعت فيها هذه الزيادة كانت باطلة ، وكذا لو كانت رباعية ولم
يتحقّق مضمون هذه الصحيحة فيها وهو اعتبار الجلوس مقدار التشهّد ، فلو تمّ
الاستدلال بها لزم القول بصحّة الصلاة مع وقوع هذه الزيادات ، لأنّ المستدلّ بها
على الاستحباب نظره إلى أنّه لا يضرّ وقوع الزيادة قبل التسليم مطلقاً كما هو قضية
الاستدلال ، فليتأمّل في ذلك.
وقد خرجنا في
المسألة عن وضع الكتاب حرصاً على بيان الصواب ، لأنّه قد اشتبه الحكم فيها على بعض
متأخّري المتأخّرين فأطالوا الكلام في النقض والإبرام فأبرمنا ما نقضوه ونقضنا ما
أبرموه.
[الكلام في صورة التسليم]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وصورته : السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته ، أو : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)
كما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الشرائع والنافع والمعتبر والمنتهى والتذكرة والإرشاد والتحرير والتبصرة والموجز الحاوي والتنقيح وكشف الالتباس » وغيرها كما ستعلم ، إلّا أنّ المحقّق والمصنّف في «المنتهى»
وأبا العباس والمقداد والصيمري يوجبون إحداهما.
والبحث في
المسألة يقع في مواضع :
الأوّل
: في الصيغة
الواجبة ، وقد اختلفوا في ذلك على أقوال ، الأوّل : أنّه تجب الصيغتان تخييراً كما
في «الشرائع والنافع والمعتبر والمنتهى والألفيّة واللمعة والمهذّب البارع والموجز الحاوي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وكشف الالتباس وشرح المفاتيح ». وفي «الدروس » انّه لا بأس به. وفي «المنتهى » لا نعرف به خلافاً. وفي «غاية المراد والمهذّب البارع » انّ المشهور أنّه يخرج بإحدى العبارتين. وفي الأخير
نسبته إلى فخر المحقّقين. وفي «كشف الالتباس ومجمع البرهان » نسبته إلى المتأخّرين ، وهذا يعطي وجوبهما تخييراً كما
يأتي في بيان المخرج.
وقال الاستاذ
في «شرحه» : الظاهر من كلام الشيخ الإجماع على الخروج «بالسلام علينا» وأنّه لا
يجب بعده «السلام عليكم». وقال أيضاً : كلامه صريح في أنّه لا يعرف خلافاً في عدم
وجوب «السلام عليكم» بعد «السلام علينا» وجعل النزاع منحصراً في تعيين عبارة «السلام
عليكم» وكلام السيّد صريح في كون الوجوب التسليم من حيث كونه تحليل الصلاة ، وكذا
الكليني والصدوق كلامهما ظاهر في ذلك وكون «السلام علينا» مخرجاً كغيرهما ممّن روى
ذلك ، بل الظاهر اتفاق الشيعة على ذلك ولذا تركوه في التشهّد الأوّل. نعم الظاهر
منهم أنّ الواجب بالأصالة هو «السلام عليكم» ولو ذكر «السلام علينا» مقدّماً عليه
يحصل به التحليل الواجب ويتأدّى به ويكون «السلام عليكم» مستحبّاً سيّما في الإمام
والمأموم لا واجباً ، انتهى كلامه أدام الله تعالى حراسته.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقد اختلف
أصحاب هذا القول ، فالظاهر من القدماء أنّ الواجب بالأصالة هو «السلام عليكم» كما
ذكره الاستاذ ويأتي بيانه. وقال المحقّق والمصنّف في «المنتهى » والشهيد في «اللمعة والألفية » : انّه بأيّهما بدأ كان الثاني مستحبّاً. وقضية ذلك
أنّ الواجب هو المتقدّم ، فلو نوى به الاستحباب وبالثاني الخروج لم يجز كما صرّح
به في «الألفية والمهذّب البارع ». وفي «الموجز الحاوي » الأوّل هو الواجب.
وقال الاستاذ في «شرحه» التحليل عند الشيخ وغيره مثل الوضوء للفريضة
ووجوبه بعد وقت وجوبها و «السلام علينا» عندهم مثل الوضوء للتأهّب أو للنافلة قبل
دخول وقت الوجوب ، وحصول الانصراف به مثل حصول الطهور به إذا وقعت صلاة الفريضة
بالوضوء المستحبّ. واستحباب «السلام عليكم» بعد «السلام علينا» مثل الوضوء
التجديدي للفريضة في الصلاة الّتي يتحقّق فيها التجديد لها ، فالتحليل عند الشيخ
شرط في الخروج عن الصلاة ، لأنّ معنى التحليل ليس إلّا رفع تحريم المنافيات.
والوجوب الشرطي لا يسمّونه بالواجب كالوضوء للنافلة وربما يسمّونه بناءً على
اعتقاد وجوب مقدّمة الواجب وثبوته عند من يسمّى به لا عند منكره ، انتهى.
وحاصل كلام
الراوندي في الرائع وحلّ المعقود في الجُمل والعقود كما في «كشف اللثام » : انّ الفرض هو «السلام عليكم» ولكن ينوب منابه
التسليم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
المندوب كما أنّ صوم يوم الشكّ ندباً يسقط به الفرض. ويحصل به الجمع بين
القولين. وقال الاستاذ أيّده الله تعالى : في استحباب «السلام علينا» بعد «السلام
عليكم» تأمّل.
هذا وأنكر
الشهيد في «الذكرى» القول بوجوب «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» تخييراً ،
قال : هذا قول حدث في زمن المحقّق فيما أظنّه أو قبله بيسير ، لأنّ بعض شرّاح
رسالة سلّار أومأ إليه. وقال في «البيان» لم يوجب أحد من القدماء «السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين» بل القائل بوجوب التسليم يجعلها مستحبّة غير مخرجة من
الصلاة ، والقائل بندب التسليم يجعلها مخرجة من الصلاة ، وأوجبها بعض المتأخّرين
وخيّر بينها وبين «السلام عليكم» وجعل الثانية منهما مستحبّة ، وارتكب جواز جعل «السلام
علينا وعلى عباد الله الصالحين» بعد «السلام عليكم» ولم يذكر ذلك في خبر ولا مصنّف
، بل القائلون بوجوب التسليم واستحبابه يجعلونها مقدّمة عليه ، انتهى. وقال في «الذكرى » أيضاً : انّه لم يأت بذلك خبر منقول ولا مصنّف مشهور
سوى ما في بعض كتب المحقّق.
قلت : قد عرفت
أنّه رحمهالله تعالى ذهب إلى ذلك في أوّل ما صنّف وآخر ما صنّف ولم
يذكر في النفلية استحباب تقديم «السلام علينا».
على «السلام عليكم»
وقال في «الذكرى » أيضا : وجوب الصيغتين تخييراً جمعا بين ما دلّ عليه
إجماع الامّة وأخبار الإمامية قويّ متين إلّا أنّه لا قائل به من القدماء ، وكيف
يخفى عليهم مثله لو كان حقّاً. وقال أيضاً : لا يقال : لا ريب في وجوب الخروج من
الصلاة ، وإذا كان هذا مخرجاً منها كان واجباً في الجملة يعني «السلام علينا».
لأنّا نقول : قد دلّت الأخبار الصحيحة على أنّ الحدث قبله
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
لا يبطل الصلاة. وقال : لا يقال : ما المانع من أن يكون الحدث مخرجاً كما
أنّ التسليم مخرج ولا ينافي ذلك وجوبه تخييراً. لأنّا نقول : لم يصر إلى هذا أحد
من الأصحاب ، بل ولا من المسلمين غير أبي حنيفة . قلت : هذا حقّ إذا تعمّد الحدث.
وفي «المسالك » انّ القول بالتخيير حادث. وفي «الروضة » انّه ليس عليه دليل واضح. وقوّى في «المقاصد العلية » ما في البيان.
الثاني
: وجوب «السلام
علينا» عيناً ، ذهب إليه صاحب «جامع الشرائع » ونسبه في «المعتبر » إلى الشيخ في المبسوط في نسخة من المعتبر وإلى الشيخ
في نسخة اخرى منه. وخطّأه في نسبة ذلك إليه في المبسوط الشهيد في «الذكرى
» وقال : لا أعلم لصاحب هذا القول موافقاً ، وقال : إنّ فيه خروجاً عن
الإجماع من حيث لا يشعر قائله. وفي «كشف اللثام » انّ الأخبار تعضد هذا القول. قلت : قد عرفت المراد من
الأخبار. وقال في «كشف اللثام » وقد يكون صاحب الجامع جمع بين قولي وجوب التسليم
واستحبابه بما ذكره ،
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بمعنى أنّه هل يجب مع هذه الصيغة الصيغة الاخرى؟ وقال في موضع آخر من «كشف
اللثام » : انّه لا موافق لهذا القول.
قلت : ونظر
المحقّق في «المعتبر» في نسبة ذلك إلى الشيخ إلى عبارة «التهذيب » وليس في «المقنعة والمراسم » في فرض الظهر إلّا ذكر «السلام علينا» لكنّهما لم
يذكرا في نافلة الزوال إلّا «السلام عليكم».
الثالث
: وجوب «السلام
عليكم» عيناً ، ذهب إليه الأكثر كما في «الذكرى والبحار وشرح المفاتيح ». وفي «الحدائق » انّه المشهور. وقد سمعت ما في «البيان والذكرى»
وغيرهما. وفي «الدروس » عليه الموجبون. وقد سمعت كلام صاحب «البشرى» وفي موضع
من «الذكرى » وجوب «السلام عليكم» عيناً لإجماع الامّة على فعله
وينافيه ما دلّ على انقطاع الصلاة بالصيغة الاخرى ممّا لا سبيل إلى ردّه فكيف يجب
بعد الخروج من الصلاة؟ انتهى. وفي «كشف اللثام » أنّما التنافي مع الجزئية ، انتهى. وقد سمعت ما في «المقنعة
والمراسم» من الاقتصار في نافلة الزوال على «السلام عليكم».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الغنية » أوجب التسليم أوّلاً ثمّ عدّ من المندوبات «السلام
علينا وعلى عباد الله الصالحين» وعن «الكافي » أنّه قال : الفرض الحادي عشر «السلام عليكم ورحمة الله»
وأنّه عدّ «السلام علينا» من المندوبات. وفي «كشف اللثام » أنّ كلام الشيخ في المبسوط يعطي نحو كلام الحلبيين ،
إذ فيه : ومن قال من أصحابنا إنّ التسليم سنّة يقول إذا قال «السلام علينا وعلى
عباد الله الصالحين» فقد خرج من الصلاة ولا يجوز التلفّظ بذلك في التشهّد الأوّل ،
ومن قال إنّه فرض فبتسليمة واحدة يخرج من الصلاة ، انتهى.
الرابع
: وجوبهما عيناً
، قال في «الذكرى » : أمّا «السلام عليكم» فلإجماع الامّة ، وأمّا الصيغة
الاخرى فللأخبار التي لم ينكرها أحد من الإمامية مع كثرتها ، لكنّه لم يقل به أحد
ممّا علمته ، انتهى. وقد جمع الصدوق في «الفقيه » بين الصيغتين مع تسليمات اخر من غير تصريح بوجوب شيء.
وقال في «الكفاية » إنّ الأولى ذكر «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين»
وقول بعده «السلام عليكم» وسيأتي ما احتاط به في «الذكرى». وفي «شرح المفاتيح » الأحوط الجمع بينهما وعدم ترك «السلام عليكم».
الخامس
: أنّه يجب
التسليم و «السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته» ذهب إليه صاحب «الفاخر»
حيث قال على ما نقل : أقلّ المجزئ في الفريضة التسليم وقول «السلام عليك
أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته» ونقل في «كنز
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
العرفان » عن بعض مشايخه الاستدلال على وجوب التسليم على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالآية الشريفة حيث دلّت على وجوب التسليم عليه ولا شيء
منه بواجب في غير الصلاة ، وقال : إنّه الذي يقوى في ظنّي. قال : ونقل العلّامة
الإجماع على استحبابه ثمّ منعه. قلت : في «الذكرى » انّ ما في الفاخر لا يعدّ من المذهب. وفي «البيان » هو مسبوق بالإجماع وملحوق به ومحجوج بالروايات
المصرّحة بندبه. وفي «المنتهى » لا يخرج به من الصلاة لا نعلم فيه خلافاً من القائل
بوجوبه. ومثله قال في «التذكرة ». وفي «كشف اللثام » لا موافق له. قلت : ويستفاد من هذه الإجماعات ومن خبر
أبي كهمس ومن صحيح الحلبي ومن خبر ميسر انّ قوله في القنوت : «سَلامٌ عَلَى
الْمُرْسَلِينَ» غير مضرّ ، مع أنّه موافق للفظ القرآن.
السادس
: وجوب السلام
عليكم أو المنافي ، قال في «الذكرى » : هذا قول شنيع ، وأشنع منه وجوب إحدى الصيغتين أو
المنافي. قلت : لا قائل بهما منّا.
السابع
: فيما يخرج به
المكلّف من الصلاة ، ففي «غاية المراد والمهذّب البارع » انّ المشهور أنّه يخرج بإحدى العبارتين. وفي «كشف
الالتباس
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ومجمع البرهان » نسبته إلى المتأخّرين. وفي «المدارك والحدائق » انّ أكثر القائلين بوجوب التسليم قائلون بتعيّن الخروج
«بالسلام عليكم». وفي «البحار » انّه أشهر والأخبار في «السلام علينا» الأكثر. وفي «الدروس
» صورته «السلام عليكم» وعليه الموجبون. وقال أيضاً : أكثر القدماء على
الخروج «بالسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» وعليه معظم الروايات ، مع فتواهم
بندبها. وقال : إنّه لا بأس بالتخيير بين الصيغتين ، انتهى. وقد سمعت ما في «البشرى».
وفي «جامع
المقاصد » انّ تعيين الخروج «بالسلام عليكم» ظاهر السيّد والتقي.
وهو خيرة «فوائد الشرائع وتعليق النافع والمقاصد العلية ». وفي «الجعفرية وشرحها » انّه أولى. وفي «الروضة » انّ الأقوى الاجتزاء في الخروج بكلّ واحد من الصيغتين
والمشهور في الأخبار تقديم «السلام علينا» مع التسليم المستحبّ إلّا أنّه ليس
احتياطاً كما ذكره في الذكرى ، لحكمه بخلافه فضلاً عن غيره ، انتهى. وبقيّة أقوال
الفقهاء تعرف ممّا سبق كما عرفت حقيقة الحال في المسألة.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «المفاتيح » انّ الأخبار على تعيّن «السلام عليكم» للخروج أدلّ
بمعنى أنّ الواجب لا يتأدّى إلّا به وإن كان الخروج يتحقّق بكلّ من الصيغتين ، نعم
في بعضها أنّ المنفرد يكتفي ب «السلام علينا» انتهى.
وأمّا القائلون
باستحباب التسليم فمنهم من قال يخرج من الصلاة بالصلاة على النبيّ وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومنهم من قال بالتسليم كما عرفت ذلك.
وفي «الذكرى»
انّ الاحتياط للدين الإتيان بالصيغتين جمعاً بين القولين بادئاً ب «السلام علينا»
لا بالعكس ويعتقد ندب «السلام علينا» ووجوب الصيغة الاخرى ، وإن أبى المصلّي إلّا
إحدى الصيغتين ف «السلام عليكم» .. إلى آخره مخرجة بالإجماع انتهى. وفي «كشف اللثام » إذا احتاط بهما فلا يعتقد ندب شيء منهما ولا وجوبه
ولا احتياط بترك «السلام علينا» وما ورد بتركه فمحمول على التشهّد الأوّل. ثمّ كما
أنّ من الأصحاب من أوجب «السلام علينا» عيناً ولا موافق له أوجب بعضهم السلام على
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا موافق له ، فإن كان الاحتياط الجمع بين الصيغتين
للخروج من الخلاف كان الأحوط الجمع بين الصيَغ الثلاث وأن لا ينوي الخروج بشيء
منها بعينه ، انتهى. وفي «البحار » ما في الذكرى جيّد إلّا ما ذكره في اعتقاد الوجوب
والندب. وفي «المدارك » قد يتطرّق إشكال إلى ما في الذكرى من تقديم «السلام
علينا» من حيث إنّه غير واجب بالإجماع ، وقد ثبت كونه قاطعاً ، فمع تقدّمه يكون
فاصلاً بين أجزاء الصلاة على القول بوجوب التسليم ، انتهى.
قلت : كأنّ ما
اعترضوا به على الشهيد غير سديد ، أمّا ما في «المدارك» فإن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أراد أنّ قطعه للصلاة مستلزم لفسادها فغير صحيح ، بل الصحيح خلافه ، وإن
أراد عدم استلزام الفساد فهو المذهب الحقّ فلم يصادف الاعتراض محزّه ، وإن أراد
أنّه ينافي الاحتياط فغير صحيح أيضاً ، لأنّ ما ذكره في الذكرى ليس في الأخبار ولا
فتاوى الأصحاب ما يدلّ على فساده ، لأنّ القائل بأنّ الخروج إنّما يتحقّق ب «السلام
عليكم» خاصّة يقول بصحّة هذه الصلاة قطعاً وأنّها أحسن الصوَر ، وإن كان الإشكال
مبنياً على القول بوجوب نيّة الخروج أو الوجه فلا وجه لما علّل به ، ومع ذلك يكون
الاحتياط منحصراً فيما ذكره الشهيد ، وقصد الوجه أو الخروج معفوّ عنه في مقام
الاحتياط أو يكفي قصد الترديد أو قصد الخروج عن الشبهات مهما أمكن وإلّا لم يتحقّق
احتياط أصلاً بناءً على ما ذكروه. مع أنّ الاحتياط مطلوب بلا شبهة ولا خلاف ، فظهر
حال ما في البحار وكشف اللثام ، فتأمّل.
ثمّ يرد على ما
في المدارك ما في «كشف اللثام » من الإجماع على استحباب الجمع بين الصيغتين وقد جمع
بينهما في «الفقيه والنهاية والتهذيب والمصباح والسرائر والشرائع والنافع والمعتبر » وغيرها ، بل كلّ من قال بأيّهما بدأ كان الثاني مستحبّاً جوّز الجمع بينهما وتقديم «السلام علينا» كما قدّم
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في «الفقيه» وما بعده. نعم يرد على ما في الذكرى أنّه مخالف لما اختاره في «الألفية
» وتبعه في ذلك صاحب «المهذّب البارع » من أنّ ما يقدّمه منهما يكون واجباً والثاني مستحبّاً
ولو عكس لم يجز. وينقدح من ذلك مخالفة المحقّق ومن وافقه إلّا أن يقال : إنّ المراد في الألفية ونحوها
عدم الإجزاء فلا بدّ من الإتيان بالمجزئ لا عدم الجواز. ولا يرد على قوله. أخيراً
: إنّ «السلام عليكم» مخرجة بالإجماع ، خلاف صاحب «الجامع » لأنّه شاذّ.
الثامن
: قال المحقّق
في «المعتبر » وإن بدأ ب «السلام عليكم» أجزأ هذا اللفظ وكان قوله : «ورحمة
الله وبركاته» مستحبّاً يأتي منه بما شاء. وكما قلناه قال ابن بابويه والحسن ابن
أبي عقيل ، انتهى. وهو خيرة «المنتهى والموجز الحاوي والمدارك » وظاهر جماعة . وفي «الذكرى والبيان والمقاصد العلية »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
نسبته إلى الأكثر. وقال في الأخير : إنّه واجب مخيّر بينه وبين إتمامه كما
ذهب إلى ذلك في التسبيح والتشهّد. وفي «الدروس » صورته «السلام عليكم» وعليه الموجبون ، انتهى. وقال في
«المعتبر » : وقال ابن الجنيد في الأحمدي يقول «السلام عليكم» فإن
قال «ورحمة الله وبركاته» كان حسناً. قال في «كشف اللثام » وكذا قال الحسن. وعن الحلبي أنّه أوجب «ورحمة الله» ونقله في «غاية المراد » عن السيّد. وإليه مال في «مجمع البرهان ». وفي «التحرير » فيه إشكال. وفي «المفاتيح » أنّ الأكثر على استحبابه.
قلت : لعلّ
الحلبي استند إلى ما روي في الزيادات في صحيح عليّ بن جعفر «قال : رأيت إخوتي موسى وإسحاق ومحمّد بني جعفر يسلّمون في الصلاة عن اليمين
والشمال السلام عليكم ورحمة الله» ويمكن حمله على التقيّة فإنّ العامّة يتركون و «بركاته». وفي «المنتهى » لا خلاف في جواز ترك «وبركاته». وفي «المفاتيح » الإجماع على استحبابه أي إذا قال «ورحمة الله» لأنّك
قد سمعت ما ذهب إليه الحلبي والسيّد ، وعن ابن زهرة أنّه أوجب «وبركاته».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وإيجاب «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» صريح «الألفيّة وفوائد الشرائع » وظاهر «البيان والتنقيح وتعليق النافع والمسالك ». وفي «الدروس والجعفرية وشرحها والكفاية » انّه أولى. قلت : لو لا ما في «المنتهى والدروس والمفاتيح»
لكان القول به متعيّناً. وما استدلّ به على إجزاء «السلام عليكم» من خبر أبي بصير والبزنطي في جامعه وسعد بإسناده
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عن علي عليهالسلام ويونس بن يعقوب وأبي بكر الحضرمي فيمكن حمله على قول «السلام عليكم» .. إلى آخر ما يعرف
المخاطب ، على أنّ ما عدا خبر الحضرمي وهو الأخبار الأربعة الاول لا تدلّ على
الاكتفاء بذلك إذا ابتدأ بها وخصوصاً الأوّل.
التاسع
: قال المحقّق
في «المعتبر » : لو قال «سلام عليكم ورحمة الله وبركاته» ناوياً به
الخروج فالأشبه أنّه يجزئ. وفي «التذكرة » انّه الأقرب ، لأنّ علياً عليهالسلام كان يقول ذلك عن يمينه وشماله ولأنّ التنوين يقوم مقام
اللام. وفي «التحرير والمنتهى » فيه إشكال. وفي «الألفية والموجز الحاوي والمهذّب البارع وكشف الالتباس والمقاصد العلية » انّه لم يجز. وهو ظاهر «كشف اللثام وشرح المفاتيح » أو صريحهما. وفي «المنتهى » إن أتى به منكراً بعد «السلام علينا» أجزأه ، لأنّه
خرج من الصلاة ولو ابتدأ به فإشكال.
__________________
ويجوز الجمع.
______________________________________________________
وفي «المعتبر والمنتهى » انّه لو نكس لم يجز ، وفيهما عن الشافعي أنّه يجزئ
وردّاه. وما ردّاه به يردّ على المحقّق مثله في التنكير من دون نكس.
العاشر
: اختير في «المعتبر
والمنتهى والتذكرة والتحرير والألفية والتنقيح والمقاصد العلية » وغيرها أنّه إن سلّم «بالسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين»
فلا بدّ أن يأتي بها على صورتها.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجوز الجمع)
أمّا عند
القائل بالاستحباب فظاهر ، وأمّا عند القائل بالوجوب فقد يقال إنّه لو قدّم «السلام
علينا» على «السلام عليكم» احتمل البطلان عند القائل بتعيّن الثاني لوقوع السلام
الثابت بالأخبار أنّه مخرج بغير قصد الإخراج والوجوب ، وعند القائل بتعيّن الأوّل
فيما إذا قدّمه بنيّة الندب مع عدم الإخراج ، وعند الشهيد في «الألفية » وأبي العباس في «المهذّب » حيث قالا : لو نوى بالأوّل الاستحباب وبالثاني الوجوب
لم يجز. والجواب ما ذكرناه آنفاً ، أو نقول : إنّ هذا لا يضرّ ، لأنّه مثل
__________________
ويسلّم المنفرد إلى القبلة مرّة ويومئ بمؤخَّر عينيه إلى يمينه ،
______________________________________________________
الدعاء والثناء في التشهّد وبعد الشهادتين كما دلّت عليه جملة من الروايات ، ونقول : إنّ قصد الندب لا يضرّ عند صاحب «الجامع» وقد
عرفت من جمع وسمعت الإجماع على استحبابه.
[في كيفية تسليم المنفرد]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويسلّم المنفرد إلى
القبلة مرّة ويومئ بمؤخَّر عينه إلى يمينه)
اشتمل كلامه
هذا على أحكام :
الأوّل : إنّ
التسليم إلى القبلة كما صرّح به في «المقنعة والفقيه والأمالي والنهاية والمبسوط والمصباح والجُمل والعقود وجُمل العلم والعمل والوسيلة والمراسم والغنية » وكتب المحقّق
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمصنّف والشهيدين وأبي العباس والمحقّق الثاني وغيرها . وفي «الغنية » الإجماع عليه. وفي «الكفاية » من غير إيماء. وفي «الوسيلة » يومئ بالتسليم تجاه القبلة. وفي «الذكرى » لا إيماء إلى القبلة بشيء من صيغتي التسليم المخرج
بالرأس ولا بغيره إجماعاً ، وأمّا المنفرد والإمام يسلّمان تجاه القبلة من غير
إيماء. وفي «الروضة » أنّ عليه النصّ والفتوى ، وقد أثبته الشهيد في «النفلية
واللمعة » مع نقله الإجماع كما سمعت على خلافه ، وقد سمعت ما في «الغنية
والوسيلة».
الثاني : أنّه
مرّة واحدة ، وقد نصّ على ذلك الأكثر ونقل عليه الإجماع
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في «الخلاف والغنية والتذكرة » وظاهر «المدارك والبحار ». وفي «الذكرى » أنّه الأشهر.
الثالث : أنّه
يومئ بمؤخّر * عينه إلى يمينه كما في «النهاية والمصباح والشرائع والنافع والمعتبر والمنتهى والتحرير والإرشاد والتذكرة والتبصرة والذكرى والدروس والبيان واللمعة
__________________
(*) مؤخر كمؤمّن
(كذا بخطّه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والموجز الحاوي وكشف الالتباس والجعفرية » لكن في «المعتبر والمنتهى» قاله الشيخ في النهاية ثمّ
أيّداه. وهو المشهور ولا رادّ له كما في «الروضة » والمشهور كما في «الميسية والمسالك والمفاتيح وشرحه والحدائق ». وفي «الروضة » أيضاً و «الروض » قاله الشيخ والجماعة. وفي «البحار » قاله الشيخ وأكثر الأصحاب. وفي «جامع المقاصد وإرشاد الجعفرية » انّ في دلالة الأخبار عليه تكلّفاً. ونحوه قال الشهيد
الثاني وسبطه والمولى الأردبيلي والمجلسي وغيرهم ممّن تأخّر. ويأتي بعد تمام نقل الأقوال الدليل الواضح
عليه إن شاء الله تعالى.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «المقنعة والمراسم » في فريضة الزوال ينحرف بعينه إلى يمينه. وفي «المقنعة » في نافلة الزوال يميل مع التسليمة بعينه إلى يمينه.
وفي «المراسم » فيها ينحرف بوجهه يميناً. وفي «جُمل العلم والعمل والانتصار والسرائر » على ما نقل عنه ينحرف بوجهه قليلاً إلى يمينه. وفي «الانتصار
» الإجماع عليه. وفي «الغنية » يسلّم المنفرد تسليمة واحدة إلى جهة القبلة ويومئ بها
إلى جهة اليمين ثمّ نقل الإجماع عليه. وعن «الاقتصاد » انّه بطرف الأنف. وفي «الأمالي » يميل بعينه إلى يمينه. وفي «الفقيه » انّه يميل بأنفه إلى يمينه. وفي «السرائر » أيضاً انّ المصلّي يسلّم تسليمة واحدة عن يمينه على
كلّ حال. وفي «الوسيلة » يومئ بالتسليم تجاه القبلة إلى الجانب الأيمن للإمام
والمنفرد ، انتهى. وفي «الخلاف » الإمام والمنفرد يسلّمان تسليمة واحدة. وقد نقل في «المعتبر
» الأحكام الثلاثة عن أبي الصلاح.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وليعلم أنّ ما
نقلناه عن «الذكرى» في الحكم الأوّل يعطي أنّ الإيماء للمنفرد والإمام إنّما هو
بعد التسليم. وقال المحقّق الثاني والشهيد الثاني انّه مخالف قولهم كون الإيماء بالتسليم. وقال في «جامع
المقاصد » أيضاً انّ المعقول من استحباب الإيماء إلى اليمين
بالتسليم إنّما هو حال التلفّظ به.
وأمّا ما يدلّ
على أنّ المنفرد يومئ بمؤخّر عينه فهو أنّ خبر عبد الحميد دلّ على أنّه يسلّم مستقبل القبلة وخبر أبي بصير المحكي
عن جامع البزنطي دلّ على أنّه يسلّم عن يمينه. وفي خبر المفضل انّه لا يومئ بالوجه ، وللجمع بين الأخبار اقتصر على
الإيماء بمؤخّر العين أو بصفحة الوجه.
ولمّا ورد في
الإمام مثل ما ورد في المنفرد من الاستقبال والتسليم على اليمين وأنّه لا يلتفت
كما في خبر الحضرمي وورد أنّ «السلام علينا» تحليل للصلاة وقضيته كونه مستقبل
القبلة وهو شامل للمأموم ، وورد أنّه يسلّم على اليمين واليسار إن كان هناك أحد كانت
قضية الجمع أيضاً أنّ الإمام والمأموم يومئان بمؤخّر العين أو صفحة الوجه لكنّهم
اختاروا الصفحة فيهما لما ظهر من الأخبار أنّ كلًّا منهما يسلّم على الآخر فلا بدّ
أن يكون إيماؤهما بالصفحة حتى يظهر من كلّ منهما أنّه يسلّم على الآخر أو يرد
عليه. وأمّا المنفرد فيكفيه مؤخّر العين لعدم تحقّق ذلك فيه كما في خبر المفضّل ،
وهو وإن خالف المشهور إلّا أنّه يعمل بما وافق المشهور منه. فقد اتضح الأمر وزال
الخطب ، فتأمّل جيّداً.
__________________
والإمام بصفحة وجهه ،
______________________________________________________
[في كيفية تسليم إمام الجماعة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والإمام بصفحة وجهه)
يريد أنّ
الإمام يسلّم تجاه القبلة مرّة واحدة ولكن يومئ بصفحة وجهه إلى يمينه.
أمّا الحكم
الأوّل وهو تسليمه تجاه القبلة فقد صرّح به الصدوق والسيّد والشيخ والطوسي وأبو المكارم والمحقّق والمصنّف والشهيد وغيرهم ممّن ذكر في المنفرد. وفي «الغنية » الإجماع عليه. وقد سمعت ما في «الوسيلة» وعرفت ما في «اللمعة
والنفلية» وسمعت ما في «الذكرى والروضة».
وفي «مجمع
البرهان » ما رأيت دليلاً على تسليم الإمام إلى القبلة مع
الإيماء بصفحة وجهه. وفي «المدارك » انّ المستفاد من صحيحة عبد الحميد أنّ الإمام يسلّم تسليمة واحدة عن اليمين. وفي رواية
أبي بصير «ثمّ تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة السلام عليكم» وفي الطريق محمد
بن سنان وهو
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ضعيف انتهى. قلت : ضعفه إن سلّمناه منجبر بفتوى الأصحاب فضلاً عن إجماع «الغنية»
ثمّ إنّ في صحيح أبي بصير المرادي «إذا كنت إماما فسلّم تسليمة وأنت مستقبل القبلة».
وفي «البحار » قد اختلفت الأخبار في إيماء الإمام ، ففي بعضها يسلّم
إلى القبلة وفي بعضها إلى اليمين ، وربما يجمع بينهما بأنّه يبتدئ أوّلا من القبلة
ثمّ يختمه مائلاً إلى اليمين وأنّه لا يميل كثيراً ليخرج عن حدّ القبلة ، بل يميل
بوجهه قليلاً. والأظهر حملها على التخيير. ويؤيّده ما في «فقه الرضا عليهالسلام » حيث قال : ثمّ سلّم عن يمينك وإن شئت يميناً وشمالاً
وإن شئت تجاه القبلة ، انتهى.
وعن الكاتب انّ الإمام إن كان في صفّ سلّم عن جانبيه. وهو مخالف
للمشهور من جهتين : إحداها عدم ذكر الاستقبال ، والاخرى ذكر التسليمتين كما يأتي.
وأمّا ما اشتمل
عليه كلام المصنّف من الحكم الثاني وهو كونه مرّة واحدة فهو المشهور كما في «جامع
المقاصد وشرح الجعفرية » والأشهر كما في «الذكرى » ونقل عليه الإجماع في «الخلاف والغنية والتذكرة ».
وأمّا الإيماء
بصفحة وجهه إلى يمينه فهو المشهور الّذي لا رادّ له كما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الروضة » والمشهور كما في «المفاتيح وشرحه والحدائق » ومذهب الأكثر كما في «البحار» وهو خيرة «النهاية وكتب المحقّق وكتب المصنّف والنفلية والذكرى والدروس والبيان واللمعة والموجز الحاوي وكشف الالتباس وفوائد الشرائع والجعفرية وشرحها والكفاية » إلّا أنّ في بعضها بوجهه «كالنهاية» وغيرها.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الأمالي والفقيه » يميل بعينه إلى يمينه. وفي «المصباح » أنّه يومئ بمؤخر العين. وعن «الاقتصاد » أنّه يومئ بطرف الأنف. وفي «الانتصار وجمل العلم والسرائر » أنّه ينحرف بوجهه قليلا ، وفي الأوّل الإجماع عليه.
وفي «الغنية » يومئ بالتسليمة إلى جهة اليمين ، وفيها الإجماع عليه.
وفي «السرائر » أيضاً في المصلّي انّه يسلّم تسليمة واحدة إلى اليمين
، وفي «الوسيلة » يومئ بالتسليم تجاه القبلة إلى الجانب الأيمن. وفي «المدارك
والمفاتيح » يسلّم عن يمينه.
وفي «مجمع
البرهان » الّذي يستفاد من الأخبار تسليم الإمام على اليمين
فكأنّه المراد بصفحة الوجه. وقال : إنّ تسليم الإمام إلى القبلة مع الإيماء بصفحة
وجهه لا دليل عليه كما تقدّم. وفي «الروضة » معنى إيمائه بصفحة وجهه يميناً أنّه يبتدأ بالسلام إلى
القبلة ثمّ يشير بباقيه إلى اليمين بوجهه. وبه جمع بين الأخبار في «الروض والبحار » واحتمل في «الروض » أيضاً في الجمع أنّ الإيماء
__________________
وكذا المؤموم ، ولو كان على يساره أحدٌ سلّم ثانيةً يومئ بصفحة وجهه عن
يساره ،
______________________________________________________
إلى اليمين لا ينافي الاستقبال. وفي «المسالك » ينبغي الإيماء بصفحة الوجه بعد التلفّظ بالسلام عليكم
إلى القبلة في الإمام والمأموم.
وفي «الذكرى » أيضاً أنّ المنفرد والإمام يسلّمان تجاه القبلة من غير
إيماء ، وأمّا المأموم فإنّه يبتدئ به مستقبل القبلة ثمّ يكمّله بالإيماء إلى
الجانب الأيمن أو الأيسر. قال في «كشف اللثام » عند نقل هذه العبارة الظاهر عند ضمير الخطاب. وقد سمعت
ما اعترضه به المحقّق الثاني والشهيد الثاني. وقال الاستاذ أدام الله تعالى حراسته : الجمع بين الاستقبال وكونه عن
يمين أو شمال يجعل أوّل التسليم إلى القبلة وآخره إلى اليمين أو الشمال فاسد كما
لا يخفى.
[في كيفية تسليم المأموم]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وكذا المأموم ، ولو
كان على يساره أحد سلّم ثانيةً)
و (يومئ
بصفحة وجهه على يساره) يريد أنّ المأموم إذا لم يكن على يساره أحد يسلّم تجاه
القبلة مرّة واحدة ويومئ بصفحة وجهه كالإمام.
ونحن نقول :
أمّا تسليمه تجاه القبلة فهو المشهور كما في «المفاتيح » وهو الذي تقتضيه عبارة «الأمالي والوسيلة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والغنية والشرائع والتذكرة والدروس والبيان واللمعة والموجز الحاوي وفوائد الشرائع وكشف الالتباس » بل كاد يكون صريح هذه بل في بعضها التصريح به ، بل هو
ظاهر «النافع والمعتبر والمنتهى والتحرير » حيث قيل فيها : والمأموم يسلّم تسليمتين بوجهه ، فيحمل
بقرينة ما تقدّمه على أنّه يسلّم بوجهه إيماءً لا التفاتاً. وفي «البحار » قال الأصحاب : المأموم يسلّم على الجانبين إن كان على
يساره أحد وإلّا فعن يمينه ويومئ بصفحة الوجه. وفي
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«الفوائد الملية » وأمّا الإيماء بصفحة الوجه فذكره الشيخ وتبعه الجماعة
، انتهى.
والإيماء بصفحة
الوجه يقضي بالتسليم حال الاستقبال إلّا أنّ الشيخ لم يذكر في المأموم الإيماء
بصفحة الوجه لا في «النهاية » ولا «المبسوط » ولا «الخلاف » ولا «الجُمل » وإنّما فيها وفي «المصباح والانتصار وجُمل العلم والسرائر والإرشاد والتبصرة والجعفرية وشرحها وجامع المقاصد والكفاية » أنّ المأموم يسلّم تسليمتين يمينا ويسار إن كان على
يساره أحد وإلّا يمينا ، وفي «الانتصار » الإجماع عليه. وفي «المفاتيح » أنّ المأموم يسلّم تسليمتين. وقد سمعت ما في «الذكرى»
من أنّه يبتدئ به مستقبل القبلة ثم يكمّله بالإيماء إلى الجانب الأيمن أو الأيسر
وسمعت ما في «المسالك»
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
من أنّه ينبغي له الإيماء بالصفحة بعد التلفّظ بالسلام عليكم إلى القبلة ،
انتهى.
وأمّا الإيماء
بصفحة وجهه فهو الظاهر من كلام كلّ من قال إنّه يسلّم تجاه القبلة ويومئ بالتسليمة
إلى اليمين بل في كثير منها التصريح بالصفحة. وفي «المعتبر والنافع والمنتهى والتحرير والتذكرة » التصريح بالوجه. وفي «الأمالي » يميل بعينه إلى يمينه ، وقد سمعت ما في «البحار
والفوائد الملية». وفي «الروضة » الإيماء بصفحة الوجه مشهور بين الأصحاب لا رادّ له ،
إلّا أنّه قال : لا دليل عليه ظاهراً. ومثله ما في «الروض والمدارك » وقد عرفت الوجه في ذلك.
وأمّا اقتصاره
حينئذٍ أي حيث لا يكون على يساره أحد على المرّة الواحدة فقد يظهر من «الخلاف » الإجماع عليه وهو قضية الكتب السالفة. وقد تسالم
الأصحاب ما عدا الصدوقين على أنّه إذا كان على يساره أحد يسلّم تسليمتين فقط
وإنّما اختلفوا في كيفيّته كما عرفت. وفي «الانتصار والغنية » وظاهر «الخلاف » الإجماع عليه. وفي «المفاتيح » وكذا
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«النفلية » انّه المشهور.
وقال في «الفقيه
» وإن كنت خلف إمام تؤمّ به فسلّم تجاه القبلة واحدة ردّاً على الإمام
وتسلّم على يمينك واحدة وعلى يسارك واحدة إلّا أن لا يكون على يسارك إنسان فلا
تسلّم على يسارك إلّا أن تكون بجنب الحائط فتسلّم على يسارك ، ولا تدع التسليم على
يمينك كان على يمينك أحد أولم يكن. ونقل مثله عن «المقنع» وعن والده. وقال الشهيدان والمحقّق الثاني : لا بأس باتباعها ، لأنّهما جليلان لا يقولان إلّا عن
ثبت. وقال في «الأمالي » والتسليم يجزي مرّة واحدة مستقبل القبلة ويميل بعينه
إلى يمينه ، ومن كان في جمع من أهل الخلاف سلّم تسليمتين عن يمينه تسليمة وعن
يساره تسليمة كما يفعلون للتقية ، يعني منفرداً كان أو إماماً أو مأموماً ، وهذا
منه مخالفة اخرى للمشهور بين علمائنا.
هذا ، وقد فهم
الأصحاب من الصدوقين جعل الحائط على يساره كافياً في استحباب التسليمتين للمأموم.
وقال الاستاذ أدام الله تعالى حراسته في «شرح المفاتيح» لعلّ مراد
الصدوق من قوله : إلّا أن تكون بجنب الحائط ، أن يكون في يمينك الحائط ويسارك
المصلّي فتسلّم على يسارك وتترك التسليم على اليمين ، إذ الحائط لا يسلّم عليه ،
واكتفى بقوله : فتسلّم على يسارك ، عن إظهار كون الحائط على اليمين خاصّة إذ لم
يقل وتسلّم على يسارك أيضاً. فيكون نظره
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
إلى رواية المفضّل. والحاصل : أنّ مراده أنّه لا يسلّم على اليسار إذا لم
يكن فيه أحد بخلاف اليمين فإنّه لا يترك إلّا في صورة واحدة وهي أن يكون بجنب
الحائط وعلى يساره واحد مصلّ أو جماعة ، انتهى فتأمّل فيه.
وفي خبر
المفضّل قال : فلم يسلّم المأموم ثلاثاً؟ قال عليهالسلام : تكون واحدة ردّاً على الإمام وتكون عليه وعلى ملكيه
وتكون الثانية على يمينه والملكين الموكّلين به وتكون الثالثة على يساره والملكين
الموكّلين به ، ومن لم يكن على يساره أحد لم يسلّم على يساره إلّا أن يكون يمينه
إلى الحائط ويساره إلى من صلّى معه خلف الإمام فيسلّم على يساره ، انتهى كلام
الخبر.
وفي «السرائر » لا يترك التسليم على يمينه على كلّ حال ، كان أحد أولم
يكن.
وفي «الذكرى » أنّ الإيماء بالتسليم إلى الجانب الأيمن أو الأيسر فيه
دلالة على استحباب التسليم أو على أنّ التسليم وإن وجب لا يعدّ جزءً من الصلاة ،
إذ يكره الالتفات في الصلاة من الجانبين ويحرم إن استلزم استدباراً. ويمكن أن يقال
التسليم وإن كان جزءً من الصلاة إلّا أنّه خرج من حكمه استقبال القبلة بدليل من
خارج ، انتهى. وبالأخير أجاب في «جامع المقاصد ». قلت : وكلامهما يعطي أنّ مرادهما بالإيماء الالتفات
وفيه نظر ظاهر ، إذ هو غيره كما صرّح به المحقّق الثاني في تعليق النافع .
وفي «الذكرى » بعد نقل صحيح ابن جعفر الّذي يقول فيه انّه رأى إخوته
موسى وإسحاق ومحمداً يسلّمون على الجانبين ما نصّه : يبعد أن تختصّ الرؤية
__________________
ويومئ بالسلام على مَن على ذلك الجانب من الملائكة ومسلمي الإنس والجنّ ،
والمأموم ينوي بإحداهما الإمام ،
______________________________________________________
بهم مأمومين ، بل الظاهر الإطلاق وخصوصاً وفيهم الإمام عليهالسلام ، وفيه دلالة على استحباب التسليمتين للإمام والمنفرد
أيضاً غير أنّ الأشهر فيهما الواحدة ، انتهى. قلت : ويحتمل التقية لحضور العامّة
أو للتعليم ، بل هذان الاحتمالان ظاهران.
وليعلم أنّ
الظاهر من «الأحد» في الأخبار وكلام الأصحاب حيث يقال : إن كان على يساره أحد ، هو
الإنسان كما صرّح به في «الفقيه والخلاف والتهذيب » وغيرهما ، ولهذا تردّد بعضهم في وجوب الردّ عليه مثل وجوبه على
المأموم في الردّ على الإمام ، والظاهر عدم الوجوب فيهما للأصل وعدم ظهور تسمية
ذلك تحية ، بل هو تسليم الصلاة ولو ظهر ذلك للمأمومين ومَن على يساره وجب الردّ
ولكنّ الظهور بعيد والاحتياط يقتضي الردّ ، ويأتي تمام الكلام فيه.
[مَن يقصده الإمام والمأموم بالتسليم]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويومئ بالسلام على من
على ذلك الجانب من الملائكة ومسلمي الإنس والجن ، والمأموم ينوي بإحداهما الإمام)
الّذي يستفاد
من هذه العبارة بملاحظة أطرافها أنّ الإمام والمنفرد والمأموم يشتركون في أنّه
يستحبّ لهم أن يقصدوا بالسلام السلام على مَن هو على ذلك الجانب الذي يؤمون إليه
بمؤخّر العين أو صفحة الوجه من غير تعيين دون من عداهم ، وأنّ المأموم يختصّ
بالردّ على الإمام بإحدى التسليمتين الاولى أو الثانية.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وقال في «المنتهى
» لو نوى بالتسليم الخروج من الصلاة كان أولى ، ولو نوى مع ذلك الردّ على
الملكين وعلى مَن خلفه إن كان إماماً أو على مَن معه إن كان مأموماً فلا بأس به
خلافاً لقوم من الجمهور. ونحوه ما في «التحرير » من دون تفاوت.
وفي «الذكرى والبيان وفوائد الشرائع والجعفرية وشرحها وجامع المقاصد والمسالك والكفاية والمفاتيح » انّ المنفرد يقصد الأنبياء والأئمة والحفظة عليهمالسلام. ويقصد الإمام مع ذلك المأمومين لذكر اولئك وحضور
هؤلاء. وظاهر «المفاتيح» نسبته إلى الأصحاب. وفي «الروض » نصّ على قصد الإمام فقط ، وذكر فيه كما ذكروا.
وفي «اللمعة والروضة » وليقصد المصلّي بصيغة الخطاب بتسليمه الأنبياء
والملائكة والائمة عليهمالسلام والمسلمين من الجنّ والإنس. ومثله ما في «النفلية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والفوائد الملية ». وفي «رسالة صاحب المعالم » نسبته إلى الأصحاب.
وقال الشهيدان
في «النفلية وشرحها » ويقصد الامام مع ذكر المؤتّم وأنّه يترجم عن الله
سبحانه وتعالى شأنه. وذكر في «الذكرى » أنّ المصلّي مطلقاً لو أضاف إلى ما ذكره فيها قصد
الملائكة أجمعين ومَن على الجانبين من مسلمي الإنس والجنّ كان حسناً. ومثله ما في «فوائد
الشرائع والمسالك وشرح الجعفرية ».
وفي «الموجز
الحاوي » ما نصّه : ويقصد بالاولى الخروج وبالثانية الأنبياء
والملائكة والحفظة والأئمة عليهمالسلام ومَن على ذلك الجانب من مسلمي الجنّ والإنس ، والمأموم
بالاولى الردّ وبالثانية المأمومين ، انتهى كلامه ، فليتأمّل فيه.
وعن «الكافي » أنّه قال : الفرض الحادي عشر السلام عليكم ورحمة الله
يعني محمداً وآله صلّى الله عليهم والحفظة عليهمالسلام وقد يلوح من كلامه هذا الوجوب. وقال جماعة : هذا القصد المذكور في كلامهم لا دليل عليه.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قلت : في حسن
ابن اذينة الوارد في المعراج ما يصلح دليلاً لقصد النبيين
والملائكة. ونحوه خبر المفضّل بن عمر وخبر أبي بصير ، وفي خبر «الفقيه » عن أمير المؤمنين عليهالسلام ما يصلح دليلاً لسلام الإمام على الجماعة ، وفي خبر آخر
لأبي بصير ما يدلّ على السلام على الملكين أو الحفظة. وقد سمعت ما
في «الذكرى» وغيرها من أنّ الباعث على ذلك في الإمام ذكر اولئك وحضور هؤلاء. هذا
كلامهم فيما يتعلّق بالإمام والمنفرد.
وأمّا كلامهم
فيما يتعلّق بالمأموم فقد سمعت ما في «المنتهى والتحرير والموجز الحاوي». وفي «الذكرى»
انّ الأصحاب على القول بالوجوب أنّ الاولى من المأموم للردّ على الإمام والثانية
للإخراج من الصلاة ، ولذا احتاج إلى تسليمتين ، وفي «المفاتيح » أيضاً نسبته إلى الأصحاب.
وفي «الذكرى»
أيضاً انّ الأصحاب يقولون إنّ التسليمة تؤدّي وظيفتي الردّ والتعبّد به في الصلاة.
قال : وهذا يتمّ حسناً على القول باستحباب التسليم. وقال : ويمكن أن يقال ليس
استحباب التسليمتين في حقّه لكون الاولى ردّاً والثانية مخرجة ، لأنّه إذا لم يكن
على يساره أحد اكتفى بالواحدة عن يمينه وكانت محصّلة للردّ والخروج من الصلاة
وإنّما شرعية الثانية ليعمّ السلام من على الجانبين ، لأنّه بصيغة الخطاب ، فإذا
وجّهه إلى أحد الجانبين اختصّ به وبقي الجانب الآخر بغير تسليم ، ولمّا كان الإمام
ليس على جانبيه أحد اختصّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بالواحدة وكذلك المنفرد ، ولهذا حكم ابن الجنيد بما تقدّم من تسليم الإمام
إذا كان في صفّ عن جانبيه ، انتهى.
وفي «المبسوط » من قال إنّه فرض فبتسليمة واحدة يخرج من الصلاة وينبغي
أن ينوي بها ذلك والثانية ينوي بها السلام على الملائكة أو على مَن في يساره.
ونحوه «نهاية الإحكام ». وفي «التذكرة » الاقتصار على حكاية ما في المبسوط. وفي «الجعفرية وشرحها والروض والمسالك » انّ المأموم يقصد بأوّلهما الردّ على الإمام وبالثانية
الأنبياء والأئمة عليهمالسلام والحفظة والملائكة والمأمومين. وفي «الدروس » في الثانية المؤتمّين. وفي «البيان وجامع المقاصد والروضة » يقصد بالثانية مقصد الإمام. وفي «فوائد الشرائع » يقصد في الثانية الأنبياء والأئمة والمأمومين. وفي «الكفاية
» الأولى أن يقصد المأموم مع الأنبياء والأئمة والحفظة الردّ على الإمام.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الفقيه » كما عن «المقنع » انّ المأموم يسلّم واحدة تجاه القبلة ردّاً على الإمام
واخرى على اليمين واخرى على اليسار إن كان عليه أحد أو حائط كما مرَّ. قال الشهيد : وكأنّه يرى أنّ التسليمتين ليستا للردّ بل هما عبادة
محضة متعلّقة بالصلاة ، ولمّا كان الردّ واجباً في غير الصلاة لم يكف عنه تسليم
الصلاة ، وإنّما قدّم الردّ لأنّه واجب مضيّق ، إذ هو حقّ الآدمي ، انتهى. وفي «البحار
والحدائق » الظاهر أنّ الصدوق بنى حكمه بالثلاثة على خبر المفضّل
، نعم ما ذكره في الذكرى يصلح حكمة للحكم كما يومئ إليه الخبر ، انتهى.
واحتمل في «الذكرى
» الوجوب في الاولى للردّ على الإمام واستدلّ عليه بالآية الشريفة ، والاستحباب ، لأنّه لا يقصد به التحيّة
وإنّما الغرض به الإيذان بالانصراف من الصلاة. وفي «جامع المقاصد » احتمال الوجوب ضعيف جدّاً. وفي «الروض والكفاية والمفاتيح » نسبته إلى القيل. وفي «البيان والدروس والنفلية وفوائد الشرائع والموجز الحاوي
__________________
ثمّ يكبّر ثلاثاً رافعاً يديه بها.
______________________________________________________
وكشف الالتباس والروض والفوائد الملية » عدم الوجوب. واستظهره في «مجمع البرهان ». وفي «المفاتيح » نسبته إلى الأصحاب.
وقال في «الذكرى»
وعلى القول بوجوب الردّ يكفي في القيام به واحد فيستحبّ للباقين. وقال : وإذا
اقترن تسليم المأموم والإمام أجزأ ولا ردّ هنا ، وكذلك إذا اقترن تسليم المأمومين
لتكافؤهم في التحية . ونحوه ما في «إرشاد الجعفرية ».
[استحباب التكبيرات الثلاث]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ثمّ يكبّر ثلاثاً
رافعاً يديه بها) هذا قاله الأصحاب كما في «الذكرى وجامع المقاصد » وعليه نصّ الشيخان وأكثر من تأخّر عنهما.
والمراد بكلّ
واحدة من التكبيرات كما نصّ على ذلك في «المقنعة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والمهذّب» فيما نقل «والسرائر والدروس ». وفي «المصباح » يكبّر ثلاث تكبيرات في ترسّل واحد. ولعلّه أراد
التوالي.
وفي «المنتهى وجامع المقاصد » انّ هذا التكبير قبل أن يثني رجليه.
وفي «المقنعة والمفاتيح » انّه يرفعهما حيال وجهه مستقبلاً بظاهرهما وجهه
وبباطنهما القبلة. وفي «النهاية والمبسوط والسرائر وجامع الشرائع والتحرير والتذكرة والمنتهى والدروس والموجز الحاوي وكشف الالتباس والجعفرية وشرحها والمهذّب» على ما نقل عنه أنّ منتهى الرفع شحمتا الاذنين.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «المقنعة » ثمّ يخفض يديه إلى نحو فخذيه. وفي «السرائر » ثمّ يرسلهما إلى فخذيه بترسّل واحد. وفي «الذكرى وجامع المقاصد » فيضعهما على الفخذين أو قريباً منهما ، قاله الأصحاب.
قلت : وبذلك صرّح جماعة . وفي «التحرير » فيضعهما على الفخذين.
وعن الشيخ عبد
الجليل القزويني مرفوعاً في كتاب بعض مثالب النواصب في نقض بعض فضائح الروافض أنّه
صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى الظهر يوماً فرأى جبرئيل عليهالسلام فقال : الله أكبر ، فأخبره جبرئيل برجوع جعفر من أرض
الحبشة فكبّر ثانياً ، فجاءت البشارة بولادة الحسين عليهالسلام فكبّر ثالثاً . وفي «العلل» عن المفضّل بن عمر «أنّه سأل الصادق عليهالسلام عن العلّة فيها ، فقال : لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا فتح مكة صلّى بأصحابه الظهر عند الحجر الأسود ،
فلمّا سلّم رفع يديه وكبّر ثلاثاً وقال : لا إله إلّا الله وحده وحده ، أنجز وعده
، ونصر عبده ، وأعزّ جنده ، وغلب الأحزاب وحده ، فله الملك وله الحمد ، يحيي ويميت
وهو على كلّ شيء قدير. ثمّ أقبل على أصحابه فقال : لا تدعوا هذا التكبير وهذا
القول في دبر كلّ صلاة مكتوبة فإنّ مَن فعل ذلك بعد التسليم وقال هذا القول كان قد
أدّى ما يجب عليه من شكر الله تعالى على تقوية الإسلام وجنده ».
__________________
ويستحبّ القنوت
في كلّ ثانية
______________________________________________________
[حكم القنوت في كلّ ثانية]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويستحبّ القنوت في
كلّ ثانية) من فريضة أو نافلة مرّة إجماعاً كما في «المعتبر والمنتهى والتذكرة وكشف اللثام » إلّا أنّه قال في الأخير : إلّا ممّن أوجبه ومن نفاه
عن ثانية الجمعة. وفي «الغنية » الإجماع على استحبابه في الركعة الثانية بعد القراءة.
وكذا «السرائر والذكرى ». وفي «المختلف والمفاتيح والبحار » انّ استحباب القنوت هو المشهور. وفي «جامع المقاصد والروض وكنز العرفان والفوائد الملية وآيات الأردبيلي والمدارك » انّه مذهب الأكثر. وفي «التنقيح
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والكفاية » انّه الأشهر. وعن الشيخ أحمد بن المتوّج وأبي العباس أنّ القائل بالوجوب غير معلوم . وكذا قال الأردبيلي في «مجمع البرهان » ولعلّ ذلك منهم لأنّه لم يظهر من الحسن والصدوقين
المخالفة كما سيأتي. وفي «التذكرة » أيضاً أنّه مستحبّ لو أخلّ به لم تبطل صلاته عند
علمائنا. وفي «المنتهى » أيضاً نسبة ذلك إلى الأكثر.
وفي «التنقيح » عن التقي انّه أوجبه ولم نجد ذلك ولا نقله غيره. وفي «الفقيه
» انّه سنة واجبة. وقال في «التذكرة » : قد يجري في بعض عبارات أصحابنا الوجوب والقصد شدّة
الاستحباب ، لكن في «المعتبر والمنتهى والمختلف »
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وغيرها انّ الصدوق قائل بالوجوب وانّه متى تعمّد تركه وجبت
عليه الإعادة ، والاحتجاج له بالآية وخبر عمّار . وعبارة «الفقيه» إنّ من تركه في كلّ صلاة فلا صلاة له
، قال الله عزوجل : (وَقُومُوا لِلّهِ
قانِتِينَ) . قلت : كلامه في السلب الكلّي أظهر. وفي «المقنع والهداية » مَن تركه متعمّداً فلا صلاة له ، ولكن قد يلوح من «الهداية»
أنّ ذلك قول الصادق عليهالسلام وقال الصادق عليهالسلام في خبر عمّار : «ليس له أن يدعه متعمّداً». وفي خبر وهب
بن عبد ربّه «مَن ترك القنوت رغبةً عنه فلا صلاة له». قال في «التذكرة» : هذا محمول على نفي الفضيلة ولأنّه مشروع
فتركه رغبة عنه يعطي كون التارك مستخفّا بالعبادة وهذا لا صلاة له . قلت : لا يتركه رغبةً عنه إلّا العامّة ولا صلاة لهم.
واختلف النقل
عن الحسن بن عيسى ، فبعضهم أنّه أوجبه مطلقاً ، وبعضهم أنّه أوجبه في الجهرية ، وبعضهم نسب ذلك إلى ظاهره. وقال في «المختلف» : وقال ابن أبي
عقيل : مَن تركه متعمّداً بطلت صلاته وعليه الإعادة ، ومَن تركه ساهياً لم يكن
عليه شيء ، انتهى.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ونسب الشهيد في
«البيان» إلى المفيد القول بوجوبه في الركعة الاولى من الجمعة ، وكلام المفيد كذا : ومن صلّى خلف إمام بهذه الصفات
وجب عليه الإنصات عند قراءته والقنوت في الاولى من الركعتين في فريضة ، وفي نسخة
اخرى : في فريضته . ولعلّه يريد موضع وجوبه وهو الجمعة.
وقد أجاب جماعة
من متأخّري المتأخّرين عن الاستدلال على الوجوب بالآية الكريمة بأنّها إنّما
أوجبت القيام عند القنوت والقنوت فيها يحتمل الخضوع والطاعة ، وإن سلّم أنّه
الدعاء فكلّ من الأذكار الواجبة دعاء والفاتحة مشتملة على الدعاء ، على أنّ
الاختصاص بالصلاة الوسطى قائم.
وفيه : أنّه لا
قائل بالفصل وأنّه مبنيّ على نفي الحقيقة الشرعية ، لأنّ القنوت لفظ استعمل في
معنى جديد وهو الدعاء في أثناء الصلاة في محلّ معيّن ، سواء كان مع رفع اليدين أم
لا ، فلا يحمل عند القائل بثبوت الحقيقة الشرعية على شيء من المعاني الخمسة
المذكورة في القاموس ، ولا على شيء ممّا ذكره ابن الأثير ، ولا يلتفت إلى قول المفسّرين بعد ما روي عن الصادقين عليهماالسلام أنّه الدعاء في الصلاة حال القيام. وهو الّذي نقله
الطبرسي عن ابن عباس. وإرادة الدعاء الّذي في الفاتحة بعيدة
جدّاً. وقد يعطي قول الرضا عليهالسلام في صحيح البزنطي «إذا كانت التقية فلا تقنت » دخول الرفع لليدين في القنوت ، إذ لا تقيّة غالباً
إلّا فيه ، لكن
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
جمهور الأصحاب صرّحوا بعدم دخول رفع اليدين فيه ، والأمر فيه سهل.
وأجاب عن الآية
الكريمة في «المختلف» بأنّ أقصى ما تدلّ عليه وجوب الأمر بالقيام فيه لله إن قلنا
بوجوب المأمور به ، وهذا كما يتناول الصلاة فكذا غيرها ، فليس فيه دلالة على وجوب
القيام للصلاة ، سلّمنا وجوب القيام للصلاة ، لكنّها كما تحتمل وجوب القنوت تحتمل
وجوب القيام حالة القنوت وهو الظاهر من مفهوم الآية. وليس دلالة الآية على وجوب
القيام الموصوف بالقنوت بأولى من دلالتها على تخصيص الوجوب حالة القيام ، بل
دلالتها على الثاني أولى لموافقة البراءة الأصلية ، انتهى. كذا وجدناه فيما عندنا من نسخ المختلف.
ولا يخفى عليك
ما في قوله : وجوب الأمر بالقيام ، وما في قوله : على تخصيص الوجوب حالة القيام ،
والّذي يظهر أنّ المراد حالة القنوت ، والقيام إنّما وقع سهواً من قلمه الميمون ،
ولعلّه يحاول بيان حال الحال بعد الأمر ، وأنّها تارةً تقع مقيّدة له ولا يلزم من
وجوب المأمور به وجوبها كما في : اضرب هنداً جالسة ، وكقولك : افطر مسافراً وكل
جائعاً ونحو ذلك ، وتارةً يلزم من وجوبه وجوبها كما في قولنا : حجّ مفرداً وادخل
مكّة محرماً. وكأنّه يقول إنّ ما نحن فيه من قبيل الأوّل. ونحن نقول : قد نصّ
النحويون أنّ الحال بعد الأمر إذا كانت من نوع الفعل المأمور به
كما في : حجّ قارناً ، أو من فعل الشخص المأمور كما في : ادخل مكة محرماً ، فإنّه
يلزم من وجوب المأمور به وجوبها ، وأنّها إذا خرجت عن هذين كما في : اضرب هنداً
جالسة ، فلا يلزم من وجوبه وجوبها ، ولا ريب أنّ ما نحن فيه
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
من قبيل ما كان من فعل الشخص ، لكن هذه القاعدة غير مطّردة كما في قولك :
افطر مسافراً ، وما نحن فيه من هذا القبيل.
هذا ، وليعلم
أنّ عمومات هذه الإجماعات وعمومات الأخبار وصريح خبر رجاء بن الضحّاك دالّة على استحباب القنوت في الركعة الثانية من الشفع.
وقد نصّ على ذلك من الأصحاب الطوسي في «الوسيلة » وغيره ، بل لا نعرف الخلاف في ذلك من أحد من علمائنا كما
اعترف به الشيخ البهائي في «حاشية مفتاح الفلاح» كما يأتي ، ومع ذلك خالف في ذلك
وسبقه إليه صاحب «المدارك » وتبعه الفاضل الخراساني وتبعهم المحدّث البحراني ونسب إلى الأصحاب ما لا يليق. وقال في «البحار» : لم
يستثن الشفع أحد من قدماء الأصحاب. ومال بعض المتأخّرين في العصر السابق إلى سقوط
القنوت في الشفع استناداً إلى خبر ابن سنان ، مع أنّه لا دلالة فيه إلّا بالمفهوم
والمنطوق مقدّم .
وهذه المسألة
جرى البحث فيها بين استاذنا وإمامنا وعمادنا شيخ العراق على الإطلاق وصدر جريده
وبيت قصيده ، وكم به من أعيان العلماء الّذين إذا رأيتهم رأيت ما رأيت وعلمت أنّك
بأيّهم اقتديت اهتديت وهو العلّامة الحبر الفهّامة الطيّب الطاهر المطهّر الشيخ الأعظم
مولانا الشيخ جعفر أدام الله تعالى حراسته. وبين استاذنا واستاذه وآية الله سبحانه
في بلاده العلّامة العلامة الواضحة على العصمة في أجداده صلوات الله عليهم أجمعين
وهو رأس رؤساء الفضلاء
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وعين أعيان العلماء سيّدنا وإمامنا ومولانا السيّد محمّد المهدي دام ظلّه
العالي ، ولكنّي لم أفز في ذلك اليوم بشرف حضور ذكر المجلس وإنّما بلغني أنّ شيخنا
المشار اليه أسبغ الله نعمه عليه قضى العجب ممّن أنكر استحباب القنوت في الركعة
الثانية من الشفع ، وأنّ سيدنا المذكور كساه الله ثوب السرور عارضه في ذلك.
وقال الشيخ
البهائي في «حاشية مفتاح الفلاح» : القنوت في الوتر الّتي هي عبارة عن الركعات
الثلاث إنّما هو في الثالثة والاولييان المسمّاتان بركعة الشفع لا قنوت فيهما.
واستدلّ بصحيحة عبد الله بن سنان عن «الصادق عليهالسلام قال : القنوت في المغرب في الركعة الثانية وفي العشاء
والغداة مثل ذلك وفي الوتر في الركعة الثالثة » قال : وهذه الفائدة لم ينبّه عليها علماؤنا ، انتهى. وظاهره أنّ القول باستحبابه في ثانية الشفع
معروف مشهور حتى أنّه لم يجد فيه مخالفاً قبله ، وهو كذلك إلّا أنّه قد سبقه إليه
صاحب «المدارك» ولعلّه لم يقف عليه. قال في أوّل كتاب الصلاة في الفوائد الّتي
قدّمها : الثامنة : يستحبّ القنوت في الوتر في الركعة الثالثة لقول الصادق عليهالسلام في صحيحة عبد الله بن سنان .. وساق الخبر . وجرى على منواله الفاضل الخراساني .
وقال المحدّث
البحراني : إنّ منشأ شبهة الأصحاب في المسألة هو دلالة الأخبار على فصل الركعتين
الاوليين من الوتر ، فجعلوها بهذا صلاةً منفصلة واستدلّوا على استحباب القنوت فيها
بما دلّ على القنوت في كلّ ركعتين من النوافل. والمفهوم من الأخبار أنّ الثلاث
صلاة واحدة مسمّاة بالوتر ، غاية الأمر أنّ الشارع جوّز الفصل فيها. ومتى ثبت
أنّها صلاة واحدة فليس فيها إلّا قنوت واحد كسائر الصلوات ومحلّه الثالثة منها كما
في الخبر. وقال قبل ذلك : إنّ إطلاق الوتر على الواحدة إنّما نشأ من المتأخّرين.
وبيّن وجه الدلالة في الخبر بأنّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
القنوت معرّف باللام وخبره قوله عليهالسلام في الركعة الثانية وفي المغرب ظرف لغو ، فيجيء حصر
المبتدأ في الخبر ، فيصير التقديم قنوت المغرب في الركعة الثانية لا في الاولى
والثالثة وقنوت الوتر في الثالثة لا في الاولى والثانية انتهى كلامه ملخّصاً.
وفيه بعد ما
سمعت من الإجماعات أنّ خبر رجاء بن الضحّاك صريح في أنّ الرضا عليهالسلام كان يقنت في الثانية من الشفع. وضعفه منجبر بالشهرة
وعمل الأصحاب وعمومات الأخبار والإجماعات المشتملة على كلّ صلاة فريضة ونافلة ،
على أنّ هذا الخبر قد اشتمل على أحكام اخر عمل بها الأصحاب ، على أنّه هو لا يفرّق
بين الصحيح والضعيف.
وقوله : إنّ
الثلاث صلاة واحدة وإنّ إطلاق الوتر إنّما نشأ من المتأخّرين ، ففيه أنّ هذه
التسمية مشهورة بين قدماء أصحابنا كالصدوق والمفيد والشيخ والسيّد والديلمي والطوسي والحلبيين والعجلي والمحقّق وغيرهم فإنّهم نصّوا على تسمية الواحدة بالوتر كما بيّناه فيما
سلف. وقد استوفينا الكلام
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في ذلك بما لا مزيد عليه ، فليلحظ في أوّل كتاب الصلاة. سلّمنا أنّ الثلاث
صلاة واحدة لكن فليكن القنوت في الثانية منها ، لأنّ الأخبار والإجماعات ناطقة
باستحبابه في كلّ ثانية وأين يقع خبر ابن سنان من هذه ، على أنّه قابل للحمل على
تأكّد الاستحباب كما صنع جماعة أو على بيان أنّ الوتر هي الثالثة لا الثلاثة كما تقوله
العامّة أو على ما إذا صلّاها موصولة للتقية كما ورد ذلك في بعض
الأخبار أو يحمل على التقيّة. ويمكن وجه آخر قريب وهو أن يكون
التنصيص على الثالثة لأنّها فرد خفي لأنّها مفردة مفصولة والمشهور (وقد اشتهر خ ل)
أنّ القنوت إنّما يكون في الركعتين. وقد سمعت ما في «البحار» وقال فيه أيضاً :
ويمكن حمله على أنّ القنوت المؤكّد الذي يستحبّ إطالته إنّما هو في الثالثة ،
ويمكن حمله على التقيّة ، لأنّ أكثر المخالفين يعدّون الشفع والوتر صلاةً واحدة
ويقنتون في الثالثة ، انتهى.
قلت : ثمّ إنّ
في سند الخبر في «الاستبصار » اضطراباً حيث فيه عنه يعني الحسين بن سعيد عن فضالة عن
ابن مسكان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وقد قال النجاشي : إنّ ابن مسكان لم تثبت روايته عن الصادق عليهالسلام. وقد روى النجاشي عن أبي الحسن البغدادي عن السورائي
أنّه قال : كلّ شيء رواه الحسين بن سعيد عن فضالة فهو غلط . ثمّ إنّه لم تعهد روايته عن ابن مسكان ، على أنّ
الموجود
__________________
قبل الركوع بعد القراءة ،
______________________________________________________
في «التهذيب » عن ابن سنان ، وهو وإن كان الظاهر أنّه عبد الله لكنّ
مثل ذلك ممّا يقال في مقام الترجيح ، ثمّ إنّ إعراض الأصحاب عن ظاهر هذا الخبر مع
ذكرهم له في كتب الاستدلال ، مستدلّين به على تأكّد الاستحباب أو منتهضين لتأويله
بما سمعت أقوم شاهد على أنّ الحكم مقطوع به عندهم.
ولنا أن نقول :
إنّ خبر المبتدأ قوله عليهالسلام : في المغرب وفي الوتر ، كما صرّح بذلك في خبر وهب حيث
قال فيه الصادق عليهالسلام : «القنوت في الجمعة والعشاء والعتمة والوتر والغداة ،
فمن تركه رغبة عنه فلا صلاة له » وقال الرضا عليهالسلام في خبر سعد بن سعد : «ليس القنوت إلّا في الغداة
والجمعة والوتر والمغرب » وعلى هذا يصير التقدير : القنوت في المغرب لا في غيرها
حال كونه في الثانية وفي الوتر لا في غيرها حال كونه في الثالثة ، فيحمل حينئذٍ
على تأكّد الاستحباب في الأربعة المذكورة من دون تأمّل ، ويستأنس بذلك لحمله في
ثالثة الوتر على تأكّده فيها. فقد صار الاستدلال بهذا الخبر هباء وذهبت المتعبة
ضياعاً وكان بمعزل عن التحقيق مَن نسب إلى الأصحاب ما لا يليق وبالله سبحانه
التوفيق وهذا هو الباعث في هذا الباب إلى الخروج عن وضع هذا الكتاب.
[محلّ ذكر القنوت من الصلاة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (قبل الركوع بعد
القراءة) محلّ القنوت قبل الركوع بعد القراءة إجماعاً كما في «الخلاف
والغنية والتذكرة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والذكرى والمفاتيح » وظاهر «المنتهى وجامع المقاصد وكشف اللثام » وهو المشهور كما في «الروض والفوائد المليّة والبحار والحدائق » والأشهر كما في «الكفاية ». وفي «المعتبر» انّ محلّه الأفضل قبل الركوع بعد
القراءة عند علمائنا . وظاهره التخيير بين فعله قبله أو بعده. واستحسنه في «الروضة
».
ويستثنى من ذلك
ثانية الجمعة ورابعة صلاة جعفر عليهالسلام كما في التوقيع من الناحية المقدّسة ومفردة الوتر عند المحقّق في «المعتبر » والمصنّف في جملةمن كتبه وجماعة حيث جعلوا فيها قنوتين : أحدهما قبل الركوع والآخر
بعده. وهو «هذا مقام مَن حسناته نعمة منك .. إلى آخر الدعاء »
__________________
والناسي يقضيه بعد الركوع.
______________________________________________________
وقال الشهيدان والمحقّق الكركي وغيرهم هذا لا يسمّى قنوتاً ، لعدم تسميته قنوتاً في الأخبار.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والناسي له يقضيه بعد
الركوع) هذا مذهب الأصحاب لا أعلم فيه خلافاً كما في «المدارك » وقاله الشيخ ومَن تبعه كما في «الذكرى » وقاله الشيخ والجماعة كما في «الروض » وقاله الشيخ وكثير من الأصحاب كما في «جامع المقاصد » وهو مذهب الأكثر كما في «البحار ».
وفي «المنتهى » لا خلاف عندنا في استحبابه بعد الركوع إذا نسيه قبله ،
ولم يعبّر بالقضاء كما في موضع من «البحار » حيث قال : المشهور استحبابه بعد الركوع. وفسّر المحقّق
الكركي في «جامع المقاصد وتعليق النافع » القضاء الواقع في كلامهم بإرادة فعله. ومثله قال غيره . وفي «المنتهى» هل هو أداء
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أو قضاء؟ فيه تردّد ، ثم رجّح القضاء . ونقل ذلك جماعة عنه ساكتين عليه. وفي «المبسوط والمنتهى » فإن فاته فلا قضاء.
وفي «المقنعة والنهاية وجامع الشرائع والتذكرة والتنقيح والدروس والبيان وتعليق النافع والموجز وشرحه وفوائد الشرائع والمسالك والميسية والمفاتيح » فإن لم يذكر إلّا بعد الدخول في الثالثة
__________________
وآكده في الغداة والمغرب ، وأدون منه الجهرية ثمّ الفريضة مطلقاً ،
______________________________________________________
مضى في صلاته وقضاه بعد الفراغ من الصلاة. وفي «الذكرى » قاله الشيخ ومن تبعه. وفي «الروض » قاله الشيخ والأصحاب. وفي «الدروس » وما ذكر بعده عدا المفاتيح أنّه لو لم يذكر حتى انصرف
من محلّه قضاه في الطريق. وفي «جامع المقاصد » لا بأس به وفي «التحرير » فإن لم يذكر حتى ركع في الثالثة ففي قضائه بعد الصلاة
قولان.
وفي مضمر ابن
عمّار «فيمن نسيه حتى
يركع ، أيقنت؟ قال : لا». وفي صحيحه «أنّه سأل الصادق عليهالسلام عن القنوت في الوتر؟ قال : قبل الركوع ، قال : فإن نسيت
أقنت إذا رفعت رأسي؟ قال : لا» قال الصدوق : إنّما منع عليهالسلام من ذلك في الوتر والغداة ، لأنّهم يقنتون فيهما بعد
الركوع ، وإنّما أطلق ذلك في سائر الصلوات لأنّ جمهور العامّة لا يرون القنوت فيها
.
[في توكيد القنوت في بعض الصلوات]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وآكده في الغداة
والمغرب ، وأدون منه الجهرية ثمّ الفريضة مطلقاً)
أمّا أنّه في
الفريضة جهرية كانت
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
أو إخفاتية آكد من النافلة فلا أجد فيه مخالفاً ، وعليه نصّ السيّد في «الجُمل
» والشيخ في «النهاية والمبسوط والمصباح » والعجلي في «السرائر » والمصنّف في «المنتهى والتحرير » والشهيدان في «النفلية والفوائد الملية » والمحقّق الثاني في «جامع المقاصد » وغيرهم .
وأمّا أنّ آكد
الفريضة ما يجهر به منها فقد نصّ عليه أيضاً في الكتب المذكورة. وفي «جامع الشرائع والمعتبر والذكرى والبيان » هو في الجهرية آكد.
وأمّا أنّ آكد
الجهرية الغداة والمغرب فقد نصّ عليه في «المصباح والسرائر والمنتهى وجامع المقاصد والفوائد الملية ».
__________________
والدعاء فيه بالمنقول ،
______________________________________________________
وفي «كشف
اللثام» انّ قول الرضا عليهالسلام في صحيح سعد بن سعد «ليس القنوت إلّا في الغداة والجمعة
والوتر والمغرب » وقول الصادق عليهالسلام ليونس بن يعقوب «لا تقنت إلّا في الفجر » ظاهران في التقية ، وذلك يعطي التأكّد فيما لا تقية
فيه ، وهو لا ينافي التساوي في الفضل. وقال : إنّ قول الصادق عليهالسلام في خبر أبي بصير «القنوت فيما يجهر فيه بالقراءة ، فقال
له : إنّي سألت أباك عن ذلك؟ فقال لي : الخمس كلّها ، فقال : رحم الله أبي إنّ
أصحابي أتوه فسألوه فأخبرهم ثمّ أتوني شكّاكاً فأفتيتهم بالتقية » يعطي التساوي ولا ينافي الآكدية بالمعنى الذي عرفته ، انتهى.
وقال في «جامع
المقاصد» لمّا كان الاستحباب في الفريضة آكد منه في النافلة كان استحباب القنوت في
الفريضة أشدّ تأكيداً ، والظاهر استثناء الوتر للحديث السابق ، يريد حديث سعد بن سعد. وقال في «كشف اللثام» لا ينافي
كونه في الفريضة أشدّ تأكيداً ما * سمعته في الوتر ، لأنّه لاتفاق العامّة على
القنوت فيه ، لا يقال إنّما يقنتون في ثانية الشفع ، لأنّ الإجمال في الاسم كافٍ ،
انتهى فتأمّل.
[أدعية في القنوت]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والدعاء فيه بالمنقول)
وأفضله
__________________
(*) فاعل (كذا
بخطه قدسسره).
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
كلمات الفرج إجماعاً كما في «الغنية ». وفي «الذكرى والبحار » نسبته إلى الأصحاب. وفي «المدارك» إلى الشيخ وأكثر
الأصحاب . وفي «مجمع البرهان » إلى المشهور. وفي «جامع المقاصد» إلى الشيخ وجماعة . ونسبه الشيخ نجيب الدين إلى الأكثر.
وتوقّف في ذلك
بعضهم لعدم ورود خبر فيه وإنّما ورد في قنوت الجمعة والوتر ، ولعلّه لذلك نسبه إلى
القيل صاحب المعالم في «رسالته ». وفي «البحار» لم أره مرويّا إلّا في قنوت الجمعة
والوتر . قلت : قال علم الهدى في «الجُمل » والعجلي في «السرائر » روي : أنّها أفضله. وقال الحسن بن أبي عقيل : بلغني
أنّ الصادق عليهالسلام كان يأمر أصحابه أن يقنتوا بهذا الدعاء بعد كلمات الفرج
، يريد بالدعاء قوله عليهالسلام : «اللهمّ إليك شخّصت الأبصار » وفي ذلك بلاغ.
وقد وردت كلمات
الفرج بطرق مختلفة قد سبق بعضها في فصل الجنائز ، ففي رواية أبي بصير «لا إله إلّا الله ربّ السماوات» مكان «سبحان الله» وكذا في المصباح ، وفي
بعض نسخ المصباح «وما تحتهنّ» وفي بعض نسخه «وهو ربّ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
العرش العظيم» وليس في المصباح «وَسَلامٌ عَلَى
الْمُرْسَلِينَ». وقال في «الذكرى» : ويجوز أن يقول فيها هنا «وَسَلامٌ عَلَى
الْمُرْسَلِينَ» ذكر ذلك جماعة من الأصحاب منهم المفيد وابن البرّاج وابن
زهرة. قلت : والسيّد في «الجُمل » والديلمي . قال في «الذكرى» وسئل عنه الشيخ نجم الدين في الفتاوى
فجوّزه ، لأنّه بلفظ القرآن لورود النقل ، انتهى . وقال في «البحار» قد خلا ما وصل إلينا من النصوص عنه
والأحوط تركه ، وقد ورد النهي عن قوله في قنوت الجمعة عن أبي الحسن الثالث عليهالسلام انتهى . وفي «المدارك» جعله في أثناء كلمات الفرج مع خروجه
عنها ليس بجيّد ، انتهى. قلت : قد تقدّم في بحث التسليم بيان أنّ ذكره غير مضرّ ، وقد روى الصدوق عن مولانا
الصادق عليهالسلام في «الفقيه» في أوّل باب غسل الميّت خبراً اشتمل على
قوله : «وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ»
ثمّ قال : هذه
الكلمات هي كلمات الفرج ، إلّا أنّ صاحب «الكافي » نقل الخبر عارياً عن الزيادة ومَن حفظ حجة على من لم
يحفظ. وذكرت هذه الزيادة في «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليهالسلام» قال : ويستحبّ تلقين الميّت كلمات الفرج وهي لا إله
إلّا الله .. إلى آخره . وذكرت أيضاً في «الهداية » الّتي هي متون الأخبار.
__________________
ويجوز الدعاء فيه وفي جميع أحوال الصلاة بالمباح للدِين والدنيا ما لم يخرج
به عن اسم المصلّي.
______________________________________________________
وليس فيه شيء
معلوم لا يجوز التجاوز عنه إجماعاً كما في «التذكرة ». وفي «النهاية» أدناه «ربّ اغفر وارحم وتجاوز عمّا
تعلم إنّك أنت الأعزّ الأكرم ». وفي «الذكرى» عن الجعفي والحسن بن أبي عقيل والشيخ
أنّ أقلّه ثلاث تسبيحات ، قال : وقال ابن الجنيد أدناه «ربّ اغفر وارحم وتجاوز
عمّا تعلم ».
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجوز الدعاء فيه وفي
جميع أحوال الصلاة بالمباح للدِين والدنيا)
كما نصّ عليه
جمهور الأصحاب . وفي «كنز العرفان » الإجماع عليه وخالف بعض العامّة. وقد تقدّم الكلام فيه عند الكلام على جواز الدعاء بغير العربية في
الصلاة.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ما لم يخرج به عن اسم
المصلّي) لمّا جوّز الدعاء فيه وفي جميع أحوال الصلاة بالمباح
وكان تخلّله بين أجزاء القراءة أو الذكر ربّما يخرجه عن كونه قارئاً أو ذاكراً
فيخرج عن كونه مصلّياً وكان طوله في القنوت وغيره ربما يخرجه عن كونه مصلّياً
احتاج * إلى هذا القيد.
__________________
(*) جواب لمّا (بخطه
قدسسره).
__________________
وفي الجمعة قنوتان ،
______________________________________________________
ولا ينافيه ما في الذكرى عنهم عليهم الصلاة والسلام «أفضل الصلاة ما طال
قنوتها » فإنّها مع الخروج ليست صلاة طويلة القنوت ، كذا قال في
«كشف اللثام ».
[في استحباب القنوتين في الجمعة وعدمه]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وفي الجمعة قنوتان)
استحباب
القنوتين في الجمعة مذهب الأصحاب لا أعرف فيه مخالفاً إلّا المتأخّر كما في «كشف
الرموز » ويريد بالمتأخّر العجلي. وعليه المعظم كما في «الذكرى » وهو المشهور كما في «المدارك والحدائق » والأشهر كما في «جامع المقاصد » وعليه الأكثر كما في «كشف اللثام ».
وهذا أي
استحباب القنوتين للإمام كما في «الخلاف والهداية والنهاية والمبسوط والوسيلة والمراسم وجامع الشرائع » وهو المنقول
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
عن «المقنع والكافي والمهذّب والإصباح ». وفي «الخلاف » الإجماع عليه. وغير الإمام يقنت مرّة واحدة وإن كان في
جماعة كما في «المعتبر والتذكرة » وليس في الأخبار ما ينفيهما عن المأموم إلّا بالمفهوم
إن اعتبرناه في المقام. ومن البعيد جدّاً أن يقنت الإمام ويسكت المأموم. والإجماع
الظاهر من «كشف الرموز» والشهرة المنقولة في الكتب المذكورة ظاهران في الإطلاق
وعدم الفرق بين الإمام والمأموم ، كما هو ظاهر الكاتب على ما نقل و «التهذيب والمصباح والشرائع والنافع والمنتهى والتحرير والإرشاد والدروس والبيان والنفلية والموجز الحاوي وكشف الالتباس وجامع المقاصد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
والروض والروضة والفوائد المليّة والمسالك » وغيرها . ونسب ذلك في «كشف اللثام » إلى الخلاف والموجود فيه خلاف ذلك كما سمعت.
وقال في «الفقيه»
: الذي أستعمله وافتي به ومضى عليه مشايخي رحمة الله عليهم أنّ القنوت في جميع
الصلوات في الجمعة وغيرها في الركعة الثانية بعد القراءة وقبل الركوع. وقال :
وتفرّد بهذه الرواية يعني رواية القنوتين حريز عن زرارة . قلت : هو موجود في روايتي أبي بصير وسماعة .
وفي «السرائر»
انّ الّذي تقتضيه اصول مذهبنا وإجماعنا أن لا يكون في الصلاة إلّا قنوت واحد أية
صلاة كانت فلا يرجع عن ذلك بأخبار الآحاد .
وفي «المختلف»
ذهب إلى أنّ القنوت فيها واحد لكنّه قال في الركعة الاولى . وتبعه صاحب «المدارك » واستدلّا عليه بخبري أبي بصير وسليمان بن خالد ، وهما
محتملان تفسير القنوت المخصوص بيوم الجمعة ، وبأخبار اخر لا تنفي القنوت الثاني ،
وظنّا أنّه قول المفيد ، وعبارة المفيد كذا : والقنوت في الاولى من الركعتين في
فريضته وهو لا ينفي الثاني كما في «كشف اللثام ».
__________________
في الاولى قبل الركوع وفي الثانية بعده ،
______________________________________________________
قوله قدّس الله تعالى روحه : (في الاولى قبل الركوع
وفي الثانية بعده) الأصحاب في المسألة على خمسة أنحاء :
الأوّل
: ما ذكره
المصنّف وهو مذهب المعظم كما في «الذكرى » والمشهور كما في «الروض والمدارك والمفاتيح والحدائق ». وقال في «المنتهى» : ذهب إليه الشيخ في أكثر كتبه
وابن البرّاج وابن أبي عقيل وسلّار . وقال في «المختلف» : انّ كلام بن أبي عقيل يدلّ على
أنّه فيهما معاً قبل الركوع وكذا كلام أبي الصلاح . قلت : هذا هو المفهوم من مجموع عبارتي الحسن والتقي ،
ويمكن إرجاع كلامهما (كلاميهما خ ل) إلى المشهور كما صنع بعضهم. وبالمشهور صرّح صاحب «المقنع » على ما نقل وصاحب الوسيلة وجمهور المتأخّرين .
الثاني
: ما في «الفقيه
والسرائر » من أنّه قنوت واحد في الركعة الثانية
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
قبل الركوع.
الثالث
: ما ذهب إليه
المصنّف في «المختلف وصاحب المدارك » ونسباه إلى المفيد من أنّه واحد في الركعة الاولى قبل
الركوع. وهو قد يظهر كما في «المختلف» من عبارة الكاتب حيث قال : موضع القنوت بعد القراءة من الثانية وقبل
الركوع في الفرض والتطوّع في غير الجمعة ، انتهى فتأمّل.
الرابع
: مذهب الحسن والتقي من أنّهما قنوتان وأنّهما قبل الركوع في الركعتين. وقد
تأوّل بعض متأخّري المتأخّرين المنقول من كلاميهما في المختلف وأرجعه إلى
القول المشهور. ويؤيّده ما في «المنتهى » حيث نسب إلى الحسن موافقة المشهور كما سمعت.
الخامس
: التوقّف كما
يظهر من السيّد في «الجُمل » حيث اقتصر على ذكر اختلاف الرواية فيه وأنّه روي : أنّ
الإمام يقنت في الاولى قبل الركوع وكذا مَن خلفه ، وروي : أنّه يقنت في الاولى قبل
الركوع وفي الثانية بعده. وعن القاضي أنّه قال في «شرح جُمل السيّد» : ومن عمل على ذلك لم
يكن به بأس. وفي «المنتهى » بعد أن اختار المشهور قال : ولا يضرّ اختلاف الأخبار ،
إذ هو في فعل مستحبّ ، وذلك يحتمل أن يكون اختلافه لاختلاف الأوقات والأحوال ،
فتارةً
__________________
ورفع اليدين تلقاء وجهه
______________________________________________________
تبالغ الائمة عليهمالسلام في الأمر بالكمال وتارةً تقتصر على ما يحصل معه بعض
المندوب ، ولا استبعاد في ذلك.
[في آداب القنوت]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ورفع اليدين إلى
تلقاء وجهه) هو قول الأصحاب كما في «المعتبر والذكرى » وقد ذكره السيّد في «الجُمل » وجمهور من تأخّر عنه. وفي «المبسوط والوسيلة » وغيرهما الاقتصار على ذكر رفع اليدين. وفي «كشف اللثام » هو إجماع على الظاهر. قلت : وظاهر «الغنية » الإجماع عليه.
وفي «المقنعة » رفعهما حيال صدره ، واستحسنه الشيخ نجيب الدين
العاملي. وفي صحيح ابن سنان : «ترفع يديك في الوتر حيال وجهك وإن شئت تحت ثوبك».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «الذكرى » قال الأصحاب : إنّه يستحبّ رفع اليدين به تلقاء وجهه
مبسوطتين يستقبل ببطونهما السماء وظهورهما الأرض. وفي «الفوائد الملية » قاله جماعة. قلت : وبه صرّح في «المقنعة » وغيرها . ومن اقتصر على ذكر بسط الكفّين أولم يذكر شيئاً هنا
فقد أشار إلى كون بطونهما إلى السماء وظهورهما إلى الأرض عند ذكر شغل النظر حيث
قالوا : يستحبّ النظر في القنوت إلى باطن كفّه ، ويأتي نقل الإجماع على ذلك. وحكى
المحقّق استحباب كون ظاهرهما إلى السماء وباطنهما إلى الأرض
قولاً ، وجوّز الأمرين. وتأتي الأخبار الدالّة على ذلك.
وفي «السرائر والبيان والنفلية والدروس ومجمع البرهان » أنّه يرفعهما كذلك مبسوطتين مضمومتي الأصابع إلّا
الإبهام فإنّه يفرقها عن الأصابع. وفي «الفوائد الملية » قاله جماعة.
وفي «المفاتيح » نسبة ذلك كلّه إلى القيل لعدم الدليل. وقد ورد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يرفع يديه إذا ابتهل ودعا كما يستطعم المسكين. وفي
خبر
__________________
مكبّراً ،
______________________________________________________
ابن سنان «ويتلقى بباطنهما إلى السماء». وفي «قرب الإسناد» للحميري عن حمّاد بن عيسى «قال : رأيت أبا عبد الله عليهالسلام توقّف على بغلة رافعاً يده إلى السماء عن يسار والي
الموسم حتّى انصرف وكان في موقف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وظاهر كفّيه إلى السماء وهو يلوذ ساعة بعد ساعة
بسبّابتيه». وعن أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن «علي عليهالسلام انّه كان يقول : إذا سألت الله فاسأله ببطن كفّيك وإذا
تعوّذت فبظهر كفّيك وإذا دعوت فبإصبعيك». وروى في الكافي مسنداً متصلاً عن «أبي عبد الله عليهالسلام قال : الرغبة أن تستقبل ببطن كفّيك إلى السماء والرهبة
أن تجعل ظهر كفّيك إلى السماء : وقوله عزوجل : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ
تَبْتِيلاً) قال : الدعاء بإصبع واحدة تشير بها ، والتضرّع تشير
بإصبعيك وتحرّكهما ، والابتهال رفع اليدين وتمدّهما وذلك عند الدمعة ، ثمّ ادع»
وقد ساق في «البحار » أخبار اخر في ذلك.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (مكبّراً)
أي قبل القنوت
عند الرفع له
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
كما عليه الأكثر كما في «جامع المقاصد وكشف اللثام » وعليه نصّ الكاتب والقاضي والتقي فيما نقل عنهم والشيخ والديلمي وأبو المكارم والعجلي ومن تأخّر عنهم . وظاهر «الغنية » الإجماع عليه.
ونقل الشيخ عن المفيد أنّه كان على ذلك ثمّ تركه في آخر عمره ، قال
: ولست أعرف به حديثاً أصلاً. قلت : يا ليته سأله عن السبب في ذلك ، وما كان ليعدل
إلّا لدليل ، ولعلّه هو ما ورد في التوقيع من الناحية المقدّسة حين كتب إليه الحميري يسأله عن ذلك
فوقّع عليهالسلام ما حاصله : «إنّ في ذلك روايتين وبأيّهما أخذت من باب
التسليم وسعك».
وإلى خيرة
المفيد يميل كلام السيّد في «الجُمل » حيث قال : فإذا فرغ من القراءة في الثانية بسط يديه
حيال وجهه وقد روي : أنّه يكبّر للقنوت ، انتهى. ونقل
__________________
والنظر إلى باطن كفّيه فيه ،
______________________________________________________
عن عليّ بن بابويه تركه كالمفيد. وفي الأخبار : أنّ في الرباعية إحدى وعشرين تكبيرة منها تكبيرة القنوت.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (والنظر إلى باطن
كفّيه) ذكر ذلك الأصحاب كما في «جامع المقاصد » وقاله الجماعة كما في «الذكرى » وجماعة كما في «الفوائد الملية » وهو المشهور كما في «المفاتيح ».
واعترف جماعة بعدم النصّ. واستدلّ عليه في «المعتبر والمنتهى » بأنّه يكره التغميض والنظر إلى السماء للأخبار فتعيّن
النظر إليه إتماماً للإقبال على الصلاة والخضوع.
وقال الجعفي : ويمسح وجهه بيديه كما هو مذهب العامّة كما في «الذكرى»
ونفى ذلك في «النفلية وشرحها وجامع القاصد ومجمع البرهان » وغيرها .
__________________
وهو تابع في الجهر والإخفات.
______________________________________________________
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وهو تابع في الجهر
والإخفات) خلافاً لما في «الفقيه والمعتبر والمنتهى والمختلف والتذكرة والتحرير والذكرى والبيان والدروس والنفلية والموجز الحاوي وجامع المقاصد وفوائد الشرائع وكشف الالتباس وكنز العرفان والفوائد الملية ومجمع البرهان والكفاية » وغيرها حيث قيل فيها : إنّ كلّه جهار ،
__________________
والتعقيب بعد الفراغ من الصلاة
______________________________________________________
وفي كثير منها : انّ المأموم يسرّ به. وقرّبه في «الذكرى » وقوّاه في «البيان » لخبر أبي بصير وخبر حفص البختري.
وفي «الحدائق » انّ المشهور أنّه جهر لما عدا المأموم ووفاقاً للعجلي والسيّد والجعفي على ما نقل عنهما. وإليه مال صاحب «التنقيح » ونسب في «السرائر » الجهرية على كلّ حال إلى الرواية بعد أن اختار
التبعية.
وعن الكاتب انّه يستحبّ أن يجهر به الإمام ليؤمّن من خلفه على
دعائه. وقال جماعة من المتأخّرين : إنّ تأمين المأمومين شاذّ ومبطل إن
أراد بلفظ آمين وإن أراد الدعاء بالاستجابة فلا بأس به.
[في التعقيب]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويستحبّ التعقيب)
بإجماع كلّ من
يحفظ عنه العلم كما في «المنتهى » وبإجماع العلماء كما في
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
«التذكرة وكشف الالتباس والمدارك » وبالإجماع كما في «الخلاف والكفاية والمفاتيح » وظاهر «الغنية ».
وهو شرعاً
الاشتغال عقيب الصلاة بدعاء أو ذكر كما في «الروضة » أو ما أشبهه كما في «الفوائد الملية » وفي «كشف اللثام » تعريفه بما في الروضة. وقال بعده : سواء كان جالساً أو
لا ، للأصل وصحيح هشام وخبر حمّاد بن عثمان . والجلوس ورد في بعض الأذكار وبعد صلاة الغداة ، وهو مستحبّ آخر. ولا عبرة بظاهر ما في نحو الصحاح من
أنّه الجلوس بعد الصلاة لدعاء أو مسألة ، انتهى. وفي «مجمع البرهان » بعد أن نقل تعريف الجوهري الآتي قال : ينبعي حذف
الجلوس من تعريفه وزيادة الثناء والتمجيد. وفي «النفلية » أنّ وظائفه عشر وذكر منها البقاء على هيئة التشهّد ،
وفي «شرحها » أنّ كلّ ذلك وظائف الكمال.
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «جامع
الشرائع » ما دام على طهارة فهو معقّب وما أضرّ بالفريضة فقد
أضرّ به (وما أضرّ به فقد أضرّ بالفريضة خ ل) وفي «الذكرى » قد ورد أنّ المعقّب يكون على هيئة المتشهّد في استقبال
القبلة والتورّك وأنّ ما يضرّ بالصلاة يضرّ بالتعقيب. وقال الشيخ نجيب الدين : هو
الجلوس بعد أداء الصلاة للدعاء والمسألة. قلت : وبهذا فسّره في «الصحاح والقاموس » وعن ابن فارس في «المجمل » وعن «النهاية » من عقّب في صلاته فهو في صلاة أي أقام في مصلّاه بعد
ما يفرغ من الصلاة.
وكلام أهل اللغة
كما ترى متفق الدلالة على دخول الجلوس في مفهومه ، بل ظاهر «النهاية» كما سمعت أنّ
الجلوس عقيب الصلاة من غير اشتغال بذكر تعقيب. وفي «البحار» عن بعض الأصحاب احتمال
ذلك وإن لم يقرأ دعاءً ولا ذكراً ولا قرآناً ، قال : وهو بعيد ، بل الظاهر تحقّقه
بقراءة شيء من الثلاثة بعد الصلاة أو قريباً منها عرفاً على أيّ حال كان ،
والجلوس والاستقبال والطهارة من مكمّلاته. نعم ورد في بعض التعقيبات ذكر بعض تلك
الشرائط فيكون شرطاً فيها في حال الاختيار وإن احتمل أيضا أن يكون من المكمّلات
واستحبابه فيها أشدّ. ثمّ قال : والأحوط رعاية شروط الصلاة فيه مطلقاً بحسب
الإمكان ، ثمّ تأوّل صحيح هشام بتأويلات ثلاثة.
وظاهر «المبسوط
» وغيره اعتبار كون الصلاة واجبة حيث قال : بعد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الفرائض ، لكن ظاهر إجماع «المنتهى » وغيره وظاهر تحديداته العموم. قال في «المنتهى» : يستحبّ
التعقيب بعد الصلوات بإجماع كلّ من يحفظ عنه العلم إلّا أن يحمل على الشائع ،
وإطلاق رواية ابن صبيح يقتضي العموم لكن في روايات اخر تصريح بالفرائض.
وقال في «الحبل
المتين » : لم أظفر في كلام أصحابنا قدّس الله تعالى أرواحهم
بكلام شافٍ فيما هو حقيقة التعقيب ، وقد فسّره بعض اللغويين كالجوهري وغيره
بالجلوس بعد الصلاة لدعاء أو مسألة. وهذا يدلّ بظاهره على أنّ الجلوس داخل في مفهومه
وأنّه لو اشتغل بعد الصلاة بالدعاء قائماً أو ماشياً أو مضطجعاً لم يكن ذلك
تعقيباً ، وفسّره بعض فقهائنا بالاشتغال عقيب الصلاة بدعاء أو ذكر أو ما أشبه ذلك
ولم يذكر الجلوس. ولعلّ المراد بما أشبه الدعاء والذكر البكاء من خشية الله تعالى
والتفكّر في عجائب مصنوعاته والتذكّر بجزيل آلائه وما هو من هذا القبيل. وهل يعدّ
الاشتغال بمجرّد تلاوة القرآن بعد الصلاة تعقيباً؟ لم أظفر في كلام الأصحاب بتصريح
في ذلك والظاهر أنّه تعقيب ، أمّا لو ضمّ إليه الدعاء فلا كلام في صدق التعقيب على
المجموع المركّب منهما ، وربّما يلوح ذلك من بعض الأخبار. وربّما يظنّ دلالة بعضها
على اشتراط الجلوس في التعقيب ، ثمّ ساق الخبرين المرويين عن أمير المؤمنين عليه
وعلى أخيه وآلهما أفضل الصلاة والتسليم وغيرهما من الأحاديث المتضمّنة للجلوس بعد
الصلاة.
ثمّ قال :
والحقّ أنّه لا دلالة فيها على ذلك ، بل غاية ما تدلّ عليه كون الجلوس مستحبّاً
أيضا ، أمّا أنّه معتبر في مفهوم التعقيب فلا. وقس عليه عدم مفارقة مكان الصّلاة.
__________________
بالمنقول ،
______________________________________________________
ثمّ ذكر خبر
الوليد بن صبيح وما في آخره من تفسير التعقيب من الدعاء بعقب الصلاة ، وقال : إنّ
هذا التفسير لعلّه من الوليد أو من بعض رجال السند وأكثرهم من أجلّاء أصحابنا ،
وهو يعطي بإطلاقه عدم اشتراطه بشيء من الجلوس والكون في المصلّى والطهارة
واستقبال القبلة وهذه الشروط إنّما هي شروط كماله ، فقد ورد أنّ المعقّب ينبغي أن
يكون على هيئة المتشهّد في استقبال القبلة والتورّك. وأمّا ما في رواية هشام بن
سالم من قوله عليهالسلام «إن كنت على وضوء فأنت معقّب» فالظاهر أنّ مراده عليهالسلام أنّ مستديم الوضوء له مثل ثواب المعقّب لا أنّه معقّب
حقيقة ، وهل يشترط في صدق اسم التعقيب شرعاً اتصاله بالصلاة وعدم الفصل الكثير
بينه وبينها؟ الظاهر نعم. ثمّ قال : هل يعتبر في الصلاة كونها واجبة أو تحصل حقيقة
التعقيب بعد النافلة أيضاً؟ إطلاق التفسيرين السابقين يقتضي العموم ، وكذلك إطلاق
رواية صبيح وغيرها ، والتصريح بالفرائض في بعض الروايات لا يقتضي تخصيصها بها
والله أعلم ، انتهى.
وقال في «المفاتيح
» التعقيب لغةً عبارة عن الجلوس بعد الصلاة لدعاء أو مسألة ، وفسّره بعض
فقهائنا ونقل ما في الحبل (المتين ظ) إلى قوله : وما هو من هذا القبيل. قلت : أنت
خبير بأنّ أهل اللغة ما كانوا يعرفون الصلاة الشرعية ولا التعقيب بعدها ، فما ذكره
أهل اللغة معنى شرعي قطعاً وقد وقع لهم كثيراً ذكر المعاني الشرعية وكأنّهم أرادوا
ذكر ما يستعمل فيه اللفظ حقيقة ، فما ذكره الفقهاء في تعريفه أصحّ وأوفق.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (بالمنقول)
يستحبّ
بالمنقول وغيره إلّا أنّ المنقول أفضل كما صرّح به جماعة كثيرون.
__________________
وأفضله تسبيح الزهراء عليهاالسلام.
______________________________________________________
[أفضليّة تسبيح الزهراء عليهاالسلام]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وأفضله تسبيح الزهراء
عليهاالسلام)
أجمع أهل العلم
كافّة على استحبابه كما في «المنتهى » وإنّما اختلفوا في ترتيبه وكمّيته كما يأتي.
وقد وردت
الأخبار في تأكيد استحباب التعقيب به وتعجيله قبل أن يثنّي رجليه وأنّ من فعل ذلك
يغفر له. وفي ذلك ستة أحاديث. والمراد بقوله عليهالسلام : «قبل أن يثنّي رجليه» قبل أن يصرفهما عن الحالة الّتي
هما عليها في التشهّد كما في «النهاية ». وورد في ستة أخبار استحباب ملازمته وأمر الصبيان به كما يؤمرون
بالصلاة وأنّه ما لزمه عبد فشقي ، وورد في خبرين استحباب اختياره على كلّ ذكر وعلى الصلاة تنفّلاً ،
وأنّه بعد الصلاة أفضل من ألف ركعة كلّ يوم. قال الشيخ البهائي بعد ذكر أحد هذين الخبرين : هذا الخبر يوجب تخصيص حديث «أفضل
الأعمال أحمزها » اللهمّ إلّا أن يفسّر بأنّ أفضل كلّ نوع من أنواع
الأعمال أحمز ذلك النوع ، انتهى كلامه.
وورد في عدّة
أخبار أنّ من سبّح تسبيح الزهراء عليهاالسلام فقد ذكر الله عزوجل
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
الذكر الكثير. وروى في كتاب «فلاح السائل » من كتاب محمّد بن عليّ بن محبوب عن الصادق عليهالسلام أنّه من سبّحه في دبر المكتوبة من قبل أن يبسط رجليه
أوجب الله له الجنة. وورد أيضاً أنّه من سبّحه ثمّ استغفر غفر له وأنّه مائة
باللسان وألف في الميزان ويطرد الشيطان ويرضي الرحمن . وورد في خبرين أنّه يدفع الثقل الذي يكون في الاذنين ، إلى غير ذلك من
الأخبار المذكورة في «البحار».
وما في «النافع
والتبصرة » من أنّ تسبيح الزهراء أقلّ التعقيب ، فالمراد أنّه
أخفّه وإلّا فهو أفضله قطعاً كما صرّح بذلك جمهور الأصحاب. وبمثل ذلك أوّل عبارة اللمعة في «الروضة ».
ولا خلاف عندنا
في أنّه يبدأ فيه بالتكبير كما في «السرائر ». وفي «مفتاح الفلاح » الاتفاق عليه. والمشهور أنّه يبتدئ بالتكبير ثمّ
التحميد وبعده التسبيح كما في «التذكرة والمختلف وكشف الالتباس ومجمع البرهان
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ومفتاح الفلاح والمفاتيح وشرح الشيخ نجيب الدين والحدائق ». وفي «المنتهى وجامع المقاصد والبحار » أنّه أشهر. وفي «إرشاد الجعفرية » انّه مذهب الأكثر. وفي «السرائر » انّه الصحيح من المذهب والأظهر في الفتوى والقول ،
انتهى. وبه صرّح الشيخ في «المبسوط والنهاية » والمفيد في «المقنعة» والديلمي والعجلي وسائر المتأخّرين . ونقله في «المختلف» عن القاضي .
وقدّم التسبيح
في «الهداية والفقيه والاقتصاد » على ما نقل عنه. ونقل ذلك عن الكاتب وعليّ بن الحسين بن بابويه . وفي نسخة اخرى من «الفقيه » موافقة المشهور. قال ذلك الاستاذ أدام الله تعالى
حراسته : وقد وجدت
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك كتب نسخة في الفقيه. ونقل الاستاذ عن جدّه أنّه كتب على الفقيه ما نصّه : هذا الحديث رواه
الصدوق مسنداً في كتبه عن رجال العامّة واعتمد عليه في الترتيب ، وعلى تقدير صحّته
يمكن القول به عند النوم لا مطلقاً ، والظاهر الترتيب المشهور لا مطلقاً ، انتهى.
قال : وهو كما قال بل المشهور متعيّن ، انتهى كلام الأستاذ أيّده الله تعالى. وقال
الشيخ نجيب الدين في «شرح الرسالة» : خبر ابن بابويه لا ينهض لمعارضة غيره ، وحمله
على إرادة النوم غير دافع للإيراد ، لأنّه لم يفرّق أحد بين حالتي إرادة النوم
والتعقيب وكون الواو لا تقتضي الترتيب غير حاسم لمادة الإيراد وإن كان الاعتماد
على ما دلّ عليه الحديث الصحيح انتهى.
وقال الشيخ
البهائي ضاعف الله تعالى بهاءه في «مفتاح الفلاح » : اعلم أنّ المشهور استحباب تسبيح الزهراء عليهاالسلام في وقتين : أحدهما بعد الصلاة ، والآخر عند النوم ،
وظاهر الرواية الواردة عند النوم يقتضي تقديم التسبيح على التحميد وظاهر الرواية
الصحيحة الواردة في تسبيح الزهراء عليهاالسلام على الإطلاق يقتضي تأخيره عنه. ولا بأس ببسط الكلام في
هذا المقام وإن كان خارجاً عن وضع الكتاب. فنقول : قد اختلف علماؤنا قدّس الله
أرواحهم في ذلك مع اتفاقهم على الابتداء بالتكبير لصراحة صحيحة ابن سنان عن الصادق
عليهالسلام في الابتداء به ، والمشهور الّذي عليه العمل في
التعقيبات تقديم التحميد على التسبيح ، وقال رئيس المحدّثين وأبوه وابن الجنيد
بتأخيره عنه. والروايات عن أئمة الهدى سلام الله عليهم لا تخلو بحسب الظاهر من
اختلاف. والرواية المعتبرة الّتي ظاهرها تقديم التحيمد شاملة بإطلاقها لما يفعل
بعد الصلاة وما يفعل عند النوم. وهي ما رواه شيخ الطائفة في «التهذيب» بسند صحيح
عن محمّد بن عذافر .. وساق الحديث. والرواية الّتي ظاهرها تقديم التسبيح على
التحميد مختصّة بما يفعل عند
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
النوم ، ثمّ أورد رواية علي وفاطمة عليهماالسلام ، ثمّ قال : ولا يخفى أنّ هذه الرواية غير صريحة في
تقديم التسبيح على التحميد ، فإنّ الواو لا تفيد الترتيب وإنّما هي لمطلق الجمع
على الأصحّ كما بيّن في الاصول ، نعم ظاهر التقديم اللفظي يقتضي ذلك ، وكذا
الرواية السابقة غير صريحة في تقديم التحميد على التسبيح ، فإنّ لفظ «ثمّ» من كلام
الراوي ، فلم يبق إلّا ظاهر التقديم اللفظي أيضاً ، فالتنافي بين الروايتين إنّما
هو بحسب الظاهر. قلت : في كلامه هذا نظر يأتي وجهه. قال : فينبغي حمل الثانية على
الاولى لصحّة سندها واعتضادها ببعض الروايات الضعيفة كما رواه أبو بصير عن الصادق عليهالسلام .. وساق الخبر. ثمّ قال : إنّه صريح في تقديم التحميد ،
فهو مؤيّد لظاهر لفظ الرواية الصحيحة ، فتحمل الرواية الاخرى على خلاف ظاهر لفظها
ليرتفع التنافي بينهما كما قلنا. فإن قلت : يمكن حمل الاولى على الّذي يفعل بعد
الصلاة والثانية على الذي يفعل عند النوم وحينئذٍ فلا يحتاج إلى صرف الثانية عن
ظاهرها ، فكيف لم تقل به. قلت : لأنّي لم أجد قائلاً بالفرق بين تسبيح الزهراء عليهاالسلام في الحالين ، بل الّذي يظهر بعد التتبّع أنّ كلًّا من
الفريقين القائلين بتقديم التحميد وتأخيره قائل به مطلقاً سواء وقع بعد الصلاة أو
قبل النوم ، فالقول بالتفصيل احداث قول ثالث انتهى.
وقوله إنّ لفظ «ثم»
في صحيح ابن عذافر من كلام الراوي ، فليست صريحة في تقديم التحميد على التسبيح ،
فيه : أنّ الراوي حكى فعل الإمام عليهالسلام لبيان كيفية التسبيح ، ولا ريب أنّ فعله في بيان
الكيفية حجّة كما في الوضوء البياني. وقد تنبّه لذلك فكتبه في الهامش. وهذه
الرواية رواها البرقي في «المحاسن » ونحوها رواية أبي بصير كما عرفت ، ويعضد ذلك رواية
هشام بن سالم وإن كان موردها النوم. ومثلها رواية كتاب «المشكاة ».
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا الروايات
الاخر الدالّة على تقديم التسبيح في حال النوم كما في خبر علي وفاطمة عليهماالسلام وكذا خبر شهاب أو تعقيب الصلاة كما في خبر المفضّل فيمكن حملها على التقية. ويؤيّده أنّ حديث علي وفاطمة عليهماالسلام وإن رواه في «الفقيه » مرسلاً إلّا أنّ ظاهر سنده في «العلل » أنّ رجاله إنّما هم من العامّة. وابن الأثير في «نهايته
» قد شرح جملة من ألفاظه. وروى الشيخ أبو علي ابن الشيخ في «مجالسه » عن حمويه عن أبي الحسين عن أبي خليفة عن محمّد بن كثير
عن شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجزة قال : «معقّبات لا يخيب قائلهنّ
أو فاعلهنّ يكبّر أربعاً وثلاثين ويسبّح ثلاث وثلاثين ويحمد ثلاث وثلاثين». وقال
في «البحار » روى العامّة عن شعبة عن الحكم بن عتبة عن عبد الرحمن
بن أبي ليلى عن كعب بن عجزة مثله إلّا أنّهم قدّموا التسبيح على التحميد والتحميد
على التكبير.
أو نقول : لا
تقوى هذه على مقاومة تلك المعتضدة بما عرفت ، مضافاً إلى عدم صراحة العطف بالواو
في الدلالة على الترتيب.
فإن قلت :
الحمل على التقية متّجه إلّا أنه لا قائل بذلك من العامّة ، فإنّ بعضهم على أنّه (انها خ ل) تسع وتسعون بتساوي التسبيحات
الثلاث وتقديم التسبيح ثمّ التحيمد ثمّ التكبير وبعضهم على أنّها مائة بالترتيب
المذكور وزيادة واحدة
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
في التكبيرات. قلت : قد عرفت أنّهم رووا ذلك والظاهر أنّ الرواي لذلك عامل
به.
واحتمل في «البحار
والحدائق » الجمع بالتخيير مطلقاً ، وأنت خبير بأنّ التخيير
كالتفصيل لا قائل به.
ولنختم هذا
الفصل بذكر فضل التسبيح بالسبحة من طين قبر الحسين عليهالسلام ، ففي «الذكرى » قال الصادق عليهالسلام : «من كانت معه سبحة من طين قبر الحسين عليهالسلام كُتب مسبّحاً وإن لم يسبّح بها» وفي «البلد الأمين » روي : «أنّ مَن أدار تربة الحسين عليهالسلام في يده وقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله
والله أكبر مع كلّ حبّة كُتب له ستة آلاف حسنة ومُحي عنه ستة آلاف سيئة ورُفع له
ستة آلاف درجة وأثبت له من الشفاعات بمثلها». وفي «الدروس » يستحبّ حمل سبحة من طينه عليهالسلام ثلاثاً وثلاثين حبّة ، فمن قلّبها ذاكراً لله فله بكلّ
حبة أربعون حسنة ، وإن قلّبها ساهياً فعشرون حسنة. وروى ذلك أيضاً في «روضة
الواعظين ورسالة السجود على التربة المشوية » للشيخ علي.
وفي «البحار » وجدت بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجباعي جدّ الشيخ
البهائي قدّس الله تعالى روحيهما نقلاً من خطّ الشهيد رفع الله درجته نقلاً من مزار
بخطّ محمّد بن محمّد بن الحسين بن معيّة قال : روي عن «الصادق عليهالسلام أنّه قال : مَن اتخذ سبحة من تربة الحسين عليهالسلام إن سبّح بها وإلّا سبّحت في كفّه ، وإذا حرّكها
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
وهو ساهٍ كُتب له تسبيحة ، وإذا حرّكها وهو ذاكر لله تعالى كُتب له أربعين
تسبيحة» وعنه عليهالسلام أنّه قال : «مَن سبّح بسبحة من طين قبر الحسين عليهالسلام تسبيحة كُتب له أربعمائة حسنة ومُحي عنه أربعمائة سيئة
وقضيت له أربعمائة حاجة ورُفع له أربعمائة درجة» ثمّ قال : «وتكون السبحة بخيوط
زرق أربعاً وثلاثين خرزة ، وهي سبحة مولاتنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام لمّا قُتل حمزة رضياللهعنه عملت من طين قبره سبحة تسبّح بها بعد كلّ صلاة» هذا آخر
ما نقلته من خطّه قدسسره انتهى ما في البحار.
قلت : ونحو ذلك
روي في «مكارم الأخلاق » وقال : ولمّا قُتل الحسين عليهالسلام عدل بالأمر إليه. وقال : وروي : «أنّ الحور العين إذا أبصرن بواحد من الأملاك يهبط إلى الأرض لأمر ما
يستهدين منه السبح والترب من طين قبر الحسين عليهالسلام» وروي عن «الصادق عليهالسلام : أنّه من أدارها مرّة واحدة بالاستغفار أو غيره كُتب
له سبعين مرّة ، وأنّ السجود عليها يخرق الحجب السبع» ونحوه ما في «المصباح » عن الصادق عليهالسلام قال : إنّه قال : «من أدار الحجر من تربة الحسين عليهالسلام فاستغفر به مرّة واحدة كتب له سبعين مرّة ، وإن أمسك
السبحة بيده ولم يسبّح بها ففي كلّ حبّة سبع مرّات». قلت : ظاهره أنّ الفضل في
المشويّ باقٍ والأخبار المتقدّمة تشمله والقول بخروجه عن اسم التربة بالطبخ بعيد
مع أنّه لا يضرّ في ذلك.
هذا وقال في «الموجز
الحاوي » لو زاد في إحدى التسبيحات سهواً استأنفه من رأس.
وكأنّه نظر إلى قول الصادق عليهالسلام : «إذا شككت في تسبيح فاطمة عليهاالسلام فأعد» فتأمّل ، على أنّ قوله عليهالسلام «فأعد» يحتمل أن يكون المراد منه فأعد التسبيح من أوله ، أو يكون المراد
فأعد على ما شككت فيه ، فالإعادة باعتبار أحد
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
احتمالي الشكّ وهذا شائع ، وهو الموافق لما ورد في سائر المواضع من البناء
على الأقلّ في النافلة.
وفي «الاحتجاج » أنّ الحميري كتب إلى القائم عليهالسلام يسأله عمّن سها في تسبيح فاطمة عليهاالسلام فجاز التكبير أكثر من أربع وثلاثين ، هل يرجع إلى أربع
وثلاثين أو يستأنف؟ وإذا سبّح تمام سبعة وستين هل يرجع إلى ست وستين أو يستأنف؟
فأجاب عليهالسلام : «إذا سها في التكبير حتى تجاوز أربعاً وثلاثين عاد
إلى ثلاث وثلاثين ويبني عليها ، وإذا سها في التسبيح فتجاوز سبعاً وستين عاد إلى
ستّ وستين وبنى عليها ، فإذا جاوز التحميد مائة فلا شيء عليه».
قلت : ظاهر
الجواب أنّه يرجع ويأتي بواحد ممّا زاد وينتقل إلى التسبيح الآخر ، وفيه غرابة.
وقوله في السؤال «تمام سبعة» لعلّ مراده الزيادة عليه أو توهّم أنّ التسبيح اثنتان
وثلاثون ، وعلى التقديرين فقد استدرك الإمام عليهالسلام ذلك في الجواب وصحّحه فقال : تجاوز سبعاً وستين.
وقد تمّ الجزء
الخامس بلطف الله تعالى ورحمته وبركة آل الله وخير بريته محمّد وآله أطائب عترته
صلّى الله عليه وعليهم أجمعين ، والحمد لله ربّ العالمين ، ويأتي إن شاء الله
تعالى في الجزء السادس الفصل الثامن في التروك.
__________________
فهرست الموضوعات
الفصل الثالث : في
تكبيرة الإحرام.................................................. ٥
في أنّ عبارة تكبيرة
الإحرام «الله أكبر».............................................. ٨
فيما لو كبّر بغير
العربية.......................................................... ١٠
فيما لو أضاف التكبير
إلى جملة «من أيّ شئ».................................... ١١
حكم مَن لم يتعلّم لفظ
التكبير حتّى ضاق الوقت عن التعلّم.......................... ١٤
حكم الأخرس................................................................. ١٨
تخيّر المصلّي في
تعيين تكبيرة الإحرام من السبع...................................... ٢١
في بطلان الصلاة
بتكرار تكبيرة الإحرام............................................ ٢٨
فيما إذا نوى الخروج
بالتكبيرة الأُولى............................................... ٣٢
يجب أن يقال بتكبيرة
الإحرام قائماً............................................... ٣٣
فيما لو أتى بالتكبير
والقيام دفعةً................................................. ٣٤
في وجوب إسماع نفسه
بالتكبير وعدمه............................................. ٣٦
في استحباب ترك المدّ
في «الله» و «أكبر»......................................... ٣٧
في استحباب إسماع
الإمام المأمومين التكبير......................................... ٣٩
في استحباب رفع اليدين
حين التكبير.............................................. ٤١
استحباب ستّ تكبيرات
اُخرى عن تكبيرة الإحرام.................................. ٤٧
في استحباب ثلاثة
أدعية بين التكبيرات........................................... ٥٠
في التطابق بين الرفع
والوضع وبين أوّل التكبير وآخره................................ ٥٤
الفصل الرابع : في
القراءة........................................................ ٥٦
في وجوب القراءة وعدم
ركنيتها.................................................... ٥٧
في وجوب الحمد وسورة
كاملة..................................................... ٥٨
في أنّ البسملة آية من
الحمد والسورة.............................................. ٦٥
فيما لو أخلّ بحرف من
السورتين عمداً............................................ ٦٧
فيما لو ترك إعراباً
عمداً......................................................... ٦٨
فيما لو ترك تشديداً
عمداً....................................................... ٦٩
فيما لو ترك الموالاة
في القراءة عمداً................................................ ٧١
فيما لو أبدل حرفاً بحرف
آخر.................................................... ٧٩
في جواز الإتيان
بالترجمة وعدمه................................................... ٨٠
فيما لو غيّر ترتيب
الآيات في القراءة.............................................. ٨٢
فيما لو قرأ في
الفريضة عزيمة..................................................... ٨٣
فيما لو قرأ ما يفوت
به الوقت................................................... ٩٢
فيما لو قرأ بعد الحمد
سورتين.................................................... ٩٥
حكم الإخفات فيما يجب
فيه الجهر أو العكس................................... ١٠٦
في بطلان الصلاة بقول
آمين................................................... ١١٩
فيما لو خالف ترتيب
الآيات ناسياً.............................................. ١٢٧
حكم من جهل الحمد......................................................... ١٢٨
في جواز القراءة من
المصحف................................................... ١٣٩
كفاية القراءة من
المصحف مع إمكان التعلّم وعدمها.............................. ١٤١
حكم الأخرس................................................................ ١٤٢
حكم ما لو قدّم السورة
على الحمد عامداً........................................ ١٤٦
حكم ما لو قدّم السورة
على الحمد نسياناً........................................ ١٤٨
حرمة الزيادة على
الحمد في الأخيرتين............................................ ١٥٠
التخيير في الأخيرتين
بين الحمد والتسبيح......................................... ١٥١
هل يتخيّر حتى مع
نسيان القراءة في الأوليين؟..................................... ١٥٩
هل التخيير ثابت
للمأمومين أيضاً؟............................................. ١٦٤
في ما لو زاد المكلّف
على التسبيحات الأربع...................................... ١٦٦
في جواز العدول عن
القراءة والتسبيح إلى الآخر................................... ١٧٢
فيما لو شكّ في عدد
التسبيحات............................................... ١٧٣
في عدم استحباب الزائد
على اثني عشر.......................................... ١٧٣
في وجوب الموالاة في
التسبيحات................................................ ١٧٣
في استحباب القراءة
للإمام في الأخيرتين وعدمه................................... ١٧٤
جواز الاقتصار على
الحمد في الأُوليين اضطراراً.................................... ١٨١
في حدّ أقلّ الجهر
والإخفات.................................................... ١٨٣
عدم وجوب الجهر على
المرأة في الجهرية........................................... ١٨٤
معذورية الجاهل
والناسي في الجهر والإخفات...................................... ١٨٧
في أنّ الضحى والم
نشرح سورة واحدة وكذا الفيل ولإيلاف......................... ١٨٩
في أنّ المعوذتين من
القرآن...................................................... ١٩٩
فيما لو قرأ عزيمة أو
أخلّ بالموالاة ناسياً.......................................... ٢٠٠
استحباب الجهر
بالبسملة في الأوليين من الإخفاتية................................ ٢٠١
استحباب الجهر
بالقراءة في الجمعة............................................... ٢٠٥
استحباب الجهر
بالقراءة في ظهر الجمعة.......................................... ٢٠٦
وظيفة المكلّف في
القراءات السبع والعشر........................................ ٢٠٩
استحباب الترتيل في
القراءة..................................................... ٢٢٤
في استحباب الوقوف في
القراءة في مواردها....................................... ٢٣٠
في استحباب دعاء
التوجّه أمام القراءة............................................ ٢٣٢
في استحباب التعوّذ
أمام القراءة................................................. ٢٣٤
كون التعوّذ في أوّل
ركعة....................................................... ٢٣٨
استحباب قراءة قصار
المفصّل ومتوسّطاته......................................... ٢٣٩
استحباب قراءة هل أتى
في صلاة الصبح......................................... ٢٥٠
استحباب قراءة الجمعة
والأعلى في عشاء ليلة الجمعة............................... ٢٥١
استحباب الجمعة
والتوحيد في صبح الجمعة....................................... ٢٥٢
استحباب الجمعة
والمنافقين في الجمعة وظهريها.................................... ٢٥٣
استحباب الجهر في
نوافل اللّيل والإخفات في النهار................................ ٢٥٥
استحباب قراءة الجحد
في أوّل النوافل............................................ ٢٥٥
استحباب التوحيد في
ثواني النوافل............................................... ٢٥٦
استحباب التوحيد
ثلاثين مرّة في أُوليي صلاة الليل................................. ٢٥٧
استحباب طلب الرحمة
والتعوّذ عند آياتهما....................................... ٢٥٩
استحباب السكتة بين
الحمد والسورة............................................ ٢٥٩
استحباب السكتة بين
السورة والركوع............................................ ٢٥٩
في جواز العدول من
سورة إلى أخرى وعدمه....................................... ٢٦٢
فيما لو نسي باقي
السورة...................................................... ٢٧٥
في إعادة البسملة إذا
عدل إلى سورة اُخرى....................................... ٢٧٦
في إرادة التقدّم أو
التأخّر بشئ حال القراءة....................................... ٢٨٥
الفصل الخامس : في
الركوع..................................................... ٢٨٧
في ركنية الركوع
وتفسير الركنية.................................................. ٢٨٧
وجوب الانحناء في
تحقّق الركوع.................................................. ٢٩٢
وجوب الطمأنينة في
الركوع..................................................... ٢٩٧
وجوب الذكر في الركوع........................................................ ٣٠٠
وجوب رفع الرأس من
الركوع.................................................... ٣١١
وجوب الطمأنينة في
الرفع...................................................... ٣١٢
في أنّ انحناء طويل
اليد كغيره................................................... ٣١٤
فيمن عجز عن الانحناء........................................................ ٣١٥
في حكم من كان كالراكع
دائماً................................................. ٣١٦
حكم الذكر قبل انتهاء
الركوع والنهوض قبل إكماله............................... ٣١٨
فيما لو عجز عن
الطمأنينة والرفع............................................... ٣١٩
فيمن احتاج إلى
المعتمد........................................................ ٣٢١
استحباب التكبير قبل
الركوع................................................... ٣٢١
في استحباب الذكر
ناهضاً عن الركوع........................................... ٣٢٥
في عدد تسبيح الركوع......................................................... ٣٣١
استحباب الدعاء
بالمنقول...................................................... ٣٣٤
في استحباب ردّ الركبتين
إلى خلفه وغيره من المستحبّات............................ ٣٣٥
في استحباب التجافي في
الركوع................................................. ٣٣٥
في استحباب وضع اليدين
على الركبتين.......................................... ٣٣٦
كراهة جعل اليدين تحت
الثياب................................................ ٣٤١
الفصل السادس في
السجود.................................................... ٣٤٣
وجوب السجود وركنيته
في الصلاة............................................... ٣٤٣
فيما لو أخلّ بإحدى
السجدتين سهواً........................................... ٣٤٩
فيما يتحقّق به السجود........................................................ ٣٥٩
وجوب وضع الجبهة على
ما يصحّ السجود عليه................................... ٣٦٧
وجوب وضع الجبهة في
تحقّق السجود............................................ ٣٧٠
وجوب وضع الكفّين في
السجود................................................ ٣٧١
وجوب وضع الركبتين
وإبهامي الرجلين في السجود................................. ٣٧٤
في وجوب الذكر في
السجود وكيفيته............................................. ٣٧٧
في وجوب الطمأنينة في
السجود................................................. ٣٨٠
في وجوب رفع الرأس عن
السجدة............................................... ٣٨٢
فيما يجزي من وضع
الجبهة في السجود........................................... ٣٨٦
حكم من عجز عن
الانحناء للسجود............................................ ٣٨٩
حكم مَن في جبهته
دُمَّل مانع عن السجود....................................... ٣٩٠
في استحباب التكبير
للسجود وعدم استحبابه.................................... ٣٩٨
استحباب تلقّي الأرض
باليدين وعدمه........................................... ٤٠١
حكم الإرغام بالأنف.......................................................... ٤٠٤
استحباب الدعاء قبل
ذكر السجود............................................. ٤٠٨
حكم التخوية حال
السجود للرجل.............................................. ٤١٠
استحباب الدعاء بين
السجدتين................................................ ٤١١
استحباب التورّك في
القعود..................................................... ٤١٣
في استحباب «بحول الله»
عند الأخذ بالقيام...................................... ٤١٦
استحباب وضع اليدين
بحذاء الأُذنين في السجدة.................................. ٤٢٠
في جملة من آداب
المصلّي...................................................... ٤٢٢
معنى الاقعاء في
الصلاة وحكمه................................................. ٤٢٥
استحباب سجدة التلاوة....................................................... ٤٣٦
موارد سجدة التلاوة........................................................... ٤٣٧
وجوب السجدة في
العزائم على القارئ والمستمع................................... ٤٣٨
موارد السجدة في
العزائم....................................................... ٤٤٠
لا تكبير في سجدة
التلاوة...................................................... ٤٤٤
لا تشهّد ولا تسليم في
سجدة التلاوة............................................ ٤٤٥
لا طهارة في سجدة
التلاوة..................................................... ٤٤٦
لا استقبال في سجدة
التلاوة.................................................... ٤٤٨
وجوب كون السجود على
الأعضاء السبعة وعدمه................................ ٤٤٩
حكم قضاء سجدة التلاوة..................................................... ٤٥٥
استحباب سجدتي الشكر...................................................... ٤٥٦
استحباب التعفير
بينهما....................................................... ٤٥٩
الفصل السابع : في
التشهّد.................................................... ٤٦٤
موارد وجوب التشهّد.......................................................... ٤٦٤
في وجوب الشهادتين في
التشهّد وعدمه.......................................... ٤٦٦
في وجوب الصلاة على
النبي (صلى الله عليه وآله) في التشهّد وعدمه................. ٤٦٨
في وجوب الصلاة على
الآل في التشهّد وعدمه.................................... ٤٧٢
في صورة الشهادتين........................................................... ٤٧٤
في صورة الصلاة على
محمّد (صلى الله عليه وآله).................................. ٤٧٧
حكم إسقاط بعض ألفاظ
الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) أو الإضافة إليها.... ٤٧٩
وجوب الجلوس في
التشهّد...................................................... ٤٨١
حكم الجاهل بوجوب
التشهّد أو بعربيته.......................................... ٤٨٢
في مستحبّات التشهّد......................................................... ٤٨٦
استحباب التورّك
وزيادة الدعاء في التشهّد........................................ ٤٨٦
حكم الإتيان بالترجمة
والدعاء بغير العربية في الذكر غير الواجب..................... ٤٨٨
في جواز الدعاء
بالمكروه وعدمه................................................. ٤٩٠
في عدم جواز الترجمة
في الأذكار الواجبة.......................................... ٤٩١
خاتمة : في التسليم............................................................ ٤٩٢
حكم التسليم ونقل
الأقوال فيه................................................. ٤٩٢
الكلام في صورة
التسليم ونقل الأقوال فيها........................................ ٥٣١
نقل الأقوال في صيغة
التسليم الواجبة............................................ ٥٣٢
في كيفيّة تسليم
المنفرد......................................................... ٥٤٨
في كيفيّة تسليم إمام
الجماعة................................................... ٥٥٤
في كيفيّة تسليم
المأموم......................................................... ٥٥٨
فيمن يقصده الإمام
والمأموم بالتسليم............................................ ٥٦٤
في استحباب التكبيرات
الثلاث بعد التسليم...................................... ٥٧٠
حكم القنوت في كلّ
ثانية...................................................... ٥٧٣
محلّ ذكر القنوت من
الصلاة................................................... ٥٨٢
حكم الناسي للقنوت في
محلّه................................................... ٥٨٤
تأكّد القنوت في بعض
الصلوات................................................ ٥٨٦
في أدعية القنوت.............................................................. ٥٨٨
حكم الدعاء في الصلاة
في القنوت وغيره......................................... ٥٩١
في استحباب القنوتين
في الجمعة................................................. ٥٩٢
محلّ القنوتين في
الجمعة........................................................ ٥٩٥
في آداب القنوت.............................................................. ٥٩٧
حكم رفع اليدين في
القنوت ومقدار رفعهما....................................... ٥٩٧
حكم التكبير قبل
القنوت عند رفع اليدين........................................ ٥٩٩
استحباب النظر إلى
باطن الكفّين في القنوت..................................... ٦٠١
تبعية القنوت للقراءة
في الجهر والإخفات......................................... ٦٠٢
استحباب التعقيب بعد
الفراغ من الصلاة........................................ ٦٠٣
في المراد بالتعقيب
المستحبّ.................................................... ٦٠٤
في أنّ التعقيب إنّما
يستحبّ بالمنقول............................................. ٦٠٧
أفضلية تسبيح الزهراء (عليها
السلام) في التعقيب................................. ٦٠٨
في أنّ السبحة من طين
قبر الحسين (عليه السلام) أفضل........................... ٦١٤
|