



بسم الله الرحمن الرحيم
أحمدك اللهمَّ يا
من تجلّيت للقلوب بالعظمة ، واحتجبت عن الأبصار بالعزَّة ، واقتدرت على الأشياء
بالقدرة ، فلا الأبصار تثبت لرؤيتك ولا الأوهام تبلغ كنه عظمتك ، ولا العقول تدرك
غاية قدرتك.
حمداً لك يا سبحان
على ما مننت به علينا من النعم الجسيمة وأسبغتها ، وتفضّلت بالآلاء الجمَّة ،
وألحمت ما أسديت ، وأجبت ما سُئلت ، وهي كما تقول :
(وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ
ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) .
حمداً لك يا متعال
على ما طهّرتنا به من دنس الكفر ودرن الشرك ، وأوضحت به لنا سُبُل الهداية ،
ومناسك الوصول إليك ، من بعث أفضل رسلك وأعظم سفرائك وخاتم أنبيائك صلىاللهعليهوآلهوسلم بكتابك العزيز (لَقَدْ مَنَّ اللهُ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا
عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ
وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) .
حمداً لك يا ذا
الجلال على ما أتممت به نعمك ، وأكملت به دين نبيِّك من ولاية أمير المؤمنين أخي
رسولك ، وأبي ذريّته ، وسيِّد عترته ، وخليفته من بعده ، وأنزلت
__________________
فيها القرآن وقلت
: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) .
حمداً لك يا عزيز
على ما وفّقتنا له من اتِّباع نبيِّك المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم وخليفتيه في أُمّته : كتابك الكريم ، وعترته أهل بيته
الذين فرضت علينا طاعتهم ، وأمرتنا بمودّتهم وجعلتها أجر الرسالة الخاتمة وسمّيتها
بالحسنة ، وقلت : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ
فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) .
(رَبِّ أَوْزِعْنِي
أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَ)
(وَأَنْ أَعْمَلَ
صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي
مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
الأميني
__________________
بقيّة
شعراء الغدير
في
القرن السادس
|
١
ـ السيّد محمد الأقساسي
٢
ـ قطب الدين الراوندي
٣
ـ سبط ابن التعاويذي
|
ـ ٥٣ ـ
السيّد محمد الأقساسي
المتوفّى (حدود
٥٧٥)
وحقِّ عليٍّ
خيرِ من وطئ
|
|
الثرى وأفخر مَن
بعد النبيِّ قد افتخر
|
خليفتُه حقّا
ووارثُ علمِهِ
|
|
به شرُفت عدنانُ
وافتخرتْ مضرْ
|
ومن قام في يومِ
الغديرِ بعضدِهِ
|
|
نبيُّ الهدى
حقّا فسائلْ به عمرْ
|
ومن كسّرَ
الأصنامَ لم يخشَ عارَها
|
|
وقد طال ما صلّى
لها عصبةٌ أُخرْ
|
وصهرُ رسولِ
اللهِ في ابنتِه التي
|
|
على فضلِها قد
أنزلَ الآي والسورْ
|
أليَّة عبدٍ
حقَّ من لا يرى له
|
|
سوى حبِّهِ يومَ
القيامةِ مدَّخرْ
|
لأحزنني يومَ
الوداعِ وسرّني
|
|
قدومُك بالجلّى
من الأمنِ والظفرْ
|
عارض الشاعر بهذه
الأبيات بيتين لبعض العامّة وهما :
وحقِّ أبي بكر
الذي هو خيرُ مَن
|
|
على الأرضِ بعد
المصطفى سيّدِ البشرْ
|
لقد أحدث
التوديعُ عند وداعِنا
|
|
لواعجُه بين
الجوانحِ تستعرْ
|
الشاعر
محمد بن عليّ بن
فخر الدين أبي الحسين حمزة بن كمال الشرف أبي الحسن
__________________
محمد بن أبي
القاسم الحسن الأديب ابن أبي جعفر محمد بن عليّ الزاهد ابن محمد الأصغر الأقساسي
ابن يحيى بن الحسين ذي العبرة ابن زيد الشهيد ابن الإمام عليِّ بن الحسين عليهماالسلام.
آل الأقساسي :
من أرفع البيوت
العلويّة ، لها أغصانٌ باسقة موصولة بالدوح النبويِّ اليانع ، بزغت بهم العراق
عصوراً متطاولة ، وإن كان منبعث غرسهم الزاكي الكوفة ، من قرية كبيرة أو كورة يقال
لها : أقساس مالك ، وهم بين عالمٍ مُتبحِّر ، ومُحدِّث ثقة ، ولغويٍّ متضلّع
، وشاعر مُتأنِّق ، وأمير ظافر ، ونقيب فاضل. أوّل من عرف بهذه النسبة السيّد محمد
الأصغر ابن يحيى ، وأولاده تتشعّب عدّة شعب منهم :
بنو جوذاب : وهم
أولاد عليّ بن محمد الأصغر.
وبنو الموضح :
أولاد أحمد بن محمد الأصغر.
وبنو قرّة العين :
أولاد أحمد بن عليّ الزاهد ابن محمد الأصغر.
وبنو صعوة : أولاد
أحمد بن محمد بن عليّ الزاهد ابن محمد الأصغر.
ومن بني صعوة طاهر
بن أحمد ، ذكره السمعاني في الأنساب فقال : طاهر بن أحمد بن محمد بن عليّ الأقساسي كان يُلقَّب
بصعوة ، وكان ديِّناً ثقةً يروي عن أبي عليّ الحسن بن محمد بن سليمان العربي
العدوي ، عن حراش ، عن أنس بن مالك.
والأقساسيّون هم
سلسلة المترجم ، جدّه الأعلى أبو القاسم الحسن الأقساسي
__________________
المعروف بالأديب
ابن أبي جعفر محمد ، ترجمه ابن عساكر في تاريخ الشام (٤ / ٢٤٧) ، فقال
: إنَّه قدم دمشق ، وكان أديباً شاعراً ، دخل دمشق في المحرّم سنة (٣٤٧) ونزل في
الحرمين ، وكان شيخاً مهيباً نبيلاً حسن الوجه والشيبة ، بصيراً بالشعر واللغة ،
يقول الشعر ، من أجود آل أبي طالب حظّا ، وأحسنهم خلقاً ، وكان يُعرَف بالأقساسي
نسبة إلى موضع نحو الكوفة.
وقال ابن الفوطي ـ
كما في المحكي عن مجمع آدابه ـ : سافر الكثير ، وكان قد تأدّب ، وكتب مليحاً ، وله
جماعةٌ من الأصحاب ، قرأت بخطّه إلى ابن نباتة السعدي :
إنَّ العراقَ
ولا أغشّكَ ثُلّةٌ
|
|
قد نامَ راعيها
فأينَ الذيبُ
|
بنيانُها نهبُ
الخرابِ وأهلُها
|
|
سوطُ العذابِ
عليهمُ مصبوبُ
|
ملكوا وَسامهمُ
الدنيّةَ معشرٌ
|
|
لا العقلُ
راضَهمُ ولا التهذيبُ
|
كلُّ الفضائلِ
عندهمْ مهجورةٌ
|
|
والحرُّ فيهم
كالسماحِ غريبُ
|
وكمال الدين ـ الشرف
ـ أبو الحسن محمد بن أبي القاسم الحسن المذكور ، ولاّه الشريف علم
الهدى ـ المترجم في شعراء القرن الخامس ـ نقابة الكوفة وإمارة الحاجّ ، فحجَّ
بالناس مراراً ، وتوفّي سنة (٤١٥) كما في كتب التاريخ ، ورثاه الشريف المرتضى بقوله :
__________________
عرفتُ ويا ليتني
ما عرفتُ
|
|
فمرُّ الحياةِ
لمن قد عرفْ
|
فها أنا ذا طولَ
هذا الزمانِ
|
|
بين الجوى تارةً
والأسفْ
|
فمن راحلٍ لا
إيابٌ له
|
|
وماضٍ وليس له
من خلَفْ
|
فلا الدهرُ
يُمتعني بالمقيمِ
|
|
ولا هو يُرجِعُ
لي من سلفْ
|
أرونيَ إن كنتمُ
تقدرون
|
|
من ليسَ يكرعُ
كأسَ التلفْ
|
ومن ليس رهناً
لداعي الحِمامِ
|
|
إذا ما دعا
باسمه أو هتفْ
|
وما الدهر إلاّ
الغَرورُ الخدوعُ
|
|
فما ذا الغرامُ
به والكَلَفْ
|
وما هو إلاّ
كلمحِ البُروقِ
|
|
وإلاّ هبوبُ
خريفٍ عصفْ
|
ولم أرَ يوماً
وإن ساءني
|
|
كيومِ حمامِ
كمالِ الشرفْ
|
كأنِّيَ بعدَ
فراقٍ له
|
|
وقطعٍ لأسبابِ
تلك الألفْ
|
أخو سَفَرٍ
شاسعٍ ما لهُ
|
|
من الزادِ إلاّ
بقايا لَطَفْ
|
وعوّضني
بالرقادِ السهادَ
|
|
وأبدلني
بالضياءِ السدفْ
|
فراقٌ وما بعده
ملتقىً
|
|
وصدٌّ وليس له
منعطفْ
|
وعاتبت فيك
صروفَ الزمانِ
|
|
ومن عاتب الدهرَ
لم ينتصفْ
|
وقد خطف الموتُ كلَّ
الرجالِ
|
|
ومثلك من بيننا
ما خطفْ
|
وما كنتَ إلاّ
أبيَّ الجَنانِ
|
|
على الضيمِ
محتمياً بالأَنَفْ
|
خليّا من العارِ
صِفْرَ الإزارِ
|
|
مدى الدهرِ من
دنسٍ أو نَطَفْ
|
وأذري الدموعَ
ويا قلّما
|
|
يرُدُّ الفوائتَ
دمعٌ ذَرَفْ
|
ومن أين ترنو
إليك العيونُ
|
|
وأنت ببَوْغائها
في سجفْ
|
فَبِنْ ما
مُلِلْتَ وكم بائنٍ
|
|
مضى موسعاً من
قلىً أو شَنَفْ
|
وسُقِّي ضريحك
بين القبورِ
|
|
من البرِّ
ماشئته واللُّطفْ
|
__________________
ولا زال من
جانبيهِ النسيمُ
|
|
يعاودُهُ
والرياضُ الأُنُفْ
|
وصيّرك اللهُ من
قاطني ال
|
|
جنانِ وسكّانِ
تلك الغُرَفْ
|
تجاورُ آباءَكَ
الطاهرينَ
|
|
ويتّبعُ
السالفينَ الخلَفْ
|
قال ابن الأثير في
الكامل (٩ / ١٢١) : حجَّ
بالناس أبو الحسن الأقساسي سنة (٤١٢) فلمّا بلغوا فَيْد حصرهم العرب ، فبذل لهم الناصحي ـ أبو محمد قاضي القضاة ـ خمسة آلاف دينار فلم يقنعوا ،
وصمّموا العزم على أخذ الحاجّ ، وكان مقدّمهم رجلاً يُقال له حمار بن عُدي ـ بضمّ
العين ـ من بني نبهان ، فركب فرسه وعليه درعه وسلاحه وجال جولة يُرهب بها ، وكان
من سمرقند شابُّ يوصف بجودة الرمي ، فرماه بسهم فقتله وتفرّق أصحابه وسلم الحاجّ ،
فحجّوا وعادوا سالمين.
وقال في (ص ١٢٧) : في هذه السنة ـ يعني (٤١٥) ـ عاد الحجّاج من
مكّة إلى العراق على الشام لصعوبة الطريق المعتاد ، وكانوا لمّا وصلوا إلى مكّة
بذل لهم الظاهر العلوي ـ صاحب مصر ـ أموالاً جليلة ، وخِلَعاً نفيسةً ، وتكلّف
شيئاً كثيراً وأعطى لكلّ رجل في الصحبة جملةً من المال ليظهر لأهل خراسان ذلك ،
وكان على تسيير الحاجّ الشريف أبو الحسن الأقساسي ، وعلى حجّاج خراسان حسنك ـ نائب
يمين الدولة ابن سبكتكين ـ ، فعظم ما جرى على الخليفة القادر بالله ، وعبر حسنك
دجلة وسار إلى خراسان ، وتهدّد القادر بالله ابن الأقساسي فمرض ومات ، ورثاه
المرتضى وغيره.
__________________
لكمال الشرف شرح
قصيدة السلامي التي أوّلها :
سلامٌ على زمزم والصفا
ينقل عنه سيّدنا
الحجّة السيّد ابن طاووس في كتاب اليقين ، في الباب الخامس والخمسين بعد المائة ،
والباب الذي بعده .
وقال ابن الجوزي
في المنتظم (٨ / ١٩) : ولأبي
الحسن الأقساسي شعر مليح ، ومنه قوله في غلام اسمه بدر :
يا بدرُ وجهُكَ
بدرُ
|
|
وغَنْجُ عينيكَ
سحرُ
|
وماءُ خدَّيك
وردٌ
|
|
وماءُ ثغرِكَ
خمرُ
|
أُمِرتُ عنك
بصبرٍ
|
|
وليس لي عنك
صبرُ
|
تأمرني بالتسلّي
|
|
ما لي من الشوقِ
أمرُ
|
وجدُّ المترجَم ،
فخر الدين أبو الحسين حمزة بن كمال الشرف محمد ، ذكره النسّابة العمري في المجدي وقال : هو نقيب الكوفة ، كان صديقي ، ذا فضلٍ وحلمٍ ،
ورئاسةٍ ومواساة.
ولفخر الدين هذا
أخٌ يُسمّى أبا محمد يحيى ، ذكره السمعاني في الأنساب ،
__________________
وقال : كان ثقةً
نبيلاً ، سمع أبا عبد الله محمد بن عبد الله القاضي الجعفري ، روى لنا عنه أبو
القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي ، وأبو الفضل محمد بن عمر الأرموي ببغداد ، وأبو البركات عمر بن إبراهيم الحسني بالكوفة ولادته في شوّال سنة خمس وتسعين وثلاثمائة ،
وتوفّي سنة نيّف وسبعين وأربعمائة. وذكره الحموي في معجم. وكانت البلدان (١ / ٣١٢).
وأمّا شاعرنا ـ المعنيّ
بالترجمة ـ فذكره ابن الأثير في كامله (١١ / ١٧٤) وقال :
وفيها ـ يعني سنة ٥٧٥ ـ توفّي محمد بن عليّ بن حمزة الأقساسي نقيب العلويّين
بالكوفة ، وكان ينشد كثيراً :
رُبّ قومٍ في
خلائقهمْ
|
|
غررٌ قد
صُيِّروا غُررا
|
ستَرَ المالُ
القبيحَ لهم
|
|
سترى إن زال ما
سترا
|
وله أخوه علم
الدين أبو محمد الحسن النقيب الطاهر بن عليّ بن حمزة ، وُلِدَ في الكوفة ونشأ بها
توفّي (٥٩٣) ، ذكره ابن كثير في البداية والنهاية (١٣ / ١٦) فقال :
كان شاعراً مطبقاً ، امتدح الخلفاء والوزراء ، وهو من بيت مشهور بالأدب والرئاسة
والمروءة ، قدم بغداد فامتدح المقتفي والمستنجد وابنه المستضيء وابنه الناصر ،
فولاّه
__________________
الناصر النقابة ،
وكان شيخاً مهيباً جاوز الثمانين ، وقد أورد له ابن الساعي قصائد كثيرة منها :
اصبر على كيدِ
الزما
|
|
نِ فما يدومُ
على طريقه
|
سبق القضاءُ
فكنْ به
|
|
راضٍ ولا تطلبْ
حقيقه
|
كم قد تغلّبَ
مرّةً
|
|
وأراك من سعةٍ
وضيقه
|
ما زالَ في
أولادِهِ
|
|
يجري على هذي
الطريقه
|
وترجمه سيّدنا
القاضي المرعشي في مجالس المؤمنين (ص ٢١١) ، وقال
الميرزا في رياض العلماء : كان من أجلّة السادات والشرفاء والعلماء والأدباء
والشعراء بالكوفة ، يروي عنه الشيخ عليّ بن عليّ بن نما ، وهو من مشايخ أصحابنا.
ولعلم الدين
مقرّظاً كتاب الإفصاح عن شرح معاني الصحاح ، كما في تجارب السلف لابن سنجر (ص ٣١٠) قوله :
ملكٌ ملكُهُ
الفصاحةُ حتى
|
|
ما لَهُ في
اقتنائِها من مُلاحي
|
وأبانَ البيانَ
حتى لقد
|
|
أخرسَ بالنطقِ
كلَّ ذي إفصاحِ
|
وجلا كلَّ غامضٍ
من معانٍ
|
|
حملتْها لنا
متونُ الصحاحِ
|
في كتابٍ وحقُّه
ما رعاهُ
|
|
قبلَهُ ذو هدىً
ولا إصلاحِ
|
وخلف علم الدين
ولده قطب الدين أبا عبد الله الحسين نقيب نقباء العلويّين في بغداد ، وكان عالماً
شاعراً مطّلعاً على السِّير والتواريخ ، قُلِّد النقابة بعد عزل قوام الدين
__________________
أبي عليّ الحسن بن
معد ـ المتوفّى (٦٣٦) ـ عن النقابة سنة (٦٢٤).
وفي الحوادث
الجامعة (ص ٢٢٠) : توفّي
فيها ـ يعني سنة (٦٤٥) ـ النقيب قطب الدين أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن عليّ
المعروف بابن الأقساسي العلوي ببغداد ، وكان أديباً فاضلاً يقول شعراً جيّداً ،
بدرت منه كلمة في أيّام الخليفة الناصر على وجه التصحيف ، وهي (أردنا خليفة جديداً)
فبلغت الناصر ، فقال : لا يكفي حلقة لكن حلقتين ، وأمر بتقييده وحمله إلى الكوفة ،
فحُملَ وسُجنَ فيها ، فلم يزل محبوساً إلى أن استخلف الظاهر سنة (٦٢٣) فأمر
بإطلاقه ، فلمّا استخلف المستنصر بالله (٦٢٤) رفق عليه فقرّبه وأدناه ، ورتّبه
نقيباً وجعله من ندمائه ، وكان ظريفاً خليعاً طيّب الفكاهة حاضر الجواب.
وصل الملك الناصر
ناصر الدين داود بن عيسى في المحرّم سنة (٦٣٣) إلى بغداد واجتاز بالحلّة السيفيّة
وبها الأمير شرف الدين عليّ ، ثمّ توجّه منها إلى بغداد ، فخرج إلى لقائه النقيب
الطاهر قطب الدين أبو عبد الله الحسين ابن الأقساسي ، وفي سلخ ربيع الأوّل من
السنة المذكورة وصل الأمير ركن الدين إسماعيل ـ صاحب الموصل ـ إلى بغداد ، وخرج
إلى لقائه النقيب الحسين ابن الأقساسي وخادمان من خدم الخليفة.
قصد الخليفة
المستنصر بالله سنة (٦٣٤) مشهد الإمام موسى بن جعفر عليهماالسلام في ثالث رجب ، فلمّا عاد أبرز ثلاثة آلاف دينار إلى أبي
عبد الله الحسين ابن الأقساسي ـ نقيب الطالبيّين ـ وأمره أن يفرِّقها على
العلويّين المقيمين في مشهد أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب والحسين وموسى بن
جعفر عليهمالسلام .
حضر في سنة (٦٣٧) الأمير سليمان بن نظام الملك ـ متولّي المدرسة
__________________
النظاميّة ـ مجلس
أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي بباب بدر ، فتاب وتواجد وخرق ثيابه وكشف رأسه ،
وقام وأشهد الواعظ والجماعة على أنَّه قد أعتق جميع ما يملكه من رقيق ، ووقف
أملاكه ، وخرج [من] ما يملكه ، فكتب إليه النقيب الطاهر أبو عبد الله الحسين ابن
الأقساسي أبياتاً طويلة ، يقول فيها :
يا ابن نظام
الملك يا خير من
|
|
تاب ومن لاقى به
الزهدُ
|
يا ابن وزير
الدولتين الذي
|
|
يروحُ للمجدِ
كما يغدو
|
يا ابن الذي
أنشأ من مالِهِ
|
|
مدرسةً طالعها
سعدُ
|
قد سرّني زهدك
عن كلّ ما
|
|
يرغب فيه الحرُّ
والعبدُ
|
بان لك الحقُّ
وأبصرتَ ما
|
|
أعينُنا عن
مثلِهِ رُمدُ
|
وقلت للدنيا إليكِ
ارجعي
|
|
ما عن نزوعي عنك
لي بُدُّ
|
ما لذَّ لي بعدك
حتى استوى
|
|
في فيَّ منكِ
الصابُ والشهدُ
|
شيمتُكِ الغدر
كما شيمتي
|
|
حسنُ الوفاءِ
المحضِ والودُّ
|
إلى أن قال :
لا يقصدُ الناسُ
إلى دورِهمْ
|
|
لكن إلى منزلِكَ
القصدُ
|
وخدمةُ الناسِ
لها حرمةٌ
|
|
وكان ما تفعلُه
يبدو
|
والناسُ قد
كانوا رقوداً وقد
|
|
أيقظتَهمْ
فانتبه الضدُّ
|
وقسّمت فيك
ظنونُ الورى
|
|
وكلّهم للقولِ
يعتدُّ
|
فبعضهم قال يدوم
الفتى
|
|
وبعضُهمْ قد قال
يرتدُّ
|
وقد أتى تشرينُ
وهو الذي
|
|
إليه عينُ العيش
تمتدُّ
|
ما يسكن البيت
وقد جاءه
|
|
إلاّ مريضٌ
مسَّه الجهدُ
|
وكلّ ما يفعلُه
حيلةٌ
|
|
منه ونصبٌ ما له
حدُّ
|
__________________
فقلت لا والله
ما رأيُه
|
|
هذا ولا فيكم له
ندُّ
|
وإنَّما هذا
سليمانُ قد
|
|
صفا له في
زهدِهِ الوردُ
|
مثلَ سليمانَ
الذي أُعرضت
|
|
يوماً عليه
الضُّمَّرُ الجُردُ
|
فعاف أن
يُدخِلَها قلبَهُ
|
|
والهزلُ لا
يشبهُه الجدُّ
|
ويقول فيها :
ليهنكَ الرشدُ
إلى كلّ ما
|
|
يضلُّ عنه
الجاهلُ الوغدُ
|
أُسقِطتَ من
جيشِ أبي مِرّةٍ
|
|
وأكثرُ الناسِ
له جُندُ
|
وقمتَ للهِ بما
يرتجى
|
|
بمثلِهِ الجنّةُ
والخُلدُ
|
فاصبر فما يدركُ
غاياتِ ما
|
|
يطلبُ إلاّ
الحازمُ الجَلْدُ
|
وفي سنة (٦٤٣) تقدّم الخليفة ـ المستعصم أبو أحمد عبد الله ـ بإرسال طيور
من الحمام إلى أربع جهات لتصنّف أربعة أصناف ؛ منها : مشهد حذيفة بن اليمان
بالمدائن ، ومشهد العسكري بسُرَّمن رأى ، ومشهد غني بالكوفة ، والقادسيّة ، وأنفذ
مع كلّ عدّة من الطيور عدلين ووكيلاً. وكُتب بذلك سجلٌّ شهد فيه العدول على القاضي
بثبوته عنده ، وسمّيت هذه الأصناف باليمانيّات ، والعسكريّات ، والغنويّات ،
والقادسيّات ، ونظم النقيب الطاهر قطب الدين الحسين ابن الأقساسي في ذلك أبياتاً
وعرضها على الخليفة ، أوّلها
خليفةَ الله يا
من سيفُ عزمتِهِ
|
|
موكّلٌ بصروفِ
الدهرِ يصرفُها
|
ويقول فيها :
إنَّ الحمامَ
التي صنّفتَها شَرُفتْ
|
|
على الحمامِ
التي من قبلُ نعرفُها
|
__________________
والقادسيّاتُ
أطيارٌ مقدَّسةٌ
|
|
إذ أنت يا مالكَ
الدنيا مصنِّفُها
|
وبعدها غنويّاتٌ
تنال بها
|
|
غنى الحياة وما
يهوى مؤلِّفُها
|
والعسكريّاتُ
أطيارٌ مشرّفةٌ
|
|
وليس غيرُكَ في
الدنيا يشرّفُها
|
ثمّ الحَمامُ
اليمانيّاتُ ما جُعِلَتْ
|
|
إلاّ سيوفاً على
الأعداءِ تُرهِفُها
|
لا زلت مستعصماً
باللهِ في نِعَمٍ
|
|
يُهدى لمجدك
أسناها وألطفُها
|
ثمّ سأل أن يقبض
منها من يد الخليفة ، فأجاب سؤاله وأحضره بين يديه وقبّضه ، فلمّا عاد إلى داره
نظم أبياتاً أوّلها :
إمامَ الهدى
أوليتَني منك أنعُماً
|
|
رددنَ عليَّ
العيشَ فينانَ أخضرا
|
وأحضرتني في
حضرة القدسِ ناظراً
|
|
إلى خير خلقِ
اللهِ نفساً وعنصرا
|
وعلّيتَ قدري
بالحمامِ وقبضِها
|
|
مناولةً من كفِّ
أبلجَ أزهرا
|
رفعت بها ذكري
وأعليتَ منصبي
|
|
فحُزتُ بها عزّا
ومجداً على الورى
|
حمامٌ إذا خفتُ
الحمامَ ذكرتُها
|
|
فصرتُ بذاك
الذكرِ منها معمّرا
|
ويقول في آخرها :
قضى اللهُ أن
يبقى إماماً معظَّماً
|
|
مدى الدهر ما
لاح الصباحُ وأسفرا
|
[فدُمْ يا أميرَ المؤمنينَ مخلّداً
|
|
على الملكِ
منصورَ الجيوشِ مظفّراً
|
في المحرّم من سنة
(٦٣٠) قُلِّد العدل مجد الدين أبو القاسم هبة الدين بن المنصوري الخطيب نقابة نقباء
العبّاسيّين والصلاة والخطابة ، وخلع عليه قميص أطلس بطراز مذهَّباً ودرّاعة خاراً
أسود ، وعمامة ثوب خاراً أسود مُذهَّب بغير ذؤابة ، وطيلسان قصب كحلي ، وسيف محلّى
بالذهب ، وامتطى فرساً بمركب ذهباً ، وقرئ بعض عهده في دار الوزارة وسلّم إليه ،
وركب في جماعة إلى دار أنعم عليه بسكناها
__________________
في المطبق من دار
الخلافة ، وأنعم عليه بخمسمائة دينار ، وهو من أعيان عدول مدينة السلام ، وأفاضل
أرباب الطريقة المتكلّمين بلسان أهل الحقيقة ، كان يصحب الفقراء دائماً ويأخذ نفسه
بالرياضة والسياحة والصوم الدائم والتخشّن والتباعد من العالم ، وكان الموفّق عبد
الغافر ابن الفوطي من جملة تلامذته ، فعمل فيه أبياتاً طويلة ، ولمّا انتهى حالها
إلى الديوان أنكر ذلك عليه ، ووكّل به أيّاماً ولم يخرج إلاّ بشفاعته ، وأوّل
الأبيات :
ناديتُ شيخي من
شدّة الحربِ
|
|
وشيخنا في
الحرير والذهبِ
|
في دستِه جالساً
ببسملةٍ
|
|
بين يديه من قام
في أدبِ
|
وركبة منه كنت
أعهده
|
|
يذمُّ أربابَها
على الرتبِ
|
وكان أبناؤها
لديه على
|
|
سخطٍ من الله
شامل الغضبِ
|
أصابَ في الرأيِ
من دعاك لها
|
|
وأنت لمّا أجبت
لم تُصِبِ
|
أوّلُ صوتٍ دعاك
عن عرضٍ
|
|
لبّيتَهُ مقبلاً
على السببِ
|
ويقول فيها :
قد كنتَ ذاك الذي
تُظَنُّ به
|
|
لو لم تكن
مسرعاً إلى الرتبِ
|
شيخي أين الذي
يعلّمنا الزه
|
|
د ويعتدُّه من
القربِ
|
أين الذي لم
يزلْ يُسلِّكنا
|
|
إلى خروج عن كلّ
مكتسبِ
|
أين الذي لم
يزلْ يعرِّفنا
|
|
فضلَ التمرّي
بالجوعِ والتعبِ
|
ومنها :
أين الذي لم
يزلْ يُرغِّبنا
|
|
في الصوفِ لبساً
له وفي الجشِبِ
|
وأين من غرَّنا
بزخرفةٍ
|
|
متى اعتقدناه
زاهدَ العربِ
|
وأين ذاك
التجريد يشعرنا
|
|
أنَّ سواه في
السعي لم يخبِ
|
وأين من لم يزل
يذمُّ لنا
|
|
الدنيا وقول
المحال والكذبِ
|
وأين من لم يزل
بأَدمعِهِ
|
|
يخدعنا باكياً
على الخشبِ
|
وأين من كان في
مواعظِهِ
|
|
يصولُ زجراً عن
كلّ مجتنبِ
|
ويقطعُ القول لا
يتمّمه
|
|
منغلباً
بالسماعِ والطربِ
|
ويقسم الغمر
أنّه رجلٌ
|
|
ليس له في
الوجودِ من أربِ
|
لو كانت الأرضُ
كلّها ذهباً
|
|
أعرضَ عنها
إعراضَ مكتئبِ
|
أسفرَ ذاك
الناموسُ مختيلاً
|
|
عن راغبٍ في
التراثِ مُستلبِ
|
وكان ذاك
الصراخُ يزعجُنا
|
|
شكوى فقيرٍ على
الدنا وصبِ
|
شيخي بعد الذمِّ
الصريحِ لما
|
|
أبيته جئته على
طلبِ
|
نسيتَ ما قلته
على ورعٍ
|
|
عنّي لما اكتسبت
بالدأبِ
|
ويلٌ له إن يمتْ
بخدمتِهِ
|
|
يمتْ كفوراً
وليس بالعجبِ
|
ما كان مالُ
السلطانِ مكتسباً
|
|
لمسلم سالمٍ من
العطبِ
|
فكتب النقيب قطب
الدين الحسين ابن الأقساسي إلى النقيب مجد الدين المذكور أبياتاً كالمعتذر عنه
والمسلّي له ، يقول في أوّلها :
إنَّ صحابَ
النبيّ كلَّهمُ
|
|
غيرَ عليِّ
وآلهِ النُّجبِ
|
مالوا إلى الملكِ
بعد زهدهمُ
|
|
واضطربوا بعده
على الرتبِ
|
وكلّهم كان
زاهداً ورعاً
|
|
مشجِّعاً في
الكلامِ والخطبِ
|
فأُخذ عليه مآخذ
فيما يرجع إلى ذكر الصحابة والتابعين ، وتصدّى له جماعة وعملوا قصائد في الردّ
عليه ، وبالغوا في التشنيع عليه ، حتى إنَّ قوماً استفتوا عليه الفقهاء ونسبوه إلى
أنَّه طعن في الصحابة والتابعين ونسبهم إلى قلّة الدين ، فأفت اهم الفقهاء بموجب
ما صدرت به الفتيا.
__________________
وقال ابن أبي
الحديد في شرح نهج البلاغة (٢ / ٤٥) : سألت
بعض من أثق به من عقلاء شيوخ أهل الكوفة عمّا ذكره الخطيب أبو بكر في تاريخه (١ /
١٣٨) أنَّ قوماً يقولون : إنَّ هذا القبر الذي تزوره الشيعة إلى جانب الغريّ هو
قبر المغيرة بن شعبة ، فقال : غلطوا في ذلك ، قبر المغيرة وقبر زياد بالثويّة من
أرض الكوفة ، ونحن نعرفهما وننقل ذلك عن آبائنا وأجدادنا ، وأنشدني قول الشاعر
يرثي زياداً ، وقد ذكره أبو تمام في الحماسة :
صلّى الإلهُ على
قبرٍ وطهّرهُ
|
|
عند الثويّةِ
يسفي فوقَه المورُ
|
زفّت إليه قريش
نعشَ سيّدِها
|
|
فالحلمُ والجودُ
فيه اليوم مقبورُ
|
أبا المغيرةِ
والدنيا مفجِّعةٌ
|
|
وإنَّ من غرَّتِ
الدنيا لمغرورُ
|
وسألت قطب الدين
نقيب الطالبيّين أبا عبد الله الحسين ابن الأقساسي رضى الله عنه عن ذلك فقال : صدق
من أخبرك ، نحن وأهلها كافّة نعرف مقابر ثقيف إلى الثويّة ، وهي إلى اليوم معروفة
، وقبر المغيرة فيها ؛ إلاّ أنَّها لا تُعرف قد ابتلعها السبخ وزبد الأرض وفورانها
فطمست واختلط بعضها ببعض ، ثمّ قال : إن شئت أن تتحقّق أنَّ قبر المغيرة في مقابر
ثقيف فانظر إلى كتاب الأغاني لأبي الفرج عليّ بن الحسين ، والمح ما قاله في ترجمة المغيرة وأنّه مدفون في مقابر
ثقيف ، ويكفيك قول أبي الفرج فإنّه الناقد البصير والطبيب الخبير. فتصفّحت ترجمة
المغيرة في الكتاب المذكور فوجدت الأمر كما قاله النقيب.
توجد ترجمة قطب
الدين الأقساسي في تاريخ ابن كثير (١٣ / ١٧٣) ، قد
__________________
أثنى عليه وقال :
أورد له ابن الساعي أشعاراً كثيرة رضى الله عنه.
أفرد العلاّمة
سيّدنا المرعشي في مجالس المؤمنين (ص ٢١٢) ترجمة
باسم عزِّ الدين ابن الأقساسي وقال : إنَّه من أشراف الكوفة ونقبائها ، كان فاضلاً
أديباً ، له في قرض الشعر يدٌ غير قصيرة ، روي أنَّ الخليفة المستنصر العبّاسي خرج
يوماً إلى زيارة قبر سلمان الفارسي ـ سلام الله عليه ـ ومعه السيّد المذكور ابن
الأقساسي ، فقال له الخليفة في الطريق : إنَّ من الأكاذيب ما يرويه غلاة الشيعة من
مجيء عليّ بن أبي طالب عليهالسلام من المدينة إلى المدائن لمّا توفّي سلمان ، وتغسيله إيّاه
ومراجعته في ليلته إلى المدينة ، فأجابه ابن الأقساسي بالبديهة بقوله :
أنكرتَ ليلةَ إذ
صارَ الوصيُّ إلى
|
|
أرضِ المدائن
لمّا أن لها طلبا
|
وغسّل الطهرَ
سلماناً وعاد إلى
|
|
عراصِ يثربَ
والإصباحُ ما وجبا
|
وقلتَ ذلك من
قولِ الغلاةِ وما
|
|
ذنبُ الغلاة إذا
لم يوردوا كذبا
|
فآصفُ قبل ردِّ
الطرفِ من سباً
|
|
بعرشِ بلقيسَ
وافى يخرقُ الحجبا
|
فأنت في آصفٍ لم
تغلُ فيه بلى
|
|
في حيدرٍ أنا
غالٍ إنَّ ذا عجبا
|
إن كان أحمدُ
خيرَ المرسلين فذا
|
|
خيرُ الوصيّين
أو كلُّ الحديثِ هبا
|
هذه الأبيات ذكرها
العلاّمة السماوي في الطليعة ، ونسبها إلى شاعرنا في الغدير السيّد محمد الأقساسي
؛ وحسب أنَّه هو صاحب المستنصر ، ذاهلاً عن تاريخي ولادة المستنصر ووفاة السيّد
صاحب الغديريّة ، فإنّ السيّد توفّي كما مرَّ سنة (٥٧٥) ، والخليفة المستنصر ولد
سنة (٥٨٩) بعد وفاة السيّد بأربع عشرة سنة ، واستخلف فيه سنة (٦٢٤).
وجعل العلاّمة
السيّد الأمين في أعيان الشيعة في الجزء الحادي
__________________
والعشرين (ص ٢٣٣) ترجمة تحت
عنوان أبي محمد عزّ الدين الحسن بن حمزة الأقساسي ، وذكر القصّة والأبيات له ولم
يعلم هو من أين نقله ، والحسن بن حمزة يكون عمّ شاعرنا فيتقدّم على المستنصر بأكثر
من صاحب الغديريّة.
وذكر ابن شهرآشوب
في المناقب (١ / ٤٤٩) هذه
الأبيات بتغيير يسير وزيادة ، ونسبها إلى أبي الفضل التميمي ، وإليك لفظها :
سمعت منّي
يسيراً من عجائبِهِ
|
|
وكلُّ أمرِ
عليٍّ لم يزلْ عجبا
|
أدريت في ليلة
سار الوصيُّ إلى
|
|
أرض المدائن
لمّا أن لها طلبا
|
فألحدَ الطهرَ
سلماناً وعاد إلى
|
|
عراصِ يثربَ والإصباح
ما قربا
|
كآصفٍ قبلَ ردِّ
الطرفِ من سباً
|
|
بعرشِ بلقيس
وافى يخرق الحجبا
|
فكيف في آصفَ لم
تغلُ أنت بلى
|
|
بحيدرٍ أنا غالٍ
أوردُ الكذبا
|
إن كان أحمدُ
خيرَ المرسلين فذا
|
|
خيرُ الوصيّين
أو كلُّ الحديث هبا
|
وقلتَ ما قلتُ
من قولِ الغلاةِ فما
|
|
ذنبُ الغلاة إذا
قالوا الذي وجبا
|
فرواية ابن
شهرآشوب هذه الأبيات تثبت عدم كونها من نظم السيّد قطب الدين الأقساسي أيضاً ، إذ
ابن شهرآشوب توفّي سنة (٥٨٨) قبل ولادة المستنصر بسنة ، وقبل وفاة السيّد القطب
بسبع وخمسين سنة ، ولعلّها لأبي الفضل التميمي أو لغيره من أسلاف آل الأقساسي
الأوّلين ، وأنشدها قطب الدين للمستنصر.
لفت نظر :
يبلغني من وراء
حجب البغضاء والإحن تكذيب هذه المكرمة الباهرة لمولانا
__________________
أمير المؤمنين عليهالسلام وعزوُها إلى الغلوّ ، مستنداً إلى إحالة طيّ هذه المسافة البعيدة في هذا
الوقت اليسير ، ولو عقل المسكين أنَّ هاتيك الإحالة على فرضها عاديّة لا عقليّة ،
وإلاّ لما صحَّ حديث المعراج ـ ولم يكن إلاّ جسمانيّا ـ المتواتر المعدود من
ضروريّات الدين ، ولا صحّت قصّة آصف بن برخيا المحكيّة في القرآن الكريم ، ولما
تمكّن عفريتٌ من الجنّ من أن يأتي بعرش بلقيس قبل أن يقوم سليمان من مقامه ، ولم
يردّه سليمان ولا الذكر الحكيم ، غير أنَّ سليمان أراد ذلك بأسرع منه ، وشمول
القدرة الإلهيّة على التسيير الحثيث والبطيء شرع سواء ، كما أنَّها بالنسبة إلى
كليّة الأمور الصعبة والسهلة كذلك ، فقد يكرِّم الله الوليّ المقرَّب بإقداره على
أشياء لم يقدر عليه من هو دونه ، وقد خلق الله الناس أطواراً ، فتراهم متفاوتين في
القدرة ، فيقوى هذا على ما لا يقوى عليه ذاك ، وليس لقدرة الله سبحانه حدّ محدود.
ومن هنا وهناك
اختلفت عاديّات الموجودات في شئونها وأطوارها ، فالمسافة التي يطويها الفارس في
أمد محدود غير ما يطويه الراجل ، وللسيّارات البخاريّة عدوٌ مُربٍ على الجميع ؛
وإنَّك تستصغر ذلك العدو إذا قسته بالطائرات الجويّة لأنَّك تجدها تطوي في خمس
ساعات مثلاً ما تطويه الناس في خمسة أشهر.
وهذه طيّارة
مستكشفة (بريجيه ١٩) ، تحرّكت من باريس في صباح (٢٤) أبريل سنة (١٩٢٤) فوصل في
المساء إلى بخارست بعد أن قطع (١٢٥٠) ميلاً في (١١) ساعة ، وفي اليوم التالي أضاف
إليها (٧٧٠) ميلاً أخرى ، ولم تمض عليه خمسة أيّام حتى كان قد وصل إلى الهند ،
وقطع مسافة قدرها (٣٧٣٠) ميلاً ؛ وقد وصلت سرعة الطيّارات إلى ما فوق (١٥٠) ميلاً
في الساعة الواحدة ؛ وتحارب البعض منها في ارتفاع بلغ (٢٢٠٠٠) قدم .
__________________
ومن الممكن أن
يكشف لنا العلم في مستقبله ما هو أسرع سيراً من هاتيك كلّها .
إذن فأيّ وازع من
أن يكون من عاديّات الوليّ مهما أراد التمكّن من أمثال هذا السير؟ وما ذلك على
الله بعزيز ، على أنّا لا نساوي مولانا أمير المؤمنين ومن جرى مجراه من أئمّة
الهدى عليهمالسلام بغيرهم من أفراد
الرعيّة ، ولا بأحدٍ من أولياء الله المقرّبين ولا بأحد من حملة العلم والمكتشفين
، فنجوِّز فيهم صدور المعجز متى اقتضته المصلحة ، بل هو من واجب مقامهم.
وإن تعجب فعجبٌ
أنَّ فئةً ممّن ران على قلوبهم ما كانوا يعملون تحاول دحض هذه المكرمة في مولانا
أمير المؤمنين ، وهم يخضعون لمثلها في غيره ممّن هو دونه من دون أيّ غمز ونكير.
١ ـ روى الحافظ
ابن عساكر في تاريخه (٤ / ٣٣) عن
السرّي بن يحيى قال : كان حبيب بن محمد العجمي البصري يُرى يوم التروية بالبصرة
ويوم عرفة بعرفات.
٢ ـ قال الحافظ
ابن كثير في تاريخه (١٣ / ٩٤) : ذكروا
أنَّ الشيخ عبد الله اليونيني المتوفّى (٦١٧) كان يحجُّ في بعض السنين في الهواء ،
وقد وقع هذا لطائفة كبيرة من الزهّاد وصالحي العباد ، ولم يبلغنا هذا عن أحد من
أكابر العلماء ، وأوّل من يذكر عنه هذا : حبيب العجمي ، وكان من أصحاب الحسن البصري
ثمّ من بعده من الصالحين.
__________________
٣ ـ كان أحمد بن
محمد أبو بكر الغسّاني الصيداوي : المتوفّى (٣٧١) ينام بعد ما صلّى العصر إلى ما
قبل صلاة المغرب ، فجاءه رجلٌ ذات يوم يزوره بعد العصر فغفل ، فتحدّث معه وترك
عادة النوم ، فلمّا انصرف سأله الخادم عنه فقال : هذا عريف الأبدال يزورني في
السنة مرّة. قال : فلم أزل أرصده إلى مثل ذلك الوقت حتى جاء الرجل فوقفت حتى فرغ
من حديثه ثمّ سأله الشيخ : أين تريد؟ فقال : أزور أبا محمد الضرير في مغار ، قال
الخادم : فسألته أن يأخذني معه فقال : باسم الله ، فمضيت معه ، فخرجنا حتى صرنا
عند قناطر الماء فأذّن المؤذِّن المغرب ، قال : ثم أخذ بيدي وقال : قل : باسم الله
، قال : فمشينا دون العشر خطىً فإذا نحن عند المغارة ـ وهي مسير إلى ما بعد الظهر
ـ قال : فسلّمنا على الشيخ وصلّينا عنده وتحدّثنا عنده ، فلمّا ذهب ثلث الليل قال
لي : تحبُّ أن تجلس هاهنا أو ترجع إلى بيتك؟ فقلتُ : أرجع. فأخذ بيدي وسمّى بباسم
الله ومشينا نحو العشر خطىً ، فإذا نحن على باب صيدا ، فتكلّم بشيء فانفتح الباب
ودخلت ، ثمّ عاد الباب. تاريخ ابن عساكر (١ / ٤٤٣).
٤ ـ كان ببغداد
رجلٌ من التجّار قال : إنّي صلّيت يوماً الجمعة ، وخرجت فرأيت بشراً الحافي يخرج
من المسجد مسرعاً ، فقلت في نفسي : أنظر إلى هذا الرجل الموصوف بالزهد لا يستقرُّ
في المسجد ، ثمّ إنَّني اتّبعته فرأيته تقدّم إلى الخباز واشترى بدرهم خبزاً فقلت
: أنظر إلى الرجل يشتري خبزاً ، ثمّ اشترى شواءً بدرهم فازددت عليه غيظاً ، ثمّ
تقدّم إلى الحلوائي فاشترى فالوذجاً ، فقلت : والله لا أتركه حتى يجلس ويأكل ، ثمّ
إنَّه خرج إلى الصحراء ، فقلت : إنّه يريد الخضرة ، فما زال يمشي إلى العصر وأنا
أمشي خلفه ، فدخل قرية ، وفي القرية مسجدُ وفيه رجلٌ مريض ، فجلس عند رأسه وجعل
يلقمه ، فقمت لأنظر في القرية وبقيت ساعة ثمّ رجعت ، فقلت للعليل : أين بشر؟ فقال
: ذهب إلى بغداد ، فقلت : كم بينى وبين
__________________
بغداد؟ قال :
أربعون فرسخاً ، فقلت. إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، أيش عملت في نفسي؟ وليس معي
ما أكتري ولا أقدر على المشي ، فقال لي : اجلس حتى يرجع ، فجلست إلى الجمعة
القابلة ، فجاء بشر في ذلك الوقت ومعه شيء ، فأعطاه إلى المريض فأكله ، فقال له
العليل : يا أبا نصر هذا الرجل صحبك من بغداد وبقي عندي منذ الجمعة فردّه إلى
موضعه ، فنظر إليَّ كالمغضب وقال : لِمَ صحبتني؟ فقلت : أخطأت ، فقال : قم فامش ،
فمشيت معه إلى قرب المغرب ، فلمّا قربنا قال : أين محلّتك من بغداد؟ فقلت : في
موضع كذا ، قال : اذهب ولا تعد. تاريخ ابن عساكر (٣ / ٢٣٦).
٥ ـ قال الشيخ
الجليل أبو الحسن عليّ : كنت يوماً جالساً عند باب خلوة خالي الشيخ أحمد الرفاعي
المتوفّى (٥٨٧) رضى الله عنه وليس فيها غيره ، وسمعت عنده حسّا ، فنظرت ، فإذا
عنده رجلٌ ما رأيته قبل ، فتحدّثا طويلاً ثمّ خرج الرجل من كوّة في حائط الخلوة ،
ومرَّ في الهواء كالبرق الخاطف ، فدخلت على خالي وقلت له : من الرجل؟ فقال : أوَرأيته؟
قلت : نعم ، قال : هو الرجل الذي يحفظ الله به قطر البحر المحيط ، وهو أحد الأربعة
الخواصّ ، إلاّ أنّه هجر منذ ثلاث وهو لا يعلم.
فقلت له : يا
سيّدي ما سبب هجره؟ قال : إنّه مقيمٌ بجزيرة في البحر المحيط ، ومنذ ثلاث ليال
أمطرت جزيرته حتى سالت أوديتها ؛ فخطر في نفسه : لو كان هذا المطر في العمران. ثمّ
استغفر الله تعالى ، فهجر بسبب اعتراضه ، فقلت له : أعلمته؟ قال : لا ، إنّي
استحييت منه ، فقلت له : لو أذنتَ لي لأعلمته ، فقال : أوَتفعل ذلك؟ قلت : نعم ،
فقال : رنّق ، فرنّقت ، ثمّ سمعت صوتاً : يا عليّ ارفع رأسك ، فرفعت رأسي من
رنقي فإذا أنا بجزيرة في البحر المحيط ، فتحيّرت في أمري وقمت أمشي فيها ، فإذا
ذلك الرجل ، فسلّمت عليه وأخبرته ، فقال :
__________________
ناشدتك الله إلاّ
فعلتَ ما أقول لك ، قلت : نعم. قال : ضع خرقتي في عنقي واسحبني على وجهي ونادِ
عليَّ : هذا جزاء من تعرّض على الله سبحانه.
قال : فوضعت الخرقة
في عنقه وهممت بسحبه ، وإذا هاتف يقول : يا عليّ دعه ، فقد ضجّت عليه ملائكة
السماء باكية عليه وسائلةً فيه ، وقد رضي الله عنه. قال : فأُغمي عليَّ ساعة ثمّ
سرّي عنّي ، وإذا أنا بين يدي خالي في خلوته ، والله ما أدري كيف ذهبت ولا كيف
جئت. مرآة الجنان (٣ / ٤١١).
٦ ـ حكى الشيخ
الصالح غانم بن يعلى التكريتي ، قال : سافرت مرّة من اليمن في البحر المالح ،
فلمّا توسّطنا بحر الهند وغلب علينا الريح ، أخذتنا الأمواج من كلّ جانب ، وانكسرت
بنا السفينة فنجوت على لوح منها ، فألقاني إلى جزيرة فطُفت فيها فلم أر فيها أحداً
، وإذا هي كثيرة الخيرات ، رأيت فيها مسجداً فدخلته ، فإذا فيه أربعة نفر فسلّمت
عليهم ، فردّوا عليَّ السلام ، وسألوني عن قصّتي فأخبرتهم ، وجلست عندهم بقيّة
يومي ذلك ، فرأيت من توجّههم وحسن إقبالهم على الله تعالى أمراً عظيما ، فلمّا كان
وقت العشاء دخل الشيخ حيوة الحرّاني ، فقاموا يبادرون إلى السلام عليه ، فتقدّم
وصلّى بهم العشاء ، ثم استرسلوا في الصلاة إلى طلوع الفجر ، فسمعت الشيخ حيوة
يناجي ويقول : إلهي لا أجد لي في سواك مطمعاً ... إلى آخر الدعاء.
ثمّ قال : بكى
بكاءً شديداً ، ورأيت الأنوار قد حفّت بهم ، وأضاء ذلك المكان كإضاءة القمر ليلة
البدر ، ثمّ خرج الشيخ حيوة من المسجد وهو يقول :
سيرُ المحبِّ
إلى المحبوبِ إعجالُ
|
|
والقلبُ فيه من
الأحوالِ بلبالُ
|
أطوي المحانة من
قفر على قدمٍ
|
|
إليك يدفعني
سهلٌ وأجبالُ
|
فقال لي أولئك
النفر : اتبع الشيخ ، فتبعته ، وكانت الأرض برّها وبحرها
وسهلها وجبلها
يطوى تحت أقدامنا طيّا ، كنت أسمعه كلّما خطا خطوة يقول : يا ربّ حيوة كن لحيوة ؛
وإذا نحن بحرّان في أسرع وقت ، فوافينا الناس يصلّون بها صلاة الصبح. مرآة الجنان (٣
/ ٤٢١).
٧ ـ ذكر محمد بن
عليّ الحبّاك ـ خادم الشيخ جلال الدين السيوطي المتوفّى (٩١١) ـ : أنَّ الشيخ قال
له يوماً وقت القيلولة ـ وهو عند زاوية الشيخ عبد الله الجيوشي ـ بمصر بالقرافة : أتريد
أن تصلّي العصر بمكّة بشرط أن تكتم ذلك عليَّ حتى أموت؟ قال : فقلت : نعم. قال :
فأخذ بيدي وقال : غمِّض عينيك فغمضتها ، فرحل بي نحو سبع وعشرين خطوة ، ثمّ قال لي
: افتح عينيك. فإذا نحن بباب المعلاّة ، فزرنا أُمّنا خديجة ، والفضل بن عياض ،
وسفيان بن عيينة ، وغيرهم ودخلت الحرم فطفنا ، وشربنا من ماء زمزم ، وجلسنا خلف
المقام حتى صلّينا العصر ، وطفنا وشربنا من ماء زمزم ، ثمّ قال لي : يا فلان ليس
العجب من طيّ الأرض لنا ، وإنّما العجب من كون أحد من أهل مصر المجاورين لم
يعرفنا.
ثمّ قال لي : إن
شئت تمضي معي وإن شئت تقيم حتى يأتي الحاجّ. قال : فقلت : أذهب مع سيّدي ؛ فمشينا
إلى باب المعلاّة ، وقال لي : غمِّض عينيك فغمضتها ، فهرول بي سبع خطوات ثمّ قال
لي : افتح عينيك فإذا نحن بالقرب من الجيوشي ، فنزلنا إلى سيّدي عمر بن الفارض.
شذرات الذهب (٨ / ٥٠).
٨ ـ ذكر السخاوي
في طبقاته : إنَّ الشيخ معالي سأل الشيخ سلطان بن محمود البعلبكي ، المتوفّى (٦٤١)
فقال : يا سيّدي كم مرّة رحت إلى مكّة في ليلة؟ قال : ثلاث عشرة مرّة ، قلت : قال
الشيخ عبد الله اليونيني : لو أراد أن لا يصلّي فريضة إلاّ في مكّة لفعل. شذرات
الذهب (٥ / ٢١١).
__________________
٩ ـ ذكر الحافظ
ابن الجوزي في صفة الصفوة (٤ / ٢٢٨) عن سهل
بن عبد الله ، قال : لقد رأيت رجلاً يقال له مالك بن القاسم جبليّ ، وقد جاء ويده
غمرة ، فقلت له : إنّك قريب عهد بالأكل؟ فقال لي : أستغفر الله فإنَّني منذ أسبوع
لم آكل ، ولكن : أطعمت والدتي وأسرعت لألحق صلاة الفجر ، وبينه وبين الموضع الذي
جاء منه سبعمائة فرسخ فهل أنت مؤمن بذلك؟ فقلت : نعم. فقال : الحمد لله الذي أراني
مؤمناً موقناً.
١٠ ـ روى ابن
الجوزي في صفة الصفوة (٤ / ٢٩٣) عن موسى
بن هارون ، قال : رأيت الحسن بن الخليل بن مرّة بعرفات وكلّمته ، ثمّ رأيته يطوف
بالبيت فقلت : ادع الله لي أن يقبل حجّي. فبكى ودعا لي.
ثمّ أتيت مصر فقلت
: إنَّ الحسن كان معنا بمكّة ، فقالوا : ما حجَّ العام ، وقد كان يبلغني أنّه يمرّ
إلى مكّة في كلّ ليلة فما كنت أُصدِّق حتى رأيته ، فعاتبني وقال : شهرتني ما كنت
أُحبّ أن تحدّث بها عنّي ، فلا تعد بحقّي عليك.
قال
الأميني : في وسع الباحث أن
يؤلِّف من أمثال هذه القصص المبثوثة في طيّ الكتب والمعاجم تأليفاً حافلاً ، ونحن
اقتصرنا بالمذكور روماً للاختصار ، ويستفاد منها أنَّ الوليّ الذي مُنَّ عليه بطيّ
الأرض له أن يأخذ معه من شاء وأراد من أخلاّئه وخدمه ، فتطوى لصاحبه الأرض أيضاً
كرامةً لذلك الوليّ الصالح فضلاً عن نفسه ، وهذه كلّها لا يناقش فيها مهما لم يكن
الوليُّ الموصوف من العترة الطاهرة ، وإلاّ فهناك كلُّ الجدال والمناقشة ، وكلُّ
الهوس والهياج.
__________________
ما عشت أراك الدهر عجباً
لم يكن هذا النكير
بِدعاً ممّا جاء به القوم في كثير من فضائل مولانا أمير المؤمنين وآله العترة
الطاهرة عليهمالسلام ، فإنّ هناك شنشنة مطّردة في واحدٍ واحدٍ منها بالتهكّم
تارةً ، وبالتفنيد أُخرى ، وبالوقيعة في السند طوراً ، وبالاستبعاد المجرّد آونة ،
وبالمناقشة في الدلالة مرّة ، ففي كلّ يوم يطرق سمعك هتاف معتوه ، أو عقيرة متعصّب
، أو ضوضاء من حانق ، أو لغطٌ من مُعربد ، وهم يحسبون أنَّهم يحسنون صُنعاً ، مع
أنَّ القوم يثبتون أمثال هاتيك الفضائل لغير رجالات أهل البيت عليهمالسلام ، من غير أن يضطرب لهم بال ، أو تغلي عليها مراجل الأحقاد ، أو تمدَّ إليها
يد الجرح والتعديل ، أو تتبعها كلمة الغمز بالرمي بالغلوّ أو الافتعال ، وإليك
نُبَذاً منها :
ـ ١ ـ
حديث ردّ الشمس
مرّت في الجزء
الثالث (ص ١٢٦ ـ ١٤١) طُرَف من أسانيد حديث ردّ الشمس لمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام بدعاء النبيّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وشواهد صحّته وكلمات العلماء في ذلك وهي أربعون كلمة ،
فإنَّك تجد هناك طنيناً وهمهمة في صحّة الحديث ، وعدم وقوع الواقعة ، وعدم إمكانها
، ولكن السبكي ، واليافعي ، وابن حجر ، وصاحب
شذرات الذهب
وغيرهم ذكروا مثل هذه المأثرة لإسماعيل بن محمد الحضرمي ، المتوفّى (٦٧٦) من دون
أيّ غمز ونكير.
قال السبكي في
طبقات الشافعيّين (٥ / ٥١) : ممّا
حكي من كرامات الحضرمي واستفاض ، أنّه قال يوماً لخادمه وهو في سفر : قل للشمس تقف
حتى نصل إلى المنزل. وكان في مكان بعيد وقد قرب غروبها ، فقال لها الخادم : قال
لكِ الفقيه إسماعيل : قفي. فوقفت حتى بلغ مكانه ، ثمّ قال للخادم : أما تطلق ذلك
المحبوس؟ فأمرها الخادم بالغروب فغربت ، وأظلم الليل في الحال.
وقال اليافعي في مرآة
الجنان (٤ / ١٧٨) : من كرامات إسماعيل الحضرمي وقوف الشمس له ، حتى بلغ مقصده لمّا
أشار إليها بالوقوف في آخر النهار ، وهذه الكرامة ممّا شاع في بلاد اليمن وكثر
فيها الانتشار. ومنها : إنَّه نادته سدرةٌ والتمست منه أن يأكل هو وأصحابه من
ثمرها ، وإليه أشرت بقولي :
هو الحضرمي نجل
الوليِّ محمدِ
|
|
إمام الهدى نجل
الإمام الممجَّدِ
|
ومن جاهه أومى
إلى الشمس أن قفي
|
|
فلم تمشِ حتى
أنزلوه بمقصدِ
|
ومن بعض قصائد
اليافعي أيضاً قوله في الحضرمي :
هو الحضرمي
المشهور من وقفت له
|
|
بقول قفي شمسٌ
لأبلغ منزلي
|
وقال ابن العماد
في شذرات الذهب (٥ / ٣٦٢) : له ـ للشيخ
إسماعيل الحضرمي ـ كرامات ، قال المطري : كادت تبلغ التواتر ـ إلى أن قال ـ ومنها
: أنّه قصد بلدة زبيد فكادت الشمس تغرب وهو بعيدٌ عنها فخاف أن تغلق أبوابها ،
فأشار إلى
__________________
الشمس فوقفت حتى
دخل المدينة ، وإليه أشار الإمام اليافعي بقوله :
هو الحضرمي نجل الوَليّ محمد
إلى آخر البيتين
المذكورين.
وقال ابن حجر في
الفتاوى الحديثيّة (ص ٢٣٢) : ومن
كراماته ـ يعني الحضرمي ـ : أنَّه كان داخلاً لزبيد وقد دنت الشمس للغروب فقال لها
: لا تغربي حتى ندخلها. فوقفت ساعةً طويلةً ، فلمّا دخلها أشار إليها فإذا الدنيا
مظلمة ، والنجوم ظاهرةُ ظهوراً تامّا.
قال العلاّمة
السماوي في العجب اللزومي :
وا عجباً من
فرقةٍ قد غلتْ
|
|
من دَغَلٍ في
جوفِها مضرمِ
|
تنكرُ ردَّ
الشمس للمرتضى
|
|
بأمرِ طه العيلم
الخضرمِ
|
وتدّعي أنْ
ردَّها خادمٌ
|
|
لأمرِ إسماعيلٍ
الحضرمي
|
وللباحث أن يستنتج
من هذه القضيّة ـ إن أخبت بها ـ أنّ إسماعيل الحضرمي أعظم عند الله تعالى من
النبيّ الأعظم ووصيّه أمير المؤمنين ؛ لأنَّ ردّ الشمس لعليٍّ كان بدعائه تارةً
وبدعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم طوراً ، وأمّا إسماعيل فقد أمر خادمه أن يأمرها بالوقوف
ثمّ أمره بأن يفكَّ قيد إسارها بأمرها بالانصراف ، أو أشار هو إليها بالوقوف فوقفت
، هذه هي العظمة والزلفة إن صحّت الأحلام ، لكن العقلاء يدرون ورواة القصّة أيضاً
يعلمون بأنّها متى صيغت ، ومهما لُفِّقت ، ولما ذا نُسجت.
(يُرِيدُونَ أَنْ
يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ
نُورَهُ)
__________________
ـ ٢ ـ
صلاة ألف ركعة
قد تضافر النقل
بأنّ كُلاّ من مولانا أمير المؤمنين ، والإمام السبط الشهيد الحسين ، وولده الطاهر
عليٍّ زين العابدين كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة ، ولم تزل العقائد متطامنةً على ذلك ، والعلماء متسالمين
عليه ، حتى جاء ابن تيميّة بهوسه وهياجه ، فحسب تارةً كراهة هذا العمل البارّ ،
وأنَّه ليس بفضيلة ، وأنَّ القول بأنّها فضيلة يدلّ على جهل قائله ؛ لأنَّ رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان لا يزيد في الليل على ثلاث عشرة ركعة ، وفي النهار على
عدّة ركعات معيّنة ، وأنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان لا يقوم تمام الليل ، كما كان لا يصوم كلّ يوم ، فقال
: فالمداومة على قيام جميع الليل ليس بمستحبّ بل مكروهٌ ، وليس من سنّة النبيّ
الثابتة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهكذا مداومة صيام النهار.
وزعم تارةً أنَّه
خارج عن نطاق الإمكان ، فقال : وعليٌّ رضى الله عنه أعلم بسنّته صلىاللهعليهوآلهوسلم وأتبع لهديه ، وأبعد من أن يخالف هذه المخالفة ، لو كان
ذلك ممكناً فكيف وصلاة ألف ركعة في اليوم والليلة مع القيام بسائر الواجبات غير
ممكن ، فإنّه لا بدَّ من أكل ونوم ... إلخ.
__________________
ويرى آونة أنَّ
طبع عمل مثله ، مبنيٍّ على المسارعة والاستعجال ، يستدعي أن يكون عريّا عن الخضوع
، نقراً كنقر الغراب ، فلا يكون فيه كثير جدوى. ثمّ ختم كلامه بقوله : ثمّ إحياء
الليل بالتهجّد وقراءة القرآن في ركعةٍ هو ثابت عن عثمان رضى الله عنه ، فتهجّده
وتلاوته القرآن أظهر من غيره .
الجواب : أمّا
حسبان كراهة ذلك العمل ومخالفة السنّة النبويّة وخروجه بذلك عن الفضيلة ، فيعرب عن
جهله المطبق بشؤون العبادات وفقه السنّة ، وتمويهه على الحقائق الراهنة جهلاً أو
عناداً ، فإنّ صلاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثلاث عشرة ركعة ، وكذلك صلاة نهاره ، إنَّما هي صلاة الليل
والشفع والوتر ونافلة الصبح ونافلة الصلوات اليومية ، كما فُصّل في غير واحد من
الأخبار ، وهي النوافل المرتَّبة المعيّنة في الليل والنهار ، لا ترتبط باستحباب
مطلق الصلاة ومطلوبيّة نفسها ، ولا تنافي ما صحَّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «الصلاة خير موضوع ، استكثر أو استقل» .
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الصلاة خير موضوع ، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر» .
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الصلاة خير موضوع ، من شاء أقلّ ، ومن شاء أكثر» .
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا أنس أكثر الصلاة بالليل والنهار تحفظك حفظتك» .
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنس في حديث طويل : «إن استطعتَ أن لا تزال تصلّي فإنَ
__________________
الملائكة تصلّي
عليك ما دمت مصلّياً» .
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من أكثر صلاته ـ أو من كثرت صلاته ـ بالليل حسن وجهه
بالنهار» .
وما روي عن نصر بن
عليّ الجهضمي قال : رأيت الحافظ يزيد بن زريع في النوم فقلت : ما فعل الله لك؟ قال
: دخلت الجنّة. قلت ، بما ذا؟ قال : بكثرة الصلاة .
وصحَّ عن البخاري ومسلم : أنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقوم من الليل حتى تنفطر قدماه.
وفي رواية لهما
والترمذي : إن كان النبيّ ليقوم أو ليصلّي حتى ترم قدماه أو ساقاه. وفي رواية عن
عائشة : حتى تفطّرت قدماه. وفي رواية عن أبي هريرة : حتى تزلع قدماه. وفي المواهب اللدنيّة : كان يصلّي ـ بعد كبره ـ بعض ورده جالساً بعد أن كان يقوم
حتى تفطّرت قدماه.
وقد جرت السنّة
المطّردة بين العاملين في النسك والعبادات من الصلاة والصوم والحجِّ وقراءة القرآن
وغيرها ممّا يقرِّب إلى الله زلفى ، أن يأتي كلٌّ منهم بما تيسّر له منها غير
مقتصر بما أتى به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والناس متفاوتون في القدر ، والله تعالى يقول : (فَاتَّقُوا
اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) و (لا يُكَلِّفُ اللهُ
نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها) فترى هذا يصلّي
__________________
كلّ يوم مائة ركعة
، والآخر يصلّي مائتي ركعة مثل القاضي الفقيه أبي يوسف الكوفي المتوفّى (١٨٢)
، والقاضي أبي عبد الله محمد بن سماعة البغدادي المتوفّى (٢٣٣) ، وبشر بن الوليد الكندي المتوفّى (٢٣٨) .
ومنهم من كان
يصلّي ثلاثمائة ركعة ، نظير :
إمام الحنابلة
أحمد بن حنبل المتوفّى (٢٤١) ، وأبي القاسم الجنيد القواريري المتوفّى (٢٩٨) ، والحافظ عبد الغني المقدسي المتوفّى (٦٠٠) .
ومنهم
من كان يصلّي أربعمائة ركعة ، نظراء :
بشر بن المفضّل
الرقاشي المتوفّى (١٨٧) ، وإمام الحنفيّة أبي حنيفة نعمان
__________________
المتوفّى (١٥٠) ، وأبي قلابة عبد الملك بن محمد المتوفّى (٢٧٦) ، وضيغم بن مالك أبي مالك. صفة الصفوة (٣ / ٢٧٠) ، وأمّ
طلق كانت تصلّي أربعمائة ركعة وتقرأ من القرآن ما شاء الله. صفة الصفوة (٤ / ٢٤) ، وأحمد
بن مهلهل الحنبلي المتوفّى (٥٥٤) .
ومنهم
من كان يصلّي خمسمائة ركعة ، أشباه :
بشر بن منصور
البصري المتوفّى (١٨٠) ، وسمنون بن حمزة المتوفّى (٢٩٨) . تاريخ بغداد (٩ / ٢٣٦) ، المنتظم (٦ / ١٠٨).
ومنهم
من كان يصلّي ستمائة ركعة ، أمثال :
الحارث بن يزيد
الحضرمي المتوفّى (١٣٠). خلاصة التهذيب (٥٩) ، تهذيب التهذيب (٢ / ١٦٣) ،
والحسين بن الفضل الكوفي المتوفّى (٢٨٢) ، وعليّ بن عليّ بن النجاد أبي إسماعيل البصري. خلاصة
التهذيب (٢٣٤) ، وأُمّ الصهباء معاذة
__________________
العدويّة. صفة
الصفوة (٤ / ١٤).
ومنهم
من كان يصلّي سبعمائة ركعة ، مثيل :
الأسود بن يزيد ـ زيد
ـ النخعي المتوفّى (٧٥) ، وعبد الرحمن بن الأسود المتوفّى (٩٨). طبقات الحفّاظ (١ / ٤٨).
وقد ذكروا في
ترجمة غير واحد من رجال أهل السنّة ، وعدّوا من فضائلهم أنّهم كانوا يصلّون في
اليوم والليلة ـ أو في اليوم فقط ـ ألف ركعة ، منهم :
١ ـ مرّة بن
شراحيل الهمداني المتوفّى (٧٦) : على ما قيل كان يصلّي كلّ يوم وليلة ألف ركعة . حلية الأولياء (٤ / ١٦٢) ، البداية والنهاية (٨ / ٧٠) ،
صفة الصفوة (٣ / ١٧).
٢ ـ عبد الرحمن بن
أبان بن عثمان بن عفان : كان يصلّي في كلّ يوم ألف ركعة. أنساب البلاذري (٥ / ١٢٠)
، رسائل الجاحظ (ص ٩٨).
٣ ـ عمير بن هانئ
أبو الوليد الدمشقي التابعي ، قال الترمذي : كان يصلّي كلّ يوم ألف ركعة ، ويسبِّح
مائة ألف تسبيحة. كذا حكاه الشيخ محمد عبد الحيّ الأنصاري الحنفي في إقامة الحجّة (ص ٧) ، وفي تهذيب
التهذيب (٨ / ١٥٠) : كان
__________________
يصلّي كلّ يوم ألف
سجدة ، ويسبّح مائة ألف تسبيحة.
٤ ـ عليّ بن عبد
الله العباسي المتوفّى (١١٧) : كان يصلّي كلّ يوم ألف ركعة ، وقيل : في الليل
والنهار . كامل المبرّد (٢ / ١٥٧) ، البداية والنهاية (٨ / ٣٠٦) ،
تهذيب التهذيب (٣ / ٣٥٨) ، شذرات الذهب (١ / ١٤٨).
٥ ـ ميمون بن
مهران الرقّي المتوفّى (١١٧) : عالم أهل الجزيرة ، صلّى سبعة عشر يوماً سبعة عشر
ألف ركعة. طبقات الحفّاظ (١ / ٩٣).
٦ ـ بلال بن سعد
الأشعري المتوفّى (حدود ١٢٠) : كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة . خلاصة التهذيب (ص ٤٥) ، تاريخ الشام (٣ / ٣١٥) ، البداية
والنهاية (٩ / ٣٤٨) ، تهذيب التهذيب (١ / ٥٠٣).
٧ ـ عامر بن عبد
الله الأسدي المدني : كان قد فرض على نفسه كلّ يوم ألف ركعة . حلية الأولياء (٢ / ٨٩) ، صفة الصفوة (٣ / ١٢٨) ، تاريخ الشام
(٧ / ١٦٩) طبقات الأخيار (١ / ٢٤).
٨ ـ مصعب بن ثابت
بن عبد الله بن الزبير المتوفّى سنة (١٥٧) : كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة . الترغيب والترهيب (٤ / ٢٢٧) ، صفة الصفوة (٢ / ٩٩ ،
__________________
١١١) ، ميزان
الاعتدال (٣ / ١٧٢) ، تهذيب التهذيب (١٠ / ١٥٩).
٩ ـ أبو السائب
المخزومي : كان يصلّي في كل يوم وليلة ألف ركعة. الأغاني (١ / ١٠٩).
١٠ ـ سليمانان ،
قال القيسي : كان يصلّي كلّ يوم وليلة ألف ركعة حتى أقعد من رجليه ، فكان يصلّي
جالساً ألف ركعة. حلية الأولياء (٦ / ١٩٥).
١١ ـ كهمس بن
الحسن أبو عبد الله الدعّاء : كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة حلية الأولياء (٦
/ ٢١١) ، صفة الصفوة (٣ / ٢٣٤).
١٢ ـ محمد بن حفيف
الشيرازي أبو عبد الله المتوفّى (٣٧١) : ربّما كان يصلّي من الغداة إلى العصر ألف
ركعة. مفتاح السعادة (٢ / ١٧٧).
١٣ ـ أبو حنيفة
إمام الحنفيّة : كان يصلّي في كلّ ليلة ثلاثمائة ركعة ، ومرَّ يوماً في بعض الطرق
، فقالت امرأة لامرأة : هذا الرجل يصلّي في كلّ ليلة خمسمائة ركعة. فسمع الإمام
ذلك فجعل يصلّي بعد ذلك في كل ليلة خمسمائة ركعة ، ومرَّ يوماً على جمعٍ من
الصبيان قال بعضهم لبعض : هذا يصلّي في كلِّ ليلة ألف ركعة ولا ينام بالليل. فقال
أبو حنيفة : نويت أن أصلّي في كلِّ ليلة ألف ركعة وأن لا أنام بالليل. إقامة
الحجّة للشيخ محمد عبد الحيّ الحنفي (ص ٩).
١٤ ـ رابعة : كانت
تصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة. روض الأخبار المنتخب من ربيع الأبرار (١ / ٥).
__________________
ونحن نعرف من
أصحابنا اليوم من يأتي بها في الليل تارة ، وفي الليل والنهار أخرى ، في أقلّ من
سبع ساعات يصلّيها صلاةً تامّة مع سورة التوحيد بالرغم من حسبان ابن تيميّة
استحالتها في اليوم والليلة ، فإتيان ألف ركعة في الليل والنهار لا يستوعب كلّ
الليل ، ولا يحتاج إلى قيام تمامه ولا إلى قيام نصفه ، ولا تخالف السنّة ، بل هي
السنّة النبويّة المعتضدة بعمل العلماء والأولياء ، فمن شاء استكثر ، ومن شاء
استقلّ.
والمداومة على
قيام جميع الليل إن لم تكن مستحبّا وكانت من المكروه المخالف للسنّة الثابتة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كما زعمه ابن تيميّة ، فكيف تعدّ في طيّات الكتب فضيلة
لأعلام قومه ، منهم :
١ ـ سعيد بن
المسيّب التابعي المتوفّى (٩٣) : صلّى الغداة بوضوء العتمة خمسين سنة. صفة الصفوة (٢ / ٤٤).
٢ ـ الحسن البصري
التابعي المتوفّى (١١٠) : صلّى الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة. روضة الناظرين .
٣ ـ إمام الحنفيّة
نعمان : صلّى أربعين سنة صلاة الغداة على طهارة العشاء. وقال ابن المبارك : خمساً
وأربعين سنة. مناقب أبي حنيفة للخوارزمي (١ / ٢٣٦ ، ٢٤٠) ، مناقب الكردري (١ / ٢٤٢).
٤ ـ أبو جعفر عبد
الرحمن بن الأسود النخعي المتوفّى (٩٨) : صلّى الفجر بوضوء العشاء. صفة الصفوة (٣ / ٥٣).
__________________
٥ ـ أبو بكر
النيسابوري الرحّال الفقيه : صلّى أربعين سنة صلاة الصبح على طهارة العشاء ، قال :
إنَّه قام أربعين سنة لم يَنَم الليل ، ويتقوّت كلّ يوم بخمس حبّات ، يصلّي صلاة
الغداة على طهارة العشاء الآخرة . تاريخ بغداد (١٠ / ١٢٢) ، طبقات الحفّاظ (٣ / ٣٨) ، شذرات
الذهب (٢ / ٣٠٢).
٦ ـ محمد بن عبد
الرحمن أبو الحارث المتوفّى (١٥٩) : كان يصلّي اللّيل أجمع. صفة الصفوة (٢ / ٩٨).
٧ ـ هاشم ـ صفة
الصفوة : هشيم ـ بن بشير أبو معاوية المتوفّى (١٨٣) : صلّى عشرين سنة الصبح بوضوء
العشاء . دول الإسلام (١ / ٩١) ، صفة الصفوة (٣ / ٦) ، البداية
والنهاية (١ / ١٨٤).
٨ ـ أبو غياث
منصور بن المعتمر السلمي المتوفّى (١٣٢) : كان يحيي الليل كلّه في ركعة لا يسجد
فيها ولا يركع. صفة الصفوة (٣ / ٦٣).
٩ ـ أبو الحسن
الأشعري : مكث عشرين سنة يصلّي الصبح بوضوء العشاء. طبقات الأخيار (٢ / ١٧٢).
١٠ ـ أبو الحسين
بن بكّار البصري المتوفّى (١٩٩) : كان يصلّي الغداة بوضوء العتمة. صفة الصفوة (٤ / ٢٤٠).
__________________
١١ ـ الحافظ
سليمان بن طرخان التيمي : صلّى أربعين سنة صلاة الصبح والعشاء بوضوء واحد . حلية الأولياء (٣ / ٢٩) ، صفة الصفوة (٣ / ٢١٨) ، طبقات
الحفّاظ (١ / ١٤٢).
١٢ ـ أبو خالد
يزيد بن هارون الحافظ : صلّى نيّفاً وأربعين سنة صلاة الصبح بوضوء العشاء . طبقات الحفّاظ (١ / ٢٩٢) ، صفة الصفوة (٣ / ٨).
١٣ ـ عبد الواحد
بن زيد : صلّى الغداة بوضوء العشاء أربعين سنة . صفة الصفوة (٣ / ٤٣) طبقات الأخيار (١ / ٤٠).
على أنَّ ثبوت
السنّة عند القوم لا يستلزم فعل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فحسب ؛ بل هي تثبت بفعل أيّ أحد سنَّ سنّة من أفراد الأمّة
، فليكن أمير المؤمنين عليهالسلام أوّل من سنَّ صلاة ألف ركعة في اليوم والليلة ، كما نصَّ
الباجي والسيوطي والسكتواري وغيرهم ، على أنَّ أوّل من سنَّ التراويح عمر بن
الخطاب رضى الله عنه سنة أربع عشرة ، وعلى أنَّ أوّل من جمع الناس على التراويح عمر ، وعلى أنَّ إقامة النوافل بالجماعات في شهر رمضان من
محدثات عمر رضى الله عنه ، وأنَّها بدعة حسنة ، وعلى أنَّ أوّل من جلد في الخمر ثمانين عمر رضى الله عنه
. وأمثال ذلك بكثير ممّا سنّه عمر بن الخطاب وصُيِّر بدعة حسنة ، وسنّة
متّبعة.
__________________
وكما قال الحافظ
أبو نعيم الأصبهاني والخازن وغيرهما ، من أنَّ أوّل من سنَّ لكلّ مسلم قُتل صبراً
الصلاة خبيب بن عديّ الأنصاري. حلية الأولياء (١ / ١١٣) ، تفسير الخازن (١ / ١٤١).
وكما قال
المؤرِّخون فيما سنَّ معاوية بن أبي سفيان في الإرث والدية خلاف سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والخلفاء الأربعة من بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنَّه يُسمّى بسنّة الخلفاء لاتِّباعهم أثره بعده واتِّخاذهم
ذلك سنّةً. البداية والنهاية (٩ / ٢٣٢ و ٨ /
١٣٩).
وكما أُخذت سنّة
التبريك في الأعياد من عمر بن عبد العزيز ، كما قاله الحافظ ابن عساكر في تاريخه (٢ / ٣٦٥).
وهلاّ صحّ عن رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديّين»
،أوصحَّ ذلك غير أنّ بينه وبين عليّ أمير المؤمنين حُجزاً وحُدُداً يخصّانه
بغيره؟
ولدفع مزعمة ابن
تيميّة هذه ومن لفَّ لفَّه ، ألّف الشيخ محمد عبد الحيّ الحنفي رسالةً أسماها ب :
إقامة الحجّة على أنّ الإكثار في التعبّد ليس ببدعة ، وذكر جماعة من الصحابة
والتابعين الذين اجتهدوا في العبادة وصرفوا فيها أعمارهم ، والرسالة فيها فوائد
جمّة لا يُستهان بها ، طبعت بالهند سنة (١٣١١).
قال في (ص ١٨) :
خلاصة المرام في هذا المقام ، وهو الذي أختاره تبعاً للعلماء الكرام : أنّ قيام
الليل كلّه ، وقراءة القرآن في يوم وليلة مرّة أو مرّات ، وأداء ألف ركعة
__________________
أو أزيد من ذلك ،
ونحو ذلك من المجاهدات والرياضات ليس ببدعة ، وليس بمنهيٍّ عنه في الشرع ، بل هو
أمر حسنٌ مرغوب إليه .. إلخ.
وأمّا دعوى عدم
الإمكان فمنشؤها تثاقل الطبع والكسل عن الإكثار من العبادة ، فإنّ من لم يتنشّط في
كلّ عمره لأمثال ذلك ، البعيد عن عمل العاملين وعادات العبّاد يحسب خروج ذلك عن
حيّز الإمكان ، لكن من تذوّق حلاوة الطاعة ولذّة العبادة يرى أمثال هذه من
العاديّات المطّردة.
مشكلة الأوراد
والختمات :
يجد الباحث في
طيّات الكتب والمعاجم أعمالاً كبيرةً باهظةً تستوعب من الوقت أكثر من ألف ركعة
صلاة ، معزوّة إلى أُناس عاديّين لم ينكرها عليهم ولا على رواتها أحدٌ لا ابن
تيميّة ولا غيره ؛ لأنَّ بواعث الإنكار على أئمّة أهل البيت عليهمالسلام لا توجد هنالك ، وإليك نُبَذاً من تلك الأعمال :
١ ـ كان عُويمر بن
زيد أبو الدرداء الصحابيّ المتوفّى (٣٢) يسبِّح كلّ يوم مائة ألف تسبيحة. شذرات
الذهب (١ / ١٧٣).
٢ ـ كان أبو هريرة
الدوسي الصحابيّ المتوفّى (٥٧ ، ٥٨ ، ٥٩) يسبِّح كلّ ليلة اثني عشر ألف تسبيحة قبل
أن ينام ، ويستغفر الله ويتوب إليه كلّ يوم اثني عشر ألف مرة . البداية والنهاية (٨ / ١١٠ ، ١١٢) ، شذرات الذهب (١ / ١٧٣).
٣ ـ كان خالد بن
معدان المتوفّى (١٠٣ ، ١٠٤ ، ١٠٨) يسبِّح في اليوم أربعين ألف تسبيحة ، سوى ما
يقرأ من القرآن . حلية الأولياء (٥ / ٢١٠) ، خلاصة
__________________
الخزرجي (ص ٨٨) ،
دول الإسلام (١ / ٥٤).
٤ ـ كان عمُير بن
هاني المتوفّى (١٢٧) يسبِّح كلّ يوم مائة ألف تسبيحة . صفة الصفوة (٤ / ١٦٣) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٣٠٥) ، تهذيب
التهذيب (٨ / ١٥٠) ، شذرات الذهب (١ / ١٧٣).
٥ ـ كان أبو حنيفة
إمام الحنفيّة المتوفّى (١٥٠) يأتي إلى الجمعة ويصلّي قبل صلاتها عشرين ركعة يختم
فيهنّ القرآن. مناقب أبي حنيفة للخوارزمي (١ / ٢٤٠) ، مناقب الكردري (١ / ٢٤٤).
٦ ـ كان يعقوب بن
يوسف أبو بكر المطوعي المتوفّى (٢٨٧) يقرأ كلّ يوم ـ وفي نسخة : وليلة ـ سورة
التوحيد إحدى وثلاثين ألف مرّة ، أو : إحدى وأربعين ألف ـ شكَّ جعفر الراوي عنه ـ تاريخ بغداد (١٤ / ٢٨٩) ،
البداية والنهاية (١١ / ٨٤) ، المنتظم (٦ / ٢٦).
٧ ـ كان الجنيد
القواريري المتوفّى (٢٩٨) وِرْده كلّ يوم ثلاثمائة ركعة ، قال ابن الجوزي :
أربعمائة ركعة وثلاثين ألف تسبيحة . المنتظم (٦ / ١٠٦) ، صفة الصفوة (٢ / ٢٣٥) ، البداية
والنهاية (١١ / ١١٤) ، تاريخ بغداد (٧ / ٢٤٢).
٨ ـ كان فقيه
الحرم الإمام محمد يقرأ كلّ يوم ستّة آلاف قل هو الله أحد ، وهي من جملة أوراده.
طبقات الأخيار (٢ / ١٧٠).
__________________
٩ ـ كان الشيخ
أحمد الزواوي المتوفّى (٩٢٢) يقرأ كلّ يوم وليلة عشرين ألف تسبيحة ، وأربعين ألف
صلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. شذرات الذهب .
١٠ ـ كان محمد بن
سليمان الجزولي يقرأ نهاراً أربعة عشر ألف بسملة ، وسلكتين من تأليفه دلائل
الخيرات في الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. نيل الابتهاج (ص ٣١٧).
١١ ـ كان عبد
العزيز المقدسي يقول : حاسبت نفسي من يوم بلوغي إلى يومي هذا فإذا زلاّتي لا تجاوز
ستّا وثلاثين زلّة ، ولقد استغفرت الله لكلّ زلّة مائة ألف مرة ، وصلّيت لكلّ زلّة
ألف ركعة ، ختمت في كلّ ركعة منها ختمة. صفة الصفوة (٤ / ٢١٩).
وأنت تعلم أنَّ
ألف ركعة صلاة تكون ثلاثةً وثمانين ألف كلمة ؛ إذ الركعة الأولى من تكبيرة الإحرام
إلى السجدة الأخيرة تعدّ كلماتها (٦٩) كلمة ، وتكون إذا صلّيتها تسعة آلاف وستّين
ألفاً ، ويخرج من الركعة الثانية ألف كلمة عن تكبيرة الإحرام غير الموجودة فيها
فتبقى ثمانية وستون ألفاً ، وإذا أضفت إليها كلمات التشهّد على طريقة الشيعة ،
والسلام بصيغة (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وهي خمسة عشر ألف كلمة ، يكون
المجموع ثلاثة وثمانين ألف كلمة تربو على كلمات القرآن الشريف بخمسة آلاف وسبع
وخمسين كلمة ، فقس الأعمال المذكورة إلى هذه تجدها تزيد عليها بكثير ، لكن الولاء
لصاحب الأوراد المذكورة يمكّنه منها ، والبغضاء لصاحب الصلاة من العترة الطاهرة
تُقعد به عن العمل.
وأمّا ما ختم به
ابن تيميّة كلامه من قراءة عثمان القرآن في ركعة واحدة فهو خارجٌ عن موضوع البحث ،
غير أنَّه راقه أن يقابل تلك المأثرة بفضيلة لعثمان ذاهلاً عن أنَّ ما أورده على
صلاة الأئمّة من الإشكال واردٌ فيها ، فهي تخالف السنّة
__________________
على زعمه أوّلاً ؛
إذ لم يثبت عن رسول الله قراءة القرآن في ركعة واحدة ، وأنّها خارجةٌ عن نطاق
الإمكان ثانياً ؛ إذ كلمات القرآن سبعة وسبعون ألف وتسعمائة وأربع وثلاثون كلمة ،
وفي قول عطاء بن يسار سبعة وسبعون ألف وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة ، وتلك الركعة الواحدة لا بدّ إمّا أن تقع بين المغرب
والعشاء ، وإمّا بعد العشاء الآخرة إلى صلاة الصبح ، فإتيانها على كل حال في ركعة
غير ممكن الوقوع.
على أنّ الشيخين ـ
البخاري ومسلماً ـ قد أخرج ا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال لعبد الله بن عمر : «واقرأ في سبع ولا تزد على
ذلك». وصحَّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم «من قرأ القرآن في
أقلّ من ثلاث لم يفقه». ثمّ إنّ عثمان عُدّ ممّن كان يختم في كلّ أسبوع من الصحابة
.
ومشكلة الختمة في
كتب القوم جاءت بأُذني عناق ، أثقل من شمام ، تنتهي إلى شجنةٍ من العَتَه ، فذكروا أنَّ منهم من كان يختم القرآن في ركعة
ما بين الظهر والعصر ، أو بين المغرب والعشاء ، أو في غيرهما ، وعُدّ من أُولئك :
١ ـ عثمان بن
عفّان الأموي : كان يختم في ركعة ليلاً. حلية الأولياء (١ / ٥٧)
٢ ـ تميم بن أوس
الداري الصحابي : كان يختم في ركعةٍ. صفة الصفوة (١ / ٣١٠).
__________________
٣ ـ سعيد بن جبير
التابعي المتوفّى (٩٥). حلية الأولياء (٤ / ٢٧٣).
٤ ـ منصور بن
زاذان المتوفّى (١٣١) : كان يختمه مرّة فيما بين الظهر والعصر ، وأخرى فيما بين
المغرب والعشاء ، قال هشام : صلّيت إلى جنب منصور فقرأ القرآن فيما بين المغرب
والعشاء ختمتين ، ثمّ قرأ إلى الطواسين قبل أن تقام الصلاة ، وكانوا إذ ذاك
يؤخِّرون العشاء في شهر رمضان إلى أن يذهب ربع الليل ، وكان يختم فيما بين الظهر
والعصر ، وفي خلاصة التهذيب : وكان يختم في الضحى . حلية الأولياء (٣ / ٥٧) ، صفة الصفوة (٣ / ٤) ، طبقات
الحفّاظ (١ / ١٣٤) ، دول الإسلام (١ / ٩٧) ، شذرات الذهب (١ / ١٨١).
٥ ـ أبو الحجّاج
مجاهد المتوفّى (١٣٢) : ذكره ابن أبي داود كما في الفتاوى الحديثيّة (ص ٤٤).
٦ ـ أبو حنيفة
النعمان بن ثابت ـ إمام المذهب ـ : كان يحيي الليل بقراءة القرآن ثلاثين سنة في
ركعة. مناقب أبي حنيفة للقاري (ص ٤٩٤).
٧ ـ يحيى بن سعيد
القطّان المتوفّى (١٩٨). تاريخ بغداد (١٤ / ١٤١) ، شذرات الذهب (١ / ٣٥٥) .
٨ ـ الحافظ أبو
أحمد محمد بن أحمد العسّال المتوفّى (٣٤٩). طبقات الحفّاظ (٣ / ٩٧).
__________________
٩ ـ أبو عبد الله
محمد بن حفيف الشيرازي المتوفّى (٣٧١) : كان ربّما يقرأ القرآن كلّه في ركعة
واحدة. مفتاح السعادة (٢ / ١٧٧).
١٠ ـ جعفر بن
الحسن الدرزيجاني المتوفّى (٥٠٦) : له ختمات كثيرة جداً كلّ ختمة منها في ركعة
واحدة. شذرات الذهب (٤ / ١٦).
ومنهم
من كان يختم في كل يوم ختمة ، وعُدّ من أُولئك :
١ ـ سعد بن إبراهيم
الزهري المتوفّى (١٢٧). دول الإسلام (١ / ٦٦) ، وفي خلاصة التهذيب (ص ١١٣) : في
كلّ يوم وليلة .
٢ ـ أبو بكر بن
عيّاش الأسدي الكوفي المتوفّى (١٩٣). البداية والنهاية (١٠ / ٢٢٤) ، تهذيب التهذيب
(١٢ / ٣٦) .
٣ ـ أبو العبّاس
محمد بن شاذل النيسابوري المتوفّى (٣١١). شذرات الذهب (٣ / ٢٦٢).
٤ ـ أبو جعفر
الكتاني : كان يختمها مع الزوال. حلية الأولياء (١٠ / ٣٤٣).
٥ ـ أبو العبّاس
الآدمي المتوفّى (٣٩٠) : كان يختم في غير شهر رمضان كلّ يوم ختمة . المنتظم (٦ / ١٦٠) ، صفة الصفوة (٢ / ٢٥١) ، شذرات الذهب (٢
/ ٢٥٧).
__________________
٦ ـ أحمد بن حنبل
ـ إمام مذهبه ـ المتوفّى (٢٤١). مناقب أحمد لابن الجوزي (ص ٢٨٧).
٧ ـ البخاري ـ صاحب
الصحيح ـ المتوفّى (٢٥٦) ، تاريخ بغداد (٢ / ١٢)
٨ ـ الشافعي إمام
الشافعيّة ـ المتوفّى (٢٠٤) : في غير شهر رمضان . صفة الصفوة (٢ / ١٤٥) ، طبقات الأخيار (١ / ٣٣).
٩ ـ محمد بن يوسف
أبو عبد الله البنّاء المتوفّى (٢٨٦). المنتظم (٦ / ٢٤).
١٠ ـ محمد بن عليّ
الكرخي المتوفّى (٣٤٣). البداية والنهاية (١١ / ٢٢٨) ، المنتظم (٦ / ٣٧٦) .
١١ ـ أبو بكر بن
الحدّاد المصري الشافعي المتوفّى (٣٤٤ ، ٣٤٥). دول الإسلام (١ / ١٦٧) ، طبقات
الحفّاظ (٣ / ١٠٨). وفي بعض المصادر : في اليوم والليلة .
١٢ ـ الخطيب
البغدادي ـ صاحب التاريخ ـ المتوفّى (٤٦٣). تاريخ الشام
(١ / ٤١٠).
١٣ ـ أحمد بن أحمد
ابن السيبي أبو عبد الله القصري المتوفّى (٤٣٩). تاريخ بغداد (٤ / ٤).
١٤ ـ الحافظ ابن
عساكر المتوفّى (٥٧١) : كان له ذلك في شهر رمضان. شذرات الذهب (٤ / ٢٣٩).
__________________
١٥ ـ الشيخ أحمد
البخاري : له كلّ يوم ختمة وثلث. طبقات الأخيار (٤ / ١٧٠) .
ومنهم
من كان يختمه في الليلة مرّة ، ومن أُولئك :
١ ـ عليّ بن عبد
الله الأزدي التابعي : كان له ذلك في شهر رمضان. تهذيب التهذيب (٧ / ٣٥٨).
٢ ـ قتادة أبو
الخطّاب البصري المتوفّى (١١٧) : كان له ذلك في عشرة شهر رمضان. صفة الصفوة (٣ / ١٨٢).
٣ ـ وكيع بن
الجرّاح المتوفّى (١٩٧). دول الإسلام (١ / ٩٦) ، تاريخ بغداد (١٣ / ٤٧٠) ، تهذيب
التهذيب (١١ / ١٢٩) .
٤ ـ البخاري ـ صاحب
الصحيح ـ المتوفّى (٢٥٦) : كان له ذلك في شهر رمضان. البداية والنهاية (١١ / ٢٦).
٥ ـ عطاء بن
السائب الثقفي المتوفّى (١٣٦). خلاصة التهذيب (ص ٢٢٥)
٦ ـ عليّ بن عيسى
الحميري : كان له ذلك في كلّ ليلة. طبقات القرّاء (١ / ٥٦٠).
٧ ـ أبو نصر عبد
الملك بن أحمد المتوفّى (٤٧٢). المنتظم (٨ / ٣٢٤).
__________________
٨ ـ الحافظ أبو
عبد الرحمن القرطبي المتوفّى (٢٠٦) : كان يختم كلّ ليلة في ثلاث عشرة ركعة. طبقات
الحفّاظ (٢ / ١٨٥).
٩ ـ الشافعي ـ إمام
الشافعيّة ـ : كان له ذلك في غير شهر رمضان. تاريخ بغداد (٢ / ٦٣).
١٠ ـ حسين بن صالح
بن حيّ المتوفّى (١٦٧). طبقات الأخيار (١ / ٥٠).
١١ ـ زبيد بن
الحارث. حلية الأولياء (٥ / ١٨).
١٢ ـ أبو بكر بن
عيّاش : كان يختم القرآن كلّ ليلة ، أربعين سنة. تاريخ بغداد (١ / ٤٠٧).
ومنهم
من كان يختمه في كلّ يوم وليلة مرّة ، وعُدّ من أولئك :
١ ـ سعد بن
إبراهيم أبو إسحاق المدني المتوفّى (١٢٧). صفة الصفوة (٢ / ٨٢).
٢ ـ ثابت بن أسلم
البنائي المتوفّى (١٢٧). حلية الأولياء (٢ / ٣٢١) ، طبقات الحفّاظ (١ / ١١٨).
٣ ـ جعفر بن
المغيرة التابعي. تاريخ الشام (٤ / ٧٩).
__________________
٤ ـ عمر بن الحسين
الجمحي. تهذيب التهذيب (٧ / ٤٣٤).
٥ ـ أبو محمد عبد
الرحمن اللخمي الشافعي المتوفّى (٥٨٧). شذرات الذهب (٤ / ٢٨٩).
٦ ـ أبو الفرج ابن
الجوزي المتوفّى (٥٩٠). البداية والنهاية (١٣ / ٩).
٧ ـ أبو عليّ عبد
الرحيم المصري القاضي الفاضل المتوفّى (٥٩٦). البداية والنهاية (١٣ / ٢٤).
٨ ـ أبو الحسن
المرتضى المتوفّى (٦٣٤). شذرات الذهب (٥ / ١٦٨).
٩ ـ محمود بن
عثمان الحنبلي المتوفّى (٦٠٩). شذرات الذهب (٥ / ٢٩).
١٠ ـ أُمّ حبّان
السلميّة. صفة الصفوة (٤ / ٢٥).
ومنهم
من كان يختم في الليل والنهار ختمتين ، مثل :
١ ـ سعيد بن جبير
التابعي : ختم ختمتين ونصفاً في الصلاة في الكعبة . البداية والنهاية (٩ / ٩٨) ، صفة الصفوة (٣ / ٤٣).
٢ ـ منصور بن
زاذان المتوفّى (١٣١) : كان يختم في الليل والنهار مرّتين كما مرَّ.
__________________
صفة الصفوة (٣ / ٤) ، وقال
القسطلاني في إرشاد الساري (٣ / ٣٦٥) : كان يختم بين المغرب والعشاء ختمتين ويبلغ
في الختمة الثالثة إلى الطواسين.
٣ ـ أبي حنيفة
إمام الحنفيّة : كان له ذلك في شهر رمضان ، التذكار (ص ٧٤) ، مناقب أبي حنيفة
للقاري (ص ٤٩٣ ، ٤٩٤).
٤ ـ الشافعي ـ إمام
الشافعيّة ـ : كان له ذلك في شهر رمضان ، ما منها إلاّ في الصلاة. المواهب
اللدنيّة ، وفي صفة الصفوة (٢ / ١٤٥) : كان
يختم في رمضان ستّين ختمة سوى ما يقرأه في الصلاة.
٥ ـ الحافظ
العراقي : كان يختم في الجماعة في شهر رمضان ختمتين. شرح المواهب للزرقاني (٧ /
٤٢١).
٦ ـ أبي عبد الله
محمد بن عمر القرطبي. الديباج المذهّب (ص ٢٤٥).
٧ ـ السيّد محمد
المنير المتوفّى (نيّف و ٩٣٠). طبقات الأخيار (٢ / ١١٨)
٨ ـ الشيخ عبد
الحليم المنزلاوي : المتوفّى (نيّف و ٩٣٠). طبقات الأخيار (٢ / ١٢١).
ومنهم
من كان يختم في الليلة ختمتين :
١ ـ تقيُّ الدين
أبو بكر بن محمد البلاطنسي الشافعي الحافظ المتوفّى (٩٣٦):
__________________
كان يختم في شهر
رمضان في كلّ ليلة ختمتين. شذرات الذهب (٨ / ٢١٣).
٢ ـ أحمد بن رضوان
بن جالينوس المتوفى (٤٢٣) : ختم في الليلة ختمتين قبل أن يطلع الفجر. تاريخ بغداد (٤
/ ٢٦١).
ومنهم
من يختم في اليوم والليلة ثلاث ختمات ، وعُدّ من أُولئك :
١ ـ كرز بن وبرة
الكوفي : كان يختم في كلّ يوم وليلة ثلاث ختمات. صفة الصفوة (٢ / ١٢٣ و ٣ / ٦٧)
، الإصابة (٣ / ٣٢١).
٢ ـ زهير بن محمد
بن قُمير الحافظ البغدادي المتوفّى (٢٥٨) : كان له ذلك في شهر رمضان. تاريخ بغداد (٨
/ ٤٨٥) ، المنتظم (٥ / ٤).
٣ ـ أبو العبّاس
بن عطاء الآدمي المتوفّى (٣٠٩) : كان له ذلك في شهر رمضان . تاريخ بغداد (٥ / ٢٧) ، المنتظم (٦ / ١٦٠) ، البداية
والنهاية (١١ / ١٤٤).
٤ ـ سليم بن عنز
التجيبي القاضي المصري ، قال العيني في عمدة القاري (٩ / ٣٤٩) : كان
يختم القرآن في ليلة ثلاث مرّات ، وذكر ذلك أبو عبيد. وقال ابن كثير في تاريخه (٩ / ١١٨) : كان
يختم القرآن في كلّ ليلة ثلاث ختمات في الصلاة وغيرها.
٥ ـ عبد الرحمن بن
هبة الله اليماني المتوفّى (٨٢١) : قرأ في الشتاء في يوم ثلاث ختمات وثلث ختمة.
شذرات الذهب (٧ / ١٥١).
__________________
ومنهم
من كان يختم في اليوم أربع ختمات ، ومن أُولئك :
١ ـ أبو قبيصة
محمد بن عبد الرحمن الضبّي المتوفّى (٢٨٢) ، قال : قرأت في اليوم أربع ختمات وبلغت
في الخامسة إلى سورة البراءة وأذّن المؤذِّن العصر. تاريخ بغداد (٢ / ٣١٥) ،
المنتظم (٧ / ١٥٦).
٢ ـ عليّ بن
الأزهر أبو الحسن اللاحمي البغدادي المقرئ المتوفّى (٧٠٧) : قرأ في يوم واحد بمحضر
جماعة من القرّاء أخذت خطوطهم بتلاوته أربع ختمات إلاّ سُبعاً. طبقات القرّاء (١ /
٥٢٦).
ومنهم
من ختم بين المغرب والعشاء خمس ختمات. قال الشعراوي : دخل سيّدي أبو العبّاس المصري الحريثي المتوفّى (٩٤٥)
يوماً ، فجلس عندي بعد المغرب إلى أن دخل وقت العشاء ، فقرأ خمس ختمات وأنا أسمع ،
فذكرت ذلك لسيّدي عليّ المرصفي ، المتوفّى (٩٣٠) فقال : يا ولدي ، أنا قرأت مرّة
حال سلوكي ثلاثمائة وستّين ختمة في اليوم والليلة ، كلّ درجة ختمة. شذرات الذهب (٨ / ٧٥).
ومنهم
من كان يختم في اليوم والليلة ثمانيَ ختمات أو أكثر ، منهم :
١ ـ السيّد ابن
الكاتب ، قال النووي : إنَّ بعضهم كان يقرأ أربع ختمات بالليل وأربعاً في النهار ،
ومنهم السيّد ابن الكاتب الصوفي رضى الله عنه ، وعدّه من أُولئك صاحب خزينة الأسرار (ص ٧٨) وقال : كان
يختم بالنهار أربعاً وبالليل أربعاً ، ويمكن حمله
__________________
على مبادئ طيّ
اللسان وبسط الزمان.
وقال صاحب التوضيح
: أكثر ما بلغنا قراءةً ثمان ختمات في اليوم والليلة ، وقال السلمي : سمعت الشيخ
أبا عثمان المغربي يقول : إنَّ ابن الكاتب يختم بالنهار أربع ختمات ، وبالليل أربع
ختمات. قاله العيني في عمدة القاري (٩ / ٣٤٩).
٢ ـ قال الشيخ عبد
الحيّ الحنفي في إقامة الحجّة (ص ٧) : ومنهم :
عليّ بن أبي طالب ؛ فإنّه كان يختم في اليوم ثمانيَ ختمات ، كما ذكره بعض شرّاح
البخاري.
٣ ـ بكر بن سهيل
الدمياطي المتوفّى (٢٨٩) قال : هجَّرت ـ أي بكّرت ـ يوم الجمعة فقرأت إلى العصر
ثمانيَ ختمات. حكاه عنه الذهبي في ميزان الاعتدال (ج ١) في ترجمته.
وقال القسطلاني :
رأيت أبا الطاهر المقدسي بالقدس سنة (٨٦٧) ، وسمعت عنه إذ ذاك أنَّه كان يقرأ
فيهما ـ في اليوم والليلة ـ أكثر من عشر ختمات ؛ بل قال لي شيخ الإسلام البرهان بن
أبي شريف ـ أدام الله النفع بعلومه ـ عنه : إنَّه كان يقرأ خمس عشرة في اليوم
والليلة ، وهذا بابٌ لا سبيل إلى إدراكه إلاّ بالفيض الربّاني.
وقال : وقرأت في
الإرشاد : أنَّ الشيخ نجم الدين الأصبهاني رأى رجلاً من اليمن بالطواف ختم في شوط
أو في أسبوع ـ شكّ ـ وهذا لا سبيل إلى إدراكه إلاّ بالفيض الربّاني والمدد
الرحماني. إرشاد الساري .
وقال الغزالي في
إحياء العلوم (١ / ٣١٩) : كان
كرز بن وبرة مقيماً بمكّة ، فكان
__________________
يطوف في كل يوم
سبعين أسبوعاً ، وفي كلّ ليلةٍ سبعين أسبوعاً ، وكان مع ذلك يختم القرآن في اليوم
والليلة مرّتين . فحسب ذلك فكان عشرة فراسخ ، ويكون مع كلّ أسبوع ركعتان ،
فهو مائتان وثمانون ركعة وختمتان وعشرة فراسخ.
وقال النازلي في
خزينة الأسرار (ص ٧٨) : وقد رُوي
عن الشيخ موسى السدراني من أصحاب الشيخ أبي مدين المغربي أنَّه كان يختم في الليل
والنهار سبعين ألف ختمة ، ونقل عنه : أنّه ابتدأ بعد تقبيل الحجر ، وختم في محاذاة
الباب ؛ بحيث إنّه سمعه بعض الأصحاب حرفاً حرفاً ، كذا ذكره في الإحياء ، وعلي
القاري في شرح المشكاة .
وفي (ص ١٨٠) من
خزينة الأسرار : إنّ الشيخ أبا مدين المغربي ، أحد الثلاثة ورئيس الأوتاد الذي كان
يختم القرآن كلّ يوم سبعين ألف ختمة.
وأخرج البخاري في
صحيحه عن أبي هريرة يرفعه قال : قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : خفّف على داود القرآن فكان يأمر بدابته فتسرج فيقرأ
القرآن قبل أن تسرج.
وقال القسطلاني في
شرح هذا الحديث : وفيه أنّ البركة قد تقع في الزمن اليسير حتى يقع فيه
العمل الكثير ، وقال : قد دلّ هذا الحديث على أنّ الله تعالى يطوي الزمان لمن شاء من عباده كما يطوي المكان لهم.
__________________
قال
الأميني : إن هي إلاّ
أساطير الأوّلين وخزعبلات السلف كتبتها يد الأوهام الباطلة ، وكلّها نصب عيني ابن
تيميّة وقومه لم تسمع من أحدهم فيها ركزاً ولم ترَ منهم غميزة ، وكان حقّا على هذه
السفاسف أن تُكتب في طامور القصّاصين ، أو تُوارى في مطامير البراري ، أو تُقذف في
طمطام البحار ، أسفي على تلكم التآليف الفخمة الضخمة تحتوي مثل هذه الخرافات ،
أسفي على أولئك الأعلام يخضعون إليها ويرونها جديرة بالذكر ، ولو كان يعلم ابن
تيميّة أنَّ نظّارة التنقيب تعرب عن هذه الخزايات بعد لأيٍ من عمر الدهر لكان يختار
لنفسه السكوت ، وكفَّ مدّته عن صلاة أمير المؤمنين وولده الإمام السبط والسيّد
السجّاد عليهمالسلام ، وما كان يحوم حومة العار إن عقل صالحه.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ
قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ
وَأَقْوَمَ)
ـ ٣ ـ
المحدَّث في الإسلام
أصفقت الأمّة
الإسلاميّة على أنّ في هذه الأمّة لدة الأمم السابقة أُناساً محدَّثين ـ على صيغة
المفعول ـ ، وقد أخبر بذلك النبيّ الأعظم كما ورد في الصحاح والمسانيد من طرق
الفريقين ـ العامّة والخاصّة ـ والمحدَّث : من تكلّمه الملائكة بلا نبوّة. ولا رؤية
صورة ، أو يُلهم له ويُلقى في روعه شيء من العلم على وجه الإلهام والمكاشفة من
المبدأ الأعلى ، أو يُنكت له في قلبه من حقائق تخفى على غيره ، أو غير ذلك من
المعاني التي يمكن أن يراد منه ، فوجود من هذا شأنه من رجالات هذه الأمّة مُطبق
عليه بين فرق الإسلام ، بيد أنّ الخلاف في تشخيصه ، فالشيعة ترى عليّا أمير
المؤمنين وأولاده الأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ من المحدَّثين ، وأهل السنّة يرون
منهم عمر بن
__________________
الخطاب ، وإليك
نماذج من نصوص الفريقين :
نصوص أهل السنّة :
أخرج البخاري في
صحيحه في باب مناقب عمر بن الخطاب (٢ / ١٩٤) ، عن
أبي هريرة قال : قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجالٌ يُكلَّمون
من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن من أُمّتي منهم أحدٌ فعمر.
قال ابن عبّاس :
من نبيٍّ ولا محدَّث.
قال القسطلاني : ليس قوله (فإن يكن) للترديد بل للتأكيد ؛ كقولك : إن يكن
لي صديقٌ ففلان. إذ المراد اختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء ، وإذا ثبت أنّ
هذا وجد في غير هذه الأمّة المفضولة ، فوجوده في هذه الأمّة الفاضلة أحرى. وقال في
شرح قول ابن عبّاس (من نبيٍّ ولا محدَّث) : قد ثبت قول ابن عبّاس هذا لأبي ذرّ
وسقط لغيره ، ووصله سفيان بن عيينة في أواخر جامعه وعبد بن حميد بلفظ : كان ابن
عبّاس يقرأ : وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ ولا محدَّث.
وأخرج البخاري في
صحيحه بعد حديث الغار (٢ / ١٧١) ، عن
أبي هريرة مرفوعاً : أنّه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدَّثون ، إن كان في
أُمّتي هذه منهم فإنّه عمر بن الخطّاب.
قال القسطلاني في
شرحه (٥ / ٤٣١) : قال
المؤلّف : يجري على ألسنتهم الصواب من غير نبوّة. وقال الخطابي : يُلقى الشيء في
روعه فكأنّه قد حُدِّث به ، يظنُ
__________________
فيصيب ويخطر الشيء
بباله فيكون ، وهي منزلة رفيعة من منازل الأولياء.
وقال في قوله (إن
كان في أمّتي) : قاله صلىاللهعليهوآلهوسلم على سبيل التوقّع ، وكأنّه لم يكن اطّلع على أنّ ذلك كائنٌ وقد وقع ، وقصّة يا سارية الجبل مشهورةٌ مع غيرها.
وأخرج مسلم في
صحيحه ـ في باب فضائل عمر ـ : عن عائشة ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : قد كان في الأمم قبلكم محدَّثون ، فإن يكن في أُمّتي
منهم أحدٌ فإنّ عمر ابن الخطّاب منهم. قال ابن وهب : تفسير محدَّثون : ملهمون.
ورواه ابن الجوزي
في صفة الصفوة (١ / ١٠٤) وقال :
حديثٌ متّفقٌ عليه ، وأخرجه أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار (٢ / ٢٥٧) بطرق شتّى
عن عائشة وأبي هريرة ، وأخرج قراءة ابن عبّاس : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا
نبيّ ولا محدَّث. قال : معنى قوله : محدَّثون أي ملهمون ، فكان عمر رضى الله عنه
ينطق بما كان ينطق ملهماً ، ثمّ عدّ من ذلك ما قد رُوي عن أنس بن مالك ، قال : قال
عمر بن الخطّاب : وافقني ربّي ـ أو : وافقتُ ربّي ـ في ثلاث ، قلت : يا رسول الله
، لو اتّخذنا من مقام إبراهيم مصلّى ، فنزلت : (وَاتَّخِذُوا مِنْ
مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) وقلت : يا رسول الله إنّ نساءك يدخل عليهنّ البَرُّ
والفاجر فلو أمرتهنّ أن يحتجبن ، فنزلت آية الحجاب. واجتمع على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نساؤه في الغيرة فقلت : عسى ربّي إن طلّقكنّ أن يُبدِله
أزواجاً خيراً منكنّ ، فنزلت كذلك.
قال الأميني : إن
كان هذا من القول بالإلهام فعلى الإسلام السلام ، وما أجهل القوم بالمناقب ، حتى
أتوا بالطامّات الكبرى كهذه وعدّوها فضيلة ، وعليهم إن عقلوا
__________________
صالحهم إنكار مثل
هذا القول على عمر ، وفيه حطّ لمقام النبوّة ، ومسّةٌ على كرامة صاحب الرسالة صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال النووي في شرح
صحيح مسلم : اختلف تفسير العلماء للمراد ب (محدَّثون) ، فقال ابن وهب
: ملهمون ، وقيل : مصيبون إذا ظنّوا فكأنّهم حُدِّثوا بشيء فظنّوه. وقيل :
تكلِّمهم الملائكة ، وجاء في رواية : مكلَّمون. وقال البخاري : يجري الصواب على
ألسنتهم ، وفيه إثبات كرامات الأولياء.
وقال الحافظ محبّ
الدين الطبري في الرياض (١ / ١٩٩) : ومعنى
محدَّثون ـ والله أعلم ـ أي يُلهمون الصواب ، ويجوز أن يحمل على ظاهره وتحدِّثهم
الملائكة لا بوحي وإنّما بما يُطلق عليه اسم حديث ، وتلك فضيلةٌ عظيمةٌ.
وقال القرطبي في
تفسيره (١٢ / ٧٩) : قال
ابن عطيّة : وجاء عن ابن عبّاس أنَّه كان يقرأ : وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا
نبيٍّ ولا محدَّث. ذكره مسلمة بن القاسم بن عبد الله ، ورواه سفيان ، عن عمرو بن
دينار ، عن ابن عبّاس. قال مسلمة : فوجدنا المحدَّثين معتصمين بالنبوّة ـ على
قراءة ابن عبّاس ـ لأنّهم تكلّموا بأمور عالية من أنباء الغيب خطرات ، ونطقوا
بالحكمة الباطنة ، فأصابوا فيما تكلّموا ، وعصموا فيما نطقوا كعمر بن الخطّاب في
قصّة سارية . وما تكلّم به من البراهين العالية.
__________________
وأخرج الحافظ أبو
زرعة حديث أبي هريرة ، في طرح التثريب في شرح التقريب (١ / ٨٨) بلفظ : لقد كان فيمن
كان قبلكم من بني إسرائيل رجال مكلَّمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن في
أمّتي أحدٌ فعمر.
وأخرجه البغوي في
المصابيح (٢ / ٢٧٠) ،
والسيوطي في الجامع الصغير . وقال المناوي في شرح الجامع الصغير (٤ / ٥٠٧):
قال القرطبي :
محدَّثون ـ بفتح الدال ـ اسم مفعول ، جمعُ محدَّث بالفتح أي مُلهَم أو صادق الظنّ
، وهو من أُلقي في نفسه شيءٌ على وجه الإلهام والمكاشفة من الملأ الأعلى أو من
يجري الصواب على لسانه بلا قصد ، أو تكلّمه الملائكة بلا نبوّة ، أو من إذا رأى
رأياً أو ظنّ ظنّا أصاب كأنّه حُدِّث به ، وأُلقي في روعه من عالم الملكوت فيظهر
على نحو ما وقع له ، وهذه كرامةٌ يكرم الله بها من شاء من صالح عباده ، وهذه منزلة
جليلة من منازل الأولياء.
فإن يكن من أمّتي
منهم أحدٌ فإنّه عمر ، كأنّه جعله في انقطاع قرينه في ذلك كأنّه نبيّ ؛ فلذلك أتى
بلفظ (إن) بصورة الترديد ، قال القاضي : ونظير هذا التعليق في الدلالة على التأكيد
والاختصاص قولك : إن كان لي صديقٌ فهو زيد ؛ فإنّ قائله لا يريد به الشكّ في
صداقته بل المبالغة في أنّ الصداقة مختصّة به لا تتخطّاه إلى غيره.
وقال القرطبي :
قوله (فإن يكن) دليل على قلّة وقوعه وندرته ، وعلى أنّه ليس المراد بالمحدَّثين
المصيبون فيما يظنّون ؛ لأنّه كثيرُ في العلماء بل وفي العوام من يقوى حدسه فتصحُّ
إصابته فترتفع خصوصيّة الخبر وخصوصيّة عمر ، ومعنى الخبر قد تحقّق ووجد في عمر
قطعاً وإن كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يجزم بالوقوع ، وقد دلّ على وقوعه لعمر أشياء كثيرة
كقصّة الجبل يا سارية الجبل ، وغيره. وأصحّ ما يدلّ على
__________________
ذلك شهادة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم له بذلك حيث قال : إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه .
قال ابن حجر : وقد كثر هؤلاء المحدَّثون بعد العصر الأوّل ، وحكمته
زيادة شرف هذه الأمّة بوجود أمثالهم فيها ومضاهاة بني إسرائيل في كثرة الأنبياء ،
فلمّا فات هذه الأمّة المحمديّة كثرة الأنبياء لكون نبيّهم خاتم الأنبياء عُوِّضوا
تكثير الملهَمين.
تنبيهٌ :
قال الغزالي : قال بعض العارفين : سألت بعض الأبدال عن مسألة من مشاهد
النفس فالتفت إلى شماله وقال : ما تقول رحمك الله؟ ثمّ إلى يمينه كذلك ، ثمّ أطرق
إلى صدره فقال : ما تقول؟ ثمّ أجاب. فسألته عن التفاته ، فقال : لم يكن عندي علمٌ
فسألت الملكين فكلٌّ قال : لا أدري ، فسألت قلبي فحدَّثني بما أجبت ، فإذا هو أعلم
منهما. قال الغزالي : وكأنّ هذا معنى هذا الحديث. انتهى.
ويجد الباحث في
طيّ كتب التراجم جمعاً ممّن كلَّمتهم الملائكة ، منهم : عمران بن الحصين الخزاعي
المتوفّى سنة (٥٢) ، أخرج أبو عمر في الاستيعاب (٢ / ٤ ٥٥) : إنّه
كان يرى الحفظة وكانت تكلّمه حتى اكتوى. وذكره ابن حجر في الإصابة (٣ / ٢٦).
وقال ابن كثير في
تاريخه (٨ / ٦٠) : قد
كانت الملائكة تسلّم عليه فلمّا اكتوى
__________________
انقطع عنه سلامهم
، ثمّ عادوا قبل موته بقليل ، فكانوا يسلّمون عليه رضى الله عنه.
وفي شذرات الذهب (١ / ٥٨) : إنّه
كان يسمع تسليم الملائكة عليه ؛ ثمّ اكتوى بالنار فلم يسمعهم عاماً ، ثمّ أكرمه
الله بردّ ذلك.
وذكر تسليم
الملائكة عليه : الحافظ العراقي في طرح التثريب (١ / ٩٠) ، وأبو الحجّاج المزّي في
تهذيب الكمال كما في تلخيصه (ص ٢٥٠) ، وقال
ابن سعد وابن الجوزي في صفة الصفوة (١ / ٢٨٣) : كانت
الملائكة تصافحه. وذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب (٨ / ١٢٦).
ومنهم : أبو
المعالي الصالح المتوفّى (٤٢٧) ، أخرج الحافظان ابنا الجوزي وكثير : أنّ أبا
المعالي أصابته فاقةٌ شديدة في شهر رمضان ، فعزم على الذهاب إلى رجل من ذوي قرابته
ليستقرض منه شيئاً ، قال : فبينما أنا أريده فنزل طائرٌ فجلس على منكبي وقال : يا
أبا المعالي أنا الملك الفلاني ، لا تمضِ إليه نحن نأتيك به. قال : فبكر إليّ
الرجل . صفة الصفوة (٢ / ٢ ٨٠) ، المنتظم (٩ / ١٣٦) ، البداية والنهاية (١٢ / ١٦٣).
وقال أبو سليمان
الخطّابي : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : قد كان في الأمم ناسٌ محدَّثون ، فإن يكن في أمّتي فعمر
، وأنا أقول : فإن كان في هذا العصر أحدٌ كان أبا عثمان المغربي. تاريخ بغداد (٩ /
١١٣).
ومن هذا القبيل
تكلّم الحوراء مع أبي يحيى الناقد ، أخرج الخطيب البغدادي
__________________
وابن الجوزي عن
أبي يحيى زكريا بن يحيى الناقد المتوفّى (٢٨٥) ـ أحد أثبات المحدَّثين ـ قال :
اشتريت من الله حوراء بأربعة آلاف ختمة ، فلمّا كان آخر ختمة ، سمعت الخطاب من
الحوراء وهي تقول : وفيتَ بعهدك فها أنا التي قد اشتريتني .
هذا ما عند القوم
، وأما :
نصوص الشيعة :
فأخرج ثقة الإسلام
الكليني في كتابه أصول الكافي (ص ٨٤) تحت عنوان
ـ باب الفرق بين الرسول والنبيّ والمحدَّث ـ أربعة أحاديث ، منها : بإسناده عن
بُريد ، عن الإمامين الباقر والصادق ـ صلوات الله عليهما ـ في قوله عزّ وجلّ في
سورة الحجّ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ
قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) وَلا مُحَدَّث. قال بُريد : قلت : جُعِلتُ فداك ليست هذه
قراءتنا فما الرسول والنبيّ والُمحَدَّث؟ قال : «الرسول الذي يظهر
له الملك فيكلّمه ، والنبيّ هو الذي يرى في منامه ، وربّما اجتمعت النبوّة
والرسالة لواحد ، والمحدَّث الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة». قال : قلت أصلحك
الله كيف يعلم أنّ الذي رأى في النوم حقٌّ وأنّه من الملك؟ قال : «يوفّق لذلك حتى
يعرفه ، ولقد ختم الله عزّ وجلّ بكتابكم الكتب ، وختم بنبيّكم الأنبياء».
وحديث آخر أيضاً
فصّل بهذا البيان بين النبيّ والرسول والمحدَّث ، وحديثان بالتفصيل المذكور غير
أنّ فيهما مكان لفظة المحدَّث ، الإمام ؛ أحدهما عن زرارة قال : سألتُ أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزّ وجلّ : (وَكانَ رَسُولاً
نَبِيًّا) ما الرسول وما
__________________
النبيّ؟ قال : «النبيّ
الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين المَلك ، والرسول الذي يسمع الصوت ويرى
ويعاين الملك» ، ثمّ تلا هذه الآية (وَما أَرْسَلْنا مِنْ
قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) ولا مُحَدَّث.
والثاني : عن
إسماعيل بن مرار ، قال : كتب الحسن بن العبّاس المعروف إلى الرضا عليهالسلام : جُعلتُ فداك أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبيّ والإمام؟ قال : فكتب ـ أو
قال ـ : «الفرق بين الرسول والنبيّ والإمام ؛ أنّ الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل عليهالسلام فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي ، وربّما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم عليهالسلام ؛ والنبيّ ربّما سمع الكلام وربّما رأى الشخص ولم يسمع ؛ والإمام هو الذي
يسمع الكلام ولا يرى الشخص».
هذا تمام ما في
هذا الباب من الكافي ، وأخرج في (ص ١٣٥) تحت عنوان ـ باب أنّ الأئمّة :
مُحدَّثون مُفهّمون ـ خمسة أحاديث منها ، عن حمران بن أعين ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : «إنّ عليّا كان مُحدَّثاً» فخرجتُ إلى أصحابي فقلتُ : جئتكم بعجيبة. فقالوا
: وما هي؟ فقلت : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : كان عليٌّ مُحدَّثاً ، فقالوا : ما صنعت شيئاً ألا
سألته من كان يحدِّثه؟ فرجعت إليه فقلت : إني حدّثت أصحابي بما حدّثتني فقالوا :
ما صنعت شيئاً ألا سألته من كان يحدّثه؟ فقال لي : «يحدِّثه ملَك». قلت : تقول
إنّه نبيٌّ؟ قال : فحرّك يده هكذا ، «أو كصاحب سليمان ، أو كصاحب موسى ، أو كذي
القرنين ، أوَما بلغكم أنّه قال : وفيكم مثله».
وحديث آخر ما ملخّصه : أنّ عليّا ـ أمير المؤمنين ـ كان يعرف قاتله
ويعرف الأمور العظام التي كان يحدّث بها الناس ، بقول الله عزّ ذكره : (وَما
أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) وَلا مُحَدّث.
__________________
وحديثان آخران أحدهما : أنّ أوصياء محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم محدَّثون. والثاني : الأئمّة علماء صادقونَ مُفهَّمونَ
مُحدَّثون. والحديث الخامس في معنى المُحدَّث ، وأنّه يسمع الصوت ولا يرى الشخص.
وليس في هذا الباب من كتاب الكافي غير ما ذكرناه.
وروى شيخ الطائفة
في أماليه (ص ٢٦٠) بإسناده
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «كان عليّ عليهالسلام محدَّثاً ، وكان سلمان محدَّثاً» ، قال : قلت : فما آية
المحدَّث؟ قال : «يأتيه ملكٌ فينكت في قلبه كيت كيت».
وبالإسناد عن أبي
عبد الله عليهالسلام قال : منّا من يُنكت في قلبه ؛ ومنّا من يُقذَف في قلبه ،
ومنّا من يُخاطب.
وبإسناده عن الحرث
النصري قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الذي يُسأل عنه الإمام وليس عنده فيه شيءٌ من أين يعلمه؟
قال : «يُنكَت في القلب نكتاً ، أو يُنقَر في الأذن نقراً». وقيل لأبي عبد الله عليهالسلام : إذا سُئلَ كيف يُجيب؟ قال : «إلهامٌ وسماعٌ وربّما كانا جميعاً».
وروى الصفّار
بإسناده في بصائر الدرجات عن حمران بن أعين قال : قلتُ لأبي جعفر عليهالسلام : ألستَ حدّثتني أنّ عليّا كان مُحدَّثاً؟ قال : «بلى». قلتُ : من يحدِّثه؟
قال : «ملَكٌ». قلتُ : فأقول : إنّه نبيٌّ أو رسولٌ؟ قال : «لا. بل مَثَلُه مَثل
صاحب سليمان ، ومثَل صاحب موسى ، ومثَل ذي القرنين ، أما بلغك أنّ عليّاسُئل عن ذي
القرنين ، فقالوا : كان نبيّا؟ قال : لا. بل كان عبداً أحبّ الله فأحبّه ، وناصح
الله فناصحه».
__________________
وبإسناده عن حمران
قال : قلتُ لأبي جعفر عليهالسلام ما موضع العلماء؟ قال : «مثل ذى القرنين ، وصاحب سليمان ،
وصاحب داود».
وبالإسناد عن
بُريد قال : قلتُ لأبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام : ما منزلكم؟ بمن تشبَّهون ممّن مضى؟ فقال : «كصاحب موسى ،
وذي القرنين ، كانا عالمين ولم يكونا نبيّين».
وبالإسناد عن
عمّار قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما منزلتهم؟ أنبياءٌ هم؟ قال : «لا. ولكن هم علماء
كمنزلة ذي القرنين في علمه ، وكمنزلة صاحب موسى ، وكمنزلة صاحب سليمان».
هذه جملةٌ من
أخبار الشيعة في الباب وهي كثيرةٌ مبثوثة في كتبهم ، وهذه رءوسها ، ومؤدّى هذه الأحاديث هو الرأي العام عند
الشيعة سلفاً وخلفاً ، وفذلكته :
إنّ في هذه الأمّة
أناساً محدَّثين كما كان في الأمم الماضية ، وأمير المؤمنين وأولاده الأئمّة
الطاهرون علماء محدَّثون وليسوا بأنبياء. وهذا الوصف ليس من خاصّة منصبهم ولا
ينحصر بهم ، بل كانت الصدّيقة ـ كريمة النبيّ الأعظم ـ محدَّثة ، وسلمان الفارسي
محدَّثاً. نعم ؛ كلّ الأئمّة من العترة الطاهرة محدَّثون ، وليس كلُّ محدَّث بإمام
، ومعنى المحدَّث : هو العالم بالأشياء بإحدى الطرق الثلاث المفصّلة في الأحاديث
المتلوّة. هذا ما عند الشيعة ليس إلاّ.
هذا منتهى القول
عند الفريقين ونصوصهما في المحدَّث ، وأنت كما ترى لا يوجد أيّ خلاف بينهما ، ولم
تشذّ الشيعة عن بقيّة المذاهب الإسلاميّة في هذا الموضوع بشيء من الشذوذ إلاّ في
عدم عدّهم عمر بن الخطّاب من المحدَّثين ، وذلك أخذاً بسيرته
__________________
الثابتة في صفحات
التاريخ من ناحية علمه ولسنا في مقام البحث عنه ، فهل من المعقول أن يُعَدّ هذا القول المتسالم عليه في
المحدَّث لأمّةٍ من قائليه فضيلةً رابيةً ، وعلى الأخرى منهم ضلالاً ومنقصة؟ لاها
الله.
هلمَّ معي نسائل
كيذبان الحجاز ـ عبد الله القصيمي ـ جرثومة النفاق ، وبذرة الفساد في المجتمع ،
كيف يرى في كتابه ـ الصراع بين الإسلام والوثنيّة ـ أنّ الأئمّة من آل البيت عند
الشيعة أنبياء ، وأنّهم يوحى إليهم ، وأنّ الملائكة تأتي إليهم بالوحي ، وأنّهم
يزعمون لفاطمة وللأئمّة من وُلدها ما يزعمون للأنبياء؟ ويستند في ذلك كلّه على
مكاتبة الحسن بن العبّاس المذكور (ص ٤٧) نقلاً عن الكافي ، هلاّ يعلم هذا المغفّل
أنّ هذه المفتريات والقذائف على أمّة كبيرة ، أطلّت آراؤها الصالحة على أرجاء
الدنيا ، إنْ هي إلاّ مآل القول بالمحدَّث الوارد في الكتاب العزيز ، وتكلّم
الملائكة مع الأئمّة من آل البيت وأُمّهم فاطمة البتول كما هو مقتضى استدلاله ،
وأهل الإسلام كلّهم شرعٌ سواء في ذلك. أوَللشيعيّ عندئذٍ أن يقول : إنّ عمر بن
الخطّاب وغيره من المحدَّثين ـ على زعم العامّة ـ عندهم أنبياء يوحى إليهم ، وإنَّ
الملائكة تأتي إليهم بالوحي؟ لكن الشيعة علماء حكماء لا يخدشون العواطف بالدجل
والتمويه وقول الزور ، ولا يُسمع لأحد من حملة روح التشيّع ، والنزعة العلويّة
الصحيحة ، ومقتفي الآداب الجعفريّة أن يتّهم أمّة كبيرة بالطامّات ، وحاشاها أن
تُشوِّه سمعتها بالأكاذيب والأفائك ، وتقذف الأمم بما هي بريئة منه ، أمَا كانت
بين يدي الرجل تلكم النصوص الصريحة للشيعة على أنّ الأئمّة علماء وليسوا بأنبياء؟
أمَا كان صريح تلك الأحاديث بأنّ الأئمّة مَثَلهم كمَثَل صاحب موسى ، وصاحب سليمان
، وذي القرنين؟ أمَا كان في الكافي ـ في الباب الذي قلبه الرجل على الشيعة ـ قول
الإمامين الباقر والصادق : «لقد ختم الله بكتابكم الكتب وختم بنبيّكم الأنبياء»؟
__________________
نعم ؛ هذه كلّها
كانت بمرأى من الرجل غير أنّ الإناء ينضح بما فيه ، ووليد الروح الأمويّة الخبيثة
وحامل نزعاتها الباطلة سَدِكٌ بالقحّة والسفالة ، ولا ينفكُّ عن الخنا والقذيعة ، ومن
شأن الأمويّ أن يتفعّى ويمين ويأفك ، ويهتك ناموس المسلمين ، ويسلقهم بألسنة حداد
، ويفتري على آل البيت وشيعتهم اقتداءً بسلفه ، وجرياً على شنشنته الموروثة ، ونحن
نورد نصّ كلام الرجل ليكون الباحث على بصيرةٍ من أمره ، ويرى جهده البالغ في تشتيت
صفوف الأمّة ، وشقِّ عصا المسلمين بالبهت وقول الزور ، قال في الصراع (١ / ١):
الأئمّة يوحى
إليهم عند الشيعة ، قال في الكافي : كتب الحسن بن العبّاس إلى الرضا يقول : ما الفرق بين
الرسول والنبيّ والإمام؟ فقال : «الرسول هو الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ، ويسمع
كلامه ، وينزل عليه الوحي ، والنبيّ ربما يسمع الكلام ، وربّما رأى الشخص ولم يسمع
، والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص». وقال : والأئمّة لم يفعلوا شيئاً
ولا يفعلونه إلاّ بعهد من الله وأمر منه لا يتجاوزونه. وفي الكتاب نصوصٌ أخرى
متعدِدةٌ في هذا المعنى ، فالإئمّة لدى هؤلاء أنبياء يوحى إليهم ، ورُسُل أيضاً ،
لأنَّهم مأمورون بتبليغ ما يوحى إليهم.
وقال في (٢ / ٣٥)
: قد قدّمنا في الجزء الأوّل : أنّ القوم يزعمون أنّ أئمّة أهل البيت يوحى إليهم ،
وأنّ الملائكة تأتيهم بالوحي من الله ومن السماء ، وتقدّم قولهم : إنّ الأئمّة لا
يفعلون شيئاً ولا يقولونه إلاّ بوحي من الله ، وتقدّم : أنّ الفرق عندهم بين محمد
رسول الله وبين الأئمّة من ذرّيته ؛ أنّ محمداً كان يرى الملك النازل عليه بالوحي
، وأمّا الأئمّة فيسمعون الوحي وصوت الملك وكلامه ولا يرون شخصه ، وهذا هو
__________________
الفرق لديهم بين
النبيّ والإمام ، وبين الرسل والأئمّة ، وهو فرقٌ لا حقيقة له ، فالأئمّة من آل
البيت عندهم أنبياء ورُسُل بكلّ ما في كلمة النبيّ والرسول من معنى ؛ لأنَّ النبيّ
الرسول هو إنسانٌ أوحى الله إليه رسالة وكُلِّف تبليغها ونشرها ، سواءٌ أكان وحي
الله إليه بواسطة الملك أم بلا واسطة ، وسواءٌ أُرِي شخص تلك الواسطة أم لم يرَه ،
بل سمع منه وعقل عنه ، هذا هو النبيّ الرسول. ورؤية الملك لا دخل له في حقيقة معنى
النبيّ والرسول بالإجماع ، ولهذا يقولون : الرسول هو إنسانٌ أُوحي إليه وأُمر
بالبلاغ ، والنبيُّ هو إنسانٌ أُوحي إليه ولم يُؤمر بالبلاغ ولم يجعلوا لرؤية
الملك دخلاً في حقيقة النبيّ وحقيقة الرسول ، وهذا لا ينازع فيه أحدٌ من الناس ،
فالشيعة يزعمون لفاطمة وللأئمّة من ولدها ما يزعمون للأنبياء والرسُل من المعاني
والحقائق ، فهم يزعمون أنّهم معصومون ، وأنّهم يوحى إليهم ، وأنّ الملائكة تنزل
عليهم بالرسالات ، وأنّ لهم معجزات ، أقلّها إحياؤهم الأموات ؛ كما يقولون في أفضل
كتبهم. انتهى.
(إِنَّما يَفْتَرِي
الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ)
ـ ٤ ـ
علم أئمّة الشيعة بالغيب
شاعت القالة حول
علم الأئمّة من آل محمد ـ صلوات الله عليه وعليهم ـ ممّن أضمر الحنق على الشيعة
وأئمّتهم ، فعند كلٍّ منهم حوشيٌّ من الكلام ، يزخرف الزَّلْح من القول ، ويخبط خبط عشواء ، ويثبت البرهنة على جهله ،
كأنَّ الشيعة تفرّدت بهذا الرأي عن المذاهب الإسلاميّة ، وليس في غيرهم من يقول
بذلك في إمام من أئمّة المذاهب ، فاستحقّوا بذلك كلّ سبٍّ وتحاملٍ ووقيعةٍ ، فحسبك
ما لفّقه القصيمي في
__________________
الصراع من قوله في
صحيفة (ب) تحت عنوان : الأئمّة عند الشيعة يعلمون كلّ شيء ، والأئمّة إذا شاءوا أن
يعلموا شيئاً أعلمهم الله إيّاه ، وهم يعلمون متى يموتون ، ولا يموتون إلاّ
باختيارهم ، وهم يعلمون علم ما كان وعلم ما يكون ولا يخفى عليهم شيءٌ (ص ١٢٥ ، ١٢٦)
من الكافي للكليني. ثمّ قال :
وفي الكتاب نصوص أخرى
أيضاً في المعنى ، فالأئمّة يُشاركون الله في هذه الصفة صفة علم الغيب ، وعلم ما
كان وما سيكون ، وأنَّه لا يخفى عليهم شيءٌ ، والمسلمون كلّهم يعلمون أنّ الأنبياء
والمرسلين لم يكونوا يشاركون الله في هذه الصفة ، والنصوص في الكتاب والسنّة وعن
الأئمّة ، في أنَّه لا يعلم الغيب إلاّ الله ، متواترةٌ لا يستطاع حصرها في كتاب
.. إلخ.
الجواب
: العلم بالغيب ـ أعني
الوقوف على ما وراء الشهود والعيان ـ من حديث ما غبر أو ما هو آت ، إنَّما هو أمر
سائغ ممكن لعامّة البشر ، كالعلم بالشهادة يُتصوّر في كل ما يُنبَّأ الإنسان من عالم
غابر ، أو عهدٍ قادم لم يَرَه ولم يشهده ، مهما أخبره بذلك عالم خبير ، أخذاً من
مبدأ الغيب والشهادة ، أو علماً بطرق أخرى معقولة ، وليس هناك أيُّ وازعٍ من ذلك ،
وأمّا المؤمنون خاصّة فأغلب معلوماتهم إنّما هو الغيب من الإيمان بالله وملائكته
وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وجنّته وناره ولقائه ، والحياة بعد الموت ، والبعث
والنشور ، ونفخ الصور والحساب ، والحور والقصور والولدان ، وما يقع في العرض
الأكبر ، إلى آخر ما آمن به المؤمن وصدّقه ، فهذا غيب كلّه ، وأُطلق عليه الغيب في
الكتاب العزيز ، وبذلك عرّف الله المؤمنين في قوله تعالى : (الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) .
وقوله تعالى : (الَّذِينَ
يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) .
__________________
وقوله : (إِنَّما
تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) .
وقوله : (إِنَّما
تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) .
وقوله : (مَنْ
خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) .
وقوله : (إِنَّ
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) .
وقوله : (جَنَّاتِ
عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ) .
ومنصب النبوّة
والرسالة يستدعي لمتولّيه العلم بالغيب من شتّى النواحي مضافاً إلى ما يعلم منه
المؤمنون ، وإليه يشير قوله تعالى : (وَكُلًّا نَقُصُّ
عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ
الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) .
ومن هنا قصَّ على
نبيّه القصص ، وقال بعد النبأ عن قصّة مريم : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ
الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) .
وقال بعد سرد قصّة
نوح : (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ
نُوحِيها إِلَيْكَ) .
وقال بعد قصّة
إخوان يوسف : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ
إِلَيْكَ) .
وهذا العلم بالغيب
الخاصّ بالرسل دون غيرهم ينصُّ عليه بقوله تعالى :
__________________
(عالِمُ الْغَيْبِ
فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) ؛ نعم : (وَلا يُحِيطُونَ
بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ) . (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ
الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)
فالأنبياء
والأولياء والمؤمنون كلّهم يعلمون الغيب بنصٍّ من الكتاب العزيز ، ولكلٍّ منهم جزء
مقسوم ؛ غير أنَّ علم هؤلاء كلّهم ـ بلغ ما بلغ ـ محدود لا محالة كمّا وكيفاً ،
وعارض ليس بذاتيٍّ ، ومسبوقٌ بعدمه ليس بأزليٍّ ، وله بدء ونهاية ليس بسرمديٍّ ،
ومأخوذٌ من الله سبحانه (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ
الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ) .
والنبيّ ووارث
علمه في أمّته ارجاع دارد يحتاجون في العمل والسير على طبق علمهم بالغيب
من البلايا ، والمنايا ، والقضايا ، وإعلامهم الناس بشيءٍ من ذلك ، إلى أمر المولى
سبحانه ورخصته ، وإنَّما العلم ، والعمل به ، وإعلام الناس بذلك ، مراحل ثلاث لا
دخل لكلّ مرحلة بالأخرى ، ولا يستلزم العلم بالشيء وجوب العمل على طبقه ، ولا
ضرورة الإعلام به ، ولكلٍّ منها جهات مقتضية ووجوه مانعة لا بدَّ من رعايتها ،
وليس كلّ ما يُعلَم يُعمَل به ، ولا كلّ ما يُعلَم يُقال.
قال الحافظ
الأصولي الكبير الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الشهير بالشاطبي المتوفّى
(٧٩٠) في كتابه القيّم ـ الموافقات في أصول الأحكام (٢ / ١٨٤):
لو حصلت له مكاشفة
بأنَّ هذا المعيّن مغصوب أو نجس ، أو أنَّ هذا الشاهد
__________________
كاذبٌ ، أو أنَّ
المال لزيد ، وقد تحصّل ـ للحاكم ـ بالحجّة لعمرو ، أو ما أشبه ذلك ، فلا يصحُّ له
العمل على وفق ذلك ما لم يتعيّن سببٌ ظاهر ، فلا يجوز له الانتقال إلى التيمّم ،
ولا ترك قبول الشاهد ولا الشهادة بالمال لذي يدٍ على حال ، فإنّ الظواهر قد تعيّن
فيها بحكم الشريعة أمرٌ آخر ، فلا يتركها اعتماداً على مجرّد المكاشفة أو الفراسة
، كما لا يعتمد فيها على الرؤيا النوميّة ، ولو جاز ذلك لجاز نقض الأحكام بها وإن
ترتّبت في الظاهر موجباتها ، وهذا غير صحيح بحال فكذا ما نحن فيه ، وقد جاء في
الصحيح : «إنَّكم تختصمون إليّ ، ولعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجّته
من بعض ، فأحكم له على نحو ما أسمع منه ...». فقيّد الحكم بمقتضى ما يسمع وترك ما
وراء ذلك.
وقد كان كثير من
الأحكام التي تجري على يديه يطّلع على أصلها وما فيها من حقٍّ وباطلٍ ، ولكنَّه ـ عليه
الصلاة والسلام ـ لم يحكم إلاّ على وفق ما سمع ، لا على وفق ما علم ، وهو أصلٌ في منع الحاكم أن يحكم بعلمه ، وقد ذهب مالك في
القول المشهور عنه : إنّ الحاكم إذا شهدت عنده العدول بأمر يعلم خلافه ، وجب عليه
الحكم بشهادتهم إذا لم يعلم تعمّد الكذب ، لأنّه إذا لم يحكم بشهادتهم كان حاكماً
بعلمه ، هذا مع كون علم الحاكم مستفاداً من العادات التي لا ريبة فيها لا من
الخوارق التي تداخلها أُمور ، والقائل بصحّة حكم الحاكم بعلمه فذلك بالنسبة إلى
العلم المستفاد من العادات لا من الخوارق ، ولذلك لم يعتبره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو الحجّة العظمى ـ إلى أن قال في (ص ١٨٧)
إنّ فتح هذا الباب
يؤدّي إلى أن لا يُحفَظ ترتيب الظواهر ، فإنَّ من وجب عليه
__________________
القتل بسببٍ ظاهر
فالعذر فيه ظاهر واضح ، ومن طلب قتله بغير سبب ظاهر بل بمجرّد أمرٍ غيبيّ ربّما
شوّش الخواطر وران على الظواهر ، وقد فُهِمَ من الشرع سدّ هذا الباب جملة ؛ ألا
ترى إلى باب الدعاوي المستند إلى أنّ البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر ،
ولم يُستثنَ من ذلك أحدٌ ، حتى إنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم احتاج إلى البيّنة في بعض ما أنكر فيه ممّا كان اشتراه ،
فقال : من يشهد لي؟ حتى شهد له خزيمة بن ثابت فجعلها الله شهادتين. فما ظنّك بآحاد
الأمّة ، فلو ادّعى أكبر الناس على أصلح الناس لكانت البيّنة على المدّعي واليمين
على من أنكر ؛ وهذا من ذلك والنمط واحدٌ ، فالاعتبارات الغيبيّة مهملة بحسب
الأوامر والنواهي الشرعيّة.
وقال في (ص ١٨٩) : فصلٌ : إذا تقرّر اعتبار ذلك الشرط ، فأين
يسوغ العمل على وفقها؟ فالقول في ذلك : إنّ الأمور الجائزات أو المطلوبات التي
فيها سعة يجوز العمل فيها بمقتضى ما تقدّم ، وذلك على أوجه :
أحدها : أن يكون
في أمرٍ مباحٍ ، كأن يرى المكاشف أنَّ فلاناً يقصده في الوقت الفلاني أو يعرف ما قصد
إليه في إتيانه من موافقةٍ أو مخالفةٍ ، أو يطّلع على ما في قلبه من حديث أو
اعتقادِ حقٍّ أو باطلٍ وما أشبه ذلك ، فيعمل على التهيئة له حسبما قصد إليه أو
يتحفّظ من مجيئه إن كان قصده بشرٍّ ، فهذا من الجائز له كما لو رأى رؤيا تقتضي ذلك
، لكن لا يُعامله إلاّ بما هو مشروع كما تقدّم.
الثاني : أن يكون
العمل عليها لفائدةٍ يرجو نجاحها ، فإنَّ العاقل لا يدخل على نفسه ما لعلّه يخاف
عاقبته فقد يلحقه بسبب الالتفات إليها أو غيره ، والكرامة كما أنَّها خصوصيّة كذلك
هي فتنة واختبار لينظر كيف تعملون ، فإن عرضت حاجة أو كان لذلك سبب يقتضيه فلا بأس
، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يخبر بالمغيّبات للحاجة إلى ذلك ، ومعلوم أنَّه ـ عليه
الصلاة والسلام ـ لم يخبر بكلّ مغيَّب اطّلع عليه ، بل كان
__________________
ذلك في بعض الأوقات
وعلى مقتضى الحاجات ، وقد أخبر ـ عليه الصلاة والسلام ـ المصلّين خلفه أنَّه يراهم
من وراء ظهره ؛ لما لهم في ذلك من الفائدة المذكورة في الحديث ، وكان يمكن أن
يأمرهم وينهاهم من غير إخبار بذلك ، وهكذا سائر كراماته ومعجزاته ، فعمل أمّته
بمثل ذلك في هذا المكان أولى منه في الوجه الأوّل ، ولكنّه مع ذلك في حكم الجواز
لما تقدّم من خوف العوارض كالعجب ونحوه.
الثالث : أن يكون
فيه تحذير أو تبشير ليستعدَّ لكلٍّ عدّته ، فهذا أيضاً جائز ، كالإخبار عن أمر
ينزل إن لم يكن كذا ، أو لا يكون إن فعل كذا فيعمل على وفق ذلك .. إلخ.
فهلاّ كان من
الغيب نبأ ابن نوح ، وأنباء قوم هود وعاد وثمود ، وقوم إبراهيم ولوط ، وذكرى ذي
القرنين ، ونبأ من سلف من الأنبياء والمرسلين؟
وهلاّ كان منه ما
أسرَّ به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى بعض أزواجه فأفشته إلى أبيها (فَلَمَّا
نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ
الْخَبِيرُ) ؟
وهلاّ كان منه ما
أنبأ موسى صاحبه من تأويل ما لم يستطع عليه صبراً ؟
وهلاّ كان منه ما
كان يقول عيسى لأمّته (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما
تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) ؟
وهلاّ كان منه قول
عيسى لبني إسرائيل (يا بَنِي إِسْرائِيلَ
إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ
وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) ؟
__________________
وهلاّ كان منه ما
أوحى الله تعالى إلى يوسف (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ
بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) ؟
وهلاّ كان منه ما
أنبأ آدم الملائكة من أسمائهم أمراً من الله (يا آدَمُ
أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) ؟
وهلاّ كانت منه
تلكم البشارات الجمّة المحكيّة عن التوراة والإنجيل والزبور وصحف الماضين وزبر
الأوّلين بنبوّة نبيّ الإسلام وشمائله وتاريخ حياته وذكر أمّته؟
وهلاّ كانت منه
تلك الأنباء الصحيحة المرويّة عن الكهنة والرهابين والأقسّة حول النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل ولادته؟
ليس هناك أيّ منع
وخطر إن علّم الله أحداً ممّن خلق بما شاء وأراد من الغيب المكتوم من علم ما كان
أو سيكون ، من علم السموات والأرضين ، من علم الأوّلين والآخرين ، من علم الملائكة
والمرسلين ، كما لم يُرَ أيّ وازع إذا حَبا أحداً بعلم ما شاء من الشهادة وأراه ما
خلق كما أرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض ، ولا يُتصوّر عندئذٍ قطُّ اشتراك مع
المولى سبحانه في صفته العلم بالغيب ، ولا العلم بالشهادة ولو بلغ علم العالم أيّ
مرتبة رابية ، وشتّان بينهما ، إذ القيود الإمكانيّة البشريّة مأخوذة في العلم
البشريّ دائماً لا محالة ، سواءٌ تعلّق بالغيب أو تعلّق بالشهادة ، وهي تلازمه ولا
تفارقه ، كما أنَّ العلم الإلهي بالغيب أو الشهادة تؤخذ فيه قيود الأحديّة الخاصّة
بذات الواجب الأحد الأقدس سبحانه وتعالى.
وكذلك الحال في
علم الملائكة ، لو أذن الله تعالى لإسرافيل مثلاً ، وقد نصب بين عينيه اللوح
المحفوظ الذي فيه تبيان كلّ شيء ، أن يقرأ ما فيه ويطّلع عليه لم
__________________
يشارك الله قطُّ
في صفته العلم بالغيب ، ولا يلزم منه الشرك.
فلا مقايسة بين
العلم الذاتيّ المطلق وبين العرضيّ المحدود ، ولا بين ما لا يُكَيَّف بكيف ولا
يؤيَّن بأين وبين المحدود المقيّد. ولا بين الأزليّ الأبديّ وبين الحادث المؤقّت.
ولا بين التأصّليّ وبين المكتسب من الغير ، كما لا يُقاس العلم النبويُّ بعلم غيره
من البشر ، لاختلاف طرق علمهما ، وتباين الخصوصيّات والقيود المتخذة في علم كلّ
منهما ، مع الاشتراك في إمكان الوجود. بل لا مقايسة بين علم المجتهد وبين علم
المقلّد فيما علما من الأحكام الشرعيّة ولو أحاط المقلّد بجميعها ، لتباين المبادئ
العلميّة فيهما.
فالعلم بالغيب على
وجه التأصّل والإطلاق من دون قيد بكمٍّ وكيفٍ كالعلم بالشهادة على هذا الوجه ،
إنّما هما من صفات الباري سبحانه ، ويخصّان بذاته لا مطلق العلم بالغيب والشهادة ،
وهذا هو المعنيّ نفياً وإثباتاً في مثل قوله تعالى. (قُلْ لا يَعْلَمُ
مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ) .
وقوله تعالى : (إِنَّ
اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) .
وقوله تعالى : (إِنَّ
اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) .
وقوله تعالى : (ثُمَّ
تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ) .
وقوله تعالى : (عالِمُ
الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) .
__________________
وقوله تعالى : (ذلِكَ
عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) .
وقوله تعالى : (عالِمُ
الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) .
وقوله تعالى
حكايةً عن نوح : (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ
اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) .
وقوله تعالى
حكايةً : (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ
لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) .
وبهذا التفصيل في
وجوه العلم يُعلم عدم التعارض نفياً وإثباتاً بين أدلّة المسألة كتاباً وسنّة ،
فكلٌّ من الأدلّة النافية والمثبتة ناظر إلى ناحيةٍ منها ، والموضوع المنفي من علم
الغيب في لسان الأدلّة غير المثبت منه وكذلك بالعكس. وقد يوعز إلى الجهتين في بعض
النصوص الواردة عن أهل بيت العصمة عليهمالسلام مثل قول الإمام أبي الحسن موسى الكاظمعليهالسلام مجيباً يحيى بن عبد الله بن الحسن لمّا قال له : جعلت فداك إنَّهم يزعمون
أنّك تعلم الغيب ، فقال عليهالسلام : «سبحان الله ضع يدك على رأسي فو الله ما بقيت شعرةٌ فيه
ولا في جسدي إلاّ قامت». ثمّ قال : «لا والله ما هي إلاّ وراثة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم» .
وكذلك الحال في
بقيّة الصفات الخاصّة بالمولى العزيز سبحانه وتعالى ، فإنّها تمتاز عن مضاهاة ما
عند غيره تعالى من تلكم الصفات بقيودها المخصّصة ، فلو كان عيسى على نبيِّنا وآله
وعليهالسلام يحيي كلّ الموتى بإذن الله ، أو كان خَلق عال ماً بشراً من
الطين بإذن ربِّه بدل ذلك الطير الذي أخبر عنه بقوله : (أَنِّي
أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ
طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ) ، لم يكن يشارك المولى سبحانه في
__________________
صفته الإحياء
والخلق ، والله هو الوليّ ، وهو محيي الموتى ، وهو الخلاّق العليم.
وإنّ الملك
المصوِّر في الأرحام مع تصويره ما شاء الله من الصور ، وخلقه سمعها وبصرها وجلدها
ولحمها وعظامها ، لم يكن يشارك ربّه في صفته ، والله هو الخالق البارئ
المصوِّر ، وهو الذي يصوِّر في الأرحام كيف يشاء.
والملك المبعوث
إلى الجنين الذي يكتب رزقه وأجله وعمله ومصائبه ، وما قدِّر له من خير وشرّ ،
وشقاوته وسعادته ، ثمّ ينفخ فيه الروح ، لا يشارك ربّه ، والله هو الذي لم يكن له شريكٌ في الملك
وخلق كلّ شيءٍ فقدّره تقديراً.
__________________
وملك الموت مع
أنّه يتوفّى الأنفس ، وأنزل الله فيه القرآن وقال : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ
مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) ، صحَّ مع ذلك الحصر فى قوله تعالى : (اللهُ
يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) والله هو المميت ولا يشاركه ملك الموت في شيء من ذلك ، كما
صحّت النسبة في قوله تعالى : (الَّذِينَ
تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) وفي قوله تعالى : (الَّذِينَ
تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) . ولا تعارض في كلّ ذلك ولا إثم ولا فسوق في إسناد الإماتة
إلى غيره تعالى.
والمَلك لا يغشاه
نوم العيون ، ولا تأخذه سِنة الراقد بتقديرٍ من العزيز العليم وجعله ،
ومع ذلك لا يشارك الله فيما مدح نفسه بقوله (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ
وَلا نَوْمٌ) .
ولو أنَّ أحداً
مكّنه المولى سبحانه من إحياء موتان الأرض برمّتها لم يشاركه تعالى ، والله هو
الذي يحيي الأرض بعد موتها.
فهلمّ معي نسائل
القصيمي عن أنَّ قول الشيعة : بأنَّ الأئمّة إذا شاءوا أن يعلموا شيئاً أعلمهم
الله إيّاه ، كيف يتفرّع عليه القول بأنّ الأئمّة يشاركون الله في هذه الصفة صفة
علم الغيب؟ وما وجه الاشتراك بعد فرض كون علمهم بإخبار من الله تعالى وإعلامه؟
وقد ذهب على
الجاهل أنَّ الحكم بأنَّ القول بعلم الأئمّة بما كان وما يكون
__________________
ـ وليس هو كلّ
الغيب ولا جلّه ـ وعدم خفاء شيء من ذلك عليهم يستلزم الشرك بالله في صفة علمه
بالغيب ، تحديد لعلم الله ، وقول بالحدِّ في صفاته سبحانه ، ومن حدّه فقد
عدّه ؛ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيراً. والنصوص الموجودة في الكتاب والسنّة على
أن لا يعلم الغيب إلاّ الله قد خفيت مغزاها على المغفّل ولم يفهم منها شيئاً (وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ
مَرِيدٍ) .
ونسائل الرجل :
كيف خفي هذا الشرك المزعوم على أئمّة قومه؟ فيما أخرجوه عن حذيفة قال : أعلمه رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بما كان وما يكون إلى يوم القيامة . وما أخرجه أحمد ـ إمام مذهب الرجل ـ في مسنده (٥ / ٣٨٨) عن أبي
إدريس ، قال : سمعت حذيفة بن اليمان يقول : والله إنّي لأعلم الناس بكلِّ فتنة هي
كائنةٌ فيما بيني وبين الساعة.
وقد جهل بأنّ علم
المؤمن بموته واختياره الموت واللقاء مهما خيّر بينه وبين الحياة ليس من المستحيل
، ولا بأمر خطير بعيد عن خطر المؤمن فضلاً عن أئمّة المؤمنين من العترة الطاهرة ،
هلاّ يعلم الرجل ما أخرجه قومه في أئمّتهم من ذلك وعدّوه فضائل لهم ، ذكروا عن ابن
شهاب قال : كان أبو بكر ـ ابن أبي قحافة ـ
__________________
والحارث بن كلدة
يأكلان حريرة أُهديت لأبي بكر ، فقال الحارث لأبي بكر : ارفع يدك يا خليفة رسول
الله إنّ فيها لسمّ سنة ، وأنا وأنت نموت في يوم واحد ، فرفع يده ، فلم يزالا
عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة.
وذكر أحمد في
مسنده (١ / ٤٨ و ٥١)
والطبري في رياضه (٢ / ٧٤) إخبار
عمر عن موته بسبب رؤيا رآها ، وما كان بين رؤياه وبين يوم طعن فيه إلاّ جمعة ، وفي
الرياض (٢ / ٧٥) عن كعب
الأحبار : إنّه قال لعمر : يا أمير المؤمنين اعهد بأنّك ميّت إلى ثلاثة أيّام.
فلمّا قضى ثلاثة أيّام طعنه أبو لؤلؤة ، فدخل عليه الناس ودخل كعب في جملتهم ،
فقال : القول ما قال كعب.
وروي أنَّ عيينة
بن حصن الفزاري قال لعمر : احترس أو اخرج العجم من المدينة ، فإنّي لا آمن أن
يطعنك رجل منهم في هذا الموضع ، ووضع يده في الموضع الذي طعنه فيه أبو لؤلؤة.
وعن جبير بن مطعم
قال : إنّا لواقفون مع عمر على الجبل بعرفة ، إذ سمعت رجلاً يقول : يا خليفة ،
فقال أعرابيٌّ من لهب من خلفي : ما هذا الصوت؟ قطع الله لهجتك ، والله لا يقف أمير
المؤمنين بعد هذا العام أبداً. فسببته وأدّبته ، فلمّا رمينا الجمرة مع عمر ، جاءت
حصاة فأصابت رأسه ففتحت عرقاً من رأسه فسال الدم ، فقال رجل : أشعر أمير المؤمنين
، أما والله لا يقف بعد هذا العام هاهنا أبداً. فالتفتّ فإذا هو ذلك اللهبي ، فو
الله ما حجّ عمر بعدها. خرّجه ابن الضحّاك.
وإن تعجب فعجبٌ
إخبار الميّت وهو يُدفن عن شهادة عمر في أيّام خلافة
__________________
أبي بكر ، أخرج
البيهقي عن عبد الله بن عبيد الله الأنصاري ، قال : كنت فيمن دفن
ثابت بن قيس ـ وكان قتل باليمامة ـ فسمعناه حين أدخلناه القبر يقول : محمد رسول الله ، أبو
بكر الصدّيق ، عمر الشهيد ، عثمان البرّ الرحيم فنظرنا إليه ، فإذا هو ميّت.
وذكره القاضي في
الشفاء ، في فصل إحياء الموتى وكلامهم .
وعن عبد الله بن
سلام قال : أتيتُ عثمان وهو محصور ، أُسلِّم عليه ، فقال : مرحباً بأخي مرحباً
بأخي ، أفلا أُحدِّثك ما رأيت الليلة في المنام؟ فقلت : بلى. قال : رأيت رسول الله
صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد مثل لي في هذه الخوخة ـ وأشار عثمان إلى خوخة في أعلى
داره ـ فقال : حصروك؟ فقلت. نعم. فقال : عطّشوك؟ فقلت : نعم ؛ فأدلى دلواً من ماء
فشربت حتى رويت ، فها أنا أجد برودة ذلك الدلو بين ثديي وبين كتفي. فقال : إن شئت
أفطرت عندنا وإن شئت نُصِرت عليهم. فاخترت الفطر .
وعنه قال : إنّي
رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم البارحة وأبا بكر وعمر ، فقالوا لي : صبراً فإنَّك تفطر
عندنا القابلة.
وعن كثير بن الصلت
، عن عثمان ، قال : إنّي رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في منامي هذا ، فقال : إنّك شاهد معنا الجمعة. المستدرك (٣ / ٩٩).
وعن ابن عمر : إنّ
عثمان أصبح يحدِّث الناس ، قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في
__________________
المنام قال : يا
عثمان أفطر عندنا غداً. فأصبح صائماً وقُتِل من يومه.
قال محبّ الدين
الطبري في الرياض (٢ / ١٢٧) بعد
رواية ما ذكر : واختلاف الروايات محمول على تكرار الرؤيا ، فكانت مرّة نهاراً
ومرّة ليلاً.
وأخرج الحاكم في
المستدرك (٣ / ٢٠٣) بسند
صحّحه ، إخبار عبد الله بن عمرو الأنصاري الصحابي ابنه جابراً بشهادته يوم أُحد ،
وأنَّه أوّل قتيل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان كما أخبر به.
وذكر الخطيب
البغدادي في تاريخه (٢ / ٤٩) عن أبي الحسين المالكي أنّه قال : كنت أصحب خير
النسّاج ـ محمد بن إسماعيل ـ سنين كثيرة ، ورأيت له من كرامات الله تعالى ما يكثر
ذكره ، غير أنَّه قال لي قبل وفاته بثمانية أيّام : إنّي أموت يوم الخميس المغرب ،
فأُدفَن يوم الجمعة قبل الصلاة وستنسى فلا تنساه. قال أبو الحسين : فأُنسيته إلى
يوم الجمعة فلقيني من خبّرني بموته ، فخرجت لأحضر جنازته فوجدت الناس راجعين ،
فسألتهم : لِمَ رجعوا؟ فذكروا أنّه يُدفَن بعد الصلاة ، فبادرت ولم ألتفت إلى
قولهم ، فوجدت الجنازة قد أُخرجت قبل الصلاة أو كما قال.
وهذه القصّة ذكرها
ابن الجوزي أيضاً في المنتظم (٦ / ٢٧٤).
غيض من فيض :
توجد في طيّ كتب
الحفّاظ ومعاجم أعلام القوم قضايا جمّة في اناس كثيرين عدّوها لهم فضلاً وكرامةً
تُنبئ عن علمهم بالغيب وبما تخفي الصدور ، ولا يراها أحدٌ منهم شركاً ، ولا يسمع
من القصيمي ـ ومن لفَّ لفّه ـ فيها ركزاً ، وأمثالها في أئمّة الشيعة
__________________
هي التي جسّها
القوم ، وألقت عليهم جشمها ، وكثر فيها منهم الرطيط ، وإليك جملة من تلكم القضايا :
١ ـ قال أبو عمرو
بن علوان : خرجت يوماً إلى سوق الرحبة في حاجة فرأيت جنازةً فتبعتها لأصلّي عليها
، ووقفت حتى يدفن الميت في جملة الناس ، فوقعت عيني على امرأة مسفرة من غير تعمّد
، فلححت بالنظر واسترجعت واستغفرت الله ـ إلى أن قال ـ : فخطر في قلبي أن زر شيخك
الجنيد ، فانحدرت إلى بغداد ، فلمّا جئت الحجرة التي هو فيها طرقت الباب فقال لي :
ادخل أبا عمرو ، تذنب بالرحبة ونستغفر لك ببغداد. تاريخ بغداد (٧ / ٢٤٧) ، صفة
الصفوة (٢ / ٢٣٦).
٢ ـ قال ابن
النجّار : كان الشيخ أبو محمد عبد الله الجبائي المتوفّى (٦٠٥) يتكلّم يوماً في
الإخلاص والرياء والعجب وأنا حاضرٌ في المجلس ، فخطر في نفسي : كيف الخلاص من
العجب؟ فالتفت إليَّ الشيخ وقال : إذا رأيت الأشياء من الله وأنّه وفّقك لعمل
الخير وأخرجك من البين سلمت من العجب. شذرات الذهب (٥ / ١٦).
٣ ـ عن الشيخ عليّ
الشبلي قال : احتاجت زوجتي إلى مقنعة فقلت : عليَّ دين خمسة دراهم ، فمن أين أشتري
لك مقنعة؟ فنمت فرأيت من يقول لي : إذا أردت أن تنظر إلى إبراهيم الخليل فانظر إلى
الشيخ عبد الله بن عبد العزيز. فلمّا أصبحت أتيته بقاسيون فقال لي : ما لك يا عليّ؟
اجلس ، وقام إلى منزله وعاد ومعه مقنعة في طرفها خمسة دراهم ، فأخذتها ورجعت.
شذرات الذهب (٥ / ٧٤).
٤ ـ قال أبو محمد
الجوهري : سمعت أخي أبا عبد الله يقول : رأيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
في المنام فقلت :
يا رسول الله أيّ المذاهب خير؟ وقال : قلت : على أيّ المذاهب أكون؟ فقال : ابن
بطّة ابن بطّة . فخرجت من بغداد إلى عكبرا فصادف دخولي يوم الجمعة فقصدت
الشيخ أبا عبد الله بن بطّة إلى الجامع ، فلمّا رآني قال لي ابتداءً : صدق رسول
الله صدق رسول الله. شذرات الذهب (٣ / ١٢٣).
٥ ـ قال أبو الفتح
القوّاس : لحقتني إضاقة وقتاً من الزمان ، فنظرت فلم أجد في البيت غير قوس لي
وخفّين كنت ألبسهما ، فأصبحت وقد عزمت على بيعهما ، وكان يوم مجلس أبي الحسين بن
سمعون ، فقلت في نفسي : أحضر المجلس ثمّ أنصرف فأبيع الخفّين والقوس. قال : وكان
القوّاس قلَّ ما يتخلّف عن حضور مجلس ابن سمعون ، قال أبو الفتح : فحضرت المجلس ،
فلمّا أردت الانصراف ناداني أبو الحسين : يا أبا الفتح لا تبع الخفّين لا تبع
القوس فإنَّ الله سيأتيك برزق من عنده. تاريخ بغداد (١ / ٢٧٥).
٦ ـ قال الحافظ
ابن كثير في تاريخه (١٢ / ١٤٤) : قدم
الخطيب أردشير بن منصور أبو الحسين العبادي ، وكان يحضر في مجلسه في بعض الأحيان
أكثر من ثلاثين ألفاً من الرجال والنساء ، قال بعضهم : دخلت عليه وهو يشرب مرقاً
فقلت في نفسي : ليته أعطاني فضله لأشربه لحفظ القرآن ، فناولني فضله فقال : اشربها
على تلك النيّة. قال : فرزقني الله حفظ القرآن.
٧ ـ قال أبو
الحارث الأولاسي : خرجت من حصن أولاس أُريد البحر ،
__________________
فقال بعض إخواني :
لا تخرج فإنّي قد هيّأت لك عُجّة حتى تأكل ، قال : فجلست فأكلت معه ، ونزلت إلى الساحل ،
وإذا أنا بإبراهيم بن سعد ـ أبو إسحاق الحسني ـ العلوي قائماً يصلّي ، فقلت في
نفسي : ما أشكّ إلاّ أنَّه يريد أن يقول : امش معي على الماء ، ولئن قال لي
لأمشينَّ معه ، فما استحكم الخاطر حتى قال : هيه يا أبا الحارث امش على الخاطر ،
فقلت : بسم الله فمشى هو على الماء فذهبت أمشي فغاصت رجلي ، فالتفت إليَّ ، وقال
لي : يا أبا الحارث ، العُجّة أخذت برجلك ، فذهب وتركني . تاريخ بغداد (٦ / ٨٦) ، تاريخ الشام (٢ / ٢٠٨) ، صفة
الصفوة (٢ / ٢٤٢).
٨ ـ كان ابن سمعون
محمد بن أحمد الواعظ المتوفّى (٣٨٧) يعظ يوماً على المنبر وتحته أبو الفتح بن
القوّاس ، فنعس ابن القوّاس ، فأمسك ابن سمعون عن الوعظ حتى استيقظ
، فحين استيقظ قال ابن سمعون : رأيتَ رسول الله في منامك هذا؟ قال : نعم. قال :
فلهذا أمسكت عن الوعظ حتى لا أزعجك عمّا كنت فيه . تاريخ بغداد (١ / ٢٧٦) ، المنتظم (٧ / ١٩٩) ، تاريخ ابن
كثير (١١ / ٣٢٣).
٩ ـ روي عن ابن
الجنيد أنَّه قال : رأيت إبليس في المنام وكأنَّه عريان فقلت : ألا تستحي من الناس؟
فقال ـ وهو لا يظنّهم ناساً ـ : لو كانوا ناساً ما كنت ألعب بهم كما يلعب الصبيان
بالكرة ، إنّما الناس جماعةٌ غير هؤلاء فقلت : أين هم؟ فقال : في مسجد الشونيزي قد
أضنوا قلبي وأتعبوا جسدي ، كلّما هممت بهم أشاروا إلى الله عزّ وجلَّ فأكاد أحترق
، قال : فلمّا انتبهت لبست ثيابي ورحت إلى المسجد الذي ذكر ،
__________________
فإذا ثلاثة جلوس
ورؤوسهم في مرقّعاتهم ، فرفع أحدهم رأسه إليَّ وقال : يا أبا القاسم لا تغترّ
بحديث الخبيث وأنت كلّما قيل لك شيءٌ تقبل. فإذا هم : أبو بكر الدقّاق ، وأبو
الحسين النوري ، وأبو حمزة محمد بن عليّ الجرجاني الفقيه الشافعي. ذكره ابن
الأثير كما في تاريخ ابن كثير (١١ / ٩٧) ، وابن
الجوزي في صفة الصفوة (٢ / ٢٣٤).
١٠ ـ جاء يوماً
شابّ نصرانيّ في صورة مسلم إلى أبي القاسم الجنيد الخزّاز ، فقال له : يا أبا
القاسم ما معنى قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله» فأطرق
الجنيد ثمّ رفع رأسه إليه وقال : أسلم ، فقد آن لك أن تُسلِم ، قال : فأسلم
الغلام. تاريخ ابن كثير (١١ / ١١٤).
وحُكي عن أبي
الحسن الشاذلي المتوفّى (٦٥٦) قوله : لو لا لجام الشريعة على لساني لأخبرتكم بما
يحدث في غدٍ وما بعده إلى يوم القيامة. شذرات الذهب (٥ / ٢٧٩).
العجب العجاب :
وأعجب من هذه
كلّها دعوى الرجل من القوم أنَّه يرى اللوح المحفوظ ويقرأه فتؤخذ منه تلكم الدعاوى
الضخمة ، وتذكر في سلسلة الفضائل ، وتأتي في كتبهم حقائق راهنة من دون أيّ مناقشة
في الحساب.
__________________
قال ابن العماد في
شذرات الذهب (٨ / ٢٨٦) في
ترجمة المولى محيي الدين محمد بن مصطفى القوجوي الحنفي المتوفّى (٩٥٠) صاحب
الحواشي على البيضاوي ومؤلّفات أُخرى : كان يقول : إذا شككت في آية من القرآن
أتوجّه إلى الله تعالى ، فيتّسع صدري حتى يصير قدر الدنيا ويطلع فيه قمران لا أدري
هما أيّ شيء ، ثمّ يظهر نورٌ فيكون دليلاً إلى اللوح المحفوظ ، فأستخرج منه معنى
الآية.
وقال في (٨ / ١٧٨) في ترجمة المولى بخشي الرومي الحنفي المتوفّى
(٩٣١) : رحل إلى ديار العرب فأخذ عن علمائهم وصارت له يدٌ طولى في الفقه والتفسير
ـ إلى أن قال ـ : كان ربّما يقول : رأيت في اللوح المحفوظ مسطوراً كذا وكذا ، فلا
يخطئ أصلاً.
وقال اليافعي في
مرآة الجنان (٣ / ٤٧١) : إنّ الشيخ جاكير ، المتوفّى (٥٩٠) كان يقول : ما أخذت
العهد على أحد حتى رأيت اسمه مرفوعاً في اللوح المحفوظ من جملة مريديّ.
وقال في المرآة (٤
/ ٢٥) : كان الشيخ ابن الصبّاغ أبو الحسن عليّ بن حميد المتوفّى (٦١٢) لا يصحب
إلاّ من يراه مكتوباً في اللوح المحفوظ من أصحابه.
وذكره ابن العماد في
شذراته (٥ / ٥٢).
توجد جملة كثيرة
من هذه الأوهام الخرافيّة في طبقات الشعراني ، والكواكب الدرّية للنووي ، وروض
الرياحين لليافعي ، وروضة الناظرين للشيخ أحمد الوتري وأمثالها.
(وَالَّذِينَ
كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ)
__________________
ـ ٥ ـ
نقل الجنائز إلى المشاهد
لقد كثرت الجلبة
واللغط حول هذه المسألة من أُناس جاهلين بمواقع الأحكام ، ذاهلين عن مصادر الفتيا
، حسبوا أنّها من مختصّات الشيعة فحسب ، ففوّقوا إليهم نبال الطعن ، وشنّوا عليهم
الغارات ، وهناك أغرارٌ تصدّوا للدفاع ـ وهم مشاركون لأولئك في الجهل أو الذهول ـ بأنّها
من عمل الدهماء فلا يحتجُّ بها على المذهب أو العلماء ، وآخر حرّف الكلم عن مواضعه
ابتغاء إثبات أُمنيّته ، ولكن وراء الكلّ حذّاق البحث كشفوا عن تلكم السوءات.
عزب على المساكين
أنّ للشيعة موافقين من أهل المذاهب الأربعة في جواز نقل الموتى لأغراض صحيحة إلى
غير محالِّ موتهم قبل الدفن وبعده ، مهما أوصى به الميّت أو لم يوصِ به.
قالت المالكيّة :
يجوز نقل الميّت قبل الدفن وبعده من مكان إلى آخر بشروط ثلاثة : أوّلها : أن لا
ينفجر حال نقله. ثانيها : أن لا تنهتك حرمته بأن يُنقل على وجه يكون فيه تحقير له.
ثالثها : أن يكون نقله لمصلحةٍ كأن يُخشى من طغيان البحر على قبره ، أو يراد نقله
إلى مكان تُرجى بركته ، أو إلى مكان قريب من أهله ، أو لأجل زيارة أهله إيّاه ،
فإن فُقِدَ شرط من هذه الشروط الثلاثة حرم النقل .
وقالت
الحنابلة : لا بأس بنقل
الميّت من الجهة التي مات فيها إلى جهة بعيدة عنها ، بشرط أن يكون النقل لغرض صحيح
كأن يُنقَل إلى بقعة شريفة ليُدفَن فيها ، أو ليُدفَن بجوار رجل صالح ، وبشرط أن
يُؤمن تغيّر رائحته ، ولا فرق في ذلك بين أن
__________________
يكون قبل الدفن أو
بعده .
وقالت
الشافعية : يحرم نقل الميّت إلى
بلد آخر ليُدفَن فيه. وقيل : يكره إلاّ أن يكون بقرب مكّة أو المدينة أو بيت
المقدس أو بقرب قبر صالح ؛ ولو أوصى بنقله إلى أحد الأماكن المذكورة لزم تنفيذ
وصيّته عند الأمن من التغيير ، والمراد بمكة جميع الحرم لا نفس البلد .
وقالت
الحنفيّة : يستحبُّ أن يُدفن
الميّت في الجهة التي مات فيها ، ولا بأس بنقله من بلدة إلى أخرى قبل الدفن عند
أمن تغيّر رائحته ، أمّا بعد الدفن فيحرم إخراجه ، إلاّ إذا كانت الأرض التي دُفِن
فيها مغصوبة أو أُخذت بعد دفنه بشفعة .
ومن سبر التاريخ
وجد الإطباق من علماء المذاهب على جواز النقل في الصورتين عملاً ، وكان من المرتكز
في الأذهان نقل الجثث إلى البقاع الشريفة من أرض بيت الله الحرام ، أو جوار النبيّ
الأعظم ، أو قرب إمام مذهب ، أو مرقد وليٍّ صالح ، أو بقعة اختصّها الله بالكرامة
، أو إلى حيث مجتمع أهل الميت ، أو قبور ذويه.
وكان يوم نقل رفات
أُولئك الرجال من المذاهب الأربعة يوماً مشهوداً تُقام فيه حفلات مكتظّة يحضر فيها
حَشدٌ من العلماء والخطباء والقرّاء وأُناس آخرين ، كلّ ذلك يُنبئ عن جوازه ،
وإصفاق الأُمّة الإسلاميّة عليه ، بل كان ذلك مطّرداً منذ عهد الصحابة الأوّلين
والتابعين لهم بإحسان بوصيّةٍ من الميّت أو بترجيح من أوليائه ،
__________________
وكاد أن يكون من المجمع
عليه عملاً عند فِرَق المسلمين في القرون الإسلاميّة. ولو لم يكن كذلك لما اختلف
الصحابة في دفن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بالمدينة أو بمكّة أو عند جدّه إبراهيم الخليل .
وتراه كان مشروعاً
في الشرائع السالفة ، فقد مات آدم عليهالسلام بمكّة ودفن في غار أبي قبيس ، ثمّ حمل نوح تابوته في
السفينة ، ولمّا خرج منها دفنه في بيت المقدس ، وفي أحاديث الشيعة أنّه دفنه في النجف الأشرف ، ومات
يعقوب عليهالسلام بمصر ونُقِل إلى الشام ، ونقل النبيُّ موسى عليهالسلام جثّة يوسف عليهالسلام من مصر بعد دفنه بها إلى فلسطين مدفن آبائه
ونقل يوسف عليهالسلام جثمان أبيه يعقوب عليهالسلام من مصر ودفنه عند أهله في حبرون في المغارة المعدّة لدفن
تلك الأسرة الشريفة . كما في تاريخ الطبري (١ / ١٦١ ، ١٦٩) ، ومعجم البلدان (٣
/ ٢٠٨) وتاريخ ابن كثير (١ / ١٧٤ ، ١٩٧).
وقد نقل الإمامان
السبطان ـ صلوات الله عليهما ـ جثمان أبيهما الطاهر أمير المؤمنين ـ سلام الله
عليه ـ من الكوفة إلى حيث بقعته الآن من النجف الأشرف ، وكان ذلك قبل دفنه عليهالسلام ، غير أنَّ في دلائل النبوّة : أنَّ أوّل من نقل من قبر إلى قبر عليّ
__________________
ابن أبي طالب رضى
الله عنه ، لما استشهد يوم الجمعة سابع عشر رمضان ومات بعد يومين وصلّى عليه ابنه
الحسن رضى الله عنه ، ودفن بدار الإمارة بالكوفة ، وغُيّب قبره ونقل إلى محلّ يقال
له (نجف) فأظهره هارون الرشيد وبنى عليه عمائر ، حين وجد وحوشاً تستأنس بذلك
المحلِّ ، وتقرُّ إليه التجاءً من أهل الصيد ، فسأل عن سبب ذلك من أهل قرية قريبة
هناك ، فأخبره شيخٌ من القرية بأنَّ فيه قبر أمير المؤمنين عليّ رضى الله عنه مع
قبر نوح عليهالسلام . ونحن نذكر جملةً من الجثث المنقولة تحت عنوانين :
من نقلت جنازته
قبل الدفن :
١ ـ المقداد بن
عمرو بن ثعلبة الصحابي المتوفّى (٣٣) : توفّي بالجرف على ثلاثة أميال من المدينة ،
فحمل على رقاب الرجال حتى دُفن بالبقيع . الاستيعاب (١ / ٢٨٠) ، أُسد الغابة (٤ / ٤١١) ، مجمع
الزوائد (٩ / ٣٠٧).
٢ ـ سعيد بن زيد
القرشي العدوي ـ أحد العشرة المبشّرة ـ توفّي (٥١ ، ٥٢) : بالعقيق على عشرة أميال
من المدينة ، وحمل إليها ودُفن بها . صفة الصفوة (١ / ١٤٠) ، تاريخ الشام (٦ / ١٢٧).
٣ ـ عبد الرحمن بن
أبي بكر الصدّيق : توفّي بالحبشي سنة (٥٣) ، بينها وبين مكّة ستّة أميال ، فحمل
إلى مكّة ودُفن بها ، فقدمت عائشة من المدينة وأتت قبره وصلّت عليه وتمثّلت :
__________________
وكنّا كنَدْمانَيْ
جَذِيمةَ حقبةً
|
|
من الدهرِ حتى
قيل لن يتصدّعا
|
فلمّا تفرّقنا
كأنّي ومالكاً
|
|
لطول اجتماعٍ لم
نَبِتْ ليلةً معا
|
معجم البلدان (٣ / ٢١١) ،
وأخرجه الترمذي مع زيادة.
٤ ـ سعد بن أبي
وقّاص الصحابي : توفّي سنة (٥٤ ، ٥٥) في حمراء الأسد ، وحُمل الى المدينة ودُفن بها . تاريخ بغداد (١ / ١٤٦) ، صفة الصفوة (١ / ١٤٠) ، تاريخ
الشام (٦ / ١٠٨) البداية والنهاية (٨ / ٧٨).
٥ ـ أُسامة بن زيد
الصحابي : توفّي (٥٤) بالجرف ، وحُمل إلى المدينة . صفة الصفوة (١ / ٢١٠) ، أُسد الغابة (١ / ٦٦).
٦ ـ أبو هريرة
الصحابي الشهير المتوفّى (٥٧ ، ٥٨ ، ٥٩) : توفّي بالعقيق ، فحُمل إلى المدينة
المشرّفة. الإصابة (٤ / ٢١٠).
٧ ـ يزيد بن
معاوية بن أبي سفيان المتوفّى (٦٤) : توفّي بحوارين من قرى دمشق ، وحُمل إلى دمشق
ودُفن بها. البداية والنهاية (٨ / ٢٣٦).
٨ ـ أبو إسحاق إبراهيم
بن أدهم : توفّي (١٦٢) بالجزيرة ، فحُمل إلى صور
__________________
فدفن هنالك. صفة
الصفوة (٢ / ١٣٢).
٩ ـ جعفر بن يحيى
: قُتل بالغمر سنة (١٨٩) ، وبُعِث بجثّته إلى بغداد. شذرات الذهب (١ / ٣٣٧).
١٠ ـ أبو الفيض ذو
النون المصري : توفّي (٢٤٦) بالحيرة ، وحُمل في مركب إلى الفسطاط ، ودُفن في مقابر
أهل المعافر. صفة الصفوة (٤ / ٢٩٣).
١١ ـ هارون بن
العبّاس الهاشمي : توفّي (٢٦٧) بالرويثة ـ وقيل بالعرج ـ ثمّ حُمل إلى المدينة فدفن بها. تاريخ
بغداد (١٤ / ٢٧).
١٢ ـ أحمد بن محمد
بن غالب الباهلي : توفّي ببغداد سنة (٢٧٥) وحُمل في تابوت إلى البصرة ، وبُنيت
عليه قبّه. تاريخ بغداد (٥ / ٨٠) ، ميزان الاعتدال (١ / ٦٧).
١٣ ـ محمد بن
إسحاق بن إبراهيم أبوالعنبس الصيمري المتوفّى (٢٧٥) : توفّي ببغداد وحُمل إلى
الكوفة فدفن بها. المنتظم (٥ / ٩٩).
١٤ ـ المعتمد على
الله الخليفة العبّاسي : توفّي (٢٧٩) ببغداد فجأةً ، وحُمل إلى سرَّمن رأى ودُفن
بها. تاريخ بغداد (٤ / ٦١).
١٥ ـ جعفر بن
المعتضد المتوفّى (٢٨٠) : توفّي بمدينة الدينور وحُمل إلى بغداد. البداية والنهاية
(١١ / ٦٩).
__________________
١٦ ـ عليّ بن محمد
بن أبي الشوارب أبو الحسن الأموي البصري : توفّي (٢٨٢ ، ٢٨٣) ببغداد فصلّي عليه ،
ثمّ حُمل إلى سرَّ من رأى وهناك تربته. تاريخ بغداد (١٢ / ٦١) ، المنتظم (٥ / ١٦٤).
١٧ ـ جعفر بن محمد
بن عرفة : توفّي في ذي الحجّة (٢٨٧) بالعمق ـ أحد منازل طريق الحجّ من بغداد ـ وحُمل
إلى بغداد ودُفن بها في المحرم سنة (٢٨٨). المنتظم (٦ / ٢٥) وغيره .
١٨ ـ حسين بن عمر
بن أبي الأحوص أبو عبد الله الكوفي المتوفّى (٣٠٠) : توفّي في بغداد ، وحُمل إلى
الكوفة فدفن بها. المنتظم (٦ / ١١٧) ، تاريخ
بغداد (٨ / ٨ ١).
١٩ ـ محمد بن جعفر
أبو عمر القتّات الكوفي المتوفّى (٣٠٠) : توفّي ببغداد ، وحُمل إلى الكوفة.
المنتظم (٦ / ١٢٠).
٢٠ ـ أبو القاسم
عبد الله بن إبراهيم المعروف بابن الأكفاني : توفّي (٣٠٧) بالقصر ، وحُمل تابوته
إلى مكّة ودُفن بها. تاريخ بغداد (٩ / ٤٠٥).
٢١ ـ إبراهيم بن
نجيح أبو القاسم الكوفي المتوفّى (٣١٣) : توفّي ببغداد ، وجيء به إلى الكوفة فدفن
بها. المنتظم (٦ / ١٩٧).
٢٢ ـ بدر بن
الهيثم الكوفي القاضي : توفّي (٣١٧) ببغداد ، وحُمل إلى الكوفة فدفن بها ، تاريخ
بغداد (٧ / ١٠٨).
٢٣ ـ محمد بن
الحسين أبو الطيّب اللخمي : توفّي (٣١٨) ببغداد ، وحُمل إلى
__________________
الكوفة ودُفن بها
، وكان فيها أهله. تاريخ بغداد (٢ / ٢٣٨) ، المنتظم (٦ / ٢٢٦)
٢٤ ـ أبو إسحاق
إبراهيم بن محمد الخطّابي العمري الكوفي ـ من أحفاد عمر بن الخطّاب ـ : توفّي
(٣٢٠) ببغداد ، وحُمل إلى الكوفة ودُفن بها. تاريخ بغداد (٦ / ١٥٨).
٢٥ ـ إسماعيل بن
العبّاس أبو علي الورّاق : توفّي (٣٢٣) في طريق الحجّ في رجوعه منه ، وحُمِل إلى
بغداد فدفن بها. تاريخ بغداد (٦ / ٣٠١) ، المنتظم (٦ / ٢٧٨).
٢٦ ـ علي بن عبد
الرحمن الكوفي : توفّي (٣٤٧) ببغداد ، وحُمل إلى الكوفة.
تاريخ بغداد (١٢ /
٣٢) ، المنتظم (٦ / ٣٨٩).
٢٧ ـ أبو الحسن
علي بن محمد بن الزبير الكوفي : توفّي (٣٤٨) ببغداد ، وحُمِل إلى الكوفة. تاريخ
بغداد (١٢ / ٨١).
٢٨ ـ مطرف بن عيسى
أبو القاسم الغسّاني الألبيري المتوفّى (٣٥٦ ، ٣٥٧) : مات بقرطبة فحُمل إلى بلده
فدفن به. بغية الوعاة (ص ٣٩٢).
٢٩ ـ إبراهيم بن
محمد أبو الطيّب العطّار : توفّي (٣٦٢) بسوسنقين أو ساوة ، وحُمل إلى نيسابور ودُفن بها. تاريخ بغداد (٦ /
١٦٩).
٣٠ ـ المطيع لله
الخليفة العبّاسي : توفّي (٣٦٤) في المعسكر بدير العاقول لمّا خرج إلى واسط مع
ابنه الطائع لله ، وحُمل إلى بغداد ودُفن بها في الرصافة. تاريخ بغداد (١٢ / ٣٧٩).
__________________
٣١ ـ أحمد بن عطاء
أبو عبد الله الزاهد المتوفّى (٣٦٩) : توفّي في منواث من عكّا ، وحُمل إلى صفد ـ صور
ـ فدفن بها. تاريخ بغداد (٤ / ٢٣٧) ، شذرات الذهب (٣ / ٦٨).
٣٢ ـ محمد بن
العبّاس بن أحمد أبو عبد الله الضبّي الهراتي : توفّي (٣٧٨) برستاق خواف من
نيسابور وأوصى أن يُحمل تابوته إلى هراة ، فنقل إليها ودُفن بها. تاريخ بغداد (٣ /
١٢١) ، المنتظم (٧ / ١٤٦).
٣٣ ـ عليّ بن عبد
العزيز الجرجاني : توفّي (٣٩٢) بنيسابور ، وحُمل تابوته إلى جرجان ودُفِن بها . المنتظم (٧ / ٢٢٢) ، البداية والنهاية (١١ / ٣٣٢) ، شذرات
الذهب (٣ / ٥٧).
٣٤ ـ أبو عبد الله
القمّي المصري المتوفّى (٤٠٠) : توفّي عند توجّهه من مصر إلى مكّة ، وحُمل إلى
المدينة ودُفِن بها. المنتظم (٧ / ٢٤٨).
٣٥ ـ إسماعيل بن
الحسن أبو القاسم الصرصري المتوفّى (٤٠٣) : توفّي ببغداد ، وحُمل إلى صرصر بعد أن
صلّى عليه أبو حامد الأسفراييني. تاريخ بغداد (٦ / ٣١٢).
٣٦ ـ أبو نصر
فيروز بهاء الدين المتوفّى (٤٠٣) : توفّي بأرجان وحُمل إلى الكوفة ودُفن بالمشهد.
المنتظم (٧ / ٢٦٤).
__________________
٣٧ ـ أبو إسحاق
الأسفراييني الشافعي : توفّي (٤١٨) بنيسابور ، ثمّ نُقل إلى بلده ودُفن بمشهده . البداية والنهاية (١٢ / ٢٤) ، شذرات الذهب (٣ / ٢١٠).
٣٨ ـ أبو القاسم
الحسين بن علي المغربي المتوفّى (٤١٨) : توفّي بميافارقين ، وحُمل إلى مشهد أمير
المؤمنين ودُفن به. المنتظم (٨ / ٣٣).
٣٩ ـ أبو بكر
البيهقي الحافظ الكبير : توفّي (٤٥٨) بنيسابور ، ونُقل تابوته إلى بيهق . المنتظم (٨ / ٢٤) ، البداية والنهاية (١٢ / ٩٤).
٤٠ ـ محمد بن أحمد
بن مشارة أبو عبد الله الأصبهاني الشافعي : توفّي (٤٦٤) ببغداد ،
وحُمل إلى دُجيل . المنتظم (٨ / ٢٧٥) ، البداية والنهاية (١٢ / ١٠٥).
٤١ ـ عليّ بن أبي
نصر الموصلي المتوفّى (٤٧٩) : توفّي ببغداد ، وحُملت جنازته إلى الموصل فكان يوماً
مشهوداً. المنتظم (٩ / ٣٢).
٤٢ ـ أبو بكر محمد
بن عبد الله الناصحي النيسابوري ـ إمام الحنفيّة في وقته ـ : توفّي (٤٨٤) بطريق
الريّ ، وحُمل تابوته إلى نيسابور ، وقيل : حُمل إلى أصبهان ودُفن بها. الجواهر
المضيّة (٢ / ٦٤).
٤٣ ـ القاضي أبو
أحمد القسم بن مظفر الشهرزوري المتوفّى (٤٨٩) : توفّي
__________________
بمدائن كسرى ،
وحُمل إلى الإسكندرية فدفن عند أُمّه. شذرات الذهب (٣ / ٣٩٣)
٤٤ ـ أبو بكر أحمد
بن عليّ العلبي الحنبلي : توفّي (٥٠٣) في عرفات ، فحُمل إلى مكّة وطيف به حول
البيت ودُفن بها إلى جانب الفضيل بن عياض ، ولمّا بلغ خبره إلى بغداد صلّى الناس
عليه صلاة الغائب فامتلأ الجامع من الناس . المنتظم (٩ / ١٦٤) ، صفة الصفوة (٢ / ٢٧٩) ، شذرات الذهب (٤
/ ٦).
٤٥ ـ الحافظ أبو
الغنائم محمد بن علي النرسي الكوفي المقري : توفّي (٥١٠) بالحلّة ، وحُمل إلى
الكوفة فدُفِن بها. المنتظم (٩ / ١٨٩).
٤٦ ـ أبو بكر
محمود بن مسعود قاضي القضاة الشعيبي الحنفي المفتي : توفّي (٥١٤) بسمرقند ، وحُمل
تابوته إلى بخارى. الجواهر المضيّة (٢ / ١٦٢).
٤٧ ـ أبو إسحاق
الغزّي إبراهيم بن عثمان : توفّي (٥٢٤) فيما بين مرو وبلخ من بلاد خراسان ، وحُمل
إلى بلخ ودُفن بها. شذرات الذهب (٤ / ٦٨).
٤٨ ـ القاضي بهاء
الدين ابن الشهرزوري : توفّي (٥٣٢) بحلب ، وحُمل إلى صفّين ودُفِن بها. وفيات
الأعيان (١ / ٢١٢).
٤٩ ـ أبو سعد أحمد
بن محمد الحافظ الأصبهاني : توفّي (٥٤٠) بنهاوند ، ونُقِل
__________________
إلى أصبهان . المنتظم (١٠ / ١١٧) ، شذرات الذهب (٤ / ١٢٥).
٥٠ ـ أحمد بن محمد
أبو المعالي بن البسر البخاري المتوفّى (٥٤٢) : توفّي بسرخس وحُمل إلى مرو ، ثمّ
حُمل إلى بخارى فدفن بها. المنتظم (١٠ / ١٢٧).
٥١ ـ المظفر بن
أردشير أبو منصور العبادي : توفّي (٥٤٧) بعسكر مكرم ، ثمّ حُمل إلى بغداد فدفن في
دكّة الجنيد. المنتظم (١٠ / ١٥١).
٥٢ ـ أبو الحسن
محمد بن المبارك البغدادي الفقيه الشافعي : توفّي (٥٥٢) ببغداد ، ونُقل إلى الكوفة
ودُفن بها. شذرات الذهب (٤ / ١٦٤).
٥٣ ـ صدر الدين
أبو بكر الخُجَندي الأصبهاني الشافعي : توفّي (٥٥٢) بقرية بين همدان والكرخ ،
وحُمل إلى أصبهان ودُفن بسيلان . المنتظم (١٠ / ١٧٩) ، شذرات الذهب (٤ / ١٦٣).
٥٤ ـ محمد بن عبد
الرحيم الأنصاري أبو عبد الله المالكي الغرناطي : توفّي (٥٦٩) بإشبيليّة ، وحُمل
إلى غرناطة فدفن بها. الديباج المذهّب (ص ٢٨٧).
٥٥ ـ عبد اللطيف
الفقيه الشافعي الأصبهاني : توفّي (٥٨٠) بهمدان ، وحُمل إلى أصبهان ودُفن بها.
شذرات الذهب (٤ / ١٦٣).
٥٦ ـ ضياء الدين
عيسى الهكاري الفقيه : توفّي (٥٨٥) في الخروبة قريباً من
__________________
عكا ، فنُقل إلى
القدس فدفن بها. البداية والنهاية (١٢ / ٣٣٤).
٥٧ ـ أبو الفضل
حسين بن أحمد الهمداني اليزدي ـ من أئمّة الحنفيّة ـ : توفّي (٥٩١) بمدينة قوص من
صعيد مصر ، وحُمل ميتاً إلى مصر ودُفن بتربة الحنفيّة. الجواهر المضيّة (١ / ٢٠٧).
٥٨ ـ أبو الفضائل
القسم بن يحيى ابن الشهرزوري المتوفّى (٥٩٩) : توفّي بحماة ، وحُمل إلى دمشق فدفن
بها. شذرات الذهب (٤ / ٣٤٢).
٥٩ ـ مسعود بن
صلاح الدين المتوفّى (٦٠٦) : توفّي بمدرسة رأس العين ، فحُمل إلى حلب فدفن بها.
البداية والنهاية (١٣ / ٥٥).
٦٠ ـ ابن حمدون
تاج الدين أبو سعد الحسن بن محمد المتوفّى (٦٠٨) : توفّي بالمدائن ، وحُمِل إلى
مقابر قريش فدفن بها ، البداية والنهاية (١٣ / ٦٢).
٦١ ـ قطب الدين
العادل المتوفّى (٦١٩) : توفّي بالفيّوم ، ونُقِل إلى القاهرة. البداية والنهاية (١٣ / ٩٩).
٦٢ ـ أبو الفضائل
الحسن بن محمد العدوي العمري : توفّي (٦٥٠) ببغداد ، وحُمِل إلى مكّة فدفن بها.
شذرات الذهب (٥ / ٢٥٠).
٦٣ ـ سيف الدين
أبو الحسن القيمري ، توفّي (٦٥٣) بنابلس ، ونُقل فدفن
__________________
بقبّته التي بقرب
مارستانه بالصالحيّة. شذرات الذهب (٥ / ١٦١).
٦٤ ـ الملك الناصر
داود بن المعظّم : توفّي (٦٥٥) بقرية البويضا من دمشق ، وحُمل منها إلى الشام
ودُفن بسفح قاسيون. البداية والنهاية (١٣ / ١٩٨).
٦٥ ـ جمال الدين
صرصري الفقيه الحنبلي : توفّي ببغداد (٦٥٦) ، وحُمل إلى صرصر ودُفن بها. مختصر
طبقات الحنابلة (ص ٥١).
٦٦ ـ الشيخ محمد
القونوي المصري : توفّي (٦٧٢) بمصر ، وأوصى أن يُنقل تابوته إلى دمشق ويُدفن عند
الشيخ محيي الدين العربي شيخه. طبقات الأخيار (١ / ١٧٧).
٦٧ ـ أبو الخير
رمضان بن الحسين السرماري المدرِّس الحنفي : توفّي في البحر (٦٧٥) ، ونُقل إلى
مدينة الأنبار ودُفن بها بعد موته بتسعة أيّام. الجواهر المضيّة (١ / ٢٤٣).
٦٨ ـ الملك السعيد
بركة المتوفّى (٦٧٨) : توفّي في كرك ، ونُقل إلى دمشق ودُفن بها. روضة المناظر
لابن الشحنة.
٦٩ ـ نجم الدين
عبد الرحيم القاضي ابن البارزي الشافعي الفقيه البصير : توفّي (٦٨٣) في تبوك ،
فحُمل إلى المدينة فدفن بها. شذرات الذهب (٥ / ٣٨٢).
٧٠ ـ يوسف بن أبي
نصر الدمشقي ابن السفاري المحدِّث : تُوفّي (٦٩٩) بدمشق
__________________
في زمن التتار ،
ووضع في تابوت ، فلمّا أمن الناس نُقل إلى النَّيرب ودُفن بها. شذرات الذهب (٥ / ٤٥٤).
٧١ ـ شرف الدين
أبو عبد الله محمد بن محمد الحرّاني المعروف بابن النجيح الفقيه الناسك المتوفّى
(٧٢٣) : توفّي في وادي بني سالم ، فحُمل إلى المدينة ، فغُسِّل وصلّي عليه في
الروضة ، ودُفن بالبقيع. البداية والنهاية (١٤ / ١١٠).
٧٢ ـ أبو الحسن
علي بن يعقوب المصري نور الدين الشافعي ـ إمام الشافعيّة ـ المتوفّى (٧٢٤) : توفّي
في ديروط ـ إحدى حواضر مصر ـ وحُمل إلى القرافة ودُفن بها. البداية والنهاية (١ ٤ / ١١٥).
٧٣ ـ كمال الدين
ابن الزملكاني ـ شيخ الشافعيّة ـ : توفّي (٧٢٧) بمدينة بلبيس وحُمل إلى القاهرة
ودُفن بالقرافة. البداية والنهاية (١٤ / ١٣٢).
٧٤ ـ عبد القادر
بن عبد العزيز الحنفي ـ أحد أعلام المذهب ـ : توفّي (٧٣٧) بالرميلة ، وحُمل إلى
بيت المقدس. الجواهر المضيّة (١ / ٣٢٤).
٧٥ ـ محمد بن محمد
التلمساني المقري ـ أحد مجتهدي المالكيّة في القرن الثامن ـ : توفّي بفاس ونُقل
إلى بلده تلمسان. نيل الابتهاج المطبوع في هامش الديباج (ص ٢٥٠)
__________________
٧٦ ـ محمد بن يوسف
الكرماني ثمّ البغدادي شمس الدين ـ شارح صحيح البخاري ـ : المتوفّى (٧٨٦) ، توفّي
بطريق الحجّ فنُقل إلى بغداد ودُفن بقبر أعدّه لنفسه . بغية الوعاة (ص ١١٠) مفتاح السعادة (١ / ١٧١).
٧٧ ـ عزّ الدين
أبو جعفر أحمد بن أحمد الإسحاقي الحلبي الشافعي الرئيس الجليل المتوفّى (٨٠٣) :
توفّي على مرحلتين من حلب في إحدى أعمالها ، ونُقل إلى حلب فدُفن عند أهله. شذرات
الذهب (٧ / ٢٤).
٧٨ ـ الأمير عماد
الدين أبو الفداء إسماعيل العنابي الدمشقي المتوفّى (٩٣٠) : توفّي في قرية دمَّر ،
وحُمل إلى دمشق ودُفن بالعنابة. شذرات الذهب (٨ / ١٧٢).
٧٩ ـ شهاب الدين
أحمد البخاري المكّي ـ إمام الحنفيّة ـ المتوفّى (٩٣٨ ، ٩٤٨) : توفّي ببندر جدّة
وهو قاضٍ بها ، فحُمل إلى مكّة ودُفن بالمعلّى. شذرات الذهب (٨ / ٢٢٨).
٨٠ ـ أبو الحسن
علي بن أحمد الكيزواني : المتوفّى (٩٥٥) ، توفّي بين مكّة والطائف ، وحُمل إلى
مكّة فدفن بها. شذرات الذهب (٨ / ٣٠٧) .
من نقل من مدفن
إلى مدفن :
١ ـ عبد الله بن
عمرو بن حزام ـ حرام ـ الأنصاري ، والد الصحابيّ العظيم جابر
__________________
ابن عبد الله ،
استشهد هو وصديقه عمرو بن الجموح الأنصاري بأُحد ودُفنا في قبر واحد ، فلم تطب نفس
جابر فأخرج أباه بعد ستّة أشهر.
قال جابر رضى الله
عنه : دُفن مع أبي رجلٌ ، فلم تطب نفسي حتى أخرجته فجعلته في قبر على حدة. وزاد
أبو داود والبيهقي : فأخرجته بعد ستّة أشهر ، فما أنكرت منه شيئاً إلاّ شعيرات
كنَّ في لحيته ممّا يلي الأرض .
وأخرج الحاكم في
المستدرك (٣ / ٢٠٣) بإسناد
صحّحه عن جابر قال :
أصبحنا يوم أُحد ،
فكان أبي أوّل قتيل فدفنته مع آخر في قبر ، ثمّ لم تطب نفسي أن أتركه مع آخر في
قبر ، فاستخرجته بعد ستّة أشهر ، فإذا هو كيوم وضعته غير أذنه.
قال ناصف في التاج
(١ / ٤٠٩) بعد ذكر
حديث جابر ونقل جنازة سعد وسعيد المذكورين : ففيها جواز نقل الميّت قبل الدفن
وبعده إلى محلٍّ آخر ، ويجب نقله إذا طلبه مالك القبر ، أو خاف الغرق أو التغيير ،
ويجوز نقله من وسط قوم أشرار ، فأصل النقل جائزٌ للحاجة.
٢ ـ عبد الله بن
سلمة بن مالك بن الحارث البلدي الأنصاري ، استشهد بأُحد ، فجاءت أمّه أنيسة بنت
عديّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت : يا رسول الله إنّ ابني عبد الله بن سلمة ـ وكان
بدريّا ـ قُتل يوم أُحد ، أحببت أن أنقله فآنس بقربه. فأذن
__________________
لها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في نقله فعدّلته بالمجذر بن ديّار على ناضح له في عباءة فمرّت بهما ، فعجب لهما الناس وكان
عبد الله ثقيلاً جسيماً ، وكان المجذر قليل اللحم ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «سوّى ـ ساوى ـ ما بينهما عملهما». أُسد الغابة (٣ / ١٧٧) ،
الإصابة (٢ / ٣٢١ و ٤ / ٢٤٥).
٣ ـ المجذر بن زياد
بن عمرو بن أحزم البلوي ، استشهد بأُحد ، وحملته أنيسة أم عبد الله بن سلمة معه
بإجازة صريحة من المشرِّع الأعظم كما مرّ.
٤ ـ طلحة بن عبيد
الله التيمي ـ أحد العشرة المبشَّرة ـ المقتول في حرب الجمل سنة (٣٦) ، دُفن
بالبصرة في ناحية ثقيف. روى الحافظ ابن عساكر أنَّ عائشة بنت طلحة رأت أباها في
المنام فقال لها : يا بنيّة حوّليني من هذا المكان فقد أضرَّ بي الندى ، فأخرجته
بعد ثلاثين سنة أو نحوها وهو طريٌّ لم يتغيّر منه شيءٌ ، فدفن في الهجرتين في
البصرة.
وفي رواية أنَّهم
اشتروا داراً من دور آل أبي بكر فدفنوه فيها . تار يخ الشام (٧ / ٨٧) ، تاريخ ابن كثير (٧ / ٢٤٧) ، عمدة
القاري (٤ / ٦٣).
٥ ـ المدفونون في
جوار مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال العيني في عمدة القاري (٤ / ٦٣) : أمر
عثمان رضى الله عنه بقبور كانت عند المسجد أن تحوَّل إلى البقيع وقال : توسّعوا في
مسجدكم.
__________________
٦ ـ شهداء أُحد :
روى ابن الجوزي في صفة الصفوة (١ / ١٤٧) عن جابر
قال : لمّا أراد معاوية أن يجري عينه التي بأُحد كتبوا إليه : إنّا لا نستطيع أن
نُجريَها إلاّ على قبور الشهداء. فكتب : انبشوهم.
وفي نوادر الحكيم
الترمذي (ص ٢٢٧) : أمر
منادياً فنادى فيهم : من كان له قتيلٌ فليخرج إليه. قال جابر : فرأيتهم يحملون على
أعناق الرجال كأنَّهم قومٌ نيامٌ ، وأصاب المسحاة طرف رجل حمزة فانبعثت دماً.
وقال ابن الجوزي في (ص ١٩٤) : عن جابر قال : صرخ بنا إلى قتلانا يوم أُحد
حين أجرى معاوية العين ، فأخرجناهم بعد أربعين سنة ليّنةً أجسادهم ، تتثنّى
أطرافهم.
٧ ـ جعفر بن
المنصور المتوفّى (١٥٠) : دُفن أوّلاً بمقابر بني هاشم في بغداد ، ثمّ نُقل منها
إلى موضع آخر. تاريخ ابن كثير (١٠ / ١٠٧).
٨ ـ نُقلت سنة
(٦٤٧) توابيت جماعة من الخلفاء إلى الترب من الرصافة خوفاً عليهم من أن تغرق
محالّهم. منهم : المقتصد ابن الأمير أبي أحمد المتوكّل ، وذلك بعد دفنه بنيّف
وخمسين وثلاثمائة سنة ، ونُقل ولده المكتفي ، وكذا المقتفي بن المقتدر بالله.
البداية والنهاية (١٣ / ١٧٧).
٩ ـ أبو النجم بدر
الكبير المتوفّى (٣١١) : توفّي بشيراز ، ثمّ نبش وحُمل
__________________
إلى بغداد.
المنتظم (٦ / ١٨٠).
١٠ ـ محمد بن علي
أبو علي بن مقلة البغدادي المتوفّى (٣٢٨) : دُفن في دار السلطان ، ثمّ سأل أهله
تسليمه إليهم فنُبش وسُلّم إليهم ، فدفنه ابنه أبو الحسين في داره ، ثمّ نبشته
زوجته المعروفة بالديناريّة ودفنته في دارها. المنتظم (٦ / ٣١١).
١١ ـ جعفر بن
الفضل أبو الفضل ـ المعروف بابن حِنزابة ـ الوزير المحدِّث المتوفّى (٣٩١) : دُفن بالقرافة ، وقيل :
بداره. وقيل : إنّه كان قد اشترى بالمدينة النبويّة داراً فجعل له فيها تربة ،
فلمّا نُقل إليها تلقّته الأشراف لإحسانه إليهم فحملوه وحجّوا به ووقفوا به بعرفات
، ثمّ أعادوه إلى المدينة فدفنوه بتربته . البداية والنهاية (١١ / ٣٢٩) وفيات الأعيان (١ / ١٢١).
١٢ ـ ابن سمعون
محمد بن أحمد الإمام الواعظ الشهير : توفّي يوم الخميس (١٤) ذي القعدة سنة (٣٨٧) ،
ودُفن في داره في شارع الغتابيين ، فلم يزل هناك حتى نُقِل يوم الخميس الحادي عشر
من رجب سنة (٤٢٦) فدفن في مقبرة أحمد بن حنبل ـ إمام الحنابلة ـ وأكفانه لم تبل ، تاريخ بغداد (١ / ٢٧٧) ، البداية والنهاية (١١ / ٣٢٣) ،
وفيات الأعيان (٢ / ٢٨).
١٣ ـ أبو الحسن
محمد بن عمر الكوفي : توفّي (٣٩٠) ببغداد ، ثمّ حُمل بعد ذلك لسنة أو أقلّ إلى
الكوفة ـ بيئة أهله ـ فدُفِن بها. تاريخ بغداد (٣ / ٣٤).
__________________
١٤ ـ أبو بكر محمد
بن الطيّب الباقلانيّ المتكلّم الأشعري الشافعي : توفّي سنة (٤٠٣) ودُفن في داره
بدرب المجوس من نهر طابق ، ثمّ نُقل بعد ذلك فدُفِن في مقبرة باب حرب . المنتظم (٧ / ٢٦٥) ، البداية والنهاية (١١ / ٣٥١) ، وفيات
الأعيان (٢ / ٥٦).
١٥ ـ أبو بكر محمد
بن موسى الخوارزمي الفقيه الحنفي ، انتهت إليه الرئاسة في المذهب ، توفّي (٤٠٣)
ودُفن في منزله بدرب عيده ، ونُقل سنة (٤٠٨) إلى تربة بسويقة غالب ودُفن بها.
تاريخ بغداد (٣ / ٢٤٧).
١٦ ـ أبو حامد
أحمد بن محمد الأسفراييني إمام الشافعيّة في عصره : توفّي سنة (٤٠٦) ودُفن بداره ، ثمّ نُقل إلى مقبرة باب
حرب سنة (٤١٠ ، ٤١٦) . تاريخ بغداد (٤ / ٣٧٠) ، المنتظم (٧ / ٢٧٨) ، البداية
والنهاية (١٢ / ٣).
١٧ ـ أبو الحسن
علي بن عبد العزيز ابن حاجب النعمان : المتوفّى سنة (٤٢١) ، دُفن في داره ببركة
زلزل ، ثمّ نُقل تابوته إلى مقابر قريش فدفن بها ليلة الجمعة (٢٥) ذي القعدة سنة
(٤٢٥). تاريخ بغداد (١٢ / ٣٢) ، المنتظم (٨ / ٥٢).
١٨ ـ الخليفة
القادر بالله : توفّي في ذي الحجّة سنة (٤٢٢) ودُفن في داره ، ثمّ نُقل تابوته بعد
سنة إلى الرصافة ، فدفن بها لخمس خلون من ذي القعدة سنة (٤٢٣). تاريخ بغداد (٤ /
٣٨) ، المنتظم (٨ / ٦١ ، ٦٨).
__________________
١٩ ـ أحمد بن محمد
أبو الحسين القدّوري البغدادي الحنفي ـ شيخ الحنفيّة بالعراق ـ انتهت إليه رئاسة
المذهب : توفّي ببغداد (٤٢٨) ودُفن بداره في درب أبي خلف ، ثمّ نُقل إلى تربة في
شارع المنصور فدفن بجانب أبي بكر الخوارزمي الفقيه الحنفي. شذرات الذهب (٣ / ٢٣٣).
٢٠ ـ أبو طاهر
جلال الدين المتوفّى (٤٣٥) : توفّي ببغداد ودُفن في بيته ، ثمّ نُقل تابوته في
سادس شهر رمضان سنة (٤٣٦) إلى تربة لهم في مقابر قريش.
٢١ ـ عبد السيّد
بن محمد الشهير بابن الصبّاغ الشافعي ـ إمام الشافعيّة في عصره ـ : توفّي سنة
(٤٤٧) ـ في المنتظم (٤٧٧) ـ : ودُفن بداره في الكرخ ثمّ نُقل إلى باب حرب . المنتظم (٩ / ١٣) ، البداية والنهاية (١٢ / ١٢٦).
٢٢ ـ أبو نصر أحمد
بن مروان الكردي : توفّي سنة (٤٥٣) ، ودُفن في جامع المحدثة وقيل : في القصر
السدلي ، ثمّ نُقل إلى القبّة المعروفة بهم الملاصقة بجامع المحدثة. وفيات الأعيان
(١ / ٥٩).
٢٣ ـ أحمد بن محمد
أبو الحسن السمناني القاضي الحنفي المتوفّى (٤٦٦) : توفّي ببغداد ودُفن بداره [في]
نهر القلاّئين شهراً ، ثمّ نُقل إلى تربة بشارع المنصور ، ثمّ نقل منها
إلى الخيزرانيّة . المنتظم (٨ / ٢٨٧) ، الجواهر المضيّة (١ / ٩٦).
__________________
٢٤ ـ القائم بأمر
الله الخليفة : توفّي (٤٦٧) ، ودُفن عند أجداده ثمّ نُقل إلى الرصافة ، وقبره يزار
إلى الآن. البداية والنهاية (١٢ / ١١٠ ، ١١٥).
٢٥ ـ الحسن بن عبد
الودود أبو علي الشامي المتوفّى (٤٦٧) : دُفن في داره بسكّة الخرقي ، ثمّ أُخرج
بعد ذلك فدفن في مقبرة جامع المدينة. المنتظم (٨ / ٢٩٥).
٢٦ ـ أحمد بن علي
بن محمد قاضي دمشق : توفّي (٤٦٨) ودُفن في داره ، ثمّ نُقل إلى مقبرة الباب
الصغير. تاريخ الشام (١ / ٤١٠).
٢٧ ـ أبو عبد الله
الدامغاني الحنفي ـ قاضي القضاة ـ الفقيه الكبير : توفّي (٤٧٨) ودُفن بداره بدرب
العلاّبين ثمّ نُقل إلى مشهد أبي حنيفة . المنتظم (٩ / ٢٤) ، البداية والنهاية (١٢ / ١٢٩).
٢٨ ـ أبو المعالي
عبد الملك بن عبد الله الجويني ـ إمام الحرمين ـ الفقيه الشافعي : توفّي (٤٧٨)
بنيسابور ودُفن في داره ، ثمّ نُقل بعد سنين إلى مقبرة الحسين فدفن إلى جانب والده
، وكان أصحابه المقتبسون من علمه نحو أربعمائة يطوفون في البلد وينوحون عليه . وفيات الأعيان (١ / ٣١٣) ، المنتظم (٩ / ٢٠) ، البداية
والنهاية (١٢ / ١٢٨) ، شذرات الذهب (٣ / ٣٦٠).
٢٩ ـ محمد بن هلال
أبو الحسن الصابي ـ الملقّب بغرس النعمة ـ المتوفّى (٤٨٠):
__________________
توفّي ببغداد
ودُفن في داره بشارع ابن عوف ، ثمّ نُقل إلى مشهد عليّ عليهالسلام. المنتظم (٩ / ٤٢).
٣٠ ـ أبو محمد رزق
الله بن عبد الوهّاب التميمي : توفّي (٤٨٨) ودُفن في داره بباب المراتب ، ثمّ نُقل
بعد ذلك إلى مقبرة أحمد لمّا توفّي ابنه أبو الفضل سنة (٤٩١) . مناقب أحمد لابن الجوزي (ص ٥٢٥) ، المنتظم له (٩ / ٨٩).
٣١ ـ محمد بن أبي
نصر أبو عبد الله الأندلسي الحافظ المشهور : توفّي (٤٨٨) ودُفن في مقبرة باب أبرز
من قبّة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي ، ثمّ نُقل بعد ذلك في صفر سنة (٤٩١) إلى مقبرة
باب حرب ، ودُفن عند قبر بشر بن الحارث ـ المعروف بالحافي . وفيات الأعيان (٢ / ٦٠) ، المنتظم (٩ / ٩٦).
٣٢ ـ طرّاد بن
محمد العبّاسي البغدادي المتوفّى (٤٩١) : دُفن بداره في باب البصرة ، ثمّ نُقل في
ذي الحجّة سنة (٤٢٢) إلى مقابر الشهداء فدفن بها. المنتظم (٩ / ١٠٦).
٣٣ ـ أبو الحسن
عقيل بن أبي الوفاء علي ـ شيخ الحنابلة ـ : توفّي (٥١٠) وقيل (٥١٣) قبل والده
ودُفن في داره ، فلمّا مات والده نُقل معه إلى دكّة الإمام أحمد .
__________________
المنتظم (٩ / ١٨٦)
، شذرات الذهب (٤ / ٣٩).
٣٤ ـ محمد بن محمد
أبو حازم الفقيه الحنبلي : توفّي (٥٢٧) ودُفن بداره بباب الأزج ، ونُقل سنة (٥٣٤)
إلى مقبرة أحمد فدفن عند أبيه . المنتظم (١٠ / ٣٤) ، شذرات الذهب (٤ / ٨٢) ، مختصر طبقات
الحنابلة (ص ٣٣).
٣٥ ـ الحسين بن
حميد التميمي ـ أحد رجالات الحديث ـ : توفّي (٥٣١) ودُفن في داره بباب البريد ،
ثمّ نُقل إلى جبل قاسيون. ابن عساكر (٤ / ٢٨٤).
٣٦ ـ أحمد بن جعفر
أبو العبّاس الحربي المتوفّى (٥٣٤) : دُفن بالحربيّة ، ثمّ نُقل بعد ذلك إلى مقبرة
باب حرب. المنتظم (١٠ / ٨٦).
٣٧ ـ الشيخ أبو
يعقوب يوسف الهمداني : توفّي (٥٣٥) ودُفن بيامن على طريق مرو مدّة ، ثمّ حُملت
جثّته إلى مرو ودُفن بها . وفيات الأعيان (٢ / ٥٢٤) ، طبقات الأخيار (١ / ١١٧).
٣٨ ـ أحمد بن محمد
بن علي أبو جعفر العدل البغدادي المتوفّى (٥٣٦) : كان يسرد الصوم إلاّ الأيّام
المحرَّم صومها ، دُفن في داره بخرابة الهراس ثمّ نُقل بعد مدّة إلى مقبرة باب الحرب.
المنتظم (١٠ / ٩٧).
٣٩ ـ علي بن طراد
أبو القاسم الزينبي البغدادي المتوفّى (٥٣٨) : دُفن بداره الشاطئيّة بباب المراتب
، ثمّ نُقل إلى تربته بالحربيّة ليلة الثلاثاء سادس عشر رجب
__________________
سنة أربع وأربعين ، وجُمع على نقله الوعّاظ ، فوعظوا في داره إلى السحر ،
ثمّ أُخرج والقرّاء معه والعلماء والشموع الزائدة في الحدّ. المنتظم (١٠ / ١٠٩ ،
١٦٦).
٤٠ ـ شيخ الإسلام
محمد بن محمد الخُلْمي المفتي الحنفي ، انتهت إليه الرئاسة في المذهب : توفّي
(٥٤٤) ودفن ببلخ ، ثمّ نُقل إلى ناحية خُلْم فقُ بر بها. الجواهر المضيّة (٢ / ١٣٠).
٤١ ـ علي بن محمد
أبو الحسن الدريني : توفّي (٥٤٩) ودُفن في داره برحبة الجامع ، ثمّ نُقل إلى باب
أبرز قريباً من المدرسة الناجية سنة (٥٧٤). وفيات الأعيان (١ / ٢٤٥).
٤٢ ـ جمال الدين
محمد بن علي بن أبي منصور : توفّي (٥٥٩) ودُفن بالموصل ، ثمّ حُمل إلى مكّة وطيف
به حول الكعبة ، وكان بعد أن صعدوا به ليلة الوقفة إلى جبل عرفات ، وكانوا يطوفون
به كلّ يوم مراراً مدّة مقامهم بمكّة ، ثمّ حُمل إلى المدينة المنوّرة ودُفن بها في رباط بناه
في شرقي مسجد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بعد أن طيف به حول حجرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مراراً . تاريخ الكامل (١١ / ١٢٤) ، وفيات الأعيان (٢ / ١٨٨) ،
البداية والنهاية (١٢ / ٢٤٩).
__________________
٤٣ ـ عمر بن
بهليقا الطحّان المتوفّى (٥٦٠) : دُفن على باب جامع عمّره بعيداً من حائطه ، ثمّ
نُبش بعد أيّام وأُخرج فدفن ملاصقاً لحائط الجامع ، ليشتهر ذكره بأنَّه بنى
الجامع. المنتظم (١٠ / ٢١٢).
٤٤ ـ محمد بن
إبراهيم أبو عبد الله الكناني الشافعي المصري ـ الورع الزاهد ـ : توفّي بمصر (٥٦٢)
، ودُفن بالقرب من قبّة الإمام الشافعي بالقرافة الصغرى ، ثمّ نُقل إلى سفح
المقطّم بقرب الحوض المعروف بأُمِّ مودود ، وقبره مشهورٌ هناك يزار ، وزرته
مراراً. وفيات الأعيان (٢ / ١٢١).
٤٥ ـ جعفر بن عبد
الواحد أبو البركات الثقفي المتوفّى (٥٦٣) : كان أبوه قد أقام في القضاء أشهراً
ثمّ مات فدفن بدار بدرب بهروز ، فلمّا مات الولد أُخرجا فدفنا عند رباط الزوزني
المقابل لجامع المنصور. المنتظم (١٠ / ٢٢٤).
٤٦ ـ مهذَّب الدين
سعد الله بن نصر بن الدجاجي الفقيه الحنبلي : توفّي (٥٦٤) ودُفن بمقبرة الرباط ،
ثمّ نُقل بعد خمسة أيّام فدفن عند والديه بمقبرة الإمام أحمد . البداية والنهاية (١٢ / ٢٥٩) ، شذرات الذهب (٤ / ٢١٣).
قال ابن الجوزي في
المنتظم : (١٠ / ٢٢٨) : دُفن إلى جانب رباط الزوزني في إرضاء الصوفيّة لأنَّه أقام
عندهم مدّة حياته فبقي على هذا خمسة أيّام ، وما زال الحنابلة يلومون ولده على هذا
ويقولون : مثل هذا الرجل الحنبليّ أيّ شيء يصنع عند
__________________
الصوفيّة؟ فنبشه
بعد خمسة أيّام بالليل وقال : كان قد أوصى أن يدفن عند والديه ودفنه عندهما.
قال الأميني :
انظر لأيّ غايات تنبش القبور عند القوم ، وتنقل الجنائز من مدفن إلى مدفن.
٤٧ ـ الخليفة
المستنجد بالله : توفّي (٥٦٦) في ثامن ربيع الآخر ودُفن بدار الخلافة ، ثمّ نُقل
إلى الترب من الرصافة في عشيّة الإثنين ثامن وعشرين من شعبان سنة وفاته . المنتظم (١٠ / ٢٣٥ ، ٢٣٦) ، البداية والنهاية (١٢ / ٦٦٢).
٤٨ ـ الأمير نجم
الدين أيّوب الدويني : توفّي (٥٦٨) ودُفن عند أخيه بالقاهرة ، ثمّ نُقلا سنة (٥٧٩
، ٥٨٠) إلى المدينة المنوّرة . البداية والنهاية (١٢ / ٢٧٢) ، شذرات الذهب (٤ / ٢١١ ،
٢٢٧).
٤٩ ـ الملك العادل
نور الدين محمود بن زنكي : توفّي (٥٦٩) ودُفن في بيته بقلعة دمشق ، ثمّ نُقل إلى
مدرسته . وفيات الأعيان (٢ / ٢٠٦) ، الجواهر المضيّة (٢ / ١٥٨) ،
شذرات الذهب (٤ / ٢٣١).
٥٠ ـ أحمد بن علي
بن المعمر أبو عبد الله الطاهر الحسيني المتوفّى (٥٦٩) : دُفن بداره من الحريم
الطاهري مدّة ، ثمّ نُقل إلى مشهد الصبيان بالمدائن. المنتظم (١٠ / ٢٤٧).
__________________
٥١ ـ جلال الدين
بن جمال الدين الأصبهاني : توفّي (٥٧٤) بمدينة دُنَيسِر وحُمل إلى الموصل ودُفن بها ، ثمّ نُقل إلى المدينة ودُفن
في تربة والده. وفيات الأعيان (٢ / ١٨٨).
٥٢ ـ الخليفة
الناصر لدين الله أبو العبّاس أحمد بن المستضيء بأمر الله المتوفّى يوم الأحد آخر
يوم من شهر رمضان سنة (٦٢٢) ، دُفن في دار الخلافة ثم نقل إلى الترب من الرصافة في
ثاني ذي الحجّة سنة (٦٢٢) ، وكان يوماً مشهوداً. البداية والنهاية (١٣ / ١٠٦).
٥٣ ـ الخليفة
الظاهر بأمر الله العبّاسي المتوفّى (٦٢٣) : دُفن في دار الخلافة ، ثمّ نُقل إلى
الترب من الرصافة ، وكان يوماً مشهوداً. البداية والنهاية (١٣ / ١١٣ ، ١١٤).
٥٤ ـ شرف الدين
عيسى الحنفي ـ المتصلّب في مذهبه ـ مؤلِّف السهم المصيب في الردّ على الخطيب البغدادي
: توفّي سنة (٦٢٤) بدمشق ودُفن بقلعتها ، ثمّ نُقل إلى جبل الصالحيّة ودُفن في
مدرسته ، وكان نقله سنة (٦٢٧). الجواهر المضيّة (١ / ٤٠٢) ، مرآة
الجنان (٤ / ٥٨).
٥٥ ـ أبو سعيد
كوكبوري بن أبي الحسن مظفّر الدين صاحب إربل : توفّي (٦٣٠) ونُقل إلى قلعة إربل
ودُفن بها ، ثمّ حُمل بوصيّة منه إلى مكّة ـ شرّفها الله تعالى ـ وكان قد أُعِدَّ
له بها قبّة تحت الجبل يُدفن فيها ، فلمّا توجّه الركب إلى الحجاز سنة (٦٣١)
سيّروه في الصحبة ، فاتّفق أن رجع الحاجّ تلك السنة من لينة ، ولم يصلوا
__________________
إلى مكّة ، فردّوه
ودفنوه بالكوفة بالقرب من المشهد. وفيات الأعيان (٢ / ٩).
٥٦ ـ أبو العبّاس
أحمد بن عبد السيّد الإربلي : توفّي (٦٣١) ودُفن بظاهر الرها بمقبرة باب حرّان ،
ثمَّ نقله ولده إلى الديار المصريّة ، فدفنه في تربته بالقرافة الصغرى سنة (٦٣٧).
وفيات الأعيان (١ / ٦٣).
٥٧ ـ الأشرف موسى
بن العادل المتوفّى (٦٣٥) : توفّي يوم الخميس رابع محرّم بالقلعة المنصورة ، ودُفن
بها حتى نجزت تربته التي بُنيت له شمالي الكلاسة ، ثمّ حُوّل إليها في جمادى
الأُولى. البداية والنهاية (١٣ / ١٤٦).
٥٨ ـ الكامل محمد
بن العادل المتوفّى (٦٣٥) : توفّي (٢٢) من رجب ، ودُفن بالقلعة حتى كملت تربته
التي بالحائط الشمالي من الجامع ، ذات الشبّاك الذي هناك قريباً من مقصورة ابن
سنان ، ونُقل إليها ليلة الجمعة الحادي والعشرين من رمضان من سنة وفاته. البداية
والنهاية (١٣ / ١٤٩).
٥٩ ـ الخليفة
المستنصر بالله العبّاسي المتوفّى (٦٤٠) : دُفن بدار الخلافة ثمّ نُقل إلى الترب
من الرصافة. البداية والنهاية (١٣ / ١٥٩).
٦٠ ـ الأمير عزّ
الدين : توفّي (٦٤٥) في مصر ودُفن بباب النصر ، ثمّ نُقل إلى تربته التي فوق
الورّاقة. البداية والنهاية (١٣ / ١٧٤).
٦١ ـ الملك الصالح
نجم الدين أيّوب المتوفّى (٦٤٧) : توفّي ليلة النصف من شعبان
__________________
ودُفن بالمنصورة ،
ونُقل إلى تربته بمدرسته سنة (٦٤٩). البداية والنهاية (١٣ / ١٨١)
٦٢ ـ الشيخ الحسن
بن محمد بن الحسن العدوي العمري ـ الإمام الحنفي من ولد عمر بن الخطّاب ـ : توفّي
(٦٥٠) ببغداد ، ودُفن بداره في الحريم الطاهري ، ثمّ نُقل إلى مكّة ودُفن بها وكان
أوصى بذلك ، وجعل لمن يحمله ويدفنه بمكّة خمسين ديناراً. الجواهر المضيّة (١ / ٢٠٢).
٦٣ ـ الشيخ أبو
بكر بن قوام البالسي : توفّي (٦٥٨) ببلاد حلب ودُفن بها ، ثمّ نُقل تابوته ودُفن
بجبل قاسيون في أوّل سنة (٦٧٠) شذرات الذهب (٥ / ٦٩٥).
٦٤ ـ الملك السعيد
ابن الملك الطاهر أبو المعالي المتوفّى (٦٧٨) : دُفن أوّلاً عند قبر جعفر ، ثمّ
نُقل إلى دمشق فدفن في تربة أبيه سنة (٦٨٠) البداية والنهاية (١٣ / ٢٩٠)
٦٥ ـ سعد الدين
التفتازاني المتوفّى (٧٩١ ، ٧٩٢) : توفي يوم الإثنين الثاني والعشرين من المحرّم
بسمرقند ، ثمّ نُقل إلى سرخس ودُفن بها يوم الأربعاء التاسع من جمادى الأولى سنة
(٧٩٢). مفتاح السعادة (١ / ١٧٧).
٦٦ ـ الشيخ زين
الدين الخافي المتوفّى (٧٣٨) : دُفن بقرية مالين من أعمال خراسان ، ثمّ نُقل بأمر
منه إلى درويش آباد ودُفن هناك ومقامه معمورٌ. روضة الناظرين (ص ١٣٥).
٦٧ ـ الشيخ محمد
بن سليمان الجزولي المالكي : توفّي (٨٧٠) ونقل تابوته بعد سبع وسبعين سنة ولم
يتغيّر منه شيءٌ. نيل الابتهاج (ص ٣١٧).
__________________
٦٨ ـ عبد الرحمن
بن أحمد الجامي المتوفّى (٨٩٨) : توفّي بهراة ودُفن بها ، ولمّا توجّهت الطائفة
الأردبيليّة إلى خراسان أخذه ابنه من قبره ودفنه في ولاية أخرى ، فأتت الطائفة إلى
قبره وفتّشوه فلم يجدوا جسده ، فأحرقوا ما فيه من الأخشاب شذرات الذهب (٧ / ٣٦١).
٦٩ ـ الشيخ حسين
بن أحمد الخوارزمي العابد المتوفّى (٩٥٨) : توفّي بحلب في عشر شعبان ودُفن بها في
تابوت ، ثمّ نُقل بعد أربعة أشهر إلى دمشق ، ولم يتغيّر أصلاً ودُفن بها ، شذرات
الذهب (٨ / ٣٢١).
٧٠ ـ يأتي في بيان البناء على قبر أبي حنيفة إمام الحنفيّة عن ابن
الجوزي :
أنَّهم كانوا
يطلبون الأرض الصلبة لأساس القبّة فلم يبلغوا إليها إلاّ بعد حفر سبعة عشر ذراعاً
في ستّة عشر ذراعاً ، فخرج من هذا الحفر عظام الأموات الذين كانوا يطلبون جوار
النعمان أربعمائة صَنّ ، ونُقلت جميعها إلى بقعة كانت ملكاً لقوم ، فحفر لها
ودُفنت.
(مِنْهُمْ مَنْ
قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)
__________________
ـ ٦ ـ
زيارة مشاهد العترة الطاهرة
الدعاء عندها ،
الصلاة فيها ، التوسّل والتبرّك بها
قد جرت السيرة
المطّردة من صدر الإسلام منذ عصر الصحابة الأوّلين والتابعين لهم بإحسان على زيارة
قبور ضمنت في كنفها نبيّا مرسلاً ، أو إماماً طاهراً ، أو وليّا صالحاً أو عظيماً
من عظماء الدين ، وفي مقدّمها قبر النبيّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وكانت الصلاة
لديها ، والدعاء عندها ، والتبرّك والتوسّل بها ، والتقرّب إلى الله ، وابتغاء
الزلفة لديه بإتيان تلك المشاهد من المتسالم عليه بين فرق المسلمين ، من دون أيّ
نكير من آحادهم ، وأيّ غميزةٍ من أحد منهم على اختلاف مذاهبهم.
حتى ولد الدهر ابن
تيميّة الحرّاني فجاء كالمغمور مستهتراً يهذي ولا يبالي ؛ فَتَرَّه ، وأنكر تلكم السنّة الجارية سنّة الله التي لا تبديل لها
، ولن تجد لسنّة الله تحويلاً ، وخالف هاتيك السيرة المتّبعة وشذَّ عن تلكم الآداب
الإسلاميّة الحميدة ، وشدّد النكير عليها بلسانٍ بذيء ، وبيانٍ تافه ، ووجوهٍ
خارجة عن نطاق العقل السليم ، بعيداً عن أدب العلم ، أدب الدين ، أدب الكتابة ،
أدب العفّة ، وأفتى بحرمة شدِّ الرحال لزيارة النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وعدَّ السفر لأجل ذلك سفر معصية لا تقصر فيه الصلاة ،
فخالفه أعلام عصره ورجالات قومه فقابلوه بالطعن والردّ الشديد ، فأفرد هذا
__________________
بالوقيعة عليه
تأليفاً حافلاً ، وجاء ذلك يزيِّف آراءه ومعتقداته في طيّ تآليفه القيّمة ، وهناك ثالثٌ يترجمه بعُجره وبُجره ، ويعرِّفه للملإ
ببدعه وضلالاته.
وقد أصدر
الشاميّون فتياً ، وكَتَبَ عليها البرهان بن الفركاخ الفزاري نحو أربعين سطراً
بأشياء ، إلى أن قال بتكفيره ، ووافقه على ذلك الشهاب بن جهبل ، وكتب تحت خطّه
كذلك المالكي ، ثمّ عرضت الفتيا لقاضي القضاة الشافعيّة بمصر البدر ابن جماعة فكتب
على ظاهر الفتوى : الحمد لله ، هذا المنقول باطنها جوابٌ عن السؤال عن قوله : إنَّ
زيارة الأنبياء والصالحين بدعةٌ ، وما ذكره من نحو ذلك ومن أنّه لا يرخّص بالسفر
لزيارة الأنبياء ، باطلٌ مردودٌ عليه ، وقد نقل جماعةٌ من العلماء أنَّ زيارة
النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فضيلةٌ وسنّةٌ مجمعٌ عليها ، وهذا المفتي المذكور ـ يعني
ابن تيميّة ـ ينبغي أن يُزجر عن مثل هذه الفتاوى الباطلة عند الأئمّة والعلماء ،
ويُمنع من الفتاوى الغريبة ، ويُحبس إذا لم يمتنع من ذلك ، ويُشهر أمره ليحتفظ
الناس من الاقتداء به.
وكتبه محمد بن
إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الشافعي.
وكذلك يقول محمد
بن الجريري الأنصاري الحنفي : لكنْ يُحبس الآن جزماً مطلقاً.
وكذلك يقول محمد
بن أبي بكر المالكي : ويبالغ في زجره حسبما تندفع تلك المفسدة وغيرها من المفاسد.
__________________
وكذلك يقول أحمد
بن عمر المقدسي الحنبلي.
راجع دفع الشبه (ص
٤٥ ـ ٤٧) وهؤلاء الأربعة هم قضاة قضاة المذاهب الأربعة بمصر أيّام تلك الفتنة في
سنة (٧٢٦) .
وكان من معاصريه
من ينهاه عن غيِّه كالذهبي ، فإنَّه كتب إليه ينصحه ، وإليك نص خطابه إيّاه :
الحمد لله على
ذلّتي! يا ربّ ارحمني وأَقِلني عثرتي ، واحفظ عليَّ إيماني ، وا حُزناه على قلّة
حزني! ووا أسفاه على السنّة وأهلها! وا شوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونونني على
البكاء! وا حزناه على فقد أُناس كانوا مصابيح العلم وأهل التقوى وكنوز الخيرات! آه
على وجود درهم حلال وأخ مؤنس ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، وتبّا لمن شغله
عيوب الناس عن عيبه ، إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينيك؟ إلى كم
تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك وتذمّ العلماء وتتّبع عورات الناس؟ مع علمك بنهي
الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تذكروا موتاكم إلاّ بخير ، فإنَّهم قد أفضوا إلى ما
قدّموا». بل أعرف أنَّك تقول لي لتنصر نفسك : إنَّما الوقيعة في هؤلاء الذين ما
شمّوا رائحة الإسلام ، ولا عرفوا ما جاء به محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو جهاد ، بل والله عرفوا خيراً كثيراً ممّا إذا عُمل به
فقد فاز ، وجهلوا شيئاً كثيراً ممّا لا يعنيهم ، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا
يعنيه.
يا رجل بالله عليك
كفَّ عنّا ، فإنَّك محجاج عليم اللسان لا تقرُّ ولا تنام ، إيّاكم والغلوطات في
الدين ، كره نبيّك صلىاللهعليهوآلهوسلم المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال وقال : «إنَّ أخوف ما
أخاف على أُمّتي كلّ منافق عليم اللسان». وكثرة الكلام بغير زلل تقسي القلب إذا
كان في الحلال والحرام ، فكيف إذا كان في عبارات اليونسيّة والفلاسفة وتلك
الكفريّات التي تعمي القلوب ، والله قد صرنا ضحكةً في الوجود ،
__________________
فإلى كم تنبش
دقائق الكفريّات الفلسفيّة؟ لنردَّ عليها بعقولنا.
يا رجل ، قد بلعت
سموم الفلاسفة وتصنيفاتهم مرّات ، وكثرة استعمال السموم يدمن عليه الجسم وتكمن
والله في البدن ، وا شوقاه إلى مجلس يُذكر فيه الأبرار! فعند ذكر الصالحين تنزل
الرحمة ، بل عند ذكر الصالحين يذكرون بالازدراء واللعنة ، كان سيف الحجّاج ولسان
ابن حزم شقيقين فواخيتهما ، بالله خلّونا من ذكر بدعة الخميس وأكل الحبوب ، وجدّوا
في ذكر بدعٍ كنّا نعدّها من أساس الضلال ، قد صارت هي محض السنّة وأساس التوحيد ،
ومن لم يعرفها فهو كافرٌ أو حمار ، ومن لم يكفر فهو أكفر من فرعون وتعدّ النص ارى
مثلنا ، والله في القلوب شكوك ، إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فأنت سعيد ، يا خيبة
من اتّبعك فإنَّه معرّض للزندقة والانحلال ، لا سيّما إذا كان قليل العلم والدين
باطوليّا شهوانيّا ، لكنّه ينفعك ويجاهد عندك بيده ولسانه ، وفي الباطن عدوٌّ لك
بحاله وقلبه ، فهل معظم أتباعك إلاّ قعيد مربوط خفيف العقل؟ أو عاميّ كذّابٌ بليد
الذهن؟ أو غريبٌ واجمٌ قويُّ المكر؟ أو ناشف صالح عديم الفهم؟ فإن لم تصدِّقني
ففتِّشهم وزِنْهم بالعدل.
يا مسلم ، أقدم
حمار شهوتك لمدح نفسك ، إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار؟ إلى كم تصادقها وتزدري
الأبرار؟ إلى كم تعظِّمها وتصغِّر العباد؟ إلى متى تخاللها وتمقت الزهّاد؟ إلى متى
تمدح كلامك بكيفيّة لا تمدح ـ والله ـ بها أحاديث الصحيحين؟ يا ليت أحاديث
الصحيحين تسلم منك ، بل في كلِّ وقت تغير عليها بالتضعيف والإهدار ، أو بالتأويل
والإنكار ، أما آن لك أن ترعوي؟ أما حان لك أن تتوب وتنيب؟ أما أنت في عشر السبعين
وقد قرب الرحيل؟ بلى ـ والله ـ ما أدّكر أنَّك تذكر الموت بل تزدري بمن يذكر الموت
، فما أظنّك تقبل على قولي ولا تصغي إلى وعظي ، بل لك همّةٌ كبيرةٌ في نقض هذه
الورقة بمجلّدات ، وتقطع لي أذناب الكلام ، ولا تزال تنتصر حتى أقول : البتّة
سكتُّ ، فإذا كان هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحبّ الوادّ ، فكيف حالك عند أعدائك؟
وأعداؤك ـ والله ـ فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء ، كما أنَ
أولياءك فيهم فجرة
وكَذَبة وجهلة وبَطَلة وعور وبقر ، قد رضيت منك بأن تسبّني علانية وتنتفع بمقالتي
سرّا فرحم الله امرأً أهدى إليّ عيوبي ، فإنّي كثير العيوب غزير الذنوب ، الويل لي
إن أنا لا أتوب! ووا فضيحتي من علاّم الغيوب ؛ ودوائي يعفو الله ومسامحته وتوفيقه
وهدايته ، والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على سيّدنا محمد خاتم النبيّين
وعلى آله وصحبه أجمعين .
فمن هنا وهناك
أبادوا عليه ما أبدعته يده الأثيمة من المخاريق التافهة والآراء المحدثة الشاذّة
عن الكتاب والسنّة والإجماع والقياس ، ونودي عليه بدمشق : من اعتقد عقيدة ابن
تيميّة حلَّ دمه وماله . فذهبت تلكم البدع السخيفة أدراج الرياح (كَذلِكَ
يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً
وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) .
ثمّ قيّض المولى
سبحانه فى كلّ قرن وفي كلّ قطر رجالاً نصروا الحقيقة ، وأحيوا كلمة الحقّ ،
وأماتوا بذرة الضلال ، وقابلوا تلكم الأضاليل المحدثة بحجج قويّة ، وبراهين ساطعة
، فجاءت الأمّة الإسلاميّة تتّبع الطريق المهيع ، وتسلك جَدد السبيل ، تباعاً وراء
الكتاب والسنّة ، تعظِّم شعائر الله (وَمَنْ يُعَظِّمْ
شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) إلى أن ألقى الشرّ جرانه ، وجاد الدهر بولائد الجهل ، وربّتهم أيدي
__________________
الهوى ، وأرضعتهم
أُمّهات الضلال ، وشاخلتهم رجالات الفساد ، وتمثّلوا في الملأ بشراً سويّا ، وسجيّتهم
الضلال ، فجاسوا خلال الديار وضلّوا وأضلّوا واتّبعوا سبيل الغيِّ وصدّوا عن سبيل
الله ، ومن أُولئك الجماهير القصيميّ صاحب الصراع ، حذا حذو ابن تيميّة واتّخذ
وتيرته واتّبع هواه ، فجاء في القرن العشرين كشيخه يموِّه ، ويدجِّل ، ويتسدّج ، ويتحرّش بالسباب المقذع ، ويقذف مخالفيه بالكفر والردّة
، ويرميهم بكلِّ معرّة ومسبّة ، ويُري المجتمع أنَّ هاتيك الأعمال من الزيارة
والدعاء عند القبور المشرّفة والصلاة لديها والتبرّك والتوسّل والاستشفاع بها
كلّها من آفات الشيعة ، وهم بذلك ملعونون خارجون عن ربقة الإسلام ، وبسط القول في
هذه كلّها بألسنة حداد مقذعاً مستهتراً خارجاً عن أدب المناظرة والجدال ، قال في
الصراع (١ / ٥٤):
وبهذا الغلوّ الذي
رأيت من طائفة الشيعة في أئمّتهم ، وبهذا التأليه الذي سمعت منهم لعليّ وولده ،
عبدوا القبور وأصحاب القبور ، وأشادوا المشاهد ، وأتوها من كلّ مكانٍ سحيق وفجٍّ
عميق ، وقدّموا لها النذور والهدايا والقرابين ، وأراقوا فوقها الدماء والدموع ،
ورفعوا لها خالص الخضوع والخشوع ، وأخلصوا لها ذلك وخصّوها به دون الله ربِّ
الموحِّدين.
وقال في (١ / ١٧٨)
: الأشياء المشروعة كالصلاة والسلام على الرسول الكريم لا فرق فيها بين القرب
والنأي ، فإنَّها حاصلة في الحالتين ، وأمّا مشاهدة القبر الشريف نفسه ، ومشاهدة
الأحجار نفسها ، فلا فضل فيها ولا ثواب بلا خلاف بين علماء الإسلام ، بل إنَّ
مشاهدته ـ عليه الصلاة والسلام ـ حينما كان حيّا لا فضل لها بذاتها ، وإنَّما
الفضل في الإيمان به والتعلّم منه والاقتداء به والنهج منهجه ومناصرته ، وبالإجمال
إنَّ أحداً من الناس لن يستطيع أن يثبت لزيارة القبر الشريف فضلاً ما ،
__________________
وهذا واضحٌ من
سيرة المسلمين الأوّلين ... إلى آخر خرافاته ومخاريقه.
لعلّ القارئ يزعم
من شدّة الرجل هذه وحدّته في النكير ، والجلبة واللغط في القول ـ التي هي شنشنةٌ
يُعرف بها ابن تيميّة شيخ البدع والضلال والمرجع الوحيد في هذه الخزايات
والخزعبلات ـ أنَّ لكلامه مقيلاً من الحقيقة ورمزاً من الصدق ، ذاهلا عن أنَّ
أعلام المذاهب الإسلاميّة في القرون الخالية ، منذ القرن الثامن من يوم ابن تيميّة
، وبعده يوم محمد بن عبد الوهاب الذي أعاد لتلكم الدوارس جدّتها وحتى العصر الحاضر
، أنكروا على هذه السفسطات والسفاسف وحكموا بكفر من ذهب إلى هذه الآراء المضلّة
والمعتقدات الشاذّة عن سيرة المسلمين ، وشنّوا عليه الغارة وبالغوا في الردّ عليه.
والقارئ جدُّ عليم
بأنَّ هذه اللهجة القارصة ليست من شأن من أسلم وجهه لله وهو محسن ، وآمن بالنبيِّ
الطاهر ، واعتنق بما جاء به من كتاب وسنّة ، ولا تسوِّغها مكارم الأخلاق ومبادئ
الإنسانيّة ، ولا يحبِّذها أدب الإسلام المقدّس ؛ أيجوز لمسلم أن يُسوّي بين
مشاهدة الأحجار وبين رؤية النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في حال حياته؟ أيسوغ له أن لا يرى لزيارته حيّا وميّتاً
قيمة ولا كرامةً ، ولا يعتبر لها فضلاً ما ، وينعق بذلك في الملأ الديني؟ أليس من
السيرة المطّردة بين البشر أنَّ كلّ ملّة من الملل تستعظم زيارة كبرائها وزعمائها
، وتراها فضلاً وشرفاً وتعدّها للزائر مفخرةً ومحمدةً ، وتكثر إليها رغبات أفرادها
لما يرون فيها من الكرامة ، وقد جرت على هذه سيرة العقلاء من الملل والنحل ، وعليه
تصافقت الأجيال في أدوار الدنيا ، وكان يقدِّر الناس ـ سلفاً وخلفاً ـ أعلام الدين
بالزيارة والتبرّك بهم ، قال أبو حاتم :
كان أبو مسهر عبد
الأعلى الدمشقي الغسّاني المتوفّى (٢١٨) إذا خرج إلى المسجد اصطفَّ الناس يسلّمون
عليه ويُقبِّلون يده .
__________________
وقال أبو سعد :
كان أبو القاسم سعد بن عليّ شيخ الحرم الزنجاني المتوفّى (٤٧١) ، إذا خرج إلى
الحرم يخلو المطاف ، ويقبِّلون يده أكثر ممّا يقبِّلون الحجر الأسود .
وقال ابن كثير في
تاريخه (١٢ / ١٢٠) : كان
الناس يتبرّكون به ، ويقبِّلون يده أكثر مما يقبِّلون الحجر الأسود.
وكان أبو إسحاق
إبراهيم بن عليّ الشيرازي المتوفّى (٤٧٦) كلّما مرَّ على بلدة خرج أهلها يتلقّونه
بأولادهم ونسائهم يتبرّكون به ، ويتمسّحون بركابه ، وربّما أخذوا من تراب حافر
بغلته ، ولمّا وصل إلى ساوة خرج إليه أهلها ، وما مرَّ بسوق منها إلاّ نثروا عليه
من لطيف ما عندهم .
وكان الشريف أبو
جعفر الحنبلي المتوفّى (٤٧١) يدخل عليه فقهاء وغيرهم ، ويقبِّلون يده ورأسه .
وكان الحافظ أبو
محمد عبد الغني المقدسي الحنبلي المتوفّى (٦٠٠) إذا خرج في مصر يوم الجمعة إلى
الجامع لا يقدر يمشي من كثرة الخلق يتبرّكون به ويجتمعون حوله. شذرات الذهب (٤ / ٣٤٦).
وكان أبو بكر عبد
الكريم بن عبد الله الحنبلي المتوفّى (٦٣٥) منقطعاً عن الناس في قريته يقصده الناس
لزيارته والتبرّك به. شذرات الذهب (٥ / ١٧١).
__________________
وكان للحافظ أبي
عبد الله محمد بن أبي الحسين اليونيني الحنبلي المتوفّى (٦٥٨) من الحرمة والتقدّم
ما لم ينله أحد ، وكانت الملوك تقبِّل يده وتقدِّم مداسه. شذرات الذهب ) (٥ / ٢٩٤).
وكان الجزري محمد
بن محمد المتوفّى (٨٣٢) ، توفّي بشيراز ، وكانت جنازته مشهودة تبادر الأشراف
والخواصّ والعوام إلى حملها وتقبيلها ومسّها تبرّكاً بها ، ومن لم يمكنه الوصول
إلى ذلك كان يتبرّك بمن تبرّك بها. مفتاح السعادة (١ / ٣٩٤).
وكان لأهل دمشق في
الشيخ مسعود بن عبد الله المغربي المتوفّى (٩٨٥) كبير اعتقاد يتبرّكون به
ويقبِّلون يديه ، قال النجم الغزّي : ولقد دعا لي ومسح على رأسي ، وأنا أجد بركة
دعائه الآن. شذرات الذهب (٨ / ٤٠٩).
فما ظنّك بزيارة
سيّد ولد آدم ومن نيطت به سعادة البشر ورقيّه وتقدّمه؟ وهذه ملائكة السموات تزور
ذلك القبر الشريف كلّ يوم ، فما من يوم يطلع إلاّ نزل سبعون ألفاً من الملائكة حتى
يحفّوا بقبره صلىاللهعليهوآلهوسلم ويصلّون عليه ، حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل
ذلك حتى إذا انشقّت عنه الأرض [خرج في سبعين
ألفاً من الملائكة يزفّونه].
وشتّان بين هذا
الرأي القصيمي الفاسد وبين قول الشيخ تقيّ الدين السبكي في
__________________
الشفاء (ص ٩٦) : إنَّ من
المعلوم من الدين وسير السلف الصالحين التبرّك ببعض الموتى من الصالحين فكيف
بالأنبياء والمرسلين ، ومن ادّعى أنَّ قبور الأنبياء وغيرهم من أموات المسلمين
سواء ؛ فقد أتى أمراًعظيماً نقطع ببطلانه وخطئه فيه ، وفيه حطٌّ لدرجة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى درجة من سواه من المسلمين ، وذلك كفر متيقّن ، فإنَّ
من حطَّ رتبة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عمّا يجب له فقد كفر.
والخطب الفظيع ـ وقل
الفاحشة المبيّنة ـ أنَّ الرجل يحذو حذو ابن تيميّة ، ويرى ما يهذو به من البدع
والضلالات من سيرة المسلمين الأوّلين ، كأنَّ القرون الإسلاميّة تدهورت وتقلّبت
على سيرتها الأولى ، وشذّت الأُمّة عنها ، فلم يبق عاملاً بتلك السيرة إلاّ الرجل
ـ القصيمي ـ وشيخه في ضلاله ابن تيميّة.
وانظر إلى الرجل
كيف يرى زيارة القبور وإتيانها والدعاء عندها من الردّة والكفر عند جميع المسلمين
على اختلاف مذاهبهم ، ناشئة عن الغلوّ والتأليه لعليٍّ وولده ، وقد مرَّ عنه في
صفحة (٤٥) : أنَّ الشيعة يرون عليّا وولده أنبياء يوحى إليهم. إن كلّها إلاّ شنشنة
الرعونة وصبغة الإحن والشحناء في كلّ أمويٍّ لفَّ عجاجته على الشيعة وعلى أئمّتها
، فها نحن نقدِّم بين يدي القارئ سيرة المسلمين في زيارة النبيّ الأقدس وغيره منذ
عصر الصحابة الأوّلين والتابعين لهم بإحسان حتى اليوم (لِيَهْلِكَ
مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) .
الحثّ على زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
أخرج أئمّة
المذاهب الأربعة وحفّاظها في الصحاح والمسانيد أحاديث جمّة في زيارة قبر النبيّ
الأعظم ـ صلوات الله عليه وآله ـ ونحن نذكر شطراً منها :
__________________
ـ ١ ـ
عن عبد الله بن
عمر مرفوعاً : «من زار قبري وجبت له شفاعتي».
أخرجته أُمّة من
الحفّاظ وأئمّة الحديث منهم :
١ ـ عُبيد بن محمد
أبو محمد الورّاق النيسابوري المتوفّى (٢٥٥).
٢ ـ ابن أبي
الدنيا أبو بكر عبد الله بن محمد القرشي المتوفّى (٢٨١).
٣ ـ الدولابي أبو
بشر محمد الرازي المتوفّى (٣١٠) : في الكنى والأسماء (٢ / ٦٤).
٤ ـ محمد بن إسحاق
أبو بكر النيسابوري المتوفّى (٣١١) الشهير بابن خزيمة : أخرجه في صحيحه.
٥ ـ الحافظ محمد
بن عمرو أبو جعفر العقيلي المتوفّى (٣٢٢) : في كتابه .
٦ ـ القاضي
المحاملي أبو عبد الله الحسين البغدادي المتوفّى (٣٣٠).
٧ ـ الحافظ أبو
أحمد بن عديّ المتوفّى (٣٦٥) : في الكامل .
٨ ـ الحافظ أبو
الشيخ أبو محمد عبد الله بن محمد الأنصاري المتوفّى (٣٦٩).
٩ ـ الحافظ أبو
الحسن عليّ بن عمر الدارقطني المتوفّى (٣٨٥) : في سننه .
١٠ ـ أقضى القضاة
أبو الحسن الماوردي المتوفّى (٤٥٠) : في الأحكام السلطانيّة (ص ١٠٥).
١١ ـ الحافظ أبو
بكر البيهقي المتوفّى (٤٥٨) : في السنن وغيره.
__________________
١٢ ـ القاضي أبو
الحسن عليّ بن الحسن الخلعي الشافعي المتوفّى (٤٩٢) : في فوائده.
١٣ ـ الحافظ
إسماعيل بن محمد بن الفضل القرشي الأصبهاني المتوفّى (٥٣٥).
١٤ ـ القاضي عياض
المالكي المتوفّى (٥٤٤) : في الشفا .
١٥ ـ الحافظ أبو
القاسم عليّ بن عساكر المتوفّى (٥٧١) : في تاريخه في باب : من زار قبره صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا الباب أسقطه المهذِّب من الكتاب في طبعه ، والله
يعلم سرّ تحريفه هذا وما أضمرته سريرته.
١٦ ـ الحافظ أبو
طاهر أحمد بن السلفي المتوفّى (٥٧٦).
١٧ ـ أبو محمد عبد
الحقّ بن عبد الرحمن الأندلسي المتوفّى (٥٨١) : في الأحكام الوسطى والصغرى .
١٨ ـ الحافظ ابن
الجوزي المتوفّى (٥٩٧) : في مثير الغرام الساكن.
١٩ ـ الحافظ عليّ
بن المفضّل المقدسي الإسكندراني المالكي المتوفّى (٦١١).
٢٠ ـ الحافظ أبو
الحجّاج يوسف بن خليل الدمشقي المتوفّى (٦٤٨).
٢١ ـ الحافظ أبو
محمد عبد العظيم المنذري المتوفّى (٦٥٦).
٢٢ ـ الحافظ أبو
الحسين يحيى بن عليّ القرشي الأموي المالكي المتوفّى (٦٦٢) : في كتابه الدلائل
المبينة في فضائل المدينة.
__________________
٢٣ ـ الحافظ أبو
محمد عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى (٧٠٥).
٢٤ ـ الحافظ أبو
الحسين هبة الله بن الحسن.
٢٥ ـ أبو الحسين
يحيى بن الحسن الحسيني في كتاب أخبار المدينة.
٢٦ ـ أبو عبد الله
محمد بن محمد العبدري الفاسي المالكي ـ الشهير بابن الحاجّ ـ المتوفّى (٧٣٧) : في
المدخل (١ / ٢٦١).
٢٧ ـ تقيُّ الدين
عليّ بن عبد الكافي السبكي الشافعي المتوفّى (٧٥٦): بسط القول في ذكر طرقه في شفاء
السقام (ص ٣ ـ ١١) وقال
في (ص ٨) : والرواة جميعهم إلى موسى بن هلال ثقات لا ريبة فيهم ، وموسى بن هلال
قال ابن عديّ : أرجو أنَّه لا بأس به ، وهو من مشايخ أحمد ، وأحمد لم يكن يروي
إلاّ عن ثقة ، وقد صرّح الخصم بذلك في الردِّ على البكري. ثمّ ذكر شواهد لقوّة
سنده ، فقال : وبذلك تبيّن أنَّ أقلّ درجات هذا الحديث أن يكون حسناً إن نوزع في
دعوى صحّته ـ إلى أن قال ـ :
وبهذا بل بأقلّ
منه يتبيّن افتراء من ادّعى أنّ جميع الأحاديث الواردة في الزيارة موضوعةٌ ،
فسبحان الله! أما استحى من الله ومن رسوله في هذه المقالة التي لم يسبقه إليها
عالم ولا جاهل لا من أهل الحديث ولا من غيرهم؟! ولا ذكر أحد موسى ابن هلال ولا
غيره من رواة حديثه هذا بالوضع ولا اتّهمه به فيما علمنا ، فكيف يستجيز مسلم أن
يطلق على كلّ الأحاديث التي هو واحد منها أنّها موضوعة؟! ولم ينقل إليه ذلك عن
عالم قبله ، ولا ظهر على هذا الحديث شيءٌ من الأسباب المقتضية للمحدِّثين للحكم
بالوضع ، ولا حكم متنه ممّا يخالف الشريعة ، فمن أيّ وجهٍ يحكم بالوضع عليه لو كان
ضعيفاً؟ فكيف وهو حسن أو صحيح؟
٢٨ ـ الشيخ شعيب [بن]
عبد الله بن سعد المصري ثمّ المكيّ الشهير
__________________
بالحريفيش
المتوفّى (٨٠١) : في الروض الفائق (٢ / ١٣٧).
٢٩ ـ السيّد نور
الدين عليّ بن عبد الله الشافعي القاهري السمهودي المتوفّى (٩١١) : في وفاء الوفا (٢ / ٣٩٤).
٣٠ ـ الحافظ جلال
الدين عبد الرحمن السيوطي المتوفّى (٩١١) : في الجامع الكبير كما في ترتيبه (٨ / ٩٩).
٣١ ـ الحافظ أبو
العبّاس شهاب الدين القسطلاني المتوفّى (٩٢٣) : في المواهب اللدنيّة من طريق الدارقطني ؛ وقال : رواه عبد الحقّ في أحكامه الوسطى
والصغرى وسكت عنه ، وسكوته عن الحديث فيها دليلٌ على صحّته.
٣٢ ـ الحافظ ابن
الدَّيبع أبو محمد الشيباني المتوفّى (٩٤٤) : في تمييز الطيّب من الخبيث (ص ١٦٢).
٣٣ ـ الشيخ شمس
الدين محمد الخطيب الشربيني المتوفّى (٩٧٧) : في المغني (١ / ٤٩٤) عن صحيح
ابن خزيمة.
٣٤ ـ زين الدين
عبد الرؤوف المناوي المتوفّى (١٠٣١) : في كنوز الحقائق (ص ١٤١) ، وشرح
الجامع الصغير للسيوطي (٦ / ١٤٠).
__________________
٣٥ ـ الشيخ عبد
الرحمن شيخ زاده المتوفّى (١٠٧٨) : في مجمع الأنهر (١ / ١٥٧).
٣٦ ـ أبو عبد الله
محمد بن عبد الباقي الزرقاني المصري المالكي المتوفّى (١١٢٢) : في شرح المواهب (٨
/ ٢٩٨) نقلاً عن أبي الشيخ وابن أبي الدنيا.
٣٧ ـ الشيخ
إسماعيل بن محمد الجراحي العجلوني المتوفّى (١١٦٢) : في كشف الخفاء (٢ / ٢٥٠)
نقلاً عن أبي الشيخ ، وابن أبي الدنيا ، وابن خزيمة.
٣٨ ـ الشيخ محمد
بن عليّ الشوكاني المتوفّى (١٢٥٠) : في نيل الأوطار (٣ / ٣٢٥) نقلاً
عن غير واحد من أئمّة الحديث.
٣٩ ـ الشيخ محمد
ابن السيّد درويش الحوت البيروتي المتوفّى (١٢٧٦) : في حسن الأثر (ص ٢٤٦).
٤٠ ـ السيّد محمد
بن عبد الله الدمياطي الشافعي المتوفّى (١٣٠٧) : في مصباح الظلام (٢ / ١٤٤).
٤١ ـ عدّةٌ من
فقهاء المذاهب الأربعة في مصر اليوم : في الفقه على المذاهب الأربعة (١ / ٥٩٠).
ـ ٢ ـ
عن عبد الله بن
عمر مرفوعاً : «من جاءني زائراً لا تعمله إلاّ زيارتي كان حقّا عليَّ أن أكون له
شفيعاً يوم القيامة». وفي لفظ : «لا تحمله إلاّ زيارتي». وفي آخر : «لم تنزعه حاجة
إلاّ زيارتي». وفي رابع : «لا ينزعه إلاّ زيارتي كان حقّا على الله عزّ وجلّ» وفي
خامس للغزالي : «لا يهمّه إلاّ زيارتي». أخرجه جمع من الحفّاظ
__________________
لا يُستهان بهم
وبعدّتهم ، منهم :
١ ـ الحافظ أبو
عليّ سعيد بن عثمان بن السكن البغدادي المتوفّى بمصر (٣٥٣): في كتابه السنن الصحاح
، جعل في آخر كتاب الحج ـ باب ثواب من زار قبر النبيّ ـ ولم يذكر في الباب غير هذا
الحديث. قال السبكي في شفاء السقام (ص ١٦) : وذلك منه
حكم بأنّه مجمع على صحّته بمقتضى الشرط الذي شرطه في الخطبة ، وابن السكن هذا إمام
حافظ ثقة كثير الحديث ، واسع الرحلة.
قال في خطبة كتابه
:
أمّا بعد ؛ فإنَّك
سألتني أن أجمع لك ما صحَّ عندي من السنن المأثورة التي نقلها الأئمّة من أهل
البلدان الذين لا يطعن عليهم طاعن فيما نقلوه ، فتدبّرت ما سألتني عنه فوجدت جماعة
من الأئمّة قد تكلّفوا ما سألتني من ذلك وقد وعيت جميع ما ذكروه ، وحفظت عنهم أكثر
ما نقلوه ، واقتديت بهم وأجبتك إلى ما سألتني من ذلك ، وجعلته أبواباً في جميع ما
يحتاج إليه من أحكام المسلمين ، فأوّل من نصب نفسه لطلب صحيح الآثار : البخاري
وتابعه مسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وقد تصفّحت ما ذكروه ، وتدبّرت ما نقلوه
فوجدتهم مجتهدين فيما طلبوه ، فما ذكرته في كتابي هذا مجملاً فهو ممّا أجمعوا على
صحّته ، وما ذكرته بعد ذلك ممّا يختاره أحد من الأئمّة الذين سمّيتهم ، فقد بيّنت
حجّته في قبول ما ذكره ، ونسبته إلى اختياره دون غيره ، وما ذكرته مما يتفرّد به أحد
من أهل النقل للحديث فقد بيّنت علّته ودللت على انفراده دون غيره ، وبالله
التوفيق.
__________________
٢ ـ الحافظ أبو
القاسم الطبراني المتوفّى (٣٦٠) : أخرجه في معجمه الكبير.
٣ ـ الحافظ أبو
بكر محمد بن إبراهيم المقري الأصبهاني المتوفّى (٣٨١) : في معجمه.
٤ ـ الحافظ أبو
الحسن الدارقطني المتوفّى (٣٨٥) : أخرجه في أماليه.
٥ ـ الحافظ أبو
نعيم الأصبهاني المتوفّى (٤٣٠).
٦ ـ القاضي أبو
الحسن عليّ بن الحسن الخلعي الشافعي المتوفّى (٤٩٢) : صاحب الفوائد.
٧ ـ حجّة الإسلام
أبو حامد الغزالي الشافعي المتوفّى (٥٠٥) : في إحياء العلوم (١ / ٢٤٦).
٨ ـ الحافظ ابن
عساكر المتوفّى (٥٧١) : صاحب تاريخ الشام.
٩ ـ الحافظ أبو
الحجّاج يوسف بن خليل الدمشقي المتوفّى (٦٤٨).
١٠ ـ الحافظ يحيى
بن عليّ القرشي الأموي المالكي المتوفّى (٦٦٢).
١١ ـ الحافظ أبو
عليّ الحسن بن أحمد بن الحسن الحدّاد ، في كتابه.
١٢ ـ تقيُّ الدين
السبكي الشافعي المتوفّى (٧٥٦) : فصّل القول في طرق هذا الحديث ، وأخرجه من طرق
شتّى وصحّحه في شفاء السقام (ص ١٣ ـ ١٦).
١٣ ـ السيّد نور
الدين عليّ بن عبد الله الشافعي القاهري السمهودي المتوفّى (٩١١) : في وفاء الوفا (٢
/ ٣٩٦) ، ذكره من طرق شتّى ، منها طريق الحافظ ابن السكن ، فقال : ومقتضى ما شرطه
في خطبته أن يكون هذا الحديث ممّا أُجمع على صحّته ـ ثمّ قال ـ : قلتُ : ولهذا نقل
عنه جماعة ، منهم الحافظ زين الدين العراقي : أنّه صحّحه. إلخ.
١٤ ـ أبو العبّاس
شهاب الدين القسطلاني المتوفّى (٩٢٣) : في المواهب اللدنيّة ، وقال : صحّحه ابن
السكن.
١٥ ـ الشيخ محمد
الخطيب الشربيني المتوفّى (٩٧٧) : في مغني المحتاج شرح المنهاج (١ / ٤٩٤) وقال :
رواه ابن السكن في سننه الصحاح المأثورة.
١٦ ـ الشيخ عبد
الرحمن شيخ زاده المتوفّى (١٠٧٨) : في مجمع الأنهر (١ / ١٥٧).
ـ ٣ –
عن عبد الله بن
عمر مرفوعاً : «من حجّ فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي». وفي غير واحد
من طرقه زيادة : «وصحبني» أخرجه جمع من الحفّاظ منهم
١ ـ الحافظ عبد
الرزّاق أبو بكر الصنعاني المتوفّى (٢١١).
٢ ـ الحافظ أبو
العبّاس الحسن بن سفيان الشيباني المتوفّى (٣٠٣).
٣ ـ الحافظ أبو
يعلى أحمد بن عليّ الموصلي المتوفّى (٣٠٧) : في مسنده.
٤ ـ الحافظ أبو
القاسم عبد الله بن محمد البغوي المتوفّى (٣١٧).
٥ ـ الحافظ أبو
القاسم الطبراني المتوفّى (٣٦٠).
٦ ـ الحافظ أبو
أحمد بن عدي المتوفّى (٣٦٥) : في الكامل.
٧ ـ الحافظ أبو
بكر محمد بن إبراهيم المقري المتوفّى (٣٨١).
__________________
٨ ـ الحافظ أبو
الحسن الدارقطني المتوفّى (٣٨٥) : في سننه وغيرها.
٩ ـ الحافظ أبو
بكر البيهقي المتوفّى (٤٥٨) : في سننه (٥ / ٢٤٦).
١٠ ـ الحافظ ابن
عساكر الدمشقي المتوفّى (٥٧١) : في تاريخه.
١١ ـ الحافظ ابن
الجوزي المتوفّى (٥٩٧) : في مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن.
١٢ ـ الحافظ أبو
عبد الله ابن النجّار البغدادي المتوفّى (٦٤٣) : في كتابه الدرّة الثمينة في أخبار
المدينة.
١٣ ـ الحافظ أبو
الحجّاج يوسف بن خليل الدمشقي المتوفّى (٦٤٨).
١٤ ـ الحافظ أبو
محمد عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى (٧٠٥).
١٥ ـ أبو الفتح
أحمد بن محمد بن أحمد الحدّاد في كتابه.
١٦ ـ الحافظ أبو
الحسين المصري.
١٧ ـ وليُّ الدين
الخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح المؤلَّف (٧٣٧) في باب حرم المدينة في الفصل
الثالث.
١٨ ـ تقيّ الدين
السبكي المتوفّى (٧٥٦) : بسط القول في طرقه في شفاء السقام (١٦ ـ ٢١) ورواه عن
كثير من هؤلاء الحفّاظ المذكورين وغيرهم.
١٩ ـ الشيخ شعيب [بن]
عبد الله المصري الحريفيش المتوفّى (٨٠١) : في الروض الفائق (٢ / ١٣٧).
٢٠ ـ السيّد نور
الدين السمهودي المتوفّى (٩١١) : فصّل القول في طرقه في وفاء الوفا (٢ / ٣٩٧).
٢١ ـ الحافظ جلال
الدين السيوطي المتوفّى (٩١١) : في الجامع الكبير كما في ترتيبه (٨ / ٩٩).
٢٢ ـ قاضي القضاة
شهاب الدين الخفاجي الحنفي المتوفّى (١٠٦٩) : في شرح الشفا للقاضي عياض (٣ / ٥٦٧).
٢٣ ـ الشيخ عبد
الرحمن شيخ زاده المتوفّى (١٠٧٨) : في مجمع الأنهر (١ / ١٥٧).
٢٤ ـ الشيخ محمد
الشوكاني المتوفّى (١٢٥٠) : في نيل الأوطار (٤ / ٣٢٥).
٢٥ ـ السيّد محمد
بن عبد الله الدمياطي الشافعي المتوفّى (١٣٠٧) : في مصباح الظلام (٢ / ١٤٤).
ـ ٤ ـ
عن عبد الله بن
عمر مرفوعاً : «من حجَّ البيت ولم يزرني فقد جفاني». أخرجه جمع منهم :
١ ـ الحافظ أبو
حاتم محمد بن حبّان التميمي البستي المتوفّى (٣٥٤) : في الضعفاء.
٢ ـ الحافظ ابن
عدي المتوفّى (٣٦٥) في الكامل.
٣ ـ الحافظ
الدارقطني المتوفّى (٣٨٥) : في كتابه أحاديث مالك التي ليست في الموطّأ.
٤ ـ تقيّ الدين
السبكي المتوفّى (٧٥٦) : من غير طريق ، في شفاء السقام (ص ٢٢) ، وردَّ حكم ابن
الجوزي على الحديث بالوضع.
__________________
٥ ـ السيّد نور
الدين السمهودي المتوفّى (٩١١) : في وفاء الوفا (٢ / ٣٩٨).
٦ ـ أبو العبّاس
شهاب الدين القسطلاني المتوفّى (٩٢٣) : في المواهب اللدنيّة ، نقلاً عن ابن عدي ،
وابن حبّان ، والدارقطني.
٧ ـ الشيخ إسماعيل
الجراحي العجلوني المتوفّى (١١٦٢) : في كشف الخفاء (٢ / ٢٧٨) نقلاً عن ابن عدي ،
وابن حبّان ، والدارقطني.
٨ ـ السيّد
المرتضى الزبيدي الحنفي المتوفّى (١٢٠٥) : في تاج العروس (١٠ / ٧٤).
٩ ـ الشيخ محمد
الشوكاني المتوفّى (١٢٥٠) : في نيل الأوطار (٤ / ٣٢٥).
ـ ٥ ـ
عن عمر مرفوعاً : «من
زار قبري ـ أو من زارني ـ كنت له شفيعاً ـ أو شهيداً ـ ومن مات في أحد الحرمين
بعثه الله عزَّ وجلَّ في الآمنين يوم القيامة». أخرجه :
١ ـ الحافظ أبو
داود الطيالسي المتوفّى (٢٠٤) : في مسنده (١ / ١٢).
٢ ـ الحافظ أبو
نعيم الأصبهاني المتوفّى (٤٣٠).
٣ ـ الحافظ
البيهقي المتوفّى (٤٥٨) : في السنن الكبرى (٥ / ٢٤٥).
٤ ـ الحافظ ابن
عساكر الدمشقي المتوفّى (٥٧١) : في تاريخ الشام.
٥ ـ الحافظ أبو
الحجّاج يوسف بن خليل الدمشقي المتوفّى (٦٤٨).
__________________
٦ ـ تقيّ الدين
السبكي المتوفّى (٧٥٦) : في شفاء السقام (ص ٢٢).
٧ ـ نور الدين
السمهودي المتوفّى (٩١١) : في وفاء الوفا (٢ / ٣٩٩).
٨ ـ أبو العبّاس
القسطلاني المتوفّى (٩٢٣) : في المواهب اللدنيّة.
٩ ـ الحافظ ابن
الدَّيبع المتوفّى (٩٤٤) : في تمييز الطيّب (ص ١٦٢).
١٠ ـ زين الدين
عبد الرؤوف المناوي المتوفّى (١٠٣١) : في كنوز الحقائق (ص ١٤١).
١١ ـ الشيخ
إسماعيل العجلوني المتوفّى (١١٦٢) : في كشف الخفاء (٢ / ٢٧٨)
ـ ٦ ـ
عن حاطب بن أبي
بلتعة مرفوعاً : «من زارني بعد موتي فكأنَّما زارني في حياتي ، ومن مات في أحد
الحرمين بعث يوم القيامة من الآمنين». أخرجه :
١ ـ الحافظ أبو
الحسن الدارقطني المتوفّى (٣٨٥) : في السنن.
٢ ـ الحافظ أبو
بكر البيهقي المتوفّى (٤٥٨).
٣ ـ الحافظ ابن
عساكر الدمشقي المتوفّى (٥٧١).
٤ ـ الحافظ أبو
الحجّاج يوسف بن خليل الدمشقي المتوفّى (٦٤٨).
٥ ـ الحافظ أبو
محمد عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى (٧٠٥).
٦ ـ أبو عبد الله
العبدري المالكي ابن الحاجّ المتوفّى (٧٣٧) : في المدخل.
__________________
٧ ـ تقيّ الدين
السبكي المتوفّى (٧٥٦) : في شفاء السقام (ص ٢٥).
٨ ـ الشيخ شعيب
الحريفيش المتوفّى (٨٠١) : في الروض الفائق (٢ / ١٣٧).
٩ ـ نور الدين
السمهودي المتوفّى (٩١١) : في وفاء الوفا (٢ / ٣٩٩).
١٠ ـ أبو العبّاس
القسطلاني المتوفّى (٩٢٣) : في المواهب اللدنيّة ، عن البيهقي.
١١ ـ الجراحي
العجلوني المتوفّى (١١٦٢) : في كشف الخفاء (٢ / ٥٥١) عن ابن عساكر والذهبي ، وحكى
عن الأخير أنَّه قال : إنَّ هذا الحديث من أجود أحاديث الباب إسناداً.
١٢ ـ الشيخ محمد
الشوكاني المتوفّى (١٢٥٠) : في نيل الأوطار (٤ / ٣٢٥).
١٣ ـ الشيخ محمد
بن درويش الحوت البيروتي المتوفّى (١٢٧٦) : في حسن الأثر (ص ٢٤٦).
ـ ٧ ـ
عن عبد الله بن
عمر مرفوعاً : «من حجَّ حجّة الإسلام وزار قبري ، وغزا غزوةً وصلّى عليَّ في بيت
المقدس ، لم يسأله الله عزَّ وجلَّ فيما افترض عليه».
أخرجه الحافظ محمد بن الحسين بن أحمد أبو الفتح الأزدي المتوفّى
(٣٧٤) : في فوائده ، ورواه عنه الحافظ السلفي أبو طاهر الأصبهاني المتوفّى (٥٧٦) :
بإسناده ، وأخرجه بالطريق المذكور تقيّ الدين السبكي المتوفّى (٧٥٦) : في شفاء
السقام (ص ٢٥) ، وذكره السيّد السمهودي المتوفى (٩١١) : في وفاء الوفا (٢ / ٤٠٠) ،
والشيخ محمد بن عليّ الشوكاني المتوفّى (١٢٥٠) : في نيل الأوطار (٤ / ٣٢٦).
__________________
ـ ٨ ـ
عن أبي هريرة
مرفوعاً : «من زارني بعد موتي فكأنَّما زارني وأنا حيٌّ ، ومن زارني كنت له شهيداً
وشفيعاً يوم القيامة». أخرجه :
١ ـ الحافظ أبو
بكر أحمد بن موسى بن مردويه المتوفّى (٤١٦).
٢ ـ الحافظ أبو
سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن الأصبهاني المتوفّى (٥٤٠).
٣ ـ أبو الفتوح
سعيد بن محمد اليعقوبي [المتوفّى] سنة (٥٥٢) : في فوائده.
٤ ـ الحافظ أبو
سعد عبد الكريم السمعاني الشافعي المتوفّى (٥٦٢).
٥ ـ ابن الأنماطي إسماعيل
بن عبد الله الأنصاري المالكي المتوفّى (٦١٩).
٦ ـ تقيّ الدين
السبكي المتوفّى (٧٥٦) : في شفاء السقام (ص ٢٦).
٧ ـ السيّد نور
الدين السمهودي المتوفّى (٩١١) : في وفاء الوفا (٢ / ٤٠٠).
ـ ٩ ـ
عن أنس بن مالك
مرفوعاً : «من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شفيعاً».
وفي رواية أُخرى
عنه أيضاً :
«من مات في أحد
الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة ، ومن زراني محتسباً إلى المدينة كان في جواري
يوم القيامة».
وفي لفظ ثالث له
زيادة : «وكنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة». أخرجته أُمّة
__________________
من الحفّاظ منهم :
١ ـ ابن أبي فُديك
محمد بن إسماعيل المتوفّى (٢٠٠).
٢ ـ ابن أبي
الدنيا أبو بكر القرشي المتوفّى (٢٨١).
٣ ـ الحافظ أبو
عبد الله الحاكم النيسابوري المتوفّى (٤٠٥).
٤ ـ الحافظ أبو
بكر البيهقي المتوفّى (٤٥٨) : في شعب الإيمان.
٥ ـ القاضي عياض
المالكي المتوفّى (٥٤٤) : في الشفا.
٦ ـ الحافظ عليّ
بن الحسن الشهير بابن عساكر المتوفّى (٥٧١).
٧ ـ الحافظ ابن
الجوزي المتوفّى (٥٩٧) : في مثير الغرام الساكن.
٨ ـ الحافظ عبد
المؤمن الدمياطي المتوفّى (٧٠٥).
٩ ـ أبو عبد الله
العبدري المالكي ابن الحاجّ المتوفّى (٧٣٧) : في المدخل (١ / ٢٦١).
١٠ ـ شمس الدين
أبو عبد الله الدمشقي الحنبلي المعروف بابن قيّم الجوزيّة المتوفّى (٧٥١) : في زاد
المعاد (٢ / ٤٧).
١١ ـ تقيّ الدين
السبكي المتوفّى (٧٥٦) : في شفاء السقام (ص ٢٧).
١٢ ـ السيّد نور
الدين السمهودي المتوفّى (٩١١) : في وفاء الوفا (٢ / ٤٠٠).
١٣ ـ أبو العبّاس
شهاب الدين القسطلاني المتوفّى (٩٢٣) : في المواهب اللدنيّة.
__________________
١٤ ـ جلال الدين
السيوطي المتوفّى (٩١١) : في الجامع الكبير كما في ترتيبه (٨ / ٩٩).
١٥ ـ الشيخ عبد
الرحمن شيخ زاده المتوفّى (١٠٧٨) : في مجمع الأنهر (١ / ١٥٧) بلفظ : «من زارني إلى
المدينة متعمِّداً كان في جواري إلى يوم القيامة».
١٦ ـ الشيخ محمد
الشوكاني المتوفّى (١٢٥٠) : في نيل الأوطار (٤ / ٣٢٦).
١٧ ـ أبو عبد الله
الزرقاني المالكي المتوفّى (١١٢٢) : في شرح المواهب (٨ / ٢٩٩).
١٨ ـ الجراحي
العجلوني المتوفّى (١١٦٢) : في كشف الخفاء (٢ / ٢٥١).
١٩ ـ السيّد أحمد
الهاشمي في مختار الأحاديث النبوية (ص ١٦٩).
٢٠ ـ السيّد محمد
بن عبد الله الدمياطي الشافعي المتوفّى (١٣٠٧) : في مصباح الظلام (٢ / ١٤٤).
٢١ ـ الشيخ منصور
علي ناصف في التاج (٢ / ٢١٦).
ـ ١٠ ـ
عن أنس بن مالك
مرفوعاً : «من زارني ميّتاً فكأنَّما زارني حيّا ، ومن زار قبري وجبت له شفاعتي
يوم القيامة ، وما من أحد من أُمّتي له سعة ثمّ لم يزرني فليس له عذر» أخرجه :
١ ـ الحافظ أبو
عبد الله محمد بن محمود ابن النجّار المتوفّى (٦٤٣) : في كتابه الدرّة الثمينة في
فضائل المدينة.
٢ ـ تقيّ الدين
السبكي المتوفّى (٧٥٦) : في شفاء السقام (ص ٢٨).
__________________
٣ ـ الحافظ زين
الدين العراقي المتوفّى (٨٠٦) : أشار إليه كما في المواهب.
٤ ـ السيّد نور
الدين السمهودي المتوفّى (٩١١) : في وفاء الوفا (٢ / ٤٠٠).
٥ ـ أبو العبّاس شهاب
الدين القسطلاني المتوفّى (٩٢٣) : في المواهب اللدنيّة.
٦ ـ العجلوني
المتوفّى (١١٦٢) : في كشف الخفاء (٣ / ٢٧٨).
ـ ١١ ـ
عن ابن عبّاس
مرفوعاً : «من زارني في مماتي كان كمن زارني في حياتي ، ومن زارني حتى ينتهي إلى
قبري كنت له يوم القيامة شهيداً ـ أو قال ـ شفيعاً».
أخرجه : الحافظ أبو جعفر العقيلي المتوفّى (٣٢٢) في كتاب الضعفاء
في ترجمة فضالة بن سعيد المازني ، والحافظ ابن عساكر المتوفّى (٥٧١) كما في شفاء
السقام (ص ٢١) ، ووفاء الوفا (٢ / ٤٠١) ، ونيل الأوطار للشوكاني (٤ / ٣٢٥ ، ٣٢٦).
ـ ١٢ ـ
عن عليّ أمير
المؤمنين مرفوعاً وغير مرفوع : «من زار قبري بعد مماتي فكأنَّما زارني في حياتي ،
ومن لم يزُر قبري فقد جفاني». أخرجه .
١ ـ أبو الحسين
يحيى بن الحسن بن جعفر الحسني في كتابه أخبار المدينة.
٢ ـ أبو سعيد عبد
الملك بن محمد النيسابوري الخركوشي المتوفّى (٤٠٦) : في شرف المصطفى.
__________________
٣ ـ الحافظ ابن
عساكر المتوفّى (٥٧١).
٤ ـ الحافظ أبو
عبد الله ابن النجّار المتوفّى (٦٤٣) : في كتاب الدرّة الثمينة.
٥ ـ الحافظ عبد
المؤمن الدمياطي المتوفّى (٧٠٥).
٦ ـ تقيّ الدين
السبكي المتوفّى (٧٥٦) : في شفاء السقام (ص ٢٩).
٧ ـ الشيخ شعيب
الحريفيش المتوفّى (٨٠١) : في الروض الفائق (٢ / ١٣٧).
٨ ـ السيّد نور
الدين السمهودي المتوفّى (٩١١) : في وفاء الوفا (٢ / ٤٠١).
٩ ـ زين الدين عبد
الرؤوف المناوي : المتوفّى (١٠٣١) : في كنوز الحقائق (ص ١٤١).
ـ ١٣ ـ
عن بكر بن عبد
الله مرفوعاً : «من أتى المدينة زائراً لي وجبت له شفاعتي يوم القيامة ، ومن مات
في أحد الحرمين بعث آمناً».
أخرجه أبو الحسين يحيى بن الحسن الحسني في كتابه أخبار المدينة ،
كما في شفاء السقام للسبكي (ص ٣٠) ، ووفاء الوفا للسمهودي (٢ / ٤٠٢).
ـ ١٤ ـ
عن عبد الله بن
عمر مرفوعاً : «من زارني بعد موتي فكأنّما زارني في حياتي». أخرجه :
__________________
١ ـ الحافظ سعيد
بن منصور النسائي أبو عثمان الخراساني المتوفّى (٢٢٧).
٢ ـ الحافظ أبو
القاسم الطبراني المتوفّى (٣٦٠).
٣ ـ الحافظ أبو
أحمد بن عدي المتوفّى (٣٦٥).
٤ ـ الحافظ أبو
الشيخ الأنصاري المتوفّى (٣٦٩).
٥ ـ الحافظ أبو
الحسن الدارقطني المتوفّى (٣٨٥).
٦ ـ الحافظ أبو
بكر البيهقي المتوفّى (٤٥٨).
٧ ـ القاضي عياض
المالكي المتوفّى (٥٤٤).
٨ ـ قاضي القضاة
الخفاجي الحنفي المتوفّى (١٠٦٢) : في شرح الشفاء (٣ / ٥٦٥) ، نقله عن البيهقي
والدارقطني والطبراني وابن منصور.
٩ ـ زين الدين عبد
الرؤوف المناوي المتوفّى (١٠٣١) : في كنوز الحقائق (ص ١٤١) بلفظ : «من زار قبرى
بعد موتي».
١٠ ـ العجلوني
المتوفّى (١١٦٢) : في كشف الخفاء (٢ / ٢٥١) ، نقلاً عن أبي الشيخ والطبراني وابن
عدي والبيهقي.
ـ ١٥ ـ
عن ابن عبّاس
مرفوعاً : «من حجَّ إلى مكّة ثمّ قصدني في مسجدي كتبت له حجّتان مبرورتان».
أخرجه الديلمي في مسنده ، كما في وفاء الوفا (٢ / ٤٠١) ونيل
الأوطار (٤ / ٣٢٦).
__________________
ـ ١٦ ـ
عن رجل من آل
الخطّاب مرفوعاً : «من زارني متعمِّداً كان في جواري يوم القيامة ، ومن مات في أحد
الحرمين بعثه الله في الآمنين ـ من الآمنين ـ». وزاد الشحامي عقب قوله ـ يوم
القيامة ـ : «ومن سكن المدينة وصبر على بلائها كنت له شهيدا وشفيعاً يوم القيامة».
روي بإسنادٍ فيه من الحفّاظ :
١ ـ الحافظ أبو
جعفر العقيلي المتوفّى (٣٢٢).
٢ ـ الحافظ أبو
الحسن الدارقطني المتوفّى (٣٨٥).
٣ ـ الحافظ أبو
عبد الله الحاكم المتوفّى (٤٠٥).
٤ ـ الحافظ أبو
بكر البيهقي المتوفّى (٤٥٨) : في شعب الإيمان.
٥ ـ الحافظ ابن
عساكر الدمشقي المتوفّى (٥٧١).
٦ ـ الحافظ أبو
محمد عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى (٧٠٥) : وأخرجه من طريق هؤلاء الحفّاظ.
٧ ـ وليّ الدين
الخطيب العمري التبريزي في مشكاة المصابيح المؤلَّف (٧٣٧) في باب حرم المدينة في
الفصل الثالث.
٨ ـ تقيّ الدين السبكي
المتوفّى (٧٥٦) : في شفاء السقام (ص ٢٤) ، وقال : مرسل جيّد ، ورواه عنه السيّد
نور الدين السمهودي في وفاء الوفا (٢ / ٣٩٩).
__________________
ـ ١٧ ـ
عن عبد الله بن
عمر مرفوعاً : «من زارني إلى المدينة كنت له شهيداً وشفيعاً». أخرجه الحافظ الدارقطني بإسناده في السنن كما في وفاء الوفا (٢ /
٣٩٨).
ـ ١٨ ـ
رُوي عن رسول الله
صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «من وجد سعةً ولم يفد ـ يغد ـ إليَّ فقد جفاني».
ذكره ابن فرحون في مناسكه ، والغزالي في الإحياء (١ / ٢٤٦) ، والقسطلاني في
المواهب اللدنيّة ، والعجلوني في كشف الخفاء (٢ / ٢٧٨).
ـ ١٩ ـ
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من زارني بعد
وفاتي وسلّم عليَّ رددتُ عليهالسلام عشراً ، وزاره عشرة من الملائكة ، كلّهم يسلّمون عليه ،
ومن سلّم عليَّ في بيته ردَّ الله تعالى عليَّ روحي حتى أُسلّم عليه».
ذكره الشيخ شعيب
الحريفيش المتوفّى (٨٠١) في الروض الفائق (٢ / ١٣٧).
ـ ٢٠ ـ
عن أبي عبد الله
محمد بن العلاء قال : دخلت المدينة وقد غلب عليَّ الجوع فزرت قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وسلّمت عليه وعلى الشيخين وقلت : يا رسول الله جئت
__________________
وبي من الفاقة
والجوع مالا يعلمه إلاّ الله وأنا ضيفك في هذه الليلة ، ثمّ غلبني النوم فرأيت
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام فأعطاني رغيفاً فأكلت نصفه ، ثمّ انتبهت من
المنام وفي يدي نصفه الآخر ، فتحقّق عندي قول النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من رآني في المنام فقد رآني حقّا ؛ فإنَّ الشيطان لا
يتمثّل بي».
ثمّ نوديت : «يا
أبا عبد الله لا يزور قبري أحد إلاّ غُفر له ونال شفاعتي غداً».
ذكره الشيخ شعيب
الحريفيش في الروض الفائق (٢ / ١٣٨) فقال في
المعنى :
من زارَ قبرَ
محمدٍ
|
|
نالَ الشفاعةَ
في غدِ
|
بالله كرِّر
ذكرَهُ
|
|
وحديثَهُ يا
منشدي
|
واجعل صلاتَكَ
دائماً
|
|
جهراً عليهِ
تهتدي
|
فهو الرسولُ
المصطفى
|
|
ذو الجودِ
والكفِّ الندي
|
وهو المشفَّعُ
في الورى
|
|
من هولِ يوم
الموعدِ
|
والحوضُ مخصوصٌ
به
|
|
في الحشرِ عذبُ
الموردِ
|
صلّى عليه ربّنا
|
|
ما لاح نجمُ
الفرقدِ
|
ـ ٢١ ـ
مرفوعاًعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا عذر لمن كان له سعة من أُمّتي ولم يزرني».
رواه الشيخ عبد
الرحمن شيخ زاده في مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١ / ١٥٧) ، وعدّه من أدلّة
الباب من دون غمز فيه.
ـ ٢٢ ـ
عن أمير المؤمنين
عليّ عليهالسلام : «من زار قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان في جواره».
__________________
أخرجه : ابن عساكر كما في نيل الأوطار للشوكاني (٤ / ٣٢٦).
(فَلَعَلَّكَ باخِعٌ
نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) .
(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ
بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) .
كلمات أعلام المذاهب الأربعة
حول زيارة النبيّ
الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي [اثنتان و] أربعون كلمة
١ ـ قال أبو عبد
الله الحسين بن الحسن الحليمي الجرجاني الشافعي المتوفّى (٤٠٣) في كتابه المنهاج
في شعب الإيمان بعد ذكر جملة من تعظيم النبي : فأمّا اليوم فمن تعظيمه
زيارته.
٢ ـ قال أبو الحسن
أحمد بن محمد المحاملي الشافعي المتوفّى (٤٢٥) في التجريد : ويستحبُّ للحاج إذا
فرغ من مكّة أن يزور قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٣ ـ قال القاضي
أبو الطيّب طاهر بن عبد الله الطبري المتوفّى (٤٥٠) : ويستحبّ أن يزور النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد أن يحجَّ ويعتمر.
٤ ـ قال أقضى
القضاة أبو الحسن الماوردي المتوفّى (٤٥٠) في الأحكام السلطانيّه (ص ١٠٥):
فإذا عاد ـ وليُّ
الحاجِّ ـ سار بهم على طريق المدينة لزيارة قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
ليجمع لهم بين حجّ
بيت الله وزيارة قبر رسول الله ، رعايةً لحرمته وقياماً بحقوق طاعته ، وذلك وإن لم
يكن من فروض الحجِّ فهو من مندوبات الشرع المستحبّة ، وعبادات الحجيج المستحسنة.
وقال في الحاوي :
أمّا زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فمأمور بها ومندوب إليها.
٥ ـ حكى عبد الحقّ
بن محمد الصقيلي المتوفّى (٤٦٦) في كتابه تهذيب الطالب ، عن الشيخ أبي عمران
المالكي أنَّه قال : إنَّما كره مالك أن يُقال : زرنا قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأنَّ الزيارة من شاء فعلها ومن شاء تركها ، وزيارة قبر
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم واجبة.
قال عبد الحقِّ :
يعني من السنن الواجبة (في المدخل ١ / ٢٥٦) يريد وجوب السنن المؤكّدة.
٦ ـ قال أبو إسحاق
إبراهيم بن محمد الشيرازي الفقيه الشافعي المتوفّى (٤٧٦) في المهذّب : ويستحبُّ زيارة قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٧ ـ قال أبو
الخطّاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني الفقيه البغدادي الحنبلي المتوفّى (٥١٠) في كتاب
الهداية : وإذا فرغ من الحجِّ استحبّ له زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقبر صاحبيه.
٨ ـ قال القاضي
عياض المالكي المتوفّى (٥٤٤) في الشفاء : وزيارة قبره صلىاللهعليهوآلهوسلم سنّة مجمع عليها ، وفضيلة مرغّب فيها. ثمّ ذكر عدّة من
أحاديث الباب فقال :
قال إسحاق بن
إبراهيم الفقيه : وممّا لم يزل من شأن من حجَّ المِزور بالمدينة
__________________
والقصد إلى الصلاة
في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والتبرّك برؤية روضته ومنبره وقبره ومجلسه وملامس يديه
ومواطن قدميه والعمود الذي استند إليه ومنزل جبريل بالوحي فيه عليه ، ومن عمّره
وقصده من الصحابة وأئمّة المسلمين ، والاعتبار بذلك كلّه.
٩ ـ قال ابن هبيرة
المتوفّى (٥٦٠) ، في كتاب اتِّفاق الأئمّة : اتّفق مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد
بن حنبل رحمهمالله تعالى على أنَّ زيارة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مستحبّة. المدخل لابن الحاجّ (١ / ٢٥٦).
١٠ ـ عقد الحافظ
ابن الجوزي الحنبلي المتوفّى (٥٩٧) في كتابه مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن
، باباً في زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وذكر حديثي ابن عمر وأنس المذكورين في أحاديث الباب.
١١ ـ قال أبو محمد
عبد الكريم بن عطاء الله المالكي المتوفّى (٦١٢) في مناسكه : فصل : إذا كمل لك
حجّك وعمرتك على الوجه المشروع لم يبق بعد ذلك إلاّ إتيان مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للسلام على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والدعاء عنده والسلام على صاحبيه والوصول إلى البقيع
وزيارة ما فيه من قبور الصحابة والتابعين ، والصلاة في مسجد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا ينبغي للقادر على ذلك تركه.
١٢ ـ قال أبو عبد
الله محمد بن عبد الله بن الحسين السامري الحنبلي ـ المعروف بابن أبي سنينة ـ المتوفّى
(٦١٦) في كتاب المستوعب ، باب زيارة قبر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : وإذا قدم مدينة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم استحبَّ له أن يغتسل لدخولها. ثمّ ذكر أدب الزيارة ،
وكيفيّة السلام والدعاء والوداع.
١٣ ـ قال الشيخ
موفّق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي الحنبلي المتوفّى (٦٢٠) في كتابه
المغني : فصل : يستحبُّ زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ ذكر حديثي
__________________
ابن عمر وأبي
هريرة من طريق الدارقطني وأحمد.
١٤ ـ قال محيي
الدين النووي الشافعي المتوفّى حدود (٦٧٧) في المنهاج المطبوع بهامش شرحه المغني (١ / ٤٩٤) : ويسنُّ شرب ماء
زمزم وزيارة قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد فراغ الحجّ.
١٥ ـ قال نجم
الدين بن حمدان الحنبلي المتوفّى (٦٩٥) في الرعاية الكبرى في الفروع الحنبليّة :
ويسنّ لمن فرغ عن نسكه زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقبر صاحبيه ، وله ذلك بعد فراغ حجِّه وإن شاء قبل فراغه.
١٦ ـ قال القاضي
الحسين : إذا فرغ من الحجّ فالسنّة أن يقف بالملتزم ويدعو ، ثمّ يشرب من ماء زمزم
، ثمّ يأتي المدينة ويزور قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. الشفاء.
١٧ ـ قال القاضي
أبو العبّاس أحمد السروجي الحنفي المتوفّى (٧١٠) في الغاية : إذا انصرف الحاجّ
والمعتمرون من مكّة فليتوجّهوا إلى طيبة مدينة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وزيارة قبره ؛ فإنَّها من أنجح المساعي.
١٨ ـ قال الإمام
القدوة ابن الحاجّ محمد بن محمد العبدري القيرواني المالكي المتوفّى (٧٣٧) في
المدخل ، في فصل زيارة القبور (١ / ٢٥٧) : وأمّا عظيم جناب الأنبياء والرسل ـ صلوات
الله وسلامه عليهم أجمعين ـ فيأتي إليهم الزائر ، ويتعيّن عليه قصدهم من الأماكن
البعيدة ، فإذا جاء إليهم فليتّصف بالذلّ والانكسار والمسكنة والفقر والفاقة
والحاجة والاضطرار والخضوع ، ويحضر قلبه وخاطره إليهم وإلى مشاهدتهم بعين قلبه لا
بعين بصره ؛ لأنَّهم لا يبلون ولا يتغيّرون ، ثمّ يثني على الله تعالى بما هو أهله
، ثمّ يصلّي عليهم ويترضّى على أصحابهم ، ثمّ يترحّم على التابعين لهم بإحسان إلى
يوم الدين ، ثمّ يتوسّل إلى الله تعالى بهم في قضاء مآربه
__________________
ومغفرة ذنوبه ،
ويستغيث بهم ، ويطلب حوائجه منهم ، ويجزم بالإجابة ببركتهم ويقوّي حسن ظنّه في ذلك
، فإنَّهم باب الله المفتوح ، وجرت سنّته سبحانه وتعالى بقضاء الحوائج على أيديهم
وبسببهم ، ومن عجز عن الوصول فليرسل بالسلام عليهم ، ويذكر ما يحتاج إليه من
حوائجه ومغفرة ذنوبه وستر عيوبه إلى غير ذلك ؛ فإنَّهم السادة الكرام ، والكرام لا
يردُّون من سألهم ولا من توسّل بهم ولا من قصدهم ولا من لجأ إليهم.
هذا الكلام في
زيارة الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام عموماً. ثمّ قال :
فصل : وأمّا في
زيارة سيّد الأوّلين والآخرين ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ فكلُّ ما ذكر يزيد عليه
أضعافه أعني في الانكسار والذلّ والمسكنة ؛ لأنَّه الشافع المشفَّع الذي لا تردُّ
شفاعته ، ولا يخيب من قصده ، ولا من نزل بساحته ، ولا من استعان أو استغاث به ، إذ
إنّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قطب دائرة الكمال وعروس المملكة ـ إلى أن قال ـ :
فمن توسّل به ، أو
استغاث به ، أو طلب حوائجه منه ، فلا يردُّ ولا يخيب لما شهدت به المعاينة والآثار
، ويحتاج إلى الأدب الكلّي في زيارته عليه الصلاة والسلام ، وقد قال علماؤنا رحمة
الله عليهم : إنَّ الزائر يشعر نفسه بأنَّه واقف بين يديه عليه الصلاة والسلام كما
هو في حياته ، إذا لا فرق بين موته وحياته ـ أعني في مشاهدته لأمّته ومعرفته
بأحوالهم ونيّاتهم وعزائمهم وخواطرهم ـ ذلك عنده جليٌّ لا خفاء فيه ـ إلى أن قال ـ
:
فالتوسّل به ـ عليه
الصلاة والسلام ـ هو محلّ حطّ أحمال الأوزار ، وأثقال الذنوب والخطايا ؛ لأنَّ
بركة شفاعته ـ عليه الصلاة والسلام ـ وعظمها عند ربّه لا يتعاظمها ذنب إذ إنّها
أعظم من الجميع ، فليستبشر من زاره ، وليلجأ إلى الله تعالى بشفاعة نبيّه ـ عليه
الصلاة والسلام ـ من لم يزره ، اللهمّ لا تحرمنا من شفاعته بحرمته
عندك آمين ربّ
العالمين ، ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم ، ألم يسمع قول الله : (وَلَوْ
أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ
لَهُمُ الرَّسُولُ) الآية؟ فمن جاءه ووقف ببابه وتوسّل به وجد الله توّاباً
رحيماً ؛ لأنَّ الله منزَّه عن خلف الميعاد ، وقد وعد سبحانه وتعالى بالتوبة لمن
جاءه ووقف ببابه وسأله واستغفر ربّه ، فهذا لا يشكُّ فيه ولا يرتاب إلاّ جاحد
للدين معاند لله ولرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، نعوذ بالله من الحرمان.
١٩ ـ ألّف الشيخ
تقيّ الدين السبكي الشافعي المتوفّى (٧٥٦) كتاباً حافلاً في زيارة النبيّ الأعظم
في (١٨٧) صحيفة ، وأسماه شفاء السقام في زيارة خير الأنام ردّا على ابن تيميّة ،
وذكر كثيراً من أحاديث الباب ، ثمّ جعل باباً في نصوص العلماء من المذاهب الأربعة
على استحبابها ، وأن ذلك مجمع عليه بين المسلمين. وقال في (ص ٤٨):
لا حاجة إلى تتبّع
كلام الأصحاب في ذلك مع العلم بإجماعهم وإجماع سائر العلماء عليه ، والحنفيّة
قالوا : إنَّ زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من أفضل المندوبات والمستحبّات ، بل تقرب من درجة الواجبات
، وممّن صرّح بذلك أبو منصور محمد بن مكرم الكرماني في مناسكه ، وعبد الله بن
محمود بن بلدجي في شرح المختار ، وفي فتاوى أبي الليث السمرقندي في باب أداء
الحجّ.
وقال في (ص ٥٩) :
كيف يتخيّل في أحد من السلف منعهم من زيارة المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم مجمعون على زيارة سائر الموتى ، وسنذكر ذلك وما ورد من
الأحاديث والآثار في زيارتهم.
وحكى في (ص ٦١) عن
القاضي عياض وأبي زكريّا النووي إجماع العلماء والمسلمين على استحباب الزيارة.
__________________
وقال (ص ٦٢) :
وإذا استحبَّ زيارة قبر غيره صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقبره أولى لما له من الحقّ ووجوب التعظيم ، فإن قلت :
الفرق ـ يعني بين زيارة قبر النبيّ وغيره ـ أنَّ غيره يُزار للاستغفار له لاحتياجه
إلى ذلك ، كما فعل النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في زيارته أهل البقيع ، والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مستغنٍ عن ذلك. قلتُ : زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم إنَّما هي لتعظيمه والتبرّك به ، ولتنالنا الرحمة بصلاتنا
وسلامنا عليه ، كما أنّا مأمورون بالصلاة عليه والتسليم وسؤال الوسيلة وغير ذلك
ممّا يعلم أنَّه حاصل له صلىاللهعليهوآلهوسلم بغير سؤالنا ؛ ولكنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أرشدنا إلى ذلك لنكون بدعائنا له متعرِّضين للرحمة التي
رتّبها الله على ذلك.
فإن قلت : الفرق
أيضاً أنَّ غيره لا يُخشى فيه محذور وقبره صلىاللهعليهوآلهوسلم يُخشى الإفراط في تعظيمه أن يُعبد. قلت : هذا كلام تقشعرُّ
منه الجلود ، ولولا خشية اغترار الجهّال به لما ذكرته ، فإنّ فيه تركاً لما دلّت
عليه الأدلّة الشرعيّة بالآراء الفاسدة الخياليّة ، وكيف تقدم على تخصيص قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «زوروا القبور»؟ وعلى ترك قوله : «من زار قبري وجبت له
شفاعتي»؟ وعلى مخالفة إجماع السلف والخلف بمثل هذا الخيال الذي لم يشهد به كتاب
ولا سنّة؟ بخلاف النهي عن اتّخاذه مسجداً ، وكون الصحابة احترزوا عن ذلك المعنى
المذكور ؛ لأنَّ ذلك قد ورد النهي فيه ، وليس لنا أن نشرِّع أحكاماً من قبلنا (أَمْ
لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ) فمن منع زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله ، وقوله مردود عليه ، ولو فتحنا باب هذا
الخيال الفاسد لتركنا كثيراً من السنن بل ومن الواجبات.
والقرآن كلّه
والإجماع المعلوم من الدين بالضرورة ، وسيرة الصحابة والتابعين وجميع علماء
المسلمين والسلف الصالحين على وجوب تعظيم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والمبالغة في ذلك. ومن تأمّل القرآن العزيز وما تضمّنه من
التصريح والإيماء إلى وجوب المبالغة
__________________
في تعظيمه وتوقيره
والأدب معه ، وما كانت الصحابة يعاملونه به من ذلك ، امتلأ قلبه إيماناً ، واحتقر
هذا الخيال الفاسد ، واستنكف أن يصغي إليه والله تعالى هو الحافظ لدينه ، ومن يهدِ
الله فهو المهتدي ، ومن يضلل فلا هادي له ، وعلماء المسلمين متكفّلون بأن يبيّنوا
للناس ما يجب من الأدب والتعظيم والوقوف عند الحدّ الذي لا يجوز مجاوزته بالأدلّة
الشرعيّة ، وبذلك يحصل الأمر من عبادة غير الله تعالى ، ومن أراد الله ضلاله من
أفراد من الجهّال فلن يستطيع أحد هدايته ، فمن ترك شيئاً من التعظيم المشروع لمنصب
النبوّة زاعماً بذلك الأدب مع الربوبيّة فقد كذب على الله تعالى وضيّع ما أمر به
في حقّ رسله ، كما أنَّ من أفرط وجاوز الحدّ إلى جانب الربوبيّة فقد كذب على رسل
الله وضيّع ما أمروا به في حقّ ربّهم سبحانه وتعالى ، والعدل حفظ ما أمر الله به
في الجانبين ، وليس في الزيارة المشروعة من التعظيم ما يفضي إلى محذور.
وعقد في (ص ٧٥ ـ ٨٧) باباً في كون السفر إلى الزيارة قربةً ،
وبسط القول فيه وأثبته بالكتاب والسنّة والإجماع والقياس ، واستدلَّ عليه من الكتاب
بقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ
لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) . بتقريب صدق المجيء وعدم الفرق بين حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم ومماته.
ومن السنّة بعموم قوله
صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من زار قبري» ، وصريح صحيحة ابن السكن : «من جاءني
زائراً لا تعمله حاجة إلاّ زيارتي» ، وبما دلَّ من السنّة على خروج النبيّ من
المدينة لزيارة القبور ، وإذا جاز الخروج إلى القريب جاز إلى البعيد ، فقد ثبت في
الصحيح خروجه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى البقيع بأمر من الله تعالى وتعليم
__________________
عائشة كيفيّة
السلام على أهل البقيع ، وخروجه إلى قبور الشهداء . ثمّ قال :
الرابع : الإجماع
لإطباق السلف والخلف ، فإنَّ الناس لم يزالوا في كلّ عام ، إذا قضوا الحجّ ،
يتوجّهون إلى زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومنهم من يفعل ذلك قبل الحجّ ، هكذا شاهدناه وشاهده من
قبلنا ، وحكاه العلماء عن الأعصار القديمة كما ذكرناه في الباب الثالث. وذلك أمر
لا يُرتاب فيه ، وكلّهم يقصدون ذلك ويعرجون إليه وإن لم يكن طريقهم ، ويقطعون فيه
مسافة بعيدة وينفقون فيه الأموال ويبذلون فيه المهج ، معتقدين أنَّ ذلك قربة وطاعة
، وإطباق هذا الجمع العظيم من مشارق الأرض ومغاربها على ممرّ السنين وفيهم العلماء
والصلحاء وغيرهم يستحيل أن يكون خطأ ، وكلّهم يفعلون ذلك على وجه التقرّب به إلى
الله ، ومن تأخّر عنه من المسلمين ، فإنَّما يتأخّر بعجز أو تعويق المقادير مع
تأسّفه عليه وودِّه لو تيسّر له ، ومن ادّعى أنَّ هذا الجمع العظيم مجمعون على خطأ
فهو المخطئ.
٢٠ ـ قال زين
الدين أبو بكر بن الحسين بن عمر القريشي العثماني المصري المراغي المتوفّى (٨١٦)
في تحقيق النصرة في تاريخ دار الهجرة :
وينبغي لكلّ مسلم
اعتقاد كون زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم قربةً عظيمةً ؛ للأحاديث الواردة في ذلك ، ولقوله تعالى (وَلَوْ
أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ
لَهُمُ الرَّسُولُ). الآية. لأنّ تعظيمه لا ينقطع بموته ، ولا يقال : إنَّ
استغفار الرسول لهم إنَّما هو في حياته وليست الزيارة كذلك ، لِما أجاب به بعض
الأئمّة المحقِّقين أنَّ الآية دلّت على تعليق وجدان الله تعالى توّاباً رحيماً
بثلاثة أمور : المجيء ، واستغفارهم ، واستغفار الرسول لهم. وقد حصل استغفار الرسول
لجميع المؤمنين ؛ لأنَّه قد استغفر
__________________
للجميع ، قال الله
تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) فإذا وجد مجيئهم واستغفارهم كملت الأُمور الثلاثة الموجبة
لتوبة الله تعالى ورحمته. المواهب اللدنيّة للقسطلاني .
٢١ ـ قال السيّد
نور الدين السمهودي المتوفّى (٩١١) في وفاء الوفا (٢ / ٤١٢) بعد ذكر
أحاديث الباب :
وأمّا الإجماع :
فأجمع العلماء على استحباب زيارة القبور للرجال ، كما حكاه النووي بل قال بعض
الظاهريّة بوجوبها ، وقد اختلفوا في النساء ، وقد امتاز القبر الشريف بالأدلّة
الخاصّة به كما سبق ، قال السبكي : ولهذا أقول إنَّه لا فرق في زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم بين الرجال والنساء. وقال الجمال الريمي في التقفية :
يُستثنى ـ أي من محلّ الخلاف ـ قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصاحبيه ؛ فإنَّ زيارتهم مستحبّة للنساء بلا نزاع ، كما
اقتضاه قولهم في الحجّ : يُستحبّ لمن حجَّ أن يزور قبرَ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحينئذ فيقال معاياةً : قبور يستحبُّ زيارتها للنساء
بالاتِّفاق ، وقد ذكر ذلك بعض المتأخِّرين وهو الدمنهوري الكبير ، وأضاف إليه قبور
الأولياء والصالحين والشهداء. ثمّ بسط القول في أنَّ السفر للزيارة قربة كالزيارة
نفسها.
٢٢ ـ قال الحافظ
أبو العبّاس القسطلاني المصري المتوفّى (٩٢٣) في المواهب اللدنيّة ـ الفصل الثاني في زيارة قبره الشريف ومسجده المنيف ـ :
اعلم أنَّ زيارة قبره الشريف من أعظم القربات وأرجى الطاعات والسبيل إلى أعلى الدرجات
، ومن اعتقد غير هذا فقد انخلع من ربقة الإسلام ، وخالف الله ورسوله وجماعة
العلماء الأعلام.
__________________
وقد أطلق بعض
المالكيّة ، وهو أبو عمران الفاسي ـ كما ذكره في المدخل عن تهذيب الطالب لعبد الحقّ ـ : أنَّها واجبة. قال :
ولعلّه أراد وجوب السنن المؤكّدة ، وقال القاضي عياض : إنَّها من سنن المسلمين مجمع عليها وفضيلة مرغَّب فيها.
ثمّ ذكر جملةً من
الأحاديث الواردة في زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : وقد أجمع المسلمون على استحباب زيارة القبور كما
حكاه النووي ، وأوجبها الظاهريّة ، فزيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم مطلوبة بالعموم والخصوص كما سبق ، ولأنَّ زيارة القبور
تعظيم ، وتعظيمه صلىاللهعليهوآلهوسلم واجب ، ولهذا قال بعض العلماء : لا فرق في زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم بين الرجال والنساء ، وإن كان محل الإجماع على استحباب
زيارة القبور للرجال ، وفي النساء خلاف ، الأشهر في مذهب الشافعي الكراهة.
قال ابن حبيب من
المالكيّة : ولا تدع زيارة قبره صلىاللهعليهوآلهوسلم والصلاة في مسجده ؛ فإنَّ فيه من الرغبة ما لا غنى بك ولا
بأحد عنه ، وينبغي لمن نوى الزيارة أن ينوي مع ذلك زيارة مسجده الشريف والصلاة فيه
، لأنَّه أحد المساجد الثلاثة التي لا تشدّ الرحال إلاّ إليها ، وهو أفضلها عند
مالك ، وليس لشدّ الرحال إلى غير المساجد الثلاثة فضل ؛ لأنَّ الشرع لم يجئ به ،
وهذا الأمر لا يدخله قياس ؛ لأنّ شرف البقعة إنَّما يُعرف بالنصّ الصريح عليه ،
وقد ورد النصُّ في هذه دون غيرها.
وقد صحَّ أنّ عمر
بن عبد العزيز كان يبرد البريد للسلام على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فالسفر إليه قربة لعموم الأدلّة. ومن نذر الزيارة وجبت
عليه كما جزم به ابن كج من أصحابنا ، وعبارته : إذا نذر زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لزمه الوفاء وجهاً واحداً. انتهى. إلى أن قال :
وللشيخ تقيّ الدين
ابن تيميّة هنا كلام شنيع عجيب يتضمّن منع شدِّ الرحال
__________________
للزيارة النبويّة
، وأنَّه ليس من القرب بل يضدُّ ذلك ، وردَّ عليه الشيخ تقيّ الدين السبكي في شفاء
السقام فشفى صدور المؤمنين.
٢٣ ـ ذكر شيخ
الإسلام أبو يحيى زكريّا الأنصاري الشافعي المتوفّى (٩٢٥) : في أسنى المطالب شرح
روض الطالب ـ لشرف الدين إسماعيل بن المقري اليمني ـ (١ / ٥٠١) ما يستحبّ لمن حجَّ
وقال : ثمّ يزور قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ويسلِّم عليه وعلى صاحبيه بالمدينة المشرّفة. ثمّ ذكر
شطراً من أدلّتها وجملة من آداب الزيارة.
٢٤ ـ قال ابن حجر
الهيتمي المكي الشافعي المتوفّى (٩٧٣) في كتابه الجوهر المنظّم في زيارة القبر المكرّم (ص ١٢) ـ طبع
سنة (١٢٧٩) بمصر ـ بعد ما استدلَّ على مشروعيّة زيارة قبر النبيّ بعدّة أدلّة ،
منها الإجماع : فإن قلت : كيف تحكي الإجماع على مشروعيّة الزيارة والسفر إليها
وطلبها وابن تيميّة ـ من متأخِّري الحنابلة ـ منكر لمشروعيّة ذلك كلّه كما رآه
السبكي في خطِّه؟ وقد أطال ابن تيميّة الاستدلال لذلك بما تمجّه الأسماع ، وتنفر
عنه الطباع ، بل زعم حرمة السفر لها إجماعاً وأنَّه لا تقصّر فيه الصلاة ، وأنّ
جميع الأحاديث الواردة فيها موضوعة ، وتبعه بعض من تأخّر عنه من أهل مذهبه.
قلت : من هو ابن
تيميّة حتى يُنظر إليه أو يُعوَّل في شيء من أُمور الدين عليه؟ وهل هو إلاّ كما
قال جماعة من الأئمّة الذين تعقّبوا كلماته الفاسدة وحججه الكاسدة ، حتى أظهروا
عوار سقطاته وقبائح أوهامه وغلطاته ، كالعزّ بن جماعة : عبد أضلّه الله تعالى
وأغواه ، وألبسه رداء الخزي وأرداه ، وبوّأه من قوّة الافتراء والكذب ما أعقبه
الهوان وأوجب له الحرمان. ولقد تصدّى شيخ الإسلام وعالم الأنام المجمع على جلالته
واجتهاده وصلاحه وإمامته التقيُّ السبكيُّ ـ قدّس الله روحه ونوّر ضريحه ـ للردِّ
عليه في تصنيف مستقلّ أفاد فيه وأجاد ، وأصاب ، وأوضح بباهر حججه طريق الصواب. ثمّ
قال :
__________________
هذا وما وقع من
ابن تيميّة ممّا ذكر وإن كان عثرة لا تُقال أبداً ، ومصيبة يستمرُّ شؤمها سرمداً ،
وليس بعجيب فإنَّه سوّلت له نفسه وهواه وشيطانه أنَّه ضرب مع المجتهدين بسهم صائب
، وما درى المحروم أنَّه أتى بأقبح المعائب ، إذ خالف إجماعهم في مسائل كثيرة ،
وتدارك على أئمّتهم سيّما الخلفاء الراشدين باعتراضات سخيفة شهيرة ، حتى تجاوز إلى
الجناب الأقدس المنزَّه سبحانه عن كلِّ نقص والمستحقِّ لكل كمال أنفس ، فنسب إليه
الكبائر والعظائم ، وخرق سياج عظمته بما أظهره للعامّة على المنابر من دعوى الجهة
والتجسيم ، وتضليل من لم يعتقد ذلك من المتقدِّمين والمتأخِّرين ، حتى قام عليه
علماء عصره وألزموا السلطان بقتله أو حبسه وقهره ، فحبسه إلى أن مات ، وخمدت تلك
البدع ، وزالت تلك الضلالات ، ثمّ انتصر له اتباع لم يرفع الله لهم رأساً ، ولم
يظهر لهم جاهاً ولا بأساً ، بل ضُربت عليهم الذلّة والمسكنة وباءوا بغضب من الله
ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون.
٢٥ ـ قال الشيخ
محمد الخطيب الشربيني المتوفّى (٩٧٧) ، في مغني المحتاج ) (١ / ٣٥٧ : ومحلّ هذه الأقوال في غير زيارة قبر سيّد المرسلين ، أمّا زيارته فمن أعظم
القربات للرجال والنساء ، وألحق الدمنهوري به قبور بقيّة الأنبياء والصالحين
والشهداء ، وهو ظاهر وإن قال الأذرعي : لم أره للمتقدِّمين ، قال ابن شهبة : فإن
صحَّ ذلك فينبغي أن يكون زيارة قبر أبويها وإخوتها وسائر أقاربها كذلك فإنَّهم
أولى بالصلة من الصالحين. انتهى. والأولى عدم إلحاقهم بهم لما تقدّم من تعليل
الكراهة .
وقال في (ص ٤٩٤) بعد بيان مندوبيّة زيارة قبره الشريف صلىاللهعليهوآلهوسلم وذكر جملة
__________________
من أدلّتها : ليس
المراد اختصاص طلب الزيارة بالحجِّ ؛ فإنَّها مندوبة مطلقاً كما مرَّ بعد حجّ أو
عمرة أو قبلهما أو لا مع نسك ؛ بل المراد ـ يعني من قول المصنِّف بعد فراغ الحجِّ
ـ تأكّد الزيارة فيها لأمرين أحدهما : أنَّ الغالب على الحجيج الورود من آفاق
بعيدة ، فإذا قربوا من المدينة يقبح تركهم الزيارة. والثاني : لحديث «من حجَّ ولم
يزرني فقد جفاني».
رواه ابن عدي في
الكامل ، وغيره. وهذا يدلُّ على أنَّه يتأكّد للحاجّ أكثر من غيره
، وحكم المعتمر حكم الحاجّ في تأكّد ذلك.
٢٦ ـ قال الشيخ
زين الدين عبد الرؤوف المناوي المتوفّى (١٠٣١) في شرح الجامع الصغير (٦ / ١٤٠) :
وزيارة قبره صلىاللهعليهوآلهوسلم الشريف من كمالات الحجِّ ، بل زيارته عند الصوفيّة فرض
وعندهم الهجرة إلى قبره كهي إليه حيّا. قال الحكيم : زيارة قبر المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم هجرة المضطرّين هاجروا إليه فوجدوه مقبوضاً فانصرفوا ،
فحقيق أن لا يخيِّبهم ، بل يوجب لهم شفاعة تقيم حرمة زيارتهم.
وقال في شرح
الحديث الأوّل المذكور (ص ٩٣) : إنَّ أثر الزيارة إمّا الموت على الإسلام مطلقاً
لكل زائر ، وإمّا شفاعة تخصُّ الزائر أخصَّ من العامّة ، وقوله : «شفاعتي» في
الإضافة إليه تشريف لها ؛ إذ الملائكة وخواصُّ البشر يشفعون ، فللزائر نسبة خاصّة
، فيشفع هو فيه بنفسه ، والشفاعة تعظم بعظم الزائر.
٢٧ ـ جعل الشيخ
حسن بن عمار الشرنبلالي في مراقي الفلاح بإمداد الفتّاح ، فصلاً في زيارة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من أفضل القربات وأحسن المستحبّات ، تقرب من درجة ما لزم
من الواجبات ، فإنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حرّض عليها وبالغ في الندب إليها ، فقال : «من وجد سعةً
فلم يزرني فقد جفاني». وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من
__________________
زار قبري وجبت له
شفاعتي». وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من زارني بعد مماتي فكأنَّما زارني في حياتي» إلى غير
ذلك من الأحاديث ، وممّا هو مقرّر عند المحقِّقين أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حيٌّ يُرزَق ممتّع بجميع الملاذِّ والعبادات ، غير أنّه
حجب عن أبصار القاصرين عن شرف المقامات ، ورأينا أكثر الناس غافلين عن أداء حقِّ
زيارته وما يسنُّ للزائر من الجزئيّات والكليّات ، أحببنا أن نذكر بعد المناسك
وآدابها ما فيه نبذة من الآداب تتميماً لفائدة الكتاب. ثمّ ذكر شيئاً كثيراً من آداب
الزائر والزيارة كما يأتي.
٢٨ ـ وقال قاضي
القضاة شهاب الدين الخفاجي الحنفي المصري المتوفّى (١٠٦٩) في شرح الشفا (٣ / ٥٦٦) : واعلم
أنَّ هذا الحديث هو الذي دعا ابن تيميّة ومن معه كابن القيّم إلى مقالته
الشنيعة التي كفّروه بها ، وصنّف فيها السبكي مصنّفاً مستقلاّ ، وهي منعه من زيارة
قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وشدّ الرحال إليه ، وهو كما قيل :
لمهبطِ الوحي
حقّا ترحلُ النجبُ
|
|
وعند ذاك
المرجّى ينتهي الطلبُ
|
فتوهّم أنَّه حمى
جانب التوحيد بخرافات لا ينبغي ذكرها ، فإنَّها لا تصدر عن عاقل فضلاً عن فاضل
سامحه الله تعالى.
وأمّا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تتّخذوا قبري عيداً». فقيل : كره الاجتماع عنده في
يوم معيّن على هيئة مخصوصة. وقيل : المراد لا تزوره في العام مرّة فقط بل أكثروا
الزيارة له ، وأمّا احتماله للنهي عنها فهو ـ بفرض أنّه المراد ـ محمول
على حالة مخصوصة ؛ أي لا تتّخذوه كالعيد في العكوف عليه وإظهار الزينة عنده وغيره
، مما يُجتمَع له في الأعياد ، بل لا يُؤتى إلاّ للزيارة والسلام والدعاء ثمّ
ينصرف.
__________________
وقال في صحيفة (٥٧٧) في شرح حديث : «لا تجعلوا قبري عيداً» : أي
كالعيد باجتماع الناس ، وقد تقدّم تأويل الحديث ، وأنَّه لا حجّة فيه لما قاله ابن
تيميّة وغيره ؛ فإنَّ إجماع الأُمّة على خلافه يقتضي تفسيره بغير ما فهموه ؛ فإنّه
نزعة شيطانيّة.
٢٩ ـ قال الشيخ
عبد الرحمن شيخ زاده المتوفّى (١٠٧٨) في مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١ / ١٥٧)
: من أحسن المندوبات ، بل يقرب من درجة الواجبات ، زيارة قبر نبيّنا وسيّدنا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد حرّض عليهالسلام على زيارته ، وبالغ في الندب إليها بمثل قوله عليهالسلام : «من زار قبري». فذكر ستّة من أحاديث الباب ، ثمّ قال : فإن كان الحجُّ
فرضاً فالأحسن أن يبدأ به إذا لم يقع فيه طريق الحاجّ المدينة المنوّرة ثمّ يثني
بالزيارة ، فإذا نواها فلينو معها زيارة مسجد الرسول عليهالسلام. ثمّ ذكر جملةً كبيرةً من آداب الزائر.
٣٠ ـ قال الشيخ
محمد بن عليّ بن محمد الحصني المعروف بعلاء الدين الحصكفي الحنفي ، المفتي بدمشق
المتوفّى (١٠٨٨) في الدرّ المختار في شرح تنوير الأبصار ـ في آخر كتاب الحج ـ : وزيارة قبره صلىاللهعليهوآلهوسلم مندوبة بل قيل واجبة لمن له سعة ، ويبدأ بالحجّ لو فرضاً
ويخيّر لو نفلاً ما لم يمرّ به ، فيبدأ بزيارته لا محالة ، ولينوِ معه زيارة مسجده
صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٣١ ـ قال أبو عبد
الله محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي المصري المتوفّى (١١٢٢) في شرح المواهب (٨
/ ٢٩٩) : قد كانت زيارته مشهورةً في زمن كبار الصحابة معروفةً بينهم ، لمّا صالح
عمر بن الخطّاب أهل بيت المقدس جاءه كعب الأحبار فأسلم ، ففرح به وقال : هل لك أن
تسير معي إلى المدينة وتزور قبره صلىاللهعليهوآلهوسلم وتتمتّع بزيارته؟ قال : نعم.
__________________
٣٢ ـ قال أبو
الحسن السندي محمد بن عبد الهادي الحنفي المتوفّى (١١٣٨) في شرح سنن ابن ماجة (٢ /
٢٦٨) : قال الدميري : فائدة : زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من أفضل الطاعات وأعظم القربات ؛ لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من زار قبري وجبت له شفاعتي». رواه الدارقطني وغيره ، وصحّحه عبد الحقّ.
ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من جاءني زائراً لا تحمله حاجة إلاّ زيارتي كان حقّا
عليَّ أن أكون له شفيعاً يوم القيامة».
رواه جماعة منهم
الحافظ أبو عليّ بن السكن في كتابه المسمّى بالسنن الصحاح ، فهذان إمامان صحّحا
هذين الحديثين ، وقولهما أولى من قول من طعن في ذلك.
٣٣ ـ قال الشيخ
محمد بن عليّ الشوكاني المتوفّى (١٢٥٠) في نيل الأوطار (٤ / ٣٢٤) : قد
اختلفت فيها ـ في زيارة النبيّ ـ أقوال أهل العلم ، فذهب الجمهور إلى أنّها مندوبة
، وذهب بعض المالكيّة وبعض الظاهريّة إلى أنّها واجبة ، وقالت الحنفيّة : إنّها
قريبة من الواجبات ، وذهب ابن تيميّة الحنبلي حفيد المصنِّف المعروف بشيخ الإسلام
إلى أنَّها غير مشروعة.
ثمّ فصّل الكلام
في الأقوال ، إلى أن قال في آخر كلامه : واحتجَّ أيضاً من قال بالمشروعيّة ، بأنّه
لم يزل دأب المسلمين القاصدين للحجِّ في جميع الأزمان ، على تباين الديار واختلاف
المذاهب ، الوصول إلى المدينة المشرّفة لقصد زيارته ، ويعدّون ذلك من أفضل الأعمال
، ولم يُنقل أنَّ أحداً أنكر ذلك عليهم ، فكان إجماعاً.
٣٤ ـ قال الشيخ
محمد أمين بن عابدين المتوفّى (١٢٥٣) في ردِّ المحتار على الدرِّ
__________________
المختار عند العبارة المذكورة (٢ / ٢٦٣) : مندوبة بإجماع المسلمين
كما في اللباب ـ إلى أن قال ـ : وهل تستحبّ زيارة قبره صلىاللهعليهوآلهوسلم للنساء؟
الصحيح : نعم ،
بلا كراهة بشروطها على ما صرّح به بعض العلماء ، أمّا على الأصحِّ من مذهبنا ـ وهو
قول الكرخي وغيره ـ من أنَّ الرخصة في زيارة القبور ثابتة للرجال والنساء جميعاً
فلا إشكال ، وأمّا على غيره فذلك نقول بالاستحباب لإطلاق الأصحاب ، بل قيل :
واجبة. ذكره في شرح اللباب ، وقال : كما بيّنته في الدرّة المضيّة في الزيارة
المصطفويّة ، وذكره أيضاً الخير الرملي في حاشية المنح عن ابن حجر وقال : وانتصر
له. نعم عبارة اللباب والفتح وشرح المختار أنّها قريبة من الوجوب لمن له سعة ـ إلى
أن قال ـ :
قال ابن الهمام :
والأولى فيما يقع عند العبد الضعيف ، تجريد النيّة لزيارة قبره ـ عليه الصلاة
والسلام ـ ثمّ يحصل له إذا قدم زيارة المسجد ، أو يستمنح فضل الله تعالى في مرّة
أُخرى ينويها ؛ لأنَّ في ذلك زيادة تعظيمه صلىاللهعليهوآلهوسلم وإجلاله ، ويوافقه ظاهر ما ذكرناه من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من جاءني زائراً لا تعمله حاجة إلاّ زيارتي كان حقّا
عليَّ أن أكون شفيعاً له يوم القيامة». انتهى.
ونقل الرحمتي عن
العارف الملاّ جامي : أنّه أفرز الزيارة عن الحجِّ حتى لا يكون له مقصد غيرها في
سفره ، ثمّ ذكر حديث : لا تشدّ الرحال إلاّ لثلاثة مساجد. فقال : والمعنى كما
أفاده في الإحياء : أنّه لا تشدّ الرحال لمسجد من المساجد إلاّ لهذه الثلاثة
، لما فيها من المضاعفة ، بخلاف بقيّة المساجد ؛ فإنّها متساوية في ذلك ، فلا يرد
أنَّه قد تشدّ الرحال لغير ذلك كصلة رحم وتعلّم علم ، وزيارة المشاهد كقبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقبر الخليل صلىاللهعليهوآلهوسلم وسائر الأئمّة.
__________________
٣٥ ـ قال الشيخ
محمد ابن السيّد درويش الحوت البيروتي المتوفّى (١٢٧٦) في تعليق حسن الأثر (ص ٢٤٦)
: زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مطلوبة ؛ لأنّه واسطة الخلق ، وزيارته بعد وفاته كالهجرة
إليه في حياته ، ومن أنكرها فإن كان ذلك إنكاراً لها من أصلها فخطؤه عظيم ، وإن
كان لما يعرض من الجهلة ممّا لا ينبغي فليبيّن ذلك.
٣٦ ـ قال الشيخ
إبراهيم الباجوري الشافعي المتوفّى (١٢٧٧) في حاشيته على شرح ابن الغزي على متن
الشيخ أبي شجاع في الفقه الشافعي (١ / ٣٤٧):
ويسنُّ زيارة قبره
صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولو لغير حاجّ ومعتمر كالذي قبله ، ويسنُّ لمن قصد
المدينة الشريفة لزيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أن يكثر من الصلاة والسلام عليه في طريقه ، ويزيد في ذلك
إذا رأى حرم المدينة وأشجارها ، ويسأل الله أن ينفعه بهذه الزيارة ويتقبّلها منه.
ثمّ ذكر جملةً
كثيرةً من آداب الزيارة وألفاظها.
٣٧ ـ جعل الشيخ
حسن العدوي الحمزاوي الشافعي المتوفّى (١٣٠٣) خاتمة في كتابه كنز المطالب (ص ١٧٩ ـ
٢٣٩) لزيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وفصّل فيها القول ، وذكر مطلوبيّتها كتاباً وسنّةً
وإجماعاً وقياساً ، وبسط الكلام في شدّ الرحال إلى ذلك القبر الشريف ، وذكر جملةً
من آداب الزائر ووظائف الزيارة ، وقال في (ص ١٩٥) ـ بعد نقل جملة من الأحاديث
الواردة في أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يسمع سلام زائريه ويردّ عليهم ـ :
إذا علمت ذلك علمت
أنَّ ردّه صلىاللهعليهوآلهوسلم سلام الزائر عليه بنفسه الكريمة صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر واقع لا شكّ فيه ، وإنّما الخلاف في ردِّه على المسلّم
عليه من غير الزائرين ، فهذه فضيلة أُخرى عظيمة ينالها الزائرون لقبره صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ فيجمع الله لهم بين سماع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأصواتهم من غير واسطة وبين ردِّه عليهم سلامهم بنفسه ،
فأنّى لمن سمع لهذين ـ بل بأحدهما ـ أن يتأخّر عن زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ أو يتوانى عن المبادرة إلى المثول في حضرته صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ تالله ما يتأخّر عن ذلك مع القدرة عليه إلاّ من حقَّ عليه
البعد من الخيرات
، والطرد عن مواسم أعظم القربات ، أعاذنا الله تعالى من ذلك بمنِّه وكرمه آمِين.
وعُلم من تلك
الأحاديث أيضاً أنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حيٌّ على الدوام ، إذ من المحال العادي أن يخلو الوجود
كلّه عن واحد يسلّم عليه في ليل أو نهار ، فنحن نؤمن ونصدِّق بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حيٌّ يُرزق ، وأن جسده الشريف لا تأكله الأرض ، وكذا سائر
الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، والإجماع على هذا.
٣٨ ـ قال السيّد
محمد بن عبد الله الجرداني الدمياطي الشافعي المتوفّى (١٣٠٧) في مصباح الظلام (٢ / ١٤٥) : قال
بعضهم : ولزائر قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عشر كرامات :
إحداهنّ : يُعطى
أرفع المراتب ، الثانية : يبلغ أسنى المطالب ، الثالثة : قضاء المآرب ، الرابعة :
بذل المواهب ، الخامسة : الأمن من المعاطب ، السادسة : التطهير من المعائب ،
السابعة : تسهيل المصائب ، الثامنة : كفاية النوائب ، التاسعة : حسن العواقب ،
العاشرة : رحمة ربّ المشارق والمغارب. وما أحسن ما قيل :
هنيئاً لمن زار
خيرَ الورى
|
|
وحطَّ عن النفسِ
أوزارَها
|
فإنَّ السعادةَ
مضمونةٌ
|
|
لمن حلَّ طَيبةَ
أو زارَها
|
وبالجملة ؛ فزيارة
قبره صلىاللهعليهوآلهوسلم من أعظم الطاعات وأفضل القربات ، حتى إنَّ بعضهم جرى على
أنّها واجبة ، فينبغي أن يحرص عليها ، وليحذر كلّ الحذر من التخلّف عنها مع القدرة
، وخصوصاً بعد حجّة الإسلام ؛ لأنَّ حقّه صلىاللهعليهوآلهوسلم على أمّته عظيم ، ولو أنَّ أحدهم يجيء على رأسه أو على
بصره من أبعد موضع من الأرض لزيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقم بالحقّ الذي عليه لنبيّه ، جزاه الله عن المسلمين
أتمَّ الجزاء.
__________________
زُر من تحبُّ
وإن شطَّت بك الدارُ
|
|
وحال من دونه
تربٌ وأحجارُ
|
لا يمنعنّك
بُعدٌ عن زيارتِهِ
|
|
إنَّ المحبَّ
لمن يهواه زَوّارُ
|
ويسنُّ لمن قصد
المدينة الشريفة ....
ثمّ فصّل القول في
آداب الزيارة ، وذكر التسليم على الشيخين ، وزيارة السيّدة فاطمة ، وأهل البقيع والمزارات
المشهورة ، وهي نحو ثلاثين موضعاً كما قال.
٣٩ ـ قال الشيخ
عبد الباسط ابن الشيخ عليّ الفاخوري ـ مفتي بيروت ـ في الكفاية لذوي العناية (ص
١٢٥) : الفصل الثاني عشر في زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي متأكّدة مطلوبة ومستحبّة محبوبة ، وتسنُّ زيارته في
المدينة كزيارته حيّا ، وهو في حجرته حيٌّ يردُّ على من سلّم عليهالسلام ، وهي من أنجح المساعي وأهمِّ القربات وأفضل الأعمال وأزكى العبادات ، وقد
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من زار قبري وجبت له شفاعتي».
ومعنى وجبت : ثبتت
بالوعد الصادق الذي لا بدّ من وقوعه وحصوله ، وتحصل الزيارة في أيّ وقت ، وكونها
بعد تمام الحجّ أحبُّ ، ويجب على من أراد الزيارة التوبة من كلِّ شيء يخالف طريقته
وسننه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثمّ ذكر شطراً
وافراً من آداب الزيارة ، والزيارة الأولى الآتية في الآداب ، فقال :
ومن عجز عن حفظ هذا
فليقتصر على بعضه وأقلّه. السلام عليك يا رسول الله. ثمّ ذكر زيارة الشيخين إلى أن
قال : ويستحبُّ التبرّك بالأُسطوانات التي لها فضل وشرف ، وهي ثمان : أُسطوانة
محلّ صلاته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأُسطوانة عائشة ـ رضي الله عنها ـ وتسمّى أُسطوانة
القرعة ، وأُسطوانة التوبة محلّ اعتكافه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأُسطوانة السرير ، وأُسطوانة عليّ رضى الله عنه ،
وأُسطوانة الوفود ، وأُسطوانة جبريل عليهالسلام ، وأُسطوانة التهجّد.
٤٠ ـ قال الشيخ
عبد المعطي السقّا في الإرشادات السنيّة (ص ٢٦٠):
زيارة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا أراد الحاجُّ أو المعتمر الانصراف من مكّة ـ أدام
الله تشريفها وتعظيمها ـ طلب منه أن يتوجّه إلى المدينة المنوّرة للفوز بزيارته ـ عليه
الصلاة والسلام ـ فإنّها من أعظم القربات وأفضل الطاعات وأنجح المساعي المشكورة ،
ولا يختصُّ طلب الزيارة بالحاجّ غير أنّها في حقِّه آكد ؛ والأولى تقديم الزيارة
على الحجّ ـ إذا اتّسع الوقت ـ فإنّه ربّما يعوقه عنها عائق ؛ وقد ورد في فضل
زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم أحاديث ، منها قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من زار قبري وجبت له شفاعتي» ، وينبغي الحرص عليها وعدم
التخلّف عنها عند القدرة على أدائها خصوصاً بعد حجّة الإسلام ؛ لأنَّ حقّه صلىاللهعليهوآلهوسلم على أُمّته عظيم ، وينبغي لمريد الزيارة أن يكثر من الصلاة
والسلام عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم في طريق ذهابه إليها ، وإذا وصلها استحبَّ له أن يغتسل ثمّ
يتوضّأ أو يتيمّم ـ عند فقد الماء ـ ثمّ ذكر جملةً من آداب الزيارة ولفظاً مختصراً
من زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والشيخين.
٤١ ـ قال الشيخ
محمد زاهد الكوثري في تكملة السيف الصقيل (ص ١٥٦):
والأحاديث في
زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم في الغاية من الكثرة ، وقد جمع طرقها الحافظ صلاح الدين
العلائي في جزء كما سبق ، وعلى العمل بموجبها استمرّت الأمّة ، إلى أن شذَّ ابن
تيميّة عن جماعة المسلمين في ذلك. قال عليّ القاري في شرح الشفا : وقد فرّط ابن تيميّة من الحنابلة حيث حرّم السفر لزيارة
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما أفرط غيره ، حيث قال : كون الزيارة قربةً معلوم من
الدين بالضرورة ، وجاحده محكوم عليه بالكفر ، ولعلّ الثاني أقرب إلى الصواب ؛
لأنَّ تحريم ما أجمع العلماء فيه بالاستحباب يكون كفراً ، لأنّه فوق تحريم المباح
المتّفق عليه.
فسعيه في منع
الناس من زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يدلُّ على ضغينةٍ كامنةٍ فيه نحو الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكيف يتصوّر الإشراك بسبب الزيارة والتوسّل في المسلمين
الذين
__________________
يعتقدون في حقّه عليهالسلام أنَّه عبده ورسوله ، وينطقون في صلاتهم نحو عشرين مرّة في كلّ يوم ـ على
أقلِّ تقدير ـ إدامة لذكرى ذلك؟
ولم يزل أهل العلم
ينهون العوام عن البدع في كلّ شئونهم ، ويرشدونهم إلى السنّة في الزيارة وغيرها
إذا صدرت منهم بدعة في شيء ، ولم يعدّهم في يوم من الأيّام مشركين بسبب الزيارة أو
التوسّل ، كيف وقد أنقذهم الله من الشرك وأدخل في قلوب هم الإيمان ، وأوّل من
رماهم بالإشراك بتلك الوسيلة هو ابن تيميّة وجرى خلفه من أراد استباحة أموال
المسلمين ودمائهم لحاجة في النفس ، ولم يخف ابن تيميّة من الله في رواية عدِّ
السفر لزيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سفر معصية لا تقصّر فيه الصلاة ، عن الإمام ابن الوفاء بن
عقيل الحنبلي ـ وحاشاه عن ذلك ـ ، راجع كتاب التذكرة له تجد فيه مبلغ عنايته
بزيارة المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم والتوسّل به كما هو مذهب الحنابلة.
ثمّ ذكر كلامه
وفيه القول باستحباب قدوم المدينة وزيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكيفيّة زيارته ، وزيارة الشيخين ، وكيفيّة زيارتهما ،
وإتيان مسجد قبا والصلاة فيه ، وإتيان قبور الشهداء وزيارتهم ، وإكثار الدعاء في
تلك المشاهد. ثمّ قال : وأنت رأيت نصّ عبارته في المسألة على خلاف ما يعزو إليه
ابن تيميّة.
٤٢ ـ قال فقهاء
المذاهب الأربعة المصريون في الفقه على المذاهب الأربعة (١ / ٥٩٠) : زيارة
قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل المندوبات ، وقد ورد فيها أحاديث.
ثمّ ذكروا ستّة من
الأحاديث وجملة من أدب الزائر ، وزيارةً للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخرى للشيخين.
(وَهُدُوا إِلَى
الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) .
__________________
فروع ثلاثة :
هذه الفروع
تُعطينا درس التسالم من أئمّة المذاهب على رجحان زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم واستحبابها ، ومحبوبيّة شدِّ الرحال إليها من أرجاء الدنيا
، ألا وهي :
١ ـ اختلفت الآراء
من فقهاء المذاهب الأربعة في تقديم أيٍّ من الحجّ والزيارة على الآخر ؛ فقال تقيّ
الدين السبكي في شفاء السقام :
اختلف السلف رحمهمالله في أنَّ الأفضل البداءة بالمدينة قبل مكّة ، أو بمكّة قبل المدينة ، وممّن
نصَّ على هذه المسألة وذكر الخلاف فيها الإمام أحمد في كتاب المناسك الكبير من
تأليفه ، وهذه المناسك رواها الحافظ أبو الفضل بإسناده ، عن عبد الله بن أحمد ، عن أبيه ، وفي هذه المناسك سُئل
عمّن يبدأ بالمدينة قبل مكّة ، فذكر بإسناده عن عبد الرحمن بن يزيد وعطاء ومجاهد
أنَّهم قالوا : إذا أردت مكّة فلا تبدأ بالمدينة وابدأ بمكّة ، وإذا قضيت حجّك
فامرر بالمدينة إن شئت.
وذكر بإسناده عن
الأسود قال : أُحبّ أن يكون نفقتي وجهازي وسفري أن أبدأ بمكّة ، وعن إبراهيم النخعي
: إذا أردت مكّة فاجعل كلّ شيء لها تبعاً ، وعن مجاهد : إذا أردت الحجّ أو العمرة
فابدأ بمكّة واجعل كلّ شيء لها تبعاً ، وعن إبراهيم ، قال : إذا حججت فابدأ بمكّة
ثمّ مرّ بالمدينة بعدُ.
وذكر الإمام أحمد
أيضاً بإسناده عن عديّ بن ثابت : أنَّ نفراً من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا يبدءون بالمدينة إذا حجّوا ، يقولون : نُهّل من حيث
أحرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وذكر ابن أبي شيبة في فضيلة هذا الأمر أيضاً ، وذكر
بإسناده عن
__________________
علقمة والأسود
وعمرو بن ميمون : أنَّهم بدءوا بالمدينة قبل مكّة. إلى أن قال :
وممّن نصَّ على
هذه المسألة من الأئمّة أبو حنيفة ـ رحمهالله ـ وقال : الأحسن أن يُبدأ بمكّة.
وقال الشيخ عليّ
القاري في شرح المشكاة (٣ / ٢٨٤) : الأنسب
أن تكون الزيارة بعد الحجّ كما هو مقتضى القواعد الشرعيّة من تقديم الفرض على
السنّة ، وقد روى الحسن ، عن أبي حنيفة تفصيلاً حسناً ، وهو أنّه
إن كان الحجُّ فرضاً ، فالأحسن للحاجّ أن يبدأ بالحج ثمّ يثنّي بالزيارة ، وإن بدأ
بالزيارة جاز ، وإن كان الحجُّ نفلاً ، فهو بالخيار ، فيبدأ بأيّهما شاء. انتهى.
ثمّ قال : والأظهر
أنَّ الابتداء بالحجّ أولى لإطلاق الحديث ، ولتقديم حقِّ الله على حقِّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولذا تُقدّم تحيّة المسجد النبويّ على زيارة المشهد
المصطفوي.
٢ ـ من المتسالم
عليه بين فرق المسلمين سلفاً وخلفاً جواز استنابة النائب واستئجار الأجير لزيارة
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن عاقه عنها عذر ، وقد استفاض عن عمر بن عبد العزيز
أنَّه كان يبرد إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم البريد من الشام ليقرأ السلام على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ يرجع. وفي لفظ
: كان يبعث بالرسول قاصداً من الشام إلى المدينة.
ذكره البيهقي في
شعب الإيمان ، وأبو بكر أحمد بن عمرو النيلي المتوفّى (٢٨٧) في مناسكه
، والقاضي عياض في الشفاء ، والحافظ ابن الجوزي في مثير الغرام
__________________
الساكن ، وتقيّ
الدين السبكي في شفاء السقام (ص ٤١) ، وغيرهم.
وقال يزيد بن أبي
سعيد مولى المهري : قدمت على عمر بن عبد العزيز ، فلمّا ودّعته قال : لي إليك حاجة
إذا أتيت المدينة سترى قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فاقرأه منّي السلام. الشفا للقاضي ، والشفاء للسبكي (ص ٤١).
وقال أبو الليث
السمرقندي الحنفي في الفتاوى في باب الحجِّ : قال أبو القاسم : لمّا أردت الخروج
إلى مكّة قال القاسم بن غسّان : إنَّ لي إليك حاجة ، إذا أتيت قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فأقرئه منّي السلام. فلمّا وضعت رجلي في مسجد المدينة
ذكرت. شفاء السقام (ص ٤١).
قال عبد الحقّ بن
محمد الصقلي المالكي المتوفّى (٤٦٦) في تهذيب الطالب : رأيت في بعض المسائل التي
سئل عنها الشيخ أبو محمد بن أبي زيد ، قيل له في رجل استؤجر بمال ليحجَّ به وشرطوا
عليه الزيارة ، فلم يستطع تلك السنة أن يزور لعذرِ منعه من تلك؟ قال : يردُّ من
الأجرة بقدر مسافة الزيارة.
قال عبد الحقّ :
وقال غيره من شيوخنا : عليه أن يرجع نائبه حتى يزور ، ثمّ قال : إن استؤجر للحجّ
لسنة بعينها فهاهنا يسقط من الأُجرة ما يخصّ الزيارة ، وإن استؤجر على حجّة مضمونة
في ذمّته فهاهنا يرجع ويزور ، وقد اتّفق النقلان.
وقالت الشافعيّة :
إنَّ الاستئجار والجعالة إن وقعا على الدعاء عند قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو على إبلاغ السلام ، فلا شكّ في جواز الإجارة والجعالة ـ
كما كان عمر ابن عبد العزيز يفعل ـ وإن كانا على الزيارة لا يصح لأنَّها عمل غير
مضبوط. شفاء السقام (ص ٥٠).
__________________
وقال أبو عبد الله
عبيد الله بن محمد العكبري الحنبلي ، الشهير بابن بطّة المتوفّى (٣٨٧) في كتاب
الإبانة : بحسبك دلالة على إجماع المسلمين واتّفاقهم على دفن أبي بكر وعمر مع
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنَّ كل عالم من علماء المسلمين وفقيه من فقهائهم ألّف
كتاباً في المناسك ، ففصّله فصولاً وجعله أبواباً ، يذكر في كلّ باب فقهه ولكلّ
فصل علمه وما يحتاج الحاجّ إلى علمه ـ إلى أن قال ـ : حتى يذكر زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيصف ذلك فيقول : ثمّ تأتي القبر فتستقبله وتجعل القبلة
وراء ظهرك ـ إلى أن قال ـ : وبعدُ أدركنا الناس ورأيناهم وبلغنا عمّن لم نره أنَّ
الرجل إذا أراد الحجَّ فسلّم عليه أهله وصحابته ، قالوا له : وتقرأ على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأبي بكر وعمر منّا السلام ، فلا ينكر ذلك أحد ولا
يخالفه. شفاء السقام (٤٥).
قال
الأميني : وذكر أبو منصور
الكرماني الحنفي ، والغزالي في الإحياء ، والفاخوري في الكفاية ، والشرنبلالي في مراقي الفلاح ، والسبكي ، والسمهودي ، والقسطلاني ، والحمزاوي العدوي وغيرهم ؛ أنَّ النائب يقول : السلام عليك يا رسول الله من
فلان بن فلان ، يستشفع بك إلى ربّك بالرحمة والمغفرة فاشفع له.
٣ ـ قال العبدري
المالكي في شرح رسالة ابن أبي زيد : وأمّا النذر للمشي إلى المسجد الحرام أو المشي
إلى مكّة ، فله أصل في الشرع وهو الحجُّ والعمرة ، وإلى
__________________
المدينة لزيارة
قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل من الكعبة ومن بيت المقدس ، وليس عندهم حجّ ولا عمرة
، فإذا نذر المشي إلى هذه الثلاثة لزمه ، فالكعبة متّفق عليها ، واختلف أصحابنا
وغيرهم في المسجدين الآخرين.
قال ابن الحاجِّ
في المدخل (١ / ٢٥٦) بعد نقل هذه العبارة : وهذا الذي قاله مسلّم صحيح لا يرتاب
فيه إلاّ مشرك أو معاند لله ولرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقال تقيّ الدين
السبكي في شفاء السقام (ص ٥٣) بعد ذكر
كلام العبدري المذكور : قلت : الخلاف الذي أشار إليه في نذر إتيان المسجدين لا في
الزيارة ، وقال (ص ٧١) ـ بعد كلام طوي لحول نذر العبادات وجعلها أقساماً ـ : إذا
عرفت هذا ، فزيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قربة لحثِّ الشرع عليها وترغيبه فيها ، وقد قدّمنا أنَّ
فيها جهتين : جهة عموم وجهة خصوص ، فأمّا من جهة الخصوص ، وكون الأدلّة الخاصّة
وردت فيها بعينها ، فيظهر القطع بلزومها بالنذر إلحاقاً لها بالعبادات المقصودة
التي لا يؤتى بها إلاّ على وجه العبادة : كالصلاة والصدقة والصوم والاعتكاف ،
ولهذا المعنى والله أعلم قال القاضي ابن كج رحمهالله : إذا نذر أن يزور قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فعندي أنَّه يلزمه الوفاء وجهاً واحداً ، ـ إلى أن قال ـ :
وإذا نظرنا إلى زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من جهة العموم خاصّة واجتماع المعاني التي يقصد بالزيارة
فيه ، فيظهر أن يقال : إنَّه يلزم بالنذر قولاً واحداً ، ويحتمل على بعدٍ أن يقال
: إنَّه كما لو نذر زيارة القادمين وإفشاء السلام فيجري في لزومها بالنذر ذلك
الخلاف ، مع كونها قربة في نفسها قبل النذر وبعده ، وقد بان لك بهذا أنَّها تلزم
بالنذر.
وقبل هذه كلّها
تنبئك عمّا نرتئيه الآداب المسنونة الآتية للزائر ؛ فإنَّها تتفرّع على استحباب
الزيارة ومندوبيّة شدِّ الرحال إلى روضة النبيّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
أدب الزائر عند
الجمهور :
نذكرُ نصّ ما
وقفنا عليه في المصادر :
١ ـ إخلاص النيّة
وخلوص الطويّة ، فإنّما الأعمال بالنيّات ، فينوي التقرُّب إلى الله تعالى بزيارة
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويستحبُّ أن ينوي مع ذلك التقرّب بالمسافرة إلى مسجده صلىاللهعليهوآلهوسلم وشدِّ الرحال إليه والصلاة فيه. قاله ابن الصلاح والنووي من الشافعيّة ، ونقله شيخ الحنفيّة الكمال بن الهمام عن
مشايخهم.
٢ ـ أن يكون دائم
الأشواق إلى زيارة الحبيب الشفيع.
٣ ـ أن يقول إذا
خرج من بيته : باسم الله وتوكّلت على الله ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، اللهمّ
إليك خرجتُ وأنت أخرجتني ، اللهمّ سلّمني وسلِّم منّي ورُدّني سالماً في ديني كما
أخرجتني ، اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أضلّ أو أُضلّ ، أو أذلَّ أو أُذلّ ، أو أظلم أو
أُظلم ، أو أجهل أو يُجهل عليّ ، عزَّ جارك ، وجلَّ ثناؤك ، وتبارك اسمك ، ولا إله
غيرك.
٤ ـ الإكثار في
المسير من الصلاة والتسليم على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل يستغرق أوقات فراغه في ذلك وغيره من القربات.
٥ ـ يتتبّع ما في
طريقه من المساجد والآثار المنسوبة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيحييها بالزيارة ويتبرّك بالصلاة فيها.
__________________
٦ ـ إذا دنا من
حرم المدينة وشاهد أعلامها وربُاها وآكامها ، فليستحضر وظائف الخضوع والخشوع
مستبشراً بالهنا وبلوغ المنى ، وإن كان على دابّة حرّكها تباشراً بالمدينة ، ولا
بأس بالترجّل والمشي عند رؤية ذلك المحلّ الشريف كما يفعله بعضهم ؛ لأنَّ وفد عبد
القيس لمّا رأوا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نزلوا عن الرواحل ولم ينكر عليهم ، وتعظيمه بعد الوفاة
كتعظيمه في الحياة. وقال أبو سليمان داود المالكي في الانتصار : إنَّ ذلك يتأكّد
فعله لمن أمكنه من الرجال ، وإنّه يستحبّ تواضعاً لله تعالى وإجلالاً لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وحكى القاضي عياض
في الشفا : أنَّ أبا الفضل الجوهري لمّا ورد المدينة زائراً وقرب من بيوتها ترجّل باكياً منشداً
:
ولمّا رأينا
رسمَ من لم يَدَعْ لنا
|
|
فؤاداً لعرفانِ
الرسومِ ولا لُبّا
|
نزلنا عن
الأكوارِ نمشي كرامةً
|
|
لمن بانَ عنه أن
نلمَّ به ركبا
|
وقد ضمّنها القاضي
عياض في قصيدة نبويّة له يقول بعدهما :
وتهنا بأكنافِ
الخيامِ تواجداً
|
|
نُقبِّلها طوراً
ونرشفُها حُبّا
|
ونُبدي سروراً
والفؤاد بحبِّها
|
|
تقطّعَ
والأكبادُ أورى بها لهبا
|
أقدِّم رجلاً
بعد رجلٍ مهابةً
|
|
وأسحبُ خدّي في
مواطنِها سحبا
|
وأسكبُ دمعي في
مناهل حبِّها
|
|
وأُرسل حبّا في
أماكنها النجبا
|
وأدعو دعاءَ
البائسِ الوالهِ الذي
|
|
براهُ الهوى حتى
بدا شخصُه شجبا
|
٧ ـ إذا بلغ حرم المدينة الشريفة ،
فليقل بعد الصلاة والتسليم : اللهمّ هذا حرم
__________________
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي حرّمته على لسانه ، ودعاك أن تجعل فيه من الخير
والبركة مثلَي ما في حرم البيت الحرام ، فحرِّمني على النار ، وآمنِّي من عذابك
يوم تبعث عبادك ، وارزقني من بركاته ما رزقته أولياءك وأهل طاعتك ، ووفّقني لحسن
الأدب وفعل الخيرات وترك المنكرات. ثمّ تشتغل بالصلاة والتسليم.
وقال الغزالي في
الإحياء (١ / ٢٤٦) : إذا
وقع بصره على حيطان المدينة وأشجارها قال : اللهمّ هذا حرم رسولك ، فاجعله لي
وقايةً من النار ، وأماناً من العذاب وسوء الحساب.
وفي مراقي الفلاح
للفقيه الشرنبلالي : فإذا عاين حيطان المدينة المنوّرة يصلّي على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمَّ يقول : اللهمّ هذا حرم نبيّك ومهبط وحيك ، فامنن
عليَّ بالدخول فيه ، واجعله وقايةً لي من النار وأماناً من العذاب ، واجعلني من
الفائزين بشفاعة المصطفى يوم المآب.
٨ ـ إن كانت طريقه
على ذي الحليفة فلا يجاوز المعرَّس حتى ينيخ به ، وهو مستحبّ ، كما قاله أبو بكر
الخفّاف في كتاب الأقسام والخصال ، والنووي وغيرهما.
٩ ـ الغسل لدخول
المدينة المنوّرة من بئر الحرّة أو غيرها ، والتطيّب ولبس الزائر أحسن ثيابه.
وقال الكرماني من
الحنفيّة : فإن لم يغتسل خارج المدينة ، فليغتسل بعد دخولها.
قال ابن حجر :
ويسنُّ له ، كمالاً في الأدب ، أن يلبس أنظف ثيابه ، والأكمل الأبيض ، إذ هو أليق
بالتواضع المطلوب متطيّباً ، وقد يقع لبعض الجهلة عند الرؤية للمدينة نزولهم عن
رواحلهم مع ثياب المهنة والتجرّد عن الملبوس فينبغي زجره ،
__________________
نعم ؛ النزول عن
الرواحل عند رؤية المدينة من كمال الأدب ، لكن بعد التطيّب ولبس النظيف.
وقال الفقيه
الشرنبلالي في مراقي الفلاح : ويغتسل قبل الدخول أو بعده قبل التوجّه للزيارة إن أمكنه
، ويتطيّب ويلبس أحسن ثيابه تعظيماً للقدوم على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ يدخل المدينة ماشياً إن أمكنه بلا ضرورة.
١٠ ـ أن يقول عند
دخوله من باب البلد : بسم الله ما شاء الله لا قوّة إلاّ بالله ، ربّ أدخلني
مُدخَل صدق ، وأخرجني مُخرَج صدقٍ ، واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً ، حسبي الله
آمنت بالله توكلّت على الله لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، اللهمّ إنّي أسألك بحقِّ
السائلين عليك ، وبحقِّ ممشاي هذا إليك ، فإنّي لم أخرج بطراً ولا أَشِراً ولا
رياءً ولا سمعةً ، خرجت اتِّقاء سخطك وابتغاء مرضاتك ، أسألك أن تنقذني من النار ،
وأن تغفر لي ذنوبي ، إنّه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت.
وقال شيخ زاده في
مجمع الأنهر (١ / ١٥٧) : إذا
دخل المدينة قال : (رَبِّ أَدْخِلْنِي
مُدْخَلَ صِدْقٍ) الآية. اللهمّ افتح لي أبواب فضلك ورحمتك ، فارزقني زيارة
قبر رسولك المجتبى عليه الصلاة والسلام ما رزقت أولياءك وأهل طاعتك ، واغفر لي
وارحمني يا خير مسؤول.
١١ ـ لزوم الخشوع
والخضوع لمّا شاهد القبّة مستحضراً عظمتها ، يمثِّل في نفسه مواقع أقدام رسول الله
، فلا يضع قدمه عليه إلاّ مع الهيبة والسكينة والوقار.
١٢ ـ عدم الإخلال
بشيء ممّا أمكنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
__________________
والغضب عند انتهاك
حرمة من حرمه ، أو تضييع شيء من حقوقه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
١٣ ـ إذا شاهد
المسجد والحرم الشريف فليزدد خضوعاً وخشوعاً يليق بهذا المقام ، ويقتضيه هذا
المحلّ الذي ترتعد دونه الأقدام ، ويجتهد في أن يوفّي للمقام حقّه من التعظيم
والقيام.
١٤ ـ الأفضل أن
يدخل الزائر إلى الحضرة الشريفة من باب جبرئيل ، وجرت عادة القادمين من ناحية باب
السلام بالدخول.
١٥ ـ يقف بالباب
لحظةً لطيفةً كما يقف المستأذن في الدخول على العظماء ، قاله الفاكهي في حسن الأدب
(ص ٥٦) ، والشيخ عبد المعطي السقا في الإرشادات السنيّة (ص ٢٦١).
١٦ ـ إذا أراد
الدخول فليفرغ قلبه وليصفِّ ضميره ، ويقدّم رجله اليمنى ويقول : أعوذ بالله العظيم
وبوجهه الكريم وبنوره القديم من الشيطان الرجيم ، بسم الله والحمد لله ولا حول ولا
قوّة إلاّ بالله ، ما شاء الله لا قوّة إلاّ بالله ، اللهمّ صلِّ على سيّدنا محمد
عبدك ورسولك وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً ؛ اللهمّ اغفر لي ذنوبي ، وافتح
لي أبواب رحمتك ، ربِّ وفِّقني وسدِّدني وأصلحني وأعنّي على ما يرضيك عنّي ،
ومُنَّ عليَّ بحسن الأدب في هذه الحضرة الشريفة ، السلام عليك أيّها النبيُّ ورحمة
الله تعالى وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
ولا يترك ذلك
كلّما دخل المسجد أو خرج منه ، إلاّ أنَّه يقول عند خروجه : وافتح لي أبواب فضلك.
بدل قوله : أبواب رحمتك.
وقال القاضي عياض : قال ابن حبيب : يقول إذا دخل مسجد الرسول : بسم الله
وسلام على رسول الله ، السلام علينا من ربّنا ، وصلّى الله وملائكته على محمد ،
__________________
اللهمّ اغفر لي
ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك وجنّتك ؛ واحفظني من الشيطان الرجيم.
١٧ ـ قال القاضي
في الشفاء : ثمّ اقصد إلى الروضة ـ وهي ما بين القبر والمنبر ـ واركع
فيهما ركعتين قبل وقوفك بالقبر ، تحمد الله تعالى فيهما وتسأله تمام ما خرجت إليه
والعون عليه ؛ وإن كانت ركعتاك في غير الروضة أجزأتاك ، وفي الروضة أفضل.
وقال القسطلاني في
المواهب : يستحبّ أن يصلّي ركعتين قبل الزيارة ، قيل : وهذا ما لم
يكن مروره من جهة وجهه الشريف وإلاّ استحبَّ الزيارة أوّلاً. قال في تحقيق النصرة : وهو استدراك حسن ، ورخَّص بعضهم تقديم الزيارة مطلقاً.
وقال ابن الحاجّ : كلٌّ ذلك واسع.
وقال الشرنبلالي
في مراقي الفلاح : فتسجد شكراً لله تعالى بأداء ركعتين غير تحيّة المسجد ،
شكراً لما وفّقك الله تعالى ومنَّ عليك بالوصول إليه.
وقال الحمزاوي في
كنز المطالب (ص ٢١١) : يبدأ بتحيّة المسجد ركعتين خفيفتين ب : (قُلْ
يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللهُ
أَحَدٌ) ؛ وأن يكون بمصلاّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فإن لم يتيسّر له ، فما قرب منه ممّا يلي المنبر من جهة
الروضة.
١٨ ـ ينبغي للزائر
أن يكون واقفاً وقت الزيارة كما هو الأليق بالأدب ، فإذا طال فلا بأس أن يجلس
متأدّباً جاثياً على ركبتيه ، غاضّا لطرفه في مقام الهيبة والإجلال ، فارغ القلب
مستحضراً بقلبه جلالة موقفه ، وأنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حيٌّ ناظر إليه ومطّلع عليه.
__________________
وقال الخفاجي في
شرح الشفا (٣ / ٥٧١) :
ويستحبُّ القيام في حال الزيارة كما نبّه عليه المصنِّف ـ يعني القاضي عياض ـ بقوله
: يقف ، وهو أفضل من الجلوس عند القبر الشريف عند الجمهور ، ومن خيّر بينهما أراد
الجواز دون المساواة ، فإن جلس فالأفضل أن يجثو على ركبتيه ، ولا يفترش ولا يتربّع
لأنَّه أليق بالأدب.
١٩ ـ يقف كما يقف
في الصلاة واضعاً يمينه على شماله. قاله الكرماني الحنفي وشيخ زاده في مجمع الأنهر
وغيرهما ورآه ابن حجر أليق.
٢٠ ـ يتوجّه إلى
القبر الكريم مستعيناً بالله تعالى في رعاية الأدب في هذا الموقف العظيم ، فيقف
ممثِّلاً صورته الكريمة في خياله بخشوع وخضوع تامّين بين يديه صلىاللهعليهوآلهوسلم محاذاة الوجه الشريف مستدبر القبلة ، ناظراً في حال وقوفه
إلى أسفل ما يستقبل من جدار الحجرة الشريفة ، ملتزماً للحياء والأدب التامِّ في
ظاهره وباطنه ، عالماً بأنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عالم بحضوره وقيامه وزيارته ، وأنَّه يبلغه سلامه وصلاته ،
وقال ابن حجر : استدبار القبلة واستقبال الوجه الشريف هو مذهبنا ومذهب جمهور
العلماء.
وقال الخفاجي في
شرح الشفا (٣ / ٥٧١) :
استقبال وجهه صلىاللهعليهوآلهوسلم واستدبار القبلة مذهب الشافعي والجمهور ، ونُقل عن أبي
حنيفة. وقال ابن الهمام : ما نُقل عن أبي حنيفة أنَّه يستقبل القبلة مردود بما روي
عن ابن عمر : أنَّ من السنّة أن يستقبل القبر المكرَّم ويجعل ظهره للقبلة ، وهو
الصحيح من مذهب أبي حنيفة.
وقول الكرماني :
إنَّ مذهبه بخلافه ليس بشيء ؛ لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حيٌّ في ضريحه ، يعلم بزائره ، ومن يأتيه في حياته إنَّما
يتوجّه إليه.
وقال في شرح قول
ابن أبي مليكة : من أحبّ أن يكون وجاه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
فيجعل القنديل
الذي في القبلة عند القبر على رأسه ؛ هو إرشاد لكيفيّة الزيارة ، وأن يكون بينه
وبين القبر فاصل. فقيل : إنَّه يبعد عنه بمقدار أربعة أذرع ، وقيل : ثلاثة ، وهذا
على أنَّ البعد أولى وأليق بالأدب كما كان في حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعليه الأكثر. وذهب بعض المالكيّة إلى أنَّ القرب أولى ،
وقيل : يعامل معاملته في حياته ، فيختلف ذلك باختلاف الناس ، وهذا باعتبار ما كان
في العصر الأوّل ، وأمّا اليوم فعليه مقصورة تمنع من دنوّ الزائر فيقف عند
الشبّاك.
٢١ ـ لا يرفع في
الزيارة صوته ولا يخفيه بل يقتصد ، وخفض الصوت عنده صلّى الله عليه أدب للجميع.
أخرج القاضي عياض بإسناده عن ابن حميد قال : ناظر أبو جعفر ـ أمير المؤمنين
ـ مالكاً في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال له مالك : يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا
المسجد ، فإنَّ الله تعالى أدّب قوماً فقال (لا تَرْفَعُوا
أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) الآية ، ومدح قوماً فقال : (إِنَّ الَّذِينَ
يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) الآية ، وذمَّ قوماً فقال : (إِنَّ الَّذِينَ
يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) الآية ، وإنَّ حرمته ميّتاً كحرمته حيّا ، فاستكان لها أبو
جعفر وقال : يا أَبا عبد الله ، أستقبل القبلة وأدعو أم استقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
فقال : ولِمَ تصرف
وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليهالسلام إلى الله تعالى يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعك
الله تعالى ، قال الله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ
إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ) الآية.
__________________
زيارة النبيّ الأقدس
٢٢ ـ يقول :
السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا نبيّ الله ، السلام عليك يا خيرة الله
، السلام عليك يا حبيب الله ، السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيّين ،
السلام عليك يا خيرة الخلائق أجمعين ، السلام عليك يا قائد الغرِّ المحجّلين ،
السلام عليك وعلى آلك وأهل بيتك وأزواجك وأصحابك أجمعين ، السلام عليك وعلى سائر
الأنبياء والمرسلين وجميع عباد الله الصالحين ، جزاك الله عنّا يا رسول الله أفضل
ما جزى به نبيّا ورسولاً عن أمّته وصلّى عليك كلّما ذكرك الذاكرون ، وغفل عن ذكرك
الغافلون ، أفضل وأكمل ما صلّى على أحدٍ من الخلق أجمعين ، أشهد أن لا إله إلاّ
الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّك عبده ورسوله وخيرته من خلقه ، وأشهد أنّك
بلّغت الرسالة ، وأدّيت الأمانة ونصحت الأمّة ، وكشفت الغمّة ، وجاهدت في الله
حقَّ جهاده ، اللهمّ آتهِ الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته ،
وآتِه نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون ، اللهمّ صلِّ على سيّدنا محمد نبيّك
ورسولك النبيّ الأُميّ ، وعلى آل سيّدنا محمد وأزواجه وذرّيته كما صلّيت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على سيّدنا محمد النبيّ الأُميّ وعلى آل محمد كما
باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين ، إنّك حميد مجيد.
زيارة أخرى :
حكاها ابن فرحون
عن ابن حبيب :
السلام عليك أيّها
النبيُّ ورحمة الله وبركاته ، صلّى الله عليك وسلّم يا رسول الله أفضل وأزكى وأعلى
وأنمى صلاةٍ صلاّها على أحدٍ من أنبيائه وأصفيائه ، أشهد
__________________
يا رسول الله أنّك
قد بلّغت ما أُرسلتَ به ، ونصحتَ الأُمّة ، وعبدت ربّك حتى أتاك اليقين ، وكنت كما
نعتك الله في كتابه حيث قال : (لَقَدْ جاءَكُمْ
رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ
بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) فصلوات الله وملائكته وجميع خلقه في سماواته وأرضه عليك يا
رسول الله.
زيارة ثالثة :
اتّفق عليها أعلام
المذاهب الأربعة :
السلام عليك يا
نبيّ الله ورحمة الله وبركاته ، أشهدُ أنّك رسول الله ، فقد بلّغت الرسالة وأدّيت
الأمانة ، ونصحت الأُمّة ، وجاهدت في أمر الله حتى قبض الله روحك حميداً محموداً ،
فجزاك الله عن صغيرنا وكبيرنا خير الجزاء ، وصلّى عليك أفضل الصلاة وأزكاها ،
وأتمَّ التحيّة وأنماها ، اللهمّ اجعل نبيّنا يوم القيامة أقرب النبيّين إليك ،
واسقنا من كأسه ، وارزقنا من شفاعته ، واجعلنا من رفقائه يوم القيامة ، اللهمّ لا
تجعل هذا آخر العهدبقبر نبيّنا عليهالسلام ، وارزقنا العود إليه ، يا ذا الجلال والإكرام.
الزيارة الرابعة :
رواية الغزالي :
السلام عليك يا
رسول الله ، السلام عليك يا نبيّ الله ، السلام عليك يا أمين الله ، السلام عليك
يا حبيب الله ، السلام عليك يا صفوة الله ، السلام عليك يا خيرة الله ، السلام
عليك يا أحمد ، السلام عليك يا محمد ، السلام عليك يا أبا القاسم ، السلام
__________________
عليك يا ماحي ،
السلام عليك يا عاقب ، السلام عليك يا حاشر ، السلام عليك يا بشير ، السلام عليك
يا نذير ، السلام عليك يا طهر ، السلام عليك يا طاهر ، السلام عليك يا أكرم ولد
آدم ، السلام عليك يا سيّد المرسلين ، السلام عليك يا خاتم النبيّين ، السلام عليك
يا رسول ربِّ العالمين ، السلام عليك يا قائد الخير ، السلام عليك يا فاتح البرّ ،
السلام عليك يا نبيّ الله ، السلام عليك يا هادي الأُمّة ، السلام عليك يا قائد
الغرّ المحجّلين ، السلام عليك وعلى أهل بيتك الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم
تطهيراً ، السلام عليك وعلى أصحابك الطيّبين وعلى أزواجك الطاهرات أُمّهات
المؤمنين ، جزاك الله عنّا أفضل ما جزى نبيّا عن قومه ورسولاً عن أُمّته ، وصلّى
عليك كلّما ذكرك الذاكرون ، وكلّما غفل عنك الغافلون ، وصلّى عليك في الأوّلين
والآخرين أفضل وأكمل وأعلى وأجلَّ وأطيب وأطهر ما صلّى على أحدٍ من خلقه كما
استنقذنا بك من الضلالة ، وبصّرنا بك من العماية ، وهدانا بك من الجهالة ، أشهد أن
لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّك عبد الله ورسوله وأمينه وصفيّه
وخيرته من خلقه ، وأشهد أنَّك قد بلّغت الرسالة ، وأدّيت الأمانة ، ونصحت الأُمّة
، وجاهدت عدوّك ، وهديت أُمّتك ، وعبدت ربّك حتى أتاك اليقين ، فصلّى الله عليك
وعلى أهل بيتك الطيّبين ، وسلّم وشرّف وكرّم وعظّم.
زيارة خامسة :
رواية القسطلاني :
السلام عليك يا
رسول الله ، السلام عليك يا نبيّ الله ، السلام عليك يا حبيب الله ، السلام عليك
يا خيرة الله ، السلام عليك يا صفوة الله ، السلام عليك يا سيّد المرسلين وخاتم
النبيّين ، السلام عليك يا قائد الغرّ المحجّلين ، السلام عليك وعلى أهل
__________________
بيتك الطيّبين
الطاهرين ، السلام عليك وعلى أزواجك الطاهرات أُمّهات المؤمنين ، السلام عليك وعلى
أصحابكَ أجمعين ، السلام عليك وعلى سائر الأنبياء وسائر عباد الله الصالحين ، جزاك
اللهُ أفضل ما جزى نبيّا ورسولاً عن أُمّته ، وصلّى الله عليكَ كلّما ذكرك الذاكرون
، وغفل عن ذكرك الغافلون ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أنَّك عبده ورسوله
وأمينه وخيرته من خلقه ، وأشهد أنَّك قد بلّغت الرسالة ، وأدّيت الأمانة ، ونصحت
الأُمّة ، وجاهدت في الله حقّ جهاده.
قال : ومن ضاق
وقته عن ذلك فليقل ما تيسّر منه.
زيارة سادسة :
رواية الباجوري :
قال : يسلّم عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا رفع صوت قائلاً : السلام عليك يا رسول الله ، السلام
عليك يا نبيّ الله ، السلام عليك يا حبيب الله ، أشهد أنّك رسول الله حقّا بلّغت
الرسالة ، وأدّيت الأمانة ، ونصحت الأُمّة ، وكشفت الغمّة ، وجلوت الظلمة ، ونطقت
بالحكمة ، وجاهدت في سبيل الله حقَّ جهاده ، جزاك الله عنّا أفضل الجزاء.
زيارة أخرى سابعة
:
ذكرها الشرنبلالي
الحنفي في المراقي :
السلام عليك يا
سيّدي يا رسول الله ، السلام عليك يا نبيّ الله ، السلام عليك يا حبيب الله ،
السلام عليك يا نبيّ الرحمة ، السلام عليك يا شفيع الأُمّة ، السلام عليك يا سيّد
المرسلين ، السلام عليك يا خاتم النبيّين ، السلام عليك يا مزّمِّل ، السلام عليك
__________________
يا مدّثِّر ،
السلام عليك وعلى أُصولك الطيّبين وأهل بيتك الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس
وطهّرهم تطهيراً ، جزاك الله عنّا أفضل ما جزى نبيّا عن قومه ورسولاً عن أُمّته ،
أشهد أنّك رسول الله بلّغت الرسالة ، وأدّيت الأمانة ، ونصحت الأُمّة ، وأوضحت
الحجّة ، وجاهدت في سبيل الله حقَّ جهاده ، وأقمت الدين حتى أتاك اليقين ، صلّى الله
عليك وسلّم وعلى أشرف مكان شُرّف بحلول جسمك الكريم فيه صلاةً وسلاماً دائمين من
ربِّ العالمين ، عدد ما كان وعدد ما يكون بعلم الله ، صلاةً لا انقضاء لأمرها ، يا
رسول الله نحن وفدك وزوّار حرمك ، تشرّفنا بالحلول بين يديك ، وجئنا من بلاد شاسعة
وأمكنة بعيدة نقطع السهل والوعر بقصد زيارتك ، لنفوز بشفاعتك ، والنظر إلى مآثرك
ومعاهدك ، والقيام بقضاء بعض حقِّك والاستشفاع بك إلى ربّنا ؛ فإنَّ الخط ايا قد
قصمت ظهورنا ، والأوزار قد أثقلت كواهلنا ، وأنت الشافع المشفَّع الموعود بالشفاعة
العظمى ، والمقام المحمود والوسيلة ، وقد قال الله تعالى : (وَلَوْ
أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ
لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) . وقد جئناك ظالمين لأنفسنا ، مستغفرين لذنوبنا ، فاشفع لنا
إلى ربِّك ، واسأله أن يميتنا على سنّتك ، وأن يحشرنا في زمرتك ، وأن يوردنا حوضك
، وأن يسقينا بكأسك غير خزا يا ولا نادمين ، الشفاعة الشفاعة يا رسول الله
ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا ، ربّنا
إنّك ـ تقولها ثلاثاً ـ ، ربّنا اغفر لنا رءوف رحيم.
زيارة ثامنة :
رواية شيخ زاده في
مجمع الأنهر :
السلام عليك أيّها
النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام عليك يا رسول الله ،
__________________
السلام عليك يا
خير خلق الله ، السلام عليك يا سيّد ولد آدم ، إنِّي أشهد أن لا إله إلاّ الله
وحده لا شريك له ، وأشهد أنّك عبده ورسوله وأمينه ، أشهد أنّك قد بلّغت الرسالة ،
وأدّيت الأمانة ، ونصحت الأُمّة ، وكشفت الغمّة ، فجزاك الله عنّا خيراً ، جزاك
الله عنّا أفضل ما جزى نبيّا عن أُمّته ، اللهمّ أعط سيّدنا عبدك ورسولك محمداً
الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة ، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته ،
وأنزله المنزل المبارك عندك ، سبحانك أنت ذو الفضل العظيم.
ثمّ يسأل الله
تعالى حاجته وأعظم الحاجات سؤال حسن الخاتمة وطلب المغفرة ويقول
السلام عليك يا
رسول الله ، أسألك الشفاعة الكبرى ، وأتوسّل بك إلى الله تعالى في أن أموت مسلماً
على ملّتك وسنّتك ، وأن أحشر في زمرة عباد الله الصالحين. ثمّ ذكر السلام على
الشيخين.
زيارة تاسعة :
رواية الفاكهي :
السلام عليك أيّها
النبيُّ الكريم ـ ثلاثاً ـ السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا نبيّ الله ،
السلام عليك يا خيرة الله ، السلام عليك يا حيبب الله ، السلام عليك يا سيّد
المرسلين ، السلام عليك يا خاتم النبيّين ، السلام عليك يا خير الخلائق أجمعين ،
السلام عليك يا إمام المتّقين ، السلام عليك يا قائد الغرّ المحجّلين ، السلام
عليك يا رحمةً للعالمين ، السلام عليك يا منّة الله على المؤمنين ، السلام عليك يا
شفيع المذنبين ، السلام عليك يا هادياً إلى صراطٍ مستقيم ، السلام عليك يا من وصفه
الله بقوله : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) و (بِالْمُؤْمِنِينَ
رَؤُفٌ رَحِيمٌ) السلام عليك وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وآلك وأهل بيتك
وأزواجك وأصحابك أجمعين وعباد الله
الصالحين ورحمة
الله وبركاته ، جزى الله محمداً كما هو أهله ، جزاك الله عنّا يا رسول الله أفضل
ما جزى نبيّا عن قومه ورسولاً عن أُمّته ، وصلّى الله عليك كلّما ذكرك الذاكرون ،
وغفل عن ذكرك الغافلون أفضل وأكمل ما صلّى على أحدٍ من خلقه أجمعين ، وأشهد أن لا
إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّك عبده ورسوله وخيرته من خلقه ، فإنَّك
قد بلّغت الرسالة ، وأدّيت الأمانة ، ونصحت الأمّة ، وجاهدت في الله حقَّ جهاده ،
وكما نصَّ الله في كتابه ؛ اللهمّ آته الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً
الذي وعدته ، اللهمّ صلِّ على محمد عبدك ونبيّك ورسولك النبيّ الأُمِّيّ وعلى آل
محمد وأزواجه وذريّته كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد
وعلى آل محمدٍ وأزواجه وذريّته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين
إنّك حميد مجيد ، ربّنا آمنّا بما أنزلت واتّبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ،
الحمد لله الذي أقرَّ عيني برؤيتك يا رسول الله ، وأدخلني بروضتك وحضرتك يا حبيب
الله.
فإن عجز عن ذلك
كلّه أتى بما أمكنه.
الدعاء عند رأس
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم :
٢٣ ـ يقف عند رأسه
الشريف ويقول :
اللهمّ إنّك قلت
وقولك الحقُّ : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ
لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) وقد جئناك سامعين قولك ، طائعين أمرك ، مستشفعين بنبيِّك ،
ربَّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين
آمنوا ، ربّنا إنَّك رءوف رحيم ، ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا
عذاب النار ، سبحان ربِّنا ربِّ العزّة عمّا يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله
ربِّ العالمين.
ويدعو بما يحضره
من الدعاء. ذكره الشرنبلالي الحنفي في مراقي الفلاح وغيره في غيرها.
دعاء آخر عند رأسه
صلىاللهعليهوآلهوسلم :
رواية الغزالي
يقف عند الرأس
مستقبل القبلة بين القبر والأُسطوانة ، وليحمد الله عزَّوجل وليمجّده وليكثر من
الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ثم يقول :
اللهم انّك قلت
وقولك الحقّ : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ
لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً). اللهمّ إنّا سمعنا قولك ، وأطعنا أمرك ، وقصدنا نبيّك ،
مستشفعين به إليك في ذنوبنا ، وما أثقل ظهورنا من أوزارنا ، تائبين من زللنا
معترفين بخطايانا وتقصيرنا ، فتب اللهمّ علينا ، وشفِّع نبيّك هذا فينا ، وارفعنا
بمنزلته عندك وحقِّه عليك ، اللهمّ اغفر للمهاجرين والأنصار ، واغفر لنا ولإخواننا
الذين سبقونا بالإيمان ، اللهمّ لا تجعله آخر العهد من قبر نبيّك ومن حرمك يا أرحم
الراحمين.
ثمّ يأتي الروضة
فيصلّي فيها ركعتين ، ويكثر من الدعاء ما استطاع لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة ، ومنبري على
حوضي».
وقال العدوي
الحمزاوي في كنز المطالب (ص ٢١٦) : ومن أحسن ما يقول بعد تجديد التوبة في ذلك
الموقف الشريف ، وتلاوة (وَلَوْ أَنَّهُمْ
إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ
الرَّسُولُ) الآية : نحن وفدك يا رسول الله وزوّارك ،
__________________
جئناك لقضاء حقِّك
وللتبرّك بزيارتك والاستشفاع بك ممّا أثقل ظهورنا وأظلم قلوبنا.
وزاد الشيخ علي
القاري الحنفي في شرح الشمائل : فليس لنا شفيع غيرك نؤمِّله ، ولا رجاء غير بابك
نصله ، فاستغفر لنا واشفع لنا إلى ربِّك يا شفيع المذنبين ، واسأله أن يجعلنا من
عباده الصالحين.
يا خيرَ من
دُفنتْ بالقاعِ أعظمُهُ
|
|
فطاب من طيبهنَّ
القاعُ والأكمُ
|
نفسي الفداءُ
لقبرٍ أنت ساكنُه
|
|
فيه العفافُ
وفيه الجودُ والكرمُ
|
قال الأميني : هذه
مأخوذة عن حكاية حكاها محمد بن حرب الهلالي ، عن أعرابيٍّ أتى قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وزاره ، ثمّ قال ما يقرب ممّا ذكر ، رواها ابن النجّار وابن عساكر وابن الجوزي ، والقسطلاني في
المواهب ، والسبكي في شفاء السقام ، والخالدي في صلح الإخوان (ص ٥٤) وقال : تلقّى
هذه الحكاية العلماء بالقبول ، وذكرها أئمّة المذاهب الأربعة في المناسك مستحسنين
لها ، وذكر جمع تضمين أبي الطيّب أحمد بن عبد العزيز المقدسي البيتين المذكورين
بقوله :
أقولُ والدمُع
من عينيَّ منسجمُ
|
|
لمّا رأيتُ
جدارَ القبرِ يُستلَمُ
|
والناسُ يغشونه
باكٍ ومنقطعٌ
|
|
من المهابةِ أو
داعٍ فملتزمُ
|
فما تملّكتُ أن
ناديتُ من حُرَقٍ
|
|
في الصدرِ كادت
لها الأحشاءُ تضطرمُ
|
يا خيرَ من
دُفنتْ بالقاعِ أعظمُهُ
|
|
وفيه شمس التقى
والدين قد غربت
|
من بعد ما أشرقت
من نيرها الظلمُ
|
|
حاشا لوجهك أن
يبلى وقد هُدِيتْ
|
في الشرقِ
والغربِ من أنوارِه الأُممُ
|
|
فإن تمسّك أيدي
التربِ لامسةً
|
فأنت
بين السمواتِ العلى عَلَمُ
|
__________________
لقيتَ ربّكَ
والإسلامُ صارمُهُ
|
|
ماضٍ وقد كان
بحرُ الكفرِ يلتطمُ
|
فقمت فيه مقام
المرسلين إلى
|
|
أن عزَّ فهو على
الأديانِ محتكمُ
|
لئن رأيناه
قبراً إنَّ باطنَهُ
|
|
لروضةٌ من رياضِ
الخلدِ تبتسمُ
|
طافتْ به من
نواحيه ملائكةٌ
|
|
تغشاه في كلِّ
ما يومٍ وتزدحمُ
|
لو كنت أبصرتُهُ
حيّا لقلت له
|
|
لا تمش إلاّ على
خدّي لك القدمُ
|
الصلاة على النبيّ الطاهر صلىاللهعليهوآلهوسلم :
٢٤ ـ أخرج البخاري
بإسناده مرفوعاً : «من صلّى عليَّ عند قبري وكّل الله به ملكاً يبلّغني ، وكفى أمر
دنياه وآخرته ، وكنت له شفيعاً ـ أو شهيداً ـ يوم القيامة»
قال المجد : ويأتي
الزائر بأتمِّ أنواع الصلاة وأكمل كيفيّاتها ، والاختلاف في ذلك مشهور. قال :
والذي أختاره لنفسي :
اللهمّ صلِّ على
سيّدنا محمد وآله وصحبه وأزواجه عدد ما خلقتَ وعدد ما أنت خالق ، وزِنَة ما خلقت ،
وزِنَة ما أنت خالق ، ومِلءَ ما خلقت ، ومِلءَ ما أنت خالق ، ومِلءَ سمواتك ،
ومِلءَ أرضك ، ومثل ذلك ، وأضعاف ذلك ، وعدد خلقك ، وزِنَة عرشك ، ومنتهى رحمتك ،
ومداد كلماتك ، ومبلغ رضاك ، وحتى ترضى ، وعدد ما ذكرك به خلقُك في جميع ما مضى ،
وعدد ما هم ذاكروك فيما بقي في كلّ سنة وشهر وجمعة ويوم وليلة وساعة من الساعات ،
ونسيم ونَفَس ولمحة وطرفة من الأبد إلى الأبد ، أبد الدنيا والآخرة ، وأكثر من ذلك
لا ينقطع أوّله ولا ينفد آخره ، ـ يقوله مرّةً أو ثلاثاً ـ ثمّ يقول : اللهمّ صلِّ
على سيّدنا محمد وعلى آل سيّدنا محمد.
__________________
روي عن ابن أبي فديك قال : سمعت بعض من أدركت يقول : بلغنا أنَّه من وقف عند
قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (إِنَّ اللهَ
وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا
عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) صلّى الله تعالى على محمد وسلّم.
وفي رواية : صلّى
الله عليك يا محمد. يقولها سبعين مرّة ، ناداه ملك : صلّى الله عليك يا فلان لم
تسقط لك اليوم حاجة.
قال السمهودي : قال بعضهم : الأولى أن يقول : صلّى الله وسلّم عليك يا
رسول الله ، وإن كانت الرواية ـ يا محمد ـ تأدّباً ، لأنَّ من خصائصه ـ صلّى الله
تعالى عليه وسلّم ـ أن لا يُنادى باسمه بل يُقال : يا رسول الله ، يا نبيّ الله ،
ونحوه. والذي يظهر أنَّ هذا في نداء لا يقترن به الصلاة والسلام.
التوسل والاستشفاع
بقبره الشريف صلىاللهعليهوآلهوسلم :
٢٥ ـ ثمّ يرجع
الزائر إلى موقفه الأوّل قبالة وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيتوسّل به في حقِّ نفسه ، ويستشفع إلى ربِّه سبحانه
وتعالى ، ويكثر الاستغفار والتضرّع بعد قوله : يا خير الرسل إنَّ الله أنزل عل يك
كتاباً صادقاً قال فيه : (وَلَوْ أَنَّهُمْ
إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ
الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) وإنّي جئتك
مستغفراً من ذنوبي متشفِّعاً بك إلى ربّي ، ويقول :
__________________
نحن وفدكَ يا رسول
الله وزوّارك ، جئناك لقضاء حقِّك والتبرّك بزيارتك والاستشفاع بك إلى ربِّك تعالى
؛ فإنَّ الخطايا قد أثقلت ظهورنا ، وأنت الشافع المشفَّع الموعود بالشفاعة العظمى
والمقام المحمود ، وقد جئناك ظالمين لأنفسنا ، مستغفرين لذنوبنا ، سائلين منك أن
تستغفر لنا إلى ربّك ، فأنت نبيّنا وشفيعنا ، فاشفع لنا إلى ربّك ، واسأله أن
يميتنا على سنّتك ومحبّتك ، ويحشرنا في زمرتك ، وأن يوردنا حوضك غير خزايا ولا
نادمين.
قال القسطلاني في
المواهب اللدنيّة : وينبغي للزائر له صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكثر من الدعاء والتضرُّع والاستغاثة والتشفّع والتوسّل
به صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجدير بمن استشفع به أن يشفِّعه الله فيه. قال : وإنَّ
الاستغاثة هي طلب الغوث فالمستغيث يطلب من المستغاث به إغاثته أن يحصل له الغوث ،
فلا فرق بين أن يعبِّر بلفظ الاستغاثة ، أو التوسّل ، أو التشفّع ، أو التوجّه أو
التجوُّه ـ لأنَّهما من الجاه والوجاهة ، ومعناهما علوّ القدر والمنزلة ـ وقد
يتوسّل بصاحب الجاه إلى من هو أعلى منه. قال : ثمّ إنَّ كلاّ من الاستغاثة ،
والتوسّل والتشفّع ، والتوجّه بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما ذكره في تحقيق النصرة ومصباح الظلام واقع في كلّ حال : قبل خلقه وبعد خلقه ، في مدّة حياته في
الدنيا وبعد موته في البرزخ ، وبعد البعث في عرصات القيامة.
ثمّ فصّل ما وقع
من التوسّل والاستشفاع به صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحالات المذكورة.
وقال الزرقاني في
شرح المواهب (٨ / ٣١٧) : ونحو هذا في منسك العلاّمة خليل ، وزاد : وليتوسّل به صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويسأل الله تعالى بجاهه في التوسّل به ، إذ هو محطُّ
جبال الأوزار وأثقال الذنوب ؛ لأنَّ بركة شفاعته وعظمها عند ربِّه لا يتعاظمها ذنب
، ومن
__________________
اعتقد خلاف ذلك
فهو المحروم الذي طمس الله بصيرته ، وأضلَّ سريرته ، ألم يسمع قوله تعالى : (وَلَوْ
أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ) الآية؟ قال :
ولعلّ مراده التعريض بابن تيميّة.
قال
الأميني : هناك جماعة من
الحفّاظ وأعلام أهل السنّة بسطوا القول في التوسّل وقالوا : إنَّ التوسّل بالنبيِّ
جائز في كلّ حال قبل خلقه وبعده ، في مدّة حياته في الدنيا وبعد موته ، في مدّة
البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة والجنّة ، وجعلوه على ثلاثة أنواع :
١ ـ طلب الحاجة من
الله تعالى به أو بجاهه أو لبركته. فقالوا : إنَّ التوسّل بهذا المعنى جائز في
جميع الأحوال المذكورة.
٢ ـ التوسّل به
بمعنى طلب الدعاء منه ، وحكموا بأنَّ ذلك جائز في الأحوال كلِّها.
٣ ـ الطلب من
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك الأمر المقصود ، بمعنى أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قادر على التسبّب فيه بسؤاله ربّه وشفاعته إليه ، فيعود
إلى النوع الثاني في المعنى ، غير أنَّ العبارة مختلفة ، وعدّوا منه قول القائل
للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : اسألك مرافقتك في الجنّة. وقول عثمان بن أبي العاص :
شكوت إلى النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سوء حفظي للقرآن. فقال : أُدنُ منّي يا عثمان ، ثمّ وضع
يده على صدري وقال : أُخرج يا شيطان من صدر عثمان. فما سمعت بعد ذلك شيئاً إلاّ
حفظت. وقال السبكي في شفاء السقام : والآثار في ذلك كثيرة أيضاً ـ إلى أن قال ـ : فلا عليك
في تسميته توسّلاً ، أو تشفّعاً ، أو استغاثة ، أو تجوّهاً ، أو توجّها ؛ لأنَّ
المعنى في جميع ذلك سواء.
قال
الأميني : لا يسعنا إيقاف
الباحث على جلِّ ما وقفنا عليه من كلمات ضافية
__________________
لأعلام المذاهب
الأربعة في المناسك وغيرها حول التوسّل بالنبيّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولو ذكرناها برمّتها لتأتي كتاباً حافلاً ، وقد بسط
القول فيه جمع لا يُستهان بعدّتهم ؛ منهم :
١ ـ الحافظ ابن
الجوزي المتوفّى (٥٩٧) ، في كتاب الوفا في فضائل المصطفى ، جعل فيه بابين في
المقام : باب التوسّل بالنبيّ ، وباب الاستشفاء بقبره.
٢ ـ شمس الدين أبو
عبد الله محمد بن النعمان المالكي المتوفّى (٦٨٣) ، في كتابه مصباح الظلام في
المستغيثين بخير الأنام ، قال الخالدي في صلح الإخوان : هو كتاب نفيس نحو عشرين كرّاساً ، وينقل عنه كثيراً
السيّد نور الدين السمهودي في وفاء الوفا ، في الجزء الثاني في باب التوسّل بالنبيِّ الطاهر.
٣ ـ ابن داود
المالكي الشاذلي ، ذكر في كتابه البيان والاختصار شيئا كثيراً ممّا وقع للعلماء
والصلحاء من الشدائد ، فالتجأوا إلى النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فحصل لهم الفرج.
٤ ـ تقيِّ الدين
السبكي المتوفّى (٧٥٦) : في شفاء السقام (ص ١٢٠ ـ ١٣٣).
٥ ـ السيّد نور
الدين السمهودي المتوفّى (٩١١) : في وفاء الوفا (٢ / ٤١٩ ـ ٤٣١).
٦ ـ الحافظ أبو
العبّاس القسطلاني المتوفّى (٩٢٣) : في المواهب اللدنيّة .
٧ ـ أبو عبد الله
الزرقاني المصري المالكي المتوفّى (١١٢٢) : في شرح المواهب (٨ / ٣١٧).
٨ ـ الخالد
البغدادي المتوفّى (١٢٩٩) : في صلح الإخوان ، وهو أحسن ما
__________________
أُلِّف في الموضوع
، فقد جمع شوارده في سبعين صحيفة ، وأفرد فيه رسالة ردّا على كلمة السيّد محمود
الآلوسي في التوسّل بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، طبعت في عشرين صحيفة بمطبعة نخبة الأخبار سنة (١٣٠٦).
٩ ـ العدوي
الحمزاوي المتوفّى (١٣٠٣) : في كنز المطالب (ص ١٩٨).
١٠ ـ العزّامي
الشافعي القضاعي : في فرقان القرآن المطبوع مع الأسماء والصفات للبيهقي في (١٤٠) صحيفة ، وهو
كتاب قيِّم أدّى للكلام حقّه.
(أُولئِكَ الَّذِينَ
يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) .
التبرّك بالقبر
الشريف بالتزامٍ وتمريغٍ وتقبيل :
٢٦ ـ لم نجد في
المقام قولاً بالحرمة لأحد من أعلام المذاهب الأربعة ممّن لهم ولآرائهم قيمة في
المجتمع ؛ وإنّما القائل بالنهي عنه من أُولئك يراه تنزيهاً لا تحريماً ، ويقول
بالكراهة مستنداً إلى زعم أنَّ الدنوّ من القبر الشريف يخالف حسن الأدب ، ويحسب
أنّ البعد منه أليق به ، وليس من شأن الفقيه النابه أن يُفتي في دين الله بمثل هذه
الاعتبارات التي لا تُبنى على أساس ، وتختلف باختلاف الأنظار والآراء.
نعم ؛ هناك أُناس شذّت عن شرعة الحقِّ وحكموا بالحرمة ، قولاً بلا دليل ،
وتحكّماً بلا برهان ، ورأياً بلا بيّنة ، وهم معروفون في الملأ بالشذوذ ، لا يُعبأ
بهم وبآرائهم.
فها نحن نقدِّم
بين يدي القارئ ما يوقفه على الحقيقة ، ويُريه صواب الرأي ، وجَدد الطريق ؛ وعند
جُهينة الخبر اليقين.
__________________
١ ـ أخرج الحافظ
ابن عساكر في التحفة ، من طريق طاهر بن يحيى الحسيني ، قال : حدّثني أبي ، عن
جدِّي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليّ ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال :
لمّا رُمِس رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، جاءت فاطمة ـ رضي الله تعالى عنها ـ فوقفت على قبره صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخذت قبضةً من تراب القبر ووضعت على عينيها ، وبكت وأنشأت
تقول :
ما ذا على من
شمَّ تربةَ أحمدٍ
|
|
أن لا يشمَّ مدى
الزمانِ غواليا
|
صُبَّتْ عليَّ
مصائبٌ لو أنَّها
|
|
صُبَّتْ على
الأيّامِ عُدنَ لياليا
|
ورواه : ابن الجوزي في الوفاء ، وابن سيّد الناس في السيرة
النبويّة (٢ / ٣٤٠) ، والقسطلاني في المواهب مختصراً ، والقاري في شرح الشمائل (٢
/ ٢١٠) ، والشبراوي في الإتحاف (ص ٩) ، والسمهودي في وفاء الوفا (٢ / ٤٤٤) ،
والخالدي في صلح الإخوان (ص ٥٧) ، والحمزاوي فى مشارق الأنوار (ص ٦٣) ، والسيّد
أحمد زيني دحلان في السيرة النبويّة (٣ / ٣٩١) ، وعمر رضا كحالة في أعلام النساء (٣
/ ١٢٠٥).
وذكر البيتين لها
ـ سلام الله عليها ـ ابن حجر في الفتاوى الفقهيّة (٢ / ١٨) ، والخطيب الشربيني فى
تفسيره (١ / ٣٤٩) ، والقسطلاني في إرشاد الساري (٢ / ٣٩٠).
٢ ـ عن أبي
الدرداء قال : إنَّ بلالاً ـ مؤذِّن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ رأى في منامه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول : ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما آن لك أن تزورني يا
بلال؟ فانتبه حزيناً وجلاً خائفاً ، فركب راحلته وقصد المدينة ، فأتى قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فجعل
__________________
يبكي عنده ويمرِّغ
وجهه عليه ، فأقبل الحسن والحسين فجعل يضمّهما ويقبِّلهما. الحديث.
أخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخ الشام مسنداً بطريق في موضعين ـ
كما في شفاء السقام (ص ٣٩ و ٤٠) ـ في ترجمة إبراهيم بن محمد الأنصاري (٢ / ٢٥٦)
وفي ترجمة بلال ، غير أنَّ مهذِّب الكتاب حذف الإسناد في الموضع الأوّل وأبقى
المتن ، وأسقطه رأساً سنداً ومتناً في الثاني ، وقد أخطأ وأساء على الحديث وعلى
الكتاب.
ورواه الحافظ أبو
محمد عبد الغني المقدسي في الكمال في ترجمة بلال ، وأبو الحجّاج المزِّي في
التهذيب ، والسبكي في شفاء السقام (ص ٣٩) وقال : روينا ذلك بإسناد جيّد ، ولا حاجة
إلى النظر في الإسنادين اللذين رواه ابن عساكر بهما ـ وإن كان رجالهما معروفين
مشهورين ـ ، وذكره ابن الأثير في أُسد الغابة (١ / ٢٠٨) ، والسمهودي في وفاء الوفا
(٢ / ٤٠٨) وقال : سند جيّد ، و (ص ٤٤٣) وقال : إسناده جيّد ، والقسطلاني في
المواهب اللدنيّة ، والخالدي في صلح الإخوان (ص ٥٧) ، والحمزاوي في مشارق الأنوار (ص
٥٧).
٣ ـ عن عليّ أمير
المؤمنين عليهالسلام قال : «قدم علينا أعرابيٌّ بعد ما دفنّا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بثلاثة أيّام ، فرمى بنفسه على قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وحثا من ترابه على رأسه وقال : يا رسول الله قلت فسمعنا
قولك ، ووعيت عن الله سبحانه فوعينا عنك ، وكان فيما أنزل عليك : (وَلَوْ
أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ) الآية. وقد ظلمتُ
__________________
نفسي وجئتك تستغفر
لي. فنودي من القبر : قد غفر لك». أخرجه :
١ ـ الحافظ أبو
سعيد عبد الكريم السمعاني المتوفّى (٥٧٣).
٢ ـ الحافظ أبو
عبد الله بن نعمان المالكي المتوفّى (٦٨٣) : في مصباح الظلام.
٣ ـ أبو الحسن
عليّ بن إبراهيم بن عبد الله الكرخي.
٤ ـ الشيخ شعيب
الحريفيش المتوفّى (٨٠١) : في الروض الفائق (٢ / ١٣٧).
٥ ـ السيّد نور
الدين السمهودي المتوفّى (٩١١) : في وفاء الوفا (٢ / ٤١٢).
٦ ـ أبو العبّاس
القسطلاني المتوفّى (٩٢٣) : في المواهب اللدنيّة.
٧ ـ الشيخ داود
الخالدي المتوفّى (١٢٩٩) : في صلح الإخوان (ص ٥٤٠).
٨ ـ الشيخ حسن
الحمزاوي المالكي المتوفّى (١٣٠٣) : في مشارق الأنوار (ص ٥٧).
٤ ـ عن داود بن
أبي صالح قال : أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه ـ جبهته ـ على القبر ،
فأخذ مروان برقبته ثمّ قال : هل تدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فإذا أبو أيّوب الأنصاري
، فقال : نعم إنّي لم آتِ الحجر ، إنَّما جئت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم آتِ الحجر ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ، ولكن ابكوا
على الدين إذا وليه غير أهله».
أخرجه : الحاكم في المستدرك (٤ / ٥١٥) وصحّحه هو والذهبي في
تلخيصه ، ورواه أبو الحسين يحيى بن الحسن الحسيني في أخبار المدينة ، بإسناد آخر
عن المطلب بن عبد الله بن حنطب ، كما في شفاء السقام للسبكي (ص ١١٣). قال
السبكي بعد حكايته : فإن صحَّ هذا الإسناد لم يكره مسُّ جدار القبر ، وإنَّما
أردنا بذكره القدح في القطع بكراهة ذلك.
__________________
وذكره السيّد نور
الدين السمهودي في وفاء الوفا (٢ / ٤١٠ ، ٤٤٣)
نقلاً عن إمام الحنابلة أحمد ، قال : رأيته بخطّ الحافظ أبي الفتح المراغي المدني
، وأخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (٤ / ٢) نقلاً عن أحمد.
قال الأميني :
إنَّ هذا الحديث يعطينا خبراً بأنَّ المنع عن التوسّل بالقبور الطاهرة إنّما هو من
بدع الأمويّين وضلالاتهم منذ عهد الصحابة ، ولم تسمع أُذن الدنيا قطُّ صحابيّا ينكر
ذلك غير وليد بيت أُميّة مروان الغاشم ، نعم ؛ الثور يحمي أنفه برَوقه ، نعم ؛ بعلّة الوَرَشَان يأكُلُ رُطَبَ المشان ، نعم ؛ لبني أُميّة عامّة ولمروان خاصّة ضغينة على رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منذ يوم لم يُبقِ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الأُسرة الأمويّة حرمةً إلاّ هتكها ، ولا ناموساً إلاّ
مزّقه ، ولا ركناً إلاّ أباده ، وذلك بوقيعته صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم وهو (وَما يَنْطِقُ عَنِ
الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) فقد صحَّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله :
«إذا بلغت بنو
أُميّة أربعين اتَّخذوا عباد الله خولاً ، ومال الله نحلاً ، وكتاب الله دغلاً».
وصحَّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : «إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتّخذوا دين
الله دغلاً ، وعباد الله خولاً ، ومال الله دولاً».
وصحَّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : «إنّي أُريت في منامي كأنَّ بني الحكم بن أبي العاص
ينزون على منبري كما تنزو القردة». قال : فما رُؤي النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مستجمعاً ضاحكاً حتى توفّي.
__________________
وصحَّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله ـ لمّا استأذن الحكم بن أبي العاص عليه ـ : «عليه
لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه إلاّ المؤمن منهم وقليل ما هم ، يَشرُفون في
الدنيا ويضعون في الآخرة ، ذوو مكر وخديعة ، يُعطَون في الدنيا وما لهم في الآخرة
من خلاق».
وصحَّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله لمّا أُدخل عليه مروان بن الحكم «هو الوزغ ابن الوزغ
، الملعون ابن الملعون».
وصحَّ عن عائشة
قولها : إنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لعن الله أبا مروان ومروان في صلبه ، فمروان فضض من لعنة الله عزّ وجلّ».
وصحَّ عن عبد الله
بن الزبير : أنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعن الحكم وولده . فحقيق على مروان أن يُري الأُمّة الإسلاميّة أنّه يحامي
عن التوحيد وقد رام أن يخذِّلها عن نبيِّها ويصغِّره عندها ، وكيف يروقه نبيٌّ كان
هذا هتافه فيه وفي أبيه وجدِّه وأصله وشجرته؟ تلك الشجرة الملعونة التي اجتثّت من
فوق الأرض ما لها من قرار.
فلا يحقُّ لمسلم
أن يحذو حذو تلك الأُمّة الملعونة ويقول بقولهم ويتّخذ برأيهم ، ويتّبع إثر أُولئك
الرجال الذين اتّخذوا دين الله دغلاً ، وعباد الله خولاً ، وكتاب الله حولاً.
٥ ـ عن أبي خيثمة
، زهير بن حرب الثقة المأمون المتوفّى (٢٣٤) قال : حدّثنا مصعب بن عبد الله ،
حدّثنا إسماعيل بن يعقوب التيمي قال : كان ابن المنكدر يجلس
__________________
مع أصحابه ، قال :
وكان يصيبه الصمات فكان يقوم كما هو يضع خدّه على قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ يرجع ، فعوتب في ذلك فقال : إنَّه ليصيبني خطرة ، فإذا
وجدت ذلك استشفيت بقبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان يأتي موضعاً من المسجد في الصحن فيتمرّغ فيه ويضطجع
، فقيل له في ذلك فقال : إنّي رأيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا الموضع ـ يعني في النوم .
٦ ـ قال العزّ بن جماعة
الحموي الشافعي المتوفّى (٨١٩) في كتاب العلل والسؤالات لعبد الله بن أحمد بن حنبل
عن أبيه رواية أبي عليّ بن الصوف عنه ، قال عبد الله : سألت أبي عن الرجل يمسُّ
منبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويتبرّك بمسِّه ويقبِّله ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب
الله تعالى. قال : لا بأس به. وفاء الوفا (٢ / ٤٤٣).
٧ ـ قال العلاّمة
أحمد بن محمد المقري المالكي المتوفّى (١٠٤١) في فتح المتعال بصفة النعال نقلاً عن وليّ الدين العراقي ، قال : أخبر الحافظ أبو سعيد
بن العلا قال : رأيت في كلام أحمد بن حنبل في جزء قديم عليه خطُّ ابن ناصر وغيره من الحفّاظ ، أنَّ الإمام أحمد سُئل عن تقبيل قبر
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وتقبيل منبره. فقال : لا بأس بذلك. قال : فأريناه التقيّ
ابن تيميّة فصار يتعجّب من ذلك ويقول : عجبت من أحمد عندي جليل ـ هذا كلامه أو
معنى كلامه ـ! وقال : وأيّ عجب في ذلك وقد روينا عن الإمام أحمد أنَّه غسل قميصاً
للشافعيّ وشرب الماء الذي غسله به ؟ وإذا كان هذا
__________________
تعظيمه لأهل العلم
فما بالك بمقادير الصحابة؟ وكيف بآثار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟ وما أحسن ما
قاله مجنون ليلى :
أمرُّ على
الديار ديار ليلى
|
|
أقبِّل ذا
الجدار وذا الجدارا
|
وما حبُّ الديار
شغفنَ قلبي
|
|
ولكن حبُّ من
سكن الديارا
|
٨ ـ ذكر الخطيب ابن حملة : أنَّ عبد
الله بن عمر ـ رضي الله تعالى عنهما ـ كان يضع يده اليمنى على القبر الشريف ، وأنَّ بلالاً ـ رضي الله تعالى عنه ـ وضع خدّيه عليه
أيضاً.
ورأيت في كتاب
السؤالات لعبد الله ابن الإمام أحمد ـ وذكر ما تقدّم عن ابن جماعة ثمّ قال ـ : ولا
شكّ أنَّ الاستغراق في المحبّة يحمل على الإذن في ذلك ، والمقصود من ذلك كلّه
الاحترام والتعظيم ، والناس تختلف مراتبهم في ذلك كما كانت تختلف في حياته ،
فأُناس حين يرونه لا يملكون أنفسهم بل يبادرون إليه ، وأُناس فيهم أناة يتأخّرون ،
والكلُّ محلُّ خير .
٩ ـ قال شيخ مشايخ
الشافعيّة ، الشافعيُّ الصغير محمد بن أحمد الرملي المتوفّى (١٠٠٤) في شرح المنهاج
: ويكره أن يجعل على القبر مظلّة ، وأن يُقبَّل التابوت الذي يُجعل فوق القبر
واستلامه ، وتقبيل الأعتاب عند الدخول لزيارة الأولياء. نعم ؛ إن قصد التبرّك لا
يكره كما أفتى به الوالد ـ رحمهالله تعالى ـ فقد صرّحوا بأنَّه إذا
__________________
عجز عن استلام
الحجر سنَّ له أن يشير بعصا وأن يقبِّلها .
١٠ ـ قال أبو
العبّاس أحمد الرملي الكبير الأنصاري ـ شيخ الشيوخ ـ في حاشية روض الطالب المطبوعة
في هامش أسنى المطالب (١ / ٣٣١) عند قول المصنِّف في أدب مطلق زيارة القبور ، أن
يدنو منه دنوّه منه حيّا ، قال في المجموع : ولا يستلم القبر ولا يقبِّله ،
ويستقبل وجهه للسلام ، والقبلة للدعاء ، وذكره أبو موسى الأصبهاني ، قال شيخنا :
نعم ؛ إن كان قبر نبيٍّ أو وليٍّ أو عالمٍ واستلمه أو قبّله بقصد التبرّك فلا بأس
به.
١١ ـ نقل الطيّب
الناشري ، عن محبّ الدين الطبري الشافعي : أنَّه يجوِّز تقبيل القبر ومسّه ، قال :
وعليه عمل العلماء الصالحين وأنشد :
لو رأينا لسليمى
أثراً
|
|
لسجدنا ألف ألف
للأثر
|
١٢ ـ قال القاضي عياض المالكي في
الشفا ـ بعد كلام طويل في تعظيم قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : وجدير بمواطن عُمِّرت بالوحي والتنزيل ، وتردّد بها
جبرئيل وميكائيل ، وعرجت منها الملائكة والروح ، وضجّت عرصاتها بالتقديس والتسبيح
، واشتملت تربتها على جسد سيّد البشر ، وانتشر عنها من دين الله وسنّة نبيّه ما
انتشر ، مدارس وآيات ومساجد وصلوات ، ومشاهد الفضائل والخيرات ، ومعاهد البراهين
والمعجزات ، ومناسك الدين ، ومشاعر المسلمين ، ومواقف سيّد المرسلين ، ومتبوَّأ
خاتم النبيِّين ، حيث انفجرت النبوّة ، وأين فاض عُبابها ، ومواطن مهبط
__________________
الرسالة ، وأوّل
أرض مسَّ جلدَ المصطفى ترابها ؛ أن تُعظَّم عرصاتها ، وتنسّم نفحاتها ، وتُقبَّل ربوعها وجدرانها.
يا دارَ خير
المرسلين ومن به
|
|
هُديَ الأنامُ
وخصَّ بالآياتِ
|
عندي لأجلِكِ
لوعةٌ وصبابةٌ
|
|
وتشوّقٌ
متوقِّدُ الجمراتِ
|
وعليَّ عهدٌ إن
ملأت محاجري
|
|
من تلكمُ
الجدرانِ والعرصاتِ
|
لأُعفِّرنَّ
مصونَ شيبي بينها
|
|
من كثرةِ
التقبيلِ والرشفاتِ
|
لو لا العوادي
والأعادي زرتُها
|
|
أبداً ولو سحباً
على الوجناتِ
|
لكن سأهدي من حفيل
تحيّتي
|
|
لقطينِ تلك
الدارِ والحجراتِ
|
١٣ ـ قال قاضي القضاة شهاب الدين
الخفاجي الحنفي المتوفّى (١٠٦٩) في شرح الشفا (٣ / ٥٧٧) عند قول
القاضي ـ ونقل من كتاب أحمد بن سعيد الهندي في من وقف بالقبر أن لا يلصق به ولا
يمسّه بشيء من جسده ـ : فلا يقبّله ، فيكره مسّه وتقبيله وإلصاق صدره لأنَّه ترك
أدب ، وكذا كلّ ضريح يكره فيه ، وهذا أمر غير مجمع عليه ؛ ولذا قال أحمد والطبري :
لا بأس بتقبيله والتزامه. وروي أنَّ أبا أيّوب الأنصاري كان يلتزم القبر الشريف ،
قيل : وهذا لغير من لم يغلبه الشوق والمحبّة ، وهو كلام حسن.
وقال في (٣ / ٥٧١) عند قول ابن أبي مليكة : ـ من أحبَّ أن يكون
وِجاه النبيّ فيجعل القنديل الذي في القبلة عند القبر على رأسه ـ : هو إرشاد
لكيفيّة الزيارة وأن يكون بينه وبين القبر فاصل ، فقيل : إنَّه يبعد عنه بمقدار
أربعة أذرع ، وقيل : ثلاثة وهذا مبنيٌّ على أنَّ البعد أولى وأليق بالأدب كما كان
في حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليه الأكثر ،
__________________
وذهب بعض
المالكيّة إلى أنَّ القرب أولى ، وقيل : يعامله معاملته في حياته فيختلف ذلك
باختلاف الناس ، وهذا باعتبار ما كان في العصر الأوّل ، وأمّا اليوم فعليه مقصورة
تمنع من دنوِّ الزائر ، فيقف عند الشبّاك.
١٤ ـ نقل عن ابن
أبي الصيف اليماني ـ أحد علماء مكّة من الشافعيّة ـ جواز تقبيل المصحف ، وأجزاء
الحديث ، وقبور الصالحين.
١٥ ـ قال الحافظ
ابن حجر : استنبط بعضهم من مشروعيّة تقبيل الحجر الأسود جواز تقبيل
كلِّ من يستحقُّ التعظيم من آدميٍّ وغيره ، فأمّا تقبيل يد الآدميّ فسبق في الأدب
، وأمّا غيره ، فنقل عن أحمد أنَّه سُئل عن تقبيل منبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقبره ، فلم يرَ به بأساً ، واستبعد بعض أتباعه صحّته عنه .
١٦ ـ قال الزرقاني
المصري المالكي في شرح المواهب (٨ / ٣١٥) : تقبيل القبر الشريف مكروه إلاّ لقصد
التبرّك فلا كراهة كما اعتقده الرملي.
١٧ ـ قال الشيخ
إبراهيم الباجوري الشافعي ، في حاشيته على شرح ابن قاسم الغزّي على متن الشيخ أبي
شجاع في الفقه الشافعي (١ / ٢٧٦):
يكره تقبيل القبر
واستلامه ومثله التابوت الذي يجعل فوقه ، وكذلك تقبيل الأعتاب عند الدخول لزيارة
الأولياء ، إلاّ أن قصد به التبرّك بهم فلا يكره ، وإذا عجز عن ذلك لازدحام ونحوه
كاختلاط الرجال بالنساء ـ كما يقع في زيارة سيدي أحمد البدوي ـ وقف في مكان يتمكّن
فيه من الوقوف بلا مشقّة ، وقرأ ما تيسّر وأشار بيده
__________________
أو نحوها ، ثمّ
قبّل ذلك ، فقد صرّحوا بأنَّه إذا عجز عن استلام الحجر الأسود يسنُّ له أن يشير
بيده أو عصا ثمّ يقبِّلها.
١٨ ـ قال الشيخ
حسن العدوي الحمزاوي المالكي في كنز المطالب (ص ٢١٩) ومشارق الأنوار (ص ٦٦) بعد نقل
عبارة الرملي المذكور :
ولا مرية حينئذٍ
أنَّ تقبيل القبر الشريف لم يكن إلاّ للتبرّك ، فهو أولى من جواز ذلك لقبور
الأولياء عند قصد التبرّك ، فيحمل ما قاله العارف على هذا المقصد ، لا سيّما وأنَّ
قبره الشريف روضة من رياض الجنّة.
١٩ ـ قال الشيخ
سلامة العزّامي الشافعي في فرقان القرآن (ص ١٣٣):
وقال ـ يعني ابن
تيميّة ـ : من طاف بقبور الصالحين أو تمسّح بها كان مرتكباً أعظم العظائم. وأتى
بكلام ملتبس ؛ فمرّة يجعله من الكبائر ، وأخرى من الشرك إلى مسائل من أشباه ذلك ،
قد فرغ العلماء المحقِّقون والفقهاء المدقِّقون من بحثها وتدوينها قبل أن يولد هو
بقرون ، فيأبى إلاّ أن يخالفهم ؛ وربّما ادّعى الإجماع على ما يقول ، وكثيراً ما
يكون الإجماع قد انعقد قبله على خلاف قوله ، كما يعلم ذلك من أمعن في كلامه وكلام
من قبله وكلام من بعده ممّن تعقّبه من أهل الفهم المستقيم والنقد السليم ، وإليك
مثالاً :
التمسّح بالقبر أو
الطواف به من عوام المسلمين ، فأهل العلم فيه على ثلاثة أقوال : الجواز مطلقاً ،
والمنع مطلقاً على وجه كراهة التنزيه الشديدة ، ولكنّها لا تبلغ حدّ التحريم ،
والتفصيل بين من غلبه شدّة شوقٍ إلى المزور فتنتفي عنه هذه الكراهة ومن لا فالأدب
تركه. وأنت إذا تأمّلت في الأُمور التي كفّر بها المسلمين وجعلها
__________________
عبادة لغير الله
وجدت حجَّته ترجع إلى مقدّمتين صدقت كبراهما وهي : كلّ عبادة لغير الله شرك. وهي
معلومة من الدين بالضرورة ، ثمّ يسوق عليه الأدلّة بالآيات الواردة فى المشركين ،
وكذبت صغراهما ، وهي قوله : كلّ نداءٍ لميّت أو غائب أو طواف بقبر أو تمسّح به أو
ذبح أو نذر لصاحبه ... إلخ ، فهو عبادة لغير الله.
ثمّ يسوق الآيات
والأحاديث الصحاح التي لم يفهمها أو تعمّد في تأويلها على غير وجهها ، ثمّ يخرج من
هذا القياس الذي فسدت إحدى مقدّمتيه بنتيجة لا محالة كاذبة ، وهي : أنَّ جمهور
المسلمين ـ إلاّ إيّاه ومن شايعه ـ مشركون كافرون ، وقد أجاد تلخيص هذا المذهب
وأدلّته وتزييفها منطقيّا وأُصوليّا كلّ الإجادة سيّد أهل التحقيق وتاج أهل
التدقيق الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد المجيد الفاسي ، المتوفّى سنة تسع وعشرين
ومائتين وألف في مؤلّفٍ ردّ به على ذلك المذهب ،ينطق بعلوِّ كعب هذا الإمام.إلى أن
قال :
ولقد تعدّى هذا
الرجل حتى على الجناب المحمّدي فقال : إنَّ شدّ الرحال إلى زيارته معصية ، وإنّ من
ناداه مستغيثاً به ـ عليه الصلاة والسلام ـ بعد وفاته فقد أشرك ، فتارةً يجعله
شركاً أصغر ، وأُخرى يجعله شركاً أكبر ، وإن كان المستغيث ممتلئ القلب بأنَّه لا
خالق ولا مؤثِّر إلاّ الله ، وأنَّ النبيَّ ـ صلى الله عليه ـ إنَّما تُرفع إليه
الحوائج ويُستغاث به ، على أنَّ الله جعله منبع كلِّ خير ، مقبول الشفاعة ، مستجاب
الدعاء صلىاللهعليهوآلهوسلم كما هي عقيدة جميع المسلمة ، مهما كانوا من العامّة.
انتهى.
وأخبر جمال الدين
عبد الله بن محمد الأنصاري المحدِّث ، قال : رحلنا مع شيخنا تاج الدين الفاكهاني إلى دمشق ، فقصد زيارة نعل سيّدنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم التي بدار الحديث الأشرفيّة بدمشق وكنت معه ، فلمّا رأى
النعل المكرّمة حسر عن رأسه
__________________
وجعل يقبّله
ويمرّغ وجهه عليه ودموعه تسيل ، وأنشد :
فلو قيل للمجنون
ليلى ووصلَها
|
|
تريدُ أم الدنيا
وما في طواياها
|
لقال غبارٌ من
ترابِ نعالِها
|
|
أحبُّ إلى نفسي
وأشفى لبلواها
|
٢٠ ـ أخرج محبّ الدين الطبري في
الرياض النضرة (٢ / ٥٤) حديثاً
طويلاً فيما اتّفق بالأبواء بين عمر بن الخطّاب ، لمّا خرج حاجّا في نفر من أصحابه
، وبين شيخ استغاث به ، وفيه : لمّا انصرف عمر ونزل ذلك المنزل واستخبر عن الشيخ
وعرف موته ، فكأنّي أنظر إلى عمر وقد وثب مباعداً ما بين خطاه ، حتى وقف على القبر
ـ قبر الشيخ ـ فصلّى عليه ثمّ اعتنقه وبكى.
فلو جاز لمثل عمر
الوقوف على قبر رجل عاديّ واعتناقه والبكاء عليه ، فما وازع الأُمّة عن الوقوف على
قبر رسولها الكريم واعتناقه والبكاء عليه ، أو قبور عترته الطاهرة.
(أُولئِكَ الَّذِينَ
هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) .
زيارة أبي بكر بن
أبي قحافة :
لفظ الفقه على
المذاهب الأربعة (١ / ٥٥١).
٢٧ ـ ثمّ يقف حيث
يحاذي رأس الصدّيق رضى الله عنه ويقول :
السلام عليك يا
خليفة رسول الله ، السلام عليك يا صاحب رسول الله في
__________________
الغار ، السلام
عليك يا رفيقه في الأسفار ، السلام عليك يا أمينه في الأسرار ، جزاك الله عنّا
أفضل ما جزى إماماً عن أُمّة نبيّه ، ولقد خلفته بأحسن خلف ، وسلكت طريقه ومنهاجه
خير سلك ، وقاتلت أهل الردّة والبدع ، ومهّدت الإسلام ، ووصلت الأرحام ، ولم تزل
قائماً للحقّ ناصراً لأهله حتى أتاك اليقين ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ،
اللهمّ أَمتنا على حبّه ، ولا تخيِّب سعينا في زيارته برحمتك يا كريم.
زيارة عمر بن
الخطّاب :
٢٨ ـ ثمّ يتحوّل
حتى يحاذي قبر عمر رضى الله عنه ويقول :
السلام عليك يا
أمير المؤمنين ، السلام عليك يا مظهر الإسلام ، السلام عليك يا مكسِّر الأصنام ،
جزاك الله عنّا أفضل الجزاء ، ورضي الله عمّن استخلفك ، فقد نصرت الإسلام
والمسلمين حيّا وميّتاً ؛ فكفلت الأيتام ، ووصلت الأرحام ، وقوي بك الإسلام ، وكنت
للمسلمين إماماً مرضيّا وهادياً ومهديّا ، جمعت شملهم ، وأغنيت فقيرهم ، وجبرت
كسرهم ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قال الأميني : هذه
الزيارة هي التي ذكرها الشرنبلالي الفقيه الحنفي في مراقي الفلاح وغير واحد من السلف ، غير أنَّ أعلام اليوم زادوا فيها ما
راقهم من فضائل الشيخين ، وليس هناك أيّ وازع من ذلك. إذ في وسع الزائر سرد جمل
الثناء على المزور بكلّ ما يعلم من مناقبه ، وقد أطبقت الأُمّة الإسلاميّة على هذا
في قرونها الخالية حتى اليوم.
زيارة أُخرى :
رواية القسطلاني :
__________________
ينتقل عن يمينه
قدر ذراع فيسلّم على أبي بكر رضى الله عنه ؛ لأنَّ رأسه بحذاء منكب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيقول :
السلام عليك يا
خليفة سيّد المرسلين ، السلام عليك يا من أيّد الله به يوم الردّة الدين ، جزاك
الله عن الإسلام والمسلمين خيراً ، اللهمّ ارض عنه وارض عنّا به.
ثمّ ينتقل عن
يمينه قدر ذراع فيسلّم على عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، فيقول :
السلام عليك يا
أمير المؤمنين ، السلام عليك يا من أيّد الله به الدين ، جزاك الله عن الإسلام
والمسلمين خيراً ، اللهمّ ارض عنه وارض عنّا به.
ثم يرجع إلى موقفه
الأوّل قبالة وجه سيِّدنا محمد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
زيارة أُخرى :
لفظ الباجوري :
يتأخّر صوب يمينه
قدر ذراع فيسلّم على أبي بكر رضى الله عنه فيقول :
السلام عليك يا
أبا بكر يا خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، جزاك الله عن أُمّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم خيراً.
ثمّ يتأخّر أيضاً
قدر ذراع فيسلّم على عمر رضى الله عنه فيقول مثل ما تقدّم ، ثمَّ يرجع إلى موقفه
الأوّل قبالة وجهه صلىاللهعليهوآلهوسلم ويتوسّل به إلى ربِّه.
زيارة الشيخين
بلفظ واحد :
ثمّ يرجع نصف ذراع
فيقول :
السلام عليكما يا
ضجيعي رسول الله ورفيقيه ووزيريه ومشيريه والمعاونين له على القيام في الدين ،
القائمين بعده بمصالح المسلمين ، وجزاكما الله أحسن الجزاء.
وزاد الشرنبلالي
الحنفي في مراقي الفلاح :
جئناكما نتوسّل
بكما إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليشفع لنا ، ويسأل ربّنا أن يتقبّل سعينا ، ويحيينا على
ملّته ، ويميتنا عليها ويحشرنا في زمرته.
زيارة الشيخين
بلفظ آخر :
ذكرها ابن حبيب في
ذيل زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم :
السلام عليكما يا
صاحبي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يا أبا بكر ويا عمر جزاكما الله عن الإسلام وأهله أفضل
ما جزى وزيري نبيٍّ على وزارته في حياته ، وعلى حسن خلافته إيّاه في أُمّته بعد
وفاته ، فقد كنتما لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وزيرَي صدقٍ في حياته ، وخلفتماه بالعدل والإحسان في
أُمّته بعد وفاته ، فجزاكما الله على ذلك مرافقته في جنّته ، وإيّانا معكم برحمته.
زيارة الشيخين
بلفظ ثالث :
رواية الغزالي :
السلام عليكما يا
وزيري رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمعاونين له على القيام بالدين ما دام حيّا ،
والقائمين في أُمّته بعده بأمور الدين ، تتبعان في ذلك آثاره ، وتعملان بسنّته ،
فجزاكما الله خير ما جزى وزيري نبيّ عن دينه.
وهناك ألفاظ أُخرى
في مجمع الأنهر وغيره ، وفي المذكور غنىً وكفاية ، قال ابن الحاجّ في المدخل (١ /
٢٦٥) : يثني عليهما بما حضره ، ويتوسّل بهما إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويقدّمهما بين يديه شفيعين في حوائجه.
__________________
٢٩ ـ ولا يقف في
الحرم الأقدس طويلاً بل بمقدار الصلاة والدعاء تأدّباً منه ، فهذا مستحبٌّ عنده.
وداع الحرم الأقدس
:
٣٠ ـ ثمّ إذا فرغ
الزائر من أشغاله وعزم على الخروج من المدينة ، فالمستحبُّ أن يأتي القبر الشريف
ويعيد دعاء الزيارة ما سبق ، ويودّع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويسأل الله أن يرزقه العودة إليه ، ويسأل السلامة في سفره
، ثمّ يصلّي ركعتين في الروضة الصغيرة ـ وهي موضع مقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل أن زيدت المقصورة في المسجد ـ فإذا خرج فليخرج رجله
اليسرى أوّلاً ثمّ اليمنى ، وليقل :
اللهمّ صلِّ على
محمد وعلى آل محمد ، ولا تجعله آخر العهد بنبيّك ، وحطَّ أوزاري بزيارته ، وأصحبني
في سفري السلامة ويسِّر رجوعي إلى أهلي ووطني سالماً يا أرحم الراحمين ، ويقول :
اللهمّ إنّا نسألك
في سفرنا هذا البرّ والتقوى ومن العمل ما تحبُّ وترضى ، اللهمّ كن لنا صاحباً في
سفرنا وخليفةً على أهلنا ، اللهمّ ذلِّل لنا صعوبة سفرنا واطوِ عنّا بعده ، اللهمّ
إنّا نعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب في الأهل والمال ،
اللهمّ اصحبنا بنصح واقلبنا بذمّة ، اكفنا ما أهمّنا وما لا نهتمُّ له ، ورجِّعنا
سالمين مع القبول والمغفرة والرضوان ، ولا تجعله آخر العهد بهذا المحلِّ الشريف.
ويعيد السلام
والدعاء المتقدّم في الزيارة ، ويقول بعده :
اللهمّ لا تجعل
هذا آخر العهد بحرم رسولك صلىاللهعليهوآلهوسلم وحضرته الشريفة ، ويسِّر لي العود إلى الحرمين سبيلاً
سهلةً ، وارزقني العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
وزاد الشربيني في
المغني : وردّنا إلى أهلنا سالمين غانمين.
__________________
وقال الكرماني من
الحنفيّة : إذا اختار الرجوع يستحبُّ له أن يأتي القبر الشريف ويقول بعد السلام
والدعاء :
ودّعناك يا رسول
الله غير مودّع ولا سامحين بفرقتك ، نسألك أن تسأل الله تعالى أن لا يقطع آثارنا
من زيارة حرمك ، وأن يعيدنا سالمين غانمين إلى أوطاننا ، وأن يبارك لنا فيما وهب
لنا ، وأن يرزقنا الشكر على ذلك ، اللهمّ لا تجعل هذا آخر العهد من زيارة قبر
نبيّك صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثمّ يتوجّه إلى
الروضة ويصلّي ركعتين عند الخروج ، ويسأل الله العود.
زيارة أئمّة البقيع وبقيّة المزارات فيها
٣١ ـ ويستحبُّ بعد
زيارته عليهالسلام أن يخرج الزائر إلى البقيع كلّ يوم ، ويوم الجمعة آكد كما
قال الفاكهي . وفي إحياء العلوم : يستحبّ أن يخرج كلّ يوم إلى البقيع. وكذا قال النووي
والفاخوري وزاد الأخير : ويخصُّ يوم الجمعة ، يأتي المشاهد والمزارات فيزور
العبّاس ومعه الحسن بن عليّ ، وزين العابدين ، وابنه محمد الباقر ، وابنه جعفر
الصادق ، ويزور أمير المؤمنين سيّدنا عثمان ، وقبر إبراهيم ابن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وجماعة من أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وعمّته صفيّة ، وكثيراً من الصحابة والتابعين خصوصاً
سيّدنا مالكاً وسيّدنا نافعاً ، ويقول :
سلام عليكم بما
صبرتم فنعم عُقبى الدار ، سلام عليكم دار قومٍ مؤمنين ، وإنّا إن شاء الله بكم
لاحقون. ويقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص.
وقال النووي : يقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنّا
إن
__________________
شاء الله بكم
لاحقون ، اللهمّ اغفر لأهل بقيع الغرقد ، اللهمّ لا تحرمنا أجرهم ، ولا تفتنّا بعدهم ، واغفر لنا
ولهم.
وزاد القاضي حسين
: اللهمّ ربّ هذه الأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك
مؤمنة ، أدخل عليها روحاً منك وسلاماً منّي ، اللهمّ برِّد مضاجعهم عليهم واغفر
لهم .
وقال ابن الحاج في
المدخل (١ / ٢٦٥) : هو بالخيار إن شاء أن يخرج إلى البقيع ليزور من فيه اقتداءً
بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا أتى إلى البقيع بدأ بثالث الخلفاء عثمان بن عفان
رضى الله عنه ، ثمّ يأتي قبر العبّاس عمِّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ يأتي من بعده من الأكابر ، وينوي امتثال السنّة في
كونه ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان يزور أهل بقيع الغرقد ، وهذا نصٌّ في الزيارة ،
فدلّ على أنَّها قربة بنفسها مستحبّة ، معمول بها في الدين ، ظاهرة بركتها عند
السلف والخلف.
قال الأميني :
إنَّ المشاهد المقصودة ببقيع الغرقد كانت مشهودةً قبل استيلاء يد العيث والفساد
الأثيمة عليها ، وهي كثيرة جمعها وبسط القول فيها السمهودي في وفاء الوفا (٢ / ١٠١ ـ ١٠٥) ،
وهناك فوائد هامّة.
زيارة شهداء أُحد
٣٢ ـ يستحبّ
للحاجّ أن يزور شهداء أُحد ، قال النووي والشرنبلالي وغيرهما : أفضلها وأحسنها يوم الخميس خصوصاً قبر سيّدنا
حمزة.
وقال الفاخوري في
الكفاية : ويخصُّ بها يوم الإثنين. وقال ابن حجر : ويسنُ
__________________
له أن يأتي
متطهِّراً قبور الشهداء بأُحد ، ويبدأ بسيّد الشهداء حمزة رضى الله عنه. وقال
الفاكهي في حسن الأدب (ص ٨٣) : وقد ورد : زوروهم وسلِّموا عليهم ، والذي نفسي بيده
لا يسلِّم عليهم أحد إلاّ ردّوا عليه إلى يوم القيامة. ولا يخفى أنَّ ردّهم السلام
دعاء بالسلامة ، ودعاؤهم مستجاب.
زيارة حمزة عمّ
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم :
فيقول وهو في غاية
الأدب والإجلال :
السلام عليك يا
عمَّ المصطفى ، السلام عليك يا سيّد الشهداء ، السلام عليك يا أسد الله ، السلام
عليك يا أسد رسول الله ، رضي الله عنك وأرضاك وجعل الجنّة منقلبك ومثواك ، السلام
عليكم أيّها الشهداء ورحمة الله وبركاته.
قال ابن جبير في
رحلته (ص ١٥٣) : وحول
الشهداء ـ بجبل أُحد ـ تربة حمراء ، هي التربة التي تنسب إلى حمزة ، ويتبرّك الناس
بها.
زيارة بقيّة
الشهداء :
ثمّ يتوجّه إلى
قبور الشهداء الباقين ـ والمشهور من الشهداء المكرّمين الذين استشهدوا يوم أُحد
وهم سبعون رجلاً ـ فيقول :
السلام عليكم بما
صبرتم فنعم عُقبى الدار ، السلام عليكم يا شهداء ، السلام عليكم يا سعداء ، رضي
الله عنكم وأرضاكم.
قال الحمزاوي في
كنز المطالب (ص ٢٣٠) : ويتوسّل بهم إلى الله في بلوغ آماله ؛ لأنّ هذا المكان محلّ
مهبط الرحمات الربّانيّة ، وقد قال خير البريّة عليه الصلاة وأزكى
__________________
التحيّة : إنَّ
لربّكم في دهركم نفحات ، ألا فتعرّضوا لنفحات ربِّكم. ولا شكَّ ولا ريب أنَّ هذا
المكان محلُّ هبوط الرحمات الإلهيّة ، فينبغي للزائر أن يتعرّض لهاتيك النفحات
الإحسانيّة ، كيف لا؟ وهم الأحبّة والوسيلة العظمى إلى الله ورسوله ، فجدير لمن
توسّل بهم أن يبلغ المنى وينال بهم الدرجات العلى ، فإنّهم الكرام لا يخيب قاصدهم
وهم الأحياء ، ولا يُردُّ من غير إكرام زائرهم.
وقال السمهودي في
وفاء الوفا (٢ / ١١٣) : وقد
سرد ابن النجّار أسماءهم ، فتبعته ليسلّم عليهم من شاء بأسمائهم :
حمزة بن عبد المطّلب
|
عبد الله بن جحش
|
مصعب بن عمير
|
عمارة بن زياد
|
شماس بن عثمان
|
عمرو بن معاذ
|
الحارث بن أنس
|
سلمة بن ثابت
|
عمرو بن ثابت
|
ثابت بن وقش
|
رفاعة بن وقش
|
حسيل بن جابر
|
صيفي بن قبطي
|
الحُباب بن قبطي
|
عباد بن سهل
|
الحارث بن أوس
|
إياس بن أوس
|
عبيد بن التيّهان
|
حبيب بن زيد
|
يزيد بن حاطب
|
أبو سفيان بن الحارث
|
أنيس بن قتادة
|
حنظلة بن أبي عامر
|
أبو حبّة بن عمرو
|
عبيد الله بن جبير
|
أبو سعد بن خيثمة
|
عبد الله بن مسلمة
|
سُبيع بن حاطب
|
عمرو بن قيس
|
قيس بن عمرو
|
ثابت بن عمرو
|
عامر بن مخلد
|
أبو هبيرة بن الحارث
|
عمرو بن مطرّف
|
أوس بن ثبت
|
أنس بن النضر
|
قيس بن مخلّد
|
عمرو بن إياس
|
سليم بن الحارث
|
نعمان بن عبد
[عمرو]
|
__________________
خارجة بن زيد
|
سعد بن الربيع
|
أوس بن الأرقم
|
مالك بن سنان
|
سعد بن سويد
|
عليّة بن الربيع
|
ثعلبة بن سعد
|
نقيب بن فروة
|
عبد الله بن
عمرو
|
ضمرة الجهني
|
نوفل بن عبد الله
|
عبّاس بن عبادة
|
نعمان بن مالك
|
المحذر بن زياد
|
عبادة بن الحسحاس
|
رفاعة بن عمرو
|
عبد الله بن
عمرو
|
عمرو بن الجموح
|
خلاّد بن عمرو
|
أبو أيمن ، مولى عمرو [بن الجَمُوح]
|
عبيدة بن عمرو
|
عنترة مولى عبيدة
|
سهل بن قيس
|
ذكوان بن عبد قيس
|
عبيد بن المعلّى
|
مالك بن نميلة
|
الحارث بن عدي
|
مالك بن إياس
|
إياس بن عدي
|
كيسان مولى بني النجّار
|
|
|
ومن أراد الوقوف
على تفصيل أسماء هؤلاء الشهداء السعداء وعرفان أُسرهم ، فعليه بسيرة ابن هشام (٣ / ٧٥ ـ ٨١) ؛
وللسمهودي في وفاء الوفا (٢ / ١١٤ ـ ١١٩)
حول قبور شهداء أُحد كلمة ضافية ، فيها فوائد جمّة.
٣٣ ـ قال الكمال
بن الهمام ـ محقِّق الحنفيّة ـ : ويزور جبل أُحد نفسه ، ففي الصحيح : أُحد جبل
يحبّنا ونحبّه.
قال الأميني : جعل
البخاري في صحيحه في آخر غزوة أُحد باباً في حديث : أُحد يحبّنا ونحبّه.
__________________
٣٤ ـ ويستحبُّ
استحباباً مؤكّداً ـ كما قال النووي ـ أن يأتي مسجد قباء ، وفي يوم السبت أولى.
وقال الفاكهي : في السبت فالإثنين فالخميس أولى سيّما صبيحة سابع عشر رمضان لحديث
في ذلك ، فيصلّي فيه ويقول بعد دعائه بما أحبّ : يا صريخ المستصرخين ، يا غياث
المستغيثين ، يا مفرِّج كرب المكروبين ، يا مجيب دعوة المضطرّين ، صلِّ على سيّدنا
محمد وآله ، واكشف كربي وحزني كما كشفت عن رسولك حزنه وكربه في هذا المقام ، يا
حنّان يا منّان ، يا كثير المعروف والإحسان ، يا دائم النعم ، يا أرحم الراحمين ،
ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.
وقد صحَّ عن رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من خرج حتى يأتي هذا المسجد ـ يعني مسجد قباء ـ فيصلّي
فيه ، كان كعدل عمرة» مستدرك الحاكم (٣ / ١٢) صحّحه
الحاكم والذهبي.
وأخرج الطبراني مرفوعاً : «من توضّأ فأسبغ الوضوء ، ثمّ عمد إلى مسجد قباء
لا يريد غيره ولا يحمله على الغدو إلاّ الصلاة في مسجد قباء ، فصلّى فيه أربع
ركعات يقرأ في كلّ ركعة بأمّ القرآن ، كان له كأجر المعتمر إلى بيت الله». مجمع
الزوائد (٤ / ١١)
٣٥ ـ التبرّك بما
بقي من الآثار النبويّة والأماكن الشريفة ، كما في مراقي الفلاح وغيرها ، قال الخطيب الشربيني في المغني (١ / ٤٩٥):
يسنُّ أن يأتي
سائر المشاهد بالمدينة وهي نحو ثلاثين موضعاً ـ يعرفها أهل المدينة ـ ، ويسنُّ
زيارة البقيع وقباء ، وأن يأتي بئر أريس فيشرب منها ويتوضّأ
__________________
وكذلك بقيّة
الآبار السبعة ، وقد نظمها بعضهم في بيت فقال :
أريسٌ وغرسُ رومةٍ
وبُضاعة
|
|
كذا بُصّة قل
بيرحاء مع العهنِ
|
قال
الأميني : هذا البيت لأبي
الفرج ناصر الدين المراغي ، وقبله قوله :
إذا رمت آبار
النبيِّ بطيبةٍ
|
|
فعدّتها سبعٌ
مقالاً بلا وهنِ
|
٣٦ ـ قال الفاخوري في الكفاية لذوي
العناية (ص ١٣٠) : ويستحبُّ أن يستصحب معه هديّة من تمر المدينة وماء آبارها من
غير تكلّف ولا مفاخرة ، وإذا قفل منصرفاً قاصداً وطنه كبّر في طريقه على كلّ مرتفع
ثلاثاً ، ثمّ يقول :
لا إله إلاّ الله
وحدَهُ لا شريك له ، له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلّ شيءٍ قدير ، آئبون تائبون
عابدون ساجدون لربّنا حامدون ، صدق الله وعدَهُ ونَصَرَ عبده وأعزَّ جنده وهزمَ
الأحزاب وحده.
وقال الشيخ زاده
في مجمع الأنهر (١ / ١٥٨) : ثمّ ينصرف باكياً حزيناً على فراق الحضرة النبويّة ،
ومن السنن أن يكبِّر على كلّ شرف من الأرض ويقول : آئبون تائبون عابدون. إلخ.
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ
إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ
تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) .
المصادر :
أخذنا ما مرَّ من
الآداب والزيارات من مناسك أعلام المذاهب الأربعة ، وكتبهم
__________________
الفقهيّة ، فمن
ابتغى الوقوف على تفصيل ما لم نذكر مصدره ممّا ذكر فعليه بما يلي من الكتب :
التأليف
|
المؤلّف
|
إحياء العلوم (١
/ ٢٤٦)
|
حجّة الإسلام أبو حامد الغزالي
|
التذكرة
|
أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي
|
المستوعب
|
ابن أبي سنينة السامري الحنبلي
|
المدخل (الجزء
الأول)
|
أبو عبد الله العبدري المالكي
|
شفاء السقام (ص
٥٢ ـ ١١٩)
|
تقيّ الدين السبكي الشافعي
|
وفاء الوفا (٢ /
٤٣١ ـ ٤٥٥)
|
نور الدين السمهودي الشافعي
|
المواهب
اللدنيّة
|
أبو العبّاس القسطلاني الشافعي
|
أسنى المطالب (١
/ ٥٠١)
|
أبو يحيى الأنصاري الشافعي
|
الجوهر المنظّم
|
ابن حجر الهيثمي الشافعي
|
مغني المحتاج (١
/ ٤٩٤)
|
الخطيب الشربيني الشافعي
|
حسن التوسّل ،
مؤلَّف في الآداب
|
جمال الدين الفاكهي الشافعي
|
الشفا
|
القاضي عياض المالكي
|
مراقي الفلاح في
خاتمته ، مخطوط
|
أبو البركات الشرنبلالي الحنفي
|
شرح الشفا
|
القاضي الخفاجي الحنفي
|
مجمع الأنهر (١ / ١٥٦)
|
عبد الرحمن شيخ زاده
|
مفتاح السعادة (٣
/ ٧٣)
|
المولى أحمد طاش كبرى زاده
|
شرح المواهب (٨
/ ٢٩٧ ـ ٣٣٥)
|
أبو عبد الله الزرقاني المالكي
|
الحاشية (١ / ٣٤٨)
|
الشيخ إبراهيم الباجوري الشافعي
|
__________________
كنز المطالب (ص
١٨٣ ـ ٢٢٤)
|
الشيخ حسن العدوي الشافعي
|
الكفاية (ص ١٢٥
ـ ١٣١)
|
عبد الباسط الفاخوري المفتي
|
الإرشادات
السنيّة (ص ٢٦٠)
|
عبد المعطي السقّا الشافعي
|
الفقه على
المذاهب الأربعة (الجزء الأول)
|
عدّة من فقهاء المذاهب
|
الحث على زيارة القبور
ورد في السنّة
الصحيحة المتّفق عليها الأمر بزيارة القبور والحثّ عليها ، وأصفقت آراء أعلام
المذاهب الإسلاميّة على الفتيا بمفاده وأنَّها تستحبّ ، بل قال بعض الظاهريّة
بوجوبها كما نصَّ عليه غير واحد أخذاً بظاهر الأمر ؛ وإليك جملة من تلك النصوص :
١ ـ عن بريدة
مرفوعاً : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، ألا فزوروها».
وزاد الترمذي : «فقد
أذن الله لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في زيارة قبر أُمّه».
أخرجه : مسلم في صحيحه ، والترمذي في سننه ، وقال : حديث حسن
صحيح ، والنسائي في السنن (٤ / ٨٩) ، والحاكم في المستدرك (١ / ٣٧٤) عن الصحيحين للبخاري
ومسلم ، والبغوي في مصابيح السنّة (١ / ١١٦) وعدّة من الصحاح ، والمنذري في
الترغيب والترهيب (٤ / ١١٨) ، وابن الديبع في تيسير الوصول (٤ / ٢١٠) وقال : أخرجه
الخمسة إلاّ البخاري.
٢ ـ عن عبد الله
بن مسعود مرفوعاً في حديث : «ألا فزوروا القبور فإنَّها تزهِّد في الدنيا وتذكِّر
الآخرة».
__________________
أخرجه ابن ماجة في سننه (١ / ٤٧٦) ، وأبو الوليد محمد بن عبد
الله الأزرقي في أخبار مكّة (٢ / ١٧٠) ، والحاكم في المستدرك (١ / ٣٧٥) وصحّحه ،
والمنذري في الترغيب والترهيب (٤ / ١١٨) وقال : إسناد صحيح ، والبيهقي في السنن الكبرى
(٤ / ٧٧).
٣ ـ عن أنس بن
مالك مرفوعاً : «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ؛ فإنَّها تذكّركم الموت».
أخرجه الحاكم في
المستدرك (١ / ٣٧٥) وصحّحه.
٤ ـ عن ابن عبّاس
مرفوعاً : «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجراً»
أخرجه الطبراني في
الكبير والأوسط ، كما في مجمع الزوائد للهيثمي (٣ / ٥٨)
٥ ـ عن زيد بن
الخطّاب في حديث مرفوعاً : «إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فمن شاء منكم أن
يزور فليزُر».
رواه الطبراني في
الكبير ، ونقله عنه الهيثمي في مجمع الزوائد (٣ / ٥٨).
٦ ـ عن أبي هريرة
مرفوعاً : «فزوروا القبور فإنّها تذكِّر ـ تذكِّركم ـ الموت».
أخرجه : مسلم في صحيحه ، وأحمد في مسنده (١ / ٤٤١) ، وابن ماجة
في
__________________
السنن (١ / ٤٧٦) ،
وأبو داود في سننه (٢ / ٧٢) ، والنسائي في السنن (٤ / ٩٠) ، والحاكم في المستدرك (١
/ ٣٧٦) ، والبيهقي في سننه الكبرى (٤ / ٧٦) ، والمنذري في الترغيب والترهيب (٤ /
١١٨).
٧ ـ عن بريدة
مرفوعاً : «إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، وليزدكم زيارتها خيراً».
أخرجه الحاكم في
المستدرك (١ / ٣٧٦) وصحّحه
هو والذهبي ، والبيهقي في سننه (٤ / ٧٦).
٨ ـ عن أنس بن
مالك مرفوعاً : «إنّي نهيتكم عن زيارة القبور فمن شاء أن يزور قبراً فليزره ؛
فإنّه يرقُّ القلب ، ويدمع العين ، ويذكِّر الآخرة ، ولا تقولوا هجراً».
أخرجه : أحمد في مسنده (٣ / ٢٣٧ ـ ٢٥٠) ، والحاكم في المستدرك (١
/ ٣٧٦) وصحّحه هو وأقرّه الذهبي ، والبيهقي في سننه الكبرى (٤ / ٧٧).
٩ ـ عن زيد بن
ثابت مرفوعاً : «زوروا القبور ، ولا تقولوا هجراً».
أخرجه الطبراني في
الصغير كما في مجمع الزوائد (٣ / ٥٨).
١٠ ـ عن أبي ذرّ
مرفوعاً : «زُرِ القبور تذكرْ بها الآخرة».
أخرجه : الحاكم في المستدرك (١ / ٣٧٧) وقال : حديث رواته عن
آخرهم
__________________
ثقات ، والمنذري
في الترغيب والترهيب (٤ / ١١٨).
١١ ـ عن أبي سعيد
الخدري مرفوعاً في حديث : «نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها ولا تقولوا ما يسخط
الربّ».
أخرجه البزّار
والهيثمي في مجمع الزوائد (٣ / ٥٨) وقال : رجاله رجال الصحيح.
١٢ ـ عن أبي سعيد
الخدري مرفوعاً : «نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها ولا تقولوا هجراً».
أخرجه البيهقي في
سننه الكبرى (٤ / ٧٧).
١٣ ـ عن أبي سعيد
الخدري مرفوعاً «إنّي نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها ؛ فإنَّ فيها عبرة».
أخرجه : أحمد في مسنده (٣ / ٣٨) ، والحاكم في المستدرك (١ / ٣٧٥)
وصحّحه وو الذهبي ، والبيهقي في سننه الكبرى (٤ / ٧٧) ، والمنذري في الترغيب
والترهيب (٤ / ١١٨) وقال : رواته محتجٌّ بهم في الصحيح ، والهيثمي في مجمع الزوائد
(٣ / ٥٨) وقال : رجاله رجال الصحيح.
١٤ ـ عن طلحة بن
عبد الله قال : خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد قبور الشهداء. إلى أن قال : فلمّا جئنا قبور الشهداء
، قال : «هذه قبور إخواننا».
أخرجه : أبو داود
في سننه (١ / ٣١٩) ،
والبيهقي في السنن الكبرى (٥ / ٢٤٩).
١٥ ـ عن عليّ أمير
المؤمنين مرفوعاً في حديث : «إنّي كنت نهيتكم عن زيارة
__________________
القبور ، فزوروها
، فإنّها تذكّركم الآخرة».
أخرجه أحمد في
مسنده (١ / ١٤٥) ،
والهيثمي في مجمع الزوائد (٣ / ٥٨) ، وأخرجه أحمد بلفظ أخصر في المسند (١ / ٤٥٢)
من طريق عبد الله بن مسعود.
١٦ ـ أخرج أبو
الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي في أخبار مكة (٢ / ١٧٠) قال :
أخبرني ابن أبي مليكة في حديث رفعه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «ائتوا موتاكم فسلّموا عليهم ـ أو : صِلُوا ، شكَّ
الخزاعي ـ فإنَّ لكم عبرة».
١٧ ـ عن بريدة
مرفوعاً : «نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها ؛ فإنَّ في زيارتها تذكرة». أخرجه
أبو داود في سننه (٢ / ٧٢).
١٨ ـ عن ثوبان
مرفوعاً : «نهيتكم عن زيارة القبور ؛ فزوروها واجعلوا زيارتكم لها صلاةً عليهم
واستغفاراً لهم».
رواه الطبراني في
الكبير كما في مجمع الزوائد (٣ / ٥٨).
١٩ ـ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من أراد أن يزور قبراً فليزره ولا يقول إلاّ خيراً ؛
فإنَّ الميّت يتأذّى ممّا يتأذّى منه الحيّ».
ذكره الشيخ شعيب
الحريفيش في الروض الفائق في المواعظ والرقائق (١ / ١٩)
٢٠ ـ عن جابر
مرفوعاً : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها».
أخرجه الخطيب في
تاريخه (١٣ / ٢٦٤).
__________________
٢١ ـ عن أُمّ سلمة
مرفوعاً : «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنَّ لكم فيها عبرة». أخرجه الطبراني
في الكبير كما في مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي (٣ / ٥٨).
٢٢ ـ عن عائشة :
كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يخرج إلى البقيع فيقول : «السلام عليكم دار قوم مؤمنين ،
وآتاكم ما توعدون غداً مؤجَّلون ، وإنّا بكم إن شاء الله لاحقون ، اللهمّ اغفر
لأهل بقيع الغرقد».
أخرجه مسلم في صحيحه ، والبيهقي في السنن (٤ / ٧٩ ، ٥ / ٢٤٩) ،
والشربيني في المغني (١ / ٣٥٧) وغيرهم.
٢٣ ـ عن عائشة :
إنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن زيارة القبور ثمّ رخّص فيها ، أحسبه قال : «فإنَّها
تذكِّر الآخرة».
أخرجه البزّار
والهيثمي في مجمع الزوائد (٣ / ٥٨) وقال : رجاله ثقات.
٢٤ ـ عن عائشة
قالت : نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن زيارة القبور ، ثمّ قال : «زوروها ؛ فإنَّ فيها موعظةً».
أخرجه الخطيب في
تاريخه (١٤ / ٢٢٨).
٢٥ ـ عن عائشة في
حديث مرفوعاً : «ألا فزوروا إخوانكم وسلِّموا عليهم ؛ فإنَّ فيهم عبرة». رواه
الطبراني في الأوسط كما في مجمع الهيثمي (٣ / ٥٨).
٢٦ ـ كانت فاطمة
تزور قبر عمِّها حمزة كلّ جمعة ، فتصلّي وتبكي عنده.
أخرجه البيهقي في
سننه (٤ / ٧٨) ، والحاكم في المستدرك (١ / ٣٧٧) ، وقال
: هذا
__________________
الحديث رواته عن
آخرهم ثقات ، ثمّ قال : وقد استقصيت في البحث عن زيارة القبور تحرّياً للمشاركة في
الترغيب ، وليعلم الشحيح بذنبه أنَّها سنّة مسنونة وصلّى الله على محمد وآله
أجمعين.
قال الأميني :
وهناك أحاديث أخرى لم نطل بذكرها المقام ، توجد في الأضاحي والأشربة من كتب الفقه
والحديث.
(فَلْيَأْتُوا
بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ)
أدب زوّار القبور
:
١ ـ أن يكون الزائر
على طهارة.
٢ ـ أن يأتي من
قِبَل رِجلَي الميّت لا من قِبل رأسه.
٣ ـ أن يستقبل
الميّت بوجهه عند الزيارة.
٤ ـ أن يزور
قائماً ويدعو له كذلك.
٥ ـ قراءة ما
تيسّر من القرآن ، ويستحبُّ قراءة يس والتوحيد.
٦ ـ دعاء الميّت
مستقبلاً القبلة.
٧ ـ الجلوس لدى
القراءة مستقبل القبلة.
٨ ـ رشُّ القبر
بالماء الطاهر.
٩ ـ التصدّق عن
الأموات.
١٠ ـ أن يكون
الزائر حافياً ولا يطأ القبور.
القول في الزيارة
:
١ ـ عن عائشة
مرفوعاً : قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أتاني جبريل فقال : إنَّ ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع
فتستغفر لهم» ، قالت : كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال : قولي :
__________________
السلام على أهل
الديار من المؤمنين والمسلمين ، يرحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين ، وإنّا إن
شاء الله بكم لاحقون».
أخرجه مسلم في
صحيحه وجمع آخر من الفقهاء والحفّاظ ، وفي رواية :
«السلام عليكم أهل
الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون ، أسأل الله لنا
ولكم العافية».
أخرجه البيهقي في
سننه الكبرى (٤ / ٧٩).
٢ ـ عن أبي هريرة
رضى الله عنه : إنَّ النبيّ أتى المقبرة فقال : «السلام عليكم دار قوم مؤمنين ،
وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون».
رواه : أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
٣ ـ عن ابن عبّاس
قال : مرَّ رسول الله بقبور المدينة ، فأقبل عليهم بوجهه فقال : «السلام عليكم يا
أهل القبور ، يغفر الله لنا ولكم ، أنتم سلفنا ونحن بالأثر».
رواه : الترمذي ، والبغوي في المصابيح (١ / ١١٦).
٤ ـ عن بريدة قال
: كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعلّمهم إذا خرجوا إلى المقابر :
«السلام عليكم أهل
الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون ، وأنتم لنا فرط
ونحن لكم تبع ، نسأل الله العافية» ، سنن البيهقي (٤ / ٧٩).
٥ ـ عن مجمع بن
حارثة قال : خرج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في جنازة حتى انتهى إلى
__________________
المقبرة ، فقال : «السلام
على أهل القبور ـ ثلاث مرّات ـ من كان منكم من المؤمنين والمسلمين ، أنتم لنا فرط
ونحن لكم تبع ، عافانا الله وإيّاكم». مجمع الزوائد (٣ / ٦٠)
٦ ـ قال أمير
المؤمنين عليُّ بن أبي طالب في زيارة قبور بالكوفة :
«السلام عليكم يا
أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، أنتم لنا سلف فارط ، ونحن لكم تبع عمّا قليل
لاحق ، اللهمّ اغفر لنا ولهم وتجاوز عنّا وعنهم ، طوبى لمن أراد المعاد ، وعمل
الحسنات ، وقنع بالكفاف ، ورضي عن الله عزَّ وجلَّ».
أخرجه الطبراني
كما في مجمع الزوائد (٩ / ٢٩٩) ، وذكره الجاحظ في البيان والتبيين (٣ / ٩٩) بلفظ
يقرب من هذا.
٧ ـ كان عليُّ بن
أبي طالب أمير المؤمنين ـ كرّم الله وجهه ـ إذا دخل المقبرة قال : «السلام عليكم
يا أهل الديار الموحشة والمحالّ المقفرة من المؤمنين والمؤمنات ، اللهمّ اغفر لنا
ولهم ، وتجاوز بعفوك عنّا وعنهم. ثمّ يقول : الحمد لله الذي جعل لنا الأرض كفاتاً
أحياءً وأمواتاً ، والحمد لله الذي منها خلقنا ، وإليها معادنا ، وعليها محشرنا ،
طوبى لمن ذكر المعاد ، وعمل الحسنات ، وقنع بالكفاف ، ورضي عن الله عزَّ وجلَّ».
العقد الفريد (٢ / ٦).
٨ ـ قال
الفيروزآبادي ـ صاحب القاموس ـ في سفر السعادة (ص ٥٧):
ومن العادات
النبويّة زيارة القبور والدعاء والاستغفار ، ومثل هذه الزيارة مستحبّ ، وقال : إذا
رأيتم المقابر فقولوا : السلام عليكم أهل الديار ... إلى آخر ما ذكر. ثمّ قال :
وكان يقرأ وقت الزيارة من نوع الدعاء الذي كان يقرأه في صلاة الميّت.
__________________
٩ ـ وقف محمد بن
الحنفيّة على قبر الحسن بن عليّ ـ الإمام ـ فخنقته العبرة ثمّ نطق فقال : رحمك
الله أبا محمد ، فلئن عزّتْ حياتك فلقد هدّتْ وفاتك ، ولنعم الروح روح ضمّه بدنك ،
ولنعم البدن بدن ضمّه كفنك ، وكيف لا يكون كذلك وأنت بقيّة ولد الأنبياء ، وسليل
الهدى ، وخامس أصحاب الكساء ، غذّتك أكفُّ الحقِّ ، ورُبِّيت في حجر الإسلام ،
فطبت حيّا وطبت ميّتاً ، وإن كانت أنفسنا غير طيّبة بفراقك ولا شاكّة في الخيار
لك. العقد الفريد (٢ / ٨).
١٠ ـ وقف عليُّ بن
أبي طالب ـ أمير المؤمنين ـ على قبر خباب فقال : «رحم الله خباباً لقد أسلم راغباً
، وجاهد طائعاً ، وعاش مجاهداً ، وابتلي في جسمه أحوالاً ، ولن يضيع الله أجر من
أحسن عملاً». العقد الفريد (٢ / ٧).
١١ ـ قامت عائشة
على قبر أبيها أبي بكر الصدّيق ، فقالت : نضّر الله وجهك ، وشكر صالح سعيك ، فقد
كنت للدنيا مذلاّ بإدبارك عنها ، وللآخرة معزّا بإقبالك عليها ، ولئن كان رزؤك
أعظم المصائب بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأكبر الأحداث بعده ، فإنَّ كتاب الله تعالى قد وعدنا
بالثواب على الصبر في المصيبة ، وأنا تابعة له في الصبر ، فأقول إنّا لله وإنّا
إليه راجعون ، ومستعيضة بأكثر الاستغفار لك ، فسلام الله عليك توديع غير قالية
لحياتك ، ولا رازءة على القضاء فيك. المستطرف (٢ / ٣٣٨).
١٢ ـ كان الحسن
البصري إذا دخل المقبرة قال : اللهمّ ربّ هذه الأجساد البالية والعظام النخرة ،
التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة ، أدخل عليها روحاً منك وسلاماً منّا. العقد
الفريد (٢ / ٦).
__________________
١٣ ـ قام ابن
السمّاك على قبر أبي سليمان داود بن نصير الطائي ، المتوفّى (١٦٥) فقال : يا داود
، كنت تسهر ليلك إذ الناس نائمون ، وكنت تسلم إذا الناس يخوضون ، وكنت تربح إذ
الناس يخسرون. حتى عدَّ فضائله كلّها. صفة الصفوة (٣ / ٨٢).
هناك ألفاظ كبيرة
في زيارة القبور لدة ما ذكر ، نقلت عن الأئمّة وأعلام المذاهب الأربعة ، تنبئنا عن
أنَّ الزائر في وسعه أن يزور الميّت ويدعو له بأيّ لفظٍ شاء وأراد ؛ وله سرد ما
يروقه من مناقبه وفضائله ، وذكر ما يوجِّه إليه عطف المولى سبحانه ويستوجب له
رحمته ، والألفاظ المذكورة في زيارة النبيّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم وزيارة الشيخين تثبت ما نرتئيه.
كلمات حول زيارة القبور
لأعلام العامّة
فيها فوائد جمّة :
١ ـ قال ابن
الحاجّ أبو عبيد الله العبدري المالكي المتوفّى (٧٣٧) في المدخل (١ / ٢٥٤) : وصفة
السلام على الأموات أن يقول : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمؤمنات ،
والمسلمين والمسلمات ، رحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين ، وإنّا إن شاء الله
بكم لاحقون ، أسأل الله لنا ولكم العافية. ثمّ يقول : اللهمّ اغفر لنا ولهم.
وما زدت أو نقصت
فواسع ، والمقصود الاجتهاد لهم في الدعاء ؛ فإنَّهم أحوج الناس لذلك لانقطاع
أعمالهم ، ثمّ يجلس في قبلة الميّت ويستقبله بوجهه ، وهو مخيّر في أن يجلس في
ناحية رجليه إلى رأسه أو قبال وجهه ، ثمّ يثني على الله تعالى بما حضره من الثناء
، ثمّ يصلّي على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الصلاة المشروعة ، ثمّ يدعو للميّت بما أمكنه ،
__________________
وكذلك يدعو عند
هذه القبور عند نازلة نزلت به أو بالمسلمين ، ويتضرّع إلى الله تعالى في زوالها
وكشفها عنه وعنهم.
وهذه صفة زيارة
القبور عموماً ، فإن كان الميّت المزار ممّن تُرجى بركته ، فيتوسّل إلى الله تعالى
به. وكذلك يتوسّل الزائر بمن يراه الميّت ممّن تُرجى بركته إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل يبدأ بالتوسّل إلى الله تعالى بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ إذ هو العمدة في التوسّل والأصل في هذا كلّه والمشرِّع
له ، فيتوسّل به صلىاللهعليهوآلهوسلم وبمن تبعه بإحسان إلى يوم الدين ، وقد روى البخاري عن أنس رضى الله عنه أنَّ عمر بن الخطّاب رضى الله عنه كان
إذا قحطوا استسقى بالعبّاس ، فقال : اللهمّ كنّا نتوسّل إليك بنبيّك صلىاللهعليهوآلهوسلم فتسقينا ، وإنّا نتوسّل إليك بعمِّ نبيّك فاسقنا.
فيُسقَون.
ثمّ يتوسّل بأهل
تلك المقابر ـ أعني بالصالحين منهم ـ في قضاء حوائجه ومغفرة ذنوبه ، ثمَّ يدعو
لنفسه ولوالديه ، ولمشايخه ، ولأقاربه ، ولأهل تلك المقابر ، ولأموات المسلمين
ولأحيائهم وذرّيتهم إلى يوم الدين ، ولمن غاب عنه من إخوانه ، ويجأر إلى الله
تعالى بالدعاء عندهم ، ويكثر التوسّل بهم إلى الله تعالى ؛ لأنّه سبحانه وتعالى
اجتباهم وشرّفهم وكرّمهم ، فكما نفع بهم في الدنيا ففي الآخرة أكثر.
فمن أراد حاجة
فليذهب إليهم ويتوسّل بهم فإنّهم الواسطة بين الله تعالى وخلقه ، وقد تقرّر في
الشرع وعلم ما لله تعالى بهم من الاعتناء وذلك كثير مشهور ، وما زال الناس من
العلماء والأكابر كابراً عن كابر ، مشرقاً ومغرباً ، يتبرّكون بزيارة قبورهم
ويجدون بركة ذلك حسّا ومعنىً ، وقد ذكر الشيخ الإمام أبو عبد الله بن النعمان رحمهالله في كتابه المسمّى بسفينة النجاء لأهل الالتجاء ، في كرامات الشيخ أبي النجاء
في أثناء كلامه على ذلك ما هذا لفظه :
__________________
تحقّق لذوي
البصائر والاعتبار أنَّ زيارة قبور الصالحين محبوبة لأجل التبرّك مع الاعتبار ،
فإنَّ بركة الصالحين جارية بعد مماتهم كما كانت في حياتهم ، والدعاء عند قبور
الصالحين والتشفّع بهم معمول به عند علمائنا المحقّقين من أئمّة الدين.
ولا يعترض على ما
ذكر من أنَّ من كانت له حاجة فليذهب إليهم وليتوسّل بهم بقوله ـ عليه الصلاة
والسلام ـ : «لا تُشَدُّ الرحال إلاّ لثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي ،
والمسجد الأقصى».
وقد قال الإمام
الجليل أبو حامد الغزالي ـ رحمهالله تعالى ـ في كتاب آداب السفر من كتاب الإحياء له ما هذا نصه : القسم الثاني وهو أن يسافر لأجل العبادة
إمّا لجهاد أو حجّ ـ إلى أن قال ـ : ويدخل في جملته زيارة قبور الأنبياء وقبور
الصحابة والتابعين وسائر العلماء والأولياء ، وكلّ من يتبرّك بمشاهدته في حياته
يتبرّك بزيارته بعد وفاته ، ويجوز شدُّ الرحال لهذا الغرض ، ولا يمنع من هذا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تُشَدُّ الرحال إلاّ لثلاثة مساجد : المسجد الحرام ،
ومسجدي ، والمسجد الأقصى» ؛ لأنَّ ذلك في المساجد لأنّها متماثلة بعد هذه المساجد
، وإلاّ فلا فرق بين زيارة الأنبياء والأولياء والعلماء في أصل الفضل ، وإن كان
يتفاوت في الدرجات تفاوتاً عظيماً بحسب اختلاف درجاتهم عند الله ، والله تعالى
أعلم.
٢ ـ قال عزّ الدين
الشيخ يوسف الأردبيلي الشافعي المتوفّى (٧٧٦) في الأنوار لأعمال الأبرار في الفقه
الشافعي (١ / ١٢٤) : ويستحبّ للرجال زيارة القبور وتكره للنساء ، والسنّة أن يقول
: سلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنّا إن شاء الله عن قريب بكم لاحقون ، اللهمّ لا
تحرمنا أجرهم ، ولا تفتنّا بعدهم واغفر لنا ولهم. وأن يدنو من القبر كما كان يدنو
من صاحبه حيّا ، وأن يقف متوجِّهاً إلى القبر ، وأن يقرأ ويدعو ؛
__________________
فإنَ الميّت
كالحاضر يُرجى له الرحمة والبركة ، والدعاء عقيب القراءة أقرب إلى الإجابة.
٣ ـ قال الشيخ زين
الدين ، الشهير بابن نجيم المصري الحنفي المتوفّى (٩٦٩ ـ ٩٧٠) في البحر الرائق شرح
كنز الدقائق للإمام النسفي (٢ / ١٩٥) ، قال في البدائع : ولا بأس بزيارة القبور
والدعاء للأموات إن كانوا مؤمنين ، من غير وطء القبور ؛ لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها» ، ولعمل
الأُمّة من لدن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى يومنا هذا.
وصرّح في المجتنى
بأنّها مندوبة ، وقيل : تحرم على النساء ، والأصحُّ أنَّ الرخصة ثابتة لهما. وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يعلّم السلام على الموتى : «السلام عليكم أهل الديار من
المؤمنين والمسلمين». ذكره إلى آخره ، ثمّ ذكر قراءة القرآن عند القبور ، وشيئاً
من أدب الزيارة.
٤ ـ أجاب ابن حجر
المكّي الهيتمي : المتوفّى (٩٧٣) في الفتاوى الكبرى الفقهيّة (٢ / ٢٤) لمّا سُئل رضى الله
عنه عن زيارة قبور الأولياء في زمن معيّن مع الرحلة إليها ، هل يجوز مع أنَّه
يجتمع عند تلك القبور مفاسد كثيرة كاختلاط النساء بالرجال ، وإسراج السرج الكثيرة
وغير ذلك؟ بقوله : زيارة قبور الأولياء قربة مستحبّة ، وكذا الرحلة إليها ، وقول
الشيخ أبي محمد : لا تستحبُّ الرحلة إلاّ لزيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ردّه الغزالي : بأنّه قاس ذلك على منع الرحلة لغير
المساجد الثلاثة مع وضوح الفرق ، فإنَّ ما عدا تلك المساجد الثلاثة مستوية في
الفضل فلا فائدة في الرحلة إليها ، وأمّا الأولياء فإنّهم متفاوتون في القرب من
الله تعالى ونفع الزائرين بحسب معارفهم وأسرارهم ، فكان للرحلة إليهم فائدة أيّ
فائدة ، فمن ثمّ سنّت الرحلة إليهم للرجال فقط بقصد ذلك ، وانعقد نذرها كما بسطت
الكلام على ذلك في شرح العباب بما لا مزيد على حسنه وتحريره ، وما أشار إليه
السائل من تلك البدع أو المحرّمات ، فالقربات لا تُترك لمثل
__________________
ذلك ، بل على
الإنسان فعلها وإنكار البدع ، بل وإزالتها إن أمكنه.
وقد ذكر الفقهاء
في الطواف المندوب فضلاً عن الواجب أنَّه يُفعل ولو مع وجود النساء وكذا الرمي ،
لكن أمروه بالبعد عنهنّ ، وكذا الزيارة يفعلها لكن يبعد عنهنّ ، وينهى عمّا يراه
محرّماً بل ويزيله إن قدر كما مرَّ ، هذا إن لم تتيسّر له الزيارة إلاّ مع وجود
تلك المفاسد ، فإن تيسّرت مع عدم المفاسد ، فتارةً يقدر على إزالة كلّها أو بعضها
فيتأكّد له الزيارة مع وجود تلك المفاسد ليزيل منها ما قدر عليه ، وتارةً لا يقدر
على إزالة شيء منها ، فالأولى له الزيارة في غير زمن تلك المفاسد ، بل لو قيل :
يمنع منها حينئذٍ لم يبعد.
ومن أطلق المنع من
الزيارة خوف ذلك الاختلاط يلزمه إطلاق منع نحو الطواف والرمي ، بل والوقوف بعرفة
أو مزدلفة والرمي إذا خشي الاختلاط أو نحوه ، فلمّا لم يمنع الأئمّة شيئاً من ذلك
ـ مع أنَّ فيه اختلاطاً أيّ اختلاط ـ ، وإنّما منعوا نفس الاختلاط لا غير فكذلك
هنا. ولا تغترَّ بخلاف من أنكر الزيارة خشية الاختلاط ؛ فإنّه يتعيّن حمل كلامه
على ما فصّلناه وقرّرناه ، وإلاّ لم يكن له وجه.
وزعمُ أنَّ زيارة
الأولياء بدعة لم تكن في زمن السلف ممنوع ، وبتقدير تسليمه فليس كلّ بدعة يُنهى
عنها ، بل قد تكون البدعة واجبةً ، فضلاً عن كونها مندوبة كما صرّحوا به.
٥ ـ قال الشيخ
محمد الخطيب الشربيني المتوفّى (٩٧٧) في المغني (١ / ٣٥٧) : يسنُّ
الوضوء لزيارة القبور كما قاله القاضي حسين في شرح الفروع ، ويسلِّم الزائر للقبور
من المسلمين مستقبلاً وجهه ، ويقرأ عنده من القرآن ما تيسّر ، ويدعو له عقب
القراءة رجاء الإجابة ؛ لأنَّ الدعاء ينفع الميّت ، وهو عقب القراءة أقرب إلى
الإجابة ،
__________________
وعند الدعاء
يستقبل القبلة ، وإن قال الخراسانيّون باستحباب استقبال وجه الميّت. قال المصنِّف
: ويستحبُّ الإكثار من الزيارة ، وأن يكثر الوقوف عند قبور أهل الخير والفضل.
انتهى ملخّصاً.
٦ ـ قال الملاّ
عليّ الهروي القاري الحنفي المتوفّى (١٠١٤) في المرقاة شرح المشكاة (٢ / ٤٠٤) في
زيارة القبور : الأمر فيها للرخصة أو الاستحباب ، وعليه الجمهور ، بل ادّعى بعضهم
الإجماع ، بل حكى ابن عبد البرّ عن بعضهم وجوبها.
٧ ـ قال الشيخ أبو
البركات حسن بن عمّار بن عليّ ، المكنّى بابن الإخلاص الوفائي الشرنبلالي الحنفي ،
المتوفّى (١٠٦٩) في حاشية غرر الأحكام المطبوعة بهامش درر الحكام (١ / ١٦٨) : زيارة القبور
مندوبة للرجال ، وقيل : تحرم على النساء ، والأصحّ أنَّ الرخصة ثابتة لهما ،
ويستحب قراءة يس لما ورد : «من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفّف الله عنهم يومئذٍ ،
وكان له بعدد ما فيها حسنات».
وقال في مراقي
الفلاح فصل في زيارة القبور : ندب زيارتها من غير أن يطأ القبور
للرجال والنساء ، وقيل : تحرم على النساء ، والأصحّ أنَّ الرخصة ثابتة للرجال
والنساء ، فتندب لهنّ أيضاً على الأصحّ ، والسنّة زيارتها قائماً والدعاء عندها
قائماً ، كما كان يفعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الخروج إلى البقيع ويقول : «السلام عليكم دار قوم
مؤمنين ، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون ، أسأل الله لي ولكم العافية».
ويستحبّ للزائر
قراءة سورة يس لما ورد عن أنس رضى الله عنه أنّه قال :
__________________
قال رسول الله : «من
دخل المقابر فقرأ سورة يس ـ يعني : وأهدى ثوابها للأموات ـ خفّف الله عنهم يومئذٍ
العذاب ، ورفعه» وكذا يوم الجمعة يرفع فيه العذاب عن أهل البرزخ ، ثمّ لا يعود على
المسلمين وكان له ـ أي للقارئ ـ بعدد ما فيها ـ رواية الزيلعي : من فيها من
الأموات ـ حسنات.
وعن أنس : أنَّه
سأل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله إنّا نتصدّق عن موتانا ، ونحجُّ عنهم
، وندعو لهم ، فهل يصل ذلك إليهم؟ فقال : «نعم ، لَيصِلُ ذلك إليهم ويفرحون به كما
يفرح أحدكم بالطبق إذا أُهدي إليه». رواه أبو حفص السكيري. إلى أن قال : وعن عليّ
رضى الله عنه : «أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من مرَّ على المقابر فقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة
مرّة ، ثمّ وهب أجرها للأموات ، أُعطي من الأجر بعدد الأموات». رواه الدار قطني.
وأخرج ابن أبي
شيبة عن الحسن أنَّه قال : من دخل المقابر فقال : اللهمّ ربّ هذه الأجساد البالية
والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة ، أدخل بها روحاً من عندك
وسلاماً منّي. استغفر له كلّ مؤمن مات منذ خلق الله آدم. وأخر ج ابن أبي الدنيا
بلفظ : كتب له بعدد من مات من ولد آدم إلى أن تقوم الساعة حسنات.
٨ ـ قال الشيخ
محمد أمين ، الشهير بابن عابدين المتوفّى (١٢٥٣) في ردّ المحتار على الدر المختار
في الفقه الحنفي (١ / ٦٣٠) بعد
بيان استحباب زيارة الق بور : وتُزار في كلّ أسبوع كما في مختارات النوازل. قال في
شرح لباب المناسك : إلاّ أنَّ الأفضل يوم الجمعة والسبت والإثنين والخميس ، فقد
قال محمد بن واسع : الموتى يعلمون بزوّارهم يوم الجمعة ويوماً قبله ويوماً بعده ،
فتحصّل أنَّ يوم الجمعة أفضل. انتهى.
__________________
وفيه : يستحب أن
يزور شهداء جبل أُحد ؛ لما روى ابن أبي شيبة : أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يأتي قبور الشهداء بأُحد على رأس كلّ حول ، فيقول : «السلام
عليكم بما صَبَرتم فنعمَ عقبى الدار». والأفضل أن يكون ذلك يوم الخميس متطهّراً
مبكّراً ؛ لئلاّ تفوته الظهر بالمسجد النبويّ. انتهى.
قلت : استفيد منه
ندب الزيارة وإن بَعُد محلّها. وهل تندب الرحلة لها كما اعتيد من الرحلة إلى زيارة
خليل الرحمن وأهله وأولاده ، وزيارة السيّد البدوي وغيره من الأكابر الكرام؟ لم
أرَ من صرّح به من أئمّتنا ، ومنع منه بعض الشافعيّة إلاّ لزيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم قياساً على منع الرحلة لغير المساجد الثلاث ، وردّه
الغزالي بوضوح الفرق.
ثمّ ذكر محصَّل
قول الغزالي فقال : قال ابن حجر في فتاواه : ولا تُترك لما يحصل عندها من منكرات
ومفاسد كاختلاط الرجال بالنساء وغير ذلك ؛ لأنَّ القربات لا تُترك لمثل ذلك ، بل
على الإنسان فعلها وإنكار البدع ، بل وإزالتها إن أمكن. انتهى. قلت : ويؤيّده ما
مرَّ من عدم ترك اتّباع الجنازة وإن كان معها نساء ونائحات ـ إلى أن قال ـ :
قال في الفتح :
والسنّة زيارتها قائماً والدعاء عندها قائماً ، كما كان يفعله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الخروج إلى البقيع ، ويقول : «السلام عليكم دار قوم
مؤمنين ، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون». وفي شرح اللباب للملاّ عليّ القاري : ثمّ
من آداب الزيارة ما قالوا من أنَّه يأتي الزائر من قِبل رِجلي المتوفّى لا من
قِبَل رأسه ؛ لأنَّه أتعب لبصر الميّت ، بخلاف الأوّل لأنّه يكون مقابل بصره ، لكن
هذا إذا أمكنه ، وإلاّ فقد ثبت أنّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قرأ أوّل سورة البقرة
عند رأس ميّت وآخرها عند رجليه.
٩ ـ قال الشيخ
إبراهيم الباجوري المتوفّى (١٢٧٧) في حاشيته على شرح ابن الغزّي (١ / ٢٧٧) : تندب
زيارة القبور للرجال لتذكّر الآخرة ، وتكره من النساء لجزعهنّ
وقلّة صبرهنّ ،
ومحلُّ الكراهة فقط إن لم يشتمل اجتماعهنّ على محرّم وإلاّ حرم ، ويُستثنى من ذلك
قبر نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم فتندب لهنّ زيارته ، وينبغي ـ كما قال ابن الرفعة ـ أنَّ
قبور الأنبياء والأولياء كذلك.
ويندب أن يقول
الزائر : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله
لنا ولكم العافية ، اللهمّ لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنّا بعدهم واغفر لنا ولهم. وأن
يقرأ ما تيسّر من القرآن كسورة يس ، ويدعو لهم ويهدي ثواب ذلك لهم ، وأن يتصدّق
عليهم وينفعهم ذلك فيصل ثوابه لهم ، ويُسَنُّ أن يقرب من المزور كقربه منه حيّا ،
وأن يسلّم عليه من قِبَل رأسه ويكره تقبيل القبر. إلى آخر ما مرّ (ص ١٥٤).
١٠ ـ قال الشيخ
عبد الباسط ابن الشيخ علي الفاخوري ـ المفتي ببيروت ـ في كتابه الكفاية لذوي
العناية (ص ٨٠) : يسنّ زيارة القبور للرجال وتكره للنساء ، إلاّ القبر الشريف وكذا
قبور بقيّة الأنبياء والصالحين.
ويسنُّ أن يقول
الزائر : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، أنتم السابقون وإنّا إن شاء الله بكم
لاحقون ، وأن يقرأ ما تيسّر من القرآن كسورة يس ، وأن يدعو للميّت بعد القراءة ،
وأن يقول : اللهمّ أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان ، وأن يقرب من القبر كقربه منه لو
كان حيّا.
١١ ـ قال الشيخ
عبد المعطي السقّا في الإرشادات السنيّة (ص ١١١):
زيارة قبور
المسلمين مندوبة للرجال لخبر مسلم : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ؛ فإنّها
تذكِّركم الآخرة» أمّا زيارة النساء فمكروهة إن كانت لقبر غير نبيٍّ وعالم وصالح
وقريب ، أمّا زيارة قبر النبيّ ومن ذُكر معه فمندوبة لهنّ بدون محرم إن كانت القبور
داخل البلد ، ومع محرم إن كانت خارجه ، ومحلّ ندب زيارتهنّ
أو كراهتها إذا
أذن لهنّ الحليل أو الولي ، وأمنت الفتنة ، ولم يترتّب على اجتماعهنّ مفسدة كما هو
الغالب ، بل المحقَّق في هذا الزمان ، وإلاّ فلا ريبة في تحريمها ، ويستحبّ
الإكثار من الزيارة لتحصيل الاعتبار والعظة وتذكّر الآخرة ، وتتأكّد الزيارة عشيّة
يوم الخميس ، ويوم الجمعة بتمامه ، وبكرة يوم السبت.
وينبغي للزائر أن
يقصد بزيارته وجه الله وإصلاح فساد قلبه ، وأن يكون على طهارةٍ رجاء قبول دعائه
لنفسه وللميّت ، وأن يسلّم على من بالمقبرة بقوله : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ـ
وذكر إلى آخره ـ ، ثمّ إذا وصل إلى قبر ميّته قرب منه ووقف مستقبلاً وجهه خاشعاً
قائلاً : السلام عليك ، ثمّ يقرأ عنده ما تيسّر من القرآن كسورة الفاتحة ، وسورة
يس ، وسورة تبارك ، وسورة الإخلاص والمعوّذتين ، والأفضل أن يكون وقت القراءة جالساً
مستقبل القبلة قاصداً نفع الميّت بما يتلوه ، وأن يكثر من التصدّق ، وأن يرشَّ
القبر بالماء الطاهر ، وأن يضع عليه جريداً أخضر ونحوه كالريحان والبرسيم ،
وتتأكّد زيارة الأقارب والدعاء لهم سيّما الوالدين ، فقد ورد في الحثِّ على
زيارتهما والدعاء لهما أخبار كثيرة صحيحة.
١٢ ـ قال منصور
علي ناصف في التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول (١ / ٤١٨) : الأمر
ـ في زيارة القبور ـ للندب عند الجمهور ، وللوجوب عند ابن حزم ولو مرّة واحدة في
العمر. وقال في (ص ٤١٩) : زيارة النساء للقبور جائزة بشرط الصبر وعدم الجزع وعدم
التبرّج ، وأن يكون معها زوج أو محرم منعاً للفتنة لعموم الحديث الأوّل ، ولقول
عائشة : كيف أقول لهم يا رسول الله؟ .. إلخ. ولزيارة عائشة لقبر أخيها عبد الرحمن
، فلمّا اعترضها عبد الله قالت : نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن زيارة القبور ثمّ أمر بزيارتها. رواه أحمد وابن ماجة .
__________________
١٣ ـ قال فقهاء
المذاهب الأربعة ، مؤلِّفو كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (١ / ٤٢٤) : زيارة
القبور مندوبة للاتِّعاظ وتذكّر الآخرة ، وتتأكّد يوم الجمعة ويوماً قبلها ويوماً
بعدها . وينبغي للزائر الاشتغال بالدعاء والتضرّع والاعتبار بالموتى وقراءة القرآن
للميّت ؛ فإنَّ ذلك ينفع الميّت على الأصحّ.
وممّا ورد أن يقول
الزائر عند رؤية القبور : اللهمّ ربّ الأرواح الباقية ، والأجسام البالية ،
والشعور المتمزّقة ، والجلود المتقطعة ، والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي
بك مؤمنة ، أنزل عليها روحاً منك وسلاماً منّي.
وممّا ورد أيضاً
أن يقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون. ولا فرق
في الزيارة بين كون المقابر قريبة أو بعيدة ، بل يندب السفر لزيارة الموتى خصوصاً
مقابر الصالحين ، أمّا زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فهي من أعظم القرب ، وكما تندب زيارة القبور للرجال تندب
أيضاً للنساء العجائز اللاتي لا يخشى منهنّ الفتنة ، إن لم تؤدِّ زيارتهنّ إلى
الندب أو النياحة ، وإلاّ كانت محرّمة.
النذور لأهل
القبور :
إنّ لابن تيميّة ـ
ومن لفَّ لفّه ـ في المسألة هثهثة ، أتوا فيها بالمهاجر ؛ ورموا مخالفيهم من فرق المسلمين بمُهجِرات ، وقد مرَّ عن
القصيمي (ص ٩٠) أنَّها من شعائر الشيعة الناشئة عن غلوِّهم في أئمّتهم وتأليههم
لعليٍّ وولده. إن هذا إلاّ اختلاق
__________________
وليس إلاّ الهثّ
والهِتْر ، وما شذّت الشيعة في المسألة عمّا أصفقت عليه الأُمّة
الإسلاميّة سلفاً وخلفاً ؛ فقد بسط الخالدي فيها القول في كتابه صلح الإخوان (ص
١٠٢ ـ ١٠٩).
ومجمل ذلك التفصيل
: أنَّ المسألة تدور مدار نيّات الناذرين ، وإنَّما الأعمال بالنيّات ، فإن كان
قصد الناذر الميّت نفسه والتقرّب إليه بذلك لم يجز قولاً واحداً ، وإن كان قصده
وجه الله تعالى وانتفاع الأحياء بوجه من الوجوه ، وثوابه لذلك المنذور له الميّت ،
سواء عيّن وجهاً من وجوه الانتفاع أو أطلق القول فيه ، ويكون هناك ما يطّرد الصرف
فيه في عرف الناس من مصالح القبر ، أو أهل بلده أو مجاوريه ، أو الفقراء عامّة ،
أو أقرباء الميّت أو نحو ذلك ، ففي هذه الصورة يجب الوفاء بالمنذور. وحكى القول
بذلك عن الأذرعي ، والزركشي ، وابن حجر الهيتمي المكّي ، والرملي الشافعي ،
والقبّاني البصري ، والرافعي ، والنووي ، وعلاء الدين الحنفي ، وخير الدين الرملي
الحنفي ، والشيخ محمد الغزّي ، والشيخ قاسم الحنفي.
وذكر الرافعي
نقلاً عن صاحب التهذيب وغيره : أنَّه لو نذر أن يتصدّق بكذا على أهل بلد عيّنه يجب
أن يتصدّق به عليهم. قال : ومن هذا القبيل ما ينذر بعثه إلى القبر المعروف بجرجان
، فإنّ ما يجتمع منه على ما يحكى يقسّم على جماعة معلومين ، وهذا محمول على أنَّ
العرف اقتضى ذلك فنزل النذر عليه ، ولا شكّ أنّه إذا كان عرف حمل عليه. وإن لم يكن
عرف فيظهر أن يجري فيه خلاف وجهين :
أحدهما
: لا يصحُّ النذر ،
لأنّه لم يشهد له الشرع بخلاف الكعبة والحجرة الشريفة.
والثاني
: يصحُّ إذا كان
مشهوراً بالخير ، وعلى هذا ينبغي أن يصرف في مصالحه الخاصّة به ولا يتعدّاها ،
واستقرب السبكي بطلان النذر في صورة عدم العرف هناك للصرف. راجع فتاوى السبكي (١ /
٢٩٤).
__________________
وقال العزّامي في
فرقان القرآن (ص ١٣٣) : وقال ـ يعني ابن تيميّة ـ : من نذر شيئاً للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو غيره من النبيّين والأولياء من أهل القبور ، أو ذبح له
ذبيحة ، كان كالمشركين الذين يذبحون لأوثانهم وينذرون لها ، فهو عابد لغير الله ،
فيكون بذلك كافراً. ويطيل في ذلك الكلام ، واغترَّ بكلامه بعض من تأخّر عنه من
العلماء ممّن ابتلي بصحبته أو صحبة تلاميذه ، وهو منه تلبيس في الدين وصرف إلى
معنىً لا يريده مسلم من المسلمين ، ومن خبر حال من فعل ذلك من المسلمين وجدهم لا
يقصدون بذبائحهم ونذورهم للميّتين ـ من الأنبياء والأولياء ـ إلاّ الصدقة عنهم ،
وجعل ثوابها إليهم ، وقد علموا أنّ إجماع أهل السنّة منعقد على أن صدقة الأحياء
نافعة للأموات واصلة إليهم ، والأحاديث في ذلك صحيحة مشهورة ؛ فمنها ما صحَّ عن
سعد : أنّه سأل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : يا نبيّ الله إنَّ أُمّي قد أفتلتت ، وأعلم أنّها لو
عاشت لتصدّقت ، أفإن تصدّقت عنها أينفعها ذلك؟ قال : «نعم». فسأل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أيّ الصدقة أنفع يا رسول الله؟ قال : «الماء». فحفر بئراً
وقال : هذه لأُمِّ سعد ، فهذه اللام هي الداخلة على الجهة التي وجّهت إليها الصدقة
لا على المعبود المتقرّب إليه ، وهي كذلك في كلام المسلمين ، فهم سعديّون لا
وثنيّون. وهي كاللام في قوله : إنّما الصدقات للفقراء. لا كاللام التي في قول
القائل : صلّيت لله ونذرت لله ؛ فإذا ذبح للنبيّ أو الوليّ أو نذر الشيء له فهو لا
يقصد إلاّ أن يتصدّق بذلك عنه ، ويجعل ثوابه إليه فيكون من هدايا الأحياء للأموات
المشروعة المثاب على إهدائها ، والمسألة مبسوطة في كتب الفقه ، وفي كتب الردِّ على
هذا الرجل ومن شايعه. انتهى.
فالنذر بالذبح
وغيره للأنبياء والأولياء أمر مشروع سائغ من سيرة المسلمين عامّة من دون أيّ
اختصاص بفرقةٍ دون أخرى ، وإنّما يُثاب به الناذر إن كان لله ، وذبح المنذور
بالذبح باسم الله. قال الخالدي : بمعنى أنَّ الثواب لهم ، والمذبوح منذور لوجه
الله كقول الناس : ذبحت لميّتي بمعنى تصدّقت عنه. وكقول القائل : ذبحت للضيف بمعنى
أنّه كان السبب في حصول الذبح. انتهى. وليس هناك أيّ وازع من جواز نذر
الذبح ولزوم
الوفاء به إن كان على الوجه المذكور ، ولا يتصوّر من مسلم غيره.
وربما يُستدلّ في
المقام بما أخرجه أبو داود السجستاني في سننه (٢ / ٨٠) ،
بإسناده عن ثابت بن الضحّاك قال : نذر رجل على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن ينحر إبلاً ببُوانة ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «هل كان فيها وثنيُ عبد من أوثان الجاهليّة؟» قالوا :
لا. قال : «فهل كان فيها عبد من أعبادهم؟» قالوا : لا. قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أوفِ بنذرك ؛ فإنّه لا وفاء لنذر في معصية الله تعالى ،
ولا فيما لا يملك ابن آدم».
وبما أخرجه أبو
داود في السنن (٢ / ٨١) عن عمرو
بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدِّه ؛ أن امرأة قالت : يا رسول الله إنّي نذرت أن أضرب
على رأسك الدفّ. قال : «أوفي بنذرك». قالت : إنّي نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا ـ مكان
كان يذبح فيه أهل الجاهليّة ـ ، قال : «لصنم؟» قالت لا. قال : «لوثن؟» قالت : لا.
قال : «أوفي بنذرك» .
وفي معجم البلدان (٢ / ٣٠٠) : وفي
حديث ميمونة بنت كردم ؛ أنَّ أباها قال للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّي نذرت أن أذبح خمسين شاة على بُوانة. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «هناك شيٌّ من هذه النصب؟» ، فقال : لا. قال : «فأوفِ
بنذرك». فذبح تسعاً وأربعين وبقيت واحدة ، فجعل يعدو خلفها ويقول : اللهمّ أوفِ
بنذري ، حتى أمسكها فذبحها ، وهذا معنى الحديث لا لفظه.
قال الخالدي في
صلح الإخوان (ص ١٠٩) بعد ذكر حديثي أبي داود :
__________________
وأمّا استدلال
الخوارج بهذا الحديث على عدم جواز النذر في أماكن الأنبياء والصالحين ، زاعمين أنّ
الأنبياء والصالحين أوثان ـ والعياذ بالله ـ ، وأعياد من أعياد الجاهليّة ، فهو من
ضلالهم وخرافاتهم وتجاسرهم على أنبياء الله وأوليائه حتى سمّوهم أوثاناً ، وهذا
غاية التحقير لهم خصوصاً الأنبياء ، فإنّ من انتقصهم ـ ولو بالكناية ـ يكفر ولا
تُقبل توبته في بعض الأقوال ، وهؤلاء المخذولون بجهلهم يُسمّون التوسّل بهم عبادة
، ويسمّونهم أوثاناً ، فلا عبرة بجهالة هؤلاء وضلالاتهم ، والله أعلم. انتهى. كما
لا عبرة بجهالة ابن تيميّة ومن لفَّ لفَّه وضلالاتهم.
(أُولئِكَ الَّذِينَ
طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ)
القبور المقصودة بالزيارة
التوسّل والتبرّك
بها ، الدعاء والصلاة لديها ، ختم القرآن لمدفونيها
هناك قبور تُقصد
بالزيارة ، وقد قُصدت في القرون الإسلاميّة منذ يومها الأوّل ، ولأعلام المذاهب
الأربعة حولها كلمات يأخذ الباحث منها دروساً عالية من شتّى النواحي ، ويقف بها
على فوائد جمّة ، منها : عرفان سيرة المسلمين وشعارهم في القرون الخالية حول زيارة
القبور والتوسّل والتبرّك بها ، والدعاء والصلاة لديها ، وختم القرآن لمدفونيها ،
وإليك نبذة منها :
١ ـ بلال بن حمامة
الحبشي مؤذِّن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المتوفّى سنة (٢٠) ، قبره بدمشق ، وفي رأس القبر المبارك
تاريخ باسمه رضى الله عنه ، والدعاء في هذا الموضع المبارك مستجاب ، قد جرّب ذلك
كثير من الأولياء وأهل الخير المتبرِّكين بزيارتهم. رحلة ابن جبير (ص ٢٢٩).
__________________
٢ ـ سلمان الفارسي
الصحابيّ العظيم ، المتوفّى (٣٦). قال الخطيب البغدادي في تاريخه (١ / ١٦٣) : قبره
الآن ظاهر معروف بقرب إيوان كسرى عليه بناء ، وهناك خادم مقيم لحفظ الموضع وعمارته
والنظر في أمر مصالحه ، وقد رأيتُ الموضع وزرته غير مرّة. وقال ابن الجوزي في
المنتظم (٥ / ٧٥) : قال
القلانسي وسمنون : زرنا قبر سلمان وانصرفنا.
٣ ـ طلحة بن عبيد
الله المقتول يوم الجمل سنة (٣٦). قال ابن بطوطة في رحلته (١ / ١١٦) : مشهد
طلحة بن عبيد الله أحد العشرة ، وهو بداخل المدينة وعليه قبّة ومسجد ، وزاوية فيها
الطعام للوارد والصادر ، وأهل البصرة يعظّمونه تعظيماً شديداً وحقّ له ، ثمّ عدَّ
مشاهد في البصرة لجملةٍ من الصحابة والتابعين فقال :
وعلى كلّ قبر منها
قبّة مكتوب فيها اسم صاحب القبر ووفاته.
٤ ـ الزبير بن
العوّام المتوفّى (٣٦) ، قال ابن الجوزي في المنتظم (٧ / ١٨٧):
فمن الحوادث في
سنة (٣٨٦) أنَّ أهل البصرة في شهر المحرّم ادّعوا أنّهم كشفوا عن قبر عتيق ،
فوجدوا فيه ميّتاً طريّا بثيابه وسيفه وأنّه الزبير بن العوّام ، فأخرجوه وكفّنوه
ودفنوه بالمربد بين الدربين ، وبنى عليه الأثير أبو المسك عنبر بناءً ، وجعل
الموضع مسجداً ، ونقلت إليه القناديل والآلات والحصر والسمادات ، وأُقيم فيه قوّام
وحفظة ووقف عليه وقوفاً.
٥ ـ أبو أيّوب
الأنصاري الصحابي المتوفّى (٥٢) بالروم ، قال الحاكم في المستدرك (٣ / ٤٥٨) :
يتعاهدون قبره ويزورونه ويستسقون به إذا قحطوا. وذكره
__________________
ابن الجوزي في صفة
الصفوة (١ / ١٨٧).
وقال الخطيب
البغدادي في تاريخه (١ / ١٥٤) : قال الوليد : حدّثني شيخ من أهل فلسطين أنّه رأى
بنيّة بيضاء دون حائط القسطنطينية ، فقالوا : هذا قبر أبي أيّوب الأنصاري صاحب
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأتيت تلك البنيّة ، فرأيت قبره في تلك البنيّة وعليه
قنديل معلّق بسلسلة.
وفي تاريخ ابن
كثير (٨ / ٥٩) : وعلى
قبره مزار ومسجد وهم ـ أي الروم ـ يعظِّمونه. وقال الذهبي في الدول الإسلاميّة (١ / ٢٢) : فالروم
تعظّم قبره ويستشفعون إلى اليوم به.
٦ ـ رأس الحسين ـ الإمام
السبط الشهيد ـ بمصر : قال ابن جبير المتوفّى (٦١٤) في رحلته (ص ١٢) : هو في
تابوت فضّة مدفون تحت الأرض ، قد بُني عليه بنيان حفيل يقصر الوصف عنه ولا يحيط
الإدراك به ، مجلّل بأنواع الديباج ، محفوف بأمثال العمد الكبار شمعاً أبيض ، ومنه
ما هو دون ذلك ، قد وضع أكثرها في أتوار فضّة خالصة ومنها مذهّبة ، وعلّقت عليه قناديل فضّة ، وحفَّ
أعلاه كلّه بأمثال التفافيح ذهباً في مصنع شبيه الروضة ، يقيّد الأبصار حسناً وجمالاً ، فيه من أنواع
الرخام المجزّع الغريب الصنعة ، البديع الترصيع ما لا يتخيّله المتخيّلون ، ولا
يلحق أدنى وصفه الواصفون ، والمدخل إلى هذه الروضة على مسجد على مثالها في التأنّق
والغرابة ، حيطانه كلّها رخام على الصفة المذكورة ، وعن يمين الروضة المذكورة
وشمالها بنيان من
__________________
كليهما المدخل
إليها وهما أيضاً على تلك الصفة بعينها ، والأستار البديعة الصنعة من الديباج
معلّقة على الجميع.
ومن أعجب ما
شاهدناه في دخولنا إلى هذا المسجد المبارك حجر موضوع في الجدار الذي يستقبله
الداخل ، شديد السواد والبصيص ، يصف الأشخاص كلّها كأنّه المرآة الهنديّة الحديثة الصقل.
وشاهدنا من استلام الناس للقبر المبارك ، وإحداقهم به وانكبابهم عليه وتمسّحهم
بالكسوة التي عليه ، وطوافهم حوله مزدحمين داعين باكين متوسِّلين إلى الله سبحانه
وتعالى ببركة التربة المقدّسة ، ومتضرِّعين بما يُذيب الأكباد ، ويصدع الجماد ،
والأمر فيه أعظم ، ومرأى الحال أهول ، نفعنا الله ببركة ذلك المشهد الكريم. وإنّما
وقع الإلماع بنبذةٍ من صفته مستدلاّ على ما وراء ذلك ، إذ لا ينبغي لعاقل أن
يتصدّى لوصفه ، لأنّه يقف موقف التقصير والعجز ، وبالجملة فما أظنُّ في الوجود
كلّه مصنعاً أحفل منه ، ولا مرأىً من البناء أعجب ولا أبدع ، قدّس الله العضو الكريم
الذي فيه بمنِّه وكرمه.
وفي ليلة اليوم
المذكور بتنا بالجبّانة المعروفة بالقرافة ، وهي أيضاً إحدى عجائب الدنيا لما
تحتوي عليه من مشاهد الأنبياء ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ ، وأهل البيت والصحابة
ـ رضوان الله عليهم ـ ، والتابعين والعلماء والزهّاد والأولياء ذوي الكرامات
الشهيرة والأنباء الغريبة ، وإنَّما ذكرنا منها ما أمكنتنا مشاهدته ، فمنها : قبر
ابن النبيّ صالح ، وقبر روبيل بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن ـ صلوات
الله عليهم أجمعين ـ ، وقبر آسية امرأة فرعون ، ومشاهد أهل البيت ـ رضي الله عنهم
أجمعين ـ مشاهد أربعة عشر من الرجال وخمس من النساء ، وعلى كلّ واحد منها بناء
حفيل ، فهي بأسرها روضات بديعة الإتقان عجيبة البنيان ، قد وكّل بها قوم يسكنون
فيها ويحفظونها ، ومنظرها منظر عجيب ، والجرايات متّصلة
__________________
لقوامها في كلّ
شهر. ثمّ ذكر تفصيل المشاهد.
عقد الشبراوي
الشيخ عبد الله الشافعي ، المتوفّى (١١٧٢) في كتابه الإتحاف بحبِّ الأشراف (ص ٢٥ ـ ٤٠) باباً
في ذلك المشهد ، وذكر فيه زيارته وشطراً من الكرامات له وإحياء يوم الثلاثاء
بزيارته ، وقال : والبركات في هذا المشهد مشاهدة مرئيّة ، والنفحات العائدة على
زائريه غير خفيّة ، وهي بصحّة الدعوى مليّة ، والأعمال بالنيّة ، ولأبي الخطّاب بن
دحية في ذلك جزء لطيف مؤلّف ، واستفتي القاضي زكيّ الدين عبد العظيم في ذلك فقال :
هذا مكان شريف وبركته ظاهرة والاعتقاد فيه خير ، والسلام. وما أجدر هذا المشهد
الشريف والضريح الأنور المنيف بقول القائل :
نفسي الفداءُ
لمشهدٍ أسرارُه
|
|
من دونها سترُ
النبوّةِ مُسبَلُ
|
ورواقُ عزٍّ فيه
أشرفُ بقعةٍ
|
|
ظلّت تحارُ لها
العقولُ وتذهلُ
|
تغضى لبهجتِهِ
النواظرُ هيبةً
|
|
ويردُّ عنه
طرفَهُ المتأمِّلُ
|
حسدت مكانتَهُ
النجومُ فودَّ لو
|
|
أمسى يجاورُهُ
السماك الأعزلُ
|
وسما علوّا أن
تُقبِّل تُربَهُ
|
|
شفةٌ فأضحى
بالجباه يُقبَّلُ
|
وقال في ذكر
الكرامات : منها : أنّ رجلاً يقال له شمس الدين القعويني كان ساكناً بالقرب من
المشهد ، وكان معلّم الكسوة الشريفة حصل له ضرر في عينيه فكفّ بصره ، وكان كلّ يوم
إذا صلّى الصبح في مشهد الإمام الحسين يقف على باب الضريح الشريف ويقول : يا سيّدي
أنا جارك قد كفَّ بصري ، وأطلب من الله بواسطتك أن يردّ عليّ ولو عيناً واحدةً ،
فبينما هو نائم ذات ليلة إذ رأى جماعة أتوا إلى المشهد الشريف فسأل عنهم فقيل له :
هذا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والصحابة معه جاءوا لزيارة السيّد الحسين رضى الله عنه ،
فدخل معهم ، ثمّ قال ما كان يقوله في اليقظة ، فالتفت الحسين إلى
__________________
جدّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذكر له ذلك على سبيل الشفاعة عنده في الرجل ، فقال
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للإمام عليّ رضى الله عنه : يا عليّ كحِّله. فقال : سمعاً
وطاعةً ، وأبرز من يده مكحلةً ومروداً ، وقال له : تقدّم حتى أكحّلك ، فتقدّم
فلوّث المرود ووضعه في عينه اليمنى ، فأحسَّ بحرقانٍ عظيم ، فصرخ صرخةً عظيمة
فاستيقظ منها وهو يجد حرارة الكحل في عينه ، ففتحت عينه اليمنى فصار ينظر بها إلى
أن مات ، وهذا الذي كان يطلبه ، فاصطنع هذه البسط التي تُفرش في مشهد الإمام
الحسين رضى الله عنه وكتب عليها وقفاً ، ولم تزل تُفرش حتى تولّى مصر الوزير
المعظّم محمد باشا الشريف من طرف حضرة مولانا السلطان محمد خان ـ نصره الله ـ فجدّد
بُسطاً أخرى ، وهي التي تُفرش إلى الآن.
ثمّ ذكر كرامة
أخرى وقعت للشيخ أبي الفضل نقيب السادة الخلوتيّة ، وقال ـ بعد بيان اختصاص يوم
الثلاثاء بزيارة ذلك المشهد ـ : ولنذكر في هذا الباب نبذةً من القصائد التي مدحتُ
بها آل البيت الشريف ، وتوسّلتُ فيها بساكن هذا المشهد المنيف ، فممّا قلت فيه :
آلَ طه ومن يقل
آلَ طه
|
|
مستجيراً
بجاهِكمْ لا يُردُّ
|
حبُّكمْ مذهبي
وعقدُ يقيني
|
|
ليس لي مذهبٌ
سواه وعقدُ
|
منكمُ أستمدُّ
بل كلُّ من في ال
|
|
كون من فيضِ
فضلِكمْ يستمدُّ
|
بيتُكم مهبطُ
الرسالةِ وال
|
|
وحيِ ومنكم نورُ
النبوَّة يبدو
|
ولكم في العلى
مقامٌ رفيعٌ
|
|
ما لكم فيه آلَ
يس ندُّ
|
يا ابن بنتِ
الرسولِ من ذا يضاهي
|
|
كَ افتخاراً
وأنت للفخرِ عقدُ
|
يا حسيناً هل
مثلُ أُمِّك أُمٌ
|
|
لشريفٍ أو مثلُ
جدّك جدُّ
|
رام قومٌ أن
يلحقوك ولكن
|
|
بينهم في العلى
وبينك بُعدُ
|
خصّكَ اللهُ
بالسعادة في دن
|
|
ياك ثمّ
بالشهادة بَعدُ
|
لك في القبر يا
حسيناً مقامٌ
|
|
ولأعداك فيه
خزيٌ وطردُ
|
يا كريمَ
الدارينِ يا من له الده
|
|
ـرُ على رغمِ من يعاندُ عبدُ
|
أنت سيفٌ على
عِداك ولكنْ
|
|
فيكَ حلمٌ وما
لفضلِكَ حدُّ
|
كلُّ من رامَ
حصرَ فضلِكَ غِرٌّ
|
|
فضلُ آلِ
النبيِّ ليس يُعدُّ
|
طيبةٌ فاقتِ
البقاعَ جميعاً
|
|
حينَ أضحى فيها
لجدِّك لحدُ
|
ولمصرٍ فخرٌ على
كلِّ مصرٍ
|
|
ولها طالعٌ
بقبرك سعدُ
|
مشهدٌ أنت فيه
مشهدُ مجدٍ
|
|
كم سعى نحوه
جوادٌ مجدُّ
|
وضريحٌ حوى علاك
ضريحٌ
|
|
كلّه مندلٌ يفوح
وندُّ
|
مددٌ ما له
انتهاءٌ وسرٌّ
|
|
لا يُضاهى
ورونقٌ لا يُحدُّ
|
رحماتٌ للزائرين
توالت
|
|
وجزيلٌ من
العطاء ورفدُ
|
رضي اللهُ عنكمُ
آلَ طه
|
|
ودعاءُ المقلِّ
مثليَ جهدُ
|
وسلامٌ عليكمُ
كلَّ وقتٍ
|
|
ما تغنّت بكم
تهامٌ ونجدُ
|
أنا في عرض
تربةٍ أنت فيها
|
|
يا حسيناً وبعدُ
حاشا أُردُّ
|
أنا في عرض
جدِّك الطاهرِ ال
|
|
طهر إذا ما
الزمانُ بالخطبِ يعدو
|
أنا في عرض من
يعول كلّ ال
|
|
رسل عليه وما
لهم عنه بدُّ
|
أنا في عرض من
أتته غزالٌ
|
|
فحماها والخصم
خصمٌ ألدُّ
|
أنا في عرض
جدِّك المصطفى من
|
|
كلِّ عامٍ له
الرحالُ تُشدُّ
|
وقلت فيهم أيضاً ـ
رضي الله تعالى عنهم ـ :
آلَ بيتِ
النبيِّ مالي سواكمْ
|
|
ملجأٌ أرتجيه
للكربِ في غدْ
|
لست أخشى ريبَ
الزمانِ وأنتمْ
|
|
عمدتي في الخطوبِ
يا آلَ أحمدْ
|
من يضاهي
فخارَكمْ آل طه
|
|
وعليكمْ سُرادقُ
العزِّ مُمتدْ
|
__________________
كلُّ فضلٍ
لغيرِكمْ فإليكمْ
|
|
يا بني الطهرِ
بالأصالة يُسندْ
|
لا عدمنا لكم
موائدَ جودٍ
|
|
كلّ يومٍ
لزائريكمْ تُجدَّدْ
|
يا ملوكاً لهم
لواء المعالي
|
|
وعليهم تاج
السعادة يُعقدْ
|
أيُّ بيت
كبيتِكمْ آلَ طه
|
|
طهَّر اللهُ
ساكنيه ومجَّدْ
|
روضةُ المجدِ
والمفاخرِ أنتم
|
|
وعليكم طيرُ
المكارم غرَّدْ
|
ولكم في الكتابِ
ذكرٌ جميلٌ
|
|
يهتدي منه كلُّ
قارٍ ويسعَدْ
|
وعليكمْ أثنى
الكتابُ وهل بع
|
|
دَ ثناءِ
الكتابِ مجدٌ وسؤددْ
|
ولكمْ في
الفخارِ يا آلَ طه
|
|
منزلٌ شامخٌ
رفيعٌ مشيَّدْ
|
قد قصدناك يا
بنَ بنتِ رسولِ ال
|
|
لّه والخير من
جنابِكَ يُقصدْ
|
يا حسيناً ما
مثلُ مجدِك مجدٌ
|
|
لشريفٍ ولا
كجدِّكَ من جدْ
|
يا حسيناً بحقِّ
جدِّك عطفاً
|
|
لمحبٍّ بالخيرِ
منك تعوَّدْ
|
كلّ وقت يودُّ
يلثمُ قبراً
|
|
أنت فيه بمقلتيه
ويشهدْ
|
سادتي أنجِدوا
محبّا أتاكمْ
|
|
مطلِقَ الدمعِ
في هواكمْ مقيّدْ
|
وأغيثوا مقصّراً
ماله غي
|
|
ـرُ حماكم إن أعضلَ الأمرُ واشتدْ
|
فعليكم قصرت
حبّي وحاشا
|
|
بعد حبّي لكم
أُقابل بالردْ
|
يا إلهي مالي
سوى حبِّ آل ال
|
|
بيت آلِ النبيِّ
طه الممجّدْ
|
أنا عبدٌ
مقصِّرٌ لست أرجو
|
|
عملاً غيرَ حبِّ
آل محمّدْ
|
إلى آخر [الأبيات]
وقال في المشهد
الحسيني أيضاً :
يا نديمي قم بي
إلى الصهباءِ
|
|
واسقنيها في
الروضةِ الغنّاءِ
|
حيث مجرى
الخليجِ والماءُ فيه
|
|
يتثنّى كالحيّة
الرقشاءِ
|
هاتها يا نديمُ
صرفاً ودعني
|
|
من صريع الهوى
قتيلِ الماءِ
|
__________________
وأدِرْها
ممزوجةً بالتهاني
|
|
غيرَ ممزَوجةٍ
بماءِ السماءِ
|
هاتها يا نديمُ
من غيرِ خلطٍ
|
|
إنّ خلطَ
الدواءِ عينُ الداءِ
|
والقني يا نديمُ
تحت الأُثَيلا
|
|
تِ سحيراً إذا
أردت لقائي
|
في كثيبٍ من
الجزيرة يختا
|
|
لُ دلالاً في
حلّةٍ خضراءِ
|
روضةٌ راضها
النسيمُ سحيراً
|
|
باعتلالٍ صحّت
به واعتلاءِ
|
ولطيفُ النسيمِ
يعبثُ بالغص
|
|
ن فيهتزُّ
هزَّةَ استهزاءِ
|
يا خريرَ
الخليجِ تفديكَ نفسي
|
|
فلَكَمْ نلتُ في
حماك منائي
|
يا نديمي جدِّد
بذكراه وجدي
|
|
وأحيي ذاك
الغرامَ بالإغراءِ
|
هاتِ حدِّثْ عن
نيلِ مصرَ ودعني
|
|
من فراتٍ ودجلةٍ
فيحاءِ
|
وأعدْ لي حديث
لذّات مصرٍ
|
|
فحديثُ اللذّاتِ
عنّيَ نائي
|
إنّ مصراً
لأحسنُ الأرضِ عندي
|
|
وعلى نيلِها
قصرتُ رجائي
|
وغرامي فيها
وغايةُ قصدي
|
|
أن أرى سادتي
بني الزهراءِ
|
وإلى المشهدِ
الحسينيِّ أسعى
|
|
داعياً راجياً
قبول دعائي
|
يا ابن بنتِ
الرسولِ إنّي محبٌ
|
|
فتعطّفْ واجعل
قبولي جزائي
|
يا كرامَ
الأنامِ يا آلَ طه
|
|
حبُّكم مذهبي
وعقدُ ولائي
|
ليس لي ملجأٌ
سواكم وذخرٌ
|
|
أرتجيهِ في
شدَّتي ورخائي
|
إلى آخر [الأبيات]
وقال فيه أيضاً :
يا آلَ طه من
أتى حبَّكم
|
|
مؤمِّلاً
إحسانَكمْ لا يُضامْ
|
لذنا بكمْ يا
آلَ طه وهل
|
|
يُضامُ من لاذَ
بقومٍ كرامْ
|
تزدحمُ الناسُ
بأعتابكمْ
|
|
والمنهلُ العذبُ
كثيرُ الزحامْ
|
من جاءكم
مستمطراً فضلَكمْ
|
|
فازَ من الجودِ
بأقصى مرامْ
|
__________________
يا سادتي يا
بضعةَ المصطفى
|
|
يا من لهم في
الفضلِ أعلى مقامْ
|
أنتم ملاذي
وعياذي ولي
|
|
قلبٌ بكم يا
سادتي مستهامْ
|
وحقّكمْ إنّي
محبٌّ لكم
|
|
محبَّةً لا
يعتريها انصرامْ
|
وقفتُ في
أعتابكمْ هائماً
|
|
وما على من هام
فيكم ملامْ
|
يا سبطَ طه يا
حسيناً على
|
|
ضريحكَ المأنوسِ
منّي السلامْ
|
مشهدُكَ السامي
غدا كعبةً
|
|
لنا طوافٌ
حولَهُ واستلامْ
|
بيتٌ جديدٌ حلَّ
فيه الهدى
|
|
فصار كالبيتِ
العتيقِ الحرامْ
|
تفديك نفسي يا
ضريحاً حوى
|
|
حسيناً السبطَ
الإمامَ الهمامْ
|
إنّي توسَّلتُ
بما فيك من
|
|
عزٍّ ومجدٍ
شامخٍ واحتشامْ
|
يا زائراً هذا
المقام اغتنم
|
|
فكم لمن يسعى
إليه اغتنامْ
|
ينشرحُ الصدرُ
إذا زرتَهُ
|
|
وتنجلي عنه
الهمومُ العظامْ
|
كم فيه من نورٍ
ومن رونقٍ
|
|
كأنَّه روضةُ
خيرِ الأنامْ
|
إلى آخر [الأبيات]
وقال الحمزاوي
العدوي المتوفّى (١٣٠٣) في مشارق الأنوار (ص ٩٢) بعد كلام
طويل حول مشهد الإمام الحسين الشريف : واعلم أنّه ينبغي كثرة الزيارة لهذا المشهد
العظيم متوسّلاً به إلى الله ، ويطلب من هذا الإمام ما كان يطلب منه في حياته ،
فإنّه باب تفريج الكروب ، فبزيارته يزول عن الخطب الخطوب ، ويصل إلى الله بأنواره
والتوسّل به كلّ قلب محجوب ، ومن ذلك ما وقع لسيّدي العارف بالله تعالى سيدي محمد
شلبي شارح العزيّة ـ الشهير بابن الستّ ـ وهو أنَّه قد سُرقت كتبه جميعها من بيته
، قال : فتحيّر عقله ، واشتدّ كربه ، فأتى إلى مقام وليّ نعمتنا الحسين منشداً
لأبيات استغاث بها ، فتوجّه إلى بيته بعد الزيارة ومكثه في المقام مدّة فوجد
__________________
كتبه في محلّها قد
حضرت من غير نقص لكتاب منها ، وها هي الأبيات :
أيحومُ حول من
التجا لكمُ أذىً
|
|
أو يشتكي ضيماً
وأنتم سادتُه
|
حاشا يُردُّ من
انتمى لجنابِكمْ
|
|
يا آلَ أحمد أو
تسرُّ شوامتُه
|
لكمُ السيادةُ
مِن ألستُ بربّكم
|
|
ولكم نطاقُ
العزِّ دارت هالتُه
|
هل ثَمَّ بابٌ
للنبيِّ سواكمُ
|
|
مَن غيرُكم من
ذي الورى ريحانتُه
|
تبّا لطرفٍ لا
يشاهدُ مشهداً
|
|
يحوي الحسينَ
وتستلمهُ سلامتُه
|
فالزم رحاباً
ضمَّ سبطَ محمدٍ
|
|
ما أمَّه راجٍ وعيقتْ
حاجتُه
|
ها خادماً للحبّ
يرفعُ حاجةً
|
|
ممّا يلاقي من
بلايا هالتُه
|
أمدَّنا الله من
فيض أمداده ، ومتّعنا من فيض قربه ، وتقبيل أعتابه ، وذكر لبعضهم في ذلك المشهد
قوله :
منزلٌ كمّلَ
الإلهُ سناهُ
|
|
تتوارى البدورُ
عند لقاهُ
|
خصّهُ ربُّنا
بما شاء في الأر
|
|
ضِ تعالى من في
السماءِ إلهُ
|
صانه زانه حماه
وقاه
|
|
وكساه بمنِّه
ورضاهُ
|
أن غدا مسكناً
لعزّة آل ال
|
|
بيتِ من ثمّ
قدره وعلاهُ
|
الإمامُ الحسينُ
أشرفُ مولىً
|
|
أيّد الدين سرّه
ووقاهُ
|
مدحتْهُ آيُ
الكتابِ وجاءت
|
|
سنّة الهاشميِّ
طرز حلاهُ
|
وهناك كلمات ضافية
تضمّ ما ذُكر حول مشهد الرأس الشريف لو جمعتها يد التأليف لأتت كتاباً حافلاً ،
وممّن أفرده بالتأليف الشيخ عبد الفتّاح بن أبي بكر
__________________
ـ الشهير بالرسّام
الشافعيّ ـ له رسالة نور العين في مدفن رأس الحسين.
٧ ـ عمر بن عبد
العزيز الخليفة الأموي المتوفّى (١٠١) ، قبره بدير سمعان يُزار. طبقات الحفّاظ (١ / ١١٤).
٨ ـ أبو حنيفة
النعمان بن ثابت إمام الحنفيّة المتوفّى (١٥٠) ، قبره في الأعظميّة ببغداد مزار
معروف ، روى الخطيب في تاريخه (١ / ١٢٣) عن عليّ بن ميمون قال : سمعت الشافعي يقول
: إنّي لأتبرّك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كلّ يوم ـ يعني زائراً ـ فإذا عرضت
لي حاجة صلّيت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد [عنّي]
حتى تُقضى. وذكره الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة (٢ / ١٩٩) ، والكردري في
مناقبه (٢ / ١١٢) ، وطاش كبرى زاده في مفتاح السعادة (٢ / ٨٢) ،
والخالدي في صلح الإخوان (ص ٨٣) نقلاً عن السفيري وابن جماعة.
وقال ابن الجوزي
في المنتظم (٨ / ٢٤٥) : في
هذه الأيّام ـ يعني سنة (٤٥٩) ـ بنى أبو سعد المستوفي الملقّب شرف الملك مشهد أبي
حنيفة ، وعمل لقبره ملبناً ، وعقد القبّة وعمل المدرسة بإزائه ، وأنزلها الفقهاء
ورتّب لهم مدرساً ، فدخل أبو جعفر ابن البياضي إلى الزيارة فقال ارتجالاً :
ألم ترَ أنَّ
العلمَ كان مضيَّعاً
|
|
فجمَّعه هذا
المغيّبُ في اللحدِ
|
كذلك كانت هذه
الأرضُ ميتةً
|
|
فأنشرها جودُ
العميدِ أبي سعدِ
|
ثمّ قال : قال
المصنّف : قرأت بخطِّ أبي الوفاء بن أبي عقيل قال : وضع أساس
__________________
مسجد بين يدي ضريح
أبي حنيفة بالكلس والنورة وغيره ، فجمع سنة ستّ وثلاثين وأربعمائة وأنا ابن خمس
سنين أو دونها بأشهر ، وكان المنفق عليه تركيّ قدم حاجّا ، ثمّ قدم أبو سعد
المستوفي وكان حنفيّا متعصّباً ، وكان قبر أبي حنيفة تحت سقف عمله بعض أمراء
التركمان ، وكان قبل ذلك ـ وأنا صبيٌّ ـ عليه خربشت خاصّ له وذلك في سنتي سبع أو ثمان وثلاثين قبل دخول الغُزّ
بغداد سنة سبع وأربعين ، فلمّا جاء شرف الملك سنة ثلاث وخمسين عزم على إحداث
القبّة وهي هذه ، فهدم جميع أبنية المسجد وما يحيط بالقبر وبنى هذا المشهد ، فجاء
بالقطّاعين والمهندسين وقدّر لها ما بين أُلوف آجر ، وابتاع دوراً من جوار المشهد
، وحفر أساس القبّة ، وكانوا يطلبون الأرض الصلبة فلم يبلغوا إليها إلاّ بعد حفر
سبعة عشر ذراعاً في ستّة عشر ذراعاً ، فخرج من هذا الحفر عظام الأموات الذين كانوا يطلبون جوار
النعمان أربعمائة صنّ ، ونقلت جميعها إلى بقعة كانت ملكاً لقوم ، فحفر لها
ودُفنت. إلى أن قال :
أخبرنا محمد بن
ناصر الحافظ ، أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبّار الصيرفي ، قال : سمعت أبا
الحسين بن المهتدي يقول : لا يصحُّ أنَّ قبر أبي حنيفة في هذا الموضع الذي بنوا
عليه [القبَة] ، وكان الحجيج قبل ذلك يردون ويطوفون حول المقبرة فيزورون
أبا حنيفة لا يعيّنون موضعاً.
وقال ابن خلّكان
في تاريخه (٢ / ٢٩٧) : قبره
مشهور يزار ، بُني عليه المشهد والقبّة سنة (٤٥٩) ، وقال ابن جُبير في رحلته (ص ١٨٠) :
وبالرصافة مشهد حفيل
__________________
البنيان ، له قبّة
بيضاء سامية في الهواء ، فيه قبر الإمام أبي حنيفة رضى الله عنه.
وقال ابن بطوطة في
رحلته (١ / ١٤٢) : قبر
الإمام أبي حنيفة رضى الله عنه عليه قبّة عظيمة ، وزاوية فيها الطعام للوارد
والصادر ، وليس بمدينة بغداد اليوم زاوية يطعم الطعام فيها ما عدا هذه الزاوية.
ثمّ عدَّ جملة من قبور المشايخ ببغداد فقال : وأهل بغداد لهم في كلّ جمعة يوم
لزيارة شيخ من هؤلاء المشايخ ، ويوم لشيخ آخر يليه ، هكذا إلى آخر الأُسبوع.
وقال الذهبي في
الدول (١ / ٧٩) : وقبره
عليه مشهد كبير وقبّة عالية ببغداد.
وقال ابن حجر في
الخيرات الحسان في مناقب الإمام أبي حنيفة ، في الفصل الخامس والعشرين : إنَّ الإمام الشافعيّ أيّام
كان هو ببغداد كان يتوسّل بالإمام أبي حنيفة ، ويجيء إلى ضريحه يزور فيسلّم عليه ،
ثمّ يتوسّل إلى الله تعالى به في قضاء حاجاته ، وقال : قد ثبت أنَّ الإمام أحمد
توسّل بالإمام الشافعيِّ حتى تعجّب ابنه عبد الله ابن الإمام أحمد ، فقال له أبوه
: إنَّ الشافعيّ كالشمس للناس وكالعافية للبدن. ولمّا بلغ الإمام الشافعي أنَّ أهل
المغرب يتوسلون بالإمام مالك لم ينكر عليهم.
٩ ـ مصعب بن
الزبير المتوفّى (١٥٧). قال ابن الجوزي : زارت العامّة قبره بمسكن كما يُزار قبر
الحسين عليهالسلام. المنتظم (٧ / ٢٠٦).
__________________
١٠ ـ ليث بن سعد
الحنفي إمام مصر ، توفّي (١٧٥) ، ودفن بالقرافة الصغرى ، وقبره يُزار رأيته غير
مرّة. الجواهر المضيّة (١ / ٤١٧).
١١ ـ مالك بن أنس
إمام المالكيّة المتوفّى (١٧٩) ، قبره ببقيع الغرقد في المدينة المنوّرة. قال ابن
جبير في رحلته (ص ١٥٣) : عليه
قبّة صغيرة مختصرة البناء. وقد مرَّ (ص ١٥٩) أنّ الفقهاء عدّوا زيارته من آداب من
زار قبر النبيّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم.
١٢ ـ الإمام
الطاهر موسى بن جعفر عليهماالسلام المدفون بالكاظميّة الشهيد سنة (١٨٣) ، أخرج الخطيب
البغدادي في تاريخه (١ / ١٢٠) بإسناده عن أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي قال :
سمعت الحسن بن إبراهيم أبا عليّ الخلاّل شيخ الحنابلة في عصره يقول : ما همّني أمر
فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسّلت به إلاّ سهّل الله تعالى لي ما أُحبّ.
وفي شذرات الذهب (٢ / ٤٨) : توفّي
ببغداد الشريف أبو جعفر محمد الجواد ابن عليّ بن موسى الرضا الحسيني ، أحد الاثني
عشر إماماً الذين تدّعي فيهم الرافضة العصمة ، ودُفن عند جدّه موسى ، ومشهدهما
ينتابه العامّة بالزيارة.
١٣ ـ الإمام
الطاهر أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام ، قال أبو بكر محمد ابن المؤمّل : خرجنا مع إمام أهل
الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي عليّ الثقفي ، مع جماعة من مشايخنا وهم إذ ذاك
متوافرون إلى زيارة عليّ بن موسى الرضا بطوس ، قال : فرأيت من تعظيمه ـ يعني ابن
خزيمة ـ لتلك البقعة ، وتواضعه لها وتضرّعه عندها ما تحيّرنا. تهذيب التهذيب (٧ / ٣٨٨).
__________________
١٤ ـ عبد الله بن
غالب الحدّاني البصري المقتول سنة (١٨٣) ، قتل يوم التروية ، كان الناس يأخذون من
تراب قبره كأنّه مسك يصيّرونه في ثيابهم. حلية الأولياء (٢ / ٢٥٨) ، تهذيب التهذيب
(٥ / ٣٥٤).
١٥ ـ عبد الله بن
عون ، أبو عون الخرّاز البصري قال محمد بن فضالة : رأيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في النوم فقال : زوروا ابن عون فإنّ الله يحبّه. حلية
الأولياء (٣ / ٣٩) ، تهذيب التهذيب (٥ / ٣٤٨).
١٦ ـ عليّ بن نصر
بن عليّ الأزدي أبو الحسن البصري المتوفّى (١٨٩) ، مشهده بالبصرة معروف يُزار.
هامش الخلاصة (ص ٢٣٥).
١٧ ـ معروف الكرخي
المتوفّى (٢٠٠) ، قال إبراهيم الحربي : قبر معروف الترياق المجرّب. وعن الزهري
أنّه قال : قبر معروف الكرخي مجرّب لقضاء الحوائج ، ويقال : إنّه من قرأ عنده مائة
مرّة قل هو الله أحد وسأل الله ما يريد قضى الله حاجته. ورُوي عن أبي عبد الله
المحاملي أنّه قال : أعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة ما قصده مهموم إلاّ فرّج
الله همّه. تاريخ بغداد (١ / ١٢٢).
وقال ابن الجوزي
في صفة الصفوة (٢ / ١٨٣) : عن
أحمد بن الفتح قال : سألت بشراً ـ التابعيّ الجليل ـ عن معروف الكرخي فقال : هيهات حالت بيننا وبينه الحجب ...
إلى أن قال : فمن كانت له إلى الله حاجة فليأت قبره وليدع ، فإنّه
__________________
يُستجاب له إن شاء
الله تعالى. وقال : قبره ظاهر يُتبرّك به في بغداد ، وكان إبراهيم الحربي يقول :
قبر معروف الترياق المجرّب.
وقال في المنتظم (٨ / ٢٤٨) : بُنيت
تربة قبر معروف في ربيع الأوّل سنة (٤٦٠) وعقد مشهده أزاجاً بالجصِّ والآجر.
وقال ابن خلّكان
في تاريخه (٢ / ٢٢٤) : وأهل
بغداد يستسقون بقبره ويقولون : قبر معروف ترياق مجرّب ، وقبره مشهور يُزار. وذكر في (ص ٣٩٦) عن مرآة الزمان لأبي المظفر سبط ابن الجوزي :
أنّه سمع مشايخه ببغداد يحكون أنّ عون الدين قال : كان سبب ولايتي المخزن أنَّني
ضاق ما بيدي حتى فقدت القوت أيّاماً ، فأشار عليّ بعض أهلي أن أمضي إلى قبر معروف
الكرخي رضى الله عنه فأسأل الله تعالى عنده ، فإنّ الدعاء عنده مستجاب ، قال :
فأتيت قبر معروف فصلّيت عنده ودعوت ، ثمّ خرجت لأقصد البلد ـ يعني بغداد ـ إلى آخر
ما ذكر من قصّته.
وفي طبقات
الشعراني (١ / ٦١) : يستسقى
بقبره ، وقبره ظاهر يُزار ليلاً ونهاراً.
١٨ ـ عبيد الله بن
محمد بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب : قال الخطيب البغدادي في
تاريخه (١ / ١٢٣) : باب البردان فيها أيضاً جماعة من أهل الفضل ، وعند المصلّى
المرسوم بصلاة العيد قبر كان يُعرف بقبر النذور ، ويقال : إنّ المدفون فيه رجل من
ولد عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه يتبرّك الناس بزيارته ، ويقصده ذو الحاجة منهم
لقضاء حاجته ، حدّثني القاضي أبو القاسم عليّ بن المحسن التنوخي ، قال : حدّثني
__________________
أبي ، قال : كنت
جالساً بحضرة عضد الدولة ونحن مخيِّمون بالقرب من مصلّى الأعياد في الجانب الشرقي
من مدينة السلام ، نريد الخروج معه إلى همذان في أوّل يوم نزل المعسكر ، فوقع طرفه
على البناء الذي على قبر النذور ، فقال لي : ما هذا البناء؟ فقلت : هذا مشهد
النذور ، ولم أقل قبر لعلمي بطيرته من دون هذا واستحسن اللفظة ، وقال : قد علمت أنّه
قبر النذور وإنّما أردت شرح أمره ، فقلت : هذا يُقال إنّه قبر عبيد الله بن محمد
بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، ويقال : إنّه قبر عبيد الله بن
محمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، وإنّ بعض الخلفاء أراد قتله خفيّا ، فجعلت له
هناك زُبْية وسيّر عليها وهو لا يعلم فوقع فيها ، وهيل عليه التراب حيّا ، وإنّما
شهر بقبر النذور لأنّه ما يكاد يُنذر له نذر إلاّ صحّ وبلغ الناذر ما يريد ، ولزمه
الوفاء بالنذور ، وأنا أحد من نذر له مراراً لا أحصيها كثرةً نذوراً على أُمور
متعذّرة ، فبلغتها ولزمني النذر فوفيت به ، فلم يتقبّل هذا القول وتكلّم بما دلّ
على أنّ هذا إنّما يقع منه اليسير اتّفاقاً فيتسوّق العوام بأضعافه ويسيّرون
الأحاديث [الباطلة] فيه ، فأمسكت.
فلمّا كان بعد
أيّام يسيرة ونحن معسكرون في موضعنا ، استدعاني في غدوة يوم وقال : اركب معي إلى
مشهد النذور ، فركبت وركب في نفر من حاشيته إلى أن جئت به إلى الموضع ، فدخله وزار
القبر وصلّى عنده ركعتين سجد بعدهما سجدة أطال فيها المناجاة بما لم يسمعه أحد ،
ثمّ ركبنا معه إلى خيمته وأقمنا أيّاماً ، ثمّ رحل ورحلنا معه يريد همذان فبلغناها
وأقمنا فيها معه شهوراً ، فلمّا كان بعد ذلك استدعاني وقال لي : ألست تذكر ما
حدّثتني به في أمر مشهد النذور ببغداد؟ فقلت : بلى. فقال : إنّي خاطبتك في معناه
بدون ما كان في نفسي اعتماداً لإحسان عشرتك ، والذي كان في نفسي في الحقيقة أنّ
جميع ما يُقال فيه كذب ، فلمّا كان بعد ذلك بمديدة طرقني أمر
__________________
خشيت أن يقع ويتمّ
، وأعملت فكري في الاحتيال لزواله ولو بجميع ما في بيوت أموالي وسائر عساكري ، فلم
أجد لذلك فيه مذهباً ، فذكرت ما أخبرتني به في النذر لمقبرة النذور فقلت : لِمَ لا
أُجرّب ذلك؟ فنذرت : إن كفاني الله تعالى ذلك الأمر أن أحمل لصندوق هذا المشهد
عشرة آلاف درهم صحاحاً ، فلما كان اليوم جاءتني الأخبار بكفاية ذلك الأمر ،
فتقدّمت إلى أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف ـ يعني كاتبه ـ أن يكتب إلى أبي
الريّان ـ وكان خليفته في بغداد ـ يحملها إلى المشهد. ثمّ التفت إلى عبد العزيز ـ وكان
حاضراً ـ فقال له عبد العزيز : قد كتبت بذلك ونفذ الكتاب.
١٩ ـ أبو عبد الله
محمد بن إدريس الشافعيّ إمام الشافعيّة المتوفّى (٢٠٤) ، دُفن بالقرافة الصغرى ،
وقبره يُزار بها بالقرب من المقطّم. تاريخ ابن خلّكان (٢ / ٣٠) ، وقال
الجزري في طبقات القراء (٢ / ٩٧) : والدعاء عند قبره مستجاب ، ولمّا زرته قلتُ
زرتُ الإمامَ
الشافعي
|
|
لأنّ ذلك نافعي
|
لأنال منه
شفاعةً
|
|
أكرمْ به من
شافعِ
|
وقال الذهبي في
دول الإسلام (٢ / ١٠٥) : إنّ
الملك الكامل عمّر قبّةً على ضريح الشافعي ـ رحمة الله عليه.
٢٠ ـ أبو سليمان
الداراني المتوفّى (٢٠٥) أحد الأئمّة ، دُفن في قرية داريا ، في قبلتها وقبره بها
مشهور ، وعليه بناء وقد جدّد مزاره في زماننا هذا. البداية والنهاية (١٠ / ٢٥٩).
__________________
٢١ ـ السيّدة
نفيسة بنة أبي محمد الحسن بن زيد بن [الحسن بن] عليّ بن أبي طالب توفّيت سنة (٢٠٨)
ودُفنت بدرب السباع ، وقبرها معروف بإجابة الدعاء عنده وهو مجرّب ، رضي الله عنها.
تاريخ ابن خلّكان (٢ / ٣٠٢).
٢٢ ـ أحمد بن حنبل
إمام الحنابلة المتوفّى (٢٤١) ، قبره ظاهر مشهور ، يُزار ويتبرّك به. كذا في مختصر
طبقات الحنابلة (ص ١١) ، وقال
الذهبي في دول الإسلام (١ / ١١٤) : ضريحه
يُزار ببغداد. وحكى ابن الجوزي في مناقب أحمد (ص ٢٩٧) عن عبد
الله بن موسى قال : خرجتُ أنا وأبي في ليلة مظلمة نزور أحمد ، فاشتدّت الظلمة فقال
أبي : يا بنيّ تعال حتى نتوسّل إلى الله تعالى بهذا العبد الصالح حتى يُضيء لنا
الطريق ، فإنِّي منذ ثلاثين سنة ما توسّلت به إلاّ قُضيت حاجتي ، فدعا أبي وأمّنتُ
على دعائه فأضاءت السماء كأنّها ليلة مقمرة حتى وصلنا إليه.
وقال في (ص ٤١٨) :
عن أبي الحسن التميمي ، عن أبيه ، عن جدِّه أنّه حضر جنازة أحمد بن حنبل قال :
فمكثتُ طول أُسبوع رجاء أن أصل [إلى قبره فلم أصِل] من ازدحام الناس عليه ، فلمّا كان بعد أُسبوع وصلتُ إلى
قبره.
قال في المنتظم (١٠ / ٢٨٣) : وفي
أوائل جمادى الآخرة سنة (٥٧٤) تقدّم أمير المؤمنين بعمل لوح ينصب على قبر الإمام
أحمد بن حنبل فعمل ، ونقضت السترة جميعها وبنيتْ بآجر مقطوع جديدة وبُني لها
جانبان ووقع اللوح الجديد ، وفي رأسه مكتوب :
__________________
هذا ما أمر بعمله
سيّدنا ومولانا المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين. وفي وسطه : هذا قبر تاج السنّة
، وحيد الأمّة العالي الهمّة ، العالم العابد الفقيه ، الزاهد الإمام أبي عبد الله
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني رحمهالله. وقد كُتب تاريخ وفاته وآية الكرسي حول ذلك ، ووعدت
بالجلوس في جامع المنصور فتكلّمتُ يوم الإثنين سادس عشر جمادى الأولى ، فبات في
الجامع خلق كثير ، وخُتمت ختمات ، واجتمع للمجلس بكرة ما حزر بمائة ألف ، وتاب خلق
كثير ، وقطعت شعور ، ثمّ نزلتُ فمضيتُ إلى زيارة قبر أحمد فتبعني من حزر بخمسة
آلاف.
وقال ابن بطوطة في
الرحلة (١ / ١٤٢) : قبره
لا قبّة عليه ؛ ويذكر أنّها بنيت على قبره مراراً فتهدّمت بقدرة الله تعالى ،
وقبره عند أهل بغداد معظّم.
وفي مختصر طبقات
الحنابلة (ص ٣٧) : تقدم
أمير المؤمنين في سنة (٥٢٧) به باراكراف ٢ صفحه ٢٨٤ بعمل لوح ينصب على قبر الإمام أحمد
، وحصل للشيخ أبي الفرج وللحنابلة التعظيم الزائد ، وجعل الناس يقولون للشيخ : هذا
كلّه بسببك.
الله يزور أحمد بن
حنبل كلّ عام لنصرته كلامه :
روى ابن الجوزي في
مناقب أحمد (ص ٤٥٤) قال :
حدّثني أبو بكر بن مكارم بن أبي يعلى الحربي ـ وكان شيخاً صالحاً ـ قال : كان قد
جاء في بعض السنين مطر كثير جدّا قبل دخول رمضان بأيّام ، فنمتُ ليلة في رمضان
فأُريتُ في منامي كأنِّي قد جئت على عادتي إلى قبر الإمام أحمد بن حنبل أزوره ،
فرأيتُ قبره قد
__________________
التصق بالأرض [حتى
بقي بينه وبين الأرض] مقدار ساف أو سافين ، فقلتُ : انّما تمّ هذا على قبر الإمام أحمد من
كثرة الغيث فسمعته من القبر وهو يقول : لا بل هذا من هيبة الحقِّ عزَّ وجلَّ ؛
لأنّه عزّ وجلّ قد زارني ، فسألته عن سرّ زيارته إيّاي في كلّ عام ، فقال عزّ وجلّ
: يا أحمد ، لأنّك نصرت كلامي فهو يُنشر ويُتلى في المحاريب ، فأقبلت على لحده
أُقبِّله ، ثمّ قلت : يا سيّدي ، ما السرّ في أنّه لا يقبّل قبر إلاّ قبرك؟ فقال
لي : يا بُنيّ ليس هذا كرامة لي ولكن هذا كرامة لرسول الله ، لأنّ معي شعرات من
شعره صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ ألا ومن يحبّني [لِمَ لا] يزورني في شهر رمضان؟ قال ذلك مرّتين.
من يزور أحمد غفر
الله له :
أخرج الحافظ ابن
عساكر في تاريخه (٢ / ٤٦) عن أبي
بكر بن أنزويه ، قال : رأيتُ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام ومعه أحمد بن حنبل ، فقلتُ : يا رسول الله من
هذا؟ فقال : هذا أحمد وليُّ الله ووليُّ رسول الله على الحقيقة ، وأنفق على الحديث
ألف دينار. ثمّ قال : من يزوره غفر الله له ؛ ومن يبغض أحمد فقد أبغضني ، ومن
أبغضني فقد أبغض الله.
وأخرج الخطيب
البغدادي عن عبد العزيز قال : سمعتُ أبا الفرج الهندبائي يقول :
كنتُ أزور قبر
أحمد بن حنبل فتركته مدّة ، فرأيتُ في المنام قائلاً يقول لي : تركت زيارة قبر
إمام السنّة؟ تاريخ بغداد (٤ / ٤٢٣) ، مناقب أحمد لابن الجوزي (ص ٤٨١).
__________________
قال ابن الجوزي : وفي صفر سنة (٥٤٢) رأى رجل في المنام قائلاً يقول له :
من زار أحمد بن حنبل غُفر له. قال : فلم يبق خاصٌّ ولا عامٌّ إلاّ زاره ، وعقدت
يومئذٍ ثَمَّ مجلساً فاجتمع فيه أُلوف من الناس. البداية والنهاية (١٢ / ٣٢٣).
فضل زوّار قبر
أحمد :
أخرج ابن الجوزي
في مناقب أحمد (ص ٤٨١) : عن أحمد
بن الحسن ، عن أبيه ، قال : قال الشيخ أبو طاهر ميمون : يا بنيّ رأيت رجلاً بجامع
الرصافة في شهر ربيع الأوّل من سنة [ست و] ستين وأربعمائة ، فسألته فقال : قد جئت من ستمائة فرسخ ،
فقلت : في أيّ حاجة؟ قال : رأيت وأنا ببلدي في ليلة جمعة كأنّي في صحراء أو في
فضاء عظيم والخلق قيام ، وأبواب السماء قد فُتحت ، وملائكة تنزل من السماء تلبس
أقواماً ثياباً خضراً وتطير بهم في الهواء ، فقلت : من هؤلاء الذين قد اختصّوا
بهذا؟ فقالوا لي : هؤلاء الذين يزورون أحمد بن حنبل ، فانتبهت ولم ألبث أن أصلحت
أمري وجئت إلى هذا البلد وزرته دفعات ، وأنا عائد إلى بلدي إن شاء الله.
بركة قبر أحمد
وجواره :
أخرج ابن الجوزي
في مناقب أحمد (ص ٤٨٢) عن أبي
يوسف بن بختان ـ وكان من خيار المسلمين ـ قال : لمّا مات أحمد بن حنبل رأى رجل في
منامه كأنَ
__________________
على كلّ قبر
قنديلاً ، فقال : ما هذا؟ فقيل له : أما علمت أنّه نور لأهل القبور ، ينوّرهم
بنزول هذا الرجل بين أظهرهم ، وقد كان فيهم من يُعذّب فرحم.
وبإسناده عن عبيد
بن شريك قال : مات رجل مخنّت فرُئي في النوم فقال : قد غُفر لي ، دفن عندنا أحمد
بن حنبل فغفر لأهل القبور.
وبإسناده في (ص
٤٨٣) عن أبي عليّ الحسن بن أحمد الفقيه ، قال : لمّا ماتت أُمُّ القطيعي دفنها في
جوار أحمد بن حنبل ، فرآها بعد ليال [فقال : ما فعل الله بكِ؟] فقالت : يا بُنيّ رضي الله عنك ، فلقد دفنتني في جوار رجل
ينزل على قبره في كلّ ليلة ـ أو قالت في كلّ ليلة جمعة ـ رحمة تعمُّ جميع أهل
المقبرة ، وأنا منهم.
قال : قال أبو
عليّ : وحكى أبو ظاهر الجمّال ـ شيخ صالح ـ قال : قرأت ليلة وأنا في مقبرة أحمد بن
حنبل ، قوله تعالى (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ
وَسَعِيدٌ) ، ثمّ حملتني عيني فسمعت قائلاً يقول : ما فينا شقيٌّ
والحمد لله ببركة أحمد.
وقال : بلغني عن
بعض السلف القدماء قال : كانت عندنا عجوز من المتعبِّدات قد خلت بالعبادة خمسين
سنة ، فأصبحت ذات يوم مذعورة ، فقالت : جاءني بعض الجنِّ في منامي فقال : إنّي
قرينك من الجنِّ ، وإنَّ الجنَّ استرَقَت السمع بتعزية الملائكة بعضها بعضاً بموت
رجل صالح يقال له : أحمد بن حنبل ، وتربته في موضع كذا ، وإنَّ الله يغفر لمن جاوره
، فإن استطعت أن تجاوريه في وقت وفاتك فافعلي ، فإنّي لك ناصح ، وإنَّك ميّتة بعده
بليلة. فماتت كذلك فعلمنا أنّه منام حقّ.
قال الأميني : هذه
نماذج من كلمات الحنابلة في زيارة قبر إمامهم أحمد وبركة جواره ، وهذه سيرتهم
المطّردة فيها وفي زيارة قبور مشايخهم كما يأتي ، فشتّان بينها
__________________
وبين ما تَرّه ابن
تيميّة ومن لفّ لفّه ، فإنَّهم شذّوا عن تلكم الآراء ، وأتوا بأحداث تافهة ، وعزوا
إلى الإسلام ما لا يُرصف به.
٢٣ ـ ذو النون
المصري المتوفّى (٢٤٦) ، دفن في القرافة الصغرى ، وعلى قبره مشهد مبنيّ ، وفي
المشهد قبور جماعة من الصالحين ، وزرته غير مرّة.
قاله ابن خلّكان
في تاريخه (١ / ١٠٩).
٢٤ ـ بكّار بن
قتيبة بن أسد الثقفي البكراوي البصري الحنفي الفقيه المتوفّى بمصر سنة (٢٧٠) ،
دُفن بالقرافة ، قبره مشهور يزار ويتبرّك به ، ويُقال : إنّ الدعاء عند قبره
مستجاب. الجواهر المضيّة (١ / ١٧٠).
٢٥ ـ إبراهيم
الحربي المتوفّى (٢٨٥) ، دُفن في بيته ، وقبره ظاهر يتبرّك الناس به. قاله ابن
الجوزي في مناقب أحمد (ص ٥٠٩) ، وصفة
الصفوة (٢ / ٢٣٢).
٢٦ ـ إسماعيل بن
يوسف أبو عليّ الديلمي ، قال المعافي : الناس يزورون قبره وراء قبر معروف الكرخي
وبينهما قبور يسيرة ، وقد زرته مراراً. صفة الصفوة (٢ / ٢٣٣)
٢٧ ـ عليّ بن محمد
بن بشّار أبو الحسن المتوفّى (٣١٣) ، قبره ببغداد اليوم ظاهر يُتبرّك به. المنتظم (٦ / ١٩٩).
٢٨ ـ يعقوب بن
إسحاق أبو عوانة النيسابوري ثمّ الأسفراييني الحافظ الشهير ،
__________________
المتوفّى (٣١٦) ،
قال الذهبي في تذكرته (٣ / ٣) : قبر أبي
عوانة عليه مشهد مبنيّ بأسفرايين ، يُزار وهو بداخل المدينة.
وقال الحافظ ابن
عساكر : إنَّ قبر أبي عوانة بأسفرايين مزار العالم ومتبرّك الخلق ؛ وبجنب قبره قبر
الراوية عنه أبي نعيم ، وقريب من مشهده مشهد الإمام أبي إسحاق الأسفراييني ،
والعوام يتقرّبون إلى مشهد أبي إسحاق أكثر ممّا يتقرّبون إلى أبي عوانة ، وهم لا
يعرفون قدر هذا الإمام الكبير المحدِّث أبي عوانة ، لبعد العهد بوفاته وقرب العهد
بوفاة أبي إسحاق ، وكان جدِّي إذا وصل إلى مشهد الأستاذ أبي إسحاق لا يدخله
احتراماً ، بل كان يُقبِّل عتبة المشهد ـ وهي مرتفعة بدرجات ـ ، ويقف ساعةً على
هيئة التعظيم والتوقير ، ثمّ يعبر عنه كالمودِّع لعظيم الهيبة والقدر ، وإذا وصل
إلى مشهد أبي عوانة كان أشدَّ تعظيماً له وإجلالاً وتوقيراً ، ويقف أكثر من ذلك رحمهمالله أجمعين. وفيات الأعيان (٢ / ٤٦٩)
ملخّصاً.
٢٩ ـ أبو محمد عبد
الله بن أحمد بن طباطبا المصري المتوفّى (٣٤٨) ، دُفن بمصر ، وقبره معروف ومشهور
بإجابة الدعاء ، رُوي أنَّ رجلاً حجّ وفاتته زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فضاق صدره لذلك ، فرآه صلىاللهعليهوآلهوسلم في نومه فقال له : إذا فاتتك الزيارة فزر قبر عبد الله ابن
أحمد بن طباطبا ، وكان صاحب الرؤيا من أهل مصر. وفيات الأعيان (١ / ٢٨٢).
٣٠ ـ الحافظ أبو
الفضل صبح بن أحمد التميمي السمسار المتوفّى (٣٨٤) ، الدعاء عند قبره مستجاب.
شذرات الذهب (٣ / ١٠٩).
__________________
٣١ ـ الحافظ أبو
الحسن علي بن محمد العامري المتوفّى (٤٠٣) ، عكف الناس على قبره ليالي يقرؤون
القرآن ويدعون له ، وجاء الشعراء من كل أوب يرثون ويترحّمون. البداية والنهاية (١١ / ٣٥١).
٣٢ ـ أبو سعيد عبد
الملك بن محمد الخركوشي المتوفّى (٤٠٦) ، قبره بنيسابور مشهور يزار ويتبرّك به.
شفاء السقام للسبكي (ص ٢٩).
٣٣ ـ محمد بن
الحسن أبو بكر بن فورك الأصبهاني المتوفّى (٤٠٦) ، دُفن بالحيرة من نيسابور ،
ومشهده بها ظاهر ، يزار ويُستسقى به ، وتجاب الدعوة عنده. وفيات الأعيان (٢ / ٥٧).
٣٤ ـ أبو علي
الحسن بن أبي الهبيش المتوفّى (٤٢٠) ، قال ابن الجوزي في المنتظم (٨ / ٤٦) : قبره
ظاهر بالكوفة وقد عمل عليه مشهد وقد زرته في طريق الحجِّ.
٣٥ ـ أبو جعفر بن
أبي موسى المتوفّى (٤٧٠) ، كان إمام الحنابلة في وقته بلا مدافعة ، نُبش قبر أحمد
بن حنبل ودفن فيه ، ولزم الناس قبره فكانوا يبيتون عنده كلّ ليلة أربعاء ، ويختمون
الختمات فيقال : إنّه قرئ على قبره تلك الأيّام عشرة آلاف ختمة. شذرات الذهب (٣ / ٣٣٧) ، وقال
ابن الجوزي في المنتظم (٨ / ٣١٧) : كان
الناس يبيتون هناك كلّ ليلة أربعاء ويختمون الختمات ، ويخرج المتعيّشون فيبيعون
__________________
المأكولات ، وصار
ذلك فرجةً للناس ، ولم يزالوا كذلك إلى أن جاء الشتاء فامتنعوا ، فختم على قبره في
تلك المدّة أكثر من عشرة آلاف ختمة.
وقال ابن كثير :
دُفن إلى جانب الإمام أحمد فاتّخذت العامّة قبره سوقاً كلّ ليلة أربعاء يتردّدون
إليه. البداية والنهاية (١٢ / ١١٩).
٣٦ ـ المعتمد على
الله أبو القاسم محمد بن المعتضد اللخمي الأندلسي المتوفّى (٤٨٨) ، اجتمع عند قبره
جماعة من الشعراء الذين كانوا يقصدونه بالمدائح ويجزل لهم المنائح ، فرثوه بقصائد
مطوَّلات وأنشدوها عند قبره وبكوا عليه ، فمنهم أبو بحر رثاه بقصيدة منها :
قبَّلتُ في هذا الثرى لك خاضعاً
|
|
وجعلتُ قبرَكَ
موضعَ الإنشادِ
|
ولمّا فرغ من
إنشادها ، قبّل الثرى ومرّغ جسمه وعفّر خدّه ، فأبكى كلّ من حضر. شذرات الذهب (٣ / ٣٩٠).
٣٧ ـ نصر بن
إبراهيم المقدسي المتوفّى (٤٩٠) ، شيخ الشافعيّة ، توفّي بدمشق ودفن بباب الصغير ،
وقبره ظاهر يزار ، قال النووي : سمعنا الشيوخ يقولون : الدعاء عند قبره يوم السبت
مستجاب. شذرات الذهب (٣ / ٣٩٦).
٣٨ ـ أبو الحسن
عليّ بن الحسن المصري فقيه الشافعيّة المتوفّى (٤٩٢) ، قال ابن الأنماطي : قبره
بالقرافة يُعرف بإجابة الدعاء عنده. شذرات الذهب (٣ / ٣٩٩).
__________________
٣٩ ـ عليّ بن
إسماعيل بن محمد المتوفّى (٥٥٩) ، قبره بفاس ، من مزاراتها المتبرّك بها المجاب عنده
الدعاء ، قاله الساحلي. وفي نيل الابتهاج (ص ١٩٨) : زرت قبره مراراً بفاس.
٤٠ ـ الخضر بن نصر
الإربلي الفقيه الشافعي المتوفّى (٥٦٧ ، ٥٦٩) ، قال ابن كثير في تاريخه (١٢ / ٢٨٧) نقلاً
عن تاريخ ابن خلّكان : قبره يُزار وقد زرته غير مرّة ، ورأيت الناس ينتابون قبره
ويتبرّكون به .
٤١ ـ نور الدين
محمود بن زنكي المتوفّى (٥٦٩) ، قال ابن كثير : قبره بدمشق يُزار ويحلق بشبّاكه
ويطيب ويتبرّك به كلُّ مارّ ، فيقول : قبر نور الدين الشهيد. البداية والنهاية (١٢ / ٢٨٤).
وفي شذرات الذهب (٤ / ٢٣١) : روي
أنّ الدعاء عند قبره مستجاب ، ويقال : إنَّه دُفن معه ثلاث شعرات من شعر لحيته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فينبغي لمن زاره أن يقصد زيارة شيء منه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٤٢ ـ القاسم بن
فيرة الشاطبي المتوفّى (٥٩٠) ، دُفن بالقرافة ، وقبره مشهور معروف يُقصد للزيارة ،
وقد زرته مرّات وعرض عليّ بعض أصحابي الشاطبيّة عند قبره ، ورأيت بركة الدعاء عند
قبره بالإجابة رحمهالله ورضي عنه. طبقات القرّاء (٣ / ٢٣).
٤٣ ـ أحمد بن جعفر
الخزرجي أبو العبّاس السبتي نزيل مراكش والمتوفّى بها
__________________
سنة (٦٠١) ، قبره
معروف مزار مزاحم عليه مجرّب الإجابة ، زرته مراراً لا تُحصى ، وجرّبت بركته غير
مرّة ، وقال ابن الخطيب السلماني في كلام له : ويبلغ وارد ذلك المزار في اليوم
الواحد ثمانمائة مثقال ذهب عين ، وربّما وصل بعض الأيّام ألف دينار ، وتُصرف كلّها
في ذوي الحاجات المحتفّين به من أهالي تلك الديار.
قال صاحب نيل
الابتهاج ـ بعد كلام طويل حول هذا المزار ـ : قلت : وإلى الآن ما زال الحال على ما
كان عليه في روضته من ازدحام الخلق عليها ، وقضاء حوائجهم ، وقد زرته ما يزيد على
خمسمائة مرّة ، وبتُّ هناك ما ينيف على ثلاثين ليلة ، وشاهدتُ بركته في الأُمور.
ثمّ ذكر قصّة يهوديّ توسّل به وقُضيت حاجته. راجع نيل الابتهاج (ص ٦٢).
٤٤ ـ محمد بن أحمد
الحنبلي أبو عمرو المقدّسي المتوفّى (٦٠٧) ، قبره يُزار ، ولمّا دُفن رأى
بعض الصالحين في منامه تلك الليلة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول : من زار أبا عمرو ليلة الجمعة فكأنَّما زار
الكعبة ، فاخلعوا نعالكم قبل أن تصلوا إليه. شذرات الذهب (٥ / ٣٠).
٤٥ ـ سيف الدين
أبو الحسن القميري المتوفّى (٦٥٣) ، بنابلس ، الدعاء عند قبره مستجاب. شذرات الذهب
(٥ / ١٦١).
٤٦ ـ إسحاق بن
يحيى أبو إبراهيم الأعرج المتوفّى بفاس (٦٨٣) ، الدعاء عند قبره مستجاب. نيل
الابتهاج (ص ١٠٠).
٤٧ ـ الشيخ أحمد
بن عليّ البدوي المتوفّى (٦٧٥) ، دُفن بطندتا ، وجعلوا على
__________________
قبره مقاماً ،
واشتهرت كراماته وكثرت النذور إليه. شذرات الذهب (٥ / ٣٤٦).
٤٨ ـ الشيخ حسين
الجاكي المتوفّى (٧٣٠) ، قبره ظاهر يُزار كلّ ليلة أربعاء وصبيحتها. طبقات الأخبار
(٢ / ٢).
٤٩ ـ الشيخ أحمد
بن علوان : قال اليافعي في مرآته (٤ / ٣٥٧) : ومن كراماته أنَّ ذرّية الفقهاء
الذين كانوا ينكرون عليه صاروا يلوذون عند النوائب بقبره ، ويستجيرون من خوف
السلطان به ، وإلى ذلك وبعض مناقبه الحميدة أشرت في قصيدة. ثمّ ذكر خمسة أبيات.
٥٠ ـ أبو عليّ بن
بيان : يتبرّك أهل بلد دير العاقول بزيارة قبره. تاريخ بغداد (١٤ / ٤٢٧).
٥١ ـ أبو عبد الله
القرشي الأندلسي توفِّي ببيت المقدس ، قبره مقصود بالزيارة. شذرات الذهب (٤ / ٣٤٢).
٥٢ ـ الشيخ أبو
بكر بن عبد الله العيدروس باعلوي توفّي سنة (٩١٤) بعدن ، وقبره بها أشهر من الشمس
الضاحية ، يُقصد للزيارة والتبرّك من الأماكن البعيدة.
سبعة في تريم يعتقد أهل زبيد أنّ من زارهم سبعة أيّام متوالية قُضيت
حاجته ، قال الشيخ عليّ بن أبي بكر في الثناء عليهم :
بباب سهامٍ
سبعةٌ من مشايخٍ
|
|
لقاصدِهمْ ذخرٌ
وكنزٌ لمقللِ
|
فيونس إبراهيم
مرزوق جبرتي
|
|
وأفلح ميّاد كذا
ابن الرضا الولي
|
زيارتُهم نجحٌ
لكلّ حوائجٍ
|
|
وفي الخلد سكنى
للذي زار مقبلِ
|
__________________
تريم بها منهم
أُلوفٌ عديدةٌ
|
|
بساحةِ بشّارٍ
شموس الهدى قلِ
|
زيارةُ كلٍّ
منهمُ صحّ أنّها
|
|
لما شئتَ من
جلبٍ ودفعٍ محصَّلِ
|
وإنْ قيل ترياقٌ
ببغداد جرِّبا
|
|
وفي ربع بشّار
شفا كلِّ معضل
|
إلى آخر الأبيات.
النور السافر (ص ٨٠ ، ٨١) ،
شذرات الذهب (٨ / ٦٤).
توجد في المعاجم
وكتب التراجم والتاريخ أضعاف ما ذكر من القبور المزورة ، اقتصرنا بالمذكور روماً
للاختصار.
منتهى القول في زيارة القبور
هذا قليل من كثير
ممّا تداول بين أجيال المسلمين منذ عهدهم المتقادم من لدن عهد الصحابة الأوّلين
والتابعين لهم بإحسان ، ثمّ في أدوارهم المتتابعة من زيارة قبر نبيّهم الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ومراقد الأئمّة والأولياء والصالحين والعلماء ، وشدّ
الرحال إليها ، والتوسّل والاستشفاع بها ؛ وفي الزائرين علماء أعلام وأئمّة يقتدى
بهم في كلٍّ من المذاهب ، على أنّ نقلة هذه الأقاويل علماء وقادة ارتضوا تلكم
الأعمال بنقلهم لها في مقام فضيلة المقبورين ، وأرباب هاتيك المشاهد ، فعلى ذلك
وقع التسالم بين فرق المسلمين في قرونهم المتطاولة ، وذلك يُنبئ عن الإجماع
المتحقّق بين طبقات الأمّة الإسلاميّة على استحسان ذلك كلّه ، وكونه سنّة متّبعة.
وأنت ـ أيّها
القارئ الكريم ـ إذا أعرت لما تلوناه عليك أُذناً واعية ، فهل تجد لما يصفه ابن
تيميّة ومن يرقص لما له من مكاءٍ وتصديةٍ ـ نظراء القصيمي ـ مقيلاً من الصدق؟ فهل
كان المسلمون الأوّلون يرون ما يأتون به من الأعمال في مشاهد الموتى كفِرية ثمّ
يتقرّبون به إلى الله تعالى؟ حاشا لا نتّهم فرق المسلمين عامّة بمثل
__________________
هذه الفرية
الشائنة ، وهل تجد شيئاً من هاتيك الأعمال مختصّا بالشيعة فحسب؟ لاها الله. وهل
الأعمال التي تأتي بها الشيعة عند القبور ـ وقد زعم الرجل أنّها كاشفة عن الغلوِّ
والتأليه لعلّي وولده ـ غير ما يأتي به أهل السنّة وفي مقدّم هم أئمّتهم عند تلكم
المزارات من لدن عصر الصحابة حتى اليوم من سرد ألفاظ زيارة جامعة لفضائل المزور ،
ومن الدعاء عند قبره ، والصلاة لديه ، وختم القرآن عنده وإهدائه إليه ، والتوسّل
والاستشفاع به ، وطلب قضاء الحاجة من الله تعالى بوسيلته ، والتبرّك به بالتزام أو
تمريغ أو تقبيل ، وتعظيمه بكلّ ما اقتضته حرمته واستوجبه خطره ، فلو صحّت أحلام
ابن تيميّة وتابعيه وتكون هذه الأعمال بدعةً وضلالاً وغلوّا وتأليهاً ، وفاعلها
خارجاً عن ربقة الإسلام ، لم يبقَ عندئذٍ معتنق للإسلام منذ يومه الأوّل إلاّ ابن
تيميّة ومن لفَّ لفَّه.
فحقيقٌ على القارئ
الآن أن يقف على كلمة القصيمي الأخرى ، ويكون على بصيرةٍ من أنَّ الشيعة ليس بينها
وبين المذاهب الأربعة قطّ اختلاف في هذه المواضيع الهامّة ، وإنّما هي ممّا تسالمت
عليه الأمّة الإسلاميّة جمعاء ، غير أنّ كتّاب الهواهي هاج هائجهم على الشيعة فأجّجوا عليهم نيران الإحن والشحناء
، وجاءوا يقطّعون كلمة التوحيد بأقلام مسمومة ، ويشقّون عصا المسلمين ، ويلقون
الخلاف بينهم. (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى
قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) .
ذكر في الصراع (٢
/ ٦٤٨) قول العلاّمة الأمين من قصيدة له :
لا بدع أن كان
الدعاء إليه في
|
|
ها صاعداً
وبغيرها لم يصعد
|
ثم قال : هذا
القول عند جميع المسلمين على اختلاف مذاهبهم ونحلهم من أقوال
__________________
الردّة والكفر
الواضح ، ونعوذ بالله من الخذلان. وقبل هذا البيت :
وكذا الصلاةُ
لدى القبورِ تبرّكاً
|
|
بذوي القبورِ
فليس بالصنعِ الردي
|
إنّ الأئمّةَ من
سلالةِ هاشمٍ
|
|
ثقلُ النبيّ
وقدوةٌ للمقتدي
|
قالوا الصلاةُ
لدى محلِّ قبورنا
|
|
في الفضل تعدلُ
مثلَها في المسجدِ
|
عنهم روته لنا
الثقاتُ فبالهدى
|
|
عنهم إذا شئتَ
الهدايةَ فاقتدِ
|
شرفُ المكانِ
بذي المكانِ محقَّقٌ
|
|
وأخو الحجا في
ذاك لم يتردّدِ
|
خير عبادة
ربِّنا في مثله
|
|
من غيره فإليه
فاعمد واقصدِ
|
وكذلكم طلبُ
الحوائجِ عندها
|
|
من ربِّنا أرجى
لنيل المقصدِ
|
بركاتُها تُرجى
لداعٍ أنَّها
|
|
بركات شخصٍ في
الضريح موسَّدِ
|
لا
بدع أن كان الدعاء إليه إلخ
|
فقال : والقصيدة
أغلبها من هذا النوع الفاحش المناقض لدين الإسلام ولغيره من أديان الله. انتهى.
وعدّ القول بالشفاء وإجابة الدعاء عند قبر الحسين السبط عليهالسلام من آفات الشيعة في (٢ / ٢١).
(كَبُرَتْ كَلِمَةً
تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً)
ـ ٧ ـ
نظرة التنقيب في الحديث
كثرت القالة حول
أحاديث الشيعة ، من رُماة القول على عواهنه ، وكلّ منهم اختار معاثاً ، ويلوك بين
شدقيه مغمزة ؛ فترى هذا يزعمها رقاعاً مزوّرة تُعزى إلى الإمام الغائب ، وآخر يحسبها أكاذيب موضوعة على الإمامين الباقر
__________________
والصادق ، لا هذا يبالي بمغبّة فريته ، ولا ذاك يكترث لكشف سوأته ؛
وفي مؤخّر القوم كيذبان أشوس شدّد النكير عليها ، وبالغ في اللغوب ، وتلمّخ بالعجب
العجاب ، ألا وهو : عبد الله القصيمي. قال في الصراع (١ / ٨٥):
الكذّابة حقّا
كثيرة في رجال الشيعة وأصحاب الأهواء ، طمعاً في الدنيا وتزلّفاً إلى أصحابها ، أو
كيداً للحديث والسنّة وحنقاً على أهلها ، ولكنّ علماء السنّة كشفوا ذلك وأبانوه
أتمَّ البيان ـ إلى أن قال ـ : وليس في رجال الحديث من أهل السنّة من هو متّهم
بالوضع والكذابة طمعاً في الدنيا ، وازدلافاً إلى أهلها ، وانتصاراً للأهواء
والعقائد المدخولة الباطلة.
نعم ؛ قد يوجد
بينهم من ساء حفظه أو من كثر نسيانه ، أو من انخدع بالمدلّسين الضعفاء ، ولكن رجال
التراجم والجرح والتعديل قد بيّنوا هذا النوع كلّه.
الجواب
: لعلّ الباحث يحسب
لهذه الدعاوي المجرّدة الفارغة مسّةً من الصدق أو لمسةً من الحقِّ ، ذاهلاً عن أن
الغالب على الأقلام المستأجرة اليوم هو الإفك وقول الزور ، وأنّ مدار رُقيّ الأمم
في وجه البسيطة وتقدّمها على الكذب والشطط ، ومحور سياسة الدنيا في جهاتها الستّ
هو الهثُ والدجل والتمويه ؛ وأنّ كثيراً من الدعايات في المبادئ
والآراء والمعتقدات تحكّمات محضة ، وتقوّلات لا طائل تحتها ، ملفوفة بأفانين الخبّ
والخدع ؛ وهناك فئات مبثوثة في الملأ كلّها لا تتأتّى مآربهم من زبرج الدنيا إلاّ
بزخرف القول وكذب الحديث ، وتعمية الأُميّين من الناس ، وسوقهم إلى معاسيف السبل
ومعاميها ، ولولا تهديد المولى سبحانه عباده بقوله : (ما يَلْفِظُ مِنْ
__________________
قَوْلٍ
إلاّ لَدَيهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ، ولولا الإنذار النازل في كتاب الله على كلِّ كذّاب أفّاك
أثيم لما كان يسع لأحد من هؤلاء الكذّابين الدجّالين أن يكذب أكثر ممّا كذب ، أو
يأتي بأمرٍ لم يأتِ به ؛ فكلٌّ منهم أكذب من خُرافة وحُجينة ، فيهمّنا عندئذٍ
إيقاف القارئ على حقيقة الأمر ، وإماطة الستر عن سرِّ ما ادّعاه الرجل في رجال
الحديث من قومه من أنّهم لا يوجد فيهم متّهم بالوضع والكذابة .. إلخ.
فنذكر أمّة ممّن
عُرفوا بالوضع والكذب فضلاً عمّن اتّهم بهما منهم ، ونقدِّم بين يدي الباحث نبذةً
من الموضوعات التي لم توضع إلاّ طمعاً في الدنيا وازدلافاً إلى أهلها أو انتصاراً
للأهواء والعقائد المدخولة الباطلة ، وتلمسه باليد حساب ما وضعته تلكم الأيدي
الأثيمة الخائنة على قدس صاحب الرسالة وسنّته ، فتتّضح عنده جليّة الحال ، وله فصل
الخطاب إن لم يتّبع الهوى فيضلَّ عن سبيل الله.
__________________
سلسلة الكذّابين والوضّاعين
حرف الألف
١ ـ أبان ـ أباء ـ
بن جعفر أبو سعيد البصري : كذّاب ، كان يضع الحديث على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقد وضع على أبي حنيفة أكثر من ثلاثمائة حديث ما حدّث بها
أبو حنيفة قطّ . ميزان الاعتدال (١ / ١٠) ، تذكرة الموضوعات (ص ١٢٠) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٣).
٢ ـ أبان بن فيروز
أبي عيّاش مولى عبد القيس أبو إسماعيل البصري المتوفّى (١٣٨) : قال شعبة : ردائي
وخماري في المساكين صدقة إن لم يكن ابن أبي عيّاش يكذب في الحديث. وقال : لا يحلّ
الكفُّ عنه إنّه يكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقال أحمد إمام
الحنابلة ليحيى بن معين ـ وهو يكتب عن أبان نسخة ـ : تكتب هذه وأنت تعلم أنَّ أبان
كذّاب؟
وقال
شعبة : لأَن يزني الرجل
خير من أن يروي عن أبان. وقال : لأَن أشرب
__________________
من بول حماري
أحبُّ إليَّ من أن أقول حدّثني أبان. لعلّه حدّث عن أنس بأكثر من ألف وخمسمائة
حديث ، ما لكثير شيء منها أصل . تهذيب التهذيب (١ / ٩٩).
٣ ـ إبراهيم بن
أبي حيّة : كذّاب . تذكرة الموضوعات (ص ٣٠).
٤ ـ إبراهيم بن
أبي الليث المتوفّى (٢٣٤) : صاحب الأشجعي ، كذّاب ، وضّاع متروك الحديث . تاريخ بغداد (٦ / ١٩٦) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٧).
٥ ـ إبراهيم بن
أبي يحيى أبو إسحاق المدني المتوفّى (١٨٤) : كذّاب ، يضع ، عدّه النسائي من
الكذّابين المعروفين بوضع الحديث على رسول الله . تاريخ بغداد (١٣ / ١٦٨) ، خلاصة التهذيب (ص ١٨).
٦ ـ إبراهيم بن
أحمد الحرّاني الضرير : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ١٠).
٧ ـ إبراهيم بن
أحمد العجلي المتوفّى (٣٣١) : كان ممّن يضع الحديث ، ذكره ابن
__________________
الجوزي وقال : وضع
أحاديث فافتضح . ميزان الاعتدال (١ / ١٠) ، لسان الميزان (١ / ٢٧).
٨ ـ إبراهيم بن
إسحاق بن عيسى البغدادي : كذّاب. تذكرة الموضوعات (ص ٧٨).
٩ ـ إبراهيم بن
البراء الأنصاري المتوفّى (٢٢٤ ، ٢٢٥) حفيد أنس بن مالك ، كذّاب ، يحدِّث عن
الثقات بالموضوعات ، لا يجوز ذكره إلاّ على سبيل القدح فيه ، قال ابن عدي : أحاديثه موضوعة . ميزان الاعتدال (١ / ١٢ ، ٢٦) ، تذكرة الموضوعات (ص ٨٧).
١٠ ـ إبراهيم بن
بكر الشيباني أبو إسحاق الأعور ، نزيل بغداد : أحاديثه موضوعة ، كان يسرق الحديث . تاريخ بغداد (٦ / ٤٦) ، لسان الميزان (١ / ٤٠).
١١ ـ إبراهيم بن
الحوّات السمّاك : معاصر الترمذي ، كذّاب ، قال : ربّما وضعت أحاديث . ميزان الاعتدال (١ / ٣٦).
١٢ ـ إبراهيم بن
زكريّا أبو إسحاق العجلي البصري : حديثه منكر ، حدّث بالبواطيل ، ويأتي عن مالك
بأحاديث موضوعة . ميزان الاعتدال (١ / ١٦).
__________________
١٣ ـ إبراهيم بن
صرمة الأنصاري : كذّاب خبيث ، يكذب على الله وعلى رسوله . تاريخ بغداد (٦ / ١٠٤) ، ميزان الاعتدال (١ / ١٩).
١٤ ـ إبراهيم بن
عبد الله بن خالد المصّيصي : رجل كذّاب ، يسرق الحديث ، أحاديثه موضوعة . ميزان الاعتدال (١ / ٢٠).
١٥ ـ إبراهيم بن
عبد الله السفرقع المتوفّى (٣٦١) : كذّاب ، يضع الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ٢١) ، لسان الميزان (١ / ٧٤).
١٦ ـ إبراهيم بن
عبد الله المخرّمي المتوفّى (٣٠٤) : ليس بثقة ، حدّث عن الثقات بأحاديث باطلة.
ميزان الاعتدال (١ / ٢٠).
١٧ ـ إبراهيم بن
عبد الله بن همّام الصنعاني : كذّاب ، وضّاع . ميزان الاعتدال (١ / ٢١) ، تذكرة الموضوعات (ص ١١٣) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٩٠).
١٨ ـ إبراهيم بن
عليّ الآمدي المتوفّى (٥٧٥) : كان يكذب في حكاياته ويضع ، وكان فقيهاً فاضلاً . ميزان الاعتدال (١ / ٢٤) ، لسان الميزان (١ / ٨٦).
١٩ ـ إبراهيم بن
الفضل الأصبهاني أبو منصور البآر المتوفّى (٥٣٠) : أحد الحفّاظ كذّاب ، كان يقف في
سوق أصفهان ويروي من حفظه بسنده ، وكان يضع في الحال ، قال معمر : رأيته في السوق
وقد روى مناكير بأسانيد الصحاح ، وكنت أتأمّله
__________________
مفرطاً ، أظنُّ
أنّ الشيطان تبدّى على صورته . ميزان الاعتدال (١ / ٢٥) ، شذرات الذهب (٤ / ٩٥) ، لسان
الميزان (١ / ٨٩).
٢٠ ـ إبراهيم بن
مجشِّر أبو إسحاق البغدادي المتوفّى (٢٥٤) : كذّبه الفضل بن سهل ، وقال ابن عدي : يسرق الحديث. تاريخ بغداد (٦ / ١٨٥).
٢١ ـ إبراهيم بن
محمد العكاشي : كان كذّاباً . ميزان الاعتدال (١ / ٢٩).
٢٢ ـ إبراهيم بن
منقوش الزبيدي : قال الأزدي : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ٣١) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٦٥).
٢٣ ـ إبراهيم
المهاجر المدني : كذّاب . تذكرة الموضوعات (ص ١٨).
٢٤ ـ إبراهيم بن
مهدي الأُبلّي ـ بالضم ـ أبو إسحاق البصري المتوفّى (٢٠٨) : قال الأزدي : كان يضع
الحديث ، مشهور بذاك . ميزان الاعتدال (١ / ٣٢) ، خلاصة
__________________
التهذيب (ص ٢٩) ،
تهذيب التهذيب (١ / ١٧٠).
٢٥ ـ إبراهيم بن
نافع الجلاّب : بصريّ كذّاب . تهذيب التهذيب (١ / ١٧٥) ، لسان الميزان (١ / ١١٧).
٢٦ ـ إبراهيم بن
هدبة أبو هدبة البصري : كذّاب خبيث ، حدّث بالأباطيل ، ووضع على أنس ، كان رقّاصاً
بالبصرة يُدعى إلى العرائس فيرقص لهم ، وكان يشرب المسكر ، بقي إلى سنة مائتين . تاريخ بغداد (٦ / ٢٠١) ، ميزان الاعتدال (١ / ٣٣) ، تذكرة
الموضوعات (ص ٦٩ ، ٧٣) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٥٨ ، ١٠٢ ، ٢٣٣ ، ٢٤٥) ، لسان
الميزان (١ / ١٢٠).
٢٧ ـ إبراهيم بن
هراسة الشيباني الكوفي : ليس بثقة ولا يكتب حديثه ، متروك ، كذّاب . لسان الميزان (١ / ١٢١).
٢٨ ـ إبراهيم بن
هشام الغسّاني المتوفّى (٢٣٧) : كذّاب . تاريخ الشام (٢ / ٣٠٧) ، لسان الميزان (١ / ١٢٢).
__________________
٢٩ ـ إبراهيم بن
يحيى بن زهير المصري : كان يكذب ويركّب الأسانيد. لسان الميزان (١ / ١٢٤).
٣٠ ـ أبرد بن أشرس
: كذّاب ، وضّاع . ميزان الاعتدال (١ / ٣٦) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٢٩).
٣١ ـ أحمد بن
إبراهيم المزني : كان يضع الحديث ويدور بالساحل ، له نسخة موضوعة . ميزان الاعتدال (١ / ٣٨) ، تذكرة الموضوعات (ص ٣٦).
٣٢ ـ أحمد بن
إبراهيم بن موسى : كذّاب ، لا تحلّ الرواية عنه . تذكرة الموضوعات (ص ٥٥).
٣٣ ـ أحمد بن أبي
عمران الجرجاني المتوفّى بعد (٣٦٠) : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ٥٨).
٣٤ ـ أحمد بن أبي
يحيى الأنماطي : كذّاب ، له غير حديث منكر عن الثقات . ميزان الاعتدال (١ / ٧٦).
٣٥ ـ أحمد بن أحمد
أبو العبّاس البغدادي الحنبلي المتوفّى (٦١٥) : حافظ مكثر ، كذّبه ابن الأخضر . شذرات الذهب (٥ / ٦٢).
__________________
٣٦ ـ أحمد بن
إسماعيل أبو حذافة السهمي المتوفّى (٢٥٩) : صاحب مالك بن أنس ، كذّاب ، كلّ شيء
تقول له يقول ، حدّث عن مالك وعن غيره بالبواطيل . تاريخ بغداد (٤ / ٢٣). ميزان الاعتدال (١ / ٣٩) ، تهذيب
التهذيب (١ / ١٦).
٣٧ ـ أحمد بن بكر
البالسي أبو سعيد ابن بكرويه : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ٤٠).
٣٨ ـ أحمد بن ثابت
الرازي فرخويه : لا يشكّون أنّه كذّاب . لسان الميزان (١ / ١٤٣) ، ميزان الاعتدال (١ / ٨٦).
٣٩ ـ أحمد بن جعفر
بن عبد الله السمسار : أحد مشايخ الحافظ أبي نعيم ، مشهور بالوضع . ميزان الاعتدال (١ / ٤١) ، شذرات الذهب (٢ / ٣٧٢).
٤٠ ـ أحمد بن جعفر
بن عبد الله بن يونس : مشهور بالوضع ، ليس بشيء. ميزان الاعتدال (١ / ٤١).
٤١ ـ أحمد بن حامد
السمرقندي : كان يكذب ، ويحدِّث عمّن لم يلحقه ، مات
__________________
بعد الستين
وثلاثمائة. ميزان الاعتدال (١ / ٤٢).
٤٢ ـ أحمد بن
الحسن بن أبان المصري : من كبار شيوخ الطبراني ، كان كذّاباً دجّالاً ، يضع الحديث
على الثقات . ميزان الاعتدال (١ / ٤٢) ، تذكرة الموضوعات (ص ٦٥ ، ١٠٨)
، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٩٥).
٤٣ ـ أحمد بن
الحسن بن القاسم الكوفي. المتوفّى (٢٦٢) : كذّاب ، يضع الحديث على الثقات . ميزان الاعتدال (١ / ٤٢) ، تذكرة الموضوعات (ص ٩ ، ١١٤) ،
المنتظم (٥ / ٣٤).
٤٤ ـ أحمد بن
الحسين بن إقبال المقدسي أبو بكر الصائد المتوفّى (٥٣٢) : كذّاب ، ظهر كذبه فتركه
الناس . ميزان الاعتدال (١ / ٤٤) ، لسان الميزان (١ / ١٥٨).
٤٥ ـ أحمد بن
الحسين أبو الحسين بن السمّاك الواعظ المتوفّى (٤٢٤) : قال أبو الفتح المصري : لم
أكتب ببغداد عمّن أُطلق عليه الكذب من المشايخ غير أربعة ، أحدهم أبو الحسين بن
السمّاك ، وكذّبه ابن أبي الفوارس . تاريخ بغداد (٤ / ١١١) ، المنتظم (٨ / ٧٦) ، ميزان
الاعتدال (١ / ٤٣).
٤٦ ـ أحمد بن
الخليل النوفلي القُومَسِيّ المتوفّى (٣١٠) : كذّاب ، يروي عمّن لم
__________________
يُخلق . لسان الميزان (١ / ١٦٧).
٤٧ ـ أحمد بن داود
ابن اخت عبد الرزّاق : من أكذب الناس ، عامّة أحاديثه مناكير . ميزان الاعتدال (١ / ٤٥).
٤٨ ـ أحمد بن داود
بن عبد الغفّار الحرّاني : كان كذّاباً ، يضع الحديث . تذكرة الموضوعات (ص ٢ ، ٣٠) ، ميزان الاعتدال (١ / ٤٥) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٢٢ ، ١٧٤).
٤٩ ـ أحمد بن سليمان
القرشي : متروك كذّاب. ميزان الاعتدال (١ / ٤٨) ، اللآلئ
المصنوعة (٢ / ٧٤).
٥٠ ـ أحمد بن
سليمان ـ أبي سليمان ـ أبو جعفر القواريري البغدادي : قال أبو الفتح الحافظ :
كذّاب ، يكذب على حمّاد بن سلمة. وقال الخطيب : كذب هذا الشيخ ظاهر يغني عن تعديل
روايته بجواز دخول السهو عليه وإلحاق الوهم به. ثمّ ذكر شواهد على كذبه فيقول :
وفي بعض ما ذكرنا دلالة كافية على بيان حاله وظهور اختلاطه . تاريخ بغداد (٤ / ١٧٤ ـ ١٧٧).
٥١ ـ أحمد بن صالح
أبو جعفر الشمومي المصري ، نزيل مكّة : كذّاب ، وضّاع ، صَلِف . تهذيب التهذيب (١ / ٤٢) ، لسان الميزان (١ / ١٨٦).
__________________
٥٢ ـ أحمد بن طاهر
بن حرملة المصري المتوفى (٢٩٢) : كذّاب ، حدّث عن جدِّه ، عن الشافعي بحكايات
بواطيل ، كان أكذب البريّة ، يكذب في حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا روى ، ويكذب في حديث الناس إذا حدّث عنهم . ميزان الاعتدال (١ / ٥٠) ، لسان الميزان (١ / ١٨٩).
٥٣ ـ أحمد بن عبد
الجبّار الكوفي المتوفّى (٢٧١ ، ٢٧٢) : كذّاب . تهذيب التهذيب (١ / ٥١) ، ميزان الاعتدال (١ / ٥٣).
٥٤ ـ أحمد بن عبد
الرحمن بن الجارود الرقّي : كذّاب ، وضّاع . تاريخ بغداد (٢ / ٢٤٧) ، ميزان الاعتدال (١ / ٥٥) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٧٢).
٥٥ ـ أحمد بن عبد
الله الشاشي : كذّاب. ميزان الاعتدال (١ / ٥٢).
٥٦ ـ أحمد بن عبد
الله الهُشيمي المؤدّب أبو جعفر المتوفّى (٢٧١) : كان يضع الحديث. تاريخ بغداد (٤
/ ٢٢٠) ، ميزان الاعتدال (١ / ٥١).
٥٧ ـ أحمد بن عبد
الله الشيباني أبو عليّ الجويباري : كذّاب ، يضع الحديث ، دجّال. قال البيهقي :
فإنّي أعرفه حقّ المعرفة بوضع الأحاديث على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقد وضع عليه أكثر من ألف حديث ، وسمعت الحاكم يقول : هذا
كذّاب خبيث وضع كثيراً في فضائل الأعمار ، لا تحلُّ رواية حديثه بوجه. وقال
السيوطي : وضع أُلوف
__________________
أحاديث للكراميّة
، وقال ابن حبّان : دجّال من الدجاجلة ، روى عن الأئمّة أُلوف أحاديث ما
حدّثوا بشيء منها ، وعن الحافظ السري : إنّه ومحمد بن تميم ومحمد بن عكاشة وضعوا
عشرة آلاف حديث . تاريخ بغداد (٣ / ٢٩٥) ، التذكار (ص ١٥٥) ، ميزان
الاعتدال (١ / ٥١) ، تذكرة الموضوعات (ص ٣٨) ، أسنى المطالب (ص ٢١٣) ، لسان
الميزان (١ / ١٩٣ ، ٥ / ١٨٨) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢١).
٥٨ ـ أحمد بن عبد
الله أبو بكر الضرير : أخرج الخطيب في تاريخ بغداد (٤ / ٢٣٢) بإسناده عن أنس رفعه
: أتاني جبرئيل وعليه قباء أسود وخفّ أسود ومنطقة ، وقال : يا محمد هذا زيُّ بني
عمِّك من بعدك. فقال : هذا حديث باطل ، إسناده كلّهم ثقات غير الضرير والحمل فيه
عليه .
٥٩ ـ أحمد بن عبد
الله بن محمد أبو الحسن البكري : كذّاب ، دجّال ، واضع القصص التي لم تكن قطُّ ،
فما أجهله وأقلَّ حياءه! ميزان الاعتدال (١ / ٥٣).
٦٠ ـ أحمد بن عبد
الله أبو عبد الرحمن الفرياناني : كان وضّاعاً مشهوراً بالوضع . لسان الميزان (١ / ١٩٤) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٣٥٩ ، ٢ /
٤٤).
٦١ ـ أحمد بن عبيد
الله أبو العزّ بن كادش المتوفّى (٥٥٦) : مشهور من الشيوخ ،
__________________
كان مخلّطاً
كذّاباً لا يحتجُّ بمثله ، وللأئمّة فيه مقال. قال ابن عساكر : قال لي أبو العزّ
وسمع رجلاً قد وضع في حقِّ عليّ حديثاً : ووضعتُ أنا في حقِّ أبي بكر حديثاً ،
بالله أليس فعلتُ جيداً؟ لسان الميزان (١ / ٢١٨).
٦٢ ـ أحمد بن عصمة
النيسابوري ، متّهم هالك روى خبراً موضوعاً هو آفته. ميزان الاعتدال (١ / ٥٦).
قال الأميني :
يأتي خبره الموضوع في الموضوعات .
٦٣ ـ أحمد بن عليّ
بن أحمد بن صُبيح : كان يكذب كثيراً ، كان في حدود (٥٢٠) . ميزان الاعتدال (١ / ٥٨) ، لسان الميزان (١ / ٢٣٤).
٦٤ ـ أحمد بن علي
بن الحسن بن شقيق ، أبو بكر المروزي : كان يضع الحديث. اللآلئ المصنوعة (١ / ١٢٩).
٦٥ ـ أحمد بن عليّ
بن الحسن بن منصور الأسدآباذي المقري : قدم دمشق وحدّث بها ، كان شيخاً كذّاباً
يدّعي ما لم يسمع .
٦٦ ـ أحمد بن عليّ
بن سلمان المروزي : متروك ، يضع الحديث. تاريخ بغداد (٤ / ٣٠٣).
__________________
٦٧ ـ أحمد بن عيسى
العسكري المتوفّى (٢٤٣) : كذّاب. تهذيب التهذيب (١ / ٦٥).
٦٨ ـ أحمد بن عيسى
اللخمي المتوفّى (٢٧٣) : كذّبه ابن طاهر. تهذيب التهذيب (١ / ٦٦).
٦٩ ـ أحمد بن عيسى
الهاشمي : كذّاب. ميزان الاعتدال (١ / ٦٠) لعلّه
العسكري.
٧٠ ـ أحمد بن عيسى
الخشّاب التنيسي المتوفّى (٢٩٣) : كذّاب يضع الحديث ،
__________________
حدّث بأحاديث
موضوعة . ميزان الاعتدال (١ / ٥٩) ، لسان الميزان (١ / ٢٤١) ،
تذكرة الموضوعات (ص ٣٩) ، شذرات الذهب (٢ / ٣٦٦).
٧١ ـ أحمد بن
الفرج أبو عتبة الحجازي المتوفّى (٢٧١) : كذّاب لم يسمع منه شيء . تاريخ بغداد (٤ / ٣٤١).
٧٢ ـ أحمد بن محمد
بن محمد أبو الفتوح الغزالي الطوسي الواعظ المفوّه المتوفّى (٥٢٠) أخو أبي حامد :
كان يضع ، والغالب على كلامه التخليط والأحاديث الموضوعة ، وكان يتعصّب لإبليس
ويعذره . المنتظم (٩ / ٢٦٠) ، البداية والنهاية (١٢ / ١٩٦) ، ميزان
الاعتدال (١ / ٧١).
٧٣ ـ أحمد بن محمد
بن الحجّاج بن رشدين أبو جعفر المصري المتوفّى (٢٩٢) : كان من حفّاظ الحديث ،
كذّاب يدخل الحديث على شيوخه ، وهو ممّن يكتب حديثه مع ضعفه .
__________________
وقال ابن عدي : كذّبوه ، وأنكرت عليه أشياء ، وكان آل بيت رشدين خصّوا
بالضعف من أحمد إلى رشدين . تاريخ الشام (١ / ٤٥٥) ، ميزان الاعتدال (١ / ٦٣) ، لسان
الميزان (١ / ٢٥٨).
٧٤ ـ أحمد بن محمد
بن حرب اللخمي الجرجاني : كان يتعمّد الكذب ويضع . ميزان الاعتدال (١ / ٦٣) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٣).
٧٥ ـ أحمد بن محمد
بن الحسن المقري المتوفّى (٣٨٠) : كذّاب ، لم يكن في الحديث ثقةً ، وكان يظهر
النسك والصلاح. تاريخ بغداد (٤ / ٤٢٩) ، ميزان الاعتدال (١ / ٦٣).
٧٦ ـ أحمد بن محمد
بن الصلت بن المغلِّس أبو العبّاس الحمّاني المتوفّى (٣٠٢ ، ٣٠٨) : وضّاع ، لم يكن
في الكذّابين أقلّ حياءً منه ، صنّف في مناقب أبي حنيفة أحاديث باطلة كلّها موضوعة
، وأخرج عن الثقات أخباراً كلّها كذب . تاريخ بغداد
__________________
(٤ / ٢٠٧ ، ٥ / ٣٤)
، المنتظم (٦ / ١٥٧) ، ميزان الاعتدال (١ / ٦٦) ، البداية والنهاية (١١ / ١٣١) ،
تاريخ الشام (٢ / ٥٦) ، لسان الميزان (١ / ٢٦٩) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٤٢ ، ١٤٢).
٧٧ ـ أحمد بن محمد
بن عليّ أبو عبد الله الصيرفي المعروف بابن الآبُنُوسي المتوفّى (٣٩٤) : كان ممّن
يتعمّد الكذب . تاريخ بغداد (٥ / ٧٠).
٧٨ ـ أحمد بن محمد
بن عليّ بن حسن بن شقيق المروزي : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ٦٩) ، لسان الميزان (١ / ٢٨٧) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ١٢٩).
٧٩ ـ أحمد بن محمد
بن عمر أبو سهل الحنفي اليمامي ، نزيل بغداد : كذّاب ، وضّاع ، متروك الحديث ، قال
المطرّز : كتبت عنه خمسمائة حديث ليس عند الناس منه حرف . تاريخ بغداد (٥ / ٦٦) ، تاريخ الشام (٢ / ٦٩) ، ميزان
الاعتدال (ج ١) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٤٧ ، ٢ / ٢٦).
٨٠ ـ أحمد بن محمد
بن عمرو أبو بشر الكندي المروزي ، نزيل بغداد المتوفّى (٣٢٣) : كان فقيهاً مجوّداً
في السنّة وفي الردِّ على أهل البدع ، وكان حافظاً عذب اللسان ، ولكنّه كان يضع
الأحاديث عن أبيه ، عن جدِّه ، وعن غيرهم ، يكذب ويضع الحديث على الثقات ، وله من
النسخ الموضوعة شيء كثير. تاريخ بغداد (٥ / ٧٤) ، وقال ابن حبّان : كان ممّن يضع المتون ويقلّب الأسانيد فاستحقَّ الترك ،
لعلّه قد قلّب
__________________
على الثقات أكثر
من عشرة آلاف حديث ، كتبت أنا منها أكثر من ثلاثة آلاف حديث لم أشكّ أنّه قلّبها.
وقال الدارقطني : كان يضع الحديث ، وكان عذب اللسان حافظاً . ميزان الاعتدال (١ / ٧٠) ، طبقات الحفّاظ (٣ / ٢٣) ، وفي
شذرات الذهب (٢ / ٢٩٨) : هو أحد الوضّاعين الكذّابين ، مع كونه محدِّثاً إماماً في
السنّة والردِّ على المبتدعة.
٨١ ـ أحمد بن محمد
بن غالب الباهلي أبو عبد الله المتوفّى (٢٧٥) : غلام الخليل ، من كبار الزهّاد
ببغداد ، كذّاب وضّاع ، قال الحافظ ابن عدي : سمعتُ أبا عبد الله النهاوندي بحرّان في مجلس أبي عروبة
يقول : قلتُ لغلام الخليل : ما هذه الأحاديث الرقائق التي تحدِّث بها؟ قال :
وضعناها لنرقّق بها قلوب العامّة.
ما أظهر أبو داود
السجستاني تكذيب أحد إلاّ في رجلين : الكديمي ، وغلام خليل. فذكر أحاديث ذكرها في
الكديمي أنّها كذب. وذكر غلام خليل فقال : ذاك ـ يعني صاحب الزنج ـ كان دجّال
البصرة ، وأخشى أن يكون هذا ـ يعني غلام خليل ـ دجّال بغداد ، ثمّ قال : قد عرض
عليَّ من حديثه فنظرت في أربعمائة حديث أسانيدها ومتونها كذب كلّها . تاريخ بغداد (٥ / ٧٩) ، المنتظم (٥ / ٩٥) ، لسان الميزان (١
/ ٢٧٣) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٠٠ ، ٢ / ١٠٩).
قال
الأميني : والعجب العجاب
أنَّ رجلاً هذه سيرته وهذه ترجمته غلقت بموته أسواق مدينة السلام ، وحمل نعشه إلى
البصرة ودفن هناك ، وبنيت على قبره قبّة ، كما في تاريخ بغداد والمنتظم لابن
الجوزي.
__________________
٨٢ ـ أحمد بن محمد
بن الفضل القيسي : كان يضع الحديث ، قال ابن حبّان : خرجت إلى قريته فكتبت عنه شبيهاً بخمسمائة حديث كلّها
موضوعة ... إلى أن قال : ولعلّ هذا الشيخ قد وضع على الأئمّة المرضيّين أكثر من
ثلاثة آلاف حديث . ميزان الاعتدال (١ / ٧٠) ، تذكرة الموضوعات (ص ٤١ ، ٤٥ ،
٦٧ ، ٧٠).
٨٣ ـ أحمد بن محمد
بن مالك : كان يضع الحديث. تذكرة الموضوعات (ص ٤٧).
٨٤ ـ أحمد بن محمد
بن مصعب : أحد الوضّاعين. تاريخ الشام (٥ / ١٥٤).
٨٥ ـ أحمد بن محمد
بن هارون أبو جعفر البرقي : كذّاب ، كان يهمّ في الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ٧١).
٨٦ ـ أحمد بن
مروان الدينوري المالكي المتوفّى (٣٣٣) : صاحب المجالسة ، قال الدارقطني في غرائب
مالك : كان يضع الحديث. لسان الميزان (١ / ٣٠٩).
٨٧ ـ أحمد بن
منصور أبو السعادات : ملحد كذّاب ، ومن وضعه حديث يقول فيه : وبين يدي الربِّ لوح
فيه أسماء من يثبت الصورة والرؤية والكيفيّة فيباهي بهم الملائكة . ميزان الاعتدال (١ / ٧٥) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٤).
٨٨ ـ أحمد بن موسى
أبو الحسن بن أبي عمران الجرجاني الفرضي المتوفّى بعد (٣٦٠) : أحد الحفّاظ ، كذّاب
، كان يضع الحديث ويركّب الأسانيد على المتون ، روى
__________________
مناكير عن شيوخ مجاهيل
لم يُتابع عليها ، فكذّبوه . ميزان الاعتدال (١ / ٧٥) ، شذرات الذهب (٣ / ٦٧).
٨٩ ـ أحمد بن
يعقوب بن عبد الجبّار الأموي المرواني الجرجاني المتوفّى (٣٦٧) : كان يضع الحديث ،
روى أحاديث موضوعة لا يستحلُّ رواية شيء منها . ميزان الاعتدال (١ / ٧٧) ، أسنى المطالب (ص ٨٤).
٩٠ ـ إسباط أبو
اليسع البصري : كذّبه يحيى بن معين. تهذيب التهذيب (١ / ٢١٢).
٩١ ـ إسحاق بن
إبراهيم الطبري : كذّاب ، لا يُكتب عنه ، يأتي بالموضوعات عن الثقات . تذكرة الموضوعات (ص ٩٥ ، ١٠٣) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٧٦).
٩٢ ـ إسحاق بن إبراهيم
الواسطي المؤدّب : كذّبه ابن عدي والأزدي. ميزان الاعتدال (١ / ٨٥) ، لسان الميزان (١ / ٣٤٨)
.
٩٣ ـ إسحاق بن
إدريس الأسواري البصري أبو يعقوب : كذّاب ، يضع
__________________
الحديث ، تركه
الناس . ميزان الاعتدال (١ / ٨٦).
٩٤ ـ إسحاق بن بشر
البخاري أبو حذيفة المتوفّى (٢٠٦) : قد أجمعوا على أنّه كذّاب ، يضع الحديث ، لا
يحلّ حديثه إلاّ على جهة التعجّب . تاريخ بغداد (٦ / ٣٢٧) ، ميزان الاعتدال (١ / ٨٦).
٩٥ ـ إسحاق بن بشر
بن مقاتل الكاهلي أبو يعقوب المتوفّى (٢٢٨) : كان كذّاباً يضع الحديث . تاريخ بغداد (٦ / ٣٢٩) ، ميزان الاعتدال (١ / ٨٧) ، تذكرة
الموضوعات (ص ٣٣ ، ٣٩ ، ٧٦ ، ١٢٠) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٩١ ، ١٥٣) ، وقال :
كذّاب وضّاع بالاتفاق ، و (٢ / ٧٢ ، ٧٣ ، ٩٠).
٩٦ ـ إسحاق بن عبد
الله الأموي مولى آل عثمان بن عفّان المتوفّى (١٤٤) : كذّاب ، ذاهب الحديث ، يقلّب
الأسانيد ويرفع المراسيل . تاريخ الشام (٢ / ٤٤٣ ـ ٤٤٥) ، تهذيب التهذيب (١ / ٢٤١).
٩٧ ـ إسحاق بن
محمشاذ : كذّاب ، يضع الحديث على مذهب الكراميّة ، وله
__________________
مصنّف في فضائل
محمد بن كرام كلّه كذب موضوع . اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٣٨).
٩٨ ـ إسحاق بن
ناصح : من أكذب الناس ، يحدِّث عن النبيّ ، عن ابن سيرين برأي أبي حنيفة . ميزان الاعتدال (١ / ٩٤).
٩٩ ـ إسحاق بن
نجيح الملطي الأزدي : دجّال ، أكذب الناس ، عدوّ الله ، رجل سوء خبيث ، كان يضع
الحديث . تاريخ بغداد (٦ / ٣٢٤) ، ميزان الاعتدال (١ / ٩٤) ، تذكرة
الموضوعات (ص ٨٤) ، تهذيب التهذيب (١ / ٢٥٣) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٥٥ ، ١٠٣ ،
١٧٥) ، خلاصة التهذيب (ص ٢٦).
١٠٠ ـ إسحاق بن
وهب الطهرمسي : كذّاب متروك ، كان يضع صراحاً . ميزان الاعتدال (١ / ٩٥) ، تذكرة الموضوعات (ص ٥٣ ، ٧١) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ١٠٦ ، ٢ / ٩٩ ، ١١٤).
__________________
١٠١ ـ أسد بن عمرو
أبو المنذر البجلي القاضي ـ صاحب أبي حنيفة ـ المتوفّى (١٩٠) : كذوب ليس بشيء ،
كان يسوي الحديث على مذهب أبي حنيفة ، هو والريح عندهم سواء . تاريخ بغداد (٧ / ١٧) ، ميزان الاعتدال (١ / ٩٦) ، لسان
الميزان (١ / ٣٨٤).
١٠٢ ـ إسماعيل بن
أبان أبو إسحاق الغنوي الكوفي المتوفّى (٢١٠) : كذّاب ، كان يضع الحديث . تاريخ بغداد (٦ / ٢٤١) ، ميزان الاعتدال (١ / ٩٨) ، تذكرة
الموضوعات (ص ١١٦) ، تهذيب التهذيب (١ / ٢٧١) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٤٦) ، خلاصة
التهذيب (ص ٢٧).
١٠٣ ـ إسماعيل بن
أبي أُويس عبد الله المدني المتوفّى (٢٢٦) : كذّاب ، يسرق الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ١٠٤).
١٠٤ ـ إسماعيل بن
أبي زياد الشامي : كذّاب ، متروك يضع الحديث : ميزان الاعتدال (١ / ١٠٧) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٧٧ ،
١٧٩ ، ٢٣٩).
١٠٥ ـ إسماعيل بن
إسحاق الجرجاني : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (ج ١) ، لسان الميزان (١ / ٣٩٣).
__________________
١٠٦ ـ إسماعيل بن
بلال العثماني الدمياطي المتوفّى (٤٦٦) : كان كذّاباً. لسان الميزان (١ / ٣٩٦).
١٠٧ ـ إسماعيل بن
زريق البصري : كذّاب . ميزان الاعتدال (١ / ١٠٦).
١٠٨ ـ إسماعيل بن
شروس أبو المقدام الصنعائي : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ١٠٩).
١٠٩ ـ إسماعيل بن
عليّ بن المثنّى الواعظ الأسترآباديّ المتوفّى (٤٤٨) : كذّاب ابن كذّاب ، كان
يقصُّ ويكذب ، يركّب المتون الموضوعة على الأسانيد الصحيحة . لسان الميزان (١ / ٤٢٣).
١١٠ ـ إسماعيل بن
محمد بن يوسف أبو هارون الفلسطيني من بيت جبريل : كذّاب ، يسرق الحديث ، لا يجوز
الاحتجاج به . ميزان الاعتدال (١ / ١١٤) ، تذكرة الموضوعات (ص ٣٩ ، ٥٨ ،
١٠٧) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٥٢).
١١١ ـ إسماعيل بن
محمد بن مسلمة أبو عثمان الأصبهاني الواعظ المحتسب : قال
__________________
ابن ناصر : وضع
حديثاً وكان يختلط. شذرات الذهب (٤ / ٢٣).
١١٢ ـ إسماعيل بن
مسلم السكوني اليشكري : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ١١٦) ، تهذيب التهذيب (١ / ٣٣٣) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ١١٤)
١١٣ ـ إسماعيل بن
يحيى الشيباني الشعيري : كذّاب. تهذيب التهذيب (١ / ٣٣٦).
١١٤ ـ إسماعيل بن
يحيى التيمي حفيد أبي بكر الصدّيق : كذّاب لا تحلّ الرواية عنه ، ركن من أركان
الكذب ، يضع الحديث ، عامّة ما يرويه بواطيل ، كان يكذب على مالك والثوري وغيرهما
، يحدِّث عن الثقات بما لا يتابع عليه . تاريخ بغداد (٦ / ٢٤٩) ، أسنى المطالب (ص ٢٠٩) ، ميزان
الاعتدال (١ / ١١٧) ، لسان الميزان (١ / ٤٤٢) ، مجمع الزوائد (١ / ١٠١ ، ١٠٦ ، ١٣٣
، ٩ / ٤٤) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٨٩ ، ١٠٧ ، ١١١ ، ٢ / ١٦٣).
__________________
١١٥ ـ أُسيد بن
زيد بن نُجيح ، أبو محمد الجمّال المتوفّى قبل (٢٢٠) : كذّاب ، متروك الحديث ،
يحدِّث بأحاديث كذب ، عامّة ما يرويه لا يُتابع عليه . تاريخ بغداد (٧ / ٤٨) ، نصب الرّاية (١ / ٩٢) ، مجمع
الزوائد (٢ / ١٧٥) ، ميزان الاعتدال (١ / ١١٩) ، خلاصة التهذيب (ص ٣٢) ، اللآلئ
المصنوعة (١ / ٤٠٨).
١١٦ ـ أشعث بن
سعيد البصري أبو الربيع السمّان : ليس بثقة ، ضعيف ، متروك الحديث ، قال هشيم :
كان يكذب . تهذيب التهذيب (١ / ٣٥١).
١١٧ ـ أصبغ بن
خليل القرطبي المالكي المتوفّى (٢٧٢) : افتعل حديثاً في ترك رفع اليدين ووقف الناس
على كذبه. نُقل عن أحمد بن خالد : أنّه لم يقصد أصبغ بن خليل الكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنّما أظهر أنّه يريد تأييد مذهبه. لسان الميزان (١ / ٤٥٩).
١١٨ ـ أصرم بن
حوشب ، أبو هشام : كتب عنه الجوزي في سنة (٢٠٢) ، كذّاب خبيث يضع الحديث على الثقات . تاريخ بغداد (٧ / ٣١) ، ميزان الاعتدال
__________________
(١ / ١٢٦) ، تذكرة
الموضوعات (ص ١٠) ، مجمع الزوائد (١ / ٣٠٦) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٩٨ ، ٢ / ٦ ،
٤٧ ، ٥٢).
١١٩ ـ أيّوب بن
خوط أبو أُميّة البصري الحبطي : متروك ، كذّاب . تهذيب التهذيب (١ / ٤٠٢) ، لسان الميزان (١ / ٤٧٩).
١٢٠ ـ أيّوب بن
سيّار الزهري المدني : قال النسائي : كان من الكذّابين ، وقال ابن حبّان : كان يقلّب الأسانيد ويرفع المراسيل . لسان الميزان (١ / ٤٨٢).
١٢١ ـ أيّوب بن
محمد أبو ميمون الصوري : كذّاب . ميزان الاعتدال (١ / ١٣٦).
١٢٢ ـ أيّوب بن
مدرك أبو عمرو الحنفي اليمامي : كذّاب ، ليس بشيء ، روى عن مكحول نسخة موضوعة . تاريخ بغداد (٧ / ٦) ، تاريخ الشام (٣ / ١١١) ، لسان
الميزان (١ / ٤٨٨).
حرف الباء الموحّدة
١٢٣ ـ باذام ، أبو
صالح : تابعيّ ، كذّاب متروك. عن الكلبي قال : قال أبو صالح : كلّ ما حدّثتك كذب . ميزان الاعتدال (١ / ١٣٨) ، تهذيب التهذيب (١ / ٤١٦).
__________________
١٢٤ ـ بركة بن
محمد الحلبي : كذّاب ، يسرق الحديث ويضع . ميزان الاعتدال (١ / ١٤١) ، نصب الراية (١ / ٧٨) ، اللآلئ
المصنوعة (٢ / ٤ ، ٢٠٩).
١٢٥ ـ بُرَيه بن
محمد بن بُرَيه أبو القاسم البيّع : كذّاب مدبِّر وضّاع ، له كتاب ، أحاديثه باطلة
موضوعة منكرة المتون جدّا. تاريخ بغداد (٧ / ١٣٥) ، ميزان الاعتدال (١ / ١٤٢).
١٢٦ ـ بشر بن
إبراهيم أبو سعيد القرشي الأنصاري الدمشقي : سكن البصرة ، ممّن يضع الحديث على
الثقات ، أتى بأحاديث موضوعة لا يُتابع عليها . تاريخ الشام (٣ / ٢٢٧) ، تذكرة الموضوعات (ص ١١٧) ، نصب
الراية (٤ / ٢٣٨) ، أسنى المطالب (ص ١٥٦).
١٢٧ ـ بشر ـ بشّار
ـ بن إبراهيم البصري أبو عمرو المفلوج : كذّاب ، يضع الحديث على الثقات . ميزان الاعتدال (١ / ١٤٥) ، تذكرة الموضوعات (ص ٦١ ، ٧٢ ،
٧٣ ، ٧٦) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٦٧ ، ٢٠٣).
__________________
١٢٨ ـ بشر بن
الحسين الأصبهاني : كذّاب ، يكذب على الزبير ، له نسخة موضوعة شبيهاً بمائة وخمسين
حديثاً . ميزان الاعتدال (١ / ١٤٧) ، مجمع الزوائد (١ / ٥٩).
١٢٩ ـ بشر بن رافع
الحارثي ـ ابن عمّ أبي هريرة ـ : كان يضع الحديث ، يأتي بالطامّات موضوعة يعرفها
من لم يكن الحديث صناعته كأنّه المتعمِّد لها ، وقال ابن حبّان : كان يضع أشياء عمداً. تهذيب التهذيب (١ / ٤٤٨) ، أسنى
المطالب (ص ٢٣٦) ، تذكرة الموضوعات (١١٨) .
١٣٠ ـ بشر بن عبيد
الدارسي : كذّاب . مجمع الزوائد (١ / ١٣٧).
١٣١ ـ بشر بن عون الشامي : عنده نسخة نحو مائة حديث كلّها موضوعة . ميزان الاعتدال (١ / ١٤٩) ، تذكرة الموضوعات (ص ١١٢) ،
مجمع الزوائد (٢ / ٢٢٨).
١٣٢ ـ بشر بن نمير
البصري المتوفّى (٢٣٨) : كان ركناً من أركان الكذب ، كذّاب يضع الحديث ، عامّة ما
يرويه لا يُتابع عليه . تهذيب التهذيب (١ / ٤٦١) ، ميزان
__________________
الاعتدال (١ / ١٥١)
، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٢٦).
١٣٣ ـ بكر بن زياد
الباهلي : دجّال ، يضع الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ١٦٠) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٧).
١٣٤ ـ بكر بن عبد
الله بن الشردود الصنعائي : كذّاب ، ليس بشيء ، يقلّب الأسانيد ويرفع
المراسيل. ميزان الاعتدال (١ / ١٦١).
١٣٥ ـ بكر بن
المختار الصائغ : كذّاب ، لا تحلّ الرواية عنه ، تذكرة الموضوعات (ص ١٥) ، ميزان الاعتدال (١ / ١٦٢).
١٣٦ ـ بندار بن
عمر بن محمد ، أبو سعيد التميمي الروياني نزيل دمشق : كذّاب . تاريخ الشام (٣ / ٢٩٦).
١٣٧ ـ بهلوان بن
شهرمزان أبو البشر اليزدي المتوفّى في القرن السادس : كذّاب ، لسان الميزان (٣ / ٦٥).
حرف الجيم
١٣٨ ـ جابر بن عبد
الله اليمامي العقيلي : كان كذّاباً جاهلاً بعيد الفطنة. قال ابن شاذويه : رأيتُ
ببخارى ثلاثة من الكذّابين : محمد بن تميم ، والحسن بن شبل ، وجابر
__________________
اليمامي. لسان
الميزان (٢ / ٨٧) ،
الإصابة (١ / ١٥٥) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٤٥٣).
١٣٩ ـ الجارود بن
يزيد أبو عليّ العامري المتوفّى (٢٥٣) : كذّاب متروك ، يكذب ويضع الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ١٧٨) ، لسان الميزان (٢ / ٩٠).
١٤٠ ـ جبارة بن
المغلّس أبو محمد الحِمّاني المتوفّى (٢٤١) : قال يحيى : كذّاب . أسنى المطالب (ص ٢٣٢) ، خلاصة التهذيب (ص ٥٥).
١٤١ ـ الجرّاح بن
منهال أبو العطوف الجزري المتوفّى (١٦٨) : منكر الحديث ، متروك ، كان يكذب في
الحديث ، ويشرب الخمر . ميزان الاعتدال (١ / ١٨١) ، لسان الميزان (٢ / ٩٩).
١٤٢ ـ جرير بن
أيّوب البجلي الكوفي : قال أبو نعيم : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (ج ١) ، لسان الميزان (٢ / ١٠١).
١٤٣ ـ جرير بن
زياد الطائي : كذّاب. نصب الراية (١ / ١٨١).
١٤٤ ـ جعفر بن
أبان : كان يضع الحديث. تذكرة الموضوعات (ص ١١٣)
__________________
١٤٥ ـ جعفر بن
الزبير الحنفي الدمشقي ثمّ البصري المتوفّى بعد (١٤٠) : كذّبه شعبة ، قال غندر :
رأيتُ شعبة راكباً على حمار فقال : أذهب فأَستعدي على جعفر بن الزبير. وضع على
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أربعمائة حديث ، وكان مجتهداً في العبادة . ميزان الاعتدال (١ / ١٨٨) ، تهذيب التهذيب (٢ / ٩٠) ،
مجمع الزوائد (١ / ٢٤٨) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٦ ، ٢ / ١٠٢ ، ٤٤٢) ، خلاصة
التهذيب (ص ٥٣).
١٤٦ ـ جعفر بن عبد
الواحد الهاشمي العبّاسي المتوفّى (٢٥٨) : من حفّاظ الحديث ، كذّاب ، كان يضع
الحديث ويسرقه ، روى أحاديث لا أصل لها . تاريخ بغداد (٧ / ١٧٥) ، المنتظم (٥ / ١٢) ، ميزان
الاعتدال (١ / ١٩١) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٢٣ ، ٢ / ١٠ ، ١٩٠).
١٤٧ ـ جعفر بن
عليّ بن سهل الحافظ أبو محمد الدوري الدقّاق المتوفّى (٣٣٠) : كذّاب فاسق . تاريخ بغداد (٧ / ٢٢٣) ، ميزان الاعتدال (١ / ١٩١).
١٤٨ ـ جعفر بن
محمد بن عليّ : يروي عنه الحافظ ابن عديّ وقال : جعفر يضع. اللآلئ المصنوعة (٢ / ١١٠).
١٤٩ ـ جعفر بن
محمد بن الفضل أبو القاسم الدقّاق المصري الشهير بابن المارستاني المتوفّى (٣٨٧) :
كذّبه الدارقطني والصويري . تاريخ بغداد (٧ / ٢٣٤) ،
__________________
المنتظم (٧ / ١٩١)
، لسان الميزان (٢ / ١٢٤).
حرف الحاء المهملة
١٥٠ ـ حارث بن عبد
الرحمن بن سعد المثنى الدمشقي : مولى مروان بن الحكم أو مولى أبي الجُلَاس ، كذّاب. تاريخ الشام (٣ / ٤٤٢).
١٥١ ـ حامد بن آدم
المروزي : كذّاب ، ممّن اشتهر بوضع الحديث. ميزان الاعتدال (١ / ٢٠٨) ، مجمع
الزوائد (١ / ٣٧).
١٥٢ ـ حُبَاب بن
جَبَلة الدقّاق : كذّاب. ميزان الاعتدال (١ / ٢٠٨).
١٥٣ ـ حبيب بن أبي
حبيب أبو محمد المصري المتوفّى (٢١٨) : كاتب مالك ، كان يضع الحديث ، كان من أكذب
الناس ، أحاديثه كلّها موضوعة . تهذيب التهذيب (٢ / ١٨١) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢١٠) ،
تذكرة الموضوعات (ص ٩٠) ، أسنى المطالب (ص ٢١٦) اللآلئ المصنوعة (١ / ٨ ، ٢٣٠) ،
خلاصة التهذيب (ص ٦٠) ، مجمع الزوائد (٩ / ٧٤) ، تاريخ بغداد (١٣ / ٣٩٦).
١٥٤ ـ حبيب بن أبي
حبيب الخرططي المروزي : كذّاب ، كان يضع الحديث على
__________________
الثقات . ميزان الاعتدال (١ / ٢٠٩) ، تهذيب التهذيب (١ / ١٨٢) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ١٤).
١٥٥ ـ حبيب بن
جحدر : كذّبه أحمد ويحيى. لسان الميزان (٢ / ١٦٩).
١٥٦ ـ حرب بن
ميمون العبدي أبو عبد الرحمن البصري : مجتهد عابد ، هو أكذب الخلق ، توفّي سنة بضع
وثمانين ومائة . تهذيب التهذيب (٢ / ٢٢٧) ، خلاصة التهذيب (ص ٦٣).
١٥٧ ـ حسّان بن
غالب المصري : كان يقلّب الأخبار ، ويروي عن الأثبات الملزقات ، لا تحلُّ الرواية
عنه إلاّ على سبيل الاعتبار ، له عن مالك أحاديث موضوعة. ميزان الاعتدال (١ / ٢٢٣).
١٥٨ ـ الحسن بن
الحسين بن عاصم الهسنجاني : قال محمد بن أيّوب : كنّا لا نشكُّ نحن وعليُّ بن شهاب
أنّه كذّاب. لسان الميزان (٢ / ٢٠٠).
١٥٩ ـ الحسن بن
دينار أبو سعيد التميمي : كذّاب ، ليس بثقة . تهذيب التهذيب
__________________
(٢ / ٢٧٦) ، لسان
الميزان (٢ / ٢٠٥) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٧٣).
١٦٠ ـ الحسن بن
زياد أبو عليّ اللؤلؤي الكوفي المتوفّى (٢٠٤) : أحد الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة ،
كذّاب خبيث متروك الحديث ، غير ثقة ولا مأمون . تاريخ بغداد (٧ / ٣١٧) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٢٨). وقال
ابن كثير في البداية والنهاية (٥ / ٣٥٤) : تركه
غير واحد من الأئمّة ، وصرّح كثير منهم بكذبه.
١٦١ ـ الحسن بن
شبل الكرميني البخاري : شيخ كذّاب ، من جملة من يضع الحديث. ميزان الاعتدال (١ / ٢٢٩).
١٦٢ ـ الحسن بن
عثمان أبو سعيد التستري : كذّاب ، يضع الحديث ويسرقه . ميزان الاعتدال (١ / ٢٣٣) ، لسان الميزان (٢ / ٢٢٠) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٩٣).
١٦٣ ـ الحسن بن
الطيّب البلخي المتوفّى (٣٠٧) : حدّث بما لم يسمع عن مطين ، كذّاب ، حدّث بأحاديث
سرقها . ميزان الاعتدال (١ / ٢٣٣).
١٦٤ ـ الحسن بن
عليّ الأهوازي أبو عليّ المتوفّى (٤٤٦) : كذّاب في الحديث والقراءة ، كان من أكذب
الناس ، صنّف كتاباً أتى بالموضوعات وفضائح . ميزان الاعتدال (١ / ٢٣٧) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٥).
__________________
١٦٥ ـ الحسن بن
عليّ أبو عليّ النخعي ، المعروف بأبي الأشنان : قال ابن عدي : رأيته ببغداد يكذب كذباً فاحشاً ويحدِّث عن قوم لم يرهم
، وكان يلزق أحاديث قوم تفرّدوا به على قوم ليس عندهم . تاريخ بغداد (٧ / ٣٧٧) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٣٦).
١٦٦ ـ الحسن بن
عليّ بن زكريّا أبو سعيد العدوي البصري المتوفى (٣١٧ ، ٣١٨ ، ٣١٩) : شيخ قليل
الحياء ، كذّاب أفّاك يضع الحديث على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويسرق الحديث ويلزقه على قوم آخرين ، ويحدِّث عن قوم لا
يُعرفون ، وعامّة ما حدّث ـ إلاّ القليل ـ موضوعات يُتيقّن أنّه هو الذي وضعه ،
كذّاب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يقول عليه ما لم يقل ، قال ابن حبّان : لعلّه قد حدّث عن الثقات بالأشياء الموضوعات ما يزيد على
ألف حديث . تاريخ بغداد (٧ / ٣٨٣) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٣٦) ،
طبقات الحفّاظ (٣ / ٣٢) ، شذرات الذهب (٢ / ٢٨١) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٥٩ ، ٢٢٦).
١٦٧ ـ الحسن بن
عليّ بن عيسى الأزدي المعاني : وضّاع ، روى عن مالك أحاديث موضوعة. تاريخ الشام (٤ / ٢٣٠).
١٦٨ ـ الحسن بن
عُمارة بن المُضرّب أبو محمد الكوفي المتوفّى (١٥٣) : فقيه كبير كذّاب ، ساقط
متروك ، وكان يضع الحديث. قال شعبة : من أراد أن ينظر إلى أكذب
__________________
الناس فلينظر إلى
الحسن بن عمارة . تاريخ بغداد (٧ / ٣٤٩) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٣٩) ،
إرشاد الساري (٦ / ٧٣).
١٦٩ ـ الحسن بن
عمرو بن سيف العبدي : كذّاب ، متروك . تهذيب التهذيب (٢ / ٣١١) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٣٩).
١٧٠ ـ الحسن بن
غالب أبو عليّ التميمي المعروف بابن مبارك المقري المتوفّى (٤٥٨) : قال السمرقندي
: كان كذّاباً . المنتظم (٨ / ٢٤٣) ، البداية والنهاية (١٢ / ٩٤).
١٧١ ـ الحسن بن
غُفَير المصري العطّار : كذّاب ، كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (١ / ٢٤٠).
١٧٢ ـ الحسن بن
محمد أبو عليّ الكرماني الشرقي المتوفّى (٤٩٥) : رحل في طلب الحديث وعنى بجمعه
وسمع الكثير ، وكان فيه دين وعبادة وزهد ، يصلّي الليل ؛ لكنّه روى ما لم يسمع
فأفسد ما سمع ، وكان المؤتمن أبو نصر يقول : هو كذّاب . المنتظم (٩ / ١٣٢).
١٧٣ ـ الحسن بن
يزيد المؤذِّن البغدادي : منكر الحديث عن الثقات ، يقلّب الأسانيد ، ولا يشبه
حديثه حديث أهل الصدق . تاريخ بغداد (٧ / ٤٥٢).
__________________
١٧٤ ـ الحسن بن
واصل : كذّاب. اللآلئ المصنوعة (٢ / ٤٥) قد يقال
: إنّه هو ابن دينار.
١٧٥ ـ الحسين بن
إبراهيم : كذّاب ، دجّال وضع الحديث ، وضع أحاديث صلاة الأيّام والليالي . ميزان الاعتدال (١ / ٢٤٨) ، أسنى المطالب (ص ٢١٧).
١٧٦ ـ الحسين بن
أبي السريّ ـ المتوكّل ـ العسقلاني المتوفّى (٢٤٠) : كذّاب . ميزان الاعتدال (١ / ٢٥١) ، تهذيب التهذيب (٢ / ٣٦٥) ،
خلاصة التهذيب (ص ٧٢).
١٧٧ ـ الحسين بن
حُميد بن ربيع الكوفي الخزّار المتوفّى (٢٨٢) : كذّاب ابن كذّاب ابن كذّاب. تاريخ
بغداد (٨ / ٣٨) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٢٨٠).
١٧٨ ـ الحسين بن
داود أبو عليّ البلخي المتوفّى (٢٨٢) : وضّاع ، ليس بثقة ، حديثه موضوع ، روى عن
يزيد بن هارون ، عن حميد بن أنس نسخة أكثرها موضوع . تاريخ بغداد (٨ / ٤٤) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٥٠) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٨٧).
١٧٩ ـ الحسين بن
عبد الله بن ضميرة الحميري : كذّاب ، متروك الحديث ،
__________________
لا يساوي شيئاً ،
ليس بثقة ولا مأمون. ميزان الاعتدال (١ / ٢٥٢).
١٨٠ ـ الحسين بن
عبيد الله العجلي أبو عليّ : كان يضع الحديث على الثقات . ميزان الاعتدال (١ / ٢٥٣) ، تاريخ بغداد (٨ / ٥٦) ، نصب
الراية (١ / ١٤٣) ، مجمع الزوائد (١ / ٢٠٦) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٦٤).
١٨١ ـ الحسين بن
علوان بن قدامة أبو عليّ : حدّث ببغداد سنة (٢٠٠) ، كذّاب خبيث ، كان يضع الحديث . تاريخ بغداد (٨ / ٦٣) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٥٤) ، تذكرة
الموضوعات (ص ٦٣ ، ١٠٢ ، ١١٦) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٠٩ و ٢ / ٥٠ ، ٦٥ ، ١١٩).
١٨٢ ـ الحسين بن
الفرج الخيّاط : كذّاب ، كان يسرق الحديث. ميزان الاعتدال (١ / ٢٥٥).
١٨٣ ـ الحسين بن
قيس الملقّب بحنش : كذّاب أحاديثه منكرة جدّا ، لا يُكتب حديثه . تذكرة الموضوعات (ص ٩٠) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٣) ،
ميزان الاعتدال (١ / ٢٥٥).
__________________
١٨٤ ـ الحسين بن
محمد أبو عبد الله الخالع البغدادي المتوفّى (٤٢٢) : قال أبو الفتح الصوّاف المصري
: لم أكتب ببغداد عمّن أطلق عليه الكذب من المشايخ غير أربعة ، أحدهم أبو عبد الله
الخالع. تاريخ بغداد (٨ / ١٠٦).
١٨٥ ـ الحسين بن
محمد البزري : المتوفّى (٤٢٣) : كذّاب ، أحد الأربعة المشايخ الكذّابين ببغداد.
تاريخ بغداد (٨ / ١٠٧) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٥٦).
١٨٦ ـ حصن بن عمر أبو عمر الأحمسي الكوفي : كذّاب ، منكر الحديث ،
ليس بشيء . تاريخ بغداد (٨ / ٢٦٤).
١٨٧ ـ حفص بن
سليمان أبو عمر الأسدي البزّاز المتوفّى (١٨٠) وقيل قريباً من (١٩٠) ، وهو حفص بن
أبي داود القارئ نزيل بغداد : كذّاب متروك ، يضع الحديث ، يحدّث عن جمع أحاديث
بواطل. تاريخ بغداد (٨ / ١٨٨). وقال أبو حاتم : متروك لا يصدّق. وقال ابن عديّ : أحاديثه غير محفوظة. وقال ابن حبّان : يقلّب الأسانيد ويرفع المراسيل . ميزان الاعتدال (١ / ٢٦١) ، مجمع الزوائد (٤ / ١٩٥).
١٨٨ ـ حفص بن عمر
الرفّا : قال أبو حاتم : كذّاب ، ذاهب الحديث ، روى عن شعبة حديثاً كذب فيه. لسان
الميزان (٢ / ٣٢٧).
__________________
١٨٩ ـ حفص بن عمر
بن دينار الأيلي : قال أبو حاتم : كان شيخاً كذّاباً. وقال العقيلي : يحدِّث عن الأئمّة بالبواطيل. وقال السّاجي : كان يكذب . لسان الميزان (٢ / ٣٢٥).
١٩٠ ـ حفص بن عمر
الرازي : كان يكذب . ميزان الاعتدال (٢ / ٣٢٨)
١٩١ ـ حفص بن عمر
الحبطي الرملي نزيل بغداد : لم يكن بثقة ولا مأمون ، أحاديثه أحاديث كذب. تاريخ
بغداد (٨ / ٢٠١). وقال الأزدي : متروك. وقال ابن عديّ : ليس له إلاّ اليسير ، وأحاديثه غير محفوظة ، وقال : حدّث
بالبواطيل. لسان الميزان (٢ / ٣٢٦).
١٩٢ ـ حفص بن عمر
: قاضي حلب ، كذّاب ، يوصف بوضع الحديث ، قال ابن حبّان : يروي عن الثقات الموضوعات ، لا يحلُّ الاحتجاج به . ميزان الاعتدال (١ / ٢٦٤) ، تذكرة الموضوعات (ص ١٠٣) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ١٢٩).
١٩٣ ـ حفيدة بن
كثير بن عبد الله : كذّاب. قال الشافعي : ركن من أركان
__________________
الكذب. حاشية
السندي على سنن ابن ماجة (٢ / ١٤٨).
١٩٤ ـ الحكم بن
عبد الله أبو سلمة : كذّاب ، كان يضع الحديث ، روى عن الزهري ، عن ابن المسيّب نحو
خمسين حديثاً لا أصل لها . تاريخ الشام (٤ / ٣٩٤) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٦٨) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٠٩) ، مجمع الزوائد (١ / ١٣٦).
١٩٥ ـ الحكم بن
عبد الله أبو عبد الله الأيلي : مولى الحارث بن الحكم بن أبي العاص. كذّاب ، كان
يفتعل الحديث ، قال أحمد : أحاديثه كلّها موضوعة . تاريخ الشام (٤ / ٣٩٥) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٦٨).
١٩٦ ـ الحكم بن
عبد الله أبو المطيع البلخي الفقيه ـ صاحب أبي حنيفة ـ : كذّاب يضع ، وقال ابن عديّ
: هو بيّن الضعف ، عامّة ما يرويه لا يُتابع عليه ، توفّي سنة (١٩٩). اللآلئ
المصنوعة (١ / ٢٠).
١٩٧ ـ الحكم بن
مصقلة : قال الأزدي : كذّاب. لسان الميزان (٢ / ٣٣٩).
١٩٨ ـ حمّاد بن
عمرو النصيبي : كذّاب ، كان يضع الحديث وضعاً على الثقات ، لا يحلُّ كتب حديثه
إلاّ على متعجِّب ، قال يحيى بن معين : إنّه من المعروفين
__________________
بالكذب ووضع
الحديث . تاريخ بغداد (٨ / ١٥٥) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٨٠) ، مجمع
الزوائد (٩ / ٣١٧) ، لسان الميزان (٢ / ٣٥١).
١٩٩ ـ حمّاد بن
أبي حنيفة ـ إمام الحنفيّة ـ نعمان بن ثابت الكوفي : كذّبه جرير ، وقال لقتيبة :
قل له : ما لك وللحديث؟ إنَّما دأبك الخصومات ، وقال ابن عدي : لا أعلم له رواية مستوية. لسان الميزان (٢ / ٣٤٦).
٢٠٠ ـ حمّاد بن
أبي ليلى الديلمي الكوفي الشهير بحمّاد الراوية المتوفّى (١٥٥) : كان مشهوراً
بالكذب في الرواية وعمل الشعر وإضافته إلى المتقدِّمين حتى يقال : إنّه أفسد الشعر
. لسان الميزان (٢ / ٣٥٢).
٢٠١ ـ حمّاد
المكّي : كان كذّاباً. تحذير الخواص (ص ٤٥).
٢٠٢ ـ حمزة بن أبي
حمزة الجزري : كذّاب يضع الحديث ، منكر الحديث ، لا يساوي فلساً ، عامّة مرويّاته
موضوعة . ميزان الاعتدال (١ / ٢٨٤) ، تهذيب التهذيب (٣ / ٢٩) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٣٩).
٢٠٣ ـ حمزة بن
حسين الدلاّل المتوفّى (٤٢٨) : كذّاب. لسان الميزان (٢ / ٣٥٩).
__________________
٢٠٤ ـ حميد بن
الربيع أبو الحسن اللخمي الخزّاز الكوفي المتوفّى (٢٥٨) : قال يحيى ابن معين : كذّابو زماننا أربعة : الحسين بن عبد الأوّل ، وأبو هشام
الرفاعي ، وحميد ابن الربيع ، والقاسم بن أبي شيبة. وقال : كذّاب خبيث غير ثقة ولا
مأمون. وقال ابن عدي : يسرق الحديث ويرفع الموقوف . تاريخ بغداد (٨ / ١٦٤) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٨٧) ، لسان
الميزان (٢ / ٣٦٤) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٧١).
٢٠٥ ـ حُميد بن
عليّ بن هارون القيسي : قال الحاكم : كذّاب خبيث ، حدّث بالبصرة بعد الثلاثمائة عن
عبد الواحد بن غياث والشاذكوني بأحاديث موضوعة ، وقال النقّاش نحو ذلك. لسان
الميزان (٢ / ٣٦٦).
حرف الخاء
٢٠٦ ـ خارجة بن
مصعب أبو الحجّاج الضبعي الخراساني السرخسي المتوفّى (١٦٨) : كذّاب ، ليس بثقة ،
اتّقى الناس حديثه فتركوه ، وقال أبو معمر الهذلي : إنّما ترك حديث خارجة لأنّ
أصحاب الرأي عمدوا إلى مسائل من مسائل أبي حنيفة فجعلوا لها أسانيد ، عن يزيد بن
أبي زياد ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ، فوضعوها في كتبه فكان يحدّث بها. تاريخ
الشام (٥ / ٢٦).
٢٠٧ ـ خالد بن آدم
: كذّاب. مجمع الزوائد (٢ / ١٦٤).
__________________
٢٠٨ ـ خالد بن
إسماعيل أبو الوليد المخزومي المدني : متروك لا يُحتجُّ به ، كان يضع الحديث على
الثقات . ميزان الاعتدال (١ / ٢٩٤) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٣ ، ٨).
٢٠٩ ـ خالد بن عبد
الرحمن العبد : كذّاب ، يسرق الحديث ويضعه . ميزان الاعتدال (١ / ٢٩٧).
٢١٠ ـ خالد بن عبد
الملك بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص : كذّاب ، ولي إمرة المدينة لهشام سنة
(١١٣) فبقي والياً سبع سنين ، وكان يؤذي عليّ بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ـ على
منبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو يقول : والله أعلم لقد استعمل رسول الله عليّا وهو
يعلم أنّه كذا وكذا ، ولكنّ فاطمة كلّمته فيه . تاريخ الشام (٥ / ٨٢).
٢١١ ـ خالد بن
عمرو أبو سعيد الأموي الكوفي من ولد سعيد بن العاص : كان كذّاباً ، يكذب ويضع
الحديث ، ويروي أحاديث بواطيل ، حدّث عن شعبة أحاديث موضوعة . تاريخ بغداد (٨ / ٢٩٩) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٩٨) ،
تهذيب التهذيب (٣ / ١٠٩).
٢١٢ ـ خالد بن
القاسم المدائني أبو الهيثم المتوفّى (٢١١) : مجمع على كذبه ، قال أبو يحيى محمد
بن عبد الرحيم : كان كذّاباً ، يدّعي ما لم يسمع ، وكتبت عنه أُلوفاً ، وروى
أحاديث لم تكن بمصر ولم تحدّث عن الليث ، وكان يضع أحاديث من ذات نفسه . تاريخ بغداد (٨ / ٣٠٣) ، ميزان الاعتدال (١ / ٢٩٩) ، أسنى
المطالب (ص ٢٣٢) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٥٠).
__________________
٢١٣ ـ خالد بن
نُجيح مصريّ توفّي (٢٥٤) : قال أبو حاتم : كذّاب يفتعل الحديث. ميزان الاعتدال (١ / ٢٠٣).
٢١٤ ـ خالد بن
يزيد المكّي أبو الهيثم العمري المتوفّى (٢٢٩) : كذّاب ، يروي الموضوعات عن
الأثبات . ميزان الاعتدال (١ / ٣٠٣) ، مجمع الزوائد (١ / ٢٤٩ ، ٩ /
٥٣) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٥٣ ، ١١٦).
٢١٥ ـ خراش بن عبد
الله : كذّاب ، ساقط ، لا يحلُّ كتب حديثه إلاّ للاعتبار . ميزان الاعتدال (١ / ٣٠٥).
٢١٦ ـ الخصيب بن
جحدر المتوفّى (١٣٢) : كذّاب ، لا يكتب حديثه . ميزان الاعتدال (١ / ٣٠٦) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٩٧ ، ٢
/ ١٧٣).
٢١٧ ـ الخليل بن
زكريّا الشيباني البصري : كذّاب ، يحدّث بالبواطيل . تهذيب التهذيب (٣ / ١٦٦) ، خلاصة التهذيب (ص ٩١) ، ميزان
الاعتدال (١ / ٣١٣) ، مجمع الزوائد (١ / ٣٠).
__________________
حرف الدال المهملة
٢١٨ ـ داود بن
إبراهيم قاضي قزوين : متروك الحديث ، كان يكذب . ميزان الاعتدال (١ / ٣١٦) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٥٩).
٢١٩ ـ داود بن
الزبرقان أبو عمرو الرقاشي البصري ، نزيل بغداد المتوفّى في حدود نيّف وثمانين
ومائة : كذّاب ، متروك الحديث ، ليس بشيء ، عامّة ما يرويه لا يُتابع عليه . تاريخ بغداد (٨ / ٣٥٨) ، تاريخ الشام (٥ / ٢٠٠) ، ميزان
الاعتدال (١ / ٣١٨)
٢٢٠ ـ داود بن
سليمان أبو سليمان الجرجاني ، قطن بغداد : كذّاب. تاريخ بغداد (٨ / ٣٦٦) ، اللآلئ
المصنوعة (٢ / ١٣٢).
٢٢١ ـ داود بن عبد
الجبّار أبو سليمان المؤذّن نزيل بغداد : كذّاب ، منكر الحديث ، لا ينبغي أن يُكتب
حديثه . تاريخ بغداد (٨ / ٣٥٦) ، ميزان الاعتدال (١ / ٣١٩).
٢٢٢ ـ داود بن
عفّان ، من أصحاب أنس بن مالك : كان يضع الحديث ، كان يدور بخراسان ويضع على أنس ،
كتب عن أنس بنسخة موضوعة . ميزان الاعتدال (١ / ٣٢١) ، تذكرة الموضوعات (ص ١١) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ١٢ ، ٢ / ١٠٩).
٢٢٣ ـ داود بن عمر
النخعي : كذّاب. ميزان الاعتدال (١ / ٣٢٢).
__________________
٢٢٤ ـ داود بن
المحبّر أبو سليمان البصري ، نزيل بغداد والمتوفّى بها (٢٠٦) : كذّاب ، وضّاع على
الثقات ، صاحب مناكير ، متروك الحديث ، ولو لم يكن له غير وضعه كتاب العقل بأسره
لكان دليلاً كافياً على ما ذكر . تاريخ بغداد (٨ / ٣٦٠) ، البداية والنهاية (٩ / ٢٢٩) ،
تهذيب التهذيب (٣ / ٢٠١) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٢٧ ، ٢٤١ ، ٢ / ٢٢٢).
٢٢٥ ـ دينار بن
عبد الله أبو مِكْيَس الحبشي : كذّاب ، له نسخة طويلة ، حدّث في حدود الأربعين
ومائتين بوقاحة عن أنس بن مالك ، يروي عن أنس أشياء موضوعة. ذكر الذهبي عن ابن عدي
حديثاً من أحاديث دينار بطريق محمد بن أحمد القفّاص ، فقال : قال ابن عديّ : قال القفّاص : أحفظ من دينار مائتين وخمسين حديثاً. قلت
: إن كان من هذا الضرب فيقدر أن يروي عنه عشرين ألف كلّها كذب ، قال الحاكم : روى
عن أنس قريباً من مائة حديث موضوعة . ميزان الاعتدال (١ / ٣٢٩) ، تذكرة الموضوعات (ص ٥٧).
الراء المهملة وأختها المعجمة
٢٢٦ ـ ربيع بن بدر
: كذّاب . مجمع الزوائد (١ / ١٢٢).
٢٢٧ ـ ربيع بن
محمود المارديني المتوفّى (٦٥٢) : دجّال مفتر ، ادّعى الصحبة
__________________
والتعمير في سنة
(٥٩٩) . ميزان الاعتدال (١ / ٣٣٥) ، لسان الميزان (٢ / ٤٤٧)
٢٢٨ ـ رتن الهندي
: شيخ دجّال كذّاب ، ادّعى الصحبة ، وقد قيل : إنّه توفّي (٦٣٢) . ميزان الاعتدال (١ / ٣٣٦) ، لسان الميزان (٢ / ٤٥٠).
٢٢٩ ـ روح بن
مسافر أبو بشر البصري : كان يضع الحديث ، يروي عن الأعمش أحاديث موضوعة . لسان الميزان (٢ / ٤٦٨).
٢٣٠ ـ زكريّا بن
دريد الكندي : كذّاب ، يضع الحديث على حميد الطويل ، له نسخة كلّها موضوعة لا يحلّ
ذكرها . ميزان الاعتدال (١ / ٣٤٨ ، ٣ / ٥٨) ، تذكرة الموضوعات (ص ٥ ، ٨٦) ، أسنى
المطالب (ص ٢١٣) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٩ ، ٣٠٧).
٢٣١ ـ زكريّا بن
زياد : دجّال يضع الحديث. تذكرة الموضوعات (ص ٦٨).
٢٣٢ ـ زكريّا بن
يحيى المصري أبو يحيى الوكار المتوفّى (٢٥٤) : كذّاب من الكذّابين الكبار ، يضع
الحديث ، وكان فقيهاً صاحب حلقة ، وقيل : كان من الصلحاء العبّاد الفقهاء . ميزان الاعتدال (١ / ٣٥١) ، مجمع الزوائد (١ / ١٣١) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٢١١).
__________________
٢٣٣ ـ زيد بن
الحسن بن زيد الحسيني المتوفّى (٤٩١ ، ٤٩٢) : كان كذّاباً وضّاعاً دجّالاً ، وضع
أربعين حديثاً في أيّام طرّاد الزينبي . ميزان الاعتدال (١ / ٣٦٢) ، لسان الميزان (٢ / ٥٠٥).
٢٣٤ ـ زيد بن
رفاعة أبو الخير : كذّاب ، معروف بوضع الحديث على فلسفة فيه ، له أربعون موضوعة ،
سرقها ابن ودعان ، قد وضع عامّتها على أسانيد صحاح مشهورة بين أهل الحديث . تاريخ بغداد (٨ / ٤٥٠ ، ٩ / ٤٤٤) ، ميزان الاعتدال (١ /
٣٦٣ ، ٣٦٤) ، أسنى المطالب (ص ٢٧٣) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٣) ، لسان الميزان (٢
/ ٥٠٦).
٢٣٥ ـ زياد بن
ميمون الثقفي الفاكهي البصري : كان كذّاباً ، تركوه ، واهي الحديث ، وضع أحاديث . ميزان الاعتدال (١ / ٣٥٩) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٥٧ ، ٩٣).
السين المهملة
٢٣٦ ـ سالم بن عبد
الأعلى : كان يضع الحديث . تذكرة الموضوعات (ص ٦٢) ، نصب الراية (٤ / ٢٣٨).
٢٣٧ ـ السري بن
عاصم أبو عاصم الهمداني : كذّاب ، يسرق الحديث ويرفع الموقوفات ، لا يحلّ الاحتجاج
به . البداية والنهاية (٥ / ٣٥٤) ، ميزان الاعتدال
__________________
(١ / ٣٧٠) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٨٠).
٢٣٨ ـ سعيد بن
سلام أبو الحسن العطّار البصري : كذّاب ، يُذكر بوضع الحديث ، سيّئ الحال جدّا عند
أهل الحديث ، كان بمكّة يحدِّث بالبواطيل . تاريخ بغداد (٩ / ٨٠) ، ميزان الاعتدال (١ / ٣٨٢) ، أسنى
المطالب (ص ٣٩) ، مجمع الزوائد (١ / ١٢٦) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٤٣ ، ٩١ ، ١٣٩) ،
كشف الخفاء (١ / ١٢٣).
٢٣٩ ـ سعيد بن
سنان أبو مهدي : كذّاب ، قيل : توفّي (١٦٨) . ميزان الاعتدال (١ / ٣٨٤) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٢٠٦).
٢٤٠ ـ سعيد بن
عنبسة الرازي : كذّاب ، لا يصدق . ميزان الاعتدال (١ / ٣٨٩) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٦٠).
٢٤١ ـ سعيد بن
موسى الأزدي : كان يضع الحديث . تذكرة الموضوعات (ص ٧٠).
٢٤٢ ـ سكين بن
سراح : كذّاب . تذكرة الموضوعات (ص ٩٦).
٢٤٣ ـ سلم بن
إبراهيم الوراق البصري : كذّاب . تاريخ بغداد (٩ / ١٤٥) ، تهذيب التهذيب (٤ / ١٢٧).
__________________
٢٤٤ ـ سلمة بن حفص
السعدي ، كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ٤٠٦) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٣٥).
٢٤٥ ـ سلام بن سلم
الطويل أبو عبد الله التميمي : كان يضع الحديث ، كذّاب متروك الحديث ، عنده
مناكير ، توفّي حدود (١٧٧) . تاريخ بغداد (٩ / ١٩٧) ، تذكرة الموضوعات (ص ٥٨).
٢٤٦ ـ سليم بن
مسلم : كان يضع الحديث ، جهميّ خبيث ، متروك الحديث ، لا يساوي حديثه شيئاً . ميزان الاعتدال (١ / ٤٢٧).
٢٤٧ ـ سليمان بن
أحمد أبو محمد الجرشي الشامي : كذّاب يسرق الحديث ، متروك. تاريخ بغداد (٩ / ٥٠) ،
تاريخ الشام (٦ / ٢٤٢).
٢٤٨ ـ سليمان بن
أحمد الواسطي الحافظ : كذّبه يحيى ، وقال ابن عديّ : هو عندي ممّن يسرق الحديث ، وله أفراد. ميزان الاعتدال (١ / ٤٠٨).
٢٤٩ ـ سليمان بن
أحمد الملطي المصري : متأخِّر ، كذّبه الدارقطني . ميزان الاعتدال (١ / ٤٠٨).
__________________
٢٥٠ ـ سليمان بن
أحمد السرقسطي البغدادي المتوفّى (٤٨٩) : كذّاب . ميزان الاعتدال (١ / ٤٠٩) ، المنتظم (٩ / ٩٩).
٢٥١ ـ سليمان بن
بشّار : ممّن يضع الحديث ، كان يضع على الأثبات ما لا يحصى . ميزان الاعتدال (١ / ٤١٠) ، تذكرة الموضوعات (ص ٦ ، ٣١).
٢٥٢ ـ سليمان بن
داود البصري أبو أيّوب المعروف بالشاذكوني المتوفّى (٢٣٤) : أحد الحفّاظ ، كذّاب ،
خبيث ، كان يضع الحديث في الوقت ، وقيل : كان يتعاطى المسكر ويتماجن ، تاريخ بغداد (٩ / ٤٧) ، طبقات الحفّاظ (٢ / ٦٦) ، ميزان
الاعتدال (١ / ٤١٤).
٢٥٣ ـ سليمان بن
زيد المحاربي أبو آدم الكوفي : كذّبه ابن معين . خلاصة التهذيب (ص ١٢٨).
٢٥٤ ـ سليمان بن
سلمة الجبائري : كان يكذب ويضع الحديث . تاريخ الشام (٦ / ٢٧٦) ، ميزان الاعتدال (١ / ٤١٦) ،
تذكرة الموضوعات (ص ٧٠) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٨٥).
__________________
٢٥٥ ـ سليمان بن
عبد الحميد أبو أيّوب البهراني الحمصي : كذّاب ، ليس بثقة ولا مأمون. تاريخ الشام (٦ / ٢٨٠).
٢٥٦ ـ سليمان بن
عمرو أبو داود النخعي : كان أكذب الناس على رسول الله ، معروف بوضع الحديث ، كان
رجلاً صالحاً في الظاهر إلاّ أنّه كان يضع الحديث وضعاً ، قال الخطيب : كان ببغداد
رجال يكذبون ويضعون منهم أبو داود النخعي ، وقال الحاكم : لست أشكّ في وضعه الحديث
على تقشّفه وكثرة عبادته ، وقال آخر : كان أطول الناس منهم قياماً بليل وأكثرهم
صياماً بنهار . تاريخ بغداد (٩ / ١٥ ـ ٢١) ، ميزان الاعتدال (١ / ٤٢٠) ،
أسنى المطالب (ص ٤١) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٦٠ ، ٢ / ٣٩ ، ١٣٢).
٢٥٧ ـ سليمان بن
عيسى السجزي : كان كذّاباً يضع الحديث . تاريخ بغداد (٤ / ٦٠) ، ميزان الاعتدال (١ / ٤٢٠) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ٦٦ ، ١٠١ ، ٢ / ٨٠) ، ووضع بضعة وعشرين حديثاً كما في أسنى
المطالب (ص ٢٧٤).
٢٥٨ ـ سهل بن صقين
أبو الحسن الخلاطي البصري : كان يضع الحديث .
__________________
خلاصة التهذيب (ص
١٣٣) ، ميزان الاعتدال (١ / ٤٣٠) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٦٠).
٢٥٩ ـ سهل بن عامر
البجلي : روى أحاديث بواطيل ، وكان يفتعل الحديث . لسان الميزان (٣ / ١١٩).
٢٦٠ ـ سهل بن عمار
النيسابوري : كذّبه الحاكم ، وقال أبو إسحاق الفقيه : كذب والله سهل على ابن نافع
، وقال إبراهيم السعدي : كان يتقرّب إليّ بالكذب . أسنى المطالب (ص ١٠٥) ، ميزان الاعتدال (١ / ٤٣٠).
٢٦١ ـ سهل بن قرين
البصري : كذّبه الأزدي . ميزان الاعتدال (١ / ٤٣١) ، أسنى المطالب (ص ٢٦١) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٨٢).
٢٦٢ ـ سيف بن عمر
التميمي البرجمي : وضّاع ليس بشيء ، عامّة حديثه منكر ، اتّهم بالزندقة . تهذيب التهذيب (٤ / ٢٩٦).
٢٦٣ ـ سيف بن محمد
الثوري ـ ابن اخت سفيان الثوري ـ : كذّاب خبيث ، يضع الحديث ، لا يكتب حديثه . تاريخ بغداد (١ / ٣٥ ، ٩ / ٢٢٦ ، ١٢ / ٢٥٣) ، تذكرة
الموضوعات (ص ١٠٢ ، ١١٢) ، تهذيب التهذيب (٤ / ٢٩٦) ، مجمع الزوائد (١ / ٢١٩) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ٦٧ ، ١٠١ ، ١٢٩) وقال : كذّاب بالإجماع ، و (٢ / ٢٠٩ ، ٢١٧)
، خلاصة التهذيب (ص ١٣٦).
__________________
الشين المعجمة
٢٦٤ ـ شاد بن
شيرياميان : كان يضع الحديث . تذكرة الموضوعات (ص ٣).
٢٦٥ ـ شاه بن بشر
الخراساني : قال ابن حبّان : يضع الحديث . ميزان الاعتدال (١ / ٤٤٠) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٢٤).
٢٦٦ ـ شاه بن قرح
أبو بكر : كان يضع الحديث. اللآلئ المصنوعة (٢ / ٢٣٩).
٢٦٧ ـ شعيب بن
عمرو الطحّان : قال الأزدي : كذّاب. ميزان الاعتدال (١ / ٤٤٨).
٢٦٨ ـ شيخ بن أبي
خالد البصري : كان يضع الحديث ، قال : وضعت أربعمائة حديث وأدخلتها في برنامج
الناس ، فلا أدري كيف أصنع . ميزان الاعتدال (١ / ٤٥٢) ، تذكرة الموضوعات (ص ٦٤ ، ١١٣)
تحذير الخواص (ص ٥٦).
__________________
حرف الصاد المهملة وأختها المعجمة
٢٦٩ ـ أبو العلاء
صاعد بن الحسن الربعي البغدادي اللغوي : صاحب كتاب الفصوص ، نزل الأندلس وصنّف
الكتب ، توفّي (٤١٧) كان يتّهم بالكذب في نقله ، فلهذا رفض الناس كتابه ، ولمّا
ظهر للمنصور بن عامر كذبه في النقل ، وعدم تثبّته رمى كتاب الفصوص في البحر ،
لأنّه قيل له : جميع ما فيه لا صحّة له . وفيات الأعيان (١ / ٢٨٧) ، البداية والنهاية (١٢ / ٢١) ،
شذرات الذهب (٣ / ٢٠٧) ، بغية الوعاة (ص ٢٦٨).
٢٧٠ ـ صالح بن
أحمد بن أبي مقاتل القيراطي الهروي المتوفّى (٣١٦) : كذّاب دجّال ، يحدِّث بما لم
يسمع ، وكان يسرق الحديث ، قال أبو حاتم محمد بن حبّان البستي : كان يسرق الحديث ويقلّبه ، ولعلّه قد قلّب أكثر من عشرة
آلاف حديث فيما خرج من الشيوخ والأبواب ، لا يجوز الاحتجاج به بحال . تاريخ بغداد (٩ / ٣٢٩) ، ميزان الاعتدال (١ / ٤٥٣).
٢٧١ ـ صالح بن
بشير أبو بشر المرّي البصري المتوفّى (١٧٢ ، ١٧٦) : قاصّ كذّاب متروك الحديث . تاريخ بغداد (٩ / ٣٠٨).
٢٧٢ ـ صالح بن
حسّان البصري : كذّاب . تذكرة الموضوعات (ص ٧).
__________________
٢٧٣ ـ صبيح بن سعيد البغدادي الخلدي : كذّاب خبيث ، ليس بشيء. تاريخ
بغداد (٩ / ٣٣٨) ، ميزان الاعتدال (١ / ٤٦٣).
٢٧٤ ـ صخر بن محمد
المنقري المروزي الحاجبي : كان في حدود الثلاثين ومائة ، كذّاب ، يضع الحديث ،
عامّة ما يرويه من موضوعاته ، حدّث عن الثقات بالبواطيل ، روى عن مالك والليث وابن
لهيعة أحاديث موضوعة . ميزان الاعتدال (١ / ٤٦٤) ، تذكرة الموضوعات (ص ٢٨ ، ٤٠)
، اللآلئ المصنوعة (١ / ٧٨).
٢٧٥ ـ الصقر بن
عبد الرحمن أبو بهز الكوفي : من أكذب الناس ، كان يضع الحديث . تاريخ بغداد (٩ / ٣٤٠) ، ميزان الاعتدال (١ / ٤٦٧) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٣٩).
٢٧٦ ـ صلة بن
سليمان أبو زيد العطّار ، نزيل بغداد : كذّاب ، متروك الحديث ، ليس بثقة . تاريخ بغداد (٩ / ٣٣٧).
٢٧٧ ـ الضحّاك بن
حمزة المنبجي : كان يضع الحديث ، كلُّ رواياته مناكير إمّا متناً وإمّا إسناداً . ميزان الاعتدال (١ / ٤٧٠).
__________________
حرف الطاء المهملة وأختها المعجمة
٢٧٨ ـ طاهر بن
الفضل الحلبي : كان يضع الحديث على الثقات وضعاً ، لا يحلّ كتب حديثه إلاّ على جهة
التعجّب . ميزان الاعتدال (١ / ٤٧٥).
٢٧٩ ـ طلحة بن زيد
أبو مسكين الرقي : منكر الحديث جدّا ، لا يحلّ الاحتجاج بخبره ، سيّئ يضع
الحديث . تاريخ الشام (٧ / ٦٥) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٨١) ، تأتي
ألفاظ جرح الحفّاظ فيه في الجزء التاسع إن شاء الله تعالى.
٢٨٠ ـ ظبيان بن
محمد الحمصي : كذّاب ، لا يحلُّ الاحتجاج به . ميزان الاعتدال (١ / ٤٨١).
حرف العين المهملة
٢٨١ ـ عاصم بن
سليمان أبو شعيب التميمي البصري : كذّاب متروك ، كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٢ / ٢) ، لسان الميزان (٣ / ٢١٨).
٢٨٢ ـ عاصم بن
طلحة : قال الأزدي : مجهول كذّاب . ميزان الاعتدال (ج ٢) ،
__________________
لسان الميزان (٣ /
٢٢٠).
٢٨٣ ـ عامر بن أبي
عامر : كان كذّاباً يضع الحديث. تذكرة الموضوعات (ص ٧٤).
٢٨٤ ـ عامر بن
صالح ـ حفيد الزبير بن العوام ـ أبو الحارث الأسدي المديني ، نزيل بغداد :
المتوفّى في خلافة الرشيد : كذّاب خبيث ، عدوّ الله ، ليس بثقة . تاريخ بغداد (١٢ / ٢٣٦) ، كذّبه ابن معين وابن حبّان وابن عدي . خلاصة التهذيب (ص ١٥٦).
٢٨٥ ـ عبّاد بن
جويرية البصري : كذّاب أفّاك ، متروك ليس بشيء . ميزان الاعتدال (٢ / ٩) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٠).
٢٨٦ ـ عبّاد بن
صهيب : موصوف بالوضع متروك ، قال الكديمي : سمعت عليّ بن المديني يقول : تركت من
حديثي مائة ألف حديث ، النصف منها عن عبّاد بن صهيب ، وحكى الخطيب عن المديني أنّه
قال : تركت من حديثي مائة ألف حديث فيها ثلاثون ألفاً لعبّاد بن صهيب . تاريخ بغداد (١١ / ٤٦٣) ، ميزان الاعتدال (٢ / ١٠) ،
تذكرة الموضوعات (ص ٤٦ ، ١١٥).
__________________
٢٨٧ ـ عبّاس بن
بكّار الضبّي البصري : كذّاب . ميزان الاعتدال (٢ / ١٨) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٤٠٢).
٢٨٨ ـ عبّاس بن
الضحّاك البلخي : دجّال يضع . ميزان الاعتدال (٢ / ١٨) ، تذكرة الموضوعات (ص ٩٥).
٢٨٩ ـ عبّاس بن
عبد الله بن أحمد أبو الفضل المرّي الفقيه الشافعي ، كان حيّا في سنة (٣٢٥) :
كذّاب أفّاك ، لم يكن صدوقاً ولا ثقة ولا مأموناً . تاريخ الشام (٧ / ٢٢٥).
٢٩٠ ـ عبّاس بن
الفضل العبدي الأزرق البصري ـ نزيل بغداد ـ : كذّاب خبيث . تاريخ بغداد (١٢ / ١٣٤) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٢٠).
٢٩١ ـ عبّاس بن
محمد العدوي : كان يضع الحديث . تذكرة الموضوعات (ص ٧١).
٢٩٢ ـ عبّاس بن
محمد المرادي : روى أحاديث كذباً عن مالك. ميزان الاعتدال (٢ / ٢٠).
٢٩٣ ـ عبد الأعلى
بن أبي المساور أبو مسعود الجزّار : كذّاب منكر الحديث ، ليس
__________________
بحجّة . تاريخ بغداد (١١ / ٦٩) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٣٩).
٢٩٤ ـ عبد الباقي
بن أحمد أبو الحسن المتوفّى (٤٨٥) : قال ابن صابر : كان كذّاباً. لسان الميزان (٣ / ٣٨٣).
٢٩٥ ـ عبد الرحمن
بن حمّاد الطلحي : عنده نسخة موضوعة. تذكرة الموضوعات (ص ٥١).
٢٩٦ ـ عبد الرحمن
بن داود أبو البركات الزرزور ، كان حيّا في سنة (٦٠٨) : كذّاب له الاربعون في قضاء
الحوائج موضوعة ، قد ركّب لها أسانيد من طرق البخاري وأبي داود وغيرهما. ميزان
الاعتدال (٢ / ١٠٢).
٢٩٧ ـ عبد الرحمن
بن عبد الله بن عمر العدوي العمري حفيد عمر بن الخطاب. المتوفّى (١٨٦) : كان
كذّاباً يقلّب الأحاديث ، متروك الحديث ، حديثه أحاديث مناكير. تاريخ بغداد (١٠ /
٢٣١) ، تهذيب التهذيب (٦ / ٢١٣).
__________________
٢٩٨ ـ عبد الرحمن
بن عفّان أبو بكر الصوفي : كذّاب يكذب . تاريخ بغداد (١٠ / ٢٦٤) ، ميزان الاعتدال (٢ / ١١٣) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ١٦٥).
٢٩٩ ـ عبد الرحمن
بن عبد الله بن عمر بن حفص العمري : كان كذّاباً متروكاً لا يحتجُّ به. نصب الراية (١ / ٦٠).
٣٠٠ ـ عبد الرحمن
بن عمرو بن جبلة : كذّاب يضع الحديث. ميزان الاعتدال (١ / ١٤٧ ، ٢ /
١١٣).
٣٠١ ـ عبد الرحمن
بن القطامي البصري : كذّاب . ميزان الاعتدال (٢ / ١١٤) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٩٩).
٣٠٢ ـ عبد الرحمن
بن قيس أبو معاوية الضبّي الزعفراني البصري ، نزيل بغداد : كذّاب كان يضع الحديث . تاريخ بغداد (١٠ / ٢٥١) ، خلاصة التهذيب (ص ١٩٨) ، ميزان
الاعتدال (٢ / ١١٤).
٣٠٣ ـ عبد الرحمن
بن مالك بن مغول : كان كذّاباً أفّاكاً لا يشكُّ فيه أحد ، وكان
__________________
يضع الحديث . تاريخ بغداد (١٠ / ٢٣٦ ، ٩ / ٣٤١) ، مجمع الزوائد (٩ / ٥١)
، ميزان الاعتدال (٢ / ١١٥) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٣٣٢).
٣٠٤ ـ عبد الرحمن
بن محمد البلخي : كان يضع الحديث على قتيبة ، ميزان الاعتدال (٢ / ١١٦) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٥٦) ،
تذكرة الموضوعات (ص ٣٣)
٣٠٥ ـ عبد الرحمن
بن محمد بن علويّة أبو بكر الأبهري القاضي المتوفّى (٣٤٢) : كان كذّاباً يركّب الأسانيد
على المتون ، له أحاديث كلّها موضوعة ، والحمل فيها عليه. لسان الميزان (٣ / ٤٣٠).
٣٠٦ ـ عبد الرحمن
بن محمد بن محمد بن هندويه : كذّبه الحافظ ابن ناصر. توفّي (٥٣٧). لسان الميزان (٣ / ٤٣٢).
٣٠٧ ـ عبد الرحمن
بن مرزوق الطرسوسي : كان يضع الحديث ، لا يحلُّ ذكره إلاّ على سبيل القدح . ميزان الاعتدال (٢ / ١١٧) ، تذكرة الموضوعات (ص ٧١) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٧٧).
٣٠٨ ـ عبد الرحمن
بن يزيد الدمشقي : كذّاب متروك. تهذيب التهذيب (٦ / ٢٩٧).
__________________
٣٠٩ ـ عبد الرحيم بن حبيب الفاريابي : كان يضع الحديث على الثقات ، ولعلّه
قد وضع أكثر من خمسمائة حديث على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قاله الحافظ أبو حاتم . تاريخ الشام (٥ / ١٦٠) ، ميزان الاعتدال (٢ / ١٢٤) ، لسان
الميزان (٤ / ٤) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٧٨ ، ١٠٥ ، ٢ / ١٢١) .
٣١٠ ـ عبد الرحيم
بن زيد البصري : كذّاب خبيث . تهذيب التهذيب (٦ / ٣٠٥) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٧٠).
٣١١ ـ عبد الرحيم
بن منيب البغدادي : كان يضع الحديث. تذكرة الموضوعات (ص ٧٧).
٣١٢ ـ عبد الرحيم
بن هارون الواسطي ، نزيل بغداد : كذّاب متروك الحديث . تاريخ بغداد (١١ / ٨٥) ، تهذيب التهذيب (٦ / ٣٠٩) ، أسنى
المطالب (ص ٣٤) ، خلاصة التهذيب (ص ٢٠١).
٣١٣ ـ عبد العزيز
بن أبان من ولد سعيد بن العاص الأموي أبو خالد القرشي :
__________________
المتوفّى (٢٠٧) :
كذّاب خبيث ، كان يضع الحديث ، وحدّث بأحاديث موضوعة . تاريخ بغداد (١٠ / ٤٤٥) ، تذكرة الموضوعات (ص ٨٧) ، ميزان
الاعتدال (٢ / ١٣٣) ، تهذيب التهذيب (٦ / ٣٣٠) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٥٩).
٣١٤ ـ عبد العزيز
بن أبي زواد : كذّاب عنده نسخة موضوعة . تاريخ الشام (٥ / ١٥٣) ، تذكرة الموضوعات (ص ٧٧) ، اللآلئ
المصنوعة (١ / ٦٦ ، ٦٧).
٣١٥ ـ عبد العزيز
بن الحارث أبو الحسن التميمي الحنبلي المتوفّى (٣٧١) ، من رؤساء الحنابلة : وضع
حديثين في مسند الإمام أحمد ، قال ابن زرقويه الحارث : أنكر أصحاب الحديث عليه ذلك وكتبوا عليه محضراً بما فعل
، كتب فيه الدارقطني وابن شاهين وغيرهما . تاريخ بغداد (١٠ / ٤٦٢) ، ميزان الاعتدال (٢ / ١٣٤) ،
لسان الميزان (٤ / ٢٦).
٣١٦ ـ عبد العزيز
بن خالد : كذّاب. اللآلئ المصنوعة (٢ / ٤٩).
__________________
٣١٧ ـ عبد العزيز
بن عبد الرحمن البالسي : كذّاب ، ضرب أحمد بن حنبل على حديثه ، له نسخة ثبتها
بمائة حديث مقلوبة منها ما لا أصل له ، ومنها ما هو ملزق بإنسان لا يحلُّ الاحتجاج
به بحال . ميزان الاعتدال (٢ / ١٣٧) ، لسان الميزان (٤ / ٣٤) ،
تذكرة الموضوعات (ص ٧٦).
٣١٨ ـ عبد العزيز
بن يحيى المدني : كذّاب يضع الحديث تركوه . ميزان الاعتدال (٢ / ١٤٠) ، خلاصة التهذيب (ص ٣٠٤).
٣١٩ ـ عبد الغفور
بن سعيد أبو الصباح الواسطي : كان ممّن يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٢ / ١٤٢) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٧٢).
٣٢٠ ـ عبد القدّوس
بن حبيب أبو سعيد الشامي : قال عبد الرزّاق : ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله
كذّاب إلاّ لعبد القدّوس ، وقال إسماعيل بن عيّاش : لا أشهد على أحد بالكذب إلاّ
على عبد القدّوس ، وقال ابن حبّان : كان يضع على الثقات . تاريخ بغداد (١١ / ١٢٧) ، ميزان الاعتدال (٢ / ١٤٣) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٠٧) ، لسان الميزان (٤ / ٤٦).
__________________
٣٢١ ـ عبد القدّوس
بن عبد القاهر أبو شهاب : له أكاذيب وضعها على عليّ بن عاصم تبيّنت. لسان الميزان (٤ / ٤٨).
٣٢٢ ـ عبد الكريم
بن عبد الكريم أبو الفضل الخزاعي الجرجاني المتوفّى (٣٨٠) : قدم بغداد وحدّث بها ،
قال الخطيب : كانت له عناية بالقراءات وصنّف أسانيدها ، ثمّ ذكر أنّه كان يخلط ولم
يكن مأموناً على ما يرويه ، وأنّه وضع كتاباً في الحروف ونسبه إلى أبي حنيفة ،
فكتب الدارقطني وجماعة : أنّ هذا الكتاب موضوع لا أصل له ، فافتضح وخرج من بغداد
إلى الجبل ، فاشتهر أمره هناك ، وحبطت منزلته. البداية والنهاية (١١ / ٣٠٨).
٣٢٣ ـ عبد الله بن
إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري : مدلّس يضع الحديث ، عامّة ما يرويه لا يُتابعه عليه
الثقات ، ذكر له ابن عدي حديثين في فضل أبي بكر وعمر وهما باطلان . ميزان الاعتدال (٢ / ٢١) ، خلاصة التهذيب (ص ١٦١) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٤٢ ، ١٠٩).
٣٢٤ ـ عبد الله بن
إبراهيم المدني : شيخ منكر الحديث ، وضّاع يحدِّث عن الثقات بالمقلوبات. تهذيب
التهذيب (٥ / ١٣٨).
٣٢٥ ـ عبد الله بن
أبي جعفر الرازي : قال محمد بن حميد الرازي : سمعت منه عشرة آلاف حديث فرميتها ،
كان فاسقاً . ميزان الاعتدال (٢ / ٢٨).
__________________
٣٢٦ ـ عبد الله بن
أيّوب بن أبي علاج : هو وأبوه كذّابان ، قال الأزدي : أيّوب كذّاب وابنه أكذب منه
وأجرأ على الله ، وقال الدارقطني : ابن أبي علاج يضع الحديث . تذكرة الموضوعات (ص ٥١ ، ٨٠) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٢٣) ،
لسان الميزان (٣ / ٢٦٢) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٧).
٣٢٧ ـ عبد الله بن
الحارث الصنعاني : شيخ دجّال يضع الحديث وضعاً ، حدّث عن عبد الرزّاق بنسخة كلّها
موضوعة . ميزان الاعتدال (٢ / ٢٩) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٣٧).
٣٢٨ ـ عبد الله بن
حفص أبو محمد الوكيل السامَرِّيّ : دجّال يسرق الحديث ، وقد وضع أحاديث ، قال ابن
عديّ : كتبت عنه ، كان يسرق الحديث ، وأملى عليَّ أحاديث موضوعة لا أشكُّ أنّه
واضعها . تاريخ بغداد (٩ / ٤٤٩) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٣١) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٢٠).
٣٢٩ ـ عبد الله بن
حكيم أبو بكر الداهري البصري : كذّاب يضع الحديث ، متروك الحديث . تاريخ بغداد (٩ / ٤٤٧) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٣٢) ، تذكرة
الموضوعات (ص ١٠) ، نصب الرّاية (١ / ٣٩).
٣٣٠ ـ عبد الله بن
زياد بن سمعان الفقيه أبو عبد الرحمن القرشي القاضي : كذّاب
__________________
ذاهب الحديث ،
وضّاع يضع الحديث . تاريخ بغداد ، (٩ / ٤٥٦) ، تاريخ الشام (٧ / ٤٢٦) ، ميزان
الاعتدال (٢ / ٣٨) ، تذكرة الموضوعات (ص ١٠٣) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٦٤ ، ٢ / ٨٣
، ١٢٦ ، ٢٠١).
٣٣١ ـ عبد الله بن
سعد الأنصاري الرقّي : كذّاب كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٢ / ٤١).
٣٣٢ ـ عبد الله بن
سليمان السجستاني الحافظ ابن الحافظ المتوفّى (٣١٦) : كذّبه أبوه في غير حديث ،
وكان زاهداً ناسكاً. شذرات الذهب (٢ / ٢٧٣).
٣٣٣ ـ عبد الله بن
صالح أبو صالح المصري المتوفّى (٢٢٣) : كاتب الليث ، كذّاب وضّاع. تذكرة الموضوعات
(ص ١٧ ، ٢٠ ، ٤٤ ،
١١٢).
٣٣٤ ـ عبد الله بن
عبد الرحمن الكلبي الأسامي : من أكذب خلق الله ، روى بالأباطيل فكذّبوه ، عامّة
أحاديثه بواطيل ، قدم بخارى وحدّث بها سنة (٢٢٥).
__________________
تاريخ بغداد (١٠ /
٢٨) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٥٣).
٣٣٥ ـ عبد الله بن
علان بن رزين الخزاعي أبو الفضل الواسطي المتوفّى (٦٢٣) : كان كذّاباً كثير الكذب
والتزوير. لسان الميزان (٤ / ١٠٧).
٣٣٦ ـ عبد الله بن
علي الباهلي الوضّاحي : كان يضع الحديث. لسان الميزان (٢ / ٣١٨).
٣٣٧ ـ عبد الله بن
عمرو الواقعي البصري : كان يضع الحديث ، وكذّبه الدارقطني. لسان الميزان (٣ / ٣٢٠).
٣٣٨ ـ عبد الله بن
عُمير قاضي إفريقيّة : كان يضع الحديث على مالك ، له نسخة. تذكرة الموضوعات (ص ١١٦).
٣٣٩ ـ عبد الله بن
عيسى الجزري : كان يضع الحديث . لسان الميزان (٢ / ٦١) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٠٢).
٣٤٠ ـ عبد الله بن
قيس الراوي عن حميد الطويل : قال الأزدي : كذّاب . ميزان الاعتدال (٢ / ٦٢). اللآلئ المصنوعة (٢ / ٢١٧).
__________________
٣٤١ ـ عبد الله بن
كرز : كذّاب. تذكرة الموضوعات (ص ٤٩).
٣٤٢ ـ عبد الله بن
محمد بن أسامة : كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٢ / ٧١).
٣٤٣ ـ عبد الله بن
محمد بن عبد الله بن البختري أبو القاسم المعروف بابن الثلاّج المتوفّى (٣٨٧) :
كذّاب يضع الأحاديث والأسانيد ، ويركّب ويدّعي ما لم يسمع . تاريخ بغداد (١٠ / ١٣٦) ، المنتظم (٧ / ١٩٣) ، ميزان
الاعتدال (٢ / ٧٤).
٣٤٤ ـ عبد الله بن
محمد بن جعفر أبو القاسم القزويني القاضي الفقيه على مذهب الشافعي المتوفّى (٣١٥) كان
له حلقة بمصر للفتوى : كذّاب وضع أحاديث على متون معروفة ، ألّف كتاب سنن الشافعي
وفيها نحو مائتي حديث لم يحدِّث بها الشافعي . ميزان الاعتدال (٢ / ٧٣) ، شذرات الذهب (٢ / ٢٧٠).
٣٤٥ ـ عبد الله بن
محمد بن سنان الروحي البصري الواسطي : متروك الحديث ، كان يضع الحديث ويقلّبه
ويسرقه ، روى عن روح أكثر من مائة حديث لم يتابع عليها ، وكان كثير الوضع ، أجمعوا
على أنّه كذّاب ذاهب . تاريخ بغداد (١٠ / ٨٨) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٧٠) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٢٤٠) ، لسان الميزان (٣ / ٣٣٦).
__________________
٣٤٦ ـ عبد الله بن
محمد بن قراد أبو بكر الخزاعي المتوفّى (٣٥٩) : متروك يضع الحديث هو وأبوه. ميزان
الاعتدال (٢ / ٧٤).
٣٤٧ ـ عبد الله بن
محمد بن وهب الدينوري الحافظ المتوفّى (٣٠٨) : دجّال متروك ، كان يضع الحديث.
ميزان الاعتدال (٢ / ٧٣).
٣٤٨ ـ عبد الله بن
محمد البلوي صاحب رحلة الشافعي : كذّاب. البداية والنهاية (١٠ / ١٨٢).
٣٤٩ ـ عبد الله بن
مسلم بن رشيد ، كان يضع على ليث ومالك وابن لهيعة ، لا يحلُّ كتب حديثه. ميزان
الاعتدال (٢ / ٧٧).
٣٥٠ ـ عبد الله بن
مسوّر أبو جعفر الهاشمي : كذّاب يضع ، أحاديثه موضوعة ، وضع عن رسول الله كلاماً
هو حقٌّ فاختلط بأحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم . تاريخ بغداد (١٠ / ١٧٢) ، لسان الميزان (٤ / ٣٣٩) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٦٠ ، ١٧٣) ، الإصابة (٣ / ١٤١).
__________________
٣٥١ ـ عبد الله بن
وهب النسوي : دجّال يضع . ميزان الاعتدال (٢ / ٨٧) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٩٢ ، ١٢٣
، ١٨١).
٣٥٢ ـ عبد الله بن
يزيد بن مخْمِش النيسابوري : قال الدارقطني : كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٢ / ٨٨).
٣٥٣ ـ عبد المغيث
بن زهير بن علوي الحربي الحنبلي البغدادي المتوفّى (٥٨٣) ، أحد الحفّاظ : صنّف
جزءاً في فضائل يزيد أتى فيه بالموضوعات ، وألّف ابن الجوزي كتاباً في الردّ على
ذلك الجزء وسمّاه كتاب الردِّ على المتعصِّب العنيد عن لعن يزيد. شذرات الذهب (٤ / ٢٧٦).
٣٥٤ ـ عبد الملك
بن عبد الرحمن أبو العبّاس الشامي ، نزيل البصرة : قال الفلاّس : كذّاب . لسان الميزان (٤ / ٦٦) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١١٦).
٣٥٥ ـ عبد الملك
بن هارون بن عنترة : دجّال كذّاب يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٢ / ١٥٤) ، لسان الميزان (٤ / ٧١) ،
تذكرة الموضوعات (ص ٨٤) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٢٨ ، ٤٦٠ و ٢ / ٣٩ ، ٦٠).
__________________
٣٥٦ ـ عبد المنعم
بن إدريس أبو عبد الله اليماني المتوفّى (٢٢٨) : قصّاص كذّاب خبيث ، يضع الحديث . تاريخ بغداد (١١ / ١٣٣) ، مجمع الزوائد (٩ / ٣١) ، ميزان
الاعتدال (٢ / ١٥٥) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١١ ، ٣٠).
٣٥٧ ـ عبد المنعم
بن بشير أبو الخير الأنصاري : أخرج إلى ابن معين أحاديث لأبي مودود نحواً من مائتي حديث كذب ، فقال له : اتّق الله فإنّ هذه
كذب.
قال الحاكم : يروي
الموضوعات ، وقال الخليلي : وضّاع على الأئمّة ، وقال أحمد : كذّاب ، وقال أبو
نعيم : يروي المناكير . ميزان الاعتدال (٢ / ١٥٦) ، لسان الميزان (٤ / ٧٥).
٣٥٨ ـ عبدوس بن
خلاّد : كذّبه أبو زرعة الرازي. لسان الميزان (٤ / ٩٥).
٣٥٩ ـ عبد الوهّاب
الضحّاك العرضي : كذّاب كان يضع الحديث ، وروى أحاديث كثيرة موضوعة ، وكان ممّن
يسرق الحديث ، وكان معروفاً بالكذب في الرواية . تاريخ بغداد (٨ / ٢٦٨) ، تاريخ الشام (٥ / ١٤٨ ، ٧ / ٢٤١)
، تهذيب التهذيب (٦ / ٤٤٧) ، ميزان الاعتدال (٢ / ١٦٠) ، لسان الميزان (٦ / ٤١).
__________________
٣٦٠ ـ عبد الوهّاب
بن عطاء الخفّاف : متروك الحديث ، كان يكذب. ميزان الاعتدال (٢ / ١٦٢).
٣٦١ ـ عبيد بن
القاسم ـ نسيب سفيان الثوري ـ ، وفي شرح المواهب للزرقاني (٥ / ٤١) : هو ابن أُخت
الثوري : كذّاب خبيث ، كان يضع الحديث ، له نسخة موضوعة . تاريخ بغداد (١١ / ٩٥) ، ميزان الاعتدال (٢ / ١٧٢) ،
تهذيب التهذيب (٧ / ٧٣).
٣٦٢ ـ عبيد الله
بن تمام أبو عاصم : قال الساجي : كذّاب يحدِّث بمناكير ، وقال الدارقطني وابن أبي
هند : يروي أحاديث مقلوبة. لسان الميزان (٤ / ٩٨).
٣٦٣ ـ عبيد الله
بن سفيان الغدّاني أبو سفيان بن رواحة الأزدي الصوفي البصري : كان كذّاباً . تاريخ بغداد (١ / ٣٧ ، ١٠ / ٣١٣) ، ميزان الاعتدال (٢ /
١٦٧) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٤٧٣).
٣٦٤ ـ عتاب بن
إبراهيم : كذّاب وضع على رسول الله الحديث تقرّباً إلى الخليفة المهدي بن المنصور.
البداية والنهاية (١٠ / ١٥٤).
__________________
٣٦٥ ـ عثمان بن
خالد بن عمر حفيد عثمان بن عفان الأموي : حدّث بأحاديث موضوعة ، ويروي المقلوبات
عن الثقات. تهذيب التهذيب (٧ / ١١٤).
٣٦٦ ـ عثمان بن
عبد الرحمن أبو عمر الزهري حفيد سعد بن أبي وقّاص الأموي المتوفّى في خلافة هارون
: كان يكذب لا يُكتب حديثه ، ساقط تركوه. تاريخ بغداد (١١ / ٢٨٠) ، وقال الخطيب
أيضاً : كذّاب متروك ، يحدِّث بالبواطيل ، ويروي عن الثقات الموضوعات . تهذيب التهذيب (٧ / ١٣٣) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٥٤).
٣٦٧ ـ عثمان بن
عبد الله المغربي : كان يضع الحديث ، كذّاب. تذكرة الموضوعات (ص ٥٤ ، ٥٨).
٣٦٨ ـ عثمان بن عبد
الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان الأموي : كذّاب وضّاع يضع الحديث ، لا يحلُّ كتب
حديثه إلاّ على سبيل الاعتبار. وقال الدارقطني : يضع الأباطيل على الشيوخ الثقات . ميزان الاعتدال (٢ / ١٨٣) ، تذكرة الموضوعات (ص ٣٨) ،
لسان الميزان (٤ / ١٤٥) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٠ ، ٢٢ ، ٢ / ٤٧ ، ١٤٦ ، ١٧٥).
__________________
٣٦٩ ـ عثمان بن
عفّان السجستاني : قال ابن خزيمة : أشهد أنّه كان يضع الحديث على رسول الله ، وقال
الجوزقاني : كان يسرق الحديث . ميزان الاعتدال (٢ / ١٨٦) ، لسان الميزان (٤ / ٢٤٨).
٣٧٠ ـ عثمان بن
مطر الشيباني : كذّاب ، يروي الموضوعات عن الثقات . تذكرة الموضوعات (ص ٥٦ ، ١١٥) ، تهذيب التهذيب (٧ / ١٥٥).
٣٧١ ـ عثمان بن
معاوية : قال ابن حبّان : شيخ يروي الأشياء الموضوعة التي لم يحدِّث بها ثابت قطّ
، لا تحلُّ روايته إلاّ على سبيل القدح فيه. لسان الميزان (٤ / ١٥٣).
٣٧٢ ـ عثمان بن
مقسم البُرِّي أبو سلمة الكندي البصري أحد الأئمّة الأعلام : من المعروفين بالكذب
ووضع الحديث ، عامّة حديثه ممّا لا يُتابع عليه إسناداً ومتناً ، كان عند شيبان ،
عن عثمان خمسة وعشرون ألفاً لا تسمع منه ، قال الفلاّس : سمعت أبا داود يقول : في
صدري عشرة آلاف حديث ـ عن عثمان يعني ـ وما حدّثت بها. ميزان الاعتدال (٢ / ١٩١).
٣٧٣ ـ عذافر
البصري : ذكره السليماني فيمن يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٢ / ٩٣).
٣٧٤ ـ عصمة بن
محمد بن فضالة الأنصاري الخزرجي : كان كذّاباً يضع
__________________
الحديث ، وكان
شيخاً له هيبة ومنظر من أكذب الناس ، وكان إمام مسجد الأنصار الكبير ببغداد . تاريخ بغداد (١٢ / ٢٨٦) ، ميزان الاعتدال (٢ / ١٩٦) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٤١ ، ١٣١ ، ١٥٥).
٣٧٥ ـ عطاء بن
عجلان الحنفي البصري العطّار : كذّاب ، يضع الحديث ، ويوضع له الحديث فيحدِّث به . ميزان الاعتدال (٢ / ٢٠٠) ، مجمع الزوائد (٢ / ١٧٢) ،
تهذيب التهذيب (٧ / ٢٠٨).
٣٧٦ ـ عطيّة بن
سفيان : كذّاب. ميزان الاعتدال (٢ / ٢٠١).
٣٧٧ ـ العلاء بن
زيد الثقفي البصري : كذّاب ، كان يضع الحديث ، له نسخة موضوعة . ميزان الاعتدال (٢ / ٢١١) ، تذكرة الموضوعات (ص ١١٤) ،
تهذيب التهذيب (٨ / ١٨٣).
٣٧٨ ـ العلاء بن
عمر ـ عمرو ـ الحنفي الكوفي : كذّاب ، متروك لا يجوز الاحتجاج به بحال . ميزان الاعتدال (٢ / ٢١٣) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٥٠).
٣٧٩ ـ العلاء بن
مسلمة الروّاس : كان يضع الحديث ، لا تحلُّ الرواية عنه ، يروي
__________________
الموضوعات عن
الثقات ، لا يبالي ما روى . ميزان الاعتدال (٢ / ٢١٤) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٢٠ ،
١٧٢).
٣٨٠ ـ عليّ بن أحمد
بن عليّ الواعظ الشرواني مؤلّف أخبار الحلاّج : كذّاب أشر. لسان الميزان (٤ / ٢٠٥).
٣٨١ ـ عليّ بن
أميرك الخرافي المروزي : محدّث كذّاب ، زوّر سماعات لزينب الشعريّة ، فافتضح وما
تمَّ له ذلك. لسان الميزان (٤ / ٢٠٧).
٣٨٢ ـ عليّ بن
جميل الرقّي الوضاح : كان يضع الحديث على الثقات ، حدّث بالبواطيل عن ثقات
الناس ، ويسرق الحديث . تذكرة الموضوعات (ص ٧٤ ، ١٠٩) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٢٢٠)
، لسان الميزان (٤ / ٢٠٩) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٦٥ ، ٢ / ٧) ، وتابع الرقّي في
ذلك وسرقه منه شيخ مجهول يقال له : معروف البلخي ، وعبد العزيز الخراساني رجل
مجهول .
٣٨٣ ـ عليّ بن
الجهم بن بدر السامي الخراساني ثمّ البغدادي المقتول سنة (٢٤٩) : كان أكذب خلق
الله ، مشهوراً بالنصب ، كثير الحطِّ على عليّ وأهل البيت ، وقيل : إنّه كان يلعن
أباه لِمَ سمّاه عليّا ، وهجاه البحتري ، وكان ينسب في بني سامة بن لؤيّ ، وفي
__________________
نسبهم إلى قريش
تردّد ، بقوله :
إذا ما حصّلت
عليا قريشٍ
|
|
فلا في العير أنت
ولا النفيرِ
|
على مَ هجوت
مجتهداً عليّا
|
|
بما لفّقت من
كذب وزورِ
|
لسان الميزان (٤ / ٢١٠).
قال
الأميني : هذا ملخّص القول
في ترجمة الرجل ، فانظر عندئذٍ إلى قول ابن كثير في تاريخه (١١ / ٤) عند ذكره
، قال : أحد الشعراء المشهورين ، وأهل الديانة المعتبرين ، وكان فيه تحامل على
عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه. فكأنَّ تحامله على عليّ عليهالسلام جعله من أهل الديانة المعتبرين عند ابن كثير! هكذا فليكن ابن كثير ، وإلى
الله المنتهى.
٣٨٤ ـ عليّ بن
الحسن بن جعفر أبو الحسين الشهير بابن كرينب المحزمي المتوفّى (٣٧٦) : كان من أحفظ الناس للمتون إلاّ أنّه كان
كذّاباً يدّعي ما لم يسمع ، ويضع الحديث. تاريخ بغداد (١١ / ٣٨٦) ، لسان الميزان (٤ / ٢١٥).
٣٨٥ ـ عليّ بن
الحسن بن الصقر الصائغ البغدادي : كذّاب ، يضع الحديث على الشيوخ ، ويسرق. ميزان
الاعتدال (٢ / ٢٢٢).
٣٨٦ ـ عليّ بن
الحسن بن يعمر الشاميّ مصريّ : يكذب ، يروي عن الثقات
__________________
بواطيل ، مالك
والثوري وابن أبي ذئب وغيرهم. لسان الميزان (٤ / ٢١٣).
٣٨٧ ـ عليّ بن
الحسن الرصافي : كان يضع الحديث ويفتري على الله. ميزان الاعتدال (٢ / ٢٢٣).
٣٨٨ ـ عليّ بن
ظبيان العبسي قاضي بغداد المتوفّى (١٩٢) : متروك الحديث ، كذّاب خبيث ، ليس بثقة . تاريخ بغداد (١١ / ٤٤٤) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٢٢٨) ،
تهذيب التهذيب (٧ / ٣٤٢).
٣٨٩ ـ عليّ بن
عبدة المكتب المتوفّى (٢٥٧) : كذّاب ، يضع الحديث . تاريخ بغداد (١٢ / ١٩).
٣٩٠ ـ عليّ بن عبد
الله البرداني : ليس بشيء ، اتّهم بالوضع. ميزان الاعتدال (٢ / ٢٢١).
٣٩١ ـ عليّ بن عبد
الله بن الحسن بن جهضم أبو الحسن الهمذاني مؤلّف كتاب بهجة الأسرار المتوفّى سنة
(٤١٤) : قال ابن خيرون : قيل إنّه يكذب ، وقال غيره : اتّهموه بوضع الحديث ، وقال
ابن الجوزي : قد ذكروا أنّه كان كذّاباً ، ويقال : إنّه وضع
__________________
صلاة الرغائب . المنتظم (٨ / ١٤) ، البداية والنهاية (١٢ / ١٦) ، شذرات
الذهب (٣ / ٢٠١).
٣٩٢ ـ عليّ بن
عروة الدمشقي : كذّاب ، يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٢ / ٢٣٣) ، تهذيب التهذيب (٧ / ٣٦٥) ،
أسنى المطالب (ص ٤٩) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٤٧ ، ٩٣).
٣٩٣ ـ عليّ بن فرس
: قال ابن حجر : نسبوه لوضع الحديث. الإصابة (٣ / ٥٩٨).
٣٩٤ ـ عليّ بن
قرين أبو الحسن البصري نزيل بغداد المتوفّى (٢٣٣) : كذّاب خبيث ، كان يضع الحديث . تاريخ بغداد (١٢ / ٥١) ، أسنى المطالب (ص ١١٠) ، ميزان
الاعتدال (٢ / ٢٣٦) ، لسان الميزان (٤ / ٢٥١).
٣٩٥ ـ عليّ بن
مجاهد بن مسلم الكابلي القاضي الرازي ، كان حيّا سنة (١٨٢) : كذّاب ، يضع الحديث ،
ويضع لكلامه إسناداً . تاريخ بغداد (١٢ / ١٠٧) ، خلاصة التهذيب (ص ٢٣٥) ، تهذيب
التهذيب (٧ / ٣٧٨) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٣٥٩)
٣٩٦ ـ عليّ بن
محمد المروزي أبو أحمد الحبّيني المتوفّى (٣٥١) : قال الحاكم :
__________________
كان يكذب ، وكان
صاحب حديث. شذرات الذهب (٣ / ٨).
٣٩٧ ـ عليّ بن
محمد الزهري أبو الحسن الضرير ، كان حيّا سنة (٣٨١) : كان كذّاباً يضع. تاريخ
بغداد (١٢ / ٩٢) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٣ ، ٨٠).
٣٩٨ ـ عليّ بن
محمد بن السريّ أبو الحسن الهمداني الورّاق المتوفّى (٣٧٩) : كان كذّاباً يروي عن
متقدّمي الشيوخ الذين لم يدركهم . تاريخ بغداد (١٢ / ٩١).
٣٩٩ ـ عليّ بن
محمد بن سعيد أبو الحسن الموصلي المتوفّى (٣٥٩) ، سكن بغداد ، كذّاب ، كان مخلّطاً
غير محمود. تاريخ بغداد (١٢ / ٨٣) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٢٣٧).
٤٠٠ ـ عليّ بن
معاذ أبو الحسن الرعيسي : المتوفّى (٣٨٩) ، كذّاب. لسان الميزان (٤ / ٢٦٣).
٤٠١ ـ عليّ بن
يعقوب بن سويد الورّاق المصري المتوفّى (٣١٨) : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٢ / ٢٤١) ، لسان الميزان (٤ / ٢٦٧).
٤٠٢ ـ عمّار بن
زربي أبو المعتمر البصري : قال ابن عديّ : يكذب ، سمع منه عبدان الأهوازي ، وتركه ورماه بالكذب ،
وقال النباتي : كذّاب متروك الحديث .
__________________
لسان الميزان (٤ /
٢٧١) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٤٣).
٤٠٣ ـ عمار بن
عطيّة الكوفي الورّاق : كان كذّاباً. تاريخ بغداد (١٢ / ٢٥٤)
٤٠٤ ـ عمار بن مطر
أبو عثمان الرهاوي : قال ابن عديّ : أحاديثه بواطيل ، وقال أبو حاتم : كان يكذب ، وقال العقيلي : يحدّث عن الثقات بمناكير ، وقال البيهقي : كان يقلّب
الأسانيد ، ويسرق الأحاديث. السنن الكبرى (٨ / ٣٠) ، لسان الميزان (٤ / ٢٧٥).
٤٠٥ ـ عمارة بن
زيد : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٢ / ٢٤٨) ، الاستيعاب (١ / ٢٣١) في ترجمة
لهيب بن مالك ، والإصابة (٣ / ٣٣٢).
٤٠٦ ـ عمر بن
إبراهيم بن خالد الكردي الهاشمي : كذّاب ، غير ثقة ، يروي المناكير عن الثقات ،
مذكور بالوضع ، بقي إلى بعد العشرين ومائتين . تاريخ بغداد (١١ / ٢٠٢) ، مجمع الزوائد (٩ / ٤٨) ، ميزان
الاعتدال (٢ / ٢٤٩) ، لسان الميزان (٤ / ٢٨٠) ، أسنى المطالب (ص ٢٠٥) ، اللآلئ المصنوعة
(١ / ١٥٢ ، ٢ / ١١٨)
٤٠٧ ـ عمر بن
إسماعيل بن مجالد الهمداني : كذّاب خبيث ، رجل سوء ، متروك ، يسرق الحديث . تاريخ بغداد (١١ / ٢٠٤) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٢٥٠) ،
تهذيب التهذيب (٧ / ٤٢٨) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٢٢٨) ، خلاصة التهذيب (ص ٢٣٨)
__________________
٤٠٨ ـ عمر بن جعفر
أبو حفص الورّاق البصري المتوفّى (٣٥٧) ، أحد الحفّاظ : قال السبيعي : كذّاب كذّاب
، وكانت كتبه رديئة. تاريخ بغداد (١١ / ٢٤٧) ، طبقات الحفّاظ (٣ / ١٣٨).
٤٠٩ ـ عمر بن حبيب
العدوي البصري المتوفّى (٢٠٩) : كذّبه ابن معين ، خلاصة التهذيب (ص ٢٣٨) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٢٥١) .
٤١٠ ـ عمر بن
الحسن ـ الشهير بابن دحية ـ أبو الخطّاب الحافظ ، شيخ الديار المصريّة في الحديث
المتوفّى (٦٣٣) : ترك الناس الرواية عنه وكذّبوه ، ونسبه بعضهم إلى وضع حديث في
قصر صلاة المغرب. البداية والنهاية (١٣ / ١٤٤).
٤١١ ـ عمر بن حفص
الدمشقي الخيّاط : قال الدارقطني : أعتقد أنّه وضع على معروف الخيّاط أحاديث ،
وحدّث بعد الخمسين ومائتين . ميزان الاعتدال (٢ / ٢٥٤) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٣٧).
٤١٢ ـ عمر بن راشد
أبو حفص الجاري : حديثه كذب وزور ، كان يضع الحديث ، كلُّ أحاديثه ممّا لا يتابعه
عليه الثقات . ميزان الاعتدال (٢ / ٢٥٧) ، تذكرة
__________________
الموضوعات (ص ٤٢)
، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٢١ ، ٢ / ١٦٨).
٤١٣ ـ عمر بن رياح
البصري : دجّال ، متروك الحديث ، يروي الموضوعات عن الثقات . تهذيب التهذيب (٧ / ٤٤٨) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٢٥٧).
٤١٤ ـ عمر بن سعد
الخولاني : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٢ / ٢٥٨) ، تذكرة الموضوعات (ص ٢٩).
٤١٥ ـ عمر بن سعيد
الدمشقي أبو حفص المتوفّى (٢٢٥) : قال الساجي : كذّاب ، وقال ابن عدي : روى عن سعيد أحاديث غير محفوظة. لسان الميزان (٤ / ٣٠٨)
٤١٦ ـ عمر بن شاكر
البصري : له نسخة نحو من عشرين حديثاً غير محفوظة. ميزان الاعتدال (٢ / ٢٦٠).
٤١٧ ـ عمر بن
صُبيح الخراساني : كذّاب ، كان يضع الحديث ، لم يكن له في الدنيا نظير في البدعة
والكذب . ميزان الاعتدال (٢ / ٢٦٢) ، تذكرة الموضوعات
__________________
(ص ٧٧) ، تهذيب
التهذيب (٧ / ٤٦٣) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٩ ، ١٠٨ ، ٢٤١ ، ٢ / ١٥٣ ، ١٨٤) ، كشف
الخفاء (١ / ٢١٥).
٤١٨ ـ عمر بن عمرو
العسقلاني أبو حفص الطحّان : قال ابن عديّ : حدّث بالبواطيل عن الثقات ، وقال أيضاً : عامّة ما يرويه
موضوع ، وهو في عداد من يضع الحديث. لسان الميزان (٤ / ٣٢٠).
٤١٩ ـ عمر بن عيسى
الأسلمي : قال ابن حبّان : يروي الموضوعات عن الأثبات. لسان الميزان (٤ / ٣٢١).
٤٢٠ ـ عمر بن محمد
بن السري الورّاق أبو بكر بن أبي طاهر المتوفّى (٣٧٨) : قال الحاكم : أعرف الناس
بسرقة الحديث والمقلوبات ، كذّاب ، رأيتهم أجمعوا على ترك حديثه ، وكتبوا على ما
كتبوا عنه : كذّاب ؛ فلم ألقه ولم اشتغل به. لسان الميزان (٤ / ٣٢٥).
٤٢١ ـ عمر بن محمد
أبو حفص التلعكبري الخطيب البغدادي : غير ثقة ،
__________________
مشهور بوضع
الحديث. تاريخ بغداد (١١ / ٢٤٢).
٤٢٢ ـ عمر بن مدرك
القاص البلخي المتوفّى (٢٧٠) : كذّاب. تاريخ بغداد (١١ / ٢١٢) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٢٧٠).
٤٢٣ ـ عمر بن موسى
الميثمي بن وجيه الوجيهي : كذّاب ، وضّاع ، كان يضع الحديث متناً وإسناداً . ميزان الاعتدال (٢ / ٢٧١) ، نصب الراية (١ / ١٨٧) ،
مستدرك الحاكم (٣ / ١٢٤) في تلخيصه ، أسنى المطالب (ص ٤٤) ، اللآلئ المصنوعة (٢ /
٨٤ ، ١٣٨ ، ٢٢٠).
٤٢٤ ـ عمر بن
هارون البلخي أبو حفص المتوفّى (١٩٤) : كذّاب خبيث ، متروك الحديث ، قال أبو غسان
: قال عمر بن هارون : رميت من حديثي سبعين ألف حديث ، وقال أبو زكريّا : قد كتبت
عنه ثمّ تبيّن لنا أمره بعد ذلك فخرقت حديثه كلّه ، ما عندي عنه كلمة إلاّ أحاديث
على ظهر دفتر خرقتها كلّها . تاريخ بغداد
__________________
(١١ / ١٨٩) ،
ميزان الاعتدال (٢ / ٢٧٣) ، أسنى المطالب (ص ١٦١) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٣٦).
٤٢٥ ـ عمر بن يزيد
الرفّاء أبو حفص البصري : قال أبو حاتم : يكذب ، وقال ابن عديّ : أحاديثه تشبه الموضوع. لسان الميزان (٤ / ٣٣٩).
٤٢٦ ـ عمرو بن
الأزهر العتكي البصري قاضي جرجان : كذّاب ، يضع الحديث ، متروك . تاريخ بغداد (١٢ / ١٩٤) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٢٨١) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ١٦٥ ، ٢ / ٦٥).
٤٢٧ ـ عمرو بن بحر
أبو عثمان الجاحظ المتوفّى (٢٥٥ ، ٢٥٦) : صاحب التصانيف الكثيرة ، أكذب الأمّة
وأوضعهم لحديث ، وأنصرهم للباطل ، وقال ثعلب : كان كذّاباً على الله وعلى رسوله
وعلى الناس. لسان الميزان (٤ / ٣٥٦).
٤٢٨ ـ عمرو بن بكر
السكسكي : قال ابن حبّان : يكذب. لسان الميزان (٥ / ٢٧٠).
__________________
٤٢٩ ـ عمرو بن
جرير أبو سعيد البجلي : كذّبه أبو حاتم . لسان الميزان (٤ / ٣٥٨).
٤٣٠ ـ عمرو بن
جميع أبو عثمان قاضي حلوان : كذّاب خبيث ، ليس بثقة ولا مأمون. تاريخ بغداد (١٢ /
١٩١) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٨ ، ٩٨ ، ١٠٣).
٤٣١ ـ عمرو بن
الحصين : كان كذّاباً. تاريخ بغداد (٥ / ٣٩٠) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٠٣).
٤٣٢ ـ عمرو بن
حميد قاضي الدينور : ذكره السليماني في عداد من يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٢ / ٢٨٦).
٤٣٣ ـ عمرو بن
خالد القرشي الكوفي أبو خالد : كذّاب غير ثقة ، كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٢ / ٢٨٦) ، نصب الراية (١ / ٤١ ، ١٨٧) ،
مجمع الزوائد (١ / ٢٤٦) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٦٠).
٤٣٤ ـ عمرو بن
خليف أبو صالح الخناوي : قال ابن حبان : كان يضع الحديث ، ومن خزاياته الموضوعة على ابن عبّاس
قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : أُدخلت الجنّة فرأيت فيها ذئباً ، فقلت : أذئب في الجنّة؟
قال : إنّي أكلت ابن شرطيّ. قال
__________________
ابن عبّاس : وهذا
إنّما أكل ابنه ، فلو أكله رُفع في عليّين.
قال الأميني : ليت
ابن عبّاس يُفصح عن أنّه لو كان أكل مدير الشرطة أين كان يُرفع؟! تذكرة الموضوعات (ص
٤٦) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٢٨٧) ، لسان الميزان (٤ / ٣٦٣) .
٤٣٥ ـ عمرو بن
زياد بن ثوبان الباهلي : حدّث سنة (٢٣٤) ، كان كذّاباً أفّاكاً يضع الحديث ، قال
ابن عديّ : يسرق الحديث ويحدّث بالبواطيل. تاريخ بغداد (١٢ / ٢٠٥) ،
ميزان الاعتدال (٢ / ٢٨٨) ، مستدرك الصحيحين (٣ / ٦٤) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٣٩٢)
.
٤٣٦ ـ عمرو بن
عبيد أبو عثمان المعتزلي البصري المتوفّى (١٤٤) : كان من الكذّابين الآثمين ،
مبتدعاً ولا كرامة له . تاريخ بغداد (١٢ / ١٨٢) ، نصب الراية (١ / ٤٩).
٤٣٧ ـ عمرو بن
مالك الفقيمي : كذّاب ممّن يسرق الحديث. لسان الميزان (٤ / ٣٧٤).
__________________
٤٣٨ ـ عمرو بن
محمد بن الأعشم : كذّاب كان يضع الحديث ، يروي عن الثقات المناكير ، ويضع أسماء
المحدِّثين ، روى عنه أحمد بن الحسين بن عبّاد البغدادي أحاديث كلّها موضوعة . ميزان الاعتدال (٢ / ٣٠٠) ، تذكرة الموضوعات (ص ٧٤ ، ٧٩ ،
٨١ ، ١٠٠) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٠٢).
٤٣٩ ـ عمرو بن
واقد الدمشقي : عن دحيم قال : لم يكن شيوخنا يحدّثون عنه ، وكان لم يشكّ أنّه كان
يكذب. ميزان الاعتدال (٢ / ٣٠٢).
٤٤٠ ـ عنبسة بن
عبد الرحمن الأموي حفيد العاص بن أُميّة : كذّاب ، كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٢ / ٣٠٧) ، تهذيب التهذيب (٨ / ١٦١).
٤٤١ ـ عوانة بن
الحكم الكوفي المتوفّى (١٥٨) : كان عثمانيّا يضع الأخبار لبني أُميّة. لسان
الميزان (٤ / ٣٨٦).
٤٤٢ ـ عيسى بن زيد
الهاشمي العقيلي : كان شافعيّ المذهب لحقه الحاكم ، كذّاب. لسان الميزان (٤ / ٣٩٥).
٤٤٣ ـ عيسى بن عبد
العزيز اللخمي الإسكندراني المقري المتوفّى (٦٢٩) : سماعاته للحديث من السلفي
وغيره صحيحة ، فأمّا في القراءات فليس بثقة ولا مأمون ، وضع أسانيد وادّعى أشياء
لا وجود لها ، وهّاه غير واحد وقد حدّثونا عنه ، له كتاب الجامع الأكبر في اختلاف
القرّاء يحتوي على سبعة آلاف رواية وطريق ، ومن
__________________
هذا الكتاب وقع
الناس فيه. لسان الميزان (٤ / ٤٠٢).
٤٤٤ ـ عيسى بن
يزيد بن داب الليثي المديني : كذّاب ، كان يضع الحديث بالمدينة ، وفيه قال ابن
مناذر :
ومن تبع الوصاةَ
فإنَّ عندي
|
|
وصاةً للكهول
وللشبابِ
|
خذوا عن مالكٍ
وعن ابن عوفٍ
|
|
ولا ترووا
أحاديثَ ابنِ دابِ
|
ترى الهلاّكَ
ينتجعون منها
|
|
ملاهيَ من
أحاديثٍ كذابِ
|
إذا طُلِبتْ
منافعُها اضمحلّت
|
|
كما يرفضُّ
رقراقُ السرابِ
|
تاريخ بغداد (١١ /
١٥٢) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٣١٩).
حرف الغين المعجمة
٤٤٥ ـ غُنيم ـ غنم
ـ بن سالم : أحد المشهورين بالكذب ، غير ثقة ولا مأمون ، قال ابن
حبّان : روى العجائب والموضوعات ، لا تعجبني الرواية عنه ، فكيف
__________________
الاحتجاج به؟!
وقال ابن حجر : له عن أنس نسخة موضوعة . ميزان الاعتدال (٢ / ٣٢٣) ، لسان الميزان (٤ / ٤٢١) ،
تذكرة الموضوعات (ص ٨٨ ، ٩٤).
٤٤٦ ـ غياث بن
إبراهيم النخعي الكوفي : كذّاب خبيث ، كان يضع الحديث . تاريخ بغداد (١٢ / ٣٢٦) ، نصب الراية (٤ / ٢٣٩) ، ميزان
الاعتدال (٢ / ٣٢٣) ، أسنى المطالب (ص ٥٠) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١١٦ ، ١٢٣).
حرف الفاء
٤٤٧ ـ الفضل بن
أحمد اللؤلؤي : قال أبو الشيخ : حدّث عن إسماعيل بن عمرو بأحاديث كثيرة كان
يشتريها ويضعها على إسماعيل ، فاتّفق أبو إسحاق وأبو أحمد ومشايخنا على ترك حديثه
وأنّه كذّاب. لسان الميزان (٤ / ٤٣٧).
٤٤٨ ـ الفضل بن
الجبّار : كذّاب. مجمع الزوائد (٢ / ١١٢).
٤٤٩ ـ الفضل بن
السُّكين أبو العبّاس القطيعي السندي : قال ابن معين : كذّاب لعن الله من يكتب عنه
من صغير أو كبير إلاّ أن يكون لا يعرفه. تاريخ بغداد (١٢ / ٣٦٢) ، لسان الميزان (٤ / ٤٤١).
٤٥٠ ـ الفضل بن
سهل الإسفرايني ثمّ الدمشقي الحلبي الأثير المتوفّى (٥٤٨) : كانوا يتّهمونه بالكذب
، حكى شيخ الشيوخ إسماعيل بن أبي سعد قال : كان عندي
__________________
أبو محمد المقرئ ،
فدخل الأثير الحلبي فجعل يثني على أبي محمد ، وقال : من فضائله أنّ رجلاً أعطاني
مالاً فجئت به إليه فلم يقبله ، فلمّا قام قال أبو محمد : والله ما جاءني بشيء ولا
أدري ما يقول ، والحمد لله الذي لم يقل عنده وديعة لأحد . المنتظم (١٠ / ١٥٥) ، لسان الميزان (٤ / ٤٤٢).
٤٥١ ـ الفضل بن
شهاب : قال يحيى : كذّاب. لسان الميزان (٤ / ٤٤٢).
٤٥٢ ـ الفضل بن
عيسى : كذّاب. اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٦٧).
٤٥٣ ـ الفضل بن
محمد العطّار الباهلي : كذّاب ، كان يضع الحديث ، وصل أحاديث وزاد في المتون . ميزان الاعتدال (٢ / ٣٣٣) ، لسان الميزان (٤ / ٤٤٨).
٤٥٤ ـ فهد بن عوف
أبو ربيعة ، قيل توفّي (٢١٩) : قال ابن المديني : كذّاب. لسان الميزان (٤ / ٤٥٥).
٤٥٥ ـ الفيض بن
وثيق : قدم بغداد سنة (٢٢٤) ، كذّاب خبيث . تاريخ بغداد
__________________
(١٢ / ٣٩٨) ،
ميزان الاعتدال (٢ / ٣٣٧) ، كنز العمّال (٦ / ١٣٤).
حرف القاف
٤٥٦ ـ القاسم بن
إبراهيم الملطي : قدم الموصل سنة (٣٢٣) ، كان كذّاباً أفّاكاً ، يضع الحديث ، أتى
بطامّة لا تُطاق . تاريخ بغداد (٨ / ٧٧ ، ١٢ / ٤٤٦) ، ميزان الاعتدال (٢ /
٣٣٧) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٨).
٤٥٧ ـ القاسم بن
أبي سفيان محمد ، أبو القاسم المعمري المتوفّى (٢٢٨) : خبيث كذّاب . تاريخ بغداد (١٢ / ٤٢٥).
٤٥٨ ـ القاسم بن
عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب المدني : كذّاب ، يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٢ / ٣٣٩) ، تهذيب التهذيب (٨ / ٣٢٠) ،
أسنى المطالب (ص ٨٠ ، ٢٣٣) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٩٢).
٤٥٩ ـ القاسم بن
محمد بن عبد الله الفرغاني : كان يضع الحديث وضعاً فاحشاً . ميزان الاعتدال (٢ / ٣٤٢) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٨).
٤٦٠ ـ قطن بن صالح
الدمشقي : كذّاب. ميزان الاعتدال (٢ / ٣٤٨).
__________________
حرف الكاف
٤٦١ ـ كادح بن
رحمة : كذّاب . ميزان الاعتدال (٢ / ٣٥١) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٠٦ ، ٢
/ ١١٤).
٤٦٢ ـ كثير بن زيد
الأسلمي : قال الشافعي : ركن في الكذب ، وقال ابن حبّان : له عن أبيه ، عن جدّه
نسخة موضوعة . أسنى المطالب (ص ٢٣٨).
٤٦٣ ـ كثير بن
سليم بن هاشم الأيلي : كان يضع الحديث . تذكرة الموضوعات (ص ٢٨) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٢٠٢).
٤٦٤ ـ كثير بن عبد
الله بن عمرو المزني المدني : ركن من أركان الكذب ، ضرب
__________________
أحمد على حديثه ،
قال ابن عدي : عامّة ما يرويه لا يُتابع عليه. ميزان الاعتدال (٢ / ٣٥٤)
، أسنى المطالب (ص ١٧) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٤٩) .
٤٦٥ ـ كثير بن
مروان أبو محمد الشامي : كان كذّاباً ليس بشيء ، يكذب في حديثه ، لا يحتجُّ به . تاريخ بغداد (١٢ / ٤٨٢) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٣٥٦) ،
لسان الميزان (٤ / ٤٨٤ و ٦ / ٤٣٣) ، أسنى المطالب (ص ١٥٦).
٤٦٦ ـ كلثوم بن
جوشن القشيري : يروي الملزوقات عن الثقات ، والموضوعات عن الأثبات ، لا يحلّ
الاحتجاج به . تهذيب التهذيب (٨ / ٤٤٣) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٣٥٧).
حرف اللام
٤٦٧ ـ لاحق بن الحسين
أبو عمرو بن عمر المقدسي المتوفّى (٣٨٤) : قال الإدريسي : كان كذّاباً أفّاكاً يضع
الحديث عن الثقات ، ويُسند المراسيل ، ويحدّث عمّن
__________________
لم يسمع منهم ،
ووضع نسخاً لأُناس لا تعرف أساميهم في جملة رواة الحديث ، مثل : طرغال ، وطربال ،
وكركدن ، وشعبوب. ومثل هذا شيء غير قليل ، ولا نعلم وما رأينا في عصرنا مثله في
الكذب والوقاحة مع قلّة الدراية ، وكتب لي بخطّه زيادة على خمسين جزءاً من حديثه ،
وكانت كتابتي عنه لأعلم ما وضعه وما يسند من المراسيل والمقطوعات ، ومع ذلك فقد
رأيناه حدّث بعد أن فارقناه بأحاديث أنشأها بعد أن خرج من سمرقند. تاريخ بغداد (٢
/ ٢٤٤ ، ١٤ / ١٠٠) ، كشف الخفاء (١ / ٢٣٥) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٥٩ ، ٢ / ١٦٠).
حرف الميم
٤٦٨ ـ مأمون بن
أحمد السلمي الهروي : دجّال ، يضع الحديث ، أتى بطامّات وفضائح . ميزان الاعتدال (٣ / ٤) ، تذكرة الموضوعات (ص ٨٧ ، ١١١) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٨٠).
٤٦٩ ـ مبارك بن
فاخر أبو الكرم الدبّاس : من كبار أئمّة اللغة والأدب توفّي (٥٠٠) له مصنفات ،
رماه ابن ناصر بالكذب والتزوير في الرواية ، وكان يدّعي سماع ما لم يسمعه . المنتظم (٩ / ١٥٤) ، شذرات الذهب (٣ / ٤١٢).
٤٧٠ ـ مبشّر بن
عبيد الحمصي : كذّاب ، كان يضع الحديث . سنن البيهقي (٧ / ٢٤٠) ،
__________________
زاد المعاد (١ /
١٢٣) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٦) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٨٣ ، ٢ / ٧٤ ، ٩١).
٤٧١ ـ مجاشع بن
عمرو : كان يكذب ؛ قال ابن معين : رأيته أحد الكذّابين . تاريخ بغداد (١٢ / ٥٠) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٧) ، أسنى
المطالب (ص ٣٦ ، ٥٨) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٢٧ ، ٢ / ٢٢٧).
٤٧٢ ـ مجاعة بن
ثابت الخراساني ـ نزيل بغداد ـ : كذّاب ، ليس بشيء. تاريخ بغداد (١٣ / ٢٦٢).
٤٧٣ ـ محمد بن
أبان الرازي : دجّال ، كذّاب ، كان يفتعل الحديث ، وكان لا يحسن أن يفتعل. لسان
الميزان (٥ / ٣٣).
٤٧٤ ـ محمد بن
إبراهيم السعدي الفرياني : كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ١٣).
٤٧٥ ـ محمد بن
إبراهيم الشامي أبو عبد الله الزاهد : كذّاب ، وضّاع ، يعتاد أن يضع الحديث ،
عامّة أحاديثه غير محفوظة ، لا تحلُّ الرواية عنه إلاّ عند الاعتبار ، وكان من
الزهّاد . ميزان الاعتدال (٣ / ١١) ، تذكرة الموضوعات (ص ٣٦ ، ٧١ ،
١٠٤ ، ١٠٥) ، تهذيب التهذيب (٩ / ١٤) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٩٢ ، ١٠٠).
__________________
٤٧٦ ـ محمد بن
إبراهيم الطيالسي : عمّر إلى سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة ، بئس الرجل ، دجّال يضع
الحديث ، لا يشكّ أنّه يسرق الحديث. لسان الميزان (٤ / ٢٢).
٤٧٧ ـ محمد بن أبي
نوح أبو عبد الله مولى خزاعة : كذّاب ، متروك ، يروي أحاديث منكرة . تاريخ بغداد (٢ / ٣١١).
٤٧٨ ـ محمد بن
أحمد بن إبراهيم بن المحبّر الكتبي المتوفّى (٧٧٨) : كان مزوّراً كذّاباً. لسان
الميزان (٥ / ٣٩).
٤٧٩ ـ محمد بن
أحمد أبو الطيّب الرسعني : كذّاب ، يضع الحديث ، قال أبو عروبة : لم أرَ في
الكذّابين أصفق وجهاً منه . ميزان الاعتدال (٣ / ١٦) ، لسان الميزان (٥ / ٤٠).
٤٨٠ ـ محمد بن
أحمد بن إسماعيل أبو بكر القزويني : قال ابن النجّار : رأيتُ جماعة يرمونه بالكذب
ويذمّونه ، بلغنا أنّه توفّي سنة (٦١٤). لسان الميزان (٥ / ٥٩).
٤٨١ ـ محمد بن
أحمد بن حامد قاضي حلب المتوفّى (٤٨٢) : كذّبه عبد الوهّاب الأنماطي . المنتظم (٩ / ٥٢) ، لسان الميزان (٥ / ٦١).
٤٨٢ ـ محمد بن
أحمد بن حسين الأهوازي : كذّاب. ميزان الاعتدال (٣ / ١٥).
__________________
٤٨٣ ـ محمد بن
أحمد بن حمدان العنبري أبو حزام : كان يضع الحديث. لسان الميزان (٥ / ٥٤).
٤٨٤ ـ محمد بن
أحمد بن سهيل ـ سهل ـ أبو الحسن الباهلي : كان ممّن يضع الحديث إسناداً ومتناً ،
ويسرق من حديث الضعاف ويلزقها على قوم ثقات . ميزان الاعتدال (٣ / ١٥) ، لسان الميزان (٥ / ٣٤) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٤٠).
٤٨٥ ـ محمد بن
أحمد بن عبد الله العامري المصري المتوفّى (٣٤٣) : كان يكذب ، له نسخة موضوعة.
ميزان الاعتدال (٣ / ١٧ ، ١٩) .
٤٨٦ ـ محمد بن
أحمد بن محروم أبو الحسين المصري المتوفّى (٣٣٠) : كان يكذب. لسان الميزان (٥ / ٥٥).
٤٨٧ ـ محمد بن
أحمد النحّاس العطّار : شيخ متأخّر ، كذّاب. ميزان الاعتدال (٣ / ١٩).
٤٨٨ ـ محمد بن
أحمد بن هارون أبو بكر الزيوندي الشافعي المتوفّى (٣٥٥) : شيخ لأبي عبد الله الحاكم ،
متّهم بالوضع ، قال الحاكم : عرض عليّ من حديثه المناكير
__________________
الكثيرة ، وروايته
عن قوم لا يُعرفون ، مثل : أبي الملوك ، والحجازي : وأحمد بن عمر الزنجاني ، فدخلت يوماً على أبي
محمد عبد الله بن أحمد الثقفي المزكي فعرض عليّ حديثاً بإسناد مظلم عن الحجّاج بن
يوسف ، قال : سمعت ابن جندب رفعه : من أراد الله به خيراً يفقّهه في الدين. فقلتُ
: هذا باطل ، وإنّما تقرّب به إليك أبو بكر الشافعي لأنّك من ولد الحجّاج ؛ قال :
ثمّ اجتمع بي فقال : جئت لأعرض عليك حديثي. فقلت : دع أوّلاً أبا الملوك ، وأحمد
بن عمر ، فعندي أنّ الله لم يخلقهما بعد. فقال : الله الله فيَّ فإنّهما رأس
المال. فقلتُ : أخرج إليّ أصلك ، ففارقني على هذا ، فكأنّي قلتُ له : زد فيما
ابتدأت به فإنّه زاد عليه. لسان الميزان (٥ / ٤٣).
٤٨٩ ـ محمد بن
إسحاق أبو بكر المديني المتوفّى (١٥٠) صاحب السيرة الشهيرة : قال هشام بن عروة :
كذب الخبيث ، عدوّ الله الكذّاب ، وقال مالك إمام المالكيّة : كذّاب دجّال من
الدجاجلة. تاريخ بغداد (١ / ٢٢٢ ، ٢٢٣).
٤٩٠ ـ محمد بن
إسحاق البلخي المتوفّى (٢٤٤) : كان أحد الحفّاظ ، كذّاب ، يروي أحاديث من ذات نفسه
مناكير ، وكان يضع للكلام إسناداً . تاريخ بغداد (١٠ / ٩٠) ، المنتظم (٥ / ١٤٨) ، ميزان
الاعتدال (٣ / ٢٤).
٤٩١ ـ محمد بن
إسحاق العكاشي : كذّاب ، يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٣ / ٢٥) ،
__________________
تذكرة الموضوعات (ص
١٣ ، ٢٧ ، ٨٠) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٩٠).
٤٩٢ ـ محمد بن
إسحاق أبو عبد الله الضبّي ـ الصيني ـ المتوفّى (٢٣٦) : كذّاب ، متروك . تاريخ بغداد (١ / ٢٣٩) ، المنتظم (٥ / ١٤٨) ، ميزان
الاعتدال (٣ / ٢٥).
٤٩٣ ـ محمد بن
أسعد الحكيمي أبو المظفر الواعظ ـ فقيه الحنفيه ـ نزيل دمشق ، المتوفّى (٥٦٧) :
كان فشلاً في دينه خليعاً قليل المروّة ، ساقطاً كذاباً. الجواهر المضية (٢ / ٣٣).
٤٩٤ ـ محمد بن
إسماعيل أبو الحسين الرازي المكتب المتوفّى بعد (٣٥٠) : كذّبه الحافظ أبو القاسم الطبري
في روايته عن موسى بن نصر. تاريخ بغداد (٢ / ٥٣) ، المنتظم (٧ / ٢٢).
٤٩٥ ـ محمد بن
إسماعيل الوساوسي البصري : كان يضع الحديث. لسان الميزان (٥ / ٧٧) ، مجمع
الزوائد (٩ / ٨٢).
٤٩٦ ـ محمد بن
إسماعيل العوّام : كان يكذب ويزوّر السماع. لسان الميزان (٥ / ٧٩).
٤٩٧ ـ محمد بن
أيّوب الرقّي : كان يضع الحديث على مالك . لسان الميزان (٥ / ٨٨) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٤٤٨).
٤٩٨ ـ محمد بن
أيّوب بن سويد الرملي : كان يضع الحديث ، قد أدخل في كتب أبيه أشياء موضوعة ، وقال
الحاكم وأبو نعيم : روى عن أبيه أحاديث
__________________
موضوعة . لسان الميزان (٥ / ٨٧) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٧٠).
٤٩٩ ـ محمد بن
تميم الفاريابي : كذّاب خبيث وضّاع ، كان يضع الحديث ، وعن الحافظ السري : وضع
محمد بن تميم ، وأحمد الجويباري ، ومحمد بن عكاشة أكثر من عشرة آلاف حديث . تاريخ بغداد (٧ / ٣٤٣) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٣٣) ، لسان
الميزان (٥ / ٩٨ ، ٢٨٨) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٠١ ، ٢ / ٤٩ ، ٨٥).
٥٠٠ ـ محمد بن
حاتم المروزي أبو عبد الله السمين المتوفّى (٢٣٦) : قال يحيى بن معين : كذّاب ، وكذّب حديثه عليّ المديني. تاريخ بغداد (٢ / ٢٦٧
، ٤ / ١١٣).
٥٠١ ـ محمد بن
حاتم الكشّي : كذّاب . ميزان الاعتدال (٣ / ٣٧) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٧٦).
٥٠٢ ـ محمد بن
الحجّاج الواسطي اللخمي أبو إبراهيم ، نزيل بغداد : المتوفّى (١٨١) : كذّاب خبيث ،
وضّاع ، ذاهب الحديث . تاريخ بغداد (٢ / ٢٧٩) ، لسان الميزان (٥ / ١١٦) ، اللآلئ
المصنوعة (١ / ١٨٤).
٥٠٣ ـ محمد بن
حسّان الكوفي الخزّاز : قال أبو حاتم : كان كذّاباً. لسان الميزان (٥ / ١٢١).
__________________
٥٠٤ ـ محمد بن
حسّان الأموي : كذّاب. ميزان الاعتدال (٣ / ٤١).
٥٠٥ ـ محمد بن
حسّان السمتي : قال يحيى بن معين : كذّاب ، رجل سوء ، رأيته بمكّة في المسجد
الحرام ، كان كذّاباً. تاريخ بغداد (٢ / ٢٧٥).
٥٠٦ ـ محمد بن
الحسن بن أبي يزيد الهمداني الكوفي : كذّاب متروك ، كان يكذب . الجرح والتعديل (٣ / ٢٢٥) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٤٢) ،
أسنى المطالب (ص ٧١ ، ٢٢٠) ، مجمع الزوائد (١ / ١٢٨) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٥٧)
، كشف الخفاء (١ / ٢١٥).
٥٠٧ ـ محمد بن
الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة المتوفّى (١٨٩) : قال يحيى بن معين : كذّاب ، ونحوه قال فيه أحمد بن حنبل. تاريخ بغداد (٢ /
١٨١).
٥٠٨ ـ محمد بن
الحسن بن زبالة المخزومي أبو الحسن المدني توفّي قبل المائتين : كذّاب متروك ،
واهي الحديث ، نُسب إلى وضع الحديث . ميزان الاعتدال (٣ / ٤٢) ، مجمع الزوائد (١ / ٣٠٦) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٧١). شرح المواهب للزرقاني (٨ / ٢٩٣).
٥٠٩ ـ محمد بن
الحسن الأهوازي : جراب الكذب ، كان كذّاباً ، يسرق الأحاديث ويركّبها ويضعها على
الشيوخ ، توفّي (٤١٨) . المنتظم (٨ / ٩٣) ، ميزان
__________________
الاعتدال (٣ / ٤٣)
، لسان الميزان (٥ / ١٢٥) ، البداية والنهاية (١٢ / ٤١).
٥١٠ ـ محمد بن
الحسن : قال الذهبي : لعلّه النقّاش صاحب التفسير ، فإنه كذّاب ، أو آخر من
الدجاجلة. ميزان الاعتدال (٣ / ٤٣).
٥١١ ـ محمد بن
الحسن أبو بكر الدعّاء الأصمّ القطائعي المتوفّى (٣٢٠) : يروي الموضوعات عن
الثقات. تاريخ بغداد (٢ / ١٩٤). والغالب على ظنّ الذهبي أنّه واضع كتاب الحَيدة ، وقد انفرد بروايته.
٥١٢ ـ محمد بن
الحسن ـ أبي الحسن ـ بن كوثر أبو بحر البربهاري : المتوفّى (٣٦٢) : كان كذّاباً . المنتظم (٧ / ٦٤) ، لسان الميزان (٥ / ١٣١).
٥١٣ ـ محمد بن
الحسن ـ الحسين ـ أبو عبد الرحمن السلمي النيسابوري : وضّاع ، كان يضع الأحاديث
للصوفيّة ، ألّف كتباً تبلغ مائة كتاب . ميزان الاعتدال (٣ / ٤٦) ، تاريخ بغداد (٢ / ٢٤٨) ،
المنتظم (٨ / ٦) ، شذرات الذهب (٣ / ١٩٦).
٥١٤ ـ محمد بن
الحسين بن إبراهيم أبو بكر الورّاق ـ يُعرف بابن الخفّاف ـ توفّي (٤١٨) : قال
الخطيب في تاريخه (٢ / ٢٥٠) : لا أشكّ أنّه كان يركّب الأحاديث ويضعها على من
يرويها عنه ، ويختلق أسماء وأنساباً عجيبة لقوم حدّث عنهم ، عندي عنه من
__________________
تلك الأباطيل
أشياء ، وكنت عرضت بعضها على هبة الله بن الحسن الطبري فخرق كتابي بها ، وجعل يعجب
كيف أسمع منه. قال لي ابن الخفّاف : احترق مرّة سوق باب الطاق فاحترق من كتبي ألف
وثمانون منّا كلّها سماعي. وذكره : ابن الجوزي في المنتظم (٨ / ٣٤) ، والذهبي في الميزان ،
وابن كثير في تاريخه (١٢ / ٢٣).
٥١٥ ـ محمد بن
الحسين الشاشي : شُويخ كذّاب. ميزان الاعتدال (٣ / ٤٧)
٥١٦ ـ محمد بن
الحسين المقدسي : كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ٤٧) ، سمّى
نفسه لاحقاً وقد مرّ.
٥١٧ ـ محمد بن
الحسين أبو بكر القطّان البلخي المتوفّى (٣٠٦) : كذّبه ابن ناجية. البداية
والنهاية (١١ / ١٣٠).
٥١٨ ـ محمد بن
الحسين بن عمران أبو عمر : كان يضع الحديث. تاريخ بغداد (٢ / ٢٤٥).
٥١٩ ـ محمد بن
حميد أبو عبد الله الرازي المتوفّى (٢٤٨) : أحد الحفّاظ ، من أوعية العلم ، كذّاب
يسرق الحديث ويركّب الأسانيد على المتون ، كان يأخذ الأحاديث فيقلّب بعضها بعضاً ،
وكانت أحاديثه تزيد كلّ يوم. قال الأسدي : ما رأيت أحداً أحذق بالكذب من رجلين :
سليمان بن الشاذكوني ، ومحمد بن حميد الرازي. وقال الجزري : ما رأيت أجرأ على الله
منه. وقال فضلك الرازي : عندي عن ابن حميد
__________________
خمسون ألف حديث
ولا أُحدّث عنه بحرف . تاريخ بغداد (٢ / ٢٦٢) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٤٩) ، شذرات
الذهب (٢ / ١١٨) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٣٥٩ ، ٢ / ١٦).
٥٢٠ ـ محمد بن
خالد الواسطي الطحّان : كان رجل سوء ، كذّاب. ميزان الاعتدال (٣ / ٥١).
٥٢١ ـ محمد بن خليد
الحنفي الكرماني : كان يقلّب الأخبار ويسند الموقوف. تذكرة الموضوعات (ص ٨).
٥٢٢ ـ محمد بن
خليل الذهلي : كان يضع الحديث . تذكرة الموضوعات (ص ١٣) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٥٤).
٥٢٣ ـ محمد بن داب
المديني : كذّاب . ميزان الاعتدال (٣ / ٥٤).
٥٢٤ ـ محمد بن
داود بن دينار الفارسي : كان يكذب ويضع . ميزان الاعتدال (٣ / ٥٤) ، لسان الميزان (٤ / ١٠٦ ، ٥ /
١٦١) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٠٣ ، ٢ / ٩٩).
٥٢٥ ـ محمد بن
رزام : كذّاب. طبقات الحفّاظ (٤ / ٣٥).
__________________
٥٢٦ ـ محمد بن
زكريّا الخصيب : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٣ / ٥٨) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٥١ ، ١٢١).
٥٢٧ ـ محمد بن
زياد الجزري الحنفي : كان يضع الحديث . تذكرة الموضوعات (ص ٣ ، ٢٧ ، ٦٦).
٥٢٨ ـ محمد بن
زياد اليشكري : كذّاب يضع الحديث ، خبيث أعور. تاريخ بغداد (٥ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠) قال
يحيى بن معين : كان ببغداد قوم يضعون الحديث كذّابين ، منهم محمد بن زياد كان يضع
الحديث. وهو مترجم بالكذب في أسنى المطالب (ص ١٧) ، ميزان
الاعتدال (٣ / ٦٠).
٥٢٩ ـ محمد بن
زيادة الطحّان : كان يضع الحديث ، حديثه كذب . زاد المعاد لابن القيّم (١ / ٢٠١).
٥٣٠ ـ محمد بن
سعيد المعروف بالمصلوب الشامي : كذّاب عمداً ، كان يضع الحديث ، عدّه النسائي من
الكذّابين الأربعة المعروفين بوضع الحديث على رسول الله.
__________________
قال عبد الله بن
أحمد بن سوادة : قلّبوا اسمه على مائة اسم وزيادة قد جمعتها في كتاب. تاريخ بغداد (١٣
/ ١٦٨) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٦٤).
٥٣١ ـ محمد بن
سعيد الأزرق : كذّاب ، يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ٦٥) ، اللآلئ
المصنوعة (١ / ٢٦٣).
٥٣٢ ـ محمد بن
سعيد المروزي البورقي المتوفّى (٣١٨) : أحد الوضّاعين ، كذّاب حدّث بغير حديث وضعه
، قال الخطيب : قد وضع من المناكير على الثقات مالا يحصى ، وأفحشها روايته عن بعض
مشايخه ... إلخ . تاريخ بغداد (٥ / ٣٠٩) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٣٨ ، ٢ / ٨٥).
٥٣٣ ـ محمد بن
سليم البغدادي : كان يكذب في الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ٦٩).
٥٣٤ ـ محمد بن
سليمان بن أبي فاطمة : كذّاب ، يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ٦٩).
٥٣٥ ـ محمد بن
سليمان بن دبير : كان يضع على الثقات ، وقال ابن حبّان : كان
__________________
يسرق الحديث ويضع . ميزان الاعتدال (٣ / ٦٩) ، لسان الميزان (٥ / ١٨٨).
٥٣٦ ـ محمد بن
سليمان بن زبان : شيخ كان بالبصرة ، قيل : كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ٦٩).
٥٣٧ ـ محمد بن
سليمان بن هشام أبو جعفر الخزّاز المعروف بابن بنت مطر الورّاق توفّي (٢٦٥) :
ضعّفوه بمرّة ، قال ابن حبّان : لا يجوز الاحتجاج به بحال ، وقال ابن عدي : يوصل الحديث ويسرق ؛ وعدّ الذهبي له أكاذيب في ميزانه (٣ / ٦٨) ، ورأى
الخطيب في تاريخه (٥ / ٢٩٧) وابن الجوزي والذهبي الحمل في بعض الموضوعات عليه.
٥٣٨ ـ محمد بن
سنان القزّاز البصري ، نزيل بغداد : كذّبه أبو داود وغيره. شذرات الذهب (٢ / ١٦١) ، مجمع
الزوائد (٢ / ١٣٩).
٥٣٩ ـ محمد بن سهل
أبو عبد الله العطّار : كان يضع الحديث . تاريخ بغداد (٥ / ٣١٥) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٧١) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٩٩).
٥٤٠ ـ محمد بن
شجاع أبو عبد الله بن الثلجي الحنفي المتوفّى (٢٦٦) : فقيه العراق في وقته ، كان
كذّاباً ، يضع الحديث في التشبيه ، احتال في إبطال الحديث عن رسول الله وردِّه
نصرة لأبي حنيفة ورأيه . تاريخ بغداد (٥ / ٣٥١) ، المنتظم (٥ / ٥٨) ، ميزان
__________________
الاعتدال (٣ / ٧١)
، شذرات الذهب (٢ / ١٥١) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٣).
٥٤١ ـ محمد بن
الضو بن الصلصال أبو جعفر الكوفي : كذّاب ، شارب الخمر. تاريخ بغداد (٥ / ٣٧٥).
٥٤٢ ـ محمد بن عبد
بن عامر السمرقندي المتوفّى حدود الثلاثمائة : كذّاب ، معروف بوضع الحديث ، روى
أحاديث باطلة ، وكان يسرق الأحاديث فيحدّث بها ، ويتابع الضعفاء والكذّابين في
رواياتهم عن الثقات الأباطيل ، قد اشتهر كذبه . تاريخ بغداد (٢ / ٣٨٨) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٩٦) ، لسان
الميزان (٥ / ٢٧٢) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٣ ، ١٢١).
٥٤٣ ـ محمد بن
عبدة القاضي البصري المتوفّى (٣١٣) : كذّاب ، متروك ، لا شيء ، كان آفة. ميزان
الاعتدال (٣ / ٩٦).
٥٤٤ ـ محمد بن عبد
الرحمن بن بجير المتوفّى (٢٩٢) : كذّاب ، متروك الحديث ، يروي عن الثقات المناكير
وعن مالك البواطيل . ميزان الاعتدال (٣ / ٩٠) ، لسان الميزان (٥ / ٢٤٦).
٥٤٥ ـ محمد بن عبد
الرحمن البيلماني : حدّث عن أبيه بنسخة شبيهاً بمائتي حديث كلّها موضوعة . ميزان الاعتدال (٣ / ٨٩) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٣٩) ،
كشف الخفاء (٢ / ٧١).
__________________
٥٤٦ ـ محمد بن عبد
الرحمن أبو جابر البياضي المدني : كذّاب ، متروك الحديث . الجرح والتعديل (٣ / ٣٢٥) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٨٩).
٥٤٧ ـ محمد بن عبد
الرحمن القشيري : كذّاب ، متروك الحديث ، كان يكذب ويفتعل الحديث . الجرح والتعديل (٣ / ٣٢٥). ميزان الاعتدال (٣ / ٩٢).
٥٤٨ ـ محمد بن عبد
الرحمن بن غزوان الشهير بابن قراد : كذّاب ، كان يضع الحديث ، له عن ثقات الناس
بواطيل ، حدّث بوقاحة عن مالك وشريك وضمان بن إسماعيل ببلايا . تاريخ بغداد (٢ / ٣١١) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٩٣) ، تذكرة
الموضوعات (ص ٤٠) ، لسان الميزان (٥ / ٢٥٣).
٥٤٩ ـ محمد بن عبد
العزيز الجارودي العباداني : حافظ ، كان يكذب. ميزان الاعتدال (٣ / ٩٤).
٥٥٠ ـ محمد بن عبد
القادر أبو الحسين بن السمّاك الواعظ المتوفّى (٥٠٢) : كذّاب لا تحلّ الرواية عنه . المنتظم (٩ / ١٦١) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٩٤) ، لسان
الميزان (٥ / ٢٦٣).
٥٥١ ـ محمد بن عبد
الله بن أبي سبرة أبو بكر المدني المتوفّى (١٦٢) : كذّاب ، وضّاع ، ليس بشيء ، كان
يضع الحديث ويكذب ويفتي في مدينة الرسول ، وكان عنده
__________________
سبعون ألف حديث في
الحلال والحرام . تاريخ بغداد (١٤ / ٣٧٠) ، تهذيب التهذيب (١٢ / ٢٧) ،
ميزان الاعتدال (٣ / ٨٠).
٥٥٢ ـ محمد بن عبد
الله بن إبراهيم بن ثابت أبو بكر الأشناني : كذّاب دجّال ، يضع الحديث ، وكان يضع
ما لا يحسنه ، غير أنه ـ والله أعلم ـ أخذ أسانيد صحيحة من بعض الصحف فركّب عليها
هذه البلايا. تاريخ بغداد (٥ / ٤٤١ ، ٤٤٢) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٧٣).
٥٥٣ ـ محمد بن عبد
الله بن زياد أبو سلمة : كذّاب. تذكرة الموضوعات (ص ٤٣ ، ٩٥).
٥٥٤ ـ محمد بن عبد
الله بن علاثة الحرّاني القاضي المتوفّى (١٦٨) : كان يضع عن الثقات ، ويأتي
بالمعضلات ، لا تحلُّ الرواية عنه ، قاله ابن حبّان . تذكرة الموضوعات (ص ٥٤).
٥٥٥ ـ محمد بن عبد
الله بن المطلب أبو الفضل الشيباني الكوفي المتوفّى (٣٨٧) : وضّاع دجّال كذّاب ،
كان يضع الأحاديث للرّافضة . تاريخ بغداد (٥ / ٤٦٧) ، لسان الميزان (٥ / ٢٣١) ، اللآلئ
المصنوعة (٢ / ٧٥) ، وفي (ص ١٤٧) : كذّاب وضّاع نقلاً عن
__________________
أبي الغنائم ، ثمّ
قال السيوطي : قلت مع أنّه من الموصوفين بالحفظ ، وهذا من أعجب ما يكون والله
أعلم.
٥٥٦ ـ محمد بن
عبيد الله بن حبابة البغدادي البزّاز المتوفّى (٤٣٥) : قال ابن برهان : إنّ هذا
الشيخ كذّاب. تاريخ بغداد (٢ / ٣٣٨).
٥٥٧ ـ محمد بن عبد
الملك أبو عبد الله الضرير الأنصاري المدني : كذّاب ، كان يضع الحديث ، قال أحمد :
كذّاب حرقنا حديثه . تاريخ بغداد (٢ / ٣٤٠) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٩٥) ، مجمع
الزوائد (١ / ١٢٤) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٩٨ ، ١٣٨ ، ٢٢٣).
٥٥٨ ـ محمد بن عبد
الواحد أبو عمر الزاهد ـ غلام ثعلب ـ المتوفّى (٣٤٥) : قال الخطيب : كان لو طار
طائر لقال : حدّثنا ثعلب عن ابن الأعرابي ويذكر في معنى ذلك شيئاً ، فأمّا الحديث فرأينا
جميع شيوخنا يوثِّقونه فيه ويصدّقونه ، وقال لي رئيس الرؤساء : قد رأيت أشياء
كثيرة ممّا استنكر على أبي عمر ، ونُسب إلى الكذب فيما يرويه في كتب أهل العلم ،
له كتاب غرائب الحديث ، صنّفه على مسند أحمد وجعل يستحسنه جداً ، وكان له جزء قد
جمع فيه الأحاديث التي تروى في فضائل معاوية ، فكان لا يترك أحداً منهم ـ من
الأشراف والكتّاب ـ يقرأ عليه حتى يبتدئ بقراءة ذلك الجزء.
قال ابن النجّار :
كان أبو عمر الزاهد قد جمع جزءاً في فضل معاوية وأكثره مناكير وموضوعات. تاريخ
بغداد (٢ / ٣٥٧) ، لسان الميزان (٥ / ٢٦٨) ترجمة
محمد بن يحيى العنزي ، ميزان الاعتدال (ج ٣).
قال
الأميني : ما أنصف ابن
النجّار في رأيه المذكور ، بل الصواب ما جاء به
__________________
الفيروزآبادي في
سفر السعادة والعجلوني في كشف الخفاء من أنّ معاوية لم يصحّ في فضله حديث. ومن هذا الجزء يعرف
القارئ قيمة قول الخطيب : فأمّا الحديث فرأينا. إلخ. فكيف يُوثِّق ويصدّق الشيوخ
رجلاً يؤلّف جزءاً في فضل معاوية؟!
٥٥٩ ـ محمد بن
عثمان بن أبي شيبة المتوفّى (٢٩٧) : قال عبد الله بن أسامة الكلبي ، وإبراهيم بن
إسحاق الصوّاف ، وداود بن يحيى ، وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش ، ومحمد بن عبد الله
الحضرمي ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وجعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي ،
وعبد الله بن إبراهيم بن قتيبة ، ومحمد بن أحمد العدوي ، وجعفر بن هذيل : إنّ محمد
بن عثمان كذّاب يضع الحديث ، بيّن الأمر يحيل على أقوام بأشياء ليست من حديثهم.
تاريخ بغداد (٣ / ٤٥ ـ ٤٧).
٥٦٠ ـ محمد بن
عثمان بن حسن القاضي النصيبي ـ نزيل بغداد ـ أبو الحسن المتوفّى (٤٠٦) : كذّاب ،
روى للشيعة مناكير ، ووضع لهم أحاديث. قال أبو الفتح المصري : لم أكتب ببغداد عن
شيخ أُطلق عليه الكذب غير أربعة أحدهم النصيبي ، وقال أبو عبد الله الصيمري : كان
ضعيفاً في الرواية ، عدلاً في الشهادة. تاريخ بغداد (٣ / ٥٢). لسان الميزان (٥ / ٢٨١).
٥٦١ ـ محمد بن
عثيم : كذّاب ، متروك ، لا يكتب حديثه. ميزان الاعتدال (٣ / ١٠٢).
٥٦٢ ـ محمد بن
عكاشة الكرماني : كذوب ، كان يضع الحديث ، ويحدّث بأحاديث
__________________
بواطيل ، وكان
بكّاءً موصوفاً بالبكاء ، وكان إذا قرأ بكى ، ونقل عن الحافظ السري أنّه كان يقول
: وضع أحمد الجويباري ، ومحمد بن تميم ، ومحمد بن عكاشة ، على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أكثر من عشرة آلاف حديث . ميزان الاعتدال (٣ / ١٠٤) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٣٤ ،
١٣٤ ، ٢٠٩) وعدّه القرطبي في التذكار (ص ١٥٥) من الجماعة الكثيرة الذين وضعوا
الحديث حسبةً يدعون الناس إلى فضائل الأعمال.
٥٦٣ ـ محمد بن
عليّ بن موسى أبو بكر السلمي الدمشقي المتوفّى (٤٦٠) : كان يكذب ويدّعي شيوخاً.
لسان الميزان (٥ / ٣١٦).
٥٦٤ ـ محمد بن علي
بن ودعان المتوفّى (٤٩٤) : صاحب الأربعين الودعانيّة الموضوعة ، قال السلفي :
تبيّن لي حين تصفّحتها له تخليط عظيم يدلّ على كذبه وتركيبه الأسانيد ، سرقها من
عمِّه ، وقيل : من زيد بن رفاعة. لسان الميزان (٥ / ٣٠٥).
٥٦٥ ـ محمد بن
عليّ بن يحيى السمرقندي المتوفّى (٣٥٩) : كان كذّاباً يضع على الثقات روايات لم
يذكروها ، ويروي عمّن لم يلحقهم. لسان الميزان (٥ / ٢٩٤).
٥٦٦ ـ محمد بن عمر
بن الفضل الجعفي المتوفّى (٣٦١) : كذّاب. تاريخ بغداد (٣ / ٣٢) ، ميزان الاعتدال (٣ / ١١٤).
٥٦٧ ـ محمد بن
عيسى بن رفاعة الأندلسي المتوفّى (٣٣٧) : كذّاب ، يضع الحديث . تذكرة الموضوعات (ص ٤٥) ، لسان الميزان (٥ / ٣٣٤).
__________________
٥٦٨ ـ محمد بن
عيسى بن عيسى بن تميم : كذّاب ، منكر الحديث ، لم يكن بشيء. لسان الميزان (٥ / ٣٣٥).
٥٦٩ ـ محمد بن
الفرات الكوفي أبو عليّ التميمي : شيخ ببغداد ، كوفيّ ، كذّاب ، روى عن
محارب موضوعات. تاريخ بغداد (٣ / ١٦٣) ، اللآلئ المصنوعة
(٢ / ٢٣٩).
٥٧٠ ـ محمد بن
الفرخان بن روزبه مولى المتوكّل أبو الطيّب الدوري من دور سامراء ـ
نزيل بغداد ـ المتوفّى بعد (٣٥٩) بقليل : ذكر الخطيب في تاريخه (٣ / ١٦٨) حديثاً
منكراً فقال : ما أُبعِد أن يكون من وضع ابن الفرخان ، وله أحاديث كثيرة منكرة
بأسانيد واضحة عن شيوخ ثقات ، وفي ميزان الاعتدال : له خبر كذب في موضوعات ابن الجوزي ، وفي لسان الميزان (٥ / ٣٤٠) قال ابن
النجّار : كان متّهماً بوضع الحديث ، وقال السيوطي : كان يضع. اللآلئ المصنوعة (١ / ١٠٣ ، ٢٧٤).
٥٧١ ـ محمد بن
الفضل بن عطيّة المروزي المتوفّى (١٨٠) : كذّاب ، يضع الحديث . تاريخ بغداد (٣ / ١٥١) ، ميزان الاعتدال (٣ / ١٢٠) ،
تذكرة الموضوعات (ص ٧٦) ، مجمع الزوائد (٢ / ٦٧) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٠٩ ، ٢ /
٢٢٠).
__________________
٥٧٢ ـ محمد بن
الفضل اليعقوبي الواعظ : ظهر كذبه وتخليطه توفّي (٦١٧). لسان الميزان (٥ / ٣٤٢).
٥٧٣ ـ محمد بن
القاسم أبو بكر البلخي : كان يضع الحديث. اللآلئ المصنوعة (٢ / ٢٢٢).
٥٧٤ ـ محمد بن
القاسم أبو جعفر الطالقاني : كذّاب خبيث من المرجئة ، كان يضع الحديث لمذهبه.
اللآلئ المصنوعة (١ / ٢١ ، ٢ / ١٠٢
، ١٧١ ، ٢٣٤) ، وفيها أنّه كان من الكذّابين الوضّاعين.
٥٧٥ ـ محمد بن
مجيب الثقفي الصائغ الكوفي سكن بغداد : كذّاب عدوّ الله ، ذاهب الحديث . تاريخ بغداد (٣ / ٢٩٨) ، ميزان الاعتدال (٣ / ١٢٨) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ١٦٥).
٥٧٦ ـ محمد بن
مجيب أبو همام القرشي : كذّاب ، ذاهب الحديث. مجمع الزوائد (٩ / ٥١) ، اللآلئ
المصنوعة (١ / ١١٥).
٥٧٧ ـ محمد بن
المحرم : كذّاب. اللآلئ المصنوعة (٢ / ٦١).
٥٧٨ ـ محمد بن
محصن الأسدي : ليس بثقة ، متروك ، كذّاب ، يضع الحديث
__________________
ميزان الاعتدال (٣
/ ١٢٩) ، تذكرة الموضوعات (ص ٩٣) ، تهذيب التهذيب (٩ / ٤٣٠) ، اللآلئ المصنوعة (٢
/ ١٠٩).
٥٧٩ ـ محمد بن
محمد الجرجاني الوكيل أبو الحسين نضلة المتوفّى (٣٦٨ ، ٣٧٨) : هو الحافظ الإمام ، روى مناكير عن
شيوخ مجاهيل لم يتابعه عليها أحد فأنكروا عليه وكذّبوه ، وحلف أبو سعيد النقّاش
أنّه كان يضع الحديث. طبقات الحفّاظ (٣ / ١٨١).
٥٨٠ ـ محمد بن
محمد بن عبد الرحمن أبو الفتح الخشّاب الثعلبي : كان يُضرب به المثل في الكذب
والتخيّلات ووضعها ، وكان منهمكاً على الشرب ، قال فيه إبراهيم بن عثمان العربي :
أوصاه أن ينحت
الأخشابَ والدُهُ
|
|
فلم يُطِقْهُ
وأضحى ينحتُ الكذبا
|
لسان الميزان (٥ / ٣٥٩).
٥٨١ ـ محمد بن
محمد بن معمر المحدّث أبو البقاء : قال ابن المبارك الخفّاف : توفّي (٥٤٢) ، ولم
يكن ثقة بل كان كذّاباً ، يضع للناس أسماءهم في أجزاء ثمّ يذهب فيقرأ
__________________
عليهم. لسان
الميزان (٥ / ٣٦٩).
٥٨٢ ـ محمد بن
محمد أبو بكر الواسطي الباغندي الحافظ المعمر المتوفّى (٣١٢) : مخلّط مدلِّس ،
خبيث التدليس ، قال إبراهيم الأصبهاني : كذّاب. لسان الميزان (٥ / ٣٦٠).
٥٨٣ ـ محمد بن
مروان المعروف بالسدّي الصغير صاحب الكلبي : كذّاب ، غير ثقة ، يضع الحديث ، لا
يكتب حديثه البتّة . تاريخ بغداد (٣ / ٢٩٢) ، ميزان الاعتدال (٣ / ١٣٢) ، أسنى
المطالب (ص ٢١٦) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٢ ، ١٠١ ، ٢٨٣).
٥٨٤ ـ محمد بن
مزيد ـ مرثد ـ أبو بكر الخزاعي المعروف بابن أبي الأزهر النحوي المتوفّى (٣٢٥) :
كان كذوباً قبيح الكذب ، وقال الخطيب في مسنده : كذّاب . ميزان الاعتدال (٣ / ٣٥٠) ، الإصابة (٢ / ٣٨٦) ، بغية
الوعاة (ص ١٠٤) ، مفتاح السعادة (١ / ١٣٧).
٥٨٥ ـ محمد بن
المستنير أبو عليّ النحوي المعروف بقطرب المتوفّى (٢٠٦) : قال ابن السكيت : كتبت
عنه قمطراً ثمّ تبيّنت أنّه يكذب في اللغة فلم أذكر عنه شيئاً. بغية الوعاة (ص ١٠٤).
٥٨٦ ـ محمد بن مسلمة
الواسطي المتوفّى (٢٨٢) : اتّهم بحديث موضوع باطل ، رجاله كلّهم ثقات سواه. تاريخ
بغداد (٣ / ٣٠٧) ، لسان الميزان (٥ / ٣٨٢).
__________________
٥٨٧ ـ محمد بن
معاوية أبو عليّ النيسابوري المتوفّى (٢٢٩) : كذّاب ، كان بمكة يضع الحديث ، حدّث
بأحاديث كثيرة كذب ليس لها أصل . تاريخ بغداد (٣ / ٢٧٢ ـ ٢٧٤) ، ميزان الاعتدال (٣ / ١٣٨)
، مجمع الزوائد (١ / ٤٩٤) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١١٤ ، ٢ / ٢٠٦).
٥٨٨ ـ محمد بن
مندة بن أبي الهيثم الأصبهاني ، نزيل الري : كذّاب ، لم يكن بصدوق. لسان الميزان (٥ / ٣٩٣).
٥٨٩ ـ محمد بن
المنذر : تابعيّ كذّاب. اللآلئ المصنوعة (١ / ١١٠).
٥٩٠ ـ محمد بن
منصور بن جيكان أبو عبد الله القشيري : كذّاب. ميزان الاعتدال (٣ / ١٤٠).
٥٩١ ـ محمد بن
المهاجر أبو عبد الله الطالقاني ـ أخو حنيف القاضي ـ المتوفّى (٢٦٤) : وضّاع ،
كذّاب ، يضع الحديث على الثقات ، قال صالح الأسدي : إنّه أكذب خلق الله يحدّث عن
قوم ماتوا قبل أن يولد هو بثلاثين سنة ، وأعرفه بالكذب منذ خمسين سنة . تاريخ بغداد (٣ / ٣٠٣) ، نصب الراية (١ / ١٧٤) ، ميزان
الاعتدال (٣ / ١٤٠) ، لسان الميزان (٥ / ٣٩٧) ، تذكرة الموضوعات (ص ٨٤) ، اللآلئ
المصنوعة (١ / ١٢٧ ، ٢ / ١ ، ٣٢ ، ١٢٣).
٥٩٢ ـ محمد بن
المهلّب الحرّاني : كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ١٤٠).
__________________
٥٩٣ ـ محمد بن
موسى بن أبي نعيم الواسطي : كذّاب خبيث. ميزان الاعتدال (٣ / ١٤١).
٥٩٤ ـ محمد بن
نعيم النصيبي : كذّاب . ميزان الاعتدال (٣ / ١٤٤) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٤٦).
٥٩٥ ـ محمد بن
نمير الفاريابي : عدّه البيلماني فيمن يضع الحديث ، ميزان الاعتدال (٣ / ١٤٤).
٥٩٦ ـ محمد بن
هارون الهاشمي المعروف بابن بَرَيه : ذاهب الحديث يتّهم بالوضع . تاريخ بغداد (٧ / ٤٠٣).
٥٩٧ ـ محمد بن
الوليد القلانسي البغدادي : كذّاب ، كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ١٤٥).
٥٩٨ ـ محمد بن
الوليد القرطبي المتوفّى (٣٠٩) : هالك ، كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٣ / ١٤٦).
٥٩٩ ـ محمد بن
الوليد اليشكري ، هو محمد بن عمر بن الوليد : كذّبه الأزدي. لسان الميزان (٥ / ٤١٩).
__________________
٦٠٠ ـ محمد بن
يحيى بن رزين المصيصي : دجّال يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٣ / ١٤٧) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٣ ، ٥٢
، ٢٦٣).
٦٠١ ـ محمد بن
يزيد المستملي أبو بكر الطرسوسي : يسرق الحديث ويزيد فيه ويضع. ميزان الاعتدال (٣ / ١٤٩).
٦٠٢ ـ محمد بن
يزيد المعدني : كذّاب خبيث. ميزان الاعتدال (٣ / ١٤٩).
٦٠٣ ـ محمد بن
يزيد العابد : ذكر حديثاً موضوعاً في فضائل معاوية هو آفته. لسان الميزان (٥ / ٤٣٢).
٦٠٤ ـ محمد بن
يوسف أبو بكر الرقّي الحافظ المتوفّى بعد (٣٨٢) : كذّاب ، قاله الخطيب . لسان الميزان (٥ / ٤٣٦) ، وفي
الميزان : وضع حديثاً على الطبراني. اللآلئ المصنوعة (١ / ٢١٦).
٦٠٥ ـ محمد بن
يوسف بن يعقوب الرازي : شيخ دجّال كذّاب ، كان يضع الأحاديث والقراءات والنسخ ،
وضع كثيراً في القرآن ، قال الدارقطني : وضع نحواً من ستّين نسخة قراءات ليس لشيء
منها أصل ، ووضع من الأحاديث ما لا يضبط ، قدم بغداد قبل الثلاثمائة. ميزان
الاعتدال (٣ / ١٥١) ، تاريخ
بغداد (٣ / ٣٩٧).
__________________
٦٠٦ ـ محمد بن
يونس الكديمي القرشي أحد الحفّاظ الأعلام بالبصرة المتوفّى (٢٨٦) : كذّاب ، يضع
الحديث على النبيّ وعلى الثقات ، قال ابن حبّان : قد وضع أكثر من ألف حديث. تاريخ بغداد (٣ / ٤٤١) ، تذكرة
الموضوعات (ص ١٤ ، ١٨) ، شذرات الذهب (٢ / ١٩٤) ، ميزان الاعتدال (٣ / ١٥٢) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٤٢ ، ٢١٥) ، طبقات الحفّاظ (٢ / ١٧٥) .
٦٠٧ ـ محمش
النيسابوري : كان يضع الحديث. اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٥)
٦٠٨ ـ محمود بن
عليّ الطواري : كذّاب ، في المائة السادسة. ميزان الاعتدال (٣ / ١٥٤) ،
الإصابة (١ / ١٢٤).
٦٠٩ ـ مروان بن
سالم الدمشقي مولى بني أُميّة : كذّاب يضع الحديث ، عامّة أحاديثه لا يتابعه
الثقات عليها . ميزان الاعتدال (٣ / ١٥٩) ، تهذيب التهذيب (١٠ / ٩٣) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ٨١).
٦١٠ ـ مروان بن
شجاع الحرّاني الأموي : ليس بحجّة ، يروي المقلوبات عن الثقات . تهذيب التهذيب (١٠ / ٩٤) ، ميزان الاعتدال (٣ / ١٦٠).
__________________
٦١١ ـ مروان بن
عثمان بن أبي سعيد الذرقي : كذّاب ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٥).
٦١٢ ـ المطهّر بن
سليمان أبو بكر المعدّل الفقيه المتوفّى (٣٦٣) : كذّاب. تاريخ بغداد (١٣ / ٢٢٠) ،
ميزان الاعتدال (٣ / ١٧٧).
٦١٣ ـ معاوية بن
الحلبي : كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ١٨٢).
٦١٤ ـ معلّى بن
صُبيح الموصلي : قال ابن عمار : كان من عبّاد الموصل ، وكان يضع الحديث ويكذب.
لسان الميزان (٦ / ٦٤).
٦١٥ ـ معلّى بن
هلال بن سُويد الطحّان الكوفي العابد : كذّاب ، من المعروفين بالكذب ، يضع الحديث
، قال أحمد : كلُّ أحاديثه موضوعة. تاريخ بغداد (٨ / ٦٣) ، طبقات
الحفّاظ (٣ / ١١٢) ، ميزان
الاعتدال (٣ / ١٨٧) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٤٧) .
٦١٦ ـ مُقاتل بن
سليمان البلخي المتوفّى (١٥٠) : كذّاب دجّال ، وضّاع ، عدّه النسائي من الكذّابين
المعروفين بوضع الحديث على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كان يقول لأبي جعفر المنصور : أُنظر ما تحبُّ أن أحدِّثه
فيك حتى أُحدِّثه ، وقال للمهدي : إن شئتَ
__________________
وضعتُ لك أحاديث
في العبّاس. قال : لا حاجة لي فيها . تاريخ بغداد (١٣ / ١٦٨) ، تاريخ الشام (٥ / ١٦٠) ، ميزان
الاعتدال (٣ / ١٩٦) ، تهذيب التهذيب (١٠ / ٢٨٤) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٢٨ ، ٢ /
٦٠ ، ١٢٢).
٦١٧ ـ منذر بن
زياد ـ يزيد ـ الطائي : كذّاب ، متروك . ميزان الاعتدال (٣ / ٢٠٠) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٤٤).
٦١٨ ـ منصور بن
عبد الله الهروي أبو عليّ الخالدي الذهلي المتوفّى (٤٠١) : قال أبو سعيد الإدريسي
: كذّاب. شذرات الذهب (٣ / ١٦٢).
٦١٩ ـ منصور بن
مجاهد : كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ٢٠٣).
٦٢٠ ـ منصور بن
موفّق : كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٣ / ٢٠٣) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٩٦).
٦٢١ ـ مهدي بن
هلال أبو عبد الله البصري : كذّاب ، صاحب بدعة ، يضع الحديث ، عامّة ما يرويه لا
يُتابع عليها. ميزان الاعتدال (٣ / ٢٠٦).
٦٢٢ ـ مهلّب بن
أبي صفرة ظالم بن سراق الأزدي المتوفّى (٨٣) : يُكنّى أبا سعيد ، ولم يكن يُعاب
إلاّ بالكذب ، وفيه قيل : رائج يكذب ، وكان ولي خراسان فعمل عليها
__________________
خمس سنين. كذا
ترجمه ابن قتيبة في المعارف (ص ١٧٥) واستدركه
أبو عمر صاحب الاستيعاب ، فقال : هو ثقة ، وأمّا من عابه بالكذب فلا وجه لأنّه كان
يحتاج لذلك في الحرب ، يخادع الخوارج فكانوا يصفونه لذلك بالكذب غيظاً منهم عليه.
الإصابة (٣ / ٥٣٦).
قال الأميني : كأنّ
أبا عمر يقرّر كذب المهلّب ، غير أنّه يجوّزه له لاحتياجه إليه في الحرب ، وهذا هو
رأي معاوية ، وهو الذي فتح هذا الباب بمصراعيه.
٦٢٣ ـ مهلّب بن
عثمان : كذّاب. ميزان الاعتدال (٣ / ٢٠٧).
٦٢٤ ـ موسى الأبتي
: ذُكر فيمن يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ٢٢١)
٦٢٥ ـ موسى بن
إبراهيم المروزي : كذّاب. اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٩١).
٦٢٦ ـ موسى بن عبد
الرحمن الثقفي الصنعاني : دجّال ووضّاع ، وضع كتاباً في التفسير . ميزان الاعتدال (٣ / ٢١٣) ، أسنى المطالب (ص ١٢٦) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٧١).
٦٢٧ ـ موسى بن
محمد أبو طاهر الدمياطي البلقاوي المقدسي الواعظ : كذّاب ، كان يضع الحديث ، يحدّث
عن الثقات بالبواطيل والموضوعات . ميزان الاعتدال
__________________
(٣ / ٢١٧) ، لسان
الميزان (٦ / ١٢٨) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٤٢٢).
٦٢٨ ـ موسى بن
مطير : كذّاب متروك ، ميزان الاعتدال (٣ / ٢١٨).
٦٢٩ ـ ميسرة بن
عبد ربّه الفارسي البصري : كذّاب ، وضّاع ، كان يضع الحديث ، وضع في فضل قزوين
أربعين حديثاً ، قال أبو زرعة : كان يقول : إنّي أحتسب في ذلك. وقال محمد بن عيسى
ابن الطبّاع : قلت لميسرة : من أين جئت بهذه الأحاديث ، من قرأ كذا فله كذا؟ قال :
وضعته أُرغّب الناس فيه ، وصفه جماعة بالزهد . تاريخ بغداد (١٣ / ٢٢٣) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٢٢٢) ،
لسان الميزان (٦ / ١٤٠) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٤٢ ، ج ٢).
٦٣٠ ـ ميسرة بن
عبيد : كذّاب. أسنى المطالب (ص ٢٦٠).
__________________
حرف النون
٦٣١ ـ نافع بن
هرمز أبو هرمز الجمّال : كذّاب ، يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٣ / ٢٢٧) ، تذكرة الموضوعات (ص ٥١) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٢٢٠)
٦٣٢ ـ نصر بن باب
أبو سهل الخراساني ـ نزيل بغداد ـ قيل : توفّي (١٩٣) : كذّاب خبيث ، عدوّ الله ،
ضرب أحمد وابن معين وأبو خيثمة على حديثه وأسقطوه ، وقد كتب عنه ابن معين
عشرين ألف حديث. تاريخ بغداد (١٣ / ٢٧٩) ، لسان الميزان (٦ / ١٥١).
٦٣٣ ـ نصر بن
حمّاد بن عجلان أبو الحارث البجلي الورّاق : كذّاب ، ذاهب الحديث ، ليس بشيء . تاريخ بغداد (١٣ / ٢٨٢) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٢٣٠) ،
اللآلئ المصنوعة (١ / ٣٠٠).
٦٣٤ ـ نصر بن طريف
أبو جزء : من المعروفين بوضع الحديث ، وممّن أُجمِع على كذبه. ميزان الاعتدال (٣ / ٢٣١).
٦٣٥ ـ نصر بن قديد
بن يسار : كذّاب ، قاله العقيلي وابن معين. ميزان الاعتدال (٣ / ٢٣٢) ، اللآلئ المصنوعة (٢
/ ١٩٠) .
__________________
٦٣٦ ـ نصر الله بن
أبي العزّ مظفّر أبو الفتح الشيباني بن الشعيشعة الدمشقي المتوفّى (٦٥٦) : روى
مسند أحمد ، قال أبو شامة : مشهور بالكذب ورقّة الدين ، وقد أجلسه أحمد بن يحيى بن
سنيّ الدولة في حال ولايته القضاء بدمشق ، فأنشد فيه بعض الشعراء :
جلس الشعيشعةُ
الشقيّ ليشهدا
|
|
تبّا لكم ما ذا
عدا فيما بدا
|
هل زلزلَ
الزلزالُ أم قد خرج الد
|
|
جّال أم عدم
الرجالُ ذوو الهدى
|
عجباً لمحلولِ
العقيدة جاهلٍ
|
|
بالشرعِ قد
أذنوا له أن يقعدا
|
البداية والنهاية (١٣
/ ٢١٨) ، شذرات الذهب (٥ / ٢٨٥) .
٦٣٧ ـ النضر بن
سلمة المروزي : كذّاب كان يفتعل الحديث. لسان الميزان (٦ / ١٦٠) ،
الإصابة (٢ / ٣٨٠).
٦٣٨ ـ النضر بن
شُفَي : أحد الكذّابين ، لسان الميزان (٦ / ١٦١).
٦٣٩ ـ النضر بن
طاهر : يسرق الحديث ويكذب ويبالغ في الكذب. ميزان الاعتدال (٣ / ٢٣٤).
٦٤٠ ـ نعيم بن
حمّاد أبو عبد الله الأعور أحد الأئمّة توفّي (٢٢٨) : قال الأزدي : كان يضع الحديث
في تقوية السنّة وحكايات مزوّرة في ثلب النعمان كلّها
__________________
كذب . ميزان الاعتدال (٣ / ٢٤١) ، شذرات الذهب (٢ / ٦٧) ، تهذيب
التهذيب (١٠ / ٤٦٣) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٥) ، الجوهر النقيّ لابن التركماني
هامش سنن البيهقي (٣ / ٣٠٥).
٦٤١ ـ نعيم بن
سالم بن قنبر : كذّاب يضع ، أحد المشهورين بالكذب . أسنى المطالب (ص ١٠٣) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٢ ، ٢ / ٤٧).
٦٤٢ ـ نهشل بن
سعيد البصري : كذّاب ، متروك . ميزان الاعتدال (٣ / ٢٤٣) ، مجمع الزوائد (١ / ١٢٢ ، ٢٤٠)
، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٠٣ ، ١٠٦ ، ١٠٧ ، ١١٩ ، ٢٣٠ ، ٢ / ١٢٧).
٦٤٣ ـ نوح بن أبي
مريم يزيد أبو عصمة المتوفّى (١٧٣) : شيخ كذّاب ، كان يضع الحديث كما يضع معلّى بن
هلال ، وضع حديث فضائل القرآن الطويل ، قال الحاكم : هو الذي وضع أحاديث فضائل
القرآن ، وأحاديث فضل سور القرآن مائة وأربعة عشر كلّها كذب . ميزان الاعتدال (٣ / ١٨٧) ، أسنى المطالب (ص ٢٠ ، ١١٠) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٣).
__________________
٦٤٤ ـ نوح بن
درّاج : قال الذهبي : كذّاب. ملخّص مستدرك الحاكم (٣ / ١٤٤ ، ١٧١).
٦٤٥ ـ نوح بن
جعونة ، قيل : مات (١٨٢) ، كذّاب يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ٢٤٤).
٦٤٦ ـ نوح بن
مسافر : كان يضع الحديث. تذكرة الموضوعات (ص ١١٨)
حرف الهاء
٦٤٧ ـ هارون بن
حبيب البلخي : كذّاب. ميزان الاعتدال (٣ / ٢٤٧).
٦٤٨ ـ هارون بن
حيّان الرقّي : كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ٢٤٧).
٦٤٩ ـ هارون بن
زياد : كان ممّن يضع الحديث على الثقات. ميزان الاعتدال (٣ / ٢٤٧).
٦٥٠ ـ هارون بن
محمد أبو الطيب : كذّاب . أسنى المطالب (ص ٢٠٨) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٦٢).
__________________
٦٥١ ـ هبة الله بن
المبارك البغدادي الحنبلي المتوفّى (٥٠٩) : أحد الحفّاظ ، كذّاب ، آفة في وضع
الحديث ، ظهر كذبه عند شيوخ الحديث . المنتظم (٩ / ١٨٣) ، شذرات الذهب (٤ / ٢٦).
٦٥٢ ـ هشام بن
عمّار أبو الوليد السلمي المتوفّى (٢٤٥) : فقيه دمشق وخطيبها ومحدّثها ، قال أبو
داود : حدّث بأربعمائة حديث لا أصل له. شذرات الذهب (٢ / ١١٠).
٦٥٣ ـ هنّاد بن
إبراهيم النسفي : كذّاب ، وضّاع ، راوية للموضوعات والبلايا ، توفّي (٤٦٥) . ميزان الاعتدال (٣ / ٢٥٩) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٤٢ ،
١٤٤)
٦٥٤ ـ الهيثم بن
عبد الغفّار الطائيّ البصري : كذّاب ، يضع الحديث. تاريخ بغداد (١٤ / ٥٥) ، ميزان
الاعتدال (٣ / ٢٦٥).
٦٥٥ ـ الهيثم بن
عديّ الطائي المتوفّى (٢٠٧) : كذّاب ، ليس بشيء ، قالت جارية الهيثم : كان مولاي
يقوم عامّة الليل يصلّي فإذا أصبح جلس يكذب ، قال فيه أبو نؤاس :
الهيثمُ بن
عديٍّ في تلوّنِه
|
|
في كلِّ يومٍ له
رحلٌ على خشبِ
|
فما يزال أخا
حلٍّ ومرتحلٍ
|
|
إلى الموالي
وأحياناً إلى العربِ
|
له لسانٌ
يزجِّيه لهجوهِمُ
|
|
كأنَّه لم يزلْ
يُعدى على قشبِ
|
لله أنت فما
قربى تهمُّ بها
|
|
إلاّ اجتلبتَ
لها الأنسابَ من كثبِ
|
__________________
إذا نسبتَ عديّا
في بني ثُعَلِ
|
|
فقدِّم الدال
قبل العين في النسبِ
|
تاريخ بغداد (١٤ /
٥٢) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٢٦٥) ، نصب الراية (١ / ١٠٢) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٣)
، مجمع الزوائد (١٠ / ١٠) .
حرف الواو
٦٥٦ ـ الوليد بن
سلمة الطبراني الأزدي : كذّاب ، يضع الحديث على الثقات. ميزان الاعتدال (٣ / ٢٧١) ،
الإصابة (٢ / ١٥٩).
٦٥٧ ـ الوليد بن
عبد الله بن أبي ثور الهمداني الكوفي المتوفّى (١٧٢) ، نزيل بغداد : كذّاب ، ليس
بشيء. تاريخ بغداد (١٣ / ٤٧٠).
٦٥٨ ـ الوليد بن
الفضل العنزي : كان يضع الحديث ، قال ابن حبّان : يروي الموضوعات ، لا يجوز الاحتجاج به بحال. ميزان
الاعتدال (٣ / ٢٧٣) ، تذكرة الموضوعات (ص ٢٧) .
٦٥٩ ـ الوليد بن
محمد الموقّري مولى بني أُميّة المتوفّى (١٨١) : كذّاب ، متروك الحديث ، لا يكتب
حديثه . ميزان الاعتدال (٣ / ٢٧٥) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٢٨).
__________________
٦٦٠ ـ وهب بن حفص
أبو الوليد البجلي الحرّاني ، عاش إلى (٢٥٠) : كذّاب ، كان يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٣ / ٢٧٧) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٤٥ ، ٢
/ ٢١٥).
٦٦١ ـ وهب بن وهب
القاضي أبو البختري القرشي المدني المتوفّى (١٩٩ ، ٢٠٠) : أكذب الناس ، كذّاب خبيث
دجّال عدوُّ الله ، كان يضع الحديث وضعاً ، وكان عامّة الليل يضع الحديث ، قال
سويد بن عمرو بن الزبير في أبيات له :
إنّا وجدنا ابنَ
وهبٍ حين حدّثنا
|
|
عن النبيّ أضاعَ
الدينَ والورعا
|
يروي أحاديثَ من
إفكٍ مجمّعةً
|
|
أُفٍّ لوهبٍ وما
روى وما جمعا
|
قال ابن عدي : أبو البختري من الكذّابين الوضّاعين ، وكان يجمع في كلِّ
حديث يرويه أسانيد من جسارته على الكذب ، ووضعه على الثقات. تاريخ بغداد (١٣ / ٤٨٥)
، ميزان الاعتدال (٣ / ٢٧٨) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٤٤ ، ٥٤) ، لسان الميزان (٦ /
٢٣٢) .
حرف الياء
٦٦٢ ـ يحيى بن أبي
أنيسة الجزري الرهاوي المتوفّى (١٤٦) : كذّاب ، متروك . ميزان الاعتدال (٣ / ٢٨٣) ، تذكرة الموضوعات (ص ٩٥).
٦٦٣ ـ يحيى بن
السكن البصري المتوفّى (٢٠٢) : شيخ يكذب ويحدّث
__________________
بالموضوعات. تاريخ
بغداد (١٤ / ١٤٦) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١٤١).
٦٦٤ ـ يحيى بن
شبيب اليماني : يروي عن سفيان ما لم يحدّث به قطُّ ، ووضع على حميد الطويل وكذب
عليه . ميزان الاعتدال (٣ / ٢٩٣) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٥ ، ١٤٥).
٦٦٥ ـ يحيى بن
عبدويه أبو زكريّا : كذّاب ، رجل سوء. تاريخ بغداد (١٤ / ١٦٦).
٦٦٦ ـ يحيى بن
عقبة بن أبي العيزار : كان يفتعل الحديث ، كذّاب خبيث عدوّ الله ، كان يسخر به ،
عامّة ما يرويه لا يتابع عليه. لسان الميزان (٦ / ٢٧٠).
٦٦٧ ـ يحيى بن
العلاء : يروي عن مطرف ، كذّاب ، يضع الحديث . نصب الراية (١ / ١٢٥).
٦٦٨ ـ يحيى بن
عليّ بن عبد الرحمن البلنسي المالكي المتوفّى (٥٨٩) : إمام مسجد العتمة ، كان
كذّاباً. لسان الميزان (٤ / ٤٩ ، ٦ / ٢٧٠).
٦٦٩ ـ يحيى بن
عنبسة القرشي البصري ، كذّاب ، دجّال ، وضّاع ، كان يضع الحديث ، قال ابن عديّ : منكر الحديث ، مكشوف الأمر. تاريخ بغداد (١٤ / ١٦٢) ،
ميزان الاعتدال (٣ / ٢٩٩). تذكرة الموضوعات (ص ٣٧) ، أسنى المطالب (ص ١٢٣) ،
__________________
اللآلئ المصنوعة (٢
/ ٦٨ ، ٧٥ ، ١٢٣ ، ٢١٠) .
٦٧٠ ـ يحيى بن
محمد أخي حرملة التجيبي : كان يضع الحديث على حرملة. لسان الميزان (٦ / ٢٧٥).
٦٧١ ـ يحيى بن
ميمون أبو أيّوب البصري المتوفّى (١٩٠) : كذّاب دجّال متروك يقلّب الأحاديث . ميزان الاعتدال (٣ / ٣٠٥) ، تهذيب التهذيب (١١ / ٢٩١) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ١٢٥).
٦٧٢ ـ يحيى بن
هاشم الغسّاني السمسار أبو زكريّا : كذّاب ، دجّال هذه الأمّة ، كان يضع الحديث
ويسرقه . تاريخ بغداد (١٤ / ١٦٤) ، تذكرة الموضوعات (ص ٥٧ ، ١٠١ ،
١٠٤ ، ١١٠) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٣٠٥) ، أسنى المطالب (ص ١٦٩) ، اللآلئ المصنوعة (١
/ ٦٤ ، ٢ / ٤٤ ، ١٢٢).
٦٧٣ ـ يزيد بن
خالد العمي ، كذّاب. أسنى المطالب (ص ١٤٠).
__________________
٦٧٤ ـ يزيد بن
ربيعة بن يزيد الدمشقي : كذّاب معروف بالكذب. تاريخ الشام (٤ / ٣٩٥).
٦٧٥ ـ يزيد بن
عياض الليثي البصري أبو الحكم : كذّاب يضع الحديث ، ليس بثقة ، متروك الحديث . تاريخ بغداد (١٤ / ٣٣٠) ، مجمع الزوائد (١ / ١٢١ ، ٢ /
١٧٣).
٦٧٦ ـ يزيد بن
مروان الخلاّل : كذّاب. تاريخ بغداد (١٤ / ٣٤٨).
٦٧٧ ـ يعقوب بن
إسحاق البيهسي : كان له انبساط في تصريح الكذب ، فرمى المحدّثون كلّ ما كتبوا عنه.
تاريخ بغداد (١٤ / ٢٩٠).
٦٧٨ ـ يعقوب بن
الوليد أبو يوسف الأزدي المدني : كان من الكذّابين الكبار ، يضع الحديث . تاريخ بغداد (١٤ / ٢٦٦) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٣٢٥) ،
تاريخ الشام (٤ / ٢٣١) ، أسنى المطالب (ص ١٥٩) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١١٨ ، ٢ /
١٢ ، ١٤٦).
٦٧٩ ـ يعقوب أبو
يوسف الأعشى : كذّاب ، رجل سوء ، توفّي حدود (٢٠٠). ميزان الاعتدال (٣ / ٣٢٦).
٦٨٠ ـ يعلى بن
الأشدق أبو الهيثم العقيلي الحرّاني : كان حيّا في دولة الرشيد ، كذّاب ، ليس بشيء
، ولا يُصدّق ولا يكتب حديثه ، وضعوا له أحاديث فحدّث بها ولم يدر ، قال ابن عدي : بلغني عن أبي سمَر ، قال : قلت ليعلى : ما سمع عمّك من
__________________
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ قال : جامع سفيان ، وموطّأ مالك ، وشيئاً من الفوائد.
ميزان الاعتدال (٢ / ٢٦ ، ٣ / ٣٢٦).
٦٨١ ـ يمان بن عدي
، يضع. اللآلئ المصنوعة (٢ / ٩٦ ، ٩٩).
٦٨٢ ـ يوسف بن
جعفر الخوارزمي : شيخ متأخّر ، كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ٣٢٩).
٦٨٣ ـ يوسف بن
خالد السمتي الفقيه ، كذّاب ، كان يضع الحديث ، وضع كتاباً في التجهّم ينكر فيه
الميزان والقيامة ، وهو أوّل من وضع كتاب الشروط ، وأوّل من جلب رأي أبي حنيفة إلى
البصرة ، توفّي سنة (١٨٩) . ميزان الاعتدال (٣ / ٣٢٩) ، تهذيب التهذيب (١١ / ٤١٣) ،
حاشية السنن لابن ماجة تأليف السندي (١ / ٣٩٥)
٦٨٤ ـ يوسف بن
السفر أبو الفيض الدمشقي : كذّاب ، متروك الحديث يكذب ، روى بواطيل ، كان في عداد
من يضع الحديث . ميزان الاعتدال (٣ / ٣٣١) ، مجمع الزوائد (١ / ٨٢) ،
اللآلئ المصنوعة (٢ / ٤٨ ، ١٣٩).
(الكنى)
٦٨٥ ـ ابن زبالة :
قال الحافظ أحمد بن صالح : كتبت عنه مائة ألف حديث ، ثمّ
__________________
تبيّن لي أنّه كان
يضع الحديث ، فتركت حديثه. تاريخ بغداد (٤ / ٢٠٠).
٦٨٦ ـ ابن شوكر :
كان يضع الحديث بالسند. تاريخ بغداد (١١ / ١٥٢).
٦٨٧ ـ ابن الصقر :
كان كذّاباً يسرق الأحاديث ويركّبها ويضعها على الشيوخ. تاريخ بغداد (٢ / ٢١٩).
٦٨٨ ـ أبو بكر بن
أبي الأزهر : كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣ / ٣٥٠).
٦٨٩ ـ أبو بكر بن
عثمان : كذّاب ، له أحاديث كذب. لسان الميزان (٦ / ٣٤٩).
٦٩٠ ـ أبو جابر
البياضي : كذّاب. المحلّى (٤ / ٢١٧).
٦٩١ ـ أبو الحسن
بن نوفل الراعي : بلاء كذّاب. لسان الميزان (٦ / ٣٦٤).
٦٩٢ ـ أبو حيّان
التوحيدي : صاحب التصانيف ، قيل : اسمه عليّ بن محمد بن العبّاس ، نفاه الوزير
المهلّبي لسوء عقيدته ، وكان يتفلسف ، بقي إلى حدود الأربعمائة ببلاد فارس ، قال
ابن مالي في كتاب الفريدة : كان أبو حيّان كذّاباً ، قليل الدين والورع مجاهراً
بالبهت ، تعرّض لأمور جسام من القدح في الشريعة والقول بالتعطيل ، وقال ابن الجوزي
: كان زنديقاً ، وقال الذهبي : صاحب زندقة وانحلال.
__________________
قال جعفر بن يحيى
الحكّاك : قال لي أبو نصر السجزي ، إنّه سمع أبا سعيد الماليني يقول : قرأت
الرسالة المنسوبة إلى أبي بكر وعمر مع أبي عبيدة إلى عليّ ، على أبي حيّان فقال :
هذه الرسالة عملتُها ردّا على الروافض ، وسببها أنّهم كانوا يحضرون مجلس بعض
الوزراء ـ يعني ابن العميد ـ فكانوا يغلون في حال عليّ فعملت هذه الرسالة. [قلت :]
فقد اعترف بالوضع.
وقال ابن حجر :
قرأت بخطّ القاضي عزّ الدين بن جماعة أنّه نقل من خطّ ابن العلاج ، أنّه وقف لبعض
العلماء على كلام يتعلّق بهذه الرسالة ملخّصه : لم أزل أرى أبا حيّان عليّ بن محمد
التوحيدي معدوداً في زمرة أهل الفضل ، موصوفاً بالسداد في الجدّ والهزل ، حتى صنع
رسالة منسوبة إلى أبي بكر وعمر راسلا بها عليّا رضى الله عنه ، وقصد بذلك الطعن
على الصدر الأوّل ، فنسب فيها أبا بكر وعمر إلى أمر لو ثبت لاستحقّا فوق ما يعتقده
الإماميّة [فيهما] ، فأوّل ما يدلُّ فيها على افتعاله في ذلك نسبته إلى أبي
بكر إنشاء خطبة بليغة تملّق فيها لأبي عبيدة ليحمل له رسالته إلى عليّ رضى الله
عنه ، وغفل عن أنّ القوم كانوا بمعزل عن التملّق ، ومنها قوله : ولعمري إنّك أقرب
إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قرابة ، ولكنّا أقرب إليه قربةً ، والقرابة لحم ودم
والقربة نفس وروح.
وهذا يشبه كلام
الفلاسفة ، وسخافة هذه الألفاظ تغني عن تكلّف الردّ ، وقال فيها : إنّ عمر رضى
الله عنه قال لعليّ في ما خاطبه به : إنّك اعتزلت تنتظر وحياً من جهة الله ،
وتتواكف مناجاة الملك. وهذا الكلام لا يجوز نسبته إلى عمر رضى الله عنه ، فإنّه
ظاهر الافتعال ، إلى غير ذلك ممّا تضمّنته الرسالة من عدم الجزالة التي تعرف من
طراز كلام السلف . ميزان الاعتدال (ج ٣) ، لسان الميزان (٦ / ٣٦٩).
__________________
قال
الأميني : ألا تعجب من
الأعلام الذين ذكروا في تآليفهم رسالة أبي حيّان التوحيدي المكذوبة التي أوقفناك
على بطلانها وعلى مبلغ مفتعلها من الدين والثقة والاعتبار ، كالعبيدي المالكي في
عمدة التحقيق ، ذكروها برمّتها محتجّين بها في باب فضائل أبي بكر وعمر.
٦٩٣ ـ أبو خلف
الأعمى البصري خادم أنس : كذّاب. تهذيب التهذيب (١٢ / ٨٧).
٦٩٤ ـ أبو الخير :
شيخ بغداديّ ، كذّاب. تاريخ بغداد (١٤ / ٤١٧) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٣٥٧).
٦٩٥ ـ أبو سعد
المدائني : ذُكِرَ فيمن كان يضع الحديث. لسان الميزان (٦ / ٣٨٣).
٦٩٦ ـ أبو سعيد
القدري : أحد الكذّابين. لسان الميزان (٦ / ٣٨٤).
٦٩٧ ـ أبو سلمة
العاملي الشامي الأزدي : كذّاب ، يضع الحديث. تهذيب التهذيب (١٢ / ١١٩).
٦٩٨ ـ أبو الطيّب
الحربي : كذّاب خبيث ، لا يجوز الاحتجاج به. تاريخ بغداد (١٤ / ٤٠٦) ، ميزان
الاعتدال (٣ / ٣٦٦).
٦٩٩ ـ أبو علي بن
عمر المذكّر النيسابوري : كان كذّاباً معروفاً بسرقة الأحاديث. تاريخ بغداد (٤ /
١٣٠).
__________________
٧٠٠ ـ أبو القاسم
الجهني القاضي : مذكور بالكذب في حديث الناس واختراع العجائب الخارقة للعادات.
راجع معجم الأدباء لياقوت الحموي ترجمة أبي الفرج صاحب الأغاني .
٧٠١ ـ أبو المغيرة
: شيخ من أكذب الناس وأخبثه . تاريخ بغداد (١٤ / ٤١٠).
٧٠٢ ـ أبو المهزم
: كذّاب. اللآلئ المصنوعة (١ / ٩٩).
(إِنَّ هؤُلاءِ
مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)
لفت نظر :
هذا غيض من فيض ،
ولعلّ القارئ يستكثره أو يستعظمه ، ذاهلاً عن أنّ وضع الحديث والكذب على النبيّ
الأعظم ، وعلى الثقات من الصحابة الأوّلين والتابعين لهم بإحسان ، لا ينافي عند
كثير من القوم الزهد والورع واتِّصاف الرجل بالتقوى ، بل هو شعار الصالحين
ويتقرّبون به إلى المولى سبحانه ، ومن هنا قال يحيى بن سعيد القطّان : ما رأيت
الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث ، وعنه : لم نرَ أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث ، وعنه : ما رأيت الكذب في أحد أكثر منه فيمن ينسب إلى
الخير والزهد . وقال القرطبي في التذكار (ص ١٥٥) : لا التفات لما وضعه
الواضعون واختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة والأخبار الباطلة في فضل سور
القرآن وغير ذلك من فضائل الأعمال ، وقد ارتكبها جماعة كثيرة وضعوا الحديث
__________________
حسبةً كما زعموا ؛
يدعون الناس إلى فضائل الأعمال ، كما روي عن أبي عصمة نوح ابن أبي مريم المروزي ،
ومحمد بن عكاشة الكرماني ، وأحمد بن عبد الله الجويباري ، وغيرهم. قيل لأبي عصمة :
من أين لك عن عكرمة عن ابن عبّاس في فضل سور القرآن سورةً سورةً؟ فقال : إنّي رأيت
الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق ، فوضعت
هذا الحديث حسبة.
وقال في (ص ١٥٦) :
قد ذكر الحاكم وغيره من شيوخ المحدّثين أنّ رجلاً من الزهّاد انتدب في وضع أحاديث
في فضل القرآن وسوره ، فقيل له : لِمَ فعلتَ هذا؟ فقال : رأيت الناس زهدوا في
القرآن فأحببت أن أُرغِّبهم فيه ، فقيل : فإنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار»
،فقال : أنا ما كذبت عليه إنّما كذبتُ له .
وقال في التحذير
من الموضوعات : وأعظمهم ضرراً قوم منسوبون إلى الزهد وضعوا الحديث حسبةً فيما
زعموا ، فتقبّل الناس موضوعاتهم ثقةً منهم بهم وركوناً إليهم ، فضلّوا وأضلّوا.
وسمعت في (ص ٢٦٨)
قول ميسرة بن عبد ربّه ، لمّا قيل له : من أين جئتَ بهذه الأحاديث؟ قال : وضعتها
أرغّب الناس فيها ، وقوله : إنّي أحتسب في ذلك. وقال الحاكم : كان الحسن ـ الراوي
عن المسيّب بن واضح ـ ممّن يضع الحديث حسبةً. لسان الميزان (٥ / ٢٨٨) ، وكان
نعيم بن حمّاد يضع الحديث في تقوية السنّة ، راجع (ص ٢٦٩)
فكأنّ الكذب
والإفك وقول الزور ليست من الفواحش ، ولم تكن فيها أيّ
__________________
منقصة ومغمزة ،
ولا تنافي شيئاً من فضائل النفس ، ولا تمسّ كرامة ذويها ، فهذا حرب بن ميمون ،
مجتهد عابد ، وهو أكذب الخلق.
وهذا الهيثم
الطائي ، يقوم عامّة الليل بالصلاة ، وإذا أصبح يجلس ويكذب.
وهذا محمد بن
إبراهيم الشامي ، كان من الزهّاد وهو الكذّاب الوضّاع.
وهذا الحافظ عبد
المغيث الحنبلي ، موصوف بالزهد والثقة والدين والصدق والأمانة والصلاح والاجتهاد
واتّباع السنّة والآثار ، وهو يؤلّف من الموضوعات كتاباً في فضائل يزيد بن معاوية.
وهذا معلّى بن
صبيح من عبّاد الموصل ، وكان يضع ويكذب.
وهذا معلّى بن
هلال ، عابد وهو كذّاب.
وهذا محمد بن
عكاشة ، بكّاء عند القراءة ، وهو وضّاع أيّ وضّاع.
وهذا أبو عمر
الزاهد ، ألّف من الموضوعات كتاباً في فضائل معاوية بن أبي سفيان.
وهذا أحمد الباهلي
: من كبار الزهّاد ، وهو ذلك الكذّاب الوضّاع. قال ابن الجوزي : كان يتزهّد ويهجر
شهوات الدنيا ، فحسّن له الشيطان هذا الفعل القبيح.
وهذا البرداني ،
رجل صالح ، ويضع الحديث في فضل معاوية.
وهذا وهب بن حفص :
من الصالحين ، ومكث عشرين سنة لا يكلّم أحداً ، وكان يكذب كذباً فاحشاً.
وهذا أبو بشر
المروزي الفقيه ، أصلب أهل زمانه في السنّة ، وأذبّهم عنها ، وأخفّهم لمن خالفها ،
وكان يضع الحديث ويقلّبه.
وهذا أبو داود
النخعي ، أطول الناس قياماً بليل وأكثرهم صياماً بنهار ، وهو وضّاع.
وهذا أبو يحيى
الوكّار ، من الكذّابين الكبار ، وكان من الصلحاء العبّاد الفقهاء.
وهذا إبراهيم بن
محمد الآمدي ، أحد الزّهاد وأحاديثه موضوعة. لسان الميزان (١ / ٩٩).
وهذا رشدين ،
مقلّب متون الحديث ، وكان صالحاً عابداً ، كما قاله الذهبي .
وهذا إبراهيم أبو
إسماعيل الأشهلي ، كان عابداً صام ستّين سنة لا يُتابع على شيء من حديثه ، كان
يقلّب الأسانيد ويرفع المراسيل. تهذيب التهذيب (١ / ١٠٤).
وهذا جعفر بن
الزبير ، كان مجتهداً في العبادة ، وهو وضّاع .
وهذا أبان بن أبي
عيّاش ، رجل صالح ، كان من العبّاد ، وهو كذّاب.
فمن هنا ترى
كثيراً من الوضّاعين المذكورين بين إمام مقتدى ، وحافظ شهير ، وفقيه حجّة ، وشيخ في
الرواية ، وخطيب بارع ، وكان فريق منهم يتعمّدون الكذب خدمةً لمبدإ ، أو تعظيماً
لإمام ، أو تأييداً لمذهب ، ولذلك كثر الافتعال ووقع التضارب في المناقب والمثالب
بين رجال المذاهب ، وكان من تقصر يده عن الفرية على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالحديث عنه ، فإنّه يبهت الناس باختلاق أطياف حول المذاهب
ورجالاتها.
__________________
ترى أُناساً
افتعلوا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم روايات في مناقب أبي حنيفة ، مثل رواية : سيأتي من بعدي
رجل يقال له النعمان بن ثابت ، ويُكنّى أبا حنيفة ، لَيُحيينّ دين الله وسنّتي على
يديه .
ورواية : في كلّ
قرنٍ من أمّتي سابقون ، وأبو حنيفة سابق في زمانه. أخرجه الخوارزمي في كتابه مناقب
أبي حنيفة (١ / ١٦) بهذا اللفظ.
وفي جامع مسانيد
أبي حنيفة (١ / ١٨) بلفظ : وأبو حنيفة سابق هذه الأمّة ، والسند مرسل عن ابن لهيعة
المتوفّى (١٧٤) ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من طريق حامد بن آدم الكذّاب ؛ كذّبه الجوزجاني وابن عدي ، وعدّه أحمد السليماني فيمن اشتهر بوضع الحديث ، وقال ابن
معين : كذّاب لعنه الله ، مات (٣٣٩).
ورواية : إنّ في
أُمّتي رجلاً اسمه النعمان وكنيته أبو حنيفة ، هو سراج أمّتي ، هو سراج أمّتي ، هو
سراج أمّتي. أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخة (١٣ / ٣٣٥) ، وقال : حديث موضوع.
ورواية : يكون في
آخر الزمان رجل يكنّى بأبي حنيفة ، هو خير هذه الأمّة .
ورواية : سيكون في
أمّتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمّتي .
ورواية : يكون في
أمّتي رجل يقال له النعمان يُكنّى أبا حنيفة ، يجدّد الله له سنّتي
__________________
على يديه ؛ عدّه
ابن عدي من موضوعات أحمد الجويباري الكذّاب الوضّاع. لسان الميزان (١
/ ١٩٣) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٣٨) .
ورواية : أبو
حنيفة سراج أهل الجنّة. في أسنى المطالب (ص ١٤) موضوع
باطل.
ورواية : سيأتي
رجل من بعدي يقال له النعمان بن ثابت ويُكنّى أبا حنيفة ، يُحيى دين الله وسنّتي
على يديه .
ورواية : يجيء رجل
فيحيي سنّتي ويميت البدعة ، اسمه النعمان بن ثابت .
ورواية : إنّ سائر
الأنبياء تفتخر بي وأنا أفتخر بأبي حنيفة ، وهو رجل تقيّ عند ربّي ، وكأنّه جبل من
العلم ، وكأنّه نبيّ من أنبياء بني إسرائيل ، فمن أحبّه فقد أحبّني ، ومن أبغضه
فقد أبغضني. قال ابن الجوزي : موضوع ، وقال العجلوني : لا يصلح وإن تعدّدت طرقه.
كشف الخفاء (١ / ٣٣).
ورواية : إنّ آدم
افتخر بي ، وأنا أفتخر برجل من أمّتي اسمه نعمان ، وكنيته
__________________
أبو حنيفة ، هو
سراج أمّتي ؛ قال العجلوني : موضوع. كشف الخفاء (١ / ٣٣).
ورواية : لو كان
في أمّة موسى وعيسى مثل أبي حنيفة لما تهوّدوا وما تنصّروا .
ورواية : يخرج في
أمّتي رجل يقال له أبو حنيفة ، بين كتفيه خال ، يُحيي الله تعالى على يديه السنّة
؛ مرسل عن مجاهيل. ذكره الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة (١ / ١٦).
ورواية ابن عباس :
يطلع بعد رسول الله بدر على جميع خراسان يكنّى بأبي حنيفة
ورواية أبي
البختري الكذّاب قال : دخل أبو حنيفة على جعفر بن محمد الصادق ، فلمّا نظر إليه
جعفر قال : كأنّي أنظر إليك وأنت تحيي سنّة جدّي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ما اندرست ، وتكون مفزعاً لكلّ ملهوف ، وغياثاً لكلّ
مهموم ، بك يسلك المتحيّرون إذا وقفوا ، وتهديهم إلى الواضح من الطريق إذا تحيّروا
، فلك من الله العون والتوفيق ، حتى يسلك الربّانيّون بك الطريق. أخرجه الخطيب
الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة (١ / ١٩) عن أبي البختري.
ما عساني أن أقول
في رجل يؤلّف كتاباً ضخماً في مناقب أبي حنيفة من هذه المخازي ،
ويأتي بهذه الأكاذيب الشائنة ويبثّها في الملأ الدينيّ كحقائق راهنة ، غير مكترث
بمغبّة دجله ، ولا مبالٍ بالكشف عن سوأته.
__________________
وقد بلغت مغالاة
أمّة من الحنفيّة إلى حدّ زعمت أنّه أعلم من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال عليّ بن جرير : كنت في الكوفة فقدمت البصرة وبها عبد
الله بن المبارك ، فقال لي : كيف تركت الناس؟ قال : قلت : تركت بالكوفة قوماً
يزعمون أنّ أبا حنيفة أعلم من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، [قال : كفروا] ، قلت : اتّخذوك في الكفر إماماً ، قال : فبكى حتى ابتلّت
لحيته ـ يعني أنّه حدّث عنه. تاريخ بغداد (١٣ / ٤٤١).
وعن عليّ بن جرير
قال : قدمت على ابن المبارك فقال له رجل : إنّ رجلين تماريا عندنا في مسألة ، فقال
أحدهما : قال أبو حنيفة ، وقال الآخر : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : كان أبو حنيفة أعلم بالقضاء ، فقال ابن المبارك :
أعد عليّ ، فأعاد عليه ، فقال : كفر كفر ، قلت : بك كفروا ، وبك اتّخذوا الكافر
إماماً. قال : ولِمَ؟ قلت : بروايتك عن أبي حنيفة ، قال : أستغفر الله من رواياتي
عن أبي حنيفة. تاريخ بغداد (١٣ / ٤٤٢).
وعن فضيل بن عياض
قال : إنّ هؤلاء أُشربت قلوبهم حبّ أبي حنيفة ، وأفرطوا فيه ، حتى لا يرون أنّ
أحداً كان أعلم منه. حلية الأولياء (٦ / ٣٥٨).
وكان محمد بن شجاع
أبو عبد الله ـ فقيه أهل العراق ـ يحتال في إبطال الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وردّه ، نصرة لأبي حنيفة ورأيه. تاريخ بغداد (٥ / ٣٥١).
وهناك قوم قابلوا
هؤلاء بالطعن على إمامهم ، وشنّوا عليه الغارات ، وتحاملوا عليه بالوقيعة فيه ، لا
يسعنا ذكر جلّ ما وقفنا عليه من ذلك فضلاً عن كلّه ، غير أنّا نذكر منه النزر
اليسير.
قال ابن عبد البرّ
: فممّن طعن عليه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري
__________________
صاحب الصحيح ،
فقال في كتابه في الضعفاء والمتروكين : أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ، قال
نعيم بن حمّاد : حدثنا يحيى بن سعيد ومعاذ بن معاذ سمعا سفيان الثوري يقول : قيل :
أُستُتيب أبو حنيفة من الكفر مرّتين ، وقال نعيم عن الفزاري : كنت عند سفيان بن عيينة فجاء نعي
أبي حنيفة ، فقال : لعنه الله كان يهدم الإسلام عروةً عروةً ، وما ولد في الإسلام
مولود أشرُّ منه. هذا ما ذكره البخاري.
وقال في (ص ١٥٠)
من الانتقاء : وذكر الساجي في كتاب العلل له في باب أبي حنيفة : أنّه استتيب في
خلق القرآن فتاب ؛ والساجي ممّن كان ينافس أصحاب أبي حنيفة.
وقال ابن الجارود
في كتابه في الضعفاء والمتروكين : النعمان بن ثابت أبو حنيفة ، جلّ حديثه وهم قد
اختُلِفَ في إسلامه.
وروي عن مالك ؛
أنّه قال في أبي حنيفة نحو ما ذكر سفيان : إنّه شرّ مولود وُلد في الإسلام ، وأنّه
لو خرج على هذه الأمّة بالسيف كان أهون.
وذكر الساجي قال :
حدّثنا أبو السائب ، قال : سمعت وكيع بن الجراح يقول : وجدت أبا حنيفة خالف مائتي
حديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وذكره الخطيب في تاريخه (١٣ / ٤٠٧).
وذكر الساجي قال :
حدّثني محمد بن روح المدائني ، قال : حدّثني معلّى بن أسد ، قال : قلت لابن
المبارك : كان الناس يقولون إنّك تذهب إلى قول أبي حنيفة؟ قال : ليس كلّ ما يقول
الناس يصيبون فيه ، كنّا نأتيه زماناً ونحن لا نعرفه ، فلمّا عرفناه تركناه. قال :
وحدّثني محمد بن أبي عبد الرحمن المقري ، قال : سمعت أبي
__________________
يقول : دعاني أبو
حنيفة إلى الإرجاء غير مرّة فلم أُجبه.
وفي (ص ١٥٢) قال
أبو عمر : سمع الطحاوي أبو جعفر رجلاً ينشده :
إن كنتِ كاذبةً
بما حدَّثتِني
|
|
فعليك إثمُ أبي
حنيفةَ أو زفر
|
الواثبين على
القياس تعدِّياً
|
|
والناكبين عن
الطريقة والأثر
|
وقال أبو جعفر :
وددت أنّ لي حسناتهما وأُجورهما وعليّ إثمهما.
وقال عبد الله بن
أحمد بن حنبل : أصحاب أبي حنيفة لا ينبغي أن يُروى عنهم شيء ، وسُئل عبد الله بن
أحمد عن أبي حنيفة يُروى عنه؟ قال : لا .
وعن منصور بن أبي
مزاحم ، قال : سمعت مالك بن أنس ـ وذُكِر أبو حنيفة ـ ، قال : كاد الدين ، ومن كاد
الدين فليس من أهله. حلية الأولياء (٦ / ٣٢٥) ، وذكره الخطيب في تاريخه (١٣ / ٤٠٠).
وعن الوليد بن
مسلم قال : قال لي مالك بن أنس : يُذكر أبو حنيفة ببلدكم؟ قلت : نعم ، قال : ما
ينبغي لبلدكم أن يُسكن. حلية الأولياء (٦ / ٣٢٥).
كان ابن أبي ليلى
يتمثّل بأبيات منها :
إلى شنآنِ
المرجئين ورأيِهمْ
|
|
عمر بن ذرٍّ
وابنِ قيسِ الماصرِ
|
وعتيبة الدبّاب
لا يُرضى به
|
|
وأبو حنيفةَ
شيخُ سوءٍ كافرِ
|
وعن يوسف بن أسباط
: ردّ أبو حنيفة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أربعمائة حديث
__________________
أو أكثر. وعن مالك
أنّه قال : ما ولد في الإسلام مولود أضرّ على أهل الإسلام من أبي حنيفة.
وعنه : كانت فتنة
أبي حنيفة أضرّ على هذه الأمّة من فتنة إبليس في الوجهين جميعاً : في الإرجاء ،
وما وضع من نقض السنن.
وعن عبد الرحمن بن
مهدي : ما أعلم في الإسلام فتنةً بعد فتنة الدجّال أعظم من رأي أبي حنيفة.
وعن شريك : لئن
يكون في كلّ حيٍّ من الأحياء خمّار خير من أن يكون فيه رجل من أصحاب أبي حنيفة.
وعن الأوزاعي :
عمد أبو حنيفة إلى عرى الإسلام فنقضها عروة عروة ، ما ولد مولود في الإسلام أضرّ
على الإسلام منه.
وعن سفيان الثوري
أنّه قال ـ إذ جاءه نعي أبي حنيفة ـ : الحمد لله الذي أراح المسلمين منه ، لقد كان
ينقض عرى الإسلام عروة عروة ، ما ولد في الإسلام مولود أشأم على أهل الإسلام منه.
وعنه ـ وذكر عنده
أبو حنيفة ـ : يتعسّف الأمور بغير علم ولا سنّة.
وعن عبد الله بن
إدريس : أبو حنيفة ضالّ مضلّ.
وعن ابن أبي شيبة
ـ وذكر أبا حنيفة ـ : أراه كان يهوديّا.
وعن أحمد بن حنبل
أنّه قال : كان أبو حنيفة يكذب وقال : أصحاب أبي حنيفة ينبغي أن لا يروى عنهم شيء.
تاريخ بغداد (٧ / ١٧).
وعن أبي حفص عمرو
بن عليّ : أبو حنيفة صاحب الرأي ، ليس بالحافظ ، مضطرب الحديث ، واهي الحديث ،
وصاحب هوى.
وترى آخرين
افتعلوا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رواية : عالم قريش يملأ طباق الأرض علماً وحملوه على محمد بن إدريس إمام الشافعيّة.
وزعم المزني أنّه
رأى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام فسأله عن الشافعي ، فقال : من أراد محبّتي
وسنّتي فعليه بمحمد بن إدريس الشافعي المطّلبي ، فإنّه منّي وأنا منه. تاريخ بغداد
(٢ / ٦٩).
وعن محمد بن نصر
الترمذي أنّه قال : كتبت الحديث تسعاً وعشرين سنة ، وسمعت مسائل مالك وقوله ، ولم
يكن لي حسن رأي في الشافعيّ ، فبينا أنا قاعد في مسجد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمدينة ، إذ غفوت غفوة فرأيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام ، فقلت : يا رسول الله أكتب رأي أبي حنيفة؟ قال
: لا ، قلت : أكتب رأي مالك؟ قال : ما وافق حديثي ، قلت له : أكتب رأي الشافعي؟
فطأطأ رأسه شبه الغضبان لقولي وقال : ليس هذا بالرأي ، هذا ردّ على من خالف سنّتي
، فخرجت على أثر هذه الرؤيا إلى مصر ، فكتبت كتب الشافعي. تاريخ بغداد (١ / ٣٦٦).
وقال أحمد بن نصر
: رأيت النبيّ في منامي فقلت : يا رسول الله بمن تأمرنا أن نقتدي به من أمّتك في
عصرنا ، ونركن إلى قوله ، ونعتقد مذهبه؟! فقال : عليكم بمحمد بن إدريس الشافعيّ ،
فإنّه منّي ، وإنّ الله قد رضي عنه وعن جميع أصحابه ومن يصحبه ويعتقد مذهبه إلى
يوم القيامة ، قلت له : وبمن؟ قال : بأحمد بن حنبل ، فنعم الفقيه الورع الزاهد.
تاريخ الشام (٢ / ٤٨).
وعن أحمد بن الحسن
الترمذي قال : كنت في الروضة فأغفيت فإذا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أقبل ، فقمت إليه فقلت : يا رسول الله قد كثر الاختلاف
في الدين ، فما تقول في رأي أبي حنيفة؟ فقال : أُفّ ، ونفض يده ، قلت : فما تقول
في رأي مالك؟ فرفع يده
__________________
وطأطأ ، وقال :
أصاب وأخطأ ، قلت : فما تقول في رأي الشافعيّ؟ قال : بأبي ابن عمّي ، أحيا سنّتي.
تاريخ بغداد (٢ / ٦٩).
وعنه قال : رأيت
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام فقلت : يا رسول الله أما ترى ما في الناس من
الاختلاف؟ قال : فقال لي : في أيّ شيء؟ قال : قلت : أبو حنيفة ومالك والشافعي.
فقال : أمّا أبو حنيفة فما أدري من هو ، وأمّا مالك فقد كتب العلم ، وأمّا الشافعي
فمنّي وإليّ. تاريخ بغداد (٤ / ٢٣١).
ويأتي حنفيّ محاجّ
يتقرّب إلى إمامه بوضع الحديث على النبيّ الأعظم من طريق أبي هريرة ، أنّه قال :
سيكون في أمّتي رجل يقال له أبو حنيفة ، هو سراج أُمّتي ، وسيكون في أُمّتي رجل
يقال له : محمد بن إدريس فتنته على أُمّتي أضرّ من فتنة إبليس ، وفي لفظ : أضرّ
على أُمّتي من إبليس .
وكان محمد بن موسى
الحنفي القاضي بدمشق ، المتوفّى (٥٠٦) يقول : لو كان لي أمر لأخذت الجزية من
الشافعيّة . البداية والنهاية (١٢ / ١٧٥) ، لسان الميزان (٥ / ٤٠٢).
وكان محبّ الدين
محمد بن محمد الدمراقي الحنفي المتوفّى (٧٨٩) ـ ذاك العالم الورع الذي كان يقرأ
كلّ يوم ختمة ـ شديد العصبيّة ، يقع في الشافعي ويرى ذلك عبادة. شذرات الذهب (٦ / ٣١٠).
وتأتي المالكيّة
بالزعمات ، فتروي ما وضعه بعضهم على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من
__________________
رواية : يكاد
الناس يضربون أكباد الإبل فلا يجدون أعلم من عالم المدينة ، وطبّقوها على مالك بن أنس ، فكأنّ المدينة لم تكن عاصمة
الإسلام ، ولم يكن هناك عالم يُقصد قبل مالك وبعده ، وكأنّ عائلة النبوّة التي
جعلها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قرينة القرآن في الاستخلاف وقال : «إنّي مخلّف فيكم
الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي» لم ترث علم النبيّ الأعظم ، وكأنّ صادق آل
محمد ـ وكلّهم صادقون ـ لم يكن هو المنتجع الوحيد في العلم لأئمّة الدنيا في ذلك
اليوم ، وكأنّ مالكاً لم يكن من تلامذته.
فيأتي الرجل بدعوى الإجماع المجرّدة من المسلمين ، على أنّ مالكاً هو
المراد من ذلك الحديث المزوّر ، ذاهلاً عن قول محمد بن عبد الرحمن : إنّ أحمد كان
أفضل من مالك بن أنس. تاريخ بغداد (٢ / ٢٩٨).
وعن قول أحمد إمام
الحنابلة : كان ابن أبي ذئب أفضل من مالك بن أنس. تاريخ بغداد (٢ / ٢٩٨).
وعن قول يحيى بن
سعيد : إنّ سفيان فوق مالك من كلّ شيء ، في الحديث والفقه والزهد. تاريخ بغداد (٩
/ ١٦٤).
وعن قول عطيّة بن
أسباط : إنّ أبا حنيفة أفقه من ملء الأرض مثل مالك .
وعن قول الشافعيّ
وابن بكير : إنّ ليث بن سعيد الفهمي ـ شيخ الديار المصريّة ـ أفقه من مالك . خلاصة التهذيب (ص ٢٧٥) ، طبقات الحفّاظ (١ / ٢٠٨).
__________________
وعن قول أبي موسى
الأنصاري قال : سألت سفيان بن عيينة ، فحدّثنا عن ابن جريج مرفوعاً : يوشك أن يضرب
الرجل أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجد عالماً أعلم من عالم المدينة ، قال أبو
موسى : فقلت لسفيان : أكان ابن جريج يقول : نرى أنّه مالك بن أنس ، فقال : إنّما
العالم من يخشى الله ، ولا نعلم أحداً كان أخشى لله من العمري ـ يعني عبد الله بن
عبد العزيز العمري. تاريخ بغداد (٦ / ٣٧٧).
وعن قول يحيى بن
صالح : محمد بن الحسن ـ الشيباني ـ أفقه من مالك. تاريخ بغداد (٢ / ١٧٥).
وعن قول أحمد بن
حنبل : بلغ ابن أبي ذئب أنّ مالكاً لم يأخذ بحديث البيّعين بالخيار ، قال :
يُستتاب وإلاّ ضُربت عنقه ، ومالك لم يردّ الحديث ولكن تأوّله على غير ذلك ، فقال
شاميّ : من أعلم ، مالك أو ابن أبي ذئب؟ فقال : ابن أبي ذئب في هذا أكبر من مالك ،
وابن أبي ذئب أصلح في دينه وأورع ورعاً وأقوم بالحقّ من مالك عند السلاطين. تاريخ
بغداد (٢ / ٣٠٢).
وللمالكيّة حول
إمامهم منامات ، زعموا رؤية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وثناءه على مالك ، يوجد شطر منها في حلية الأولياء (٦ /
٣١٧) وغيرها.
وللحنابلة أشواط
بعيدة وخطوات واسعة في الدعاية إلى المذهب وإلى إمامهم ، فقد افتعلوا أطيافاً تصمّ
منها المسامع ، ويقصر عن مغزاها كلّ غلوّ ، وقد أسلفنا يسيراً منها في هذا الجزء (ص
١٩٨ ـ ٢٠١) ، ومنها ما أخرجه ابن الجوزي في مناقب أحمد (ص ٤٥٥) بإسناده
عن عليّ بن عبد العزيز الطلحي ، قال : قال لي الربيع بن سليمان : قال لي الشافعي :
يا ربيع خذ كتابي وأمض به وسلّمه إلى [أبي] عبد الله أحمد بن
__________________
حنبل وأتني
بالجواب. قال الربيع : فدخلت بغداد ومعي الكتاب ، ولقيت أحمد بن حنبل صلاة الصبح
فصليت معه الفجر ، فلمّا انفتل من المحراب سلّمت [إليه] الكتاب ، وقلت له : هذا كتاب أخيك الشافعيّ من مصر. فقال
أحمد : نظرت فيه؟ قلتُ : لا ، وكسر أحمد الخاتم وقرأ الكتاب فتغرغرت عيناهُ
بالدموع ، فقلت له : أيّ شيء فيه يا أبا عبد الله؟ فقال : يذكر أنّه رأى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام ، فقال له : اكتب إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل
واقرأ عليه منّي السلام ، وقل : إنّك ستُمتحن وتُدعى إلى خلق القرآن فلا تجبهم ،
يرفع الله لك علماً إلى يوم القيامة.
قال الربيع فقلت :
البشارة ، فخلع قميصه الذي يلي جلده فدفعه إليّ ، فأخذته وخرجت إلى مصر ، وأخذت
جواب الكتاب وسلّمته إلى الشافعي ، فقال لي : يا ربيع ، أيّ شيء الذي دفع إليك؟
قلت : القميص الذي يلي جلده ؛ فقال لي الشافعي : ليس نفجعك به ولكن بلّه وادفع
إلينا الماء حتى أُشركك فيه . ورواه بطريق آخر وفيه : قال الربيع : فغسلته فحملت ماءه
إليه فتركته في قنينة ، وكنت أراه في كلّ يوم يأخذ منه ويمسح على وجهه تبرّكاً
بأحمد بن حنبل. وذكره ابن كثير في تاريخه (١٠ / ٣٣١) نقلاً
عن البيهقي.
وقال الفقيه أحمد
بن محمد أبو بكر اليازودي : دخلت العراق فكتبت كتب أهل العراق ، وكتبت كتب أهل
الحجاز ، فمن كثرة اختلافهما لم أدر بأيّهما آخذ ، إلى أن قال : فمن كثرة
اختلافهما تركت الجماعة وخرجت ، فأصابني غمّ وبتُّ مغموماً. فلمّا
__________________
كان في جوف الليل
قمت وتوضّأت وصلّيت ركعتين ، وقلت : اللهمّ اهدني إلى ما تحبّ وترضى ، ثمّ أويت
إلى فراشي فرأيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يرى النائم ، دخل من باب بني شيبة ، فأسند ظهره إلى
الكعبة ، ورأيت الشافعيّ وأحمد بن حنبل على يمين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يتبسّم إليهما ، ورأيت بشر المريسي على يسار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مكلح الوجه ، فقلت : يا رسول الله ، من كثرة اختلاف هذين
الرجلين لم أدر بأيّهما آخذ. فأومأ إلى الشافعيّ وأحمد بن حنبل ، وقال : أولئك
الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوّة ، ثمّ أومأ إلى بشر المريسي وقال : فإن يكفر
بها هؤلاء فقد وكّلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين. قال أبو بكر : والله لقد رأيت
هذه الرؤيا وتصدّقت من الغد بألف دينار ، وعلمت أنّ الحقّ مع الشيخين ، إلخ. رواه ابن عساكر في
تاريخه (١ / ٤٥٤) نقلاً
عن الحافظين البيهقي والجوزقي.
وبلغ غلوُّ
الحنابلة في إمامهم إلى حدّ قال المديني : إنّ الله أعزّ هذا الدين برجلين ليس
لهما ثالث : أبو بكر الصدّيق يوم الردّة ، وأحمد بن حنبل يوم المحنة . وقال : ما قام أحد بأمر الإسلام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما قام به أحمد بن حنبل ، قال : الميموني قلت له : يا أبا
الحسن! ولا أبو بكر الصدّيق؟ قال : ولا أبو بكر الصدّيق ، إنّ أبا بكر الصدّيق كان
له أعوان وأصحاب ، وأحمد بن حنبل لم يكن له أعوان وأصحاب. تاريخ بغداد (٤ / ٤١٨)
وهناك مثل أبي
عليّ الحسين بن عليّ الكرابيسي الشافعي المتوفّى (٢٤٥ ، ٢٤٨)
__________________
يتحامل على الإمام
أحمد ويتكلّم فيه ، ويقول لمّا سمع قوله في القرآن : ايش نعمل بهذا الصبّي؟ إن
قلنا : مخلوق ، قال : بدعة ، وإن قلنا : غير مخلوق ، قال : بدعة .
ومثل مرجان الخادم
المتفقّه لمذهب الشافعي المتوفّى (٥٦٠) كان يتعصّب على الحنابلة ويكرههم ، حتى إنّ
الحطيم الذي برسم الوزير ابن هبيرة بمكة يصلّي فيه ابن الطبّاخ الحنبلي ، مضى مرجان وأزاله من غير تقدّم بغضاً للقوم ، وكان يقول
لابن الجوزي الحنبلي : مقصودي قلع مذهبكم وقطع ذكركم ، ولمّا توفّي مرجان فرح ابن
الجوزي فرحاً شديداً . المنتظم (١٠ / ٢١٣) ، البداية والنهاية (١٢ / ٢٥٠).
وقال ابن الجوزي
في المنتظم (١٠ / ٢٢٤) : كان
أبو سعد السمعاني المتوفّى (٥٦٣) يتعصّب على مذهب أحمد ويبالغ ، فذكر من أصحابنا
جماعة وطعن فيهم بما لا يوجب الطعن.
ولابن الجوزي في
المنتظم (٨ / ٢٦٧) كلمة
ضافية حول تعصّب أبي بكر الخطيب البغدادي ـ صاحب التاريخ ـ على مذهب أحمد وأصحابه
، إلى أن قذفه بعدم الحياء وقلّة الدين.
وكان محمد بن محمد
أبو المظفّر البروي المتوفّى (٥٦٧) يتكلّم في الحنابلة ، وتعصّب عليهم وبالغ في
ذمّهم ، وقال : لو كان لي أمر لوضعت عليهم الجزية ، فدَسّ الحنابلة عليه سمّا فمات
منه هو وزوجته وولد له صغير. المنتظم (١٠ / ٢٣٩).
__________________
نعم ؛ هناك من لم
تزحزحه النزعات والأهواء عن الهتاف بالصدق نظراء الفيروزآبادي صاحب القاموس ،
والعجلوني ، فقال الأوّل في خاتمة كتابه سفر السعادة . والثاني في كشف الخفاء (٢ / ٤٢٠) ـ باب فضائل أبي حنيفة
والشافعيّ ـ : وذمّهم ليس فيه شيء صحيح ، وكلّ ما ذكر من ذلك فهو موضوع ومفترى.
وقال ابن درويش
الحوت في أسنى المطالب (ص ١٤) : لم يرد
في أحد من الأئمّة بعينه نصّ لا صحيح ولا ضعيف.
قائمة الموضوعات والمقلوبات
في وسع الباحث أن
يتّخذ ممّا ذُكر في سلسلة الكذّابين من عدّ ما وضعوه أو قلّبوه قائمة تقرّب له
الوقوف على حساب الموضوعات والمقلوبات من الأحاديث المبثوثة في طيّات كتب القوم
ومسانيدهم ، وإن لم يمكنه عرفان جلّها فضلاً عن كلّها ؛ إذ لم يكن هناك ديوان
لتسجيل الوضّاعين ، وضبط ما افتعلوه ، وحصر ما لفّقوه من موضوع أو مقلوب ، والذي
يوجد في ترجمة شرذمةٍ قليلة من أُولئك الجمّ الغفير إنّما هو من لقطات التاريخ ،
حفظته يد الصدفة لا عن قصدٍ ، وإليك جملة من تلك الثَّوِيلة :
الأعلام
|
عدد الأحاديث
|
أبو سعيد أبان
بن جعفر : وضع أكثر من
|
٣٠٠
|
أبو عليّ أحمد
الجويباري : وضع هو وابنا عكاشة وتميم أكثر من
|
١٠٠٠٠
|
أحمد بن محمد
القيسي : لعلّه وضع على الأئمّة أكثر من
|
٣٠٠٠
|
__________________
الأعلام
|
عدد الأحاديث
|
أحمد بن محمد
الباهلي : أحاديثه الموضوعة
|
٤٠٠
|
أحمد بن محمد
المروزي : قلّب على الثقات أكثر من
|
١٠٠٠٠
|
أحمد أبو سهل
الحنفي : أحاديثه المكذوبة
|
٥٠٠
|
بشر بن الحسين
الأصبهاني : له نسخة موضوعة فيها
|
١٥٠
|
بشر بن عون : له
نسخة موضوعة نحو
|
١٠٠
|
جعفر بن الزبير
: وضع على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
|
٤٠٠
|
الحارث بن
أُسامة : أخرج أحاديث موضوعة تعدّ
|
٣٠
|
الحسن العدوي :
حدّث بموضوعات تربو على
|
١٠٠٠
|
الحكم بن عبد
الله أبو سلمة : وضع نحو
|
٥٠
|
دينار الحبشي :
روى عن أنس من الموضوعات قريباً من
|
١٠٠
|
زيد بن الحسن :
وضع
|
٤٠
|
زيد بن رفاعة
أبو الخير : له من الموضوعات
|
٤٠
|
سليمان بن عيسى
: وضع بضعة و
|
٢٠
|
شيخ بن أبي خالد
البصري : وضع
|
٤٠٠
|
صالح بن أحمد
القيراطي : لعلّه قلّب أكثر من
|
١٠٠٠٠
|
عبد الرحمن بن
داود : له من الموضوعات
|
٤٠
|
عبد الرحيم
الفاريابي : وضع أكثر من
|
٥٠٠
|
عبد العزيز :
موضوعاته ومقلوباته
|
١٠٠
|
عبد الكريم بن
أبي العوجاء : وضع
|
٤٠٠٠
|
عبد الله
القزويني : وضع على الشافعي نحو
|
٢٠٠
|
__________________
عبد الله
القدامي : قلّب على مالك أكثر من
|
١٥٠
|
عبد الله الروحي
: روى من الموضوع أكثر من
|
١٠٠
|
عبد المنعم :
أخرج من الحديث الكذب نحواً من
|
٢٠٠
|
عثمان بن مقسم :
له عند شيبان ممّا لا يسمع
|
٢٥٠٠٠
|
عمر بن شاكر :
له نسخة غير محفوظة نحو
|
٢٠
|
محمد بن عبد
الرحمن البيلماني : حدّث كذباً
|
٢٠٠
|
محمد بن يونس
الكديمي : وضع أكثر من
|
١٠٠٠
|
محمد بن عمر
الواقدي : روى ممّا لا أصل له
|
٣٠٠٠٠
|
معلّى بن عبد الرحمن الواسطي : وضع
|
٩٠
|
ميسرة بن عبد
ربّه البصري : وضع
|
٤٠
|
نوح بن أبي مريم
: وضع في فضل السوَر
|
١١٤
|
هشام بن عمّار :
حدّث كذباً
|
٤٠٠
|
فمجموع موضوعات
هؤلاء المذكورين ومقلوباتهم :
|
٩٨٦٨٤
|
أضف إليها ما
تركوا من حديث عبّاد البصري من
|
٦٠٠٠٠
|
وما رُمي من
حديث عمر بن هارون من
|
٧٠٠٠٠
|
وما رُمي من
حديث عبد الله الرازي من
|
١٠٠٠٠
|
وما تُرك من
حديث ابن زبالة من
|
١٠٠٠٠٠
|
وما رُمي من
أحاديث محمد بن حميد من
|
٥٠٠٠٠
|
وما أسقطوه ممّا
كتبوه من حديث نصر من
|
٢٠٠٠٠
|
|
٤٠٨٦٨٤
|
__________________
فمجموع ما لا
يصحُّ من أحاديث هذا الجمع القليل فحسب يقدر بأربعمائة وثمانية آلاف وستمائة
وأربعة وثمانين حديثاً.
ولا يعزب عن
الباحث أنّ هذا العدد إنّما هو نزر يسير نظراً إلى ما اختلقته أيدي الافتعال
الأثيمة المتكثّرة ، وكان لجلّ الكذّابين الوضّاعين ـ لو لا كلّهم ـ تآليف تحوي
شتات ما لفّقوه ممّا لا يُحدُّ ولا يُقدّر ، والتاريخ لم يحفظ لنا شيئاً منها غير
الإيعاز إليها في تراجم جمع من مؤلّفيها : كما مرّ من أقوالهم :
أحمد بن إبراهيم
المزني : له نسخة موضوعة.
أحمد بن محمد
الحِمّاني : صنّف في مناقب أبي حنيفة كلّها موضوعة.
إسحاق بن محمشاذ :
له مصنّف في فضائل ابن كرام كلّها موضوعة.
أيّوب بن مدرك
الحنفي : له نسخة موضوعة.
بريه بن محمد
البيّع : له كتاب أحاديثه موضوعة.
الحسن بن عليّ
الأهوازي : صنّف كتاباً أتى بالموضوعات.
الحسين بن داود
البلخي : له نسخة أكثرها موضوع.
داود بن عفّان :
له نسخة موضوعة على أنس.
زكريّا بن دريد :
له نسخة كلّها موضوعة.
عبد الرحمن بن
حمّاد : عنده نسخة موضوعة.
عبد العزيز بن أبي
زواد : عنده نسخة موضوعة.
عبد الكريم بن عبد
الكريم : له كتاب موضوع.
عبد الله بن
الحارث : له نسخة كلّها موضوعة.
عبد الله بن عمر
القاضي : له نسخة موضوعة على مالك.
عبد المغيث بن
زهير الحنبلي : له جزء موضوع في فضائل يزيد.
عبيد بن القاسم :
له نسخة موضوعة.
العلاء بن زيد
البصري : له نسخة موضوعة.
لاحق بن الحسين
المقدسي : كتب من حديثه الموضوع زيادة على خمسين جزءاً.
محمد بن أحمد
المصري : له نسخة موضوعة.
محمد بن الحسن
السلمي : ألّف كتباً تبلغ مائة كتاب.
محمد بن عبد
الواحد الزاهد : له جزء في فضائل معاوية.
محمد بن يوسف
الرقّي : وضع نحواً من ستّين نسخة.
موسى بن عبد
الرحمن الثقفي : وضع كتاباً في التفسير.
وعلى القارئ أن
يتّخذ هذا مقياساً ويقدّر به موضوعات جميع من ذكرناه من الكذّابين والوضّاعين
ومقلوباتهم ومن لم نذكرهم ، فلا يستكثر عندئذٍ قول يحيى بن معين : كتبنا عن
الكذّابين وسجرنا به التنّور وأخرجنا به خبزاً نضيجاً .
وقول البخاري صاحب
الصحيح : أحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح .
وقول إسحاق بن
إبراهيم الحنظلي : إنّه حفظ أربعة آلاف حديث مزوّرة .
وقول يحيى بن معين
: أيّ صاحب حديث لا يكتب عن كذّاب ألف حديث؟ تاريخ بغداد (١ / ٤٣).
وقول الخطيب
البغدادي : لأهل الكوفة وأهل خراسان من الأحاديث الموضوعة والأسانيد المصنوعة نسخ
كثيرة ، وقلّ ما يوجد بحمد الله في محدِّثي البغداديّين ما يوجد في غيرهم من
الاشتهار بوضع الحديث والكذب في الرواية. تاريخ بغداد (١ / ٤٤).
وقول أبي بكر بن
أبي سبرة الوضّاع الكذّاب : عندي سبعون ألف حديث في الحلال والحرام. تهذيب التهذيب
(١٢ / ٢٧).
__________________
وقد عدّ
الفيروزآبادي صاحب القاموس في خاتمة كتابه سفر السعادة . واحداً وتسعين باباً توجد فيها أحاديث كثيرة في كتبهم ،
فقال : ليس منها شيء صحيح ، ولم يثبت منها عند جهابذة علماء الحديث.
وذكر العجلوني في
خاتمة كتابه كشف الخفاء ، جملة من الموضوعات والوضّاعين والكتب المزوّرة ، وعدّ في
(ص ٤١٩ ـ ٤٢٤) مائة باب ـ أكثرها في الفقه ـ وقال بعد كلّ باب : لم يصحّ فيه حديث
، أو ليس فيه حديث صحيح ، وما يقرب من ذلك.
وعدّ ابن الحوت
البيروتي في أسنى المطالب ما يربو على ثلاثين مبحثاً ممّا يرى الأحاديث الواردة
فيه باطلاً لم يصحّ شيء منها.
ويعرب عن كثرة
الموضوعات اختيار أئمّة الحديث أخبار تآليفهم الصحاح والمسانيد من أحاديث كثيرة
هائلة ، والصفح عن ذلك الهوش الهائش. قد أتى أبو داود في سننه بأربعة آلاف
وثمانمائة حديثٍ وقال : انتخبته من خمسمائة ألف حديث ، ويحتوي صحيح البخاري من الخالص بلا تكرار ألفي حديث
وسبعمائة وواحداً وستّين حديثاً اختاره من زهاء ستمائة ألف حديث ، وفي صحيح مسلم أربعة آلاف حديث أصول دون المكرّرات صنّفه
من ثلاثمائة ألف ، وذكر أحمد بن حنبل في مسنده ثلاثين ألف حديث ، وقد
انتخبه من أكثر من سبعمائة وخمسين ألف
__________________
حديث ، وكان يحفظ
ألف ألف حديث ، وكتب أحمد بن الفرات المتوفّى (٢٥٨) ألف ألف وخمسمائة
ألف حديث ، فأخذ من ذلك ثلاثمائة ألف في التفسير والأحكام والفوائد وغيرها. خلاصة
التهذيب (ص ٩).
هذه ناحية واحدة
من شئون الحديث ، وهناك نواحي أُخرى ناشئة عن ألفاظ الجرح المتكثّرة غير الكذب
والوضع ، توجد تحت كلّ واحدة منها أُمّة كبيرة من رجال الحديث ، جاء كلّ فرد منها
بأحاديث جمّة ، مثل قولهم :
لا تحلُّ الرواية
عنه ، أحاديثه كلّها موضوعة ، يروي ما لا أصل له ، يروي الموضوعات عن الثقات ،
أحاديثه مقلوبة منكرة ، ليس بشيء في الحديث ، يأتي عن الثقات بالطامّات ، لا يحلّ
الاحتجاج به ، يقلّب الأسانيد ويرفع ، يرفع الموقوف ويوصل ، يسرق الحديث ويقلّب ،
ليس بثقة في الحديث ، لا يحلُّ كتب حديثه ، لا يُتابع في جلّ حديثه ، لم يكن ثقةً
ولا مأموناً ، كلّ الأصحاب مجمع على تركه ، عامّة ما يرويه غير محفوظة ، لا
يُستدلُّ به ويُعتبر به ، ليس له حديث يعتمد عليه ، مضطرب الحديث ليس بشيء ، يكثر
من المناكير في تآليفه ، متّفق على تركه ، يأتي الموضوعات ، يأتي بالمقلوبات ،
ذاهب الحديث ، لا يُكتب عنه ، مدلّس عن الكذّابين ، لا يسوى شيئاً ، ينفرد
بالمناكير ، ليس بحجّة ، واهٍ بمرّة ، ضعيف جدّا ، هالك ، ساقط ، مبتدع ، يدلّس ،
اختلط ، يخلط ، متّهم بالكذب ، يُتّهم بوضع الحديث.
مشكلة الثقة
والثقات :
هذا شأن من لا
يوثق به وبحديثه عند القوم ؛ وأمّا من يوصف بالثقة فهناك
__________________
مشكلة عويصة لا
تنحلُّ ، وتجعل القارئ في بهيتة ، فلا يعرف أيُّ مثقّف قطُّ ما الثقة وما معناها ،
وأيّ ملكة هي ، وما يراد منها ، وبما ذا تتأتّى ، وأيّ خلّةٍ تضادّها وتناقضها ،
فهلمّ معي نقرأ تاريخ جمعٍ نُصّ على ثقتهم نظراء :
١ ـ زياد بن أبيه
: صاحب الطامّات والجرائم الموبقة. قال خليفة بن خيّاط : كان يعدُّ من الزهّاد ،
وقال أحمد بن صالح : لم يكن يُتّهم بالكذب. تاريخ ابن عساكر (٥ / ٤٠٦ ، ٤١٤).
٢ ـ عمر بن سعد بن
أبي وقّاص : قاتل الإمام السبط الشهيد ، قال العجلي : ثقة. خلاصة التهذيب (ص ١٤٠).
٣ ـ عمران بن
حطّان : رأس الخوارج صاحب الشعر المعروف في ابن ملجم المرادي
يا ضربة من تقيٍّ
ما أراد بها
|
|
إلاّ ليبلغ من
ذي العرش رضوانا
|
إنّي لأذكره
حيناً فأحسبه
|
|
أوفى البريّة
عند الله ميزانا
|
وثّقه العجلي ، وجعله البخاري من رجال صحيحه ، وأخرج عنه.
٤ ـ إسماعيل بن
أوسط البجلي أمير الكوفة المتوفّى (١١٧) : كان من أعوان الحجّاج بن يوسف الثقفي ،
وقدّم سعيد بن جبير للقتل ، وثّقه ابن معين ، وعدّه ابن حبّان من الثقات . ميزان الاعتدال (١ / ١٠٣) ، لسان الميزان (١ / ٣٩٥).
__________________
٥ ـ أسد بن وداعة
: شاميّ تابعيّ ناصبيّ ، كان يسبُّ عليّا ، وكان عابداً ، وثّقه النسائي . ميزان الاعتدال (١ / ٩٧) ، لسان الميزان (١ / ٣٨٥).
٦ ـ أبو بكر محمد
بن هارون : ناصبيّ منحرف ، وكان يُعرف بالإغراب عن أمير المؤمنين ، وثّقه الخطيب
البغدادي . لسان الميزان (٥ / ٤١١).
٧ ـ خالد القسري :
الأمير الناصبيّ البغيض الظلوم ، هكذا وصفه الذهبي. وفي تاريخ ابن كثير (١٠ / ٢٠ ، ٢١) :
كان رجل سوء يقع في عليّ بن أبي طالب ، وكانت أُمّه نصرانيّة ، وكان متّهماً في
دينه ، وقد بنى لأمّه كنيسة في داره. قال ابن حبّان : ثقه.
٨ ـ إسحاق بن سويد
العدوي البصري المتوفّى (١٣١) : كان يحمل على عليّ تحاملاً شديداً ، وقال : لا
أُحبّ عليّا. وثّقه أحمد وابن معين والنسائي ، وهو من رجال صحاح البخاري ومسلم
وأبي داود والنسائي. تهذيب التهذيب (١ / ٢٣٦).
٩ ـ نعيم بن أبي
هند المتوفّى (٢١١) الناصبيّ : كان يتناول عليّا أمير المؤمنين ، وثّقه النسائي.
ميزان الاعتدال (٣ / ٢٤٣).
١٠ ـ حريز بن
عثمان : الذي كان يصلّي في المسجد ولا يخرج منه حتى يلعن عليّا سبعين لعنة كلّ يوم
، قال إسماعيل بن عيّاش : رافقت حريزاً من مصر إلى مكة فجعل يسبُّ عليّا ويلعنه ،
وقال لي : هذا الذي يرويه الناس أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعليّ :
__________________
«أنت منّي بمنزلة
هارون من موسى» حقُّ ، ولكن أخطأ السامع. قلت : فما هو؟ قال : إنّما هو : أنت منّي
بمكان قارون من موسى ، قلت : عمّن ترويه؟ قال : سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله
على المنبر ، احتجّ بحديثه البخاري وأبو داود والترمذي وغيرهم ، وفي
الرياض النضرة (٢ / ٢١٦) : ثقة
ولكن يبغض عليّا ، أبغضه الله عزَّ وجلَّ.
١١ ـ أزهر بن عبد
الله الحمصي : كان يسبُّ عليّا ، وثّقه العجلي ، وهو من رجال أبي داود والترمذي والنسائي. تهذيب التهذيب (١ / ٢٠٤).
١٢ ـ عبد الرحمن
بن إبراهيم الشهير بدُحَيْم الشاميّ : القائل بأنّ من قال : إنّ الفئة الباغية هم
أهل الشام فهو ابن الفاعلة ، يروي عنه البخاري وغيره ، وعرّف بالثقة وأنّه حجّة .
١٣ ـ الحافظ عبد
المغيث الحنبلي : يؤلّف كتاباً في فضائل يزيد بن معاوية ، يأتي بالموضوعات ،
ويترجَم بالزهد والثقة والدين والصدق والأمانة والصلاح والاجتهاد .
١٤ ـ الحافظ زيد
بن الخباب ، قال ابن معين : ثقة يقلّب حديث الثوري. خلاصة التهذيب (ص ١٠٨).
١٥ ـ خلف بن هشام
: كان يشرب الخمر ، وثّقه أحمد إمام الحنابلة ، فقيل :
__________________
يا أبا عبد الله
إنّه يشرب؟ فقال : قد انتهى إلينا علم هذا عنه ، ولكن هو والله عندنا الثقة الأمين
، شرب أو لم يشرب. تاريخ بغداد (٨ / ٣٢٦).
١٦ ـ خالد بن سلمة
بن العاص أبو سلمة القرشي : وثّقه الإمام أحمد ، ويحيى بن معين ، وقال : شيخ يكتب حديثه ، وقال ابن عدي : هو في عداد من يُجمع حديثه ، حديثه قليل ولا أرى
برواياته بأساً ، وكان رأساً في المرجئة ، ويبغض عليّا. تاريخ الشام (٥ / ٥٣).
نعم ؛ ترك أحمد بن
حنبل الحديث عن عبيد الله بن موسى العبسي لمّا سمعه يتناول معاوية بن أبي سفيان ،
وبعث رسوله إلى يحيى بن معين فقال له : أخوك أبو عبد الله أحمد بن حنبل يقرأ عليك
السلام ويقول لك : هو ذا تكثر الحديث عن عبيد الله وأنا وأنت سمعناه يتناول معاوية
بن أبي سفيان ، وقد تركت الحديث عنه. فقال يحيى ابن معين للرسول : إقرأ على أبي
عبد الله السلام وقل له : يحيى بن معين يقرأ عليك السلام ، قال لك : أنا وأنت سمعنا
عبد الرزّاق يتناول عثمان بن عفان ، فاترك الحديث عنه ، فإنّ عثمان أفضل من معاوية
.
نعم ؛ ترك شعبة
رواية المنهال بن عمرو الأسدي الكوفي لمّا سمع من بيته صوت قراءة بالتطريب ، كما
قاله ابن أبي حاتم . خلاصة التهذيب (ص ٣٣٢).
نعم ؛ قال يزيد بن
هارون : لا تحلّ الرواية عن أبي يوسف لأنّه كان يعطي
__________________
أموال اليتامى
مضاربةً ويجعل الربح لنفسه. تاريخ بغداد (١٤ / ٢٥٨).
نعم نعم ؛ ترك
البخاري الرواية عن الإمام الصادق جعفر بن محمد ، وقال يحيى ابن سعيد : في نفسي منه
شيء ، وقال : ما كان كذوباً. تهذيب التهذيب (٢ / ١٠٣) ،
ووثّقه الشافعي وابن معين وابن أبي خيثمة وأبو حاتم وابن عدي وابن
حبّان والنسائي وآخرون.
نعم ؛ قال أبو
حاتم بن حبّان البستي : يروي عليُّ بن موسى الرضا ـ الإمام الطاهر ـ عن أبيه
العجائب كأنّه يهمّ ويُخطئ. أنساب السمعاني في باب الراء والضاد ، تهذيب التهذيب (٧
/ ٣٨٨) .
نعم ؛ ضعّف ابن
الجوزي الإمام الطاهر الحسن بن عليّ بن محمد العسكري في الموضوعات ، كما في لسان
الميزان (٢ / ٢٤٠).
(فَوَيْلٌ لَهُمْ
مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)
__________________
سلسلة الموضوعات على النبيّ الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم
يهمّنا هاهنا ذكر
نماذج ممّا وضعته يد أولئك الكذّابين الوضّاعين المذكورين ، أو من يشاكلهم في
الافتعال في باب الفضائل فحسب.
١ ـ عن ابن عبّاس
، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما في الجنّة شجرة إلاّ مكتوب على كلّ ورقة منها : لا
إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، أبو بكر الصدّيق ، عمر الفاروق ، عثمان ذو
النورين.
من موضوعات عليّ
بن جميل الرقّي. أخرجه الطبراني ، وقال : موضوع ، وعليّ بن جميل وضّاع ، وقد تفرّد به
وسرقه منه معروف بن أبي معروف البلخي ، وعبد العزيز بن عمرو الخراساني رجل مجهول.
وأخرجه أبو نعيم من طريق عليّ بن جميل ؛ ورواه الختّلي في الديباج من طريق
عبد العزيز بن عمرو الخراساني كما في ميزان الاعتدال. قال مؤلّفه الذهبي في (٢ / ١٣٨) : عبد العزيز فيه جهالة ، والخبر باطل فهو
الآفة فيه.
__________________
وأخرجه ابن عدي من
طريق معروف البلخي ، قال الذهبي في الميزان (٣ / ١٨٤) : هذا
موضوع لكنّه مشهور بعليّ بن جميل ، عن جرير ، وكان يحلف فيقول : حدّثنا والله جرير
، وقال ابن عدي : معروف هذا غير معروف ، ولعلّه سرقه من عليّ بن جميل.
ورواه أبو القاسم
بشران في أماليه من طريق محمد بن عبد بن عامر السمرقندي ، وهو ذلك الكذّاب الوضّاع
، عن عصام بن يوسف ، قال ابن عدي : روى أحاديث لا يُتابع عليها.
ورواه الخطيب
البغدادي في تاريخه (٥ / ٤ و ٧ / ٣٣٧) من طريق الحسين بن إبراهيم الاحتياطي ، عن عليّ بن جميل. قال الذهبي في ميزانه (١ / ٢٥٣) بعد
ذكره من هذا الطريق : هذا باطل ، والمتّهم به حسين الاحتياطي ، وقال في (٣ / ١٨٤). إنّه موضوع.
وذكره ابن كثير في
تاريخه (٧ / ٢٥٠) من طريق
الطبراني ، فقال : إنّه حديث ضعيف ، في إسناده من تُكلّم فيه ، ولا يخلو من نكارة.
قال
الأميني : ألا تعجب من
إخراج ابن كثير الحديث من الوضع والبطلان إلى الضعف والنكارة؟ وهو يعلم أنّ مثل
هذه الرواية لا تسمّى ضعيفةً في مصطلح أهل
__________________
الفنّ وهو يرى
نفسه منهم. نعم : شنشنة أعرفها من أخزم ، وأعجب من ذلك أنّ الخطيب لم يذكر في هذه الرواية التي
هذه حالها كلمة تعرب عمّا في سندها من الغمز ، وهذا شأنه في كثير من أمثال هذه
الأحاديث الموضوعة.
٢ ـ عن ابن عبّاس
مرفوعاً : إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ تحت العرش : هاتوا أصحاب محمد ، فيؤتى
بأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ ، فيقال لأبي بكر : قف على باب الجنّة فأدخل فيها من
شئت ، وردّ من شئت.
ويقال لعمر : قف
عند الميزان فثقّل من شئت برحمة الله ، وخفّف من شئت.
ويُعطى عثمان غصن
شجرة من الشجر التي غرسها الله بيده فيقال : ذُد بهذا عن الحوض من شئت.
ويُعطى عليّ
حلّتين فيقال له : خذهما فإنّي ادّخرتهما لك يوم أنشأت خلق السموات والأرض.
رواه إبراهيم بن
عبد الله المصّيصي ، وأحمد بن الحسن بن القاسم الكوفي ، وكلاهما كذّابان وضّاعان ،
والله أعلم أيّهما وضع هذا الحديث ، ذكره الذهبي بهذا اللفظ في ميزانه (١ / ٢٠ ، ٤٢) ،
وفيه آفة القلب بعد الوضع ، فإنّ المحفوظ من لفظه كما في الرياض النضرة (١ / ٣٢) بعد :
وخفّف من شئت ، ويُكسى عثمان حلّتين ويُقال له : البسهما فإنّي خلقتهما ـ أو
ادّخرتهما ـ من حين أنشأت خلق السموات والأرض. ويُعطى عليّ بن أبي طالب عصا عوسج
من الشجرة التي غرسها الله تعالى بيده في الجنّة فيقال : ذُد الناس عن الحوض.
فقلبوا ما لعليّ عليهالسلام من ذود المنافقين عن الحوض
__________________
وجعلوه لعثمان بعد
ما زادوا على الحديث صدراً مفتعلاً ، وحديث ذود أمير المؤمنين عليّ عن الحوض أخرجه
الحفّاظ من عدّة طرق عن جمع من الصحابة ، قد أسلفنا طرقه وتصحيح الحاكم له في
الجزء الثاني (ص ٣٢١).
٣ ـ عن أنس
مرفوعاً : لا أفتقد أحداً من أصحابي غير معاوية بن أبي سفيان ، لا أراه ثمانين
عاماً ـ أو سبعين عاماً ـ فإذا كان بعد ثمانين عاماً ـ أو سبعين عاماً ـ يقبل إليّ
على ناقة من المسك الأذفر حشوها من رحمة الله ، قوائمها من الزبرجد ، فأقول :
معاوية! فيقول : لبّيك يا محمد ؛ فأقول : أين كنت من ثمانين عاماً؟ فيقول : كنت في
روضة تحت عرش ربّي يُناجيني وأُناجيه ، ويُحيّيني وأُحيّيه ويقول : هذا عوض ممّا
كنت تُشتم في دار الدنيا.
من موضوعات عبد
الله بن حفص الوكيل ، قال ابن عدي : موضوع لا أشكُّ أنّه واضعه ، وقال الخطيب : باطل إسناداً ومتناً ونراه ممّا وضعه الوكيل ، وإنّ
إسناده رجاله كلّهم ثقات غيره ، وقال الذهبي في ميزانه بعد ذكره من طريق ابن عدي : قلت : ما كان ينبغي لابن عدي
أن يتشاغل بالأخذ عن هذا الدجّال الأعمى البصر والبصيرة ، والذي قال الله فيه : (وَمَنْ
كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) ، وقال في ترجمة عبيد الله بن سليمان : روى عن عبد الرزاق بخبر باطل فهو الآفة فيه.
وقال ابن حجر في
لسان الميزان (٤ / ١٠٥) :
والخبر المذكور رواه
__________________
ابن عساكر في ترجمته ـ ولفظه ـ : إنّي لأدخل الجنة فلا أفتقد منها
أحداً إلاّ معاوية سبعين عاماً ، ثمّ أراه فأقول : يا معاوية أين كنت؟ فيقول : كنت
تحت عرش ربّي يتحفني بيده ، فقال : هذا بما كان يشتمونك في دار الدنيا. قال ابن
عساكر : هذا حديث منكر ، وفيه غير واحد من المجاهيل.
٤ ـ عن أنس
مرفوعاً : ليلة أُسري بي دخلت الجنّة فإذا أنا بتفّاحة تعلّقت عن حوراء ، قالت :
أنا للمقتول ظلماً عثمان.
أخرجه الذهبي في
ميزانه (٢ / ٢٠) من طريق
عبّاس بن محمد العدوي الوضّاع ، وقال : خبر موضوع ، وذكره أيضاً في (٣ / ٢٩٣) بتغيير يسير من طريق يحيى بن شبيب
الكذّاب الوضّاع ، وقال : هذا كذب ، والله يعلم أيّ الرجلين وضعه.
وقال ابن حجر في
لسان الميزان (٣ / ٢٤٥) : ذكره
ابن حبّان في الضعفاء ، وقال : لا أصل لهذا من كلام النبيّ ولا أنس ولا ثابت ولا
حمّاد ـ هم رجال سند الحديث ـ وأوعز الذهبي إليه في الميزان في ترجمة عبد الله بن إبراهيم الدمشقي وقال : خبر باطل ،
وقال ابن حجر في لسانه (٣ / ٢٤٨) :
الحديث المذكور عن عقبة ابن عامر رفعه : لمّا عُرج بي إلى السماء دخلت جنّة عدن ،
فوقعت في كفّي تفّاحة ،
__________________
فانفلقت عن حوراء
مرضيّة ، كأن أشعار عينيها مكارم أشعار النسور ، فقلت : لمن أنتِ؟ قالت : أنا
للخليفة من بعدك المقتول ظلماً عثمان بن عفان. وذكره في (ص ٢٩٣) وقال : حديث منكر.
وأخرجه الخطيب في
تاريخه (٥ / ٢٩٧) ، من طريق محمد بن سليمان أبي عليّ الشطوي ، عن نافع ، عن ابن
عمر ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لمّا أُسري بي إلى السماء ، فصرت إلى السماء الرابعة
سقطت في حجري تفّاحة ، فأخذتها بيدي فانفلقت ، فخرج منها حوراء تقهقه ، فقلت لها :
تكلّمي لمن أنتِ؟ قالت : للمقتول شهيداً عثمان ابن عفّان.
وهذا موضوع بهذا
الطريق أيضاً ، رأى الخطيب في تاريخه وابن الجوزي في الموضوعات والذهبي في ميزانه الحمل فيه على محمد بن سليمان أبي جعفر الخزّاز.
٥ ـ عن جابر
مرفوعاً : إنّ الله اختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيّين والمرسلين ،
واختار من أصحابي أربعة : أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّا ، فجعلهم خير أصحابي ،
وأصحابي كلّهم خير.
من موضوعات عبد
الله بن صالح كاتب الليث ، قال الذهبي في ميزانه (٢ / ٤٧) : قد
قامت القيامة على عبد الله بن صالح بهذا الخبر ، وحكى عن أبي زرعة : أنّه قال :
باطل وضعه خالد المصري ودلّسه في كتاب عبد الله بن صالح ، وقال النسائي : إنّه
موضوع.
٦ ـ عن عبد الله
بن عمر مرفوعاً : لمّا وُلد أبو بكر في تلك الليلة ، اطّلع الله على
__________________
جنّة عدن فقال :
وعزّتي وجلالي لا أُدخلك إلاّ من أحبّ هذا المولود.
قال الذهبي : موضوع آفته أحمد بن عصمة النيسابوري ، وأخرجه الخطيب
البغدادي في تاريخه (٣ / ٣٠٩) وقال : إنّه باطل ، وفي إسناده غير واحد من
المجهولين.
٧ ـ عن أبي هريرة
مرفوعاً : إنّ في السماء الدنيا ثمانين ألف ملك يستغفرون الله لمن أحبّ أبا بكر
وعمر ، وفي السماء الثانية ثمانون ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر.
من وضع أبي سعيد
الحسن بن عليّ العدوي البصري ، أخرجه الخطيب ) وقال : هذا الحديث وضعه العدوي على كامل بن طلحة ، وإنّما
يرويه عبد الرزاق بن منصور البندار ، عن أبي عبد الله الزاهد السمرقندي ، عن ابن
لهيعة ؛ وأبو عبد الله الزاهد مجهول فألزقه العدوي على كامل ، وكامل ثقة ، والحديث
ليس بمحفوظ عن ابن لهيعة. ثمّ ذكره بطريق آخر ، فقال : هذا الإسناد صحيح ، ورجاله
كلّهم ثقات ، وقد أتى العدوي أمراً عظيماً وارتكب أمراً قبيحاً في الجرأة بوضعه
أعظم من جرأته في حديث ابن لهيعة.
وأخرجه الديلمي وزاد فيه : ومن أحبّ الصحابة جميعاً فقد برئ من النفاق ،
وحكم الذهبي بوضعه أيضاً ، وذكره ابن حجر من طريق آخر عن أنس في لسان
الميزان (٤ / ١٠٧) فقال :
هذا بهذا الإسناد باطل.
٨ ـ عن أنس : إنّ
يهوديّا أتى أبا بكر فقال : والذي بعث موسى وكلّمه تكليماً
__________________
إنّي لأُحبّك ،
فلم يرفع أبو بكر رأساً تهاوناً باليهوديّ ، فهبط جبرئيل على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : يا محمد إنّ العليّ الأعلى يقرأ عليك السلام ويقول
لك : قل لليهوديّ : إنّ الله قد أحاد عنك النار ؛ فأحضر اليهوديّ فأسلم. وفي لفظ :
قد أحاد عنه في النار خلّتين : لا توضع الأنكال في عنقه ، ولا الأغلال في عنقه ،
لحبّه أبا بكر ، فأخبره.
من آفات الحسن بن
عليّ أبي سعيد العدوي البصري ، قال السيوطي في اللآلئ (١ / ١٥١) : موضوع
، العدوي وغلام خليل وضّاعان ، والبصري مجهول.
٩ ـ عن البراء
مرفوعاً : إنّ الله اتّخذ لأبي بكر في أعلى عليّين قبّة من ياقوتة بيضاء معلّقة
بالقدرة تخترقها رياح الرحمة ، للقبّة أربعة آلاف باب ، كلّما اشتاق أبو بكر إلى
الله ، انفتح منها باب ينظر إلى الله عزّ وجلّ.
من موضوعات محمد
بن عبد الله أبي بكر الأشناني ، قال الخطيب في تاريخه (٥ / ٤٤١) : من ركّب هذا
الحديث على مثل هذا الإسناد فما أبقى من اطّراح الحشمة والجرأة على الكذب شيئاً ،
ونعوذ بالله من الخذلان ونسأله العصمة عن تزيين الشيطان إنّه وليّ ذلك والقادر
عليه ، وقال في (ص ٤٤٢) : إنّه ـ الأشناني ـ كان يضع مالا يحسنه ، غير أنّه ـ والله
أعلم ـ أخذ أسانيد صحيحة من بعض الصحف فركّب عليها هذه البلايا.
وأخرجه أيضاً في (٩
/ ٤٤٥) من طريق أحمد بن عبد الله الذرّاع ، فقال : هذا باطل والحمل فيه عندي على
الذرّاع وأنّه ممّا صنعته يده والله أعلم. وعدّه الذهبي في ميزان الاعتدال من طامّات أبي بكر الأشناني.
١٠ ـ عن أنس قال :
لمّا خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الغار ، أخذ أبو بكر بغرزه ،
__________________
فنظر النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى وجهه فقال : يا أبا بكر ألا أُبشّرك؟ قال : بلى فداك
أبي وأُمّي ، قال : إنّ الله يتجلّى يوم القيامة للخلائق عامّة ويتجلّى لك خاصّة.
من موضوعات محمد
بن عبد أبي بكر التميمي السمرقندي ، قال الخطيب في تاريخه (٢ / ٣٨٨) : هذا الحديث
لا أصل له عند ذوي المعرفة بالنقل فيما نعلمه ، وقد وضعه محمد بن عبد إسناداً
ومتناً ، وله أحاديث كثيرة تشابه ما ذكرناه ، وكلّها تدلّ على سوء حاله وسقوط
رواياته.
وأخرجه في (١٢ /
١٩) من طريق عليّ بن عبدة ، وقال : باطل. ثمّ أخرجه من طريق آخر غير طريق عليّ بن
عبدة ، فقال : هذا باطل ، والحمل فيه على أبي حامد ابن حسنويه ، فإنّه لم يكن ثقة.
وذكره الذهبي في
الميزان (٢ / ٢٢١ ، ٢٣٢)
وقطع بأنّه من الموضوعات ، وقال : ورواه ابن عدي في كامله وقال : هذا باطل. وقال في (٢ / ٢٦٩) ، إنّه : حديث باطل ، واتّهم يوسف بن أحمد
بإلصاق هذا الحديث إلى ابن الخليفة كما في ميزان الاعتدال (٣ / ٣٣٦).
وعدّه
الفيروزآبادي صاحب القاموس في خاتمة كتابه سفر السعادة ، من أشهر الموضوعات في باب فضائل أبي بكر ، ومن المفتريات
المعلوم بطلانها ببديهة العقل. وعدّه السيوطي من الموضوعات في اللآلئ (١ / ١٤٨) وزيّف
طرقه ، وذكره
__________________
العجلوني في كشف
الخفاء (٢ / ٤١٩) وأردفه بمثل كلمة الفيروزآبادي.
وقال ابن حجر في
لسان الميزان (٢ / ٦٤) : له طرق
كلّها واهية ، وقال ابن درويش الحوت فى أسنى المطالب (ص ٦٣) : موضوع
ذكره ملاّ علي القاري ـ يعني في كتاب موضوعاته .
وأخرج الحاكم في
المستدرك (٣ / ٧٨) في حديث
عن جابر بن عبد الله ، فقال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا أبا بكر أعطاك الله الرضوان الأكبر ، فقال له بعض
القوم : وما الرضوان الأكبر يا رسول الله؟ قال : يتجلّى الله لعباده في الآخرة
عامّة ويتجلّى لأبي بكر خاصّة ، فأعقبه الذّهبي في تلخيص المستدرك بقوله : تفرّد به محمد بن خالد الختّلي ، عن كثير بن هشام
، عن جعفر بن برقان ، عن ابن سوقة ، وأحسب محمداً وضعه. وقال في ميزان الاعتدال ـ في ترجمة الختلي ـ : قال ابن الجوزي في الموضوعات : كذّبوه ، روى عن كثير : يتجلّى لأبي بكر خاصّة. وقال ابن
مندة : صاحب مناكير.
١١ ـ عن أبي هريرة
مرفوعاً : عُرج بي إلى السماء فما مررت بسماء إلاّ وجدتُ فيها مكتوباً : محمد رسول
الله ، وأبو بكر الصدّيق من خلفي.
من موضوعات عبد
الله بن إبراهيم الغفاري ، ذكره الذهبي في ميزانه من
__________________
طريق الخطيب ، عن
محمد بن عبد الله الهلالي البصري ، وقال : خبر باطل. ثمّ رواه بإسناد آخر فقال :
وهو باطل ما أدري من يغمز فيه فإنّ هؤلاء ثقات ، ثمّ ذكره من طريق الغفاري فقال :
متّهم بالكذب فهذا عنه محتمل. لسان الميزان (٥ / ٢٣٥) ، وذكره
السيوطي في الموضوعات ، وقال : أخرجه ابن عدي بإسناده عن الغفاري ، عن عبد
الرحمن بن زيد بن أسلم ، ثمّ قال : لا يصحّ ، الغفاري يضع ، وشيخه ضعيف بالاتّفاق.
وذكره ابن حجر في
تهذيب التهذيب (٥ / ١٣٨) نقلاً
عن ابن حبّان من طريق عبد الله بن عمر ، بلفظ : ما جئت ليلة أُسري بي من
سماء إلى سماء إلاّ رأيت اسمي مكتوباً محمد رسول الله ، أبو بكر الصدّيق. فقال :
قال ابن حبّان : هذا خبر باطل ، وأرى البليّة فيه من عبد الله بن إبراهيم.
١٢ ـ عن أنس
مرفوعاً : إنّ لله تعالى في كلّ ليلة جمعة مائة ألف عتيق من النار إلاّ رجلين
فإنّهما يدخلان في أُمّتي وليسا منهم ، وإنّ الله لا يعتقهما فيمن عتق منهم مع أهل
الكبائر في طبقتهم ، مصفّدين مع عبدة الأوثان ، مبغضي أبي بكر وعمر وليس هم داخلين
في الإسلام وإنّما هم يهود هذه الأمّة ، ثمّ قال : ألا لعنة الله على مبغضي أبي
بكر وعمر وعثمان وعليّ.
من موضوعات مسرّة
بن عبد الله أبي شاكر مولى المتوكّل. أخرجه الخطيب في تاريخه (١٣ / ٢٧٢) فقال :
هذا الحديث كذب موضوع ، والرجال المذكورون في إسناده كلّهم ثقات أئمّة سوى مسرّة ،
والحمل عليه فيه ، على أنّه ذكر سماعه من أبي زرعة بعد
__________________
موته بأربع سنين ،
لأنّ أبا زرعة مات في سنة أربع وستّين ومائتين من غير خلاف في ذلك ـ وهو يروي
الحديث عن أبي زرعة بالري سنة ثمان وستين ومائتين ـ وعدّه الذهبي في ميزانه (٣ / ١٦٢) من
موضوعات مسرّة.
١٣ ـ عن أنس قال :
آخى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بين كتفي أبي بكر وعمر ، فقال لهما : أنتما وزيراي في
الدنيا والآخرة ، ما مثلي ومثلكما في الجنّة إلاّ كمثل طائر يطير في الجنّة ، فأنا
جؤجؤ الطائر وأنتما جناحاه ؛ وأنا وأنتما نسرح في الجنّة ، وأنا وأنتما نزور ربّ
العالمين ، وأنا وأنتما نقعد في مجالس الجنّة. فقالا له : وفي الجنّة مجالس؟ قال :
نعم فيها مجالس ولهو ، فقالا له : أيّ شيء لهو الجنّة؟ قال : لها آجام من قصب من
كبريت أحمر وحملها الدرّ الرطب ، فيخرج ريح من تحت ساق العرش يُقال لها : الطيبة ،
فتثور تلك الآجام ، فيخرج صوت ينسي أهل الجنّة أيّام الدنيا وما كان فيها.
من موضوعات زكريّا
بن دُريد الكندي ، أخرجه ابن حبّان وقال : موضوع آفته زكريّا. وحكى الذهبي جملتين من الرواية
في الميزان (١ / ٣٤٨) عن ابن
حبّان وأنّه قال : حدّثنا بهما أحمد بن موسى بن معدان بحرّان ، حدّثنا زكريّا بن
دريد بنسخة كتبناها كلّها موضوعة لا يحلُّ ذكرها.
١٤ ـ عن أنس
مرفوعاً : إنّ لله تعالى سيفاً مغموداً في غمده ما دام عثمان بن عفان حيّا ، فإذا
قُتل جُرّد ذلك السيف فلم يُغمَد إلى يوم القيامة.
أخرجه ابن عدي وقال : موضوع آفته عمرو بن فائد وشيخه موسى
__________________
ابن سيّار كذّاب أيضاً.
اللآلئ المصنوعة (١ / ١٦٤) ، وقال
الذهبي في ميزانه (٢ / ٢٩٩) : هذا
ظاهر النكارة.
١٥ ـ عن أنس
مرفوعاً : هبط عليّ جبريل ومعه قلم من ذهب إبريز ، فقال : إنّ العليّ الأعلى يقرئك
السلام ويقول لك : حبيبي قد أهديت هذا القلم من فوق عرشي إلى معاوية بن أبي سفيان
فأوصله إليه ، ومره أن يكتب آية الكرسي بخطّه بهذا القلم ويشكله ويعجمه ويعرضه
عليك ، فإنّي قد كتبت له من الثواب بعدد كلّ من قرأ آية الكرسي من ساعة يكتبها إلى
يوم القيامة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من يأتيني بأبي عبد الرحمن؟ فقام أبو بكر الصدّيق ومضى
حتى أخذ بيده وجاءا جميعاً إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فسلّموا عليه فردّ عليهمالسلام ، ثمّ قال لمعاوية : أُدنُ منّي يا أبا عبد الرحمن أُدن
منّي يا أبا عبد الرحمن ، فدنا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فدفع إليه القلم ثمّ قال له : يا معاوية هذا قلم أهداه
إليك ربّك من فوق العرش لتكتب به آية الكرسي بخطّك وتشكله وتعجمه وتعرضه عليّ ،
فاحمد الله واشكره على ما أعطاك ، فإن الله قد كتب لك من الثواب بعدد من قرأ آية
الكرسي من ساعة تكتبها إلى يوم القيامة ؛ فأخذ القلم من يد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فوضعه فوق أُذنه. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهمّ إنّك تعلم أنّي قد أوصلته إليه ـ ثلاثاً ـ فجثا
معاوية بين يدي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يزل يحمد الله على ما أعطاه من الكرامة ويشكره حتى أتى
بطَرس ومحبرة ، فأخذ القلم ولم يزل يخطُّ به آية الكرسي أحسن ما يكون من الخطّ ،
حتى كتبها وشكلها وعرضها على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا معاوية ، إنّ الله قد كتب لك من الثواب بعدد كلّ من
يقرأ آية الكرسي من ساعة كتبتها إلى يوم القيامة.
__________________
قالوا : موضوع
وأكثر رجاله مجاهيل ، ويراه ابن الجوزي من وضع الحسين بن يحيى الحنّائي ، كما في
ميزان الاعتدال (١ / ٢٥٧) ، وعند
الذهبي باطل كأنّه عمله أحمد بن عبد الله الأيلي ، كما في الميزان (١ / ٥٢) ، ويرى
ابن حجر في لسان الميزان أنّ الأمر ينحصر بأحمد الأيلي وهو الذي وضعه ، وأخرجه
النقّاش في الموضوعات بلفظ أخصر وقال : حديث موضوع بلا شكّ ، وضعه أحمد أو حسين . اللآلئ المصنوعة (١ / ٢١٦) ، لسان الميزان (١ / ٢٨٥).
١٦ ـ عن جابر :
إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم استشار جبريل في استكتاب معاوية فقال : استكتبه فإنّه
أمين.
أخرجه ابن عساكر
في تاريخه بإسناده من طريق السري بن عاصم أبي عاصم الهمداني أحد
الكذّابين الوضّاعين ، والحسن بن زياد ـ وهو اللؤلؤي ـ الوضّاع الكذّاب ، والقاسم
بن بهرام المشترك بين ثقة وكذّاب ، وقد زيّفه ابن كثير في البداية والنهاية (٥ / ٣٥٤) فقال :
والعجب من الحافظ ابن عساكر مع جلالة قدره واطّلاعه على صناعة الحديث أكثر من غيره
من أبناء عصره ـ بل ومن تقدّمه بدهر ـ كيف يورد في تاريخه هذا وأحاديث كثيرة من
هذا النمط ، ثم لا يبيّن حالها ولا يشير إلى شيء من ذلك إشارة لا ظاهرة ولا خفيّة؟
ومثل هذا الصنيع فيه نظر والله أعلم. وأخرجه الذهبي في ميزانه (٣ / ٩٥) عن أمير المؤمنين مرفوعاً من طريق أصرم بن
__________________
حوشب الكذّاب
الوضّاع الخبيث ، وعدّه من مناكير محمد بن عبد المجيد.
١٧ ـ عن عبادة بن
الصامت قال : أوحى الله إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم استكتب معاوية فإنّه أمين مأمون.
أخرجه الطبراني في
الأوسط ، عن محمد بن معاوية الزيادي ، عن أحمد بن عبد الرحمن الحرّاني ، عن محمد
بن زهير السلمي ، عن أبي محمد ساكن بيت المقدس ، فقال : محمد بن معاوية كذّاب
وشيخه ليس بمؤتمن ، والسلمي وشيخه لا يُعرف. وللحديث طرق أخرى كلّها باطلة ، راجع
اللآلئ (١ / ٢١٨).
وذكره الذهبي في
الميزان (٣ / ٥٩) فقال :
خبر باطل لعلّه ـ يعني محمد بن زهير السلمي ـ هو افتراه ، متنه : [أوحى الله إلى
نبيّة : استكتب معاوية ، فإنّه أمين مأمون] . وقال في أحمد الحرّاني : قال أبو عروبة : ليس بمؤتمن على دينه.
قال
الأميني : كيف تصحّ هذه
الرواية عن عبادة بن الصامت؟ وهو الذي أنغل الشام على معاوية ، فكتب معاوية إلى
عثمان بالمدينة : إنّ عبادة قد أفسد عليَّ الشام وأهله ، فإمّا أن تكفّه إليك ،
وإمّا أن أخلّي بينه وبين الشام ، فكتب إليه عثمان : أن أرحل عبادة حتى ترجعه إلى
داره من المدينة ، فبعث بعبادة حتى قدم المدينة ، فدخل على عثمان في الدار وليس
فيها إلاّ رجل من السابقين ـ أو من التابعين ـ الذين قد أدركوا القوم متوافرين ،
فلم يُفْجَ عثمان به إلاّ وهو قاعد في جانب الدار ، فالتفت إليه وقال : ما لنا ولك
يا عبادة؟ فقام عبادة بين ظهراني الناس فقال : إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا القاسم يقول : «إنّه سيلي أُموركم بعدي رجال يعرّفونكم
__________________
ما تنكرون ،
وينكرون عليكم ما تعرفون فلا طاعة لمن عصى الله ، فلا تضلّوا بربّكم» ، فوالذي نفس
عبادة بيده إنّ فلاناً ـ يعنى معاوية ـ لمن أُولئك ، فما راجعه عثمان بحرف. تاريخ
ابن عساكر (٧ / ٣١١ ، ٣١٢).
١٨ ـ عن أبي هريرة
مرفوعاً : الأمناء عند الله ثلاثة : أنا وجبريل ومعاوية. قال الخطيب والنسائي وابن
حبّان : هذا الحديث باطل موضوع. رأى الخطيب في تاريخه (١٢ / ٨) الحمل فيه على عليّ
البرداني ، وقال ابن عدي : باطل من كلّ وجه. وزيّف الحاكم طرقه وفيها جمع من
الكذّابين والوضّاعين. راجع اللآلئ المصنوعة (١ / ٢١٧) ، وقال
الذهبي في ميزانه (١ / ٢٣٣) : هذا
كذب ، وذكره في ترجمة الحسن ابن عثمان فقال : هذا كذب.
وذكره ابن كثير في
تاريخه (٨ / ١٢٠) من طريق
أبي هريرة وأنس وواثلة بن الأسقع ، فقال : لا يصحُّ من جميع وجوهه ، وفي لسان
الميزان (٢ / ٢٢٠) : أورد
ابن الجوزي الأوّل في الموضوعات وجزم بأنّ هذا وضعه ـ يعني وضع الحسن بن عثمان ـ وقال ابن
عدي : الحسن كان عندي يضع الحديث ويسرق حديث الناس ، وسألت عنه عبدان الأهوازي
فقال : كذّاب ، وقال أبو عليّ النيسابوري : هذا كذّاب ،
__________________
يسرق الحديث ، وفي
شذرات الذهب (٢ / ٣٦٦) : عدّه
ابن الجوزي من موضوعات أبي عيسى أحمد الخشّاب.
قال
الأميني : بهذه المخازي
هتكوا ناموس الإسلام ، ودنّسوا ساحة قدس صاحب الرسالة ، فما قيمة أمينين يكون معاوية
ثالثهما في الأمانة؟
١٩ ـ عن زياد بن
معاوية بن يزيد بن عمر ـ حفيد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ـ ، عن عبد الرحمن بن
الحسام ، قال : أخبرنا رجل من أهل حوران ، أخبر عن رجل آخر ، قال : اجتمع عشرة من
بني هاشم فغدوا على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا قضى الصلاة قالوا : يا رسول الله غدونا إليك لنذكر
لك بعض أُمورنا ، إنّ الله قد تفضّل بهذه الرسالة فشرّفك بها ، وشرّفنا لشرفك ،
وهذا معاوية بن أبي سفيان يكتب الوحي ، فقد رأينا أنّ غيره من أهل بيتك أولى به لك
منه ، قال : نعم ، انظروا في رجل غيره. قال : وكان الوحي ينزل في كلّ أربعة أيّام
من عند الله إلى محمد ، فأقام جبريل أربعين يوماً لا ينزل ، فلمّا كان يوم أربعين
هبط جبريل بصحيفة فيها مكتوب : يا محمد ليس لك أن تغيّر من اختاره الله لكتابة
وحيه ، فأقِرّه فإنّه أمين ، فأقرّه.
أخرجه ابن عساكر
في تاريخه وقال : هذا خبر منكر وفيه غير واحد من المجهولين ، وقال
ابن حجر في لسان الميزان (٣ / ٤١١) : قلت :
بل هو ممّا يُقطع ببطلانه ، فو الله إنّي لأخشى أن يكون الذي افتراه مدخول
الإيمان.
قال
الأميني : هذه هتيكة لا
يتفوّه بها إلاّ المستهزئ بالله ورسوله من الذين اتّخذوا آيات الله هزواً ، ودين
الله سخريّا ، والنبوّة مجهلة ، وأجهل من أُولئك المهاجمين
__________________
على قدس صاحب
الرسالة بوضع هذه السفاسف المخزية عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هو الحافظ الذي يتكلّم في سندها ويرى مثل هذا الحديث
منكراً لمكان المجهولين في رجاله ، ذاهلاً عن أنّ واجب المحدّث النظرة في متن
الحديث قبل البحث عن سنده ، فالقول ما قاله ابن حجر.
٢٠ ـ عن يزيد بن
محمد المروزي ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليّا ـ رضياللهعنه ـ يقول ، فذكر خبراً فيه : بينا أنا جالس بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ جاء معاوية ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم القلم من يدي فدفعه إلى معاوية ، فما وجدت في نفسي إذ علمت
أنّ الله أمره بذلك.
عدّه ابن حجر في
لسان الميزان (٦ / ٢٠) من
موضوعات مسرّة بن عبد الله الخادم ، فقال : هذا متن باطل ، وإسناد مختلق.
وأخرج الخطيب في
تاريخه (١٣ / ٢٧٢) حديثاً في المناقب ، فقال : هذا الحديث كذب موضوع ، والرجال
المذكورون في إسناده كلّهم ثقات أئمّة سوى مسرّة الخادم ، والحمل عليه فيه.
٢١ ـ عن أنس
مرفوعاً : الأُمناء سبعة : اللوح والقلم وإسرافيل وميكائيل وجبريل ومحمد ومعاوية.
ذكر الذهبي في
الميزان (١ / ٣٢١) لداود
بن عفّان ، عن أنس وهو الوضّاع ، أخرج عن أنس بنسخة موضوعة ، راجع سلسلة
الكذّابين. وذكره ابن كثير في تاريخه (٨ / ١٢٠) من
رواية ابن عباس فقال : هذا أنكر من الأحاديث التي قبله وأضعف إسناداً.
__________________
قال
الأميني : تعساً لأمّة تروي
مثل هذه المخازي ولم تندمنها جبهتها حياءً ، أليس عاراً على الإسلام وأهله أن
يُجعل معاوية الخؤون لدة نبيّه وأُمناء الله المعصومين في الأمانة؟!
٢٢ ـ عن واثلة
مرفوعاً : إنّ الله ائتمن على وحيه جبريل وأنا ومعاوية ، وكاد أن يبعث معاوية
نبيّا من كثرة علمه وائتمانه على كلام ربّي ، يغفر الله لمعاوية ذنوبه ، ووقاه
حسابه ، وعلّمه كتابه ، وجعله هادياً مهديّا وهدى به. أخرجه ابن عساكر عن رجل.
قال الحاكم : سألت
أحمد بن عمير الدمشقي ـ وكان عالماً بحديث الشام ـ عن هذا الحديث فأنكره جدّا ،
وحدّث بهذا الحديث عبد الله بن جابر أبو محمد الطرسوسي البزّار وهو ذاهب الحديث ،
وقال مرّة : هو منكر الحديث .
قال
الأميني : أحسب أنّ رواة
السوء أرادوا حطّا من مقام النبوّة لا ترفيعاً لمقام معاوية ، لما نعلمه من البون
الشاسع بين مرتبة النبوّة التي يعتقد بها المسلمون وبين متبوَّأ هذا المقعي على
أنقاض مستوى الخلافة ، فنسائل القوم عن الذي أوجب له هذا المقام الشامخ : أهو أصله
الزاكي تلك الشجرة الملعونة في القرآن ولسان نبيّه؟ أم فرعه الغاشم الظلوم؟! أم دُؤوبه
على الكفر إلى ما قبل وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأشهر قلائل؟ أم محاربته خليفة وقته المفترضة طاعته عليه ،
وقد بايعه أهل الحلِّ والعقد ورضي به المسلمون ، فشهر السيف أمامه ، وأراق الدماء
المحرّمة؟ أم بوائقه أيّام استحواذه على الملك ، من قتل الأبرياء الأخيار كحجر بن
عديّ وأصحابه ، وقتل عمرو بن حمق
__________________
الخزاعي ، إلى
كثيرين من أمثالهم ، ومن قنوتِه بلعن أمير المؤمنين والحسن والحسين ولمّة من صفوة
المؤمنين ، وحمله سماسرة الأهواء على الوقيعة في أهل بيت النبوّة ، وافتعال رواة
الجرح فيهم ، وخلق أحاديث الثناء في الأمويّين ، واستلحاقه زياداً مراغماً للحديث
الثابت عند الأمّة جمعاء «الولد للفراش وللعاهر الحجر» ، وأخذ البيعة ليزيد ، ذلك
الماجن الخائن السكّير ، وتسليطه على الأعراض والدماء ، وإدمانه على هذه المخاريق
وأمثالها ، التي سوّدت صحيفة التاريخ حتى أفعمت كأس بغيه واخترمته منيّته؟
ومتى كان معاوية
للعلم والقرآن وهو لا يحسن آية واحدةً ، كقوله سبحانه : (أَطِيعُوا
اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) أوَلم يكن أمير
المؤمنين عليّ عليهالسلام من أُولي الأمر على أيٍّ من التفسيرين؟ وكقوله تعالى : (وَمَنْ
يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) ، وكقوله تعالى : (وَالَّذِينَ
يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ
احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) إلى آيات كثيرة تشنّع على ما كان عليه من الطامّات ، وهل
يؤتمن على القرآن وهو لا يعمل بآية منه ولا يقيم حدوده؟ (وَمَنْ
يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) ، (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ
وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ
مُهِينٌ) .
وهل علمه
المتكثِّرالذي كاد به أن يُبعث نبيّا كان يدعوه إلى عداء العترة الطاهرة؟ وإلى
تلكم البوائق المخزية؟ والفواحش المبيّنة التي حفظها التاريخ عنه وعن أرباب تلك
الجباه السود؟ وقد حفظ لنا التاريخ قتله الذريع لشيعة أمير المؤمنين
__________________
بالكوفة خاصّة وفي
أرجاء المملكة عامّة ، وأمّا أذاه المعكّر لصفو حياة شيعة آل الله فحدّث عنه ولا
حرج ، وسنعرّفك معاوية بعُجره وبُجره على ما يستحقّ.
ثمّ نسائل الرواة
عن الأمانة التي استحقّ بها معاوية أن يكون ثالثاً للنبيّ وجبرئيل ، أو سابعاً له صلىاللهعليهوآلهوسلم وأُمناء الله الخمسة المذكورة في الرواية ال (٢١) : أهي
أمانته على الكتاب وقد خالفه؟ أم على السنّة ولم يعمل بها؟ أم على الدماء وقد
أراقها؟ أم على العترة الطاهرة وقد اضطهدها؟ أم على أمن الأمّة وقد أقلقه؟ أم على
الصدق وقد باينه؟ أم على المين وقد حثَّ عليه؟ أم على المؤمنين وقد قطع أوصالهم؟
أم على الإسلام وقد ضيّعه؟ أم على الأحكام وقد بدّلها؟ أم على الأعواد وقد شوّهها
بلعن أولياء الله المقرّبين عليها؟ أم؟ أم؟ أم؟
أبهذه المخازي مع
لداتها كاد أن يُبعث معاوية نبيّا كما اختلقته رواة السوء؟ زه بهذه النبوّة التي
يكاد أن يكون مثل هذا الرجل حاملاً لأعبائها!
قد خم ريش سفيد
أشك دما دم يحيى
|
|
تو به اين حالت
اگر عشق نبازى چه شود
|
وشتّان بين هذه
الرواية وإنكارهم على ابن حبّان قوله : النبوّة : العلم والعمل. فحكموا عليه
بالزندقة ، وهُجر وكُتب فيه إلى الخليفة فكتب بقتله ، وذلك أنّ النبوّة موهبة من الله تعالى لمن اصطفاه من
عباده ، والله يعلم حيث يجعل رسالته ، ولا حيلة للبشر في اكتسابها أبداً وإن بلغ
من العلم والعمل أيّ مرتبة رابية.
وليت رواة السوء
كانوا قد أجمعوا آراءهم على حديث الأرز. ولم يعدوه ، ولم يهبوا النبوّة لمثل
معاوية ، وكان فيه غنىً وكفاية في عرفان النبوّة وفضلها وهو :
لو كان الأرز
حيواناً لكان آدميّا ، ولو كان آدميّا لكان رجلاً صالحاً ، ولو كان
__________________
صالحاً لكان نبيّا
، ولو كان نبيّا لكان مرسلاً ، ولو كان مرسلاً لكان أنا .
ومن العجب أنّ
تفنيد الحفّاظ لهذه الروايات لم يعدُ ناحية السند ، مع أنّ متونها أدلُّ على وضعها
، لكنّهم لا يهمّهم أن يكون مثل معاوية معرّفاً بتلك الحدود مع ما يصادمها من
نواميس مطّردة ، أوعزنا إلى يسير منها ؛ نعم : هي شنشنة أعرفها من أخزم.
٢٣ ـ عن ابن عبّاس
مرفوعاً : هبط عليّ جبريل وعليه طنفسة وهو متخلّل بها ، فقلت : يا جبريل ما نزلت
إليّ في مثل هذا الزيّ ، فقال : إن الله تعالى أمر الملائكة أن تتخلّل في السماء
كتخلّل أبي بكر في الأرض.
أخرجه الخطيب في
تاريخه (٥ / ٤٤٢) من طريق محمد بن عبد الله الأشناني الكذّاب الوضّاع ، عن حنبل بن
إسحاق ، عن وكيع فقال : ما أبعد الأشناني من التوفيق ، تراه ما علم أنّ حنبلاً لم
يرو عن وكيع ولا أدركه أيضاً ، ولست أشكّ أنّ هذا الرجل ما كان يعرف من الصنعة
شيئاً ، وقد سمعت بعض شيوخنا ذكره فقال : كان يضع الحديث ... إلى أن قال : أخذ
أسانيد صحيحة من بعض الصحف فركّب عليها هذه البلايا ، ونسأل الله السلامة في
الدنيا والآخرة.
٢٤ ـ عن عبد الله
بن عمر مرفوعاً : إنّ الله أمرني بحبّ أربعة : أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ.
عدّه الذهبي من بلايا سليمان بن عيسى السجزي الكذّاب الوضّاع. راجع
لسان الميزان (٢ / ٩٩).
٢٥ ـ عن أبي هريرة
: إن لكلّ نبيٍّ خليلاً من أمّته ، وإنّ خليلي عثمان.
__________________
من موضوعات إسحاق
بن نجيح الملطي ، قال الذهبي في ميزان الاعتدال : هذا باطل ، ويدلُّ على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام :
لو كنت متّخذاً خليلاً من هذه الأمّة لاتّخذت أبا بكر خليلاً.
قال
الأميني : هذا الذي استدلّ
به الذهبي على بطلان الرواية موضوع أيضاً ، وضعوه في مقابل حديث الإخاء ، كما في
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (٣ / ١٧).
٢٦ ـ أخرج الخطيب
في تاريخه (١٣ / ٤٨٣) قال : لمّا قدم الرشيد المدينة أعظم أن يرقى منبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في قباءٍ أسود ومنطقة ، فقال أبو البختري : حدثني جعفر بن
محمد الصادق عن أبيه قال : نزل جبريل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليه قباء ومنطقة مخنجراً فيها بخنجر. من موضوعات وهب بن
وهب أبي البختري القرشي ، قال المعافي التيمي :
ويلٌ وعولٌ لأبي
البختري
|
|
إذا ثوى للناس
في المحشرِ
|
من قولِهِ
الزورَ وإعلانِه
|
|
بالكذبِ في
الناسِ على جعفرِ
|
والله ما
جالسَهُ ساعةً
|
|
للفقهِ في بدوٍ
ولا محضرِ
|
ولا رآه الناسُ
في دهرِهِ
|
|
يمرُّ بين
القبرِ والمنبرِ
|
يا قاتلَ اللهُ
ابنَ وهبٍ لقد
|
|
أعلن بالزورِ
وبالمنكرِ
|
يزعمُ أنَّ
المصطفى أحمداً
|
|
أتاه جبريل
التقيُّ السري
|
عليه خفٌّ
وقباءٌ أسودُ
|
|
مخنجراً في
الحقو بالخنجرِ
|
قال
الأميني : هذا هزء بالله
وبرسله ، لا يصدر مثله عمّن يؤمن بالله ويرى للنبيّ
__________________
حرمةً ولأمين
الوحي جبريل كرامةً. (كَبُرَتْ كَلِمَةً
تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً) .
٢٧ ـ عن ابن عبّاس
مرفوعاً : ما في الأرض شيطان إلاّ وهو يفرق من عمر ، وما في السماء ملك إلاّ وهو
يوقّر عمر.
من موضوعات موسى
بن عبد الرحمن الصنعاني الدجّال الوضّاع ، رواه عنه عبد الغني بن سعيد الثقفي ،
ضعّفه ابن يونس كما في الميزان ، وعنه بكر بن سهل ، ضعّفه النسائي ، وعدّ ابن عدي هذه الرواية من البواطيل كما في ميزان الذهبي ، وكذلك رآها السيوطي موضوعة.
٢٨ ـ عن زيد بن
ثابت قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أوّل من يُعطى كتابه بيمينه من هذه الأمّة عمر بن
الخطّاب ، وله شعاع كشعاع الشمس ، قيل : فأين أبو بكر؟ قال : تزفّه الملائكة إلى
الجنان.
أخرجه الخطيب من طريق عمر بن إبراهيم الكردي الكذّاب ، فقال : المتّهم
به عمر ، وعدّه السيوطي في اللآلئ (١ / ١٥٦) من
الموضوعات.
٢٩ ـ عن معاذ بن
جبل مرفوعاً : إنّ الله عزّ وجلّ يكره في السماء أن يُخطّأ أبو بكر الصدّيق في
الأرض.
__________________
أخرجه الحارث في
مسنده من طريق محمد بن سعيد الكذّاب الوضّاع ، فقال : موضوع تفرّد به أبو الحارث
نصر بن حمّاد ، كذّبه يحيى ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال مسلم : ذاهب الحديث.
وبكر بن خنيس ، قال الدارقطني : متروك. ومحمد ابن سعيد هو المصلوب ، كذّاب يضع. اللآلئ
المصنوعة (١ / ١٥٥).
٣٠ ـ عن بلال بن
رباح مرفوعاً : لو لم أُبعث فيكم لبُعث عمر.
أخرجه ابن عدي بطريقين وقال : لا يصحّ ، زكريا ـ الوكّار ـ كذّاب يضع ، وابن واقد ـ عبد الله ـ متروك ، ومشرح بن هاعان لا يُحتجُّ
به .
وأورده بالطريقين
ابن الجوزي في الموضوعات فقال : هذان حديثان لا يصحّان عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ أمّا الأوّل : فإنّ زكريّا بن يحيى كان من الكذّابين
الكبار. قال ابن عدي : كان يضع الحديث. وأمّا الثاني : فقال أحمد ويحيى : عبد الله ابن واقد ليس بشيء. وقال النسائي : متروك الحديث. وقال ابن حبّان : انقلبت على مشرح صحائفه
، فبطل الاحتجاج به .
وأخرجه ابن عساكر
في تاريخه (٣ / ٢٨٧) من طريق
مشرح بن هاعان
__________________
بلفظ : لو كان
بعدي نبيّ لكان عمر بن الخطّاب.
٣١ ـ عن أبي هريرة
مرفوعاً : تفاخرت الجنّة والنار ، فقالت النار للجنّة : أنا أعظم منك قدراً. قالت
: ولم؟ قالت : لأنّ فيّ الفراعنة والجبابرة والملوك وأبناءها. فأوحى الله تعالى
للجنّة أن قولي : بل لي الفضل إذ زيّنني الله لأبي بكر وعمر.
من موضوعات مهدي
بن هلال ، أخرجه الخطيب قال : موضوع ، أبان ـ بن أبي عيّاش ـ متروك ، ومهدي كذّاب
وضّاع. اللآلئ المصنوعة (١ / ١٥٨).
٣٢ ـ عن أبي هريرة
قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم متّكئاً على عليّ بن أبي طالب ، فاستقبله أبو بكر وعمر ،
فقال له : يا عليّ أتحبُّ هذين الشيخين؟ قال : نعم يا رسول الله ، قال : أحبّهما
تدخل الجنّة. وعن عبد الله بن أبي أوفى بلفظ : يا أبا الحسن أحبّهما فبحبّهما تدخل
الجنّة.
من موضوعات محمد
بن عبد الله الأشناني ، ذكره السيوطي في اللآلئ نقلاً عن الخطيب ، وإنّه أردفه بقوله : موضوع عمله
الأشناني ثمّ ركّب له إسناداً آخر . ذكره الخطيب بطريق آخر حكم بغرابته وأنّه طريق مجهول.
راجع تاريخ الخطيب (١ / ٢٤٦ ، ٥ / ٤٤٠) ، وذكره الذهبي في ميزانه (١ / ٢٤٣) فقال :
حديث باطل بسند صحيح ، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات .
٣٣ ـ عن سهل بن
سعد قال : وصف لنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات يوم الجنّة ، فقام
__________________
إليه رجل فقال :
يا رسول الله أفي الجنّة برق؟ قال : نعم والذي نفسي بيده إنّ عثمان ليتحوّل من
منزل إلى منزل فتبرق له الجنّة.
من موضوعات الحسين
بن عبيد الله العجلي ، أخرجه ابن عدي وحكم بوضعه وقال : آفته الحسين. وقال الذهبي في ميزانه (١ / ٢٥٣) : فهذا
كذب ، ورواه الحاكم في المستدرك (٣ / ٩٨) وصحّحه ،
وتعقّبه الذهبي في تلخيصه فقال : ذا موضوع ، والحسين يروي عن مالك وغيره من
الموضوعات ، ثمّ قال : أفيحتجُّ عاقل ، بمثله فضلاً عن أن يورد له في الصحاح؟
٣٤ ـ عن ابن عبّاس
مرفوعاً : اللهمّ اعطف عليّ ابن عمّي علياً. فأتاه جبريل فقال : أوَليس فعل بِكَ
ربّك؟ قد عضدك بابن عمّك عليّ وهو سيف الله على أعدائه ، وبأبي بكر الصدّيق وهو
رحمة الله ، وعمر الفاروق ، فأعدّهم وزراء ، وشاورهم في أمرك ، وقاتل بهم عدوّك ،
ولا يزال دينك قائماً حتى يثلبه رجل من بني أُميّة.
من موضوعات عمرو
بن الأزهر العتكي البصري ، أخرجه الحاكم في المستدرك من طريقه وقال : عمرو يضع ،
وزكريّا ـ بن يحيى بن حويثرة ـ قال ابن معين : رجل سوء ، يستأهِل أن يُحفَر له بئر
فيلقى فيها ، والأليَق نسبة هذا الحديث إليه .
٣٥ ـ عن أنس
مرفوعاً : قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبي بكر : ما أطيب مالك! منه بلال مؤذّني وناقتي ، كأنّي
أنظر إليك على باب الجنّة تشفع لأمّتي.
من أباطيل الفضل
بن المختار ، قالوا : أحاديثه منكرة عامّتها لا يتابَع عليها.
__________________
أخرجه الذهبي مع
أحاديث في ميزانه (٢ / ٣٣٣) فقال :
فهذه أباطيل وعجائب.
٣٦ ـ عن أُبيّ بن
كعب مرفوعاً : قال جبريل : لو جلست معك مثل ما جلس نوح في قومه ما بلغت فضائل عمر.
الحديث.
ذكره ابن الجوزي
في الموضوعات ، والذهبي في الميزان في ترجمة حبيب ابن ثابت ، وقال : خبر باطل لا ندري من ذا ،
وقال ابن حجر في لسانه (٢ / ١٦٨) : لم
يعلّه ابن الجوزي إلاّ بعبد الله بن عامر الأسلمي ، وليست الآفة منه ، وفي السند
ابن بطّة والنقّاش المفسِّر ، وفيهما مقال صعب. وذكره في (٢ / ١٨٩) وقال : قال الدارقطني في غرائب مالك ـ بعد أن
أورده من طريق الفتح بن نصير عن حسّان بن غالب ـ : هذا لا يصحّ عن مالك ، وفتح
وحسّان ضعيفان ، وهذا الحديث وحديث المشط موضوعان. انتهى ملخّصاً.
٣٧ ـ عن عبد الله
رضى الله عنه مرفوعاً : أبو بكر تاج الإسلام ، وعمر حلّة الإسلام ، وعثمان إكليل
الإسلام ، وعليُّ طيب الإسلام.
أخرجه الذهبي في الميزان
(١ / ٣١٠) فقال :
هو كذب.
٣٨ ـ عن عبد الله
مرفوعاً : لكلّ نبيّ خاصّة من أُمّته ، وخاصّتي من أُمّتي أبو بكر وعمر. قال
الذهبي : خبر باطل. لسان الميزان (٣ / ٣٦٥).
__________________
٣٩ ـ عن عبد الله
بن عمر مرفوعاً : الآن يطلع عليكم رجل من أهل الجنّة ، فطلع معاوية. فقال : أنت يا
معاوية منّي وأنا منك ، لتزاحمني على باب الجنّة كهاتين ـ وأشار بإصبعيه.
وذكره الذهبي في ترجمة الحسن بن شبيب ، عنه من طريق عبد الله بن يحيى
المؤدّب ، فقال : الحسن حدّث بالبواطيل عن الثقات ، وقال في ترجمة عبد الله بن
يحيى : خبر باطل لا يدرى من ذا . ميزان الاعتدال (٢ / ١٣٣) ، لسان الميزان (٣ / ٣٧٦).
٤٠ ـ عن أُبيّ بن
كعب مرفوعاً : أوّل من يعانقه الحقُّ يوم القيامة عمر ، وأوّل من يصافحه الحقُّ
يوم القيامة عمر ، وأوّل من يُؤخذ بيده فينطلق به إلى الجنّة عمر ابن الخطّاب رضى
الله عنه.
أخرجه الحاكم في
المستدرك (٣ / ٨٤) وقال
الذهبي في تلخيصه : موضوع وفي إسناده كذّاب. أقول : لعلّه يعني فضل بن جبير
الورّاق ، قال العقيلي : لا يُتابع على حديثه.
٤١ ـ عن إبراهيم
بن الحجّاج بن منبّه السهمي ، عن أبيه ، عن جدّه رفعه : من رأيتموه يذكر أبا بكر
وعمر بسوء فإنّما يريد الإسلام.
قال الذهبي في
الميزان في ترجمة إبراهيم : حديث منكر جدّا ، وإبراهيم مجهول لا أعلم له راوياً
غير أحمد بن إبراهيم الكريزي ، ولم يذكر ابن عبد البرّ ولا غيره الحجّاج بن منبّه
في الصحابة.
قال
الأميني : إنّ الرجل ووالده
وجدّه من رجال الغيب ، مخلوقون في عالم الوضع
__________________
والافتعال ، من
أُسرة لا تدري نفس بأيّ أرض تعيش ، فجهل الذهبي بأولئك الرجال ليس بمستنكر عليه.
٤٢ ـ عن أنس
مرفوعاً : ما قدّمت أبا بكر وعمر ولكن الله قدّمهما ومنّ بهما ، فأطيعوهما واقتدوا
بهما ؛ ومن أرادهما بسوء فإنّما يريدني والإسلام.
أخرجه الذهبي في
ترجمة الحسن بن إبراهيم الفقيمي الواسطي ، فقال : هذا ديث باطل ، ورجاله مذكورون
بالثقة ما خلا الحسن فإنّي لا أعرفه .
٤٣ ـ عن أبي هريرة
مرفوعاً : خلقني الله من نوره ، وخلق أبا بكر من نوري ، وخلق عمر من نور أبي بكر ،
وخلق عثمان من نور عمر ، وعمر سراج أهل الجنّة.
قال الذهبي في
ميزانه في ترجمة أحمد بن يوسف المنبجي : خبر كذب ، قال أبو نعيم :
هذا باطل يخالف كتاب الله ... إلى أن قال : ما حدّث به واحد من الثلاثة ـ يعني
رجال سنده ـ وإنّما الآفة عندي فيه المنبجي. لسان الميزان (١ / ٣٢٨).
٤٤ ـ عن عليّ رضى
الله عنه قال : أوّل من يدخل من الأُمّة الجنّة أبو بكر وعمر ، وإنّي لموقوف مع
معاوية للحساب.
قال الذهبي في ترجمة أصبغ الشيباني : خبر منكر أخرجه ابن الجوزي في
الواهيات ، وقال ابن حجر في لسان الميزان : وهذا أولى بكتاب الموضوعات ، وقد ذكره
العقيلي فقال : مجهول وحديثه غير محفوظ ثمّ ساقه. لسان الميزان (١ / ٤٦٠).
__________________
٤٥ ـ عن عبد الله
بن عمر مرفوعاً : هبط جبريل فقال : إنّ ربّ العرش يقول لك : لمّا أخذت ميثاق
النبيّين أخذت ميثاقك وجعلتك سيّدهم ، وجعلت وزيرك أبا بكر وعمر ؛ وعزّتي لو
سألتني أن أُزيل السموات والأرض لأزلتهما. الحديث.
قال الذهبي في
ميزانه في ترجمة موسى بن عيسى : رواه ابن السمعاني في خطبة كتاب
البلدان ، وهو باطل.
٤٦ ـ عن ابن عبّاس
مرفوعاً : يكون في آخر أُمّتي الرافضة ، ينتحلون حبّ أهل بيتي وهم كاذبون ، علامة
كذبهم شتمهم أبا بكر وعمر ؛ من أدركهم منكم فليقتلهم فإنّهم مشركون.
عدّه ابن عدي من البواطيل. لسان الميزان (٤ / ٣٧٦).
٤٧ ـ عن ابن عبّاس
مرفوعاً : إن الله أوحى إليّ أن أزوّج كريمتي عثمان.
عدّه ابن عدي من بواطيل عمير بن عمران الحنفي. لسان الميزان (٤ / ٣٨٠)
٤٨ ـ عن معاذ
مرفوعاً : إذا كان يوم القيامة نُصب لإبراهيم ولي منبران أمام العرش ، ويُنصب لأبي
بكر كرسيّ فيجلس عليه ، فينادي منادٍ : يا لك من صدّيق بين خليل وحبيب.
عدّه الذهبي من
الأحاديث المنكرة الباطلة ، وحكى عن أبي نصر بن ماكولا :
__________________
أنّ الحمل فيه على
محمد بن أحمد الحليمي من ولد حليمة السعديّة . ميزان الاعتدال (ج ٣) ، لسان الميزان (٥ / ٥٩).
٤٩ ـ مرفوعاً : لو
لم أُبعث لبُعثتَ يا عمر.
قال الصغاني :
موضوع. كشف الخفاء (٢ / ١٦٣).
٥٠ ـ مرفوعاً : ما
صبَّ الله في صدري شيئاً إلاّ وصببته في صدر أبي بكر ، ذكره غير واحد من المؤلّفين
في عدِّ فضائل أبي بكر ، مرسلين إيّاه إرسال المسلّم ، وإنما عدّه الفيروزآبادي في
خاتمة سفر السعادة من أشهر المشهورات من الموضوعات والمفتريات المعلوم
بطلانها ببديهة العقل. وكذلك العجلوني في كشف الخفاء (٢ / ٤١٩) ، وفي أسنى المطالب
(ص ١٩٤) : موضوع
كما ذكره ملاّ علي القاري في الموضوعات .
٥١ ـ كان صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا اشتاق إلى الجنّة قبّل شيبة أبي بكر.
عدّه الفيروزآبادي
في خاتمة سفر السعادة ، والعجلوني في كشف الخفاء (٢ / ٤١٩) من أشهر المشهورات من
الموضوعات ومن المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل.
٥٢ ـ مرفوعاً :
أنا وأبو بكر كفرسي رهان.
نصّ الفيروزآبادي
في سفر السعادة ، والعجلوني في كشف الخفاء (٢ / ٤١٩)
__________________
على بطلانه بما
مرّ في سابقيه ، وقال ابن درويش الحوت في أسنى المطالب (ص ٧٣) : موضوع ،
كما ذكره ملاّ عليّ القاري نقلاً عن ابن القيّم.
٥٣ ـ مرفوعاً :
إنّ الله لمّا اختار الأرواح اختار روح أبي بكر.
من الموضوعات
المشهورة والمفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل ، كما صرّح به الفيروزآبادي في
سفر السعادة ، والعجلوني في كشف الخفاء ، وقال ابن درويش الحوت في أسنى المطالب (ص ٦٠) : موضوع ،
كما ذكره ملاّ علي نقلا عن ابن القيّم.
٥٤ ـ عن عبد الله
بن عمرو بن العاص مرفوعاً : ينزل عيسى بن مريم عليهالسلام فيتزوّج ويولد له ، ويمكث خمساً وأربعين سنة ثمّ يموت ،
فيدفن معي في قبري ، فأقوم أنا وهو من قبر واحد بين أبي بكر وعمر.
أخرجه الذهبي في
الميزان (٢ / ١٠٥) فقال :
فهذه مناكير غير محتملة.
٥٥ ـ عن ابن عبّاس
مرفوعاً : أنا مع عمر وعمر معي حيث حللت ، من أحبّه فقد أحبّني ، ومن أبغضه فقد
أبغضني.
رواه الذهبي في
ميزان الاعتدال (٢ / ١٥٨) وقال :
هذا كذب ، وذكره في ترجمة قاسم بن يزيد بلفظ : عمر معي وأنا مع عمر ، والحقُّ بعدي مع عمر حيث كان
__________________
وقال : أخاف أن
يكون كذباً مختلقاً. وذكره ابن درويش الحوت في أسنى المطالب (ص ١٤٤) بلفظ :
عمر معي وأنا مع عمر ، والحقُّ بعدي مع عمر حيث كان. فقال : لم يصحّ.
٥٦ ـ عن ابن عبّاس
مرفوعاً : أبو بكر منّي بمنزلة هارون من موسى.
من موضوعات عليّ
بن الحسن الكلبي ، أخرجه محمد بن جرير الطبري ، قال الذهبي في ميزانه (٢ / ٢٢٢) : خبر
كذب هو ـ الكلبي ـ المتّهم به.
٥٧ ـ عن أنس
مرفوعاً : من افترى على الله كذباً قُتل ولا يستتاب ، ومن سبّني قُتل ولا يُستتاب
، ومن سبّ أبا بكر قُتل ولا يُستتاب ، ومن سبّ عمر قُتل ولا يُستتاب ، ومن سبّ
عثمان أو عليّا جلد الحدّ. قيل : يا رسول الله ولِم ذاك؟ قال : لأنّ الله خلقني
وخلق أبا بكر وعمر من تربة واحدة وفيها نُدفن.
قال الذهبي : هذا
الحديث موضوع ؛ فقال ابن عدي : البلاء فيه من يعقوب ابن الجهم الحمصي. ميزان الاعتدال (٣ / ٣٢٣) ، لسان
الميزان (٦ / ٣٠٦).
٥٨ ـ عن أنس قال :
لمّا حضرت وفاة أبي بكر الصدّيق ، سمعت عليّ بن أبي طالب يقول : المتفرِّسون في
الناس أربعة ؛ امرأتان ورجلان ، وعدّ صفرا بنت شعيب ، وخديجة بنت خويلد ، وعزيز
مصر على عهد يوسف. فقال : وأمّا الرجل الآخر : فأبو بكر الصدّيق ، لمّا حضرته
الوفاة قال لي : إنّي تفرّست في أن أجعل الأمر من بعدي في عمر بن الخطّاب ، فقلت
له : إن تجعلها في غيره لن نرضى به ، فقال : سررتني
__________________
والله لأسرّنّك في
نفسك بما سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقلت : وما هو؟ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : إنّ على الصراط لعقبة لا يجوزها أحد إلاّ بجواز من
عليّ بن أبي طالب. فقال عليّ له : أفلا أسرُّك في نفسك وفي عمر بما سمعته من رسول
الله؟ فقال : ما هو؟ فقلت : قال لي : يا عليُّ لا تكتب جوازاً لمن سبّ أبا بكر
وعمر فإنّهما سيدا كهول أهل الجنّة بعد النبيّين. فلمّا أفضت الخلافة إلى عمر ،
قال لي عليّ : يا أنس إنّي طالعت مجاري القلم من الله تعالى في الكون فلم يكن لي
أن أرضى بغير ما جرى في سابق علم الله وإرادته خوفاً من أن يكون منّي اعتراض على
الله ، وقد سمعت رسول الله يقول : أنا خاتم الأنبياء وأنت يا عليُّ خاتم الأولياء.
أخرجه الخطيب في
تاريخه (١٠ / ٣٥٧) ، فقال في (ص ٣٥٨) : هذا الحديث موضوع من عمل القصّاص ، وضعه
عمر بن واصل ـ أو وُضع عليه ـ والله أعلم.
٥٩ ـ عن ابن عبّاس
مرفوعاً : إنّ الله أيّدني بأربعة وزراء ، قلنا : من هؤلاء الأربعة الوزراء يا
رسول الله؟ قال : اثنين من أهل السماء واثنين من أهل الأرض. قلنا : من هؤلاء
الاثنين من أهل السماء؟ قال : جبريل وميكائيل. قلنا : من هؤلاء
الاثنين من أهل الأرض أو من أهل الدنيا؟ قال : أبو بكر وعمر.
من موضوعات محمد
بن مجيب الصائغ ، أخرجه الخطيب في تاريخة (٣ / ٢٩٨) من طريقه ، وقال : كان كذّاباً
عدوّا لله ذاهب الحديث ، وأخرجه الذهبي في الميزان من طريق معلّى بن هلال الكذّاب الوضّاع ، ومرّ عن أحمد :
أنّ كلّ أحاديثه موضوعة.
٦٠ ـ عن جابر بن
عبد الله قال : كنّا عند النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يطلع عليكم رجل لم يخلق الله بعدي أحداً هو خير منه
ولا أفضل ، وله شفاعة مثل شفاعة النبيّين ، فما
__________________
برحنا حتى طلع أبو
بكر الصدّيق ، فقام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقبّله والتزمه.
سمعه الحافظ أبو
بكر الخطيب البغدادي سنة (٤٠٩) عن محمد بن العبّاس بن الحسين أبي بكر القاصّ ،
وقال : كان شيخاً فقيراً يقصُّ في جامع المنصور وفي الطرقات والأسواق. راجع تاريخ
بغداد (٣ / ١٢٣).
سبحانك اللهمّ ما
خطر حافظ يأخذ من قاصٍّ مجهولٍ يقصُّ في درر الطريق ، ويكدُّ في الأسواق؟ وما قيمة
حديث هذا مأخذه ولا يوجد له أصل محفوظ؟ فإن كانت أحاديث نبيّ الإسلام هذا شأنها ،
فعلى الإسلام السلام ، وعلى حفّاظها العفا.
٦١ ـ عن ابن مسعود
مرفوعاً : ما من مولود إلاّ وفي سرّته من تربته التي تولّد منها ، فإذا رُدَّ إلى
أرذل عمره رُدَّ إلى تربته التي خُلق منها حتى يُدفن فيها ، وإنّي وأبا بكر وعمر
خُلقنا من تربة واحدة ، وفيها نُدفن.
أخرجه الخطيب في
تاريخه (٢ / ٣١٣) من طريق موسى بن سهل ، عن إسحاق ابن الأزرق ، وذكره الذهبي في
ميزانه (٣ / ٢١١) في
ترجمة موسى فقال : خبر باطل رواه عنه نكرة مثله. أقول : لا يخفى ما في السند على
مثل الخطيب ، غير أنّ من شأنه السكوت عن غمز ما يروقه متنه من الموضوعات.
٦٢ ـ عن أنس
مرفوعاً : لمّا عرج بي جبريل رأيت في السماء خيلا موقفة مسرجة ملجمة لا تروث ولا
تبول ولا تعرق ، رءوسها من الياقوت الأحمر ، وحوافرها من الزمرّد الأخضر ،
وأبدانها من العقيان الأصفر ، ذوات أجنحة ، فقلت : لمن هذه؟ فقال جبريل : هي
لمحبِّي أبي بكر وعمر ، يزورون الله عليها يوم القيامة.
أخرجه الخطيب في
تاريخة (٢ / ٣٣٠) وقال : حديث منكر ، ورواه في (١١ / ٢٤٢)
__________________
ساكتاً عن تزييفه
، وذكره الذهبي في ميزانه (٣ / ٩٩) وقال :
حديث كذب ، يُقال أُدخل على محمد بن عبد الله بن مرزوق ، وقرّر كذبه ابن حجر في
لسان الميزان (٥ / ٢٧٤).
٦٣ ـ عن عطيّة
العوفي ، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً : إنّ أهل عليّين ليراهم من هو أسفل منهم كما
ترون النجم أو الكواكب في السماء ، وإنّ منهم لأبا بكر وعمر وأنعما. قال : قلت
لأبي سعيد : ما أنعما؟ قال : أهل ذلك هما.
نصّ المقدسي في
تذكرة الموضوعات (ص ٢٧) على أنّه
موضوع لمكان مجاهد ابن سعيد. أخرجه الخطيب في تاريخه (٢ / ٣٩٤ ، ٣ / ١٩٥ ، ٤ / ٦٤
، ١٢ / ١٢٤) من عدّة طرق ، وفيها غير واحد من الكذّابين ، لا يتكلّم فيها بغمز
جرياً على عادته.
٦٤ ـ عن أنس قال :
لمّا نزلت سورة التين على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فرح لها فرحاً شديداً حتى بان لنا شدّة فرحه ، فسألنا
ابن عبّاس بعد ذلك عن تفسيرها فقال :
أمّا قول الله :
والتين : فبلاد الشام ، والزّيتون : فبلاد فلسطين ، وطُورِ سِينين : فطور سينا
الذي كلّم الله عليه موسى ، وهذا البلد الأمين : فبلد مكّة ، ولقد خلقنا الإنسان
في أحسن تقويم : محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ رددناه أسفل سافلين : عُبّاد اللاّت والعزّى ، إلاّ
الذين آمنوا وعملوا الصالحات : أبو بكر وعمر ، فلهم أجر غير ممنون : عثمان بن عفان
، فما يكذّبك بعدُ بالدين : عليّ بن أبي طالب ، أليس الله بأحكم الحاكمين : بعثك
فيهم ، وجمعكم على التقوى يا محمد.
أخرجه الخطيب في
تاريخه (٢ / ٩٧) فقال : هذا الحديث بهذا الإسناد باطل لا أصل له يصحّ فيما نعلم ،
والرجال المذكورون في إسناده كلّهم أئمّة مشهورون غير
__________________
محمد ابن بيان ،
ونرى العلّة من جهته ، وتوثيق ابن الشخير له ليس بشيء ؛ لأنّ من أورد مثل هذا
الحديث بهذا الإسناد قد أغنى أهل العلم عن أن ينظروا في حاله ويبحثوا عن أمره ،
ولعلّه كان يتظاهر بالصلاح فأحسن ابن الشخير به الظنّ وأثنى عليه لذلك ، وقد قال يحيى
بن سعيد القطّان : ما رأيت الصالحين في شيءٍ أكذب منهم في الحديث.
وذكره الذهبي في
ميزانه (٣ / ٣٢) من طريق
محمد بن بيان وقال : روى بقلّة حياء من الله فقال : حدّثنا الحسن بن عرفة ـ فذكر
الحديث ـ ثمّ قال : قال ابن الجوزي : هذا وضعه محمد بن بيان على ابن عرفة ، وذكر
كلمة الخطيب المذكورة.
هكذا يحرّفون
الكلم عن مواضعه ، ونسوا حظّا ممّا ذُكّروا به ، وهكذا لعبت أيدي الهوى بالكتاب
والسنّة ، وهذا مبلغ استفادة القوم منهما ، وإنّ ربّك ليحكم بينهم يوم القيامة
فيما كانوا فيه يختلفون.
٦٥ ـ عن عبد الله
بن عمر قال : كنت عند النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وعنده أبو بكر الصدّيق عليه عباءة قد خلّها على صدره بخلال
، فنزل عليه جبريل فقال : ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلّها على صدره بخلال؟
قال : أنفق ماله عليّ قبل الفتح ، قال : فاقرأه عن الله السلام وقل له يقول لك
ربّك : يا أبا بكر أراضٍ أنت عنّي في فقرك هذا أم ساخط؟ قال : فالتفت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أبي بكر فقال : يا أبا بكر هذا جبريل يُقرئك عن الله
السلام ، ويقول لك : أراضٍ أنت عنّي في فقرك هذا أم ساخط؟ قال : فبكى أبو بكر وقال
: أعلى ربّي أسخط؟ أنا عن ربّي راضٍ ، أنا عن ربّي راضٍ ، أنا عن ربّي راضٍ.
أخرجه الخطيب في
تاريخه (٢ / ١٠٦) من طريق محمد بن بابشاذ ـ صاحب
__________________
الطامّات ـ ساكتاً
عن بطلانه جرياً على عادته ، وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال (٢ / ٢١٣) فقال :
كذب.
٦٦ ـ عن أبي هريرة
مرفوعاً : لمّا أن دخل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة واستوطنها ، طلب التزويج ، فقال لهم : أنكحوني ،
فأتاه جبريل بخرقة من الجنّة طولها ذراعان في عرض شبر ، فيها صورة لم ير الراؤون
أحسن منها ، فنشرها جبريل وقال له : يا محمد إنّ الله يقول لك : أن تزوّج على هذه
الصورة ، فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنا من أين لي مثل هذه الصورة يا جبريل؟ فقال له جبريل :
إنّ الله يقول لك : تزوّج بنت أبي بكر الصدّيق ، فمضى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى منزل أبي بكر ، فقرع الباب ثمّ قال : يا أبا بكر إن
الله أمرني أنّ أُصاهرك. وكان له ثلاث بنات فعرضهنّ على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ الله أمرني أن أتزوّج هذه الجارية ـ وهي عائشة.
فتزوّجها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أخرجه الخطيب في
تاريخه (٢ / ١٩٤) ورآه ممّا صنعته يدا محمد بن الحسن الدعّاء الأصمّ الوضّاع
بإسنادٍ رجاله كلّهم ثقات ، وقال الذهبي في ميزانه (٣ / ٤٤) : رأيت
له ـ يعني لمحمّد بن الحسن ـ حديثاً إسناده ثقات سواه ، وهو كذب في فضل عائشة.
وأخرج الخطيب
البغدادي في تاريخه (١١ / ٢٢٢) عن عائشة قالت : أتى جبريل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بسَرَقَة من حرير فيها صورة عائشة ، فقال : هذه زوجتك في الدنيا
والآخرة. رواه من طريق أبي خيثمة مصعب بن سعيد المصّيصي ، يحدّث عن الثقات
بالمناكير ويصحّف ، كما في ميزان الاعتدال للذهبي ، وقال بعد ذكر أحاديث له : ما هذه إلاّ مناكير وبلايا.
__________________
٦٧ ـ إنّ عثمان
رضى الله عنه جاءته دراهم من السماء مكتوب عليها : ضرب الرحمن إلى عثمان بن عفّان.
ذكره ابن درويش
الحوت في أسنى المطالب (ص ٢٨٧) وقال :
كذب شنيع.
٦٨ ـ مرفوعاً :
اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر.
قال ابن درويش
الحوت في أسنى المطالب (ص ٤٨) : أعلّه
أبو حاتم ، وقال البزّار كابن حزم : لا يصحّ. وفي رواية للترمذي وحسّنها : واقتدوا
بهدي عمّار ، وتمسّكوا بعهد ابن مسعود. وقال الهيثمي : سندها واهٍ.
٦٩ ـ مرفوعاً :
أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، وأبو بكر أساسها ، وعمر حيطانها.
قال ابن درويش
الحوت في أسنى المطالب (ص ٧٣) : لا ينبغي
ذكره في كتب العلم ، لا سيّما مثل ابن حجر الهيتمي ذكر ذلك في الصواعق والزواجر ، وهو غير جيّد من مثله. أقول : لا يخفى على
المتتبّع النابه سرُّ افتعال هذه الأفائك ، وابن حجر وإن ذكره في الكتابين فقد
زيّفه في الفتاوى الحديثيّة (ص ١٩٧).
٧٠ ـ مرفوعاً :
مُثّل أبو بكر له صلىاللهعليهوآلهوسلم حين فارقه جبريل ، ليستأنس به.
قال ابن درويش
الحوت في أسنى المطالب (ص ٨٨ ، ٢٨٧) :
خبر باطل وكذب مفترى.
__________________
٧١ ـ عن أنس
مرفوعاً : سيّدا كهول أهل الجنّة أبو بكر وعمر ، وأنّ أبا بكر في الجنّة مثل
الثريّا في السماء.
من موضوعات يحيى
بن عنبسة ، وهو ذلك الدجّال الوضّاع ـ راجع سلسلة الكذّابين ـ ، وذكر شطره الأول
الذهبي في الميزان (٣ / ١٢٦) وقال :
قال يونس بن حبيب : ذكرت لعليّ بن المديني محمد بن كثير المصّيصي وحديثه هذا ،
فقال عليّ : كنت أشتهي أن أرى هذا الشيخ ، فالآن لا أُحبُّ أن أراه. وروى شطره الأوّل من طريق عبد الرحمن بن مالك بن مغول الكذّاب
الأفّاك الوضّاع.
وأخرج ابن قتيبة
في الإمامة والسياسة في الصحيفة الأولى في أوّل حديثه : عن ابن أبي مريم ، عن
أسد بن موسى ، عن وكيع ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن الشعبي ، عن عليّ بن أبي طالب
ـ كرّم الله وجهه ـ قال : كنت جالساً عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأقبل أبو بكر وعمر ، فقال عليه الصلاة والسلام : هذان
سيّدا كهول أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين إلاّ النبيّين والمرسلين عليهمالسلام ، ولا تخبرهما يا عليّ.
ابن أبي مريم هو
ذلك الكذّاب الوضّاع ، وأسد بن موسى ، قال سعيد بن يونس : حدّث بأحاديث منكرة وهو
ثقة ، فهو من موضوعات نوح بن أبي مريم افتتح به الرجل كتابه.
وأخرجه الخطيب
البغدادي في تاريخه (٧ / ١١٨) من طريق بشّار بن موسى الشيباني الخفّاف بلفظ : هذان
سيّدا كهول أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين ممّن خلا
__________________
في الأمم الغابرين
ومن يأتي إلاّ النبيّين والمرسلين عليهمالسلام ، لا تخبرهما يا عليّ.
وحسبنا في عرفان
شأن سنده بشّار بن موسى البصري ، قال ابن معين ) : ليس بثقة ، إنّه من الدجّالين ، وقال عمرو بن عليّ :
ضعيف الحديث ، وقال البخاري : منكر الحديث قد رأيته وكتبت عنه وتركت حديثه ، وقال
الآجري : ضعيف ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال أبو زرعة : ضعيف ، وضعّفه المديني ،
وقال الحاكم أبو أحمد : ليس بالقويّ عندهم ، وأساء القول فيه الفضل بن سهل. تاريخ
الخطيب (٧ / ١١٩) ، تهذيب التهذيب (١ / ٤٤١).
وأخرجه الخطيب
أيضاً في (١٠ / ١٩٢) من طريق غير واحد من الشيعة ممّن زيّف القوم حديثهم ، عن يونس
بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، وقد ضعّف أحمد حديث يونس عن أبيه وقال : حديثه مضطرب ، وقال أبو حاتم : لا يحتجُّ بحديثه ، وقال الحاكم أبو أحمد : ربّما وهم في
روايته. وفي السند طلحة بن عمرو ، قال أحمد : لا شيء ، متروك الحديث ، وقال ابن معين : ليس بشيء ،
ضعيف ، وقال الجوزجاني : غير مرضيّ في حديثه ، وقال أبو حاتم : ليس بقويّ ، وقال البخاري : ليس بشيء ، وقال أبو داود : ضعيف ، وقال النسائي : متروك الحديث ، ليس بثقة ، وقال ابن
__________________
عدي : عامّة أحاديثه لا يُتابع عليه ، وقال ابن حبّان : لا يحلّ كتب حديثه ولا الرواية عنه إلاّ على جهة
التعجّب. راجع تهذيب التهذيب (ج ٥ ، ٨).
٧٢ ـ عن جابر
مرفوعاً : لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن ولا يحبّهما منافق.
من موضوعات معلّى
بن هلال الطحّان ، قال أحمد : كلُّ أحاديثهِ موضوعة. أخرجه الذهبي وقال في تذكرة
الحفّاظ (٣ / ١١٢) : هذا حديث غير صحيح ، ومعلّى متّهم بالكذب ، وباغض الشيخين
معترّ لا خير فيه ، ورآه باطلاً في الميزان واستدرك بقوله : لكن هو كلام صحيح. وروي من طريق عبد
الرحمن بن مالك بن مغول الكذّاب الأفّاك الوضّاع.
٧٣ ـ عن سعد : إنّ
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لمعاوية : إنّه يُحشر وعليه حلّة من نور ظاهرها من
الرحمة وباطنها من الرضا ، يفتخر بها في الجمع لكتابة الوحي.
ذكره الذهبي من أباطيل محمد بن الحسن الكذّاب الدجّال.
٧٤ ـ عن عائشة
قالت : كانت ليلتي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا ضمّني وإيّاه الفراش نظرت إلى السماء فرأيت النجوم
مشتبكة فقلت : يا رسول الله في هذه الدنيا رجل له حسنات بعدد نجوم السماء؟ قال :
نعم. قلت : من؟ قال : عمر ، وإنّه لحسنة من حسنات أبيك.
عدّه الخطيب
البغدادي من موضوعات بُرَيه بن محمد البيّع الكذّاب ـ راجع سلسلة الكذّابين ـ ثمّ
قال : وفي كتابه بهذا الإسناد عدّة أحاديث منكرة المتون جدّا.
__________________
وذكره الذهبي في
الميزان ، ورآه قد وضعه بُرَيه بإسناد الصحيحين ، وقال ابن درويش
الحوت في أسنى المطالب (ص ٢٧٨) : قال ابن
الجوزي : كلّ حديث فيه أنّ عمر حسنة من حسنات أبي بكر فهو موضوع.
٧٥ ـ عن جابر بن
عبد الله : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أُتي بجنازة فلم يصلّ عليها ، فقال : إنّه كان يبغض عثمان
، فأبغضه الله.
عدّه المقدسي في
تذكرة الموضوعات (ص ٢٧) من موضوعات
محمد بن زياد الجزري الحنفي ـ راجع سلسلة الكذّابين ـ وذكره الذهبي في ميزانه من طريق عمر ابن موسى الميثمي الوجيهي الكذّاب الوضّاع ،
وللحفّاظ في تكذيب الرجل وتضعيفه مقال ضافٍ. راجع لسان الميزان (٤ / ٢٣٢ ـ ٣٣٥).
٧٦ ـ قال رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : رأيت حول العرش وردةً فيها مكتوب : محمد رسول الله ، أبو
بكر الصدّيق.
عدّه الذهبي في
ميزانه (١ / ٣٧٠) من
مصائب السريّ بن عاصم أبي عاصم الهمداني الكذّاب ، وأنّه أتى به.
٧٧ ـ عن أبي
الدرداء مرفوعاً : رأيت ليلة أُسري بي في العرش فريدةً خضراء ، مكتوب فيها بنور
أبيض : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، أبو بكر الصدّيق. زاد الطبري : عمر
الفاروق.
__________________
من موضوعات عمر بن
إسماعيل بن مجالد الهمداني الكذّاب الخبيث المتروك ـ راجع سلسلة الكذّابين.
أخرجه الدارقطني
بطريقين : أحدهما لعمر بن إسماعيل المذكور ، والثاني للسريّ بن عاصم الكذّاب ،
وينتهي كلا الطريقين إلى محمد بن فضيل الشيعي. فقال الدارقطني : تفرّد به ابن فضيل
، عن ابن جريج ، لا أعلم أحداً حدّث به غير هذين ـ يعني الكذّابين ابني إسماعيل
وعاصم ـ وأورده في الواهيات من طريق السريّ ، وقال : لا يصحّ. اللآلئ المصنوعة (١ / ١٥٤) ،
وأخرجه الخطيب في تاريخه (١١ / ٢٠٤) وحكى عنه السيوطي في اللآلئ (١ / ١٦٠) أنّه
قال : لا يصحّ ، عمر كذّاب .
٧٨ ـ عن عائشة
قالت : لمّا زوّج نبيُّ الله أمّ كلثوم ، قال لأمّ أيمن : هيّئي بنتي وزفّيها إلى
عثمان ، واخفقي بالدفِّ. ففعلت ، فجاءها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ثلاثة فقال : كيف وجدت بعلك؟ قالت : خير رجل ، قال :
أما إنّه أشبه الناس بجدّك إبراهيم وأبيك محمد.
من موضوعات عمرو
بن الأزهر العتكي الكذّاب الوضّاع ، رواه المسيّب بن واضح ، عن خالد بن عمرو وعن
عمرو العتكي ، أما المسيّب فقد ضّعفه الدارقطني في مواضع من سننه ، وأمّا خالد الأموي ؛ فقد مرّ في سلسلة الكذّابين أنّه
الكذّاب الوضّاع ، وأخرجه الذهبي في الميزان (٢ / ٢٨٠) وقال :
موضوع.
٧٩ ـ مرفوعاً :
رأيت أنّي وُضعت في كفّة وأُمّتي في كفّة فعدلتها ، ثمّ وُضع
__________________
أبو بكر فعدل
بأُمّتي ، ثمّ عمر فعدلها ، ثمّ عثمان فعدلها ، ثمّ رُفع الميزان.
أخرجه الذهبي في
الميزان من طريق عمرو بن واقد الدمشقي ، وقال : لم يشكّ أنّه كان
يكذب ، وقال بعد ذكره مع عدّة أحاديث : هذه الأحاديث لا تعرف إلاّ من رواية عمرو ،
وهو هالك.
٨٠ ـ مرفوعاً :
إنّ أبا بكر وعمر من الإسلام بمنزلة السمع والبصر.
عدّه المقدسي في
تذكرته من موضوعات الوليد بن الفضل الوضّاع.
٨١ ـ أخذ رسول
الله بكتفي أبي بكر وعمر ، فقال : أنتما وزيراي.
من موضوعات زكريّا
بن دريد الكندي ، نصّ على ذلك المقدسي في التذكرة ) ، والذهبي في الميزان .
٨٢ ـ مرفوعاً :
أنا وأنتما ـ يعني أبا بكر وعمر ـ نسرح في الجنّة.
صرّح الذهبي في
الميزان أنّ زكريّا بن دريد الكندي وضعه.
٨٣ ـ عن أبي
هريرةمرفوعاً : هذا جبريل يخبرني عن الله : ما أحبّ أبا بكر وعمر إلاّ مؤمن تقيّ ،
ولا أبغضهما إلاّ منافق شقيّ.
عُدّ من موضوعات
إبراهيم بن البراء الأنصاري الكذّاب .
__________________
٨٤ ـ عن أُمّ عياش
ـ أمة رقيّة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : ما زوّجت عثمان أُمّ كلثوم إلاّ بوحي من السماء.
أخرجه الخطيب
البغدادي في تاريخه (١٢ / ٣٦٤) من طريق أحمد بن محمد بن المفلّس الكذّاب الوضّاع
الشهير ، عن عبد الكريم بن روح البزّار الأموي البصري ، قال أبو حاتم : مجهول ، ويقال : إنّه متروك ، وقال ابن حبّان : يخطئ ويخالف ، عن والده روح بن عنبسة. مجهول ، خلاصة
التهذيب (ص ١٠١). عن أبيه
عنبسة بن سعيد. قال الذهبي : لا يعرف تفرّد عنه ولده روح.
فإن تعجب فعجب
سكوت مثل الخطيب عن سندٍ هذا شأنه صوناً لكرامة الأمويّين.
٨٥ ـ عن عبد الله
بن عمر مرفوعاً : أتيتُ في المنام بعسٍّ مملوء لبناً فشربت منه حتى امتلأت ،
فرأيته يجري في عروقي ، ففضلت فضلة فأخذها عمر بن الخطّاب فشربها. أوّلوا ، قالوا
: هذا علم آتاكه الله حتى إذا امتلأت فضلت منه فضلة فأخذها عمر بن الخطّاب ، قال :
أصبتم.
من موضوعات عبد
الرحمن العدوي الكذّاب حفيد عمر بن الخطّاب ، أخرجه الخطيب في تاريخه من طريقه.
٨٦ ـ عن جعفر بن
محمد ، عن أبيه ، عن جدّه مرفوعاً : ليلة أُسري بي رأيت على العرش مكتوباً : لا
إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، أبو بكر الصدّيق ، عمر الفاروق ، عثمان ذو
النورين يُقتل مظلوماً.
__________________
أخرجه الخطيب في
تاريخه (١٠ / ٢٦٤) من طريق عبد الرحمن بن عفّان عن محمد بن مجيب الصائغ ، وكلاهما
كذّابان ـ راجع سلسلة الكذّابين.
٨٧ ـ عن حذيفة بن
اليمان قال : صلّى بنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صلاة الفجر ، فلمّا انفتل من صلاته قال : أين أبو بكر
الصدّيق؟ فأجابه أبو بكر من آخر الصفوف : لبّيك لبّيك يا رسول الله ، قال :
أَفرجوا لأبي بكر الصدّيق ، أُدن منّي يا أبا بكر ، لحقت معي التكبيرة الأولى؟ قال
: يا رسول الله ، كنت معك في الصفّ الأوّل فكبّرت وكبّرت ، فاستفتحت بالحمد
فقرأتها فوسوس لي شيء من الطهور ، فخرجت إلى باب المسجد فإذا أنا بهاتف يهتف بي
وهو يقول : وراءك ، فالتفتُّ فاذا أنا بقدح من ذهب مملوء ماءً أبيض من الثلج ،
وأعذب من الشهد ، وألين من الزبد ، عليه منديل أخضر مكتوب عليه : لا إله إلاّ الله
، محمد رسول الله ، الصدّيق أبو بكر ، فأخذت المنديل فوضعته على منكبي ، وتوضّأت
للصلاة واسبغت الوضوء ، ورددت المنديل على القدح ، ولحقتك وأنت راكع الركعة الأولى
، فتمّمت صلاتي معك يا رسول الله ، قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أبشر يا أبا بكر
، الذي وضّأك للصلاة جبريل ، والذي مندلك ميكائيل ، والذي مسك ركبتي حتى لحقت
الصلاة إسرافيل.
روي من طريق محمد
بن زياد ، وهو ذلك الكذّاب الوضّاع ، وأراه من موضوعاته ، غير أنّ السيوطي قال في
اللآلئ (١ / ١٥٠) : قلت :
الظاهر أنّ الآفة من غيره.
٨٨ ـ عن ابن عبّاس
قال : ذُكر أبو بكر عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : ومن مثل أبي بكر؟ كذّبني الناس وصدّقني ، وآمن بي
وزوّجني ابنته ، وأنفق ماله وجاهد معي في جيش العسرة ، ألا إنّه يأتي يوم القيامة
على ناقة من نوق الجنّة ، قوائمها من المسك والعنبر ، ورجلها من الزمرّد الأخضر ،
وزمامها من اللؤلؤ الرطب ، عليه حلّتان
__________________
خضراوان من سندس
وإستبرق ، يحاكيني يوم القيامة وأُحاكيه ، فيقال : هذا محمد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا أبو بكر الصدّيق.
أخرجه ابن حبّان
من طريق إسحاق بن بشر بن مقاتل ، فقال : إسحاق كذّاب يضع ـ راجع سلسلة الكذّابين.
٨٩ ـ عن البراء بن
عازب ، قال لنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات يوم : تدرون ما على العرش؟ مكتوب لا إله إلاّ الله ،
محمد رسول الله ، أبو بكر الصدّيق ، عمر الفاروق ، عثمان الشهيد ، عليّ الرضيّ.
أخرجه ابن عساكر من طريق محمد بن عبد بن عامر السمرقندي ، وهو ذلك الكذّاب
الوضّاع ، وفي سنده ضعفاء آخرون ، والآفة من السمرقندي .
٩٠ ـ عن ابن عبّاس
مرفوعاً : إذا كان يوم القيامة يكون أبو بكر على أحد أركان الحوض ، وعمر على الركن
الثاني ، وعثمان على الركن الثالث ، وعليّ على الركن الرابع ، فمن أبغض واحداً
منهم لم يسقه الآخرون.
هذا ملخّص رواية
لخّصها الذهبي في ميزانه ، ذكره مع حديثين من طريق إبراهيم بن عبد الله المصّيصي ،
فقال : هذا رجل كذّاب ، قال الحاكم : أحاديثه موضوعة.
٩١ ـ عن عقبة بن
عامر مرفوعاً : أتاني جبرائيل فقال : يا محمد إنّ الله أمرك أن تستشير أبا بكر.
__________________
عُدّ من موضوعات
محمد بن عبد الرحمن بن غزوان الكذّاب الوضّاع ـ المذكور في سلسلة الكذّابين.
٩٢ ـ عن عبد الله
بن عمر مرفوعاً : أُحشر يوم القيامة بين أبي بكر وعمر حتى أقف بين الحرمين ،
فيأتيني أهل مكة والمدينة.
عدّوه من أباطيل
عبد الله بن إبراهيم الغفاري الكذّاب الوضّاع ، وهو أحد الحديثين في فضل أبي بكر
وعمر اللذين قال ابن عدي : هما باطلان ، وقال الذهبي في ميزانه (٢ / ٢١) : غير
صحيح.
٩٣ ـ عن أبي هريرة
مرفوعاً : إنّ لله تعالى في السماء سبعين ألف ملك يلعنون من شتم أبا بكر وعمر.
أخرجه الخطيب في
رواة مالك من طريق سهل بن صقين ، فقال : سهل يضع. اللآلئ المصنوعة (١ / ١٦٠) ، وفي
لسان الميزان (٤ / ٤١) : أخرجه
الدارقطني في غرائب مالك عن محمد بن الحسين الحرّاني ، عن عبد الغفّار وقال : هذا
منكر ، وسهل ضعيف ، ومن دونه مجهول.
٩٤ ـ عن ابن عبّاس
قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في منامي على برذون أبلق ، فدنوت منه وعليه عمامة من نور
معتجراً بها ، وفي رجليه نعلان خضراوان شراكهما من لؤلؤ رطب ، بكفّه قضيب من قضبان
الجنّة أخضر ؛ فسلّم عليّ فرددت عليه وقلت : يا رسول الله ، قد اشتدّ شوقي إليك
فأين أنت؟ فقال : إنّ عثمان أصبح عروساً
__________________
في الجنّة وقد
دُعيت إلى عرسه. أخرجه الأزدي عن إبراهيم بن منقوش وقال : كان يضع الحديث ، وعدّه
السيوطي من الموضوعات في لآلئه .
٩٥ ـ عن عبد الله
بن عمر : كنّا نقول ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيّ : أفضل أمّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعده أبو بكر ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، فيسمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا ينكره.
أخرجه جمع من
أئمّة الحديث بعدّة طرق ، نوقفك على القول الفصل فيه في الجزء العاشر إن شاء الله
تعالى.
٩٦ ـ عن عمر
مرفوعاً : يموت عثمان ، يصلّي عليه ملائكة السماء ؛ قلت : لعثمان خاصّة أو للناس
عامّة؟ قال : لعثمان خاصّة.
حديث طويل فيه
لكلّ واحد من أصحاب الشورى الستّة منقبة. قال الذهبي في ميزانه في ترجمة محمد بن عبد الله الخراساني : حديث موضوع ، وقال
ابن حجر في لسانه (٥ / ٢٢٧) : الوضع
عليه ظاهر.
٩٧ ـ عن أبي هريرة
مرفوعاً : إنّ لله علماً من نور مكتوب عليه : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ،
أبو بكر الصدّيق.
أخرجه الذهبي في
ميزانه وقال : خبر موضوع ، اتّهم به محمد بن يحيى بن عيسى السلمي.
لسان الميزان (٥ / ٤٢٤).
٩٨ ـ عن عبد الله
بن عمر : إنّ جعفر بن أبي طالب أهدى إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سفرجلاً ، فأعطى معاوية ثلاث سفرجلات ، وقال : تلقّاني
بهنّ في الجنّة.
__________________
قال ابن حبّان : موضوع ، آفته إبراهيم بن زكريّا الواسطي ، وقال بعضهم :
ممّا يبيّن وضعه أنّ معاوية أسلم في الفتح ، وجعفر قُتل قبل الفتح بمؤتة ، وورد
بطرق أخرى كلّها باطلة فاسدة موضوعة. راجع اللآلئ المصنوعة (١ / ١١٩) ، وقال
الذهبي في الميزان (١ / ١٦) في ترجمة
إبراهيم الواسطي : يروي عن مالك أحاديث موضوعة ، ثمّ ذكر الحديث عنه عن مالك.
٩٩ ـ عن أبي سعيد
الخدري مرفوعاً : من أبغض عمر فقد أبغضني ، إنّ الله باهى بالناس عشيّة عرفة عامّة
، وباهى بعمر خاصّة.
رواه الطبراني في
الأوسط ، وقال الذهبي : خبر باطل رواه أبو سعد خادم الحسن البصري
، لا يُدرى من هذا. ميزان الاعتدال (٣ / ٣٦٠).
١٠٠ ـ عن أنس
مرفوعاً : قلت لجبريل حين أُسري بي إلى السماء : يا جبريل ، أعلى أُمّتي حساب؟ قال
: كلّ أُمّتك عليها حساب ما خلا أبا بكر الصدّيق ، فإذا كان يوم القيامة قيل : يا
أبا بكر ادخل الجنّة ، قال : ما أدخل حتى أُدخل معي من كان يحبّني في الدنيا.
أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (٢ / ١١٨ ، ٨ / ٣٦٧) وقال : هذا الحديث كذب ، وكذّبه
الذهبي في ميزانه (٣ / ٣٦).
هذه نماذج ممّا
وقفنا عليه من الموضوعات في المناقب ، وهي كثيرة جدّا تُعدّ بالآلاف ، توجد في
الجزء الثاني من كتابنا ـ رياض الأُنس ـ أضعاف ما ذكر ، ممّا
__________________
لا يوجد شيء منه
في الصحاح والمسانيد ، نعم ؛ ذُكر شطر منها في تآليف أخرى لحفّاظ السلف وإنّما
حوتها كتب المتأخِّرين بين دفوفها ، وينتهي الإسناد في كثير من ذلك البهرج المزخرف
إلى أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام يُعرب ذلك كلّه عن صدق ما جاء به عامر بن شراحيل من قوله :
أكثر من كُذِبَ عليه من الأمّة الإسلاميّة هو أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب.
ذكره الذهبي في طبقات الحفّاظ (١ / ٧٧).
ويعرف القارئ شأن
هذه الأحاديث من كلام الفيروزآبادي صاحب القاموس ، قال في خاتمة كتابه سفر السعادة
: باب فضائل أبي بكر الصدّيق رضى الله عنه أشهر المشهورات من الموضوعات ،
وقال بعد ذكر أحاديث مفتعلة في فضائل أبي بكر : وأمثال هذا من المفتريات المعلوم
بطلانها ببديهة العقل ، وقال : وباب فضل معاوية ليس فيه حديث صحيح ، وذكر العجلوني
مثل كلام الفيروزآبادي حرفيّا في كشف الخفاء (٢ / ٤١٩).
وقال الحاكم :
سمعت أبا العبّاس محمد بن يعقوب بن يوسف يقول : سمعت أبي يقول : سمعت إسحاق بن
إبراهيم الحنظلي يقول : لا يصحّ في فضل معاوية حديث. اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٢٠). وقال
ابن تيميّة في منهاج السنّة (٢ / ٢٠٧) : طائفة وضعوا لمعاوية فضائل ورووا أحاديث
عن النبيّ في ذلك ، كلّها كذب.
وقس على هذا ما
اختلقوا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في غير واحد من رجال الصحابة بأسمائهم وأشخاصهم ، وما
وضعوا من الأحاديث الكثيرة من المناقب والمثالب في العبّاس عمّ النبي وبنيه عامّة
والخلفاء منهم خاصّة ، وشفّعها بما افتعلوه في آحاد غوغاء الناس مثل حديثهم في وهب
وغيلان : يكون في أُمّتي رجل يقال له
__________________
وهب ، يهب الله له
الحكمة ، ورجل يقال له غيلان هو أشرُّ على أُمّتي من إبليس. ميزان الاعتدال (٣ / ١٦٠) ، ومثل
حديثهم : يجيء في آخر الزمان رجل يقال له : محمد بن كرام تُحيا السنّة به. لسان
الميزان (١ / ٣٧٥).
وجلّ هذه الروايات
تعارض متونها أحاديث صحيحة لو بسطنا القول فيها لتأتي أجزاء حافلة ، غير أنّا نذكر
ما يعارض الحديث الأخير خاتم المائة المكذوب على جبريل ، ليكون الباحث على بصيرة ،
فممّا يعارضه :
١ ـ يدخل الجنّة
من أُمّتي سبعون ألفاً بغير حساب. أخرجه البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، والدارمي ، وأبو داود.
٢ ـ يبعث من هذه
المقبرة ـ بقيع الغرقد ـ سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب. أخرجه الطبراني في
الكبير . مجمع الزوائد (٤ / ١٣).
٣ ـ ليدخلنّ
الجنّة من أُمّتي سبعون ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب ، مع كلّ ألف سبعون ألفاً.
أخرجه أحمد ، والطبراني ، والبزّار.
٤ ـ لقد وعدني
ربّي أن يُدخل من أُمّتي الجنّة سبعين ألفاً لا حساب عليهم. أخرجه الطبراني ، والبزّار.
٥ ـ ليبعثنّ الله
من مدينة بالشام يقال لها حمص تسعين ألفاً لا حساب عليهم. أخرجه البزّار.
__________________
٦ ـ إنّ في أصلاب
أصلاب أصلاب رجال من أصحابي رجالاً ونساءً يدخلون الجنّة بغير حساب. أخرجه
الطبراني بإسناد جيّد.
٧ ـ رأيت منكم
خمسين ألفاً أو سبعين ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب. أخرجه الطبراني بإسناد رجاله
ثقات .
٨ ـ إنّي وجدت
ربّي ماجداً كريماً أعطاني مع كلّ واحد من السبعين الألف الذين يدخلون الجنّة بغير
حساب سبعين ألفاً. أخرجه الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح غير شيخه .
٩ ـ أُعطيت سبعين
ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب ... إلى أن قال : فزادني مع كلّ واحد سبعين ألفاً.
أخرجه أحمد وأبو يعلى. راجع مجمع الزوائد (١٠ / ٤٠٥ ـ ٤١٢).
١٠ ـ في حديث ليلة
الإسراء : يا محمد حملة القرآن لا يعذّبون ولا يحاسبون يوم القيامة. خزينة الأسرار
(ص ٨٨).
١١ ـ أوّل زمرة من
أُمّتي يدخلون الجنّة سبعون ألفاً لا حساب عليهم. تاريخ بغداد (٢ / ١٦٠).
١٢ ـ ليُبعثنَّ من
بين حائط حمص والزيتون في التراب الأحمر سبعون ألفاً ليس عليهم حساب. مستدرك
الصحيحين (٣ / ٨٩).
١٣ ـ من مات في
هذا الوجه من حاجٍّ أو معتمر لم يُعرَض ولم يحاسَب ، وقيل
__________________
له : ادخل الجنّة.
تاريخ بغداد (٢ / ١٧٠).
١٤ ـ يُحشر من ظهر
الكوفة سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بلا حساب. تاريخ بغداد (١٢ / ١٩٠).
١٥ ـ في حديث عرض
الأُمم عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا محمد إنّ مع هؤلاء سبعين ألفاً يدخلون الجنّة بغير
حساب. مسند أحمد (١ / ٤١٨ ، ٤٥٤).
١٦ ـ بشّرني ـ ربّي
ـ أنّ أوّل من يدخل الجنّة من أُمّتي سبعون ألفاً ، مع كلّ ألف سبعون ألفاً ليس
عليهم حساب. مسند أحمد (٥ / ٣٩٣).
١٧ ـ وفي حديث
عمير مرفوعاً : إنّ الله عزّ وجلّ وعدني أن يدخل من أُمّتي ثلاثمائة ألف الجنّة
بغير حساب. أخرجه البغوي وابن أبي خيثمة وابن المسكن والطبراني وغيرهم كما
في الإصابة (٣ / ٣٧).
وقبل هذه كلّها ما
أخرجه الخجندي عن أبي أُمامة قال : سمعت أبا بكر الصدّيق يقول للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أوّل من يُحاسب؟ قال : أنت يا أبا بكر. قال : ثمّ من؟
قال : عمر. قال : ثمّ من؟ قال : عليّ. قال : فعثمان؟ قال : سألت ربّي أن يهب لي
حسابه فلا يحاسبه ، فوهب لي. الرياض النضرة (١ / ٣١) .
(فَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ)
__________________
سلسلة الموضوعات في الخلافة فحسب
أهمُّ موضوع لعبت
به أيدي الهوى ، وعبثت به العواطف المضلّة ، هو موضوع الخلافة في السنّة والحديث ،
وضع القوم فيها أحاديث مكذوبة على الله وعلى أمين وحيه ونبيّه الطاهر صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبثّها في الملأ أرباب التآليف المزوّرة روماً لطمس
الحقّ ، وتمويهاً على الحقيقة ، وتعمية على الجاهل المسكين ، عالمين بأنّها آثار
مفتعلة تُضادّ مبادئ الإسلام عند جميع فرقه ، ولا توافق أيّا من المذاهب
الإسلاميّة ، بل لازمها اجتماع الأمّة على الخطأ ـ وهي لا تجتمع على الخطأ ـ إذ لا
تخلو ممّن يرى النصّ في عليّ أمير المؤمنين ، ومن يقول بالانتخاب وعدم النصّ على
أيّ أحد ، فالأمّة مجتمعة على الخطأ في رفض تلكم النصوص والصفح عنها ، وإليك نماذج
ممّا وقفنا عليه من تلكم المخازي :
١ ـ عن أنس بن
مالك قال : جاء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فدخل إلى بستان ، فأتى آتٍ فدقّ الباب فقال : يا أنس قم
فافتح له وبشّره بالجنّة ، وبشّره بالخلافة من بعدي. قال : قلت يا رسول الله
أُعلمه؟ قال : أَعلمه ، فإذا أبو بكر. قلت : أبشر بالجنّة وابشر بالخلافة من بعد
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. ثمّ جاء آتٍ فدقّ الباب ، فقال : يا أنس ، قم فافتح له
وبشّره بالجنّة ، وبشّره بالخلافة من بعد أبي بكر. قلت : يا رسول الله أُعلمه؟ قال
: أَعلمه ، فخرجت فإذا عمر ، قال : قلت له : أبشر بالجنّة وابشر بالخلافة من بعد
أبي
بكر. ثمّ جاء آتٍ
فدقّ الباب ، فقال : قم يا أنس ، وافتح له وبشّره بالجنّة ، وبالخلافة من بعد عمر
وأنّه مقتول ، قال : فخرجت فإذا عثمان ، قلت : أبشر بالجنّة وبالخلافة من بعد عمر
، وأنّك مقتول. قال : فدخل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله لمه؟ والله ما تغنّيت ولا تمنّيت ،
ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعتك. قال : هو ذاك يا عثمان!
من موضوعات الصقر
بن عبد الرحمن أبي بهز الكذّاب. حكى الخطيب البغدادي في تاريخه (٩ / ٣٣٩) عن عليّ
بن المديني أنّه سئل عن هذا الحديث ، فقال : كذب ، هذا موضوع ، وذكره الذهبي في
ميزان الاعتدال (١ / ٤٦٧) فقال :
حديث كذب ، وحكى ابن حجر في لسان الميزان (٣ / ١٩٢) عن عليّ
المديني أنّه قال : كذب موضوع ، وقال في (ص ١٩٣) : لو صحّ هذا لما جعل عمر الخلافة
في أهل الشورى ، وكان يعهد إلى عثمان بلا نزاع.
وذكره الذهبي في
ميزانه (٢ / ٩١) بلفظ :
دخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حائطاً لرجل ، فقرع الباب فقال : يا أنس افتح وبشّره
بالجنّة وأنّه سيلي الأمر من بعدي ، ففتحت فإذا أبو بكر. ثمّ قال : وفي سنده عبد
الأعلى بن أبي المساور ، وهو متروك ضعيف ليس بشيء. وذكر صدره في (١ / ١٦٢) عن بكر بن المختار بن فلفل ، وقال : قال ابن
حبّان : لا تحلُّ الرواية عنه إلاّ على سبيل الاعتبار ، وقال المقدسي فى تذكرة
الموضوعات (ص ١٥) : افتح له وبشّره بالجنّة ؛ وفيه ذكر الخلافة وترتيبها ، رواه
بكر ابن المختار الصائغ وهو كذّاب.
__________________
قال
الأميني : وفي ترك هؤلاء
الثلاثة الاحتجاج بهذه الرواية يوم فاقتهم إليها عند طلب الخلافة ، وقد بلغ الجدال
أشدّه حتى كاد أن يكون جلاداً ، دليل واضح على أنّهم لم يدخلوا ذلك البستان
الخياليّ ، ولا سمعوا تلك البشارة الموهومة ، وأنّ الله سبحانه لم يبرأ ذلك
البستان ليوطّد فيه أساس الفتن المدلهمّة ، ثمّ لما ذا لم يروِها لهم أنس يوم
تزلّفه إليهم ، وتركاضه معهم ، وتركها لأحد الرجلين بعده : الصقر وعبد الأعلى؟
ألا تعجب من
حافظين كبيرين كأبي نعيم في متقدّمي القوم ، والسيوطي في متأخّريهم ، يروي الأوّل
هذه الرواية بإسناده الوعر في دلائل النبوّة (٢ / ٢٠١) من طريق
أبي بهز الكذّاب ويركن إليها ، ويرويها الثاني في الخصائص الكبرى (٢ / ١٢٢) ،
ويتبهّج بها؟ ولم ينبس أحد منهما ممّا في إسنادها من الغمز ببنت شفة.
٢ ـ عن عائشة قالت
: كانت ليلتي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلمّا ضمّني وإيّاه الفراش ، قلت : يا رسول الله ألست أكرم
أزواجك عليك؟ قال : بلى يا عائشة. قلت : فحدّثني عن أبي بفضيلة ، قال : حدّثني
جبريل أنّ الله تعالى لمّا خلق الأرواح اختار روح أبي بكر الصدّيق من بين الأرواح
، وجعل ترابها من الجنّة وماءها من الحيوان ، وجعل له قصراً في الجنّة من درّة
بيضاء مقاصيرها فيها من الذهب والفضّة البيضاء ، وأنّ الله تعالى آلى على نفسه أن
لا يسلبه حسنة ولا يسأله عن سيّئة ، وإنّي ضمنت على الله كما ضمن الله على نفسه أن
لا يكون لي ضجيعاً في حفرتي ، ولا أنيساً في وحدتي ، ولا خليفةً على أُمّتي من
بعدي ، إلاّ أبوك يا عائشة ، بايع على ذلك جبريل وميكائيل ، وعقدت خلافته براية
بيضاء ، وعقد لواؤه تحت العرش ، قال الله للملائكة : رضيتم ما رضيت لعبدي ، فكفى
بأبيك فخراً أن بايع له جبريل وميكائيل
__________________
وملائكة السماء
وطائفة من الشياطين يسكنون البحر ، فمن لم يقبل هذا فليس منّي ولست منه.
قالت عائشة :
فقبّلت أنفه وما بين عينيه. فقال : حسبك يا عائشة فمن لستِ بأُمّه فو الله ما أنا
بنبيّه ، فمن أراد أن يتبرّأ من الله ومنّي فليتبرّأ منك يا عائشة.
قال الخطيب
البغدادي في تاريخه (١٤ / ٣٦) : لا يثبت هذا الحديث ورجال إسناده كلّهم ثقات ،
ولعلّه شبّه لهذا الشيخ القطّان ـ أو أُدخل عليه ـ مع أنّي قد رأيته من حديث محمد
بن بابشاذ البصري ، عن سلمة بن شبيب ، عن عبد الرزّاق ، وابن بابشاذ راوي مناكير
عن الثقات.
وذكر الذهبي منه
جملاً في ميزان الاعتدال (٣ / ٣١) ، وحكم
بأنّه موضوع ، وذكر جملاً في (ص ٢٤٦) وقال : حديث باطل كأنّه المسكين ـ يعني هارون
القطّان ـ أُدخل عليه ولا يشعر ، وله إسناد آخر باطل ، وقال : هذا لا يحتمله سلمة
، والظاهر أنّه دُسّ على ابن بابشاذ هذه ، فروى حديثاً موضوعاً راج عليه ولم
يهتدِ.
وذكر الفيروزآبادي
شطراً من صدره في خاتمة سفر السعادة ، والعجلوني في كشف الخفاء وعدّاه من أشهر المشهورات من الموضوعات ، ومن المفتريات
المعلوم بطلانها ببديهة العقل ، وأبطله السيوطي في اللآلئ المصنوعة (١ / ١٥٠).
٣ ـ عن عائشة قالت
: أوّل حجر حمله النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لبناء المسجد ، ثمّ حمل أبو بكر حجراً آخر ، ثمّ حمل عمر ،
ثمّ حمل عثمان حجراً آخر. فقلت : يا رسول الله ،
__________________
ألا ترى إلى هؤلاء
كيف يساعدونك؟ فقال : يا عائشة هؤلاء الخلفاء من بعدي.
أخرجه الحاكم في
المستدرك (٣ / ٩٧) وقال :
صحيح وإنّما اشتهر بإسنادٍ واهٍ من رواية محمد بن الفضل بن عطيّة ؛ فلذلك هجر.
وقال الذهبي في
تلخيص المستدرك : قلت : أحمد منكر الحديث وممّن نقم على مسلم إخراجه في الصحيح ،
ويحيى وإن كان ثقة فقد ضُعّف ، ثمّ لو صحّ هذا لكان نصّا في خلافة الثلاثة ولا
يصحّ بوجه ، فإنّ عائشة لم تكن يومئذٍ دخل بها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي محجوبة صغيرة ، فقولها هذا يدلّ على بطلان الحديث.
إلخ.
أسفي على الحاكم
فإنّه يخرج عن عائشة هذه الرواية ويصحّحها ، وقد أخرج عنها قبلها في المستدرك (٣ / ٧٨) أنّها
قالت : لو كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مستخلفاً لا ستخلف أبا بكر وعمر ، وصحّحه هو وأقرّه
الذهبي.
٤ ـ عن عبد الله
بن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا بلال أذِّن في الناس : أنّ الخليفة بعدي أبو بكر ، يا
بلال نادِ فى الناس : أنّ الخليفة بعد أبي بكر عمر ، يا بلال ناد في الناس : أنّ
الخليفة من بعد عمر عثمان ، يا بلال امض أبى الله إلاّ ذلك ـ ثلاث مرّات.
أخرجه أبو نعيم في
فضائل الصحابة ، والخطيب في تاريخه (٧ / ٤٢٩) من دون أيّ غمز فيه ، وابن عساكر في
تاريخ الشام ورواه الذهبي بإسناد الدارقطني وعمرو ابن شاهين في ميزانه (١ / ٣٨٧) فقال :
هذا موضوع ، وقال في سعيد بن عبد الملك
__________________
ـ أحد رجال
الإسناد ـ : قال أبو حاتم : يتكلّمون فيه ، يروي أحاديث كذب.
لِمَ لم تسمع أُذن
الدنيا قطّ نداء بلال حينما أذّن في الناس بالخلافة؟ هل خالف بلال أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم ينادِ؟ حاشاه ، أو ضرب الله في آذان أُمّة محمد وقراً
فلم يسمع أحد ذلك النداء؟ لاها الله ، بل ما أمر صلىاللهعليهوآلهوسلم بشيء من هذا ، ولا أذّن بلال ولا أسمع ، لكن الهوى خلق بعد
لأي من عمر الدهر أذاناً سمعه من لا يؤمن به.
٥ ـ مرفوعاً : أبو
بكر يلي أُمّتي من بعدي.
ذكره الذهبي في
ميزانه (٣ / ٩٣) وقال :
خبر كذب جاء به محمد بن عبد الرحمن وهو لا يُعرف ، أو هو ابن قراد ـ الكذّاب
الوضّاع المذكور (ص ٢٦٠).
٦ ـ عن الزبير بن
العوام قال : سمع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : الخليفة بعدي أبو بكر وعمر ، ثمّ يقع الاختلاف.
فقمنا إلى عليّ فأخبرناه فقال : صدق الزبير ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول ذلك.
من موضوعات عبد
الرحمن بن عمرو بن جبلة. ذكره الذهبي في ميزانه (١ / ١٤٧) فقال :
هذا باطل ، والآفة من عبد الرحمن.
إن كان أمير
المؤمنين عليهالسلام سمع ما سمعه الزبير من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فما باله يدّعيها لنفسه عند طلب البيعة ، ويخالف رسول الله
صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما نصّ عليه؟ وكيف يكون ما شجر بينه وبين القوم من
الخلاف الذي ملأ الخافقين حديثه؟ وما بال الزبير الراوي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تخلّف عن بيعة أبي بكر يوم ذاك ، واخترط سيفه وهو يقول :
لا أغمده حتى يُبايَع علي؟
__________________
٧ ـ مرفوعاً : إنّ
جبرائيل قال : أبو بكر وزيرك في حياتك وخليفتك بعد موتك.
من موضوعات أبي
هارون إسماعيل بن محمد الفلسطيني ، قال الذهبي في ميزان الاعتدال (١ / ١١٤) : ذكره
ابن الجوزي بإسناد مظلم ، وقال : أبو هارون كذّاب.
سبحانك اللهمّ ما
أجرأهم على المهيمن الجبّار ، وعلى أمين وحيه ، وعلى قدس صاحب الرسالة ، فعزوا
إليه حكماً نزل به الروح الأمين لأن يصدع به في الملأ من أُمّته ليسلكوا طريقه
المهيع باتّباع الخليفة من بعده ، لكنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم جعجع بتبليغه إلى أن يأتي الرجل من فلسطين فأنهاه إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ليبلّغ من حوله من المهاجرين والأنصار.
نعم ؛ هكذا يكون
الأكل من القفا ، لا. هكذا يكون أمر دُبّر بليل ، أو يتزلّف الفلسطيني إلى صاحب
السلطة الوقتيّة بالافتعال له.
٨ ـ عن أبي سعيد
الخدري مرفوعاً : قال : لمّا عُرج بي قلت : اللهمّ اجعل الخليفة من بعدي عليّا ،
قال : فارتجّت السموات ، وهتف بي الملائكة : يا محمد أقرأ : (وَما
تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ) ، وقد شاء الله أبا بكر.
من موضوعات يوسف
بن جعفر الخوارزمي ، ذكره الذهبي في ميزانه (٣ / ٣٢٩) وقال :
ذكر ابن الجوزي أنّ هذا من وضع يوسف ، وأخرجه الجوزقاني وفي آخره : قد شاء الله أن
يكون الخليفة من بعدك أبو بكر الصدّيق ، ثمّ قال : موضوع وضعه يوسف بن جعفر.
اللآلئ المصنوعة (١ / ١٥٦) وفي لفظ
: إنّ الله يفعل ما يشاء ، والخليفة بعدك أبو بكر.
__________________
٩ ـ عن عليٍّ أمير
المؤمنين مرفوعاً : يا عليُّ سألت الله ثلاثاً أن يقدّمك فأبى عليّ إلاّ أن يقدّم
أبا بكر.
أخرجه الخطيب في
تاريخه (١١ / ٢١٣) بسند تافه ساكتاً عن الغمز فيه جرياً على عادته ، وذكره الذهبي
في ميزان الاعتدال (٢ / ٢٢٢) من طريق
الخطيب عن أبي حجيفة وقال : خبر باطل ، لعلّ آفته عليّ بن الحسين الكلبي ، وزيّفه
ابن حجر في الفتاوى الحديثيّة (ص ١٢٦) ، وعدّه
السيوطي في الجامع الكبير كما في ترتيبه (٦ / ١٣٩) من
فضائل أبي بكر نقلاً عن الديلمي ، وذكر محبّ الدين الطبري في الرياض (١ / ١٥٠) باللفظ
المذكور ولفظ : نازلت الله فيك ثلاثاً فأبى أن يقدّم إلاّ أبا بكر ، ثمّ قال :
غريب.
قال
الأميني : إنّي مسائل مفتعل
هذا الرواية وأعضاده من حفّاظ الحديث ـ الأمناء على ودائع العلم والدين ـ بعد
الفراغ عن أنّ أمر الخلافة لا يستقرُّ في أحد إلاّ بتعيين المولى سبحانه ومشيئته (و
اللهُ
يَفْعَلُ ما يَشاءُ) ، (وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ
أَنْ يَشاءَ اللهُ) ، وقد شاء أبا بكر ، أين يكون محلّ دعاء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في أن يجعلها في عليّ عليهالسلام من قبل أن يعلم مستقرّه عند الله تعالى؟ فكان من واجبه أن
يسأله عن محلّه عنده ، لا أن يطلب منه طلبة ترتجّ لها السموات والملائكة ، وما ذلك
إلاّ لكونه منكراً من الطلب ، نجلّ نبيّنا عن الإسفاف إلى هذه الضعة.
وكيف خفي عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم من يستأهل الخلافة من أُمّته ويختار لها من يأبى الله
__________________
والسماوات ومن
فيها والمؤمنون له ذلك؟ نعوذ بالله من السفاسف.
ثمّ ما بال النبيّ
الأعظم يتأخّر علمه بذلك عن علم الملائكة والسماوات والحاجة له ولأُمّته ، وخطاب
التبليغ متوجّه إليه ، والتكليف بالخضوع متوجّه إلى أُمّته؟ ولم يكن جميع الملائكة
والسماوات حملة الوحي إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى يتقدّم علمهم على علمه .
وما الذي دعاه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى ذلك التأكيد وتكرار المسألة مرّةً بعد أخرى ، وقد أبى
الله أن يجيبها وشاء خلاف تلك الدعوة؟
إلى أسئلة هامّة
تأتي ، وهي مشكلات لا أحسب أن يجد كلّ من يعتمد على هذه الرواية إلى حلّها سبيلا ،
أُفّ تُفّ لمؤلّف يذكر مثل هذه الأفيكة ويراها لطيفة ، ولآخر يراها غريباً ) ، ويقول : يُعتضد بالأحاديث الصحيحة ، اللهمّ إليك المشتكى.
١٠ ـ أخرج الخطيب
في تاريخه (١٤ / ٢٤) بإسناده عن إبراهيم بن هاني ، عن هارون المستملي المتوفّى
(٢٤٧) عن يعلى بن الأشدق ، عن عبد الله بن جراد ، قال : أُتي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بفرس فركبه وقال : يركب هذا الفرس من يكون الخليفة من بعدي
؛ فركبه أبو بكر الصدّيق.
قال الأميني :
كأنّ الخطيب أدهشه فرس الخلافة ـ ذاهلاً عن أنّه لم يُخلق بعدُ ـ
__________________
فسكت عمّا في سند
الرواية من الغمز الفاحش الذي لا يخفى على مثل الخطيب ـ فارس الجرح والتعديل ـ ،
وإليك مجمل القول في رجاله :
١ ـ إبراهيم بن
هاني ، قال ابن عدي : مجهول يأتي بالبواطيل.
٢ ـ هارون
المستملي ، قال له أبو نعيم : يا هارون اطلب لنفسك صناعةً غير الحديث ، فكأنّك
بالحديث قد صار على مزبلة.
٣ ـ يعلى بن
الأشدق : أحد الكذّابين ـ كما مرّ في سلسلتهم.
٤ ـ عبد الله بن
جراد عمّ يعلى ، قال الذهبي في ميزانه : مجهول لا يصحّ خبره لأنّه من رواية يعلى بن الأشدق
الكذّاب عنه ، وقال أبو حاتم : لا يُعرف ولا يصحّ خبره ، وقال ابن حجر في الإصابة (٢ /
٢٨٨) : يعلى بن الأشدق أحد الضعفاء ، وعبد الله بن جراد واهٍ ذاهب الحديث ، ولم
يثبت حديثه.
وذكر السيوطي
الرواية في الموضوعات. اللآلئ المصنوعة (١ / ١٥٦) وأردفه
بقوله : موضوع ، ابن جراد ليس بشيء ، ثمّ نقل كلمات الحفّاظ في تضعيف ابن جراد
وتزييفه.
١١ ـ عن جابر
مرفوعاً : أبو بكر وزيري والقائم في أُمّتي من بعدي ، وعمر حبيبي ينطق على لساني ،
وعثمان منّي ، وعليّ أخي وصاحب لوائي. وفي كنز العمّال (٦ / ١٦٠) عن أنس
: أبو بكر وزيري يقوم مقامي ، وعمر ينطق بلساني ، وأنا من عثمان وعثمان منّي.
__________________
من موضوعات كادح
بن رحمة الكذّاب ، أخرجه ابن السمّان في الموافقة ، كما في الرياض النضرة (١ / ٢٨) ، وذكره
الذهبي في ميزانه من طريق كادح ، وقال : قال ابن عدي : عامّة أحاديثه غير محفوظةٍ ، ولا يُتابَع في أسانيده ولا
في متونه ، وقال الحاكم وأبو نعيم : روى عن مسعر والثوري أحاديث موضوعة. لسان
الميزان (٤ / ٤٨١).
١٢ ـ أخرج الحاكم عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : ائتني بدواة وكتف أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا
بعده أبداً ، ثم قال : يأبى الله والمؤمنون إلاّ أبا بكر. كنز العمّال (٦ / ١٣٩).
١٣ ـ عن عائشة
قالت : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مرضه الذي مات فيه : ادعي لي أباكِ وأخاكِ حتى أكتب
كتاباً ، فإنّي أخاف أن يتمنّى متمنٍّ ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله
والمؤمنون إلاّ أبا بكر.
أخرجه مسلم وأحمد وغيره من طرق عنها ، وفي بعضها : قال لي رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مرضه الذي مات فيه : ادعي لي عبد الرحمن بن أبي بكر ،
أكتب لأبي بكر كتاباً لا يختلف عليه أحد ، ثمّ قال : دعيه معاذ الله أن يختلف
المؤمنون في أبي بكر.
وفي لفظ عن عبد
الله بن أحمد : أبى الله والمؤمنون أن يُختَلَف عليك يا أبا بكر ،
__________________
الصواعق لابن حجر (ص ١٣) ، شرح
مشارق الأنوار (٢ / ٢٥٨).
١٤ ـ عن عائشة
مرفوعاً : لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه (أراد به عبد الرحمن) وأعهد (أي :
أُوصي أبا بكر بالخلافة بعدي) ، أن يقول القائلون (أي : كراهة أن يقول قائل : أنا
أحقّ منه بالخلافة) أو يتمنّى المتمنّون (أي : أو يتمنّى أحد أن يكون الخليفة غيره)
ثمّ قلت : يأبى الله ويدفع المؤمنون (يعني تركت الإيصاء اعتماداً على أنّ الله
تعالى يأبى عن كون غيره خليفة ، وأن يدفع المؤمنون غيره) أو : يدفع الله ويأبى
المؤمنون.
أخرجه الصغاني في
مشارق الأنوار عن البخاري ، وفي هامشه : لم نجده في صحيح البخاري فليراجع ، وشرحه
ابن الملك بما جعلناه بين القوسين في شرحه (٢ / ٩٠) وذكره ابن حزم في الفصل (٤ /
١٠٨) فقال : فهذا نصّ جليّ على استخلافه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أبا بكر على
ولاية الأُمّة بعده.
هذه صورة ممسوخة
من حديث الكتف والدواة والمروي بأسانيد جمّة في الصحاح والمسانيد ، وفي مقدّمها
الصحيحان ، حوّلوه إلى هذه الصورة لمّا رأوا الصورة الصحيحة من الحديث لا تتمّ
بصالحهم ، لكنّها الرزيّة كلّ الرزيّة كما قاله ابن عبّاس في الصحيح ، فإنّ رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مُنع في وقته عن كتابة ما رامه من الإيصاء بما لا تضلّ
الأمّة بعده ، وكثر هناك اللغط ، ورُمي صلىاللهعليهوآلهوسلم بما لا يوصف به ، أو قال قائلهم : إنّ الرجل ليهجر. أو :
إنّ الرجل غلبه الوجع ؛ وبعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم قلبوا ذلك التاريخ الصحيح إلى هذا المفتعل وراء أمر دبّر
بليل.
قال ابن أبي
الحديد في شرح نهج البلاغة (٣ / ١٧) وضعوه في
مقابلة الحديث
__________________
المرويّ عنه في
مرضه : «ائتوني بدواة وبياض أكتب لكم ما لا تضلّون بعده أبداً» فاختلفوا عنده ،
وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله.
قال الأميني : لا
تخلو هذه الاستعاذة إمّا أن تكون في حيّز الإخبار عن عدم الاختلاف ، أو في
مقام النهي عنه.
وعلى الأوّل يلزم
منه الكذب لوقوع الاختلاف ـ وأيّ اختلاف ـ بالضرورة من أمير المؤمنين وبني هاشم
ومن التفّ بهم من صدور الصحابة ، ومن سيّد الخزرج سعد بن عبادة وبقيّة الأنصار ،
وإن أخضعت الظروف والأحوال أُولئك المتخلّفين عن البيعة للخلافة المنتخبة بعد برهة
، فقد كان في القلوب ما فيها إلى آخر أعمارهم ، وفي قلوب شيعتهم وأتباعهم إلى يوم
لقاء الله ، وكان لأمير المؤمنين عليهالسلام وآله وشيعته في كلّ فجوة من الوقت وفرصة من الزمن نبرات
وتنهّدات ، ينبئ فيها عن الحقّ المغتصب والخليفة المهتضم.
وعلى الثاني يلزم
تفسيق أمّة كبيرة من أعيان الصحابة لمخالفتهم نهي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بما شجر بينهم وبين القوم من الخلاف المستعاذ منه بالله في
أمر الخلافة ، وهذا لا يلتئم مع حكمهم بعدالة الصحابة أجمعين ، إلاّ أن يخصّوها
بغير أمير المؤمنين ومن انضوى إليه ، وكلّ هذا يؤدّي إلى بطلان الرواية.
وهلمّ معي إلى
أُمّ المؤمنين الراوية لها نسائلها عن أنّها لمَ لم تنبس يوم التنازع عمّا روته
ببنت شفة ، فتجابه من ينازع أباها بنصّ الرسول الأمين وأخّرت البيان عن وقت الحاجة؟
ولعلّها تجيب بأنّها لم تسمع قطّ من بعلها الكريم شيئاً ممّا أُلصق بها ، لكن رواة
السوء بعد وفاتها لم ترع لها كرامة فصعّدت وصوّبت ، وشاهد هذا الجواب ما سيوافيك
عنها بطريق صحيح ما ينافي الاستخلاف.
__________________
١٥ ـ عن عائشة
قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أئمّة الخلافة من بعدي أبو بكر وعمر. الحديث.
ذكره الذهبي في
ميزانه (٢ / ٢٢٧) وقال :
خبر باطل ، المتّهم بوضعه عليّ ـ بن صالح الأنماطي ـ ، فإنّ الرواة ثقات سواه.
قال
الأميني : من المأسوف عليه
أنّ الدهشة بالقلاقل بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنست عائشة هذه الرواية يوم كان يستفيد بها أبوها ، ويسلم
من مغبّة الاختيار في أمر الخلافة بالاستناد إلى النصّ الصريح ، أو خشيت حين ذلك
إن فاهت أن يقال : حلبت حلباً لها شطرها ، فأرجأتها إلى أن سبق السيف العذل ،
والصحيح : أنّها أرجأت روايتها إلى أن لفظت نفسها الأخير ، وسيوافيك عنها خلاف هذه
الرواية من طريق صحيح.
١٦ ـ عن عبد الله
بن عمر مرفوعاً : يكون بعدي اثنا عشر خليفة ؛ أبو بكر الصدّيق لا يلبث بعدي إلاّ
قليلاً ، وصاحب رحى دارة العرب يعيش حميداً ويقتل شهيداً عمر ، وأنت يا عثمان
سيسألك الناس أن تخلع قميصاً كساك الله عزّ وجلّ إيّاه ، والذي نفسي بيده لئن
خلعته لا تدخل الجنّة حتى يلج الجمل في سمّ الخياط.
أخرجه البيهقي كما في تاريخ ابن كثير (٦ / ٢٠٦) بإسناده ، وفيه :
عبد الله بن صالح الكذّاب ، وربيعة بن سيف ، قال البخاري : عنده مناكير. وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال (٢ / ٤٨) من طريق
يحيى بن معين ، وقال : أنا أتعجّب من يحيى مع جلالته ونقده كيف يروي مثل هذا
الباطل ويسكت عنه؟ وربيعة صاحب مناكير وعجائب.
__________________
١٧ ـ عن ابن عبّاس
في قوله تعالى (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ
أَزْواجِهِ حَدِيثاً) قال : أسرّ إلى حفصة : أنّ أبا بكر وليّ الأمر من بعده ،
وأنّ عمر واليه من بعد أبي بكر ، فأخبرت بذلك عائشة ؛ رواه البلاذري في تاريخه .
وفي نزهة المجالس (٢
/ ١٩٢) : قال ابن عبّاس رضى الله عنه : والله إنّ إمارة أبي بكر وعمر لفي كتاب
الله : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ
أَزْواجِهِ حَدِيثاً) قال لحفصة : أبوك وأبو عائشة أولياء الناس بعدي ، فإيّاك
أن تخبري به أحداً.
وأخرج الذهبي عن
عائشة : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ
أَزْواجِهِ حَدِيثاً) قالت : أسرّ إليها أنّ أبا بكر خليفتي من بعدي. عدّه
الذهبي في ميزان الاعتدال (١ / ٢٩٤) من
أباطيل خالد بن إسماعيل المخزومي الكذّاب.
١٨ ـ عن ابن عبّاس
قال : لمّا نزلت (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) جاء العبّاس إلى
عليّ ، فقال : قم بنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فصارا إلى رسول الله فسألاه عن ذلك فقال : يا عبّاس ، يا
عمّ رسول الله ، إنّ الله جعل أبا بكر خليفتي على دين الله ووحيه ، فاسمعوا له
تفلحوا ، وأطيعوا ترشدوا ، قال العبّاس : فأطاعوه والله فرشدوا.
وفي لفظ آخر : يا
عمّ إنّ الله جعل أبا بكر خليفتي على دين الله ووحيه ، فأطيعوه بعدي تهتدوا ،
واقتدوا به ترشدوا. قال ابن عبّاس : ففعلوا فرشدوا.
أخرجه الخطيب
البغدادي في تاريخه (١١ / ٢٩٤) ـ من دون أيّ غمز في سنده ومتنه ـ من طريق عمر بن
إبراهيم بن خالد الكذّاب ، غير أنّ السيوطي حكى عنه في اللآلئ (١ / ١٥٢) إردافه
بقوله : عمر كذّاب. وهذا لا يوجد في المطبوع من تاريخ
__________________
بغداد ، فكأنّ يد
الطبع الأمينة حرّفته خدمة للمبدإ ، وعمر هو ابن إبراهيم القرشي الكردي الكذّاب
الوضّاع. وقال الذهبي في ميزانه (٢ / ٢٤٩) : هذا
الحديث ليس بصحيح.
قال
الأميني : أسفي إن كان
العبّاس قد سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا النصّ الصريح ـ وكان ابنه يجد خلافة الشيخين في الكتاب
العزيز ـ ويخبر به الناس مشفّعاً بالحلف بالله ، وأُمر بالطاعة والاقتداء بهما ،
فلما ذا خالف ذلك كلّه؟ ولما ذا تخلّف عن بيعة أبي بكر ؟ وما الذي حداه إلى أن يأتي أمير المؤمنين عليّا عليهالسلام يوم توفّي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في ضحاه ، فيقول له : اذهب إلى رسول الله فسله في من يكون
هذا الأمر؟ فإن كان فينا علمنا ذلك ، وإن كان في غيرنا أمر به فأوصى بنا ، ويقول
عليّ عليهالسلام : والله لئن سألناها رسول الله فمنعناها لا يعطيناها الناس
أبداً ، والله لا أسألها رسول الله أبداً. فتوفّي رسول الله حين اشتدّ الضحى من
ذلك اليوم .
وفي لفظ آخر :
فانطلق بنا إليه فنسأله من يستخلف؟ فإن استخلف منّا فذاك ، وإلاّ فأوصى بنا فحفظنا
من بعده. الحديث.
وما دعاه إلى أن
يقول لعليّ لمّا قُبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أبسط يدك أُبايعك ، فيقال عمّ رسول الله بايع ابن عمّ
رسول الله ويبايعك أهل بيتك ، فإنّ هذا الأمر إذا كان لم يُقل ، فيقول عليُّ كرّم الله وجهه : ومن يطلب هذا الأمر غيرنا ؟
__________________
وفي لفظ ابن سعد
في طبقاته : قال عليّ : يا عمّ : وهل هذا الأمر إلاّ إليك؟ وهل من أحد ينازعكم في
هذا الأمر؟
وما باله يلاقي
أبا بكر فيسأله هل أوصاك رسول الله بشيء؟ فيقول : لا ، أو يلاقي عمر ويسأله مثل
ذلك فيسمع : لا ، ثمّ بعد أخذ الاعتراف من الرجلين على عدم الاستخلاف يقول لعليّ :
أبسط يدك أُبايعك ويبايعك أهل بيتك .
أو يقول : يا عليّ
قم حتى أُبايعك ومن حضر ، فإنّ هذا الأمر إذا كان لم يُردّ مثله والأمر في أيدينا
، فقال عليّ : وأحد يطمع فيه غيرنا؟ قال العبّاس : أظنّ والله سيكون .
وما حداه إلى
كلامه لعليّ يوم استخلف عثمان : إنّي ما قدّمتك قطّ إلاّ تأخّرت ، قلتُ لك : هذا
الموت بيّن في وجه رسول الله فتعال نسأله عن هذا الأمر ، فقلتَ : أتخوّف أن لا
يكون فينا فلا نستخلف أبداً ؛ ثمّ مات وأنت المنظور إليه ، فقلت : تعال أُبايعك
فلا يختلف عليك فأبيت ، ثمّ مات عمر فقلت لك : قد أطلق الله يديك فليس لأحد عليك
تبعة ، فلا تدخل في الشورى عسى ذلك أن يكون خيراً ؟
صورة أخرى :
قال العبّاس : لم
أدفعك في شيء إلاّ رجعت إليّ متأخّراً بما أكره ، أشرتُ عليك عند وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا الأمر فأبيت ، وأشرتُ عليك بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن تعاجل الأمر فأبيت ، وأشرتُ عليك حين سمّاك عمر في
الشورى أن لا تدخل معهم فأبيت ، فاحفظ عنّي واحدة كلّما عرض عليك القوم ، فأمسك
إلى
__________________
أن يولّوك ، واحذر
هذا الرهط فإنّهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر حتى يقوم لنا فيه غيرنا. العقد
الفريد (٢ / ١٥٧).
١٩ ـ عن أبي هريرة
قال : بينما جبريل مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ مرّ أبو بكر فقال : هذا أبو بكر ، قال : أتعرفه يا
جبريل؟ قال : نعم ، إنّه لفي السماء أشهر منه في الأرض ، فإنّ الملائكة لتسمّيه
حليم قريش ، وإنّه وزيرك في حياتك وخليفتك بعد موتك.
أخرجه ابن حبّان من طريق إسماعيل بن محمد بن يوسف ، وقال : إسماعيل يسرق
الحديث لا يجوز الاحتجاج به ، وقال ابن طاهر : كذّاب ، ورواه أبو العبّاس اليشكري
في فوائده اليشكريّات كما في اللآلئ (١ / ١٥٢) من طريق
أحمد بن الحسن ابن أبان المصري ، وهو ذلك الكذّاب الدجّال الوضّاع.
٢٠ ـ أخرج ابن
عساكر ، عن أبي بكرة قال : أتيت عمر رضى الله عنه وبين يديه قوم يأكلون ، فرمى
ببصره في مؤخّر القوم إلى رجلٍ فقال : ما تجد فيما تقرأ قبلك من الكتب؟ قال :
خليفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صدّيقه. ذكره السيوطي في الخصائص الكبرى (١ / ٣٠) عند
إثبات ذكر أبي بكر في كتب الأمم السالفة.
هذه الرواية لم
نقف لها على إسناد ، وحسبها من الوهن إرسالها فيما نجد ؛ ولم نعرف الكتابيّ الذي
كان في مؤخّر القوم حتى ننظر في مبلغه من الدين والثقة ، وبعد فرض ثبوتها فهي
إنّما تدلُّ على ما يحاوله عمر بعد أن يخصم المجادل في ثبوت هذا الاستخلاف وهذا
اللقب من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبي بكر ، وعدم مشاركة غيره له فيهما ،
__________________
والأوّل محلّ نظر
عند من لا يرى أبا بكر أوّل الخلفاء ، وتلقيب الناس له بهما لا ينهض لإثبات تطبيق
ما في الكتب السالفة عليه ؛ فإنّه يدور مدار الواقع لا تلقيب الناس. وأمّا الثاني
: فقد ثبت في الصحيح المتواتر قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّي مخلّف فيكم خليفتين». وليس أبو بكر أحدهما ، وصحّ
قوله لعليّ عليهالسلام : «أنت أخي ووصيّي وخليفتي من بعدي» ، فعليّ عليهالسلام خليفة أخيه النبيّ الأقدس من يومه الأوّل ، وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ
وحي يوحى.
كما مرّ أنّ
مولانا أمير المؤمنين لقّبه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالصدّيق. وهو صدّيق هذه الأمّة ، وهو أحد الصدّيقين
الثلاثة ، وهو الصدّيق الأكبر. راجع الجزء الثاني من هذا الكتاب (٣١٢ ـ ٣١٤) وتجد
هنالك بسند صحيح رجاله ثقات عند الحفّاظ تكذيب أمير المؤمنين كلّ من يدّعي هذا
اللقب غيره ، إذن فلا شاهد في الرواية على أنّ المراد بالصدّيق والخليفة من
حاولوه.
٢١ ـ قال محمد بن
الزبير : أرسلني عمر بن عبد العزيز إلى الحسن البصري أسأله عن أشياء ، فجئته فقلت
له : اشفني فيما اختلف فيه الناس ، هل كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم استخلف أبا بكر؟ فاستوى الحسن قاعداً فقال : أوَفي شكّ هو؟
لا أباً لك ، إي والله الذي لا إله إلاّ هو لقد استخلفه ، ولهو كان أعلم بالله ،
وأتقى له ، وأشدّ له مخافةً من أن يموت عليها لو لم يؤمّره.
أخرجه ابن قتيبة
في الإمامة والسياسة (ص ٤) وفي آخره :
وهو كان أعلم بالله تعالى وأتقى لله تعالى من أن يتوثّب عليهم لو لم يأمره. وذكره
ابن حجر في الصواعق (ص ١٥).
__________________
انظر إلى هذا
المتقشّف المتزهّد الجامد كيف يحلف كذباً بالله تعالى على ما لا تعترف به الأمّة
جمعاء حتى نفس أبي بكر وعمر ، وسيوافيك الصحاح الناصّة من طرق القوم على عدم
الاستخلاف من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أمير المؤمنين عليّ ، وأبي بكر ، وعمر ، وعائشة ،
وسيوافيك في هذا الجزء والجزء السابع ما جاء في الصحيح الثابت من قول أبي بكر في
مرضه الذي توفّي فيه : وددت أنّي كنت سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن هذا الأمر؟ فلا ينازعه أحد ، ووددت أنّي كنت سألته هل
للأنصار في هذا الأمر نصيب؟ فقول الرجل داء فيما اختلف فيه الناس ، لاشفاء كما
حسبه السائل.
٢٢ ـ أخرج ابن
حبّان عن سفينة : لمّا بنى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المسجد ، وضع في البناء حجراً وقال لأبي بكر : ضع حجرك إلى جنب
حجري ، ثمّ قال لعمر : ضع حجرك إلى جنب حجر أبي بكر ، ثمّ قال لعثمان : ضع حجرك
إلى جنب حجر عمر ، ثمّ قال : هؤلاء الخلفاء بعدي.
ذكره ابن حجر في
الصواعق (ص ١٤) وقال : قال
أبو زرعة : إسناده لا بأس به ، وقد أخرجه الحاكم في المستدرك وصحّحه ، والبيهقي في الدلائل ، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية (٦ / ٢٠٤).
ليت ابن حجر ذكر
سند الرواية ولم يرسله حتى تأتّى للقارئ وقوفه على بطلانه وبطلان الحكم بصحّته ،
وقد أخرجوه من طريق نعيم بن حمّاد المذكور في سلسلة الكذّابين ، وحسبه منقصة
ومغمزة ، ثمّ ليت مصحّح هذه الرواية كان يعرف أنّ صحّة
__________________
هذا النصّ على
الخلافة تُضعضع حجر مبدئه الأساسيّ ، وتبطل ما ذهب إليه هو وقومه من الخلافة
الانتخابيّة ، وتضادّ ما صحّحوه عن أبي بكر وعمر وعليّ وعائشة و.. و.. وـ كما يأتي
ـ من أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مات ولم يستخلف.
وقد أبطله الذهبي بما ذكر عندما أخرجه الحاكم من طريق عائشة كما مرّ في (ص ٣٣٥).
٢٣ ـ عن عبد الله
بن عمر مرفوعاً : اقتدوا باللذين من بعدي : أبو بكر وعمر.
أخرجه العقيلي من طريق مالك وقال : هذا حديث منكر لا أصل له ، وأخرجه
الدارقطني من رواية أحمد الخليلي الضميري بسنده ثمّ قال : لا يثبت ، والعمري ـ يعني
محمد بن عبد الله حفيد عمر بن الخطّاب راوي الحديث ـ ضعيف ، وقال ابن حبّان : لا يجوز الاحتجاج به ، وقال الدارقطني : العمري يحدّث عن
مالك بأباطيل. لسان الميزان (٥ / ٢٣٧).
٢٤ ـ روى الحسن بن
صالح القيسراني ، عن إسحاق بن محمد الأنصاري أنّه قال : سألت يموت بن المُزرع بن
يموت فقلت : يا أُستاذ كيف لم يستخلف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّا واستخلف أبا بكر؟ فقال : سألت الجاحظ عن هذا فقال :
سألت إبراهيم النظّام عن هذا فقال : قال الله (وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الآية ، وكان جبريل ينزل على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يحدّثه بعد الوحي كما يحدّث الرجل الرجل ، فقال : يا جبريل
من هؤلاء الذين يستخلفهم الله في الأرض؟ فقال جبريل : أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ ،
ولم يكن بقي من عمر أبي بكر إلاّ سنتان ، فلو استخلف عليّا لم يلحق
__________________
أبو بكر وعمر
وعثمان من الخلافة شيئاً ، ولكنّ الله رتّبهم لعلمه بما بقي من أعمارهم ، حتى تمّ
ما وعدهم الله تبارك وتعالى به.
أخرجه ابن عساكر
في تاريخه (٤ / ١٨٦) ، وليت
شعر شاعر أنّه إن كان جبرئيل فسّر الآية الكريمة بما فسّر ، ووعاه النبيّ الأعظم ،
وبلّغ الأمّة به لتوفّر الدواعي للبيان ليعرف كلّ أحد رشده وهداه ، وكانت الحاجة
ماسّةً بالمبادرة إلى ذلك ، فكيف خفي ذلك على الأمّة جمعاء؟ لا سيّما على أمير
المؤمنين ، وأبي بكر ، وعمر ، وابن عبّاس ـ حبر الأمّة ـ وعائشة ، فلا احتجّ به
أحد ، ولا أسند إليه عند الحوار في أمر الخلافة ، وما مقيل هذه الجلبة والضوضاء في
تعيين الخليفة؟ هل المعيّن له النصّ أو إجماع الأمّة؟ ولم يقل بالأوّل إلاّ الشيعة
، وأمّا الذين خُلقت هذه الرواية لهم فلا يقيمون للنصّ وزناً ولا يدّعون وجوده في
كتاب أو سنّة ، ويقول عمر : إن لم استخلف فلم يستخلف من هو خير منّي.
وإن كان الأمر كما
يرتئيه ـ النظّام ـ فما حال المتخلّفين عن البيعة عندئذٍ؟ هل هم محكومون بالعدالة
كما يعتقدها أهل السنّة في الصحابة أجمع؟ أو أنّه يُستثنى منهم قتلة عثمان كما عند
ابن حزم؟ فهل يستصحب فيهم هذا الحكم؟ أو ............ وفيهم من نزل بعصمتهم الكتاب
الكريم؟ وفيهم وجوه الصحابة وأعيانها ؛ أو أنّهم متأوّلون مجتهدون قبال هذا النص
الصريح؟ وكم له من نظير في الصحابة.
هذا مع غضّ الطرف
عمّا جاء في بعض رجال هذا السند من القذائف والطامّات وفي مقدّمهم النظّام ، قال
ابن قتيبة : كان شاطراً من الشطّار مشهوراً بالفسق ، وقال الذهبي :
متّهم بالزندقة. لسان الميزان (١ / ٦٧) ، وبعده
تلميذه الجاحظ ، مرّ في
__________________
سلسلة الكذّابين (ص
٢٤٨) ، وبعده هلمّ جرّا.
٢٥ ـ عن عمرو بن
شعيب ، عن أبيه ، عن جدّه ـ حفيد عمرو بن العاص ـ قال : لمّا اشتبكت الحرب يوم
خيبر ، قيل للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : هذه الحرب قد اشتبكت فأخبرنا بأكرم أصحابك عليك؟ فإن يكن
أمر عرفناه وإن تكن الأخرى أتيناه ، فقال : أبو بكر وزيري يقوم في الناس مقامي من
بعدي ، وعمر ينطق بالحقّ على لساني ، وأنا من عثمان وعثمان منّي ، وعليّ أخي
وصاحبي يوم القيامة.
ذكره الذهبي من طريق العقيلي ، وقال : المتّهم بوضع هذا ، هذا الشيخ الجاهل ـ يعني
سليمان بن شعيب بن الليث المصري.
وأخرجه الخطيب في
تاريخه (١٣ / ٢٦١) بلفظ : لمّا اشتبكت الحرب يوم حنين ، دخل جندب بن عبد الله على
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله إنّ هذه الحرب قد اشتبكت ولسنا ندري
ما يكون ، أفلا تخبرنا بأخير أصحابك وأحبّهم إليك؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هي يا هيه لله أبوك أنت القائد لها بأزمّتها ، هذا أبو
بكر الصدّيق يقوم في الناس من بعدي ، وهذا عمر بن الخطّاب حبيبي ينطق بالحقّ على
لساني ، وهذا عثمان بن عفّان هو منّي وأنا منه ، وهذا عليّ بن أبي طالب أخي وصاحبي
حتى تقوم القيامة. رجال سنده :
١ ـ عليُّ بن
حمّاد بن السكن : قال الدارقطني : متروك الحديث.
٢ ـ مجاعة بن ثابت
: كذّاب ، راجع سلسلة الكذّابين.
٣ ـ ابن لهيعة :
قال يحيى : ليس بالقويّ ، وقال مسلم : تركه وكيع ويحيى القطّان وابن مهدي.
__________________
٤ ـ عمرو بن شعيب
: قال أبو داود : عمرو ، عن أبيه ، عن جدّه ، ليس بحجّة.
ولعلّ الخطيب سكت
عن إبطال مثل هذه الرواية ، ثقةً بأنّ بطلانها سنداً ومتناً لا يخفى على أي أحد.
٢٦ ـ عن أنس ، قال
: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا عثمان إنّك ستلي الخلافة من بعدي ، وسيريدك المنافقون
على خلعها فلا تخلعها ، وصُمْ ذلك اليوم تفطر عندي.
ذكره الذهبي في
ميزانه (١ / ٣٠٠) من طريق
خالد بن محمد أبي الرحّال البصري الأنصاري ، وقال : عنده عجائب ، وقال ابن حبّان : لا يجوز الاحتجاج به. وفي لسان الميزان (٢ / ٧٩٤) : قال
أبو حاتم : ليس بالقويّ.
٢٧ ـ عن أبي هريرة
في حديث : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا حفصة ألا أُبشّرك؟ قالت : بلى ، قال : يلي الأمر من
بعدي أبو بكر ، ثمّ أبوك ، اكتمي عليّ. فخرجت حتى دخلت على عائشة فقالت لها : ألا
أُبشّرك يا بنت أبي بكر؟ قالت : بما ذا؟ فذكرت لها وقالت : قد استكتمني فاكتميه ،
فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا
النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ) الآيات. أخرجه الماوردي في أعلام النبوّة (ص ٨١) مرسلاً.
وأخرجه العقيلي من طريق موسى بن جعفر الأنصاري ، فقال : مجهول
__________________
بالنقل ، لا
يُتابع على حديثه ولا يصحّ ، وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال في ترجمة موسى وقال : لا يُعرف وخبره ساقط ، ثمّ قال بعد
ذكر الحديث : قلت : هذا باطل. لسان الميزان (٦ / ١١٣).
ومتن الحديث
أَفْسدُ من سنده ؛ لأنّ الولاية المذكورة إن كانت شرعيّة فإنّ من واجبه صلىاللهعليهوآلهوسلم إفشاءها ، ليُعرّف الناس طريق الحقّ وصاحب الولاية المفترض
طاعته فيسعدوا بذلك ، لا كتمانها فيبقوا حيارى لا يدرون عمّن يأخذون معالم دينهم ،
فيتشبّثون في تشخيصه بالطحلب من خيرة مبتورة ، وإجماع مخدج.
وإن كانت غير
مشروعة ، فكان من واجبه صلىاللهعليهوآلهوسلم نهيهما عن ارتكابها ، أو أمر حفصة بأن تنهي إليهما أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم إيّاهما بالتجنّب عن ورطة الهلكة ـ لا الستر والأمر
بالكتمان ـ حتى لا يقعا فيها من حيث لا يشعران ، بل كان من حقّ المقام أن يُعرّف
الملأ الديني بذلك ، (لِيَهْلِكَ مَنْ
هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) .
وعليه فإن صحّ
الحديث فليس هو إلاّ إخباراً منه صلىاللهعليهوآلهوسلم بقضية خارجية ، وإن كان وقوعها قهراً ، ولا ينافيه لفظ
البشرى لكونه إخباراً بما تهشُّ إليه نفس حفصة من تقلّد أبيها زعامة الأمّة ، فجرى
الكلام مجرى رغباتها ، ولذلك لم تُبد به حفصة عند مسيس حاجة الأمّة إلى نصٍّ مثله
ـ إن كان الحديث نصّا ـ عند محتدم الحوار بينها ، وإنّما أمرها بالكتمان كان
لمصالح لا تخفى على الباحث.
٢٨ ـ عن جعفر بن
محمد ـ الإمام الصادق ـ عن أبيه ، عن جدّه قال : توفّيت فاطمة ليلاً ، فجاء أبو
بكر وعمر وجماعة كثيرة ، فقال أبو بكر لعليّ : تقدّم فصلّ ، قال : لا والله لا
تقدّمت وأنت خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فتقدّم أبو بكر فصلّى أربعاً.
__________________
عدّه الذهبي من مصائب أتى بها عبد الله بن محمد القدامي المصّيصي ، عن
مالك. وقال ابن عدي : عامّة حديثه غير محفوظة ، وقال ابن حبّان : يُقلّب الأخبار لعلّه قلّب على مالك أكثر من مائة وخمسين
حديثاً ، وقال الحاكم والنقّاش : روى عن مالك أحاديث موضوعة ، وقال السمعاني في
الأنساب : كان يقلّب الأخبار لا يُحتجّ به . ميزان الاعتدال (٢ / ٧٠) ، لسان الميزان (٣ / ٣٣٤).
هذه الأُكذوبة على
الإمام الطاهر الصادق تخالف ما في التاريخ الصحيح ، عن عائشة قالت : دُفِنَتْ
فاطمة بنت رسول الله ليلاً ، دفنها عليّ ولم يشعر بها أبو بكر رضى الله عنه حتى
دُفنت ، وصلّى عليها عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه. مستدرك الصحيحين (٣ / ١٦٣) ، صحّحه
الحاكم وأقرّه الذهبي.
وقال الحلبي في
السيرة النبويّة (٣ / ٣٦٠) : قال
الواقدي : ثبت عندنا أنّ عليّا ـ كرّم الله وجهه ـ دفنها ليلاً وصلّى عليها ومعه
العبّاس والفضل ، ولم يُعلموا بها أحداً.
٢٩ ـ عن أنس بن
مالك : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما قدّمت أبا بكر وعمر ولكن الله قدّمهما ومنّ بهما عليّ
، فأطيعوهما واقتدوا بذكرهما ، ومن أرادهما بسوءٍ فإنّما يريدني والإسلام. أخرجه
ابن النجّار كما في كنز العمّال (٦ / ١٤٤).
كيف خفي على معظم
الأصحاب ورجالات بيت الوحي ـ وفي مقدّمهم سيّدهم
__________________
أمير المؤمنين ـ أنّ
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قدّم الشيخين على عليّ عليهالسلام وغيره في الخلافة مهما قدّمهما الله تعالى؟ فتخلّفوا عن بيعة
من قدّمه الله ورسوله وما أطاعوه وما قدّموه.
ولما ذا حيل بينه صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين ما رام أن يكتبه يوم الخميس قبلَ وفاته بخمسة أيّام
في متولّي الخلافة بعد ما كان نصّ عليه قبل ذلك اليوم؟ وما كان يكتب إلاّ من قدّمه
الله تعالى ونصّ عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم قبلُ.
ولما ذا لم يكن
يوم السقيفة ذكر عند أيّ أحد من ذلك التقديم المفتعل على الله وعلى رسوله؟ وما بال
أبي بكر كان يقدّم أبا عبيدة الجرّاح يوم ذلك ، وكان يحثّ الناس على بيعته وبيعة
عمر كما ورد في الصحيح؟ فكأنّ في أُذن الأمّه وقراً من سماع ذلك التقديم حتى أنّ
أُذن أنس لم تسمع به قطّ.
٣٠ ـ عن ابن عمر
وأبي هريرة قالا : ابتاع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أعرابيّ قلائص إلى أجل فقال : أرأيت إن أتى عليك أمر
الله؟ قال : أبو بكر يقضي ديني وينجز موعدي ، قال : فإن قُبض؟ قال : عمر يحذوه
ويقوم مقامه لا تأخذه في الله لومة لائم ، قال : فإن أتى على عمر أجله؟ قال : فإن
استطعت أن تموت فمت.
من موضوعات خالد
بن عمرو القرشي على الليث ، ذكره الذهبي في ميزانه (١ / ٢٩٨) وحكى عن
ابن عدي أنّه قال بعد ذكر هذا الحديث وأحاديث أخرى : عندي أنّه ـ خالد
بن عمرو ـ وضع هذه الأحاديث ، فإن نسخة الليث عن يزيد بن أبي حبيب عندي ما فيها من
هذا شيء.
وذكره ابن درويش
الحوت البيروتي في أسنى المطالب (ص ٢٤٩) بلفظ :
قدم
__________________
رجل من أهل
البادية بإبل فاشتراها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ لقي الرجل عليّا فقال : ما أقدمك؟ فأخبره أنّه قدم
بإبل وباعها من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال عليّ : هل نقدك؟ فقال : لا ، لكن بعتها بتأخير ، قال
: ارجع إليه فقل له : إن حدث بك حادث فمن يقضي عنك ؟ فقال : أبو بكر ، قال : فإن حدث بأبي بكر؟ فقال : عمر.
فقال : فإن مات عمر فمن يقضي؟ فقال : ويحك إن مات عمر فإن استطعت أن تموت فمت.
قال ابن درويش :
فيه الفضل بن المختار ضعيف جدّا ، وإنّه واهٍ لا يعوّل عليه ، وفي ميزان الاعتدال (٤ / ٤٤٩) : قال
أبو حاتم : أحاديثه منكرة يحدّث بالأباطيل ، وقال الأزدي : منكر
الحديث جدّا ، وقال ابن عدي : عامّة أحاديثه منكرة ، عامّتها لا يتابَع عليها.
٣١ ـ عن أنس
مرفوعاً : أبو بكر وزيري وخليفتي.
أخرجه الذهبي في
الميزان (١ / ٤١) من طريق
أحمد بن جعفر بن الفضل ، وقال : مشهور بالوضع ليس بشيء.
٣٢ ـ عن عائشة
مرفوعاً : قال لرجل : انطلق فقل لأبي بكر : أنت خليفتي فصلّ بالناس. أخرجه العقيلي
من طريق الفضل بن جبير ، عن خلف ، عن علقمة ابن مرثد ، عن أبيه فقال : الفضل
لا يتابَع على حديثه ، ولا يُعرف لمرثد ـ والد علقمة ـ رواية. لسان الميزان (٤ / ٤٣٨).
__________________
٣٣ ـ عن ابن عبّاس
، قال : جاءت امرأة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تسأله شيئاً ، فقال لها : تعودين ، فقالت : يا رسول الله
إن عدت فلم أجدك ـ تعرّض بالموت ـ؟ فقال : إن جئت فلم تجديني فأتي أبا بكر ، فإنّه
الخليفة من بعدي.
أخرجه ابن عساكر ، وعدّه ابن حجر في الصواعق (ص ١١) من النصوص
الدالّة على خلافة أبي بكر. ما عساني أن أقول في مؤلّف يحذف إسناد مثل هذه الأفيكة
ويذكرها إرسال المسلّم ويسند إليها ، وبين يديه أحاديث ابن عباس الجمّة الهاتفة
بالخلافة المنصوصة عليها لأمير المؤمنين عليّ عليهالسلام؟ أليس من حديثه ما صحّحه الحفّاظ وأخرجوه بأسانيد رجالها
ثقات ، وقد أسلفناه في الجزء الأوّل (ص ٥١) وفيه قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلى عليهالسلام : «لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي»؟
أليس من حديثه
حديث العشيرة المنصوص على صحّته ، وقد مرّ في الجزء الثاني (ص ٢٧٨ ـ ٢٨٧) وفيه
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ هذا ـ يعني عليّا ـ أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا
له وأطيعوا»؟ وقوله لعليّ : «فأنت أخي ووزيري ووصيّي ووارثي وخليفتي من بعدي»؟
ألم يكن ابن عبّاس
في مقدّم المتخلّفين عن بيعة أبي بكر؟ ألم يكن هو مناظر عمر الوحيد حول الخلافة؟
كما مرّ حديثه في (١ / ٣٨٩) ، ألم؟ ألم؟ ألم؟
٣٤ ـ عن عبد الله
بن عمر ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يكون على هذه الأمّة اثنا عشر خليفة : أبو بكر الصدّيق
أصبتم اسمه ، عمر الفاروق قرن من حديد أصبتم اسمه ، عثمان بن عفّان ذو النورين
قُتل مظلوماً أُوتي كفلين من الرحمة ، ملك الأرض المقدّسة معاوية وابنه ، ثمّ يكون السفّاح ، ومنصور ، وجابر ،
والأمين ، وسلام ،
__________________
وأمير العصب ، لا
يُرى مثله ، ولا يُدرى مثله. الحديث.
أخرجه نعيم بن
حمّاد في الفتن. كما في كنز العمّال (٦ / ٦٧) ، أرسلوا
الحديث ورفعوه خوفاً من أن يقف الباحث على ما في إسناده ، غير أنّ نعيم بن حمّاد
بمفرده يكفي في المصيبة ويستغنى به عن عرفان بقيّة رجاله ، وقد مرّ في سلسلة
الكذّابين أنّه كان يضع الحديث في تقوية السنّة.
على أنّ متن
الحديث غير قاصر بالشهادة على وضعه ، فإنّ خليفةً يأتي التبشير به كابني آكلة
الأكباد ، حقيق أن يكون الإنباء به مختلقاً مكذوباً لم تسرّ به الأمّة قطُّ ، إلاّ
أن يكون المبشّر بهما وبمن بعدهما من أمثالهما غير عالم بمعنى الخليفة ، ولا عارف
بالمغزى من تقييضه.
ثمّ أيّ خلافة هذه
ينقطع أمدها منذ عهد يزيد بن معاوية إلى السفّاح من سنة (٦٤) إلى (١٣٢) فتترك
الأمّة طيلة تلك المدّة سُدى؟
وأيّ خطر للمنصور
الظالم الغاشم حتى ينصّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على خلافته على المسلمين؟ ومن هم : جابر وسالم وأمير العصب؟
وما محلّهم من الخلافة الدينيّة؟
ثمّ ما بال عمر بن
عبد العزيز ألين بني أميّة عريكة ، وأطيبهم عنصراً ، وأصلحهم عملاً ، لم يُعوّض به
عن يزيد الخنا؟ وما الذي كسى صاحب القرود والفهود والعود والخمور ثوب الخلافة
الإسلاميّة ، ولم يكسه عمر بن عبد العزيز؟ ولا معاوية بن يزيد الذي تقمّصها أربعين
يوماً ثمّ انسلّ عنه انسلالاً؟ وقد نصّ على خلافة الأوّل منهما وعدله وكونه من
الخلفاء الراشدين غير واحد من الأئمّة ، كما في تاريخ ابن كثير (٦ / ١٩٨) ، هذه
كلّها شواهد على أنّ واضع الحديث مفترٍ مائن
__________________
جاهل بشؤون
الخلافة ، غير عارف بالخلفاء ، وأجهل منه مؤلّف يذكره ويجعله بين يدي القارئ ،
ويعدّه منقبةً للخلفاء.
٣٥ ـ قال أبو بكر
في الغار : يا رسول الله قد عرفتُ منزلتك من الله تعالى بالنبوة والرسالة فأنا
بأيّ شيء؟ فقال : أنا رسول الله ، وأنت صديقي وجناحي ومؤنسي وأنيسي ، وأنت خليفتي
من بعدي ، تقوم في الناس مقامي ، وأنت ضجيعي ، وإنّ الله قد غفر لك ولمحبّيك إلى
يوم القيامة.
ذكره الصفوري في
نزهة المجالس (٢ / ١٨٤) نقلاً عن عيون المجالس بهذه الصورة المرسلة. وصحّة إنكار أبي
بكر وعمر استخلاف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما يأتي بُعيد هذا ، تُكذّب هذه الأفيكة.
٣٦ ـ عن أنس قال :
دخلت على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره ، فوضع يمينه على كتفي
أبي بكر ويساره على كتفي عمر وقال : أنتما وزيراي في الدنيا ، وأنتما وزيراي في
الآخرة ، وهكذا تنشقّ الأرض عنّي وعنكما ، وهكذا أزور أنا وأنتما ربّ العالمين.
نزهة المجالس (٢ / ١٩١).
أسفي على نسيان
أبي بكر وعمر ذلك النصّ ـ المفتعل ـ وإنكارهما الوزارة المنصوصة يوم التحاور
دونها.
٣٧ ـ مرفوعاً قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبي بكر وعمر : لا يتأمرنّ عليكما بعدي أحد.
ذكره الصفوري في
نزهة المجالس (٢ / ١٩٢) مرسلاً ، فقال : فهذا صريح في الخلافة لهما بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذكره الشبلنجي فى نور الأبصار (ص ٥٥) عن بسطام
بن مسلم ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يكن عند أبي بكر وعمر علم من هذه الأفيكة ولو كان
لَبان ، أو لَما بان منهما إنكار استخلافه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
٣٨ ـ عن أنس ، عن
عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
إنّ الله أمرني أن
اتّخذ أبا بكر والداً ، وعمر مشيراً ، وعثمان سنداً ، وأنت يا عليّ صهراً ؛ أنتم
أربعة قد أخذ الله لكم الميثاق في أمّ الكتاب ، لا يحبّكم إلاّ مؤمن تقيّ ، ولا
يبغضكم إلاّ منافق شقيّ ، أنتم خلفاء نبوّتي ، وعقد ذمّتي ، وحجّتي على أُمّتي.
أخرجه ابن عساكر
في تاريخه (٤ / ٢٨٦ ، ٧ /
٢٨٦) ، والخطيب البغدادي في تاريخه (٩ / ٣٤٥) وقال : هذا الحديث منكر جدّا ، لا
أعلم من رواه بهذا الإسناد إلاّ ضرار بن سهل ، وعنه الغباغبي وهما جميعاً مجهولان
، وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال (١ / ٤٧٢) فقال : خبر
باطل ولا يُدرى من ذا الحيوان ـ ضرار بن سهل ـ ، وقال ابن بدران في تاريخ ابن
عساكر (٧ / ٢٨٦) : لفظه يدلّ على عدم تمكّنه.
٣٩ ـ عن زيد بن
الجلاس الكندي ، أنّه سأل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الخليفة بعده؟ فقال : أبو بكر.
أخرجه أبو عمر في
الاستيعاب في ترجمة زيد ، فقال : إسناده ليس بالقويّ.
٤٠ ـ عن عليّ أمير
المؤمنين رضى الله عنه قال : لم يمتْ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى أسرّ إليّ أنّ أبا بكر سيتولّى بعده ، ثمّ عمر ، ثمّ
عثمان ، ثمّ أنا.
٤١ ـ عن عليّ أمير
المؤمنين قال : إنّ الله فتح هذه الخلافة على يدي أبي بكر ، وثنّاه عمر ، وثلّثه
عثمان ، وختمها بي بخاتمة نبوّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٤٢ ـ عن عليّ أمير
المؤمنين قال : ما خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الدنيا حتى عهد
__________________
إليّ أنّ أبا بكر
يلي الأمر بعده ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، ثمّ إليّ ، فلا يجتمع عليّ.
هذه الروايات الثلاث
أخرجها محبّ الدين الطبري في الرياض النضرة (١ / ٣٣) مرسلة
غير مسندة ، فقال : قلت : وهذا الحديث تبعد صحّته لتخلّف عليّ عن بيعة أبي بكر
ستّة أشهر ، ونسبته إلى نسيان الحديث في مثل هذه المدّة بعيد ، ثمّ توقّفه في أمر
عثمان على التحكيم ممّا يؤيّد ذلك ، ولو كان عهد إليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك لبادر ولم يتوقّف.
٤٣ ـ أخرج الديلمي
عن أمير المؤمنين ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال :
أتاني جبرئيل فقلت
: من يهاجر معي؟ قال : أبو بكر وهو يلي أمر أمّتك من بعدك ، وهو أفضل أمّتك من بعدك.
كنز العمّال (٦ / ١٣٩).
٤٤ ـ قال عليّ رضى
الله عنه : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : أعزُّ الناس عليّ ، وأكرمهم عندي ، وأحبّهم إليّ ،
وآكدهم عندي حالاً ، أصحابي الذين آمنوا بي وصدّقوني ، وأعزّ أصحابي إليّ وخيرهم
عندي ، وأكرمهم على الله ، وأفضلهم في الدنيا والآخرة : أبو بكر الصدّيق رضياللهعنه ، فإنّ الناس كذّبوني وصدّقني ، وكفروا بي وآمن بي ، وأوحشوني وآنسني ،
وتركوني وصحبني ، وأنفوا منّي وزوّجني ، وزهدوا فيّ ورغب في ، وآثرني على نفسه
وأهله وماله ، فالله تعالى يجازيه عنّي يوم القيامة ، فمن أحبّني فليحبّه ، ومن
أراد كرامتي فليكرمه ، ومن أراد القرب إلى الله تعالى فليسمع وليطع ، فهو الخليفة
بعدي على أُمّتي. ذكره الصفوري في نزهة المجالس (٢ / ١٧٣) نقلاً
عن روض
__________________
الأفكار ، وحكاه
الجرداني في مصباح الظلام (٢ / ٢٤).
من موضوعات
المتأخّرين مرسلاً لم يوجد في أصل ، ولم يُرَ في مسندٍ ، وكلّ شطر من جمله تكذّبه
صحاح مسندة في الكتب والمسانيد.
٤٥ ـ عن إبراهيم
بن عبد الرحمن بن عوف قال : إنّ عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر بن الخطّاب ، وإنّ
محمد بن مسلمة كسر سيف الزبير ، ثمّ قام أبو بكر فخطب الناس ... إلى أن قال : قال
عليّ رضى الله عنه والزبير : ما غضبنا إلاّ لأنّا قد أُخّرنا عن المشاورة ، وإنّا
نرى أبا بكر أحقّ الناس بها بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إنّه لصاحب الغار وثاني اثنين ، وإنّا لنعلم بشرفه وكبره
، ولقد أمره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالصلاة بالناس وهو حيٌّ. أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٦٦).
هذه الروايات
كلّها باطلة لما ستقف عليه من صحاح وحسان ـ عند القوم ـ عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام من النص على عدم استخلاف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعدم وجود عهد منه عنده ، وفي تضاعيف الحديث والسيرة
شواهد على بطلانها لا تُحصى ، وما شجر بينه عليهالسلام وبين القوم في بدء أمر الخلافة ، وتأخّره المجمع عليه من
البيعة برهةً طويلة يبطل كلّ هذه الهلجات ، وقد سمع العالم هتاف خطبته الشقشقيّة وسارت بها الركبان
، وتداولتها الكتب وكم لها من نظير ، وما أكثر الوضّاعين من الكذب على سيّدنا أمير
المؤمنين عليهالسلام وحقّا كان يرى ابن سيرين : إنّ عامّة ما يُروى عن عليّ
الكذب .
(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ
أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ
وَلا واقٍ) .
__________________
غثيثة التزوير
هذه مأثورات القوم
في حجرهم الأساسيّ الذي عليه ابتنوا ما علّوه من هيكل الإفك ، وما شادوه وأشادوا
بذكره من بنيّة الزور ، وقد عرفت شهادة الأعلام بأنّها أساطير موضوعة لا مقيل لها
من الصحّة ، ويساعد ذلك الاعتبار أنّ البرهنة الوحيدة عند القوم في باب الخلافة هو
الإجماع والانتخاب فحسب ، ولم تجد منهم أيّ شاذٍّ يعتمد على النصّ فيها ، وتراهم
بسطوا القول حول إبطال النصّ وتصحيح الاختيار وأحكامه ، وقد يُعزى لديهم إنكار
النصّ إلى أمّة من الشيعة فضلاً عن جمهورهم ؛ قال الباقلانيّ في التمهيد (ص ١٦٥) :
وعلمنا بأنّ جمهور الأمّة والسواد الأعظم منها ينكر ذلك ـ النصّ ـ ويجحده ويبرأ من
الدائن به ، ورأينا أكثر القائلين بفضل عليّ عليهالسلام من الزيديّة ومعتزلة البغداديّين وغيرهم ، ينكر النصّ عليه
ويجحده مع تفضيله عليّا على غيره.
وقال الخضري في
المحاضرات (ص ٤٦) : الأصل في
انتخاب الخليفة رضا الأمّة ، فمن ذلك يستمدّ قوّته ، هكذا رأى المسلمون عند وفاة
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد انتخبوا أبا بكر الصدّيق اختياراً منهم لا استناداً
إلى نصٍّ أو أمرٍ من صاحب الشريعة صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبعد أن انتخبوه بايعوه ، ومعنى ذلك عاهدوه على السمع
والطاعة فيما
__________________
فيه رضا الله
سبحانه ، كما أنّه عاهدهم على العمل فيهم بأحكام الدين من كتاب الله وسنّة رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا التعاهد المتبادل بين الخليفة والأمّة هو معنى
البيعة تشبيهاً له بفعل البائع والمشتري ، فإنّهما كانا يتصافحان بالأيدي عند
إجراء عقد البيع.
فمن هذه البيعة
تكون قوّة الخليفة الحقيقيّة ، وكانوا يرون الوفاء بها من ألزم ما يوجبه الدين
وتحتّمه الشريعة.
وقد سنّ أبو بكر
رضى الله عنه طريقةً أخرى في انتخاب الخليفة ، وهي أن يختار هو من يخلفه ويعاهده
الجمهور على السمع والطاعة ، وقد وافق الجمهور الإسلامي على هذه الطريقة ، ورأى
أنّ هذا ممّا تجب الطاعة فيه وذلك العمل هو ولاية العهد. انتهى.
فمن هنا يتجلّى
أنّ تاريخ ولادة هذه المرويّات بعد انعقاد البيعة واستقرار الخلافة لمن تقمّصها ،
ولذلك لم ينبس أحد منهم يوم السقيفة ولا بعده بشيء من ذلك على ما احتدم هنالك من
الحوار والتنازع والحجاج ، وليس ببدع أن لا يعرفها أحد قبل ولادتها ؛ وإنّما العجب
من أنّ البحّاثة وعلماء الكلام من بعد ذلك التاريخ ـ إلاّ الشذّاذ منهم ـ لم
يأبهوا بها في إثبات أصل الخلافة وإن لم يألوا جهداً في التصعيد والتصويب جهد
مقدرتهم ، وما ذلك إلاّ لأنّهم لم يعرفوا تلكم المواليد المزوّرة ، نعم يوجد من
المؤلّفين من يذكرها في مقام سرد الفضائل تمويهاً على الحقّ.
وهناك أحاديث جمّة
صحيحة ـ عند القوم ـ تضادّها وتكذّبها ، مثل :
١ ـ ما صحّ عن أبي
بكر أنّه قال في مرضه الذي توفّي فيه : وددت أنّي سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن هذا الأمر؟ فلا ينازعه أحد ، ووددت أنّي كنت سألته هل
للأنصار في هذا الأمر نصيب ؟
__________________
فلو كان أبو بكر
سمع النصّ على خلافته من رسول الله ، كما هو صريح بعض تلكم المنقولات ، لما كان
مجال لتمنّيه هذا إلاّ أن يكون قد غلبه الوجع ، أو أنّه كان هجراً من القول كما
احتملوه في حديث الكتف والدواة.
٢ ـ وما أخرجه
مالك عن عائشة قالت : لمّا احتضر أبو بكر رضى الله عنه دعا عمر فقال : إنّي
مستخلفك على أصحاب رسول الله يا عمر ، وكتب إلى أُمراء الأجناد : ولّيتُ عليكم عمر
، ولم آل نفسي ولا المسلمين إلاّ خيراً .
فإن كان هناك نصٌّ
على خلافة عمر ، فما معنى نسبة أبي بكر الاستخلاف والتولية إلى نفسه؟
٣ ـ وما رواه عبد
الرحمن بن عوف قال : دخلتُ يوماً على أبي بكر الصدّيق في علّته التي مات فيها ،
فقلت له : أراك بارئاً يا خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : أما إنّي على ذلك لشديد الوجع ، ولما لقيت منكم يا
معشر المهاجرين أشدّ عليّ من وجعي ، إنّي ولّيتُ أُموركم خيركم في نفسي ، فكلّكم
وَرِم أنفه أن يكون له الأمر من دونه ... إلى أن قال : فقلتُ : خفّض عليك يا خليفة
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّ هذا يهيضك إلى ما بك ، فو الله ما زلتَ صالحاً مصلحاً ، لا تأسى على
شيء فاتك من أمر الدنيا ، ولقد تخلّيت بالأمر وحدك فما رأيت إلاّ خيراً .
تورّم أنف الصحابة
إمّا لاعترافهم بعدم النصّ وأنّ الخيرة قد عدتهم من غير ما أولويّة في المختار ،
أو : لاعتقادهم وجود النصّ ، لكنّه لم يُعمل به بل أُعملت الأثرة والمحاباة فنقموا
بأنّها قد عدتهم ، وإمّا لاعتقادهم أنّ الأمر لا يكون إلاّ باختيار الأمّة
__________________
فغاظهم التخلّف
عنه ، وإمّا لاعتقادهم وجود النصّ على عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام خاصّة ، فغضبوا له وأسخطهم أن يتقدّم عليه غيره ، وإمّا لأنّهم رأوا أنّ
الناس لا يعتمدون على النصّ ، ولا يجري الانتخاب على أصوله ، وأنّ الانتخاب الأوّل
كان فلتةً بنصٍّ من عمر ، والاختيار الشخصيّ ما كان معهوداً ، فإذا كان السائد
وقتئذٍ الفوضويّة ، فلكلّ أحد يرى لنفسه حنكة التقدّم أن يطمع في الأمر ، كما قال
عبد الرحمن بن عوف في حديث أخرجه البلاذري في الأنساب (٥ / ٢٠) : يا قوم ، أراكم
تتشاحّون عليها وتؤخّرون إبرام هذا الأمر ، أفكلّكم ـ رحمكم الله ـ يرجو أن يكون
خليفة؟
٤ ـ وما أخرجه ابن
قتيبة ، في حديث يأتي كملاً من قول أبي يكر : إنّ الله بعث محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم نبيّا ، وللمؤمنين وليّا ، فمنّ الله تعالى بمقامه بين
أظهرنا حتى اختار له الله ما عنده ، فخلّى على الناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم في
مصلحتهم متّفقين غير مختلفين ، فاختاروني عليهم والياً ، ولأمورهم راعياً. الإمامة
والسياسة (١ / ١٥).
٥ ـ وما صحّ عن
عمر أنّه قال : ثلاث لأن يكون رسول الله بيّنهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم : الخلافة
، الكلالة ، الربا ، وفي لفظ : أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها.
٦ ـ وما جاء عن
عمر صحيحاً من قوله : لأن أكون سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ثلاث أحبّ إليّ من حمر النعم : ... ومن الخليفة بعده؟
الحديث .
٧ ـ وما صحّ عن
عمر أنّه قال : إنّ الله تعالى يحفظ دينه ، وإنّي إن لا أستخلف ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يستخلف ، وإن أستخلف فإنّ أبا بكر رضى الله عنه قد
استخلف. قال ـ عبد الله بن عمر ـ : فو الله ما هو إلاّ أن ذكر رسول الله وأبا بكر
، فعلمت أنّه لا يعدل
__________________
برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحداً ، وأنّه غير مستخلف .
٨ ـ وما صحّ من
أنّ عمر لمّا طُعن قيل له : لو استخلفت؟ فقال : أتحمّل أمركم حيّا وميّتاً؟ إن
أستخلف فقد استخلف من هو خير منّي أبو بكر ، وإن أترك فقد ترك من هو خير منّي رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال عبد الله : فعلمت أنّه غير مستخلف .
٩ ـ وما أخرجه
مالك من خطبة عمر : أيّها الناس إنّي لا أعلمكم من نفسي شيئاً تجهلونه ، أنا عمر ،
ولم أحرص على أمركم ولكن المتوفّى أوحى إليّ بذلك ، والله ألهمه ذلك ، وليس أجعل
أمانتي إلى أحد ليس لها بأهل ، ولكن أجعلها إلى من تكون رغبته في التوقير للمسلمين
، أولئك هم أحقّ بهم ممّن سواهم. تيسير الوصول (٢ / ٤٨).
فشتّان بين هذه
الخطبة وبين تلك المفتعلات ، فإنّ عمر يرى خلافته وحياً من أبي بكر لا وحياً من
الله جاء به جبريل إلى النبيّ الأعظم ، وصدع به صلىاللهعليهوآلهوسلم في الملأ الدينيّ ، وأذّن به بلال كما كان نصّ بعضها.
١٠ ـ وما أخرجه
الطبري في تاريخه (٥ / ٣٣) : إنّ
عمر بن الخطّاب لمّا طُعن قيل له : يا أمير المؤمنين ، لو استخلفت؟ قال : من
أستخلف؟ لو كان أبو عبيدة
__________________
ابن الجرّاح حيّا
استخلفته ، فإن سألني ربّي قلت : سمعت نبيّك يقول : إنّه أمين هذه الأمّة ، ولو
كان سالم مولى أبي حذيفة حيّا استخلفته ، فإن سألني ربّي قلت : سمعت نبيّك يقول :
إنّ سالماً شديد الحبّ لله. فقال له رجل : أدلّك عليه ، عبد الله بن عمر ، فقال :
قاتلك الله والله ما أردت الله بهذا ، ويحك! كيف أستخلف رجلاً عجز عن طلاق امرأته؟
لا إرب لنا في أُموركم ، ما حمدتها فأرغب فيها لأحد من أهل بيتي ، إن كان خيراً
فقد أصبنا منه ، وإن كان شرّا فشرٌّ عنا إلى عمر ، بحسب آل عمر أن يُحاسب منهم رجل
واحد ويُسأل عن أمر أُمّة محمد ، لقد جهدت نفسي وحرمت أهلي ، وإن نجوت كفافاً لا
وزر ولا أجر إنّي لسعيد ، وأنظر فإن استخلفت ، فقد استخلف من هو خير منّي ، وإن
أترك ، فقد ترك من هو خير منّي ، ولن يضيّع الله دينه.
فخرجوا ، ثمّ
راحوا فقالوا : يا أمير المؤمنين ، لو عهدت عهداً؟ فقال : قد كنت أجمعت بعد مقالتي
لكم أن أنظر فأُولّي رجلاً أمركم هو أحراكم أن يحملكم على الحقّ ـ وأشار إلى عليٍّ
ـ ورهقتني غشية ، فرأيت رجلاً دخل جنّة قد غرسها فجعل يقطف كلّ غضّة ويانعة فيضمّه
إليه ويصيّره تحته ، فعلمت أنّ الله غالب أمره ، ومُتوفٍّ عمر ، فما أُريد أن
أتحمّلها حيّا وميّتاً ، عليكم هؤلاء الرهط. الحديث.
وذكره ابن عبد
ربّه في العقد الفريد (٢ / ٢٥٦).
ليتني أدري وقومي
كيف تطلب الصحابة من عمر الاستخلاف وتصفح عن تلكم النصوص الجمّة؟ وكيف يخالفها عمر
ويرى أبا عبيدة وسالماً أهلاً للخلافة ويتمنى حياتهما؟ ثمّ يجعلها شورى ، ثم كيف
يرى الحديثين في فضل الرجلين حجّةً لاستخلافهما ، ولم يرَ ما ورد في الكتاب
والسنّة من أُلوف المناقب في عليّ عليهالسلام عذراً عند ربّه إن سُئِلَ عن استخلافه؟ وكيف لم يجد من نطق
القرآن بعصمته ، ونزلت فيه آية التطهير ، وعدّه الكتاب نفس النبيّ الأقدس أهلاً
للاستخلاف؟ وما باله لم
__________________
يستخلف عبد الله
بن عمر لجهله بمسألة واحدة؟ وكان أكثر علماً من أبيه ، ولم يكن عمر يرى الخليفة
إلاّ خازنا وقاسماً غير مفتقر إلى أيّ علم ، كما صحّ عنه في خطبة له من قوله :
أيّها الناس : من
أراد أن يسأل عن القرآن فليأتِ أُبيّ بن كعب ، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأتِ
زيد بن ثابت ، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأتِ معاذ ابن جبل ، ومن أراد أن يسأل
عن المال فليأتني ، فإنّ الله جعلني خازناً وقاسماً .
١١ ـ وما عن ابن
عمر أنّه قال لعمر : إنّ الناس يتحدّثون أنّك غير مستخلف ، ولو كان لك راعي إبل أو
راعي غنم ثمّ جاء وترك رعيّته رأيت أن قد فرّط ، ورعية الناس أشدّ من رعية الإبل
والغنم ، ما ذا تقول لله عزّ وجلّ إذا لقيته ولم تستخلف على عباده؟
قال : فأصابه كآبة
، ثمّ نكس رأسه طويلاً ، ثمّ رفع رأسه وقال : إنّ الله تعالى حافظ الدين ، وأيّ
ذلك أفعل فقد سُنّ لي. إن لم استخلف فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يستخلف ، وإن أستخلف فقد استخلف أبو بكر. قال عبد الله
: فعرفت أنّه غير مستخلف.
أخرجه أبو نعيم في
الحلية (١ / ٤٤) ، وابن السمّان في الموافقة كما في الرياض النضرة (٢ / ٧٤) ، وأخرجه
مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم وغيره عن عبد الرزّاق ، والبخاري من
وجه آخر عن معمر كما في سنن البيهقي (٨ / ١٤٩) ، وفي لفظة : قلتُ له : إنّي سمعتُ
الناس يقولون مقالةً فآليت أن أقولها لك ، زعموا أنّك غير مستخلف ، وقد علمت أنّه
لو كان لك راعي غنم فجاءك وقد ترك رعايته رأيت أن
__________________
قد ضيّع ، فرعاية
الناس أشدّ. قال : فوافقه قولي ، فأطرق مليّا ، ثمّ رفع رأسه فقال : إنّ الله يحفظ
دينه وإن لا أستخلف ، فإنّ رسول الله لم يستخلف ، وإن أستخلف فإنّ أبا بكر قد
استخلف. الحديث. وبهذا اللفظ ذكره ابن الجوزي في سيرة عمر (ص ١٩٠).
١٢ ـ وما أخرجه
أبو زرعة في كتاب العلل ، عن ابن عمر قال : لمّا طُعن عمر قلت : يا أمير المؤمنين
لو اجتهدت بنفسك وأمّرت عليهم رجلاً؟ قال : أقعدوني ، قال عبد الله : فتمنّيت لو
أنّ بيني وبينه عرض المدينة فرقاً منه حين قال : أقعدوني ، ثمّ قال : والذي نفسي
بيده لأردّنها إلى الذي دفعها إليّ أوّل مرّة. الرياض النضرة (٢ / ٧٤).
١٣ ـ وما روى ابن
قتيبة في الإمامة والسياسة (ص ٢٢) من أنّ عمر
لمّا أحسّ بالموت ، قال لابنه عبد الله : اذهب إلى عائشة وأقرئها منّي السلام
واستأذنها أن أقبر في بيتها مع رسول الله ومع أبي بكر ، فأتاها عبد الله فأعلمها ،
فقالت : نعم وكرامة ، ثمّ قالت : يا بُنيّ أبلغ عمر سلامي وقل له : لا تدع أُمة
محمد بلا راعٍ ، استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملاً ، فإنّي أخشى عليهم الفتنة ؛
فأتى عبد الله فأعلمه ، فقال : ومن تأمرني أن أستخلف؟ لو أدركت أبا عبيدة بن
الجرّاح باقياً استخلفته وولّيته ، فإذا قدمت على ربّي فسألني وقال لي : من ولّيت
على أمّة محمد؟ قلت : أي ربّ ، سمعت عبدك ونبيّك يقول : لكلّ أمّة أمين وأمين هذه
الأمّة أبو عبيدة ابن الجرّاح ؛ ولو أدركت معاذ بن جبل استخلفته ، فإذا قدمت على
ربّي فسألني : من ولّيت على أمّة محمد؟ قلت : أي ربّ ، سمعت عبدك ونبيّك يقول :
إنّ معاذ بن جبل يأتي بين يدي العلماء يوم القيامة ، ولو أدركت خالد بن الوليد
لولّيته ، فإذا قدمت
__________________
على ربّي فسألني :
من ولّيت على أمّة محمد؟ قلت : أي ربّ سمعت عبدك ونبيّك يقول : خالد بن الوليد سيف
من سيوف الله سلّه على المشركين. ولكنّي سأستخلف النفر الذي توفّي رسول الله وهو
عنهم راض. الحديث. وذكر في أعلام النساء (٢ / ٨٧٦).
قال الأميني : ليت
عمر بن الخطّاب كان على ذكر ممّا سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في عليٍّ أمير المؤمنين ، ولو حديثاً واحداً ممّا أخرجه
عنه الحفّاظ ، فكان يستخلفه ويراه عذراً عند ربّه حينما سأله عمّن ولاّه على أمّة
محمد ، ولعلّه كان يكفيه ذكر ما أجمعت الأمّة الإسلاميّة عليه من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّي مخلّف فيكم الثقلين ـ أوتارك فيكم خليفتين ـ إن
تمسّكتم بهما لن تضلّوا أبدا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا عليّ
الحوض» و «عليٌّ سيّد العترة».
أليس عمر هو راوي
ما جاء في الصحاح والمسانيد من طريقه في عليٍّ عليهالسلام من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «عليّ منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ
بعدي»؟
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم خيبر : «لأُعطينّ الراية غداً رجلا يحبّ الله ورسوله ،
ويحبّه الله ورسوله»؟
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم غدير خمّ : «من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ والِ
من والاه ، وعادِ من عاداه»؟
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما اكتسب مكتسب مثل فضل عليّ ، يهدي صاحبه إلى الهدى ،
ويردُّ عن الردى»؟
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو أنّ السموات السبع والأرضين السبع وُضعت في كفّة ،
ووضع إيمان عليٍّ في كفّةٍ لرجح إيمان عليّ» ؟
__________________
ألم تكن آي
المباهلة ، والتطهير ، والولاية ، إلى أمثالها الكثير الطيّب النازل في الثناء على
سيّد العترة ، تساوي عند عمر تلكم الموضوعات المختلقة في أولئك الذين تمنّى حياتهم؟!
والخطب الفظيع أنّ
عمر كان يرى مثل سالم بن معقل ـ أحد الموالي ، مولى بني حذيفة وكان من عجم الفرس ـ
أهلاً للخلافة وصاحبها الوحيد ، ويتمنّى حياته لمّا طُعن بقوله : لو كان سالم حيّا
ما جعلتها شورى .
هلاّ عزيز على
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا يُعادل صنوه أمير المؤمنين حتى الموالي والعبيد من
أُمّته ، بعد تلكم النصوص الواردة فيه كتاباً وسنّة؟ ألم يكن عمر نفسه محتجّا يوم
السقيفة على الأنصار بقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الأئمّة من قريش»؟ فلما ذا نسيه؟ وكيف يرى لمولى بني
حذيفة قسطاً من الخلافة؟
ألم يكن عمر هو
الذي ألحّ على أبي بكر في خالد بن الوليد أن يعزله ويرجمه ويقتله لمّا قتل مالك بن
نويرة ، ونزا على حليلته ، وقتل أصحابه المسلمين ، وفرّق شمله ، وأباد قومه ، ونهب
أمواله؟ أنسي قوله لأبي بكر : إنّ في سيف خالد رهقاً؟ أم قوله فيه : عدوّ الله عدا
على امرئٍ مسلمٍ فقتله ثمّ نزا على امرأته؟ أم قوله لخالد : قتلت امرأً مسلماً ثمّ
نزوت على امرأته ، والله لأرجمنّك بأحجارك؟
نعم ؛ السياسة
الشاذّة عن مناهج الصلاح تتحف صاحبها كلّ حين لساناً ومنطقاً يختصّان به ، وهذه
الخواطر والآراء والأماني واللهجة المُلَهوجة ، هي نتاج السياسة المحضة تضادّ نداء
كتاب الله ، ونداء الصادع الكريم ، وهي التي جرّت الشقاء والشقاق على أمّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى اليوم.
__________________
١٤ ـ وما أخرجه
البلاذري في أنساب الأشراف (٥ / ١٦) ، عن ابن عبّاس قال : قال عمر : لا أدري ما
أصنع بأمّة محمد ـ وذلك قبل أن يُطعن ـ فقلت : ولِم تهتمّ وأنت تجد من تستخلفه
عليهم؟ قال : أصاحبكم ـ يعني عليّا ـ؟ قلت : نعم ، هو أهل لها ، في قرابته برسول
الله ، وصهره وسابقته وبلائه ، فقال عمر : إنّ فيه بطالة وفكاهة.
قلت : فأين أنت عن
طلحة؟ قال : فأين الزهو والنخوة؟
قلت : عبد الرحمن
بن عوف؟ قال : هو رجل صالح على ضعف.
قلت : فسعد؟ قال :
ذاك صاحب مقنت وقتال ، لا يقوم بقرية لو حُمّل أمرها.
قلت : فالزبير؟
قال : لَقيس مؤمن الرضا كافر الغضب شحيح ، إنّ هذا الأمر لا يصلح إلاّ لقويٍّ في
غير عنف ، رفيق في غير ضعف ، جوادٍ في غير سرف.
قلت : فأين أنت عن
عثمان؟ قال : لو وليها لحمل بني أبي معيط على رقاب الناس ولو فعلها لقتلوه.
١٥ ـ وما صحّ عن
عليّ ـ أمير المؤمنين ـ من أنّه خطب يوم الجمل فقال :
أمّا بعد : فإنّ
هذه الإمارة لم يعهد إلينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها عهداً يُتبع أثره ، ولكن رأيناها تلقاء أنفسنا ؛ استخلف
أبو بكر فأقام واستقام ، ثمّ استخلف عمر فأقام واستقام ، ثمّ ضرب الدهر بجرانه.
أخرجه الحاكم في المستدرك (٣ / ١٠٤) ، وابن كثير في تاريخه (٥ /
٢٥٠) ، وابن حجر في الصواعق ، نقلاً عن أحمد.
١٦ ـ وما صحّ عن
أبي وائل قال : قيل لعليّ بن أبي طالب رضى الله عنه :
__________________
ألا تستخلف علينا؟
قال : ما استخلف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأستخلف ، ولكن إن يُرِد الله بالناس خيراً فسيجمعهم بعدي
على خيرهم ، كما جمعهم بعد نبيّهم على خيرهم.
أخرجه الحاكم في المستدرك (٣ / ٧٩) وصحّحه هو والذهبي ، وأخرجه
البيهقي في سننه (٨ / ١٤٩) ، وابن كثير في تاريخه (٥ / ٢٥١) وقال : إسناد جيّد ،
وذكره ابن حجر في الصواعق (ص ٢٧) عن البزّار وقال : رجاله رجال الصحيح.
١٧ ـ وما أخرجه
أحمد عن عبد الله بن سبع في حديث ، قالوا لعليّ :
إن كنت علمت ذلك ـ
يعني القتل ـ فاستخلف إذاً؟ قال : لا ، أكِلكم إلى ما وكلكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم . وأخرجه البيهقي بلفظ : أترككم كما ترككم رسول الله. البداية والنهاية (٦ / ٢١٩) ، وبهذا
اللفظ ذكره ابن حجر في الصواعق (ص ٢٧) ، وقال :
أخرجه جمع كالبزّار بسند حسن ، والإمام أحمد وغيرهما بسند قويّ ، كما قاله الذهبي .
١٨ ـ وما صحّ عن
عائشة قالت : لو كان رسول الله مستخلفاً لاستخلف أبا بكر وعمر. أخرجه مسلم في
صحيحه كما في الرياض (١ / ٢٦) ،
والحاكم في المستدرك (٣ / ٧٨).
__________________
١٩ ـ وما ورد في
احتجاج أُمّ سلمة على عائشة من قولها : كنت أنا وأنت مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في سفر له ، وكان عليّ يتعاهد نعلي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيخصفهما ، ويتعاهد أثوابه فيغسلها ، فنقبت له نعلٌ فأخذها
يومئذٍ يخصفها ، وقعد في ظلّ شجرة ، وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه ، فقمنا إلى
الحجاب ، ودخلا يحادثانه فيما أرادا ، ثمّ قالا : يا رسول الله إنّا لا ندري قدر
ما تصحبنا فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعاً ، فقال لهما : «أما
إنّي قد أرى مكانه ، ولو فعلت لتفرّقتم عنه كما تفرّقت بنو إسرائيل عن هارون بن
عمران» ، فسكتا ثمّ خرجا ، فلمّا خرجنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قلت له ـ وكنتِ أجرأ عليه منّا ـ : من كنت يا رسول الله
مستخلفاً عليهم؟ فقال : «خاصف النعل». فنزلنا فلم نر أحداً إلاّ عليّا ، فقلت : يا
رسول الله : ما أرى إلاّ عليّا ، فقال : «هو ذاك». فقالت عائشة : نعم أذكر ذلك.
أعلام النساء (٢ / ٧٨٩).
٢٠ ـ وما روي من
خطبة لعائشة خطبتها بالبصرة : أيّها الناس ، والله ما بلغ ذنب عثمان أن يُستحلّ
دمه ، ولقد قتل مظلوماً ، غضبنا لكم من السوط والعصا ولا نغضب لعثمان من القتل؟
وإنّ من الرأي أن تنظروا إلى قتلة عثمان فيقتلوا به ، ثمّ يردّ هذا الأمر شورى على
ما جعله عمر بن الخطّاب. فمن قائلٍ يقول : صدقتِ. وآخر يقول : كذبتِ ، فلم يبرح
الناس يقولون ذلك حتى ضرب بعضهم وجوه بعض.
قال
الأميني : كضرب هذه
الأحاديث بعضها وجوه بعض. أعلام النساء (٢ / ٧٩٦).
٢١ ـ وما عن حذيفة
رضى الله عنه قال : قالوا : يا رسول الله لو استخلفت علينا. قال : إن أستخلف عليكم
خليفة فتعصوه ينزل بكم العذاب. قالوا : لو استخلفت علينا
__________________
أبا بكر؟ قال : إن
أستخلفه عليكم تجدوه قويّا في أمر الله ضعيفاً في جسده. قالوا : لو استخلفت علينا
عمر؟ قال : إن أستخلفه عليكم تجدوه قوياً أميناً لا تأخذه في الله لومة لائم.
قالوا : لو استخلفت علينا عليّا؟ قال : إنّكم لا تفعلوا وإن تفعلوا تجدوه هادياً مهديّا يسلك بكم الطريق المستقيم.
أخرجه الحاكم في المستدرك (٣ / ٧٠) ، وأبو
نعيم في حلية الأولياء (١ / ٦٤) وليس فيه استخلاف أبي بكر وعمر ، ومنه يظهر تحريف
يد الأمانة الحديث.
٢٢ ـ وما روي عن
ابن عبّاس قال : قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا رسول الله ، استخلف علينا بعدك رجلاً نعرفه ونُنهي
إليه أمرنا ، فإنّا لا ندري ما يكون بعدك. فقال : إن استعملت عليكم رجلاً فأمركم
بطاعة الله فعصيتموه كان معصيته معصيتي ومعصيتي معصية الله عزّ وجلّ ، وإن أمركم
بمعصية الله فأطعتموه ، كانت لكم الحجّة عليّ يوم القيامة ، ولكن أكلكم إلى الله
عزّ وجلّ. أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (١٣ / ١٦٠).
٢٣ ـ ثمّ إن صحّت
تلكم النصوص وكانت الخلافة عهداً من الله سبحانه ، وجاء به جبريل وارتجّت دونه
السموات ، وهتفت به الملائكة ، وصدع به النبيّ الكريم ، وأبى الله ورسوله
والمؤمنون إلاّ أبا بكر ، فما المبرّر له ممّا صحّ عنه في صحيح البخاري في باب فضل أبي بكر من قوله يوم السقيفة ـ مخاطباً الحضور
ـ : فبايعوا عمر بن الخطّاب أو أبا عبيدة الجرّاح؟
وفي تاريخ الطبري : (٣ / ٢٠٩) : قال أبو بكر : هذا عمر وهذا أبو عبيدة ،
فأيّهما شئتم فبايعوا.
__________________
وفي (ص ٢٠١) ، ومسند أحمد (١ / ٥٦) : إنّي
قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين ، فأيّهما شئتم : عمر أو أبا عبيدة.
وفي الإمامة
والسياسة (١ / ٧) : إنّما
أدعوكم إلى أبي عبيدة أو عمر ، وكلاهما قد رضيت لكم ولهذا الأمر ، وكلاهما له أهل.
وفي (ص ١٠) قال : إنّي ناصح لكم في أحد الرجلين : أبي عبيدة بن الجراح أو عمر ،
فبايعوا من شئتم منهما.
قال
الأميني : بخٍ بخٍ ، حسب
النبيّ الأعظم مجداً وشرفاً ، والإسلام عزّا ومنعةً ، والمسلمين فخراً وكرامة ،
استخلاف مثل أبي عبيدة الجرّاح ولم يكن إلاّ حفّاراً مكياً يحفرُ القبور بالمدينة
، وكان فيها حفّاران ليس إلاّ وهما أبو عبيدة وأبو طلحة ، فما أسعد حظّ هذه الأمّة
أن يكون في حفّاري قبورها من يشغل منصّة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعده ، ويسدّ ذلك الفراغ ، ويكون هو مرجع العالم في أمر
الدين والدنيا ، وأيّ وازعٍ يمنع أبا عبيدة من أن يكون خليفةً لائتمانه؟ بعد ما
كاد معاوية بن أبي سفيان أن يكون نبيّا ويُبعث لائتمانه وعلمه ، كما مرّ في (ص ٣٠٨).
غير أنّي لست أدري
ما كانت الحالة يوم ذاك في السموات عند إيهاب أبي بكر الخلافة الإسلاميّة لأبي
عبيدة؟ وهي كانت ترتجّ والملائكة تهتف ، والله يأبى إلاّ أبا بكر مهما سألها
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ عليهالسلام ، وقد أنزله منزلة نفسه نصّا من الله العزيز. نعم ؛ كان
حقّا على السموات أن يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدّا.
٢٤ ـ وما الذي
جوّز لأبي بكر قوله لعمر ـ بعد قوله له : أبسط يدك يا أبا بكر فلأُبايعك ـ : بل
أنت يا عمر فأنت أقوى لها منّي؟ وكان كلّ واحد منهما يريد
__________________
صاحبه يفتح يده
يضرب عليها ، ففتح عمر يد أبي بكر ، وقال : إنّ لك قوّتي مع قوّتك
٢٥ ـ وكيف كان يرى
أبو بكر الأمر للمهاجرين ويجعل للأنصار الوزارة ، ويقول : منّا الأمراء ومنكم
الوزراء؟ تاريخ الطبري (٣ / ١٩٩ ، ٢٠٨) ،
الرياض (٢ / ١٦٢ ، ١٦٣).
٢٦ ـ وما الذي
سوّغ لأبي بكر قوله : إنّي وليتُ هذا الأمر وأنا له كاره ، والله لوددت أنّ بعضكم
كفانيه. صفة الصفوة (١ / ٩٩).
كيف كان يكره
أمراً جعله الله له ، وجاء به جبريل ، وأخبر به النبيّ الطاهر؟ ثمّ كيف كان يودّ
أن يكفيه غيره؟ وقد حيل بين النبيّ وبين أمله مهما سأله الله لعليّ ، ولم يجعل
الله لمشيئة نبيّه في الأمر قيمة ، وأبى إلاّ أبا بكر.
٢٧ ـ وما المسوّغ
لأبي بكر في استقالته الخلافة من الناس ، وقوله مرّة بعد أخرى : أقيلوني أقيلوني
لست بخيركم ، وقوله : لا حاجة لي في بيعتكم أقيلوني بيعتي . فكيف كان يرى للناس في إقالته اختياراً ، ولردّه ما شاء
الله وعهده لنبيّه مساغاً؟
٢٨ ـ وما كان وجه
احتجابه عن الناس ثلاثاً ، يشرف عليهم كلّ يوم يقول :
__________________
أقلتكم بيعتي
فبايعوا من شئتم ؟ أو يخيّر الناس سبعة أيّام؟ كيف كان يرى لنفسه خياراً في
حلّ عقد بيعته عن رقاب الناس وإقالتهم ، وقد أبى الله والمؤمنون إلاّ إيّاه؟ ثمّ
كيف يكل أمر الأمّة إلى مشيئتها وقد رُدّت مشيئة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك؟ ووقع في السموات ما وقع يوم أعرب صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أُمنيّته.
٢٩ ـ وما كان عذره
في قوله من خطبة له : أيّها الناس هذا عليّ بن أبي طالب لا بيعة لي في عنقه وهو
بالخيار من أمره ، ألا وأنتم بالخيار جميعاً في بيعتكم ، فإن رأيتم لها غيري فأنا
أوّل من يبايعه. السيرة الحلبية (٣ / ٣٨٩).
لعلّ الحرية في
الرأي حول البيعة حدثت بعد ما وقع دونها ما وقع في السموات والأرض ؛ بعد ما هرول
عمر بين يدي أبي بكر ونبر حتى أزبد شدقاه ؛ بعد ما قيل لحباب بن المنذر البدوي مخالف
تلك البيعة : إذن يقتلك الله ؛ بعد ما حُطّم أنف الحباب وضُرب يده ؛ بعد ما نودي
على سعد أمير الخزرج : اقتلوه قتله الله إنّه منافق ؛ بعد ما أخذ قيس بن سعد لحية
عمر قائلاً : والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة ؛ بعد ما قال الزبير
وقد سلّ سيفه : لا أغمده حتى يُبايَع عليّ ؛ بعد ما قال عمر : عليكم الكلب ـ يعني
الزبير ـ فأخذ السيف من يده وضُرب به على الحجر ؛ بعد ما دافعوا مقداداً في صدره ؛
بعد التهاجم على دار النبوّة وكشف بيت فاطمة وإخراج من كان فيه للبيعة عنوةً ؛ بعد
ما أقبل عمر بقبس من نار إلى دار فاطمة ، بعد ما قال عمر : لتخرجنّ إلى البيعة أو
لأحرقنّها على من فيها ؛ بعد ما خرجت بضعة المصطفى عن خدرها وهي تبكي وتنادي بأعلى
صوتها : «يا أبتِ يا رسول الله ما ذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب وابن أبي قحافة» بعد
ما قادوا عليّا عليهالسلام إلى البيعة كما يُقاد
__________________
الجمل المخشوش ؛
بعد ما قيل له : بايع وإلاّ تُقتل ؛ بعد ما لاذ بقبر أخيه المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم باكياً قائلاً : «يا ابن امّ إنّ القوم استضعفوني وكادوا
يقتلونني» بعد .. بعد .. إلى مائة بعد .
ولعلّ تلك الشدّة
في إباءة الله وملائكته والمؤمنين خلافة أيّ أحد إلاّ أبا بكر ، كانت مكذوبة على
الله وعلى رسوله والمؤمنين ، أو كانت صحيحة غير أنّها مقيّدة بإرادة أبي بكر نفسه
ومشيئته ؛ لاها الله كانت مكذوبةً ليس إلاّ.
٣٠ ـ وما المجوّز
لعمر قوله لأبي عبيدة الجرّاح لمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
ابسط يدك
فلأُبايعك فأنت أمين هذه الأمّة على لسان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال أبو عبيدة لعمر : ما رأيت لك فَهّة مثلها منذ أسلمت ، أتبايعني وفيكم الصدّيق وثاني اثنين؟
مسند أحمد (١ / ٣٥)
، طبقات ابن سعد (٣ / ١٢٨) ، نهاية ابن الأثير (٣ / ٢٤٧) ، صفة الصفوة (١ / ٩٧) ،
السيرة الحلبيّة (٣ / ٣٨٦) ، الصواعق (ص ٧) .
فما الذي دعاه إلى
ذلك الخلاف الفاحش على تلكم النصوص؟ وما كان ذلك الاستبداد بالرأي تجاه النصّ
المؤكّد من الله العزيز؟ نعم. وكم له من نظير!
٣١ ـ وكيف كان عمر
يرى الأمر شورى بين المسلمين ، ويقول : من بايع أميراً من غير مشورة المسلمين فلا
بيعة له ، ولا بيعة للذي بايعه تغرّة أن يقتلا؟
مسند أحمد (١ / ٥٦)
، تاريخ ابن كثير (٥ / ٢٤٦) .
__________________
٣٢ ـ وأخرج مسلم في صحيحه في كتاب الفرائض (٢ / ٣) ، وأحمد في مسنده (١
/ ٤٨) ، عن عمر أنّه قام خطيباً فقال : إنّي رأيت رؤيا كأنّ ديكاً نقرني نقرتين ،
ولا أرى ذلك إلاّ لحضور أجلي ، وإنّ ناساً يأمرونني أن أستخلف ، وإنّ الله عزّ
وجلّ لم يكن ليضيّع خلافته ودينه ، ولا الذي بعث به نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فإن عجل بي أمر ، فالخلافة شورى في هؤلاء الرهط الستة.
الحديث.
وأخرجه البيهقي في
سننه (٨ / ١٥٠) فقال : أخرجه مسلم في الصحيح من حديث بن أبي عروبة وغيره. وحكاه عن
مسلم الحافظ ابن الديبع فى تيسير الوصول (٢ / ٤٩).
٣٣ ـ وما الذي
أباح لعمر أو لغيره من الصحابة قولهم في خلافة أبي بكر : إنّها كانت فلتة وقى الله
شرّها ، أو : فلتة كفلتات الجاهليّة ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ؟ كيف تسمّى تلك الخلافة فلتةً بعد تلكم البشارات
والإنباءات المتواصلة طيلة حياة النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبعد إعلامه أصحابه بها مرّةً بعد أخرى إلى أن لفظ
__________________
نفسه الأخير؟ وكان
صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بنصٍّ من تلكم الروايات ـ لم يرَ فيها حاجة إلى وصيّة
بكتاب ، ولم يترقّب فيها خلاف أيّ أحد على أبي بكر ؛ وكيف يُرى فيها الشرّ والحالة
هذه؟ والصحابة كلّهم عدول ، وأبى الله والمؤمنون إلاّ أبا بكر ، وأبى الله أن
يختلف عليه ، كما مرّ حديثه.
٣٤ ـ وما الذي
سوّغ لعمر عرضه على عبد الرحمن بن عوف أن يستخلفه ويجعله وليّ عهده ، فقال عبد
الرحمن : أتشير عليّ بذلك إذا استشرتك؟ فقال : لا والله. فقال عبد الرحمن : إذاً
لا أرضى أن أكون خليفة بعدك. الفتوحات الإسلامية (٢ / ٤٢٧).
٣٥ ـ وما بال
الأنصار بأسرها قد تخلّفت عن البيعة واجتمعت على خلاف ما في تلكم النصوص ، وأبت بيعة أبي بكر
وقالت : لا نبايع إلاّ عليّا ، أو قالت : منّا أمير ومنكم أمير ؟ وكيف تقاعس عنها طلحة ، والزبير ، والمقداد ، وسلمان ،
وعمّار ، وأبو ذر ، وخالد بن سعيد ، ورجال من المهاجرين وأبوا إلاّ عليّا ، واجتمعوا في داره عليهالسلام وأخرجتهم يد السياسة الوقتية إلى البيعة عنوةً ، ونودي عليهم : والله لأحرقنّ
عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة؟
وما شأن الصحابي
العظيم سعد بن عبادة يأنف من بيعة أبي بكر ويقول : ايم الله لو أنّ الجنّ اجتمعت
لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أُعرَض على ربّي وأعلم ما حسابي؟ وكان لا يصلّي
بصلاتهم ، ولا يُجمِع معهم ، ويحجّ ولا يفيض معهم بإفاضتهم. تاريخ الطبري (٣ / ١٩٨ ، ٢٠٠ ،
٢٠٧ ، ٢١٠).
__________________
وما عذر العبّاس ـ
عمّ النبيّ الطاهر ـ وبني هاشم في تخلّفهم عن تلك البيعة ، والصفح عن تلكم العهود
المؤكّدة؟
٣٦ ـ وقبل هذه
كلّها إباءة عليّ أمير المؤمنين تلك البيعة الانتخابية ، وحجاجه المفحم على أهلها
، قال ابن قتيبة : ثمّ إنّ عليّا ـ كرّم الله وجهه ـ أُتي به إلى أبي بكر وهو يقول
: أنا عبد الله ، أخو رسول الله. فقيل له : بايع أبا بكر ، فقال : أنا أحقّ بهذا
الأمر منكم ، لا أُبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار
واحتججتم عليهم بالقرابة من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً ، ألستم زعمتم للأنصار
أنّكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم؟! فأعطوكم المقادة وسلّموا إليكم
الإمارة ، وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار ، نحن أولى برسول الله
حيّا وميّتاً ، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون ، وإلاّ فبوءُوا بالظلم وأنتم تعلمون.
فقال له عمر :
إنّك لست متروكاً حتى تبايع ، فقال له عليّ : احلب حلباً لك شطره ، وشدّ له اليوم
يمدده عليك غداً. ثمّ قال : والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أُبايعه.
فقال أبو بكر :
فإن لم تبايع فلا أُكرهك. فقال أبو عبيدة بن الجراح لعليٍّ ـ كرّم الله وجهه ـ :
يا ابن عم ، إنّك حديث السنّ وهؤلاء مشيخة قومك ، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم
بالأُمور ، ولا أرى أبا بكر إلاّ أقوى على هذا الأمر منك ، وأشدّ احتمالاً
واستطلالاً ، فسلّم لأبي بكر هذا الأمر ، فإنّك إن تعش ويطُل بك بقاء فأنت لهذا
الأمر خليق وحقيق ، في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك.
فقال عليّ ـ كرّم
الله وجهه ـ : الله الله يا معشر المهاجرين ألاّ تخرجوا سلطان محمد في العرب من
داره وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم ، وتدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقّه ،
فو الله يا معشر المهاجرين ، لنحن أحقّ الناس به لأنّا أهل
البيت ونحن أحقّ
بهذا الأمر منكم ، ما كان فينا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم
بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعيّة ، الدافع عنهم الأُمور السيّئة ، القاسم
بينهم بالسويّة ، والله إنّه لفينا ، فلا تتّبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله
فتزدادوا من الحقّ بعداً.
قال بشير بن سعد
الأنصاري : لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا عليّ قبل بيعتها لأبي بكر ، ما
اختلفت عليك.
قال : وخرج عليّ ـ
كرّم الله وجهه ـ يحمل فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على دابّة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة ؛ فكانوا
يقولون : يا بنت رسول الله ، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أنّ زوجكِ وابن عمكِ
سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به.
فيقول عليّ ـ كرّم
الله وجهه ـ : أفكنت أدع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بيته لم أدفنه وأخرج أُنازع الناس سلطانه؟ فقالت فاطمة
: ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم.
وقال : إنّ أبا
بكر رضى الله عنه تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند عليّ ـ كرّم الله وجهه ـ فبعث
إليهم عمر ، فجاء فناداهم ـ وهم في دار علي ـ فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب وقال
: والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنّها على من فيها ؛ فقيل له : يا أبا حفص ،
إنّ فيها فاطمة. قال : وإن. فخرجوا فبايعوا إلاّ عليّا ، فإنّه زعم أنّه قال :
حلفت أن لا أخرج ، ولا ثوبي أضع على عاتقي حتى أجمع القرآن. فوقفت فاطمة على بابها
فقالت : لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضراً منكم ، تركتم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جنازةً بين أيدينا ، وقطعتم أمركم بينكم ، لم تستأمرونا
ولم تردّوا لنا حقّا.
فأتى عمر أبا بكر
فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة؟
فقال أبو بكر
لقنفذ وهو مولى له : اذهب فادع لي عليّا ، فذهب إلى عليّ ، فقال :
ما حاجتك؟ فقال :
يدعوك خليفة رسول الله. فقال عليّ : لسريع ما كذبتم على رسول الله.
فرجع فأبلغ
الرسالة ، قال : فبكى أبو بكر طويلاً ، فقال عمر الثانية : لا تمهل هذا المتخلّف
عنك بالبيعة ، فقال أبو بكر رضى الله عنه لقنفذ : عُد إليه فقل له : أمير المؤمنين
يدعوك لتبايع ، فجاءه قنفذ فأدّى ما أُمر به ، فرفع عليّ صوته فقال : سبحان الله ،
لقد ادّعى ما ليس له.
فرجع قنفذ فأبلغ
الرسالة فبكى أبو بكر طويلاً ، ثمّ قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة ،
فدقّوا الباب ، فلمّا سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها : يا أبتِ يا رسول الله ، ما
ذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب وابن أبي قحافة؟!
فلمّا سمع القوم
صوتها وبكاءها انصرفوا باكين ، وكادت قلوبهم تتصدّع وأكبادهم تتفطّر ، وبقي عمر
ومعه قوم فأخرجوا عليّا ، فمضوا به إلى أبي بكر فقالوا له : بايع. فقال : إن أنا
لم أفعل فمه؟ قالوا : إذاً والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك. قال : إذاً
تقتلون عبد الله وأخا رسوله ، قال عمر : أمّا عبد الله فنعم وأمّا أخو رسوله فلا ، وأبو بكر ساكت لا يتكلّم ، فقال له عمر : ألا تأمر فيه
بأمرك؟ فقال : لا أُكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه ، فلحق عليّ بقبر رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يصيح ويبكي وينادي : يا ابن أُمّ ، إنّ القوم استضعفوني
وكادوا يقتلونني. الإمامة والسياسة (١ / ١٢ ـ ١٤).
__________________
٣٧ ـ وما الذي
سوّغ لأبي بكر وعمر وأبي عبيدة أن يجعلوا للعبّاس عمّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بإيعاز من مغيرة بن شعبة نصيباً في الأمر يكون له ولعقبه
من بعده؟
قال ابن قتيبة في
الإمامة والسياسة (١ / ١٥) : فأتى
المغيرة بن شعبة ، فقال : أترى يا أبا بكر أن تلقوا العبّاس فتجعلوا له في هذا
الأمر نصيباً يكون له ولعقبه ، وتكون لكما الحجّة على عليّ وبني هاشم إذا كان
العبّاس معكم؟ قال : فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة حتى دخلوا على العبّاس رضى
الله عنه ، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ثمّ قال : إنّ الله بعث محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم نبيّا وللمؤمنين وليّا ، فمنّ الله تعالى بمقامه بين
أظهرنا حتى اختار له الله ما عنده ، فخلّى على الناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم في
مصلحتهم متّفقين لا مختلفين ، فاختاروني عليهم والياً ولأُمورهم راعياً ، وما أخاف
بحمد الله وهناً ولا حيرةً ولا جبناً ، وما توفيقي إلاّ بالله العليّ العظيم ،
عليه توكّلت وإليه أُنيب ، وما زال يبلغني عن طاعن يطعن بخلاف ما اجتمعت عليه
عامّة المسلمين ويتّخذونكم لحافاً ، فاحذروا أن تكونوا جهداً لمنيع ، فإمّا دخلتم
فيما دخل فيه العامّة ، أو دفعتموهم عمّا مالوا إليه ، وقد جئناك ونحن نريد أن
نجعل لك في هذا الأمر نصيباً يكون لك ولعقبك من بعدك إذ كنت عمّ رسول الله ، وإن
كان الناس قد رأوا مكانك ومكان أصحابك فعدلوا الأمر عنكم ؛ على رسلكم بني عبد
المطلب ، فإنّ رسول الله منّا ومنكم.
ثمّ قال عمر : إي
والله وأخرى : إنّا لم نأتكم حاجةً منّا إليكم ، ولكنّا كرهنا أن يكون الطعن منكم
فيما اجتمع عليه العامّة ، فيتفاقم الخطب بكم وبهم ، فانظروا.
فتكلّم العبّاس
فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : إنّ الله بعث محمداً كما زعمت نبيّا وللمؤمنين
وليّا ، فمنّ الله بمقامه بين أظهرنا حتى اختار له ما عنده ، فخلّى الناس أمرهم
__________________
ليختاروا لأنفسهم
مصيبين للحقّ لا مائلين عنه بزيغ الهوى ، فإن كنت برسول الله طلبت ، فحقّنا أخذت ،
وإن كنت بالمؤمنين طلبت ، فنحن منهم متقدّمون فيهم ، وإن كان هذا الأمر إنّما يجب
لك بالمؤمنين ، فما وجب إذ كنّا كارهين ؛ فأمّا ما بذلت لنا فإن يكن حقّا لك ، فلا
حاجة لنا فيه ؛ وإن يكن حقّا للمؤمنين ، فليس لك أن تحكم عليهم ؛ وإن كان حقّنا ،
لم نرضَ عنك فيه ببعض دون بعض.
وأما قولك : إنّ
رسول الله منّا ومنكم ، فإنّه قد كان من شجرةٍ نحن أغصانها وأنتم جيرانها.
٣٨ ـ وما عذر من
استشكل على أبي بكر في استخلافه عمر على الصحابة؟
قالت عائشة : لمّا
ثقل أبي دخل عليه فلان وفلان ، فقالوا : يا خليفة رسول الله ، ما ذا تقول لربّك
غداً إذا قدمت عليه وقد استخلفت علينا ابن الخطّاب؟
قالت : فأجلسناه ،
فقال : أبالله ترهبوني؟ أقول : استخلفت عليهم خيرهم. سنن البيهقي (٨ / ١٤٩).
٣٩ ـ وما الذي
أقعد عليّا أمير المؤمنين عن بيعة عثمان يوم الشورى بعد ما بايعه عبد الرحمن بن
عوف وزملاؤه؟ وكان عليّ قائماً فقعد ، فقال له عبد الرحمن : بايع وإلاّ ضربت عنقك
، ولم يكن مع أحد يومئذٍ سيف غيره ، فيقال : إنّ عليّا خرج مغضباً ، فلحقه أصحاب
الشورى وقالوا : بايع وإلاّ جاهدناك ؛ فأقبل معهم حتى بايع عثمان. الأنساب
للبلاذري (٥ / ٢٢).
قال الطبري في
تاريخه (٥ / ٤١) : جعل
الناس يبايعونه وتلكّأ عليّ ، فقال عبد الرحمن : (فَمَنْ نَكَثَ
فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ
فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) فرجع عليّ يشقّ الناس حتى بايع وهو يقول : خدعة وأيّما
خدعة.
__________________
وفي الإمامة
والسياسة (١ / ٢٥) قال عبد
الرحمن : لا تجعل يا عليّ سبيلاً إلى نفسك ، فإنّه السيف لا غيره. وفي صحيح
البخاري (١ / ٢٠٨) : لا
تجعلنّ على نفسك سبيلاً.
قال
الأميني : كان قتل المتخلّف
عن البيعة في ذلك الموقف وصيّة من عمر بن الخطّاب ، كما أخرجه الطبري في تاريخه (٥ / ٣٥) قال :
وقال ـ عمر ـ لصهيب :
صلّ بالناس ثلاثة
أيّام وأدخل عليّا وعثمان والزبير وسعداً وعبد الرحمن بن عوف وطلحة إن قدم ، وأحضر عبد الله بن عمر ولا شيء له من الأمر وقم على
رءوسهم ، فإن اجتمع خمسة ورضوا رجلاً وأبى واحد فاشدخ رأسه ـ أو : اضرب رأسه
بالسيف ـ ، وإن اتّفق أربعة فرضوا رجلاً منهم وأبى اثنان فاضرب رءوسهما ، فإن رضي
ثلاثة رجلاً منهم وثلاثة رجلاً منهم فحكّموا عبد الله بن عمر ، فأي الفريقين حكم
له فليختاروا رجلاً منهم ، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين
فيهم عبد الرحمن بن عوف ، واقتلوا الباقين إن رغبوا عمّا اجتمع عليه الناس. وذكره
البلاذري في الأنساب (٥ / ١٦ ، ١٨) ، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة (١ / ٢٣) ، وابن
عبد ربّه في العقد الفريد (٢ / ٢٥٧).
(أَفَمِنْ هذَا
الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ)
__________________
ما هذه الدمدمة والهمهمة؟
ليست هذه الروايات
إلاّ جلبةً وصخباً تجاه الحقيقة الراهنة ؛ وو جاه الخلافة الحقّة الثابتة بالنصوص
الصريحة الصحيحة لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، قد صدع بها النبيّ الأمين وحياً من الله العزيز من يوم
بدء الدعوة إلى آخر نفس لفظه.
إن هي إلاّ اللغط
والشغب دون أمر ليس لخلق الله فيه أيّ خيرة ، وقد نصّ النبيّ الأعظم في بدء دعوته
على أنّ الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء ، وذلك يوم عرض نفسه صلىاللهعليهوآلهوسلم على بني عامر بن صعصعة ودعاهم إلى الله ، فقال له قائلهم :
أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك ثمّ أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من
بعدك؟ قال : «إنّ الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء» .
إن هي إلاّ سلسة
بلاء وحلقة شقاء تجرُّ الأمّة إلى الضلال ، وتسفّ بها إلى حضيض التعاسة ، وتديمها
في الجهل المبير ، ومهاوي الدمار.
إن هي إلاّ ولائد
النزعات الباطلة ، والأهواء المضلّة ، لا مقيل لها في مستوى الحقّ والصدق ، ولا
قيمة لها في سوق الاعتبار.
إن هي إلاّ نسيجة
يد الإفك والزور ، حبكها التزحزح عن قانون العدل ، والتنحّي عن شرعة الحقّ ،
والبعد عن حكم الأمانة.
إن هي إلاّ صبغة
الهثّ والدجل شُوّهت بها صفحات التاريخ ، لا يرتضيها أيّ دينيّ من رجالات المذاهب ،
ولا يُعوّل عليها المثقّف النابه ، ولا يتّخذها السالك إلى الله سبيلاً ، ولا يجد
الباحث عن الحقّ فيها أُمنيّته.
__________________
إن هي إلاّ نبرات
فيها نترات لفّقتها المطامع في لماظة العيش ، ونُجفة الحياة ، وزخارف الدنيا القاضية على سعادة البشر.
إن هي إلاّ قبسات
الفتن المضلّة ، وجذوات مقابس العاطفة والهوى ، تفتن الجاهل المسكين ، وتحيده عن
رشده ، وتجعله في بهيتة من أمر دينه ، فتحترق بها أصول سعادته في الحياة الدنيا.
إنّ هي إلاّ
مدرّسات الأمّة فاحش التقوّل ، وسيّئ الإفك والافتعال ، تعلّمها الحياد عن مناهج
الصدق والأمانة ، وتحثّها على الكذب على الله وعلى قدس صاحب الرسالة ، وعلى أمنائه
وثقات أُمّته.
هل يجد الباحث
سبيلاً لنجاته عن هذه الورطات المدلهمّة؟ وهل يُرجى له الفوز من تلكم السلاسل وقد
صفّدته من حيث لا يشعر؟ أيّ مصدر وثيق يحقّ أن يثق به الرجل؟ وعلى أيّ كتاب أو على
أيّ سنّة حريّ بأن يحيل أمره؟ أليست الكتب مشحونةً بتلكم الأكاذيب المفتعلة
المنصوص على وضعها؟ أليست تلكم المئات من أُلوف الأحاديث المكذوبة مبثوثة في طيّات
التآليف والصحف؟
ما حيلة الرجل وهو
يرى المؤلّفين بين من يذكرها مرسلاً إيّاها إرسال المسلّم ، وبين من يخرجها
بالإسناد ويردفها بما يموّه على الحقّ ممّا يعرب عن قوّتها؟ أو يرويها غير مشفّع
بما فيها من الغميزة متناً أو إسناداً؟ كلّ ذلك في مقام سرد الفضائل ، أو إثبات
الدعاوي الفارغة في المذاهب.
ثمّ ما حيلته؟ وهو
يشاهد وراء أولئك الأوضاح من المؤلّفين أفّاك القرن الرابع عشر ـ القصيمي ـ رافعاً
عقيرته بقوله : ليس في رجال الحديث من أهل السنّة من هو متّهم بالوضع والكذابة.
راجع (ص ٢٠٨).
__________________
فما ذنب الجاهل
المسكين ـ والحالة هذه ـ في عدم عرفان الحقّ؟ وما الذي يعرّفه صحيح السنّة من
سقيمها؟ وأيّ يد تنجيه من عادية التقوّل والتزوير؟ وهل من مصلح يحمل بين جنبيه
عاطفة دينيّة صادقة ينقذه عن ورطات القالة وغمرات الدجل؟
نعم ؛ (وَكَتَبْنا
لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) ، (لِيَهْلِكَ مَنْ
هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) .
(وَلَقَدْ جِئْناهُمْ
بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ، (وَآتَيْناهُمْ
بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ
الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ
الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ
مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) .
(فَلا يَصُدَّنَّكَ
عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى) ، (وَالسَّلامُ عَلى
مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) .
حكم الوضّاعين
قال الحافظ جلال
الدين السيوطي في تحذير الخواص (ص ٢١) : فائدة :
لا أعلم شيئاً من الكبائر ـ قال أحد من أهل السنّة بتكفير مرتكبه ـ إلاّ الكذب على
__________________
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ فإنّ الشيخ أبا محمد الجويني من أصحابنا وهو والد إمام الحرمين قال : إنّ من تعمّد الكذب عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم يكفر كفراً يخرجه عن الملّة ؛ وتبعه على ذلك طائفة ، منهم
: الإمام ناصر الدين بن المنير من أئمّة المالكيّة ، وهذا يدلّ على أنّه أكبر
الكبائر ؛ لأنّه لا شيء من الكبائر يقتضي الكفر عند أحد من أهل السنّة. انتهى.
حكم الحفّاظ
لتلكم الموضوعات المبهرجة
يتبيّن حكم مخرّجي
تلكم الروايات المكذوبة على نبيّ العظمة في الكتب والمعاجم من أئمّة الحديث
وحفّاظه ، ومن رجال السير والتاريخ ـ خلفاً وسلفاً ـ ممّا أخرجه الخطيب وصححه ابن
الجوزي من قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من روى عنّي حديثاً وهو يرى أنّه كذب ، فهو أحد
الكذّابين» .
والله يقول : (وَلَوْ
تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ * لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ
لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ *
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ
مُكَذِّبِينَ) .
أفترى أولئك
الحفّاظ والمؤرّخين عالمين بحقيقة تلكم الأكاذيب المفتعلة؟ قد ضلّوا من قبلُ
وأضلّوا كثيراً وضلّوا عن سواء السبيل (وَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ
__________________
كَذِباً
أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ
كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) .
أم تراهم جاهلين
بها؟ وما لهم بذلك من علم فكذبوا صمّا وعمياناً ، (وَيَحْسَبُونَ
أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ) ، (وَمِنْهُمْ
أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلاَّ أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ
يَظُنُّونَ) (فَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ
اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (فَوَيْلٌ لَهُمْ
مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) .
__________________
ـ ٥٤ ـ
قطب الدين الراوندي
المتوفّى (٥٧٣)
بنو الزهراء
آباءُ اليتامى
|
|
إذا ما خوطبوا
قالوا سلاما
|
همُ حججُ الإلهِ
على البرايا
|
|
فمن ناواهمُ
يلقَ الأثاما
|
فكان نهارُهم
أبداً صياماً
|
|
وليلُهمُ كما
تدري قياما
|
ألم يجعلْ رسولُ
اللهِ يومَ ال
|
|
غديرِ عليّا
الأعلى إماما
|
ألم يكُ حيدرٌ
قَرماً هُماماً
|
|
ألم يكُ حيدرٌ
خيراً مقاما
|
وله قوله :
لآلِ المصطفى
شرفٌ محيطُ
|
|
تضايقَ عن
مراميه البسيطُ
|
إذا كثرَ
البلايا في البرايا
|
|
فكلٌّ منهمُ جاش
ربيطُ
|
إذا ما قام
قائمُهمْ بوعظٍ
|
|
فإنَّ كلامَهُ
درٌّ لقيطُ
|
أو امتلأتْ
بعدلهمُ ديارٌ
|
|
تقاعسَ دونه
الدهرُ القسوطُ
|
همُ العلماءُ إن
جهلَ البرايا
|
|
هم الموفون إن
خان الخليطُ
|
بنو أعمامِهمْ
جاروا عليهم
|
|
ومالَ الدهرُ إذ
مالَ الغبيطُ
|
لهمْ في كلِّ
يومٍ مستجدٍّ
|
|
لدى أعدائِهمْ
دمٌّ عبيطُ
|
تناسوا ما مضى
بغديرِ خمٍ
|
|
فأدركهمْ
لشقوتهمْ هبوطُ
|
ألا لُعِنتْ
أُميّةُ قد أضاعوا ال
|
|
حسين كأنّه فرخٌ
سميطُ
|
على آلِ الرسولِ
صلاةُ ربّي
|
|
طوالَ الدهرِ ما
طلعَ الشميطُ
|
الشاعر
قطب الدين أبو
الحسين سعد بن هبة الله بن الحسن بن عيسى الراوندي ، إمام من أئمّة
المذهب ، وعين من عيون الطائفة ، وأوحديّ من أساتذة الفقه والحديث ، وعبقريّ من
رجالات العلم والأدب ، لا يُلحق شأوه في مآثره الجمّة ، ولا يُشقّ له غبار في
فضائله ومساعيه المشكورة ، وخدماته الدينيّة ، وأعماله البارّة ، وكتبه القيّمة.
يوجد ذكره الجميل
بالإطراء والثناء عليه في الفهرست للشيخ منتجب الدين ، معالم العلماء ، أمل الآمل
، لسان الميزان (٤ / ٤٨) ، رياض العلماء ، الإجازة الكبيرة للسماهيجي ، رياض
الجنّة في الروضة الرابعة ، لؤلؤة البحرين ، منتهى المقال (ص ١٤٨) ، مستدرك
الوسائل (٣ / ٤٨٩) ، روضات الجنّات (ص ٣٠١) ، تنقيح المقال (٢ / ٢٢) ، الكنى
والألقاب (٣ / ٥٨) .
__________________
مشايخه والرواة
عنه :
يروي قدسسره عن زرافات من
حملة العلم وأساتذة المذهب ، منهم :
١ ـ الشيخ أبو
السعادات هبة الله بن عليّ البغدادي : المتوفّى (٥٢٢).
٢ ـ السيّد عماد
الدين أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد الحسيني المروزي : أدركه الشيخ منتجب الدين
حدود (٥٢٠) وله يومئذٍ من العمر (١١٥) عاماً.
٣ ـ الشيخ أبو المحاسن
مسعود بن محمد الصواني : المتوفّى (٥٤٤) كما أُرّخ في تاريخ بيهق.
٤ ـ الشيخ عماد
الدين محمد بن أبي القاسم الطبري : مؤلّف بشارة المصطفى لشيعة المرتضى.
٥ ـ الشيخ أبو
عليّ الطبرسي : صاحب مجمع البيان ، المتوفّى (٥٤٨) كما أُرّخ في نقد الرجال .
٦ ـ الشيخ ركن
الدين أبو الحسن عليّ بن عليّ بن عبد الصمد النيسابوري التميمي.
٧ ـ الشيخ محمد بن
عليّ بن عبد الصمد : أخو الشيخ ركن الدين المذكور.
٨ ـ السيّد أبو
تراب المرتضى ابن الداعي الرازي الحسني : صاحب تبصرة العوام.
٩ ـ السيّد أبو
الحرب المجتبى ابن الداعي الرازي : أخو السيّد أبي تراب المذكور.
١٠ ـ السيّد أبو
البركات محمد بن إسماعيل الحسيني المشهدي.
__________________
١١ ـ الشيخ أبو
جعفر محمد بن عليّ بن الحسن الحلبي.
١٢ ـ أبو نصر
الغاري : قال صاحب الرياض : لعلّه نسبة إلى الغار من قرى الأحساء ، وهي معمورة إلى
الآن.
١٣ ـ الشيخ أبو
القاسم بن كميح.
١٤ ـ الشيخ أبو
جعفر محمد بن المرزبان.
١٥ ـ الشيخ أبو
عبد الله الحسين المؤدّب القمّي.
١٦ ـ الشيخ أبو
سعد الحسن بن عليّ الأرابادي.
١٧ ـ الشيخ أبو
القاسم الحسن بن محمد الحديقي.
١٨ ـ الشيخ أبو
الحسين أحمد بن محمد بن عليّ بن محمد المرشكي.
١٩ ـ الشيخ هبة
الله بن دعويدار.
٢٠ ـ السيّد عليّ
بن أبي طالب السليقي.
٢١ ـ الشيخ أبو
جعفر بن كميح : أخو الشيخ أبي القاسم المذكور.
٢٢ ـ الشيخ عبد
الرحيم البغدادي المعروف بابن الأخوّة.
٢٣ ـ الشيخ أبو
جعفر محمد بن عليّ بن الحسن النيسابوري المقري.
٢٤ ـ الشيخ محمد
بن الحسن : والد شيخنا الخواجة نصير الدين الطوسي. ذكره صاحب الروضات ، ويستبعده الاعتبار ؛ إذ الشيخ والد الخواجة في طبقة
تلامذة المترجم ، ويحتمل قويّا أن يكون هو الشيخ محمد بن الحسن بن محمد الطوسي ،
__________________
المكنّى بأبي نصر
المتوفّى ـ كما في شذرات الذهب ـ (٥٤٠) ، والله العالم.
ويروي عن شيخنا
القطب جمع من أعلام الطائفة منهم :
١ ـ الشيخ أحمد بن
عليّ بن عبد الجبّار الطبرسي القاضي.
٢ ـ الشيخ نصير
الدين راشد بن إبراهيم البحراني.
٣ ـ الشيخ بابويه
سعد بن محمد بن الحسن بن الحسين بن بابويه.
٤ ـ ولد المترجم
أبو الفرج عماد الدين عليّ بن قطب الدين الراوندي.
٥ ـ القاضي جمال
الدين عليّ.
٦ ـ الشريف عزّ
الدين أبو الحرث محمد بن الحسن العلوي البغدادي.
٧ ـ الشيخ ابن
شهرآشوب محمد بن عليّ السروي المازندراني.
تآليفه القيّمة
١ ـ سلوة الحزين
|
٧ ـ قصص الأنبياء
|
٢ ـ المغني في
شرح النهاية ـ عشر مجلّدات
|
٨ ـ المعارج في شرح خطبة من نهج البلاغة
|
٣ ـ تفسير
القرآن
|
٩ ـ إحكام الأحكام
|
٤ ـ نهية
النهاية
|
١٠ ـ بيان الانفرادات
|
٥ ـ منهاج
البراعة في شرح نهج البلاغة
|
١١ ـ الشافية رسالة في الغسلة الثانية
|
٦ ـ غريب
النهاية
|
١٢ ـ التغريب في التعريب
|
__________________
١٣ ـ آيات
الأحكام
|
٣٢ ـ جنى الجنّتين في ذكر ولد العسكريّين
|
١٤ ـ شرح
الكلمات المائة لأمير المؤمنين
|
٣٣ ـ تحفة العليل
|
١٥ ـ الإغراب في
الإعراب
|
٣٤ ـ أسباب النزول
|
١٦ ـ زهرة
المباحثة
|
٣٥ ـ أحوال أحاديثنا وإثبات صحّتها
|
١٧ ـ ضياء
الشهاب في شرح الشهاب
|
٣٦ ـ أمّ القرآن
|
١٨ ـ تهافت
الفلاسفة
|
٣٧ ـ صلاة الآيات
|
١٩ ـ كتاب البحر
|
٣٨ ـ حلّ المعقود من الجمل والعقود
|
٢٠ ـ شجار
العصابة في غسل الجنابة
|
٣٩ ـ فقه القرآن
|
٢١ ـ جواهر
الكلام
|
٤٠ ـ ألقاب المعصومين
|
٢٢ ـ النيات في
العبادات
|
٤١ ـ التلخيص من فصول الشعراني
|
٢٣ ـ فرض من
حضره الأداء وعليه القضاء
|
٤٢ ـ الآيات المشكلة
|
٢٤ ـ الخرائج
والجرائح
|
٤٣ ـ رسالة في العقيقة
|
٢٥ ـ رسالة
الفقهاء
|
٤٤ ـ شرح الذريعة للشريف المرتضي ـ ٣ مجلدات
|
٢٦ ـ رسالة في
الناسخ والمنسوخ من القرآن
|
٤٥ ـ نفثة المصدور
|
٢٧ ـ شرح
العوامل
|
٤٦ ـ خلاصة التفاسير ـ عشر مجلدات
|
٢٨ ـ رسالة في
الخمس
|
٤٧ ـ الرائع في الشرائع ـ مجلّدان
|
٢٩ ـ لباب
الأخبار في فضل آية الكرسى
|
٤٨ ـ الإنجاز في شرح الإيجاز
|
٣٠ ـ مسألة في
الخمس
|
٤٩ ـ شرح ما يجوز وما لا يجوز من النهاية
|
٣١ ـ كتاب
المزار
|
٥٠ ـ الاختلاف الواقع بين شيخنا المفيد
|
١٧ ـ ضياء
الشهاب في شرح الشهاب
|
٣٦ ـ أمّ القرآن
|
وسيّدنا المرتضي
في مسائل كلاميّة تُعدّ (٩٥) مسألة
__________________
هذا ما وقفنا عليه
من تآليف المترجم ، وأحسب اتّحاد بعض منها مع بعض آخر ، كالتلخيص مع لباب الأخبار
، وأُمّ القرآن مع بعض تفاسيره.
خلفه الصالح :
وخلفه أولاد فقهاء
أعلام المذهب ، وهم : الشيخ أبو الفرج عماد الدين عليّ بن قطب الدين ، فقيه ثقة
كما في فهرست الشيخ منتجب الدين ، يروي عن والده القطب السعيد وعن جماعة من أعاظم الطائفة
، منهم :
السيّد ضياء الدين
فضل الله بن عليّ الراوندي الكاشاني.
جمال الدين حسين
بن عليّ أبو الفتوح الرازي ، المفسّر الكبير.
سديد الدين محمود
بن عليّ بن الحسن الحمصي الرازي.
أمين الدين أبو
عليّ الفضل بن الحسين الطبرسي صاحب مجمع البيان.
الشيخ عبد الرحيم
بن أحمد البغدادي الشهير بابن الأخوّة.
نصّ على ذلك كلّه
صاحب المعالم في إجازته الكبيرة ، ويروي عنه الفقيه الكبير الشيخ أبو طالب نصير
الدين عبد الله بن حمزة بن الحسن بن عليّ بن نصير الطوسي ، والشيخ محمد بن جعفر بن
أبي البقاء الحلّي المعروف بابن نما المطلق.
ترجمه شيخنا الحرّ
العاملي في أمل الآمل مرّة تحت عنوان : عليّ بن قطب الدين أبي الحسين الراوندي ،
وأخرى بعنوان : عليّ ابن الإمام قطب الدين سعيد الراوندي ، وقال في الموضع الأوّل
: يروي عنه الشهيد. انتهى. وهذا اشتباه بيّن ؛ إذ الشيخ عليّ هذا من أعلام القرن
السادس وشيخنا الشهيد ولد سنة (٧٣٤).
__________________
وللشيخ عليّ هذا
ولد عالم ذكره الشيخ منتجب الدين في الفهرست ، وأطراه بالفضل والعلم ، ألا وهو الشيخ أبو الفضائل برهان
الدين محمد بن عليّ بن قطب الدين.
وولد المترجم
الثاني : الشيخ نصير الدين أبو عبد الله الحسين بن قطب الدين ، أحد شهداء أعلام
الدين وحملة العلم والفضيلة ، ترجمناه في كتابنا ـ شهداء الفضيلة (ص ٤٠)
وولده الثالث :
الفقيه ظهير الدين أبو الفضل محمد بن قطب الدين ، أصفقت المعاجم على الثناء عليه
بالإمامة والثقة والعدل.
توفّي المترجم ـ القطب
السعيد ـ ضحوة يوم الأربعاء ، الرابع عشر من شوّال سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة ، كما
في إجازات البحار (ص ١٥) نقلاً عن خط شيخنا الشهيد الأوّل قدسسره ، وفي لسان
الميزان نقلاً عن تاريخ الريّ لابن بابويه : إنّه توفّي في ثالث
عشر شوّال ، وقبره في الصحن الجديد من الحضرة الفاطميّة بقم المشرّفة.
__________________
ـ ٥٥ ـ
سبط ابن التعاويذي
المولود (٥١٩)
المتوفّى (٥٨٤)
يا سميَّ
النبيِّ يا بنَ عليّ
|
|
قامع الشرك
والبتول الطهورِ
|
أنت تسمو على
البريّةِ طرّا
|
|
بمحلٍّ عالٍ
وبيتٍ كبيرِ
|
عنكمُ يؤخذُ
الوفاء ومنكم
|
|
يحتذي الناس كلّ خير وخيرِ
|
كيف أخلفتني وما
الخلفُ للم
|
|
يعاد من عادةِ
الموالي الصدورِ
|
أنت يا ابن
المختارِ أكرمُ من أن
|
|
تنظر في أمرٍ
مستفادٍ حقيرِ
|
أنت أوليتنيه
منك ابتداءً
|
|
غير ما مُكرهٍ
ولا مجبورِ
|
وأخو الفضل من
يُساعد في الش
|
|
دَّة لا في
الرخاءِ والميسورِ
|
أيّ عذرٍ ينوبُ
عنك وما نا
|
|
بك وجهُ الصوابِ
بالمعذورِ
|
ومتى ما استمرَّ
خُلفُكَ للوع
|
|
ـدِ ولم تعتذرْ عن التأخيرِ
|
صرتُ من جملةِ
النواصب لا آ
|
|
كُلُ غيرَ
الجرّي والجرجيرِ
|
وتغسّلتُ
واكتحلت ثلاثاً
|
|
وطبخت الحبوبَ
في عاشورِ
|
__________________
وطويتُ الأحزان
فيه ولم أُب
|
|
دِ سروراً في
يومِ عيدِ الغديرِ
|
وتبدّلتُ من
مبيتيَ في مش
|
|
هد موسى بجامعِ المنصورِ
|
وتطهّرت من
إناءِ يه
|
|
ـوديّ وفضّلته على الخنزيرِ
|
ورآني أهل
التشيّع في الكر
|
|
خ بتاموسة وذيلٍ
قصيرِ
|
زائراً قبر مصعب
بعد ما كن
|
|
ت أُوالي دفين
قبر النذورِ
|
وتخيَّرت أن
يكون الزبيديُ
|
|
رفيقي في العرض
يوم النشورِ
|
وتراني في الحشر
فاطمةُ الطه
|
|
ر وكفِّي في
كفِّه المبتورِ
|
وتكون المسؤولَ
أنتَ عن مؤمنٍ أل
|
|
قيته غداً في
سواء السعيرِ
|
هذه الأبيات
أخذناها من ديوان المترجم المخطوط ، كتبها إلى نقيب الكوفة وشريفها المعظّم السيّد محمد بن
مختار العلوي ، يعاتبه على عدم الوفاء بوعد كان وعده به ، وهي على وتيرة تتريّة
ابن منير ، ولهما أشباه ونظائر مرّ الإيعاز إليها في (٤ / ٣٢٩ ـ ٣٣١).
الشاعر
أبو الفتح محمد بن
عبيد الله البغدادي ، يُعرف بابن التعاويذي وبسبط ابن التعاويذي ،
وكلاهما نسبة إلى جدّه لأمّه أبي محمد المبارك بن المبارك الجوهري ، المعروف بابن
التعاويذي ، المولود بالكرخ سنة (٤٩٦) ، والمتوفّى في جمادى الأولى سنة (٥٥٣) ،
ودفن بمقبرة الشونيزيّة.
__________________
كان المترجم في
الصدر من شعراء الشيعة ، وفي الطليعة من كتّابها الأفذاد ، يزدهي العراق بشعره
المبهج وأدبه المبتلج ، كما أنّ الكتب ضاءت بألقٍ من كلمه ، وضاعت بعبقٍ من نشر
فمه ، وقد أصفقت المعاجم على الثناء عليه ، وذكر فضله الظاهر ومآثره الجمّة ، ففي
معجم الأدباء (٧ / ٣١) : كان
شاعر العراق في وقته ، وكان كاتباً بديوان الأقطاع ببغداد ، واجتمع به العماد
الكاتب الأصبهاني لمّا كان بالعراق وصحبه مدّة ، فلمّا انتقل العماد إلى الشام
واتصل بالسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب كان ابن التعاويذي يراسله ، فكان بينهما
مراسلات ذكر بعضها العماد في الخريدة ، وعمي أبو الفتح في آخر عمره سنة (٥٧٩) ،
وله في ذلك أشعار كثيرة يندب بها بصره وزمان شبابه ، ومدح السلطان صلاح الدين
بثلاث قصائد أنفذها إليه من بغداد ، إحداها عارض بها قصيدة أبي منصور عليّ بن الحسن
المعروف بصرّدر ، التي أوّلها :
أكذا يُجازى ودُّ كلّ قرين
فقال ابن
التعاويذي وأحسن ما شاء :
إن كان دينُكَ
في الصبابة ديني
|
|
فقف المطيّ برملتي
يَبرينِ
|
والثم ثرىً لو
شارفت بي هضبَهُ
|
|
أيدي المطيّ
لثمتُها بجفوني
|
__________________
وأنشد فؤادي في
الظباء معرِّضاً
|
|
فبغيرِ غزلانِ
الصريمِ جنوني
|
ونشيدتي بين
الخيام وإنّما
|
|
غالطتُ عنها
بالظباء العينِ
|
لو لا العِدى لم
أُكنِ عن ألحاظِها
|
|
وقدودِها بجآذرٍ
وغصونِ
|
لله ما اشتملت
عليه قبابُهمْ
|
|
يوم النوى من
لؤلؤٍ مكنونِ
|
من كلِّ تائهةٍ
على أترابِها
|
|
في الحسن غانيةٍ
عن التحسينِ
|
خَوْد تُري قمرَ
السماءِ إذا بدت
|
|
ما بين سالفةٍ
لها وجبينِ
|
غادين ما لمعتْ
بروقُ ثغورِهمْ
|
|
إلاّ استهلّت
بالدموعِ شئوني
|
إن تُنكروا نفسَ
الصبا فلأنَّها
|
|
مرَّتْ بزفرةِ
قلبيَ المحزونِ
|
وإذا الركائبُ
في المسيرِ تلفَّتتْ
|
|
فحنينُها
لتلفّتي وحنيني
|
يا سَلمُ إن
ضاعت عهودي عندكمْ
|
|
فأنا الذي
استودعتُ غيرَ أمينِ
|
أوعدتُ مغبوناً
فما أنا في الهوى
|
|
لكمُ بأوّلِ
عاشقٍ مغبونِ
|
رفقاً فقد عسفَ
الفراقُ بمطلقِ ال
|
|
عبراتِ في أسرِ
الغرامِ رهينِ
|
وذكر من القصيدة
(٣٢) بيتاً ، ونقتطف ممّا ذكره من قصيدته الثانية أبياتاً من أوّلها :
حتّام أرضى في
هواكَ وتغضبُ
|
|
وإلى متى تجني
عليّ وتعتبُ
|
ما كان لي لو لا
ملالُكَ زلّةٌ
|
|
لمّا مللتَ
زعمتَ أنّي مذنبُ
|
خذ في أفانينِ
الصدودِ فإنّ لي
|
|
قلباً على
العلاّتِ لا يتقلّبُ
|
__________________
أتظنّني أضمرتُ
يوماً سلوةً
|
|
هيهاتَ عطفُكَ
من سلوّي أقربُ
|
لي فيك نار
جوانح ما تنطفي
|
|
شوقاً وماءُ
مدامع لا ينضبُ
|
ثمّ ذكر أبياتاً
من قصيدته الثالثة اللاميّة ، وذكر من شعره قوله من قصيدة يندب بصره :
حالان مسّتني
الحوا
|
|
دث منهما
بفجيعتينِ
|
إظلام عين في
ضيا
|
|
ءٍ من مشيبٍ
سرمدينِ
|
صبح وإمساء معاً
|
|
لا خلفةً فاعجبْ
لذينِ
|
قد رحتُ في
الدنيا من الس
|
|
رّاءِ صِفرَ
الراحتينِ
|
أسوان لا حيٌّ
ولا
|
|
ميتٌ كهمزةِ بين
بينِ
|
قال
الأميني : هذه القصيدة
تحتوي (٥٩) بيتاً ، مطلعها الموجود :
أترى تعودُ لنا
كما
|
|
سلفت ليالي
الأبرقينِ
|
ويقول فيها :
فأناخ في آلِ
الرسولِ
|
|
مجاهراً
برزيئتينِ
|
بدءاً برزءٍ في
أبي
|
|
حسن وعَوْداً في
الحسينِ
|
الطيِّبين
الطاهرين
|
|
الخيِّرين
الفاضلينِ
|
المدليينِ إلى
النبيِ
|
|
محمدٍ بقرابتينِ
|
__________________
وذكر الحموي من شعره قوله :
سقاكِ سارٍ من
الوسميِّ هتّانُ
|
|
ولا رقَت
للغوادي فيك أجفانُ
|
يا دار لهوي
وإطرابي ومعهد
|
|
أترابي ولِلَّهو
أوطارٌ وأوطانُ
|
أعائدٌ ليَ ماضٍ
من جديدِ هوىً
|
|
أبليتُه وشبابٌ
فيكِ فينانُ
|
إذ الرقيبُ لنا
عينٌ مساعدةٌ
|
|
والكاشحون لنا
في الحبِّ أعوانُ
|
وإذ جميلَةُ
توليني الجميلَ وعن
|
|
ـد الغانياتِ وراء الحسنِ إحسانُ
|
ولي إلى البانِ
من رمل الحمى طرفٌ
|
|
فاليومَ لا
الرملُ يصبيني ولا البانُ
|
وما عسى يُدرك
المشتاقُ من وطرٍ
|
|
إذا بكى الربعُ
والأحبابُ قد بانوا
|
إنَّ المغاني
معانٍ والمنازل أم
|
|
واتٌ إذا لم يكن
فيهنَّ سكّانُ
|
لله كم قمرت
لُبِّي بجوِّك أق
|
|
مارٌ وكم
غازلتني فيك غزلانُ
|
وليلةَ باتَ
يجلو الراحَ من يدِهِ
|
|
فيها أغنٌّ
خفيفُ الروحِ جذلانُ
|
خالٍ من الهمِّ
في خلخاله حَرجٌ
|
|
فقلبهُ فارغٌ
والقلبُ ملآنُ
|
يُذْكي الجوى
باردٌ من ريقِه شبمٌ
|
|
ويوقدُ الظرفَ
طرفٌ منه وسنانُ
|
إن يُمسِ
ريَّانَ من ماءِ الشبابِ فلي
|
|
قلبٌ إلى ريقهِ
المعسولِ ظمآنُ
|
بين السيوف
وعينيهِ مشاركةٌ
|
|
من أجلها قيل
للأغمادِ أجفانُ
|
فكيف أصحو
غراماً أو أُفيق جوىً
|
|
وقدُّه ثملٌ
بالتِّيهِ نشوانُ
|
أفديه من غادرٍ
بالعهد غادرني
|
|
صدوده ودموعي
فيه غُدرانُ
|
في خدِّه
وثناياه ومقلتِهِ
|
|
وفي عذاريه
للعشّاقِ بستانُ
|
__________________
شقائقٌ وأقاحٍ
نبته خضلٌ
|
|
ونرجسٌ أنا منه
الدهرَ سكرانُ
|
وكان له راتب في
الديوان فلمّا عمي طلب أن يجعل باسم أولاده ، ثمّ كتب هذه القصيدة ورفعها إلى
الخليفة الناصر التمس بها تجديد راتب مدّة حياته :
خليفة الله أنت
بالدين والدنيا
|
|
وأمر الإسلام
مضطلعُ
|
إلى آخر [الأبيات]
ثمّ قال : وكلُّ
شعر أبي الفتح غرر ، وديوانه كبير يدخل في مجلّدين جمعه بنفسه قبل أن يضرّ ،
وافتتحه بخطبة لطيفة ، ورتّبه على أربعة أبواب ، وما حدّث من شعره بعد العمى سمّاه
الزيادات ، وهي ملحقة ببعض نسخ ديوانه المتداولة وبعض النسخ خلو منها ، وله كتاب
سمّاه الحجبة والحجّاب ، في مجلّد كبير ونسخه قليلة.
ولد أبو الفتح بن
التعاويذي في اليوم العاشر من رجب سنة (٥١٩) وتوفّي في ثاني شوّال سنة (٥٨٣)
ببغداد ، ودفن في مقبرة باب أبرز. انتهى ملخصاً.
وفي تاريخ ابن
خلكان (٢ / ١٢٣) : أبو
الفتح بن التعاويذي نسب إلى جده لأُمّه أبي محمد المبارك ؛ لأنّه كفله صغيراً ونشأ
في حجره ، وكان أبو الفتح هذا شاعر وقته لم يكن مثله ، جمع شعره بين جزالة الألفاظ
وعذوبتها ، ورقّة المعاني ودقّتها ، وهو في غاية الحسن والحلاوة ، وفيما أعتقده لم
يكن قبله بمائتي سنة من يُضاهيه ،
__________________
ولا يُؤاخذني من
يقف على هذا الفضل فإنّ ذلك يختلف بميل الطباع ، ولله درّ القائل :
وللناس فيما
يعشقون مذاهبُ
وكان كاتباً
بديوان المقاطعات ، وعمي في آخر عمره سنة (٥٧٩) ثمّ ذكر ما يقرب من كلام نقلناه عن
معجم الأدباء ، وروى من شعره ما يربو على سبعين بيتاً ، وقال : أوردت
هذه المقاطيع من شعره لكونها مستملحة ، وأمّا قصائده المشتملة على النسيب والمدح
فإنّها في غاية الحسن ، وصنّف كتاباً سمّاه الحجبة والحجّاب ، وترجمه العماد
الأصبهاني في كتاب الخريدة وأثنى عليه بقوله : هو شاب فيه فضل ، وآداب ، ورئاسة ،
وكياسة ، ومروّة ، وأبوّة ، وفتوّة ، وجمعني وإيّاه صدق العقيدة في عقد الصداقة ،
وقد كملت به أسباب الظرف واللطف واللباقة ، وكانت ولادته في العاشر من رجب يوم
الجمعة سنة (٥١٩) وتوفّي في ثاني شوّال سنة أربع وقيل : ثلاث وثمانين وخمسمائة
ببغداد ، ودُفن في باب أبرز. وقال ابن النجّار : مولده يوم الجمعة ومات يوم السبت
(١٨) شوّال. انتهى تلخيص ما في تاريخ ابن خلكان.
وذكره أبو الفداء في تاريخه (٣ / ٨٠) ، وابن شحنة في روض المناظر
، وابن كثير في تاريخه (١٢ / ٣٢٩) ، وصاحب شذرات الذهب (٤ / ٢٨١) ، ومؤلِّف نسمة
السحر (ج ٢). ولم أجد خلافاً في تاريخ ولادته غير أن عبد الحيّ أرّخه في شذراته
بسنة (٥١٠) ولم نقف على مصدره.
وترجمه اليافعي في
موضعين من مرآة الجنان (٣ / ٣٠٤ ، ٤٢٩) ، وقال في الموضع الأول : ذكر بعض
المؤرِّخين موته في سنة (٥٥٣) ، وذكر بعضهم في سنة أربع وثمانين.
__________________
انتهى. قد عرفت
أنّ سنة (٥٥٣) هي تاريخ وفاة جدّ المترجم له المعروف بابن التعاويذي ، ورثاه سبطه
في وقته ، واشتبه الأمر على بعض المؤرّخين بموت المترجم له ، ولعلّه لشهرتهما بابن
التعاويذي.
وتوجد ترجمته في
تاريخ آداب اللغة العربيّة وفيه : أنّه توفّي سنة (٥٣٨) ، وأحسبه تصحيف (٥٨٣) ، وقال
فريد وجدي في دائرة المعارف (٦ / ٧٧٧) : إنّه ولد سنة (٥١٦) وتوفيّ سنة (٥٨٣ أو
٥٨٦) ، وفي كلا التاريخين تصحيف.
والواقف على ديوان
المترجم جدّ عليم بتاريخ وفاته ، إذ قصائده مؤرّخة بسنيّ نظمها ، وأكثرها من سنة
سبعين إلى أربع وثمانين ، وفيه قصيدته في رثاء جدّه المبارك ، المتوفّى سنة (٥٥٣)
وهي مؤرّخة بها ، وله قصيدتان مؤرّختان بسنة (٥٨٣) إحداهما في مدح الناصر لدين
الله أبي العباس أحمد ، والأخرى في مدح الوزير جلال الدين أبي المظفّر عبيد الله
بن يونس وتهنئته بالوزارة ، نظمها في عيد الأضحى من سنة (٥٨٣) ، فبعد كون وفاته في
شوّال من المتسالم عليه لم يبقَ إشكال في أنّه توفّي سنة (٥٨٤) ، والله العالم.
ومن شعره قوله في
رثاء الإمام السبط الشهيد ـ صلوات الله عليه :
أرقتُ للمع برقٍ
حاجريِ
|
|
تألّق كاليماني
المشرفيِ
|
أضاء لنا
الأجارعَ مستطيراً
|
|
سناه وعاد
كالنبضِ الخفيِ
|
__________________
كأنَّ وميضَهُ
لمعُ الثنايا
|
|
إذا ابتسمت
وإشراقُ الحليِ
|
فأذكَرَني وجوهَ
الغيدِ بيضاً
|
|
سوالفُها ولم
أكُ بالنسيِ
|
وعصرَ خلاعةٍ
أحمدت فيه ال
|
|
شباب وصحبة
العيش الرخيِ
|
وليلى بعد ما
مطلت ديوني
|
|
ولا حالت عن
العهد الوفيِ
|
منعّمةً شقيتُ
بها ولولا ال
|
|
هوى ما كنت ذا
بالٍ شقيِ
|
تزيدُ القلبَ
بلبالاً ووجداً
|
|
إذا نظرتْ بطرفٍ
بابليِ
|
أتيهُ صبابةً
وتتيهُ حسناً
|
|
فويلٌ للشجيِّ
من الخليِ
|
إذا استشفيتُها
وجدي رمتني
|
|
بداءٍ من
لواحظها دويِ
|
ولولا حبُّها لم
يُصِب قلبي
|
|
سنا برقٍ تألّق
في دجيِ
|
أجاب وقد دعاني
الشوق دمعي
|
|
وقِدماً كنت ذا
دمعٍ عصيِ
|
وقفتُ على
الديارِ فما أصاختْ
|
|
معالمُها
لمحتزنٍ بكيِ
|
أُروِّي تُربَها
الصادي كأنّي
|
|
نزحت الدمعَ
فيها من ركيِ
|
ولو أكرمتِ
دمعَكِ يا شئوني
|
|
بكيتِ على
الإمامِ الفاطميِ
|
على المقتولِ
ظمآناً فجودي
|
|
على الظمآنِ
بالجفنِ الرويِ
|
على نجمِ الهدى
الساري وبحر ال
|
|
علومِ وذروةِ
الشرفِ العليِ
|
على الحامي
بأطرافِ العوالي
|
|
حمى الإسلامِ
والبطلِ الكميِ
|
على الباعِ
الرحيبِ إذا ألمّتْ
|
|
به الأزماتُ
والكفِّ السخيِ
|
على أندى
الأنامِ يداً ووجهاً
|
|
وأرجحِهمْ
وقاراً في النديِ
|
وخيرِ العالمينِ
أباً وأُمّا
|
|
وأطهرِهمْ ثرى
عِرقٍ زكيِ
|
لئِن دفعوه
ظلماً عن حقوقِ ال
|
|
خلافةِ بالوشيج
السمهريِ
|
فما دفعوه عن
حسبٍ كريمٍ
|
|
ولا ذادوه عن
خُلقٍ رضيِ
|
__________________
لقد فصموا عرى
الإسلامِ عَوداً
|
|
وبَدءاً في
الحسين وفي عليِ
|
ويومُ الطفِّ قام
ليومِ بدرٍ
|
|
بأخذ الثارِ في
آلِ النبيِ
|
فثنّوا بالإمام
أما كفاهم
|
|
ضلالاً ما جنوه
على الوصيِ
|
رموهُ عن قلوبٍ
قاسياتٍ
|
|
بأطراف الأسنّةِ
والقسيِ
|
وأسرى مُقدِماً
عمرُ بنُ سعد
|
|
إليه بكلِّ
شيطانٍ غويِ
|
سفوكٍ للدماء
على انتهاكِ ال
|
|
محارم جدّ مِقدامٍ
جريِ
|
أتاه بمحنقينَ
تجيشُ غيظاً
|
|
صدورُهمُ وجيشٍ
كالأتيِ
|
أطافوا محدقينَ
به وعاجوا
|
|
عليهِ بكلِّ
طرفٍ أعوجيِ
|
وكلّ مثقّفٍ
لَدن وعضبٍ
|
|
سريجيّ ودرعٍ
سابريِ
|
فأنحوا
بالصوارمِ مسرعاتٍ
|
|
على البرِّ
النقيِّ ابن النقيِ
|
وجوهُ النار
مظلمةً أكبّت
|
|
على الوجهِ
الهلاليِّ الوضيِ
|
فيا لكَ من
إمامٍ ضرَّجوه ال
|
|
دم القاني
بخرصانِ القنيِ
|
بكته الأرضُ
إجلالاً وحزناً
|
|
لمصرعِه وأملاكُ
السميِ
|
وغودرتِ الخيامُ
بغير حامٍ
|
|
يُناضلُ دونهنَّ
ولا وليِ
|
فما عطفَ
البغاةُ على الفتاةِ ال
|
|
حصانِ ولا على
الطفلِ الصبيِ
|
ولا بذلوا
لخائفةٍ أماناً
|
|
ولا سمحوا
لظمآنٍ بريِ
|
ولا سفروا
لثاماً عن حياءٍ
|
|
ولا كرمٍ ولا
أنفٍ حَميِ
|
وساقوا ذود أهلِ
الحقِّ ظلماً
|
|
وعدواناً إلى
الوِرد الوبيِ
|
تَذودُهمُ
الرماحُ كما يُذادُ ال
|
|
ركابُ عن
المواردِ بالعِصيِ
|
__________________
وساروا
بالكرائمِ من قريشٍ
|
|
سبايا فوق أكوار
المطيِ
|
فيا لله يوم
نعوه ما ذا
|
|
وعى سمعٌ الرسول
من النعيِ
|
ولو رام الحياةَ
نجا إليها
|
|
بعزمتِهِ نجاءَ
المضرحيِ
|
ولكنَّ المنيّةَ
تحت ظلِّ ال
|
|
رقاقِ البيضِ
أجدرُ بالأبيِ
|
فيا عُصَبَ
الضلالةِ كيف جزتمْ
|
|
عناداً عن
صراطِكمُ السويِ
|
وكيف عدلتمُ
مولودَ حِجرِ ال
|
|
نبوّةِ بالغويِّ
ابن الغويِ
|
فألقيتمْ
وعهدُكمُ قريبٌ
|
|
وراء ظهورِكم
عهدَ النبيِ
|
وأخفيتمْ
نفاقكمُ إلى أن
|
|
وثبتمْ وثبةَ
الذئبِ الضريِ
|
وأبديتمْ
حقودَكمُ وعُدتمْ
|
|
إلى الدينِ
القديمِ الجاهليِ
|
ولولا الضغنُ ما
ملتمْ على ذي ال
|
|
قرابةِ للبعيدِ
الأجنبيِ
|
كفى خزياً
ضمانُكمُ لقتلِ ال
|
|
حسينِ جوائزَ
الرفدِ السنيِ
|
وبيعكمُ
لأُخراكم سفاهاً
|
|
بمبرورٍ من
الدنيا بريِ
|
وحسبكمُ غداً
بأبيه خصماً
|
|
إذا عُرِفَ
السقيمُ من البريِ
|
صليتم حزبه
بغياً فأنتم
|
|
لنارِ اللهِ
أولى بالصليِ
|
وحرّمتمْ عليهِ
الماءَ لؤماً
|
|
وأسقينا إلى
الخلق الدنيِ
|
وأوردتمْ
جيادَكمُ وأظمي
|
|
تموهُ شربتمُ
غيرَ الهنيِ
|
وفي صفِّينَ
عاندتمْ أباهُ
|
|
وأعرضتمْ عن
الحقِّ الجليِ
|
__________________
وخادعتم
إمامَكمُ خداعاً
|
|
أتيتم فيه
بالأمرِ الفريِ
|
إماماً كان يُنصفُ
بالقضايا
|
|
ويأخذُ للضعيفِ
من القويِ
|
وأنكرتم حديثَ
الشمسِ رُدّتْ
|
|
لهُ وطويتمُ
خبرَ الطويّ
|
فجوزيتمْ
لبغضكمُ عليّا
|
|
عذابَ الخلدِ في
الدركِ القصيِ
|
سأُهدي للأئمّة
من سلامي
|
|
وغُرِّ مدائحي
أزكى هَديِ
|
سلاماً أُتبع
الوسميّ منه
|
|
على تلك
المشاهدِ بالوليِ
|
وأكسو عاتقَ
الأيّام منها
|
|
حبائرَ كالرداءِ
العبقريِ
|
حساناً لا أُريد
بهنَّ إلاّ
|
|
مساءةَ كلِّ
باغٍ خارجيِ
|
يضوعُ لها إذا
نُشرت أريجٌ
|
|
كنشرِ لطائمِ
المسكِ الذكيِ
|
كأنفاسِ النسيم
سرى بليلٍ
|
|
يهزُّ ذوائبَ
الوردِ الجنيِ
|
لِطيبةَ
والبقيعِ وكربلاءٍ
|
|
وسامراءَ تغدو
والغريِ
|
وزوراءِ العراقِ
وأرضِ طوسٍ
|
|
سقاها الغيثُ من
بلدٍ قصيِ
|
فحيّا اللهُ من
وارته تلك ال
|
|
قبابُ البيضُ من
حَبرٍ تقيِ
|
وأسبل ثوبَ
رحمته دراكاً
|
|
عليها بالغدوِّ
وبالعشيِ
|
فذخري للمعاد
ولاءُ قومٍ
|
|
بهم عُرِفَ
السعيدُ من الشقيِ
|
كفاني علمهمْ
أنِّي مُعادٍ
|
|
عدوَّهمُ موالٍ
للوليِ
|
__________________
شعراء الغدير
في
القرن السابع
|
١
ـ أبو الحسن المنصور بالله
٢
ـ مجد الدين بن جميل
٣
ـ الشوّاء الكوفي الحلبي
٤
ـ كمال الدين الشافعي
٥
ـ أبو محمد المنصور بالله
٦
ـ أبو الحسين الجزّار
٧
ـ شمس الدين محفوظ
٨
ـ بهاء الدين الإربلي
|
ـ ٥٦ ـ
أبو الحسن المنصور بالله
وُلد (٥٦١)
توفّي (٦١٤)
بني عمِّنا إنّ
يومَ الغديرِ
|
|
يشهدُ للفارسِ
المعلمِ
|
أبونا عليٌّ
وصيُّ الرسولِ
|
|
ومن خصّه باللوا
الأعظمِ
|
لكم حرمةٌ
بانتسابٍ إليه
|
|
وها نحن من
لحمهِ والدمِ
|
لئِن كان يجمعنا
هاشمٌ
|
|
فأين السنام من
المنسمِ
|
وإن كنتم كنجومِ
السماء
|
|
فنحنُ الأهلّةُ
للأنجمِ
|
ونحن بنو بنته
دونكمْ
|
|
ونحن بنو عمِّه
المسلمِ
|
حماه أبونا أبو
طالبٍ
|
|
وأسلم والناسُ
لم تُسلمِ
|
وقد كان يكتمُ
إيمانَهُ
|
|
فأمّا الولاء
فلا يكتمِ
|
وأيّ الفضائلِ
لم نحوِها
|
|
ببذلِ النوالِ
وضرب الكمي
|
قَفَوْنا محمدَ
في فعلِهِ
|
|
وأنتمْ قفوتمْ
أبا مجرمِ
|
هدى لكم الملكَ
هديَ العروسِ
|
|
فكافيتموهُ
بسفكِ الدمِ
|
ورثنا الكتابَ
وأحكامَهُ
|
|
على مفصحِ
الناسِ والأعجمِ
|
فإن تفزعوا نحو
أوتارِكمْ
|
|
فزعنا إلى آيةِ
المحكمِ
|
أشربُ الخمورِ
وفعلُ الفجورِ
|
|
من شِيَمِ
النفرِ الأكرمِ
|
__________________
قتلتمْ هداةَ
الورى الطاهرين
|
|
كفعلِ يزيدَ
الشقيِّ العمي
|
فخرتمْ بملكٍ
لكمْ زائلٍ
|
|
يقصِّرُ عن
ملكِنا الأدومِ
|
ولا بدَّ للملكِ
من رجعةٍ
|
|
إلى مسلكِ
المنهجِ الأقومِ
|
إلى النفر
الشمِّ أهل الكسا
|
|
ومن طلبَ الحقَّ
لم يظلمِ
|
هذه الأبيات نظمها
المترجم له في جمادى الأولى سنة (٦٠٢) يعارض بها قصيدة ابن المعتزّ الميميّة التي
أوّلها :
بني عمّنا
أرجعوا ودّنا
|
|
وسيروا على
السنن الأقومِ
|
لنا مفخرٌ ولكم
مفخرٌ
|
|
ومن يُؤثر الحقّ
لم يندمِ
|
فأنتم بنو
بنتِهِ دونَنا
|
|
ونحن بنو عمّه
المسلمِ
|
وله من قصيدة
تشتمل على (٥٥) بيتاً :
عجبتَ فهل عجبتَ
لفيضِ دمعٍ
|
|
لموحشةٍ على
طللٍ ورسمِ
|
وما يغنيك من
طللٍ محيلٍ
|
|
لهندٍ أو لجُملٍ
أو لنُعمِ
|
فعدن عن
المنازلِ والتصابي
|
|
وهات لنا حديثَ
غديرِ خمِ
|
فيا لك موقفاً
ما كان أسنى
|
|
ولكن مرَّ في
آذان صمِ
|
لقد مال الأنامُ
معاً علينا
|
|
كأنَّ خروجَنا
من خلف ردمِ
|
هدينا الناس
كلَّهمُ جميعاً
|
|
وكم بين
المبيِّن والمعمِّي
|
فكان جزاؤنا
منهم قراعاً
|
|
ببيضِ الهندِ في
الرهج الأجمِ
|
همُ قتلوا أبا
حسنٍ عليّا
|
|
وغالوا سبطَهُ
حسناً بسمِ
|
وهم حظروا
الفراتَ على حسينٍ
|
|
وما صابوه من
نصل وسهم
|
__________________
الشاعر
الإمام المنصور
بالله عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن عليّ بن حمزة بن هاشم بن الحسن بن
عبد الرحمن بن يحيى بن أبي محمد عبد الله بن الحسين بن ترجمان الدين القاسم بن
إبراهيم طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن ابن الإمام عليّ بن أبي
طالب ؛ أحد أئمّة الزيديّة في ديار اليمن ، قرن بين شرف النسب والمجد المكتسب ، وضمّ
إلى شرفه الوضّاح علماً جمّا ، وإلى نسبه العلويّ الشريف فضائل كثيرة ، جمع بين
السيف والقلم فرفّ عليه العِلم والعَلم ، وشفع علمه الرائق بأدبه الفائق ، فأصبح
إمام اليمن في المذهب ، وفي الجبهة والسنام من فقهائها ، كما أنَّه عُدَّ من أفذاذ
مؤلّفيها ، وأشعر الدعاة من أئمّتها ، بل أشعر أئمّة الزيديّة على الإطلاق كما
قاله صاحبا الحدائق والنسمة.
كان آية في الحفظ
، حكى جمال الدين عمران بن الحسن عن بعض المعروفين بقوّة الحافظة : إنّي أحفظ مائة
ألف بيت شعر ، وفلان ـ ذكر رجلاً من أهل الأدب ـ يحفظ أيضاً مثلي ، ونحن لا نعدُّ
حفظنا إلى جنب حفظ الإمام المنصور بالله شيئاً.
وقال عماد الدين
ذو الشرفين : رأيت مع الإمام مجلّداً في الشعر فقال : قرأته وحفظته فخذه وسلني عن
أيّ قصيدة منه شئت ، فجعلت أسأله من أوّله ووسطه وآخره ، وأنا أذكر له بيتاً من
القصيدة فيأتي بتمامها.
قرأ في الأُصولين
على حسام الدين أبي محمد الحسن بن محمد الرصاص ، وألّف كتباً ممتعة في شتّى
المواضيع من الفقه وأصوله والكلام والحديث والمذهب والأدب ، منها :
١ ـ صفوة الاختيار
في أصول الفقه.
٢ ـ حديقة الحكم
النبويّة شرح الأربعين السلفيّة.
٣ ـ الشافي في
أُصول الدين ـ أربعة أجزاء.
٤ ـ الرسالة
الهادية بالأدلّة البادية ، في السبي.
٥ ـ الأجوبة
الكافية بالأدلّة الوافية.
٦ ـ الدرّة
اليمنيّة في أحكام السبي والغنيمة.
٧ ـ الاختيار
المنصوريّة في المسائل الفقهيّة.
٨ ـ الإيضاح لعجمة
الإفصاح ، أكثره يتعلّق بالسير.
٩ ـ كتاب الفتاوى
، مرتّب علي كتب الفقه.
١٠ ـ الرسالة
القاهرة بالأدلّة الباهرة ، في الفقه.
١١ ـ الرسالة
الحاكمة بالأدلّة العالمة.
١٢ ـ الناصحة
المشيرة بترك الاعتراض علي السيرة.
١٣ ـ العقيدة
النبويّة في الأُصول الدينيّة.
١٤ ـ الرسالة
الفارقة بين الزيديّة والمارقة.
١٥ ـ الرسالة
النافعة بالأدلّة القاطعة.
١٦ ـ الرسالة
الكافية إلي أهل العقول الوافية.
١٧ ـ الرسالة
الناصحة بالأدلّة الواضحة .
١٨ ـ الجوهرة
الشفّافة في جواب الرسالة الطوّافة .
١٩ ـ الأجوبة
الرافعة للإشكال.
٢٠ ـ الزبدة في
أصول الدين.
٢١ ـ العقد الثمين
في الإمامة.
__________________
٢٢ ـ القاطعة
للأوراد في الجهاد.
٢٣ ـ كتاب تحفة
الإخوان.
٢٤ ـ الرسالة
التهاميّة ، ديوانه.
كان المترجم يجاهد
ويجادل دون دعايته في الإمامة ، وله في ذلك مواقف ومجاهدات ، وكانت بدء دعوته سنة
(٥٩٣) في شهر ذي القعدة ، وبايعه الناس في ربيع الأوّل سنة (٥٩٤) ، وأرسل دعاته
إلى خوارزم شاه المتوفّى (٦٢٢) وتلقّاهم السلطان بالقبول والإكرام ، وأشغل ردحاً
من الزمن منصّة الزعامة في الديار اليمنيّة إلى أن توفّي سنة (٦١٤) ، وكانت ولادته
سنة (٥٦١) ، ومن مختار ما رُثي به قصيدة ولده الناصر لدين الله أبي القاسم محمد بن
عبد الله ، وهي واحد وأربعون بيتاً مطلعها :
بفي الشامتين
التربُ إن يكُ نالني
|
|
مصابُ أبي أو
هدَّ من عظمه أزري
|
على حين أعيا
المقرباتِ فراقُه
|
|
وشنّت له أنيابُ
ذي لبدٍ حسرِ
|
فإن يك نسوانٌ
بكين فقد بكتْ
|
|
عليه الثريّا في
كواكبها الزهرِ
|
وإن تشمتِ
الأعداءُ يوماً فإنَّني
|
|
على حدثانِ
الدهرِ كالكوكبِ الدرّي
|
توجد في الحدائق
الورديّة للمترجم ترجمة ضافية في ستّين صحيفة ، تحتوي جملة من
كتاباته وخطاباته في دعاياته وجهاداته ، وشيئاً كثيراً من مناقبه وكراماته
ومقاماته ، وشطراً وافراً من شعره في مواضيع متنوّعة ، ومنه قوله كتبه إلى زوجته
المسمّاة ـ متعة ـ يُعزّيها عن أخيها :
الحمدُ للهِ
الذي لم يزْل
|
|
أحكامُه في خلقه
ماضيه
|
وكلُّ من كان
بها راضياً
|
|
فإنَّه في عيشةٍ
راضيه
|
وكلُّ من كان
لها ساخطاً
|
|
فأُمّه في سقرٍ
هاويه
|
__________________
كم قائلٍ قد قال
يا ليتَها
|
|
عند الرزايا
كانت القاضيه
|
يا بنت فضلٍ أين
فضلٌ وهل
|
|
باقٍ على
الأيّام أو باقيه
|
كم من ملوكٍ طال
ما عمّروا
|
|
فهل لهم في
الأرضِ من باقيه
|
أين النبيُّ
المصطفى أحمدٌ
|
|
وصنوه حيدرٌ
والزاكيه
|
فسلّمي الأمرَ
لمن أمرُهُ
|
|
ينطحُ غلبَ
العصَبِ العاليه
|
ومن إذا عاصاه
ذو نخوةٍ
|
|
صبَّ عليه
الأخذةَ الرابيه
|
لا يغلب اللهَ
على أمرِهِ النافذِ
|
|
من راقٍ ولا
راقيه
|
إلى آخر [الأبيات]
ومن قصيدة كبيرة
له في الحماسة يذكر أجداده بأسمائهم ويفتخر بهم :
كم بين قولي عن
أبي عن جدِّه
|
|
وأبو أبي فهو
النبيُّ الهادي
|
وفتىً يقول حكى
لنا أشياخُنا
|
|
ما ذلك الإسنادُ
من إسنادي
|
ما أحسنَ النظرَ
البليغَ لمنصفٍ
|
|
في مقتضى
الإصدارِ والإيرادِ
|
خذ ما دنا ودعِ
البعيدَ لشأنِهِ
|
|
يغنيكَ دانيهِ
عن الأبعادِ
|
ذكر صاحب الحدائق
له من الأولاد الذكور :
محمد الناصر لدين
الله ، أحمد المتوكّل على الله ، عليّ ، حمزة درج صغيراً ، إبراهيم ، سليمان ،
الحسن ، موسى ، يحيى ، إدريس درج صغيراً ، القاسم ، فضل درج ، جعفر لا عقب له ،
عيسى لا عقب له ، داود ، حسين درج.
ومن البنات : زينب
، سيّدة ، فاطمة ، جمانة ، رملة ، نفيسة ، مريم ، مهديّة ، آمنة ، عاتكة ،
وللمترجم ترجمة في نسمة السحر فيمن تشيّع وشعر (ج ٢).
__________________
ـ ٥٧ ـ
مجد الدين بن جميل
المتوفّى (٦١٦)
ألمّت وهي
حاسرةٌ لثاما
|
|
وقد ملأتْ
ذوائبُها الظلاما
|
وأجرت أدمعاً
كالطلِّ هبَّت
|
|
له ريحُ الصبا
فجرى تواما
|
وقالت أقصدتك
يدُ الليالي
|
|
وكنتَ لخائفٍ
منها عصاما
|
وأعوزك اليسيرُ
وكنت فينا
|
|
ثمالاً للأرامل
واليتامى
|
فقلت لها كذاكِ
الدهرُ يجني
|
|
فقرّي وارقبي
الشهرَ الحراما
|
فأنِّي سوف أدعو
اللهَ فيه
|
|
وأجعلُ مدحَ
حيدرةٍ إماما
|
وأبعثها إليه
منقَّحاتٍ
|
|
يفوحُ المسكُ
منها والخزامى
|
تزور فتى كأنّ
أبا قُبَيسٍ
|
|
تسنّمَ منكبيه
أو شماما
|
أغرٌّ له إذا
ذكرت أياد
|
|
عطاءٌ وابلٌ
يشفي الأواما
|
وأبلجُ لو ألمَّ
به ابن هندٍ
|
|
لأوسعه حباءً
وابتساما
|
ولو رمقَ
السماءَ وليس فيها
|
|
حياً لاستمطرت
غيثاً ركاما
|
وتلثمُ من ترابِ
أبي ترابٍ
|
|
تراباً يُبرئ
الداءَ العقاما
|
فتحظى عنده
وتؤوُب عنه
|
|
وقد فازتْ
وأدركتِ المراما
|
بقصد أخي
النبيِّ ومن حباه
|
|
بأوصافٍ يفوق
بها الأناما
|
__________________
ومَن أعطاه يومَ
غديرِ خمٍ
|
|
صريحَ المجدِ
والشرفَ القدامى
|
ومن رُدَّت
ذكاءٌ له فصلّى
|
|
أداءً بعد ما
ثنت اللثاما
|
وآثرَ بالطعامِ
وقد توالتْ
|
|
ثلاثٌ لم يذُقْ
فيها طعاما
|
بقرصٍ من شعيرٍ
ليس يرضى
|
|
سوى الملحِ
الجريشِ له إداما
|
فردَّ عليه ذاك
القرصُ قرصاً
|
|
وزاد عليه ذاك
القرص جاما
|
أبا حسن وأنت
فتىً إذا ما
|
|
دعاه المستجيرُ
حمَى وحاما
|
أزرتك يقظةً
غررَ القوافي
|
|
فزرني يا ابن
فاطمة مناما
|
وبشِّرني بأنَّك
لي مجيرٌ
|
|
وأنَّك مانعي من
أن أُضاما
|
فكيف يخافُ
حادثةَ الليالي
|
|
فتىً يعطيه
حيدرةٌ ذماما
|
سقتك سحائبُ
الرضوانِ سحّا
|
|
كفيضِ يديكَ
ينسجمُ انسجاما
|
وزار ضريحَكَ
الأملاكُ صفّا
|
|
على مغناك
تزدحمُ ازدحاما
|
ولا زالت روايا
المزن تهدي
|
|
إلى النجفِ
التحيّةَ والسلاما
|
ما يتبع الشعر
وقفت في غير واحد
من المجاميع العتيقة المخطوطة على أنّ مجد الدين بن جميل كان صاحب المخزن في زمن
الناصر فنقم عليه وأودعه السجن ، فسأله رجال الدولة من الأكابر فلم يقبل فيه شفاعة
أحد ، وتركه في الحجرة مدّة عشرين سنة ، فخطر على قلبه أن يمدح الإمام عليّ بن أبي
طالب عليهالسلام فمدحه بهذه الأبيات ، ونام فرآه في ما يراه النائم وهو
يقول : الساعة تخرج ؛ فانتبه فرحاً وجعل يجمع رحله ، فقال له الحاضرون : ما الخبر؟
فقال لهم : الساعة أخرج ؛ فجعل أهل السجن يتغامزون ويقولون : تغيّر عقله.
__________________
وأمّا الناصر
فإنّه أيضاً رأى أمير المؤمنين في الطيف ، فقال له عليهالسلام : أخرج ابن جميل في هذه الساعة ؛ فانتبه مذعوراً وتعوّذ من
الشيطان ونام ، فأتاه عليهالسلام ثانياً وقال له مثل الأوّل ، فقال : ما هذا الوسواس؟ فأتاه
ثالثة وأمره بإخراجه ، فانتبه وأنفذ في الحال من يطلقه ، فلمّا طرق الباب قال : والله
وذا أنا متهيّئ ؛ فلمّا مثل بين يدي الناصر عرّفوه أنّهم وجدوه متهيئاً للخروج ،
فقال له : بلغني أنّك كنت متهيئاً للخروج ، فممّا ذا؟
قال : إنّه جاء
إليّ من جاءك قبل أن يجيء إليك. قال : فبما ذا؟ قال : عملت فيه قصيدة ، فقال
الناصر : انشدنيها. فأنشد القصيدة.
الشاعر
مجد الدين أبو عبد
الله محمد بن منصور بن جميل الجبائي ويقال : الجبي ، المعروف بابن جميل الفزاري ،
كاتب شاعر ، وأديب متضلّع ، له في النحو واللغة والأدب وقرض الشعر خطوات واسعة ،
وفي معجم الأدباء صحيفة بيضاء ، وفي طبقات النحاة ذكرى خالدة ؛ وقد جمع شوارد
تاريخ ذلك الشاعر الفحل المنسيِّ الدكتور مصطفى جواد البغدادي في ترجمة نشرتها
مجلّة الغري النجفيّة الغرّاء في عددها ال (١٦) من السنة السابعة (ص ٢) ، ونحن
نذكرها برمّتها متناً وتعليقاً قال : وُلد بقرية من نواحي هيت تُعرف بجبا ، وقدم
بغداد في أوّل عمره وقرأ بها الأدب ولازم مصدّق بن شبيب الواسطي النحوي حتى برع في
النحو واللغة والفقه والفرائض والحساب بعد قراءة القرآن الكريم ، وسمع الحديث من
جماعة من الشيوخ ، منهم : أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهّاب بن كليب ، والقاضي
أبو الفتح محمد بن أحمد المندائي الواسطي سمعه حين قدومه بغداد ، وعالج النثر
والنظم فبلغ منهما مرتبة عاليةً.
قال القفطي : وقد
كان أنشأ مقامات ظهر منها قطعة رأيتها في جملة أجزاء
أُحضرت من بغداد
إلى حلب للبيع بخطِّه ، وكان خطّا متوسّطاً صحيح الوضع فيه تلتبس نقط ثابتة لا
تكاد تتغيّر (كذا) ، وشعره جيد مشهور مصنوع لا مطبوع .
ووصفه ياقوت
الحموي بأنَّه نحويّ لغويّ أديب من أفاضل العصر ، قال : وكان كاتباً بليغاً مليح
الخطّ ، غزير الفضل ، متواضعاً مليح الصورة ، طيّب الأخلاق .
وكان من شعراء
الديوان العبّاسي ، ومدح الخليفة الناصر لدين الله بقصائد كثيرة كان يوردها في
المواسم والهناءات ، فعرف واشتهر ورتّب كاتباً في ديوان التركات الحشريّة
وناظراً فيه ، وهي تركات من يتوفّى وتحشر إلى بيت المال لعدم الوارث المستحقّ بحسب
مذهب الشافعي ، وكان ببغداد رجل تاجر يُعرف بابن العنيبري ، وكان صديقاً له ،
فلمّا حضرته الوفاة سأله الحضور إليه ، فلمّا حضر قال له : أنا طيّب النفس بموتي
في زمان ولايتك ليكون جاهك على أطفالي وعيالي. فوعده بهم جميلاً ؛ فلمّا مات حضر
إلى تركته وباشرها فرأى فيها ألف دينار عيناً فأخذها وحملها إلى الإمام الناصر ،
وأصحبها مطالعة منه يقول فيها : مات ابن العنيبري ـ ورث الله الشريعة أعمار
الخلائق ـ وقد حمل المملوك من المال الحلال الصالح للمخزن ألف دينار وهو في عهدة
تبقيها دنياً وآخرةً.
قال القفطي : كان
ظالم النفس ، عسوفاً فيما يتولاّه ، قال لبعض العاقلين : خف عذابي فإنّه أليم
شديد. فقال له الرجل : فإذاً أنت الله لا إله إلاّ هو ؛ فخجل ولم يمنعه ذلك ، ولم
يردعه عمّا أراده من ظلمه. قال : وكان يظنّ بنفسه الكثير حتى لا يرى أحداً مثله
__________________
ثمّ توصّل مجد
الدين إلى أن يكون كاتباً في المخزن ـ وهو كوزارة الماليّة في عصرنا ـ وكانت توقيعات
التعيينات مسندةً كتابتها إليه ، ثمّ ترقّى حتى صار صدراً في المخزن ، أي صاحب
المخزن ـ كوزير الماليّة في عصرنا ـ وكان ذلك في ليلة عاشر ذي القعدة سنة (٦٠٥)
مضافاً إلى ولاية دُجيل ، وطريق خراسان ـ أي لواء ديالى والخالص ـ والخزانة
والعقار وغير ذلك من أعمال الحضرة ببغداد .
ولمّا كان كاتباً
عدلاً في المخزن كان له من الجراية ـ أي الجامكية ـ خمسة دنانير في الشهر ؛ فلمّا
ولي الصدريّة قرّر له عشرة دنانير ، وقد ذكر القفطي حكاية وقعت للمترجم أيّام
تولّيه صدريّة المخزن ، إلاّ أنّ سقم الخطّ الذي كتبت به أحالها ، قال : سأله بعض
التجّار والغرباء العناية بشخص في إيصال حقّه إليه من المخزن فوعده ومطله ، فقال
التاجر الشافع ـ وكان يدلّ عليه ـ : فدفعت إليه في كلّ يوم بدانق. قال له : وكيف؟
قال : لأنّك كنت عدلاً أقرب منه حالاً اليوم. وأشار إلى أنّه لمّا زيد رزقه ورفعت
مرتبته تجبر دصر ـ كذا ـ زيادة ، وهي سدس درهم في كلّ يوم وهو الدانق حتى أخجله
الله وصرف عن ذلك وسجن مدّة ، وكان عزله عن تلك الولايات كلّها يوم السبت الثالث
والعشرين من شهر ربيع الأوّل سنة (٦١١) ، ثمّ أُطلق من السجن وجُعل وكيلاً كاتباً
بباب دار الأمير عدة الدين أبي نصر محمد بن الناصر لدين الله ، ومات وهو على ذلك
في منتصف شعبان من سنة (٦١٦) ، وكان كهلاً ، ودُفن في مقابر قريش أي أرض المشهد
الكاظمي .
وكان له من
الأولاد ابن اسمه صفيّ الدين عبد الله ، كان مقدّم شعراء الديوان في
__________________
أيّام المستعصم
بالله ، وتوفّي سنة (٦٦٩) .
وكان له أخ يلقّب
بقطب الدين ، فقد ذكر ابن واصل الحموي المؤرِّخ المشهور : أنّ جدّه تاج الدين نصر
الله بن سالم بن واصل صاحب القاضي ضياء الدين القاسم بن الشهرزوري ، انحدر من
الموصل إلى بغداد مع القاضي المذكور في ثامن عشر شعبان سنة (٥٩٥) ولمّا وصلا إلى
بغداد أمر الخليفة الناصر لدين الله بإنزالهم في درب الخبّازين من سوق الثلاثاء ، ثمّ أنزل تاج الدين في دار صاحب المخزن
، قال والد المؤرِّخ المذكور : وكان بين والدي ـ يعني تاج الدين ـ والصاحب شمس
الدولة محمد بن جميل الفزاري مودّة نسجتها الصداقة بين والدي وأخيه قطب الدين في
سفرات عديدة إلى دمشق المحروسة ، فلمّا طال المزار وأقمنا بدار الخلافة ، على وجه
الإيثار ، صار الخبر عياناً وأصبح المعارف خلاّناً ، فبقي شمس الدولة ووالدي رحمهالله يتزاوران ليلاً طرحاً للكلفة .
أدب مجد الدين بن
جميل :
لا ريب في أنَّ
ضياع أدب الأديب من أمارات ضياع ترجمته أو استبهامها ؛ وقد غبرنا دهراً نبحث عن
ترجمة هذا الأديب الكبير فلم نعثر إلاّ على ما ذكرنا من الأخبار والسيرة المختصرة
، فأين مجموع نثره وديوان شعره والمقامات التي أنشأها؟ إنّها في ضمير الغيب ، ولم
يصل إليّ منها إلاّ ما أنا ناشره بعد هذا.
كتب مجد الدين
محمد بن جميل إلى جدّه ابن واصل المذكور :
إن أخذ الخادم في
شكر الإنعام الزيني قصيرٌ عن غايته وقصر دون نهايته ،
__________________
وإن تعرّض لوصف
تلك الخلال الشريفة ، والأخلاق اللطيفة ، والألفاظ المستعذبة المألوفة مكنوناً من
عيّه ، ولكنَّه نشر ما لعلّه كان مطويّا من حصره ، وفيها هنة لكنّه يقول على ثقة
من مسامحته :
قصدت ربعي
فتعالى به
|
|
قدري فدتك
النفسُ من قاصدِ
|
فما رأى العالمُ
من قبلها
|
|
بحراً مشى قطُّ
إلى واردِ
|
فلله هو من بحر
خضمّ ، عذب ماؤه ، وسرى نسيماً هواؤه ، فأمن سالكوه من خطره ، ورأوا عجائبه وفازوا
بدرره ؛ وإن كنت في هذا المقام كالمنافس على قول ابن قلاقس :
قبِّل بنانَ
يمينه
|
|
وقل السلام عليك
بحراً
|
وغلطتُ في
تشبيهه
|
|
بالبحر اللهمَّ
غفراً
|
والله تعالى يسبغ
الظلّ الظليل ، ويبقي ذلك المجد الأثيل ، ويستخدم الدهر لخدمه ومحبّيه ، ويمتِّعهم
ببلوغ الآمال منه وفيه بمنّه وكرمه .
هذه هي الرسالة
الإخوانيّة الوحيدة التي عثرت عليها لمجد الدين بن جميل ؛ وله توقيع كتبه في سنة
(٦٠٤) أيّام كان كاتباً في المخزن ، في تولية ضياء الدين أحمد بن مسعود التركستاني
الحنفي التدريس بمدرسة الإمام أبي حنيفة المجاورة لقبره يومذاك ، قال فيه :
بسم الله الرحمن
الرحيم ، الحمد لله المعروف بفنون المعروف والكرم ، الموصوف
__________________
بصنوف الإحسان
والنعم ، المتفرِّد بالعظمة والكبرياء والبقاء والقدم ، الذي اختصَّ الدار العزيزة
ـ شيّد الله بناها ، وأشاد مجدها وعلاها ـ بالمحلِّ الأعظم والشرف الأقدم ، وجمع
لها شرف البيت العتيق ذي الحرم ، إلى شرف بيت هاشم الذي هشم ، جاعل هذه الأيّام
الزاهرة الناضرة ، والدولة القاهرة الناصرة ، عقداً فى جيد مناقبها ، وحليّا يجول
على ترائبها ، أدامها الله تعالى ما انحدر لثام الصباح ، وبرح خفاء براح.
أحمده حمد معترفٍ
بتقصيره عن واجب حمده ، مغترف من بحر عجزه مع بذل وسعه وجهده ، وأشهد أن لا إله إلاّ
الله وحده لا شريك له ، وهو الغنيّ عن شهادة عبده ؛ وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله
الذي صدع بأمره ، وجاء بالحقِّ من عنده ، صلّى الله عليه صلاةً تتعدّى إلى أدنى
ولده وأبعد جدِّه ، حتى يصل عقبها إلى أقصى قصيّه ونزاره ومعدّه.
وبعد ؛ فلمّا كان
الأجلّ السيّد الأوحد العالم ضياء الدين ، شمس الإسلام ، رضيّ الدولة ، عزّ
الشريعة ، علم الهدى ، رئيس الفريقين ، تاج الملك ، فخر العلماء ، أحمد بن مسعود
التركستاني ـ أدام الله علوّه ـ ممّن أعرق في الدين منسبه ، وتحلّى بعلوم الشريعة
أدبه ، واستوى في الصحّة مغيبه ومشهده ، وشهد له بالأمانة لسانه ويده ، وكشف
الاختبار منه عفّةً وسداداً ، وأبت مقاصده إلاّ أناة واقتصاداً ، رأى الإحسان إليه
والتعويل عليه في التدريس بمشهد أبي حنيفة ـ رحمة الله عليه ـ ومدرسته ، وأسند
إليه النظر في وقف ذلك أجمع لاستقبال حادي عشري ذي القعدة سنة أربع وستمائة
الهلاليّة وما بعدها وبعدها ، وأمر بتقوى الله ـ جلّت آلاؤه وتقدّست أسماؤه ـ التي
هي أزكى قربات الأولياء ، وأنمى خدمات النصحاء ، وأبهى ما استشعره أرباب الولايات
، وأدلّ الأدلّة على سُبل الصالحات ، وفاعلها بثبوت القدم خليق ، وبالتقديم جدير ،
قال الله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ
أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) .
__________________
وأن يذكر الدرس
على أكمل شرائط وأجمل ضوابط ، مواظباً على ذلك ، سالكاً فيه أوضح المسالك ،
مقدّماً عليه تلاوة القرآن المجيد على عادة الختمات في البكر والغدوات ، متّبعاً
ذلك بتمجيد آلاء الله وتعظيمها ، والصلاة على نبيّه ـ صلّى الله عليه ـ صلاة يضوع
أرج نسيمها ، شافعاً ذلك بالثناء على الخلفاء الراشدين والأئمّة المهديّين ـ صلوات
الله عليهم أجمعين ـ والإعلان بالدعاء للمواقف الشريفة المقدّسة النبويّة
الإماميّة الطاهرة الزكيّة المعظّمة المكرّمة الممجّدة الناصرة لدين الله تعالى ،
لا زالت منصورة الكتب والكتائب ، منشورة المناقب ، مسعودة الكواكب والمواكب ،
مسودّة الأهب ، مبيضّة المواهب ، ما خطب إلى جموع الأكابر ، وعلى فروع المنابر ،
خطيب وخاطب ، وأن يذكر من الأصول فصلاً يكون من سهام الشّبه جُنّة ، ولنصر اليقين
مظنّة ، متّبعاً من المذهب ومفرداته ونكته ومشكلاته ما ينتفع به المتوسط والمبتدي
، ويتبيّنه ويستضيء به المنتهي ، وليذكر من المسائل الخلافيّة ما يكون داعياً إلى
وفاق المعاني والعبارات ، هادياً لشوارد الأفكار إلى موارد المنافسات ، ناظماً
عقود التحقيق في سلوك المحاققات ، مصوّباً أسنّة البديهة إلى ثغر الأناة ، معتصماً في جميع
أمره بخشية الله وطاعته ، مستشعراً ذلك في علنه وسريرته.
والمفروض له عن
هذه الخدمة في كلّ شهر للاستقبال المقدّم ذكره من حاصل الوقف المذكور لسنة تسع
وتسعين الخراجيّة ، وما يجري مجراها من هلاليّة وما بعدها ، أُسوةً بما كان لعبد
اللطيف ابن الكيّال ، من الحنطة كيل البيع ثلاثون قفيزاً ، ومن العين الإماميّة
عشرة دنانير ، يتناول ذلك شهراً فشهراً ، مع الوجوب والاستحقاق للاستقبال المقدّم
ذكره من حاصل الوقف المعيّن للسنة المبيّنة الخراجيّة وما بعدها ، بموجب ما استؤمر
فيه من المخزن المعمور ـ أجلّه الله تعالى ـ وإذن : فليجر
__________________
على عادته
المذكورة وقاعدته ، ولتكن صلاته وجماعته في جامع القصر الشريف في الضفّة التي لأصحاب أبي حنيفة ـ رحمة الله عليه ـ وليصرف
حاصل الوقوف المذكورة في سبلها بمقتضى شرط الواقف المذكور في كتاب الوقفيّة ، من
غير زيادة فيها ولا عدول عنها ولا حذف شيء منها ، عالماً أنّه مسؤول في غده عن
يومه وأمسه ، وإنّ أفعال المرء صحيفة له في رمسه.
وليبذل جهده في
عمارة الوقوف المذكورة واستنمائها ، واستثمار حاصلها وارتفاعها ، مستخيراً من
يستخدمه فيها من الأجلاد الأُمناء ذوي العفّة والغناء ، متطلّعاً إلى حركاتهم
وسكناتهم ، مؤاخذاً لهم على ما لعلّه يتّصل به من فرطاتهم ، لتكون الأحوال متّسقة
النظام ، والمال محروساً من الانثلام ، وليبتدئ بعمارة المشهد والمدرسة المذكورين
، وإصلاح فرشها ومصابيحها ، وأخذ القوّام على الخدمة بها ، وإلزام المتفقّهة
بملازمة الدروس وتكرارها ، وإتقان المحفوظات وإحكامها ، وليثبت بخزانة الكتب من
المجلّدات وغيرها ، معارضاً ذلك بفهرسته متطلّبا ما عساه قد شذّ منها ، وليأمر
خازنها بعد استصلاحه بمراعاتها ونفضها في كلّ وقت ومرمّة شعثها ، وأن لا يخرج منها
إلاّ إلى ذي أمانة ، مستظهراً بالرهن عن ذلك ، وليتلقّ هذه الموهبة بشكر يرتبطها
ويدبّر أخلافها ، واجتهاد يضبطها ويؤمن إخلافها ، وليعمل بالمحدود له في هذا
المثال من غير توقّف فيه بحال إن شاء الله تعالى. وكتب لسبع بقين من ذي القعدة من
سنة أربع وستمائة ، وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلّى الله على نبينا محمد وآله
الطاهرين الأكرمين وسلّم .
__________________
ـ ٥٨ ـ
الشوّاء الكوفي الحلبي
ولد (٥٦٢) تقريباً
توفّي (٦٥٣)
ضمنت لمن يخاف
من العقابِ
|
|
إذا والى الوصيّ
أبا ترابِ
|
يرى في حشره
ربّا غفوراً
|
|
ومولىً شافعاً
يوم الحسابِ
|
فتىً فاق الورى
كرماً وبأساً
|
|
عزيزُ الجار
مخضرُّ الجنابِ
|
يُرى في السلم
منه غيثُ جودٍ
|
|
وفي يوم الكريهة
ليثُ غابِ
|
إذا ما سلَّ
صارمَه لحربٍ
|
|
أراك البرقَ في
متنِ السحابِ
|
وصيُّ المصطفى
وأبو بنيه
|
|
وزوجُ الطهر من
بين الصحابِ
|
أخو النصِّ
الجليِّ بيومِ خمٍ
|
|
وذو الفضل
المرتَّل في الكتابِ
|
الشاعر
أبو المحاسن يوسف
بن إسماعيل بن عليّ بن أحمد بن الحسين بن إبراهيم ، المعروف بالشوّاء ، الملقّب
بشهاب الدين الكوفي الحلبي مولداً ومنشأً ووفاةً.
هو من بواقع الشعر
والأدب ، ولقد أتته الفضيلة من هنا وهناك ، فرأيٌ مسدّد ،
__________________
وهوىً محبوب ،
ونزعة شريفة ، وقريض رائق ، وأدب فائق ، وقوافٍ ذهبيّة ، وعروض متقن ، فأيّ أخي
فضل يتسنّم ذروة مجده؟ وتلك نزعته وهذه صنعته. ترجمه زميله ابن خلّكان في تاريخه (٢ / ٥٩٧) ، وله
ذكره الجميل في شذرات الذهب (٥ / ١٧٨) ،
وتاريخ حلب (٤ / ٣٩٧) ،
وتتميم أمل الآمل للسيّد ابن شبانة ، ونسمة السحر فيمن تشيّع وشعر ، والكنى والألقاب (١ / ١٤٦) ،
والطليعة في شعراء الشيعة ، ونحن نذكر ما في تاريخ ابن خلكان ملخّصاً قال :
كان أديباً فاضلاً
، متقناً لعلم العروض والقوافي ، شاعراً يقع له في النظم معان بديعة في البيتين
والثلاثة ، وله ديوان شعر كبير يدخل في أربع مجلّدات ، وكان زيّه زيّ الحلبيّين
الأوائل في اللباس والعمامة المشقوقة ، وكان كثير الملازمة لحلقة الشيخ تاج الدين
أبي القاسم أحمد بن هبة الله بن سعد بن سعيد بن المقلّد ، المعروف بابن الجبراني
النحوي اللغوي ، وأكثر ما أخذ الأدب منه وبصحبته انتفع ؛ كان بيني وبين الشهاب
الشوّاء مودّة أكيدة ومؤانسة كثيرة ، ولنا اجتماعات في مجالس نتذاكر فيها الأدب ،
وأنشدني كثيراً من شعره ، وما زال صاحبي منذ أواخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة إلى
حين وفاته ، وقبل ذلك كنت أراه قاعداً عند ابن الجبراني المذكور في موضع تصدّره في
جامع حلب ، وكان يكثر التمشّي في الجامع أيضاً على جري عادتهم في ذلك كما يعملون
في جامع دمشق ، وكان حسن المحاورة ، مليح الإيراد مع السكون والتأنّي ، وأوّل شيءٍ
أنشدني من شعره قوله :
__________________
هاتيك يا صاح
رُبا لعلعِ
|
|
ناشدتكَ الله
فعرِّج معي
|
وانزلْ بنا بين
بيوت النقا
|
|
فقد غدتْ آهلَةَ
المربعِ
|
حتى نطيلَ
اليومَ وقفاً على ال
|
|
ساكن أو عطفاً
على الموضعِ
|
وكان كثيراً ما
يستعمل العربيّة في شعره ، فمن ذلك قوله :
وكنّا خمس عشرة
في التآمٍ
|
|
على رغم الحسود
بغير آفه
|
فقد أصبحتُ
تنويناً وأضحى
|
|
حبيبي لا تفارقه
الإضافه
|
وله في غلام أرسل
أحد صدغيه وعقد الآخر :
أرسلَ صدغاً
ولوى قاتلي
|
|
صدغاً فأعيا
بهما واصفه
|
فخلتُ ذا في
خدِّه حيّةً
|
|
تسعى وهذا
عقرباً واقفه
|
ذا ألفٌ ليست
لوصلٍ وذا
|
|
واوٌ ولكن ليست
العاطفه
|
وله في شخص لا
يكتم السرَّ :
لي صديقٌ غدا
وإن كان لا ين
|
|
طق إلاّ بغيبةٍ
أو محالِ
|
أشبه الناس
بالصدى إن تحدِّث
|
|
ه حديثاً أعاده
في الحالِ
|
وله قوله :
قالوا حبيبك قد
تضوّع نشرُهُ
|
|
حتى غدا منه
الفضاءُ معطَّرا
|
فأجبتهمْ والخال
يعلو خدّه
|
|
أو ما ترون
النار تحرقُ عنبرا
|
وله قوله :
هواك يا من له
اختيالُ
|
|
مالي على مثله
احتيالُ
|
قسمة أفعاله
لحيني
|
|
ثلاثةٌ ما لها
انتقالُ
|
__________________
وعدك مستقبلٌ
وصبري
|
|
ماضٍ وشوقي إليك
حالُ
|
وله أيضاً :
إن كان قد حجبوه
عنّي غيرةً
|
|
منهم عليه فقد
قنعتُ بذكرهِ
|
كالمسكِ ضاعَ
لنا وضاعَ مكانُه
|
|
عنّا فأغنى نشره
عن نشرهِ
|
وله أيضاً في غلام
قد ختن :
هنّأتُ من أهواه
عند ختانه
|
|
فرحاً وقلبي قد
عراه وجومُ
|
يفديك من ألمٍ
ألمَّ بك امرؤٌ
|
|
يخشى عليك إذا
ثناك نسيمُ
|
أمعذّبي كيف
استطعت على الأذى
|
|
جَلَداً وأجزعُ
ما يكون الريمُ
|
لو لم تكن هذي
الطهارة سنّةً
|
|
قد سنّها من
قبلُ إبراهيمُ
|
لفتكت جهدي
بالمزيِّن إذ غدا
|
|
في كفِّه موسى
وأنت كليمُ
|
ومعظم شعره على
هذا الأُسلوب ، وكان من المغالين في التشيّع ، وأكثر أهل حلب ما كانوا يعرفونه
إلاّ بمحاسن الشوّاء ، والصواب فيه هو الذي ذكرته هاهنا وأنَّ اسمه يوسف وكنيته
أبو المحاسن ، ورأيت ترجمته في كتاب عقود الجمان الذي وضعه صاحبنا الكمال بن
الشعار الموصلي ، وكان صاحبه وأخذ عنه كثيراً من شعره ، وهو من أخبر الناس بحاله ،
كان مولده تقريباً في سنة اثنتين وستّين وخمسمائة ، فإنّه كان لا يتحقّق مولده ،
وتوفّي يوم الجمعة تاسع عشر المحرّم سنة خمس وثلاثين وستمائة بحلب ، ودفن ظاهرها
بمقبرة باب أنطاكية غربيّ البلد ، ولم أحضر الصلاة عليه لعذر عرض لي في ذلك الوقت
ـ رحمهالله تعالى ـ فلقد كان نعم الصاحب.
وأمّا شيخه ابن
الجبراني المذكور فهو طائيّ بحتريّ من قرية جبرين من
__________________
أعمال عُزاز ،
وكان متضلّعاً من علم الأدب خصوصاً اللغة فإنّها كانت غالبة عليه ، وكان متبحِّراً
فيها ، وكان له تصدّر في جامع حلب في المقصورة الشرقيّة المشرفة على صحن الجامع ،
وكان مولده يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شوّال سنة إحدى وستّين وخمسمائة ،
وتوفّي يوم الاثنين سابع رجب من سنة ثمان وعشرين وستمائة بحلب ، ودفن في سفح جبل
جوشن ـ رحمهالله تعالى. انتهى.
قال
الأميني : في معجم البلدان (٣ / ١٧٢) نقلاً
عن عبد الله بن محمد بن سعيد ابن سنان الخفاجي في ديوانه عند أبيات له في جوشن ،
قال : جوشن جبل في غربي حلب ومنه كان يُحمل النحاس الأحمر وهو معدنه ؛ ويقال :
إنّه بطل منذ عبر عليه سبي الحسين بن عليّ رضى الله عنه ونساؤه ؛ وكانت زوجة
الحسين حاملاً فأسقطت هناك فطلبت من الصنّاع في ذلك الجبل خبزاً أو ماءً فشتموها
ومنعوها ، فدعت عليهم ، فمن الآن من عمل فيه لا يربح ؛ وفي قبلي الجبل مشهد يُعرف
بمشهد السّقط ، ويسمّى مشهد الدكّة ؛ والسّقط يسمّى محسن بن الحسين رضى الله عنه.
انتهى.
__________________
ـ ٥٩ ـ
كمال الدين الشافعي
المتوفّى (٦٥٢)
أصخ واستمع
آياتِ وحيٍ تنزّلتْ
|
|
بمدح إمامٍ
بالهدى خصّه اللهُ
|
ففي آلِ عمرانَ
المباهلةُ التي
|
|
بإنزالها أولاه
بعضَ مزاياهُ
|
وأحزابُ حاميم
وتحريمُ هل أتى
|
|
شهودٌ بها أثنى
عليه فزكّاهُ
|
وإحسانُه لمّا
تصدّق راكعاً
|
|
بخاتمه يكفيه في
نيل حسناهُ
|
وفي آيةِ النجوى
التي لم يفُز بها
|
|
سواه سنا رشد به
تمَّ معناهُ
|
وأزلفَهُ حتى
تبوَّأ منزلاً
|
|
من الشرفِ
الأعلى وآتاهُ تقواهُ
|
وأكنفَهُ لطفاً
به من رسولِهِ
|
|
بوارقَ إشفاق
عليه فربّاهُ
|
وأرضعه أخلافَ
أخلاقِهِ التي
|
|
هداه بها نهجَ
الهدى فتوخّاهُ
|
وأنكحه الطهرَ
البتولَ وزاده
|
|
بأنّك منّي يا
عليُّ وآخاهُ
|
وشرّفه يومَ
الغديرِ فخصَّه
|
|
بأنّك مولى كلّ
من كنت مولاهُ
|
ولو لم يكن إلاّ
قضيّةُ خيبرٍ
|
|
كفت شرفاً في
مأثراتِ سجاياهُ
|
الشاعر
أبو سالم كمال
الدين محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي العدوي
__________________
النصيبيني الشافعي
المفتي الرحّال ، أحد الصدور والرؤساء المعظّمين ، كان إماماً في الفقه الشافعي ،
بارعاً في الحديث والأُصول والخلاف ، مقدّماً في القضاء والخطابة ، متضلّعاً في
الأدب والكتابة ، موصوفاً بالزهد.
سمع الحديث
بنيسابور عن أبي الحسن المؤيّد بن عليّ الطوسي ، وزينب الشعريّة ، وحدّث بحلب
ودمشق وبلاد كثيرة ، وروى عنه الحافظ الدمياطي ، ومجد الدين بن العديم ، وفقيه الحرمين الكنجي في كفاية الطالب ، قال في الكتاب (ص ١٠٨) : فمن ذلك ما أخبرنا شيخنا حجّة
الإسلام شافعيّ الزمان أبو سالم محمد بن طلحة ، القاضي بمدينة حلب.
أقام بدمشق في
المدرسة الأمينيّة ، وترسّل عن الملوك وساد وتقدّم ، وفي سنة (٦٤٨) كتب الملك
الناصر ، المتوفّى (٦٥٥) صاحب دمشق تقليده بالوزارة فاعتذر وتنصّل فلم يقبل منه ،
فتوّلاها بدمشق يومين كما في طبقات السبكي (٥ / ٢٦) ، وتركها
وانسلّ خفية وترك الأموال والموجود وخرج عمّا يملك من ملبوس ومملوك وغيره ، ولبس
ثوباً قطنيّا وذهب فلم يُعرف موضعه ، وقد نسب إلى الاشتغال بعلم
__________________
الحروف والأوفاق ،
وأنّه يستخرج أشياء من المغيّبات ، وقيل : إنّه رجع ، ويؤيّد ذلك قوله في المنجّم
:
إذا حكمَ
المنجِّمُ في القضايا
|
|
بحكمٍ حازمٍ
فارددْ عليهِ
|
فليس بعالمٍ ما
اللهُ قاضٍ
|
|
فقلِّدني ولا
تركن إليهِ
|
وقال فيه :
لا تركننَّ إلى
مقالِ منجِّمٍ
|
|
وكِل الأُمورَ
إلى الإلهِ وسلِّمِ
|
واعلم بأنّكَ إن
جعلت لكوكبٍ
|
|
تدبيرَ حادثةٍ
فلستَ بمسلمِ
|
وتولّى في ابتداء
أمره القضاء بنصيبين ، ثمّ قضاء مدينة حلب ، ثمّ ولي خطابة دمشق ، ثمّ لمّا زهد
حجَّ ، فلمّا رجع أقام بدمشق قليلاً ، ثمّ سار إلى حلب فتوفّي بها.
تآليفه :
١ ـ العقد الفريد
للملك السعيد ، ألّفه لنجم الدين غازي بن أرتق من ملوك ماردين ، طبع بمصر.
٢ ـ الدرّ المنظّم
في اسم الله الأعظم ، توجد منه نسخة في مكتبة حسين باشا بآستانة رقمها (٣٤٦) ،
وذكر شطراً منه الشيخ سليمان القندوزيّ الحنفي في ينابيع المودّة (ص ٤٠٣ ـ ٤٧١).
٣ ـ مفتاح الفلاح
في اعتقاد أهل الصلاح.
٤ ـ كتاب دائرة
الحروف.
٥ ـ مطالب السؤول
في مناقب آل الرسول ، طبع غير مرّة ؛ قال معاصره
__________________
الإربلي في كشف
الغمّة (ص ١٧) : مطالب
السؤول في مناقب آل الرسول تصنيف الشيخ العالم كمال الدين محمد بن طلحة ، وكان
شيخاً مشهوراً وفاضلاً مذكوراً أظنّه مات سنة أربع وخمسين وستمائة ، وحالهُ في
ترفّعه وزهده وتركه وزارة الشام ، وانقطاعه ورفضه الدنيا حال معلومة قرب العهد بها
، وفي انقطاعه عمل هذا الكتاب وكتاب الدائرة ، وكان شافعيّ المذهب من أعيانهم
ورؤسائهم. انتهى.
وينقل عنه السيّد
هبة الدين أبو محمد الحسن الموسوي ، مصرِّحاً بنسبة الكتاب إليه في كتابه المجموع
الرائق الذي ألّفه سنة (٧٠٣).
ونسبه إليه ابن
الصبّاغ المالكي ، المتوفّى (٨٥٥) وينقل عنه كثيراً في الفصول المهمّة ، وتوجد منه نسخة مخطوطة مورّخة بسنة (٨٩٦) منقولة عن نسخة
بخطّ المؤلّف سنة (٦٥٠) في نحو (٢٥) كرّاسة في مكتبة المدرسة الأحمديّة بحلب.
وينقل عنه السيّد
الشبلنجي في نور الأبصار في مناقب آل النبيّ المختار .
وُلد المترجَم سنة
(٥٨٢) كما في طبقات السبكي ، وتوفّي بحلب في (١٧) رجب سنة (٦٥٢) كما في الكتابين :
الطبقات والشذرات ، وفي الوافي بالوفيات للصفدي والتاريخ له ، والبداية والنهاية لا بن كثير ، ومرآة الجنان لليافعي ، والأعلام للزركلي ، وغيرها ، وقد سمعت ظنَّ الإربلي بأنّه توفّي سنة (٦٥٤).
__________________
توجد جملة من شعره
في أهل البيت عليهمالسلام في كتابه مطالب السؤول ، منها قوله ختم به الكتاب :
رويدكَ إن
أحببتَ نيلَ المطالبِ
|
|
فلا تعدُ عن
ترتيلِ آيِ المناقبِ
|
مناقبِ آلِ
المصطفى المهتدى بهم
|
|
إلى نِعَمِ
التقوى ورغبى الرغائبِ
|
مناقبِ آلَ
المصطفى قدوةِ الورى
|
|
بهم يبتغي
مطلوبَهُ كلُّ طالبِ
|
مناقب تجلى
سافراتٍ وجوهُها
|
|
ويجلو سناها
مدلهمَّ الغياهبِ
|
عليك بها سرّا
وجهراً فإنّها
|
|
تحلُّك عندَ
اللهِ أعلى المراتبِ
|
وخذ عند ما يتلو
لسانُك آيَها
|
|
بدعوةِ قلبٍ
حاضرٍ غيرِ غائبِ
|
لمن قامَ في
تأليفها واعتنى بها
|
|
ليقضي من
مفروضها كلَّ واجبِ
|
عسى دعوةٌ يزكو
بها حسناته
|
|
فيحظى من الحسنى
بأسنى المواهبِ
|
فمن سأل اللهَ
الكريمَ أجابَه
|
|
وجاورَهُ
الإقبالُ من كلِّ جانبِ
|
ومنها قوله في (ص
٨):
هم العروةُ
الوثقى لمعتصمٍ بها
|
|
مناقبُهم جاءت
بوحي وإنزالِ
|
مناقبُ في
الشورى وسورة هل أتى
|
|
وفي سورةِ
الأحزاب يعرفُها التالي
|
وهم أهلُ بيت
المصطفى فودادُهمْ
|
|
على الناسِ
مفروضٌ بحكمٍ وإسجالِ
|
فضائلُهمْ تعلو
طريقةُ متنِها
|
|
رواةٌ عَلَوا
فيها بشدٍّ وترحالِ
|
أشار بهذا الأبيات
إلى عدّة من فضائل العترة الطاهرة ممّا نزل به القرآن الكريم في سورة الشورى وهل
أتى والأحزاب ، أمّا الشورى ففيها قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً
نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) ،
__________________
وقد أسلفنا في
الجزء الثاني (ص ٣٠٦ ـ ٣١٠) ، والجزء الثالث (ص ١٧١) ما ورد في الآية الكريمة من
أنّها نزلت في العترة الطاهرة صلوات الله عليهم.
وأمّا هل أتى
ففيها قوله النازل فيهم : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ
وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى
حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) ، وقد بسطنا القول في أنّها نزلت فيهم ـ صلوات الله عليهم
ـ في الجزء الثالث (ص ١٠٧ ـ ١١١).
وأمّا الأحزاب
ففيها قوله تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ
وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) ، وقوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ
اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، وقد مرّ في الجزء الثاني (ص ٥١) نزول الآية الأولى في
عليّ أمير المؤمنين وعمّه حمزة وابن عمّه عبيدة. وقد تسالمت الأمّة الإسلاميّة على
نزول آية التطهير في صاحب الرسالة الخاتمة ، ووصيّه الطاهر وابنيهما الإمامين ،
وأُمّهما الصدّيقة الكبرى ، وأخرج الحفّاظ وأئمّة الحديث فيها أحاديث صحيحة
متواترة في الصحاح والمسانيد ، لعلّنا نوقف القارئ عليها في بقيّة أجزاء كتابنا ؛
وما توفيقي إلاّ بالله.
ومن شعره في
العترة الطاهرة قوله :
يا ربّ بالخمسة
أهلِ العبا
|
|
ذوي الهدى
والعملِ الصالحِ
|
ومن همُ سفنُ
نجاةٍ ومن
|
|
واليهمُ ذو
متجرٍ رابحِ
|
ومن لهم مقعدُ
صدقٍ إذا
|
|
قام الورى في
الموقفِ الفاضحِ
|
لا تُخزني واغفر
ذنوبي عسى
|
|
أسلم من حرِّ
لظى اللافحِ
|
فإنَّني أرجو
بحبّي لهم
|
|
تجاوزاً عن
ذنبيَ الفادحِ
|
__________________
فهم لمن والاهمُ
جُنّةٌ
|
|
تنجيه من
طائرِهِ البارحِ
|
وقد توسّلتُ بهم
راجياً
|
|
نجح سؤال
المذنبِ الطالحِ
|
لعلّه يحظى
بتوفيقِهِ
|
|
فيهتدي بالمنهجِ
الواضحِ
|
ومن شعره في قتلة
الإمام السبط عليهالسلام قوله :
ألا أيُّها
العادون إنَّ أمامكم
|
|
مقامَ سؤالٍ
والرسولُ سؤولُ
|
وموقفُ حكمٍ
والخصومُ محمدٌ
|
|
وفاطمةُ
الزهراءُ وهي ثكولُ
|
وإنَّ عليّا في
الخصامِ مؤيِّدٌ
|
|
له الحقُّ فيما
يدّعي ويقولُ
|
فما ذا تردّون
الجواب عليهمُ
|
|
وليس إلى ترك
الجوابِ سبيلُ
|
وقد سُؤتموهم في
بنيهمْ بقتلهمْ
|
|
ووزرُ الذي
أحدثتموه ثقيلُ
|
ولا يُرتجى في
ذلك اليوم شافعٌ
|
|
سوى خصمكم
والشرحُ فيه يطولُ
|
ومن كان في
الحشرِ الرسولُ خصيمَهُ
|
|
فإنَّ له نارَ
الجحيمِ مقيلُ
|
وكان عليكم
واجباً في اعتمادِكمْ
|
|
رعايتُهم أن
تحسنوا وتنيلوا
|
فإنَّهم آلُ
النبيّ وأهلُه
|
|
ونهجُ هداهم
بالنجاةِ كفيلُ
|
مناقبُهم بين
الورى مستنيرةٌ
|
|
لها غررٌ
مجلوّةٌ وحُجولُ
|
مناقبُ جلّت أن
تحاطَ بحصرِها
|
|
فمنها فروعٌ قد
زكتْ وأُصولُ
|
مناقبُ من خلقِ
النبيّ وخُلقِه
|
|
ظهرن فما يغتالهنَّ
أُفولُ
|
ـ ٦٠ ـ
أبو محمد المنصور بالله
وُلد (٥٩٦)
توفّي (٦٧٠)
الحمدُ للمهيمنِ
الجبّارِ
|
|
مكوّرِ الليل
على النهارِ
|
ومنشئ الغمام
والأمطارِ
|
|
على جميع
النِّعمِ الغزارِ
|
ثمّ صلاةُ اللهِ
خَصّت أحمدا
|
|
أبا البتولِ
وأخاه السيّدا
|
وفاطماً وابنيهما
سمَّ العدى
|
|
وآلهم سفنَ
النجاة والهدى
|
يا سائلي عمّن
له الإمامه
|
|
بعد رسولِ اللهِ
والزعامه
|
ومن أقامَ بعده
مقامه
|
|
ومن له الأمرُ
إلى القيامه
|
خذ نفثاتي عن
فؤادٍ منصدعْ
|
|
يكادُ من بثّ
وحزنٍ ينقطع
|
لحادثٍ بعد
النبيِّ متّسع
|
|
شتّت شمل
المسلمين المجتمع
|
الأمرُ من بعد
النبيِّ المرسلِ
|
|
من غيرِ فصلٍ
لابن عمِّه علي
|
كان بنصِّ
الواحدِ الفردِ العلي
|
|
وحكمُه على
العدوِّ والولي
|
والأمرُ فيه
ظاهرٌ مشهورُ
|
|
في الناسِ لا
مُلغىً ولا مستورُ
|
وكيف يخفى من
صباحٍ نورُ
|
|
لكن يزلّ الخطلُ
المحسورُ
|
ويقول فيها :
وكان في البيت
العتيق مولدُهْ
|
|
وأُمّه إذ دخلتْ
لا تقصدهْ
|
وإنَّما إلهُهُ
مؤيّدُهْ
|
|
فمن قلاه
فالجحيم موعده
|
ثمَّ أبوه كافلُ
الرسولِ
|
|
ومؤمنٌ باللهِ
والتنزيلِ
|
في قولِ أهلِ
العلمِ والتحصيلِ
|
|
فهاتِ في
آبائهمِ كقيلي
|
وأُمُّهُ ربّت
أخاه أحمدا
|
|
واتَّبعته إذ
دعا إلى الهدى
|
فكم دعاها أُمّه
عند الندا
|
|
وقام في جهازِها
ممجّدا
|
ألبسها قميصَهُ
إكراماً
|
|
ونام في حفيرِها
إعظاما
|
ومدّ للملائكِ
القياما
|
|
حتى قضوا
صلاتَها تماما
|
وهو الذي كان
أخاً للمصطفى
|
|
بحكمِ ربِّ
العالمين وكفى
|
واقتسما نورَهما
المشرّفا
|
|
فاعددْ لهم
كمثلِ هذا شرفا
|
وزوجُه سيّدةُ
النساءِ
|
|
خامسةُ الخمسةِ
في الكساءِ
|
أنكحها الصدّيق
في السماءِ
|
|
فهل لهم كهذه
العلياءِ
|
اللهُ في
إنكاحِها هو الولي
|
|
وجبرئيلُ
مستنابٌ عن علي
|
والشهداءُ حاملو
العرش العلي
|
|
فهل لهم كمثل ذا
فاقصصه لي
|
حوريّةٌ إنسيّةٌ
سيّاحه
|
|
خلقَها الله من
التفّاحه
|
وأكرم الأصل بها
لقاحه
|
|
فهل ترى
إنكاحَهم إنكاحه
|
وابناه منها
سيّدا الشبابِ
|
|
وابنا رسولِ
الله عن صوابِ
|
مرتضعا السنّة
والكتابِ
|
|
فهل لهم كهذهِ
الأسبابِ
|
هما إمامانِ
بنصِّ أحمدا
|
|
إذ قال قاما
هكذا أو قعدا
|
وخصّ في نسلِهما
أهلَ الهدى
|
|
أئمّةَ الحقِّ
إلى يوم الندا
|
ثمّ أخوه جعفرُ
الطيارُ
|
|
إخوانُه
الملائكُ الأبرارُ
|
وعمُّه المرابطُ
الصبّارُ
|
|
حمزةُ سيفُ
الملّةِ البتّارُ
|
وربُّنا شقَّ
اسمَه من اسمِهِ
|
|
فمن له سهمٌ
كمثلِ سهمهِ
|
وهو اختيارُ
اللهِ دون خصمهِ
|
|
وهو أذانُ
ربِّنا في حكمهِ
|
بلّغَ عن ربِّ
السما براءه
|
|
واختير للتبليغ
والقراءه
|
وكان للإسلامِ
كالمراءه
|
|
فاجعل هُديتَ
خصمَهُ وراءه
|
اختار ذو العرش
عليّا نفسَهُ
|
|
جهراً وخلّى
جِنّه وإنسَهُ
|
فرفضوا اختياره
لا لبسه
|
|
وبدّلوه باختيار
خمسه
|
وهو الوليُّ أيّ
هذا السامعُ
|
|
مؤتي الزكاة
المرءَ وهو راكعُ
|
والشاهدُ التالي
فأين الجامعُ
|
|
للقومِ هل ثمّ
دليلٌ قاطعُ
|
وهو وليُّ
الحلِّ والإبرامِ
|
|
والأمرِ والنهيِ
على الأنامِ
|
بحكمِ ذي
الجلالِ والإكرامِ
|
|
وما قضاه في
أُولي الأرحامِ
|
وآيةٌ قاضيةٌ
بالطاعه
|
|
لله والرسول ذي
الشفاعه
|
ثمّ أولي الأمرِ
من الجماعه
|
|
فهي له قد فازَ
من أطاعه
|
والمصطفى المنذر
وهو الهادي
|
|
وهو له الفادي
ونعم الفادي
|
في ليلةِ الغارِ
من الأعادي
|
|
تحت ظلالِ
القُضُب الحدادِ
|
يرمونه في
الليلِ بالحجاره
|
|
لعلّها تبدو لهم
أماره
|
فاتّخذ الصبرَ
لها دثارَه
|
|
والموتُ إذ ذاك
يشبُّ ناره
|
حتى بدا وجهُ
الصباحِ طالعا
|
|
وقام فيهم
ضيغماً مسارعا
|
فانهزموا يمعر كلٌّ راجعا
|
|
فاستقبل الأزواج
والودائعا
|
فأنزل الرحمنُ
يشري نفسَه
|
|
لمّا ابتغى
رضاءه وقدسه
|
أما يزيل مثل
هذا لبسَه
|
|
وقد أراه جنّه
وإنسه
|
ويقول فيها :
ألم يقل فيه
النبيُّ المنتجبْ
|
|
قولاً صريحاً
أنت فارسُ العربْ
|
وكم وكم جلا به
الله الكُرَبْ
|
|
فاعجب ومهما
عشتَ عاينت العجبْ
|
__________________
واسمع أحاديثَ
بلفظِ البابِ
|
|
في العلمِ
والحكمةِ والصوابِ
|
ولا تلمني بعدُ
في الإطنابِ
|
|
في حبِّ مولاي
أبي ترابِ
|
وقال أيضاً فيه
أقضاكم علي
|
|
ومثله أعلمكم عن
النبي
|
ومثله عيبةُ
علمي والملي
|
|
أنّى يكون هكذا
غيرُ الوصي
|
ألم يكن فوقَ
الرجالِ حجّه
|
|
نيّرةً واضحةَ
المحجّة
|
وعلمهم في علمه
كالمجَّه
|
|
فما تكون
مَجَّةٌ في لُجّه
|
أحاط بالتوراةِ
والإنجيلِ
|
|
وبالزبورِ يا
ذوي التفضيلِ
|
علماً وبالقرآن
ذي التنزيلِ
|
|
في قوله
المصدّقِ المقبولِ
|
بل أيّهم قال له
الحقُّ معه
|
|
وهو مع الحقِّ
الذي قد شرعه
|
هل جمعَ القومُ
الذي قد جمعه
|
|
من علمِهِ بخٍ
له ما أوسعه
|
وهل علمتَ
مثلَهُ خطيبا
|
|
أو ناثراً أو
ناظماً غريبا
|
أو بادياً في
العلمِ أو مجيبا
|
|
أو واعظاً عن
خشيةٍ منيبا
|
وهو يقول علّم
التنزيلا
|
|
منّي وفيما
نزلتْ نزولا
|
آياته إذ فصّلت
تفصيلا
|
|
يا حبّذا سبيلُه
سبيلا
|
وعلّم المجملَ
والمفصّلا
|
|
ومحكمَ الآياتِ
حيث نزلا
|
وما تشابهَ وكيف
أُوِّلا
|
|
وناسخاً منها
ومنسوخاً خلا
|
وهو الذي نأمنُ
منه الباطنا
|
|
فما يُعدُّ في
الأُمور خائنا
|
وغيره لا نأمنُ
البواطنا
|
|
منه بحالٍ فانظر
التباينا
|
ويقول فيها :
وفيه أوحى ذو
الجلال هل أتى
|
|
وزوجه إذ نذرا
فأخبتا
|
فأطعما وأوفيا
ما أثبتا
|
|
يا حبّذا هما
وعوداً أثبتا
|
وفيه جاءت آيةُ
الإنفاقِ
|
|
في الليلِ
والنهارِ عن إطلاقِ
|
سرّا وإعلاناً
من الخلاّقِ
|
|
حيث ابتغى
تجارةً في الباقي
|
وآيةُ القنوتِ
في السجودِ
|
|
في الليل
والقيامِ للمعبودِ
|
في حذرِ العقابِ
والوقودِ
|
|
وفي رجاءِ ربِّه
الحميدِ
|
وهو المناجي بعد
دفعِ الصدقه
|
|
ثمّ غدتْ
أبوابُها مغلّقه
|
فكانتِ التوبةُ
عنهم ملحقه
|
|
فأيُّهم كان على
الحقِّ ثقه
|
وحسبُنا الله
فتلكَ فيهِ
|
|
وآيةُ الإيمانِ
والتنزيهِ
|
والفسقُ للوليد
ذي التمويهِ
|
|
فأيّ ذمٍّ بعد
ذا يأتيهِ
|
وآيةُ الوقوفِ
للسؤال
|
|
في المرتضى حقّا
أبي الأشبالِ
|
وهو لسان الصدق
شيخ الآلِ
|
|
كم فيه من آيات
ذي الجلالِ
|
وقبلُ جاءت آيةُ
الإيذاء
|
|
فيه بلا شكٍّ
ولا امتراءِ
|
ولم يُعاتَبْ
أبداً في الآي
|
|
لا بل له
التشريفُ في البداءِ
|
وقبلُ جاءت آيةُ
السقايه
|
|
وآيةُ الإيمان
والهدايه
|
فيه فأكرم ببداه
آيه
|
|
ليس له في
الفضلِ من نهايه
|
وآيةٌ واردةٌ في
الأُذنِ
|
|
فإنَّها في
السيّد المؤتمنِ
|
قولاً أتى من
صادقٍ لم يَمِنِ
|
|
حكماً من الله
الحميدِ المحسنِ
|
وكم وكم من آيةٍ
منزّله
|
|
فيه من اللهِ
أتتْ مفصّله
|
شاهدةٌ على
الورى بالفضل له
|
|
فليعلُ من
قدَّمه وفضّله
|
كآية الودِّ من
الرحمنِ
|
|
وهكذا كرائم
القرآنِ
|
فيه كما قد جاءَ
في البيانِ
|
|
عن أحمدٍ عن
ربِّه المنّانِ
|
وآيةِ التطهيرِ
في الجماعه
|
|
أهلِ الكساءِ
المرتدين الطاعة
|
الآمنين من
خطوبِ الساعة
|
|
يا حبذا حبُّهمُ
بضاعه
|
والأمرُ
بالصلاةِ فيهم نزلا
|
|
خير البريّات
الأُلى حازوا العلى
|
سفنُ النجاةِ
الشهداءُ في الملا
|
|
بورك علماً
علمُهم مفصّلا
|
وقيل هم في
الذكر أهلُ الذكرِ
|
|
نزّل فيهم
فاسألوا هل تدري
|
نعم أُناساً
أهلُ بيت الطهرِ
|
|
أهلُ المقامات
وأهلُ الفخرِ
|
وفيهمُ الدعاءُ
للمباهله
|
|
حيث أتى
الكفّارُ للمجادله
|
أكرمْ بهم من
دعوةٍ مقابله
|
|
بالنصرِ لكن
هربوا معاجله
|
هذا عليٌّ هاهنا
نفسُ النبي
|
|
وولداه ابنا
الرسولِ اليثربي
|
يا حبّذا من
شرفٍ مستعجبِ
|
|
يضيءُ في المجد
ضياءَ الكوكبِ
|
ويقول فيها :
وقال فيه
المصطفى أنت الولي
|
|
ومثلُه أنت
الوزيرُ والوصي
|
وكم وكم قال له
أنت أخي
|
|
فأيّهم قال له
مثلَ علي
|
وهل سمعت بحديث
مولى
|
|
يومَ الغديرِ
والصحيحُ أولى
|
ألم يقل فيه
الرسولُ قولا
|
|
لم يبق
للمخالفين حولا
|
وهل سمعتَ
بحديثِ المنزله
|
|
بجعل هارون
النبيّ مثَله
|
وثبّت الطهرُ له
ما كان له
|
|
من صنوه موسى
فصار مدخله
|
من حيث لو لم
يذكرِ النبوّه
|
|
كانت له من بعده
مرجوّه
|
فاستُثنيتْ ونال
ذو الفتوّه
|
|
عمومَ ما
للمصطفى من قوّه
|
إلى أن قال :
إنّ الكتابَ
للوصيِّ قد حكمْ
|
|
بأنّه الإمامُ
في خيرِ الأمم
|
فمن يكن مخالفاً
فقد ظلمْ
|
|
وقد أساء الفعلَ
حقّا واجترم
|
قال فلي دلائلٌ
في الآثارْ
|
|
تواترت وانتشرت
في الأقطارْ
|
على إمامةِ
الرجالِ الأخيارْ
|
|
فأيّ قولٍ بعد
تلك الأخبارْ
|
فقلت إن كان
حديثُ المنزله
|
|
فيها وأخبارُ
الغدير مدخله
|
فإنَّها معلومةٌ
مفصّله
|
|
أو لا فدعها
لعليٍّ فهي له
|
لا تجعلنّ خبراً
عن واحدِ
|
|
أو قولَ كلِّ
كاذبٍ معاندِ
|
مثلَ أحاديثِ
الإمامِ الماجدِ
|
|
يومَ الغدير في
ذوي المشاهدِ
|
تلك التي تواترت
في الخلقِ
|
|
وانتشرت
أخبارُها عن صدقِ
|
ونطقتْ في
الناسِ أيّ نطقِ
|
|
إنّ عليّا
لَإمامُ الحقِ
|
أخذناها من أرجوزه
لشاعرنا المنصور في الإمامة ، وهي قيّمة جدّا تشتمل على (٧٠٨) أبيات.
الشاعر
أبو محمد المنصور
بالله الإمام الحسن بن محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن يحيى الهادي إلى الحقِّ
اليمني ، أحد أئمّة الزيديّة في الديار اليمنيّة ، وأوحديّ من أعلامها الفطاحل ،
له في علم الحديث وفنونه أشواط بعيدة ، وفي الأدب وقرض الشعر خطوات واسعة ، وفي
قوّة العارضة جانب هام ، وفي الحجاج والمناظرة يد غير قصيرة ، يعرب عن هذه كلّها
كتابه الضخم الفخم ـ أنوار اليقين ـ في شرح أُرجوزته الغرّاء المذكورة في الإمامة
، وهي آية محكمة تدل على فضله الكثار وعلمه المتدفّق ، كما أنّها برهنة واضحة عن
تضلّعه في الأدب ، وتقدّمه في صناعة القريض.
كان في أيّام
الإمام المهدي أحمد بن الحسين يُعدّ من جلّة العلماء ، وله فيه مدائح ، ومن شعره
فيه مهنّئاً له السلامة ـ حينما دسّ عليه الملك يوسف بن عمر ملك اليمن على ما
يُقال أو المستعصم العبّاسي أبو أحمد عبد الله المتوفّى (٦٥٦) رجلين ووثبا عليه ،
فطعنه أحدهما فجرحه وسلم ، فأُخذ الرجلان وقتلا ـ قوله :
راموك والله
رامٍ دون ما طلبوا
|
|
وكيف يفرق شملٌ
أنت جامعُهُ
|
كم قبل ذلك من
فتقٍ مُنيتَ به
|
|
واللهُ من حيث
يخفى عنك دافعُهُ
|
عوائدٌ لك تجري
في كفالتِهِ
|
|
لا يجبرُ اللهُ
عظماً أنت صادعُهُ
|
ضاقت جوانبُه
وانسدَّ مخرجُه
|
|
وأنت فيه رحيبُ
الصدرِ واسعُهُ
|
ردّا إليه
وتسليماً لقدرتِهِ
|
|
فيما تحاولُهُ
أو ما تدافعُهُ
|
ومن شعره قوله :
لم ينجُ بالكهف
سوى عصبةٍ
|
|
فرّت عن الدار
وأربابِها
|
ولا نجا في يوم
نوحٍ سوى
|
|
سفينة الله
وأصحابِها
|
ألم يكن في المغرَقين
ابنُه
|
|
فغاب عن زمرةِ
ركّابِها
|
وهل نجا بالسلم
إلاّ الأُلى
|
|
رقوا إلى السلم
بأسبابِها
|
أو أدرك
الغفرانَ من لم يلجْ
|
|
لداخلِ الحطّةِ
من بابِها
|
أُعيذكم بالله
أن تجمحوا
|
|
عن عترة الحقِّ
وأحزابِها
|
ولد الإمام
المترجم سنة (٥٩٦) ، وبويع له بالإمامة بعد قتل الإمام أحمد بن الحسين ، وكانت
دعوته سنة (٦٥٧) ، وتوفّي في مدينة رغافة ـ من مدن صعدة ـ في شهر محرّم سنة (٦٧٠)
، توجد ترجمته في نسمة السحر فيمن تشيّع وشعر .
__________________
ـ ٦١ ـ
أبو الحسين الجزّار
وُلد (٦٠١)
تُوفّي (٦٧٢)
حُكم العيون على
القلوبِ يجوزُ
|
|
ودواؤها من
دائهنّ عزيزُ
|
كم نظرةٍ نالت
بطرفٍ فاترٍ
|
|
ما لم ينلْه
الذابلُ المحزوزُ
|
فحذارِ من تلك
اللواحظِ غرّة
|
|
فالسحرُ بين
جفونها مركوزُ
|
يا ليت شعري
والأماني ضلّةٌ
|
|
والدهر يُدرك
طرفه ويحوزُ
|
هل لي إلى روضٍ
تصرّم عمرُه
|
|
سببٌ فيرجع ما
مضى فأفوزُ
|
وأزور مَن ألِفَ
البعادَ وحبُّه
|
|
بين الجوانحِ
والحشا مرزوزُ
|
ظبيٌ تناسبَ في
الملاحةِ شخصُه
|
|
فالوصفُ حين
يطولُ فيه وجيزُ
|
والبدرُ والشمسُ
المنيرةُ دونه
|
|
في الوصف حين
يحرّر التمييزُ
|
لو لا تثنِّي
خصرِهِ في ردفِه
|
|
ما خلت إلاّ
أنَّه مغروزُ
|
تجفو غلالته
عليه لطافةً
|
|
فبحسنها من جسمه
تطريزُ
|
من لي بدهرٍ كان
لي بوصالِهِ
|
|
سمحاً ووعدي
عنده منجوزُ
|
والعيشُ مخضرُّ
الجنابِ أنيقُه
|
|
ولأوجه اللذات
فيه بروزُ
|
__________________
والروضُ في
حُلَلِ النبات كأنّه
|
|
فُرشِتْ عليه
دبائجٌ وخزوزُ
|
والماءُ يبدو في
الخليجِ كأنَّه
|
|
ظلٌّ لسرعة سيره
محفوزُ
|
والزهرُ يوهم
ناظريه أنَّما
|
|
ظهرت به فوق
الرياض كنوزُ
|
فأُقاحُه ورقٌ
ومنثورُ الندى
|
|
درٌّ ونَوْرُ
بهارِه إبريزُ
|
والغصنُ فيه
تغازلٌ وتمايلٌ
|
|
وتَشاغلٌ
وتراسلٌ ورموزُ
|
وكأنَّما
القمريُّ ينشد مصرعاً
|
|
من كلِّ بيت
والحمام يجيزُ
|
وكأنَّما
الدولاب زمّر كلّما
|
|
غنّت وأصواتُ
الدوالب شيزُ
|
وكأنَّما الماءُ
المصفِّق ضاحكٌ
|
|
مستبشرٌ ممّا
أتى فيروزُ
|
يهنيك يا صهرَ
النبيِّ محمدٍ
|
|
يومٌ به
للطيّبين هزيزُ
|
أنت المقدّمُ في
الخلافةِ ما لها
|
|
عن نحو ما بك في
الورى تبريزُ
|
صبَ الغدير على
الأُلى جحدوا لظىً
|
|
يوعى لها قبل
القيام أزيزُ
|
إن يهمزوا في قول
أحمد أنت مو
|
|
لىً للورى
فالهامز المهموزُ
|
لم يخشَ مولاك
الجحيمَ فإنَّها
|
|
عنه إلى غير
الوليِّ تجوزُ
|
أترى تمرُّ به
وحبُّك دونَه
|
|
عوذٌ ممانعةٌ له
وحروزُ
|
أنت القسيم غداً
فهذا يلتظي
|
|
فيها وهذا في
الجنان يفوزُ
|
توجد هذه القصيدة
في غير واحد من المجاميع الشعريّة المخطوطة العتيقة وهي طويلة ، وترى أبياتها
مبثوثةً منثورة في كتب الأدب.
الشاعر
يحيى بن عبد
العظيم بن يحيى بن محمد بن عليّ جمال الدين أبو الحسين الجزّار المصري ، أحد شعراء
الشيعة المنسيّين ، ولقد شذّت عن ذكره معاجم السلف بالرغم من اطّراد شعره في كتب
الأدب وفي المعاجم أيضاً استطراداً متحلّياً بالجزالة والبراعة ،
فإن غفل عن تاريخه
المترجمون فقد عقد هو لنفسه ترجمة ضافية الذيول ، خالدة مع الدهر ، فلم يترك لمن
يقف على شعره ملتحداً عن الاعتراف له بالعبقريّة والنبوغ ، والإخبات إليه بالتقدّم
في التورية والاستخدام.
قال ابن حجّة في
الخزانة : تعاصر هو والسرّاج الورّاق والحمّامي ، وتطارحوا كثيراً
وساعدتهم صنائعهم وألقابهم في نظم التورية ، حتى إنّه قيل للسرّاج الورّاق : لو لا
لقبك وصناعتك لذهب نصف شعرك. ودون مقامه ما يوجد من جميل ذكره في الخزانة لابن حجّة ، وفوات الوفيات للكتبي (٢ / ٣١٩) ، والبداية
والنهاية لابن كثير (١٣ / ٢٩٣) ، وشذرات الذهب (٥ / ٣٦٤) ، ونسمة السحر لليمني ،
والطليعة في شعراء الشيعة للعلاّمة السماوي ، وقد جمع له شيخنا السماوي من شعره
ديواناً يربو على ألف ومائتين وخمسين بيتاً ؛ وكان له ديوان وصف بالشهرة في معاجم
السلف ، وله أُرجوزة في ذكر من تولّى مصر من الملوك والخلفاء وعمّالها ذكرها له
صاحب نسمة السحر ، فقال : مفيدة ، فكأنّها توجد في مكتبات اليمن ، وقد وقف عليها
صاحب النسمة ، ومن شعره قوله في رثاء الإمام السبط عليهالسلام في تمام المتون للصفدي (ص ١٥٦) وغيره :
ويعود عاشورا
يُذكّرني
|
|
رزءَ الحسين
فليت لم يعُدِ
|
يومٌ سيبلى حين
أذكره
|
|
أن لا يدور
الصبر في خلدي
|
يا ليت عيناً
فيه قد كُحِلتْ
|
|
في مرود لم تنجُ
من رمدِ
|
ويداً به
لشماتةٍ خُضِبتْ
|
|
مقطوعةٌ من
زندها بيدي
|
أما وقد قُتل
الحسينُ به
|
|
فأبو الحسين
أحقّ بالكمدِ
|
__________________
وله في حريق الحرم
النبويِّ قوله :
لا تعبأوا أن
يحترق في طيبةٍ
|
|
حرمُ النبيِّ
بقول كلِّ سفيهِ
|
لله في النارِ
التي وقعت به
|
|
سرٌّ عن العقلاء
لا يخفيهِ
|
إذ ليس تبقي في
فناه بقيّةً
|
|
ممّا بنته بنو
أُميّة فيهِ
|
احترق المسجد
الشريف النبويّ ليلة الجمعة أوّل ليلة من شهر رمضان سنة (٦٥٤) بعد صلاة التراويح ،
على يد الفرّاش أبي بكر المراغي بسقوط ذبالة من يده فأتت النار على جميع سقوفه ،
ووقعت بعض السواري وذاب الرصاص وذلك قبل أن ينام الناس ، واحترق سقف الحجرة
الشريفة ووقع بعضه فيها ، وقال فيه الشعراء شعراً ، ولعلّ ابن تولو المغربي أجاب
عن أبيات المترجم المذكورة بقوله :
قل للروافضِ
بالمدينةِ ما لكم
|
|
يقتادكم للذمِّ
كلُّ سفيهِ
|
ما أصبح الحرمُ
الشريفُ محرّقاً
|
|
إلاّ لذمِّكمُ
الصحابةَ فيهِ
|
كانت بين شاعرنا ـ
الجزّار ـ وبين السرّاج الورّاق مداعبة ، فحصل للسرّاج رمد فأهدى الجزّار له
تفّاحاً وكمثرى ، وكتب مع ذلك :
أكافيكَ عن بعض
الذي قد فعلته
|
|
لأنّ لمولانا
عليَّ حقوقا
|
بعثتُ خدوداً مع
نهودٍ وأعيناً
|
|
ولا غرو أن يجزي
الصديقُ صديقا
|
وإن حال منك
البعضُ عمّا عهدته
|
|
فما حال يوماً
عن ولاك وثوقا
|
بنفسجُ تلك
العينِ صار شقائقاً
|
|
ولؤلؤُ ذاك
الدمعِ عاد عقيقا
|
وكم عاشقٍ يشكو
انقطاعك عندما
|
|
قطعتَ على
اللذات منه طريقا
|
فلا عدمتكَ
العاشقون فطالما
|
|
أقمت لأوقات
المسرّة سوقا
|
وذكر له ابن حجّة قوله مورّياً في صناعته :
ألا قل للذي يسأ
|
|
ل عن قومي وعن
أهلي
|
لقد تسأل عن
قومٍ
|
|
كرامِ الفرعِ
والأصلِ
|
تُرجّيهم بنو
كلبٍ
|
|
وتخشاهم بنو
عجلِ
|
ومثله قوله :
إنِّي لمن معشرٍ
سفكُ الدماءِ لهم
|
|
دأبٌ وسل عنهمُ
إن رُمتَ تصديقي
|
تضيء بالدمِ
إشراقاً عراصُهمُ
|
|
فكلُّ أيّامِهم
أيّامُ تشريقِ
|
ومثله قوله :
أصبحتُ لحّاماً
وفي البيت لا
|
|
أعرفُ ما رائحة
اللحمِ
|
واعتضت من فقري
ومن فاقتي
|
|
عن التذادِ
الطعمِ بالشمِ
|
جهلته فقراً
فكنت الذي
|
|
أضلّه اللهُ على
علمِ
|
وظريف قوله :
كيف لا أشكر
الجزارةَ ما عش
|
|
تُ حفاظاً وأرفض
الآدابا
|
وبها صارتِ
الكلابُ ترجّي
|
|
ني وبالشعر كنت
أرجو الكلابا
|
ومثله قوله :
معشرٌ ما جاءهمْ
مسترفدٌ
|
|
راح إلاّ وهو
منهم معسرُ
|
أنا جزّارٌ وهم
من بقرٍ
|
|
ما رأوني قطُّ
إلاّ نفروا
|
كتب إليه الشيخ
نصير الدين الحمّامي مورّياً عن صنعته :
__________________
ومذ لزمت
الحمّام صرت بها
|
|
خلاّ يُداري من
لا يُداريه
|
أعرفُ حرَّ
الأشيا وباردَها
|
|
وآخذُ الماء من
مجاريه
|
فأجابه أبو الحسين
الجزّار بقوله :
حسنُ التأنّي
ممّا يعينُ على
|
|
رزق الفتى
والحظوظ تختلفُ
|
والعبدُ مذ صار
في جزارته
|
|
يعرف من أين
تُؤكل الكتفُ
|
وله في التورية
قوله :
أنت طوّقتني
صنيعاً وأسمع
|
|
تك شكراً كلاهما
ما يضيعُ
|
فإذا ما شجاك
سجعي فإنِّي
|
|
أنا ذاك المطوّق
المسموعُ
|
ومن لطائفه ما كتب
به إلى بعض الرؤساء وقد منع من الدخول إلى بيته :
أمولاي ما من
طباعي الخروجُ
|
|
ولكن تعلّمته من
خمولِ
|
أتيت لبابِك
أرجو الغنى
|
|
فأخرجني الضربُ
عند الدخولِ
|
ومن مجونه في
التورية قوله في زواج والده :
تزوّج الشيخ أبي
شيخةً
|
|
ليس لها عقلٌ
ولا ذهنُ
|
لو برزت صورتها
في الدُجى
|
|
ما جسرت تبصرها
الجنُ
|
كأنَّها في
فرشها رمّةٌ
|
|
وشَعرها من
حولها قطنُ
|
وقائل لي قال ما
سنُّها
|
|
فقلت ما في
فمِها سنُ
|
وله قوله في داره
:
ودارُ خرابٍ بها
قد نزل
|
|
ت ولكن نزلت إلى
السابعه
|
__________________
طريقٌ من الطرقِ
مسلوكةٌ
|
|
محجّتُها للورى
شاسعه
|
فلا فرق ما بين
أنّي أكونُ
|
|
بها أو أكونُ
على القارعه
|
تساررُها هفواتُ
النسيمِ
|
|
فتصغي بلا أُذنٍ
سامعه
|
وأخشى بها أن
أُقيمَ الصلاةَ
|
|
فتسجدُ حيطانُها
الراكعه
|
إذا ما قرأتُ
إذا زلزلتْ
|
|
خشيتُ بأن تقرأَ
الواقعه
|
وله في بعض أدباء
مصر ـ كان شيخاً كبيراً ظهر عليه جرب فالتطخ بالكبريت ـ قوله ذكره له ابن خلكان في
تاريخه (١ / ٦٧).
أيّها السيّد
الأديب دعاءً
|
|
من محبٍّ خالٍ
من التنكيتِ
|
أنت شيخٌ وقد
قربتَ من النا
|
|
ر فكيف ادّهنت
بالكبريتِ
|
وله قوله :
مَن مُنصفي من
معشرٍ
|
|
كثروا عليَّ
وأكثروا
|
صادقتُهمْ وأرى
الخرو
|
|
جَ من الصداقةِ
يعسرُ
|
كالخطِّ يسهلُ
في الطرو
|
|
سِ ومحوُه
يتعذّرُ
|
وإذا أردتَ
كشطتَهُ
|
|
لكنّ ذاك
يؤثِّرُ
|
ومن قوله في الغزل
:
بذاك الفتورِ
وهذا الهَيَفْ
|
|
يهونُ على
عاشقيكَ التلفْ
|
أطرت القلوبَ
بهذا الجمالِ
|
|
وأوقعتها في
الأسى والأسفْ
|
تكلّفَ بدرُ
الدجى إذ حكى
|
|
محيّاك لو لم
يَشِنْهُ الكلفْ
|
وقام بعذري فيك
العذارُ
|
|
وأجرى دموعيَ
لمّا وقفْ
|
__________________
وكم عاذلٍ أنكرَ
الوجدَ فيك
|
|
عليَّ فلمّا رآك
اعترفْ
|
وقالوا به صلفٌ
زائدٌ
|
|
فقلت رضيت بذاك
الصلفْ
|
لئن ضاع عمريَ
في من سواك
|
|
غراماً فإنّ
عليك الخلفْ
|
فهاك يدي إنَّني
تائبٌ
|
|
فقلْ لي عفا
اللهُ عما سلفْ
|
بجوهرِ ثغرِك
ماءُ الحياةِ
|
|
فما ذا يضرُّك
لو يُرتشَفْ
|
ولم أَرَ من
قبلِهِ جوهراً
|
|
من البهرمانِ عليه صدفْ
|
أُكاتِمُ وجديَ
حتى أراك
|
|
فيعرفُ بالحالِ
لا من عرفْ
|
وهيهات يخفى
غرامي عليك
|
|
بطرفٍ همى
وبقلبٍ رجفْ
|
ومنه قوله :
حمت خدّها
والثغر عن حائمٍ شجٍ
|
|
له أملٌ في مورد
ومورّدِ
|
وكم هام قلبي
لارتشاف رضابها
|
|
فأعرفُ عن
تفصيلِ نحو المبرّدِ
|
ومن بديع غزله
قوله :
وما بي سوى عينٍ
نظرتُ لحسنِها
|
|
وذاك لجهلي
بالعيونِ وغرّتي
|
وقالوا به في
الحبِّ عينٌ ونظرةٌ
|
|
لقد صدقوا عين
الحبيبِ ونظرتي
|
وله قوله يرثي
حماره :
ما كلُّ حينٍ
تنجح الأسفارُ
|
|
نفقَ الحمار وبادتِ الأشعارُ
|
خرجي على كتفي
وها أنا دائرٌ
|
|
بين البيوتِ
كأنَّني عطّارُ
|
ما ذا عليَّ جرى
لأجلِ فراقِهِ
|
|
وجرت دموعُ
العينِ وهي غزارُ
|
لم أنسَ حدّةَ
نفسِهِ وكأنَّه
|
|
من أن تسابقَه
الرياحُ يغارُ
|
__________________
وتخالُه في
القفرِ جنّا طائراً
|
|
ما كلُّ جنٍّ
مثله طيّارُ
|
وإذا أتى للحوض
لم يخلع له
|
|
في الماء من قبل
الورود عذارُ
|
وتراه يحرسُ
رجلَهُ من زلّةٍ
|
|
برشاشِها
يتنجّسُ الحضّارُ
|
ويلينُ في وقتِ
المضيقِ فيلتوي
|
|
فكأنَّما بيديك
منه سوارُ
|
ويشيرُ في وقتِ
الزحامِ برأسِهِ
|
|
حتى يحيدَ أمامه
النظّارُ
|
لم أدرِ عيباً
فيه إلاّ أنَّه
|
|
مع ذا الذكاءِ
يقال عنه حمارُ
|
ولقد تحامتْهُ
الكلابُ وأحجمتْ
|
|
عنه وفيه كلُّ
ما تختارُ
|
راعت لصاحبه
عهوداً قد مضت
|
|
لمّا علمن بأنَّه
جزّارُ
|
وقال في موت حمار
صديق له :
مات حمارُ
الأديبِ قلتُ لهمْ
|
|
مضى وقد فات منه
ما فاتا
|
من مات في عزِّه
استراح ومن
|
|
خلّف مثل الأديب
ما ماتا
|
وله قوله :
لا تَعِبْني
بصنعةِ القصّابِ
|
|
فهي أذكى من
عنبر الآدابِ
|
كان فضلي على
الكلاب فمذ صر
|
|
تُ أديباً رجوت
فضل الكلابِ
|
كان كمال الدين
عمر بن أحمد بن العديم إذا قدم مصر يلازمه أبو الحسين الجزّار ، فقال بعض أهل
عصره حسداً عليه :
يا ابن العديم
عدمت كلّ فضيلةٍ
|
|
وغدوت تحمل راية
الإدبارِ
|
ما إن رأيتُ ولا
سمعتُ بمثلِها
|
|
نفسٌ تلذُّ
بصحبة الجزّارِ
|
__________________
قال الصفدي في
تمام المتون (ص ١٨١) ـ بعد
ذكره قول هارون الرشيد : إنَّ الكريم إذا خادعته انخدعا ـ : ذكرت هنا قضيّة جرت
لأبي الحسين الجزّار ، وهي أنّه توجّه الجزّار إلى ابن يعمور بالمحلّة وأقام عنده
مدّة ، ثمّ إنَّه أعطاه وردّه وجاء ليودِّعه ، فاتّفق أن حضر في ذلك الوقت وكيل
ابن يعمور على أقطاعه ، فقال له : ما أحضرت؟ قال كذا وكذا دراهم ، فقال : أعطه
الخزندار. فقال : كذا وكذا غلّة. فقال : احملها إلى الشونة ، قال : كذا وكذا خروف.
فقال : اعطها الجزّار. فقام الجزّار وقبّل الأرض وقال : يا مولانا : كم وكم تتفضّل
؛ فتبسّم ابن يعمور وانخدع وقال : خذها.
وذكر له الصفدي في
تمام المتون شرح رسالة ابن زيدون (ص ٣٥) من أبيات
له
وحقّك ما ليَ من
قدرةٍ
|
|
على كشف ضرّيَ
إذ مسّني
|
فكم أخذتني
عيونُ الظبا
|
|
ءِ وبعد الإنابة
من مأمني
|
وفي (ص ٤٦) من
تمام المتون قوله :
أُطيل شكاياتي
إلى غيرِ راحمٍ
|
|
وأهل الغنى لا
يرحمون فقيرا
|
وأشكر عيشي
للورى خوف شامتٍ
|
|
كذا كلّ نحسٍ لا
يزال شكورا
|
وله في تمام
المتون (ص ٢١٢) قوله :
لست أنسى وقد
وقفت فأنشد
|
|
ت قصيداً تفوقُ
نظمَ الجمانِ
|
كلُّ بيت يُزري
على خلفِ الأح
|
|
مرِ بالحسن وهو
شيخ ابن هاني
|
__________________
ببديعٍ يحار في
نظمِه الطا
|
|
ئيُّ بل مسلمٌ
صريع الغواني
|
ومديحٍ ما نال
جودته قد
|
|
ماً زياد في
خدمة النعمانِ
|
قمت وسط
الإيوانِ بين يدي مل
|
|
ك تسامى على
أنوشروانِ
|
وله في تمام
المتون (ص ٢٢٠) قوله :
ولقد كسوتك من
قريضي حلّةً
|
|
جلّت عن التلفيق
والترقيعِ
|
حسنتْ برقمٍ من
جلالِك فاغتدتْ
|
|
كالروضِ في
التسهيمِ والترصيعِ
|
وذكر في تمام
المتون (ص ٢٢٦) قوله :
أُحمّل قلبي كلّ
يوم وليلة
|
|
هموماً على من
لا أفوزُ بخيرِه
|
كما سوّد
القصّارُ في الشمسِ وجهَهُ
|
|
حريصاً على
تبييض ثوبٍ لغيرِه
|
قال ابن حجّة في
الخزانة (ص ٣٣٨) : ولد سنة
(٦٠١) وتوفّي (٦٧٢) بمصر ، وزاد فيه ابن كثير في البداية والنهاية يوم وفاته وشهره : ثاني عشر شوّال ، وهكذا أرّخ ولادته
ووفاته من أرّخهما من المؤلِّفين ، غير أنَّ صاحب شذرات الذهب شذَّ عنهم وعدّه
ممّن توفّي سنة (٦٧٩) وقال : توفّي في شوّال وله ستٌّ وسبعون سنة أو نحوها ودفن
بالقرافة . والله العالم.
__________________
ـ ٦٢ ـ
القاضي نظام الدين
المتوفّى (٦٧٨)
لله درُّكمُ يا
آلَ ياسينا
|
|
يا أنجم الحقِّ
أعلام الهدى فينا
|
لا يقبلُ اللهُ
إلاّ في محبّتكِمْ
|
|
أعمالَ عبدٍ ولا
يرضى له دينا
|
أرجو النجاةَ
بكم يومَ المعادِ وإن
|
|
جنت يداي من
الذنبِ الأفانينا
|
بلى أُخفِّفُ
أعباءَ الذنوبِ بكمْ
|
|
بلى أُثقِّل في
الحشرِ الموازينا
|
من لا يواليكمُ
في الله لم يرَ من
|
|
قيح اللظى
وعذابِ القبر تسكينا
|
لأجل جدِّكمُ
الأفلاكُ قد خُلِقت
|
|
لولاه ما اقتضت
الأقدار تكوينا
|
من ذا كمثل
عليٍّ في ولايتِهِ
|
|
ما مبغضيه أرى
إلاّ مجانينا
|
اسمٌ على العرشِ
مكتوبٌ كما نقلوا
|
|
من يستطيعُ له
محواً وترقينا
|
من حجّةُ اللهِ
والحبلُ المتينُ ومن
|
|
خيرُ الورى
وولاهُ الحشرَ يغنينا
|
من المبارزُ في
وصفِ الجلالِ ومن
|
|
أقامَ حقّا على
القطع البراهينا
|
من مثلُه كان ذا
جفرٍ وجامعةٍ
|
|
له يُدوَّنُ
سرُّ الغيبِ تدوينا
|
ومن كهارونَ من
موسى أُخوّته
|
|
للخلق بيَّن
خيرُ الرسلِ تبيينا
|
مهما تمسّك
بالأخبارِ طائفةٌ
|
|
فقولهُ والِ من
والاه يكفينا
|
يومَ الغديرِ
جرى الوادي فطمّ على
|
|
قويّ قومٍ همُ
كانوا المعادينا
|
__________________
شبلاه ريحانتا
روضِ الجنانِ فقل
|
|
في طيبِ أرضٍ
نمت تلك الرياحينا
|
ما يتبع الشعر
تناهز القصيدة
(٤٢) بيتاً ، ذكرها القاضي المرعشي في مجالس المؤمنين (ص ٢٢٦).
وبقوله :
لأجل جدّكمُ
الأفلاكُ قد خُلِقتْ
|
|
لولاه ما اقتضت
الأقدارُ تكوينا
|
أشار إلى ما أخرجه
الحاكم وصحّحه في المستدرك (٢ / ٦١٥) عن ابن
عبّاس رضى الله عنه قال : أوحى الله إلى عيسى عليهالسلام : يا عيسى ، آمِن بمحمد وأمر من أدركه من أُمّتك أن يؤمنوا
به ، فلو لا محمد ما خلقت آدم ، ولولا محمد ما خلقت الجنّة والنار ، ولقد خلقت
العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، فسكن.
وذكره السبكي في
شفاء السقام (ص ١٢١) وأقرّ
صحته ، وكذلك الزرقاني في شرح المواهب (١ / ٤٤) وقال : أخرجه أبو الشيخ في طبقات
الأصفهانيّين ، وصحّحه الحاكم وأقرّه السبكي والبلقيني في فتاواه.
وأخرج الحاكم بعده حديثاً وصحّحه وفيه نحو دلالة على ما نرتئيه ولفظه :
__________________
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لمّا اقترف آدم الخطيئة قال : يا ربّ ، أسألك بحقِّ
محمد لمّا غفرت لي ؛ فقال الله : يا آدم ، وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟ قال : يا
ربّ ، لأنَّك لمّا خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك ، رفعت رأسي فرأيت على قوائم
العرش مكتوباً : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ؛ فعلمت أنَّك لم تضف إلى اسمك
إلاّ أحبّ الخلق إليك ، فقال الله : صدقت يا آدم ، إنّه لأحبُّ الخلق إليَّ ،
ادعني بحقّه فقد غفرت لك ، ولولا محمد ما خلقتك».
وأخرجه البيهقي في
دلائل النبوة وهو الكتاب الذي قال فيه الذهبي : عليك به فكلّه هدىً ونور
، والطبراني في المعجم الصغير ، وأقرَّ صحّته السبكي في شفاء السقام (ص ١٢٠) ، والسمهودي
في وفاء الوفا (ص ٤١٩) ،
والقسطلاني في المواهب اللدنيّة ، والزرقاني في شرحه (١ / ٤٤) ، والعزّامي في فرقان القرآن
(ص ١١٧).
كتبنا هذا المختصر
لإيقاف القارئ على بطلان ما لابن تيميّة ومن غزل غزله أمثال القصيمي من جلبةٍ
ولغطٍ ، حتى يكون على بصيرة من فضل النبيِّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الشاعر
نظام الدين محمد
ابن قاضي القضاة إسحاق بن المظهر الأصبهاني ، أحد أعيان أدباء الطائفة ، وأوحديّها
في الفنون والفضائل ، قاضي القضاة في الأقطار العراقيّة ، مخالطاً مع خواجة شمس
الدين محمد الجويني الملّقب بصاحب الديوان ، المتوفّى (٦٨٣)
__________________
وله فيه مدائح ،
منها قوله :
ما الناسُ إلاّ
كالقريضِ وإنَّما
|
|
بيتُ القصيدةِ
صاحب الديوانِ
|
شمسُ الممالكِ
تزدهي بعلائِها
|
|
وبهاءُ دست
الملك والإيوانِ
|
وله في رثاء ولده
خواجة بهاء الدين محمد قصيدة تناهز (٥٨) بيتاً ، ذكرها القاضي في مجالسه (ص ٤٣٨) مطلعها :
ما للظلام يغطّي
وجهةَ الأُفقِ
|
|
ما للرواسي
اضطربنَ اليومَ من قلقِ
|
ما للحظوظ تولي
القومَ أظهرَها
|
|
ما للنوائبِ
تُبدي صفحةَ العنقِ
|
بكى السماءُ
وضجَّ الأرضُ وانكدرت
|
|
زهرُ النجومِ
وطاشت أنفسُ الفرقِ
|
اليومُ يومٌ
لعمري كاسمه فقدتْ
|
|
به العلى والنهى
إنسانةَ الحدقِ
|
مولى الأنامِ
بهاءُ الدين صاحبُنا
|
|
مضى فبدّلَ صفوَ
العيشِ بالرنقِ
|
وتخلّص في
غديريّته المذكورة إلى مدح خواجة بهاء الدين ، وكتب باسم أخي صاحب الديوان : علاء
الدين خواجة عطاء الملك الجويني ، المتوفّى (٦٨١) ديوان رباعيّاته ، وله شعر يمدح
به سلطان المحقِّقين خواجه نصير الدين الطوسي ، المتوفّى (٦٧٢).
توجد ترجمته في
مجالس المؤمنين (ص ٢٢٦) ، وتاريخ
آداب اللغة (٣ / ١٣) وقال :
توفّي سنة (٦٧٨) ، له ديوان اسمه : ديوان المنشئات ، في المتحف البريطاني ، وذكره
صاحب رياض الجنّة ـ في الروضة الرابعة ـ في عدِّ العلماء ، وقال : له رسالته
القوسيّة ، كتب بعض أعلام نيسابور شرحاً عليها وأثنى عليه في شرحه بقوله :
__________________
أقضى قضاة العالم
، مفتي طوائف الأمم ، منشئ البدائع والعجائب ... الخ.
ومن دوبيتاته في
كشكول شيخنا البهائي (١ / ١٠٩):
أنتم لظلام قلبي
الأضواءُ
|
|
فيكم لفؤادي
جُمِعتْ أهواءُ
|
يروي الظمأ
ادّكارُكم لا الماءُ
|
|
داويتُ بغيرِكمْ
فزادَ الداءُ
|
أوصيتك بالجدِّ
فدع من ساخر
|
|
فاخر بفضيلة
التقى مَن فاخر
|
لا ترج سوى
الربّ لكشف البلوى
|
|
لا تدعُ مع الله
إلهاً آخر
|
ما لي وحديث وصل
من أهواهُ
|
|
حسبي بشفاءِ
علّتي ذكراهُ
|
هذا وإذا قضيت
نحبي أسفاً
|
|
يكفيني أن
أُعدَّ من قتلاهُ
|
وافى فجذبت عطفه
الميّادا
|
|
شوقاً فطلبت
قُبلةً فانقادا
|
حاولت وراء ذاك
منه نادى
|
|
لا تطلب بعدُ
بدعةً إلحادا
|
* * *
قالوا انتهِ عنه
إنّه ما صدقا
|
|
ما أجهلَ من
بوعده قد وثقا
|
لا لا فنتيجة
الهوى صادقةٌ
|
|
مع كذب مقدِّمات
وعدٍ سبقا
|
وذكر له القاضي في
المجالس قوله :
لم أرضَ سوى هدي
نبيٍّ وولي
|
|
لا أتبع الباطل
والحقُّ جلي
|
في الشرِّ تراني
ابن حرب بطلاً
|
|
لكن أنا من شيعة
مولاي علي
|
__________________
وذكر له العلاّمة
النراقي في الخزائن (ص ١١٥):
مذ غبتَ ألمّ في
سقامٌ وأ لمْ
|
|
كم أصبرُ في
هواك كم أصبر كمْ
|
يا بدر إلى
وصالي ارجع وارحمْ
|
|
يا بدر ألم يأن ألم
يأن ألمْ
|
ـ ٦٣ ـ
شمس الدين محفوظ
المتوفّى حدود
(٦٩٠)
راق الصبوحُ
ورقّتِ الصهباءُ
|
|
وسرى النسيمُ
وغنّتِ الورقاءُ
|
وكسا الربيعُ
الأرضَ كلَّ مدبّجٍ
|
|
ليست تجيدُ
مثالَه صنعاءُ
|
فالأرضُ بعد
العريِ إمّا روضةٌ
|
|
غنّاءُ أو
ديباجةٌ خضراءُ
|
والطيرُ مختلف
اللحان فنائحٌ
|
|
ومطرّبٌ مالت به
الأهواءُ
|
والماءُ بين
مدرّجٍ ومجدولٍ
|
|
ومسلسلٍ جادت به
الأنواءُ
|
وسرى النسيمُ
على الرياضِ فضمّختْ
|
|
أثوابَهُ
عطريّةٌ نكباءُ
|
كمديحِ آلِ
محمدٍ سفنِ النجا
|
|
فبنظمِه تتعطّرُ
الشعراءُ
|
الطيّبون
الطاهرون الراكعو
|
|
ن الساجدون
السادة النجباءُ
|
منهم عليُّ
الأبطحيُّ الهاشميّ
|
|
اللوذعيُّ إذا
بدت ضوضاءُ
|
ذاك الأمير لدى
الغدير أخو البشي
|
|
ـر المستنير ومن له الأنباءُ
|
طهرت له
الأصلابُ من آبائه
|
|
وكذاك قد طهرت
له الأبناءُ
|
أفهل يحيطُ
الواصفون بمدحِهِ
|
|
والذكرُ فيه
مدائحٌ وثناءُ
|
ذو زوجةٍ قد
أزهرتْ أنوارُها
|
|
فلأجل ذلكمُ
اسمُها الزهراءُ
|
وأئمّةٌ من
ولدها سادت بها ال
|
|
ـمتأخِّرون وشُرّف القدماءُ
|
__________________
مبداهمُ الحسن
الزكيُّ ومن إلى
|
|
أنسابهِ تتفاخر
الكرماءُ
|
والطاهر المولى
الحسين ومن له
|
|
رفعت إلى
درجاتها الشهداءُ
|
والندبُ زين
العابدين الماجد الن
|
|
دب الأمين
الساجد البكّاءُ
|
والباقر العلَمُ
الشريفُ محمدٌ
|
|
مولىً جميعُ
فعالِهِ آلاءُ
|
والصادق المولى
المعظّمُ جعفرٌ
|
|
حبرٌ مواليه هم
السعداءُ
|
وإمامنا موسى
بنُ جعفر سيّدٌ
|
|
بضريحِه تتشرّفُ
الزوراءُ
|
ثمّ الرضا علَمُ
الهدى كنزُ التقى
|
|
باب الرجا محيي
الدجى الجلاّءُ
|
ثمّ الجوادُ مع
ابنهِ الهادي الذي
|
|
تهدي الورى
آياتُه الغرّاءُ
|
والعسكريُّ
إمامنا الحسنُ الذي
|
|
يغشاه من نورِ
الجلالِ ضياءُ
|
والطاهرُ ابن
الطاهرين ومن له
|
|
في الخافقين من
البهاء لواءُ
|
من يُصلح
الأرضين بعد فسادها
|
|
حتى يُصاحب
ذئبهنَّ الشاءُ
|
أنا يا ابن عمِّ
محمد أهواكمُ
|
|
وتطيب منّي
فيكمُ الأهواءُ
|
وأكفّر الغالينَ
فيك وألعنُ ال
|
|
قالينَ إنّهمُ
لديَّ سواءُ
|
الشاعر
الشيخ شمس الدين
محفوظ بن وشاح بن محمد أبو محمد الحلّي الأسدي ، قطب من أقطاب الفقاهة ، وطود راسٍ
للعلم والأدب ؛ كان متكئاً على أريكة الزعامة الدينيّة ، ومرجعاً في الفتوى ،
ومنتجعاً لحلِّ المشكلات ، وكهفاً تأوي إليه العفاة ، والحكم الفاصل للدعاوي ، ومن
مشايخ الإجازة الراوين عن الشيخ نجم الدين المحقّق الحلّي المتوفّى (٦٦٧) ، ويروي
عنه الحافظ المحقّق كمال الدين علي ابن الشيخ شرف الدين الحسين بن حمّاد الليثي
الواسطي ، ويروي عنه شارح القصائد السبع العلويّات
__________________
لابن أبي الحديد
بشرحه الموسوم بغرر الدلائل ، قال في أوّل الشرح :
كنت قرأت هذه
القصائد على شيخي الإمام العالم ، الفقيه المحقّق ، شمس الدين أبي محمد محفوظ بن
وشاح ـ قدس الله روحه ـ وذلك بداره بالحلّة في صفر من سنة ثمانين وستمائة ، ورواها
لي عن ناظمها وراقم علمها.
قال
الأميني : أحسب أنَّ شارح
القصائد هو صفيّ الدين محمد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي البغدادي ، صاحب
البائيّة في رثاء المترجم ، والله العالم.
جرت بين شيخنا
المترجم وبين شيخه المحقّق الحلّي مكاتبات ، منها ما ذكره شيخنا صاحب المعالم في
إجازته الكبيرة ، قال نقلاً عن الشهيد الأوّل :
إنّه كتب إلى
الشيخ المحقّق نجم الدين السعيد أبياتاً ، من جملتها :
أغيبُ عنك
وأشواقي تجاذبُني
|
|
إلى لقائِك جذبَ
المغرمِ العاني
|
إلى لقاءِ حبيبٍ
شبهِ بدرِ دجىً
|
|
وقد رماه
بإعراضٍ وهجرانِ
|
ومنها :
قلبي وشخصُك
مقرونان في قرَنٍ
|
|
عند انتباهي
وعند النوم يغشاني
|
حللت منّي محلَّ
الروحِ في جسدي
|
|
فأنت ذكريَ في
سرّي وإعلاني
|
لو لا المخافةُ
من كرهٍ ومن مللٍ
|
|
لطال نحوك
تردادي وإتياني
|
يا جعفر بن سعيد
يا إمام هدىً
|
|
يا أوحدَ الدهرِ
يا من ما له ثاني
|
إنِّي بحبِّكَ
مغرىً غيرُ مكترثٍ
|
|
بمن يلومُ وفي
حبّيك يلحاني
|
فأنت سيّد أهلِ
الفضلِ كلِّهمُ
|
|
لم يختلف أبداً
في فضلك اثنانِ
|
__________________
ومنها :
في قلبِكَ
العلمُ مخزونٌ بأجمعِهِ
|
|
تهدي به من
ضلالٍ كلَّ حيرانِ
|
وفوك فيه لسانٌ
حشوُهُ حكمٌ
|
|
تروي به بزلال
كلَّ ظمآنِ
|
وفخرك الراسخُ
الراسي وزنتَ به
|
|
رضوى فزاد على
رضوى وثهلانِ
|
وحسنُ أخلاقك
اللاّتي فضلتَ بها
|
|
كلَّ البريّة من
قاصٍ ومن دانِ
|
تغني عن
المأثرات الباقيات ومن
|
|
يحصي جواهر
أجبالٍ وكثبانِ
|
يا من علا درج
العلياء مرتقياً
|
|
أنت الكبيرُ
العظيمُ القدرِ والشانِ
|
فأجابه المحقّق
بقوله :
لقد وافتْ
قصائدُكَ العوالي
|
|
تهزُّ معاطفَ
اللفظِ الرشيقِ
|
فضضتُ ختامهنَّ
فخلتُ أنّي
|
|
فضضتُ بهنَّ عن
مسكٍ فتيقِ
|
وجال الطرفُ
منها في رياضٍ
|
|
كُسينَ بناضرِ
الزهرِ الأنيقِ
|
فكم أبصرتُ من
لفظٍ بديعٍ
|
|
يدلُّ به على
المعنى الدقيقِ
|
وكم شاهدتُ من
علمٍ خفيٍ
|
|
يقرِّبُ مطلب
الفضلِ السحيقِ
|
شربتُ بها كؤوساً
من معاني
|
|
غنيتُ بشربهنَّ
عن الرحيقِ
|
ولكنِّي حملت
بها حقوقاً
|
|
أخاف لثقلهنّ من
العقوقِ
|
فَسِرْ يا أبا
الفضائل بي رويداً
|
|
فلست أطيقُ
كفرانَ الحقوقِ
|
وحمِّل ما أطيق
به نهوضاً
|
|
فإنّ الرفقَ
أنسبُ بالصديقِ
|
فقد صيّرْتَني
لعُلاكَ رقّا
|
|
ببرِّك بل أرقَّ
من الرقيقِ
|
وكتب بعدها نثراً
توجد جملة منه في الإجازات.
لم نقف على تاريخي
ولادة شيخنا شمس الدين ووفاته ، غير أنَّا نقطع بحياته إلى سنة (٦٨٠) ، وقد قرّب
العلاّمة السماوي وفاته بسنة تسعين بعد الستمائة ، وللباحث
أن يقف على مواقفه
العظيمة في الفضائل بالقصائد التي رثاه بها أعلام عصره ، منها رثاء العلاّمة
الحجّة الفقيه الصالح صفيّ الدين محمد بن الحسن أبي الرضا العلوي البغدادي ، يقول
في قصيدته :
مصابٌ أصابَ
القلبَ منه وجيبُ
|
|
وصابتْ لجفنِ
العينِ فيه غروبُ
|
يعزُّ علينا
فقدُ مولىً لفقدِهِ
|
|
غدت زهرةُ
الأيّامِ وهي شحوبُ
|
وطاب له في
الناس ذكرٌ ومحتدٌ
|
|
كما طاب منه
مشهدٌ ومغيبُ
|
ألا ليتَ شمسَ
الدين بالشمسِ يقتدي
|
|
فيصبحَ فينا
طالعاً ويغيبُ
|
فمن ذا يحلُّ
المشكلاتِ ومن إذا
|
|
رمى غرض المعنى
الدقيقِ يصيبُ
|
ومن يكشفُ
الغمّاءَ عنّا ومن له
|
|
نوالٌ إذا ضنَّ
الغمام يصوبُ
|
فلا قامَ جنحَ
الليلِ بعدك خاشعٌ
|
|
ولا صام في حرِّ
الهجير منيبُ
|
ولا سالَ فوق
الطرسِ من كفِّ كاتبٍ
|
|
يراعٌ عن السمر
الطوال ينوبُ
|
وبعدك لا سحَّ
الغمامُ ولا شدا
|
|
الحمام ولا هبّت
صباً وجنوبُ
|
ومنها : قصيدة
الفقيه الحجّة الشيخ مهذّب الدين محمود بن يحيى بن محمد الشيباني الحلّي :
عزَّ العزاءُ
ولاتَ حين عزاءِ
|
|
من بعد فرقة
سيّد الشعراءِ
|
العالمِ الحَبرِ
الإمامِ المرتضى
|
|
علمِ الشريعة
قدوةِ العلماءِ
|
أكذا المنونُ
تهدّ أطوادَ الحجا
|
|
ويفيضُ منها
بحرُ كلّ عطاءِ
|
ما للفتاوى لا
يردّ جوابها
|
|
ما للدعاوي
غطّيت بغطاءِ
|
ما ذاك إلاّ حين
مات فقيُهنا
|
|
شمسُ المعالي
أوحدُ الفضلاءِ
|
ذهبَ الذي كنّا
نصولُ بعزِّهِ
|
|
ولسانِه الماضي
على الأعداءِ
|
من للفتاوى
المشكلاتِ يحلّها
|
|
ويُبينها
بالكشفِ والإمضاءِ
|
من للكلامِ
يبينُ من أسرارِهِ
|
|
معنى جلالةِ
خالقِ الأشياءِ
|
من ذا لعلمِ
النحوِ واللغةِ التي
|
|
جاءت غرائبُها
عن الفصحاءِ
|
ما خلت قبل
يحطُّ في قلبِ الثرى
|
|
أنَّ البدورَ
تغيبُ في الغبراءِ
|
أيموتُ محفوظٌ
وأبقى بعده
|
|
غدرٌ لعمرُكَ
موتُه وبقائي
|
مولاي شمسَ
الدين يا فخر العلى
|
|
ما لي أُنادي لا
تجيب ندائي
|
ومنها : قصيدة
العلاّمة المحقّق الشيخ تقيّ الدين بن داود الحلّي ، أحد شعراء الغدير الآتي ذكره
في القرن الثامن :
لك اللهُ أيُّ
بناءٍ تداعى
|
|
وقد كان فوق
النجومِ ارتفاعا
|
وأيُّ علاءٍ
دعاه الخطوبُ
|
|
فلبّى ولولا
الردى ما أطاعا
|
وأيُّ ضياءٍ ثوى
في الثرى
|
|
وقد كان يخفي
النجومَ التماعا
|
لقد كان شمسُ
الهدى كاسمه
|
|
فأرخى الكسوفُ
عليه قناعا
|
فوا أسفا أين
ذاك اللسانُ
|
|
إذا رام معنىً
أجاب اتِّباعا
|
وتلك البحوثُ
التي ما تُمَلُ
|
|
إذا ملَّ صاحبُ
بحثٍ سماعا
|
فمن ذا يُجيبُ
سؤالَ الوفود
|
|
إذا عرضوا أو
تعاطوا نزاعا
|
ومن لليتامى
ولابنِ السبيلِ
|
|
إذا قصدوه عراةً
جياعا
|
ومن للوفاءِ
وحفظِ الإخاءِ
|
|
ورعيِ العهود
إذا الغدر شاعا
|
سقى اللهُ مضجعه
رحمةً
|
|
تروّي ثراه
وتأبى انقطاعا
|
وولد المترجَم أبو
عليّ محمد الشهير بتاج الدين بن وشاح ، كان قاضي الحلّة ، ولصفيّ الدين الحلّي ـ الآتي
ذكره في الجزء السادس ـ قصيدة يرثيه بها توجد في ديوانه (ص ٢٥٦) مطلعها :
__________________
لو أفادتنا
العزائمُ حالا
|
|
لم نجدْ حسنَ
العزاءِ محالا
|
ويقول فيها :
أسدٌ خلّف شبلَي
عرينٍ
|
|
شيّدا مجداً له
لن يُنالا
|
ظلّ زينُ الدينِ
للدهرِ زيناً
|
|
وجمالُ الدين
فيها جمالا
|
فأرانا اللهُ
أقصى الأماني
|
|
فيهما إن جار
دهرٌ ومالا
|
٤٩ بيتاً
ولصفيّ الدين
قصيدة أُخرى ذات (٥٣) بيتاً توجد في ديوانه (ص ٤١٠) ، يعتذر بها إلى القاضي تاج
الدين بن وشاح عن قيلٍ فيه وعزوه إليه ، أوّلها :
حذراً عليك من
الفعال الجافي
|
|
أُدنيك مجتهداً
إلى الإنصافِ
|
ويقول في آخرها :
شكراً لواشٍ
أوجبتْ أقوالُهُ
|
|
حجِّي لكعبةِ
ربعِكمْ وطوافي
|
بُعدٌ جنيت
القربَ من أغصانِهِ
|
|
وسكينةٌ حصلت من
الإرجافِ
|
ولربّما عوتِ
الكلابُ فأرشدتْ
|
|
نحو الكرامِ
شواردَ الأضيافِ
|
دع عنك ما اختلف
الورى في نقلِه
|
|
عنّي وخذ مدحاً
بغير خلافِ
|
مدحاً أتاك ولا
يروم إجازةً
|
|
إلاّ المودّةَ
والضميرَ الصافي
|
ولآل محفوظ بقيّة
صالحة في سورية والعراق ، وللأستاذ الحسين ابن الشيخ عليّ ابن الشيخ محمد الجواد
ابن الشيخ موسى آل محفوظ الكاظمي رسالة في تراجم أعلام أُسرته الكريمة ، وتوجد
ذكرى عُمد هذا البيت الرفيع في تكملة أمل الآمل لسيّدنا الصدر الكاظمي وفي وفيات الأعلام لشيخنا الرازي صاحب الذريعة.
__________________
توجد في أمل الآمل
وغيره ترجمة باسم سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح السوراني ، قرأ
عليه المحقّق الحلّي المتوفّى (٦٦٧) ، ويروي عنه السيّد ابن طاووس المتوفّى (٦٦٤)
، ووالد العلاّمة الحلّي ، وقد ولد العلاّمة (٦٤٨) ، واستظهر صاحب روضات الجنّات في (ص ٣٠١) أنَّه ولد شاعرنا شمس الدين محفوظ وهذا
الاستظهار ليس في محلّه ؛ لأنَّ المترجم نفسه أحد الرواة عن المحقِّق الحلّي ،
فكيف يكون سالم الذي قرأ عليه المحقّق الحلّي ابنه؟ ثمّ طبقة الرواة عن سالم هي
طبقة مشايخ شمس الدين المترجم ، فيستدعي ذلك أن يكون متقدِّماً على والده بطبقة
غير طبقة والده.
ويؤيّد ما ذكرناه
أنّ ولد المترجم أبا عليّ محمداً تاج الدين بن محفوظ ـ المترجم في أمل الآمل ـ يروي عنه السيّد تاج الدين بن معيّة المتوفّى (٧٧٦) ،
ورثاه صفي الدين المتوفّى (٧٥٢) ، فلو كان سالم أخاه لوجب أن يكون الرواة عنه من
أهل هذه الطبقة لا قبلها بقرن.
__________________
ـ ٦٤ ـ
بهاء الدين الإربلي
المتوفّى (٦٩٢ ،
٦٩٣)
وإلى أميرِ
المؤمنين بعثتُها
|
|
مثلَ السفائنِ
غُمن في تيّارِ
|
تحكي السهامَ إذا
قطعن مفازةً
|
|
وكأنَّها في
دقّة الأوتارِ
|
حمّالُ أثقالٍ
ومُسعفُ طالبٍ
|
|
وملاذُ ملهوفٍ
وموئل جارِ
|
شرفٌ أقرَّ به
الحسودُ وسؤددٌ
|
|
شاد العلاءَ
ليَعربٍ ونزارِ
|
وسماحةٌ كالماءِ
طابَ لواردٍ
|
|
ظامٍ إليه
وسطوةٌ كالنارِ
|
ومآثرٌ شهدَ
العدوُّ بفضلِها
|
|
والحقُّ أبلجُ
والسيوف عواري
|
سل عنه بدراً إذ
جلا هبواتِها
|
|
بشباةِ خطيٍّ
وحدِّ غرارِ
|
حيث الأسنّةُ
كالنجومِ منيرةٌ
|
|
تخفى وتبدو في
سماءِ غبارِ
|
واسأل بخيبرَ إن
عرتكَ جهالةٌ
|
|
بصحائحِ
الأخبارِ والآثارِ
|
واسأل جموعَ
هوازنٍ عن حيدرٍ
|
|
وحذارِ من أسدِ
العرين حَذارِ
|
واسأل بخمٍّ عن
علاه فإنّها
|
|
تقضي بمجدٍ
واعتلاءِ منارِ
|
بولائه يرجو
النجاةَ مقصِّرٌ
|
|
وتُحَطُّ عنه
عظائمُ الأوزارِ
|
__________________
ويقول فيها :
عرِّجْ على أرض
الغريِّ وقفْ به
|
|
والثمْ ثراه
وزرهُ خيرَ مزارِ
|
واخلع بمشهدِهِ
الشريفِ معظّماً
|
|
تعظيمَ بيت الله
ذي الأستارِ
|
وقلِ السلامُ
عليك يا خيرَ الورى
|
|
وأبا الهداةِ
السادةِ الأبرارِ
|
يا آلَ طه
الأكرمينَ أليّةً
|
|
بكمُ وما دهري
يمينَ فجارِ
|
إنّي منحتكمُ
المودّةَ راجياً
|
|
نيلَ المنى في
الخمسة الأشبارِ
|
فعليكمُ منِّي
السلامُ فأنتمُ
|
|
أقصى رجاي
ومنتهى إيثاري
|
وله من قصيدة في
كتابه كشف الغمّة (ص ١٩٧) قوله :
وتعرّض إلى
ولاءِ أُناسٍ
|
|
حبلُ معروفِهمْ
قويٌّ مريرُ
|
خيرةُ اللهِ في
الأنامِ ومن وج
|
|
هُ مُواليهمُ
بهيٌّ منيرُ
|
أُمناء الله
الكرامُ وأربا
|
|
بُ المعالي
ففضلُهمْ مشهورُ
|
المفيدون حين
يخفقُ سعيٌ
|
|
والمجيرون حين
عزَّ المجيرُ
|
كرموا مولداً
وطابوا أُصولاً
|
|
فبطونٌ زكيّةٌ
وظهورُ
|
عترةُ المصطفى
وحسبُكَ فخراً
|
|
أيّها السائلي
البشيرُ النذيرُ
|
بعليٍّ شِيدتْ
معالمُ دينِ ال
|
|
لّهِ والأرضُ
بالعنادِ تمورُ
|
وبه أيّدَ
الإلهُ رسولَ ال
|
|
لّهِ إذ ليس في
الأنامِ نصيرُ
|
وبأولادِهِ
الهداةِ إلى الح
|
|
قِّ أضاء
المستبهم الديجورُ
|
__________________
سل حُنيناً عنه
وبدراً فما يخ
|
|
بر عمّا سألتَ
إلاّ الخبيرُ
|
إذ جلا هبوةَ
الخطوبِ وللحر
|
|
ب زنادٌ يشبُّ
منها سعيرُ
|
حسدوهُ على مآثر
شتّى
|
|
وكفاهمْ حقداً
عليه الغديرُ
|
أسدٌ ما له إذا
استفحل البأ
|
|
س سوى رنّةِ
السلاحِ زئيرُ
|
ثابتُ الجأشِ لا
يروِّعُهُ الخط
|
|
ب ولا يعتريه
فيه فتورُ
|
أعرب السيفُ منه
إذ أعجم الرم
|
|
ح لأنَّ العدا
لديه سطورُ
|
عزماتٌ أمضى من
القدر المح
|
|
توم يجري
بحكمِهِ المقدورُ
|
ومزايا مفاخرٍ
عطّرَ الأُف
|
|
قَ شذاها يُخال
فيها عبيرُ
|
الشاعر
بهاء الدين أبو
الحسن عليُّ بن فخر الدين عيسى بن أبي الفتح الإربلي ، نزيل بغداد ودفينها ؛ فذّ
من أفذاذ الأمّة ، وأوحديّ من نياقد علمائها ، بعلمه الناجع وأدبه الناصع يتبلّج
القرن السابع ، وهو في أعاظم العلماء قبله في أئمّة الأدب ، وإن كان به ينضّد جمان
الكتابة ، وتنظم عقود القريض ، وبعد ذلك كلّه هو أحد ساسة عصره الزاهي ، ترنّحت به
أعطاف الوزارة وأضاء دستها ، كما ابتسم به ثغر الفقه والحديث ، وحميت به ثغور
المذهب ، وسفره القيّم كشف الغمّة خير كتاب أُخرج للناس في تاريخ أئمّة الدين ،
وسرد فضائلهم ، والدفاع عنهم ، والدعوة إليهم ؛ وهو حجّة قاطعة على علمه الغزير ،
وتضلّعه في الحديث ، وثباته في المذهب ، ونبوغه في الأدب ، وتبرّزه في الشعر ،
حشره الله مع العترة الطاهرة صلوات الله عليهم.
قال الشيخ جمال
الدين أحمد بن منبع الحلّي مقرّظاً الكتاب :
ألا قل لجامع
هذا الكتابِ
|
|
يميناً لقد نلتَ
أقصى المرادِ
|
وأظهرت من فضل
آل الرسول
|
|
بتأليفهِ ما
يسوءُ الأعادي
|
مشايخ روايته
والرواة عنه :
يروي بهاء الدين
المترجم عن جمع من أعلام الفريقين ، منهم :
١ ـ سيّدنا رضيُّ
الدين جمال الملّة السيد عليّ بن طاووس : المتوفّى (٦٦٤).
٢ ـ سيّدنا جلال
الدين عليّ بن عبد الحميد بن فخار الموسوي : أجاز له سنة (٦٧٦).
٣ ـ الشيخ تاج
الدين أبو طالب عليّ بن أنجب بن عثمان الشهير بابن الساعي البغدادي السلامي :
المتوفّى (٦٧٤) ، يروي عنه كتاب معالم العترة النبويّة العليّة تأليف الحافظ أبي
محمد عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي المتوفّى (٦١١) كما في كشف الغمّة (ص ١٣٥) .
٤ ـ الحافظ أبو
عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي : المتوفّى سنة (٦٥٨) ، قرأ عليه
كتابيه : كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب ، والبيان في أخبار صاحب الزمان
؛ وذلك بإربل سنة (٦٤٨) ، وله منه إجازة بخطّه ، وينقل عن كتابه الكفاية كثيراً في كشف الغمّة.
٥ ـ كمال الدين
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن وضّاح ، نزيل بغداد ، الفقيه الحنبلي : المتوفّى
(٦٧٢) يروي عنه بالإجازة ، وممّا يروي عنه كتاب الذرّية الطاهرة تأليف أبي بشر
محمد بن أحمد الأنصاري الدولابي ، المتوفّى سنة (٣٢٠) ، وكان مخطوطاً بخطِّ شيخه
ابن وضّاح المذكور. كشف الغمّة (ص ١٠٩).
__________________
٦ ـ الشيخ رشيد
الدين أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن عمر بن أبي القاسم ، قرأ عليه كتاب
المستغيثين ـ في كشف الظنون : المستعين بالله ـ تأليف أبي القاسم خلف
بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال الأنصاري القرطبي المتوفّى (٥٧٨) ، والشيخ رشيد
الدين قرأ ـ المستغيثين ـ على محيي الدين أبي محمد يوسف ابن الشيخ أبي الفرج ابن
الجوزي وهو يرويه عن مؤلّفه إجازة. قال المترجم في كشف الغمّة (ص ٢٢٤) : كانت
قراءتي عليه في شعبان من سنة ستّ وثمانين وستمائة بداري المطلّة على دجلة ببغداد.
وينقل كثيراً عن
عدّة من تآليف معاصريه منها : تفسير الحافظ أبي محمد عبد الرزّاق عزّ الدين
الرسعني الحنبلي المتوفّى (٦٦١) ، كانت بينه وبين المترجم صداقة وصلة ؛ راجع الجزء
الأوّل من كتابنا هذا (ص ٢٢٠).
ومنها : مطالب
السؤول تأليف أبي سالم كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي ، كما أسلفناه في ترجمته (ص
٤١٥) من هذا الجزء.
ومنها : تآليف
شيخنا الأوحد قطب الدين الراوندي ، المترجَم فيما مرَّ (ص ٣٨٠)
ويروي عنه جمع من
أعلام الفريقين منهم :
١ ـ جمال الدين
العلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر ، كما في إجازة شيخنا الحرّ العاملي
صاحب الوسائل.
٢ ـ الشيخ رضيّ
الدين عليّ بن المطهّر ، كما في إجازة السيّد محمد بن القاسم بن معيّة الحسيني
للسيّد شمس الدين.
__________________
٣ ـ السيّد شمس
الدين محمد بن فضل العلوي الحسني.
٤ ـ ولده الشيخ
تاج الدين محمد بن عليّ.
٥ ـ الشيخ تقيّ
الدين بن إبراهيم بن محمد بن سالم.
٦ ـ الشيخ محمود
بن عليّ بن أبي القاسم.
٧ ـ حفيده الشيخ
شرف الدين أحمد بن الصدر تاج الدين محمد بن عليّ.
٨ ـ حفيده الآخر
الشيخ عيسى بن محمد بن عليّ ، أخو الشرف المذكور.
٩ ـ الشيخ شرف
الدين أحمد بن عثمان النصيبي ، الفقيه المدرِّس المالكي.
١٠ ـ مجد الدين
أبو الفضل يحيى بن عليّ بن المظفّر الطيبي الكاتب بواسط العراق ، قرأ على المترجم
شطراً من كتابه كشف الغمّة ، وأجاز له ولجمع من الأعلام المذكورين سنة (٦٩١).
وممّن قرأ عليه :
١١ ـ عماد الدين
عبد الله بن محمد بن مكّي.
١٢ ـ الصدر الكبير
عزّ الدين أبو عليّ الحسن بن أبي الهيجا الإربلي.
١٣ ـ تاج الدين
أبو الفتح بن الحسين بن أبي بكر الإربلي.
١٤ ـ المولى أمين
الدين عبد الرحمن بن عليّ بن أبي الحسن الجزري الموصلي.
١٥ ـ الشيخ حسن بن
إسحاق بن إبراهيم بن عبّاس الموصلي.
له ذكره الجميل في
: أمل الآمل ، ورياض العلماء ، ورياض الجنّة ـ في الروضة الرابعة ـ ، وروضات
الجنّات ، والأعلام للزركلي ، وتتميم الأمل لابن أبي
__________________
شبانة ، والكنى
والألقاب ، والطليعة في شعراء الشيعة.
قال ابن الفوطي في
الحوادث الجامعة (ص ٣٤١) : وفي سنة
(٦٥٧) وصل بهاء الدين عليّ بن الفخر عيسى الإربلي إلى بغداد ، ورتّب كاتب الإنشاء
بالديوان ، وأقام بها إلى أن مات.
وقال في (ص ٤٨٠) :
إنَّه توفِّي ببغداد سنة (٦٩٣) ، وقال في (ص ٢٧٨) : إنّه تولّى تعمير مسجد معروف
سنة (٦٧٨) ، وذكر له (ص ٣٨) من قصيدته التي يرثي بها معلّم الأمّة شيخنا خواجه
نصير الدين الطوسي والملك عزّ الدين عبد العزيز :
ولمّا قضى عبد
العزيز بن جعفر
|
|
وأردفه رزء
النصير محمدِ
|
جزعتُ لفقدانِ
الأخلاّءِ وانبرتْ
|
|
شئوني كمرفضِّ
الجُمانِ المبدّدِ
|
وجاشت إليَّ
النفسُ حزناً ولوعةً
|
|
فقلت تعزّي
واصبري فكأن قدِ
|
وقال في صحيفة
(٣٦٦) : وفي خامس عشرين جمادى الآخرة ركب علاء الدين صاحب الديوان لصلاة الجمعة ،
فلمّا وصل المسجد الذي عند عقد مشرعة الأبريّين ، نهض عليه رجل وضربه بسكّين عدّة
ضربات ، فانهزم كلّ من كان بين يديه من السرهنكيّة ، وهرب الرجل أيضاً ، فعرض له
رجل حمّال كان قاعداً بباب غلّة ابن تومه وألقى عليه كساءه ، ولحقه السرهنكيّة
فضربوه بالدبابيس وقبضوه.
وأمّا الصاحب
فإنّه أُدخل دار بهاء الدين ـ المترجم ـ ابن الفخر عيسى ، وكان يومئذٍ يسكن في
الدار المعروفة بديوان الشرابي ، لمّا عرف بذلك خرج حافياً وتلقّاه ودخل بين يديه
، وأحضر الطبيب فسبر الجرح ومصّه فوجده سليماً من السمِّ.
وذكر في (ص ٣٦٩)
من إنشائه كتاب صداق كتبه في تزويج الخواجة شرف
__________________
الدين هارون بن
شمس الدين الجويني بابنة أبي العبّاس أحمد ابن الخليفة المستعصم في جمادى الآخرة
سنة (٦٧٠).
وترجمه الكتبي في
فوات الوفيات (٢ / ٨٣) وقال :
له شعر وترسُّل ، وكان رئيساً كتب لمتولّي إربل ابن صلايا ، ثمّ خدم ببغداد في
ديوان الإنشاء أيّام علاء الدين صاحب الديوان ، ثمّ إنّه فتر سوقه في دولة اليهود
، ثمّ تراجع بعدهم وسلم ولم ينكب إلى أن مات سنة (٦٩٢) ، وكان صاحب تجمّل وحشمة
ومكارم أخلاق ، وفيه تشيّع ، وكان أبوه والياً بإربل ، ولبهاء الدين مصنّفات
أدبيّة مثل : المقالات الأربع ، ورسالة الطيف المشهورة وغير ذلك ، وخلّف لمّا مات
تركةً عظيمةً ألفي ألف درهم تسلّمها ابنه أبو الفتح ومحقها ومات صعلوكاً ، ومن شعر
بهاء الدين رضى الله عنه :
أيا حاجري من
غيرِ جرمٍ جنيتُهُ
|
|
ومن دأبه ظلمي
وهجري فديتهُ
|
أجرني رعاكَ
اللهُ من نارِ جفوةٍ
|
|
وحرّ غرامٍ في
العبادِ اصطليتهُ
|
وكن مُسعفي فيما
أُلاقي من الأسى
|
|
فهجرك يا كلّ
المنى ما نويتهُ
|
أأظما غراماً في
هواكَ ولوعةً
|
|
ولي دمعُ عينٍ
كالسحابِ بكيتهُ
|
وحَقِّك يا من
تهت فيه صبابةً
|
|
ووجداً ومن دونِ
الأنامِ اصطفيتُهُ
|
وحَقِّك لا أنسى
العهودَ التي مضت
|
|
قديماً ولا أسلو
زماناً قضيتهُ
|
ومن شعره أيضاً :
كيف خلاصي من
هوى شادنٍ
|
|
حكَّمه الحسنُ
على مهجتي
|
بعادُه ناري
التي تُتّقى
|
|
وقربُه لو زارني
جنّتي
|
__________________
ما اتّسعت طرق
الهوى فيه لي
|
|
إلاّ وضاقتْ في
الجفا حيلتي
|
ليت ليالي
وصلِهِ عدنَ لي
|
|
يا حسرتا أين
الليالي التي
|
وقال أيضاً رحمهالله تعالى :
وجهُه والقوامُ
والشعَرُ الأس
|
|
ودُ في بهجة
الجبينِ النضيرِ
|
بدر تمٍّ على قضيبٍ
عليه
|
|
ليل دُجن من
فوقِ صبحٍ منيرِ
|
وقال أيضاً :
جنّه سابق
الغرام فجُنّا
|
|
وجفا منزلاً
وخلّف مغنى
|
ودعاه الهوى
فلبّى سريعاً
|
|
وكذا شيمةُ
المحبِّ المعنّى
|
رام صبراً فلم
يُطعه غرامٌ
|
|
غادرَ القلبَ
بالصبابةِ رهنا
|
وجفا لذّةَ
الكرى في رضا ال
|
|
حبِّ فأرضى
قلباً وأسخط جفنا
|
أسهرت مقلتاه في
طاعةِ الوج
|
|
د عيوناً على
المخضَّب وسنَى
|
كلّ ظامي الوشاح
ريّان من ما
|
|
ءِ التصابي أضنى
المحبَّ وعنّى
|
ما على الدهرِ
لو أعاد زماناً
|
|
سلبَتْهُ أيدي
الحوادث منّا
|
وعلى من أحبَّ
لو شفع الحس
|
|
ن الذي قيّد
العيونَ بحسنى
|
وبروحي أفدي
رشيقَ قوامٍ
|
|
لاح بدراً وماس
إذ ماس غصنا
|
يتجنّى ظلماً
فيحدثُ لي وج
|
|
داً إذا صدَّ
عاتباً أو تجنّى
|
ما ثنانا عنه
العذول وهل ين
|
|
سى غرامي وقدّه
يتثنّى
|
كيف أسلو بدراً
يشابهه البد
|
|
ر سناءً يسبي
الحليمَ وأسنى
|
ليَ معنىً فيهِ
وفي صاحب الدي
|
|
وانِ إذ رُمتُ
مدحَهُ ألف معنى
|
وقال أيضاً رحمهالله تعالى :
طاف بها والليل
وَحف الجناح
|
|
بدرُ الدجى
يحملُ شمسَ الصباحْ
|
__________________
وفازَ بالراحةِ
عشّاقُه
|
|
لمّا بدا في
كفِّه كأسُ راحْ
|
ظبيٌ من التركِ
له قامةٌ
|
|
يُزري تثنِّيها
بسمر الرماحْ
|
عارضُه آسٌ وفي
خدِّه
|
|
وردٌ نضيرٌ
والثنايا أقاحْ
|
عاطيتُه صهباءَ
مشمولةً
|
|
تجلي سنا الصبحِ
إذا الصبحُ لاحْ
|
فسكّنتْ سورتُه
وانثنى
|
|
فظلَّ طوعِي بعد
طول الجماحْ
|
فبتُّ لا أعرفُ
طيبَ الكرى
|
|
وبات لا ينكرُ
طيبَ المزاحْ
|
فهل على من بات
صبّا به
|
|
وإن نضا ثوب
وقارٍ جُناحْ
|
وقال أيضاً رحمهالله تعالى :
غزالَ النقا لو
لا ثناياك واللّمى
|
|
لما بتُّ صبّا
مستهاماً متيّما
|
ولولا معانٍ فيك
أوجبن صبوتي
|
|
لما كنتُ من بعد
الثمانين مغرما
|
أيا جنّةَ الحسن
الذي غادر الحشا
|
|
بفرطِ التجافي
والصدود جهنّما
|
جريت على رسمٍ
من الجور واضحٍ
|
|
أما آن يوماً أن
ترقَّ وترحما
|
أمالِكَ رقّي
كيف حلّلتَ جفوتي
|
|
وعدت لقتلي
بالبعاد متمّما
|
وحرّمت من حلو
الوصال محلّلاً
|
|
وحلّلت من مرِّ
الجفاء محرّما
|
بحسن التثنِّي
رقَّ لي من صبابةٍ
|
|
أسلتُ بها دمعي
على وجنتي دما
|
ورفقاً بمن
غادرتَهُ غرضَ الردى
|
|
إذا زار عن سخطٍ
بلادك مسلما
|
كلفت بساجي
الطرفِ أحوى مهفهفٍ
|
|
يميسُ فينسيكَ
القضيبَ المنعّما
|
يفوق الظبا
والغصنَ حسناً وقامةً
|
|
وبدرَ الدجى
والبرقَ وجهاً ومبسما
|
فناظرُه في
قصّتي ليس ناظراً
|
|
وحاجبُه في
قتلتي قد تحكّما
|
ومشرف صدغٍ ظلَّ
في الحكمِ جائراً
|
|
وعاملُ قدٍّ بان
أعدى وأظلما
|
وعارضُه لم يرثِ
لي من شكايةٍ
|
|
فنمّت دموعي حين
لاح منمنما
|
وترجمه صاحب شذرات
الذهب (٥ / ٣٨٣) بعنوان
بهاء الدين بن الفخر عيسى الإربلي ، وعدّه من المتوفّين في سنة (٦٨٣) وأحسبه تصحيف
(٦٩٣) ، وجعلوه في فهرست الكتاب : عيسى بن الفخر الإربلي ، زعماً منهم بأنّ عيسى
في كلام المصنِّف بدل من قوله بهاء الدين ؛ وذكر له في الشذرات قوله :
أيّ عذر وقد
تبدّى العذارُ
|
|
إن ثناني تجلّدٌ
واصطبارُ
|
فأقلاّ إن شئتما
أو فزيدا
|
|
ليس لي عن هوى
الملاح قرارُ
|
هل مجيرٌ من
الغرامِ وهيها
|
|
تَ أسير الغرام
ليس يجارُ
|
يا بديعَ
الجمالِ قد كثرتْ في
|
|
كَ اللواحي
وقلّت الأنصارُ
|
وذكره سيّدنا صاحب
رياض الجنّة وقال : إنّه كان وزيراً لبعض الملوك ، وكان ذا ثروة وشوكة عظيمة ،
فترك الوزارة واشتغل بالتأليف والتصنيف والعبادة والرياضة في آخر أمره ، وقد نظم
بسبب تركه المولى عبد الرحمن الجامي في بعض قصائده بقوله ـ ثمّ ذكر خمسة عشر بيتاً
باللغة الفارسيّة ضربنا عنها صفحاً ـ والقصيدة على أنّها خالية من اسم المترجم ومن
الإيعاز إليه بشيء يعرِّفه ، تعرب عن أنَّ الممدوح بها غادر بيئة وزارته إلى الحرم
الأقدس وأقام هناك إلى أن مات.
ومرَّ عن ابن
الفوطي أنَّ المترجم كان كاتباً إلى أن مات ، وكون وفاته في بغداد ودفنه بداره
المطلّة على دجلة في قرب الجسر الحديث من المتسالم عليه ولم يختلف فيه اثنان ،
وكان قبره معروفاً يزار إلى أن ملك تلك الدار ـ في هذه الآونة الأخيرة ـ من قطع
سبيل الوصول إليه وإلى زيارته ، والناس مجزيّون بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شرّا
فشر.
توجد جملة كبيرة
من شعره في العترة الطاهرة ـ صلوات الله عليهم ـ في كتابه
__________________
كشف الغمّة ، منها
: في (ص ٧٩) من قصيدة
مدح بها أمير المؤمنين عليهالسلام وأنشدها في حضرته قوله :
سل عن عليّ
مقاماتٍ عُرفن به
|
|
شدّت عرى الدين
في حلٍّ ومرتحلِ
|
بدراً وأُحداً
وسل عنه هوازن في
|
|
أوطاس واسأل به
في وقعة الجملِ
|
واسأل به إذ أتى
الأحزابُ يقدمهم
|
|
عمرو وصفّين سل
إن كنتَ لم تسلِ
|
مآثرٌ صافحتْ
شهبَ النجومِ عُلىً
|
|
مشيدة قد سمت
قدراً على زحلِ
|
وسنّةٌ شرعت
سبلَ الهدى وندىً
|
|
أقام للطالبِ
الجدوى على السبلِ
|
كم من يدٍ لك
فينا يا أبا حسن
|
|
يفوقُ نائلُها
صوبَ الحيا الهطلِ
|
وكم كشفت عن
الإسلامِ فادحةً
|
|
أبدتْ لتفرسَ عن
أنيابِها العضلِ
|
وكم نصرت رسولَ
اللهِ منصلتاً
|
|
كالسيفِ عُرّي
متناه من الخللِ
|
ورُبَّ يومٍ
كظلِّ الرمحِ ما سكنتْ
|
|
نفسُ الشجاعِ به
من شدّةِ الوهلِ
|
ومأزقُ الحربِ
ضنكٌ لا مجالَ به
|
|
ومنهلُ الموتِ
لا يغني على النهلِ
|
والنقعُ قد ملأ
الأرجاءَ عِثْيرُهُ
|
|
فصار كالجبل
الموفي على الجبلِ
|
جلوته بشبا
البيض القواضب وال
|
|
جرد السلاهب
والعسّالة الذبلِ
|
بذلت نفسَكَ في
نصرِ النبيِّ ولم
|
|
تبخلْ وما كنت
في حال أخا بخلِ
|
وقمت منفرداً
كالرمحِ منتصباً
|
|
لنصرهِ غيرَ
هيّاب ولا وكلِ
|
__________________
تردي الجيوشَ
بعزمٍ لو صدمتَ به
|
|
صمَّ الصفا لهوى
من شامخِ القللِ
|
يا أشرفَ الناسِ
من عُربٍ ومن عجمِ
|
|
وأفضلَ الناس في
قولٍ وفي عملِ
|
يا من به عرفَ
الناسُ الهدى وبه
|
|
تُرجى السلامةُ
عند الحادثِ الجللِ
|
يا من أعاد
رسومَ العدلِ حاليةً
|
|
وطال ما سترتْها
وحشةُ العطلِ
|
يا فارسَ الخيلِ
والأبطال خاضعةٌ
|
|
يا من له كلُّ
خلقِ اللهِ كالخولِ
|
يا سيّد الناسِ
يا من لا مثيلَ له
|
|
يا من مناقبُهُ
تسري سُرى المثلِ
|
خذ من مديحي ما
أسطيعه كرماً
|
|
فإن عجزتُ فإنَّ
العجزَ من قبلي
|
وسوف أهدي لكم
مدحاً أحبِّرُهُ
|
|
إن كنت ذا قدرةٍ
أو مُدّ في أجلي
|
وله يمدح الإمام
الصادق عليهالسلام قوله :
مناقبُ الصادقِ
مشهورةٌ
|
|
ينقلُها عن
صادقٍ صادقُ
|
سما إلى نيلِ
العلى وادعاً
|
|
وكلَّ عن
إدراكِهِ اللاحقُ
|
جرى إلى المجدِ
كآبائِهِ
|
|
كما جرى في
الحلبة السابقُ
|
وفاقَ أهلَ
الأرضِ في عصرِه
|
|
وهو على حالاتِه
فائقُ
|
سماؤه بالجودِ
هطّالةٌ
|
|
وسيبُهُ هامي
الحيا دافقُ
|
وكلّ ذي فضلٍ
بأفضالِهِ
|
|
وفضلُه معترفٌ ناطقُ
|
له مكانٌ في
العلى شامخٌ
|
|
وطود مجدٍ صاعدٌ
شاهقُ
|
من دوحة العزِّ
التي فرعُها
|
|
سامٍ على أوج
السها سامقُ
|
نائلُه صوبُ
حياً مُسبلٌ
|
|
وبشرُهُ في
صوبِهِ بارقُ
|
صوابُ رأي إن
عدا جاهلٌ
|
|
وصوبُ غيثٍ إن
عرا طارقُ
|
__________________
كأنَّما طلعتُهُ
ما بدا
|
|
لناظريهِ القمرُ
الشارقُ
|
له من الأفضالِ
حادٍ على
|
|
البذلِ ومن
أخلاقه سائقُ
|
يروقُه بذل
الندى واللها
|
|
وهو لهمْ
أجمعِهمْ رائقُ
|
خلائقٌ طابت
وطالت علىً
|
|
أبدعَ في
إيجادِها الخالقُ
|
شادَ المعالي
وسعى للعلى
|
|
فهي له وهو لها
عاشقُ
|
إن أعضلَ الأمرُ
فلا يهتدى
|
|
إليهِ فهو
الفاتقُ الراتقُ
|
يشوقُه المجدُ
ولا غروَ أن
|
|
يشوقَهُ وهو له
شائقُ
|
مولاي إنّي
فيكمُ مخلصٌ
|
|
إن شابَ بالحبِّ
لكم ماذقُ
|
لكمْ موالٍ وإلى
بابِكمْ
|
|
أنضي المطايا وبكم واثقُ
|
أرجو بكمْ نيلَ
الأماني إذا
|
|
نجا مطيعٌ وهوى
مارقُ
|
وله يمدح الإمام
الكاظم موسى بن جعفر ـ صلوات الله عليهما ـ قوله :
مدائحي وقفٌ على
الكاظمِ
|
|
فما على العاذلِ
واللائمِ
|
وكيف لا أمدحُ
مولىً غدا
|
|
في عصرِه خيرَ
بني آدمِ
|
ومن كموسى أو
كآبائِهِ
|
|
أو كعليٍّ وإلى
القائمِ
|
إمام حقٍّ يقتضي
عدله
|
|
لو سُلّم الحكمُ
إلى الحاكمِ
|
إفاضةَ العدلِ
وبذلَ الندى
|
|
والكفَّ عن
عاديةِ الظالمِ
|
يبسمُ للسائلِ
مستبشراً
|
|
أفديه من
مستبشرٍ باسمِ
|
ليثُ وغى في
الحربِ دامي الشبا
|
|
وغيثُ جود
كالحيا الساجمِ
|
مآثرٌ تعجزُ عن
وصفِها
|
|
بلاغةُ الناثرِ
والناظمِ
|
__________________
في العلمِ بحرٌ
زاخرٌ مدُّه
|
|
وفي الوغى أمضى
من الصارمِ
|
يعفو عن الجاني
ويولي الندى
|
|
ويحملُ الغُرمَ
عن الغارمِ
|
القائمُ الصائمُ
أكرمْ به
|
|
من قائمٍ مجتهدٍ
صائمِ
|
من معشرٍ سنّوا
الندى والقرى
|
|
وأشرقوا في الزمن
القادمِ
|
وأحرزوا خصل
العلى فاغتدوا
|
|
أشرفَ خلقِ
اللهِ في العالمِ
|
يروي المعالي
عالمٌ منهمُ
|
|
مُصدّقٌ في
النقلِ عن عالمِ
|
قد استووا في
شرفِ المرتقى
|
|
كما تساوتْ
حلقةُ الخاتمِ
|
من ذا يجاريهمْ
إذا ما اعتزوا
|
|
إلى عليٍّ وإلى
فاطمِ
|
ومن يناويهم إذا
عدّدوا
|
|
خيرَ بني الدنيا
أبي القاسمِ
|
صلّى عليه اللهُ
من مرسَلٍ
|
|
لما أتى من قبله
خاتمِ
|
يا آلَ طه أنا
عبدٌ لكم
|
|
باقٍ على حبّكم
اللازمِ
|
أرجو بكم نيلَ
الأماني غداً
|
|
إذا استبانتْ
حسرةُ النادمِ
|
معتصمٌ منكم
بودٍّ إذا
|
|
ما ظلّ شانيكم
بلا عاصمِ
|
وله قوله وهو
خاتمة كتابه كشف الغمّة (ص ٣٥٠):
أيّها السادةُ
الأئمّةُ أنتم
|
|
خيرةُ الله
أوّلاً وأخيرا
|
قد سموتمْ إلى
العلى فافترعتمْ
|
|
بمزاياكمُ
المحلَّ الخطيرا
|
أنزلَ اللهُ
فيكمُ هل أتى نصّا
|
|
جليّا في فضلِكم
مسطورا
|
من يجاريكمُ وقد
طهّر
|
|
اللهُ تعالى
أخلاقَكمْ تطهيرا
|
لكمُ سؤددٌ
يقرِّره القر
|
|
آن لمن أسمع
التقريرا
|
__________________
إن جرى البرقُ
في مداكم كبا من
|
|
دون غاياتكم
كليلاً حسيرا
|
وإذا أزمةٌ عرتْ
واستمرّت
|
|
فترى للعصاةِ
فيها صريرا
|
بسطوا للندى
أكفّا سباطاً
|
|
ووجوهاً تحكي
الصباحَ المنيرا
|
وأفاضوا على
البرايا عطايا
|
|
خلّفتْ فيهمُ
السحابَ المطيرا
|
فتراهمْ عند
الأعادي ليوثاً
|
|
وتراهم عند
العفاة بحوراً
|
يمنحون الوليَّ
جنَّة عدنٍ
|
|
والعدوَّ
الشقيَّ يَصلى سعيرا
|
يطعمونَ الطعامَ
في العسرِ واليس
|
|
ر يتيماً
وبائساً وأسيرا
|
لا يريدون
بالعطاء جزاءً
|
|
محبطاً أجر
برِّهم أو شكورا
|
فكفاهم يوماً
عبوساً وأعطا
|
|
همْ على البرِّ
نضرةً وسرورا
|
وجزاهمْ بصبرهمْ
وهو أولى
|
|
من جزى الخيرَ
جنّةً وحريرا
|
وإذا ما ابتدوا
لفصلِ خطابٍ
|
|
شرّفوا منبراً
وزانوا سريرا
|
بخّلوا الغيثَ
نائلاً وعطاءً
|
|
واستخفّوا
يلملماً وثبيرا
|
يخلفون الشموس
نوراً وإشرا
|
|
قاً وفي الليل
يُخجِلون البدورا
|
أنا عبدٌ لكم
أدين بحبّي
|
|
لكمُ اللهَ ذا
الجلالِ الكبيرا
|
عالمٌ أنَّني
أصبت وأنَ
|
|
الله يؤلي لطفاً
وطرفاً قريرا
|
مالَ قلبي
إليكمُ في الصبا الغ
|
|
ضّ وأحببتُكمْ
وكنتُ صغيرا
|
وتولّيتكمْ وما
كان في أه
|
|
لي وليٌّ مثلي
فجئت شهيرا
|
أظهرَ اللهُ
نورَكمْ فأضاء ال
|
|
أُفق لمّا بدا
وكنت بصيرا
|
فهداني إليكمُ
الله لطفاً
|
|
بي وما زال لي
وليّا نصيرا
|
كم أيادٍ أولى
وكم نعمةٍ أس
|
|
دى فلي أن أكون
عبداً شكورا
|
أمطرتني منه
سحائبُ جود
|
|
عاد حالي بهنَّ
غضّا نضيرا
|
وحماني من
حادثاتٍ عظامٍ
|
|
عُدت فيها
مؤيَّداً منصورا
|
لو قطعتُ
الزمانَ في شكر أدنى
|
|
ما حباني به
لكنتُ جديرا
|
فله الحمدُ
دائماً مستمرّا
|
|
وله الشكرُ
أوّلاً وأخيرا
|
وقفنا على قصائد
غديريّة في المجاميع المخطوطة ومعاجم الأدب تعزى إلى أُناس نحسبهم من رجال القرن
السادس والسابع ، غير أنّا لم نعثر على تراجم ناظمي عقودها ، ولم نجد لهم ذكراً في
التآليف والكتب فضربنا عنها صفحاً.
انتهى الجزء الخامس من كتاب الغدير
ويليه السادس إن شاء الله
وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه أُنيب
محتويات الكتاب
بقيّة
شعراء الغدير في القرن السادس
١١
ـ ٦١٩
السيّد محمد الأقساسي............................................... ١٣
ـ ٢٩
الشاعر.................................................................. ١٣
آل الاقساسي............................................................ ١٤
لفت نظر................................................................ ٢٩
ماعشت اراك الدهر عجباً............................................ ٣٧
ـ ٣٠٠
١ ـ حديث ردّالشمس..................................................... ٣٧
٢ ـ صلاة ألف ركعة....................................................... ٤٠
مشكلة الأوراد والختمات................................................... ٥٢
٣ ـ المحدث في الاسلام..................................................... ٦٧
نصوص أهل السنّة........................................................ ٦٨
تنبيه..................................................................... ٧٣
نصوص الشيعة........................................................... ٧٤
٤ ـ علم أئمّة الشيعة بالغيب................................................. ٨٠
غيض من فيض........................................................... ٩٥
العجب العجاب.......................................................... ٩٩
٥ ـ نقل الجنائز الي المشاهد.............................................. ١٠١
من نقلت جنازته قبل
الدفن............................................... ١٠٤
من نقل من مدفن الى
مدفن............................................... ١١٦
٦ ـ زيارة مشاهد العترة الطاهرة............................................. ١٣٣
الحتّ على زيارة النبي
صلى الله عليه واله والاحاديث فيها..................... ١٤٢
كلمات اعلام المذاهب
الأربعة حول زيارة النبي صلى الله عليه واله.............. ١٦٥
فروع ثلاثة على رجحان
زيارة النبي صلى الله عليه واله......................... ١٨٨
أدب الزائر عند
المجهور................................................... ١٩٣
زيارة النبي الأقدس....................................................... ٢٠١
زيارة اخرى.............................................................. ٢٠١
زيارة ثالثة............................................................... ٢٠٢
الزيارة خامسة........................................................... ٢٠٣
زيارة سادسة............................................................ ٢٠٤
زيارة سابعة............................................................. ٢٠٤
زيارة ثامنة.............................................................. ٢٠٥
زيارة تاسعة............................................................. ٢٠٦
الدعاء عند رأس النبي
صلى الله عليه واله.................................... ٢٠٧
دعاء آخر عند رأسه صلى
الله عليه واله.................................... ٢٠٨
الصلاة على النبي
الطاهر صلى الله عليه واله................................ ٢١٠
التوسل والاستشفاع
تبقبره الشريف صلى الله عليه واله........................ ٢١١
التبرّك بالقبر الشريف
بالتزام وتمريغ وتقبيل................................... ٢١٥
زيارة أبي بكر بن أبي
قحافة............................................... ٢٢٨
زيارة عمر بن الخطاب.................................................... ٢٢٩
زيارة اُخرى برواية
القسطلاني.............................................. ٢٢٩
زيارة اُخرى برواية
الباجوري................................................ ٢٣٠
زيارة الشيخين بلفظ
واحد................................................ ٢٣٠
زيارة الشيخين بلفظ
آخر................................................. ٢٣١
زيارة الشيخين بلفظ
ثالث................................................ ٢٣١
ودداع الحرم الأقدس...................................................... ٢٣٢
زيارة أئمّة البقيع وبقيّة
المزارات فيها......................................... ٢٣٣
زيارة شهداء اُحد........................................................ ٢٣٤
زيارة حمزة عمّ النبي
صلى الله عليه واله..................................... ٢٣٥٨
زيارة بقيّة الشهداء....................................................... ٢٣٥
المصادر المستقى منها
الزيارات وآدابها....................................... ٢٣٩
الحث على زيارة القبور.................................................... ٢٤١
ادب زوّار القبور......................................................... ٢٤٧
القول في الزيارة.......................................................... ٢٤٧
كلمات حول زيارة
القبور لأعلام العامّة..................................... ٢٥١
النذور لأهل القبور....................................................... ٢٦١
القبور المقصودة
بالزيارة................................................... ٢٦٥
١ ـ بلال بن حمامة
الحبشي................................................ ٢٦٥
٢ ـ سلمان الفارسي...................................................... ٢٦٦
٣ ـ طلحة بن عبيدالله.................................................... ٢٦٦
٤ ـ الزبير بن العوّام....................................................... ٢٦٦
٥ ـ أبو أيوب الأنصاري.................................................. ٢٦٦
٦ ـ مشهد رأس الحسين
بمصر وما قيل فيه................................... ٢٦٧
٧ ـ عمر بن عبد العزيز
الأموي............................................ ٢٧٦
٨ ـ أبو حنيفية
النعمان بن ثابت........................................... ٢٧٦
٩ ـ مصعب بن الزبير..................................................... ٢٧٨
١٠ ـ ليث بن سعد
الحنفي................................................ ٢٧٩
١١ ـ مالك بن انس..................................................... ٢٧٩
١٢ ـ الامام موسى بن
جعفر عليه السلام................................... ٢٧٩
١٣ ـ الامام على بن
موسى الرضا عليه السلام............................... ٢٧٩
١٤ ـ عبدالله بن غالب
الحدّاني البصري..................................... ٢٨٠
١٥ ـ عبدالله بن عون.................................................... ٢٨٠
١٦ ـ علي بن نصر بن
علي الازدي........................................ ٢٨٠
١٧ ـ معروف الكرخي................................................... ٢٨٠
١٨ ـ مشهد النذور
ببغداد................................................ ٢٨١
١٩ ـ محمد بن إدريس
إمام الشافعية........................................ ٢٨٣
٢٠ ـ أبو سليمان
الداراني................................................. ٢٨٣
٢١ ـ السيد نفيسة بنت
الحسين بن زيد بن الحسين عليه السلام............... ٢٨٤
٢٢ ـ أحمد بن حنبل..................................................... ٢٨٤
الله يزور أحمد بن حنبل
كلّ عام لنصرته كلامه............................... ٢٨٥
من يزور أحمد غفر الله
له................................................. ٢٨٦
فضل زوّار قبر أحمد...................................................... ٢٨٧
بركة قبر أحمد وجواره..................................................... ٢٨٧
٢٣ ـ ذوالنون المصري.................................................... ٢٨٩
٢٤ ـ بكّار بن قتيية
الثقفي البكراوي الحنفي................................. ٢٨٩
٢٥ ـ إبراهيم الحربي...................................................... ٢٨٩
٢٦ ـ إسماعيل بن يوسف
انديلمي......................................... ٢٨٩
٢٧ ـ علي بن محمد بن
بشار.............................................. ٢٨٩
٢٨ ـ الحافظ أبو عوانة
النيسابوري الأسفراييني............................... ٢٨٩
٢٩ ـ عبدالله بن أحمد
بن طباطبا المصري.................................... ٢٩٠
٣٠ ـ صبح بن أحمد
التميمي المسار........................................ ٢٩٠
٣١ ـ علي بن محمد
العامري.............................................. ٢٩١
٣٢ ـ عبدالملك بن محمد
الخركوشي......................................... ٢٩١
٣٣ ـ محمد بن الحسن بن
فورك الأصبهاني................................... ٢٩١
٣٤ ـ الحسن بن أبي
الهبيش............................................... ٢٩١
٣٥ ـ أبو جعفر بن أبي
موسى............................................. ٢٩١
٣٦ ـ المعتمد على الله
محمد بن المعتضد اللخمي الأندلسي.................... ٢٩٢
٣٧ ـ نصر بن إبراهيم
المقدسي............................................ ٢٩٢
٣٨ ـ علي بن الحسن
المصري الشافعي...................................... ٢٩٢
٣٩ ـ علي بن إسماعيل
بن محمد........................................... ٢٩٣
٤٠ ـ الخضر بن نصر
الاربلي الشافعي...................................... ٢٩٣
٤١ ـ نور الدين محمود
بن زنكي........................................... ٢٩٣
٤٢ ـ القاسم بن فيرة
الشاطبي............................................. ٢٩٣
٤٣ ـ أحمد بن جعفر
الخزرجي السبتي....................................... ٢٩٣
٤٤ ـ محمد بن أحمد
الحنبل المقدّسي........................................ ٢٩٤
٤٥ ـ سيف الدين أبو
الحسن القميري...................................... ٢٩٤
٤٦ ـ إسحاق بن يحيى
الأعرج............................................. ٢٩٤
٤٧ ـ أحمد بن علي
البدوي............................................... ٢٩٤
٤٨ ـ الشيخ حسين
الجاكي............................................... ٢٩٥
٤٩ ـ الشيخ أحمد بن
علوان............................................... ٢٩٥
٥٠ ـ أبو علي بن بيان................................................... ٢٩٥
٥١ ـ أبو عبدالله
القرشي الأندلسي........................................ ٢٩٥
٥٢ ـ أبو بكر بن
عبدالله العيدروس باعلوي................................. ٢٩٥
٥٣ ـ منتهى القول في
زيارة القبور.......................................... ٢٩٦
٧ ـ نظرة التنقيب في الحديث............................................. ٢٩٨
سلسلة الكذّابين والوضّاعين....................................... ٣٠١
ـ ٤٧٥
حرف الألف........................................................... ٣٠١
حرف الباء الموحّدة....................................................... ٣٢٧
حرف الجيم............................................................. ٣٣٠
حرف الحاء المهملة....................................................... ٣٣٣
حرف الخاء............................................................. ٣٤٤
حرف الدال المهلة....................................................... ٣٤٧
الراء المهملة واختها
المعجمة............................................... ٣٤٨
الشين المهملة........................................................... ٣٥٠
الشين المعجمة.......................................................... ٣٥٦
حرف الصاد المهلمة
واُختها المعجمة........................................ ٣٥٧
حرف الطاء المهملة
وأختها المعجمة........................................ ٣٥٩
حرف العين المهملة...................................................... ٣٥٩
حرف الغين المعجمة..................................................... ٣٩٤
حرف الفاء............................................................. ٣٩٥
حرف القاف........................................................... ٣٩٧
حرف الكاف........................................................... ٣٩٨
حرف اللام............................................................. ٣٩٩
حرف الميم.............................................................. ٤٠٠
حرف النون............................................................. ٤٣٢
حرف الهاء.............................................................. ٤٣٥
حرف الواو............................................................. ٤٣٧
حرف الباء............................................................. ٤٣٨
الكنى.................................................................. ٤٤٢
لفت نظر.............................................................. ٤٤٦
قائمة الموضوعات
والمقلوبات.............................................. ٤٦٤
مشكلة الثقة والثقات.................................................... ٤٧٠
سلسلة الموضوعات على النبيّ الامين صلى الله عليه واله............ ٤٧٦ ـ ٥٣١
سلسلة الموضوعات في الخلافة فحسب........................... ٥٣٢ ـ ٥٩٧
غثيثة التزوير...................................................... ٥٦٧
ـ ٥٩٧
ما هذه الدمدمة
والهمهمة؟................................................ ٥٩٣
حكم الحفّاظ لتلكم
الموضوعات المبهرجة.................................... ٥٩٦
قطب الدين الرواندي.............................................. ٥٩٩
ـ ٦٠٦
الشاعر................................................................. ٦٠٠
مشايخة والرواة عنه....................................................... ٦٠١
تأليفة القيّمة............................................................ ٦٠٣
خلفه الصالح............................................................ ٦٠٥
سبط ابن التعاويذي............................................... ٦٠٧
ـ ٦١٩
الشاعر................................................................. ٦٠٨
شعراء الغدير في القرن السابع
٦٢١
ـ ٧٠٣
آبو الحسن المنصور بالله.......................................... ٦٢٣
ـ ٦٢٨
الشاعر................................................................. ٦٢٥
مجد الدين بن جميل.............................................. ٦٢٩
ـ ٦٣٨
ما يتبع الشعر........................................................... ٦٣٠
الشاعر................................................................. ٦٣١
أدب مجد الدين بن جميل................................................. ٦٣٤
الشوّاء الكوفي في الحلبي......................................... ٦٣٩
ـ ٦٣٤
الشاعر................................................................. ٦٣٩
كمال الدين الشافعي.............................................. ٦٤٥
ـ ٦٥١
الشاعر................................................................. ٦٤٥
تأليفه.................................................................. ٦٤٧
أبو محمد المنصور بالله............................................ ٦٥٣
ـ ٦٦٠
الشاعر................................................................. ٦٥٩
أبو الحسين الجزّار................................................ ٦٦١
ـ ٦٧١
الشاعر................................................................. ٦٦٢
القاضي نظام الدين................................................ ٦٧٣
ـ ٦٧٨
ما يتبع الشعر........................................................... ٦٧٤
الشاعر................................................................. ٦٧٥
شمس الدين محفوظ.............................................. ٦٧٩
ـ ٦٨٦
الشاعر................................................................. ٦٨٠
بهاء الدين الأربلّي................................................. ٦٨٧
ـ ٧٠٣
الشاعر................................................................. ٦٨٩
مشايخ روايته والرواة
عنه.................................................. ٦٩٠
|