
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ،
والصلاة والسّلام على سيدنا محمد ومن والاه ، وبعد ؛ فهذا كتاب وضعناه فى البلاغة
، واتجهنا فيه كثيرا إلى الأدب ، رجاء أن يجتلى الطّلّاب فيه محاسن العربية ،
ويلمحوا ما فى أساليبها من جلال وجمال ، ويدرسوا من أفانين القول وضروب التعبير ،
ما يهب لهم نعمة الذوق السليم ، ويربّى فيهم ملكة النّقد الصحيح ، وأملنا أن يكون
لعملنا هذا شأن فى إحياء الأدب ، وتوجيه أذهان المعلمين والطّلاب إلى هذه الطريقة
التى ابتكرناها فى دراسة البلاغة. ولعلنا نكون قد وفّقنا إلى ما قصدنا إليه ، والله خير
مستعان.
مقدمة
الفصاحة ـ البلاغة
ـ الأسلوب
الفصاحة :
الظهور والبيان ، تقول : أفصح الصّبح إذا ظهر. والكلام الفصيح ما كان واضح المعنى
، سهل اللفظ ، جيّد السّبك. ولهذا وجب أن تكون كلّ كلمة فيه جارية على القياس
الصّرفى ، بينة فى معناها ، مفهومة ـ عذبة سلسة.
وإنما تكون
الكلمة كذلك إذا كانت مألوفة الاستعمال بين النابهين من الكتاب والشعراء ، لأنها
لم تتداولها ألسنتهم ، ولم تجر بها أقلامهم ، إلا لمكانها من الحسن باستكمالها
جميع ما تقدم من نعوت الجودة وصفات الجمال.
والذوق السليم
هو العمدة فى معرفة حسن الكلمات وسلاستها ، وتمييز ما فيها من وجوه البشاعة ومظاهر
الاستكراه ؛ لأن الألفاظ أصوات ، فالذى يطرب لصوت البلبل ، وينفر من أصوات البوم
والغربان ، ينبو سمعه عن الكلمة إذا كانت غريبة متنافرة الحروف . ألا ترى أن كلمتى «المزنة» و «الدّيمة» للسحابة
الممطرة ، كلتاهما سهلة عذبة يسكن إليها السمع ، بخلاف كلمة «البعاق» التى فى
معناهما ؛ فإنها قبيحة تصك الآذان. وأمثال ذلك كثير فى مفردات اللغة تستطيع أن
تدركه بذوقك.
__________________
(١) ويشترط فى
فصاحة التركيب فوق جريان كلماته على القياس الصحيح وسهولتها أن يسلم من ضعف
التأليف ، وهو خروج الكلام عن قواعد اللغة المطردة كرجوع الضمير على متأخر لفظا
ورتبة فى قول سيدنا حسان رضى الله عنه :
ولو أنّ مجدا
أخلد الدهر واحدا
|
|
من النّاس
أبقى مجده الدّهر مطعما
|
فإن الضمير فى «مجده»
راجع إلى «مطعما» وهو متأخر فى اللفظ كما ترى ، وفى الرتبة لأنه مفعول به ، فالبيت
غير فصيح.
(٢) ويشترط أن
يسلم التركيب من تنافر الكلمات ، فلا يكون اتّصال بعضها ببعض مما يسبّب ثقلها على
السمع ، وصعوبة أدائها باللسان ، كقول الشاعر :
وقبر حرب
بمكان قفر
|
|
وليس قرب قبر
حرب قبر
|
قيل إن هذا
البيت لا يتهيّأ لأحد أن ينشده ثلاث مرات متواليات دون أن يتتعتع ، لأن اجتماع كلماته وقرب مخارج حروفها ، يحدثان ثقلا
ظاهرا ، مع أن كل كلمة منه لو أخذت وحدها كانت غير مستكرهة ولا ثقيلة.
(٣) ويجب أن
يسلم التركيب من التّعقيد اللفظى ، وهو أن يكون الكلام خفىّ الدلالة على المعنى
المراد بسبب تأخير الكلمات أو تقديمها عن مواطنها الأصلية أو بالفصل بين الكلمات
التى يجب أن تتجاور ويتّصل بعضها ببعض ، فإذا قلت : «ما قرأ إلّا واحدا محمد مع
كتابا أخيه»
__________________
كان هذا الكلام غير فصيح لضعف تأليفه ، إذ أصله «ما قرأ محمد مع أخيه إلا
كتابا واحدا» ، فقدّمت الصفة على الموصوف ، وفصل بين المتلازمين ، وهما أداة
الاستثناء والمستثنى ، والمضاف والمضاف إليه. ويشبه ذلك قول أبى الطّيب المتنبى :
أنّى يكون
أبا البريّة آدم
|
|
وأبوك
والثّقلان أنت محمّد؟
|
والوضع الصحيح
أن يقول : كيف يكون آدم أبا البرية ، وأبوك محمد ، وأنت الثقلان؟ يعنى أنه قد جمع
ما فى الخليقة من الفضل والكمال ، فقد فصل بين المبتدأ والخبر وهما «أبوك محمد» ،
وقدّم الخبر على المبتدأ تقديما قد يدعو إلى اللبس فى قوله «والثقلان أنت» ، على
أنه بعد التعسف لم يسلم كلامه من سخف وهذر.
(٤) ويجب أن
يسلم التركيب من التعقيد المعنوى ، وهو أن يعمد المتكلم إلى التعبير عن معنى
فيستعمل فيه كلمات فى غير معانيها الحقيقية ، فيسىء اختيار الكلمات للمعنى الذى
يريده ، فيضطرب التعبير ويلتبس الأمر على السامع. مثال ذلك أن كلمة اللسان تطلق
أحيانا ويراد بها اللغة ، قال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ
رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) أى ناطقا بلغة قومه ، وهذا استعمال صحيح فصيح ، فإذا
استعمل إنسان هذه الكلمة فى الجاسوس ، وقال : «بثّ الحاكم ألسنته فى المدينة» كان
مخطئا ، وكان فى كلامه تعقيد معنوى ، ومن ذلك قول امرىء القيس فى وصف فرس :
وأركب فى
الرّوع خيفانة
|
|
كسا وجهها
سعف منتشر
|
__________________
الخيفانة فى
الأصل الجرادة ، ويريد بها هنا الفرس الخفيفة ، وهذا لا بأس به وإن كان تشبيه
الفرس بالجرادة لا يخلو من ضعف ، أما وصف هذه الفرس بأن شعر ناصيتها طويل كسعف
النخل يغطّى وجهها ، فغير مقبول ؛ لأن المعروف عند العرب أن شعر الناصية إذا غطّى
العينين لم تكن الفرس كريمة ولم تكن خفيفة. ومن التعقيد المعنوى قول أبى تمّام :
جذبت نداه
غدوة السّبت جذبة
|
|
فخرّ صريعا
بين أيدى القصائد
|
فإنه ما سكت
حتى جعل كرم ممدوحه يخرّ صريعا وهذا من أقبح الكلام.
* * *
أما البلاغة
فهى تأدية المعنى الجليل واضحا بعبارة صحيحة فصيحة ، لها فى النفس أثر خلاب ، مع
ملاءمة كلّ كلام للموطن الذى يقال فيه ، والأشخاص الذين يخاطبون.
فليست البلاغة
قبل كل شىء إلّا فنّا من الفنون يعتمد على صفاء الاستعداد الفطرى ودقة إدراك
الجمال ، وتبين الفروق الخفية بين صنوف الأساليب ، وللمرانة يد لا تجحد فى تكوين
الذوق الفنّى ، وتنشيط المواهب الفاترة ، ولا بد للطالب إلى جانب ذلك من قراءة
طرائف الأدب ، والتّملؤ من نميره الفياض ، ونقد الآثار الأدبية والموازنة بينها ،
وأن يكون له من الثقة بنفسه ما يدفعه إلى الحكم بحسن ما يراه حسنا وبقبح ما يعدّه
قبيحا.
وليس هناك من
فرق بين البليغ والرّسام إلا أنّ هذا يتناول المسموع من الكلام ، وذلك يشاكل بين
المرئى من الألوان والأشكال ، أما فى غير ذلك فهما سواء ، فالرّسام إذا همّ برسم
صورة فكّر فى الألوان الملائمة لها ، ثم فى
__________________
تأليف هذه الألوان بحيث تختلب الأبصار وتثير الوجدان ، والبليغ إذا أراد أن
ينشئ قصيدة أو مقالة أو خطبة فكر فى أجزائها ، ثم دعا إليه من الألفاظ والأساليب
أخفها على السمع ، وأكثرها اتصالا بموضوعه. ثم أقواها أثرا فى نفوس سامعيه وأروعها
جمالا.
فعناصر البلاغة
إذا لفظ ومعنى وتأليف للألفاظ يمنحها قوة وتأثيرا وحسنا. ثم دقة فى اختيار الكلمات
والأساليب على حسب مواطن الكلام ومواقعه وموضوعاته وحال السامعين والنّزعة النفسية
التى تتملّكهم وتسيطر على نفوسهم ، فربّ كلمة حسنت فى موطن ثم كانت نابية مستكرهة
فى غيره. وقديما كره الأدباء كلمة «أيضا» وعدّوها من ألفاظ العلماء فلم تجربها
أقلامهم فى شعر أو نثر حتى ظهر بينهم من قال :
ربّ ورقاء
هتوف فى الضّحا
|
|
ذات شجو صدحت
فى فنن
|
ذكرت إلفا
ودهرا سالفا
|
|
فبكت حزنا
فهاجت حزنى
|
فبكائى ربّما
أرّقها
|
|
وبكاها ربّما
أرّقنى
|
ولقد تشكو
فما أفهمها
|
|
ولقد أشكو
فما تفهمنى
|
غير أنّى
بالجوى أعرفها
|
|
وهى «أيضا»
بالجوى تعرفنى
|
فوضع «أيضا» فى
مكان لا يتطلب سواها ولا يتقبّل غيرها ، وكان لها من الرّوعة والحسن فى نفس الأديب
ما يعجز عنها البيان.
وربّ كلام كان
فى نفسه حسنا خلابا حتى إذا جاء فى غير مكانه ، وسقط فى غير مسقطه ، خرج عن حدّ
البلاغة ، وكان غرضا لسهام الناقدين.
__________________
ومن أمثلة ذلك
قول المتنبى لكافور الإخشيدى فى أول قصيدة مدحه بها :
كفى بك داء
أن ترى الموت شافيا
|
|
وحسب المنايا
أن يكنّ أمانيا
|
وقوله فى مدحه
:
وما طربى
لمّا رأيتك بدعة
|
|
لقد كنت أرجو
أن أراك فأطرب
|
قال الواحدىّ : هذا البيت يشبه الاستهزاء فإنه يقول : طربت عند رؤيتك
كما يطرب الإنسان لرؤية المضحكات. قال ابن جنّى : لما قرأت على أبى الطيب هذا البيت قلت له : ما زدت
على أن جعلت الرجل قردا ، فضحك. ونرى أن المتنبى كان يغلى صدره حقدا على كافور
وعلى الأيام التى ألجأته إلى مدحه ؛ فكانت تفر من لسانه كلمات لا يستطيع احتباسها
وقديما زلّ الشعراء لمعنى أو كلمة نفّرت سامعيهم ، فأخرجت كلامهم عن حد البلاغة ،
فقد حكوا أن أبا النجم دخل على هشام ابن عبد الملك وأنشده :
صفراء قد
كادت ولمّا تفعل
|
|
كأنّها فى
الأفق عين الأحول
|
__________________
وكان هشام أحول
فأمر بحبسه.
ومدح جرير عبد الملك بن مروان بقصيدة مطلعها :
«أتصحو أم
فؤادك غير صاح» فاستنكر عبد الملك هذا الابتداء وقال له : بل فؤادك أنت.
ونعى علماء
الأدب على البحترى أن يبدأ قصيدة ينشدها أمام ممدوحه بقوله :
«لك الويل من
ليل تقاصر آخره».
وعابوا على
المتنبى قوله فى رثاء أمّ سيف الدولة :
صلاة الله
خالقنا حنوط
|
|
على الوجه
المكفّن بالجمال
|
قال ابن وكيع : إن وصفه أمّ الملك بجمال الوجه غير مختار.
وفى الحق أن
المتنبى كان جريئا فى مخاطبة الملوك ، ولعلّ لعظم نفسه وعبقريّته شأنا فى هذا
الشذوذ.
إذن لا بدّ
للبليغ أولا من التفكير فى المعانى التى تجيش فى نفسه ، وهذه يجب أن تكون صادقة
ذات قيمة وقوة يظهر فيها أثر الابتكار
__________________
وسلامة النظر ودقة الذوق فى تنسيق المعانى وحسن ترتيبها ، فإذا تم له ذلك
عمد إلى الألفاظ الواضحة المؤثرة الملائمة ، فألف بينها تأليفا يكسبها جمالا وقوّة
، فالبلاغة ليست فى اللفظ وحده ، وليست فى المعنى وحده ، ولكنها أثر لازم لسلامة
تأليف هذين وحسن انسجامهما.
* * *
بعد هذا يحسن
بك أن تعرف شيئا عن الأسلوب الذى هو المعنى المصوغ فى ألفاظ مؤلفة على صورة تكون
أقرب لنيل الغرض المقصود من الكلام وأفعل فى نفوس سامعيه ، وأنواع الأساليب ثلاثة
:
(١) الأسلوب
العلمى : وهو أهدأ الأساليب ، وأكثرها احتياجا إلى المنطق السليم والفكر المستقيم
، وأبعدها عن الخيال الشّعرىّ ، لأنه يخاطب العقل ، ويناجى الفكر ويشرح الحقائق
العلمية التى لا تخلو من غموض وخفاء ، وأظهر ميزات هذا الأسلوب الوضوح. ولا بد أن
يبدو فيه أثر القوة والجمال ، وقوته فى سطوع بيانه ورصانة حججه ، وجماله فى سهولة
عباراته ، وسلامة الذوق فى اختيار كلماته ، وحسن تقريره المعنى فى الأفهام من أقرب
وجوه الكلام.
فيجب أن يعنى
فيه باختيار الألفاظ الواضحة الصريحة فى معناها الخالية من الاشتراك ، وأن تؤلّف
هذه الألفاظ فى سهولة وجلاء ، حتى تكون ثوبا شفّا للمعنى المقصود ، وحتى لا تصبح
مثارا للظنون ، ومجالا للتوجيه والتأويل.
ويحسن التنّحى
عن المجاز ومحسّنات البديع فى هذا الأسلوب ؛ إلّا ما يجىء من ذلك عفوا من غير أن
يمسّ أصلا من أصوله أو ميزة من ميزاته. أما التشبيه الذى يقصد به تقريب الحقائق
إلى الأفهام وتوضيحها بذكر مماثلها ، فهو فى هذا الأسلوب حسن مقبول.
ولسنا فى حاجة
إلى أن نلقى عليك أمثلة لهذا النوع ، فكتب الدراسة
التى بين يديك تجرى جميعها على هذا النحو من الأساليب.
(٢) الأسلوب
الأدبى : والجمال أبرز صفاته ، وأظهر مميّزاته ، ومنشأ جماله ما فيه من خيال رائع
، وتصوير دقيق ، وتلمّس لوجوه الشبه البعيدة بين الأشياء ، وإلباس المعنوىّ ثوب
المحسوس ، وإظهار المحسوس فى صورة المعنوىّ.
فالمتنبى لا
يرى الحمّى الراجعة كما يراها الأطباء أثرا لجراثيم تدخل الجسم ، فترفع حرارته ،
وتسبب رعدة وقشعريرة. حتى إذا فرغت نوبتها تصبّب الجسم عرقا ، ولكنه يصوّرها كما
تراها فى الأبيات الآتية :
وزائرتى كأنّ
بها حياء
|
|
فليس تزور
إلّا فى الظّلام
|
بذلت لها
المطارف والحشايا
|
|
فعافتها
وباتت فى عظامى
|
يضيق الجلد
عن نفسى وعنها
|
|
فتوسعه
بأنواع السّقام
|
كأنّ الصبح
يطردها فتجرى
|
|
مدامعها
بأربعة سجام
|
أراقب وقتها
من غير شوق
|
|
مراقبة
المشوق المستهام
|
ويصدق وعدها
والصّدق شرّ
|
|
إذا ألقاك فى
الكرب العظام
|
أبنت الدّهر
عندى كلّ بنت
|
|
فكيف وصلت
أنت من الزّحام؟
|
والغيوم لا
يراها ابن الخياط كما يراها العالم بخارا متراكما يحول
__________________
إلى ماء إذا صادف فى الجوّ طبقة باردة ولكنه يراها :
كأن الغيوم
جيوش تسوم
|
|
من العدل فى
كلّ أرض صلاحا
|
إذا قاتل
المحل فيها الغمام
|
|
بصوب الرّهام
أجاد الكفاحا
|
يقرطس
بالطّلّ فيه السّهام
|
|
ويشرع بالوبل
فيه الرّماحا
|
وسلّ عليه
سيوف البروق
|
|
فأثخن بالضرب
فيه الجراحا
|
ترى ألسن
النور تثنى عليه
|
|
فتعجب منهن
خرسا فصاحا
|
وقد يتظاهر
الأديب بإنكار أسباب حقائق العلم ، ويتلمس لها من خياله أسبابا تثبت دعواه الأدبية
وتقوّى الغرض الذى ينشده ، فكلف البدر الذى يظهر فى وجهه ليس ناشئا عما فيه من
جبال وقيعان جافة كما يقول العلماء ، لأن المعرّى يرى لذلك سببا آخر فيقول فى الرثاء :
وما كلفة
البدر المنير قديمة
|
|
ولكنها فى
وجهه أثر اللّطم
|
ولا بد فى هذا
الأسلوب من الوضوح والقوة ؛ فقول المتنبى :
قفى تغرم
الأولى من اللّحظ مهجتى
|
|
بثانية
والمتلف الشىء غارمه
|
غير بليغ ؛
لأنه يريد أنه نظر إليها نظرة أتلفت مهجته ، فيقول لها قفى لأنظرك نظرة أخرى ترد
إلىّ مهجتى وتحييها ، فإن فعلت كانت النظرة غرما لما أتلفته النظرة الأولى.
__________________
فانظر كيف
عانينا طويلا فى شرح هذا الكلام الموجز الذى سبّب ما فيه من حذف وسوء تأليف شدة
خفائه وبعده عن الأذهان ، مع أن معناه جميل بديع ، وفكرته مؤيّدة بالدليل.
وإذا أردت أن
تعرف كيف تظهر القوة فى هذا الأسلوب ، فاقرأ قول المتنبى فى الرثاء :
ما كنت آمل
قبل نعشك أن أرى
|
|
رضوى على
أيدى الرجال يسير
|
ثم اقرأ قول
ابن المعتز :
قد ذهب الناس
ومات الكمال
|
|
وصاح صرف
الدّهر أين الرجال؟
|
هذا أبو العبّاس
فى نعشه
|
|
قوموا انظروا
كيف تسير الجبال
|
تجد أن الأسلوب
الأول هادى مطمئن ، وأن الثانى شديد المرّة عظيم القوة وربما كانت نهاية قوته فى
قوله ؛ «وصاح صرف الدهر أين الرجال» ثم فى قوله : «قوموا انظروا كيف تسير الجبال».
وجملة القول أن
هذا الأسلوب يجب أن يكون جميلا رائعا بديع الخيال ، ثم واضحا قويّا. ويظن الناشئون
فى صناعة الأدب أنه كلما كثر المجاز ، وكثرت التشبيهات والأخيلة فى هذا الأسلوب
زاد حسنه ، وهذا خطأ بيّن ، فإنه لا يذهب بجمال هذا الأسلوب أكثر من التكلف ، ولا
يفسده شرّ من تعمّد الصناعة. ونعتقد أنه لا يعجبك قول الشاعر :
فأمطرت لؤلؤا
من نرجس وسقت
|
|
وردا وعضّت
على العنّاب بالبرد
|
هذا ومن السهل
عليك أن تعرف أن الشعر والنثر الفنى هما موطنا
__________________
هذا الأسلوب ففيهما يزدهر وفيهما يبلغ قنّة الفنّ والجمال.
(٣) الأسلوب
الخطابى : هنا تبرز قوة المعانى والألفاظ ، وقوة الحجة والبرهان ، وقوة العقل
الخصيب ، وهنا يتحدث الخطيب إلى إرادة سامعيه لإثارة عزائمهم واستنهاض هممهم ،
ولجمال هذا الأسلوب ووضوحه شأن كبير فى تأثيره ووصوله إلى قرارة النفوس ، ومما
يزيد فى تأثير هذا الأسلوب منزلة الخطيب فى نفوس سامعيه وقوة عارضته ، وسطوع حجته
، ونبرات صوته ، وحسن إلقائه ، ومحكم إشارته.
ومن أظهر
مميزات هذا الأسلوب التكرار ، واستعمال المترادفات ، وضرب الأمثال ، واختيار
الكلمات الجزلة ذات الرنين ، ويحسن فيه أن تتعاقب ضروب التعبير من إخبار إلى
استفهام إلى تعجب إلى استنكار ، وأن تكون مواطن الوقف فيه قوية شافية للنفس. ومن
خير الأمثلة لهذا الأسلوب خطبة على بن أبى طالب رضى الله عنه لمّا أغار سفيان بن عوف الأسدى على الأنبار وقتل عامله عليها :
«هذا أخو غامد
قد بلغت خيله الأنبار وقتل حسّان البكرى وأزال خيلكم عن مسالحها وقتل منكم رجالا صالحين.
«وقد بلغنى أنّ
الرّجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة ، فينزع حجلها ، وقلبها ، ورعاثها ، ثم انصرفوا
__________________
وافرين ما نأل رجلا منهم كلم ، ولا أريق لهم دم ، فلو أن رجلا مسلما مات من بعد هذا
أسفا ، ما كان به ملوما ، بل كان عندى جديرا.
«فواعجبا من
جدّ هؤلاء فى باطلهم ، وفشلكم عن حقّكم. فقبحا لكم حين صرتم غرضا يرمى ، يغار عليكم ولا تغيرون ، وتغزون ولا تغزون ، ويعصى
الله وترضون ».
فانظر كيف تدرج
ابن أبى طالب فى إثارة شعور سامعيه حتى وصل إلى القمّة فانه أخبرهم بغزو الأنبار
أولا ، ثم بقتل عامله ، وأنّ ذلك لم يكف سفيان بن عوف فأغمد سيوفه فى نحور كثير من
رجالهم وأهليهم.
ثم توجه فى الفقرة
الثانية إلى مكان الحميّة فيهم ، ومثار العزيمة والنخوة من نفس كل عربى كريم ، ألا
وهو المرأة ، فإن العرب تبذل أرواحها رخيصة فى الذود عنها ، والدفاع عن خدرها.
فقال : إنهم استباحوا حماها ، وانصرفوا آمنين.
وفى الفقرة
الثالثة أظهر الدّهش والحيرة من تمسك أعدائه بالباطل ومناصرته ، وفشل قومه عن الحق
وخذلانه. ثم بلغ الغيظ منه مبلغه فعيّرهم بالجبن والخور.
هذا مثال من
أمثلة الأسلوب الخطابى نكتفى به فى هذه العجالة ، ونرجو أن نكون قد وفقنا إلى بيان
أسرار البلاغة فى الكلام وأنواع أساليبه ، حتى يكون الطالب خبيرا بأفانين القول ،
ومواطن استعمالها وشرائط تأديتها ، والله الموفق.
__________________
علم البيان
التشبيه
(١) أركانه
الأمثلة
(١) قال
المعرّى فى المديح :
أنت كالشّمس
فى الضّياء وإن جا
|
|
وزت كيوان فى
علوّ المكان
|
(٢) وقال آخر :
أنت كاللّيث
فى الشّجاعة والإقدام
|
|
والسّيف فى
قراع الخطوب
|
(٣) وقال آخر :
كأنّ أخلاقك
فى لطفها
|
|
ورقّة فيها
نسيم الصّباح
|
(٤) وقال آخر :
كأنّما الماء
فى صفاء
|
|
وقد جرى ذائب
اللّجين
|
البحث
:
فى البيت الأول
عرف الشاعر أن ممدوحه وضىء الوجه متلألئ الطلعة ، فأراد أن يأتى له بمثيل تقوى فيه
الصفة ، وهى الضياء والإشراق فلم يجد أقوى من الشمس ، فضاهاه بها ، ولبيان
المضاهاة أتى بالكاف.
وفى البيت
الثانى رأى الشاعر ممدوحه متصفا بوصفين ، هما الشجاعة ومصارعة الشدائد ، فبحث له
عن نظيرين فى كلّ منهما إحدى هاتين
__________________
الصفتين قوية ، فضاهاه بالأسد فى الأولى ، وبالسيف فى الثانية ، وبيّن هذه
المضاهاة بأداة هى الكاف.
وفى البيت
الثالث وجد الشاعر أخلاق صديقه دمثة لطيفة ترتاح لها النفس ، فعمل على أن يأتى لها
بنظير تتجلّى فيه هذه الصّفة وتقوى ، فرأى أن نسيم الصباح كذلك فعقد المماثلة
بينهما ، وبيّن هذه المماثلة بالحرف «كأن».
وفى البيت
الرابع عمل الشاعر على أن يجد مثيلا للماء الصافى تقوى فيه صفة الصفاء ، فرأى أن
الفضة الذائبة تتجلّى فيها هذه الصفة فماثل بينهما ، وبيّن هذه المماثلة بالحرف «كأن».
فأنت ترى فى كل
بيت من الأبيات الأربعة أن شيئا جعل مثيل شىء فى صفة مشتركة بينهما ، وأن الذى دلّ
على هذه المماثلة أداة هى الكاف أو كأن ، وهذا ما يسمّى بالتشبيه ، وقد رأيت أن لا
بدّ له من أركان أربعة : الشىء الذى يراد تشبيهه ويسمى المشبه ، والشىء الذى يشبّه
به ويسمى المشبه به ، (وهذان يسميان طرفى التشبيه) ؛ والصفة المشتركة بين الطرفين
وتسمى وجه الشبه ، ويجب أن تكون هذه الصفة فى المشبّه به أقوى وأشهر منها فى
المشبّه كما رأيت فى الأمثلة ، ثم أداة التشبيه وهى الكاف وكأن ونحوهما .
ولا بد فى كل
تشبيه من وجود الطرفين ، وقد يكون المشبه محذوفا للعلم به ولكنه يقدّر فى الإعراب
، وهذا التقدير بمثابة وجوده كما إذا سئلت «كيف على»؟ فقلت : «كالزهرة الذابلة»
فإن «كالزهرة» خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير هو الزهرة الذابلة ، وقد يحذف وجه
الشبه ، وقد تحذف الأداة. كما سيبين لك فيما بعد.
__________________
القواعد
(١) التّشبيه :
بيان أنّ شيئا أو أشياء شاركت غيرها فى صفة أو أكثر ، بأداة هى الكاف أو نحوها
ملفوظة أو ملحوظة.
(٢) أركان
التّشبيه أربعة ، هى : المشبّه ، والمشبّه به ، ويسمّيان طرفى التّشبيه ، وأداة
التّشبيه ، ووجه الشّبه ، ويجب أن يكون أقوى وأظهر فى المشبّه به منه فى المشبّه.
نموذج
قال المعرى :
ربّ ليل
كأنّه الصّبح فى الحس
|
|
ن وإن كان
أسود الطّيلسان
|
* * *
|
وسهيل كوجنة
الحبّ فى اللّو
|
|
ن وقلب
المحبّ فى الخفقان
|
|
الشبه
|
الشبه به
|
الأداة
|
وجه الشبه
|
الضمير في
كأنه
|
|
|
|
العائد في
الليل
|
الصبح
|
كأن
|
الحسن
|
سهيل
|
وجنة الحب
|
الكاف
|
اللون
والاحمرار
|
سهيل
|
قلب الحب
|
الكاف «مقدرة»
|
الخفقان
|
|
|
|
|
|
|
|
|
__________________
تمرينات
(١)
بيّن أركان
التشبيه فيما ياتى :
(١) أنت
كالبحر فى السّماحة والشّم
|
|
س علوّا
والبدر فى الإشراق
|
(٢) العمر مثل الضّيف أو
|
|
كالطيف ليس
له إقامه
|
(٣) كلام فلان كالشّهد فى الحلاوة .
(٤) الناس
كأسنان المشط فى الاستواء.
(٥) قال أعرابى
فى رجل : ما رأيت فى التوقّد نظرة أشبه بلهيب النار من نظرته.
(٦) وقال
أعرابى فى وصف رجل : كان له علم لا يخالطه جهل ، وصدق لا يشوبه كذب ، وكان فى
الجود كأنه الوبل عند المحل .
(٧) وقال آخر :
جاءوا على خيل كأنّ أعناقها فى الشّهرة أعلام ، وآذانها فى الدّقّة أطراف أقلام ، وفرسانها فى الجرأة
أسود آجام .
(٨) أقوال
الملوك كالسيوف المواضى فى القطع والبتّ فى الأمور.
(٩) قلبه
كالحجارة قسوة وصلابة.
(١٠) جبين فلان
كصفحة المرآة صفاء وتلألؤا.
(٢)
كوّن تشبيهات
من الأطراف الآتية بحيث تختار مع كلّ طرف ما يناسبه : العزيمة الصادقة ، شجرة لا
تثمر ، نغم الأوتار ، المطر للأرض. الحديث الممتع ، السيف القاطع ، البخيل ،
الحياة تدبّ فى الأجسام.
__________________
(٣)
كوّن تشبيهات
بحيث يكون فيها كلّ مما يأتى مشبّها :
القطار الهرم
الأكبر الكتاب الحصان
المصابيح
الصّديق المعلّم الدّمع
(٤)
اجعل كلّ واحد
مما يأتى مشبّها به :
بحر ـ أسد ـ أمّ
رءوم ـ نسيم عليل ـ مرآة صافية ـ حلم لذيذ
(٥)
اجعل كلّ واحد
مما يأتى وجه شبه فى تشبيه من إنشائك ، وعيّن طرفى التشبيه :
البياض ـ السواد
ـ المرارة ـ الحلاوة ـ البطء ـ السّرعة ـ الصلابة
(٦)
صف بإيجاز
سفينة فى بحر مائج ، وضمّن وصفك ثلاثة تشبيهات.
(٧)
اشرح بإيجاز
قول المتنبى فى المديح ، وبيّن جمال ما فيه من التشبيه :
كالبدر من
حيث التفتّ رأيته
|
|
يهدى إلى
عينيك نورا ثاقبا
|
كالبحر يقذف
للقريب جواهرا
|
|
جودا ويبعث
للبعيد سحائبا
|
كالشمس فى كبد
السّماء وضوؤها
|
|
يغشى البلاد
مشارقا ومغاربا
|
__________________
(٢) أقسام التشبيه
الأمثلة :
(١) أنا
كالماء إن رضيت صفاء
|
|
وإذا ما سخطت
كنت لهيبا
|
(٢) سرنا فى ليل بهيم كأنّه البحر ظلاما وإرهابا.
(٣) قال ابن
الرّومىّ فى تأثير غناء مغنّ :
فكأنّ لذّة
صوته ودبيبها
|
|
سنة تمشّى فى
مفاصل نعّس
|
(٤) وقال ابن المعتزّ :
وكأنّ الشّمس
المنيرة دي
|
|
نار جلته
حدائد الضّرّاب
|
(٥) الجواد فى السرعة برق خاطف.
(٦) أنت نجم
فى رفعة وضياء
|
|
تجتليك العيون
شرقا وغربا
|
(٧) وقال المتنبى وقد اعتزم سيف
الدولة سفرا :
أين أزمعت
أيّهذا الهمام؟
|
|
نحن نبت
الرّبا وأنت الغمام
|
(٨) وقال المرقّش :
النّشر مسك
والوجوه دنا
|
|
نير وأطراف
الأكفّ عنم
|
__________________
البحث :
يشبه الشاعر
نفسه فى البيت الأول فى حال رضاه بالماء الصافى الهادئ ، وفى حال غضبه بالنار
الملتهبة ، فهو محبوب مخوف. وفى المثال الثانى شبّه الليل فى الظلمة والإرهاب
بالبحر. وإذا تأمّلت التشبيهين فى الشطر الأول والمثال الثانى رأيت أداة التشبيه
مذكورة بكل منهما ، وكلّ تشبيه تذكر فيه الأداة يسمى مرسلا. وإذا نظرت إلى
التشبيهين مرة أخرى رأيت أن وجه الشبه بيّن وفصّل فيهما ، وكل تشبيه يذكر فيه وجه
الشبه يسمى مفصلا.
ويصف ابن
الرومى فى المثال الثالث حسن صوت مغنّ وجميل إيقاعه ، حتى كأنّ لذة صوته تسرى فى
الجسم كما تسرى أوائل النوم الخفيف فيه ، ولكنه لم يذكر وجه الشبه معتمدا على أنك
تستطيع إدراكه بنفسك
الارتياح
والتلذذ فى الحالين. ويشبه ابن المعتز الشمس عند الشروق ودينار مجلوّ قريب عهده
بدار الضرب ، ولم يذكر وجه الشبه أيضا وهو الاصفرار والبريق ، ويسمى هذا النوع من
التشبيه ، وهو الذى لم يذكر فيه وجه الشبه ، تشبيها مجملا.
وفى المثالين
الخامس والسادس شبّه الجواد بالبرق فى السرعة ، والممدوح بالنجم فى الرفعة والضياء
من غير أن تذكر أداة التشبيه فى كلا التشبيهين ، وذلك لتأكيد الادعاء بأن المشبه
عين المشبه به ، وهذا النوع يسمى تشبيها مؤكّدا.
وفى المثال
السابع يسأل المتنبى ممدوحه فى تظاهر بالذعر والهلع قائلا : أين تقصد؟ وكيف ترحل
عنا؟ ونحن لا نعيش إلا بك ، لأنك كالغمام الذى يحيى الأرض بعد موتها ، ونحن كالنّبت
الذى لا حياة له بغير الغمام. وفى البيت الأخير يشبه المرقش النشر ، وهو طيب رائحة
من يصف ، بالمسك ، والوجوه بالدنانير ، والأنامل المخضوبة بالعنم ، وإذا تأملت هذه
التشبيهات رأيت أنها من نوع التشبيه الموكد ، ولكنها جمعت إلى حذف
الأداة حذف وجه الشبه. وذلك لأن المتكلم عمد إلى المبالغة والإغراق فى
ادعاء أن المشبه هو المشبه به نفسه ، لذلك أهمل الأداة التى تدل على أن المشبه
أضعف فى وجه الشبه من المشبه به ، وأهمل ذكر وجه الشبه الذى ينمّ عن اشتراك
الطرفين فى صفة أو صفات دون غيرها. ويسمى هذا النوع بالتشبيه البليغ ، وهو مظهر من
مظاهر البلاغة وميدان فسيح لتسابق المجيدين من الشعراء والكتاب.
القواعد
(٣) التشبيه
المرسل ما ذكرت فيه الأداة.
(٤) التشبيه
المؤكّد ما حذفت منه الأداة.
(٥) التشبيه
المجمل ما حذف منه وجه الشبه.
(٦) التشبيه
المفصّل ما ذكر فيه وجه الشبه.
(٧) التشبيه
البليغ ما حذفت منه الأداة ووجه الشبه .
نموذج
(١) قال
المتنبى فى مدح كافور :
إذا نلت منك
الودّ فالمال هيّن
|
|
وكلّ الّذى
فوق التراب تراب
|
(٢) وصف أعرابى رجلا فقال :
كأنه النهار
الزاهر والقمر الباهر الذى لا يخفى على كل ناظر.
(٣) زرنا حديقة
كأنها الفردوس فى الجمال والبهاء.
(٤) العالم
سراج أمّته فى الهداية وتبديد الظلام.
__________________
الإجابة
الشبه
|
الشبه
به
|
نوع
التشبيه
|
السبب
|
(١) كل الدي فوق التراب
|
تراب
|
بليغ
|
حلفت الأداة ووجه الشبه
|
مدلول الضمير في كأنه
|
النهار الزاهر
|
مرسل مجمل
|
ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه
|
مدلول الضمير في كأنه
|
القمر الباهر
|
مرسل مجمل
|
ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه
|
التفسير كأنه المائد في الحديقة
|
الفردوس
|
مرسل المفسل
|
ذكرت الأداة ووجه الشبه
|
العالم
|
سراج
|
مؤكد المفصل
|
حلفت الأداة وذكر وجه الشيه
|
تمرينات
(١)
بيّن كل نوع من
أنواع التشبيه فيما يأتى :
(١) قال
المتنبى :
إنّ السّيوف
مع الّذين قلوبهم
|
|
كقلوبهنّ إذا
التقى الجمعان
|
تلقى الحسام
على جراءة حدّه
|
|
مثل الجبان
بكفّ كلّ جبان
|
(٢) وقال فى المديح :
فعلت بنا فعل
السّماء بأرضه
|
|
خلع الأمير
وحقّه لم نقضه
|
(٣) وقال :
ولا كتب إلا
المشرفيّة عنده
|
|
ولا رسل إلّا
الخميس العرمرم
|
__________________
(٤) وقال :
إذا الدولة
استكفت به فى ملمّة
|
|
كفاها فكان
السّيف والكفّ والقلبا
|
(٥) وقال صاحب كليلة ودمنة :
الرجل ذو
المروءة يكرم على غير مال كالأسد يهاب وإن كان رابضا .
(٦) لك سيرة
كصحيفة ال
|
|
أبرار طاهرة
نقيّه
|
(٧) المال سيف نفعا وضرّا.
(٨) قال تعالى
: (وَلَهُ الْجَوَارِ
الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ) .
(٩) وقال تعالى
: (فَتَرَى الْقَوْمَ
فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) .
(١٠) وقال
البحترىّ فى المديح :
ذهبت جدّة
الشّتاء ووافا
|
|
نا شبيها بك
الرّبيع الجديد
|
ودنا العيد
وهو للنّاس حتى
|
|
يتقضى وأنت
للعيد عيد
|
(١١) قال تعالى : «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ
ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ
أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ
لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ
خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ ».
__________________
(١٢) وقال
تعالى : «اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ
فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ
دُرِّيٌ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا
شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ
نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ
الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ».
(١٣) القلوب
كالطير فى الألفة إذا أنست.
(١٤) مدح
أعرابى رجلا فقال :
له هزّة كهزّة
السيف إذا طرب ، وجرأة كجرأة الليث إذا غضب .
(١٥) ووصف
أعرابى أخا له فقال :
كان أخى شجرا
لا يخلف ثمره ، وبحرا لا يخاف كدره.
(١٦) وقال
البحترىّ :
قصور
كالكواكب لامعات
|
|
يكدن يضئن
للسّارى الظلاما
|
(١٧) رأى الحازم ميزان فى الدّقّة.
(١٨) وقال ابن
التعاويذى :
إذا ما
الرّعد زمجر خلت أسدا
|
|
غضابا فى
السّحاب لها زئير
|
__________________
(١٩) وقال
السّرىّ الرّفّاء فى وصف شمعة :
مفتولة
مجدولة
|
|
تحكى لنا قدّ
الأسل
|
كأنّها عمر
الفتى
|
|
والنار فيها
كالأجل
|
(٢٠) وقال أعرابى فى الذم :
لقد صغّر فلانا
فى عينى عظم الدنيا فى عينه ، وكأنّ السائل إذا أتاه ملك الموت إذا لاقاه.
(٢١) وقال
أعرابى لأمير : اجعلنى زماما من أزمّتك التى تجرّ بها الأعداء .
(٢٢) وقال
الشاعر :
كم وجوه مثل
النّهار ضياء
|
|
لنفوس كالليل
فى الإظلام
|
(٢٣) وقال آخر :
أشبهت أعدائى
فصرت أحبّهم
|
|
إذ كان حظّى
منّك حظّى منهم
|
(٢٤) وقال البحترى فى المديح :
كالسيف فى
إخذامه والغيث فى
|
|
إرهامه
والليث فى إقدامه
|
(٢٥) وقال المتنبى فى وصف شعره :
إنّ هذا
الشّعر فى الشّعر ملك
|
|
سار فهو
الشّمس والدّنيا فلك
|
(٢٦) وقال فى المديح :
فلو خلق
النّاس من دهرهم
|
|
لكانوا
الظّلام وكنت النهارا
|
__________________
(٢٧) وقال فى
مدح كافور :
وأمضى سلاح
قلّد المرء نفسه
|
|
رجاء أبى
المسك الكريم وقصده
|
(٢٨) فلان كالمئذنة فى استقامة
الظاهر واعوجاج الباطن.
(٢٩) وقال
السّرىّ الرّفّاء :
برك تحلّت
بالكواكب أرضها
|
|
فارتدّ وجه
الأرض وهو سماء
|
(٣٠) وقال البحترى :
بنت بالفضل
والعلوّ فأصبح
|
|
ت سماء وأصبح
النّاس أرضا
|
(٣١) وقال فى روضة :
ولو لم
يستهلّ لها غمام
|
|
بريقه لكنت
لها غماما
|
(٣٢) الدنيا كالمنجل استواؤها فى
اعوجاجها .
(٣٣) الحمية من
الأنام ، كالحمية من الطعام .
(٣٤) وقال
المعرى :
فكأنّى ما
قلت واللّيل طفل
|
|
وشباب
الظّلماء فى عنفوان
|
ليلتى هذه
عروس من الزّن
|
|
ج عليها
قلائد من جمان
|
هرب النّوم
عن جفونى فيها
|
|
هرب الأمن عن
فؤاد الجبان
|
__________________
(٣٥) وقال ابن
التعاويذى :
ركبوا
الدّياجى والسروج أهلّة
|
|
وهم بدور
والأسنّة أنجم
|
(٣٦) وقال ابن وكيع :
سلّ سيف
الفجر من غمد الدّجى
|
|
وتعرى اللّيل
من ثوب الغلس
|
(٢)
اجعل كل تشبيه
من التشبيهين الآتيين مفصّلا مؤكّدا ثم بليغا :
وكأنّ إيماض
السيوف بوارق
|
|
وعجاج خيلهم
سحاب مظلم
|
(٣)
اجعل كلّ تشبيه
من التشبيهين الآتيين مرسلا مفصلا ثم مرسلا مجملا :
أنا نار فى
مرتقى نظر الحا
|
|
سد ماء جار
مع الإخوان
|
(٤)
اجعل التشبيه
الآتى مؤكدا مفصلا ثم بليغا ، وهو فى وصف رجلين اتفقا على الوشاية بين الناس :
كشقّى مقص
تجمّعتما
|
|
على غير شىء
سوى التّفرقه
|
(٥)
كوّن تشبيهات
مرسلة بحيث يكون كلّ مما يأتى مشبها.
الماء ـ القلاع
ـ الأزهار ـ الهلال ـ السيارة ـ الكريم ـ الرعد ـ المطر
__________________
(٦)
كوّن تشبيهات
مؤكدة بحيث يكون فيها كلّ مما يأتى مشبها به :
نسيم ماء زلال
جنّة الخلد برج بابل
درّ زهرة ناضرة
نار موقدة البدر المتألّق
(٧)
كوّن تشبيهات
بليغة يكون فيها كلّ مما يأتى مشبها :
اللسان ـ المال
ـ الشرف ـ الأبناء ـ الملاهى ـ الذليل ـ الحسد ـ التعليم
(٨)
اشرح قول ابن
التعاويذى بإيجاز فى وصف بطّيخة ، وبيّن أنواع التشبيه فيه :
حلوة الريق
حلال
|
|
دمها فى كلّ
ملّه
|
نصفها بدر
وإن قسّ
|
|
متها صارت
أهلّه
|
(٩)
وازن بين قولى
أبى الفتح كشاجم فى وصف روضتين ثم بيّن نوع كل تشبيه بهما :
وروض عن صنيع
الغيث راض
|
|
كما رضى
الصّديق عن الصّديق
|
يعير الرّيح
بالنّفحات ريحا
|
|
كأنّ ثراه من
مسك فتيق
|
كأنّ الطّلّ
منتشرا عليه
|
|
بقايا الدّمع
فى الخدّ المشوق
|
* * *
غيث أتانا
مؤذنا بالخفض
|
|
متّصل الوبل
سريع الرّكض
|
فالأرض تجلى
بالنّبات الغضّ
|
|
فى حليها
المحمرّ والمبيضّ
|
__________________
وأقحوان
كاللجين المحض
|
|
ونرجس زاكى
النّسيم بضّ
|
مثل العيون
رنّقت للغمض
|
|
ترنو فيغشاها
الكرى فتغضى
|
(١٠)
صف بإيجاز ليلة
ممطرة ، وهات فى غضون وصفك تشبيهين مرسلين مجملين ، وآخرين بليغين.
(٣) تشبيه التّمثيل
الأمثلة
(١) قال
البحترىّ :
هو بحر
السّماح والجود فازدد
|
|
منه قربا
تزدد من الفقر بعدا
|
(٢) وقال امرؤ القيس :
وليل كموج
البحر أرخى سدوله
|
|
علىّ بأنواع
الهموم ليبتلى
|
* * *
(٣) وقال أبو
فراس :
والماء يفصل
بين روض ال
|
|
زّهر فى
الشّطّين فصلا
|
كبساط وشى
جرّدت
|
|
أيدى القيون
عليه نصلا
|
__________________
(٤) وقال
المتنبى فى سيف الدولة :
يهزّ الجيش
حولك جانبيه
|
|
كما نفضت
جناحيها العقاب
|
(٥) وقال السّرىّ الرّفّاء :
وكأنّ الهلال
نون لجين
|
|
غرقت فى
صحيفة زرقاء
|
البحث :
يشبّه البحترى
ممدوحه بالبحر فى الجود والسماح ، وينصح للناس أن يقتربوا منه ليبتعدوا من الفقر ،
ويشبه امرؤ القيس الليل فى ظلامه وهوله بموج البحر ، وأنّ هذا الليل أرخى حجبه
عليه مصحوبة بالمهموم والأحزان ليختبر صبره وقوة احتماله. وإذا تأملت وجه الشبه فى
كل واحد من هذين التشبيهين رأيت أنه صفة أو صفات اشتركت بين شيئين ليس غير ، هى
هنا اشتراك الممدوح والبحر فى صفة الجود ، واشتراك الليل وموج البحر فى صفتين هما
الظلمة والروعة. ويسمى وجه الشبه إذا كان كذلك مفردا ، وكونه مفردا لا يمنع من
تعدد الصفات المشتركة ، ويسمى التشبيه الذى يكون وجه الشبه فيه كذلك تشبيها غير
تمثيل.
انظر بعد ذلك
إلى التشبيهات التالية :
يشبه أبو فراس
حال ماء الجدول ، وهو يجرى بين روضتين على شاطئيه حلّاهما الزّهر ببدائع ألوانه
منبثّا بين الخضرة الناضرة ، بحال سيف لماع لا يزال فى بريق جدّته ، وقد جرّده
القيون على بساط من حرير مطرّز. فأين وجه الشبه؟ أتظنّ أن الشاعر يريد أن يعقد
تشبيهين : الأول تشبيه الجدول بالسيف ، والثانى تشبيه الروضة بالبساط الموشّى؟
__________________
لا ، إنه لم يرد ذلك ، إنما يريد أن يشبّه صورة رآها بصورة تخيلها ، يريد
أن يشبه حال الجدول وهو بين الرياض بحال السيف فوق البساط الموشّى ، فوجه الشبه
هنا صورة لا مفرد ، وهذه الصورة مأخوذة أو منتزعة من أشياء عدّة ، والصورة
المشتركة بين الطرفين هى وجود بياض مستطيل حوله اخضرار فيه ألوان مختلفة.
ويشبه المتنبى
صورة جانبى الجيش : ميمنته وميسرته ، وسيف الدولة بينهما ، وما فيهما من حركة
واضطراب. بصورة عقاب تنفض جناحيها وتحركهما ، ووجه الشبه هنا ليس مفردا ولكنه
منتزع من متعدد وهو وجود جانبين لشىء فى حال حركة وتموّج.
وفى البيت
الأخير يشبه السّرىّ حال الهلال أبيض لمّاعا مقوّسا وهو فى السماء الزرقاء ، بحال
نون من فضة غارقة فى صحيفة زرقاء ، فوجه الشبه هنا صورة منتزعة من متعدد ، وهو
وجود شىء أبيض مقوّس فى شىء أزرق.
فهذه التشبيهات
الثلاثة التى مرت بك والتى رأيت أن وجه الشبه فيها صورة مكوّنة من أشياء عدّة
يسمّى كل تشبيه فيها تمثيلا.
القاعدة
(٨) يسمّى
التشبيه تمثيلا إذا كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من متعدد ، وغير تمثيل إذا لم
يكن وجه الشّبه كذلك.
نموذج
(١) قال ابن
المعتز :
قد انقضت
دولة الصّيام وقد
|
|
بشّر سقم
الهلال بالعيد
|
يتلو الثريّا
كفاغر شره
|
|
يفتح فاه
لأكل عنقود
|
(٢) وقال المتنبى فى الرثاء :
وما الموت
إلا سارق دقّ شخصه
|
|
يصول بلا كفّ
ويسعى بلا رجل
|
(٣) وقال الشاعر :
وتراه فى ظلم
الوغى فتخاله
|
|
قمرا يكرّ
على الرّجال بكوكب
|
الإجابة

__________________
تمرينات
(١)
بيّن المشبه
والمشبه به فيما يأتى :
(١) قال ابن
المعتز يصف السماء بعد تقشّع سحابة :
كأن سماءنا
لما تجلّت
|
|
خلال نجومها
عند الصباح
|
رياض بنفسج
خضل نداه
|
|
تفتّح بينه
نور الأقاحى
|
(٢) وقال ابن الرومى :
ما أنس لا
أنس خبّازا مررت به
|
|
يدحو
الرّقاقة وشك اللمح بالبصر
|
ما بين
رؤيتها فى كفّه كرة
|
|
وبين رؤيتها
قوراء كالقمر
|
إلّا بمقدار
ما تنداح دائرة
|
|
فى صفحة
الماء ترمى فيه بالحجر
|
(٣) وقال فى المشيب :
أوّل بدء
المشيب واحدة
|
|
تشعل ما
جاورت من الشعر
|
مثل الحريق
العظيم تبدؤه
|
|
أول صول
صغيرة الشّرر
|
(٤) وقال آخر :
تقلّدتنى
الليالى وهى مدبرة
|
|
كأنّنى صارم
فى كفّ منهزم
|
__________________
(٥) وقال تعالى
: «إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا
كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا
يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها
وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها
أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ».
(٦) وقال صاحب
كليلة ودمنة :
يبقى الصّالح
من الرجال صالحا حتى يصاحب فاسدا فإذا صاحبه فسد ، مثل مياه الأنهار تكون عذبة حتى
تخالط ماء البحر فإذا خالطته ملحت. وقال : من صنع معروفا لعاجل الجزاء فهو كملقى
الحب للطير لا لينفعها بل ليصيدها به.
(٧) وقال
البحترى :
وجدت نفسك من
نفسى بمنزلة
|
|
هى المصافاة
بين الماء والرّاح
|
(٨) وقال أبو تمّام فى مغنّية
تغنّى بالفارسية :
ولم أفهم
معانيها ولكن
|
|
ورت كبدى فلم
أجهل شجاها
|
فبتّ كأنّنى
أعمى معنّى
|
|
يحبّ
الغانيات ولا يراها
|
(٩) وقال فى صديق عاق :
إنّى وإيّاك
كالصادى رأى نهلا
|
|
ودونه هوّة
يخشى بها التّلفا
|
رأى بعينيه
ماء عزّ مورده
|
|
وليس يملك
دون الماء منصرفا
|
__________________
(١٠) وقال الله
تعالى : «مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ
أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي
كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ
عَلِيمٌ».
(١١) وقال
تعالى : «اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا
لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ
وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ
أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ
يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ
اللهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ».
(١٢) وقال
تعالى : «وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ
كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ
يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ
الْحِسابِ. أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ
ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ
يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ ».
__________________
(٢)
ميّز تشبيه
التمثيل من غيره فيما يأتى :
(١) قال
البوصيرى :
والنّفس
كالطّفل إن تهمله شبّ على
|
|
حب الرّضاع
وإن تفطمه ينفطم
|
(٢) وقال فى وصف الصحابة :
كأنّهم فى
ظهور الخيل نبت ربا
|
|
من شدّة
الحزم لا من شدّة الحزم
|
(٣) وقال المتنبى فى وصف الأسد :
يطأ الثّرى
مترفّقا من تيهه
|
|
فكأنه آس
يجسّ عليلا
|
(٤) وقال فى وصف بحيرة فى وسط رياض
:
كأنها فى
نهارها قمر
|
|
حفّ به من
جنانها ظلم
|
(٥) وقال الشاعر :
رب ليل قطعته
كصدود
|
|
وفراق ما كان
فيه وداع
|
موحش
كالثّقيل تقذى به العي
|
|
ن وتأبى
حديثه الأسماع
|
(٦) وقال تعالى : «مَثَلُ الَّذِينَ
اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ
بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا
يَعْلَمُونَ».
__________________
(٧) وقال ابن
خفاجة :
لله نهر سال
فى بطحاء
|
|
أحلى ورودا
من لمى الحسناء
|
متعطّف مثل
السّوار كأنّه
|
|
والزهر يكنفه
مجرّ سماء
|
(٨) وقال أعرابى فى وصف امرأة :
تلك شمس باهت
بها الأرض شمس السماء
(٩) وقال تعالى
: (فَما لَهُمْ عَنِ
التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ، كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ
قَسْوَرَةٍ).
(١٠) وقال
الشاعر :
فى شجر السرو
منهم مثل
|
|
له رواء وما
له ثمر
|
(١١) وقال التهامى :
فالعيش نوم
والمنيّة يقظة
|
|
والمرء
بينهما خيال سار
|
(١٢) وقال آخر فى وصف امرأة تبكى :
كأنّ الدّموع
على خدّها
|
|
بقيّة ظلّ
على جلّنار
|
__________________
(١٣) وقال
تعالى :
«وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي
آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ.
وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ
تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ».
(١٤) وقال
تعالى : «مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي
اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ
بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ. صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ
فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ . أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ
يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ
وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ. يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما
أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ
وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
(١٥) وقال أبو
الطّيب :
أغار من
الزّجاجة وهى تجرى
|
|
على شفة
الأمير أبى الحسين
|
كأن بياضها
والراح فيها
|
|
بياض محدق
بسواد عين
|
__________________
(١٦) وقال
السرىّ الرّفّاء :
والتهبت
نارها فمنظرها
|
|
يغنيك عن كلّ
منظر عجب
|
إذا ارتمت
بالشّرار واطّردت
|
|
على ذراها
مطارف اللهب
|
رأيت ياقوتة
مشبّكة
|
|
تطير عنها
قراضة الذهب
|
(١٧) وقال فى وصف دولاب :
انظر إليه
كأنّه وكأنّما
|
|
كيزانه
والماء منها ساكب
|
فلك يدور
بأنجم جعلت له
|
|
كالعقد فهى
شوارق وغوارب
|
(٣)
اجعل كلّا مما
يأتى مشبها فى تشبيه تمثيل :
(١) جيش منهزم
يتبعه جيش ظافر.
(٢) الرجل
العالم بين من لا يعرفون منزلته.
(٣) الحازم
يعمل فى شبابه لكبره.
(٤) السفينة
تجرى وقد تركت وراءها أثرا مستطيلا.
(٥) المذنب لا
يزيده النّصح إلا تماديا.
(٦) الشمس وقد
غطاها السحاب إلا قليلا.
(٧) الماء وقد
سطعت فوقه أشعة الشمس وقت الأصيل .
(٨) المتردد فى
الأمور يجذبه رأى هنا ورأى هناك.
(٩) الكلمة
الطيبة لا تثمر فى النفوس الخبيثة.
(١٠) المريض
وقد أحسّ دبيب العافية بعد اليأس.
__________________
(٤)
اجعل كلّا مما
يأتى مشبها به فى تشبيه تمثيل :
(١) الشعلة إذا
نكست زادت اشتعالا.
(٢) الشمس
تحتجب بالغمام ثم تظهر.
(٣) الماء يسرع
إلى الأماكن المنخفضة ولا يصل إلى المرتفعة.
(٤) الجزار
يطعم الغنم ليذبحها.
(٥) الأزهار
البيضاء فى مروج خضراء .
(٦) الجدول لا
تسمع له خريرا وآثاره ظاهرة فى الرياض.
(٧) الماء
الزلال فى فم المريض.
(٨) القمر يبدو
صغيرا ثم يصير بدرا.
(٩) الريح تميل
الشجيرات اللدنة وتقصف الأشجار العالية .
(١٠) الحمل بين
الذئاب .
(٥)
اجعل كل
تشبيهين مما يأتى تشبيه تمثيل :

__________________
(٦)
اشرح قول مسلم
بن الوليد وبيّن ما فيه من حسن وروعة :
وإنّى
وإسماعيل يوم وفاته
|
|
لكالغمد يوم
الرّوع فارقه النّصل
|
فإن أغش قوما
بعده أو أزرهم
|
|
فكالوحش
يدنيها من الأنس المحل
|
(٧)
صف بإيجاز حال
قوم اجترف سيل قريتهم واعمل على أن تأتى تشبيهى تمثيل فى وصفك.
(٤) التّشبيه الضمنى
الأمثلة :
(١) قال أبو
تمّام :
لا تنكرى عطل
الكريم من الغنى
|
|
فالسّيل حرب
للمكان العالى
|
(٢) وقال ابن الرومى :
قد يشيب
الفتى وليس عجيبا
|
|
أن يرى
النّور فى القضيب الرّطيب
|
__________________
(٣) وقال أبو
الطيب :
من يهن يسهل
الهوان عليه
|
|
ما لجرح
بميّت إيلام
|
البحث :
قد ينحو الكاتب
أو الشاعر منحى من البلاغة يوحى فيه بالتشبيه من غير أن يصرّح به فى صورة من صوره
المعروفة ، يفعل ذلك نزوعا إلى الابتكار ؛ وإقامة للدليل على
الحكم الذى أسنده إلى المشبه ، ورغبة فى إخفاء التشبيه ؛ لأن التشبيه كلما دقّ
وخفى كان أبلغ وأفعل فى النفس.
انظر بيت أبى
تمام فإنه يقول لمن يخاطبها : لا تستنكرى خلوّ الرجل الكريم من الغنى فإن ذلك ليس
عجيبا لأن قمم الجبال وهى أشرف الأماكن وأعلاها لا يستقر فيها ماء السيل. ألم تلمح
هنا تشبيها؟ ألم تر أنه يشبه ضمنا الرجل الكريم المحروم الغنى بقمّة الجبل وقد خلت
من ماء السيل؟ ولكنه لم يضع ذلك صريحا بل أتى بجملة مستقلة وضمنها هذا المعنى فى
صورة برهان.
ويقول ابن
الرومى : إنّ الشابّ قد يشيب ولم تتقدم به السن ، وإن ذلك ليس بعجيب فإن الغصن
الغض الرطب قد يظهر فيه الزهر الأبيض. فابن الرومى هنا لم يأت بتشبيه صريح فإنه لم
يقل : إن الفتى وقد وخطه
__________________
الشيب كالغصن الرطيب حين إزهاره ، ولكنه أتى بذلك ضمنا.
ويقول أبو
الطيب : إنّ الذى اعتاد الهوان يسهل عليه تحمله ولا يتألم له ، وليس هذا الادعاء
باطلا ؛ لأن الميت إذا جرح لا يتألم ، وفى ذلك تلميح بالتشبيه فى غير صراحة.
ففى الأبيات
الثلاثة تجد أركان التشبيه وتلمحه ولكنك لا تجده فى صورة من صوره التى عرفتها ،
وهذا يسمى بالتشبيه الضمنى.
القاعدة
(٩) التشبيه
الضّمنىّ : تشبيه لا يوضع فيه المشبّه والمشبّه به فى صورة من صور التشبيه
المعروفة بل يلمحان فى التركيب. وهذا النوع يؤتى به ليفيد أن الحكم الذى أسند إلى
المشبّه ممكن.
نموذج
(١) قال
المتنبى :
وأصبح شعرى
منهما فى مكانه
|
|
وفى عنق
الحسناء يستحسن العقد
|
(٢) وقال :
كرم تبيّن فى
كلامك ماثلا
|
|
ويبين عتق
الخيل من أصواتها
|
__________________
الإجابة

تمرينات
(١)
بيّن المشبّه
والمشبه به ونوع التشبيه فيما يأتى مع ذكر السبب :
(١) قال
البحترى :
ضحوك إلى
الأبطال وهو يروعهم
|
|
وللسّيف حدّ
حين يسطو ورونق
|
(٢) وقال المتنبى :
ومن الخير
بطء سيبك عنّى
|
|
أسرع السّحب
فى المسير الجهام
|
(٣) وقال :
لا يعجبنّ
مضيما حسن بزّته
|
|
وهل يروق
دفينا جودة الكفن
|
(٤) وقال :
وما أنا منهم
بالعيش فيهم
|
|
ولكن معدن
الذهب الرّغام
|
(٥) وقال أبو فراس :
سيذكرنى قومى
إذا جدّ جدّهم
|
|
وفى اللّيلة
الظّلماء يفتقد البدر
|
__________________
(٦) تزدحم
القصّاد فى بابه
|
|
والمنهل
العذب كثير الزحام
|
(٢)
بيّن التشبيه
الصريح ونوعه والتشبيه الضمنى فيما يأتى :
(١) قال أبو
العتاهية :
ترجو النّجاة
ولم تسلك مسالكها؟
|
|
إنّ السّفينة
لا تجرى على اليبس
|
(٢) قال ابن الرومى فى وصف المداد
:
حبر أبى حفص
لعاب الليل
|
|
كأنّه ألوان
دهم الخيل
|
يجرى إلى
الإخوان جرى السّيل
|
|
بغير وزن
وبغير كيل
|
(٣) قال الشاعر :
ويلاه إن
نظرت وإن هى أعرضت
|
|
وقع السّهام
ونزعهن أليم
|
(٤) المؤمن مرآة المؤمن.
(٥) وقال
البحترى فى وصف أخلاق ممدوحه :
وقد زادها
إفراط حسن جوارها
|
|
خلائق أصفار
من المجد خيّب
|
|
وحسن درارىء
الكواكب أن ترى
|
|
طوالع فى داج
من الليل غيهب
|
(٣)
حوّل التشبيهات
الضمنية الآتية إلى تشبيهات صريحة :
(١) قال أبو
تمام :
اصبر على مضض
الحسو
|
|
د فإنّ صبرك
قاتله
|
__________________
النار تأكل
بعضها
|
|
إن لم تجد ما
تأكله
|
(٢) وقال :
ليس الحجاب
بمقص عنك لى أملا
|
|
إنّ السّماء
ترجّى حين تحتجب
|
(٣) وقال أبو الطيب :
فإن تفق
الأنام وأنت متهم
|
|
فإنّ المسك
بعض دم الغزال
|
(٤) وقال :
أعيا زوالك
عن محلّ نلته
|
|
لا تخرج
الأقمار عن هالاتها
|
(٥) وقال :
أعاذك الله
من سهامهم
|
|
ومخطىّ من
رميّه القمر
|
(٦) وقال :
ليس بالمنكر
أن برّزت سبقا
|
|
غير مدفوع عن
السّبق العراب
|
(٤)
حوّل التشبيهات
الصريحة الآتية إلى تشبيهات ضمنيّة.
(١) قال مسلم
بن الوليد فى وصف الراح وهى تصبّ من إبريق :
كأنّها وحباب
الماء يقرعها
|
|
درّ تحدّر فى
سلك من الذّهب
|
(٢) قال ابن النبيه :
والليل تجرى
الدّرارى فى مجرّته
|
|
كالرّوض تطفو
على نهر أزاهره
|
__________________
(٣) وقال بشار
بن برد :
كأنّ مثار
النّقع فوق رءوسنا
|
|
وأسيافنا ليل
تهاوى كواكبه
|
(٥)
كوّن تشبيها
ضمنيّا من كل طرفين مما يأتى :
(١) ظهور الحق
بعد خفائه وبروز الشمس من وراء السحب.
(٢) المصائب
تظهر فضل الكريم والنار تزيد الذهب نقاء.
(٣) وعد الكريم
ثم عطاؤه والبرق يعقبه المطر.
(٤) الكلمة لا
يستطاع ردها والسهم يخرج من قوسه فيتعذر رده.
(٦)
هات تشبيهين
ضمنيين ، الأول فى وصف حديقة ، والثانى فى وصف طيارة.
(٧)
اشرح قول أبى
تمام فى رثاء طفلين لعبد الله بن طاهر وبيّن نوع التشبيه الذى به :
لهفى على تلك
الشّواهد منهما
|
|
لو أمهلت حتى
تكون شمائلا
|
إن الهلال
إذا رأيت نموّه
|
|
أيقنت أن
سيصير بدرا كاملا
|
__________________
(٥) أغراض التشبيه
الأمثلة :
(١) قال
البحترى :
دان إلى أيدى
العفاة وشاسع
|
|
عن كلّ ندّ
فى النّدى وضريب
|
كالبدر أفرط
فى العلوّ وضوؤه
|
|
للعصبة
السّارين جدّ قريب
|
* * *
(٢) وقال
النّابغة الذّبيانىّ :
كأنّك شمس
والملوك كواكب
|
|
إذا طلعت لم
يبد منهنّ كوكب
|
* * *
(٣) وقال
المتنبى فى وصف أسد :
ما قوبلت
عيناه إلّا ظنّتا
|
|
تحت الدّجى
نار الفريق حلولا
|
* * *
(٤) وقال تعالى
:
«وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا
يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ
لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ».
__________________
* * *
(٥) وقال أبو
الحسن الأنبارىّ فى مصلوب :
مددت يديك
نحوهم احتفاء
|
|
كمدّهما
إليهم بالهبات
|
* * *
وقال أعرابى فى
ذم امرأته :
وتفتح ـ لا
كانت ـ فما لو رأيته
|
|
توهّمته بابا
من النّار يفتح
|
البحث :
وصف البحترى
ممدوحه فى البيت الأول بأنه قريب للمحتاجين ، بعيد المنزلة ، بينه وبين نظرائه فى
الكرم بون شاسع. ولكن البحترى حينما أحس أنه وصف ممدوحه بوصفين متضادين ، هما
القرب والبعد ، أراد أن يبين لك أن ذلك ممكن ، وأن ليس فى الأمر تناقض ؛ فشبّه
ممدوحه بالبدر الذى هو بعيد فى السماء ولكنّ ضوءه قريب جدّا للسائرين بالليل ،
وهذا أحد أغراض التشبيه وهو بيان إمكان المشبّه.
والنّابغة
يشبّه ممدوحه بالشمس ويشبّه غيره من الملوك بالكواكب ، لأن سطوة الممدوح تغضّ من
سطوة كل ملك كما تخفى الشمس الكواكب فهو يريد أن يبين حال الممدوح وحال غيره من
الملوك ، وبيان الحال من أغراض التشبيه أيضا.
وبيت المتنبى
يصف عينى الأسد فى الظلام بشدة الاحمرار والتوقد حتى إن من يراهما من بعد يظنهما
نارا لقوم حلول مقيمين ، فلو لم يعمد المتنبى إلى التشبيه لقال : إنّ عينى الأسد
محمرتان ولكنه اضطرّ إلى
__________________
التشبيه ليبيّن مقدار هذا الاحمرار وعظمه ، وهذا من أغراض التشبيه أيضا.
أما الآية
الكريمة فإنها تتحدث فى شأن من يعبدون الأوثان ، وأنهم إذا دعوا آلهتهم لا
يستجيبون لهم ، ولا يرجع إليهم هذا الدعاء بفائدة ، وقد أراد الله جل شأنه أن
يقرّر هذه الحال ويثبّتها فى الأذهان ، فشبّه هؤلاء الوثنيين بمن يبسط كفيه إلى
الماء ليشرب فلا يصل الماء إلى فمه بالبداهة ؛ لأنه يخرج من خلال أصابعه ما دامت
كفاه مبسوطتين ، فالغرض من هذا التشبيه تقرير حال المشبّه ، ويأتى هذا الغرض حينما
يكون المشبّه أمرا معنويّا ؛ لأن النفس لا تجزم بالمعنويات جزمها بالحسيّات فهى فى
حاجة إلى الإقناع.
وبيت أبى الحسن
الأنبارى من قصيدة نالت شهرة فى الأدب العربى لا لشىء إلا أنها حسّنت ما أجمع
الناس على قبحه والاشمئزاز منه «وهو الصّلب» فهو يشبّه مدّ ذراعى المصلوب على
الخشبة والناس حوله بمدّ ذراعيه بالعطاء للسائلين أيام حياته ، والغرض من هذا
التشبيه التزيين ، وأكثر ما يكون هذا النوع فى المديح والرثاء والفخر ووصف ما تميل
إليه النّفوس.
والأعرابى فى
البيت الأخير يتحدث عن امرأته فى سخط وألم ، حتى إنه ليدعو عليها بالحرمان من
الوجود فيقول : «لا كانت» ، ويشبّه فمها حينما تفتحه بباب من أبواب جهنم ، والغرض
من هذا التشبيه التقبيح ، وأكثر ما يكون فى الهجاء ووصف ما تنفر منه النفس.
القاعدة
(١٠) أغراض
التشبيه كثيرة منها ما يأتى :
(ا) بيان إمكان
المشبّه : وذلك حين يسند إليه
__________________
أمر مستغرب لا تزول غرابته إلّا بذكر شبيه له.
(ب) بيان حاله
: وذلك حينما يكون المشبّه غير معروف الصفة قبل التشبيه فيفيده التشبيه الوصف.
(ح) بيان مقدار
حاله : وذلك إذا كان المشبّه معروف الصفة قبل التشبيه معرفة إجماليّة وكان التشبيه
يبيّن مقدار هذه الصفة.
(د) تقرير حاله
: كما إذا كان ما أسند إلى المشبّه يحتاج إلى التثبيت والإيضاح بالمثال.
(ه) تزيين
المشبّه أو تقبيحه.
نموذج
(١) قال ابن
الرومى فى مدح إسماعيل بن بلبل :
وكم أب قد علا
بابن ذرا شرف
|
|
كما علا
برسول الله عدنان
|
(٢) وقال أبو الطيّب فى المديح :
أرى كلّ ذى
جود إليك مصيره
|
|
كأنّك بحر
والملوك جداول
|
الإجابة

تمرينات
(١)
بيّن المغرض من
كل تشبيه فيما يأتى :
(١) قال
البحترى :
دنوت تواضعا
وعلوت مجدا
|
|
فشأناك انخفاض
وارتفاع
|
كذاك الشّمس
تبعد أن تسامى
|
|
ويدنو الضّوء
منها والشعاع
|
(٢) قال الشريف الرضى :
أحبك يا لون
الشّباب لأننى
|
|
رأيتكما فى
القلب والعين توءما
|
سكنت سواد
القلب إذ كنت شبهه
|
|
فلم أدر من
عزّ من القلب منكما
|
(٣) وقال صاحب كليلة ودمنة :
فضل ذى العلم
وإن أخفاه كالمسك يستر ثم لا يمنع ذلك رائحته أن تفوح.
(٤) وقال
الشاعر :
وأصبحت من
ليلى الغداة كقابض
|
|
على الماء
خانته فروج الأصابع
|
(٥) وقال المتنبى فى الهجاء :
وإذا أشار
محدّثا فكأنّه
|
|
قرد يقهقه أو
عجوز تلطم
|
(٦) وقال السرىّ الرّفاء :
لى منزل
كوجار الضّبّ أنزله
|
|
ضنك تقارب
قطراه فقد ضاقا
|
أراه قالب
جسمى حين أدخله
|
|
فما أمدّ به
رجلا ولا ساقا
|
__________________
(٧) وقال ابن
المعتز :
غدير ترجرج
أمواجه
|
|
هبوب الرّياح
ومرّ الصّبا
|
إذا الشّمس
من فوقه أشرقت
|
|
توهّمته
جوشنا مذهبا
|
(٨) وقال سعيد بن هاشم الخالدى من قصيدة يصف فيها خادما له :
ما هو عبد
لكنّه ولد
|
|
خوّلنيه
المهيمن الصّمد
|
وشد أزرى
بحسن خدمته
|
|
فهو يدى
والذّراع والعضد
|
(٩) وقال المعرى فى الشيب والشباب
:
خبّرينى ما
ذا كرهت من الشّي
|
|
ب فلا علم لى
بذنب المشيب
|
أضياء
النّهار أم وضح اللؤ
|
|
لؤ أم كونه
كثغر الحبيب؟
|
واذكرى لى
فضل الشباب وما يج
|
|
مع من منظر
يروق وطيب
|
غدره بالخليل
أم حبّه لا
|
|
غىّ أم أنّه
كعيش الأديب؟
|
(١٠) ومما ينسب إلى عنترة :
وأنا ابن
سوداء الجبين كأنّها
|
|
ذئب ترعرع فى
نواحى المنزل
|
السّاق منها
مثل ساق نعامة
|
|
والشّعر منها
مثل حبّ الفلفل
|
(١١) وقال ابن شهيد الأندلسى يصف برغوثا :
أسود زنجى ،
أهلىّ وحشىّ ، ليس بوان ولا زمّيل ، وكأنه جزء
__________________
لا يتجزأ من ليل ، أو نقطة مداد ، أو سويداء فؤاد ، شربه عبّ ، ومشيه وثب ، يكمن نهاره ، ويسير ليله ، يدارك بطعن مؤلم ، ويستحلّ دم البرىء والمجرم ، مساور للأساورة ، ومجرّد نصله على الجبابرة لا يمنع منه أمير ، ولا تنفع فيه غيرة
غيور ، وهو أحقر حقير ، شرّه مبعوث ، وعهده منكوث ، وكفى بهذا نقصانا للإنسان ، ودلالة على قدرة الرحمن.
(٢)
(١) كوّن
تشبيها الغرض منه بيان حال النّمر.
(٢) كوّن
تشبيها الغرض منه بيان حال الكرة الأرضية.
(٣) كوّن
تشبيها الغرض منه بيان مقدار حال دواء مرّ.
(٤) كوّن
تشبيها الغرض منه بيان مقدار حال نار شبت فى منزل.
(٥) كوّن
تشبيها الغرض منه تقرير حال طائش يرمى نفسه فى المهالك ولا يدرى.
(٦) كوّن
تشبيها الغرض منه تقرير حال من يعيش ظلام الباطل ويؤذيه نور الحق.
(٧) كوّن
تشبيها الغرض منه بيان إمكان العظيم من شىء حقير.
(٨) كوّن
تشبيها الغرض منه بيان إمكان أن التعب ينتج راحة ولذة.
(٩) كوّن
تشبيها لتزيين الكلب.
(١٠) كوّن
تشبيها لتزيين الشيخوخة.
(١١) كوّن
تشبيها لتقبيح الصّيف.
(١٢) كوّن
تشبيها لتقبيح الشتاء.
__________________
(٣)
اشرح بإيجاز
الأبيات الآتية وبيّن الغرض من كل تشبيه فيها :
وقانا لفحة
الرّمضاء واد
|
|
سقاه مضاعف
الغيث العميم
|
نزلنا دوحه
فحنا علينا
|
|
حنوّ
المرضعات على الفطيم
|
وأرشفنا على
ظمأ زلالا
|
|
ألذّ من
المدامة للنّديم
|
(٦) التشبيه المقلوب
الأمثلة :
(٢) قال محمد
بن وهيب الحميرىّ :
وبدا الصّباح
كأنّ غرّته
|
|
وجه الخليفة
حين يمتدح
|
(٢) وقال البحترىّ :
كأنّ سناها
بالعشىّ لصبحها
|
|
تبسّم عيسى
حين يلفظ بالوعد
|
(٣) وقال آخر :
أحنّ لهم
ودونهم فلاة
|
|
كأنّ فسيحها
صدر الحليم
|
البحث :
يقول الحميرى :
إن تباشير الصباح تشبه فى التلألؤ وجه الخليفة عند سماعه المديح ، فأنت ترى هنا
أنّ هذا التشبيه خرج عما كان
__________________
مستقرّا فى نفسك من أن الشىء يشبّه دائما بما هو أقوى منه فى وجه الشبه ،
إذ المألوف أن يقال إنّ وجه الخليفة يشبه الصباح ، ولكنه عكس وقلب للمبالغة
والإغراق بادعاء أن وجه الشبه أقوى فى المشبه ؛ وهذا التشبيه مظهر من مظاهر
الافتنان والإبداع.
ويشبه البحترى
برق السحابة الذى استمر لماعا طوال الليل بتبسم ممدوحه حينما يعد بالعطاء ، ولا شك
أن لمعان البرق أقوى من بريق الابتسام ، فكان المعهود أن يشبه الابتسام بالبرق كما
هى عادة الشعراء ، ولكن البحترى قلب التشبيه.
وفى المثال
الثالث شبّهت الفلاة بصدر الحليم فى الاتساع ، وهذا أيضا تشبيه مقلوب.
القاعدة :
(١٢) التشبيه
المقلوب هو جعل المشبّه مشبّها به بادّعاء أنّ وجه الشبه فيه أقوى وأظهر.
نموذج
(١) كأن النسيم
فى الرقة أخلاقه.
(٢) وكأن الماء
فى الصفاء طباعه.
(٣) وكأن ضوء
النهار جبينه.
(٤) وكأن نشر
الروض حسن سيرته.
__________________
الإجابة
المشبه
|
المشبه
به
|
وجه
الشبه
|
نوع
الشبيه
|
(١) التسميم
|
أخلاقه
|
الرقة
|
مقلوب
|
(٢) الماء
|
طباعه
|
الصفاء
|
مقلوب
|
(٣) ضوء النهار
|
جبينه
|
الإشراق
|
مقلوب
|
(٤) نشر الروض
|
حسن سيرته
|
جميل الأشر
|
مقلوب
|
تمرينات
(١)
لم كان التشبيه
مقلوبا فيما يأتى؟
(١) قال ابن
المعتز :
والصّبح فى
طرّة ليل مسفر
|
|
كأنّه غرّة
مهر أشقر
|
(٢) وقال البحترى :
فى حمرة
الورد شىء من تلهّبها
|
|
وللقضيب نصيب
من تثنّيها
|
(٣) وقال أيضا فى وصف بركة المتوكل
:
كأنّها حين
لجّت فى تدفقها
|
|
يد الخليفة
لمّا سال واديها
|
(٤) سارت بنا السفينة فى بحر كأنه
جدواك ، وقد سطع نور البدر كأنّه جمال محياك.
__________________
(٢)
ميّز التشبيه
المقلوب من غير المقلوب فيما يأتى وبيّن الغرض من كل تشبيه :
(١) كأن سواد
الليل شعر فاحم.
(٢) قال أبو
الطيب :
يزور الأعادى
فى سماء عجاجة
|
|
أسنّته فى
جانبيها الكواكب
|
(٣) كأنّ النّبل كلامه وكأن الوبل نواله.
(٤) قال
الأبيوردى :
كلماتى قلائد
الأعناق
|
|
سوف تفنى
الدّهور وهى بواق
|
(٥) أرسل أحد كتّاب المأمون إليه فرسا وقال :
قد بعثنا
بجواد
|
|
مثله ليس
يرام
|
فرس يزهى به
لا
|
|
حسن سرج
ولجام
|
وجهه صبح
ولكن
|
|
سائر الجسم
ظلام
|
والذى يصلح
للمو
|
|
لى على العبد
حرام
|
(٣)
حوّل التشبيهات
الآتية إلى تشبيهات مقلوبة وبيّن أيّها أبلغ :
(١) قال
البحترىّ يصف قصرا فوق هضبة :
فى رأس مشرفة
حصاها لؤلؤ
|
|
وترابها مسك
يشاب بعنبر
|
__________________
(٢) وقال :
وكانت يد
الفتح بن خاقان عندكم
|
|
يد الغيث عند
الأرض حرّقها المحل
|
(٣) وقال فى الغزل :
لست أنساه
باديا من بعيد
|
|
يتثنّى تثنّى
الغصن غضّا
|
(٤) وقال فى المديح :
وأشرق عن بشر
هو النور فى الضّحا
|
|
وصافى بأخلاق
هى الطّل فى الصّبح
|
(٤)
حول التشبيهات
المقلوبة الآتية إلى تشبيهات غير مقلوبة :
(١) ركبنا
قطارا كأنه الجواد السبّاق.
(٢) فاح الزهر
كأنه ذكرك الجميل.
(٣) ظهر الصبح
كأنه حجّتك الساطعة.
(٤) تقلد
الفارس سيفا كأنه عزيمته يوم النزال.
(٥)
كون تشبيها
مقلوبا من كل طرفين من الأطراف الآتية مع وضع كل طرف مع ما يناسبه :
قصف الرعد.
|
غضبة.
|
لمع البرق.
|
أخلاقه
|
نور جبينه.
|
الصاعقة.
|
شعره.
|
ابتسامه
|
شعاع الشمس.
|
صوته.
|
سواد الليل.
|
أزهار الربيع
|
__________________
(٦)
أتمم التشبيهات
المقلوبة الآتية :
(١) كأنّ ... قدومك لزيارتى
|
(٤) كأن ... حرارة حقده.
|
(٢) كان ... جرأتك.
|
(٥) كأنّ ... حدّ عزيمتك.
|
(٣) كأنّ ... صوته المنكر.
|
(٦) كأن ... احتياله.
|
(٧)
أتمم التشبيهات
المقلوبة :
(١) كأن عصف الريح ...
|
(٤) كأن الدّرر ...
|
(٢) كأن ذل اليتيم ...
|
(٥) كأن صفاء الماء ...
|
(٣) كأن نضرة الورد ...
|
(٦) كأن السّحر ...
|
(٨)
جاء فى كتب
الأدب أن أبا تمام حينما قال فى مدح أحمد بن المعتصم :
إقدام عمرو فى سماحة
حاتم
|
|
فى حلم أحنف فى ذكاء
إياس
|
قال بعض حساده
أمام ممدوحه : «ما زدت على أن شبّهت الأمير بمن هم دونه».
فقال أبو تمام
:
لا تنكروا
ضربى له من دونه
|
|
مثلا شرودا
فى النّدى والباس
|
فالله قد ضرب
الأقلّ لنوره
|
|
مثلا من
المشكاة والنّبراس
|
__________________
فما معنى الرد
الذى ساقه أبو تمام فى البيتين السابقين؟ وهل فى استطاعتك أن تدافع عن أبى تمام
بحجة أخرى بعد أن تنظر فى البيت جميعه؟ وما نوع التشبيه الذى يرضى هؤلاء النقاد؟
(٩)
هات تشبيهات
مقلوبة فى وصف جرىء مقدام ، ثم فى وصف سفينة ، ثم فى وصف كلام بليغ.
(١٠)
ولو لا
احتقار الأسد شبّهتهم بها
|
|
ولكنّها
معدودة فى البهائم
|
تكلّم على ما
فى البيت السابق من ضروب الحسن البيانى ، وهل ترى أن المدح يكون أبلغ لو قال «شبهتها
بهم» وما ذا يكون التشبيه إذا؟
(٧) بلاغة
التشبيه وبعض ما أثر منه عن العرب والمحدثين
تنشأ بلاغة
التشبيه من أنه ينتقل بك من الشىء نفسه إلى شىء ، طريف يشبهه ، أو صورة بارعة
تمثّله. وكلما كان هذا الانتقال بعيدا قليل الخطورة بالبال ، أو ممتزجا بقليل أو
كثير من الخيال ، كان التشبيه أروع للنفس وأدعى إلى إعجابها واهتزازها.
فإذا قلت :
فلان يشبه فلانا فى الطول ، أو إنّ الأرض تشبه الكرة فى الشكل ، أو إنّ الجزر
البريطانية تشبه بلاد اليابان ، لم يكن لهذه
__________________
التشبيهات أثر للبلاغة ؛ لظهور المشابهة وعدم احتياج العثور عليها إلى
براعة وجهد أدبىّ ، ولخلوها من الخيال.
وهذا الضرب من
التشبيه يقصد به البيان والإيضاح وتقريب الشىء إلى الأفهام ، وأكثر ما يستعمل فى
العلوم والفنون.
ولكنك تأخذك
روعة التشبيه حينما تسمع قول المعرى يصف نجما :
يسرع اللّمح
فى احمرار كما تس
|
|
رع فى اللمح
مقلة الغضبان
|
فإن تشبيه
لمحات النجم وتألقه مع احمرار ضوئه بسرعة لمحة الغضبان من التشبيهات النادرة التى
لا تنقاد إلا لأديب. ومن ذلك قول الشاعر :
وكأنّ
النّجوم بين دجاها
|
|
سنن لاح
بينهنّ ابتداع
|
فإن جمال هذا
التشبيه جاء من شعورك ببراعة الشاعر وحذقه فى عقد المشابهة بين حالتين ما كان يخطر
بالبال تشابههما ، وهما حالة النجوم فى رقعة الليل بحال السنن الدينية الصحيحة
متفرقة بين البدع الباطلة. ولهذا التشبيه رؤعة أخرى جاءت من أن الشاعر تخيّل أن
السنن مضيئة لمّاعة ، وأن البدع مظلمة قاتمة.
ومن أبدع
التشبيهات قول المتنبى :
بليت بلى
الأطلال إن لم أقف بها
|
|
وقوف شحيح
ضاع فى التّرب خاتمه
|
يدعو على نفسه
بالبلى والفناء إذا هو لم يقف بالأطلال ليذكر عهد من كانوا بها ، ثم أراد أن يصوّر
لك هيئة وقوفه فقال : كما يقف شحيح فقد خاتمه فى التراب ؛ من كان يوفق إلى تصوير
حال الذاهل المتحير المحزون المطرق برأسه المنتقل من مكان إلى مكان فى اضطراب
ودهشة بحال
__________________
شحيح فقد فى التراب خاتما ثمينا؟ ولو أردنا أن نورد لك أمثلة من هذا النوع
لطال الكلام.
* * *
هذه هى بلاغة
التشبيه من حيث مبلغ طرافته وبعد مرماه ومقدار ما فيه من خيال ، أما بلاغته من حيث
الصورة الكلامية التى يوضع فبها أيضا. فأقل التشبيهات مرتبة فى البلاغة ما ذكرت
أركانه جميعها. لأن بلاغة التشبيه مبنيّة على ادعاء أن المشبّه عين المشبه به ،
ووجود الأداة ووجه الشبه معا يحولان دون هذا الادعاء ، فإذا حذفت الأداة وحدها ،
أو وجه الشبه وحده ، ارتفعت درجة التشبيه فى البلاغة قليلا ، لأن حذف أحد هذين
يقوى ادعاء اتحاد المشبه والمشبه به بعض التقوية. أما أبلغ أنواع التشبيه فالتشبيه
البليغ ؛ لأنه مبنىّ على ادعاء أن المشبه والمشبه به شىء واحد.
* * *
هذا ـ وقد جرى
العرب والمحدثون على تشبيه الجواد بالبحر والمطر ، والشجاع بالأسد ، والوجه الحسن
بالشمس والقمر ، والشّهم الماضى فى الأمور بالسيف ، والعالى المنزلة بالنجم ،
والحليم الرزين بالجبل ، والأمانىّ الكاذبة بالأحلام ، والوجه الصبيح بالدينار ،
والشعر الفاحم بالليل ، والماء الصافى باللجين ، والليل بموج البحر ، والجيش
بالبحر الزاخر ، والخيل بالريح والبرق ، والنجوم بالدرر والأزهار ، والأسنان
بالبرد واللؤلؤ ، والسفن بالجبال ، والجداول بالحيات الملتوية ، والشّيب بالنهار
ولمع السيوف ، وغرّة الفرس بالهلال. ويشبهون الجبان بالنّعامة والذّبابة ، واللئيم
بالثعلب ، والطائش بالفراش ، والذليل بالوتد ، والقاسى بالحديد
والصخر ، والبليد بالحمار ، والبخيل بالأرض المجدية.
* * *
وقد اشتهر رجال
من العرب بخلال محمودة فصاروا فيها أعلاما فجرى التشبيه بهم. فيشبه الوفىّ
بالسّموءل ، والكريم بحاتم ، والعادل بعمر ، والحليم بالأحنف ، والفصيح بسحبان ، والخطيب بقسّ والشجاع بعمرو بن معديكرب ، والحكيم بلقمان ، والذّكىّ بإياس.
واشتهر آخرون
بصفات ذميمة فجرى التشبيه بهم أيضا ، فيشبه العيىّ بباقل ، والأحمق بهبنّقة ، والنادم بالكسعىّ ، والبخيل بمارد ، والهجّاء بالحطيّئة ، والقاسى بالحجاج .
__________________
الحقيقة والمجاز
المجاز اللغوى
الأمثلة :
(١) قال ابن
العميد :
قامت تظلّلنى
من الشّمس
|
|
نفس أحبّ
إلىّ من نفسى
|
قامت تظلّلنى
ومن عجب
|
|
شمس تظلّلنى
من الشمس
|
(٢) وقال البحترى يصف مبارزة الفتح
بن خاقان لأسد :
فلم أرضر
غامين أصدق منكما
|
|
عراكا إذا
الهيّابة النّكس كذّبا
|
هزبر مشى
يبغى هزبرا وأغلب
|
|
من القوم
يغشى باسل الوجه أغلبا
|
(٣) وقال المتنبى وقد سقط مطر على
سيف الدولة :
لعينى كلّ
يوم منك حظّ
|
|
تحيّر منه فى
أمر عجاب
|
حمالة ذا
الحسام على حسام
|
|
وموقع ذا
السّحاب على سحاب
|
(٤) وقال البحترىّ :
إذا العين
راحت وهى عين على الجوى
|
|
فليس بسرّ ما
تسرّ الأضالع
|
__________________
البحث :
انظر إلى الشطر
الأخير فى البيتين الأولين ، تجد أن كلمة «الشمس» استعملت فى معنيين : أحدهما
المعنى الحقيقى للشمس التى تعرفها ، وهى لتى تظهر فى المشرق صبحا وتختفى عند
الغروب مساء ، والثانى إنسان وضاء الوجه يشبه الشمس فى التلألؤ ، وهذا المعنى غير
حقيقى ، وإذا تأملت رأيت أنّ هناك صلة وعلاقة بين المعنى الأصلىّ للشمس والمعنى
العارض الذى استعملت فيه. وهذه العلاقة هى المشابهة ، لأن الشخص الوضىء الوجه يشبه
الشمس فى الإشراق ، ولا يمكن أن يلتبس عليك الأمر فتفهم من «شمس تظللنى» المعنى
الحقيقى للشمس ، لأن الشمس الحقيقية لا تظلّل ، فكلمة تظللنى إذا تمنع من إرادة
المعنى الحقيقى ، ولهذا تسمى قرينة دالة على أن المعنى المقصود هو المعنى الجديد
العارض.
وإذا تأملت
البيت الثانى للبحترىّ رأيت أن كلمة «هزبرا» الثانية يراد بها الأسد الحقيقى ، وأن
كلمة «هزبر» الأولى يراد بها الممدوح الشجاع. وهذا معنى غير حقيقى ، ورأيت أن
العلاقة بين المعنى الحقيقى للأسد والمعنى العارض هى المشابهة فى الشجاعة ، وأن
القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقى للأسد هى أن الحال المفهومة من سياق
الكلام تدل على أن المقصود المعنى العارض ، ومثل ذلك يقال فى «أغلب من القوم» و «باسل
الوجه أغلبا» فإن الثانية تدل على المعنى الأصلى للأسد ، والأولى تدل على المعنى
العارض وهو الرجل الشجاع ، والعلاقة المشابهة ، والقرينة المانعة من إرادة المعنى
الأصلى هنا لفظية وهى «من القوم».
تستطيع بعد هذا
البيان أن تدرك فى البيت الثانى للمتنبى أن كلمة «حسام» الثانية استعملت فى غير
معناها الحقيقى لعلاقة المشابهة فى تحمّل الأخطار. والقرينة تفهم من المقام فهى
حالية. ومثل ذلك كلمة «سحاب» الأخيرة فإنها استعملت لتدل على سيف الدولة لعلاقة
المشابهة بينه
وبين السحاب فى الكرم ، والقرينة حاليّة أيضا.
أما بيت
البحترى فمعناه أنّ عين الإنسان إذا أصبحت بسبب بكائها جاسوسا على ما فى النفس من
وجد وحزن. فإن ما تنطوى عليه النفس منهما لا يكون سرّا مكتوما ، فأنت ترى أن كلمة «العين»
الأولى استعملت فى معناها الحقيقى وأن كلمة «عين» الثانية استعملت فى الجاسوس وهو
غير معناها الأصلى ، ولكن لأن العين جزء من الجاسوس وبها يعمل ، أطلقها وأراد الكل
شأن العرب فى إطلاق الجزء وإرادة الكلّ ، وأنت ترى أن العلاقة بين العين والجاسوس
ليست المشابهة وإنما هى الجزئية والقرينة «على الجوى» فهى لفظيّة.
ويتّضح من كل
ما ذكرنا أن الكلمات : شمس ، وهزبر ، وأغلب ، وحسام ، وسحاب ، وعين ، استعملت فى
غير معناها الحقيقى لعلاقة وارتباط بين المعنى الحقيقى والمعنى العارض وتسمى كل
كلمة من هذه مجازا لغويّا.
القاعدة :
(١٢) المجاز
اللّغوىّ هو اللفظ المستعمل فى غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة
المعنى الحقيقىّ. والعلاقة بين المعنى الحقيقىّ والمعنى المجازىّ قد تكون المشابهة
، وقد تكون غيرها ، والقرينة قد تكون لفظية وقد تكون حاليّة.
نموذج
(١) قال أبو
الطيب حين مرض بالحمّى بمصر :
فإن أمرض فما
مرض اصطبارى
|
|
وإن أحمم فما
حمّ اعتزامى
|
(٢) وقال حينما
أنذر السحاب بالمطر وكان مع ممدوحه :
تعرّض لى
السّحاب وقد قفلنا
|
|
فقلت إليك إن
معى السّحابا
|
(٣) وقال آخر :
بلادى وإن
جارت علىّ عزيزة
|
|
وقومى وإن
ضنّوا علىّ كرام
|
الإجابة

تمرينات
(١)
الكلمات التى
تحتها خط استعملت مرّة استعمالا حقيقيّا. ومرّة استعمالا مجازيّا ؛ بيّن المجازىّ
منها مع ذكر العلاقة والقرينة لفظية أو حاليّة :
(١) قال
المتنبى فى المديح :
فيوما بخيل
تطرد الروم عنهم
|
|
ويوما بجود
تطرد الفقر والجدبا
|
(٢) وقال :
فلا زالت
الشّمس التى فى سمائه
|
|
مطالعة الشمس
التى فى لثامه
|
__________________
(٣) وقال :
عيب عليك ترى
بسيف فى الوغى
|
|
ما يفعل
الصّمصام بالصّمصام
|
(٤) وقال :
إذا اعتلّ سيف
الدولة اعتلّت الأرض .
(٥) وقال أبو
تمام فى الرّثاء :
وما مات حتى
مات مضرب سيفه
|
|
من الضرب
واعتلّت عليه القنا السّمر
|
(٦) كان خالد بن الوليد إذا سار سار النصر تحت لوائه.
(٧) بنيت
بيوتا عاليات وقبلها
|
|
بنيت فخارا
لا تسامى شواهقه
|
(٢)
(١) أمن
الحقيقة أم من المجاز كلمة «الشمسين» فى قول المتنبى يرثى أخت سيف الدولة؟ :
فليت طالعة
الشمسين غائبة
|
|
وليت غائبة
الشمسين لم تغب
|
(٢) أحقيقة أم مجاز كلمة «بدرا» فى
قول الشاعر؟ :
وقد نظرت بدر
الدّجى ورأيتها
|
|
فكان كلانا
ناظرا وحده بدرا
|
(٣) أحقيقة أم مجاز كلمة «ليالى»
فى قول المتنبى؟ :
نشرت ثلاث
ذوائب من شعرها
|
|
فى ليلة فأرت
ليالى أربعا
|
(٤) أحقيقة أم مجاز كلمة «القمرين»
فى قول المتنبى؟ :
واستقبلت قمر
السماء بوجهها
|
|
فأرتنى
القمرين فى وقت معا
|
__________________
(٣)
(ا) استعمل
الأسماء الآتية استعمالا حقيقيّا مرّة ومجازيّا أخرى لعلاقة المشابهة :
البرق ـ الرّيح
ـ المطر ـ الدّرر ـ الثعلب ـ النسر ـ النجوم ـ الحنظل.
(ب) استعمل
الأفعال الآتية استعمالا حقيقيّا مرّة ومجازيّا أخرى لعلاقة المشابهة :
غرق ـ قتل ـ مزّق
ـ شرب ـ دفن ـ أراق ـ رمى ـ سقط
(٤)
ضع مفعولا به
فى المكان الخالى يكون مستعملا استعمالا مجازيّا ، ثم اشرح العلاقة والقرينة :
أحيا طلعت حرب
... نثر الخطيب ... زرع المحسن ...
قوّم المعلم ...
قتل الكسلان ... حاربت أوربا ...
(٥)
ضع فى جملة
كلمة «أذن» لتدل على الرجل الذى يميل لسماع الوشايات ، وفى جملة أخرى كلمة «يمين»
لتدل على القوة ، ثم بيّن العلاقة.
(٦)
كون أربع جمل
تشتمل كل منها على مجاز لغوىّ علاقته المشابهة.
(٧)
اشرح بيتى
البحترى فى المديح ثم بيّن ما تضمنته كلمة «شمسين» من الحقيقة والمجاز :
طلعت لهم وقت
الشروق فعاينوا
|
|
سنا الشّمس
من أفق ووجهك من أفق
|
فما عاينوا
شمسين قبلهما التقى
|
|
ضياؤهما وفقا
من الغرب والشرق
|
__________________
(١) الاستعارة
التصريحية والمكنيّة
الأمثلة :
(١) قال تعالى
: «كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ
لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ».
(٢) وقال
المتنبى وقد قابله ممدوحه وعانقه :
فلم أر قبلى
من مشى البحر نحوه
|
|
ولا رجلا
قامت تعانقه الأسد
|
(٣) وقال فى مدح سيف الدولة :
أما ترى ظفرا
حلوا سوى ظفر
|
|
تصافحت فيه
بيض الهند واللّمم
|
* * *
(١) وقال
الحجّاج فى إحدى خطبه :
إنى لأرى رءوسا
قد أينعت وحان قطافها وإنّى لصاحبها .
(٢) وقال
المتنبى :
ولمّا قلّت
الإبل امتطينا
|
|
إلى ابن أبى
سليمان الخطوبا
|
(٣) وقال :
المجد عوفى
إذ عوفيت والكرم
|
|
وزال عنك إلى
أعدائك الألم
|
__________________
البحث :
فى كل مثال من
الأمثلة السابقة مجاز لغوىّ : أى كلمة استعملت فى غير معناها الحقيقى فالمثال
الأول من الأمثلة الثلاثة الأولى يشتمل على كلمتى الظلمات والنور ولا يقصد بالأولى
إلّا الضلال ، ولا يراد بالثانية إلّا الهدى والإيمان ، والعلاقة المشابهة
والقرينة حالية ؛ وبيت المتنبى يحتوى على مجازين هما «البحر» الذى يراد به الرجل
الكريم لعلاقة المشابهة ، والقرينة «مشى» و «الأسد» التى براد بها الشجعان لعلاقة
المشابهة ، والقرينة «تعانقه» ؛ والبيت الثالث يحتوى على مجاز هو «تصافحت» الذى
يراد منه تلاقت ، لعلاقة المشابهة والقرينة «بيض الهند واللمم».
وإذا تأملت كل
مجاز سبق رأيت أنه تضمّن تشبيها حذف منه لفظ المشبّه واستعير بدله لفظ المشبّه به
ليقوم مقامه بادعاء أنّ المشبه به هو عين المشبّه ، وهذا أبعد مدى فى البلاغة ،
وأدخل فى المبالغة ، ويسمّى هذا المجاز استعارة ، ولما كان المشبّه به مصرّحا به
فى هذا المجاز سمّى استعارة تصريحية
نرجع إذا إلى
الأمثلة الثلاثة الأخيرة ؛ ويكفى أن نوضح لك مثالا منها لتقيس عليه ما بعده ، وهو
قول الحجاج فى التهديد : «إنّى لأرى رءوسا قد أينعت» فإن الذى يفهم منه أن يشبه
الرءوس بالثمرات ، فأصل الكلام إنى لأرى رءوسا كالثمرات قد أينعت ، ثم حذف المشبّه
به فصار إنى لأرى رءوسا قد أينعت ، على تخيّل أن الرءوس قد تمثلت فى صورة ثمار ،
ورمز للمشبه به المحذوف بشىء من لوازمه وهو أينعت ، ولما كان المشبه به فى هذه
الاستعارة محتجبا سميت استعارة مكنية ، ومثل ذلك يقال فى «امتطينا الخطوبا» وفى
كلمة «المجد» فى البيت الاخير.
القاعدة :
(١٣) الاستعارة
من المجاز اللّغوىّ ، وهى تشبيه حذف أحد طرفيه ، فعلاقتها المشابهة دائما ، وهى
قسمان :
(ا) تصريحيّة ،
وهى ما صرّح فيها بلفظ المشبّه به.
(ب) مكنيّة ،
وهى ما حذف فيها المشبّه به ورمز له بشىء من لوازمه.
نموذج
(١) قال
المتنبى يصف دخول رسول الرّوم على سيف الدولة :
أقبل يمشى فى
البساط فما درى
|
|
إلى البحر
يسعى أم إلى البدر يرتقى
|
(٢) وصف أعرابى أخا له فقال :
كان أخى يقرى
العين جمالا والأذن بيانا .
(٣) وقال تعالى
على لسان زكريا :
(رَبِّ إِنِّي وَهَنَ
الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً.)
(٤) وقال
أعرابى فى المدح :
فلان يرمى
بطرفه حيث أشار الكرم .
الإجابة
(١) ـ شبّه سيف
الدولة بالبحر بجامع العطاء ثم استعير اللفظ الدال على المشبّه به وهو البحر
للمشبه وهو سيف الدولة ، على سبيل الاستعارة التصريحية ، والقرينة «فأقبل يمشى فى
البساط».
ب ـ شبّه سيف
الدولة بالبدر بجامع الرّفعة ، ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو البدر
للمشبه وهو سيف الدولة ، على سبيل الاستعارة التصريحية ، والقرينة «فأقبل يمشى فى
البساط».
__________________
(٢) شبّه إمتاع
العين بالجمال وإمتاع الأذن بالبيان بقرى الضيف ، ثم اشتقّ من القرى يقرى بمعنى
يمتع على سبيل الاستعارة التصريحية ، والقرينة جمالا وبيانا.
(٣) شبّه الرأس
بالوقود ثم حذف المشبه به ، ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو «اشتعل» على سبيل
الاستعارة المكنية ، والقرينة إثبات الاشتعال للرأس.
(٤) شبّه الكرم
بإنسان ثم حذف ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو «أشار» على سبيل الاستعارة المكنية ،
والقرينة إثبات الإشارة للكرم.
تمرينات
(١)
أجر الاستعارة
التصريحية التى تحتها خط فيما يأتى :
(١) كلّ
زنجيّة كأن سواد ال
|
|
ليل أهدى لها
سواد الإهاب
|
(٢) وقال فى وصف مزيّن :
إذا لمع
البرق فى كفّه
|
|
أفاض على
الوجه ماء النعيم
|
له راحة
سيرها راحة
|
|
تمرّ على
الوجه مرّ النّسيم
|
(٣) وقال ابن المعتز :
جمع الحقّ
لنا فى إمام
|
|
قتل البخل
وأحيا السّماحا
|
(٢)
أجر الاستعارة
المكنية التى تحتها خط فيما يأتى :
(١) مدح أعرابى
رجلا فقال :
تطلّعت عيون
الفضل لك ، وأصغت آذان المجد إليك.
__________________
(٢) ومدح آخر
قوما بالشجاعة فقال : أقسمت سيوفهم ألا تضيع حقّا لهم.
(٣) وقال
السرىّ الرّفاء
مواطن لم
يسحب بها الغىّ ذيله
|
|
وكم للعوالى
بينها من مساحب
|
(٣)
عيّن التصريحية
والمكنية من الاستعارات التى تحتها خط مع بيان السبب :
(١) قال دعبل
الخزاعىّ :
لا تعجبى يا
سلم من رجل
|
|
ضحك المشيب
برأسه فبكى
|
(٢) ذمّ أعرابى قوما فقال : أولئك
قوم يصومون عن المعروف ، ويفطرون على الفحشاء.
(٣) وذمّ آخر
رجلا فقال : إنه سمين المال مهزول المعروف.
(٤) وقال
البحترى يرثى المتوكل وقد قتل غيلة :
فما قاتلت
عنه المنايا جنوده
|
|
ولا دافعت
أملاكه وذخائره
|
(٥) وإذا العناية لاحظتك عيونها
|
|
نم فالمخاوف
كلّهنّ أمان
|
(٦) وقال أبو العتاهية يهنّئ
المهدى بالخلافة :
أتته الخلافة
منقادة
|
|
إليه تجرّر
أذيالها
|
__________________
(٤)
ضع الأسماء
الآتية فى جمل بحيث يكون كلّ منها استعارة تصريحية مرة ومكنية أخرى :
الشمس ـ البلبل
ـ البحر ـ الأزهار ـ البرق
(٥)
حوّل
الاستعارات الآتية إلى تشبيهات :
(١) قال أبو
تمام فى وصف سحابة :
ديمة سمحة
القياد سكوب
|
|
مستغيث بها
الثرى المكروب
|
(٢) وقال السّرىّ فى وصف الثلج وقد
سقط على الجبال :
ألمّ بربعها
صبحا فألفى
|
|
ملمّ الشيب
فى لمم الجبال
|
(٣) وقال فى وصف قلم :
وأهيف إن
زعزعته البنا
|
|
ن أمطر فى
الطّرس ليلا أحم
|
(٦)
حوّل التشبيهات
الآتية إلى استعارات :
(١) إنّ الرسول
لنور يستضاء به.
(٢) أنا غصن من
غصون سرحتك ، وفرع من فروع دوحتك
__________________
(٣) أنا السّيف إلا أنّ للسّيف نبوة
|
|
ومثلى لا
تنبو عليك مضاربه
|
(٤) «ثُمَّ قَسَتْ
قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً».
(٥) وإنّ
صخرا لتأتمّ الهداة به
|
|
كأنّه علم فى
رأسه نار
|
(٦) أنا غرس يديك.
(٧) أسد علىّ
وفى الحروب نعامة
|
|
ربداء تجفل
من صفير الصّافر!
|
(٧)
اشرح قول ابن
سنان الخفاجىّ فى وصف حمامة ، ثم بيّن ما فيه من البيان :
وهاتفة فى
البان تملى غرامها
|
|
علينا وتتلو
من صبابتها صحفا
|
ولو صدقت
فيما تقول من الأسى
|
|
لما لبست طوقا
وما خضبت كفّا
|
__________________
(٢) تقسيم الاستعارة
إلى أصليّة وتبعيّة
الأمثلة :
(١) قال
المتنبى يصف قلما.
يمجّ ظلاما
فى نهار لسانه
|
|
ويفهم عمّن
قال ما ليس يسمع
|
(٢) وقال يخاطب سيف الدولة :
أحبك يا شمس
الزّمان وبدره
|
|
وإن لامنى
فيك السّها والفراقد
|
(٣) وقال المعرّى فى الرّثاء :
فتى عشقته
البابليّة حقبة
|
|
فلم يشفها
منه برشف ولا لثم
|
* * *
(٤) قال تعالى
:
«وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ
أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ
لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ».
(٥) وقال
المتنبى فى وصف الأسد :
ورد إذا ورد
البحيرة شاربا
|
|
ورد الفرات
زئيره والنّيلا
|
البحث :
فى الأبيات
الثلاثة الأولى استعارات مكنية وتصريحية ، ففى البيت الأول شبّه القلم (وهو مرجع
الضمير فى لسانه) بإنسان ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو اللسان ، فالاستعارة
مكنية ، وشبّه المداد
__________________
بالظلام بجامع السواد واستعير اللفظ الدال على المشبه به للمشبه على سبيل
الاستعارة التصريحية. وشبّه الورق بالنهار بجامع البياض ثم استعير اللفظ الدال على
المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التصريحية.
وفى البيت
الثانى شبّه سيف الدولة مرّة بالشمس ، ومرّة بالبدر بجامع الرفعة والظهور ، ثم
استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو الشمس والبدر للمشبه على سبيل الاستعارة
التصريحية فى الكلمتين ، وشبّه من دونه مرّة بالسّها ومرّة بالنجوم بجامع الصّغر
والخفاء ، ثم استعير اللفظ الدالّ على المشبه به وهو السّها والفراقد للمشبه على
سبيل الاستعارة التصريحية فى الكلمتين.
وفى البيت
الثالث شبّهت البابلية وهى الخمر بامرأة ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشىء من
لوازمه وهو «عشقته» على سبيل الاستعارة المكنية.
وإذا رجعت إلى
كل إجراء أجريناه للاستعارات السابقة ، رأيت أننا فى التصريحية استعرنا اللفظ
الدال على المشبه به للمشبه وأننا لم نعمل عملا آخر ، ورمزنا إليه بشىء من لوازمه
، وأن الاستعارة تمّت أيضا بهذا العمل ، وإذا تأملت ألفاظ الاستعارات السابقة
رأيتها جامدة غير مشتقة. ويسمى هذا النوع من الاستعارة بالاستعارة الأصلية.
انظر إذا إلى
المثالين الأخيرين تجد بكل منهما استعارة تصريحية ، وفى إجرائها نقول : شبّه
انتهاء الغضب بالسكوت بجامع الهدوء فى كلّ ، ثم استعير اللفظ الدالّ على المشبه به
وهو السكوت للمشبه وهو انتهاء الغضب ثم اشتق من السكوت بمعنى انتهاء الغضب سكت
بمعنى انته.
وشبّه وصول صوت
الأسد إلى الفرات بوصول الماء بجامع أن كلّا ينته إلى غاية ثم استعير اللفظ الدالّ
على المشبه به وهو الورود للمشبه وهو وصول الصوت ثم اشتقّ من الورود بمعنى وصول
الصوت ورد بمعنى وصل.
فإذا أنت وازنت
بين إجراء هاتين الاستعارتين وإجراء الاستعارات الأولى رأيت أن الإجراء هنا لا
ينته عند استعارة المشبه به للمشبه كما انته فى الاستعارات الأولى ، بل يزيد عملا
آخر وهو اشتقاق كلمة من المشبه به ، وأن ألفاظ الاستعارة هنا مشتقة لا جامدة ،
ويسمى هذا النوع من الاستعارة بالاستعارة التبعية ، لأن جريانها فى المشتق كان
تابعا لجريانها فى المصدر.
ارجع بنا ثانيا
إلى المثالين الأخيرين لنتعلم منهما شيئا جديدا ، ففى الأول وهو «ولما سكت عن موسى
الغضب» يجوز أن يشبّه الغضب بإنسان ثم يحذف المشبه به ويرمز إليه بشىء من لوازمه
وهو سكت فتكون فى «الغضب» استعارة مكنية. وفى الثانى وهو «ورد الفرات زئيره» يجوز
أن يشبّه الزئير بحيوان ثم يحذف ويرمز إليه بشىء من لوازمه وهو ورد فيكون فى «زئيره»
استعارة مكنية ، وهكذا كل استعارة تبعية يصحّ أن يكون فى قرينتها استعارة مكنية
غير أنه لا يجوز لك إجراء الاستعارة إلا فى واحدة منهما لا فى كلتيهما معا.
القواعد :
(١٤) تكون
الاستعارة أصليّة إذا كان اللفظ الذى جرت فيه اسما جامدا.
(١٥) تكون
الاستعارة تبعيّة إذا كان اللفظ الذى جرت فيه مشتقّا أو فعلا .
(١٦) كلّ
تبعيّة قرينتها مكنيّة ، وإذا أجريت الاستعارة فى واحدة منهما امتنع إجراؤها فى
الأخرى.
__________________
نموذج
قال الشاعر :
(١) عضّنا
الدّهر بنابه
|
|
ليت ما حلّ
بنا به
|
(٢) وقال المتنبى :
حملت إليه من
لسانى حديقة
|
|
سقاها الحجا
سقى الرّياض السّحائب
|
(٣) وقال آخر يخاطب طائرا :
أنت فى خضراء
ضاحكة
|
|
من بكاء
العارض الهتن
|
الإجابة
(١) شبّه الدهر
بحيوان مفترس بجامع الإيذاء فى كلّ ، ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشىء من لوازمه
وهو «عض» فالاستعارة مكنية أصلية.
(٢) شبّه
الشّعر بحديقة بجامع الجمال فى كلّ ، ثم استعير اللفظ الدالّ على المشبه به للمشبه
فالاستعارة تصريحية أصلية ، وشبّه الحجا وهو العقل بالسحاب بجامع التأثير الحسن فى
كلّ وحذف المشبه به ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو «سقى» فالاستعارة مكنية أصلية.
(٣) شبّه
الإزهار بالضحك بجامع ظهور البياض فى كلّ ، ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به
للمشبه ، ثم اشتقّ من الضحك بمعنى الإزهار ضاحكة بمعنى مزهرة ؛ فالاستعارة تصريحية
تبعية.
ويجوز أن نضرب صفحا
عن هذه الاستعارة ، وأن نجريها فى قرينتها فنقول : شبّهت الأرض الخضراء بالآدمىّ ،
ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو ضاحكة فتكون الاستعارة مكنية.
__________________
وشبّه نزول
المطر بالبكاء بجامع سقوط الماء فى كلّ ، ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به
للمشبه ، فالاستعارة تصريحية أصلية ، ويجوز أن تجرى الاستعارة مكنية فى العارض.
تمرينات
(١)
بيّن الاستعارة
الأصلية والتبعية فيما يأتى :
(١) قال
السّرىّ الرّفاء يصف شعره :
إذا ما صافح
الأسماع يوما
|
|
تبسّمت
الضّمائر والقلوب
|
(٢) وقال ابن الرّومىّ :
بلد نجبت به
الشّبيبة والصّبا
|
|
ولبست ثوب
اللهو وهو جديد
|
(٣) وقال :
حيّتك عنّا
شمال طاف طائفها
|
|
بجنّة نفحت
روحا وريحانا
|
هبّت سحيرا
فناجى الغصن صاحبه
|
|
سرّا بها
وتداعى الطير إعلانا
|
(٤) وقال البحترى فى وصف جيش :
وإذا السّلاح
أضاء فيه رأى العدا
|
|
برّا تألّق
فيه بحر حديد
|
(٥) وقال ابن نباتة السّعدىّ فى وصف مهر أغرّ :
وأدهم يستمدّ
الليل منه
|
|
وتطلع بين
عينيه الثّريا
|
(٦) وقال التّهامىّ فى رثاء ابنه :
يا كوكبا ما
كان أقصر عمره
|
|
وكذاك عمر
كواكب الأسحار
|
__________________
(٧) وقال
الشريف فى الشّيب :
ضوء تشعشع فى
سواد ذوائبى
|
|
لا أستضىء به
ولا أستصبح
|
بعت الشباب
به على مقة له
|
|
بيع العليم
بأنّه لا يربح
|
(٨) وقال البحترى فى وصف قصر :
ملأت جوانبه
الفضاء وعانقت
|
|
شرفاته قطع
السّحاب الممطر
|
(٩) وقال فى وصف روضة :
يضاحكها
الضحى طورا وطورا
|
|
عليها الغيث
ينسجم انسجاما
|
(١٠) وقال فى الشّيب :
ولمّة كنت
مشغوفا بجدّتها
|
|
فما عفا
الشّيب لى عنها ولا صفحا
|
(١١) وقال ابن التّعاويذى فى وصف
روضة :
وأعطاف
الغصون لها نشاط
|
|
وأنفاس
النسيم بها فتور
|
(١٢) وقال مهيار :
ما لسارى
اللهو فى ليل الصّبا
|
|
ضلّ فى فجر
برأسى وضحا
|
(٢)
اجعل
الاستعارات التبعية الآتية أصليّة :
(١) إن أمطرت
عيناى سحّا فعن
|
|
بوارق فى
مفرقى تلمغ
|
(٢) إنّ التّباعد لا يض
|
|
رّ إذا
تقاربت القلوب
|
__________________
(٣) وقال ابن
المعتز يصف سحابة :
باكية يضحك
فيها برقها
|
|
موصولة
بالأرض مرخاة الطّنب
|
(٣)
اجعل
الاستعارات الأصلية تبعية فيما يأتى :
(١) شرّ الناس
من يرضى بهدم دينه لبناء دنياه.
(٢) شراء
النفوس بالإحسان خير من بيعها بالعدوان.
(٣) إن خوض
المرء فيما لا يعنيه وفراره من الحق من أسباب عثاره
(٤) خير حلية
للشباب كبح النفس عند جموحها.
(٤)
هات ست
استعارات منها ثلاث أصلية وثلاث تبعية.
(٥)
اشرح قول
السرىّ الرّفاء فى وصف دولاب وبيّن ما فيه من استعارات :
فمن جنان
تريك النّور مبتسما
|
|
فى غير
إبّانه والماء منسكبا
|
كأنّ دولابها
إذ أنّ مغترب
|
|
نأى فحنّ إلى
أوطانه طربا
|
باك إذا عقّ
زهر الروض والده
|
|
من الغمام
غدا فيه أبا حدبا
|
مشمّر فى
مسير ليس يبعده
|
|
عن المحلّ
ولا يبدى له تعبا
|
ما زال يطلب
رفد البحر مجتهدا
|
|
للبرّ حتّى
ارتدى النّوّار والعشبا
|
__________________
(٣) تقسيم الاستعارة
إلى مرشّحة ومجرّدة ومطلقة
الأمثلة :

__________________
البحث :
فى الأمثلة
الأولى استعارات تصريحية فى «اشتروا» بمعنى اختاروا ، وفى «قمر» الذى يراد به شخص
الممدوح ، وفى «طغى» بمعنى زاد ، وقد استوفت كلّ استعارة قرينتها ، فقرينة الأولى «الضلالة»
، وقرينة الثانية «يؤدون التحية» وقرينة الثالثة «الماء» ، وإذا تأملت الاستعارة
الأولى رأيت أنها قد ذكر معها شىء يلائم المشبه به ، وهذا الشىء هو «فما ربحت
تجارتهم» ، وإذا نظرت إلى الاستعارة الثانية رأيت بها شيئا من ملائمات المشبه ،
وهو «من الإيوان باد» ، وإذا تأملت الاستعارة الثالثة رأيتها خالية مما يلائم
المشبه به أو المشبه.
والأمثلة
الثلاثة الثانية تشتمل على استعارات مكنية هى «الضمير» فى رأت الذى يعود على
المنايا التى شبّهت بالإنسان. و «القلم» الذى شبّه بالإنسان أيضا و «الشر» الذى
شبّه بحيوان مفترس ، وقد تمّت لكل استعارة قرينتها ، إذ هى فى الأولى إثبات الرؤية
للمنايا ، وفى الثانية إثبات الشرب والغناء للقلم ، وفى الثالثة إثبات إبداء
الناجذين للشر.
وإذا تأملت
رأيت أن الاستعارة الأولى اشتملت على ما يلائم المشبه به وهو «جعلتك مرمى نبلها» ،
وأنّ الاستعارة الثانية اشتملت على ما يلائم المشبه وهو «دواته وقرطاسه» ، وأنّ
الاستعارة الثالثة خلت مما يلائم المشبه أو المشبه به ، والاستعارة التى من النوع
الأول تسمى مرشحة ، والتى من النوع الثانى تسمى مجردة ، والتى من النوع الثالث
تسمى مطلقة.
القواعد :
(١٧) الاستعارة
المرشّحة : ما ذكر معها ملائم المشبّه به.
(١٨) الاستعارة
المجرّدة : ما ذكر معها ملائم المشبّه.
(١٩) الاستعارة
المطلقة : ما خلت من ملائمات المشبّه به أو المشبّه .
(٢٠) لا يعتبر
الترشيح أو التجريد إلا بعد أن تتمّ الاستعارة باستيفائها قرينتها لفظية أو حاليّة
، ولهذا لا تسمّى قرينة التصريحية تجريدا ، ولا قرينة المكنية ترشيحا.
نموذج
(١) خلق فلان
أرقّ من أنفاس الصّبا إذا غازلت أزهار الرّبا .
(٢) فإن يهلك
فكلّ عمود قوم
|
|
من الدّنيا
إلى هلك يصير
|
(٣) إنّى شديد العطش إلى لقائك.
(٤) وليلة
مرضت من كلّ ناحية
|
|
فما يضىء لها
نجم ولا قمر
|
(٥) سقاك وحيّانا بك الله إنّما
|
|
على العيس
نور والخدور كمائمه
|
الإجابة
(١) فى كلمة
الصّبا ـ وهى الريح التى تهبّ من مطلع الشمس ـ استعارة مكنية لأنها شبّهت بإنسان
وحذف المشبه به ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو أنفاس الذى هو قرينة المكنية ، وفى «غازلت»
ترشيح.
(٢) فى عمود
استعارة تصريحية أصلية ، شبّه رئيس القوم بالعمود بجامع أنّ كلّا يحمل ، والقرينة «يهلك»
، وفى «إلى هلك يصير» تجريد.
__________________
(٣) شبّه
الاشتياق بالعطش بجامع التطلع إلى الغاية. فالاستعارة تصريحية أصلية ، والقرينة «إلى
لقائك» وهى استعارة مطلقة.
(٤) فى مرضت
استعارة تبعية شبّهت الظلمة بالمرض والجامع خفاء مظاهر النشاط ، ثم اشتق من المرض
مرضت ، فالاستعارة تصريحية تبعية ، وفى «ما يضىء لها نجم ولا قمر» تجريد.
(٥) النور :
الزّهر ، أو الأبيض منه ، والمراد به هنا النساء ، والجامع الحسن ؛ فالاستعارة
تصريحية أصلية ، وفى ذكر الخدور تجريد ، وفى ذكر الكمائم ترشيح فالاستعارة مطلقة.
تمرينات
(١)
بيّن نوع كل
استعارة فيما يأتى ، وعيّن الترشيح الذى بها :
(١) قال السرىّ
الرفاء :
وقد كتبت
أيدى الرّبيع صحائفا
|
|
كأنّ سطور
السّرو حسنا سطورها
|
(٢) إذا ما الدّهر جرّ على أناس
|
|
كلاكله أناخ
بآخرينا
|
(٣) وقال المتنبى فى ذمّ كافور :
نامت نواطير
مصر ثعالبها
|
|
وقد بشمن وما
تفنى العناقيد
|
(٤) وقال آخر فى وصف موقعة :
والموت يخطر
فى الجموع وحوله
|
|
أجناده من
أنصل وعوالى
|
(٥) رأيت حبال الشمس كفة حابل
|
|
تحيط بنا من
أشمل وجنوب
|
نروح بها
والموت ظمان ساغب
|
|
يلاحظنا فى
جيئة وذهوب
|
__________________
(٦) وقال المتنبى
:
أتى الزّمان
بنوه فى شبيبته
|
|
فسرّهم
وأتيناه على الهرم
|
(٧) وقال أبو تمام :
نامت همومى
عنّى حين قلت لها
|
|
هذا أبو دلف
حسبى به وكفى!
|
(٨) حاذر أن تقتل وقت شبابك ؛ فإنّ
لكلّ قتل قصاصا
(٩) وقال بعضهم
فى وصف الكتب :
لنا جلساء لا
نملّ حديثهم
|
|
ألبّاء
مأمونون غيبا ومشهدا
|
(١٠) وقال أبو تمام :
لمّا انتضيتك
للخطوب كفيتها
|
|
والسّيف لا
يكفيك حتى ينتضى
|
(١١) تلطّخ فلان بعار لن يغسل عنه
أبدا.
(٢)
ما نوع
الاستعارات الآتية وأين التجريد الذى بها؟ :
(١) رحم الله
امرأ ألجم نفسه بإبعادها عن شهواتها.
(٢) اشتر
بالمعروف عرضك من الأذى.
(٣) أضاء رأيه
مشكلات الأمور.
(٤) انطلق
لسانه عن عقاله فأوجز وأعجز.
(٥) ما اكتحلت
عينه بالنوم أرقا وتسهيدا.
(٦) قال المسبى
:
وغيّبت
النّوى الظّبيات عنّى
|
|
فساعدت
البراقع والحجالا
|
__________________
(٧) لا تخض فى
حديث ليس من حقّك سماعه.
(٨) لا
تتفكّهوا بأعراض الناس ؛ فشرّ الخلق الغيبة.
(٩) بين فكّيه
حسام مهنّد ، له كلام مسدّد.
(١٠) اكتست
الأرض بالنبات والزهر.
(١١) تبسّم
البرق فأضاء ما حوله.
(٣)
بيّن لم كانت
الاستعارات الآتية مطلقة واذكر نوعها :
(١) قال أعرابى
فى الخمر : لا أشرب ما يشرب عقلى.
(٢) وقال
المتنبى يخاطب ممدوحه :
يا بدر يا
بحر يا غمامة يالي
|
|
ث الشّرى يا
حمام يا رجل
|
(٣) ووصف أعرابى قحطا فقال :
التراب يابس والمال عابس
(٤) وقال تعالى
: «أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا
الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ ، فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى
النَّارِ».
(٥) رأيت جبالا
تمخر العباب.
(٦) طار الخبر
فى المدينة.
(٧) غنى الطير
أنشودته فوق الأغصان.
(٨) برزت الشمس
من خدرها.
(٩) يهجم علينا
الدهر بجيش من أيامه ولياليه.
__________________
(٤)
بيّن
الاستعارات الآتية وما بها من ترشيح أو تجريد أو إطلاق :
(١) قال
المتنبى :
فى الخدّ إن
عزم الخليط رحيلا
|
|
مطر تزيد به
الخدود محولا
|
(٢) قال التّهامىّ يعتذر لحسّاده :
لا ذنب لى قد
رمت كتم فضائلى
|
|
فكأنّما
برقعت وجه نهار
|
(٣) قال أبو تمام فى المديح :
نال الجزيرة
إمحال فقلت لهم
|
|
شيموا نداه
إذا ما البرق لم يشم
|
(٤) وقال بدر الدين يوسف الذهبى :
هلم يا صاح
إلى روضة
|
|
يجلو بها
العانى صدا همّه
|
نسيمها يعثر
فى ذيله
|
|
وزهرها يضحك
فى كمّه
|
(٥) قال ابن المعتز :
ما ترى نعمة
السّماء على الأر
|
|
ض وشكر
الرّياض للأمطار ؟
|
(٦) قال سعيد بن حميد :
وعد البدر
بالزيارة ليلا
|
|
فإذا ما وفى
قضيت نذورى
|
(٧) زارنى جبل ضقت ذرعا بثرثرته .
__________________
(٨) قال أعرابى
: ما أشدّ جولة الرأى عند الهوى ، وأشقّ فطام النفس عند الصّبا .
(٩) ووصف
أعرابى بنى برمك فقال : رأيتهم وقد لبسوا النعمة كأنها من ثيابهم.
(٥)
اجعل
الاستعارات الآتية مرّة مرشحة ومرة مجردة :
لا تلبس الرياء
، ولا تجر وراء الطيش ، ولا تعبث بمودة الإخوان ، ولا تصاحب الشرّ ، ولا تنخدع إذا
نظرت فى الأمور ـ بسراب بل اتبّع النور دائما فى هذه الدنيا ، واجتنب الظلام ،
وإذا عثرت فقم غير يائس. وإذا حاربك الدهر ، فتجمّل غير عابس.
(٦)
(ا) هات ستّ
استعارات تصريحية فيها المرشحة والمجردة والمطلقة.
(ب) هات ستّ
استعارات مكنية فيها المرشحة والمجردة والمطلقة.
(٧)
اشرح الأبيات
الآتية وبيّن ما فيها من ضروب الحسن البيانى :
قال الشريف فى
وصف ليلة :
وليلة خضتها
على عجل
|
|
وصبحها
بالظّلام معتصم
|
تطلّع الفجر
فى جوانبها
|
|
وانفلتت من
عقالها الظلم
|
كأنما الدّجن
فى تزاحمه
|
|
خيل ، لها من
بروقه لجم
|
__________________
(٤) الاستعارة
التمثيليّة
الأمثلة :
(١) عاد السّيف
إلى قرابه ، وحلّ اللّيث منيع غابه.
(لمجاهد عاد
إلى وطنه بعد سفر)
(٢) قال
المتنبى :
ومن يك ذا فم
مرّ مريض
|
|
يجد مرّا به
الماء الزّلالا
|
(لمن لم يرزق الذّوق لفهم الشعر
الرائع)
(٣) قطعت جهيزة
قول كلّ خطيب.
(لمن يأتى
بالقول الفصل)
البحث :
حينما عاد
الرجل العامل إلى وطنه لم يعد سيف حقيقىّ إلى قرابه ، ولم ينزل أسد حقيقىّ إلى
عرينه ، وإذا كل تركيب من هذين لم يستعمل فى حقيقته ، فيكون استعماله فى عودة
الرجل العامل إلى بلده مجازا ، والقرينة حاليّة ، فما العلاقة بين الحالين يا ترى
، حال رجوع الغريب إلى وطنه ، وحال رجوع السيف إلى قرابه؟ العلاقة المشابهة ، فإن
حال الرجل الذى نزح عن الأوطان عاملا مجدّا ماضيا فى الأمور ثم رجوعه إلى وطنه بعد
طول الكدّ ، تشبه حال السيف الذى استلّ للحرب والجلاد حتى إذا ظفر بالنصر عاد إلى
غمده. ومثل ذلك يقال فى : «وحلّ الليث منيع غابه».
وبيت المتنبى
يدل وضعه الحقيقىّ على أن المريض الذى يصاب بمرارة فى فمه إذا شرب الماء العذب
وجده مرّا ، ولكنه لم يستعمله فى هذا المعنى بل استعمله فيمن يعيبون شعره لعيب فى
ذوقهم الشعرىّ. وضعف فى إدراكهم الأدبىّ ؛ فهذا التركيب مجاز قرينته حاليّة ،
وعلاقته المشابهة ،
والمشبه هنا حال المولعين بذمه والمشبه به حال المريض الذى يجد الماء
الزلال مرّا.
والمثال الثالث
مثل عربىّ ، أصله أن قوما اجتمعوا للتشاور والخطابة فى الصلح بين حيين قتل رجل من
أحدهما رجلا من الحى الآخر ، وإنهم لكذلك إذا بجارية تدعى جهيزة أقبلت فأنبأتهم
أنّ أولياء المقتول ظفروا بالقاتل فقتلوه ، فقال قائل منهم : «قطعت جهيزة قول كلّ
خطيب» ، وهو تركيب يتمثل به فى كل موطن يؤتى فيه بالقول الفصل.
فأنت ترى فى كل
مثال من الأمثلة السابقة أن تركيبا استعمل فى غير معناه الحقيقىّ ، وأنّ العلاقة
بين معناه المجازى ومعناه الحقيقىّ هى المشابهة. وكل تركيب من هذا النوع يسمّى
استعارة تمثيلية .
القاعدة :
(٢١) الاستعارة
التمثيلية تركيب استعمل فى غير ما وضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة
معناه الأصلىّ.
نموذج
(١) من أمثال
العرب :
قبل الرّماء
تملأ الكنائن (إذا قلته لمن يريد بناء بيت مثلا قبل أن يتوافر لديه المال).
(٢) أنت ترقم
على الماء (إذا قلته لمن يلحّ فى شأن لا يمكن الحصول منه على غاية).
__________________
الإجابة
(١) شبّهت حال
من يريد بناء بيت قبل إعداد المال له ، بحال من يريد القتال وليس فى كنانته سهام ،
بجامع أن كلا منهما يتعجل الأمر قبل أن يعدّ له عدته. ثم استعير التركيب الدال على
حال المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية ، والقرينة حاليّة
(٢) شبّهت حال
من يلحّ فى الحصول على أمر مستحيل ، بحال من يرقم على الماء ، بجامع أن كلّا منهما
يعمل عملا غير مثمر ، ثم استعير التركيب الدال على المشبه به للمشبه على سبيل
الاستعارة التمثيلية ، والقرينة حاليّة.
تمرينات
(١)
افرض حالا تجعلها
مشبها لكلّ من التراكيب الآتية. ثم أجر الاستعارة فى خمسة تراكيب.
(١) إنّك لا تجنى من الشّوك العنب.
|
(٩) لكل صارم نبوة .
|
(٢) أنت تنفخ فى رماد.
|
(١٠) لا يلدغ المؤمن من جحر مرّتين.
|
(٣) لا تنثر الدّر أمام الخنازير.
|
(١١) المورد العذب كثير الزّحام.
|
(٤) يبتغى الصّيد فى عرّيسة الأسد
|
(١٢) اعقلها وتوكل .
|
(٥) أخذ القوس باريها.
|
(١٣) أنت تحصد ما زرعت.
|
(٦) استسمنت ذا ورم.
|
(١٤) ألق دلوك فى الدّلاء.
|
(٧) أنت تضرب فى حديد بارد.
|
(١٥) يخرّبون بيوتهم بأيديهم.
|
(٨) هو يبنى قصورا بغير أساس.
|
(١٦) إنّ الحديد بالحديد يفلح .
|
__________________
(١٧) لا بدّ للمصدور أن ينفث
|
(١٩) ومن قصد البحر استقلّ السّواقيا
|
(١٨) لكلّ جواد كبوة .
|
(٢٠) أحشفا وسوء كيلة .
|
(٢)
بيّن نوع كل
استعارة من الاستعارات الآتية وأجرها :
(١) قال
المتنبى :
غاض الوفاء
فما تلقاه فى عدة
|
|
وأعوز الصّدق
فى الأخبار والقسم
|
(٢) قال البحترى :
إذا ما الجرح
رمّ على فساد
|
|
تبيّن فيه
إهمال الطّبيب
|
(٣) وقال الشاعر :
متى يبلغ
البنيان يوما تمامه
|
|
إذا كنت
تبنيه وغيرك يهدم؟
|
(٤) وقال تعالى : «اهْدِنَا الصِّراطَ
الْمُسْتَقِيمَ».
(٥) وقال تعالى
: (وَتَرَكْنا
بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ
جَمْعاً)
(٦) وقال
البارودى :
فى لجّة البحر
ما يغنى عن الوشل !
(٧) وقال آخر :
ومن ملك
البلاد بغير حرب
|
|
يهون عليه
تسليم البلاد
|
__________________
(٨) وقال :
أضاءت لهم
أحسابهم ووجوههم
|
|
دجى الليل
حتى نظّم الجزع ثاقبه
|
(٩) وقال الشاعر :
ومن خطب
الحسناء لم يغله المهر .
(١٠) وقال
المتنبى :
إليك فإنّى
لست ممّن إذا اتّقى
|
|
عضاض الأفاعى
نام فوق العقارب
|
(١١) أنت كمستبضع التمر إلى هجر .
(١٢) وقال
المتنبى :
وتحيى له
المال الصّوارم والقنا
|
|
ويقتل ما
تحيى التّبسّم والجدا
|
(١٣) وقال يخاطب سيف الدولة :
ألا أيّها
السّيف الذى ليس مغمدا
|
|
ولا فيه
مرتاب ولا منه عاصم
|
(١٤) لا يضرّ السحاب نباح الكلاب.
(١٥) لا يحمد
السيف كلّ من حمله
(١٦)وذى رحم
قلّمت أظفار ضغنه
|
|
بحلمى عنه
وهو ليس له حلم
|
(١٧) لا تعدم الحسناء ذاما .
(١٨) «رَبَّنا أَفْرِغْ
عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ».
__________________
(٣)
اجعل التشبيهات
الضمنية الآتية استعارات تمثيلية بحذف المشبه وفرض حال أخرى مناسبة تجعلها مشبهة :
(١) قال
المتنبى :
ولم أرج إلّا
أهل ذاك ومن يرد
|
|
مواطر من غير
السّحائب يظلم
|
(٢)
فإن تزعم
الأملاك أنك منهم
|
|
فخارا فإنّ
الشّمس بعض الكواكب
|
(٣) وقال :
خذ ما تراه
ودع شيئا سمعت به
|
|
فى طلعة
البدر ما يغنيك عن زحل
|
(٤) وقال :
لعلّ عتبك
محمود عواقبه
|
|
وربما صحّت
الأجسام بالعلل
|
(٥) وقال بعضهم فى شريف لا يكاد
يجد قوتا :
أيشكو لئيم
القوم كظّا وبطنة
|
|
ويشكو فتى
الفتيان مسّ سغوب
|
لأمر غدا ما
حول مكّة مقفرا
|
|
جديبا وباقى
الأرض غير جديب
|
(٤)
اجعل
الاستعارات التمثيلية الآتية تشبيهات ضمنية بذكر حال مناسبة تجعلها مشبهة قبل كل
استعارة :
(١) يمشى رويدا
ويكون أوّلا .
(٢) رضيت من
الغنيمة بالإياب
(٣) أنت تضىء
للناس وتحترق.
__________________
(٤) كفى بك داء
أن ترى الموت شافيا.
(٥) ليس
التّكحّل فى العينين كالكحل .
(٦) ولا بدّ
دون الشّهد من إبر النّحل .
(٧) هو ينفخ فى
غير ضرم .
(٨) أنت تحدو
بلا بعير .
(٥)
اذكر لكل بيت
من الأبيات الآتية حالا يستشهد فيها به ثم أجر الاستعارة وبيّن نوعها :
(١) قال
المتنبى :
ومن يجعل
الضّرغام للصيد بازه
|
|
تصيّده
الضّرغام فيما تصيّدا
|
(٢) أرى خلل الرّماد وميض نار
|
|
ويوشك أن
يكون لها ضرام
|
(٣) قدّر لرجلك قبل الخطو موضعها
|
|
فمن علا زلقا
عن غرّة زلجا
|
(٤) وقال
المتنبى :
وفى تعب من
يحسد الشّمس ضوءها
|
|
ويجهد أن
يأتى لها بضريب
|
(٥) وقال البوصيرى :
قد تنكر
العين ضوء الشمس من رمد
|
|
وينكر الفم
طعم الماء من سقم
|
__________________
(٦) وقال
المتنبى :
إذا اعتاد
الفتى خوض المنايا
|
|
فأيسر ما يمر
به الوحول
|
(٧) وقال :
ما الّذى
عنده تدار المنايا
|
|
كالّذى عنده
تدار الشّمول
|
(٨) قال كثيّر عزّة :
هنيئا مريئا
غير داء مخامر
|
|
لعزّة من
أعراضنا ما استحلّت
|
(٩) زعم الفرزدق أن سيقتل
مربعا
|
|
أبشر بطول
سلامة يا مربع
|
(١٠) ولا بدّ للماء فى مرجل
|
|
على النّار
موقدة أن يفورا
|
(١١) إذا قالت حذام فصدّقوها
|
|
فإنّ القول
ما قالت حذام
|
(١٢) لقد هزلت حتّى بدا من
هزالها
|
|
كلاها وحتى
سامها كلّ مفلس
|
(٢)
(ا) هات
استعارة تمثيلية تضربها مثلا لمن يكسل ويطمع فى النجاح.
(ب) هات
استعارة تمثيلية تضربها مثلا لمن ينفق أمواله فى عمل لا ينتج.
(ح) هات
استعاره تمثيلية تضربها مثلا لمن يكتب ثم يمحو ثم يكتب ثم يمحو.
(د) هات مثلين
عربيين وأجر الاستعارة التمثيلية فى كل منهما.
__________________
(٧)
اشرح قول
المتنبى بإيجاز ، واذكر ما أعجبك فيه من التصوير البيانى :
رمانى الدّهر
بالأرزاء حتى
|
|
فؤادى فى
غشاء من نبال
|
فصرت إذا
أصابتنى سهام
|
|
تكسّرت
النّصال على النصال
|
(٥) بلاغة الاستعارة
سبق لك أن
بلاغة التشبيه آتية من ناحيتين : الأولى تأليف ألفاظه ، والثانية ابتكار مشبه به
بعيد عن الأذهان ، لا يجول إلا فى نفس أديب وهب الله له استعدادا سليما فى تعرّف
وجوه الشّبه. الدقيقة بين الأشياء ، وأودعه قدرة على ربط المغانى وتوليد بعضها من
بعض إلى مدى بعيد لا يكاد ينته.
وسرّ بلاغة
الاستعارة لا يتعدى هاتين الناحيتين ، فبلاغتها من ناحية اللفظ أنّ تركيبها يدل
على تناسى التشبيه ، ويحملك عمدا على تخيّل صورة جديدة تنسيك روعتها ما تضمّنه
الكلام من تشبيه خفى مستور.
انظر إلى قول
البحترى فى الفتح بن خاقان :
يسمو بكف على
العافين حانية
|
|
تهمى وطرف
إلى العلياء طمّاح
|
ألست ترى كفه
وقد تمثّلت فى صورة سحابة هتّانة تصبّ وبلها على العافين السائلين ، وأنّ هذه
الصورة قد تملكت عليك مشاعرك فأذهلتك عما اختبأ فى الكلام من تشبيه؟
__________________
وإذا سمعت قوله
فى رثاء المتوكل وقد قتل غيلة :
صريع تقاضاه
اللّيالى حشاشة
|
|
يجود بها
والموت حمر أظافره
|
فهل تستطيع أن
تبعد عن خيالك هذه الصورة المخيفة للموت ، وهى صورة حيوان مفترس ضرّجت أظافره
بدماء قتلاه؟
لهذا كانت
الاستعارة أبلغ من التشبيه البليغ ؛ لأنه وإن بنى على ادعاء أن المشبه والمشبه به
سواء لا يزال فيه التشبيه منويّا ملحوظا بخلاف الاستعارة فالتشبيه فيها منسىّ مجحود
؛ ومن ذلك يظهر لك أن الاستعارة المرشحة أبلغ من المطلقة ، وأن المطلقة أبلغ من
المجردة.
أما بلاغة
الاستعارة من حيث الابتكار وروعة الخيال ، وما تحدثه من أثر فى نفوس سامعيها ،
فمجال فسيح للإبداع ، وميدان لتسابق المجيدين من فرسان الكلام.
انظر إلى قوله
عزّ شأنه فى وصف النار : «تكاد تميّز من الغيظ كلّما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها
ألم يأتكم نذير »؟ ترتسم أمامك النار فى صورة مخلوق ضخم بطّاش مكفهرّ
الوجه عابس يغلى صدره حقدا وغيظا.
ثم انظر إلى
قول أبى العتاهية فى تهنئة المهدى بالخلافة :
أتته الخلافة
منقادة
|
|
إليه تجرّر
أذيالها
|
تجد أنّ
الخلافة غادة هيفاء مدلّلة ملول فتن الناس بها جميعا ، وهى تأبى عليهم وتصدّ
إعراضا ، ولكنها تأتى للمهدى طائعة فى دلال وجمال تجرّ أذيالها تيها وخفرا.
__________________
هذه صورة لا شك
رائعة أبدع أبو العتاهية تصويرها ، وستبقى حلوة فى الأسماع حبيبة إلى النفوس ما
بقى الزمان.
ثم اسمع قول
البارودى :
إذا استلّ
منّا سيّد غرب سيفه
|
|
تفزّعت
الأفلاك والتفت الدّهر
|
وخبرنى عما
تحسّ وعما ينتابك من هول مما تسمع. وقل لنا كيف خطرت فى نفسك صورة الأجرام
السماوية العظيمة حيّة حساسة ترتعد فزعا ووهلا ، وكيف تصورت الدهر وهو يلتفت دهشا
وذهولا؟
ثم اسمع قوله
فى منفاه وهو نهب اليأس والأمل :
أسمع فى نفسى
دبيب المنى
|
|
وألمح
الشّبهة فى خاطرى
|
تجد أنه رسم لك
صورة للأمل يتمشى فى النفس تمشيا محسّا يسمعه بأذنه. وأن الظنون والهواجس صار لها
جسم يراه بعينه ؛ هل رأيت إبداعا فوق هذا فى تصويره الشك والأمل يتجاذبان؟ وهل
رأيت ما كان للاستعارة البارعة من الأثر فى هذا الإبداع؟
ثم انظر قول
الشريف الرضى فى الوداع :
نسرق الدّمع
فى الجيوب حياء
|
|
وبنا ما بنا
من الأشواق
|
هو يسرق الدمع
حتى لا يوصم بالضعف والخور ساعة الوداع ، وقد كان يستطيع أن يقول : «نستر الدمع فى
الجيوب حياء» ؛ ولكنه يريد أن يسمو إلى نهاية المرتقى فى سحر البيان ، فإن الكلمة «نسرق»
ترسم فى خيالك صورة لشدة خوفه أن يظهر فيه أثر للضعف ، ولمهارته وسرعته فى إخفاء
الدمع عن عيون الرقباء. ولو لا ضيق نطاق هذا الكتاب لعرضنا عليك كثيرا من صور
الاستعارة البديعة ، ولكنا نعتقد أن ما قدمناه فيه كفاية وغناء.
__________________
(٦) المجاز المرسل
الأمثلة :
(١) قال
المتنبى :
له أياد علىّ
سابغة
|
|
أعدّ منها
ولا أعدّدها
|
(٢) وقال تعالى : «وَيُنَزِّلُ لَكُمْ
مِنَ السَّماءِ رِزْقاً».
(٣) كم بعثنا
الجيش جرّا
|
|
را وأرسلنا
العيونا .
|
(٤) وقال تعالى على لسان نوح عليه
السّلام :
«وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ
لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ».
(٥) وقال تعالى
: «وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ».
(٦) وقال تعالى
على لسان نوح عليه السّلام :
(إِنَّكَ إِنْ
تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً)
(٧) وقال تعالى
: «فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ
الزَّبانِيَةَ».
(٨) وقال تعالى
: «إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ».
البحث :
عرفت أن
الاستعارة من المجاز اللغوى ، وأنها كلمة استعملت فى غير معناها لعلاقة المشابهة بين
المعنيين الأصلىّ والمجازى ، ونحن نطلب إليك هنا أن تتأمل الأمثلة السابقة ، وأن
تبحث فيما إذا كانت مشتملة على مجاز.
__________________
انظر إلى
الكلمة «أياد» فى قول المتنبى ؛ أتظن أنه أراد بها الأيدى الحقيقية؟ لا. إنه يريد
بها النّعم ، فكلمة أياد هنا مجاز ، ولكن هل ترى بين الأيدى والنعم مشابهة؟ لا.
فما العلاقة إذا بعد أن عرفت فيما سبق من الدروس أن لكل مجاز علاقة ، وأن العربى
لا يرسل كلمة فى غير معناها إلا بعد وجود صلة وعلاقة بين المعنيين؟ تأمل تجد أنّ
اليد الحقيقية هى التى تمنح النعم فهى سبب فيها ، فالعلاقة إذا السببية وهذا كثير
شائع فى لغة العرب.
ثم انظر إلى
قوله تعالى : «وَيُنَزِّلُ لَكُمْ
مِنَ السَّماءِ رِزْقاً» ؛ الرزق لا ينزل من السماء ولكن الذى ينزل مطر ينشأ عنه
النبات الذى منه طعامنا ورزقنا ، فالرزق مسبب عن المطر ، فهو مجاز علاقته
المسببية. أما كلمة «العيون» فى البيت فالمراد بها الجواسيس ، ومن الهيّن أن تفهم
أن استعمالها فى ذلك مجازىّ ، والعلاقة أن العين جزء من الجاسوس ولها شأن كبير فيه
فأطلق الجزء وأريد الكل : ولذلك يقال إن العلاقة هنا الجزئية.
وإذا نظرت فى
قوله تعالى : (وَإِنِّي كُلَّما
دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) رأيت أن الإنسان لا يستطيع أن يضع إصبعه كلها فى أذنه ،
وأن الأصابع فى الآية الكريمة أطلقت وأريد أطرافها فهى مجاز علاقته الكلية.
ثم تأمل قوله
تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى
أَمْوالَهُمْ) تجد أن اليتيم فى اللغة هو الصغير الذى مات أبوه ، فهل
تظن أن الله سبحانه يأمر بإعطاء اليتامى الصغار أموال آبائهم؟ هذا غير معقول ، بل
الواقع أن الله يأمر بإعطاء الأموال من وصلوا سن الرّشد بعد أن كانوا يتامى ،
فكلمة اليتامى هنا مجاز لأنها استعملت فى الراشدين والعلاقة اعتبار ما كان.
ثم انظر إلى
قوله تعالى : (وَلا يَلِدُوا إِلَّا
فاجِراً كَفَّاراً) تجد أن فاجرا وكفارا مجازان لأن المولود حين يولد لا
يكون فاجرا ولا كفارا ،
ولكنه قد يكون كذلك بعد الطفولة فأطلق المولود الفاجر وأريد به الرّجل
الفاجر والعلاقة اعتبار ما يكون.
أما قوله تعالى
: (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) والأمر هنا للسخرية والاستخفاف ، فإننا نعرف أن معنى
النادى مكان الاجتماع ، ولكن المقصود به فى الآية الكريمة من فى هذا المكان من
عشيرته ونصرائه ، فهو مجاز أطلق فيه المحل وأريد الحال ، فالعلاقة المحلية
وعلى الضد من
ذلك قوله تعالى : «إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ»
والنعيم لا
يحلّ فيه الإنسان لأنه معنى من المعانى ، وإنما يحلّ فى مكانه ، فاستعمال النعيم فى
مكانه مجاز أطلق فيه الحالّ وأريد المحل فعلاقته الحالية.
وإذا ثبت كما
رأيت أنّ كل مجاز مما سبق كانت له علاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة
المعنى الأصلى ، فاعلم أن هذا النوع من المجاز اللغوى يسمى المجاز المرسل
القواعد :
(٢٢) المجاز
المرسل كلمة استعملت فى غير معناها الأصلىّ لعلاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من
إرادة المعنى الأصلىّ .
(٢٣) من علاقات
المجاز المرسل :
السّببيّة ـ المسبّبيّة
ـ الجزئية ـ الكليّة ـ اعتبار
ما كان ـ اعتبار
ما يكون ـ المحلّيّة ـ الحالّيّة.
__________________
نموذج
(١) شربت ماء
النّيل.
(٢) ألقى
الخطيب كلمة كان لها كبير الأثر.
(٣) واسأل
القرية التى كنّا فيها.
(٤) يلبس
المصريون القطن الذى تنتجه بلادهم.
(٥) والأعوجيّة
ملء الطرق خلفهم
|
|
والمشرفية
ملء اليوم فوقهم
|
(٦) سأوقد نارا.
الإجابة
(١) ماء النيل
يراد بعض مائه فالمجاز مرسل علاقته الكلية.
(٢) الكلمة
يراد بها كلام فالمجاز مرسل علاقته الجزئية.
(٣) القرية
يراد بها أهلها فالمجاز مرسل علاقته المحلية.
(٤) القطن يراد
به نسيج كان قطنا فالمجاز مرسل علاقته اعتبار ما كان.
(٥) ملء اليوم
يراد به ملء الفضاء الذى يشرق عليه النهار فالمجاز مرسل علاقته الحاليّة.
(٦) نارا يراد
به حطب يئول إلى نار فالمجاز مرسل علاقته اعتبار ما يكون.
تمرينات
(١)
بين علاقة كل
مجاز مرسل تحته خط مما يأتى :
(١) قال ابن
الزّيات فى رثاء زوجه :
ألا من رأى
الطّفل المفارق أمّه
|
|
بعيد الكرى
عيناه تنسكبان
|
__________________
(٢) وينسب إلى
السموءل :
تسيل على حدّ
السّيوف نفوسنا
|
|
وليس على غير
السّيوف تسيل
|
(٣) ألما على معن وقولا لقبره
|
|
سقتك الغوادى
مربعا ثمّ مربعا
|
(٤) لا أركب البحر إنّى
|
|
أخاف منه
المعاطب
|
طين أنا وهو
ماء
|
|
والطّين فى
الماء ذائب
|
(٥) وما من يد إلا يد الله فوقها
|
|
ولا ظالم
إلّا سيبلى بأظلم
|
(٦) وقال المتنبى فى دم كافور :
إنّى نزلت
بكذابين ضيفهم
|
|
عن القرى وعن
الترحال محدود
|
(٧) وقال :
رأيتك محض
الحلم فى محض قدرة
|
|
ولو شئت كان
الحلم منك المهنّدا
|
(٢)
بيّن كل مجاز
مرسل وعلاقته فيما يأتى :
(١) سكن ابن
خلدون مصر.
(٢) من الناس
من يأكل القمح ومنهم من يأكل الذرة والشعير.
(٣) إنّ أمير
المؤمنين نثر كنانته.
(٤) رعينا
الغيث.
(٥) «فَفِي رَحْمَتِ اللهِ
هُمْ فِيها خالِدُونَ».
__________________
(٦) حمى فلان
غمامة واديه (أى عشبه)
(٧) قال تعالى
فى شأن موسى عليه السّلام :
«فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ
عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ».
(٨) وقال تعالى
: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ
فَلْيَصُمْهُ». (أى هلال الشهر).
(٩) سأجازيك
بما قدّمت يداك.
(١٠) وقال
تعالى : (وَارْكَعُوا مَعَ
الرَّاكِعِينَ) (أى صلّوا).
(١١) وقال
تعالى : «فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ».
(١٢) وقال
تعالى : «يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ
فِي قُلُوبِهِمْ».
(١٣) أذلّ فلان
ناصية فلان .
(١٤) سقت
الدّلو الأرض.
(١٥) سال
الوادى.
(١٦) قال عنترة
:
فشككت
بالرّمح الأصمّ ثيابه
|
|
ليس الكريم
على القنا بمحرّم
|
(١٧) لا تجالسوا السفهاء على الحمق
(أى الخمر).
(١٨) وقال
أعرابى لآخر : هل لك بيت؟ (أى زوج).
(٣)
بيّن من
المجازات الآتية ما علاقته المشابهة ، وما علاقته غيرها :
(١) الإسلام
يحثّ على تحرير الرّقاب.
(٢) ملك شاد
للكنانة مجدا
|
|
أحكمت وضع
أسّه آباؤه
|
(٣) تفرّقت كلمة القوم.
__________________
(٤) غاض الوفاء
وفاض الغدر.
(٥) واجعل لى
لسان صدق فى الآخرين.
(٦) أحيا المطر
الأرض بعد موتها.
(٧) «كتب عليكم
القصاص فى القتلى» : (أى فيمن سيقتلون).
(٨) قرر مجلس
الوزراء كذا.
(٩) بعثت إلىّ
بحديقة جلّت معانيها ، وأحكمت قوافيها.
(١٠) شربت
البنّ.
(١١) لا تكن
أذنا تتقبّل كل وشاية.
(١٢) سرق اللصّ
المنزل.
(١٣) قال تعالى
: «إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً».
(٤)
استعمل كل كلمة
من الكلمات الآتية مجازا مرسلا للعلاقة التى أمامها :
(١) عين ـ الجزئية.
|
(٤) المدينة ـ المحلية.
|
(٢) الشام ـ الكلية.
|
(٥) الكتان ـ اعتبار ما كان.
|
(٣) المدرسة ـ المحلية.
|
(٦) رجال ـ اعتبار ما يكون.
|
(٥)
ضع كل كلمة من
الكلمات الآتية فى جملتين بحيث تكون مرة مجازا مرسلا ، ومرة مجازا بالاستعارة :
القلم ـ السيف
ـ رأس ـ الصديق
(٦)
اشرح البيتين
وبيّن ما فيهما من مجاز :
لا يغرّنك ما
ترى من أناس
|
|
إنّ تحت
الضلوع داء دويا
|
فضع السّوط
وارفع السّيف حتّى
|
|
لا ترى فوق
ظهرها أمويّا
|
__________________
المجاز العقلىّ
الأمثلة :
(١) قال
المتنبى يصف ملك الروم بعد أن هزمه سيف الدولة :
ويمشى به
العكّاز فى الدّير تائبا
|
|
وقد كان يأبى
مشى أشقر أجردا
|
(٢) بنى عمرو بن العاص مدينة
الفسطاط.
(٣) نهار
الزاهد صائم وليله قائم.
(٤) ازدحمت
شوارع القاهرة.
(٥) جدّ جدّك
وكدّ كدّك.
(٦) قال
الحطيئة :
دع المكارم
لا ترحل لبغيتها
|
|
واقعد فإنك
أنت الطّاعم الكاسى
|
(٧) وقال تعالى : «وَإِذا قَرَأْتَ
الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ
حِجاباً مَسْتُوراً».
(٨) وقال تعالى
: «إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا».
__________________
البحث :
انظر إلى
المثالين الأولين تجد أن الفعل فى كل منهما أسند إلى غير فاعله ، فإن العكاز لا
يمشى ، والأمير لا يبنى ، وإنما يسير صاحب العكاز ، ويبنى عمّال الأمير ، ولكن لما
كان العكاز سببا فى المشى والأمير سببا فى البناء أسند الفعل إلى كل منهما.
ثم انظر إلى
المثالين التاليين تجد أن الصوم أسند إلى ضمير النهار ، والقيام أسند إلى ضمير
الليل ، والازدحام أسند إلى الشوارع ، مع أن النهار لا يصوم ، بل يصوم من فيه ،
والليل لا يقوم ، بل يقوم من فيه ، والشوارع لا تزدحم ، بل يزدحم الناس بها ،
فالفعل أو شبهه فى هذين المثالين أسند إلى غير ما هو له ، والذى سوّغ ذلك الإسناد
أن المسند إليه فى المثالين زمان الفعل أو مكانه.
وفى المثال
الخامس أسند الفعلان «جدّ» و «كدّ» إلى مصدريهما ولم يسندا إلى فاعليهما. وفى
المثال السادس يقول الحطيئة لمن يهجوه : «واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسى» فهل تظن
أنه بعد أن يقول : لا ترحل لطلب المكارم يقول له : إنك تطعم غيرك وتكسوه؟ لا. إنما
أراد اقعد كلّا على غيرك مطعوما مكسوّا فأسند الوصف المسند للفاعل إلى
ضمير المفعول.
وفى المثالين
الأخيرين جاءت كلمة «مستورا» بدل ساتر و «مأتيّا» بدل آت ، فاستعمل اسم المفعول
مكان اسم الفاعل ، وإن شئت فقل أسند الوصف المبنىّ للمفعول إلى الفاعل.
فأنت ترى من
الأمثلة كلها أنّ أفعالا أو ما يشبهها لم تسند إلى فاعلها الحقيقى ، بل إلى سبب
الفعل أو زمانه أو مكانه أو مصدره ، وأنّ صفات كانت من حقها أن تسند إلى المفعول
أسندت إلى الفاعل. وأخرى كان يجب أن تسند إلى الفاعل أسندت إلى المفعول ، ومن
__________________
الهيّن أن تعرف أن هذا الإسناد غير حقيقى ، لان الإسناد الحقيقىّ هو إسناد
الفعل إلى فاعله الحقيقىّ ، فالإسناد إذا هنا مجازى ويسمى بالمجاز العقلى ؛ لأن
المجاز ليس فى اللفظ كالاستعارة والمجاز المرسل ؛ بل فى الإسناد وهو يدرك بالعقل.
القواعد :
(٢٤) المجاز
العقلىّ هو إسناد الفعل أو ما فى معناه إلى غير ما هو له لعلاقة مع قرينة مانعة من
إرادة الإسناد الحقيقىّ.
(٢٥) الإسناد
المجازىّ يكون إلى سبب الفعل أو زمانه أو مكانه أو مصدره ، أو بإسناد المبنى
للفاعل إلى المفعول أو المبنىّ للمفعول إلى الفاعل.
نموذج
(١) قال أبو
الطّيب :
أبا المسك
أرجو منك نصرا على العدا
|
|
وآمل عزّا
يخصب البيض بالدّم
|
ويوما يغيظ
الحاسدين وحالة
|
|
أقيم الشّقا
فيها مقام التّنعّم
|
(٢) قال تعالى : «لا عاصِمَ الْيَوْمَ
مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ».
(٣) ذهبنا إلى
حديقة غنّاء.
(٥) بنت
الحكومة كثيرا من المدارس بمصر.
(٥) وقال أبو
تمّام :
تكاد عطاياه
يجنّ جنونها
|
|
إذا لم
يعوّذها برقية طالب
|
__________________
الإجابة
(ا) «ا» عزّا
يخضب البيض بالدم.
إسناد خضب
السيوف بالدم إلى ضمير العز غير حقيقى لأن العز لا يخضب السيوف ولكنّه سبب القوة
وجمع الأبطال الذين يخضبون السيوف بالدم ، ففى العبارة مجاز عقلىّ علاقته السببية.
«ب» ويوما يغيظ
الحاسدين.
إسناد غيظ
الحاسدين إلى ضمير اليوم غير حقيقى ، غير أن اليوم هو الزمان الذى يحصل فيه الغيظ
: ففى الكلام مجاز عقلىّ علاقته الزمانية.
(٢) لا عاصم
اليوم من أمر الله.
المعنى لا
معصوم اليوم من أمر الله إلا من رحمه الله ، فاسم الفاعل أسند إلى المفعول ؛
وهذا مجاز عقلىّ علاقته المفعولية.
(٣) ذهبنا إلى
حديقة غنّاء.
غنّاء مشتقة من
الغنّ ؛ والحديقة لا تغنّ وإنما الذى بغنّ عصافيرها أو ذبابها ؛ ففى الكلام مجاز
عقلى علاقته المكانية.
(٤) بنت
الحكومة كثيرا من المدارس.
الحكومة لم تبن
بنفسها ولكنها أمرت ؛ ففى الإسناد مجاز عقلى علاقته السببية.
(٥) تكاد
عطاياه يجن جنونها.
إسناد الفعل
إلى المصدر مجاز عقلى علاقته المصدرية.
__________________
تمرينات
(١)
وضّح المجاز
العقلىّ فيما تحته خط وبيّن علاقته وقرينته :
(١) قال تعالى
: «أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً
آمِناً؟».
(٢) كان المنزل
عامرا وكانت حجره مضيئة.
(٣) عظمت عظمته
وصالت صولته .
(٤) لقد
لمتنا يا أمّ غيلان فى السّرى
|
|
ونمت وما ليل
المطىّ بنائم
|
(٥) ملكنا فكان العفو منّا سجية
|
|
فلمّا ملكتم
سال بالدّم أبطح
|
(٦) ضرب الدهر بينهم وفرّق شملهم.
(٧) «يا هامانُ ابْنِ لِي
صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ».
(٨) جلسنا إلى
مشرب عذب ، ماؤه دافق.
(٩) قال طرفة
بن العبد :
ستبدى لك
الأيّام ما كنت جاهلا
|
|
ويأتيك
بالأخبار من لم تزوّد
|
(١٠) يغنّى كما صدحت أيكة
|
|
وقد نبّه
الصّبح أطيارها
|
(١١) إنّا لمن معشر أفنى أوائلهم
|
|
قيل الكماة
ألا أين المحامونا
|
__________________
(٢)
بيّن كل مجاز
عقلىّ وعلاقته فى أقوال العرب الآتية :
(١) طريق وارد
صادر (يرده الناس ويصدرون عنه).
(٢) له شرف
صاعد ، وجدّ مساعد .
(٣) ضرّسهم
الزمان وطحنتهم الأيام.
(٤) يفعل المال
ما تعجز عنه القوّة.
(٥) هم ناصب . جدّ عثور . يوم عاصف . ريح عقيم .
عجب عاجب.
(٦) أعمير
إنّ أباك غيّر رأسه
|
|
مرّ اللّيالى
واختلاف الأعصر
|
(٧) رمت به الأسفار أبعد مراميها.
حرب غشوم . موت مائت (أى شديد). شعر شاعر.
(٨) لها وجه
يصف الحسن.
(٩) وضع فلانا
الشحّ ودناءة النسب.
(١٠) أرضهم
واعدة (إذا رجى خيرها).
(١١) بطشت بهم
أهوال الدنيا.
(١٢) أعرنى
أذنا واعية.
(٣)
بيّن المجاز
العقلىّ والمجاز المرسل والاستعارة فيما يأتى :
كفى
بالمرء عيبا أن تراه
|
|
له وجه وليس
له لسان
|
__________________
(٢) قال
المتنبى :
والهمّ يخترم
الجسيم نحافة
|
|
ويشيب ناصية
الصّبىّ ويهرم
|
(٣) قال الشريف الرّضىّ يخاطب
الشيب :
أيها الصّبح
زل ذميما فما أظ
|
|
لم يومى من
ذاك الظلام
|
(٤) وقال النابغة الذبيانى :
فبتّ كأنّى
ساورتنى ضئيلة
|
|
من الرّقش فى
أنيابها السّمّ ناقع
|
(٥) وكم علّمته نظم القوافى
|
|
فلمّا قال
قافية هجانى
|
(٦) «وَأَرْسَلْنَا
السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً».
(٧) نشر الليل
ذوائبه.
(٨) «فَوَجَدا فِيها
جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ».
(٩) فلا
فضيلة إلّا أنت لابسها
|
|
ولا رعيّة
إلّا أنت راعيها
|
(١٠) «وَجاءَ رَبُّكَ
وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا».
(١١) «يُذَبِّحُ
أَبْناءَهُمْ».
(٤)
اشرح الأبيات
الآتية وبيّن ما فيها من مجاز عقلىّ :
صحب النّاس
قبلنا ذا الزّمانا
|
|
وعناهم من
أمره ما عنانا
|
وتولّوا
بغصّة كلّهم من
|
|
ه وإن سرّ
بعضهم أحيانا
|
ربّما تحسن
الصنيع ليالي
|
|
ه ولكن تكدّر
الإحسانا
|
__________________
وكأنّا لم
يرض فينا بريب ال
|
|
دّهر حتى
أعانه من أعانا
|
كلما أنبت
الرمان قناة
|
|
ركّب المرء
فى القناة سنانا
|
بلاغة المجاز المرسل
والمجاز العقلىّ
إذا تأملت
أنواع المجاز المرسل والعقلىّ رأيت أنها فى الغالب تؤدى المعنى المقصود بإيجاز ،
فإذا قلت : «هزم القائد الجيش» أو «قرّر المجلس كذا» كان ذلك أوجز من أن تقول : «هزم
جنود القائد الجيش» ، أو «قرر أهل المجلس كذا» ، ولا شك أن الإيجاز ضرب من ضروب
البلاغة.
وهناك مظهر آخر
للبلاغة فى هذين المجازين هو المهارة فى تخير العلاقة بين المعنى الأصلى والمعنى
المجازىّ ، بحيث يكون المجاز مصوّرا للمعنى المقصود خير تصوير كما فى إطلاق العين
على الجاسوس ، والأذن على سريع التأثر بالوشاية ، والخف والحافر على الجمال والخيل
فى المجاز المرسل ، وكما فى إسناد الشىء إلى سببه أو مكانه أو زمانه فى المجاز
العقلىّ فإن البلاغة توجب أن يختار السبب القوىّ والمكان والزمان المختصان.
وإذا دققت
النظر رأيت أن أغلب ضروب المجاز المرسل والعقلىّ لا تخلو من مبالغة بديعة ذات أثر
فى جعل المجاز رائعا خلّابا ، فإطلاق الكل على الجزء مبالغة ومثله إطلاق الجزء
وإرادة الكل ، كما إذا قلت : «فلان فم» تريد أنه شره يلتقم كلّ شىء. أو «فلان أنف»
عند ما تريد أن تصفه بعظم الأنف فتبالغ فتجعله كلّه أنفا. ومما يؤثر عن بعض
الأدباء فى وصف رجل أنافىّ قوله : «لست أدرى أهو فى أنفه أم أنفه فيه».
__________________
الكناية
الأمثلة :
(١) تقول العرب
: فلانة بعيدة مهوى القرط.
(٢) قالت
الخنساء فى أخيها صخر :
طويل النّجاد
رفيع العماد
|
|
كثير الرّماد
إذا ما شتا
|
* * *
(٣) وقال آخر فى
فضل دار العلوم فى إحياء لغه العرب :
وجدت فيك بنت
عدنان دارا
|
|
ذكّرتها
بداوة الأعراب
|
(٤) وقال آخر :
الضّاربين
بكلّ أبيض مخذم
|
|
والطاعنين
مجامع الأضغان
|
* * *
(٥) المجد بين
ثوبيك. والكرم ملء برديك.
البحث :
مهوى القرط
المسافة من شحمة الأذن إلى الكتف. وإذا كانت هذه المسافة بعيدة لزم أن يكون العنق
طويلا ، فكأن العربىّ بدل أن يقول : «إن هذه المرأة طويلة الجيد» نفحنا بتعبير
جديد يفيد اتصافها بهذه الصّفة.
وفى المثال
الثانى تصف الخنساء أخاها بأنه طويل النجاد ، رفيع العماد ، كثير الرماد. تريد أن
تدل بهذه التراكيب على أنه شجاع ،
__________________
عظيم فى قومه ، جواد ، فعدلت عن التصريح بهذه الصفات إلى الإشارة إليها
والكناية عنها ، لأنه يلزم من طول حمالة السيف طول صاحبه ، ويلزم من طول الجسم
الشجاعة عادة ، ثم إنه يلزم من كونه رفيع العماد أن يكون عظيم المكانة فى قومه
وعشيرته ، كما أنه يلزم من كثرة الرّماد كثرة حرق الحطب ، ثم كثرة الطبخ ، ثم كثرة
الضيوف ، ثم الكرم ، ولما كان كل تركيب من التراكيب السابقة ، وهى بعيدة مهوى
القرط ، وطويل النجاد ، ورفيع العماد ، وكثير الرماد ، كنى به عن صفة لازمة لمعناه
، كان كل تركيب من هذه وما يشبهه كناية عن صفة.
وفى المثال
الثالث أراد الشاعر أن يقول : إن اللغة العربية وجدت فيك أيتها المدرسة مكانا
يذكرها بعهد بدواتها. فعدل عن التصريح باسم اللغة العربية إلى تركيب يشير إليها
ويعدّ كناية عنها وهو «بنت عدنان».
وفى المثال
الرابع أراد الشاعر وصف ممدوحيه بأنهم يطعنون القلوب وقت الحرب فانصرف عن التعبير
بالقلوب إلى ما هو أملح وأوقع فى النفس وهو «مجامع الأضغان» ؛ لأن القلوب تفهم منه
إذ هى مجتمع الحقد والبغض والحسد وغيرها.
وإذا تأملت
هذين التركيبين وهما : «بنت عدنان» و «مجامع الأضغان» رأيت أن كلّا منهما كنى به
عن ذات لازمة لمعناه ، لذلك كان كل منهما كناية عن موصوف وكذلك كل تركيب يماثلهما.
أما فى المثال
الأخير فإنك أردت أن تنسب المجد والكرم إلى من تخاطبه ، فعدلت عن نسبتهما إليه
مباشرة ونسبتهما إلى ما له اتصال به ، وهو الثوبان والبردان ، ويسمى هذا المثال
وما يشبهه كناية عن نسبة. وأظهر علامة لهذه الكناية أن يصرح فيها بالصفة كما رأيت
، أو بما يستلزم الصفة ، نحو : فى ثوبيه أسد ، فإن هذا المثال كناية عن نسبة
الشجاعة.
وإذا رجعت إلى
أمثلة الكناية السابقة رأيت أن منها ما يجوز فيه إرادة المعنى الحقيقى الذى يفهم
من صريح اللفظ ، ومنها ما لا يجوز فيه ذلك.
القواعد :
(٢٦) الكناية
لفظ أطلق وأريد به لازم معناه مع جواز إرادة ذلك المعنى.
(٢٧) تنقسم
الكناية باعتبار المكنىّ عنه ثلاثة أقسام ، فإنّ المكنىّ عنه قد يكون صفة ، وقد
يكون موصوفا ، وقد يكون نسبة .
نموذج
(١) قال
المتنبى فى وقيعة سيف الدولة ببنى كلاب :
فمسّاهم
وبسطهم حرير
|
|
وصبحهم
وبسطهم تراب
|
ومن فى كفّه
منهم قناة
|
|
كمن فى كفّه
منهم خضاب
|
(٢) وقال فى مدح كافور :
إن فى ثوبك
الذى المجد فيه
|
|
لضياء يزرى
بكلّ ضياء
|
الإجابة
(١) كنّى بكون
بسطهم حريرا عن سيادتهم وعزتهم. وبكون بسطهم ترابا عن حاجتهم وذلهم ، فالكناية فى
التركيبين عن صفة.
(٢) وكنى بمن
يحمل قناة عن الرجل ، وبمن فى كفه خضاب عن المرأة
__________________
وقال : إنهما سواء فى الضعف أمام سطوة سيف الدولة وبطشه ، فكلتا الكنايتين
كناية عن موصوف.
(٣) أراد أن
يثبت المجد لكافور فترك التصريح بهذا وأثبته لما له تعلق بكافور وهو الثوب ،
فالكناية عن نسبة.
تمرينات
(١)
بيّن الصفة
التى تلزم من كل كناية من الكنايات الآتية :
(١) نئوم
الضّحا. (٢) ألقى فلان عصاه.
(٣) ناعمة
الكفين. (٤) قرع فلان سنّه.
(٥) يشار إليه
بالبنا. (٦) «فأصبح يقلّب كفّيه على ما أنفق فيها وهى خاوية»
(٧) ركب جناحى
نعاما (٨) لوت الليالى كفه على العصا.
(٩) قال
المتنبى فى وصف فرسه :
وأصرع أى
الوحش قفّيته به
|
|
وأنزل عنه
مثله حين أركب
|
(١٠) فلان لا يضع العصا عن عاتقه.
(٢)
بيّن الموصوف
المقصود فى كل كناية من الكنايات الآتية :
قوم
ترى أرماحهم يوم الوغى
|
|
مشغوفة
بمواطن الكتمان
|
(٢) وقال تعالى : (أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ
وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)
__________________
(٣) كان
المنصور فى بستان فى أيام محاربته إبراهيم بن عبد الله بن الحسن
ونظر إلى شجرة خلاف ، فقال للربيع . ما هذه الشجرة؟ فقال. طاعة يا أمير المؤمنين!
(٤) مرّ رجل فى
صحن دار الرشيد ومعه حزمة خيزران. فقال الرشيد للفضل بن الربيع : ما ذاك؟ فقال عروق الرماح يا أمير المؤمنين ، وكره أن
يقول. خيزران ؛ لموافقة ذلك لاسم أمّ الرشيد.
(٥) قال أبو
نواس فى الخمر :
ولمّا
شربناها ودبّ دبيبها
|
|
إلى موطن
الأسرار قلت لها قفى
|
(٦) وقال المعرى فى السيف :
سليل النّار
دق ورقّ حتّى
|
|
كأنّ أباه
أورثه السّلالا
|
(٧) كبرت سنّ فلان وجاءه النذير.
(٨) سئل أعرابى
عن سبب اشتعال شيبه ، فقال. هذا رغوة الشباب.
(٩) وسئل آخر ،
فقال : هذا غبار وقائع الدهر.
__________________
(١٠) يروى أن
الحجّاج قال للغضبان بن القبعثرى : لأحملنّك على الأدهم ، فقال : مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب ؛ قال.
إنه الحديد ؛ قال. لأن يكون حديدا خير من أن يكون بليدا.
(٣)
بين النسبة
التى تلزم كل كناية من الكنايات الآتية :
إن السماحة والمروءة والنّدى
|
|
فى قبة ضربت على ابن الحشرج
|
(٢) قال أعرابى
: دخلت البصرة فإذا ثياب أحرار على أجساد عبيد.
(٣) وقال
الشاعر :
اليمن يتبع
ظلّه
|
|
والمجد يمشى
فى ركابه
|
(٤)
بيّن أنواع
الكنايات الآتية وعين لازم معنى كل منها :
(١) مدح أعرابى
خطيبا فقال : كان بليل الرّيق قليل الحركات .
(٢) وقال يزيد
بن الحكم فى مدح المهلب .
أصبح فى قيدك
السماحة والمج
|
|
د وفضل
الصلاح والحسب
|
(٣) وتقول العرب : فلان رحب الذراع ، نقىّ الثوب ، طاهر الإزار ؛ سليم دواعى الصدر .
__________________
(٤) وقال
البحترى يصف قتله ذئبا :
فأتبعتها
أخرى فأضللت نصلها
|
|
بحيث يكون
اللّب والرّعب والحقد
|
(٥) وقال آخر فى رثاء من مات بعلّة
فى صدره :
ودبّت فى
موطن الحلم علّة
|
|
لها كالصّلال
الرّقش شرّ دبيب
|
(٦) ووصف أعرابى امرأة فقال : ترخى
ذيلها على عرقوبى نعامة.
(٥)
بيّن نوع
الكنايات الآتية ، وبيّن منها ما يصح فيه إرادة المعنى المفهوم من صريح اللفظ وما
لا يصحّ :
(١) وصف أعرابى
رجلا بسوء العشرة فقال :
كان إذا رآنى
قرّب من حاجب حاجبا.
(٢) وقال أبو
نواس فى المديح :
فما جازه جود
ولا حل دونه
|
|
ولكن يسير
الجود حيث يسير
|
(٣) وتكنى العرب عمن يجاهر غيره
بالعداوة بقولهم :
لبس له جلد النّمر
، وجلد الأرقم ، وقلب له ظهر المجنّ .
(٤) فلان عريض
الوساد ، أغمّ القفا .
__________________
(٥) قال الشاعر
:
تجول خلاخيل
النّساء ولا أرى
|
|
لرملة خلخالا
يجول ولا قلبا
|
(٦) وتقول العرب فى المديح : الكرم
فى أثناء حلّته ، ويقولون فلان نفخ شدقيه ، أى تكبر ، وورم أنفه إذا غضب.
(٧) قالت
أعرابية لبعض الولاة : أشكو إليك قلّة الجرذان .
(٨) وقال
الشاعر :
بيض المطابخ
لا تشكو إماؤهم
|
|
طبخ القدور
ولا غسل المناديل
|
(٩) وقال آخر :
مطبخ داود فى
نظافته
|
|
أشبه شىء
بعرش بلقيس
|
ثياب طبّاخه
إذ اتّسخت
|
|
أنقى بياضا
من القراطيس
|
(١٠) وقال آخر :
فتى مختصر
المأكو
|
|
ل والمشروب
والعطر
|
نقىّ الكأس
والقصع
|
|
ة والمنديل
والقدر
|
(٦)
اشرح البيت
الآتى وبيّن نوع الكناية التى به :
فلسنا على
الأعقاب تدمى كلومنا
|
|
ولكن على
أقدامنا تقطر الدّما
|
__________________
بلاغة الكناية
الكناية مظهر
من مظاهر البلاغة ، وغاية لا يصل إليها إلا من لطف طبعه وصفت قريحته ، والسّرّ فى
بلاغتها أنها فى صور كثيرة تعطيك الحقيقة مصحوبة بدليلها ، والقضية وفى طيّها
برهانها ، كقول البحترى فى المديح :
يغضّون فضل
اللّحظ من حيث ما بدا
|
|
لهم عن مهيب
فى الصّدور محبّب
|
فإنه كنى عن
إكبار الناس للممدوح وهيبتهم إيّاه بغضّ الأبصار الذى هو فى الحقيقة برهان على
الهيبة والإجلال ، وتظهر هذه الخاصة جلية فى الكنايات عن الصفة والنسبة.
ومن أسباب
بلاغة الكناية أنها تضع لك المعانى فى صور المحسّات ، ولا شك أنّ هذه خاصة الفنون
فإن المصوّر إذا رسم لك صورة للأمل أو اليأس بهرك وجعلك ترى ما كنت تعجز عن
التعبير عنه واضحا ملموسا.
فمثل «كثير
الرّماد» فى الكناية عن الكرم و «رسول الشرّ» فى الكناية عن المزاح وقول البحترى :
أوما رأيت
المجد ألقى رحله
|
|
فى آل طلحة
ثم لم يتحوّل
|
فى الكناية عن
نسبة الشرف إلى آل طلحة ، كلّ أولئك يبرز لك المعانى فى صورة تشاهدها وترتاح نفسك
إليها.
ومن خواص
الكناية أنها تمكّنك من أن تشفى غلتك من خصمك من غير أن تجعل له سبيلا ؛ ودون أن
تخدش وجه الأدب ، وهذا النوع يسمى بالتعريض ، ومثاله قول المتنبى فى قصيدة يمدح
بها كافورا ويعرّض بسيف الدولة :
رحلت فكم باك
بأجفان شادن
|
|
علىّ وكم باك
بأجفان ضيغم
|
__________________
وما ربة
القرط المليح مكانه
|
|
بأجزع من ربّ
الحسام المصمّم
|
فلو كان ما
بى من حبيب مقنّع
|
|
عذرت ولكن من
حبيب معمّم
|
رمى واتقى
رميى ومن دون ما اتّقى
|
|
هوى كاسر
كفّى وقوسى وأسهمى
|
إذا ساء فعل
المرء ساءت ظنونه
|
|
وصدّق ما
يعتاده من توهّم
|
فإنه كنى عن
سيف الدولة أولا بالحبيب المعمّم ، ثم وصفه بالغدر الذى يدّعى أنه من شيمة النساء
، ثم لامه على مبادهته بالعدوان ، ثم رماه بالجبن لأنه يرمى ويتقى الرمى بالاستتار
خلف غيره ، على أن المتنبى لا يجازيه على الشرّ بمثله لأنه لا يزال يحمل له بين
جوانحه هوى قديما يكسر كفه وقوسه وأسهمه إذا حاول النضال ، ثم وصفه بأنه سيى الظن
بأصدقائه لأنه سيئ الفعل كثير الأوهام والظنون حتى ليظن أن الناس جميعا مثله فى
سوء الفعل وضعف الوفاء. فانظر كيف نال المتنبى من سيف الدولة هذا النيل كله من غير
أن يذكر من اسمه حرفا.
هذا ، ومن أوضح
ميزات الكناية التعبير عن القبيح بما تسيغ الآذان سماعه. وأمثلة ذلك كثيرة جدّا فى
القرآن الكريم وكلام العرب ، فقد كانوا لا يعبّرون عما لا يحسن ذكره إلّا بالكناية
، وكانوا لشدّة نخوتهم يكنون عن المرأة بالبيضة والشاة.
ومن بدائع
الكنايات قول بعض العرب :
ألا يا نخلة
من ذات عرق
|
|
عليك ورحمة
الله السّلام
|
فإنه كنّى
بالنخلة عن المرأة التى يحبها.
ولعلّ هذا
المقدار كاف فى بيان خصائص الكناية وإظهار ما تضمنته من بلاغة وجمال.
__________________
أثر علم البيان فى
تأدية المعانى
ظهر لك من
دراسة علم البيان أنّ معنى واحدا يستطاع أداؤه بأساليب عدّة وطرائق مختلفة ، وأنّه
قد يوضع فى صورة رائعة من صور التشبيه ، أو الاستعارة ، أو المجاز المرسل ، أو
العقلى ، أو الكناية.
فقد يصف الشاعر
إنسانا بالكرم فيقول :
يريد الملوك
مدى جعفر
|
|
ولا يصنعون
كما يصنع
|
وليس بأوسعهم
فى الغنى
|
|
ولكنّ معروفه
أوسع
|
وهذا كلام بليغ
جدّا مع أنه لم يقصد فيه إلى شبيه أو مجاز ، وقد وصف الشاعر فيه ممدوحه بالكرم وأن
الملوك يريدون أن يبلغوا منزلته ، ولكنهم لا يشترون الحمد بالمال كما يفعل ، مع
أنه ليس بأغنى منهم ولا بأكثر مالا.
وقد يعمد
الشاعر عند الوصف بالكرم إلى أسلوب آخر فيقول :
كالبحر يقذف
للقريب جواهرا
|
|
جودا ويبعث
للبعيد سحائبا
|
فيشبّه الممدوح
بالبحر ، ويدفع بخيالك إلى أن يضاهى بين الممدوح والبحر الذى يقذف الدرر للقريب
ويرسل السحائب للبعيد.
أو يقول :
هو البحر من
أىّ النواحى أتيته
|
|
فلجّته
المعروف والجود ساحله
|
فيدعى أنه
البحر نفسه وينكر التشبيه نكرانا يدل على المبالغة وادعاء المماثلة الكاملة
أو يقول :
علا فما
يستقرّ المال فى يده
|
|
وكيف تمسك
ماء قنّة الجبل
|
فيرسل إليك
التشبيه من طريق خفىّ ليرتفع الكلام إلى مرتبة أعلى فى البلاغة ، وليجعل لك من
التشبيه الضمنىّ دليلا على دعواه ، فإنه ادعى
أنه لعلو منزلته ينحدر المال من يديه ، وأقام على ذلك برهانا فقال : «وكيف
تمسك ماء قنّة الجبل؟»
أو يقول :
جرى النهر
حتى خلته منك أنعما
|
|
تساق بلا ضنّ
وتعطى بلا منّ
|
فيقلب التشبيه
زيادة فى المبالغة وافتنانا فى أساليب الإجادة ، ويشبه ماء النهر بنعم الممدوح بعد
أن كان المألوف أن تشبّه النعم بالنهر الفياض.
أو يقول :
كأنه حين
يعطى المال مبتسما
|
|
صوب الغمامة
تهمى وهى تأتلق
|
فيعمد إلى
التشبيه المركب ، ويعطيك صورة رائعة تمثّل لك حالة الممدوح وهو يجود ، وابتسامة
السرور تعلو شفتيه.
أو يقول :
جادت يد
الفتح والأنواء باخلة
|
|
وذاب نائله
والغيث قد جمدا
|
فيضاهى بين جود
الممدوح والمطر. ويدّعى أن كرم ممدوحه لا ينقطع إذا انقطعت الأنواء أو جمد القطر.
أو يقول :
قد قلت للغيم
الرّكام ولجّ فى
|
|
إبراقه وألحّ
فى إرعاده
|
لا تعرضنّ
لجعفر متشبّها
|
|
بندى يديه
فلست من أنداده
|
فيصرح لك فى
جلاء وفى غير خشية بتفضيل جود صاحبه على جود الغيم ، ولا يكتفى بهذا بل تراه ينهى
السحاب فى صورة تهديد أن يحاول التشبّه بممدوحه لأنه ليس من أمثاله ونظرائه.
أو يقول :
وأقبل يمشى
فى البساط فما درى
|
|
إلى البحر
يسعى أم إلى البدر يرتقى
|
__________________
يصف حال رسول
الروم داخلا على سيف الدولة فينزع فى وصف الممدوح بالكرم إلى الاستعارة التصريحية
، والاستعارة كما علمت مبنية على تناسى التشبيه والمبالغة فيها أعظم وأثرها فى
النفوس أبلغ.
أو يقول :
دعوت نداه
دعوة فأجابنى
|
|
وعلّمنى
إحسانه كيف آمله
|
فيشبّه ندى
ممدوحه وإحسانه بإنسان ، ثم يحذف المشبه به ويرمز إليه بشىء من لوازمه ، وهذا ضرب
آخر من ضروب المبالغة التى تساق الاستعارة لأجلها.
أو يقول :
«ومن قصد البحر
استقلّ السّواقيا»
فيرسل العبارة
كأنها مثل ، ويصوّر لك أن من قصد ممدوحه استغنى عمن هو دونه ، كما أن قاصد البحر
لا يأبه للجداول فيعطيك استعارة تمثيلية لها روعة وفيها جمال ، وهى فوق ذلك تحمل
برهانا على صدق دعواه وتؤيد الحال التى يدعيها.
أو يقول :
ما زلت تتبع
ما تولى يدا بيد
|
|
حتّى ظننت
حياتى من أياديكا
|
فيعدل عن
التشبيه والاستعارة إلى المجاز المرسل ، ويطلق كلمة «يد» ويريد بها النعمة لأن
اليد آلة النعم وسببها.
أو يقول :
أعاد يومك
أيّامى لنضرتها
|
|
واقتص جودك
من فقرى وإعسارى
|
فيسند الفعل
إلى اليوم وإلى الجود على طريقة المجاز العقلى.
أو يقول :
فما جازه جود
ولا حل دونه
|
|
ولكن يسير
الجود حيث يسير
|
فيأتى بكناية
عن نسبة الكرم إليه بادعاء أن الجود يسير معه دائما ،
لأنه بدل أن يحكم بأنه كريم ادعى أن الكرم يسير معه أينما سار. ولهذه
الكناية من البلاغة والتأثير فى النفس وحسن تصوير المعنى ، فوق ما يجده السامع فى
غيرها من بعض ضروب الكلام.
فأنت ترى أنه
من المستطاع التعبير عن وصف إنسان بالكرم بأربعة عشر أسلوبا ، كلّ له جماله وحسنه
وبراعته ، ولو نشاء لأتينا بأساليب كثيرة أخرى فى هذا المعنى ، فإن للشعراء ورجال
الأدب افتنانا وتوليدا للأساليب والمعانى لا يكاد ينته إلى حد ، ولو أردنا لأوردنا
لك ما يقال من الأساليب المختلفة المناحى فى صفات أخرى كالشجاعة والإباء والحزم
وغيرها ، ولكنا لم نقصد إلى الإطالة ، ونعتقد أنك عند قراءتك الشعر العربىّ
والآثار الأدبية ستجد بنفسك هذا ظاهرا ، وستدهش للمدى البعيد الذى وصل إليه العقل
الإنسانى فى التصوير البلاغىّ والإبداع فى صوغ الأساليب.
هذه الأساليب
المختلفة التى يؤدّى بها المعنى الواحد هى موضع بحث علم البيان ، ولا أظنك تفهم أن
القدرة على صوغ هذه الأساليب البديعة موقوفة على علم البيان ؛ لأن الافتنان فى
التعبير لا يتوقف على درس قواعد البلاغة ، وإنما يصبح المرء كاتبا مجيدا ، أو
شاعرا مبدعا أو خطيبا موثرا ، بكثرة القراءة فى كتب الأدب وحفظ آثار العرب ، وبنقد
الشعر وتفهمه ، ودراسة النثر الفنى وتذوق أسراره ؛ بهذا ترسخ فيه ملكة تدفعه دفعا
إلى الإحسان والإجادة ، ولا بد أن يعاضد هذه الملكة طبع سليم وفطرة حساسة تكون
معينة لهذه الملكة وظهيرة لها.
ولكنّا بعد كل
هذا لا نستطيع أن نجحد فائدة علم البيان والإلمام بقوانينه ، فإنه بما يفصّل من
الفروق بين الأساليب ميزان صحيح لتعرّف أنواعها ، ودراسة أدبية للفحص عن كل أسلوب
وتبيّن سر البلاغة فيه.
علم المعانى
تقسيم الكلام إلى خبر
وإنشاء
الأمثلة :
(١) قال أبو
إسحاق الغزّىّ :
لو لا أبو
الطّيّب الكندىّ ما امتلأت
|
|
مسامع النّاس
من مدح ابن حمدان
|
(٢) وقال أبو الطّيّب :
لا أشرئبّ
إلى ما لم يفت طمعا
|
|
ولا أبيت على
ما فات حسرانا
|
(٣) وقال أبو العتاهية :
إنّ البخيل
وإن أفاد غنى
|
|
لترى عليه
مخايل الفقر
|
* * *
(٤) وقال بعض
الحكماء لابنه :
يا بنىّ
تعلّم حسن الاستماع
|
|
كما تتعلّم
حسن الحديث.
|
__________________
(٥) وأوصى عبد
الله بن عبّاس رجلا فقال :
لا تتكلّم بما
لا يعنيك ، ودع الكلام فى كثير ممّا يعنيك حتّى تجد له موضعا.
(٦) وقال أبو
الطيب :
لا تلق دهرك
إلّا غير مكترث
|
|
ما دام يصحب
فيه روحك البدن
|
البحث :
يخبرنا أبو
إسحاق الغزّىّ بأن أبا الطيب المتنبى هو الذى نشر فضائل سيف الدولة بن حمدان
وأذاعها بين الناس. ويقول : لو لا أبو الطيب ما ذاعت شهرة هذا الأمير ، ولا عرف
الناس من شمائله كل الذى عرفوه ، وهذا قول يحتمل أن يكون الغزىّ صادقا فيه كما
يحتمل أن يكون كاذبا ؛ فهو صادق إن كان قوله مطابقا للواقع ، كاذب إن كان قوله غير
مطابق للواقع.
والمتنبى فى
المثال الثانى يخبر عن نفسه بأنه قانع راض بحاله التى هو فيها ، فليس من عادته أن
يتطلع مستشرفا إلى ما هو آت ، وليس من دأبه أن يندم على ما فات ، ومن المحتمل أن
يكون كاذبا غير صادق.
كذلك يجوز أن
يكون أبو العتاهية فى المثال الثالث صادقا فيما قال وادعى ، ويجوز أن يكون غير
صادق :
انظر بعد ذلك
إلى المثال الرابع تجد قائله ينادى ولده ويأمره أن يتعلم حسن الحديث ، وذلك كلام
لا يصحّ أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب ؛ لأنه لا يعلمنا بحصول شىء أو عدم
حصوله ، وإنما هو ينادى ويأمر.
__________________
كذلك لا يصح أن
يتّصف عبد الله بن عباس فى المثال الخامس ، والمتنبى فى المثال السادس بالصدق أو
الكذب ، لأن كلّا منهما لا يخبر عن حصول شىء أو عدم حصوله ، ولو أنك تتبعت جميع
الكلام لوجدته لا يخرج عن هذين النوعين ، ويسمّى النوع الأول خبرا والنوع الثانى
إنشاء.
انظر بعد ذلك
إلى الجمل فى الأمثلة السابقة أو فى غيرها تجد كل جملة مكونة من ركنين أساسيّين
هما المحكوم عليه والمحكوم به ، ويسمى الأول مسندا إليه والثانى مسندا أماما عداهما
فهو «قيد» فى الجملة وليس ركنا أساسيا.
القواعد :
(٢٨) الكلام
قسمان : خبر وإنشاء :
(ا) فالخبر ما
يصحّ أن يقال لقائله إنّه صادق فيه أو كاذب ، فإن كان الكلام مطابقا للواقع كان
قائله صادقا ، وإن كان غير مطابق له كان قائله كاذبا .
(ب) والإنشاء
ما لا يصحّ أن يقال لقائله إنّه صادق فيه أو كاذب.
(٢٩) لكلّ جملة
من جمل الخبر والإنشاء ركنان : محكوم عليه ،
__________________
ومحكوم به ، ويسمّى الأوّل مسندا إليه ، والثانى مسندا ، وما زاد على ذلك غير المضاف إليه والصّلة فهو قيد .
نموذج
لبيان أنواع
الجمل وتعيين المسند إليه والمسند فى كل جملة رئيسية :
(١) قال عبد
الحميد الكاتب يوصى أهل صناعته بمحاسن الآداب : تنافسوا يا معاشر الكتّاب فى صنوف الآداب ، وتفهّموا فى الدّين
، وابدءوا بعلم كتاب الله عزّ وجلّ ثمّ العربيّة ؛ فإنّها نفاق ألسنتكم ثم أجيدوا الخطّ فإنّه حلية كتبكم ، وارووا الأشعار
واعرفوا غريبها ومعانيها وأيّام العرب والعجم وأحاديثها وسيرها ، فإنّ ذلك معين
لكم على ما تسمو إليه هممكم.
(٢) قال أبو
نواس :
الرّزق
والحرمان مجراهما
|
|
بما قضى الله
وما قدّرا
|
فاصبر إذا
الدّهر نبا نبوة
|
|
فجنّة الحازم
أن يصبرا
|
__________________
إجابة (١)

إجابة (٢)

تمرينات
(١)
ميّز الجمل
الخبرية من الجمل الإنشائية. وعيّن المسند إليه والمسند فيما يأتى :
(ا) مما ينسب
لعلىّ بن أبى طالب رضى الله عنه فى رسالة إلى الحارث الهمذانى : تمسّك بحبل القرآن واستنصحه وأحلّ حلاله وحرّم حرامه
واعتبر بما مضى من الدنيا ما بقى منها فإن بعضها يشبه بعضا ، وآخرها لاحق بأوّلها ، وكلها
حائل مفارق ، وعظم اسم الله أن تذكره إلّا على حقّ .
(ب) ومما ينسب
إليه أيضا :
توقوا البرد فى
أوّله ، وتلقّوه فى آخره فإنه يفعل بالأبدان كفعله فى الأشجار ، أوّله يحرق ،
وآخره يورق.
(ح) وكتب بعض
البلغاء فى الاستعطاف :
لذت بعفوك ،
واستجرت بصفحك ، فأذقنى حلاوة الرّضا ، وأنسنى مرارة السّخط فيما مضى.
(٢)
تفهم الأبيات
الآتية ، وميّز فيها الجمل الخبرية من الجمل الإنشائية ، وعيّن المسند إليه
والمسند فى كل جملة :
(ا) قال صاحب
العقد الفريد يصف الدّنيا :
ألا إنما
الدّنيا نضارة أيكة
|
|
إذا اخضرّ
منها جانب جفّ جانب
|
__________________
هى الدار ما
الآمال إلا فجائع
|
|
عليها ولا
اللّذات إلا مصائب
|
فلا تكتحل
عيناك فيها بعبرة
|
|
على ذاهب
منها فإنّك ذاهب
|
(ب) وقال ابن المعتز :
ليس الكريم
الذى يعطى عطيّته
|
|
عن الثناء
وإن أغلى به الثّمنا
|
بل الكريم
الذى يعطى عطيّته
|
|
لغير شىء سوى
استحسانه الحسنا
|
لا يستثيب
ببذل العرف محمدة
|
|
ولا يمنّ إذا
ما قلّد المننا
|
(٣)
انثر البيتين
الآتيين نثرا فصيحا ، ثم عين الجمل الخبرية والجمل الإنشائية التى تأتى بها فى
نثرك :
ولا تصطنع
إلا الكرام فإنهم
|
|
يجازون
بالنّعماء من كان منعما
|
ومن يتّخذ
عند اللئام صنيعة
|
|
تجده على
آثارها متندّما
|
(٤)
(ا) صف حياة
القرويّين فى أسلوب خبرى لا يتخلله شىء من الجمل الإنشائية.
(ب) اكتب إلى
أرمد ترجو له الشفاء ، وتنصحه بما يساعده على السلامة من دائه وضمّن رسالتك إليه
طائفة من الجمل الإنشائية.
__________________
الخبر
(١) الغرض من إلقاء
الخبر
الأمثلة :
(١) ولد
النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم عام الفيل ، وأوحى إليه فى سنّ الأربعين ، وأقام بمكة ثلاث عشرة
سنة ، وبالمدينة عشرا.
(٢) كان عمر بن
عبد العزيز لا يأخذ من بيت المال شيئا ، ولا يجرى على نفسه من
الفىء درهما.
* * *
(٣) لقد نهضت
من نومك اليوم مبكّرا.
(٤) أنت تعمل
فى حديقتك كلّ يوم.
* * *
(٥) قال يحيى
البرمكىّ يخاطب الخليفة هرون الرّشيد :
إنّ البرامكة
الذي
|
|
ن رموا لديك
بداهيه
|
صفر الوجوه
عليهم
|
|
خلع المذلّة
باديه
|
__________________
(٦) قال الله
تعالى حكاية عن زكريّا عليه السّلام :
«رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي
وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً».
(٧) قال أحد
الأعراب يرثى ولده :
لمّا دعوت
الصّبر بعدك والأسى
|
|
أجاب الأسى
طوعا ولم يجب الصّبر
|
فإن ينقطع
منك الرّجاء فإنّه
|
|
سيبقى عليك
الحزن ما بقى الدّهر
|
(٨) قال عمرو بن كلثوم :
إذا بلغ
الفطام لنا صبىّ
|
|
تخرّ له
الجبابر ساجدينا
|
(٩) كتب طاهر بن الحسين إلى العباس بن موسى الهادى وقد استبطأه فى خراج ناحيته :
وليس أخو
الحاجات من بات نائما
|
|
ولكن أخوها
من يبيت على وجل
|
البحث :
تدبّر المثالين
الأولين تجد المتكلم إنما يقصد أن يفيد المخاطب الحكم الذى تضمنه الخبر فى كل مثال
، ويسمّى هذا الحكم فائدة الخبر فالمتكلم فى المثال الأول يريد أن يفيد السامع ما
كان يجهله من مولد الرسول ، وتاريخ الإيحاء إليه ، والزمن الذى أقامه بعد ذلك فى
مكة
__________________
والمدينة. وهو فى المثال الثانى يخبره بما لم يكن يعرفه عن عمر بن عبد
العزيز من العفة والزّهد فى مال المسلمين.
تأمل بعد ذلك
المثالين التاليين ، تجد المتكلم لا يقصد منهما أن يفيد السامع شيئا مما تضمنه
الكلام من الأحكام ؛ لأنّ ذلك معلوم للسامع قبل أن يعلمه المتكلم ، وإنما يريد أن
يبين أنه عالم بما تضمنه الكلام. فالسامع فى هذه الحال لم يستفد علما بالخبر نفسه
، وإنما استفاد أن المتكلم عالم به ، ويسمى ذلك لازم الفائدة.
انظر إلى
الأمثلة الخمسة الأخيرة تجد أن المتكلم فى كل منها لا يقصد فائدة الخبر ولا لازم
الفائدة ، وإنما يقصد إلى أشياء أخرى يستطلعها اللبيب ويلمحها من سياق الكلام ،
فيحيى البرمكى فى المثال الخامس لا يقصد أن ينبئ الرشيد بما وصل إليه حاله وحال
ذوى قرباه من الذلّ والصّغار ؛ لأن الرشيد هو الذى أمر به فهو أولى بأن يعلمه ،
ولا يريد كذلك أن يفيده أنه عالم بحال نفسه وذوى قرابته. وإنما يستعطفه ويسترحمه
ويرجو شفقته ، عسى أن يصغى إليه فيعود إلى البرّ به والعطف عليه.
وفى المثال
السادس يصف زكريا عليه السّلام حاله ويظهر ضعفه ونفاد قوته. والأعرابى فى المثال
السابع يتحسر ويظهر الأسى والحزن على فقد ولده وفلذة كبده. وعمرو بن كلثوم فى
المثال الثامن يفخر بقومه ، ويباهى بما لهم من البأس والقوة : وطاهر بن الحسين فى
المثال الأخير لا يقصد الإخبار. ولكنه يحثّ عامله على النشاط والجدّ فى جباية
الخراج وجميع هذه الأغراض الأخيرة إنما تفهم من سياق الكلام لا من أصل وضعه.
القواعد :
(٣٠) الأصل فى
الخبر أن يلقى لأحد غرضين :
(ا) إفادة
المخاطب الحكم الذى تضمّنته الجملة ، ويسمّى ذلك الحكم فائدة الخبر.
(ب) إفادة
المخاطب أنّ المتكلّم عالم بالحكم ، ويسمّى ذلك لازم الفائدة.
(٣١) قد يلقى
الخبر لأغراض أخرى تفهم من السّياق ، منها ما يأتى :
(ا) الاسترحام.
(ح) إظهار التّحسّر.
(ب) إظهار
الضّعف. (د) الفخر.
(ه) الحثّ على
السّعى والجدّ.
نموذج
فى بيان أغراض الأخبار.
(١) كان معاوية
رضى الله عنه حسن السّياسة والتّدبير ، يحلم فى مواضع الحلم ، ويشتدّ فى
مواضع الشّدّة.
(٢) لقد أدّبت
بنيك باللين والرّفق لا بالقسوة والعقاب.
(٣) توفّى عمر
بن الخطّاب رضى الله عنه سنة ثلاث وعشرين من الهجرة.
(٤) قال أبو
فراس الحمدانىّ :
ومكارمى عدد
النجوم ومنزلى
|
|
مأوى الكرام
ومنزل الأضياف
|
(٥) قال أبو الطيب :
وما كلّ هاو
للجميل بفاعل
|
|
ولا كلّ
فعّال له بمتمّم
|
(٦) وقال أيضا يرثى أخت سيف
الدّولة :
غدرت يا موت
كم أفنيت من عدد
|
|
بمن أصبت وكم
أسكتّ من لجب
|
__________________
(٧) قال أبو
العتاهية يرثى ولده عليّا :
بكيتك يا
علىّ بدمع عينى
|
|
فما أغنى
البكاء عليك شيّا
|
وكانت فى
حياتك لى عظات
|
|
وأنت اليوم
أوعظ منك حيّا
|
(٨) إنّ الثمانين وبلّغتها
|
|
قد أحوجت
سمعى إلى ترجمان
|
(٩) قال أبو العلاء المعرّى :
ولى منطق لم
يرض لى كنه منزلى
|
|
على أنّنى
بين السّماكين نازل
|
(١٠) قال إبراهيم بن المهدىّ يخاطب المأمون :
أتيت جرما
شنيعا
|
|
وأنت للعفو
أهل
|
فإن عفوت
فمنّ
|
|
وإن قتلت
فعدل
|
الإجابة
(١) الغرض
إفادة المخاطب الحكم الذى تضمنه الكلام.
(٢) الغرض
إفادة المخاطب أن المتكلم عالم بحاله فى تهذيب بنيه.
(٣) الغرض
إفادة المخاطب الحكم الذى تضمنه الكلام.
(٤) الغرض
إظهار الفخر ، فإن أبا فراس إنما يريد أن يفاخر بمكارمه وشمائله.
(٥) الغرض
إفادة المخاطب الحكم الذى تضمنه الكلام ؛ فإن أبا الطيب يريد أن يبين لسامعيه ما
يراه فى بعض الناس من التقصير فى أعمال الخير.
(٦) الغرض
إظهار الأسى والحزن.
__________________
(٧) الغرض
إظهار الحزن والتحسر على فقد ولده.
(٨) الغرض
إظهار الضعف والعجز.
(٩) الغرض
الافتخار بالعقل واللسان.
(١٠) الغرض
الاسترحام والاستعطاف.
تمرينات
(١)
بيّن أغراض
الكلام فيما يأتى :
(١) من أصلح ما
بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس ، ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله له
أمر دنياه ، ومن كان له من نفسه واعظ كان عليه من الله حافظ.
(٢) إنك لتكظم
الغيظ وتحلم عند الغضب ، وتتجاوز عند القدرة ، وتصفح عن الزّلة.
(٣) قال أبو
فراس الحمدانىّ :
إنّا إذا
اشتدّ الزما
|
|
ن وناب خطب
وادلهم
|
ألفيت حول
بيوتنا
|
|
عدد الشّجاعة
والكرم
|
للقا العدا
بيض السيو
|
|
ف وللنّدى
حمر النّعم
|
هذا وهذا
دأبنا
|
|
يودى دم
ويراق دم
|
(٤) قال الشاعر :
مضت اللّيالى
البيض فى زمن الصّبا
|
|
وأتى المشيب
بكلّ يوم أسود
|
__________________
(٥) قال مروان
بن أبى حفصة من قصيدة طويلة برثى بها معن بن زائدة :
مضى لسبيله
معن وأبقى
|
|
مكارم لن
تبيد ولن تنالا
|
كأن الشّمس
يوم أصيب معن
|
|
من الإظلام
ملبسة ظلالا
|
هو الجبل
الّذى كانت نزار
|
|
تهدّ من
العدوّ به الجبالا
|
فإن يعل
البلاد له خشوع
|
|
فقد كانت
تطول به اختيالا
|
أصاب الموت
يوم أصاب معنا
|
|
من الأحياء
أكرمهم فعالا
|
وكان النّاس
كلهم لمعن
|
|
إلى أن زار
حفرته عيالا
|
(٦) وقال آخر :
فما لى حيلة
إلّا رجائى
|
|
لعفوك إن
عفوت وحسن ظنّى
|
فكم من زلّة
لى فى الخطايا
|
|
عضضت أناملى
وقرعت سنّى
|
يظنّ النّاس
بى خيرا وإنّى
|
|
لشرّ الخلق
إن لم تعف عنّى
|
(٧) قال أبو نواس فى مرض موته :
دبّ فىّ
السّقام سفلا وعلوا
|
|
وأرانى أموت
عضوا فعضوا
|
ذهبت جدّتى
بطاعة نفسى
|
|
وتذكّرت طاعة
الله نضوا
|
__________________
لهف نفسى على
ليال وأيّا
|
|
م تجاوزتهنّ
لعبا ولهوا
|
قد أسأنا كلّ
الإساءة فالل
|
|
هم صفحا عنّا
وغفرا وعفوا
|
(٨) إنك إذا رأيت فى أخيك عيبا لم
تكتمه :
(٩) قال ابن
نباتة السعدىّ :
يفوت ضجيع
التّرّهات طلابه
|
|
ويدنو إلى
الحاجات من بات ساعيا
|
(١٠) قال الأمير أبو الفضل عبيد
الله فى وصف يوم ماطر :
دهتنا
السّماء على حين صحو
|
|
بغيث على
هامنا مسبل
|
وأشرف
أصحابنا من أذاه
|
|
على خطر هائل
مبسل
|
فمن لائذ
بفناء الجدار
|
|
وآو إلى نفق
مهمل
|
وجادت علينا
سماء السّقوف
|
|
بدمع من
الوجد لم يهمل
|
(١١) قال الجاحظ :
المشورة لقاح
العقول ، ورائد الصواب. والمستشير على طرف النّجاح ، واستنارة المرء برأى أخيه من
عزم الأمور وحزم التدبير.
__________________
(١٢) قال
المتنبى وهو مريض بالحمّى :
أقمت بأرض
مصر فلا ورائى
|
|
تخبّ بى
الرّكاب ولا أمامى
|
وملّنى
الفراش وكان جنبى
|
|
يملّ لقاءه
فى كلّ عام
|
(٢)
انثر قول أبى
الطيب ، وبيّن غرضه :
إنى أصاحب
حلمى وهو بى كرم
|
|
ولا أصاحب
حلمى وهو بى جبن
|
ولا أقيم على
مال أذلّ به
|
|
ولا ألذّ بما
عرضى به درن
|
(٣)
صف وطنك واجعل
غرضك من الوصف الفخر بمكانه ، وهوائه ، وصفاء سمائه ، وخصب أرضه وارتقاء عمرانه.
(٤)
(١) كوّن ست
جمل خبرية تكون الثلاث الأولى منها لإفادة المخاطب حكمها ، والثلاث الأخيرة
لإفادته أنك عالم بالحكم.
(٢) كوّن ثلاث
جمل تفيد بسياقها وقرائن أحوالها الاستعطاف وإظهار الضعف والتحسّر.
(٣) كوّن ثلاث
جمل تفيد بسياقها وقرائن أحوالها الحثّ على السعى والتوبيخ والفخر على الترتيب.
__________________
أضرب الخبر
الأمثلة :
(١) كتب معاوية
إلى أحد عمّاله فقال :
لا ينبغى لنا
أن نسوس الناس سياسة واحدة ، لانلين جميعا فيمرح الناس فى المعصية ، ولا نشتدّ جميعا فنحمل الناس على
المهالك ، ولكن تكون أنت للشّدّة والغلظة ، وأكون أنا للرّأفة والرحمة.
(٢) قال أبو
تمام :
ينال الفتى
من عيشه وهو جاهل
|
|
ويكدى الفتى
فى دهره وهو عالم
|
ولو كانت
الأرزاق تجرى على الحجا
|
|
هلكن إذا من
جهلهنّ البهائم
|
* * *
(٣) قال الله
تعالى :
(قَدْ يَعْلَمُ
اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ
إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا) .
__________________
(٤) قال
السّرىّ الرّفاء :
إنّ البناء
إذا ما انهدّ جانبه
|
|
لم يأمن
النّاس أن ينهدّ باقيه
|
* * *
(٥) قال أبو
العباس السفاح :
لأعملنّ اللّين
حتّى لا ينفع إلا الشّدة ، ولأكرمنّ الخاصة ما أمنتهم على العامّة ، ولأغمدنّ سيفى
حتى يسلّه الحق ، ولأعطينّ حتى لا أرى للعطية موضعا.
(٦) قال الله
تعالى :
«لَتُبْلَوُنَ
فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ».
(٧) والله
إنى لأخو همّة
|
|
تسمو إلى
المجد ولا تفتر .
|
البحث :
إذا تأملت
الأمثلة المتقدمة وجدتها أخبارا ، ووجدتها فى الطائفة الأولى خالية من أدوات
التوكيد. وفى الطائفتين الأخيرتين مؤكدة بمؤكّد أو مؤكّدين أو أكثر ، فما السر فى
هذا الاختلاف؟ إذا بحثت لم تجد لذلك سببا سوى اختلاف حال المخاطب فى كل موطن ، فهو
فى أمثلة الطائفة الأولى خالى الذهن من مضمون الخبر ، ولذلك لم ير المتكلم حاجة
إلى توكيد الحكم له ، فألقاه إليه خاليا من أدوات التوكيد. ويسمى هذا الضرب من
الأخبار ابتدائيّا.
__________________
أما فى الطائفة
الثانية فالمخاطب له بالحكم إلمام قليل يمتزج بالشك ، وله تشوف إلى معرفة الحقيقة
، وفى مثل هذه الحال يحسن أن يلقى إليه الخبر وعليه مسحة من اليقين تجلو له الأمر
وتدفع عنه الشبهة ؛ ولذلك جاء الكلام فى المثال الثالث مؤكدا «بقد» وفى الرابع
مؤكدا «بإن» ويسمى هذا الضرب طلبيّا.
أما فى الطائفة
الأخيرة فالمخاطب منكر للحكم جاحد له ، وفى مثل هذه الحال يجب أن يضمّن الكلام من
وسائل التقوية والتوكيد ما يدفع إنكار المخاطب ويدعوه إلى التسليم ، ويجب أن يكون
ذلك بقدر الإنكار قوة وضعفا ولذلك جاء الكلام فى المثالين الخامس والسادس مؤكّدا
بمؤكّدين هما القسم ونون التوكيد. أما فى المثال الأخير فقد فرض الشاعر أن الإنكار
أقوى. ولهذا أكده بثلاث أدوات هى : القسم وإنّ واللام ؛ ويسمى هذا الضرب إنكاريّا.
ولتوكيد الخبر
أدوات كثيرة سنأتى عند ذكر القواعد على طائفة صالحة منها.
القواعد :
(٣٢) للمخاطب
ثلاث حالات :
(ا) أن يكون
خالى الذّهن من الحكم ، وفى هذه الحال يلقى إليه الخبر خاليا من أدوات التوكيد ،
ويسمّى هذا الضّرب من الخبر ابتدائيّا.
(ب) أن يكون
متردّدا فى الحكم طالبا أن يصل إلى اليقين فى معرفته ، وفى هذه الحال يحسن توكيده
له ليتمكّن من نفسه ، ويسمّى هذا الضّرب طلبيّا.
(ح) أن يكون
منكرا له ، وفى هذه الحال يجب أن يؤكّد الخبر بمؤكّد أو أكثر على حسب إنكاره قوّة
وضعفا ، ويسمّى هذا الضّرب إنكاريّا .
(٣٣) لتوكيد
الخبر أدوات كثيرة منها إنّ ، وأنّ ، والقسم ولام الابتداء ، ونونا التّوكيد ،
وأحرف التّنبيه ، والحروف الزّائدة ، وقد ، وأمّا الشّرطيّة.
نموذج
فى تعيين أضرب الخبر وأدوات التّوكيد
(١) قال أبو
العتاهية :
إنى رأيت
عواقب الدّنيا
|
|
فتركت ما
أهوى لما أخشى
|
(٢) قال أبو الطيب :
على قدر أهل
العزم تأتى العزائم
|
|
وتأتى على
قدر الكرام المكارم
|
وتكبر فى عين
الصغير صغارها
|
|
وتصغر فى عين
العظيم العظائم
|
(٣) قال حسّان بن ثابت رضى الله
عنه :
وإنّى لحلو
تعترينى مرارة
|
|
وإنى لترّاك
لما لم أعوّد
|
__________________
(٤) قال
الأرجانىّ :
إنّا لفى زمن
ملآن من فتن
|
|
فلا يعاب به
ملان من فرق
|
(٥) قال لبيد :
ولقد علمت
لتأتينّ منيّتى
|
|
إنّ المنايا
لا تطيش سهامها
|
(٦) قال النّابغة الذّبيانىّ :
ولست بمستبق
أخا لا تلمّه
|
|
على شعث أىّ
الرّجال المهذّب
|
(٧) قال الشريف الرضىّ :
قد يبلغ
الرّجل الجبان بماله
|
|
ما ليس يبلغه
الشّجاع المعدم
|
__________________
الإجابة

تمرينات
(١)
بيّن أضرب
الخبر فيما يأتى وعيّن أداة التوكيد :
(١) جاء فى نهج
البلاغة :
الدّهر يخلق
الأبدان ، ويجدّد الآمال ، ويقرّب المنيّة ، ويباعد لأمنيّة ، من ظفر به نصب ، ومن
فاته تعب .
(٢) قال
الأرجانىّ :
ذهب التّكرّم
والوفاء من الورى
|
|
وتصرّما إلّا
من الأشعار
|
وفشت خيانات
الثّقات وغيرهم
|
|
حتى اتّهمنا
رؤية الأبصار
|
(٣) قال العباس بن الأحنف :
فأقسم ما
تركى عتابك عن قلى
|
|
ولكن لعلمى
أنه غير نافع
|
(٤) قال محمد بن بشير :
إنى وإن قصرت
عن همّتى جدتى
|
|
وكان مالى لا
يقوى على خلقى
|
لتارك كلّ
أمر كان يلزمنى
|
|
عارا ويشرعنى
فى المنهل الرّنق
|
(٥) قال تعالى : «أَلا إِنَّ
أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ».
(٦) وقال تعالى
:
«قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ
هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ».
__________________
(٧) قال أبو
نواس :
ولقد نهزت مع
الغواة بداوهم
|
|
وأسمت سرح
اللهو حيث أساموا
|
وبلغت ما بلغ
امرؤ بشبابه
|
|
فإذا عصارة
كلّ ذاك أثام
|
(٨) وقال أعرابى :
ولم أر
كالمعروف أما مذاقه
|
|
فحلو وأمّا
وجهه فجميل
|
(٩) قال كعب بن سعد الغنوىّ :
ولست بمبد
للرّجال سريرتى
|
|
ولا أنا عن
أسرارهم بسئول
|
(١٠) قال المعرّى فى الرّثاء :
إنّ الّذى
الوحشة فى داره
|
|
تؤنسه
الرّحمة فى لحده
|
(٢)
بيّن الجمل
الخبرية فيما يأتى وعيّن أضربها ؛ واذكر ما اشتملت عليه من وسائل التوكيد :
(١) قال يزيد
بن معاوية بعد وفاة أبيه :
إنّ أمير
المؤمنين كان حبلا من حبال الله مدّه ما شاء أن يمدّه ، ثم قطعه حين أراد أن يقطعه
، وكان دون من قبله ، وخيرا ممن يأتى بعده ،
__________________
ولا أزكّيه عند ربّه ، وقد صار إليه ، فإن يعف عنه فبرحمته ، وإن يعاقبه
فبذنبه ، وقد ولّيت بعده الأمر ولست أعتذر من جهل ، ولا آسى على طلب علم ، وعلى رسلكم إذا كره الله شيئا غيّره ، وإذا أحبّ شيئا يسّره.
(٢) قال الشاعر
:
لئن كنت
محتاجا إلى الحلم إنّنى
|
|
إلى الجهل فى
بعض الأحايين أحوج
|
وما كنت أرضى
الجهل خدنا وصاحبا
|
|
ولكنّنى أرضى
به حين أحرج
|
|
ولى فرس
للحلم بالحلم ملجم
|
|
ولى فرس
للجهل بالجهل مسرج
|
فمن شاء
تقويمى فإنى مقوّم
|
|
ومن شاء
تعويجى فإنى معوّج
|
(٣)
(١) تخيل أنك
فى جدال مع طالب من قسم الآداب ، وأنت من طلاب العلوم ، ثم بيّن له فضل العلوم على
الآداب مستعملا جميع أضرب الخبر.
(٢) إذا كنت من
طلاب الآداب فبين مزاياها وفضلها على العلوم مستعملا جميع أضرب الخبر.
(٤)
كوّن عشر جمل
خبرية ، وضمن كلّا منها أداة أو أكثر من أدوات التوكيد واستوف الأدوات التى
عرفتها.
(٥)
انثر البيتين
الآتيين نثرا فصيحا وبين فيهما الجمل الخبرية وأضربها :
تودّ عدوّى
ثم تزعم أنّنى
|
|
صديقك! إنّ
الرّأى منك لعازب
|
وليس أخى من
ودّنى رأى عينه
|
|
ولكن أخى من
ودّنى وهو غائب
|
__________________
(٣) خروج الخبر عن
مقتضى الظاهر
الأمثلة :
(١) قال تعالى
:
«وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ
ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ».
(٢) وقال تعالى
:
«وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ
لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ».
* * *
(٣) وقال تعالى
:
«ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ
لَمَيِّتُونَ».
(٤) وقال حجل
بن نضلة القيسىّ :
جاء شقيق
عارضا رمحه
|
|
إنّ بنى عمّك
فيهم رماح
|
* * *
(٥) وقال تعالى
يخاطب منكرى وحدانيّته :
«وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ».
(٦) الجهل ضار
: (تقوله لمن ينكر ضرر الجهل)
__________________
البحث :
عرفنا فى الباب
السابق أن المخاطب إن كان خالى الذهن ألقى إليه الخبر غير مؤكّد ، وإن كان متردّدا
فى مضمون الخبر طالبا معرفته حسن توكيده له ، وإن كان منكرا وجب التوكيد ، وإلقاء
الكلام على هذا النمط هو ما يقتضيه الظاهر. وقد توجد اعتبارات تدعو إلى مخالفة هذا
الظاهر نشرحها فيما يأتى :
انظر إلى
المثال الأول تجد المخاطب خالى الذهن من الحكم الخاص بالظالمين ، وكان مقتضى
الظاهر على هذا أن يلقى إليه الخبر غير مؤكد ، ولكن الآية الشريفة جاءت بالتوكيد ،
فما سبب خروجها عن مقتضى الظاهر؟ السبب أن الله سبحانه لما نهى نوحا عن مخاطبته فى
شأن مخالفيه دفعه ذلك إلى التطلع إلى ما سيصيبهم ، فنزل لذلك منزلة السائل المتردد
؛ أحكم عليهم بالإغراق أم لا؟ فأجيب بقوله : «إِنَّهُمْ
مُغْرَقُونَ».
وكذلك الحال فى
المثال الثانى ، فإن المخاطب خالى الذهن من الحكم الذى تضمنه قوله تعالى : (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ
بِالسُّوءِ) غير أن هذا الحكم لما كان مسبوقا بجملة أخرى وهى قوله
تعالى : (وَما أُبَرِّئُ
نَفْسِي) وهى تشير إلى أن النفس محكوم عليها بشىء غير محبوب ،
أصبح المخاطب مستشرفا متطلعا إلى نوع هذا الحكم ، فنزّل من أجل ذلك منزلة الطالب
المتردد ، وألقى إليه الخبر مؤكدا.
انظر إلى
المثال الثالث تجد المخاطبين غير منكرين الحكم الذى تضمنه قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ
لَمَيِّتُونَ) ، فما السبب إذا فى إلقاء الخبر إليهم مؤكدا؟ السبب
ظهور أمارات الإنكار عليهم ، فإن غفلتهم عن الموت وعدم استعدادهم له بالعمل الصالح
يعدّان من علامات الإنكار ، ومن أجل ذلك نزّلوا منزلة المنكرين وألقى إليهم الخبر
مؤكّدا بمؤكّدين.
وكذلك الحال فى
قول حجل بن نضلة ، فإن شقيقا لا ينكر رماح بنى عمه ، ولكن مجيئه عارضا رمحه من غير
تهيؤ للقتال ولا استعداد له ،
دليل على عدم اكتراثه ، وعلى أنه يعتقد أن بنى عمه عزل لا سلاح معهم ،
فلذلك أنزل منزلة المنكرين فأكّد له الخبر وخوطب خطاب المنكر ، فقيل له : «إن بنى
عمك فيهم رماح».
انظر إلى
المثال الخامس تر أن الله سبحانه يخاطب المنكرين الذين يجحدون وحدانيته ، ولكنه
ألقى إليهم الخبر خاليا من التوكيد كما يلقى لغير المنكرين فقال : «وإلهكم إله
واحد» فما وجه ذلك؟ الوجه أن بين أيدى هؤلاء من البراهين الساطعة والحجج القاطعة
ما لو تأملوه لوجدوا فيه نهاية الإقناع ، ولذلك لم يقم الله لهذا الإنكار وزنا ولم
يعتدّ به فى توجيه الخطاب إليهم.
وكذلك الحال فى
المثال الأخير ، فإن لدى المخاطب من الدلائل على ضرر الجهل ما لو تأمله لارتدع عن
إنكاره ، ولذلك ألقى إليه الخبر خاليا من التوكيد.
القواعد :
(٣٤) إذا ألقى
الخبر خاليا من التّوكيد لخالى الذّهن ، ومؤكّدا استحسانا للسائل المتردّد ،
ومؤكّدا وجوبا للمنكر ، كان ذلك الخبر جاريا على مقتضى الظّاهر.
(٣٥) وقد يجرى
الخبر على خلاف ما يقتضيه الظّاهر لاعتبارات يلحظها المتكلّم ومن ذلك ما يأتى :
(ا) أن ينزّل
خالى الذّهن منزلة السائل المتردّد إذا تقدّم فى الكلام ما يشير إلى حكم الخبر.
(ب) أن يجعل
غير المنكر كالمنكر لظهور أمارات الإنكار عليه.
(ح) أن يجعل
المنكر كغير المنكر إن كان لديه دلائل وشواهد لو تأمّلها لارتدع عن إنكاره.
نموذج
بيّن وجه خروج
الخبر عن مقتضى الظاهر فيما يأتى :
(١) قال تعالى
: «يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا
رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ».
(٢) إنّ برّ
الوالدين لواجب (تقوله لمن لا يطيع والديه).
(٣) إن الله
لمطّلع على أفعال العباد (تقوله لمن يظلم الناس بغير حق).
(٤) الله موجود
(تقول ذلك لمن ينكر وجود الإله)
الإجابة
(١) الظاهر فى
المثال الأول يقتضى أن يلقى الخبر خاليا من التوكيد ؛ لأن المخاطب خالى الذهن من
الحكم ، ولكن لما تقدم فى الكلام ما يشعر بنوع الحكم أصبح المخاطب متطلعا إليه ؛
فنزّل منزلة السائل المتردد واستحسن إلقاء الكلام إليه موكدا جريا على خلاف مقتضى
الظاهر.
(٢) مقتضى
الظاهر أن يلقى الخبر غير مؤكد ، لأن المخاطب هنا لا ينكر أن بر الوالدين واجب ولا
يتردد فى ذلك ، ولكنّ عصيانه أمارة من أمارات الإنكار ؛ فلذلك نزّل منزلة المنكر.
(٣) الظاهر هنا
يقتضى إلقاء الخبر غير مؤكد أيضا ، لأن المخاطب لا ينكر الحكم ولا يتردد فيه ولكنه
نزّل منزلة المنكر ، وألقى إليه الخبر مؤكدا لظهور أمارات الإنكار عليه ، وهى ظلمه
العباد بغير حق.
(٤) الظاهر هنا
يقتضى التوكيد ؛ لأن المخاطب يجحد وجود الله ، ولكن لمّا كان بين يديه من الدلائل
والشواهد ما لو تأمله لارتدع عن الإنكار ، جعل كغير المنكر ، وألقى إليه خاليا من
التوكيد جريا على خلاف مقتضى الظاهر.
تمرينات
(١)
بيّن وجه خروج
الخبر عن مقتضى الظاهر فى كل مثال من الأمثلة الآتية :
(١) قال تعالى
: «وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ
سَكَنٌ لَهُمْ».
(٢) وقال : «قُلْ هُوَ اللهُ
أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ».
(٣) إنّ الفراغ
لمفسدة (تقوله لمن يعرف ذلك ولكنه يكره العمل).
(٤) العلم نافع
(تقول ذلك لمن ينكر فائدة العلوم).
(٥) قال أبو
الطيب :
ترفّق أيّها
المولى عليهم
|
|
فإنّ الرّفق
بالجانى عتاب
|
(٢)
(١) هات مثالين
يكون الخبر فى كل منهما موكدا استحسانا ، وجاريا على خلاف مقتضى الظاهر واشرح
السبب فى كل من المثالين.
(٢) هات مثالين
يكون الخبر فى كل منهما مؤكدا وجوبا وخارجا عن مقتضى الظاهر ، واشرح وجه التوكيد
فى كل من المثالين :
(٣) هات مثالين
يكون الخبر فى كل منهما خاليا من التوكيد وخارجا عن مقتضى الظاهر ، واشرح وجه
الخروج فى كل من المثالين.
(٣)
اشرح قول عنترة
وبيّن وجه توكيد الخبر فيه :
لله درّ بنى
عبس لقد نسلوا
|
|
من الأكارم
ما قد تنسل العرب
|
__________________
الإنشاء
تقسيمه إلى طلبى وغير
طلبى
الأمثلة :
(١) أحبّ لغيرك
ما تحبّ لنفسك.
(٢) من كلام
الحسن رضى الله عنه :
لا تطلب من
الجزاء إلّا بقدر ما صنعت.
(٣) وقال أبو
الطيب :
ألا ما لسيف
الدّولة اليوم عاتبا
|
|
فداه الورى
أمضى السّيوف مضاربا
|
(٤) وقال حسان بن ثابت :
يا ليت شعرى
وليت الطّير تخبرنى
|
|
ما كان بين
علىّ وابن عفّانا!
|
(٥) وقال أبو الطيب :
يا من يعزّ
علينا أن نفارقهم
|
|
وجداننا كلّ
شىء بعدكم عدم
|
__________________
(٦) وقال
الصّمّة بن عبد الله :
بنفسى تلك
الأرض ما أطيب الرّبا!
|
|
وما أحسن
المصطاف والمتربّعا!
|
(٧) وقال الجاحظ من كتاب :
أمّا بعد فنعم
البديل من الزّلّة الاعتذار ، وبئس العوض من التّوبة الإصرار .
(٨) وقال عبد
الله بن طاهر :
لعمرك ما
بالعقل يكتسب الغنى
|
|
ولا باكتساب
المال يكتسب العقل
|
(٩) وقال ذو الرّمّة :
لعلّ انحدار
الدّمع يعقب راحة
|
|
من الوجد أو
يشفى شجىّ البلابل
|
__________________
(١٠) وقال آخر
:
عسى سائل ذو
حاجة إن منعته
|
|
من اليوم
سؤلا أن يكون له غد
|
البحث :
الأمثلة
المتقدمة جميعها إنشائية ، لأنها لا تحتمل صدقا ولا كذبا ، وإذا تدبرتها جميعها
وجدتها قسمين ؛ فأمثلة الطائفة الأولى يطلب بها حصول شىء لم يكن حاصلا وقت الطلب ،
ولذلك يسمى الإنشاء فيها طلبيّا. أما أمثلة الطائفة الثانية فلا يطلب بها شىء ،
ولذلك يسمى الإنشاء فيها غير طلبىّ.
تدبر الإنشاء
الطلبى فى أمثلة الطائفة الأولى تجده تارة يكون بالأمر كما فى المثال الأول ،
وتارة بالنهى كما فى المثال الثانى ، وتارة بالاستفهام كما فى المثال الثالث ،
وتارة بالتمنى كما فى المثال الرابع ، وتارة بالنداء كما فى المثال الخامس ، وهذه
هى أنواع الإنشاء الطلبى التى سنبحث عنها فى هذا الكتاب .
انظر إلى أمثلة
الطائفة الثانية تجد وسائل الإنشاء فيها كثيرة ، فقد يكون بصيغ التعجب كما فى
المثال السادس ، أو بصيغ المدح والذم كما فى المثال السابع أو بالقسم كما فى
المثال الثامن ، أو بلعل وعسى وغيرهما من أدوات الرجاء كما فى المثالين الأخيرين ،
وقد يكون بصيغ العقود كبعت واشتريت.
وأنواع الإنشاء
غير الطلبىّ ليست من مباحث علم المعانى ، ولذلك نقتصر فيها على ما ذكرنا ولا نطيل
فيها البحث.
__________________
القاعدة :
(٣٦) الإنشاء
نوعان طلبىّ وغير طلبىّ :
(ا) فالطّلبىّ
ما يستدعى مطلوبا غير حاصل وقت الطلب ، ويكون بالأمر ، والنّهى ، والاستفهام ،
والتمنّى ، والنّداء .
(ب) وغير
الطّلبىّ ما لا يستدعى مطلوبا ، وله صيغ كثيرة منها : التّعجّب ، والمدح ، والذمّ
، والقسم ، وأفعال الرجاء ، وكذلك صيغ العقود.
نموذج
لبيان نوع
الإنشاء فى كل مثال من الأمثلة الآتية :
(١) قال أبو
تمام :
لا تسقنى ماء
الملام فإنّنى
|
|
صبّ قد
استعذبت ماء بكائى
|
(٢) ومما يؤثر :
أحبب حبيبك
هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما. وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما
ما.
(٣) قال ابن
الزيات يمدح الفضل بن سهل :
يا ناصر
الدّين إذ رثّت حبائله
|
|
لأنت أكرم من
آوى ومن نصرا
|
__________________
(٤) لأميّة بن
أبى الصّلت فى طلب حاجة :
أأذكر حاجتى
أم قد كفانى
|
|
حباؤك إنّ
شيمتك الحياء
|
(٥) وقال زهير بن أبى سلمى :
نعم امرأ هرم
لم تعر نائبة
|
|
إلّا وكان
لمرتاع بها وزرا
|
(٦) قال امرؤ القيس :
أجارتنا إنّا
غريبان هاهنا
|
|
وكلّ غريب
للغريب نسيب
|
(٧) وقال آخر :
يا ليت من
يمنع المعروف يمنعه
|
|
حتى يذوق
رجال غبّ ما صنعوا
|
(٨) وقال أبو نواس يستعطف الأمين :
وحياة راسك
لا أعو
|
|
د لمثلها
وحياة راسك
|
(٩) قال دعبل الخزاعى :
ما أكثر
النّاس! لا ، بل ما أقلّهم!
|
|
الله يعلم
أنّى لم أقل فندا
|
إنّى لأفتح عينى
حين أفتحها
|
|
على كثير
ولكن لا أرى أحدا
|
__________________
الجواب

تمرينات
(١)
بين صيغ الإنشاء
وأنواعه وطرقه فيما يأتى :
(١) قال أبو
الطيب يمدح نفسه :
ما أبعد
العيب والنقصان عن شرفى!
|
|
أنا الثريّا
وذان الشيب والهرم
|
__________________
(٢) وقال :
لعلّ عتبك
محمود عواقبه
|
|
وربّما صحت
الأجسام بالعلل
|
(٣) وقال :
فيا ليت ما
بينى وبين أحبّتى
|
|
من البعد ما
بينى وبين المصائب
|
(٤) وقال فى مدح سيف الدولة :
ولعمرى لقد
شغلت المنايا
|
|
بالأعادى
فكيف يطلبن شغلا؟
|
(٥) وقال فيه أيضا :
يا من يقتّل
من أراد بسيفه
|
|
أصبحت من
قتلاك بالإحسان
|
(٦) وقال فيه أيضا :
تالله ما علم
امرؤ لولاكم
|
|
كيف السّخاء
وكيف ضرب الهام
|
(٧) وقال أيضا :
ومكايد
السّفهاء واقعة بهم
|
|
وعداوة
الشّعراء بئس المقتنى
|
(٨) وقال أيضا :
لم الّليالى
التى أخنت على جدتى
|
|
برقّة الحال
واعذرنى ولا تلم
|
(٩) وقال أيضا :
بئس الليالى
سهدت من طرب
|
|
شوقا إلى من
يبيت يرقدها
|
(٢)
(١) كون ثمانى
جمل إنشائية منها أربع للإنشاء الطلبى وأربع لغير الطلبىّ.
__________________
(٢) ايت
بصيغتين للقسم ، وأخريين للمدح والذم ، ومثلهما للتعجب.
(٣) استعمل
الكلمات الآتية فى جمل مفيدة ، ثم بيّن نوع كل إنشاء :
لا الناهية.
همزة الاستفهام. ليت. لعل. عسى.
حبذا. لا حبذا.
ما التعجبية. واو القسم. هل.
(٣)
بيّن الإنشاء
وأنواعه والخبر وأضربه فيما يأتى :
(١) لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها
|
|
ولكنّ أخلاق
الرجال تضيق
|
(٢) إذا لم
تكن نفس النّسيب كأصله
|
|
فما ذا الذى
تغنى كرام المناصب؟
|
(٣) ليت
الجبال داعت عند مصرعه
|
|
دكّا فلم يبق
من أركانها حجر
|
(٤) لئن حسنت
فيك المراثى وذكرها
|
|
لقد حسنت من
قبل فيك المدائح
|
(٥) للهو
آونة تمر كأنها
|
|
قبل يزودّها
حبيب راحل
|
(٦) أخلّاى
لو غير الحمام أصابكم
|
|
عتبت ولكن ما
على الدهر معتب
|
(٧) إن
المساءة للمسرة موعد
|
|
أختان رهن
للعشية أو غد
|
فإذا سمعت
بهالك فتيقّنن
|
|
أن السبيل
سبيله وتزوّد
|
(٨) وكلّ
شجاعة فى المرء تغنى
|
|
ولا مثل
الشجاعة فى حكيم
|
__________________
(٩) ذرينى فإن البخل لا يخلد
الفتى
|
|
ولا يهلك
المعروف من هو فاعله
|
ولا يهلك
المعروف من هو فاعله
|
|
على النعش
أعناق العدا والأقارب
|
(١١) وما
الجمع بين الماء والنار فى يدى
|
|
بأصعب من أن
أجمع الجدّ والفهما
|
(١٢) يا
ابنتى إن أردت آية حسن
|
|
وجمالا يزين
جسما وعقلا
|
فانبذى عادة
التبرج نبذا
|
|
فجمال النفوس
أسمى وأعلى
|
يصنع
الصانعون وردا ولكن
|
|
وردة الروض
لا تضارع شكلا
|
(٤)
حوّل الأخبار
الآتية إلى جمل إنشائية واستوف أنواع الإنشاء الطلبىّ التى تعرفها :
الروض مزهر ـ الطير
مغرد ـ يتنافس الصناع
يفيض النيل ـ نشط
العامل ـ أجاد الكاتب
(٥)
بيّن نوع
الإنشاء فى البيتين التاليين ، ثم انثرهما نثرا فصيحا.
يأيّها
المتحلّى غير شيمته
|
|
ومن شمائله التبديل
والملق
|
ارجع إلى
خلقك المعروف ديدنه
|
|
إنّ التّخلّق
يأتى دونه الخلق
|
__________________
الإنشاء الطلبىّ
(١) الأمر
الأمثلة :
(١) من رسالة
لعلىّ رضى الله عنه بعث بها إلى ابن عباس وكان عاملا بمكة : أما بعد فأقم للنّاس
الحجّ وذكّرهم بأيام الله ، واجلس لهم العصرين ، فأفت المستفتى ، وعلّم الجاهل ، وذاكر العالم.
(٢) وقال تعالى
: «وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ
وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ».
(٣) وقال : «عَلَيْكُمْ
أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ».
(٤) وقال : «وَبِالْوالِدَيْنِ
إِحْساناً».
* * *
(٥) وقال أبو
الطيب فى مدح سيف الدولة :
كذا فليسر من
طلب الأعادى
|
|
ومثل سراك
فليكن الطّلاب
|
(٦) وقال يخاطبه :
أزل حسد
الحسّاد عنّى بكبتهم
|
|
فأنت الّذى
صيّرتهم لى حسّدا
|
__________________
(٧) وقال امرؤ
القيس :
قفا نبك من
ذكرى حبيب ومنزل
|
|
بسقط اللّوى
بين الدّخول فحومل
|
(٨) وقال أيضا :
ألا أيّها
اللّيل الطّويل ألا انجل
|
|
بصبح وما
الإصباح منك بأمثل
|
(٩) وقال البحترى :
فمن شاء
فليبخل ومن شاء فليجد
|
|
كفانى نداكم
عن جميع المطالب
|
(١٠) وقال أبو الطيب :
عش عزيزا أو
مت وأنت كريم
|
|
بين طعن
القنا وخفق البنود
|
(١١) وقال آخر :
أرونى بخيلا
طال عمرا ببخله
|
|
وهاتوا كريما
مات من كثرة البذل
|
__________________
(١٢) وقال غيره
:
إذا لم تخش
عاقبة اللّيالى
|
|
ولم تستحى
فاصنع ما تشاء
|
(١٣) وقال تعالى :
«وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى
يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ
الْفَجْرِ».
البحث :
إذا تأملت
أمثلة الطائفة الأولى رأيت كلّا منها يشتمل على صيغة يطلب بها على وجه التكليف
والإلزام حصول شىء لم يكن حاصلا وقت الطلب. ثم إذا أنعمت النظر رأيت طالب الفعل
فيها أعظم وأعلى ممن طلب الفعل منه ، وهذا هو الأمر الحقيقى وإذا تأملت صيغته
رأيتها لا تخرج عن أربع : هى فعل الأمر كما فى المثال الأول ، والمضارع المقرون
بلام الأمر كما فى المثال الثانى ، واسم فعل الأمر كما فى المثال الثالث. والمصدر
النائب عن فعل الأمر كما فى المثال الرابع.
انظر إذا إلى
الطائفة الثانية تجد أن الأمر فى جميعها لم يستعمل فى معناه الحقيقى وهو طلب الفعل
من الأعلى للأدنى على وجه الإيجاب والإلزام ، وإنما يدل على معان أخرى يدركها
السامع من السياق وقرائن الأحوال.
فأبو الطيب فى
المثال الخامس لا يريد تكليفا ولا يقصد إلى إلزام. وإنما ينصح لمن ينافسون سيف
الدولة ويرشدهم إلى الطريق المثلى فى طلب المجد وكسب الرفعة. فالأمر هنا للنصح
والإرشاد لا للإيجاب والإلزام.
وصيغة الأمر فى
المثال السادس لا يراد بها معناها الأصلىّ ، لأن المتنبى يخاطب مليكه. والمليك لا
يأمره أحد من شعبه ، وإنما يراد بها الدعاء ، كذلك كل صيغة للأمر يخاطب بها الأدنى
من هو أعلى منه منزلة وشأنا.
وإذا تدبرت
المثال السابع وجدت امرأ القيس يتخيّل صاحبين يستوقفهما ويستبكيهما جريا على عادة
الشعراء ، إذ يتخيل أحدهم أن له رفيقين يصطحبانه فى غدوّه ورواحه ، فيوجه إليهما
الخطاب ، ويفضى إليهما بسره ومكنون صدره ، وصيغة الأمر إذا صدرت من رفيق لرفيقه أو
من ندّ لندّه لم يرد بها الإيجاب والإلزام ، وإنما يراد بها محض الالتماس.
وامرؤ القيس
أيضا فى المثال الثامن لم يأمر الليل ولم يكلفه شيئا ؛ لأن الليل لا يسمع ولا يطيع
، وإنما أرسل صيغة الأمر وأراد بها التمنى.
وإذا تدبرت
الأمثلة الباقية وتعرفت سياقها وأحطت بما يكنفها من قرائن الأحوال ، أدركت أن صيغ
الأمر فيها لم تأت للدلالة على المعنى الأصلى ، وإنما جاءت لتفيد التخيير ،
والتسوية ، والتعجيز ، والتهديد والإباحة على الترتيب.
القواعد :
(٣٧) الأمر طلب
الفعل على وجه الاستعلاء.
(٣٨) للأمر
أربع صيغ : فعل الأمر ، والمضارع المقرون بلام الأمر واسم فعل الأمر ، والمصدر
النّائب عن فعل الأمر.
(٣٩) قد تخرج
صيغ الأمر عن معناها الأصلىّ إلى معان أخرى تستفاد من سياق الكلام ، كالإرشاد ،
والدّعاء ، والالتماس ، والتّمنّى ، والتّخيير ، والتّسوية ، والتّعجيز ،
والتّهديد ، والإباحة.
نموذج
لبيان صيغ
الأمر وتعيين المراد من كل صيغة فيما يأتى :
(١) قال تعالى
خطابا ليحيى عليه السّلام : «خُذِ الْكِتابَ
بِقُوَّةٍ».
(٢) وقال
الأرّجانىّ :
شاور سواك
إذا نابتك نائبة
|
|
يوما وإن كنت
من أهل المشورات
|
(٣) وقال أبو العتاهية :
واخفض جناحك
إن منحت إمارة
|
|
وارغب بنفسك
عن ردى اللذات
|
(٤) وقال أبو العلاء :
فيا موت زر
إنّ الحياة ذميمة
|
|
ويا نفس جدّى
إنّ دهرك هازل
|
(٥) وقال آخر :
أرينى جوادا
مات هزلا لعلّنى
|
|
أرى ما ترين
أو بخيلا مخلّدا
|
(٦) قال خالد بن صفوان ينصح ابنه :
دع من أعمال
السّر ما لا يصلح لك فى العلانية.
(٧) وقال بشار
بن برد :
فعش واحدا أو
صل أخاك فإنّه
|
|
مقارف ذنب
مرّة ومجانبه
|
(٨) وقال تعالى :
«قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ
إِلَى النَّارِ».
(٩) وقال أبو
الطيب يخاطب سيف الدولة :
أخا الجود
أعط النّاس ما أنت مالك
|
|
ولا تعطينّ
الناس ما أنا قائل
|
(١٠) وقال قطرى بن الفجاءة يخاطب نفسه :
فصبرا فى
مجال الموت صبرا
|
|
فما نيل
الخلود بمستطاع
|
__________________
الإجابة

تمرينات
(١)
لم كانت صيغ
الأمر فى الأمثلة الآتية تفيد الإرشاد ، والالتماس ، والتعجيز ، والتمنى ، والدعاء
على الترتيب؟ :
(١) وكن على
حذر للنّاس تستره
|
|
ولا يغرّك
منهم ثغر مبتسم
|
(٢) يا خليلىّ خلّيانى وما بى
|
|
أو أعيدا
إلىّ عهد الشّباب
|
(٣) يا دار عبلة بالجواء تكلّمى
|
|
وعمى صباحا
دار عبلة واسلمى
|
(٢)
لم كانت صيغ
الأمر فى الأمثلة الآتية تفيد الدعاء ، والتعجيز ، والتسوية ، على الترتيب؟ :
(١) اسلم
يزيد فما فى الدّين من أود
|
|
إذا سلمت وما
فى الملك من خلل
|
(٢) أرنى الذى عاشرته فوجدته
|
|
متغاضيا لك
عن أقلّ عثار
|
(٣) اصبروا أو لا تصبروا.
__________________
(٣)
بين صيغ الأمر
وما يراد بها فيما يأتى :
(١) نصح أحد
الخلفاء عاملا له فقال :
تمسّك بحبل
القرآن واستنصحه ، وأحلّ حلاله وحرّم حرامه.
(٢) وقال حكيم
لابنه :
يا بنىّ استعذ
بالله من شرار النّاس ، وكن من خيارهم على حذر.
(٣) يا بنى
زاحم العلماء بركبتيك ، وأنصت إليهم بأذنيك ، فإن القلب يحيا بنور العلم كما تحيا
الأرض الميتة بمطر السماء.
(٤) وقال أبو
الطيب يخاطب سيف الدولة :
أجزنى إذا
أنشدت شعرا فإنما
|
|
بشعرى أتاك
المادحون مردّدا
|
ودع كلّ صوت
غير صوتى فإنّنى
|
|
أنا الطائر
المحكىّ والآخر الصّدى
|
(٥) وقال البحترى :
فاسلم سلامة
عرضك الموفور من
|
|
صرف الحوادث
والزّمان الأنكا
|
(٦) وقال أبو نواس :
فامض لا تمنن
علىّ يدا
|
|
منّك المعروف
من كدره
|
(٧) وقال الصّمة بن عبد الله :
قفا ودّعا
نجد ومن حلّ بالحمى
|
|
وقلّ لنجد
عندنا أن يودّعا
|
__________________
(٨) وقال تعالى
:
«يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ
اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا
لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ».
(٩) وقال أبو
الطيب :
أقلّ اشتياقا
أيّها القلب ربّما
|
|
رأيتك تصفى
الودّ من ليس جازيا
|
(١٠) وقال مهيار الديلمى :
وعش إمّا
قرين أخ وفىّ
|
|
أمين الغيب
أو عيش الوحاد
|
(١١) وقال المعرى :
أبنات الهديل
أسعدن أو عد
|
|
ن قليل
العزاء بالإسعاد
|
إيه لله
درّكنّ فأنت
|
|
نّ اللّواتى
تحسنّ حفظ الوداد
|
(٤)
(١) هات أمثلة
لصيغ الأمر الأربع ، بحيث يكون المعنى الحقيقى للأمر هو المراد فى كل صيغة.
(٢) هات مثالين
لصيغة الأمر المفيد التخيير.
(٣) هات مثالين
لصيغة الأمر المفيد التهديد.
(٤) هات مثالين
لصيغة الأمر المفيد التعجيز.
(٥)
العب واهجر
قراءة الدرس.
قد يكون الأمر
فى الجملتين السابقتين للتوبيخ ، أو للإرشاد ، أو للتهديد. فبين حال المخاطب فى كل
حال من الأحوال الثلاث.
__________________
(٦)
اسبح فى البحر.
قد يكون الأمر فى
الجملة السابقة للدعاء ، أو للالتماس ، أو للتعجيز ، أو للإرشاد ، فبين حال
المخاطب فى كل من الأحوال الأربع.
(٧)
حول الجمل
الخبرية الآتية إلى جمل إنشائية أمرية واستوف جميع صيغ الأمر :
أنت تبكر فى
عملك. يخرج علىّ إلى الرّياض. تصبر نفسى على الشدائد. يأخذ البطل سيفه. يثبت هشام
فى مكانه. يترك محمد المزاح.
(٨)
اشرح ما يأتى
وبيّن ما راعك من بلاغته وحسن تأديته المعنى :
كان أبو مسلم يقول لقوّاده أشعروا قلوبكم الجراءة فإنها من أسباب
الظفر ، وأكثروا ذكر الضغائن فإنها تبعث على الإقدام ، والزموا الطائفة فإنها حصن
المحارب.
(٢) النّهى
الأمثلة :
(١) قال تعالى
فى النهى عن أخذ مال اليتيم بغير حق :
«وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ».
(٢) وقال فى
النهى عن قطع الإنسان رحمه :
«وَلا يَأْتَلِ
أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى».
__________________
(٣) وقال فى
النهى عن اتخاذ بطانة السوء :
(يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ
خَبَالًا) .
* * *
(٤) وقال مسلم
بن الوليد فى الرشيد :
لا يعدمنك
حمى الإسلام من ملك
|
|
أقمت قلّته
من بعد تأويد
|
(٥) وقال أبو الطيب فى سيف الدولة
:
فلا تبلغاه
ما أقول فإنّه
|
|
شجاع متى
يذكر له الطّعن يشتق
|
(٦) وقال أبو نواس فى مدح الأمين :
يا ناق لا
تسأمى أو تبلغى ملكا
|
|
تقبيل راحته
والرّكن سيّان
|
متى تحطّى
إليه الرّحل سالمة
|
|
تستجمعى
الخلق فى تمثال إنسان
|
(٧) وقال أبو العلاء :
ولا تجلس إلى
أهل الدّنايا
|
|
فإنّ خلائق
السّفهاء تعدى
|
__________________
(٨) وقال أبو
الأسود الدؤلى .
لا تنه عن
خلق وتأتى مثله
|
|
عار عليك إذا
فعلت عظيم
|
(٩) وقال آخر :
لا تعرضنّ
لجعفر متشبّها
|
|
بندى يديه
فلست من أنداده
|
(١٠) لا تمتثل أمرى (تقول ذلك لمن
هو دونك)
(١١) قال أبو
الطيب يهجو كاورا :
لا تشتر
العبد إلّا والعصا معه
|
|
إنّ العبيد
لأنجاس مناكيد
|
البحث :
إذا تأملت
أمثلة الطائفة الأولى رأيت كلّا منها يشتمل على صيغة يطلب بها الكفّ عن الفعل :
وإذا أنعمت النظر رأيت طالب الكفّ فيها أعظم وأعلى ممن طلب منه ، فإن الطالب فى
أمثلة هذه الطائفة هو الله سبحانه وتعالى والمطلوب منهم هم عباده ؛ وهذا هو النهى
الحقيقى ، وإذا تأملت صيغته فى كل مثال يرد عليك وجدتها واحدة لا تتغير ، وهى
المضارع المقرون بلا الناهية.
انظر إذا إلى
الطائفة الثانية تجد أن النهى فى جميعها لم يستعمل فى معناه الحقيقى. وهو طلب الكف
من أعلى لأدنى ، وإنما يدل على معان أخرى يدركها السامع من السّياق وقرائن
الأحوال.
فمسلم بن
الوليد فى المثال الرابع لا يقصد من النهى إلّا الدعاء للخليفة الرشيد بالبقاء
لتأييد الإسلام وإعلاء كلمته.
__________________
وأبو الطيب فى
المثال الخامس إنما يلتمس من صاحبيه أن يكتما عن سيف الدولة ما سمعاه فى وصف
شجاعته وفتكه بالأعداء وحسن بلائه فى الحروب ؛ لأنه شجاع والشجعان يشتاقون إلى
الحروب متى ذكرت لهم ، وهذا على ما جرت به عادة العرب فى شعرهم إذ يتخيل الشاعر أن
له رفيقين يصطحبانه ويستمعان لإنشاده ، فيخاطبهما مخاطبة الأنداد ، وصيغة النهى
متى وجّهت من ندّ إلى ندّه أفادت الالتماس.
وأبو نواس فى
المثال السادس إنما يتمنى أن تتحمل ناقته مشاق السفر وألا ينزل بها السأم حتى تبلغ
ديار الأمين ، فترى هناك كيف جمع الله العالم فى صورة إنسان.
وأبو العلاء فى
بيته إنما ينصح مخاطبه ويرشده إلى الابتعاد عن السفهاء وأهل الدنايا.
وأبو الأسود
إنما يقصد توبيخ من ينهى الناس عن السوء ولا ينته عنه ، ويقصد الآخرون فى الأمثلة
الثلاثة الباقية إلى التيئيس ، والتهديد ، والتحقير على الترتيب.
القواعد :
(٤٠) النّهى
طلب الكفّ عن الفعل على وجه الاستعلاء.
(٤١) للنّهى
صيغة واحدة هى المضارع مع لا النّاهية.
(٤٢) قد تخرج
صيغة النّهى عن معناها الحقيقىّ إلى معان أخرى تستفاد من السّياق وقرائن الأحوال ،
كالدّعاء ، والالتماس ، والتمنّى ، والإرشاد ، والتّوبيخ ، والتّيئيس ، والتّهديد
، والتّحقير.
نموذج
بيّن صيغة
النهى والمراد منها فى كل مثال من الأمثلة الآتية :
(١) قال تعالى
: «وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ
إِصْلاحِها».
(٢) وقال أبو
العلا :
لا تحلفنّ
على صدق ولا كذب
|
|
فما يفيدك
إلّا المأثم الحلف
|
(٣) وقال تعالى : «لا يَسْخَرْ قَوْمٌ
مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ».
(٤) وقال : «لا تَعْتَذِرُوا قَدْ
كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ».
(٥) وقال
البحترى يخاطب المعتمد على الله :
لا تخل من
عيش يكرّ سروره
|
|
أبدا ونوروز
عليك معاد
|
(٦) وقال الغزّى :
ولا تثقلا
جيدى بمنة جاهل
|
|
أروح بها مثل
الحمام مطوّقا
|
(٧) وقال آخر :
لا تطلب
المجد إن المجد سلّمه
|
|
صعب وعش
مستريحا ناعم البال
|
(٨) وقالت الخنساء ترثى أخاها صخرا
:
أعينىّ جودا
ولا تجمدا
|
|
ألا تبكيان
لصخر النّدى
|
(٩) قال خالد بن صفوان :
لا تطلبوا
الحاجات فى غير حينها ، ولا تطلبوها من غير أهلها.
__________________
الإجابة
الرقم
|
صيغه النهى
|
المعني المراد
|
الرقم
|
صيغه النهى
|
المعني المراد
|
١
|
ولاتُفسدوا
|
معني الحقيق
النهى
|
٦
|
لاتثقلا
|
الالمّاس
|
٢
|
لاتحلفن
|
الإشاد
|
٧
|
لاتطلب
|
التحقير
|
٣
|
لايسخر
|
التوبيخ
|
٨
|
لاتجمدا
|
التمنى
|
٤
|
لاتعتذروا
|
التيئيس
|
٩
|
لاتطلبوا
|
الإرشاد
|
٥
|
لاتخل
|
الدعاء
|
|
ولاتطلبوا
|
الإشاد
|
تمرينات
(١)
لم كان النهى
فيما يأتى للإرشاد ، والتمنى ، والتهديد ، والتحقير ، على الترتيب؟ :
(١) لا
يخدعنك من عدوّ دمعه
|
|
وارحم شبابك
من عدوّ ترحم
|
(٢) لا تمطرى أيّتها السّماء.
(٣) لا تقلع عن
عنادك (تقوله لمن هو دونك).
(٤) لا تجهد
نفسك فيما تعب فيه الكرام.
(٢)
بيّن صيغ النهى
والمراد من كل صيغة فيما يأتى :
(١) قال أبو
الطيب فى مدح سيف الدولة :
لا تطلبنّ
كريما بعد رؤيته
|
|
إنّ الكرام
بأسخاهم يدا ختموا
|
لا تحسب
المجد تمرا أنت آكله
|
|
لن تبلغ
المجد حتّى تلعق الصّبرا
|
(٣) وقال الطغرائى :
لا تطمحنّ
إلى المراتب قبل أن
|
|
تتكامل
الأدوات والأسباب
|
__________________
(٤) وقال
الشريف الرّضى :
لا تأمننّ
عدوّا لان جانبه
|
|
خشونة الصّلّ
عقبى ذلك اللين
|
(٥) وقال أبو الطيب :
فلا تنلك
الليالى إنّ أيديها
|
|
إذا ضربن
كسرن النّبع بالغرب
|
(٦) لا تلهينّك عن معادك لذّة
|
|
تفنى وتورث
دائم الحسرات
|
(٧) لا تحسبوا من قتلتم كان ذا
رمق
|
|
فليس تأكل
إلّا الميتة الضّبع
|
(٨) قال أبو العلاء :
لا تطويا
السرّ عنّى يوم نائبة
|
|
فإنّ ذلك ذنب
غير مغتفر
|
والخلّ
كالماء يبدى لى ضمائره
|
|
مع الصّفاء
ويخفيها مع الكدر
|
(٩) وقال الله تعالى :
«وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ
بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ».
(١٠) وقال أبو
الطيب :
ولا تشكّ إلى
خلق فتشمته
|
|
شكوى الجريح
إلى الغربان والرّخم
|
(١١) لا تطلب المجد واقنع
|
|
فمطلب المجد
صعب
|
(٣)
(١) هات مثالين
تفيد صيغة النهى فى كل منهما المعنى الأصلى للنهى.
(٢) هات ثلاثة
أمثلة تكون صيغة النهى فى المثال الأول منها مفيدة الدعاء ، وفى الثانى الالتماس ،
وفى الثالث التمنّى.
__________________
(٣) هات ثلاثة
أمثلة تكون صيغة النّهى فى أولها للإرشاد. وفى الثانى للتيئيس ، وفى الثالث
للتهديد.
(٤)
لا تفارق فراش
نومك.
قد يكون النهى
فى الجملة السابقة للإرشاد ، أو التهديد ، أو التوبيخ ؛ فبين حال المخاطب فى كل
حال من الأحوال الثلاث.
(٥)
حول الجمل
الخبرية الآتية إلى جمل إنشائية من باب النهى ، وعيّن المراد من صيغة النهى فى كل
جملة تأتى بها :
(١) أنت تعتمد على غيرك.
|
(٥) أنتم تعتذرون اليوم.
|
(٢) أن تطيع أمرى.
|
(٦) أنت تؤاخذنى بكل هفوة.
|
(٣) أنت تكثر من عتاب الصديق.
|
(٧) يحضر علىّ مجلسنا.
|
(٤) أنت تنهى عن الشر وتفعله.
|
(٨) يهمل القرويون تعليم أبنائهم.
|
(٦)
اشرح البيتين
الآتيين وبيّن المراد من صيغتى النهى فيهما :
فلا تلزمنّ
النّاس غير طباعهم
|
|
فتتعب من طول
العتاب ويتعبوا
|
ولا تغترر
منهم بحسن بشاشة
|
|
فأكثر إيماض
البوارق خلّب
|
__________________
(٣) الاستفهام
وأدواته
ا ـ الهمزة وهل
الأمثلة :

البحث :
الجمل السابقة
جميعها تفيد الاستفهام ، وهو كما تعلم طلب العلم بشىء لم يكن معلوما من قبل ،
وأداته فى أمثلة الطائفتين ا ، ب «الهمزة» وفى أمثلة الطائفة ح «هل». ونريد هنا أن
نعرف الفرق بين الأداتين فى المعنى والاستعمال.
تدبر أمثال
الطائفة «ا» حيث أداة الاستفهام هى الهمزة ، تجد أن المتكلم فى كل منها يعرف
النسبة التى تضمنها الكلام ، ولكنه يتردد بين شيئين ويطلب تعيين أحدهما ؛ لأنه فى
المثال الأول مثلا يعرف أن السفر واقع فعلا وأنه منسوب إلى واحد من اثنين ،
المخاطب أو أخيه ؛ فهو لذلك
لا يطلب معرفة النسبة ، وإنما يطلب معرفة مفرد ، وينتظر من المسئول أن يعين
له ذلك المفرد ويدله عليه ، ولذلك يكون جوابه بالتعيين فيقال له : «أخى» مثلا. وفى
المثال الثانى يعلم السائل أن واحدا من شيئين : الشراء أو البيع قد نسب إلى
المخاطب فعلا ، ولكنه متردد بينهما فلا يدرى أهو الشراء أم البيع ، فهو إذا لا
يطلب معرفة النسبة لأنها معروفة له ، ولكنه يسأل عن مفرد ويطلب تعيينه ، ولذا يجاب
بالتعيين فيقال له فى الجواب : «بائع» مثلا ، وهكذا يقال فى بقية أمثلة الطائفة «ا».
وإذا تدبرت
المفرد المسئول عنه فى أمثلة هذه الطائفة ، وكذلك فى كل مثال آخر يعرض لك ، وجدته
دائما يأتى بعد الهمزة مباشرة سواء أكان مسندا إليه كما فى المثال الأول ، أم
مسندا كما فى الثانى ، أم مفعولا به كما فى الثالث ، أم حالا كما فى الرابع ، أم
ظرفا كما فى الخامس ، أم غير ذلك ، ووجدت له معادلا يذكر بعد «أم» كما ترى فى
الأمثلة. وقد يحذف هذا المعادل فتقول : أأنت المسافر؟ أمشتر أنت؟ وهلم جرّا.
* * *
انظر إلى أمثلة
الطائفة «ب» حيث أداة الاستفهام هى الهمزة أيضا تجد الحال على خلاف ما كانت فى
أمثلة الطائفة «ا» ، فإن المتكلم هنا متردد بين ثبوت النسبة ونفيها ، فهو يجهلها
ولذلك يسأل عنها ويطلب معرفتها ، ففى المثال السادس مثلا يتردد المتكلم بين ثبوت
الصّدإ للذهب ونفيه عنه ولذلك يطلب معرفة هذه النسبة ، ويكون جوابه بنعم إن أريد
الإثبات ، وبلا إن أريد النفى ، وإذا تأملت الأمثلة هنا لم تجد للمسئول عنه وهو
النسبة معادلا.
ومما تقدم ترى
أن للهمزة استعمالين فتارة يطلب بها معرفة مفرد ، وتارة بطلب بها معرفة نسبة ،
وتسمى معرفة المفرد تصورا ومعرفة النسبة تصديقا.
* * *
انظر إلى أمثلة
الطائفة «ح» حيث أداة الاستفهام «هل» تجد أن
المتكلم فى كل منها لا يتردد فى معرفة مفرد من المفردات ، ولكنه متردد فى
معرفة النسبة فلا يدرى أمثبتة هى أم منفية فهو يسأل عنها ، ولذلك يجاب بنعم إن
أريد الإثبات ، وبلا إن أريد النفى ، ولو أنك تتبعت جميع الأمثلة التى يستفهم فيها
بهل لوجدت المطلوب هو معرفة النسبة ليس غير ؛ «فهل» إذا لا تكون إلا لطلب التصديق
ويمتنع معها ذكر المعادل.
القواعد :
(٤٣) الاستفهام
طلب العلم بشىء لم يكن معلوما من قبل ، وله أدوات كثيرة منها : الهمزة ، وهل.
(٤٤) يطلب
بالهمزة أحد أمرين :
(ا) التّصوّر
وهو إدراك المفرد ، وفى هذه الحال تأتى الهمزة متلوّة بالمسئول عنه ويذكر له فى
الغالب معادل بعد أم.
(ب) التّصديق
وهو إدراك النّسبة ، وفى هذه الحال يمتنع ذكر المعادل .
(٤٥) يطلب بهل
التّصديق ليس غير ، ويمتنع معها ذكر المعادل .
__________________
(ب) بقيّة أدوات
الاستفهام
الأمثلة :
(١) من اختطّ القاهرة؟
|
(٣) ما الكرى؟
|
(٢) من حفر ترعة السّويس؟
|
(٤) ما الإسراف؟
|
* * *
|
* * *
|
(٥) متى تولّى الخلافة عمر؟
|
(٧) يسأل أيّان يوم القيامة؟
|
(٦) متى يعود المسافرون؟
|
(٨) يسألونك عن السّاعة أيّان مرساها؟
|
البحث :
الجمل المتقدمة
جميعها استفهامية ، وإذا تأملت معانى أدوات الاستفهام هنا رأيت أن «من» يطلب بها
تعيين العقلاء ، وأن «ما» تكون لغير العقلاء ، ويطلب بها تارة شرح الاسم كما إذا
قلت : ما الكرى؟ فتجاب بأنه النوم ، وتارة يطلب بها حقيقة المسمى ، كما إذا قلت : ما
الإسراف؟ فتجاب بأنه تجاوز الحد فى النفقة وغيرها ، ووجدت أن «متى» يطلب بها تعيين
الزمان ماضيا أو مستقبلا ، «وأيان» للزمان المستقبل خاصة وتكون فى موضع التفخيم والتهويل.
وهناك أدوات
أخرى للاستفهام هى : كيف ، وأين ، وأنّى ، وكم ، وأى ، «فكيف» يطلب بها تعيين
الحال نحو : كيف جئتم؟ و «أين» يطلب بها تعيين المكان نحو : أين دجلة والفرات؟ و «أنّى»
تكون بمعنى كيف ، نحو : أنى تسود العشيرة وأبناؤها متخاذلون؟ وبمعنى من أين نحو : أنى
لهم هذا المال وقد كانوا فقراء؟ وبمعنى متى نحو : أنى يحضر الغائبون؟ و «كم» يطلب
بها تعيين العدد نحو : كم جنديّا فى الكتيبة؟ وأما «أىّ» فيطلب بها تعيين أحد
المتشاركين فى أمر يعمهما؟ نحو : أى
الأخوين أكبر سنّا؟ وتقع على الزمان ، والمكان ، والحال ، والعاقل ، وغير
العاقل على حسب ما تضاف إليه. وجميع هذه الأدوات تأتى للتصور ليس غير ، ولذلك يكون
الجواب معها بتعيين المسئول عنه.
القواعد :
(٤٦) للاستفهام
أدوات أخرى غير الهمزة وهل ، وهى :
من ويطلب بها
تعيين العقلاء.
ما ويطلب بها
شرح الاسم أو حقيقة المسمّى.
متى ويطلب بها
تعيين الزّمان ماضيا كان أو مستقبلا.
أيّان ويطلب
بها تعيين الزّمان المستقبل خاصّة وتكون فى موضع التّهويل.
كيف ويطلب بها
تعيين الحال.
أين ويطلب بها
تعيين المكان.
أنّى وتأتى
لمعان عدّة ، فتكون بمعنى كيف ، وبمعنى من أين ، وبمعنى متى.
كم ويطلب بها
تعيين العدد.
أى ويطلب بها
تعيين أحد المتشاركين فى أمر يعمّهما ، ويسأل بها عن الزّمان والحال والعدد
والعاقل وغير العاقل على حسب ما تضاف إليه.
(٤٧) جميع
الأدوات المتقدّمة يطلب بها التصوّر ، ولذلك يكون الجواب معها بتعيين المسئول عنه.
(ح) المعانى
الّتى تستفاد من الاستفهام بالقرائن.
الأمثلة :
(١) قال
البحترىّ :
هل الدّهر
إلّا غمرة وانجلاؤها
|
|
وشيكا وإلّا
ضيقة وانفراجها؟
|
(٢) وقال أبو الطيب فى المديح :
أتلتمس
الأعداء بعد الّذى رأت
|
|
قيام دليل أو
وضوح بيان؟
|
(٣) وقال البحترى :
ألست أعمّهم
جودا وأزكا
|
|
هم عودا
وأمضاهم حساما؟
|
(٤) وقال آخر :
إلام الخلف
بينكم إلا ما؟
|
|
وهذى الضّجّة
الكبرى علاما؟
|
(٥) وقال أبو الطيب فى الرثاء :
من للمحافل
والجحافل والسّرى
|
|
فقدت بفقدك
نيّر الا يطلع
|
ومن اتّخذت
على الضّيوف خليفة
|
|
ضاعوا ومثلك
لا يكاد يضيّع
|
(٦) وقال يهجو كافورا :
من أيّة
الطّرق يأتى مثلك الكرم؟
|
|
أين المحاجم
يا كافور والجلم؟
|
__________________
(٧) وقال أيضا
:
حتّام نحن
نسارى النّجم فى الظلم
|
|
وما سراه على
خفّ ولا قدم؟
|
(٨) وقال أيضا وقد أصابته الحمّى :
أبنت الدّهر
عندى كلّ بنت
|
|
فكيف وصلت
أنت من الزّحام؟
|
(٩) وقال تعالى : «سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ
أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ».
(١٠) وقال
تعالى : فَهَلْ
لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا؟
(١١) وقال
تعالى : هَلْ
أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ؟
البحث :
عرفت فيما مضى
ألفاظ الاستفهام ومعانيها الحقيقية. وهنا نريد أن نبين لك أن هذه الألفاظ قد تخرج
إلى معان أخرى تستفاد من السياق.
تدبر الأمثلة
المتقدمة تجد البحترى فى المثال الأول لا يسأل عن شىء ، وإنما يريد أن يقول ما
الدهر إلّا شدة سرعان ما تنجلى ، وما هو إلا ضيق يعقبه فرج ، فلفظة هل فى كلامه
إنما جاءت للنفى لا لطلب العلم بشىء كان مجهولا.
وأبو الطيب فى
المثال الثانى إنما ينكر على الأعداء ارتيابهم فى علا كافور والتماسهم البراهين
على ما كتبه الله له من النصر واختصه به من الجدّ السعيد ، بعد أن رأوا كيف يتردى
فى المهالك كل من أراد به شرّا ، وكيف يصيب الزمان كل من نوى له سوءا ، فالاستفهام
فى البيت لا يفيد معنى سوى الإنكار.
__________________
والبحترى فى
المثال الثالث إنما يريد أن يحمل الممدوح على الإقرار بما ادعاه له من الفوق على
بقية الخلفاء فى الجود وبسطة الجسم والشجاعة ، وليس من قصده أن يسأل ، فالاستفهام
فى كلامه للتقرير.
والشاعر فى
المثال الرابع يلوم مخاطبيه على تماديهم فى الشقاق واستمرارهم فى التخاذل
والتنافر. ويقرعهم على غلوهم فى الصخب والضجيج ، فهو قد خرج بأداة الاستفهام عن معناها
الأصلى إلى التوبيخ والتقريع.
وأبو الطيب فى
المثال الخامس يقصد إلى التعظيم والإجلال بإظهار ما كان للمرثى أيام حياته من صفات
السيادة والشجاعة والكرم ، مع ما فى ذلك من إظهار التحسر والتفجع. أما فى المثال
السادس حيث يهجو كافورا فإنه ينقصه ويعمد إلى تحقيره والحط من كرامته.
وإذا تدبرت
بقية الأمثلة وجدت أدوات الاستفهام قد خرجت عن معانيها الأصلية إلى الاستبطاء ،
والتعجب ، والتسوية ، والتمنى ، والتشويق ، على الترتيب.
القاعدة :
(٣٨) قد تخرج
ألفاظ الاستفهام عن معانيها الأصليّة لمعان أخرى تستفاد من سياق الكلام كالنّفى ،
والإنكار ، والتّقرير ، والتّوبيخ ، والتّعظيم ، والتّحقير ، والاستبطاء ،
والتّعجّب ، والتّسوية ، والتّمنّى ، والتّشويق.
نموذج (١)
(١) شبّ فى
المدينة حريق لم تره ، فسل صديقك عن رؤيته إيّاه.
(٢) سمعت أن
أحد أخويك علىّ ونجيب أنقذ غريقا. فسل عليّا يعين لك المنقذ.
(٣) إذا كنت
تعرف أن البنفسج يكثر فى أحد الفصلين الخريف أو الشتاء لا على التعيين ، فضع سوالا
تطلب فيه تعيين أحد الفصلين.
الإجابة (١)
الرقم
|
السؤال
المطلوب
|
شرح
الإجابة
|
(١)
|
هل رأيت الحريق الذي شب في المدينة؟
|
السؤال هنا عن النسبة وهل الهمزة
صالحتان للاستفهام عنها فتذكر إحداهما ويونى بعدها بالجملة.
|
(٢)
|
أأَنت الذي أنقذت الغريق أم النجيب
|
السؤال هنا عن المسند اليه فيستفهم
بالهمزة وبؤتي بعدها بالمسئول عنه ثم يؤتي بمعادل أم.
|
(٣)
|
أَني الخريف يكثر البنفسج أم في
الشئاء؟
|
السؤال عن الظرف ويتبع في تكوينه ما
اتبع في مثال السابق.
|
نموذج (٢)
لبيان الأغراض
التى يدل عليها الاستفهام فى الأمثلة الآتية :
(١) قال أبو
تمام فى المديح :
هل اجتمعت
أحياء عدنان كلّها
|
|
بملتحم إلّا
وأنت أميرها
|
(٢) وقال البحترى :
أأكفرك
النّعماء عندى وقد نمت
|
|
علىّ نموّ
الفجر والفجر ساطع؟
|
وأنت الّذى
أعززتنى بعد ذلّتى
|
|
فلا القول
مخفوض ولا الطرف خاشع؟
|
(٣) وقال ابن الرومى فى المدح :
ألست المرء
يجبى كلّ حمد
|
|
إذا ما لم
يكن للحمد جاب؟
|
(٤) وقال أبو تمام :
ما للخطوب
طغت علىّ كأنها
|
|
جهلت بأنّ
نداك بالمرصاد؟
|
__________________
(٥) وقال آخر :
فدع الوعيد
فما وعيدك ضائرى
|
|
أطنين أجنحة
الذّباب يضير؟
|
(٦) أضاعونى وأىّ فتى أضاعوا؟
|
|
ليوم كريهة
وسداد ثغر
|
الإجابة

__________________
تمرينات
(١)
(١) وعدك صديق
أن يزورك فى الغد ، فشككت فى أنه يزورك قبل الظهر أو بعده ، فضع سوالا تطلب به
تعيين الوقت.
(٢) علمت أن
واحدا من عمّيك حامد ومحمود قد اشترى بيتا ، فضع سؤالا تطلب به تعيين المشترى.
(٣) إذا كنت
شاكّا فى أن القصب يزرع فى الربيع أو فى الصيف ، فكيف تصوغ السؤال الذى تطلب به من
المخاطب تعيين الزمان؟
(٤) سل صديقك
عن ميله إلى الأسفار.
(٢)
سل عن : الحال
، والمفعول به ، والظرف ، والمبتدأ ، والخبر ، والجار والمجرور ، فى الجمل الآتية
:
نظم القصيدة
متأثرا ـ اشترى قلما ـ كتب الرسالة ليلا ـ علىّ الفائز ـ مصر خصبة ـ الكتاب فى
البيت.
(٣)
سل عما يأتى :
(ا) أول الخلفاء الراشدين.
|
(ه) عدد المدارس العالية فى مصر.
|
(ب) أطول شارع فى المدينة.
|
(و) موطن الفيلة.
|
(ح) حال مصر أيام المماليك.
|
(ز) حقيقة الصدق.
|
(د) الزمن الذى ينضج فيه العنب.
|
(ح) معنى الضّيغم.
|
(٤)
(١) لم كان
الاستفهام فى الأمثلة الآتية مفيدا النفى ، والإنكار ، والتعظيم ، على الترتيب؟ :
(ا)
هل الدّهر
إلّا ساعة ثم تنقضى
|
|
بما كان فيها
من بلاء ومن خفض؟
|
(ب) قال تعالى : «أَغَيْرَ اللهِ
تَدْعُونَ».
(ح) من منكم
الملك المطاع كأنّه
|
|
تحت السوابغ
تبّع فى حمير؟
|
(٢) لم كان الاستفهام فى الأمثلة
الآتية مفيدا التقرير ، والتعجب ، والتمنى ، على الترتيب؟ :
(ا) قال تعالى
: أَلَمْ
نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً؟
(ب) قالت إحدى
نساء العرب تشكو ابنها :
أنشا يمزّق
أثوابى يؤدّبنى
|
|
أبعد شيبى
يبغى عندى الأدبا؟
|
(ح) وقال أبو العتاهية فى مدح
الأمين :
تذكّر أمين
الله حقى وحرمتى
|
|
وما كنت
تولينى لعلك تذكر
|
فمن لى
بالعين التى كنت مرّة
|
|
إلىّ بها فى
سالف الدهر تنظر؟
|
(٥)
ما ذا يراد
بالاستفهام فى الأمثلة الآتية؟ :
(١) قال
المتنبى :
ومن لم يعشق
الدّنيا قديما؟
|
|
ولكن لا سبيل
إلى الوصال
|
__________________
(٢) وقال :
ولست أبالى
بعد إدراكى العلا
|
|
أكان تراثا
ما تناولت أم كسبا؟
|
(٣) وقال :
وهل تغنى
الرّسائل فى عدوّ
|
|
إذا ما لم
يكنّ ظبا رقاقا؟
|
(٤) وقال حينما صرع بدر بن عمّار
أسدا :
أمعفّر الليث
الهزبر بسوطه
|
|
لمن ادّخرت
الصارم المصقولا؟
|
(٥) وقال أبو تمام :
أؤلبس هجر
القول من لو هجوته
|
|
إذا لهجانى
عنه معروفه عندى؟
|
(٦) وكيف أخاف الفقر أو أحرم المنى
|
|
ورأى أمير
المؤمنين جميل؟
|
(٧) ما أنت يا دنيا أرؤيا نائم
|
|
أم ليل عرس
أم بساط سلاف؟
|
(٨) وقال أبو الطيب :
وما لك تعنى
بالأسنّة والقنا؟
|
|
وجدّك طعّان
بغير سنان
|
(٩) هل بالطّلول لسائل ردّ؟
|
|
أم هل لها
بتكلّم عهد؟
|
(١٠) حتى متى أنت فى لهو وفى لعب؟
|
|
والموت نحوك
يهوى فاتحا فاه
|
(١١) وقال أبو الطيب :
يفنى الكلام
ولا يحيط بفضلكم
|
|
أيحيط ما
يفنى بما لا ينفد؟
|
(١٢) وقال تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ
إِلَّا بِإِذْنِهِ؟)
__________________
(١٣) وقال أبو
الطيب :
أيدرى الرّبع
أىّ دم أراقا؟
|
|
وأىّ قلوب
هذا الرّكب شاقا؟
|
(١٤) وقال المتنبى فى سيف الدولة
يعوده من دمّل كان فيه :
وكيف تعلّك
الدنيا بشىء؟
|
|
وأنت لعلة
الدنيا طبيب
|
وكيف تنوبك
الشكوى بداء؟
|
|
وأنت
المستغاث لما ينوب
|
(١٥) وقال أبو العلاء المعرى :
أتظنّ أنك
للمعالى كاسب؟
|
|
وخبىّ أمرك
شرّة وشنار
|
(٦)
(١) استعمل كل
أداة من أدوات الاستفهام فى جملتين مفيدتين وأجب عن كل سؤال تأتى به ، واجعل غرضك
من الاستفهام معناه الحقيقى.
(٢) استعمل
همزة الاستفهام فى ست جمل بحيث تكون فى الثلاث الأولى منها لطلب التصور ، وفى
الثلاث الأخيرة لطلب التصديق ، واجعل غرضك من الاستفهام معناه الحقيقى.
(٣) كون ثلاث
جمل استفهامية تامة ، أداة الاستفهام فى كل منها «هل» ، واجعل غرضك من الاستفهام
معناه الحقيقى.
(٤) هات ثلاث
جمل أداة الاستفهام فى كل منها «أنى» واستوف المعانى التى عرفتها لهذه الأداة ،
واجعل غرضك من الاستفهام معناه الحقيقى.
(٧)
(١) كون ثلاث
جمل استفهامية يحيث يدل الاستفهام فى الأولى على التسوية ، وفى الثانية على النفى
، وفى الثالثة على الإنكار.
__________________
(٢) هات ثلاث
جمل استفهامية : يدل الاستفهام فى الأولى منها على التعظيم. وفى الثانية على
التحقير ، وفى الثالثة على التوبيخ.
(٣) مثّل
للاستفهام الخارج عن معناه الأصلى للتعجب ، ثم للتمنى ، ثم للاستبطاء.
(٨)
اشرح البيتين
الآتيين وبين أغراض الاستفهام فيهما ، وهما ينسبان لأعرابى يمدح الفضل بن يحيى
البرمكى :
ولائمة لامتك
يا فضل فى النّدى
|
|
فقلت لها هل
أثّر اللوم فى البحر؟
|
أتنهين فضلا
عن عطاياه للورى؟
|
|
ومن ذا الذى
ينهى الغمام عن القطر؟
|
(٤) التّمنى
(١) قال ابن
الرومىّ فى شهر رمضان :
فليت الليل
فيه كان شهرا
|
|
ومرّ نهاره
مرّ السحاب
|
(٢) وقال تعالى : «فَهَلْ لَنا مِنْ
شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا».
(٣) وقال جرير
:
ولّى الشباب
حميدة أيامه
|
|
لو كان ذلك
يشترى أو يرجع
|
(٤) وقال آخر :
أسرب القطا
هل من يعير جناحه
|
|
لعلى إلى من
قد هويت أطير؟
|
(٥) وقال تعالى : «يا لَيْتَ لَنا
مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ».
__________________
البحث :
الأمثلة
المتقدمة جميعها من باب الإنشاء الطلبى. وإذا تأملت المطلوب فى كل مثال وجدته أمرا
محبوبا لا يرجى حصوله ، إما لكونه مستحيلا كما فى الأمثلة الأربعة الأولى ، وإما
لكونه ممكنا غير مطموع فى نيله كما فى المثال الأخير ، ويسمى هذا الضرب من الإنشاء
بالتمنى.
والأدوات التى
أفادت التمنى فى الأمثلة المتقدمة هى : ليت ، وهل ، ولو ، ولعلّ : غير أن الأداة
الأولى أفادته بأصل الوضع ، أما الثلاث الأخرى فإنها استعملت فيه للطائف بلاغيّة.
هذا وإذا كان
المطلوب المحبوب ممكنا مطموعا فى حصوله كان طلبه ترجيا ، ويعبر فيه بلعل وعسى ،
وقد تستعمل فيه ليت لسبب يقصده البليغ كما فى قول أبى الطيب :
فيا ليت ما
بينى وبين أحبّتى
|
|
من البعد ما
بينى وبين المصائب
|
القواعد :
(٤٩) التّمنّى
طلب أمر محبوب لا يرجى حصوله ، إمّا لكونه مستحيلا ، وإمّا لكونه ممكنا غير مطموع
فى نيله.
(٥٠) واللّفظ
الموضوع للتّمنّى ليت ، وقد يتمنّى بهل ، ولو ، ولعلّ ، لغرض بلاغىّ .
(٥١) إذا كان
الأمر المحبوب ممّا يرجى حصوله كان طلبه ترجّيا ، ويعبّر فيه بلعلّ أو عسى ، وقد
تستعمل فيه ليت لغرض بلاغىّ .
__________________
نموذج
لبيان ما فى
الأمثلة الآتية من تمنّ أو ترج ، وتعيين الأداة فى كل مثال :
(١) قال صريع
الغوانى :
واها لأيام
الصّبا وزمانه
|
|
لو كان أسعف
بالمقام قليلا
|
(٢) وقال أبو الطيب :
فليت هوى
الأحبّة كان عدلا
|
|
فحمّل كلّ
قلب ما أطاقا
|
(٣) وقال تعالى : (فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ؟)
الإجابة
الرقم
|
المعني
المراد
|
الأداة
|
البيان
|
١
|
التمنى
|
لو
|
لأن المطلوب هنا ممكن غير مطموع في
حصوله
|
٢
|
الرّجى
|
ليت
|
لأن المطلوب هنا ممكن مطموع في حصوله
|
٣
|
التمى
|
هل
|
لأن المطلوب هنا ممكن غير مطموع في
حصوله
|
تمرينات
(١)
بيّن ما فى
الأمثلة الآتية من تمن أو ترج ، وبين السر فى استعمال ما جاء من الأدوات على غير
وضعه الأصلىّ :
(١) قال مروان
بن أبى حفصة فى رثاء معن بن زائدة :
فليت
الشامتين به فدوه
|
|
وليت العمر
مدّ له فطالا
|
(٢) وقال أبو الطيب فى رثاء أخت
سيف الدولة :
فليت طالعة
الشّمسين غائبة
|
|
وليت غائبة
الشمسين لم تغب
|
__________________
(٣) وقال آخر :
علّ الليالى
الّتى أضنت بفرقتنا
|
|
جسمى ستجمعنى
يوما وتجمعه
|
(٤) قال الله تعالى : «يا هامانُ ابْنِ لِي
صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ».
(٥) وقال تعالى
: (فَلَوْ أَنَّ لَنا
كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
(٦) وقال
الشاعر :
أيا منزلى
سلمى سلام عليكما
|
|
هل الأزمن
اللّائى مضين رواجع
|
(٧) وقال :
ليت الملوك
على الأقدار معطية
|
|
فلم يكن
لدنىء عندها طمع
|
(٨) وقال فى المديح :
ليت المدائح
تستوفى مناقبه
|
|
فما كليب
وأهل الأعصر الأول؟
|
(٢)
(١) هات مثالين
لكل أداة تفيد التمنى.
(٢) هات مثالين
للترجى ، واستعمل فى الأول لعل وفى الثانى عسى.
(٣) هات مثالين
للترجى ، واستعمل فى كل منهما «ليت» وبين السبب البلاغى فى اختيار هذه الأداة.
(٣)
انثر البيتين
الآتيين نثرا وهما للمتنبى فى مدح كافور :
لحى الله ذى
الدنيا مناخا لراكب
|
|
فكل بعيد
الهمّ فيها معذّب
|
ألا ليت شعرى
هل أقول قصيدة
|
|
فلا أشتكى
فيها ولا أتعتّب
|
__________________
(٥) النّداء
الأمثلة :
(١) كتب أبو
الطيب إلى الوالى وهو فى الاعتقال :
أمالك رقّى
ومن شأنه
|
|
هبات اللّجين
وعتق العبيد
|
دعوتك عند
انقطاع الرّجا
|
|
ء والموت
منّى كحبل الوريد
|
(٢) وقال أبو نواس :
يا ربّ إن
عظمت ذنوبى كثرة
|
|
فلقد علمت
بأنّ عفوك أعظم
|
(٣) وقال الفرزدق يفتخر بآبائه
ويهجو جريرا :
أولئك آبائى
فجئنى بمثلهم
|
|
إذا جمعتنا
يا جرير المجامع
|
(٤) وقال آخر :
أيا جامع
الدّنيا لغير بلاغة
|
|
لمن تجمع
الدّنيا وأنت تموت؟
|
البحث :
إذا أردنا
إقبال أحد علينا دعوناه بذكر اسمه أو صفة من صفاته بعد حرف نائب مناب أدعو ، ويسمى
هذا بالنداء.
وأدوات النداء
هى : الهمزة ، وأى ، ويا ، وآ ، وآى ، وأيا ، وهيا ، ووا.
والأصل فى نداء
القريب أن ينادى بالهمزة أو أى ، وفى نداء البعيد أن ينادى بغيرهما من بقية
الأدوات ، غير أن هناك أسبابا بلاغيّة تدعو إلى مخالفة هذا الأصل ، وسنشرح لك هذه
الأسباب فيما يأتى :
تأمل المثال
الأول تجد المنادى فيه بعيدا ، ولكنّ أبا الطيب ناداه
__________________
بالهمزة الموضوعة للقريب ، فما السبب البلاغى هنا؟ السبب أن أبا الطيب أراد
أن يبيّن أن المنادى على الرغم من بعده فى المكان ، قريب من قلبه مستحضر فى ذهنه
لا يغيب عن باله ، فكأنه حاضر معه فى مكان واحد. وهذه لطيفة بلاغيّة تسوغ استعمال
الهمزة وأى فى نداء البعيد.
انظر إلى
الأمثلة الثلاثة الباقية تجد المنادى فى كل منها قريبا ، ولكن المتكلم استعمل فيها
أحرف النداء الموضوعة للبعيد فما سبب هذا؟
السبب أن
المنادى فى المثال الثانى جليل القدر خطير الشأن فكأن بعد درجته فى العظم بعد فى
المسافة ، ولذلك اختار المتكلم فى ندائه الحرف الموضوع لنداء البعيد ليشير إلى هذا
الشأن الرفيع. وأما فى المثال الثالث فلأن المخاطب فى اعتقاد المتكلم وضيع الشأن
صغير القدر فكأن بعد درجته فى الانحطاط بعد فى المسافة. وأما فى المثال الأخير
فلأن المخاطب لغفلته وذهوله كأنه غير حاضر مع المتكلم فى مكان واحد.
وقد تخرج ألفاظ
النداء عن معناها الأصلى وهو طلب الإقبال إلى معان أخرى تستفاد من القرائن ، ومن
هذه المعانى ما يأتى :
(١) الزجر
كقوله :
يا قلب ويحك
ما سمعت لناصح
|
|
لمّا ارتميت
ولا اتّقيت ملاما
|
(٢) التحسر والتوجع نحو قوله :
أيا قبر معن
كيف واريت جوده
|
|
وقد كان منه
البرّ والبحر مترعا
|
(٣) الإغراء كقولك لمن أقبل يتظلم
: يا مظلوم تكلم.
القواعد :
(٥٢) النّداء
طلب الإقبال بحرف نائب مناب أدعو.
(٥٣) أدوات
النّداء ثمان : الهمزة ، وأى ، ويا ، وآ ، وآى وأيا ، وهيا ، ووا.
(٥٤) الهمزة
وأى لنداء القريب ، وغيرهما لنداء البعيد.
(٥٥) قد ينزّل
البعيد منزلة القريب فينادى بالهمزة وأى ، إشارة إلى قربه من القلب وحضوره فى
الذّهن. وقد ينزّل القريب منزلة البعيد فينادى بغير الهمزة وأى ، إشارة إلى علوّ
مرتبته ، أو انحطاط منزلته ، أو غفلته وشرو ذهنه.
(٥٦) يخرج
النّداء عن معناه الأصلىّ إلى معان أخرى تستفاد من القرائن ، كالزّجر والتّحسّر
والإغراء.
نموذج
لبيان أدوات
النداء فى الأمثلة الآتية ، وما جرى منها على أصل وضعه فى نداء القريب أو البعيد ،
وما خرج عن ذلك مع بيان السبب :
(١) أبنىّ
إنّ أباك كارب يومه
|
|
فإذا دعيت
إلى المكارم فاعجل
|
(٢) يا من يرجّى للشّدائد كلّها
|
|
يا من إليه
المشتكى والمفزع
|
(٣) قال أبو العتاهية :
أيا من عاش
فى الدّنيا طويلا
|
|
وأفنى العمر
فى قيل وقال
|
وأتعب نفسه
فيما سيفنى
|
|
وجمّع من
حرام أو حلال
|
هب الدنيا
تقاد إليك عفوا
|
|
أليس مصير
ذلك للزّوال؟
|
(٤) وقال سوار بن المضرّب :
يأيها القلب
هل تنهاك موعظة
|
|
أو يحدثن لك
طول الدّهر نسيانا
|
__________________
(٥) وكتب والد
لولده ينصحه :
أحسين إنى
واعظ ومؤدّب
|
|
فافهم فإن
العاقل المتأدّب
|
الإجابة
(١) الأداة «الهمزة»
وقد استعملت فى نداء القريب جريا على الأصل.
(٢) الأداة «يا»
وقد استعملت فى نداء القريب على خلاف الأصل ، إشارة إلى علو مرتبة المنادى وارتفاع
شأنه.
(٣) الأداة «أيا»
وقد استعملت فى نداء القريب على خلاف الأصل ، إشارة إلى غفلة المخاطب.
(٤) الأداة «يا»
وقد استعملت فى نداء القريب على خلاف الأصل ، إشارة إلى أن المنادى غافل لاه فكأنه
غير قريب.
(٥) الأداة «الهمزة»
وقد نودى بها البعيد على خلاف الأصل ، إشارة إلى أن المنادى حاضر فى الذهن لا يغيب
عن البال فكأنه حاضر الجثمان.
تمرينات
(١)
بيّن أدوات
النداء فى الأمثلة الآتية ، وما جرى منها على أصل وضعه فى نداء القريب أو البعيد ،
وما خرج منها عن ذلك مع بيان الأسباب البلاغيّة فى الخروج :
(١) قال أبو الطيب
:
يا صائد
الجحفل المرهوب جانبه
|
|
إنّ اللّيوث
تصيد النّاس أحدانا
|
(٢) أيا ربّ قد أحسنت عودا وبدأة
|
|
إلىّ فلم
ينهض بإحسانك الشكر
|
(٣) أسكان نعمان الأراك تيقّنوا
|
|
بأنكم فى ربع
قلبى سكان
|
__________________
(٤) قال تعالى
يحكى قول فرعون لموسى عليه السّلام :
«إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً».
(٥) قال أبو
العتاهية :
أيا من يؤمّل
طول الحياة
|
|
وطول الحياة
عليه خطر
|
إذا ما كبرت
وبان الشّاب
|
|
فلا خير فى
العيش بعد الكبر
|
(٦) وقال أبو الطيب فى مدح كافور
من قصيدة أنشده إياها :
يا رجاء
العيون فى كلّ أرض
|
|
لم يكن غير
أن أراك رجائى
|
(٧) أى بنىّ ، أعد علىّ ما سمعت
منى.
(٨) أمحمد ، لا
ترفع صوتك حتى لا يسمع حديثنا أحد.
(٩) أيا هذا ،
تنبه فالمكاره محدقة بك.
(١٠) يا هذا لا
تتكلم حتى يؤذن لك.
(٢)
ناد من يأتى ،
مستعملا أدوات النداء استعمالا جاريا على خلاف الأصل من حيث قرب المنادى وبعده ،
وبين العلل البلاغيّة فى هذا الاستعمال :
(١) غائبا تحنّ
إلى لقائه.
(٢) سفيها
تنهاه عن التعرض للكرام.
(٣) منصرفا عن
عمله تدعوه إلى الجدّ.
(٤) عظيما
تخاطبه وترجوه أن يساعدك.
(٣)
ماذا يراد
بالنداء فى الأمثلة الآتية :
(١) أعدّاء
ما للعيش بعدك لذة
|
|
ولا لخليل
بهجة بخليل
|
(٢) يا شجاع أقدم (تقوله لمن يتردد
فى منازلة العدو).
__________________
|
(٣) دعوتك يا بنىّ فلم تجبنى
|
|
فردت دعوتى
يأسا عليّا
|
|
|
(٤) بالله قل لى يا فلا
|
|
ن ولى أقول
ولى أسائل
|
|
|
أتريد فى
السّبعين ما
|
|
قد كنت فى
العشرين فاعل
|
|
(٥) يا دار عاتكة حيّيت من دار
|
|
سيّرت فيك
وفيمن فيك أشعارى
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
(٤)
(١) هات مثالين
للهمزة المستعملة فى نداء البعيد ، وبين السبب فى خروجها عن أصل وضعها فى كل من
هذين المثالين.
(٢) هات مثالين
للمنادى القريب المنزّل منزلة البعيد لعلو مكانته.
(٣) هات مثالين
للمنادى القريب المنزّل منزلة البعيد لانحطاط منزلته.
(٤) هات مثالين
للمنادى القريب المنزّل منزلة البعيد لغفلته وشرود ذهنه.
(٥) مثل للنداء
المستعمل فى التحسر والزجر والإغراء.
(٥)
انثر البيتين
الآتيين نثرا فصيحا وهما لأبى الطيب .. وبين الغرض من النداء :
يا أعدل
النّاس إلّا فى معاملتى
|
|
فيك الخصام
وأنت الخصم والحكم
|
أعيذها نظرات
منك صادقة
|
|
أن تحسب
الشّحم فيمن شحمه ورم
|
القصر
تعريفه ـ طرقه ـ طرفاه
الأمثلة :
(١) لا يفوز إلّا المجدّ.
|
(٤) ما الأرض ثابتة بل متحركة.
|
(٢) إنما الحياة تعب.
|
(٥) ما الأرض ثابتة لكن متحركة.
|
(٣) الأرض متحرّكة لا ثابتة.
|
(٦) على الرّجال العاملين نثنى.
|
البحث :
إذا تأملت
الأمثلة السابقة رأيت أن كل مثال منها يتضمن تخصيص أمر بآخر ، فالمثال الأول يفيد
تخصيص الفوز بالمجدّ ، بمعنى أن الفوز خاصّ بالمجدّ لا يتعداه إلى سواه. والمثال
الثانى يفيد تخصيص الحياة بالتّعب ، بمعنى أن الحياة وقف على التعب لا تفارقه إلى
الراحة. وهكذا يقال فى بقية الأمثلة.
وإذا أردت أن
تعرف منشأ هذا التخصيص فى الكلام ، كفاك أن تبحث فى الأمثلة قليلا. خذ المثال
الأول مثلا واحذف منه أداتى النفى والاستثناء ، تجد أن التخصيص قد زال منه وكأنه
لم يكن. إذا النفى والاستثناء هما وسيلة التخصيص فيه ، وبمثل هذه الطريقة تستطيع
أن تدرك أن وسائل التخصص فى الأمثلة الباقية هى : إنما : والعطف بلا ، أو بل ، أو
لكن ، وتقديم ما حقه التأخير. ويسمّى علماء المعانى التخصيص المستفاد من هذه
الوسائل بالقصر ، ويسمون الوسائل نفسها طرق القصر.
ارجع إلى
الأمثلة مرة أخرى وابحث فيها واحدا واحدا : تجد المتكلم فى المثال الأول يقصر
الفوز على المجد ، فالفوز مقصور ، والمجدّ مقصور عليه ، وهما طرفا القصر. ولما كان
الفوز صفة من الصفات والمجدّ هو الموصوف بهذه الصفة ، كان القصر فى هذا المثال قصر
صفة على
موصوف ، بمعنى أن الصفة لا تتعدى الموصوف إلى موصوف آخر. وتراه فى المثال
الثانى يقصر الحياة على التعب ، فالحياة مقصورة ، والتعب مقصور عليه ، ولما كانت
الحياة موصوفة والتعب صفة لها ، كان القصر فى المثال قصر موصوف على صفة ، بمعنى أن
الموصوف لا يفارق صفة التعب إلى صفة الراحة ، ولو أنك تدبرت جميع أمثلة القصر ما
ذكر منها هنا وما لم يذكر ، لوجدت كل مثال يشتمل على مقصور ومقصور عليه ، ووجدت
القصر لا يخلو عن حال من الحالين السابقين. فهو إما قصر صفة على موصوف ، وإما قصر
موصوف على صفة.
وإذا أردت أن
تعرف ضوابط تسهل عليك معرفة كل من المقصور والمقصور عليه فى كل ما يرد عليك ،
فانظر إلى القواعد الآتية تجد ذلك مفصّلا.
القواعد :
(٥٧) القصر
تخصيص أمر بآخر بطريق مخصوص.
(٥٨) طرق القصر
المشهورة أربع :
(ا) النّفى
والاستثناء ، وهنا يكون المقصور عليه ما بعد أداة الاستثناء.
(ب) إنّما ،
ويكون المقصور عليه مؤخّرا وجوبا.
(ح) العطف بلا
، أو بل ، أو لكن ، فإن كان العطف بلا كان المقصور عليه مقابلا لما بعدها ، وإن
كان العطف ببل أو لكن كان المقصور عليه ما بعدهما.
__________________
(د) تقديم ما
حقّه التّأخير. وهنا يكون المقصور عليه هو المقدّم.
(٥٩) لكلّ قصر
طرفان : مقصور ، ومقصور عليه.
(٦٠) ينقسم
القصر باعتبار طرفيه قسمين :
(ا) قصر صفة
على موصوف.
(ب) قصر موصوف
على صفة.
تقسيم القصر إلى
حقيقى وإضافى
الأمثلة :
(١) لا يروى مصر من الأنهار إلّا النّيل.
|
(٣) لا جواد
إلّا علىّ.
|
(٢) إنّما الرّازق الله.
|
(٤) إنّما حسن شجاع.
|
البحث :
قدّمنا لك أن
القصر ينقسم بحسب طرفيه إلى قصر صفة على موصوف ، وقصر موصوف على صفة ، وهنا نريد
أن نبين لك أنه ينقسم تقسيما آخر باعتبار الحقيقة والواقع.
تأمل المثالين
الأولين تجد القصر فيهما من باب قصر الصفة على الموصوف ، وإذا تدبرت الصفة فى كل
من المثالين وجدت أنها لا تفارق موصوفها إلى موصوف آخر مطلقا ، فإرواء الأرض
المصرية فى المثال الأول صفة لا تتجاوز النيل إلى غيره من سائر أنهار الدنيا ،
والرزق فى المثال الثانى صفة لا تتعدى المولى عز وجل إلى سواه ، ويسمّى القصر فى
هذين المثالين قصرا حقيقيّا ، وكذلك كل قصر يختص فيه المقصور بالمقصور
عليه اختصاصا منظورا فيه إلى الحقيقة والواقع بألا يتعداه إلى غيره أصلا.
انظر إلى
المثالين الأخيرين تجد القصر فى أولهما من باب قصر الصفة على الموصوف وفى ثانيهما
من باب قصر الموصوف على الصفة ، وإذا تدبرت المقصور فى كل منهما وجدته مختصّا
بالمقصور عليه بالإضافة (أى بالنسبة) إلى شىء معين ، لا إلى جميع ما عداه ، فإن
المتكلم فى المثال الأول يقصد أن يقصر صفة الجود على علىّ بالنسبة إلى شخص آخر
معين كخالد مثلا ، وليس من قصده أن هذه الصفة لا توجد فى غير علىّ من جميع أفراد
الإنسان ، فإن الواقع خلاف ذلك. وكذلك الحال فى المثال الثانى ، ولذلك يسمى القصر
فى المثالين قصرا إضافيا ، وكذلك كل قصر يكون التخصيص فيه بالإضافة إلى شىء آخر.
القاعدة :
(٦٢) ينقسم
القصر باعتبار الحقيقة والواقع قسمين :
(ا) حقيقىّ وهو أن يختصّ المقصور بالمقصور عليه بحسب الحقيقة
والواقع بألّا يتعدّاه إلى غيره أصلا.
(ب) إضافىّ وهو ما كان الاختصاص فيه بحسب الإضافة إلى شىء معيّن .
__________________
نموذج (١)
بيّن فيما يأتى
نوع القصر وعيّن كلّا من المقصور والمقصور عليه :
(١) قال تعالى
: «إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ
الْعُلَماءُ».
(٢) قال تعالى
: «وَما مُحَمَّدٌ
إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ
انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ»؟
(٣) قال لبيد :
وما المرء
إلّا كالهلال وضوئه
|
|
يوافى تمام
الشهر ثم يغيب
|
(٤) وقال ابن الرّومى فى المدح :
أمواله فى
رقاب الناس من منن
|
|
لا فى
الخزائن من عين ومن نشب
|
(٥) وقال :
وما عجبنا
وإن أصبحت تعجبنا
|
|
أن نجتنى
ذهبا من موضع الذّهب
|
لكن عجبنا
لعرف لا نكافئه
|
|
ونستزيدك منه
أكثر العجب
|
(٦) وقال الغطمّش الضّبىّ :
إلى الله
أشكو لا إلى الناس أنّنى
|
|
أرى الأرض
تبقى والأخلّاء تذهب
|
__________________
الإجابة

نموذج (٢)
عيّن المقصور
عليه فى الجملتين الآتيتين ، وبين الفرق بينهما فى المعنى :
(ا) إنما يدافع
عن أحسابكم علىّ. (ب) إنما على يدافع عن أحسابكم.
الإجابة
(ا) المقصور
عليه فى الجملة الأولى علىّ فالمتكلم يقول لمخاطبيه : علىّ وحده يستقل بالدفاع عن
أحسابكم ولا يشترك معه فى ذلك أحد. ومن الجائز أن تكون لعلى أعمال أخرى يخدمهم بها
غير هذه المدافعة ، كمعالجة مرضاهم ومواساة فقرائهم.
(ب) أما فى
الجملة الثانية فالمقصور عليه المدافعة ، فعلى لا يقوم بسواها من الأعمال ، على
أنه من الجائز أن يشترك معه فى الدفاع سواه. فأنت ترى أن الجملة الأولى أبلغ فى
مدح على من وجهين : أما أولا فلأنها تفيد أنه مستقل بالدفاع لا شريك له فيه ، وأما
ثانيا فلأنها لا تنفى أن له أعمالا أخرى غير المدافعة.
__________________
تمرينات
(١)
بين نوع القصر
، وطريقه ، وعيّن كلّا من المقصور والمقصور عليه فيما يأتى :
(١) قال تعالى
: «فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ
وَعَلَيْنَا الْحِسابُ».
(٢) وقال تعالى
: «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ».
(٣) وقال ابن
الرومى يمدح :
معروفه فى
جميع النّاس مقتسم
|
|
فحمده فى
جميع النّاس لا العصب
|
(٤) وقال :
يتغابى لهم
وليس لموق
|
|
بل للبّ يفوق
لبّ اللّبيب
|
(٥) وقال :
يهتزّ عطفاه
عند الحمد يسمعه
|
|
من هزّة
المجد لا من هزّة الطّرب
|
(٦) وقال :
وما قلت إلّا
الحقّ فيك ولم تزل
|
|
على منهج من
سنّة المجد لاحب
|
(٧) وقال ابن المعنز :
ألا إنّما
الدّنيا بلاغ لغاية
|
|
فإمّا إلى
غىّ وإمّا إلى رشد
|
(٨) وقال :
وما العيش
إلّا مدّة سوف تنقضى
|
|
وما المال
إلا هالك وابن هالك
|
(٩) وقال أبو الطيب :
برجاء جودك
يطرد الفقر
|
|
وبأن تعادى
ينفد العمر
|
__________________
(١٠) وقال :
ليس التّعجّب
من مواهب ماله
|
|
بل من
سلامتها إلى أوقاتها
|
(١١) وقال تعالى : «وَما تَوْفِيقِي
إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ».
(١٢) إلى
الله أشكو أنّ فى النفس حاجة
|
|
تمرّ بها
الأيام وهى كما هيا
|
(١٣) وقال أبو الطيب :
وإنما نحن فى
جيل سواسية
|
|
شرّ على
الحرّ من سقم على بدن
|
(١٤) راحل أنت والليالى نزول
|
|
ومضرّ بك
البقاء الطويل
|
(١٥) وقال ابن الرومى :
وما يريغون
بالنّعمى مكافأة
|
|
لكن يقضّون
ما للمجد من أرب
|
(١٦) وقال أبو العتاهية يمدح يزيد
بن مزيد الشّيبانى :
كأنك عند
الكرّ والحرب إنّما
|
|
تفر من الصفّ
الذى من ورائكا
|
فما آفة
الأبطال غيرك فى الوغى
|
|
وما آفة
الأموال غير حبائكا
|
(١٧) وقال أبو تمام :
على مثلها من
أربع وملاعب
|
|
تذال مصونات
الدموع السواكب
|
__________________
(٢)
عيّن المقصور
عليه فى الجمل الآتية ، وبين الفرق بينها فى المعنى :
(ا) إنما يحبّ
علىّ السباحة فى الصباح.
(ب) إنما يحب
السباحة فى الصباح علىّ.
(ح) إنما يحب
على فى الصباح السباحة.
(٣)
أىّ الجملتين
أبلغ فى مدح سعيد؟ وضح السبب :
(ا) إنما يجيد
الخطابة سعيد.
(ب) إنما سعيد
يجيد الخطابة.
(٤)
اجعل الجمل
الآتية مفيدة للقصر ، ثم بين نوع القصر وطريقه :
(١) الفراغ مفسدة.
|
(٦) طول التجارب زيادة فى العقل.
|
(٢) بركة المال فى أداء الزكاة.
|
(٧) يدوم السرور برؤية الإخوان.
|
(٣) السلامة فى التأنى.
|
(٨) غدرك من دلّك على الإساءة.
|
(٤) صداقة الجاهل تعب.
|
(٩) يسود المرء قومه بالإحسان إليهم.
|
(٥) سكتّ عن السّفيه.
|
(١٠) وضع الإحسان فى غير موضعه ظلم.
|
(٥)
ما يسرّ
الوالدين إلّا نجابة الأبناء.
متى يكون القصر
فى هذه الجملة قصر قلب؟ ومتى يكون قصر إفراد؟ ومتى يكون قصر تعيين؟
(٦)
(١) اجعل
الجملة الآتية دالة على قصر صفة على موصوف من غير أن تزيد على كلماتها شيئا :
نحترم العالم العامل.
(٢) اجعل
الجملة الآتية دالة على القصر واستخدم فى ذلك طرق القصر التى تعرفها : مللنا صحبة
الجهّال.
(٣) عند البلاء
يعرف الصّديق.
اجعل الجملة
السابقة دالة على القصر مرة من طريق النّفى والاستثناء ، ومرة من طريق العطف.
(٧)
ردّ بأسلوب من
أساليب القصر على من اعتقد أنّ الأرض ثابتة ، ثم بين نوع القصر وطريقه فى الجملة
التى تأتى بها.
(٨)
وضّح ما اشتملت
عليه القصة الآتية من أنواع القصر ، وطرقه ، وبين المقصور والمقصور عليه فى كل
جملة فيها قصر :
زعم العرب أنّ
أرنبا التقطت تمرة فاختلسها الثّعلب فأكلها ، فانطلقا يختصمان إلى الضّب ، فقالت
الأرنب : يا أبا الحسل ؛ فقال : سميعا دعوت ؛ قالت : أتيناك نختصم ؛ قال :
عادلا حكّمتما ؛ قالت : فاخرج إلينا ؛ قال : فى بيته يؤتى الحكم ؛ قالت إنّى وجدت تمرة ؛ قال ، حلوة فكليها ؛ قالت :
فاختلسها ثعالة ؛ قال : لنفسه بغى الخير ؛ قالت فلطمته لطمة : قال :
بحقك أخذت ؛ قالت فلطمنى أخرى ؛ قال : حرّ انتصر ؛ قالت : فاقض بيننا ؛ قال : قد
فعلت.
فذهبت أقواله
كلّها أمثالا.
__________________
(٩)
(١) هات جملتين
لقصر الصفة على الموصوف بحيث يكون فى الأولى حقيقيّا وفى الثانية إضافيّا.
(٢) هات جملتين
لقصر الموصوف على الصفة بحيث يكون القصر فيهما إضافيّا.
(٣) مثل لكل
طريق من طرق القصر بمثالين يكون المقصور عليه فى أولهما صفة ، وفى ثانيهما موصوفا.
(٤) هات مثالين
لقصر الموصوف على الصفة بحيث يكون طريق القصر فى أولهما العطف ببل ، وفى ثانيهما
العطف بلكن.
(١٠)
اشرح البيتين
الآتيين وبيّن نوع القصر وطريقه فيهما ، وهما لأبى الطيب فى مدح أبى شجاع فاتك :
لا يدرك
المجد إلّا سيّد فطن
|
|
لما يشقّ على
السادات فعّال
|
لا وارث جهلت
يمناه ما وهبت
|
|
ولا كسوب
بغير السّيف سئّال
|
__________________
الفصل والوصل
(١) مواضع الفصل
الأمثلة :
(١) قال أبو
الطيب :
وما الدّهر
إلّا من رواة قصائدى
|
|
إذا قلت شعرا
أصبح الدّهر منشدا
|
(٢) وقال أبو العلاء :
النّاس
للنّاس من بدو وحاضرة
|
|
بعض لبعض وإن
لم يشعروا خدم
|
(٣) وقال تعالى :
«يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ
لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ».
(٤) وقال أبو
العتاهية :
يا صاحب
الدّنيا المحبّ لها
|
|
أنت الّذى لا
ينقضى تعبه
|
(٥) وقال آخر :
وإنّما المرء
بأصغريه
|
|
كلّ امرئ رهن
بما لديه
|
__________________
(٦) وقال أبو
تمام :
ليس الحجاب
بمقص عنك لى أملا
|
|
إنّ السّماء
ترجّى حين تحتجب
|
البحث :
يقصد علماء
المعانى بكلمة «الوصل» عطف جملة على أخرى «بالواو» كقول الأبيوردى يخاطب الدهر :
العبد ريّان
من نعمى تجود بها
|
|
والحرّ ملتهب
الأحشاء من ظمإ
|
ويقصدون بالفصل
ترك هذا العطف ، كقول المعرى :
لا تطلبنّ
بآلة لك حاجة
|
|
قلم البليغ
بغير حظّ مغزل
|
هذا ولكل من
الفصل والوصل مواطن تدعو إليها الحاجة ويقتضيها المقام ، وسنبدأ لك بمواطن الفصل :
تأمل أمثلة
الطائفة الأولى تجد بين الجملة الأولى والثانية فى كل مثال تآلفا تامّا ، فالجملة
الثانية فى المثال الأول ، وهى «إذا قلت شعرا أصبح الدّهر منشدا» لم تجئ إلا توكيدا
للأولى ، وهى جملة «وما الدهر إلا من رواة قصائدى» ، فإن معنى الجملتين واحد.
والجملة الثانية فى المثال الثانى «بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم» ، ما جاءت إلا
لإيضاح الأولى «الناس للناس من بدو وحاضرة» ، فهى بيان لها ، والجملة الثانية فى
المثال الثالث جزء من معنى الأولى ؛ لأن تفصيل الآيات بعض
__________________
من تدبير الأمور ، فهى بدل منها. ولا شك أنك لحظت أن الجملة الثانية مفصولة
عن الأولى فى كل مثال من الأمثلة الثلاثة ، ولا سر لهذا الفصل سوى ما بينهما من
تمام التآلف وكمال الاتحاد . ولذا يقال إن بين الجملتين كمال الاتصال.
تأمل مثالى
الطائفة الثانية تجد الأمر على العكس ، فإن بين الجملة الأولى والثانية فى كل مثال
منتهى التباين وغاية الابتعاد ، فإنهما فى المثال الرابع مختلفان خبرا وإنشاء.
وهذا جلى واضح. أما فى المثال الخامس فلأنه لا مناسبة بينهما مطلقا إذ لا رابطة فى
المعنى بين قوله : «وإنما المرء بأصغريه» وقوله : «كل امرىء رهن بما لديه» ، وهنا
تجد الجملة الثانية فى كل من المثالين مفصولة عن الأولى ، ولا سر لذلك إلا كمال
التباين وشدة التباعد ، ولذلك يقال فى هذا الموضع إن بين الجملتين كمال
الانقطاع.
انظر إلى
المثال الأخير تر أن الجملة الثانية فيه قوية الرابطة بالجملة الأولى ؛ لأنها جواب
عن سوال نشأ من الأولى ، فكأن أبا تمام بعد أن نطق بالشطر الأول توهم أن سائلا
سأله ، كيف لا يحول حجاب الأمير بينك وبين تحقيق آمالك؟ فأجاب : «إن السماء ترجّى
حين تحتجب» فأنت ترى أن الجملة الثانية مفصولة عن الأولى ، ولا سر لهذا الفصل إلا
قوة الرابطة بين الجملتين ، فإن الجواب شديد الارتباط والاتصال بالسؤال فأشبهت
الحال هنا من بعض الوجوه حال كمال الاتصال التى تقدمت ، ولذلك يقال إن بين
الجملتين شبه كمال الاتصال.
__________________
القواعد :
(٦٢) الوصل عطف
جملة على أخرى بالواو ، والفصل ترك هذا العطف ، ولكلّ من الفصل والوصل مواضع
خاصّة.
(٦٣) يجب الفصل
بين الجملتين فى ثلاثة مواضع :
(ا) أن يكون
بينهما اتّحاد تامّ ، وذلك بأن تكون الجملة الثّانية توكيدا للأولى ، أو بيانا لها
، أو بدلا منها ، ويقال حينئذ إنّ بين الجملتين كمال الاتّصال.
(ب) أن يكون
بينهما تباين تامّ ، وذلك بأن تختلفا خبرا وإنشاء ، أو بألّا تكون بينهما مناسبة
ما ، ويقال حينئذ إنّ بين الجملتين كمال الانقطاع.
(ح) أن تكون
الثّانية جوابا عن سؤال يفهم من الأولى ، ويقال حينئذ إنّ بين الجملتين شبه كمال
الاتّصال .
__________________
(٢) مواضع الوصل
الأمثلة :
(١) قال أبو
العلاء المعرى :
وحبّ العيش
أعبد كلّ حرّ
|
|
وعلّم ساغبا
أكل المرار
|
(٢) وقال أبو الطيب :
وللسّرّ منّى
موضع لا يناله
|
|
نديم ولا
يفضى إليه شراب
|
* * *
(٣) وقال :
يشمّر للّجّ
عن ساقه
|
|
ويغمره الموج
فى السّاحل
|
(٤) وقال بشار بن برد :
وأدن إلى
القربى المقرّب نفسه
|
|
ولا تشهد
الشورى امرأ غير كاتم
|
(٥) لا وبارك الله فيك : (تجيب
بذلك من قال : هل لك حاجة أساعدك فى قضائها)
(٦) لا ولطف
الله به : (تجيب بذلك من قال : هل أبلّ أخوك من علته؟)
__________________
البحث :
تأمل الجملتين «أعبد
كل حرّ» و «علّم ساغبا أكل المرار» فى البيت الأول ، تجد أن للأولى منهما موضعا من
الإعراب لأنها خبر للمبتدإ قبلها ، وأن القائل أراد إشراك الثانية لها فى هذا
الحكم الإعرابى. وتأمل الجملتين : «لا يناله نديم» و «لا يفضى إليه شراب» فى البيت
الثانى ، تجد أن للأولى أيضا موضعا من الإعراب لأنها صفة للنكرة قبلها ، وأنه أريد
إشراك الثانية لها فى هذا الحكم ، وإذا تأملت الجملة الثانية فى كل من البيتين
وجدتها معطوفة على الجملة الأولى موصولة بها. وكذلك يجب الوصل بين كل جملتين جاءتا
على هذا النحو.
انظر فى البيت
الثالث إلى الجملتين : «يشمّر للّجّ عن ساقه» و «يغمره الموج فى الساحل» تجدهما
متحدتين خبرا متناسبتين فى المعنى وليس هناك من سبب يقتضى الفصل ولذلك عطفت الثانية على
الأولى ، والمثال الرابع كذلك مكون من جملتين متحدتين إنشاء هما : «أدن» و «لا
تشهد» وهما متناسبتان فى المعنى وليس هناك من سبب يقتضى الفصل ولذلك عطفت الثانية
على الأولى ، وهكذا يجب الوصل بين كل جملتين اتحدتا خبرا أو إنشاء وتناسبتا فى
المعنى ولم يكن هناك ما يقتضى الفصل بينهما.
انظر فى المثال
الخامس إلى الجملتين : «لا» و «بارك الله فيك» تجد أن الأولى خبرية ، والثانية إنشائية . وأنك لو فصلت فقلت : «لا بارك الله فيك» لتوهم السامع
أنك تدعو عليه فى حين أنك تقصد الدعاء له ، ولذلك وجب العدول عن الفصل إلى الوصل.
وكذلك الحال فى جملتى المثال الأخير ، وفى كل جملتين اختلفتا خبرا وإنشاء وكان ترك
العطف بينهما يوهم خلاف المقصود.
__________________
القاعدة :
(٦٤) يجب الوصل
بين الجملتين فى ثلاثة مواضع :
(ا) إذا قصد
إشراكهما فى الحكم الإعرابى.
(ب) إذا
اتّفقتا خبرا أو إنشاء وكانت بينهما مناسبة تامّة ، ولم يكن هناك سبب يقتضى الفصل
بينهما.
(ح) إذا اختلفا
خبرا وإنشاء وأوهم الفصل خلاف المقصود.
نموذج
لبيان مواضع
الوصل والفصل فيما يأتى مع ذكر السبب فى كل مثال :
(١) قال تعالى
:
«إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ
عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ».
(٢) وقال
الأحنف بن قيس : لا وفاء لكذوب ولا راحة لحسود.
(٣) وقال تعالى
: «وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً
قالُوا لا تَخَفْ».
(٤) وجاء فى
الحكم : كفى بالشّيب داء. صلاح الإنسان فى حفظ اللسان.
(٥) وينسب
للإمام على كرم الله وجهه.
دع الإسراف
مقتصدا ، واذكر فى اليوم غدا ، وأمسك من المال بقدر ضرورتك ، وقدّم الفضل ليوم
حاجتك.
(٦) ولأبى بكر
رضى الله عنه :
أيّها الناس ،
إنّى ولّيت عليكم ولست بخيركم.
(٧) وقال أبو
الطيب :
إن نيوب
الزمان تعرفنى
|
|
أنا الذى طال
عجمها عودى
|
__________________
(٨) لا وكفيت
شرها. (تجيب بذلك من قال : أذهبت الحمّى عن المريض؟)
(٩) قال تعالى
: «أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ ،
أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ».
(١٠) وقال أبو
العتاهية :
قد يدرك
الرّاقد الهادى برقدته
|
|
وقد يخيب أخو
الرّوحات والدّلج
|
(١١) وقال الغزّىّ يشكو الناس :
يصدّون فى
البأساء من غير علّة
|
|
ويمتثلون
الأمر والنّهى فى الخفض
|
(١٢) وقال أبو العلاء المعرى :
لا يعجبنّك
إقبال يريك سنا
|
|
إنّ الخمود
لعمرى غاية الضّرم
|
(١٣) يقولون إنى أحمل الضيم
عندهم
|
|
أعوذ بربّى
أن يضام نظيرى
|
(١٤) وقال تعالى : «يَسُومُونَكُمْ سُوءَ
الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ».
(١٥) وقال
تعالى : «وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ
إِلَّا وَحْيٌ يُوحى».
الإجابة
(١) فصل بين
الجملتين ، جملة : سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ، وجملة لا يؤمنون ، لأن
بينهما كمال الاتصال ؛ إذ أن الثانية لا توكيد للأولى.
(٢) وصل بين
الجملتين لاتفاقهما خبرا وتناسبهما فى المعنى. ولأنه لا يوجد هناك ما يقتضى الفصل.
(٣) فصلت جملة «قالوا»
عن جملة «وأوجس منهم خيفة» لأن بينهما شبه كمال الاتصال ، إذ الثانية جواب لسوال
يفهم من الأولى ، كأن سائلا سأل : فماذا قالوا له حين رأوه وقد داخله الخوف؟ فأجيب
«قالوا لا تخف».
__________________
(٤) فصل بين
الجملتين لأن بينهما كمال الانقطاع ؛ إذ لا مناسبة فى المعنى بين الجملة الأولى
والجملة الثانية.
(٥) وصل بين
الجمل الأربع لاتفاقها إنشاء مع وجود المناسبة ، ولأنه لا يوجد هناك سبب يقتضى
الفصل.
(٦) فصل بين
الجملتين : «أيها الناس» و «إنى وليت عليكم» لاختلافهما خبرا وإنشاء فبينهما كمال
الانقطاع ، ووصل بين الجملتين : «وليت عليكم» و «لست بخيركم» لأنه أريد إشراكهما
فى الحكم الإعرابى إذ كلتاهما فى محل رفع ، وإذا كانت الواو للحال فلا وصل.
(٧) فصل بين
شطرى البيت ؛ لأن الثانى منهما جواب عن سؤال نشأ من الأولى ، فبينهما شبه كمال
الاتصال.
(٨) وصل بين
جملتى لا ، وكفيت ، لاختلافهما خبرا وإنشاء ، وفى الفصل إيهام خلاف المقصود ،
فبينهما كمال الانقطاع مع الإبهام.
(٩) بين جملة «أمدكم
بما تعلمون» وجملة «أمدّكم بأنعام وبنين وجنّات وعيون» كمال الاتصال ؛ فإن الثانية
منهما بدل بعض من الأولى ، إذ الأنعام والبنون والجنات والعيون بعض ما يعلمون.
(١٠) ووصل أبو
العتاهية بين الجملتين لأنهما اتفقتا فى الخبرية ، وبينهما مناسبة تامة ، وليس
هناك ما يقتضى الفصل.
(١١) كذلك وصل
الغزّى بين شطرى البيت لما تقدم.
(١٢) وفصل أبو
العلاء بين شطرى البيت لأن بينهما كمال الانقطاع ؛ إذ الجملتان مختلفتان خبرا
وإنشاء.
(١٣) بين جملة «يقولون
إنى أحمل الضيم» وجملة «أعوذ بربى أن يضام نظيرى» شبه كمال الاتصال لأن الثانية
جواب عن سؤال نشأ من الأولى ، فكأن الشاعر بعد أن أتى بالشطر الأول من البيت أحسّ
أن سائلا يقول له : «وهل ما يقولونه من أنك تتحمل الضّيم صحيح؟» فأجاب بالشطر
الثانى.
(١٤) بين جملة
: «يسومونكم سوء العذاب» وجملة : «يذبّحون أبناءكم» كمال الاتصال فإن الثانية
منهما بدل بعض من الأولى.
(١٥) فصل الله
تعالى بين الجملتين فى الآية الكريمة لأن بينهما كمال الاتصال فإن الجملة الثانية
بيان للأولى.
تمرينات
(١)
بيّن مواضع
الوصل والفصل فيما يأتى ووضّح السبب فى كل مثال :
(١) قال بعض
الحكماء : العبد حرّ إذا قنع ، والحر عبد إذا طمع.
(٢) وقال ابن
الرومى :
قد يسبق
الخير طالب عجل
|
|
ويرهق الشر
ممعنا هربه
|
(٣) وقال أبو الطيب :
الرأى قبل
شجاعة الشّجعان
|
|
هو أوّل وهى
المحلّ الثّانى
|
(٤) وخطب الحجاج فقال :
اللهم أرنى
الغىّ غيّا فأجتنبه ، وأرنى الهدى هدى فأتّبعه ، ولا تكلنى إلى نفسى فأضلّ ضلالا
بعيدا
(٥) وقال
الشريف الرضىّ فى الرثاء
أعلمت من
حملوا على الأعواد
|
|
أعلمت كيف
خبا ضياء النادى
|
(٦) قال حسان بن ثابت الأنصارى :
أصون عرضى
بمالى لا أدنّسه
|
|
لا بارك الله
بعد العرض فى المال
|
أحتال للمال
إن أودى فأكسبه
|
|
ولست للعرض
إن أودى بمحتال
|
__________________
(٧) وقال
النابغة الذبيانىّ يرثى أخاه من أمه :
حسب الخليلين
نأى الأرض بينهما
|
|
هذا عليها
وهذا تحتها بالى
|
(٨) وقال الطّغرائىّ :
يا واردا سؤر
عيش كلّه كدر
|
|
أنفقت عمرك
فى أيّامك الأول
|
(٩) لا الدمع غاض ولا فوادك سالى
|
|
نزل الحمام
عرينة الرّئبال
|
(١٠) وقالت زينب بنت الطّثريّة ترثى أخاها :
وقد كان يروى
المشرفىّ بكفّه
|
|
ويبلغ أقصى
حجرة الحىّ نائله
|
(١١) وقال أبو الطيب.
أعزّ مكان فى
الدّنا سرج سابح
|
|
وخير جليس فى
الزمان كتاب
|
(١٢) العين عبرى والنّفوس صوادى
|
|
مات الحجا
وقضى جلال النّادى
|
(١٣) وقال رجل من بنى أسد فى
الهجاء :
لا تحسب
المجد تمرا أنت آكله
|
|
لن تبلغ
المجد حتى تلعق الصّبرا
|
(١٤) وقال عمارة اليمنىّ :
وغدر الفتى
فى عهده ووفائه
|
|
وغدر المواضى
فى نبوّ المضارب
|
__________________
(١٥) قال تعالى
فى قصة فرعون وردّ موسى عليه السّلام :
«قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ
الْعالَمِينَ * قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ
كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ * قالَ رَبُّكُمْ
وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ».
(١٦) وقال
تعالى : (وَإِذا تُتْلى
عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي
أُذُنَيْهِ وَقْراً).
(٢)
(١) لم يعيب
الناس العطف فى الشطر الثانى من أبى تمام؟
لا والذى هو
عالم أنّ النوى
|
|
صبر وأنّ أبا
الحسين كريم
|
(٢) لم يحسن أن نقول : علىّ خطيب
وسعيد شاعر ، ويقبح أن نقول : على مريض وسعيد عالم؟
(٣)
(١) هات ثلاثة
أمثلة للجمل المفصول بينها لكمال الاتصال ، واستوف المواضع الثلاثة التى يظهر فيها
هذا الكمال.
(٢) هات مثالين
للجمل المفصول بينها لشبه كمال الاتصال.
(٣) هات مثالين
للجمل المفصول بينها لكمال الانقطاع.
(٤)
(١) مثل
بمثالين لكل موضع من مواضع الوصل.
(٥)
انثر البيتين
الآتيين وبين سبب ما فيهما من فصل ووصل ، وهما لأبى الطيب فى مدح سيف الدولة :
يا من يقتّل
من أراد بسيفه
|
|
أصبحت من
قتلاك بالإحسان
|
فإذا رأيتك
حار دونك ناظرى
|
|
وإذا مدحتك
حار فيك لسانى
|
__________________
الإيجاز والإطناب
والمساواة
(١) المساواة
الأمثلة :
(١) قال تعالى
: «وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ
خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ».
(٢) وقال تعالى
: () [١]
(٣) وقال
النابغة الذبيانىّ :
فإنّك
كاللّيل الّذى هو مدركى
|
|
وإن خلت أنّ
المنتأى عنك واسع
|
(٤) وقال طرفة بن العبد :
ستبدى لك
الأيام ما كنت جاهلا
|
|
ويأتيك
بالأخبار من لم تزوّد
|
البحث :
يختار البليغ
للتعبير عما فى نفسه طريقا من طرق ثلاث ؛ فهو تارة يوجز ، وتارة يسهب ، وتارة يأتى
بالعبارة بين بين ، على حسب ما تقتضيه حال المخاطب ويدعو إليه موطن الخطاب ، ونريد
هنا أن نشرح هذه الطرق الثلاث ، وسنبدأ بالمساواة لأنها الأصل المقيس عليه.
__________________
تأمل الأمثلة
المتقدمة تجد الألفاظ فيها بقدر المعانى ، وأنك لو حاولت أن تزيد فيها لفظا لجاءت
الزيادة فضلا ، أو أردت إسقاط كلمة لكان ذلك إخلالا ، فالألفاظ فى كل مثال مساوية
للمعانى ، ولذلك يسمّى أداء الكلام على هذا النحو مساواة.
القاعدة :
(٧٥) المساواة
أن تكون المعانى بقدر الألفاظ ، والألفاظ بقدر المعانى ، لا يزيد بعضها على بعض.
(٢) الإيجاز
(١) قال تعالى
: «أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ».
(٢) وقال صلّى
الله عليه وسلّم : «الضّعيف أمير الرّكب» .
(٣) وقيل
لأعرابىّ يسوق مالا كثيرا : لمن هذا المال؟ فقال : لله فى يدى.
* * *
(٤) قال تعالى
: «وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا
صَفًّا».
(٥) وقال تعالى
: «ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ، بَلْ
عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ».
(٦) وقال تعالى
: فى حكاية موسى عليه السّلام مع ابنتى شعيب : (فَسَقى لَهُما ثُمَّ
تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ
__________________
إِنِّي
لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى
اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا».
البحث :
تأمل أمثلة
الطائفة الأولى تجد أن ألفاظها فى كل مثال على قلّتها جمعت معانى كثيرة متزاحمة.
فالمثال الأول تضمّن كلمتين استوعبتا جميع الأشياء والشئون على وجه الاستقصاء. حتى
لقد روى أن ابن عمر رضى الله عنه قرأها فقال : من بقى له شىء فليطلبه. والمثال
الثانى آية فى البلاغة والحسن ، فقد جمع من آداب السفر والعطف على الضعيف ما لا
يسهل على البليغ أن يعبّر عنه إلّا بالقول المسهب الطويل. وكذلك الحال فى المثال
الثالث. وهذا الأسلوب من الكلام يسمى إيجازا. ولما كان مدار الإيجاز هنا على اتساع
الألفاظ القليلة للمعانى المتكاثرة والأغراض المتزاحمة ، لا على حذف بعض كلمات أو
جمل ، سمّى إيجاز قصر
تأمل أمثلة
الطائفة الثانية تجد أنها موجزة أيضا ، وإذا أردت أن تعرف سرّ الإيجاز فيها فانظر
إلى المثال الأول تجد أنه قد حذف منه كلمة ، إذ تقدير الكلام فيه وجاء أمر ربك ،
وانظر إلى المثال الثانى تجد أنه حذف منه جملة هى جواب القسم ، إذ تقدير الكلام «ق
والقرآن المجيد» لتبعثنّ. أمّا المثال الثالث فالمحذوف فيه جمل عدة ، ونظم الكلام
من غير حذف أن يقال : فذهبتا إلى أبيهما ، وقصّتا عليه ما كان من أمر موسى ، فأرسل
إليه ، «فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى
اسْتِحْياءٍ».
ولما كان سبب
الإيجاز فى هذه الأمثلة هو الحذف سمى إيجاز حذف ويشترط فى هذا النوع من الإيجاز أن
يقوم دليل على المحذوف ، وإلا كان الحذف ريئا والكلام غير مقبول.
القاعدة :
(٦٦) الإيجاز
جمع المعانى المتكاثرة تحت اللّفظ القليل مع الإبانة والإفصاح ، وهو نوعان :
(ا) إيجاز قصر
، ويكون بتضمين العبارات القصيرة معانى قصيرة من غير حذف.
(ب) إيجاز حذف
، ويكون بحذف كلمة أو جملة أو أكثر مع قرينة تعيّن المحذوف.
نموذج
لبيان نوع
الإيجاز فى العبارات الآتية :
(١) قال تعالى
: «أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ».
(٢) وقال تعالى
: «تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ».
(٣) وقال تعالى
: «أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها».
(٤) وقال تعالى
: «فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ
وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ».
(٥) وقال تعالى
: «وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ
الْجِبالُ ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى ، بَلْ
لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً».
(٦) وقال أبو
الطيب :
أتى الزّمان
بنوه فى شبيبته
|
|
فسرّهم
وأتيناه على الهرم
|
(٧) أكلت فاكهة وماء.
__________________
الإجابة
(١) فى الآية
إيجاز قصر ؛ لأن كلمة «الأمن» يدخل تحتها كلّ أمر محبوب ، فقد انتفى بها أن يخافوا
فقرا ، أو موتا ، أو جورا ، أو زوال نعمة ، أو غير ذلك من أصناف المكاره.
(٢) فى الآية
إيجاز حذف ، لأن المعنى «تالله لا تفتأ تذكر يوسف» فحذف حرف النفى.
(٣) فى الآية
إيجاز قصر ؛ فقد دل الله سبحانه بكلمتين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا ومتاعا
للناس من العشب والشجر والحطب واللّباس والنار والماء.
(٤) فى الآية
إيجاز حذف ، فقد حذف جواب أمّا ، وأصل الكلام «فيقال لهم
أَكَفَرْتُمْ
بَعْدَ إِيمانِكُمْ».
(٥) فى الآية
إيجاز بحذف جواب لو ، إذ تقدير الكلام لكان هذا القرآن.
(٦) فى البيت
إيجاز بحذف جملة : والتقدير وأتيناه على الهرم فساءنا.
(٧) فى العبارة
إيجاز بحذف جملة ، إذ التقدير وشربت ماء.
تمرينات
(١)
بين نوع
الإيجاز فيما يأتى ووضح السبب :
(١) قال تعالى
: «وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً
لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ».
(٢) وقال تعالى
: (خُذِ الْعَفْوَ
وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ).
(٣) وقال عليه
الصلاة والسّلام : «إن من البيان لسحرا»
(٤) وقال تعالى
فى وصف الجنة : «فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ
وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ».
__________________
(٥) وقال تعالى
: (وَلَوْ تَرى إِذْ
فَزِعُوا فَلا فَوْتَ).
(٦) وقال تعالى
: «وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ
رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ».
(٧) وقال صلّى
الله عليه وسلّم : «الطّمع فقر واليأس غنى».
(٨) وقال على كرم
الله وجهه : «آلة الرياسة سعة الصدر».
(٩) وينسب
للسّموءل :
وإن هو لم
يحمل على النّفس ضيمها
|
|
فليس إلى حسن
الثناء سبيل
|
(١٠) وقال تعالى فى وصف انتهاء
حادثة الطوفان :
(وَقِيلَ يا أَرْضُ
ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ
وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
(٢)
بيّن جمال
الإيجاز فيما يأتى واذكر من أى نوع هو :
(١) كتب طاهر
بن الحسين إلى المأمون وكان واليه على عمّاله بعد هزمه عسكر على بن عيسى بن ماهان وقتله إياه :
كتابى إلى أمير
المؤمنين ، ورأس على بن عيسى بن ماهان بين يدى ، وخاتمه فى يدى ، وعسكره مصرّف تحت
أمرى والسّلام.
(٢) وخطب زياد فقال :
أيها الناس لا
يمنعنّكم سوء ما تعلمون عنّا أن تنتفعوا بأحسن ما تسمعون منّا.
__________________
(٣)
بين ما فى
التوقيعات الآتية من جمال الإيجاز :
(١) وقّع أبو
جعفر المنصور فى شكوى قوم من عاملهم :
كما تكونوا
يؤمّر عليكم .
(٢) وكتب إليه
صاحب مصر بنقصان النيل فوقّع :
طهّر عسكرك من
الفساد يعطك النيل القياد .
(٣) ووقع على
كتاب لعامله على حمص وقد كثر فيه الخطأ :
استبدل بكاتبك
، وإلا استبدل بك .
(٤) وكتب إليه
صاحب الهند أنّ جندا شغبوا عليه وكسروا أقفال بيت المال ، فوقّع : لو عدلت لم يشغبوا ،
ولو وفيت لم ينتهبوا .
(٥) ووقّع هرون
الرشيد إلى صاحب خراسان : داو جرحك لا يتسع.
(٦) ووقّع فى
قصة البرامكة : أنبتتهم الطاعة ، وحصدتهم المعصية.
(٧) وكتب إبراهيم
بن المهدى فى كلام للمأمون : إن عفوت فبفضلك ، وإن أخذت فبحقك. فوقّع المأمون :
القدرة تذهب الحفيظة .
(٨) ووقّع زياد
بن أبيه فى قصة متظلم : كفيت.
(٩) ووقّع جعفر
بن يحيى لعامل كثرت الشكوى منه :
كثر شاكوك ،
وقلّ شاكروك ، فإمّا عدلت ، وإمّا اعتزلت.
(١٠) ووقع فى
قصة محبوس : العدل أوقعه ، والتوبة تطلقه.
__________________
(٤)
اقرإ الحكاية
الآتية وبين وجه الإيجاز ونوعه فيما يعرض فيها من أمثال :
كان لرجل من
الأعراب اسمه ضبّة ابنان. يقال لأحدهما سعد وللآخر سعيد ، فنفرت إبل لضبة فتفرق
ابناه فى طلبها ، فوجدها سعد فردها ، ومضى سعيد فى طلبها ، فلقيه الحارث بن كعب ،
وكان على الغلام بردان ؛ فسأله الحارث إياهما فأبى عليه فقتله وأخذ برديه ؛ فكان
ضبّة إذا أمسى ورأى تحت الليل سوادا قال : أسعد أم سعيد؟ فذهب قوله مثلا يضرب فى
النجاح والخيبة ، ثم مكث ضبة بعد ذلك ما شاء الله أن يمكث ، ثم إنه حج فوافى عكاظ
فلقى بها الحارث بن كعب ، ورأى عليه بردى ابنه سعيد ، فعرفهما ، فقال له : هل أنت
مخبرى ما هذان البردان اللذان عليك؟ قال لقيت غلاما وهما عليه فسألته إياهما فأبى
علىّ فقتلته وأخذتهما ، فقال ضبة : بسيفك هذا؟ قال : نعم ، قال : أرنيه فإنى أظنه
صارما ؛ فأعطاه الحارث سيفه ، فلما أخذه هزّه وقال : الحديث ذو شجون ثم ضربه به فقتله ، فقيل له يا ضبة : أفى الشهر الحرام؟
فقال : سبق السيف العذل . فهو أوّل من سارت عنه هذه الأمثال الثلاثة
(٥)
(١) هات ثلاثة
أمثلة لإيجاز القصر وبين وجه الإيجاز فى كل منها.
(٢) هات ثلاثة
أمثلة لإيجاز الحذف. بحيث يكون المحذوف فى المثال الأول كلمة وفى الثانى جملة ،
وفى الثالث أكثر من جملة ، وبين المحذوف فى كل مثال.
(٦)
بيّن ما فى قول
أبى تمام فى المديح من بلاغة وإيجاز :
ولو صوّرت
نفسك لم تزدها
|
|
على ما فيك
من كرم الطباع
|
__________________
(٣) الإطناب
البحث :
(١) قال تعالى
: (تَنَزَّلُ
الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها).
* * *
(٢) وقال تعالى
: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ
وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ».
(٣) وقال : «وَقَضَيْنا إِلَيْهِ
ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ».
* * *
(٤) وقال عنترة
بن شداد فى بعض روايات معلقته :
يدعون عنتر
والرّماح كأنّها
|
|
أشطان بئر فى
لبان الأدهم
|
يدعون عنتر
والسّيوف كأنّها
|
|
لمع البوارق
فى سحاب مظلم
|
* * *
(٥) وقال
النابغة الجعدى :
ألا زعمت بنو
سعد بأنّى
|
|
ـ ألا كذبوا ـ كبير
السّنّ فانى
|
__________________
(٦) وقال
الحطيئة :
تزور فتى
يعطى على الحمد ماله
|
|
ومن يعط
أثمان المحامد يحّمد
|
(٧) وقال ابن نباتة السّعدىّ :
لم يبق جودك
لى شيئا أؤمّله
|
|
تركتنى أصحب
الدّنيا بلا أمل
|
* * *
(٨) وقال ابن
المعتز يصف فرسا :
صببنا عليها
ـ ظالمين ـ سياطنا
|
|
فطارت بها
أيد سراع وأرجل
|
البحث :
عرفت فيما سبق
معنى الإيجاز ؛ ونريد هنا أن نشرح لك نوعا آخر من الأساليب يقابله ويضادّه فتزيد
فيه الألفاظ على المعانى لغرض بلاغىّ.
تأمل المثال
الأول تجد لفظ «الروح» فيه زائدا ، لأن معناه داخل فى عموم اللفظ المذكور قبله وهو
الملائكة ، وانظر فى المثال الثانى تجد أن لفظ «لى ولوالدىّ» زائد أيضا ، لدخول
معناه فى عموم المؤمنين والمؤمنات ، وكذلك يشتمل كل مثال من الأمثلة الباقية على
زيادة لفظية ستعرفها فيما يأتى ، وسترى أيضا أنّ هذه الزيادة لم تجئ عبثا ، وإنما
جاءت للطيفة من اللطائف البلاغيّة التى تزيد قيمة الكلام وترفع من معانيه ، وأداء
الكلام على هذا الوجه يسمّى إطنابا.
ارجع إلى
الأمثلة وابحث فيها واحدا واحدا تجد طرق الإطناب فيها
مختلفة : فطريقه فى المثال الأول ذكر الخاص بعد العام ، فقد خصّ الله
سبحانه وتعالى الروح بالذّكر وهو جبريل مع أنه داخل فى عموم الملائكة تكريما له
وتعظيما لشأنه كأنه جنس آخر ، ففائدة الزيادة هنا التنويه بشأن الخاص.
وطريقه فى
المثال الثانى ذكر العام بعد الخاص ، فقد ذكر الله سبحانه المؤمنين والمؤمنات وهما
لفظان عامان يدخل فى عمومهما من ذكر قبل ذلك ، والغرض من هذه الزيادة إفادة الشمول
مع العناية بالخاص لذكره مرتين ، مرة وحده ، ومرة مندرجا تحت العام.
وطريقه فى
المثال الثالث الإيضاح بعد الإبهام فإن قوله تعالى : (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ
مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) إيضاح للإبهام الذى تضمنه لفظ «الأمر» وذلك لزيادة
تقرير المعنى فى ذهن السامع بذكره مرتين ، مرة على طريق الإجمال والإبهام ، ومرة
على طريق الإيضاح والتفصيل.
وطريقه فى بيتى
عنترة التكرار لتقرير المعنى فى نفس السامع وتثبيته ، ويظهر هذا الغرض فى الخطابة
، وفى موطن الفخر والمدح والإرشاد والإنذار ، وقد يكون التكرار لدواع أخرى ، منها
التحسر كما فى قول الحسين بن مطير يرثى معن بن رائدة :
فيا قبر معن
أنت أوّل حفرة
|
|
من الأرض
خطّت للسّماحة موضعا
|
ويا قبر معن
كيف واريت جوده
|
|
وقد كان منه
البرّ والبحر مترعا
|
ومنها طول
الفصل كما فى قول الشاعر :
لقد علم
الحىّ اليمانون أننى
|
|
إذا قلت أمّا
بعد أنّى خطيبها
|
__________________
وطريقه فى
المثال الخامس الاعتراض ، وهو أن يوتى فى أثناء الكلام أو بين كلامين متصلين فى
المعنى بجملة أو أكثر لا محل لها من الإعراب لغرض يقصد إليه البليغ ، فجملة «ألا
كذبوا» قد جاءت فى بيت النابغة بين اسم إن وخبرها للإسراع إلى التنبيه على كذب من
رماه بالكبر ، وقد يكون من أغراض الاعتراض الإسراع إلى التنزيه ، نحو : إن الله ـ تبارك
وتعالى ـ لطيف بعباده ، وقد يكون للدعاء نحو إنى ـ وقاك الله ـ مريض.
وطريقه فى
المثالين السادس والسابع التذييل ، وهو تعقيب الجملة بجملة أخرى تشتمل على معناها
توكيدا لها ، فإن المعنى فى كلا البيتين قد تمّ فى الشطر الأول ، ثم ذيّل بالشطر
الثانى للتوكيد. وإذا تأملت التذييل فى المثالين وجدت بينهما بعض الخلاف. وذلك أن
التذييل فى المثال الأول مستقلّ بمعناه لا يتوقف فهمه على فهم ما قبله ، ويقال له
إنه جار مجرى المثل ، أما فى المثال الثانى فهو غير مستقل بمعناه إذ لا يفهم الغرض
منه إلا بمعونة ما قبله ، ويقال لهذا النوع إنه غير جار مجرى المثل.
تأمل المثل
الأخير تجد أننا لو أسقطنا منه كلمة «ظالمين» لتوهّم السامع أن فرس ابن المعتز
كانت بليدة تستحق الضرب ، وهذا خلاف المقصود ، وتسمّى هذه الزيادة فى البيت
احتراسا ، وكذلك كل زيادة تجىء لدفع ما يوهمه الكلام مما ليس مقصودا.
القاعدة :
(٦٧) الإطناب
زيادة اللّفظ على المعنى لفائدة ويكون بأمور عدة منها :
__________________
(ا) ذكر الخاصّ
بعد العامّ للتّنبيه على فضل الخاصّ.
(ب) ذكر العامّ
بعد الخاصّ لإفادة العموم مع العناية بشأن الخاصّ.
(ح) الإيضاح
بعد الإبهام ، لتقرير المعنى فى ذهن السّامع.
(د) التّكرار
لداع : كتمكين المعنى من النفس ، وكالتّحسّر ، وكطول الفصل.
(ه) الاعتراض ،
وهو أن يؤتى فى أثناء الكلام أو بين كلامين متّصلين فى المعنى بجملة أو أكثر لا
محلّ لها من الإعراب .
(و) التّذييل ،
وهو تعقيب الجملة بجملة أخرى تشتمل على معناها توكيدا لها ، وهو قسمان :
(١) جار مجرى
المثل إن استقلّ معناه واستغنى عمّا قبله.
(٢) غير جار
مجرى المثل إن لم يستغن عمّا قبله.
(ز) الاحتراس ،
ويكون حينما يأتى المتكلّم بمعنى يمكن أن يدخل عليه فيه لوم ، فيفطن لذلك ويأتى
بما يخلّصه منه.
نموذج
بين نوع
الإطناب فيما يأتى :
(١) قال تعالى
: «أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ
يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ ،
__________________
أَوَأَمِنَ
أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ، أَفَأَمِنُوا
مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ».
(٢) وقال تعالى
: «وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ
الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ ، كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ».
(٣) وقال أبو
الطيب :
إنّى أصاحب
حلمى وهو بى كرم
|
|
ولا أصاحب
حلمى وهو بى جبن
|
(٤) وقال النابغة الجعدىّ يهجو :
لو انّ
الباخلين وأنت منهم
|
|
رأوك تعلّموا
منك المطالا
|
(٥) وقالت أعرابية لرجل : كبت الله
كل عدو لك إلّا نفسك.
(٦) وقال تعالى
: «أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ
أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ».
الإجابة
(١) فى الآية
إطناب بالتكرار فى معرض الإنذار لتقرير المعنى فى نفوس السامعين.
(٢) فى الآية
إطناب بالتذييل فى موضعين : أولهما قوله تعالى : (أَفَإِنْ مِتَّ
فَهُمُ الْخالِدُونَ) ، وهذا تذييل لم يجر مجرى المثل ، والثانى قوله تعالى :
«كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ»
وهو جار مجرى
المثل.
(٣) فى البيت
إطناب بالاحتراس فى موضعين : أولهما فى الشطر الأول بذكر وهو بى كرم ، وثانيهما فى
الشطر الثانى بذكر وهو بى جبن.
(٤) فى البيت
إطناب بالاعتراض. فقد جاءت جملة : «وأنت منهم» معترضة بين اسم إن وخبرها للإسراع
إلى ذم المخاطب.
(٥) هنا إطناب
بالاحتراس ، لأن نفس الإنسان تجرى مجرى العدوّ له ، فإنها تدعوه إلى ما يوبقه.
(٦) فى الآية
إطناب بالإيضاح بعد الإبهام فإن ذكر الأنعام والبنين توضيح لما أبهم قبل ذلك فى
قوله : «بِما تَعْلَمُونَ».
تمرينات
(١)
وضح الغرض من
التكرار فى كل مثل من الأمثلة الآتية :
(١) قال بعض
شعراء الحماسة :
إلى معدن
العزّ المؤثّل والنّدى
|
|
هناك هناك
الفضل والخلق الجزل
|
(٢) وقالت أعرابيّة ترثى ولديها :
يا من أحسّ
بنيّىّ اللذين هما
|
|
كالدّرّتين
تشظّى عنهما الصّدف
|
يا من أحسّ
بنيّىّ اللذين هما
|
|
سمعى وطرفى
فطرفى اليوم مختطف
|
(٣) وقال عمرو بن كلثوم فى معلقته :
بأىّ مشيئة
عمرو بن هند
|
|
نكون لقيلكم
فيها قطينا
|
بأىّ مشيئة
عمرو بن هند
|
|
تطيع بنا
الوشاة وتزدرينا
|
(٤) قال تعالى : «فَإِنَّ مَعَ
الْعُسْرِ يُسْراً ، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً».
(٢)
بيّن مواطن
الاعتراض وفائدته فى الأمثلة الآتية :
(١) قال العباس
بن الأحنف :
إن تم ذا
الهجر يا ظلوم ولا
|
|
تم فما لى فى
العيش من أرب
|
__________________
(٢) وقال أبو
الفتح البستىّ :
إذا حمد
الكريم صباح يوم
|
|
وأنّى ذاك لم
يحمد مساءه
|
(٣) وقال أبو خراش الهذلّى يذكر أخاه عروة :
تقول أراه
بعد عروة لاهيا
|
|
وذلك رزء لو
علمت جليل
|
فلا تحسبى
أنّى تناسيت عهده
|
|
ولكنّ صبرى
يا أميم جميل
|
(٤) واعلم فعلم المرء ينفعه
|
|
أن سوف يأتى
كلّ ما قدرا
|
(٣)
بيّن مواطن
التذييل ونوعه فى كل مثال من الأمثلة الآتية :
(١) قال أبو
تمام يعزى الخليفة فى ابنه :
تعزّ أمير
المؤمنين فإنّه
|
|
لما قد ترى
يغذى الصبىّ ويولد
|
هل ابنك إلّا
من سلالة آدم
|
|
لكلّ على حوض
المنيّة مورد
|
(٢) وقال إبراهيم بن المهدى فى
رثاء ابنه :
تبدّل دارا
غير دارى وجيرة
|
|
سواى وأحداث
الزّمان تنوب
|
(٣) فإن أك مقتولا فكن أنت قاتلى
|
|
فبعض منايا
القوم أكرم من بعض
|
(٤) قال تعالى : «ذلِكَ جَزَيْناهُمْ
بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ».
__________________
(٤)
بين مواطن
الاحتراس وسبب الإتيان به فى الأمثلة الاتية :
(١) قال أبو
الحسين الجزار فى المديح :
ويهتزّ
للجدوى إذا ما مدحته
|
|
كما اهتزّ
حاشا وصفه شارب الخمر
|
(٢) وقال آخر :
وما بى إلى
ماء سوى النّيل غلة
|
|
ولو أنه
أستغفر الله زمزم
|
(٣) وقال عنترة :
يخبرك من شهد
الوقيعة أنّنى
|
|
أغشى الوغى
وأعفّ عند المغنم
|
(٤) وقال كعب بن سعيد الغنوى
حليم إذا ما
الحلم زيّن أهله
|
|
مع الحلم فى
عين الرّجال مهيب
|
(٥)
بيّن مواقع
الإطناب والغرض منه فيما يأتى :
(١) قال تعالى
: «إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ
وَالْبَغْيِ».
(٢) وقال أيضا
: «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ
الْوُسْطى».
(٣) وقال
الشاعر :
والسّعى فى
الرّزق والأرزاق قد قسمت
|
|
بغى ألا إنّ
بغى المرء يصرعه
|
(٤) وقال تعالى : «وَما أَدْراكَ ما
يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ».
__________________
(٥) وقال تعالى
: «وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ
اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ ، يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ
الدُّنْيا مَتاعٌ ، وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ».
(٦) وقال تعالى
: «اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ
بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ».
(٧) وقال
الحماسى :
أسجنا وقيدا
واشتياقا وغربة
|
|
ونأى حبيب؟
إنّ ذا لعظيم
|
|
وإنّ امرأ
دامت مواثيق عهده
|
|
على مثل هذا
إنّه لكريم
|
(٨) وقال تعالى :
«فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ
يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ».
(٩) وقال
إبراهيم بن المهدى فى رثاء ابنه :
وإنّى وإن
قدّمت قبلى لعالم
|
|
بأنّى وإن
أخّرت منك قريب
|
(١٠) قال تعالى : «وَيَجْعَلُونَ
لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ».
(١١) وقال أوس
بن حجر :
ولست بحابئ
أبدا طعاما
|
|
حذار غد لكلّ
غد طعام
|
(١٢) وقال تعالى : «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ
أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ».
(١٣) وقال
تعالى : «إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ
عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ، وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا
فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».
(١٤) وقال
تعالى : «وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ
لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ».
(١٥) قال تعالى
: «يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ
عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ».
__________________
(٦)
بيّن ما تراه
فى الأبيات الآتية من العيوب البلاغية :
(١) قال أبو
نواس :
أقمنا بها
يوما ويوما وثالثا
|
|
ويوما له يوم
الترحّل خامس
|
(٢) وقال النابغة فى وصف دار :
تبيّنت آيات
لها فعرفتها
|
|
لستّة أعوام
وذا العام سابع
|
(٣) وقال أبو العتاهية :
مات والله
سعيد بن وهب
|
|
رحم الله
سعيد بن وهب
|
يا أبا عثمان
أبكيت عينى
|
|
يا أبا عثمان
أوجعت قلبى
|
(٧)
تدبر الكلام
الموجز الآتى ثم ضعه فى أسلوبين من إنشائك يكون فى أحدهما مساويا لمعناه ، وفى
الآخر زائدا على معناه :
أمّا بعد فعظ
الناس بفعلك ، واستحى من الله بقدر قربه منك ، وخفه بقدر قدرته عليك.
(٨)
لماذا كان كل
مثال به فصل لكمال الاتصال ضربا من الإطناب؟ مثّل بأمثلة مختلفة ، وبيّن نوع
الإطناب فى كل مثال.
(١) هات مثالين
للإطناب بذكر الخاص بعد العام ، وآخرين للإطناب بذكر العام بعد الخاص ، وبيّن
فائدة الزيادة التى تضمنها الكلام فى كل مثال.
(٣) هات مثالين
للاعتراض ، وبيّن فائدته فى المثالين.
__________________
(٣) هات أربعة
أمثلة للتكرار الحسن ، وبيّن غرضك منه فى كل مثال ، واستوف أغراض التكرار التى
عرفتها.
(٤) هات مثالين
للتذييل الجارى مجرى المثل ، وآخرين للتذييل الذى لم يجر مجرى المثل.
(٥) هات مثالين
للاحتراس.
(٩)
اشرح بيتى
المتنبى فى وصف شعب بوّان ، وبيّن نوع الإطناب فيهما :
ملاعب جنّة
لو سار فيها
|
|
سليمان لسار
بترجمان
|
طبت فرساننا
والخيل حتى
|
|
خشيت وإن
كرمن من الحران
|
أثر علم المعانى فى
بلاغة الكلام
نستطيع هنا بعد
الدراسة السابقة أن نلخص لك مباحث علم المعانى فى أمرين اثنين :
الأول أنه
يبيّن لك وجوب مطابقة الكلام لحال السامعين والمواطن التى يقال فيها ، ويريك أن
القول لا يكون بليغا كيفما كانت صورته حتى يلائم المقام الذى قيل فيه ، ويناسب حال
السامع الذى ألقى عليه ، وقديما قال العرب : لكل مقام مقال.
فقد يؤكد الخبر
أحيانا كما علمت ، وقد يلقى بغير توكيد ، على حسب حال السامع من جهل بمضمون الخبر
أو تردد أو إنكار. ومناهضة هذا الأصل بلا داع نشوز عما رسم من قواعد البلاغة. انظر
إلى قوله تعالى فى شأن رسل عيسى عليه السّلام حين بعثهم إلى أهل أنطاكية :
«وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ
الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ، إِذْ أَرْسَلْنا
__________________
إِلَيْهِمُ
اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما ، فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ، فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ
مُرْسَلُونَ ، قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا ، وَما أَنْزَلَ
الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ، قالُوا رَبُّنا
يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ».
فإن الرسل حين
أحسّوا إنكارهم فى المرة الأولى اكتفوا بتأكيد الخبر «بإنّ». فقالوا : (إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) ، فلما تزايد إنكارهم وجحودهم قالوا : (رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ
لَمُرْسَلُونَ) ، فأكدوا بالقسم وإنّ واللام.
وقد تخفى هذه
الدقائق على غير أهل اللغة ، روى أن الكندىّ ركب إلى أبى العباس المبرّد وقال له : إنى لأجد فى كلام العرب حشوا!
فقال أبو
العباس : أين وجدت ذلك؟ فقال. وجدتهم يقولون : «عبد الله قائم» ثم يقولون : «إن
عبد الله قائم» ثم يقولون : «إن عبد الله لقائم» فالألفاظ مكررة والمعنى واحد ؛
فقال أبو العباس. بل المعانى مختلفة ، فالأول إخبار عن قيامه ، والثانى جواب عن
سؤال ، والثالث ردّ على منكر.
كذلك يوجب علم
المعانى أن يخاطب كل إنسان على قدر استعداده فى الفهم ونصيبه من اللغة والأدب فلا
يجيز أن يخاطب العامىّ بما يخاطب به الأديب الملمّ بلغة العرب وأسرارها.
قال بعضهم
لبشار بن برد : إنك لتجىء بالشىء الهجين المتفاوت ؛ قال : وما ذاك؟ قال : بينما
تثير النقع وتخلع القلوب بقولك :
إذا ما غضبنا
غضبة مضرية
|
|
هتكنا حجاب
الشمس أو تمطر الدّما
|
إذا ما أعرنا
سيّدا من قبيلة
|
|
ذرا منبر
صلّى علينا وسلّما
|
__________________
نراك تقول :
ربابة ربّة
البيت
|
|
تصبّ الخلّ
فى الزّيت
|
لها عشر
دجاجات
|
|
وديك حسن
الصّوت
|
فقال بشار :
لكلّ وجه وموضع ؛ فالقول الأول جدّ ، والثانى قلته فى ربابة جاريتى ، وأنا لا آكل
البيض من السوق ، وربابة لها عشر دجاجات وديك فهى تجمع لى البيض ، فهذا القول
عندها أحسن من «قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل» عندك!
وكثيرا ما تجد
الشّاعر يسهل أحيانا ويلين حتى يشبه شعره لغة الخطاب ، ويخشن آونة ويصلب حتى كأنه
يقذفك بالجلمد. كل ذلك على حسب موضوعه الذى يقول فيه والطبقة التى ينشدها شعره.
ومن خير الأمثلة لهذا النوع أبو نواس ، فإنه فى خمرياته غيره فى مدائحه ووصفه.
واعتبر هذا
الأصل بما كان من النبى صلّى الله عليه وسلّم ، فإنه لما أراد أن يكتب إلى ملك
فارس اختار أسهل الألفاظ وأوضحها فقال :
«من محمد رسول
الله إلى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله ، وأدعوك
بدعاية الله ، فإنى أنا رسول الله إلى الخلق كافّة لينذر من كان حيّا ويحق القول
على الكافرين ، فأسلم تسلم ، فإن أبيت فإثم المجوس عليك».
وحين أراد أن
يكتب إلى أكيدر صاحب دومة الجندل فخّم الألفاظ. وأتى بالجزل النادر فقال :
«من محمد رسول
الله لأكيدر حين أجاب إلى الإسلام وخلع الأنداد والأصنام ، إن لنا الضّاحية من البعل والبور والمعامى وأغفال الأرض والحلقة والسلاح ، ولكم الضّامنة من النّخل والمعين من
__________________
المعمور ، لا تعدل سارحتكم ، ولا تعدّ فاردتكم ولا يحظر عليكم النّبات ، تقيمون الصلاة لوقتها وتؤدون
الزكاة ، عليكم بذلك عهد الله وميثاقه».
وتكون مطابقة
الكلام لمقتضى الحال أيضا فيما يتصرف فيه القائل من إيجاز وإطناب : فللإيجاز
مواطنه ، وللإطناب مواقعه ، كل ذلك على حسب حال السامع وعلى مقتضى مواطن القول ؛
فالذكىّ الذى تكفيه اللّمحة يحسن له الإيجاز ، والغبىّ أو المكابر يجمل عند خطابه
الإطناب والإسهاب.
وإذا تأملت
القرآن الكريم رأيته إذا خاطب العرب والأعراب أوجز كلّ الإيجاز ، وأخرج الكلام
مخرج الإشارة والوحى ، وإذا خاطب بنى إسرائيل أو حكى عنهم أسهب وأطنب فمما خاطب به
أهل مكة قوله تعالى :
«إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ
اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ
الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ».
وقلما تجد
خطابا لبنى إسرائيل إلّا وهو مسهب مطوّل ، لأن يهود المدينة كانوا يرون أنفسهم أهل
علم وأهل كتاب فتجاوزوا الحد فى المكابرة والعناد ، وقد يكون القرآن الكريم نزّلهم
منزلة قصار العقول فأطنب فى الحديث إليهم ، ويشهد لهذا الرأى ما حكاه عنهم وعن
مقدار معرفتهم بما فى أسفارهم.
وللإيجاز مواطن
يحسن فيها ، كالشكر والاعتذار والتعزية والعتاب إلى غير ذلك ، وللإطناب مواضع
كالتهنئة والصلح بين فريقين والقصص والخطابة فى أمر من الأمور العامة ، وللذوق
السليم القول الفصل فى هذه الشئون.
* * *
أما الأمر
الثانى الذى يبحث فيه علم المعانى فهو دراسة ما يستفاد
__________________
من الكلام ضمنا بمعونة القرائن ، فإنه يريك أن الكلام يفيد بأصل وضعه معنى
ولكنه قد يؤدى إليك معنى جديدا يفهم من السياق وترشد إليه الحال التى قيل فيها ،
فيقول لك إن الخبر قد يفيد التحسر ، والأمر قد يفيد التعجيز ، والنهى قد يفيد
الدعاء ، والاستفهام قد يفيد النفى ، إلى غير ذلك مما رأيته مفصّلا فى هذا الكتاب.
ويقول لك إن
الخبر قد يلقى مؤكدا لخالى الذهن ، وقد يلقى غير مؤكد للمنكر الجاحد ، لغرض بلاغى
بديع ، أراده المتكلم من الخروج عما يقتضيه ظاهر الكلام.
ويرشدك علم
المعانى إلى أن القصر قد ينحو فيه الأديب مناحى شتى ، كأن يتجه إلى القصر الإضافى
رغبة فى المبالغة ، فيقول المتفائل :
وما الدنيا
سوى حلم لذيذ
|
|
تنبّهه
تباشير الصّباح
|
ويقول المتشائم
:
هل الدّهر
إلّا ليلة طال سهدها
|
|
تنفّس عن يوم
أحمّ عصيب
|
وقد يكون من
مرامى القصر التعريض كقوله تعالى : «إِنَّما يَتَذَكَّرُ
أُولُوا الْأَلْبابِ» إذ ليس الغرض من الآية الكريمة أن يعلم السامعون ظاهر
معناها ، ولكنها تعريض بالمشركين وأنهم لفرط عنادهم وغلبة الهوى عليهم فى حكم من
لا عقل له.
ويهديك علم
المعانى إلى أن من أغراض الفصل فى بعض أنواعه تقرير المعنى وتثبيته فى ذهن السامع
، كما فى الفصل لكمال الاتصال وشبهه.
ولعل فى هذه
الكلمة الموجزة مقنعا فى بيان ما لعلم المعانى من الأثر فى بلاغة الكلام ، وما
يمدّ به الناشئ فى الأدب من أساليب ، وما يرسم له من طريق لحسن تأليفها واختيار
الأحوال والمواطن التى تقال فيها.
علم البديع
عرفت فيما سبق
أن علم البيان وسيلة إلى تأدية المعنى بأساليب عدة بين تشبيه ومجاز وكناية ، وعرفت
أن دراسة علم المعانى تعين على تأدية الكلام مطابقا لمقتضى الحال ، مع وفائه بغرض
بلاغىّ يفهم ضمنا من سياقه وما يحيط به من قرائن.
وهناك ناحية
أخرى من نواحى البلاغة ، لا تتناول مباحث علم البيان ، ولا تنظر فى مسائل علم
المعانى ، ولكنها دراسة لا تتعدى تزيين الألفاظ أو المعانى بألوان بديعة من الجمال
اللفظى أو المعنوىّ ، ويسمى العلم الجامع لهذه المباحث بعلم البديع. وهو يشتمل كما
أشرنا على محسنات لفظية ، وعلى محسنات معنوية ، وإنا ذاكرون لك من كل قسم طرفا.
المحسّنات اللفظيّة
(١) الجناس
الأمثلة :
(١) قال تعالى
: «وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ
الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ».
(٢) وقال
الشاعر فى رثاء صغير اسمه يحيى :
وسمّيته يحيى
ليحيا فلم يكن
|
|
إلى ردّ أمر
الله فيه سبيل
|
* * *
(٣) وقال تعالى
: «فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ،
وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ».
(٤) وقال ابن
الفارض :
هلّا نهاك
نهاك عن لوم امرئ
|
|
لم يلف غير
منعّم بشقاء
|
(٥) وقالت الخنساء من قصيدة ترثى
فيها أخاها صخرا :
إنّ البكاء
هو الشّفا
|
|
ء من الجوى
بين الجوانح
|
(٦) وقال تعالى حكاية عن هرون
يخاطب موسى :
«خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ
بَنِي إِسْرائِيلَ».
البحث :
تأمل الأمثلة
السابقة تجد فى كل مثال كلمتين تجانس إحداهما الأخرى وتشاكلها فى اللفظ مع اختلاف
فى المعنى ؛ وإيراد الكلام على هذا الوجه يسمى جناسا.
ففى المثال
الأول من الطائفة الأولى تجد أن لفظ «الساعة» مكرر مرتين ، وأن معناه مرة يوم
القيامة ، ومرة إحدى الساعات الزمانية ، وفى المثال الثانى ترى «يحيى» مكررا مع
اختلاف المعنى. واختلاف كل كل كلمتين فى المعنى على هذا النحو مع اتفاقهما فى نوع
الحروف وشكلها وعددها وترتيبها يسمى جناسا تامّا.
وإذا تأمّلت
كلّ كلمتين متجانستين فى الطائفة الثانية رأيت أنهما اختلفتا فى ركن من أركان
الوفاق الأربعة المتقدمة ، مثل تقهر وتنهر ، ونهاك ونهاك. والجوى والجوانح ، وبين
وبنى ، على ترتيب الأمثلة ، ويسمى ما بين كل كلمتين. هنا من تجانس جناسا غير تام.
__________________
والجناس فى
مذهب كثير من أهل الأدب غير محبوب ؛ لأنه يؤدى إلى التعقيد ، ويحول بين البليغ
وانطلاق عنانه فى مضمار المعانى ، اللهم إلا ما جاء منه عفوا وسمح به الطبع من غير
تكلف.
القاعدة :
(٦٨) الجناس أن
يتشابه اللفظان فى النّطق ويختلفا فى المعنى. وهو نوعان :
(ا) تامّ : وهو
ما اتّفق فيه اللفظان فى أمور أربعة هى : نوع الحروف ، وشكلها ، وعددها ،
وترتيبها.
(ب) غير تامّ :
وهو ما اختلف فيه اللفظان فى واحد من الأمور المتقدّمة.
تمرينات
(١)
فى كل مثال من
الأمثلة الآتية جناس تام ، فبيّن موضعه :
(١) قال أبو
تمام :
ما مات من
كرم الزمان فإنّه
|
|
يحيا لدى
يحيى بن عبد الله
|
(٢) قال أبو العلاء المعرى :
لم نلق غيرك
إنسانا يلاذ به
|
|
فلا برحت
لعين الدهر إنسانا
|
(٣) وقال البستىّ.
فهمت كتابك
يا سيّدى
|
|
فهمت ولا عجب
أن أهيما
|
__________________
(٤) وقال يمدح
:
بسيف الدّولة
اتّسقت أمور
|
|
رأيناها
مبدّدة النّظام
|
سما وحمى بنى
سام وحام
|
|
فليس كمثله
سام وحام
|
(٥) وقال أبو نواس :
عبّاس عبّاس
إذا احتدم الوغى
|
|
والفضل فضل
والرّبيع ربيع
|
(٢)
فى كل مثال من
الأمثلة الآتية جناس غير تام ، فوضحه وبيّن لم كان غير تام؟
(١) قال تعالى
: (وَإِذَا جَاءَهُمْ
أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ)
.
(٢) وقال تعالى
: «وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ
عَنْهُ».
(٣) وقال ابن
جبير الأندلسى :
فياراكب
الوجناء هل أنت عالم
|
|
فداؤك نفسى
كيف تلك المعالم
|
(٤) وقال الحريرى يصف هيام الجاهل بالدنيا :
ما يستفيق
غراما
|
|
بها وفرط
صبابه
|
__________________
ولو درى
لكفاه
|
|
ممّا يروم
صبابه
|
(٥) وقال عبد الله بن رواحة يمدح النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم ، وقيل إنه أمدح بيت
قالته العرب :
تحمله
النّاقة الأدماء معتجرا
|
|
بالبرد
كالبدر جلّى نوره الظّلما
|
(٣)
بيّن مواضع
الجناس فيما يأتى وبين نوعه فى كل مثال :
(١) قال
البحترى فى مطلع قصيدة :
هل لما فات
من تلاق تلافى
|
|
أم لشاك من
الصّبابة شافى
|
(٢) وقال النابغة فى الرثاء :
فيالك من حزم
وعزم طواهما
|
|
جديد الرّدى
بين الصّفا والصّفائح
|
(٣) وقال البحترى :
نسيم الرّوض
فى ريح شمال
|
|
وصوب المزن
فى راح شمول
|
(٤) وقال الحريرى :
لا أعطى زمامى
من يخفر ذمامى ، ولا أغرس الأيادى فى أرض الأعادى.
(٥) وقال : لهم
فى السير جرى السّيل ، وإلى الخير جرى الخيل.
(٦) قال
البحترى :
فقف مسعدا
فيهنّ إن كنت عاذرا
|
|
وسر مبعدا
عنهنّ إن كنت عاذلا
|
__________________
(٧) وقال أبو
تمام :
بيض الصفائح
لا سود الصّحائف فى
|
|
متونهنّ جلاء
الشّكّ والرّيب
|
(٨) وقال تعالى :
(ذَٰلِكُم بِمَا
كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ) .
(٩) وقال عليه
الصلاة والسّلام :
«الخيل معقود
بنواصيها الخير» .
(١٠) وقال حسان
بن ثابت رضى الله عنه :
وكنّا متى
يغزو النبىّ قبيلة
|
|
نصل جانبيه
بالقنا والقنابل
|
(١١) وقال أبو تمام :
يمدّون من
أيد عواص عواصم
|
|
تصول بأسياف
قواض قواضب
|
(١٢) لا تنال الغرر إلّا بركوب
الغرر .
(٤)
هات مثالين من
إنشائك للجناس التام ، ومثالين آخرين لغير التام ، وراع ألّا يظهر فى كلامك أثر
للتكلف.
(٥)
اشرح قول أبى
تمام وبين نوع الجناس الذى فيه :
ولم أر
كالمعروف تدعى حقوقه
|
|
مغارم فى
الأقوام وهى مغانم
|
__________________
(٢) الاقتباس
الأمثلة :
(١) قال عبد
المؤمن الأصفهانىّ :
لا تغرّنّك من
الظّلمة كثرة الجيوش والأنصار «إِنَّما
يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ
فِيهِ الْأَبْصارُ».
(٢) وقال ابن
سناء الملك :
رحلوا فلست
مسائلا عن دارهم
|
|
أنا «باخع
نفسى على آثارهم »
|
(٣) وقال أبو جعفر الأندلسىّ :
لا تعاد
الناس فى أوطانهم
|
|
قلّما يرعى
غريب الوطن
|
وإذا ما شئت
عيشا بينهم
|
|
«خالق الناس بخلق حسن»
|
البحث :
العبارتان
اللتان بين الأقواس فى المثالين الأولين مأخوذتان من القرآن الكريم ، والعبارة
التى بين قوسين فى المثال الثالث من الحديث الشريف ، وقد ضمّن الكاتب أو الشاعر
كلامه هذه الآثار الشريفة من غير أن يصرّح بأنها من القرآن أو الحديث وغرضه من هذا
التضمين أن يستعير
__________________
من قوتها قوة ، وأن يكشف عن مهارته فى إحكام الصلة بين كلامه والكلام الذى
أخذه ، وهذا النوع يسمى اقتباسا ؛ وإذا تأملت رأيت أن المقتبس قد يغيّر قليلا فى
الآثار التى يقتبسها كالمثال الثانى إذ الآية : «فَلَعَلَّكَ باخِعٌ
نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ».
القاعدة :
(٦٩) الاقتباس
تضمين النّثر أو الشّعر شيئا من القرآن الكريم أو الحديث الشريف من غير دلالة على
أنّه منهما ، ويجوز أن يغيّر فى الأثر المقتبس قليلا.
تمرينات
(١)
بيّن فى كل
اقتباس مما يأتى حسن تأتّى البليغ فى إحكام الصلة بين كلامه والكلام المقتبس :
(١) اغتنم فودك
الفاحم قبل أن يبيضّ ، فإنما الدّنيا «جدار يريد أن ينقض» .
(٢) وكتب
القاضى الفاضل فى الرد على رسالة :
ورد على الخادم
الكتاب الكريم فشكره «وقربه نجيّا » ورفعه «مكانا عليّا» وأعاد عليه عصر الشباب «وقد بلغ
من الكبر عتيّا» .
__________________
وقال فى حمام
الزّاجل :
وقد كادت أن
تكون من الملائكة فإذا نيطت بها الرّقاع صارت «أُولِي أَجْنِحَةٍ
مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ».
(٤) ومن كتاب
لمحيى الدين عبد الظاهر :
لا عدمت الدولة
بيض سيوفه التى «تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ
وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ».
(٥) وقال
الصاحب :
أقول وقد
رأيت له سحابا
|
|
من الهجران
مقبلة علينا
|
وقد سحّت
غواديها بهطل
|
|
«حوالينا» الصّدود «ولا علينا»
|
(٦) رب بخيل لو رأى سائلا
|
|
لظنّه رعبا
رسول المنون
|
لا تطمعوا فى
النّزر من نيله
|
|
(هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ)
|
(٢)
اقتبس الآيات
الكريمة الآتية مع إجادة الاقتباس وإحكامه :
(١) (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ
أَتْقاكُمْ.)
(٢) (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ
إِلَّا بِأَهْلِهِ.)
(٣) (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ
يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ.)
(٤) (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ.)
(٥) (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ.)
__________________
(٣)
صغ عبارات
تقتبس فى كلّ منها حديثا من الأحاديث الشريفة الآتية مع العناية بحسن وضعها :
(١) كلّ معروف
صدقة.
(٢) إذا لم
تستحى فاصنع ما شئت.
(٣) الظلم
ظلمات يوم القيامة.
(٤) الأرواح
جنود مجنّدة.
(٤)
اشرح قول ابن
الرّومى فى الهجاء وبيّن حسن الاقتباس فيه :
لئن أخطأت فى
مدحي
|
|
ك ما أخطأت
فى منعى
|
لقد أنزلت
حاجاتى
|
|
«بواد غير ذى زرع»
|
(٣) السّجع
الأمثلة :
(١) قال صلّى
الله عليه وسلّم :
«اللهمّ أعط
منفقا خلفا ، وأعط ممسكا تلفا».
(٢) وقال
أعرابى ذهب بابنه السّيل :
اللهمّ إن كنت
قد أبليت ، فإنّك طالما قد عافيت.
* * *
(٣) الحرّ إذا
وعد وفى ، وإذا أعان كفى ، وإذا ملك عفا.
البحث :
إذا تأملت
المثالين الأولين وجدت كلّا منهما مركبا من فقرتين متحدتين فى الحرف الأخير ، وإذا
تأملت المثال الثالث وجدته مركبا من أكثر من فقرتين متماثلتين فى الحرف الأخير
أيضا ، ويسمى هذا النوع من الكلام سجعا . وتسمى الكلمة الأخيرة من كل فقرة فاصلة ، وتسكّن
الفاصلة دائما فى النثر للوقف.
وأفضل السجع ما
تساوت فقره ، ولا يحسن السجع إلّا إذا كان رصين التركيب ، سليما من التكلف ، خاليا
من التكرار فى غير فائدة ، كما رأيت فى الأمثلة.
القاعدة :
(٧٠) السّجع
توافق الفاصلتين فى الحرف الأخير ، وأفضله ما تساوت فقره.
تمرينات
(١)
بيّن السجع فى
الأمثلة الآتية ، ووضّح وجوه حسنه :
(١) قال صلّى
الله عليه وسلّم :
«رحم الله عبدا
قال خيرا فغنم ، أو سكت فسلم».
(٢) وقال
الثعالبىّ :
الحقد صدأ
القلوب ، واللّجاج سبب الحروب .
__________________
(٣) وقال
الحريرى :
ارتفاع الأخطار
، باقتحام الأخطار .
(٤) وقال بعض
البلغاء :
الإنسان بآدابه
، لا بزيّه وثيابه.
(٥) وقال
أعرابى لرجل سأل لئيما :
نزلت بواد غير
ممطور ، وفناء غير معمور ، ورجل غير ميسور ، فأقم بندم ، أو ارتحل بعدم.
(٦) وقال
أعرابى :
باكرنا وسمىّ ، ثم خلفه ولىّ ، فالأرض كأنها ، وشى منشور ، عليه لؤلؤ منثور ، ثم أتتنا غيوم جراد ،
بمناجل حصاد ، فجردت البلاد ، وأهلكت العباد ، فسبحان من يهلك القوىّ الأكول
بالضعيف المأكول.
(٢)
(١) اقرأ
الرسالة الآتية ، وبيّن جمال السجع فيها ، ثم حلّها وابنها بناء آخر لا سجع فيه.
كتب ابن الرومى إلى مريض :
أذن الله فى
شفائك ، وتلقّى داءك بدوائك ، ومسح بيد العافية عليك ، ووجّه وفد السلامة إليك ،
وجعل علّتك ماحية لذنوبك ، مضاعفة لمثوبتك.
__________________
(٢) تفهم ما
يأتى وهو مما ينسب إلى على بن أبى طالب كرم الله وجهه ، ثم حله وابنه بناء آخر
مسجوعا :
اتق الله فى
كلّ صباح ومساء ، وخف على نفسك الدنيا الغرور ، ولا تأمنها على حال. واعلم أنك إن
لم تردع نفسك عن كثير مما تحبّ مخافة مكروهه ، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر.
(٣)
بيّن أمن
المسجوع أم من المرسل ما يأتى ووضّح السبب :
كتب هشام لأخيه وكان أظهر رغبته فى الخلافة :
أما بعد ، فقد
بلغنى استثقالك حياتى ، واستبطاؤك مماتى ، ولعمرى إنك بعدى لواهى الجناح ، أجذم
الكفّ ، وما استوجبت منك ، ما بلغنى عنك.
__________________
المحسنات المعنوية
(١) التّورية
الأمثلة :
(١) قال سراج
الدين الورّاق :
أصون أديم
وجهى عن أناس
|
|
لقاء الموت
عندهم الأديب
|
وربّ الشعر
عندهم بغيض
|
|
ولو وافى به
لهم «حبيب»
|
(٢) وقال نصير الدين الحمّامى :
أبيات شعرك
كالقص
|
|
ور ولا قصور
بها يعوق
|
ومن العجائب
لفظها
|
|
حرّ ومعناها «رقيق»
|
(٣) وقال الشّابّ الظريف :
تبسّم ثغر اللّوز
عن طيب نشره
|
|
وأقبل فى حسن
يجلّ عن الوصف
|
هلمّوا إليه
بين قصف ولذّة
|
|
فإنّ غصون
الزّهر تصلح «للقصف»
|
__________________
البحث :
كلمة «حبيب» فى
المثال الأول لها معنيان : أحدهما المحبوب وهو المعنى القريب الذى يتبادر إلى
الذهن بسبب التمهيد له بكلمة «بغيض».
والثانى اسم
أبى تمام الشاعر وهو حبيب بن أوس ، وهذا المعنى بعيد ، وقد أراده الشاعر ولكنه
تلطف فورّى عنه وستره بالمعنى القريب. وكلمة «رقيق» فى المثال الثانى لها معنيان :
الأول قريب متبادر وهو العبد المملوك وسبب تبادره إلى الذهن ما سبقه من كلمة «حرّ».
والثانى بعيد وهو اللطيف السهل. وهذا هو الذى يريده الشاعر بعد أن ستره فى ظل
المعنى القريب. وكلمة «القصف» فى المثال الثالث معناها القريب الكسر ، بدليل
تمهيده لهذا المعنى بقوله : «فإن غصون الزهر» ومعناها البعيد اللعب واللهو ، وهذا
هو المعنى الذى قصد إليه الشاعر بعد أن احتال فى إخفائه ويسمى هذا النوع من البديع
تورية ، وهو فنّ برع فيه شعراء مصر والشام فى القرن السابع والثامن من الهجرة ،
وأتوا فيه بالعجيب الرائع الذى يدل على صفاء الطبع والقدرة على اللعب بأساليب
الكلام.
القاعدة :
(٧١) التّورية
أن يذكر المتكلّم لفظا مفردا له معنيا ، قريب ظاهر غير مراد ، وبعيد خفىّ هو
المراد.
تمرينات
(١)
اشرح التورية
فى كلّ مثال من الأمثلة شرحا وافيا :
(١) قال سراج
الدين الورّاق :
كم قطع
الجنود من لسان
|
|
قلّد من نظمه
النحورا
|
فها أنا شاعر
سراج
|
|
فاقطع لسانى
أزدك نورا
|
__________________
(٢) وقال :
يا خجلتى
وصحائفى سود غدت
|
|
وصحائف
الأبرار فى إشراق
|
ومؤنّب لى فى
القيامة قال لى
|
|
أكذا تكون
صحائف «الورّاق؟»
|
(٣) وقال أبو الحسين الجزار :
كيف لا أشكر
الجزارة ما عش
|
|
ت حفاظا
وأهجر الآدابا؟
|
وبها صارت
الكلاب ترجيّ
|
|
نى وبالشّعر
كنت أرجو الكلابا
|
(٤) وقال بدر الدين الذهبىّ :
رفقا بخلّ
ناصح
|
|
أبليته صدّا
وهجرا
|
وافاك سائل
دمعه
|
|
فرددته فى
الحال نهرا
|
(٥) وقال :
يا عاذلى فيه
قل لى
|
|
إذا بدا كيف
أسلو؟
|
يمرّ بى كل
وقت
|
|
وكلّما مرّ
يحلو
|
(٦) وقال :
ورياض وقفت
أشجارها
|
|
وتمشّت نسمة
الصّبح إليها
|
طالعت
أوراقها شمس الضّحا
|
|
بعد أن وقّعت
الورق عليها
|
(٧) وقال الشاب الظريف :
قامت حروب
الدهر ما
|
|
بين الرّياض
السّندسيّه
|
وأتت بأجمعها
لتغ
|
|
زو روضة
الورد الجنيّه
|
لكنها انكسرت
لأنّ
|
|
الورد شوكته
قويّه
|
__________________
(٨) وقال نصير
الدّين الحمّامى :
جودوا لنسجع
بالمدي
|
|
ح على علاكم
سرمدا
|
فالطير أحسن
ما تغ
|
|
رّد عند ما
يقع الندى
|
(٩) وقال سراج الدين الورّاق :
وقفت بأطلال
الأحبّة سائلا
|
|
ودمعى يسقى
ثمّ عهدا ومعهدا
|
ومن عجب أنّى
أروّى ديارهم
|
|
وحظّى منها
حين أسألها الصّدى
|
(١٠) وقال ابن الظاهر :
شكرا لنسمة
أرضكم
|
|
كم بلّغت
عنّى تحيه
|
لا غرو إن
حفظت أحا
|
|
ديث الهوى
فهى الذّكيّة
|
(١١) وقال ابن نباتة المصرى :
والنّهر يشبه
مبردا
|
|
فلأجل ذا
يجلو الصّدى
|
(٢)
لكل من الألفاظ
الآتية أكثر من معنى ، فاستعمل كل لفظ فى مثال للتورية :
الجد . حكى. الراحة. القصور. عفا . قضى . الجفون .
(٣)
فى أى شىء
توافق التورية الجناس التام ، وفى أى شىء تخالفه؟ مثّل بمثال للتورية ، ثم حوله
إلى الجناس التام.
__________________
(٤)
هل تستطيع أن
تضع كلمة التورية فى العبارات الآتية :
(١) اشتدّ حزن
الرياض على الربيع وجمدت ...
(٢) الحمام
أبلغ من الكتّاب إذا ...
(٣) قلبى جارهم
يوم رحلوا ودمعى ...
(٥)
اشرح قول ابن
دانيال طبيب العيون وبيّن ما فيه من حلاوة التورية :
يا سائلى عن
حرفتى فى الورى
|
|
واضيعتى فيهم
وإفلاسى!
|
ما حال من
درهم إنفاقه
|
|
يأخذه من
أعين الناس؟
|
(٢) الطّباق
الأمثلة :
(١) قال تعالى
: (وَتَحْسَبُهُمْ
أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ).
(٢) وقال صلّى
الله عليه وسلّم : «خير المال عين ساهرة لعين نائمة» .
* * *
(٢) وقال تعالى
: «يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا
يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ».
(٤) وقال
السموءل :
وننكر إن
شئنا على النّاس قولهم
|
|
ولا ينكرون
القول حين نقول
|
__________________
البحث :
إذا تأملت
الأمثلة المتقدمة ، وجدت كلا منها مشتملا على شىء وضده ، فالمثال الأول مشتمل على
الكلمتين : «أيقاظا» و «رقود» والمثال الثانى مشتمل على الكلمتين : «ساهرة» و «نائمة».
أما المثالان
الأخيران فكل منهما مشتمل على فعلين من مادة واحدة أحدهما إيجابىّ والآخر سلبى ،
وباختلافهما فى الإيجاب والسلب صارا ضدين ، ويسمى الجمع بين الشىء وضده فى الأمثلة
المتقدمة وأشباهها طباقا ، غير أنه فى المثالين الأولين يدعى «طباق الإيجاب» وفى
المثالين الأخيرين يدعى «طباق السلب».
القاعدة :
(٧٢) الطّباق
الجمع بين الشّىء وضدّه فى الكلام ، وهو نوعان :
(ا) طباق
الإيجاب ، وهو ما لم يختلف فيه الضدّان إيجابا وسلبا.
(ب) طباق
السّلب ، وهو ما اختلف فيه الضّدان إيجابا وسلبا.
تمرينات
(١)
بيّن مواضع
الطباق فى الأمثلة الآتية ، ووضّح نوعه فى كل مثال :
(١) قال تعالى
: «أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ».
(٢) وقال دعبل
الخزاعىّ :
لا تعجبى يا
سلم من رجل
|
|
ضحك المشيب
برأسه فبكى
|
(٣) وقال غيره :
على أننى راض
بأن أحمل الهوى
|
|
وأخرج منه لا
علىّ ولا ليا
|
__________________
(٤) وقال
البحترى :
يقيّض لى من
حيث لا أعلم النوى
|
|
ويسرى إلىّ
الشّوق من حيث أعلم
|
(٥) وقال المقنّع الكندى :
لهم جلّ مالى
إن تتابع لى غنى
|
|
وإن قلّ مالى
لم أكلّفهم رفدا
|
(٦) وقال تعالى :
«وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا
يَعْلَمُونَ . يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا» .
(٧) وقال تعالى
:
(لَها ما كَسَبَتْ
وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ).
(٨) وقال
السموءل بن عادياء :
سلى إن جهلت
النّاس عنا وعنهم
|
|
فليس سواء
عالم وجهول
|
(٩) وقال الفرزدق يهجو بنى كليب :
قبح الإله
بنى كليب إنّهم
|
|
لا يغدرون
ولا يفون بجار
|
(١٠) وقال أبو صخر الهذلىّ :
أما والّذى
أبكى وأضحك والذى
|
|
أمات وأحيا
والذى أمره الأمر
|
لقد تركتنى
أحسد الوحش أن أرى
|
|
خليلين منها
لا يروعهما الذعر
|
__________________
(١١) وقال
الحماسىّ :
تأخّرت
أستبقى الحياة فلم أجد
|
|
لنفسى حياة
مثل أن أتقدّما
|
(٢)
اقرأ ما كتبه
ابن بطوطة فى وصف مصر وبيّن جمال الطباق فى أسلوبه :
هى مجمع الوارد
والصادر ، ومحط رحل الضعيف والقادر ، بها ما شئت من عالم وجاهل ، وجادّ
وهازل ، وحليم وسفيه ، ووضيع ونبيه ، وشريف ومشروف ، ومنكر ومعروف ، تموج موج
البحر بسكّانها ، وتكاد تضيق بهم على سعة مكانها.
(٣)
حول طباق
الإيجاب فى الأمثلة الآتية إلى طباق السلب :
(١) العدوّ
يظهر السيئة ويخفى الحسنة.
(٢) ليس من
الحزم أن تحسن إلى الناس وتسىء إلى نفسك.
(٣) لا يليق
بالمحسن أن يعطى البعيد ويمنع القريب.
(٤)
حول طباق السلب
فى الأمثلة الآتية إلى طباق الإيجاب :
(١) يعلم
الإنسان ما فى اليوم والأمس ، ولا يعلم ما يأتى به الغد.
(٢) اللئيم
يعفو عند العجز ، ولا يعفو عند المقدرة.
(٣) أحب الصدق
ولا أحب الكذب.
__________________
(٥)
(١) مثل لكل من
طباق الإيجاب وطباق السلب بمثالين من إنشائك.
(٢) هات مثالين
لطباق الإيجاب ، ثم حولهما إلى طباق السلب.
(٣) هات مثالين
لطباق السلب ، ثم حولهما إلى طباق الإيجاب.
(٦)
اشرح البيت
الآتى ، وبيّن نوع الطباق به :
والشّيب ينهض
فى الشّباب كأنه
|
|
ليل يصيح
بجانبيه نهار
|
(٣) المقابلة
الأمثلة :
(١) قال صلّى
الله عليه وسلّم للأنصار :
«إنكم لتكثرون
عند الفزع ، وتقلّون عند الطّمع».
(٢) وقال خالد
بن صفوان يصف رجلا :
ليس له صديق فى
السّر ، ولا عدوّ فى العلانية.
* * *
(٣) قال بعض
الخلفاء : من أقعدته نكاية اللّئام ، أقامته إعانة الكرام.
(٤) وقال عبد
الملك بن مروان : ما حمدت نفسى على محبوب ابتدأته بعجز ، ولا لمتها على
مكروه ابتدأته بحزم.
__________________
البحث :
إذا تأملت
مثالى الطائفة الأولى وجدت كل مثال منهما يشتمل فى صدره على معنيين ، ويشتمل فى
عجزه على ما يقابل هذين المعنيين على الترتيب. ففى المثال الأول بيّن النبىّ صلّى
الله عليه وسلّم صفتين من صفات الأنصار فى صدر الكلام وهما الكثرة والفزع ، ثم
قابل ذلك فى آخر الكلام بالقلة والطمع على الترتيب ، وفى المثال الثانى قابل خالد
بن صفوان الصديق والسرّ بالعدو والعلانية.
انظر مثالى
الطائفة الثانية تجد كلّا منهما مشتملا فى صدره على أكثر من معنيين ، ومشتملا فى
العجز على ما يقابل ذلك على الترتيب ، وأداء الكلام على هذا النحو يسمى مقابلة.
والمقابلة فى
الكلام من أسباب حسنه وإيضاح معانيه ، على شرط أن تتاح للمتكلم عفوا ، وأما إذا
تكلفها وجرى وراءها ، فإنها تعتقل المعانى وتحبسها ، وتحرم الكلام رونق السلاسة
والسهولة.
القاعدة
(٧٣) المقابلة
أن يؤتى بمعنيين أو أكثر ، ثم يؤتى بما يقابل ذلك على التّرتيب.
تمرينات
(١)
بيّن مواقع
المقابلة فيما يأتى.
(١) روت عائشة
عن النبى صلّى الله عليه وسلّم أنه قال :
«عليك بالرّفق
يا عائشة ، فإنه ما كان فى شىء إلا زانه ، ولا نزع من شىء إلا شانه».
(٢) وقال بعض
البلغاء : كدر الجماعة خير من صفو الفرقة.
(٣) وقال تعالى
: «يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ
وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ».
(٤) وقال جرير
:
وباسط خير
فيكم بيمينه
|
|
وقابض شرّ
عنكم بشماله
|
(٥) وقال البحترى :
فإذا حاربوا
أذلّوا عزيزا
|
|
وإذا سالموا
أعزّوا ذليلا
|
(٦) وقال الشريف :
ومنظر كان
بالسّرّاء يضحكنى
|
|
يا قرب ما
عاد بالضراء يبكينى
|
(٧) وقال تعالى : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ
وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ)
(٨) وقال تعالى
: «باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ
مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ».
(٩) وقال
النابغة الجعدىّ :
فتى كان فيه
ما يسرّ صديقه
|
|
على أن فيه
ما يسوء الأعاديا
|
(١٠) وقال أبو تمام :
يا أمّة كان
قبح الجور يسخطها
|
|
دهرا فأصبح
حسن العدل يرضيها
|
(١١) وقال أيضا :
قد ينعم الله
بالبلوى وإن عظمت
|
|
ويبتلى الله
بعض القوم بالنّعم
|
(١٢) وقال تعالى :
«فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى
وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ
وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى».
(١٣) وقال
المعرّى :
يا دهر يا
منجز إيعاده
|
|
ومخلف
المأمول من وعده
|
(٢)
ميّز الطباق من
المقابلة فيما يأتى :
(١) «فَأُوْلئِكَ
يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ».
(٢) وقال تعالى
: «وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى
وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا».
(٣) وقال تعالى
: «فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ
يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ
ضَيِّقاً حَرَجاً».
(٤) وقال أبو
الطيب :
أزورهم وسواد
اللّيل يشفع لى
|
|
وأنثنى وبياض
الصّبح يغرى بى
|
(٥) الكريم واسع المغفرة ، إذا
ضاقت المعذرة.
(٦) غضب الجاهل
فى قوله ، وغضب العاقل فى فعله.
(٧) وقال
المنصور : لا تخرجوا من عزّ الطاعة إلى ذلّ المعصية.
(٨) لئن
ساءنى أن نلتنى بمساءة
|
|
لقد سرّنى
أنّى خطرت ببالك
|
(٩) وقال النابغة :
وإن هبطا
سهلا أثارا عجاجة
|
|
وإن علوا
حزنا تشظّت جنادل
|
(١٠) قال أوس بن حجر :
أطعنا ربنا
وعصاه قوم
|
|
فذقنا طعم
طاعتنا وذاقوا
|
(٣)
إيت بمقابل
الألفاظ الآتية ، ثم كون منها ومن أضدادها بعض أمثلة للطباق ، وبعض أمثلة أخرى
للمقابلة :
قدّم. الليل.
الصحة. الحياة. الخير. المنع. الغنى.
__________________
(٤)
(١) هات مثالين
للمقابلة تقابل فى كل منهما معنيين بآخرين.
(٢) هات مثالين
للمقابلة تقابل فى كل منهما ثلاثة معان بثلاثة أخرى.
(٥)
اشرح البيت
الآتى ، وهل ترى أن الشاعر وفق فيه إلى المقابلة؟
لمن تطلب
الدنيا إذا لم ترد بها
|
|
سرور محبّ أو
إساءة مجرم
|
(٤) حسن التعليل
الأمثلة :
(١) قال المعرى
فى الرثاء :
وما كلفة
البدر المنير قديمة
|
|
ولكنّها فى
وجهه أثر اللّطم
|
(٢) وقال ابن الرومى :
أما ذكاء فلم
تصفرّ إذ جنحت
|
|
إلّا لفرقة
ذاك المنظر الحسن
|
(٣) وقال آخر فى قلّة المطر بمصر :
ما قصّر
الغيث عن مصر وتربتها
|
|
طبعا ولكن
تعدّاكم من الخجل
|
البحث :
يرثى أبو
العلاء فى البيت الأول ويبالغ فى أن الحزن على المرثى شمل كثيرا من مظاهر الكون ،
فهو لذلك يدّعى أن كلفة البدر وهى ما يظهر على وجهه من كدرة ، ليست ناشئة عن سبب
طبيعى ، وإنما هى حادثة من اللطم على فراق المرثىّ.
ويرى ابن
الرومى فى البيت الثانى أن الشمس لم تصفرّ عند الجنوح
__________________
إلى المغيب للسبب الكونى المعروف عند العلماء. ولكنها اصفرت مخافة أن تفارق
وجه الممدوح. وينكر الشاعر فى البيت الثالث الأسباب الطبيعية لقلة المطر بمصر ،
ويتلمس لذلك سببا آخر هو أن المطر يخجل أن ينزل بأرض يعمّها فضل الممدوح وجوده ؛
لأنه لا يستطيع مباراته فى الجود والعطاء.
فأنت ترى فى كل
مثال من الأمثلة السابقة أن الشاعر أنكر سبب الشّىء المعروف والتجأ إلى علة
ابتكرها تناسب الغرض الذى يرمى إليه ، ويسمى هذا الأسلوب من الكلام حسن التعليل.
القاعدة :
(٧٤) حسن التّعليل
أن ينكر الأديب صراحة أو ضمنا علّة الشّىء المعروفة ، ويأتى بعلّة أدبيّة طريفة
تناسب الغرض الّذى يقصد إليه.
تمرينات
(١)
وضح حسن
التعليل فى الأبيات الآتية :
(١) قال ابن
نباتة :
لم يزل جوده
يجور على المال
|
|
إلى أن كسا
النّضار اصفرارا
|
(٢) وقال شاعر يمدح ويعلل لزلزال
حدث بمصر :
ما زلزلت مصر
من كيد يراد بها
|
|
وإنما رقصت
من عدله طربا
|
(٣) أرى بدر السّماء يلوح حينا
|
|
ويبدو ثمّ
يلتحف السّحابا
|
وذاك لأنّه
لمّا تبدّى
|
|
وأبصر وجهك
استحيا وغابا
|
(٤) وقيل فى وصف فرس أدهم ذى غرّة :
وأدهم كالغراب
سواد لون
|
|
يطير مع
الرّياح ولا جناح
|
كساه اللّيل
شملته وولّى
|
|
فقبّل بين
عينيه الصّباح
|
__________________
(٥) وقال ابن
نباتة السعدىّ فى فرس محجّل ذى غرة :
وأدهم يستمدّ
اللّيل منه
|
|
وتطلع بين
عينيه الثّريّا
|
سرى خلف
الصّباح يطير زهوا
|
|
ويطوى خلفه
الأفلاك طيّا
|
فلما خاف وشك
الفوت منه
|
|
تشبّث
بالقوائم والمحيّا
|
(٦) وقال الأرّجانىّ :
أبدى صنيعك
تقصير الزّمان ففى
|
|
وقت الرّبيع
طلوع الورد من خجل
|
(٧) وقال بعضهم يرثى كاتبا :
استشعر
الكتّاب فقدك سالفا
|
|
وقضت بصحة
ذلك الأيام
|
فلذاك سوّدت
الدّوىّ كآبة
|
|
أسفا عليك
وشقّت الأقلام
|
(٨) وقال آخر :
سبقت إليك من
الحدائق وردة
|
|
وأتتك قبل
أوانها تطفيلا
|
طمعت بلثمك
إذ رأتك فجمّعت
|
|
فمها إليك
كطالب تقبيلا
|
(٩) لا يطلع البدر إلّا من
تشوّقه
|
|
إليك حتّى
يوافى وجهك النضرا
|
(١٠) بكت فقدك الدّنيا قديما
بدمعها
|
|
فكان لها فى
سالف الدّهر طوفان
|
(٢)
علل لما يأتى
بعلل أدبية طريفة :
(١) دنوّ السحاب من الأرض.
|
(٣) كسوف الشمس.
|
(٢) احتراق دار غاب عنها أهلوها.
|
(٤) نزول المطر فى يوم مات فيه عظيم.
|
__________________
(٣)
مثل بمثالين من
إنشائك لحسن التعليل.
(٤)
اشرح البيتين
الآتيين ، وبيّن ما فيهما من حسن التعليل ، وهما لأبى الطيب فى المدح :
ألست ابن
الألى سعدوا وسادوا
|
|
ولم يلدوا
امرأ إلّا نجيبا
|
وما ريح
الرّياض لها ولكن
|
|
كساها دفنهم
فى التّرب طيبا
|
(٥ و٦) تأكيد المدح بما يشبه الذّم وعكسه
الأمثلة :
(١) قال ابن
الرومىّ :
ليس به عيب
سوى أنّه
|
|
لا تقع العين
على شبهه
|
(٢) وقال آخر :
ولا عيب فى
معروفهم غير أنّه
|
|
يبيّن عجز
الشّاكرين عن الشّكر
|
* * *
(٣) وقال صلّى
الله عليه وسلّم : «أنا أفصح العرب بيد أنّى من قريش».
(٤) وقال
النابغة الجعدىّ :
فتى كملت
أخلاقه غير أنّه
|
|
جواد فما
يبقى على المال باقيا
|
البحث :
لا أظنك تتردد
فى أن الأمثلة السابقة جميعها تفيد المدح ولكنها وضعت فى أسلوب غريب لم تعهده ،
ولذلك نرى أن نشرحه لك.
صدّر ابن الرومى
فى المثال الأول كلامه بنفى العيب عامة عن ممدوحه ، ثم أتى بعد ذلك بأداة استثناء
هى «سوى» فسبق إلى وهم السامع أن هناك عيبا فى الممدوح ، وأن ابن الرومى سيكون
جريئا فى مصارحته به ، ولكن السامع لم يلبث أن وجد بعد أداة الاستثناء صفة مدح ،
فراعه هذا الأسلوب ، ووجد أن ابن الرومى خدعه فلم يذكر عيبا ، بل أكّد المدح الأول
فى صورة توهم الذم ، ومثل ذلك يقال فى المثال الثانى.
انظر إلى
المثال الثالث تجد أن النبى صلّى الله عليه وسلّم وصف نفسه بصفة ممدوحة وهى أنه
أفصح العرب ، ولكنه أتى بعدها بأداة استثناء فدهش السامع ، وظن أن النبى صلّى الله
عليه وسلّم سيذكر بعدها صفة غير محبوبة ، ولكن سرعان ما هدأت نفسه حين وجد صفة
ممدوحة بعد أداة الاستثناء ، وهى أنه من قريش ، وقريش أفصح العرب غير منازعين.
فكان ذلك توكيدا للمدح الأول فى أسلوب ألف الناس سماعه فى الذّم ، وكذلك يقال فى المثال
الأخير. ويسمى هذا الأسلوب فى جميع الأمثلة المتقدمة وما جاء على شاكلتها تأكيد
المدح بما يشبه الذم.
وهناك أسلوب
لتوكيد الذم بما يشبه المدح وهو كالأسلوب السابق ، له صورتان : فالأولى نحو : لا
جمال فى الخطبة إلّا أنها طويلة فى غير فائدة ، والثانية نحو : القوم شحاح إلّا
أنهم جبناء.
القواعد :
(٧٥) تأكيد
المدح بما يشبه الذمّ ضربان :
(ا) أن يستثنى
من صفة ذمّ منفيّة صفة مدح
(ب) أن يثبت
لشىء صفة مدح ، ويؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى.
(٧٦) تأكيد
الذّمّ بما يشبه المدح ضربان.
(ا) أن يستثنى
من صفة مدح منفيّة صفة ذمّ.
(ب) أن يثبت
لشىء صفة ذمّ ، ثمّ يؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة ذمّ أخرى.
تمرينات
(١)
اشرح ما فى
الأمثلة الآتية من تأكيد المدح بما يشبه الذم ، وبيّن ضربه :
(١) قال ابن
نباتة المصرىّ :
ولا عيب فيه
غير أنّى قصدته
|
|
فأنستنى
الأيّام أهلا وموطنا
|
(٢) وجوه كأزهار الرّياض نضارة
|
|
ولكنّها يوم
الهياج صخور
|
(٣) ولا عيب فيكم غير أنّ ضيوفكم
|
|
تعاب بنسيان
الأحبة والوطن
|
(٤) هم فرسان الكلام إلّا أنّهم
سادة أمجاد.
(٢)
اشرح ما فى
الأمثلة الاتية من تأكيد الذم بما يشبه المدح ، وبين ضربه :
(١) لا فضل
للقوم إلّا أنهم لا يعرفون للجار حقّه.
(٢) الكلام
كثير التعقيد سوى أنه مبتذل المعانى
(٣) لا حسن فى
المنزل إلّا أنه مظلم ضيق الحجرات.
__________________
(٣)
بيّن ما فى
الأمثلة الآتية من تأكيد المدح بما يشبه الذّم وعكسه :
(١) قال صفىّ
الدّين الحلّى :
لا عيب فيهم
سوى أنّ النزيل بهم
|
|
يسلو عن
الأهل والأوطان والحشم
|
(٢) لا خير فى هؤلاء القوم إلا
أنهم يعيبون زمانهم والعيب فيهم.
(٣) ولا عيب
فيه لامرئ غير أنّه
|
|
تعاب له
الدّنيا وليس يعاب
|
(٤) هو بذىء اللسان غير أن صدره
مجمع الأضغان.
(٥) تعدّ
ذنوبى عند قوم كثيرة
|
|
ولا ذنب لى
إلّا العلا والفضائل
|
(٦) لا عزة لهم بين العشائر غير أن
جارهم ذليل.
(٧) الجاهل
عدوّ نفسه لكنّه صديق السفهاء.
(٨) لا عيب فى
الروض إلا أنه غليل النسيم.
(٤)
(١) امدح كتابا
قرأته وأكّد المدح بما يشبه الذم
(٢) امدح بلدا
زرته وأكّد المدح بما يشبه الذم
(٣) ذم طريقا
سلكتها. وأكد الذم بما يشبه المدح.
(٥)
اشرح البيتين
الآتيين وبين فى أسلوبهما تأكيد المدح بما يشبه الذم :
مدحتكم بمديح
لو مدحت به
|
|
بحر الحجاز
لأغنتنى جواهره
|
لا عيب لى
غير أنّى من دياركم
|
|
وزامر الحىّ
لم تطرب مزامره
|
__________________
(٧) أسلوب الحكيم
الأمثلة :
(١) قال تعالى
: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ
هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ».
(٢) وقال ابن
حجّاج :
قال ثقّلت إذ
أتيت مرارا
|
|
قلت ثقّلت
كاهلى بالأيادى
|
قال طوّلت
قلت أوليت طولا
|
|
قال أبرمت
قلت حبل ودادى
|
البحث :
قد يخاطبك
إنسان أو يسألك سائل عن أمر من الأمور فتجد من نفسك ميلا إلى الإعراض عن الخوض فى
موضوع الحديث أو الإجابة عن السؤال لأغراض كثيرة منها أن السائل أعجز من أن يفهم
الجواب على الوجه الصحيح ، وأنه يجمل به أن ينصرف عنه إلى النظر فيما هو أنفع له
وأجدى عليه ، ومنها أنك تخالف محدثك فى الرأى ولا تريد أن تجبهه برأيك فيه. وفى
تلك الحال وأمثالها تصرفه فى شىء من اللباقة عن الموضوع الذى هو فيه إلى ضرب من
الحديث تراه أجدر وأولى.
انظر إلى المثال
الأول تجد أن أصحاب الرسول صلّى الله عليه وسلّم سألوه عن الأهلة ، لم تبدو صغيرة
ثم تزداد حتى يتكامل نورها ثم تتضاءل حتى لا ترى ، وهذه مسأله من مسائل علم الفلك
يحتاج فى فهمها إلى دراسة
__________________
دقيقة طويلة فصرفهم القرآن الكريم عن هذا ببيان أن الأهلة وسائل للتوقيت فى
المعاملات والعبادات ؛ إشارة منه إلى أن الأولى بهم أن يسألوه عن هذا ، وإلى أنّ
البحث فى العلوم يجب أن يرجأ قليلا حتى تتوطد الدول وتستقرّ صخرة الإسلام.
وصاحب ابن حجاج
فى المثال الثانى يقول له قد ثقّلت عليك بكثرة زياراتى فيصرفه عن رأيه فى أدب وظرف
وينقل كلمته من معناها إلى معنى آخر ، ويقول له : إنك ثقّلت كاهلى بما أغدقت علىّ
من نعم. ومثل ذلك يقال فى البيت الثانى ، وهذا النوع من البديع يسمى : أسلوب
الحكيم.
القاعدة :
(٧٧) أسلوب
الحكيم تلقّى المخاطب بغير ما يترقّبه ، إمّا بترك سؤاله والإجابة عن سؤال لم
يسأله ، وإمّا بحمل كلامه على غير ما كان يقصد ؛ إشارة إلى أنّه كان ينبغى له أن
يسأل هذا السؤال أو يقصد هذا المعنى.
تمرينات
(١)
بيّن كيف جاء
الكلام على أسلوب الحكيم فى الأمثلة الآتية :
(١) ولقد
أتيت لصاحبى وسألته
|
|
فى قرض دينار
لأمر كانا
|
فأجابنى
والله دارى ما حوت
|
|
عينا فقلت له
ولا إنسانا
|
(٢) قيل لشيخ هرم : كم سنك؟ فقال :
إنى أنعم بالعافية.
(٣) قيل لرجل :
ما الغنى؟ فقال : الجود أن تجود بالموجود.
(٤) سئل غريب
عن دينه واعتقاده ، فقال : أحبّ للناس ما أحبّ لنفسى.
(٥) قيل لتاجر
: كم رأس مالك؟ فقال : إنى أمين وثقة الناس بى عظيمة
__________________
(٦) قال
الحجّاج للمهلّب : أنا أطول أم أنت؟ فقال : أنت أطول وأنا أبسط قامة.
(٧) سئل أحد
العمّال ما ادخرت من المال؟ فقال : لا شىء يعادل الصحة.
(٨) دخل سيد بن
أنس على المأمون فقال له المأمون : أنت السّيّد ، فقال : أنت السيد وأنا ابن أنس.
(٩) طلبت منه
درهما
|
|
يوما فأظهر
العجب
|
وقال ذا من
فضّة
|
|
يصنع لا من
الذّهب
|
(١٠) قال تعالى : «يَسْئَلُونَكَ ما ذا
يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ
وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ».
(١١) لمّا توجه
خالد بن الوليد لفتح الحيرة أتى إليه من قبل أهلها رجل ذو تجربة ، فقال له خالد :
فيم أنت؟ قال : فى ثيابى.
فقال : علام
أنت؟ فأجاب : على الأرض ؛ فقال : كم سنك؟
قال : اثنتان
وثلاثون ، فقال : أسألك عن شىء وتجيبنى بغيره؟
فقال : إنما
أجبت عما سألت.
(١٢) ولمّا
نعى الناعى سألناه خشية
|
|
وللعين خوف
البين تسكاب أمطار
|
أجاب قضى!
قلنا قضى حاجة العلا
|
|
فقال مضى!
قلنا بكل فخار
|
(٢)
إذا سئلت
الأسئلة الاتية وأردت أن تتّبع أسلوب الحكيم فكيف تجيب؟
(١) ما دخل أبيك؟
|
(٣) ما ثمن هذه الحلّة؟
|
(٢) أين منزلك؟
|
(٤) كم سنة قضيت فى التعليم الثانوى؟
|
__________________
(٣)
كون مثالين من
إنشائك تجرى فيهما على أسلوب الحكيم.
(٤)
اشرح البيتين
الآتيين وبيّن النوع البديعىّ الذى فيهما :
جاءنى ابنى
يوما وكنت أراه
|
|
لى ريحانة
ومصدر أنس
|
قال ما الروح؟
قلت إنك روحى
|
|
قال ما النفس؟
قلت إنك نفسى
|
والحمد لله أولا وآخرا
أسئلة امتحان شهادة
الدراسة الثانوية للقسم الثانى
(١) أسئلة الدور
الأول
أجب عن الأسئلة
الأربعة الآتية :
(١) هات مثالين
للهمزة التى يطلب بها التصور ، وآخرين للهمزة التى يطلب بها التصديق ، وأت بجواب
الاستفهام فى كلّ مثال.
(٢) تكلم من
علم البيان على البيتين الأخيرين من قول الشريف :
وليلة خضتها
على عجل
|
|
وصبحها
بالظلام معتصم
|
تطلّع الفجر
فى جوانبها
|
|
وانفلتت من
عقالها الظّلم
|
كأنما الدّجن
فى تزاحمه
|
|
خيل لها من
بروقه لجم
|
الدّجن ـ الغيم
(٣) إذا علمت
أنّ «مقيلا» و «مقالا» اسما مكان. فما مضارع كل منهما مع بيان السبب.
(٤) أعرب البيت
الآتى إعرابا موجزا :
سلام إذا لم
تكن لقية
|
|
وإن يدا أن
تردوا السلاما
|
يدا ـ نعمة
أجب عن سوالين
من الأسئلة الآتية :
(١) خطب أبو
بكر ـ رضى الله عنه ـ فكان ممّا قال :
«أيّها الناس!
إنّى ولّيت عليكم ، ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينونى ، وإن زغت فقوّمونى».
بيّن سبب ما
جاء فى الجمل السابقة من فصل ووصل.
(٢) تقول العرب
فيمن جاهر قوما بالعداوة :
«لبس لهم جلد
النّمر ، وجلد الأرقم ، وقلب لهم ظهر المجنّ».
الأرقم ـ الحيّة.
المجن ـ الترس
فبم تسمّى هذا
الضرب من التعبير فى علم البيان؟ وما سرّ البلاغة فيه؟
(٣) تكلم من
علم البيان على قول أعرابىّ :
«كنت فى شبابى
أعضّ على الملام ، عضّ الجواد على اللجام ، حتّى أخذ المشيب بعنانى».
(٤) هات مثالا
للتورية فى وصف غناء الطيور ، مستعملا كلمة «عود».
(٢) أسئلة الدور
الثانى
أجب عن الأسئلة
الأربعة الآتية :
(١) قد ينادى
القريب بأداة لنداء البعيد ، وقد ينادى البعيد بأداة لنداء القريب فما الأغراض
البلاغيّة لذلك؟ مثّل.
(٢) تكلم من
علم البيان على قول الشريف فى الشيب :
ضوء تشعشع فى
سواد ذوائبى
|
|
لا أستضىء به
ولا أستصبح
|
بعت الشباب
به على مقة له
|
|
بيع العليم
بأنه لا يربح
|
المقة : المحبة
(٣) يقولون إنّ
التصغير يردّ الأشياء إلى أصولها ، فكيف توضّح ذلك بتصغير ما يأتى :
دار ـ صيغة ـ موقظ
(٤) أعرب البيت
الآتى إعرابا موجزا :
ليت الغمام
الذى عندى صواعقه
|
|
يزيلهنّ إلى
من عنده الدّيم
|
أجب عن سؤالين
من الأسئلة الآتية :
(١) بيّن الغرض
من الاستفهام فى البيت الآتى :
وهل نافعى أن
ترفع الحجب بيننا
|
|
ودون الذى
أملت منك حجاب؟
|
(٢) بيّن فى البيت الآتى الجمل
الأصلية والفرعيّة ، ونوعها من حيث الاسميّة والفعليّة. وإذا كان به إطناب فأين هو؟
وما اسمه؟
ليس الزمان
وإن حرصت مسالما
|
|
خلق الزّمان
عداوة الأحرار
|
(٣) اجعل كلّا مما يأتى مشبها به
فى تشبيه تمثيل :
(ا) الهلال
يبدو صغيرا ، ثم ينمو ، ثمّ يصير بدرا.
(ب) العواصف
تدع النبات الضعيف ، وتقصف الأشجار العالية.
(٤) اكتب
سجعتين فى آخر كل منهما كلمة «الراحة» وسمّ هذا النوع.
فهرس
تراجم الأعلام الواردة فى حاشية كتاب
البلاغة الواضحة
العلم
|
صفحة
|
العلم
|
صفحة
|
الهمزة
|
ابن
المعتز
|
١٥
|
إبراهيم
بن عبد الله بن الحسن
|
١٢٧
|
ابن
نباتة السعدى
|
٨٦
|
إبراهيم
بن المهدى
|
١٤٨
|
ابن
نباتة المصرى
|
٢٧٩
|
ابن
بطوطة
|
٢٨٣
|
ابن
النبيه
|
٥٠
|
ابن
التعاويذى
|
٢٨
|
ابن
وكيع
|
١١
|
ابن
جبير الأندلسى
|
٢٦٦
|
أبو
الأسود الدؤلى
|
١٨٦
|
ابن
جنى
|
١٠
|
أبو
تمام
|
٨
|
ابن
حجاج
|
٢٩٥
|
أبو
جعفر الأندلسى
|
٢٦٩
|
ابن
الحشرج
|
١٢٨
|
أبو
الحسن الأنبارى
|
٥٣
|
ابن
خفاجة
|
٤١
|
أبو
الحسين الجزار
|
٢٥٥
|
ابن
الخياط
|
١٣
|
أبو
خراش الهذلى
|
٢٥٤
|
ابن
دانيال
|
٢٨٠
|
أبو
شجاع فاتك
|
٢٢٦
|
ابن
الرومى
|
٢٣
|
أبو
صخر الهذلى
|
٢٨٢
|
ابن
الزيات
|
١١١
|
أبو
العتاهية
|
٤٩
|
ابن
سناء الملك
|
٢٦٩
|
أبو
فراس الحمدانى
|
٣٣
|
ابن
سنان الخفاجى
|
٨١
|
أبو
مسلم الخراسانى
|
١٨٤
|
ابن
شهيد الأندلسى
|
٥٧
|
أبو
النجم
|
١٠
|
ابن
عبد ربه
|
١٤٢
|
أبو
نواس
|
١٢٧
|
ابن
عبد الظاهر
|
٢٧١
|
الأبيوردى
|
٦٢
|
ابن
العميد
|
٦٩
|
أحمد
بن المعتصم
|
٦٤
|
ابن
الفارض
|
٢٦٤
|
الأحنف
بن قيس
|
٦٤
|
العلم
|
صفحة
|
العلم
|
صفحة
|
الأرجانى
|
١٥٧
|
الحجاج
بن يوسف الثقفى
|
٦٨
|
امرؤ
القيس
|
٧
|
الحريرى
|
٢٦٦
|
أميه
بن أبى الصلت
|
١٧١
|
حسان
البكرى
|
١٦
|
أوس
بن حجر
|
٢٥٦
|
حسان
بن ثابت
|
٦
|
إياس
|
٦٤
|
الحسن
بن على
|
١٦٧
|
(ب)
|
الحسين
بن إسحاق التنوخى
|
٤٢
|
البارودى
|
١٠٠
|
الحسين
بن مطير
|
٢٤٩
|
باقل
|
٦٨
|
الحطيئة
|
٦٨
|
البحترى
|
١١
|
الحمامى
(نصير الدين)
|
٢٧٦
|
بدر
الدين الذهبى
|
٩٥
|
(خ)
|
البستى
|
٢٥٤
|
خالد
بن صفوان
|
١٨٠
|
بشار
بن برد
|
٥١
|
خالد
بن الوليد
|
٧٣
|
البوصيرى
|
٤٠
|
الخنساء
|
١٢٣
|
(ت)
|
(د)
|
التهامى
|
٤١
|
دعبل
الخزاعى
|
٧٩
|
(ث)
|
(ر)
|
الثعالبى
|
٢٧٣
|
الربيع
بن يوسف
|
١٢٧
|
(ج)
|
(ز)
|
الجاحظ
|
١٥١
|
زهير
بن أبى سلمى
|
١٧١
|
جرير
|
١١
|
زياد
|
٢٤٤
|
جعفر
بن يحيى
|
٢٤٥
|
زينب
بنت الطثريه
|
٢٣٧
|
(ح)
|
(س)
|
حاتم
الطائى
|
٦٤
|
سراج
الدين الوراق
|
٢٧٦
|
الحرث
الهمذانى
|
١٤٣
|
السرى
الرفاء
|
٢٩
|
العلم
|
صفحة
|
العلم
|
صفحة
|
سعيد
بن حميد
|
٩٥
|
عبد
الله بن رواحة
|
٢٦٧
|
سعيد
بن هاشم الخالدى
|
٥٧
|
عبد
الله بن طاهر
|
٥١
|
السفاح
(أبو العباس)
|
١٥٤
|
عبد
الله بن عباس
|
١٣٨
|
سفيان
بن عوف الأسدى
|
١٦
|
عبد
المؤمن الأصفهانى
|
٢٦٩
|
السموءل
|
٦٧
|
عبد
الملك بن مروان
|
٢٨٤
|
سوار
بن المضرب
|
٢١٢
|
على
بن أبى طالب
|
١٦
|
سيف
الدولة
|
١١
|
على
بن عيسى بن هامان
|
٢٤٤
|
(ش)
|
عمارة
اليمنى
|
٢٣٧
|
الشاب
الظريف
|
٢٧٦
|
عمر
بن الخطاب
|
٦٧
|
الشريف
الرضى
|
٥٦
|
عمر
بن عبد العزيز
|
١٤٤
|
شقيق
|
١٦٢
|
عمرو
بن كلثوم
|
١٤٥
|
(ص)
|
عمرو
بن معدى كرب
|
٦٤
|
الصاحب
بن عباد
|
٢٧١
|
عمرو
بن هند
|
٢٥٣
|
صخر
|
١٨٨
|
عنترة
|
٥٧
|
صفى
الدين الحلى
|
٢٩٤
|
(غ)
|
الصمة
بن عبد الله
|
١٦٨
|
الغزىّ
(أبو إسحاق)
|
١٣٧
|
(ط)
|
الغطمّش
الضبى
|
٢٢٠
|
طاهر
بن الحسين
|
١٤٥
|
(ف)
|
طرفة
بن العبد
|
١١٩
|
الفتح
بن خاقان
|
٦٣
|
الطغرائى
|
١٧٩
|
الفرزدق
|
١٠٤
|
(ع)
|
الفضل
بن الربيع
|
١٢٧
|
العباس
بن الأحنف
|
١٦٩
|
الفضل
بن سهل
|
١٧٠
|
عباس
بن الفضل
|
٢٥٦
|
(ق)
|
عباس
بن موسى الهادى
|
١٤٥
|
القاضى
الفاضل
|
٢٧٠
|
عبد
الحميد الكاتب
|
١٤٠
|
قريط
بن أنيف
|
٨٩
|
العلم
|
صفحة
|
العلم
|
العلم
|
قس
بن ساعدة
|
٦٨
|
المعتمد
على الله
|
١٨٨
|
قطرى
بن الفجاءة
|
١٨٠
|
المعرى
|
١٤
|
(ك)
|
معن
بن زائدة
|
١٥٠
|
كافور
الإخشيدى
|
١٠
|
المقنع
الكندى
|
٢٨٢
|
كثيّر
عزّة
|
١٠٤
|
المنصور
|
١٢٧
|
الكسعى
|
٦٨
|
المهدى
|
٨٩
|
كشاجم
(أبو الفتح)
|
٣٢
|
المهلب
بن أبى صفرة
|
١٢٧
|
كعب
بن سعد الغنوى
|
١٦٠
|
مهيار
|
٨٧
|
الكندى
(أبو يوسف يعقوب)
|
٢٥٩
|
المكيالى
(أبو الفضل)
|
١٥١
|
(ل)
|
(ن)
|
لبيد
|
١٥٧
|
النابغة
الجعدى
|
٢٤٧
|
لقمان
|
٦٨
|
النابغة
الذبيانى
|
٥٢
|
(م)
|
(ه)
|
المأمون
|
٦٢
|
هرون
الرشيد
|
١٤٤
|
مادر
|
٦٨
|
هبنّقه
|
٦٨
|
المبرد
(أبو العباس)
|
٢٥٩
|
هشام
|
٢٧٥
|
المتنبى
|
٧
|
(و)
|
المتوكل
العباسى
|
٧٩
|
الواحدى
|
١٠
|
محمد
بن بشير
|
١٥٩
|
(ى)
|
محمد
بن وهيب الحميرى
|
٥٩
|
يحيى
البرمكى
|
١٤٤
|
مروان
بن أبى حفصة
|
١٥٠
|
يزيد
بن الحكم
|
١٢٨
|
مسلم
بن الوليد
|
٤٥
|
يزيد
بن مزيد الشيبانى
|
٢٢٣
|
مطعم
|
٦
|
يزيد
بن معاوية
|
١٦٠
|
معاوية
|
١٤٧
|
|
|
فهرس
خطبة الكتاب
|
٣
|
الإنشاء وتقسيمه إلى طلبى وغير طلبى
|
١٦٧
|
الفصاحة ـ البلاغة ـ الأسلوب
|
٥
|
الإنشاء الطلبى وأقسامه
|
١٧٦
|
علم البيان
|
الأمر
|
١٧٦
|
التشبيه
|
١٨
|
النهى
|
١٨٤
|
أركانه
|
١٨
|
الاستفهام
|
١٩٢
|
أقسامه
|
٢٣
|
التمنى
|
٢٠٦
|
أغراضه
|
٥٢
|
النداء
|
٢١٠
|
بلاغته وبعض ما أثر منه عن العرب و ...
|
٦٥
|
القصر
|
٢١٦
|
الحقيقة والمجاز
|
٦٩
|
الفصل والوصل
|
٢٢٧
|
المجاز اللغوى
|
٦٩
|
الإيجاز والإطناب والمساواة
|
٢٣٩
|
الاستعارة التصريحية والمكنية
|
٧٥
|
أثر علم المعانى فى بلاغة الكلام
|
٢٥٨
|
تقسيم الاستعارة إلى تبعية وأصلية
|
٨٢
|
علم البديع
|
تقسيم الاستعارة إلى مرشحة ومجردة و
...
|
٨٩
|
أثره فى الكلام وتقسيمه
|
٢٦٣
|
الاستعارة التمثيلية
|
٩٧
|
المحسنات اللفظية
|
٢٦٣
|
بلاغة الاستعارة وشواهد ذلك من ...
|
١٠٥
|
الجناس
|
٢٦٣
|
المجاز المرسل وعلاقاته
|
١٠٨
|
الاقتباس
|
٢٦٩
|
المجاز العقلى
|
١١٥
|
السجع
|
٢٧٢
|
الكناية وأقسامها
|
١٢٣
|
المحسنات المعنوية
|
٢٧٦
|
بلاغة الكناية وشواهد ذلك من الكلام
...
|
١٣١
|
التورية
|
٢٧٦
|
أثر علم البيان فى تأدية المعانى
|
١٣٣
|
الطباق
|
٢٨٠
|
علم المعانى
|
المقابلة
|
٢٨٤
|
تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء
|
١٣٧
|
حسن التعليل
|
٢٨٨
|
الخبر
|
١٤٤
|
تأكيد المدح بما يشبه الذم وعكسه
|
٢٩١
|
الغرض من إلقائه
|
١٤٤
|
أسلوب الحكيم
|
٢٩٥
|
أضربه
|
١٥٣
|
فهرس الأعلام
|
٣٠٢
|
خروجه عن مقتضى الظاهر
|
١٦٢
|
|
|
|