بسم الله الرّحمن الرّحيم

قال محمّد هو ابن مالك

أحمد ربّى الله خير مالك

بسم الله الرّحمن الرّحيم

أحمدك الّلهمّ على نعمك وآلائك ، وأصلّي وأسلّم على محمّد خاتم أنبيائك وعلى آله وأصحابه والتّابعين (١) إلى يوم لقائك.

أمّا بعد : فهذا شرح لطيف مزجته بألفيّة ابن مالك ، مهذّب المقاصد ، واضح المسالك ، يبيّن مراد ناظمها ويهدى الطّالب لها إلى معالمها ، (٢) حاو لأبحاث منها ريح التّحقيق تفوح ، وجامع لنكت لم يسبقه إليها غيره (٣) من الشّروح. وسمّيته بـ «البهجة المرضيّة فى شرح الألفيّة» ، وبالله أستعين (٤) إنّه خير معين.

قال النّاظم : (بسم الله الرّحمن الرّحيم. قال محمّد هو) الشيخ الإمام أبو عبد الله جمال الدّين محمّد بن عبد الله (ابن مالك) الطّائيّ الأندلسيّ الجّيانيّ الشّافعيّ (أحمد ربّى الله خير مالك) أي أصفه بالجميل تعظيما له وأداءا لبعض ما يجب [علينا] له

__________________

(١) أصحاب الرسول الذين أدركوا صحبته ، والتابعون هم الذين لم يدركوا صحبة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولكنهم أدركوا صحبة الأصحاب.

(٢) جمع معلم علامة الطريق.

(٣) نعوذ بالله من العجب وتزكية النفس فايّاك أيّها الطالب وهذه الرذيلة التي هي أمّ الرذائل.

(٤) عجبا كيف يستعين بالله سبحانه من يستمدح المخلوق.


مصلّيا على النّبيّ المصطفى

وآله المستكملين الشّرفا

والمراد إيجاده (١) لا الإخبار بانّه سيوجد (مصلّيا) بعد الحمد أي داعيا بالصّلاة أي الرّحمة (على النّبيّ) هو إنسان أوحي إليه بشرع وإن لم يؤمر بتبليغه ، فإن أمر بذلك فرسول أيضا ، ولفظه بالتّشديد من النّبوة (٢) أي الرّفعة لرفعة رتبة النّبيّ على غيره من الخلق ، وبالهمزة (٣) من النّبأ أي الخبر لأنّ النّبيّ مخبر عن الله تعالى ، والمراد به نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم (المصطفى) ، أي المختار من النّاس كما قال صلّى الله عليه وآله وسلّم في حديث رواه التّرمذي وصحّحه : «إنّ الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة واصطفى من بني كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم». وقال في حديث رواه الطّبرانى : «إنّ الله اختار خلقه فاختار منهم بني آدم ثمّ اختار بني آدم فاختار منهم العرب ثمّ اختار العرب فاختار منهم قريشا ثمّ اختار قريشا فاختار منهم بني هاشم ثمّ اختار بني هاشم فاختارني فلم أزل خيارا من خيار» (و) على (آله) أي أقاربه المؤمنين من بني هاشم والمطّلب (٤) (المستكملين الشّرفا) ، بفتح الشّين بانتسابهم إليه.

وأستعين الله في ألفيّة

مقاصد النّحو بها محويّة

تقرّب الأقصى بلفظ موجز

وتبسط البذل بوعد منجز

(وأستعين الله في) نظم أرجوزة (الفيّة) عدتها الف بيت أو ألفان بناءا على أنّ كلّ

__________________

(١) أي : مراد الناظم بقوله أحمد إنشاء الحمد لا إخبار بأنه سيحمد الله.

(٢) بكسر النون وسكون الياء.

(٣) عطف على قوله بالتشديد ، أي : نبئة.

(٤) هذا عند العامّة ، وأما عند الخاصّة فأكثرهم على أن المراد بآل الرسول هم : فاطمة والأئمّة الاثنى عشر عليهم السّلام


شطر بيت ولا يقدح ذلك في النّسبة كما قيل ، (١) لتساوي النّسب إلى المفرد والمثنّى كما سيأتي (مقاصد النّحو) أي مهمّاته والمراد به (٢) المراد لقولنا علم العربيّة المطلق على ما يعرف به أواخر الكلم إعرابا وبناءا وما يعرف به ذواتها صحّة واعتلالا ، لا ما يقابل التّصريف (بها) أي فيها (محويّة) أي مجموعة.

(تقرّب) هذه الألفيّة لأفهام الطّالبين (الأقصى) أي الأبعد من غوامض المسائل فيصير واضحا (بلفظ موجز) قليل الحروف كثير المعنى ، والباء للسّببيّة ولا بدع (٣) فى كون الإيجاز سببا لسرعة الفهم كما في «رأيت عبد الله وأكرمته» دون «أكرمت عبد الله» ويجوز أن يكون بمعنى مع ـ قاله ابن جماعة (وتبسط البذل) بسكون الذّال المعجمة أي العطاء (بوعد منجز) أي سريع الوفاء ، والوعد في الخير لا وإيعاد في الشّرّ إذا لم تكن قرينة.

وتقتضي رضا بغير سخط

فائقة ألفيّة ابن معطي

وهو بسبق حائز تفضيلا

مستوجب ثنائي الجميلا

والله يقضي بهبات وافره

لى وله فى درجات الآخره

(وتقتضى) بحسن الوجازة المقتضية لسرعة الفهم (رضا) من قاريها بأن

__________________

(١) توهّم بعض أن الألفية نسبة إلى ألف فكيف يمكن عدّ الأبيات ألفين فأجاب بأنّ النسبة إلى المفرد والتثنية سواء.

(٢) أي : بقوله النحو دفع دخل وهو أنّ النحو على ما هو المعروف يطلق على العلم الذي يعرف به أحوال أواخر الكلم مع أنّ الألفية مشتملة على الصرف أيضا ، فأجاب : بأنّ المراد بالنحو هنا أعمّ من النحو المعروف ، بل المراد به مطلق علم العربيّة.

(٣) أي : على فرض كون الباء للسببيّة ربّما يتوهّم انّه كيف يكون الإيجاز والاختصار سببا للتقّرب إلى الأقصى أي : الإيضاح ، بل الأمر بالعكس ، كما هو ظاهر ، فأجاب بأنّه لا بدع ولا منافاة بين الإيجاز والإيضاح ، كما ترى أنّ أكرمته مع إيجازه أوضح من أكرمت عبد الله.


لا يعترض عليها (بغير سخط) يشوبه (فائقة ألفيّة) لا إمام أبي زكريّا يحيى (ابن معط) عبد النور الزّواويّ الحنفيّ ، (و) لكن (هو بسبق) أي بسبب سبقه إلى وضع كتابه وتقدّم عصره (حائز) أي جامع (تفضيلا) لتفضيل السّابق شرعا (١) وعرفا وهو أيضا (مستوجب ثنائى الجميلا) عليه لانتفاعي بما ألّفه واقتدائي به.

(والله يقضي بهبات) أي عطايا من فضله (وافرة) أي زائدة والجملة (٢) خبريّة أريد بها الدّعاء أي اللهمّ اقض بذلك (لي) قدّم نفسه لحديث أبي داود «كان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا دعا بدأ بنفسه» (وله في درجات الآخرة) أي مراتبها العليّة.

__________________

(١) لقوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ...) (الواقعة ، الآية : ١٠).

(٢) أي : جملة ، الله يقضي.


الكلام وما يتألّف منه

كلامنا لفظ مفيد كاستقم

واسم وفعل ثمّ حرف الكلم

هذا باب شرح الكلام

و

شرح ما يتألّف منه الكلام وهو الكلم الثلاث

(كلامنا) أي معاشر النّحويّين (١) (لفظ) أي صوت معتمد على مقطع الفم ، (٢) فيخرج به ما ليس بلفظ من الدّوالّ (٣) الأربع لا كإشارة والخطّ.

وعبّر به دون القول لإطلاقه (٤) على الرّأي لا وإعتقاد وعكس في الكافية (٥) لأنّ

__________________

(١) وأما في اللغة فالكلام بمعنى التكلّم ، سواء كان مفيدا أم لا.

(٢) أى : مقطع الحرف من الفم ، فإنّ لكلّ حرف في الفم مقطعا ومخرجا كمخرج القاف مثلا.

(٣) جمع دالّ ، وهو : ما يدلّ على الشيء ، فلفظ زيد دالّ على وجوده الخارجي ، كما أنّ زيدا المكتوب أيضا كذلك ، والإشارة إلى شيء دالّ على ذلك الشيء ١.

(٤) أي : القول : فيقال : هذا قول الشيخ مثلا ، ويراد به رأيه ، وهذا قول الشيعة ، والمراد : اعتقادهم.

(٥) فقال كلامنا قول ، ويمتاز القول عن اللفظ بأنّ القول جنس قريب للكلام ، بخلاف اللفظ فإنّه بعيد عنه ، والجنس القريب للشيء ما كان شموله للشيء أضيق من شمول الجنس البعيد له كما في شمول الحيوان والجسم للإنسان ، فالحيوان يشمل الإنسان فى دائرة الحيوانات ، وهي أضيق من شمول الجسم للإنسان ،


القول جنس قريب لعدم إطلاقه على المهمل بخلاف اللّفظ (مفيد) أي مفهم معنى يحسن السّكوت عليه (١) ـ كما قال في شرح الكافية ـ والمراد سكوت المتكلم وقيل سكوت السّامع وقيل كليهما. وخرج به ما لا يفيد كإن قام مثلا (٢) واستثنى منه فى شرح التّسهيل نقلا عن سيبويه وغيره بمفيد ما لا (٣) يجهله أحد نحو «النّار حارّة» فليس بكلام.

ولم يصرّح باشتراط كونه (٤) مركّبا ـ كما فعل الجزولي كغيره (٥) ـ للاستغناء عنه إذا ليس لنا لفظ مفيد وهو غير مركّب.

وأشار إلى اشتراط كونه موضوعا ـ أي مقصودا ـ ليخرج ما ينطق به النّائم والسّاهي ونحوهما بقوله : (٦) (كاستقم) إذ من عادته إعطاء الحكم بالمثال وقيّد في التّسهيل المقصود بكونه لذاته ، ليخرج المقصود لغيره كجملة الصّلة والجزاء. (٧)

__________________

لشموله له في دائرة الأجسام ، من حجر وشجر وحيوان.

ففيما نحن فيه شمول القول للكلام أضيق من شمول اللفظ له ، لأنّ القول يشمله في دائرة المستعملات ، لأنّ القول خاصّ بالمستعمل ، وأمّا اللفظ فمن حيث إنّه شامل للمهمل والمستعمل فشموله للكلام في دائرة أوسع ، والتعريف بالجنس القريب أحسن من التعريف بالبعيد.

(١) بخلاف غير المفيد ، فمن قال زيد ثم سكت ، يقبّحه العقلاء على سكوته.

(٢) فانّ جملة الشرط لا فائدة فيها ، إذا لم يلحقه الجزاء.

(٣) ما مفعول لأستثنى ، أي قال : خرج بقولنا مفيد ما لا يجهله أحد ، لأنّ الإفادة عبارة عن إعلام الجاهل.

(٤) أي : الكلام مركّبا ، لأنّ اشتراط المفيد يغني عن اشتراط المركّب ، إذ التركيب لازم للمفيد.

(٥) غير المصنف.

(٦) لأنّ الأمر بالاستقامة يحتاج إلى التفكّر والالتفات ، والنائم والساهي إذا تكلّما فلا يتكلّمان إلّا بألفاظ بسيطة عادّية ، كأخرج وأدخل ونحوهما أو إشارة إلى الأية (فاستقم).

(٧) أمّا الصلة فلأنّ ذكرها لتعريف من يراد الإخبار عنه لا للإخبار عنه بها فقولنا جاء الذي أكرمك لا يريد المتكلّم الإخبار بالإكرام ، لأنه أمر معلوم للسامع بل مراده الإخبار بالمجيء ، وإنّما أتى بجملة الصلة لتعريف صاحب المجيء وفاعله ، فليست مقصودة بالإخبار.

وأمّا الجزاء : فلأنّ الغرض الأصلي للمتكلّم في قوله إن جئتني إكرمتك ، اشتراط اكرام المخاطب بالمجيء فالمقصود الأصلي هو الشرط ، وأمّا الجزاء فتابع.


(واسم وفعل ثمّ حرف) هي .. (الكلم) الّتى .. يتألّف منها الكلام لا غيرها ، كما دلّ عليه الإستقراء ، (١) وذكره الإمام علىّ بن أبي طالب عليه الصّلاة والسّلام المبتكر لهذا الفنّ. (٢)

وعطف النّاظم الحرف بثمّ إشعارا بتراخي رتبته عمّا قبله لكونه فضلة دونهما ، ثمّ الكلم على الصّحيح إسم جنس جمعي. (٣)

واحده كلمة والقول عمّ

وكلمة بها كلام قد يؤمّ

(واحده كلمة) (٤) وهي كما قال في التّسهيل : «لفظ مستقل (٥) دالّ بالوضع تحقيقا (٦) أو تقديرا أو منويّ (٧) معه كذلك».

__________________

(١) أي : التتبّع والتحقيق في لغة العرب.

(٢) فن النحو والأدب.

(٣) اسم الجنس ما يطلق على القليل والكثير كالإنسان والحيوان والبقر والغنم ، يقال : هذه النجعة حيوان ، وهذا القطيع من الغنم حيوان والجمع ما أطلق على الثلاثة فصاعدة كالرجال ، واسم الجنس الجمعي ، جمع لاسم الجنس فهو في الحقيقة جمع إلّا ان آحاده أجناس ، فالكلم جمع للكلمة ، ولكن المرادة هنا كلّ من الاسم والفعل والحرف ، وكلّ واحد منها جنس وكلّي بخلاف الجمع المتعارف فإنّ أحاده أشخاص فإنّ مفردات الرجال مثلا كلّ رجل في الخارج لا كلّي الرجل والكلم الطّيب في القرآن جمع وليس باسم جنس جمعي لأنّ مفردتها الكلمات الشخصيّة.

(٤) أي : واحد الكلم كلمة فالكلم كما قلنا جمع الكلمة لكن الكلمة التي هي مفرد الكلم جنس الاسم ، أو جنس الفعل ، أو الجنس الحرف لا فرد منها.

(٥) أي مستقلّ في اللفظ ليخرج أجزاء الكلمة كزاء زيد مثلا فلا يرد عليه ما يتوهّم من أنّ الحرف غير مستقل ، وهو كلمة لأنّه وإن كان غير مستقل في المعني لكنّه مستقل في اللفظ.

(٦) تحقيقا حال من اللفظ يعني الكلمة قد تكون لفظا حقيقة ، وقد تكون لفظا تقديرا ، فالأوّل كزيد وقام وإلى ، والثاني كما إذا سئلك أحد ما فعل بك زيد؟ أو سئلك شخص إلى أين تسافر؟ فتقول : مكّة ، أي : إلى مكّة.

(٧) عطف على لفظ أي وهى : اما لفظ أو منوي مع اللفظ ، والمنوي معه على قسمين : فقد يكون تحقيقا ، وقد


(والقول عمّ) الكلام والكلم والكلمة أي يطلق على كلّ واحد منها ولا يطلق على غيرها. (١)

(وكلمة بها كلام قد يؤمّ) (٢) أي يقصد كثيرا في اللّغة (٣) لا في الاصطلاح كقولهم في «لا إله إلّا الله» كلمة الإخلاص ، وهذا من باب تسمية الشّيء باسم جزئه. (٤)

ثمّ شرع في علامة كلّ من الاسم والفعل والحرف وبدأ بعلامة الاسم لشرفه على قسيميه (٥) باستغنائه عنهما (٦) لقبوله الإسناد بطرفيه واحتياجهما إليه فقال :

__________________

يكون تقديرا.

فالأوّل : أي المنوي مع اللفظ التحقيقي كضمير المخاطب في قولك أضرب.

والثاني : أي المنوي مع اللفظ التقديري ، كما إذا سئلك أحد : من قام؟ فتقول : زيد ، أي : زيد قام فضمير هو منوي مع قام المنوى ، وقوله «كذلك» إشارة إلى اللفظ المعطوف عليه ، وتشبيه به يعني المنوي معه أيضا كاللفظ على قسمين : حقيقي وتقديرى.

(١) ومراده من الغير الألفاظ المهملة.

(٢) أي : قد يقال لشيء كلمة ، والحال ان المقصود به الكلام.

(٣) أي : في ألسنة العرب لا في اصطلاح النحاة ، لأنّ الكلمة في اصطلاحهم لا يطلق إلّا على المفرد.

(٤) يعنى : وهذا النوع من الاستعمال له باب في الأدب ، وهو : باب تسمية الشىء ، والشيء هنا الكلام باسم هو لجزئه ، والجزء هنا الكلمة ، لأنّ الكلمة جزء الكلام ، كما يسمّي العبد رقبة.

(٥) قسيم الشيء عدله في التقسيم ، فإذا قلنا : الحيوان على قسمين : ناطق ، وصامت ، فالناطق قسيم للصامت ، والصامت قسيم للناطق ، وإن قلنا : الكلمة اسم ، وفعل وحرف ، فالاسم قسيم للفعل والحرف ، وكذا الفعل والحرف قسيمان للاسم.

(٦) استدلّ لشرف الاسم على الفعل والحرف بدليلين :

أحدهما : استغناء الاسم عنهما في تشكيل الكلام ، لقبوله الإسناد بطرفيه ، أي : لأنه قابل لأن يكون مسندا ومسندا إليه ، نحو زيد قائم ، فتكوّن الكلام من اسمين من دون حاجة إلى الفعل والحرف.

ثانيهما : احتياج الفعل والحرف إليه ، في تشكيل الكلام لعدم تشكيله من فعلين أو حرفين أو فعل وحرف.


بالجرّ والتّنوين والنّدا وأل

ومسند للاسم تمييز حصل

(بالجرّ) وهو أولى من ذكر حرف الجرّ لتناوله الجرّ بالحرف والإضافة (١) قاله في شرح الكافية. قلت : لكن سيأتي أنّ مذهبه أنّ المضاف إليه مجرور بالحرف المقدّر (٢) فذكر حرف الجرّ شامل له إلّا أن يراعي مذهب غيره (٣) فتأمّل. (٤)

(والتنوين) المنقسم للتّمكّن والتّنكير والمقابلة والعوض ، وحدّه (٥) نون تثبت لفظا لا خطّا.

(والندا) أي الصّلاحيّة لأن ينادى ، (وأل) المعرفة وما يقوم مقامها كأم في لغة طي وسيأتي أنّ أل الموصولة تدخل علي المضارع. (٦)

(ومسند) أي الإسناد إليه (٧) أي بكلّ من هذه الأمور (للاسم تمييز) أي انفصال عن قسيميه (حصل) لاختصاصها به (٨) فلا تدخل على غيره ، فقوله «بالجرّ» متعلّق بحصل و «للإسم» متعلّق بتمييز. (٩)

مثال ما دخله ذلك «بسم الله الرّحمن الرّحيم» (١٠) و «زيد» و «صه» بمعني طلب

__________________

(١) ولو قال بحرف الجرّ لما شمل الجرّ بالإضافة.

(٢) فعلي هذا لو قال المصنف : بحرف الجر لشمل الجرّ ، بالإضافة لأنه أيضا بالحرف على مذهبه.

(٣) ممّن يقول بأنّ المضاف إليه مجرور بالمضاف.

(٤) لعلّه إشارة إلى انكار أن يكون مذهب المصنف في باب الاضافة ان جر المضاف اليه بالحرف ، لأنه قال هناك :

(وأنومن أو في أو اللام) فيمكن أن يكون مراده ان معني هذه الحروف منويّة لا ألفاظها ، والمعنى لا يعمل جرّا.

(٥) أى : تعريف التنوين.

(٦) يعنى : لهذا قيّدناها بالمعرفة.

(٧) يعني كونه مسندا إليه مبتداء أو فاعلا أو مفعولا.

(٨) أي لاختصاص هذه الأمور بالاسم.

(٩) فتقدير البيت : حصل بالجرّ والتنوين والندا وأل تمييز للاسم.

(١٠) مثال للجرّ بقسميه ، لأن اسم مجرور بالحرف والله مجرور بالإضافة.


سكوت ما (١) و «مسلمات» و «حينئذ» و «كلّ» و «جوار» (٢) و «يا زيد» و «الرّجل» و «أم سفر» و «أنا قمت». (٣)

ولا يقدح في ذلك وجود ما ذكر في غير الاسم (٤) نحو

ألام على لوّ وإن كنت عالما

بأذناب لوّ لم تفتني أوائله

و «إيّاك واللّو» (٥) و «يا ليتنانردّ» (٦) و «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه». (٧)

لجعل لو (٨) في الأوّلين اسما وحذف المنادي في الثّالث أي يا قوم ، وحذف أن (٩) المنسبك مع الفعل بالمصدر في الأخير أي سماعك خير.

__________________

(١) ما هنا للإبهام ، أي : سكوت غير معلوم.

(٢) فالتنوين على أربعة أقسام : التمكّن ، والتنكير ، والمقابلة ، والعوض والعوض على ثلاثة أقسام : عوض الجملة ، وعوص الكلمة ، وعوض الحرف ، فزيد للتمكّن ، والتمكن كون اللفظ معربا ومنصرفا ، وصه للتنكير ، ومسلمات للمقابلة أي : مقابل نون الجمع المذكّر السالم ، وحينئذ لعوض الجملة ، إذ التقدير حين إذ كان كذا فحذفت الجملة وعوض عنها التنوين ، وكلّ لعوض الكلمة ، فإن الأصل كلّ شيء ، وجوار لعوض الحرف ، فإن أصله جواري بالتنوين رفعا وجرّا ، فحذفت الضمّة أو الكسرة لثقلهما على الياء فالتقي الساكنان : الياء ونون التنوين ، فحذف الياء ، وعوض عنها التنوين ، وأما في حالة النصب فيقال : جواري بفتح الياء.

(٣) مثال للمسند إليه فأنا مسند إليه لكونه مبتدءا وتاء قمت مسند إليه لكونه فاعلا وهما إسمان.

(٤) أي : لا يضرّ في اختصاص هذه الأمور بالاسم وجودها إحيانا في غير الاسم ، لأن ذلك في ظاهر الأمر والواقع خلافه.

(٥) فدخل حرف الجرّ والتنوين وأل على لو مع أنه حرف ظاهرا.

(٦) فوقع الحرف وهو ليت منادى.

(٧) فصار الفعل وهو تسمع مسندا إليه لأنه مبتداء ، وخير خبره.

(٨) دليل لعدم القدح ، أي : لا يضرّ ذلك ، لأن لو في البيت وفي إيّاك واللو ليست بحرف ، بل اسم للو الحرفيّة. كما أن جيم اسم لحرف (ج) ـ مثلا ـ وكذا قولنا في للظرفية فجعلتها مبتداء لأنها اسم لفي الحرفيّة.

(٩) المصدريّة ، والتقدير ان تسمع فينسبك ، أي : يؤول بقولنا سماعك بالمعيدي ، فالمبتدا في الحقيقة هو الاسم ، لا الفعل.


ثمّ أخذ (١) في علامة الفعل مقدّما له على الحرف لشرفه عليه لكونه (٢) أحد ركني الكلام دونه فقال :

بتا فعلت وأتت ويا افعلي

ونون أقبلنّ فعل ينجلي

(بتا) الفاعل سواء كانت لمتكلّم أم مخاطب أم مخاطبة نحو (فعلت) وبتاء التأنيث السّاكنة نحو (اتت) و «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت» (٣) والتّقييد بالسّاكنة يخرج المتحرّكة اللّاحقة للأسماء نحو «ضاربة» فإنّها متحرّكة بحركة الإعراب (٤) ولا وربّ وثمّ. (٥)

(ويا) المخاطبة نحو (افعلي) وهاتي وتعالي وتفعلين (ونون) التّأكيد مشدّدة كانت أو مخفّفة نحو (أقبلنّ) وليكونن (فعل ينجلى) أي ينكشف ، وبه (٦) يتعلّق قوله «بتا».

ولا يقدح (٧) في ذلك دخول النّون على الاسم في قوله : «أقائلنّ أحضروا الشّهودا» لأنّه ضرورة.

__________________

(١) أي : شرع المصنف.

(٢) أي : الفعل أحد ركني الكلام لكونه مسندا دون الحرف.

(٣) مثال للحوق التاء الساكنة بالفعل غير المتصرّف ، وأتت للفعل المتصرف.

(٤) بخلاف تا فعلت فأن حركتها حركة بناء.

(٥) بفتح الثاء ، اسم إشارة ، أو بضمها فحرف عطف أي : ويخرج أيضا التاء المتحرّكة اللاحقة بهذه الثلاثة فتقول لات وربّة وثمة.

(٦) أي : بينجلي فتقدير البيت ينجلي فعل بتا فعلت واتت ويا افعلي ونون إقبلن.

(٧) أي : لا يضرّ بقولنا إنّ نون التأكيد مختص بالفعل ، لحوقها باسم الفاعل في قول الشاعر : أقائلنّ ، لأنه لضرورة الشعر.


سواهما الحرف كهل وفي ولم

فعل مضارع يلي لم كيشمّ

(سواهما) أي سوي الاسم والفعل (الحرف) وهو على قسمين : (١) مشترك بين الأسماء والأفعال (كهل) ، ولا ينافي هذا (٢) ما سيأتي في باب الاشتغال من اختصاصه بالفعل لأنّ ذلك حيث كان في حيّزها فعل (٣) قاله الرّضي ، (و) مختصّ (٤) وهو على قسمين : مختصّ بالأسماء نحو (في و) مختصّ بالأفعال نحو (لم).

والفعل ينقسم إلى ثلاثة أقسام : مضارع وماض وأمر.

ذكر المصنّف علاماتها مقدّما (٥) المضارع والماضي على الأمر للاتّفاق على إعراب الاوّل وبناء الثّاني والاختلاف في الثّالث ، وقدّم الأوّل (٦) لشرفه بالإعراب ، فقال :

(فعل مضارع يلي لم كيشمّ) أي يقع بعد لم فإنّه يقال فيه : «لم يشمّ».

وماضي الأفعال بالتّا مز وسم

بالنّون فعل الأمر ان امر فهم

(وماضي الأفعال بالتّا) السّاكنة (مز) عن قسيميه ، وكذا بتاء الفاعل ، قال في شرح

__________________

(١) أي : الحرف على قسمين : قسم يدخل على الفعل والاسم ، وقسم مختص إمّا بالاسم أو بالفعل ، كما سيأتى.

(٢) أي : لا ينافي قولنا إنّ هل مشترك بين الاسم والفعل ما يأتي في باب الاشتغال من أنّ هل مختص بالفعل إذ المراد بالاختصاص بالفعل أنّه إذا وقع في جملة وفيها فعل واسم دخلت هل على الفعل لا على الاسم وأما إذا كانت الجملة خالية من الفعل ، فلا مانع من دخولها على الاسم.

(٣) أي : الاختصاص بالفعل في مورد يكون بجنبها فعل.

(٤) عطف على قوله : «مشترك».

(٥) يعنى : إنّ المصنف قدّم الماضي والمضارع على الأمر ، لعدم الاختلاف في الماضي والمضارع. فإن الماضي مبنيّ باتفاق علماء النحو ، والمضارع معرب باتفاقهم أيضا ، وأما الأمر فاختلفوا في إعرابه وبنائه ، والاختلاف في الشيء نقص فيه ، فلذلك أخّره.

(٦) أي : المضارع لشرفه على الماضي بالإعراب.


الكافية (١) وعنى (٢) بذلك علامة تختصّ الموضوع للمضىّ (٣) ولو كان مستقبل المعنى. (وسم (٤) بالنّون) المؤكّدة (فعل الأمر إن أمر فهم) عمّا يقبلها. (٥)

والأمر ان لم يك للنّون محلّ

فيه هو اسم نحوصه وحيّهل

(والأمر) أي مفهم الأمر بمعنى طلب إيجاد الشّيء (إن لم يك للنّون) المؤكّدة (محلّ فيه) فليس بفعل بل (هو اسم) الفعل (نحوصه) بمعنى أسكت (وحيّهل) مركّب من كلمتين بمعنى أقبل ، وقابل النّون إن لم يفهم الأمر فهو فعل مضارع. (٦)

__________________

(١) كأنّ متن الكافية كمتن المصنّف هنا جعل التاء الساكنة علامة للفعل الماضى ، ويرد إشكال على المتنين ، وهو : إن معنى فعل الماضي أن الفعل واقع في الزمان الماضى ، مع أنّا نعلم أنّ الفعل قد يكون بمعنى المستقبل ، والتاء تلحقه أيضا ، نحو : إن جائتني أكرمتها ، لأن إن الشرطية يقلب الماضي إلى المستقبل ، فأجاب المصنف في شرح الكافية عن هذا الإشكال بأنّ المراد من قوله تاء التأنيث علامة للماضي أنّ التاء علامة للفعل الذي كان في الأصل موضوعا للماضي ، وإن تحوّل لعارض إلى الزمان المستقبل.

(٢) أي : صاحب الكافية بذلك أي بقوله إن التاء علامة للماضي.

(٣) أي : الفعل الذي وضع للماضي في الأصل.

(٤) فعل أمر من الوسم وهو العلامة.

(٥) أي يقبل النون.

(٦) نحو ينصرنّ فإذا اجتمع الأمران وهما قبول النون وفهم الأمر منه في كلمة يعلم آنها فعل أمر.


(تتمّة)

إذا دلّت كلمة على حدث ماض (١) ولم تقبل التّاء ـ كشتّان ـ (٢) أو على حدث (٣) حاضر أو مستقبل ولم تقبل لم ـ كأوّه ـ (٤) فهي إسم فعل أيضا ـ قاله المصنّف في عمدته.

__________________

(١) الحدث الأمر الحادث فشتان يدل على حدوث الافتراق في الزمان الماضي.

(٢) أي : تفرّق.

(٣) أي : حدوث أمر في الحال.

(٤) اسم فعل مضارع بمعنى أتضجّر وأتأسّف فإنّه قد يراد منه الحال ، وقد يراد منه الاستقبال.


هذا باب المعرب والمبنيّ

والاسم منه معرب ومبنيّ

لشبه من الحروف مدني

(والاسم منه) أي بعضه (١) متمكّن وهو (معرب) جار على الأصل (٢) وبعضه الآخر غير متمكّن (و) هو (مبنيّ) جار على خلاف الأصل ، وإنّما يبنى (لشبه) فيه (من الحروف) متعلّق بقوله : (٣) (مدني) أي مقرّب له ، واحترز (٤) عن غير المدني ، وهو (٥) ما عارضه ما يقتضي الإعراب كأي في الاستفهام والشّرط فإنّها أشبهت الحروف في المعنى لكن عارضها (٦) لزومها الإضافة.

ويكفي في بناء الاسم شبهه بالحرف من وجه واحد بخلاف منع الصّرف فلا بدّ من شبهه بالفعل من وجهين ، وعلّله ابن حاجب (٧) في أماليه بأنّ الشبه الواحد بالحرف يبعّده

__________________

(١) أي : بعض الاسم.

(٢) أي : على القاعدة الأصلية ، فإن قاعدة الاسم أن يكون معربا.

(٣) فالمعني لشبه في الاسم مدن من الحروف ، أي : مقرب منها.

(٤) أي : بالمدني.

(٥) أي : غير المدني الشبه يعارضه حالة في الاسم يطلب الإعراب.

(٦) أي : عارض تلك الشباهة حالة في أي وهي كونها لازمة الإضافة وهذه الحالة تطلب الاعراب لأنها من خواص الاسم فيقربها إلى الاسميّة.

(٧) توضيح ذلك أن الاسم والفعل والحرف كلّها مشتركة في كونها كلمة ولكن الاسم والفعل مشتركان في


عن الاسميّة ويقرّبه ممّا (١) ليس بينه وبين الاسم مناسبة إلّا في الجنس الأعمّ وهو كونه كلمة ، وشبه الاسم بالفعل وإن كان (٢) نوعا آخر إلّا أنّه (٣) ليس في البعد عن الاسم كالحرف.

وفهم من حصر المصنّف علّة البناء في شبهه (٤) الحرف فقطّ ، عدم اعتبار غيره (٥) وسبقه إلى ذلك (٦) أبو الفتح وغيره وإن قيل إنّه لا سلف له في ذلك.

كالشّبه الوضعي في اسمى جئتنا

والمعنوي في متى وفي هنا

(كالشّبه الوضعيّ) (٧) بأن يكون الاسم موضوعا على حرف واحد أو حرفين ـ كما هو الأصل في وضع الحرف (٨) ـ كما (في اسمي جئتنا) وهما التّاء والناء فإنّهما إسمان وبنيا لشبههما الحرف فيما هو الأصل أن يوضع الحرف عليه ، ونحو يد ودم أصله ثلاثة. (٩)

__________________

شيء أخص من الكلمة أيضا ، وهو الاسناد لكون الفعل قابلا للإسناد ، كالاسم بخلاف الحرف ، فإنها غير قابلة للإسناد ، فالحرف يشترك مع الاسم في الجنس الأعم فقطّ ، وهو الكلمة ، وأما الفعل فيشترك مع الاسم في الجنس الأخصّ أيضا وهو الإسناد فالفعل أقرب إلى الاسم من الحرف ، فإذا تشابه الاسم بالفعل بشبه واحد لا يخرجه عن الانصراف لا أن يتشابه معه بشبهين ليمنع عن الصرف وأما إذا تشابه مع الحرف فقد تشابه بشيء بعيد عنه فيكفي لبنائه شبه واحد.

(١) أي : الحرف.

(٢) أي الفعل نوعا آخر عن الاسم ، فإن الفعل ليس باسم.

(٣) أي : الفعل.

(٤) أي : الاسم.

(٥) أي : غير شبه الحرف فإن النحاة قالوا : إن شبه الاسم بالفعل أيضا يؤثّر في بناء الاسم.

(٦) أي : إلى القول بانحصار شبه الحرف في تأثير بناء الاسم.

(٧) أي : الشكلي.

(٨) أي : الأكثر في شكل الحروف أن تكون بحرف واحد كحروف القسم أو حرفين كمن وفي.

(٩) أي : ثلاثة حروف فأصل يد يدي ، ولهذا تجمع على أيدي وأصل دم دمو فإن جمعه دماء وهو في الأصل دماو ، قلبت الواو بالهمزة لوقوعه بعد الألف الزائدة كما في الرجاء.


(و) كالشّبه (المعنوىّ) بأن يكون الاسم متضمّنا معني من معاني الحروف سواء وضع لذلك المعني حرف أم لا ، فالأوّل (١) كما (في متى) فإنّها اسم وبنيت لتضمّنها معنى إن الشّرطيّة (٢) أو همزة الاستفهام (٣) (و) الثّاني كما (في هنا) فإنّها إسم وبنيت لتضمّنها (٤) معني الإشارة الّذي كان من حقّه أن يوضع له حرف (٥) لأنّه كالخطاب (٦) وإنّما أعرب ذان وت ان (٧) لأنّ شبه الحرف عارضه ما يقتضي الإعراب وهو التّثنية الّتي هي من خصائص الأسماء. (٨)

(و) كالشّبه الإستعمالي بأن يلزم طريقة من طرائق الحروف.

وكنيابة عن الفعل بلا

تأثّر وكافتقار أصّلا

(كنيابة) له (٩) (عن الفعل) في العمل (بلا) حصول (تأثّر) فيه (١٠) بعامل كما في

__________________

(١) أي : الذي وضع لذلك المعنى حرف.

(٢) في متي الذي للشرط.

(٣) أي : متي الاستفهاميّة.

(٤) فإن من يقول هنا يشير إلى مكان خاص.

(٥) فإن المعني الحرفي ما لا وجود له في الخارج ، كالابتدائية والانتهائية المفهومتين من كلمتي من وإلى فمثلا في قولنا سرت من البصرة إلى الكوفة ، الموجود في الخارج هو البصرة والكوفة والسائر والسير ، وأما الابتدائيّة المفهوم بمن والانتهائيّة المفهومة من إلى فلا عين لهما في الخارج ولا أثر وانما هما من عالم الاعتبار والتصوّر إذا عرفت هذا فالاشارة من هذا القبيل من المعاني الّا أنّها لم توضع لها حرف مثل الابتداء الموضوع له من مثلا وأما أسماء الاشارة فلم توضع للاشارة ، وإنما وضعت للمشار إليه مع قيد إلاشارة ، كما يأتي في موضعه.

(٦) الذي وضع له الكاف نحو ذاك ، إذ الكاف هنا حرف خطاب وليست بضمير.

(٧) مع كونهما اسمين للإشارة.

(٨) فتقوّي جانب اسميّتهما وتبعّدهما عن الحرفية.

(٩) أي : للاسم عن الفعل ، فإن أسماء الأفعال معناها معني الفعل وتعمل مثل الفعل فترفع الفاعل وتنصب المفعول ، فلهذا كان عملها نيابيّا.

(١٠) في الاسم أي : من دون أن يعمل فيه عامل ، كما أن الحرف كذلك.


أسماء الأفعال فإنّها عاملة غير معمولة على الأرجح. (١)

(وكافتقار) له إلى الجملة إن (أصّلا) (٢) كما في الموصولات بخلاف إفتقاره إلى مفرد كما في سبحان (٣) أو إفتقار غير ما أصّل وهو العارض كافتقار الفاعل للفعل ، والنّكرة لجملة الصّفة (٤) وأعرب اللّذان واللّتان لما تقدّم. (٥)

من أنواع الشّبه الشّبه الإهماليّ (٦) ذكره في الكافية ومثّل له في شرحها بفواتح السّور فإنّها مبنيّة لشبهها بالحروف المهملة في كونها لا عاملة ولا معمولة.

__________________

(١) للقول بأنها قد تقع معمولة واستشهدوا بقوله تعالى : (أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) ، فقالوا : إنّ «رويدا» منصوب بأمهلهم ، مع أنه اسم فعل وأجيب عنهم بأنه مصدر لا اسم فعل وأصله أروادا حذف منه الهمزة والألف وصغر بعد ذلك فصار رويدا.

(٢) أي : إن كان الافتقار أصليّا وذاتيّا لا عرضيّا.

(٣) لافتقاره إلى المضاف إليه المفرد.

(٤) فإن افتقار الفاعل ليس بذاتّي بل حينما يقع بعد الفعل نحو قام زيد ، وأما إذا وقع مبتدءا أو مجرورا فلا حاجة له إلى الفعل ، وكذا الموصوف النكرة حينما وصف بالجملة فهو محتاج إلى تلك الجملة لا دائما ويرد عليه في الفاعل ان الذي يحتاج إليه الفاعل هو الفعل وحده ، والفعل وحده ليس بجملة ، بل هو مع الفاعل.

(٥) من معاوضة شبهها بالحرف ما هو من خصائص الأسماء وهو التثنية.

(٦) أي : الاهمال في العمل عاملا ومعمولا ففواتح السور أي أوائلها مثل طه ويس أسماء غير عاملة ولا معمولة ، وهذه الأسماء تشابه الحروف المهملة كقولنا : ب ، ت ، ث فبنيت لذلك.


(تتمة)

ومعرب الاسماء ما قد سلما

من شبه الحرف كأرض وسما

وفعل أمر ومضي بنيا

وأعربوا مضارعا إن عريا

(ومعرب الأسماء) أخّره (١) لأنّ المبنيّ محصور بخلافه لأنّه (٢) (ما قد سلما من شبه الحرف) السّابق ذكره (كأرض وسما) بضمّ السّين احدى لغات الإسم ، والبواقي (٣) اسم بضمّ الهمزة وكسرها وسم بضمّ السّين وسمي كرضى ، وقد نظمتها في بيت وهو :

اسم بضمّ الاوّل والكسر

مع همزة وحذفها والقصر

(وفعل أمر ومضي بنيا) الأوّل علي السّكون إن كان صحيح الآخر وعلى حذف آخره إن كان معتلّا (٤) والثّاني (٥) على الفتح ما لم يتّصل به واو الجمع فيضمّ أو ضمير رفع متحرّك فيسكن.

(وأعربوا) على خلاف الأصل (٦) فعلا (مضارعا) لشبهه بالإسم في اعتوار (٧) المعاني المختلفة عليه كما قال في التّسهيل ولكن لا مطلقا بل.

__________________

(١) أي : أخّر المعرب مع أنه أشرف من المبني لأنه محدود قليل فيمتاز عن المعرب بقلّته.

(٢) دليل لعدم محصوريّة المعرب فإن ما سلم من شبه الحرف أمر وسيع لا حدّ له.

(٣) بواقي لغات الاسم.

(٤) فالأوّل نحو انصر والثاني نحو ارم.

(٥) أي : الماضي مبني على الفتح ما لم يتصل به واو الجمع نحو نصروا فيضم اللام منه وما لم يتّصل به ضمير رفع متحرّك وذلك في تسع صيغ من جمع المؤنث الغايب إلى المتكلم مع الغير فيسكن اللام منه.

(٦) لأن الأصل في الفعل البناء على ما قيل.

(٧) الاعتوار الورود من كل جانب وذلك لأنه قد يرد عليه معني النفي في الماضي أو النهي فيجزم بلم أو لا وقد يقتضي المعني أن يكون الفعل مفردا ليكون فاعلا أو مبتدءا أو مفعولا فينصب بأن كما أن الاسم قد يرد عليه معني الفاعلية فيقتضي الرفع أو المفعوليّة فالنصب وهكذا.


من نون توكيد مباشر ومن

نون إناث كير عن من فتن

(إن عريا من نون توكيد مباشر) فإن لم يعرمنه بني لمعارضة شبهه للاسم بما يقتضي البناء وهو النّون المؤكّدة الّتي هي من خصائص الأفعال ، وبناؤه (١) على الفتح لتركيبه معه كتركيب خمسة عشر نحو «والله لأضربنّ».

وخرج بالمباشر غيره كأن حال (٢) بينه وبين الفعل ألف الإثنين أو واو الجمع أو ياء المخاطبة فإنّه حينئذ يكون معربا تقديرا. (و) إن عري (من نون إناث) فإن لم يعرمنها بني لما تقدّم (٣) وبناؤه على السّكون حملا على الماضي المتّصل بها لأنّهما (٤) يستويان في أصالة السّكون وعروض الحركة فيهما ـ كما قال في شرح الكافية ـ (كيرعن من فتن).

وكلّ حرف مستحقّ للبنا

والأصل في المبني أن يسكّنا

ومنه ذو فتح وذو كسر وضمّ

كأين أمس حيث والسّاكن كم

(وكلّ حرف مستحقّ للبناء) وجوبا لعدم احتياجه إلى الإعراب إذ المعاني (٥)

__________________

(١) أي : بناء المضارع المؤكّد بالنون على الفتح لتركيب المضارع مع النون مثل تركيب خمسة عشر في كون التركيب غير إسنادي فكما أن خمسة عشر مبنيّة على الفتح فكذا المضارع المركب مع النون.

(٢) أي : غير المباشر مثل أن يحول بين النون والفعل ألف التثنية نحو لا تتبعانّ أو واو الجمع نحو لتبلوّن أو ياء المخاطبة نحو امّا ترينّ فإن حينئذ معرب تقديرا.

(٣) وهو معارضة شبهه بالاسم بما يقتضي البناء ، وهو اتصال نون الإناث لأن هذا النون من خواص الفعل.

(٤) أي : الماضي والمضارع متساويان في أصالة السكون لأن الأصل في الفعل البناء ، والأصل في البناء السكون والحركة فيهما عارضيّ.

(٥) يعنى : إن الحرف لا تتوارد عليه المعاني التي تقتضي الاعراب كما في الاسم وفعل المضارع فلا يكون مبتدءا وفاعلا ليرفع ولا مفعولا وحالا لينصب كالاسم ولا مورد للمعاني المقتضية للجزم والنصب في الفعل فلا مقتضي لاعرابه.


المفتقرة إليه لا تعتوره ونحو

[ليت شعري مسافر بن أبي عمرو]

وليت يقولها المحزون (١)

على تجرّدها (٢) من معني الحرفيّة وجذبها إلى معني الاسميّة بدليل عدم وفائها لمقتضاها.

(والأصل في المبنىّ) اسما كان أو فعلا أو حرفا (أن يسكّنا) لخفّة السّكون وثقل المبنىّ.

(ومنه) أي ومن المبني (ذو فتح و) منه (ذو كسر و) منه ذو (ضمّ) وذلك لسبب ، (٣) فذو الفتح (كأين) وضرب وواو العطف ، فالأوّل حرّك لإلتقاء السّاكنين وكانت (٤) فتحة للخفّة ، والثاني (٥) لمشابهته المضارع في وقوعه صفة وصلة وحالا وخبرا ، تقول : «رجل ركب جاءنى» «هذا الّذي ركب» «مررت بزيد وقد ركب» «زيد ركب» (٦) كما تقول : «رجل يركب» إلخ ، وكانت فتحة لما تقدّم (٧) والثالث (٨) لضرورة الابتداء بالسّاكن إذ لا يبتدأ بالسّاكن إمّا تعذّرا مطلقا (٩) كما قال الجمهور أو تعسّرا في

__________________

(١) فليت وقعت مبتدءا.

(٢) أي : حملت على تجرّدها من معناها الحرفي ، وهي التمنّي وانتقلت إلى الاسميّة أي ان ليت في البيت اسم لليت الحرفيّة ، كما ذكر في لو ويدل على ذلك أنّها لم تف بمقتضي الحرفيّة إذ لو كانت حرفا لما وقعت مبتدءا ولما دخلت على الفعل.

(٣) إذ الخروج عن الأصل يحتاج إلى سبب.

(٤) أي الحركة.

(٥) يعنى : ضرب لشبهه بالمضارع حرّك إذ البناء على الحركة قريب من الإعراب.

(٦) فالأوّل صفة لرجل ، والثاني صلة للذي ، والثالث حال لزيد والرابع خبر.

(٧) أي : للخفة.

(٨) أي : واو العطف يستلزم سكونه الابتداء بالساكن.

(٩) يعني : إنه قولان في التكلم بالساكن ، فقيل : بتعذّره أي عدم إمكانه في جميع الحروف ، وقيل : بأنه ممكن ، ولكّنه مع المشقّة في غير الألف وأما في الألف فغير ممكن.


غير الالف كما اختاره السّيد الجرجانيّ وشيخنا العلّامة الكافجيّ ، وكانت فتحة لاستثقال الضّمة والكسرة علي الواو ، وذو الكسر نحو (أمس) وجير (١) وإنّما كسر على أصل التقاء السّاكنين ، وذو الضّمّ نحو (حيث) وإنّما ضمّ تشبيها لها ب قبل وبعد (٢) وقد تفتح للخفّة وتكسر على أصل التقاء السّاكنين ، ويقال «حوث» مثلّث الثّاء أيضا (٣) (و) مثال (السّاكن كم) واضرب وأجل (٤) وقد علم ممّا مثّلت به أنّ البناء على الفتح والسّكون يكون في الثّلاثة ، وعلى الكسر والضّم لا يكون في الفعل. نعم مثّل شارح الهادي للفعل المبنيّ على الكسر بنحو «ش» والمبنيّ على الضّمّ بنحو «ردّ» ، وفيه نظر. (٥)

هذا ، واعلم أنّ الإعراب ـ كما قال في التّسهيل ـ ما جىء به لبيان مقتضي العامل (٦) من حركة أو سكون أو حرف أو حذف ، وأنواعه أربعة رفع ونصب وجرّ وجزم.

فمنها مشترك بين الإسم والفعل ومنها مختصّ بأحدهما ، وقد أشار إلى ذلك بقوله :

__________________

(١) بفتح الجيم وسكون الياء وكسر الراء جواب بمعني نعم ، وهو : حرف ، وأما الفعل فليس فيه مبني بالكسر.

(٢) في لزوم الإضافة والظرفية ومثال الحرف المبني للضم نحو منذ.

(٣) أي : مثل حيث.

(٤) حرف إجابة للسائل عن خبر.

(٥) لأن الكسرة في نحوش ليست كسرة بناء ، بل هي حركة عين الفعل فإنه أمر من وشي يشي حذف يائه للجزم وبقي الشين مكسورا ، وأما في ردّ فضمّه لتبعيّة اللام للعين ، لأن الضمّ أحد الوجوه الثلاثة في مضاعف يفعل مضموم العين وهو أمر لا مجهول ماض كما توّهم ، لأن الماضي يجب فتح آخره معلوما أو مجهولا.

(٦) يعنى : إن الإعراب أنما يؤتي به ليعلم أن العامل اقتضى أي شيء فمثلا إذا كان المعمول مرفوعا يعلم أن العامل اقتضي الفاعل وهكذا.


والرّفع والنّصب اجعلن إعرابا

لاسم وفعل نحو لن أهابا

والاسم قد خصّص بالجرّ كما

قد خصّص الفعل بأن ينجزما

(والرّفع والنّصب اجعلن إعرابا لاسم) نحو «إنّ زيدا قائم» (وفعل) مضارع (نحو) يقوم و (لن أهابا).

(والاسم قد خصّص بالجرّ) في هذه العبارة قلب (١) أي والجرّ قد خصّص بالاسم فلا يكون إعرابا للفعل لامتناع دخول عامله (٢) عليه ، وهذا تبيين لأيّ (٣) أنواع الإعراب خاصّ بالاسم فلا يكون مع ذكره في أوّل الكتاب المقصود ، به بيان تعريف الاسم تكرارا (كما قد خصّص الفعل بأن ينجز ما) فلا يجزم الاسم لامتناع دخول عامله (٤) عليه.

فارفع بضمّ وانصبن فتحا وجرّ

كسرا كذكر الله عبده يسرّ

واجزم بتسكين وغير ما ذكر

ينوب نحو جاء أخو بني نمر

وارفع بواو وانصبن بالألف

واجرر بياء ما من الأسماء اصف

من ذاك ذو إن صحبة أبانا

والفم حيث الميم منه بانا

(فارفع بضمّ وانصبن فتحا) أي بفتح (وجر كسرا) أي بكسر (كذكر الله عبده

__________________

(١) فإن ظاهر قوله (الاسم قد خصّص بالجّر) إن الاسم مختص بالجّر فلا يرفع ولا ينصب مع أن المراد أن الجّر مختص بالاسم فلا يدخل على الفعل والحرف.

(٢) أي : عامل الجر وقوله عليه أي على الفعل.

(٣) دفع دخل وهو أن المصنف ذكر سابقا عند تعريف الاسم بقوله بالجر والتنوين أن الجر مختص بالاسم ، فذكره هنا ثانيا تكرار ، فدفع الشارح هذا التوّهم بأن التكرار لا مانع منه إذا كان لغرض ، فإن ذكره هناك لبيان تعريف الاسم ، وهنا لبيان أنواع الإعراب.

(٤) أي : عامل الجزم على الاسم.


يسرّ) مثال لما ذكر (١) (واجزم بتسكين) نحو لم يضرب (وغير ما ذكر (٢) ينوب) عنه (نحو جاء اخو بني نمر).

وقد شرع في تبيين مواضع النّيابة بقوله : (وارفع بواو وانصبن بالألف واجرر بياء ما من الأسماء أصف) أي أذكر (من ذاك) أي من الأسماء الموصوفة (ذو) وقدّمه للزومه هذا الإعراب (٣) ولكن إنّما يعرب به (إن صحبة أبانا) أي أظهر (٤) واحترز بهذا القيد عن ذو بمعني الّذي.

وقيّده في الكافية والعمدة بكونه معربا. (٥)

(و) من الأسماء (الفم) وفيه لغات ، تثليث الفاء (٦) مع تخفيف الميم منقوصا أو مقصورا (٧) ومع تشديده وإتباعها الميم (٨) في الحركات كما فعل بعيني «امرء» و «ابنم» وإنّما يعرب بهذا الإعراب (حيث الميم منه بانا) أي ذهب بخلاف ما إذا لم يذهب ، فإنّه يعرب بالحركات عليه. (٩)

__________________

(١) فذكر مرفوع بالضم والله مجرور بالكسر وعبد منصوب بالفتح.

(٢) أي : غير الرفع بالضم والنصب والجر بالكسر نائب عن هذا الإعراب فالإعراب بالحروف والجر بالفتح في غير المنصرف مثلا إعراب نيابي لا أصلي فالواو في أخو نايب عن الضمة والياء في بني نايب عن الكسرة.

(٣) أي : الإعراب بالحروف ، فإن ذو إعرابه دائما بالحروف بخلاف الخمسة الأخر ، فإنها قد تعرب بالحركات.

(٤) يعني : ذو الذي بمعني الصاحب يكون إعرابه كذلك.

(٥) أي : بدل قوله هنا أن صحبة أبان قال هناك ذو المعرب ليخرج ذو بمعني الّذي.

(٦) أي : بفتحها وضمّها وكسرها.

(٧) منقوصا بأن يكون آخره ياء أو مقصورا بأن يكون آخره ألفا.

(٨) أي : اتباع الفاء للميم ، بأن يكون الفاء تابعا للميم في الحركات فإذا ضمّ الميم مثلا ضمّ معه الفاء وهكذا كما أن النون تابع للميم في ابنم والراء تابع للهمزة في امرء.

(٩) أي على الميم لا الإعراب بالحروف.


أب أخ حم كذاك وهن

والنّقص في هذا الأخير أحسن

(أب أخ حم كذاك) أي كما تقدّم من ذي والفم في الإعراب بما ذكر ، (١) وقيّد في التّسهيل الحم ـ وهو قريب الزّوج ـ (٢) بكونه غير مماثل قروا وقرأ وخطأ (٣) فإنّه إن ماثل ذلك أعرب بالحركات وإن أضيف وفيه (٤) أنّ الأب والأخ قد يشدّد آخرهما (وهن) كذاك ، وهو كناية عن أسماء الأجناس (٥) وقيل ما يستقبح ذكره وقيل الفرج خاصّة ، (٦) قال في التسهيل قد يشدّد نونه.

(والنّقص في هذا الأخير) وهو هن بأن يكون معربا بالحركات على النّون (أحسن) من الإتمام ، قال عليّ عليه الصّلاة والسّلام : «من تعزّي بعزاء الجاهليّة فأعضّوه بهن أبيه ولا تكنوا».

(و) النّقص (٧)

وفي أب وتالييه يندر

وقصرها من نقصهنّ أشهر

وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا

لليا كجا أخو أبيك ذا اعتلا

(في أب وتالييه) وهما أخ وحم (يندر) أي يقلّ كقوله :

__________________

(١) أي : الإعراب بالحروف.

(٢) أي : معني الحم أقرباء الزوج للزوجة ، يقال : فلان حمو فلانة ، أي عم زوجها مثلا.

(٣) بأن يزاد في آخر حم واو أو همزة مع سكون الميم ، أو فتحها كحمأ وحمو ، فحينئذ يعرب بالحركات وإن أضيف.

(٤) أي : في التسهيل.

(٥) كقولنا : فلان أو شيء يقال باع زيد هنا وهنا إذا لم يرد التصريح بمبيعه.

(٦) أي : كل شيء لا تريد أن تصرح باسمه لقبحه.

(٧) بحذف لامه.


وبأبه اقتدى عدي في الكرم

ومن يشابه أبه فما ظلم

(وقصرها) أي أب وأخ وحم بأن يكون آخره بالألف مطلقا (١) (من نقصهنّ أشهر) كقوله :

إن أباها وأبا أباها

قد بلغا في المجد غايتاها (٢)

(وشرط ذا الإعراب) المتقدّم في الأسماء المذكورة (أن يضفن) وإلّا فتعرب بالحركات الظّاهرة نحو «إنّ له أبا» و «له أخ» و «بنات الاخ» (٣) وأن تكون الإضافة (لا للياء) أي لالياء المتكلّم وإلّا فتعرب بحركات مقدّرة نحو (أَخِي هارُونُ)(٤)(٥)(إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي)(٦)(٧) وأن تكون مكبّرة وإلّا (٨) فتعرب بحركات ظاهرة وأن تكون مفردة وإلّا فتعرب في حال التّثنية والجمع اعرابهما (٩) (كجإ أخو أبيك ذا اعتلا) فأخو مفرد مكبر مضاف إلى أبيك وأبي مفرد مكبّر مضاف إلى الكاف وذا مضافة إلى اعتلا ، وقد حوى هذا المثال كون المضاف إليه ظاهرا ومضمرا ومعرفة ونكرة. (١٠)

__________________

(١) رفعا ونصبا وجرّا.

(٢) فأبا فى الأولين منصوب والثالث مجرور بالإضافة وقرأ بالألف في الحالتين ، يعنى إنّ أبا ليلي وجدّها قد بلغا منتهى المجد والعظمة.

(٣) فأعرب أب وأخ في الحالات الثلاثة على الحركات لعدم إضافتهما.

(٤) بتقدير الرفع لكونه مبتدءا.

(٥) القصص ، الآية : ٣٤.

(٦) بتقدير النصب مفعولا لأملك.

(٧) المائدة ، الآية : ٢٥.

(٨) أي : وإن كانت مصغرة نحو أبي وأخي تعرب بالحركات ظاهرة لا مقدرة.

(٩) أي : إعراب الجمع والتثنية.

(١٠) فالظاهر أخو وذا لإضافتهما إلى أبي واعتلا والمضمر أبيك لإضافة أبي إلى الكاف والمعرفة أخو وأبي لإضافة الأول إلى المضاف إلى المعرفة ، والثاني إلى الضمير والنكرة ذا لإضافتة إلى اعتلا وهو نكرة.


بالألف ارفع المثنّي وكلا

إذا بمضمر مضافا وصلا

(بالألف ارفع المثنّى) وهو ـ كما يؤخذ من التّسهيل ـ الإسم الدّالّ على شيئين متّفقي اللّفظ بزيادة ألف أو ياء ونون مكسورة في آخره نحو «قال رجلان» فخرج نحو زيد والقمران وكلا وكلتا وإثنان وإثنتان ، لعدم دلالة الاوّل (١) على شيئين ، واتّفاق (٢) لفظ مدلولى الثّاني ، والزّيادة (٣) في الباقي.

(و) ارفع بها (٤) أيضا (كلا) وهو إسم مفرد عند البصريّين يطلق على إثنين مذكّرين ، وإنّما يرفع بها (إذا بمضمر) حال كونه (مضافا) له (٥) (وصلا) نحو «جاءني الرّجلان كلاهما» ، وإن لم يضف إلى مضمر بل إلى الظّاهر فهو كالمقصور في تقدير إعرابه على آخره وهو الألف نحو «جاءني كلا الرّجلين». (٦)

كلتا كذاك اثنان واثنتان

كابنين وابنتين يجريان

وتخلف اليا في جميعها الألف

جرّا ونصبا بعد فتح قد ألف

(كلتا) الّتي تطلق على إثنين مؤنّثين (كذاك) أي مثل كلا في رفعها بالألف إذا أضيفت إلى مضمر نحو «جاءتني المرأت ان كلتاهما» وفي تقدير إعرابها على آخرها إن لم تضف إليه نحو (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها)(٧).

__________________

(١) وهو زيد لكونه مفردا.

(٢) أي : ولعدم اتفاق لفظ مدلولي الثاني وهو القمران لأن مدلوليه وهما الشمس والقمر مختلفان في اللفظ.

(٣) أي : ولعدم زيادة الألف والياء في كلا وكلتا واثنين واثنتين فإن الألف والياء في هذه الأربعة أصليّة لا زائدة.

(٤) أي : بالألف.

(٥) أي : حالكونه مضافا إلى الضمير.

(٦) ورأيت كلا الرجلين ومررت بكلا الرجلين بتقدير الإعراب في الحالات الثلاثة.

(٧) الكهف ، الآية : ٣٣.


وأمّا (اثنان واثنتان) بالمثلثة فهما (كابنين وابنتين) بالموحّدة فيهما يعني كالمثنّي الحقيقيّ في الحكم (يجريان) بلا شرط (١) سواء أفردا (٢) نحو (حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ)(٣) أم ركّبا نحو (اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً)(٤) أم أضيفا نحو اثناك واثناكم ، وكاثنتين ثنتان في لغة بني تميم.

(وتخلف الياء في جميعها) أي جميع الألفاظ المتقدّم ذكرها (٥) (الألف جرّا ونصبا) في حالتيهما (بعد) إبقاء (فتح) لما قبلها (قد ألف) والأمثلة واضحة.

وارفع بواو وبيا اجرر وانصب

سالم جمع عامر ومذنب

وشبه ذين وبه عشرونا

وبابه ألحق والأهلونا

(فرع) : إذا سمّي بمثنّى (٦) فهو على حالة قبل التّسمية به.

(وارفع بواو وبيا اجرر وانصب سالم جمع عامر ومذنب وشبه ذين) أي شبههما ، وهو كلّ علم لمذكّر عاقل (٧) خال من تاء التّأنيث (٨) قيل ومن التّركيب (٩) وكلّ صفة كذلك (١٠)

__________________

(١) كما شرط في كلا وكلتا من لزوم الإضافة إلى الضمير.

(٢) أي : من غير تركيب ولا إضافة.

(٣) المائدة ، الآية : ١٠٦.

(٤) البقرة ، الآية : ٦٠.

(٥) أي : المثني وكلا وكلتا واثنان واثنتان.

(٦) أي : إذا سمي شيء أو شخص بتثنية كالمأزمين اسم مكان في مكّة فإعرابها إعراب التثنية بعينها والعلمية لا تغيّر إعرابها.

(٧) كزيد.

(٨) فطلحة لا يعرب بهذا الإعراب.

(٩) أي : كبعلبك.

(١٠) أي : لمذكر عاقل خال من تاء التأنيث كقائم.


مع كونها ليست من باب أفعل فعلاء (١) كأحمر حمراء ولا فعلان (٢) فعلى كسكران سكري ولا ممّا يستوى فيه المذكّر والمؤنّث كصبور وجريح.

(وبه) (٣) أي وبالجمع المذكّر (عشرونا وبابه) إلى تسعين (ألحق) في إعرابه السّابق (٤) وليس بجمع للزوم إطلاق (٥) ثلاثين مثلا على تسعة لأنّ أقلّ الجمع ثلاثة ، ووجوب دلالة عشرين على ثلاثين لذلك (٦) وليس به. (٧)

(و) ألحق أيضا جمع تصحيح لم يستوف الشّروط وهو (الأهلونا) لأنّ مفرده أهل وهو ليس علما ولا صفة بل اسما لخاصّة الشّىء الّذي ينسب إليه كأهل الرّجل لامرأته وعياله وأهل الإسلام لمن يدين به وأهل القرآن لمن يقرأه ويقوم بحقوقه وقد جاء جمعه على أهالي.

أولو وعالمون علّيّونا

وأرضون شذّ والسّنونا

وألحق أيضا اسما جمع (٨) وهما (أولو) بمعنى أصحاب (وعالمون) قيل هو

__________________

(١) أي : افعل الذي مؤنثه فعلاء فأحمر لا يجمع بهذا الجمع بخلاف افعل الذي مؤنثه فعلى بضم الفاء كأخسر الذي مؤنثه خسري لقوله تعالى : (بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً).

(٢) أي : ولا الوصف الذي على فعلان إذا كان مؤنثه فعلي كسكران الذي مؤنثه سكرى.

(٣) متعلق بقوله «الحق» أي الحق بالجمع المذكر السالم عشرون وبابه.

(٤) وهو الرفع بالواو والنصب والجر بالياء.

(٥) أي : لو كان باب عشرون جمعا للزم أن يقال لتسعة ثلاثين ، لأن مفرده بناءا على كونه جمعا ثلاثة وأقل الجمع ثلاثة من مفرده.

(٦) أي : لأن أقل الجمع ثلاثة ، فان عشرين لو كان جمعا لكان مفرده عشرة ، وحيث إن أقل الجمع ثلاثة من مفرده يجب أن يطلق على ثلاثين عشرين لأن ثلاثين ثلاث مرّات عشرة.

(٧) أي : والحال ان عشرين ليس بثلاثين.

(٨) اسم الجمع ما دل على مجموع من الأفراد ولا واحد له من جنسه كالنساء.


جمع العالم. وردّ بأنّ العالمين دالّ على العقلاء فقط والعالم دالّ عليهم وعلى غيرهم إذ هو (١) اسم لما سوي الباري تعالى فلا يكون جمعا له (٢) للزوم زيادة مدلول الجمع على مدلول مفرده.

وألحق أيضا إسم مفرد به (٣) وهو (علّيّونا) لأنّه ـ كما قال في الكشّاف ـ اسم لديوان (٤) الخير الّذي دوّن فيه كلّ ما عملته الملائكة وصلحاء الثّقلين لا جمع ويجوز في هذا النّوع (٥) أن يجري مجري حين فيما يأتي (٦) وأن تلزمه الواو ويعرب بالحركات على النّون (٧) نحو :

طال ليلي وبتّ كالمجنون

واعترتني الهموم بالماطرون

وان تلزمه الواو وفتح النّون نحو.

ولها بالماطرون إذا

أكل النّمل الّذي جمعا

(وأرضون) بفتح الرّاء جمع أرض بسكونها (شذّ) إعرابه هذا الإعراب (٨) لأنّه جمع تكسير ومفرده مؤنّث. (٩)

__________________

(١) دليل كونه للعقلاء وغيرهم فإن ما سوى البارى فيهم العقلاء وغير العقلاء.

(٢) أي : على ما قلنا من شمول العالم للعقلاء وغيرهم فلا يكون عالمون جمعا للعالم فإنه يجب أن يكون مدلول الجمع زائدا على مدلول المفرد مع أن عالمين أقلّ شمولا من العالم.

(٣) أي : بالجمع في إعرابه.

(٤) هو الدفتر الذى يدوّن فيه أعمال الخير.

(٥) من الأسماء المفردة التي على وزن الجمع.

(٦) من الإعراب بالحركات على النون وثبوت الياء.

(٧) فإعراب هذا النوع على ثلاثة وجوه : إعراب الجمع ، والإعراب بالحركة مع لزوم الياء مثل حين ، والإعراب بالحركة مع لزوم الواو ، كما في البيت الأول ، لكسر النون مجرورا بالباء والحالة الرابعة حالة البناء على الفتح ، كما في البيت الثاني.

(٨) أي : إعراب الجمع.

(٩) أي : شذّ ان يعرب أرضون إعراب الجمع لجهتين :


(و) ألحق به أيضا (السّنونا) بكسر السّين جمع سنة بفتحها لما ذكر في أرضين (١)

وبابه ومثل حين قد يرد

ذا الباب وهو عند قوم يطّرد

(وبابه) (٢) وهو كلّ ثلاثي حذفت لامه وعوّض عنها هاء التّأنيث ولم يتكسّر (٣) فخرج بالحذف نحو تمرة ، (٤) وبحذف اللّام نحو عدة ، (٥) وبالتّعويض نحو يد (٦) وبالهاء نحو اسم ، (٧) وبالأخير (٨) نحو شفة.

(ومثل حين) في كونه معربا بالحركات على النّون مع لزوم الياء (قد يرد ذا الباب) أي باب سنين شذّوذا (٩) كقوله :

دعاني من نجد فإن سنينه

[لعبن بنا شيبا وشيّبننا مردا]

(وهو) أي الورود مثل حين فيما ذكر (عند قوم) من العرب (يطّرد) أي يستعمل كثيرا (١٠).

__________________

الأولى : إنه جمع مكسّر لا سالم ، لانكسار مفرده ، لأنّ مفرده أرض بسكون الراء والراء في الجمع مفتوحة.

والجهة الثانية : ان مفرده مؤنث وشرط هذا الإعراب كما ذكر أن يكون مفرده مذكّرا.

(١) دليل لكونه ملحقا بالجمع وليس بجمع لما ذكر في أرضين من الوجهين لاختلاف حركة السين في المفرد والجمع وورود تاء التأنيث في المفرد.

(٢) أي : باب سنين.

(٣) فإن اصل سنة سنو حذف الواو وعوّض عنه تاء التأنيث ، ولم يتكسر أي لم يجمع جمع تكسير.

(٤) لعدم حذف شيء منها.

(٥) إذا المحذف منها فاء الفعل وهو الواو لا اللام.

(٦) فإنها حذف منها الياء لأن أصلها يدى ولم يعوض عن المحذوف.

(٧) فأن أصله سمو حذف منه الواو وعوض عنها الألف لا الهاء.

(٨) أي : خرج بالقيد الأخير وهو قوله لم يتكسّر فأن شفة تجمع على شفاء وهو جمع تكسير.

(٩) تقول إصابتنا سنين بضم النون الثانية ورأينا سنين بالفتح وخرجنا من سنين بالكسر.

(١٠) لا شذوذا.


ونون مجموع وما به التحق

فافتح وقلّ من بكسره نطق

(ونون مجموع وما به التحق فافتح) لأنّ الجمع ثقيل والفتح خفيف فتعادلا (وقلّ من بكسره نطق) نحو :

[وما ذا يبتغي الشّعراء منيّ]

وقد جاوزت حدّ الأربعين

قال في شرح الكافية : وهو لغة. (١)

ونون ما ثنّي والملحق به

بعكس ذاك استعملوه فانتبه

وما بتا وألف قد جمعا

يكسر في الجرّ وفي النّصب معا

(ونون ماثنّي والملحق به بعكس ذاك) أي بعكس نون الجمع والملحق به (استعملوه فانتبه) فهي مكسورة وفتحها لغة مع الياء كقوله :

على أحوذيّين (٢) استقلّت عشيّة

[فما هي إلّا لمحة وتغيب]

ومع الألف (٣) كما هو ظاهر عبارة المصنّف وصرّح به (٤) السّيرافي كقوله :

أعرف منها الأنف والعينانا

[ومنخرين أشبها ظبيانا]

وجاء ضمّها كقوله :

يا أبتا أرّقني القذّان

فالنّوم لا تألفه العينان

(وما بتاء وألف) مزيدتين (قد جمعا) مؤنّثا كان مفرده أم مذكّرا (٥) معرب خلافا

__________________

(١) أي : كسر نون الجمع والملحق به من لغات العرب.

(٢) بفتح النون.

(٣) أي : فتح النون مع الألف لا مع الياء أيضا لغة كما هو ظاهر عبارة المصنف فأن قوله «بعكس ذاك» مطلق لا يختص بالفتح مع الياء.

(٤) أي : بفتح نون التثنية مع الألف.

(٥) والأول كمسلمات والثاني كطلحات.


للأخفش (١) (يكسر في الجرّ وفي النّصب معا) نحو (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ)(٢) و «رأيت سرادقات وإصطبلات» ، (٣) كما تقول :

«نظرت إلى السّماوات» و «إلى سرادقات» و «إلى إصطبلات» خلافا للكوفيّين في تجويزهم نصبه بالفتحة ولهشام في تجويزه ذلك (٤) في المعتلّ مستدلّا بنحو «سمعت لغاتهم» (٥) أمّا رفعه فعلي الأصل بالضّم.

كذا أولات والّذي اسما قد جعل

كأذرعات فيه ذا أيضا قبل

وجرّ بالفتحة ما لا ينصرف

ما لم يضف أو يك بعد أل ردف

(كذا) أي كجمع المؤنّث السّالم في نصبه بالكسرة (أولات) بمعنى صاحبات نحو (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ)(٦)(٧) (والّذي اسما) (٨) من هذا الجمع (قد جعل كأذرعات) لموضع بالشّام أصله أذرعة جمع ذراع (فيه ذا) الإعراب (أيضا قبل) وبعضهم ينصبه بالكسرة ويحذف منه التّنوين وبعضهم يعربه إعراب مالا ينصرف ، (٩) ويروى بالأوجه الثّلاثة (١٠) قوله

__________________

(١) فقال إنّها مبنيّة حال الفتح وكسرتها كسرة بناء.

(٢) الجاثية ، الآية : ٢٢.

(٣) مثل بثلاث امثله للنصب ومثلها للجر إشارة إلى أنه لا فرق بين أن يكون مفرد هذا الجمع مؤنثا كما في السماوات أو مذكرا كما في سرادقات واصطبلات.

(٤) أي : النصب بالفتحة.

(٥) بفتح التاء فأنها جمع لغة وهى معتلة لأن أصلها لغو حذف الواو وعوّض عنها التاء.

(٦) نصب أولات خبرا لكان واسمه ضمير جمع المؤنّث.

(٧) الطلاق ، الآية : ٦.

(٨) أي : إذا جعل جمع المؤنث علما لشيء فإعرابه لا يتعيّر بالعلميّة.

(٩) بالضم رفعا وبالفتح نصبا وجرّا.

(١٠) بكسر التاء مع التنوين إعراب جمع المؤنث وبغير تنوين وبالفتح كغير المنصرف.


تنوّرته ا من أذرعات وأهلها

[بيثرب أدنى دارها نظر عالي]

(وجرّ بالفتحة ما لا ينصرف) وسيأتي في بابه (ما) دام (لم يضف أويك بعد أل) المعرفة أو الموصولة أو الزّائدة أو بعد أم (١) (ردف) فإن كان (٢) جرّ بالكسرة نحو «مررت بأحمدكم» ، (وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ)(٣) ، «كالأعمى والأصمّ» ، (٤) ونحو :

رأيت الوليد بن اليزيد مباركا (٥) [شديدا بأعباء الخلافة كاهله] وظاهر عبارة المصّنف أنّه حينئذ باق (٦) على منع صرفه مطلقا ، وبه صرّح في شرح التّسهيل وذهب السّيرافي والمبرّد وجماعة إلى أنّه منصرف مطلقا (٧) واختار النّاظم في نكته على مقدّمة ابن الحاجب أنّه إن زالت منه علّة (٨) فمنصرف وإن بقيت العلّتان (٩) فلا ، ومشى عليه ابن الخبّاز والسيّد ركن الدّين.

__________________

(١) مكان أل في لغة طيّ.

(٢) أي : فإن كان غير المنصرف مضافا أو بعد أل جرّ بالكسرة.

(٣) البقرة ، الآية : ١٨٧.

(٤) أحمد غير منصرف للعلميّة ووزن الفعل والمساجد لأنها جمع منتهي الجموع والأصمّ لوزن الفعل والوصفية وأنما جرّ هذه الثلاثة بالكسرة لإضافة الأول ودخول أل على الأخيرين.

(٥) فجرّ يزيد بالكسر مع أنه غير منصرف من جهة وزن الفعل والعلميّة لوقوعه بعد ال.

(٦) أي : ظاهر عبارة المصنف أن غير المنصرف بعد الإضافة ودخول أل كأحمد باق على عدم انصرافه والكسر فيه مستعار سواء زالت منه علة بسبب الإضافة ودخول أل كأحمدكم حيث زال عند العلميّة بالإضافة أم لم تزل كالمساجد أما ظهور عبارة المصنف في ذلك فلأنّ الضمير في لم يضف ويك عائد إلى ما لا ينصرف فكأنّه قال (غير المنصرف إذا أضيف أو وقع بعد أل لم يجرّ بالفتحة) فالمضاف والواقع بعد أل غير منصرف في عبارة المصنف.

(٧) يعني أن غير المنصرف بعد الإضافة أو دخول أل يزول عنه منع الصرف سواء زال عنه علة أم لا.

(٨) كأحمدكم لزوال العلميّة بالإضافة إذ لا يجوز الإضافة إلّا بعد قصد التنكير ، والتنكير ينافي العلميّة فيبقي معه وزن الفعل فقط.

(٩) كأحسنكم فأن العلتين وهما الوصفيّة ووزن الفعل باقيتان فيه بعد الإضافة فلا يكون منصرفا.


واجعل لنحو يفعلان النّونا

رفعا وتدعين وتسألونا

وحذفها للجزم والنّصب سمه

كلم تكوني لترومى مظلمه

(واجعل لنحو يفعلان) وتفعلان (النّونا رفعا و) لتفعلين نحو (تدعين و) ليفعلون وتفعلون نحو (تسألونا). (و) اجعل (حذفها) أي حذف النّون (للجزم والنّصب) حملا له (١) على الجزم كما حمل (٢) على الجرّ في المثنّى والجمع (سمة) أي علامة فالجزم (كلم تكونى) والنّصب نحو (لترومى (٣) مظلمة) وأمّا قوله تعالى (٤)(إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ)(٥) فالواو لام الفعل والنّون ضمير النّسوة والفعل مبنيّ كما في يخرجن.

تتمّة : اذا اتّصل بهذه النّون (٦) نون الوقاية جاز حذفها تخفيفا وإدغامها في نون الوقاية والفكّ ، وقرئ بالثّلاثة (٧)(تَأْمُرُونِّي)(٨) وقد تحذف النّون مع عدم النّاصب والجازم كقوله :

أبيت أسري وتبيتي تدلكي

وجهك بالعنبر والمسك الزّكي (٩)

__________________

(١) أي : حملا للنصب على الجزم لعدم قدرة عامل النصب على الحذف كما أن الياء في نصب تثنية الاسم وجمعه أيضا من باب حمل النصب على الجرّ إذ المناسب للياء هو الجر لا النصب.

(٢) أي : النصب على الجرّ في تثنية الأسم وجمعه.

(٣) اصله لأن ترومي.

(٤) أي : لا يتوهم أن نون الجمع في يعفون ثابتة مع دخول الناصب لأن هذه النون نون جمع المؤنث والواو لام الفعل وجمع المؤنث مبنّي.

(٥) البقرة ، الآية : ٢٣٧.

(٦) أي : نون التثنية وجمع المذكر والمفردة المؤنثة.

(٧) أي : تأمروني بالتخفيف وتأمرونّي بالتشديد وتأمرونني بالفك.

(٨) الزّمر ، الآية : ٦٤.

(٩) فحذف النون من المفردة المخاطبة (تبيتي) من دون ناصب وجازم.


وسمّ معتلّا من الأسماء ما

كالمصطفى والمرتقي مكارما

فالأوّل الإعراب فيه قدّرا

جميعه وهو الّذي قد قصرا

والثّان منقوص ونصبه ظهر

ورفعه ينوي كذا أيضا يجرّ

(وسمّ معتلّا من الأسماء) المتمكّنة (١) (ما) آخره ألف (كالمصطفي و) ما آخره ياء نحو (المرتقي مكارما).

(فالأوّل) وهو الّذي كالمصطفى في كون آخره ألفا لازمة (٢) (الإعراب فيه قدّرا جميعه) على الألف لتعذّر تحريكها (وهو الّذي قد قصرا) أي سمّي مقصورا لأنّه حبس عن الحركات والقصر الحبس أو لأنّه غير ممدود قال الرّضيّ : وهو أولى (٣) لما يلزم على الأوّل من إطلاقه على المضاف إلى الياء.

(والثّاني) وهو الّذي كالمرتقي في كون آخره ياء خفيفة (٤) لازمة تلو كسرة (منقوص ونصبه ظهر) على الياء لخفته (٥) (ورفعه ينوى) أي يقدّر فيها لثقل الضّمة على الياء (كذا أيضا يجرّ) بكسرة منويّة ، لثقل الكسرة على الياء ، ولو قدّمه (٦) على المقصور كان أولى قال في شرح الهادي : لأنّه أقرب إلى المعرب لدخول بعض الحركات عليه.

__________________

(١) أي : المعربة.

(٢) لكونها لام الفعل.

(٣) يعني أن تفسير المقصور بغير الممدود أولى من تفسيره بالحبس على الحركات لصدق الحبس على المضاف إلى ياء المتكلم لكونه ايضا محبوسا عن الحركات مع إنه لا يسمّي مقصورا فهذا التعريف للمقصور غير مانع.

(٤) غير مشدّدة ولازمة لكونها جزء للكلمة.

(٥) أي : لخفة النصب فيناسب الياء الثقيلة.

(٦) أي : لو قدم المنقوص على المقصور كان أولى لشرف المنقوص بقربه إلى المعرب لدخول بعض الحركات عليه وهو النصب.


فرع (١) : ليس في الأسماء المعربة اسم آخره واو قبلها ضمّ إلّا الأسماء السّتّة حالة الرّفع.

وأي فعل آخر منه ألف

أو واو او ياء فمعتلّا عرف

فالألف انو فيه غير الجزم

وأبد نصب ما كيدعو يرمي

والرّفع فيهما انو واحذف جازما

ثلاثهنّ تقض حكما لازما

(وأي فعل) مضارع (آخر منه ألف) نحو يرضى (أو) آخر منه (واو) نحو يغزو (أو) آخر منه (ياء) نحو يرمي (فمعتلّا عرف) عند النّحاة (فالألف انو فيه غير الجزم) (٢) وهو الرّفع والنّصب لما تقدّم (٣) كـ «زيد يخشى» و «لن يرضى» (وأبد) أي أظهر (نصب ما آخره واو (كيدعو) وما آخره ياء نحو (يرمي) لما تقدّم (٤) كـ «لن يدعو» و «لن يرمي». (والرّفع فيهما) أي فيما كيدعو ويرمي (انو) لثقله عليهما كزيد يدعو ويرمي (واحذف) حال كونك (جازما) للافعال المعتلّة (ثلاثهنّ) (٥) كلم يخش ويرم ويغز (تقض) أي تحكم (حكما لازما) وقد تحذف في غير الجزم حذفا غير لازم نحو (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ)(٦)(٧)

__________________

(١) انما ذكر هذا الفرع بمناسبة ذكر الأسماء المعتلة حيث قال (وسم معتلا من الأسماء).

(٢) واما في الجزم فالاعراب ظاهر بحذف الألف نحو لا تخش.

(٣) من تعذّر تحريك الألف.

(٤) من خفة الفتحة على الواو والياء.

(٥) الألف والواو والياء.

(٦) حذف الواو من ندعو ، من دون جازم.

(٧) العلق ، الآية : ١٨.


هذا باب النكرة والمعرفة

نكرة قابل أل مؤثّرا

أو واقع موقع ما قد ذكرا

وغيره معرفة كهم وذي

وهند وابني والغلام والّذي

(نكرة قابل (١) أل) حال كونه (مؤثّرا) التّعريف كرجل بخلاف حسن فإنّ أل الدّاخلة عليه لا تؤثّر فيه تعريفا فليس بنكرة (أو) ليس بقابل لأل لكنّه (واقع موقع ما قد ذكرا) أي ما يقبل أل ، كذي فإنّها لا تقبل أل لكنّها تقع موقع ما يقبلها وهو صاحب.

(وغيره) أي غير ما ذكر (٢) (معرفة) وهي مضمر (كهم و) اسم إشارة نحو (ذي و) علم نحو (هند و) مضاف إلى معرفة نحو (ابني و) محلّى بأل نحو (الغلام و) موصول نحو (الّذي) وزاد في شرح الكافية المنادي المقصود (٣) كيا رجل (٤) واختار في التّسهيل أنّ تعريفه بالإشارة إليه والمواجهة (٥) ونقله في شرحه عن نصّ سيبويه ، وزاد

__________________

(١) نكره مبتدا وقابل أل خبره يعني أن النكرة ما كانت قابلة لدخول أل عليها بشرط ان يكون أل مؤثرا فيها أثر التعريف كالرجل وأما لم يؤثر كذلك كدخوله على العلم نحو الحسن فدخوله لا يدل على أن مدخوله نكرة.

(٢) أي : غير قابل أل المؤثر أو الواقع موقع القابل لأل معرفة.

(٣) بخلاف غير المقصود كقول الأعمى يا رجلا خذ بيدي فإنّه لا يقصد شخصا خاصّا فهو نكرة اتّفاقا.

(٤) قاصدا رجلا معيّنا.

(٥) لا بحرف النداء أو بحرف تعريف مقدّر.


ابن كيسان ما ومن الإستفهاميّتين وابن خروف ما (١) في «دقّقته دقّا نعمّا».

فما لذي غيبة أو حضور

كأنت وهو سمّ بالضّمير

(فما) كان من هذه المعارف موضوعا (لذي غيبة) أي لغائب تقدّم ذكره لفظا أو معنى أو حكما (٢) (أو) لذي (حضور) أي لحاضر مخاطب أو متكلّم (كأنت) وأنا (وهو سمّ بالضّمير) والمضمر عند البصريّين ، والكناية والمكنّى عند الكوفييّن.

ولا يرد على هذا (٣) اسم الإشارة لأنّه وضع لمشار إليه لزم منه حضوره ولا الاسم الظاهر (٤) لأنّه وضع لأعمّ من الغيبة والحضور وقد عكس المصنّف (٥) المثال فجعل

__________________

(١) أي : ما التي بعد نعم الواقع بعد اسم وكان نعم وما منزلة الصفة لذلك الأسم فنعمّا في المثال صفة لدقّا ومعني ما في التقدير هو الدّق فكأنه قال نعم الدّق فموقعها موقع الضمير الذي له مرجع فلذلك قيل إنها معرفة.

(٢) فالأوّل كزيدا ضربته ، والثاني نحو «اعدلوا هو أقرب». فمرجع هو وهو العدل لم يذكر بلفظه ولكن بمعناه المفهوم من اعدلوا والثالث نحو قوله تعالى : (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) فمرجع الهاء في أبويه لم يذكر سابقا لا صريحا لا معناه وأنما يفهم بالقرنية لأن الآية في مقام بيان إرث الميت فالمرجع وهو الميت مذكور حكما أي في حكم الذكر.

(٣) أي : لا يستشكل على قول المصنف (لذي حضور) أن اسم الاشارة يدخل في تعريف الضمير لكونه أيضا للمشار إليه الحاضر وذلك لأن الموضوع له لاسم الإشارة أنما هو الشيء الذي يشار إليه لا غير نعم لازم الإشارة إلى الشيء حضور ذلك الشيء لا أن الحضور مأخوذ في موضوعه كما أن لفظ الأربعة موضوع للعدد الخاص ولازمه الزوجية ومعلوم أنّ الزوجية اللازمة ليست جزأ لمعني الأربعة بخلاف أنت فأنه موضوع للحاضر.

(٤) أي : لا يشمل قوله «لذي حضور» للاسم الظاهر كزيد عند حضوره لأن لفظ زيد مثلا موضوع لذاته حاضرا كان أم غايبا وإن استعمل عند حضوره أحيانا فالحضور خارج عن مفهومه.

(٥) لتقديمه الغيبة على الحضور الأول بقوله «فمالذى غيبة أو حضور» ثم في مقام المثال قدم الحاضر على الغايب بقوله «كأنت وهو» فأجاب عنه الشارح بأن عمل المصنف هذا ليس بخطأ بل من باب اللّف والنشر المشوش الذي عمل به الكتاب العزيز.


الثّاني للأوّل والأوّل للثاني على حدّ قوله تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ)(١) ـ الخ.

وذو اتّصال منه ما لا يبتدا

ولا يلي إلّا اختيارا أبدا

كالياء والكاف من ابني أكرمك

والياء والهاء من سليه ما ملك

وكلّ مضمر له البنا يجب

ولفظ ما جرّ كلفظ ما نصب

ثمّ الضّمير متّصل ومنفصل فأشار إلى الأوّل بقوله (وذو اتّصال منه (٢) ما) كان غير مستقلّ (٣) بنفسه ، وهو الّذي (لا) يصلح لأن (يبتدأ) به (ولا) يصلح لأن (يلي) أي لأن يقع بعد (إلّا اختيارا أبدا) ويقع بعدها اضطرارا كقوله :

وما نبالي إذا ما كنت جارتنا

ألّا يجاورنا إلّاك ديّار

(كالياء والكاف من) نحو قولك (ابني أكرمك والياء والهاء من) نحو قولك (سليه ما ملك).

(وكلّ مضمر له البناء يجب) لشبهه بالحروف في المعنى ، لأنّ التكلّم والخطاب والغيبة من معاني الحروف (٤) وقيل في الافتقار (٥) وقيل في الوضع في كثير (٦) وقيل

__________________

(١) آل عمران ، الآية : ١٠٦.

(٢) من الضمير.

(٣) أي : لا يستعمل وحده بل ملصقا بكلمة.

(٤) المعني الحرفي كما اشرنا إليه سابقا ما لا وجود له خارجا بل في عالم الاعتبار ويستفاد منها للربط بين المعاني الخارجية كالأبتدائية والانتهائية الرابطتين بين المبدأ والمنتهى والسائر فالتكلّم والخطاب والغيبة معان من هذا القبيل إذ الموجود في الخارج هو المتكلم والكلام والمخاطب والغايب لا التكلّم والخطاب والغيبة.

(٥) لاحتياج الضمير إلى مرجع ملفوظ أو ما في حكمه للدلالة على معناه كالحروف.

(٦) كالضمائر الّتي على حرف أو حرفين.


لاستغنائه عن الإعراب باختلاف صيغته (١) وحكاها (٢) في التّسهيل إلّا الأوّل.

(ولفظ ماجرّ) من الضّمائر المتّصلة (كلفظ ما نصب) منها ، وذلك ثلاثة ألفاظ : ياء المتكلّم ، وكاف الخطاب ، وهاء الغائب (٣).

للرّفع والنّصب وجرّنا صلح

كاعرف بنا فإنّنا نلنا المنح

وألف والواو والنّون لما

غاب وغيره كقاما واعلما

ومن ضمير الرّفع ما يستتر

كافعل أوافق نغتبط إذ تشكر

(للرّفع والنّصب وجرّ) بالتنوين لفظ (نا) الدّال علي المتكلّم ومن معه (صلح) فالجرّ (كاعرف بنا) والنّصب نحو (فإنّنا) والرّفع نحو (نلنا المنح) وما عدا ما ذكر مختصّ بالرّفع ، وهو تاء الفاعل والألف والواو وياء المخاطبة ونون الإناث (٤).

(وألف والواو والنّون) ضمائر متّصلة كائنة (لماغاب وغيره) والمراد به (٥) المخاطب (كقاما) وقاموا وقمن (واعلما) واعلموا واعلمن.

(ومن ضمير الرّفع ما يستتر) وجوبا بخلاف ضمير النّصب والجرّ ، (٦) وذلك في مواضع ، فعل الأمر (كأفعل) والفعل المضارع المبدوّ بالهمزة نحو (أوافق) والمبدوّ بالنّون نحو (نغتبط) والمبدوّ بالتّاء نحو (إذ تشكر) ، (٧) وزاد في التّسهيل اسم فعل الأمر

__________________

(١) فإن الضمير المرفوع يختلف عن المنصوب بصيغته كهو وإيّاه وأنت وإياك والإعراب أنما يؤتي به للفرق بين الحالات فالضمير في غني عن ذلك فلذلك لم يعرب.

(٢) أي : المصنف حكى الأقوال التى ذكرنا في علة بناء الضمير إلّا القول الأول وهو الشبه المعنوي.

(٣) نحو رأيتك ومنك وضربني ولي ونصرته وفيه.

(٤) نحو نصرت ونصرا ونصروا وانصري وانصرن.

(٥) أي : المراد بغير الغائب هو المخاطب فقط لا المخاطب والمتكلّم لعدم صلاحيّة هذه ضمائر للمتكلم.

(٦) فلا يصح استتار هما.

(٧) فالمستتر في الأول أنت ، والثاني أنا والثالث نحن ، والرابع أنت.


كنزال ، (١) وأبو حيّان في الإرتشاف اسم فعل المضارع كأوّه (٢) وابن هشام في التّوضيح فعل الإستثناء كقاموا ما خلا زيدا وما عدا عمرا ولا يكون خالدا (٣) وأفعل في التعجّب كما أحسن الزّيدين وأفعل التّفضيل ك (هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً)(٤) وفيما عدا هذا ـ وهو الماضي والظّرف والصّفات ـ يستتر جوازا. (٥)

ثمّ شرع في الثّاني من قسمي الضّمير وهو المنفصل فقال : (وذو ارتفاع وانفصال أنا هو وأنت والفروع) النّاشئة عن هذه الأصول (لا تشتبه) وهي نحن ، هى ، هما ، هم ، هن ، وأنت ، أنتما ، أنتم ، أنتنّ. قال أبو حيّان : وقد تستعمل هذه مجرورة كقولهم : أنا كأنت وكهو وهو كأنا ومنصوبة كقولهم : ضربتك أنت.

وذو ارتفاع وانفصال أنا هو

وأنت والفروع لا تشتبه

وذو انتصاب في انفصال جعلا

إيّاي والتّفريع ليس مشكلا

(وذو انتصاب في انفصال جعلا إيّاى والتّفريع) على هذا الأصل الّذي ذكر (ليس مشكلا) مثاله إيّانا ، إيّاك ، إيّاكما ، إيّاكم ، إيّاكنّ ، إيّاه ، إيّاها ، إيّاهما ، إيّاهم ، إيّاهنّ. وقد تستعمل مجرورة (٦).

تنبيه : الضّمير إيّا (٧) واللواحق له عند سيبويه حروف تبيّن الحال وعند المصنّف

__________________

(١) بمعني أنزل والمستتر فيه أنت.

(٢) بمعنى اتضجّر والمستتر فيه أنا.

(٣) المستتر في الثلاثة هو وكذا في التعجب والتفضيل الأتيين.

(٤) مريم ، الآية : ٧٤.

(٥) فالماضي نحو زيد ضرب وضرب هو والظرف نحو زيد خلفك وخلفك هو والصفة نحو زيد قائم وقائم هو.

(٦) فتقول كإياك أو من إيّاي مثلا.

(٧) يعني أن هذه الضمائر المنصوبة كأياك وإياه ليس المجموع ضميرا بل الضمير إيّا وأما اللواحق له من


أسماء (١) مضاف إليها.

وفي اختيار لا يجيء المنفصل

إذا تأتّي أن يجيء المتّصل

(وفي اختيار لا يجىء) الضّمير (المنفصل إذا تأتّى (٢) أن يجىء) الضّمير (المتّصل) لما فيه (٣) من الاختصار المطلوب الموضوع لأجله الضّمير ، فإن لم يتأتّ (٤) ـ بأن تأخّر عنه عامله أو حذف أو كان معنويّا أو حصر أو أسند إليه صفة جرت على غير من هي له ـ (٥) فصل. ويأتي المنفصل مع إمكان المتّصل في الضّرورة كما سيأتي (٦).

وصل أو افصل هاء سلنيه وما

أشبهه في كنته الخلف انتمي

كذاك خلتنيه واتّصالا

أختار غيري اختار الانفصالا

__________________

الكاف والهاء فحروف تبين حال الضمير من أنه للخطاب أو الغيبة أو التكلّم وأنه مفرد أو مثني أو جمع فالكاف المفتوحة في إياك تدل على أن الضمير مفرد مخاطب مذكّر وهكذا.

(١) أي : اللواحق ليست بحروف بل اسماء مضاف إليها لإيّا.

(٢) أي : أمكن.

(٣) أي : لما في ضمير المتصل من الاختصار المطلوب في الكلام ولأجله وضع الضمير إذ لولاه لتكرّر المرجع بلفظه.

(٤) أي : لم يمكن المتصل.

(٥) فالمتأخر عنه عامله نحو إياك نعبد والمحذوف عامله نحو إيّاك والأسد أي احذر الأسد فانفصل الضمير المستتر في احذر لحذف عامله فصار ايّاك والعامل المعنوى نحو أنا قائم إذ العامل في أنا هو الابتدائية والضمير المحصور نحو ما ضربك إلّا أنا والأخير نحو (زيد عمرو ضاربه هو) فهو ضمير أسند إليه ضارب لأنه فاعله وضارب جار على عمرو لأنه خبر له مع أنه لزيد في المعني لأن المراد أن زيدا ضارب فهنا يجب الإتيان بضميرين بعد الصفة ليعود أحدهما إلى مبتدئها وهو عمرو والثاني لمن هي له في المعني وهو زيد ، ولا يمكن اتصال ضميرين بصفة واحدة فانفصل أحدهما.

(٦) في قول الشاعر قد ضمنت إياهم الأرض.


(وصل) على الأصل (١) (أو افصل) لطول (٢) ثاني ضميرين أوّلهما أخصّ (٣) وغير مرفوع كما في (هاء سلنيه) (٤) وسلني إيّاه (و) كذا (ما أشبهه) نحو الدرهم أعطيتكه وأعطيتك إيّاه (فى) اتّصال وانفصال (٥) ما هو خبر لكان أو إحدى أخواتها نحو (كنته الخلف انتمى (٦) كذاك الهاء من (خلتنيه) ونحوه (٧) في اتّصاله وانفصاله خلاف (واتّصالا اختار) تبعا لجماعة منهم الرّمّانيّ ، إذ الأصل في الضّمير الاختصار ، ولأنّه وارد في الفصيح قال صلّى الله عليه وآله وسلّم «إن يكنه فلن تسلّط عليه وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله» (٨).

(غيري) أي سيبويه ، ولم يصرّح به تأدّبا (اختار الانفصالا) لكونه في الصّورتين (٩) خبرا في الأصل ولو بقي على ما كان لتعيّن انفصاله كما تقدّم.

وقدّم الأخصّ في اتّصال

وقدّ من ما شئت في انفصال

__________________

(١) أي : الأصل في وضع الضمير وهو الاختصار.

(٢) بالتنوين يعني إذا اتصل الضمير طالت الكلمة ففي مثال سلنيه إذا انفصل الضمير قصرت الكلمة فيقال سلني ثم يقع بعدها إياه وقوله ثاني ضميرين مفعول لا فصل.

(٣) ضمير المتكلم أخص من المخاطب والمخاطب أخصّ من الغائب.

(٤) الضميران كلاهما مفعولان لتعدية سل بنفسه إلى مفعولين وأولهما أخص من الثاني.

(٥) بكسر اللام بغير تنوين وكذا اتصال لكونهما مضافين إلى ما الموصول.

(٦) أي انتسب إلى النحاة الاختلاف فيما إذا وقع الضمير الثاني خبرا لكان فقال بعضهم إنه يقرأ باتصال نحو كنته وبعضهم بانفصال نحو كنت أياه.

(٧) ممّا كان ثاني الضميرين مفعولا ثانيا للنواسخ أو خبرا لها.

(٨) صحيح بخارى : ٥ / ١٤٠ حديث : ١٢٦٧ صحيح المسلم : ١٤ / ١٥٣ حديث : ٥٢١٥.

(٩) أي : في صورة كون ثاني الضميرين خبرا لكان وكونه مفعولا ثانيا لخال وكلاهما فى الأصل خبران للمبتدا ولو بقيا على ما كانا أي على الخبريّة لتعيّن انفصالهما لما تقدم من أن العامل في الضمير إذا كان معنويا يجب انفصاله وعامل الخبر معنوي.


(وقدّم الأخصّ) وهو الأعرف على غيره (فى) حال (اتّصال) الضّمائر نحو «الدّرهم أعطيتكه» بتقديم التّاء على الكاف ، إذ ضمير المتكلّم أخصّ من ضمير المخاطب ، والكاف على الهاء إذ ضمير المخاطب أخصّ من ضمير الغائب.

(وقدّ من ما شئت) من الأخصّ أو غيره (فى) حال (انفصال) الضّمير عند أمن اللّبس نحو «الدّرهم أعطيتك إيّاه وأعطيته إيّاك» (١) ولا يجوز في «زيد اعطيتك إيّاه» تقديم الغائب للّبس (٢).

وفي اتّحاد الرّتبة الزم فصلا

وقد يبيح الغيب فيه وصلا

(وفي اتّحاد الرّتبة) أي رتبة الضّميرين بأن كانا لمتكلّمين أو مخاطبين أو غائبين (٣) (الزم فصلا) للثّاني (وقد يبيح الغيب فيه (٤) وصلا) ولكن لا مطلقا بل مع وجود اختلاف ما (٥) بين الضّميرين ، كأن يكون أحدهما مثنّى والآخر مفردا ونحوه (٦) نحو

[لوجهك في الإحسان بسط وبهجة]

أنا لهماه قفو أكرم والد

__________________

(١) للعلم بأن الدرهم مأخوذ والمخاطب أخذ.

(٢) أي : للالتباس بين المعطي والمعطي له فإن قلت زيد أعطيته إيّاك لا يعلم أن زيدا أخذ أو مأخوذ ، وفيه ان تقديم الأخص لا يرفع اللبس لجواز أن يكون الأخصّ المتقدم مأخوذا في المعني لصّحة قولنا زيدا أعطيتك أيّاه وكان المخاطب عبدا للمتكلّم فأعطاه لزيد ، فالمدار على القرائن الخارجية فقط.

(٣) مثال الأول قول العبد لسيّده ملكتني إيّاي ، والثاني قول السيّد لعبده : ملكتك إيّاك ، والثالث قول السيّد في عبده وهو غايب : ملكته إيّاه.

(٤) أي : في اتحاد الرتبة.

(٥) ما هنا للإبهام أي : مع وجود أي اختلاف بين الضميرين من تأنيث وتذكير وإفراد وتثنية وجمع ، ويقال : أنه ابتداء بيت من الألفيّة وتمامه (مع اختلاف ما ونحو ضمنت إيّاهم الأرض الضرورة اقتضت).

(٦) كما إذا كان أحدهما مذكّرا والآخر مؤنّثا نحو السهم أصابهماه.


ونحو (١) قول الفرزدق :

بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت

إيّاهم الأرض في دهر الدّهارير

الضّرورة اقتضت انفصال الضّمير مع إمكان اتّصاله.

وقبل يا النّفس مع الفعل التزم

نون وقاية وليسي قد نظم

(وقبل يا النّفس) (٢) إذا كانت (مع الفعل) متّصلة به (التزم نون وقاية) سمّيت بذلك ، قال المصنّف : لأنّها تقي الفعل من التباسه بالاسم المضاف إلى ياء المتكلّم ، إذ لو قيل في ضربني ضربي لالتبس بالضّرب (٣) وهو العسل الأبيض الغليظ ومن التباس أمر مؤنثّه بأمر مذكّره ، إذ لو قلت : أكرمي بدل أكرمني قاصدا مذكّرا لم يفهم المراد. (٤) وقال غيره : (٥) لأنّها تقيه (٦) من الكسر المشبه للجرّ للزوم كسر ما قبل الياء.

(وليسي) بلا نون (قد نظم) قال الشاعر :

عددت قومي كعديد الطّيس

إذ ذهب القوم الكرام ليسي

ولا يجيء في غير النّضم إلّا بالنون كغيره (٧) من الأفعال كقولهم «عليه رجلا ليسني» بالنون.

__________________

(١) نحو مبتداء والضرورة خبره ، وهذا استدراك من قول المصنف (وفي اختيار لا يجىء المنفصل تأتي ...) ففي قول الفرزدق يمكن الاتصال فيقال : ضمنتهم الأرض لكن الضرورة في الشعر اقتضت الانفصال.

(٢) أي : ياء المتكلّم.

(٣) بتحريك الراء فيتخيّل السامع أنّه قال عسلي.

(٤) فيتخيّل السامع أن المخاطب امرأة.

(٥) أي : غير المصنف في وجه تسمية نون الوقاية.

(٦) أي : لأن نون الوقاية تقي الفعل من الكسرة على لام الفعل ، والكسرة في آخر الكلمة شبيه بالجرّ والفعل برىء من الجرّ ، وهذا يلزم إذا اتصل الياء بالفعل ، للزوم كسر ما قبل الياء.

(٧) أي : غير ليس.


وليتني فشا وليتي ندرا

ومع لعلّ اعكس وكن مخيّرا

في الباقيات واضطرارا خفّفا

منّي وعنّي بعض من قد سلفا

(وليتني) بالنّون (فشا) أي كثر وذاع لمزيّتها (١) على أخواتها في الشّبه بالفعل ، يدل على ذلك (٢) سماع إعمالها مع زيادة ما كما سيأتى (٣) وفي التنزيل (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ)(٤) (وليتى) بلا نون (ندرا) أي شذّ ، قال الشاعر :

كمنية جابر إذ قال ليتى

أصادفه وأفقد جلّ مالي

(ومع لعلّ اعكس) هذا الامر فتجريدها من النّون كثير لأنّها أبعد من الفعل لشبهها بحرف الجرّ (٥) وفي التّنزيل (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ)(٦) واتّصالها بها (٧) قليل قال الشاعر :

فقلت أعيراني القدوم لعلّني

أحطّ بها قبرا لأبيض ماجد

(وكن مخيّرا) في إلحاق النّون وعدمها (في الباقيات) إنّ وأنّ وكأنّ ولكنّ ، نحو :

وإنّي على ليلى لزار وإنّني

[على ذاك فيما بيننا مستديمها]

وقال الفرّاء : عدم إلحاق النّون هو الإختيار.

(واضطرارا خفّفا) نون (منّي وعنّي بعض من قد سلفا) من الشّعراء فقال :

__________________

(١) دليل لكثرة مجىء النون مع ليت ، لأنّ المصنف قال : (مع الفعل التزم نون وقاية) وليت حرف فأشبهيّة ليت بالفعل من باقي حروف المشّبهة تلحقها بالفعل في لحوق النون بها.

(٢) أي : على مزية شباهتها بالفعل انّها تعمل مع زيادة ما دون أخواتها.

(٣) في باب انّ وأخواتها.

(٤) النساء ، الآية : ٧٣.

(٥) لتعلّق ما بعدها بما قبلها نحو تب لعلّك تفلح ، كما أنّ حرف الجر مع مجروره يتعلّق بما قبلها من فعل وشبهه.

(٦) غافر ، الآية : ٣٦.

(٧) أي : اتصال النون بلعلّ.


أيّها السّائل عنهم وعني

لست من قيس ولا قيس مني

والإختيار فيهما إلحاق النّون كما هو الشّائع الذّائع ، على أنّ هذا البيت لا يعرف له نظير في ذلك بل ولا قائل (١) وما عدا هذين من حروف الجرّ لا تلحقه النّون نحو لي وبي وكذا خلا وعدا وحاشا ، قال الشّاعر :

[في فتية جعلوا الصّليب إلههم]

حاشاي إنّي مسلم معذور

وفي لدنّي لدني قلّ وفي

قدني وقطني الحذف أيضا قد يفي

(و) إلحاق النّون (في) لدن فيقال : (لدنّي) كثير ، وبه قرأ السّتة من القرّاء السّبعة (٢) وتجريدها فيقال : (لدني) بالتّخفيف (قلّ) وبه قرأ نافع (و) إلحاق النّون (في قدني وقطني) بمعنى حسبي كثير و (الحذف أيضا قديفي) قال الشّاعر :

قدني من نصر الخبيبين قدي

[ليس الإمام بالشّحيح الملحد]

وفي الحديث (٣) «قط قط بعزّتك» يروى بسكون الطّاء (٤) وبكسرها مع ياء ودونها ويروى قطني قطني وقطّ قطّ.

__________________

(١) أي : بل ولا يعرف له قائل يكون سندا.

(٢) في قوله تعالى : (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) الكهف ، الآية : ٧١ ، أي : غير نافع.

(٣) مروي بطرق العامّة عن أنس ، عن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال : «لا يزال جهنّم تقول : هل من مزيد؟ حتّي يضع ربّ العزّة قدمه فيها ، فتقول : قط قط ، بعزّتك» صحيح مسلم ١٣ / ٤٩٧ ، حديث : ٥٠٨٥ أي : كفاني كفاني ، والحديث كما تري من الأكاذيب المجعولة للزومه تجسيم الرّبّ جلّ عن ذلك. والشاهد في قط أنّه حذف منه النون ، إذ الأصل قطني.

(٤) بدون الياء ، وبكسر الطاء مع الياء وبدونها فهذه ثلاثة وجوه ، ويروي قطي وقطني بفصل العاطف وزيادة النون في الثانى ، فهذا الرابع ويروي أيضا قط وقط بفصل العاطف بدون النون والياء فهذا الخامس.


الثّاني من المعارف العلم

وهو علم شخص وعلم جنس (١) وبدأ بالأوّل فقال :

اسم يعيّن المسمّى مطلقا

علمه كجعفر وخرنقا

وقرن وعدن ولاحق

وشدقم وهيلة وواشق

(إسم) جنس وهو مبتدأ وصف بقوله : (يعيّن المسمّى) وهو فصل يخرج النّكرات تعيينا (٢) (مطلقا) فصل يخرج المقيّدات (٣) إمّا بقيد لفظيّ وهو المعرّف بالصّلة وأل والمضاف إليه أو معنويّ وهو اسم الإشارة والمضمر (٤) وخبر قوله «اسم» قوله : (علمه) أي علم لذلك المسمّي (كجعفر) لرجل (وخرنقا) لامرأة من العرب (وقرن) بفتح القاف والرّاء لقبيلة من بني مراد ومنها أويس القرني ، (وعدن) لبلد بساحل بحر اليمن (ولا حق) لفرس (وشدقم) لجمل (وهيلة) لشاة (وواشق) لكلب.

__________________

(١) فالأوّل : كزيد وعمرو ، والثانى : كأم عربط ، ويأتي مفصّلا في قول : «ووضعوا لبعض الأجناس».

(٢) يريد أنّ قول المصنف مطلقا صفة لمفعول مطلق محذوف.

(٣) أي : المعارف التي تعينها بقيد بخلاف العلم فأن تعينه مطلق وبغير قيد.

(٤) أما اسم الإشارة فتعيّنه بالإشارة العمليّة الحسّية حين الاستعمال ، وأما الضمير فالغايب بسبق ذهن السامع والمخاطب بخطاب المتكلّم المحسوس ، وضمير المتكلّم بتكلم المتكلّم فكل ذلك أمور غير لفظيّة.


واسما أتي وكنية ولقبا

وأخّرن ذا إن سواه صحبا

(واسما أتى) العلم (١) وهو ما ليس كنية ولا لقبا (وكنية) وهي ما صدّر بأب أو أمّ وقيل بابن أو ابنة (٢) من «كنيت» أي سترت (٣) كالكناية ، والعرب يقصد بها التّعظيم (ولقبا) وهو ما أشعر بمدح أو ذمّ قال الرّضيّ : والفرق بينه وبين الكنية معنى أنّ اللّقب يمدح الملقّب به أو يذمّ بمعنى ذلك اللّفظ (٤) بخلاف الكنية فإنّه لا يعظّم المكنّى بمعناها بل بعدم التّصريح بالإسم ، فإنّ بعض النّفوس تأنف (٥) أن تخاطب باسمها.

(وأخّرن ذا) أي اللّقب (إن سواه صحبا) والمراد به الاسم (٦) كما وجد في بعض النّسخ إن سواها وصرّح

به في التّسهيل ، وعلّله (٧) في شرحه بأنّ الغالب أنّ اللّقب منقول من اسم غير إنسان كبطّة وقفّة ، فلو قدّم لتوهّم السّامع أنّ المراد مسمّاه الأصليّ وذلك (٨) مأمون بتأخيره فلم يعدل عنه (٩) وشذّ تقديمه في قوله :

__________________

(١) يعني : أنّ العلم ينقسم على ثلاثة أقسام : اسم ، وكنية ولقب ، فالثلاثة كلها أعلام.

(٢) كأبي الفضل وأمّ البنين وابن عبّاس وبنت الشاطي.

(٣) لاستتار الاسم بها.

(٤) أي : يذم الشخص ويمدح بسبب معني لفظ اللقب فإذا لقب رجل بقفّه مثلا يراد أنه مثل القفة في قبح المنظر ، وإذا لقّب بالعلّامة يراد أنّه كثير العلم.

(٥) أي : تجتنب وتستنكف.

(٦) يعني : أنّ المراد بقوله سواه هو الاسم وإن كان ظاهره يشمل الاسم والكنية لأن كليهما سوي اللقب ولو قال سواها كما في بعض النسخ كان أوضح ، لأن ضمير المؤنث يرجع إلى الكنية فالمعني وأخر اللقب إن صحب سوي الكنية أي : صحب الاسم.

(٧) أي : المصنف في شرح التسهيل لزوم تأخير اللقب إذا ذكر مع الاسم أنه إذا قدّم على الاسم لتوّهم السامع أن المراد معناه الأصلي ، مثلا إذا لقّب زيد ببطّة فقلت رأيت بطة زيد يتوّهم السامع إن مرادك أنك رأيت ذلك الطير بخلاف قولك رأيت زيد بطة.

(٨) التوّهم مأمون بتأخير اللقب.

(٩) أي : عن لزوم تأخير اللقب وإن لم يقع هذا التوّهم فصارت قاعدة كلية. وقوله يعدل بصيغة المجهول.


بأنّ ذا الكلب عمرا خيرهم نسبا (١)

[ببطن شريان يعوي حوله الذّئب]

وأمّا الكنيّة فيجوز تقديمه عليها والعكس. كذا قالوه لكن مقتضى التّعليل المذكور إمتناع تقديمه (٢) عليها أيضا فتأمّل ، (٣) نعم تقديمها (٤) على الإسم وعكسه سواء.

وإن يكونا مفردين فأضف

حتما وإلّا أتبع الّذي ردف

(وإن يكونا) أي الاسم واللّقب (مفردين (٥) فأضف) الأوّل الى الثّاني (حتما) عند البصريّين نحو «هذا سعيد كرز» أي مسمّاه (٦) كما سيأتي في الإضافة (٧) وأجاز الكوفيّون الاتباع (٨) واختاره في الكافية والتّسهيل ومعلوم على الأوّل أنّ جواز الإضافة حيث لا مانع من أل (٩) نحو «الحارث كرز».

(وإلّا) أي وإن لم يكونا مفردين بأن كانا مركّبين كـ «عبد الله زين العابدين» أو الأوّل مركّبا والثّاني مفردا كـ «عبد الله كرز» أو عكسه كـ «زيد أنف النّاقة» ـ (أتبع) الثّاني (الّذي ردف) الأول له (١٠) في إعرابه على أنّه بدل أو عطف بيان ، ويجوز القطع [عن

__________________

(١) فقدم اللقب وهو الكلب على الاسم وهو عمرو.

(٢) أي : اللقب على الكنية أيضا لأن التوّهم المذكور آت هنا أيضا.

(٣) وجهه على ما ذكره المحشي أبو طالب أن هذا الإشكال لا يرد على المصنف فأن الضمير في سواه يعود إلى ذا أي اللقب وسوي اللقب يشمل الاسم والكنية كليهما فيندفع.

(٤) أي : الكنية فتقول : أبو الحسن عليّ أو عليّ أبو الحسن.

(٥) أي : غير مضافين.

(٦) أي : مسمّي كرز وذلك حذرا من إضافة الشىء إلى نفسه ، فإن سعيد وكرز علمان لشخص واحد فلهذا قدّروا مضافا غير سعيد وهو صفته فالتقدير هذا سعيد مسمي كرز أي موسوم بكرز.

(٧) بقوله «ولا يضاف اسم لما به اتحد» ...

(٨) أي : بأن لا يضاف أحدهما إلى الآخر ويكون الثاني معربا بإعراب الأول بدلا أو عطف بيان.

(٩) بيان للمانع يعني بناء على الإضافة أنما تصح إذا لم يمنع مانع منها كما إذا دخل أل على الأول فلا يجوز الإضافة.

(١٠) أي : يكون الثاني الذي ردف الأول تابعا للأول في إعرابه على أن يكون الثاني بدلا أو عطف بيان.


التّبعيّة] إلى الرّفع والنّصب بتقدير هو أو أعني ، إن كان (١) مجرورا وإلى النّصب إن كان مرفوعا وإلى الرّفع إن كان منصوبا كما ذكره في التّسهيل.

ومنه منقول كفضل وأسد

وذو ارتجال كسعاد وأدد

وجملة وما بمزج ركّبا

ذا إن بغير ويه تمّ أعربا

(ومنه) أي ومن العلم (منقول) إلى العلميّة بعد استعماله في غيرها من مصدر (٢) (كفضل و) اسم عين نحو (أسد) وصفة كحارث وفعل ماض كشمّر لفرس ومضارع كيزيد وأمر كأصمت لمكان.

(و) منه (ذو ارتجال) لم يسبق له استعمال في غير العلميّة أو سبق وجهل قولان (كسعاد وأدد).

ومنه ما ليس بمنقول ولا مرتجل. قال في الإرتشاف : وهو الّذي علميّتة بالغلبة (٣).

(و) منه (٤) (جملة) كانت في الأصل مبتدءا وخبرا أو فعلا وفاعلا فتحكى (٥) كـ «زيد منطلق» و «تأبّط شرّا».

(و) منه (ما بمزج (٦) ركّبا) بأن أخذ إسمان وجعلا إسما واحدا ونزّل ثانيهما من

__________________

(١) أي : الأول مجرور أو كذا قوله «مرفوعا ومنصوبا» فالمجرور نحو مررت بعبد الله كرزا أو كرز بالرفع والمرفوع نحو جائني عبد الله كرزا والمنصوب نحو رأيت عبد الله كرز بالرفع.

(٢) بيان لغيرها.

(٣) بأن يستعمل اسم في شيء كثيرا لا بعنوان العلمية بل بالإضافة أو الوصفية أو مصحوب أل ثم بكثرة الاستعمال يصير علما لذلك الشيء كمدينة الرسول والطيبة والعقبة كما يأتي في المعرف بأداة التعريف في قوله (وقد يكون علما بالغلبة).

(٤) أي : من العلم.

(٥) أي : تعرب أجزاء تلك الجملة في حال العلمية إعرابها قبل العلمية لا تتغير بالعلمية.

(٦) أي : بغير إضافة ولا تبعية بل بطريق الامتزاج والاختلاط كأنها كلمة واحدة.


الأوّل بمنزلة تاء التأنيث من الكلمة (١) (ذا) أي المركّب تركيب مزج (إن بغير) لفظ (ويه تمّ) كبعلبك (أعربا) إعراب ما لا ينصرف وقد يضاف (٢) وقد يبنى كخمسة عشر (٣) فإن ختم بويه بني لأنّه مركّب من إسم وصوت مشبه للحرف في الإهمال (٤) وبناؤه على الكسر على أصل التقاء السّاكنين وقد يعرب إعراب ما لا ينصرف (٥).

وشاع في الأعلام ذو الإضافة

كعبد شمس وأبي قحافة

(وشاع في الأعلام) المركّبة (ذو الإضافة كعبد شمس) وهو علم لأخي هاشم بن عبد مناف (وأبي قحافة) وهو علم لوالد أبي بكر ، قيل وإنّما أتي بمثالين ـ وإن كان المثال لا يسأل عنه (٦) كما قال السّيرافيّ ليعرّفك أنّ الجزء الأوّل يكون كنية وغيرها ومعربا بالحركات والحروف وأنّ الثاني يكون منصرفا وغيره.

ووضعوا لبعض الأجناس علم

كعلم الأشخاص لفظا وهو عم

(ووضعوا لبعض الأجناس) لا لكلّها (علم) بالوقف على السّكون على لغة

__________________

(١) أي : بمنزلة جزئها.

(٢) أي : الجزء الأول إلى الجزء الثاني نحو هذه بعلبك برفع بعل وجرّ بك.

(٣) بفتح خمسة وعشر فتحة بناء في جميع الحالات.

(٤) أي : كالحروف المهملة التي لا عاملة ولا معمولة مثل الحروف المقطّعة.

(٥) للعلمية والتركيب.

(٦) أي : لا يقال : لم مثلت بمثالين وأيّ فائدة في التكرار؟ بل المثال حرّ للممثل ولكنا نحمله على وجود فائدة فيه فنقول : أن التكرار لبيان أن الجزء الأول في الأعلام الإضافية قد يكون كنية كأبي وقد يكون غير كنية كعبد وايضا قد يكون الجزء الأول معربا بالحركات كعبد وقد يكون معربا بالحروف كأبى ، وأن الجزء الثاني قد يكون منصرفا كشمس وقد يكون غير منصرف كقحافة.

وفيه ان الكنية أبو قحافة مركبة لا الجزء الأول فقط كما قال.


ربيعة (١) (كعلم الأشخاص لفظا) (٢) فيأتي منه الحال (٣) ويمتنع من الصّرف (٤) مع سبب آخر ، ومن دخول (٥) الألف والّلام عليه ونعته (٦) بالنّكرة ويبتدأ به (وهو عمّ) معنى (٧) مدلوله شائع كمدلول النّكرة لا يخصّ واحدا بعينه ، ولذالك (٨) قال في شرح التّسهيل : إنّه كاسم الجنس.

من ذاك أمّ عريط للعقرب

وهكذا ثعالة للثّعلب

ومثله برّة للمبرّة

كذا فجار علم للفجرة

(من ذاك) أعلام وضعت للأعيان نحو (أمّ عريط) فإنّه علم (للعقرب) أي لجنسها (٩) (وهكذا ثعالة) فإنّه علم (للثّعلب) أي لجنسه (ومثله) أي مثل علم الجنس الموضوع للأعيان علم جنس موضوع للمعاني نحو (برّة) علم (للمبرّه) (١٠) وسبحان علم للتّسبيح و (كذا فجار) بالبناء على الكسر كحذام علم للفجرة (١١) بسكون الجيم ويسار للميسرة (١٢).

__________________

(١) فأنهم يسكنون المنصوب المنون عند الوقف وغيرهم يلحقون فى آخره ألفا عنده فيقال علما.

(٢) يعامل مع لفظه معاملة العلمية.

(٣) للزوم أن يكون ذو الحال معرفة.

(٤) لكون العلمية أحد الأسباب التسعة فإذا اجتمع مع سبب آخر منع من الصرف.

(٥) أي : ويمتنع من دخول أل عليه لعدم جواز دخوله على المعرفة إن كأنت مؤثرة.

(٦) أي : ويمتنع نعته بالنكرة لكونه علما ومعرفة.

(٧) أي : إنه علم لفظا وأما معني فهو عام شامل للأفراد مثل النكرات بخلاف علم الشخص الذي مدلوله خاص لواحد بعينه.

(٨) أي : لكون مدلولها ع أما قال المصنف أنه كأسم الجنس مثل الرجل والشجر.

(٩) أي : لجميع العقارب لا لعقرب خاص.

(١٠) أي : للاحسان.

(١١) أي : الفجور والفسق.

(١٢) هي اللعب بالقمار لا خلاف الميمنة لأنها اسم عين لا معني والكلام في المعني.


الثالث من المعارف اسم الإشارة

وأخّره في التّسهيل من الموصول وضعا (١) مع تصريحه ، بأنّه قبله رتبة ، وحدّه (٢) كما قال فيه : ما دلّ على مسمّى وإشارة إليه.

بذا لمفرد مذكّر أشر

بذي وذه تي تا على الأنثي اقتصر

(بذا لمفرد مذكّر) عاقل أو غيره (أشر بذي وذه) بسكون الهاء وذه بالكسر وذهي بالياء و (تي) و (تا) وته كذه (على الأنثى اقتصر) فأشربها (٣) إليها دون غيرها.

وذان تان للمثنّي المرتفع

وفي سواه ذين تين اذكر تطع

(وذان) تثنية ذا بحذف الألف الأولى (٤) لسكونها وسكون ألف التّثنية يشاربها

__________________

(١) أي : في ترتيب أبواب الكتاب.

(٢) أي : تعريفه كما قال المصنف في التسهيل اللفظ الدال على معني مع الإشارة إليه فمدلوله مركب من نفس المعني والإشارة إليه منضمّا.

ولو قال ما دل على شيء والإشارة إليه لكان أحسن إذ على تعريفه لا يتحقق المسمي قبل الإشارة ليشار إليه فإن الإشارة إذا المسمي فافهم.

(٣) أي بهذه الأربعة الأخيرة إلى الأنثي دون غيرها.

(٤) التي هي جزء الكلمة فألف ذان ألف التثنية لا ألف ذا وحذفت لالتقاء الساكنين بين الألفين ولا يمكن حذف العلامة.


للمثنّى المذكّر المرتفع و (تان) تثنية تا بحذف الألف لما تقدّم (١) يشاربها (للمثنّى) المؤنّث (المرتفع). وإنّما لم يثنّ من ألفاظ الأنثى إلّا تا (٢) حذرا من الالتباس (وفي سواه) إي سوى المرتفع وهو المنتصب والمنخفض (ذين) للمذكّر و (تين) للمؤنّث (اذكر تطع) النّحاة.

وبأولي أشر لجمع مطلقا

والمدّ اولي ولدي البعد انطقا

بالكاف حرفا دون لام أو معه

والّلام ان قدّمت ها ممتنعه

(وبأولى أشر لجمع مطلقا) سواء كان مذكّرا أم مؤنّثا عاقلا أم غيره والقصر فيه لغة تميم (والمدّ) لغة الحجاز ، وهو (أولى) من القصر ، وحينئذ (٣) يبنى على الكسر لالتقاء السّاكنين (٤).

(ولدى) الإشارة إلى ذي (البعد) زمانا أو مكانا أو ما نزّل منزلته (٥) لتعظيم (٦) أو لتحقير (٧) (انطقا) مع اسم الإشارة (بالكاف) حال كونه (حرفا) (٨) لمجرّد الخطاب (دون لام أو معه) فقل ذاك أو ذلك واختار ابن الحاجب أنّ ذاك ونحوه (٩) للمتوسّط

__________________

(١) أي لإلتقاء الساكنين.

(٢) أي : لم يثن وذه وتي وذّه وذهي وته لأن لا يلتبس تثنية ما أوله الذال بذان تثنية المذكر وما أوله التاء ، بتان تثنية المؤنّث.

(٣) أي : على قرائة المد.

(٤) الألف والهمزة على القاعدة المتبعة في التقاء الساكنين وهي التحريك بالكسر.

(٥) منزلة البعد الزماني والمكاني.

(٦) مثل أن تشير إلى معلمك وهو جالس عندك بالإشارة البعيدة فنقول : ذاك تأدبا لأنك تفرضه عند نفسك عاليا وتفرض نفسك دانيا فكانك بعيد عنه.

(٧) مثل أن تشير إلى شخص حاضر وتريد تحقيره وتفهم أنه لدنو رتبته بعيد عنك.

(٨) يعني أن هذه غير كاف الضمير الذي هو اسم.

(٩) أي : ما كان مع الكاف دون اللام نحو تاك.


(واللّام إن قدّمت) على اسم الإشارة (ها) للتّنبيه فهي (ممتنعة). (١) نحو :

[رأيت بني غبراء لا ينكروننى]

ولا أهل هذاك الطّراف الممدّد

وتمتنع أيضا (٢) مع التّثنية والجمع إذا ما مدّ (٣).

وبهنا أو ههنا أشر إلى

داني المكان وبه الكاف صلا

في البعد أو بثمّ فه أو هنّا

أو بهنالك انطقن أو هنّا

(وبهنا أو ههنا أشر إلى داني المكان) أي قريبه (وبه الكاف) المتقدّمة (٤) (صلا في البعد) فقل هناك وههناك (أو بثمّ) بفتح الثاء المثلّثة (فه) أي انطق ، ويقال في الوقف «ثمّة» (أو هنّا) بفتح الهاء وتشديد النون (أو بهنالك انطقن) ولا تقل ها هنالك (أو هنّا) بكسر الهاء وتشديد النون.

تنبيه : ذكر المصنّف في نكته على مقدّمة ابن الحاجب أنّ هنالك يأتي للزّمان ، مثل (هُنالِكَ تَبْلُوا)(٥) كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ (٦).

__________________

(١) أي : اللام ممتنعة مع وجود الهاء قبل اسم الإشارة فلا يقال هذا لك.

(٢) أي : اللام مع التثنية فلا يقال ذان لك وتان لك.

(٣) قيد للجمع فلا يقال أولاء لك ويجوز أولا لك.

(٤) أي : كاف الخطاب.

(٥) إشارة إلى يوم القيامة.

(٦) يونس ، الآية : ٣٠.


الرابع من المعارف الموصول

وهو قسمان حرفيّ ، واسميّ فالحر فيّ ما أوّل مع صلته (١) بمصدر وهو أن ، وأنّ ، ولو ، وما ، وكى. ولم يذكره المصنّف (٢) هنا لأنّه لا يعدّ من المعارف وذكره في الكافية استطرادا (٣).

ف «أن» توصل بالفعل المتصرّف ماضيا أو مضارعا أو أمرا (٤) وأمّا (٥)(أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(٦) و (أَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ)(٧) فهي مخفّفة من المثقّلة.

و «أنّ» توصل (٨) باسمها وخبرها ، وإن خفّفت فكذلك (٩) لكن اسمها يحذف كما

__________________

(١) وهي جملة فعلية أو اسميّة لكنها بحكم المفرد لتأويلها بالمصدر المضاف إلى معموله دائما فتكون مفردا.

(٢) أي : الموصول الحرفي لأنه في مقام بيان المعارف وهي لا تكون الّا اسماء.

(٣) أي : ذكر المصنف في الكافية الموصول الحرفي طرد الباب الموصول الاسمي وفي ضمنها.

(٤) فالأوّل نحو ان سخط الله عليهم والثاني نحو اعوذ بك ان يحضرون والثالث نحو ان اشكر لي.

(٥) أي : لا يرد على قولنا من اختصاص «أن» بالفعل المتصرّف دخولها في الأيتين على الفعل غير المتصرف لأنّ «أن» فيهما محففّة من المثقلة.

(٦) النّجم ، الآية : ٣٩.

(٧) الأعراف ، الآية : ٨٥.

(٨) يعني «أنّ» صلة اسمها وخبرها.

(٩) أي : أنّها بعد تخفيفها أيضا يكون لها اسم وخبر والجملة صلتها.


سيأتي (١).

و «لو» توصل (٢) بالماضي والمضارع وأكثر وقوعها بعد ودّ ونحوه (٣).

و «ما» توصل بالماضي والمضارع وبجملة اسميّة بقلّة و «كى» توصل بالمضارع فقطّ.

موصول الاسماء الّذي الأنثي الّتي

واليا إذا ما ثنّيا لا تثبت

وأمّا (موصول الأسماء) فيذكره بالعدّ (٤) فللمفرد المذكر (الّذى) وفيها لغات تخفيف الياء ، وتشديدها ، وحذفها مع كسر ما قبلها وسكونه (٥) وعدّها (٦) بعضهم من الموصولات الحرفيّة وضعّفه في الكافية.

وللمفردة (الأنثى الّتي) وفيها ما في الّذي من اللّغات (والياء) الّتي في الّذي والّتي (إذا ما ثنّيا لا تثبت) بضمّ أوّله (٧) للفرق (٨) بين تثنية المعرب وتثنية المبنىّ.

بل ما تليه أوله العلامة

والنّون إن تشدد فلا ملامة

(بل ما تليه) الياء وهو الذّال والتّاء (أوله العلامة) (٩) أي علامة التّثنية فتفتح الذّالّ

__________________

(١) في باب إنّ وأخواتها.

(٢) يعني صلتها الماضي والمضارع.

(٣) من الأفعال التي تدل على المحبة والتمني كقولك أحببت لو تقدم ويعجبني لو تكتب.

(٤) أي : يعدها المصنف واحدا بعد واحد.

(٥) أي : سكون ما قبل الياء وهو الذال.

(٦) أي : الذي.

(٧) يعني أنه نهي من باب الأفعال.

(٨) فإن الاسم المعرب إذا ثنّي يخفض يائه ولو كان محذوفا في المفرد نحو قاض فأن تثنيته قاضيان بخلاف المبني فيحذف الياء من تثنيته سواء ذكر في مفرده أم لا.

(٩) أي : اجعل علامة التثنية بعد الحرف الذي قبل الياء وهي الدال والتاء لا بعد الياء فتقول الذان والتان.


والتّاء لأجلها (١).

(والنّون) منهما إذا ما ثنّيا (إن تشدد) مع الألف وكذا مع الياء (٢) كما هو مذهب الكوفيّين واختاره المصنّف (٣) (فلا ملامة) عليك لفعلك الجائز. نحو (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ)(٤) ، (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ)(٥)(٦).

والنّون من ذين وتين شدّدا

أيضا وتعويض بذاك قصدا

(والنّون من) تثنية اسمي الإشارة (ذين وتين شدّدا أيضا) نحو (فَذانِكَ بُرْهانانِ)(٧)(إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ)(٨)(٩) ، (وتعويض بذاك) التّشديد عن الياء المحذوفة في الموصول (١٠) والألف المحذوفة في اسم الإشارة (قصدا) وقد يحذف النّون من اللّذين واللّتين كقوله :

أبني كليب إنّ عمّى اللّذا

[قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا]

وقوله :

هما اللّتا لو ولدت تميم

[لقيل فخر لهم صميم]

__________________

(١) لأجل العلامة.

(٢) في النصب والجر.

(٣) أي : اختار المصنف مذهب الكوفيين من تشديد النون حتى مع الياء أيضا.

(٤) النساء ، الآية : ١٦.

(٥) على قرائة من قرأ بالتشديد فيهما.

(٦) فصّلت ، الآية : ٢٩.

(٧) القصص ، الآية : ٣٢.

(٨) على بعض القراءات.

(٩) القصص ، الآية : ٢٧.

(١٠) أي الذي والألف في ذا.


جمع الّذي الأولى الّذين مطلقا

وبعضهم بالواو رفعا نطقا

(جمع الّذي الأولى) للعاقل وغيره ، وندر مجيئها (١) لجمع المؤنّث ، واجتمع الأمران (٢) في قوله :

وتبلي الأولى يستلئمون على الأولى

تراهنّ يوم الرّوع كالحدإ القبل

وفي قوله (٣) كغيره جمع تسامح وللّذي أيضا (الّذين) للعاقل فقطّ وهو بالياء (مطلقا) رفعا ونصبا وجرا ، ولم يعرب في هذه الحالة (٤) مع أنّ الجمع من خصائص الأسماء (٥) لأنّ الّذين ـ كما سبق ـ للعقلاء فقطّ والّذي عامّ له (٦) ولغيره ، فلم يجريا (٧) على سنن الجموع المتمكّنة وقد يستعمل الّذي بمعنى الجمع كقوله تعالى : (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً)(٨)(٩) (وبعضهم بالواو رفعا نطقا) فقال :

__________________

(١) أي : أولي.

(٢) أحد الأمرين استعمال أولى في العاقل وغير العاقل والثاني استعماله في المذكر والمؤنث فاجتمعا في هذا البيت لأن أولى الأوّل للمذكر العاقل وهو الشباب المذكور في الشعر قبله بدليل يستلئمون والثاني للمؤنث غير العاقل وهو الخيل إذ الاستلئام على الشىء هو الركوب مدرعا عليه فالمراد هو الخيل والخيل غير عاقل وأما تأنيث الخيل فبدليل تراهّن.

(٣) أي : قول المصنف : «جمع الذي أولى» مسامحة كما أن غير المصنف أيضا ارتكب هذه المسامحة وذلك لأن أولى ليس بجمع بل اسم جمع لعدم وجود مفرد من لفظه.

(٤) أي : حالة الجمع.

(٥) فكان ينبغى أن يعرب لتقربه من الأسمية حينئذ كما أعربت تثنيته لذلك الجمع هنا ليس على قاعدة الجموع المعربة لاختلاف معنى المفرد مع معنى الجمع.

(٦) للعقلاء ولغير العقلاء.

(٧) أي : الذين والذي على طريقة المجموع المعربة.

(٨) فيه أن الذي في الآية ليس بمعني الجمع بدليل إفراد صلته بل أريد به الجنس المطلق على المهية العارية عن الوحدة والتعدّد.

(٩) البقرة ، الآية : ١٧.


نحن الّذون صبّحوا الصّباحا

يوم النخيل غارة ملحاحا

بالّلات والّلاء الّتي قد جمعا

واللّاء كالّذين نزرا وقعا

(بالّلات) واللّائي واللوائي (واللّاء) واللّواتي (الّتي قد جمعا (١) واللّاء كالّذين (٢) نزرا) أي قليلا (وقعا) قال :

فما آباؤنا منه

علينا اللّاء قد مهدوا الحجورا (٣)

ومن وما وأل تساوي ما ذكر

وهكذا ذو عند طيّ قد شهر

(ومن) تساوي ما ذكر من الّذي والّتي وفروعهما أي تطلق على ما تطلق عليه بلفظ واحد وهي (٤) مختصّة بالعالم وتكون لغيره (٥) إن نزّل بمنزلته نحو :

أسرب القطاهل من يعير جناحه

لعلّي إلى من قد هويت أطير

أو اختلط به (٦) تغليبا للأفضل (٧) نحو قوله تعالى : (يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ الْأَرْضِ)(٨) أو اقترن به (٩) في عموم فصّل بمن نحو (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ

__________________

(١) يعني أن هذه الخمسة جموع للمؤنث فالتقدير قد جمع التي باللات وما بعده.

(٢) أي : استعمل اللاء في المذكر مثل الذين.

(٣) فأن المراد باللاء في البيت الآباء وهم ذكور.

(٤) أي : من.

(٥) أي : تكون من لغير العالم أن ننزّل غير العالم بمنزلة العالم أي بأن تتصور غير العالم في نظرك عالما كما في من يعير في الشعر فأن الشاعر بخطابه لطير القطا فرضها من ذوي العقول.

(٦) أي : اختلط غير العالم بالعالم.

(٧) وهو العالم على غير الأفضل وهو غير العالم أي بفرض غير العالم كالمعدوم.

(٨) الحج ، الآية : ١٨.

(٩) أي : اقترن غير العالم بالعالم أي جمع بينهما في عموم من كل دابة الشاملة للعالم وغيره ثم فصّل وقسم ذالك العموم بمن في قوله تعالي «فمنهم من يمشى» فاستعمل من في من يمشي على بطنه في غير العالم.


فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ)(١) لاقترانه (٢) بالعالم في كلّ دابّة.

(وما) أيضا تساوي ما ذكر (٣) من الّذي والّتي وفروعهما ، وهي صالحة لما لا يعلم ولغيره ـ كما قال في شرح الكافية ـ خلاف «من» (٤) لكنّ الأولى بها (٥) ما لا يعلم ، نحو (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ)(٦) ولهذا (٧) ذكر كثير أنّها مختصّة بما لا يعلم عكس «من» ، وذلك وهم (٨) ، ومن ورودها في العالم قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ)(٩)(١٠).

(وأل) أيضا (تساوي ما ذكر) من الّذي والّتي وفروعهما وتأتي للعالم وغيره ـ أي على السّواء ـ كما يفهم من عباراتهم وفهم من كلامه أنّها موصول اسميّ (١١) وهو كذلك (١٢) بدليل عود الضّمير عليها (١٣) في نحو قولهم : «قد أفلح المتّقي ربّه» وقال

__________________

(١) النور ، الآية : ٤٥.

(٢) أي : غير العالم بالعالم دليل لصحة الاستعمال.

(٣) من الموصولات التي ذكر من أول الباب إلى هنا فما تأتي للمذكر والمؤنث والمفرد والمثني والجمع العالم وغيره.

(٤) فانها مختصّة بالعالم.

(٥) أي : بما يعني مع آنها للعالم وغيره لكن الأولى بها والأنسب أن تستعمل فيما لا يعلم.

(٦) الصافات ، الآية : ٩٦.

(٧) أي : لكون الأنسب بها ما لا يعلم توهم كثير أنها خاصّة بما لا يعلم.

(٨) وقوع في الاشتباه بين الأولوية والاختصاص.

(٩) فإن المراد بما في الآية النساء وهنّ ذوات العقول.

(١٠) النساء ، الآية : ٣.

(١١) لذكرها في بحث الموصول الاسمي.

(١٢) أي : الصحيح عندي أيضا آنها موصول اسمى.

(١٣) ولو كأنت حرفا لما عاد الضمير إليها.


المازنيّ : موصول حرفيّ. وردّ بأنّه لو كان كذلك (١) لانسبك بالمصدر ، وقال الأخفش : حرف تعريف (٢).

(وهكذا) أي كـ «من» وما بعدها في كونها تساوي «الّذي» و «الّتي» وفروعهما (ذو عند طيّ قد شهر) كما نقله الأزهري ، نحو :

[فإنّ الماء ماء أبي وجدّي]

وبئري ذو حفرت (٣) وذو طويت

ويقال : رأيت ذو فعل (٤) وذو فعلا ، وذو فعلت ، وذو فعلتا ، وذو فعلوا ، وذو فعلن ، وبعضهم يعربها (٥) ـ ذكره ابن جنّي ، كقوله :

[فإمّا كرام موسرون لقيتهم]

فحسبى من ذي عندهم ما كفانيا

وكالّتي أيضا لديهم ذات

وموضع الّلاتي أتي ذوات

(وكالّتي أيضا لديهم) أي لدى بعضهم (٦) ، كما ذكره في شرح الكافية (ذات) مبنيّة على الضّمّ نحو : «والكرامة ذات أكرمكم الله به» (٧) وقد تعرب إعراب مسلمات (٨).

(وموضع اللّات (٩) أتى) عند بعضهم (ذوات) مبنيّة على الضّمّ نحو :

__________________

(١) أي : لو كان موصولا حرفيا لتأوّل مع صلته بالمصدر كما في كل موصول حرفي مثل أن ولو.

(٢) يعني أنّ أل ليس بموصول اصلا وإنما هو حرف تعريف اينما وقع.

(٣) أي : الذي حفرت.

(٤) المراد أنّ ذو هذه مبنية لا تتغيّر باختلاف العوامل وأنها لا تثنّي ولا تجمع ولا تذكر ولا تؤنث كما في الأمثلة.

(٥) أي : بعض قبيلة طي يعربها بالحروف كذي بمعني صاحب.

(٦) أي : بعض قبيلة طي.

(٧) أي : التي أكرمكم الله بها.

(٨) فترفع بالضم وتكسر في الجر والنصب.

(٩) أي : تأتي ذوات بمعني اللات للجمع المؤنث.


[جمعتها من أينق موارق]

ذوات ينهضن بغير سائق

وقد تعرب إعراب مسلمات.

تتمّة : قد تثنّى (١) «ذو» وتجمع ، فيقال : ذوا ، وذوي ، وذووا ، وذوي ويقال في «ذات» : ذاتا ، وذواتا ، وذوات.

ومثل ما ، ذا بعد ما استفهام

أو من إذا لم تلغ في الكلام

(ومثل ما) فيما تقدّم (٢) (ذا) الواقعة (بعد ما استفهام أو من) أختها (٣) (إذا لم تلغ في الكلام) بأن تكون زائدة أو يصير المجموع للاستفهام (٤) ولم تكن (٥) للإشارة كقوله :

ألا تسألان المرء ما ذا يحاول

[انحب فيقضي أم ضلال وباطل]

بخلاف ما إذا ألغيت كقولك : «لما ذا جئت؟» أو كانت للإشارة كقولك «ماذا التّواني؟» (٦) ولم يشترط الكوفيّون (٧) تقدّم «ما» أو «من» مستدلّين بقوله :»

[عدس ما لعبّاد عليك إمارة

أمنت] وهذا تحملين طليق (٨)

وأجيب عنه (٩) بأنّ هذا طليق جملة اسمية وتحملين حال أي محمولا. وقال

__________________

(١) أي : قد يتفق على خلاف ما ذكر من انها لا تثني ولا تجمع.

(٢) من كونها مساوية للأسماء الموصولة مفردا وتثنية وجمعا مذكرا ومؤنثا عالما وغير عالم.

(٣) يعني من الاستفهاميّة.

(٤) فهي ملغاة في حالتين إذا كأنت زائدة أو كان المجموع استفهاما.

(٥) عطف على قول المصنف «لم تلغ».

(٦) يعنى ما هذا الكسل؟

(٧) في كون ذا موصولا كما شرطنا أن يكون بعد «ما» أو «من».

(٨) فذا موصول وتحملين صلته ولو كان اسم إشارة لكان مبتدا وطليق خبره فلم يبق لتحملين محلّ من الإعراب.

(٩) توضيح الجواب : إنا إذا جعلنا ذا اسم إشارة أيضا لا تبقي جملة تحملين بلا محل لكونها حالا.


الشيخ سراج الدّين البلقينى : (١) يجوز أن يكون ممّا حذف فيه الموصول من غير أن يجعل هذا موصولا ، والتقدير هذا الّذي تحملين على حدّ قوله :

فو الله ما نلتم وما نيل منكم

بمعتدل وفق ولا متقارب

أي ما الّذي نلتم (٢) قال : ولم أر أحدا خرّجه ـ أي وهذا تحملين طليق ـ على هذا (٣) إنتهى. وهو حسن أو متعيّن. (٤)

وكلّها تلزم بعده صله

على ضمير لائق مشتمله

(وكلّها) أي كلّ الموصولات (تلزم بعدها صلة على ضمير) يسمّي العائد (لائق) بالموصول مطابق له إفرادا وتذكيرا وغيرهما (٥) (مشتملة) ويجوز في ضمير «من» و «ما» مراعاة اللّفظ والمعنى (٦).

وجملة أو شبهها الّذي وصل

به كمن عندي الّذي ابنه كفل

(وجملة) خبريّة خالية من معنى التّعجّب معهود معناها غالبا (٧) (أو شبهها) وهو الظّرف والمجرور إذا كانا تامّين (٨) (الّذي وصل) الموصول به (كمن عندي) والّذي في

__________________

(١) حاصل ما قال أنّ هذا اسم إشارة وطليق خبره وأما جملة تحملين فهي صلة لموصول محذوف.

(٢) لضرورة تقدير الموصول ليكون مبتدا لقوله بمعتدل فأنه خبر قطعا ولا يوجد قبله في البيت ما يصلح لأن يكون مبتدا فإن «ما» في الموردين نافية والحرف لا يصلح للابتدا فلزم تقدير الموصول بعد «ما».

(٣) أى : على هذا الوجه من الإعراب.

(٤) يعني أن قول البلقيني إما حسن كالقول الأول أو نقول أن غيره باطل فقوله متعين.

(٥) أي : تثنية وجمعا وتأنيثا.

(٦) فيجوز أن يكون الضمير العائد إليهما مفردا مذكرا رعاية للفظهما وأن يكون مطابقا للمعني المراد منهما فيختلف باختلاف المعني.

(٧) أي : معلوما عند المخاطب والسامع معني تلك الجملة ومضمونها لأن معرفة الموصول بمعرفة صلته.

(٨) متعلقين بفعل من أفعال العموم.


الدّار (الّذي ابنه كفل) ويتعلّق الظّرف والمجرور الواقعان صلة بإستقرّ محذوفا وجوبا.

وصفة صريحة صلة أل

وكونها بمعرب الأفعال قلّ

(وصفة صريحة) أي خالصة الوصفيّة كاسمي الفاعل والمفعول (صلة أل) بخلاف غير الخالصة وهي الّتي غلب عليها الإسميّة كالأبطح (١) (وكونها) توصل (بمعرب الأفعال) وهو فعل المضارع (قلّ) ومنه :

ما أنت بالحكم التّرضى حكومته

[ولا الأصيل ، ولا ذي الرّأى والجدل]

وليس بضرورة (٢) عند المصنّف. قال : لأنّه متمكّن من أن يقول «المرضى» وردّ (٣) بأنّه لو قاله لوقع في محذور أشدّ من جهة عدم تأنيث الوصف المسند إلى المؤنّث ، أمّا وصلها بالجملة الاسمية نحو :

من القوم الرّسول الله منهم

[لهم دانت رقاب بني معدّ]

فضرورة بالاتّفاق.

أىّ كما وأعربت ما لم تضف

وصدر وصلها ضمير انحذف

(أيّ كما) فيما تقدّم (٤) وقد تستعمل بالتاء للمؤنّث (وأعربت) لما تقدّم في

__________________

(١) فإنه في الأصل صفة لكل مكان مبطح ثم صار علما لمكان بمكة وغلب عليه العلمية حتي أنه عند اطلاقه ينتقل الذهن إلى ذلك المكان لا إلى معناه الأصلي.

(٢) دفع دخل : وهو أن الشاعر هنا وقع في الضرورة ولا يصح الاستدلال بالضرورة فأجاب المصنف عنه في بعض تحقيقاته بأنّ الشاعر يمكنه ان يبدل الفعل المجهول بأسم المفعول من دون تغيير في وزن الشعر ولا في معناه فلا ضرورة إذا.

(٣) يعني أنّ دفع المصنف مردود بأن الشاعر لا يمكنه أن يقول بالمرضي وذلك للزوم تبعية اسم المفعول لنائب فاعله وهو الحكومة وهي مونثه فيلزم عليه إذا أن يقول بالمرضاة ويختل حينئذ وزن الشعر.

(٤) يعني في مجيئها بمعني جميع الموصولات المتقدمة مفردا وتثنية وجمعا تذكيرا وتأنيثا عالما وغير عالم.


المعرب والمبنيّ (١) (ما) دامت (لم تضف) (٢) لفظا (٣) (و) الحال أنّ (صدر وصلها (٤) ضمير) [وذلك الضّمير] مبتدأ (انحذف) بأن كانت (٥) مضافة وصدر صلتها مذكورا ، أو غير مضافة وصدر صلتها محذوفا أو مذكورا ، فإن أضيفت وحذف صدر صلتها بنيت قيل [بناؤها في هذه الحالة] لتأكيد (٦) مشابهتها الحرف من حيث افتقارها إلى ذلك المحذوف (٧) قلت : وهذه العلّة موجودة في الحالة الثّانية (٨) فيلزم عليها (٩) بناؤها فيها (١٠) على أنّ بعضهم قال به (١١) قياسا ـ نقله الرّضيّ ، وهو يردّ (١٢) نفي المصنّف في

__________________

(١) من أن أي مستحق للبناء لشبهها الحرف لكن لزومها للإضافة عارض ذلك الشبه فأعرب.

(٢) يعني أنها معربة بشرط أن لا يجتمع هذان الأمران هما الإضافة وحذف صدر الصلة فإذا اجتمعت بنيت نحو أحب أي الرجلين يكرمني بضم أي بناء وهي واحدة من الحالات الأربعة لأي والثلاثة الآخر : إحداهما ما إذا اضيفت وذكر صدر صلتها نحو أبغضني أيهما هو أشقى ، والثانية : ما إذا لم تضف وحذف صدر الصلة نحو أحب ايا من الرجلين ق أما والثالثة ما إذا لم تضف وذكر صدر الصلة نحو أكرم أيّا من الرجلين ، هما في الدار وأيّ في هذه الحالات الثلاث معربة.

(٣) إشارة إلى أن أي كما ذكر لازمة للإضافة دائما إلّا أنها قد تنقطع عن الإضافة لفظا فقط وهي مضافة أنذاك؟ معني.

(٤) هو الذي نسميّه بالعائد ولكن حيث إنّ العائد في أي يقع في بدء جملة الصلة يسمّي صدر الصلة أو صدر وصلها.

(٥) بيان للحالات الثلاثة التي تعرب فيها.

(٦) انما كانت هذه المشابهة تأكيدا لوجود شبه فيها كما في كل موصول وهو افتقارها إلى الصلة.

(٧) إنما اختص هذا الشبه بصورة حذف صدر الصلة إذ الافتقار أنما يحصل عند فقد ما يفتقر منه ولهذا يقال لفاقد المال فقيرا مع احتياج الغني اليه أيضا.

(٨) وهي ما إذا لم تضف وحذف صدر الصلة.

(٩) أي : يلزم على هذه العلة أن تكون أي مبنية في الحالة الثانية أيضا لحذف صدر الصلة.

(١٠) أي بناء أي في الحالة الثانية.

(١١) أي : بالبناء في الحالة الثانية قياسا على الحالة الأولي.

(١٢) أي : نقل الرضي القول ببنائها في الثانية ، يرد قول المصنف بأنها في الثانية معربة بلا خلاف لأن قول الرضي يثبت الخلاف في إعرابها حينئذ.


الكافية الخلاف في إعرابها حينئذ.

ثمّ بناؤها على الضّم لشبهها بقبل وبعد لأنّه (١) حذف من كلّ واحد ما يبيّنه (٢) ومثال بنائها في الحالة الرّابعة (٣) قراءة الجمهور : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ)(٤) بالضّمّ (٥).

وبعضهم أعرب مطلقا وفي

ذا الحذف أيّا غير أي يقتفي

(وبعضهم) كالخليل ويونس (أعرب) أيّا (مطلقا) وإن أضيفت وحذف صدر صلتها ، وقد قرئ شاذا في الآية السّابقة بالنّصب (٦) وأوّلت قراءة الضّم على الحكاية (٧) أي الّذي يقال فيهم أيّهم أشدّ.

(وفي ذا الحذف) أي حذف صدر الصّلة الّذي هو العائد (أيّا غير أيّ) من بقيّة الموصولات (يقتفي) (٨) أي يتّبع ولكن بشرط (٩) ليس في أيّ ، أشار إليه بقوله :

ان يستطل وصل وإن لم يستطل

فالحذف نزرو أبوا أن يختزل

إن صلح الباقي لوصل مكمل

والحذف عندهم كثير منجلي

في عائد متّصل إن انتصب

بفعل او وصف كمن ترجو يهب

__________________

(١) الضمير للشأن.

(٢) وهو صدر الصلة في أي والمضاف اليه في قبل وبعد.

(٣) وهي حالة الإضافة وحذف صدر الصلة إذا التقدير أيّهم هو أشدّ.

(٤) مريم ، الآية : ٦٩.

(٥) بناءا مع أنها مفعول لنزعنّ.

(٦) لكونها مفعولا.

(٧) أي : نقل القول فمفعول ننزعن (الذي يقال) المقدّر وأيهم نايب الفاعل ليقال.

(٨) تقدير البيت : ويقتفي غير أيّ ايّا في ذا الحذف.

(٩) يعني يشترط في حذف عائد غير أيّ شيء لم يشترط في أي وهو طول الصلة.


(إن يستطل وصل) أي يوجد طويلا نحو : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ)(١) أي الّذي هو في السّماء إله (وإن لم يستطل) الوصل (فالحذف) للعائد (نزر) أي قليل كقوله :

من يعن بالحمد لا ينطق بما سفه

[ولا يحد عن سبيل الحلم والكرم]

أي بما هو سفه.

(وأبوا) أي إمتنع النّحاة من تجويز (أن يختزل) أي يقطع العائد أي يحذف (إن صلح الباقي (٢) لوصل مكمل) كأن يكون (٣) جملة أو ظرفا أو مجرورا تامّا. لأنّه لا يعلم أحذف شيء منه أم لا.

(والحذف عندهم (٤) كثير منجلي في عائد متّصل إن انتصب) وكان ذلك النصب (بفعل) تامّا كان أو ناقصا (أو وصف) غير صلة الألف واللّام فالمنصوب بالفعل (كمن ترجو) أي تأمل للهبة (يهب) أي ترجوه وكقوله :

[فأطعمته من لحمها وسنامها]

شواءا وخير الخير ما كان عاجله

أي ما كانه عاجله ـ كذا قال المصنف خلافا لقوم (٥) والمنصوب بالوصف ليس

__________________

(١) الزخرف ، الآية : ٨٤.

(٢) يعني أن شرط جواز حذف العائد في غير أي عدم صلاحية الباقي من الصلة بعد حذف العائد بالنظر إلى المعني ومساس نقص وحاجة لتدل الحاجة إلى وجود محذوف هناك فيكون الاحتياج قرينة على المحذوف واما إذا كان الباقي صالحة لكونها صلة فلا يجوز حذفه لعدم دليل على المحذوف.

(٣) بيان لما إذا كان الباقي صالحا لأن يكون صلة فالجملة نحو جاء الذي يكرمني ، والظرف نحو جاء الّذي عندي ، والمجرور نحو جاء الّذي في الدار.

(٤) أي : عند النحاة حذف العائد منجل ومعروف إذا كان العائد ضميرا منصوبا متصلا بفعل تام أو ناقص أو متصلا بوصف.

(٥) في الفعل الناقص فمنعوه فيه وعليه فالعائد في مثال خير الخير هو اسم كان المستتر وهو ضمير مرفوع يعود إلى الموصول وعاجله منصوب خبرا له.


كالمنصوب بالفعل في الكثرة كقوله :

ما الله موليك فضل [فاحمدنه به

فما لدى غيره نفع ولا ضرر]

أي الّذي الله موليكه فضل ، فلا يجوز حذف المنفصل كـ «جاء الّذي إيّاه ضربت» ولا المنصوب بغير الفعل والوصف ، كالمنصوب بالحرف كـ «جاء الّذي إنّه قائم» ، ولا المنصوب بصلة الألف واللّام كـ «جاء الّذي أنا الضّاربه» ذكره (١) في التسهيل.

كذاك حذف ما بوصف خفضا

كأنت قاض بعد أمر من قضى

(كذلك) يجوز (حذف ما بوصف) بمعنى الحال والإستقبال (خفضا) بإضافته إليه (٢) (كأنت قاض) الواقع (بعد) فعل (أمر من قضى) إشارة إلى قوله تعالى : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ)(٣) أي قاضيه فلا يجوز الحذف (٤) من نحو «جاء الّذي أنا غلامه ، أو مضروبه أو ضاربه أمس».

كذا الّذي جرّ بما الموصول جرّ

كمرّ بالّذي مررت فهو برّ

(كذا) يجوز حذف الضمير (الّذي جرّ بما) أي بمثل الحرف الّذي (الموصول جرّ) لفظا ومعنى ومتعلّقا (٥) (كمرّ بالّذي مررت) به (فهو برّ) (٦) أي محسن ، فإن جرّ

__________________

(١) أي : المنصوب بصلة الألف واللام وأما سائر الأمثلة فداخلة في كلامه هنا.

(٢) أي : خفض بإضافة الوصف إلى الضمير وضمير إليه يعود إلى الموصول فى قوله «ما بوصف».

(٣) طه ، الآية : ٧٢.

(٤) لعدم كون المضاف وصفا في غلامه ولكون الوصف بمعني الماضي في مضروبه وضاربه بدليل أمس.

(٥) أي : يجب أن يكون الحرف الذي جرّ الضمير مماثلا للحرف الذي جرّ الموصول من حيث اللفظ والمعني والمتعلق.

(٦) فالجار للضمير والموصول حرف واحد هو الياء وكلا البائين للالصاق وكلاهما متعلقان بمرّ.


بغير ما جرّ الموصول لفظا كـ «مررت بالّذي غضبت عليه» (١) أو معنى كـ «مررت بالّذي مررت به على زيد» (٢) أو متعلّقا كـ «مررت بالّذي فرحت به» (٣) لم يجز الحذف.

__________________

(١) لاختلاف الجارين لأن أحدهما على والآخر باء.

(٢) لاختلاف الحرفين في المعني فأن الباء الأول للالصاق والثاني للسببية إذ المعني مررت بالشخص الذي مررت أنت بسببه على زيد.

(٣) لاختلافها في المتعلق فأن متعلق بالذي مررت ومتعلق به فرحت وقوله «لم يجز» جزاء للشرط وهو قوله فإن جرّ.


الخامس من المعارف المعرّف بأداة التعريف أي بآلته

أل حرف تعريف أو اللّام فقط

فنمط عرّفت قل فيه النّمط

(أل) بجملتها هل هي (حرف تعريف أو اللّام فقط) فيه خلاف : فالخليل على الأوّل (١) ورجّحه المصنّف في شرح الكافية والتسهيل ، فالهمزة همزة قطع وسيبويه والجمهور ـ كما قال أبو البقاء في شرح التّكملة ـ على الثّانى (٢) فالهمزة اجتلبت (٣) للنّطق بالساكن وجزم (٤) المصنف في فصل زيادة همزة الوصل بأنّ همزة أل وصل يشعر (٥) بترجيحه لهذا القول ولسيبويه قول آخر : إنّها بجملتها حرف تعريف والألف زائدة (٦) (فنمط عرّفت) أي أردت تعريفه (قل فيه النّمط) وهو ثوب يطرح على الهودج والجمع «أنماط».

__________________

(١) أي أنها بجملتها حرف تعريف.

(٢) أي : على القول بأن اللام فقط حرف تعريف.

(٣) أي : جيء بها لكون اللام ساكنة وعدم إمكان الابتداء بالساكن.

(٤) بسكون الزاء وضم الميم مبتداء وخبره يشعر.

(٥) يعني بما أنّ ذلك الفصل انعقد لزيادة همزة الوصل والمصنف ذكر همزة أل في ذلك الفصل وجزم هناك بأنها همزة وصل ينتج ذلك بأنّ همزة أل زائدة.

(٦) توجيه ذلك أنّ الموضوع للتعريف في الأصل هو اللام فقط إلّا أنّ كثرة استعمال الألف الزائدة معها أوجب لزوم الألف بحيث لو لم تذكر معها لم تفد التعريف وحدها.


واعلم أنّ أل يكون لاستغراق (١) أفراد الجنس إن حلّ محلّها كلّ على سبيل الحقيقة ولاستغراق صفات الأفراد إن حلّ على سبيل المجاز (٢) ولبيان الحقيقة إن أشيربها وبمصحوبها (٣) إلى الماهيّة من حيث هي هي (٤) ولتعريف العهد (٥) الذّهني والحضوري والذّكري.

وقد تزاد لازما كاللّات

والآن والّذين ثمّ اللّاتي

(وقد تزاد لازما) (٦) بأن كان (٧) ما دخلت عليه معرّفا بغيرها (كاللات) اسم صنم كان بمكّة (والآن) اسم للوقت الحاضر ، وهو (٨) مبنيّ لتضمّنه معنى أل الحضورية ، قيل : وهذا من الغريب (٩) لكونهم جعلوه متضمّنا معنى أل الحضوريّة وجعلوا أل الموجودة

__________________

(١) أي : لشمول الحكم لجميع أفراد الجنس نحو «السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما» فحكم القطع شامل لجميع أفراد السارق والسارقة ويصح وضع كل محلها حقيقة فيقال : كل سارق وسارقة فاقطعوا من غير تجوّز.

(٢) كقولك لشخص : أنت الرجل تريد في ادعائك مدحا أنّه جامع لجميع صفات الرجل وأنه كلّ الرجل ومعلوم أن كل هنا مجاز لعدم وجود جميع الصفات في هذا الشخص وأيّ شخص غيره.

(٣) أي : بمدخولها.

(٤) أي : من حيث إنها ماهية وذات لا من حيث أفرادها الخارجية نحو الرجل خير من المرئة إذ المراد أنّ ذات الرجل وخلقته الأصلية خير من خلقة المرئة لا أن أفراد الرجل خير من أفراد المرئة وإلّا فكم من امرئة خير من رجل.

(٥) العهد هو العلم بشىء سابقا فالذهني نحو قولك طلعت الشمس لوجود الشمس في ذهن السامع والحضوري كقولك في رجل حاضر عندك ما بال الرجل لا يتكلم والذكري كقولك رأيت رجلا فأكرمت الرجل.

(٦) أي : زيادة لازمة لا يجوز حذفها.

(٧) بيان للزيادة فأن مدخولها وهو لات وأن معرفان بالعلمية قبل دخول أل فلات علم لصنم وأن علم لوقت خاص وهو الوقت الحاضر.

(٨) يعني : الآن.

(٩) فإن تضمنه معني أل يقتضي أن يكون أل جزء الازما له وهذا ينافي زيادته.


فيه زائدة وبني على الحركة لالتقاء الساكنين (١) وكانت فتحة ليكون بناؤه على ما يستحقّه الظّروف (٢).

(والّذين ثمّ اللّاتي) جمع الّتي. وهذا (٣) على القول بأنّ تعريف الموصول بالصّلة وأمّا على القول بأنّ تعريفه باللّام إن كانت فيه (٤) وبنيّتها إن لم تكن فليست زائدة.

ولاضطرار كبنات الأوبر

كذا وطبت النّفس يا قيس السّري

(و) تزاد زائدة غير لازمة بأن دخلت (لإضطرار كبنات الأوبر) في قول الشّاعر :

[ولقد جنيتك أكمئا وعساقلا]

ولقد نهيتك عن بنات الأوبر

أراد به (٥) بنات أوبر وهو ضرب من الكمأه (كذا وطبت النّفس) في قول الشاعر : (٦)

رأيتك لمّا إن عرفت وجوهنا

صددت وطبت النّفس (يا قيس) عن مرو

أراد نفسا ، وقوله (السّري) معناه الشريف تمّم به البيت.

وبعض الأعلام عليه دخلا

للمح ما قد كان عنه نقلا

كالفضل والحارث والنّعمان

فذكر ذا وحذفه سيّان

(وبعض الأعلام) المنقولة (عليه دخلا للمح ما) (٧) أي لأجل ملاحظة الوصف

__________________

(١) بين الألف والنون.

(٢) إذ الأصل في الظروف البناء على الفتح كقبل وبعد والجهات الستّ.

(٣) أي : كون أل زائدة مبني على القول بأن تعريف الموصول بالصلة ليستغني عن التعريف بأل.

(٤) أي : إن كانت أل فيه نحو الذين واللتي ومقدرة إن لم تكن فيه نحو من وما.

(٥) أي : أراد الشاعر ببنات الأوبر بنات أوبر المعروف بدون اللام فاللام زائدة.

(٦) فإن النفس هنا تمييز والأصل طبت نفسا.

(٧) أي : للإشارة إلى الوصف الذي نقل إلى العلمية.


الّذي (قد كان عنه (١) نقلا كالفضل) يسمّى (٢) به من يتفأّل بأنّه يعيش ويصير ذا فضل (والحارث) يسمّى به من يتفأّل بأنّه يعيش ويحرث (والنّعمان (٣) فذكر ذا) أي أل (وحذفه) بالنسبة إلى التّعريف (سيّان) (٤).

وقد يصير علما بالغلبة

مضاف او مصحوب أل كالعقبة

(وقد يصير (٥) علما بالغلبة) كابن عباس وابن عمر وابن مسعود للعبادلة (٦) (أو مصحوب أل كالعقبة) لإيلة والمدينة للطّيبة والكتاب لكتاب سيبويه. ثم الّذي صار علما بغلبة الإضافة لا تنزع منه (٧) بنداء ولا بغيره كما قال في شرح الكافية.

وحذف أل ذي إن تناد أو تضف

أوجب وفي غيرهما قد تنحذف

(وحذف ال) ذي (٨) من الاسم الّذي كان علما بغلبتها (إن تناد أو تضف أوجب)

__________________

(١) الضمير يعود إلى الموصول.

(٢) بصيغة المجهول وكذا يتفأل (الذى) يسمي بالفضل المولود الذي يؤمل أن يعيش فاضلا كمن يسمي ابنه بالحسن يأمل أن يعيش حسنا فيستفاد من أل هنا معناها العهدي.

(٣) النعمان اسم للدم يمكن أن يكون لمحا للحرب والقتل ، كما هو ديدن الجاهليّة.

(٤) لكونه معرفة بالعلميّة.

(٥) تقدير البيت هكذا ، وقد يصير مضاف أو مصحوب أل علما بسبب غلبة استعمالهما في شخص أو شيء كابن عباس فأن معناه الأصلي ولد عباس فكل ابن لعباس يصدق عليه ذلك إلّا أن كثرة استعماله في الولد الخاص منه صيّرته علما له وهكذا العقبة فأنها في الأصل لكل مرتفع جبلي الا أنّ كثرة استعمالها في عقبة مخصوصة وهي إيله جعلتها علما لها.

(٦) وهم عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود.

(٧) أي : لا تنزع الإضافة مما صار علما بغلبة الإضافة ، بمعنى أن أحكام الإضافة الإعرابية باقية بعد على حالها لا تزول بعلميته فإذا وقع منادى ينصب لكونه منادي مضافا ولا يبني لكونه مفردا معرفة.

(٨) أي : أل التي تدخل على العلم.


نحو «يا أعشى» (١) و «هذه مدينة الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم» (٢) (وفي غيرهما) أي غير النّداء والإضافة (قد تنحذف) أل بقلّة نحو «هذا عيّوق (٣) طالعا».

__________________

(١) أصله : الأعشي علم لرجل ، وفي الأصل وصف لكل من لا يبصر ليلا.

(٢) فحذف أل من المدينة لإضافتها إلى الرسول.

(٣) أصله العيوق اسم لنجم حذف منه اللام من دون سبب من نداء أو إضافة.


هذا باب الإبتداء

وقدّم أحكام المبتدأ على الفاعل تبعا لسيبويه. وبعضهم يقدّم الفاعل وذلك (١) مبنيّ على القولين في أنّ أصل المرفوعات هل هو المبتدأ أو الفاعل؟

وجه الأوّل (٢) أنّ المبتدأ مبدوّية الكلام ، وأنّه لا يزول عن كونه مبتدأ وإن تأخّر ، والفاعل يزول فاعليّته إذا تقدّم وأنّه عامل ومعمول ، والفاعل معمول ليس غيره. ووجه الثّاني (٣) أنّ عامله لفظيّ ، وهو أقوى من عامل المبتدأ المعنويّ وأنّه إنّما رفع للفرق بينه وبين المفعول وليس المبتدأ كذلك والاصل في الإعراب أن يكون للفرق بين المعاني.

__________________

(١) يعني : تقديم أي من المبتداء والفاعل في الذكر.

(٢) أي : وجه كون المبتدا أصلا في المرفوعات أمور ثلاثة :

الأول : إنه يقع في أول الكلام فله الشرف المكاني.

والثاني : إنه ثابت على الابتدائية سواء تقدّم على الخبر أو تأخر عنه نحو زيد في الدار وفي الدار زيد.

والثالث : إنه عامل ومعمول في آن واحد لأنه عامل في الخبر ومعمول للابتدائية بخلاف الفاعل في الأمور الثلاثة لعدم جواز تقدّمه على عامله ، وأنه إذا تقدّم على عامله يزول فاعليته ويصير مبتداء ، وأنه معمول فقط وليس بعامل.

(٣) أى : وجه كون الفاعل أصلا أمران :

الأول : ان عامله لفظى ، وهو الفعل وشبهه ، والأصل في العامل أن يكون لفظيّا.

والثانى : ان الفاعل انّما رفع للفرق بينه وبين المفعول ، والأصل في الإعراب أن يكون للفرق بين المعانى.


ثمّ المبتدأ اسم مجرّد عن العوامل اللّفظيّة غير المزيدة مخبر عنه أو وصف رافع لمكتفى به (١) فالاسم يعمّ الصّريح والمأوّل (٢) والقيد الأوّل (٣) يخرج الإسم في باب كان ، وإنّ ، والمفعول الأوّل في باب ظنّ والثاني (٤) يدخل نحو «بحسبك درهم» على أنّ (٥) شيخنا العلّامة الكافجي يرى أنّه خبر مقدّم وأنّ المبتدأ درهم نظرا إلى المعنى والثالث (٦) يخرج أسماء الأفعال وبقيد الوصف بكونه رافعا لمكتفي به يخرج قائما من «أقائم أبوه زيد». (٧) إذا علمت ذلك فنزّل المثال (٨) على هذا الحدّ وقل :

مبتدأ زيد وعاذر خبر

إن قلت زيد عاذر من اعتذر

وأوّل مبتدأ والثّاني

فاعل اغني في أسار ذان

مبتدأ زيد وعاذر خبر) عنه (إن قلت زيد عاذر من اعتذر) لانطباق الحدّ عليه (٩)

__________________

(١) أي : رافع لاسم يغني عن الخبر.

(٢) فالأوّل كزيد قائم ، والثاني : نحو «أن تصوموا خير لكم» فأن تصوموا فعل مؤوّل بالاسم إذ التأويل صومكم خير لكم.

(٣) يعني : قوله «مجرد عن العوامل اللفظية» لأن اسم كان والمفعول لظن وإن كانا اسمين مخبرا عنهما لكنهما ليسا مجردين عن العامل اللفظي.

(٤) يعني غير المزيدة ، فإنّ بحسبك مبتداء وهو مجرد عن العامل غير المزيد فأن عامله وهو الباء زائدة.

(٥) على هنا للاستدراك يعني مضافا إلى أنّ عامله زائدة ولا مانع من كونه مبتداء يري شيخنا الكافجي أنه خبر مقدم لأن المبتدا كما ذكر مخبر عنه والمخبر عنه في هذه الجملة هو الدرهم لأن المقصود من هذه الجملة هو بيان حال الدرهم أنه كاف بيان حال بحسبك.

(٦) وهو قوله مخبر عنه لأن أسماء الأفعال وإن كأنت أسماء مجردة عن العوامل اللفظية إلا أنها مخبر لكونها بيانا لحال فاعلها.

(٧) لأن مرفوع الوصف وهو أبوه لا يكتفي به لنقص الكلام بدون زيد فقائم ليس بمبتدا وأنما هو خبر مقدم.

(٨) أي : فطبّق أنت مثال المصنف وهو زيد عاذر على هذا التعريف للمبتداء.

(٩) فإن «زيد» اسم مجرد عن العوامل اللفظية غير المزيدة مخبر عنه بقوله عاذر.


(وأوّل مبتدأ والثّاني فاعل) أو نائب عنه (١) (أغنى) المبتدأ (٢) عن الخبر (في) كلّ وصف إعتمد على استفهام ورفع ظاهرا أو مضمرا بارزا نحو (أسار ذان).

وقس وكاستفهام النّفي وقد

يجوز نحو فائز أولو الرّشد

(وقس) على هذا المثال نحو «كيف جالس الزّيدان» و «أمضروب العمروان» ولا يجوز كونه مبتدءا إذا رفع ضميرا مستترا نحو قاعد في «ما زيد قائم ولا قاعد» (٣) (وكاستفهام) في اعتماد الوصف عليه (النّفى) نحو :

خليليّ ما واف بعهدي أنتما (٤)

[إذا لم تكونا لي على من أقاطع]

و «غير قائم الزّيدان» (٥) و «ما مضروب العمروان» (٦) (وقد) قال الأخفش والكوفيّون (يجوز) كون الوصف مبتدءا وله فاعل يغني عن الخبر من غير اعتماد على نفي ولا استفهام (نحو فائز) أي ناج (أولو الرّشد) بفتحتين (٧) أي أصحاب الهدى

والثّان مبتدأ وذا الوصف خبر

إن في سوي الافراد طبقا استقر

(والثّان) وهو ما بعد الوصف (مبتدأ) مؤخّر (وذا الوصف) بالرفع (خبر) عنه (٨) مقدّم عليه (إن في سوى الإفراد) وهو التّثنية والجمع السّالم (طبقا) أي مطابقا لما بعده

__________________

(١) إذا كان الوصف اسم مفعول.

(٢) المبتدا مفعول لأغني وفاعله ضمير يعود إلى فاعل.

(٣) لأن فاعله ضمير مستتر يعود إلى زيد.

(٤) «فواف» اسم فاعل مبتدا وأنتما فاعل له سد مسدّ الخبر مثال للنفي الحرفي.

(٥) مثال للنفي الاسمي فالمبتدا في الحقيقة هو قائم ، لأن غير يعرب بإعراب المضاف إليه.

(٦) مثال لما كان الوصف المبتدا اسم مفعول.

(٧) فتح الراء والشين.

(٨) عن الثاني.


(استقرّ) هذا الوصف نحو «أقائمان الزّيدان» و «أقائمون الزّيدون».

ولا يجوز كون الوصف مبتدءا وما بعده خبره ، لأنّه (١) إذا أسند إلى الظاهر تجرّد من علامة التّثنية والجمع كالفعل فإن تطابقا في الإفراد نحو «أقائم زيد» جاز (٢) كون ما بعد الوصف فاعلا سدّ مسدّ الخبر وكونه (٣) مبتدأ مؤخّرا والوصف خبرا مقدّما ، والجمع المكسّر كالمفرد (٤) وكذا الوصف المطلق (٥) على المفرد والمثنّى والجمع بصيغة واحدة نحو «أجنب الزّيدان».

ورفعوا مبتدأ بالابتدا

كذاك رفع خبر بالمبتدا

(ورفعوا مبتدأ بالابتدا) وهو (٦) كونه معرّى من العوامل اللّفظية ، وقيل : جعل الإسم أوّلا ليخبر عنه (كذاك رفع خبر بالمبتدا) وحده ـ وهو الصحيح الّذي نصّ عليه

__________________

(١) فإن شرط ابتدائية الوصف رفعه للظاهر وعند التطابق هو رافع للضمير ، لأن الوصف حين يرفع الاسم الظاهر خال عن الضمير نحو أقائم الزيدان؟ كما أن الفعل إذا كان فاعله اسما ظاهرا يخلو عن الضمير فتقول قام الزيدان وقام الزيدون ولا تقول ق أما الزيدان فلذلك إذا تطابق مع ما بعده يدل على إنه رفع الضمير يصلح للابتداء.

(٢) لاحتمال خلوّه عن الضمير وإسناده إلى الظاهر.

(٣) أي : ما بعد الوصف مبتدا إذا قدر ضمير في الوصف فلا يصح الوصف للابتداء لرفعه الضمير.

(٤) في جواز الأمرين نحو أقائم الرجال؟ فلك أن تقول أنّ «قائم» مبتدا و «الرجال» فاعله قائم مقام الخبر أو أنّ «الرجال» مبتدء مؤخّر و «قائم» خبره لتقدير ضمير فيه.

(٥) أي : الوصف الذي يطلق على الثلاثة من دون تغيير تقول : أجنب زيد وأجنب الزيدان وأجنب الزيدون فيجوز فيه الوجهان الّذان ذكرا في المفرد والجمع المكسّر أي أن يكون الوصف مبتداء وأن يكون خبرا مقدما.

(٦) لا يخفي عليك أن الابتداء هو فعل المتكلّم فمن قال زيد قائم يصح أن تقول أنه ابتداء بزيد ، لأنه أخلا وعرّاه عن العامل اللفظي لم يبتدء بعامل لفظي وابتداء بزيد كما يصح أن تقول أنه ابتدء بزيد لأنه جعله أول كلامه ، وهذا معني الوجهين في كلام الشارح.


سيبويه ـ لأنّه طالب له (١) وقيل : بالابتداء لأنّه اقتضاهما (٢) فعمل فيهما. وردّ بأنّ أقوى العوامل ـ وهو الفعل ـ لا يعمل رفعين فما ليس أقوى (٣) أولى وقيل بالابتداء والمبتدأ ، وقال الكوفيون ترافعا ، أي كلّ واحد منهما رفع الآخر وله نظائر في العربيّة (٤).

والخبر الجزء المتمّ الفائدة

كالله برّ والأيادي شاهدة

ومفردا يأتي ويأتي جملة

حاوية معني الّذي سيقت لة

(والخبر) هو (الجزء المتمّ الفائدة) مع مبتدأ غير الوصف (كالله برّ) أي محسن لعباده (والايادى) أي النّعم (شاهدة) له.

(ومفردا يأتى) الخبر ، والمراد به (٥) ما للعوامل تسلّط على لفظه فيشمل (٦) ما لا معمول له كـ «هذا زيد» ، وما عمل الجرّ كـ «زيد غلام عمرو» أو الرّفع كـ «زيد قائم أبوه» ، أو النّصب كـ «هذا ضارب أبوه عمرا» (ويأتي جملة بشرط أن تكون (حاوية معنى) المبتدأ (الّذي سيقت له) (٧) أي اسما بمعناه (٨) يربطها به لاستقلال

__________________

(١) أي : لأن المبتدا محتاج إلى الخبر فيطلبه ويؤثر فيه الرفع.

(٢) أي : الابتداء يطلب المبتدا والخبر كليهما فأن المتكلم الذي يبتداء باسم أنما يفعل ذلك ليخبر عنه بشيء فكما أن ابتدائه يقتضي المبتدا يقتضي الخبر أيضا فالابتداء يؤثر فيهما فيرفعهما.

(٣) وهو الابتداء مع أنه معنوي وضعيف في العمل أولى بأن لا يعمل رفعين.

(٤) منها قوله تعالى : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (الإسراء ، الآية : ١١٠) فأيا منصوب بتدعو على المفعولية وتدعو معمول لأي لكونه أداة الشرط وتدعو فعل الشرط.

(٥) أي : بالمفرد هنا ما للعوامل تسلّط على لفظه فليس المراد منه ما يقابل المركب ليخرج المضاف والمضاف اليه واسم الفاعل وفاعله ، بل ما يقابل الجملة ، وهي التي لا يؤثّر العامل في لفظها ، نعم قد يتسلّط العامل على محلها كما إذا كانت خبرا للمبتدا أو نواسخه.

(٦) أي : بناء على ما ذكرنا من المراد بالمفرد فالمفرد بهذا المعني يشمل هذه الأمور لتسلّط العامل عليها.

(٧) أي : سيقت هذه الجملة لذلك المبتدا.

(٨) بمعني المبتدا يربط الجملة بالمبتدا.


الجملة (١) وهو (٢) إمّا ضمير موجود كـ «زيد قام أبوه» أو مقدّر كـ «ألبرّ قفيز بدرهم» أي منه ، أو اسم أشير به إليه (٣) نحو (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ)(٤) ويغني عن الرّابطة تكرار المبتدأ بلفظه ك (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ)(٥)(٦) أو عموم في الخبر (٧) يدخل المبتدأ تحته نحو (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً)(٨).

وإن تكن إيّاه معنى اكتفى

بها كنطقي الله حسبي وكفى

والمفرد الجامد فارغ وإن

يشتقّ فهو ذو ضمير مستكن

(وإن تكن) الجملة (٩) (إيّاه معنى اكتفى) المبتدأ بها (كنطقى) أي منطوقي (الله حسبي وكفى).

(و) الخبر (المفرد الجامد) والمراد به (١٠) ـ كما قال في شرح الكافية ـ ما ليس صفة يتضمّن معنى فعل وحروفه (١١) (فارغ) أي خال من الضّمير عند البصريّين لأنّ تحمّل

__________________

(١) علة لاحتياج الجملة إلى الرابط ، فإن استقلال الجملة يوهم أنها جنبية عن ذلك المبتدا فيحتاج إلى رابط ليفهم أنها خبر له.

(٢) أي : الاسم الذي بمعناه.

(٣) أي : أشير بذلك الاسم إلى المبتدا فذلك في الآية إشارة إلى المبتدا وهو لباس.

(٤) الاعراف ، الآية : ٢٦.

(٥) فما الحاقة جملة لكون ما مبتدأ والحاقة خبرا له والجملة خبر للحاقة الأولى ، والرابط هي الحاقة الثانية لكونها تكرارا للمبتدا بلفظه.

(٦) الحاقّة ، الآية : ١ و ٢.

(٧) فالمبتدا في الآية هو الموصول اسم أنّ وجملة الخبر إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا ، ومعلوم أن المؤمن الذي يعمل الصالحات من جملة من أحسن عملا والخبر أعم من المبتدا وشامل له.

(٨) الكهف ، الآية : ٣٠.

(٩) أي : جملة الخبر نفس المبتدا في المعني فجملة الله حسبي عين منطوق المتكلّم أي كلامه.

(١٠) أي : بالجامد.

(١١) كرجل وحجر نحو هذا حجر ومقابله المشتق نحو ضارب ومضروب ففيهما معني الفعل وحروفه.


الضمير فرع عن كون المتحمّل صالحا لرفع ظاهر على الفاعلية ، وذلك (١) مقصور على الفعل أو ما هو بمعناه. وذهب الكوفيّون إلى أنّه يتحمّله.

(وإن يشتقّ) الخبر المفرد أو يأوّل بمشتقّ كـ «هذا أسد» أي شجاع (٢) (فهو ذو ضمير مستكن) أي مستتر فيه. هذا إذا لم يرفع ظاهرا (٣) فإن رفعه (٤) لم يتحمّل وإن جرى على من هوله (٥) وإلّا فله حكم ذكره بقوله :

وأبرزنه مطلقا حيث تلا

ما ليس معناه له محصّلا

(وأبرزنه) أي الضمير وجوبا (مطلقا) سواء أمن من اللّبس أم لم يؤمن (حيث تلى) وقع ذلك الوصف بعد (ما) أي مبتدأ (ليس معناه) أي معنى ذلك الوصف (له) أي للمبتدأ (محصّلا) بل كان محصّلا لغيره (٦) أي كان وصفا جاريا على غير من هوله

__________________

(١) أي : صلاحية رفع الظاهر على الفاعلية منحصر بالفعل ، وما هو بمعناه من مشتقّاته.

(٢) وشجاع مشتق لأنه صفة مشبّهة.

(٣) نحو زيد قائم فقائم متحمل لضمير يعود إلى المبتد ، لأنه لم يرفع ظاهرا.

(٤) أي : إن رفع الخبر المشتق اسما ظاهرا فلا يمكنه أن يتحمّل الضمير نحو زيد قائم أبوه فقائم فارغ عن الضمير لرفعه أبوه وأنما الرابط هو الضمير البارز.

(٥) كما في مثال زيد قائم أبوه ، فقائم جار على أبوه ، ومعني جريإنه عليه استناده لفظا إليه ، وهو كذلك لأنّ أبوه فاعل له وهو له يعني قائم لأبوه لأن أبوه هو القائم لا غيره ، فقائم جار أي مسند إلى من هوله ومع ذلك لم يتحمّل ضميرا فكيف به إذا لم يجر على من هوله كما يأتي.

(٦) أي : لغير المبتدا مع أنه جار على المبتدا لفظا لأنه خبره فضاربه في المثال جار على عمرو ، لأنه خبر لعمرو ، مع ان الضارب في الواقع هو زيد بارادة المتكلم ولما كان ظاهر اسناد ضارب إلى عمرو يوهم ان عمروا هو الضارب والواقع خلافه لزم إبراز الضمير والمراد به في المثال هو ليعود إلى الضارب الحقيقي أعني زيد وأما فيما لا يتوهم فيه ذلك لعدم اللبس كما في المثال الثاني للعلم بأن ضارب ليس لهند لتأنيث هند وتذكير ضارب فالإبراز هناك طردا للباب.


كـ «زيد عمرو ضاربه هو» (١) و «زيد هند ضاربها هو» وأجاز الكوفيّون الاستتار إذا أمن من اللّبس (٢) واختاره المصنف في الكافية.

وأخبروا بظرف أو بحرف جرّ

ناوين معني كائن أو استقرّ

(وأخبروا) عن المبتدأ (بظرف) نحو (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)(٣) (أو بحرف جرّ) مع مجروره كـ «الحمد لله» حالكونهم (ناوين) أي مقدّرين له متعلّقا إسم فاعل أو فعلا هو الخبر في الحقيقة ولا يكون إلّا كائنا أو استقرّ أو ما فيه (معنى كائن أو استقرّ) كثابت ووجد ونحوهما.

فرع : يجب حذف هذا المتعلّق ، وشذّ التّصريح به في قوله :

[لك العزّ إن مولاك عزّ وإن يهن]

فأنت لدى بحبوحة الهون كائن (٤)

ثمّ إن قدّر (٥) اسم فاعل وهو اختيار المصنف لوجوب تقديره اتّفاقا بعد أمّا وإذا

__________________

ولا يخفي عليك أنه كيف يمكن جريان وصف على غير من هو له أليس إسناد شيء إلى شىء اتحادهما معنى؟ وأ ليس الألفاظ في خدمة المعانى؟ فالصحيح أن يقال : ان الوصف في المثالين وما ماثلهما جار على من هو له ببيان أن ضاربه وهو مبتداء وخبر وهما متحدان في مراد المتكلم فالوصف جار على من هو له والجملة خبر لعمرو ويشهد لذلك مثاله الثاني إذ لو كان ضاربه خبرا للهند لكان مطابقا لمبتدئه أعني هند في التذكير والتأنيث والعجب من ذهول الفحول والجواد قد يكبو.

(١) فضارب في المثالين جار على عمرو في المثال الأول وعلى هند في الثاني لأنه خبرهما على قولهم مع انّ الضارب واقعا في المثالين هو زيد وعلى ما قلنا فضاربه او ضاربها مبتدا وهو خبره وهو يعود إلى زيد فضارب جار على من هو له.

(٢) كما في المثال الثانى.

(٣) الانفال ، الآية : ١٤٢.

(٤) الشاهد في التصريح بمتعلق لدي وهو كائن.

(٥) اختلفوا في أن الأصل في المتعلق للظرف والجار والمجرور هل هو اسم الفاعل أو الفعل فاختار ـ ـ المصنف الأول بدليل وجوب تقديره باتفاق النحاة بعد إذا المفاجاة وأما لعدم دخولهما على الفعل واختار ابن الحاجب الثانى أي الفعل بدليل وجوب تقديره في الصلة للزوم أن تكون جملة وعلى الأول فالخبر مفرد وعلى الثاني جملة.


المفاجأة لامتناع إيلائهما الفعل ، فهو من قبيل المفرد وإن قدّر فعلا وهو اختيار ابن الحاجب لوجوب تقديره في الصّلة فواضح أنّه من قبيل الجملة ولا يخفى (١) أنّ إجراء الباب على سنن واحد أولي من الإلحاق بباب آخر.

واعلم أنّ اسم الزّمان يكون خبرا عن الحدث (٢) نحو «القتال يوم الجمعة» لأنّ الأحداث متجدّدة ، ففي الإخبار عنها به (٣) فائدة ، وهي تخصيصها (٤) بزمان دون زمان.

ولا يكون اسم زمان خبرا

عن جثّة وإن يفد فأخبرا

ولا يكون اسم زمان خبرا عن) مبتدأ (جثّة) (٥) فلا يقال «زيد يوم الجمعة» (وإن يفد) الإخبار به (٦) بأن كان المبتدأ عامّا والزّمان خاصا أو كان إسم الذّات مثل اسم

__________________

(١) ردّ للقولين يعني أنه إذا جعلنا باب الظرف وشبهه بابا مستقلا وقلنا بجواز تعلقهما بكل من الفعل واسم الفاعل حسبما يقتضي المقام كان الباب على سنن واحد وطريقة واحدة وهو خير من أن نلحقه بباب إما وإذا أو بباب الموصول فالأصل في المتعلق اقتضاء المقام.

(٢) يعني أنّ ظرف الزمان يناسب أن يكون خبرا عن الحدث أي المصدر لأن الأحداث متجددة لأنها بمعني وقوع فعل وحدوثه بعد العدم فتوجد وتنعدم بخلاف الذوات مثل الإنسان والحيوان وزيد فأنها ثابتة والزمان أيضا غير ثابت مثل يوم الجمعة أو شهر كذا وبمقتضي الاتحاد بين المبتدا والخبر يناسب أن يكون اسم الزمان خبرا للحدث نحو القتال يوم الجمعة.

(٣) أي : عن الأحداث باسم الزمان.

(٤) يعني أن الفائدة المرادة للمتكلم هنا تخصيص الأحداث بزمان دون زمان ففائدة قولنا القتال يوم الجمعة تخصيص القتال بيوم الجمعة دون غيره من الأيّام.

(٥) أي : ذات كزيد وعمرو فأن إسناد شىء إلى شىء يقتضي الوحدة بينهما ولا يمكن اتحاد الذات الثابت الوجود مع الزمان المتجدد الوجود.

(٦) أي : باسم الزمان عن الذات.


المعنى في وقوعه وقتا دون وقت (فأخبرا) كنحن في شهر كذا (١) والورد في أيّار (٢)

ولا يجوز الابتدا بالنّكره

ما لم تفد كعند زيد نمره

وهل فتى فيكم فما خلّ لنا

ورجل من الكرام عندنا

(ولا يجوز الابتدأ بالنّكرة ما) دام الابتدأ بها (لم يفد) لأنّه لا يخبر إلّا عن معروف (٣) فإن أفاد جاز الابتداء. وتحصيل الفائدة بأمور :

أحدها ـ أن يتقدّم الخبر وهو ظرف أو مجرور مختصّ (٤) (كعند زيد نمره) و «في الدّار رجل».

(و) الثّاني أن يتقدّمها استفهام نحو (هل فتى فيكم).

والثّالث ـ أن يتقدّمها نفي نحو «إن تكن خليلنا (٥) (فما خلّ لنا).

(و) الرّابع ـ أن تكون موصوفة بوصف إمّا مذكور ، نحو (رجل من الكرام عندنا) (٦) أو مقدّر ، نحو «شرّ أهرّ ذا ناب» أي عظيم على أحد التّقديرين (٧) وكذا إن كان

__________________

(١) كذا إشارة إلى شهر من الشهور كشعبان مثلا وهذا مثال لما إذا كان المبتدا عامّا والزمان خاصا فإن الإنسان المتكلم مع غيره ذوات ثابتة باقية في كل شهر وشهر شعبان مثلا خاص بمدة معينة.

(٢) مثال للقسم الثاني إذ الورد مثل الزمان في كونه متجددا لأنه يأتي في فصل وينعدم بعده كما أن شهر أيّار كذلك.

(٣) أي : أن المخبر عادة لا يخبر عن حال أحد أو شيء إلّا أن يكون ذلك الشيء معروفا عند السامع لا عن مجهول لعدم الفائدة في الإخبار عن المجهول.

(٤) بأن يكون الظرف مضافا إلى المعرفة كعند زيد نمرة أو كان المجرور معرفة نحو في الدار رجل فلا يصح عند رجل نمرة أو في دار رجل.

(٥) الشاهد في خل أنه نكرة وجاز الابتداء به لوقوعه بعد النفي.

(٦) فمن الكرام صفة الرجل.

(٧) أي : على تقدير أن يكون القائل لهذا المثل في مقام بيان أهمية الشر الذي أهرّ الكلب وخطره فالتقدير شر


فيها (١) معني الوصف نحو «رجيل عندنا» أي رجل حقير عندنا أو كانت خلفا من موصوف كـ «مؤمن خير من كافر». (٢)

ورغبة في الخير خير وعمل

برّ يزين وليقس ما لم يقل

(و) الخامس ـ أن تكون عاملة فيما بعدها نحو (رغبة في الخير خير) (٣)

(و) السّادس ـ أن تكون مضافة نحو (عمل برّ يزين).

(وليقس) على ما ذكر (ما لم يقل) بأن يجوز كلّ ما وجد فيه الإفادة كأن يكون فيها معنى التّعجّب كـ «ما أحسن زيدا» (٤) أو تكون دعاء نحو (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ)(٥) ، و (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)(٦)(٧) أو شرطا كـ «من يقم أقم (٨) معه» أو جواب سؤال كرجل لمن قال «من عندك» ، أو عامّة (٩) كـ «كلّ يموت» أو تالية لإذا الفجائيّة نحو «خرجت فإذا أسد بالباب» أو لواو الحال (١٠) كقوله :

سرينا ونجم قد أضاء فمذبدا

[محيّاك أخفي ضوؤه كلّ شارق]

__________________

عظيم وأما على تقدير أن يكون في مقام بيان إن الذي أهره لم يكن خيرا كقدوم الضيف بل كان شرا فالتقدير شراهر ذاناب لأخير ولا تقدير للصفة فيه.

(١) أي في النكرة.

(٢) إذا التقدير رجل مؤمن فمؤمن خلف من موصوفه وهو رجل.

(٣) فرغبة مصدر وعامل في الجار والمجرور لكونه متعلقه مفعوله بالواسطة.

(٤) ما هنا نكرة لكونها بمعني شىء عظيم وليست موصولة والمجوز للابتداء لها كونه للتعجب.

(٥) الصافات ، الآية : ١٣٠.

(٦) دعاء عليهم كما انّ سلام على الياسين دعاء لهم.

(٧) المطفّفين ، الآية : ١٠.

(٨) من هنا نكرة جاز الابتداء بها لكونه بمعني الشرط.

(٩) أي : شاملة لجميع الأفراد شمولا جميعا لا بدليا كشمول النكرات المتعارفة.

(١٠) أي : تالية لواو الحال.


وقد توجد الإفادة دون شيء ممّا ذكر كقوله : «شجره سجدت» و «تمره خير من جرادة». (١)

والأصل في الأخبار أن تؤخّرا

وجوّزوا التّقديم إذ لا ضررا

فامنعه حين يستوي الجزآن

عرفا ونكرا عادمى بيان

(والأصل في الأخبار أن تؤخّرا) لأنّها وصف في المعنى للمبتدآت فحقّها التأخير كالوصف (٢) (وجوّزو التّقديم) لها على المبتدآت (إذ لا ضررا) حاصل بذلك (٣). وفهم من كلامه (٤) أنّ الأصل في المبتدآت التّقديم (فامنعه) أي تقديم الخبر (حين يستوي الجزآن عرفا ونكرا) بشرط أن يكونا (عادمي بيان) نحو «زيد صديقك» للالتباس ، (٥) فإن كان ثمّة قرينة جاز كقوله : (٦)

بنونا بنو أبنائنا [وبناتنا

بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد]

كذا إذا ما الفعل كان خبرا

أو قصد استعماله منحصرا

أو كان مسندا لذي لام ابتدا

أو لازم الصّدر كمن لي منجدا

ونحو عندي درهم ولي وطر

ملتزم فيه تقدّم الخبر

(كذا) يمتنع تقديم الخبر (إذا ما الفعل) الرّافع لضمير المبتدأ المستتر (كان) هو

__________________

(١) فإن المخبر في المثالين أتي بخبر عجيب يستفيد السامع اطلاعا جديدا وهو المراد بالفائدة.

(٢) الاصطلاحي التابع.

(٣) أي : بالتقديم.

(٤) لأنه قال الأصل في الخبر التأخير ومفهومه أن الأصل في المبتدا التقديم.

(٥) بين المبتدا والخبر لصلاحية كل واحد منهما أن يكون مبتدءا وخبرا.

(٦) لظهور أن القائل في مقام بيان حال أحفاده وأسباطه أعني بني أبنائه وبني بناته وأنهم كبنيه في الحب لهم فبنو أبنائنا مبتداء وبنونا خبر.


(خبرا) نحو «زيد قام» لالتباس المبتدأ بالفاعل (١) فإن رفع ضميرا بارزا جاز التقديم (٢) نحو «قاما الزّيدان» ، و «أسرّ النّجوي الّذين ظلموا (٣)» الانبياء ـ ٣. كذا قيل ، واعترضه والدي في حاشيته على شرح ابن النّاظم بأنّ الألف (٤) تحذف لالتقاء السّاكنين فيقع اللّبس بالفاعل.

(او قصد استعماله) أي الخبر (منحصرا) يعني محصورا فيه كـ «إنّما زيد شاعر» و «ما زيد إلّا شاعر» أي ليس غيره (٥) فلا يجوز التّقديم لئلّا يتوهّم عكس المقصود وشذّ : (٦)

[فيا ربّ هل إلّا بك النّصر يرتجى

عليهم] وهل إلّا عليك المعوّل

وإن لم يوهم عكس المقصود (أو كان) الخبر (مسندا لذى) أي لمبتدأ فيه (لام ابتدا) نحو «لزيد قائم» فلا يجوز التّقديم لأنّ لها صدر الكلام ولو تركه (٧) لفهم ممّا بعده (أو) كان مسندا لمبتدأ (لازم الصّدر) بنفسه أو بسبب (كمن لى منجدا) وفتى

__________________

(١) إذا تأخر المبتدا.

(٢) لعدم الالتباس يكون الفاعل وهو الضمير البارز مشخّصا معلوما فيعلم أن الاسم الظاهر مبتدا وليس بفاعل.

(٣) تقدم الخبر وهو فعل أعني (اسروا) على المبتدا وهو (الذى) لرفع الفعل ضمير الجمع البارز.

(٤) أي : ألف التثنية في قاما عند التلفظ لعدم الفرق بين قولنا قام الزيدان وق أما الزيدان في اللفظ وإن اختلفا في الكتابة.

(٥) أي : ليس زيد غير الشاعر بمعنى أنه لا عمل له غير الشعر فإذا قدم الخبر وقيل أنما شاعر زيد أو قيل ما شاعر إلّا زيد توهم عكس المقصود أي توهم أن الشاعر منحصر في زيد ولا يوجد شاعر غير زيد والحال أن القائل لا يريد ذلك.

(٦) أي : تقدم الخبر المحصور فيه على المبتدا وإن كان المقصود معلوما لوقوع المحصور فيه بعد إلّا.

(٧) أي : المسند لذي لام ابتدا لفهم مما بعده وهو قوله لازم الصدر لأن المبتداء الذي عليه لام الابتداء لازم الصدر وقد بين المصنف حكمه في البيت الآتي ويمكن الفرق بينهما بأنّ مراده هناك لزوم الصدر بنفسه لا بحرف.


من وافد (١).

(و) إذا كان المبتدأ نكرة والخبر ظرفا أو مجرورا أو جملة ـ كما قال في شرح التسهيل (نحو عندي درهم ولي وطر) وقصدك غلامه رجل (٢) فاعلم إنّه (ملتزم فيه تقدّم الخبر) لأنّه المسوّغ (٣) للابتداء بالنّكرة.

كذا إذا عاد عليه مضمر

ممّا به عنه مبينا يخبر

(كذا) يجب تقديم الخبر (إذا عاد عليه) أي على ملابسه (٤) (مضمر ممّا) أي من مبتدأ (به عنه (٥) مبينا يخبر) ، نحو «في الدّار صاحبها» إذ لو أخّر عاد الضّمير على متأخّر لفظا ورتبة.

تنبيه : عبارة ابن الحاجب في هذه المسألة «أو لمتعلّقه (٦) ضمير في المبتدأ» قال المصنف في نكته على مقدّمة ابن الحاجب : هذه عبارة غلقة على المتعلّم ولو قال «أو كان في المبتدأ ضمير له» كفاه ـ إنتهى. (وأنت ترى ما في عبارة المصنف هنا من الغلاقة وكثرة الضّمائر المقتضية للتّعقيد وعسر الفهم ، وكان يمكنه (٧) أن يقول كما في الكافية :

وان يعد بخبر ضمير

من مبتدا يوجب له (٨) التّأخير

__________________

(١) مثال للمبتدا المضاف إلى لازم الصدر.

(٢) مثال لما كانت الجملة خبرا.

(٣) أي : لأن تقدم الخبر هو المجوز للابتداء بالنكرة هنا.

(٤) الملابس المخالط أي جزئه لأن الجزء مخالط مع الكل.

(٥) أي : كذا يجب تقديم الخبر إذا عاد على جزء الخبر ضمير وذلك الضمير يعود من مبتداء مخبر عنه بذلك الخبر فالضمير في المبتداء ويرجع إلى جزء أي كلمة في الخبر فلو تأخر الخبر عاد الضمير إلى المتأخر فالضمير في به يرجع إلى الخبر وفي عنه يرجع إلى المبتدا.

(٦) بكسر اللام أي متعلق الخبر لأن جزء الخبر متعلق به.

(٧) أي : المصنف.

(٨) أي : يجب للخبر التأخير.


كذا إذا يستوجب التّصديرا

كأين من علمته نصيرا

وخبر المحصور قدّم أبدا

كما لنا إلّا اتّباع أحمدا

(كذا) يجب التقديم (إذا) كان الخبر (يستوجب التّصديرا) كالاستفهام (كأين من علمته نصيرا ، وخبر) المبتدأ (المحصور) فيه (قدّم أبدا كما لنا إلّا اتّباع أحمدا) إذ لو أخّر وقيل ما اتّباع أحمد إلّا لنا أوهم الانحصار في الخبر (١).

وحذف ما يعلم جائز كما

تقول زيد بعد من عندكما

وفي جواب كيف زيد قل دنف

فزيد استغنى عنه إذ عرف

(وحذف ما يعلم) من المبتدأ والخبر (جائز) فحذف الخبر (كما تقول زيد بعد) قول السّائل (من عندكما وفي جواب) قول السّائل (كيف زيد) احذف المبتدأ و (قل دنف) أي مريض (فزيد) المبتدأ (استغني عنه إذ عرف).

وبعد لو لا غالبا حذف الخبر

حتم وفي نصّ يمين ذا استقر

(وبعد لو لا) الإمتناعيّة (غ البا) أي في القسم الغالب منها ، إذ هي على قسمين : (٢) قسم يمتنع فيه جوابها بمجرّد وجود المبتدأ بعدها وهو الغالب ، وقسم يمتنع لنسبة الخبر إلى المبتدأ وهو قليل ، فالأوّل (حذف الخبر) منه (حتم) نحو «لو لا زيد لأتيتك»

__________________

(١) أي : وهم أن المراد أنّ اتباع أحمد منحصر بنا فلا يجوز لغير المسلمين اتّباعه وهذا خلاف المراد.

(٢) اعلم إن معني لو لا الامتناع أي امتناع جوابها فتارة يمتنع الجواب لوجود المبتداء الذي بعده لا لشيء أخر نحو لو لا على عليه السّلام لهلك عمر فامتنع هلاك عمر لوجود على عليه السّلام وهذا هو الغالب في استعمال لو لا وأخري يمتنع الجواب لاسناد خبر إلى المبتداء الذي بعدها واستعمالها بهذا النحو قليل نحو لو لا قومك حديثوا عهد بالإسلام لهدمت الكعبة فامتناع هدم الكعبة لكون القوم حديثوا عهد لا لنفس وجود القوم الذي هو المبتدا.


أي موجود ، والثاني حذفه جائز إذا دلّ عليه دليل بخلاف ما إذا لم يدلّ نحو «لو لا قومك حديثو عهد بالإسلام لهدمت الكعبة وجعلت لها بابين» (١).

تتمة : ك لو لا فيما ذكر لو ما صرّح به ابن النّحّاس (وفى) المبتدأ الواقع (نصّ يمين ذا) أي حذف الخبر وجوبا (استقرّ) نحو «لعمرك لأفعلنّ كذا» أي قسمي ، فإن لم يكن نصّا (٢) في اليمين لم يجب الحذف.

وبعد واو عيّنت مفهوم مع

كمثل كلّ صانع وما صنع

(و) كذا يجب الحذف إذا وقع المبتدأ (بعد واو) قد (عيّنت مفهوم مع) وهو المصاحبة (كمثل كلّ صانع وما صنع) أي مقترنان ، فإن لم يكن الواو نصّا في المعيّة لم يجب الحذف نحو :

[تمنّوا اليّ الموت الّذي يشعب الفتى]

وكلّ امرىء والموت يلتقيان (٣)

وقبل حال لا يكون خبرا

عن الّذي خبره قد أضمرا

كضربى العبد مسيئا وأتمّ

تبيينى الحقّ منوطا بالحكم

(و) كذا إذا كان المبتدأ مصدرا أو مضافا إلى مصدر وهو (قبل حال لا) يصلح (٤)

__________________

(١) مثال لعدم حذف الخبر لعدم وجود قرينة والمثال للحذف عند وجود القرينة كما إذا أردت أن تضرب رجلا فمنعك زيد فتقول لو لا زيد لضربتك أي لو لا زيد منعني لضربتك.

(٢) أي : صريحا في القسم نحو عهد الله لا فعلنّ لم يجب الحذف لجهل السامع بأن مراده إن عهد الله في ذمتي أو شرط على أو إن عهد الله قسمي فالخبر مجهول عند السامع بخلاف الصريح إذ المعلوم هناك أن الخبر قسمي.

(٣) فذكر الخبر جواز العدم صراحة الواو هنا في المعيّة بل يحتمل العطف.

(٤) في المعني.


أن (يكون خبرا عن) المبتدأ (الّذي خبره قد أضمرا) فالمصدر (كضربى العبد مسيئا) (١) فمسيئا حال سدّ مسدّ الخبر المحذوف وجوبا والأصل حاصل إذا كان أو إذ كان مسيئا ، فحذف حاصل ثمّ الظرف. (٢) (و) المضاف إلى المصدر نحو (أتمّ تبييني الحقّ منوطا بالحكم) فأتمّ مبتدأ مضاف إلى مصدر ، ومنوطا حال سدّ مسدّ الخبر ، وتقديره كما تقدّم (٣) وخرج بتقيّد الحال بعدم صلاحيّتها للخبريّة ما يصلح لها فالرّفع فيه واجب نحو «ضربي زيدا شديد».

تنبيه : يجب حذف المبتدأ في مواضع :

أحدها ؛ إذا أخبر عنه (٤) بنعت مقطوع كـ «مررت بزيد الكريم» كما ذكره في آخر النّعت.

الثاني ، إذا أخبر عنه بمخصوص نعم كـ «نعم الرّجل زيد» (٥) كما ذكره في باب نعم.

الثالث إذا أخبر عنه بمصدر بدل من اللّفظ (٦) بفعله كـ «صبر جميل» أي صبري.

الرابع إذا أخبر عنه بصريح القسم نحو «في ذمّتي لأفعلنّ» أي يمين ـ ذكرهما (٧) في الكافية.

__________________

(١) لعدم صلاحية مسيئا أن يكون خبرا عن ضربي لأن الضرب ليس بمسيء وأنما المسيء هو العبد.

(٢) وهو إذا وإذ.

(٣) أي : أتم تبييني الحق حاصل إذا كان منوطا بالحكم.

(٤) أي : عن ذلك المبتدا فالكريم خبر لهو المقدر.

(٥) أي : هو زيد.

(٦) أي : من التلفّظ بفعله فأن الأصل صبرت صبرا جميلا فبدّل بصبري صبر جميل فحذف صبري للعلم به.

(٧) أي : الثالث والرابع.


وأخبروا باثنين أو بأكثرا

عن واحد كهم سراة شعرا

(وأخبروا باثنين) أي بخبرين (أو بأكثرا) من إثنين (عن) مبتدأ (واحد) سواء كان الاثنان في المعنى واحدا كـ «الرّمّان حلو حامض» أي مزّ (١) أم لم يكن (كهم سراة شعرا) ونحو :

من يك ذابتّ فهذا بتّي

مقيّظ مصيّف مشتّى (٢)

ويجوز الإخبار باثنين (٣) عن مبتدءين نحو «زيد وعمرو كاتب وشاعر».

ولمّا فرغ المصنف عن ذكر المبتدأ وما يتعلّق به شرع في نواسخه وهي ستّة :

__________________

(١) فحلو وحامض ، وإن كانا كلمتين ولكنهما في المعنى واحد لأن الطعمين إذا اجتمعا في طعام واحد يسمي مزّا بخلاف سراة وشعرا فأنهما بمعنيين.

(٢) فأخبر عن مبتدأ وهو هذا بأخبار ثلاثة.

(٣) فكلا الخبرين خبران عن المبتدا الأول كما أنهما خبران عن الثاني أيضا.


الأول ـ كان وأخواتها

ترفع كان المبتدا اسما والخبر

تنصبه ككان سيّدا عمر

(ترفع كان المبتدأ) حال كونه (اسما) لها (والخبر تنصبه) خبرا لها (ككان سيّدا عمر).

ككان ظلّ بات أضحي أصبحا

أمسي وصار ليس زال برحا

فتئ وانفكّ وهذي الأربعه

لشبه نفي أو لنفي متبعة

ككان) فيما ذكر (ضلّ) بمعنى أقام نهارا و (بات) بمعنى أقام ليلا و (أضحى) و (أصبحا) و (أمسى) بمعنى دخل في الضّحى والصّباح والمساء (وصار) بمعنى تحوّل و (ليس) وهو لنفي الحال ، وقيل مطلقا (١) و (زال) بمعنى انفصل ، والمراد بها الّتي مضارعها يزال لا الّتي مضارعها يزول أو يزيل وكذلك (برح ا) بمعنى زال ومنه البارحة (٢) للّيلة الماضية و (فتئ وانفكّ. وهذي الأربعة) الأخيرة شرط إعمالها أن تكون (لشبه نفى) وهو النّهى والدّعاء (٣) (أو لنفي متبعة).

__________________

(١) أي : للماضي والحال والاستقبال.

(٢) أي : من مادة برح فالبارحة اسم فاعل منه ومعناها الليلة الزائلة أي : الماضية.

(٣) مثال الأول لا تزل فاسقا والثاني نحو لا زلت مرزوقا وللنفي نحو ما زال زيد مهموما.


ومثل كان دام مسبوقا بما

كأعط ما دمت مصيبا درهما

(ومثل كان دام) بمعنى بقى واستمرّ لكن بشرط أن يكون (مسبوقا بما) المصدريّة الظّرفيّة (١) (كأعط ما دمت مصيبا درهما (٢) وقد يستعمل بعض هذه الأفعال بمعنى بعضها ، فتستعمل كان وظلّ وأضحى وأصبح وأمسى بمعنى صار نحو (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً)(٣)(٤) و (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا)(٥).

تتمة : ألحق بصار أفعال بمعناها ، وهى : آض ، ورجع ، وعاد ، واستخال ، وقعد ، وحار ، وجاء وارتدّ وتحوّل ، وغدا ، وراح ـ ذكرها في الكافية.

واعلم إنّ هذه الأفعال على أقسام : ماض له مضارع وأمر ومصدر ووصف (٦) وهو كان وصار وما بينهما ، وماض له مضارع دون أمر ووصف دون مصدر وهو زال وأخواته ، وماض لا مضارع له ولا أمر ولا مصدر ولا وصف وهو ليس ودام.

وغير ماض مثله قد عملا

إن كان غير الماضي منه استعملا

(وغير ماض مثله (٧) قد عملا) إن كان غير الماضي منه استعملا) نحو (لَمْ أَكُ بَغِيًّا)(٨) ، (قُلْ كُونُوا حِجارَةً)(٩) ، و

__________________

(١) الزمانية.

(٢) فما دمت فعل ناقص واسمه ومصيبا خبره.

(٣) أي : فصارت أبوابا وصار وجهه مسودا.

(٤) النباء ، الآية : ١٩.

(٥) النحل ، الآية : ٥٨.

(٦) أي : له وصف.

(٧) أي : مثل الماضي.

(٨) مريم ، الآية : ٢٠.

(٩) الإسراء ، الآية : ٥٠.


[ببذل وحلم ساد في قومه الفتى]

وكونك ايّاه [عليك يسير]

[وما كلّ من يبدى البشاشة] كائنا

اخاك [اذا لم تلفه لك منجدا]

[قضي الله يا أسماء ان] لست زائلا

أحبّك (١) [حتّي يغمض الجفن مغمض]

وفي جميعها توسّط الخبر

أجز وكلّ سبقه دام حظر

(وفي جميعها توسّط الخبر) بين الفعل والإسم (أجز) وخالف ابن معط في دام ، وردّ بقوله :

لا طيب للعيش ما دامت منغّضة

لذّاته [بادّكار الموت والهرم](٢)

وبعضهم (٣) في ليس وردّ بقوله :

[سلي إن جهلت النّاس عنّا وعنهم]

وليس سواء عالم وجهول (٤)

وقد يمنع من التّوسّط ـ بأن خيف اللّبس ، (٥) أو اقترن الخبر بإلّا (٦) أو كان الخبر مضافا إلى ضمير يعود إلى ملابس اسم كان (٧) وقد يجب (٨) بأن كان الاسم مضافا إلى ضمير يعود إلى ضمير يعود إلى ملابس الخبر (٩).

__________________

(١) مثال لزال وصفا و (لست) هو النفي الذي شرط عمل زال ومثال لليس أيضا لغير صيغة المفرد المذكر إشارة إلى أنّ «ليس» غير منحصر في المفرد المذكر بل يجري في جميع صيغ الماضي.

(٢) الشاهد في منغّضة فأنّها خبرو توسط بين الفعل (مادامت) واسمه وهو لذّاته.

(٣) أي : وخالف بعضهم في ليس.

(٤) الشاهد في سواء أنه خبر وتوسط بين الفعل وهو ليس و (اسمه) وهو عالم.

(٥) نحو ليس الكبري الحبلي أو نحو كان صديقي عدوّي.

(٦) نحو «ما كان صلواتهم عند البيت إلّا مكاءا».

(٧) نحو كان غلام هند مبغضها فلو قدم الخبر عاد الضمير إلى المتأخر.

(٨) أي : توسط الخبر.

(٩) نحو يعجبني أن يكون في الدار صاحبها ففي الدار خبر ولو تأخر عن الأسم وهو صاحبها عاد الضمير في صاحبها إلى المتأخر.


هذا (١) وتقديم الخبر على هذه الأفعال إلّا ما يذكر جائز (وكلّ) من النّحاة (سبقه (٢) دام حظر) أي منع لأنّها لا تخلو من وقوعها صلة لـ «ما» و «ما» لها صدر الكلام ومثلها (٣) كلّ فعل قارنه حرف مصدريّ وكذا قعد وجاء (٤) كما ذكره ابن النّحّاس.

كذاك سبق خبر ما النّافية

فجئ بها متلوّة لا تالية

(كذاك) منعوا (سبق خبر) بالتّنوين (٥) (ما النّافية) ، سواء كانت (٦) شرطا في عمل ذلك الفعل أم تكن (فجئ بها) (٧) (متلوّة) أي متبوعة (لا تالية) أي تابعة ، لأنّ لها صدرا ، فإن كان النّفي بغير «ما» (٨) جاز التقديم صرّح به في شرح الكافية.

ومنع سبق خبر ليس اصطفى

وذو تمام ما برفع يكتفي

(ومنع سبق خبر ليس اصطفى) أي أختير وفاقا للكوفيّين والمبرّد وابن السّرّاج وأكثر المتأخّرين قال في شرح الكافية قياسا على عسى فإنّها مثلها (٩) في عدم التّصرّف والاختلاف في فعليّتها ، وقد أجمعوا على امتناع تقديم خبرها (١٠) إنتهى. وفرّق

__________________

(١) أي : خذ ذا.

(٢) أي : سبق الخبر.

(٣) مثل دام كل فعل كذلك نحو يعجبني أن تكون عالما فلا يجوز أن يقال عالما أن تكون.

(٤) في عدم تقدم خبرها عليها.

(٥) أي : لا بإضافة خبر إلى ما فما النافية مفعول لسبق.

(٦) أي : ما النافية شرطا في عمل ذلك الفعل كالأربعة الأخيرة أم لم تكن كسائر الأفعال.

(٧) أي : بما النافية مقدمة لأن لها صدر الكلام.

(٨) نحو عالما غير صائر زيد.

(٩) أي : أن ليس مثل عيسى في أمرين : أحدهما أن كليهما غير متصرفين ، وثانيهما اختلاف النحاة في فعلّيتهما فذهب بعض إلى انهما حرفان حملا لليس على ما النافية وعسى على لعل.

(١٠) أي : خبر عسى فإذا كان ليس مثلها امتنع تقدّم خبرها أيضا.


ابنه (١) بينهما بأنّ عسى متضمّنة معنى «ما» له الصّدر وهو لعلّ ، بخلاف ليس. قلت : ليس أيضا متضمّنة معني «ما» له صدر الكلام وهو ما النّافية ، وذهب بعضهم إلى جواز التّقديم مستدلّا بتقديم معموله في قوله تعالى : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)(٢)(٣). وأجيب باتّساعهم في الظّرف (٤).

تتمة : من الخبر ما يجب تقديمه على الفعل كـ «كم كان مالك» (٥) وما يجب تأخيره عنه كـ «ما كان زيد إلّا في الدّار» (٦).

(وذو تمام) من هذه الأفعال (ما برفع يكتفي) عن المنصوب ، نحو (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ)(٧) ، أي حضر «ما شاء الله كان» أي وجد «ظلّ اليوم» أي دام ظلّه «بات فلان بالقوم» أى نزل بهم ليلا (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)(٨) ، أي حين تدخلون في المساء والصّباح ، (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ)(٩) ، أى ما بقيت.

وما سواه ناقص والنّقص في

فتئ ليس زال دائما قفي

(وما سواه) أي سوى المكتفي بالمرفوع (ناقص) يحتاج إلى المنصوب

__________________

(١) ابن المصنف.

(٢) فإن يوم معمول لليس ومقدم عليه.

(٣) هود ، الآية : ٨.

(٤) يعني أن الآية لا دلالة لها على المطلوب لأن يوم ظرف والظروف متسعة يغتفر فيها ما لا يغتفر في غيرها.

(٥) لأن الخبر وهو كم لازم الصدر.

(٦) لكون الخبر محصورا فيه ولو تقدم لتوهم عكس المراد.

(٧) البقرة ، الآية : ٢٨٠.

(٨) الروم ، الآية : ١٧.

(٩) هود ، الآية : ١٠٧.


(والنّقص في فتئ) و (ليس) و (زال) الّتي مضارعها يزال (دائما قفي) أي تبع وأمّا زال الّتي مضارعها يزول فإنّها تامّه نحو «زالت الشّمس».

ولا يلي العامل معمول الخبر

إلّا إذا ظرفا أتي أو حرف جرّ

(ولا يلي العامل) (١) بالنصب ، أي لا يقع بعده (معمول الخبر) سواء تقدّم الخبر على الاسم أم لا ، فلا يقال «كان طعامك زيد آكلا» خلافا للكوفيين ، (٢) ولا «كان طعامك آكلا زيد» خلافا لأبي علي (٣) فإن تقدّم الخبر على الاسم وعلى معموله نحو «كان آكلا طعامك زيد» فظاهر عبارة المصنف أنّه جائز ، لأنّ معمول الخبر لم يل العامل ، وبه صرّح ابن شقير مدّعيا فيه الاتّفاق ، وصرّح أيضا (٤) بجواز تقديم المعمول على نفس العامل (إلّا إذا ظرفا أتى) المعمول (أو حرف جرّ) فإنّه يجوز أن يلى العامل نحو «كان عندك زيد مقيما» و «كان فيك زيد راغبا».

ومضمر الشّان اسما انو إن وقع

موهم ما استبان أنّه امتنع

(ومضمر الشّأن اسما) (٥) للعامل (انو إن وقع) لك من كلام العرب (موهم) أي

__________________

(١) المراد بالعامل هنا الأفعال الناقصة أي لا يقع معمول خبرها بعدها بلا فصل.

(٢) فجوّزوا وقوع معمول الخبر بعد الفعل الناقص إذا كان الاسم مقدّما على الخبر.

(٣) حيث جوّز ذلك إذا تقدم الخبر على الاسم.

(٤) أي صرّح ابن شقير أيضا بجواز تقديم معمول الخبر على نفس العامل أي على نفس الأفعال الناقصة نحو كتابك كان كاتبا زيد ويفهم ذلك من عبارة المصنف أيضا.

(٥) أي : بعد ما علمت من أن معمول الخبر لا يلي الفعل الناقص فإذا رأيت جملة ظاهرها كذلك أي أن معمول الخبر واقع بعد الفعل الناقص فلا بد من تأويل وهو أن تقدّر ضميرا للشان ليكون اسما للفعل الناقص فعلي هذا يكون ذلك المعمول معمولا لخبر المبتدا وذلك الاسم المتوهم أنه اسم للفعل الناقص مبتداء


موقع في الوهم ، أي في الذهن (ما استبان) لك (١) (أنّه امتنع) وهو إيلاء العامل معمول الخبر ، وهو غير ظرف ولا مجرور كقوله :

[قنافذ هذّا جون حول بيوتهم]

بما كان إيّاهم عطيّة عوّدا

فاسم كان ضمير الشأن مستتر فيها وعطيّة مبتدأ خبره عوّدا وإيّاهم مفعول عوّدا والجملة خبر كان.

وقد تزاد كان في حشو كما

كان أصحّ علم من تقدّما

(وقد تزاد كان) بلفظ الماضي (في حشو) أي بين أثناء الكلام وشذّ زيادتها بلفظ المضارع نحو :

أنت تكون ماجد نبيل (٢)

[إذا تهبّ شمأل بليل]

واطّردت زيادتها بين «ما» وفعل التّجّب (كما كان أصحّ علم من تقدّما) وبين الموصول والصّلة كـ «جاء الّذي كان أكرمته» ، والصّفة والموصوف كـ «جاءني رجل كان كريم» ، والفعل ومرفوعه نحو «لم يوجد كان مثلك» والمبتدأ وخبره نحو «زيد كان قائم» وشذّ بين الجار ومجروره نحو :

[جياد بني أبي بكر تسامى]

على كان المسوّمة العراب

وغير كان لا يزاد ، وشذّ زيادة أمسى وأصبح كقولهم «ما أصبح أبردها» و «ما أمسى أدفاها» (٣).

__________________

فالمعمول معمول لخبر المبتدا لا لخبر الفعل الناقص وجملة المبتدا والخبر مع معموله خبر للفعل الناقص.

(١) بقوله ولا يلي العامل معمول الخبر.

(٢) فأنت مبتدا وماجد خبره وتكون زائدة.

(٣) ما في المثالين للتعجب ، وأبرد وأدفي فعل التعجب.


ويحذفونها ويبقون الخبر

وبعد إن ولو كثيرا ذا اشتهر

(ويحذفونها) (١) مع اسمها (ويبقون الخبر) وحده (وبعد إن ولو) الشّرطيّتين (كثيرا ذا) الحذف (٢) (اشتهر) كقوله : «المرء مجزيّ بعمله إن خيرا فخير» أي إن كان عمله خيرا وقوله :

لا يأمن الدّهر ذو بغى ولو ملكا

[جنوده ضاق عنها السّهل والجبل]

أى ولو كان الباغي ملكا ، وقلّ بعد غيرهما (٣) كقوله :

«من لد شولا فإلى إتلائها» أي من لدن كانت شولا.

وحذف كان مع خبرها وإبقاء الاسم ضعيف ، وعليه «إن خير فخير» بالرّفع ، أي إن كان في عمله خير.

وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب

كمثل أمّا أنت برّا فاقترب

(وبعد أن) المصدريّة (تعويض ما عنها) (٤) بعد حذفها (ارتكب كمثل أمّا أنت برّا فاقترب) الاصل لأن كنت برّا ، فحذفت اللّام للإختصار ثمّ كان له (٥) فانفصل الضّمير (٦) وزيدت ما للتعويض وأدغمت النون فيها للتّقارب (٧) ومثله :

أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر (٨)

[فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع]

__________________

(١) أي : كان.

(٢) أي : حذف كان واسمه.

(٣) أي : غير إن ولو.

(٤) عن كان بعد حذف كان.

(٥) أي : للاختصار.

(٦) ضمير كنت.

(٧) أي : لقرب مخرجي النون والميم.

(٨) فأصله لان كنت ذا نفر.


تتمة : تحذف كان مع اسمها وخبرها ويعوّض عنها ما بعد إن الشّرطية ، وذلك كقولهم «إفعل هذا إمّا لا» أي إن كنت لا تفعل غيره ـ ذكره في شرح الكافية.

ومن مضارع لكان منجزم

تحذف نون وهو حذف ما التزم

(ومن مضارع لكان) ناقصة أو تامّة (منجزم) بالسكون (١) لم يله ساكن ولا ضمير متّصل (تحذف نون) تخفيفا نحو (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)(٢) ، (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً)(٣) بخلاف غير المجزوم والمجزوم بالحذف (٤) والمتّصل بساكن (٥) أو ضمير (٦) (وهو (٧) حذف) بالتنوين (ما التزم) بل جائز.

__________________

(١) بأن لم تكن تثنية ولا جمعا مذكرا ولا مخاطبة فأن الجزم فيها بحذف النون.

(٢) مريم ، الآية : ٢٠.

(٣) النساء ، الآية : ٤٠.

(٤) أي : بحذف النونات المذكورة.

(٥) كلم يكن الذين.

(٦) نحو لم يكنه.

(٧) أي : حذف النون من كان.


الثاني من النواسخ

ما ولا ولات وإن المشبهات بليس

إعمال ليس أعملت ما دون إن

مع بقا النّفي وترتيب زكن

(إعمال ليس) وهو رفع الاسم ونصب الخبر (أعملت ما) النافية عند أهل الحجاز نحو (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ)(١)(٢) (دون زيادة (إن) النافية ، فإن وجدت (٣) فلا عمل لها نحو :

[بني غدانة] ما إن أنتم ذهب

[ولا صريف ولكن أنتم الخرف]

(مع بقا النّفي و) عدم انتقاضه بإلّا ، فإن انتقض بها وجب الرفع كقوله تعالى : (ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا)(٤) ، (و) مع (ترتيب زكن) أي علم ، وهو تقدّم الاسم على الخبر ، فلو تقدّم الخبر وهو غير ظرف ولا مجرور وجب الرّفع نحو «ما قائم زيد» ، وكذا إن كان ظرفا كما هو ظاهر إطلاقه هنا (٥) وفي التسهيل والعمدة وشرحهما ، وصرّح به (٦) في

__________________

(١) بكسر التاء لانتصاب الجمع المؤنث بالكسر.

(٢) المجادلة ، الآية : ٢.

(٣) أي : إن وجدت أن مع ما فلا عمل لما.

(٤) يس ، الآية : ١٥.

(٥) أي : المصنف لأنه شرط الترتيب من دون استثناء الظرف.

(٦) بلزوم الرفع مع تقديم الخبر وإن كان ظرفا.


الكافية وشرحها مخالفا به (١) لابن عصفور.

وسبق حرف جرّ أو ظرف كما

بي أنت معنيّا أجاز العلما

(وسبق) معمول خبرها على إسمها وهو غير ظرف ولا مجرور مبطل لعملها نحو «ما طعامك زيد آكل» فان تقدّم (٢) وهو (حرف جرّ أو ظرف كما بي أنت معنيّا أجاز) ذلك (العلما) لأنّ الظرف والمجرور يغتفر فيه ما لا يغتفر في غيره.

ورفع معطوف بلكن أو ببل

من بعد منصوب بما الزم حيث حلّ

(ورفع) اسم (معطوف بلكن أو ببل من بعد) خبر (منصوب بما الزم) ذلك الرفع (حيث حلّ) نحو «ما زيد قائما لكن قاعد» بالرفع ، خبر مبتدأ محذوف ، أي : لكن هو قاعد : لأنّ المعطوف بهذين موجب (٣) ولا تعمل «ما» إلّا في المنفيّ ، فإن كان معطوفا بغيرهما نصب.

وبعد ما وليس جرّ البا الخبر

وبعد لا ونفي كان قد يجرّ

(وبعد ما وليس جرّ) (٤) حرف (الباء) الزّائدة (الخبر) ، نحو (أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ)(٥) ، (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ)(٦) ولا فرق (٧) في ما بين الحجازيّة والتّميميّة كما قال

__________________

(١) أي : بقوله هذا.

(٢) أي : معمول الخبر على الاسم وكان المعمول حرف جرّ أو ظرفا.

(٣) فإن المعطوف ببل ولكن مخالف للمعطوف عليه نفيا وإثباتا وحيث إن المعطوف عليه هنا منفي بما فالمعطوف بهما موجب.

(٤) جرّ فعل ماض.

(٥) الزّمر ، الآية : ٣٧.

(٦) الانعام ، الآية : ١٣٢.

(٧) أي : في دخول الباء الزائدة على خبرها سواء كانت ما حجازية أي : عاملة أو تميميّة أي غير عاملة لأن المدار لدخول الباء هو النفي وهو موجود على كلا القولين.


في شرح الكافية لأنّ الباء إنّما دخلت لكون الخبر منفيّا لا لكونه منصوبا ، يدلّ على ذلك (١) دخولها في «لم أكن بقائم» وامتناع دخولها في نحو «كنت قائما».

فرع : يجوز في المعطوف على الخبر حينئذ (٢) الجرّ والنّصب.

(وبعد لا و) بعد (نفي كان قد يجرّ) الخبر بالباء ، نحو :

[وكن لي شفيعا يوم] لا ذو شفاعة

بمغن فتيلا عن سواد بن قارب

و:

[وإن مدّت الأيدي إلى الزّاد] لم أكن

بأعجلهم [إذ أجشع القوم أعجل]

قال ابن عصفور : وهو (٣) سماع فيهما.

في النّكرات أعملت كليس لا

وقد تلي لات وإن ذا العملا

(في النّكرات أعملت كليس لا) النافية بشرط بقاء النّفي والتّرتيب نحو :

تعزّ فلا شئ على الأرض باقيا

[ولا وزر ممّا قضى الله واقيا]

وأجاز في شرح التّسهيل كابن جنّي إعمالها في المعارف نحو :

[وحلّت سواد القلب] لا أنا باغيا

سواها [ولا عن حبّها متراخيا]

والغالب حذف خبرها نحو :

[من صدّ عن نيرانها]

فأنا ابن قيس لا براح (٤)

__________________

(١) أي : على أن الباء أنما تدخل على الخبر المنفي دخولها على خبر لم أكن لكونه منفيا وعدم دخولها على خبر كنت لكونه موجبا ولو كان لأجل النصب لدخلت على خبر كان.

(٢) أي : حين دخول الباء الزائدة على الخبر جرّ المعطوف حملا على لفظ الخبر ونصبه حملا على محلّه فالأوّل نحو ليس زيد بقائم ولا قاعد والثاني ما زيد بقائم ولا قاعدا.

(٣) أي : جرّ خبر لا وكان المنفية ليس بقياس بل منحصر على السماع في البيتين.

(٤) أي : لا براح لي فحذف الخبر وهو لى.


(وقد تلى) أي تتولّى (١) (لات) وهي لا زيدت عليها التاء لتأنيث الكلمة (٢) على المشهور (وإن) بالكسر والسكون النافية (ذا العملا) أي عمل ليس نحو «ولات حين مناص».

إن هو مستوليا على أحد

[إلا على أضعف المجانين]

وما للات في سوي حين عمل

وحذف ذي الرّفع فشا والعكس قلّ

(وما للات في سوى حين) و «ما» رادفه (٣) كالسّاعة والأوان (عمل) لضعفها (٤) (وحذف ذي الرّفع) وهو الاسم وإبقاء الخبر (فشا) كما تقدّم (٥) (والعكس) وهو حذف الخبر وإبقاء الاسم (قلّ) وقرىء شذوذا «ولات حين مناص» (٦) أي لهم ، ولا يجوز ذكرهما (٧) معا لضعفها.

__________________

(١) يقال فلان يلى أمر الصغار أي يتصدي لأمرهم فمعني تلي هنا ليس وقوع شىء بعد شىء كما مر علينا مرارا في هذا الكتاب بل بمعني التولي والتصدي أي تتصدي لات وإن عمل ليس يعني تعملان عملها.

(٢) أي : الكلمة التي بعدها وهي اسمها فأن الاسم كلمة.

(٣) من الظروف الزمانية المبهمة.

(٤) أي : ضعف لات في العمل.

(٥) في ولات حين مناص.

(٦) برفع حين على أن يكون اسما للات ولهم خبرها.

(٧) أى : اسمها وخبرها لضعف لات في العمل فى معمولين.


الثالث من النواسخ

أفعال المقاربة

وفي تسميتها بذلك (١) تغليب ، إذ منها ما هو للشّروع وما هو للرّجاء.

ككان كاد وعسي لكن ندر

غير مضارع لهذين خبر

(ككان) فيما تقدّم (٢) من العمل (كاد) لمقاربة حصول الخبر (وعسى) لترجّيه (لكن ندر) أن يجئ (غير مضارع لهذين خبر) والمراد به (٣) الاسم المفرد كما صرّح به في شرح الكافية كقوله :

[أكثرت في العذل ملحّا دائما

لا تكثرن] إنيّ عسيت صائما

[فأبت إلى فهم] وما كدت آئبا

[وكم مثلها فارقتها وهى تصفرّ]

والكثير مجيئه مضارعا.

__________________

(١) أي : تسمية هذه الأفعال بأفعال المقاربة مع أن جميعها ليس للقرب بل بعضها للشروع وبعضها للرجاء أنما هي من باب التغليب أي تغليب ما هو للمقاربة على ما هو للشروع والرجاء.

(٢) من رفع الاسم ونصب الخبر.

(٣) بغير مضارع.


وكونه بدون أن بعد عسى

نزر وكاد الأمر فيه عكسا

(وكونه (١) بدون أن بعد عسى نزر) نحو :

عسى الكرب الّذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

والكثير فيه (٢) اتّصاله بها نحو (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ)(٣) (و) خبر (كاد الأمر فيه عكسا) فالكثير تجرّده عن «أن» نحو (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ)(٤) ويقلّ اتّصاله بها نحو :

[رسم عفي من بعد ما قد انمحى]

قد كاد من طول البلى أن يمصحا

وكعسى حرى ولكن جعلا

خبرها حتما بأن متّصلا

(وكعسى) في كونها للتّرجّي (حرى) بالحاء المهملة (ولكن) اختصّت بأن (جعلا خبرها حتما بأن متّصلا) فلم يجرّد عنها لا في الشعر ولا في غيره نحو «حرى زيد أن يقوم».

وألزموا اخلولق أن مثل حرى

وبعد أوشك انتفا أن نزرا

(وألزموا) خبر (اخلولق أن) لكونها (مثل حرى) في التّرجّي نحو «اخلولقت السّماء أن تمطر» (وبعد أوشك) كثير اتّصال الخبر بأن نحو :

ولو سئل النّاس التّراب لأوشكوا

إذا قيل هاتوا أن يملّوا ويمنعوا

و (انتفاء أن) من خبرها (نزرا) نحو :

يوشك من فرّ من منيّته

في بعض غرّاته يوافقها

__________________

(١) المضارع.

(٢) في خبر عسى اتصاله بأن.

(٣) الإسراء ، الآية : ٨.

(٤) البقرة ، الآية : ٧١.


ومثل كاد في الأصح كربا

وترك أن مع ذي الشّروع وجبا

كأنشأ السّائق يحدو وطفق

كذا جعلت وأخذت وعلق

(ومثل كاد في الأصحّ كربا) بفتح الرّاء فالكثير تجرّد خبرها عن «أن» نحو :

كرب القلب من جواه يذوب

[حين قال الوشاة هند غضوب]

واتّصاله بها قليل نحو :

[سقاها ذو والأحلام سجلا على الظّما]

وقد كربت أعناقها أن تقطّها

وقيل لا تتّصل به أصلا.

(وترك أن مع ذي الشّروع وجبا) لأنّه (١) دالّ على الحال وأن للاستقبال (كأنشأ السّائق يحدو) أي يغنّي للإبل (وطفق) زيد يدعو ويقال طبق بالباء (كذا جعلت) أنظم (وأخذت) أتكلّم (وعلق) زيد يفعل ، وزاد في التسهيل «هبّ». قال في شرحه وهو غريب (٢) كـ «هبّ عمرو يصلّي».

واستعملوا مضارعا لأوشكا

وكاد لا غير وزادوا موشكا

(واستعملوا مضارعا لأوشكا وكاد لا غير) نحو :

يوشك من فرّ من منيّته

في بعض غرّاته يوافقها

(يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ)(٣) (وزادوا) لأوشكا إسم فاعل فقالوا : (موشكا) نحو :

فموشكة أرضنا أن تعود

[خلاف الأنيس وحوشا يبابا]

وحكى في شرح الكافية استعمال اسم الفاعل من كاد والجوهريّ مضارع طفق ،

__________________

(١) أي : ذو الشروع دالّ على الحال لأن ذلك معني الشروع.

(٢) أي : كون هب من أفعال المقاربة ذي الشروع غريب في اللغة.

(٣) النور ، الآية : ٣٥.


قال في شرح التّسهيل : ولم أره لغيره (١) وجماعة (٢) اسم فاعل كرب ، والكسائي مضارع جعل ، والأخفش (٣) مضارع طفق والمصدر منه ومن كاد.

بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد

غني بأن يفعل عن ثان فقد

(بعد عسى) و (اخلولق) و (أوشك قد يرد غنى (٤) بأن يفعل عن ثان فقد) وهو الخبر (٥) نحو «عسى أن يقوم» ، فأن والفعل في موضع رفع بعسى سدّ مسدّ الجزئين كما سدّ مسدّ هما (٦) في قوله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا)(٧). هذا (٨) ما اختاره المصنف من جعل هذه الأفعال ناقصة أبدا وذهب جماعة إلى أنّها حينئذ (٩) تامّة مكتفية بالمرفوع.

__________________

(١) أي : لم أر مضارع طفق لغير الجوهري أي لم اسمع من غيره.

(٢) أي : زاد جماعة.

(٣) أي : زاد الأخفش مضارع طفق والمصدر منه أيضا أي طفوقا والمصدر من كاد وهو الكود أو المكاد.

(٤) أي : بعد ما عملت من أنه لا بد لهذه الأفعال من اسم وخبر لكونها من نواسخ المبتدا والخبر فقد يتّفق أن يقوم اسم مؤوّل مقام الاسم والخبر والاسم المؤول هو أن والفعل بعدها لأنّ أن ومدخولها في تأويل المصدر.

(٥) فأن والفعل بعدها اسم لهذة الأفعال ومغن عن الخبر.

(٦) أي : مسدّ الجزئين في الآية فأن «حسب» من أفعال القلوب وينصب مفعولين وله في الآية مفعول واحد وهو أن يتركو فأن ومدخولها سد مسد المفعولين.

(٧) العنكبوت ، الآية : ٢.

(٨) أي : كون أن يفعل سادا مسد الجزئين مبني على مذهب المصنف من كون هذه الأفعال ناقصة أبدا ولا تكون تامة وأما على قول جماعة من أنها حين فقد خبرها تامة فلا يكون أن يفعل واقعا مقام جزئين لأن الفعل التام يكفيه مرفوع واحد.

(٩) أي : أن هذه الأفعال حين فقد الاسم الثاني منها تامة لا تحتاج إلى الثاني ليكون أن يفعل مغنيا عنه.


وجرّدن عسى أو ارفع مضمرا

بها إذا اسم قبلها قد ذكرا

(وجرّدن) من الضّمير (عسى) واخلولق وأوشك (أو ارفع مضمرا بها إذا اسم قبلها قد ذكرا) فقل على التّجريد ـ وهو لغة أهل الحجاز ـ : «الزيدان عسى أن يقوما» و «الزّيدون عسى أن يقوموا» وعلى الإضمار «الزّيدان عسيا أن يقوما» و «الزّيدون عسوا أن يقوموا».

والفتح والكسر أجز في السّين من

نحو عسيت وانتفا الفتح زكن

(والفتح والكسر أجز في السّين من) عسى إذا اتّصل بها تاء الضّمير أو نونه أو نا (نحو عسيت) عسين عسينا (وانتقاء الفتح) بالقاف ، أي اختياره (زكن) أي علم إمّا من تقديمه (١) الفتح على الكسر وإمّا من خارج لشهرته ، وبه قرأ (٢) القرّاء إلّا نافعا.

__________________

(١) أي : علم إما من تقديم المصنف الفتح على الكسر بقوله والفتح والكسر وإما مراده أن ذلك يعلم من الخارج.

(٢) أي : بالفتح إلّا نافعا فقرء بكسر سين عسيت في قوله تعإلى فهل عسيتم.


الرابع من النواسخ

إنّ وأخواتها

وهي الحروف المشبّهة بالفعل في كونها رافعة وناصبة (١) وفي اختصاصها بالأسماء ، وفي دخولها على المبتدأ والخبر وفي بنائها على الفتح وفي كونها ثلاثية ورباعيّة وخماسيّة كعدد الأفعال.

لإنّ أنّ ليت لكنّ لعلّ

كأنّ عكس ما لكان من عمل

كإنّ زيدا عالم بأنّى

كفؤ ولكنّ ابنه ذو ضغن

(لإنّ) و (أنّ) إذا كانتا للتّأكيد والتّحقيق (٢) و (ليت) للتّمنّي و (لكنّ) للإستدراك (٣) و (لعلّ) للتّرجّي و (كأنّ) للتّشبيه (عكس ما لكان من عمل) ثابت ، أي نصب الإسم ورفع الخبر (كإنّ زيدا عالم بأنّي كفؤ ولكن ابنه ذو ضغن) أي حقد.

__________________

(١) كما أن الفعل يرفع الفاعل وينصب المفعول وكما أن الفعل يدخل على الاسم وهو الفاعل وأن بعض الأفعال كالناقصة والمقاربة والقلوب يدخل على المبتدا والخبر وكما أن فعل الماضي مبني على الفتح وكما أن عدد حروفها مشابه لعدد حروف أكثر الأفعال فأنها ثلاثية كان ورباعية كلعل وخماسية كلكن كما أن ضرب ودحرج واكتسب كذلك.

(٢) أي : التثبيت لا ما إذا كانت المكسورة للجواب بمعني نعم والمفتوحة فعلا ماضيا من الأنين.

(٣) استدراك الكلام أن يعقب المتكلم كلامه بما يكمله ويرفع نقصه.


وراع ذا التّرتيب إلّا في الّذي

كليت فيها أو هنا غير البذي

(وراع) وجوبا (ذا التّرتيب) وهو تقدّم الاسم على الخبر لأنّها غير متصرّفة (١) (إلّا في) الخبر (الّذى) هو ظرف أو مجرور فيجوز لك أن تقدّمه (كليت فيها) مستحيا (أو) لعلّ (هنا غير البذى) أي الّذي بذى (٢) بمعنى فحش ، وقد يجب تقديمه (٣) في نحو «إنّ في الدّار صاحبها».

وهمز إنّ افتح لسدّ مصدر

مسدّها وفي سوى ذاك اكسر

(وهمز إنّ افتح) وجوبا (لسدّ مصدر مسدّها) (٤) بأن تقع فاعلا أو نائبا عنه أو مفعولا (٥) غير محكية (٦) أو مبتدأ (٧) أو خبرا (٨) عن اسم معنى (٩) غير قول أو

__________________

(١) أي : لا تتغيّر صيغها عما هي عليه فلا تثني ولا تجمع ولا تؤنث وغير المتصرّف ضعيف في العمل.

(٢) (بذى) فعل ماض.

(٣) إذ لو لم يتقدم لعاد الضمير إلى المتأخر.

(٤) أي : لوقوع مصدر محل انّ يعني إذا طلب ما قبلها مفردا كما إذا كان قبلها فعل وطلب الفاعل أو نائب الفاعل أو طلب الفعل قبلها مفعولا غير محكى أي ليس مفعولا للقول بأن لم يكن الفعل السابق من مادة القول والحاصل كلما وقع ان مع مدخولها موقع المفرد يلزم أن تكون مفتوحة لأنّ المفتوحة مع اسمها وخبرها مؤولة بالمصدر وهو مفرد بخلاف المكسورة.

(٥) مثال الأول نحو أعجبنى أنك تقوم والثانى نحو (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ) (الجن ، الآية : ١) والثالث نحو أردت أنك تقوم وتقدير الأول أعجبنى قيامك والثاني إلّى استماع نفر والثالث أردت قيامك.

(٦) لأن المحكيّة بالقول تكسر أبدا مثال المحكيّة قال زيدان الشمس طالعة.

(٧) نحو ومن آياته أنك تري الأرض خاشعة فمن آياته خبر مقدّم وأنك تري الارض مبتدا مؤخر فالتقدير رؤيتك الأرض خاشعة من آياتنا.

(٨) أي : تفتح أيضا إذا كانت خبرا عن مصدر نحو عون ولدك أنك تربيّه إلا أن يكون المصدر المبتدا قولا نحو قول زيد إني عالم فتكسر كما سيأتي وأما إذا كانت خبرا عن اسم ذات فيأتي أنّها تكسر حينئذ.

(٩) أي : مصدر.


مجرورة (١) أو تابعة لشيء من ذلك (٢) (وفي سوي ذاك اكسر) (٣) وجوبا ، وقد أفصح (٤) عن ذلك السّوى بقوله :

فاكسر في الابتدا وفي بدء صله

وحيث إنّ ليمين مكمله

أو حكيت بالقول أو حلّت محلّ

حال كزرته وإنّي ذو أمل

(فاكسر) «إنّ» إذا وقعت (في الابتدا) (٥) ك (إِنَّا أَنْزَلْناهُ)(٦) «إجلس حيث إنّ زيدا جالس» ، «جئتك إذا إنّ زيدا أمير» (و) إذا وقعت (في بدء صلة) أي أوّلها نحو (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ)(٧) فإن لم تقع في الأوّل لم تكسر نحو «جاءني الّذي في ظنّي أنّه فاضل» (٨) (وحيث) وقعت (إنّ ليمين مكملة) (٩) اكسرها نحو (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ)(١٠). (أو حكيت) هي وما بعدها (بالقول) نحو (وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ)(١١) فإن

__________________

(١) نحو علمت بأنك جالس أي علمت بجلوسك.

(٢) أي : إذا كانت أنّ ومدخلها تابعة للفاعل وما ذكر بعده بأن تكون صفة لشيء منها نحو جاءني رجل أنه قائم أو عطفا عليها نحو يجب علينا الصوم وأننّا نصلّي.

(٣) أي : في غير موارد سد المصدر مسدها يجب كسرها.

(٤) أي : اوضح المصنف سوي ذلك ولم يتركها مجملة.

(٥) وقوع أن في الابتداء له معنيان وكلا المعنيين هنا مراد أحدهما أن تقع في ابتداء الكلام ومثل له بأنا أنزلنا وثانيهما أن تقع موقعا لا يصح وقوع غير المبتدا هناك كما إذا وقع بعد حيث أو إذا الفجائية فأنهما لا يدخلان إلّا على الجملة الاسميّة.

(٦) القدر ، الآية : ١.

(٧) القصص ، الآية : ٧٤.

(٨) فإن الصلة تبدأ من في ظنّي وأن في وسط الصلة.

(٩) يعني إذا وقعت في جملة لا يتم القسم إلّا بها ففي الآية الممثّل بها أو نحو (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر ، الآية : ١ و ٢) دخلت على جملة أقسم الله سبحانه لأجلها فهي مكملة للقسم.

(١٠) الدّخان ، الآية : ١ و ٢.

(١١) المائدة ، الآية : ١٢.


وقعت بعده ولم تحك (١) لم تكسر (أو حلّت محلّ حال كزرته وإنّي ذو أمل) أي مؤمّلا.

وكسروا من بعد فعل علّقا

باللّام كاعلم إنّه لذو تقى

بعد إذا فجائة أو قسم

لا لام بعده بوجهين نمى

(وكسروا) إنّ إذا وقعت (من بعد فعل) قلبيّ (علّقا باللّام) المعلّقة (كاعلم إنّه لذو تقى) وكذا إذا وقعت صفة نحو «مررت برجل إنّه فاضل» (٢) أو خبرا عن اسم ذات نحو «زيد إنّه فاضل» فإن وقعت (بعد إذا فجاءة (٣) أو) بعد (قسم لا لام بعده) فالحكم (بوجهين نمى) نحو «خرجت فإذا انّك قائم» ، فيجوز كسرها على أنّها واقعة موقع الجملة وفتحها على أنّها مؤوّلة بالمصدر (٤) وكذلك (٥) «حلفت إنّك كريم».

مع تلو فالجزا وذا يطّرد

في نحو خير القول إنّي أحمد

(مع) كونها (تلوفا الجزاء) نحو (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٦)(٧) يجوز كسرها (٨)

__________________

(١) نحو أخصك بالقول أنك فاضل فإنها وإن وقعت بعد القول إلا أنها ليست محكية بالقول إذا المراد أتكلم معك فقط لا مع غيرك لأنك رجل فاضل تليق بذلك وليس المراد أني أقول إنك فاضل وإنما فتحت في المثال لكونها مجرورة محلا باللام.

(٢) قوله هذا ينافي قوله أنفا من أنها تفتح إذا كانت تابعة لما ذكر فان من جملتها المجرور.

(٣) مع أنه مثل للزوم الكسر في الابتداء بما إذا وقعت بعد إذا الفجائية فتأمّل.

(٤) والتقدير خرجت فإذا قيامك حاصل فانّ ومدخولها في التقدير مبتداء محذوف الخبر.

(٥) أي : يجوز الكسر على أنها واقعة موقع الجملة وجواب للقسم والفتح على جعلها مفعولا لحلفت بالواسطة والتقدير حلفت على أنك كريم.

(٦) فانها جواب لمن الشرطية.

(٧) الانعام ، الآية : ٥٤.

(٨) جزاء الشرط جملة دائما ففي صورة الكسر جملة في اللفظ وفي صورة الفتح جملة في التقدير كما ذكره الشارح.


على معنى فهو غفور رحيم وفتحها على معنى فالمغفرة حاصلة.

(وذا) أي جواز الكسر والفتح (يطّرد فى) كل موضع (١) وقعت فيه «أنّ» خبرا عن قول وخبرها قول وفاعل القولين واحد (نحو خير القول إنّي أحمد) الله ، فالكسر على الإخبار بالجملة (٢) والفتح على تقدير خير القول حمد الله وكذلك يجوز الوجهان إذا وقعت موضع التّعليل (٣) نحو (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)(٤).

وبعد ذات الكسر تصحب الخبر

لام ابتداء نحو إنّي لوزر

(وبعد) إنّ (ذات الكسر تصحب الخبر) جوازا (لام ابتداء) أخّرت إلى الخبر (٥) لأنّ القصد بها (٦) التأكيد وإنّ للتّأكيد فكرهوا الجمع بينهما (نحو إنّي لوزر) أي لمعين و «إنّ زيدا لأبوه فاضل» (٧).

ولا يلي ذا اللّام ما قد نفيا

ولا من الأفعال ما كرضيا

(ولا يلي ذا اللّام ما قد نفيا) (٨) وشذّ قوله :

__________________

(١) ففي المثال خير القول مبتداء والمبتدا حقيقة هو القول لأن خير بعض القول وإني أحمد خبر فكان إنّ خبرا عن قول وخبر إن أيضا قول لأن الحمد من جملة الأقوال وفاعل القولين واحد وهو المتكلم فكأنه قال خير قولي حمدي الله.

(٢) أي : على أن يكون خبر خير القول جملة وعلى الكسر خبره مفرد مضاف.

(٣) ففي الآية علة إننا ندعو الله إنه برّ رحيم.

(٤) الانعام ، الآية : ٥٤.

(٤) أي : مع أن لام الابتداء ينبغي أن تدخل على الاسم لأنه المبتدا حقيقة تأخرت إلى الخبر لأن لا تجتمع أداتان للتأكيد.

(٥) أي : باللام.

(٦) مثل بمثالين للإشارة إلى أن لام الابتدا كما تدخل على الخبر المفرد كذلك تدخل على الخبر إذا كان جملة أيضا كما في المثال الثاني.

(٧) أي : الخبر المنفى.


واعلم أنّ تسليما وتركا

للا متشابهان ولا سواء

(ولا) يليها (من الأفعال ما) كان ماضيا متصرّفا عاريا من قد (كرضيا) ويليها إن كان غير ماض نحو «إنّ زيدا ليرضى» أو ماضيا غير متصرّف نحو «إنّ زيدا لعسى أن يقوم».

وقد يليها مع قد كإنّ ذا

لقد سما على العدى مستحوذا

(وقد يليها) الماضي المتصرّف (مع) كون (قد) قبله (كإنّ ذا لقد سما على العدى مستحوذا) أي مستوليا.

وتصحب الواسط معمول الخبر

والفصل واسما حلّ قبله الخبر

(وتصحب) اللّام (الواسط) (١) بين الاسم والخبر (معمول الخبر) إذا كان الخبر صالحا لدخول اللّام نحو «إنّ زيدا لطعامك آكل» ولا تدخل على المعمول إذا تأخّر ـ كما أفهمه كلام المصنّف ـ (٢) ولا على الخبر إذا دخلت على المعمول المتوسّط (٣).

(و) تصحب ضمير (الفصل) نحو (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ)(٤) وسمّي به (٥) لكونه فاصلا بين الصّفة والخبر.

(و) تصحب (اسما حلّ قبله الخبر) (٦) أو معموله وهو (٧) ظرف أو مجرور نحو

__________________

(١) أي : كما أنّ اللام تدخل على خبر «أنّ» كذلك تدخل على معمول الخبر إذا كان المعمول واقعا بين الاسم والخبر بشرط أن يكون الخبر في تلك الجملة صالحا لدخول اللام بأن لا يكون ماضيا متصرفا عاريا من قد مثلا أو منفيا.

(٢) لقوله الواسط.

(٣) فلا يقال إن زيدا لغلامك لضارب.

(٤) آل عمران ، الآية : ٦٢.

(٥) أي : سمي بالفصل لكونه فاصلا أي مفرقا بين الصفة والخبر إذ لولاه لأشتبه الخبر بالصفة.

(٦) أي : تصحب اللام اسم إن إذا تقدم الخبر على الاسم أو تقدم معمول الخبر على الاسم.

(٧) والحال أن الخبر المتقدم ظرف أو مجرور أي شرط دخول اللام وكذا الحال في المعمول كما في المثال.


(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى)(١) و «إنّ فيك لزيد راغب».

تتمة : لا تدخل اللّام على غير ما ذكر (٢) وسمع في مواضع خرّجت (٣) علىّ زيادتها نحو :

أمّ الحليس لعجوز شهربة (٤)

[ترضى من اللّحم بعظم الرّقبة]

[يلومونني في حبّ ليلى عواذل]

ولكنّني من حبّها لعميد (٥)

قال ابن النّاظم : وأحسن ما زيدت فيه قوله :

إنّ الخلافة بعدهم لذميمة

وخلائف ظرف لممّا أحقر

أي لتقدّم إنّ في احد الجزئين (٦).

ووصل ما بذي الحروف مبطل

إعمالها وقد يبقّي العمل

(ووصل ما) الزائدة (بذي الحروف) المذكورة في أوّل الباب (٧) إلّا ليت (مبطل إعمالها) لزوال اختصاصها (٨) بالأسماء كقوله تعالى : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ)(٩) (وقد

__________________

(١) اللّيل ، الآية : ١٢.

(٢) أي : غير خبر إنّ ومعموله الواسط واسمها إذا حلّ قبله الخبر.

(٣) أي : أولت على أنها زائدة وليست بلام الابتداء.

(٤) دخلت على خبر المبتدا.

(٥) دخلت على خبر لكن.

(٦) أي : أحد جزئي الشعر وهو الجزء الأول فإن اللام زيدت في الجزء الثاني من البيت على خبر المبتدا فمن حيث إنها دخلت على غير خبر «إنّ» فهي زائدة ومن حيث ذكر «إنّ» في الجزء الأول وهو أن الخلافة فذكر اللام حسن ومناسب.

(٧) أي : الحروف المشبهة بالفعل.

(٨) أي : الحروف المشبهة وذلك لأن من جملة أسباب إعمالها كونها مختصا بالاسم كالفعل فإذا وصلت بما فقد دخلت على الحرف فزال ذلك الاختصاص.

(٩) النساء ، الآية : ١٧١.


يبقّي العمل) في الجميع حكى الأخفش «إنّما زيدا قائم» وقس عليه البواقي هكذا قال النّاظم (١) تبعا لابن السّرّاج والزّجّاج وأمّا ليت فيجوز فيها الإعمال والإهمال ، قال في شرح التسهيل : بإجماع وروي بالوجهين (٢) :

قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا

[إلى حمامتنا أو نصفه فقد]

قال في شرح الكافية : ورفعه أقيس (٣).

وجائز رفعك معطوفا على

منصوب إنّ بعد أن تستكملا

(وجائز رفعك معطوفا على منصوب إنّ بعد أن تستكملا) الخبر (٤) نحو «إنّ زيدا قائم وعمرو» بالعطف على محلّ اسم إنّ (٥) وقيل على محلّها مع إسمها (٦) وقيل هو مبتدأ حذف خبره (٧) لدلالة خبر إنّ عليه (٨) ولا يجوز العطف بالرفع قبل استكمال الخبر ، وأجازه (٩) الكسائيّ مطلقا (١٠) والفرّاء بشرط خفاء إعراب الإسم. (١١) ثمّ الأصل : (١٢) العطف بالنّصب كقوله :

__________________

(١) أي : المصنف في شرح التسهيل.

(٢) أي : بنصب الحمام ورفعه.

(٣) أي : اوفق بالقواعد.

(٤) أي : بعد أن تستكمل إن خبرها فالخبر مفعول تستكمل والفاعل إنّ.

(٥) فإن محله مرفوع لكونه مبتداء في الأصل وعلى هذا الوجه فالمعطوف مشمول لتأكيد إن لكون العطف على مدخولها فيشملها حكمها المعنوي وهو التوكيد ، وإن لم يشملها الحكم اللفظي وهو النصب.

(٦) فلا يكون المعطوف على هذا الوجه مؤكدا بإنّ.

(٧) فيكون من باب عطف الجملة على الجملة.

(٨) أي : على خبره.

(٩) أي : العطف بالرفع قبل الاستكمال.

(١٠) أي : سواء كان إعراب الاسم خفيّا أم ظاهرا مثال الظاهر ظاهر ومثال الخفيّ يأتي في التعليقة التالية.

(١١) بأن يكون مبنيا أو مقدر الإعراب فالاول نحو إنك وزيد ذاهبان والثاني نحو إن موسى وزيد عالمان.

(١٢) أى : القاعدة الأصلية في المعطوف على اسم إنّ النصب وما ذكر من جواز الرفع خلاف الأصل.


إنّ الرّبيع الجود والخريفا

يدا أبي العبّاس والصّيوفا (١)

وألحقت بإنّ لكنّ وأنّ

من دون ليت ولعلّ وكأنّ

(وألحقت بإنّ) المكسورة فيما ذكر (٢) (لكنّ) باتّفاق (وأنّ) المفتوحة على الصّحيح بشرط تقدّم علم عليها. كقوله :

وإلّا فاعلموا أنا وأنتم (٣)

بغاة ما بقينا في شقاق

أو معناه (٤) نحو (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ)(٥) إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ (٦). (من دون ليت ولعلّ وكأنّ) فلا يعطف على اسمها إلّا بالنّصب ، ولا يجوز الرّفع لا قبل الخبر ولا بعده وأجازه (٧) الفرّاء بعده.

وخفّفت إنّ فقلّ العمل

وتلزم اللّام إذا ما تهمل

(وخفّفت إنّ) المكسورة (فقلّ العمل) وكثر الإلغاء لزوال اختصاصها بالأسماء (٨) وقرئ بالعمل والإلغاء (٩) قوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ)(١٠) (وتلزم

__________________

(١) فنصب الصيوف عطفا على الربيع اسم إن بعد استكمال الخبر وهو يدا أبي العباس.

(٢) وهو العطف على اسمها بالرفع بعد استكمال الخبر.

(٣) فأنتم ضمير رفع معطوف على اسم أن المفتوحة.

(٤) أي : معنا العلم فأن الأذان في الآية بمعني الإعلام وهو من العلم.

(٥) فرفع رسوله وهو عطف على اسم أن المفتوحة وهو الله.

(٦) التوبة ، الآية : ٣.

(٧) أي : الرفع.

(٨) فإنها إذا خففت دخلت على الفعل أيضا.

(٩) أي : برفع كل.

(١٠) هود ، الآية : ١١١.


اللّام) أي لام الإبتداء في خبرها (إذا ما تهمل) لئلّا يتوهّم كونها (١) نافية فإن لم تهمل لم تلزم اللّام.

وربّما استغنى عنها إن بدا

ما ناطق أراده معتمدا

(وربّما استغنى (٢) عنها) أي عن اللّام إذا أهملت (إن بدا) أي ظهر (ما ناطق أراده معتمدا) عليه كقوله :

[أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك]

وإن مالك كانت كرام المعادن

فلم يأت باللّام لأمن الإلتباس بالنّافية (٣).

والفعل إن لم يك ناسخا فلا

تلفيه غالبا بإن ذي موصلا

(والفعل إن لم يك ناسخا فلا تلفيه) أي لم تجده (غالبا بإن ذى) المخفّفة (موصلا) بخلاف ما إذا كان ناسخا فيوصل بها. قال في شرح التسهيل : والغالب كونه (٤) بلفظ الماضي نحو (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً)(٥) وقلّ وصلها بالمضارع نحو (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٦) وكذا (٧) بغير النّاسخ نحو :

شلّت يمينك إن قتلت لمسلما

حلّت عليك عقوبة المتعمّد

__________________

(١) أي : أنها إن النافية.

(٢) وذلك لأن الحاجة اليها لمكان الاشتباه بينها وبين ان النافية فإذا زالت الشبهة لظهور مراد المتكلم والاعتماد عليه زالت الحاجة.

(٣) للعلم بأن الشاعر في مقام إثبات كرم المعدن لقبيلة مالك لا نفيه لكونه في مقام المدح.

(٤) أي : الغالب في الفعل الناسخ الذي تدخله إن المخففة كون ذلك الفعل ماضيا.

(٥) البقرة ، الآية : ١٤٣.

(٦) القلم ، الآية : ٥١.

(٧) أي : كذا قل لحوقها بالفعل غير الناسخ.


وإن تخفّف أنّ فاسمها استكن

والخبر اجعل جملة من بعد أن

(وإن تخفّف أنّ) المفتوحة (فاسمها) ضمير الشّأن (استكن) أي حذف ولا يبطل عملها بخلاف المسكورة لأنّها (١) أشبه بالفعل منها ـ قاله في شرح الكافية (والخبر اجعل جملة من بعد أن) كقوله :

[في فتية كسيوف الهند قد علموا]

أن هالك كلّ من يحفي وينتعل (٢)

وقد يظهر اسمها فلا يجب أن يكون الخبر جملة كقوله :

بأنك ربيع وغيث مريع

[وانك هناك تكون الثّمالا]

وإن يكن فعلا ولم يكن دعا

ولم يكن تصريفه ممتنعا

فالأحسن الفصل بقد أو نفي أو

تنفيس أو لو وقليل ذكر لو

(وإن يكن) الخبر (٣) (فعلا ولم يكن دعا ولم يكن تصريفه ممتنعا فالأحسن الفصل) بينهما (٤) (بقد) نحو (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا)(٥) (أو) حرف (نفى) نحو (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً)(٦) (أو) حرف (تنفيس) (٧) نحو : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ)(٨) (أو لو) نحو (أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ)(٩) (وقليل ذكر لو) في كتب النّحو في

__________________

(١) أي : المفتوحة أشبه بالفعل من المكسورة لفتح أولها كالفعل الماضي.

(٢) فها لك مبتداء وكل خبره والجملة خبر أن واسمها ضمير الشأن المقدر.

(٣) أي : خبر أن المحفّفة.

(٤) بين أن وخبرها وهو الفعل المتصرف غير الدعاء.

(٥) المائدة ، الآية : ١١٣.

(٦) طه ، الآية : ٨٩.

(٧) وهي سين وسوف.

(٨) المزّمّل ، الآية : ٢٠.

(٩) السّباء ، الآية : ١٤.


الفواصل (١) فإن كان دعاء أو غير متصرّف لم يحتج إلى الفصل نحو (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها)(٢)(٣)(وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ)(٤)(٥)(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(٦) وقد يأتي متصرّفا بلا فصل كما أشار إليه (٧) بقوله : «فالأحسن الفصل» نحو :

علموا أن يؤمّلون فجادوا

[قبل أن يسألوا بأعظم سؤل]

وخفّفت كأنّ أيضا فنوي

منصوبها وثابتا أيضا روي

(وخفّفت كأنّ أيضا فنوى) أي قدّر (منصوبها) ولم يبطل عملها لما ذكر في أنّ (٨) وتخالف أنّ في أنّ خبرها (٩) يجيء جملة كقوله تعالى : (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) ومفردا ، كالبيت الآتي (١٠) وفي أنّه لا يجب حذف اسمها بل يجوز إظهاره كما قال : (وثابتا أيضا روى) في قول الشاعر :

[ويوما توافينا بوجه مقسّم]

كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم

في رواية من نصب ظبية وتعطو هو الخبر ، روي برفع ظبية على أنّه خبر كان ،

__________________

(١) إشارة إلى أنّ القليل في كلام المصنف أنما هو في كتب النحو لا في كلام العرب لكثرة استعمال لو فاصلا بين أن وخبرها عند العرب ، والمراد بالفواصل الحروف التي تفصل بين أن وخبرها كقد وما بعده.

(٢) فإن غضب فعل دعاء عليه.

(٣) النور ، الآية : ٩.

(٤) مثال للفعل غير المتصرف وكذا المثال بعده.

(٥) الاعراف ، الآية : ١٨٥.

(٦) النجم ، الآية : ٣٩.

(٧) أي : إلى إثبات الفعل المتصرف بدون فصل فأن معني الأحسن أن خلافه حسن أيضا.

(٨) من كونها أشبه بالفعل من المكسورة وذلك لفتح أوّلها.

(٩) أي : يخالف أنّ في أنّ خبر كان يأتي جملة ومفردا بخلاف خبر أن للزوم أن يكون خبرها جملة ويخالفها أيضا في جواز ذكر اسمها بخلاف اسم أنّ.

(١٠) وهو كان ظبية بناء على رفع ظبية ليكون الخبر مفردا وأما على نصبها فالخبر تعطو وهو جملة.


وهو مفرد واسمها مستتر.

تتمة : لا تخفّف لعلّ وأمّا لكنّ فإن خفّفت لم تعمل شيئا بل هي حرف عطف ، وأجاز يونس والأخفش إعمالها قياسا (١) وعن يونس أنّه حكاه (٢) عن العرب.

__________________

(١) أي : أعمال لكنّ قياسا على أخواتها حينما تخفّف.

(٢) أي : أن يونس حكي إعمال لكن عن العرب يعني أنه نقل عن العرب أنهم يعملونها.


الخامس من النواسخ

لا التي لنفي الجنس (١)

والأولى ، التّعبير بلا المحمولة على إنّ (٢) كما قال المصنف في نكته على مقدّمة ابن الحاجب ، لأنّ لا المشبّهة بليس (٣) قد تكون نافية للجنس وقد يفرّق (٤) بين إرادة الجنس وغيره بالقرائن ، وإنّما أعملت لأنّها لمّا قصد بها نفي الجنس (٥) على سبيل الاستغراق اختصّت بالاسم ولم تعمل جرّا لئلّا يتوهّم أنّه بمن

__________________

(١) أي : نفي خبرها عن جنس اسمها لا عن فرد من الأفراد ولازم ذلك أن يكون اسمها اسم جنس أي نكرة.

(٢) أي : في العمل وهو نصب الاسم ورفع الخبر.

(٣) حاصله أن تسمية «لا» هذه بالنافية للجنس غير صحيح لأن نفي الجنس لا يختص بها بل لا المشبهة بليس أيضا قد تاتي لنفي الجنس فالأوّلي تسميتها بلا المحمولة على أنّ.

(٤) يعني حيث إن لا المشبهة بليس قد تاتي لنفي الفرد فالتميز بين الموردين لا يمكن إلّا بقرينة إما لفظية نحو لا رجل في الدار ولا رجلين فيفهم من رجلين أن المراد بلا رجل هو نفي رجل واحد لا جنس الرجل ونحو لا رجل أفضل منك يفهم من كون المتكلم في مقام بيان مدح المخاطب أن مراده نفي الجنس ففي المثال الأخير القرينة حالية كما أنّها في المثال الأول لفظية.

(٥) أي : لمّا كان معناها نفي الجنس على سبيل الشمول لجميع الأفراد اختصت بالاسم إذ الكلية والجزئية من مختصات الاسم فشابهت الفعل الذي هو الأصل في العمل لأنه أيضا لا يدخل إلّا على الاسم وقوله وإنما أعملت إلى قوله اختصت بالاسم دليل لأصل إعمالها ومن قوله ولم تعمل جرّا إلى قوله فتعين النصب دليل لنوع إعراب اسمها.


المقدّرة (١) لظهورها في قوله :

[فقام يذوذ النّاس عنها بسيفه

وقال] ألا لا من سبيل إلى هند

ولا رفعا لئلّا يتوهّم أنّه (٢) بالابتداء فتعيّن النّصب (٣) ولذا (٤) قال :

عمل إنّ اجعل للا في النّكرة

مفردة جاءتك أو مكرّرة

(عمل انّ اجعل للا) حملا لها عليها (٥) لأنّها لتوكيد النّفي وتلك لتوكيد الإثبات ، ولا تعمل هذا العمل (٦) إلّا (في النّكرة) متّصلة بها (٧) (مفردة جاءتك أو مكرّرة) كما سيأتي ، فلا تعمل في معرفة ولا في نكرة منفصلة بالإجماع كما في التّسهيل.

فانصب بها مضافا او مضارعة

وبعد ذاك الخبر اذكر رافعة

(فانصب بها مضافا) (٨) إلى نكرة نحو «لا صاحب برّ ممقوت» (أو مضارعه) أي مشابهه وهو الّذي ما بعده من تمامه (٩) نحو «لا قبيحا فعله محبوب» (وبعد ذاك) أي

__________________

(١) يعني أنها لم تعمل جرا لئلا يتوهم أن الجر بمن فإنها في مظنة هذا الوهم لتقدير معني «من» فيها فأن قولنا لا رجل في الدار معناه أنه ما من رجل في الدار والشاهد لذلك ظهور «من» بعد لا في قول الشاعر.

(٢) أي : الرفع بالابتداء فأن اسم «لا» في الأصل مبتدا.

(٣) يعني بعد ما بينّا من عدم صحة الجر ولا الرفع فلم يبق من أنواع الإعراب إلا النصب وهذا دليل انحصار إعراب اسمها في النصب.

(٤) أي : لما بينّا من الدليل على لزوم إعمالها عمل النصب.

(٥) يعني أنا نجعل عمل إنّ للا حملا أي تشبيها للا على إنّ لتوكيد النفي كونها لنفي جميع الأفراد وتلك أي إنّ لتوكيد الإثبات.

(٦) أي : النصب.

(٧) أي : بشرط أن تكون النكرة متّصلة بها.

(٨) مفعول «لا» نصب أي انصب بلا اسما مضافا إلى نكرة.

(٩) فكما أن المضاف لا يتم إلّا بالمضاف إليه فكذلك ما هو شبيهه ففي المثال لا يتم قبيحا إلّا بقولنا فعله إذ لا ـ يعلم أنه قبيح في أي شىء في شمائله أو إخلاقه أو غير ذلك فكان ناقصا لوجود الإبهام فارتفع الإبهام بقولنا فعله.


الاسم ، (الخبر اذكر) حال كونك (رافعه) بها (١) كما تقدّم.

وركب المفرد فاتحا كلا

حول ولا قوّة والثّان اجعلا

مرفوعا او منصوبا او مركّبا

وإن رفعت أوّلا لا تنصبا

(وركّب المفرد) (٢) معها ، والمراد به هنا ما ليس مضافا ولا مشبها به (فاتحا) أي بانيا له على الفتح أو ما يقوم مقامه (٣) لتضمّنه معنى «من» الجنسيّة (كلا حول ولا قوّة) و «لا زيدين ولا زيدين عندك) ويجوز في نحو لا مسلمات الكسر ، استصحابا (٤) والفتح ، وهو أولى ، كما قال المصنف والتزمه (٥) ابن عصفور (والثّانى) من المتكرّر (٦) كالمثال السّابق (اجعلا مرفوعا او منصوبا او مركّبا) (٧) إن ركّبت الأوّل مع لا فالرّفع نحو :

[هذا وجدّكم الصّغار بعينه]

لا أمّ لى إن كان ذاك ولا أب

__________________

(١) أي : حالكونك رافعا الخبر بلا كما تقدم من أن عملها عمل إن وهو نصب الاسم ورفع الخبر.

(٢) التركيب هو ضم إحدي كلمتين إلى أخري لتوكنا بمعني واحد ، كخمسة عشر لعدد خاص ، وكعبد الله علما لشخص خاص ، فهنا ركب لا وهو بمعني النفى ، مع المفرد النكرة ، وهو بمعني الجنس فأفادآ نفي الجنس وهو معني واحد وأنما بني اسم لا في التركيب لتضمنها معني «من» كما ذكر أنفا كما بني خمسة عشر لتضّمنها معني واو العطف نعم أعرب عبد الله علما لمعارضة الإضافة للتضّمن.

(٣) أي : مقام الفتح كالياء في التثنية والجمع المذكر السالم.

(٤) الاستصحاب هو الإتيان بالسابق إلى اللاحق والمراد به هنا هو إتيان الكسرة التي كانت لمسلمات قبل دخول لا لها بعد دخول لا.

(٥) أي : الفتح ابن عصفور أي جعله واجبا.

(٦) أي : الاسم الواقع بعد لا الثانية فيما تكّرر كقوة في المثال.

(٧) أي : مبنيّا على الفتح إن بني الاسم الأول على الفتح.


وذلك (١) على إعمال لا الثانية عمل ليس ، أو زيادتها (٢) وعطف اسمها على محلّ لا الأولى مع اسمها ، فإنّ موضعهما رفع على الابتداء والنّصب نحو :

لا نسب اليوم ولا خلّة

[اتّسع الخرق على الرّاقع]

وذلك على جعل لا الثّانية زائدة ، وعطف الاسم بعدها على محلّ الاسم قبلها ، فإنّ محلّه النّصب (٣) وقال الزّمخشري : «خلّة» في البيت نصب بفعل مقدّر ، أي ولا ترى خلّة كما في قوله :

ألا رجلا (٤) [جزاه الله خيرا

يدلّ على مخصّلة تبيت]

فلا شاهد في البيت ، والتّركيب نحو «لا حول ولا قوّة» على إعمال الثانية. (٥) (وإن رفعت أوّلا) (٦) وألغيت الأولى (لا تنصبا) الثاني لعدم نصب المعطوف عليه لفظا أو محلّا بل افتحه على إعمال لا الثانية نحو :

فلا لغو ولا تأثيم فيها

[ولا جبن ولا فيها مليم]

أو ارفعه على إلغائها وعطف الاسم بعدها على ما قبلها نحو (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ)(٧).

ومفردا نعتا لمبنيّ يلي

فافتح أو انصبن أو ارفع تعدل

(ومفردا (٨) نعتا لمبنىّ يلي فافتح) على بنائه مع اسم لا نحو «لا رجل ظريف في

__________________

(١) أي : الرفع بناء على أن تكون لا الثانية مشبهة بليس فيكون أب اسما للا.

(٢) فيكون أب مبتدا وعطف بالواو على محل أمّ لأن محل أمّ مرفوع على الابتداء.

(٣) لأن عمل لا عمل إنّ كما ذكر وهو نصب الاسم وأنما بني على الفتح لعارض.

(٤) والتقدير ألا ترونني رجلا.

(٥) أي : العمل التركيبي وهو فتح اسمها.

(٦) أي : اسم لا الأولي على إلغائها عن العمل وكون الاسم مبتدا.

(٧) البقرة ، الآية : ٢٥٤.

(٨) مفعول لا فتح يعني إذا كان نعت اسم لا المبني مفردا ولم يفصل بينه وبين موصوفه وهو اسم لا بشىء فأفتح ذلك النعت على أن يكون مبنيا كما أن موصوفه مبنّي فيكون تابعا للفظ اسم لا.


الدّار» (أو انصبن) على اتباعه لمحلّ إسم لا ، نحو «لا رجل ظريفا فيها» (أو ارفع) على إتباعه لمحلّ لا مع اسمها (١) نحو «لا رجل ظريف فيها» فإن تفعل ذلك (تعدل).

وغير ما يلي وغير المفرد

لا تبن وانصبه أو الرّفع اقصد

(وغير ما يلي) (٢) من (٣) نعت المبنيّ المفرد (وغير المفرد) من نعت المبنيّ (لاتبن) لزوال التّركيب بالفصل (٤) في الأوّل وللإضافة وشبهها في الثّاني (وانصبه) نحو «لا رجل فيها ظريفا» (٥) و «لا رجلا قبيحا فعله عندك» (٦) ويجوز النّصب والرّفع أيضا في نعت غير المبنيّ (٧).

والعطف إن لم تتكرّر لا احكما

له بما للنّعت ذي الفصل انتمى

(والعطف) أي المعطوف (إن لم تتكرّر) فيه (لا احكما له بما للنّعت ذى الفصل انتمى) فلا تبنه وانصبه أو ارفعه نحو :

فلا أب وابنا مثل مروان وابنه

[إذا هو بالمجد ارتدى وتأزّرا]

__________________

(١) لأن محلهما رفع على الابتداء.

(٢) مفعول للاتين أي غير النعت المتصل.

(٣) «من» هنا بيانية.

(٤) بين جزئي التركيب وهما لا والنعت ولو لا الفاصل لتركّبا لكون الصفة بحكم الموصوف في دخول لا عليه أيضا ولو تقديرا والتركيب شرط اليناء.

(٥) مثال لغير ما يلي.

(٦) مثال للنعت شبه المضاف فأن فعله متمم لقبيح كما أن المضاف اليه متمم للمضاف وأنما لم يمثّل للمضاف لأن المضاف معرفة واسم لا نكرة دائما ولا ينعت النكرة بالمعرفة نعم يمكن التمثيل له بالمضاف إلى النكرة نحو لا رجل غلام امرئة عندك.

(٧) أي : نعت المضاف وشبه نحو لا غلام رجل ظريفا أو ظريف عندك ولا قبيحا فعله مريضا أو مريض عندك.


و «لا رجل وامرأة في الدّار» (١) وجاء شذوذا ، البناء ، حكى الأخفش «لا رجل وامرأة» (٢).

تتمة : لم يذكر المصنّف حكم البدل ولا التّوكيد أمّا البدل فإن كان نكرة فكالنّعت المفصول نحو «لا أحد رجل وامرأة فيها» بنصب رجل ورفعه وكذا عطف البيان عند من أجازه (٣) في النّكرات وإن لم يكن (٤) [نكرة] فالرّفع نحو «لا أحد زيد فيها» وأمّا التّوكيد فيجوز تركيبه (٥) مع المؤكّد ، وتنوينه نحو «لا ماء ماء باردا» (٦) قاله في شرح الكافية.

قال ابن هشام : والقول بأنّ هذا توكيد خطأ ، لانّ التّوكيد اللّفظيّ لا بدّ من أن يكون مثل الأوّل وهذا أخصّ منه (٧) ويجوز أن يعرب عطف (٨) بيان أو بدلا ، لجواز كونهما (٩) أوضح من المتبوع. أمّا التّوكيد المعنويّ فلا يأتي هنا لامتناع توكيد النّكرة به (١٠) كما سيأتي.

__________________

(١) مثال للرفع.

(٢) بفتح التاء بغير تنوين.

(٣) أي : أجاز عطف البيان في النكرات لأن بعضهم منعوا مجىء عطف البيان للنكرة وأجيب عنه بمجيء ذلك في القرآن نحو قاله تعالى توقد من شجرة مباركة زيتونة فزيتونة عطف بيان من شجرة هي نكرة.

(٤) عطف على «فإن كان نكرة» أي وإن لم يكن البدل نكرة فالرفع.

(٥) أي : فتحه بغير تنوين.

(٦) بفتح الماء الثاني ونصبه.

(٧) لأن الماء الأول مطلق والثاني مخصوص بالبارد.

(٨) أي : الماء الثاني في المثال على أن يكون عطف بيان عن الماء الأول أو على البدلية.

(٩) أى : عطف البيان والبدل أوضح من المعطوف عليه والمبدل منه بخلاف التوكيد فلا يرد عليهما ما ورد على التوكيد.

(١٠) بالتوكيد المعنوي.


وأعط لا مع همزة استفهام

ما تستحقّ دون الاستفهام

(وأعط لا مع همزة استفهام) إمّا لمجرّد الاستفهام (١) أو التّوبيخ (٢) أو التّقرير (٣) (ما تستحق دون الاستفهام) من العمل والاتباع على ما تقدّم نحو :

ألا طعان ألا فرسان عادية (٤)

[إلّا تجشّؤكم حول التّنانير]

وقد يقصد بألا التّمنّي فلا تغيّر أيضا (٥) عند المازني والمبرّد نحو :

ألا عمر ولّى مستطاع رجوعه (٦)

[فيرأب ما أثأت يد الغفلات]

وذهب سيبويه والخليل إلى أنّها (٧) تعمل في الاسم خاصّة ولا خبر لها ولا يتبع اسمها إلّا على اللّفظ (٨) ولا تلغى (٩) واختاره (١٠) في شرح التّسهيل. وقد يقصد بها العرض (١١) وسيأتي حكمها في فصل «أمّا» و «لو لا» و «لو ما».

__________________

(١) نحو ألا رجل في الدار.

(٢) نحو ألا عقل لهم.

(٣) التقرير هو ادعاه ثبوت شىء ووضوحه نحو ألا حجة لله على الناس.

(٤) الشاهد في عمل لا مع همزة الاستفهام في طعان وفرسان ونصب عادية على التبعية لاسمها كعلمها بدون الهمزة.

(٥) أي : في العمل كما إذا لم تكن للتمنّي.

(٦) يعني ليت العمر لم يولّ أي ليتنا لم نمت.

(٧) أي : التي للتمني.

(٨) أي : يكون التابع في اللتي للتمني مبنىّ كاسمها ولا ينصب ولا يرفع على أن يكون تابعا لمحل اسمها.

(٩) عن العمل كما تلغي أحيانا في غير مورد التمني.

(١٠) أي : اختار المصنف هذا القول أي قول سيبويه والخليل.

(١١) العرض جعلا المتكلم كلامه في معرض سماع الغير فيلفت نظره ويهيئه باحدي أدوات العرض من ألا وأما ولو لا العرضيّة.


وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر

إذا المراد مع سقوطه ظهر

(وشاع) عند الحجازيّين (في ذا الباب (١) إسقاط الخبر) أي حذفه (اذا المراد مع سقوطه ظهر) (٢) كقوله تعالى (لا ضَيْرَ)(٣) ونحو «لا إله إلّا الله» أي موجود. (٤) وبنو تميم يوجبون حذفه (٥) فإن لم يظهر المراد لم يجب الحذف عند أحد فضلا عن أن يجب ، كقوله صلّي الله عليه وآله : «لا أحد أغير من الله (٦) عزّ وجلّ». قال في شرح الكافية : وزعم الزّمخشريّ وغيره أنّ بني تميم يحذفون خبر لا مطلقا (٧) على سبيل اللّزوم. وليس بصحيح لأنّ حذف خبر (٨) لا دليل عليه يلزم منه عدم الفائدة ، والعرب (٩) يجمعون على ترك التّكلّم بما لا فائدة فيه. وقد يحذف اسم لا للعلم به ، كما ذكر في الكافية كقولهم «لا عليك» أي لا بأس عليك.

__________________

(١) أي : باب لا التي لنفس الحبس.

(٢) أي : إذا كان المراد ظاهرا مع سقوط خبرها لوجود قرينة.

(٣) الشعراء ، الآية : ٥٠.

(٤) تقدير لخبر لا إله وتقدير لا ضير لا ضير علينا.

(٥) أي : الخبر إذا كان المراد ظاهرا.

(٦) إذ لو حذف أغير لم يعلم مراد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

(٧) سواء ظهر المراد أم لم يظهر.

(٨) بالتنوين وقوله لا دليل عليه صفته يعني أن حذف الخبر الذي لا دليل عليه يسقط الكلام عن الفائدة.

(٩) بل جميع العقلاء.


(السادس من النّواسخ)

(ظن وأخواتها)

وهي أفعال تدخل على المبتدأ والخبر بعد أخذها الفاعل فتنصبهما مفعولين لها.

انصب بفعل القلب جزأى ابتدا

أعني رأى خال علمت وجدا

(انصب بفعل القلب جزأى ابتدا) أي المبتدأ والخبر ولمّا كانت (١)

أفعال القلوب كثيرة وليست كلّها عاملة هذا العمل (٢) ، والمفرد المضاف (٣) يعمّ بيّن ما أراده منها فقال : (أعني) بالفعل القلبيّ العامل هذا العمل (رأى) إذا كانت بمعنى علم كقوله :

رأيت الله أكبر كلّ شيء

[محاولة وأكثرهم جنودا]

__________________

(١) فإن منها ما هو لازم مثل فكر وتفكر ومنها ما يتعدّى لواحد نحو فهمت المسئلة وعرفت الحق ومنها ما يتعدي لمفعولين والمراد من أفعال القلوب هنا هو هذا القسم.

(٢) أي : نصب مفعولين.

(٣) يعني قول المصنف بفعل القلب فأن المفرد المضاف مما يدل على العموم مع أن العموم ليس مراد المصنف لما ذكر أن كل فعل قلبي لا يعمل هذا العمل فكان يجب على المصنف أن يبيّن مراده فلأجل بيان ذلك قال : أعني.


أو بمعنى ظنّ نحو (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً)(١)(٢) لا بمعنى أصاب الرّية (٣) أو من رؤية العين (٤) أو الرّأي. (٥)

(خال) ماضي يخال بمعنى ظنّ نحو :

[ضعيف النّكاية أعداءه]

يخال الفرار يراخي الأجل (٦)

أو [بمعنى] علم نحو :

[دعاني الغواني عمّهن] وخلتني

لي اسم (٧) [فلا أدعى به وهو أوّل]

لا ماضي يخول بمعنى يتعهّد (٨) أو يتكبّر (٩).

(علمت) بمعنى تيقّنت نحو (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ)(١٠) لا بمعنى عرفت ، أو صرت أعلم (١١). (وجدا) بمعنى علم نحو (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً)(١٢) لا بمعنى أصاب (١٣) أو غضب أو حزن (١٤).

__________________

(١) الشاهد في يرونه لا في نراه لأن نراه بمعنى العلم.

(٢) المعارج ، الآية : ٦ و ٧.

(٣) فإنه لازم نحو راي السكين أي أصاب السكين الرية.

(٤) نحو رأيت الهلال فهو متعد لمفعول واحد.

(٥) كقولنا العالم الفلاني يري حرمة العصير فهي أيضا متعديّة لواحد.

(٦) الفرار مفعولها الأول ويراخي الأجل مفعوله الثاني أي يظن أن الفرار يراخى أي يؤخر الأجل.

(٧) مفعولها الأول ياء المتكلم والثاني جملة لى اسم أي عملت بأني لي اسم.

(٨) نحو خال زيد أخاه أي تعهده يعني دبّر أموره وكفاه فهي متعدية لواحد.

(٩) ومنه قوله تعإلى كل مختال فخور وخال بهذا المعني لازمة.

(١٠) الممتحنة ، الآية : ١٠.

(١١) اعلم هنا ليس بفعل بل هو أفعل وصفي بمعني منشق الشفة السفلي ويقال له بالفارسية (لب شكرى).

(١٢) ص ، الآية : ٤٤.

(١٣) نحو وجدت دابّتي أي أصبتها بعد ما ضيّعتها فهي متعدية لواحد.

(١٤) هما من الوجد بسكون الجيم وهي بهذين المعنين لازمة نحو وجدت على زيد أي غضبت عليه أو حزنت عليه.


ظنّ حسبت وزعمت مع عدّ

حجا دري وجعل اللّذ كاعتقد

(ظنّ) من الظّن بمعنى الحسبان (١) نحو (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ)(٢)(٣) أو [بمعنى] العلم نحو (وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ)(٤) لا بمعنى التّهمة (٥).

(حسبت) بكسر السّين بمعنى إعتقدت نحو (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ)(٦)(٧) أو علمت نحو :

حسبت التّقى والجود خير تجارة (٨)

[رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا]

لا بمعنى صرت أحسب (٩) أي ذا شقرة ، أي حمرة وبياض.

(وزعمت) بمعنى ظننت نحو :

فإن تزعميني كنت أجهل فيكم (١٠)

[فإنّي شريت الحلم بعدك بالجهل]

لا بمعنى كفلت (١١) أو سمنت أو هزلت.

(مع عدّ) بمعنى ظنّ نحو

__________________

(١) بكسر الحاء أي رجحان أحد الطرفين.

(٢) أي : لن يرجع إلى العدم أي ظن أن لن يموت وهنا جملة أن لن يحور سد مسد مفعولي ظن كما في الآية التالية.

(٣) الانشقاق ، الآية : ١٤.

(٤) التوبة ، الآية : ١١٨.

(٥) فهي متعدية لواحد نحو أظنه بالسرقة أي اتهمه بها.

(٦) هنا ايضا ممّا سد الجملة مسدّ المفعولين.

(٧) المجادلة ، الآية : ١٨.

(٨) مفعوله الأول الجود والثاني خير تجارة.

(٩) أحسب هنا أفعل وصفي على وزن أشقر ، وبمعناه وحسب بهذا المعني لازم.

(١٠) مفعوله الأول ياء المتكلم والثاني جملة كنت أجهل.

(١١) من الزعامة ومنه الزعيم وهي بهذا المعني لازمة نحو زعمت على القوم أي صرت زعيمهم وكذلك بمعني سمنت وزعمت أيضا لازمة.


فلا تعدد المولى شريكك في الغنى

[ولكنّما المولى شريكك في العدم]

لا من العدّ بمعنى الحساب (١).

(حجى) بحاء مهملة ثمّ جيم ، بمعنى اعتقد نحو

قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة (٢)

[حتّي ألمّت بنا يوما ملمّات]

لا بمعنى غلب في المحاجاة أو قصد أو أقام أو بخل (٣).

(درى) بمعنى علم نحو

دريت الوفي العهد (٤) [يا عرو فاغتبط

فإنّ اغتباطا بالوفاء حميد]

(وجعل اللّذ كاعتقد) نحو (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً)(٥) لا الّذي بمعنى خلق (٦) أمّا جعل الّذي بمعنى صيّر فسيأتي أنّه كذلك (٧).

وهب تعلّم والّتي كصيّرا

أيضا بها انصب مبتدا وخبرا

(وهب) بمعنى ظنّ نحو

[فقلت أجرني أبا خالد

وإلّا] فهبني امرأ هالكا

و (تعلّم) بمعنى اعلم نحو

تعلّم شفاء النّفس قهر عدوّها

[فبالغ بلطف في التّحيّل والمكر]

لا من التّعلّم (٨).

__________________

(١) نحو عددت الدارهم فهي متعدية لواحد.

(٢) مفعوله الأول أبا عمرو والثاني أخا ثقة.

(٣) فهي بمعني المحاجات والقصد متعدية لواحد وبالمعنين الأخيرين لازمة.

(٤) المفعول الأول تاء المتكلم النايب للفاعل والثاني الوفي العهد.

(٥) الزّخرف ، الآية : ١٩.

(٦) نحو خلق الله السموات فهي متعدية لواحد.

(٧) أي : بمفعولين.

(٨) فإنها متعدية لواحد نحو تعلمت النحو.


(و) الأفعال (الّتي كصيّرا) وهي صار وجعل لا بمعنى (١) اعتقد أو خلق ووهب (٢) وردّ وترك وتخذ واتّخذ (أيضا بها انصب مبتدا وخبرا) نحو (فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً)(٣) «وهبنى الله فداك» (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً)(٤)(٥).

[وربّيته حتّى إذا ما] تركته

أخا القوم [واستغنى عن المسح شاربه]

(لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)(٦)(٧)(وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً)(٨).

وخصّ بالتّعليق والإلغاء ما

من قبل هب والأمر هب قد ألزما

(وخصّ بالتّعليق) وهو إبطال العمل لفظا فقط لا محلّا (والإلغاء) وهو إبطاله لفظا ومحلّا (ما (٩) من قبل هب) من الأفعال المتقدّمة بخلاف هب وما بعده (والأمر هب قد ألزما) فلا يتصرّف (١٠).

كذا تعلّم ولغير الماض من

سواهما اجعل كلّ ما له زكن

__________________

(١) أي : جعل الذي بمعني صيّر لا الذي بمعني اعتقد وخلق فإن جعل بهذين المعنيين متعدية لواحد.

(٢) عطف على جعل لا على خلق يعني أن هذه الأفعال بمعنى صيّر تدخل على المبتدا والخبر.

(٣) الفرقان ، الآية : ٢٣.

(٤) المفعول الأول ضمير الجمع المخاطب والثاني كفارا.

(٥) البقرة ، الآية : ١٠٩.

(٦) المفعول الأول أجرا والثاني عليه ، لأن ما يصح أن يكون مبتدء فهو الأول ، وما يصح أن يكون خبرا هو المفعول الثاني.

(٧) الكهف ، الآية : ٧٧.

(٨) النساء ، الآية : ١٢٥.

(٩) مفعول لخصّ أي خصّ بالتعليق الأفعال التي ذكرت قبل هب وهي أحد عشر فعلا.

(١٠) إلى الماضي والمضارع وغيرهما.


(كذا) أي كهب في لزومه الأمر (تعلّم ولغير الماضي) كالمضارع ونحوه (١) (من سواهما (٢) اجعل كلّ ما له) أي للماضي (زكن) أي علم من نصبه مفعولين هما في الأصل مبتدأ وخبر وجواز التّعليق والإلغاء.

وجوّز الإلغاء لا في الابتدا

وانو ضمير الشّأن أو لام ابتدا

في موهم إلغاء ما تقدّما

والتزم التّعليق قبل نفي ما

(وجوّز الإلغاء) أي لا توجبه ، بخلاف التّعليق فإنّه يجب بشروطه كما سيأتي (لا) إذا وقع الفعل (في الابتداء) بل في الوسط نحو

إنّ المحبّ علمت مصطبر (٣)

[ولديه ذنب الحبّ مغتفر]

وجاء الإعمال نحو :

شجاك اظنّ ربع الظّاعنينا (٤)

[ولم تعبأ بعذل العاذلينا]

وهما على السّواء (٥) قال ابن معط : المشهور الاعمال. أو في الأخير (٦) نحو

هما سيّدانا يزعمان [وإنّما

يسوداننا إن يسّرت غنما هما]

ويجوز الإعمال نحو «زيدا قائما ظننت» لكنّ الإلغاء أحسن (٧) وأكثر.

__________________

(١) كالمصدر واسم الفاعل منها.

(٢) سوي هب وتعلم أي بقية أفعال القلوب.

(٣) فتوسط الفعل وهو علمت بين مفعولية وهما المحب ومصطبر فألغي عن العمل في مصطبر.

(٤) فاعمل أظن في معموله المتقدّم عليه ، وهو شجاك ، والمتأخّر عنه هو ربع.

(٥) يعني الإلغاء عن العمل والإعمال على السواء لا رجحان لأحدهما على الأخر فيما إذا توسط العامل بين معموليه.

(٦) عطف على قوله في الوسط أي يجوز الالغاء إذا كان الفعل متأخرا عن معموليه فهما وسيدانا في البيت مفعولان في المعني ليزعمان وألغي عن العمل فيهما ولهذا تراهما مرفوعين.

(٧) أي : في العامل المتأخر عن معموليه.


(وانو ضمير الشّأن) في موهم إلغاء (١) ما في الابتداء نحو :

[أرجو وآمل أن تدنو مودّتها]

وما أخال لدينا منك تنويل (٢)

فالتّقدير أخاله أي الشّأن ، والجملة بعده في موضع المفعول الثّاني (أو) انو (لام ابتدا) معلّقة (٣) (في) كلام (موهم) أي موقع في الوهم أي الذّهن (إلغاء ما) أي فعل (تقدّما) على المفعولين كقوله :

[كذاك أدّبت حتى صار من خلقى]

إنّي رأيت ملاك الشّيمة الأدب

تقديره إنّي رأيت لملاك ، فحذف اللّام وأبقي التّعليق.

(والتزم التّعليق) لفعل القلب غير هب إذا وقع (قبل نفي ما) لأنّ لها الصّدر فيمتنع أن يعمل ما قبلها في ما بعدها وكذا بقيّة المعلّقات (٤) نحو

(لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ)(٥).

وإن ولام ابتداء أو قسم

كذا والاستفهام ذا له انحتم

(و) قبل نفي (إن) كقوله تعالى : (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً)(٦) (و) قبل نفي (لا) كـ «علمت لا زيد عندك ولا عمرو» واشترط ابن هشام في «إن» و «لا» (٧) تقدّم قسم

__________________

(١) يعني بعد ما بيّنا من كون شرط الإلغاء توسط الفعل أو تاخره فإذا رئينا فعلا متقدما على معموليه ومع ذلك لم ينصب المعمولين فانو هناك ضمير الشأن ليكون مفعوله الأول والجملة بعده مفعوله الثاني لأن لا تنتقض القاعدة.

(٢) فلم ينصب تنويل وهذا يوهم الغاء أخال مع أنه متقدم فلزم رفع التوهم بتقدير ضمير الشان.

(٣) يعني أن الطريقة الثانية لرفع توهم الإلغاء أن تقدّر لام الابتداء فتقول أنما لم يعلم الفعل نصبا مع تقدمه لوجود لام الابتداء في التقدير ، فكان الفعل معلّقا باللام المقدرة.

(٤) أي : المعلقات الآخر كلاء النافية ولام الابتداء ولام القسم والاستفهام أيضا تعليقها بسبب لزومها الصدر.

(٥) الأنبياء ، الآية : ٦٥.

(٦) الإسراء ، الآية : ٥٢.

(٧) أي : في تعليقهما.


ملفوظ به أو مقدّر.

(لام ابتداء) كذا سواء كانت ظاهرة نحو «علمت لزيد منطلق» أم مقدّرة كما مرّ (١).

(أو) لام (قسم كذا) (٢) نحو

ولقد علمت لتأتينّ منيّتي

[إنّ المنايا لا تطيش سهامها]

(والاستفهام ذا) أي الحكم ، وهو (٣) تعليقه للفعل إذا وليه (له انحتم) سواء تقدّمت أداته على المفعول الاوّل نحو «علمت أزيد قائم أم عمرو» أم كان المفعول اسم استفهام نحو (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى)(٤) أم أضيف إلى ما فيه معنى الإستفهام نحو «علمت أبو من زيد» فإن كان الاستفهام في الثاني نحو «علمت زيدا أبو من هو» فالأرجح نصب الأوّل ، لأنّه غير مستفهم به ولا مضاف إليه (٥) قاله (٦) في شرح الكافية.

تتمة : ذكر أبو على من جملة المعلّقات لعلّ كقوله تعالى : (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ)(٧) وذكر بعضهم من جملتها «لو» ، وجزم به في التسهيل كقوله :

وقد علم الأقوام لو أنّ حاتما

أراد ثراء المال كان له وفر

ثمّ الجملة المعلّق عنها العامل في موضع نصب (٨) حتّى يجوز العطف عليها بالنّصب.

__________________

(١) في موهم الإلغاء.

(٢) أي : لازم التعليق.

(٣) يعني الحكم عبارة عن تعليق الاستفهام بالفعل إذا ولى الاستفهام الفعل أي وقع بعد الفعل.

(٤) الكهف ، الآية : ١٢.

(٥) أي : ولا الأول مضاف إلى الاستفهام ، فلا معني للتعليق بالنسبة إلى الأول.

(٦) أي : رجحان نصب الأول إذا كان الاستفهام في الثاني.

(٧) الأنبياء ، الآية : ١١١.

(٨) يعني أنّ أثر بقاء مفعولي الفعل المعلق على موضع النصب أن ما يعطف عليهما يكون منصوبا وهذا هو الفارق بين التعليق والإلغاء.


لعلم عرفان وظنّ تهمة

تعدية لواحد ملتزمة

(لعلم عرفان وظنّ تهمة (١) تعدية لواحد ملتزمة) ، نحو (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً)(٢)(٣) «وما هو على الغيب بظنين» أي بمتّهم وكذلك رأى بمعنى أبصر أو أصاب الرّيّة أو من الرّأي وخال بمعنى تعهّد أو تكبّر ، ووجد بمعنى أصاب ونحو ذلك يتعدّي لواحد (٤).

ولرأي الرّؤيا انم لعلما

طالب مفعولين من قبل انتمى

(ولرأى) بمعنى (الرّؤيا) في النّوم (انم) أي انسب (ما لعلما) حال كونه (طالب مفعولين من قبل انتمى) وانصب به مفعولين حملا له (٥) عليه لتماثلهما في المعنى ، إذ الرّؤيا في النّوم إدراك بالباطن (٦) كالعلم كقوله :

أراهم رفقتي [حتّى إذا ما

تجا في اللّيل وانخزل انخزالا]

وعلّقه وألغه (٧) بالشّروط المتقدّمة.

ولا تجزهنا بلا دليل

سقوط مفعولين أو مفعول

(ولا تجز هنا (٨) بلا دليل سقوط مفعولين أو مفعول) وأجازه

__________________

(١) الذين تقدم ذكرهما في علم وظنّ.

(٢) أي : لا تعرفون.

(٣) النحل ، الآية : ٧٨.

(٤) كما أسلفناه.

(٥) أي : حملا لرأي الرويا على علم أي إلحاقا بها لعلم.

(٦) بخلاف رأي بمعني أبصر لكونها إدراكا بالظاهر فلهذا عدي لواحد.

(٧) أي : يجوز تعليق رأي بمعني الرؤيا وإلغائه كما يجوز تعليق علم والغائه بالشروط.

(٨) أي : في باب أفعال القلوب.


بعضهم (١) إن وجدت فائدة كقولهم «من يسمع يخل» لا إن لم توجد كاقتصارك على «أظنّ» إذ لا يخلو الإنسان من ظنّ مّا ، فإن دلّ دليل فأجزه كقوله تعالى (٢)(أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)(٣) أي تزعمونهم شركائي ، وقوله :

[ولقد نزلت] فلا تظنّي غيره

منيّ بمنزلة المحبّ المكرم

أى واقعا (٤).

وكتظنّ اجعل تقول إن ولي

مستفهما به ولم ينفصل

بغير ظرف او كظرف أو عمل

وإن ببعض ذي فصلت يحتمل

(وكتظنّ اجعل) (٥) [في المعنى] القول جوازا وانصب به مفعولين ولكن لا مطلقا بل إن كان مضارعا مسندا إلى المخاطب نحو (تقول إن ولى مستفهما به) بفتح الهاء ، أي أداة استفهام (و) إن (لم ينفصل) عنه (بغير ظرف أو كظرف) أي مجرور (أو عمل) أي معمول بمعنى مفعول نحو

متى تقول القلّص الرّواسما

يحملن أمّ قاسم وقاسما

فإن انفصل عنه (٦) بغير هذه الثّلاثة وجبت الحكاية (٧) نحو «ءأنت تقول

__________________

(١) أي : الحذف بغير دليل بشرط وجود فائدة للسامع.

(٢) فإن تقديم أين شركائي دليل على أن المزعوم هو أنهم شركاء الله.

(٣) القصص ، الآية : ٧٤.

(٤) فذكر أحد المفعولين وهو غيره وحذف الآخر للعلم به.

(٥) حاصله أن مادة القول يجوز أن ينصب مفعولين مثل تظن بشرط أن يكون بصيغة المضارع المخاطب وأن لا يكون بعد أداة الاستفهام وأن لا ينفصل بينه وبين أداة الاستفهام بشيء غير الظرف والمجرور أو معمول القول وأما الفصل بهذه الثلاثة فلا يضر بعمله ففي البيت مفعوله الأول القلصّ والثاني يحملن.

(٦) أي : عن الاستفهام.

(٧) أي : وجب حينئذ أن يكون القول بمعني الحكاية وهي نقل اللفظ من دون قصد إلى المعني والحكاية ضد ـ ـ الإخبار ففي مثل قلت زيد قائم تارة يراد بها الإخبار بقيام زيد وأخري يراد التلفظ بهاتين الكلمتين والثاني هو الحكاية.


زيد قائم».

(وإن ببعض ذى) الثّلاثة (فصلت) بين الاستفهام والقول (يحتمل) ولا يضرّ في العمل نحو «أغدا تقول زيدا منطلقا» و «أفي الدّار تقول عمرا جالسا» و

أجهّالا تقول بني لؤىّ (١)

[لعمر أبيك؟ أم متجاهلينا؟]

وأجري القول كظنّ مطلقا

عند سليم نحو قل ذا مشفقا

(وأجرى القول كظنّ) فينصب به المفعولان (مطلقا) بلا شرط (٢) (عند سليم نحو قل ذا مشفقا) ونحو

قالت وكنت رجلا فطينا

هذا لعمر الله إسرائينا (٣)

و «أعجبني قولك زيدا منطلقا» (٤) و «أنت قائل بشرا كريما» (٥).

__________________

(١) فالمثال الأول للفصل بالظرف والثاني للمجرور والثالث للفصل بالمعمول فإن جهالا مفعول ثان لتقول.

(٢) من كونه بلفظ المضارع المخاطب وأن يقع بعد الاستفهام وعدم الفصل بغير ما ذكر بل يعمل بلفظ الماضي والأمر نحو قل ذا مشفقا فأتي بلفظ الأمر ونصب مفعولين وهكذا باقي الشروط.

(٣) فأتي بلفظ الماضي ونصب مفعولين أحدهما هذا والثاني إسرائينا.

(٤) أتي بلفظ المصدر.

(٥) مثال للقول بلفظ اسم الفاعل.


فصل : في أعلم وأرى وما جرى مجراهما (١)

إلى ثلاثة رأي وعلما

عدّوا إذا صارا أري وأعلما

(إلى ثلاثة) مفاعيل (رأى وعلما) المتعدّيين لمفعولين (عدّوا إذا صارا) بإدخال همزة التّعدية عليهما (أرى وأعلما) نحو (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ)(٢)(٣) و «أعلم زيد عمرا بشرا كريما».

وما لمفعولى علمت مطلقا

للثّان والثّالث أيضا حقّقا

(وما لمفعولي علمت) وأخواته (مطلقا) من الإلغاء والتّعليق عنهما وحذفهما أو أحدهما لدليل ، (للثّان والثّالث) من مفاعيل هذا الباب (أيضا حقّقا) نحو قول بعضهم «البركة أعلمنا الله مع الأكابر» (٤) وقوله :

__________________

(١) من الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل الثاني والثالث منها مبتدا وخبر في الأصل.

(٢) فالمفعول الأول ليريكهم هو الكاف والثاني هم والثالث قليلا والمفعول الأول لأرا الكاف والثاني هم والثالث كثيرا.

(٣) الأنفال ، الآية : ٤٣.

(٤) هذا المثال الإلغاء أعلم حيث توسط بين مفعوله الثاني وهو البركة ومفعوله الأول والثالث وهمانا المتكلم ومع الأكابر.


وأنت أراني الله عاصم (١)

[وأرأف مستكفي وأسمح واهب]

وتقول «أعلمت زيدا» (٢) أمّا [المفعول] الأوّل (٣) منها فلا يجوز الغاؤه ولا تعليق الفعل عنه ويجوز حذفه (٤) مع ذكر المفعولين اقتصارا (٥) وكذا حذف الثّلاثة لدليل (٦) ذكره في شرح التّسهيل. ونقل أبو حيّان أنّ سيبويه ذهب إلى وجوب ذكر الثّلاثة دونه (٧).

وإن تعدّيا لواحد بلا

همز فلاثنين به توصّلا

(وإن تعدّيا) أي رأى وعلم (لواحد بلا همز) بأن كان رأى بمعنى أبصر وعلم بمعنى عرف (٨) (فلاثنين به (٩) توصّلا) نحو «أريت زيدا عمرا» (١٠) و «أعلمت بشرا بكرا» (١١). والأكثر المحفوظ (١٢) في علم هذه نقلها بالتّضعيف نحو (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ

__________________

(١) مثال للإلغاء لعين ما ذكر في المثال السابق.

(٢) مثال لحذف معمولين عند وجود دليل وذلك أنما يقال عند ما يعلم السامع بما أعلمت زيدا والمراد من الدليل هو القرينة اللفظية أو الحالية كما في المثال.

(٣) أي : المفعول الأول.

(٤) أي : المفعول الأول بشرط ذكر المفعولين الثاني والثالث.

(٥) يعني أن هذا الحذف من باب الاكتفاء بمفعولين عن ثلاثة ولا يحتاج إلى دليل.

(٦) يدل عليها.

(٧) أي : بدون دليل يعني أنه لا يجوز حذفها للاقتصار كما ذكر بل مع الدليل.

(٨) كما تقدم.

(٩) أي : بالهمز.

(١٠) أي : أبصرته عمروا.

(١١) أي : عرّفت بشرا بكرا.

(١٢) أي : الأكثر استعمالا عند العرب وحفظ عنهم عند علماء الأدب في علم بمعني عرف هو أنهم إذا أرادوا


كُلَّها)(١). ونقلها بالهمزة قياسا (٢) على ما اختاره في شرح التّسهيل من أنّ نقل المتعدّي لواحد بالهمزة قياس لا سماع خلافا لسيبويه.

والثّان منهما كثاني اثني كسا

فهو به في كلّ حكم ذو اتّسا

(و) المفعول (الثّاني منهما) أي من مفعولي أري وأعلم المتعدّيين لهما بالهمزة (كثان اثني) أي مفعولي (كسا) في كونه غير الأوّل (٣) نحو «أريت زيدا الهلال» فالهلال غير زيد كما أنّ الجبّة غيره في نحو «كسوت زيدا جبّة» وفي جواز حذفه (٤) نحو «أريت زيدا» كما تقول «كسوت زيدا» وفي امتناع إلغائه (٥) (فهو به (٦) في كلّ حكم) من أحكامه (ذو اتّسا) أي صاحب اقتداء ، واستثني التّعليق فإنّه جائز فيه وإن لم يجز في ثاني مفعولي كسا نحو (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى)(٧)(٨).

وكأري السّابق نبّأ أخبرا

حدّث أنبأ كذاك خبّرا

(وكأري السّابق) أوّل الباب (٩) في التّعدية إلى الثّلاثة ، (نبّأ) ألحقه

__________________

نقله من مفعول واحد إلى مفعولين ضعّفوا عينها من باب التفعيل وأما نقلها من الواحد إلى اثنين بهمزة باب الإفعال فصحيح على القاعدة والقياس وان لم يكثر استعماله كذلك.

(١) البقرة ، الآية : ٣١.

(٢) أي : تعدية الفعل المتعدي لواحد بالهمزة إلى مفعولين أمر صحيح وقياسي لا أنّها منحصرة على السماع خلافا لسيبويه حيث ادّعى أنّ التعدية بالهمزة إلى مفعولين على خلاف القياس ، وأنّما هو سماع فقط.

(٣) أي : ليس خبر الأول في الأصل كما في رأي وعلم الذين من أفعال القلوب.

(٤) أي : حذف الثاني يعني أنهما مثل كسا في ذلك ايضا.

(٥) أي : إلغاء العمل في الثاني كامتناع إلغاء كسا في مفعوليه.

(٦) يعني فالمفعول الثاني منهما بالمفعول الثاني من كسي ذو اقتداء.

(٧) فعلّق اري بمعني ابصر عن مفعوله الثاني لوجود كيف اسم الاستفهام.

(٨) البقرة ، الآية : ٢٦٠.

(٩) أي : الذي بمعني أعلم لا الذي بمعني أبصر.


به (١) سيبويه واستشهد بقوله :

نبّئت زرعة والسّفاهة كاسمها

يهدي إلىّ غرائب الأشعار (٢)

لكنّ المشهور فيها (٣) تعديتها إلى واحد بنفسه وإلى غيره بحرف جرّ وألحق به السّيرافي (أخبرا) كقوله :

وما عليك إذا أخبرتني دنفا

وغاب بعلك يوما أن تعوديني (٤)

والحق به أيضا (٥) (حدّث) كقوله :

أو منعتم ما تسألون فمن حدّ ثتموه له علينا العلا (٦).

وألحق به أبو علي (أنبأ) كقوله :

وأنبئت قيسا ولم أبله

كما زعموا خير أهل اليمن (٧)

(كذاك خبّرا) وألحقه بـ «أرى» السّيرافي أيضا كقوله :

وخبّرت سوداء الغميم مريضة (٨)

فأقبلت من أهلي بمصر أعودها

__________________

(١) أي : الحق «نباء» بـ «أري».

(٢) فالمفعول الأول الضمير النائب للفاعل والثاني زرعة والثالث يهدي.

(٣) في نبّاء.

(٤) المفعول الأول ياء المتكلم والثاني دنفا والثالث أن تعوديني.

(٥) أي : بأري.

(٦) المفعول الأول ضمير جمع المخاطب وهو نائب للفاعل والثاني ضمير الغائب بعده والثالث جملة له علينا العلاء.

(٧) الأول ضمير المتكلم النائب للفاعل والثاني قيسا والثالث خير اهل اليمن.

(٨) الأول ضمير المتكلم النائب للفاعل والثاني سوداء والثالث مريضة.


هذا باب الفاعل وفيه المفعول به

وهو ـ كما قال في شرح الكافية ـ المسند إليه فعل تامّ (١) مقدّم فارغ (٢) باق على الصّوغ الأصليّ (٣) أو ما يقوم مقامه (٤) فالمسند إليه يعمّ الفاعل والنّائب عنه والمبتدأ والمنسوخ الإبتداء (٥) وقيد التّامّ يخرج اسم كان والتّقديم يخرج المبتدأ والفراغ يخرج نحو «يقومان الزّيدان» (٦) وبقاء الصّوغ الأصليّ يخرج النائب عن الفاعل وذكر ما يقوم مقامه يدخل فاعل اسم الفاعل والمصدر ، واسم الفعل والظرف وشبهة. (٧) وأو فيه للتّنويع لا للتّرديد (٨).

__________________

(١) أي : لا يكون من الأفعال الناقصة فأن المرفوع لها يسمي اسمها لها لا فاعلا.

(٢) عن ضمير التثنية والجمع.

(٣) أي : الصيغة الأصلية يعني الفعل المعلوم ليخرج النايب عن الفاعل فأنه وإن أسند إليه فعل تام لكن صيغة فعله غير أصلي لأن الفعل المجهول فرع عن المعلوم.

(٤) مقام الفعل كالمصدر واسم الفاعل.

(٥) كاسم إن وكان والمفعول الأول لأفعال القلوب.

(٦) فالزيد ان بدل من الفاعل وليس بفاعل.

(٧) وهو الجار والمجرور ففاعل اسم الفاعل نحو مختلف ألوانه والمصدر نحو قوله ألا إنّ ظلم نفسه المرء بيّن فالمرء فاعل لظلم واسم الفعل نحو هيهات العقيق والظرف نحو ومن عنده علم الكتاب وفاعل الجار والمجرور نحو أفي الله شكّ.

(٨) يعني أن «أو» في قوله أو ما يقوم مقامه ليس معناها الترديد مثل قولنا إما زيد في الدار أو عمرو للشك في


وذكر المصنّف للنّوعين (١) مثالين فقال :

الفاعل الّذي كمرفوعي أتى

زيد منيرا وجهه نعم الفتى

(الفاعل الّذي كمرفوعى أتى زيد منيرا وجهه نعم الفتى) ومثّل بهذا المثال (٢) إعلاما بأنّه لا فرق في الفعل بين المتصرّف والجامد ، وحصره الفاعل في مرفوعي ما ذكره (٣) إمّا جرى على الغالب لإتيانه مجرورا بمن إذا كان نكرة بعد نفي وشبهه كـ «ما جاءني من أحد» وبالباء في نحو (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٤) أو إرادة للأعمّ من مرفوعي اللّفظ والمحلّ.

وبعد فعل فاعل فإن ظهر

فهو وإلّا فضمير استتر

(و) لا بدّ (بعد فعل) من (فاعل) وهي أعني البعديّة ـ مرتبته (٥) فلا يتقدّم على

__________________

أن أيّهما في الدار بل للتنويع مثل قولنا الغنم ، إما معز ، أو نعج ، إذ الفاعل على نوعين فلا يتوهم بانا نشك في أنّ الفاعل أيّ منهما.

(١) أي : نوع فاعل الفعل ونوع فاعل ما يقوم مقام الفعل.

(٢) أي : الثالث وهو نعم الفتى ، مع أن المصنف قال مرفوعي بالتثنية ومع المثال الأخير يكون المرفوعات في البيت ثلاثة ليعلم بأنه لا فرق في الفعل بين المتصرف نحو أتي وغير المتصرّف كنعم ، فهذا أيضا مثال للفعل فالمثالان بحكم مثال واحد.

(٣) وهما مرفوع الفعل ومرفوع اسم الفاعل هذا دفع دخل عن المصنف وهو أن الفاعل لا ينحصر بالمرفوع فقد يكون الفاعل مجرورا كما فى المثالين فأجاب عنه بجوابين أحدهما أن المصنف لا يريد بذلك أن الفاعل منحصر فى المرفوع بل مراده أن الغالب فى الفاعل هو المرفوع وثانيهما أن مراده من المرفوع الأعم من المرفوع فى اللفظ والمحل والفاعل المجرور مرفوع محلا.

(٤) النساء ، الآية : ٧٩.

(٥) الصحيح مرتبة بتشديد التاء الأول أي البعدية الترتيبي في اللفظ لا بالتخفيف بمعني البعديّة في المرتبة


الفعل لأنّه كالجزء منه (١) (فإن ظهر) في اللّفظ (٢) نحو «قام زيد» و «الزيدان قاما» (فهو) ذاك (٣) (وإلّا فضمير استتر) راجع إمّا لمذكور نحو «زيد قام» و «هند قامت» أو لما دلّ عليه الفعل نحو «ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» أي ولا يشرب الشّارب (٤) أو لما دلّ عليه الحال المشاهدة (٥) نحو (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ)(٦) أي بلغت الرّوح (٧).

قاعدة : قالوا : لا يحذف الفاعل أصلا عند البصريّين واستثنى بعضهم صورة ، وهي فاعل المصدر نحو «سقيا» و «رعيا» ، وفيه نظر (٨) وقد استثنيت (٩) صورة أخرى

__________________

فأن البعدية الرتبي لا يلزم منها عدم جواز تقدم الفاعل على الفعل إذا المفعول أيضا متأخّر رتبة ومع ذلك يجوز تقديمه.

(١) لاحتياج الفعل إليه كاحتياجه إلى أجزاء كلمته فكما لا يتقدم الباء في ضرب على الضاد فكذلك فاعله.

(٢) أي : بأن لفظه وتميّز عن الفعل كزيد في المثال الأول وألف التثنية في الثاني وليس المراد من (ظهر) الظاهر في مقابل الضمير.

(٣) أى : فالفاعل هو الذى ظهر.

(٤) معني أن الفاعل هنا ما دل عليه الفعل أنّه لا بد لكل فعل من فاعل ولكل شرب من شارب والمراد من هذه الجملة كل من شرب لا شارب خاص ليلزم ذكر اسمه فنفس الفعل من حيث احتياجه إلى الفاعل يدل على فاعله.

(٥) أي : المرئيّة فالمشاهدة اسم مفعول صفة للحال لأن كلمة الحال مؤنث.

(٦) القيامة ، الآية : ٢٦.

(٧) بيان ذلك أنّ الآية في مقام بيان حال المحتضر ، ومن كان حاضرا عند المحتضر يشاهد أن روح تنقبض من أسافل جسده شيئا فشيئا إلى أن تبلغ ترقوته هو آخر عضو تصلها الروح فإذا قيل بلغت التراقي يعلم أن البالغة هي الروح لما يشاهده السامع بعينه.

(٨) قيل في وجهه أن الضمير مستتر فيها لأن المصدر يتحمل الضمير وأقول ان سقيا ورعيا كلمتان دعائيّتان كقولنا هنيئا ومراد القائل بهما سقاك الله سقيا ورعاك الله رعيا فالفاعل في الحقيقة هو الله سبحانه وهل هو مضمر في المصدر أو أنه محذوف لأن حذف ما يعلم جائز كلّ ذلك محتمل وتعيين أحدهما رجم بالغيب.

(٩) بصيغة المتكلم.


وهي فاعل فعل الجماعة (١) المؤكّد بالنّون فإنّ الضّمير فيه (٢) يحذف وتبقى ضمّة دالّة عليه (٣) وليس مستترا كما سيأتي بيانه في باب نوني التّوكيد.

وجرّد الفعل إذا ما أسندا

لاثنين أو جمع كفاز الشّهدا

(وجرّد الفعل) من علامة التّثنية والجمع (إذا ما أسندا لإثنين) ظاهرين (أو جمع) ظاهر (كفاز الشّهدا) أو «قام أخواك» أو «جاءت الهندات» هذه (٤) هي اللّغة المشهورة.

وقد يقال سعدا وسعدوا

والفعل للظّاهر بعد مسند

(وقد) لا يجرّد بل تلحقه حروف دالّة على التّثنية والجمع كالتّاء الدّلّة على التأنيث (٥) و (يقال سعدا وسعدوا و) الحال أنّ (الفعل) الّذي لحقته هذه العلامة (للظّاهر بعد مسند) ومنه قوله صلّي الله عليه وآله : (٦) «يتعاقبون فيكم ملائكة باللّيل وملائكة بالنّهار» (٧).

وقول بعضهم (٨) «أكلوني البّراغيث» وقول الشّاعر : (٩)

__________________

(١) أي : الجمع المذكر نحو يضربنّ بضم الياء.

(٢) في فعل الجماعة وهو الواو.

(٣) على الضمير.

(٤) أي : تجرد الفعل وأفراده.

(٥) أي : كما أن تاء التأنيث ليست بضمير بل علامة فقط فكذلك الحروف الدالة على التثنية والجمع وهى الألف والواو فيما أسند الفعل الى الظاهر أيضا ليستا بضميرين.

(٦) فإنّ يتعاقبون مسند إلى ملائكة وهي جمع وذكر معه وأو الجمع.

(٧) سنن النسائي ج ٢ حديث : ٤٨١.

(٨) بعض العرب فأكلونى مسند إلى الظاهر الجمع وهو البراغيث وذكر معه وأو الجمع.

(٩) فألحق ألف التثنية بالفعل وهو أسلما مع أن فاعله اسم ظاهر وهو مبعد وحميم.


[تولّى قتال المارقين بنفسه]

وقد أسلماه مبعد وحميم

وقوله :

[نتج الرّبيع محاسنا]

ألقحنها غرّ السّحائب (١)

ويرفع الفاعل فعل أضمرا

كمثل زيد في جواب من قرأ

(ويرفع الفاعل فعل أضمرا) (٢) تارة جوزا إذا أجيب به (٣) استفهام ظاهر (كمثل زيد في جواب من قرأ) أو مقدّر (٤) نحو (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ)(٥)(٦) ببناء يسبّح للمفعول ، (٧) أو أجيب به (٨) نفي كقولك لمن قال لم يقم أحد «بلى زيد» (٩) وتارة وجوبا (١٠) إذا فسّر (١١) بما بعده كقوله سبحانه (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ)(١٢).

__________________

(١) فألحق نون جمع الإناث بألقحنها والفاعل اسم ظاهر وهو الغر جمع غرّاء.

(٢) أي : فعل مقدر.

(٣) بالفاعل.

(٤) أي : استفهام مقدر

(٥) فرجال فاعل لفعل مقدر وهو يسبّح لوقوع رجال جوابا عن استفهام مقدر فكأنه قيل من يسبح له فيها فأجيب يسبح رجال.

(٦) النّور ، الآية : ٣٦.

(٧) إذ لو كان يسبح مبنيا للفاعل فرجال فاعل له لا للمقدر.

(٨) أي : بالفاعل.

(٩) أي : قام زيد.

(١٠) عطف على قوله تارة جوازا أي وقد يكون إضمار الفعل واجبا.

(١١) أي : الفعل المحذوف بفعل بعده كما في الآية فأن استجارك مفسر للفعل المحذوف وهو مثله ووجوب حذفه لأنه إذا ذكر كان تكرارا ولغوا.

(١٢) التوبة ، الآية : ٣٦.


وتاء تأنيث تلي الماضي إذا

كان لأنثي كأبت هند الأذى

(وتاء تأنيث) ساكنة (تلي) الفعل (الماضي) دلالة على تأنيث فاعله (إذا كان لأنثى) ولا تلحق المضارع لاستغنائه بتاء المضارعة (١) ولا الأمر لاستغائه بالياء (٢) (كأبت هند الأذى).

وإنّما تلزم فعل مضمر

متّصل أو مفهم ذات حر

(وإنّما تلزم) هذه التّاء (فعل مضمر) أي فعلا مسندا إليه (٣) سواء كان مضمر مؤنّث حقيقيّ أو مجازيّ (متّصل) به نحو «هند قامت» و «الشّمس طلعت» بخلاف المنفصل نحو «هند ما قام إلّا هي» وشذّ حذفها في المتّصل في الشعر (٤) كما سيأتي (أو) فعلا (٥) مسندا إلى ظاهر (مفهم ذات حر) أي صاحبة فرج ، ويعبّر عن ذلك بالمؤنّث الحقيقيّ نحو «قامت هند» بخلاف المسند إلى ظاهر مؤنّث غير حقيقيّ نحو «طلعت الشّمس» فلا تلزمه (٦).

وقد يبيح الفصل ترك التّاء فى

نحو أتي القاضى بنت الواقف

(وقد يبيح الفصل) بين الفعل والفاعل بغير إلّا (ترك التّاء فى) فعل مسند إلى ظاهر مؤنّث حقيقىّ (نحو أتى القاضي بنت الواقف) (٧) وقوله :

__________________

(١) كتضرب فإنها تدل على التأنيث.

(٢) نحو اضربي.

(٣) إلى الضمير أي إذا كان فاعل الفعل ضميرا.

(٤) وهو قوله ولا مزنة الشاهد في قوله أبقل.

(٥) أى : تلزم هذا التاء أيضا فعلا مسند إلى الظاهر بشرط أن يكون مؤنثا حقيقيا.

(٦) التاء.

(٧) فأباح الفصل وهو القاضي ترك التاء في أتي مع أنه مسند إلى المؤنث الحقيقي وهو البنت.


إنّ امرء غرّه منكن واحدة

بعدي وبعدك في الدّنيا لمغرور (١)

والأجود فيه (٢) إثباتها.

والحذف مع فصل بإلّا فضّلا

كما زكا إلّا فتاة ابن العلا

(والحذف) للتّاء من فعل مسند إلى ظاهر مؤنّث حقيقيّ (مع فصل) بين الفعل والفاعل (بإلّا فضّلا) على الإثبات (كما زكا إلّا فتاة ابن العلا) إذ الفعل (٣) في المعنى مسند إلى مذكّر لإنّ تقديره ما زكا أحد إلّا فتاة ابن العلا ، ومثال الإثبات (٤) قوله :

ما برئت من ريبة وذمّ

في حربنا إلّا بنات العمّ

والحذف قد يأتي بلا فصل ومع

ضمير ذي المجاز في شعر وقع

(والحذف) للتّاء من فعل مسند إلى ظاهر مؤنّث حقيقيّ (قد يأتي بلا فصل) حكى سيبويه عن بعضهم «قال فلانة).

(و) الحذف (مع) الإسناد إلى (ضمير) المؤنّث (٥) (ذي المجاز) وهو الّذي ليس له فرج (في شعر وقع) قال عامر الطّائي :

فلا مزنة ودقت ودقها

ولا أرض أبقل إبقالها (٦)

__________________

(١) فترك التاء من غرّه مع أنه مسند إلى المؤنث الحقيقي وهي واحدة وذلك للفصل بين الفعل وفاعله بـ «منكّن».

(٢) أي : في الفصل بين الفعل وفاعله إذا كان الفاعل مؤنثا حقيقيا وكان الفصل بغير إلّا.

(٣) دليل لتفضيل الحذف لأن الاستثناء إخراج شيء عن شيء فلا بد من وجود المخرج عنه وهو المستثني منه والمستثني منه في المثال أحد وهو مذكر.

(٤) أي : إثبات التاء فأثبتت التاء في برئت مع الفصل بينه وبين فاعله وهو بنات العم بإلّا.

(٥) الذي قال المصنف بلزوم إثباتها في قوله وإنما تلزم فعل مضمر.

(٦) فاعل أبقل ضمير يعود إلى الأرض وهي مؤنث مجازي.


وحمله (١) ابن فلّاح في الكافية على أنّه عائد إلى محذوف ، أي ولا مكان للأرض أبقل والضمير في إبقالها للأرض.

والتّاء مع جمع سوي السّالم من

مذكّر كالتّاء مع إحدي اللّبن

(والتّاء مع) (٢) فعل مسند إلى (جمع سوي السّالم من مذكّر) وهو جمع التّكسير وجمع المؤنّث السّالم (كالتّاء (٣) مع) مسند إلى ظاهر مؤنّث غير حقيقىّ نحو (إحدي اللّبن) (٤) أي لبنة ، فيجوز إثباتها نحو «قالت الرّجال» و «قامت الهندات» على تأويلهم (٥) بالجماعة وحذفها نحو «قام الرّجال» و «قام الهندات» على تأويلهم بالجمع (٦). هذا مقتضى إطلاقه (٧) في جمع المؤنّث وإليه ذهب أبو علي وفي التّسهيل خصّصه بما كان مفرده مذكّرا كالطّلحات أو مغيّرا كبنات (٨) أمّا غيره (٩) كالهندات

__________________

(١) أي : الشعر.

(٢) يعني إذا كان فاعل الفعل جمعا غير المذكر السالم كجمع المكسر والمؤنث السالم نحو جاء الرجال وجاء المسلمات يجوز ذكر التاء مع فعله نحو جائت الرجال وجائت المسلمات وعدم ذكرها فيقال جاء الرجال كما إذا كان الفاعل ظاهرا مؤنثا غير حقيقي.

(٣) أي : كحكم التاء مع فعل فاعله ظاهر مؤنّث غير حقيقي.

(٤) بكسر الباء أي واحدة منها لأن اللبن جمع إحداها لبنة.

(٥) يعنى إثبات التاء مبنى على تأويلهم بالجماعة فالتقدير جماعة الهندات.

(٦) فالتقدير قام جمع الهندات وقال جمع الرجال.

(٧) يعني جواز الوجهين في مطلق الجمع المكّسر يستفاد من إطلاق كلام المصنف لقوله سوي السالم ، والجمع غير السالم يشمل المذكر والمؤنث وما كان مفرده مذكرا كالطلحات أو مؤنثا كالهندات وأما في التسهيل فخص التخيير بما كان مفرده مذكرا أو مكسرا وأما الجمع المؤنث الذي مفرده مؤنث كالهندات فحكمه حكم مفرده من لزوم التاء ولا تخيير فيه.

(٨) فإن مفردها بنت بكسر الباء ، وسكون النون وفي الجمع بفتح الباء والنون فتغيّر.

(٩) أي : غير ما كان مفرده مذكرا أو مغيّرا.


فحكمه حكم واحده (١) ولا يجوز «قام الهندات» إلّا في لغة قال فلانة. قال في شرح الكافية ومثل جمع التّكسير ما دلّ على جمع لا واحد له من لفظه كنسوة تقول «قال نسوة» و «قالت نسوة» أمّا جمع المذكر السّالم ، فلا يجوز فيه اعتبار التّأنيث (٢) لأنّ سلامة نظمه (٣) تدلّ على التّذكير ، والبنون جرى مجرى التّكسير لتغيّر نظم واحده كبنات (٤).

والحذف في نعم الفتاة استحسنوا

لأنّ قصد الجنس فيه بيّن

(والحذف) للتّاء (فى) فعل مسند إلى جنس المؤنّث (٥) الحقيقي نحو «نعم الفتاة» وبئس المرأة (استحسنوا لأنّ قصد الجنس فيه) (٦) على سبيل المبالغة والمدح والذّمّ (بيّن) (٧) ولفظ الجنس مذكّر (٨) ويجوز التّأنيث على مقتضي الظّاهر (٩) فتقول «نعمت الفتاة» و «بئست المرأة».

والأصل في الفاعل أن يتّصلا

والأصل في المفعول أن ينفصلا

وقد يجاء بخلاف الأصل

وقد يجي المفعول قبل الفعل

__________________

(١) فكما لا يجوز أن يقال قام هند لا يجوز أن يقال قام الهندات.

(٢) أي : لا يعامل معه معاملة المؤنث كتأنيث فعله أو تابعه.

(٣) لعدم تغيير مفرده فكان سالما والتانيث عيب والعيب لا يعطي للسالم بل للمعيب.

(٤) فإن أصله ابن معه الهمزة وسكون الباء وبنون بفتح الباء وحذف الباء وحذف الهمزة.

(٥) أي : الكّلي كالمرئة والفتاه لا الفرد الخاص كهند وفاطمة.

(٦) أي : في نعم الفتاة.

(٧) فإن مراد القائل من قوله نعم الفتاة هند مثلا أنها تمتاز عن غيرها في جمع فتاة العالم فواضح أن مراد القائل جنس الفتاة لا الشخص.

(٨) فيذكر الفعل معه باعتبار لفظ الجنس.

(٩) لأن الفتاة والمرئة مؤنّثتان.


(والأصل في الفاعل أن يتّصلا) بفعله لأنّه كالجزء منه (والأصل في المفعول أن ينفصلا) عن فعله لأنّه فضلة (١) نحو «ضرب زيد عمرا» (وقد يجاء بخلاف الأصل) فيقدّم المفعول على الفاعل نحو «ضرب عمرا زيد» (وقد يجيء المفعول قبل الفعل) نحو (فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ)(٢).

وأخّر المفعول إن لبس حذر

أو أضمر الفاعل غير منحصر

(وأخّر المفعول) وقدّم الفاعل وجوبا (إن لبس) بينهما (حذر) (٣) كأن لم يظهر إعراب ، (٤) ولا قرينة نحو «ضرب موسى عيسى» إذ رتبة الفاعل التّقديم (٥) ولو أخّر لم يعلم فإن كان ثمّة قرينة جاز التّأخير نحو «أكل الكمّثرى (٦) موسى» و «أضنت (٧) سعدى الحمّى» (أو أضمر الفاعل) أي جيء به ضميرا (غير منحصر) نحو «ضربت

__________________

(١) أي : ليس بركن في الكلام فأن أركان الكلام في الجملة الفعلية هو الفعل والفاعل وفي الاسمية هو المبتدا والخبر وباقي المتعلقات فضلة.

(٢) الأعراف ، الآية : ٣٠.

(٣) يعني إذا كان بين الفاعل والمفعول تشابه ولزم الحذر من الاشتباه.

(٤) إذ لو كان إعرابها ظاهرا نحو ضرب زيد عمرو ، العلم أن المرفوع فاعل والمنصوب مفعول ولو كان قرينة أي أمر من خارج اللفظ يدل على أن أيّهما فاعل وأيّهما مفعول لارتفع اللبس أيضا كما في مثال أكل الكمثري يحيي لأنا نعلم بأن الكمثري مأكول وإن تقدم فهو مفعول ويحيي فاعل وإن تأخر.

(٥) دليل للزوم تقديم الفاعل عند اللبس وحاصله أنّ السامع بعد ما لم يرفي اللفظ إعرابا لم تدل قرينة على التعيين فلم يبق له إلّا أن يستدل بالتقّدم الرتبي فيحكم بأن الأول فاعل والثاني مفعول لكون الفاعل مقدم رتبة فيجب على المتكلم تقديم الفاعل لا لا ينقطع السامع عن الدليل فيبقي في الاشتباه واللبس.

(٦) فاكهة يقال لها بالعربي أجّاص وبالفارسي گلابى.

(٧) من باب الإفعال مجرده ضنا ويقال أضنا المرض فلانا أي أثقله وسعدي اسم امرئه وليست بنبت هنا كما توهم ومثل بهذا المثال لوجود القرينة فيما كان الفاعل والمفعول مؤنثين فتأنيث الفعل لا يمييز في الفاعل فالمميز هو القرينة وهي علمنا بأن الحمي هي التي تثقل سعدي وتضعفها لكونها مرضا فحمي فاعل وسعدي مفعول.


زيدا» فان كان منحصرا وجب تأخيره نحو «ما ضرب زيدا إلّا أنت» ، وكذا (١) إذا كان المفعول ضميرا نحو «ضربني زيد».

وما بإلّا أو بإنّما انحصر

أخّر وقد يسبق إن قصد ظهر

(وما بإلّا أو بإنّما انحصر) سواء كان (٢) فاعلا أو مفعولا (أخّر) وجوبا (٣) مثال حصر الفاعل نحو «ما ضرب عمرا إلّا زيد» و «إنّما ضرب عمرا زيد» ومثال حصر المفعول نحو «ما ضرب زيد إلّا عمرا» و «إنّما ضرب زيد عمرا».

(وقد يسبق) المحصور (٤) سواء كان فاعلا أو مفعولا (إن قصد ظهر) بأن كان محصورا (٥) بإلّا وهذا ما ذهب إليه الكسائي واستشهد (٦) بقوله :

[تزوّدت من ليلى بتكليم ساعة]

فما زاد إلّا ضعف ما بي كلامها

وقوله :

ما عاب إلّا لئيم فعل ذي كرم

[ولا جفا قطّ إلا جبّأ بطلا]

ووافقه (٧) ابن الأنباري في تقديمه (٨) إن لم يكن فاعلا والجمهور على المنع (٩)

__________________

(١) أي : يجب التقديم إذا كان المفعول ضميرا والفاعل اسما ظاهرا.

(٢) المنحصر.

(٣) لأن لا يلتبس الأمر على السامع فيفهم عكس مقصود المتكلم.

(٤) وقلنا أنّه من شأنه أن يتأخّر.

(٥) بيان لمورد ظهور القصد لما يبين قريبا من عدم ظهور قصد الحصر في انما الا بالتاخير.

(٦) والصحيح أن يقال أن المحصور فيه ما وقع بعد إلّا بلا فصل سواء تقدم عليه ما حصر فيه أو تأخر عنه ولهذا تري في المثالين اتصال المحصور فيه بها.

(٧) أي : وافق الكسائي.

(٨) أي : المحصور كما في البيت الأول إذ المتقدم وهو ضعف ليس بفاعل بل الفاعل هو كلامها بخلاف البيت الثاني فإن المتقدم وهو لئيم فاعل.

(٩) أي : منع تقديم المحصور مطلقا سواء كان فاعلا أو غيره وسواء كان الحصر بإلّا أو بإنّما.


مطلقا. أمّا المحصور بإنّما فلا يظهر قصد الحصرية إلّا بالتّأخير.

وشاع نحو خاف ربّه عمر

وشدّ نحو زان نوره الشّجر

(وشاع) أي كثر وظهر تقديم المفعول على الفاعل إذا اتّصل به ضمير يعود على الفاعل ، ولم يبال (١) بعود الضّمير على متأخّر لأنّه (٢) متقدّم في الرّتبة وذلك (نحو خاف ربّه عمرو وشذّ) تقديم الفاعل إذا اتّصل به ضمير يعود على المفعول (نحو زان نوره الشّجر) لعود الضّمير على متأخّر لفظا ورتبة ، وذلك لا يجوز إلّا في مواضع ستّة (٣) ليس هذا (٤) منها ، وفي الضّرورة (٥) نحو

لمّا عصى قومه مصعبا

[ادّي اليه الكيل صاعا بصاع]

وأجازه (٦) ابن جنّي في النّثر بقلّة وتبعه المصنّف. قال : لأنّ استلزام الفعل (٧) للمفعول يقوم مقام تقديمه.

__________________

(١) أي : لم يعتن بقانون منع الإضمار قبل الذكر لجواز ذلك فيما كان مرجع الضمير متقدما رتبة.

(٢) أي : الفاعل.

(٣) أحدها الضمير المرفوع بنعم وبئس ثانيها الضمير المرفوع بأحد المتنازعين الذين أعمل ثانيهما ، وثالثها أن يكون الضمير مخبرا عنه فيفسّره خبره نحو (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) (الأنعام ، الآية : ٢٩) و (المؤمنون ، الآية : ٣٧) رابعها ضمير الشأن والقصة نحو (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (الإخلاص ، الآية : ١) خامسها الضمير المجرور برب نحو ربّه رجلا سادسها أن يكون الضمير مبدلا منه وبدله اسم ظاهر نحو ضربته زيدا.

(٤) أي : ما نحن فيه وهو تقديم الفاعل إذا اتصل به ضمير يعود على المفعول ليس من الموارد الستة التي يجوز فيها العود إلى المتأخر لفظا ورتبة.

(٥) عطف على مواضع ستة أي وإلّا في الضرورة فأن قومه في البيت فاعل واتصل به ضمير يعود إلى المفعول وهو مصعبا.

(٦) أي : تقديم الفاعل المتصل به ضمير المفعول المتأخر.

(٧) يعني حيث إن المفعول لازم للفعل ومكانه متصل بالفعل وله مكان ورتبة بوصف الفعل فكأنه مقدم وإن كان بحسب الظاهر مؤخرا.


هذا باب النّائب عن الفاعل إذا حذف

والتّعبير به (١) أحسن من التّعبير بمفعول ما لم يسمّ فاعله لشموله (٢) للمفعول وغيره (٣) ولصدق الثّاني (٤) على المنصوب في قولك «أعطي زيد درهما» وليس مرادا.

ينوب مفعول به عن فاعل

فيما له كنيل خير نائل

(ينوب مفعول به) إن كان موجودا (٥) (عن فاعل فيما له) (٦) من رفع وعمديّة (٧)

__________________

(١) أي : بالنائب عن الفاعل.

(٢) أي : النائب للفاعل وهذا دليل لرجحان هذا التعبير على التعبير الثاني إذ قد ينوب الظرف أو الجار والمجرور أو المصدر ويصدق عليها نايب الفاعل ولا يصدق مفعول ما لم يسم فاعله عليها.

(٣) كالظرف والجار والمجرور والمصدر.

(٤) وهو التعبير بمفعول ما لم يسم فاعله وهذا دليل مرجوحية التعبير الثاني فإن درهما مفعول لم يسم فاعله لعدم وجود الفاعل في الجملة المذكورة فيصدق عليه مفعول ما لم يسم فاعله والحال إنه ليس بمراد للقائل بهذا التعبير لأنّ مراده ما ناب الفاعل وفي المثال هو زيد وامّا درهما فمفعول ثان.

(٥) أي : ان كان المفعول به موجودا في الكلام ، وأما ان لم يكن كما إذا كان الفعل لازما فما وجد من الظرف وغيره فذاك هو النايب للفاعل.

(٦) أي : ينوب عن الفاعل في الأحكام التي للفاعل.

(٧) بضم العين ، أي : في كون الفاعل عمدة وركنا في الكلام فيكون النايب للفاعل أيضا عمدة وركنا.


وامتناع تقديمه (١) على الفعل وغير ذلك (٢) (كنيل خير نائل) و «زيد مضروب غلامه» (٣).

فأوّل الفعل اضممن والمتّصل

بالآخر اكسر في مضىّ كوصل

(فأوّل الفعل) الّذي حذف فاعله (اضممن) سواء كان ماضيا أو مضارعا (والمتّصل بالآخر اكسر في مضيّ) فقط (كوصل) ودحرج.

واجعله من مضارع منفتحا

كينتحي المقول فيه ينتحى

(واجعله) أي المتّصل بالآخر (من) فعل (مضارع منفتحا كينتحي المقول فيه) إذا بني لما لم يسمّ فاعله (٤) (ينتحى) وكيضرب ويدحرج ويستخرج.

والثّاني التّالى تا المطاوعة

كالأوّل اجعله بلا منازعة

(و) الحرف (الثّاني التّالي) أي الواقع بعد (تاء المطاوع (٥) كالأوّل اجعله) فضمّه (بلا منازعة) في ذلك ، أي بلا خلاف نحو «تعلّم العلم» و «تدحرج في الدّار» لأنّه لو لم يضمّ لالتبس بالمضارع المبنيّ للفاعل (٦) وكذا يضمّ الثّاني التّالي ما أشبه تاء

__________________

(١) أي : النايب للفاعل كما لا يتقدم الفاعل على الفعل.

(٢) كاستحقاق الاتصال بالفعل وتأنيث الفعل لتأنيثه.

(٣) مثل بهذا المثال ليفهم أن نايب الفاعل لا ينحصر في الفعل بل يؤتي به لاسم المفعول أيضا.

(٤) أي : بني للمجهول.

(٥) أي : التاء في باب التفعّل والتفاعل والتفعلل.

(٦) أي : لو لم يضم الحرف الثاني ، بل بقي مفتوحا لا لتبس الماضي المجهول من باب التفعّل مثلا كتعلّم بالمضارع المعلوم من باب التفعيل إذا كان مبدوا بالتاء كالمخاطب والغائبة المؤنّثة فأن الحرف الأول في المعلوم المضارع من التفعيل مضموم ، واللام مكسور.


المطاوعة (١) نحو تكبّر وتخيّر.

وثالث الّذي بهمز الوصل

كالأوّل اجعلنّه كاستحلي

(وثالث) الماضي (الّذى) ابتدئ (بهمز الوصل كالأوّل اجعلنّه) فضمّه (كاستحلي) لئلّا يلتبس بالأمر في بعض الأحوال (٢).

واكسر أو اشمم فاثلاثىّ أعلّ

عينا وضمّ جاكبوع فاحتمل

(واكسر) فاء ثلاثيّ معتلّ العين لأنّ الأصل أن تضمّ أوّله وتكسر ما قبل آخره فتقول في قال وباع ، قول وبيع فاستثقلت الكسرة على الواو ، والياء ونقلت الى الفاء فسكنتا فقلبت الواو ياء لسكونها بعد كسرة وسلمت الياء لسكونها بعد حركة تجانسها (٣) وهذه اللّغة العليا (٤).

(أو اشمم فاء ثلاثيّ أعلّ عينا) (٥) بأن تشير إلى الضّمّ مع التّلفّظ بالكسر ولا تغيّر الياء (٦). هذه اللّغة الوسطى (٧) وبها قرأ ابن عامر والكسائي في «قيل» و «غيض» (٨).

__________________

(١) أي : ما كان من الأبواب المذكورة كالتفعّل والتفاعل إلّا أنه لم يكن للمطاوعة بل بمعنى آخر كالمثالين.

(٢) وهي المؤنث من الأمر الحاضر عند اتصاله بما قبله وسقوط الهمزة في الدرج نحو ثم استحلي فإن لم تضم التاء وبقيت مفتوحة التبس مجهول الماضي بالأمر لأن الفارق هو الهمزة لكونها مضمونة في الماضي المجهول ومكسورة في الأمر ولكنها حذفت للوصل فلم يبق فرق.

(٣) وهى : كسرة الفاء.

(٤) أي : كسر الفاء هي اللغة الأفصح من الإشمام والضم.

(٥) أي : أعل عينه في المعلوم بتبديل الواو أو الياء ألفا.

(٦) أي : لا تبدله واوا.

(٧) من حيث الفصاحة.

(٨) من قوله تعإلى (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ) (هود ، الآية : ٤٤).


(وضمّ) للفاء (جاء) عن بعض العرب مع حذف حركة العين فسلمت الواو (١) وقلبت الياء واوا (٢) كحوكت في قوله :

حوكت على نولين إذ تحاك

[تختبط الشّوك ولا تشاك]

و (كبوع) في قوله :

ليت وهل ينفع شيئا ليت

ليت شبابا بوع فاشتريت

وقوله : (فاحتمل) أي فأجيز. وخرج بقوله «أعلّ» ما كان معتلّا ولم يعلّ (٣) نحو عور في المكان (٤) فحكمه حكم الصّحيح. ثمّ هذه اللغات الثلاث إنّما تجوز مع أمن اللّبس (٥).

وإن بشكل خيف لبس يجتنب

وما لباع قد يري لنحو حبّ

(وإن بشكل) من الاشكال (٦) المتقدّمة (خيف لبس) يحصل بين فعل الفاعل وفعل المفعول (يجتنب) ذلك الشّكل كخاف ، فإنّه إذا أسند إلى تاء الضّمير (٧) يقال خفت بكسر الخاء (٨) فإذا بني للمفعول فإن كسرت حصل اللّبس (٩) فيجب ضمّه فيقال

__________________

(١) في الأجوف الواوي.

(٢) في اليائي.

(٣) أي : لم تبدل واوه ياءا.

(٤) أي : ستر فيه ، من العورة.

(٥) يعني أن التخيير بين الوجوه الثلاثة أنما تكون عند أمن اللبس وأما إذا حصل لبس فاللازم اختيار وجه يؤمن معه من اللبس.

(٦) الثلاثة.

(٧) المخاطب أو المخاطبة أو المتكلم.

(٨) أي : الخاء من خفت.

(٩) بين المعلوم والمجهول.


خفت ، ونحو «طلت» (١) أي غلبت في المطاولة (٢) يجتنب فيه الضّم لئلّا يلتبس بـ «طلت» (٣) المسند إلى الفاعل من الطّول ضدّ القصر.

وما لفا باع لما العين تلي

في اختار وانقاد وشبه ينجلي

(وما لباع) إذا بني للمفعول من كسر الفاء وإشمامها وضمّها (قد يرى لنحو حبّ) من الثّلاثي المضاعف المدغم إذا بني للمفعول ، وأوجب الجمهور الضّمّ ، واستدلّ مجيز الكسر برواية علقمة (٤) نحو (رُدَّتْ)(٥) إِلَيْنا (٦).

(وما) ثبت (لفا باع) إذا بني للمفعول من جواز الثّلاثة (٧) فهو (لما العين تلى (٨) فى) كلّ ثلاثيّ معتلّ العين وهو على (وزن) افتعل وانفعل نحو (اختار وانقاد وشبه) لذين (ينجلي) خبر (٩) هو (١٠) محطّ حصول ما لفاء باع لما وليته العين فيما ذكر ، (١١) فيجوز فيه كسر التّاء والقاف وضمّهما والإشمام على العمل السّابق ، ويلفظ بهمزة الوصل على حسب اللّفظ (١٢) بهما.

__________________

(١) مجهولا.

(٢) الترفع والمفاخرة.

(٣) مع أنها من باب واحد وكلاهما واوي العين إلّا أنهم فرّقوا بينهما في اللفظ لاختلافهما في المعني كي لا يلتبسا.

(٤) أي : قرائته وهو أحد القراء.

(٥) بكسر الراء.

(٦) يوسف ، الآية : ٦٥.

(٧) الكسر والضم والإشمام.

(٨) أي : للحرف قبل العين كالتاء في اختير والقاف في انقيل والأصل تليه فحذف الضمير للضرورة.

(٩) لما الموصولة يعني ما لفا باع من الأحكام الثلاثة ينجلي لما العين تلي.

(١٠) أي : ينجلي محط أي محل نزول أحكام فاباع فالمعني ما لفا باع ينزل وينجلي في الحرف قبل العين.

(١١) من الوجوه الثلاثة.

(١٢) أي : حسب التلفظ بالتاء والقاف فتضم الهمزة عند ضمهما وتكسر عند كسرهما.


وقابل من ظرف او من مصدر

أو حرف جرّ بنيابة حري

(وقابل) للنّيابة (من ظرف) بأن كان (١) متصرّفا مختصّا (٢) أو غير مختصّ لكن قيّد الفعل بمعمول آخر (٣) (أو من مصدر) بأن كان متصرّفا (٤) لغير التّوكيد (٥) (أو حرف جرّ) مع مجروره بأن لم يكن (٦) متعلّقا بمحذوف ولا علّة (٧) (بنيابة) من الفاعل (حري) أي جدير ، نحو «سير يوم السّبت» و «سير بزيد يوم» و «ضرب ضرب شديد» ، (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ)(٨)(٩) ونقل أبو حيّان في الارتشاف اتّفاق البصريّين والكوفيّين على أنّ النائب هو المجرور ، وأنّ الّذي قاله المصنّف من أنّهما معا النائب ، لم يقله أحد.

وغير القابل لا ينوب نحو «إذا» و «عند» و «سبحان الله» و «معاذ الله» ، و «ضربا» في «ضربت ضربا» (١٠).

__________________

(١) بيان للقابل من الظرف والظرف المتصرف ما يستعمل في غير الظرفية أيضا كالفاعلية والمفعولية والإضافة وغيرها نحو صم رمضان واتت رمضان ورمضان شهر مبارك.

(٢) بالعلمية كرمضان أو بالإضافة كيوم العيد وغير المختص ما كان مطلقا كيوم وشهر وسنة.

(٣) نحو سير يوم بزيد فيوم ظرف غير مختص لكن عامله وهو سير قيد بقولنا بزيد فصح نيابة يوم عن الفاعل.

(٤) بيان للمصدر القابل والمصدر المتصرف ما استعمل في غير النصب على المصدرية أيضا كالفاعلية والمفعولية وغيرهما نحو أعجبني ضرب زيد وانكرت قتل عمرو.

(٥) فالمصدر الذي للتوكيد نحو ضربت ضربا لا يقع نايبا للفعل.

(٦) بيان للقابل من الجار والمجرور للنيابة فأن المتعلق بالمحذوف معمول لمتعلقه لا للفعل المجهول المذكور في الكلام.

(٧) كالمجرور بلام السببية وبائها.

(٨) فالمثال الأول للظرف المختص بالإضافة والثاني للظرف غير المختصّ الذي قيد فعل بمعمول أخر وهو يزيد والثالث للمصدر المتصرّف النوعي والرابع لنيابة الجار والمجرور المتعلق بالمذكور وهو سقط.

(٩) الأعراف ، الآية : ١٤٩.

(١٠) لعدم تصرف الأولين لأنهما لا يستعملان إلّا في الظرفية فلا يكونان فاعلا ولا مفعولا مثلا وعدم تصرف الثالث والرابع لعدم استعمالهما إلّا منصوبين على المصدرية وكون الخامس لتوكيد.


وفهم من تخصيصه النّيابة بما ذكر أنّه لا يجوز نيابة التّمييز ولا المفعول له ولا المفعول معه وصرّح (١) بالأوّل في التّسهيل وبالثاني في الارتشاف وبالثالث في اللّباب.

ولا ينوب بعض هذي ان وجد

في اللّفظ مفعول به وقد يرد

(ولا ينوب بعض هذي) الثّلاثة المتقدّمة (٢) (إن وجد في اللّفظ مفعول به) كما لا يكون (٣) فاعلا إذا وجد اسم محض. هذا مذهب سيبويه (٤) (و) ذهب الكوفيّون والأخفش إلى أنّه (قد يرد) نيابة غير المفعول به مع وجوده كقوله تعالى : (لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(٥)(٦) وقول الشّاعر :

لم يعن بالعلياء إلّا سيّدا

ولا شفي ذا الغيّ إلّا ذو هدى (٧)

واختاره (٨) في التّسهيل.

وباتّفاق قد ينوب الثّان من

باب كسى فيما التباسه أمن

(وباتّفاق) من جمهور النحاة (قد ينوب) عن الفاعل المفعول (الثاني من باب كسى فيما التباسه أمن) نحو «كسى زيدا جبّة» بخلاف ما إذا لم يؤمن الإلتباس فيجب أن ينوب الأوّل (٩) نحو «أعطى عمرو وبشرا» ، وحكى عن بعضهم منع إقامة الثاني

__________________

(١) أي : المصنف في كتبه الثلاثة بعدم وقوع الثلاثة نايبا للفاعل.

(٢) يعني الظرف والمصدر وحرف الجر.

(٣) بعض هذه الثلاثة والاسم المحض كالأعلام وأسماء الأجناس.

(٤) أي : عدم جواز نيابة غير المفعول به مع وجوده.

(٥) فأنيب الجار والمجرور وهي بما مع وجود المفعول به وهو قوما.

(٦) الجاثية ، الآية : ١٤.

(٧) فأنيب بالعلياء مع وجود المفعول به وهو سيدا.

(٨) أي : اختار المصنف مذهب الكوفيّين والأخفش وهو نيابة غير المفعول به مع وجوده.

(٩) لصلاحية كل من عمرو وبشر لأن يكون معطيا ومعطلا فلا يعرف الأخذ من المأخوذ فيجب تقديم ـ ـ الأخذ منهما ليعرف بالتقدم.


مطلقا ، (١) وعن بعض آخر المنع إن كان نكرة والأوّل معرفة ، ولعلّ المصنّف لم يعتدّ بهذا الخلاف (٢) وقد صرّح بنفيه في شرحي التّسهيل والكافية ، وحيث جاز إقامة الثّاني فالأوّل أولى لكونه فاعلا في المعنى (٣).

في باب ظنّ وأري المنع اشتهر

ولا أري منعا إذا القصد ظهر

(في باب ظنّ وأرى) المتعدّية لثلاثة (المنع) من إقامة الثّاني (٤) ووجوب إقامة الأوّل (٥) (اشتهر) عن كثير من النّحاة. قال الأبّذي في شرح الجزوليّة : لأنّه (٦) مبتدأ وهو أشبه بالفاعل ، فإنّ مرتبته قبل الثاني لأنّ مرتبة المبتدأ قبل الخبر ومرتبة المرفوع قبل المنصوب ففعل ذلك (٧) للمناسبة ، وخالف ابن عصفور وجماعة وتبعهم المصنّف فقال : (ولا أرى منعا) من نيابة الثّاني (إذا القصد ظهر) (٨) ولم يكن (٩) جملة ولا ظرفا

__________________

(١) سواء أمن اللبس أم لم يؤمن كان الثانى نكرة والأول معرفة أم لا.

(٢) لقوله وباتفاق.

(٣) لكونه لا بسا في كسي وأخذا في أعطي.

(٤) في باب ظن فيكون المراد من الثاني في باب أري هو الثالث لكونه بحكم ثاني ظن في كونهما خبرين في الأصل.

(٥) من مفعولى ظن والثانى من أرى كما قلنا.

(٦) أي : الأول مبتداء في الأصل والثاني خبر والمبتدا أشبه بالفاعل من الخبر ، فالمناسب نيابة ما هو أشبه هذا أول دليليه ودليله الثاني قوله فإن مرتبته ولو قال (وإن) بدل (فإن) كان أحسن وحاصله أن الأول مقدم على الثاني رتبة ونعلم أن المرفوع مقدم على المنصوب فالمناسب أن نعطي المقدم أي المرفوعية للمقدم وهو المفعول الأول والمتأخر وهو المنصوبية للمتأخر رتبة أي الثاني.

(٧) أي : نيابة الأوّل.

(٨) أي : إذا كان قصد المتكلم ومراده ظاهرا ولا يوجب نيابة الثاني خفاء في قصده نحو ظن قائم زيدا دون نحو ظن عمرو زيدا.

(٩) المفعول الثاني جملة نحو ظننت زيدا ضرب عمروا أو ظرفا نحو ظننت زيدا عندك.


كما في التّسهيل كقولك في جعل الله ليلة القدر خيرا من ألف شهر : جعل خير من ألف شهر ليلة القدر.

أمّا الثّالث من باب أرى ففي الارتشاف ادّعى ابن هشام الاتّفاق على منع إقامته (١) وليس كذلك (٢) ففي «المخترع» جوازه عن بعضهم. وكما لا يكون للفعل إلّا فاعل واحد كذلك لا ينوب عن الفاعل إلّا شيء واحد.

وما سوي النّائب ممّا علّقا

بالرّافع النّصب له محقّقا

(وما سوى النّائب) عنه (٣) (ممّا علّقا بالرّافع) (٤) أي رافع النّائب وهو الفعل واسم المفعول والمصدر على ظاهر قول سيبويه (٥) (النّصب له محقّقا) لفظا إن لم يكن جارّا ومجرورا نحو «ضرب زيد يوم الجمعة أمامك ضربا شديدا» (٦) ومحلّا إن يكنه (٧) نحو (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ)(٨).

__________________

(١) أي : الثالث مقام الفاعل.

(٢) أي : ليس المسئلة اتّفاقية كما زعم ابن هشام.

(٣) عن الفاعل.

(٤) أي : من متعلقات الرافع من حال أو تمييز أو غير ذلك.

(٥) في المصدر فإن ظاهره أن المصدر أيضا يقبل نايب الفاعل ومثّل له بقوله تعإلى من بعد غلبهم.

(٦) فقام معمول واحد وهو المفعول به مقام الفاعل وبقي باقي المتعلقات على النصب.

(٧) أي : النصب محلا إن يكن جارا أو مجرور.

(٨) الحاقة ، الآية : ١٣.


هذا باب اشتغال العامل عن المعمول

وهو أن يتقدّم اسم ويتأخّر فعل أو شبهه (١) قد عمل (٢) في ضميره أو سببه لو لا ذلك (٣) لعمل فيه أو في موضعه.

إن مضمر اسم سابق فعلا شغل

عنه بنصب لفظه أو المحلّ

(إن مضمر اسم سابق فعلا) (٤) مفعول بقوله : (شغل) أي ذلك المضمر (٥) (عنه) أي عن الاسم السّابق (بنصب لفظه) أي لفظ ذلك المضمر (أو المحلّ) أي محلّه (٦).

__________________

(١) أي : شبه الفعل كاسم الفاعل نحو زيد ضاربه عمرو.

(٢) الفعل وشبهه في ضمير ذلك الاسم المتقدم أو في سبب ضميره أي المضاف إلى ضميره نحو زيدا ضربت أخاه.

(٣) أي : بحيث لو لا عمله في الضمير أو سببه لعمل في نفس الاسم المتقدم إن كان معربا أو فى محله إن كان مبنيا.

(٤) فالضمير شغل فعلا بنصب لفظه أو محله وصرفه عن الاسم فهنا أمور أربعة شاغل وهو الضمير ومشعول وهو الفعل ومشغول به وهو نصب الضمير لفظا أو محلا ومشغول عنه وهو الاسم المتقدم فتقدير البيت إن مضمر اسم سابق شغل فعلا أي صرفه عن الاسم السابق بسبب نصب لفظ الضمير أو محله.

(٥) نحو زيدا ضربته.

(٦) إذا كان الضمير مجرورا لفظا بحرف نحو زيدا مررت به فإن لفظه مجرور ومحله نصب على المفعولية.


فالسّابق انصبه بفعل أضمرا

حتما موافق لما قد أظهرا

(فالسّابق) (١) ارفعه على الابتداء أو (انصبه) واختلف في ناصبه فالجمهور وتبعهم المصنّف على أنّه منصوب (بفعل أضمرا حتما موافق لما قد أظهرا) لفظا أو معنى وقيل بالفعل المذكور بعده. ثمّ اختلف فقيل : إنّه (٢) عامل في الضّمير وفي الاسم معا ، وقيل : في الظّاهر (٣) والضّمير ملغي.

واعلم أنّ هذا الاسم الواقع بعده فعل ناصب على خمسة أقسام : لازم النّصب ، ولازم الرّفع ، وراجح النّصب على الرّفع ، ومستو فيه الأمران ، وراجح الرّفع على النّصب. هكذا ذكره النّحويّون وتبعهم المصنّف ، فشرع في بيانها (٤) بقوله :

والنّصب حتم إن تلا السّابق ما

يختصّ بالفعل كإن وحيثما

(والنّصب) للاسم السّابق (حتم إن تلا السّابق) بالرّفع ، أي وقع بعد (ما يختصّ بالفعل كإن وحيثما) نحو «إن زيدا لقيته فأكرمه» و «حيثما عمرا تلقاه فأهنه» وكذا إن تلا استفهاما غير الهمزة كـ «أين بكرا فارقته» و «هل عمرا حدّثته» وسيأتي حكم التّإلي للهمزة.

وإن تلا السّابق ما بالابتدا

يختصّ فالرّفع التزمه أبدا

(وإن تلا السّابق) أي وقع بعد (ما بالابتدا يختصّ) كإذا الفجائيّة (فالرّفع) للاسم على الابتداء (التزمه أبدا) نحو «خرجت فإذا زيد لقيته» لأنّ إذا لا يليها إلّا مبتدأ نحو

__________________

(١) أي : الاسم السابق المشتغل عنه.

(٢) أي : الفعل المذكور بعده.

(٣) أي : وقيل أن الفعل المذكور عامل في الظاهر وأمّا الضمير فملغي عن العمل فيه.

(٤) أي : بيان الأقسام الخمسة.


(فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ)(١) ، أو خبر نحو (إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا)(٢) ، ولا يليها فعل ولذا قدّر متعلّق الخبر بعدها (٣) اسما كما تقدّم. (٤) وذكره (٥) لهذا القسم إفادة لتمام القسمة وإن كان ليس من الباب لعدم صدق ضابطة الباب عليه (٦) لما تقدّم فيه (٧) من قولنا : لو لا ذلك الضّمير لعمل في الاسم السّابق ، ولا يصحّ هذا (٨) هنا لما تقدّم من أنّ إذا لا يليها فعل.

كذا إذا الفعل تلاما لم يرد

ما قبل معمولا لما بعد وجد

(كذا) يجب الرّفع (٩) (إذا الفعل تلا) أي وقع بعد (ما) له صدر الكلام وهو (١٠) الّذي (لم يرد ما قبل) أي قبله (معمولا لما بعد وجد) (١١) كالاستفهام وما النّافيّة وأدوات الشّرط نحو «زيد هل رأيته» و «خالد ما صحبته» و «عبد الله إن أكرمته أكرمك».

واختير نصب قبل فعل ذي طلب

وبعد ما إيلاؤه الفعل غلب

__________________

(١) الأعراف ، الآية : ١٠٨.

(٢) يونس ، الآية : ٢١.

(٣) أي : بعد إذا فلهم في الآية الثانية متعلق بموجود أو مستقر لا وجد أو استقر.

(٤) في باب المبتدا والخبر عند قول المصنف وأخبروا بظرف أو بحرف جرّ.

(٥) أي : المصنف لقسم واجب الرفع مع أنه ليس من باب الاشتغال لتمام الأقسام الخمسة.

(٦) أي : لعدم صدق قاعدة الباب أي باب الاشتغال على هذا القسم وهو واجب الرفع.

(٧) في الباب.

(٨) أي : عمل ذلك الفعل في الاسم هنا أي الواقع بعد إذا لعدم دخول إذا إلّا على الاسم.

(٩) أي : رفع الاسم السابق إذا وقع الفعل بعد ما له صدر الكلام لأنا إذا أعملنا الفعل في الاسم لوقع ما له الصدر بعد الفعل وهذا خلاف مقتضي الصدرية.

(١٠) أي : ما له الصدر.

(١١) أي : لما وجد بعد.


(واختير نصب) للاسم السّابق إذا وقع (قبل فعل ذي طلب) كالأمر والنّهي والدّعاء نحو «زيدا إضربه» و «عمرا لا تهنه» و «خالدا اللهم اغفر له» و «بشرا اللهم لا تعذّبه» (١) واحترز بقوله فعل ، عن اسم الفعل (٢) نحو «زيد دراكه» فيجب الرّفع ، وكذا إذا كان فعل أمر يراد به العموم (٣) نحو (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(٤) قاله ابن الحاجب.

(و) اختير نصبه أيضا إذا وقع (٥) (بعد ما إيلاؤه الفعل غلب) كهمزة الاستفهام ، نحو «أبشرا منّا واحدا نتّبعه» ما لم يفصل بينها (٦) وبينه بغير ظرف ، فالمختار (٧) الرّفع وكما ولا وإن النّافيات نحو «ما زيدا رأيته» قال في شرح الكافية : وحيث مجرّدة من ما نحو «حيث زيدا تلقاه فأكرمه» لأنّها تشبه أدوات الشّرط فلا يليها في الغالب إلّا فعل.

وبعد عاطف بلا فصل على

معمول فعل مستقرّ أوّلا

(و) اختير نصبه أيضا إذا وقع (٨) (بعد) حرف (عاطف) له (٩) (بلا فصل على معمول فعل) متصرّف (مستقرّ أوّلا) نحو «ضربت زيدا وعمرا أكرمته». قال في شرح

__________________

(١) مثل للدعاء بمثالين لأن الدعاء قد يكون بصيغة الأمر وقد يكون بصيغة النهى.

(٢) لأن اسم الفعل لا يعمل في ما قبله وشرط العامل في هذا الباب أن يكون بحيث لو فرع من الضمير لعمل في الاسم قبله.

(٣) كما في الآية فإن قوله تعإلى اقطعوا حكم لكل سارق وسارقة والصحيح أن يقال إذا كان الاسم السابق ع أما إذا الفعل لا يتصف بالعموم والخصوص.

(٤) المائدة ، الآية : ٣٨.

(٥) الاسم السابق بعد ما غلب وقوع الفعل بعده.

(٦) أي : بين الهمزة وبين الاسم السابق بغير ظرف نحو أنت زيد ضربته.

(٧) أي : إذا كان فصل فالمختار رفع الاسم لا نصبه.

(٨) أي : الاسم السابق.

(٩) أي : للاسم السابق.


الكافية : لما فيه (١) من عطف جملة فعليّة على مثلها (٢) وتشاكل الجملتين (٣) المعطوفتين أولى من تخالفهما ـ إنتهى. وحينئذ (٤) فالعطف ليس على المعمول كما ذكره هنا ، ولو قال «تلا» (٥) بدل «على» لتخلّص منه.

وخرج بقوله «بلا فصل» ما إذا فصل بين العاطف والاسم ، فالمختار الرّفع نحو «قام زيد وأمّا عمرو فأكرمته» (٦) و [خرج] بقولي «متصرّف» أفعال التّعجّب والمدح والذمّ (٧) فإنّه لا تأثير للعطف عليها (٨) كما قال المصنّف في نكته على مقدّمة ابن الحاجب.

وإن تلا المعطوف فعلا مخبرا

به عن اسم فاعطفن مخيّرا

(وإن تلا) الاسم (المعطوف (٩) فعلا) متصرّفا (مخبرا به عن اسم) أوّل (١٠) مبتدأ نحو «هند أكرمتها وزيد ضربته عندها» (فاعطفن مخيّرا) بين الرّفع (١١) على الابتداء

__________________

(١) أي : في نصب الاسم السابق على هذه الفرض.

(٢) لأن التقدير في المثال ضربت زيدا وأكرمت عمروا.

(٣) بأن يكون كلاهما اسميتين أو فعليتين.

(٤) يعني إذا قلنا أن العطف بين جملتين فالعطف ليس على المعمول كما قال المصنف بل على العامل وهو ضربت في المثال فهذا التوجيه لا يلائم كلام المصنف.

(٥) أي : لو قال المصنف وبعد عاطف تلى أي وقع العاطف بعد معمول فعل لتخلص من هذا الإشكال أي إشكال العطف لعدم دلالة كلامه إذا على أن العطف على أي شيء.

(٦) للفصل بأما.

(٧) نحو ما أحسن زيدا وعمرو أكرمته ونعم الرجل خالد وبشرا أهنة وبئس الرجل عمرو وزيد ضربته.

(٨) لضعف فعلّية الأفعال الغير المتصرّفة فكأنما عطف على الاسم لا على الفعل.

(٩) يعني إذا وقع الاسم السابق المشتغل عنه بعد عاطف وكان قبل العاطف فعل والفعل خبر مبتداء ففي المثال زيد وقع بعد وأو العطف وقبلها الفعل وهو أكرمها وهو خبر عن هند.

(١٠) وهو في المثال هند.

(١١) أي : رفع زيد ليكون مبتدأ ضربته خبره.


والخبر ، والنّصب (١) على جملة «أكرمتها» وتسمّى الجملة الأولى (٢) من هذا المثال ذات وجهين لأنّها اسميّة بالنّظر إلى أوّلها (٣) وفعليّة بالنّظر إلى آخرها. (٤) وهذا المثال (٥) أصحّ كما قال الأبّذي في شرح الجزوليّة من تمثيلهم بـ «زيد قام وعمرا كلّمته» لبطلان العطف فيه (٦) لعدم ضمير في المعطوفة (٧) يربطها بمبتدأ المعطوف عليها ، إذ المعطوف بالواو يشترك مع المعطوف عليه في معناه (٨) فيلزم أن يكون في هذا المثال خبرا عنه ولا يصحّ إلّا بالرّابطة وقد فقد ـ إنتهى. ولعلّه يغتفر (٩) في التّوابع ما لا يغتفر في غيرها.

والرّفع في غير الّذي مرّ رحج

فما أبيح افعل ودع ما لم يبح

(والرّفع في غير الّذي مرّ (١٠) رجح) لعدم موجب (١١) النّصب ومرجّحه وموجب

__________________

(١) أي : نصب المعطوف وهو زيد بتقدير ضربت قبله لتكون جملة ضربت زيدا عطفا على جملة هند أكرمتها.

(٢) وهي هند أكرمتها.

(٣) لوقوع المبتدا وهو هند في أولها.

(٤) وهو أكرمتها لكونه فعلا وفاعلا.

(٥) وهو هند أكرمتها وزيد أضربته عندها لوجود ضمير في الجملة الثانية يعود إلى المبتدا الأول.

(٦) أي : في هذا المثال فأن متقضي العطف أن يصح وقوع المعطوف مكان المعطوف عليه فإنه على النصب يكون التقدير زيد قام وكلمت عمروا فكلمت عمروا عطف على قام والمعطوف عليه وهو قام خبر لزيد ومقتضي العطف أن يكون كلمت أيضا خبرا له والحال أنه لا يصح لأن كلمت جملة ولا بد لجملة الخبر أن يتضمن ضميرا يعود إلى المبتدا وهي خالية من هذا الضمير لأن الهاء في كلّمته يعود إلى عمرو لا إلى زيد.

(٧) أي : الجملة المعطوفة وهي كلمته.

(٨) أي : معني المعطوف عليه فكما أنّ المعطوف عليه وهو قام خبر لزيد فليكن كلمت أيضا كذلك.

(٩) هذا اعتذار عن المثال الأخير ودفع إشكال عنه وهو أن اشتراط وجود الضمير في الجملة الخبرية أنما هو في غير الجملة التابعة وأما فيها فيغتفر فيها وحيث إن المورد عطف والعطف من التوابع فيغتفر فيه.

(١٠) يعني غير واجب النصب وواجب الرفع ومختار النصب وجايز الأمرين.

(١١) دليل لرجحان الرفع يعني إذا رأينا جملة من باب الاشتغال ولم يكن فيها أسباب الوجوه الأربعة الماضية فالراجح حينئذ الرفع لأن الرفع لا يستلزم التقدير لكونه مبتداء ولا يحتاج إلى عامل لفظي وأما النصب فيحتاج إلى التقدير لكونه مفعولا فيجب معه تقدير الفعل وعدم التقدير أولى من التقدير.


الرّفع ومستوي الأمرين ، وعدم التّقدير أولى منه (١) نحو «زيد ضربته» (٢) ومنع بعضهم (٣) النّصب وردّ (٤) بقوله تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها)(٥) (فما أبيح) لك (افعل ودع) أي أترك (ما لم يبح) (٦) لك ، وتقديمه (٧) واجب النّصب ثمّ مختاره (٨) ثمّ جائزه (٩) على السّواء ثمّ مرجوحه. (١٠).

أحسن (١١) كما قال من صنع (١٢) ابن الحاجب ، لأنّ الباب (١٣) لبيان المنصوب

__________________

فالراجح حينئذ الرفع لأن الرفع لا يستلزم التقدير لكونه مبتداء ولا يحتاج إلى عامل لفظي وأما النصب فيحتاج إلى التقدير لكونه مفعولا فيجب معه تقدير الفعل وعدم التقدير أولى من التقدير.

(١) من التقدير.

(٢) فرفع زيد أرحج من نصبه ، لأن رفعه على الابتداء ولا يلزم فيه تقدير فعل وأما النصب فعلي المفعولية والمفعول يحتاج إلى فعل مقدّر أي ضربت زيدا ضربته.

(٣) أي : وقال بعضهم أن الرفع ليس براحج فقط ، بل هو واجب ولا يجوز النصب في هذه الموارد.

(٤) أي : القول بوجوب الرفع لأنه ورد منصوبا في قوله تعإلى إذ قرء جنات بكسر التاء والكسر علامة النصب في الجمع المؤنث مع عدم موجب لشىء.

(٥) الرّعد ، الآية : ٢٣.

(٦) يعني ما بينا لك وفصلنا من الوجوه الخمسة المذكورة في إعراب الاسم المشتغل عنه هو المعيار الصحيح في مواردها وليس لك أن تتخلّف عن ذلك.

(٧) أي : المصنف.

(٨) أي : مختار النصب وراجحه في قوله واختير نصب إلى قوله مستقر أولا.

(٩) أي : جايز النصب مساويا مع الرفع من غير ترجيح لأحدهما من قوله وان تلا إلى آخر البيت.

(١٠) أي : مرجوح النصب وراجح الرفع في قوله والرفع في غير الذي مرّ رجح.

(١١) يعني تقديمه النصب ورعاية هذا الترتيب ابتداءا من الواجب وختما بالمرجوح أحسن وأصحّ كما فعل المصنف في أرجوزته هذه مما صنع ابن الحاجب فأنه قدم في الكافية مختار الرفع ثم مختار النصب ثم المتساوي فيه الأمران ثم واجب النصب وأنت تعلم أن باب الاشتغال أنما انعقد لبيان أحكام نصب المشتغل عنه وأنه لو لا اشتغال الفعلي بضميره لنصبه فحق الأولوية هنا للنصب ، والرفع أنما يؤتي به طردا للباب فتقديمه في كلام ابن الحاجب غير وجيه.

(١٢) متعلق بأحسن.

(١٣) أي : باب الاشتغال.


منه (١) إنتهى. (٢) وكان ينبغي (٣) أن يؤخّر واجب الرّفع عنها (٤) لما ذكر. (٥)

وفصل مشغول بحرف جرّ

أو بإضافة كوصل يجرى

(وفصل) ضمير (مشغول) به عن الفعل (بحرف جرّ أو بإضافة) أي بمضاف (كوصل) (٦) فيما مضى (٧) (يجري) فيجب النّصب (٨) في نحو «إن زيدا مررت به أو رأيت أخاه أكرمك» والرّفع (٩) في نحو «خرجت فإذا زيد مرّ به عمرو أو رأى (١٠) أخوه» ، ويختار النّصب في نحو (١١) «زيدا أمرر به أو أنظر أخاه» والرّفع في نحو (١٢) «زيد مررت به أو رأيت أخاه» ، ويجوز الأمران على السّواء في نحو (١٣) «هند أكرمتها وزيد مررت به أو رأيت أخاه في دارها» (١٤) نعم (١٥) يقدّر الفعل من معنى

__________________

(١) يعنى أن الباب خاص لبيان القسم المنصوب من الاسم المشتغل عنه فينبغى تقديم النصب.

(٢) أي : انتهى كلامنا في بيان أحسنيه صنع المصنف من صنع ابن الحاجب.

(٣) أي : نعم يرد على المصنف في صنعه هذا أنه أدخل واجب الرفع بين صور النصب ولو أخّره عنها كان أحسن.

(٤) عن أقسام النصب.

(٥) من أن الباب لبيان المنصوب منه.

(٦) أي : لا فرق بين أن يكون الضمير المشتغل به متصلا بالفعل المشتغل نحو زيدا ضربته أو منفصلا عنه ، كما في مررت به ورأيت أخاه للفصل في الأول بحرف الجر والثاني بالمضاف.

(٧) من الصور الخمسة أي واجب النصب ومختاره ومتساوي الأمرين ومرجوح النصب وواجب الرفع.

(٨) لوقوع الاسم المشتغل عنه بعد ما يختص بالفعل وهو إن الشرطية.

(٩) أي : يجب الرفع لوقوع الاسم بعد ما يختص بالمبتدا وهو إذا الفجائية.

(١٠) يعنى أو تقول فإذا زيد رأى أخوه مثال للفصل بالمضاف.

(١١) لوقوع الاسم قبل فعل ذي طلب.

(١٢) لعدم وجود ما يوجب الصور الأربعة.

(١٣) لوقوع الاسم معطوفا بعد فعل هو خبر عن اسم حسب قوله وإن تلا المعطوف.

(١٤) مثال لما كان الفاصل مضافا.

(١٥) يعني أن هنا فرقا بين ما إذا كان الضمير متصلا بالفعل نحو زيدا ضربته وما إذا فصل بينها بحرف جر نحو


الظّاهر لا لفظه.

وسوّ في ذا الباب وصفا ذا عمل

بالفعل إن لم يك مانع حصل

(وسوّ في ذا الباب (١) وصفا ذا عمل بالفعل) فيما تقدّم (إن لم يك مانع حصل) (٢) نحو «أزيدا أنت ضاربه الآن أو غدا» ، بخلاف الوصف غير العامل كالّذي بمعنى الماضي أو العامل غير الوصف كاسم الفعل أو الحاصل فيه مانع كصلة الألف واللّام.

وعلقة حاصلة بتابع

كعلقة بنفس الاسم الواقع

(وعلقة حاصلة بتابع) (٣) للاسم الشّاغل للفعل (كعلقة) (٤) حاصلة (بنفس الاسم الواقع) الشّاغل للفعل ، فقولك «أزيدا ضربت عمرا وأخاه» كقولك «أزيدا ضربت أخاه» ، وشرط في التّسهيل أن يكون التّابع عطفا بالواو كما مثّلناه أو نعتا كـ «إنّ زيدا رأيت رجلا محبّه» (٥) وزاد في الارتشاف أن يكون عطف بيان كـ «أزيدا ضربت عمرا أخاه».

__________________

زيدا مررت به فإن الفعل المقدر في الأول بلفظ الفعل الظاهر وهو ضربت وأما في الثاني فالمقدر فعل بمعني الفعل الظاهر وهو جاوزت لأن الفعل الظاهر وهو مررت لازم فلا ينصب الاسم السابق.

(١) أي : باب الاشتغال لا فرق في أن يكون العامل فعلا كما مرّ أو وصفا عاملا.

(٢) كما إذا دخل عليه الألف واللام.

(٣) المراد بالعلقة هنا هو الرابط الحاصل بسبب الضمير بين الاسم السابق والفعل الواقع بعده ، والضمير الذي يحصل به العلقة قد يكون متصلا بالفعل نحو زيدا ضربته فالعلقة حاصلة بالفعل نفسه لاتصال الضمير الرابط به وقد تكون بالاسم الواقع بعد الفعل نحو زيدا ضربت أخاه وقد تكون حاصلة بتابع ذلك الاسم نحو زيدا ضربت عمروا وأخاه فالعلقة حصلت بأخاه وهو تابع للاسم الواقع بعد الفعل.

(٤) أي : لا فرق بين العلقتين ولا مانع من وجود الفصل بين العامل والضمير الرابط.

(٥) بشرط أن يكون الوصف بمعنى الحال أو الاستقبال لتكون الإضافة لفظية ولا يتعرف بالإضافة ، ولو كان بمعني الماضي فلا لعدم تطابق الصفة مع الموصوف.


هذا باب تعدّي الفعل ولزومه

وفيه رتب المفاعيل

علامة الفعل المعدّي أن تصل

ها غير مصدر به نحو عمل

(علامة الفعل المعدّى) أي المجاوز إلى المفعول به (أن تصل هاء) تعود على (غير مصدر) لذلك الفعل (به نحو عمل) فإنّك تقول : «الخير عملته» فتصل به هاء تعود على غير مصدره ، (١) واحترز بها (٢) عن هاء المصدر فإنّها توصل بالمتعدّي نحو «ضربته زيدا» أي الضّرب ، وباللّازم نحو «قمته» أي القيام.

تتمة : ومن علامته أيضا أن يصلح لأن يصاغ منه اسم مفعول تامّ كمقت فهو ممقوت. قال في شرح الكافية : «والمراد بالتّمام الاستغناء عن حرف جرّ ، فلو صيغ منه اسم مفعول مفتقر إلى حرف جرّ يسمّى لازما كـ «غضبت على عمرو فهو مغضوب عليه».

فانصب به مفعوله إن لم ينب

عن فاعل نحو تدبّرت الكتب

ولازم غير المعدّي وحتم

لزوم أفعال السّجايا كنهم

كذا افعللّ والمضاهي اقعنسسا

وما اقتضي نظافة أودنسا

__________________

(١) فإن الضمير في المثال عائد إلى الخبر.

(٢) أي : بهاء غير مصدر.


أو عرضا أو طاوع المعدّى

لواحد كمدّه فامتدّا

(فانصب به مفعوله) الّذي تجاوز إليه (إن لم ينب عن فاعل نحو تدبّرت الكتب) ومعلوم أنّه إن ناب عن فاعل رفع (و) فعل (لازم غير) (١) الفعل (المعدّى) وهو الّذي لا يتّصل به ضمير غير مصدر ويقال له أيضا «قاصر» و «غير متعدّ» و «متعدّ بحرف جرّ».

(وحتم لزوم أفعال السّجايا) جمع سجيّة وهي الطّبيعة (٢) (كنهم) إذا كثر أكله وظرف وكرم وشرف و (كذا) حتم لزوم ما كان على وزن (افعللّ) بتخفيف اللّام الأولى وتشديد الثّانية ، كاقشعرّ (٣) واطمأنّ (و) كذا افعنلل (المضاهي اقعنسسا) وهو احرنجم (٤) ، وكذا ما ألحق بافعللّ وافعنلل كاكوهد (٥) وهو احرنبأ (٦) (و) كذا حتم لزوم (ما اقتضى نظافة) كطهر ونظف (أو دنسا) كدنس ووسخ ونجس (أو) اقتضى (عرضا) أى معنى غير لازم كمرض وبرئ وفرح (أو طاوع) فاعله فاعل الفعل (المعدّى لواحد كمدّه فامتدّا) ودحرجته فتدحرج (٧) والمطاوعة قبول المفعول فعل الفاعل (٨) فإن

__________________

(١) يعني بعد ما بيّنا علامة الفعل المتعدي فلا حاجة إلى تعريف الفعل اللازم فما لم تكن فيه علامة المعدي فهو لازم.

(٢) الصفات الذاتية التي لا تستلزم حركة الجسم.

(٣) اقشعر جلده أي أخذته قشعر يرة وهي ارتفاع شعره واطمئن أي سكن.

(٤) يقال حرجمت الإبل فإحر نجمت أي رددت بعضها على بعض فارتدت ومعنى اقعنسس تأخر ورجع إلى خلف.

(٥) يقال اكوهد الفرخ إذا ارتعد.

(٦) يقال احرنبأ الديك إذا انتفش وتهيأ للقتال.

(٧) دحرجته حركته على نحو الاستدارة.

(٨) فدائما يكون أوّل مفعول في الفعل المطاوع بالفتح فاعلا في الفعل المطاوع بالكسر فإن كان للمطاوع بالفتح مفعول ثان كان المطاوع بالكسر متعديا وإلا فلازم فاكتسا متعدّ لأن كسي ذو مفعولين وتدحرج لازم لان دحرج ذو مفعول واحد.


طاوع المعدّى لاثنين كان متعدّيا لواحد نحو «كسوت زيدا جبّة فاكتساها».

وعدّ لازما بحرف جرّ

وإن حذف فالنّصب للمنجرّ

(وعدّ) فعلا (لازما) إلى المفعول به (بحرف جرّ) نحو «عجبت من أنّك قادم» و «فرحت بقدومك» ، وعدّه (١) أيضا بالهمزة نحو «أذهبت زيدا» وبالتّضعيف نحو «فرّحته».

(وإن حذف) حرف الجرّ (فالنّصب) ثابت (للمنجرّ). (٢)

ثمّ هذا الحذف ليس قياسا.

نقلا وفي أنّ وأن يطّرد

مع أمن لبس كعجبت أن يدوا

بل (نقلا) عن العرب يقتصر فيه على السماع كقوله :

تمرّن الدّيار (٣) [ولم تعوجوا

كلامكم علىّ إذا حرام]

وقد يحذف (٤) ويبقى الجرّ كقوله :

[إذا قيل أي النّاس شرّ قبيلة]

أشارت كليب (٥) بالأكفّ الاصابع

(و) حذف حرف الجرّ (في أنّ وأن) المصدريّتين (يطّرد) ويقاس عليه (مع أمن لبس كعجبت أن يدوا) (٦) أي يعطوا الدّية ، و «عجبت أنّك قائم» أي من أن يدوا ومن

__________________

(١) أي : الفعل اللازم.

(٢) أي : للاسم المجرور.

(٣) أي : تمرون بالديار ويسمي منصوبا بنزع الخافض.

(٤) يعني حرف الجر.

(٥) أي : إلى كليب فحذف الجار وبقي الجر.

(٦) جمع مذكر من مضارع ودي حذف نونه للنصب.


أنّك قائم. ومحلّ أنّ وأن حينئذ (١) نصب عند سيبويه والفرّاء وجرّ عند الخليل والكسائي ، قال المصنّف : ويؤيّد قول الخليل ما أنشده الأخفش :

وما زرت ليلى أن تكون حبيبة

إلىّ ولا دين بها أنا طالبه

بجرّ المعطوف (٢) على : «أن تكون» ، فعلم أنّها (٣) في محلّ جرّ ، فإن لم يؤمن اللّبس ، لم يطّرد الحذف (٤) نحو «رغبت في أنّك تقوم» إذ يحتمل (٥) أن يكون المحذوف «عن» ولا يلزم من عدم الإطّراد ـ أي القياس ـ عدم الورود فلا يشكل بقوله تعالى (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ)(٦) فتأمّل. (٧)

فصل : في رتب المفاعيل وما يتعلّق بذلك

والأصل سبق فاعل معنى كمن

من ألبسن من زاركم نسج اليمن

(والأصل سبق) مفعول هو (فاعل معنى) مفعولا ليس كذلك (٨)

__________________

(١) أي : حين حذف الجار نصب لنزع الخافض وجرّ لتقدير حرف الجرّ كما في أشارت كليب ويظهر أثر هذا الخلاف في التابع.

(٢) وهو دين أي لان تكون.

(٣) أي : (أن تكون) في محل جرّ فإن تابعها مجرور.

(٤) أي : ليس الحذف على القاعدة والقياس بل لو وقع حذف حينئذ فهو سماع.

(٥) يعني إذا حذف الجار وهو (في) احتمل أن يكون المحذوف (عن) مع التباعد بين معنييهما إذ الرغبة في شىء هي التعلق به وحبّه والرغبة عنه هو التنفر عنه فيجب ذكر الجار ليؤمن اللبس.

(٦) النساء ، الآية : ١٢٧.

(٧) الظاهر في وجه التأمّل أن الآية ليست من موارد الالتباس لوجود القرينة فيها على أن المحذوف هو عن لا في وذلك لأنها في مقام توبيخ من يترك الضعفاء محرومين عن المزايا الاجتماعية بذنب أنهم ضعفاء فأن يتامي النساء هي الأرامل اللاتي لا وإلي لهنّ فالتقدير والله العالم وترغبون عن أن تنكحوهن أي تتنفرون عن نكاحهن ويشهد لذلك عطف المستضعفين من الولدان عليها.

(٨) أي : ليس فاعلا معني.


(كمن (١) من) قولك (ألبسن من زاركم نسج اليمن) ومن ثمّ (٢) جاز «ألبسن ثوبه زيدا» وامتنع (٣) «أسكن ربّها الدّار».

ويلزم الأصل لموجب عرى

وترك ذاك الأصل حتما قديرى

(ويلزم) هذا (الأصل (٤) لموجب عرى) أي وجد ، كأن خيف لبس الأوّل بالثاني نحو «أعطيت زيدا عمرا» (٥) أو كان الثانى (٦) محصورا نحو «ما أعطيت زيدا إلّا درهما» ، أو ظاهرا (٧) والأوّل مضمرا نحو «أعطيتك درهما». (وترك ذاك الأصل (٨) حتما قد يرى) لموجب ، كأن كان الأوّل محصورا نحو «ما أعطيت الدّرهم إلّا زيدا» وظاهرا (٩) والثاني ضميرا نحو «الدّرهم أعطيته زيدا» ، أو فيه (١٠) ضمير يعود على الثاني كما تقدّم. (١١)

__________________

(١) فإنه فاعل من المعنى في المثال لان من لابس ونسج اليمن ملبوس.

(٢) أي : من أجل تقدم المفعول الذي هو فاعل معني على المفعول الذي ليس كذلك جاز عود الضمير إلى المتأخّر في البسن ثوبه زيدا لأن مرجع الضمير وهو زيد وإن كان متاخرا لفظا إلّا أنه متقدم رتبة لكونه فاعلا في المعني.

(٣) لأن الضمير في ربها يعود إلى الدار والدار متأخر لفظا ورتبة لكونها مفعولا في المعني لأنها مسكونة تقول سكنت الدار.

(٤) وهو تقدم المفعول الذي هو فاعل معني.

(٥) لا مكان أن يكون كل منهما معطيا ومعطي فيقدم المفعول الذي هو معط ليعرف بتقدمه المكاني تقدمه الرتبي.

(٦) أي : الذي هو مفعول معني.

(٧) يعني أو كان الثاني اسما ظاهرا والأوّل الذي هو فاعل معني ضميرا.

(٨) فيجب تقديم المفعول الذي هو مفعول على الذي فاعل معني.

(٩) أي : الأوّل.

(١٠) أي : في الأول إذ لو تقدم الأول لعاد الضمير إلى المتأخر لفظا ورتبة كما في مثال اسكن ربها الدار فاللازم تقديم الدار مع أنها مفعول ثان.

(١١) يعني قوله وامتنع اسكن ربها الدار.


وحذف فضلة أجز ان لم يغر

كحذف ما سيق جوابا أو حصر

(وحذف) مفعول (فضلة) (١) بأن لم يكن أحد مفعولي ظنّ ، لغرض (٢) إمّا لفظيّ كتناسب الفواصل (٣) والإيجاز ، (٤) وإمّا معنويّ (٥) كاحتقاره (أجز) نحو (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)(٦)(٧) ، (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا)(٨)(٩) ، (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي)(١٠)(١١) ، وهذا (١٢) (إن لم يضر) بفتح أوّله (١٣) وتخفيف الرّاء فإن ضار أي ضرّ (كحذف (١٤) ما سيق جوابا) للسّائل (أو) ما (حصر) لم يجز كقوله زيدا لمن قال «من ضربت» ونحو «ما ضربت إلّا زيدا» فلو حذف في الأوّل لم يحصل جواب (١٥) ولو

__________________

(١) أي : ليس ركنا في الكلام بأن يكون مبتدا في الأصل أو خبرا.

(٢) أي : الحذف لا بد أن يكون لغرض.

(٣) جمع الفاصلة وهي أواخر الآيات.

(٤) أي : الاختصار كما مثل بقوله سبحانه فإن لم تفعلوا.

(٥) أي : الحذف لغرض معنوي كاحتقاره بأن يريد المتكلم أن يبيّن أن المفعول من جهة حقارته غير قابل للذكر كما مثل بقوله تعإلى لأغلّبن فإن الأصل لأغلبن الكافرين حذف المفعول وهو الكافرين لغرض تحقيرهم.

(٦) مثال للحذف لتناسب الفواصل فأن الأصل وما قلاك حذف المفعول وهو الكاف لتناسب الفاصلة قبلها وهو سجي.

(٧) الضحى ، الآية : ٣.

(٨) مثال للايجاز.

(٩) البقرة ، الآية : ٢٤.

(١٠) مثال للحذف احتقارا.

(١١) المجادلة ، الآية : ٢١.

(١٢) أي : جواز حذف المفعول مشروط بأن لا يضر.

(١٣) أي : فتح الياء من ضار يضير ومنه قولهم لا ضير أي لا ضرر.

(١٤) قيد للمنفي في لم يضر يعني الذي يصير كحذف مفعول أتي به جوابا للسائل.

(١٥) للسائل فيبقي سؤاله بلا جواب.


حذف في الثّاني (١) لزم نفي الضّرب مطلقا (٢) ، والمقصود نفيه مقيّدا.

ويحذف النّاصبها إن علما

وقد يكون حذفه ملتزما

(ويحذف) الفعل (النّاصبها) أي النّاصب الفضلة (٣) جوازا (إن علما) كأن كان ثمّة قرينة حاليّة (٤) كانت كقولك لمن تأهّب (٥) للحجّ «مكّة» أي تريد مكّة أو مقاليّة (٦) كـ «زيدا» لمن قال «من ضربت».

(وقد يكون حذفه ملتزما) كأن فسّره (٧) ما بعد المنصوب كما في باب الاشتغال أو كان نداء (٨) أو مثلا (٩) كـ «الكلات على البقر» أي أرسل أو جاريا مجراه (١٠) ك (انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ)(١١) أي وائتوا.

__________________

(١) وهو ما ضربت إلا زيدا.

(٢) فالباقي بعد حذف المفعول ما ضربت ومعناه إني لم أضرب مطلقا لا زيدا ولا غيره مع أن المراد نفي الضرب عن غير زيد لا مطلقا بحيث يشمل زيدا أيضا.

(٣) أي : الفعل الذي مفعوله فضلة لا ما يكون مفعوله مبتدا وخبرا كأفعال القلوب.

(٤) بمشاهدة وغيرها.

(٥) أي : تهيأ تقول له مكة فالفعل المحذوف وهو تريد معلوم للمخاطب لأنه بتهيوئه مريد لها.

(٦) أي : القرينة متخذة من القول لا من الحال فأن (ضربت) المحذوف معلوم من قول القائل من ضربت.

(٧) أي : فسر الفعل المحذوف الفعل الذي ما بعد المفعول نحو زيدا ضربته لعدم جواز الجمع بين المفسّر والمفسّر.

(٨) نحو يا عبد الله لأن حرف النداء عوض عن ادعوا المحذوف ولا يجوز الجمع بين العوض والمعوّض.

(٩) المثل هو الجملة المعروفة بين الناس يستعملونها في المورد المناسب لها والمثل لا يجوز تغييره كقولهم في الصيف ضيّعت اللبن بكسر التاء ولو كان المخاطب مذكرا فالمحذوف في مثال الكلاب على البقر وهو أرسل لا يجوز ذكره لعدم ذكره في الأصل فلا يجوز تغييره.

(١٠) بأن يكون المحذوف عامله في جملة ليست بمثل ولكن يستفاد منها ويصح الاستشهاد بها كما يستفاد من المثل لكونها جملة معتبرة قوية من حيث المعني وتقدير الآية على ما يقال ، وأتوا خيرا لكم.

(١١) النساء ، الآية : ١٧١.


هذا باب التّنازع في العمل

ويسمّى أيضا باب الإعمال (١) وهو ـ كما يؤخذ (٢) ممّا سيأتي أن يتوجّه عاملان ليس أحدهما مؤكّدا للآخر (٣) إلى معمول واحد (٤) متأخّر عنهما نحو «ضربت وأكرمت زيدا» وكلّ واحد من ضربت واكرمت يطلب زيدا بالمفعولية.

إن عاملان اقتضيا في اسم عمل

قبل فللواحد منهما العمل

(إن عاملان) فعلان أو اسمان أو اسم وفعل (اقتضيا) أي طلبا (في اسم عمل) رفعا أو نصبا أو طلب أحدهما رفعا والآخر نصبا ، وكانا (قبل (٥) فللواحد منهما العمل) بالاتّفاق ، إمّا الأوّل أو الثّاني ، مثال ذلك على إعمال الأوّل (٦) «قام وقعدا أخواك» ، «رأيت

__________________

(١) بكسر الهمزة.

(٢) يستفاد.

(٣) نحو قعد قعد زيد فليس من التنازع بل العمل للأول والثاني تكرار للعامل.

(٤) فخرج بذلك نحو ضربت زيدا وأكرمت عمرا لتوجه كل عامل إلى معمول غير ما يتوجه اليه الآخر وقوله إلى معمول متعلق بيتوجه.

(٥) أي : قبل ذلك الاسم.

(٦) هنا أربعة أمثلة :

الأول : لما إذا كان العاملان كلاهما يطلبان الرفع.


وأكرمتهما أبويك» (١) «ضربني وضربتهما الزيدان» ، «ضربت وضربوني الزّيدين» ، ومثاله على إعمال الثّاني (٢) «قاما وقعد أخواك» ، «رأيت وأكرمت أبويك» ، «ضرباني وضربت الزّيدين» «ضربت وضربني الزّيدون». وهذا في غير فعل التّعجّب ، أمّا هو فيتعيّن فيه إعمال الثّاني كما اشترطه (٣) المصنّف في شرح التّسهيل في جواز التّنازع فيه خلافا لمن منعه كـ «ما أحسن وأعقل زيدا». (٤)

والثّان أولى عند أهل البصرة

واختار عكسا غيرهم ذا أسرة

(و) إعمال (الثّاني أولى) من إعمال الأوّل (عند أهل البصرة) لقربه (٥) (واختار عكسا) وهو إعمال الأوّل لسبقه (٦) (غيرهم) أي أهل الكوفة حال كونهم (ذا أسرة) أي صاحب جماعة قويّة.

__________________

والثاني : لما يطلبان النصب.

والثالث : فيما طلب الأول الرفع والثاني النصب.

والرابع : عكس الثالث وفي الأمثلة الأربعة تري الفعل الثاني متحملا للضمير ليعلم أنه لم يعمل في الاسم الظاهر والأول خال عن الضمير ليعمل في الظاهر.

(١) لا يقال أن الضمير في أكرمتهما يعود إلى المتأخر لفظا وربتة لأن المرجع وهو أبويك معمول للعامل المتقدم فهو متقدم على الضمير لتقدم عامله.

(٢) الأمثلة بعينها على النسق الأول إلّا أن العامل المتحمل للضمير هنا هو الأول وأمّا الثاني فهو فارغ ليعمل في الظاهر نعم في المثال الثاني كلاهما فارغان وذلك لما يأتي قريبا في قول الناظم (ولا تجىء مع أول قد أهملا) والسر فيه الاجتناب من عود الضمير إلى المتأخر لفظا ورتبة ويجوز حذف الفضلة كما تعلم.

(٣) أي : اشترط المصنف إعمال الثاني في جواز تنازع التعجب بمعني أنه لا تنازع في فعل التعجب إلّا بشرط إعمال الثاني خلافا لمن منع النتازع في التعجب مطلقا.

(٤) هنا أيضا الفعل المهمل وهو الأول فارغ عن الضمير لقوله فيما بعد (ولا تجىء ...)

(٥) أي : لقرب العامل الثاني من الاسم الظاهر لاتصاله به.

(٦) أي : لأنه اقتضي العمل في الظاهر قبل أن يأتي العامل الثاني فالأوّل سبق الثاني في العمل.


وأعمل المهمل في ضمير ما

تنازعاه والتزم ما التزما

كيحسنان ويسىء ابناكا

وقد بغي واعتديا عبداكا

(وأعمل المهمل) من العمل في الاسم الظّاهر (١) (في ضمير ما تنازعاه) وجوبا إن كان ما يضمر ممّا يلزم ذكره ، كالفاعل (٢) (والتزم ما التزما) من مطابقة الضّمير (٣) للظّاهر في الإفراد والتّذكير وفروعهما (٤) (كيحسنان ويسيء ابناكا) فابناكا تنازع فيه يحسن ويسيء فأعمل يسيء فيه (٥) وأضمر في يحسن الفاعل (٦) ولم يبال بالإضمار قبل الذّكر (٧) للحاجة إلّيه. (٨) كما في «ربّه رجلا (٩) زيد».

ومنع جواز مثل هذا (١٠) الكوفيّون ، وجوّز الكسائي (١١) «يحسن ويسيء ابناك» بناء على مذهبه من جواز حذف الفاعل وجوّزه (١٢) الفرّاء بناء على مذهبه من توجّه العاملين معا إلى الاسم الظاهر وجوّز الفرّاء أيضا أن يؤتى بضمير الفاعل مؤخّرا نحو

__________________

(١) متعلق بالعمل وفي ضمير متعلق بأعمل.

(٢) نحوق أما وقعد الزيدان بخلاف ما لا يلزم كالمفعول نحو رأيت واكرمت ابويك.

(٣) الذي أعمل المهمل فيه.

(٤) أي : فروع الأفراد والتذكير وهي التثنية والجمع والتأنيث.

(٥) أي : في ابناكا.

(٦) أي : أضمر فيه ضمير الفاعل وهو ألف التثنية.

(٧) أي : أضمر فيه ضمير الفاعل وهو ألف التثنية.

(٨) أي : إلى الإضمار قبل الذكر.

(٩) فقد عاد الضمير في ربه إلى رجلا وهو متأخر.

(١٠) أي : الإضمار قبل الذكر لعدم تجويزهم الإضمار قبل الذكر مطلقا.

(١١) وهو من الكوفيين فحيث إنه من المانعين للإضمار قبل الذكر حذف الضمير من يحسنان ولا محذور عنده لأن مذهبه جواز حذف الفاعل.

(١٢) الضمير يعود إلى يحسن ويسيء يعني جوز الفراء مثل هذا المثال أي بغير ضمير في أحدهما بناء على مذهبه من توجه عاملين إلى معمول واحد لعدم وجود عامل مهمل حينئذ يتحمل الضمير.


«يحسن ويسيء ابناك هما» (وقد بغى واعتديا عبداكا) (١) فـ «عبداكا» تنازع فيه بغى واعتدى ، فأعمل فيه الأوّل وأضمر في الثّاني (٢) ولا محذور (٣) لرجوع الضّمير إلى متقدّم في الرّتبة ، فأن اعملت الأوّل واحتاج الثاني إلى منصوب وجب أيضا إضماره (٤) [في الثاني] نحو «ضربني وضربته زيد». وندر (٥) قوله :

بعكاظ يغشي النّاظرين

إذا هم لمحوا شعاعه

ولا تجىء مع أوّل قد أهملا

بمضمر لغير رفع أوهلا

بل حذفه الزم إن يكن غير خبر

وأخّرنه إن يكن هو الخبر

(ولا تجيء مع أوّل (٦) قد أهملا) من العمل (بمضمر لغير رفع أوهلا بل حذفه) أي مضمر غير الرّفع (الزم إن يكن) فضلة بأن لم يوقع (٧) حذفه في لبس وكان (غير خبر) (٨) وغير مفعول أوّل لـ «ظنّ» نحو «ضربت وضربني زيد» وندر المجيء

__________________

(١) بإعمال الأول وإهمال الثاني عكس الأول.

(٢) أي : أضمر عبدا كافي العامل الثاني وهو اعتديا.

(٣) أي : لا مانع من عود الضمير في اعتديا إلى المتأخر وهو عبداكا لأنه وإن كان متأخرا لفظا إلّا أنه متقدم رتبة لكونه فاعلا.

(٤) وهنا وإن كان مرجع الضمير متأخرا لفظا ورتبة ظاهرا إلا إنك بعد التأمل تعلم أنه متقدم رتبة لما قلنا فى تعليقتنا على قوله رأيت وأكرمتهما أبويك من تقدم رتبته وإن كان مفعولا وذلك لتقدم عامله.

(٥) إعمال الأول وخلو الثاني من الضمير فأن شعاعه متنازع فيه بين يغشي ولمحوا والعمل ليغشي لرفع شعاع فاعلا له والعامل المهمل وهو لمحوا خال من الضمير وكان من حقه أن يتحمل ضمير شعاعه.

(٦) يعني إذا أهمل الأول وأعمل الثاني وطلب الأول ضميرا منصوبا لكونه فعلا وفاعلا كما مر في مثال رأيت وأكرمت أبويك فلا تأت بذلك الضمير المنصوب فأنه يلزم عود الضمير إلى المتأخر لفظا ورتبة.

(٧) بيان للمراد من الفضلة وأن المراد منها هنا ما أوجب حذفه خللا في الكلام فيشمل ما كان ركنا وما أوجب حذفه لبسا واشتباها للسامع.

(٨) للمبتدا في الأصل كخبر كان او غيره من النواسخ.


به (١) في قوله :

إذا كنت ترضاه ويرضاك صاحب

[جهارا فكن في الغيب أحفظ للودّ]

وأضمرنه (وأخّرنه) وجوبا (إن يكن) ذلك الضّمير عمدة بأن كان (هو الخبر) لكان أو ظنّ أو المفعول الأوّل لظنّ ، أو أوقع حذفه في لبس كـ «كنت وكان زيد صديقا إيّاه» (٢) و «ظنّني وظننت زيدا عالما إيّاه» (٣) و «ظننت منطلقة وظنّتني منطلقا هند إيّاها» (٤) و «استعنت واستعان علىّ زيد به» (٥).

وذهب بعضهم في الخبر والمفعول الأوّل إلى جواز تقديمه كالفاعل وآخر (٦) إلى جواز حذفه إن دلّ عليه دليل ، وابن الحاجب إلى الإتيان به اسما ظاهرا ، والأحسن أنّه إن وجدت قرينة حذف وإلّا أتي به اسما ظاهرا (٧).

__________________

(١) أي : بالضمير غير المرفوع للعامل المهمل المتقدم كهاء ترضاه لتنازعه مع يرضاك في صاحب وأعطي العمل ليرضاك فاعلا له وأعطي ضميره لترضاه.

(٢) تنازع كنت وكان زيد في صديق ليكون خبرا لهما فأعطي العمل للثاني وجيء بضمير منفصل متأخر للأول لكونه عمدة.

(٣) مثال لما كان الضمير مفعولا ثانيا لظن تنازع ظنني وظننت زيدا في عالما لاحتياج كل منهما إلى المفعول الثاني فأعطي العمل لظننت وأعطي ضمير إياه لظنّني.

(٤) مثال للمفعول الثاني من ظنّ النزاع في هند يطلبها ظننت مفعولا أولا له وظنتني فاعلا له والعمل للثاني وأعطي للأول الضمير المنفصل.

(٥) مثال للالتباس ومعني المثال إني استعنت بزيد ليعينني على عدوي وأما زيد فعاد إني واستعان غيره علىّ والنزاع في زيد يطلبه استعنت مجرورا بالباء لأنه لازم ويتعدي إما بالباء أو بعلى وحيث إنّ المتكلم طلب المعاونة من زيد فاللازم تعديته بالباء ، ويطلبه استعان فاعلا له فأعطي العمل للثاني وأعطي ضميره مجرورا بالباء لاستعنت ولو لم يذكر الضمير المجرور بالباء لالتبس الأمر بأن المتكلم استعان بزيد أي طلب العون منه أو استعان عليه بمعني أنه حمل عليه وعاداه.

(٦) أي : بعض آخر.

(٧) فيقال ظنني قائما وظننت زيدا قائما وهكذا ساير الأمثلة.


وأظهر ان يكن ضمير خبرا

لغير ما يطابق المفسّرا

(و) لا تضمر بل (أظهر) (١) مفعول الفعل المهمل (إن يكن ضمير) لو أضمر (خبرا) في الأصل (لغير ما يطابق المفسّرا) بكسر السّين وهو المتنازع فيه بأن كان مثنّى والضّمير خبرا عن مفرد (٢).

نحو أظنّ ويظنّاني أخا

زيدا وعمرا أخوين في الرّخا

(نحو أظنّ ويظنّاني أخا زيدا وعمرا أخوين في الرّخا) فأخوين تنازع فيه أظنّ لأنّه يطلبه مفعولا ثانيا إذ مفعوله الأوّل زيدا ، ويظنّاني لأنّه كما قيل (٣) يطلبه مفعولا ثانيا فأعمل فيه الأوّل وهو أظنّ وبقى يظنّاني يحتاج إلى المفعول الثّاني ، فلو أتيت به (٤) ضميرا مفردا فقلت «أظنّ ويظنّاني إيّاه زيدا وعمرا أخوين» لكان مطابقا للياء غير مطابق لما يعود عليه (٥) وهو أخوين ، ولو أتيت به ضميرا مثنّى فقلت «أظنّ ويظنّاني إيّاهما زيدا وعمرا أخوين» لطابقه (٦) ولم يطابق الياء الّذي هو خبر عنه ، فتعيّن

__________________

(١) يعني أنّه إذا اختلف المفعول الأول للفعل المهمل وهو ضمير مع الاسم المتنازع فيه المفسر للضمير في الأفراد والتثنية مثلا فمن جهة أن هذا الفعل مهمل ينبغي أن نأتي له بضمير عوض المتنازع فيه ليكون مفعولا ثانيا للمهمل لكن اختلاف الضمير الأول مع المتنازع فيه يوقعنا بين محذورين إذ لو أتينا به مفردا لكان مطابقا للأول الذي هو مبتداء له في الأصل لكنه غير مطابق مع مفسره المتنازع فيه ولو أتينا به تثنية طابق المفسر ولم يطابق الأول فلزم الإتيان به اسما ظاهرا.

(٢) أي : المفعول الأول المبتدا في الأصل.

(٣) إشارة إلى تمريض القول المذكور وذلك لأنّ المفعول الأوّل ليظناني مفرد فكيف يطلب أخوين مفعولا ثانيا له مع لزوم تطابق المفعولين في باب ظنّ.

(٤) أى : بالمفعول الثاني.

(٥) أي : لما يعود الضمير إليه.

(٦) أي : طابق ما يعود عليه أعني أخوين.


الإظهار (١) وقد علمت (٢) أنّ المسألة حينئذ ليست من باب التّنازع لأنّ كلّا من العاملين قد عمل في ظاهر.

فصل : المفاعيل خمسة :

«أحدها» المفعول به ، وقد سبق حكمه (٣) «الثاني» المفعول المطلق ، وهو ـ كما يؤخذ (٤) ممّا سيأتي المصدر الفضلة (٥) المؤكّد لعامله أو المبيّن لنوعه أو عدده ، ويسمّى مطلقا لأنّه يقع عليه اسم المفعول من غير تقييد بحرف جرّ (٦) ، ولهذه العلّة (٧) قدّمه على المفعول به الزّمخشريّ وابن الحاجب.

المصدر اسم ما سوي الزّمان من

مدلولي الفعل كأمن من أمن

بمثله أو فعل او وصف نصب

وكونه أصلا لهذين انتخب

واعلم (٨) أنّ الفعل يدلّ على شيئين الحدث والزّمان (٩) وأمّا (المصدر) فهو (اسم) يدلّ على (ما سوي الزّمان من مدلولي الفعل) وهو الحدث (كأمن من أمن

__________________

(١) تأتي بأخا.

(٢) من وضع المثال وتطبيق قانون التنازع عليه لأنا إذا أتينا بالاسم الظاهر وهو أخا فقط أعطينا لكل عامل معمولا ظاهرا النزاع بين عاملين على معمول واحد فعمل أظنّ في اخوين ويظناني في أخا.

(٣) في باب تعدي الفعل ولزومه.

(٤) أي : يستفاد من المطالب الآتية.

(٥) أي : ما ليس بمبتدأ ولا خبر ولا فاعل نحو قيامك قيام حسن وأعجبني قيامك.

(٦) كالمفعول به وفيه وله.

(٧) أي : لعلة عدم تقيده بحرف الجر قدمه الزمخشري وابن الحاجب على المفعول به أيضا لأن التقييد بعد الإطلاق.

(٨) شرح قبل المتن لبيان معني المصدر.

(٩) فقولنا ضرب يدل على وقوع حدث وهو الضرب وأنه في الزمان الماضي.


بمثله) (١) أي بمصدر (أو فعل أو وصف نصب) نحو (فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً)(٢)(٣)(وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً)(٤)(٥)(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)(٦)(٧) و «هو مضروب ضربا».

(وكونه) أي المصدر (أصلا لهذين) أي للفعل والوصف وهو مذهب أكثر البصريّين ، وهو الّذي (انتخب) أي أختير لأنّ كلّ فرع يتضمّن الأصل وزيادة ، (٨) والفعل والوصف بالنّصبة إلى المصدر كذلك (٩) دونه. (١٠) وذهب بعض البصريّين إلى أنّ المصدر أصل للفعل والفعل أصل للوصف ، وآخر (١١) إلى أنّ كلّا من المصدر والفعل أصل برأسه (١٢) والكوفيّون إلى أنّ الفعل أصل للمصدر.

توكيدا او نوعا يبين أو عدد

كسرت سيرتين سير ذي رشد

(توكيدا) يبين (١٣) المصدر إذا ذكر مع عامله كاركع ركوعا (أو نوعا يبين) إذا

__________________

(١) متعلق بنصب أي نصب المصد تارة بمصدر مثله وأخري بفعل وثالثة بوصف.

(٢) مثال لنصب المصدر بالمصدر.

(٣) الإسراء ، الآية : ٦٣.

(٤) مثال لنصبه بالفعل.

(٥) النّساء ، الآية : ١٦٤.

(٦) لنصبه بالصفة وهي اسم الفاعل كما أن المثال الذي بعده لنصبه باسم المفعول.

(٧) الصّافّات ، الآية : ١.

(٨) فكما أن الإنسان مثلا فرع عن الحيوان لزيادته عنه بالنطق فكذلك الفعل يزيد عن المصدر بالزمان واسم الفاعل والمفعول يزيدان عنه بصاحب الحدث أو معروضه.

(٩) أي : متضمنا للأصل وهو الحدث وزيادة وهي الزمان في الفعل وصاحب الحدث أو معروضه في الوصف.

(١٠) أي : دون المصدر فإنه بالنسبة إلى الفعل والوصف ليس كذلك بأن يكون متضمنا لها وزيادة.

(١١) أي : بعض آخر من البصريين.

(١٢) أى : ليس أحدهما فرعا والآخر أصلا.

(١٣) يعني أن توكيدا مفعول ليبين في شعر المصنف.


وصف (١) أو أضيف أو أضيف إليه (أو عدد كسرت سيرتين سير ذي رشد) ورجعت القهقرى (٢)

وقد ينوب عنه ما عليه دلّ

كجدّ كلّ الجدّ وافرح الجذل

(وقد ينوب عنه ما عليه دلّ) كـ «كلّ» مضاف إليه (٣) (كجدّ كلّ الجدّ) و «بعض» ، كما في الكافية كـ «ضربته بعض الضّرب». (و) كذا مرادفه نحو (افرح الجذل) بالمعجمة الفرح ، ووصفه والدّالّ على نوع منه أو على عدده أو آلته أو ضميره أؤ إشارة إليه (٤) كما في الكافية نحو «سرت أحسن السّير» (٥) «واشتمل الصّمّاء» «ورجع القهقرى» (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً)(٦) «ضربته سوطا» (لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً)(٧) «ضربت ذلك الضّرب».

__________________

(١) أي : إذا كان المصدر موصوفا بصفة وليس المراد موصوفا بنوعه كما يتضح بأدني تأمّل.

(٢) مثّل للمضاف بمثالين لأنه قد يكون مذكورا كسير ذي رشد وقد يكون مقدرا كرجعت القهقرى إذ التقدير رجوع القهقري.

(٣) مضاف صفة لكل أي ككل الذي يضاف إلى المصدر وكون الكل دإلّا على المصدر لأنّ كل شيء نفس ذلك الشيء لا شيء خارج عنه وكذا بعضه والمرادف أيضا كذلك لأن الجذل يدل على الفرج لأنّه نفسه.

(٤) يعني قد ينوب عن المصدر وصف المصدر والاسم الدال على نوع من المصدر وما يدل على عدده أو يدل على آلة المصدر ، وكذا ينوب عنه ضميره الذي يعود عليه واسم الإشارة الذي يشار به إلى المصدر.

(٥) مثال لوصف المصدر فإن المصدر (سيرا) المقدر وناب عنه وصفه وهو أحسن فنصب والصّمّأ نوع من المصدر المقدر وهو اشتمالا فناب عنه وكذا القهقري أيضا مثال للوصف فأنها نوع من (رجوعا) المقدر وهو الرجوع إلى الخلف وثمانين دال على عدد المصدر المقدر وهو جلدا ، وسوطا دال على آلة المصدر المقدر وهو ضربا وضمير أعذبّه نايب عن عذابا الذي هو المفعول المطلق الأصلي ومرجع للضمير ، وذلك إشارة إلى المصدر إذ التقدير ضربت ضربا ذلك الضرب فناب عنه.

(٦) النور ، الآية : ٤.

(٧) المائدة ، الآية : ١١٥.


وينوب أيضا ما شاركه (١) في مادّته وهو ثلاثة : اسم مصدر ، نحو «إغتسل غسلا» (٢) واسم عين نحو (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً)(٣)(٤) ومصدر لفعل آخر نحو (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً)(٥)(٦).

وما لتوكيد فوحّد أبدا

وثنّ واجمع غيره وأفردا

وحذف عامل المؤكّد امتنع

وفي سواه لدليل متّسع

(وما لتوكيد فوحّد (٧) أبدا) لأنّه بمنزلة تكرير الفعل والفعل لا يثنّى ولا يجمع (٨) (وثنّ واجمع غيره (٩) وأفردا).

(وحذف عامل) المصدر (المؤكّد امتنع). قال في شرح الكافية : لأنّه يقصد به تقوية عامله وتقرير معناه ، (١٠) وحذفه مناف لذلك. ونقضه ابنه (١١) بمجيئه في نحو سقيا ورعيا. وردّ بأنّه (١٢) ليس من التّأكيد في شيء ، وإنّما المصدر فيه نائب مناب

__________________

(١) أي : شارك المصدر في حروفه الأصلية كالاغتسال والغسل.

(٢) فالمصدر اغتسلا وغسلا اسم للمصدر لعدم جريانه على الفعل فأن الفعل مزيد وغسلا مجرد.

(٣) المصدر أنباتا وناب عنه نباتا الذي هو اسم ذات لا مصدر ولا اسمه بل مشارك للمصدر في حروفه الأصلية.

(٤) نوح ، الآية : ١٧.

(٥) فتبتيلا مصدر باب التفعيل وناب عن مصدر باب التفعل أي تبتلا.

(٦) المزمّل ، الآية : ٨.

(٧) أي : فأت به مفردا.

(٨) فما يري من تثنية الفعل وجمعه فهو في الحقيقة تثنية وجمع للضمير لا للفعل.

(٩) أي : غير التوكيد من نوع وعدد.

(١٠) أي : تثبيته.

(١١) أي : ابن المصنف نقض قول أبيه من عدم جواز حذف عامل المؤكد بمجيء حذف العامل في سقيا ورعيا.

(١٢) أي : بأن نحو سقيا ورعيا ليس بتوكيد أبدا لأن التوكيد يحتاج إلى مؤكد ومؤكد هنا أمر واحد وهو المصدر


العامل دالّ على ما يدلّ عليه فهو عوض عنه. ويدلّ على ذلك (١) عدم جواز الجمع بينهما ، ولا شيء من المؤكّدات (٢) أن يمتنع الجمع بينه وبين المؤكّد.

(وفي) حذف عامل (سواه (٣) لدليل) عليه (متّسع) (٤) فيبقى على نصبه كقولك لمن قال أيّ سير سرت «سيرا سريعا» (٥) ولمن قدم من سفره : «قدوما مباركا» (٦).

والحذف حتم مع آت بدلا

من فعله كندلا اللّذ كاندلا

(والحذف) للعامل (حتم مع) مصدر (آت بدلا من فعله) سماعا في نحو حمدا وشكرا (٧) ، وقياسا في الأمر (كندلا (٨) اللّذ) في قول الشاعر :

على حين ألهى النّاس جلّ أمورهم

فندلا زريق المال ندل الثّعالب

فهو (كاندلا) ، وفي النّهي (٩) نحو قياما (١٠) لا قعودا والدّعاء نحو سقيا

__________________

وذلك لأن المصدر هنا نايب عن الفعل لا أن الفعل مقدر قبله وحاصله أن قولك سقيا بمنزلة قولك سقاك الله فهو بدل عن فعل لا أنه معمول له.

(١) أي : ويدّل على أن المصدر هنا بدل عن العامل لا معمول له عدم جواز الجمع هنا بين المصدر والعامل وذلك لعدم جواز الجمع بين العوض والمعوض ولو كان توكيدا له الجاز الجمع بين المؤكد والمؤكد.

(٢) أي : المصادر المؤكدة يعني المفعول المطلق الذي للتأكيد فإنه يجوز ان يجمع بينه وبين عامل.

(٣) أي : عامل سوي المؤكد وهو عامل المصدر النوعي أو العددي.

(٤) أي : جايز ذلك الحذف.

(٥) أي : سرت سيرا وهذا المثال لما إذا كانت القريند مقالية.

(٦) أي : قدمت قدوما وهذا للقرينة الحالية.

(٧) بدل قوله حمدتك وشكرتك.

(٨) الندل بالفارسية ربودن يعني أن ندلا هنا بمعني أندل كقول السائل عطاء أي أعطني أو قولك للمصاب صبرا أي اصبر ووجوب الحذف هنا لعدم جواز الجمع بين العوض والمعوّض.

(٩) عطف على قوله في الأمر وقياسا في النهي أيضا وكذا الدعاء والاستفهام.

(١٠) فهو بمنزلة أن تقول لا تقم.


ورعيا ، (١) والإستفهام للتوبيخ نحو : أتوانيا (٢) وقد جدّ قرناؤك المشيب.

ولا فرق فيما ذكر بين ما له فعل كما تقدّم وما ليس له فعل (٣) نحو

[تذر الجماجم ضاحيا هاماتها]

بله الأكفّ [كأنّها لم تخلق]

فيقدّر فعل من معناه أي أترك.

وما لتفصيل كإمّا منّا

عامله يحذف حيث عنّا

(وما لتفصيل) لعاقبة ما قبله (كإمّا منّا) (بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً)(٤)(٥) (عامله يحذف) حتما قياسا (حيث عنّا) أي عرض ، فالتقدير في الآية ـ والله أعلم ـ فإمّا تمنّون منّا وإمّا تفدون فداء.

كذا مكرّر وذو حصر ورد

نائب فعل لاسم عين استند

(كذا) في الحكم (٦) (مكرّر) ورد نائب فعل (٧) مسند إلى اسم عين نحو «زيد سيرا» أي يسير سيرا.

(و) كذا (ذو حصر) بإلّا أو بإنّما (ورد نائب فعل لاسم عين استند) نحو «ما أنت إلّا سيرا» و «إنّما أنت سيرا» فإن استند لاسم معنى ، وجب الرّفع على الخبريّة في

__________________

(١) بدل أسق وأرع.

(٢) بدل أتتواني.

(٣) لأن بله اسم فعل وجاء هنا بمعني المصدر وليس له فعل فيقدر فعل من معناه.

(٤) فأن منا وفداء تفصيل لقوله تعإلى فشد والوثاق الذي قبله.

(٥) محمّد ، الآية : ٤.

(٦) أي : في حكم لزوم حذف العامل.

(٧) أي : كان المصدر نائبا عن فعل أي واقعا مكان فعل وذلك الفعل خبر عن اسم عين فسيرا واقع مكان يسير ويسير خبر لزيد وهو اسم عين.


الصّورتين (١) نحو «أمرك سير سير» و «إنّما سيرك سير البريد». (٢)

ومنه ما يدعونه مؤكّدا

لنفسه أو غيره فالمبتدا

نحوله علىّ ألف عرفا

والثّان كابني أنت حقّا صرفا

(ومنه) أي من المصدر الّذي حذف عامله حتما (ما يدعونه) أي ما يسمّونه (مؤكّدا) إمّا (لنفسه أو غيره فالمبتدا) به ، أي فالأوّل هو المؤكّد لنفسه ما وقع بعد جملة لا محتمل لها غيره. (٣) (نحو له علىّ ألف) درهم (عرفا والثّان) وهو المؤكّد لغيره ما وقع بعد جملة لها محتمل غيره (كابني أنت حقّا صرفا). (٤) قال في التّسهيل : ولا يجوز تقدّم هذا المصدر على الجملة التي قبله (٥) وفاقا للزّجّاج.

كذاك ذو التّشبيه بعد جملة

كلي بكا بكاء ذات عضلة

(كذلك (٦) ذو التّشبيه) الواقع (بعد جملة) مشتملة على اسم بمعناه وصاحبه. (٧) (كلي بكا بكاء ذات عضلة) أي صاحب داهية. (٨)

__________________

(١) أي : في صورة التكرر وصورة الحصر.

(٢) لكون المسند إليه في المثالين اسم معني وهما أمرك وسيرك لكونهما مصدرين.

(٣) أي : لا احتمال لتلك الجملة غير ذلك المصدر فجملة له على ألف لا معنى لها غير الاعتراف فعرفا مؤكد للعرف أي الاعتراف الذى فهم من الجملة قبله.

(٤) فأن جملة أنت ابني يحتمل أن مراد القائل الابن الحقيقي يعني ولده أو المجازي يعني أنه يحبه كثيرا مثل ابنه فحقا مؤكد لأن لا يحتمل غير الحق وهو المجازي.

(٥) في التوكيد للنفس والغير فلا يقال عرفا له على ألف أو حقا أنت ابني.

(٦) أي : كالمؤكد لنفسه ولغيره في لزوم حذف عامله.

(٧) أي : بمعني المفعول المطلق وصاحبه فأن جملة لي بكا مشتملة على بكا وهو بمعني بكاء الذي مفعول مطلق وياء المتكلم وهو صاحب البكاء.

(٨) أي : المصيبة.


بخلاف الواقع بعد مفرد كـ «صوته صوت جمار» والواقع بعد جملة لم تشتمل على ما ذكر كـ «هذا بكاء بكاء الثّكلى» (١).

تتمة : كالمصدر في حذف عامله ما وقع موقعه نحو «اعتصمت عائذا بك» (٢) ـ قاله في شرح الكافية.

__________________

(١) فالمصدر خبر في الموردين.

(٢) فعائذا واقع موقع المصدر وهو عوذا وحذف عامله وهو عذت.


الثالث ـ من المفاعيل المفعول له

ويسمّى «المفعول لأجله» و «من أجله». وهو ـ كما قال ابن الحاجب ـ ما فعل لأجله فعل مذكور.

ينصب مفعولا له المصدر إن

أبان تعليلا كجد شكرا ودن

وهو بما يعمل فيه متّحد

وقتا وفاعلا وإن شرط فقد

(ينصب) حالكونه (مفعولا له المصدر إن أبان تعليلا) (١) للفعل (كجد شكرا ودن ، وهو بما يعمل فيه) (٢) وهو الفعل (متّحد وقتا وفاعلا وإن شرط) ممّا ذكر (٣) (فقد).

فاجرره بالحرف وليس يمتنع

مع الشّروط كلزهد ذا قنع

(فاجرره باللّام) ونحوها ممّا يفهم التّعليل وهو «من» و «في» نحو :

__________________

(١) أي : أفهم المصدر وأظهر تعليلا للفعل أي أفهم أنه علة وباعث للفعل ولولاه لما وقع ذلك الفعل فقولنا ضربته تأديبا يفهم أنه لو لا التأديب لما وقع الضرب ولو لا الشكر لما حصل الجود ولو لا الجبن لما قعد عن الحرب.

(٢) أي : المصدر مع عامله متحد في الوقت والفاعل.

(٣) وهي إفهامه التعليل واتحاده مع عامله في الوقت والفاعل.


[له ملك ينادي كلّ يوم]

لدوا للموت وابنوا للخراب (١)

فجئت وقد نضّت لنوم ثيابها (٢)

[لدى السّتر إلّا لبسة المتفضّل]

وإنّي لتعروني لذكراك هزّة (٣)

[كما انتقض العصفور بلّله القطر]

قال في شرح الكافية : فإن لم يكن ما قصد به التّعليل (٤) مصدرا فهو أحقّ باللّام أو ما يقوم مقامها نحو «سرى زيد للماء أو للعشب» و (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍ)(٥)(٦) «إنّ امرأة دخلت النّار في هرّة (٧) حبستها».

(وليس يمتنع) الجرّ (مع) وجود (الشّروط) المذكورة بل يجوز (كلزهد ذا قنع) (٨). ثمّ جواز ذلك على أقسام (٩) ذكرها بقوله :

وقلّ أن يصحبها المجرّد

والعكس في مصحوب أل وأنشدوا

__________________

(١) فأن الموت والخراب لا يفهمان أنهما علتان للولادة والبناء فأنه غير معهود في نظر العرف أن يكون الموت سببا وعلة وغرضا للولادة أو الخراب غرضا للبناء.

(٢) لعدم اتحاد المصدر وهو النوم مع عامله وهو نضت في الزمان لأن نزع الثياب قبل النوم.

(٣) أي : تعرضني عند ذكرك رعشة الشاهد في عدم اتحاد المصدر وهو ذكراك مع عامله هو تعروني في الفاعل فأن فاعل تعروني هزة وفاعل ذكراك هو المتكلم.

(٤) يعني إذا كان اسم وقصد به التعليل للفعل قبله ولم يكن مصدرا كالماء في المثال لأنه علة في المثال لسري فهو أحق بأن لا ينصب بل يجر بحرف ، من المصدر الذي ليس فيه الشروط السابقة لاشتراط نصب الفعول له أن يكون مصدرا.

(٥) فمع أن (غم) علة للخروج لم ينصب لعدم كونه مصدرا.

(٦) الحج ، الآية : ٢٢.

(٧) أي : لهرة فلم تنصب مع كونها علة للدخول في النار لكونه غير مصدر.

(٨) كما يجوز أن يقال زهدا ذا قنع لوجود الشرائط وهي كونه مصدرا مفهما للتعليل متحدا مع عامله زمانا وفاعلا.

(٩) من حيث كثرة الوجود وقلته فالمجرد من أل والإضافة الأكثر نصبه ويقل جره باللام والذي مع أل يكثر جره ويقلّ نصبه والمضاف يستوي فيه النصب والجر كما سيبيّن ذلك.


لا أقعد الجبن عن الهيجاء

ولو توالت زمر الأعداء

(وقلّ أن يصحبها) أي اللّام (المجرّد) من أل والإضافة ، وكثر نصبه ، وأوجبه (١) الجزولي. قال الشّلوبين شيخ المصنّف : ولا سلف له (٢) في ذلك.

(والعكس) وهو كثرة صحبتها ثابت (في مصحوب أل) وقلّ نصبه (وأنشدوا) عليه (٣) قول بعضهم : (لا أقعد الجبن) أي الخوف أي لاجله (٤) (عن الهيجاء) بالمدّ ويجوز القصر أي الحرب (ولو توالت زمر الأعداء) جمع زمرة وهي الجماعة من النّاس وفهم

من كلامه (٥) استواء الأمرين في المضاف ، وصرّح به (٦) في التّسهيل.

__________________

(١) أى : النصب فى المجرد.

(٢) أي : للجزولي في قوله هذا أي لم يقل قبله أحد بوجوب النصب في المجرد.

(٣) أى : على نصب مصحوب أل فنصب الجبن مع كونه مصحوب أل.

(٤) بفتح الجيم أي خوفا من أن يأتي أجله أي موته.

(٥) لأنه بيّن حال المجرّد من أل بأنه أكثر نصبا ومصحوب أل بأنه بالعكس ولم يذكر حال المضاف فيفهم أنه يستوي فيه النصب والجر.

(٦) أي : باستواء الأمرين.


الرابع ـ من المفاعيل المفعول فيه

وهو المسمّى ظرفا أيضا.

الظّرف وقت أو مكان ضمّنا

في باطّراد كهنا امكث أزمنا

(الظّرف) في اصطلاحنا (١) (وقت أو مكان ضمّنا في باطّراد (٢) كهنا امكث أزمنا) بخلاف ما لم يتضمّنها نحو «يوم الجمعة مبارك» أو تضمّنها بغير اطّراد وهو المنصوب على التّوسّع نحو «دخلت الدّار». (٣)

فانصبه بالواقع فيه مظهرا

كان وإلّا فانوه مقدّرا

(فانصبه بالواقع فيه) وهو المصدر ومثله الفعل والوصف (مظهرا كان) (٤) كما

__________________

(١) أي : لا في اللغة فأن الظرف في اللغة هي الوعاء.

(٢) أي : بأن يكون تضمن (في) فيه مطردا ومتعارفا لا الظرف الذي ليس كذلك بأن يكون المتعارف فيه ذكر في الا أنه قد يقدر فيه نادرا فلا ينصب على الظرفية.

(٣) فالدار متضمن لمعني في إذ التقدير دخلت في الدار الا إنه غير مطرد إذ المتعارف في مثل هذا التركيب ذكر في لا تقديره فيقال دخلت في الدار فالدار منصوب هنا بحذف الجار على أنه مفعول به على خلاف الأصل لأنه يغتفر في الظرف ما لا يغتفر في غيره إذ لا يجوز في غير الظرف حذف الجار منه وبقائه مفعولا به.

(٤) أي : الواقع فيه وهو العامل كما تقدم وهو (هنا امكث أزمنا).


تقدّم (وإلّا فانوه مقدّرا) نحو فرسخا لمن قال : كم سرت. (١)

وكلّ وقت قابل ذاك وما

يقبله المكان إلّا مبهما

نحو الجهات والمقادير وما

صيغ من الفعل كمرمي من رمى

(وكلّ وقت) سواء كان مبهما (٢) أو مختصّا (قابل ذاك) النّصب ، (٣) واستثنى منها (٤) في نكته على مقدّمة ابن الحاجب مذ ومنذ.

(وما يقبله (٥) المكان إلّا) إن كان (مبهما) بأن افتقر إلى غيره في بيان صورة مسمّاه (٦) (نحو الجهات) السّت ، وهي : فوق وتحت وخلف وأمام ويمين ويسار ، وما أشبهها كجانب وناحية (والمقادير) كالميل والفرسخ والبريد. (٧) (و) إلّا كان من (ما صيغ من الفعل) (٨) أي من مادّته (كمرمى من رمى).

وشرط كون ذا مقيسا أن يقع

ظرفا لما في أصله معه اجتمع

وشرط كون ذا (٩) مقيسا أن يقع ظرفا لما) أي لفعل (في أصله) أي الحروف

__________________

(١) أي سرت فرسخا.

(٢) أي : غير محدود بحدّ كحين ومدة ووقت وزمان والمختص كيوم الجمعة وشهر رمضان واليوم.

(٣) أي : النصب على الظرفية.

(٤) من النصب.

(٥) أي : ذلك النصب.

(٦) أي : تشخيص المراد منه وفهم معناه فأن فوق مثلا لا يعرف المراد منه إلا أن أضفتها إلى شيء كقولك فوق السطح.

(٧) الميل أربعة آلاف ذراع والفرسخ إثنا عشر ألف ذراع والبريد إثنا عشر ميلا.

(٨) يعني اسم المكان على وزن مفعل كالمشرق والمغرب.

(٩) أي : اسم المكان المشتق من الفعل شرط نصبه أن يكون عامله من جنسه كجلست مجلس زيد.


الأصليّة (معه اجتمع) كجلست مجلس زيد ورميت مرماه ، فإن لم يقع كذلك (١) كان شاذّا يسمع كقولهم «هو عمرو مزجر الكلب» ، «وعبد الله مناط الثّريّا» ، «هو منّي مقعد القابلة» (٢) وغير ما ذكر (٣) من الأمكنة لا يقبل الظّرفية كالدّار والمسجد والسّوق والطّريق.

وما يري ظرفا وغير ظرف

فذاك ذو تصرّف في العرف

وغير ذي التّصرّف الّذي لزم

ظرفيّة أو شبهها من الكلم

(وما يرى ظرفا وغير ظرف) كأن يرى مبتدأ أو خبرا أو فاعلا أو مفعولا أو مضافا إليه (٤) نحو يوم ، وشهر ، (فذاك ذو تصرّف (٥) في العرف).

(وغير ذي التّصرّف الّذي لزم ظرفيّة) (٦) كقطّ وعوض (أو شبهها) (٧) كالجرّ بالحرف كعند ولدى (من الكلم) بيان للّذي. (٨)

وقد ينوب عن مكان مصدر

وذاك في ظرف الزّمان يكثر

(وقد ينوب عن) ظرف (مكان مصدر) كان مضافا إليه الظرف فحذف وأقيم هو

__________________

(١) بأن كان الواقع فيه فعل من غير جنسه.

(٢) فأن الواقع في هذه الثلاثة ليس فعلا من مادة المزجر والمناط والمقعد بل على ما قيل استقر.

(٣) أي : المكان المبهم وما صيغ من الفعل.

(٤) فالأول والثاني نحو اليوم يوم مبارك والثالث نحو أعجبني اليوم والرابع نحو أحببت يوم قدومك والخامس نحو سرت نصف يوم.

(٥) أي : يسمي ظرفا متصرفا في عرف النحاة.

(٦) أي : الظرف الغير المتصرف هو الظرف الذي لازم للظرفية دائما.

(٧) أي : شبه الظرفية.

(٨) أي : الذي لزم ظرفية عبارة عن الكلم.


مقامه (١) نحو «جلست قرب زيد».

(وذاك (٢) في ظرف الزّمان يكثر) نحو «إنتظرته صلاة العصر» (٣) و «أمهلته نحر جزورين» (٤) وقد يجعل المصدر ظرفا دون تقديره (٥) ومنه (٦) «ذكاة الجنين ذكاة أمّه» وقد يقام اسم عين مضاف إليه الزّمان مقامه (٧) نحو «لا أكلّمك هبيرة بن قيس» أي مدّة غيبته.

__________________

(١) أي : أقيم المصدر مقام الظرف ففي المثال التقدير جلست مكان قرب زيد فحذف مكان وأقيم مقامه قرب فنصب على الظرفية.

(٢) أي : قيام المصدر مقام الظرف.

(٣) أي : وقت صلاة العصر فحذف الظرف وهو وقت وأقيم المصدر وهو الصلاة مقامه.

(٤) أي : مدة نحر جزور.

(٥) أي : تقدير الظرف.

(٦) أي : مما جعل المصدر ظرفا دون تقدير مضاف فأن زكاة منصوب من دون تقدير مضاف.

(٧) أي : مقام الزمان على الظرفية فهبيرة اسم عين لأنه على لشخص وأقيم مقام مدة فينصب ظرفا.


الخامس ـ من المفاعيل المفعول معه

وأخّره عنها لاختلافهم فيه هل هو قياسيّ دون غيره (١) ولوصول العامل إليه بواسطة حرف دون غيره.

ينصب تالي الواو مفعولا معه

في نحو سيري والطّريق مسرعة

بما من الفعل وشبهه سبق

ذا النّصب لا بالواو في القول الأحقّ

(ينصب) اسم (تالي الواو) التّي بمعنى مع ، التّالية لجملة ذات فعل أو اسم فيه معناه وحروفه (٢) حال كونه (مفعولا معه) ومثال ذلك موجود (في نحو سيري والطّريق مسرعة بما من الفعل وشبهه سبق (٣) ذا النّصب لا بالواو في القول الأحقّ) بالتّرجيح الّذي نصّ عليه سيبويه ، وقال الجرجاني بالواو ، والزّجاج بفعل مضمر (٤)

__________________

(١) يعني أنّ تأخير المفعول معه عن ساير المفاعيل لأمرين أحدهما الاختلاف في قياسية نصبه دون ساير المفاعيل وثانيهما وصول عامل النصب إليه بواسطة وأو المعية دون باقي المفاعيل لوصوله إليها بنفسه.

(٢) أي : في الاسم معني الفعل وحروفه كأسم الفاعل نحو أنا سائر والفرس.

(٣) صلة لما يعني أن نصب المفعول معه بما سبق عليه من فعل وشبهه لا بالواو في القول الأحق بالترجيح على القول بأن نصبه بالوأو وهذا الترجيح نص عليه سيبويه.

(٤) يناسب المعيّة مثل لابست وصاحبت ونحوهما.


وفهم من قوله «سبق» أنّه (١) لا يتقدّم عليه وهو كذالك (٢) بلا خلاف.

وبعد ما استفهام او كيف نصب

بفعل كون مضمر بعض العرب

(و) إن قلت (٣) قد روي النّصب (بعد ما استفهام أو كيف) نحو «ما أنت وزيدا» و «كيف أنت وقصعة من ثريد» فبطل ما قرّره من أنّه لا بدّ أن يسبقه فعل أو شبهه.

فالجواب (٤) أنّ أكثرهم يرفعه ، وقد (نصب) هذا (بفعل) من (كون مضمر بعض العرب) فتقديره (٥) «ما تكون وزيدا» و «كيف تكون وقصعة من ثريد».

والعطف إن يمكن بلا ضعف احقّ

والنّصب مختار لدي ضعف النّسق

(والعطف إن يمكن بلا ضعف) فيه (٦) (أحقّ) من النّصب على المفعولية نحو «كنت أنا وزيد كالأخوين.

(والنّصب) على المفعولية (مختار) عند المصنّف (لدى ضعف) عطف (النّسق) نحو «جئت وزيدا» (٧) وأوجبه (٨) السّيرافي بناء على قائدته : أنّ كلّ ثان (٩) كان

__________________

(١) أي : المفعول معه لا يتقدم على العامل.

(٢) أي : والصحيح أنه كذلك أي لا يتقدم على عامله.

(٣) يعني بعد ما قال المصنف من أن العامل في المفعول معه لا بد أن يكون فعلا أو شبهه فما تقول في المنصوب بعد ما وكيف الاستفهاميين مع عدم وجود فعل وشبهه هناك.

(٤) أمران الأول أن أكثر العرب يرفع الأسم الواقع بعد ما وكيف والثاني أنّ نصبه عند من ينصبه أنما هو بفعل مقدر.

(٥) أي : تقدير ما وقع بعد ما وكيف.

(٦) أي : في العطف.

(٧) فأن العطف على الضمير المتصل المرفوع ضعيف ومرجوع إلّا أن يؤتي بالمنفصل فيقال جئت أنا وزيد.

(٨) أي : النصب.

(٩) أي : الذي بعد الوأو أن كان مسببا لما قبل الواو يجب نصبه وجعل تلك الواو معية. فعلي هذه القاعدة يجب نصب زيد في المثال.


مؤثّرا (١) لأوّل (٢) أي مسبّبا له ـ لا يجوز فيه إلّا النّصب ، إذ قولك «جئت وزيدا» معناه :

كنت السّبب في مجيئه. (٣)

والنّصب إن لم يجز العطف يجب

أو اعتقد إضمار عامل تصب

(والنّصب) على المفعولية (إن) أمكن و (لم يجز العطف) لمانع (يجب) نحو «ما لك وزيدا» بالنّصب لأنّ عطفه على الكاف لا يجوز ، إذ لا يعطف على ضمير الجرّ إلّا بإعادة الجارّ ـ قاله في شرح الكافية ـ وسيأتي (٤) في باب العطف اختيار جوازه (أو اعتقد) إذا لم يمكن النّصب على المفعولية (إضمار عامل) ناصب له (تصب) نحو

علّفتها تبنا وماء باردا (٥)

[حتّى غدت همّالة عيناها]

أى وسقيتها

تتمة : يجب العطف إن لم يجز النّصل نحو «تشارك زيد وعمرو» لافتقاره (٦) إلى فاعلين فالأقسام حينئذ أربعة : راحج العطف ، وواجبه ، وراجح النّصب وواجبه (٧).

__________________

(١) بفتح التاء أسم مفعول وكذا المسبب اسم مفعول أيضا.

(٢) الذي قبل الواو.

(٣) فمجىء الأوّل وهو تاء المتكلم سبب لمجيء الثاني وهو زيد.

(٤) يعني أن المصنف يختار في باب العطف جواز العطف على المجرور المتصل بدون إعادة الجار فعلى هذا لا يجب النصب في المثال.

(٥) فماء لا يمكن عطفه على ألتبن ولا أن يكون مفعولا معه لاستلزامهما جواز تعليف الماء والماء لا يعلّف بل يسقي فيجب تقدير فعل مناسب للماء وهو سقيتها فماء حينئذ مفعول به لا معه.

(٦) أي : لافتقار تشارك فلو نصب ما بعد الواو بقي على مفعول واحد.

(٧) فراجح العطف فيما أمكن العطف بلا ضعف وواجب العطف فيما لم يجز النصب كما إذا وقع بعد فعل يغتفر إلى مفعولين وراجح النصب عن ضعف عطف النسق وواجب النصب إذا لم يجز العطف كالعطف على المجرور من دون إعادة الجار.


[الاستثناء]

هذه خاتم المفاعيل ، وعقّبها المصنف بما هو مفعول في المعنى (١) فقال الاستثناء وهو إخراج بإلّا وإحدى أخواتها حقيقة أو حكما (٢) من متعدّد.

ما استثنت إلّا مع تمام ينتصب

وبعد نفي أو كنفي انتخب

إتباع ما اتّصل وانصب ما انقطع

وعن تميم فيه إبدال وقع

(ما استثنت إلّا مع تمام) (٣) وإيجاب (ينتصب) بها (٤) عند المصنّف ، وبما قبلها عند السّيرافي ، وبمقدّر عند الزّجّاج ، نحو (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ)(٥)(٦).

(و) إن وقع (بعد نفي أو) ما هو (كنفى) وهو النّهي والإستفهام (انتخب) بفتح التّاء (٧) (إتباع ما اتّصل) (٨) للمستثنى منه في إعرابه على أنّه بدل منه بدل بعض من كلّ (٩)

__________________

(١) لاستثنيت المقدر.

(٢) فالأوّل يسمي متصلا نحو جائني القوم إلّا زيدا فزيدا أخرج بإلّا عن القوم حقيقة لدخوله في القوم والثاني يسمي منقطعا نحو جائني القوم إلّا حمارا فحمار لم يخرج من القوم لأن الإخراج فرع الدخول ولم يكن داخلا لكنه أخرج عن حكم القوم وهو المجىء.

(٣) أي : مع ذكر المستثني منه.

(٤) أي : بإلّا عند المصنف وبالعامل الذي قبل إلّا من فعل وشبهه عند السيرافي وباستثني المقدر عند الزجاج.

(٥) مثال للمستثني التام الموجب لذكر المستثني منه وهو الملائكة وعدم ذكر أداة النفي.

(٦) ص ، الآية : ٧٣.

(٧) وكسر الخاء أمر من الأنتخاب.

(٨) يعني إذا كان المستثني متصلا فالأحسن إتباع المستثني للمستثني منه وإن كان النصب أيضا جايزا.

(٩) هود ، الآية : ٨١.


نحو (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ)(١)(٢) ويجوز النّصب. قال المصنّف :

وهو (٣) عربيّ جيّد. قال ابن النّحّاس : كلّ ما جاز فيه الاتباع جاز فيه النّصب على الاستثناء ولا عكس (٤).

(وانصب ما انقطع) وجوبا نحو (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ)(٥)(٦) (وعن تميم فيه (٧) إبدال وقع) قال شاعرهم : (٨)

وبلدة ليس لها أنيس

إلّا اليعافير وإلّا العيس

وغير نصب سابق في النّفي قد

يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد

(وغير نصب سابق) (٩) على المستثنى منه ، أي إتباعه (في النّفي قد يأتي) كقول حسّان :

لأنّهم يرجون منه شفاعة

إذا لم يكن إلّا النّبيّون شافع (١٠)

__________________

(١) مثال للاستفهام والضالون مرفوع بدلا من (من) الاستفهامية وهو المستثني منه.

(٢) الحجر ، الآية : ٥٦.

(٣) أي : النصب.

(٤) أي : ليس كلما جاز فيه النصب جاز فيه الإبدال كما في المستثني التام الموجب فأنه يجب نصبه ولا يجوز اتباعه.

(٥) فأتباع الظن منقطع عن المستثني منه وهو العلم لأن اتباع الظن مع العلم متضادان.

(٦) النّساء ، الآية : ١٥٧.

(٧) في المنقطع.

(٨) أي : شاعر بني تميم فالمستثني في البيت وهو اليعافير والعيس مستثنيان منقطعان عن المستثني منه وهو (الأنيس) فأن الأنيس من الإنسان واليعفور والعيس من الحيوانات وهما مرفوعان بدلين من أنيس.

(٩) يعني إذا تقدم المستثني على المستثني منه في الكلام المنفي فالمختار نصبه ولكن قد يأتي غير منصوب بل تابعا للمستثني منه.

(١٠) فالنبيون مستثني مقدم على المستثني منه وهو شافع وقد رفع بدلا عن شافع وهو في الكلام المنفي.


(ولكن نصبه اختر إن ورد) كقوله :

ومالي إلّا آل أحمد شيعة

ومالي إلّا مذهب الحقّ مذهب (١)

أمّا في الإيجاب (٢) فلا يجوز غير النّصب نحو «قام إلّا زيدا القوم».

وإن يفرّغ سابق إلّا لما

بعد يكن كما لو إلّا عدما

(وإن يفرّغ سابق إلّا (٣) لما بعد) أي للعمل فيه (يكن) ما بعد (كما لو إلّا عدما) فيعرب على حسب ما يقتضيه ما قبلها ، وذلك لا يقع إلّا بعد نفي أو شبهه كـ «لا تزر إلّا فتى» (٤) «لا يتّبع إلّا الهدى» و «هل زكى إلّا الورع؟»

وألغ إلّا ذات توكيد كلا

تمرر بهم إلّا ألفتي إلّا العلا

(وألغ إلّا ذات توكيد) وهي الّتي (٥) تلاها اسم مماثل لما قبلها أو تلت عاطفا فاجعلها كالمعدومة (كلا تمرر بهم إلّا الفتى إلّا العلا) (٦) وكقوله :

ما لك من شيخك إلّا عمله

إلّا رسيمه وإلّا رمله (٧)

__________________

(١) فنصب آل وهو مقدم على شيعة في الكلام المنفي وكذا مذهب الحق مع تقدمه على المستثني منه وهو مذهب.

(٢) يعني أن أرجحية النصب أنما هو في الكلام المنفي أما في الموجب فيجب نصبه إذا تقدم.

(٣) يعني إذا فرّع العامل المتقدم على (إلا) من المستثني منه ليعمل فيما بعد إلا أي في المستثني كما يقال فرّغ القدر من الماء ليصب فيه العسل ، فإعراب المستثني حسب ما يقتضيه العامل قبل إلّا ، كما لو لم يكن إلّا موجودا.

(٤) ففتى مفعول للاتزر والهدى نائب فاعل للايتبع والورع فاعل لزكى والمثال الأول والأخير لشبه النفى والأوسط للنفى.

(٥) أي : (إلّا) ذات التوكيد على قسمين الأوّل ما وقع بعدها اسم مماثل في المعني لما قبلها كالعلى والفتي فإنّهما بمعني واحد والثاني ما إذا وقعت إلّا بعد عاطف كإلّا رمله في مثال الشارح فهي ملغاة والمستثني بعدها تابع لما قبلها عطف بيان أو نسق.

(٦) مثال لما تلاها اسم مماثل لما قبلها فأن العلا مماثل في المعني للفتي.

(٧) مثال لما تلت عاطفا فأن (إلّا رمله) واقعة بعد واو العطف.


وإن تكرّر لا لتوكيد فمع

تفريغ التّأثير بالعامل دع

في واحد ممّا بإلّا استثني

وليس عن نصب سواه مغني

(وإن تكرّر) إلّا (لا لتوكيد (١) فمع تفريغ) من المستثنى منه بأن حذف (التّأثير بالعامل) الواقع قبل إلّا (دع في واحد ممّا بإلّا استثني) مقدّما كان أولا (وليس عن نصب سواه مغني (٢)) نحو «ما قام إلّا زيد إلّا عمرا إلّا بكرا».

ودون تفريغ مع التّقدّم

نصب الجميع احكم به والتزم

(ودون تفريغ مع التّقدّم) لجميع المستثنيات على المستثنى منه (نصب الجميع (٣) احكم به والتزم) ولا تدع العامل يؤثّر في شيء منها نحو «قام إلّا زيدا إلّا عمرا الّا خالدا القوم».

__________________

(١) تكرار إلّا لغير التوكيد على ثلاثة أقسام الأول ما كان الاستثناء مفرغا فحكمه أن يعمل العامل في واحد من المستثنيات وينصب الباقي على الأستثناء نحو قام إلّا زيدا لا بكرا فعمل العامل وهو قام في واحد منها وهو زيد ونصب الآخران وهما عمروا وبكرا على الأستثناء الثاني ما كان الاستثناء غير مفرّغ أي ذكر المستثنى منه وكان المستثنيات مقدما على المستثنى منه فحكمه نصب جميع المستثنيات نحو قام إلّا زيدا إلا خالدا القوم الثالث ما كان الأستثناء غير مفزّع والمستثنيات مؤخرا نحو قام القوم لا زيدا لا عمرا إلا خالد فحكمه نصب جميع المستثنيات غير واحد منها وأما ذلك الواحد فحكمه حكم المستثني المنفرد فإن كان في كلام موجب وجب نصبه أيضا كما في المثال وإن كان منفيا فالأحسن اتباع المتصّل نحو ما قام القوم إلّا زيد إلا عمرا الّا خالدا برفع زيد ونصب الباقي وأمّا المنقطع فيجب نصبه نحو ما جاء القوم إلّا حمارا إلّا بقرا إلّا فرسا بنصب الجميع.

(٢) أي : سوي الواحد يعني أن العامل يعمل في واحد منها فقط ولا يكفي لنصب الباقي بل نصب الباقي بإلّا لا بالعامل وهذا هو القسم الأوّل.

(٣) هذا هو القسم الثاني.


وانصب لتأخير وجيء بواحد

منها كما لو كان دون زائد

كلم يفوا إلّا امرؤ إلّا على

وحكمها في القصد حكم الأوّل

(وانصب لتأخير) (١) لجميع المستثنيات عن المستثنى منه كلّها غير ما ذكر في قوله : (وجيء بواحد منها) معربا (كما لو كان) وحده (دون زائد) عليه فانصبه (٢) وارفعه حيث يقتضي ذلك (٣) على ما تقدّم (كلم يفوا إلّا امرؤ إلّا علىّ) برفع الأوّل (٤) ونصب الثّاني و «قاموا إلّا زيدا إلّا عمرا إلّا خالدا» بنصب الجميع ، (٥) إذ لو لم يكن إلّا الأوّل لوجب نصبه (٦).

(وحكمها) (٧) أي ما بعد المستثنى الأوّل من المستثنيات إذا لم يمكن استثناء بعضها من بعض (في القصد حكم) المستثنى (الأوّل) فإن كان خارجا ـ بأن كان الأوّل استثناء من موجب ـ فما بعده كذلك وان كان داخلا بأن كان استثناء من غير موجب فما بعده كذلك فإن أمكن (٨) استثناء بعضها من بعض نحو «له عندي أربعون إلّا عشرين إلّا

__________________

(١) يعني إذا تأخّر المستثنيات عن المستثني منه فأنصبها غير واحد منها وهذا هو القسم الثالث.

(٢) أي : الواحد.

(٣) أي : الرفع أو النصب على ما تقدم من كونه في كلام موجب أو منفي.

(٤) بدلا من ضمير يفولكون المستثني في كلام منفي.

(٥) لكون الاستثناء موجبا.

(٦) دليل لنصب الجميع حتى الواحد فأنه وقع في كلام تام موجب.

(٧) الحكم هو إثبات الفعل العامل أو نفيه أما المستثني الأول فحكمه معلوم ، وهو ضدّ حكم المستثني منه ، وأمّا البواقي ، فإن لم يمكن استثناء بعضها من بعض فكالمستثني الأوّل ففي قولنا جائني القوم إلّا زيدا عمرا إلا خالدا فكما أن زيدا محكوم بعدم المجيء عمرا وخالدا أيضا كذلك لعدم إمكان إخراج خالد من عمرو ولا عمرو من زيد لكونهم أفراد جزئية لا جموع كلية فالثلاثة كلها خارج عن المجيء وإن كان الكلام منفيّا ، كقولنا : ما جائني القوم إلّا زيد ، إلّا عمرو ، إلّا خالد ، فكما أن زيد داخل في المجيء فكذا البواقي بقانون الضد كما قلنا.

(٨) لكونها جموعا كالرجال والمؤمنين أو أسماء جمع كالقوم وبني هاشم مثلا أو أسماء أعداد غير الواحد.


عشرة إلّا خمسة إلّا اثنين» استثني كلّ واحد ممّا قبله (١) أو أسقط الأوتار (٢) وضمّ إلى الباقي (٣) بعد الإسقاط الأشفاع ، فالمجتمع (٤) هو الباقي بعد الاستثناء ـ قاله في شرح الكافية.

واستثن مجرورا بغير معربا

بما لمستثنى بإلّا نسبا

(واستثن مجرورا بغير) لإضافته له حال كونه (معربا بما (٥) لمستثنى بإلّا نسبا) من وجوب نصب واختياره وإتباع (٦) على ما تقدّم ، ولكونها (٧) موضوعة في الأصل لافادة المغايرة ، فشاركت إلّا في الإخراج الّذي معناه المغايرة ، ولم تكن متضمّنة معناها فلذا لم تبن.

__________________

(١) ففي المثال نخرج الأثنين من الخمسة تبقي ثلاثة فنخرج الثلاثة من العشرة تبقي سبعة وتخرج السبعة من العشرين تبقي ثلاثة عشر ونخرجها من الأربعين تبقي سبعة وعشرون.

(٢) العدد الشفع ما انتصف نصفين متساويين والوتر ما ليس كذلك والمستثني الوتر في المثال عشرون لأنها المستثني الأولى وخمسة لأنها الثالثة.

(٣) أي : ضم الأشفاع وهي عشرة واثنان إلى المقدار الباقي من المستثنى منه وهو أربعون فأن الباقي من الأربعين بعد إسقاط الوتر منها وهو عشرون يكون عشرين فنضم الشفع الأول وهو عشرة إلى العشرين الباقي تصير ثلاثين فتسقط الوتر الثاني من الثلاثين تبقى خمسة وعشرون فنضم إليها الشفع الثاني وهو اثنان تصير سبعة وعشرين فطابق العمل الأول في النتيجة.

(٤) من ضم الأشفاع إلى بقية المستثني منه أي ضم العشرة والأثنين إلى العشرين واستثناء خمسة من العشرة هو الباقي من العدد عند المتكلم وبعبارة أخري نضم عشرة واثنين إلى الأربعين يصير اثنين وخمسين ثم تسقط منها عشرين وخمسة يبقي سبعة وعشرون.

(٥) أي : بإعراب نسب لمستثني بإلّا.

(٦) فواجب النصب كما في التام الموجب ومختار النصب كما في المتقدم النفي والإتباع كالمنفي المتصل.

(٧) دفع وهم وهو أن غير لما كانت بمعني إلّا وهي حرف فيقتضي أن تكون مبنية للشبه التضمني وأصل الدفع أن الشبه التضمني أنما يتحقق فيما إذا كان للاسم معني وضم إليه معني حرف كما في متى فأنه لظرف الزمان في الأصل لكنه من حيث إفادته الشرط تضمن معني أن الشرطية فبني وأما غير فهي في أصل الوضع للمغايرة فهي غنيّة في إفادة الإخراج ولا حاجة لها إلى معني إلّا لتكون متضمنة لمعناها.


ولسوي سوى سواء اجعلا

علي الأصحّ ما لغير جعلا

(ولسوي) بكسر السيّن مقصورا وممدودا و (سوى) بضمّها مقصورا و (سواء) بفتحها ممدودا (اجعلا على) القول (الأصحّ ما لغير جعلا) من استثناء وإعراب بما نسب لمستثنى بإلّا ، ومقابل الأصحّ قول سيبويه إنّها (١) لا تستعمل إلّا ظرفا ولا تخرج عنه (٢) إلّا في الضّرورة وردّه المصنّف بوردها مجرورة بمن (٣) في قوله صلّي الله عليه وآله : «دعوت ربّي أن يسلّط على أمّتي عدوّا من سوى أنفسهم» وفاعلا في قوله :

ولم يبق سوى العدوا

ن دنّاهم كما دانوا

ومبتدأ في قوله :

[وإذا تباع كريمة أو تشترى]

فسواك بائعها وأنت المشتري

واسما لليس في قوله :

أأترك ليلى ليس بيني وبينها

سوى ليلة إنّي إذا لصبور

وقال الرّمّاني : إنّها تستعمل ظرفا غالبا وكغير قليلا ، واختاره ابن هشام.

واستثن ناصبا بليس وخلا

وبعدا وبيكون بعد لا

واجرر بسابقي يكون ان ترد

وبعد انصب وانجرار قد يرد

(واستثن ناصبا) للمستثنى (بليس) على أنّه (٤) خبرها واسمها مستتر كقوله «صلّى الله عليه وآله وسلّم» : «ما أنهر الدّم وذكر اسم الله عليه فكلوا منه ليس السّنّ

__________________

(١) أي : سوى لا تستعمل إلّا ظرفا فهي منصوبة دائما على الظرفية.

(٢) عن الظرف.

(٣) فخرج عن الظرفية مجرورا بمن في الحديث وفاعلا ليبق في البيت الأول ومبتدأ خبره بايعها في البيت الثاني واسما لليس خبره بشي في الثالث.

(٤) أي : المستثني خبر ليس.


والظّفر» (١). (و) كذا (٢) (خلا) نحو «قام القوم خلا زيدا».

(و) المستثنى (بعدا وبيكون) الكائن (بعد لا) كذا أيضا (٣) نحو «قاموا لا يكون زيدا» واسمها [مستتر] كليس (٤). (واجرر بسابقي يكون) وهما خلا وعدا (إن ترد) (٥) نحو

خلا الله لا أرجو سواك [وإنّما

أعد عيالي شعبة من عيالكا]

[أبحنا حيّهم قتلا وأسرا]

عدا الشّمطاء والطّفل الصّغير

(و) إن وقعا (بعد ما انصب) بهما حتما لأنّهما فعلان إذ ما الدّاخلة عليهما مصدريّة ، وهي لا تدخل إلّا على الجملة الفعلية كقوله :

ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل

[وكلّ نعيم لا محالة زائل]

يملّ النّدامى ما عداني لأنّني

[بكلّ الّذي يهوى نديمي مولع]

(وانجرار) بهما حينئذ (٦) (قد يرد) حكاه الأخفش والجرميّ والرّبعيّ على أنّ ما زائدة.

وحيث جرّا فهما حرفان

كما هما إن نصبا فعلان

(وحيث جرّا فهما حرفان) للجرّ (كما هما إن نصبا) المستثنى (فعلان) استتر فاعلهما وجوبا كما سبق (٧).

__________________

(١) فألسن خبر ليس واسمها ضمير يعود إلى ما الموصولة.

(٢) أي : ينصب المستثني بعده.

(٣) ينصب.

(٤) يستتر فيها.

(٥) يعني أن أردت أن تجرّ بهما فأجرر كما جرّ الله بخلا والشمطاء بعدا.

(٦) أي : حين دخول ما عليهما.

(٧) في ليس.


وكخلا حاشا ولا تصحب ما

وقيل حاش وحشا فاحفظهما

(وكخلا) في نصب المستثنى بها وجرّه وغير ذلك ممّا سبق (حاشا) عند المبرّد والمازني والمصنّف ، وعند سيبويه أنّها لا تكون إلّا حرف جرّ ، وردّ بقوله : (١)

حاشا قريشا فإنّ الله فضّلهم

على البريّة بالإسلام والدّين

(و) لكنّها (لا تصحب ما) وأمّا الحديث : «أسامة أحبّ النّاس إليّ ما حاشا فاطمة» فليست حاشا هذه الأداة (٢) بل فعل ماض بمعنى أستثني ، وما الدّاخلة عليه نافية لا مصدريّة ، وهو (٣) من كلام الرّاوى وفي رواية «ما حاشا فاطمة ولا غيرها» (وقيل) في حاشا في لغة (حاش و) في أخرى (حشا فاحفظهما).

__________________

(١) إذ لو كانت حرفا لما نصبت قريشا.

(٢) أي : أداة الاستثناء.

(٣) أي : قوله ما حاشا فاطمة يعني أن الراوي بعد أن نقل قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في اسامة قال : أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يستثن حتّى فاطمة بدليل رواية أخري أن فيها ما حاشا فاطمة ولا غيرها.


هذا باب الحال

الحال وصف فضلة منتصب

مفهم في حال كـ «فردا» أذهب

(الحال) عندنا (١) (وصف) جنس (٢) شامل أيضا للخبر والنّعت (فضلة) أي ليست أحد جزئي الكلام ، فصل مخرج للخبر (٣) (منتصب مفهم في حال) كذا ، (٤) أي مبيّن لحال صاحبه أي الهيئة الّتي هو عليها ، فصل مخرج النّعت (٥) والتّمييز في نحو «لله درّه فارسا» (٦) (ك «فردا» أذهب) أي في حال تفرّدي ، ولا يرد على هذا الحدّ نحو

__________________

(١) أي : النحاة لا عند أهل اللغة إذ الحال عندهم هو الكيف النفساني

(٢) الجنس يعمّم المعرف والفصل يخصّصه كما في تعريف الإنسان بالحيوان الناطق الحيوان جنس يشمل جميع أفراد الحيوان وأما الفصل وهو الناطق يخصصه إلى حده فففي تعريف الحال (وصف) جنس يشمل غير الحال كالخبر والنعت لأنها وصفان للمبتدا والموصوف.

(٣) لكونه ركنا في الكلام.

(٤) كذا إشارة إلى الحالات الخاصّة التي تفهم من الحال المصطلح كحال القيام الذي يفهم من قائما وحال الكتابة التي تفهم من كاتبا وحال كذا نظير قولنا الحال الفلانية.

(٥) المنصوب نحو رأيت رجلا كاتبا فأنه فضلة منتصب لكنه ليس بمفهم في حال إذ ليس مراد القائل أن الرجل حين رأيته كان على هيأة الكتابة بل المراد أنه متّصف بهذه الصفة وأنّه عالم بفّن الكتابة وهذا بخلاف قولنا جائني زيد كاتبا إذ المراد به أنه كان على الكتابة حين مجيئه.

(٦) فأن فارسا وصف فضلة منتصب لكنّه غير مفهم في حال إذ المراد للمتكلم به أنه نعم الرجل من بين الفرسان لا أنّه حين كان يمدحه كان راكبا فرسا وكان على هيئة الفارس.


«مررت برجل راكب» (١) لأنّه مفهم في حال ركوبه لأنّ إفهامه ضمنا (٢).

والغرض (٣) من تعريف الحال معرفة ما يقع عليه (٤) بعد معرفة استعمال العرب له منصوبا ، لا معرفته ليحكم له بالنّصب ، فلا يلزم الدّور على إدخال الحكم بالنّصب في تعريفه ـ قاله والدي أخذا من كلام صاحب المتوسّط في نظير المسألة (٥).

وكونه منتقلا مشتقّا

يغلب لكن ليس مستحقّا

(وكونه منتقلا مشتقّا) أي وصفا غير ثابت (٦) هو الذي (يغلب) وجوده في كلامهم (٧) (لكن ليس) ذلك (مستحقّا) (٨) فيأتي لازما (٩) بأن كان مؤكّدا نحو «يوم أبعث

__________________

(١) كان حقه على ما أشار إليه المحشّي حكيم أن يورد بدل ذلك رأيت رجلا راكبا فأن مثاله خارج بقوله منتصب.

(٢) دفع للايراد وحاصله أنّ راكبا وأن كان مبيّنا لهيئة موصوفة في المثال إلّا أن هذا البيان ليس استقلاليا ليس مراده من ذكر الكلام لبيان هذه الهيئة بل مراده الأخبار بأني مررت برجل وأن الرجل كان راكبا ضمنا وأمّا الحال فالمتكلم أما يأتي بالكلام خاصا لبيان الهيئة فقولنا جائني زيد راكبا لم نرد به الإخبار بمجيء زيد بل أردنا بيان هيئته عند مجيئه.

(٣) شرع في رفع إشكال الدور والدور المتوهم ينشأ من أخذ المنتصب في تعريف الحال بيان ذلك أن الإنتصاب كما نعلم حكم من أحكام الحال ومعرفة الحكم متوقف على معرفة الموضوع وحيث أخذ المصنف الانتصاب في تعريف الحال فالحال يتوقف معرفته على الأنتصاب فعلي هذا يتوقف الانتصاب على الانتصاب لأنه متوقف على الحال الذي هو متوقف عليه فيدور والدور عبارة عن حركة شيء ثم عوده إلى مكانه الأوّل وحاصل الدفع نفي التوقف من ناحية الانتصاب وأن معرفته لا تتوقف على معرفة الحال لأن الانتصاب للحال أمر معروف من العرب قبل تعريف الحال فلا دور.

(٤) على الحال من أحكام.

(٥) في تعريف المعرب.

(٦) قوله وصفا بيان لمشتقا وغير ثابت بيان لمنتقلا على أللف والنشر المشوش.

(٧) كلام العرب.

(٨) لازما وواجبا.

(٩) أي : ثابتا ضد المنتقل ، وقوله بأن كان يريد أن الحال اللازم يأتي في موارد معيّنه خاصّة.


حيّا» (١) أو دلّ عامله على تجدّد ذات صاحبه نحو «خلق الله الزّرافة يديها أطول من رجليها (٢)» أو غير ذلك (٣) ممّا هو مقصور على السّماع نحو (قائِماً بِالْقِسْطِ)(٤)(٥).

ويكثر الجمود في شعر وفي

مبدي تأوّل بلا تكلّف

كبعه مدّا بكذا يدا بيد

وكرّ زيد أسدا أي كأسد

(و) يأتي جامدا لكن (يكثر الجمود في سعر) بالسّين المهملة (٦) (وفي مبدى) (٧) تأوّل) بالمشتق (بلا تكلّف) بأن يدلّ على مفاعلة أو تشبيه أو ترتيب فالسّعر (كبعه مدّا بكذا) أي مسعّرا والدّالّ على المفاعلة نحو (يدا بيد) أي مقبوضا (و) الدّالّ على التّشبيه نحو (كرّ زيد أسدا ، أي كأسد) في الشّجاعة ، (٨) والدّالّ على التّرتيب نحو «تعلّم الحساب بابا بابا» (٩) و «ادخلوا رجلا رجلا» ويقلّ (١٠) إذا كان غير مؤوّل بالمشتق ، بأن كان موصوفا نحو (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا)(١١)(١٢) أو دالّا على عدد نحو

__________________

(١) فحيا صفة ثابتة وهي مؤكد للحياة المفهومة من أبعث لأن البعث هو الحياة بعد الموت.

(٢) فأطول حال لازمة من يديها لأن أطولية يدي الزرافة شيء ثابت للزرافة دائما وعامله وهو خلق يدل على أنّ ذا الحال وهو يد الزرافة شىء حادث لأن معني خلق أوجد بعد ما كان معدوما ويديها بدل من الزرافة بدل البعض من الكل.

(٣) الموردين.

(٤) فأن قيام الله سبحانه بالقسط أمر لازم ثابت.

(٥) آل عمران ، الآية : ١٨.

(٦) أي : غير المعجمة وهو القيمة.

(٧) أى : الجامد الذي يظهر التأوّل بالمشتق بسهولة فقولنا مدا بعشرة ظاهر في أن مراده مسعّرا بعشره.

(٨) فالتأويل شجاعا.

(٩) أي : مرتبا وكذا قوله رجلا رجلا.

(١٠) الجمود.

(١١) فبشرا حال جامد غير مؤول بمشتق وموصوف بسويا.

(١٢) مريم ، الآية : ١٧.


(فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)(١)(٢) أو تفضيلا (٣) نحو «هذا بسرا أطيب منه رطبا» أو كان نوعا لصاحبه نحو «هذا مالك ذهبا» (٤) أو فرعا له نحو «هذا حديدك خاتما» (٥) أو أصلا نحو «هذا خاتمك حديدا» (٦).

والحال ان عرّف لفظا فاعتقد

تنكيره معنى كوحدك اجتهد

(والحال) شرطه أن تكون نكرة خلافا ليونس والبغداديّين مطلقا (٧) والكوفيّين فيما تضمّن معنى الشّرط و (إن) أتاك حال قد (عرّف لفظا فاعتقد تنكيره معنى كوحدك اجتهد) أي منفردا ، و «جاؤا الجمّ الغفير» أي جميعا ، و «جاءت الخيل بداد» (٨) أي مبدّدة.

ومصدر منكّر حالا يقع

بكثرة كبغتة زيد طلع

(ومصدر منكّر حالا يقع) سماعا مطلقا (٩) عند سيبويه (بكثرة كبغتة زيد طلع) أي مباغتا (١٠) وقياسا عند المبرّد على ما كان نوعا من الفعل كـ «جئت

__________________

(١) فأربعين حال وهو جامد وليلا تميز.

(٢) الأعراف ، الآية : ١٤٢.

(٣) أي : أتي فالحال لأجل التفضيل والتفضيل أعم من أن يكون مفّضلا أو مفضلا عليه فالأوّل نحو بسرا والثاني رطبا.

(٤) فذهبا وهو حال جامد نوع من المال.

(٥) فخاتم نوع من الحديد.

(٦) الحديد أصل للخاتم والخاتم من فروع الحديد.

(٧) تضمن معني الشرط أم لا فالأوّل نحو تجب الزكواة في الإبل السائمة بالنصب أي بشرط أن تكون سائمة والثاني كوحدك اجتهد بغير تأويل.

(٨) بداد معرفة لأنه علم جنس ومبددة أي مفرقة.

(٩) أي : سواء كان نوعا من الفعل أم لا مقابل قول المبرد.

(١٠) أي : دفعة.


ركضا» (١) فيقيس عليه جئت سرعة ورجلة (٢) وعند المصنّف وابنه بعد أمّا (٣) نحو «أمّا علما فعالم» وبعد خبر شبّه به مبتدأ كـ «زيد زهير شعرا» (٤) أؤ قرن هو (٥) بأل الدّالّة على الكمال نحو «أنت الرّجل علما».

ولم ينكّر غالبا ذو الحال إن

لم يتأخّر أو يخصّص أو يبن

من بعد نفي أو مضاهيه كلا

يبغ امرؤ على امرئ مستسهلا

(ولم ينكّر غالبا ذو الحال (٦) إن لم يتأخّر أو (يخصّص أو) لم (يبن) (٧) أي يظهر واقعا (من بعد نفي أو) من بعد (مضاهيه) وهو النّهي والإستفهام وينكّر أي يجوز تنكيره إن تأخّر كقوله :

لميّة موحشا طلل

يلوح كأنّه خلل (٨)

أو خصّص بوصف نحو (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) مصدّقا (٩)(١٠) في قراءة بعضهم. (١١) أو إضافة (١٢) نحو (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً

__________________

(١) فأن الركض نوع من فعله أي عامله وهو المجيء إذ الركض مجيء بسرعة وعدو.

(٢) أي : غير راكب.

(٣) أي : قياسا بعد أما.

(٤) فوقع الحال وهو شعرا بعد خبر هو زهير وشبه المبتدا وهو زيد بزهير يعني زيد مثل زهير في الشعر.

(٥) أي : الخبر قبل الحال فأل هنا تدل على كمال الرجل أي أنت الكامل في الرجولية علما.

(٦) بل الغالب أن يكون معرفة.

(٧) بفتح الياء أي لم يقع بعد نفي أو مشابهيه.

(٨) فأتي بذي الحال وهو طلل نكرة لتأخره عن الحال وهو موحشا.

(٩) فذو الحال وهو كتاب نكرة مخصصّة بوصف هو من عند الله.

(١٠) البقرة ، الآية : ١٠١.

(١١) فأن بعض القراء رفعوا مصدقا صفة للكتاب.

(١٢) عطف على وصف أي يخصص بإضافة فأن أربعة نكرة لإضافتها إلى النكرة لكنها مخصصّة بالإضافة إذ الإضافة إلى النكرة تخصيصية.


لِلسَّائِلِينَ)(١) أو وقع بعد نفي نحو (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ)(٢)(٣). أو بعد نهى (كلا يبغ أمرؤ على امرئ مستسهلا) (٤) أو أستفهام نحو :

يا صاح هل حمّ عيش باقيا فترى (٥)

[في نفسك العذر في أبعادها الأملا]

وقد نكّر نادرا من غير وجود شيء ممّا ذكر ، ومنه «صلّي رسول الله جالسا وصلّى وراءه قوم قياما». (٦)

وسبق حال ما بحرف جرّقد

أبوا ولا أمنعه فقد ورد

(وسبق حال ما (٧) بحرف جرّ قد أبوا) كسبقها ما جرّ بإضافة إليه (ولا أمنعه) وفاقا للفارسي وابن كيسان وبرهان (فقد ورد) في الفصيح ، كقوله تعالى :

(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ)(٨)(٩) وقول الشّاعر :

[إذا المرء أعيته السّيادة ناشيا]

فمطلبها كهلا عليه شديد (١٠)

وأوّل ذلك المانعون بأنّ كافّة حال من الكاف في أرسلناك والهاء (١١) للمبالغة ، أي

__________________

(١) فصّلت ، الآية : ١٠.

(٢) جملة ولها كتاب معلوم حال من قرية وهي نكرة وقعت بعد النفي.

(٣) الحجر ، الآية : ٤.

(٤) ذو الحال امرء الأوّل.

(٥) ذو الحال عيش.

(٦) فقى أما حال من قوم وهو نكرة من غير أن يكون فيه شىء من الشروط المتقدمة.

(٧) أي : ذا حال مجرور يعني أن النحاة منعوا من تقدم الحال على ذي حال مجرور.

(٨) فكافة حال من الناس المجرور بالحرف وقد تقدم عليه.

(٩) السبأ ، الآية : ٢٨.

(١٠) فكهلا حال من ضمير (عليه) المجرور.

(١١) أي : تاء كافة للمبالغة للتأنيث لتناسب (الناس) المؤنث مجازا فجاز أن يكون حالا لكاف أرسلناك.


وما أرسلناك إلّا كافّا للنّاس (١) وبأنّ كهلا حال من الفاعل المحذوف من المصدر ، (٢) أي فمطلبه إيّاها كهلا عليه شديد وسبقها (٣) المرفوع والمنصوب جائز خلافا للكوفيّين وسبقها المحصور ت واجب كـ «ما جاء راكبا إلّا زيد» ، وسبقها وهي محصورة (٤) ممتنع.

ولا تجز حالا من المضاف له

إلّا إذا اقتضي المضاف عمله

أو كان جزء ما له أضيفا

أو مثل جزئه فلا تحيفا

(ولا تجز حالا من المضاف له) خلافا للفارسي (إلّا إذا اقتضي المضاف عمله) أي العمل في الحال (٥) كقوله تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً)(٦)(٧) (أو كان) المضاف (جزء ما له أضيفا) كقوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً)(٨)(٩) (أو مثل جزئه فلا تحيفا) كقوله تعالى :

(ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)(١٠)(١١) والصّورتان

__________________

(١) أي : لتكف الناس عن الكفر والمعاصي.

(٢) فأن مطلب مصدر ميمّي.

(٣) أي : سبق الحال على ذي الحال المرفوع أو المنصوب جائز.

(٤) نحو قوله تعإلى وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين حالان من المرسلين ولا يجوز تقديمهما لكونهما محصورين والمحصور يجب تأخيره.

(٥) بأن يكون المضاف جاريا مجرى الفعل كالمصدر واسم الفاعل.

(٦) فالمضاف وهو مرجع يقتضي العمل في الحال لكونه مصدرا ميميا.

(٧) يونس ، الآية : ٤.

(٨) فالمضاف وهو صدور جزء من المضاف إليه وهو الضمير لان المصدر جزء من بدنهم.

(٩) الحجر ، الآية : ٤٧.

(١٠) فالملة ليست جزاء من إبراهيم إلّا إنّها مثل جزئه لكونها لازمة له.

(١١) النحل ، الآية : ١٢٣.


الأخيرتان (١) قال أبو حيّان لم يسبق المصنّف إلى ذكرهما أحد ـ انتهى. قلت : (٢) قد نقلهما المصنّف في فتاواه عن الأخفش ، وقد تبعه (٣) عليهما جماعة.

والحال إن ينصب بفعل صرّفا

أو صفة أشبهت المصرّفا

فجائز تقديمه كمسرعا

ذا راحل ومخلصا زيد دعا

(والحال إن ينصب بفعل صرّفا أو صفة أشبهت المصرّفا فجائز) خلافلا للكوفيّين (تقديمه) على ناصبه ما لم يعارضه (٤) معارض من كون عامله صلة لأل أو لحرف مصدريّ أو مقرونا بلام القسم أو الابتداء أو كونه جملة معها الواو (كمسرعا ذا راحل زيد دعا) (٥) فإن كان ناصبه غير فعل كاسم الفعل (٦) أو المصدر ، أو فعلا غير متصرّف كفعل التّعجّب ، أو صفة كذلك (٧) كأفعل التّفضيل في بعض أحواله (٨) لم يجز تقديمه عليه.

ضابطة : جميع العوامل اللّفظية تعمل في الحال إلّا كان وأخواتها وعسى على الأصحّ.

__________________

(١) أي : صورة أن يكون المضاف جزء اللمضاف اليه او مثل جزئه.

(٢) رد لقول أبي حيان فالأخفش سابق على المصنف في هاتين الصورتين.

(٣) أي : تبع الأخفش على هاتين الصورتين أي ذكرهما ومنهم المصنف فليس المصنف مبتكرا لهما.

(٤) أي : لم يعارض التقديم معارض كصلة أل نحو جائني المكرم لزيد جالسا وصلة الحرف المصدري نحو يعجبني أن يكرمك زيد قائما والمقرون بلام القسم نحو والله لأقتلنك صباحا ولام الابتداء نحو لأكرمنك عالما وواو الحال نحو جاء زيد وهو راكب وذلك للزوم هذه الحروف صدر الكلام.

(٥) الأول مثال لتقدم الحال على عامله أعني راجل وهو صفة اشبهت الفعل المتصرف لأنهم يسمون اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة شبه الفعل والثاني للمتقدم على عامله وهو فعل متصرف أعني دعا.

(٦) نحوصه مستعما والمصدر نحو إليه مرجعكم جميعا وفعل التعجب نحو ما أحس زيدا راكبا.

(٧) أي : غير متصرف كأفعل التفضيل نحو زيد أحسن من عمرو ضاحكا كلّ ذلك لضعف العامل.

(٨) لجواز تقديم حاله إذا توسط بين حالين كما سيأتي في قوله ونحو زيد مفردا.


وعامل ضمّن معني الفعل لا

حروفه مؤخّرا لن يعملا

كتلك ليت وكأنّ وندر

نحو سعيد مستقرّا في هجر

(وعامل ضمّن معنى الفعل (١) لا حروفه مؤخّرا لن يعملا) لضعفه (٢) (كتلك ليت وكأنّ) ولعلّ وهاء التّنبيه والظّروف المتضمّنة معنى الاستقرار (٣) (وندر) عندنا توسّط الحال بين صاحبه وعامله إذا كان (٤) ظرفا أو مجرورا مخبرا به وأجازه الأخفش بكثرة (نحو سعيد مستقرّا في هجر) (٥) ومنع بعضهم هذه الصّورة كما منع تقديمها عليهما (٦) بالإجماع.

ونحو زيد مفردا أنفع من

عمرو معانا مستجاز لن يهن

(و) تقديم الحال على عامله إذا كان [عامله] أفعل مفضّلا به (٧) كون في حال على كون في حال (نحو زيد مفردا أنفع من عمرو معانا) و «هذا بسرا أطيب منه رطبا» (مستجاز لن يهن) أي لن يضعف.

والحال قد يجيء ذا تعدّد

لمفرد فاعلم وغير مفرد

__________________

(١) فتلك متضمنة معني أشرت وليت تمنيت وكانّ شبهت ولعل ترجيت وها نبّهت.

(٢) الضمير يعود إلى عامل.

(٣) نحو في الدار زيد عالما وزيد عندي جالسا أي استقر بخلاف المتعلقة بالمذكور أو بفعل خاصّ.

(٤) العامل ظرفا أو مجرور وكان خبرا.

(٥) فتوسط الحال وهو مستقرا بين صاحبه وهو سعيد وعامله في هجر وهو خبر لسعيد.

(٦) أى : تقديم الحال على صاحبه وعامله.

(٧) (أي بأفضل) كون شىء أو شخص في حال على كونه في حال أخر كما فضل بأنفع كون زيد في حال الانفراد على كون عمرو مع العين وفضّل بأطيب كون بسرية هذا على كون رطبيته فجاز تقديمه على عامله مع أنه صفة غير متصرفة.


(والحال قد يجيء ذا تعدّد لمفرد (١) فاعلم) كالخبر (٢) سواء كان الجميع في المعنى واحدا كـ «إشتريت الرّمّ ان حلوا حامضا» (٣) أو لم يكن كـ «جاء زيد عاذرا ذامين» (وغير مفرد) (٤) نحو «لقيت زيدا مصعدا منحدرا» ثمّ إن ظهر المعنى (٥) ردّ كلّ واحد إلى ما يليق به وإلّا ، (٦) جعل الأوّل للثّاني والثّاني للأوّل.

وعامل الحال بها قد أكّدا

في نحو لا تعث في الارض مفسدا

(وعامل الحال) وكذا صاحبها (بها (٧) قد أكّدا في نحو لا تعث في الأرض مفسدا) و (أَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً)(٨)(لَآمَنَ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً)(٩)(١٠).

وإن تؤكّد جملة فمضمر

عاملها ولفظها يؤخّر

(وإن تؤكّد) أي الحال (جملة) معقودة من اسمين معرفتين جامدين لبيان يقين أو

__________________

(١) أي لذي حال واحد.

(٢) المتعدد لمبتداء واحد نحو زيد عالم شجاع.

(٣) فحلوا وحامضا في المعني المراد واحد أي مزا.

(٤) أي بأن يكون ذو الحال أيضا متعدّد فمصعدا ومنحدرا حالا لضمير المتكلم وزيد.

(٥) نحو حارب جيش إلاسلام جيش الكفر محقا مبطلا فيعلم أن محقا حال لجيش إلاسلام ومبطلا لجيش الكفر.

(٦) كما في مثال لقيت زيدا مصعدا منحدرا لإمكان كل منهما لكل منهما فيجعل مصعدا لزيد ومنحدر الضمير المتكلم.

(٧) أي : بالحال فأن لا تعث معني لا تفسد فمفسدا مؤكد له ورسول تأكيد لأرسلنا والفرق بين المثالين أن الأول لتأكيد الحال معنا عامله والثاني تأكيد للفظه.

(٨) النّساء ، الآية : ٧٩.

(٩) مثال لتأكيد الحال صاحبه فأن جميعا حال من كلهم وجميع وكل بمعني واحد.

(١٠) يونس ، الآية : ٩٩.


فخر أو تعظيم (١) أو نحو ذلك (٢) (فمضمر عاملها) نحو :

أنا ابن دارة معروفا بها نسبي

[وهل بدارة يا للنّاس من عار؟]

أى أحقّه (٣) معروفا ، وقيل عاملها المبتدأ ، وقيل الخبر الواقع في الجملة (ولفظها (٤) يؤخّر) وجوبا لعدم جواز تقدّم المؤكّد على المؤكّد.

وموضع الحال تجىء جملة

كجاء زيد وهو ناو رحلة

(وموضع الحال تجىء جملة) خالية من دليل الاستقبال (٥) (كجاء زيد وهو ناو رحلة) ويجيء أيضا موضعه ظرف أو مجرور متعلّق بمحذوف وجوبا نحو «رأيت الهلال بين السّحاب» (٦)(فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ)(٧)(٨).

وذات بدء بمضارع ثبت

حوت ضميرا ومن الواو خلت

(و) جملة الحال سواء كانت مؤكّدة أم لا ، جيء بها (ذات بدء بمضارع) خال من قد (ثبت) أو نفي بلا ، أو ما ، أو بماض (٩) تال إلّا ، أو متلو بأو (١٠) (حوت ضميرا) رابطا

__________________

(١) فاليقين نحو أنا ابن دارة والفخر أنا حاتم جودا والتعظيم نحو أنت الملك سلطانا.

(٢) كالتحقير نحو زيد شيطان مكرا.

(٣) في بيان اليقين ومن الفخر افتخر وفي التعظيم أعظم وهكذا.

(٤) أى : الحال.

(٥) كسين وسوف وأن.

(٦) فبين ظرف وحال من الهلال متعلق بمحذوف أي واقعا بين السحاب.

(٧) الجار والمجرور حال متعلق بمحذوف والتقدير كائنا في زينته.

(٨) القصص ، الآية : ٧٩.

(٩) أي : بدء بماض.

(١٠) فهذه خمسة أقسام من الجمل الحالية ثلاثة مبدوة بمضارع خال من قد ، الأولى المثبتة والثاني المنفية بلا


ظاهرا أو مقدّرا (ومن الواو خلت) نحو (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)(١)(٢)(ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ)(٣)(٤).

عهدتك ما تصبو [وفيك شبيبة (٥)

فما لك بعد الشّيب صبّا متيّما]

(إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)(٦)(٧) «لأضربنّه ذهب أو مكث». (٨)

وذات واو بعدها انو مبتدا

له المضارع اجعلنّ مسندا

(و) إن أتى من كلام العرب جملة مبدوّة بما ذكر (٩) وهي (ذات واو) فلا تجره على ظاهره (١٠) بل (بعدها) أى بعد الواو (انو مبتدأ له المضارع) المذكور (اجعلنّ مسندا) خبرا نحو :

فلمّا خشيت أظافيرهم

نجوت وأرهنهم مالكا

__________________

والثالثة المنفية بما واثنتان مبدوتان بالماضي الأولي الواقعة بعد إلّا والثانية الواقعة قبل أو وحكم هذه الخمسة أن تكون متحملة لضمير ذي الحال وخالية من الواو الحاليّة.

(١) مثال للمضارع المثبت فتستكثر فعل مضارع خال من قد مثبت متحمل ضمير المخاطب.

(٢) المدّثر ، الآية : ٦.

(٣) للمضارع المنفي بلا.

(٤) الصّافّات ، الآية : ٢٥.

(٥) للمنفي بما فأن ما تصبوا حال من الكاف في عهدتك ومتحمل لضمير المخاطب المتحد مع ذي الحال.

(٦) للماضي الواقع بعد إلّا وهو كانوا حال من رسول وضمير به عائد إليه.

(٧) الحجر ، الآية : ١١.

(٨) للماضي الواقع قبل أو وهو ذهب حال من الضمير الغايب في لأضربنّه ومتحمل لهو المستتر.

(٩) أي : المضارع المثبت لأنه المذكور في كلام المصنف والخمسة الآخر زادها الشارح.

(١٠) أي : ليس لك أن تقول أن الحال جملة فعلية والرابط واو لأنا قلنا أن فعل المضارع المثبت إذا وقع حالا فرابطه الضمير فقط ومن الواو خلت بل قدّر مبتدا والفعل خبره فتصير الجملة اسمية والاسمية يجوز أن تأتي بواو.


أى أنا أرهنهم مالكا.

وذات بدء بمضارع مقرون بقد تلزمها الواو نحو (لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ)(١) ـ قاله في التّسهيل.

وجملة الحال سوي ما قدّما

بواو أو بمضمر أو بهما

(وجملة الحال سوى ما قدّما) وهي الجملة الاسميّة مثبتة أو منفيّة والفعليّة المصدّرة بمضارع منفي بلم أو بماض مثبت أو منفيّ (٢) بشرط أن تكون غير مؤكّدة (٣) تأتي (بواو) فقط نحو «جاء زيد وعمرو وقائم» ، «جاء زيد ولم تطلع الشّمس» ، «جاء زيد وقد طلعت الشّمس» ، «جاء زيد وما طلعت الشّمس» (٤).

وشرط جملة الحال المصدّرة بالماضي المثبت المتصرّف المجرّد من الضّمير أن يقترن بقد ظاهرة أو مقدّرة (٥) لتقرّبه (٦).

من الحال. واستشكله (٧) السّعيد ، وتبعه شيخنا العلّامة الكافجي ، بأنّ الحال

__________________

(١) الصّف ، الآية : ٥.

(٢) غير الواقع بعد إلّا أو قبل أو.

(٣) نحو ذلك الكتاب لا ريب فيه فجملة لا ريب فيه ليست بحال لكونها مؤكدة.

(٤) فالأوّل مثال للاسمية والثاني لفعل المضارع المنفي بلم والثالث للماضي المثبت والرابع للماضي المنفي.

(٥) فالظاهرة نحو جائني زيد وقد ركب غلامه والمقدّرة نحو قوله تعإلى أو جاؤكم حصرت صدورهم أى قد حصرت قاله المحشي.

(٦) بضم التاء وفتح الباء مضارع قرّب أي لتقرب قد الفعل الماضي من الحال مراده أن جملة الحال لا بد أن تكون مقترنة بزمان الحال كما يفهم من كلمة الحال فإذا كانت فعلا ماضيا فلا بد أن تدخلها قد ليبدل الماضى بالحال لأن قد فيها معني الحال لكونها للتحقيق فالفعل الواقع بعدها ثابت فعلا.

(٧) أي : استشكل لزوم قد لهذه المناسبة وحاصل الإشكال أن الحال لها معنيان أحدهما زمان الحال والثاني


الّذي هو قيد على حسب عامله (١) فإن كان ماضيا أو حالا أو مستقبلا ، فكذلك فلا معنى لاشتراط تقريبه (٢) من الحال [أي : الزّمن الحاضر] بقد. قال : فما ذكروه غلط نشأ من اشتراك لفظ الحال بين الزّمان الحاضر وهو ما يقابل الماضي ، وبين ما يبيّن الهيئة المذكورة (٣) انتهى. وقد اختار أبو حيّان تبعا لجماعة ، عدم الاشتراط (٤) كما لو وجد الضّمير.

(أو) تأتي (بمضمر) فقط (٥) نحو (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)(٦)(فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ)(٧)(أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ)(٨) «جاء زيد ما قام أبوه». (٩)

__________________

الهيئة الخاصة مثل راكبا التي هي قيد لعاملها فأن قولنا جاء زيد راكبا يكون (راكبا) قيد المجيء زيد والمراد من الحال فيما نحو فيه هو القسم الثاني لا زمان الحال والحال بالمعني الثاني لا اختصاص لها بزمان خاص بل هي تابعة لعاملها فأن كان ماضيا فهي في الماضي وأن كان حالا فكذلك فلا حاجة لدخول قد على الماضي لذلك.

(١) على حسب عامله خبر لأنّ والمعني أن الحال الذي هو قيد للعامل أنما هو على حسب عامله من حيث الزمان.

(٢) أي : تقريب الماضي.

(٣) أي : الذي هو قيد يعني الحال المصطلح.

(٤) أي : عدم اشتراط قد كما إنه لو وجد الضمير لا يحتاج إليه إجماعا.

(٥) أي : بدون الواو.

(٦) البقرة ، الآية : ٣٩.

(٧) آل عمران ، الآية : ١٧٤.

(٨) النّساء ، الآية : ٩٠.

(٩) الآية الأولي مثال للجملة الاسمية وهي بعضكم لبعض عدو والضمير (كم) في بعضكم وذو الحال ضمير جمع المخاطب في اهبطوا والآية الثانية للمضارع المنفي بـ «لم» والضمير هم وذو الحال ضمير جمع المغايب في فانقلبوا والآية الثالثة للماضي المثبت وهو حصرت والضمير في الحال هم وذو الحال ضمير الجمع الغايب من جاؤ والمثال الأخير للماضي المنفي.


(أو بهما) (١) نحو (خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ)(٢)(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ)(٣) ، (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ)(٤) ، «جاء زيد وما قام أبوه». (٥)

والحال قد يحذف ما فيها عمل

وبعض ما يحذف ذكره حظل

(والحال قد يحذف ما فيها عمل) جوازا لدليل حاليّ كقولك للمسافر «راشدا مهديّا» (٦) أو مقاليّ نحو (بَلى قادِرِينَ)(٧)(٨).

(وبعض ما يحذف) ممّا يعمل في الحال وجب فيه ذلك (٩) حتّى أنّ (ذكره حظل) أي منع منه كعامل المؤكّدة للجملة ، (١٠) والنّائبة مناب الخبر كما سبق. (١١) والمذكورة

__________________

(١) بالواو والضمير.

(٢) البقرة ، الآية : ٢٤٣.

(٣) النّور ، الآية : ٧٥.

(٤) البقرة ، الآية : ٧٥.

(٥) الآية الأولي مثال للجملة الاسمية والرابط هو الواو وضمير هم وذو الحال ضمير الجمع في خرجوا والآية الثانية للمضارع المنفي بـ «لم» ورابطها الواو وضمير لهم وذو الحال ضمير الجمع في يرمون والآية الثالثة للماضي المثبت وهو كان والرابط هو الواو وضمير منهم وذو الحال ضمير الجمع في يؤمنوا والمثال الأخير للماضي المنفي.

(٦) أى : سافر راشدا بقرنية تهيّوئه للسفر.

(٧) التقدير نجمعها قادرين بدليل ذكر نجمع سابقا في نجمع عظامه.

(٨) القيامة ، الآية : ٤.

(٩) أي : في البعض الحذف.

(١٠) الذي مر ذكره عند قول الناظم (وأن توكد جملة) نحو زيد أبوك عطوفا.

(١١) في باب المبتدا والخبر عند قول الناظم كضربي العبد مسيئا نحو ضربي زيدا قائما أي حاصل إذا كان قائما.


للتّوبيخ نحو «أقاعدا (١) وقد قام النّاس» أو بيان زيادة أو نقص بتدريج كـ «تصدّق بدينار فصاعدا» ، «واشتره بدينار فسافلا» (٢) وهو قياس (٣) وك «هنيئا لك» وهو سماع.

تتمة : الأصل في الحال أن تكون جائزة الحذف (٤) وقد يعرض لها ما يمنع منه (٥) ككونها جوابا نحو «راكبا» لمن قال «كيف جئت» (٦) أو مقصودا حصرها نحو «لم أعده (٧) إلّا حرضا» أو نائبة عن الخبر نحو «ضربي زيدا قائما» أو منهيّا عنها نحو (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى)(٨)(٩).

__________________

(١) أي : أتكون قائما.

(٢) أي : فأذهب صاعدا وفأذهب سافلا.

(٣) أي : حذف العامل في الموارد الخمسة قياسي ولكل أحد أن يحذف العامل في مثلها وأما هنيئا لك فليس لأحد أن يأتي بمثله والتقدير أشرب هنيئا.

(٤) لكونها فضلة.

(٥) أى : من الحذف.

(٦) إذ لو حذف راكبا لبقي السؤال بلا جواب.

(٧) بفتح الهمزة وسكون الدال من العيادة أي لم أذهب إلى عيادته إلا حال إشرافه على الموت إذ لو حذف الحال بقي لم أعده وليس مراد المتكلم نفي العيادة.

(٨) إذ لو حذف كان نهيا عن الصلوة.

(٩) النّساء ، الآية : ٤٣.


هذا باب التّمييز

وهو والمميّز والتّبيين والمبيّن والتّفسير والمفسّر بمعنى [واحد].

اسم بمعني من مبين نكرة

ينصب تمييزا بما قد فسّره

(إسم بمعنى من (١) مبين) لإبهام الإسم أو نسبته (نكرة ينصب تمييزا) فخرج بالقيد الأوّل (٢) الحال ، وبالثّاني (٣) اسم لا ونحو :

استغفر الله ذنبا [لست محصيه

ربّ العباد إليه الوجه والعمل]

وقد يأتي التّمييز غير مبين فيعدّ مؤكّدا نحو (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً)(٤)(٥) وقد يأتي بلفظ المعرفة نحو :

[رأيتك لمّا أن عرفت وجوهنا

صددت] وطبت النّفس يا قيس عن عمرو

__________________

(١) البيانية.

(٢) وهو بمعني من لأن الحال ليس بمعني من.

(٣) وهو قوله مبين فأن اسم لا النافية للجنس متضمن لمعني من كما ذكر في بابه وكذا المفعول الثاني لأستغفر لصحة أن نقول أستغفر الله من ذنب إلّا أنهما لا يبينان إبهاما.

(٤) فشهرا تميز لاثني عشر لكنه ليس لبيان رفع الإبهام للعلم بأن المراد من اثني عشر هو الشهر لذكر شهور قبلها فهو تأكيد.

(٥) التوبة ، الآية : ٣٦.


فيعتقد تنكيره معنى (١) ونصبه (بما قد فسّره). (٢) في تفسير الاسم وبالمسند من فعل أو شبهه في تفسير النّسبة.

هذا والاسم المبهم الّذي يفسّره التّمييز أربعة أشياء : (٣) العدد ك (أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً)(٤) ولا يجوز جرّ تمييزه ، (٥) والمقدار وهو مساحة

كشبر أرضا وقفيز برّا

ومنوين عسلا وتمرا

وبعد ذي وشبهها اجرره إذا

أضفتها كمدّ حنطة غذا

(كشبر أرضا و) كيل نحو (قفيز برّا و) وزن نحو (منوين عسلا وتمرا) وما يشابه المقدار نحو (٦)(مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ)(٧)(٨) وفرع التّمييز نحو «خاتم حديدا» (٩) (وبعد ذي) الثّلاثة المذكورة في البيت (وشبهها) كالّذي ذكرته بعد (١٠) (اجرره إذا أضفتها) بعامل (١١)

__________________

(١) فالتقدير طبت نفسا.

(٢) يعني أن كان التمييز مفسر الاسم مفرد فعامل نصبه هو ذلك الاسم الذي فسره التمييز ففي قولنا شبرا رضا العامل هو شبر وأن كان مفسرا للنسبة فالناصب هو المسند والمسند في الجملة الفعلية هو الفعل نحو طبت نفسا وفي الاسمية هو الخبر زيد طيب نفسا.

(٣) هي العدد والمقدار وما يشابه المقدار وفرع التمييز والمقدار هي المساحة والكيل والوزن وما شابههما.

(٤) يوسف ، الآية : ٤.

(٥) كما سيجي في قول المصنف غير ذي العدد.

(٦) عطف على المقدار وهو ثالث الأربعة.

(٧) المثقال في الآية ليس المثقال المعهود الذي هو وزن من الأوزان بل المراد وزن ذرة وهو غير معيّن فالمثقال ليس بمقدار بل شبه المقدار.

(٨) الزّلزلة ، الآية : ٧.

(٩) فألتمييز وهو حديدا أتي لفرعه وهو الخاتم إذا لخاتم فرع وقسم من الحديد والحديد أصله.

(١٠) وهو شبه المقدار وفرع التمييز لا الذي ذكره قبل وهو العدد لعدم جواز جرّ ذي العدد كما يأتي.

(١١) متعلق باجرره أي اجرره بما يعمل في المضاف إليه على الأقوال في المسئلة كما يأتي في باب الإضافة من أن العامل فيه هل هو المضاف أو الحرف المقدر.


المضاف إليه (كمدّ حنطة غذا) (١) و «لا تحقّر ظلامة ولو شبر أرض» ، ويجوز أيضا جرّه بمن كما سيذكره ورفعه على البدل. (٢)

والنّصب بعد ما أضيف وجبا

إن كان مثل ملء الأرض ذهبا

(والنّصب) للتّمييز الواقع (بعد ما) أي مبهم (أضيف) إلى غيره (وجبا إن كان) المميّز (٣) لا يغني عن المضاف إليه (مثل ملء الأرض ذهبا) فإن أغنى نحو «هو أشجع النّاس رجلا» جاز الجرّ فتقول «هو أشجع رجل». (٤)

والفاعل المعني انصبن بأفعلا

مفضّلا كأنت أعلى منزلا

(و) التّمييز (الفاعل) في (المعنى (٥) انصبن بأفعلا) الكائن (مفضّلا (٦) كأنت أعلى

منزلا) إذ معناه أنت علا منزلك ، بخلاف غيره (٧) فيجب جرّه به كـ «زيد أكمل فقيه».

وبعد كلّ ما اقتضي تعجّبا

ميّز كأكرم بأبي بكر أبا

__________________

(١) مثال للوزن أو الكيل من المقدار كما أن قوله شبر أرض للمساحة من المقدار.

(٢) إذا كان المبدل منه مرفوعا نحو عندي شبر أرض برفع أرض بدلا من شبر.

(٣) بكسر الياء أي التمييز فإن ذهبا في المثال لا يغني عن الأرض إذ لا معنى لقولنا ملاء ذهب.

(٤) فصح المعني لإغناء رجل عن الناس.

(٥) وعلامة كون التمييز فاعلا في المعني أن تجعل مكان اسم التفضيل فعلا من لفظه ومعناه وترفع التميز به مع صحة المعني كان تقول في أنت أعلى منزلا أنت على منزلك.

(٦) بكسر الضاد اسم فاعل وأفعل المفضل هو أفعل التفضيل.

(٧) أي : غير الفاعل في المعني.


(وبعد كلّ ما اقتضى تعجّبا) (١) سواء كان بصيغة ما أفعله أو أفعل به أم لا (ميز) ناصبا (كأكرم بأبي بكر أبا) و «لله درّه فارسا» و «حسبك بزيد رجلا» و «كفى به عالما» و

[بانت لتحزننا عفّارة]

يا جارتا ما أنت جارة

واجرر بمن إن شئت غير ذي العدد

والفاعل المعني كطب نفسا تفد

(واجرر بمن) التّبعيضيّة (إن شئت) كلّ تمييز (غير) [أربعة أشياء] التّمييز (٢) (ذي العدد) أي المفسّر له كما تقدّم (٣) (و) التّمييز (الفاعل) في (المعنى) إن كان محوّلا عن الفاعل صناعة (٤) (كطب نفسا تفد) (٥) أو عن مضاف نحو «زيد أكثر مالا» والمحوّل عن المفعول نحو «غرست الأرض شجرا».

__________________

(١) يعني انصب التميز بعد كل ما أفاد تعجّبا سواء كان الصيغتين المعهودتين للتعجّب أم غيرهما من مدح أو ذم وما شاكلهما والأمثلة الأربعة التي يمثّل بها الشارح كلها للمدح فأن الأول مراد القائل به أنه أحسن فارس ، والثاني أن زيدا أكمل رجل ، والثالث أنه أحسن عالم والرابع أي الشعر أن جارته أحسن جارة وما في ما أنت جارة للتعجّب.

(٢) أي : منها التميز ذي العدد أي المفسر للعدد.

(٣) في قول الشارح (العدد كأحد عشر كوكبا ولا يجوز جرّ تميزه).

(٤) أي : الفاعل الاصطلاحي النحوي ، وحاصل مراده أن التميز الفاعل في المعني على ثلاثة أقسام : فقد يكون حالته السابقة فاعلا اصطلاحيّا كطبت نفسا فنفسا كان في الأصل فاعلا ، فأن أصله طاب نفسك.

وقد يكون مضافا في الأصل ، نحو زيد أكثر مالا فمالا تميز فعلا ومضاف قبلا ، إذ الأصل كثر مال زيد وهو فاعل في المعنى ، لأنه كما تري فاعل كثير.

وقد يكون التميز الفاعل في المعني مفعولا سابق نحو سابقا نحو غرست الأرض شجرا فشجرا تميز فعلا ومفعول سابقا إذا الأصل غرست شجر الأرض وهو فاعل في المعني لنبت المقدر ، لأن الشجر المغروس نابت.

(٥) بضم التاء مجهول تفيد مجزوم جوابا للأمر ، أي اجرر والمعني إن تجرر تعطي الفائدة.


وعامل التّمييز قدّم مطلقا

والفعل ذو التّصريف نزرا سبقا

(وعامل التّمييز قدّم مطلقا) عليه (١) اسما كان أو فعلا جامدا أو متصرّفا (والفعل ذو التّصريف نزرا سبقا) بضمّ أوّله بالتّمييز (٢) كقوله :

[أتهجر ليلى بالفراق حبيبها]

وما كاد نفسا بالفراق تطيب (٣)

وقوله :

أنفسا تطيب بنيل المنى

[وداعي المنون ينادي جهارا]

وقاس ذلك (٤) الكسائيّ والمبرّد والمازنيّ ، واختاره (٥) المصنّف في شرح العمدة.

__________________

(١) أي : على التميز اسما كان العامل جامدا نحو خاتم حديدا أو متصرفا نحو طيّب نفسا أو فعلا متصرفا نحو طبت نفسا أو جامدا كفعل التعجّب نحو ما أحسنه رجلا.

(٢) أي : تأخّر عن التميز قليلا.

(٣) فتطيب فعل متصرف عامل متأخر عن التمييز وهو نفسا وكذا المثال بعده.

(٤) أي : تأخّر العامل إذا كان فعلا متصرفا على خلاف قول المصنف أنه نزر.

(٥) أي : القياس.


هذا باب حروف الجرّ

هاك حروف الجرّ وهي من إلى

حتّي خلا حاشا عدا في عن على

مذ منذ ربّ اللّام كي واو وتا

والكاف والباء ولعلّ ومتى

(هاك) أي خذ (حروف الجرّ وهى) عشرون (من) و (إلى) و (حتّى) و (خلا) و (حاشا) و (عدا) و (في) و (عن) و (على) و (مذ) و (منذ) و (ربّ) و (اللّام) و (كي) وقلّ من ذكرها (١) ولا تجرّ إلّا ما الاستفهاميّة وأن وما وصلتهما (٢) و (واو وتاء والكاف والباء ولعلّ) وقلّ من ذكر هذه أيضا (٣) ولا تجرّ بها إلّا عقيل (٤) (ومتى) وقلّ من ذكرها أيضا ولا تجرّ بها إلّا هذيل وزاد في الكافية لو لا إذا وليها ضمير (٥) وهو مشهور عن سيبويه.

بالظّاهر اخصص منذ مذ وحتّى

والكاف والواو وربّ والتّا

__________________

(١) يعني كي.

(٢) أما الاستفهامية كقولهم في السؤال عن علة الشيء كيمه أي لم بدّل ألفه هاءا وما الموصولة كقول النابغة (يراد الفتي كيما يضرّ وينفع) وأن نحو أتيتك كي أن تأتيني والغالب حذف أن بعدها ، وأنما قال وصلتهما لأنهما مع صلتهما مؤوّلان باسم مفرد ، وأمّا هما وحدهما فحرفان ولا يدخل الجّار على الحرف.

(٣) أى : لعل كما قل ذكر (كي) في حروف الجرّ.

(٤) بالتصغير طائفة من العرب كقولهم لعل أبي المغوار وقولهم لعل الله فضّلكم علينا بكسر الله.

(٥) نحو لولاك لما أتيت.


واخصص بمذ ومنذ وقتا وبربّ

منكّرا وا التّاء لله وربّ

(بالظّاهر اخصص مذ) و (منذ) و (حتّى والكاف والواو وربّ والتّا) فلا تجرّبها ضميرا (واخصص بمذ ومنذ وقتا) غير مستقبل (١) نحو «ما رأيته مذ يومنا» و «منذ يوم الجمعة» (و) اخصص (بربّ منكّرا) لفظا ومعنى أو معنى فقط ، كما قال في شرح الكافية نحو «ربّ رجل وأخيه» (٢).

(والتّاء) جارّة (لله وربّ) مضافا إلى الكعبة أو الياء نحو «تالله» و «تربّ الكعبة» و «تربّي» وسمع أيضا «تالرّحمن».

وما رووا من نحو ربّه فتى

نزر كذا كها ونحوه أتى

(وما رووا من) إدخال ربّ على الضّمير (نحو ربّه فتى نزر) (٣) من وجهين إدخالها على غير الظّاهر ، وعلى معرفة (كذا) نزر إدخال الكاف على الضّمير كقوله :

[لئن كان من جنّ لأبرح طارقا]

وإن يك إنسا ما (كها) الإنس يفعل

(ونحوه) ممّا (أتى) (٤) كقوله :

[فلا ترى بعلا ولا حلائلا]

كهو ولا كهنّ إلّا حاظلا

وكذا إدخال حتّى عليه (٥) نحو :

__________________

(١) أي الحال والماضي فيومنا للحال ويوم الجمعة للماضي ، فلا يقال أكرمك منذ غد.

(٢) فرجل منكر لفظا ومعنى ، وأخيه نكرة معنى ، لأنه وأن أضيف إلى الضمير إلّا أنّ مرجع الضمير وهو رجلا نكرة والضمير لا يزيد على مرجعه.

(٣) خبر لما يعني أن هذا الاستعمال على خلاف القاعدة من جهتين لما مرّ من اختصاص ربّ بالظاهر المنكر.

(٤) أى : نقل عن العرب.

(٥) أى : على الضمير أيضا نزر لما مرّ من اختصاصه بالاسم الظاهر.


[فلا والله لا يبقى أناس

فتى] حتّاك يا بن أبي زياد

فصل : في معاني حروف الجرّ.

بعّض وبيّن وابتدء في الأمكنة

بمن وقد تأتي لبدء الأزمنة

(بعّض وبيّن) الجنس (١) (وابتدء في الأمكنة) بالاتّفاق (بمن) نحو (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)(٢)(٣)(فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ)(٤)(٥)(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(٦)(٧).

(وقد تأتي لبدء الأزمنة) كقوله تعالى (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ)(٨) ونفاه البصريّون إلّا الأخفش ومذهبه (٩) هو الصّحيح لصحّة السّماع بذلك.

وزيد في نفي وشبهه فجرّ

نكرة كما لباغ من مفرّ

(وزيد) أي من عندنا (١٠) (في نفي وشبهه) وهو النّهي والاستفهام (فجرّ نكرة كما لباغ من مفرّ) و «هل من خالق غير الله» وزيد عند الأخفش في الإيجاب فجرّ النّكرة

__________________

(١) للتبعيض أى : بعض ما تحبّون.

(٢) للتبعيض أى : بعض ما تحبّون.

(٣) آل عمران ، الآية : ٩٢.

(٤) للبيان : أي : الذي هو الأوثان.

(٥) الحج ، الآية : ٣٠.

(٦) لابتداء المكان.

(٧) الإسراء ، الآية : ١.

(٨) التوبة ، الآية : ١٠٨.

(٩) أى : مذهب الأخفش ، وهو إثبات مجيء من لإبتداء الزمان هو الصحيح ، لأنه سمع صحيحا عن العرب مجىء من لبدء الزمان.

(١٠) لا عند الأخفش القائل بزيادته في الإيجاب أيضا.


والمعرفة نحو :

قد كان من مطر [من فضل رازقنا

فضلا على الأرض والأنعام والنّاس]

[يظلّ به الحرباء يمثّل قائما]

ويكثر فيه من حنين الأباعر (١)

للانتها حتّى ولام وإلى

ومن وباء يفهمان بدلا

(للانتهاء حتّى) نحو (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(٢) (ولام) نحو (سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ)(٣)(٤) (وإلى) نحو «سرت البارحة إلى آخر اللّيل».

(ومن وباء يفهمان بدلا) نحو (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ)(٥)(٦).

فليت لي بهم (٧) قوما إذا ركبوا

[شنّوا الإغارة فرسانا وركبانا]

واللّام للملك وشبهه وفي

تعدية أيضا وتعليل قفي

(والّلام للملك) نحو (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)(٨) (وشبهه) (٩) وهو الإختصاص نحو «السّرج للدّابّة» (وفي تعدية أيضا وتعليل قفي) (١٠) نحو (فَهَبْ

__________________

(١) لصحة المعني مع حذف من في البيتين فنقول قد كان مطر ويكثر فيه حنين الأباعر ومدخوله في البيتين فاعل.

(٢) القدر ، الآية : ٥.

(٣) أى : إلى بلد ميّت.

(٤) الأعراف ، الآية : ٥٧.

(٥) أى : بدل الآخرة.

(٦) التوبة ، الآية : ٣٨.

(٧) أى : بدلهم.

(٨) البقرة ـ ٢٨٤.

(٩) شبه الملك لاشتراكهما في الاختصاص.

(١٠) أى : اتّبع.


لِي)(١) مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٢).

وزيد والظّرفيّة استبن ببا

وفي وقد يبيّنان السّببا

وإنّي لتعروني لذكراك (٣) هزّة

[كما انتفض العصفور بلّله القطر]

(وزيد) للتّوكيد نحو :

[فلا والله لا يلفى لما بى]

ولا للمابهم أبدا دواء

وتأتي للتّقوية ، وهو معنى بين التّعدية والزّيادة (٤) نحو (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ)(٥)(٦)(فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ)(٧)(٨). قال في شرح الكافية : ولا يفعل ذلك بمتعدّ(٩) إلى اثنين لعدم إمكان زيادتها فيهما ، لأنّه لم يعهد (١٠) وفي احدهما (١١) لعدم المرجّح.

(والظّرفيّة) حقيقة أو مجازا (استبن ببا وفي) نحو (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ

__________________

(١) لتعدية هب إلى مفعوله الثاني والمفعول الأول وليّا.

(٢) مريم ، الآية : ٥.

(٣) للتعليل يعني أنما تعرضني الهزة أي : الرعشة لأجل ذكراك.

(٤) وذلك لأن هذه اللام تدخل على معمول يصح عامله أن يعمل فيه لكنه ضعف لعارض إما لتقدمه على عامله أو لأن عامله من الصفات الضعيفة العمل كصيغة المبالغة ونحو ذلك فمن جهة صلاحية العامل هي زايدة ومن ناحية ضعفه في العمل هي تعدية فهي بين التعدية والزيادة.

(٥) فتعبرون صالح للعمل في الرويا بلا واسطة لكونه فعلا متعدّيا لكنّه لتأخره ضعف عن العمل فدخلت اللام على معموله وقوّاه.

(٦) يوسف ، الآية : ٤٣.

(٧) احتيج إلى اللام لضعف صيغة المبالغة في العمل.

(٨) البروج ، الآية : ١٦.

(٨) البروج ، الآية : ١٦.

(٩) أى : لم يتفق في كلام العرب زيادة اللام في مفعولين.

(١٠) أى : زيادتها في أحد المفعولين لاستلزامها الترجيح بغير مرجح.


مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ)(١)(٢) «وما كنت بجانب الغربيّ» (٣)(الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ)(٤)(٥)(لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ)(٦)(٧). (وقد يبيّنان السّببا) نحو (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا)(٨) «ودخلت امرأة النّار في هرّة (٩) حبستها».

بالبا استعن وعدّ عوّض ألصق

ومثل مع ومن وعن بها انطق

(بالبا استعن) نحو «بسم الله الرّحمن الرّحيم» (وعدّ) نحو (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ)(١٠) ، ولا يجمع بينها (١١) وبين الهمزة و (عوّض) والتّعويض غير البدل (١٢) نحو «بعتك هذا بهذا» و (ألصق) نحو «وصلت هذا بهذا» (ومثل مع ومن) التّبعيضيّة (وعن بها (١٣)

__________________

(١) مثال للظرفية الحقيقة لاشتمال الليل عليهم حسّا.

(٢) الصّافّات ، الآية : ١٣٧.

(٣) للظرفية المجازية ، لأنّ الجانب الغربي ليس شيئا محيطا بشيء.

(٤) مثال للظرفية الحقيقة لفي لأنّ أدني الأرض محلّ حقيقة وحسّا لغلبة الروم.

(٥) الرّوم ، الآية : ١ و ٣.

(٦) للظرفية المجازية لفي فأن يوسف وإخوته ليسا بشيء يحيط الآيات.

(٧) يوسف ، الآية : ٧.

(٨) النّساء ، الآية : ١٦.

(٩) أى : بسبب هرّة.

(١٠) البقرة ، الآية : ١٧.

(١١) أى : بين الباء التي للتعدية وبين همزة باب الإفعال لأنّ كليهما للتعدية ولا يجتمع علّتان على معلول واحد.

(١٢) يريد بذلك رفع توهّم التكرار بين قوله هذا وقوله قبل ذلك ومن وباء يفهمان البدلا والفرق بينهما على ما عن أقرب الموارد أن العوض أشدّ مخالفة للمعوض عنه من البدل للمبدل منه يعني أن البدلين متشابهان أكثر من مشابهة العوضين فيبدل الدار بالدار ويعوض الدار بالنقد مثلا.

(١٣) أى : بالباء فتأتي بمعني هذه الثلاثة.


انطق) نحو (نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ)(١)(٢)(عَيْناً يَشْرَبُ بِها)(٣) عِبادُ اللهِ (٤)(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ)(٥) واقِعٍ (٦).

علي للاستعلا ومعني في وعن

بعن تجاوزا عني من قد فطن

(على للاستعلاء) (٧) حسّا نحو (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ)(٨) أو معنى نحو «تكبّر زيد على عمرو» (ومعنى في) نحو (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ)(٩)(١٠) (و) معنى (عن) نحو :

إذا رضيت عليّ (١١) بنو قشير

[لعمر الله أعجبني رضاها]

(بعن تجاوزا عنى من قد فطن) نحو «رميت السّهم عن القوس».

وقد تجيء موضع بعد وعلى

كما علي موضع عن قد جعلا

__________________

(١) أى : مع حمدك.

(٢) البقرة ، الآية : ٣٠.

(٣) أى : منها.

(٤) الإنسان ، الآية : ٦.

(٥) عن عذاب.

(٦) المعارج ، الآية : ١.

(٧) كون شيء فوق شيء ، لأن كون الإنسان فوق الدابة أو الفلك أي السفينة حقيقي ومحسوس ، وأما كون تكبر زيد فوق عمر وفهو أمر معنوي لا يحسّ بأحد الحواس.

(٨) المؤمنون ، الآية : ٢٢.

(٩) أى : في ملك سليمان.

(١٠) البقرة ، الآية : ١٠٢.

(١١) أى : رضيت عنّي.


(وقد تجيء موضع بعد) نحو (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)(١)(٢) (و) موضع (على) نحو :

لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب

عنىّ ولا أنت ديّاني فتخزوني

(كما على موضع عن قد جعلا) كما تقدّم (٣) وهذا تصريح (٤) بأنّ لكلّ حرف معنى مختصّا به واستعماله في غيره على وجه النّيابة.

شبّه بكاف وبها التّعليل قد

يعني وزائدا لتوكيد ورد

(شبّه بكاف) نحو «زيد كالأسد» (وبها التّعليل قد يعنى) نحو (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ)(٥) (وزائدا لتوكيد ورد» نحو (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(٦)(٧).

واستعمل اسما وكذا عن وعلى

من أجل ذا عليهما من دخلا

(واستعمل اسما) (٨) مبتدأ نحو :

__________________

(١) أى : بعد طبق.

(٢) الانشقاق ، الآية : ١٩.

(٣) ممثلا بقول الشاعر إذا رضيت على بنو قشير.

(٤) يعني أن قول المصنف (موضع) تصريح بأن كل واحد من هذه الحروف له معني خاصّ به ، وأنّما يستعمل أحيانا في معنى آخر بدلا عن حرف آخر لا أنّ لكل حرف معاني متعدّدة فعلي مثلا للاستعلاء فقط ، وقد يستعمل في الظرفية بدل في لا ان الظرفية من معاني على وفي المسألة أقوال أخر.

(٥) البقرة ، الآية : ١٩٨.

(٦) فالتقدير ليس مثله شيء إذ لو لم تكن زائدة كان التقدير ليس مثل مثله شيء ، لأن الكاف بمعني المثل وهذا إثبات للمثل لله سبحانه إذ يلزم على ذلك أن يفرض مثل حتى يقال ليس مثل ذلك المثل شيء وللتفتازاني هنا بحث سيصله الطالب إنشاء الله.

(٧) الشورى ، الآية : ١١.

(٨) فيكون بمعني مثل وحكمه حكمه.


أبدا كالفراء فوق ذراها (١)

[حين يطوي المسامع الصّرّار]

وفاعلا نحو :

أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط

كالطّعن [يذهب فيه الزّيت والفتل](٢)

ومجرورا باسم نحو :

[ولعبت طير بهم ابابيل]

فصيّروا مثل كعصف مأكول (٣)

وبحرف نحو :

بكا اللّقوة الشّغواء جلت [ولم أكن

لأولع إلّا بالكمىّ المقنّع

(وكذا عن وعلى) يستعملان اسمين (من أجل ذا (٤) عليهما من دخلا) في قوله :

[فقلت للرّكب لمّا أن علابهم]

من عن يمين الحبيّا [نظرة قبل]

وقوله :

غدت من عليه [بعد ما تمّ ظمؤها]

تصلّ وعن قيض ببيداء مجهل]

ومذ ومنذ اسمان حيث رفعا

أو أوليا الفعل كجئت مذ دعا

(ومذ ومنذ اسمان حيث رفعا) نحو «ما رأيته مذ يومان» وهما حينئذ (٥) في الماضي بمعنى أوّل المدّة وفي غيره بمعنى جميع المدّة والصّحيح أنّهما حينئذ

__________________

(١) فالكاف اسم بمعني مثل مبتداء أي مثل الفراء و (فوق ذراها) خبره.

(٢) فكالطعن فاعل لينهى وذوى شطط مفعوله.

(٣) الكاف في كعصف مجرور محلا بإضافة مثل إليه.

(٤) أى : من أجل كونهما اسمين دخل عليهما من لأن حرف الجر لا يدخل إلّا على الاسم.

(٥) أي : حين كانا اسمين إذا استعملا في الماضي فمعناهما أول المدّة المذكورة بعد هما وإذا استعملا في الحال أو الاستقبال فمعناهما جميع المدّة التي بعدهما ففي مثال ما رأيته مذ يومان معناه ما رأيته من أول اليومين وفي نحو لأصومنّ مذ يومان يعني أصومنّ في جميع اليومين.


مبتدءان ما بعدهما خبر ، وقيل بالعكس ، (١) وقيل ظرفان وما بعدهما فاعل لكان تامّة محذوفة (٢) (أو أوليا الفعل) (٣) أو الجملة الاسمية (كجئت مذ دعا) (٤) و:

ما زلت أبغي المال مذأنا يافع (٥)

[وليدا وكهلا حين شبت وأمردا]

وإن يجرّا في مضيّ فكمن

هما وفي الحضور معنى في استبن

(وإن تجرّا في مضيّ فكمن) الابتدائيّة (٦) (هما وفي الحضور) (٧) إذا جرّا (معنى في) الظّرفية (استبن) بهما.

وبعد من وعن وباء زيد ما

فلم يعق عن عمل قد علما

(وبعد من وعن وباء زيد ما فلم يعق) أي لم يكفّ عن عمل قد علما) وهو الجرّ نحو (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ)(٨) ، (عَمَّا قَلِيلٍ)(٩) ، (فَبِما نَقْضِهِمْ)(١٠). قال في شرح الكافية : وقد تحدث (١١) مع الباء تقليلا ، وهي لغة هذيل.

__________________

(١) أى : هما خبران وما بعدهما مبتدأ مؤخّر.

(٢) فالتقدير ما رأيته مذ كان يومان.

(٣) عطف على رفعا أي هما إسمان أيضا إذا وقع بعدهما فعل أو جملة اسمية ومضافان إلى الجملة التي بعدهما.

(٤) مثال لوقوع الفعل بعد مذ.

(٥) مثال لوقوع الجملة الاسمية بعد مذ فأنا مبتدأ ويافع خبره.

(٦) أى : بمعناها فمعني ما رأيته مذ يومين ما رأيته من يومين.

(٧) أي : الحال نحو أكرمك مذ يومنا أي في يومنا.

(٨) نوح ، الآية : ٢٥.

(٩) المؤمنون ، الآية : ٤٠.

(١٠) النّساء ، الآية : ١٥٥.

(١١) بضم التاء وتقليلا مفعوله أي توجد ما مع الباء تقليلا في لغة هذيل فمعني بما نقضهم في لغتهم بنقض قليل.


وزيد بعد ربّ والكاف فكفّ

وقد يليهما وجرّ لم يكفّ

(وزيد بعد ربّ والكاف فكفّ) عن العمل وأدخلتهما على الجمل (١) نحو :

ربما أوفيت في علم

[ترفعن ثوبي شمالات]

(رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٢)

ربّما الجامل المؤبّل فيهم (٣)

[وعناجيج بينهنّ المهار]

[أخ ماجد لم يخزني يوم مشهد]

كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه (٤)

(وقد يليهما) ما (وجرّ لم يكفّ) نحو :

ماويّ يا ربّتما غارة

[شعواء كاللّذعة بالميسم]

[وننصر مولانا ونعلم أنّه]

كما النّاس مجروم عليه وجارم (٥)

وحذفت ربّ فجرّت بعد بل

والفا وبعد الواو شاع ذا العمل

(وحذفت ربّ فجرّت) مضمرة (بعد بل) وهو قليل نحو :

بل بلد ملؤ الأكام قتمه (٦)

(لا يشترى كتّانه وجهرمه)

(و) بعد (الفاء) وهو قليل أيضا نحو :

__________________

(١) مع أنها قبل دخول ما كانا يدخلان على المفردات.

(٢) الحجر ، الآية : ٢.

(٣) مثّل بثلاث أمثلة :

أوليها : للجملة الفعلية وهي ماض أعني أوفيت.

والثانية : للمضارع وهي يود.

والثالثة : للاسمية ، وهي الجامل المؤبّل فيهم فالجامل مبتدأ وفيهم خبره.

(٤) مثال لدخول الكاف على الجملة للحوق ما الكافّة بها وسيف مبتدأ لم تخنه خبره.

(٥) بكسر غارة والناس مجرورتين بربّ والكاف مع وجود ما.

(٦) أى : بل ربّ بلدة.


فمثلك (١) حبلى قد طرقت ومرضع

[فألهيتها عن ذي تمائم مغيل]

(وبعد الواو شاع ذا العمل) حتّى قال بعضهم : إنّ الجرّ بالواو نفسها نحو :

وليل كموج البحر [أرخى سدوله

علىّ بأنواع الهموم ليبتلي]

وربّما جرّت محذوفة دون حرف نحو :

رسم دار وقفت في طلله (٢)

[كدت أقضي الحياة من جلله]

وقد يجرّ بسوي ربّ لدى

حذف وبعضه يري مطّردا

(وقد يجرّ بسوى ربّ لدى حذف) (٣) له ، وهو سماع كقول بعضهم

وقد قيل له : كيف أصبحت «خير والحمد لله» أي على خير (وبعضه (٤) يرى مطّردا) يقاس عليه نحو «بكم درهم إشتريت» أي بكم من درهم ، و «مررت برجل صالح إلّا صالح فطالح» حكاه يونس ، أي إن لا أمرّ بصالح فقد مررت بطالح (٥).

__________________

(١) بكسر مثل مجرورا برب أى : فربّ مثلك.

(٢) بجر رسم أى : ربّ رسم دار.

(٣) أى : قد يحذف بعض حروف الجر غير رب أيضا ، ويبقي جرّه كما في ربّ.

(٤) أى : بعض هذا الحذف مع بقاء الجرّ يرى شايعا مطردا لا سماعا فقط.

(٥) فجر صالح الثاني وطالح بالباء المحذوفة ومثل هذه الجملة مع هذا الحذف وبقاء الجر متعارف شايع.


هذا باب الإضافة (٢)

نونا تلي الإعراب أو تنوينا

ممّا تضيف احذف كطور سينا

(نونا تلي الإعراب) أي حروفه (١) (أو تنوينا) ملفوظا به أو مقدّرا (٢) (ممّا تضيف احذف) لأنّ الإضافة تؤذن (٣) بالإتّصال والتّنوين وخلفه وهو النّون يؤذنان بالانفصال (كطور سينا) (٤) ودراهمك وغلامي زيد.

والثّاني اجرر وانو من أو في إذا

لم يصلح إلّا ذاك واللّام خذا

(والثّاني) (٥) وهو المضاف إليه (اجرر) وجوبا بالحرف المقدّر عند المصنّف ، وبالمضاف عند سيبويه ، وبالإضافة (٦) عند الأخفش.

__________________

(١) الإضافة هي انتساب أحد اسمين إلى آخر نسبة ناقصة لا يصحّ السكوت عليها.

(٢) أى : حروف الإعراب كألف التثنية ووأو الجمع.

(٣) كغير المنصرف.

(٤) أي : تشعر بالاتصال بين المضاف والمضاف إليه وارتباط أحدهما بالآخر ، والتنوين وخلفه يشعر أن باستقلال أحدهما عن الآخر ، وانفصالهما وعدم ارتباط بينهما ، والانفصال ينافي الاتّصال فحذفا لرفع التنافي.

(٥) مثال للتنوين الملفوظ ودراهم للتنوين المقدر لأن الدراهم جمع منتهي الجموع وغير منصرف وغلامي زيد لخلف التنوين وهو النون.

(٦) وهي أمر معنوي كالابتداء في المبتدا.


(وانو من) إن كان المضاف بعض المضاف إليه ، وصحّ إطلاق اسمه (١) عليه كذا قال في شرح الكافية تبعا لابن السّرّاج ، مخرجا (٢) بالقيد الأخير نحو «يد زيد» ممثّلا بنحو «خاتم فضّة» و «ثوب قطن». (٣)

(أو) انو (في إذا لم يصلح إلّا ذاك) (٤) نحو (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ)(٥) وَالنَّهارِ (٦).

(واللام خذا) ناويا لها (٧)

لما سوي ذينك واخصص أوّلا

أو أعطه التّعريف بالّذي تلا

(لما سوي ذينك) نحو «غلام زيد».

(واخصص أوّلا) (٨) بالثّاني إن كان نكرة كـ «غلام رجل» (أو أعطه (٩) التّعريف بالّذي تلا) إن كان معرفة كـ «غلام زيد».

__________________

(١) أى : اسم المضاف إليه على المضاف كان تقول في خاتم فضّة هذا الخاتم فضّة أو في ثوب قطن هذا الثوب قطن.

(٢) أي : حالكون المصنف مخرج بقوله (وصحّ إطلاق اسمه عليه) نحو يد زيد ، لأن يد وإن كانت جزء الزيد لكنها لا يصح إطلاق زيد عليه ، فلا يقال هذه اليد زيد فلا يقدر من في أمثاله.

(٣) لصحّة إلاطلاق.

(٤) أى : إذا كان المعني لا يصلح إلّا تقدير من أو في.

(٥) أى : مكر في الليل.

(٦) السّبأ ، الآية : ٣٣.

(٧) أى : للّام.

(٨) أى : اخصص المضاف بالمضاف إليه ففي مثال غلام رجل خصّصنا غلام الذي كان يشمل غلام الرجل وغلام المرأة بالرجل فانحصر به.

(٩) أي : اعط الأول التعريف بالذي تلا أي بالمضاف إليه إن كان معرفة ، فيصير المضاف معرفة بسبب تعريف المضاف إليه.


وإن يشابه المضاف يفعل

وصفا فعن تنكيره لا يعزل

كربّ راجينا عظيم الأمل

مروّع القلب قليل الحيل

(وإن يشابه المضاف يفعل) (١) أي المضارع في كونه (٢) مرادا به الحال والاستقبال حال كونه (وصفا) كاسمى الفاعل والمفعول والصّفة المشبّهة (فعن تنكيره لا يعزل) سواء أضيف إلى معرفة أو نكرة ولذلك وصف به النّكرة (٣) ك (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ)(٤)(٥) ونصب على الحال (٦) ك (ثانِيَ عِطْفِهِ)(٧) ودخل عليه ربّ (٨) (كربّ راجينا عظيم الأمل مروّع القلب قليل الحيل) (٩).

وذي الإضافة اسمها لفظيّة

وتلك محضة ومعنويّه

(وذي الإضافة) (١٠) وهي إضافة الوصف إلى معموله (اسمها لفظيّة) لأنّها أفادت

__________________

(١) أي : إن كان المضاف صفة أريد بها الحال والاستقبال فلا يكسب تعريفا ولا تخصيصا بل يبقي على تنكيره.

(٢) أى : المضاف لأن المضارع كذلك.

(٣) أي : جاء المضاف الوصفي صفة للنكرة فهذا دليل على أنه لم يكسب تعريفا إذ المعرفة لا تكون صفة للنكرة للزوم التطابق بين الموصوف والصفة.

(٤) فبالغ مع إضافته إلى المعرفة أتي صفة لهديا وهو نكرة لعدم اكتسابه التعريف.

(٥) المائدة ، الآية : ٩٥.

(٦) والحال نكرة فيدل ذلك على أن الوصف باق على تنكّره.

(٧) الحج ، الآية : ٩.

(٨) وعلم سابقا أن ربّ لا يدخل إلّا على النكرات فهذا دليل ثالث على بقاء المضاف الوصفي على تنكّره.

(٩) المثال الأول وهو ربّ راجينا مثال للصفة إذا كان اسم فاعل والثاني وهو عظيم الأمل للصفة المشبهة والثالث وهو مروّع بفتح الواو للاسم المفعول والرابع وهو قليل الحيل لتمام الشعر.

(١٠) ذي اسم إشارة ، أي : هذه الإضافة.


تخفيف اللّفظ (١) بحذف التّنوين والنّون (وتلك) وهي الّتي تفيد التّعريف أو التّخصيص اسمها (محضة) أي خالصة (٢) (ومعنويّة) أيضا لأنّها أفادت أمرا معنويّا (٣).

ووصل أل بذا المضاف مغتفر

إن وصلت بالثّان كالجعد الشّعر

أو بالّذي له أضيف الثّاني

كزيد الضّارب رأس الجاني

(ووصل أل بذا المضاف) (٤) إضافة لفظية (مغتفر إن وصلت) أل (بالثّاني) أي بالمضاف إليه (كالجعد الشّعر (٥) أو) وصلت (بالّذي له أضيف الثّاني كزيد الضّارب رأس الجاني) أو بما يعود إليه (٦) إن كان ضميرا ـ كما في التّسهيل ـ كـ «مررت بالضّارب الرّجل والشّاتمة» (٧) ومنع المبرّد هذه (٨) وجوّز الفرّاء إضافة ما فيه ألى إلى المعارف كلّها (٩) كـ «الضّاربك» و «الضّارب زيد» ، بخلاف «الضّارب رجل». (١٠) وقد استعمله (١١) الإمام الشّافعيّ في خطبة رسالته فقال : «الجاعلنا من خير أمّة أخرجت للنّاس».

__________________

(١) فقط من دون أن يكسب في المعني تعريفا أو تخصيصا.

(٢) يعني أن الإضافة هنا وقعت لأجل الإضافة والنسبة فقط ولم ينو فيها غيرها وإن أفادت التخفيف تبعا بخلاف اللفظية فأنها وإن كانت إضافة لكنها بنيّة التخفيف في اللفظ وفي الحقيقة ليست إضافة وانتسابا.

(٣) وهو انتساب أحد الاسمين بالآخر وتعريف أحدهما بالآخر أو تخصيصه.

(٤) أى : بهذا المضاف.

(٥) الجعد صفة مشبهة كصعب أي مجعّد الشعر يقال للشعر الملتوي.

(٦) أي : وصلت أل بمرجع الضمير المضاف إليه إن كان المضاف إليه ضميرا.

(٧) فالشاتم وصل به اللام لإضافته إلى ضمير يرجع إلى المعرف باللام وهو الرجل.

(٨) وهي ما كان مرجع المضاف إليه معرفا باللام.

(٩) لا المعرف باللام فقط كالضمير والعلم واسم الإشارة وغيرها.

(١٠) أى : بخلاف المضاف إلى النكرة فلا تدخله اللام.

(١١) أي : استعمل قول الفرّاء وهو جواز دخول أل على الوصف مضافا إلى أيّ معرفة كان فأضاف الجاعل إلى الضمير.


وكونها في الوصف كاف إن وقع

مثنّى او جمعا سبيله اتّبع

(وكونها) أي أل (في الوصف) فقط (١) (كاف إن وقع مثنىّ) (٢) نحو «مررت بالضّاربي زيد» و «الضّاربي رجل» (٣) (أو) وقع (جمعا سبيله) أي سبيل المثنّى (اتّبع) بأن كان جمع سلامة نحو : «مررت بالضّاربي زيد» و «الضّاربي رجل» (٤).

وربّما أكسب ثان أوّلا

تأنيثا ان كان لحذف موهلا

(وربّما أكسب (٥) ثان أوّلا تأنيثا) وتذكيرا (إن كان) الأوّل (لحذف موهلا) أي أهلا نحو :

[وتشرق بالقول الّذي قد أذعته]

كما شرقت صدر القناة من الدّم

فأكسب القناة المؤنّث الصّدر المذكّر التّأنيث (٦) لما أضيف إليه (٧) ونحو :

رؤية الفكر ما يؤول له ال

أمر معين على اجتناب التّواني

فأكسب الفكر المذكّر الرّؤية المؤنّث التّذكير (٨) لما أضيف إليه.

وخرج بقوله : «إن كان لحذف موهلا» ما ليس أهلا له (٩) بأن يختلّ الكلام

__________________

(١) من غير أن تدخل على المضاف إليه.

(٢) أى : إن كان الوصف تثنية أو كان جمعا اتّبع سبيل التثنية بأن كان جمع سالم لاتّحاد الجمع السالم مع التثنية في كون إعرابهما بالحروف.

(٣) بفتح الباء تثنية.

(٤) بكسر الباء جمع.

(٥) أى : أعطي المضاف إليه تأنيثا أو تذكيرا للمضاف بشرط صحّة حذف المضاف مع عدم اختلال في المعني كما في البيت لصحّة قولنا كما شرقت القناة من الدم.

(٦) ولهذا أنث فعله وهو شرقت ولو لا ذلك لقيل شرق.

(٧) أى : لإضافة الصدر إلى القناة وما مصدرية.

(٨) فأتي بالخبر ، وهو معين مذكرا ولو بقي على تأنيثه لقال معينة.

(٩) أى : للحذف.


لو حذف ، فلا يكسبه (١) ما ذكر كـ «قام غلام هند» و «قامت امرأة زيد».

ولا يضاف اسم لما به اتّحد

معنى وأوّل موهمّا إذا ورد

(ولا يضاف اسم لما به اتّحد معني) فلا يضاف اسم لمرادفه ولا موصوف إلى صفته ولا صفة إلى موصوفها ، (٢) لأنّ المضاف يتعرّف بالمضاف إليه أو يتخصّص ، والشّيء لا يتعرّف ولا يتخصّص إلّا بغيره (وأوّل موهما) ذلك (٣) (إذا ورد) نحو «هذا سعيد كرز» أي مسمّى هذا اللّقب (٤) و «مسجد الجامع» أي مسجد اليوم الجامع أو المكان الجامع (٥) ، و «جرد قطيفة» أي شيء جرد من قطيفة (٦).

واعلم أنّ الغالب في الأسماء أن تكون صالحة للإضافة والإفراد (٧) وبعض الأسماء ممتنع إضافته كالمضمرات.

__________________

(١) أى : فلا يكسب المضاف إليه ولا يفيد تأنيث المضاف ، ولا تذكيره.

(٢) أي : لا يقال ليث أسد بإضافة ليث إلى أسد ، لكونهما مترادفين ولا رجل قائم ولا قائم رجل.

(٣) أي : ما بظاهره إضافة اسم إلى ما هو متحد معه نحو سعيد كرز بجر كرز فإن الظاهر إضافة اسم شخص إلى لقبه وهما متحدان.

(٤) توضيح ذلك أنّ قولنا هذا سعيد كرز أنما يقال فيما إذا كان سعيد متعددا وواحد منهم لقبه كرز والمخاطب يريد ذلك السعيد فتشير إليه وتقول هذا سعيد كرز أي هذا السعيد صاحب اسم كرز لا الآخرين مشيرا إلى الذات فهنا تأويلان :

الأول : تأويل العلم بصاحب العلم ، أي الذات الخارجي فصار مغايرا لكرز لمغايرة الذات الخارجي مع اسمه.

والثاني : تأويل المعرفة بالنكرة لأنّ (مسمّي) نكرة أي صاحب اسم فكأنّه قال هذا صاحب اسم كرز.

(٥) فالمسجد مضاف إلى اليوم ، والمكان المغايرين له لا الجامع الذي هو متّحد معه.

(٦) جرد قطيفة أي ثوب خلق ، والخلق العتيق الممزّق فجرد صفة لقطيفة وظاهره اضافة الصفة إلى الموصوف ولكنه في التأويل صفة لشىء لا لقطيفة فيرتفع الإشكال.

(٧) أي : عدم الإضافة يعني أنّ الغالب في الأسماء أن تكون جايزة الإضافة وعدمها ، ولكن قد يخرج بعض الأسماء عن هذا الغالب فبعضها يمتنع إضافتها وبعضها يجب إضافتها.


وبعض الأسماء يضاف أبدا

وبعض ذا قد يأتي لفظا مفردا

(وبعض الأسماء يضاف أبدا) إلى المفرد لفظا ومعنى (١) كقصارى وحمادى ولدى وبيد وسوى وعند وذي وفروعه وأولي (٢) (وبعض ذا) الّذي ذكر أنّه يلزم الإضافة (قد) يلزمها (٣) معني فقط و (يأتي لفظا مفردا) عنها (٤) ككلّ وبعض وأيّ نحو (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ)(٥)(٦)(فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ)(٧)(٨) ، (أَيًّا ما تَدْعُوا)(٩)(١٠).

وبعض ما يضاف حتما امتنع

إيلاؤه اسما ظاهرا حيث وقع

كوحد لبّي ودوالي سعدي

وشذّ إيلاء يدي للبّي

(وبعض ما يضاف حتما امتنع إيلاؤه اسما ظاهرا) فلا يليه إلّا ضمير (حيث وقع (١١) كوحد) نحو (إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ)(١٢).

__________________

(١) أي : يضاف لفظا ومعني لا معني فقط مقابل البعض الذي يلزم إضافته معني فقط ككل.

(٢) فقصاري وحمادي بمعني المنتهي والأقصي يقال قصاري جهده وحمادي وسعه أي منتهاه وأقصاه ولدي بمعني عند وبيد بمعني غير وذي بمعني صاحب وفروعه تثنيته وجمعه ومؤنّثه وأولي بمعني أصحاب.

(٣) أي : يلزم الإضافة.

(٤) أي : مجرّدا عن الإضافة.

(٥) أي : كلهم.

(٦) هود ، الآية : ١١١.

(٧) أي : بعضهم.

(٨) الإسراء ، الآية : ٢١.

(٩) أي : أيّ اسم بقرينة فله الأسماء كلّها.

(١٠) الإسراء ، الآية : ١١٠.

(١١) اي : في أي مكان استعمل ذلك البعض يجب إضافته إلى الضمير.

(١٢) غافر ، الآية : ١٢.


وكنت إذ كنت إلهي وحدكا

[لم يك شيء يا إلهي قبلكا]

والذّنب أخشاه إن مررت به

وحدي [وأخشى الرّياح والمطرا

و (لبّي) ويختصّ بضمير غير الغائب نحو «لبّيك» أي إجابة بعد إجابة ، وهي عند سيبويه مثنّى للتّكثير (١) وعند يونس مفرد أصله لبّى (٢) بوزن فعلى قلبت ألفه ياء في الإضافة كانقلاب لدى وعلى وإلى (٣) وردّ بأنّه لو كان مفردا جاريا مجرى ما ذكر (٤) لم تنقلب ألفه إلّا مع المضمر ، كلدى وقد وجد قلبها مع الظّاهر في البيت الآتي. (٥)

(ودوالي) كلبّي نحو «دواليك» أي تداولا بعد تداول. (٦)

و (سعدي) نحو «سعديك» أي سعدا بعد سعد. (٧)

(وشذّ ايلاء يدي (٨) للبّي) في قول الشّاعر :

[دعوت لما نابني مسورا]

فلبّي فلبّي يدي مسور

وكذا إيلاؤه ضمير غائب في قوله :

[إنّك لو دعوتني ودوني

زوراء ذات مترع بيون]

لقلت لبّيه لمن يدعوني

قاله (٩) في شرح التّسهيل.

__________________

(١) أى : ليس مراد المتكلّم تحديد إلاجابة بمرّتين ، كما هو شأن كل تثنية بل المراد أكثر من مرّة.

(٢) فمعني لبيك إجابتك مفعول مطلق مضاف إلى الضمير عامله لبّيت المقدر.

(٣) إذا دخلت على الضمير فتقول عليك.

(٤) أي : لدي وعلى والي.

(٥) يعني قوله فلبّي يدي.

(٦) التداول انتقال من شيء إلى شيء ومنه قوله تعإلى كي لا يكون دولة بين الأغنياء.

(٧) فدواليك وسعديك أيضا تثنيتان للتكثير.

(٨) أي : وقوع يدي بعد لبّي فتكون داخلة على الظاهر.

(٩) أي : إيلاء لبّي ضمير الغائب.


وألزموا إضافة إلى الجمل

حيث وإذ وإن ينوّن يحتمل

إفراد إذ وما كإذ معني كإذ

أضف جوازا نحو حين جانبذ

(وألزموا إضافة إلى الجمل) إسميّة كانت أو فعليّة (حيث وإذ) نحو «جلست حيث جلس زيد» و «حيث زيد جالس» ، (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً)(١)(إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ)(٢)(٣) وشذّ إضافة حيث إلى المفرد في قوله :

أما ترى حيث سهيل طالعا (٤)

[نجما يضىء كالشّهاب لامعا]

(وإن ينوّن) إذ ويكسر ذالها لالتقاء السّاكنين (٥) (يحتمل) أي يجوز (٦) (إفراد إذ) عن الإضافة (٧) وجعل التّنوين عوضا عمّا تضاف إليه نحو (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ)(٨)(٩). (وما كإذ معنى) أي في المعنى ، وهو كلّ اسم زمان مبهم (١٠) ماض (كإذ

__________________

(١) الأعراف ، الآية : ٨٦.

(٢) مثل لكلّ من حيث وإذا بمثالين :

أولهما : لإضافته إلى الفعليّة.

والثانى : للاسميّة.

(٣) الأنفال ، الآية : ٢٦.

(٤) بجرّ سهيل بإضافة حيث إليه.

(٥) بين الذال ونون التنوين فأن الذال كانت ساكنة قبل دخول التنوين ونون التنوين ساكنة دائما فالتقى الساكنان وحرك الذال بالكسر للأصل في التقاء الساكنين.

(٦) فالاحتمال هنا ليس بمعناه المعروف أي الترديد بل بمعني التحمّل.

(٧) أى : بأن يأتي غير مضاف.

(٨) فالمضاف إليه المقدر فى الآية بلغت الحلقوم أي حين إذ بلغت الحلقوم تنظرون فالتنوين عوض عن بلغت وما يقال من أن المقدر إذ كان كذا فهو إشارة إلى كل ما يناسب تقديره لا أنّ المقدر دائما (إذ كان كذا).

(٩) الواقعة ، الآية : ٨٤.

(١٠) كحين ووقت ويوم لا المعيّن كيوم الجمعة واليوم لأنّ المعيّن إما مضاف إلى المفرد كيوم الجمعة وشهر


أضف) إلى الجملتين (١) (جوازا نحو حين جاء نبذ) و «جئتك حين الحجّاج أمير». (٢)

وابن أو اعرب ما كإذ قد أجريا

واختر بنا متلوّ فعل بنيا

(وابن) على الفتح (أو اعرب ما كإذ (٣) قد أجريا) أمّا الأوّل (٤) فبالحمل

عليها (٥) وأمّا الثّاني (٦) فعلى الأصل (و) لكن (اختر بنا متلوّ) أي واقع قبل (فعل بنيا) (٧) ماض أو مضارع مقرون بإحدى النّونين (٨) نحو :

على حين ألهى النّاس جلّ أمورهم (٩)

[فندلا زريق المال ندل الثّعالب]

وقبل فعل معرب أو مبتدا

أعرب ومن بني فلن يفنّدا

(و) الواقع (قبل فعل معرب أو) قبل (مبتدإ أعرب) وجوبا عند البصريّين نحو (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)(١٠)(١١) وجوّز الكوفيّون بناءه

__________________

رمضان أو معرف باللام كاليوم وكلاهما لا يمكن إضافتهما إلى الجملة ، والمراد بقوله ماض أن يريد المتكلّم به الزمان الماضي وإلا فالظرف بنفسه لا يدل على الماضي.

(١) الاسميّة والفعليّة.

(٢) فالأوّل للفعلية ، والثاني للاسمية.

(٣) في كونه ظرفا ماضيا مبهما.

(٤) أي : البناء لا البناء على الفتح.

(٥) أي : بالقياس على إذ لكونه مبنيّا.

(٦) أي : الإعراب فعلى الأصل فأن الأصل في الاسم الإعراب.

(٧) يعني إذا وقع الظرف الجاري مجري إذ قبل فعل مبني فالأحسن أن يبني هذا الظرف.

(٨) نون التأكيد ونون جمع المؤنث.

(٩) فبني حين على الفتح لوقوعه قبل الماضي.

(١٠) فأعرب يوم بالرفع خبرا لهذا لوقوعه قبل الفعل المعرب (ينفع).

(١١) المائدة ، الآية : ١١٩.


واختاره (١) المصنّف فقال : (ومن بنى فلن يفنّدا (٢)) كقراءة نافع «هذا يوم ينفع». (٣)

وألزموا إذا إضافة إلى

جمل الافعال كهن إذا اعتلى

(وألزموا إذا إضافة إلى جمل الأفعال) فقط (كهن إذا اعتلا) أي تواضع (٤) إذا تعاظم وتكبّر ، وأجاز الأخفش والكوفيّون وقوع المبتدأ بعدها ولم يسمع ، (٥) ونحو (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ)(٦) من باب (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ)(٧)(٨) ، ونحو :

إذا باهليّ تحته حنظليّة

[له ولد منها فذاك المذرّع]

على إضمار كان ، (٩) كما أضمرت هي (١٠) وضمير الشّأن في قوله :

[ونبّئت ليلى أرسلت بشفاعة]

إلىّ فهلّا نفس ليلى شفيعها (١١)

فرع : مشبه إذا من أسماء الزّمان (١٢) المستقبل كإذا لا يضاف إلّا إلى الجملة الفعلية ـ قاله في شرح الكافية نقلا عن سيبويه واستحسنه (١٣) ـ قال لو لا أنّ من

__________________

(١) أي : البناء.

(٢) أي : لن يخطّأ رأيه.

(٣) بفتح يوم بناءا.

(٤) فعل أمر وهو معني (هن).

(٥) أي : لم يسمع من العرب وقوع المبتدا بعد إذا.

(٦) الانشقاق ، الآية : ١.

(٧) أي : من باب تقدير فعل بعد إذا وان الشرطية مماثل للمذكور ، والتقدير إذا انشقّت السماء وان استجار أحد.

(٨) التّوبة ، الآية : ٦.

(٩) أي : كان بأهلي فالواقع بعد إذا فعل حقيقة وإن كان بحسب الظاهر مبتداء.

(١٠) أي : كان.

(١١) أي : فهلا كان نفس ليلي لدخول هلّا على الفعل دائما فاسم كان ضمير الشأن والجملة بعدها خبرها.

(١٢) كيوم وحين ووقت إذا أريد بها الزمان المستقبل كيوم تأتي السماء بدخان المراد به يوم القيامة.

(١٣) أي : قال المصنف أن قول سيبويه حسن لو لا أنّ المسموع خلاف قول سيبويه فأن يوم في الآية مشبه إذا إذ


المسموع ما جاء بخلافه كقوله تعالى : (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ)(١) انتهى.

وأجاب ولده عنها بأنّها (٢) ممّا نزّل فيه المستقبل لتحقّق وقوعه ، منزلة الماضي ، وحينئذ فاسم الزّمان فيه (٣) ليس بمعنى إذا ، بل بمعنى إذ ، وهي تضاف إلى الجملتين.

قال ابن هشام : ولم أر من صرّح بأنّ مشبه إذا كمشبه إذ ، يبنى ويعرب بالتّفصيل السّابق ، (٤) وقياسه عليه ظاهر ، ومنه (٥)(هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ)(٦)(٧) لأنّ المراد به المستقبل (٨) ـ انتهى.

قلت : قد تقدّم نقلا عنهم الاستدلال به (٩) على مشبه إذ ، أي لأنّه (١٠) ممّا نزّل فيه المستقبل لتحقّق وقوعه منزلة الماضي لا سيّما في أوّله قال بلفظ الماضي. (١١)

__________________

المراد به زمان المستقبل وهو القيامة مع أنه دخل على الجملة الاسمية.

(١) غافر ، الآية : ١٦.

(٢) أي : الآية من الموارد التي جعل الزمان المستقبل مثل الزمان الماضي في تحقّق الوقوع فأن الذي مضي فقد تحقق وقوعه وهنا وان كان بروزهم في القيامة ولكنه أمر مسلم محقّق وقوعه فكأنّه وقع سابقا فيوم هنا مشبه إذ وهو يضاف إلى الاسمية والفعلية.

(٣) أي : في قوله تعالى.

(٤) بعد قول الناظم (وابن أو أعرب) من اختيار بنائه إذا وقع قبل فعل مبني ووجوب إعرابه إذا وقع قبل معرب أو مبتداء.

(٥) أي : من موارد قياس مشبه إذا على مشبه إذ.

(٦) فأعرب يوم رفعا خبرا لهذا لوقوعه قبل فعل معرب.

(٧) المائدة ، الآية : ١١٩.

(٨) دليل لكون يوم هنا مشبه إذا.

(٩) أي : بقوله تعالى (هذا يَوْمُ ...) *) عند قول الناظم (أو مبتدا أعرب) نقلا عن الكوفيّين والبصريّين الاستدلال بهذه الآية على مشبه اذ.

(١٠) دليل لكون يوم هنا مشبه إذ فأنّ الظاهر كونه للاستقبال ومشبها لا ذا فنّبه على كونه مشبه إذ تنزيلا.

(١١) فأن الآية هكذا (قال الله (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) فقال شاهد على أنّ المراد تنزيل المستقبل منزلة الماضي.


لمفهم اثنين معرّف بلا

تفرّق أضيف كلتا وكلا

(لمفهم اثنين) لفظا ومعني أو معني فقط (معرّف بلا تفرّق) بعطف (أضيف كلتا وكلا) نحو «جاءني كلا الرّجلين». (١) و

[إنّ للخير وللشّرّ مدى]

وكلا ذلك وجه وقبل (٢)

ولا يضافان لمفرد ولا لمنكّر خلافا للكوفيّين ولا لمفرّق وشذّ :

كلا أخي وخليلي واجدي عضدا (٣)

[في النّائبات وإلمام الملمّات]

ولا تضف لمفرد معرّف

أيّا وإن كرّرتها فأضف

(ولا تضف لمفرد معرّف أيّا) بل أضفها إلى مثنّى أو مجموع مطلقا (٤) أو مفرد منكّر. (وإن كرّرتها فأضف) إلى المفرد المعرّف نحو :

[فلئن لقيتك خاليين لتعلمن]

أيي وأيّك فارس الأحزاب

أو تنو الاجزا واخصصن بالمعرفة

موصولة ايّا وبالعكس الصّفة

(أو) إن (تنو الأجزاء) فأضفها إليه (٥) نحو «أيّ زيد حسن» أي أيّ أجزائه (٦).

(واخصصن بالمعرفة) مع اشتراط ما سبق (٧) (موصولة أيّا) فلا تضفها إلى نكرة

__________________

(١) مثال لمفهم اثنين لفظا ومعني فأن الرجلين لفظه تثنية ومعناه اثنان.

(٢) مثال لمفهم اثنين معني فقط فأن لفظ (ذلك) مفرد ولكن معناه اثنان فأن المراد به الخير والشر.

(٣) فأضيف إلى اثنين مفرّق بالعطف.

(٤) أي : سواء كان المثنّي والمجموع معرفة أو نكرة كأيّهما وأيّ رجلين وأيهم وأي رجال بخلاف المفرد فشرطه التنكير.

(٥) أي : إلى المفرد المعرف.

(٦) ففي التقدير أضيفت إلى الجمع لا إلى المفرد.

(٧) من عدم كونه مفردا.


خلافا لابن عصفور نحو «أيّهم أشدّ» (١) (وبالعكس) أي (الصّفة) والحال فلا يضافان إلّا إلى نكرة كـ «مررت بفارس أي فارس» و «بزيد أي فارس» (٢).

وإن تكن شرطا أو استفهاما

فمطلقا كمّل بها الكلاما

(وإن تكن شرطا أو استفهاما فمطلقا) أي سواء أضيف إلى معرفة أو نكرة (كمّل بها الكلاما) نحو (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ)(٣)(٤)(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ)(٥)(٦).

فرع : إذا أضيف أيّ إلى مثنّي معرفة أفرد ضميرها (٧) أو إلى نكرة طوبق (٨).

وألزموا إضافة لدن فجرّ

ونصب غدوة بها عنهم ندر

 (وألزموا إضافة لدن) وهو ظرف لأوّل غاية زمان أو مكان (٩) مبنيّ إلّا في لغة قيس (فجرّ) (١٠) وإفرادها (١١) (ونصب غدوة بها) على التّميز أو التّشبيه بالمفعول به ، أو إضمار

__________________

(١) فأضيفت إلى المعرفة وهو جمع.

(٢) فالأوّل مثال للصفة بدليل كون الاسم قبلها نكرة فأن أيّ نكرة فطابق الصفة مع الموصوف والثاني للحال بدليل كون الاسم قبله معرفة لعدم جواز مجيء الصفة النكرة للموصوف المعرفة فزيد ذو الحال وذو الحال معرفة دائما.

(٣) مثال للشرطية مضافة إلى المعرفة أيّ الأجلين وما زايدة وجواب الشرط (فلا عدوان عليك).

(٤) القصص ، الآية : ٢٨.

(٥) مثال للاستفهاميّة ودخولها على النكرة.

(٦) الأعراف ، الآية : ١٨٥.

(٧) نحو أيّ الرجلين أكرمك.

(٨) أي : الضمير مع المضاف إليه نحو أيّ رجلين أكرماك.

(٩) فإن قلت مرضت من لدن يوم الجمعة إلى الآن معناه أن أول زمان مرضي يوم الجمعة وتقول طفت من لدن حجر الأسود أي كان ابتداء طوافي حجر الأسود.

(١٠) أي : جر ما بعده بالإضافة.

(١١) أي : استعمالها غير مضاف.


كان واسمها (١) الوارد (٢) (عنهم ندر) (٣) وكذا رفعها (٤) على إضمار كان كما حكاه الكوفيّون ويعطف على غدوة المنصوبة بالجرّ لأنّه (٥) محلّها ، وجوّز الأخفش النّصب.

قال المصنّف : وهو بعيد عن القياس.

ومع مع فيها قليل ونقل

فتح وكسر لسكون يتّصل

(ومع) اسم لمكان الاجتماع أو وقته (٦) معرب إلّا في لغة ربيعة فيقولون (مع) بتسكين العين (فيها) (٧) بناء وهو (قليل) وقال سيبويه ضرورة ، ومنه :

فريشى منكم وهواي معكم

[وإن كانت زيارتكم لماما]

(ونقل) في هذه الحالة (٨) (فتح وكسر) لعينها (لسكون يتّصل) بها (٩) مستند الأوّل (١٠) الخفّة والثّاني (١١) الأصل في التقاء السّاكنين.

تتمة : لا تنفكّ مع ، عن الإضافة إلّا [إذا وقعت] حالا (١٢) بمعنى جميع كقوله :

__________________

(١) فتكون غدوة خبرها.

(٢) بالرفع صفة لنصب غدوة.

(٣) كقول الشاعر : (لدن غدوة حتّي دنت لغروب).

(٤) أي : غدوة فتكون اسما لكان المقدّرة.

(٥) أي : لأن الجرّ محل غدوة لكونها مضافا إليه في التقدير.

(٦) أي : وقت الاجتماع فقولنا صليت مع زيد يمكن أن يراد به صليت في مكان صلي فيه زيد أو في وقت صلي فيه.

(٧) أي : في مع.

(٨) أي : حالة بنائها على السكون.

(٩) أي : إذا اتّصل بها ساكن نحو مع الله.

(١٠) أي : دليل الأول وهو الفتح الخفّة لأن الفتحة أخف الحركات.

(١١) أي : مستند الثاني وهو الكسر القاعدة المعروفة في التقاء الساكنين وهي (إذا التقي الساكنان حرّك بالكسر).

(١٢) أي : إلّا إذا وقع حالا.


بكت عيني اليسرى فلمّا زجرتها

عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا (١)

واضمم بناء غيرا ان عدمت ما

له أضيف ناويا ما عدما

(واضمم بناء) وفاقا للمبرّد (غيرا ان عدمت ما له أضيف) (٢) حال كونك (ناويا) معنى (ما عدما) (٣) قال في شرح الكافية : لزوال المعارض للشّبه المقتضي للبناء وهو عدم الاستقلال بالمفهوميّة (٤).

قلت : وهي (٥) نظيرة أيّ ، فيأتي في هذه (٦) ما قلته فيها وهو وجود هذه العلّة (٧) فيما إذا لم ينو المضاف إليه مع قولهم بإعرابها حينئذ ، فالأحسن ما ذهب إليه الأخفش من كونها معربة في هذه الحالة أيضا (٨) كما أجمعوا على أنّ فتحها في هذه

__________________

(١) فمعا حال بمعنى جميعا.

(٢) أي : إن كان المضاف إليه معدوما ومحذوفا.

(٣) أي : ناويا معني المضاف إليه المحذوف.

(٤) حاصله أن غير لا معني له إلّا إذا انضمّ إلى ما بعده كغير زيد مثلا فهو غير مستقل بالمفهوميّة ، أي : في إفادة المعنى ، كما أنّ الحروف كذلك فشبهه بالحرف يقتضي أن يكون مبنيّا لكن الإضافة التي هي من خواص الاسم تعارض تلك الشباهة فيعرب ، ولما زال المعارض أي : الإضافة رجع إلى البناء.

(٥) أي : غير.

(٦) أي : في غير ما قلته في أي في باب الموصولات عند قول الناظم (أي كما وأعربت ما لم تضف وصدر وصلها ضمير الحذف) فأنه بعد ما نقل عنهم في وجه بنائها عند الإضافة وحذف صدر الصلة من أنه لتأكيد مشابهتها الحرف من حيث افتقارها إلى ذلك المحذوف.

قال : قلت وهذه العلّة أي : الافتقار موجودة في الحالة الثانية وهي ما إذا لم تضف وحذف صدر صلتها فلم لم تبن في هذه الحالة.

وما قاله في أي يأتي في غير فأنها إن كانت مبنيّة عند حذف المضاف إليه ونيّته فلم لم تبن عند حذفه وعدم نيّته فأن علة البناء وهي زوال المعارض أي الإضافة موجودة في الثانية أيضا.

(٧) أي : زوال المعارض للشبه فيما إذا حذف المضاف إليه ولم ينو.

(٨) أي : فيما لم ينو المضاف إليه.


الحالة (١) مطلقا ، وضمّها مع التّنوين الّذي هو قليل حركتا إعراب (٢).

وشرط ابن هشام لجواز حذف ما يضاف إليه أن يقع بعد ليس نحو «قبضت عشرة ليس غير» أي ليس المقبوض غير ذلك ، أو ليس غير ذلك مقبوضا (٣). وذكر ابن السّرّاج في الأصول ، وغيره : وقوعها بعد لا. ثمّ بناؤها على الحركة لأنّ لها (٤) أصلا في التّمكّن ولولاه لم يفارقها البناء وكانت ضمّة لئلّا يلتبس الإعراب بالبناء (٥) ـ قاله في شرح التّسهيل.

وخرج بقوله «إن عدمت» ـ إلخ ما إذا لم يعدم المضاف إليه (٦) وما إذا عدم ولم ينو ، فإنّها حينئذ (٧) معربة ، وسيأتي تصريحه بهذه الحالة (٨) ، وكذا إذا نوي لفظه دون معناه (٩) كما قاله في شرح الكافية.

وأخرجه تقييدي المنويّ بالمعنى (١٠).

__________________

(١) أي : حالة حذف المضاف إليه مطلقا سواء كان الفتح مع التنوين أو بدونه.

(٢) ففي حال الفتح خبر لليس أو لا كما سيأتي من عدم جواز حذف المضاف إليه إلّا إذا وقعت بعد أحدهما وفي حال الضم اسم لها.

(٣) فالأوّل لما إذا كان (غير) منصوبا والثاني إذا كان مرفوعا.

(٤) أي : لغير أصلا في الإعراب لكونها دائم الإضافة ولو لا ذلك الأصل لما فارقها البناء لشبهها المعنوي بالحرف.

(٥) يعني أن حالة إعرابها أما منصوبة بالفتحة أو مجرورة بالكسرة بغير تنوين فلو كان حالة بنائها فتحة أو كسرة التبس حالة بنائها بحالة إعرابها فلزم في البناء الضم لذلك.

(٦) أي : ذكر.

(٧) أي : حين حذف المضاف إليه وعدم نيّته.

(٨) بقوله وأعربوا نصبا إذا ما نكّرا فأن المراد بالتنكير هو القطع عن الإضافة لفظا ونيّة.

(٩) فالحالات أربعة ذكر المضاف إليه وحذفه مع نية لفظه وحذفه من دون نيّة وهي في هذه الثلاثة معربة وحذف المضاف إليه مع نية معناه ففي هذه الحالة مبنيّة.

(١٠) فأن الشارح قيّد قول الناظم ناويا بقوله (معني) فأنّ هذا القيد أخرج الصورة الأخيرة من البناء ، وهي ما إذا حذف ونوي لفظه.


قبل كغير بعد حسب أوّل

ودون والجهات أيضا وعل

(قبل كغير) في جميع ما تقدّم ، فيبنى على الضّم إذا حذف ما يضاف إليه ونوي معناه نحو (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)(١)(٢) دون ما إذا لم يحذف نحو «جئت قبل العصر» أو حذف ولم ينو نحو :

فساغ لى الشّراب وكنت قبلا

[أكاد أغصّ بالماء الفرات]

أو نوي لفظه نحو :

ومن قبل نادى كلّ مولى قرابة (٣)

[فما عطفت يوما عليه العواطف]

والأحسن فيها (٤) أيضا وفيما بعدها ما اختاره الاخفش من الإعراب مطلقا (٥).

ومثلها أيضا (بعد) فتبنى وتعرب على التّفصيل المتقدّم (٦) كالاية السّابقة (٧) ونحو «جئت بعد العصر» (٨) وقرئ «لله الأمر من قبل ومن بعد (٩).

وكذا (حسب) نحو «قبضت عشرة فحسب» أي فحسبي ذلك ، (١٠) و «هذا حسبك من رجل» (١١).

__________________

(١) أي : من قبل كل شيء ومن بعد كل شيء ، والدليل على ان المنوي هو المعني عدم ذكر لفظ كل شيء سابقا لينوي.

(٢) الرّوم ، الآية : ٤.

(٣) أي : قبل الحرب لذكر الحرب في البيت قبله ظاهرا.

(٤) أي : في قبل وما بعدها وهو بعد وما ذكر بعده في الشعر.

(٥) ذكر المضاف إليه أم حذف نوي لفظه أو معناه أم لم ينو.

(٦) فتبني إذا حذف ما يضاف غليه ونوي معناه وتعرب في غيره من الحالات.

(٧) وهي لله الأمر ... بضم بعد بناءا.

(٨) مثال لإعرابها عند ذكر المضاف إليه.

(٩) بجر بعد ليكون مثالا لحذف المضاف إليه وعدم نيّة معناه فأعربت لذلك.

(١٠) فحذف المضاف إليه ، وهو ياء المتكلّم وهو معناه فبني حسب على الضم.

(١١) مثال لاعرابه عند ذكر المضاف إليه.


و (أوّل) كما حكاه الفارسيّ من قولهم «إبدأ أبذا من أوّل» بالضمّ على نيّة معنى المضاف إليه والجرّ على نيّة لفظه والفتح على ترك نيّته ومنع صرفه للوزن والوصف (١).

(ودون والجهات) السّتّ (٢) (أيضا) نحو :

[إذا أنا لم أومن عليك] ولم يكن

لقاؤك إلّا من وراء وراء (٣)

وحكى الكسائيّ «أفوق تنام أم أسفل» بالنّصب أي أفوق هذا (٤).

(وعل) بمعنى الفوق نحو :

[ولقد سددت عليك كلّ ثنيّة]

وأتيت فوق بني كليب من عل (٥)

[مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا]

كجلمود صخر حطّه السّيل من عل (٦)

وفهم من ذكر المصنّف لها (٧) جواز إضافتها لفظا ، وبه صرّح الجوهريّ وخالفه ابن أبي الرّبيع.

وأعربوا نصبا إذا ما نكّرا

قبلا وما من بعده قد ذكرا

__________________

(١) أي : لأنه على وزن أفعل ، ولأنه وصف فاجتمع العلّتان فمنع من الصرف ففتح لذلك ، وأما الجر على نيّة لفظه فأن غير المنصرف إذا أضيف يجرّ بالكسرة بخلاف ما إذا ترك نيته فيجّر بالفتح.

(٢) هى : فوق ، وتحت ، (أو أسفل) وأمام (أو قدّام) وخلف (أو وراء) ويمين ويسار (أو شمال).

(٣) يحتمل جرّ الوراء الأول لإضافته إلى الوراء الثاني ، والوراء الثاني يكون مبنيّا على الضم لحذف ما أضيف إليه ونيّة معناه فيكون البيت شاهدا للإعراب والبناء ويحتمل أن يكونا مبنيّين على الضم لحذف المضاف إليه منهما فيكون شاهدا للبناء فقط.

(٤) فلم يبن ، لأن المنوي لفظ المضاف إليه.

(٥) بضم اللام بناء النيّة معني المضاف إليه وهو الوادي أو الجبل.

(٦) بجرّ على لكون المنوي لفظ المضاف إليه وهو الشيء.

(٧) يعني فهم من ذكر على في كلام الناظم هنا جواز إضافتها لفظا لأنّها ذكرت في عداد ما هو كذلك كقبل وبعد.


(وأعربوا نصبا) وجرّا كما تقدّم ورفعا (إذا ما نكّرا) أي قطع عن الإضافة لفظا ونيّة (قبلا وما من بعده) وقبله (١) (قد ذكرا) وشمل ذلك «عل» (٢) وبه صرّح بعضهم لكن قال ابن هشام : ما أظنّ نصبها موجودا. ثمّ هو (٣) على الظّرفيّة في قبل وما بعده إلّا حسب فعلى الحاليّة وذكر المصنّف أنّ أسماء الجهات ما عدا فوق (٤) وتحت تتصرّف تصرّفا متوسّطا (٥) وأن دون تتصرّف نادرا (٦).

وما يلي المضاف يأتي خلفا

عنه في الاعراب إذا ما حذفا

(وما يلي المضاف) أي المضاف إليه (يأتي خلفا عنه) أي عن المضاف في (الإعراب) والتّذكير والتّأنيث وغيرها (٧) (إذا ما حذفا) (٨) نحو (وَجاءَ رَبُّكَ)(٩) أي أمر ربّك (١٠)(وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ)(١١) أي بدل شكر رزقكم (١٢).

__________________

(١) المراد بما قبله لدن وبعد وغير.

(٢) أي : فيعرب نصبا إذا ما نكّر.

(٣) أي : النصب.

(٤) يعني شمال ويمين ، وأمام وخلف ، والمراد من التصرّف هو التغيير عما هي عليه من الإفراد إلى التثنية والجمع ومن التذكير إلى التأنيث وغير ذلك كقوله سبحانه عن إيمانهم وعن شمائلهم فجمعا ، ويقال : أيمن وأيسر على وزن أفعل كما يقال : أخلاف فلان ، أي : أعقابه.

(٥) أي : لا كاملا في جميع الصيغ.

(٦) كادون على أفعل مثلا.

(٧) كالتعريف والتنكير.

(٨) إذا حذف المضاف.

(٩) الفجر ، الآية : ٢٢.

(١٠) فكسب المضاف إليه وهو ربّ رفع المضاف وهو أمر.

(١١) الواقعة ، الآية : ٨٢.

(١٢) كسب المضاف إليه وهو رزق نصب المضاف وهو بدل وفي هذا المثال إشارة إلى أن المضاف إليه قد يكسب إعراب المضاف إلى مضافه أيضا.


يسقون من ورد البريص عليهم

بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل (١)

أى ماء بردى وهو نهر بدمشق.

[مرّت بنا في نسوة خولة]

والمسك من أردائها نافحة (٢)

أى رائحته ، «إنّ هذين حرام على ذكور أمّتى (٣) أي استعمالها ،

(وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ)(٤) أي أهلها (٥) «تفرّقوا أيادي سبا» أي مثلها (٦).

وربّما جرّوا الّذي أبقوا كما

قد كان قبل حذف ما تقدّما

لكن بشرط أن يكون ما حذف

مماثلا لما عليه قد عطف

(وربّما جرّوا) المضاف إليه (الّذي أبقوا كما قد كان قبل حذف ما تقدّما) وهو المضاف (٧) (لكن) لا مطلقا بل (بشرط أن يكون ما حذف مماثلا) في اللّفظ والمعنى (لما عليه قد عطف) أو مقابلا له ، فالأوّل نحو :

أكلّ امرىء تحسبين امرء

ونار توقّد بالليل نارا (٨)

__________________

(١) هنا كسب المضاف إليه وهو بردى تذكير المضاف وهو ماء فأن بردي مؤنّث والدليل على كسبه التذكير مجىء الفعل الحامل لضميرها مذكّرا وهو يصفّق ولو كانت على تأنيثها لقال تصفق.

(٢) كسب المسلك المذكر تأنيث مضافه وهو الرائحة فلهذا وصف بالوصف المؤنث وهو نافحة.

(٣) كسب التثنية وهو هذين إفراد مضافه وهو استعمال بدليل إفراد الخبر وهو حرام والمراد بهذين هما الذهب والحرير.

(٤) الكهف ، الآية : ٥٩.

(٥) فهنا كسب المضاف إليه المؤنث (القري) التذكير فلذا عاد عليها ضمير الجمع المذكر في قوله تعإلى أهلكناهم ولو لا ذلك لقال أهلكناها.

(٦) فوقع المضاف إليه وهو أيادي حالا مع أنها معرفة بإضافتها إلى العلم وهو سبا والحال نكرة دائما وجاز ذلك لكسبها التنكير من المضاف وهو مثل ومثل لا يعرّف بالإضافة.

(٧) أي : قد يبقي المضاف إليه مجرورا مع حذف المضاف.

(٨) يعني وكل نار فبقي نار على جرّه لأن مضافه المحذوف وهو كل مماثل للمعطوف عليه وهو كل امرء.


والثّاني كقراءة بعضهم (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)(١) أي باقي الآخرة (٢) ـ كذا قدّره (٣) ابن أبي الرّبيع.

ويحذف الثّاني فيبقي الأوّل

كحاله إذا به يتّصل

بشرط عطف وإضافة إلى

مثل الّذي له أضفت الأوّلا

(ويحذف الثّاني فيبقى الأوّل) بلا تنوين (كحاله إذا به (٤) يتّصل بشرط عطف) على هذا المضاف (٥) (وإضافة) لهذا المعطوف (إلى مثل الّذي له أضفت الأوّلا) (٦) كقولهم «قطع الله يد ورجل من قالها» أي يد من قالها ، ورجل من قالها (٧). وقد يأتي ذلك (٨) من غير عطف كما حكى الكسائيّ من قولهم «أفوق تنام أم أسفل» (٩).

فصل مضاف شبه فعل ما نصب

مفعولا او ظرفا أجز ولم يعب

فصل يمين واضطرارا وجدا

بأجنبيّ أو بنعت أو ندا

__________________

(١) الأنفال ، الآية : ٦٧.

(٢) فالمعطوف عليه وهو (عرض) ضد المحذوف وهو (باقي) لأن معني العرض الفاني وهو ضد الباقي فلهذا قرء الآخرة بالجرّ.

(٣) أي : المحذوف في الآية قدره ابن الربيع (باقى).

(٤) أي : بالثاني المضاف إليه يعني قد يحذف المضاف إليه ويبقي أثره في المضاف وهو حذف التنوين.

(٥) الذي حذف منه المضاف إليه.

(٦) أي : إلى مثل المضاف إليه المحذوف.

(٧) فبقي يد بلا تنوين مع حذف المضاف إليه وهو من قالها لعطف رجل عليها ورجل مضاف إلى مثل المضاف إليه المحذوف وهو من قالها.

(٨) أي : بقاء المضاف بلا تنوين مع حذف المضاف إليه.

(٩) فقرأ فوق وأسفل بغير تنوين مع حذف المضاف إليه وهو السطح أو ما شابهه ولم يعطف عليهما ما يكون مضافا إلى مشابه المحذوف.


(فصل مضاف) بالنّصب ، مفعول أجز ، (شبه فعل) صفة مضاف ، أي : مصدر واسم فاعل ، (ما نصب) ذلك المضاف عن المضاف إليه (١) ، فاعل فصل ، (مفعولا) تمييز (أو ظرفا أجز). المعنى : أجز أن يفصل الّذي نصبه المضاف على المفعولية أو الظّرفية بينه (٢) وبين المضاف إليه كقراءة ابن عامر قتل أولادهم شركائهم (٣)(٤) ، وقول بعضهم «ترك يوما نفسك وهواها سعى في رداها» (٥) وقوله تعالى (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ)(٦)(٧) وقوله صلّى الله عليه وآله «هل أنتم تاركوا إليّ صاحبي» (٨) قول الشّاعر :

[فرشني بخير لا أكونن ومدحتي]

كناحت يوما صخرة بعسيل (٩)

(ولم يعب فصل يمين) حكى الكسائيّ «هذا غلام والله زيد» (١٠) (واضطرارا وجدا) الفصل (بأجنبيّ) من المضاف كقوله :

ما إن وجدنا للهوى من طبّ

ولا عدمنا قهر وجد صبّ (١١)

__________________

(١) متعلّق بـ «فصل» أي فصل مضاف عن المضاف إليه.

(٢) بين المضاف فحاصل معنى البيت أنه يجوز فصل منصوب المضاف بين المضاف الناصب والمضاف إليه.

(چ) بنصب (أولاد) مفعولا لقتل وجر شركاء مضافا إليه مثال لفصل المفعول بين المصدر والمضاف إليه.

(٣) الأنعام ، الآية : ١٣٧.

(٤) مثال لفصل الظرف بين المضاف المصدر وهو ترك والمضاف إليه وهو نفس.

(٥) مثال لفصل مفعول المضاف الذي هو اسم الفاعل بينه وبين المضاف إليه وهو رسل على قراءة شاذّة.

(٦) إبراهيم ، الآية : ٤٧.

(٧) مثال لفصل شبه الظرف (إليّ) بين اسم الفاعل تاركوا والمضاف إليه (صاحب).

(٨) لفصل الظرف (يوما) بين المضاف وهو اسم الفاعل (ناحت) والمضاف إليه (صخرة).

(٩) بجرّ زيد لإضافة غلام إليه ، والفاصل والله.

(١٠) فصل (وجد) وهو أجنبي بين المضاف وهو قهر والمضاف إليه (صبّ).


وقوله :

أنجب أيّام والداه به

إذ نجلاه فنعم ما نجلا (١)

وقوله :

تسقي امتياحا ندى المسواك ريقتها (٢)

[كما تضمّن ماء المزنة الرّصف]

وقوله :

كما خطّ الكتاب بكفّ يوما

يهوديّ (٣) [يقارب أو يزيل]

(أو بنعت) نحو :

[نجوت وقد بلّ المرادىّ سيفه]

من ابن أبي شيخ الأباطح طالب (٤)

(أو ندا) مثّل له في شرح الكافية بقوله :

كأنّ برذون أبا عصام

زيد حمار دقّ باللّجام (٥)

ويمكن أن يكون على لغة إجراء «أب» بالألف على كلّ حال (٦) و «زيد» بدل منه أعطف بيان ـ قاله ابن هشام.

__________________

(١) فصل الأجنبي وهو (والداه به) بين المضاف وهو (أيّام) والمضاف إليه وهو (إذ نجلاه) ، والتقدير أنجب والداه به أيام إذ نجلاه.

(٢) فصل الأجنبي وهو (المسواك) بين المضاف وهو (ندي) والمضاف إليه وهو (ريقتها) أي : تسقي المسواك ندي ريقتها.

(٣) الشاهد في فصل الأجنبي وهو (يوما) بين المضاف وهو (كفّ) والمضاف إليه وهو (يهوديّ) أي : بكف يهودي يوما.

(٤) أصله من ابن أبي طالب شيخ الأباطح فشيخ الأباطح صفة لأبي طالب ، وفصل بين المضاف الموصوف (أبي) والمضاف إليه (طالب).

(٥) فأبا عصام المنادي المحذوف الندا فصل بين المضاف (برزون) والمضاف إليه (زيد) والأصل كأنّ برزون زيد يا أبا عصام حمار دق باللجام.

(٦) من أحوال الإعراب فأبا مجرور تقديرا بإضافة برزون إليه وهو كنية زيد فزيد بدل منه أو عطف بيان لأن أبا عصام وزيد شخص واحد.


تتمة : من الفواصل (١) «أمّا» ، قاله في الكافية ، والفصل بها مغتفر كقوله :

هما خطّتا إمّا إسار ومنّة

وإمّا دم والموت بالحرّ أجدر (٢)

فصل : في المضاف إلى ياء المتكلّم الصّحيح ، أنّه معرب خلافا لابن الخشّاب والجرجاني في قولهما ، إنّه مبنيّ لإضافته إلى غير متمكّن (٣) ـ لإعراب المضاف (٤) إلى الكاف والهاء ، والمثنّى المضاف إلى الياء ولبعضهم (٥) في قوله : إنّه ليس بمبنيّ لعدم الشّبه ولا معرب لعدم تغيّر حركته.

آخر ما أضيف لليا اكسر إذا

لم يك معتلّا كرام وقذا

أو يك كابنين وزيدين فذي

جميعها اليا بعد فتحها احتذي

(آخر ما أضيف لليا اكسر إذا لم يك معتلّا) أو جاريا مجراه (٦) كصاحبي وغلامي وظبيي ودلوي (٧) ولك حينئذ (٨) في الياء الفتح والسّكون وحذفها لدلالة الكسر عليها نحو :

__________________

(١) بين المضاف والمضاف إليه إمّا العاطفة.

(٢) فصلت (إمّا) بين المضاف (خطّتا) والمضاف إليه (أسار).

(٣) أي : لإضافته إلى المبني وهو ياء المتكلّم فكأنه كسب البناء من المضاف إليه.

(٤) ردّ لقول ابن الخشاب والجرجاني وحاصله أنّه لو كان المضاف إلى غير المتمكّن سببا للبناء لبني المضاف إلى الكاف والهاء كغلامك وغلامه لإضافتهما إلى المبني مع أنهما معرفان وحتّي بعض ما يضاف إلى الياء نفسها أيضا معرب كالتثنية نحو غلاماي.

(٥) أي : وخلافا لبعضهم إذ لا معني لكونه مبنيّا من جهة تغيّر حركته فأن هذا يقتضي أن لا يوجد معرب تقديري لوجود الملاك في الجميع.

(٦) أي : مجري غير المعتل ، فأنّ المعتلّ اللام الثلاثي الساكن الوسط بحكم الصحيح.

(٧) المثال الأول للمضاف الصحيح المشتق ، والثاني للصحيح الجامد ، والثالث والرابع للجاري مجري الصحيح أوّلهما يائيّ اللام وثانيهما واويّها.

(٨) أي : حين إضافة اسم إلى الياء لك أن تفتح الياء أو تسكنها أو تحذفها.


خليل أملك منيّ (١) [بالّذي كسبت

يدي ومالى فيما يعطني طمع

وفتح ما وليته (٢) فتقلب ألفا نحو :

[أطوّف ما أطوّف] ثمّ آوي

إلى أمّا (٣) [ويرويني النّقيع]

وحذف الألف وإبقاء الفتح نحو :

ولست بمدرك مافات منيّ

بلهف ولا بليت ولا لو أنّي (٤)

فإن يك (٥) معتلّا (كرام وقذا (٦) أو يك) مثنّي أو مجموعا جمع سلامة (كابنين وزيدين فذي جميعها الياء) المضاف إليها (بعد) بالضّمّ (٧) (فتحها) وسكون الياء الّتي في آخر المضاف (٨) (احتذى).

ثمّ في ذلك تفصيل (٩)

وتدغم اليا فيه والواو وإن

ما قبل واو ضمّ فاكسره يهن

__________________

(١) أي : خليلي.

(٢) أي : فتح الحرف الذي وقعت الياء بعده فتقلب الياء ألفا.

(٣) أصله أمّي فتح الميم فقلبت الياء ألفا.

(٤) الشاهد في لهف وليت أصلهما لهفي وليتي فتحت ألفا والتاء فقلبت الياء ألفا ثم حذفت الياء وبقيت الفتحة.

(٥) أي : المضاف إلى الياء.

(٦) الأول للمنقوص والثاني للمقصور.

(٧) صفة للياء أي : الياء التي بعد المعتل والتثنية والجمع وفتحها نايب الفاعل لأحتذي وتقدير البيت فهذه جميعها انتخب فتح الياء بعدها.

(٨) يعني الياء التي آخر الكلمة وجزئها كياء قاضي.

(٩) لأن الحرف الذي قبل ياء المتكلّم قد يكون ياء وقد يكون واوا ، وقد يكون ألفا ، فالياء تدغم في الياء المتكلّم ، والواو إن كان ما قبلها مضموما أو مكسورا تقلب ياء ، وتدغم في الياء أيضا بعد تبديل الضمة بالكسرة ، وإن كان ما قبلها مفتوحا كمصطفين أبقي الفتحة فيصير مصطفي وإن كان ما قبلها ألفا بقي على حاله كمحياي.


(و) ذلك أنّه (تدغم الياء) الّتي في آخر المضاف (فيه) أي في الياء المضاف إليه نحو «جاءني قاضيّ» (١) و «رأيت قاضيّ» و «غلاميّ» و «زيديّ» و «مررت بقاضيّ» و «غلاميّ» و «زيديّ».

(والواو) تدغم فيه (٢) أيضا بعد قلبها ياء نحو :

أودى بنيّ (٣) [وأعقبوني حسرة

بعد الرّقاد وعبرة لا تقلع]

(وإن ما قبل واو ضمّ فاكسره يهن) (٤) وإن فتح سابقه فأبقه نحو «هؤلاء مصطفيّ». (٥)

وألفا سلّم وفي المقصور عن

هذيل انقلابها ياء حسن

(وألفا سلّم) نحو محياي وعصاي (٦) وغلاماي وسلامة الألف الّتي في المثنّى في لغة الجميع (و) الّتي (في المقصور عن هذيل انقلابها ياء حسن) نحو :

سبقوا هويّ (٧) [واعنقوا لهواهم

فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع]

خاتمة : المستعمل في إضافة أب وأخ وحم وهن إلى الياء أبي وأخي وحمي وهني ، وأجاز المبرّد «أبيّ» بردّ اللّام (٨) وفي «فم» «فيّ» وقلّ «فمي» ، وأجاز الفّرّاء في «ذي» «ذيّ» ، وصحّحوا (٩) أنّها لا تضاف إلى مضمر أصلا.

__________________

(١) ولم يمثل للتثنية رفعا لكونها بالألف ، وسيذكر حكمه بقوله (وألفا سلّم).

(٢) أي : في الياء.

(٣) أصله بنون جمع ابن أضيف إلى الياء بعد حذف النون وقلب الواو ياء وتبديل ضم النون بالكسرة.

(٤) بكسر الهاء جواب الشرط المقدر أي إن كسرت ما قبل الواويهن أي : يسهل تبديل الواو ياءا.

(٥) أصله مصطفون بفتح ألفاء فلما أضيف إلى الياء حذف نونه وقلب واوه ياءا وأبقي فتحة ألفا على حالها.

(٦) مثّل للمقصور بمثالين لأن المقصور قد يكون ألفه مقلوبة عن الياء كمحيي فأن أصله محييي وقد يكون مقلوبا عن الواو كعصي فأن أصله عصو يعني أن حكم المقصور كذلك في الصورتين.

(٧) أصله هواي قلبت ألفه ياءا.

(٨) أي : لام الفعل وهو الواو فقلب الواو ياءا وبدّل ضم الياء بالكسر.

(٩) أي : قالوا أنّ الصحيح عدم إضافة ذي إلى الضمير فينتفي مورد إجازة الفرّاء.


هذا باب إعمال المصدر وفيه (١) إعمال اسمه

بفعله المصدر ألحق في العمل

مضافا أو مجرّدا أو مع أل

إن كان فعل مع أن أو ما يحلّ

محلّه ولاسم مصدر عمل

(بفعله المصدر ألحق في العمل) سواء كان (مضافا) وهو أكثر (أو مجرّدا) ومنوّنا وهو أقيس (٢) (أو مع أل) وهو أندر.

ثمّ إنّه لا يعمل مطلقا بل (إن كان) غير مضمر (٣) ولا محدود (٤) ولا مجموع وكان (فعل مع أن أو) مع (ما) المصدريّة (يحلّ محلّه) (٥) نحو (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ)(٦)(٧)(أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً)(٨)(٩).

__________________

(١) أي : في هذا الباب.

(٢) أي : مجيء المصدر مجرّدا عن الإضافة وأل بل بالتنوين أوفق بالقياس.

(٣) أي : لا يكون المصدر بصورة الضمير.

(٤) أي : لا يكون محدودا بعدد معيّن كمّرة ومرّتين نحو ضربة وضربتين فلا يعمل حينئذ.

(٥) أي : بأن يصحّ في المعني أن يجعل «أن» أو «ما» المصدريّة مع فعل من جنسه محله.

(٦) فيصحّ «أن» نقول لو لا أن يدفع الله الناس مثال لعمل المصدر المضاف.

(٧) البقرة ، الآية : ٢٥١.

(٨) فيصحّ أن نقول أو أن يطعم مثال للمصدر المجرّد.

(٩) البلد ، الآية : ١٤ و ١٥.


ضعيف النّكاية أعداءه (١)

[يخال الفرار يراخي الأجل]

بخلاف المضمر نحو «ضربك المسيء حسن وهو المحسن قبيح (٢) والمحدود نحو «عجبت من ضربتك زيد» (٣) وشذّ

يحابي به الجلد الّذي هو حازم

بضربة كفّيه الملا نفس راكب (٤)

والمجموع ، وشذّ «تركته بملاحس البقر أولادها» (٥).

(ولاسم مصدر) وهو الاسم الدّالّ على الحدث غير الجاري (٦) على الفعل إن كان (٧) غير علم ولا ميميّ (عمل) عند الكوفيّين والبغداديّين نحو :

[أكفرا بعد ردّ الموت عنىّ]

وبعد عطائك المائة الرّتاعا (٨)

فإن كان علما (٩) كسبحان للتّسبيح وفجار وحماد للفجرة (١٠) والمحمدة

__________________

(١) مثال لعمل المصدر المعرّف باللام.

(٢) برفع المحسن ، لأن (هو) وإن كان المراد به الضرب لكنّه لم يعمل لكونه ضمير أو لو عمل لنصب المحسن فنصبه مجرّد فرض.

(٣) لم يعمل في زيد ، لكونه محدودا بالوحدة.

(٤) فعمل (ضربة) في (نفس) ونصبها مع كونه محدودا بالوحدة.

(٥) الملاحس جمع ملحس مصدر ميمي نصب أولادها مع أنه جمع.

(٦) أي : غير المصدر الذي هو جار على الفعل ويستعمل في مورد استعمال ذلك الفعل ففي مورد استعمال الغسل بالضم مثلا إذا أردنا الإخبار به في الماضي قلنا اغتسل فالجاري على اغتسل هو الاغتسال لأنه مأخوذ منه لا الغسل وفي مورد استعمال العطاء كما في البيت الآتي نقول أعلى والجاري عليه هو الإعطاء لا العطاء وهكذا.

(٧) حاصله أن اسم المصدر على ثلاثة أقسام فأنه قد يكون علما وهو لا يعمل إجماعا ، وقد يكون ميمّيا ، وهو عامل بالإجماع أيضا ، وقد يكون غير علم ولا ميمّي فهو عامل عند الكوفيّين والبغدادييّن وأما غيرهم فيقولون أنه لا يعمل.

(٨) فعمل عطاء وهو اسم مصدر غير علم ولا ميمي في المأة ونصبها.

(٩) علم جنس كسعالة التي هي علم لجنس الثعلب لا علم شخص.

(١٠) أي : الفجور والفسق.


فلا عمل له بالإجماع أو ميميّا فكالمصدر بالإجماع نحو :

أظلوم إنّ مصابكم رجلا

أهدي السّلام تحيّة ظلم (١)

وبعد جرّه الّذي اضيف له

كمّل بنصب او برفع عمله

(وبعد جرّه) أي المصدر معموله (الّذي أضيف له كمل بنصب) عمله إن أضيف إلى الفاعل وهو الأكثر (٢) كـ «منع ذي غني حقوقا شين» (٣).

(أو) كمّل (برفع عمله) إن أضيف الى المفعول ، وهو كثير (٤) إن لم يذكر الفاعل نحو (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ)(٥)(٦) وقليل (٧) إن ذكر نحو «بذل مجهود مقلّ زين» (٨). وخصّه بعضهم بالشّعر وردّ (٩) بقوله تعالى : (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(١٠).

تتمة : وقد يضاف إلى الظّرف توسّعا ، فيعمل فيما بعده الرّفع والنّصب كـ «حبّ يوم عاقل لهوا صبى» (١١).

__________________

(١) فمصاب اسم للاصابة ونصب رجلا على المفعوليّة.

(٢) أي : الأكثر إضافة المصدر إلى الفاعل ونصب المفعول.

(٣) أضيف المصدر وهو (منع) إلى فاعله وهو (ذي) ونصب مفعوله وهو حقوقا.

(٣) أي : إضافة المصدر إلى المفعول كثير إذا لم يذكر الفاعل وكان مقدّرا.

(٤) دعاء مصدر أضيف إلى مفعوله ، وهو الخير والفاعل مقدر أي دعاء الإنسان الخير.

(٥) فصّلت ، الآية : ٤٩.

(٦) أي : إضافة المصدر إلى المفعول قليل إذا ذكر الفاعل.

(٧) بذل مصدر مضاف إلى مفعوله (مجهود) مع ذكر فاعله (مقلّ).

(٨) أي : قول البعض بأنّ هذا مختصّ بالشعر مردود بالآية ، فأن المصدر فيها وهو حجّ مضاف إلى المفعول وهو البيت مع ذكر مفعوله وهو من وليس بشعر.

(٩) آل عمران ، الآية : ٩٧.

(١٠) فأضيف المصدر وهو حبّ إلى الظرف (يوم) ورفع الفاعل (عاقل) ونصب المفعول (لهوا).


وجرّما يتبع ما جرّ ومن

راعي في الاتباع المحلّ فحسن

(وجرّ ما يتبع ما جرّ) (١) مراعاة اللّفظ نحو «عجبت من ضرب زيد الظّريف». (ومن راعي في الاتباع المحلّ) فرفع تابع الفاعل ونصب تابع المفعول المجرورين لفظا (فحسن) فعله كقوله :

[السّالك الثّغرة اليقضان سالكها]

مشي الهلوك عليها الخيعل الفضل (٢)

وقوله :

[(قد كنت داينت بها حسّانا]

مخافة الإفلاس واللّيّانا (٣)

تتمة : يجوز في تابع المفعول المجرور اذا حذف الفاعل مع ما ذكر (٤) الرّفع على تقدير المصدر بحرف مصدريّ موصول بفعل لم يسمّ فاعله.

__________________

(١) يعني إذا كان لما أضيف إليه المصدر تابع من نعت أو بدل أو غيرهما يجرّ ذلك التابع رعاية للفظ المضاف إليه.

(٢) أضيف المصدر وهو مشي إلى فاعله الهلوك والفضل بالرفع صفة الهلوك رعاية لمحلها والهلوك المرئة الفاجرة وجملة عليها الخيعل حال منها مثال لتابع المرفوع.

(٣) مخافة مصدر مضاف إلى مفعوله الإفلاس والليان عطف عليه ونصب رعاية لمحل الإفلاس.

(٤) من جر التابع رعاية للفظ المضاف إليه والنصب رعاية لمحله مع ذلك يجوز وجه ثالث وهو رفع التابع رعاية لمحله الأخر وهو كونه نائب الفاعل بتقدير المصدر فعلا مجهولا مع حرف موصول مصدري مثل «أن» أو «ما» نحو عجبت من ضرب زيد الظريف برفع الظريف بتقدير (من أن يضرب زيد).


هذا باب إعمال اسم الفاعل

وهو ـ كما قال في شرح الكافية ـ ما صيغ من مصدر موازنا للمضارع (١) ليدلّ على فاعله (٢) غير صالح للإضافة إليه (٣) وفي الباب إعمال اسم المفعول.

كفعله اسم فاعل في العمل

إن كان عن مضيّه بمعزل

(كفعله اسم فاعل في العمل) مقدّما ومؤخّرا ظاهرا ومضمرا جاريا على صيغته الأصليّة ومعدولا عنها (٤) (إن كان عن مضيّه بمعزل) (٥) لأنّه حينئذ (٦) يكون لفظه

__________________

(١) أما موازنته للمضارع في غير الثلاثي المجرد فواضح فأن مكرم مثلا على وزن يكرم وهكذا باقي الأبواب وأما الثلاثي فموازن للمضارع في الحركة والسكون لا في كيفيّة الحركات فكما أن يضرب حرفه الأول مفتوح والثاني ساكن والثالث والرابع متحركان فكذلك ضارب.

(٢) أي فاعل المصدر فاذا وقع ضرب وكان فاعل الضرب زيد ومفعوله عمرا فاللفظ الدال على زيد (الفاعل) هو الضارب والدال على مفعوله مضروب.

(٣) أي : إلى الفاعل فلا يقال ضارب زيد إذا كان زيد فاعلا للضرب.

(٤) الحالات الستة كلها لاسم الفاعل فالمقدم نحو أنا ضارب زيد فضارب عمل في زيد وهو مقدم عليه والمؤخر نحو أنا راكبا ضاربه فعمل في الحال وهو متاخر عنه والظاهر كالمثالين والمضمر كما في اشتغال اسم الفاعل نحو أنا زيدا ضاربه فزيدا منصوب بضارب المقدر يفسّره ضارب المذكور والجاري على الصيغة الأصليّة كالأمثلة السابقه والمعدولة عنها كامثلة المبالغة.

(٥) أي : شرط عمل اسم الفاعل أن لا يكون بمعني الماضي.

(٦) أي : حينما هو بمعني الماضي حاصل كلامه أن اسم الفاعل كما ذكر أول الباب موازن للمضارع فإذا كان


شبيها بلفظ الفعل المدلول به على الحال والإستقبال وهو المضارع ، فإن لم يكن (١) فإن كان صلة لأل فسيأتي (٢) وإلّا فلا يعمل خلافا للكسائي.

وولي استفهاما أو حرف ندا

أو نفيا أو جاصفة أو مسندا

(و) إن (ولي استفهاما) نحو «أضارب زيد عمرا» (أو حرف ندا) نحو «يا طالعا جبلا» وهو (٣) من قسم النّعت المحذوف منعوته ، ولذا لم يذكره في الكافية (أو نفيا) نحو «ما ضارب زيد عمرا» (أو جاء صفة) نحو «مررت برجل ضارب زيدا» ، أو جاء حالا نحو «جاء زيد ضاربا عمرا» (أو) خبرا (مسندا) لذي خبر (٤) نحو «زيد ضارب عمرا» «كان قيس محبّا ليلى» ، «إنّ زيدا مكرم عمرا» ، «ظننت عمرا ضاربا خالدا».

وقد يكون نعت محذوف عرف

فيستحقّ العمل الّذي وصف

(وقد يكون نعت محذوف عرف (٥) فيستحقّ العمل الّذي وصف) نحو (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ)(٦) أي صنف مختلف.

__________________

معناه أيضا كالمضارع استحق أن يعمل عمل المضارع لمطابقة اللفظ مع المعني وأما إذا كان معناه الماضي ولفظه كما نعلم شبيها بالمضارع الذي هو دالّ على الحال والاستقبال فلا يعمل لتخالف اللفظ والمعني وتخلف المعني عن اللفظ.

(١) أي : لم يكن بمنعزل عن الماضي بل كان بمعني الماضي.

(٢) في قوله (وإن يكن صلة أل ففي المضّي ...)

(٣) أي : الواقع بعد حرف الندا من قسم النعت المحذوف منعوته إذ التقدير يا رجلا طالعا جبلا ويأتي في البيت التالي (وقد يكون نعت ...) فلا معني لذكره مستقلا.

(٤) أي : صاحب خبر وهو المبتدا أو اسم أحد النواسخ أو المفعول الأول لها.

(٥) يعني أنما يجوز حذف المنعوت إذا كان معروفا ومعلوما عند السامع (كصنف) في الآية فإنه معلوم بقرينة عدّ الأصناف قبله لا ما إذا كان مجهولا.

(٦) فاطر ، الآية : ٢٨.


وإن يكن صلة أل ففي المضي

وغيره إعماله قد ارتضي

(وإن يكن) اسم فاعل (صلة أل ففي المضي وغيره إعماله قد ارتضي) عند الجمهور ، وذهب الرّمّاني إلى أنّه لا يعمل حينئذ في الحال ، وبعضهم (١) علي أنّه لا يعمل مطلقا وأنّ ما بعده بإضمار فعل.

فعّال أو مفعال او فعول

في كثرة عن فاعل بديل

فيستحقّ ماله من عمل

وفي فعيل قلّ ذا وفعل

(فعّال أو مفعال أو فعول) الدّالّات على المبالغة (في كثرة (٢) عن فاعل بديل فيستحقّ ماله من عمل) بالشّروط المذكورة (٣) عند جميع البصريّين نحو «أمّا العسل فأنا شرّاب» (٤) و «إنّه لمنحار بوائكها» (٥).

ضروب بنصل السّيف سوق سمانها (٦)

[إذا عدموا زادا فإنّك عاقر]

(وفي فعيل) الدّالّ علي المبالغة أيضا (قلّ ذا) العمل حتّي خالف فيه جماعة من البصريّين (و) في (فعل) كذلك (٧) قلّ أيضا نحو «إنّ الله سميع دعاء من دعاه» (٨)

أتاني أنّهم مزقون عرضي (٩)

[جحاش الكرملين لها فديد]

__________________

(١) أي : بعضهم يقولون أن اسم الفاعل المدخول لأل لا يعمل مطلقا في الماضي والحال والاستقبال وأما المرفوع أو المنصوب الذي بعده فمعمول لفعل مقدر لا لاسم الفاعل.

(٢) أي : بديل عن الفاعل فيما أريد منه الكثرة فأن معني الضرّاب كثير الضرب.

(٣) من كونه بمعني الحال أو الاستقبال والاعتماد على النفي أو الاستفهام أو النداء أو المسند إليه الموصوف.

(٤) بنصب العسل مفعولا لشرّاب.

(٥) بنصب بوائك مفعولا لمنحار يعني أنّه كثير النحر للإبل الشابّة.

(٦) فعمل ضروب في سوق ونصبها على المفعوليّة.

(٧) أي : الدال على المبالغة.

(٨) بنصب دعاء مفعولا لسميع.

(٩) مزقون جمع مزق قصد به المبالغة عمل في (عرضي) ونصبه على المفعوليّة.


وما سوي المفرد مثله جعل

في الحكم والشّروط حيثما عمل

(وما سوي المفرد) من اسم الفاعل وأمثلة المبالغة كالمثنّي والمجموع (مثله جعل في الحكم والشّروط حيث ما عمل) (١) كقوله :

القاتلين الملك الحلاحلا (٢)

(خير معدّ حسبا ونائلا)

وقوله :

ثمّ زادوا أنّهم في قومهم

غفر ذنبهم غير فخر (٣)

تتمة : المصغّر (٤) من اسم الفاعل والمفعول لا يعمل إلّا عند الكسائي.

وانصب بذي الإعمال تلوا واخفض

وهو لنصب ما سواه مقتض

(وانصب بذي الإعمال تلوا) له (٥) (واخفض) بالإضافة (وهو لنصب ما سواه) من المفاعيل (مقتض) كـ «أنت كاس خالدا ثوبا» (٦) و «معلم العلاء عمرا مرشدا الآن أو غدا» (٧) ، وخرج بذي الإعمال ما بمعني الماضي ، فلا يجوز إلّا جرّ تاليه ونصب ما عداه بفعل مقدّر (٨).

__________________

(١) أي : ما سوي المفرد مثل المفرد يعمل في كل مورد عمل المفرد.

(٢) فعمل (القاتلين) جمع القاتل في الملك ونصبه ، مثال لجمع اسم الفاعل ..

(٣) غفر بضم الغين والفاء جمع غفور صيغة المبالغة عمل فنصب ذنبهم مفعولا له مثال لجمع صيغة المبالغة.

(٤) كجويبر مصغّر جابر وحويطب مصغّر حاطب.

(٥) أي : الوصف الذي هو واجد لشرائط العمل يعمل في المعمول الواقع بعده المتصل به نصبا وجرّا وأما باقي المفاعيل بأن كان ذا مفعولين أو ثلاثة مفاعيل فينصبها.

(٦) فعمل كاس في خالد ونصبه ونصب ثوابا أيضا مفعولا ثانيا له لأنه ذو مفعولين.

(٧) فإن معلم بتخفيف اللام اسم فاعل من أعلم وهو ذو ثلاثة مفاعيل أضيف إلى الأول (العلاء) فجرّه ونصب الثاني والثالث وقوله الآن أو غدا قيد للمثالين فأن شرط عمل الصفة كونها في الحال أو الاستقبال.

(٨) فقولنا أنا معطي زيد درهما أمس تقديره أعطيته درهما.


واجرر أو انصب تابع الّذي انخفض

كمبتغي جاه ومالا من نهض

(واجرر أو انصب تابع) المفعول (الّذي انخفض) بإضافة (١) اسم الفاعل إليه ، أمّا الأوّل (٢) فبالحمل علي اللّفظ ، وأمّا الثّاني فبالحمل علي الموضع عند المصنّف وبفعل (٣) مقدّر عند سيبويه (كمبتغي جاه ومالا من نهض).

وكلّ ما قرّر لاسم فاعل

يعطي اسم مفعول بلا تفاضل

فهو كفعل صيغ للمفعول في

معناه كالمعطي كفافا يكتفي

وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع

معني كمحمود المقاصد الورع

(وكلّ ما قرّر لاسم فاعل) من عمل بالشّروط السّابقة (٤) (يعطي اسم مفعول بلا تفاضل (٥) فهو (٦) كفعل صيغ للمفعول في معناه كالمعطي كفافا (٧) يكتفي ، وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع معنى) (٨) بعد تحويل

__________________

(١) متعلق بانخفض.

(٢) أي : الجرّ.

(٣) أي : انصب بفعل مقدر فمالا في المثال منصوب بيبتغي والتقدير مبتغي جاه ويبتغي مالا.

(٤) من الاعتماد والزمان.

(٥) تفاوت.

(٦) دليل لعمل اسم المفعول فأنه كفعل المجهول في المعني لأنّ قولنا مضروب زيد في قوّة قولنا ضرب زيد فيعمل كعمله.

(٧) فرفع المفعول الأول نائبا فاعلا له ونصب الثاني مفعولا له وهو معتمد على (أل) وقوله يكتفي إشارة إلى اشتراط زمان الحال أو الاستقبال.

(٨) أي : قد يضاف اسم المفعول إلى الاسم الذي هو مرتفع في المعني لكونه نائب فاعل حقيقة ولكن يمنعنا مانع عن هذه الإضافة وهو عدم جواز إضافة الصفة إلى مرفوعها فلرفع هذا المانع ننقل الإسناد الذي بينه


الإسناد عنه (١) إلى ضمير راجع للموصوف ونصب الإسم علي التّشبيه علي المفعول به وإن كان اسم فاعل لا يجوز فيه هذا (٢) (ك «محمود المقاصد الورع») إذ الأصل : الورع محمود مقاصده (٣) ثمّ صار الورع محمود المقاصد ثمّ أضيف.

__________________

وبين مرفوعه إلى ضمير نجعله في اسم المفعول ويعود إلى موصوفه فيصير ذلك الضمير نائب الفاعل ونقدر نصب ذلك المرفوع على التشبيه بالمفعولية لأنه كالمفعول في وقوعه بعد المرفوع ثم نضيف اسم المفعول إلى ذلك الاسم ويكون إضافة إلى المنصوب لا إلى المرفوع.

(١) عن المرتفع معنى.

(٢) أى : إضافته الى مرفوعه بالتحويل لأن مرفوع اسم الفاعل ليس مفعولا واقعا كمرفوع اسم المفعول.

(٣) الورع هو الموصوف المرجع للضمير المقدر و (مقاصد) هو المرتفع معني لأنه نائب الفاعل لمحمود واقعا.


هذا باب أبنية المصادر

أخّره وما بعده في الكافية إلي التّصريف ، وهو الأنسب (١).

فعل قياس مصدر المعدّى

من ذي ثلاثة كردّ ردّا

وفعل اللّازم بابه فعل

كفرح وكجوي وكشلل

(فعل) بفتح الفاء وسكون العين (قياس مصدر المعدّي من) فعل (ذي ثلاثة) مفتوح العين (٢) كضرب ضربا ، ومكسورها كفهم فهما أو مضاعفا (كردّ ردّا وفعل اللّازم) بكسر العين (بابه فعل) بفتح الفاء والعين سواء في ذلك الصّحيح (كفرح) مصدر فرح (و) المعتلّ اللّام (كجويّ) (٣) مصدر جويّ (و) المضاعف (كشلل) مصدر شلّت يده أي يبست إلّا أن يدلّ علي حرفة أو ولاية فقياسه الفعالة (٤).

__________________

(١) فإن النحو يبحث فيه عن الإعراب والبناء وأما الأمور المربوطة بكيفيّة بناء الكلمات كبناء المصدر واسم الفاعل والمفعول فهي راجعة إلى الصرف.

(٢) يعني أنّ الفعل الثلاثي إذا كان ماضيه مفتوح العين وكان متعديا فمصدره علي وزن فعل بفتح الفاء وسكون العين كضرب ضربا وكذا المكسور العين المتعدي والمضاعف المتعدي.

(٣) فإن أصله جوي بفتح الواو بعدها ياء منونة مضمومة حذف الضمّة لثقلها على الياء فالتقي الساكنان الياء ونون التنوين فحذف الياء وصار جوي على وزن فعل.

(٤) كالنجارة والحدادة.


وفعل اللّازم مثل قعدا

له فعول باطّراد كغدا

ما لم يكن مستوجبا فعالا

أو فعلانا فادر أو فعالا

(وفعل اللّازم) بفتح العين (مثل قعدا له فعول) مصدر (باطّراد كغدا) غدوّا (ما لم يكن مستوجبا فعالا) بكسر الفاء (أو فعلانا) بفتح الفاء والعين (فادر أو فعالا) بضمّ الفاء أو الفعيل أو الفعالة بكسر الفاء.

فأوّل لذي امتناع كأبى

والثّان للّذي اقتضي تقلّبا

للدّا فعال أو لصوت وشمل

سيرا وصوتا الفعيل كصهل

فعولة فعالة لفعلا

كسهل الأمر وزيد جزلا

(فأوّل) وهو فعال بالكسر مصدر (لذي امتناع (١) كأبى) إباء ونفر نفارا وشرد شرادا. (والثّاني) وهو فعلان مصدر (للّذي اقتضي تقلّبا) (٢) كجال جولانا (للدّاء) (٣) الثّالث وهو (فعال) بالضّم كسعل سعالا (٤) (أو لصوت) كصرخ صراخا (وشمل سيرا وصوتا) (٥). الرّابع وهو (الفعيل كصهل) صهيلا ورحل رحيلا (٦) وللحرفة والولاية (٧). الخامس كخاطه خياطة وسفر بينهم سفارة أي أصلح (٨). و (فعولة) بضمّ

__________________

(١) أي : لفعل دلّ على العصيان وعدم التسليم.

(٢) التقلب هو التحوّل من مكان إلى آخر كسار سريانا ومال ميلانا ودار دورانا.

(٣) أي : المرض.

(٤) السعال حركة طبيعيّة تخرج من الرئة مادة مؤذية وبالفارسية (سرفة).

(٥) أي : يأتي المصدر على وزن فعيل للفعل الدال على السير والدال على الصوت.

(٦) فالأول للصوت لأن الصهيل صوت الفرس ، والثاني للسير لأن الرحيل بمعني الانتقال من مكان.

(٧) الحرفة طريقة الكسب والولاية القيام بأمر الرعيّة كقيادة القائد وولاية الوالي وزعامة الزعيم.

(٨) بشرط أن يكون مبعوثا من قبل الحاكم ومنه السفير لقيامه بإصلاح الأمور في الخارج.


الفاء و (فعالة) بفتحها مصدران (لفعلا) بفتح الفاء وضمّ العين (كسهل الأمر) سهولة وصعب صعوبة (وزيد جزلا) جزالة وفصح فصاحة.

وما أتى مخالفا لما مضى

فبابه النّقل كسخط ورضى

(وما أتي مخالفا لما مضي فبابه النّقل) عن العرب (١) كشكور وشكران وذهاب و (كسخط ورضى) وبلجة وبهجة وشبع وحسن مصادر (٢) شكر وذهب وسخط ورضي وبلج وبهج وشبع وحسن.

وغير ذي ثلاثة مقيس

مصدره كقدّس التّقديس

(وغير ذي ثلاثة مقيس مصدره) فقياس فعّل صحيح اللّام التّفعيل ومعتلّها التّفعلة (٣) وأفعل الصّحيح العين الإفعال والمعتلّ كذلك (٤) لكن تنقل حركتها إلى الفاء فتنقلب ألفا فتحذف ، ويعوّض عنها التّاء وتفعّل التّفعّل واستفعل الإستفعال فإن كان معتلّا فكأفعل (٥) (كقدّس التّقديس) وسلّم التّسليم.

__________________

(١) يعني أنه من باب السماع وليس بقياسيّ.

(٢) وأما قياس مصادر هذه الأفعال فقياس (شكر) شكر بفتح الأول وسكون الثاني وقياس (ذهب) ذهوب وقياس (سخط ورضي بكسر الثاني فيهما) فعل بفتحتين على وزن فرح وقياس (بلج) بفتح العين أي أشرق وأضاء بلوج وكذا (بهج) لكونهما من فعل مفتوح العين لازم وقياس (شبع) بكسر الثاني شبع مفتوح العين كفرح فسكونه على خلاف القياس وحسن بضم العين قياسه فعولة أو فعالة.

(٣) نحو تزكية.

(٤) أي : المعتل العين أيضا قياسه الإفعال لكن تنقل حركتها أي : حركة العين الذي هو حرف علّة إلى الفاء فتنقلب الفا ثم تحذف ذلك الألف لاجتماع ألفين ولا يمكن التلّفظ بهما مجتمعين فعوّض عنها التاء نحو إعادة فأن أصلها إعواد نقل حركة الواو إلى العين ثم قلب الواو ألفا لكونها في محل الفتحة وانفتاح ما قبلها ثم حذف الألف لاجتماعها مع ألف الأفعال وعوّض عنها التاء فصار إعادة.

(٥) أي : قياسه الاستفعال أيضا ، لكن ينقل حركة العين إلى الفاء ثم يحذف ويعوّض عنه التاء نحو استعاذة


وزكّه تزكية وأجملا

إجمال من تجمّلا تجمّلا

واستعذ استعاذة ثمّ أقم

اقامة وغالبا ذا التّا لزم

(وزكّه تزكية) وسمّ تسمية (١) (وأجملا إجمال من تجمّلا تجمّلا) (٢) وأكرم إكرام من تكرّم تكرّما (واستعذ استعاذة) واستقم استقامة (٣) (ثمّ أقم إقامة) وأعن اعانة (٤) (وغالبا ذا) المصدر (٥) (التّاء لزم) ونادرا عري منها كقوله (وَإِقامَ الصَّلاةِ)(٦)(٧).

وما يلي الآخر مدّ وافتحا

مع كسر تلو الثّان ممّا افتتحا

بهمز وصل كاصطفي وضمّ ما

يربع في أمثال قد تلملما

(وما يلي الآخر مدّ وافتحا مع كسر تلو الثّاني) وهو الثّالث (ممّا افتتحا بهمز وصل) (٨) فيصير مصدره (كاصطفى) اصطفاء (٩) واقتدر اقتدارا واحرنجم احرنجاما.

__________________

أصلها استعواذ.

(١) مثالان للمعتل اللام فأن أصلهما المجرد زكي وسمى.

(٢) الثاني فعل ماض وألفه إطلاق والذي قبله مصدر مفعول مطلق مقدم على فعله والتقدير من تجمّل تجمّلا ، كما في مثال الشارح.

(٣) مثالان للمعتل العين فأصلهما استعواذا واستقواما.

(٤) مثالان للمعتل العين من باب الافعال فأصلهما اقوام واعوان.

(٥) أي : المصدر المعتل من باب الإفعال والاستفعال ملازم للتاء التي هي عوض عن حرف العلّة كما في الأمثلة.

(٦) فأصله إقامة الصلاة.

(٧) الأنبياء ، الآية : ٧٣.

(٨) وهو كلّ مزيد مبدوّ بالألف غير الأفعال.

(٩) فمدّ وفتح ما قبل الآخر ، وهو الفاء والمراد بالمدّ الألف بعده همزة وكسر الثالث وهو الطاء وهكذا باقي الأمثلة.


(وضمّ ما يربع) أى الرّابع في (أمثال قد تلملما) (١) فيصير مصدره كتدحرج تدحرجا وتلملم تلملما

فعلال او فعللة لفعللا

واجعل مقيسا ثانيا لا أوّلا

لفاعل الفعال والمفاعله

وغير ما مرّ السّماع عادله

(فعلال) بكسر الفاء (أو فعللة) بفتحها مصدران (لفعللا) بفتح الفاء والملحق به (٢) كدحرج دحرجة وحوقل حوقلة وسرهف سرهافا.

(واجعل مقيسا ثانيا لا أوّلا) (٣) ومنهم من يجعله أيضا مقيسا (لفاعل) مصدران (الفعال) بكسر الفاء (والمفاعلة) نحو قاتل قتالا ومقاتلة ويغلب ذا (٤) فيما فاؤه ياء نحو ياسر مياسرة (وغير ما مرّ السّماع عادله) (٥) نحو كذّب كذّابا ونزّي تنزيّا وتملّق تملاقا (٦).

وفعلة لمرّة كجلسة

وفعلة لهيئة كجلسة

(وفعلة) بفتح الفاء (لمرّة) من الثّلاثي إن لم يكن بناء المصدر العامّ (٧) عليه (كجلسة) فإن كان (٨) فيدلّ علي المرّة منه بالوصف كرحم رحمة واحدة (وفعلة) بكسر

__________________

(١) أي : باب التفعلل فضم الرابع وهو اللام الثاني في تلملم والراء في تدحرج.

(٢) الملحق بفعلل ستّة أفعال اتّخذ بعضها من أسماء جامدة وبعضها من جمل معروفة وهى حوقل حوقلة وبيطر بيطرة وسرهف سرهافا وجلبب جلببة وسلقى سلقية وقلنس قلنسة.

(٣) يعني أن المصدر القياسي لفعلل هو فعللة لافعلال.

(٤) يعني مفاعلة.

(٥) أي : السماع الذي ذكرنا في الثلاثي بقوله (فبابه النقل) يعود لغير الثلاثي أيضا.

(٦) فقياس الأول تكذيب ، والثاني تنزيه والثالث تملّق.

(٧) أي : إن لم يكن مصدره الأصلي الذي يعم الواحد والكثير بالتاء.

(٨) أي : فإن كان مصدره العام بالتاء فلا يمكن أن يدلّ على المرّة بفعله للالتباس بين المرّة ومصدره الأصلي


الفاء (لهيئة) منه كذلك (كجلسة) فإن كان بناء العامّ عليها فبالوصف كنشدت الضّالّة نشدة عظيمة.

في غير ذي الثّلاث بالتّا المرّة

وشذّ فيه هيئة كالخمره

(في غير ذي الثّلاث بالتّا) يدلّ علي (المرّة) إن لم يكن بناء المصدر عليها كانطلق انطلاقه فإن كان ، فبالوصف كاستعانة واحدة (وشذّ فيه) أي في غير الثّلاثي (هيئة كالخمرة) والعمّة والقمصة (١).

فصل

في أبنية أسماء الفاعلين والصّفات المشبّهة بها (٢) وفيه (٣) أبنية أسماء المفعولين.

كفاعل صغ اسم فاعل إذا

من ذي ثلاثة يكون كغذا

(كفاعل صغ اسم فاعل إذا من ذي ثلاثة) مجرّد مفتوح العين لازما أو متعدّيا أو مكسورها متعدّيا (يكون (٤) كغذا) بالمعجمتين أي سال (٥) فهو غاذ وذهب فهو ذاهب وضرب فهو ضارب وركب فهو راكب (٦).

__________________

فلا سبيل للدلالة على المرّة إلّا أن يؤتي بوصف للمصدر يدل على المرّة كواحدة.

(١) فالأولي لهيئة المختمر والثانية لهيئة المتعمّم ، والثالثة لهيئة المتقمّص.

(٢) أي : بأسماء الفاعلين.

(٣) أي : في الفصل.

(٤) أي : إذا يكون اسم الفاعل من ذي ثلاثة.

(٥) يقال غذا العرق (بكسر العين وسكون الراء) أي : سال دما.

(٦) فغاذ وذاهب للمفتوح العين اللازم أولهما معتل ، والثاني سالم وضارب للمفتوح العين المتعدّي وراكب للمكسور العين المتعدّي.


وهو قليل في فعلت وفعل

غير معدّي بل قياسه فعل

(وهو (١) قليل) مقصور علي السّماع (في فعلت) بضمّ العين (وفعل) بكسر العين حال كونه (غير معدّى) كحمض فهو حامض وأمن فهو آمن (بل قياسه) أي فعل بالكسر ، أي إتيان الوصف منه في الأعراض (فعل).

وأفعل فعلان نحو أشر

ونحو صديان ونحو الأجهر

(و) في الخلقة والألوان (أفعل) ، وفيما دلّ علي الامتلاء وحرارة الباطن (فعلان أشر) (٢) وفرح (ونحو صديان) وعطشان وشبعان وريّان (٣) (ونحو الأجهر) وهو الّذي لا يبصر في الشّمس ، والأحول والأعور والأخضر (٤).

وفعل أولي وفعيل بفعل

كالضّخم والجميل والفعل جمل

وأفعل فيه قليل وفعل

وبسوي الفاعل قد يغني فعل

(وفعل) بسكون العين (أولي وفعيل بفعل) بضمّها من فاعل وغيره (٥) (كالضّخم) والفعل ضخم (والجميل والفعل جمل وأفعل فيه قليل) مقصور علي السّماع كخطب فهو أخطب (و) كذا (فعل) بفتح العين كبطل فهو بطل ، وفعال بفتح

__________________

(١) أي : وزن (فاعل) لاسم الفاعل من هذين قليل.

(٢) وهو الطاغي بالنعمة أو المستخفّ بها وهو وفرح وصفان عارضان غير ذاتييّن.

(٣) الرّيان هو الشبعان بالماء والأمثلة الثلاثة لفعلان فعطشان لحرارة الباطن ، والأخيران للامتلاء.

(٤) الأجهر ، والأحول ، والأعور للخلقة ، والأخضر للّون ، والأحول المتحوّل حدقة عينه ، والأعور الذي ذهب حسّ أحد عينيه.

(٥) يعني إذا كان الفعل على وزن فعل مضموم العين فاسم الفاعل منه على وزن فعل وفعيل أحسن من وزن فاعل وغيره كفعلان وأفعل.


الفاء كجبن فهو جبان وبضمّها كشجع فهو شجاع وفعل بضمّ الفاء والعين كجنب فهو جنب ، وفعل بكسر الفاء وسكون العين كعفر فهو عفر.

(وبسوي الفاعل قد يغنى) بفتح الياء والنّون (١) (فعل) كشاخ فهو شيخ وشاب فهو أشيب وعفّ فهو عفيف ، وجميع ما ذكر غير وزن فاعل صفات مشبّهة.

وزنة المضارع اسم فاعل

من غير ذي الثّلاث كالمواصل

مع كسر متلوّ الأخير مطلقا

وضمّ ميم زائد قد سبقا

(و) على (زنة المضارع) يأتي (اسم فاعل من غير ذي الثّلاث) مجرّدا (٢) أو مزيدا (كالمواصل مع كسر متلوّ الأخير مطلقا) مفتوحا كان (٣) في المضارع أو مكسورا. (وضمّ ميم زائد قد سبقا) أوّل الكلمة كمد حرج ومكرم ومفرّح ومتعلّم ومتباعد ومنتظر ومجتمع ومستخرج ومقعنسس ومعشوشب ومتدحرج ومحرنجم.

وإن فتحت منه ما كان انكسر

صار اسم مفعول كمثل المنتظر

وفي اسم مفعول الثّلاثي اطّرد

زنة مفعول كآت من قصد

(وإن فتحت منه ما كان انكسر (٤) صار اسم مفعول كمثل المنتظر) والمدحرج والمكرم ـ إلى آخره (وفي اسم مفعول الثّلاثي اطّرد زنة مفعول كآت من قصد) (٥) وهو مقصود.

__________________

(١) يعني أنّه مجرّد وليس من باب الإفعال ليقرا بضمّ الياء وكسر النون.

(٢) بأن كان الزائد على الثلاثة أصليّة كالرباعي المجرّد.

(٣) متلو الأخير كباب التفعلل نحو يتدحرج بفتح الراء وباب التفعلل نحو يتقبّل بفتح الباء ، أو مكسورا كسائر الأبواب.

(٤) أي : كان انكسر في اسم الفاعل وهو ما قبل الآخر.

(٥) أي : الاسم المفعول الآتي من قصد يقصد.


وناب نقلا عنه ذو فعيل

نحو فتاة أو فتي كحيل

(وناب نقلا) أي سماعا (عنه) أي عن وزن مفعول ثلاثة أشياء : أحدها (ذو فعيل) ويستوي فيه المذكر والمؤنّث (نحو فتاة أو فتي كحيل) بمعني مكحول ، وثانيها : فعل كقبض بمعني مقبوض ، وثالثها : فعل كذبح بمعني مذبوح ـ ذكرهما في شرح الكافية ، ولا تعمل هذه الثّلاثة عمل اسم المفعول ، فلا يقال «مررت برجل ذبح كبشه» ولا «صريع غلامه» وأجازه (١) ابن عصفور.

__________________

(١) أي : عمل اسم المفعول لهذه الثلاثة.


هذا باب إعمال الصّفة المشبهة باسم الفاعل (١)

صفة استحسن جرّ فاعل

معني بها المشبهة اسم الفاعل

(صفة استحسن (٢) جرّ فاعل معني بها) بعد تقدير (٣) تحويل إسنادها عنه (٤) إلى ضمير موصوفها هي (المشبهة اسم فاعل) فخرج بما ذكره نحو «زيد ضارب أخوه» (٥)

__________________

(١) وجه الشبه بينهما على ما في التصريح أنّها تؤنث وتثني وتجمع تقول في حسن حسنة وحسنان وحسنون وحسنات كما تقول في ضارب ضاربة وضاربان وضاربتان وضاربون وضاربات فلذلك عملت النصب كما يعمله اسم الفاعل واقتصرت على منصوب واحد ، لأنه أقلّ درجات التعدّي وكان أصلها أن لا تعمل النصب لمباينتها الفعل بدلالتها على الثبوت ولكونها مأخوذة من فعل قاصر ، ولكنها لما اشبهت اسم الفاعل المتعدّي لواحد عملت عمله.

(٢) أي : صحّ أن تضاف إلى الاسم الذي هو فاعلها حقيقة من دون لبس بين الفاعل والمفعول.

(٣) هذا متمّم لتعريف المصنّف وشرط لاستحسان الجرّ ، يعني أن شرط استحسان جرّها الفاعل أن يكون الجرّ بعد هذا التقدير ، وهو أن نقدّر نقل الإسناد الذي كان بين الصفة وفاعلها الأصلي إلى ضمير موصوفها وهذا التقدير لا يتحقّق إلّا بسلامة المعني بعد نقل الإسناد ففي قولنا (زيد حسن الوجه) الوجه فاعل لحسن في المعنى ، وكان مرفوعا قبل الإضافة فلمّا أردنا إضافة حسن إليه نقلنا الإسناد الذي كان بينه وبين الوجه إلى ضمير زيد لئلّا تضاف الصفة إلى فاعلها لفظا ثم نصبنا الوجه تشبيها بالمفعول لكونه مثل المفعول في كونه منصوبا بعد الفاعل ، ثم أضفناه إليه فصار زيد حسن الوجه ولم يتغيّر المعني بعد النقل ، فأنّ حسن الوجه (بضم الحاء) حسن لصاحب الوجه.

(٤) أي : عن فاعل معنى.

(٥) إذ لا يحسن إضافة ضارب إلى (أخوه) فيقال زيد ضارب أخيه فانّه يتوهّم أن يكون زيد فاعلا وأخوه مفعولا مع أن الفاعل أخوه.


وبما زدته (١) «زيد كاتب أبوه» واستحسان جرّ الفاعل بها بأن تضاف إليه يدرك بالنّظر في المعنى (٢).

وصوغها من لازم لحاضر

كطاهر القلب جميل الظّاهر

(و) تخالف اسم الفاعل في أنّ (صوغها) (٣) لا يكون إلّا (من لازم لحاضر) وفي أنّها (قد) تكون مجارية للمضارع (٤) (كطاهر القلب) و [قد تكون] غير مجارية له ، بل هو الغالب نحو (جميل الظّاهر).

وعمل اسم فاعل المعدّى

لها علي الحدّ الّذي قد حدّا

(وعمل اسم الفاعل المعدّى) ثابت (لها علي الحدّ الّذي قد حدّا) (٥) في اسم

__________________

(١) وهو قوله (بعد تقدير ...) أي : خرج بما زدته زيد كاتب أبوه لعدم صحّة إسناد كاتب هنا إلى ضمير زيد ، إذ ليس المراد أن زيدا كاتب ، بل أبوه ، ولا يصح إسناد كتابة الأب إلى الابن ، كما يصّح إسناد حسن الوجه (بضم الحاء) إلى صاحب الوجه.

ولا يخرج بقول المصنّف (استحسن) لاستحسان إضافة كاتب إلى أبيه من غير لبس ، إذ لا يتوهّم أحد أن زيدا فاعل ، وأبوه مفعول لكاتب ، لأنّ الكتابة تقع على الحروف والكلمات لا على الذوات فيقال الكلمة مكتوبة ، ولا يقال الأب مكتوب فلذا احتاج الشارح إلى زيادة قيد (بعد تقدير ...).

(٢) أي : الفاعل في المعنى ، يعني أنه ينظر في الفاعل معني أنه من قبيل الوجه بالنسبة أني صاحب الوجه فيصحّ إضافة الصفة بعد نقل الإسناد ، وإن كان من قبيل الأب بالنسبة إلى زيد في قولنا زيد شريف أبوه فلا يصحّ ومن هذا يعلم أن استحسان الجرّ بالصفة ليس أمرا دائميّا ، بل أمر قد يكون وقد لا يكون بخلاف اسم الفاعل فأنه لا يصح فيه ذلك أبدا.

(٣) أي : اشتقاقها لا يكون إلّا من فعل لازم وأن يراد به زمان الحال بخلاف اسم الفاعل فأنّه يشتقّ من اللازم والمتعدّي نحو ضارب وجالس ويمكن أن يراد به الأزمنة الثلاثة.

(٤) أي : تكون جريه على طبق المضارع فطاهر جار على يطهر لتحرّك الحرف الأول منهما وسكون الثاني وتحرّك الثالث والرابع بخلاف شريف ويشرف وحسن يحسن وجميل ويجمل.

(٥) أي : على الشرط الذي قد شرط سابقا.


الفاعل ، وهو الاعتماد علي ما ذكر (١) نحو «زيد حسن الوجه» (٢) لكنّ النّصب هنا علي التّشبيه بالمفعول بخلافه ثمّة (٣).

وسبق ما تعمل فيه مجتنب

وكونه ذا سببيّة وجب

(و) ممّا خالفت فيه اسم الفاعل أنّ (سبق ما تعمل فيه مجتنب) (٤) لفرعيّتها بخلاف غير معمولها كالجارّ والمجرور ، فيجوز تقديمه عليها (٥) (و) أنّ (كونه (٦) ذا سببيّة) بأن اتّصل بضمير موصوفها لفظا أو معني (وجب) نحو «زيد حسن وجهه» و «حسن الوجه» أي منه ، بخلاف غير المعمول (٧).

فارفع بها وانصب وجرّ مع أل

ودون أل مصحوب أل وما اتّصل

بها مضافا أو مجرّدا ولا

تجرر بها مع أل سما من أل خلا

ومن إضافة لتاليها وما

لم يخل فهو بالجواز وسما

(فارفع بها) علي الفاعليّة (وانصب) علي التّشبيه بالمفعول به في المعرفة وعلي التّمييز في النّكرة (٨) (وجرّ) بالإضافة حال كونها (مع أل ودون أل) وقوله (مصحوب أل)

__________________

(١) من مسند إليه أو موصوف أو ذي حال أو نفي أو استفهام.

(٢) فحسن عمل في الوجه لنصبه قبل الإضافة وهو معتمد على المسند إليه.

(٣) أي : بخلاف النصب هناك أي في الفاعل فأن النصب هناك على المفعولية.

(٤) أي : تقدم معمول الصفة المشبهة عليها ممتنع لعدم أصالتها في العمل ، بل تعمل لكونها شبيهة باسم الفاعل فهي فرعها والفرع ضعيف في العمل فلا يعمل في المتقدّم.

(٥) نحو زيد في قومه كريم النفس.

(٦) أي : كون ما تعمل فيه يعني المعمول وأنّما يعبّر عن اتّصال الضمير بالسببية لأن اتصاله بضمير الموصوف يكون سببا لتصور الموصوف مرّة أخرى.

(٧) فلا يجب اتّصاله بضمير الموصوف نحو زيد حسن الوجه في الناس.

(٨) يعني إن كان المعمول معرفة فهو منصوب على التشبيه ، وإن كان نكرة فمنصوب على التمييز لكون


هو المتنازع فيه (١) نحو «رأيت الرّجل الجميل الوجه والجميل الوجه والجميل الوجه» و «رأيت رجلا جميلا الوجه وجميلا الوجه» لكن هذا ضعيف ، (٢) و «جميل الوجه» (٣).

وعطف على مصحوب أل (٤) قوله (وما اتّصل بها) (٥) أي بالصّفة حال كونه (مضافا) الى ما فيه أل أو إلى الضّمير أو إلى مضاف إلى الضّمير أو إلى مجرّد (٦) فالأوّل نحو «رأيت الرّجل الحسن وجه الأب» و «الحسن وجه الأب» و «الحسن وجه الأب» و «رأيت رجلا حسنا وجه الأب» و «حسنا وجه الأب» ولكن هذا ضعيف (٧) و «حسن

__________________

التمييز نكرة.

(١) يعني أن قوله مصحوب أل محل النزاع بين الأفعال الثلاثة ارفع وانصب وجر أي ارفع مصحوب أل وانصبه وجره بالصفة حالكونها مع أل أو بدونه.

(٢) لأن النصب عمل الفعل المتعدّي والصفة المشبهة مأخوذة من الفعل اللازم ، فهي ضعيفة في النصب ، نعم إذا دخلت عليها أل الموصولة تقوّت على العمل لشبهها بالفعل في كونها صلة للموصول كما أن الفعل يكون صلة للموصول إذا وقع بعده ، وقد مرّ في اسم الفاعل أنه (ان يكن صلة أل ففي المضي وغيره إعماله قد ارتضي) لقوّته بعد دخول أل فإذا تجرّدت من أل كما في المثال فهي ضعيفة في النصب.

(٣) بجرّ الوجه فهذه ستّة صور مضروب اثنين هما الصفة مع أل ودون أل في ثلاثة هي الحالات الثلاثة لاعراب المعمول مع أل.

(٤) فالمعني ارفع وانصب وجرّ بالصفة في الحالين معمولها في الحالين.

(٥) أي : المعمول المتّصل بالصفة وهو الخالي من أل وكان متّصلا لعدم الفصل بينه وبين الصفة بأل.

(٦) أي : مضافا إلى اسم مجرد من أل والإضافة. فهذه أربع حالات للمعمول بغير أل وصورها أربعة وعشرون سوي الصور الستّ الماضية في المعمول مع أل.

وذلك لأن الصفة العاملة على قسمين مع أل وبدون أل وهي في الحالتين تعمل رفعا أو نصبا أو جرا ، وهذه الستّة تنطبق على كل واحد من الأقسام الأربعة للمعمول بدون أل.

فنطبقها مثلا على القسم الأول أي المضاف إلى ما فيه أل فنقول الصفة مع أل ترفع المعمول المضاف إلى ما فيه أل وتنصبه وتجرّه والصفة بدون أل أيضا كذلك فهذه ستّة ، ونطبقها أيضا على القسم الثاني أي المضاف إلى الضمير فتصير ستّة أيضا وكذا نطّبقها على القسمين الآخرين ، فالمجموع أربعة وعشرون.

(٧) وقد مرّ ضعف نصب الصفة المجرّدة من ال.


وجه الأب».

والثّاني نحو «رأيت الرّجل الحسن وجهه» و «الحسن وجهه» ولا تجرّكما سيأتي (١) ، و «رأيت رجلا حسنا وجهه» و «حسنا وجهه» و «حسن وجهه» لكن هذان ضعيفان (٢).

والثالث (٣) نحو «رأيت الرّجل الحسن وجه أبيه» و «الحسن وجه أبيه» ولا تجرّ كما سيأتي (٤) و «رأيت رجلا حسنا وجه أبيه» و «حسنا وجه أبيه» و «حسن وجه أبيه» لكن هذان ضعيفان (٥).

والرّابع (٦) نحو «رأيت الرّجل الحسن وجه أب» لكنّه قبيح (٧) و «الحسن وجه أب» ولا تجرّكما سيأتي (٨) و «رأيت رجلا حسنا وجه أب» لكنّه قبيح (٩) و «حسنا وجه أب» و «حسن وجه أب».

(أو مجرّدا) عطف على مضافا (١٠) نحو «رأيت الرّجل الحسن وجه» لكنّه

__________________

(١) بقوله : (ولا تجرر بها مع أل سما من أل خلا).

(٢) أما في صورة النصب فلما مرّ ، وأمّا في الجرّ فلأنها جرّت الاسم المضاف إلى ضمير موصوفها ، فكأنّها جرّت ضمير الموصوف والأصل في الصفة أن ترفع ضمير الموصوف لا أن تجرّه كما في قولنا رأيت رجلا كريما ففي كريم ضمير مرفوع يعود إلى رجل ، فلهذا كان الجرّ ضعيفا.

(٣) أي : القسم الثالث من المعمول ، وهو المعمول المضاف إلى المضاف إلى الضمير.

(٤) بقوله : (ولا تجرر بها مع أل سما من أل خلا).

(٥) وقد مر وجه ضعف نصب الصفة المجرّدة من أل وكذا جرّها المضاف إلى ضمير موصوفها فهنا جرّت المضاف إلى المضاف إلى ضمير موصوفها ولا فرق في ذلك.

(٦) أي : من أقسام المعمول ، وهو المعمول المضاف إلى اسم مجرّد من أل والاضافة.

(٧) لخلو الصفة من ضمير موصوفها لكونها رافعة للظاهر فلا تتحمّل الضمير.

(٨) بقوله ولا تجر ...

(٩) كما ذكر من خلوّها من الضمير.

(١٠) أي : صفة لما اتّصل بها يعني أن المعمول المجرد من أل قد يكون مضافا كما مرّ ، وقد يكون مجرّدا عن ـ ـ الإضافة وهذا قسم سادس للمعمول.


قبيح (١) ، و «الحسن وجها» ولا تجرّكما سيأتي (٢) و «رأيت رجلا حسنا وجه» لكنّه قبيح ، و «حسنا وجها» و «حسن وجه».

(ولا تجرر بها) (٣) حال كونها (مع أل سما من أل خلا ومن إضافة لتاليها) فلا تقل : «ألحسن وجهه» أو «وجه أبيه» أو «وجه أب» (٤) (وما لم يخل) ممّا ذكر (٥) (فهو بالجواز وسما) وقد سبق ذلك مشروحا ممثّلا مبيّنا فيه الحسن والضّعيف والقبيح. ولله الحمد.

__________________

(١) لخلّوها عن ضمير الموصوف.

(٢) بقوله ولا تجرر ...

(٣) أي : بالصفة المشبهة أي لا تضفها وهي مع أل إلى اسم خال من أل وخال أيضا من الإضافة لتالي أل يعني أن المعمول إذا لم تدخل عليه أل ولا كان مضافا إلى اسم مدخول لأل فلا تضف الصفة إليه ، وأما إذا كان المعمول هو بنفسه مدخولا لأن أو كان مضافا لاسم مدخول لأل فيجوز إضافة الصفة إليه.

(٤) المثال الأول والثاني والرابع للمعمول المضاف ، والمثال الثالث للمعمول المجرّد وبقي قسمان من المعمول يجوز إضافة الصفة إليه.

أحدهما : المعمول الذي مع ال ، نحو رأيت الرجل الجميل الوجه.

وثانيهما : المضاف إلى ما فيه أل نحو رأيت الرجل الحسن وجه الأب.

(٥) يعني المعمول الذي لم يخل من أل ومن الإضافة إلى ما فيه أل فيجوز إضافة الصفة إليه.


هذا باب التّعجّب

وله صيغ كثيرة (١) نحو (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ)(٢)(٣) «سبحان الله إنّ المؤمن لا ينجس» (٤).

واها لليلي ثمّ واها واها (٥)

(هي المني لو أنّنا نلناها)

والمبوّب له (٦) في النّحو صيغتان أشار إليهما بقوله :

بأفعل انطق بعد ما تعجّبا

أو جيء بأفعل قبل مجرور ببا

وتلو أفعل انصبنّه كما

أوفى خليلينا وأصدق بهما

(بأفعل انطق) حال كونه (بعد ما) النّكرة (٧) إن أردت (تعجّبا أو جيء بأفعل) وهو

__________________

(١) أي : وردت جمل كثيرة من كلام العرب دالّة على التعجّب بالقرائن وليست موضوعة في أصل اللغة للتعجّب والموضوعة للتعجّب لغة هي الصيغتان المعهودتان فقط.

(٢) فإن الجري على خلاف مقتضي الأدلة البيّنة مورد للتعجّب ولذلك عبّر سبحانه عنه بكيف منكرا ذلك.

(٣) البقرة ، الآية : ٢٨.

(٤) قاله النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لما سئل عن ميتة الآدمي أطاهرة أم نجسة متعجّبا من السؤال والكلام من الاستفهام الإنكارى.

(٥) واها كلمة يقال عند التعجّب من طيب شىء ، أي : أتعجّب من طيبها معرّب (به به) بالفارسيّة.

(٦) أي : للتعجّب يعني التعجّب الذي جعل له باب في النحو صيغتان لأنهما فقط موضوعتان في أصل اللغة للتعجّب لا غيرهما.

(٧) لا الموصولة المعرفة ومعناها (شيء).


خبر (١) بصيغة الأمر (قبل) فاعل له (مجرور ببا) زائدة لازمة (٢) (وتلو أفعل) أي الّذي بعده (انصبنّه) مفعولا وتلو أفعل اجرره كما تقدّم (٣) (كما أوفي خليلينا وأصدق بهما).

وحذف ما منه تعجّبت استبح

إن كان عند الحذف معناه يضح

(وحذف ما منه تعجّبت) (٤) وإبقاء صيغة التّعجّب (استبح إن كان عند الحذف معناه يضح) ولا يلتبس ، كقوله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ)(٥)(٦).

وقول علي عليه السّلام :

جزي الله عنّي والجزاء بفضله

ربيعة خيرا ما أعفّ وأكرما (٧)

وفي كلا الفعلين قدما لزما

منع تصرّف بحكم حتما

وصغهما من ذي ثلاث صرّفا

قابل فضل تمّ غير ذي انتفا

(وفي كلا الفعلين) افعل وأفعل به (قدما (٨) لزما منع تصرّف بحكم) من جميع النّحاة (حتما) أي نفذ ، وهما نظير أليس وعسي وهب وتعلّم (٩).

__________________

(١) لا إنشاء.

(٢) زائدة لعدم إفادتها معني ولازمة لعدم جواز حذفها.

(٣) بقوله قبل مجرور ببا.

(٤) أي : المتعجّب منه وهو المنصوب في الصيغة الأولي والمجرور في الثانية.

(٥) الشاهد في أبصر المحذوف منه بهم لوضوح المعني بوجود مثله قبله وهو اسمع بهم والآية مثال للصيغة الثانية.

(٦) مريم ، الآية : ٣٨.

(٧) أى : ما اعف ربيعة وما أكرم ربيعة وهذا مثال للصيغة الأولى.

(٨) أي : قديما وفي أصل اللغة فلا يثنيّان ولا يجمعان وهكذا.

(٩) هب وتعلم فعلان من أفعال القلوب تقدم ذكرهما في بابها وأنهما لا يتغيّران عمّا هما عليه فعلا.


(وصغهما) من فعل (ذي) أحرف (ثلاث) بخلاف دحرج وانطلق واقتدر واستخرج واحمرّ واحرنجم (صرّفا) (١) بخلاف نعم وبئس (قابل فضل) أي زيادة كعلم وحسن (٢) ، بخلاف نحو مات وفنى (٣) (تمّ) بخلاف كان وكاد (٤) غير) فعل (ذي انتفا) أي منفي بخلاف نحو «ما عجت بالدّواء» (٥) و «ما ضربت زيدا»

وغير ذي وصف يضاهي أشهلا

وغير سالك سبيل فعلا

(وغير) فعل (ذي وصف يضاهي أشهلا) (٦) في كونه علي أفعل بخلاف ذي الوصف المضاهية نحو سود وعور (٧) (وغير) فعل (سالك سبيل فعلا) (٨) في كونه مبنيّا للمفعول بخلاف السّالك ذلك نحو ضرب وشتم ، لكن يستثني ما كان ملازما لذك (٩) نحو : عنيت بحاجتك فيقال ما اعناه.

وأشدد أو أشدّ أو شبههما

يخلف ما بعض الشّروط عدما

(واشدد أو أشدّ أو شبههما) كأكثر وأكثر (يخلف) في التّعجّب (ما (١٠) بعض

__________________

(١) أي : صغهما من فعل متصرّف فلا يصاغان من نعم وبئس فلا يقال ما أنعم زيدا مثلا.

(٢) فإنهما قابلان للزيادة فيقال هذا أعلم من ذاك وأحسن.

(٣) فإن الموت والفناء لا يقبلان الزيادة فلا يقال فلأن أموت أو أفني لبساطتهما.

(٤) فإنهما ناقصان لا يتمّ معناهما بالمرفوع لأنّهما ناسخان للمبتدا والخبر ومرفوعهما مبتداء في الأصل ، ولا يتمّ إلّا بالخبر.

(٥) بكسر العين وسكون الجيم أي لم أنتفع بالدواء.

(٦) أي : من غير الفعل الذي أتي منه أفعل (وصفىّ).

(٧) الآتي منهما (أسود وأعور).

(٨) يعني الفعل المجهول.

(٩) أي : الفعل الذي يأتي مجهولا دائما وعنيت من هذا القبيل لأن مصدره العناية وهي بمعني جعل الشخص ذا قصد وهو من فعل الله سبحانه فلا يؤتي لغيره إلا مجهولا.

(١٠) ما مفعول ليخلف يعني أشدد وأشدّ وشبههما يقع مكان الفعل العادم لبعض الشروط.


الشروط عدما) بأن كان زائدا على ثلاثة أحرف أو وصفه علي أفعل أو ناقصا نحو ما أشدّ دحرجته وحمرته وأشدد بكونه مستقبلا (١) وكذا إن كان منفيّا أو مبنيّا للمفعول لكن مصدرهما مؤوّل (٢) نحو «ما أكثر أن لا تقوم» و «أعظم بما نصر» ومثّل ابن النّاظم للّذي لا يقبل الفضل بـ «ما أفجع موته» و «أفجع بموته». وقال ابن هشام : لا يتعجّب منه ألبتّة (٣).

ومصدر العادم بعد ينتصب

وبعد أفعل جرّه بالبايجب

(ومصدر) الفعل (العادم) للشّروط (بعد) أي بعد أشدّ (ينتصب وبعد أفعل) أي أشدد (جرّه بالبا يجب) كغيره (٤) كما تقدّم.

وبالنّدور احكم لغير ما ذكر

ولا تقس علي الّذي منه أثر

(وبالنّدور) أي القلّة (احكم لغير ما ذكر) كقولهم ما أذرعها من امرأة ذراع (٥) أي خفيفة اليد في الغزل ، وما أخصره من اختصر (٦) ، وما أعساه وأعس به من عسى (٧) ،

__________________

(١) فالأول زايد على ثلاثة فلا يمكن أن يبني منه التعجّب فأتي بأشدّ ونصب مصدره بعده ليدل على الفعل والثاني ذو وصف على أفعل والثالث أصله (كان مستقبلا) ولكونه ناقصا قام أشدّ مقام كان وأتي بمصدره مجرورا للدلالة على الفعل.

(٢) لا صريح إذ المنفي يلتبس بالمثبت والمجهول بالمعلوم فيؤتي بفعل منفي أو مجهول مع أن ليؤمن اللبس.

(٣) أي : لا يمكن أن يبني فعل التعجب من الذي لا يقبل الفضل بأي وجه وما مثّل به ابن الناظم فليس تعجّبا لمات حقيقة بل لفجع.

(٤) أي : كغير المصدر مثل (زيد) في قولنا ما أكرم زيدا وأكرم بزيد.

(٥) أي : (ما أذرعها) مأخوذة من قول العرب امرأة ذراع (بتشديد الراء) ففعل التعجّب مأخوذ من الاسم وهو نادر.

(٦) وهو زائد على الثلاثة.

(٧) وهو فعل غير متصرف وما أحمقه مثال لما كان وصفه على أفعل.


وما أحمقه من حمق فهو أحمق. فاسمع ذلك (ولا تقس علي الّذي منه أثر) أي روي عن العرب كلّ (١) ما شاكله.

وفعل هذا الباب لن يقدّما

معموله ووصله به الزما

وفصله بظرف أو بحرف جرّ

مستعمل والخلف في ذاك استقر

(وفعل هذا الباب لن يقدّما معموله) عليه (ووصله به الزما) بلا خلاف فيهما (٢) (وفصله بظرف أو بحرف جرّ مستعمل) نظما ونثرا كقوله :

وقال نبي المسلمين تقدّموا

وأحبب إلينا أن يكون المقدّما (٣)

وقول عمرو بن معديكرب : «ما أحسن في الهيجاء لقاءها» (٤).

(والخلف في ذاك) الفصل (٥) هل يجوز أو لا (استقرّ) فذهب الجرمي وجماعة إلى الجواز ، والأخفش والمبرّد إلي المنع (٦).

__________________

(١) (كل) مفعول للاتقس أي ليس لك أن تبني فعل التعجّب ممّا عدم الشرائط قياسا على ما روي مثله عن العرب كأن تبني من الاسم لقولهم ما أذرعها.

(٢) أي : في عدم جواز التقديم وعدم جواز الفصل.

(٣) فأحبب فعل التعجّب ومعموله (أن يكون) أصله بأن يكون فصل بينهما (بالينا) وهو جار ومجرور والتقدير أحسن بكونه.

(٤) ما أحسن فعل التعجّب و (لقائها) معموله والفاصل (في الهيجاء).

(٥) أي : الفصل بالظرف والجار والمجرور.

(٦) فما أتي من العرب سماع لا يقاس عليه.


هذا باب نعم وبئس

(وما جري مجراهما في المدح والذّمّ من حبّذا وساء ونحوهما)

فعلان غير متصرّفين

نعم وبئس رافعان اسمين

مقارني أل أو مضافين لما

قارنها كنعم عقبي الكرما

(فعلان غير متصرّفين نعم وبئس) لدخول (١) التّاء السّاكنة عليهما في كلّ لغات ، واتّصال ضمير الرّفع بهما في لغة حكاها الكسائي (٢).

وذهب الكوفيّون ـ على ما نقله الأصحاب عنهم في مسائل الخلاف ـ (٣) إلي أنّهما اسمان ، وقال ابن عصفور : لم يختلف أحد في أنّهما فعلان (٤) وإنّما الخلاف بعد إسنادهما إلى الفاعل (٥) فالبصريّون يقولون : نعم الرّجل وبئس الرّجل جملتان فعليّتان (٦) ،

__________________

(١) دليل لكونهما فعلين والتاء الساكنة هو تاء التأنيث كقولنا نعمت المرأة هند وبئست المرأة هند.

(٢) فقالوا نعما ونعموا.

(٣) يعني أن قول الكوفيين باسميّتهما مدوّن في باب المسائل التي اختلف فيها بين الكوفيّين والبصريين والأصحاب نقل هذا القول عنهم في ذلك الباب.

(٤) إذا نظرنا إلى نفس الفعلين وحدهما من دون النظر إلى مجموع الفعل والفاعل.

(٥) أي : إذا نظرنا إلى مجموع نعم الرجل وبئس الرجل.

(٦) فنعم وبئس فعل ، والرجل فاعل.


والكسائي : اسميّتان محكيّتان (١) بمنزلة تأبّط شرّا نقلا (٢) عن أصلهما وسمّي بهما المدح والذّمّ (٣).

(رافعان اسمين) فاعلين لهما (مقارني أل) الجنسيّة (٤) نحو (نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)(٥) (أو مضافين لما قارنها) أو لمضاف (٦) لما قارنها (كنعم عقبي الكرما) و

فنعم ابن أخت القوم (٧) [غير مكذّب

زهير حسام مفرد من حمائل]

ويرفعان مضمرا يفسّره

مميّز كنعم قوما معشره

(ويرفعان مضمرا) مستترا (٨) (يفسّره مميّز كنعم قوما معشره) و (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)(٩)(١٠) وقد يستغني عن التّمييز للعلم بجنس الضّمير (١١) كقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم :

__________________

(١) فقولنا نعم الرجل زيد ، نعم الرجل مبتداء وزيد خبره ، مثل قولنا تأبّط شرّا قائم فقوله (والكسائي اسميتان) مسامحة في التعبير فإن ظاهره انّ نعم الرجل جملة اسميّة وليس هذا بمراد للكسائي بل مراده أن نعم الرجل مركّبة اسم للمدح كما إنّ تأبّط شرا اسم لرجل ، والمحكي في اصطلاحهم هو اللفظ المنقول على حسب ما كان قبل النقل في الحركات فلفظ تابط شرا المنقول من الجملوية إلى العلمية بعد باق على حركاتها السابقة ولم تتبدّل كما أن نعم الرجل المنقول من الجملة الفعليّة إلى أن صار اسما للمدح باق على فتح ميم نعم وضم لام الرجل من غير تغيير.

(٢) بضم النون وكسر القاف تثنية ماض مجهول.

(٣) أي : صارا اسمين للمدح والذم من باب علم الجنس.

(٤) لا أل الاستغراقيّة بمعني الكلّ.

(٥) الأنفال ، الآية : ٤٠.

(٦) متعلّق بمضافين أي مضافين إلى مضاف إلى المعرف بأل.

(٧) فعقبي فاعل لنعم مضاف إلى المعرف باللام وابن مضاف إلى المضاف إلى المعرف.

(٨) وهذا النوع الثاني لفاعلها.

(٩) فقوما وبدلا تميزان للضمير المستتر في نعم أي نعم هو قوما وبئس هو بدلا.

(١٠) الكهف ، الآية : ٥٠.

(١١) والتمييز لرفع الإبهام فلا حاجة إليه.


«من توضّأ يوم الجمعة فبها ونعمت» (١)

تتمة : حكي الأخفش أنّ ناسا من العرب يرفعون بنعم النكرة مفردة ومضافة (٢).

وجمع تمييز وفاعل ظهر

فيه خلاف عنهم قد اشتهر

(وجمع) بين (تمييز وفاعل ظهر) كـ «نعم الرّجل رجلا» مثلا (فيه خلاف عنهم قد اشتهر) (٣) فذهب سيبويه والسيرافي إلى المنع لاستغناء الفاعل بظهوره (٤) عن التّمييز المبيّن له ، والمبرّد إلى الجواز ، واختاره المصنّف قال : لأنّ التّمييز قد يجاء به توكيدا (٥) كما سبق ، ومنه (٦) قوله :

والتّغلبيّون بئس الفحل فحلهم

فحلا وأمّهم زلّاء منطيق (٧)

وقوله :

ولقد علمت بأنّ دين محمّد

من خير أديان البريّة دينا (٨)

وما مميّز وقيل فاعل

في نحو نعم ما يقول الفاضل

(وما مميّز) (٩) عند الزّمخشري وكثير من المتأخّرين فهي

__________________

(١) أي : نعمت السنة فحذفت للعلم بها.

(٢) نحو نعم رجل زيد ونعم غلام رجل زيد ، وهذا هو النوع الثالث من أنواع فاعل نعم.

(٣) يعني هذا الاختلاف مشهور عنهم.

(٤) الباء للسببيّة أي : الفاعل بسبب كونه اسما ظاهرا مستغن عن التمييز.

(٥) أى : لا يجب أن يكون لرفع الإبهام دائما بل قد يكون للتاكيد كما سبق في باب التمييز مستشهدا بقوله تعالى أن عدّة الشهور اثنى عشر شهرا.

(٦) أي : ممّا جاء فيه التميز للتوكيد سواء في المدح والذّم أو غيرهما.

(٧) ففحلا تمييز توكيدي لفاعل بئس لكونه مذكورا سابقا.

(٨) دينا تميز توكيدي لدين محمّد وهو في غير المدح والذمّ.

(٩) أي : ما الواقعة بعد أفعال المدح أو الذم كنعمّا وبئسما.


نكرة (١) موصوفة (وقيل) أي قال سيبويه وابن خروف هي (فاعل) فتكون معرفة (٢) ناقصة تارة وتامّة أخرى (٣) (في نحو) قولك (نعم ما يقول الفاضل) وقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ)(٤) ، (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ)(٥) ومال المصنّف في شرح الكافية إلى ترجيح القول الثاني (٦).

ويذكر المخصوص بعد مبتدا

أو خبر اسم ليس يبدو أبدا

(ويذكر المخصوص) بالمدح والذّم (بعد) أي بعد نعم وبئس وفاعلهما نحو «نعم الرّجل زيد» ، «وبئس الرّجل أبو لهب» ، وهو (٧) إمّا (مبتدأ) خبره الجملة قبله (أو خبر اسم) محذوف (٨) (ليس يبدو) أي يظهر (أبدا) كما ذكرت لك في آخر باب المبتدأ (٩).

__________________

(١) أي : على القول بأنّها تمييز فهي نكرة لأنّ التمييز نكرة دائما والجملة بعدها صفتها ، لأن الجملة تأتي صفة للنكرات.

(٢) لكون الفاعل في هذه الأفعال معرفة دائما كما تقدّم.

(٣) إن كان الواقع بعدها جملة كبئس ما اشتروا ونعم ما يقول الفاضل فما ناقصة موصولة وإن كان الواقع بعدها مفردا كنعمّا هي فهي تامّة بمعنى الشيء والتقدير فنعم الشيء هي والتمام بمعنى عدم احتياجها إلى الصلة كالموصول والاسم الواقع بعدها مخصوص.

(٤) البقرة ، الآية : ١٧١.

(٥) البقرة ، الآية : ٩٠.

(٦) أي : القول بأنّها فاعل إذ الأصل في التمييز أن يكون لرفع الإبهام و (ما) لا ترفع إبهأما لعدم دلالتها على شيء مخصوص.

(٧) أي : المخصوص ففي المثالين زيد مبتدأ ونعم الرجل خبر مقدم وكذلك أبو لهب مبتدأ وبئس الرجل خبر.

(٨) فالتقدير نعم الرجل هو زيد وبئس الرجل هو أبو لهب فزيد وأبو لهب خبران لهو المقدر.

(٩) في قوله (تنبيه يجب حذف المبتدا في مواضع) والموضع الثاني منها هو ما نحن فيه.


وإن يقدّم مشعر به كفى

كالعلم نعم المقتني والمقتفى

واجعل كبئس ساء واجعل فعلا

من ذي ثلاثة كنعم مسجلا

(وإن يقدّم) هو (١) أو (مشعر به كفى) ذلك عن ذكره بعد (كالعلم نعم المقتني والمقتفى) ونحو (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ)(٢)(٣).

(واجعل كبئس) في جميع ما تقدّم (ساء) نحو (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ)(٤) و «ساء الرّجل زيد» و «ساء غلام القوم يد». (٥) ولك أن تقول هل هي مثلها في الاختلاف في فعليّتها (٦).

(واجعل فعلا) (٧) بضمّ العين المصوغ (من ذي ثلاثة كنعم مسجلا) نحو «علم الرّجل زيد» و (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ)(٨)(٩) وفي فاعله الوجهان الآتيان في

__________________

(١) أي : المخصوص أو مشعر به أي ما يدلّ على المخصوص.

(٢) ففي المثال الأول قدّم المخصوص نفسه وهو العلم والتقدير نعم المقتني العلم وفي الثاني قدم ما يشعر بالمخصوص وهو ضمير وجدناه لعوده إلى أيّوب وهو المخصوص فبذكر ضميره سابقا اكتفي عن ذكره بعد نعم.

(٣) ص ، الآية : ٤٤.

(٤) الأعراف ، الآية : ١٧٧.

(٥) فالآية مثال لرفعه الضمير المستتر المميّز بنكرة والمثال بعدها لرفعه الظاهر المعرّف بأل والأخير للظاهر المضاف إلى المعرّف بأل.

(٦) يعني أن تشبيه المصنّف ساء ببئس يقتضي أن يكون مشابهة لبئس في جميع الأحكام حتّي في الاختلاف في فعليّتها مع أنّه لم يسمع اختلاف في فعلية ساء وهذا إشكال على المصنّف.

(٧) يعني أنّه يصلح كل فعل ثلاثي أن يستعمل للمدح والذّم بشرط أن تضمّ عين فعله إن لم تكن مضمومة في الأصل ، ويترتّب عليه جميع أحكام نعم وبئس من لزوم الفاعل والمخصوص وأقسام الفاعل وغير ذلك تقول علم زيد بضم اللام أي نعم العالم زيد وخبث زيد أي : بئس الخبيث زيد فالفاعل ظاهر معرّف باللام وتقول في الفاعل المضمر المفسر بالنكرة فهم رجلا زيد وخبث رجلا عمرو.

(٨) المثال الأول لما إذا كان الفاعل اسما ظاهرا معرّفا باللام والثاني لما كان الفاعل ضميرا مميزا بنكرة.

(٩) الكهف ، الآية : ٥.


فاعل حبّ (١). وقوله : «مسجلا» أي مطلقا ، أشار به إلى خلاف قائل بما ذكر (٢) في غير علم وجهل وسمع.

ومثل نعم حبّذا الفاعل ذا

وإن ترد ذمّا فقل لا حبّذا

(ومثل نعم) في معناها وحكمها (٣) (حبّذا) كقوله :

يا حبّذا جبل الرّيّان من جبل (٤)

[وحبّذا ساكن الرّيّان من كانا]

وقوله :

[باسم الاله وبه بدينا

ولو عبدنا غيره شقينا]

فحبّذا ربّا وحبّ دينا (٥)

__________________

(١) بقوله (وما سوي ذا ارفع بحب أو فجرّ) أي يجوز في فاعل فعل مضموم العين أيضا أن يرفع أو يجرّ بالباء ، فالأول نحو خبث زيد ، والثاني نحو خبث بزيد.

(٢) أى : أشار بذلك إلى خلاف من يقول بذلك ويجوز ذلك في غير هذه الأفعال الثلاثة مثل كبر وشرف ونطق وأمثالها وأما في علم وجهل وسمع فعينها باقية علي الكسر ولا يضمّ سواء في المدح والذمّ أو في غيرهما فأشار المصنف بقوله مطلقا إلى أن تغيير حركة عين الفعل إلى الضم يجري في كل فعل ثلاثي حتّي الأفعال الثلاثة ولا يعتني بخلاف هذا المخالف ويمكن أن يكون المعني أنه أشار به إلى خلاف قائل بما ذكر أي بقيام الفعل الثلاثي مضموم العين مقام نعم وبئس في غير الأفعال الثلاثة أي أنّ الصالح لذلك هو هذه الثلاثة فقط لا غيرها من الأفعال فأشار إلى أنّ ذلك يقع في كل فعل ثلاثي ولا يختصّ بهذه الثلاثة وعلي التقديرين الجارّ والمجرور (في غير) متعلق بخلاف إلّا أن المراد بقوله (بما ذكر) يختلف علي التقديرين فعلي الأول (ما ذكر) عبارة عن تحوّل حركة العين إلى الضمّة وعلي الثاني (ما ذكر) هو قيام فعل مضموم العين مقام فعل المدح والذمّ.

(٣) أما معناها فكونها للمدح وأما حكمها ففي لزومها الفاعل والمخصوص وأقسام فاعلها.

(٤) فحبّ فعل مدح وفاعله ذا وجبل الرّيان إن قرء بالرفع فهو مخصوص وإن قرء بالنصب فبتقدير أعني.

(٥) الشاهد هنا في حبّ الثانية حيث رفع الضمير المستتر مميّزا بنكرة.


والصّحيح أنّ حبّ فعل ماض و (الفاعل) له (ذا) وقيل جملته (١) اسم مبتدأ خبره ما بعده ، لأنّه لمّا ركّب مع ذا غلب جانب الإسميّة (٢) فجعل الكلّ اسما ، وقيل المجموع فعل فاعله ما بعده تغليبا لجانب الفعل لما تقدّم. (٣) (وإن ترد ذمّا فقل لا حبّذا) كما قال الشّاعر :

ألا حبّذا أهل الملاغير أنّه

إذا ذكرت مي فلا حبّذا هيا (٤)

وأول ذا المخصوص أيّا كان لا

تعدل بذا فهو يضاهي المثلا

(وأول ذا) المتّصلة بحبّ (المخصوص) (٥) بالمدح أو الذّم (أيّا كان) (٦) مفردا أو مثنّي أو مجموعا ، مذكّرا كان أو مؤنّثا.

و (لا تعدل بذا) بأن تغيّر صيغتها بل ائت بها باقية على حالها نحو «حبّذا هند والزّيدان والهندان والزّيدون والهندات» (فهو (٧) يضاهي المثلا) الجاري في كلامهم من قولهم «في الصّيف ضيّعت اللّبن» (٨) بكسر التّاء للجميع ، (٩) وهذا علّة لعدم تغيّره.

__________________

(١) أي : المجموع المركّب من حبّ وذا.

(٢) أي : اسمية (ذا) على فعليّة (حبّ) لشرف الاسم على الفعل.

(٣) ما مصدريّة أي : لتقدم الفعل في هذا التركيب على الاسم لفظا فغلب جانب الفعلية لذلك فأن حبّ مقدّم على ذا.

(٤) الشاهد في حبذا الثانية التي دخلت عليها (لا) فأريد منها الذمّ وفاعلها ذا ومخصوصها هي لا الأولي فأنها للمدح والداخل عليها (إلا) العرضية.

(٥) مفعول ثان لأول أي : اجعل المخصوص بعد ذا.

(٦) أي : المخصوص.

(٧) أي : حبّذا يشابه المثل في عدم تغيّره عما هو عليه والمثل بفتح الثاء قول مركّب مشهور شبّه مضرّبه بمورده.

(٨) في الأصل خطاب لأمرأة كانت تحت رجل غني فكرهته لكبر سنّه فطلّقها فتروّجها رجل شابّ فقير وكان الطلاق في فصل الصيف فبعثت في الشتاء إلى زوجها الأول تطلب منه لبنا فقال لها في الصيف ...

(٩) أي : سواء كان المخاطب الآن رجلا أم امرأة مفردا أم مثني أو جمعا.


وعلّله (١) ابن كيسان بأنّ المشار إليه بذا مفرد مضاف إلى المخصوص حذف وأقيم هو مقامه ، فتقدير «حبّذا هند» حبّذا حسنها مثلا ، وفهم من قوله «وأول» إلى آخره أنّ مخصوصها لا يتقدّم عليها وهو كذلك لما ذكر (٢). وقال ابن بابشاذ : لئلّا يتوهّم أنّ في «حبّ» ضميرا و «ذا» مفعول (٣).

وما سوي ذا ارفع بحبّ أو فجرّ

بالبا ودون ذا انضمام الحاكثر

(وما سوى) لفظ (ذا ارفع بحبّ) إذا وقع بعده علي أنّه فاعله نحو «حبّ زيد رجلا» (أو فجرّ بالباء) نحو :

[فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها]

وحبّ بها مقتولة حين تقتل (٤)

(ودون) وجود (ذا انضمام الحاء) بضمّة منقولة من العين (٥) (كثر) كالبيت السّابق ، وفتحها ندر كقوله «وحبّ دينا» ، ومع ذا وجب. (٦)

__________________

(١) أى : عدم تغيره بأن المشار إليه بذا دائما مفرد مذكر وهو مضاف محذوف وليس المشار إليه بذا هذا المخصوص المذكور فى الكلام ليتغيّر بتغيّره.

(٢) أي : لأنه يضاهي المثل والمثل لا يتغيّر.

(٣) لأنّ الفعل إذا تقدم عليه فاعله الواقعي يستتر ضميره في الفعل والمخصوص فاعل لحبّ حقيقة فيتوّهم ذلك.

(٤) فالضمير المؤنث (ها) فاعل لحبّ مجرور بالباء.

(٥) أي : الباء الأول إذ الأصل حبّب على شرف نقل ضمة الباء الأول إلى الحاء فأدغم.

(٦) أي : إذا كان حبّ مع ذا وجب فتح الحاء.


هذا باب أفعل التّفضيل

صغ من مصوغ منه للتّعجب

أفعل للتّفضيل وأب اللّذ أبي

(صغ من) فعل (مصوغ منه) صيغة (للتّعجّب (١) أفعل للتّفضيل) نحو «هذا أفضل من زيد وأعلم منه» (وأب) أن يصوغ أفعل للتّفضيل من (اللّذ أبي) صوغ التّعجب منه ، فلا تصغه من غير فعل ولا من زائد علي ثلاثة إلي آخر ما تقدّم ، (٢) وشذّ «هو أقمن بكذا» و «أخصر منه» و «أبيض من اللّبن». (٣)

وما به إلي تعجّب وصل

لمانع به إلي التّفضيل صل

وأفعل التّفضيل صله أبدا

تقديرا او لفظا بمن إن جرّدا

(وما به إلى تعجّب (٤) وصل لمانع) من أشدّ (٥) وما جرى مجراه (به إلي التّفضيل

__________________

(١) أي : صغ أفعل التفضيل من فعل يصاغ منه فعل التعجّب بالشروط المذكورة في قول الناظم :

وصغهما من ذي ثلاث صرّفا

قابل فضل تم غير ذي انتفا

وفي البيت بعده.

(٢) في البيت الخامس والسادس من باب التعجّب.

(٣) أي : شذ صوغه من غير الفعل كاقمن فأنه مأخوذ من القمين ومن الزائد عن الثلاثة كأخصر فأنه مأخوذ من اختصر وكذا من فعل له وصف على أفعل كأبيض فإن وصفه الذي بمعني اسم الفاعل أبيض.

(٤) متعلق بوصل ، أي : ما توصّل به فيما لا يصلح صوغ فعل التعجّب منه لمانع مثل أن يكون اسما أو غير ثلاثي أو ناقصا فتوصّل به في أفعل التفضيل إذا أردت صوغه منها وما توصل به هناك (أشدّ وأكثر وما شابههما).

(٥) بيان لما.


صل) لمانع (١) وأت بمصدر الفعل الممتنع الصّوغ منه بعده (٢) منصوبا علي التّمييز نحو «هذا أشدّ احمرارا من الدّم» (٣).

(وأفعل التّفضيل صله أبدا تقديرا أو لفظا بمن) الّتي لابتداء الغاية (٤) (إن جرّدا) من أل والإضافة نحو (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً)(٥) أي أعزّ منك ، فإن لم يجرّد فلا ، (٦) وقوله :

ولست بالأكثر منهم حصى (٧)

[وإنّما العزّة للكاثر]

من فيه (٨) لبيان الجنس لا لابتداء الغاية.

وإن لمنكور يضف أو جرّدا

ألزم تذكيرا وأن يوحّدا

(وإن لمنكور يضف) أفعل التّفضيل (أو جرّدا) من أل والإضافة (ألزم تذكيرا

__________________

(١) أي : إن كان مانع من صوغ أفعل التفضيل منه.

(٢) الضمير في منه يعود إلى المصدر وفي بعده إلى أشدّ ، أي ائت بمصدر الفعل الذي لم يمكن صوغه من ذلك المصدر بعد أشدّ على التمييز.

(٣) هذا مثالان في مثال واحد لوجود ما نعين فيه أحدهما كونه زائدا على ثلاثة وثانيهما وجود وصف له على أفعل وهو أحمر.

(٤) الغاية هي طول المسافة أو الزمان أو ما نزّل منزلتهما ، والمراد بها هنا هو الأخير ، فإذا قلنا زيد أفضل من عمرو ، فقد فرضنا للفضل طولا وحدين يبتدء من عمرو وينتهي إلى زيد ، فمراد القائل أن الفضل حدّه الأدني في عمرو والأقصي في زيد.

(٥) الكهف ، الآية : ٣٤.

(٦) أي : فلا تصله بمن التي لابتداء الغاية.

(٧) فوصل (من) بأفعل مع عدم تجرّده.

(٨) أي : في قول الشاعر للجنس وعليه فضمير منهم يعود إلى قوم المخاطب وليس مفضّلا عليه ، ومن لبيان فاعل أكثر ، والمعني لست بالأكثر الذي هو قومك لا أنت وحدك وحصي بمعني إحصاءا وعددا وهو تمييز فلا يرد على المصنف لأن «من» التي لا تجتمع مع «أل» ، والإضافة التي لابتداء الغاية لا التي لبيان الجنس.


وأن يوحّدا) وإن كان صاحب الصّفة بخلاف ذلك (١) نحو (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا)(٢)(٣) «قل إن كان آبائكم وأبنائكم» إلي أن قال : (أَحَبَّ إِلَيْكُمْ)(٤)(٥).

وتلو أل طبق وما لمعرفة

أضيف ذو وجهين عن ذي معرفة

(وتلو أل) أي المعرّف بها (طبق) أي مطابق لموصوفه في الإفراد والتّذكير وفروعهما (٦) نحو : «زيد الأفضل» و «الزّيدان الأفضلان» و «الزّيدون الأفضلون» و «هند الفضلى» و «الهندان الفضليان» و «الهندات الفضليات والفضل». (٧)

(وما لمعرفة أضيف) فهو (ذو وجهين) مرويّين (عن ذي معرفة) وجه يجريه مجري المجرّد (٨) نحو (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ)(٩) وآخر يجريه مجري المعرّف بأل (١٠) نحو (أَكابِرَ مُجْرِمِيها)(١١).

هذا إذا نويت معني من وإن

لم تنوفهو طبق ما به قرن

__________________

(١) بأن يكون الموصوف مؤنّثا أو تثنية أو جمعا.

(٢) فأحبّ مفرد مذكر مع أن موصوفه أعني يوسف وأخوه متعدد.

(٣) يوسف ، الآية : ٨.

(٤) أحبّ مفرد مذكر مع أن موصوفه كما ترى جموع.

(٥) التوبة ، الآية : ٢٤.

(٦) فرع الإفراد التثنية والجمع ، وفرع التذكير التأنيث.

(٧) جمع ثان ، لفضلي مؤنث أفضل.

(٨) فيأتي مفردا مذكرّا ، وأن كان الموصوف بخلافه فأحرص مفرد مع أن موصوفه ضمير جمع وهو مضاف إلى المعرفة.

(٩) البقرة ، الآية : ٩٦.

(١٠) فيتبع موصوفه كما أن مجرمي المضاف إلى المعرفة تبع (أكابر) في الجمع والتذكير.

(١١) الأنعام ، الآية : ١٢٣.


وإن تكن بتلو من مستفهما

فلهما كن أبدا مقدّما

كمثل ممّن أنت خير ولدى

إخبار التّقديم نزرا وردا

(هذا) الحكم (١) (إذا) قصدت بأفعل المذكور التّفضيل بأن (نويت معني من وإن) لم تقصده به بأن (لم تنو) معناها (فهو طبق ما به قرن) أي مطابق له كقولهم : «النّاقص والأشجّ أعدلا بني مروان» ولمّا كان لأفعل التّفضيل مع «من» شبه بالمضاف مع المضاف إليه (٢) كان حقّه أن لا يتقدّم عليه (و) لكن (إن تكن بتلو من مستفهما فلهما) أي لـ «من» وتلوها (كن أبدا مقدّما) على أفعل وجوبا لأنّ الاستفهام له الصّدر (كمثل ممّن أنت خير) أصله أخير ، ولا يكاد يستعمل ، (٣) وممّا جاء منه «بلال أخير النّاس وابن الأخير» وكذا شرّ (٤) وممّا جاء منه علي الأصل علي قراءة أبي قلابة (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ)(٥).

(ولدي إخبار) (٦) بتلو «من» (التّقديم) لهما (نزرا وردا) كقوله :

__________________

(١) يعني جواز الوجهين في المضاف إلى المعرفة أنما هو فيما إذا قصد المتكلّم بأفعل تفضيل موصوفه على المضاف إليه كما في الآيتين ، فإن الناس فيهم صفة الحرص ، لكنّ اليهود أحرص منهم ، والمجرمين فيهم كبر ، ولكن بعضهم أكبر من بعض ، فتقدير الأولي (أحرص من الناس) والثانية (أكابر من مجرميها) وأما إن لم يكن مراد المتكلّم التفضيل كما في (أعد لابني مروان) إذ ليس في بني مروان عدل ليكونا أعدل منهم ، بل المراد هما عاد لابني مروان ، ففي مثل هذه الموارد تتبع الصفة موصوفها دائما.

(٢) فأفعل بمنزلة المضاف ومن بمنزلة المضاف إليه ، لأن (من) متمّم لأفعل ، كما أن المضاف إليه متمّم للمضاف.

(٣) أي : لا يستعمل أغير.

(٤) أي : أصله أشر ، ولا يكاد يستعمل.

(٥) القمر ، الآية : ٢٦.

(٦) مقابل الاستفهام ، فأن الاستفهام إنشاء ، والمراد أن مدخول «من» إذا لم يكن استفهاما لا يتقدّم على أفعل إلّا قليلا.


[فقالت لنا أهلا وسهلا وزوّدت

جن ي النّخل] بل ما زوّدت منه أطيب(١)

تتمة : لا يفصل بين «أفعل» و «من» بأجنبيّ لما ذكر (٢) وجاء الفصل في قوله :

لأكلة من أقط بسمن

ألين مسّا في حشايا البطن

من يثر بيّات قذاذ خشن (٣)

ورفعه الظّاهر نزر ومتى

عاقب فعلا فكثيرا ثبتا

فصل : يرفع أفعل التّفصيل الضّمير المستتر في كلّ لغة (٤) (ورفعه الظّاهر نزر) لضعف شبهه باسم الفاعل (٥) ومنه حكاية سيبويه «مررت برجل أفضل منه أبوه» (٦)

(ومتي عاقب) أفعل التّفضيل (فعلا) بأن صلح إحلاله محلّه ، وذلك إذا سبقه نفي وكان مرفوعه أجنبيّا مفضّلا علي نفسه باعتبارين (٧) (فكثيرا) رفعه الظّاهر (ثبتا) نحو «ما من أيّام أحبّ إلي الله فيها الصّوم منه في عشر ذي حجّة» (٨) و «ما رأيت رجلا

__________________

(١) فتقدم منه على أطيب مع أن تلو «من» غير الاستفهام.

(٢) من شبههما بالمضاف والمضاف إليه ، فكما لا يفصل بين المضاف والمضاف إليه فكذا بين أفعل ومن.

(٣) ففصل بين ألين ومن يثر بيات.

(٤) فقولنا زيد أفضل من عمرو في (أفضل) ضمير مستتر يعود إلى زيد وهو فاعل له.

(٥) لاختلافه مع اسم الفاعل في المعنى ، لأن اسم الفاعل يدلّ على الحدث وصاحبه وأفعل يدلّ على أزيد من ذلك وهو التفاضيل.

(٦) فأبوه اسم ظاهر مرفوع بأفضل.

(٧) فهنا أربع شروط :

الأول : أن يصحّ من حيث المعني وقوع فعل محل أفعل في تلك الجملة.

والثانى : أن يكون مسبوقا بالنفى.

والثالث : أن يكون مرفوعه أجنبيّا.

والرابع : أن يكون المرفوع مفضلا على نفسه ، باعتبارين.

(٨) حاصل معني الجملة أن الصوم في سائر الأيام ليس بأحبّ عند الله من الصوم في عشر ذيحجة ، فالصّوم


أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد» ، (١) والأصل أن يقع هذا الظّاهر بين ضميرين أوّلهما للموصوف وثانيهما للظّاهر كما تقدّم ، (٢) وقد يحذف الضّمير الثّاني وتدخل «من» إمّا علي الظّاهر نحو «من كحل عين زيد» ، أو محلّه نحو «من عين زيد» أو ذي المحلّ نحو «من زيد».

كلن تري في النّاس من رفيق

أولي به الفضل من الصّدّيق

وممّا جاء من كلامهم (٣) «ما أحد أحسن به الجميل من زيد» (٤) والأصل «من حسن الجميل بزيد» (٥) أضيف الجميل إلى زيد (٦) ثمّ حذف.

__________________

في ساير الأيام مفضّل على الصوم في عشر ذيحجّة ولكن هذا التفضيل منفي بما.

وأما من جهة وقوع الفعل موقعه فبأن يقال ما من يوم يحبّ الله فيه الصوم أكثر من الصوم في عشر ذيحجّة ، والظاهر أي الصوم أجنبي عن الموصوف وهو (أيّام) لعدم اتصّال الصوم بضمير يعود إلى أيّام.

(١) فالظاهر المرفوع هو الكحل وهو أجنبي عن موصوفه (رجلا) وهو مفضّل حالكونه في عين أي رجل على كونه في عين زيد والتفضيل منفي بما ومعني الجملة أن الكحل في عين غير زيد ليس بأحسن من الكحل في عين زيد.

(٢) في المثالين فضمير (فيها) يعود إلى أيّام و (منه) إلى الصوم وضمير (عينه) إلى رجلا و (منه) إلى الكحل.

(٣) أي : من الموارد التي جاء رفع الاسم الظاهر بأفعل مع حذف الضمير الثاني من كلام النحاة.

(٤) فالظاهر المرفوع الجميل والضمير الثاني محذوف ، إذ الأصل الجميل منه بزيد ، وأصله بالنظر إلى المعني ووقوع الفعل مقامه (ما أحد يكون الجميل به أي الإحسان إليه أحسن من الجميل بزيد) فالجميل بأحد مفضّل وأحسن من الجميل بزيد لكن هذا التفضيل نفي بما.

(٥) زاد الشارح كلمة (حسن) ليكون متعلّقا للجار والمجرور (بزيد) ولذا حذف لما حذف الباء حين إضافة جميل إلى زيد.

(٦) هنا أمران على الطالب أن يسأل عنهما :

الأول : أنه كيف أضيف جميل إلى زيد ، مع أنّ الجميل ليس بزيد ، بل المراد جميل الغير بزيد ، أي : إحسان الناس إليه؟

والجواب : أنّ هذه الإضافة من باب إضافة اسم المصدر إلى مفعوله كقولنا عطاء الفقير المراد به عطاء


ونظيره (١) قول المصنف : (كلن تري في النّاس من رفيق) أي صاحب (أولى (٢) به الفضل من) أبي بكر (الصّدّيق) إذ الأصل «أولي به الفضل من ولاية (٣) الفضل بالصّدّيق ثمّ من فضل الصّدّيق ثمّ من الصّدّيق.

خاتمة : أجمعوا على أنّ أفعل التفضيل يعمل في التّمييز والحال والظّرف (٤) وعلي أنّه لا يعمل في المفعول المطلق ولا في المفعول به وأمّا قوله تعالى (٥) : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٦) فـ «حيث» مفعول به لفعل مقدّر دلّ عليه «أعلم» (٧) أو مفعول به علي السّعة (٨) كذا قالوه.

__________________

الغير للفقير.

الأمر الثانى : أنه لم أضيف ثم حذف؟

والجواب : انّ الموجب للاضافة لزوم حذف الباء ، اذ لو لم يحذف البا لم يجز دخول من على زيد ، لعدم دخول من على الحرف ولو لا الإضافة لما حذف الباء.

(١) أي : نظير المثال السابق ، وهو ما أحد ... في جميع الخصوصيّات من رفع الظاهر وحذف الضمير والتقديرات.

(٢) (أولي) من الولاية ، وهي القرب ، والفضل الدرجة الرفيعة والمعني (لن تري من رفيق يكون الفضل أقرب إليه من قرب الفضل بالصّديق) فالمرفوع الفضل ، وهو مفضّل وأولى (حالكونه في الصديق) على الفضل في أبي بكر الصدّيق ، ونفي هذا التفضيل بإن ، فالمعنى ليس الفضل بأي صديق أولي من الفضل بأبي بكر.

(٣) زيادة كلمة ولاية لتعلّق الجار به كما مرّ ، والتقديرات عين التقديرات في مثال جميل فراجع.

(٤) فالأول نحو أنت أحسن الناس وجها.

والثانى : نحو زيد أشجع من عمرو راكبا.

والثالث : نحو فلان أصبر الناس عند الحوادث.

(٥) يعني بعد ما علمنا أن أفعل لا يعمل في المفعول به ليكون حيث مفعولا به ولا يصحّ أيضا أن يكون ظرفا لأعلم فأن الظرف يقتضي إحاطته بمظروفه وعلم الله لا يحاط بظرف لقوله تعالى ولا يحيطون بشيء من علمه ، فلذلك تخلّصوا من ذلك بتقدير فعل من مادّة (أعلم) ليكون مفعولا به لذلك الفعل.

(٦) الأنعام ، الآية : ١٢٤.

(٧) أي : يعلم.

(٨) يعني أن أفعل التفصيل وإن كان لا يعمل في المفعول به لكنّ (حيث) ظرف والظرف موسّع فيه فيجوز


قال أبو حيّان : وقواعد النّحو تأباه ، (١) لنصّهم على أنّ «حيث» لا يتصرّف ، وأنّه لا يتوسّع إلّا في الظّرف المتصرّف.

قال : والظّاهر إقرارها (٢) علي الظّرفية المجازيّة (٣) وتضمين (٤) «أعلم» معني ما يتعدّي إلى الظّرف ، فالتّقدير : الله أنفذ علما حيث يجعل رسالته ، أي هو نافذ العلم (٥) في هذه المواضع.

__________________

أن يكون مفعولا به في مورد لا يجوز لغيره.

(١) أي : تمنع أن يكون حيث مفعولا به على السعة ، لأن الظروف التي يتوسّع فيها أنما هي الظروف المتصرفة مثل يوم وشهر ودار التي تثنّي وتجمع فتوسّع فيها بمعني أنّها تقع ظرفا وغير ظرف وتقع فيما لا يقع غيره وأما حيث فليست من الظروف المتصرفة فلا سعة فيها ليجوز وقوعها مفعولا به.

(٢) أي : إبقائها على الظرفيّة لا تغييرها إلى المفعول به.

(٣) الظرفية الحقيقيّة أن يكون العامل في الظرف هو الواقع فيه نحو جلست حيث جلس زيد ، فجلست عامل في حيث وواقع فيه أيضا ، والمجازية أن يكون العامل في الظرف شيئا والواقع فيه شيئا آخر ، كما نحن فيه ، فأن العامل في الظرف أعلم والواقع فيه انفذ.

وفي بعض النسخ (المجارية) بالراء المهملة وعليه فالمعني إبقائها على الظرفيّة الأصليّة المتعارفة لا الموسعّة المتسامحة ، فحيث ظرف حقيقي ولرفع الإشكال المذكور نتصرف في (أعلم) ونضّمّنها فعلا يمكن تعديته إلى الظرف وهو انفذ.

(٤) التضمين أن نذكر كلمة من فعل أو غيره ونقصد معها كلمة أخرى ، ونأتي مع المذكورة بما لا يلائمها ، بل يختصّ بتلك الكلمة كقوله سبحانه في من يأكل مال اليتيم : (انما يأكلون في بطونهم نارا) فالمذكور يأكلون ، ولكنّ تعديته إلى النار تدل على فعل آخر يلائم النار ، وهو (يجزون) والتقدير يأكلون مال اليتيم ويجزون نارا.

فهنا المذكور (أعلم) والمقصود في ضمنه انفذ بدليل حيث ، فأن حيث ظرف وأعلم لا يقع في الظرف ، فالمناسب أن نقدر (انفذ) في ضمن أعلم ليمكن وقوعه في الظرف.

(٥) إنّما أول انفذ بنافذ ، إذ لو بقى أفعل على معناه التفضيليّ للزم تصوّر وجود نفوذ علم لغير الله بجنب نفوذ علمه مع أن صفات المخلوقين لا تقاس بصفات الله ولا وجود لها دون وجودها ، لأنّ صفاته سبحانه موجودة بالذات وصفات غيره موجودة في ظلّ صفاته لا في عرضه وبجنبه وقوله هذه المواضع أي : مواضع جعل الرسالة.


هذا باب النّعت

هو والوصف بمعنى ، ولمّا كان (١) أحد التّوابع بدأ بذكرها إجمالا ثمّ فصّل فقال :

يتبع في الإعراب الأسماء الأول

نعت وتوكيد وعطف وبدل

فالنّعت تابع متمّ ما سبق

بوسمه أو وسم ما به اعتلق

(يتبع في الإعراب الأسماء الأول) (٢) أربعة أشياء : (نعت ، وتوكيد وعطف ، وبدل) وسيأتي بيان كلّ.

(فالنّعت تابع) أي تال لا يتقدّم أصلا ، (٣) ، وهو جنس (متمّ) أي مكمل (٤) [ومبين] (ما سبق) (٥) فصل مخرج عطف النّسق والبدل

__________________

(١) أي : لأجل أنّ النعت كان واحدا من التوابع الأربعة اقتضي ذلك أن يبدء المصنف بذكر التوابع إجمالا ثمّ يشرع في ذكر كلّ واحد تفصيلا.

(٢) أي : الأسماء المتبوعة لها.

(٣) إشارة إلى أن قول المصنف (تابع) يستفاد منه أنه لا يتقدّم على متبوعه ، لأن معني التبعية التأخرّ.

(٤) فإن النعت وضع للدلالة على معني في متبوعه أو متعلق متبوعه فعالم في قولنا رجل عالم يزيد على رجل صفة العلم وكذا رجل عالم أبوه يخصّص الرجل بعلم أبيه بخلاف عطف النسق ، فإن التابع فيه مغاير ومباين للمتبوع ، وكذا البدل.

نعم قد يكون البدل متمّما للمبدل منه نحو أعجبني زيد علمه لكنه غير مراد للمتكلّم أصالة ، بل يستفاد منه التتميم عرضا.

(٥) أي : المتبوع.


(بوسمه) (١) أي ما سبق ويسمّي نعتا حقيقتا (أو وسم ما به اعتلق) ـ ويسمّي سببيّا ـ وهذا فصل ثان (٢) يخرج التّأكيد والبيان.

وشمل قوله «متمّ (٣) ما سبق» ما يخصّصه نحو : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)(٤) وما يوضّحه نحو : «مررت بزيد الكاتب».

ويلحق به (٥) ما يمدحه أو يذمّه أو يرحّم عليه أو يؤكّده نحو (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٦) ، «أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم» ، «أللهمّ أنا عبدك المسكين» ، «لا تتّخذوا إلهين اثنين» (٧).

__________________

(١) متعلّق بقوله متمّ يعني أن النعت يتمّ متبوعه إما بسبب كونه علامة لنفس المتبوع ، أو لكونه علامة لمتعلّق المتبوع ، فالأول نحو رأيت رجلا عالما والثاني نحو رأيت رجلا عالما أبوه ، فعالما في الثاني وإن كان في الواقع صفة للأب لكنه وسم لرجل إذ جعله ابن العالم ، ويسمي الثاني سببيّا لانّه يصير سببا لحصول صفة في متبوعه كابن العالم في المثال ونحو جائني رجل واسع داره ، فإن واسع وإن كان صفة حقيقة للدار لكنه تسّبب صفة لرجل أيضا وهو كونه (صاحب دار واسع).

(٢) يعني قوله (أو وسم ما به اعتلق) يخرج التأكيد والبيان لأنهما لا يأتيان لمتعلق متبوعهما.

(٣) يعني أن إتمام الصفة موصوفة قد يكون بتخصيصه إيّاه ، كما إذا كان الموصوف عامّا وأراد المتكلم نوعا خاصّا منه فيتم مراده بصفة فقوله سبحانه (تحرير رقبة) ناقص ، لأنّ الرقبة عامّة ، وليس المراد عمومه فأتمّه بمؤمنة ليخصّصه بالنوع المراد منها.

وقد يكون الإتمام بتوضيح الصفة موصوفها ، كما إذا كان الموصوف خاصّا ومعرفة لا يحتاج إلى التخصيص ، لكنّه باشتراكه بين متعدّد وضعا أوجب إبهاما للسامع فاحتاج إلى توضيح ، فإن زيد في المثال الثاني علم وخاص لكن المسمّي بزيد متعدّد ومشترك بين الكاتب وغيره ، فالكاتب موضح ورافع للإبهام.

(٤) النساء ، الآية : ٩٢.

(٥) الضمير يعود إلى (متم) وأنما كان النعت في هذه الموارد ملحقا بمتمّ ، لأنّ المنعوت فيها تام لا يحتاج تخصيص أو توضيح وأنما أتي بالنعت لأغراض أخر.

(٦) الحمد ، الآية : ٢.

(٧) (فربّ) مدح ، و (الرجيم) ذمّ ، و (المسكين) ترحّم ، و (اثنين) تأكيد لدلالة اللهين على اثنين.


وليعط في التّعريف والتّنكيرما

لما تلا كامرر بقوم كرما

(وليعط) أي النّعت سواء كان حقيقيّا أو سببيّا (في التّعريف والتّنكير ما) ثبت (لما تلا) أي لمتبوعه ، ويجب حينئذ (١) أن يكون المتبوع أعرف من النّعت أو مساويا له (كامرر بقوم كرما) و «بالرّجل الفاضل» (٢).

وهو لدي التّوحيد والتّذكير أو

سواهما كالفعل فاقف ماقفوا

(وهو) أي النّعت (لدي التّوحيد والتّذكير) أي عند ثبوتهما للمتبوع (أو سواهما) وهو التّثنية والجمع والتّأنيث (كالفعل) ، فإن رفع (٣) ضمير المنعوت المستتر وافقه في التّثنية والجمع أو الظّاهر أو الضّمير البارز فلا إلّا على لغة «أكلوني البراغيث» ، (٤) ويوافقه أيضا في التّأنيث إذا رفع ضميره ، (٥) وإلّا فعلي التّفضيل السّابق في باب الفاعل (٦) ، (فاقف ما قفوا) كـ «ابنين برّين شج قلبا هما» و «امرأتين

__________________

(١) بعد ما علم أن تعريف الصفة مأخوذ من تعريف المتبوع لقوله (ما ثبت لما تلا) فلا يجوز أن يكون التابع أعرف من متبوعه ، لكون تعريفه فرعا لتعريف المتبوع ، فيجب أن يكون المتبوع أعرف أو مساويا للنعت.

(٢) فالأول لتوافق النعت متبوعه في التنكير ، والثاني للتعريف وتراهما مساويين في التعريف لكونهما معرّفين بأل ولأعرفيّة المنعوت نحو رأيت زيدا الفاضل فإن تعريف زيد بالعلمية وهو أقوي من التعريف بأل.

(٣) أي : إن رفع النعت ضمير المنعوت المستتر نحو رجلا فاضلا ورجلين فاضلين ورجالا فضلاء ، وافق الصفة موصوفه ، وأن رفع الاسم الظاهر أو الضمير البارز لم يوافق فالأول نحو رأيت رجلين عالما أبوهما ، والثاني نحو جائني غلام رجلين ضاربه هما بجرّ ضارب صفة لرجلين وجائني غلام رجال ضار به هم ونحو رأيت زيدا والرجلين الضاربهما هو والمثال الأخير أمثل.

(٤) فإنّهم يتبعون الصفة الرافعة للظاهر موصوفها في التثنية والجمع فيقولون رأيت رجلين قائمين أبواهما كما يثنون ويجمعون الفعل الرافع للظاهر فيقولون أكلوني البراغيث.

(٥) أي : ضمير المنعوت المستتر ، نحو رأيت رجلا قائما وامرأة قائمة.

(٦) أي : إن رفع الظاهر أو الضمير البارز فعلى التفصيل السابق في اسم الفاعل فإن كان المرفوع مؤنّثا حقيقيّا


حسن مرآهما» (١).

وانعت بمشتقّ كصعب ودرب

وشبهه كذا وذي والمنتسب

(وانعت بمشتقّ) وهو ما دلّ على حدث وصاحبه (٢) ، كأسماء الفاعل والمفعول والتّفضيل والصّفة المشبّهة (كصعب ودرب) بالدّال المهملة ، وهو الخبير بالأشياء المجرّب لها (وشبهه) وهو ما أقيم مقامه (٣) من الأسماء العارية عن الاشتقاق (كذا) (٤) المشار بها (وذي) بمعني صاحب (والمنتسب) نحو «رجل تميمي جاءني».

ونعتوا بجملة منكّرا

فأعطيت ما أعطيته خبرا

(ونعتوا بجملة) اسما (منكّرا) لفظا ، نحو : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ)(٥)(٦) ، أو معني نحو :

__________________

وجب متابعة الصفة مرفوعه نحو رأيت رجلا أو امرأة عالمة أمّه أو أمّها وإن كان مجازيّا جاز الوجهان نحو رأيت رجلا أو امرأة طالعة يداه أو يداها أو طالعا يداه أو يداها ، والموافقة هنا بين الصفة ومرفوعها لا بينها وبين موصوفها فلا معني لتفصيل الشارح ، بل الصحيح أن يقال : وإلا فلا يوافق.

(١) فبريّن نعت لابنين موافق له لرفعه الضمير المستتر وشج أصله شجي كخشن حذفت الضمّة عن الياء لثقلها عليها ثم حذف الياء بالتقاء الساكنين وهو أيضا نعت لابنين لم يوافق الموصوف في التثنية لرفعه الظاهر (قلبا هما) وحسن نعت لامرأة لم يوافقها في التأنيث لرفعه الظاهر (مرآهما).

(٢) لم يقل وفاعله ليشمل اسم المفعول فإن صاحب الحدث يطلق على القائم به ، والواقع عليه.

(٣) أي : مقام المشتقّ.

(٤) أى : مثل ذا الذي ليس بمشتقّ ، ولكنه شبهه ، لأنه في تأويل المشتقّ (مشاربها) فيكون في تأويل اسم المفعول وذي في تأويل (صاحب) اسم فاعل وتميميّ المؤول بالمنتسب إلى تميم.

(٥) فترجعون جملة وهي صفة ليوما وهو نكرة لفظا.

(٦) البقرة ، الآية : ٢٨١.


ولقد أمرّ علي اللّئيم يسبّني (١)

[فمضيت ثمّة قلت لا يعنيني]

(فأعطيت) حينئذ (٢) (ما أعطيته) حال كونها (خبرا) من الرّابط ومن تعلّقها بمحذوف وجوبا إذا كانت ظرفا أو جارّا ومجرورا أو غير ذلك (٣) ممّا سبق ذكره.

وامنع هنا إيقاع ذات الطّلب

وإن أتت فالقول أضمر تصب

(وامنع هنا إيقاع) الجملة (ذات الطّلب) (٤) وإن لم يمنع إيقاعها خبرا (وإن أتت) من كلامهم (٥) أي العرب (فالقول أضمر) نعتا (تصب) نحو :

[حتّي إذا جنّ الظّلام واختلط]

جاؤوا بمذق هل رأيت الذّئب قطّ (٦)

أي مقول فيه هل رأيت الذّئب قطّ.

ونعتوا بمصدر كثيرا

فالتزموا الإفراد والتّذكيرا

(ونعتوا بمصدر كثيرا) علي تقدير مضاف (فالتزموا) لذلك (الإفراد والتّذكيرا) له (٧)

__________________

(١) فيسبّني صفة للئيم واللئيم معرفة لفظا لدخول أل عليه لكنه نكرة معني لكون أل الداخلة عليه جنسا وليس المراد لئيما معيّنا.

(٢) أي : أعطيت الجملة حين وقوعها صفة كل ما أعطيته حين وقوعها خبرا.

(٣) كجواز حذف الرابط إذا كان معلوما نحو واتّقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس أي : لا تجزي فيه وكصحة تأويلها بالمفرد.

(٤) من أمر أو نهي أو استفهام فلا يقال مررت برجل أضربه.

(٥) أي : إن أتت جملة ذات الطلب صفة بحسب الظاهر فقدّر هناك القول ليكون الصفة القول المقدّر لا الجملة الطلبيّة.

(٦) فهل رأيت جملة طلبيّة لأنها استفهام وقعت صفة لمذق ، ولكن الصفة في التقدير مقول فيه لا الطلب (هل رأيت).

(٧) أي : يلزم في المصدر الصفة أن يكون مفردا مذكّرا دائما وإن كان موصوفه تثنية أو جمعا أو مؤنّثا.


وإن كان المنعوت بخلاف ذلك كـ «امرأة رضى» وعدلين رضى ، (١) ولا ينعت بغير ما ذكر من الجوامد. (٢)

ونعت غير واحد إذا اختلف

فعاطفا فرّقه لا إذا ائتلف

(ونعت غير واحد) (٣) وهو المثنّى والمجموع ، ولا يكون (٤) [النّعت حينئذ] إلّا متعدّدا (إذا اختلف) معناه قطعا (فعاطفا) لبعضه علي بعض (فرّقه) نحو «مررت برجلين عالم وجاهل» و (لا) تفرّقه (إذا ائتلف) (٥) نحو «مررت برجلين عاقلين».

ونعت معمولي وحيدي معنى

وعمل أتبع بغير استثنا

(ونعت معمولى) عاملين (وحيدي معني وعمل أتبع بغير استثنا) نحو «ذهب زيد وانطلق عمرو والعاقلان» (٦) فإن اختلف العاملان معني وعملا أو في أحدهما (٧) وجب القطع.

وإن نعوت كثرت وقد تلت

مفتقرا لذكر هنّ أتبعت

__________________

(١) أي : امرأة ذات رضي وعدلين ذوي رضي فرضي مصدر وقع صفة وهو مفرد مذكر مع أن الموصوف في الأول مؤنّث وفي الثاني تثنية.

(٢) أي : غير شبه المشتق وغير المصدر.

(٣) أي : غير المفرد.

(٤) إذا كان المنعوت غير مفرد فلا محالة يكون النعت متعدّدا بتعدّد المنعوت.

(٥) أي : اتّفق معناه.

(٦) فالعاقلان نعت لزيد وعمرو وهما معمولا لذهب وانطلق وهما بمعني واحد.

(٧) فالمختلفان معني وعملا نحو جائني زيد وضربت عمرا منطلقين والمختلفان معني فقط ، نحو جائني زيد وأكرمني عمرو راكبين والمختلفان عملا فقط نحو مررت بزيد وجاوزت عمرا كاتبين.


(وإن نعوت كثرت (١) وقد تلت) اسما (مفتقرا) في الإيضاح والتّعيين (لذكرهنّ أتبعت) وجوبا.

واقطع أو اتبع إن يكن معيّنا

بدونها أو بعضها اقطع معلنا

(واقطع أو اتبع إن يكن) المنعوت (معيّنا بدونها) كلّها (أو بعضها اقطع معلنا) إن كان معيّنا به (٢) دون غيره وأتبع الباقي بشرط تقديمه. (٣)

وارفع أو انصب إن قطعت مضمرا

مبتدأ أو ناصبا لن يظهرا

(وارفع أو انصب) النّعت (إن قطعت مضمرا) بكسر الميم (مبتدأ) رافعا له (أو) فعلا (ناصبا) له (لن يظهرا) أبدا. نحو «الحمد لله الحميد» أي هو ، (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ)(٤) أي أذمّ.

__________________

(١) يعني إذا تعقب نعوت متعدده لمنعوت واحد فقد يكون المنعوت محتاجا في إيضاحه وتعيينه الجمع فهنا لا يجوز قطع أي واحد منها عن الوصفيّة ، بل يجب اتّباع الجميع نحو رأيت رجلا عالما خيّاطا شجاعا فيما إذا كان الرجل العالم متعدّدا ، وكذا العالم الخيّاط وكان العالم الخيّاط الشجاع منحصرا بواحد فالأجل معرفة الرجل يجب اتباعه النعوت الثلاثة ولا يجوز القطع.

وقد يكون المنعوت معيّنا بدون النعوت كلّها فيجوز اتباع الجميع وقطع الجميع ، وقد يكون محتاجا إلى بعض دون بعض فيجب اتّباع البعض المحتاج إليه ، وفي البعض المستغني عنه يجوز الأمران ، ففي المثال السابق أن عرف الرجل ، بدون النعوت جاز قطع الجميع ، وأن احتاج إلى (عالما) فقط وجب اتباعه وفي الأخيرين يجوز الأمران.

(٢) أي : إن كان معيّنا ببعض لا بالبعض المقطوع ليخلّ بالمعني وقوله دون غيره متعلّق بأقطع أي : أقطع البعض الذي يكون المنعوت معيّنا بدونه دون غير هذا البعض أي البعض المحتاج إليه بل اتّبع هذا البعض وهو المراد بالباقي.

(٣) أي : يجب تقديم الباقي وهو البعض المعيّن به وتأخير المقطوع.

(٤) تبّت ، الآية : ٤.


وما من المنعوت والنّعت عقل

يجوز حذفه وفي النّعت يقلّ

(وما من المنعوت والنّعت عقل) أي علم (يجوز حذفه) (١) نحو (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ)(٢).

[وقد كنت في الحرب ذا تدرء]

«فلم أعط شيئا ولم أمنع»

أي شيئا طائلا (و) لكنّ الحذف (في النّعت يقلّ) وفي المنعوت يكثر.

__________________

(١) أي : كلّ واحد من المنعوت والنعت إذا كان معلوما عند السامع يجوز حذفه ففي الآية المعلوم هو المنعوت أي (حور) وفي البيت النعت أي : (طائلا).

(٢) الصّافّات ، الآية : ٤٨.


الثاني من التّوابع التوكيد

ويقال له التأكيد وهو ـ كما في شرح الكافية ـ تابع يقصد به كون المتبوع علي ظاهره (١).

بالنّفس أو بالعين الاسم أكّدا

مع ضمير طابق المؤكّدا

(بالنّفس أو بالعين) بمعني الذّات (ألاسم أكّدا) تأكيدا معنويّا يقتضي التّقرير (٢) (مع ضمير) متّصل بهما (طابق المؤكّدا) ـ بفتح الكاف ـ في إفراده وتذكيره وفروعهما كـ «جاء زيد نفسه متيّما بهند نفسها».

واجمعهما بأفعل إن تبعا

ما ليس واحدا تكن متّبعا

(واجمعهما) أي النّفس والعين (بأفعل إن تبعا ما ليس واحدا) أي مثنّي أو مجموعا ، فقل «جاء الزّيدان أنفسهما وأعينهما» (تكن متّبعا) للّغة الفصيحة ويجوز أن يؤتي بهما مفردين وهو دون الجمع (٣) فتقول «جاء الزّيدان نفسهما» ومثنّيين وهو

__________________

(١) أي : لم يصدر عن سهو وغلط أو تجوّز.

(٢) أي : يوجب تثبيت متبوعه.

(٣) في الفصاحة.


دون الإفراد ، (١) فتقول «جاء الزّيدان نفساهما».

وكلّا اذكر في الشّمول وكلا

كلتا جميعا بالضّمير موصلا

(وكلا اذكر فى) التّأكيد المقتضي (الشّمول) (٢) أي العموم لجميع أفراد المؤكّد أو أجزائه (٣) (وكلا) و (كلتا) و (جميعا) قال المصنّف وأغفلها أكثر النّحويّين ، ونبّه سيبويه على أنّها (٤) بمنزلة كلّ معني واستعمالا ، ولم يذكر لها شاهدا من كلام العرب.

وائت (بالضّمير) المطابق (موصلا) بهذه الأربعة ، ك :

هم جميعهم لقوهم كلّهم

والدّار صارت كلّها محلّهم (٥)

واستعملوا أيضا ككلّ فاعلة

من عمّ في التّوكيد مثل النّافلة

(واستعملوا أيضا ككلّ) لفظا على وزن (فاعلة) مشتقّا (من عمّ في التّوكيد) فقالوا «جاء النّاس عامّة» ، وهو (مثل النّافلة) تاؤه تصلح للمذكّر والمؤنّث.

وبعد كلّ أكّدوا بأجمعا

جمعاء أجمعين ثمّ جمعا

ودون كلّ قد يجيء أجمع

جمعاء أجمعون ثمّ جمع

(وبعد كلّ أكّدوا بأجمعا) للمذكّر و (جمعاء) للمؤنّث و (أجمعين) للجمع

__________________

(١) فالتثنية في المرتبة الثالثة من الفصاحة.

(٢) مقابل مقتضي التقرير ، أعني النفس والعين.

(٣) فالأول نحو رأيت القوم كلهم ، والثاني نحو اشتريت الدار كلها ، أي : بجميع أجزائها.

(٤) أي : جميعا بمنزلة كل معني لكونها للشمول ككلّ واستعمالا في التبعية واتصال الضمير المطابق للمتبوع.

(٥) فجميعهم بالرفع تأكيد ل (هم) وكلهم بالنصب تأكيد ل (هم) في لقوهم ومعهما الضمير المطابق للمتبوع وكلها بالرفع تأكيد لفاعل (صارت) ومعه الضمير المؤنث المطابق لمتبوعه والأولان لشمول الأفراد والأخير للأجزاء


المذكّر (ثمّ جمعا) لجمع المؤنّث ، ولا يؤكّد بها قبله عندهم (١).

(و) لكن (دون كلّ قد يجيء) في الشّعر (أجمع) و (جمعاء) و (أجمعون ثمّ جمع) كقوله :

[يا ليتني كنت صبيّا مرضعا

تحملني الذّلفاء حولا أكتعا]

[إذا بكيت قبّلتني أربعا]

إذا ظللت الدّهر أبكي أجمعا

والمختار جوازه في النّثر ، قال صلّي الله عليه وآله : «فله سلبه أجمع».

تتمة : أكّدوا بعد أجمع بأكتع فأبصع فأبتع وبعد جمعاء بكتعاء فبصعاء فبتعاء وبعد أجمعين بأكتعين فأبصعين فأبتعين وبعد جمع بكتع فبصع فبتع وشذّ مجيء ذلك على خلاف ذلك. (٢)

ثمّ إنّ النكرة إذا لم يفد توكيدها ـ بأن كانت غير محدودة كحين وزمان فلا يجوز [تأكيدها] باتّفاق.

وإن يفد توكيد منكور قبل

وعن نحاة البصرة المنع شمل

(وإن يفد توكيد منكور) بأن كان محدودا كيوم وشهر وحول (قبل) عند الكوفيّين. قال المصنف : هو (٣) أولي بالصّواب سماعا وقياسا ، ومنه :

يا ليتني كنت صبيّا مرضعا

تحملني الذّلفاء حولا أكتعا (٤)

(وعن نحاة البصرة المنع) من توكيد النكرة (شمل) لما أفاد أيضا.

__________________

(١) أي : لا يؤكد بهذه الأربعة قبل التأكيد بكل فلا يقال جاء القوم أجمعون كلّهم.

(٢) أي : مجيء هذه التأكيدات على خلاف هذا الترتيب.

(٣) أي : جواز تأكيد النكرة إذا كان مفيدا بأن كان محدودا أولي بالصواب لسماع ذلك من العرب ولكونه مطابقا لقواعد التأكيد.

(٤) فاكتع تأكيد لحول مع أنه نكرة.


واغن بكلتا في مثنّي وكلا

عن وزن فعلاء ووزن أفعلا

(واغن (١) بكلتا في مثنّي وكلا عن وزن فعلاء) أي جمعاء في المؤنّث (ووزن أفعلا) أي أجمع في المذكّر ، وأجاز الكوفيّون استعمال ذلك (٢) قياسا.

وإن تؤكّد ألضّمير المتّصل

بالنّفس والعين فبعد المنفصل

عنيت ذا الرّفع وأكّدوا بما

سواهما والقيد لن يلتزما

(وإن تؤكّد الضّمير المتّصل بالنّفس والعين فبعد) أن يؤكّده (المنفصل عنيت) بهذا (٣) الضّمير (ذا الرّفع) ، نحو «قوموا أنتم أنفسكم» بخلاف «قوموا أنفسكم» ، ويجوز تأكيد ذا النّصب والجرّ بهما وإن لم يؤكّد بمنفصل (٤).

(وأكّدوا) الضّمير المتصل المرفوع (بما سواهما (٥) والقيد) المذكور (٦) حينئذ (لن يلتزما) فيجوز تركه.

وما من التّوكيد لفظي يجيء

مكرّرا كقولك أدرجي ادرجي

(وما من التّوكيد لفظىّ) (٧) هو الّذي (يجيء مكرّرا) ويكون في المفرد والجملة ، فالأوّل إمّا بلفظه (كقولك ادرجي ادرجي) (٨) أو بمرادفه كقوله «أنت بالخير

__________________

(١) أي : لا يجوز تأكيد التثنية المذكر بأجمع ولا المؤنث بجمعاء بل أكّدهما بكلا وكلتا فقط.

(٢) أي : تأكيد التثنية بأجمع وجمعاء.

(٣) أى : باتيان المنفصل فيما إذا كان المتبوع المتّصل مرفوعا.

(٤) نحو رأيته نفسه ومررت به نفسه.

(٥) أي : سوي النفس والعين.

(٦) أي : التأكيد بالمنفصل فيجوز تركه نحو جاؤا كلّهم أجمعون

(٧) أي : قسم من التأكيد لفظى.

(٨) المقصود تأكيد الفعل فقط وإن تكرّر معه الفاعل أيضا فلا يرد عليه أنه من تأكيد الجملة.


حقيق قمين» ، (١) والثاني إمّا يقترن بحرف عطف وهو الأكثر كقوله تعالى : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى)(٢) أولا ، كقوله :

أيا من لست أقلاه

ولا في البعد أنساه

لك الله علي ذلك

لك الله لك الله (٣)

ولا تعد لفظ ضمير متّصل

إلّا مع اللّفظ الّذي به وصل

(ولا تعد لفظ ضمير متّصل) إذا أكّدته تأكيدا لفظيّا (إلّا مع اللّفظ الّذي به وصل) نحو «مررت بك بك» و «رأيتك رأيتك» ، ولوضوح أمر المنفصل (٤) سكت عنه.

كذا الحروف غير ما تحصّلا

به جواب كنعم وكبلى

(كذا) أي كالضّمير المتّصل (الحروف غير ما تحصّلا به جواب) فيجب إعادة ما اتّصل بها ، نحو (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ)(٥)(٦). وشذّ :

حتّي تراها وكأنّ وكأن (٧)

[أعناقها مشدّدات بقرن]

واشذّ منه (٨) :

[فلا والله لا يلفي لما بي]

«ولا للما بهم» ابدا دواء

__________________

(١) فأكد (حقيق) بمرادفه في المعني وهو قمين وإن لم يتّحدا لفظا.

(٢) القيامة ، الآية : ٣٤ و ٣٥.

(٣) فلك الله جملة مبتدء وخبر كرّر للتأكيد بغير عطف.

(٤) لأن معني المنفصل أنه غير متصل بشيء ليذكر مع التأكيد.

(٥) فأكد (أنّ) مع ما اتّصل بها (كم).

(٦) المؤمنون ، الآية : ٣٥.

(٧) كرّر الحرف من غير ذكر متّصل به.

(٨) لاتّصال التابع بما لم يتّصل بالمتبوع.


أمّا الحروف الجوابيّة (كنعم وكبلى) فيجوز أن يؤكّد بإعادتها وحدها.

ومضمر الرّفع الّذي قد أنفصل

أكّد به كلّ ضمير اتّصل

(ومضمر الرّفع الّذي قد انفصل أكّد به كلّ ضمير أتّصل) مرفوعا أو غيره ، نحو (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(١) و «قمت أنت» و «أكرمتك أنت» و «مررت بك أنت».

__________________

(١) البقرة ، الآية : ٣٥.


الثالث من التوابع العطف

العطف إمّا ذو بيان أو نسق

والغرض الآن بيان ما سبق

فذو البيان تابع شبه الصّفة

حقيقة القصد به منكشفة

 (ألعطف إمّا ذو بيان أو نسق ، والغرض الآن بيان ما سبق ، (١) فذو البيان تابع شبه الصّفة) في أنّ (حقيقة القصد به منكشفة) لكنّه مخالف لها في أنّه لا يكون مشتقّا ولا مؤوّلا.

فأولينه من وفاق الأوّل

ما من وفاق الأوّل النّعت ولي

فقد يكونان منكّرين

كما يكونان معرّفين

(فأولينه من وفاق الأوّل) (٢) أي المتبوع (ما من وفاق الأوّل النّعت ولي) من تذكير وإفراد وغير ذلك.

إذا علمت ذلك (فقد يكونان) أي العطف ومتبوعه (منكّرين) نحو «إسقني شربا

__________________

(١) أي : ما سبق في البيت وهو البيان.

(٢) (من) للبيان ، أي : أعط عطف البيان من موافقة متبوعه ما أعطيت النعت من وفاق متبوعه وهو أربعة من عشرة فواحدا من التذكير والتأنيث وواحدا من الإفراد والتثنية والجمع ، وواحدا من التعريف والتنكير ، وواحدا من الرفع والنصب والجرّ.


حليبا» (كما يكونان معرّفين) نحو «ذكرت الله في الواد المقدّس طوى» ، (١)

وأشار بإتيانه بكاف التّشبيه المفهمة للقياس الشّبهيّ (٢) بل الأولويّ لأنّ احتياج النّكرة إلى البيان أشدّ من غيرها ـ إلى خلاف من منع إتيانهما (٣) نكرتين كالزّمخشري ، أو ذهب إلي اشتراط زيادة تخصيصه. (٤)

فائدة : جعل أكثر النّحويّين التّابع المكرّر به لفظ المتبوع (٥) كقوله :

__________________

(١) فطوي بيان للمقدس ، وهما معرفتان المعطوف بالعلمية والمعطوف عليه بأل ، والتبس الأمر على بعض الأساطين من الشراح حيث توهم أن المقدس عطف بيان للوادي ، وغفل من أن عطف البيان لا يكون مشتقا ولا مؤولا ، كما مرّ من الشارح قبل أسطر.

(٢) القياس إعطاء حكم شيء لشيء آخر لمشابهتهما في علة الحكم وهو على قسمين شبهيّ وأولويّ ، إذ قد تكون العلة في المشبه أقوي من المشبه به فأولويّ ، وقد يكون مساويا معه فشبهيّ.

مثلا إذا ورد دليل على أن الخمر نجس لأنه مسكر ، وكان مايع غير الخمر مسكرا بمقدار إسكار الخمر فيقاس على الخمر ، ويقال : هذا المايع نجس كما أن الخمر نجس لكونه مثل الخمر في الإسكار ، فهذا قياس شبهي وأما إذا كان الإسكار في ذلك المايع أشد من الإسكار في الخمر فالقياس أولويّ ، وهو أقوي دليلا من الشبهيّ. ففيما نحن فيه نعلم أن عطف البيان أنما يؤتي به لبيان المعطوف عليه وإيضاحه وعطف البيان في المعرفة مسلم عند النحاة ، وأما النكرة وإن لم يرد من أقوال النحاة دليل على مجيئه عطف بيان إلا أن قياسه علي المعرفة دليل عليه. فاستدلّ المصنف بهذا الدليل لمجيء النكرة عطف بيان لتشبيهه النكرة بالمعرفة ، وفي هذا إشارة إلى خلاف من منع من إتيان عطف البيان ، ومعطوفه نكرتين كالزمخشري أو خلاف من أجاز عطف البيان في النكرة لكن بشرط أن يكون في المعطوف زيادة تخصيص للمعطوف عليه.

فدفع الخلافين بدليل القياس وحاصله أنه لا معني لإتيان المعرفة بيانا ولا نجوّز ذلك في النكرة مع أن العلّة موجودة في النكرة.

(٣) أي : المعطوف والمعطوف عليه.

(٤) نحو جائني انسان رجل.

(٥) لا معناه ، فإن (نصر) التابع أي : الثاني مصدر ، والمتبوع علم لشخص ، فكأنه قال يا نصر الذي هو نصر للناس نصرا ، والثالث مفعول مطلق معمول لنصر الثاني ، والمراد أنه إذا كان التابع تكرار اللفظ المتبوع


[إنّي وأسطار سطرن سطرا]

لقائل يا نصر نصر نصرا

عطف بيان. قال المصنف : والأولي عندي جعله توكيدا لفظيّا ، لأنّ عطف البيان حقّه أن يكون للأوّل به زيادة وضوح ، وتكرير اللّفظ لا يتوصّل به إلى ذلك.

وصالحا لبدليّة يرى

في غير نحو يا غلام يعمرا

(وصالحا لبدليّة يرى) (١) عطف البيان (فى) جميع المسائل (غير) مسألتين :

الأولي أن يكون التّابع مفردا معربا والمتبوع منادي (نحو يا غلام يعمرا) (٢) فيجب في هذه الحالة كونه عطف بيان ، ولا يجوز أن يكون بدلا لأنّه لو كان [بدلا] لكان في تقديره حرف النّداء ، (٣) فيلزم ضمّه.

ونحو بشر تابع البكريّ

وليس أن يبدل بالمرضيّ

(و) الثّانية ـ أن يكون المعطوف خاليا من لام التّعريف والمعطوف عليه معرّفا بها مجرورا بإضافة صفة مقترنة بها (٤) (نحو بشر) الّذي هو (تابع البكريّ) في قوله :

أنا ابن التّارك البكري بشر

[عليه الطّير ترقبه وقوعا]

فيجب في هذه الحالة أن يكون عطفا (وليس أن يبدل بالمرضىّ) عندنا ، لأنّه حينئذ يكون في تقدير إعادة العامل ، فيلزم إضافة الصّفة المعرفة باللّام إلي الخالي عنها ،

__________________

دون معناه جعله أكثر النحويّين عطف بيان ، وأما إذا كان تكرارا لفظا ومعني فلا خلاف في أنه تأكيد ، فتدبّر.

(١) يعني : كل تابع يصلح لأن يكون عطف بيان يصلح لأن يكون بدلا ، إلّا في موردين.

(٢) فيعمر مفرد معرب وغلام منادي مبني على الضم لكونه نكرة مقصودة.

(٣) لأن البدل في نية تكرار العامل ولو تكرر العامل وهو حرف النداء لصار يعمر مبنيا على الضم ، لأنه يصير بذلك منادي مفرد معرفة.

(٤) أي : بلام التعريف.


وهو غير جائز ، كما تقدّم ، (١) وهو مرضي عند الفرّاء لتجويزه ما يلزم عليه ، (٢) وقد تقدّم تأييده.

تنبيه : استشكل ابن هشام في حاشية التّسهيل ما علّلنا به هاتين المسألتين بأنّهم يغتفرون في الثّواني [أي التّوابع] ما لا يغتفرون في الأوائل ، (٣) وقد جوّزوا في «إنّك أنت» كون أنت تأكيدا [للكاف] وكونه بدلا مع أنّه لا يجوز «إنّ أنت».

__________________

(١) في باب الإضافة.

(٢) الضمير يعود إلى تقدير إعادة العامل ، يعني لتجويز الفراء ما يلزم على هذا التقدير ، وهو إضافة الصفة المعرّفة باللام إلى الخالي عنها وقد تقدم تأييد قول الفرّاء باستعمال الإمام الشافعي له في خطبته بقوله : (الجاعلنا) في باب الإضافة.

(٣) يعني عدم جواز إضافة الصفة المعرف باللام إلى الخالي عنه أنما هو في الأوائل ، أي : غير التوابع ، وأما في الثوانى ، أي : التوابع فلا بأس ، والدليل على ذلك أنهم جوزوا في (إنك أنت) أن يكون (أنت) بدلا مع انّه لا يجوز دخول إن على أنت.


القسم الثاني من قسمى العطف عطف النّسق

وهو بفتح السّين : اسم مصدر «نسقت الكلام أنسقه» أي عطفت بعضه علي بعض ، والمصدر بالتّسكين.

تال بحرف متبع عطف النّسق

كاخصص بودّ وثناء من صدق

(تال بحرف متبع) بكسر الباء (عطف النّسق (١) كأخصص بودّ وثناء من صدق).

فالعطف مطلقا بواو ثمّ فا

حتّي أم أو كفيك صدق ووفا

(فالعطف مطلقا) أي لفظا ومعنى (٢) (بواو) و (ثمّ) و (فاء) و (حتّى) بالإجماع ، و

__________________

(١) عطف النسق مبتدء وتال خبره المقدم وباء بحرف بمعني مع والجار والمجرور ومتعلّق بتال ومتبع صفة لتال والمعنى : عطف النسق تابع مع حرف معقّب.

فتال بحرف يخرج التوابع الآخر من النعت والبيان والبدل ، سوي التابع الذي مع بعض الحروف كالنعت في قولنا جائني زيد العالم ، لأنّ العالم مع حرف التعريف فأخرجه بقوله متبع لأنّ حرف التعريف ليست من الحروف المتبعة أي : المعقّبة لشيء عقيب شيء.

(٢) فإن هذه الحروف كما تعطف لفظا أي إعرابا كذلك تعطف معني أيضا ، بمعني أنّها تعطي للمعطوف حكم المعطوف عليه مثلا الواو في قلنا جاء زيد وعمرو ، كما أنها تعطي لعمرو إعراب زيد ، تعطيه حكم زيد ، أي : المجىء أيضا بخلاف لا العاطفة مثلا ففي قولنا جاء زيد لا عمرو المجيء ثابت لزيد ، ومنفي عن عمرو.


كذا (أم) و (أو) علي الصّواب (١) (كفيك صدق ووفا).

وأتبعت لفظا فحسب بل ولا

لكن كلم يبد امرؤ لكن طلا

(وأتبعت لفظا فحسب) أي لا معني (بل) عند سيبويه (٢) (ولا) و (لكن) عند الجميع وليس عند الكوفيّين (٣) (كلم يبد أمرؤ لكن طلا) أي ولد بقر الوحش.

فاعطف بواو لاحقا أو سابقا

في الحكم أو مصاحبا موافقا

(فاعطف بواو لا حقا) في الحكم ، نحو (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ)(٤)(٥).

أو سابقا في الحكم) نحو (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ(٦)

__________________

(١) اختلفوا في أن (أم وأو) عاطفان مطلقا لفظا ومعني أو لفظا فقط فذهب بعضهم ومنهم المصنف والشارح إلى الأول ، لأنّ زيدا وعمرا في قولنا في الدار زيد أو عمرو وكذا قولنا في الدار زيد أم عمرو متساويان عند المتكلّم في صلاحيّة كونهما في الدار وكذا في الشكّ في تعيّن كل واحد منهما وذهب بعض إلى الثاني ودليلهم عدم اجتماعهما في الحكم عند المتكلّم ففي المثال يري المتكلّم أنه إن كان في الدار زيد فعمرو خارج عنها وبالعكس فحكم المتبوع غير ثابت للتابع.

(٢) لا خلاف بينهم في أنّ (بل) في النفي والنهي لعطف اللفظ فقط دون المعنى ، وإنما الخلاف فيما إذا وقعت في الإثبات والأمر نحو جاء زيد بل عمرو أو أضرب زيدا بل عمرا فالأكثر على أنها للعطف لفظا ومعنى ، فإن المعني جاء زيد بل عمرو أيضا جاء ، وأضرب زيدا بل عمرا أيضا أضربه.

وقال سيبويه : أنها في الإثبات والأمر أيضا للعطف اللفظي فقط فإنها للإضراب والإضراب رفع اليد عن الحكم السابق وإثباته للّاحق فالمعطوف والمعطوف عليه ليسا مشتركين في الحكم.

(٣) الخلاف في ليس في أنها تستعمل للعطف أم لا ، فذهب الكوفيون إلى جوازه نحو جاء زيد ليس عمرو برفع عمرو ومنعه الآخرون وقالوا أنها لا تستعمل إلّا فعلا ناسخا للمبتدا والخبر ، وليس الخلاف في أنّها لمطلق العطف أو اللفظ فقط كما يوهمه ظاهر العبارة.

(٤) فإن إرسال إبراهيم لاحق ومتأخّر عن إرسال نوح.

(٥) الحديد ، الآية : ٢٦.

(٦) فإن الوحي للذين من قبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سابق ومتقدم على الوحي للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.


اللهُ)(١) (أو مصاحبا موافقا) فيه ، نحو (فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ)(٢)(٣).

واخصص بها عطف الّذي لا يغني

متبوعه كاصطف هذا وابني

(و) على هذا (٤) (اخصص بها عطف الّذي لا يغني متبوعه) عنه كفاعل ما يقتضي الإشتراك (كاصطف هذا وابني) و «تخاصم زيد وعمرو» (٥).

والفاء للتّرتيب باتّصال

وثمّ للتّرتيب بانفصال

(والفاء للتّرتيب باتّصال) وتعقيب ، نحو (الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ)(٦)(٧).

وأمّا قوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً)(٨)(٩) ، فمعناه أردنا

__________________

(١) الشورى ، الآية : ٣.

(٢) فالمعطوف أي : أصحاب السفينة موافق للمعطوف عليه ، وهو الضمير العائد إلى نوح في الانجاء لانهم انجوا في وقت واحد.

(٣) العنكبوت ، الآية : ١٥.

(٤) أي : على ما ذكر من أن الواو يعطف بها المصاحب الموافق اختص عطف التابع الذي لا يغني متبوعه بالواو ، لأن الذي لا يغني متبوعه عنه أي : يحتاج إليه مصاحب لمتبوعه وليس في حروف العطف ما يصلح لعطف المصاحب غير الواو فيختص عطفه بالواو لا بغيره من العواطف.

(٥) إنما مثل بمثالين لأن اقتضاء الاشتراك قد يكون ذاتيا كالاصطفاف ، إذا لا يمكن حصول الصف بواحد ، وقد يكون نوعيا كالتخاصم لإمكان أن يكون شخص خصما لآخر ، ولا يكون الآخر خصما له ، لكن نوع الفعل الذي هو باب التفاعل يقتضي أن يكون بين اثنين.

(٦) فإن تسوية أجزاء البدن بعد الخلقة ومتصلة بها.

(٧) الانفطار ، الآية : ٧.

(٨) ظاهر الآية تقدم المعطوف وهو مجيء البأس ، أي : الغضب على المعطوف عليه أي : الإهلاك على خلاف ما ذكر أن الفاء للتعقيب فأجاب بأنّ المعطوف مقدّر ، وهو أردنا ومعلوم أن مجيء البأس عقيب إرادة الله عزّ وجلّ.

(٩) الأعراف ، الآية : ٤.


إهلاكها فجاءها ، وقوله تعالى : (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى)(١)(٢) فمعناه فمضت مدّة فجعله.

(وثمّ للتّرتيب) لكن (بانفصال) ومهلة ، نحو (فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ)(٣)(٤) وتأتي بمعني الفاء ، نحو :

[كهز الرّديني تحت العجاج]

جري في الأنابيب ثمّ اضطرب (٥)

واخصص بفاء عطف ما ليس صلة

علي الّذي استقرّ أنّه الصّلة

(واخصص بفاء عطف ما ليس صلة) بأن خلا من العائد (علي الّذي أستقرّ أنّه الصّلة) نحو «الّذي يطير فيغضب زيد الذّباب» (٦) ولا يجوز عطفه بغيرها لأنّ شرط ما عطف علي الصّلة أن يصلح لوقوعه صلة. وإنّما لم يشترط ذلك في العطف بالفاء لجعلها ما بعدها مع ما قبلها في حكم جملة واحدة لإشعارها بالسّببيّة.

بعضا بحتّى اعطف على كلّ ولا

يكون إلّا غاية الّذي تلا

وأم بها اعطف إثر همز التّسوية

أو همزة عن لفظ أي مغنية

__________________

(١) هذا إشكال على قيد الاتصال ، فإن جعل المرعي غثاءا أي باليا يقع بعد إخراج المرعي بمدة طويلة ، ولا يكون متصلا به ، فأجاب بأن المعطوف عليه هنا أيضا مقدّر ، وليس المذكور والتقدير أخرج المرعى ، فمضت مدة فجعله غثاء أحوى ، ومعلوم أنّ جعله غثاء متصل بمضي المدة.

(٢) الاعلى ، الآية : ٤ و ٥.

(٣) ومشيئة النشر ، أي : القيامة منفصل عن الإقبار أي الدفن بمدة طويلة.

(٤) عبس ، الآية : ٢١ و ٢٢.

(٥) المعطوف ، وهو اضطرب متصل بالمعطوف عليه (جري في الأنابيب) لأن اضطراب الرمح يقع بعد جريه في الأنابيب بغير فصل.

(٦) عطف بالفاء (يغضب) وهو خال من الضمير لرفعه الظاهر (زيد) على (يطير) وهو متحمل للضمير ، والذباب خبر للّذي.


(بعضا) تحقيقا أو تأويلا (بحتّي اعطف علي كلّ) نحو «أكلت السّمكة حتّي رأسها» (١).

ألقي الصّحيفة كي يخفّف رحله

والزّاد حتّى نعله ألقاها (٢)

(ولا يكون) المعطوف بها (إلّا غاية الّذي تلا) (٣) رفعة أو خسّة ،

نحو :

قهرناكم حتّي الكماة فأنتم

تهابوننا حتّي بنينا الأصاغر (٤)

فرع : حتّي في عدم التّرتيب كالواو (٥).

(وأم) باتّصال (٦) (بها اعطف بعد همز التّسوية) وهي الهمزة الدّاخلة علي جملة في محلّ المصدر ، نحو (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا)(٧).

وربّما أسقطت الهمزة إن

كان خفا المعني بحذفها أمن

[ولست أبالي بعد فقدي مالكا]

أموتي ناء أم هو الآن واقع (٨)

__________________

(١) بنصب رأس مثال للبعض الحقيقي ، فإن المعطوف (رأس) بعض السمكة حقيقة.

(٢) المعطوف وهو نعله بعض المعطوف عليه أي الزاد تأويلا لأن النعل ليس بعضا من الزاد حقيقة ، بل بعض مجازي.

(٣) غاية الشيء نهايته وآخره.

(٤) فالكماة غاية (كم) في قهرناكم رفعة إذ المعني غلبناكم حتى شجعانكم و (بنينا الأصاغر) غاية (نا) في تهابوننا في الخسة والضعف ، لأن المعني تخافون منا حتي من أطفالنا الصغار.

(٥) فيعطف بها المتقدّم على المتأخر وبالعكس.

(٦) أم المتصلة ما وقع بين جملتين مرتبطتين بحيث يتمّ إحداها بالأخرى ، كارتباط جملتي الشرط والجزاء والمنفصلة ما وقع بين جملتين مستقلتين ولهذا تسمي المنفصله كما يظهر ذلك في أمثلة القسمين.

(٧) إبراهيم ، الآية : ٢١.

(٨) هذا مثال لما كانت الجملتان اسميّتين كما أن الذي قبله للفعليتين ، وكلاهما مؤولان بالمصدر ، فالأول تقديره سواء علينا الجزع والصبر ، والثاني تقديره لست أبالي بنأي موتي ووقوعه الآن.


(سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ)(١)(٢). (أو همزة عن لفظ أي مغنية) بأن طلب بها وبأم التّعيين ، (٣) نحو : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ)(٤) ، (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ)(٥).

[لعمرك ما أدري وإن كنت داريا]

شعيث بن سهم أم شعيث بن منقر

فقمت للطّيف مرتاعا فأرّقني

فقلت أهي سرت أم عادني حلم

(أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ)(٦).

وربّما اسقصت الهمزة إن كان خفا المعني بحذفها أمن) نحو (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ)(٧)(٨).

__________________

(١) مثال لاختلاف الجملتين ، فإن المعطوفة اسمية والمعطوف عليها فعلية.

(٢) الأعراف ، الآية : ١٩٣.

(٣) وهذا معني أي ، لأن الاستفهامية لطلب التعيين.

واعلم أن أم الواقعة بعد همزة التسوية لا تقع إلّا بين جملتين ، كما مر في الأمثلة ، وأما التي تقع بعد همزة الاستفهام فيجوز عندهم أن يقع بين مفردين أو جملتين ، والمفردان قد يكونان مسندين كالمثال الأول ، فإن بعيد وقريب خبران لمبتدء مقدّر ، أي : هو قريب أم هو بعيد ، وقد يكونان مسندا إليهما كالمثال الثاني لأن المعطوف والمعطوف عليه أعني أنتم والسماء مبتدآن ، أي : أنتم أشدّ أم السماء أشدّ؟

والجملتان قد تكونان مبدوّتين بالمسند إليه كما في البيت الأول ، لأن شعيب في الجملتين مبتدأ ، وبعده خبره.

وقد تكون الأولي مبدوّة بالمسند إليه والثانية بالمسند ، كما في البيت الثاني ، فالأولي مبدوّة بهي و (هي) مبتدء ، والثانية مبدوّة (بعاد) وهو فعل فاعله (حلم).

وقد تكونان مبدوّتين بالمسند كما في الآية ، فقريب خبر لما و (يجعل) فعل و (ربّي) بعده فاعله ، والصحيح أن المعطوف والمعطوف عليه في الموارد الخمسة جملتان.

(٤) الأنبياء ، الآية : ١٠٩.

(٥) النازعات ، الآية : ٢٧.

(٦) الجن ، الآية : ٢٥.

(٧) على قراءة من حذف همزة الاستفهام.

(٨) البقرة ، الآية : ٦.


وبانقطاع وبمعني بل وفت

إن تك ممّا قيّدت به خلت

[فو الله ما أدري وإن كنت داريا]

بسبع رمين الجمر أم بثمان (١)

(وبانقطاع و) هي الّتي (بمعني بل وفت) (٢) مع اقتضاء الإستفهام كثيرا (إن تك ممّا قيّدت به) من تقدّم إحدي الهمزتين عليها (خلت) نحو (لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ)(٣) ، (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها)(٤)(٥) ، وقد لا يقتضي الإستفهام نحو (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ)(٦)(٧).

خيّر أبح قسّم بأو وأبهم

واشكك وإضراب بها أيضا نمي

(خيّر أبح قسم بأو) نحو «تزوّج هندا أو أختها» و «اقرأ فقها أو نحوا» و «الاسم نكرة أو معرفة» ، (٨) والفرق بين الإباحة والتّخيير جواز الجمع في تلك دونه (٩).

__________________

(١) والتقدير أبسبع.

(٢) أي : (أم) التي أتت بمعني بل ، وهي للإضراب ، أي : الانصراف ، ورفع اليد عن المعطوف عليه.

(٣) السّجدة ، الآية : ٢ و ٣.

(٤) لا يتوهّم أنّ (أم) هنا واقعة بعد همزة الاستفهام ، فهي من أقسام المتّصلة فإنّ الاستفهام في المتّصلة لطلب التّعيين ، وهنا لإنكار المعطوف والمعطوف عليه فإنّ المراد بالآية ما يعبد من دون الله وأنّهم لا أرجل لهم فيمشون ولا أيدي لهم فيبطشون.

(٥) الأعراف ، الآية : ١٩٥.

(٦) لأن (هل) للاستفهام ، فإرادة الاستفهام من (أم) تحصيل للحاصل.

(٧) الرعد ، الآية : ١٦.

(٨) فالأول للتخيير ، والثاني للإباحة ، والثالث للتقسيم ، أي : أنت مخيّر ، لأن تتزوج بهند أو أختها ويباح لك قراءة الفقه والنحو والاسم على قسمين نكرة ومعرفة.

(٩) أي : إذا كانت أو للاباحة يجوز الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه كجواز الجمع بين الفقه والنحو دون التخيير لعدم جواز الجمع بين الأختين.


(وأبهم) (١) بها أيضا ، نحو (إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٢) (واشكك) (٣) نحو (لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ)(٤) (وإضراب (٥) بها أيضا نمي) أي نسب للكوفيّين وأبي علي وابن برهان ، نحو :

ماذا تري في عيال قد برمت بهم

لم أحص عدّتهم إلّا بعدّاد

كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية

لو لا رجاؤك قد قتّلت أولادي (٦)

وربّما عاقبت الواو إذا

لم يلف ذو النّطق للبس منفذا

(وربّما عاقبت) أو (الواو) أي جاءت بمعناها (٧) (إذا لم يلف ذو النّطق) أي لم يجد المتكلّم (للبس منفذا) بل أمنه ، نحو

جاء الخلافة أو كانت له قدرا (٨)

[كما أتي ربّه موسي علي قدر]

ومثل أو في القصد إمّا الثّانية

في نحو إمّا ذي وإمّا النّائية

(ومثل أو فى) إفادة (القصد (٩) إمّا الثّانية في نحو) انكح (إمّا ذي وإمّا

__________________

(١) الإبهام أن يجعل المخاطب في الترديد مع علم المتكلم بتعين أحد الامرين ، ففي الآية أخرج الكلام في صورة الاحتمال مع العلم بأن من وحد الله وعبده فهو على هدى ، وانّ من عبد غيره فهو في ضلال.

(٢) السّبأ ، الآية : ٢٤.

(٣) أي : استعمل (أو) في مورد شك المتكلم ، كما في الآية ، فإن الكلام صدر ممن يشك في مقدار لبثه.

(٤) المؤمنون ، الآية : ١١٣.

(٥) الإضراب رفع اليد عن المعطوف عليه إلى المعطوف صاعدا أو نازلا ، والموضوع للإضراب في الأصل (بل) فالأول كالبيت الآتي ، و (الثاني) نحو وفيت ديني فما بقي إلّا مأة ، بل خمسون.

(٦) أي : بل زادوا ثمانية فصرف النظر عن قوله ثمانين إلى الزيادة بثمانية ، فالمعني بل هم ثمانية وثمانون.

(٧) جائت أو بمعني الواو ، لإفادة الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه.

(٨) فمعلوم هنا أن المتكلم لم يكن في مقام الترديد ، بل يريد أن الخلافة جائت وأنها بقدر من الله تعالى.

(٩) أي : في معاني (أو) الستة الإباحة والتقسيم والتخيير والإبهام والتشكيك والإضراب.


النّائية) (١) و «جالس إمّا الحسن وإمّا ابن سيرين» (٢) إلي آخره ، وأكثر النّحويّين علي أنّ إمّا هذه عاطفة وخالفهم ابن كيسان وأبو على ، وتبعهما المصنّف تخلّصا (٣) من دخول عاطف علي عاطف وفتح همزتها لغة تميميّة.

فرع : يستغني عن «إمّا» بأو ، نحو «قام إمّا زيد أو عمرو» ، وعن الأولي بالثّانية ، كقوله :

نهاض بدار قد تقادم عهدها

وإمّا بأموات ألمّ خيالها (٤)

وعن «إمّا» بـ «وإلّا» ، (٥) كقوله :

فإمّا أن تكون أخي بصدق

فأعرف منك غثّي من سميني

وإلّا فاطّرحني واتّخذني

عدوّا أتّقيك وتتّقيني (٦)

وقد يستغني عن «ما» كقوله :

وقد كذّبتك نفسك فاكذبنها

فإن جزعا وإن إجمال صبر (٧)

وقد يجيء «إمّا» عارية (٨) عن الواو ، كرواية قطرب :

__________________

(١) أي : انكح ، إمّا هذه المرأة أو تلك البعيدة فهنا لإفادة التخيير.

(٢) هذا للإباحة ، وللتقسيم نحو الكلمة إمّا اسم وإمّا فعل وإمّا حرف ، وللإبهام نحو أنا إمّا متزوج أو أعزب إذا أردت إخفاء أمرك على المخاطب والتشكيك كقولك فلان إمّا إلى الجنة وإمّا إلى النار ، والإضراب كقولك إني بلغت إمّا السبعين وإمّا الثمانين.

(٣) أي : مخالفتهم في عاطفية (امّا) هذه لأجل التخلّص من إشكال دخول عاطف على عاطف ، لأن الواو عاطف ، فإذا قلنا ان (إمّا) أيضا عاطف تورّطنا في هذا الإشكال.

(٤) إذا التقدير (إمّا بدار) فاستغني عنها (وإمّا بأموات).

(٥) مركبة من واو العطف وإن الشرطية ولا النافية.

(٦) والتقدير وامّا فاطرحنى.

(٧) في الأصل فإمّا جزعا وإمّا إجمال صبر فحذفت (ما) فإن أصل (إمّا) أن ما أدغمت النون في الميم.

(٨) أي : خالية عن الواو.


لا تفسدوا آبالكم

أيمالنا أيمالكم (١)

وأول لكن نفيا أو نهيا ولا

نداء أو أمرا أو إثباتا تلا

(وأول لكن) (٢) عارية عن الواو (نفيا أو نهيا) وأتبعها بمفرد ، نحو «ما قام زيد لكن عمرو» و «لا تضرب زيدا لكن عمرا»

(و «لا» (٣) نداء أو أمرا أو إثباتا تلا) كـ «يا ابن أخي لا ابن عمّي» و «اضرب زيدا لا عمرا» و «قام زيد لا عمرو» ، وخالف ابن سعدان في الأوّل ، (٤) و «لا» مبتدأ خبره «تلا» النّاصب لما قبله (٥) مفعولا.

وبل كلكن بعد مصحوبيها

كلم أكن في مربع بل تيها

وانقل بها للثّان حكم الأوّل

في الخبر المثبت والأمر الجلي

(وبل كلكن بعد مصحوبيها ، (٦) كلم أكن في مربع بل تيها) و «لا تضرب زيدا بل عمرا» (وانقل بها للثّان حكم الأوّل) إذا وقعت (في الخبر المثبت والأمر الجلي) نحو «قام زيد بل عمرو» و «اضرب زيدا بل خالدا» ، (٧) وأجاز المبرّد كونها ناقلة في غير ما ذكر (٨).

__________________

(١) والأصل إمّا لنا وإمّا لكم وامّا غير (قطرب) فقرأ و (إما) لا (إيما).

(٢) أي : ضعها بعد نفي أو نهي.

(٣) (لا) عطف على (لكن) و (نداء) مفعول (تلا) أي : ولا تلا نداء أو أمرا أو إثباتا.

(٤) أي : في وقوعها بعد النداء.

(٥) أي : لما قبل تلا وهو (نداء) وما بعده.

(٦) أي : بعد مصحوبي لكن وهما النفي والنهي ، أي : مثل لكن في العطف ، ونفي حكم الأول عن الثاني.

(٧) فالقيام في الجملة الأولي ثابت لعمرو والضرب في الثانية ثابت لخالد.

(٨) أي : في النفي والنهي أيضا ، فيجوز في قولنا لا تضرب زيدا بل عمرا قصد نقل النهي إلى عمرو ، أي : لا تضرب عمرا أيضا وكذا النفى.


فصل : الضّمير المنفصل والمنصوب المتّصل كالظّاهر في جواز العطف عليه من غير شرط (١).

وإن علي ضمير رفع متّصل

عطفت فافصل بالضّمير المنفصل

أو فاصل مّا وبلا فصل يرد

في النّظم فاشيا وضعفه اعتقد

(وإن علي ضمير رفع متّصل) بارز أو مستتر (عطفت فافصل) بينهما (بالضّمير المنفصل) نحو (كُنْتُمْ أَنْتُمْ) أو (آباؤُكُمْ)(٢)(٣)(اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(٤). (أو فاصل مّا) (٥) نحو (يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ)(٦)(٧)(ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا)(٨)(٩).

(وبلا فصل يرد) العطف (في النّظم فاشيا) وفي النّثر قليلا ، نحو :

[ورجي الأخيطل من سفاهة رأيه]

ما لم يكن وأب له لينالا (١٠)

وحكي سيبويه «مررت برجل سواء والعدم» (١١) (و) مع ذلك (ضعفه اعتقد) (١٢).

__________________

(١) أي : من غير شرط الفصل كما في المرفوع المتصل ، فالمنفصل نحو أنت وزيد عالمان وإياك والشر ، والمنصوب المتصل نحو نصرتك وزيدا.

(٢) عطف آبائكم على (تم) في كنتم وفصل (بأنتم) مثال للبارز ، والمثال الثاني للمستتر ، إذ المعطوف عليه فيه الضمير المستتر في (اسكن).

(٣) الأنبياء ، الآية : ٥٤.

(٤) البقرة ، الآية : ٣٥.

(٥) أي : أي فاصل كان ولو غير الضمير المنفصل.

(٦) عطف (من) على الواو في يدخلون ، والفاصل ضمير المفعول (ها).

(٧) الرعد ، الآية : ٢٣.

(٨) المعطوف آبائنا ، والمعطوف عليه (نا) في أشركنا والعاطف (لا) والفاصل واو الزائدة.

(٩) الأنعام ، الآية : ١٤٨.

(١٠) عطف (أب) على المرفوع المتصل في يكن من غير فصل.

(١١) عطف العدم على الضمير المستتر في سواء ، أي : سواء هو والعدم.

(١٢) أي : ومع أن سيبويه حكي ذلك عن العرب فهو ضعيف.


وعود خافض لدي عطف على

ضمير خفض لازما قد جعلا

(وعود خافض لدي عطف علي ضمير خفض لازما قد جعلا) (١) عند جمهور البصريّين ، نحو (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً)(٢) ، (نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ)(٣) وعلّلوه (٤) بأنّ ضمير الجرّ حينئذ شبيه بالتّنوين ومعاقب له فلم يجز العطف عليه كالتّنوين ، وبأنّ (٥) حقّ المعطوف والمعطوف عليه أن يصلحا لحلول كلّ واحد منهما محلّ الآخر ، وضمير الجرّ لا يصلح لذلك (٦) فامتنع إلّا بإعادة الجارّ. قال المصنف :

وليس عندي لازما إذ قد أتى

في النّظم والنّثر الصّحيح مثبتا

والفاء قد تحذف مع ما عطفت

والواو إذ لا لبس وهي انفردت

بعطف عامل مزال قد بقي

معموله دفعا لوهم اتّقي

(وليس عندي لازما) تبعا ليونس والأخفش والزّجّاج والكوفيّين لأنّ شبه

__________________

(١) يعني إذا عطفت على الضمير المجرور يجب إعادة الجارّ على المعطوف سواء كان الجار مضافا أو حرف جر كما تري في الآيتين الأولي لحرف الجر (ل) والثانية للمضاف (إله).

(٢) فصّلت ، الآية : ١١.

(٣) البقرة ، الآية : ١٣٣.

(٤) هذا التعليل خاص بالمجرور بالإضافة ، وحاصله أن ضمير الجر حين وقوعه مضافا إليه شبيه بالتنوين لاتصاله بالاسم وتمامية الاسم به وأنه خلف ومعاقب للتنوين لحذف التنوين عند الإضافة ، وكما لا يجوز العطف على التنوين بدون المنون فكذا لا يجوز العطف على الضمير المضاف إليه بدون المضاف.

(٥) هذا الدليل مشترك بين المجرور بالإضافة وحرف الجرّ وحاصله أن قاعدة العطف أن يصلح كل من المعطوف والمعطوف عليه وقوعه مقام الآخر ، بأن يتقدم المعطوف على المعطوف عليه ، وضمير الجر لا يصلح لذلك أي : لا يقع مقام المعطوف ، ففي مثل قولنا له ولزيد مال إذا لم نعد اللام صار له وزيد مال فإذا قدمنا المعطوف صار لزيد و (ه) مال فاستعمل الضمير المتصل منفصلا.

(٦) لكونه ضميرا متصلا ، فإن أخّرناه انفصل ولا يستعمل المتصل منفصلا.


الضّمير بالتنوين ، لو منع من العطف عليه لمنع من توكيده والإبدال منه (١) كالتّنوين ، مع أنّ ذلك جائز بالإجماع ولأنّه لو كان الحلول (٢) شرطا في صحّة العطف لم يجز «ربّ رجل وأخيه» (٣) لامتناع دخول ربّ علي المعرفة ـ كما تقدّم ـ مع جوازه. وأيضا لنا السّماع (إذ قد أتي في النّظم والنّثر الصّحيح مثبتا) كقراءة حمزة وابن عبّاس والحسن ومجاهد وقتادة والنّخعي والأعمش وغيرهم (الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)(٤)(٥) وحكاية قطرب «ما فيها غيره وفرسه (٦) وأنشأ سيبويه

[فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا

فاذهب] فما بك والأيّام من عجب

(والفاء قد تحذف مع ما عطفت) إذا أمن اللّبس نحو (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(٧) أي فأفطر فعدّة.

(و) كذا (الواو) تحذف مع ما عطفت (إذ لا لبس) نحو (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ)(٨) أي والبرد وقد يحذف العاطف [وحده] كقوله صلّي الله عليه وآله «تصدّق رجل من ديناره من درهمه من صاع برّه من صاع تمره» وحكاية أبي عثمان عن أبي زيد (أكلت خبزا لحما تمرا).

(وهى) أي الواو (انفردت بعطف عامل مزال) أي محذوف (وقد بقي معموله)

__________________

(١) أي : من الضمير كما لا يجوز تأكيد التنوين والإبدال منه مع أن تأكيد الضمير المجرور جائز نحو غلامك نفسك ، وكذا الإبدال منه نحو غلامك أنت.

(٢) أي : حلول كل واحد من المتعاطفين محل الآخر.

(٣) فإن مقتضي هذه القاعدة صحة أن تقول ربّ أخيه ورجل فدخل ربّ على المعرفة وهو ممتنع.

(٤) فعطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار ولم يقل (بالأرحام) وهذا مثال لحرف الجر.

(٥) النساء ، الآية : ١.

(٦) أي : وغير فرسه فلم يعد الجار وهو المضاف ، وهذا مثال للجر بالإضافة.

(٧) البقرة ، الآية : ١٨٤.

(٨) النحل ، الآية : ٨١.


مرفوعا كان (ذلك المعمول الباقي) نحو (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(١) أي ولتسكن زوجك ، أو منصوبا نحو (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ)(٢) أي وألفوا (٣) الإيمان ، أو مجرورا نحو «ما كلّ سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة» أي ولا كلّ بيضاء شحمة» ، ولم يجعل العطف فيهنّ علي الموجود في الكلام (٤) (دفعا لوهم أتّقي) وهو (٥) رفع [فعل] الأمر للظّاهر في الأوّل وكون الإيمان متبوّء في الثّاني ، والعطف علي معمولي عاملين في الثّالث.

وحذف متبوع بدا هنا استبح

وعطفك الفعل علي الفعل يصحّ

واعطف علي اسم شبه فعل فعلا

وعكسا استعمل تجده سهلا

(وحذف متبوع (٦) بدا) أي ظهر (هنا استبح) نحو (وَلِتُصْنَعَ عَلى

__________________

(١) البقرة ، الآية : ٣٥.

(٢) الحشر ، الآية : ٩.

(٣) بفتح الهمزة وكسر اللام من الألفة بمعني الأنس.

(٤) أي : على (أنت) في الأولي و (الدار) في الثانية و (سوداء تمرة) في الثالثة.

(٥) أي : الوهم والإشكال المدفوع في الأول رفع فعل الأمر وهو (اسكن) للظاهر ، وهو زوجك إذ لو كان زوجك عطفا على أنت يصح حلوله محله فيكون فاعلا لاسكن وفعل الأمر لا يرفع الظاهر.

والإشكال المتوهم في الثاني لزوم أن يكون الإيمان مبتوّءا أي : مكانا فإن مقتضي عطفه على الدار حلوله محل الدار فيصير تبوّئوا الإيمان أي : حلّوا في الإيمان.

والإشكال المتوهم في الثالث العطف بعاطف واحد على معمولين لعاملين مختلفين ، لأن سوداء معمول لكل بالإضافة وتمرة معمول لما المشبهة بليس لأنها خبرها وهذا العطف يحتاج إلى عاطفين وعاطف واحد لا يكفي لذلك.

وقوله دفعا لوهم أتقي اشارة إلى أن الإشكال في الثلاثة موهم لا أساس له ، وإنما الدفع اتقاء واحتياط وذلك لأن الإشكال في الأولين مبتن على حلول المتعاطفين محل الآخر ، وقد مر من المصنف رده والمنع في الثالث مختلف فيه بين النحاة وظاهر الأكثر عدم المنع.

(٦) أي : حذف (معطوف عليه) معلوم عند السامع جائز ، وهنا أي في عطف النسق.


عَيْنِي)(١) أي لترحم ولتصنع (٢).

(وعطفك الفعل علي الفعل) إن اتّحد في الزّمان (يصحّ) نحو (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ)(٣)(٤) ولا يضرّ اختلافهما في اللّفظ (٥) نحو (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً)(٦)(٧).

(واعطف علي اسم شبه فعل (٨) فعلا) نحو (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ)(٩) (وعكسا (١٠) استعمل تجده سهلا) نحو (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ)(١١).

__________________

(١) طه ، الآية : ٣٩.

(٢) فحذف المتبوع (ولترحم) للعلم به.

(٣) لأن زمان إحياء البلدة والسقي واحد.

(٤) الفرقان ، الآية : ٤٩.

(٥) بأن يكون أحد الفعلين بلفظ الماضي والآخر بلفظ المضارع إذا كانا متحدين في المعني زمانا.

(٦) فإن المعطوف والمعطوف عليه أي (جعل ويجعل) وإن كانا مختلفين لفظا لكون المعطوف عليه ماضيا والمعطوف مضارعا لكنهما متحدان زمانا لأن جعل جزاء لإن الشرطية و (إن) يحوّل الماضي إلى الاستقبال.

(٧) الفرقان ، الآية : ١٠.

(٨) كاسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة أي : يجوز عطف الفعل على اسم شبه الفعل ، كما عطف (أثرن) على (المغيرات).

(٩) العاديات ، الآية : ٣ و ٤.

(١٠) أي عطف اسم شبه الفعل على الفعل ، كما عطف (مخرج) على يخرج.

(١١) الأنعام ، الآية : ٩٥.


الرّابع من التّوابع البدل

التّابع المقصود بالحكم بلا

واسطة هو المسمّي بدلا

(التّابع المقصود بالحكم (١) بلا واسطة هو المسمّي بدلا) فخرج بالمقصود غيره وهو النّعت والتّأكيد والبيان (٢) والعطف بالحرف (٣) غير بل و [غير] لكن ، في الإثبات ، وبنفي الواسطة (٤) المقصود بواسطة وهو العطف بـ «بل» و «لكن» في الإثبات.

__________________

(١) أي : المقصود بالحكم وحده ، فمن هنا خرج العطف بالواو لأنه مقصود مع المعطوف عليه لا وحده.

(٢) لأن المقصود بالذات عند إتيان هذه الثلاثة هو المتبوع ، وإنما يؤتي بما لتوضيح المتبوع وبيانه ففي مثل قولنا رأيت زيدا الفاضل وزيد نفسه وزيدا أخاك (المقصود بالحكم أي : (الرؤية) هو (زيد) وإنما أتي بالفاضل ونفسه وأخاك لتوضيح زيد وبيانه.

(٣) أمّا في العطف بالواو وأو وإمّا وان كان التابع مقصودا بالحكم لكن لا وحده ، بل مشتركا مع متبوعه ، وأما العطف ببل وبلكن في النفى ، فلأنّ المقصود بالحكم هو المتبوع فقط لانّ قول القائل ما جاء زيد ، بل عمرو أو لكن عمرو أنّما يراد به دفع توهم السامع بأن الجائي زيد فلدفع هذا التوهم يقول ما جاء زيد ، بل عمرو أو لكن عمرو.

فالمقصود بالحكم هو زيد المتبوع وحكمه نفي المجيء لا عمرو التابع وإثبات المجيء له.

(٤) أي : خرج بقوله (بلا واسطة) التابع المقصود بالحكم لكن مع واسطة حرف ، وذلك لأن المعطوف ببل وبلكن في الإتيان تابع مقصود بالحكم وحده دون معطوفه ، ففي مثل قولنا جاء زيد بل عمرو أو لكن عمرو المقصود للمتكلم إثبات المجيء لعمرو وإنّما أتي بزيد توطئة وتهيئة للسامع فكأنه قال جاء زيد ثم قال اشتبهت بل عمرو ، فقول المصنف : (التابع المقصود بالحكم) شامل له فاحتاج لإخراجه إلى قوله (بلا واسطة).


مطابقا أو بعضا أو ما يشتمل

عليه يلفي أو كمعطوف ببل

(مطابقا) (١) للمبدل منه (أو بعضا) منه (أو ما يشتمل عليه يلفى) البدل ، بأن يدلّ علي معني في المتبوع أو يستلزمه فيه (٢) (أو كمعطوف ببل).

وذا للإضراب اعز إن قصدا صحب

ودون قصد غلط به سلب

(وذا) القسم (٣) (للإضراب) والبداء (أعز (٤) إن قصدا) صحيحا (٥) لكلّ منهما (صحب) وللنّسيان إن قصد الأوّل ثمّ يتبيّن فساده (ودون قصد) (٦) للأوّل (غلط) وقع فيه (٧) (به) أي بالبدل (سلب) (٨).

كزره خالدا وقبّله اليدا

واعرفه حقّه وخذ نبلا مدى

فألأوّل (٩) (كزره خالدا و) الثّاني (١٠) واشترط كثير مصاحبته ضميرا عائدا علي

__________________

(١) حال للتابع أي : حالكون التابع مطابقا للمبدل منه أو بعضا منه ويمثل لهما بقوله كزره خالدا وقبّله اليدا.

(٢) أي : يستلزم معني في المتبوع ويمثل له الشارح بقوله تعالى : (قتل ...) فإن النّار ملازم للأخدود في المعنى ، والمراد من بدل الاشتمال هو اشتمال المبدل منه على البدل لا العكس كما قد يتوهّم.

(٣) أى : القسم الذي مثل معطوف بل على قسمين بدل إضراب وبدل غلط وزاد الشارح ثالثا وهو بدل النسيان.

(٤) أي : انسب فقل بدل (إضرابي) أو (بدائي) والإضراب بمعني رفع اليد وصرف النظر عن السابق والبداء هو الندم.

(٥) لم يصدر عن نسيان وغلط.

(٦) أي : دون قصد صحيح ، وإلا فالقصد واقع في الغلط.

(٧) أي : في القصد.

(٨) أي : سلب الغلط وصحّح بالبدل.

(٩) أي : المطابق ، فإن (خالد) مطابق للضمير لا بعضه ولا غيره المشتمل عليه.

(١٠) أي : بدل البعض ، فإن (اليد) بعض الشخص.


المبدل منه ، (١) وأباه المصنّف نحو (وقبّله اليدا) (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ)(٢)(٣) (و) الثّالث وهو كالثاني (٤) نحو (إعرفه حقّه) (٥)(قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ)(٦)(٧) (و) الرّابع والخامس والسّادس (٨) نحو (خذ نبلا مدى) جمع مدية وهو السّكّين ، (٩) والأحسن في هذه الثّلاثة أن يؤتى ببل (١٠).

فصل : يبدل الظّاهر من الظاهر معرفتين كانا أو نكرتين أو مختلفين (١١) والمضمر من الظّاهر والظّاهر من ضمير الغائب.

ومن ضمير الحاضر الظّاهر لا

تبدله إلّا ما إحاطة جلا

__________________

(١) بأن يقال : قبّله يده.

(٢) فمن استطاع بدل من الناس والمستطيع بعض الناس ومثّل بمثالين ، لأنّ البعض قد يكون جزأ من الكلّ ، وقد يكون فردا من الكليّ.

(٣) آل عمران ، الآية : ٩٧.

(٤) أي : كبدل البعض في الخلاف في اشتراط الضمير.

(٥) حقّه بدل اشتمال من ضمير المفعول في أعرفه لاشتمال الشخص على الحق ، ودلالة الحق على معني في الشخص.

(٦) فالنار بدل اشتمال من الأخدود لاشتمال الأخدود على النار بمعني أن النار ملازم للأخدود في المعنى ، أي : في الخارج ، لأن الأخدود حفيرة معدّة للنار فتلازمها.

(٧) البروج ، الآية : ٤ و ٥.

(٨) أي : الإضراب والنسيان والغلط.

(٩) والنبل السهم فإن كان المتكلّم قصد من أول الأمر النبل لكنه بذا له وقصد المدي فهو إضراب وإن كان قصد المدي لكنه نسي قصده وقال خذ نبلا فتذكر وقال مدي فهو بدل نسيان ، وإن كان قصده المدي ولم ينس قصده لكن سبق لسانه إلى النبل غلطا ثم تدارك غلطه وقال مدي فهو بدل غلط.

(١٠) فيقال : خذ نبلا بل مدى.

(١١) فالأول كالأخدود النار ، والثاني نحو خذ نبلا مدي وإبدال المعرفة من النكرة نحو قبّل رجلا يده ، والعكس نحو قبّله يدا والمضمر من الظاهر نحو ضربت زيدا إياك في الغلط ، والظاهر من ضمير الغائب نحو قبّله اليد.


أو اقتضي بعضا أو اشتمالا

كأنّك ابتهاجك استمالا

(ومن ضمير الحاضر (١) الظّاهر لا تبدله) خلافا للأخفش ، والظّاهر مفعول «تبدله» (٢) متعلّق «من» في أوّل البيت (إلّا ما إحاطة جلا) نحو (تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا)(٣)(٤) (أو اقتضي بعضا) نحو :

أو عدني بالسّجن والأداهم

رجلي (٥) [فرجلي شثنة المناسم]

(أو اشتمالا ، كأنّك ابتهاجك استمالا). (٦)

وبدل المضمّن الهمزيلى

همزا كمن ذا أسعيد أم على

(وبدل) الإسم ر (المضمّن) معني (الهمز) للإستفهام (٧) (يلي همزا كمن ذا أسعيد أم علىّ) (٨) و «كيف أصبحت أقويّا أم ضعيفا». (٩)

تتمة : بدل المضمّن معني الشّرط (١٠) يلي حرف الشّرط ، نحو «مهما تصنع إن

__________________

(١) والمراد به ما هو أعم من المخاطب والمتكلم يعني أن اسم الظاهر لا يكون بدلا من الضمير الحاضر ، إلا إذا كان الظاهر محيطا بالضمير أو بعضا منه أو مشتملا عليه.

(٢) المقدّر من باب الاشتغال أى : لا تبدل الظاهر من الضمير الحاضر.

(٣) فأوّلنا وآخرنا بدلان من ضمير المتكلم فى (لنا) وهما محيطان بالمبدل منه ، لأن أوّل الشيء وآخره محيطان به.

(٤) المائدة ، الآية : ١١٤.

(٥) فرجلي بدل من ياء المتكلم في أوعد في بدل البعض من الكل ، لأن رجل المتكلم بعضه.

(٦) ابتهاج بدل اشتمال من المخاطب في (انك) ومعني الاشتمال ، كما سبق أن يدل على معني في متبوعه ، والابتهاج وهو بشاشة الوجه معني يتحقّق في المخاطب ، والمخاطب مشتمل على الابتهاج و (استمالا) فعل ماض ، والألف الأخير ألف إطلاق ، أي : بشاشة وجهك جذب ميول الناس.

(٧) والمراد اسم الاستفهام كمن وكيف.

(٨) (من) الاستفهامية مبتدأ و (ذا) خبره ، و (سعيد) الواقع بعد همزة الاستفهام بدل (من) و (علي) عطف على سعيد.

(٩) كيف الاستفهامية مفعول مقدم لأصبحت و (قويّا) بدل كيف.

(١٠) أي : بدل اسم الشرط يجب أن يقع بعد حرف الشرط.


خيرا وإن شرّا تجز به» (١) (و) كما يبدل الإسم من الاسم.

ويبدل الفعل من الفعل كمن

يصل إلينا يستعن بنايعن

(يبدل الفعل من الفعل) بدل كلّ نحو :

متي تأتنا تلمم بنا في ديارنا

[تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا]

لأنّ الإلمام هو الإتيان ، (٢) وبدل الإشتمال (كمن يصل إلينا يستعن بنا يعن) لأنّ الإستعانة يستلزم معني في الوصول ، وهو نجحه (٣).

كذا قال ابن النّاظم ومنع ابن هشام الاستلزام (٤). قال : وقد يستعين ولا يعان فلا يكون الوصول منجحا. قال : والواجب رفع يستعين حالا (٥) كتعشو في قوله :

متي تأته تعشو إلى ضوء ناره

[تجد خير نار عندها خير موقد]

تتمة : تبدل الجملة من الجملة ، نحو (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ)(٦)(٧) ، والجملة من المفرد ، نحو :

إلي الله أشكو بالمدينة حاجة

وبالشّام أخري كيف يلتقيان (٨)

__________________

(١) خيرا بدل (مهما) ولهذا وقع بعد إن الشرطية.

(٢) فهما مترادفان والمرادف للشىء كله.

(٣) يريد أنّ الاستعانة معني في ضمن الوصول ، كما أن النار في الأخدود لأن الاستعانة إذا تحقّقت مع الوصول فقد حصل وصول ناجح مفيد وضمير هو يعود إلى (معني) أي : ذلك المعني الذي أوجده الاستعانة في الوصول هو نجح الوصول فيلزمه ويضمّنه معني في جوفه.

(٤) حاصل الإشكال أن النجح ليس لازما للاستعانة ليتحقّق في الوصول ويصير الوصول مشتملا على النجح ، فإن الاستعانة طلب العون لا العون نفسه ليصير الوصول ناجحا فقد يستعين الواصل ولا يعان فلا يكون الوصول ناجحا.

(٥) فليس بمجزوم ليكون بدلا لعدم تحقق اللزوم والاشتمال.

(٦) فجملة أمدكم بأنعام بدل من جملة أمدكم بما تعملون.

(٧) الشعراء ، الآية : ١٣٢ و ١٣٣.

(٨) جملة كيف يلتقيان بدل من (أخرى).


هذا باب النداء

وللمنادي النّاء أو كالنّاءيا

وأي وءا كذا أيا ثمّ هيا

(وللمنادي النّاء) أي البعيد (أو) الّذي (كالنّاء) كالنّائم والسّاهي (يا وأي) بفتح الهمزة وسكون الياء (وءا) بألف بعد الهمزة (كذا أيا ثمّ هيا).

والهمز للدّان ووا لمن ندب

أويا وغير وا لدي اللّبس اجتنب

وغير مندوب ومضمر وما

جا مستغاثا قد يعرّي فاعلما

(والهمز) فقط (للدّان) أي القريب (ووا) ائت بها (لمن ندب أو يا (١) وغير وا) وهو يا (لدي اللّبس) بغير المندوب (اجتنب) بضمّ التّاء.

و) كلّ منادي (غير مندوب ومضمر وما جاء مستغاثا) (٢) واسم الله كما في الكافية (قد يعرّى) من حروف النّداء ، بأن يحذف (فاعلما) نحو :

(يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا)(٣) ، (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ)(٤)(٥) ولا يجوز حذفه

__________________

(١) يعني (يا) أيضا تأتي لمن ندب أي : من يرثي عليه لموته

(٢) المستغاث : من نودي للتخلّص من شدّة.

(٣) يوسف ، الآية : ٢٩.

(٤) والتقدير يا يوسف ويا رب.

(٥) نوح ، الآية : ٢٨.


من المندوب ولا المستغاث لأنّ المطلوب فيهما تطويل الصّوت ، ولا المضمر (١) علي أنّ ندائه شاذّ ، ولا الاسم الكريم إذا لم تعوّض في آخره ميم مشدّدة (٢).

وذاك في اسم الجنس والمشار له

قلّ ومن يمنعه فانصر عاذله

(وذاك) الحذف مجيئه (في اسم الجنس) المعيّن (والمشار له قلّ) نحو : «ثوبي حجر» ، (٣)(ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ)(٤)(٥) ، وهل يقاس عليه أو يقتصر علي السّماع؟

البصريّون والمصنّف علي الثّاني والكوفيّون علي الأوّل (و) أمّا (من يمنعه) سماعا وقياسا (فانصر عاذله) أي لائمه علي ذلك لأنّه مخطي في منعه.

وابن المعرّف المنادي المفردا

علي الّذي في رفعه قد عهدا

(وابن المعرّف) إمّا بالعلمية أو بالقصد (٦) (المنادي المفردا) لتضمّنه معني كاف الخطاب (٧) (علي الّذي في رفعه قد عهدا) (٨) كيا زيد يا زيدان يا زيدون.

وانو انضمام ما بنوا قبل النّدا

وليجر مجري ذي بناء جدّدا

__________________

(١) نحو يا هو.

(٢) فإذا عوض نحو اللهم حذف حرف النداء لئلّا يجتمع العوض والمعوّض.

(٣) أي : ثوبي يا حجر يقوله من طرح ثوبه على حجر معين لينشف ثم يأتي ولا يجده.

(٤) أى : يا هؤلاء.

(٥) البقرة ، الآية : ٨٥.

(٦) إذا كان المنادي نكرة مقصودة.

(٧) فإن النداء مثل يا زيد بمعني ادعوك فحرف النداء بمنزلة ادعو والمنادي بمنزلة كاف الخطاب وهو حرف فبني لتضمّنه الحرف.

(٨) أى : المنادي مبني على حاله في الرفع فإن كان مفردا فعلى الضم وإن كان تثنية فعلى الألف والجمع على الواو.


(وانو) أي قدّر (انضمام ما بنوا) أو حكوا كما في العمدة (قبل النّدا) كيا سيبويه (وليجر مجري ذي بناء جدّدا) (١) فليحكم عليه بنصب محلّه.

والمفرد المنكور والمضافا

وشبهه انصب عادما خلافا

ونحو زيد ضمّ وافتحنّ من

نحو أزيد بن سعيد لاتهن

والضّمّ إن لم يل الابن علما

أو يل الابن علم قد حتما

(والمفرد المنكور) الّذي لم يقصد (والمضافا وشبهه انصب عادما خلافا) معتدّا به ، نحو : «يا غافلا والموت يطلبه» (٢) و «يا عبد الله» و «يا حسن الوجه» ، (٣) وأجاز تغلب ضمّه (٤) و «يا ثلاثة وثلاثين» (٥) (ونحو زيد ضمّ وافتحنّ من) (٦) كلّ علم مضموم (٧) إذا وصف بابن أو ابنة متّصلا مضافا إلى علم (نحو أزيد بن سعيد لاتهن) و «يا هند ابنة عاصم» ويجوز في هذه الحالة (٨) حذف ألف ابن خطّا.

والضّمّ حتم إن فصل نحو : «يا سعيد المحسن ابن خالد». (و) كذا (٩) (الضّمّ إن لم

__________________

(١) يعني أن المنادي المعرف أو المخصوص إذا كان مبنيا قبل النداء أو كان محكيا كتأبط فكما أنه يقدر بناءه على الضم لأجل النداء فكذا يعامل معه معاملة المبني المجدد ، أي : المبني للنداء ، فيحكم بأن محله منصوب فيجوز نصب تابعه لأجل محله كما سيجيء في تابع المنادى.

(٢) مثال للنكرة الغير المقصودة إذ لم يقصد غافلا معيّنا بل أيّ غافل كان.

(٣) مثالان للمنادي المضاف (الأول) للإضافة المعنوية و (الثاني) للفظية لإضافة الصفة إلى معمولها.

(٤) أي : ضمّ المضاف اللفظي كحسن الوجه وما شاكله.

(٥) مثال لشبه المضاف ، لأن ثلاثين متمم لثلاثة كما أن المضاف إليه متمّم للمضاف.

(٦) أي : يجوز الوجهان.

(٧) أى : مضموم لفظا ليخرج يا عيسى ابن مريم فإنه مفتوح لفظا دائما.

(٨) أي : في حالة كون ابن صفة للمنادي يجوز حذف ألفه خطّا كما أنها محذوفة لفظا.

(٩) أي : كما أن ضمّ المنادي حتم فيما إذا فصل بين المنادي وابن كذا ضمّ المنادي حتم إذا وقع ابن بعد غير


يل الابن) بالرّفع (علما أو) لم (يل الابن) بالنّصب (علم قد حتما) نحو : «يا غلام ابن أخينا» و «يا زيد ابن أخينا» و «يا غلام ابن زيد» (١).

واضمم أو انصب ما اضطرارا نوّنا

ممّا له استحقاق ضمّ بيّنا

(واضمم أو انصب ما اضطرارا نوّنا ممّا له استحقاق ضمّ بيّنا) (٢) نحو :

سلام الله يا مطر عليها

[وليس عليك يا مطر السّلام]

[ضربت صدرها إلي وقالت]

يا عديّا لقد وقتك الأواقي (٣)

والأوّل (٤) أولي إن كان علما قاله في الكافية.

وباضطرار خصّ جمع يا وأل

إلّا مع الله ومحكي الجمل

(وباضطرار خصّ جمع يا وأل) نحو :

فيا الغلامان اللّذان فرّا

[إيّاكما أن تكسبان شرّا]

ولا يجوز في السّعة خلافا للبغداديّين كراهة الجمع (٥) بين أداتي التّعريف

__________________

العلم بأن يكون المنادي غير علم نحويا غلام ابن أخينا وكذا يحتم ضمه إذا لم يقع بعد ابن علم ، بأن أضيف إلى غير العلم نحو يا زيد ابن أخينا.

(١) المثال الأول لما لم يقع ابن بعد علم ولا وقع بعده علم فإن غلام وأخينا كليهما غير علمين ، والثاني لما وقع بعد علم لكن الواقع بعده غير علم ، والثالث لما كان إبن واقعا بعد غير علم ، وان كان الواقع بعده علما.

(٢) يعني إذا كان المنادي مما يستحق البناء لكونه مفردا معرفة أو نكرة مخصوصة لكن ضرورة الشعر أوجبت تنوينه ففي مثل هذه الموارد يجوز ضمه ونصبه فمطر في قول الشاعر علم لشخص ولو لا ضرورة الشعر لبني على الضم لكن الضرورة اقتضت تنوينه فيجوز فيه الأمران.

(٣) هذا مثال للنكرة المقصودة ، لأن (عدي) ليس علما ، بل تصغير العدوّ ، أي : يا عدوا صغيرا.

(٤) أي : الضم مع التنوين فالأولي في (مطر) ضمه وفي (عديّ) نصبه.

(٥) أي : عدم جواز الجمع بين (يا) و (أل) لأجل كراهة الجمع بين أداتي التعريف لأن حرف النداء أيضا أداة التعريف.


ومحلّ جواز ما فيه أل إذا كانت لغير العهد فإن كانت له لم يناد أصلا (١) قاله ابن النّحّاس في تعليقه (إلّا مع الله) فيجوز في السّعة أيضا لكثرة الاستعمال ، ويجوز حينئذ قطع ألفه وحذفها (٢) (و) إلّا مع (محكي الجمل) (٣) نحو : «يا الرّجل منطلق» (٤)

والأكثر اللهمّ بالتّعويض

وشذّيا اللهمّ في قريض

(والأكثر) في اسم الله تعالي إذا نودي أن يقال (اللهمّ بالتّعويض) عن حرف النّداء ميما مشدّدة في آخره ، ولذا (٥) لا يجمع بينهما (وشذّ يا اللهمّ) إلّا (في قريض) أي شعر ، وهو قوله :

إنّي إذا ما حدث ألمّا

أقول يا اللهمّ يا اللهمّا

__________________

(١) حتى في الضرورة.

(٢) أي : إذا دخل (يا) على الله يجوز أن يجعل ألف الله همزة قطع فيذكر أو همزة وصل فيحذف.

(٣) يعني إذا وقع (يا) مع جملة محكية بأن كانت الجملة علما لشخص أيضا يجمع (يا) مع أل.

(٤) إذا كان جملة (الرجل منطلق) علما لشخص.

(٥) أي : لكون ميم عوضا عن حرف النداء لا يجمع بين الميم وحرف النداء لعدم جواز الجمع بين العوض والمعوض.


فصل في أحكام توابع المنادى

تابع ذي الضّمّ المضاف دون أل

ألزمه نصبا كأزيد ذا الحيل

(تابع) المنادي (ذي الضّمّ المضاف) صفة التّابع (دون أل ألزمه نصبا) (١) إذا كان نعتا توكيدا أو بيانا (كأزيد ذا الحيل) وأجاز ابن الأنباري رفعه.

وما سواه ارفع أو انصب واجعلا

كمستقلّ نسقا وبدلا

(وما سواه) أي سوي المضاف المجرّد من أل كالمفرد ، والمضاف المقرون بها ـ (ارفع) حملا علي اللّفظ ، نحو : «يا زيد العاقل والكريم الأب» و «يا تميم أجمعون» و «يا غلام بشرا» (٢) (أو انصب) حملا علي الموضع ، (٣) نحو : «يا زيد العاقل والكريم الأب» و «يا تميم أجمعين» و «يا غلام بشرا».

(واجعلا كمستقلّ نسقا) مجرّدا من أل (وبدلا) (٤) فضمّهما حيث يضمّ المنادي

__________________

(١) فتقدير البيت ألزم نصب تابع المنادي المبني على الضم (بأن كان مفردا معرفة أو نكرة مقصودة) إذا كان التابع مضافا وكان مجردا من (أل).

(٢) المثال الأول للنعت غير المضاف والثاني للنعت المضاف المقرون بال والثالث للتأكيد الغير المضاف والرابع للبيان الغير المضاف.

(٣) لأن موضع المنادي نصب بتقدير ادعو.

(٤) يعني اجعل المعطوف بعطف النسق ، وكذا البدل كما إذا دخل عليهما حرف النداء فإن كانا مفردين


وانصبهما حيث ينصب المنادي وإن كان المتبوع بخلاف ذلك.

وإن يكن مصحوب أل ما نسقا

ففيه وجهان ورفع ينتقى

(وإن يكن مصحوب أل ما نسقا (١) ففيه وجهان) : نصب وهو عند أبي عمرو ويونس والجرمي يختار (ورفع) وهو عند الخليل والمازني والمصنّف (ينتقى) وفصّل المبرّد بين ما فيه أل للتّعريف ، فالنّصب ، وما لا ، فالرّفع.

وأيّها مصحوب أل بعد صفة

يلزم بالرّفع لدي ذي المعرفة

وأي هذا أيّها الّذي ورد

ووصف أي بسوي هذا يردّ

(وأيّها) مبتدأ أوّل (مصحوب أل) مبتدأ ثان (بعد) أي بعد أيّها ، حال كونه (صفة) لها [أىّ] (يلزم) (٢) وهو الخبر لأنّها (٣) [أىّ] مبهمة ، فلا تستعمل بغير صلة إلّا في الجزاء والاستفهام ، فلمّا لم توصل ألزم الصّفة لتبيّنها وهي معربة (بالرّفع لدي ذي المعرفة) نحو (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ)(٤) ، وقد تزاد فيها التّاء للمؤنّث نحو (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ)(٥).

__________________

معرفتين أو نكرتين مقصودتين فابنهما على الضم وإن كان متبوعهما منصوبا وإن كانا مضافين أو نكرتين غير مقصودة فانصبهما وإن كان متبوعهما مبنيا على الضم.

(١) يعني إن كان عطف النسق مع أل ففيه الوجهان النصب والرفع والأرجح الرفع.

(٢) فتقدير البيت وأيّها يلزم أن يكون بعدها اسم مصحوب أل صفة لها.

(٣) علة للزوم كون مصحوب أل صفة لأيّ ، وحاصل التعليل أن (أيّ) مبهمة فيحتاج في رفع إبهامها إلى صلة كما في أيّ الموصولة أو صفة كما فيما نحن فيه ولا يستعمل بدون مبيّن إلّا في الشرط والاستفهام أما في الشرط فلا يحتاج إلى المبيّن لكون المراد بها التعميم لا الفرد المردّد ليكون مبهما ويحتاج إلى المبيّن ، وأما في الاستفهام فإن المقصود بها هناك الإبهام وإتيان المبيّن ناقض للغرض.

(٤) الانشقاق ، الآية : ٦.

(٥) الفجر ، الآية : ٢٧.


(و) وصف أي باسم الإشارة ، نحو : «أي هذا» وبالموصول ، نحو : (أيّها الّذي ورد) فقبل منه : (١)

ألا أيّهذا الباخع الوجد نفسه

[لشيء نحته عن يديه المقادر]

(يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ)(٢). (ووصف أي بسوي هذا) الّذي ذكر (٣) (يردّ) علي قائله ولا يقبل منه.

وذو إشارة كأي في الصّفة

إن كان تركها يفيت المعرفة

في نحو سعد سعد الأوس ينتصب

ثان وضمّ وافتح اوّلا تصب

(وذو إشارة كأي في) لزوم (الصّفة) المرفوعة لها (٤) (إن كان تركها) أي الصّفة (يفيت المعرفة) فإن لم يكن جاز النّصب وهو (٥) لا يوصف إلّا بما فيه أل.

و (في نحو) يا (سعد سعد الأوس) و

يا زيد زيد اليعملات الذّبّل

[تطاول اللّيل عليك فانزل]

وكلّ ما كرّر فيه اسم مضاف في النّداء (ينتصب ثان) لأنّه مضاف (وضمّ وافتح أوّلا تصب) : أمّا الضّمّ فلأنّه مفرد معرفة ، وأمّا النّصب فلأنّه مضاف إلى ما بعد الثّاني (٦)

__________________

(١) أي : مما وصف أي باسم الإشارة والموصول.

(٢) الحجر ، الآية : ٦.

(٣) من مصحوب أل واسم الاشارة والموصول.

(٤) الضمير يعود إلى (أي) والمراد أن اسم الإشارة إذا وقع منادي فالاسم الذي بعده صفة له إن كان ترك الصفة يوجب عدم معرفة المشار إليه نحويا هذا الرجل فإن لم يوجب بأن كان المشار إليه معلوما بدون الصفة جاز نصب الاسم بعده مقطوعا عن الوصفية.

(٥) أي : اسم الإشارة لا يوصف إلّا باسم معرف بال كما مثلنا بيا هذا الرجل.

(٦) يعني أن (سعد) الأول مضاف إلى الأوس وسعد الثاني تأكيد للأول ، وليس مضافا إلى الأوس وكذا (زيد) الأول مضاف إلى اليعملات وأما زيد الثاني فهو تأكيد ، ولهذا نصب الأول لكونه منادي مضافا.


وهو (١) تأكيد عند سيبويه ، وقال المبرّد إلى محذوف (٢) والفرّاء كلاهما إلى ما بعد الثّاني.

__________________

(١) أي : الثانى.

(٢) أي : الاسم الأول مضاف إلى محذوف والتقدير يا سعد الأوس سعد الأوس ويا زيد اليعملات زيد اليعملات.


فصل في المنادي المضاف إلى ياء المتكلم

واجعل منادي صحّ إن يضف ليا

كعبد عبدي عبد عبدا عبديا

وفيه المضاف إلي المضاف إليها (واجعل منادي صحّ) كغلام وظبي (١) (إن) بكسر الهمزة (٢) (يضف ليا) على وجه (٣) من أوجه خمسة أحسنها أن تحذف الياء وتبقي الكسرة للدّلالة عليها (كعبد) ويليه (٤) أن تثبتها ساكنة ، نحو (عبدي) وإن شئت فاقلب الكسرة (٥) فتحة والياء ألفا واحذفها ، نحو (عبد) ، وأحسن منه أن لا يحذف [الألف] نحو (عبدا) ، وأحسن من هذا ثبوت الياء محرّكة ، نحو (عبديا) (٦) وزاد في شرح الكافية سادسا ، وهو الاكتفاء من الإضافة بنيّتها وجعل المنادى مضموما كالمفرد ، (٧) ومنه (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَ)(٨)(٩).

__________________

(١) فإنه بحكم الصحيح لعدم تبدّل حروفه مثل الصحيح.

(٢) شرطية.

(٣) متعلق باجعل أي : اجعل المنادي الصحيح المضاف لياء المتكلم على أحد الوجوه الخمسة لا غير.

(٤) أي : يعقب الوجه الأحسن بمرتبة أن تثبت الياء مع سكونها.

(٥) أي : كسرة الدال.

(٦) ألفه ألف إطلاق ، وأصله عبدي بكسر الدال وفتح الياء بدون الألف.

(٧) أي : كغير المضاف في ظاهر اللفظ.

(٨) بضم (رب) على قراءة بعض القراء.

(٩) يوسف ، الآية : ٣٣.


والفتح والكسر وحذف اليا استمرّ

في يا ابن أمّ يا ابن عمّ لا مفرّ

(و) كلّ من (الفتح والكسر (١) وحذف الياء) أي ياء المتكلّم (استمرّ فى) ما إذا نودي المضاف إلى المضاف إليها وكان (٢) [المضاف إلى الياء] لفظ أمّ أو عمّ نحو : (يا ابن أمّ يا ابن عمّ لا مفرّ).

أمّا استمرار الكسرة فللدّلالة علي الياء ، وأمّا الفتحة فللدّلالة علي الألف المنقلبة عنها ، وشذّ إثبات الياء ، نحو :

يا ابن أمّي ويا شقيّق نفسي (٣)

[أنت خلّيتني لدهر شديد]

وكذا إثبات الألف المنقلبة عنها ، نحو :

يا ابنة عمّا لا تلومي واهجعي

[فليس يخلو منك يوما مضجعي]

ولا تحذف الياء في غير ما ذكر (٤).

وفي النّدا أبت أمّت عرض

واكسر أو أفتح ومن اليا التّا عوض

(وفي النّداء أبت أمّت) بتاء التّأنيث (عرض (٥) واكسر) التّاء (أو افتح) وهو الأكثر (ومن الياء التّاء عوض) (٦) فلذا لا يجمع بينهما.

__________________

(١) يعني أن وجهين فقط من الوجوه الخمسة المذكورة مستمرة أي : ثابتة للاسم المتوسط بين المنادي والياء بشرط أن يكون المضاف إلى الياء لفظ (أمّ) أو (عمّ).

(٢) أي : المضاف إلى الياء.

(٣) فأثبت الياء من (أمي).

(٤) أي : غير المنادي الصحيح وغير أمّ وعمّ إذا توسّطا بين المنادي المضاف إليهما والياء للمتكلم.

(٥) أي : وقع في معرض التكلم من العرب.

(٦) أي : هذا التاء من (أبت) و (أمت) عوض عن الياء ، فلأجل أنها عوض عن الياء لا يجمع بينهما فلا يقال يا أبتي إذ لا يجمع بين العوض والمعوض.


فصل في الأسماء اللازمة للنّداء

فلا تستعمل في غيره (١) إلّا للضّرورة.

وفل بعض ما يخصّ بالنّدا

لؤمان نومان كذا واطّردا

في سبّ الأنثي وزن يا خباث

والامر هكذا من الثلاثي

(وفل) (٢) للرّجل وفلة للمرأة (بعض ما يخصّ بالنّداء لؤمان) بضمّ الّلام وسكون الهمزة و «ملأمان وملأم» بمعنى : كثير اللّوم ، و (نومان) بفتح النّون وسكون الواو بمعني كثير النّوم (كذا) أي يخصّ بالنّداء ، وكذا «مكرمان» وذلك (٣) سماع لا يطّرد (واطّردا) وقيس (في سبّ الأنثى) استعمال أسماء في النّداء علي (وزن) فعال نحو : (يا خباث) ويا لكاع (والأمر هكذا) (٤) أي علي وزن فعال مطّرد مقيس (من)

__________________

(١) فلا يستعمل فاعلا ولا مبتدءا ولا غيرهما فلا يقال فل في الدار وتزوجت فلة.

(٢) بضم الفاء واللام مخفف فلان كما أن فلة مخفف فلانة تقول قلت له يا فل وقلت لها يا فلة كناية عن المنادي العاقل ويفترقان عن فلان وفلانة باستعمال الأخيرين في غير النداء أيضا.

(٣) أي : اختصاص هذه الأسماء المذكورة بالنداء واستعمالها فيه سماعي ولا يقاس على أوزانها غيرها ، فلا يقال يا نصران ويا مناصران ويا مشرفان مثلا.

(٤) أي : كما أن وزن فعال مقيس مطرد للمنادي المراد سبّه كذا وزن فعال مطرد مقيس إتيانه لاسم فعل من الثلاثي التام المنصرف كنزال بمعني أنزل ونصار بمعني انصر هكذا ولا يأتي من غير الثلاثي ولا من الأفعال الناقصة ولا من غير متصرف كعسى.


الفعل (الثّلاثيّ) التّامّ المتصرّف كنزال.

وشاع في سبّ الذّكور فعل

ولا تقس وجرّ في الشّعر فل

(وشاع في سبّ الذّكور) استعمال أسماء في النّداء علي وزن (فعل) بضمّ الفاء وفتح العين ، نحو «يا فسق» و «يا غدر». (ولا تقس) هذا خلافا لابن عصفور (١) (وجرّ في الشّعر (٢) فل) اضطرارا (٣) كما رخّم ما ليس بمنادى لذلك ، (٤) إذ اختصاص هذه الأسماء بالنداء نظير اختصاص التّرخيم به. (٥)

__________________

(١) فذهب إلى أنه مقيس أيضا.

(٢) بأن يستعمل غير منادي مع أنه من الأسماء الخاصة بالنداء.

(٣) كقول الشاعر على ما نقله ابن الناظم :

(تضل منه إبلي بالهوجل

في لجّة أمسك فلانا عن فل)

(٤) أي : للاضطرار.

(٥) أي : بالنداء ، وهذا بيان لوجه الشبه بين استعمال (فل) في غير النداء اضطرارا وبين ترخيم غير المنادى.


فصل في الاستغاثة

إذا استغيث اسم منادي خفضا

باللّام مفتوحا كيا للمرتضى

(إذا استغيث اسم منادى) ليخلّص (١) من شدّة أو يعين علي دفع مشقّة (خفضا) إعرابا (٢) (باللّام مفتوحا) فرقا (٣) بين المستغاث به والمستغاث من أجله (كيا للمرتضى).

وافتح مع المعطوف إن كرّرت يا

وفي سوي ذلك بالكسر ائتيا

(وافتح) اللّام أيضا (مع) المستغاث (المعطوف) علي مثله (إن كرّرت يا) نحو :

يا لقومي ويا لأمثال قومي

لأناس عتوّهم في ازدياد (٤)

(وفي سوي ذلك) وهو المستغاث من أجله والمعطوف بدون يا (بالكسر ائتيا) نحو :

__________________

(١) أي المنادي بكسر الدال

(٢) أي : يكون إعرابه جرّا.

(٣) علة لفتح اللام ففي قولنا (يا لزيد للغريق) المستغاث به (زيد) والمستغاث من أجله (الغريق) واللام الداخلة على الغريق مكسورة ولو كانت اللام الداخلة على زيد المستغاث به أيضا مكسورا لالتبس بينهما.

(٤) اللام في (لقومي) مفتوحة لأنه مستغاث به ، وكذا في (لأمثال) لكونه معطوفا على المستغاث به ، وفي (لأناس) مكسورة لكونه مستغاثا من أجله.


[تكنّفني الوشاة فأزعجوني]

فيا للنّاس للواش المطاع

[يبكيك ناء بعيد الدّار مغترب]

يا للكهول وللشّبّان للعجب (١)

ولام ما استغيث عاقبت ألف

ومثله اسم ذو تعجّب ألف

(ولام ما استغيث عاقبت ألف) (٢) تلي آخره إذا وجدت فقدت اللّام (٣) ، نحو :

يا يزيدا لآمل نيل عزّ

[وغني بعد فاقة وهوان]

واللّام فقدت هي (٤) كما تقدّم ، (٥) وقد لا يوجدان نحو :

ألا يا قوم للعجب العجيب

وللغفلات تعرض للأريب (٦)

(ومثله) أي مثل المستغاث ، في جميع أحواله (٧) (اسم ذو تعجّب ألف) نحو : «يا للعجب» أي يا عجب احضر فهذا وقتك.

__________________

(١) فلان (للواش) مكسورة لأنه مستغاث من أجله و (للشبان) مكسورة لعدم تكرار يا وأن كان عطفا على المستغاث به و (للعجب) أيضا مكسورة ، لأنه مستغاث من أجله.

(٢) أي : ناوبت (ألف) فكل من اللام والألف ينوب الآخر فلا يجتمعان.

(٣) (فقدت) بالمعلوم فاعله (ألف) ومفعوله اللام يعني أن الألف إذا وجدت فقدت اللام أي : عدمته واستقرت هي مكان اللام.

(٤) أي : إذا وجدت اللام فقدت أي عدمت الألف وفقدت هنا أيضا بصيغة المعلوم.

(٥) فقد اللام الألف أي : وجود اللام وعدم وجود الألف تقدّم في البيتين المتقدّمتين.

(٦) فقوم منادي مستغاث به وليس معه اللام ولا الألف.

(٧) من جرّه باللام المفتوحة وتعاقب اللام الألف فيه وحذفهما عنه.


فصل في النّدبة

وهي كما في شرح الكافية ـ إعلان المتفجّع (١) باسم من فقده لموت أو لغيبة

ما للمنادي اجعل لمندوب وما

نكّر لم يندب ولا ما أبهما

ويندب الموصول بالّذي اشتهر

كبئر زمزم يلي وا من حفر

(ما) ثبت (للمنادى) من الأحكام المتقدّمة (اجعل لمندوب) فضمّه إن كان مفردا [معرفة] وأنصبه إن كان مضافا ، (٢) وإن اضطررت إلى تنوينه (٣) جاز نصبه وضمّه ، ومنه :

وافقعسا وأين منّي فقعس (٤)

[أابلي يأخذها كروّس]

(وما نكّر لم يندب) لأنّه لا يعذر النّادب له (٥) (ولا ما أبهما) كأيّ ، واسم الجنس

__________________

(١) أي : إخبار المصاب باسم من فقده المصاب بموت المفقود أو غيبته كقولك مواجها لابن زيد (وازيدا) معلنا له خبر موت زيد.

(٢) نحو (وا زيد) بالضم و (وا ابن عمرو) بنصب ابن.

(٣) فيما كان مستحقا للبناء على الضم.

(٤) فنصب فقعس منونا لضرورة الشعر مع أنه مفرد معرفة وحقه البناء على الضم.

(٥) الضمير يعود إلى (ما نكّر) أي : لأن الندبة أمر يستوحش منه الناس لا يحسن عند الناس إلّا لعذر مثل أن


المفرد (١) واسم الإشارة (و) لكن (يندب الموصول بالّذي اشتهر) (٢) شهرة تزيل إبهامه (كبئر زمزم يلي وا من حفر) أي كقولك «وا من حفر بئر زمزماه» فإنّه بمنزلة «وا عبد المطّلباه» (٣).

ومنتهي المندوب صله بالألف

متلوّها إن كان مثلها حذف

(ومنتهي المندوب) أي آخره (صله بالألف) بعد فتحة ، نحو :

[حمّلت أمرا عظيما فاصطبرت له]

وقمت فيه بأمر الله وا عمرا

وأجاز يونس وصلها بآخر الصّفة ، (٤) نحو «وا زيد الظّريفاه».

(متلوّها) أي الّذي (٥) قبل هذه الألف ، وهو آخر المندوب (إن كان مثلها) أي ألفا (حذف) نحو «وا موساه».

كذاك تنوين الّذي به كمل

من صلة أو غيرها نلت الأمل

(كذاك) حذف (تنوين الّذي به كمل) المندوب (من صلة) (٦) نحو «وا من نصر

__________________

يقول النادب إنّي أردت إعلان ولد الميت بموت أبيه ، وهذا العذر أنما يتحقق إذا كان المندوب شخصا معينا ، وأما إذا كان نكرة فلا عذر للنادب.

(١) المفرد هنا في مقابل الكلّي ففي قولك (وا إنسانا) إن أردت به أحد أفراد الإنسان لا يصحّ ، لأنه مبهم ، وإن أردت به كلّي الإنسان صحّ.

(٢) أي : يصحّ أن يندب الموصول بشرط أن تذكر معه صلة مشهورة ليرفع بها إبهام الموصول ويصحّ ندبته.

(٣) لتساوي (من حفر بئر زمزم) و (عبد المطلب) في الشهرة لعلم الناس بأن حافر بئر زمزم هو عبد المطلب لا غير بخلاف قولك وا من أعاننى.

(٤) أي : صفة المندوب

(٥) أي : الحرف الذي قبل ألف الندبة (وهو الحرف الآخر من الإسم المندوب) إن كان ألفا كألف موسي حذف عند الندبة لتعذّر التلفظ بألفين مجتمعين.

(٦) بيان (للذي به كمل المندوب) فإن المكمل له قد يكون صلة إذا كان المندوب موصولا ، وقد يكون مضافا


محمّداه» (أو غيرها) كمضاف إليه وعجز مركّب ، نحو «وا غلام زيداه» ، «وا معد يكرباه» (١) (نلت الأمل).

والشّكل حتما أوله مجانسا

إن يكن الفتح بوهم لابسا

(والشّكل) الّذي (٢) في آخر المندوب (حتما أوله) حرفا (مجانسا) له (٣) بأن تقلب الألف ياء أو واوا (إن يكن الفتح) والألف لوبقيا (بوهم لابسا) نحو «وا غلامكى» للمخاطبة ، و «وا غلامهو» للغائب ، و «وا غلامكموا» للجمع ، لأنّك لو لم تفعل وأبقيت الألف لأوهم الإضافة إلى كاف الخطاب [المذكر] وهاء الغيبة [المؤنّث] والمثنّى (٤).

وواقفا زدهاء سكت إن ترد

وإن تشأ فالمدّ والها لا تزد

(وواقفا زدهاء سكت إن ترد) (٥) ولا تزدها في الوصل ، وشذّ :

__________________

إليه إذا كان المندوب مضافا ، وقد يكون عجز مركب (أي : آخر جزء منه) إذا كان المندوب مركبا.

(١) حذف من (محمّد) و (زيد) تنوينهما الملفوظ ومن (كرب) وهو عجز المركب تنوينه المقدر.

(٢) أي الحركة التي في أخر المندوب من ضم أو كسر يجب حفظها وتبديل الألف بحرف يجانس تلك الحركة.

(٣) علمنا مما سبق أن المندوب يجعل في آخره ألف مفتوح قبلها كما مر في الأمثلة.

هذا فيما لا يوجب الألف لبسا واشتباها ، وأما إذا أوجب الألف والفتحة قبلها لبسا ، كما إذا كان المندوب مضافا إلى كاف المخاطبة نحو (وا غلامك) بكسر الكاف فبلحوق الألف يصير (وا غلامكا) ويوهم الإضافة إلى كاف الخطاب المذكر.

وإذا كان مضافا إلى ضمير المفرد الغائب المذكر فبإلحاق الألف يصير (وا غلامها) ويلتبس بالمضاف الغائبة المؤنثة.

وكذا المضاف إلى ضمير جمع المخاطب يلتبس بالمضاف إلى التثنية فلأجل دفع اللبس يجب إبقاء حركة الآخر من ضم أو كسر وتبديل الألف بالياء في الكسر والواو في الضم.

(٤) المخاطب.

(٥) أي : يجوز عند الوقف أن تزيد (هاءا) إلى المندوب كوا زيداه.


ألا يا عمرو عمراه

وعمرو بن الزّبيراه (١)

(وإن تشأ فالمدّ) كاف في الوقف (والهاء لا تزد).

وقائل وا عبديا وا عبدا

من في النّدا اليا ذا سكون أبدى

وقائل ، إذا ندب المضاف إلى الياء (٢) (وا عبديا وا عبدا ، من) فاعل ، قائل أي يقول ذلك الّذي (في النّداء الياء ذا سكون أبدى) أي أظهر ، ومن أتي بها مفتوحة ، يقول : «وا عبديا» فقطّ ، ومن فعل غير ذلك (٣) يقول : «وا عبدا» فقطّ.

تتمة : إذا ندب المضاف إلى مضاف إلى الياء (٤) لزمت الياء لأنّ المضاف إليها (٥) غير مندوب.

__________________

(١) زاد الهاء مع (عمراه) مع عدم الوقف لإصاله بما بعده.

(٢) مر في المضاف إلى الياء بقوله (واجعل منادى صح ...) اختلاف اللغات إلى خمس ، وزاد الشارح سادسا فمن الوجوه الخمسة قولان بإثبات الياء أحدهما سكونها ، والثاني فتحها فالقائل بسكون الياء عند النداء إذا أراد الندبة به يجوز له أن يقول وا عبديا بزيادة ألف الندبة وتحريك الياء حذرا من اجتماع ساكنين ، ويجوز له أيضا أن يقول عبدا لأنّ الياء والألف كلاهما ساكنان فيحذف الياء لإلتقاء الساكنين.

ومن يقول في النداء عبدي بفتح الياء ففي الندبة يقول عبديا فقط ، لأن عبدي بفتح الياء مهيئة للحوق ألف الندبة ، وليس في هذا الوجه التقاء ساكنين ليلزم حذف الياء ولا داعي له لأن يقول عبدا.

(٣) وهي الوجوه الثلاثة بحذف الياء ففي الندبة يقولون وا عبدا لعدم وجود ياء على قولهم ليقولوا وا عبديا.

(٤) نحو وا غلام عبدى.

(٥) أي : إلى الياء كعبد في المثال ، لأن الياء أنما يجوز حذفها إذا أضيف إليها المندوب والمندوب هنا هو الغلام والمضاف إلى الياء (عبد) فلا وجه لحذف الياء.


فصل في التّرخيم

وهو حذف بعض الكلمة على وجه مخصوص

ترخيما أحذف آخر المنادى

كياسعا فيمن دعا سعادا

وجوّزنه مطلقا في كلّ ما

انّث بالها والّذي قد رخّما

بحذفها وفّره بعد واحظلا

ترخيم ما من هذه الها قد خلا

إلّا الرّباعي فما فوق العلم

دون إضافة وإسناد متمّ

(ترخيما) أي لأجل التّرخيم (احذف آخر المنادى ، كياسعا فيمن دعا سعادا ، وجوّزنه (١) مطلقا في كلّ ما أنّث بالها) علما كان أم لا زائدا على ثلاثة أم لا.

(واللّذي قد رخّما بحذفها وفّره بعد) (٢) فلا تحذف منه شيئا آخر ، فقل في عقنباة «يا عقنبا» (واحظلا) أي امنع (ترخيم ما من هذه الها قد خلا (٣) إلّا الرّباعي فما

__________________

(١) أي : جوز الترخيم في المؤنث بالتاء مطلقا ، سواء كان علما كفاطمة فيقال يا فاطم أو غير علم كقائمة فيقال : يا قائم ، وسواء كان ثلاثيا كالمثالين أو زايدا كعقبناه ، فيقال : يا عقبنا ، وترخيم المؤنث بالتاء بحذف تائه فقط ، ولا يجوز حذف حرف آخر منه.

(٢) أي : الإسم الذي رخم بحذف تائه كالأمثلة المذكورة أبقه على الباقي من حروفه ، ولا تحذفه منه حرفا آخر ، فلا يجوز في عقبناة حذف حرف منها غير التاء.

(٣) يعني وأما في غير المؤنث بالتاء فليس كالمؤنث بالتاء في إطلاق ترخيمه ، بل يشترط فيه أمور :


فوق العلم (١) دون) تركيب (إضافة وإسناد متمّ) فأجز ترخيمه ، نحو : جعفر ، وسيبويه ، ومعد يكرب (٢) بخلاف الثّلاثي كعمر ، وغير العلم ، كعالم ، والمضاف ، كغلام زيد والمسند كتأبّط شرّا ، وسيأتي نقل ترخيم هذا (٣).

ومع الآخر احذف الّذي تلا

إن زيد لينا ساكنا مكمّلا

أربعة فصاعدا والخلف فى

واو وياء بهما فتح قفى

(ومع) حذفك (الآخر احذف الّذي تلا (٤) إن زيد) وكان (لينا ساكنا مكمّلا أربعة فصاعدا) قبله حركة من جنسه ، نحو «يا عثم» و «يا منص» و «يا مسك» (٥) في عثمان ،

__________________

منها : أن يكون رباعيّا كجعفر ، أو فوق الرباعي كإبراهيم.

ومنها : أن يكون علما كالمثالين ، وشرط العلم الّا يكون مركبا إضافيا كعبد الله ، ولا مركبا إسناديا كتأبط شرا.

(١) هذا هو الشرط الثاني.

(٢) فالأول رباعي غير مركب ، والثاني مركب من اسم وحرف ، والثالث مركب من اسمين ، وكلها واجدة لشرائط الترخيم ، إذ ليس فيها مركب إضافي ولا إسنادي ، وكلها أعلام رباعي فما فوق فعند ترخيمها تقول يا جعف ويا سيب ويا معدي.

(٣) بقوله (وذا عمرو نقل).

(٤) أي : في ترخيم غير المؤنث بالتاء ، كما يحذف الحرف الآخر كذا يحذف الحرف ما قبل الآخر أيضا بشروط خمسة :

الأول : أن يكون زائدا ، ولا يكون من الحروف الأصليّة للكلمة.

الثانى : أن يكون من حروف اللين ، أي : الألف والواو الياء.

الثالث : أن يكون ساكنا.

الرابع : أن يكون رابع حروف الكلمة أو أكثر.

والخامس : أن يكون قبله حركة من جنس ذلك الحرف ، فإن كان ألفا يجب أن يكون قبله فتحة أو واو فضمة أو ياء فكسرة.

(٥) فحذف ما قبل الآخر من هذه الثلاثة ، وهو الألف في عثمان والواو في منصور ، والياء في مسكين ، وكلها


ومنصور ، ومسكين ، بخلاف نحو : مختار وهبيّخ وسعيد وفرعون وغرنيق (١).

(والخلف) ثابت (فى) حذف (واو وياء) ليس قبلهما حركة من جنسهما بل (بهما فتح قفي) (٢) فأجازه الفرّاء والجرمي لعدم اشتراطهما ما ذكرناه (٣) ومنعه غيرهما.

والعجز احذف من مركّب وقلّ

ترخيم جملة وذا عمرو نقل

(والعجز (٤) احذف من مركّب) كقولك في معديكرب وسيبويه وبخت نصّر : «يا معدي» و «يا سيب» و «يا بخت».

(وقلّ ترخيم جملة) إسناديّة (وذا (٥) عمرو) وهو سيبويه (نقل) عن العرب.

وإن نويت بعد حذف ما حذف

فالباقي استعمل بما فيه ألف

(وإن نويت بعد حذف) بالتّنوين (ما حذف (٦) فالباقي استعمل بما فيه ألف) قبل

__________________

زائدة ومن حروف اللين ورابع في الكلمة وساكنة وقبلها حركة تناسب كلّا من الحروف الثلاثة كفتح الميم قبل الألف في عثمان ، وضمّ الصاد قبل الواو في منصور وكسر الكاف قبل الياء في مسكين.

(١) لكون ما قبل الآخر في مختار أصليا ، لأنه لام الفعل ولتحركه في (هبيخ) والشرط سكونه ولكونه ما قبل الآخر ثالث حروف الكلمة في سعيد ولعدم كون حركة ما قبل اللين من جنسه لفتح العين قبل الواو في فرعون مع أن المناسب للواو الضمة ولفتح نون غرنيق مع أن المناسب للياء الكسرة.

(٢) أي : اختلف النحاة في حذف واو وياء مفتوح قبلهما.

(٣) بقوله (قبله حركة من جنسه).

(٤) أي : الجزء الأخير من المركب يحذف في الترخيم.

(٥) أي : ترخيم الجملة.

(٦) يعني : إن كان الحرف المحذوف من المرخم منويا عند المتكلم فيجب إبقاء باقي الكلمة على حالتها السابقة ، ولا يجوز تغيير حركات حروفها ولا تغييرها وإن لم يكن المحذوف منويّا عنده فليفرض


الحذف ، فأبق حركته ولا تعلّه إن كان حرف علّة.

واجعله إن لم تنو محذوفا كما

لو كان بالآخر وضعا تمّما

(واجعله) أي الباقي (إن لم تنو محذوفا كما لو كان (١) بالآخر وضعا تمّما) فأعلّه وأجر الحركات عليه.

فقل علي الأوّل في ثمود يا

ثمو ويا ثمي علي الثّاني بيا

(فقل علي الأوّل (٢) في ثمود) وعلاوة وكروان (يا ثمو) بالواو ، و «يا علاو» و «يا كرو» بإبقاء الواو المفتوحة ، وفي جعفر ومنصور وحارث «يا جعف» بالفتح و «يا منص» بالضّم و «يا حار» بالكسر.

(و) قل (يا ثمي علي الثّاني بيا) مقلوبة عن الواو لأنّه ليس لنا اسم معرب آخره واو قبلها ضمّة غير الأسماء السّتّة وقل : «يا كرا» (٣) بقلب الواو ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، و «يا جعف» و «يا حار» بضمّهما (٤).

__________________

الكلمة مختومة قبله ويعامل معها معاملة كلمة كاملة وليعطها ما يستحقها من حركة أو إعلال أو غير ذلك.

فمثلا : إن كان دال ثمود منويّا عند الترخيم فقل يا ثمو وإن لم يكن منويا فقل يا ثمى ، لأنك إن لم تنو الدال فقد جعلت (ثمو) كلمة كاملة ، وليس لنا اسم معرب آخره واو قبلها ضمة غير الأسماء الستة مثل أبو فلا بد من إعلاله بقلب واوه ياء.

(١) أي : كما لو كان الباقي وهو الواو في الأمثلة الثلاثة مثلا آخر الكلمة بحسب الوضع الأصلي فعليك أن تطبّق عليه القواعد.

(٢) أي : على نية المحذوف.

(٣) وأنما لم يذكر حكم (علاوة) لوضوح أمرها وهو ضم واوها لكونها مفردا معرفة كجعفر.

(٤) لكونهما مفردي معرفة وحكم المنادي المفرد المعرفة البناء على الضم.


والتزم الأوّل في كمسلمة

وجوّز الوجهين في كمسلمة

(والتزم الأوّل) وهو نيّة المحذوف (فى) ما فيه تاء التّأنيث للفرق (١) (كمسلمة) بضمّ الميم الأولى (وجوّز الوجهين في) ما ليس فيه التّاء للفرق (كمسلمة) بفتح الميم الأولى (٢)

ولاضطرار رخّموا دون ندا

ما للنّدا يصلح نحو أحمدا

(ولاضطرار رخّموا) علي اللغتين (٣) (دون ندا ما للنّداء يصلح (٤) نحو أحمدا) كقوله :

لنعم الفتي تعشو إلى ضوء ناره

ظريف ابن مال (٥) [ليلة الجوع والخصر]

بخلاف ما لا يصلح للنّداء ، ومن ثمّ كان خطأ قول من جعل من ترخيم الضّرورة :

[القاطنات البيت غير الرّيّم]

أو الفا مكّة من ورق الحمى (٦)

__________________

(١) بين المذكر والمؤنث.

(٢) اسم مكان وتائه للتكثير كمسبعة يقال : بلد مسلمة أي : كثير المسلم ، وأنما يعامل معها معاملة المؤنث لفظا فيجوز في ترخيمها فتح ميمها لنيّة المحذوف وضمّها لفرضها كاملة عند الميم فتكون مفردا معرفة مبنية على الضمّ.

(٣) أي : على نيّة المحذوف وعدم نيّته.

(٤) أي : يجوز في الضرورة ترخيم غير المنادي بشرط أن تكون الكلمة المرخمة صالحة للنداء كأحمد ، فإنه يصلح للنداء لكونه اسما لشخص فيقال في ضرورة الشعر (أحم).

(٥) أي : ابن مالك فرخّم من غير نداء.

(٦) أي : ورق الحمام والحمام طير ، والطير لا يصلح لأن ينادى ، فليس من ترخيم الضرورة لعدم وجود الشرط فيه.


فصل في الاختصاص

الاختصاص كنداء دون يا

كأيّها الفتي بإثر ارجونيا

(الاختصاص كنداء) لفظا (١) لكن يخالفه في أنّه يجيء (دون يا) وفي أنّه لا يجيء في أوّل الكلام. ثمّ إن كان أيّها أو أيّتها استعملا كما يستعملان في النّداء فيضمّان ويوصفان بمعرّف بأل مرفوع (كأيّها الفتى (٢) بإثر ارجونيا) (٣) و «أللهمّ اغفر لنا أيّتها العصابة».

وقد يري ذا دون أي تلو أل

كمثل نحن العرب أسخي من بذل

(وقد يري ذا (٤) دون أي تلو أل) فينصب وحينئذ يشترط تقدّم اسم بمعناه عليه ، والغالب كونه (٥) ضمير تكلّم (كمثل نحن العرب أسخي من بذل) (٦) وقد يكون ضمير خطاب ، نحو بك الله (٧) نرجو الفضل.

__________________

(١) في بنائه على الضم في بعض الأحوال وفي تابعه وفي كونه بتقدير فعل وهو هنا (أخصّ).

(٢) بضم (أي) بناءا ورفع الفتي تقديرا.

(٣) فالتقدير أرجوني أيها الفتي وأنما قيده بأن يكون عقيب أرجوني لما ذكر من أنه لا يجيء أول الكلام.

(٤) أي : قديري المخصوص ، دون (أي) بشرط أن يكون معرفا بأل.

(٥) أي : الاسم المتقدم.

(٦) فنصب (العرب) على الاختصاص وتقدم عليه (نحن) وهو هنا بمعني العرب.

(٧) بنصب (الله) أي : أخص الله تعالى.


فصل في التّحذير والإغراء

التّحذير هو إلزام المخاطب الاحتراز من مكروه والإغراء هو إلزامه العكوف (١) على ما يحمد العكوف عليه من مواصلة (٢) ذوي القربي والمحافظة علي العهود ونحو ذلك.

إيّاك والشّرّ ونحوه نصب

محذّر بما استتاره وجب

(إيّاك والشّرّ ونحوه) كإيّاكما وإيّاكم وجميع فروعه (٣) (نصب محذّر) بكسر الذّال (٤) (بما استتاره وجب) لأنّ التّحذير بإيّا (٥) أكثر من التّحذير بغيره ، فجعل بدلا من اللّفظ بالفعل.

__________________

(١) أي : الملازمة والتوجه.

(٢) بيان لما يحمد.

(٣) أي : فروع (إيا) من المخاطب المؤنث والغائب المذكر والمؤنث.

(٤) فمعنى البيت أن المتكلم الذي في مقام التحذير ينصب (إيّاك والشّر) بعامل يجب استتاره كاحذر واتق.

(٥) دليل لوجوب استتار العامل ، وحاصله أن استعمال (إيا) في التحذير أكثر من غيره ، وبلغ في كثرة استعماله فيه إلى حد أغني عن التلفظ بفعل التحذير وصار عند أهل اللسان عوضا عن الفعل العامل وبما أنه لا يجوز الجمع بين العوض والمعوض فلا يجوز ذكر الفعل مع وجود (إيا) وأشار بقوله من اللفظ بالفعل إلى أنه بدل عن لفظ الفعل لا عن نفس الفعل فالعمل باق للفعل مقدّرا.


ودون عطف ذا لايّا انسب وما

سواه ستر فعله لن يلزما

(ودون عطف) (١) نحو «إيّاك الأسد» (ذا) الحكم المذكور ـ وهو النّصب بلازم الاستتار ـ (لإيّا انسب) أيضا (وما سواه) أي سوي المحذّر بإيّا (ستر فعله لن يلزما) نحو «نفسك الشّرّ» أي جنّب ، وإن شئت فأظهر (٢).

إلّا مع العطف أو التّكرار

كالضّيغم الضّيغم يا ذا السّاري

(إلّا مع العطف) فإنّه يلزم أيضا ستر فعله ، نحو «ماز رأسك والسّيف» (٣) (أو التّكرار) فإنّه يلزم أيضا (٤) (كالضّيغم الضّيغم) أي الأسد الأسد (يا ذا السّاري) والشّائع في التّحذير أن يراد به (٥) المخاطب.

وشذّ إيّاي وإيّاه أشذّ

وعن سبيل القصد من قاس انتبذ

وكمحذّر بلا إيّا اجعلا

مغري به في كلّ ما قد فصّلا

(وشذّ) مجيئه للمتكلّم ، نحو (إيّاى) «وان يحذف أحدكم الأرنب» أي نحّني عن حذف الأرنب ونحّه عن حضرتي (٦) (و) مجيئه للغائب ، نحو (إيّاه) وإيّا

__________________

(١) يعني لا فرق في (إيا) من جهة نصبه في التحذير ووجوب استتار عامله بين صورة العطف كما مرّ ودون عطف بخلاف غير إيّاكما يأتي.

(٢) أي : فقل (جنّب نفسك الشر).

(٣) (ماز) منادي مرخم ، أي : يا مازن جنّب رأسك والسيف فحذف العامل وجوبا لوجود العاطف.

(٤) أي : حذف العامل فتقدير المثال (اتق الإسد).

(٥) أي : بالتحذير.

(٦) فسّر هذه الجملة بوجوه :

منها ما اختاره الشارح ، وحاصله : إنها في تقدير جملتين بقي من كل منهما جزء ، وحذف جزء ، والتقدير


الشّوابّ (١) (أشذّ وعن سبيل القصد من قاس) علي ذلك (انتبذ (٢) وكمحذّر بلا إيّا اجعلا مغري به في كلّ ما قد فصّلا) (٣) فأوجب إضمار ناصبه مع العطف ، نحو «الأهل والولد» (٤) والتّكرار نحو :

أخاك أخاك إنّ من لا أخا له

كساع إلي الهيجا بغير سلاح (٥)

وأجزه (٦) مع غيرهما ، نحو «الصّلاة جامعة».

__________________

(إياي وحذف الأرنب وعلى أحدكم أن يحذف الأرنب) والحذف في الجملة الأولي بمعني الضرب بالعصى ، وفي الثانية بمعناه المعروف وهو الطرد والتبعيد.

فالمعني نحّوني عن ارتكاب ضرب الأرنب ، وعلى أحدكم أن يحذف الأرنب عن حضوري.

(١) أصل المثل (إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب) ، والشواب جمع الشابة ، أي : المرأة الشابة ، والمعني إذا بلغ الرجل الستين فليتجنب من النساء الشابات.

(٢) يعني مجيء التحذير للغائب شاذ منحصر على السماع ومن قاس عليه فقد انتبذ ، أي : ابتعد عن طريق الحق.

(٣) يعني أن الإغراء مثل التحذير بغير (إيا) في جميع الأحكام التي مرّ تفصيلا.

(٤) أي : ألزم وراقب الأهل والولد الشاهد في لزوم حذف العامل لمكان العطف.

(٥) الشاهد في حذف عامل المغري به (أخاك) لأجل التكرار أي (ألزم أخاك).

(٦) أي : يجوز إضمار العامل مع غير العطف والتكرار فقولنا (الصلاة جامعة) أصله (احفظ الصلاة جامعة).


هذا باب أسماء الأفعال والأصوات

ما ناب عن فعل كشتّان وصه

هو اسم فعل وكذا أوّه ومه

(ما ناب عن فعل) معني واستعمالا (١) (كشتّان) بمعني افترق (وصه) بمعني أسكت (هو اسم فعل) أي اسم مدلوله فعل (٢) (وكذا أوّه) بمعني أتوجّع (ومه) بمعني إنكفف (٣)

وما بمعني افعل كآمين كثر

وغيره كوي وهيهات نزر

(وما) كان (بمعني افعل) في الدّلالة علي الأمر (كآمين) بمعني استجب (كثر) وروده ، ومنه «نزال» بمعني إنزل ، و «رويد» بمعني أمهل ، و «هيت» و «هيا» بمعني أسرع ، و «إيه» بمعني إمض في حديثك ، و «حيّهل» بمعني إئت أو عجّل أو أقبل ، و «ها» بمعني خذ ، و «هلمّ» بمعني أحضر أو أقبل (وغيره) كالّذي بمعني المضارع (كوى) و «وا» ، و «واها» بمعني أعجب ، و «أفّ» بمعني أتضجّر (و) كالّذي بمعني الماضي نحو (هيهات) بمعني بعد. و «وشكان» و «سرعان» بمعني سرع ، و «بطآن» بمعني بطؤ (نزر)

__________________

(١) كرفع الفاعل ونصب المفعول بخلاف ما هو بمعني الفعل ولا يستعمل مثل الفعل كأسماء الإشارة.

(٢) فالإضافة بيانية.

(٣) أي : امتنع واكتف.


وكذا اسم الأمر من الرّباعي كـ «قرقار» بمعني قرقر.

والفعل من أسمائه عليكا

وهكذا دونك مع إليكا

(والفعل من أسمائه» ما هو منقول عن حرف جرّ وظرف نحو (عليكا) بمعني ألزم (وهكذا دونك) بمعني خذ (مع إليكا) بمعني تنحّ (١) ولا يستعمل هذا النّوع إلّا متّصلا بضمير المخاطب (٢) وشذّ «عليه رجلا» و «علي الشّيء» و «إليّ» ومحلّ الضّمير المتصل بهذه الكلمات جرّ عند البصريّين ونصب (٣) عند الكسائي ورفع عند الفرّاء (٤).

كذا رويد بله ناصبين

ويعملان الخفض مصدرين

و (كذا) أي كما يأتي اسم الفعل منقولا ممّا ذكر ، يأتي منقولا من المصدر ، نحو (رويد) إذ هو من أروده إروادا بمعني أمهله إمهالا ، ثمّ صغّروا الإرواد تصغير ترخيم (٥) ثمّ سمّوا به فعله ، فبنوه علي الفتح ، وكذا (بله) إذ هو في الأصل مصدر فعل مرادف لدع (٦) ، ثمّ سمّي به الفعل وبني.

وهذا (٧) حال كونهما (ناصبين) نحو «رويد زيدا» أو «بله زيدا». (ويعملان

__________________

(١) أي : ابتعد.

(٢) كما مر في الأمثلة والظاهر أن المركب من الجار والمجرور منقول إلى اسم الفعل لا (أن الجار فقط اسم فعل والكاف متصل به) كما يظهر من كلام الشارح.

(٣) على المفعوليّة وهو بعيد كلّ البعد.

(٤) لكونه فاعلا في المعنى ، إذ التقدير (ألزم أنت وخذ أنت) فالكاف عوض (أنت).

(٥) لحذف الهمزة والألف منه.

(٦) لم يذكر لفظ ذلك الفعل ، بل قال مرادف لدع لعدم استعمال هذا الفعل فالمراد أنه مصدر فعل لو كان موضوعا لكان بمعني (دع).

(٧) أي : كونهما اسمى فعل إذا كانا ناصبين وأمّا إذا جرّا فهما مصدران.


الخفض مصدرين) معربين ، نحو «رويد وبله زيد».

وما لما تنوب عنه من عمل

لها وأخّر ما لذي فيه العمل

(وما لما تنوب عنه من عمل) ثابت (لها) (١) فترفع الفاعل ظاهرا ومستترا ، وتتعدّي إلي مفعول بنفسها وبحرف جرّ ، ومن ثمّ (٢) عدّي «حيّهل» بنفسه لمّا ناب عن «إئت» وبالباء لمّا ناب عن «عجّل» وبعلي لمّا ناب عن «أقبل» (وأخّر ما لذي فيه العمل) عنها (٣) خلافا للكسائي.

واحكم بتنكير الّذي ينوّن

منها وتعريف سواه بيّن

(واحكم بتنكير الّذي ينوّن منها) لزوما (٤) نحو «واها» و «ويها» ، أولا كـ «صه» و «مه» (وتعريف سواه) أي الّذي لم ينوّن (بيّن) لزوما ، (٥) نحو «نزال» أولا كـ «صه» و «مه».

__________________

(١) أي : كل عمل للفعل المنوب عنه من رفع أو نصب أو كليهما فهو ثابت لاسم الفعل النائب عن ذلك الفعل.

(٢) أي : من أجل نيابته عن الفعل المنوب عنه في جميع الخصوصيّات يتعدّي (حيّهل) بنفسه إذا جاء بمعني (ائت) فإن (ائت) متعدّ بنفسه يقال (ائت زيدا) ويتعدّي بالباء إذا كان بمعني (عجّل) فإن (عجّل) يتعدّي بالباء ، يقال : عجّل بسفرك ويتعدّي بعلى إذا ناب عن (أقبل) فإن أقبل يتعدّي بعلي يقال : (اقبل على آخرتك).

(٣) أى : يجب تأخير معمول أسماء الأفعال.

(٤) أي : ما ينّون من أسماء الأفعال فهو نكرة سواء كان تنوينه دائميّا كواها وويها فإنهما يستعملان مع التنوين دائما أو لم يكن تنوينه دائميّا ، كصه ومه فإنهما قد ينوّنان وقد لا ينوّنان فإذا استعملا مع التنوين فهما نكرتان.

(٥) أي : غير المنوّن معرفة سواء كان خلوّه من التنوين لازما بأن لا يستعمل مع التنوين أبدا كنزال أو غير لازم ، بأن يستعمل تارة مع التنوين وأخري بلا تنوين فاذا استعمل بلا تنوين فهو معرفة.

ومعني تعريف هذه الأسماء وتنكيرها تعيين متعلّقها وعدم تعيينها فمعني صه المعرفة أي : (بلا تنوين)


وما به خوطب ما لا يعقل

من مشبه اسم الفعل صوتا يجعل

(وما به خوطب ما لا يعقل) (١) أو ما هو في حكمه ، كصغار الآدميّين (من مشبه اسم الفعل (٢) صوتا يجعل) كقولك لزجر الفرس «هلا هلا» وللبغل «عدس» وللحمار «عد».

كذا الّذي أجدي حكاية كقب

والزم بنا النّوعين فهو قد وجب

(كذا الّذي أجدى) أي أعطي بمعني أفهم (حكاية) لصوت (كقب) لوقع السّيف ، و «غاق» للغراب ، و «خاز باز» للذّباب ، و «خاق باق» للنّكاح.

(والزم بناء النّوعين فهو قد وجب) (٣) لما سبق في أوّل الكتاب. (٤)

__________________

الأمر بالسكوت في كل زمان أو في وقت معيّن ومعني (صه) مع التنوين الأمر بسكوت ما ، أي : غير معيّن المقدار والزمان وهكذا.

(١) أي : الكلمات التي يخاطب بها غير ذوي العقول أي الحيوانات أو يخاطب بها ما بحكم ما لا يعقل فإن صغار الآدميّين وإن كانوا من صنف ذوي العقول لكنهم لقصورهم ؛ حكم غير ذوي العقول.

(٢) وجه شبه أسماء الأصوات بأسماء الأفعال ، أنّه كما يكتفي باسم الفعل عن الفعل فكذا يكتفي باسم الصوت عن الفعل الذي هو بمعناه.

(٣) يعني أن كلا النوعين من أسماء الأصوات مبنيّان (نوع الخطاب) و (نوع الحكاية).

(٤) من أنّها مبنيّة للشبه الإهمالي.


هذا باب فيه نونا التّاكيد

للفعل توكيد بنونين هما

كنوني اذهبنّ واقصدنهما

يؤكّدان افعل ويفعل آتيا

ذا طلب أو شرطا إمّا تاليا

(للفعل توكيد بنونين هما) شديدة وخفيفة (كنوني اذهبنّ واقصدنهما يؤكّدان افعل) أى الأمر مطلقا (١) نحو «اضربن» (ويفعل) أي المضارع بشرط أن يكون (آتيا ذا طلب) نحو :

فإيّاك والميتات لا تقربنّها (٢)

[ولا تأخذن سهما حديدا لتفصدا]

ونحو :

وهل يمنعني ارتياد البلاد (٣)

[من حذر الموت أن يأتين]

ونحو :

هلا تمنّن بوعد غير مخلفة (٤)

[كما عهدتك في أيّام ذي سلم]

ونحو :

__________________

(١) أي : من غير شرط بخلاف المضارع كما سيجيء.

(٢) فأكد النهي وهو طلب (بالثقيلة).

(٣) والاستفهام طلب.

(٤) أكد المضارع بالثقيلة لوقوعه تحضيضا والتحضيض طلب.


فليتك يوم الملتقي ترينّني (١)

[لكي تعلمي أنّي امرء بك هائم]

(أو شرطا إمّا تاليا) (٢) نحو (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ)(٣)(٤).

أو مثبتا في قسم مستقبلا

وقلّ بعد ما ولم وبعدلا

وغير إمّا من طوالب الجزا

وآخر المؤكّد افتح كابرزا

(أو مثبتا في قسم مستقبلا) متصلا بلامه ، نحو (تَاللهِ لَتُسْئَلُنَ)(٥) بخلاف المنفيّ ، نحو (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ)(٦)(٧) والحال نحو (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ)(٨)(٩) وإن منعه البصريّون ، (١٠) وغير المتّصل باللّام (١١) نحو (لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ)(١٢)(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ)(١٣).

تنبيه : لا يلزم هذا التّوكيد (١٤) إلّا بعد القسم كما في الكافية (وقلّ) توكيده إذا وقع

__________________

(١) (ترين) مفردة مؤكّدة بالثقيلة لوقوعها في التمنّي وهو طلب.

(٢) عطف على أتيا ، يعني أن المضارع يلحقه النونان بشرط أن يكون ذا طلب أو كان فعل شرط واقعا بعد إمّا.

(٣) فأكّد (نرينّك) و (نتوفينّك) لكونهما فعلي شرط واقعين بعد أمّا وجزاء الشرط قوله تعالى : (فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) (يونس ، الآية : ٤٦).

(٤) يونس ، الآية : ٤٦.

(٥) النحل ، الآية : ٥٦.

(٦) فإنّ (تفتوء) فعل النفي مثل تزال فلذلك لم يؤكّد (تذكر) بنون التأكيد مع وقوعه قسما.

(٧) يوسف ، الآية : ٨٥.

(٨) لم يؤكّد (أقسم) بالنون ، لأنّ المراد به زمان الحال ، أي : لا أقسم الآن.

(٩) القيامة ، الآية : ١.

(١٠) فقالوا أن الحال لا يمنع من دخول النون على فعل القسم.

(١١) أي : بخلاف غير المتّصل فلم يؤكّد (تحشرون) بالنون للفصل بينه وبين اللام (بإلى الله) وكذا يعطيك للفصل بينه وبين اللام بسوف.

(١٢) آل عمران ، الآية : ١٥٨.

(١٣) الضّحى ، الآية : ٥.

(١٤) أي : التوكيد بالنون لا يكون لازما وحتميّا إلا في القسم.


(بعد ما) الزّائدة ، نحو :

قليلا به ما يحمدنّك وارث

[إذا نال ممّا كنت تجمع مغنما]

وأقلّ منه أن يتقدّم عليها ربّ نحو :

ربّما أوفيت في علم

ترفعن ثوبي شمالات (١)

(و) بعد (لم) نحو :

يحسبه الجاهل ما لم يعلما (٢)

[شيخا على كرسيّه معمّما]

(وبعد لا) نحو (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)(٣) (و) بعد (غير إمّا من طوالب الجزاء) وهي كلمات الشّرط نحو :

[فمهما تشأ منه فزارة تعطكم]

ومهما تشأ منه فزارة تمنعا (٤)

وجاء توكيد المضارع خاليا ممّا ذكر ، (٥) وهو في غاية الشّذوذ ومنه :

وليت شعري وأشعرنّ

إذا ما قرّبوها منشورة ودعيت (٦)

وأشذّ منه تأكيد أفعل في التّعجّب في قوله :

[ومستبدل من بعد غضبى صريمة]

فأحربه بطول فقر وأحريا (٧)

وأشذّ من هذا توكيد اسم الفاعل في قوله :

__________________

(١) الشاهد في تأكيد (ترفعن) بالنون الخفيفة مع وقوعه بعد ربّ وما.

(٢) أصله (يعلمن) قلبت النون ألفا للوقف ، الشاهد في تأكيد المضارع (يعلم) بالنون الخفيفه مع وقوعه بعد لم.

(٣) الأنفال ، الآية : ٢٥.

(٤) أصله (يمنعن) قلبت النون الخفيفة ألفا للوقف ، الشاهد في لحوق نون التأكيد بالفعل مع وقوعه بعد كلمة شرط غير إمّا وهي (مهما).

(٥) أي : من قوعه ذا طلب أو شرطا بعد إما أو مثبتا في قسم أو بعد ما الزائدة إلى آخر ما ذكر.

(٦) الشاهد في تأكيد (اشعر) بالثقيلة مع خلوّ الفعل عمّا ذكر.

(٧) أصله (احرين) أكدّ (أحر) بالخفيفة مع أنه فعل تعجّب لعطفه على (أحربه) على أفعل به.


[أرأيت إن جاءت به أملودا

مرجّلا ويلبس البرودا]

[ولا يرى مالا له معدودا]

أقائلنّ أحضروا الشّهودا

(وآخر المؤكّد افتح كابرزا) (١) و «اخشينّ» و «ارمينّ» و «اغزونّ» (٢).

واشكله قبل مضمرلين بما

جانس من تحرّك قد علما

والمضمر احذفنّه إلّا آلألف

وإن يكن في آخر الفعل ألف

فاجعله منه رافعا غير اليا

والواو ياء كاسعينّ سعيا

(واشكله قبل مضمر) ذي (لين بما جانس من تحرّك قد علما) (٣) فافتحه قبل الألف واكسره قبل الياء وضمّه قبل الواو (و) بعد ذلك (٤) (المضمر احذفنّه إلّا الألف) فأثبتها ، نحو «اضربنّ يا قوم» و «اضربنّ يا هند» و «اضربانّ يا زيدان» (وإن يكن في آخر الفعل ألف (٥) فاجعله) أي الآخر (منه) إن كان (رافعا غير الياء والواو) كالألف (ياء (٦) كاسعينّ سعيا) و «ارضينّ» و «هل تسعيانّ» (٧).

__________________

(١) التقدير (ابرزن) ففتح آخر الفعل المؤكّد وهو الزاء.

(٢) أتي بأربعة أمثلة إشارة إلى أن آخر المؤكّد يفتح سواء كان الآخر حرفا صحيحا كابرزن أو ياء ما قبلها مفتوحا كأخشين أو مكسورا كارمين أو كان الآخر واوا كاعزون.

(٣) أي : إذا وقع الفعل المؤكّد قبل ضمير ذي لين كالواو والياء والألف فأشكله أي : أبق آخره علي الحركة المناسبة للضمير ، أي : أبقه علي الضمّ إذا كان قبل الواو والكسر إذا وقع قبل الياء والفتح إذا وقع قبل الألف وقوله قد علما أي : الحركات المعلومة مجانستها لهذه الحروف.

(٤) أي : بعد إبقاء الآخر على الحركة السابقة أحذف الضمير الواقع بين الفعل ونون التأكيد ، إلّا الألف فيحذف واو الجمع وياء الأناث ولا يحذف ألف التثنية.

(٥) يعني إن كان حرف الآخر من الفعل ألفا ، واتّصل به نون التأكيد فاجعل الألف ياء بشرط أن يكون الفعل رافعا لضمير غير الياء والواو بأن يكون رافعا لألف التثنية والضمير المستتر.

(٦) مفعول ثان لاجعل.

(٧) فاسعين وارضين أصلهما اسعي وارضي حذف منهما الألف جزما فعند اتّصالهما بالنون أعيدت و


واحذفه من رافع هاتين وفي

واو ويا شكل مجانس قفي

نحو اخشين يا هند بالكسرويا

قوم اخشون واضمم وقس مستويا

(واحذفه) أي الآخر (من) فعل (رافع هاتين) أي الواو والياء (و) بعد ذلك (١) (في واو ياء شكل مجانس) لهما (٢) (قفي نحو اخشين يا هند بالكسر) للياء (ويا قوم اخشون (٣) واضمم) الواو (وقس) على ذلك (مستويا) (٤).

ولم تقع خفيفة بعد الألف

لكن شديدة وكسرها ألف

(ولم تقع) نون (خفيفة بعد الألف) (٥) لالتقاء السّاكنين ، وأجازه يونس. قال المصنّف : ويمكن أن يكون منه قراءة ابن ذكوان (وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)(٦)(٧) (لكن شديدة ، (٨) وكسرها) حينئذ (ألف).

وألفا زد قبلها مؤكّدا

فعلا إلي نون الإناث أسندا

وألفا زد قبلها) أي النّون الشّديدة حال كونك (مؤكّدا فعلا إلى نون الإناث أسندا)

__________________

قلبت ياء والألف في الأول مقلوبة من الياء وفي الثاني من الواو ، وكلاهما رافعان الضمير المستتر ، وأمّا تسعيان فمثال ألف التثنية لرفعه.

(١) أي : بعد حذف الآخر ، وهو الألف.

(٢) أي : حركة مجانسة للواو والياء وهي الضمّة والكسرة.

(٣) فحذف الالف من اخشينّ واخشونّ لاتصال الفعل بياء المؤنثة وواو الجمع.

(٤) يعني قس على هذه الأمثلة مراعيا ما ذكر من القاعدة.

(٥) فلا تلحق الخفيفة تثنية الافعال.

(٦) بتخفيف نون (تتبعان).

(٧) يونس ، الآية : ٨٩.

(٨) أي : لكن يقع بعد الألف النون الثقيلة وتكسر إذا وقعت بعد ألف التثنية.


فصلا بينهما (١) كراهيّة توالي الأمثال ، نحو «إضربنانّ».

واحذف خفيفة لساكن ردف

وبعد غير فتحة إذا تقف

(واحذف خفيفة لساكن ردف) نحو :

لا تهين (٢) الفقير علّك أن

تركع يوما والدّهر قد رفعه

(و) احذفها أيضا (بعد غير فتحة (٣) إذا تقف).

واردد إذا حذفتها في الوقف ما

من أجلها في الوصل كان عدما

(واردد إذا حذفتها في الوقف ما من أجلها في الوصل كان عدما) (٤) وهو واو الجمع وياء التّأنيث ونون الإعراب ، فقل في «أخرجن» و «أخرجن» «أخرجوا» و «أخرجى» وفي «هل تخرجن» و «هل تخرجن» «هل تخرجون» و «هل تخرجين».

__________________

(١) أي : ليكون الألف الزائدة فاصلا بين نون الإناث ونون التأكيد إذ لو لم يفصل لتوالت ثلاث حروف مماثلة وهي نون الإناث ونونان للتأكيد فإنّ الثقيلة في الحقيقة نونان أدغم إحداها في الأخري وتوالى الحروف المماثلة مكروهة في التلفّظ.

(٢) أصله لا تهينن الفقير حذفت الثانية وهي التأكيد الخفيفة لاتصالها بالساكن وهو لام (الفقير) إذ الهمزة تحذف عند الوصل فيبقي اللام ساكنة والدليل على أن النون كانت فحذفت وجود الياء ، إذ لو لم يكن الفعل مؤكّدا بالنون لقال لا تهن.

(٣) أي : إن لم تكن متصلة بالمفرد المذكر كأخرجن بفتح الجيم فإنها لا تحذف عند الوقف بل إذا اتصلت بالجمع المذكر كأخرجن بضم الجيم أو المفردة المخاطبة كأخرجن بكسر الجيم وكتخرجن بالضم وتخرجن بالكسر فتحذف نون التأكيد عند الوقف.

(٤) فإنّ الواو والياء أنّما تحذفان عند اتّصال النون الخفيفة لأجل التقاء الساكنين لأن النون ساكنة وهما أيضا ساكنتان فإذا حذفت النون ارتفع المانع ، وأمّا حذف نون الرفع عند اتصال نون التأكيد فلأنّ الفعل مع نون التأكيد يصير مبنيا ، والنون علامة الإعراب فلا يجتمعان فإذا حذف نون التأكيد عاد نون الإعراب ، وأما علّة حذفها في الوقف فلأنها تشبه التنوين في كونها نونا آخر الكلمة.


وأبدلنها بعد فتح ألفا

وقفا كما تقول في قفن قفا

(وأبدلنها بعد فتح ألفا وقفا) كالتّنوين (كما تقول في قفن قفا).

تتمّة : قد تحذف هذه النّون [الخفيفة] لغير ما ذكر في الضّرورة ، كقوله :

إضرب عنك الهموم طارقها (١)

[ضربك بالسّيف قونس الفرس]

__________________

(١) فحذف النون من (إضرب) من دون علّة وبقيت فتحة الباء علامة لها.


هذا باب ما لا ينصرف

وهو ما فيه علّتان من العلل الآتية ، أو واحدة منها تقوم مقامهما ، سمّي به (١) لامتناع دخول الصّرف عليه ، وهو التّنوين ، كما قال :

الصّرف تنوين أتى مبيّنا

معني به يكون الاسم أمكنا

(الصّرف تنوين أتى مبيّنا معنى) وهو عدم مشابهة الفعل (به) أي بهذا التّنوين ، أي بدخوله (يكون الاسم) مع كونه متمكّنا (٢) (أمكنا) وبعدمه يكون غير أمكن (٣) ولذلك سمّي بتنوين التّمكّن أيضا (٤) وغير هذا التّنوين (٥) لا يسمّي صرفا ، لأنّه قد يوجد فيما لا ينصرف كتنوين المقابلة في «عرفات» والعوض في «جوار» ونحو ذلك. (٦)

__________________

(١) أي : بما لا ينصرف.

(٢) أي : معربا.

(٣) أي : بعدم التنوين يكون الاسم غير أمكن بل متمكنا فقط.

(٤) أي : لأجل جعله الاسم أمكن سمي بتنوين التمكن أيضا مع تسمية تنوين الصرف.

(٥) أي : غير تنوين التمكن الذي يكون الاسم به أمكن لا يسمي تنوين (صرف).

(٦) كقاض وكل.


فألف التّأنيث مطلقا منع

صرف الّذي حواه كيفما وقع

(فألف التّأنيث مطلقا) مقصورا أو ممدودا (منع صرف الّذي حواه كيف ما وقع) من كونه نكرة كذكري وصحراء ، أو معرفة كزكريّا [وكربلاء] ، مفردا كما مضى أو جمعا كحجلى (١) وأصدقاء ، إسما كما مضي أو وصفا كحبلي وحمراء.

وزائدا فعلان في وصف سلم

من أن يري بتاء تأنيث ختم

(وزائدا فعلان) وهما الألف والنّون يمنعان [الصّرف] إذا كانا (في وصف سلم من أن يرى بتاء تأنيث ختم) (٢) إمّا لأنّه (٣) له مؤنّث على فعلى كسكران وغضبان ، أو لا مؤنّث له كلحيان (٤) فإن ختم بالتّاء صرف كندمان. (٥)

ووصف أصلي ووزن أفعلا

ممنوع تأنيث بتا كأشهلا

(ووصف أصلي ووزن أفعلا) كذلك (٦) إذا كان (٧) (ممنوع تأنيث بتا) إمّا على أنّ مؤنّثه على فعلاء (كأشهلا) أو على فعلى كالفضلى ، أو لا مؤنّث له كأكمر ، (٨) فإن كان

__________________

(١) جمع الحجل بفتحتين طائر يسمّي بالفارسيّة (كبك).

(٢) يعني أن الألف والنون يمنعان صرف الوصف بشرط أن لا تلحق الوصف تاء التأنيث.

(٣) أي الوصف وهذا تعليل لعدم لحوقه تاء التأنيث وحاصله أن عدم لحوق التاء إما لاستغنائه عنها لوجود مؤنث له على وزن فعلي وإما لعدم استعمال ذلك الوصف في المؤنّث.

(٤) لأنه بمعني كثير اللحية والمؤنث لا لحية لها فلا يستعمل في المؤنث ليحتاج إلى التاء.

(٥) فإن مؤنثه ندمانة.

(٦) أي : يشترط في وزن أفعل أن يكون أصليّا كما أن شرط الوصفيّة أن تكون أصلية.

(٧) أي : اذا كان الوصف الذي على وزن أفعل ممنوع تأنيث بتا وسبب ممنوعية تأنيثه بالتاء إما لاستغنائه عن التاء لوجود مؤنث له على وزن فعلي بفتح الفاء أو فعلي بالضم وإما لعدم استعماله في المؤنث.

(٨) فإنه بمعني عظيم الحشفة والمؤنث لا حشفة لها.


مؤنّثه بالتّاء صرف ، كارمل ويعمل (١).

وألغينّ عارض الوصفيّة

كأربع وعارض الإسميّة

فالأدهم القيد لكونه وضع

في الأصل وصفا انصرافه منع

(وألغين (٢) عارض الوصفيّة كأربع) فإنّه لكونه وضع في الأصل اسما (٣) مصروف. (و) ألغينّ (عارض الاسميّة (٤) فالأدهم) أي (القيد (٥) لكونه وضع في الأصل وصفا (٦) انصرافه منع).

وأجدل وأخيل وأفعى

مصروفة وقد ينلن المنعا

(وأجدل) (٧) للصّقر (٨) (وأخيل) لطائر عليه نقط كالخيلان (٩) (وأفعى) للحيّة ، أسماء في الأصل والحال ، فهي (مصروفة وقد ينلن المنعا) من الصّرف للمح (١٠) معني الصّفة فيها ، وهو القوّة والتلوّن والإيذاء.

__________________

(١) فإن مؤنثهما أرملة ويعملة.

(٢) أي : الغين وصفية ما وصفيته عارضية فلا تؤثر في منع الصرف.

(٣) لعدد مخصوص وأن أتي وصفا لشيء أحيانا كمررت بنسوة أربع لكنها عرضيّة.

(٤) أي : الغينة عن الاسمية وأبقه على الوصفية وأمنع صرفه.

(٥) من الحديد يقيد به الحيوان أو الإنسان المسجون.

(٦) بمعنى الأسود.

(٧) يعني أنّ هذه الثلاثة وإن كان فيها معني الوصف لكنها منصرفة لأنها في الأصل أسماء وضعا وبالفعل استعمالا فأصالة اسميّتها غالبة على الوصفية الضمنية.

(٨) وهو الطائر المعروف المعلّم للصيد يشبه البازى.

(٩) جمع خال أي : أن نقطه شبيهة بالخال.

(١٠) أي : لاستفادة معني الصفة وهو أي : معني الصفة في الأجدال القوّة وفي أخيل التلوّن وفي أفعي الإيذاء فيستفاد منها القوي والمتلوّن والمؤذي.


ومنع عدل مع وصف معتبر

في لفظ مثني وثلاث وأخر

(ومنع عدل) (١) وهو خروج الاسم عن صيغته الأصليّة (مع وصف معتبر (٢) في لفظ) ثناء (ومثني وثلاث) ومثلث ، إذ هما معدولان عن اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة (٣) (و) في (أخر) جمع أخرى ، أنثي آخر ، إذ هو معدول عن الآخر (٤)

ووزن مثني وثلاث كهما

من واحد لأربع فليعلما

(ووزن مثني وثلاث كهما) (٥) في منع الصّرف لما ذكر (٦) (من واحد لأربع فليعلما) نحو «أحاد» و «موحد» و «رباع» و «مربع» ، وسمع أيضا مخمس وعشار ومعشر ، وأجاز الكوفيّون والزّجاج قياسا خماس وسداس ومسدس وسباع ومسبع وثمان ومثمن وتساع ومتسع.

وكن لجمع مشبه مفاعلا

أو المفاعيل بمنع كافلا

__________________

(١) عن الصرف.

(٢) خبر (منع) أي : منع العدل عن الصرف معتبر في ...

(٣) يقال جائوا ثناءا أو جائوا مثني بدل قولنا جائوا (اثنين اثنين) ويقال جائوا (ثلاث) أو جائوا (مثلث) بدل قولنا جائوا (ثلاثة ثلاثة).

(٤) على وزن (أفعل) لأن أفعل التفضيل إذا جرّد عن الإضافة لا يتبع موصوفه في التثنية والجمع والتأنيث بل يأتي مفردا مذكرا دائما كما مرّ في قوله (أو جردا ألزم تذكيرا وأن يوحدا) ففي قولنا (مررت بنسوة أخر) مقتضي القاعدة أن يقال آخر على وزن أفعل مفردا لا أخر بضم الهمزة فإذا استعمل هكذا كان معدولا.

(٥) يعني أن منع الصرف في الإعداد للعدل لا ينحصر بمثني وثلاث بل وزنهما إذا أتي في عدد آخر أيضا يمنع الصرف كما هو آت في واحد إلى أربع فأحاد على وزن ثلاث وموحد على وزن مثني وكذا رباع ومربع أيضا غير منصرف.

(٦) أي : للعدل.


(وكن لجمع) متناه (١) (مشبه مفاعلا) في كون (٢) أوّله مفتوحا وثالثه ألفا غير عوض بعدها حرفان : أوّلهما مكسور إلّا لعارض ، (٣) نحو «دراهم» و «مساجد» (٤) (أو) مشبه (المفاعيل) فيما ذكر (٥) مع كون ما بعد الألف ثلاثة أوسطها ساكن كمصابيح وقناديل (بمنع كافلا).

وذا اعتلال منه كالجواري

رفعا وجرّا أجره كساري

(وذا اعتلال منه) أي من هذا الجمع (كالجواري رفعا وجرّا أجره) مجري (كساري) (٦) في التّنوين وحذف الياء ، نحو (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ)(٧)(٨)(وَالْفَجْرِ

__________________

(١) أي : جمع منتهي الجموع ، وإنما يسمّي هذان الوزنان منتهى الجموع ، لأن الأوزان الآخر من الجموع قد تجمع ثانيا ، إلى أحد هذين كالكلب إلى أكاليب وأمّا هما فلا يجمعان ثانيا فكانا منتهي الجموع واخرها.

(٢) اشترط في مفاعل أربعة شروط :

الأول : أن يكون أوله مفتوحا ليخرج نحو عذافر بضمّ العين بمعني الجمل الشديد.

الثاني : أن يكون الحرف الثالث منه ألفا غير عوض ليخرج مثل يماني بتخفيف الياء فإن أصله يمني بالتشديد ، والألف بدل من أحد اليائين.

الثالث : أن يكون بعد الألف حرفان ليخرج نحو حبال ، لأن بعد الألف حرف واحد.

والرابع : أن يكون الحرف الأول بعد الألف مكسورا ليخرج نحو تدارك بضم الراء.

(٣) كعذاري بفتح العين مقصورا جمع عذراء البنت البكر فإن أصلها عذري بكسر الراء منقوصا فتح الراء سماعا فقلب الياء ألفا ففتح الراء وهو أول الحرفين بعد الألف عارضي لا أصلي.

(٤) مثّل بمثالين كما في وزن مفاعيل أيضا إشارة إلى أنّه لا فرق في هذا الجمع بين ما أوّله ميم كمساجد ومصابيح أولا كدراهم وقناديل.

(٥) أي : في الشروط المذكورة من فتح أوله إلى غير ذلك.

(٦) يحتمل أن يكون مراده من قوله (كساري) أن المعتل من هذا الجمع يجري مجري ساري كما هو ظاهر من نظم الناظم ويحتمل أيضا أن يكون المراد كساري جمع كسرى ، وهذا الاحتمال ينشأ من اضافة مجرى في قول الشارح إليه إذ لو كان كاف كساري حرف تشبيه لما أضيف إليه (مجرى).

(٧) فغواش مبتداء مؤخّر ومن فوقهم خبر مقدم.

(٨) الأعراف ، الآية : ٤٦.


وَلَيالٍ)(١)(٢) ونصبا أجره كدراهم في فتح آخره من غير تنوين ، نحو (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ)(٣) ، و [إنّما] لم يظهر الجرّ فيه (٤) كالنّصب ، وهو فتحة مثله ، لأنّ الفتحة تثقل إذا نابت عن حركة ثقيلة فعوملت معاملتها وقد لا يحذف ياؤه بل تقلب ألفا (٥) بعد إبدال الكسرة قبلها فتحة فلا ينوّن كعذاري ومدارى.

ثمّ التّنوين في جوار ، عوض عن الياء المحذوفة وقال الأخفش : [هو] تنوين تمكين (٦) لأنّ الياء لمّا حذفت بقي الاسم في اللّفظ كجناح ، فزالت الصّيغة فدخلته تنوين الصّرف. وردّ بأنّ المحذوف (٧) في قوّة الموجود. وقال الزّجّاج : عوض عن ذهاب الحركة عن الياء (٨) وردّ بلزوم تعويضه عن حركة نحو موسى (٩) ، ولا قائل به.

__________________

(١) أصله ليالى كدراهم مجرور لعطفه على الفجر المجرور بواو القسم.

(٢) الفجر ، الآية : ١ و ٢.

(٣) سبأ ، الآية : ١٨.

(٤) أي : في الجمع منتهي الجموع وهذا دفع توهم وهو أنّه لم قدّر الجر في الجمع وأظهر النصب مع أنّ الجر في غير المنصرف فتحة أيضا مثل النصب فإن كان الإظهار لأجل خفّة الفتحة فهي موجودة في الجر أيضا.

فأجاب بأنّ الفتحة خفيفة إذا لم تكن نائبة عن حركة ثقيلة كالكسرة ، فإن كانت نائبة عن هذه الحركة فهي ثقيلة مثلها وما نحن فيه من هذا القبيل لأنّ الفتحة في غير المنصرف بدل عن الكسرة.

(٥) فيكون مقصورا ويقدّر اعرابه في جميع الحالات كعيسى.

(٦) أي : تمكين إعراب وانصراف لأنّ الياء لمّا حذفت من الجمع المعتل كجواري بقي جوار كجناح فزال صيغة جمع منتهي الجموع فارتفع مانع الصرف وقبل تنوين التمكّن.

(٧) وهو الياء في قوة الموجود ، فكأنّ صيغة الجمع لم تتغيّر فلا يصلح لأن يقبل تنوين التمكن لعدم زوال مانع الصرف.

(٨) فإن أصل (جوار) جواري بالضم مع التنوين أو بالكسر معه فلثقل الضمة أو الكسرة على الياء حذفت الحركة ثم الياء لالتقاء الساكنين وهذا التنوين المتصل بالراء بدل عن الحركة على الياء.

(٩) يعني أن قول الزجاج مردود بأنه لو صحّ أن يكون التنوين عوضا عن الحركة بعد حذف صاحب الحركة


ولسراويل بهذا الجمع

شبه اقتضي عموم المنع

(ولسراويل) المفرد الأعجمي (بهذا الجمع شبه) من حيث الوزن (اقتضى (١) عموم المنع) من الصّرف وقيل هو نفسه جمع سروالة (٢) وقيل فيه وجهان (٣).

وإن به سمّي أو بما لحق

به فالانصراف منعه يحقّ

(وإن به) أي بالجمع (سمّي أو بما لحق به) من سراويل ، ونحوه (٤) (فالانصراف منعه يحقّ) (٥) ولا اعتداد بما عرض.

والعلم امنع صرفه مركّبا

تركيب مزج نحو معديكربا

(والعلم امنع صرفه) إن كان (مركّبا تركيب مزج نحو معديكربا) وحضرموت بخلاف المركّب تركيب إضافة أو إسناد (٦).

كذاك حاوي زائدي فعلانا

كغطفان وكإصبهانا

(كذاك) (٧) علم (حاوي زائدي فعلانا) وهما الألف والنّون (كغطفان

__________________

لعوض عن حركة الياء المحذوفة في موسى ، فإن أصله (موسي) كمكرم حذف ياءه وعوّض عنه الألف ولم يعوّض عن حركته.

(١) أي : الشبه الوزني اقتضي أن يشمل منع صرف الجمع لمثل هذا المفرد أيضا حملا للمشابه على المشابه.

(٢) أي : أن سراويل بنفسه جمع فلا يحتاج إلى الشبه.

(٣) بالانصراف وعدمه.

(٤) كشراحيل وكشاجم.

(٥) يعني إذا صار الجمع أو الملحق به علما لشيء كمحاويل اسم بلد في العراق فحقّه أن يكون غير منصرف ولا يعتني بخروجه عن وضعه الأصلي بالعلميّة.

(٦) فعبد الله مثلا إذا صار علما لشخص وكذا تأبّط شرّا منصرف.

(٧) أي : غير منصرف إذا كان العلم مشتملا عن الألف والنون.


وكإصبهانا) وتعرف زيادتهما بسقوطهما في التّصاريف كسقوطهما في ردّ نسيان إلى نسي ، فإن كانا فيما لا يتصرّف (١) فبأن يكون قبلهما أكثر من حرفين فإن كان قبلهما حرفان ثانيهما مضعّف (٢) فإن قدّرت أصالة التّضعيف (٣) فزائدان أو زيادته فالنّون أصليّة كحّسان ، إن جعل من الحسّ ففعلان فيمنع ، أو من الحسن ففعّال فلا يمنع.

كذا مؤنّث بهاء مطلقا

وشرط منع العار كونه ارتقى

فوق الثّلاث أو كجور أو سقر

أو زيد اسم امرأة لا اسم ذكر

وجهان في العادم تذكيرا سبق

وعجمة كهند والمنع أحقّ

(كذا) علم (مؤنّث بهاء) امنع صرفه (مطلقا) سواء كان [علما] لمذكّر كطلحة ، أم لمؤنّث كفاطمة ، زائدا على ثلاثة كما مضى (٤) أم لا كفلة.

(وشرط منع) صرف (العاري) منها (كونه ارتقي فوق الثّلاث) كسعاد وعناق (أو) على ثلاثة لكنّه أعجميّ (كجور) وحمص ، (٥) (أو) متحرّك الأوسط نحو (سقر) ولظي (أو) مذكّر الأصل سمّي به مؤنّث نحو (زيد اسم امرأة لا اسم ذكر) وأجرى فيه المبرّد

__________________

(١) بأن لا يشتقّ منه فعل ولا يصغّر مثلا ليعرف بذلك أنّهما زائدتان أو أصليتان فيختبر ذلك بطريق آخر وهو عدّ حروفه التي قبلهما فإن كانت أكثر من حرفين فغير منصرف كإصبهان وإن كانت أقل فتنصرف كحنان مخفّفة علما لشخص.

(٢) أي : مشدّد كعمّان وحسّان.

(٣) يعني إن قدّرت الحرف المضاعف أن المكرر من الحروف الأصلية للكلمة بأن يقدّر أن حسّان من الحسّ بمعني ذي حسّ قويّ فتتم بالحرف المضاعف حروف الكلمة الأصلية فتكون الألف والنون زائدتين فالكلمة غير منصرفة وإن قدّرت المضاعف زائدة بأن جعلت السين في حسّان مثلا زائدا فلم تكمل الحروف الأصلية بالحرف المضاعف فتكون النون أصلية لتكمل حروف الكلمة بهم فالكلمة منصرفة لعدم زيادة الألف والنون كليهما.

(٤) أي : كطلحة وفاطمة.

(٥) علمان لبلدين.


والجرميّ الوجهين الآتيين في المسألة بعد ، وهما (وجهان) (١) رويا عن النّحاة (في) الثّلاثي ساكن الوسط (العادم تذكيرا) متأصّلا (٢) قبل النّقل كما (سبق أو) العادم (عجمة كهند والمنع أحقّ) من الصّرف نظرا إلى وجود السّببين (٣) وعن الزّجّاج وجوبه. (٤)

والعجمي الوضع والتّعريف مع

زيد علي الثّلاث صرفه امتنع

(والعجمي الوضع والتّعريف (٥) مع زيد علي الثّلاث) كإبراهيم (صرفه امتنع) بخلاف غير العجميّ ، والعجميّ الوضع ، العربيّ التّعريف كلجام ، (٦) والثّلاثي ولو كان ساكن الأوسط ، كشتر ونوح (٧).

كذاك ذو وزن يخصّ الفعلا

أو غالب كأحمد ويعلى

(كذاك) علم (ذو وزن يخصّ الفعلا) بأن لم يوجد دون ندور (٨) في غير فعل ، كخضّم وشمّر ودئل (٩) وانطلق واستخرج علمين (أو) وزن (غالب) فيه (١٠) (كأحمد و

__________________

(١) الصرف ومنعه.

(٢) أي : التذكير الذي كان في الأصل قبل أن ينقل إلى المؤنث فذهب عنه بالنقل.

(٣) التأنيث والعلمية.

(٤) أي : وجوب منع الصرف لا أولويته.

(٥) بأن يكون وضع الكلمة قبل العلميّة في العجمية ثم صار علما لشخص في العجمية أيضا.

(٦) فإنه معرّب (لگام) فوضعه الأصلي في العجمية لكنّه صار علما في لغة العرب.

(٧) فهذه الصور الثلاث كلّها منصرفة الأولي ما ليس بعجمي والثاني ما كان عجمي الوضع عربي التعريف ، والثالث ما كان عجمي الوضع والتعريف وكان ثلاثيا و (شتر) بفتحتين اسم قلعة من أعمال ايران.

(٨) أي : لم يوجد هذا الوزن في غير الفعل إلّا نادرا.

(٩) (خضّم) اسم لمكان ، و (شمّر) اسم لفرس ، وهما على وزن الماضي من باب التفعيل و (دئل) بضم الدال وكسر الهمزة اسم لقبيلة ، وهو موازن لمجهول الماضي.

(١٠) أي : في الفعل عطف على يخصّ.


يعلى) و «أفكل» و «أكلب» (١).

ولا بدّ من لزوم الوزن وبقائه (٢) غير مخالف لطريقة الفعل ، فنحو امرء علما و «ردّ» و «بيع» مصروف ، (٣) وكذا نحو «ألبب (٤)» عند أبي الحسن الأخفش وخالفه المصنّف ، (٥) وفهم من كلامه (٦) أنّ الوزن الخاصّ بالإسم أو الغالب فيه أو المستوي هو والفعل فيه لا يؤثّر وهو كذلك (٧) وخالف ابن عيسى بن عمرو في المنقول

__________________

(١) (أفكل) بمعني الرعشة يقال : أخذه الأفكل و (أكلب) بضم اللام جمع كلب ، ويغلب هذه الأوزان في الفعل فأحمد موازن للمتكلم وحده من يمنع ويعلي كيخشي وأفكل موازن للمتكلم من يمنع وأكلب موازن للمتكلم من باب ينصر ، وإن وجد هذه الأوزان في الاسم كثيرا.

(٢) معني لزوم الوزن أن يكون وزن الفعل الموجود في الاسم ملازما لذلك الاسم في جميع الحالات ولا يتغيّر ومعني بقائه أن يكون هذا الوزن الموجود في الاسم وزنا أصليّا في الفعل لا وزنا مغيّرا مصرّفا.

(٣) الأول مثال لعدم اللزوم والمراد حالة الوقف وعدم لزومه الوزن أنّ (امرء) رائه تابعة للهمزة في الإعراب فهو في حال النصب على وزن (أذهب) وفي الرفع على (أكتب) وفي الجرّ على (أضرب) فلا يلازم وزنا واحدا.

والثاني والثالث مثالان لعدم البقاء على الوزن الأصلي فإن (ردّ وبيع) في الاصل (فعل) بضم الفاء وكسر العين فتصرف في الأول بالادغام وفي الثاني بالاعلال فلم يبقيا على الطريقة الاصلية للماضي المجهول.

(٤) جمع (لبّ) بضمّ اللام وتشديد الباء وهو العقل إذا كان علما لشيء لمخالفته وزن الفعل بفكّ الإدغام في الحرفين المتجانسين فهو منصرف.

(٥) لأنّ القاعدة في المتجانسين إذا سكن ما قبلهما فكّ الإدغام كما في (أشدد) فالوزن فيه باق وغير منصرف لذلك.

(٦) وهو قوله (ذو وزن يخصّ الفعل أو غالب) فهم من كلامه هذا أنّ شرط مانعيه وزن الفعل أن يكون الوزن إما مختصّا بالفعل أو غالبا فيه.

فإذا كان الوزن مختصّا بالاسم كعروة أو غالبا في الاسم كوزن (فاعل) نحو ضارب علما لشخص وإن وجد في الأمر من المفاعلة كقولك (ضارب يا زيد) أو مساويا فيه الاسم والفعل كفعل بفتحتين نحو (شجر) أو فعلل كجعفر لا يؤثّر في منع الصرف.

(٧) أي : والحقّ أنّ رأي المصنف صحيح.


من الفعل (١).

وما يصير علما من ذي ألف

زيدت لإلحاق فليس ينصرف

(وما يصير علما من ذي ألف) مقصورة (زيدت لإلحاق) (٢) كعلقي وأرطي علمين (فليس ينصرف) بخلاف غير العلم والّذي فيه ألف الإلحاق الممدودة.

والعلم امنع صرفه إن عدلا

كفعل التّوكيد أو كثعلا

(والعلم امنع صرفه إن عدلا كفعل التّوكيد) (٣) أي جمع وتوابعه ، فإنّها ـ كما قال المصنّف في شرح الكافية ـ معارف بنيّة الإضافة ، إذ أصل «رأيت النّساء جمع» ، جمعهنّ ، فحذف الضّمير للعلم به ، (٤) واستغني بنيّة الإضافة (٥) وصارت لكونها معرفة بلا علامة ملفوظ بها كالأعلام (٦) وليست بالأعلام لأنّها شخصيّة أو جنسيّة (٧)

__________________

(١) يعني قال ابن عيسى وهو استاذ سيبويه إنّ الوزن الغالب في الاسم والمتساوي في الاسم والفعل يؤثّران في منع الصرف بشرط أن يكون الاسم الذي فيه أحد هذين الوزنين منقولا من (فعل) يعني أن ذلك كان فعلا سابقا ثم نقل إلى العلمية لشخص فمن الغالب في الاسم كما إذا سمّينا شخصا بضارب الذي هو أمر من المضاربة ومن المتساوي فيه الاسم والفعل كما إذا سمّي شخص بضرب ودحرج ففي مثل ذلك يؤثّران في منع الصرف.

(٢) سمّيت هذه الألف الحاقا لأنّها تلحق الاسم الملحق بها بالاسم الرباعي كجعفر مع أنها زائدة وأما منع صرف هذا الاسم فللعلمية ولمشابهة الفه بألف التأنيث كحجلى وحبلى ، ويمكن أن يكون وجه تسميته بالإلحاق لإلحاقها إيّاه بالمؤنث بالألف.

(٣) أي : كوزن (فعل) الذي يأتي للتوكيد كجمع وتبع.

(٤) لذكر المؤكّد الذي هو مرجع الضمير قبله دائما.

(٥) أي : استغني بنية الإضافة عن الإضافة نفسها.

(٦) فأحد أسبابه العلم والآخر عدولها عن أصلها الذي هو مع الإضافة.

(٧) أي : لأنّ الأعلام إمّا علم شخصي كزيد أو علم لجنس خاصّ كثعالة للثعلب وهذا الوزن في التوكيد عام


وليست هذه واحده منهما. قال : وهو ظاهر نصّ سيبويه. وقال ابن الحاجب : إنّها أعلام للتّوكيد (١) ومعدولة عن «فعلاوات» الّذي يستحقّه «فعلاء» مؤنّث «أفعل» المجموع بالواو والنّون (أو كثعلا) (٢) و «زفر» و «عمر» فإنّها معدولة عن ثاعل وزافر وعامر.

والعدل والتّعريف مانعا سحر

إذا به التّعيين قصدا يعتبر

(والعدل والتّعريف مانعا) صرف (سحر إذا به التّعيين) والظّرفية (قصدا يعتبر) كـ «جئت يوم الجمعة سحر» فإنّه معدول عن السّحر (٣) فإن كان مبهما صرف ك (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ)(٤)(٥) ، أو مستعملا غير ظرف ، وجب أن يكون تعريفه بأل أو الإضافة (٦) ، نحو «طاب السّحر سحر ليلتنا» (٧).

وابن علي الكسر فعال علما

مؤنّثا وهو نظير جشما

__________________

لكل شخص وجنس لا لشخص ولا لجنس خاصّ فليست أعلاما.

والحاصل أنها معارف مع أنّها ليست على قاعدة المعارف الآخر فهي معدولة عن قانون المعرفة.

(١) يعني أن وزن (فعل) كجمع علم لجنس التوكيد ، كما أن ثعالة علم لجنس الثعلب فيكون علم جنس فهو من ناحية المعرفة مطابق للقاعدة وليس بمعدول عنها.

نعم هذه الصيغ (جمع وتوابعه) معدولة من ناحية أخرى ، وهي أن مفردها (فعلاء) وفعلاء إذا كان مذكرها (أفعل) الذي يجمع بالواو والنون حقها أن تجمع على فعلا وات كأحمر وأحمرون وحمراء وحمراوات ، فلمّا جمعت على (فعل) فهي معدولة عن قانون الجمع.

(٢) ألفه اطلاق يعني كثعل وزفر وعمر.

(٣) يعني أن حقه أن يستعمل مع (أل) لكونه استعمالا في معيّن فلمّا استعمل بدون (أل) كان معدولا.

(٤) أي : بسحر غير معين فكان استعماله بدون (أل) على القاعدة.

(٥) القمر ، الآية : ٣٤.

(٦) أي : وجب أن يستعمل مع (أل) أو الإضافة فيكون منصرفا لتغليب جانب الاسمية بها.

(٧) (سحر) الأول فاعل لطاب ، والثاني عطف بيان فليسا ظرفين.


عند تميم واصرفن ما نكّرا

من كلّ ما التّعريف فيه أثّرا

(وابن على الكسر فعال علما مؤنّثا) عند أهل الحجاز (١) كحذام وسفار (وهو نظير جشما) في الإعراب ومنع الصّرف للعلميّة والعدل عن فاعلة (عند) بني (تميم).

(واصرفن ما نكّرا من كلّ ما التّعريف فيه أثّرا) (٢) كربّ معديكرب وغطفان وطلحة وسعاد وإبراهيم وأحمد وأرطى وعمر (٣) لقيتهم بخلاف ما ليس للتّعريف فيه أثر كذكرى وحمراء وسكران وأحمر وأخر ودراهم ودنانير (٤).

فرع : إذا سمّي بأحمر ثمّ نكّر لم ينصرف عند سيبويه والأخفش في آخر قوليه لما ذكر (٥) أو بنحو مساجد ثمّ نكّر فسيبويه يمنعه والأخفش يصرفه ، ولم ينقل عنه خلاف (٦).

تتمّة : من المقتضي للصّرف ، التّصغير المزيل لأحد السّببين ، نحو «حميد»

__________________

(١) يعني أن هذا الوزن للمؤنث مبنيّ على الكسر عند أهل الحجاز ، وأما بنو تميم فيقولون أنه معرب لكنه غير منصرف للعلمية والعدل عن وزن فاعله لأن أصل حذام وسفار (حاذمه) و (سافرة) كما أن (جشم) أيضا غير منصرف للعلمية والعدل عن فاعلة لأنّ أصله جاشمة.

(٢) أي : كل اسم كان التعريف مؤثرا في منع صرفه ، فإذا نكّر انصرف لزوال العلة.

(٣) كلّ هذه الثمانية أحد علّتي منع صرفها العلمية (التعريف) والعلة الأخرى في الأول التركيب والثاني الألف والنون والثالث والرابع التأنيث والخامس العجمة ، والسادس وزن الفعل ، والسابع وزن الفعل أيضا منقوصا ، والثامن العدل ، فلمّا تكرّرت بقيت على علة واحدة فانصرفت وعلّامة تنكيرها دخول (ربّ) عليها لأنها لا تدخل إلّا على النكرات.

(٤) فإن الأولين منعتا من الصرف لألف التأنيث والثالثة للألف والنون الزائدتين مع الوصفية والرابعة لوزن الفعل مع الوصفيّة الأصلية ، والخامسة للعدل والوصفية والأخيرتين للجمع ، فلم يكن منع صرفها للتعريف حتي تنصرف عند تنكيرها.

(٥) أي : لعدم تأثير التعريف فى منع صرفه لبقائه بعد التنكير على علّتين وزن الفعل والوصفية الأصلية.

(٦) أي : من العجب أن الأخفش لم ينقل عن سيبويه خلافه إمّا لعدم الاعتداد به أو لعدم إطلاعه على خلافه.


و «عمير». (١)

وما يكون منه منقوصا ففي

إعرابه نهج جوار يقتفي

(وما يكون منه) أي ممّا لا ينصرف (منقوصا (٢) ففي إعرابه نهج جوار) أي طريقه السّابق (يقتفي) فينوّن (٣) بعد حذف يائه رفعا وجرّا إن كان غير علم كأعيم ، (٤) وكذا إن كان علما كقاض لامرأة (٥) عند سيبويه وخالف [في العلم] يونس وعيسي والكسائيّ فأثبتوا الياء ساكنة رفعا ومفتوحة جرّا كالنّصب ، (٦) محتجّين بقوله :

قد عجبت منّي ومن يعيليا (٧)

[لمّا رأتني خلقا مقلوليا]

وأجيب بأنّه ضرورة (٨).

ولاضطرار أو تناسب صرف

ذو المنع والمصروف قد لا ينصرف

(ولاضطرار) في النّظم (وتناسب) في رؤوس الآي والسّجع (٩) ونحو ذلك

__________________

(١) ففي الأول أزال عنه وزن الفعل ، وفي الثاني العدل ، لأنّ وزن عمير تصغير لعمر على الأصل والقاعدة وإن كان مكبّره وهو عمر معدولا عن الأصل.

(٢) وهو الذي آخره ياء ساكنة لازمة.

(٣) بيان لطريقه الذي مرّ سابقا.

(٤) أي : كأعيمى بكسر الميم آخره ياء (تصغير أعمي) فيقال جائني أعيم ومررت بأعيم بالتنوين فيهما ورأيت أعيمي بفتح الياء ومنع صرفه للوصفية ووزن الفعل كما قيل.

(٥) ليجتمع فيه التأنيث والعلمية.

(٦) أي : كما أن الياء مفتوحة نصبا تقول جائني قاضي بسكون الياء ورأيت قاضي ومررت بقاضي بفتح الياء فيهما.

(٧) ففتح الياء من يعيلي جرّا وهو منقوص غير منصرف للعلمية ووزن الفعل ويعيلي مصغر يعلى اسم رجل ، معني البيت أنها عجبت منّي ومن يعيلي حينما رأتني منكسرا مستعجلا في أمري ـ.

(٨) ولو لا الضرورة لقال من يعيل بالتنوين.

(٩) وهو النثر المقفّى.


(صرف ذو المنع) بلا خلاف. أمّا الضّرورة فنحو :

تبصّر خليلي هل ترى من ظعائن (١)

[سوالك ثقبا بين حزمي شعبعب]

وأمّا التّناسب فلم يصرّحوا بمرادهم به. ويؤخذ من كلام النّاظم في شرح الكافية والرّضي أنّ المراد تناسب كلمة معه مصروفة (٢) إمّا بوزنه ك (سَبَإٍ بِنَبَإٍ)(٣)(٤) ، قريبا منه ك سلاسلا (وَأَغْلالاً)(٥)(٦) أولا ، لكن تعدّدت الألفاظ المصروفة واقترنت اقترانا متناسبا (٧) منسجما ك (وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا) يغوثا ويعوقا (وَنَسْراً)(٨)(٩) وآخر الفواصل والأسجاع ك (قَوارِيرَا)(١٠)(١١).

فرع : إذا اضطرّ إلى تنوين مجرور بالفتحة (١٢) فهل ينوّن بالنّصب أو بالجرّ؟

__________________

(١) فنّون وكسر (ظغائن) مع أنّه غير منصرف ، لأنّه جمع منتهي الجموع لضرورة الشعر والبيت من قصيدة لامرء القيس ومعناه انظر يا خليلي هل تري من هوادج تسلك في مضيق من الجبل بين موضعين غليظين من الأرض في وادي شعبعب.

(٢) صفة كلمة و (بوزنه) متعلق بتناسب.

(٣) فنّون سبأ بالكسر مع أنّه غير منصرف للعجمة والعلمية لكونه مع مناسبه المنصرف وهو (نباء).

(٤) النمل ، الآية : ٢٢.

(٥) نوّن سلاسل مع أنه جمع منتهي الجموع لكونه مع ما هو قريب منه وهو (أغلال) فإنّ (سلاسل) لا يكون مناسبا وموازنا لأغلال لكنه قريب منه لكونهما جمعين.

(٦) الانسان ، الآية : ٤.

(٧) أي : بنسبة واحدة متعاقبة ومتحدة السياق ومنسجما أي : متصلا.

(٨) على قراءة (يغوث ويعوق) بالتنوين وهما غير منصرفين للعجمة والعلمية.

(٩) نوح ، الآية : ٢٣.

(١٠) غير منصرف لكونه جمعا وقرء منونا لتنا سبه مع أواخر الفواصل قبله وبعده فقبله (حريرا زمهريرا تذليلا) وبعده (تقديرا).

(١١) الانسان ، الآية : ١٥.

(١٢) يعني إذا اقتضي ضرورة الشعر مثلا إن ينوّن اسم يجر بالفتحة كغير المنصرف فهل ينوّن بالنصب لأنّه


صرّح الرّضيّ بالثّاني ، ولو قيل بالوجهين كالمنادى (١) لم يبعد.

(والمصروف قد لا ينصرف) لذلك (٢) عند الكوفيّين والأخفش ، وإن أباه سيبويه ، ومنه :

وممّن ولدوا عام

ر ذو الطّول وذو العرض (٣)

__________________

قبل التنوين كان مفتوحا والضرورة إنما هي في التنوين ولا موجب لتغيير الحركة أو بالجر ، لأنه الأصل في إعراب المجرور.

(١) يعني المنادي المبني على الضم ، وقد مرّ أنه إذا اضطرّ إلى تنوينه جاز فيه الأمران النصب والرفع.

(٢) أي : لاضطرار وتناسب.

(٣) فاستعمل (عامر) بغير تنوين مع أنّه منصرف والبيت فى مقام الذمّ يعنى من جملة أولادهم عامر الطويل العريض أي : عظيم الجثّة.


هذا باب إعراب الفعل

إرفع مضارعا إذا يجرّد

من ناصب وجازم كتسعد

وبلن أنصبه وكي كذا بأن

لا بعد علم والّتي من بعد ظنّ

فانصب بها والرّفع صحّح واعتقد

تخفيفها من أنّ فهو مطّرد

(إرفع) فعلا (مضارعا إذا يجرّد من ناصب وجازم كتسعد وبلن) وهي حرف نفي بسيط (١) (انصبه) نحو (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ)(٢) (وكي) المصدريّة نحو (لِكَيْلا تَأْسَوْا)(٣)(٤) (كذا) ينتصب (بأن) المصدريّة نحو (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)(٥) (لا) بغيرها (٦) كالواقعة (بعد) فعل (علم) خالص (٧) نحو (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ)(٨)(٩).

__________________

(١) خلافا لمن قال إنّه مركب من (لا) و (أن).

(٢) يوسف ، الآية : ٨٠.

(٣) فحذف نون الرفع من (تأسوا) نصبا.

(٤) الحديد ، الآية : ٢٣.

(٥) البقرة ، الآية : ١٨٤.

(٦) أي : لا بأن غير المصدرية.

(٧) أي : من غير شائبة احتمال الخلاف ، وهذا في مقابل الظنّ لإطلاق العلم عليه أيضا لكنه غير خالص من احتمال الخلاف.

(٨) برفع (سيكون) لكون (أن) غير مصدرية لوقوعها بعد الظن لأن حسب بمعني ظنّ.

(٩) المزمّل ، الآية : ٢٠.


(و) أمّا (الّتي من بعد) فعل (ظنّ فانصب بها) على الأرجح نحو (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا)(١)(٢) (والرّفع) أيضا (صحّح) نحو (وَحَسِبُوا) أن لا (تَكُونَ فِتْنَةٌ)(٣)(٤) (واعتقد) إذا رفعت (تخفيفها من أنّ) الثّقيلة (٥) (وهو مطّرد) كثير الورود (٦).

وبعضهم أهمل أن حملا على

ما أختها حيث استحقّت عملا

(وبعضهم) أي العرب (أهمل أن) فلم ينصب بها (حملا على ما أختها) أي المصدريّة (حيث استحقّت عملا) (٧) نحو :

أبي علماء النّاس أن يخبرونني

بناطقة خرساء مسواكها الحجر (٨)

ونصبوا بإذن المستقبلا

إن صدّرت والفعل بعد موصلا

(ونصبوا بإذن المستقبلا إن صدّرت والفعل بعد موصلا) بها (٩) كقولك لمن قال :

__________________

(١) فحذف النون من (يتركون) نصبا.

(٢) العنكبوت ، الآية : ٢.

(٣) برفع (تكون) على بعض القراءات.

(٤) المائدة ، الآية : ٧١.

(٥) يعني إذا رفعت المضارع بعد أن فاعتقد أنّ (أن) الداخلة عليه مخففة من أنّ المثقلة المشبهة بالفعل لا المصدرية.

(٦) بيان للمراد من (مطرد).

(٧) يعني أن بعض العرب اهملت (أن) في مورد حقّها أن تعمل وإنّما أهملوها لحملها على (ما) المصدريّة لاشتراكهما في أنهما مصدريتان.

(٨) البيت من الالغاز (معمّي) يعني امتنع علماء السوء عن جواب سؤالي وهو (إنّه أي فم ناطق وهو أخرس وله مسواك من الحجر) ومرادهم منه دبر الإنسان والمسواك الحجري هي الأحجار المستعملة في الاستنجاء والنطق مع كونه أخرس ظاهر ، الشاهد في إهمال (أن) من العمل في (يخبرونني) مع استحقاقه العمل حملا على ما المصدرية.

(٩) فيشترط في عمل (إذن) ثلاثة شروط :


أزورك «إذن أكرمك».

أو قبله اليمين وانصب وارفعا

إذا إذن من بعد عطف وقعا

(أو قبله (١) اليمين) فاصلا نحو :

إذن والله نرميهم بحرب (٢)

[يشيب الطّفل من قبل المشيب]

ولا تنصب الحال ، (٣) كقولك لمن قال : «أنا أحبّك» «إذن تصدق» (٤) ولا غير مصدّرة نحو :

لئن عادلي عبد العزيز بمثلها

وأمكنني منها إذن لا أقيلها (٥)

ولا مفصولا بينها وبين الفعل بغير القسم ، نحو «إذن أنا أكرمك».

(وانصب وارفعا إذا إذن من بعد) حرف (عطف وقعا) (٦) نحو وإذن (لا يَلْبَثُونَ

__________________

الأول : أن يقصد بالمضارع الواقع بعدها زمان الاستقبال لا الحال.

الثانى : أن تكون إذن في صدر الكلام.

الثالث : أن يكون متّصلا بالفعل لا منفصلا.

(١) أي : قبل الفعل فيكون اليمين فاصلا بين اذن والفعل.

(٢) وبعده (يشيب الطفل من قبل المشيب) يشيب بضمّ الياء يعني إذا والله نوقعهم في حرب عظيم يجعل الطفل شايبا قبل أوان مشيبه.

الشاهد في نصب (نرميهم) مع الفصل بينه وبين إذن باليمين (والله).

(٣) أي : لا تنصب المضارع إذا أريد به زمان الحال.

(٤) فلم ينتصب (تصدق) لأن معناه تصدق الآن.

(٥) يعني حلفت لأن كرر لي (الخليفة) عبد العزيز مقالته وهي (اسئل حاجتك) وأمكنني من حاجتى ، فإذن لا أترك تلك الجارية.

الشاهد في أنّ إذن لم تعمل في (أقيلها) لعدم تصدرها.

(٦) يعني إذا وقع (إذن) بعد حرف العطف فيجوز في الفعل بعدها الرفع والنصب ، أما الرفع فلعدم وقوع إذن في الصدر وأما النصب فباعتبار كون ما بعد العاطف جملة مستقلة وعدم اعتماد ما بعد إذن على ما قبلها.


خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً ،)(١) وقرئ (٢) شاذّا بالنّصب.

وبين لا ولام جرّ التزم

إظهار أن ناصبة وإن عدم

لا فأن أعمل مظهرا أو مضمرا

وبعد نفي كان حتما اضمرا

(وبين لا) النّافية (ولام جرّ التزم إظهار أن (٣) ناصبة) نحو (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ)(٤) (وإن عدم لا) مع وجود لام الجرّ (فأن اعمل مظهرا) كان (أو مضمرا) (٥) نحو : «إعص الهوي لتظفر ولأن تظفر».

(و) أن (بعد نفي كان حتما أضمرا) نحو (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)(٦).

كذاك بعد أو إذا يصلح فى

موضعها حتّي أو إلّا أن خفي

(كذاك بعد أو إذا يصلح في موضعها) أي موضع أو (حتّى) الّتي بمعنى إلى (٧) (أو إلّا) لفظة (أن) النّاصبة (خفي) (٨) نحو :

لأستسهلنّ الصّعب أو أدرك المنى (٩)

[فما انقادت الآمال إلّا لصابر]

__________________

(١) الإسراء ، الآية : ٧٦.

(٢) أي : قرء هذا الفعل في الآية شاذّا بالنصب أي : قرء (لا يلبثوا) بحذف النون.

(٣) ولا يجوز إضمارها لقبح اتّصال حرف الجر بحرف غير مصدرية وأما المصدرية فلا قبح فيه لكونها مع ما بعدها في تأويل الاسم.

(٤) الحديد ، الآية : ٢٩.

(٥) يعني إن كان اللام وحدها من دون (لا) فالفعل بعد منصوب بأن ظاهرا أو مقدّرا.

(٦) الأنفال ، الآية : ٣٣.

(٧) أي : حتي التي لانتهاء الغاية فقط وهو المعني المشترك بينها وبين إلى من دون رعاية ما هو خاص بحتي وهو اتصال ما بعدها بما قبلها.

(٨) يعني (ان) مقدر.

(٩) أي : حتي أدرك المنى.


[وكنت إذا غمزت قناة قوم]

كسرت كعوبها أو تستقيما (١)

وبعد حتّي هكذا إضمار أن

حتم كجد حتّي تسرّذا حزن

وتلو حتّي حالا او مؤوّلا

به ارفعنّ وانصب المستقبلا

(وبعد حتّي هكذا (٢) إضمار أن حتم كجد) بالمال (حتّى تسرّ ذا حزن).

(وتلو حتّى) إن كان (حالا (٣) أو مؤوّلا به ارفعنّ) نحو «سرت البارحة حتّى أدخلها» ، (٤)(وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ)(٥) في قراءة نافع (٦).

(وانصب) تلو حتّى (المستقبلا) أو المؤوّل به نحو (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ)(٧)(٨). (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ)(٩) في قراءة السّتّة (١٠).

__________________

(١) أي : إلا أن تستقيما.

(٢) يعني كما أن اضمار (أن) بعد (أو) حتم فكذا بعد حتى.

(٣) المراد بالحال إتحاد زمان وقوع ما بعد حتي مع ما قبلها.

(٤) إذا كان الدخول حال السير والتكلّم ب (أدخلها) حال الدخول.

(٥) البقرة ، الآية : ٢١٤.

(٦) معني الآية على قراءة نافع ان الذين خلوا (أي : الأمم السالفة) أصابتهم المصائب وزلزلوا في عقايدهم ونحن (أي : الله) نحكي هذه الحكاية حتّي يعتبر بها الرسول محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم والذين آمنوا معه ويقول صلّى الله عليه وآله وسلّم الآن حزنا عليهم متي نصر الله ففاعل يقول على هذه القراءة هو رسول الاسلام ومعني التأويل بالحال أنّ (يقول) وإن كان مستقبلا لكونه متأخّرا عن زمان الزلزال لكن بتأويل أنّ الرسول تصوّر الزلزال عند قوله (متي نصر الله) يكون حالا.

(٧) لأن فىء الباغى عن بغيه ورجوعه الى أمر الله إنما يكون بعد القتال لا حينه فيكون مستقبلا.

(٨) الحجرات ، الآية : ٩.

(٩) البقرة ، الآية : ٢١٤.

(١٠) معني الآية على قراءتهم إن الذين خلوا أصيبوا وزلزلوا حتّي يقول رسولهم الذي في زمانهم متي نصر الله.


وبعد فاجواب نفي أو طلب

محضين أن وسترها حتم نصب

(وبعد فاجواب نفي أو طلب) أمرا كان (١) [ذلك الطّلب] أو دعاء أو استفهاما أو عرضا أو تحضيضا أو تمنّيا ، بشرط أن يكونا (٢) (محضين أن وسترها حتم

نصب) (٣) نحو (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا)(٤)(٥).

يا ناق سيري عنقا فسيحا

إلى سليمان فنستريحا (٦)

(وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي)(٧)(٨).

ربّ وفّقني فلا أعدل عن

سنن السّاعين في خير سنن (٩)

(فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا)(١٠).

يا بن الكرام ألا تدنوا فتبصر ما

قد حدّثوك فما راء كما سمعا (١١)

__________________

فالزلزال والقول قد وقعا في الماضي ولكن بالنظر إلى أنّ الآية حكاية وفي الحكاية يجعل الحاكي نفسه في زمان وقوع الواقعة ومعلوم انّ قول الرسول في ذلك الوقت إنما وقع بعد الزلزال (فيقول) مستقبل بالنسبة إلى ما قبل حتي وهو الزلزال فالماضي مؤوّل إلى المستقبل بتأويل الحكاية.

(١) الطلب.

(٢) أي : النفي والطلب.

(٣) فتقدير البيت (نصب أن بعد فاجواب أو طلب محضين وستر (أن) حينئذ حتم).

(٤) مثال لجواب النفى ، وعلامة النصب حذف نون الرفع أي : فأن يموتوا.

(٥) فاطر ، الآية : ٣٦.

(٦) لجواب الأمر (سيري) أي : فأن تستريحا يعني يا ناقة أسرعي في مشيك وسيري إلى سليمان لتستريح.

(٧) لجواب النهي أي : فأن يحلّ.

(٨) طه ، الآية : ٨١.

(٩) مثال لجواب الدعاء ، أي : فأن لا أعدل ، و (فيشفعوا) جواب الاستفهام أي : فإن شفعوا يعني ربّ وفّقني أن لا أعدل عن سنن الذين سعوا إليك وعملوا بأحسن السنن.

(١٠) الأعراف ، الآية : ٥٣.

(١١) مثال للعرض أي : فأن تبصر ومعني البيت (يابن الرجال الكرام ألا تقرب منا لتري ما سمعت بإذنك فأنّ الذي يري ليس كمن سمع).


لو لا تعوجين يا سلمي على دنف

فتخمدي نار وجد كاد يفنيه (١)

(يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ)(٢)(٣).

فإن كانت الفاء لغير الجواب بان كانت لمجرّد العطف نحو :

ألم تسأل الرّبع القواء فينطق (٤)

[وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق]

أو النّفي غير محض (٥) نحو «ما تزال تأتينا فتحدّثنا» ، (٦) «وما تأتينا إلّا فتحدّثنا» ، (٧) الطّلب غير محض ـ بأن كانت بصورة الخبر (٨) أو باسم الفعل (٩) كما سيأتي وجب الرّفع.

والواو كالفا إن تفد مفهوم مع

كلا تكن جلدا وتظهر الجزع

(والواو كالفاء) فيما ذكر (إن تفد مفهوم مع كلا تكن جلدا وتظهر الجزع) (١٠)(وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)(١١)(١٢).

__________________

(١) فتخمدي حذف منه النون المؤنثة نصبا لكونه جوابا للولا التحضيضية.

(٢) مثال للتمنّى.

(٣) النساء ، الآية : ٣٧.

(٤) الفاء هنا لمجرد العطف ، إذ ليس النطق مسببا عن السؤال لتكون الفاء الداخلة على (ينطق) جوابا عن الاستفهام ، والمعني ألم تسئل الربع الفواء (أي : المنزل الخالي) فينطق بعد سؤالك فالنطق وإن كان متأخّرا عن السؤال لكنه ليس مسبّبا عنه ، إذ لا يوجب سؤال الجماد نطقه.

(٥) بأن ينتقض النفي بنفي بعده فيصير إثباتا بنفي النفي ، أو ينتقض بالاستثناء.

(٦) فهنا انتقض نفي (ما) بنفي (تزال) لأنّ تزال فعل نفي.

(٧) مثال لانتقاض النفي بإلّا.

(٨) نحو حسبك الكلام فينم الناس ، أي : أترك الكلام لينم الناس فهنا أمر بصورة الجملة الخبريّة فالفاء التي في جوابه لم تعمل ولم تقدر بعدها (أن) لعدم كون الطلب محضا.

(٩) نحوصه فأحدثك بضم الثاء.

(١٠) فالمعني (مع أن تظهر الجزع) مثال لجواب الطلب (النهي).

(١١) والتقدير (مع أن يعلم الصابرين) مثال لجواب النفي (لمّا).

(١٢) آل عمران ، الآية : ١٤٢.


فقلت أدعي وأدعو إنّ اندى (١)

[لصوت أن ينادي داعيان]

ألم أك جاركم ويكون بيني

وبينكم المودّة والإخاء (٢)

و (يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٣)(٤) فإن لم تكن الواو بمعنى مع وجب الرّفع ، نحو «لا تأكل السّمك وتشرب اللّبن» (٥).

وبعد غير النّفي جزما اعتمد

إن تسقط الفا والجزاء قد قصد

(وبعد غير النّفي جزما) به (٦) (اعتمد إن تسقط الفاء والجزاء قد قصد) (٧) نحو قوله تعالى : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ)(٨)(٩) ، بخلافه (١٠) بعد النّفي نحو «ما تأتينا تحدّثناء» وما

__________________

(١) أي : أدعي مع أن أدعو ، وهذا مثال لجواب الأمر.

(٢) من قصيدة لجرول بن أوس يخاطب بها الزرقان ابن بدر يعني ألم أكن جارا لكم مع وجود المودّة والأخوّة التي كانت بيننا.

الشاهد في نصب (يكون) بتقدير أن بعد الواو بمعني مع في جواب الاستفهام أي : (مع أن يكون).

(٣) الشاهد في (لا نكذب) و (نكون) إنهما نصبا بأن المقدّرة بعد الواو بمعني مع في جواب التمنّى.

(٤) الأنعام ، الآية : ٢٧.

(٥) هذا على فرض أن يكون معني الجملة النهي عن أكل السمك والأمر بشرب اللبن ، فتكون الواو عطفا ، وأما إذا كان معناها النهي عن الجمع بينهما فالواو بمعني مع ولا يكون شاهدا على المدّعى ، كما لا يخفى.

(٦) أي : بغير النفي وهو الطلب بأقسامه ، ومعني الاعتماد في الجزم على الطلب أن الجزم مسبّب عنه لتضمنّه ، معني إن الشرطيّة.

(٧) يعني إذا وقع فعل المضارع بعد الطلب وحذف منه فاء الجزاء وقصد منه الجزاء عن الطلب بتقدير شرط فهذا الفعل يجزم اعتمادا على الطلب الذي قبله.

(٨) والتقدير تعالوا أن أتيتم أتل فأتل واقع بعد الطلب وهو تعالوا (اسم فعل أمر) وحذف منه الفاء ، وقصد به الجزاء ، لأنّ المراد أنّ التلاوة مترتّبة على مجيئكم.

(٩) الأنعام ، الآية : ١٥١.

(١٠) أي : بخلاف الجزاء الواقع بعد النفى ، يعني أنّ الفعل الواقع بعد النفي لا يجزم وإن قصد به الجزاء كما في المثال ، فإن (تحدثنا) جزاء لتأتينا لأن الحديث سبب عن الإتيان ومع ذلك لم تجزم.


إذا لم يقصد الجزاء نحو «تصدّق تريد وجه الله» (١).

وشرط جزم بعد نهي أن تضع

إن قبل لا دون تخالف يقع

(وشرط جزم بعد نهي) إذا اسقطت الفاء (أن تضع إن) الشّرطيّة (قبل لا دون تخالف) في المعني (يقع) (٢) كقولك «لا تدن من الأسد تسلم» بخلاف «لا تدن منه يأكلك» فلا يجزم (٣) خلافا للكسائي (٤).

والأمر إن كان بغير افعل فلا

تنصب جوابه وجزمه اقبلا

(والأمر إن كان بغير افعل) بأن كان بلفظ الخبر أو باسم الفعل (فلا تنصب جوابه) خلافا للكسائيّ (وجزمه اقبلا) (٥) للإجماع عليه ، نحو «حسبك الحديث ينم النّاس» (٦) و «صه أحدّثك».

والفعل بعد الفاء في الرّجا نصب

كنصب ما إلي التمنّي ينتسب

(والفعل بعد الفاء في الرّجاء نصب) عند الفرّاء والمصنّف (كنصب ما إلى

__________________

(١) فإن إرادة وجه الله ليس مسبّبا عن التصدّق ليكون جزاء له.

(٢) يعني شرط جزم المضارع بعد النهي أن تقدّر إن الشرطيّة قبل لا الناهيّة ولا يقع خلل في المعني كما في قولنا لا تدن من الأسد تسلم فإن قلنا (ألا تدن من الأسد تسلم) كان المعني صحيحا.

(٣) لعدم صحة المعني بقولنا (أن لا تدن من الأسد يأكلك) وكيف يأكلك وأنت بعيد عنه.

(٤) فجوّز نصب المضارع في جواب الأمر وإن كان الأمر بلفظ الخبر أو اسم فعل.

(٥) بشرط حذف الفاء وقصد الجزاء.

(٦) بتخفيف الميم من النوم يعني اترك الحديث والتكلّم لينام الناس ، فجزم ينم في جواب الأمر بلفظ الخبر ، وكذا احدثك جواب لاسم فعل الأمر ، وأما النصب فلا ، لان شرطه أن يكون جوابا للامر الصريح.


التّمنّي ينتسب) (١) نحو (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ)(٢)(٣).

وإن علي اسم خالص فعل عطف

تنصبه أن ثابتا أو منحذف

(وإن على اسم خالص) من شبه الفعل (٤) (فعل عطف) بالواو والفاء أو أو ، أو ثمّ (تنصبه أن ثابتا) كان (أو منحذف) نحو (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً)(٥)(٦).

ولبس عباءة وتقرّ عينى (٧)

[أحبّ إليّ من لبس الشّفوف]

لو لا توقّع معترّ فأرضيه (٨)

[ما كنت أوثر أترابا علي ترب]

إنّي وقتلي سليكا ثمّ أعقله (٩)

[كالثّور يضرب لمّا عافت البقر]

__________________

(١) يعني كما أن الفعل بعد الفا ينتصب إذا وقع جوابا عن التمنّي نحو ليت زيدا أتاني فأكرمه كذا ينتصب إذا وقع جوابا عن الترجّي.

(٢) فنصب (اطّلع) لوقوعه جوابا عن (لعلّ) والتقدير (أن ابلغ اطّلع).

(٣) غافر ، الآية : ٣٦ و ٣٧.

(٤) بأن لا يكون اسم فاعل أو مفعول أو صفة مشبّهة.

(٥) فنصب (يرسل) بأن المقدرة لعطفه بأو على (وحيا) وهو اسم خالص.

(٦) الشورى ، الآية : ٥١.

(٧) نصب (تقرّ) لعطفه بالواو على (لبس) وهو اسم خالص ـ وآخره ـ (أحبّ إليّ من لبس الشفوف) يعني أن ألبس الملابس الخشنة وتكون عيني قريرة بأهلي ووطني أحبّ إليّ من لبس الملابس الفاخرة الرقيقة وأكون في بلد غريب.

(٨) وآخره (ما كنت أوثر أترابا على ترب) الأتراب جمع ترب وهو من كان مساويا معه في العمر ، يعني لو لا توقع المحتاج المضطر وإني أريد أن أرضيه وأكشف الضرّ عنه لما قمت بعض أترابي على بعض ، بل سوّيت بينهم.

الشاهد في نصب (أرضي) وهو متكلم مضارع لعطفه بالفاء على (توقع) وهو مصدر.

(٩) بعده (كالثور يضرب لما عافت البقر) يعني مثلي في قتلي سليكا (اسم رجل) ثم أعطائي الدية له كمثل


بخلاف المعطوف على غير الخالص ، نحو «الطّائر فيغضب زيد الذّباب» (١).

وشذّ حذف أن ونصب في سوى

ما مرّ فاقبل منه ما عدل روى

(وشذّ حذف أن ونصب في سوي ما مرّ) (٢) كقولهم «خذ اللّصّ قبل يأخذك» (٣) (فاقبل منه (٤) ما عدل روى) ولا تقس عليه.

__________________

من يضرب الثور حينما تمتنع البقرة من شرب الماء ، لأنهم أن ضربوا البقرة قلّ لبنها الشاهد في نصب (أعقله) لعطفه بثم على الاسم الخالص وهو قتلى.

(١) معناه (الذي يطير ويغضب منه زيد هو الذباب) فلم ينتصب (يغضب) مع عطفه على الاسم (الطائر) لعدم كونه اسما خالصا ، بل صفة.

(٢) أي : شذّ أن تنصب أنّ المحذوفة في غير ما ذكر.

(٣) أي : قبل أن يأخذك فنصب (يأخذ) بأن المقدرة من غير أن يكون جوابا لنفي أو طلب.

(٤) أي : من النصب في سوي ما مرّ يعني أن النصب في غير ما ذكر سماعي لا يقاس عليه.


فصل في عوامل الجزم

بلا ولام طالبا ضع جزما

في الفعل هكذا بلم ولمّا

(بلا ولام طالبا (١) ضع جزما في الفعل) سواء كانتا للدّعاء (٢) نحو (لا تُؤاخِذْنا)(٣)(لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ)(٤) ، أم لا (٥) بأن كانت «لا» للنّهي نحو (لا تُشْرِكْ)(٦) ، واللّام للأمر نحو (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ)(٧) (هكذا بلم ولمّا) النّافيّتين نحو (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ)(٨) ، (لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ)(٩) ، قيل : وقد تنصبه (١٠) «لم» في لغة ، ومنه قراءة (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ)(١١).

__________________

(١) يعني أن كانتا للطلب لا للتعليل أو النفى.

(٢) الدعاء هو الطلب من الداني إلى العالي من دون استعلاء.

(٣) البقرة ، الآية : ٢٨٦.

(٤) الزّخرف ، الآية : ٧٧.

(٥) أي : أم لا تكونا للدعاء ، بل للنهي والأمر.

(٦) لقمان ، الآية : ١٣.

(٧) الطلاق ، الآية : ٧.

(٨) المائدة ، الآية : ٦٧.

(٩) ص ، الآية : ٤٨.

(١٠) أي : قد تنصب الفعل (لم) في بعض اللغات ومنه قراءة (ألم نشرح) بالفتح.

(١١) الانشراح ، الآية : ١.


واجزم بإن ومن وما ومهما

أي متي أيّان أين إذ ما

(واجزم بإن) نحو (إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ)(١) (ومن) نحو (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ)(٢) (وما) نحو (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ)(٣) (ومهما) نحو (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ)(٤) و (أىّ) نحو (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)(٥) و (متى) نحو :

[ولست بحلال التّلاع مخافة

ولكن] متي يسترفد القوم أرفد

و (أيّان) نحو «أيّان تفعل أفعل» ولم يذكر هذه [أيّان] في الكافية ولا في شرحها.

و (اين) نحو (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ)(٦) و (إذ ما) نحو :

إذ ما أتيت على الرّسول فقل له (٧)

[حقّا عليك إذا اطمأنّ المجلس]

وحيثما أنّي وحرف إذ ما

كإن وباقي الأدوات أسما

(وحيثما) نحو «حيثما يك أمر صالح فكن» و (أنّى) نحو :

فأصبحت أنّي تأتها تلتبس بها

[كلا مركبيها تحت رجلك شاجر]

وزاد الكوفيّون «كيف» فجزموا بها. ويجزم بإذا في الشّعر كثير كما قال في شرح

__________________

(١) الإسراء ، الآية : ٥٤.

(٢) النّساء ، الآية : ١٢٣.

(٣) البقرة ، الآية : ١٩٧.

(٤) الأعراف ، الآية : ١٢٣.

(٥) الإسراء ، الآية : ١١٠.

(٦) النّساء ـ ٧٨.

(٧) وبعده حقا عليك إذا اطمئنّ المجلس) ومنه :

(يا خير من ركب المطي ومن مشى

فوق التراب إذا تعدّ الأنفس

بك أسلم الطاغوت واتّبع الهدى

وبك انجلي عنّا الظلام الحندس)

من أبيات لعباس ابن مرداس السلمي يخاطب بها رجلا يريد زيارة النبى صلّى الله عليه وآله وسلّم ، والأبيات واضحة المعنى.

الشاهد في مجيء إذ ما للشرط.


الكافية ، ومنه :

[إستغن ما أغناك ربّك بالغنى]

وإذا تصبك خصاصة فتجمّل (١)

قال : والأصحّ منع ذلك في النّثر لعدم وروده.

(وحرف إذ ما كإن) لأنّ إذ سلب معناه الأصليّ (٢) واستعمل مع ما الزّائدة (وباقي الأدوات أسما) بلا خلاف إلّا «مهما» ، فعلي الأصحّ ، (٣) لعود الضّمير عليها في الآية السّابقة (٤).

ثمّ ما كان منها (٥) للزّمان أو المكان فموضعه نصب بفعل الشّرط ، (٦) وما كان لغيره (٧) فموضعه رفع على الإبتداء إن اشتغل عنه الفعل بضميره (٨) وإلّا فينصب به (٩).

__________________

(١) هو من قصيدة لعبد ابن قيس ابن خفاف يوصي بها ابنه حبيل ـ وقبله ـ :

فإذا افتقرت فلا تكن متخشّعا

ترجو الفواضل عند غير المفضل

وإذا لقيت القوم فاضرب فيهم

حتي يروك ظلال حزب مهمل

استغن ما أغناك ربّك بالغنى

وإذا تصبك خصاصة فتجمل

واستأن حلمك في أمورك كلّها

وإذا عزمت على الهوي فتوكل

وإذا تشاجر في فؤادك مرّة

أمران فاعدد للأعز الأجمل

معني البيت أن لا تظهر الفقر عند المخلوق أبدا ، فإن كنت غنيّا بغني الله فهو وإلّا فتظاهر بالغنى.

الشاهد في مجيء إذا للشرط.

(٢) إشارة إلى ردّ من استدل على اسميتها بأن أصلها (إذ) وهو اسم كما مرّ في باب الإضافة ، فأجاب بأنه اسم إذا كان بمعناه الأصلي وهو الظرفية في الماضى ، والآن سلب عنه ذلك المعني فصار حرفا ، ويدل على ذلك استعماله مع (ما) الزائدة.

(٣) أي : على الأصحّ أنه اسم.

(٤) وهي قوله تعالى (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ) فعاد ضمير به إلى مهما ولو كان حرفا لما عاد إليه الضمير.

(٥) أي من أدوات الشرط فالزمان كمتي وأيّان والمكان كأين وحيثما والمشترك كأنّى.

(٦) على أن يكون مفعولا فيه.

(٧) أى : لغير الزمان أو المكان كمن وما وكيف.

(٨) نحو من تضربه أضربه.

(٩) أي : إن لم يكن الفعل مشتغلا بضميره نحو من تضرب أضرب ، فمن منصوب بفعل الشرط مفعولا به.


فعلين يقتضين شرط قدّما

يتلو الجزاء وجوابا وسما

وماضيين أو مضارعين

تلفيهما أو متخالفين

(فعلين يقتضين) (١) أي أدوات الشّرط وهي إن وما بعدها (شرط قدّما) (٢) و (يتلو الجزاء وجوابا وسما) (٣) أيضا (وماضيين أو مضارعين تلفيهما) (٤) أى الشّرط وجزائه ، ومحلّ الماضي حينئذ جزم ، نحو (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا)(٥)(٦)(إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ)(٧)(٨).

(أو متخالفين) بأن يكون الشّرط مضارعا والجزاء ماضيا أو عكسه ، نحو :

إن تصرمونا وصلناكم وإن تصلوا

ملأتم أنفس الأعداء إرهابا (٩)

ونحو :

دسّت رسولا بأنّ القوم إن قدروا

عليك يشفوا صدورا ذات توغير (١٠)

__________________

(١) قوله (فعلين) مفعول لا جزم في أول البيت السابق قبل ببتين والتقدير (أجزم بأن و...) فعلين يقتضينها أدوات الشرط.

(٢) أي : يجب أن يكون الشرط مقدما على الجزاء.

(٣) أي : يسمي الجزاء جوابا أيضا.

(٤) أي : تجدهما.

(٥) فالشرط والجزاء كلاهما ماضيان.

(٦) الإسراء ، الآية : ٨.

(٧) مثال لكون الفعلين مضارعين وهما تبدو ويحاسب.

(٨) البقرة ، الآية : ٢٨٤.

(٩) فالشرط في الموردين مضارع وهما (تصرموا) و (تصلوا) والجزاء ماض ، وهو (وصلناكم) في الأول و (ملاتم) في الثاني.

ومعني البيت إنكم إن قطعتم عنّا الصلة فإنّا لا نقطع عنكم ، ولكن أن تصلونا ملاتم قلوب الأعداء رعبا وخوفا.

(١٠) مثال لعكس الأول ، إذ الشرط هنا ماض ، وهو (قدروا) والجزاء مضارع (يشفوا) ومعني البيت إنّها أرسلت في الخفاء رسولا بأن القوم أن تمكنوا عليك يشفوا عليك صدورهم المليئة بالحقد.


وبعد ماض رفعك الجزا حسن

ورفعه بعد مضارع وهن

(وبعد) شرط (ماض رفعك الجزاء حسن) لكنّه غير مختار ، (١) نحو :

وإن أتاه خليل يوم مسألة

يقول لا غائب مالي ولا حرم (٢)

(ورفعه) أي الجزاء (بعد) شرط (مضارع وهن) أي ضعيف ، نحو :

يا أقرع بن حابس يا أقرع

إنّك إن يصرع أخوك تصرع (٣)

واقرن بفا حتما جوابا لو جعل

شرطا لإن أو غيرها لم ينجعل

(واقرن بفاحتما) للإرتباط (٤) (جوابا لو جعل شرطا لإن أو غيرها) من الأدوات لم يطاوع و (لم ينجعل) (٥) كالماضي غير المتصرّف ، نحو (فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ)(٦)(٧) والماضي لفظا ومعنى (٨) نحو (فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)(٩)(١٠)

__________________

(١) بل المختار هو الجزم.

(٢) برفع (يقول) لكون الشرط (أتاه) ماضيا ، ومعني البيت إنّه إن أتاه صديق محتاج فيتهيّأ لقضاء حاجته ويقول أنّ ما لي حاضر ولا حرمان منه لأحد.

(٣) الشاهد أن الجزاء (تصرع) مرفوع مع إن الشرط (يصرع) مضارع ـ إنك يا أفرع ابن حابس رجل جبان بحيث إن غلب أخوك في المصارعة غلبت أنت من دون صراع خوفا ورعبا.

(٤) أي : ليحصل الارتباط بين الشرط والجزاء بالفاء.

(٥) يعني إذا كان الجزاء لا يصلح أن يكون شرطا يجب أن يقرن بالفاء وقوله (لم يطاوع) أي : لا يقبل و (لم ينجعل) لم يصر.

(٦) فى جواب أن ترن أنا أقلّ منك مالا وولدا.

(٧) الكهف ، الآية : ٤٠.

(٨) فإن الماضي الذي يصلح للشرط ما هو بمعني الاستقبال نحو إن جئتني أكرمك فإن معناه أن تجئني أكرمك وأما إذا كان ماضيا معني أيضا فلا يصلح للشرط فيجب اقترانه بالفاء.

(٩) في جواب (أن يسرق) ف (سرق) في الآية أريد به الزمان الماضي بدليل (من قبل) فلا يصلح للشرط.

(١٠) يوسف ، الآية : ٧٧.


والمطلوب به فعل أو ترك (١) نحو (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي)(٢). (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ)(٣)(٤) ، والفعل المقرون بالسّين أو سوف والمنفي بلن أو ما أو إن والجملة الاسميّة. (٥) وقوله :

من يفعل الحسنات الله يشكرها

[والشّرّ بالشّرّ عند الله مثلان]

ضرورة (٦).

وتخلف الفاء إذا المفاجأه

كإن تجد إذا لنا مكافأه

(وتخلف الفاء إذا المفاجأة) (٧) في حصول ارتباط بها (كإن تجد إذا لنا مكافأة) (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ)(٨)(٩).

والفعل من بعد الجزا إن يقترن

بالفا أو الواو بتثليث قمن

__________________

(١) بأن يكون الجواب أمرا أو نهيا لفظ أو معنى.

(٢) آل عمران ، الآية : ٣١.

(٣) (لا يخاف) هنا ، وإن كان إخبارا في الظاهر لكنّه نهي وإنشاء في المعني إذ المعني لا يخف.

(٤) طه ، الآية : ١١٢.

(٥) أمثلة الستة على ما في التصريح والتوضيح للأولي نحو إن تعاسرتم فسترضع له أخرى ، والثانية وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله ، وللثالثة نحو وما تفعلوا من خير فلن تكفروه وللرابعة نحو فإن تولّيتم فما سئلتكم من أجر ، وللخامسة نحو إن تقم فأن أقوم وأصحّ منه نحو إن تنكروني فأن أدري أصدقتم في إنكاركم أم كذبتم ، وللسادسة نحو إن يمسسك بخير فهو على كلّ شيء قدير.

(٦) ولو لا الضرورة لقال فالله يشكرها.

(٧) يعني إنّ إذا لمفاجاة تدخل على الجزء الذي لا يصلح للشرط مثل الفاء إلا أن إذا لا تدخل إلا على الجملة الاسميّة كما مرّ.

(٨) فدخلت إذا على الجزاء الذي هو جملة اسميّة.

(٩) الرّوم ، الآية : ٣٦.


(والفعل من بعد الجزاء إن يقترن) معطوفا (بالفاء أو الواو بتثليث) له (قمن) (١) بأن يرفع علي الإستيناف ويجزم علي العطف وينصب على إضمار «أن» ، وقري بها (٢)(يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ)(٣) فإن اقترن بثمّ جاز الأوّلان (٤) فقط.

وجزم أو نصب لفعل إثرفا

أو واو إن بالجملتين اكتنفا

(وجزم أو نصب) ثابت (لفعل) واقع (إثرفا أو واو إن بالجملتين) أي جملة الشّرط وجملة الجزاء (اكتنفا) (٥) بأن توسّطهما ، نحو «إن تأتني فتحدّثني أحدّثك» (٦).

ومن يقترب منّا ويخضع نؤوه (٧)

[ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما]

فإن وقع بعد ثمّ لم ينصب ، وأجازه الكوفيّون ، ومنه قراءة الحسن : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ)(٨)(٩).

__________________

(١) يعني إذا عطف على الجزاء بالفاء أو الواو فيجوز في الفعل المعطوف ثلاث وجوه : الرفع ، والنصب ، والجزم.

(٢) أى : بالوجوه الثلاثة بفتح الباء وضمها وسكونها.

(٣) البقرة ، الآية : ٢٨٤.

(٤) أي : الرفع والجزم فقط دون النصب.

(٥) يعني إذا كان الفعل الداخل عليه الواو أو الفاء مكتنفا بالشرط والجزاء بأن توسط بينهما فذلك الفعل يقراء بالنصب أو الجزم فقط دون الرفع.

(٦) فيجوز في (تحدّثني) النصب والجزم لوقوعه بعد الفاء مكتنفا بجملتي الشرط والجزاء.

(٧) فجاز في (نخضع) الجزم والنصب لكونه بعد الواو مكتنفا بالشرط والجزاء ، ومعني البيت إن من التجأ إلينا خاضعا نعطه الأمان والمأوى ولا يخف ظلما ولا ضياع حق.

(٨) فقرأ الحسن (يدركه) بفتح الكاف.

(٩) النّساء ، الآية : ١٠٠.


والشّرط يغني عن جواب قد علم

والعكس قد يأتي إن المعني فهم

(والشّرط يغني عن جواب قد علم) (١) فحذف ، نحو : (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ)(٢)(٣) أي فافعل.

(والعكس) وهو الاستغناء بالجواب عن الشّرط (قد يأتي إن المعني فهم) نحو :

فطلّقها فلست لها بكفؤ

وإلّا يعل مفرقك الحسام (٤)

وقد يحذفان معا بعد «إن» نحو :

قالت بنات العمّ يا سلمي وإن

كان فقيرا معدما قالت وإن (٥)

واحذف لدى اجتماع شرط وقسم

جواب ما أخّرت فهو ملتزم

(واحذف لدى اجتماع شرط وقسم جواب ما أخّرت) (٦) منهما وائت بجواب

__________________

(١) يعني قد يحصل العلم بالجزاء من الشرط فيجوز حذف الجزاء للعلم به.

(٢) الشاهد في جواب (إن استطعت) أنّه حذف للعلم به وهو (فافعل) وأمّا (فتأتيهم) فإنّه عطف على الشرط وليس بجزاء.

(٣) الأنعام ، الآية : ٣٥.

(٤) أي : إلّا تطّلقها يعل ، ومعني البيت طلّق هذه المرأة لأنك لست كفوا لها وإن لم تطلقها يصعد على رأسك السيف فتقتل.

(٥) الشاهد في (وإن) الثانية حذف عنها فعل الشرط والجزاء والتقدير ، وإن كان فقيرا معدما تزوجت منه ، ومعني البيت قالت بنات عمها يا سلمي هل تتزوّجين منه وإن كان فقيرا لا مال له؟ فأجابت : نعم أرضي به وإن كان فقيرا لا مال له.

(٦) يعني إذا اجتمع في كلام شرط وقسم فلا تأت لكل منهما بجواب بل أحذف جواب المتأخّر منهما ، وائت بجواب المتقدّم ، فإن كان المتأخر الشرط فاذكر جواب القسم فقط ، وإن كان المتأخر القسم فائت بجواب الشرط.


ما قدّمت (فهو ملتزم) (١) نحو : «والله إن أتيتني لأكرمنّك» (٢) و «إن تأتني والله أكرمك» (٣).

وإن تواليا وقبل ذو خبر

فالشّرط رجّح مطلقا بلا حذر

وإن تواليا) (٤) أي الشّرط والقسم (وقبل) أي قبلهما (ذو خبر) أي مبتدأ (فالشّرط رجّح) بأن تأتي بجوابه (مطلقا بلا حذر) أي سواء تقدّم أو تأخّر ، نحو : «زيد إن تقم والله يقم» و «زيد والله إن تقم يقم» (٥).

وربّما رجّح بعد قسم

شرط بلاذي خبر مقدّم

(وربّما رجّح بعد قسم شرط) فأتي بجوابه (بلا ذي خبر مقدّم) (٦) نحو :

لئن كان ما حدّثته اليوم صادقا

أصم في نهار القيظ للشّمس باديا (٧)

__________________

(١) يعني إن حذف جواب المتأخّر لازم وواجب لا جائز.

(٢) (لأكرمنّك) جواب للقسم بدليل وجود اللام والمحذوف جواب الشرط لأنّه المتأخر.

(٣) هنا المحذوف جواب القسم لتأخّره ، و (أكرمك) جواب للشرط بدليل عدم دخول لام القسم عليه.

(٤) أي : إن اجتمع الشرط والقسم وكان قبلهما مبتدأ فائت بالجواب للشرط لا للقسم سواء تقدّم أو تأخّر.

(٥) ففي كلا المثالين أتا بالجواب للشرط لا للقسم لوجود المبتدا قبلهما والشرط في الأول متقدّم وفي الثاني متأخر ، والدليل على أنّ (يقم) في المثالين جواب للشرط جزمه وعدم دخول لام القسم عليه.

(٦) يعني قد يؤتي بجواب الشرط مع تأخّره عن القسم ، ويحذف جواب القسم مع تقدّمه من دون ذكر مبتدء قبلهما على خلاف ما تقرّر آنفا.

(٧) أصم جواب للشرط (إن كان) وجواب القسم مع تقدّمه محذوف وليس قبلهما مبتدء ، والقسم هنا اللام لكونها توطئة للقسم ، ودليلا على قسم مقدّر ، ومعني البيت إن كان ما نقل لي اليوم صادقا صمت في نهار الصيف تحت الشمس طول النهار.


فصل في لو

لو حرف شرط في مضي ويقلّ

إيلاؤه مستقبلا لكن قبل

(لو حرف شرط في مضىّ) (١) يقتضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه (٢) من غير تعرّض لنفي التّالي (٣) كذا قال في شرح الكافية. قال :

فقيام زيد من قولك «لو قام زيد لقام عمرو» (٤) محكوم بانتفائه ، وكونه مستلزما

__________________

(١) أي : يستعمل لبيان اشتراط شيء بشيء آخر في الزمان الماضي.

(٢) يعني إن لو يفيد أمرين :

أحدهما : إن شرطه ممتنع أي : غير واقع.

والثاني : إن شرطه إذا تحقّق ، تحقّق معه الجزاء أيضا ، ولكن لا يدلّ على أن جزائه يمتنع إذا امتنع الشرط.

وقوله : ما يليه ، أي : ما يقع بعد لو بلا فصل وهو الشرط ، والضمير في (لتاليه) يعود إلى ما يليه أي : لتالي الشرط وهو الجزاء.

(٣) لأن الاستلزام من ناحية الشرط فقط بمعني أنّه إذا وجد ، وجد الجزاء حتما لا من ناحية الجزاء ، فيمكن أن يوجد الجزاء والشرط ممتنع وهذا نظير الملح والبياض فلو وجد الملح وجد البياض حتما ، ولكن يمكن أن يوجد البياض بدون الملح كالجصّ مثلا.

(٤) يعني معني هذه الجملة إن زيدا لم يقم وأنّه لو قام لقام عمرو معه حتما ، كما إذا فرضنا أنّ عمرا تعهّد بأن يقوم إذا قام زيد ، فالقائل بهذه الجملة يحكم بعدم قيام زيد ، وأن قيام زيد يستلزم قياما من عمرو بمعني أنّه إذا قام زيد قام عمرو أيضا ، وليس مراد القائل أن عمرا لا يقوم أبدا إذا لم يقم زيد ، فربّما تعهّد أن يقوم حين قيام خالد أيضا ، أو أن يقوم وحده مثلا فهذان قيامان لعمرو ، غير ملازمين لقيام زيد ، ويمكن ثبوتهما مع امتناع قيام زيد.


ثبوته لثبوت قيام من عمرو ، وهل لعمرو قيام آخر غير اللّازم عن قيام زيد أو ليس له لا تعرّض لذلك (١) ويوافقه (٢) ـ وهو أكثر تحقيقا وأضبط للصّور ما ذكره بعض المحقّقين من أنّه ينتفي التّالي أيضا (٣) إن ناسب الأوّل ولم يخلفه غيره ، (٤) نحو (لَوْ

__________________

(١) أي : في كلام هذا القائل فلا يدلّ (لو) على انتفاء الجزاء مطلقا ، بل على انتفاء الشرط فقط واستلزامه للجزاء ونتيجة هذا الاستلزام انتفاء الفرد الملازم للشرط من الجزاء فقط لا انتفائه الكلّى.

(٢) أي : يوافق ما قاله المصنف في شرح الكافية ما ذكره بعض المحقّقين ، وحاصله : إنّ (لو) من حيث تأثيره في انتفاء الجزاء وثبوته على ثلاثة أقسام :

(الأول) : في انتفاء الجزاء ، وذلك أنما يتحقّق إذا ناسب الجزء الشرط ، أي : كان الجزاء مسببا عن هذا الشرط ، وكان الشرط سببا للجزاء ولم يخلفه غيره ، أي : لم يكن للجزاء سبب غير هذا الشرط فبانتفاء الشرط (المدلول بلو) ينتفي الجزاء قهرا ، كما في مثال الآلهة ، فإنّ فساد السماوات والأرض مناسب لوجود آلهة غير الله ويتوقف عليه ولا يخلف شيء مكان الآلهة في إيجاد فساد السماوات والأرض فسبب هذا الفساد منحصر بالآلهة ، فإذا انتفت الآلهة انتفي الفساد.

(الثانى) : عدم انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط بلوكما في مثال الإنسان والحيوان ، لعدم انتفاء الحيوان بانتفاء الإنسان لإمكان وجود الحيوان مع غير الإنسان كالبقر مثلا.

(الثالث) : تأثيره في ثبوت الجزاء بمعني أنّ (لو) يفيد ثبوت الجزاء مترتّبا على انتفاء الشرط.

وهذا القسم ينقسم على ثلاثة أقسام :

إذ قد يكون للفرد الملازم للشرط من الجزاء أولويّة على الفرد الغير الملازم كما في مثال صهيب فإنّ عدم المعصية إذا كان مع الخوف أولي من عدم المعصية إذا لم يكن مع الخوف.

وقد يكون الفرد الملازم مساويا مع غيره كما في مثال الربيبة ، فإنّ عدم الحلّ مع كونها ربيبة مساو مع عدم الحلّ مع كونها رضيعة وليس أحدهما بأولي من الآخر لكونهما فرعين عن النسب ، وليس أحدهما والآخر فرعا كما في الأخير.

وقد يكون الفرد الملازم للشرط أدون من الفرد الآخر ، كما في المثال الأخير ، فإن عدم الحلّ (وهو ثبوت الجزاء) إذا كان ملازما للرضاع أدون من عدم الحلّ الغير الملازم له لأنّ غير الملازم للرضاع يكون ملازما للنسب وهو أقوي وأولي لكونه اصلا والرضاع فرع.

(٣) كما ينتفي الشرط.

(٤) أي : إن كان التالي (الجزاء) مناسبا للأول (الشرط) بأن يكون مرتبطا معه ارتباط المسبّب مع السبب ولم


كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(١)(٢) لا إن خلفه نحو : «لو كان إنسانا لكان حيوانا» (٣) ويثبت (٤) إن لم يناف الأوّل وناسبه إمّا بالأولي نحو : «نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه» (٥) أو المساوي نحو : «لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلّت لي إنّها لابنة أخي من الرّضاعة» (٦) أو الأدون كقولك : «لو انتفت أخوّة الرّضاع ما حلّت للنّسب» (٧).

__________________

(١) فالجزاء وهو الفساد منتف لانتفاء الشرط وهو وجود الآلهة لأنّ علة فساد السماوات والأرض منحصر في وجود الآلهة ولا يخلفه غيره ، وهذا هو القسم الأول من الأقسام الخمسة.

(٢) الأنبياء ، الآية : ٢٢.

(٣) لا ينتفي الجزاء هنا وهو كونه حيوانا لأنّه وإن كان مناسبا للشرط (كان إنسانا) في تحقّقه به لكن الإنسان غير منحصر في تحقق الحيوان به بل يمكن أن يخلفه غيره في ذلك كالبقر مثلا فيقال لو كان بقرا لكان حيوانا.

(٤) أي : يثبت التالي (الجزاء) عطف على ينتفي أي : قد يثبت جزاء لو بشرط أن لا يكون ثبوت الجزاء منافيا في المعني مع الشرط ، بل كان اجتماع ثبوت الجزاء مع ثبوت الشرط مناسبا ، وتناسب هذا الاجتماع على ثلاثة أقسام :

إذ قد يكون اجتماعهما أولي من عدم اجتماعهما.

وقد يكون الاجتماع وعدم الاجتماع متساويين.

وقد يكون الاجتماع أدون من عدم الاجتماع.

(٥) ثبوت الجزاء (لم يعصه) ثبوت الشرط (يخف الله) فإن (لم) للنفي و (لو) أيضا للنفي وللامتناع ، ونفي النفي إثبات واجتماع ثبوت الجزاء مع ثبوت الشرط هو اجتماع عدم المعصية مع خوف الله ومعلوم أن عدم المعصية مع الخوف من الله أولي من عدم المعصية عند عدم الخوف.

(٦) ثبوت الجزاء (ما حلّت لي) ثبوت الشرط (كون البنت ربيبة) واجتماعهما أي : اجتماع عدم الحلّ مع الربيبة مساو مع اجتماع عدم الحلّ مع غيرها ، والغير في المثال (الرضيعة) وذلك لأن حرمة تزويج الربيبة مثل حرمة تزويج الرضيعة في كونهما فرعين عن النسب وليس إحداهما أقوي من الأخرى.

(٧) ثبوت الجزاء (ما حلّت) ثبوت الشرط (أخوة الرضاع) بقانون نفي النفي واجتماعهما أعني اجتماع عدم الحلّ (الحرمة) مع أخوة الرضاع أدون من اجتماع عدم الحلّ مع غير الرضاع والغير في المثال النسب ، لأن حرمة الرضاع أخفّ من حرمة النسب ، إذ الرضاع فرع من النسب لقوله (صلي الله عليه وآله وسلّم) الرضاع لحمة كلحمة النسب.


(ويقلّ إيلاؤها مستقبلا) معنى (١) (لكن قبل) إذا ورد نحو :

ولو أنّ ليلي الأخيليّة سلّمت

علي ودوني جندل وصفائح

لسلّمت تسليم البشاشة أوزقا

إليها صدي من جانب القبر صائح (٢)

وهي في الاختصاص بالفعل كإن

لكنّ لو أنّ بها قد تقترن

(وهي في الإختصاص بالفعل كإن لكنّ لو أنّ) بفتح الهمزة وتشديد النّون (بها قد يقترن) (٣) نحو «لو أنّ زيدا قائم» وموضع أنّ حينئذ (٤) رفع ، مبتدأ عند سيبويه وفاعلا لثبت مقدّرا عند الزّمخشري ويجب عنده أن يكون حينئذ (٥) خبرها فعلا ، وردّه المصنّف لورودها اسما في قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ)(٦)(٧) وقول الشّاعر :

__________________

(١) يعني الأكثر أن يقع بعد لو ماض لفظا نحو لو قمت قمت ، أو ماض معني وإن كان مستقبلا لفظا نحو لو لم تقم قمت فإن المستقبل الواقع بعد لم ماض في المعنى ، لكن وقوع مستقبل معني بعدها قليل ، وأمّا إذا ورد في كلام العرب قبل منهم لأنهم أهل اللسان.

(٢) يعني لو أنّ ليلي التي من بني أخيل تسلّم على في وقت يكون عندي ألواح القبور والكتائب الحجرية ، أي : تسلّم على بعد موتي ، لسلّمت عليها سلام رجل بشّاش ، أو صاح إليها صايح من جانب القبر.

الشاهد : في وقوع المستقبل معني (سلّمت) بعد لو لأنّ المعني لو تسلّم.

(٣) يعني إن لو مثل إن الشرطية في أنّها تدخل على الفعل فقط ، لكن (لو) قد تتخلّف عن هذه القاعدة فتدخل على (أنّ) وهي حرف.

(٤) أي : حين وقوعها بعد لو فإنّا علمنا سابقا أن (أنّ) المفتوحة مع اسمها وخبرها في تأويل المفرد والمفرد لا بد له من محل من الإعراب ، فإذا وقعت بعد لو كان موضعها رفعا ، واختلف في علة الرفع ، فقال سيبويه انّه مبتداء وخبره مقدّر ، فتقدير قولنا (لو أن زيدا قائم) لو قيام زيد ثبت وقال الزمخشري أنّه فاعل لثبت المقدر فالتقدير لو ثبت قيام زيد.

(٥) أي : يجب عند الزمخشري أن يكون خبر انّ حين وقوعها بعد لو فعلا.

(٦) خبرها (أقلام) وهو اسم.

(٧) لقمان ، الآية : ٢٧.


لو أنّ حيّا مدرك الفلاح (١)

ادركه ملاعب الرّماح

وغير ذلك (٢).

وإن مضارع تلاها صرفا

إلي المضي نحو لو يفي كفى

(وإن مضارع) لفظا (تلاها صرفا (٣) إلى المضيّ) معني (نحو لو يفي كفى) (٤)

تتمة : جواب «لو» إمّا ماض معني كـ «لو لم يخف الله لم يعصه» أو وضعا وهو (٥) إمّا مثبت فاقترانه باللّام نحو : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ)(٦) أكثر من تركها نحو : (لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا)(٧) أو منفي بما ، فالأمر بالعكس نحو : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا)(٨).

ولو نعطي الخيار لما افترقنا (٩)

[ولكن لا خيار مع اللّيالي]

__________________

(١) آخره (أدركه ملاعب الرماح) من قصيدة للبيد يمدح بها عامر بن مالك الملقب بملاعب الأنسة أي : الذي يلعب بالرماح ، يعني حتي لو كان في تلك المعركة رجل حي مدرك لطرق النجاة من الأخطار لأدركه ملاعب الأسنة ، أي : ملاعب الرماح وقتله بضربة واحدة.

الشاهد : في وقوع الاسم (مدرك) خبرا لأنّ بعد لو.

(٢) كقوله تعالي (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ.)

(٣) يعني إن وقع بعد لو فعل مضارع لفظا فيجب تأويله إلى الماضي في المعنى.

(٤) أي : لو وفي كفى.

(٥) يعني الفعل الذي هو ماض وضعا (اذا وقع جواب لو) فإن كان مثبتا فاقترانه باللام أكثر من عدم اقترانه وإن كان منفيّا فبالعكس أي : عدم اقترانه باللام أكثر.

(٦) الأنفال ، الآية : ٢٣.

(٧) النّساء ، الآية : ٩.

(٨) البقرة ، الآية : ٢٥٣.

(٩) وبعده (ولكن الخيار مع الليالي) يعني لو كان الاختيار بيدنا لما افترقنا مع الأحبّة ، ولكن الاختيار بيد الليالي (الدهر).

الشاهد : في اقتران (ما افترقنا) باللام ، وهو ماض وضعا ومنفيّ.


فصل : في أمّا بفتح الهمزة والتّشديد و «لو لا» و «لو ما» وفيه (١) «هلّا» و «ألّا» و «ألا».

أمّا كمهمايك من شىء وفا

لتلوتلوها وجوبا ألفا

(أمّا كمهمايك من شيء) فهي نائبة عن حرف الشّرط وفعله ولذا (٢) لا يليها فعل (وفالتلوتلوها وجوبا ألفا) (٣) لأنّه مع ما قبله جواب الشّرط (٤) وإنّما أخّرت إليه كراهة أن يوالي بين لفظي الشّرط والجزاء نحو «أمّا قائم فزيد» و «أمّا زيد فقائم» و «أمّا زيدا فأكرم» و «أمّا عمرا فأعرض عنه» (٥).

وحذف ذي الفاقلّ في نثر إذا

لم يك قول معها قد نبذا

(وحذف ذي الفا (٦) شذّ في نثر إذا لم يك قول معها قد نبذا) (٧) أي حذف ،

__________________

(١) أي : في هذا الفصل يذكر هذه الثلاثة أيضا.

(٢) أي : لكونها نائبة عن حرف الشرط وفعله ولزوم تقدير فعل الشرط فلو ذكر بعدها فعل توهّم أنّه فعل الشرط.

(٣) أي : المتعارف المألوف عند أهل اللسان أن تدخل الفاء وجوبا على تلوتلوها.

(٤) يعني إنّ علّة دخول الفاء أن تلو التلو الذي هو مدخول الفاء مع الاسم الذي قبله جواب للشرط ، وأما تأخير الفاء عن أول الشرط أي : عن تلو امّا فلان المتعارف أن يفصل بين أداة الشرط والجزاء بفعل الشرط وتوالي الأداة والجزاء بمعني اتصالهما مكروه عندهم وحيث لا يكون هنا شرط فأخرّوا الفاء عن أول الشرط إلى ما بعد الأول حذرا من التوالي.

(٥) مثل بأربعة أمثلة ، لأن جملة الجزاء قد تكون اسمية ، وقد تكون فعلية ، والاسمية قد يتقدم الخبر على المبتدا كما في الأوّل ، وقد يتأخر كما في الثانى ، والفعلية قد يكون الفعل مذكورا والاسم الواقع بعد أمّا مفعول للفعل المذكور كما في المثال الثالث ، وقد يكون مقدرا ، والاسم مفعول للمقدر ، كما في الرابع ، فإنّ عمرا منصوب بفعل مقدّر ، والتقدير باعد عمرا فأعرض عنه ، لأن أعرض لا يتعدّي بنفسه فلا بد من تقدير فعل متعدّ مشابه له في المعنى.

(٦) التي ذكر أنّه يجب دخولها على جواب أمّا.

(٧) يعني شذوذ حذف الفاء إنما يكون إذا لم يكن قول مقدّر مع أمّا ، وقد حذف ذلك القول ، وأمّا إذا كان كذلك فكثيرا تحذف الفاء.


كقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم «أمّا بعد ما بال رجال» (١) فإن كان معها قول وحذف ، جاز حذف الفاء بل وجب كقوله تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ)(٢) أي فيقال لهم أكفرتم.

ولو لا ولو ما يلزمان الابتدا

إذا امتناعا بوجود عقدا

(لو لا ولو ما يلزمان الابتدا) أي المبتدأ ، فلا يقع بعدهما غيره ويجب حذف خبره كما تقدّم (٣) (إذا امتناعا) من حصول شيء (بوجود) لشيء (عقدا) (٤) نحو : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ)(٥).

وبهما التّحضيض مزوهلّا

ألّا ألا وأولينها الفعلا

(وبهما التّحضيض) وهو طلب بازعاج (٦) (مز وهلّا) مثلهما في إفادة التّحضيض وكذا (ألّا) بالتّشديد وأمّا (ألا) بالتّخفيف فهي للعرض (٧) كما قال في شرح الكافية ، وهي مثل ما تقدّم (٨) فيما ذكره بقوله : (وأولينها الفعلا) وجوبا نحو

__________________

(١) والتقدير فما بال رجال.

(٢) آل عمران ، الآية : ١٠٦.

(٣) في باب المبتدا.

(٤) يعني لزوم دخولهما على المبتدا إنما يكون إذا أفادا امتناع وجود شيء بسبب وجود شيء آخر ، كما في الآية ، إذ المعني لو لا وجودكم لما وجد إيماننا فامتنع وجود إيمانهم لوجود المخاطبين (أنتم).

(٥) السّبأ ، الآية : ٣١.

(٦) أي : بعنف وعتاب ، وقوله (التحضيض) مفعول لقوله (مز) يعني خصّ التحضيض بهما ، وبهلّا والّا ، فهذه الأربعة من بين حروف الشرط تختصّ باستعمالها في التحضيض.

(٧) نحو ألا تنزل بنا فتنصب خيرا منّا ، والعرض بسكون الراء هو الطلب بلين وخضوع ضد التحضيض.

(٨) يعني (ألا) بالتخفيف مثل تلك الأربعة في وجوب وقوع الفعل بعدها فقط لا في إفادة التحضيض فلا يتوهّم من عطفها على تلك الأربعة أنها مثلها في التحضيض أيضا ، لأن معناها العرض فقط.


(لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ)(١)(لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ)(٢).

وقد يليها اسم بفعل مضمر

علّق أو بظاهر مؤخّر

(وقد يليها اسم) فيجب أن يكون (بفعل مضمر علّق) (٣) نحو :

فهلّا بكرا تلاعبها

أي فهلّا تزوّجت (٤).

ألا رجلا جزاه الله خيرا

[يدلّ علي محصّلة تبيت]

أي ألا ترونني (٥) كما قال الخليل.

(أو بظاهر (٦) مؤخّر) نحو : (وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ)(٧)(٨).

__________________

(١) الفرقان ، الآية : ٢١.

(٢) الحجر ، الآية : ٧.

(٣) أي : يجب أن يكون ذلك الاسم متعلّقا بفعل مقدّر ، أي : معمولا له.

(٤) فبكرا متعلّق بتزوجت المقدر لأنه مفعوله ، يعني لماذا لم تتزوج بامرأة باكرة تلعب معها. ـ

(٥) (ترونني) بضم التاء والراء جمع مخاطب من باب الإفعال من الرؤية يعني تبصرونني وبعده :

(يدل على محصلة تبيبت

ترجل لمتي وتفخ بيتى

وأعطيها الإشاوة إن رضيت)

يعين : ألا ترونني رجلا يدلّني على امرأة نجيبة تقضي ليلها بتمشيط شعري وكنس بيتي وان رضيت عنها أعطيتها نفقتها.

الشاهد : في وقوع الاسم (رجلا) بعد هلّا ، وهو متعلّق بفعل مقدّر (ترونني) لأن رجلا مفعوله الثاني.

(٦) أي : علق الاسم المذكور بفعل ظاهر مؤخّر عن ذلك الاسم.

(٧) فإذ معمول لقلتم وهو مؤخّر عنه.

(٨) النّور ، الآية : ١٦.


هذا باب الإخبار بالّذي وفروعه والألف واللّام الموصولة

وهو (١) عند النّحويّين كمسائل التّمرين عند الصّرفيّين (٢).

ما قيل أخبر عنه بالّذي خبر

عن الّذي مبتدأ قبل استقرّ

(ما قيل أخبر عنه بالّذى) ليس على ظاهره (٣) بل هو مؤوّل ، فإنّه (٤) (خبر) مؤخّر وجوبا (عن الّذى) حال كونه (مبتدأ قبل استقرّ) وسوّغ ذلك الإطلاق (٥) كونه في المعنى مخبرا عنه.

__________________

(١) أي : باب الإخبار بالذى.

(٢) إذ من عادتهم ذكر صيغ مشكلة في آخر الصرف ليمرنوا به الطالب فيتسلّط على الصرف ، فالنحويّون كذلك يمرّنون الطالب بسمألة الإخبار بالذي التي هي من مشاكل النحو.

(٣) فإن ظاهر قول القائل (أخبر عن زيد بالذي) مثلا إن زيد مبتدء والذي خبره فإن (عن) تدخل على المبتدا عادة ، لأنه المخبر عنه والباء تدخل على الخبر لأنه المخبر به.

(٤) الضمير يعود إلى (ما) يعني في هذا السؤال تأويل فإن الاسم الذي يقال (أخبر عنه) كزيد في المثال هو في التركيب خبرك (الذي) ومؤخّر وجوبا و (الذي) مبتدء ومقدّم.

(٥) هذا دفع دخل وهو أنّه إن كان (الذي) مبتدء وذلك الاسم خبرا فلماذا يسئل بهذا النحو وكان الصحيح أن يقول أخبر عن الذي بزيد.

فدفع ذلك بقوله (وسوّغ ذلك) يعني الأمر الذي جوّز للسائل أن يسأل بهذه الكيفيّة ان هذا الاسم في الحقيقة مخبر عنه وإن كان بحسب التركيب النحوي خبرا ، فإن هذه الجملة اما أتي بها لبيان حال زيد والإخبار عنه لا لبيان حال (الذي) فلذلك جاز للسائل أن يدخل عن على الخبر والباء على الذي.


وما سواهما فوسّطه صلة

عائدها خلف معطي التّكملة

نحو الّذي ضربته زيد فذا

ضربت زيدا كان فادر المأخذا

(وما سواهما) (١) أي ممّا في الجملة (فوسّطه) بينهما (صلة) للّذي (عائدها خلف معطي التّكملة) (٢) أي الخبر (نحو الّذي ضربته زيد فذا ضربت زيدا كان) (٣) فابتدأته بموصول وأخّرت زيدا في التّركيب ورفعته على أنّه خبر ووسّطت بينهما بضربت صلة للّذي وجعلت العائد خلفا لزيد الخبر (٤) متّصلا بضربت (٥) (فادر المأخذا) وقس (٦).

وباللّذين والّذين والّتى

أخبر مراعيا وفاق المثبت

(وباللّذين والّذين والّتي أخبر مراعيا) في الضّمير العائد (وفاق المثبت) أي المخبر عنه في المعنى ، (٧) نحو : «اللّذان بلّغت منهما إلى العمرين رسالة الزّيدان» ، (٨)

__________________

(١) أي : غير (الذي) و (ما قيل أخبر عنه كزيد) فباقي الجملة وهو ضربت في المثال اجعله بين الذي وذلك الاسم ليكون صلة للذي.

(٢) يعني اجعل الضمير العائد مكان الاسم الذي صار خبرا لأنّ أصل جملة السائل (ضربت زيدا) وجملة الجواب (الذي ضربته زيد) فوقع الضمير العائد مكان زيد الذي كان بعد ضربت في جملة السؤال ، وإنما سمّي الخبر معطي التكملة ، لأن الخبر يعطي الكمال للجملة ، لأنّه آخرها ومكمّلها.

(٣) في سؤال السائل الممتحن فإن سئل الطالب وقال أخبر عن زيد في قولي (ضربت زيدا) بالذي فطّبقت القاعدة المذكورة على هذه الجملة.

(٤) أي : لزيد الذي هو خبر الآن وكان متصلا بضربت.

(٥) متصلا حال من العائد.

(٦) أي : اعرف مأخذ وقاعدة الأخبار بالذي فإذا سئلك سائل وقال : أخبرني عن تمرا في قولي أكلت تمرا ، بالذي قلت الذي أكلته تمر ، وإن قال : أخبر عن عمري في قولي أتلفت عمرى ، قلت ، الذي أتلفته عمرك.

(٧) الذي هو الآن خبر ومخبر به.

(٨) أصل جملة السؤال (بلّغت من الزيدين رسالة إلى العمرين) فوضعت في أول الجملة موصولا مناسبا


«الّذين بلّغت من الزّيدين إليهم رسالة العمرون» ، (١) «الّتي بلّغتها من الزّيدين إلي العمرين رسالة» (٢).

هذا ، ولما ذكر شروط ، أشار إلى أربعة منها (٣) بقوله :

قبول تأخير وتعريف لما

أخبر عنه ههنا قد حتما

(قبول تأخير وتعريف لما أخبر عنه ههنا قد حتما) (٤) فلا يخبر عمّا لا يقبل التّأخير ، كضمير الشّأن وأسماء الإستفهام. نعم يجوز الإخبار عمّا يقبل خلفه التّأخير كالتّاء من «قمت» (٥) ـ ذكره في التّسهيل ـ ولا عمّا لا يقبل التّعريف كالحال والتّمييز ، ولو ترك هذا الشّرط لعلم من الشّرط الرّابع (٦) كما قال في شرح الكافية.

كذا الغني عنه بأجنبي أو

بمضمر شرط فراع مارعوا

(كذا الغني عنه بأجنبي أو بمضمر (٧) شرط) فلا يجوز الإخبار عن ضمير عائد

__________________

ليكون مبتدء وأخرّت الاسم المتصل بالفعل إلى آخر الجملة ليكون خبرا ووضعت مكانه في جملة السؤال ضميرا مناسبا للخبر ليكون عائدا ، وباقي الجملة صلة وهذا مثال للتثنية.

(١) مثال للجمع أصل جملة السؤال (بلغت من الزيدين رسالة إلى العمرين).

(٢) أصله (بلغت رسالة من الزيدين إلى العمرين) مثال للمؤنث.

(٣) وباقي الشروط سيذكرها الشارح بعد قليل.

(٤) أي : يجب في باب الإخبار بالذي أن يكون الخبر قابلا للتأخير والتعريف ، فالاسم الذي لا يقبل التأخير للزومه الصدر أو لا يقبل التعريف لكونه حالا أو تمييزا في جملة الأصل لا يجوز أن يكون خبرا للذى ، والحاصل إنّه يجب أن يكون خبر الذي مؤخّرا ومعرفة دائما.

(٥) فالتاء لكونه ضميرا متصلا لا يجوز فصله عن الفعل وتأخيره عن الجملة لكن بدله وهو الضمير المنفصل (أنا أو أنت) يقبل التأخير ، فيقال في الإخبار عن التاء في قمت بالذي (الذي قام أنا).

(٦) وهو الغني عنه بالضمير فإن معني هذا الشرط أن يصحّ وقوع الضمير مقام الاسم المخبر عنه ، والضمير معرفة فيجب أن يكون الاسم المخبر عنه الذي هو مرجع الضمير معرفة ليصلح أن يكون مرجعا للضمير.

(٧) أو هنا بمعني الواو ، لأن كل واحد من الغنائين شرط لا أحدهما مردّدا ، أي : يشترط في الاسم المخبر عنه


على بعض الجملة ، كالهاء من «زيد ضربته» ، ولا عن موصوف دون صفته ولا صفة دون موصوفها ولا مضاف دون مضاف إليه ولا مصدر عامل (١) (فراع ما رعوا).

وزاد في التّسهيل اشتراط أن لا يكون في إحدي الجملتين المستقلّتين فلا يخبر عن «زيد» من «قام زيد وقعد عمرو» (٢) بخلافه (٣) من «إن قام زيد فقعد عمرو».

__________________

أن يصحّ جعل اسم أجنبي مكانه قبل الإخبار بالذي كزيد في ضربت زيدا إذا يصحّ إبداله باسم أجنبي في تركيب آخر ، فيقال ، ضربت عمرا من دون خلل في التركيب بخلاف الهاء في قولك زيد ضربته ، إذ لا يصحّ إبداله بأجنبي كعمرو وبكر لفوات العائد إلى المبتداء حينئذ.

وكذا يشترط صحّة جعل ضمير مكانه كما رأيت في مثال المصنف فإن أصله ضربت زيدا فأبدل زيد بضمير فصار الذي ضربته.

(١) كل ذلك لسبب واحد وهو أن الضمير العائد إلى الموصول خلف عن المخبر عنه المتأخّر ، ولا بد للخلف من أن يتحمّل أحكام المخلف عنه والمخلف عنه هنا أما الموصوف وحده ، فإن أخبرت عنه بالذي فلا بدّ أن يخلفه ضمير ، والمفروض أنّ الضمير لا يكون موصوفا بصفة ، فلا يمكنه أن يخلف الموصوف ، وكذا إن كان المخبر عنه صفة ، لأنّ الصفة لا بدّ له من موصوف والضمير لا يصير صفة لشيء ، وكذا إن كان مضافا إليه ، لأن الضمير لا يضاف ، وكذا الكلام فيما إذا كان المخبر عنه مصدرا مضافا ، لأن الضمير لا يعمل.

وأما الإخبار عن الموصوف مع الصفة والمصدر مع معموله والمضاف مع المضاف إليه فصحيح لا مانع منه ، ويجتمع الثلاثة في السؤال بقولنا (عجبت من ضرب زيد الموجع) فضرب موصوف ، والموجع صفة له ، وضرب مع زيد مضاف ومضاف إليه ، وضرب زيد مصدر مع معموله لإضافة المصدر إلى فاعله.

فتقول عند الإخبار بالذي (الذي عجبت منه ضرب زيد الموجع) فالمخبر عنه (الخبر) مجموع الموصوف والصفة (ضرب ـ الموجع) والمضاف مع المضاف إليه (ضرب زيد) والمصدر مع معموله (ضرب زيد) لأنّ (زيد) فاعل للمصدر فهو معمول له.

(٢) لأن الجملتين المعطوفتين بالواو مستقلّتان فيجب أن يكون في كلّ واحدة منهما ضمير يعود إلى الموصول فلا يقال (الذي قام وقعد عمرو زيد) لأن الجملة الثانية فارغة من الضمير العائد إلى الموصول.

(٣) أي : بخلاف زيد الواقع في جملة الشرط ، لأن جملتي الشرط والجزاء في حكم جملة واحدة فيقال (الذي إن قام فقعد عمرو زيد) ويكفي وجود الضمير في قام وإن خلا منه (قعد) لكونهما بحكم جملة واحدة.


وفيه (١) ـ كالكافية ـ اشتراط جواز وروده في الإثبات فلا يخبر عن أحد من نحو : (٢) «ما جاءني من أحد» ، ووروده (٣) مرفوعا فلا يخبر عن غير المتصرّف من المصادر والظّروف (٤).

وأخبروا هنا بأل عن بعض ما

يكون فيه الفعل قد تقدّما

إن صحّ صوغ صلة منه لأل

كصوغ واق من وقي الله البطل

(وأخبروا هنا (٥) بأل عن بعض ما) أي جزء كلام (يكون فيه (٦) الفعل قد تقدّما (٧) إن صحّ صوغ صلة منه) أي من الفعل المتقدّم (لأل) بأن كان متصرّفا (٨) (كصوغ واق من

__________________

(١) يعنى : ذكر المصنّف في التسهيل كما ذكر في الكافية أيضا اشتراط جواز ورود الاسم المخبر عنه في الإيجاب مع بقاء معناه الذي في النفي.

(٢) أي : عن (أحد) الواقع في جملة السؤال بعد النفي لأن أحد الواقع في حيّز النفي يفيد العموم وإذا وقع ذلك الأحد خبرا عن (الذي) يكون الكلام مثبتا فيقع (أحد) في حيّز الإثبات ، ويفيد الخصوص ويتغيّر معناه الذي في السؤال ، لأنّ جملة (الذي ما جائني أحد) جملة اثباتيّة.

(٣) يعني اشترط أيضا في التسهيل والكافية جواز ورود الاسم المخبر عنه مرفوعا ، بأن لا يكون الرفع فيه ممتنعا.

(٤) المصدر المتصرّف ما يقع منصوبا وغير منصوب كالضرب والقيام وغير المتصرف ما لا يقع إلا منصوبا كسبحان والظرف المتصرف ما يقع منصوبا وغير منصوب كاليوم والليلة وغير المتصرف ما لا يقع إلا منصوبا كالجهات الست نحو خلف وأمام.

فالظروف والمصادر الغير المتصرّفة لا يمكن أن تكون خبرا عن (الّذي) لأنّ الخبر يجب أن يكون مرفوعا وهي منصوبة دائما.

(٥) أي : في باب الإخبار بالموصولة ، ويكون خبرها جزء الكلام الواقع بعدها.

(٦) أي : في الكلام.

(٧) أي : بشرط أن يكون (قبل الاخبار وفي جملة السؤال) كلام فيه فعل ، وكان الفعل مقدّما في ذلك الكلام ، وبشرط إمكان اشتقاق صلة أل من ذلك الفعل بأن لا يكون الفعل جامدا.

(٨) لأن صلة أل إمّا اسم فاعل أو اسم مفعول ، والفعل الغير المتصرّف لا يشتّق منه اسم الفاعل والمفعول.


وقي الله البطل) أي الشّجاع ، فإذا أردت الإخبار بأل عن الاسم الكريم (١) قلت : «ألواقي البطل الله» أو عن البطل ، قلت «الواقيه الله البطل» (٢).

ولا يجوز الإخبار بأل عن زيد من «زيد قائم» لعدم وجود الفعل ، ولا من «ما زال زيد قائما» لعدم تقدّمه (٣) ولا من «كاد زيد يفعل» لعدم تصرّفه (٤).

هذا (٥) وإذا رفعت صلة أل (٦) ضميرا راجعا إلى نفس أل استتر في الصّلة فتقول في الإخبار عن التّاء من «بلّغت من الزّيدين إلي العمرين رسالة» :

«المبلّغ من الزّيدين إلى العمرين رسالة أنا» (٧).

وإن يكن ما رفعت صلة أل

ضمير غيرها أبين وانفصل

(وإن يكن ما رفعت صلة أل ضمير غيرها (٨) أبين وانفصل) فتقول في الإخبار

__________________

(١) أي : عن (الله).

(٢) فالمبتدا في الجملتين (أل) الموصولة والخبر في الجملة الأولي (الله) وفي الثانية البطل و (واقي) صلة لأل ، والعائد في الأولي مستتر فاعلا لواقى ، وفي الثانية منفصل بارز لكون فاعله اسما ظاهرا هو الله.

(٣) أي : لعدم تقدّم الفعل لوجود (ما) قبله.

(٤) إذ لا يشتقّ من كاد صفة لتكون صلة لأل.

(٥) أي : هذا حكم الإخبار بأل من حيث الشرائط ، وأما حكم الضمير العائد إليها فيتّضح بقوله (وإذا رفعت).

(٦) اعلم إن صلة أل قد تكون جارية على من هي له بمعني أن يكون فاعل الصلة وأل شيئا واحدا ، كما في مثال (الواقي البطل الله) فالصلة متحملة لضمير أل قهرا والضمير مستتر فيها فتقدير المثال (الواقي هو البطل الله).

وقد تكون الصلة جارية على غير من هي له بأن يكون فاعل الصلة شيئا ومعني أل شيئا آخر ، كما في مثال (الواقية الله البطل) فإن فاعل واقي (الله) ومعني أل (البطل) لأن أل مبتدء والبطل خبره ، فحينئذ لا يستتر في الصلة ضمير إل ، فإن كان مرفوع الصلة اسما ظاهرا فهو وإن كان ضميرا فيجب أن يكون منفصلا كما سيجيء.

(٧) والتقدير (الذي بلغ هو من الزيدين ...) فمبلّغ جار على أل لكونه صلتها وهو أعني مبلّغ لأل ، لأنهما شيء واحد فمبلّغ وصف جار على من هو له ، ولذا استتر فيه ضميرها.

(٨) أي : رفعت ضميرا غير متحد مع أل فتكون الصلة لغير أل مع أنها جارية على أل لكونها صلتها فتكون


عن الزّيدين من المثال المذكور «المبلّغ أنا منهما إلى العمروين رسالة الزّيدان» (١) وعن العمرين (٢) «ألمبلّغ أنا من الزّيدين إليهم رسالة العمرون» وعن الرّسالة «ألمبلّغها أنا من الزّيدين إلى العمرين رسالة» (٣).

__________________

جارية على غير من هي له فلذا لا يستتر فيها ضمير أل.

(١) والتقدير (الذان مبلغ أنا منهما إلى العمرين رسالة الزيدان) فأل والزيدان متحدان لكونهما مبتدء وو أما فاعل الصلة فهو ضمير المتكلم مع الغير وهو مغاير مع أل فلذا انفصل والعائدهما.

(٢) العمرين جمع والموصول أيضا جمع بمعني الّذين لاتحاد المبتدا مع الخبر.

(٣) الفرق بين الأمثلة الثلاثة ان الأول للتثنية ، والثاني للجمع ، والثالث للمؤنث.

والثلاثة مشتركة في أن مرفوع الصلة أعني (أنا) لا يعود إلى الموصول بل العائد (هما وهم وها).


هذا باب أسماء العدد

ثلاثة بالتّاء قل للعشرة

في عدّ ما آحاده مذكّرة

في الضّدّ جرّد والمميّز اجرر

جمعا بلفظ قلّة في الأكثر

(ثلاثة بالتّاء قل) وما بعدها (للعشرة) أي معها (في عدّما آحاده مذكّرة) (١) و (فى) عدّ (الضّدّ) وهو الّذي آحاده مؤنّثة (جرّد) من التّاء ، والاعتبار في التّذكير والتّأنيث في غير الصّفة باللّفظ (٢) وفيها بموصوفها المنويّ (٣).

(والمميّز) لما ذكر (٤) (اجرر) بالإضافة حال كونه (جمعا) مكسّرا (بلفظ قلّة (٥)

__________________

(١) يعني إذا أردت أن تعد شيئا مفرداته مذكرة فأت بالعدد مؤنّثة وأن كان جمعه مؤنّثا ، فتقول ثلاثة رجال وثلاثة اصطبلات ، لأن مفردهما (رجل واصطبل) مذكر ، وإن كان جمعهما مؤنثا.

(٢) يعني إن لم يكن العدد صفة لشيء فتذكير العدد وتأنيثه يتّبع لفظ مفرد المعدود وإن كان معناه مخالفا للفظ كما في ثلاث طلحات فجيء بثلاث بملاحظة لفظ طلحة مع أنّه اسم لرجل.

(٣) يعني إن كان العدد صفة لشيء فتذكير العدد وتأنيثه يتبع الموصوف ولا يعتني بالمعدود كقوله تعالي (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) فجاء (عشر) بغير تاء بملاحظة موصوفها (الحسنة) مع أن مفرد معدودها (مثل) مذكر.

(٤) أي : مميّز ما ذكر أي : مميز الثلاثة إلى العشرة مجرور وجمع قلّة غالبا وجرّه باضافة العدد إليه نحو ثلاثة رجال بجرّ رجال.

(٥) ليطابق التميز مع المعدود ، فإن التميز هنا يعد الثلاثة إلى العشرة وجمع القلة للثلاثة إلى العشرة.


في الأكثر) نحو (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ)(١)(٢) ، (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها)(٣) وجاء في القليل جمع تصحيح نحو (سَبْعَ سَماواتٍ)(٤) ، وتكسير (٥) بلفظ كثرة ، نحو (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(٦)(٧).

ومائة والألف للفرد أضف

ومائة بالجمع نزرا قد ردف

(ومائة والألف) وما بينهما (٨) (للفرد) المميّز (أضف) نحو (بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ)(٩) ، (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ)(١٠).

وجاء المييّز منصوبا قليلا في قوله :

إذا عاش الفتي مائتين عامّا (١١)

[فقد ذهب اللّذاذة والفتاء]

(ومائة) وما بعدها للألف (بالجمع نزرا قد ردف) مضافا إليه (١٢) كقراءة

__________________

(١) فجاء سبع بغير تاء لعدّ ليالي ومفردها (ليل) مؤنث لفظا وأتي بثمانية مع التاء لأنّ مفرد تمييزها (يوم) وهو مذكر.

والظاهر أن (ليالي) ليست جمع قلة فالمناسب أن يمثل بها في القليل الآتي.

(٢) الحاقة ، الآية : ٧.

(٣) الانعام ، الآية : ١٦٠.

(٤) الملك ، الآية : ٣.

(٥) عطف على تصحيح أي وجاء في القليل جمع تكسير بلفظ الكثرة.

(٦) فقروء جمع كثرة ، لأن أوزان جمع القلة ثلاثة ليس منها فعول.

(٧) البقرة ، الآية : ٢٥٩.

(٨) من مأتين إلى تسعمأة.

(٩) البقرة ، الآية : ٢٥٩.

(١٠) العنكبوت ، الآية : ١٤.

(١١) بعده (فقد ذهب اللذاذة والفتاء) يعني إذا بلغ عمر الفتي مأتي سنة فقد ذهبت لذّة الحياة والشباب.

الشاهد : في نصب (عاما) تمييز مأتين على خلاف القياس.

(١٢) حال من مأة أي : حال كون المأة وما بعدها مضافا إلى الجمع المميّز.


الكسائيّ (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ)(١)(٢).

وأحد اذكر وصلنه بعشر

مركّبا قاصد معدود ذكر

(وأحدا) بالتّذكير (اذكر وصلنه بعشر) بغير تاء (مركّبا) لهما (٣) فاتحا آخرهما (قاصد معدود ذكر) (٤) نحو (رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً)(٥).

وقل لدي التّأنيث إحدي عشرة

والشّين فيها عن تميم كسرة

ومع غير أحد وإحدى

ما معهما فعلت فافعل قصدا

(وقل لدى التّأنيث) للمعدود (إحدى عشرة) بتأنيث الجزئين ، وقيل : الألف في إحدي للإلحاق لا للتّأنيث نحو «عندي إحدى عشرة امرأة».

(والشّين فيها) (٦) رووا عن الحجازيّين سكونه و (عن) بني (تميم كسره) وعن بعضهم فتحه (و) إذا كان (٧) (مع غير أحد وإحدى) وهو ثلاثة الى تسعة (ما معهما (٨)

__________________

(١) بإضافة مأة إلى سنين ، والباقون قرأ وبتنوين مأة فتكون سنين بدلا من ثلاثمأة أو عطف بيان.

(٢) الكهف ، الآية : ٢٥.

(٣) (مركبا) بصيغة اسم الفاعل حال من فاعل اذكر أي حال كونك مركبا لأحد وعشر يعني اذكرهما بصورة التركيب لا بصورة الإضافة.

(٤) أي : إذا قصدت عدّ معدود مذكر.

(٥) يوسف ، الآية : ٤.

(٦) أي : شين عشرة.

(٧) أي : إذا كان (عشر) مركبا مع غير أحد وإحدي بأن كان مع ثلاثة وثلاث إلى تسعة وتسع فافعل بعشر مثل ما فعلت به عند ما كان مع أحد واحدي من التبعية للمميّز في التذكير والتأنيث فقل ثلاثة عشر رجلا وثلاث عشرة امرأة فكان عشر تابعا للمميّز خلاف الثلاثة.

(٨) أي : مع أحد وإحدي يعني إن حكم عشر حكم أحد وإحدي في التبعيّة للمميّز.


فعلت) من التّذكير في المذكّر والتّأنيث في المؤنّث (فافعل) أيضا معه (١) (قصدا) وهذا (٢) جواب الشّرط المقدّر في كلامه ، الّذي أبرزته.

ولثلاثة وتسعة وما

بينهما إن ركّبا ما قدّما

(ولثلاثة وتسعة وما بينهما إن ركّبا) مع عشر (ما قدّما) من ثبوت التّاء في التّذكير وسقوطها في التّأنيث نحو «عندي ثلاثة عشر رجلا» و «ثلاث عشرة امرأة».

وأول عشرة اثنتى وعشرا

اثني إذا أنثي تشا أو ذكرا

واليا لغير الرّفع وارفع بالألف

والفتح في جزأي سواهما ألف

(وأول عشرة) بالتّاء (اثنتى) كذلك (٣) (وعشرا) بغير تاء (اثنى) كذلك (٤) (إذا أنثى تشا) راجع للاوّل (٥) (أو ذكرا) راجع للثّاني (٦) نحو (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ) اثنتي (عَشْرَةَ عَيْناً)(٧)(٨) ، (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً)(٩).

__________________

(١) أي : مع (عشر) حال تركيبه مع غير أحد وإحدى.

(٢) يعنى قوله (فافعل) جواب شرط لم يذكره المصنف صريحا وأنا (الشارح) أبرزته بقولي (إذا كان).

(٣) أي : بالتاء مثل عشرة.

(٤) أي : بغير تاء مثل (عشر).

(٥) يعني قوله (إذا أنثي تشا) مرتبط بالقسم الأول وهو عشرة واثنتي أي : إذا أردت عدّ مؤنّث فاذكر عشرة بالتاء بعد اثنتي بالتاء وقل اثنتي عشرة امرأة.

(٦) أي : لعشر وأثنى.

(٧) فإن (عين) مؤنّث سماعى.

(٨) البقرة ، الآية : ٦٠.

(٩) التوبة ، الآية : ٣٦.


هذا ، والمعرب ممّا ذكر (١) اثني واثنتي (واليا) فيهما (٢) (لغير الرّفع).

(وارفع بالألف) كما تقدّم في أوّل الكتاب (٣) (والفتح) بناء (في جزئي سواهما ألف) (٤) أمّا البناء فلتضمّنه معني حرف العطف (٥) وأمّا الفتح فلخفّته وثقل المركّب ، (٦) واستثنى (٧) في الكافية «ثماني» فيجوز إسكان يائها وكذا حذفها مع بقاء كسر النّون ومع فتحها (٨).

وميّز العشرين للتّسعينا

بواحد كأربعين حينا

(وميّز العشرين) وما بعدها (٩) (للتّسعينا) أي معها (بواحد) نكرة منصوبة (كأربعين حينا) و (ثَلاثِينَ لَيْلَةً)(١٠)(١١).

وميّزوا مركّبا بمثل ما

ميّز عشرون فسوّينهما

__________________

(١) أي : من الأعداد المركبة من أحد عشر إلى تسعة عشر كلا الجزئين مبنيان سوي اثني واثنتي فهما معربان.

(٢) أي : اثني واثنتي يكونان بالياء في حالتي النصب والجر وبالألف في حالة الرفع.

(٣) في باب المعرب والمبني بقوله (كلتا كذاك اثنان واثنتان).

(٤) أي : كلا جزئي سوي اثني واثنتي مبني على الفتح كثلاثة عشر بفتح ثلاثة وعشر واثني عشر بفتح عشر فقط.

(٥) فثلاث عشر بتقدير ثلاث وعشر وكذا تسعة عشر بتقدير تسعة وعشر.

(٦) أي : لكون هذه الأعداد مركبة والمركب ثقيل انتخب لها أخف الحركات وهي الفتحة ليتعادل ثقل المركب بخفّة الحركة.

(٧) أي : استثني المصنف من البناء على الفتح في المركبات المذكورة (ثمانى).

(٨) فيجوز في ثمانية عشر ثلاث وجوه : ثماني عشر بسكون الياء ، وثمان عشر بكسر النون وفتحها.

(٩) كثلاثين وأربعين.

(١٠) فالمذكر والمؤنث سواء.

(١١) الأعراف ، الآية : ١٤٢.


(وميّزوا مركّبا بمثل ما ميّز عشرون (١) فسوّينهما) (٢) نحو «عندي أحد عشر رجلا» و (قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً)(٣) أي فرقة أسباطا (٤).

وإن أضيف عدد مركّب

يبق البنا وعجز قد يعرب

(وإن أضيف عدد مركّب) غير اثني عشر واثنتي عشرة (يبق البنا) في الجزأين نحو «هذه خمسة عشرك» (٥) (وعجز) وحده (قد يعرب) (٦) في لغة رديّة كما قال سيبويه.

وضع من اثنين فما فوق إلى

عشرة كفاعل من فعلا

(وصغ (٧) من اثنين فما فوق إلى عشرة) أي معها (كفاعل) المصوغ (من فعلا).

واختمه في التّأنيث بالتّاء ومتى

ذكّرت فاذكر فاعلا بغيرتا

(واختمه في التّأنيث) للمعدود (٨) (بالتاء) فقل ثانية وثالثة إلى عاشرة (ومتي

__________________

(١) يعني إن تمييز المركب من حيث الإفراد والنصب مثل تميز العشرين إلى التسعين فالمركب أيضا تمييزه مفرد منصوب.

(٢) أي : سوّبين تمييز المركب وتمييز العشرين إلى التسعين يعني إن تمييزهما متساويان.

(٣) الأعراف ، الآية : ١٦٠.

(٤) هذا دفع توهم ، وهو أن (أسباطا) جمع ، وقلتم أن تمييز المركب مثل تمييز العشرين إلى التسعين فيجب أن يكون مفردا فدفع التوهم بأن التمييز هنا مقدّر وهو فرقة وأما أسباط فهو بدل عن التمييز الأصلي.

(٥) بفتح خمسة وعشر كليهما مع إضافة المركب إلى الكاف.

(٦) أي : الجزء الثاني من المركب قد يعرب في لغة غير فصيحة ففي مثال (هذا خمسة عشرك) يقرء برفع عشر.

(٧) أي : يشتقّ اسم الفاعل من هذه الأعداد كما يشتقّ فاعل من (فعل) ويؤنّث مع المعدود المؤنث ويذكر مع المذكر ، يقال : امرأة ثانية وعاشرة ورجل ثان وعاشر.

(٨) أي : إذا كان المعدود مذكّرا.


ذكّرت) بتشديد الكاف المعدود (فاذكر فاعلا) هذا المصوغ (١) (بغير تاء) فقل ثان وثالث إلى عاشر.

وإن ترد بعض الّذي منه بني

تضف إليه مثل بعض بيّن

(وإن ترد به (٢) بعض الّذي منه بني) أي صيغ (تضف إليه) نحو (ثانِيَ اثْنَيْنِ)(٣) أي أحدهما ، و (ثالِثُ ثَلاثَةٍ)(٤) أي أحدها ، ولا يجوز تنوينه ونصبه (٥) وهذا (مثل بعض بيّن) فإنّه لا يستعمل إلّا مضافا إلى كلّه (٦) كبعض ثلاثة.

وإن ترد جعل الأقلّ مثل ما

فوق فحكم جاعل له احكما

(وإن ترد) به (٧) (جعل) العدد (الأقلّ مثل ما فوق) بأن تستعمله مع ما سفل (فحكم جاعل) أي اسم الفاعل (له احكما) فأضفه (٨) أو نوّنه وانصب به نحو «رابع

__________________

(١) (فاعلا) في عبارة الناظم مفعول لا ذكر ، وأما في عبارة الشارح فهو حال أي اذكر حال كونك جاعلا هذا المصوغ أي : المشتق بغير تاء.

(٢) أي : باسم الفاعل المشتق من هذه الأعداد بعضا من العدد المشتق منه ، مثلا أردت من الثالث بعض الثلاثة أي : فردا من الثلاثة فتضيف الثالث إلى الثلاثة فتقول ثالث ثلاثة.

(٣) التوبة ، الآية : ٤٠.

(٤) المائدة ، الآية : ٧٣.

(٥) أي : لا يجوز أن تنوّن الفاعل أي (الثاني والثالث) مثلا ولا أن تنصب بالفاعل الاسم المشتق منه أي : بأن تنصب بالثاني اثنين وبالثالث ثلاثة كما ينصب اسم الفاعل مفعوله فتقول ضارب زيدا بتنوين ضارب.

(٦) فاسم الفاعل من هذه الأعداد أيضا لا يستعمل إلا مضافا إلى العدد المشتق منه.

(٧) أي : باسم الفاعل من هذه الأعداد يعني إن أردت أن ترفع عددا إلى ما فوقه بسبب اسم فاعل من عدد الفوق ، كما إذا كان عندك ثلاث كتب فأردت أن تضم إليها كتابا آخر فتقول هذا رابع ثلاثة فلك في إعراب هذا التركيب أن تضيف (رابع) إلى ثلاثة وأن تنصب ثلاثة برابع لأن (رابع) اسم فاعل وهو بمعني جاعل واسم الفاعل قد يضاف إلى مفعوله وقد ينصبه.

(٨) أي الفاعل إلى العدد أو نوّن الفاعل وانصب به العدد.


ثلاثة» و «رابع ثلاثة» أي جاعلها أربعة (١).

وإن أردت مثل ثاني اثنين

مركّبا فجيء بتركيبين

(وإن أردت) به بعض الّذي منه بني (٢) (مثل) (ما سبق في (ثاني اثنين) وكان الّذي منه بني (مركّبا فجي بتركيبين) أوّلهما فاعل مركّبا مع العشرة ، وثانيهما ما بني منه مركّبا أيضا مع العشرة ، وأضف جملة المركّب الأوّل إلى جملة المركّب الثّاني ، فقل : ثاني : «عشر اثني عشر» و «ثانية عشرة اثنتي عشرة».

أو فاعلا بحالتيه أضف

إلي مركّب بما تنوي يفي

(أو فاعلا بحالتيه) التّذكير والتّأنيث (أضف) بعد حذف عجزه (٣) (إلى مركّب) ثان ، فإنّه (بما تنوي) أي تقصد (يفي) نحو «ثالث ثلاثة عشر» و «ثالثة ثلاث عشرة».

وشاع الاستغنا بحادي عشرا

ونحوه وقبل عشرين اذكرا

وبابه الفاعل من لفظ العدد

بحالتيه قبل واو يعتمد

(وشاع الإستغناء) عن الإتيان بتركيبين أو بفاعل مضافا إلى مركّب (٤) (بحادي

__________________

(١) لأنه إذا انضمّ واحد إلى ثلاثة يجعل الثلاثة أربعة.

(٢) أي : لكن كان العدد الذي بني منه الفاعل مركبا مثلا أردت أن تقول هذا مكمّل لإثني عشر فأت بتركيبين التركيب الأول اسم فاعل العدد مع عشرة فتقول ثاني عشر.

والتركيب الثاني : نفس العدد المشتق منه مع عشر أي إثني عشر فتضيف التركيب الأول إلى التركيب الثاني وتقول هذا ثاني عشر إثني عشر.

(٣) أي : (عشرة) فالمضاف مفرد والمضاف إليه مركب.

(٤) أي : يستغني عن الوجهين السابقين بحادي عشر وثاني عشر مثلا ويفيد نفس المعني المستفاد من الوجهين.


عشرا) وهو المركّب الأوّل ، وحذف الثّاني كما قاله في شرح الكافية (ونحوه) إلى تاسع عشر.

(وقبل عشرين اذكرا وبابه) (١) إلى تسعين (الفاعل) المصوغ (من لفظ العدد بحالتيه) التّذكير والتّأنيث (قبل واو) عاطفة (يعتمد) فقل «حادي وعشرون» ، «حادية وتسعون».

__________________

(١) يعني إن أردت أن تجعل العدد الأقل مثل ما فوق بسبب اسم الفاعل من عدد ما فوق فطريقته أن تجعل الفاعل المشتق من عدد الفوق قبل عشرين مثلا وتعطف عليه (عشرين) بواو فتقول ثاني وعشرون كما تقول هذا اليوم الثاني والعشرون من الشهر ، أي : هذا اليوم جاعل الواحد والعشرين اثنين وعشرين.


فصل في كم وكأي وكذا

وهي ألفاظ عدد مبهم الجنس والمقدار (١).

ميّز في الاستفهام كم بمثل ما

ميّزت عشرين ككم شخصا سما

(ميّز) إذا كان (في الاستفهام كم) بأن تكون بمعني أي عدد (بمثل ما ميّزت عشرين) أي بتمييز منصوب (ككم شخصا سما) أي علا

وأجز أن تجرّه من مضمرا

إن وليت كم حرف جرّ مظهرا

واستعملنها مخبرا كعشرة

أو مائة ككم رجال أو مرة

(وأجز أن تجرّه) أي تمييز كم الاستفهاميّة (من مضمرا (٢) إن وليت كم حرف جرّ مظهرا) نحو «بكم درهم تصدّقت» أي بكم من درهم ، وفيه (٣) دليل على أنّ «كم» اسم وبناءها لشبهها الحرف في الوضع. (٤) (واستعملنها) حال كونها (مخبرا) بها (٥) ، بأن تكون بمعني كثير (كعشرة) فميّزها بمجموع مجرور (أو مائة) فميّزها بمفرد

__________________

(١) يعني إنّ معني هذه الثلاثة (العدد) وأمّا مقدار العدد أو جنس المعدود فلا يفهم منها.

(٢) أي : كما يجوز أن ينصب تميزها كذا يجوز أن يجرّ تمييزها بمن المقدّرة بشرط أن تدخل على كم حرف جرّ ظاهر.

(٣) أي : في دخول حرف الجرّ على (كم) وذلك لأن حرف الجرّ لا تدخل إلا على الاسم.

(٤) لأنها بحرفين كما أنّ أكثر الحروف بحرفين كمن وفي.

(٥) أي : حال كونها خبريّة لا استفهاميّة.


مجرور (١) (ككم رجال) جاؤوني (أو) كم (مرة) لغة في مرأة تأنيث مرء.

ككم كأيّن وكذا وينتصب

تمييز ذين أو به صل من تصب

(ككم) الخبريّة (كأي وكذا) في إفادة التّكثير وغيره (٢) (و) لكن (ينتصب تمييز ذين) نحو :

أطرد اليأس بالرّجا فكأيّن

آلما حمّ يسره بعد عسر (٣)

و «رأيت كذا وكذا رجلا» (أو به) أي بتمييز كأي كما في الكافية (٤) (صل من) الجنسيّة (٥) (تصب) نحو (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها)(٦) ولا يتّصل بتمييز «كذا» ، ولا يجب تصديرها. بخلاف كأيّن وكم ، فلا يعمل فيها إلّا متأخّر. (٧) وقد يضاف إلى «كم» متعلّق ما بعدها ، أو يجرّ بحرف متعلّق به (٨) كقولك «أنباء كم رجل علمت» (٩) و «من كم كتاب نقلت» (١٠) ولا حظّ لكأيّن في ذلك (١١) قاله في شرح الكافية.

__________________

(١) نحو كم رجل أكرمته.

(٢) كالإبهام والبناء ولزوم التصدير في (كأيّن).

(٣) يعني اطرد عنك اليأس برجاء الفرج من الله فربّ ألم قدّر يسره بعد عسر الشاهد في آلما أنّه تمييز لكأيّن ومنصوب.

(٤) أي : لا بتمييزكم وكذا.

(٥) أي : التي لبيان الجنس.

(٦) العنكبوت ، الآية : ٦٠.

(٧) أي : لا يعمل في كأيّن وكم إلا عامل متأخّر عنهما لوجوب تصديرهما.

(٨) أي : بما بعدها.

(٩) فأضيف (أنباء) وهو مفعول علمت إلى كم.

(١٠) دخلت عليها (من) وهي متعلّقة بما بعد (كم) أي (نقلت) فالتقدير نقلت من كم كتاب.

(١١) يعني إن إضافة معمول العامل المتأخّر ودخول حرف الجرّ المتعلّق بالعامل المتأخّر مختصّ بكم ، وأمّا كأيّن فلا نصيب لها في هذين الأمرين.


هذا باب الحكاية (١)

إحك بأي ما لمنكور سئل

عنه بها في الوقف أو حين تصل

(إحك بأي ما) ثبت (٢) (لمنكور سئل عنه بها) من رفع ونصب وجرّ وتذكير وتأنيث وإفراد وتثنية وجمع ، سواء كان (في الوقف أو حين تصل) (٣) فقل لمن قال رأيت رجلا وامرأة وغلامين وجاريتين وبنين وبنات : أيّا وأيّة وأيّين وأيّتين وأيّين وأيّات.

ووقفا احك ما لمنكور بمن

والنّون حرّك مطلقا وأشبعن

(ووقفا (٤) احك ما) ثبت (لمنكور بمن والنّون) منها (حرّك مطلقا (٥) وأشبعن)

__________________

(١) الحكاية نقل المتكلّم أحكام كلمة في كلام غيره إلى كلمته التي يستعملها هو.

(٢) يعني انقل إلى أي الاستفهاميّة الأحكام التي هي لنكرة في كلام غيرك إذا سئلت عن ذلك النكرة بأي مثلا اذا قال لك شخص رأيت رجلا وسئلت عن ذلك الرجل قلت (أي رجل) بنصب أيّ وإفرادها وتذكيرها كما أنّ رجلا كان منصوبا مفردا مذكّرا.

(٣) أي : سواء وقفت (أيّ) بأن لم تذكر بعدها شيئا أو وصلتها بكلمة بعدها ، ففي السؤال عن (رجلا) في قوله (رأيت رجلا) لك أن تحكيها وقفا وتقول أيّا أو وصلا فتقول : أيّ رجل.

(٤) من دون اتّصال بكلمة بعدها أي ليس لك أن تذكر بعد (من) كلمة في الحكاية فإن وصلتها فلا تكون حكاية بها بل استفهام محض بلا حكاية.

(٥) أي : في جميع حالات الإعراب.


حتّى ينشأ واو في حكاية المرفوع وألف في المنصوب وياء في المجرور ، فقل لمن قال «لقيني رجل» «منو» ولمن قال «رأيت رجلا» «منا» ، ولمن قال «مررت برجل» «مني» وصل بمن ألفا أو ياء ونونا (١)

وقل منان ومنين بعد لى

إلفان كابنين وسكّن تعدل

(وقل منان ومنين بعد) قول شخص (لي إلفان كابنين) حاكيا (٢) له موافقا في التّثنية والإعراب (وسكّن) نون «منان» و «منين» (تعدل).

وصل بمن تاء التّأنيث

وقل لمن قال أتت بنت منة

والنّون قبل تا المثنّي مسكنة

(وقل لمن قال أتت بنت) حاكيا (منة والنّون) من منة إذا وقعت (قبل تاء المثنّى) عند التّثنية (٣) (فهي مسكنة) (٤) كقولك لمن قال «عندي جاريتان» «منتان»

والفتح نزر وصل التّا والألف

بمن بإثرذا بنسوة كلف

(والفتح نزر) لها ، أي قليل (وصل التّاء والألف بمن) (٥) إذا حكيت جمعا مؤنّثا فقل «منات» (بإثر) قول شخص (ذا بنسوة كلف) (٦) وصل بمن واوا أو ياء ونونا

__________________

(١) أي : في السؤال بمن عن نكرة تثنية صل بها ألفا ونونا في الرفع وياء أو نونا في النصب والجرّ كما في كلّ تثنية فإن قال (لي ألفان) قل منان وإن قال كابنين قل منين بياء مفتوح قبلها.

(٢) حال من فاعل (قل).

(٣) أي : إذا كانت (من) تثنية في حكاية التثنية المؤنثة.

(٤) كما ذكر في تثنية المذكّر.

(٥) كما في كل جمع مؤنث.

(٦) أي : هذا عشق بنسوة فتسئل عن النسوة حاكيا وتقول منات.


وقل منون ومنين مسكنا

إن قيل جا قوم لقوم فطنا

(وقل منون ومنين مسكنا) للنّون منهما (إن قيل جا قوم لقوم فطنا) (١) حاكيا له موافقا في الجمع والإعراب.

وإن تصل فلفظ من لا يختلف

ونادر منون في نظم عرف

(وإن تصل) من بالكلام (فلفظ من لا يختلف) مطلقا (٢) بل يبقي على حاله ، فقل لمن قال «جاء رجل أو امرأة أو رجلان أو امرأت ان أو رجال» «من يا هذا» (ونادر) إلحاقها العلامة (٣) بأن قيل (منون) وهو ثابت (في نظم عرف) وهو قوله :

أتوا ناري فقلت منون أنتم (٤)

[فقالوا الجنّ ، قلت عموا ظلاما]

والعلم احكينّه من بعد من

إن عريت من عاطف بها اقترن

(والعلم احكينّه من بعد من) وحدها (٥) (إن عريت من عاطف بها اقترن) فقل لمن قال «جاء زيد» «من زيد» ، ولمن قال «رأيت زيدا» «من زيدا» ولمن قال «مررت بزيد» «من زيد» ، فإن اقترنت بعاطف نحو «ومن زيد» تعيّن الّرفع مطلقا (٦).

__________________

(١) يعني إذا كانت الحكاية بمن عن الجمع فاجمع (من) بالواو والنون والياء والنون ففي السؤال عن قوم في جاء قوم قل (منون) وان قال مررت بقوم قل (منين) وكذا نصبا.

(٢) أي : في جميع حالات الإعراب فلا يقال منو ومنا ومني ولا تثني ولا تجمع ، لأنّ الحكاية بمن كما مر مختصة بحالة الوقف فقط وفي الوصل لا يحكي بها.

(٣) في حالة الوصل.

(٤) فذكر علامة الجمع مع (من) في حالة الوصل بأنتم على خلاف الأصل.

(٥) أي : لا بعد أىّ.

(٦) أي : في جميع حالات الإعراب.


تتمة : لا يجوز حكاية غير ما ذكر (١) ، وأجاز يونس حكاية كلّ معرفة. قال المصنّف : ولا أعلم له موافقا.

__________________

(١) أي : غير العلم من المعارف.


هذا باب التّأنيث

وهو فرع من التّذكير ولذلك (١) افتقر إلى علامة.

علامة التّأنيث تاء أو ألف

وفي أسام قدّروا التّا كالكتف

(علامة التّأنيث تاء) كفاطمة وتمرة (أو ألف) مقصورة أو ممدودة كحبلي وحمراء (وفي أسام) بفتح الهمزة مؤنّثة (قدّروا التّاء (٢) كالكتف).

ويعرف التّقدير بالضّمير

ونحوه كالرّدّ في التّصغير

(ويعرف التّقدير) للتّاء في ألاسم (بالضّمير) إذا أعيد إليه نحو «الكتف نهشتها» (ونحوه) كالإشارة إليه نحو (هذِهِ جَهَنَّمُ)(٣) (كالرّدّ) لها ، (٤) أي ثبوتها (في التّصغير) نحو «كتيفة» وفي الحال (٥) نحو «هذه الكتف مشويّة» والنّعت والخبر نحو «الكتف

__________________

(١) أي : لكون التأنيث فرعا احتاج إلى علامة ، وأمّا التذكر فلكونه اصلا لا يحتاج إلى العلامة.

(٢) يعني إن في كلام العرب مؤنثا تقديريا لتقدير التاء فيه.

(٣) يس ، الآية : ٦٣.

(٤) أي : للتاء

(٥) أي : يعرف تقدير التاء فيه بالحال التي يؤتي منه وبنعته وخبره فإن كانت هذه الأمور مؤنثة يعرف أنّ ذا الحال والمنعوت والمبتداء أيضا مؤنث وقدّر فيه التاء للزوم تطابق ذي الحال مع الحال والمنعوت مع النعت والمبتدا مع الخبر في التذكير والتأنيث.


المشويّة لذيذة» ، وكسقوطها في عدده (١) نحو «اشتريت ثلاث أزود».

هذا والأكثر في التّاء أن يجاء بها للفرق بين صفة المذكّر وصفة المؤنّث كمسلم ومسلمة ، وقلّ مجيئها (٢) في الاسماء كامرء وامرأة ورجل ورجلة ، وجاءت لتمييز الواحد من الجنس (٣) كثيرا كتمر وتمرة ، ولعكسه (٤) قليلا ككمأ وكمأة وللمبالغة كراوية (٥) ، ولتأكيدها (٦) كنسّابة ، ولتأكيد التّأنيث كنعجة (٧) وللتّعريب (٨) ككيالجة ، وعوضا عن فاء كعدة (٩) وعين كإقامة ، (١٠) ولام كسنة (١١) ومن زائد (١٢) لمعني كأشعثي وأشاعثة ، (١٣) أو لغير معني كزنديق وزنادقة ، (١٤) ومن مدّة تفعيل (١٥) كتذكية.

__________________

(١) لأن العدد من الثلاثة الى العشرة تسقط عنه التاء مع المعدود المؤنث فإذا رأينا عددا منها بدون التاء يعرف أن المعدود مؤنث كما في ثلاث أزود فيعلم أن (زاد) مفرد أزود مؤنث.

(٢) أي : التاء الفارقة بين المذكر والمؤنث.

(٣) أي : جائت لتدلّ على ان مدخولها فرد من الجنس فتاء تمرة تدلّ على ان هذه حبّة من التمر الكلّى.

(٤) أي : لتمييز الجنس من الفرد فتاء كمأة تدلّ على أنّ مدخولها جنس الكماء والكماء بدون التاء للواحد عكس التمر والتمرة والكمأة بالفارسيّة (قارچ).

(٥) بمعني كثير الرواية رجلا كان أو امرأة.

(٦) أي : لتأكيد المبالغة فنسّاب مبالغة بمعني كثير العلم في النسب والتاء تأكيد لها فيكون معناها أكثر علما في النسب.

(٧) فإن (نعج) بدون التاء للأنثي من الغنم فإذا لحقتها التاء تكون مبالغة في التأنيث.

(٨) أي : تأتي لجعل كلمة عجميّة عربيّا فكيالجة جمع كيلج لفظ عجمي موضوع لنوع من المكيال ، فلمّا استعمله العرب زادوا لجمعها تاء علامة لكونها عربيّة.

(٩) فإن أصلها (وعد) حذف منها الواو وعوّض عنها تاء في آخرها.

(١٠) أصلها إقوام كإفعال حذف الواو وهي عين الكلمة وعوّض عنها في آخرها تاء.

(١١) أصلها سنو كفعل حذف لام الكلمة وهي الواو ثمّ عوّض عنها التاء.

(١٢) أي : تأتي عوضا من حرف زائد لا من حرف أصلي كما سبق.

(١٣) تائها عوض عن ياء النسبة في المفرد فالياء ليست من الحروف الأصلية للكلمة لكن لها معني وهي النسبة.

(١٤) فتائها عوض عن الياء في زنديق وهي زائدة لا معني لها كما في اشعثي التي كانت بمعني النسبة.

(١٥) أي : تضعيف التفعيل فالتاء في تذكية عوض من الياء الثاني من تذكي بالتشديد.


ولا تلي فارقة فعولا

أصلا ولا المفعال والمفعيلا

(ولا تلي) تا (فارقة) بين صفة المذكّر وصفة المؤنّث توسّعا (١) (فعولا) حال كونه (أصلا) بأن كان بمعني فاعل (٢) كرجل صبور وامرأة صبور ، بخلاف ما إذا كان فرعا ، بأن كان بمعني مفعول كجمل ركوب وناقة ركوبة (ولا المفعال) كرجل مهذار ، وامرأة مهذار (و) لا (المفعيلا) كرجل معطير وامرأة معطير.

كذاك مفعل وما تليه

تا الفرق من ذي فشذوذ فيه

ومن فعيل كقتيل إن تبع

موصوفة غالبا التّا تمتنع

(كذاك مفعل) كرجل مغشم وامرأة مغشم. (وما تليه تا الفرق من ذى) المذكورة (٣) كقولهم : امرأة عدوّة وميقانة ومسكينة (فشذوذ فيه ومن فعيل) بمعني مفعول (كقتيل إن تبع موصوفه (٤) غالبا التّاء تمتنع) كرجل قتيل ، وامرأة قتيل ، وندر قولهم «ملحفة جديدة» (٥) فإن كان بمعني فاعل ، أو لم يتبع موصوفه ـ بأن جرّد عن معني الوصفيّة ـ لحقته نحو «امرأة وجيهة» (٦) ونحو ذبيحة ونطيحة (٧).

وألف التّأنيث ذات قصر

وذات مدّ نحو أنثي الغرّ

__________________

(١) أى : ليكون الشخص المستعمل في سعة وحريّة من استعماله وهذا جهة رجحان للكلمة كما أنّ مجيء التاء للفرق بين المذكّر والمؤنّث جهة رجحان أيضا.

(٢) لأنّ الأصل في هذه الأوزان أن تكون بمعني الفاعل فإن أتت للمفعول كانت فروعا.

(٣) أي : من هذه الصيغ المذكورة يعني (فعول ومفعال ومفعيل ومفعل).

(٤) أي : وقع نعتا وتابعا لموصوفه.

(٥) بالمهملة ضد البالية العتيقة.

(٦) فوجيهة هنا بمعني الفاعل أي : ذات وجاهة.

(٧) مثالان لما لم يتبع موصوفه ومجرّد عن الوصفيّة كقولنا اشتريت ذبيحة أو تحرم النطيحة.


والاشتهار في مباني الأولى

يبديه وزن أربي والطّولى

ومرطي ووزن فعلي جمعا

أو مصدرا أو صفة كشبعى

وكحباري سمّهي سبطرى

ذكري وحثّيثي مع الكفرّى

فصل : (وألف التّأنيث) ضربان (ذات قصر وذات مدّ نحو أنثي الغرّ) (١) أي الغرّاء (والاشتهار في مباني الأولى) أي أبنية أوزان المقصورة (يبديه (٢) وزن) فعلي بضمّة ففتحة نحو (أربى) لداهية (٣). وفي شرح الكافية في باب المقصور والممدود : أنّ هذا (٤) من النّادر.

(و) وزن فعلي بضمّة فسكون اسما كان نحو «بهمى» (٥) أو صفة نحو (الطّولى) مصدرا نحو «الرّجعى».

(و) وزن فعلي بفتحتين (٦) اسما كان نحو «بردى» لنهر بدمشق ، أو مصدرا نحو (مرطى) لمشية ، (٧) أو صفة نحو «حيدى» (٨).

(ووزن فعلى) بفتحة فسكون (جمعا) كان (كصرعى (٩) أو مصدرا) كدعوي (أو صفة كشبعى) (١٠).

__________________

(١) أي : مؤنث (الغرّ) فإن مؤنثه (غرّاء).

(٢) أي : الاشتهار يكشفه هذه الأوزان وهي اثنا عشر وزنا يعني إنّ الأوزان المشهورة للمقصورة هي هذه.

(٣) أي : مصيبة وبلاء وأعظمها الموت.

(٤) أي : وزن (فعلي) بضمّ الفاء وفتح العين من جملة الصيغ النادرة للمقصورة لا المشهورة.

(٥) اسم لنبت و (طولي) مؤنث أطول و (الرجعي) مصدر رجع.

(٦) بفتح الفاء والعين.

(٧) أي : لنوع من المشى.

(٨) يقال : حمار حيدي أي : يحيد ويميل عن ظلّه وحشة منه.

(٩) جمع صريع أي : الساقط على الارض.

(١٠) مؤنث شبعان ضدّ جوعان.


(و) وزن فعالى بضمّة وتخفيف (كحبارى) لطائر ، ووزن فعلي بضمّة فتشديد نحو (سهّمى) للباطل (١) ، ووزن فعلّي بكسرة ففتحة فتشديد نحو (سبطرى) لنوع من المشي (٢) ، ووزن فعلي بكسرة فسكون مصدرا كان نحو (ذكرى) أو جمعا نحو «ظربى» (٣) و «حجلى» (٤) قال المصنّف : ولا ثالث لهما (٥).

(و) وزن فعّيلي بكسرتين وبتشديد العين نحو (حثّيثى) لكثرة الحثّ على الشّيء (مع) وزن فعلّي بضمّتين وتشديد ، نحو (الكفرّى) لوعاء الطّلع (٦).

كذاك خلّيطي مع الشّقّارى

واعز لغير هذه استندارا

(كذاك) وزن فعّيلي بضمّة ففتحة فتشديد العين نحو (خلّيطى) للاختلاط (مع) وزن فعّالي بضمّة وتشديد نحو (الشّقّارى) لنبت وزاد في الكافية في المشهورة وزن فعللي كفرتني وفو علي كخوزلي لمشية تبختر وفعلوي كهر نوي لنبت وأفعلاوي كأربعاوي لقعدة المتربّع وفعللولي كجند قوقي لنبت ومفعلّي كمكورّي لعظيم الأرنبة (٧) وفعلوتي كرهبوتي للرّهبة (٨) وفعللي كقرفصي بمعنى القرفصاء (٩) ويفعلّي كيهيرّي للباطل وفعللّي كشقصلّي لنبت يلتوي على الأشجار ، وفعّيلي كهبّيخا

__________________

(١) أي : اللهو والفجور.

(٢) وهو مشي المتبختر.

(٣) جمع ظربان دابّة صغيرة تشبه الهرّة.

(٤) جمع حجل ، طائر يسمّي بالفارسية (كبك).

(٥) أي : لظربي وحجلي يعني لا يوجد في كلام العرب جمع على هذا الوزن غيرهما.

(٦) بالفارسية (شكوفه نخل).

(٧) عظيم شحمة الأذن.

(٨) الخوف.

(٩) نوع جلسة.


لمشية تبختر ، وفعليّا كمرحيّا للمرح (١) وفعللايا كبردرايا (٢) وفوعالا كحولايا (٣) وفوعولي كفوضوضي للمفاوضة (٤) وفعلايا كبرحايا للعجب.

(واعز) أي انسب (لغير هذه) الاوزان المذكورة (استندارا) (٥) وموضع ذكرها كتب اللّغة.

لمدّها فعلاء أفعلاء

مثلّث العين وفعللاء

فصل : (لمدّها) أي لممدود ألف التّأنيث أوزان. مشهورة أيضا ، هي (فعلاء) بفتحة فسكون اسما كان كجرعاء (٦) أو مصدرا كرعياء (٧) أو صفة كحمراء وديمة هطلاء (٨) أو جمعا في المعني كطرفاء (٩) (وأفعلاء مثلّث العين) أي مفتوحها ومكسورها ومضمومها كأربعاء مثلّث الباء (١٠) للرّابع من أيام الأسبوع (وفعللاء) بفتحتين (١١) بينهما سكون ، كعقرباء للمكان.

__________________

(١) شديد الفرح.

(٢) اسم لمكان.

(٣) الجلد الذي يخرج مع الجنين عند الولادة.

(٤) المذاكرة.

(٥) يعني إذا رأيت المقصورة في وزن غير هذه الأوزان فاحمله على الندرة وهذه النوادر توجد في كتب اللغة فقط لا في كتب النحو لكونها خارجة عن القواعد والنحو للقواعد الكلّية.

(٦) أرض ذات رمل.

(٧) من الرعي (حفظ الشيء).

(٨) المطر الذى ليس فيه رعد ولا برق.

(٩) نوع من الأشجار بالفارسية (گز) يقال : طرفاء الغابة (اسم جمع).

(١٠) أي : بضمّها وفتحها وكسرها.

(١١) فتح الفاء واللام الأول وسكون العين.


ثمّ فعالا فعللا فاعولا

وفاعلاء فعليا مفعولا

(ثمّ فعالاء) بكسرة كقصاصاء بمعني القصاص (وفعللاء) بضمّتين (١) بينهما سكون كقرفصاء لضرب من القعود (فاعولاء) بضمّ ثالثه كعاشوراء (وفاعلاء) بكسر ثالثه كقاصعاء لأحد حجرة (٢) اليربوع (فعلياء) بكسرة فسكون ككبرياء للكبر و (مفعولاء) كمأتوناء جمع أتان (٣).

ومطلق العين فعالا وكذا

مطلق فاء فعلاء أخذا

(ومطلق العين فعالا) بالتّخفيف ، أي مفتوحها ومكسورها ومضمومها مع فتح الفاء ، نحو «براساء» بمعني النّاس و «قريثاء» و «كريثاء» لنوعين من البسر ، و «عشوراء» بمعني عاشوراء (وكذا مطلق فاء) أي مفتوحها ومكسورها ومضمومها مع فتح العين (فعلاء أخذا) نحو «خنقاء» لمكان و «سيراء» للذّهب و «ظرفاء» و «نفساء» و «رحضاء» (٤) ، وزاد في الكافية في المشهورة فعيلياء كمزيقياء لقب ملك ، وإفعيلاء كإهجيراء للعادة ، ومفعلاء كمشيخاء للإختلاط ، وفعاللاء كخجاد باء لضرب من الجراد ويفاعلاء كينا بغاء ويفاعلاء كينابغاء اسمي مكان وفعليّاء كزكريّاء ، وفعلولاء كمعكوكاء وبعكوكاء اسمين للشّرّ والجلبة ، (٥) وفعّيلا كدخّيلا لباطن الأمر ، وفعنالاء كبرناساء بمعني برنسا بمعني براساء ، (٦) وما عدا هذه الأوزان نادر.

__________________

(١) ضمّ الأول والثالث وسكون الثاني.

(٢) حجرة بفتح الحاء والجيم كطلبة جمع حجرة يعني القاصعاء اسم لاحد بيوت اليربوع وهو بيته الظاهر الذي يدخل فيه ولليربوع بيت آخر يسمّى النافقاء وهي حجرته التي يكتم فيها عند احتمال الخطر.

(٣) أنثي الحمار.

(٤) الظرفاء جمع ظريف والنفساء المرأة أيام الولادة و (رخصاء) عرق الحمى.

(٥) الجلبة الأصوات المختلطة كما في المعارك.

(٦) بمعني الناس.


هذا باب المقصور والممدود (١)

إذا اسم استوجب من قبل الطّرف

فتحا وكان ذا نظير كالأسف

فلنظيره المعلّ الآخر

ثبوت قصر بقياس ظاهر

كفعل وفعل في جمع ما

كفعلة وفعلة نحو الدّمى

(إذا اسم) صحيح (إستوجب من قبل الطّرف (٢) فتحا وكان ذا نظير) معتلّ

__________________

(١) المقصور هو الاسم المعرب الذي آخره ألف لازمة كالفتي والعصا ، فإذا ليس بمقصور لكونه مبنيّا و (أخا) ليس بمقصور ، لأنّ ألفه غير لازمة لقلبه واوا أو ياء عند الرفع والجرّ والممدود هو الاسم المعرب الذي آخره همزة بعد ألف زائدة نحو (كساء) و (رداء) بخلاف (أولاء وشاء) لكونهما مبنّيين ولأصالة ألفهما.

والمقصور والممدود على قسمين (قياسيّ) و (سماعيّ) فقياس المقصور أن يكون الاسم المعتل مستحقّا أن يفتح ما قبل آخره (حسب القواعد) وكان له نظير في وزنه من الصحيح ، فهذا الاسم المعتلّ الآخر يكون مقصورا ، أي يقرأ بالألف يعني حتّي إذا كان الحرف الآخر واوا أو ياء تقلب ألفا ف (الدمي) جمع دمية معتلّ ومستحقّ أن يفتح ما قبل آخره لأنّ قاعدة جمع (فعلة) مضموم الفاء (فعل) بضمّ الفاء وفتح العين فأصله (دمي) بالياء لوجود الياء في مفرده لكن حيث إنّ له موازنا في الجمع من الصحيح ك (قلل) جمع (قلّة) قلبت ياءه ألفا فصار مقصورا. وقياس الممدود سيأتي بعد قليل.

(٢) أي : قبل الآخر ومراده من (استوجب) أن يكون ما قبل الآخر مستحقّا بمقتضي القواعد أن يكون مفتوحا كما ذكر في (دما) أنّ القاعدة في جمع (فعلة) أن يكون عينه مفتوحا ، وليس المراد أن يكون ما قبله مفتوحا كيف اتّفق كما توهّم.


(كالأسف (١) ، فلنظيره المعلّ الآخر) كالأسا مثلا (ثبوت قصر بقياس ظاهر كفعل) بكسر الفاء (وفعل) بضمّها (في جمع ما) كان (كفعلة) بالكسر (وفعلة) بالضّم (نحو الدّما) جمع دمية وهي الصورة من العاج (٢) ونحوه ، و «المرى» جمع مرية ، (٣) إذا نظيرهما من الصّحيح «قرب» جمع قربة. (٤)

وما استحقّ قبل آخر ألف

فالمدّ في نظيره حتما عرف

كمصدر الفعل الّذي قد بديأ

بهمز وصل كارعوي وكارتأى

(و) كلّ (ما استحقّ) من الصّحيح (٥) قبل آخر ألف ، (٦) (فالمدّ (في نظيره) المعتلّ (حتما) قد (عرف كمصدر الفعل الّذي قد بدئا بهمز وصل كارعوى) أي كمصدره ، وهو الإرعواء (٧) (وكارتأى) أي كمصدره وهو الإرتياء إذ نظيرهما الاقتدار والإحمرار ، وكالاستقصاء إذ نظيره الاستخراج.

والعادم النّظير ذا قصر وذا

مدّ بنقل كالحجي وكالحذا

__________________

(١) مصدر أسف يأسف فإن قياس مصدر الفعل اللازم (فعل) بفتح الفاء والعين كالحزن والجزء فأسف يستحقّ أن يكون قبل آخره مفتوحا قياسا.

(٢) سنّ الفيل.

(٣) بكسر الميم وسكون الراء بمعني الجدال.

(٤) مثالان في مثال واحد ، لأن قرب بضم القاف جمع قربة بضمّها أيضا وقرب بكسر القاف جمع قربة بكسرها وعاء الماء.

(٥) أي : صحيح اللام.

(٦) أي : كل صحيح استحقّ (بمقتضي القاعدة) أن يكون قبل آخره ألفا كمصدر مزيد نحو انجماد فنظيره المعتلّ يكون ممدودا نحو ارعواء واصطفاء.

(٧) أصله (ارعواي) لأنه من الرعي فلأجل استحقاق مصادر هذه الأبواب أن يكون قبل آخرها ألفا قلب لا نظيرها المعتلّ اللام همزة.


(والعادم النّظير) السّابق (١) يكون (ذا قصر وذا مدّ بنقل) من العرب (كالحجى) بالقصر للعقل (وكالحذاء) بالمدّ للنّعل.

وقصر ذي المدّ اضطرارا مجمع

عليه والعكس بخلف يقع

(وقصر ذي المدّ اضطرارا مجمع عليه) (٢) كقوله :

لا بدّ من صنعا وإن طال السّفر (٣)

[وإن تحنّي كلّ عود ودبر]

(والعكس) وهو مدّ المقصور اضطرارا (بخلف) بين البصريّين والكوفيّين (يقع) فمنعه الأوّلون وأجازه الآخرون محتجّين بنحو قوله :

يا لك من تمر ومن شيشاء

ينشب في المسعل اللهاء (٤)

__________________

(١) أي : ما لا نظير له يستحقّ أن يكون قبل آخره ألفا قد يأتي بالقصر كالحجي وقد يأتي بالمدّ كحذاء.

(٢) يعني مجيء الممدود مقصورا في ضرورة الشعر إجماعي لا خلاف فيه بين النحاة.

(٣) بعده (وإن تحني كل عود ودبر) صنعاء بلد معروف عاصمة اليمن الشمال كثير الأشجار والمياه يشبه دمشق في طيب مناخه.

معني البيت أنه لا بدّ من السفر إلى صنعاء وإن صار السفر طويلا وإن انعوج ظهر كل بعير مسنّة وكلّ بعير مجروح.

الشاهد : في مجيء (صنعاء) مقصورا للضرورة.

(٤) الشيشاء بكسر الأول التمر الجافّ الذي لم يشتدّ نواه والمسعل موضع السعال من الحلق واللهاء اللحمة في أقصي الحلق ويسمّي باللسان الصغير.

يعني ليتك تحصّل تمرا وشيشاء يلصق بأقصي حلقك.

الشاهد : في مجيء اللهاء ممدودة في البيت للضرورة ، وهي مقصورة في الأصل.


تتمة باب المقصور والممدود

«كيفيّة تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحا (١) وفيه غير ذلك» (٢).

آخر مقصور تثنّي اجعله يا

إن كان عن ثلاثة مرتقيا

كذا الّذي اليا أصله نحو الفتى

والجامد الّذي أميل كمتى

في غير ذا تقلب واوا الألف

وأولها ما كان قبل قد ألف

(آخر مقصور تثنّي اجعله) بقلبه (ياء (٣) إن كان عن ثلاثة مرتقيا) بأن كان رباعيّا فما فوق ، فقل في حبلي «حبليان» (كذا) الثّلاثي (الّذي الياء أصله نحو الفتى) (٤) فقل فيه «فتيان» (و) كذا الثّلاثيّ (الجامد الّذي) لا إشتقاق له يعرف (٥) منه أصله الّذي (أميل (٦) كمتى) علما فقل فيه «متيان» (في غير ذا) المذكور كالّذي ألفه عن واو أو مجهولة (٧) ولم

__________________

(١) أي : جمع السالم لا جمع المكسّر.

(٢) أي : في هذا الباب يذكر غير ذلك أيضا من أحكام الجمع بالألف والتاء لغير المقصور والممدود.

(٣) أي : بقلب ألف المقصور ياء.

(٤) فإن أصلها (فتي) بالياء.

(٥) أي : ليس مشتقّا ليعرف أصله من مبدأ اشتقاقه.

(٦) أى : شرط جعل الألف ياء في تثنية الجامد أن يتلفّظ ألفه في المفرد بإلامالة أى : مايلا إلى الياء كمتى ، فإنّ ألفه يقرأ قراءة بين الألف والياء.

(٧) فلا يعلم أنّه عن واو أو ياء.


تمل (١) (تقلب واوا الألف) كقولك في عصى «عصوان» وفي لدى علما «لدوان» (٢).

(وأولها) أي الكلمة المنقلبة (٣) (ما كان قبل قد ألف) (٤) من علامة التثنية.

وما كصحراء بواو ثنّيا

ونحو علباء كساء وحيا

بواو أو همز وغير ما ذكر

صحّح وما شذّ علي نقل قصر

(وما) كان ممدودا وهمزته بدل من ألف التّأنيث (٥) (كصحراء بواو ثنّيا) فيقال فيه «صحراوان» (و) الّذي همزته للإلحاق (نحو علباء) (٦) أو بدل عن أصل نحو (كساء وحياء) (٧) ثنّي (بواو أو همز) (٨) فيقال «علبا وان وعلباء ان» و «كساوان وحياوان» و «كساء ان وحياءان» لكن في شرح الكافية أنّ إعلال الأوّل (٩) أرجح من تصحيحه وأنّ الثّاني بالعكس.

(وغير ما ذكر) كالّذي همزته أصليّة (صحّح) (١٠) فقل في «قرّاء» «قرّاء ان» (وما شذّ) (١١) عن هذه القواعد (على نقل) عن العرب (قصر) كقولهم في «خوزلى»

__________________

(١) أي : لا يقرء بالإمالة بل يتلّفظ بالألف محضا كلدى.

(٢) فأصل (عصي) عصو ، وأما لدي فمجهول الأصل ولا يقراء بالإمالة ، بل بالألف خالصا.

(٣) أي : المنقلبة ألفها ياء في القسم الأول وواوا في القسم الأخير.

(٤) أي : اجعل بعد الكلمة المنقلبة (أي : المقصورة التي قلب ألفها ياء أو واوا) علامة التثنية التي هي مألوفة عندك وعرفتها سابقا وهي الألف رفعا والياء نصبا وجرّا.

(٥) إنما بدلّ ألفه بالهمزة لعدم إمكان التلفظ بألفين مقترنين.

(٦) فإن أصله (علبا) بغير همزة فأرادوا أن يجعلوه بمنزلة (قرطاس) الحاقا به فقالوا (علباء).

(٧) فأصلهما (كساو وحياي) من كسو وحيى.

(٨) أي : يجوز الوجهان.

(٩) الأول : هو الذي ألفه للإلحاق. والثانى : الّذي بدّل من أصل ، والإعلال تبديل الهمزة واوا ، والتصحيح إبقاء الهمزة ففي (علباء) الأرجح (علباوان) وفي (كساء وحياء) الأرجح (كساءان وحياءان).

(١٠) أي : ابق الهمزة ولا تقلبها.

(١١) أى : ما أتى من تثنية المقصور والممدود على خلاف هذه القواعد فهو سماعيّ لا يقاس عليه.


«خوزلان» وفي «حمراء» «حمرايان» وفي «عاشوراء» «عاشوراءان» وفي «كساء» «كسايان» وفي «قرّاء» «قرّاوان» (١).

واحذف من المقصور في جمع على

حدّ المثنّي ما به تكمّلا

(واحذف من المقصور) وكذا المنقوص (في جمع) له (على حدّ المثنّى) (٢) أي بالواو والنّون (ما به تكمّلا) أي آخره ، (٣) فقل في «موسي والقاضي» «موسون وموسين وقاضون وقاضين».

والفتح أبق مشعرا بما حذف

وإن جمعته بتاء وألف

فالألف اقلب قلبها في التّثنية

وتاء ذي التّاء ألزمنّ تنحية

(والفتح) في المقصور (أبق مشعرا بما حذف) وهي الألف ، وأبق في المنقوص الضمّ والكسر (٤) أمّا الممدود والصّحيح فيفعل بهما ما فعل في التّثنية (٥).

(وإن جمعته) أي كلّا من المقصور والممدود (بتاء وألف فالألف) أو الهمزة (اقلب قلبها في التّثنية) (٦) فقل في «مشترى» : (٧) «مشتريات» ، وفي «رحى» «رحيات» ،

__________________

(١) وكان القياس خوزليان لقوله (أخر مقصور إلى قوله أن كان عن ثلاثة مرتقيا) ، والقياس في حمراء حمراوان لكون همزتها بدلا عن ألف التأنيث والقياس في عاشورا عاشوران لكونه مرتقيا عن ثلاثة فتحذف ألفه والقياس في كساء كساوان أو كساءان وفي قراء قرّاءان.

(٢) في كون إعرابه بالحروف وهو جمع المذكر السالم.

(٣) فإن الحرف الآخر من الكلمة مكمّل لها.

(٤) ليشعر بالواو والياء.

(٥) يعني إن جمعهما في تغيير الآخر وعدم تغييره مثل تثنيتهما فالصحيح لا يغيّر نحو زيدين وأمّا الممدود فما كان كقراء يقال قراءون وما كان كعلباء وكساء وحياء يقال علباءون أو علباوون وهكذا.

(٦) أي : مثل قلبها في التثنية فإن كانت في التثنية مقلوبة بالياء ففي الجمع أيضا تقلب ياء وكذا إن كانت عن واو.

(٧) بالالف اسم مفعول.


وفي «متى» «متيات» ، وفي «قنى» «قنوات» ، (١) وفي «صحراء» «صحراوات» ، (٢) وفي «نبّات» (٣) «نبّاوات» ، وفي «قرّاء» (٤) «قرّاءات».

(وتاء ذي التّاء الزمنّ) حينئذ (٥) (تنحية) أي حذفا كما سبق ، (٦) وكقولك في مسلمة «مسلمات» (٧).

هذا ، ولهذا الجمع (٨) أحكام تخصّه أشار إليها بقوله :

والسّالم العين الثّلاثي اسما أنل

إتباع عين فاءه بما شكل

إن ساكن العين مؤنّثا بدا

مختتما بالتّاء أو مجرّدا

(والسّالم العين) من التّضعيف والاعتلال (الثّلاثى) حال كونه (اسما أنل) أي أعطه (إتباع عين) منه (فاءه بما شكل) به من الحركات (٩) (إن ساكن العين مؤنّثا بدا) سواء كان (مختتما بالتّاء أو مجرّدا) منها ، فقل في «جفنة ودعد وسدرة وهند وغرفة

__________________

(١) لأنّ ألفها مقلوبة عن واو.

(٢) لأنّ همزتها بدل من ألف التأنيث فتبدل واوا كما مرّ بقوله (وما كصحراء بواو ثنيّا).

(٣) (نبات) بتقديم النون على الباء مفرد بمعني ما ارتفع من الأرض مثال للمقصور الذي ألفه بدل عن واو مع كونه مع التاء فيجوز فيه نباوات ونباءات للزوم حذف تائه في الجمع كما ذكر.

(٤) بفتح القاف صيغة مبالغة تستوي فيها المذكر والمؤنث والمراد هنا المؤنّث فجمع على قرّاءات لكون الهمزة فيه جزء الكلمة.

(٥) أي : حين جمعت المقصور أو الممدود جمع تأنيث يعني إذا كان مفردهما مع التاء كقنات يجب حذف التاء فلا يقال قناتات بل يقال (قنوات).

(٦) في (قنات) و (قراءة).

(٧) أي : كما تحذف التاء في الاسم السالم أيضا.

(٨) أي : جمع المؤنث السالم له أحكام تختص به ولا تأتي في الجموع الآخر.

(٩) يعني الاسم الثلاثي الذي لم يتكرّر عينه ولم يكن حرف علّة وهو جامد يكون عينه تابعا للفاء في الحركة إذا جمع جمع تأنيث ان بدا أي : ظهر ساكن العين في المفرد وكان مؤنّثا.


وجمل» (١) «جفنات ودعدات وسدرات وهندات وغرفات وجملات» بخلاف غير السّالم العين ، كسلّة وكلّة وحلّة (٢) وجوزة وديمة وصورة ، (٣) وغير الثّلاثي (٤) كزينب والوصف كضخمة (٥).

وسكّن التّالي غير الفتح أو

خفّفه بالفتح فكلّا قد رووا

(وسكّن) العين (٦) (التّالي غير الفتح) وهو الكسر والضّمّ ، فقل في «كسرة وهند وخطوة وجمل» كسرات وهندات وخطوات وجملات».

(أو خفّفه بالفتح) فقل في «كسرة وهند وخطوة وجمل» «كسرات وهندات وخطوات وجملات» (فكلّا) ممّا ذكر (٧) (قد رووا) عن العرب ، أمّا التّالي الفتح فلا يجوز إلّا فتحة ، فيقال في «دعد» «دعدات».

ومنعوا إتباع نحو ذروه

وزبية وشذّ كسر جروه

(ومنعوا إتباع) العين للفاء إذا كانت [الفاء] مضمومة واللّام ياء أو مكسورة واللّام

__________________

(١) الأوّلان لمفتوح الفاء مع التاء وبدونها والأوسطان لمكسور الفاء مع التاء وبدونها والأخيران لمضمومها كذلك.

(٢) فجمعها (سلّات وكلّات وحلّات) بفتح السين وكسر الكاف وضم الحاء مع سكون العين وهو اللام الأول في الثلاثة فلم يتبع العين الفاء للتضعيف.

(٣) هذه الثلاثة لم تتبع لأنّ عينها حرف علّة.

(٤) أي : بخلاف غير الثلاثي فزينب لا يتبع عينها (الياء) فائها (الزاء) في الجمع (زينبات).

(٥) فإنها صفة مشبّهة وجمعها (ضخمات) بسكون عينها (الخاء).

(٦) يعني إذا كان فاء الفعل مكسورا أو مضموما يجوز في عينه ثلاثة وجوه (الإتباع) كما مرّ بقوله (اتل إتباع عين فائه بما شكل) و (سكون العين) و (الفتح) لأجل التخفيف لأنّ الفتحة أخف الحركات.

(٧) أي : الوجوه الثلاثة كلّها مروية عن العرب.


واوا (نحو ذروة وزبية) ، وأجازوا فيهما الفتح والسّكون ، فقالوا «ذروات وذروات (١)» و «زبيات وزبيات (٢)» (وشذّ كسر) عين (جروة) إتباعا للفاء فقيل «جروات (٣)».

ونادر أو ذو اضطرار غير ما

قدّمته أو لاناس انتمى

(ونادر) أي قليل (أو ذو اضطرار غير ما قدّمته) (٤) كقولهم في «عير» «عيرات (٥)» وفي «كهل» «كهلات» (٦) ، وقول الشّاعر في زفرة.

[علّ صروف الدّهر أو دولاتها

تدلننا اللّمّة من لمّاتها]

فتستريح النّفس من زفراتها (٧)

(أو لأناس) (٨) من العرب قليلين (انتمى) أي انتسب ، كقول هذيل (٩) في «بيضة وجوزة» «بيضات وجوزات». (١٠)

__________________

(١) بفتح الراء في الأولي وسكونها في الثانية ، لأنّ فائها وهو الذال مكسورة وأن لامها الواو.

(٢) بفتح الباء في الأولي وسكونها في الثانية لكسر فائها وكون لامها ياء.

(٣) مع ان قياسها عدم الاتباع لكسر فائها وكون لامها واوا كذروة.

(٤) من القواعد في جمع المؤنّث.

(٥) بفتح الياء والقياس سكونها لاعتلال العين.

(٦) بفتح الهاء إتباعا للفاء والقياس سكون الهاء لأنها وصف وشرط الإتباع أن يكون الاسم جامدا والكهلة المرأة التي عمرها بين الأربعين إلى الستّين.

(٧) علّ لغة في لعلّ يعني نرجو أن تغلبنا حوادث الدهر أو تغيّراتها على شدائدها فتستريح نفسنا من الشدائد. الشاهد : في سكون الفاء من زفرات مع أن القياس فتحها إتباعا للزاء فاء الكلمة لكونها اسما ثلاثيّا.

(٨) عطف على (ذو اضطرار).

(٩) طائفة من العرب.

(١٠) بفتح الياء والواو مع أن القياس فيهما السكون لاعتلال عينهما.


هذا باب جمع التّكسير

وهو (١) كما يؤخذ من الكافية ما ظهر بتغيير لفظا أو تقديرا

أفعلة أفعل ثمّ فعلة

ثمّة أفعال جموع قلّة

(أفعلة) كأغرفة (٢) ثمّ (أفعل) كأفلس (٣) (ثمّ فعلة) كغلمة (٤) (ثمّة أفعال) كأثواب (٥) (جموع قلّة) تطلق على ثلاثة فما فوقها إلى العشرة ، وما عداها (٦) للكثرة تطلق على عشرة فما فوقها.

وبعض ذي بكثرة وضعا يفي

كأرجل والعكس جاء كالصّفي

__________________

(١) أي : التكسير ما ظهر أي حدث بسبب تغيير في مفرده لفظا أو تقديرا وإنّما زاد قيد (تقديرا) ليدخل نحو (فلك) بضم الأول وسكون الثاني بمعني السفينة فإنها مفرد وجمع بصيغة واحدة فقدّروا سكون اللام في المفرد أصلية كسكون الراء في (قرب) وقدّروا سكونها في الجمع عرضيّا كسكون السين في (أسد) بضم الهمزة جمع أسد بفتحتين فكان التغيير تقديريّا.

(٢) جمع غرفة.

(٣) جمع فلس.

(٤) جمع غلام.

(٥) جمع ثوب.

(٦) أي : ما عدا هذه الأربعة من الجموع.


(وبعض ذى) الجموع (بكثرة وضعا) من العرب (يفي (١) كأرجل) جمع رجل (والعكس) وهو وفاء جمع الكثرة بالقلّة أي الدّلالة عليها (جاء) من العرب (كالصّفى) (٢) جمع صفاة وهي الصخرة الملساء ، لكن حكي في جمعه أصفاء (٣) فينبغي أن يمثّل بنحو : «رجال» جمع رجل (٤).

لفعل اسما صحّ عينا أفعل

وللرّباعي اسما ايضا يجعل

إن كان كالعناق والذّراع فى

مدّ وتأنيث وعدّ الأحرف

(لفعل) بفتحة فسكون حال كونه (اسما (٥) صحّ عينا) وإن اعتلّ لاما (أفعل) جمعا كأفلس وأدل وأظب (٦) جمع فلس ودلو وظبى ، بخلاف الوصف كضخم (٧) إلّا أن يغلب (٨)

__________________

(١) يعني بعض هذه الجموع الأربعة كما يفي أي يدلّ على القلّة يدلّ على الكثرة أيضا بالوضع لا بالاستعمال فقط بدليل عدم وضع جمع آخر له ليستعمل في الكثير ف (أرجل) جمع رجل ، بكسر الأول وسكون الثانى ، كما أنّه موضوع للقليل ، كذلك موضوع للكثير أيضا ، لعدم وجود جمع آخر له.

(٢) فإنّها جمع كثرة ، ومع ذلك قد يفي بالقلّة.

(٣) يعني إنّ وجود جمع للصفات على وزن جموع القلّة يكشف عن أنّ (الصفيّ) ليس موضوعة للقلّة والكثرة ، بل للكثرة فقط فليس استعماله في القلّة بالوضع.

(٤) بفتح الأول وضمّ الثاني ، إذ لم يوضع جمع للرجال غير (الرجال) ليدلّ على القلّة فيكشف ذلك عن اشتراك (الرجال) بين القلة والكثرة.

(٥) لا صفة.

(٦) (أفلس) مثال لصحيح اللّام و (أدل) لمعتلّ اللام واوا أصله (أدلو) بضمّ اللام قلبت ضمّة اللام بالكسرة لئلّا يلتبس بالمتكلّم وحده من المضارع ثم قلبت الواو بمناسبة الكسرة قبلها ياء ثمّ حذفت الياء لالتقاء الساكنين بين الياء ونون التنوين فصار (أدل) و (أظب) مثال لمعتل اللّام ياء أصله (أظبي) حذفت الضمّة لثقلها على الياء ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين.

(٧) صفة مشبّهة فلا يجمع على (أفعل).

(٨) يعني إلّا أن يغلب في الوصف جانب الاسميّة على الوصفيّة فعبد في الأصل صفة بمعني المطيع ، لكن حين الاستعمال لا يقصد منه ذلك بل يقصد منه صنف من الرجال فصحّ جمعه على (افعل) كأعبد.


كعبد ، والمعتلّ العين (١) كسوط وبيت ، وشذّ أعين وأثوب (٢).

(وللرّباعيّ) حال كونه (أيضا اسما يجعل) أفعل جمعا (إن كان كالعناق والذّراع في مدّ) ثالثه (وتأنيث) بلا علامة (وعد الأحرف) (٣) كأيمن جمع يمين ، بخلاف ما لم يكن كذلك ، (٤) وشذّ أقفل وأغرب (٥).

وغير ما أفعل فيه مطّرد

من الثّلاثي اسما بأفعال يرد

وغالبا أغناهم فعلان

في فعل كقولهم صردان

في اسم مذكّر رباعي بمدّ

ثالث افعلة عنهم اطّرد

(وغير ما أفعل فيه مطّرد من الثّلاثّي) (٦) حال كونه (اسما) بأن لم يوجد فيه شروطه (٧) بأن كان على فعل لكنّه معتلّ العين كثوب وسيف أو على غيره (٨) كجمل ونمر وعضد وحمل وعنب وإبل وقفل وعنق ورطب (٩) (بأفعال يرد) مطّردا جميع ذلك (و) لكن (١٠) (غالبا أغناهم فعلان) بالكسر (في فعل) بضمّة ففتحة (كقولهم

__________________

(١) أي : وبخلاف المعتلّ العين فلا يجمع أيضا على (افعل).

(٢) فأتيا على (أفعل) مع اعتلال عينهما.

(٣) أي : بشرط أن يكون مثل (العناق والذراع) في كون الحرف الثالث منه حرف علّة وفي كونه مؤنّثا بلا علامة تأنيث وفي كون حروفه أربعة.

(٤) أي : بالشروط الثلاثة.

(٥) لكون مفرد الأول (قفل) ثلاثيّا والثاني (غراب) مذكّرا.

(٦) أي : غير الاسم الثلاثي الذي قياسه (أفعل) مضموم العين الذي مرّ بقوله (لفعل اسما صحّ).

(٧) ضمير (فيه) يعود إلى (غير) وضمير (شروطه) يعود إلى الموصول (ما افعل).

(٨) أي : على غير وزن (فعل) بفتح الأول وسكون الثاني.

(٩) إذ ليس واحد منها على (فعل) بفتح الأول وسكون الثاني.

(١٠) يعني على رغم ما ذكر من أن قياس الاسم الثلاثي على غير وزن (فعل) بفتح الأول وسكون الثاني أن يجمع على (أفعال) ، فغالبا يأتي في جمع (فعل) بضمّ الأول وفتح الثاني (فعلان).


صردان) في صرد.

و (في اسم مذكّر رباعي بمدّ ثالث) (١) منه (أفعلة عنهم اطّرد) كأقذلة وأعمدة وأرغفة جمع قذال وعمود رغيف.

وألزمه في فعال أو فعال

مصاحبي تضعيف أو إعلال

(والزمه) أي أفعلة (في فعال) بفتح الفاء (أو فعال) بكسرها (مصاحبي تضعيف أو إعلال) كأبتّة وأقبية وأئمّة وآنية جمع بتات وقباء وإمام وإناء (٢).

فعل لنحو أحمر وحمرا

وفعلة جمعا بنقل يدرى

(فعل) بضمّة فسكون جمع (لنحو أحمر) وهو «أفعل» مقابل «فعلاء» (٣) (و) نحوه (حمراء) وهو «فعلاء» مقابل «أفعل» ، (٤) وكذا ما لا مقابل له كأكمر ورتقاء (٥) (وفعلة) بكسر وسكون (جمعا بنقل يدرى) كولدة جمع ولد ولا يتأتّي جمعا قياسا (٦).

وفعل لاسم رباعي بمدّ

قد زيد قبل لام إعلالا فقد

ما لم يضاعف في الأعمّ ذو الألف

وفعل جمعا لفعلة عرف

ونحو كبري ولفعلة فعل

وقد يجىء جمعه علي فعل

__________________

(١) أي : بأن يكون الحرف الثالث منه حرف علّة.

(٢) الأولان لوزن (فعال) مفتوح الفاء أولهما (بتات) للتضعيف لأنّ عين الكلمة ولامها من جنس واحد وثانيهما (قباء) للمعتلّ والأخيران لوزن (فعال) مكسور الفاء أولهما للتضعيف وثانيهما للمعتلّ.

(٣) أي : مذكر فعلاء

(٤) أي : مؤنث أفعل.

(٥) فإن الأول خاص بالرجل لأنّه بمعني عظيم الحشفة فلا مؤنث له ليكون مقابلا له ، والثانية خاصة بالمرأة لأنها بمعني المسدود فرجها بلحم ولا توجد في غير المرأة ليكون مقابلا لها.

(٦) لقلّة وجوده وعدم اختصاصه بمفرد خاصّ فلا اطراد له.


في نحو رام ذو اطّراد فعلة

وشاع نحو كامل وكملة

(وفعل) بضمّتين جمع (لاسم رباعي بمدّ قد زيد) ثالثا (١) (قبل لام إعلالا) به (فقد (٢) ما) دام (لم يضاعف في الأعمّ) الأغلب (ذو الألف) (٣) ككتب وسرر وعمد جمع كتاب وسرير وعمود ، فإن اعتلّ اللّام أو ضوعف ذو الألف فله «أفعلة» كما سبق ، (٤) ومن مقابل الأعمّ «عنن» جمع عنان (٥).

(وفعل) بضمّة ففتحة (جمعا لفعلة) بالضّم (عرف) كغرف وغرفة (و) لفعلى بالضّمّ (نحو كبرى) وكبر (ولفعلة) بالكسر فالسّكون (فعل) بكسرة ففتحة كسدرة وسدر.

(وقد يجىء جمعه) أي فعلة (علي فعل) بضمّة ففتحة كلحية ولحي (فى) وصف لمذكّر عاقل على وزن فاعل معتلّ اللّام (نحو رام) وقاض (ذو اطّراد فعلة) بضمّة ففتحة كرماة وقضاة (٦).

(وشاع) في كلّ وصف لمذكّر عاقل على فاعل صحيح اللّام «فعلة» بفتحتين (نحو كامل وكملة).

فعلي لوصف كقتيل وزمن

وهالك وميّت به قمن

(فعلى) بفتحة فسكون جمع (لوصف) على فعيل بمعنى مفعول (كقتيل) وقتلى.

__________________

(١) أي : بأن يكون الحرف الثالث منه حرف علّة ولا يكون من الحروف الأصلية للكلمة.

(٢) (فقد) صفة للام أى : قبل لام فقد إعلالا بأن لا يكون لامه حرف علّة.

(٣) يعني إذا كان مدّه ألفا فشرط جمعه على (فعل) أن لا يكون مضاعفا وهذا الشرط غالبي لا دائمى.

(٤) بقوله : (وألزمه في فعال ...) مثل أبّته وأقبية.

(٥) فإنّه ذو ألف ومضاعف ومع ذلك جاء على (فعل).

(٦) فأصلهما رمية وقضية قلبت الياء الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.


(و) كلّ من «فعل» نحو (زمن) وزمني (و) فاعل نحو (هالك) وهلكي (و) فيعل نحو (ميّت) وموتى ، وكذا أفعل نحو أحمق وحمقي وفعلان نحو سكران وسكري (به) أي بفعلي (قمن) أي حقيق إلحاقا.

لفعل اسما صحّ لاما فعلة

والوضع في فعل وفعل قلّلة

(لفعل) بضمّة فسكون حالكونه (اسما صحّ لاما) وإن اعتلّ عينا (١) جمعا (فعلة) بكسرة ففتحة كدبّ ودببة وكوز وكوزة (٢) (والوضع) العربي (في فعل) بفتحة فسكون (وفعل) بكسرة فسكون (قلّله) (٣) كغرد وغردة وقرد وقردة.

وفعل لفاعل وفاعلة

وصفين نحو عاذل وعاذلة

(وفعل) بضمّة ففتحة وتشديد العين جمع (لفاعل وفاعلة) حال كونهما (وصفين) صحيحي اللّام (نحو عاذل) وعذّل (وعاذلة) وعذّل.

ومثله الفعّال فيما ذكّرا

وذان في المعلّ لاما ندرا

فعل وفعلة فعال لهما

وقلّ فيما عينه اليا منهما

(ومثله) أي فعّل فيما سبق (٤) (الفعّال) بضبطه (٥) بزيادة ألف (فيما ذكّرا) بتشديد

__________________

(١) أي : وإن كان عينه حرف علة.

(٢) فالأول لصحيح العين ، والثاني لمعتلّها.

(٣) الضمير في قلّله يعود إلى (فعلة) يعني إنّ وزن فعلة قليل في جمع (فعل) بفتح فسكون وكذا في وزن (فعل) بكسر فسكون بحسب الوضع.

(٤) أي : في كونه جمع لوصف صحيح اللام.

(٥) يعني إن وزن فعّال عين وزن (فعّل) مع زيادة ألف.


الكاف كتاجر وتجّار ، وندر فيما أنّث كصادّة وصدّاد (وذان) الوزنان (١) (في المعتلّ لاما) منهما (ندرا) كغاز وغزّي وغزّاء.

و (فعل وفعلة) بفتحة فسكون في كليهما (فعال) بكسرة جمع (لهما) مطلقا (٢) ككعب وكعاب ، وصعب وصعاب ، ونعجة ونعاج (٣) (و) لكن (قلّ فيما عينه) أو فاؤه كما في الكافية (الياء منهما) (٤) كضيف وضياف ويعر ويعار (٥).

وفعل أيضا له فعال

ما لم يكن في لامه اعتلال

أو يك مضعفا ومثل فعل

ذو التّا وفعل مع فعل فاقبل

(وفعل) بفتحتين (أيضا له فعال) بكسرة جمعا (ما) دام (لم يكن في لامه اعتلال أو) لم (يك) لامه (مضعفا) نحو جمل وجمال ، بخلاف ما إذا كان كذلك (٦) كرحي وطلل.

(ومثل فعل) فيما ذكر (٧) (ذو التّاء) أي : فعلة كرقبة ورقاب (وفعل) بضمّة فسكون (مع فعل) بكسرة فسكون لهما فعال (فاقبل) كرمح ورماح وذئب وذئاب ، وشرط في الكافية للأوّل (٨) أن لا يكون واويّ العين كحوت ولا يائي اللّام كمدى.

__________________

(١) أي : فعّل وفعّال.

(٢) اسما كان أو وصفا مذكرا أو مؤنثا.

(٣) فالأول اسم ، والثاني وصف ، وهما مذكران والثالث للمؤنث.

(٤) أي : من فعل وفعلة.

(٥) فالأول عينه ياء ، والثاني فائه ياء.

(٦) أي : كان لامه معتلّا أو مضاعفا ، كما في رحي وطلل.

(٧) أي : في كون جمعه على (فعال).

(٨) وهو (فعل) بضمّة فسكون أي : شرط في مجيء جمعه على (فعال) أن لا يكون عينه واوا ولا لامه ياء فحوت ومدى لا يجي جمعهما على (فعال).


وفي فعيل وصف فاعل ورد

كذاك في أنثاه أيضا اطّرد

(وفي فعيل وصف فاعل (١) ورد) فعال أيضا جمعا (كذاك في أنثاه) فعيلة (أيضا اطّرد) كظراف جمع ظريف وظريفة.

وشاع في وصف علي فعلانا

أو انثييه أو علي فعلانا

ومثله فعلانة وألزمه في

نحو طويل وطويلة تفي

(وشاع) فعال أيضا (فى) كلّ (وصف على فعلانا) بفتحة فسكون (أو أنثييه) وهما فعلي وفعلانة (أو على فعلانا) بضمّة فسكون (ومثله) أنثاه (فعلانة) كغضاب وندام وخماص في جمع غضبان وغضبي وندمان وندمانة وخمصان وخمصانة (وألزمه) أي فعالا (في فعيل) وأنثاه إذا كانا واويّ العين صحيحي اللّام (نحو طويل وطويلة) فقل في جمعهما طوال (تفي) بما استعملته العرب.

وبفعول فعل نحو كبد

يخصّ غالبا كذاك يطّرد

في فعل اسما مطلق الفا وفعل

له وللفعال فعلان حصل

(وبفعول) بضمّتين (فعل) بفتحة فكسرة (نحو كبد يخصّ غالبا) فلا يجمع على غيره (٢) ككبود ، ومن النّادر أكباد (كذاك يطّرد) فعول جمعا (في فعل) حال كونه (اسما مطلق الفاء) أي مثّلثها مسكّن العين ككعب وكعوب ، وضرس وضروس ، وجند وجنود ، وشرط في الكافية لمضمومها (٣) أن لا يضاعف كخفّ ولا يعلّ كحوت

__________________

(١) أي : فعيل الذي بمعني الفاعل لا الذي بمعني المفعول.

(٢) أي : لا يجمع (فعل) على غير (فعول).

(٣) أي : شرط في مجيء جمع (فعل) مضموم الفاء على (فعول) أن لا يكون (فعل) مضاعفا ولا معتلّا فإن


ومدي.

(وفعل) بفتحتين مفرد (له) أي لفعول أيضا سماعا كأسد وأسود (وللفعال) بالضّمّ والتّخفيف (فعلان) بكسرة فسكون (حصل) جمعا كغراب وغربان.

وشاع في حوت وقاع مع ما

ضاها هما وقلّ في غيرهما

(وشاع) فعلان (فى) فعل بالضّم وفعل بالفتح معتلّ العين نحو (حوت) وحيتان (وقاع) وقيعان (مع ما ضاهاهما) (١) ككوز وكيزان وتاج وتيجان (وقلّ في غيرهما) (٢) كغزال وغزلان.

وفعلا اسما وفعيلا وفعل

غير معلّ العين فعلان شمل

(وفعلا) بفتحة فسكون حال كونه (اسما (٣) وفعيلا وفعل) بفتحتين حال كونه (غير معلّ العين فعلان) بضمّة فسكون لهذه الثّلاثة (شمل) جمعا (٤) كظهر وظهران ورغيف ورغفان وجذع وجذعان.

ولكريم وبخيل فعلا

كذا لما ضاهاهما قد جعلا

(ولكريم وبخيل) وكلّ صفة مذكّر عاقل على فعيل بمعنى فاعل غير مضعّف ولا

__________________

كان كذلك نحو خفّ وحوت ومدي لا يأتي جمعه على (فعول) لكون الأول مضاعفا ، والثاني والثالث معتلّا.

(١) أي : ما شابه (حوت وقاع) في كونه على فعل بالضم وفعل بالفتح وكونه معتلا.

(٢) أى : قلّ أن يأتى (فعلان) لغير فعل بالضمّ وفعل بالفتح.

(٣) لا وصفا.

(٤) يعني شمل (فعلان) لجمع هذه الثلاثة.


معتلّ اللّام (فعلا) بضمّة ففتحة ككرماء وبخلاء (وكذا لماضاها هما) أي شابههما في الدّلالة على معنى ، كالغريزة (١) (قد جعلا) كعاقل وعقلاء ، وشاعر وشعراء.

وناب عنه أفعلاء في المعلّ

لاما ومضعف وغير ذاك قلّ

(وناب عنه) أي عن فعلاء (أفعلا) بكسر ثالثه (فى) الوصف المذكور (٢) (المعلّ لاما) كوليّ (٣) وأولياء (و) في (مضعف) منه (٤) كشديد وأشدّاء (وغير ذاك) المذكور (٥) (قّلّ) كتقي وتقواء ، ونصيب وأنصباء.

فواعل لفوعل وفاعل

وفاعلاء مع نحو كاهل

(فواعل) بكسر العين جمع (لفوعل) نحو جوهر وجواهر (وفاعل) بفتح ثالثه كطابع (٦) وطوابع (وفاعلاء) بكسرة كقاصعاء وقواصع (مع) فاعل بكسرة (نحو كاهل) (٧) وكواهل.

__________________

(١) أي : معنى مثل الصفات الطبيعيّة كعاقل وشاعر فإنّها من الصفات الذاتيّة الطبيعيّة بخلاف ضارب وجالس.

(٢) أي : الوصف الغريزي (الطبيعي) يعني يأتي (أفعلاء) جمعا للصفات الغريزيّة نيابة عن (فعلاء) التي هي الأصل للصفات الطبيعيّة.

(٣) المراد به الولي الذي بمعني المحبّ المخلص وهو صفة لازمة لموصوفه لا الّذي بمعني الوالي والقيم هو عارض موقّت.

(٤) أي : من الوصف المذكور (الوصف الغريزىّ).

(٥) أي : غير الوصف الذي للعاقل وهو سالم من التضعيف ، واعتلال اللام قليل أن يأتي (فعلاء) كتقّي فإنّه معتلّ اللام ومع ذلك أتي جمعه تقواء وهو قليل ، وكذا قليل أن يأتي (أفعلاء) لفعيل السالم من التضعيف والاعتلال كنصيب فإنه سالم ومع ذلك أتي جمعه انصباء وهو قليل أيضا.

(٦) بفتح الباء ما يطبع به أي : ينقش به فهو مثل خاتم لفظا ومعنى.

(٧) يعني فاعل الذي هو اسم فإن كاهل اسم لأعلى الظهر ممّا يلي العنق لا الفاعل الذي هو وصف كفارس فإنّه شاذّ كما يأتي.


وحائض وصاهل وفاعلة

وشذّ في الفارس مع ما ماثلة

(و) فاعل صفة المؤنّث نحو (حائض) وحوائض (و) صفة ما لا يعقل نحو (صاهل) (١) وصواهل (وفاعلة) مطلقا (٢) نحو فاطمة وفواطم وصاحبة وصواحب (وشذّ في) صفة المذكّر العاقل نحو (الفارس) والفوارس (مع ما ماثله) (٣) كسابق وسوابق.

وبفعائل اجمعن فعالة

وشبهه ذا تاء أو مزالة

(وبفعائل) بفتح الفاء (اجمعن فعالة) مثلّث الفاء (وشبهه) (٤) ممّا هو رباعي مؤنّث ثالثه مدّة ، سواء كانت ألفا أو ياء أو واوا ، وسواء كان (ذا تاء أو) التّاء (مزالة) (٥) منه ، كسحابة وسحائب (٦) وشمال وشمائل (٧) ورسالة ورسائل (٨) وعقاب (٩) وعقائب وصحيفة (١٠) وصحائف وسعيد ـ علما لامرأة ـ (١١) وسعائد. وحلوبة (١٢)

__________________

(١) الصهيل صوت الفرس.

(٢) يعني اسما كان كفاطمة ، أو صفة كصاحبة.

(٣) أي : ماثل الفارس في كونه لمذكّر عاقل.

(٤) أي : شبه فعالة.

(٥) أي : محذوفة منه.

(٦) مثال لمفتوح الفاء ومدّه ألف مع وجود التاء.

(٧) لمفتوح الفاء مدّه ألف بدون التاء.

(٨) لمكسور الفاء مع كون مدّه ألفا.

(٩) مثال لمضموم الفاء.

(١٠) لمفتوح الفاء مع كون مدّه ياء مع التاء وسعيد كذلك بدون التاء.

(١١) لأنه شرط أن يكون مؤنّثا.

(١٢) هذا المثال والذي بعده مثال لمفتوح الفاء مع كون ثالثه واوا مع التاء.


وحلائب وطلوبة وطلائب وعجوز (١) وعجائز.

وبالفعالي والفعالي جمعا

صحراء والعذراء والقيس اتبعا

(وبالفعالي) بكسر اللّام (والفعالى) بفتحها ، والفاء مفتوحة فيهما (جمعا) (٢) فعلاء اسما كان أو صفة نحو (صحراء) (٣) وصحاري وصحاري (والعذراء) (٤) والعذاري والعذاري (والقيس) أي القياس ، وهما مصدران لقاس (اتبعا) في ذلك (٥) ولا تقتصر علي السّماع.

واجعل فعالي لغير ذي نسب

جدّد كالكرسي تتبع العرب

(واجعل فعالىّ) بفتحتين وكسر اللّام وتشديد الياء جمعا (لغير ذي نسب جدّد) (٦) من كلّ ثلاثي آخره ياء مشدّدة (كالكرسيّ) والكراسيّ ، بخلاف بصري فلا تقول فيه بصاري (تتبع العرب) في استعمالهم.

وبفعالل وشبهه انطقا

في جمع ما فوق الثّلاثة ارتقى

من غير ما مضي ومن خماسي

جرّد الآخر انف بالقياس

(وبفعالل) بفتحتين وكسر اللّام الأولي (وشبهه) كأفاعل (انطقا في جمع ما فوق

__________________

(١) مثال لمفتوح الفاء مع الواو ، وحذف التاء.

(٢) يعني جمع صحراء والعذراء بالفعالي وألف جمعا للإطلاق وليس ألف التثنية.

(٣) مثال للاسم.

(٤) مثال للصفة.

(٥) أى : في مجيء (فعالي وفعالي) لاسم أو صفة على (فعلاء).

(٦) أي : بأن تكون ياء النسبة فيه قديمة وصارت جزء للكلمة كما في الكرسيّ.


الثّلاثة ارتقي من غير ما مضى) (١) فقل في جعفر جعافر وفي أفضل أفاضل (ومن خماسيّ جرّد (٢) الآخر انف) (٣) أي احذف إذا جمعته (بالقياس) فقل في سفرجل سفارج.

والرّابع الشّبيه بالمزيد قد

يحذف دون ما به تمّ العدد

(والرّابع) منه (٤) (الشّبيه بالمزيد) في كونه أحد حروف الزّيادة (٥) (قد يحذف دون ما به تمّ العدد) وهو الآخر كقولك في حذف خدرنق خدارق ، لكنّ الأجود حذف الآخر نحو خدارن.

وزائد العادي الرّباعي احذفه ما

لم يك لينا إثره اللّذ ختما

(وزائد العادى) أي المجاوز (الرّباعىّ) وهو الخماسيّ (احذفه) أي الزائد منه (ما) دام (لم يك لينا إثره) أي بعده الحرف (اللّذ ختما) الكلمة ، (٦) أي آخرها فقل في سبطري سباطر وفي فدوكس فداكس (٧) ، بخلاف ما إذا كان لينا قبل الآخر نحو عصفور وقنديل وقرطاس فلا يحذف (٨).

__________________

(١) أي : من غير مافوق الثلاثي الذي ذكرنا أنّ جمعه على فواعل وفعائل فعالي وفعالي وفعاليّ مشدّدا.

(٢) أي : الخماسي المجرّد بأن تكون حروفه الخمسة أصليّة لا المزيد نحو (إخراج).

(٣) الآخر مفعول مقدّم لأنف أي : أنف الآخر منه.

(٤) أي : من الخماسيّ.

(٥) وهي عشرة تجمعها حروف (سألتمونيها) وإنما قال (الشبيه) لأنّ النون في خدرنق مثلا وإن كانت من الزوائد العشرة لكنّها ليست بشرائط الزيادة كما سيجيء.

(٦) أي : ما لم يكن الزائد حرف لين وقع قبل الآخر.

(٧) فإن حرف اللين فيهما وهو الألف في الأول والواو في الثاني لم يقع قبل الآخر.

(٨) بل يبقي فيقال عصافير وقناديل وقراطيس.


والسّين والتّامن كمستدع أزل

إذ ببنا الجمع بقاهما مخلّ

والميم أولي من سواه بالبقا

والهمز والياء مثله إن سبقا

(والسّين والتّاء من كمستدع أزل إذ ببنا الجمع بقاهما مخلّ) (١) فقل فيه مداع (والميم) من كمستدع (أولى من سواه بالبقا) لمزيّته على غيره باختصاص زيادته بالأسماء (٢).

(والهمز والياء مثله) أي الميم في الأولويّة بالبقاء (إن سبقا) غيرهما من الحروف ، (٣) بأن كانا في أوّل الكلمة لكونهما موضع ما يدلّ على (٤) معني فيقال في «ألندد ويلندد» «ألادّ ويلادّ». (٥)

والياء لا الواو احذف أن جمعت ما

كحيزبون فهو حكم حتما

(والياء لا الواو احذف إن جمعت ما كحيزبون) وهي الدّاهية ، لمزيّة الواو بإغناء حذف الياء عن حذفها ، (٦) بخلاف العكس (٧) فأبقها واقلبها ياء لانكسار ما قبلها وقل

__________________

(١) فإنّ بناء الجمع (مفاعل) وبقائهما يخل بهذا البناء.

(٢) أي : لأنّ الميم أنما تزيد في الأسماء فقط ، كاسم الفاعل والمفعول واسم المكان والزمان والمصدر الميميّ بخلاف السين ، فإنها تزيد في الفعل نحو سيضرب ، وكذا التاء نحو تضرب فكما أنّ الاسم له مزية على غيره فما يختص زيادته به أيضا يمتاز على الزوائد التي تزيد في غيره.

(٣) أي : حروف الكلمة.

(٤) فإنّ كثيرا من الزوائد أنما تزيد أوّل الكلمة لتدلّ على معني كزيادة حروف (أتين) أول المضارع لتدلّ على الغائب أو المخاطب أو المتكلّم وكزيادة الميم أول الاسم لتدلّ على الفاعل أو المفعول.

فإن زاد حرف أول الكلمة فله أولويّة البقاء لكونه في محلّ الزيادة للمعني وإن لم يكن له معنى.

(٥) بتشديد الدال أبقي الهمزة والياء ، لما ذكر وحذف النون لاخلاله بوزن الجمع وأدغم الدال في الدال.

(٦) أي : لأن الياء إذا حذفت فباقي حروف الكلمة مع الواو يناسب وزن الجمع (فعاعيل) من دون حاجة إلى حذف الواو بل تبقي وتقلب ياء كقلبها ياء في عصفور جمعا فالمحذوف حرف واحد.

(٧) بأن تحذف الواو وتبقي الياء ، وذلك لأنّ وزن فعايل وفعاعيل يقتضي أن يكون الحرف الثاني في الجمع


فيه «حزابين» (فهو حكم حتما).

وخيّروا في زائدي سرندى

وكلّ ما ضاهاه كالعلندى

(وخيّروا) الحاذف (في) حذف ما أراد من (زائدي سرندى) وهما نونه وألفه لتكافئهما (١). فإن شاء يقول «سراند» أو «سراد» ومعناه الشّديد (وكلّ ما ضاهاه (٢) كالعلندى) وهو البعير الضّخم ، فإن شاء يقول «علاند» و «وعلاد» (٣).

__________________

عين الكلمة وهو هنا الزاء لا الياء لكونها زائدة فيجب حينئذ حذف الياء أيضا فلم يغن حذف الواو عن حذف الياء فينتج كثرة الحذف.

(١) أي : لتماثلهما وعدم مزيّة أحدهما على الآخر لعدم وقوع أحدهما أول الكلمة أو إغناء حذفه عن حذف الآخر ، بل هما متساويان في فقدان أي مزيّة.

(٢) في التكافي وعدم مزيّة أحد الحرفين على الآخر.

(٣) ففي الأول حذف الألف وفي الثاني النون.


هذا باب التصغير

فعيلا اجعل الثّلاثي إذا

صغّرته نحو قذي في قذى

عبّر به سيبويه وبالتّحقير ، وهو تفنّن (١).

(فعيلا) بضمّة ففتحة فياء ساكنة (اجعل الثّلاثيّ إذا صغّرته نحو قذيّ) في تصغير (قذى) وهو ما يسقط في العين والشّراب (٢).

فعيعل مع فعيعيل لما

فاق كجعل درهم دريهما

(فعيعل) بضبط الوزن قبله بزيادة عين مكسورة (مع فعيعيل) بضبط الوزن قبله بزيادة ياء ساكنة اجعلا (لما فاق) الثّلاثي (كجعل درهم دريهما) وجعل قنديل قنيديل.

وما به لمنتهي الجمع وصل

به إلي أمثلة التّصغير صل

(وما به لمنتهي الجمع وصل) من الحذف السّابق (٣) (به إلى أمثلة التّصغير صل)

__________________

(١) أي : تعبير سيبويه بالتصغير تارة وبالتحقير أخري مجرّد تغيير في اللفظ من دون تغيير في المعنى.

(٢) من تبن أو حشيش ونحوهما.

(٣) أي : الحروف التي كنت تحذفها من المفرد للتوصل إلى الجمع (منتهي الجموع) فاحذفها لتتوصّل إلى التصغير.


فقل في «سفرجل وخدرنق وسبطري ومستدع وألندد ويلندد وحيزبون وسرندى» : سفيرج وخديرق أو خديرن وسبيطر ومديع وأليدو يليدو حزيبين وسريند سريد».

وجائز تعويض يا قبل الطّرف

إن كان بعض الاسم فيهما انحذف

(وجائز تعويض ياء) ساكنة (١) (قبل الطّرف (٢) إن كان بعض الاسم فيهما) أي في التّصغير والتّكسير (انحذف) فيقال في سفرجل سفاريج وسفيريج (٣).

وحائد عن القياس كلّ ما

خالف في البابين حكما رسما

(وحائد) أي مائل خارج (عن القياس كلّ ما خالف في البابين) أي بابي التّكسير والتّصغير (حكما رسما) (٤) كتكسير حديث على أحاديث ، وتصغير مغرب على مغيربان (٥).

لتلويا التّصغير من قبل علم

تأنيث أو مدّته الفتح انحتم

كذاك ما مدّة أفعال سبق

أو مدّ سكران وما به التحق

(لتلو) أي للحرف الّذي بعد (يا التّصغير) إذا كان (من قبل علم) أي علامة

__________________

(١) أي : تعويض الياء عن الحرف المحذوفة من المفرد في الجمع ومن المكبّر في التصغير.

(٢) أي : قبل الآخر.

(٣) فعوّض الياء عن الكلام المحذوفة ، كما يجوز أن يقال سفارج وسفيرج بدون تعويض الياء.

(٤) أي : بيّن وقرّر.

(٥) والقياس في (حديث) إن كان اسما بمعني الخبر (حدثان) بضمّ فسكون لقوله :

(وفعلا اسما وفعيلا وفعل

غير معل العين فعلان شمل)

وإن كان وصفا بمعني الجديد فقياس جمعه (فعال) لقوله : (وفي فعيل وصف فاعل ورد ...) وقياس تصغير مغرب (مغيرب).


(تأنيث) كتائه (أو مدّته (١) الفتح انحتم) (٢) كفطيمة وحبيلي وحميراء (٣) (كذاك) أي كالتّالي ياء التّصغير السّابق في وجوب فتحه (ما) أي الحرف الّذي (مدّة أفعال) أي ألفه (سبق) (٤) كأجيمال (٥) (أو) الّذي سبق (مدّسكران وما به التحق) من عثمان ونحوه (٦) كسكيران وعثيمان.

وألف التّأنيث حيث مدّا

وتاؤه منفصلين عدّا

كذا المزيد آخرا للنّسب

وعجز المضاف والمركّب

(وألف التّأنيث حيث مدّا وتاؤه منفصلين عدّا) (٧) فلا يحذفان للتّصغير وإن حذفا للتّكسير كقولك في «قرفصاء وسفرجلة» : «قريفصاء وسفيرجة» (كذا) الياء (المزيد آخرا للنّسب) عدّ منفصلا فلا يحذف كقولك في عبقري عبيقري (و) كذا (عجز المضاف) كقولك في «امري القيس» : «أميري القيس» (و) كذا عجز (المركّب) تركيب مزج كقولك في «بعلبك» «بعيلبك».

وهكذا زيادتا فعلانا

من بعد أربع كزعفرانا

__________________

(١) أي : كتاء التأنيث أو ألف التأنيث.

(٢) يعني يجب فتح الحرف التي بعد ياء التصغير حتما إن كان تلك الحرف قبل علامة التأنيث.

(٣) ففتح الميم في الأول واللام في الثانية والراء في الثالثة لوقوعها قبل علامة التأنيث.

(٤) (سبق) صلة لما أى : كذا يفتح الذى سبق مدّة أفعال : أى تقدّم عليها.

(٥) مصغر أجمال مصدر (أجمل) وكذا (أفيراس) مصغّر أفراس جمع فرس.

(٦) ممّا كان مدّه رابعا وبعد الألف نون.

(٧) يعني ألف التأنيث الممدودة وكذا تاء التأنيث يعدّان منفصلين ولا يعدّان متصلين فلا يحذفان في التصغير إذ لو عدّا متصلين لحذفا لقوله : (وما به لمنتهي الجمع وصل ...)

وأمّا في الجمع فيعدّان متصلين فيحذفان فيقال في الجمع (قرافص وسفارج) بحذف الألف والتاء منهما.


(وهكذا زيادتا فعلانا) وهما الألف والنّون عدّا منفصلين فلا يحذفان إذا كانا (من بعد أربع كزعفرانا) فيقال فيه زعيفران.

وقدّر انفصال ما دلّ على

تثنية أو جمع تصحيح جلا

(وقدّر) أيضا (انفصال ما دلّ علي تثنية أو جمع تصحيح جلا) بالجيم ، أي دلّ عليه (١) من العلامة فلا تحذفه كقولك في «جداران وظريفون وظريفات أعلاما (٢)» : «جديران وظريفون وظريفات».

وألف التّأنيث ذو القصر متى

زاد علي أربعة لن يثبتا

(وألف التانيث ذو القصر متى زاد على أربعة) ولم يسبقه مدّة (٣) (لن يثبتا) بل يحذف كقولك في «قرقري ولغّيزى» : «قريقر ولغّيّز (٤)».

وعند تصغير حباري خيّر

بين الحبيري فادرو الحبيّر

(وعند تصغير) ما فيه ألف مقصوره قبلها مدّة نحو (حبارى خيّر بين) حذف المدّة (٥) فيقال (الحبيرى فادر) ذلك (و) بين حذف ألف التّأنيث فيقال (الحبيّر) (٦).

واردد لأصل ثانيا لينا قلب

فقيمة صيّر قويمة تصب

__________________

(١) أى : على الجمع.

(٢) أي : إذا كانت هذه الثلاثة علما ومنقولة عن معني التثنية والجمع إلى العلميّة.

(٣) أي : لم يكن قبل ألف التأنيث حرف مدّ.

(٤) بتشديد الغين والياء.

(٥) أى : الألف الأولى.

(٦) فلم تحذف الألف الأولي بل قلبت ياء وأدغمت في ياء التصغير.


(واردد لأصل) حرفا (ثانيا) إذا كان (لينا قلب) عن لين (فقيمة) بالياء (صيّر) إذا صغّرتها (قويمة) بالواو (١) ردّا إلي الأصل (تصب).

وشذّ في عيد عييد وحتم

للجمع من ذا ما لتصغير علم

(وشذّ فى) تصغير (عيد عييد) إذ كان الأصل عويدا لأنّه من العود. (٢) وخرج بقيد اللّين ثاني متّعد (٣) وبالقلب عنه ثاني أيمّه (٤) وما يأتي في البيت بعده. (٥)

(وحتم للجمع) المكسّر المفتوح الأوّل (من ذا) الرّدّ (٦) (ما لتصغير علم) فيقال في تكسير ميزان (٧) موازين بقلب الياء واوا ، وفي تكسير عيد أعياد بإثباتها شذوذا ، (٨) ولا ردّ فيما لا يتغيّر فيه الأوّل (٩) كقيم في قيمة.

والألف الثّاني المزيد يجعل

واوا كذا ما الأصل فيه يجهل

__________________

(١) لأنّ أصلها (قومة) بكسر القاف قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها.

(٢) وسمّي العيد عيدا تفألا بالعود إلى الفرج.

(٣) لأن أصله (موتعد) مفعول من باب الافتعال قلبت الواو تاء وأدغمت في التاء لقاعدة صرفية فهي الآن ليست حرف لين وإن كانت منقلبة عن لين.

(٤) فإنّ أصلها (أئمّة) قلبت الهمزة ياء لانكسارها فالياء وإن كانت حرف لين لكنّها ليست مقلوبة عن لين إذ الهمزة ليست من حروف اللّين.

(٥) وهو قوله : (والألف الثاني ...) والمراد أنّ اللين الذي ليس مقلوبا عن شيء أو كان أصله مجهولا أيضا يردّ إلى الأصل لعدم وجود أصل أو للجهل بالأصل بل يقلب واوا كما سيأتي.

(٦) أي : ردّ اللين المقلوبة عن لين إلى الأصل.

(٧) أي : في جمع ميزان جمع تكسير ، فإنّ أصله (موازن) قلب واوه ياء لانكسار ما قبلها.

(٨) وكان القياس (أعواد) وإنّما ارتكبوا الشذوذ فيه لئلّا يلتبس بجمع (عود) بضم العين.

(٩) يعني لا يردّ لين المفرد إلى الأصل إذا كان جمعه لا يغيّر حركة أول المفرد كصيغة (فعل) بكسر الأول وفتح الثاني فإنّ حركة أول الجمع متّحد مع حركة أول المفرد.


(والألف الثّاني المزيد يجعل) بالقلب (واوا) كهويبيل في هابيل (كذا) يقلب واوا (ما الأصل فيه يجهل) (١) كعويج في عاج

وكمّل المنقوص في التّصغير ما

لم يحو غير التّاء ثالثا كما

(وكمّل المنقوص) أي المحذوف بعضه (في التّصغير) بردّ (٢) ما حذف منه (ما) دام (لم يحو غير التّاء ثالثا (٣) كما) علما (٤) فقل فيها : «مويّ» (٥) وكشفة فقل فيها : «شفيهة» (٦) بخلاف ما إذا حوى ثلاثة غير التّاء فلا تكمل ، كجويه في جاه. (٧)

ومن بترخيم يصغّر اكتفى

بالأصل كالعطيف يعني المعطفا

(ومن بترخيم (٨) يصغّر اكتفي بالأصل) (٩) وحذف الزّائد لأنّه (١٠) حقيقته وألحق به تاء التّأنيث إذا كان مؤنّثا ثلاثيّا (كالعطيف يعني المعطفا) (١١) وكحميد في

__________________

(١) فلا يدري أنّ الألف مقلوبة عن ياء أو واو.

(٢) متعلّق بكمّل أي : كمّله بردّ المحذوف.

(٣) أي : بشرط أن لا يكون له حرف ثالث غير التاء.

(٤) أي : مثل (ما) إذا كان علما لشىء.

(٥) أصل (ما) ماي نقص منه الياء فعند التصغير عاد فقلب الألف واوا بعد ضمّ الميم فصار (موىّ).

(٦) أصلها (شفه) بالهاء فنقص منه الهاء وعوض عنه بتاء التأنيث فلمّا صغّر عاد الهاء.

(٧) أصل (جاه) وجه نقل الواو المفتوحة مكان الجيم وبالعكس ففتح الجيم لعدم امكان الابتداء بالساكن فقلب الواو ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها فصار (جاه) وفي هذا المثال إشعار بأنّ المراد بالمنقوص هنا أعمّ من النقص بالحذف وبالقلب.

(٨) الترخيم حذف بعض حروف الكلمة كما في النداء.

(٩) أي : اكتفي بالحروف الأصليّة من الكلمة وحذف الحرف الزائد.

(١٠) دليل للاكتفاء بالأصل ، أي : لأنّ الأصل حقيقة الاسم ، وأما الحرف الزائد فهو خارج عن الحقيقة فيجوز حذفه.

(١١) المعطف نوع من الرداء حروفه الأصلية (عطف) فرخم بحذف الميم لزيادته.


«حامد وحمدان وحمّاد ومحمود وأحمد» و «سويدة» في «سوداء» و «قريطس» في «قرطاس». (١)

فرع : حكي سيبويه في تصغير إبراهيم وإسماعيل بريها وسميعا بحذف الهمزة منهما والألف والياء وحذف ميم إبراهيم ولام إسماعيل. قال في شرح الكافية : ولا يقاس عليهما. (٢)

واختم بتا التّأنيث ما صغّرت من

مؤنّث عار ثلاثي كسنّ

ما لم يكن بالتّا يري ذا لبس

كشجر وبقر وخمس

(واختم بتا التّأنيث ما صغّرت من مؤنّث) معني (عار) عنها لفظا (ثلاثيّ كسنّ) فقل فيها سنينة ، ويد (٣) فقل فيها يديّة (ما) دام (لم يكن بالتّاء يري ذا لبس) (٤) فإن كان (كشجر وبقر وخمس) الّتي (٥) من ألفاظ عدد المؤنّث فلا تلحقه ، إذ يلتبس الأوّلان (٦) بالمفرد والثّالث بعدد المذكّر (٧).

وشذّ ترك دون لبس وندر

لحاق تا فيما ثلاثيّا كثر

__________________

(١) المثال الأول (حميد) لثلاثي الأصل المذكر والثاني (سويدة) للمؤنث الثلاثي الأصل والثالث (قرطيس) للرباعي الأصل.

(٢) في حذف الحروف الأصليّة في التصغير إذ القياس حذف الحرف الزائد لا الأصلي.

(٣) فإنّ أصلها (يدي) حذف منها الياء.

(٤) أي : بشرط أن لا يوجب الحاق التاء اشتباها بين المؤنّث وغيره.

(٥) قيد لخمس أي : وخمس التي تستعمل لعدد المؤنّث.

(٦) لأنّ اسم الجنس قد تلحقه التاء للدلالة على المفرد فيقال شجرة وبقرة بمعني شجر واحد وبقر واحد فإذا لحقته التاء في التصغير فقلت شجيرة وبقيرة التبس بين المؤنث والمفرد.

(٧) يعني إذا لحق التاء بخمس في التصغير فقلت (خميسة) إلتبس بين المذكر والمؤنث لأن (خمسة) بالتاء تستعمل لعدد المذكر كما سبق في باب العدد فلا يدري أن (خمسة) للمذكر أو للمؤنث.


(وشذّ ترك) التّاء (دون لبس) كقولهم في «قوس» «قويس» (١) (وندر إلحاق تا فيما ثلاثيّا كثر) بفتح الثّاء المثلّثة ، أي زاد عليه كقولهم في وراء وقدّام : وريّئة وقد يديمة.

وصغّروا شذوذا الّذي الّتي

وذا مع الفروع منها تاوتي

(وصغّروا) من المبنيّات (شذوذا الّذي) و (الّتي) وتثنيتهما وجمعهما كما في شرح الكافية (وذا مع الفروع منها تاوتى) وتثنيتهما وجمعهما ، وخالفوا بها تصغير المعرب في إبقاء أوّلها على حركته الأصليّة (٢) والتّعويض من ضمّه ألفا مزيدة في آخرها ، (٣) فقالوا : اللّذيّا واللتيّا (٤) واللّذيّون واللّويّون (٥) واللّويّتا واللّتيّات (٦) وذيّا وتيّا (٧) وذيّان وتيّان (٨) ، ومنع ابن هشام تصغير «تى» استغناء بتاء واللاء واللائي (٩)

__________________

(١) فلو قيل (قويسة) لم يلتبس لعدم وجود قويسة لغير المؤنث.

(٢) يعني إنّهم ابقوا أول المبني بعد التصغير على حركته قبل التصغير مع أن المعرب يتغير أوله بالضم دائما.

(٣) يعنى واتوا بألف زائدة آخر تصغير المبنى عوض الضمة التى تركوها في أولها.

(٤) بفتح الهمزة واللام مع ياء التصغير مدغما بالياء الأصلي وزيادة في أخرهما عوض الضمة في أولها ، تصغير (الذي والتي) وأما تصغير المثني فقالوا (اللذيان واللتيان).

(٥) هما تصغيران لجمع المذكر (الذين) وقيل اللويون تصغير (اللاين) على وزن الذين وبمعناه لغة في الجمع المذكر.

(٦) تصغيران للجمع المؤنث (اللويتا) بتشديد الياء ، والياء الأول منقلب عن الألف الأصلي والياء الثاني ياء التصغير وزيادة ألف بدلا عن الضمة في أولها تصغير (اللوات) واللتيات جمع (اللتيا) التثنية فجمع بالألف والتاء واستغني بألف الجمع عن الألف الزائدة.

(٧) بفتح الذال والتاء وتشديد الياء ، الياء الأول بدل عن الألف في الأصل والثاني ياء التصغير وبزيادة الألف بدلا عن الضمة في أولهما وهما مصغرا (ذواتا) المفرد.

(٨) هما تثنيتان لذيا وتيا بحذف الألف الزائدة لوجود ألف التثنية وعدم إمكان التلفظ بألفين معا.

(٩) أي : ومنع تصغيرهما لوجود تصغير الجمع المؤنث (اللتيات) فأستغني به عن تصغيرهما.


استغناء باللّتيّات واتّفقوا على منع تصغير ذي للالتباس (١).

خاتمة : يصغّر أيضا من غير المتمكّن شذوذا أفعل في التّعجّب نحو «ما أحيسنه» والمركّب تركيب مزج كما سبق (٢).

__________________

(١) أي : للالتباس بتصغير ذا (ذيا) فلو صغر ذي لصار ذيا أيضا فيلتبسان.

(٢) في قوله (وعجز المضاف والمركب).


هذا باب النسب

ياء كيا الكرسي زادوا للنّسب

وكلّ ما تليه كسره وجب

(ياء) مشدّدة (كيا الكرسي زادوا) في آخر الاسم (للنّسب وكلّ ما تليه كسره وجب) (١) كقولهم في النّسب إلى أحمد «أحمديّ»

ومثله ممّا حواه احذف وتاء

تأنيث او مدّته لا تثبتا

(ومثله) أي مثل ياء النّسب إمّا في التّشديد أو في كونها للنّسب (٢) (ممّا حواه احذف) (٣) إذا كان قبله ثلاثة أحرف ، فقل في النّسب إلى «كرسي وشافعيّ» : (٤) «كرسيّ وشافعيّ» ولم أر من تعرّض لجواز شفعويّ (٥) قياسا على مرمويّ ، وإن كان بعض الفقهاء استعمله ، وهو حسن للّبس فإن كان قبله حرفان كعليّ جاز الحذف والقلب

__________________

(١) أي الحرف الذي قبل الياء يجب كسره كسين (كرسي) ودال (أحمدي).

(٢) (إما) هنا للتعميم يعني إن المماثلة أعم من المماثلة في التشديد وفي كونها للنسب فيشمل ياء الكرسي التي لغير النسب و (ياء) الشافعي التي للنسب.

(٣) يعني إذا كان في الكلمة ياء مشددة سواء كانت للنسب أو لغيره وأردت أن تلحقها ياء النسبة فأحذف تلك الياء بشرط ان يكون قبلها ثلاثة احرف.

(٤) بحذف الياء الأول وإثبات ياء النسبة.

(٥) بإثبات الياء الأول وقلبها واوا.


كعلويّ أو حرف [واحد] فسيأتي إن شاء الله تعالى في قوله : «ونحو حي فتح ثانيه يجب».

(وتا تأنيث أو مدّته) أي ألفه (لا تثبتا) بل احذفها فقل في النّسبة إلى مكّة «مكّيّ» وقول العامّة في خليفة «خليفتيّ» لحن من وجهين (١).

وإن تكن تربع ذا ثان سكن

فقلبها واوا وحذفها حسن

(وإن تكن) مدّة التّأنيث (تربع) أي تقع رابعة في اسم أتى (ذا ثان سكن (٢) فقلبها واوا) مباشرة للّام (٣) أو مفصولة بألف (وحذفها) أي كلّ منهما (حسن) لكنّ المختار : الثّاني (٤) كقولك في حبلى حبليّ وحبلويّ وحبلاويّ (٥) ويجب الحذف إذا كانت [المدّة] خامسة فصاعدا كما سيأتي ، أو رابعة متحرّكا ثانيّ ما هي فيه (٦) كقولك في «حباري وجمزى» (٧) : «حباري وجمزيّ».

لشبهها الملحق والأصلي ما

لها وللأصلي قلب يعتمى

(لشبهها) أي مدّة التّأنيث وهو (٨) (الملحق والأصليّ) عطف (٩) على لشبهها

__________________

(١) أي غلط من جهتين (الأولي) عدم حذف التاء والثاني عدم حذف الياء لقوله بعد أبيات (وفعلى في فعلية التزم) والصحيح خلفيّ.

(٢) أي : إذا كان الحرف الثاني من ذلك الاسم ساكنا.

(٣) اى : متصلا بلام الكلمة بلا فصل بألف.

(٤) أي قلبها مفصولة بألف.

(٥) فالأول حذف منه المدة والثاني قلبت مدته واوا متصلا باللام والثالث قلبت واوا منفصلا بألف.

(٦) أي : كان الحرف الثاني من الاسم الذي فيه المدة متحركا لا ساكنا.

(٧) المدة في (حباري) خامسة وفي (جمزي) رابعة لكن الحرف الثاني منه وهو الميم متحرك فحذف للنسب.

(٨) أي : شبه مدة التانيث هو ألف الالحاق لأنّ ألف الإلحاق زائدة مثل الف التأنيث.

(٩) أي : لا يتوهم أن (الأصلي) عطف على الملحق ليكون التقدير لشبهها الملحق ولشبهها الأصلي وذلك


الخبر المتقدّم على مبتدئه ، وهو (١) (ما لها) أي لمدّة التّأنيث من حذف وقلب (و) لكن (للأصليّ قلب يعتمى) أي يختار ، وكذا الملحق كقولهم في «أرطي وملهى» (٢) : «أرطي وأرطوي وملهي وملهويّ» (٣).

والألف الجائز أربعا أزل

كذاك يا المنقوص خامسا عزل

(والألف الجايز) أي المتعدّي (أربعا أزل) كما تقدّم (٤) (كذاك يا المنقوص) إذا وقع (خامسا عزل) بمعني حذف ، كقولك في «المقتدي» «مقتدي» (٥).

والحذف في اليا رابعا أحقّ من

قلب وحتم قلب ثالث يعنّ

(والحذف في اليا) أي ياء المنقوص إذا وقع (رابعا أحقّ من قلب) كقولك في «القاضي» «قاضيّ» ويجوز القلب كقولك قاضويّ (وحتم قلب) ألف وياء (ثالث يعنّ) (٦) كقولك في الفتي والعمي (٧) فتوي وعمويّ.

__________________

لأن الألف الأصلي ليس شبها بألف التأنيث لعدم زيادة الأصلي بل هو عطف على (لشبهها) والتقدير لشبهها الذي هو الملحق (ألف الإلحاق) وكذا للألف الأصلي ما لها من أحكام.

(١) فالتقدير (ما لها لمدة التأنيث من حذف وقلب يكون لشبهها) فألف الإلحاق والألف الأصلي يحذفان إن كانتا ثالثتين في اسم ويجوز الوجهان القلب والحذف إن كانتا رابعتين ويجب حذفهما إن كانتا خامستين فصاعدا أو كان الحرف الثاني من الاسم متحركا.

(٢) أرطى ، شجر وملهي مكان اللهو والف ارطي الحاق لالحاقها بجعفر.

(٣) بحذف الألف وقلبها واوا.

(٤) بقوله (ويجب إذا كانت خامسة فصاعدا) ومثل بحبارى.

(٥) بحذف الياء التي هي جزء الكلمة.

(٦) أي : يقع في اسم.

(٧) الأول بالألف والثاني بالياء.


وأول ذا القلب انفتاحا وفعل

وفعل عينهما افتح وفعل

(وأول ذا القلب) حيث قلنا به (١) (انفتاحا وفعل) بفتح أوّله وكسر الثّاني منه ومن الآتيين (٢) (وفعل) بضمّ أوّله (عينهما افتح) عند النّسب بقلب الكسرة فتحة (و) كذا (فعل) بكسر أوّله اقلب كسرة عينه فتحة عند النّسب فقل في نمر ودئل وإبل نمريّ ودئلي وإبليّ (٣).

وقيل في المرمي مرمويّ

واختير في استعمالهم مرميّ

ونحو حي فتح ثانيه يجب

واردده واوا إن يكن عنه قلب

(وقيل فى) النّسب إلى ما في آخره ياءان ثانيهما أصليّة ، نحو (المرمي مرمويّ) بحذف أوّل اليائين (٤) وقلب ثانيهما واوا بعد فتحة العين (٥) (واختير في استعمالهم مرمىّ) بحذف اليائين ، (٦) والأوّل أحسن لأمن اللّبس (٧).

(و) كلّ ما في آخره ياء مشدّدة ، قبلها حرف [واحد] (نحو حيّ فتح ثانيه) (٨) عند

__________________

(١) أي : في مورد قلنا بالقلب أي بقلب الألف واوا فافتح الحرف التي قبل الواو المقلوبة كما فتح التاء والميم في (فتوي وعمويّ).

(٢) يعني كسر الثاني يكون في الصيغ الثلاث (مفتوح الأول ومضمومه ومكسورة).

(٣) بفتح الثاني في الثلاثة.

(٤) لأن أصل مرمي (مرموي) فقلبت الواو ياء فالياء الأول بدل عن واو مفعول فهي زائدة وأما الياء الثاني فهي لام الكلمة أصلية.

(٥) لما ذكر بقوله (وأول ذا القلب انفتاحا).

(٦) أي : الزائدة والاصلية التين كانتا قبل إلحاق ياء النسب.

(٧) إذ لو حذف الياأن وقيل في النسب مرمي التبس يائه بين ياء النسب واليائين قبل النسب فلا يدري أنه منسوب أو غير منسوب.

(٨) أي : فتح الحرف الثاني من ذلك الاسم وهو الياء الأول لا الياء الثاني.


النّسب (يجب) من غير تغيير له (١) إن لم يكن منقلبا عن واو نحو حيويّ.

(واردده واوا إن يكن عنه قلب) (٢) كطي فقل طوويّ (٣) وثالثه تقلبه واوا مطلقا (٤) فقل فيه حيويّ.

وعلم التّثنية احذف للنّسب

ومثل ذا في جمع تصحيح وجب

(وعلم التّثنية (٥) أحذف للنّسب ومثل ذا في جمع تصحيح وجب) فتحذف علمه ، كقولك في زيدان وزيدون علمين (٦) زيديّ. نعم من أجري زيدان علما مجري سلمان (٧) قال زيدانيّ ومن أجري زيدين علما مجري غسلين (٨) قال زيدينيّ ومن أجراه مجري عريون (٩) وألزمه الواو وفتح النّون قال زيدونيّ.

وثالث من نحو طيّب حذف

وشذّ طائي مقولا بالألف

(وثالث من نحو طيّب (١٠) حذف) عند النّسب فقل

__________________

(١) أي : للثاني بل يبقي ياء.

(٢) أي : يكن قلب عن واو.

(٣) لأنّ أصل طي (طوي) فالحرف الثاني وهو الياء الأول مقلوب عن واو.

(٤) يعني الحرف الثالث وهو الياء الثاني فيقلب واوا مطلقا سواء كان أصليا أو مقلوبا عن واو.

(٥) اي علامة التثنية وهي الألف والنون أو الياء والنون.

(٦) أي : إذا كانا علمين لشخص أو لشيء.

(٧) أي : من كان مذهبه في التثنية (إذا صار علما) إثبات العلامة في جميع حالات الإعراب فعند النسب لا يحذف علامة التثنية.

(٨) بأن جعل الياء والنون جزء الكلمة.

(٩) يجعل الواو والنون جزء الكلمة.

(١٠) أي : كل اسم بعد أوله ياء ساكنة متصلة ومدغمة بياء قبل أخر الكلمة فالحرف الثالث وهو الياء الثاني يحذف عند النسب.


طيبي (١) بسكون الياء (و) لكن (شذّ) من هذا (٢) (طائيّ) المنسوب إلى طي إذ قياسه طيئيّ ، (٣) لكنّه أتي (مقولا بالألف) المقلوبة عن الياء السّاكنة ، وخرج بنحو طيّب (٤) هبيّخ ومهيّيم فلا تحذف ياؤهما لأنّها (٥) في طيّب مكسورة موصولة بما قبل الآخر ، فأورثت ثقلا بخلافها في هبيّخ لفتحها وفي مهيّيم لانفصالها.

وفعلي في فعيلة التزم

وفعلي في فعيلة حتم

(وفعلىّ) بفتحتين (فى) النّسب (إلى فعيلة) بفتح أوّله وكسر ثانيه الصّحيح العين غير المضاعف (التزم) فقل في حنيفة «حنفيّ» (وفعليّ) بضمّة ففتحة (في) النّسب (إلى فعيلة) كذلك (٦) (حتم) فقل في جهينة «جهنيّ».

وألحقوا معلّ لام عريا

من المثالين بما التّا اؤليا

__________________

(١) بتخفيف الياء.

(٢) أي : خرج من هذه القاعدة.

(٣) بتخفيف الياء الأول وذلك لأنّ طي أصله (طيّيء) على وزن طيّب فحذفت الهمزة فمقتضي القاعدة المذكورة أن تحذف الياء الثاني وتبقي الياء الأول لكن سمع شاذا (طائي) بقلب الياء ألفا.

(٤) أي : خرج بقوله (من نحو طيب) هبيخ ومهيّيم وهبيخ بفتح الأول والثاني وياء مشددة مفتوحة بمعني الغلام الممتلي أو الغلام الناعم ومهييم بضم الأول وفتح الثاني ثم ياء مشددة مكسورة بعدها ياء خفيفة ساكنة على وزن (مفيتيح) تصغير مهيام كمفتاح بمعني المتحير.

(٥) أي : لأن الياء الثانية في (طيب) مكسورة ومتصلة بما قبل الآخر أي متصلة بالباء والياء قبل الأخر والأخر هو ياء النسبة.

والياء المكسورة المتصلة بما قبل الأخر ثقيلة فحذفت بخلاف الياء الغير المكسورة كالياء الثانية في (هبيخ) فهي خفيفة لانفتاحها والمكسورة الغير المتصلة بما قبل الأخر كالياء الثانية في (مهييم) لانفصالها عما قبل الأخر بالياء الثالثة وما قبل الأخر الميم والأخر ياء النسبة.

(٦) أي : بضمة ففتحة أيضا.


(وألحقوا معلّ لام عريا) من التّاء (من المثالين) المذكورين (١) (بما التّا أؤليا) منهما فقالوا في عدي وقصيّ (٢) عدويّ وقصويّ (٣) كما قالوا في ضريّة وأميّة (٤) ضرويّ وأمويّ بخلاف صحيح اللّام منهما (٥) فلا تحذف منه الياء فيقال في عقيل وعقيل عقيليّ وعقيليّ.

وتمّموا ما كان كالطّويلة

وهكذا ما كان كالجليلة

(وتمّموا (٦) ما كان) على فعيلة بفتح الفاء وهو معتلّ العين (كالطّويلة) فقالوا فيه طويليّ (وهكذا) تمّموا (ما كان) على هذا الوزن وهو مضاعف (كالجليلة) فقالوا فيها جليليّ ، وتمّموا أيضا على فعيلة (٧) وهو مضاعف كقليلة (٨).

وهمز ذي مدّ ينال في النّسب

ما كان في تثنية له انتسب

(وهمز ذي مدّ ينال) أي يعطي (في النّسب ما كان في تثنية له انتسب) (٩) فيقال

__________________

(١) أي : (فعيلة بفتح الأول وكسر الثاني وفعيلة بضم الأول وفتح الثاني) يعني ألحقوا فعيل بفتح الأول وكسر الثاني وكذا فعيل بضم الأول وفتح الثاني إذا كانا معتلي اللام بغير تاء بفعيلة وفعيلة اللتين مع التاء في كون النسبة إليهما فعلى بفتحتين وفعلى بضمة ففتحة بحذف الياء منهما.

(٢) مثالان للوزنين معتلي اللام بدون التاء.

(٣) فحذف الياء الأول منهما وقلب الثاني واوا لثقل اجتماع اليا أت.

(٤) مثالان للوزنين معتلي اللام مع التاء.

(٥) أي : من الوزنين (فعيلة وفعيلة) يعني ألحقوا فعيل وفعيل إذا كانا معتلي اللام بفعيلة في حذف الياء منها.

(٦) أي : لم يحذفوا منه الياء في النسبة.

(٧) بضم الفاء وفتح العين.

(٨) تصغير (قلة) بضم القاف فتكون النسبة إليها قليلي بضم الأول وفتح الثاني من دون حذف الياء.

(٩) يعني همزة الممدود حكمها في النسب كحكمها في التثنية فان كان همزته بدلا عن ألف ما التأنيث


في قرّاء وصحراء وكساء وعلباء : قرّائيّ وصحراويّ وكسائيّ وكساويّ وعلبائيّ وعلباويّ

وانسب لصدر جملة وصدرما

ركّب مزجا ولثان تمّما

إضافة مبدوّة بابن أو أب

أو ما له التّعريف بالثّاني وجب

(وانسب لصدر جملة) إسناديّة (١) فقل في تأبّط شرّا تأبّطيّ (وصدر ما ركّب مزجا) فقل في بعلبك بعلي (٢) (و) انسب (لثان تمّما إضافة) (٣) إمّا (مبدوّة بابن أو أب) أم أمّ كعمريّ وبكريّ وكلثوميّ في ابن عمر وأبي بكر وأمّ كلثوم (أو) أوّلها (٤) (ما له التّعريف بالثّاني وجب) بأن كانت إضافته معنويّة كزيديّ في غلام زيد ، وعندي في هذا القسم (٥) نظر لأجل اللّبس (٦) وفي القسم الأوّل بحث ، هل يلحق بما ذكر (٧)

__________________

كصحراء تقلب واوا فيقال صحراوي وما كانت همزته للإلحاق كعلباء أو بدل عن أصل نحو كساء وحياء فيجوز فيه الأمران بواو أو همزة فيقال (علباوي وعلبائي وكساوي وكساءي) وما كان همزته أصلية كقراء تثبت الهمزة فيقال (قرائي).

(١) يعني إذا كانت الجملة الإسنادية علما كتأبط شرا ففي إلنسبة إليها تلحق ياء النسبة بصدر الجملة.

(٢) بحذف العجز (بك).

(٣) يعني في التركيب الإضافي إذا كان المركب مبدوا باب أو ابن أو أم فياء النسبة تلحق الجزء الثاني (المضاف إليه) ويحذف الجزء الأول وكذا إذا كانت الإضافة معنوية بأن كان الجزء الثاني معرفا للأول فياء النسبة تلحق الجزء الثاني أيضا.

(٤) (أولها) بتشديد الواو مبتدء وخبرها (ماله التعريف ..) والمعني إما إضافة مبدوة بابن ... أو إضافة أولها معرف بالثاني.

(٥) أي الإضافة المعنوية (ماله التعريف ...)

(٦) لأن (زيدي) مثلا لا يعلم أنه نسبة إلى زيدا أو إلى غلام زيد.

(٧) من ابن وأب وأم والحاصل إن بنت أيضا مثل هذه الثلاثة فى كونه كنيه فهل هو مثلها في النسبة أيضا بأن


المبدوّة ببنت كما قلنا بأنّه كنية ولم أر من ذكره (١).

فيما سوي هذا انسبن للأوّل

ما لم يخف لبس كعبد الأشهل

(فيما سوي هذا) المقرّر كالّذي ليس مصدرا بما عرّف بالثّاني ، ولا بكنية كما في شرح الكافية (٢) وهو يقوّي بحثي إلّا أن يمنع أنّه كنية (٣) (انسبن للأوّل) واحذف الثّاني (ما) دام (لم يخف لبس) فقل في امري القيس «امرئيّ» ، فإن خيف فاحذف الأوّل وانسب للثّاني (كعبد الأشهل) فقل فيه أشهليّ ، وهذا (٤) يعضد نظري في القسم السّابق.

واجبر بردّ اللّام ما منه حذف

جوازا ان لم يك ردّه ألف

في جمعي التّصحيح أو في التّثنية

وحقّ مجبور بهذا توفية

(واجبر بردّ اللّام (٥) ما منه حذف) عند النّسب (جوازا إن لم يك ردّه ألف في جمعي التّصحيح أو في التّثنية) (٦) فقل في غد غدوي وإن شئت غدي (وحقّ مجبور)

__________________

تلحق ياء النسبة بالمضاف إليه إذا كانت الإضافة مصدرة بها كبنت الشاطي فيقال شاطوي أم لا ولا وجه لافتراقه عن الابن والأب والأم.

(١) أي : من ذكر البنت في عداد تلك الثلاثة في باب النسب.

(٢) يعني إن تعبير المصنف في شرح الكافية عن القسم الأول (اذا كانت الإضافة مبدوة بكنية) ولم يقل كما في هذا الكتاب (مبدوة بابن أو أب) وتعبيره هناك يقوي بحث الشارح أنفا (وفي القسم الأول بحث) لأن البنت كنية فيشمله كلام المصنف في شرح الكافية.

(٣) أي : إلّا أن يمنع كون البنت كنية فلا يشمله كلام المصنف في شرح الكافية.

(٤) أي : قول المصنف (ما لم يخف لبس) يؤيد الإيراد الذي أورده في القسم السابق وقال (وعندي في هذا القسم نظر) فاللبس أمر يجب الاجتناب عنه سواء كان النسبة للجزء الأول أو الثاني.

(٥) أي : لام الكلمة (لام الفعل).

(٦) يعني إذا كان اسم حذف لامه قبل النسبة ولم يكن معهودا رد لامه في التثنية والجمع فيجوز عند النسبة


بالرّدّ (١) (بهذا) أي بجمعي التّصحيح أو بالتّثنية (توفية) له بالرّدّ بالنّسب حتما فيقال في أخ وعضة «أخويّ وعضويّ» ليس غير (٢).

وبأخ أختا وبابن بنتا

ألحق ويونس أبي حذف التّا

(وبأخ أختا) ألحق (٣) فقل فيها بعد حذف تائها أخويّ (وبابن بنتا ألحق) فقل فيها بعد حذف تائها بنويّ كما تقول ذلك في ابن (٤) بعد حذف همزته. هذا (٥) مذهب سيبويه والخليل (ويونس) بن حبيب الظّبييء اولاء (٦) من البصريّين (أبي حذف التّاء) منهما فقال أختيّ وبنتيّ ، وهو الّذي أميل إليه لأجل اللّبس (٧).

__________________

أن ترد لامه جبرا للحذف قبل النسبة نحو (غد) فإن أصله (غدو) ولا يرد في التثنية والجمع بل يثني ويجمع بغير واو فيقال غدان وغدات فتقول في النسبة إليه (غدوي) ويجوز عدم الرد فتقول (غدي).

(١) يعني وأما المحذوف اللام الذي يجير رد لامه في التثنية والجمع أي يرد فيهما فحقه يجب الوفاء به في النسب بأن ترد اللام فيه والحاصل أن اللام الذي يرد في التثنية والجمع يجب رده في النسب بخلاف ما لا يرد فيها فيكون الرد في النسب هناك جوازا.

(٢) أي : لا يجوز النسبة بغير رد اللام فلا يقال أخي وعضي فإن أصلها (أخو وعضو) ويرد واوهما في التثنية فيقال (أخوان وعضوان) ولا يجب أن يكون مردودا في الجمع السالم أيضا والرد في أحدهما كاف لأن المصنف عطف التثنية على الجمع بأو في قوله (في جمعي التصحيح أو في التثنية) أي في أحدهما.

(٣) لأن أخت لم يحذف منه الواو وليكون ذكره في النسب ردا له بل ذكر الواو فيه أنما هو إلحاق بأخ وكذا البنت.

(٤) أي : كما تقول بنوي في النسبة إلى (ابن) فتحذف همزته كما حذفت التاء في بنت يعني إنهما متشابهان في حذف حرف منهما عند النسبة.

(٥) أي : أن حذف التاء من (أخت وبنت) وتعويضها الواو فيقال أخوي وبنوي أنما هو مذهب سيبويه والخليل وأما يونس الذي هو من نحاة البصرة فلا يجوّز حذف التاء منهما بل يقول في النسب إليهما (أختي وبنتي) بإبقاء التاء.

(٦) يعني أن حبيب أبا يونس كان منسوبا إلى قبيلة بني ظبة ولاءا أي لم يكن من أفراد القبيلة قرابة بل كان من عبيدهم ومواليهم.

(٧) يعني إن قول يونس (إبقاء التاء) هو الذي أنا أختاره لأن التاء إذا حذفت يلتبس بين النسبة إلى أخ والنسبة


وضاعف الثّاني من ثنائي

ثانيه ذو لين كلا ولائي

(وضاعف الثّاني) وجوبا (من ثنائي ثانيه ذو لين) عند النّسب إليه (١) ثمّ إن كان (٢) ألفا قلب المضاعف همزة ويجوز قلبها واوا (كلا ولائيّ) ولاويّ وفي وفيويّ ولو ولوويّ أعلاما ، (٣) أمّا الّذي (٤) ثانيه صحيح فيجوز فيه التّضعيف وعدمه ككم وكمميّ وكميّ.

وإن يكن كشية ما الفا عدم

فجبره وفتح عينه التزم

(وإن يكن كشية) في اعتلال اللّام (ما الفاء عدم (٥) فجبره) عند النّسب إليه بردّ الفاء (وفتح عينه التزم) عند سيبويه فيقال فيه وشويّ وأجاز الأخفش السّكون فقال «وشييّ» (٦) أمّا غير المعلّ اللّام منه (٧) فلا يجبر ، كقولك في عده عديّ (٨).

والواحد اذكر ناسبا للجمع

إن لم يشابه واحدا بالوضع

__________________

الى اخت لأن كليهما على حذف التاء (أخوي) وكذا يلتبس بين النسبة إلى ابن وبنت لأن كليهما على الحذف (بنوي).

(١) يعني إذا كان الاسم بحرفين والحرف الثاني منه لين أي حرف علة نحو (لا) فضاعف الحرف الثاني منه عند النسب.

(٢) أي : الحرف الثاني (اللين) أن كان الفا قلب همزة أو واوا لتعذر التلفظ بألفين متقاربين.

(٣) أي : إذا كان (لا وفي ولو) علما لشخص أو شيء ففي (لا) وجهان وأما (في) فالنسبة إليه (فيوي) ولو (لووي) بقلب الياء الثاني من (في) واوا لثقل التلفظ بيائين ثانيتهما مكسورة.

(٤) أي : الاسم الثنائي الذى.

(٥) أي : إذا كان فائه محذوفا ف (شية) أصلها (وشي) ومعناها العلامة ومنها قوله تعالى (لا شية فيها).

(٦) بفتح الواو (فاء الكلمة) وسكون الشين (عين الكلمة) وكسر الياء (لام الكلمة).

(٧) أي : من الاسم الذي الفاء منه عدم.

(٨) أصل عدة (وعدة) حذف منها الفاء أي الواو ولم يجبر في النسب لعدم اعتلال لامها.


(والواحد اذكر ناسبا للجمع (١) إن لم يشابه واحدا بالوضع) أي بوضعه (٢) علما فقل في «فرائض» «فرضيّ» ، (٣) بخلاف ما إذا شابهه ـ بأن وضع (٤) علما ـ فيقال في أنمار أنماريّ وفي الأنصار أنصاريّ. (٥)

ومع فاعل وفعّال فعل

في نسب أغني عن اليا فقبل

(ومع فاعل وفعّال) بفتحة فتشديد (فعل) بفتحة فكسرة (في نسب أغني عن الياء) السّابقة (٦) (فقبل) إذ ورد (٧) كقولهم لابن وتمّار وطعم (٨) أي صاحب لبن وتمر وطعم ، وليس في هذين الوزنين (٩) معني المبالغة الموضوعين له ، (١٠) وخرّج

__________________

(١) يعني إذا ردت أن تنسب الجمع فألحق ياء النسبة إلى مفرده بشرط أن لا يكون الجمع شبيها بالمفرد في الوضع أي بشرط أن لا يكون الجمع علما وذلك لأن المفردات موضوعة في الأصل أعلاما إما للشخص أو للجنس وإنما تنكر أفراد الجنس في الاستعمال وأما الجموع فليست أعلاما بحسب الوضع الأولي نعم قد يوضع بعض الجموع علما كأنمار فيشبه وضعه وضع المفرد.

(٢) أي : وضع الجمع.

(٣) الفرائض جمع فريضة (الواجب الشرعي) كالصلاة والحج وكذا تطلق على سهم الإرث والفرائض ليست علما ففي النسبة تلحق ياء النسبة بمفردها فيقال (فرضي) نسبة إلى الفريضة كخلفي في خليفة.

(٤) أي : الجمع.

(٥) (أنمار) في الأصل جمع (نمر) سبع معروف ثم صارت علما لبطن من العرب ففي النسبة إليها لا تلحق الياء بمفردها فلا يقال (نمري) بل بالجمع نفسه فيقال (أنماري) لكونها علما.

وانصار في الأصل جمع لناصر ثم صار علما لجمع من اصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم هم اهل المدينة فلكونه علما لحقت ياء النسبة به لا بمفرده فلا يقال ناصري بل يقال انصارى.

(٦) اي ياء النسبة.

(٧) يعني إذا وردت هذه الأوزان الثلاثة للنسبة بأن قصد بها النسبة فيستغني بها عن ياء النسبة.

(٨) أي : طعام كحنطة وشعير ونحوهما فلا حاجة إلى قولنا لبني وتمري وطعمي.

(٩) هما فعال وفعل.

(١٠) يعني إذا استعملا للنسبة فليس فيهما معني المبالغة التي كانت لهما في أصل الوضع لأنهما من صيغ


عليه (١) قوله تعالى : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)(٢) أي بذي ظلم.

وغير ما أسلفته مقرّرا

علي الّذي ينقل منه اقتصرا

(وغير ما أسلفته) من القواعد (مقرّرا على الّذي ينقل منه) عن العرب (اقتصرا) (٣) ولا تقس عليه كقولهم في الدّهر دهريّ (٤) وفي أميّة أموىّ (٥) وفي البصرة بالفتح بصريّ (٦) بالكسرة ، وفيه نظر إذ الكسر لغة فيها ، (٧) وفي مرو مروزيّ (٨) وفي الرّيّ رازيّ (٩) وفي الخريف خرفيّ (١٠) ولعظيم الرّقبة رقبانيّ (١١).

__________________

المبالغة في الأصل.

(١) أي : على النسب يعنى ذكر المفسرون من الوجوه المحتملة فى (ظلّام) أنه فعال للنسبة بمعنى صاحب ظلم فيرتفع بذلك ما يتوهم من أن المنفي كثرة الظلم لا أصل الظلم وذلك لانسلاخه عن معنى المبالغة إذا أريد به النسب.

(٢) فصّلت ، الآية : ٤٦.

(٣) يعني إذا جاء نسب علي خلاف ما قررناه أي على خلاف القواعد المقررة فهو سماع ولا يقاس عليه مثله.

(٤) بفتح الأول والثاني والقياس سكون الثاني.

(٥) بفتح الهمزة والقياس ضمها.

(٦) بكسر الباء والقياس فتح الباء.

(٧) أي : في البصرة يعني قد يتلفظ بفتح الباء وقد يتلفظ بكسرها فيمكن أن تكون النسبة إلى المكسورة.

(٨) والقياس مروي.

(٩) والقياس (ريي) و (روي).

(١٠) والقياس خريفي كما سبق في عقيل أن قياسه عقيلي.

(١١) هنا لحوق ياء النسبة على خلاف القاعدة فإن النسبة غير مرادة فيه أصلا بل المراد بيان عظمة الرقبة لا النسبة إليها.


هذا باب الوقف (١)

تنوينا اثر فتح اجعل ألفا

وقفا وتلو غير فتح احذفا

(تنوينا اثر فتح) في معرب أو مبني (اجعل ألفا وقفا) (٢) كرأيت زيدا وأيها (٣) (و) تنوينا (تلو غير فتح) وهو الضّمّ والكسر (احذفا) وقفا كجاء زيد ومررت بزيد (٤).

واحذف لوقف في سوي اضطرار

صلة غير الفتح في الإضمار

(واحذف لوقف في سوى اضطرار صلة غير الفتح فى الإضمار) (٥) أي الحرف الّذي ينشأ في اللّفظ عن إشباع الحركة في الضّمير وهو في غير الفتح وهو الضّمّ والكسر والواو والياء كرأيته ومررت به ، وأثبت صلة الفتح وهي الألف كرأيتها ، (٦) أمّا في الضّرورة فيجوز إثبات الجميع.

__________________

(١) الوقف هو قطع النطق عند آخر الكلمة.

(٢) يعني التنوين الذي يقع بعد الفتحة اجعله ألفا في حالة الوقف سواء كان المدخول معربا أو مبنيا.

(٣) الأول مثال للمعرب والثاني (أيها) للمبني وأيها بفتح الهمزة وسكون الياء اسم فعل ماض بمعني (بعد).

(٤) بحذف التنوين فيهما.

(٥) يعني الواو أو الياء الذي يتولد من إشباع الضمير المضموم والمكسور عند الوصل احذفهما عند الوقف فمثل (له) يقرء عند الوصل بما بعده (لهو) وعند الوقف (له) بسكون الهاء وكذا الياء المتولد من (به).

(٦) وفيه أن الألف في الضمير الغائبة ليست صلة للضمير بل هي جزء له.


وأشبهت إذا منوّنا نصب

فألفا في الوقف نونها قلب

(وأشبهت إذا منوّنا نصب (١) فألفا في الوقف نونها قلب) (٢) وبه قرأ السّبعة (٣) واختار ابن عصفور تبعا لبعضهم أنّ الوقف عليها بالنّون ، (٤) وهو الّذي أميل إليه فرارا من الالتباس (٥) والقراءة سنّة متّبعة (٦).

وحذف يا المنقوص ذي التّنوين ما

لم ينصب أولي من ثبوت فاعلما

(وحذف يا المنقوص ذي التّنوين) (٧) عند الوقف (ما) دام (لم ينصب أولى من ثبوت) لها (فاعلما) كقراءة السّتّة (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)(٨) و (ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ)(٩) ، وبإثبات الياء فيهما (١٠) قراءة ابن كثير بخلاف المنصوب فإنّه يبدل تنوينه ألفا إن كان منوّنا كقطعت واديا (١١) وتثبت ياؤه ساكنة إن

__________________

(١) يعني أن (إذا) يتلفظ مثل تلفظ الاسم المنون المنصوب نحو زيدا في كون أخره نونا ساكنة ، فهذا المصراع من البيت بيان لكيفية التلفظ بإذا ومقدمة للمصرع الثاني.

(٢) وتقدير البيت (فقلب نونها الفا في الوقف) فيكون لفظها في الوقف مثل لفظ إذا الشرطية.

(٣) أي : بقلب النون ألفا في الوقف قرء القراء السبعة ما ورد منها في القرآن كقوله تعالي (إذا لأذقناك).

(٤) أي : اختاروا أن الوقف على إذن يكون بالنون لا بالألف فيقال (إذن) لا إذا.

(٥) أي : الالتباس بينها وبين إذا الشرطية.

(٦) يعني إن قرائة القراء سنة يجب إتباعها فما ورد منها في القرآن يقرء كما قرء السبعة إتباعا للسنة وأما في غير القرآن فالوقف عليها بالنون فرارا من اللبس.

(٧) أي : ياء المنقوص الذي يقرء بالتنوين والمراد من حذف يائه إبقائه بلا ياء وحذف تنوينه وإلا فالياء لم تكن موجودة حالة الوصل لتحذف عند الوقف.

(٨) الرعد ، الآية : ٧.

(٩) الرعد ، الآية : ١١.

(١٠) أي : في (هاد ووال) فقرء ابن كثير هادي ووالي.

(١١) فيقرء عند الوقف (واديا) بالألف.


لم يكن (١) كأجب الدّاعى ، وبخلاف غير المنوّن كما صرّح به بقوله :

وغير ذي التّنوين بالعكس وفي

نحو مر لزوم ردّ اليا اقتفي

(وغير ذي التّنوين) المرفوع والمجرور (بالعكس) فثبوت يائه أولي من حذفها (٢) (وفي) منقوص محذوف العين (نحو مر) اسم فاعل من أرئى (٣) أو محذوف الفاء كيف (٤) علما كما قال في شرح الكافية (لزوم ردّ الياء) عند الوقف (اقتفي) لئلّا يكثر الحذف (٥).

وغيرها التّأنيث من محرّك

سكّنه أوقف رائم التّحرّك

فصل : (٦) (وغيرها (٧) التّأنيث من محرّك سكّنه) عند الوقف وهو الأصل (أوقف رائم التّحرّك) (٨) بأن تخفيّ الصوت بالحركة ضمّة كانت أو كسرة أو فتحة ، وخصّه (٩)

__________________

(١) أي : لم يكن منونا.

(٢) ففي قوله تعالى (هو (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) وقوله تعالى (يَوْمَ التَّلاقِ) ثبوت الياء بأن يقرء (المتعالي والتلاقي) خير من حذفها.

(٣) فهو مرئي كمرعي نقلت حركة الهمزة إلى الراء لكونه ساكنا صحيحا ثم حذفت الهمزة للتخفيف ثم اعل إعلال قاض.

(٤) مضارع مجزوم أصله (يوفي) فإذا صار علما كان اسما ناقصا محذوف الفاء.

(٥) إذ لو لم يرد الياء للزم حذف حركة الراء في (مر) وحركة الفاء في (يف) للوقف فيكثر الحذف.

(٦) يبين في هذا الفصل خمسة وجوه لوقف ما ليس أخره تاء التأنيث

(٧) أي : غير تاء التأنيث ، يعني إذا كانت كلمة متحركة وليس في آخرها تاء التأنيث فسكنه عند الوقف وهذا أول الوجوه الخمسة.

(٨) (رائم) حال من فاعل (قف) أي قف حالونك قاصدا للتحرك بأن يكون لك صوت بين السكون والحركة ولا تجهر بالحركة بل يكون لك صوت خفي بها ، وهذا الوجه الثاني.

(٩) أي خص هذا الوجه (الوقف قاصدا التحرك).


الفرّاء تبعا للقرّاء بالأوّلين (١).

أو أشمم الضّمّة أوقف مضعفا

ما ليس همزا أو عليلا إن قفا

محرّكا وحركات انقلا

لساكن تحريكه لن يحظلا

(أو أشمم الضّمّة) فقط عند الوقف ، بأن تشير إليها بشفتيك من غير تصويت (٢) (أو قف مضعفا) أي مشدّدا (ما) أي حرفا (ليس همزا أو عليلا (٣) إن قفا) أي تبع الحرف الموقوف عليه الموصوف بما ذكر (٤) حرفا (محرّكا) كهذا جعفر وهذا وعلّ (٥) بخلاف الهمز كخطأ والعليل كالقاضي ويخشي ويدعو والتّابع ساكنا كعمرو (٦) (أو حركات انقلا) عند الوقف من الموقوف عليه (٧) (لساكن) قبله (تحريكه لن يحظلا) (٨) أي يمنع نحو (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ)(٩)(١٠).

__________________

(١) يعني قال الفراء أن الوقف بهذه الكيفية والكسرة دون الفتحة تبعا للفراء.

(٢) يعني قف بالسكون لكن أشر بشفتيك إلى الضمة دون أن يسمع منك صوت الضمة كمن يستشم رائحة ، وهذا الوجه الثالث وهو مختص بالضمة.

(٣) أي : حرف علة.

(٤) أي : بعدم كونه همزة أو حرف علة يعني يشترط أيضا أن يكون ما قبل الأخير حرفا متحركا.

(٥) فجعفر ووعل أخرهما حرف صحيح غير همزة ولا علة وقبل الأخر منها متحرك و (وعل) المعز الجبلي ، وهذا الوجه الرابع من الوجوه الخمسة وهذا أيضا مختص بالضم.

(٦) لسكون الميم فلا يضعف.

(٧) وهو الحرف الأخير.

(٨) جملة (تحريكه لن يحظلا) صفة لساكن يعني انقل عند الوقف حركة الأخر إلى ما قبله الساكن بشرط أن يكون ذلك الساكن لم تكن تحركه ممنوعا ، وهذا الوجه الخامس.

(٩) فينقل حركة الراء إلى الباء لأنه ساكن يجوز تحريكه ولا مانع منه فيقال (بالصبر) بفتح الأولين وسكون الأخير.

(١٠) العصر ، الآية : ٣.


[أنا ابن ماويّة] إذ جدّ النّقر (١)

[وجاءت الخيل وأثابي زمر]

ولا ينقل إلى متحرّك كجعفر ولا ممتنع التّحريك إمّا لتعذّر كالإنسان (٢) أو استثقال كقضيب وخروف (٣) أو أداء إلى بناء لا نظير له (٤) كبشر مرفوعا وذهل مجرورا (٥) كما سيأتي.

ونقل فتح من سوي المهموز لا

يراه بصري وكوف نقلا

(ونقل فتح من سوي المهموز لا يراه) نحوي (بصري) (٦) أمّا من المهموز كخبء فيراه (وكوف نقلا) الفتح من سوي المهموز أيضا (٧).

والنّقل ان يعدم نظير ممتنع

وذاك في المهموز ليس يمتنع

(والنّقل إن يعدم نظير) للاسم حينئذ (٨) ـ بأن يكون المنقول ضمّة مسبوقة

__________________

(١) بفتح النون والقاف وسكون الراء بنقل حركة الراء إلى القاف.

(٢) لأن ما قبل الأخير وهو الألف لا يقبل الحركة ولا يمكن التلفظ به إلا ساكنا.

(٣) فإن الياء والواو وإن أمكن تحركها لكن الحركة عليها ثقيلة وسكونهما أخف فلا ينقل حركة الباء إلى الياء ولا حركة الفاء إلى الواو.

(٤) أي : وأما لا ينقل حركة الآخر إلى ما قبله لأن النقل يؤدي إلى بناء ووزن لا نظير له في لسان العرب.

(٥) لأنا إذا نقلنا ضمة الراء إلى الشين في (بشر) صار اسما ثلاثيا مكسور الأول ومضموم الثاني ولا يوجد في الأسماء الثلاثي اسم بهذا الوزن وكذا إذا نقلنا كسرة اللام إلى الهاء في (ذهل) صار اسما مضموم الأول مكسور الثاني وهذا الوزن أيضا معدوم النظير في الثلاثي.

(٦) يعني إن نحاة البصرة خصوا النقل في الفتحة بما كان أخره همزة كخبء إذا كان مفتوحا فينقل حركة الهمزة إلى الباء وأما إذا لم يكن أخره همزة وكان مفتوحا فلا ينقل.

(٧) كما مر في (الصبر والنقر).

(٨) أي : حين النقل.


بكسرة بالعكس (ممتنع) كما تقدّم (١) (و) لكن (ذاك) النّقل (٢) (في المهموز) وإن أدّي إلى ما ذكر (٣) (ليس يمتنع) فيجوز في «ردء وكفء» (٤) «هذا ردء» و «مررت بكفء» (٥).

ثمّ لمّا صدّر في الضّابط اشتراط أن يكون الموقوف عليه غير هاء التّأنيث (٦) ليفعل فيه ما ذكر ، (٧) احتاج إلى بيان ما يفعل فيه (٨) إذا كان هاء ، فقال :

في الوقف تا تأنيث الاسم ها جعل

إن لم يكن بساكن صحّ وصل

(في الوقف تا تأنيث الاسم ها جعل إن لم يكن بساكن صحّ وصل) (٩) كمسلمة وفتاة (١٠) ، بخلاف ما إذا وصل به (١١) كبنت وأخت (١٢) ، وبخلاف تاء تأنيث الفعل (١٣)

__________________

(١) في بشر مرفوعا وذهل مجرورا.

(٢) نقل الحركة من الآخر إلى ما قبل الآخر.

(٣) أي : وأن أدي إلى بناء لا نظير له.

(٤) (ردء) بكسر الأول وسكون الثاني و (كفوء) بضم الأول وسكون الثاني.

(٥) مع أن نقل ضمة همزة ردء إلى داله يؤدي إلى وزن لا نظير له وهو كسر الأول وضم الثاني ونقل كسر همزة (كفوء) إلى فائه أيضا يوجب وزنا بلا نظير وهو ضم الأول وكسر الثاني ولكن ذلك غير ممتنع في الهمزة.

(٦) بقوله (وغيرها التأنيث).

(٧) من سكون وروم تحرك وإشمام وتضعيف ونقل حركة على التفصيل.

(٨) أي : في الموقوف عليه.

(٩) يعني إذا كان آخر الاسم تاء التأنيث فاجعلها هاء عند الوقف بشرط أن لا يكون قبلها حرف ساكن صحيح بأن يكون ما قبل الآخر متحركا أو حرف علة فهنا شرطان اسمية الكلمة وأن يكون قبل آخره متحركا حرف علة.

(١٠) فمسلمة قبل آخرها حرف متحرك وهو الميم وفتاة قبل آخرها حرف علة فيجعل تائهما هاء في الوقف.

(١١) أي : بساكن صحيح.

(١٢) فالنون في (بنت والخاء في (أخت) صحيحان ساكنان فلا تقلب تائهما هاء في الوقف.

(١٣) لاشتراط الاسمية بقوله (تاء تأنيث الاسم).


كقامت ، وأمّا [تاء] تأنيث الحرف كثمّة وربّة فاختار في شرح الكافية جواز ذلك فيها فيقال ربّه وثمّه قياسا على قولهم في لاة ، لاه (١).

وقلّ ذا في جمع تصحيح وما

ضاها وغير ذين بالعكس انتمى

(وقلّ ذا) أي جعل التّاء المذكورة هاء في الوقف (في جمع تصحيح) للمؤنّث كقول بعضهم «دفن البنات من المكرماه» (٢) (و) في (ماضاها) (٣) ه كهيهات وأولاة ، (٤) وكثر في ذلك عدم الجعل المذكور (وغير ذين) أي جمع التّصحيح وماضاهاه كغرفة وغلمة (٥) (بالعكس انتمى) فالكثير فيه جعل التّاء هاء والقليل عدم ذلك.

وقف بها السّكت علي الفعل المعلّ

بحذف آخر كأعط من سأل

فصل : (وقف بها السّكت على الفعل المعلّ بحذف آخر (٦) كأعط من سأل) ولم يعط ، وقل في الوقف عليهما أعطه ولم يعطه وذلك جائز.

وليس حتما في سوي ماكع أو

كيع مجزوما فراع مارعوا

وما في الاستفهام إن جرّت حذف

ألفها واولها الها إن تقف

وليس حتما في سوي ما انخفضا

باسم كقولك اقتضاء م اقتضى

(وليس حتما) في جميع المواضع (سوي ما) إذا كان الفعل قد بقي على حرف واحد

__________________

(١) مع أن (لاة) حرف أيضا.

(٢) بقلب التاء في (مكرمات) هاء عند الوقف وهي جمع مكرمة أي الشرف.

(٣) أي : ما شابه الجمع المؤنث الصحيح في كون أخره الفا وتاء.

(٤) فقليل أن تقلب تائهما هاء عند الوقف.

(٥) مما في أخره تاء ليس قبلها ألف.

(٦) أي : الفعل الذي أعل بحذف أخره كأعط لا ما أعل بالقلب كاعطى.


(كع (١) أو) حرفين أحدهما زائد (كيع) مجزوما (٢). فإنّه واجب فيقال فيهما عه ولم يعه (فراع ما رعوا وما (٣) في الاستفهام إن جرّت حذف ألفها) وجوبا (وأولها الها إن تقف) نحو :

يا أسديّا لم أكلته لمه (٤)

[لو خافك الله عليه حرّمه]

وذلك (٥) جائز (وليس حتما في) جميع المواضع (سوي ما) إذا (انخفضا باسم (٦) كقولك) في (اقتضاء م اقتضى) اقتضاء مه.

ووصل ذي الهاء أجز بكلّ ما

حرّك تحريك بناء لزما

(ووصل ذي الهاء (٧) أجز) كائن (٨) (بكلّ ما حرّك تحريك بناء لزما) عند الوقف عليه نحو (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)(٩)(١٠) ولزم صفة بناء (١١) احترز به عمّا لا يلزم بناؤه ،

__________________

(١) أمر من تعي فأنه معل بحذف أخره وباق على حرف واحد هو العين فيجب فيه إلحاق هاء السكت.

(٢) لأن الياء زائد وحرف مضارعة وليس حرفا أصليا للكلمة.

(٣) أي : (ما) الاستفهامية إن جرّت بحرف أو بأضافة يجب حذف ألفها.

(٤) فما في الموضعين حذف ألفها لجرها باللام وفي الثانية لحقتها هاء السكت للوقف.

(٥) أي : لحوق هاء السكت بما.

(٦) اى : باضافة اسم إليه كإضافة (اقتضاء) إليه.

(٧) أي : هاء السكت.

(٨) إنما قدر الشارح (كائن) ليكون متعلقا لقول الناظم (بكل) وعليه يكون البيت جملة اسمية و (وصل) مبتدء وبكل خبره وأجز جملة معترضه في الإعراب ولو لم يكن هذا التقدير من الشارح لكان (بكل) متعلقا بوصل وكان تقدير البيت هكذا (وأجز وصل ذي الهاء بكل ما ...) وكان المعني صحيحا أيضا لكن البيت يكون جملة فعلية ويخالف البيت بعده (ووصلها ...) لأنه جملة اسمية وكلا البيتين لموضوع واحد هو وصل هاء السكت فكان المناسب تماثل البيتين في الاسمية ولتقدير الشارح فوائد أخر أيضا لا يسعها هذا المختصر.

(٩) فاتصل هاء السكت بياء المتكلم المتحرك فتحا وهو مبني دائما لأنه ضمير.

(١٠) الحاقة ، الآية : ١٩.

(١١) أي : بناء لازم ودائم لا بناء مستعار.


كالمنادي (١) فلا توصل به الهاء ومثله (٢) الفعل الماضي ، وشذّ مجيء ذلك (٣) كما قال :

ووصلها بغير تحريك بنا

أديم شذّ في المدام استحسنا

(ووصلها بغير) ذي (تحريك بناء أديم شذّ) نحو :

[يا ربّ يوم لي لا أظلّلة

أرمض من تحت] وأضحي من علة (٤)

وقوله : (في المدام) بناء (استحسنا) بيان لأحسنيّة الاتّصال (٥) فلا يعدّ مع قوله «ووصل ذي الهاء» البيت (٦) المبيّن للوقوع تكرارا (٧) فتأمّل (٨).

وربّما أعطي لفظ الوصل ما

للوقف نثرا وفشا منتظما

(وربّما أعطيّ لفظ الوصل ما للوقف نثرا) (٩) من إلحاق الهاء نحو (لَمْ يَتَسَنَّهْ

__________________

(١) نحو زيد في (يا زيد) فإن بنائه أنما هو حين وقوعه منادي فقط لا دائما.

(٢) أي : مثل ما لا يلزم بنائه (الفعل الماضي) وهو وإن كان لازم البناء لكنه لمشابهته المضارع في وقوعه صفة وصلة وخبرا وحالا وشرطا خرج عن حكم لازم البناء.

(٣) أي : اتصال هاء السكت بمبني غير لازم البناء.

(٤) (عل) مثل فوق معني وإعرابا فيبني على الضم إذا حذف المضاف إليه ونوي معناه كما مر في باب الإضافة (قبل كغير ... أيضا وعل) ويعرب في غير ذلك من الأحوال وما نحن فيه مبني لنية الإضافة فأتصل هاء السكت به على خلاف القياس لعدم لزوم بنائه.

(٥) يعني إن المصنف بقوله (في المدام استحسنا) في مقام بيان أحسنيّة الاتصال لا جواز الاتصال وقوله : (ووصل ذي الهاء) في مقام بيان أصل وقوع الاتصال وجوازه فقوله الأخير يفيد معني غير الذي أفاده قوله المتقدم فلا يكون تكرارا وهذا دفع لتوهم التكرار عن عبارة المصنف.

(٦) أي : إلى آخر البيت.

(٧) أي : فلا يعد قوله : (في المدام ...) تكرارا لقوله (ووصل ...).

(٨) أمر بالدقة لفهم دفع توهم التكرار وما توهم في وجهه غير وجيه.

(٩) يعني إن ما بينا إعطائه للوقف من تضعيف أو هاء سكت أو قلب أو غير ذلك قد يعطي للوصل أيضا وذلك في النثر قليل والنظم كثير.


وَانْظُرْ)(١) وغيره (٢)(٣) نحو «هذه حبلو يا فتى» (وفشا) ذلك (منتظما) (٤) نحو :

[تترك ما أبقي الدّبا سبسبا]

مثل الحريق وافق القصبّا (٥)

بتضعيف الباء.

__________________

(١) فأتصل هاء السكت بـ «لم يتسن» مع وصله بـ «وانظر».

(٢) أي : غير هاء السكت كالقلب في (حبلو) فإن واوه مقلوبة عن الألف وأصله (حبلي) مع اتصاله بما بعده (يا فتى).

(٣) البقرة ، الآية : ٢٥٩.

(٤) يعني إن ذلك أي إعطاء الوصل ما للوقف في النظم كثير.

(٥) فضعّف باء (القصب) مع أن مثل هذا التضعيف بيناه سابقا للوقف.


هذا باب الامالة

هي كما في شرح الكافية أن ينحي بالألف نحو الياء وبالفتحة قبلها نحو الكسرة (١)

الألف المبدل من يا في طرف

أمل كذا الواقع منه اليا خلف

دون مزيد أو شذوذ ولما

تليه ها التّأنيث ما الها عدما

(الألف المبدل من يا في طرف امل) (٢) كالهدي وهدى (٣) (كذا) أمل الألف (الواقع منه الياء خلف). (٤) في بعض التّصاريف (دون) حرف (مزيد) معها (أو شذوذ) (٥) لوقوعها كحبلى ، (٦) بخلاف نحو قفا (٧) فإنّ الياء تخلف ألفه

__________________

(١) فيصوت القاري صوتا بين صوت الألف والياء وبين الفتحة والكسرة.

(٢) يعني الألف الذي هو بدل عن ياء في آخر الكلمة أقرء ذلك الألف مايلا إلى الياء والفتحة قبله مايلا إلى الكسرة فالهدي مثلا يقرء بين (الهدي) بالياء و (الهدا) بالألف وبين فتح الدال وكسره.

(٣) الأول اسم والثاني فعل فالإمالة تجري في الاسم والفعل.

(٤) أي : الألف الذي ينقلب ياء في بعض التصاريف كما في تثنية (الهدي) هديان وفي (هدي) الفعل هديت.

(٥) أي : بشرط أن لا يكون قلب الألف ياء بسبب حرف زائد آخر معها وبشرط أن لا يكون مجيء الياء في تلك التصاريف شاذا ومخالفا للقاعدة.

(٦) فإن ألفها يقلب ياء في التثنية فيقال (حبليان) وفي جمع المؤنث (حبليات) وليس القلب فيه بسبب حرف زائد آخر وكذا ليس القلب فيه شاذا بل القلب على القاعدة.

(٧) (قفا) اسم بمعني مؤخذ العنق.


بزيادة (١) في التّصغير كقفيّ وفي التّكسير كقفيّ (٢) وشذوذ (٣) كقول هذيل في إضافته. (٤) إلى الياء قفيّ.

(و) ثابت (لما تليه ها التّأنيث) حكم (ما الها عدما) (٥) من الإمالة كرماة

وهكذا بدل عين الفعل إن

يؤل الي فلت كماضي خف ودن

(وهكذا) أمل الألف الكائنة (بدل عين الفعل إن يؤل) ذلك الفعل عند إسناده إلى التّاء (إلى) وزن (فلت) (٦) بكسر الفاء (كماضي خف ودن) وهو خاف ودان (٧) فإنّك تقول فيهما خفت ودنت

كذاك تالي الياء والفصل اغتفر

بحرف او مع ها كجيبها أدر

__________________

(١) يعني إنما قلب يائه ألفا بسبب حرف زائد هو ياء التصغير فإن قفا أصله (قفو) بالواو فلما صغر عاد الواو الأصلي فصار (قفيو) وبأمتزاج الواو مع الياء قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء فصار (قفي) فانقلاب الألف ياء أنما وقع بسبب مجاورة الألف المقلوب عن الواو مع زائد آخر هو ياء التصغير وامتزاجه معه.

(٢) أصله (قفو) بضم القاف وتشديد الواو معلوم قلبت الواو الأخيرة ياء كراهة اجتماع واوين فصار قفوي فاجتمعت الواو والياء والأولي منهما ساكنة فقلت الواو ياء وأدغمت الياء فصار قفي بضم القاف والفاء ثم قلبت ضمة ألفاء بمناسبة الياء إلى الكسرة فصارت قفي بضم القاف وكسر الفاء ثم كسرت القاف أيضا تبعا لعين الكلمة وهو الفاء فصار قفي بكسرتين.

(٣) عطف على (زيادة) فقفا مثال للزيادة والشذوذ كليهما.

(٤) أي : إضافة (قفا) إلى ياء المتكلم والقياس (قفاي) بسلامة الألف فقلبه ياء على لغة هذيل شذوذ ومخالف للقياس.

(٥) يعني إذا كان في آخر الكلمة بعد الألف تاء التأنيث فحكمه حكم فاقد التاء فتجري الامالة فيه أيضا ولا يضر عدم كون الألف في طرف إذا كان بعده التاء لفرض وجود التاء كالعدم.

(٦) بأن يحذف عينه عند إسناده إلى الضمير المتحرك.

(٧) فإن ألف خاف منقلب عن واو وألف دان منقلب عن ياء فأقرء الألف منهما بصوت بين الألف والياء وفتحة الخاء والدال بين الفتح والكسر.


(كذاك) أمل ألفا (تالي الياء) كبيان ، وكذا سابق الياء كبائع كما في شرح الكافية (والفصل) بين الياء وبين الألف المتأخّرة (اغتفر) في جواز الإمالة إن كان (بحرف) وحده كيسار (١) (أو) بحرف (مع هاء (٢) كجيبها أدر).

كذاك ما يليه كسر أو يلي

تالي كسر أو سكون قد ولي

كسرا وفصل الها كلا فصل يعدّ

فدرهماك من يمله لم يصدّ

(كذاك) أمل (ما) أي ألفا (يليه كسر) كعالم (أو يلى) حرفا.

(تاليّ كسر) ككتاب (٣) (أو) يلي حرفا تالي (سكون قد وليّ) ذلك السّكون (كسرا) كشملال (٤).

وحرف الاستعلا يكفّ مظهرا

من كسر او يا وكذا تكفّ را

(وفصل الهاء) بين السّاكن. (٥) وبين الحرف التّالية الألف (كلا فصل يعدّ) لخفائها (٦) (فدرهماك من يمله لم يصدّ) أي لم يمنع من إمالته (وحرف الاستعلا) أي حروفه ، وهي مجموع «قظ خصّ ضغط» (يكفّ مظهرا من كسر أويا) عن الإمالة (٧)

__________________

(١) فتجري فيه الإمالة لوقوع الألف بعد الياء بفاصل واحد هو السين.

(٢) يعني لا مانع من فصل حرفين بين الألف والياء إذا كان أحد الحرفين هاء ففي (جيبها) الفاصل بين الياء والألف هو الباء مع الهاء فتجري الامالة في الألف.

(٣) فالألف واقع بعد حرف هو التاء وهو واقع بعد كسرة الكاف.

(٤) الألف بعد اللام واللام بعد سكون هو الميم والسكون بعد كسر هو الشين.

(٥) أي بين الساكن الذي قبل ما قبل الألف وبين الحرف الذي قبل اللام فدرهماك (الهاء) فاصل بين الراء وهو الساكن الذي قبل ما قبل الألف وبين الميم الذي هو قبل الألف ومتصل به.

(٦) أي : لأن الهاء حرف خفى فوجوده كعدمه وفصله كلا فصل.

(٧) هذا البيت مرتبط ببيتين قبل هذا البيت وهما (كذاك تالي الياء) و (كذاك مايلي كسرا) وعلم من البيت


بخلاف الخفيّ.

منهما (١) كالكسرة المقدّرة (٢) وما إذا أتي ألفها عن ياء (٣).

(وكذا تكفّ را) غير مكسورة من الإمالة ، نحو هذا عذار وعذاران وراشد (٤)

إن كان ما يكفّ بعد متّصل

أو بعد حرف أو بحرفين فصل

(إن كان ما يكفّ) من حروف الاستعلاء (٥) (بعد) بالضّمّ ، أي بعد الألف (متّصل) بها كناصح (٦) (أو بعد حرف) تلاها (٧) كواثق (أو بحرفين فصل) عنها كمواثيق

__________________

الأول أن من أسباب الإمالة وقوع الألف بعد الياء أو قبل الياء كما نقل عن شرح الكافية ومن البيت الثاني أن من أسبابها وقوع الألف قبل كسرة أو وقوعه بعد ما بعد كسرة فالياء والكسرة من أسباب الامالة.

وفي هذا البيت يقول ان كانت كلمة ذات ألف وكان فيها أحد السببين (الياء أو الكسرة) مع شرائطهما ولكن في تلك الكلمة حرف من حروف الاستعلاء يمنع ذلك الحرف الاستعلائي عن امالة الألف ان كانت الياء أو الكسرة ظاهرتين والياء الظاهر نحو (خايف) فوجود الخاء يمنع من امالة الألف مع وجود السبب وهو الياء بعده والكسرة الظاهرة نحو (مطامع) فوجود الطاء يمنع من إمالة الألف مع وجود السبب وهو كسرة الميم بعده.

(١) أي : من كسر وياء.

(٢) نحو (خاف) فإن أصله خوف بكسر الواو ثم قلب ألفا لتحركه وانفتاح ما قبله فالكسرة المقدرة التي كانت على الواو قبل قلبه هي السبب لإمالة الألف ولا يمنع منها الخاء الذي من حروف الاستعلاء لخفاء الكسرة وعدم ظهورها.

(٣) نحو طاب وقال فوجود الطاء والقاف لا يمنع من إمالة الألف المقلوب عن ياء لكون السبب وهو الياء المقلوبة خفيا مقدرا وغير ظاهر.

(٤) وإنما مثل بثلاثة أمثلة ليعلم بأنه لا فرق في مانعية الراء الغير المكسورة بين أن يكون الراء قبل الألف كما في راشد والألف الثاني في عذاران أو بعده كما في عذار والألف الأول في عذاران وبين أن يكون الراء مضموما كالأول أو مفتوحا كالثاني والثالث.

(٥) هذا شرط مانعية حروف الاستعلاء عن الإمالة.

(٦) فالصاد وهو من حروف الاستعلاء بعد الألف بلا فصل.

(٧) أي : كان حرف الاستعلاء بعد حرف تلا الألف فواثق وقع القاف بعد الثاء والثاء تالى الألف.


كذا إذا قدّم ما لم ينكسر

أو يسكن إثر الكسر كالمطواع مر

(كذا) يكفّ حرف الإستعلاء (إذا قدّم) على الالف (ما) دام (لم ينكسر أو) لم (يسكن إثر الكسر) كغالب (١) بخلاف ما إذا انكسر كغلاب أو سكن إثر الكسر (كالمطواع (٢) مر) فلا يمنع الإمالة.

وفي شرح الكافية فيما إذا انكسر (٣) لا يمنع وفي السّاكن تاليه يجوز أن يمنع وأن لا يمنع ، (٤) فإن أراد به (٥) عدم تحتّم الإمالة فهذا شأنها (٦) في جميع أحوالها كما سيأتي (٧) فلا وجه لتخصيصه (٨) بهذه الصّورة (٩) والإشعار بتغايره (١٠) لما قبل ، وإن أراد بيان احتمالين متساويين (١١) في وجوب الكفّ وعدمه فلا بأس ، ولعلّه المراد (١٢)

__________________

(١) فالغين مقدم على الألف لا مكسور ولا ساكن بعد كسرة.

(٢) فالطاء ساكن بعد كسرة الميم و (مر) أمر من ماريمير أي أطعم المطواع لا العاصي وهو من تمام البيت.

(٣) أي : حرف الاستعلاء.

(٤) على خلاف ما ذهب إليه هنا من تحتم عدم المنع في الصورتين.

(٥) أي : بقوله في شرح الكافية (من جواز الأمرين في الثانية).

(٦) أي : شأن الإمالة.

(٧) من أن الإمالة أمر راجح لا واجب بقوله فيما بعد (وأيضا المقتضي لا يوجب الإمالة).

(٨) أي : لتخصيص عدم التحتم.

(٩) صورة (الساكن تاليه).

(١٠) أي : ولا وجه أيضا لا شعار المصنف في شرح الكافية بتغاير عدم تحتم الإمالة في الصورة الثانية لعدم التحتم في الصورة الأولي (إذا انكسر) فإن عدم تحتم الإمالة في الصورتين سواء.

(١١) يعني إن المصنف متردد من حيث القواعد في الصورة الثانية في وجوب كف حرف الاستعلاء عن الإمالة وعدمه فمعني (يجوز) في شرح الكافية أي يحتمل أن يمنع ويحتمل أن لا يمنع.

(١٢) والحاصل أن قول المصنف (يجوز أن يمنع وأن لا يمنع) إن كان المراد به عدم وجوب الإمالة فالصورة الأولى أيضا كذلك إذ ليس لنا إمالة واجبة وإن كان مراده أنه يحتمل المنع ويحتمل عدم المنع بمعنى أن


فتأمّل (١).

وكفّ مستعل ورا ينكفّ

بكسر را كغارما لا أجفو

ولا تمل لسبب لم يتّصل

والكفّ قد يوجبه ما ينفصل

(وكفّ) حرف (مستعل و) كفّ (را ينكفّ بكسر را) (٢) فتأتي الإمالة (كغارما لا أجفو (٣) ولا تمل لسبب لم يتّصل) (٤) كلزيد مال (٥) (والكفّ (٦) قد يوجبه ما ينفصل) ككتاب قاسم (٧) ، وخالف ابن عصفور في المسألتين (٨) وقوّاه ابن هشام (٩) رادّا به على

__________________

المصنف متردد فى ذلك فلا بأس لإمكان أن يكون المصنف قاطعا في عدم المانعية في الصورة الأولى وشاكا في الثانية.

(١) قيل في وجهه أنه إشارة إلى إمكان أن يكون مراد المصنف من قوله (يجوز ...) عدم التحتم الاستحساني لا الحقيقي والأمر في ذلك سهل.

(٢) يعني مانعية حرف الاستعلاء وكذا مانعية الراء ترتفع إذا وجد في الكلمة راء مكسورة.

(٣) فوجود الغين وهو حرف استعلاء لا يمنع عن إمالة الألف لوجود راء مكسورة بعدها.

(٤) يعني إن السبب كالكسرد والياء إذا لم يكن متصلا بالألف بأن يكون السبب في كلمة والألف في كلمة أخري فلا تمل الألف.

(٥) بإدغام نون تنوين الدال في الميم فيكون الألف واقعا بعد حرف (الميم) تال لسكون (نون التنوين) تال لكسر (دال زيد) فينبغي أن يمال بألف (مال) لكن لانفصال السبب وهو كسرة الدال عن الألف لكونها في كلمتين لم يمل.

(٦) يعني وأما الكف فليس مثل السبب في عدم تأثيره في المنفصل بل قد يوجب كف حرف مستعل في كلمة عن إمالة ألف في كلمة أخرى.

(٧) فكف القاف في (قاسم) وهو حرف استعلاء عن إمالة ألف (كتاب) وهما منفصلان.

(٨) فاجاز الامالة بسبب منفصل ومنع الكف بحرف في كلمة منفصلة يعني جوز الامالة إذا كان الحرف المستعلي في كلمة والألف في كلمة اخري من دون ان يؤثّر الحرف المستعلي عكس المصنف.

(٩) يعنى إن ابن هشام قوى قول ابن عصفور وأيده وبتقويته قول ابن عصفور رد على المصنف بأنه لا وجه


المصنّف.

أقول : الفرق قوّة المانع (١) ولذا قدّم على المقتضي. وأيضا (٢) فالمقتضي هنا (٣) إذا وجد لا يوجب (٤) الإمالة كما قال في الكافية وشرحها والمانع إذا وجد وجب الكفّ ، فاتّضحت تفرقة المصنّف ، وإتيانه بقد (٥) يشعر بأنّه قد لا يكفّ ، وبه صرّح في شرح الكافية.

وقد أمالوا لتناسب بلا

داع سواه كعماذا وتلا

(وقد أمالوا لتناسب) في رؤوس الآي وغيرها (بلا داع) أي طالب (٦) للإمالة (سواه (٧)

__________________

لإلغاء السبب عن سبيته فى الصورة الأولى كما لا وجه لمانعية المانع فى الصورة الثانة مع وجود المقتضى وانفصال المانع وإذا كان المانع المنفصل مانعا عن إمالة المنفصل فلم لم يؤثر السبب المنفصل في إمالة المنفصل وما الفرق بينهما.

(١) أشار بذلك إلى قاعدة كلية في المقتضي والمانع وهي أنه إذا تعارض المقتضي والمانع في شيء فالمانع متقدم على المقتضي لقوته التأثير كاجتماعهما في أكل الصائم نهارا فأن المقتضي للأكل وهو الجوع موجود لكن وجود المانع وهو الحرمة الشرعية أقوى فيمتنع عن الأكل فمقتضي القاعدة المذكورة في الصورة الأولي السبب لا يؤثر في المنفصل لأنه مقتض والمقتضي ضعيف وأما الصورة الثانية أي الكف فالمانع يؤثر لقوة المانع.

(٢) هذا دليل ثان للفرق بين الصورتين وحاصله أن أسباب الامالة في حد ذاتها ضعيفة عن التأثير وإن لم يوجد مانع لأنها إذا وجدت اقتضت الجواز والرجحان لا الوجوب لأن الامالة جائزة لا واجبة وأما المانع مثل حروف الاستعلاء إذا وجدت فالكف واجب ولا يجوز الإمالة فالمانع هنا أقوي من المقتضي لأن أثره الوجوب وأثر المقتضي هنا الجواز وإن لم يكن أقوي في مورد آخر.

(٣) أي : في الإمالة.

(٤) أي : لا يؤثر الوجوب بل أثره الجواز فقط.

(٥) في قوله : (والكف قد يوجبه ما ينفصل).

(٦) أي : موجب لها كالياء والكسرة.

(٧) أى : سوى التناسب.


كعمادا) أي كألفه الأخيرة ، أميلت لتناسب الألف الّتي قبلها (١) (و) كألف (تلا) في قوله تعالى :

(وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها)(٢) أميلت وإن كان أصلها واوا (٣) لتناسب رؤوس الآي (٤).

ولا تمل ما لم ينل تمكّنا

دون سماع غيرها وغيرنا

(ولا تمل ما (٥) لم ينل تمكّنا) بأن كان مبنيّا (دون سماع) يحفظ نحو «الحجّاج وراء» (٦) ونحوها (٧) من فواتح السّور (غيرها وغيرنا) (٨) فأملهما وإن كانا غير متمكّنين قياسا.

والفتح قبل كسر راء في طرف

أمل كللأيسر مل تكف الكلف

كذا الّذي تليه ها التّأنيث فى

وقف إذا ما كان غير ألف

(والفتح قبل كسر راء في طرف أمل (٩) كـ «للأيسر مل تكف الكلف) أي كسينه (١٠) (كذا) أمل فتح الحرف (الّذي تليه ها التّأنيث في وقف) كرحمة ونعمة. وقوله (إذا ما كان) (١١) في (غير ألف) زيادة توضيح ، إذ معلوم أنّ الألف لا تفتح (١٢).

__________________

(١) وهي الألف التي بعد ميم (عماد) لأنها تستحق الإمالة لكونها واقعة بعد تالي الكسرة لأنها بعد الميم والميم بعد كسرة العين ومر بقوله (أو يلي ـ تالي كسر).

(٢) الشمس ، الآية : ٢.

(٣) لأنه من (التلو) وليس أصلها ياء لتستحق الإمالة.

(٤) لأن قبلها (ضحاها) وبعدها (جليها ويغشاها وبناها).

(٥) (ما) مفعول لـ «لا تمل» أي : لا تمل كلمة غير متمكنة إلا أن يكون مسموعا ومحفوظا من العرب.

(٦) فأمالوا (وراء) مع كونه مبنيا لأنه سمع هذا المثل من العرب بالإمالة.

(٧) أي : نحو (وراء) من فواتح السور مثل (قاف وصاد) فهي مبنية ولكن سمع إمالتها.

(٨) يعني يستثني من إمالة المبني لفظا (هاونا) فأنهما مبنيان لأنهما ضمير ومع ذلك إمالتهما قياسي.

(٩) يعني إذا كان حرف مفتوح قبل راء مكسورة في آخر الكلمة فالفتحة أملها إلى الكسرة تبعا لكسرة الراء.

(١٠) أي : سين (أيسر) في حالة الجر كما في المثال.

(١١) أي : الحرف الذى قبل تاء التأنيث غير ألف مثل فتاة.

(١٢) فلم تكن حاجة إلى القيد.


هذا باب التّصريف

هو ـ كما في شرح الكافية ـ تحويل الكلمة من بنية إلى غيرها لغرض لفظيّ أو معنويّ (١) ، ولكثرة ذلك (٢) أتى بالتّفعيل الدّالّ على المبالغة.

حرف وشبهه من الصّرف بري

وما سواهما بتصريف حري

(حرف وشبهه) وهو (٣) المبنيّ (من الصّرف بريّ) عبّر به (٤) هنا دون التّصريف ، للإشعار بأنّه لا يقبله (٥) بوجه ، بخلاف ما لو أتي به (٦) فإنّه يوهم نفي كثرته والمبالغة فيه دون أصله (وما سواهما) وهو الاسم المتمكّن والفعل الّذي ليس بجامد (٧) (بتصريف

__________________

(١) فالتغيير لغرض لفظي كتغيير (قول وغزو) الفعلين الماضيين إلى قال وغز التحرك الواو وانفتاح ما قبلها فتغيرا لغرض لفظي أي : لقاعدة لفظية ولا أثر له في المعنى.

والتغيير لغرض معنوي كتغيير المفرد إلى التثنية والجمع وتغيير المصدر إلى الفعل والوصف.

(٢) أي : لكثرة التحويل والتغيير في الكلمات أتي بالتفعيل فقال (باب التصريف) ولم يقل باب الصرف لأن من معاني وزن (تفعيل) المبالغة فدل بذلك على كثرة وقوع الصرف.

(٣) أي : شبه الحرف هو المبنى.

(٤) أي : عبر هنا بالصرف ولم يعبر بالتصريف ليفهم أن الحرف وشبهه بريئان من أصل الصرف ولو عبر بالتصريف توهم أنهما بريئان من كثرة الصرف وهو خلاف المقصود.

(٥) أي : بأن الحرف وشبهه لا يقبل الصرف أصلا.

(٦) أي : بالتصريف.

(٧) الفعل الجامد كليس وعسى.


حري) أي حقيق.

وليس أدني من ثلاثي يرى

قابل تصريف سوي ما غيّرا

(وليس أدنى من ثلاثي يري قابل تصريف) (١) إذ لا يكون كذلك (٢) إلّا الحرف وشبهه (٣) (سوى ما غيّرا)

بالحذف ، بأن كان أصله ثلاثة ثمّ حذف بعضه فإنّه يقبله كـ «يد» و «ق» و «بع» (٤).

ومنتهي اسم خمس ان تجرّدا

وإن يزد فيه فما سبعا عدا

(ومنتهى) حروف (اسم خمس إن تجرّدا) من زائد نحو سفرجل ، وأقلّه ثلاثة كرجل وما بينهما أربع كجعفر (وإن يزد فيه فما سبعا عدا) أي جاوز بل جاء على ستّة كانطلاق ، وسبع كاستخراج ، وقد يجاوز سبعا بتاء تأنيث كقز عبلانة ، قال بعضهم وبغيرها كقولهم : كذّبذبان.

وغير آخر الثّلاثي افتح وضمّ

واكسر وزد تسكين ثانيه تعمّ

(وغير آخر الثّلاثيّ) (٥) وهو أوّله وثانيه (افتح وضمّ واكسر) بتوافق وتخالف (٦)

__________________

(١) يعني الكلمة التي أقل من ثلاثة أحرف لا يجري فيها الصرف.

(٢) أي : أقل من ثلاثة.

(٣) كبعض الأسماء المبنية وضعا مثل الضمائر وأسماء الإشارة.

(٤) فإن الأول حذف منه الياء في آخره والثاني حذف منه الواو من أوله والياء من آخره والثالث حذف منه الياء من وسطه.

(٥) من الاسم.

(٦) أي : بتوافق الأول مع الثاني في الحركة واختلافهما.


تبلغ تسعة (١) وهى من جملة أبنيته (٢) نحو فرس وعضد وكبد وعنق وصرد ودئل. وسيأتي (٣) أنّ هذا قليل «إبل ، ضلع» وسيأتي أنّ فعل مهمل (٤) (وزد (٥) تسكين ثانيه) مع فتح أوّله وضمّه وكسره تبلغ ثلاثة ، وهي مع ما تقدّم (تعمّ) أبنيته فلا يخرج عنها شيء نحو فلس برد جذع.

وفعل أهمل والعكس يقلّ

لقصدهم تخصيص فعل بفعل

(وفعل) بكسر الأوّل وضمّ الثّاني (أهمل) لثقل الانتقال من الكسر إلى الضّمّ ، والحبك إن ثبت فمن التّداخل (٦) (والعكس) وهو فعل بضمّ الأوّل وكسر الثّاني (يقلّ) في الأسماء (لقصدهم تخصيص فعل) وهو فعل المفعول (بفعل) (٧) وممّا جاء منه (٨) دئل لدويبة ودئم للأست (٩) ووعل للوعل (١٠).

وافتح وضمّ واكسر الثّاني من

فعل ثلاثي وزد نحو ضمن

__________________

(١) لأن صور التوافق ثلاثة فتحتان وضمتان وكسرتان كفرس وعنق وإبل وصور التخالف ستة فتح الأول وضم الثاني كعضد وفتح الأول مع كسر الثاني ككبد وضم الأول مع فتح الثاني كصرد وضم الأول مع كسر الثاني كدئل وكسر الأول مع فتح الثاني كضلع وكسر الأول مع ضم الثاني كحبك إن ثبت.

(٢) يعني هذه التسعة من جملة أبنية الاسم لا جميع أبنيته لأنها أكثر كما سيأتي.

(٣) بقوله : (والعكس يقل).

(٤) بقوله : (وفعل أهمل).

(٥) أي : زد على الأوزان التسعة هذه الثلاثة.

(٦) أي : الخلط بين القراءة بكسرتين والقراءة بضمّتين ، فالكسرة من الأولي والضمّة من الثانية.

(٧) أي : لأنّ العرب قصدوا اختصاص وزن فعل بالفعل (المجهول) ولهذا قلّ هذا الوزن في الاسم.

(٨) أي : مما سمع من العرب من وزن فعل في لاسم (دئل).

(٩) أي : الدبر.

(١٠) الشاة الجبليّة.


(وافتح وضمّ واكسر الثّاني من فعل ثلاثىّ) مع فتح أوّله نحو ضرب ظرف علم ، وهذه فقط أبنيته الأصلية كما ذكر سيبويه (وزد) في أصوله عند بعضهم (نحو ضمن) بضمّ أوّله وكسر ثانيه والصّحيح أنّه ليس بأصل وإنّما هو مغيّر من فعل الفاعل (١).

وما احتجّ به ذلك البعض من أنّه جاءت أفعال لم ينطق لها بفاعل قطّ (٢) كزهي ولو كان فرعا للزم أن لا يوجد إلّا حيث يوجد الأصل مردود بأنّ العرب قد تستغني بالفرع عن الأصل (٣) ، ألا تري أنّه قد جاءت جموع لم ينطق لها بمفرد (٤) كمذاكير (٥) ونحوه وهي لا شكّ ثوان عن المفردات (٦).

ومنتهاه أربع إن جرّدا

وإن يزد فيه فما ستّا عدا

(ومنتهاه) أي الفعل (أربع إن جرّدا) من زائد كعربد وأقلّه ثلاث (وإن يزد فيه فما ستّا عدا) بل جاء على خمس كانطلق وستّ كاستخرج.

لاسم مجرّد رباع فعلل

وفعلل وفعلل وفعلل

ومع فعلّ فعلل وإن علا

فمع فعلّل حوي فعلللا

(لاسم مجرّد رباع) أوزان هي (فعلل) بفتح الأوّل والثّالث كثعلب (وفعلل)

__________________

(١) فهو فعل مجهول وفرع من المعلوم لا أصل برأسه.

(٢) أي : لم يستعمل الفعل المعلوم منه أبدا مثل (زهي) بمعني تكبّر ، إذ لم يأت منه زهي بفتح الزاء فهو وزن أصيل برأسه ولو كان فرعا من أصل لاستعمل أصله.

(٣) يعني إن عدم وجود الأصل في الاستعمال لا يدل على عدم وجوده المطلق بل يدل على الاستغناء عنه بوجود فرعه الموجود ، فالأصل موجود باقتضاء الوضع وان لم يحتج إليه بوجود فرعه.

(٤) أي : لم يستعمل مفردها.

(٥) للذكر والخصيتين ولم ينطق بمفردها (مذكر) ليكون بمعني أحد الثلاثة.

(٦) أي : لا شكّ أن هذه الجموع فروع عن مفرداتها فأصلية المفرد محفوظ وإن لم يوجد في الكلام.


بكسرهما كزبرج (١) (وفعلل) بكسر الأوّل وفتح الثّالث كقلفع (٢) (وفعلل) بضمّهما كدملج (٣) (ومع فعلّ) بكسر الأوّل وفتح الثّاني وتشديد اللّام كفطحل (٤) (فعلل) بضمّ الأوّل وفتح الثّالث رواه الأخفش والكوفيّون كطحلب (٥).

(فإن علا) الاسم بأن كان خماسيّا (فمع) كونه حاويا لوزن (فعلّل) بفتح الأوّل والثّاني وتشديد اللّام الأولي وفتحها كشقحطب (٦) (حوي فعلللا) بفتح الأوّل والثّالث وكسر الرّابع كقهبلس (٧).

كذا فعلّل وفعللّ وما

غاير للزّيد أو النّقص انتمى

(كذا فعلّل) بضمّ الأوّل وفتح الثّاني وتشديد اللّام الأولي وكسرها من أوزان الخماسيّ كخبعثن (٨) (وفعللّ) بكسر الأوّل وفتح الثّالث وتشديد اللّام الأخيرة كقرطعب (٩).

(وما غاير) ما ذكرناه (١٠) (للزّيد) أي للزّيادة وهما (١١) مصدرا زاد (أو النّقص) أو

__________________

(١) بمعني الزينة.

(٢) الورد إذا شق وظهر سنبلته.

(٣) ما يربط على العضد من حلى.

(٤) قيل هو زمن خروج نوح من السفينة.

(٥) شيء أخضر يعلو الماء خاصة المياه العفنة في الغدران.

(٦) غنم كريه القرن.

(٧) هو الغمام.

(٨) الإبل الضخم.

(٩) بكسر الأول وسكون الثاني وفتح الثالث وسكون الرابع : الشيء الحقير.

(١٠) من أوزان الاسم.

(١١) أي : الزيد والزيادة مصدران لزاد.


نحوه (١) (انتمى) (٢) كعلبط ، أصله علابط ومحرنجم ومنطلق وجخدب (٣).

والحرف إن يلزم فأصل والّذي

لا يلزم الزائد مثل تا احتذي

بضمن فعل قابل الأصول في

وزن وزائد بلفظه اكتفي

(والحرف (٤) إن يلزم) تصاريف الكلمة (٥) (فأصل) كضاد ضرب (٦) (والّذي لا يلزم) هو (الزّائد مثل تا اجتذى) لسقوطها من جذي يجذو جذوة (بضمن فعل) أي بما تضمنه من الحروف وهو الفاء والعين واللّام (قابل) (٧) يا أيّها الصّرفيّ (الأصول في وزن) الكلمة فقابل الأوّل بالفاء والثّاني بالعين والثّالث باللّام وقل : (٨) وزن ضرب فعل ويضرب يفعل.

(وزائد بلفظه اكتفى) (٩) كقولك في مكرم مفعل ، ويستثني المبدل من تاء الافتعال (١٠) كمصطفي فوزنه مفتعل أو المكرّر كما سيأتي (١١).

__________________

(١) أى : نحو النقص كتغيير شكل مثل تغيير جخدب بضم الجيم والدال إلى جخدب بفتح الدال.

(٢) أي : ينتسب الوزن المغاير لما ذكر إلى نقص أو زيادة فهو من الأوزان المذكورة لا أنه وزن آخر مستقل.

(٣) فالأول ناقص ، والثاني والثالث زائد والرابع (جخدب) مغير.

(٤) والمراد به الحرف الذي يعدّ من أجزاء الكلمة لا الحرف مقابل الاسم والفعل.

(٥) أي : إن كان ملازما لجميع صيغ الكلمة فهو من الحروف الأصليّة لها وإن وجد في بعض دون بعض فهو زائد.

(٦) فإنّه ملازم له في المفرد والتثنية والجمع ماضيا أو مضارعا أو أمرا فعلا أو وصفا.

(٧) فعل أمر من المقابلة يعني عليك أن تقابل وتوازن الحروف الأصليّة في كل كلمة مع حروف (فعل) مثلا كلمة (ضرب) تقابله معه وتقول ضاد فاء الفعل وراء عين الفعل وباء لام الفعل.

(٨) هذه مقابلة أخري وهي في شكل الكلمة من ناحية الحركات.

(٩) يعني إذا كان في الكلمة حرف زائد وأردت مقابلته (بفعل) فأت بلفظ الحرف الزائد في مقام المقابلة كما في الميم الزائدة في (مكرم) تأتي بالميم نفسه في المقابل وتقول (مفعل).

(١٠) أي : يستثني من الإتيان بلفظ الزائد الحرف المبدل من تاء الافتعال كالطاء في مصطفي الذي هو بدل عن التاء فلا يؤتي بلفظ الطاء في مقام المقابلة بل تأتي بالتاء فلا تقول مفطعل بل تقول (مفتعل).

(١١) بقوله (وإن يك الزائد ...) كحلتيت فلا يؤتي في الميزان بلفظ التاء بل بلفظ اللام لأنه تكرار له فيقال (فعليل) ولا يقال (فعليت).


وضاعف اللّام إذا أصل بقي

كراء جعفر وقاف فستق

(وضاعف اللّام) في الميزان (إذا أصل) بعد ثلاثة (بقي (١) كراء جعفر) فقل وزنه فعلل (وقاف فستق) (٢) فقل وزنه فعلل.

وإن يك الزّائد ضعف أصل

فاجعل له في الوزن ما للأصل

(وإن يك) الحرف (الزّائد ضعف أصل) (٣) كتاء حلتيت ودال إغدودن (فاجعل له في الوزن ما للأصل) بأن تقابله بحرف من حروف فعل.

واحكم بتأصيل حروف سمسم

ونحوه والخلف في كلملم

(واحكم بتأصيل حروف سمسم ونحوه) (٤) لأنّه لا يصحّ إسقاط شيء منها (والخلف) (٥) ثابت (فى) ما صحّ إسقاطه (كلملم) بكسر الثّالث وكبكب (٦) فالكوفيّون

__________________

(١) يعني إذا رأيت أن أصل الكلمة لا يتمّ بثلاثة حروف من أوّلها مثلا رأيت أن أصل جعفر لا يتمّ بجعف بل الأصل بعد باق ففي ميزان هذه الكلمة كرّر اللام للحرف الرابع فقل جعفر على وزن (فعلل).

(٢) لأن أصله لا يتمّ بفست بدون القاف فقل (فستق على وزن فعلل).

(٣) أي : مماثلا لأحد الحروف الأصلية من الكلمة كحلتيت فأن التاء الأول أصل لأنه لام الكلمة والحرف الزائد وهو التاء الآخر مماثل للحرف الأصلى ، لأنه مماثل للام الكلمة ففي الميزان يؤتي باللام بدل الزائد فيقال (حلتيت على وزن فعليل) لا فعليت وكذا (اغدودن) فإن الدال الأول أصل وهو عين الكلمة فالدال الثاني الزائد يؤتي مقابله في الميزان عين كالدال الأصلي ولا يؤتي بالدال نفسه فيقال في الميزان (افعوعل) لا افعودل وإن كان الدال زائدا.

(٤) من كل رباعي بني من حرفين مكررين كصرصر وجعجع فجميع حروفها أصلية ولا يمكن الحكم بزيادة حرف منها إذ لو نقص منها حرف بقي مهملا بلا معنى.

(٥) أي : الاختلاف بين النحاة ثابت فيما إذا صحّ في رباعي مضاعف اسقاط شيء منه.

(٦) لصحّة حذف اللام الثاني من لملم فيقال (لمّ) بتشديد الميم فأنه بمعني الجمع وصحّة إسقاط الكاف الثاني من كبكب فيقال (كب) وهو بمعني الصبّ.


الثّالث زائد مبدل من حرف مماثل للثّاني ، (١) والزّجاج زائد غير مبدل ، وبقيّة البصريّين أصل.

هذا وحروف الزّيادة عشرة جمعها النّاظم أربع مرّات في بيت ، وهو :

هناء وتسليم تلا يوم أنسه

نهاية مسؤول أمان وتسهيل (٢)

فألف أكثر من أصلين

صاحب زائد بغير مين

واليا كذا والواو إن لم يقعا

كما هما في يؤيؤ ووعوعا

(فألف أكثر من أصلين صاحب زائد بغير مين) (٣) كألف حاجب (٤) بخلاف ألف قال (٥).

(واليا كذا والواو) يكونان زائدين إذا صحبا أكثر من أصلين (إن لم يقعا) مكرّرين ولم يصدّر الواو مطلقا (٦) ولا الياء قبل أربعة أصول في غير المضارع (٧) نحو صيرف وقضيب وعجوز وجوهر ، (٨) فإن لم يصحبا أكثر من أصلين كبيت وسوط أو وقعا

__________________

(١) يعني إن اللام الثاني في (لملم) كان في الأصل ميما فاللام بدل عن الميم والكاف الثاني في (كبكب) أصله الباء والكاف بدل عنه فأصلهما (لمّم) و (كبّب) بتشديد الميم الأول والباء الأول فحذرا من توالى حروف مماثلة أبدلوا الميم باللام والباء بالكاف فصار لملم وكبكب.

(٢) والمرات الأربعة هكذا بين قوسين (هناء وتسليم) (تلا يوم أنسه) نهاية مسئول (أمان وتسهيل).

(٣) يعني إذا وقع الألف في كلمة وكان مع الألف في تلك الكلمة أكثر من حرفين أصليين بأن كانت ثلاثة أو أكثر فالألف زائدة وتقدير البيت هكذا (فألف صاحب أكثر من حرفين زائد).

(٤) لأنه صاحب ثلاث حروف أصلية الحاء والجيم والباء.

(٥) لأنه صاحب حرفين القاف واللام.

(٦) فإذا وقع الواو في الصدر لا يكون زائدا سواء كان قبل أربعة أحرف أو أقلّ.

(٧) يعني إذا وقع الياء في الصدر قبل أربعة أحرف أصول فلا يكون زائدا إلّا في المضارع إذا صدر أربعة أصول كيد حرج فيكون زائدا.

(٨) فالأمثلة الأربعة كلّها واجدة لشرائط الزيادة وأنما كرر المثال للإشعار بأن الياء الزائدة قد تقع بين الفاء و


مكرّرين (كما هما (١) في يؤيؤ) لطائر (ووعوعا) بمعنى صوّت ، أو تصدّر الواو كورنتل أو الياء قبل أربعة أصول كيستعور (٢) فأصلان (٣).

وهكذا همز وميم سبقا

ثلاثة تأصيلها تحقّقا

(وهكذا همز وميم) يكونان زائدين ، إن (سبقا ثلاثة) فقطّ (تأصيلها تحقّقا) (٤) كأصبع ومجذع ، فإن لم يسبقا أو سبقا أربعة أو ثلاثة لم يتحقّق أصالتها فأصلان. (٥)

كذاك همز آخر بعد ألف

أكثر من حرفين لفظها ردف

والنّون في الآخر كالهمز وفي

نحو غضنفر أصالة كفي

(كذاك همز آخر) يكون زائدا إذا وقع (بعد ألف أكثر من حرفين) أصلين (لفظها ردف) (٦) كحمراء وعلباء ، فإن وقع بعد ألف قبلها أصلان فقط كسماء فأصل.

__________________

العين كالأول وقد تقع بين العين واللام كالثاني والواو الزائدة أيضا كذلك كما في الأخيرين.

(١) أي : كالواو والياء في المثالين.

(٢) فإنه على وزن فعللول فالسين والتاء والعين والراء كلها أصليّة والياء صدر هذه الأربعة الأصول فهو أصل وليس بزائد.

(٣) أي : فالواو والياء في هذه الموارد أصلان وليسا زائدين.

(٤) أي : يكون أصليتها ثابتة.

(٥) فمثال عدم السبق نحو (كتأبيل) كخزعبيل اسم موضع باليمن و (ضرغام) اسم للأسد ولسبق أربعة فصاعدا نحو (مرزجوش) بقلة طيّبة الرايحة و (اصطبل) مربط الحيوانات وللسبق على ثلاثة لم يتحقّق أصالتها نحو (أفكل) للرعشة ، للجهل باصالة حروفه الثلاثة بعد الهمزة ، اذ لا يعلم أنّه على أفعل فتكون الثلاثة أصلية أو فعكل فتكون الكاف زائدة و (مهيد) على فعيل علما لشخص ، إذ لا يعلم أنه (فعيل) فتكون الياء زائدة أو اسم مفعول من (هاد) فتكون الثلاثة أصلية. ففي هذه الموارد الثلاثة تكون الهمزة والميم أصليين ولا زائدين.

(٦) يعني الهمزة تكون زائدة إذا وقعت بعد ألف ، والألف كان واقعا بعد أكثر من حرفين أصلين فهمزة


(والنّون في الآخر كالهمز) فيكون زائدا إذا وقع بعد ألف قبلها أكثر من أصلين كندمان بخلاف رهان وهجان.

(و) النّون إذا كان ساكنا (في) الوسط (١) (نحو غضنفر) للأسد (أصالة كفي) وأعطي زيادة ، (٢) بخلاف ما إذا كان متحرّكا نحو غرنيق (٣) أولا في الوسط نحو عنبر (٤).

والتّاء في التّأنيث والمضارعة

ونحو الاستفعال والمطاوعة

والهاء وقفا كلمة ولم ترة

واللّام في الإشارة المشتهرة

(والتّاء) تكون زائدة (في التّأنيث) كمسلمة (والمضارعة) كتضرب (ونحو الاستفعال) والتّفعيل وما صرّف منهما كاستخراج وتسنيم (والمطاوعة) كالتّعلّم والتّدحرج والاجتماع والتّباعد وما صرّف منها.

تتمة : تكون السّين زائدة في الاستفعال (والهاء) تكون زائدة (وقفا) في [ما] الاستفهاميّة المجرورة (كلمة) و «جئت مجىء مه (٥)» (و) الفعل المجزوم نحو (لم تره) ولم يقضه وفي الأمّهات والإهراق (٦) (واللّام) تكون زائدة (في الإشارة المشتهرة)

__________________

(حمراء) زائدة لوقوعها بعد ألف والألف بعد ثلاثة حروف أصلية.

(١) أي : الوسط الحقيقي بأن يكون قبله حرفان وبعده حرفان كما في غضنفر.

(٢) هذه العبارة من الشارح تكميل لمعني (كفي) وكفي بمفعولين الأول نائب الفاعل وهو ضمير النون والثاني أصالة فمعني البيت أن النون إذا كان في الوسط فهو كاف لتكميل الحروف الأصلية للكلمة ، إذ لا اقلّ من احتفافه بحرفين ومعه تكون ثلاثة ، والثلاثة كاف لحروف الأصول ، فيستحق هذه الكلمة أن يعطي حرفا زائدا لاستكماله من ناحية الأصول.

(٣) طائر من طيور الماء طويل العنق.

(٤) نونه أصليّة لعدم وقوعه في الوسط الحقيقي.

(٥) هذا مثال لجرّ (ما) بالإضافة.

(٦) أصل الأمهات أماّت جمع أم ، والهاء زائدة وأصل أهراق أراق وهائه زائدة.


نحو ذلك وتلك وهنالك وفي طيسل (١).

وامنع زيادة بلا قيد ثبت

إن لم تبيّن حجّة كحظلت

(وامنع) يا أيّها الصّرفي (زيادة بلا قيد ثبت) (٢) كما بيّناه (إن لم تبيّن حجّة) على زيادته من اشتقاق (٣) ، فإن بيّنت قبلت فيحكم بزيادة نونّي «حنظل وسنبل» لسقوطهما (٤) (كحظلت) الإبل وأسبل الزّرع وهمزتي «شمأل وإحبنطأ» وميمي «دلامص وابنم» وتائي «ملكوت وعفريت» وسيني «قدموس واستطاع (٥)» لسقوطها في «الشّمول والحبط والدلاصة والبنوّة والملك والعفر والقدم والطّاعة».

__________________

(١) كجعفر بمعني الرمل الكثير والماء الكثير لازمه زائدة ، لأن (طيس) بغير لام أيضا بهذا المعنى.

(٢) يعني لا يصحّ أن يقع هذه الحروف زائدة من دون وجود الشروط المذكورة في زيادتها.

(٣) من بيانية أي : ما لم يقم دليل على زيادتها والدليل لذلك أن يشتقّ منه صيغة فاقدة لذلك الحرف فيكشف ذلك عن زيادته.

(٤) أى : لأن نونيهما سقطا في حظلت وأسبل الزرع المشتقين من (حنظل وسنبل).

(٥) يعني هذه الحروف أيضا زائدة في هذه الكلمات لأنها سقطت في الكلمات المشتقة منها فشمأل مشتق من (شمول) وهو فاقد للهمزة وهكذا باقي الأمثلة.


فصل في زيادة همزة الوصل

للوصل همز سابق لا يثبت

إلّا إذا ابتدي به كاستثبتوا

وهو لفعل ماض احتوي على

أكثر من أربعة نحو انجلى

والأمر والمصدر منه وكذا

أمر الثّلاثي كاخش وامض وانفذا

(للوصل همز سابق (١) لا يثبت إلّا إذا ابتدي به) لأنّه جيء به لذلك (٢) (كاستثبتوا وهو) لا يكون للمضارع مطلقا (٣) ولا لماض ثلاثيّ ولا رباعيّ بل (لفعل ماض احتوي على أكثر من أربعة نحو انجلى) واستخرج (والأمر والمصدر منه) (٤) نحو انجل واستخرج وانجلاء وإستخراجا (وكذا أمر الثّلاثي كاخش وامض وانفذا) (٥).

وفي اسم است ابن ابنم سمع

واثنين وامري وتأنيث تبع

وايمن همز أل كذا ويبدل

مدّا في الاستفهام أو يسهّل

(و) هو (في اسم) و (أست) وهو العجز و (ابن) و (ابنم) وهو ابن زيدت عليه

__________________

(١) أي : في أول الكلمة.

(٢) أي : لأنه جىء به ، لأن يثبت ويتلفظ به وذلك لسكون الحرف الذي بعده وعدم إمكان الابتداء بالساكن فثبوته في الابتداء ضروريّ.

(٣) ثلاثيا كان أو رباعيا مجردا أو مزيدا لضرورة تصدر المضارع بحروف (أتين).

(٤) أي : مما احتوي على أكثر من أربع يعني الأمر والمصدر من المزيد.

(٥) مثل بثلاث أمثلة ليدل على أن همزة الوصل تكون في الأمر من الثلاثي سواء كان مكسور العين أو مفتوحه أو مضمومه.


ميم (سمع) فحفظ (١) ولم يقس عليه (و) سمع أيضا في (اثنين وامري وتأنيث) لهذه الثّلاثة (تبع) وهو ابنة واثنتان وامرأة (و) في (أيمن) في القسم. قال ابن هشام : وينبغي أن يعدّوا «أل» الموصولة و «أيم» لغة في «أيمن» (٢) ، فإن قالوا (٣) هي أيمن فحذفت اللّام ، قلنا في جوابهم و «ابنم» هو «ابن» فزيدت الميم. قلت : وعلى هذا (٤) ينبغي أن يعدّوا أيضا «أم» لغة فيه فاعلم. (همز أل) المعرفة (كذا) أي وصل ، وهذا اختيار لمذهب سيبويه ، والخليل يقول إنّه قطع كما تقدّم في بابه (٥) مبيّنا ويخالف همزتها ما قبله (٦) في أنّه (يبدل مدّا في الاستفهام) نحو (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ)(٧) الأنعام ـ ١٤٣ (أو يسهّل) (٨) نحو :

أألحقّ إن دار الرباب تباعدت

أو انبتّ حبل أنّ قلبك طائر (٩)

__________________

(١) أي : فقيل وجوده في هذه الكلمات لصدوره من أهل اللسان ، ولكن لا يقاس عليه.

(٢) يعني قال ابن هشام أنه كان ينبغي أن يعدوا من جملة ما فيه همزة الوصل (أل الموصولة وأيم الذي هو لغة في أيمن) لأن همزتهما أيضا همزة وصل ، فهذا غفلة من القوم.

(٣) يعني أن قالوا في مقام رفع الإشكال (إشكال عدم ذكر أيم في كلامهم) أن أيم ليس لفظا مستقلا ، بل هو أيمن بحذف النون منه فلا حاجة إلى ذكره.

(٤) يعني بناء على عدّ اللغاة الشاذة في عداد الألفاظ المشهورة كما فعله ابن هشام فينبغي أن يعدوا (أم) الذي هو لغة في (أل) أيضا في عدادها وهذا الكلام من الشارح إمّا ايراد على ابن هشام أو تأييده له.

(٥) أي : في باب (المعرف بأداة التعريف) بقوله (أل حرف تعريف أو اللام فقط) وقوله مبينا أي : مفصّلا وموضّحا.

(٦) يعني يخالف همزة أل المعرفة همزة الكلمات التي ذكرت قبله مما فيه همزة الوصل في أن همزة تلك الكلمات لا تنقلب ألفا أبدا ولا تسهّل وأما همزة أل المعرفة فتنقلب ألفا إذا تقدم عليه همزة الاستفهام أو تسهّل.

(٧) فإن الأصل (أألذكرين).

(٨) التسهيل هنا هو التلفظ بالهمزة بصوت بين الهمزة والألف.

(٩) يعني هل ينبغي أن بعدت دار رباب أو انقطع حبل مودّها أن يطير قلبك فتموت شوقا اليها. الشاهد في تسهيل الهمزة الثانية في (أألحق) لوقوفها بعد همزة الاستفهام.


هذا باب الابدال

أحرف الإبدال هدأت موطيا

فأبدل الهمزة من واو ويا

آخرا اثر ألف زيد وفي

فاعل ما أعلّ عينا ذا اقتفي

(أحرف الإبدال) عدّها في التّسهيل ثمانية وزاد هنا الهاء ، وتقدّم أنّها بدل من التّاء (١) في الوقف على نحو «رحمة ونعمة» فصارت تسعة يجمعها قولك : (هدأت موطيا).

(فأبدل الهمزة) أي خذها بدلا (من واو و) من (ياء) حال كون كلّ منهما (آخرا إثر ألف زيد) (٢) نحو رداء وكساء (٣) بخلاف «تعاون وتباين» لعدم تطرّفهما (٤) ونحو «غزو وظبي» لعدم تلوهما الألف ، ونحو «واو وواي» لأصالة الألف (٥).

(وفي) اسم (فاعل ما) أي فعل (أعلّ عينا ذا) أي إبدال الهمزة من ياء ومن واو

__________________

(١) فليس حرفا آخر.

(٢) يعني إذا وقع واو أو ياء آخر الكلمة وكان قبلهما ألف زائدة فأبد لهما ألفا فهنا ثلاث شروط :

(الأول) : وقوعهما آخر الكلمة.

(الثانى) : أن يكونا بعد ألف.

(الثالث) : أن يكون الألف زائدة.

(٣) أصلهما (رداو) و (كساي).

(٤) أي : لعدم كون الواو والياء في آخر الكلمة.

(٥) أي : لأن الألف فيهما أصلي وليس زائدا والشرط زيادته و (واو) اسم للحرف و (واي) اسم لمفازة.


(اقتفي) كبائع وقائم ، (١) بخلاف ما لم تعلّ عينه (٢) وإن اعتلّت (٣) نحو عين فهو عاين وعور فهو عاور ، والإعلال إعطاء الكلمة حكمها (٤) من حذف وقلب ونحو ذلك ، والاعتلال كونها حرف علّة.

والمدّ زيد ثالثا في الواحد

همزا يري في مثل كالقلائد

(والمدّ) الّذي (زيد ثالثا في الواحد (٥) همزا يرى) بالإبدال (فى) جمعه على مفاعل (مثل كالقلائد) والصّحائف والعجائز ، (٦) بخلاف الّذي لم يزد نحو مفازة ومفاوز ومسيرة ومساير ومثوبة ومثاوب (٧).

كذاك ثاني ليّنين اكتنفا

مدّ مفاعل كجمع نيّفا

(كذاك) يبدل همزا (ثاني) حرفين (ليّنين اكتنفا مدّ مفاعل) أي وقع أحدهما قبله والآخر بعده وتوسّطهما (كجمع) شخص (٨) (نيّفا) على «نيائف» و «أوّل» على «أوائل» و «سيّد» على «سيائد» ، (٩) بخلاف نحو «طواويس» ، (١٠) وقدّرت فاعل جمع المحذوف

__________________

(١) لأن أصل فعلهما (بيع وقوم) فاعل عينهما ألفا.

(٢) أي : بخلاف ما لم يجر الإعلال في عينه ، أي : لم يغيّر عينه وبقي على حاله.

(٣) أي : وإن كان عينه حرف علة.

(٤) أي : إجراء قواعد الصرف عليها.

(٥) يعني إذا كان الحرف الثالث من المفرد حرف مدّ وهو الألف والواو والياء ، وكان زائدا لا أصليا فإذا جمعته على (مفاعل) أبدل ذلك المدّ همزة.

(٦) فإن الألف في قلادة والياء في صحيفة والواو في عجوز ثالث حروف الكلمة وزائد لأنّ الحروف الأصلية منها (قلد وصحف وعجز).

(٧) فإن أصولها (فوز وسير وثوب) فالمدّ فيها أصلي.

(٨) أي : مثل أن يجمع شخص كلمة نيّف على نيائف فجمع هنا بمعناه المصدرى.

(٩) وأصلها نيايف وأوايل وسيايد.

(١٠) لأنه على (مفاعيل) وشرط أن يكون على مفاعل بقوله (مدّ مفاعل).


المنويّ (١) بشخص تبعا للكافية.

وافتح وردّ الهمز يا فيما أعلّ

لاما وفي مثل هراوة جعل

واوا وهمزا أوّل الواوين ردّ

في بدء غير شبه ووفي الأشدّ

(وافتح وردّ الهمز) المبدل (٢) من ثاني اللّينين المكتنفين مدّ مفاعل (يا فيما أعلّ لاما) المبدل (٣) منه كقضيّة وقضايا أصلها قضائي فأبدلت الهمزة ياء مفتوحة فانقلبت الياء المتطرّفة ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها.

(و) الهمز (في مثل هراوة) (٤) إذا جمع (جعل واوا) لأنّه حينئذ (٥) يصير «هرائي» ، فتفتح الهمزة للاستثقال (٦) فتقلب الياء ألفا لما سبق (٧) فيصير هراءا (٨) فيكره اجتماع

__________________

(١) أي : الفاعل المقدر قدّرتها بشخص تبعا للكافية والّا لأمكن أن يجعل (جمع) اسما ويضاف إلى نيّفا ويجعل الألف أطلاقا للضرورة.

(٢) أي : الهمز الذي هو بدل من ثاني اللينين حسب القاعدة السابقة بقوله (كذاك ثاني لينين ...).

(٣) يعني الهمزة التي كانت بدلا عن ياء حسب البيت السابق ردّها في خصوص معتل اللام إلى الياء.

وهذه القاعدة تنطبق على نحو (قويّة) إذا جمعت على مفاعل فتكون قوائي لأنّ المدّين في هذا المثال وهما الواو والياء مكتنفان بألف مفاعل فحسب هذه القاعدة تردّ الهمزة ياء مفتوحة فتنقلب الياء الأخيرة ألفا فتصير قوايا وكذا نحو (حوايا) جمع حوّية ، وأما تمثيله بنحو (قضيّة وقضايا) فهو توسعة في القاعدة أي إشعار بأنّ رد الهمزة ياء لا ينحصر بالمبدل من ثاني مكتنفين بل يشمل المبدل من لين بعد مدّ مفاعل مطلقا وإن لم يكن قبله لين كما في (قضية) فإن مد المفاعل فيها غير مكتنف بلينين لعدم لين قبله.

(٤) العصا الضخمة كهراوة الفاس والمعول ، أي : يدتهما.

(٥) أي : لأن جمع هراوة حينما تجمع على مفاعل يصير هرائى حسب القاعدة التي مضت في نحو قلائد جمع قلادة.

(٦) أي : لثقل كسرة بعدها ياء.

(٧) في (قضائي) أي : لتحركها وانفتاح ما قبلها.

(٨) براء وألف وهمزة وألف.


الأمثال (١) ففعل به ما ذكر (٢) وقيل (٣) هراوي.

(وهمزا أوّل الواوين ردّ) (٤) إذا كانا متواليين (في بدء) كلمة (غير شبه ووفي الأشدّ) (٥) كأواصل (٦) بخلاف ما إذا كانا في بدء شبه ووفى ، وهو كلّ ما ثاني واويه منقلب عن ألف فاعل (٧) إذ أصله وافي فلا يردّ همزا.

ومدّا أبدل ثاني الهمزين من

كلمة أن يسكن كآثر وائتمن

فصل : (ومدّا أبدل ثاني الهمزين من كلمة إن يسكن) ذلك الهمز ثمّ المدّ يكون من جنس الحركة الّتي قبله (٨) (كآثر) أصله أأثرو (أوتمن) بضمّ التّاء أصله ائتمن وإيثار أصله إئثار.

وقيّد الهمز بالسّكون لأنّ في غيره (٩) تفصيلا أشار إليه بقوله :

إن يفتح إثر ضمّ أو فتح قلب

واوا وياء إثر كسر ينقلب

(إن يفتح) ثاني الهمزين وكان (إثر) همز ذي (ضمّ أو فتح قلب واوا) (١٠) كأواخذ

__________________

(١) ألف وهمزة وألف ، لأن الهمزة بحكم الألف فاجتمع ثلاث أمثال.

(٢) أي : جعل همزته واوا.

(٣) أي : فصار هراوي بألف وواو وألف.

(٤) يعني إذا اجتمع واوان أول كلمة وكانا متواليين بأن لم يفصل بينهما حرف فأبدل أولهما همزة فقل في (وواصل) أواصل بشرط أن لا يكون الواو الثاني بدلا عن ألف المفاعلة.

(٥) أى : في غير المجهول الماضى من المفاعلة.

(٦) أصله (وواصل) جمع واصلة كضوارب جمع ضاربة.

(٧) (فاعل) ماض من المفاعلة فإن (ووفي) مجهول وافي كضورب مجهول ضارب.

(٨) أي : يكون المدّ من جنس حركة الهمزة الأولي فإن كانت الأولي مفتوحة فالمد ألف أو مضمومة فواو أو مكسورة فياء.

(٩) أي : في غير الساكن وهو المتحرك.

(١٠) يعني أن كانت الهمزة الثانية مفتوحة والأولي مضمومة أو مفتوحة قلبت الثانية واوا وأن كانت الثانية


أصله «أأخذ» و «أوادم» جمع «آدم» أصله «اأدم» (وياء) إن كان المفتوح (إثر) ذي (كسر ينقلب) كإيمّ (١) مثال «إصبع» من الأمّ (٢) أصله «إئمم» ، فنقلت فتحة الميم الأولي إلى الهمزة توصّلا للإدغام (٣) ثمّ أبدلت الهمزة ياء والهمز

ذو الكسر مطلقا كذا وما يضمّ

واوا أصر ما لم يكن لفظا أتمّ

فذاك ياء مطلقا جا وأؤمّ

ونحوه وجهين في ثانية أمّ

(ذو الكسر مطلقا) سواء كان إثر ضمّ أو فتح أو كسر (كذا) أي ينقلب ياء كأينّه (٤) أي أجعله يئنّ وأيمّه (٥) وإيمّ مثال إثمد (٦) من الأمّ.

(وما يضمّ) من ثاني الهمزتين (واوا أصر) مطلقا (٧) (ما) دام (لم يكن لفظا أتمّ) (٨) بأن لم يكن في آخر الكلمة كأوّم (٩) مثال أبلم من الأمّ (١٠) وأوبّ جمع أبّ (١١) وإومّ مثال إصبع (١٢)

__________________

مفتوحة والأولي مكسورة تنقلب الثانية ياء.

(١) أمر من أمّ يأمّ أي : اقصد.

(٢) بفتح الهمزة مصدر بمعني القصد.

(٣) أي : نقلت حركة الميم ليسكن ويصح إدغامه في الميم الثاني إذ لو لم يسكن الأول لم يدغم في الثاني.

(٤) متكلم وحده من باب الإفعال.

(٥) أصله أئمّة جمع إمام قلبت الهمزة المكسورة ياء فصار أيمّة.

(٦) يعني إن أصله (أأمم) على وزن أضرب ثم نقل حركة الميم الأول إلى الهمزة الثانية للإدغام ثم قلبت الهمزة المكسورة ياء وهو أمر من أمّ يأمّ على ضرب يضرب أمّا أي : قصدا.

(٧) أي : سواء كانت الأولي مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة.

(٨) أي : بشرط أن لا تكون الهمزة متمّا للفظ أي : لا يكون آخر الكلمة.

(٩) أصله أومم كانصر أمر من أمّ يئمّ كنصر ينصر.

(١٠) بفتح الهمزة هو القصد فيأتي عين مضارعه بالحركات الثلاث.

(١١) بتشديد الباء بمعني المرعى.

(١٢) لم أعثر على معني لإوم بكسر الهمزة وضم الواو والظاهر أنه مثال فرضي لتفهيم القاعدة.


بضمّ الباء من الأمّ ، فإن كان أتمّ اللّفظ (فذاك ياء مطلقا) (١) سواء كان إثر ضمّ أو فتح أم كسر ، وكذا سكون (جاء) كالقرئي والقرئي والقرئي وقرئي أمثلة (٢) برثن وجعفر وزبرج وقمطر من القراء ، (٣) والياء في الأخير سالمة (٤) لسكون ما قبلها ، (٥) وفي الثّالث ساكنة لأنّها كياء قاض ، (٦) وفي الثّاني مقلوبة ألفا ، (٧) وفي الأوّل (٨) فعل بها ما فعل بأيد من تسكينها وإبدال الضّمّة قبلها كسرة (٩) (وأؤمّ ونحوه) وهو كلّ ذي همزين : الأوّل مفتوح والثّاني مضموم (وجهين) للقلب والتّصحيح (١٠) (في ثانيه أمّ) أي أقصد.

وياء اقلب ألفا كسرا تلا

أو ياء تصغير بواو ذا افعلا

في آخر أو قبل تاء التّأنيث أو

زيادتي فعلان ذا أيضا رأوا

في مصدر المعتلّ عينا والفعل

منه صحيح غالبا نحو الحول

فصل : (وياء اقلب ألفا كسرا تلا) (١١) كمصباح ومصابيح ومصيبيح (أو) تلا (ياء

__________________

(١) فذاك يعني الهمز المتم أي : الواقع آخر الكلمة ياء سواء فتح ما قبله أو ضمّ أم كسر.

(٢) المراد أنها أمثلة لوزنها الأصلي لا الفعلي كما سيجيء من إعلال كل واحدة منها وتغييرها إلا في الأخيرة كما سيأتي.

(٣) بمعني طلب الضيافة.

(٤) أي : سالمة من القلب والحذف والسكون فهو باق على وزن قمطر.

(٥) فإن القلب أو السكون الذي يأتي في البقيّة أنما هو من أجل حركة ما قبل الياء كما ستعلم ولئلّا يلتقي الساكنان.

(٦) في سكون ما قبل الياء والمراد هو القاضي المعرف باللام لا الخالي عنها.

(٧) لتحرّكها وانفتاح ما قبلها.

(٨) الذي كبرثن المضموم ما قبل آخره.

(٩) بمناسبة الياء.

(١٠) أي : يجوز قلب الثاني واوا ويجوز إبقائه على حاله.

(١١) أي : الألف المكسور قبله أقلبه ياء.


تصغير) كغزال وغزيّل (١) (بواو ذا) أي القلب ياء (افعلا) (٢) إن كانت (في آخر) بعد كسر كرضي أصله رضو إذ هو من الرّضوان بخلاف الواقعة وسطا كعوض (أو) كانت (قبل تاء التّأنيث) كشجية أصله شجوة إذ هو من الشّجو (أو) كانت قبل (زيادتي فعلان) وهما الألف والنّون كغزيان مثل قطران من الغزو (٣) (ذا) أي قلب الواو ياء (أيضا رأوا) مجيئه (في مصدر) الفعل (المعتلّ عينا (٤) الموزون بفعال كصام صياما ، (٥) بخلاف المصحّح وإن كان معتلّا (٦) كـ «لاوذ لواذا» والموزون بغير فعال (٧) كما قال :

(والفعل منه) أي ومن المعتلّ عينا (صحيح غالبا (٨) نحو الحول) مصدر حال

وجمع ذي عين أعلّ أو سكن

فاحكم بذا الإعلال فيه حيث عنّ

وصحّحوا فعلة وفي فعل

وجهان والإعلال أولي كالحيل

(وجمع) اسم (ذي عين أعلّ أو سكن) وتلاه ألف (٩) (فاحكم بذا الإعلال) أي قلب الواو ياء (فيه حيث عنّ) نحو دار وديار وثوب وثياب (١٠) بخلاف ذي العين

__________________

(١) بتضعيف الياء أولهما ياء التصغير وثانيهما بدل الألف.

(٢) أي : أفعل بالواو والمتأخر ما فعلت بالألف المكسور قبلها والتالي ياء التصغير فأقلب الواو المتأخر أيضا ياء بشرط أن يكون ما قبله مكسورا.

(٣) فأصل غزيان (عزوان) قلب الواو ياء لوقوعه قبل الألف والنون.

(٤) أي : المصدر الذي أجري الإعلال على عينه أي : تغيّر.

(٥) فإن أصله صوام أجري الإعلال على عينه وهو الواو فصار ياء بمناسبة الكسرة ما قبله.

(٦) أي : بخلاف ما لم يتغيّر عينه وأن كان العين حرف علة.

(٧) أي : المصدر الذي على غير وزن فعال.

(٨) أي : لا ينقلب واوه ياء غالبا.

(٩) يعني الجمع الذي أجري الإعلال على عين مفرده أو كان عينه واوا ساكنا بعده ألف في الجمع فأقلب واوهما في الجمع ياء.

(١٠) فمفرد الأول (دار) أجري عليه الاعلال ، لأنّ أصله (دور) ففي جمعه يقلب الواو ياء (ديار) ومفرد الثاني


المصحّح كطويل وطوال (١) والسّاكن الّذي لم يتله في الجمع ألف كما قال : (وصحّحوا فعلة) فقالوا كوز وكوزة (وفي فعل وجهان) : الإعلال والتّصحيح (والإعلال أولي كالحيل) جمع حيلة ، (٢) ومن التّصحيح حاجة وحوج (٣).

والواو لاما بعد فتح يا انقلب

كالمعطيان يرضيان ووجب

إبدال واو بعد ضمّ من ألف

ويا كموقن بذا لها اعترف

(والواو) إن كان (لاما) رابعا فصاعدا واقعا (بعد فتح (٤) يا انقلب كالمعطيان) أصله المعطوان وكذا (يرضيان) أصله يرضوان.

(ووجب إبدال واو بعد ضمّ) أي أخذها بدلا (من ألف) كبويع (٥) (وياء) ساكنة مفردة (٦) في غير جمع (٧) (كموقن بذا) أي القلب واوا (لها اعترف) كمثال المصنّف ، إذ أصله ميقن لأنّه من اليقين بخلاف المحرّكة كهيام والمدغمة كحيّض وكائنة في جمع لكن لها حكم آخر ، وهو قلب الضّمّة قبلها كسرة (٨) كما قال :

__________________

(ثوب) عينه واو ساكن وبعده ألف پفي الجمع (ثواب) فيقلب واوه ياء (ثياب).

(١) فإنّ الواو في مفرده لم يعلّ أي : لم يغير.

(٢) فإن أصلها حولة أعلّ فصار حيلة.

(٣) لإن أصل (حاجة) حوجة فلم ينقلب واوه في الجمع (حوج).

(٤) فهنا ثلاث شروط :

الأول : أن يكون الواو لام الكلمة.

الثانى : أن يقع رابعا فصاعدا.

الثالث : أن يكون بعد فتح.

(٥) مجهول (بايع) فلما أرادوا بناء المجهول ضم بائه فقلب الألف واو الضم ما قبله.

(٦) أي : غير مدغمة.

(٧) أي : بأن يكون الياء في غير الجمع فموقن مثلا لا يوجد ياء في جمعه (موقنين أو موقنات) بل في مفرد مثل (يقين وإيقان).

(٨) لا قلب الياء واوا.


ويكسر المضموم في جمع كما

يقال هيم عند جمع أهيما

وواوا إثر الضّمّ ردّ اليامتى

ألفي لام فعل أو من قبل تا

كتاءبان من رمي كمقدرة

كذا إذا كسبعان صيّرة

(ويكسر المضموم) قبل الياء السّاكنة (في جمع (١) كما يقال هيم عند جمع أهيما).

(وواوا إثر الضّمّ ردّ اليا متى ألفي لام فعل) (٢) كنهو الرّجل (٣) إذا كمل نهيه أي عقله أصله نهيّ (أو) ألفيّ [الياء] لام اسم (من قبل تاء) التّأنيث (كتاء بان من رمي كمقدرة) (٤) فإنّه يقول مرموة والأصل مرمية.

(كذا) يردّ الياء واوا لوقوعها إثر ضمّ (٥) (إذا) الباني (كسبعان) بضمّ الباء (صيّره) أي بناه من رمى (٦) فإنّه يقول رموان والأصل رميان.

وإن تكن عينا لفعلي وصفا

فذاك بالوجهين عنهم يلفى

(وإن تكن) الياء (عينا لفعلى) بضمّ الفاء حال كونها (وصفا فذاك بالوجهين) :

__________________

(١) يعني إذا وقع حرف مضموم قبل ياء ساكنة في الجمع كسر الحرف المضموم قبل الياء نحو (هيم) جمع أهيم فأن الأصل (هيم) بضم الهاء كحمر جمع أحمر ثم انكسر الهاء بمناسبة الياء و (الأهيم) المصاب بداء الهيام أي : شدة العطش.

(٢) تقدير البيت هكذا (ورد الياء واوا بعد ضم متي ألفي الياء لام الفعل) يعني إذا وجدت لام الفعل ياء قبله ضمة فرده إلى الواو.

(٣) مرّ في باب فعل المدح أن (فعل) مضموم العين يؤتي به للمدح بقوله (واجعل فعلا عن ذي ثلاثة كنعم مسجلا).

(٤) أى : كتاء من صيغة بناء بأن من مادّة (رمى) على وزن مقدرة فتكون (مرموة).

(٥) علّة لردّ الياء واوا.

(٦) يعني إذا الباني بنا وزن سبعان من مادة رمي فيصير (رموان) ردّ الياء واوا لانضمام ما قبله.


الإعلال (١) والتّصحيح وقلب الضّمّة حينئذ (٢) كسرة (عنهم يلفى) (٣) ككوسي وكيسي مؤنّث أكيس ، بخلاف فعلي اسما فلا يجوز فيه إلّا الإعلال كطوبى (٤) [اسما] لشجرة.

من لام فعلي اسما أتي الواو بدل

ياء كتقوي غالبا جاذا البدل

بالعكس جاء لام فعلي وصفا

وكون قصوي نادرا لا يخفى

فصل : في نوع من الإبدال ، (من لام فعلى) بفتح الفاء حال كونه (اسما أتي الواو بدل ياء (٥) كتقوى) أصله تقيا لأنّه من وقيت ، بخلاف فعلي وصفا كصديى ، (٦) وقوله : (غالبا جاذ البدل) لا دائما إحتراز من نحو ريّا (٧) بمعني الرّائحة (بالعكس) أي بعكس إتيان الواو بدل الياء وهو إتيان الياء بدل الواو (جاء لام فعلى) بالضّمّ حال كونه (وصفا) (٨) كالعليا بخلافه اسما كالحزوي (وكون قصوى) الوصف (٩) المصحّح (نادرا لا يخفى) علي أهل الفنّ.

إن يسكن السّابق من واو ويا

واتّصلا ومن عروض عريا

__________________

(١) بقلب الياء واوا ككوسي.

(٢) أي : حين التصحيح وبقاء الياء قلب ضمّة ما قبلها كسرة بمناسبة الياء.

(٣) يعني الوجهان يوجدان في أقوال النحاة.

(٤) أصله طيبى.

(٥) أي : أن كان اسم على وزن فعلي وكان لامه ياء قلب الياء واوا.

(٦) فإنّه وصف مؤنث صديان بمعني عطشان فلا يقلب يائه واوا.

(٧) فإنّه على وزن فعلي ومع أنّه اسم لم يبدل يائه واوا وقوله بمعني الرائحة لئلّا. بتوّهم أنه وصف مؤنث ريّان بمعني الشبعان من الماء.

(٨) يعني إنّ فعلى بالضم بعكس فعلى بالفتح فيما ذكر ففى الوصفى منه (من المضموم) يبدل واوه ياء كالعليا وأصله علوا لأنّه من العلو وأمّا الاسمى منه فلا يقلب كالحزوى اسم لموضع.

(٩) أي : مع أنه وصف على فعلي بالضمّ لم يقلب واوه ياء بل بقي صحيحا ، فهذا نادر لا ينقض القاعدة.


فياء الواو اقلبنّ مدغما

وشذّ معطي غير ما قد رسما

فصل : في نوع منه. (إن يسكن السّابق من واو وياء واتّصلا) في كلمة واحدة (ومن عروض) للسّابق أو للسّكون (عريا فياء الواو اقلبنّ مدغما) (١) بعد القلب في الياء الأخري كهيّن أصله هيون بخلاف ما إذا لم يتّصلا كابني وافد (٢) أو كان السابق أو السّكون عارضا كرؤية (٣) مخفّف رؤية وقوى (٤) مخفّف قوي.

(وشذّ معطي غير ما قد رسما) (٥) كالإعلال (٦) العارض السّابق في قولهم ريّة وتركه (٧) مع استيفاء الشّروط في قولهم ضيون والإعلال بقلب الياء واوا في قولهم هو نهوّ (٨) عن المنكر.

من ياء أو واو بتحريك أصل

ألفا أبدل بعد فتح متّصل

إن حرّك التّالي وإن سكّن كفّ

إعلال غير اللّام وهي لا يكفّ

__________________

(١) يعني إذا اجتمع واو وياء متواليين في كلمة والأول منهما ساكن ولم يكن سكون الأول ولا نفس الأول عارضيا فأقلب الواو ياء وأدغم الياء في الياء.

(٢) فإن الياء في كلمة الواو في كلمة أخري فهما منفصلان.

(٣) فإن الواو منه عارضي لكونه منقلبا عن الهمزة.

(٤) لأن الواو متحرك في الأصل ، وأنما سكن لعارض التخفيف.

(٥) أي : شذّ في كلامهم أن يعطوا لاجتماع الواو والياء حكما على خلاف ما قررناه بأن يعلّوا غير واجد الشرائط منه ويتركوا الاعلال في الواجد للشرائط.

(٦) أي : من الشاذ إعلالهم الواو العارض الذي مرّ سابقا في (ريّة) مخفف رؤية بقلب الواو ياء وإدغامه في الياء الأصلى ، مع أنا ذكرنا أن شرط الإعلال عدم عروض الأول.

(٧) أى : وكذا من الشاذ ترك الإعلال في الواجد لشرائط الإعلال مثل (ضيون) بفتح الضاد وسكون الياء فمع وجود الشرائط لم يعلّوها.

(٨) بفتح النون على وزن فعول مبالغة في النهي أصله نهوي والقاعدة تقتضي أن يقال (نهىّ) بقلب الواو ياء فعكسوا وقلبوا الياء واوا.


إعلالها بساكن غير ألف

أو ياء التّشديد فيها قد ألف

فصل : (من ياء أو واو) محرّكين (بتحريك أصل) أي كان أصلا (ألفا أبدل) إن وقعا (بعد فتح متّصل إن حرّك التّالي) (١) لهما كباع وقال الأصل بيع وقول ، بخلاف ما إذا لم يحرّكا كالبيع والقول أو حرّكا بتحريك عارض كجيل وتوم مخفّفي جيئل وتوأم (٢) ، أو وقعا بعد غير فتح كعوض (٣) أو بعد فتح منفصل كإنّ يزيد ومق (٤) أو لم يتحرّك تاليهما كما ذكره بقوله : (وإن سكّن (٥) كفّ إعلال) ياء أو واو (غير اللّام) كبيان وطويل (٦) (وهي) أي اللّام الياء أو الواو (٧) (لا يكفّ إعلالها) بإبدالها ألفا (بساكن) يقع بعدها (غير ألف ياء التّشديد فيها قد ألف) كيخشون ويمحون أصلهما يخشيون ويمحوون (٨) والألف المبدلة محذوفة لالتقاء السّاكنين ، بخلاف السّاكن الألف كغليان ونزوان (٩) والياء المشدّدة كغنويّ وعلويّ (١٠).

__________________

(١) الواو أو الياء ينقلبان ألفا بشرط تحرّكهما بحركة أصليّة وانفتاح ما قبلهما وحركة ما بعدهما.

(٢) فحركة الياء والواو فيهما عارضي لأجل التخفيف.

(٣) لانكسار العين فيه.

(٤) لأن الواو في كلمة وحركة الدال في كلمة أخري فليسا متصلين.

(٥) أي : إن سكن ما بعدهما فالسكون يمنع إعلال الواو أو الياء إذا لم يكونا لام الفعل.

(٦) فسكون الألف في (بيان) منع إعلال يائه لكون الياء عين الفعل وكذا سكون الياء في (طويل) منع إعلال واوه لأنه عين لا لام.

(٧) يعني لام الفعل إذا كان ياء أو واوا لا يمنعه الساكن الذي بعده من قبله ألفا بل ينقلب مع وجود الساكن.

نعم إذا كان الساكن ألفا أو ياء مشددة يمنعهما من القلب.

(٨) فصارا بالقلب (يخشاون ويمحاون) فالتقا الساكنان الألف والواو بعده فحذف الألف فصار يخشون ويمحون.

(٩) لم ينقلب الياء في الأول والواو في الثاني لكون الساكن بعدهما ألفا.

(١٠) لم ينقلب واوهما لكون الساكن بعدهما وهو الياء الأول مشدّدا في الياء الثاني.


وصحّ عين فعل وفعلا

ذا أفعل كأغيد وأحولا

(وصحّ عين) مصدر على (فعل) بفتح العين (و) ماض على (فعلا) (١) بكسرها حال كون كلّ منهما (ذا) اسم فاعل على (أفعل كأغيد) أي كمصدره وهو غيد وماضيه وهو غيد (و) نحو (أحولا) أي مصدره وهو حول ، وماضيه وهو حول.

وإن يبن تفاعل من افتعل

والعين واو سلمت ولم تعلّ

(وإن يبن) أي يظهر (٢) (تفاعل) أي معناه وهو التّشارك (من) لفظ (افتعل و) الحال أنّ (العين واو سلمت) جواب إن (٣) (ولم تعلّ) كإجتوروا بمعني تجاوروا ، بخلاف ما إذا لم يظهر فيه التّفاعل كإرتاب وإقتاد ، الأصل إرتيب وإقتود ، وما إذا كانت العين ياء كإبتاعوا (٤).

وإن لحرفين ذا الاعلال استحقّ

صحّح أوّل وعكس قد يحقّ

(وإن لحرفين) (٥) معتلّين في الكلمة (ذا الاعلال استحقّ) بأن يحرّك كلّ وانفتح ما

__________________

(١) يعني إذا كان مصدر معتل العين على وزن (فعل) مفتوح العين وكان له ماض معتل العين على وزن (فعل) بكسر العين وكان اسم الفاعل منهما على وزن (أفعل) لا على وزن (فاعل) فعين ذلك المصدر وذلك الماضي يبقي صحيحا لا ينقلب.

(٢) يعني إذا جاء الافتعال بمعني التفاعل أي : جاء بمعني التشارك بين اثنين وكان عين الافتعال واوا سلمت الواو ولم تنقلب ألفا.

(٣) أي : جواب إن الشرطية في قوله (وإن يبن) يعني إن يبن سلمت.

(٤) أصله (أبتيعوا).

(٥) يعني إذا كان في كلمة حرفان من حروف العلة وكلاهما واجدان لشرائط الإعلال فلا يعلّ الأول بل الثاني فقط.


قبله (صحّح أوّل) وأعلّ ثان الحوي والحيا والهوى (١) (وعكس) وهو إعلال الأوّل وتصحيح الثّاني (قد يحقّ) كالغاية والثّاية (٢).

وعين ما آخره قد زيد ما

يخصّ الاسم واجب أن يسلما

وقبل با اقلب ميما النّون إذا

كان مسكّنا كمن بتّ انبذا

(وعين ما آخره قد زيد) فيه (ما يخصّ الاسم واجب أن يسلما (٣) من الإعلال كالهيمان والجولان (٤) والحيدي والصّورى (٥) (وقبل با اقلب ميما النّون إذا كان مسكّنا) (٦) سواء كانا في كلمة أو كلمتين (كمن بتّ انبذا (٧) أي من قطعك إطرحه.

لساكن صحّ انقل التّحريك من

ذي لين آت عين فعل كأبن

_________________

(١) أصل الثلاثة (جوي وحيي وهوي) ففي كل منها حرفان من حروف العلّة متحرّكان مفتوح ما قبلهما فجوي مثلا واوه متحرّك وقبله الجيم مفتوح وكذا يائه متحرّك وقبله الواو مفتوح فكلا الحرفين واجدان لشرائط الإعلال لكن أعلّ الثاني (الياء) ولم يعلّ الأول (الواو).

(٢) الغاية أصلها (غيية) بفتح اليائين والثاية بمعني مأوي الغنم أصلها (ثوية) بفتح الواو والياء أعلّ الأول وصحّ الثاني عكس ما ذكر.

(٣) أي : يجب سلامة عين اسم زاد في آخره شيء من مختصّات الاسم وأن كان العين واجدا لشرائط الإعلال.

(٤) لم يقلب الياء في الأول والواو في الثاني مع تحركهما وانفتاح ما قبلهما لزيادة الألف والنون وهما من زيادات الاسم خاصة.

(٥) زاد في آخرهما الألف المقصورة وهي من خواص الاسم.

(٦) يعني اذا وقع قبل الباء نون ساكنة فاقلب النون ميما سواء كان النون والباء فى كلمة واحدة أو كان النون فى كلمة والباء فى أخرى.

(٧) فيقلب في التلفظ نون (من) لوقوع باء (بتّ) بعدها فيقال ممّبت وكذا نون (أنبذ) فيقال (أمبذ) والأول مثال لوقوعهما في كلمتين والثاني في كلمة.


ما لم يكن فعل تعجّب ولا

كابيضّ أو أهوي بلام علّلا

فصل : في نقل حركة المتحرّك المعتلّ إلى السّاكن الصّحيح. (لساكن صحّ انقل التّحريك من ذي لين آت عين فعل كأبن) وأقم وأقام ، الأصل أبين وأقوم وأقوم (١) بخلاف ساكن اعتلّ (٢) كبائع ثمّ هذا (ما) دام (لم يكن فعل تعجّب) كما أقومه وأقوم به (ولا) مضاعفا (كابيض أو) نحو (أهوى) ممّا هو (بلام علّلا) فإن كان (٣) فلا نقل ، حملا للأوّل على شبهه أفعل التّفضيل (٤) وصونا للثّاني عن إلتباسه بباض (٥) من البضاضة لحذف ألفه (٦) للاستغناء بتحريك الباء (٧) وللثّالث عن توالي الإعلال (٨).

ومثل فعل في ذا الاعلال اسم

ضاهي مضارعا وفيه وسم

(ومثل فعل في ذا الإعلال) وهو النّقل المعقّبة القلب (٩) (اسم ضاهي مضارعا

__________________

(١) ففي (أبين) نقل الكسرة من الياء إلى الباء فالتقي الساكنان الياء والنون فحذف الياء فصار أبن وفي (أقوم) نقل الكسرة من الواو إلى القاف ثم حذف الواو لالتقاء الساكنين فصار أقم.

(٢) أي : بخلاف ما إذا كان الساكن الذي قبل اللين حرف علة كألف بايع فلا ينقل حركة الياء في الألف.

(٣) أي : فإن كان فعل تعجّب أو مضاعفا أو معتل عين فلا نقل لحركة من لين إلى حرف صحيح.

(٤) يعني كما أن في أفعل التفضيل مثل أعند لا ينقل حركة اللين إلى الصحيح الساكن ، فكذا فعل التعجب لتشابههما فيحمل أحد المتشابهين على الآخر.

(٥) لأن (أبيض) المضاعف إذا نقل حركة يائه إلى الباء يقلب الياء ألفا لانفتاح ما قبله حينئذ فيصير (أباضّ) وبحركة الباء يستغني عن الألف (الهمزة) فيصير (باضّ) فيلتبس بباضّ اسم الفاعل من البضاضة و (البضاضة) العطاء القليل.

(٦) الصحيح (لحذف همزته).

(٧) في (أبيض).

(٨) لأن (أهوي) أعل لامه وقلب ياءه ألفا ، فإذا أعلّ عينه (الواو) أيضا توالي إعلالان وهو ثقيل أو قبيح فلذا حذر عنه.

(٩) كنقل فتحة الواو في أقوم ثم قلبه ألفا.


وفيه وسم) أي علامة من علاماته (١) إمّا وزنه أو زيادته كتبيع (٢) مثال «تخليء» من البيع (٣) أصله تبيع (٤) ومقام أصله مقوم (٥) بخلاف الحاوي لوزنه وزيادته كأبيض وأسود (٦) وبخلاف غير المضارعة (٧) كما قال :

ومفعل صحّح كالمفعال

وألف الإفعال واستفعال

أزل لذا الإعلال والتّا الزم عوض

وحذفها بالنّقل ربّما عرض

(ومفعل صحّح كالمفعال) (٨) كالمقول والمسواك.

(وألف الإفعال واستفعال أزل لذا الإعلال) (٩) كإقامة واستقامة ، الأصل إقوام واستقوام ، نقلت حركة الواو إلى القاف فانقلبت ألفا فالتقي ساكنان (١٠) ففعل ما ذكر (١١) ثمّ ألحقت التّاء كما قال :

__________________

(١) فعلامة المضارع تتحقق بأحد أمرين وزن المضارع وزيادة المضارع يعني زوائد (أتين).

(٢) بكسر التاء والباء وسكون الياء واعلم أنّ تبيع بهذا الوزن أنما هو بعد إجراء الإعلال المذكور عليه ، فقوله مثال تخليء بسكون الخاء وكسر اللام مراده أنه مثال تخلىء قبل الإعلال لا مثاله بوزنه الفعلي وتبيع مثال لزيادة المضارع وهي التاء لا لوزنه لعدم وجود مضارع مكسور الأول.

(٣) فالتاء زائدة لا من التبع لتكون التاء أصلا ليخرج المثال عمّا نحن فيه.

(٤) بكسر التاء وسكون الباء وكسر الياء فنقل حركة الياء (حرف علّة) إلى الباء الصحيح.

(٥) فنقل فتح الواو إلى القاف ثمّ قلب الواو الفا لكونه موضع حركة ولانفتاح ما قبله.

(٦) على وزن (أفعل) وهما اسمان وصفان لا فعلان لأنّ الكلام فى خصوص الاسم لقوله (اسم ضاهى ...) وهما حاويان لوزن المتكلّم وحده من المضارع وزيادته أيضا لأن الهمزة فى أولهما من زوائد المضارع.

(٧) أي : بخلاف الاسم الذي لا يضاهي المضارع في الوزن والزيادة.

(٨) يعني هذان الوزنان لا يجري عليهما الإعلال من نقل أو قلب إن كانا معتلّين.

(٩) يعني إن ألفهما يحذف بسبب هذا النوع من الإعلال وهو النقل المتعقّب للقلب.

(١٠) هما الألفان.

(١١) يعني حذف الالف.


(والتّاء الزم عوض) من الالف (وحذفها بالنّقل نادرا عرض) (١) وتقدّم ذلك في أبنية المصادر.

وما لإفعال من الحذف ومن

نقل فمفعول به أيضا قمن

نحو مبيع ومصون وندر

تصحيح ذي الواو وفي ذي اليا اشتهر

(وما لأفعال من الحذف ومن نقل فمفعول به أيضا قمن نحو مبيع ومصون) الأصل مبيوع ومصوون نقلت حركة الياء والواو إلى ما قبلهما فالتقي ساكنان (٢) فحذفت الواو فيهما (٣) ونقلت ضمّه مبيع كسرة (٤) لكراهتهم إنقلاب يائه واوا (وندر تصحيح) مفعول (ذي الواو) فقيل «فرس مقوود» (وفي ذي اليا اشتهر) التّصحيح فقيل مبيوع.

وصحّح المفعول من نحو عدا

وأعلل ان لم تتحرّ الأجودا

(وصحّح المفعول) المبنيّ (من) فعل المفتوح العين المعتلّ اللّام بالواو (نحو عدا) إن تحرّيت الأجود (٥) فقل فيه معدوّ (وأعلل إن لم تتحرّ الأجودا) فقل فيه معديّ بخلاف المبنيّ من فعل مكسورها كمرضيّ والمعتلّ اللّام بالياء كمرميّ (٦).

__________________

(١) كقوله تعالى (وَأَقامَ الصَّلاةَ).*)

(٢) الساكنان في الأول الياء والواو ، وفي الثاني واوان.

(٣) فصار مبيع بضم الباء ومصون فمصون تمّ إعلاله إلى هنا وبقي لمبيع عمل آخر سيجري عليه بقوله (وتلت ...)

(٤) أي : قلب ضمة الباء إلى الكسرة بمناسبة الياء بعده لأنهم لو لم يفعلوا ذلك لاضطرّوا إلي قلب الياء واوا بمناسبة الضمة قبله وقلب الحركة أحسن وأهون من قلب الحرف.

(٥) أي : تطلّبت اللغة الأكثر فصاحة.

(٦) فالأجود فيهما الإعلال كما في المثالين ، لأنّ أصلهما مرضوي ومرموي اجتمع الواو والياء في كلمة و


كذاك ذا وجهين جا الفعول من

ذي الواو لام جمع او فرد يعنّ

(كذاك (١) ذا وجهين) : التّصحيح والإعلال ، وذا بمعني صاحب حال عامله قوله : (٢) (جاء الفعول) بالضّمّ (٣) (من ذي الواو) (٤) سواء كانت (لام جمع أو فرد يعنّ) كعصيّ وأبوّ وعلوّ وعتىّ ، (٥) و «من» ههنا بيانيّة.

وشاع نحو نيّم في نوّم

ونحو نيّام شذوذه نمي

(وشاع نحو نيّم) (٦) بالإعلال (في نوّم) الّذي هو الأصل (ونحو نيّام) (٧) في نحو نوّام (شذوذه نمي) أي نسب لأهل الفنّ.

__________________

الأولي منهما ساكنة فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء ثم قلبت الضمة فيما قبل كسرة بمناسبة الياء فصارا (مرضي ومرمّي).

(١) أي : مثل مفعول في جواز التصحيح والإعلال وزن (فعول) بضمّ الفاء إذا كان لامه واو سواء كان مفردا أو جمعا.

(٢) فتقدير البيت هكذا (كذاك جاء المفعول من ذى الواو ذا وجهين).

(٣) أي : بضم الفاء.

(٤) أي : فعول الذي لامه واو لا ياء.

(٥) المثالان الأولان للجمع أولهما معلّ والثاني مصحّح ، فإن (عصيّ) جمع عصا ، وهو في الأصل عصوي على فعول اجتمع الواو والياء والأولي منها ساكنة فقلبت ياء وأدغمت في الياء ثم قلب ضمّ الصاد بمناسبة الياء كسرا فصار عصي وأما (أبو) جمع أب فهو مصحح لبقاء الواو على حاله فأن الأصل أب أبو.

والمثالان الأخيران للمفرد أولهما مصحح ، والثاني معلّ فعلوّ على فعول مصحح لبقاء والواو سالما و (عتيّ) مصدر عتا يعتو معلّ ، لأن أصله عتوّ كفعول قلب الواو ياء والضمة كسرة فصار عتيّ.

(٦) يعني وزن (فعل) بضم الفاء وتشديد العين المفتوحة إذا كان عينه واوا فاعلا له بقلب واوه ياء كثير كنيّم في (نوّم).

(٧) أما وزن (فعال) واوي العين فنقل عن أهل الفن أن إعلاله بقلب الواو ياء شاذ.


ذو اللّين فاتا في افتعال أبدلا

وشذّ في ذي الهمز نحو ائتكلا

فصل : في نوع من الإبدال. (ذو اللّين فا) حال (١) من «ذو» المبتدأ المخبر عنه بـ «أبدل العامل في قوله : (تا في افتعال أبدلا) كاتّسر واتّصل (٢) ، الأصل إيتسر وإيتصل والظّاهر إوتصل (٣) وكذا تصاريفها (٤) (وشذّ) إبدال الفاء تاء (فى) افتعال (ذي الهمز) (٥) كاتّزر والفصيح إيتزر ، وأمّا قوله : (نحو ائتكلا) افتعل من الأكل فمثال لذي الهمز في الجملة (٦) وليس ممّا نحن فيه.

__________________

(١) يعني (فا) حال من (ذو) وذو مبتدء وخبره (أبدل) وأبدل مجهول بمفعولين أحدهما نائب الفاعل وهو ضمير يعود إلى (ذو) والثاني (نا) فتقدير البيت (ذو اللين ، أي : حرف العلّة أبدل تاء في الافتعال حالكونه (ذو اللين) فاء.

وحاصل المعني أنه متي كان فاء الافتعال واوا أو ياء قلبت تاء.

(٢) فقلب يائهما تاء وأدغم في التاء.

(٣) يعني إن في أصل (اتّصل) قولين ظاهر وغير ظاهر (راجع ومرجوح) والظاهر الراجح أن تقول أن أصله (أو تصل) لأنه من وصل ، قلب الواو تاء فصار اتّصل ، وغير الظاهر المرجوح أن نقول أن أصله (إيتصل) يعني إن (أو تصل) صار (إيتصل) بقلب الواو ياء بمناسبة الكسرة قبلها ، ثم صار (اتّصل) بقلب الياء تاء ، والثاني غير ظاهر لكونه كالأكل من القفاء بغير حاجة.

(٤) كباقي الصيغ من الماضي وكالمضارع والأمر وغيرها ففي الجميع يقع هذا القلب.

(٥) أي : إذا كان فائه همزة كما في اتّزر فإن أصله ائتزر.

(٦) يعني ليس مراد المصنف بهذا المثال أن ائتكل قلبت همزته تاء فصار اتّكل لعدم سماع ذلك من العرب ، بل المراد به أن يكون مثالا لافتعل المهموز الفاء ، وأما المسموع فيه ذلك فهو اتّزر فقط.


فصل في نوع آخر من الإبدال

طاتا افتعال ردّ إثر مطبق

في ادّان وازدد وادّكر دالا بقي

(طاء) مفعول ثان (تا افتعال) مفعول أوّل لقوله : (ردّ) بمعني صيّر تاء افتعال طاء إذا وقع (إثر) حرف (مطبق) (١) وهو الصّاد والضّاد والطّاء والظّاء كإصطفي واضطرب واطّعن واظطلم ، وإن وقع (فى) إثر دال أوزاء أو ذال نحو (إدّان وازدد وادّكر) فإنّه (دالا بقي) أي صار ، إذ أصل هذه الأمثال إدتان وازتد واذتكر (٢).

فا أمر أو مضارع من كوعد

احذف وفي كعدة ذاك اطّرد

فصل : في الحذف (فا أمر أو مضارع من) معتلّ الفاء (كوعد احذف) فقل يعد ، عد (وفى) مصدره (كعدة ذاك) الحذف (اطّرد) وعوّض عنه الهاء آخرا (٣)

وحذف همز أفعل استمرّ في

مضارع وبنيتي متّصف

ظلت وظلت في ظللت استعملا

وقرن في اقررن وقرن نقلا

__________________

(١) كما قال في التصريف متي كان فاء افتعل صادا أو ضادا أو ظاء قلبت تائه طاء.

(٢) الأول ماضي افتعل من الدين. والثاني أمر من الإزدياد. والثالث : أمر من الادّكار.

(٣) هذا فيما إذا حذف الفاء من المصدر كعدة ، وأما إن لم يحذف فلا يذكر التاء كوعد.


(وحذف همز أفعل استمرّ في مضارع) منه كأكرم (١) وهو الأصل في الحذف (٢) لاجتماع الهمزتين ، ويكرم وتكرم ونكرم محمولة عليه طردا للباب.

(و) في (بنيتي متّصف) (٣) بكسر الصّاد ، أي اسمي الفاعل والمفعول منه كمكرم ومكرم (ظلت) بفتح الظّاء (وظلت) بكسرها (في ظللت) بفتحها وكسر اللّام الأولى ، الماضي المضاعف المكسور العين المسند إلى الضّمير المتحرّك (استعملا) الثاني (٤) على حذف العين (٥) بعد نقل حركتها إلى الفاء والأوّل (٦) على حذفها ولا نقل ، (٧) وأمّا الثّالث فإنّه الأصل (٨) من الإتمام.

(و) استعمل (قرن) بكسر القاف (في اقررن) (٩) بكسر الرّاء الأولي على حذفها (١٠) بعد نقل حركتها إلى القاف على قياس ما تقدّم في

__________________

(١) متكلّم مضارع أصله أأكرم حذف همزة الإفعال وبقي همزة المضارع.

(٢) يعني أصل حذف الهمزة في مضارع باب الإفعال هو صيغة المتكلّم وحده إذ فيها تجتمع همزتان فتحذف إحداهما للثقل ، وأما بقية الصيغ فتحذف منها الهمزة إلحاقا لها بصيغة المتكلّم وحده لعدم وجود علة في البقية.

(٣) أي : في صيغتي صاحب وصف ، وهو الفاعل أو المفعول وصيغتاهما اسم الفاعل واسم المفعول يعني كما يحذف الهمزة من مضارع أفعل كذا يحذف من اسم الفاعل واسم المفعول منه أيضا.

(٤) أى : ظلت بكسر الظاء.

(٥) أي : اللام الأولى.

(٦) أي : بفتح الظاء.

(٧) لبقاء الفاء (الظاء) على الحركة الأصلية.

(٨) يعني (ظللت) بغير حذف في كلام المصنف هو القسم الأصلي من الأقسام الثلاثة وقوله (من الإتمام) بيان للأصل يعني الأصل (ظللت) من قسم التمام لعدم نقص العين منه في قبال الناقص وهو القسمان الأولان.

(٩) جمع مؤنث من الأمر الحاضر.

(١٠) يعني إن (قرن) في (اقررن) أنما هو مبتن على حذف الراء الأولي بعد نقل حركتها إلى القاف فيصير (اقرن) فيستغني بحركة القاف عن الهمزة فتحذف فيصير قرن.


ظللت (١) فيما يظهر (٢) وأمّا قول بعض الشّرّاح أنّ المحذوف الثّانية ثمّ نقل كسرة الأولي فبعيد (٣) (وقرن) بفتح القاف في اقررن (٤) (نقلا) نقله ابن القطّاع وقرأ به نافع وعاصم في قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ)(٥) وبالكسر قرأ الباقون.

__________________

(١) من حذف العين والعين هنا هو الراء الأولى.

(٢) من القواعد المتبعة.

(٣) إذ لا موجب لرفع اليد عن الأولي وحذف الثانية والأولي أولي بالتصرف.

(٤) وهي المعمول به الآن.

(٥) الأحزاب ، الآية : ٣٣.


هذا باب الإدغام

بسكون الدّال ، عبّر به إيثارا (١) للتّخفيف ، وإن قال ابن يعيش إنّه عبارة الكوفيّين وإنّ الإدغام بالتّشديد كما عبّر به سيبويه عبارة البصريّين وهو إدخال حرف ساكن في مثله متحرّك ، كما يؤخذ من كلامهم.

أوّل مثلين محرّكين في

كلمة ادغم لا كمثل صفف

وذلل وكلل ولبب

ولا كجسّس ولا كاخصص أبي

ولا كهيلل وشدّ في ألل

ونحوه فك بنقل فقبل

وحيي افكك وادّغم دون حذر

كذاك نحو تتجلّي واستتر

(أوّل مثلين محرّكين في كلمة أدغم) بعد تسكينه (٢) في الثّاني وجوبا كردّ يردّ ، لكن يشترط لذلك أن لا يصدّر (٣) أوّلهما كما في الكافية نحو ددن وأن (لا) تكون الكلمة علي أوزان هي فعل بضمّة ففتحة (كمثل صفف و) فعل بضمّتين نحو (ذلل) وفعل بكسرة ففتحة نحو (كلل و) بفتحتين نحو (لبب) وهو ما يشدّ على صدر الدّابّة

__________________

(١) يعني عبّر المصنف بالإدغام بتخفيف الدال دون الإدغام بتشديده لترجيح جانب الخفة لا لداع آخر كالأخذ بقول الكوفيين.

(٢) أي : الأول في الثاني.

(٣) أي : لا يكون أول الحرفين في صدر الكلمة.


يمنع الرّحّل من الاستيخار (١) وما استرقّ من الرّمل أيضا (و) أن (لا) يكون قبل أوّل المثلين حرف مدغم (كجسّس (٢) و) أن (لا) يكون حركة آخر المثلين عارضة (كاخصص أبي) بنقل حركة الهمزة إلى الصّاد (٣) (و) أن (لا) يكون ملحقا (كهيلل) (٤) إذا قال «لا إله إلّا الله» (٥) فإن كان كذلك فهو ممتنع في الصّور كلّها.

(وشذّ فى) ما استوفي شروط الإدغام مثل (الل) السّقا : إذا تغيّر (٦) (ونحوه).

كالحمد لله المليك الأجلل

الواحد الفرد القديم الأوّل

(فك بنقل) عن العرب (فقبل) ولم يقس عليه (و) إذا كان المثلان يائين لازما تحريك ثانيهما نحو (حيي (٧) فياء (افكك وادّغم) أي يجوز لك كلّ منهما (دون حذر) ومن الإدغام (وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ)(٨)(٩) (كذاك) يجوز الوجهان إذا كان المثلان تائين مصدّرين في كلمة (نحو تتجلّى) والفكّ واضح (١٠) ومن أدغم ألحق ألف الوصل (١١) وقال : «إتّجلّى».

__________________

(١) أي : ليمنع رحل الدابة من التأخر إلى عجزها فيسقط.

(٢) المراد بأول المثلين هنا السين الثاني الوسط ، وأنه لا يدغم في الثالث لوجود حرف مدغم هو السين الأول.

(٣) وحذف الهمزة فيتلفظ (اخصصبي) بضم الصادين فلا يدغم الصاد الأول في الثاني ، لأنّ حركة الصاد الثاني عارضة ومنقولة من الهمزة.

(٤) زيد فيه الياء ليلحق بدحرج.

(٥) يقال هيلل فلأن ، يعني : قال لا إله إلا الله.

(٦) أي : تغير رائحته ، والسقاء هو قربة الماء.

(٧) لزوم تحريك الياء فيه من أجل عدم وجود فتح قبلها لتنقلب ألفا فيسكن.

(٨) فيجوز أن يقال حيي بالفك.

(٩) الأنفال ، الآية : ٤٢.

(١٠) وذلك لتعذر الابتداء بالساكن والإدغام يستلزم السكون.

(١١) ليتمكّن من إسكان التاء الأول وإدغامه في الثاني.


(و) كذلك يجوز الوجهان إذا كان المثلان تائين في افتعل نحو (استتر) فالفكّ واضح (١) ومن أدغم نقل حركة الأولي إلى الفاء (٢) وأسقط الهمزة فقال : «ستّر يستّر».

وما بتاءين ابتدي قد يقتصر

فيه علي تا كتبيّن العبر

(وما بتائين) من فعل مضارع (ابتدي قد يقتصر فيه على تاء) واحدة وهي الأولى وتحذف الثّانية ـ كما قال في شرح الكافية ـ تخفيفا ، فخصّت (٣) بالحذف لدلالة الأولى علي معني وهو المضارعة دونها (كتبيّن العبر) أصله تتبيّن.

وفكّ حيث مدغم فيه سكن

لكونه بمضمر الرّفع اقترن

نحو حللت ما حللنه وفي

جزم وشبه الجزم تخيير قفي

(وفكّ) الإدغام من المضاعف وجوبا (حيث) حرف (مدغم فيه سكن (٤) لكونه بمضمر الرّفع اقترن) لئلّا يلتقي السّاكنان (٥) (نحو حللت ما حللنه) بالنّون وأصله قبل الفكّ : حلّ (وفي جزم) أي مجزوم من المضارع (وشبه الجزم) وهو الأمر (تخيير) بين الفكّ والإدغام (قفي) نحو (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ)(٦) ،

فغضّ الطّرف إنّك من نمير

فلا كعبا بلغت ولا كلابا

__________________

(١) لأنّ الإدغام يستلزم التقاء الساكنين السين والتاء الأول.

(٢) أي : إلى السين ليتخلّص من التقاء الساكنين وأما حذف الهمزة لاغناء حركة الفاء عن وجود الهمزة.

(٣) يعني إنّما اختصّت الثانية بالحذف ، دون الأولى ، لأن الأولي علامة على معني المضارعة والعلامة لا تحذف ، وأما الثانية فلا معني لها.

(٤) أي : في مورد يكون الحرف المدغم فيه ، أي : الحرف الثاني ساكنا لاتصاله بضمير الرفع.

(٥) لأنّ الثاني ساكن باتصاله بالضمير فلو أدغم فيه الأول لزم إسكانه أيضا فيلتقي الساكنان.

(٦) لقمان ، الآية : ١٩.


وفكّ أفعل في التّعجّب التزم

والتزم الإدغام أيضا في هلمّ

(وفكّ أفعل) بكسر العين (في التّعجّب التزم) لئلّا تتغيّر صيغته المعهودة نحو :

[وقال نبيّ المسلمين تقدّموا]

وأحبب إلينا أن يكون المقدّما (١)

(والتزم الإدغام أيضا في هلمّ) وهي اسم فعل بمعنى أحضر ، أو فعل أمر لا يتصرّف ، (٢) مركّبة من : ها ولمّ (٣) من قولهم «لمّ الله شعثه» أي جمعه فحذف الألف تخفيفا ، وكأنّه قيل اجمع نفسك إلينا (٤).

ولمّا انتهى كلام المصنّف على ما أراده من علم النّحو والتّصريف قال :

وما بجمعه عنيت قد كمل

نظما علي جلّ المهمّات اشتمل

أحصي من الكافية الخلاصة

كما اقتضي غني بلا خصاصة

(وما بجمعه عنيت) بضمّ العين (٥) وحكى ابن الأعرابي فتحها (قد كمل) بتثليث الميم (٦) (نظما) أي منظوما (على جلّ المهمّات) أي معظم المقاصد النّحويّة (اشتمل).

__________________

(١) من قصيدة لعباس ابن مرداس السلمي يمدح بها النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول دعانا نبيّ المسلمين إلى الإسلام ، ونعم المقدّم (بكسر الدال) رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أي : نعم الداعي.

الشاهد : في (أحبب) أنه بفكّ الإدغام لكونه للتعجب.

(٢) أى : لا يأتي منه غير الأمر.

(٣) فأصله (ها لمّ).

(٤) فإن معني هلّم إلينا أسرع في المجيء إلينا ومن يسرع في المجيء يجمع نفسه عادة فيناسب معني اللّم وهو الجمع.

(٥) أي : اهتممت بجمعه وتعبت في سبيله ويستعمل هذا الفعل مجهولا غالبا ، ويقال في وجهه أن العناية والقصد يأتيان من جانب الله سبحانه ، والمخلوق لا يبدء له القصد إلا منه سبحانه فالفاعل للعناية هو الله والمخلوق مفعول ومعني فنسبته إلى الخلق نسبه إلى المفعول.

ولكن الظاهر مجيء هذا الفعل على خلاف القياس المعهود في الماضي المعلوم.

(٦) يعني يأتي مادة كمل بثلاث وجوه فتح الميم وضمه وكسره.


ثمّ قال ملتفتا (١) من التّكلّم إلى الغيبة (أحصى) هو فعل بمعني جمع مختصرا (من الكافية) الشّافية (الخلاصة) أى النّقاوة منها وترك كثيرا من الأمثلة والخلاف وجعله كتابا مستقلّا نحو ثلثها حجما ، وعلّة ذلك ما ذكره بقوله : (كما اقتضى) أي لأجل اقتضاء النّاظم ، أي طلبه (غنى) لجميع الطّالبين (بلا خصاصة) أي بغير فقر يحصل لبعضهم وذلك لا يحصل إلّا بما فعل ، إذ الكافية بكبرها تقصر عنها همم كثير من النّاس فلا يشتغلون بها فلا يحصل لهم حظّ من العربيّة ، فشبّه الجهل بالفقر من المال ، وقد قيل : «العلم محسوب من الرّزق». هذا ما ظهر لي في شرح هذا البيت ولم أرمن تعرّض له.

فأحمد الله مصلّيا على

محمّد خير نبيّ أرسلا

وآله الغرّ الكرام البررة

وصحبه المنتخبين الخيره

(فأحمد الله) وأشكره عود علي ما بدأ (٢) (مصلّيا) ومسلّما (علي محمّد خير نبي أرسلا) أي أرسله الله إلى النّاس ليدعوهم إلي دينه مؤيّدا بالمعجزة (وآله الغرّ) جمع أغرّ ، وهو من الخيل الأبيض الجبهة ، أي إنّهم لشرفهم علي سائر الأمّة من غير من يستثني من الصّحابة (٣) بمنزلة الفرس الأغرّبين الخيل لشرفه علي غيره منها ، ويجوز أن يكون أراد بآله أمّته ـ كما هو بعض الأقوال فيها. وفي الحديث : «أنتم الغرّ المحجّلون يوم القيامة من آثار الوضوء» (الكرام) جمع كريم ، أي الطّيّبي الأصول والنّعوت والطّاهريها (البررة) جمع بارّ ، أي ذوي الإحسان ، وهو المفسّر (٤) في حديث

__________________

(١) الالتفات باب من أبواب البلاغة وجاء في الكتاب العزيز منه سورة الفاتحة حيث التفت سبحانه من الغيبة إلى الخطاب بقوله إيّاك نعبد.

(٢) يعني ربط المصنف آخر أرجوزته بأولها برابطة الحمد لقوله أول الكتاب (أحمد ربي الله).

(٣) لكن الحق أن قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم إني مخلّف فيكم الثقلين المتّفق بين الفريقين لا يقبل الاستثناء.

(٤) يعني البارّ فسر في صحيح مسلم وصحيح البخاري بأن تعبد الله ...


الصّحيحين «بان تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك» (وصحبه) اسم جمع لصاحب بمعني الصّحابىّ ، وهو (١) من اجتمع به مؤمنا (المنتخبين) من الأمّة ، أي المفضّلين علي غيرهم منها كما ورد ذلك في أحاديث (الخيرة) بفتح الياء ويجوز التّسكين كما في الصّحاح. قال : وهو الإسم (٢) من قولك «إختاره الله تعالى» يقال «فلان خيرة الله من خلقه».

وقد منّ الله تعالي بإكمال هذا الشّرح المحرّر موشّحا من التّحقيق والتّنقيح بالوشي المحبّر ، (٣) محرزا لدلائل هذا الفنّ ، مظهرا لدقائق إستعملنا الفكر فيها إذا ما اللّيل جنّ ، (٤) متحرّيا أوجز العبارة ، وخير الكلام ما قلّ ودلّ معتمدا في دفع الإيراد علي ألطف الإشارة ليتنبّه أولو الألباب لما له انتحل ، فربّما خالفت الشّرّاح في بيان حكم تأويل أو تعليل ، فحسبه (٥) من لا إطّلاع له ولا فهم سهوا أو عدولا عن السّبيل ، ومادري أنّا فعلنا ذلك عمدا لأمر مهمّ جليل ، وربّما نقصت حرفا أوزدت حرفا فحسبه الغبىّ (٦) إخلالا أو توضيحا وكشفا ، ومادري أنّ ذلك لنكتة مهمّة تدقّ عن نظره وتخفى ، فلذلك قلت :

يا سيّدا طالع هذا الّذى

فاق نظام الدّرّ والجوهر

لا تعد حرفا منه أو كلمة

وللخبيئات به أظهر

__________________

(١) أي : الصحابي هو من اجتمع مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مؤمنا بالله سبحانه.

(٢) يعني اسم مصدر اختار.

(٣) أي : قد منّ الله على با كمال هذا الشرح المرتّب مزّينا بالتحقيق والتخليص من الزوائد بخطوط مزّينه.

(٤) المراد منه أما انّ تحرير هذا الشرح وقع في الليل لكون الليل معدّ التحرير العلوم الدقيقة أو كناية علي انّي حرّرتها حينما كانت العلوم الادبيّة في أفق الظلمة.

(٥) فعل ماض يعني تخيّل من لا اطلاع له ولا فهم ان هذه المخالفة في البيان والتأويل سهو مني أو عدول عن قول الحق ولم يدر اني فعلت ذلك لغرض مهمّ.

(٦) يعني تخيّل من لا فهم له ولا ذكاء ان هذا النقص أو الزيادة اخلال.


وروّض الذّهن إذا مشكل

يبدو وبالإنكار لا تبدر

فليس بالشّائن شيئا له

فقد أتي المصنف في أعصر (١)

فدونك مؤلّفا (٢) كأنّه سبيكة عسجد أو درّ منضّد برز في إبّان الشّباب وتميّز عند صدور أولي الألباب ، وقد قال ابن عبّاس : «وما أوتي عالم علما إلّا وهو شابّ».

فالحمد لله الّذي هذانا لهذا وما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربّنا بالحقّ. اللهمّ صلّ علي سيّدنا محمّد عبدك ورسولك النّبي الأمّي وعلي آله وأصحابه وأزواجه وذرّيّاته ، كما صلّيت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد.

__________________

(١) يعني يا سيّد المطالع هذا الكتاب الذي تفوق نظمه على نظم الدرّ والجوهر.

لا تغفل عن حرف منه أو كلمة واكشف ما خفي فيه.

وروّض (من الرياضة) ذهنك ذا بدا لك شكل في حلّه ولا تعجل بالانكار والتخطئة فما شيء في هذا الشرح يشين ويلوم به الشائن المستشكل الّا ويصحّحه المصنف في الأعصر الآتية.

(٢) أي : فخذ كتابا مرتّبا كأنه صيغ من ذهب أو درّ متنسّق توفّقت له في أول شبابى.

والحمد لله والصلاة على رسوله وآله ، آل الله.



الفهرس

الكلام وما يتألّف منه............................................................ ٩

هذا باب المعرب والمبنيّ.......................................................... ١٩

هذا باب النكرة والمعرفة.......................................................... ٤٢

الثّاني من المعارف العلم.......................................................... ٥٣

الثالث من المعارف اسم الإشارة.................................................. ٥٩

الرابع من المعارف الموصول....................................................... ٦٢

الخامس من المعارف المعرّف بأداة التعريف أي بآلته.................................. ٧٧

هذا باب الإبتداء............................................................... ٨٢

الأول ـ كان وأخواتها........................................................... ١٠٠

الثاني من النواسخ............................................................. ١٠٩

ما ولا ولات وإن المشبهات بليس................................................ ١٠٩

الثالث من النواسخ............................................................ ١١٣

أفعال المقاربة................................................................. ١١٣

الرابع من النواسخ............................................................. ١١٨

إنّ وأخواتها................................................................... ١١٨

الخامس من النواسخ........................................................... ١٣١


لا التي لنفي الجنس............................................................ ١٣١

(السادس من النّواسخ ـ ظن وأخواتها)............................................ ١٣٩

فصل : في أعلم وأرى وما جرى مجراهما........................................... ١٥٠

هذا باب الفاعل وفيه المفعول به................................................ ١٥٤

هذا باب النّائب عن الفاعل إذا حذف.......................................... ١٦٦

هذا باب اشتغال العامل عن المعمول............................................. ١٧٥

هذا باب تعدّي الفعل ولزومه................................................... ١٨٤

هذا باب التّنازع في العمل...................................................... ١٩١

الثالث ـ من المفاعيل المفعول له.................................................. ٢٠٥

الرابع ـ من المفاعيل المفعول فيه.................................................. ٢٠٨

الخامس ـ من المفاعيل المفعول معه................................................ ٢١٢

[الاستثناء]................................................................... ٢١٥

هذا باب الحال............................................................... ٢٢٤

هذا باب التّمييز.............................................................. ٢٤٠

هذا باب حروف الجرّ......................................................... ٢٤٥

هذا باب الإضافة (٢)........................................................ ٢٥٧

هذا باب إعمال المصدر وفيه إعمال اسمه........................................ ٢٨٤

هذا باب إعمال اسم الفاعل................................................... ٢٨٨

هذا باب أبنية المصادر......................................................... ٢٩٤

هذا باب إعمال الصّفة المشبهة باسم الفاعل..................................... ٣٠٣

هذا باب التّعجّب............................................................ ٣٠٩

هذا باب نعم وبئس........................................................... ٣١٤


هذا باب أفعل التّفضيل........................................................ ٣٢٢

هذا باب النّعت.............................................................. ٣٣٠

الثاني من التّوابع التوكيد........................................................ ٣٣٨

الثالث من التوابع العطف...................................................... ٣٤٤

القسم الثاني من قسمى العطف عطف النّسق.................................... ٣٤٨

الرّابع من التّوابع البدل......................................................... ٣٦٣

هذا باب النداء............................................................... ٣٦٨

فصل في أحكام توابع المنادى................................................... ٣٧٣

فصل في المنادي المضاف إلى ياء المتكلم.......................................... ٣٧٧

فصل في الأسماء اللازمة للنّداء.................................................. ٣٧٩

فصل في الاستغاثة............................................................ ٣٨١

فصل في النّدبة............................................................... ٣٨٣

فصل في التّرخيم.............................................................. ٣٨٧

فصل في الاختصاص.......................................................... ٣٩٢

فصل في التّحذير والإغراء...................................................... ٣٩٣

هذا باب أسماء الأفعال والأصوات............................................... ٣٩٦

هذا باب فيه نونا التّاكيد...................................................... ٤٠٠

هذا باب ما لا ينصرف........................................................ ٤٠٧

هذا باب إعراب الفعل......................................................... ٤٢٣

فصل في عوامل الجزم.......................................................... ٤٣٤

فصل في لو.................................................................. ٤٤٣

هذا باب الإخبار بالّذي وفروعه والألف واللّام الموصولة............................ ٤٥١


هذا باب أسماء العدد.......................................................... ٤٥٨

فصل في كم وكأي وكذا........................................................ ٤٦٧

هذا باب الحكاية............................................................. ٤٦٩

هذا باب التّأنيث............................................................. ٤٧٣

هذا باب المقصور والممدود..................................................... ٤٨٠

تتمة باب المقصور والممدود..................................................... ٤٨٣

هذا باب جمع التّكسير........................................................ ٤٨٩

هذا باب التصغير............................................................. ٥٠٤

هذا باب النسب............................................................. ٥١٣

هذا باب الوقف.............................................................. ٥٢٦

هذا باب الامالة.............................................................. ٥٣٦

هذا باب التّصريف............................................................ ٥٤٤

فصل في زيادة همزة الوصل...................................................... ٥٥٥

هذا باب الابدال............................................................. ٥٥٧

فصل في نوع آخر من الإبدال.................................................. ٥٧٦

هذا باب الإدغام............................................................. ٥٧٩

الفهرس...................................................................... ٥٨٧

البهجة المرضية

المؤلف:
الصفحات: 590