
بسم الله الرّحمن
الرّحيم
التّقدمة
إنّ الحمد لله
، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من
يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده
لا شريك له ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله.
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ ، وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا
رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها ،
وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ
بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) ، (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً).
وبعد فـ «القرآن
الكريم» هو المصدر الأول لـ «النحو العربي» ، و «الحديث النبوي» هو المصدر الثاني
له ، كما أنه في المرتبة الثانية بعد «القرآن الكريم» في البيان والفصاحة.
وبهما ازدهار
اللغة العربية ، وسرّ تقدمها.
ولا يشك مسلم ،
ولا يرتاب ، في أن فصاحة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لا تضاهيها فصاحة ، وأسلوبه في حديثه لا يقاربه أسلوب
، فلقد مدّت عليه الفصاحة رواقها ، وشدّت به البلاغة نطاقها ، وهو المبعوث بالآيات
الباهرة والحجج ، المنزل عليه قرآن عربيّ غير ذي عوج.
__________________
أما الصحابة
والتابعون فقد كانت لغتهم العربية وصفا غريزيا فيهم ، لأنهم من العرب الخلص ، لذا
لم يكونوا في حاجة لقواعد يضبطون بها كلامهم. أما من جاء بعدهم فلا بدّ لهم من
قواعد تضبط لهم طريق استعمال العرب في لسانها ، ومعرفة أسلوب العرب في كلامها.
ولقد تناولت في
كتابي «الحديث النبوي في النحو العربي» ظاهرة «الاحتجاج بالحديث النبوي ،
والاستشهاد به» ؛ لأنّ علم الحديث الشريف ، رفيع القدر ، عظيم الفخر ، شريف الذكر
، لا يعتني به إلّا كلّ حبر ، ولا يحرمه إلّا كلّ غمر ، ولا تفنى محاسنه على ممر الدهر .
فالحديث النبوي
كما أنه المصدر الثاني للتشريع واللغة بلا منازع. فكذلك هو المصدر النّحويّ في
قولين من ثلاثة.
وسيبقى الحديث
إلى جانب القرآن في الاستدلال والاحتجاج ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، فالتمسك
بهما سر نجاح الأمة الإسلامية وتقدمها ، مصداقا لقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (تركت فيكم شيئين لن تضلّوا بعدهما : كتاب الله ،
وسنّتي) .
وقد قسّمت
الخلاف في الاحتجاج بالحديث النبوي ، إلى ثلاثة اتجاهات :
الاتجاه الأول
: صحة الاحتجاج بالحديث النبوي في النحو العربي.
ذهب إلى ذلك
طائفة من النحاة ، منهم : «ابن خروف» ـ ٦٠٩ ه و «ابن مالك» ـ ٦٧٢ ه ، و «ابن
هشام» ـ ٧٦١ ه.
وهذا الاتّجاه
عليه المعوّل ، وإليه المصير.
__________________
وقد أفسح لنا «ابن
مالك» دائرة الاستشهاد باعتبار الحديث مصدرا من مصادرها.
وليت شعري ، من
أولى من «ابن مالك» في عصره ، بتمييز صحيح الحديث من زائفه!! وهو الذي ذكر بين
طبقات الشافعية ، وروى له «السيوطيّ» بعض الأحاديث بسنده ، وتلمذ له الإمام «اليونينيّ»
و «ابن جماعة» ، وغيرهما من كبار الأئمة ، وكتابه «شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات
الجامع الصحيح» خير دليل على أن الرجل لم يجر في غير ميدانه ، ولم يتعلق بما ليس
من شأنه ، بل إنه الإمام الذي يطمأن إليه فيما يأخذ وما يدع من أحاديث الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حين يرى الاستشهاد بشيء من هذه الأحاديث .
وقال «ابن حزم»
: «... والذي لا شك فيه فهو أنه ـ عليهالسلام ـ أفصح من امرئ القيس ، ومن الشماخ ، ومن الحسن البصري
، وأعلم بلغة قومه من الأصمعي ، وأبي عبيدة ، وأبي عبيد.
فما في الضلال
أبعد من أن يحتج في اللغة بألفاظ هؤلاء ، ولا يحتج بلفظه فيها ـ عليهالسلام ـ فكيف وقد أضاف ربه ـ تعالى ـ فيه إلى ذلك العصمة من
الخطأ فيها ، والتأييد الإلهي ، والنبوة والصدق ...»
الاتجاه الثاني
: رفض الاستشهاد بالحديث والاحتجاج به صراحة.
ذهب إلى ذلك
طائفة من النحاة ، منهم : «أبو حيان» ـ ٧٤٥ ه ، و «أبو الحسن ابن الضائع» ـ ٦٨٠ ه.
وأولع «السيوطي» ـ ٩١١ ه بنقل كلامهما ، وألهج به في كتبه ، ظانا أنه من الفوائد
الغريبة ، متلقيا له بالقبول تقليدا غافلا عن أنه في هذا الباب لا يسمن ولا يغني.
__________________
وقد تعلّق من
قال بهذا الاتجاه بعلّتين :
جواز الرواية
بالمعنى.
ووقوع اللحن
كثيرا في الأحاديث ، لأن كثيرا من الرواة كانوا غير عرب ، ولا يعلمون لسان العرب
بصناعة النحو.
ونحن نحمّل
مسؤولية هذا الرفض «أبا حيان» و «ابن الضائع» ؛ النقل بالمعنى إنما كان في الصدر
الأول ، قبل تدوينه في الكتب ، وقبل فساد اللغة ، وغايته تبديل لفظ بلفظ ، يصح
الاحتجاج به ، فلا فرق. وادعاء وقوع اللحن في الحديث النبوي باطل ؛ لأن ذلك يمكن
أن يتخرج على وجه من الوجوه النّحوية الصحيحة ، أو يتخرج على لغة عربية غير
مشهورة.
والقول بأن في
رواة الحديث أعاجم قول لا يعتدّ به ؛ لأنّ ذلك يقال في رواة الشعر والنثر ، اللذين
يحتج بهما ، فإن فيهم الكثير من الأعاجم ، وهل في وسعهم أن يذكروا لنا محدّثا ممن
يعتد به أن يوضع في صف «حمّاد الراوية» الذي كان يكذب ، ويلحن ، ويكسر الشعر. وروى «الكوفيون» أنّ حمّادا الراوية كان حفظ القرآن من
المصحف ، فكان يصحّف نيّفا وثلاثين حرفا. ومع ذلك لم يتورع الكوفيون ، ومن نهج منهجهم عن
الاحتجاج بمروياته. ولكنهم تحرجوا في الاحتجاج بالحديث النبوي.
ولم ترفّع
النّحويّون عما ارتضاه اللغويون من الانتفاع بهذا الشأن ، والاستقاء من ينبوعه
الفياض ، العذب الزلال ، فأصبح ربع اللغة به خصيبا بقدر ما صار ربع النحو جديبا؟!
ومن اطّلع على
منهج المحدّثين في النقد ، وطريقتهم في التعديل ، ومبالغتهم في
__________________
حقيقة الراوي ، والأخذ بالظنة والتهمة في ردّ مروياته ، يكاد يجزم بأن
تجويز الكذب على الراوي المستجمع للشروط أمر لا يصدّقه عقل ، ولا يتفق عليه اثنان.
ونحن لا نعذر
القدامى في عدم احتجاجهم بالحديث ، ولكن عدم ممارستهم لهذا الفن الجليل صرفهم عن
الاحتجاج به ؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
الاتجاه
الثالث : التوسط بين
المنع والجواز
ومن أبرز من
نهج هذا النهج «أبو إسحاق الشاطبي» ـ ٧٩٠ ه فقد قسّم الحديث إلى قسمين :
القسم الأول :
ما يعتنى ناقله بمعناه دون لفظه ، وهذا لم يقع به استشهاد أهل اللسان.
القسم الثاني :
عرف اعتناء ناقله بلفظه ، لمقصود خاص ، كالأحاديث التي قصد بها فصاحته ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والأمثال النبوية. وهذا يصح الاستشهاد به في النحو.
ثم أضاف «محمد
الخضر حسين» ـ ١٣٧٧ ه قسما ثالثا ، هو في الواقع تفصيل لما أجمل «الشاطبيّ» ، وقد
عالج هذا الموضوع في «مجلة مجمع اللغة العربية» على خير ما يعالجه عالم ثبت ، وانتهى من بحثه إلى النتيجة الآتية :
من الأحاديث ما
لا ينبغي الاختلاف بالاحتجاج به في اللغة و (القواعد) وهي ستة أنواع :
أولها : ما يروى
بقصد الاستدلال على كمال فصاحته ، ومحاسن بيانه.
ثانيها : ما
يروى من الأقوال التي يتعبّد بها.
__________________
ثالثها : ما
يروى على أنه كان يخاطب كل قوم من العرب بلغتهم. ومما هو ظاهر أن الرواة يقصدون في
هذه الأنواع الثلاثة إلى رواية الحديث بلفظه.
رابعها :
الأحاديث التي وردت من طرق متعددة ، واتحدت ألفاظها. سواء أكان ذلك من لفظ النبي ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ أم الصحابة ، أم التابعين ، الذين ينطقون الكلام
العربيّ فصيحا.
خامسها :
الأحاديث التي دونها من نشأ في بيئة عربية لم ينتشر فيها فساد اللغة ، كـ «مالك بن
أنس» ، و «عبد الملك بن جريج» ، و «الشافعي».
سادسها : ما
عرف من حال رواته أنهم لا يجيزون رواية الحديث بالمعنى.
مثل : «ابن
سيرين» و «علي بن المديني» ، و «رجاء بن حيوة» ...
إلى غير ذلك من
النتائج ، وقد ذكرت في مكانها من هذا المؤلّف.
وأخيرا فلقد
تعرضت لكثير من الشبهات والآراء ، وناقشتها ، ورددت على الساقط منها ، وبيّنت وجه
الحق مدعوما بالأدلة ، والبراهين.
واشتمل هذا
التأليف بعد هذه «التقدمة» على «تمهيد» ذكرت فيه «فصاحة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وبلاغة قوله» ، وإنما ذكرت هذا التمهيد بساطا وتوطئة
لما سأبسطه من الاحتجاج بالحديث النبوي. لا لأبيّن فصاحته ، وبلاغة قوله ، فهو
أفصح من نطق بالضاد. لا ينازع في ذلك أحد.
وقد قسمت هذا
التأليف إلى قسمين :
القسم الأول : (دراسة
مستفيضة لظاهرة الاستشهاد بالحديث النبوي في النحو العربي)
وفيه ثلاثة
أبواب :
الباب الأول :
مدخل إلى علم النحو العربي.
وفيه ثلاثة
فصول :
الفصل الأول :
معرفة اللغة والإعراب أصل لمعرفة الحديث النبويّ.
الفصل الثاني :
فائدة تعلّم النحو.
الفصل الثالث :
آراء علماء الشريعة في تعلّم النحو.
الباب الثاني :
مدخل إلى علم الحديث النبوي.
وفيه فصلان :
الفصل الأول :
تعريف الحديث ، والفرق بينه وبين الخبر والأثر.
الفصل الثاني :
تدوين الحديث النبوي.
تصحيح خطأ.
الباب الثالث :
المحدثون يتمتعون بدقة منقطعة النظير.
وفيه فصلان :
الفصل الأول :
صفة رواية الحديث ، وشرط أدائه.
آراء العلماء
في رواية المعنى.
وفيه مسائل :
المسألة الأولى
: بيان ما يقوله من يروي حديثا بالمعنى.
المسألة
الثانية : حكم اختصار الحديث الواحد.
ورواية بعضه
دون بعض والزيادة فيه.
المسألة
الثالثة : حكم تقطيع متن الحديث الواحد ، وتفريقه في الأبواب.
المسألة
الرابعة : طريق السلامة من اللحن والتصحيف في الحديث.
المسألة
الخامسة : اللحن والتصحيف.
المسألة
السادسة : تقويم اللحن بإصلاح الخطأ.
المسألة
السابعة : اتباع المحدّث على لفظه وإن خالف اللغة الفصيحة.
الفصل الثاني :
الاحتجاج بالحديث والاستشهاد به.
مطلب : معنى
الاستشهاد ، والاحتجاج ، والتمثيل.
وهذه الفصول
والمسائل التي درستها شديدة المساس بظاهرة «الاحتجاج والاستشهاد بالحديث النبوي».
وحين أبحث ذلك
فإنني لم أخرج عن إطار البحث النحوي الجاد الذي فيه أوفّي الموضوع حقّه من البحث
والتنقيب ، معتصما بالصبر ، ومستعينا بالله.
وخلصنا من
دراستنا هذه إلى أنه من المسلّمات الأولية أنّ الخطأ واللحن لم يقله النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولا أصحابه ، ولا التابعون.
القسم الثاني :
(دراسة نحوية للأحاديث النبوية الواردة في أكثر شروح ألفية «ابن مالك»)
وفيه ثمانية
وثلاثون بابا.
وهذه الأبواب
مشتملة على مسائل.
وعددها : عشر
ومائة مسألة.
وقد تضمنت هذه
المسائل شواهد حديثية نبوية ، مبينا فيها وجه الاستشهاد.
وقد اقتصرت على
الأحاديث الواردة في شروح الألفية التالية :
(١) «شرح ألفية
ابن مالك»
ومؤلفه : «محمد
بن محمد بن مالك ، بدر الدين ، ابن جمال الدين» ـ ٦٨٠ ه.
(٢) «توضيح
المقاصد والمسالك ، بشرح ألفية ابن مالك» ومؤلفه : «الحسن ابن قاسم بن عبد الله بن
علي المرادي ، المعروف بابن أمّ قاسم» ـ ٧٤٩ ه.
(٣) «أوضح
المسالك إلى ألفية ابن مالك»
ومؤلفه : «عبد
الله ، جمال الدين ، أبو محمد ، ابن هشام الأنصاري» ـ ٧٦١ ه.
(٤) «شرح ابن
عقيل على ألفية ابن مالك»
ومؤلفه : «عبد
الله بن عبد الرحمن بن عقيل الهاشميّ» ـ ٧٦٩ ه.
(٥) «المقاصد
الشافية في شرح الخلاصة الكافية»
ومؤلفه : «إبراهيم
بن موسى اللّخمي الغرناطي ، أبو إسحاق الشاطبي» ـ ٧٩٠ ه.
(٦) «شرح
الأشموني على ألفية ابن مالك»
ومؤلفه : «نور
الدين ، علي بن محمد ، أبو الحسن الأشموني» ـ نحو ٩٠٠ ه وقيل في وفاته غير ذلك.
وبنهاية المطاف
عقدت «خاتمة» بيّنت فيها النتائج التي وصلت إليها من بحثي.
ثم يجيء دور
المحتوى العام.
وبهذا أكون قد
استوعبت في هذا الكتاب : دراسة ظاهرة الاستشهاد بالحديث عند النحاة ، وما يتصل
بهذه الظاهرة ، مع المناقشات السديدة ، والآراء المفيدة ، كما درست طائفة كبيرة من
الأحاديث التي استشهد بها شرّاح الألفية ، وعنيت بتخريجها عناية تامة من المصنفات
الحديثيّة.
وفي الختام :
أستغفر الله العظيم مما طغى به القلم ، أو زلّ به الفكر ، على أنه قد قيل : ليس من
الدّخل أن يطغى قلم الإنسان ، فإنه لا يكاد يسلم منه أحد.
قال «ابن
الأثير» في «المثل السائر» :
«ليس الفاضل من لا يغلط ،
|
|
بل الفاضل من
يعدّ غلطه»
|
في أبها ٢٣ من
جمادى الأولى سنة ١٤٠٢
وكتبه أ. د
محمود فجال
__________________
تمهيد
فصاحة النبي صلىاللهعليهوسلم وبلاغة قوله
منح الله ـ سبحانه
وتعالى ـ نبيّنا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من كمالات الدنيا والآخرة ما لم يمنحه غيره ممن قبله
أو بعده ، فمن ذلك كلامه المعتاد ، وفصاحته المعلومة.
وكلام النبوّة
دون كلام الخالق ، وفوق كلام فصحاء المخلوقين ، فيه جوامع الكلام ، ومعجزات
البلاغة والفصاحة.
وهو كثير
مستفيض ، وحصر البليغ من كلام النبوّة ممتنع معجز ، لأنّه كلّه بليغ فصيح .
والنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أفصح العرب قولا ، وأبينهم كلاما ، وأعلاهم بلاغة.
وقد وصف «الجاحظ»
ـ ٢٥٥ ه كلام النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : «... هو الكلام الذي قلّ عدد حروفه ، وكثر عدد
معانيه ، وجلّ عن الصنعة ، ونزّه عن التكلف ، وكان كما قال الله ـ تبارك وتعالى ـ قل
يا محمد : (وَما أَنَا مِنَ
الْمُتَكَلِّفِينَ) ، فكيف وقد عاب التشديق ، وجانب أهل التقعيب ، واستعمل المبسوط في موضع البسط ، والمقصور في موضع
القصر ، وهجر الغريب الوحشيّ ، ورغب عن الهجين السّوقيّ ، فلم ينطق إلا عن ميراث
حكمة ، ولم يتكلّم إلّا بكلام قد حفّ بالعصمة ، وشيّد بالتأييد ، ويسّر بالتوفيق.
وهو الكلام
الذي ألقى الله عليه المحبة ، وغشّاه بالقبول ، وجمع له بين المهابة والحلاوة ،
وبين حسن الإفهام ، وقلّة عدد الكلام.
__________________
وهو مع
استغنائه عن إعادته ، وقلّة حاجة السامع إلى معاودته ، لم تسقط له كلمة ، ولا زلّت
به قدم ، ولا بارت له حجّة ، ولم يقم له خصم ، ولا أفحمه خطيب ، بل يبذّ الخطب
الطّوال بالكلم القصار. ولا يلتمس إسكات الخصم إلا بما يعرفه الخصم ، ولا يحتجّ
إلا بالصّدق. ولا يطلب الفلج إلا بالحق ، ولا يستعين بالخلابة ، ولا يستعمل المواربة
، ولا يهمز ولا يلمز ، ولا يبطىء ولا يعجل ، ولا يسهب ولا يحصر ، ثم لم يسمع الناس بكلام قطّ أعمّ نفعا ، ولا أقصد
لفظا ، ولا أعدل وزنا ، ولا أجمل مذهبا ، ولا أكرم مطلبا ، ولا أحسن موقعا ، ولا
أسهل مخرجا ، ولا أفصح معنى ، ولا أبين عن فحواه ، من كلامه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ»
وقال «القاضي
أبو الفضل عياض» ـ ٥٤٤ ه : «وأما فصاحة اللسان ، وبلاغة القول ، فقد كان ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من ذلك بالمحلّ الأفضل ، والموضع الذي لا يجهل ،
سلاسة طبع ، وبراعة منزع ، وإيجاز مقطع ، ونصاعة لفظ ، وجزالة قول ، وصحّة معان ، وقلّة تكلّف
، أوتي جوامع الكلم ، وخصّ ببدائع الحكم ، وعلّم ألسنة العرب ، فكان يخاطب
كلّ أمة منها بلسانها ، ويحاورها بلغتها ، ويباريها في منزع بلاغتها ، حتى كان
كثير من أصحابه يسألونه
__________________
في غير موطن عن شرح كلامه ، وتفسير قوله. من تأمّل حديثه وسيره علم ذلك وتحقّقه ...
وأما كلامه
المعتاد وفصاحته المعلومة ، وجوامع كلمه المأثورة ، فقد ألّف الناس فيها الدواوين
، وجمعت في ألفاظها ومعانيها الكتب ، ومنها ما لا يوازى فصاحة ، ولا يبارى بلاغة ...
وقد روت الكافة
عن الكافة من مقاماته ، ومحاضراته ، وخطبه ، ومخاطباته ، وعهوده
مما لا خلاف أنه نزل من ذلك مرتبة لا يقاس بها غيره ، وحاز فيها سبقا لا يقدر
قدره.
وقد جمعت من
كلماته التي لم يسبق إليها ، ولا قدر أحد أن يفرغ في قالبه عليها ... ما يدرك
الناظر العجب في مضمّنها ، ويذهب به الفكر في أداني حكمها ...
فجمع له بذلك ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ قوة عارضة البادية وجزالتها ، ونصاعة ألفاظ الحاضرة ،
ورونق كلامها ، إلى التأييد الإلهي الذي مدده الوحي الذي لا يحيط بعلمه بشريّ.
وقالت «أمّ
معبد» في وصفها له ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : حلو المنطق ، فصل ، لا نزر ، ولا هذر ، كأنّ منطقه خرزات نظمن ، وكان جهير الصّوت ، حسن
النّغمة ـ صلىاللهعليهوسلم ـ».
__________________
وقال «مجد
الدين ، أبو السعادات ، المبارك بن محمد الجزري ، ابن الأثير» ـ ٦٠٦ ه : «... وقد
عرفت ـ أيدك الله وإيانا بلطفه وتوفيقه ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان أفصح العرب لسانا ، وأوضحهم بيانا ، وأعذبهم نطقا ،
وأسدّهم لفظا ، وأبينهم لهجة ، وأقومهم حجّة ، وأعرفهم بمواقع الخطاب ، وأهداهم
إلى طرق الصواب ، تأييدا إلهيّا ، ولطفا سماويا ، وعناية ربّانية ، ورعاية روحانية
، حتى لقد قال له «عليّ» ـ كرّم الله وجهه ـ وسمعه يخاطب وفد بني نهد ـ : يا رسول
الله ، نحن بنو أب واحد ، ونراك تكلم وفود العرب بما لا نفهم أكثره! فقال : «أدبني
ربي فأحسن تأديبي ، وربّيت في بني سعد».
فكان صلىاللهعليهوسلم يخاطب العرب على اختلاف شعوبهم وقبائلهم ، وتباين
بطونهم ، وأفخاذهم ، وفصائلهم ، كلّا منهم بما يفهمون ، ويحادثهم بما يعلمون.
ولهذا قال ـ صدّق الله قوله ـ : «أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم» فكأن الله ـ عزوجل ـ قد أعلمه ما لم يكن يعلمه غيره من بني أبيه ، وجمع
فيه من المعارف ما تفرّق ولم يوجد في قاصي العرب ودانيه. وكان أصحابه ـ رضياللهعنهم ـ ومن يفد عليه من العرب يعرفون أكثر ما يقوله ، وما
جهلوه سألوه عنه فيوضحه لهم» .
وقال «مصطفى
صادق الرافعي» ـ ١٣٥٦ ه (بتصرف) : «ولا نعلم أن هذه الفصاحة قد كانت له صلىاللهعليهوسلم إلا توفيقا من الله ، وتوقيفا ، إذ ابتعثه للعرب ، وهم
قوم يقادون من ألسنتهم ، ولهم المقامات المشهورة في البيان
__________________
والفصاحة ، ثم هم مختلفون في ذلك على تفاوت ما بين طبقاتهم في اللغات ،
وعلى اختلاف مواطنهم ، فمنهم الفصيح والأفصح ، ومنهم الجافي والمضطرب ، ومنهم ذو
اللوثة ، والخالص في منطقه ، إلى ما كان من اشتراك اللغات وانفرادها بينهم ، وتخصص
بعض القبائل بأوضاع ، وصيغ مقصورة عليهم ، لا يساهمهم فيها غيرهم من العرب ، إلا
من خالطهم ، أو دنا منهم دنوّ المأخذ.
فكان ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يعلم كل ذلك على حقّه ، كأنما تكاشفه أوضاع اللغة
بأسرارها ، وتبادره بحقائقها ؛ فيخاطب كلّ قوم بلحنهم ، وعلى مذهبهم ، ثم لا يكون
إلا أفصحهم خطابا ، وأسدّهم لفظا ، وأبينهم عبارة ، ولم يعرف ذلك لغيره من العرب ،
ولو عرف لنقلوه وتحدثوا به ، واستفاض فيهم.
ومثل هذا لا
يكون لرجل من العرب إلا عن تعليم ، أو تلقين ، أو رواية ، عن أحياء العرب ، حيّا
بعد حي ، وقبيلا بعد قبيل ، حتى يفلي لغاتهم ، ويتتبع مناطقهم ، مستفرغا في ذلك ،
متوفّرا عليه ، ومعلوم أنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم يتهيأ له شيء من ذلك ... والذي خص به النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من ذلك قد كان توفيقا وإلهاما من الله ، فقد علمه
الله أشياء كثيرة لم يكن يعلمها ، حتى لا يعيا بقوم إن وردوا عليه ، ولا يحصر إن
سألوه ، ويكون في كل قبيل منهم ؛ لتكون الحجة به أظهر ، والبرهان على رسالته أوضح
، وذلك خاص له من دون العرب. فهذه واحدة.
وأما الثانية
فقد كان ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في اللغة القرشية التي هي أفصح اللغات وألينها ،
بالمنزلة التي لا يدافع عليها ، ولا ينافس فيها ، وكان من ذلك في أقصى النهاية ،
وإنما فضلهم بقوة الفطرة ، واستمرارها وتمكنها ، مع صفاء الحسّ ، ونفاذ البصيرة ،
واستقامة الأمر كله ، بحيث يصرّف اللغة تصريفا ، ويديرها على أوضاعها ، ويشقق منها
في أساليبها ومفرداتها ما لا يكون لهم إلا القليل منه ؛ لأن القوة على الوضع ،
والكفاية في تشقيق اللغة وتصاريف الكلام ، لا تكون في أهل الفطرة مزاولة ومعاناة ،
ولا بعد نظر فيها ، وارتياض لها ، إنما هي إلهام بمقدار ، تهيّء له الفطرة القوية
، وتعين عليه النفس المجتمعة ، والذهن الحادّ ، والبصر النفّاذ ، فعلى حسب ما يكون
للعربي في هذه المعاني ، تكون كفايته ، ومقدار تسديده في باب الوضع.
وليس في العرب
قاطبة من جمع الله فيه هذه الصفات ، وأعطاه الخالص منها ، وخصه بجملتها ، وأسلس له
مآخذها ، وأخلص له أسبابها ، كالنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فهو اصطنعه لوحيه ، ونصبه لبيانه ، وخصه بكتابه ،
واصطفاه لرسالته ، وما ذا عسى أن يكون وراء ذلك في باب الإلهام ، وجمام الطبيعة ،
وصفاء الحاسة ، وثقوب الذهن ، واجتماع النفس ، وقوة الفطرة ، ووثاقة الأمر كله
بعضه إلى بعض.
ولا يذهبنّ عنك
أن للنشأة اللغوية في هذا الأمر ما بعدها ، وأن أكبر الشأن في اكتساب المنطق
واللغة ، للطبيعة والمخالطة والمحاكاة ، ثم ما يكون من سمو الفطرة ، وقوتها ،
فإنما هذه سبيله : يأتي من ورائها ، وهي الأسباب إليه ؛ وقد نشأ النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وتقلّب في أفصح القبائل وأخلصها منطقا ، وأعذبها
بيانا ، فكان مولده في بني هاشم ، وأخواله في بني زهرة ، ورضاعه في سعد بن بكر ،
ومنشؤه في قريش ، ومتزوّجه في بني أسد ، ومهاجرته إلى بني عمرو ، وهم الأوس
والخزرج من الأنصار ، لم يخرج عن هؤلاء في النشأة واللغة ؛ ولقد كان في قريش وبني
سعد وحدهم ما يقوم بالعرب جملة ، ولذا قال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «أنا أفصح العرب ، بيد أني من قريش ، ونشأت في بني
سعد بن بكر» .
وهو قول أرسله
في العرب جميعا ، والفصاحة أكبر أمرهم ، والكلام سيد عملهم ، فما دخلتهم له حميّة
، ولا تعاظمهم ، ولا ردّوه ، ولا غضّوا منه ، ولا وجدوا إلى
__________________
نقضه سبيلا ، ولا أصابوا للتهمة عليه طريقا ، ولو كان فيهم أفصح منه
لعارضوه به ، ثم لجعلوا من ذلك سببا لنقض دعوته ، والإنكار عليه ، غير أنهم عرفوا
منه الفصاحة على أتم وجوهها ، وأشرف مذاهبها ، ورأوا له في أسبابها ما ليس لهم ،
ولا يتعلقون به ، ولا يطيقونه ، وأدنى ذلك أن يكون قوي العارضة ، مستجيب الفطرة ،
ملهم الضمير ، متصرف اللسان ، يضعه من الكلام حيث شاء ، لا يستكره في بيانه معنى ،
ولا يندّ في لسانه لفظ ، ولا تغيب عنه لغة ، ولا تضرب له عبارة ، ولا ينقطع له نظم
، ولا يشوبه تكلف ، ولا يشق عليه منزع ، ولا يعتريه ما يعتري البلغاء في وجوه
الخطاب ، وفنون الأقاويل ، من التخاذل ، وتراجع الطبع ، وتفاوت ما بين العبارة
والعبارة ، والتكثر لمعنى بما ليس منه ، والتحيف لمعنى آخر بالنقص فيه ، والعلوّ
في موضع ، والنزول في موضع ، إلى غير ذلك.
وقد نزه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن جميعها ، وسلم كلامه منها ، وخرج سبكه خالصا لا شوب فيه ، وكأنما وضع
يده على قلب اللغة ينبض تحت أصابعه. ولو هم اطلعوا منه على غير ذلك ، أو ترامى
كلامه إلى شيء من أضداد هذه المعاني لأطالوا في رد فصاحته ، وعرّضوا ، ولكان ذلك
مأثورا عنهم ، دائرا على ألسنتهم ، مستفيضا في مجالسهم ومناقلاتهم ، ثم لردّوا
عليه القرآن ، ولم يستطع أن يقوم لهم في تلاوته وتبيينه ، ثم لكان فيهم من يعيب
عليه في مجلس حديثه ، ومحاضرة أصحابه ، أو ينتقص أمره ، ويغضّ من شأنه ، فإنّ
القوم خلّص لا يستجيبون إلا لأفصحهم لسانا ، وأبينهم بيانا ، وخاصة في أول النبوّة
، وحدثان العهد بالرسالة ، فلما لم يعترضه شيء من ذلك ، وهو لم يخرج من بين أظهرهم
، ولا جلا عن أرضهم ، ورأينا هذا الأمر قد استمر على سنته ، واطرد إلى غايته ،
وقام عليه الشاهد القاطع من أخبارهم ، علمنا قطعا وضرورة أنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان أفصح العرب ، وأنه آية من آيات الله ، لأولئك
القوم ، و (كَذلِكَ يُبَيِّنُ
اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).
__________________
وقال الأستاذ
محمود محمد شاكر في مقال «المقتطف» (عدد يوليو سنة ١٩٣٤ ص ١١٤ ـ ١١٥) :
«إن اتساع
الفكرة في هذا الزمن ، ثم بساطتها ، ثم خفاء موضع الفلسفة العالية فيها ، ثم تغلغل
النظرة الفلسفية إلى أعماق الحقيقة الحية في الكون : هو رأس ما يمتاز به كبار
الأفذاذ والبلغاء في عصرنا هذا. وهو النوع الذي لم تعرفه العربية إلا في القليل من
شعرائها ، وفي القليل من شعر هؤلاء الشعراء ، وليس في العربية من هذا النوع إلا
معجزتان : إحداهما : القرآن ، والأخرى : ما صحّ من حديث الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، ففيهما وحدهما تبلغ الفكرة في نفسها ، ثم بتعبيرها
وألفاظها ، ثم بشمول معانيها لجميع الحقائق الواشجة بها ، ثم بتنسّمها في ألفاظها
وكلماتها نسمة الرّوح العطر في جوّ السّحر ، ثم فوق ذلك كله البساطة واللين
والتقارب والتعاطف بين هذه المعاني كلها ـ نقول : يبلغ هذا كله مبلغا يكون منه ما
هو كنسيم الجنة في طيبه ونعمته ، ويكون منه ما هو كحزّ المواسي في علائق القلوب ،
ويكون منه ما هو كالنار تستعر وتتلذّع ، ويكون منه ما ينتظم البنيان الإنساني
البليغ المتفهم فبهزّه هزّ الزلزلة أعصاب الأرض ، وبهذا كان القرآن معجزا ، لا
يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وبمثله كان حديث الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هو ذروة البلاغة البشرية التي تتقطّع دونها أعناق
الرجال» .
وأخيرا ما
أثمرت بلاغة مثل ما أثمرته بلاغة السماء في القرآن الكريم ، ثم بلاغة الأرض في
كلامه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
ولم يأت عن أحد
من روائع الكلم مثل ما جاء عنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
__________________
القسم الأول
دراسة مستفيضة لظاهرة الاستشهاد
بالحديث النبويّ في النحو العربيّ
وفيه ثلاثة أبواب :
(الباب الأول) : مدخل إلى علم النّحو العربيّ.
(الباب الثاني) : مدخل إلى علم الحديث النّبويّ.
(الباب الثالث) : المحدّثون يتمتّعون بدقّة منقطعة النظير.
الباب الأول
مدخل إلى علم النحو العربي
وفيه ثلاثة فصول :
(الفصل الأول) : معرفة اللغة والإعراب أصل لمعرفة الحديث النّبويّ.
(الفصل الثاني) : فائدة تعلّم النّحو.
(الفصل الثالث) : آراء علماء الشريعة في تعلّم النّحو.
الفصل الأول :
معرفة اللغة والإعراب أصل لمعرفة الحديث النبوي
«النّحو» دعامة
العلوم العربية ، وقانونها الأعلى ، ولن تجد منها علما يستقلّ بنفسه عن «النحو» ،
أو يستغنى عن معونته ، أو يسير بغير نوره وهداه.
وجميع العلوم النقلية
ـ على جليل شأنها ـ لا سبيل إلى استخلاص حقائقها ، والنفاذ إلى أسرارها ، بغير هذا
العلم ، فهل ندرك كلام الله ـ تعالى ـ ونفهم دقائق التفسير ، وأحاديث الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأصول العقائد ، وأدلة الأحكام ، والفقه الإسلاميّ ،
والبحوث الشرعيّة ، إلّا بإلهام النحو ، وإرشاده؟.
و «النحو»
وسيلة المستعرب ، وسلاح اللغوي ، وعماد البلاغي ، وأداة المشرّع والمجتهد ،
والمدخل إلى العلوم الشرعية والعربيّة جميعا. فليس عجيبا أن يصفه الأعلام السابقون
بأنه : «قانون اللغة ، وميزان تقويمها» ، وأن يفرغ له العباقرة من أسلافنا ، يجمعون أصوله ،
ويثبتون قواعده ، ويرفعون بنيانه شامخا ، ركينا ، في إخلاص نادر ، وصبر لا ينفد .
قال «أحمد بن
علي القلقشنديّ» ـ ٨٢١ ه :
«ومما يحتاج
إليه الكاتب «النحو» ، والأخذ منه بالحظ الوافر ، وصرف اهتمامه إلى القدر الكافي
منه».
__________________
وقال «شهاب
الدين محمود الحلبي» ـ ٧٢٥ ه :
«ويتبع ذلك قراءة ما يتفق له من كتب «النحو» التي يحصل بها المقصود
من معرفة العربية ، بحيث يجمع بين طرفي الكتاب الذي يقرؤه ، ويستكمل استشراحه ،
ويكبّ على الإعراب ويلازمه ، ويجعله دأبه ، ليرتسم في فكره ، ويدور على لسانه ،
وينطلق به عقال قلمه وكلمه ، ويزول به الوهم عن سجيته ، ويكون على بصيرة من عبارته
، فإنه لو أتى من البراعة بأتم ما يكون ، ولحن ذهبت محاسن ما أتى به ، وانهدمت
طبقة كلامه ، وألقى جميع ما يحسنه ، ووقف به عند ما جهله» .
وقد كان
الجهابذة من أسلافنا يتباهون بمعرفته.
ففي أول مقدمة «تدريب
الراوي» يتحدث «السيوطي» ـ ٩١١ ه ـ رحمهالله ـ بأنه عبر لجة قاموس «علم الحديث الشريف» حيث وقف غيره
بشاطئه ، ولم يكتف بورود مجاريه ، حتى بقر عن منبعه ومناشئه ... ثم قال : مع ما
أمدني الله به من العلوم ، فذكر التفسير ... وعلومه ... والفقه ... واللغة .. ثم
قال :
والنحو الذي
يفتضح فاقده بكثرة الزلل ، ولا يصلح الحديث للحان.
وقال «الجاحظ»
ـ ٢٥٥ ه : «كان أيوب السختياني يقول : تعلّموا النحو ؛ فإنّه جمال للوضيع ، وتركه
هجنة للشريف» .
__________________
ومن كلام «مالك
بن أنس» ـ ١٧٩ ه :
«الإعراب حلي
اللّسان ، فلا تمنعوا ألسنتكم حليّها» .
وقال «عمر» ـ رضياللهعنه ـ ٢٣ ه :
«تعلموا اللحن
والفرائض ، فإنه من دينكم».
قال «يزيد بن
هارون» ـ ٢٠٦ ه : اللحن هو اللغة .
وقال «أبو
إسحاق الشاطبي» : «إنّ هذه الشريعة المباركة عربية ، فمن أراد تفهمها
فمن جهة لسان العرب يفهم ، ولا سبيل إلى تطلب فهمها من غير هذه الجهة» .
__________________
وقال «المبارك
، ابن الأثير ، مجد الدين أبو السعادات» ـ ٦٠٦ ه :
«... معرفة
اللغة والإعراب هما أصل لمعرفة الحديث وغيره ، لورود الشريعة المطهرة بلسان العرب
...» .
وقال «ضياء
الدين بن الأثير» : «أما علم النحو فإنه في علم البيان من المنظوم
والمنثور بمنزلة (أبجد» في تعليم الخط ، وهو أول ما ينبغي إتقان معرفته لكل أحد
ينطق باللسان العربي ، ليأمن معرّة اللحن» .
ولهذا «قالوا :
إن الأئمة من السلف والخلف أجمعوا قاطبة على أنه شرط في رتبة الاجتهاد ، وأن
المجتهد لو جمع كل العلوم لم يبلغ رتبة الاجتهاد حتى يعلم «النحو» فيعرف به
المعاني التي لا سبيل لمعرفتها بغيره. فرتبة الاجتهاد متوقفة عليه ، لا تتم إلا به
... »
__________________
ولهذا الاعتبار رسم المنهج الرفيع في دراسة النحو ، فتعاقبت طوائف النحاة ،
وتوالت زمرهم في ميدانيه ، وتلقى الراية نابغ عن نابغ ، وألمعيّ في إثر ألمعيّ ،
وتسابقوا مخلصين دائبين ، فرادى وزرافات ، في إقامة صرحه ، وتشييد أركانه ،
فأقاموه سامق البناء ، وطيد الدّعامة ، مكين الأساس وهذا ما حمل علماء اللغة
الأجانب على الاعتراف بفضلهم ، والإشادة ببراعتهم .
وكانت الناس
فيما سلف تتعاير باللحن ، وكان مما يسقط الرجل بالمجتمع أن يلحن ، حتى قال «عبد
الملك بن مروان» ـ ٨٦ ه وقد قيل له : (أسرع إليك الشيب) : شيبني ارتقاء المنابر
مخافة اللحن.
وكان يرى اللحن
في الكلام أقبح من التفتيق في الثوب النفيس .
قال «الأصمعي»
: خاصم «عيسى بن عمر الثقفي النحوي» رجلا إلى «بلال بن أبي بردة» فجعل «عيسى»
يتتبّع الإعراب ، وجعل الرجل ينظر إليه ، فقال له «بلال» : لأن يذهب بعض حقّ هذا
أحبّ إليه من ترك الإعراب ، فلا تتشاغل به ، واقصد لحجّتك .
قال «علي بن
محمد الأشموني» ـ نحو ٩٠٠ ه قال «المطرزي» ـ ٦١٦ ه : نقط الياء من (قائل) و (بائع)
عامي ، قال : ومرّ بي في بعض تصانيف «أبي الفتح ، ابن جني» ـ ٣٩٢ ه أن «أبا علي»
ـ ٣٧٧ ه دخل على واحد من المتسمين بالعلم ، فإذا بين يديه جزء مكتوب فيه (قايل)
__________________
بنقطتين من تحت. فقال «أبو عليّ» لذلك الشيخ : هذا خطّ من؟ فقال : خطي.
فالتفت إلى صاحبه وقال : قد أضعنا خطواتنا في زيارة مثله ، وخرج من ساعته.
قال «محمد بن
علي الصبان» ـ ١٢٠٦ ه : كان الواجب عليه أن يقول : خطّ من هذا؟ لوجوب صدارة
الاستفهام وما أضيف إليه .
وقد كان
السابقون يقدرون الرجل بقدر ما فيه من علم ، ويسقطونه بقدر جهله.
قال «أبو محمد
الأزدي» ـ ٣٤٨ ه : واظب على العلم فإنه يزين الرجال. كنت يوما في حلقة «أبي سعيد
السيرافي» ـ ٣٦٨ ه ، فجاء «ابن عبد الملك» خطيب جامع المنصور ، وعليه السواد ،
والطويلة ، والسيف ، والمنطقة ، فقام إليه الناس وأجلسوه ، فلما جلس قال : لقد
عرفت قطعة من هذا العلم ، وأريد أن استزيد منه ، فأيهما خير «سيبويه» أو «الفصيح» ؟ فضحك الشيخ ومن في حلقته ، ثم قال : يا سيدنا «محبرة»
اسم أو فعل أو حرف؟ فسكت ، ثم قال : حرف ، فلما قام لم يقم له أحد .
و «الحجاج» ـ ٩٥
ه على أنه من الخطباء الأبيناء البلغاء ، كان في طبعه تقزز من اللحن أن يقع منه
أو من غيره ، فإذا وقع منه حرص على ستره ، وإبعاد من اطلع عليه منه.
__________________
ذكر أنه سأل «يحيى
بن يعمر الليثي» ـ ١٢٩ ه :
أتسمعني ألحن
على المنبر؟ فقال يحيى : الأمير أفصح الناس إلّا أنه لم يكن يروي الشعر. قال :
أتسمعني ألحن حرفا؟ قال : نعم ، في آي القرآن.
قال : فذاك
أشنع ، وما هو؟ قال : تقول : (قُلْ إِنْ كانَ
آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ
وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ
تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ...) تقرؤها «أحبّ» بالرفع.
فأنف «الحجاج»
أن يطلّع له رجل على لحن ، فبعث به إلى خراسان.
وكان «الحجاج»
يعجب بفصاحة «يحيى» هذا ، فسأله يوما : أخبرني عن «عنبسة بن سعيد» أيلحن؟ قال :
كثيرا ، قال : أفأنا ألحن؟ قال : لحنا خفيفا ، قال : كيف ذلك؟ قال : تجعل (أن : إن)
و (إن : أن) ، ونحو ذلك.
قال : لا
تساكنّي ببلد ، أخرج .
وقال «السيوطي»
في أول مقدمة «تدريب الراوي» في ذمّ من يدعي الحديث بغير علم النحو ـ : «... أو
تلفّظ بكلمة من الحديث لم يأمن أن يزل في إعرابها ، فصار بذلك ضحكة للناظرين ،
وهزأة للساخرين».
وقال في «تدريب
الراوي» ٢ : ١٠٧ :
وروى «الخليلي»
في «الإرشاد» عن «العباس بن المغيرة بن عبد الرحمن» عن أبيه قال : جاء «عبد العزيز
الدراورديّ» في جماعة إلى أبي ليعرضوا عليه كتابا ، فقرأ لهم «الدراورديّ» ، وكان
رديء اللسان يلحن ، فقال أبي : ويحك يا «دراورديّ» أنت كنت إلى إصلاح لسانك قبل
النظر في هذا الشأن أحوج منك. إلى غير ذلك.
__________________
وكان الرجل
فيما مضى يخشى من ظهور اللحن على لسانه.
لقى أحدهم رجلا
من أهل الأدب ، وأراد أن يسأله عن أخيه ، وخاف أن يلحن ، فقال : أخاك ، أخوك ،
أخيك ، هاهنا؟ فقال الرجل : لا ، لي ، لو ، ما هو حضر .
فهذا الجواب لا
يخلّص صاحبه من معرّة الجهل ، ولو كان المسؤول عاقلا لسلك طريق العلم ، ونفض عن
نفسه عار الجهل.
وقال «ابن
الصلاح» ـ ٦٤٣ ه : روّينا عن «النضر بن شميل» ـ ٢٠٣ ه قال : «جاءت هذه الأحاديث
على الأصل معربة». وقال «الأصمعي» ـ ٢١٦ ه : إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار» ؛ لأنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم يكن يلحن ، فمهما رويت عنه ولحنت فيه ، كذبت عليه.
وقال «الحافظ
العراقي» ـ ٨٠٦ ه في «ألفيته» ٣٤٧ :
وليحذر
اللحان والمصحفا
|
|
على حديثه
بأن يحرفا
|
فيدخلا في
قوله : «من كذبا»
|
|
فحقّ النحو
على من طلبا
|
فحقّ على طالب
الحديث أن يتعلّم من النحو واللغة ما يتخلّص به من شين اللحن والتحريف ومعرّتهما.
__________________
ولا بد لمن
يريد تعلم النحو من الشغف به ، ومجالسة أهله ، وإدامة النظر في كتبه ، وبذل الوسع
في تحصيله ، والوقوف على أبوابه وفصوله ، ليطلع على خفاياه ، ويدرك خباياه.
وكان فيما سلف «أبو
عبد الله ، الحسين بن أحمد بن خالويه» (المتوفى ٣٨٠ ه بحلب) إمام النحو والأدب ، وأحد أفراد الدّهر في كل فن من
فنون العلم ، وكانت الرحلة إليه من الآفاق. هذا الإمام الذي لا يشق له غبار في
علوم العربية جاءه رجل وقال له : أريد أن أتعلّم من العربية ما أقيم به لساني.
فقال : أنا منذ خمسين سنة أتعلم النحو ، ما تعلمت ما أقيم به لساني .
فهذا الإمام لم
يبالغ ، ولكنه يريد أن يقرر أنه دائب في تحصيل العلم لا يفتر ، وقد فاز بجزئه ،
ولم يحط بكله ، وفي التنزيل : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي
عِلْمٍ عَلِيمٌ) ، فمن أراد أن يقيم لسانه ، فعليه أن ينصرف للعلم
بكليته.
وعن «شعبة» ـ ١٦٠
ه : «من طلب الحديث ولم يبصر العربية فمثله مثل رجل عليه برنس ليس له رأس».
وعن «حماد بن
سلمة» ـ ١٦٧ ه قال : «مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو ، مثل الحمار عليه
مخلاة لا شعير فيها».
وقال «السيوطي»
ـ ٩١١ ه : كان «حماد بن سلمة» يمرّ بـ «الحسن البصريّ» في الجامع فيدعه ، ويذهب
إلى أصحاب العربية يتعلّم منهم .
__________________
وقال «شمس
الدين السخاوي» ـ ٩٠٢ ه : عن «أبي أسامة ، حماد ابن سلمة» ، أنه قال لإنسان : إن لحنت في حديثي فقد كذبت عليّ فإني
لا ألحن. وصدق ـ رحمهالله ـ فإنه كان مقدما في ذلك ، بحيث إنّ «سيبويه» شكى إلى «الخليل
بن أحمد» ـ ١٧٥ ه أنه سأله عن حديث : «هشام بن عروة» عن أبيه في رجل رعف ، يعني بضم العين على لغة ضعيفة. فانتهره
، وقال له : أخطأت ، إنما هو (رعف) ، يعني بفتحها ، فقال له «الخليل» : صدق ، أتلقى بهذا
أبا أسامة ؟! وهو سبب تعلّم «سيبويه» العربية .
__________________
ـ قال «القلقشندي» : قال «عثمان المهريّ» : أتانا كتاب «عمر ابن الخطاب ـ لعنة
الله عليه ـ ونحن بأذربيجان يأمرنا بأشياء ، ويذكر فيها : تعلموا العربية ، فإنها
تثبّت العقل ، وتزيد في المروءة.
ولله درّ «أبي
سعيد البصري» حيث يقول :
النحو يبسط
من لسان الألكن
|
|
والمرء تكرمه
إذا لم يلحن
|
وإذا طلبت من
العلوم أجلّها
|
|
فأجلّها عندي
مقيم الألسن
|
ـ قال صاحب «الريحان والريعان» : واللحن قبيح في
كبراء الناس وسراتهم.
كما أن الإعراب
جمال لهم ، وهو يرفع الساقط من السّفلة ، ويرتقي به إلى مرتبة تلحقه بمن كان فوق
نمطه وصنفه.
__________________
قال : وإذا لم
يتجه الإعراب فسد المعنى ؛ فإنّ اللحن يغيّر المعنى واللفظ ، ويقلبه عن المراد به
إلى ضده ، حتى يفهم السامع خلاف المقصود منه.
وقد روي أن
أعرابيا سمع قارئا يقرأ : «أن الله برىء من المشركين ورسوله» بجر «رسوله» فتوهم عطفه على «المشركين» ، فقال ، أو
برىء الله من رسوله؟ فبلغ ذلك «عمر بن الخطاب» ـ لعنة الله عليه ـ فأمر ألّا يقرأ
القرآن إلا من يحسن العربية. على أن «الحسن» قد قرأها بالجرّ على القسم.
وقد ذهب على
الأعرابي فهم ذلك لخفائه.
وسمع أعرابي
رجلا يقول : (أشهد أن محمدا رسول الله) ، بفتح «رسول» فتوهم أنه نصبه على النعت ،
فقال : يفعل ما ذا؟
وقال رجل لآخر
: ما شانك؟ بالنصب ، فظن أنه يسأل عن شين به ، فقال : عظم في وجهي.
وقال رجل
لأعرابي : كيف أهلك؟ بكسر اللام ، وهو يريد السؤال عن أهله ، فتوهّم أنه
يسأل عن كيفية هلاك نفسه ، فقال : صلبا.
__________________
ودخل رجل على «زياد بن أبيه» فقال : إن أبونا مات ، وإن أخينا وثب على مال
أبانا فأكله . فقال «زياد» للّذي أضعته من كلامك أضرّ عليك مما أضعته
من مالك.
وقيل لرجل : من
أين أقبلت؟ فقال : من عند أهلونا . فحسده آخر حين سمعه ، وظن ذلك فصاحة ، فقال : أنا
والله أعلم من أين أخذها ، من قوله : (شَغَلَتْنا
أَمْوالُنا وَأَهْلُونا) فأضحك كلّ منهما من نفسه .
قال «ابن حزم
الأندلسيّ» ـ ٤٥٧ ه : قد حدثني «يونس بن عبد الله بن مغيث» قال : أدركت بـ «قرطبة»
مقرئا يعرف بالقرشي ، أحد مقرئين ثلاثة للعامّة كانوا فيها ، وكان هذا القرشي لا
يحسن النحو ، فقرأ عليه قارىء يوما سورة «ق» : (وَجاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) فردّه عليه القرشي «تحيد» بالتنوين ، فراجعه القارئ ،
وكان يحسن النحو ، فلجّ المقرئ ، وثبت على التنوين. وانتشر ذلك الخبر إلى أن بلغ
إلى «يحيى بن مجاهد الفزاري الألبيري» ، وكان منقطع القرين في الزهد والخير والعقل
، وكان صديقا لهذا المقرئ ، فمضى إليه فدخل عليه وسلّم عليه ، وسأله عن حاله ، ثم
قال له : إنه بعد عهدي بقراءة القرآن على مقرئ فأردت تجديد ذلك عليك ، فسارع
المقرئ إلى ذلك ،
__________________
فقال له «الفزاري» : أريد أن أبتدئ بالمفصل ، فهو الذي يتردّد في الصلوات.
فقال له المقرئ
: ما شئت ، فبدأ عليه من أوّل المفصل ، فلما بلغ سورة «ق» وبلغ الآية المذكورة ،
ردّها عليه المقرئ ، بالتنوين ، فقال له «يحيى بن مجاهد» : لا تفعل ، ما هي إلا
غير منونة ، بلا شك ، فلجّ المقرئ.
فلما رأى «يحيى
بن مجاهد» لجاجه قال له : يا أخي إنه لم يحملني على القراءة عليك إلا لترجع إلى
الحق في لطف ، وهذا عظيمة أوقعك فيها قلة علمك بالنحو ، فإنّ الأفعال لا يدخلها
تنوين البتة ، فتحيّر المقرئ ، إلّا أنه لم يقنع بهذا.
فقال «يحي بن
مجاهد» : بيني وبينك المصاحف ، فبعثوا فأحضرت جملة من مصاحفهم الجيران ، فوجدوها
مشكولة بلا تنوين ، فرجع المقرئ إلى الحق ... قال «أبو محمد» : هذا المقرئ واهم
مغفل .
وقد كان سلفنا
يعنون بتصحيح اللسان.
قال «أبو زيد
النحويّ» قال رجل لـ «الحسن» : ما تقول في رجل ترك أبيه وأخيه؟.
__________________
فقال «الحسن» :
ترك أباه وأخاه.
فقال الرجل :
فما لأباه وأخاه؟
فقال «الحسن»
فما لأبيه وأخيه؟
فقال الرجل لـ
«الحسن» : أراني كلما كلمتك خالفتني !
قال «ابن هشام
الأنصاري» ـ ٧٦١ ه في «مغنى اللبيب» ٨٧٧ : وحكى «العسكريّ» في كتاب «التصحيف» أنه
قيل لبعضهم : ما فعل أبوك بحماره؟ فقال : باعه. فقيل له : لم قلت : باعه؟ قال :
فلم قلت أنت :
بحماره؟ فقال : أنا جررته بالباء ، فقال : فلم تجرّ باؤك ، وبائي لا تجر؟!.
وحكى «أبو بكر
التاريخيّ» في كتاب «أخبار النّحويّين» أن رجلا قال لسمّاك بالبصرة : بكم هذه
السمكة؟ فقال : بدرهمان ، فضحك الرجل ، فقال السمّاك : أنت أحمق ، سمعت «سيبويه»
يقول : ثمنها درهمان.
وقد يكون سبب
اللحن الفهم السقيم ، والقياس الفاسد.
قال «ابن هشام»
يوما : ترد الجملة الاسمية الحالية بغير واو في فصيح الكلام ، خلافا لـ «الزمخشري»
، كقوله تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ
تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) ، فقال بعض من حضر : هذه الواو في أولها.
وقال أيضا يوما
: الفقهاء يلحنون في قولهم : «البايع» بغير همز ، فقال قائل : فقد قال الله ـ تعالى
ـ : (فَبايِعْهُنَّ).
__________________
قال «القلقشندي»
وقف بعض الخلفاء على كتاب لبعض عمّاله فيه لحن في لفظه ، فكتب إلى عامله : قنّع
هذا سوطا معاقبة على لحنه .
وخاصم نحويّ
نحويا آخر عند بعض القضاة في دين عليه ، فقال : «أصلح الله القاضي! لي على هذا
درهمان».
فقال خصمه : «والله
ـ أصلحك الله ـ إن هي إلّا ثلاثة دراهم ، ولكنه لظهور الإعراب ترك من حقه درهما» .
فـ «النحو» لا
يستغنى عنه ، ولا يوجد بدّ منه ، ومن جهله فبضاعته من العلوم مزجاة ، وفهمه عقيم ،
ومن أتقنه وبرّز فيه فهو من أصحاب السبق ، لأن «النحو» مرقاة للوصول إلى جميع
الفنون ، وهاك بعض الأمثلة لتقريب هذه الفكرة.
قال «أبو إسحاق
الشاطبي» ـ ٧٩٠ ه : يحكى عن «الفراء» ـ ٢٠٧ ه أنه قال : من برع في علم واحد سهل
عليه كلّ علم. فقال له «محمد بن الحسن» ـ ١٨٩ ه القاضي ـ وكان حاضرا في مجلسه ذلك
، وكان ابن خالة الفراء ـ : أنت قد برعت في علمك ، فخذ مسألة أسألك عنها من غير
علمك! ما تقول فيمن سها في صلاته ، ثم سجد لسهوه فسها في سجوده أيضا؟ قال «الفراء»
: لا شيء عليه ، قال : وكيف؟
قال : لأن
التصغير عندنا لا يصغّر ، فكذلك السهو في سجود السهو لا
__________________
يسجد له ؛ لأنه بمنزلة تصغير التصغير ، فالسجود للسهو هو جبر للصلاة ،
والجبر لا يجبر ، كما أن التصغير لا يصغر.
قال القاضي :
ما حسبت أن النساء يلدن مثلك .
وروي أن «أبا
يوسف» ـ ١٨٢ ه دخل على «الرشيد» ـ ١٩٣ ه و «الكسائيّ» ـ ١٨٩ ه يداعبه ويمازحه ،
فقال له «أبو يوسف» : هذا الكوفي قد استفرغك ، وغلب عليك. فقال : يا أبا يوسف إنه ليأتيني بأشياء
يشتمل عليها قلبي. فأقبل «الكسائي» على «أبي يوسف» فقال : يا أبا يوسف! هل لك في
مسألة؟ فقال : نحو أم فقه؟
فقال : بل فقه.
فضحك «الرشيد» حتى فحص برجله ، ثم قال : تلقى على «أبي يوسف» فقها؟ قال : نعم
، قال : يا أبا يوسف ما تقول في رجل قال لامرأته : (أنت طالق أن دخلت الدار) وفتح «أن»
؟ قال : إذا دخلت طلقت ، قال : أخطأت يا أبا يوسف ، فضحك «الرشيد» ، ثم قال
: كيف
__________________
الصواب؟ قال : إذا قال : «أن» فقد وجب الفعل ووقع الطلاق ، وإن قال :
«إن» فلم يجب
ولم يقع. قال : فكان «أبو يوسف» بعدها لا يدع أن يأتي «الكسائي».
فهذه مسألة
جارية على أصل لغوي لا بد من البناء عليه في العلمين.
__________________
الفصل الثاني :
فائدة تعلم النحو
عقد «أبو
القاسم الزجاجي» ـ ٣٣٧ ه في كتابه «الإيضاح» ص : ٩٥ ، بابا ، ذكر فيه الفائدة في
تعلم النحو ، قال فيه :فإن قال قائل : فما الفائدة في تعلّم النحو ، وأكثر الناس
يتكلمون على سجيتهم بغير إعراب ، ولا معرفة منهم به ، فيفهمون ويفهمون غيرهم مثل
ذلك؟.
فالجواب :
الفائدة فيه : الوصول إلى التكلّم بكلام العرب على الحقيقة ، صوابا غير مبدل ولا
مغيّر.
وتقويم كتاب
الله ـ عزوجل ـ الذي هو أصل الدين والدنيا. ومعرفة أخبار النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وإقامة معانيها على الحقيقة ؛ لأنه لا تفهم معانيها
على صحة إلا بتوفيتها حقوقها من الإعراب. قال الله ـ عزوجل ـ في وصف كتابه : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
قُرْآناً عَرَبِيًّا) ، وقال : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ
مُبِينٍ) ، وقال :
(قُرْآناً عَرَبِيًّا
غَيْرَ ذِي عِوَجٍ). فوصفه بالاستقامة كما وصفه بالبيان في قوله :
(بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ
مُبِينٍ) ، وكما وصفه بالعدل في قوله : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا).
قال «المبرد»
كان بعض السلف يقول : عليكم بالعربية ، فإنها المروءة الظاهرة ، وهي كلام الله ـ عزوجل ـ وأنبيائه وملائكته.
وقال «ابن عباس»
: ما أنزل الله ـ تعالى ـ كتابا إلا بالعربية ، ثم ترجم لكل نبي على لسان أمته.
__________________
وقال «عمر بن
الخطاب» : عليكم بالعربية ، فإنها تثبت العقل ، وتزيد في المروءة.
وقال «عمر»
أيضا : لأن أقرأ فأخطئ أحبّ إلي من أن أقرأ فألحن ؛ لأني إذا أخطأت رجعت ، وإذا
لحنت افتريت.
وقال «أبو بكر»
و «عمر» : تعلّم إعراب القرآن أحبّ إلينا من تعلّم حروفه.
وقال «عمر»
لقوم رموا فأساؤوا الرمي ، فقال : بئس ما رميتم. فقالوا : إنا قوم متعلمين ، فقال
: والله لخطؤكم في كلامكم أشد من خطئكم في رميكم. سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «رحم الله امرأ أصلح من لسانه» .
وقال بعض السلف
: ربما دعوت فلحنت ، فأخاف ألّا يستجاب لي.
وقال «علي» ـ كرم
الله وجهه ـ : «قيمة كل امرئ ما يحسن».
وهذا قول جامع
في فنون العلم.
وبعد : فأدب
العرب وديوانها هو الشعر ، ولا يتمكّن أحد من المولدين من إقامته إلا بمعرفة النحو. ولا يطيق أحد من المتكلفين قول الشعر
أن يتعاطى قوله إلا بعد إتقانه وجوه العربية ، فإن تكلّفه منهم متكلف غير عارف
بالعربية خبط في عشواء ، وبان عواره للخاصة في أقرب مدة.
__________________
وهذا باب يطول
جدا ، أعني مدح العربية والنحو ، وفيما ذكرت منه مقنع في هذا الموضع ... ا ه
بتصرف.
وبالجملة فسبب
السلامة من اللحن يكون بتعلم النحو ، أي : بتعلم قدر يعرف به الإعراب.
وسبب السلامة
من التصحيف الأخذ من أفواه أهل العلم ، لا من الكتب ، فقلّما سلم من التصحيف من
أخذ العلم من الصّحف من غير تدريب المشايخ.
وأخيرا هذه
كلمة صادقة أملاها علينا الإنصاف فسجلناها ، لننسب الفضل لروّاده ، لأولئك الذين
نقلوا لنا اللغة بكل أمانة وصدق ، كيلا نكون من عصبة الجاهلين ، وزمرة المغرورين.
والله المسؤول
أن يأخذ بأيدينا ، ويسدد خطانا في خدمة العلم وأهله.
الفصل الثالث :
آراء علماء الشريعة في تعلّم النحو
أـ لقد ذهب
فريق من العلماء إلى أن تعلم القدر اللازم من اللغة العربية واجب ، وما زاد على
ذلك فمشغلة.
قال «السخاوي»
: صرح «العز بن عبد السّلام» في أواخر «القواعد» أن الاشتغال بالنحو الذي نقيم به
كلام الله ـ تعالى ـ وكلام رسوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من مقدمة الواجب ؛ لأن حفظ الشريعة واجب لا يتأتى
إلّا بذلك ؛ ولذا قال «الشعبي» : النحو في العلم كالملح في الطعام لا يستغني عنه
أحد. ثم قال «العز» : ... لكن لا يجب التوغل فيه ، بل يكفيه تحصيل مقدمة مشيرة
لمقاصده ، بحيث يفهمها ، ويميز بها حركات الألفاظ وإعرابها ، لئلا يلتبس فاعل
بمفعول ، أو خبر بأمر ، أو نحو ذلك. قال «أبو أحمد بن فارس» في جزء «ذم الغيبة» له
:
إن غاية النحو
، وعلم ما يحتاج إليه منه أن يقرأ فلا يلحن ، ويكتب فلا يلحن ، فأما ما عدا ذلك
فمشغلة عن العلم ، وعن كل خير. و «الخطيب» قال في «جامعه» :
إنه ينبغي
للمحدّث أن يتّقي اللحن في روايته ، ولن يقدر على ذلك إلا بعد دربة النحو ،
ومطالعته علم العربية. ثم ساق عن الإمام «أحمد» أنه قال : ليس يتقي من لا يدري ما
يتقي .
قال «القلقشندي»
: ثم المرجع في معرفة النحو إلى التلقي من أفواه العلماء الماهرين فيه ، والنظر في
الكتب المعتمدة في ذلك من كتب المتقدّمين والمتأخرين .
وعلى هذا
المهيع جرى العلماء في تعلم النحو.
ب ـ وذهب فريق
آخر من الناس إلى طعن متعلمي العربية جهلا منهم.
__________________
قال «القلقشندي»
: قال أبو جعفر النحاس : وقد صار أكثر الناس يطعن على متعلّمي العربية جهلا
وتعدّيا ، حتى إنهم يحتجون بما يزعمون أن «القاسم بن مخيمرة» قال : «النحو أوّله شغل ، وآخره بغي» . قال : وهذا كلام لا معنى له ، لأن أول الفقه شغل ،
وأول الحساب شغل ، وكذا أوائل العلوم ، أفترى أن الناس تاركين العلوم من أجل أنّ
أوّلها شغل؟ قال : وأما قوله : «وآخره بغي» إن كان يريد به أن صاحب النحو إذا حذقه
صار فيه زهو ، واستحقر من يلحن ، فهذا موجود في غيره من العلوم ، من الفقه وغيره
في بعض الناس ، وإن كان مكروها. وإن كان يريد بالبغي التجاوز فيما لا يحل ، فهذا
كلام محال ، فإن النحو إنما هو العلم باللغة التي نزل بها القرآن ، وهي لغة النبي
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وكلام أهل الجنة ، وكلام أهل السماء ...
جاء في «حاشية
الصبان» ١ : ١٢٦ «فائدة» :
حيث قيل
بالجواز والامتناع في أحكام العربية فإنما يعنى بالنسبة إلى اللغة ، ولا يلزم من
التكلم بما لا يجوز لغة الإثم الشرعي ، فمن لحن في غير التنزيل والحديث ، كأن نصب
الفاعل ، ورفع المفعول ، لا نقول : إنه يأثم ، إلا أن يقصد إيقاع السامع في غلط
يؤدي إلى نوع ضرر ، فعليه حينئذ إثم هذا القصد المحرم.
قاله الشيخ «بهاء
الدين السبكي» في شرح المختصر.
__________________
الباب الثاني
مدخل إلى العلم الحديث النبويّ
وفيه فصلان :
(الفصل
الأول) : تعريف الحديث ، والفرق بينه وبين الخبر والأثر.
(الفصل
الثاني) : تدوين الحديث النبويّ.
تصحيح خطأ.
الفصل الأول :
تعريف الحديث والفرق بينه وبين الخبر والأثر
تعريف الحديث ، لغة :
الحديث : نقيض
القديم ، والجديد من الأشياء ، والخبر. فالحديث والخبر مترادفان ، والحديث يأتي
على قليل الخبر وكثيره ؛ لأنه يحدث شيئا فشيئا.
والجمع :
أحاديث ، كقطيع وأقاطيع. وهو شاذ على غير قياس.
وقوله تعالى : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى
آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) عنى بالحديث القرآن الكريم.
وقوله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) أي : بلّغ ما أرسلت به.
والحديث : ما
يحدّث به المحدّث تحديثا ، وقد حدّثته الحديث ، وحدثته به.
قال «الجوهري»
ـ ٣٩٣ ه :
المحادثة ،
والتّحادث ، والتّحدّث ، والتّحديث. معروفات.
وقال «ابن سيده»
ـ ٤٥٨ ه : قال «سيبويه» ـ ١٨٠ ه في تعليل قولهم : لا تأتيني فتحدّثني : كأنك قلت
: ليس يكون منك إتيان فحديث ، أراد فتحديث ، فوضع الاسم موضع المصدر ؛ لأن مصدر
حدّث إنما هو التحديث ، فأما «الحديث» فليس بمصدر .
وقول الله
تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ
رَبِّكَ فَحَدِّثْ) معناه : بلّغ ما أرسلت به ، وحدّث بالنبوة التي آتاك
الله ، وهي أجلّ النّعم.
قال «الفراء» ـ
٢٠٧ ه وغيره : «الأحاديث» جمع «أحدوثة» ثم جعلوه جمعا لـ «الحديث».
__________________
وقيل : بل جمع «أحدثة»
على «أفعلة» ككثيب ، وأكثبة.
ـ قال «ابن بري»
ـ ٥٨٢ ه :
ليس الأمر كما
زعم «الفراء» ، لأن «الأحدوثة» بمعنى الأعجوبة ، يقال : قد صار فلان أحدوثة ، فأما
أحاديث النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فلا يكون واحدها إلا حديثا ، ولا يكون أحدوثة.
قال : وكذلك
ذكره «سيبويه» في (باب ما جاء بناء جمعه على غير واحده المستعمل) كعروض وأعاريض ،
وباطل وأباطيل.
ثم قال «سيبويه»
: ومثل ذلك : حديث ، وأحاديث ...
وفي حديث «فاطمة»
ـ رضياللهعنها ـ أنها جاءت إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فوجدت عنده حدّاثا ، أي : جماعة يتحدّثون ، وهو جمع
على غير قياس ، حملا على نظيره ، نحو : سامر ، وسمّار ، فإنّ السّمّار المحدّثون.
ورجل حدث ،
وحدث ، وحدث ، وحدّيث ، ومحدّث ، بمعنى واحد ، وهو كثير الحديث ، حسن السياق له .
تعريف «الحديث» شرعا :
قال «السيوطي»
في «تدريب الراوي» ١ : ٤٠ : قال «ابن الأكفاني» في كتاب «إرشاد القاصد» :
__________________
علم الحديث الخاص بالرواية : «علم يشتمل على أقوال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأفعاله ، وروايتها ، وضبطها ، وتحرير ألفاظها» وعلم
الحديث الخاص بالدراية : «علم يعرف منه حقيقة الرواية ، وشروطها ، وأنوعها ،
وأحكامها ، وحال الرواة ، وشروطهم ، وأصناف المرويات ، وما يتعلق بها».
فحقيقة الرواية
: نقل السنة ونحوها ، وإسناد ذلك إلى من عزي إليه بتحديث أو إخبار ، وغير ذلك.
وشروطها : تحمل
راويها لما يرويه بنوع من أنواع التحمل ، من سماع ، أو عرض ، أو إجازة ، ونحوها.
وأنواعها :
الاتصال ، والانقطاع ، ونحوهما.
وأحكامها :
القبول والرد.
وحال الرواة :
العدالة والجرح.
وشروطهم : من
جهة التحمل والأداء.
وأصناف
المرويات : المصنفات من المسانيد ، والمعاجم ، والأجزاء ، وغيرها ، أحاديث ، وآثارا ، وغيرهما.
وما يتعلق بها
: هو معرفة اصطلاح أهلها.
وقال «عز الدين
ابن جماعة» ـ ٨١٩ ه :علم الحديث : «علم بقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن».
__________________
وقال «أبو
الفضل ابن حجر» ـ ٨٥٢ ه :
علم الحديث : «القواعد
المعرّفة بحال الراوي والمروي» وقال «الكرماني» ـ ٧٨٦ ه في «شرح البخاري» : وحدّه
هو : «علم يعرف به أقوال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وأفعاله وأحواله».
الفرق بين الحديث وبين الخبر والأثر :
قال «السيوطي»
في «تدريب الراوي» (١ : ٤٢) :
قال «ابن حجر»
في «شرح البخاري» : المراد بالحديث في عرف الشرع : «ما يضاف إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ» وكأنه أريد به مقابلة القرآن ، لأنه قديم.
قال «الطيبي» ـ
٧٤٣ ه : الحديث أعم من أن يكون قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والصحابيّ ، والتابعيّ ، وفعلهم ، وتقريرهم.
وقال «ابن حجر»
في «شرح النخبة» .
الخبر عند
علماء الفن مرادف للحديث. فيطلقان على المرفوع ، وعلى الموقوف ، والمقطوع.
وقيل : الحديث
: ما جاء عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والخبر : ما جاء عن غيره. ومن ثمّ قيل لمن يشتغل
بالسنة : محدّث ، وبالتواريخ ونحوها : أخباريّ .
وقيل : لا يطلق
الحديث على غير المرفوع إلا بشرط التقييد.
وقد ذكر «النووي»
ـ ٦٧٦ ه في (النوع السابع) أن المحدثين يسمون المرفوع والموقوف بـ «الأثر» ، وأن «فقهاء
خراسان» يسمون الموقوف بالأثر ، والمرفوع بالخبر. ويقال : أثرت الحديث بمعنى :
رويته ، ويسمى المحدّث أثريّا ، نسبة
__________________
للأثر. ا ه «السيوطي».
ويظهر من صنيع «المبرد»
أنه يريد من الحديث الخبر أحيانا ، فقد قال :
«وفي الحديث :
لما طعن ...» وهاك نصه من «المقتضب» ١ : ٣٤ :
«وقال أمير
المؤمنين «علي بن أبي طالب» ـ كرم الله وجهه ـ : «العين وكاء السّه».
ثم قال في ١ :
٢٢٣ : «وفي الحديث : العين وكاء السّه» وقال في ٤ : ٢٥٥ : «وفي الحديث لما طعن العلج أو العبد
عمر ـ رحمهالله ـ صاح :
يالله للمسلمين»
، ومثله في «الكامل» لـ «المبرد» ٧ : ٢١٥.
وقد حدد معنى
الحديث بأخبار الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، فقد قال «أبو هريرة» ـ رضياللهعنه ـ : يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟
قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لقد ظننت يا أبا هريرة ألّا يسألني عن هذا الحديث
أحد أوّل منك ، لما رأيت من حرصك على الحديث. أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من
قال : لا إله إلّا الله خالصا من قلبه ، أو نفسه» .
__________________
وقال «أنس» ـ رضياللهعنه ـ : إنه ليمنعني أن أحدّثكم حديثا كثيرا أنّ النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «من تعمّد علي كذبا فليتبوّأ مقعده من النار »
وقال «ابن عباس»
ـ رضياللهعنهما ـ : «إنّما كنّا نحفظ الحديث ، والحديث يحفظ عن رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأما إذ ركبتم كل صعب وذلول فهيهات» .
وموجز القول :
إذا أطلق «الحديث» أريد به ما أضيف إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من قول أو فعل أو تقرير ، أو صفة خلقية أو خلقية.
وقد يراد به ما
أضيف إلى صحابي أو تابعي ، ولكن الغالب أن يقيد إذا ما أريد به غير النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
ويطلق الخبر
والأثر ويراد بهما ما أضيف إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وما أضيف إلى الصحابة والتابعين. وهذا رأي الجمهور ،
إلا أن فقهاء خراسان يسمون الموقوف أثرا ، والمرفوع خبرا .
__________________
الفصل الثاني :
تدوين الحديث النبوي
إن الحديث
الشريف لم يدوّن تدوينا كاملا في عهد الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كما دوّن القرآن الكريم.
وقد مر تدوين
الحديث بمراحل منتظمة حققت حفظه ، وصانته من العبث ، وقد تضامنت الذاكرة والأقلام
، وكان جنبا إلى جنب في خدمة الحديث. روى «مسلم» ـ في كراهة الكتابة ـ عن أبي سعيد
الخدري أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «لا تكتبوا عنّي ، ومن كتب عني غير القرآن
فليمحه ، وحدّثوا عني ولا حرج ، ومن كذب عليّ. قال همّام : أحسبه قال : متعمّدا
فليتبوّأ مقعده من النار» .
وروى «البخاريّ»
ـ في إباحة الكتابة ـ عن أبي هريرة يقول : «ما من أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أحد أكثر حديثا عنه منّي إلّا ما كان من عبد الله ابن
عمرو ، فإنه كان يكتب ولا أكتب» .
قال «ابن حجر»
: روى أحمد والبيهقي في «المدخل» عن أبي هريرة قال : ما كان أحد أعلم بحديث رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب بيده ، ويعي بقلبه ، وكنت أعي ولا أكتب
، استأذن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يكتب بيده ما سمع منه فأذن له» الحديث.
__________________
يستفاد منه أن
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أذن في كتابة الحديث عنه ، وهو يعارض حديث أبي سعيد
الخدري.
والجمع بينهما
أن النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره ، والإذن في غير ذلك.
أو أن النهي
خاص بكتابة غير القرآن مع القرآن في شيء واحد والإذن في تفريقهما. أو النهي متقدم
والإذن ناسخ له عند الأمن من الالتباس ، وهو أقربهما مع أنه لا ينافيها.
وقيل : النهي
خاص بمن خشي منه الاتكال على الكتابة دون الحفظ ، والإذن لمن أمن منه ذلك .
والنهي عن
الكتابة إنما كان في أول الإسلام مخافة اختلاط الحديث بالقرآن ، فلما كثر عدد
المسلمين وعرفوا القرآن معرفة رافعة للجهالة ، وميزوه من الحديث زال هذا الخوف
عنهم ، فنسخ الحكم الذي كان مترتبا عليه ، وصار الأمر إلى الجواز .
قال «ابن حجر»
: قال العلماء : كره جماعة من الصحابة والتابعين كتابة الحديث ، واستحبوا أن يؤخذ
عنهم حفظا كما أخذوا حفظا ، لكن لما قصرت الهمم ، وخشي الأئمة ضياع العلم دوّنوه.
وأوّل من دوّن
الحديث «ابن شهاب الزهريّ» ـ ١٢٤ ه على رأس المائة بأمر «عمر بن عبد العزيز» ـ ٨٣
ه ثم كثر التدوين والتصنيف ، وحصل بذلك خير كثير. فلله الحمد .
يقول «الرّامهرمزيّ»
ـ ١٠١ ه : «والحديث لا يضبط إلا بالكتاب ، ثم بالمقابلة ، والمدارسة ، والتعهد ،
والتحفظ ، والمذاكرة ، والسؤال ، والفحص عن
__________________
الناقلين ، والتفقه بما نقلوه ، وإنما كره الكتاب من كره في الصدر الأول ،
لقرب العهد ، وتقارب الإسناد ، ولئلا يعتمده الكاتب فيهمله ، ويرغب عن تحفظه
والعمل به ، فأما والوقت متباعد والإسناد غير متقارب ، والطرق مختلفة ، والنقلة
متشابهون ، وآفة النسيان معترضة ، والوهم غير مأمون ، فإن تقييد العلم بالكتاب
أولى وأشفى ، والدليل على وجوبه أقوى ، وحديث أبي سعيد : حرصنا أن يأذن لنا رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في الكتاب أحسب أنه كان محفوظا في أول الهجرة ، وحين
كان لا يؤمن الاشتغال به عن القرآن» .
__________________
تصحيح خطأ
ورد في كتاب «أصول
التفكير النحوي» ١٤٢ ما يلي : ومن الأخطاء الشائعة أن الحديث لم يدوّن إلا بعد عهد
«عمر بن عبد العزيز» إذ من الحقائق التاريخية الثابتة أن الحديث كان يدوّن على عهد
صحابة رسول الله ، في النصف الأول للقرن الأول من الهجرة ، ومن المؤكد أن «عبد
الله بن عمرو بن العاص» كان يدوّن ما يسمع من رسول الله في صحيفة سماها : «الصّادقة»
، وأن «همام بن منبه» كان يكتب ما يسمع من أحاديث الرسول التي يرويها «أبو
هريرة» في صحيفة سماها : «الصحيحة» ، ويعدها بعض الباحثين أقدم ما دوّن في الحديث النبوي ،
لأن أبا هريرة توفي سنة ٥٨ ه ، ومن المؤكد ـ عنده ـ أنها قد دوّنت قبل وفاته. ا
ه.
أقول ـ وبالله
التوفيق ـ : إنّ قوله : «ومن الأخطاء الشائعة أن الحديث لم يدوّن إلا بعد عمر بن
عبد العزيز ...» خطا لا يعول عليه ؛ لأن ما قاله علماء الحديث قاطبة في أولية
التدوين هو اصطلاح لهم ، ومرادهم به بداية عهد التدوين الجماعي ، أما الصحيفة
الصادقة ، والصحيفة الصحيحة ، فهما من قبيل الكتابة الإفرادية ، وقد وجد في هذه
الفترة من منع الكتابة ، ومن أجازها ، فالمسألة بين أخذ ورد ، وبين مد وجزر ، أما
في عهد «عمر بن عبد العزيز» فقد استقر الأمر على الكتابة دون منازع ، بأمر الخليفة
العادل ، وهاك مزيدا من البيان :
قد اعتبر علماء
الحديث تدوين «عمر بن عبد العزيز» أول تدوين للحديث ، وتناقلوا في كتبهم العبارة
التالية :
«وأما ابتداء
تدوين الحديث فإنه وقع على رأس المائة في خلافة عمر بن عبد العزيز» أو نحوها.
__________________
ويفهم من هذا
أن التدوين الرسمي والجماعي كان في عهد «عمر بن عبد العزيز» أما تقييد الحديث ،
وكتابته إفراديا ، وحفظه في الصحف والرقاع والعظام فقد مارسه الصحابة في عهد رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولم ينقطع تقييد الحديث بعد وفاته ـ عليه الصلاة
والسّلام ـ بل بقي جنبا إلى جنب مع الحفظ ، حتى قيض للحديث من يودعه المدونات
الكبرى.
وقد كانت نهاية
القرن الأول الهجري ، وبداية القرن الثاني خاتمة حاسمة لما كان من كراهة الكتابة
من بعض العلماء ، وإباحتها من بعض آخر ، فقد امتنع عن الكتابة من كبار التابعين :
«عبيدة بن عمرو
السلماني المرادي» ـ ٧٢ ه ، و «إبراهيم بن يزيد التيمي» ـ ٩٢ ه ، و «جابر بن زيد»
ـ ٩٣ ه ، و «إبراهيم النخعي» ـ ٩٦ ه .
قال «الأوزاعيّ»
ـ ١٥٧ ه : «ما زال هذا العلم عزيزا يتلقاه الرجال حتى وقع في الصحف مجمله ، أو
دخل فيه غير أهله» .
وكان «عامر
الشعبي» ١٧ ـ ١٠٣ ه يقول : «ما كتبت سوداء في بيضاء ، ولا سمعت من رجل حديثا
فأردت أن يعيده عليّ» .
وقد ازدادت
كراهة التابعين للكتابة عند ما اشتهرت آراؤهم الشخصية ، فخافوا أن يدونها طلابهم
مع الحديث ، وتحمل عنهم ، فيدخله الالتباس .
ومنهم من كان
يحرص على الكتابة حرصا شديدا ، منهم «سعيد بن جبير» ـ ٩٥ ه كان يكتب عن «ابن عباس»
...
__________________
ورخص «سعيد بن
المسيّب» ـ ٩٤ ه ، لـ «عبد الرحمن بن حرملة» بالكتابة حينما شكا إليه سوء حفظه.
و «عامر الشعبي»
الذي كان يقول : ما كتبت سوداء في بيضاء ... كان يردد قوله : «الكتاب قيد العلم» ، وكان يحض على الكتابة ويقول : «إذا سمعتم مني شيئا
فاكتبوه ولو في حائط».
ومثله نسب لـ «الضحاك
بن مزاحم» ـ ١٠٥ ه ...
إلى أن جاء «عمر
بن عبد العزيز» فحسم الأمر ، وأمر «ابن شهاب الزهري» ـ ١٢٤ ه ، وغيره كـ «أبي بكر
بن حزم» بجمع السنن ، وقد أرسل كتبا إلى الآفاق يحث فيها على تدوين الحديث
ودراسته ، وعند ذلك أجمعت الأمة على الكتابة التي أصبحت من ضروريات حفظ الحديث لا
يمكن الاستغناء عنها .
__________________
الباب الثالث
المحدّثون يتمتعون بدقة منقطعة النظير
وفيه فصلان :
(الفصل
الأول) : صفة رواية الحديث ، وشرط أدائه.
آراء
العلماء في رواية المعنى.
وفيه
مسائل :
المسألة
الأولى : بيان ما يقوله من يروي حديثا بالمعنى.
المسألة
الثانية : حكم اختصار الحديث الواحد.
ورواية
بعضه دون بعض ، والزيادة فيه.
المسألة
الثالثة : حكم تقطيع متن الحديث الواحد ، وتفريقه في الأبواب
المسألة
الرابعة : طريق السلامة من اللّحن والتصحيف في الحديث.
المسألة
الخامسة : اللّحن والتصحيف.
المسألة
السادسة : تقويم اللحن بإصلاح الخطأ.
المسألة
السابعة : اتّباع المحدّث على لفظه وإن خالف اللغة الفصيحة.
(الفصل
الثاني) : الاحتجاج بالحديث والاستشهاد به.
مطلب
: معنى الاستشهاد ، والاحتجاج والتمثيل.
الفصل الأول :
صفة رواية الحديث وشرط أدائه
آراء العلماء في رواية الحديث بالمعنى
أجمع العلماء
على أن الراوي إذا لم يكن عالما عارفا بالألفاظ ، ومدلولاتها ، ومقاصدها ، خبيرا
بما يحيل معانيها ، بصيرا بمقادير التفاوت بينها ، فإنه لا تجوز له الرواية
بالمعنى ، بل يتعين عليه أن يؤدي نفس اللفظ الذي سمعه ، لا يخرم منه شيئا ، ولا يبدل لفظا
بلفظ .
واختلفوا في
جواز الرواية بالمعنى فيما إذا كان الراوي عالما عارفا بصيرا بذلك .
ولهم في ذلك
أقوال أشهرها :
القول الأول :
مذهب اللفظ ، وأقصد بذلك أنه مذهب عدم جواز الرواية بالمعنى ، ووجوب مراعاة اللفظ.
وهذا مذهب «عبد
الله بن عمر» ـ من الصحابة ـ ، وقال به طائفة من المحدثين والفقهاء والأصوليين.
ومذهب «محمد بن سيرين» بالبصرة ،
__________________
و «القاسم بن محمد» بالحجاز ، و «رجاء بن حيوة» بالشام. وقال «القرطبي» :
وهو الصحيح من مذهب «مالك» ، ومذهب «ثعلب» واختيار «الجصاص» من الحنفيّين.
واقتصر بعضهم
على اللفظ ، ولو خالف اللغة الفصيحة ، وكذا لو كان لحنا.
وهو معتمد «مسلم»
، فإنه في «صحيحه» يميز اختلاف الرواة حتى في حرف المتن .
وروى «الخطيب»
عن «سفيان الثوري» قال : كان «إبراهيم بن ميسرة» لا يحدث إلا على ما سمع. وكذا «ابن
طاووس» وروى عن «قتيبة» قال : كانوا يقولون : الحفّاظ أربعة :
إسماعيل بن علية ، وعبد الوارث ، ويزيد بن زريع ، ووهيب. كان هؤلاء يؤدون اللفظ .
وروى «الخطيب»
عن «عبد الرحمن بن أبي ليلى» قال : قلنا لـ «زيد ابن أرقم» : يا أبا عمرو ألا
تحدثنا؟ فقال : قد كبرنا ونسينا ، والحديث عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ شديد .
وروى «الرامهرمزي»
عن «عمر بن الخطاب» أنه قال : من سمع حديثا فحدّث به كما سمع فقد سلم. وروى نحوه
عن «عبد الله بن عمرو».
وروى عن «بشير
بن نهيك» قال : كنت أكتب عند أبي هريرة ما سمعت منه فإذا أردت أن أفارقه جئت
بالكتاب فقرأته عليه ، فقلت : أليس هذا ما سمعته منك؟ قال : نعم .
وروى عن الساجي
أن «الربيع» حدثهم عن «الشافعي» أنه قال في
__________________
صفة المحدث : ويكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمعه ، لا يحدّث به على
المعنى ، لأنه إذا حدّث به على المعنى وهو غير عالم بما يحتمل معناه ، لا يدري
لعلّه أن يحمل الحلال على الحرام ، وإذا أداه بحروفه لم يبق وجه تخاف منه إحالة
الحديث .
وروى عن «عبد
الكريم الجزري» أنه قال : إني لأحدّث الحديث ما أترك منه كلمة .
ومن هذا المذهب مذهب من لم يجز تقديم كلمة على كلمة.
روى «الخطيب»
عن «محمد بن سيرين» عن أبي هريرة قال : سأل رجل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : أيصلي الرجل في ثوب واحد؟ فقال : أو كلّكم يجد
ثوبين؟ ... قال : وسأل رجل عمر : أتصلي في ثوب واحد؟ فقال : أوسعوا على أنفسكم إذ
أوسع الله عليكم ـ أو إذا وسع الله عليكم فأوسعوا على أنفسكم ـ
قال «عاصم» :
لا أدري بأيهما بدأ ... وذكر بقية الحديث.
ومن هذا المذهب مذهب من لم يجز إبدال كلمة بكلمة.
روى «الخطيب»
عن «عبيد بن عمير» ، وهو يقص ، يقول : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «مثل المنافق كمثل الشاة الرابضة بين الغنمين»
__________________
فقال «ابن عمر» : ويلكم ... لا تكذبوا على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، إنما قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «مثل المنافق كمثل الشّاة العائرة بين الغنمين »
وروى عن «أنس
بن مالك» قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :
«من كذب عليّ
متعمدا فليتبوأ مقعده من جهنم» أو «مقعده من النار» .
ومن هذا المذهب من لم يجز إبدال حرف بحرف وإن كانت صورتهما واحدة.
روى «الخطيب»
عن «معن بن عيسى» قال : كان «مالك بن أنس» يتقى في حديث رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما بين التي والذي ، ونحوهما.
وروى عن «معن»
قال : كان «مالك» يتحفظ من الباء والتاء والثاء في حديث رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ .
ومن هذا المذهب مذهب من لم يجز زيادة حرف واحد ، ولا حذفه ، وإن كان لا
يغيّر المعنى.
روى «الخطيب»
عن «ابن عمر» قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : لا تدخلوا على القوم المعذبين ـ يعني حجر ثمود ـ إلا
أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين ، فلا تدخلوا عليهم فيصيبكم. أو قال :
يصيبكم مثل ما
أصابهم.
وروى عن «الزهري»
أنه سمع «أنس بن مالك» يقول : نهى
__________________
رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن الدباء ، والمزفت أن ينتبذ فيه ، فقيل لسفيان : أن
ينبذ فيه؟ فقال : لا.
هكذا قاله لنا «الزهري»
: ينتبذ فيه .
ومن هذا المذهب من لا يرى تخفيف حرف ثقيل ، ولا تثقيل حرف خفيف ، وإن كان
المعنى واحدا.
روى «الخطيب»
عن «حميد بن عبد الرحمن» عن أمه أم كلثوم بنت عقبة ، قالت : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «ليس الكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرا ، أو نمى
خيرا».
قال «حماد» :
سمعت هذا الحديث من رجلين ، فقال أحدهما : نمى خيرا ، خفيفة ، وقال الآخر : نمّى
خيرا ، مثقلة .
ومن هذا المذهب مذهب من لا يرى رفع حرف منصوب ، ولا نصب حرف مرفوع أو مجرور
، وإن كان معناهما سواء.
وروى «الخطيب»
عن أبي حنظلة قال : سألت ابن عمر ، كم صلاة السفر؟ قال : ركعتين ، قلت : وأين قول
الله ـ عزوجل ـ : «فإن خفتم» ونحن آمنون؟ فقال : سنّة رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أو سنّه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ .
وروى عن «عبد
الله بن عمرو» قال : كان على ثقل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ رجل يقال له : «كركرة» فمات ، فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : هو في النار ، فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد
غلها.
__________________
قال «أبو عبد
الله البخاري» : قال «ابن سلام» : «كركرة» .
واستدلوا بقوله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ، وأداها كما
سمعها ، فرب حامل فقه إلى غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» .
فقد أمر
بمراعاة اللفظ في النقل ، لأن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أوتي من جوامع الكلم ، والفصاحة في البيان ما هو
نهاية لا يدركه فيه غيره ، ففي التبديل بعبارة أخرى لا يؤمن التحريف أو الزيادة
والنقصان فيما كان مرادا له .
قال «فخر
الإسلام البزدوي» : واستدلوا بالمعقول ، وهو أن النقل بالمعنى ربما يؤدي إلى
اختلال معنى الحديث ، فإن الناس متفاوتون في إدراك معنى اللفظ الواحد كما أشار
إليه النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بقوله : «فرب حامل فقه إلى غير فقيه ، ورب حامل فقه
إلى من هو أفقه منه» ، ولهذا يحمل كل واحد منهم اللفظ الواحد على معنى لا يحمله
عليه غيره ، وقد صادفنا من المتأخرين من يتنبه في آية أو خبر لفوائد لم يتنبه لها
أهل الأعصار السالفة من العلماء المحققين ، فعلمنا أنه لا يجب أن يقف السامع على
جميع فوائد اللفظ في الحال ، وإن كان فقيها ذكيا ، مع أنه ـ عليهالسلام ـ قد أوتي جوامع الكلم ، وكان أفصح العرب لسانا ،
وأحسنها بيانا ، فلو جوزنا النقل بالمعنى ربما حصل التفاوت العظيم ، مع أن الراوي
يظن أنه لا تفاوت ، ولأنه لو جاز تبديل لفظه ـ عليهالسلام ـ بلفظ آخر لجاز تبديل لفظ الراوي أيضا بالطريق الأولى
؛ لأن التغيير في لفظ غير الشارع أيسر منه في لفظ الشارع ، ولجاز ذلك في الطبقة
الثالثة والرابعة ، وذلك يفضي إلى سقوط الكلام الأول ؛ لأن الإنسان وإن اجتهد في
تطبيق الترجمة لا يمكنه الاحتراز عن تفاوت ، وإن
__________________
قلّ ، فإذا توالت هذه التفاوتات كان التفاوت الآخر تفاوتا فاحشا ، بحيث لا
يبقى بين الكلامين الأول ، وبين الآخر مناسبة.
ونقل عن «أبي
العباس ، أحمد بن يحيى بن ثعلب» : أنه كان يذهب هذا المذهب ، ويقول : إن عامة
الألفاظ التي لها نظائر في اللغة إذا تحققتها وجدت كل لفظة منها مختصة بشيء لا
تشاركها صاحبتها فيه ، فمن جوز العبارة ببعضها عن البعض لم يسلم عن الزيغ عن
المراد ، والذهاب عنه .
القول الثاني :
مذهب المعنى ، وأقصد بذلك أنه مذهب جواز الرواية بالمعنى.
وهذا مذهب
جمهور السلف والخلف ، فهو المذهب الذي تشهد به أحوال الصحابة ، وقال به «الحسن
البصري» ، و «الشعبي» ، و «النخعي» ، و «عمرو بن دينار» ، و «سفيان الثوري» ، و «حماد بن زيد» .
وهو مذهب
الأئمة الفقهاء الأربعة.
وقال «الرامهرمزيّ»
: قد دلّ قول «الشافعي» في صفة المحدث مع رعاية اتباع اللفظ على أنه يسوغ
للمحدث أن يأتي بالمعنى دون اللفظ إذا كان عالما بلغات العرب ، ووجوه خطابها ،
بصيرا بالمعاني والفقه ، عالما بما يحيل المعنى ، وما لا يحيله ، فإنه إذا كان
بهذه الصفة جاز له نقل اللفظ ، فإنه يحترز بالفهم عن تغيير
__________________
المعاني وإزالة أحكامها ، ومن لم يكن بهذه الصفة كان أداء اللفظ له لازما ،
والعدول عن هيئة ما يسمعه عليه محظورا ، وإلى هذا رأيت الفقهاء من أهل العلم
يذهبون.
وروى عن «محمد
بن مسلم بن مسعدة» ـ وهو من أهل رامهرمز ـ قال :قلت لـ «محمد بن منصور» ـ قاضي
الأهواز ـ في شيء جرى بيني وبينه :ثلاثة يشددون في الحروف ، وثلاثة يرخصون ، فممن
رخص فيها : الحسن ، وكان الحسن يقول : يحكي الله ـ تعالى ـ عن القرون السالفة بغير
لغاتها ، أفكذب هو!؟ وكان «محمد بن منصور» متكئا ، فاستوى جالسا ، ثم أخذ بمجامع
كفه ، وقال : ما أحسن هذا!! أحسن الحسن جدا.
وقال «قتادة»
عن «زرارة بن أوفى» : لقيت عدّة من أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فاختلفوا عليّ في اللفظ ، واجتمعوا في المعنى .
وروى عن «يحيى
بن آدم» قال : سمعت «سفيان الثورى» يقول : إنما نحدثكم بالمعاني.
وروى عن «أبي
حمزة» قال : قلت لإبراهيم النخعي : إنا نسمع منك الحديث ، فلا نستطيع أن نجيء به
كما سمعناه ، قال : أرأيتك إذا سمعت تعلم أنه حلال من حرام؟ قال : نعم. قال :
فهكذا كلّ ما نحدّث. .
وروى «الرامهرمزي»
أيضا عن «أبي هشام الرفاعي» قال : سمعت «يزيد بن هارون» وقد قال في حديث رواه في
صلاة الصبح ، فقال «المستملي» : صلاة الغداة. فقال «يزيد» : صلاة الفجر.
وروى أن «محمد
بن مصعب القرقسانيّ» كان يقول : أيش تشددون على أنفسكم؟! إذا أصبتم المعنى فحسبكم .
__________________
وروى «الخطيب»
عن «أبي سعيد» قال : كنا نجلس إلى النبي صلىاللهعليهوسلم عسى أن نكون عشرة نفر ، نسمع الحديث ، فما منا اثنان
يؤديانه ، غير أن المعنى واحد .
وروى «الخطيب»
عن «علي بن خشرم» يقول : كان «ابن عيينة» يحدثنا ، فإذا سئل عنه بعد ذلك حدثنا
بغير لفظه الأول ، والمعنى واحد .
قال «الخطابي»
: إنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعث مبلغا ومعلّما ، فهو لا يزال في كل مقام يقومه ،
وموطن يشهده ، يأمر بمعروف ، وينهى عن منكر ، ويشرع في حادثة ، ويفتي في نازلة ،
والأسماع إليه مصغية ، والقلوب لما يرد عليها من قوله واعية ، وقد يختلف عنها
عباراته ، ويتكرر فيها بيانه ، ليكون أوقع للسامعين ، وأقرب إلى فهم من كان منهم
أقل فقها ، وأقرب بالإسلام عهدا ، وأولو الحفظ والإتقان من فقهاء ، الصحابة
يوعونها كلها سمعا ، ويستوفونها حفظا ، ويؤدونها على اختلاف جهاتها ، فتجمع لك
لذلك في القضية الواحدة عدة ألفاظ ، تحتها معنى واحد ، وذلك كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «الولد للفراش ، وللعاهر الحجر» ، وفي رواية اخرى : «وللعاهر الأثلب» ، وقد مر بمسامعي
ولم يثبت عندي : «وللعاهر الكثكث».
وقد يتكلم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في بعض النوازل ، بحضرته أخلاط من الناس ، قبائلهم
شتى ، ولغتهم مختلفة ، ومراتبهم في الحفظ والإتقان غير متساوية ، وليس كلهم يتيسر
__________________
لضبط اللفظ وحصره ، أو يتعمّد لحفظه ووعيه ، وإنما يستدرك المراد بالفحوى ،
ويتعلق منه بالمعنى ، ثم يؤديه بلغته ، ويعبر عنه بلسان قبيلته ، فيجتمع في الحديث
الواحد إذا انشعبت طرقه عدّة ألفاظ مختلفة ، موجبها شيء واحد .
قال «السرخسي»
ـ ٤٩٠ ه : وحجة القائلين بجواز المعنى : ما اشتهر من قول الصحابة : أمرنا رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بكذا ، ونهانا عن كذا.
والنقل بالمعنى
مشهور ، والعلماء يذكرون في تصانيفهم : بلغنا نحوا من ذلك. وهذا لأن نظم الحديث
ليس بمعجز ، والمطلوب منه ما يتعلق بمعناه ، وهو الحكم من غير أن يكون له تعلق
بصورة النظم ، وإنما يعتبر النظم في نقل القرآن ؛ لأنه معجز مع أنه قد ثبت أيضا
فيه نوع رخصة ببركة دعاء رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على ما أشار إليه في قوله ـ : «أنزل القرآن على سبعة
أحرف» إلا أن في ذلك رخصة من حيث الإسقاط ، وهذا من حيث التخفيف والتيسير .
__________________
وقال «فخر
الإسلام البزدوي» ـ ٤٨٢ ه : كانو ينقلون الحديث الواحد الذي جرى في مجلس واحد ،
في واقعة معينة ، بألفاظ مختلفة ، مثل ما روي في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد
، ودعا بعد الفراغ ، فقال : «اللهم ارحمني ومحمدا ، ولا ترحم بعدنا أحدا» أنه ـ عليهالسلام ـ قال : «لقد حجرت واسعا» ، وروى : «لقد ضيقت واسعا» ، «لقد منعت واسعا. والإجماع
منعقد على جواز شرح الشرع للعجم بلسانهم ، وإذا جاز إبدال العربية بالعجمية فلأن
يجوز إبدالها بعربية أخرى أولى ، إذ التفاوت بين العربية وترجمتها بالعربية أقل
مما بينها ، وبين العجمية. وسفراء رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كانوا يبلّغون أوامره ونواهيه ، إلى البلاد بلغاتهم ،
ويعلّمونهم بألسنتهم .
وقال «الخطيب»
ويدل على ذلك : اتفاق الأمة على أن للعالم بمعنى خبر النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وللسامع بقوله أن ينقل معنى خبره بغير لفظه وغير
اللغة العربية ، وأن الواجب على رسله وسفرائه إلى أهل اللغات المختلفة من العجم
وغيرهم أن يرووا عنه ما سمعوه وحملوه ، مما أخبرهم به وتعبدهم بفعله على ألسنة
رسله سيما إذا كان السفير يعرف اللغتين ، فإنه لا يجوز أن يكل ما يرويه إلى ترجمان
، وهو يعرف الخطاب بذلك اللسان ، لأنه لا يأمن الغلط ، وقصد التحريف على الترجمان
، فيجب أن يرويه بنفسه. وإذا ثبت ذلك صح أن القصد برواية خبره وأمره ونهيه إصابة
معناه ، وامتثال موجبه ، دون إيراد نفس لفظه وصورته ، وعلى هذا الوجه لزم العجم
وغيرهم من سائر الأمم دعوة الرسول إلى دينه ، والعلم بأحكامه ، ويدل على ذلك أنه
إنما ينكر الكذب والتحريف على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وتغيير معنى اللفظ ، فإذا سلم راوي الحديث على
المعنى من ذلك كان مخبرا بالمعنى المقصود من اللفظ ، وصادقا على الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وبمثابة من أخبر عن كلام زيد وأمره
__________________
ونهيه وألفاظه ، بما يقوم مقام كلامه ، وينوب منابه من غير زيادة ولا نقصان
، فلا يعتبر في أن راوي ذلك قد أتى بالمعنى المقصود ، وليس بكاذب ولا محرف ، وقد
ورد القرآن بمثل ذلك ، فإن الله ـ تعالى ـ قصّ من أنباء ما قد سبق قصصا كرر ذكر
بعضها في مواضع بألفاظ مختلفة ، والمعنى واحد ، ونقلها من ألسنتهم إلى اللسان
العربيّ ، وهو مخالف لها في التقديم والتأخير والزيادة والنقصان ، ونحو ذلك.
وقد حكيت هذه
الحجة بعينها عن «الحسن» .
قال «السرخسي»
: الخبر إما أن يكون محكما ، له معنى واحد معلوم بظاهر المتن ، أو يكون ظاهرا ، معلوم المعنى بظاهره على احتمال شيء آخر ، كالعام
الذي يحتمل الخصوص ، والحقيقة التي تحتمل المجاز. أو يكون مشكلا ، أو يكون مشتركا يعرف المراد بالتأويل ، أو يكون مجملا لا يعرف المراد به إلا
__________________
ببيان ، أو يكون متشابها ، أو يكون من جوامع الكلم.
فأما المحكم
فيجوز نقله بالمعنى لكل من كان عالما بوجوه اللغة ، لأن المراد به معلوم حقيقة ،
وإذا كساه العالم باللغة عبارة أخرى لا يتمكن فيه تهمة الزيادة والنقصان.
فأما الظاهر
فلا يجوز نقله بالمعنى إلا لمن جمع إلى العلم باللغة العلم بفقه الشريعة ؛ لأنه
إذا لم يكن عالما بذلك لم يؤمن إذا كساه عبارة أخرى ألّا تكون تلك العبارة في
احتمال الخصوص والمجاز مثل العبارة الأولى ، وإن كان ذلك هو المراد به ، ولعل
العبارة التي يروي بها تكون أعم من تلك العبارة لجهله بالفرق بين الخاص والعام.
فإذا كان عالما
بفقه الشريعة يقع الأمن عن هذا التقصير منه عند تغيير العبارة فيجوز له النقل
بالمعنى كما كان يفعله «الحسن» ، و «النخعي» ، و «الشعبي».
فأما المشكل ،
والمشترك ، فلا يجوز فيهما النقل بالمعنى أصلا ؛ لأن المراد بهما لا يعرف إلا
بالتأويل ، والتأويل يكون بنوع من الرأي كالقياس ، فلا يكون حجة على غيره.
وأما المجمل
فلا يتصور فيه النقل بالمعنى ، لأنه لا يوقف على المعنى فيه إلا بدليل آخر.
والمتشابه كذلك
، لأنا ابتلينا بالكف عن طلب المعنى فيه ، فكيف يتصور نقله بالمعنى.
__________________
وأما ما يكون
من جوامع الكلم ، فالنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مخصوص بهذا النظم فلا يقدر أحد على ما كان هو مخصوصا
به .
القول الثالث :
لا تجوز الرواية بالمعنى في حديث رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خاصة ، وتجوز في غيره ، يروى ذلك عن «مالك» و «الخليل».
روى «الخطيب» عن «مالك بن أنس» أنه قال : كل حديث للنبي صلىاللهعليهوسلم يؤدّى على لفظه ، وعلى ما روي ، وما كان عن غيره فلا
بأس إذا أصاب المعنى .
القول الرابع :
لا تجوز الرواية بالمعنى لغير الصحابة والتابعين ، وتجوز لهم ، لأن الحديث إذا
قيده الإسناد وجب ألّا يختلف لفظه فيدخله الكذب .
القول الخامس :
لا تجوز الرواية بالمعنى لغير الصحابة خاصة ، لظهور الخلل في اللسان بالنسبة لمن
جاء بعدهم ، بخلاف الصحابة ، فهم أرباب اللسان ، وأعلم الخلق بالكلام. حكاه «الماوردي»
و «الروياني» في (باب القضاء) ، بل جزما بأنه لا يجوز لغير الصحابي ، وجعلا الخلاف
في الصحابي دون غيره .
وبه جزم «ابن
العربي» في «أحكام القرآن» قال : لأنا لو جوزناه لكل أحد لما كنّا على ثقة من
الأخذ بالحديث ، والصحابة اجتمع فيهم أمران :الفصاحة ، والبلاغة جبلّة ، ومشاهدة
أقوال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ؛ فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة ، واستيفاء
المقصود كله .
القول السادس :
وهو قول «الماورديّ» في «الحاوي» : إن كان الراوي
__________________
ذاكرا اللفظ الذي سمعه لم يجز أن يغيّره ، وإن لم يكن ذاكرا إياه ـ بأن
نسيه ـ جاز ؛ لأنه تحمّل اللفظ والمعنى ، وقد عجز عن أداء أحدهما فيلزمه أداء
الآخر ، ولا سيما أنّ تركه قد يكون كتما للأحكام .
القول السابع :
يجوز المعنى لمن يحفظ اللفظ ، ليتمكّن من التصرّف فيه ، دون من نسيه .
القول الثامن :
لا تجوز الرواية والتبليغ بالمعنى خاصة ، بخلاف الإفتاء والمناظرة . وهو مذهب «ابن حزم» ، وقد قال : حكم الخبر عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يورد بنص لفظه ، لا يبدّل ولا يغير إلا في حال
واحدة ، وهي أن يكون المرء قد تثبّت فيه ، وعرف معناه يقينا ، فيسأل فيفتى بمعناه
وموجبه ، فيقول : حكم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بكذا ، وحرّم كذا ، والواجب في هذه القضية ما صح عن
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو كذا.
وأما من حدّث
وأسند القول إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقصد التبليغ لما بلغه عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فلا يحل له إلا أن يتحرى الألفاظ كما سمعها لا يبدل
حرفا مكان آخر ، وإن كان معناهما واحدا ، ولا يقدم حرفا ، ولا يؤخر آخر .
وبرهان ذلك :
ما روى «الخطيب» عن «البراء بن عازب» أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : يا براء كيف تقول إذا أخذت مضجعك؟ قال :
قلت : الله
ورسوله أعلم. قال : «إذا أويت إلى فراشك طاهرا فتوسد يمينك ، ثم قل : اللهم أسلمت
وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا
منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ،
__________________
وبنبيك الذي أرسلت» فقلت كما علمني ، غير أني قلت : ورسولك ، فقال بيده في
صدري : «ونبيك» فمن قالها من ليلته ثم مات ، مات على الفطرة» .
القول التاسع :
قال «الغزالي» : «يجوز إبدال لفظ بلفظ آخر ، يرادفه ويساويه في المعنى ، كما يبدل
القعود بالجلوس ، والعلم بالمعرفة ، والاستطاعة بالقدرة ، والإبصار بالإحساس
بالبصر ، والحظر بالتحريم ، وسائر ما لا يشك فيه. وعلى الجملة ما لا يتطرق إليه
تفاوت الاستنباط والفهم ، وإنما ذلك فيما فهمه قطعا لا فيما فهمه بنوع استدلال
يختلف فيه الناظرون. وإلى هذا ذهب «الخطيب» .
وقال «الغزالي»
أيضا : ويدل على جواز ذلك للعالم الإجماع على جواز شرح الشرع للعجم بلسانهم ، فإذا
جاز إبدال العربية بعجمية ترادفها فلأن يجوز عربية بعربية ترادفها وتساويها أولى.
وكذلك كان
سفراء رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في البلاد يبلغونهم أوامره بلغتهم ، وكذلك من سمع
شهادة الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فله أن يشهد على شهادته بلغة أخرى ، وهذا لأنا نعلم
أنه لا تعبد في اللفظ ، وإنما المقصود فهم المعنى ، وإيصاله إلى الخلق ، وليس ذلك
كالتشهد والتكبير وما تعبّد فيه باللفظ.
فإن قيل : فقد
قال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما
سمعها ، فرب مبلّغ أوعى من سامع ، ورب حامل فقه ليس بفقيه ، ورب حامل فقه إلى من
هو أفقه منه».
قلنا : هذا هو
الحجة ، لأنه ذكر العلة ، وهو اختلاف الناس في الفقه ، فما لا يختلف الناس فيه من
الألفاظ المترادفة فلا يمنع منه ، وهذا الحديث بعينه قد نقل
__________________
بألفاظ مختلفة والمعنى واحد ، وإن أمكن أن تكون جميع الألفاظ قول رسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في أوقات مختلفة ، لكن الأغلب أنه حديث واحد ونقل
بألفاظ مختلفة فإنه روي : «رحم الله امرأ» ، و «نضر الله امرأ» ، وروي : «ورب حامل
فقه لا فقه له» ، وروي : «حامل فقه غير فقيه». وكذلك الخطب المتحدة ، والوقائع
المتحدة ، رواها الصحابة ـ رضياللهعنهم ـ بألفاظ مختلفة فدل ذلك على الجواز» . ا. ه
القول العاشر :
إن كان المطلوب بالحديث عملا ، كالتعبد بلفظه ، لم يجز المعنى ، وإن كان المطلوب
به علما ، كالعقائد جاز المعنى ؛ لأن المعول في العلم على معناه دون لفظه.
واعلم أن هذا
الخلاف لا يجري في أربعة أنواع :
النوع الأول :
ما تعبد بلفظه ، كالتشهد والقنوت ، ونحوهما ، صرّح به «الزركشي».
النوع الثاني :
ما هو من جوامع كلمه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ التي افتخر بإنعام الله عليها بها.
ذكره «السيوطي»
في «التدريب» .
النوع الثالث :
ما يستدل بلفظه على حكم لغوي ، إلا أن يكون الذي أبدل اللفظ بلفظ آخر عربيا ،
يستدل بكلامه على أحكام العربية.
ذكره جمهور
النحاة.
النوع الرابع :
ما تضمنته بطون الكتب ، فليس لأحد أن يغيّر لفظ شيء من كتاب مصنّف ، لأنه لا يملك
تغيير تصنيف غيره .
__________________
وفي هذا الفصل مسائل :
المسألة الأولى :
بيان ما يقوله من يروي حديثا بالمعنى
قال «ابن
الصلاح» :
ينبغي لمن روى
حديثا بالمعنى أن يتبعه بأن يقول : أو كما قال ، أو نحو هذا ، وما أشبه ذلك من
الألفاظ.
روي ذلك عن «ابن
مسعود» ، و «أبي الدرداء» ، و «أنس» ـ رضياللهعنهم ـ.
قال «الخطيب» :
والصحابة أرباب اللسان ، وأعلم الخلق بمعاني الكلام ، ولم يكونوا يقولون ذلك إلا
تخوّفا من الزلل لمعرفتهم بما في الرواية على المعنى من الخطر .
روى «ابن عبد
البر» عن «الشعبي» عن «مسروق» عن «عبد الله ابن مسعود» أنه حدث يوما بحديث فقال :
سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثم أرعد وأرعدت ثيابه. وقال : أو نحو هذا ، أو شبه
هذا .
وكذلك يحسن
للقارىء الذي اشتبهت عليه لفظة أن يقول بعدها : «أو كما قال» .
__________________
المسألة الثانية
حكم اختصار الحديث الواحد
ورواية بعضه دون بعض والزيادة فيه
ذهب بعضهم إلى
جواز نقصان الرواية مطلقا
روي عن «مجاهد»
و «يحي بن معين» القول بنقصان الحديث وعدم الزيادة فيه ، عند خوف الخطأ في الحديث .
وحجة من ذهب
إلى هذا المذهب ما روي عن «ابن عمر» أن النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال في حجة الوداع ـ : نضر الله من سمع مقالتي فلم
يزد فيها ، فرب حامل كلمة إلى من هو أوعى لها منه.
قالوا : وهذا
يدل على أن النقصان منها جائز ، إذ لو لم يكن كذلك لذكره كما ذكر الزيادة . وهذا مذهب «مسلم».
وذهب كثير ممن
منع نقل الحديث على المعنى إلى منع نقصان الرواية ، لأن في ذلك قطع الخبر وتغييره
، فيؤدي إلى إبطال معناه وإحالته.
روى «الخطيب»
عن «عبد الملك بن عمير» يقول : والله إني لأحدث بالحديث فما أدع منه حرفا .
وذهب بعض من
أجاز الرواية على المعنى إلى جواز نقصان الرواية ، إن رواه الراوي مرة أخرى بتمامه
، أو علم أن غيره قد رواه بتمامه .
__________________
واختار «الخطيب»
وجوب نقل الرواية على التمام ، وحرمة الحذف إن كان فيما حذف منها معرفة حكم وشرط
وأمر. لا يتم التعبد والمراد بهذا الخبر إلا بروايته على وجهه . وعلى هذا الوجه يحمل قول من قال : لا يحل اختصار
الحديث.
وروى «الخطيب»
عن «مالك» أنه كان لا يرى أن يختصر الحديث إذا كان عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
وسئل «أبو عاصم
النبيل» عن اختصار الحديث ، فقال : نعم يكره ، لأنهم يخطئون المعنى .
كما ذهب «الخطيب»
إلى جواز رواية الحديث على النقصان ، وحذف بعضه إن كان المتروك من الخبر متضمنا
لعبادة أخرى ، وأمرا لا تعلق له بمتضمن البعض الذي رواه ولا شرطا فيه ، لأن الذي
تركه ـ والحالة هذه ـ بمنزلة عبارتين منفصلتين ، أو سيرتين ، أو قضيتين لا تعلّق
لأحدهما بالأخرى ...
وكان «سفيان
الثوري» يروي الأحاديث على الاختصار لمن قد رواها له على التمام ، لأنه كان يعلم
منهم الحفظ لها ، والمعرفة بها .
وقال «الخطيب»
: إن كان النقصان من الحديث شيئا لا يتغير به المعنى ، كحذف بعض الحروف والألفاظ ،
والراوي عالم واع محصل لما يغير المعنى ، وما لا يغيره من الزيادة والنقصان فإن
ذلك سائغ له ، على قول من أجاز الرواية على المعنى دون من لم يجز ذلك .
__________________
المسألة الثالثة :
حكم تقطيع متن الحديث الواحد وتفريقه في الأبواب
يجوز تفريق
المتن الواحد في موضعين ، إذا كان متضحا لحكمين. ويجوز إذا كان المتن متضمنا
لعبادات وأحكام لا تعلق لبعضها ببعض ، فإنه بمثابة الأحاديث المنفصل بعضها من بعض
، ويجوز تقطيعه. وقد فعله «مالك» و «البخاري» وغير واحد من أئمة الحديث ، كـ «أبي داود» و «النسائي» .
روى «الخطيب»
أن أبا الحارث قال : رأيت أبا عبد الله ـ يعني أحمد ابن حنبل ـ قد أخرج أحاديث ،
وأخرج حاجته من الحديث ، وترك الباقي يخرج من أول الحديث شيئا ، ومن آخره شيئا ،
ويدع الباقي .
وروى أيضا أن «إسحاق
بن إبراهيم» ، قال : سألت أبا عبد الله عن الرجل يسمع الحديث ، وهو إسناد واحد ،
فيجعله ثلاثة أحاديث؟ قال : لا يلزمه كذب ، وينبغي أن يحدث بالحديث كما سمع ، ولا
يغيره .
__________________
المسألة الرابعة :
طريق السلامة من اللحن والتصحيف في الحديث
قال «ابن
الصلاح» : وأما التصحيف فسبيل السلامة منه الأخذ من أفواه أهل العلم أو الضبط ،
فإن من حرم ذلك وكان أخذه وتعلمه من بطون الكتب كان من شأنه التحريف ، ولم يفلت من
التبديل والتصحيف. .
وقال «السيوطي»
: فإن وجد في كتابه كلمة من غريب العربية غير مضبوطة أشكلت عليه جاز أن يسأل عنها
العلماء بها ، ويرويها على ما يخبرونه به.
فعل ذلك «أحمد»
و «إسحاق» وغيرهما .
روى «الخطيب» :
عن «أبي حاتم سهل بن محمد» ، قال : كان «عفان ابن مسلم» يجيّ إلى «الأخفش» وإلى
أصحاب النحو يعرض عليهم الحديث يعربه. فقال «الأخفش» : عليك بهذا ، وكان بعد ذلك
يجيّ إليّ حتى عرض عليّ حديثا كبيرا.
وروى عن «الوليد
بن مسلم» قال : كان «الأوزاعي» يعطي كتبه إذا كان فيها لحن لمن يصلحها.
وروى عن «عبد
الله بن المبارك» يقول : إذا سمعتم عني الحديث فاعرضوه على أصحاب العربية ، ثم
أحكموه .
وروى عن «أبي
بكر بن دريد» قال : أخبرنا «الرياشي» عن «الأصمعي» قال : كنت في مجلس «شعبة» ، فقال
: «فيسمعون جرش طير الجنة» فقلت : «جرس» فنظر إلي فقال : خذوها عنه ، فإنه أعلم
بهذا منا.
__________________
قال أبو بكر :
يقال : سمعت جرس الطير ، إذا سمعت صوت منقاره على شيء يأكله ، وسميت النحل جوارس
من هذا ، لأنها تجرس الشجر ، أي : تأكل منه ، والجرس الصوت الخفي ، واشتقاق الجرس
من الصوت والحس .
وروي عن «جابر
بن عبد الله» ، قال قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إذا أرفت الحدود فلا شفعة» فقال لي «الطبري» :
سمعت أبا محمد الباقي يقول :
ذكر لنا أبو
القاسم الداركي ـ شيخ الشافعية ـ هذا الحديث في تدريسه في كتاب الشفعة ، فقال :
إذا أزفت الحدود ، فسألت «ابن جني» النحوي عن هذه الكلمة ، فلم يعرفها ، ولا وقف
على صحتها. فسألت «المعافى بن زكريا» عن الحديث ، وذكرت له طرفه ، فلم أستتم المسألة
حتى قال : إذا أرفت الحدود ، والأرف : المعالم ، يريد إذا بينت الحدود ، وعينت
المعالم ، وميزت ، فلا شفعة .
وقال «السخاوي»
: سئل «أحمد» عن حرف فقال : اسألوا عنه أصحاب الغريب فإني أكره أن أتكلم في قول
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالظن .
وعن «ابن راهويه»
أنه كان إذا شك في الكلمة يقول : أهاهنا فلان ، كيف هذه الكلمة؟ وسمع «سعيد
بن شيبان» ـ وكان عالما بالعربية ـ «ابن عيينة» ، وهو يقول : «تعلق من ثمار الجنة»
بفتح اللام ، فقال له : «تعلق» يعني : بضمها ، من علق ، يعني : بفتح اللام ، فرجع «ابن
عيينة» إليه .
__________________
المسألة الخامسة
اللحن والتصحيف والتحريف
معنى اللحن :
قال «أبو
الحسين» أحمد بن فارس بن زكريا» ـ ٣٩٥ ه في «معجم مقاييس اللغة» ٥ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠ :
اللّحن : بسكون
الحاء ، إمالة الكلام عن جهته الصحيحة في العربية ، يقال : لحن لحنا ، وهو عندنا
من الكلام المولّد ، لأن اللّحن محدث لم يكن في العرب العاربة ، الذين تكلموا بطباعهم
السّليمة.
واللّحن :
بالتحريك ، الفطنة ، يقال : لحن ، يلحن ، لحنا ، فهو لحن ، ولاحن. وفي الحديث : «لعلّ
بعضكم أن يكون ألحن بحجّته من بعض» .
معنى التصحيف :
هو تغيير في
نقط الحروف أو حركاتها ، مع بقاء صورة الخط ، مثلا كلمة «فحمة» إذا لم تنقط يمكن أن تقرأ «قحمة» و
«فحمة» وقد قال «الزمخشري» في «ربيع الأبرار» ١ : ٦٣٤ : «التصحيف : قفل ضلّ مفتاحه».
معنى التحريف :
هو العدول
بالشيء عن جهته ، وحرّف الكلام تحريفا ، عدل به عن جهته ،
__________________
وهو قد يكون بالزيادة فيه ، والنقص منه ، وقد يكون بتبديل بعض كلماته ، وقد
يكون بحمله على غير المراد منه. فالتحريف أعم من التصحيف .
موقف العلماء من اللحن أو التصحيف في الحديث :
إذا وقع في
الرواية لحن أو تصحيف ، فقد اختلف العلماء فيما يفعله حينئذ :
أـ فمنهم من
يرويه على الخطأ كما سمعه ، كـ «محمد بن سيرين» ، و «أبي معمر عبد الله بن سخبرة»
، و «أبي عبيد القاسم بن سلام» ، و «رجاء بن حيوة» ، و «نافع» ـ مولى عبد الله بن
عمر ـ و «أبي الضحى : مسلم بن صبيح».
وقال «السخاوي»
: قيل : وهو اختيار «العز بن عبد السّلام» كما حكاه عنه صاحبه «ابن دقيق العيد» في
«الاقتراح» : إنه يترك روايته إياه عن ذا الشيخ مطلقا ؛ لأنه إن تبعه فيه ، فالنبي
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم يلحن ، وإن رواه عنه على الصواب فهو لم يسمعه منه
كذلك .
ب ـ ومنهم من
يرويه على الصواب ، ولا سيما في اللحن الذي لا يختلف المعنى به . كـ «ابن المبارك» ، و «الأوزاعي» ، و «الشعبي» و «القاسم
__________________
ابن محمد» ، و «ابن عيينة» ، و «ابن المديني» ، و «ابن راهويه» ، و «الحسن
بن علي الحلواني» ، و «الحسن بن محمد الزعفراني» ، و «عطاء» ، و «همام» ، و «النضر
بن شميل» ، و «أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين» ، و «الأعمش».
اختاره «النووي»
، وتبعه «السيوطي» ، وصوبه «ابن عبد البر» ، و «ابن كثير».
المسألة السادسة :
تقويم اللحن بإصلاح الخطأ
إذا كان اللحن
يحيل المعنى فلا بد من تغييره ، وكثير من الرواة يحرفون الكلام عن وجهه ، ويزيلون
الخطاب عن موضعه ، وليس يلزم من أخذ عمن هذه سبيله أن يحكي لفظه إذا عرف وجه
الصواب ، بخلافه إذا كان الحديث معروفا ، ولفظ العرب به ظاهرا معلوما ، ألا ترى أن
المحدث لو قال : لا يؤمّ المسافر المقيم ، فنصب «المسافر» ورفع ، «المقيم» كان قد
أحال المعنى ، فلا يلزم اتباع لفظه.
قال «الرامهرمزي»
: كنا عند «عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان» يوما وهو يحدثنا ، و «أبو العباس بن
سريج» حاضر ، فقال عبدان : من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله ففتح الياء من قوله
«يجب» فقال له «ابن سريج» : إن رأيت أن تقول : يجب ـ بضم الياء ـ ، فأبى «عبدان»
أن يقول ، وعجب من صواب «ابن سريج» ، كما عجب «ابن سريج» من خطئه .
وروى «الرامهرمزي»
عن «حماد بن زيد» قال : كنا عند «أيوب» ، فحدثنا فلحن وعنده «الخليل بن أحمد» فنظر
إلى وجهه «الخليل» ، فقال «أيوب» : أستغفر الله .
وروى عن «محمد
بن عبد الله بن عمرو بن عثمان» قال : إذا سمعت الحديث فيه اللحن والخطأ فلا تحدّث
إلا بالصواب ، إنهم لم يكونوا يلحنون.
وروى عن «عاصم»
قال : ما رأيت أحدا كان أعرب من «زر بن حبيش» كان «ابن مسعود» يسأله .
__________________
ومن اللحن ما
يستقبح ولا يزيل المعنى ، كقول بعض المحدثين : لبيك بحجة وعمرة معا ، بنصبهما .
وروى عن أبي
أمامة قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : تعلموا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شافعا
لأصحابه ، وعليكم بالزهراوان : البقرة ، وآل عمران .
وروى «الخطيب»
عن «عبد الله بن أحمد» قال : كان إذا مر بأبي لحن فاحش غيّره ، وإذا كان لحنا سهلا
تركه. وقال : كذا قال الشيخ.
وروى عن «عبد
الله بن أحمد بن حنبل» يقول : ما زال القلم في يد أبي حتى مات. ويقول : إذا لم
ينصرف الشيء في معنى ، فلا بأس أن يصلح ، أو كما قال .
قال «ابن حزم»
: وأما اللحن في الحديث فإن كان شيئا له وجه في لغة العرب ، فليروه كما سمعه ، ولا
يبدله ولا يرده إلى أفصح منه ولا إلى غيره. وإن كان شيئا لا وجه له في لغة العرب
البتة فحرام على كل مسلم أن يحدّث باللحن عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فإن فعل فهو كاذب مستحق للنار في الآخرة ، لأنا قد
أيقنا أنه ـ عليهالسلام ـ لم يلحن قط ، كتيقننا أن السماء محيطة بالأرض ، وأن
الشمس تطلع من المشرق ، وتغرب في المغرب. فمن نقل عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ اللحن فقد نقل عنه الكذب بيقين ، وفرض عليه أن يصلحه
ويبشره ـ أي يمحه ـ من كتابه ، ويكتبه معربا ، ولا يحدّث به إلا معربا. ولا يلتفت
إلى ما وجد في كتابه من لحن ، ولا إلى ما حدث شيوخه ملحونا.
ولهذا لزم لمن
طلب الفقه أن يتعلم النحو واللغة ، وإلا فهو ناقص لا تجوز له الفتيا في دين الله ـ
عزوجل ـ.
__________________
وقد روي عن «نافع»
عن «ابن عمر» أنه كان يضرب ولده على اللحن.
قال «السخاوي»
: قال «الأوزاعي» : أعربوا الحديث فإن القوم كانوا عربا. وعنه أيضا : لا بأس بإصلاح
اللحن في الحديث. .
وروى «ابن عبد
البر» : عن جابر قال : سألت عامرا (يعني الشعبي) وأبا جعفر (يعني محمد بن علي)
والقاسم (يعني ابن محمد) وعطاء (يعني ابن رباح) عن الرجل يحدث بالحديث فيلحن ،
أأحدث به كما سمعت أم أعربه؟ قالوا : لا بل أعربه. .
وروى عن «أبي
موسى محمد بن المثني» ، قال : سألت أبا الوليد عن الرجل يصيب في كتابة الحرف
المعجم غير معجم ، أو يجد الحرف المعجم تغير بعجمة نحو التاء ثاء ، والباء ياء ،
وعنده في ذلك التصحيف والناس يقولون الصواب؟ قال : يرجع إلى قول الناس فإن الأصل
الصحة.
وروى عن «يحيى
بن معين» يقول : لا بأس أن يقوّم الرجل حديثه على العربية .
__________________
وروى عن «علي
بن الحسن» قال : قلت لابن المبارك : يكون في الحديث لحن أأقوّمه؟ قال : نعم لأن
القوم لم يكونوا يلحنون ، اللحن منا .
روى «الخطيب»
عن رجل قال لـ «الأعمش» : إن كان «ابن سيرين» ليسمع الحديث فيه اللحن ، فيحدث به
على لحنه. فقال «الأعمش» :
إن كان «ابن
سيرين» يلحن ؛ فإن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم يلحن ، يقول : قوّمه.
وفي رواية :
فقوّموه .
وروى عن همام
قال : إذا حدّثتكم عن «قتادة» ، فكان في حديثه لحن ، فقوموه ، فإنه كان لا يلحن .
وروى عن «النضر
بن شميل» أنه قال : كان «عوف بن أبي جميلة» رجلا لحانا ، قد كسوت لكم حديثه كسوة
حسنة .
قال «السخاوي»
:
وحكى «ابن فارس»
عن شيخه أبي الحسن ، علي بن إبراهيم القطان ، راوي سنن «ابن ماجه» عنه ، فقال :
إنه كان يكتب الحديث على ما سمعه لحنا ، ويكتب على حاشية كتابه : كذا قال ، يعني
الذي حدث به ، والصواب كذا.
قال «ابن فارس»
: وهذا أحسن ما سمعت في هذا الباب.
ونحوه قول «الميانشي»
: صوب بعض المشايخ هذا ، وأنا أستحسنه ، وبه آخذ. وأشار «ابن الصلاح» إلى أنه أبقى
للمصلحة ، وأنفى للمفسدة ، يعني
__________________
لما فيه من الجمع بين الأمرين ، ونفي التسويد عن الكتاب إن لو وجد له وجه ،
حيث تجعل الضبة تصحيحا. هذا كله في الخطأ الناشيء عن اللحن والتصحيف.
وأما الناشئ عن
سقط خفيف ، كسقوط «ابن» وحرف لا يغير إسقاطه المعنى ، فإن مثل هذا لا بأس بروايته
وإلحاقه من غير تنبيه على سقوطه. كما نص الإمام «أحمد» حيث قال له «أبو داود» ـ صاحب
السنن ـ : وجدت في كتابي :
(حجاج ، عن
جريج ، عن أبي الزبير) يجوز لي أن أصلحه «ابن جريج»؟
فقال : أرجو أن
يكون هذا لا بأس به.
وسأله ابنه «عبد
الله» عن الرجل يسمع الحديث فيسقط من كتابه الحرف مثل الألف واللام ، ونحو ذلك ،
أيصلحه؟ فقال : لا بأس به أن يصلحه.
ونحوه أنه قيل
لـ «مالك» : أرأيت حديث النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يزاد فيه الواو والألف ، والمعنى واحد؟ فقال : أرجو
أن يكون خفيفا .
__________________
المسألة السابعة :
اتباع المحدث على لفظه وإن خالف اللغة الفصيحة
ذكر «ابن
الصلاح» أن كثيرا ما نرى ما يتوهمه كثير من أهل العلم خطا وربما غيروه ، صوابا ،
ذا وجه صحيح ، وإن خفي واستغرب ، ولا سيما فيما يعدونه خطأ من جهة العربية ، وذلك
لكثرة لغات العرب وتشعّبها.
هذا «أبو
الوليد ، هشام بن أحمد الكناني الوقشي» مع تقدمه في اللغة ، وكثرة مطالعته ،
وافتنانه ، وثقوب فهمه ، وحدّة ذهنه ، جسر على الإصلاح كثيرا ، وغلط في أشياء من
ذلك. وكذلك غيره ممن سلك مسلكه .
ولا سيما وقد
قال «أبو عبيد القاسم بن سلام» ـ ٢٢٤ ه : لأهل الحديث لغة ، ولأهل العربية لغة ،
ولغة أهل العربية أقيس ، ولا نجد بدا من اتباع لغة أهل الحديث من أجل السماع .
وقال «ابن
الصلاح» : أخبرني بعض أشياخنا عمن أخبره عن «القاضي الحافظ عياض» بما معناه ، أن
الذي عليه استمر عمل أكثر الأشياخ أن ينقلوا الراوية كما وصلت إليهم ولا يغيروها
في كتبهم ، حتى في أحرف من القرآن ، استمرت الرواية فيها في الكتب على خلاف
التلاوة المجمع عليها ، ومن غير أن يجيء ذلك في الشواذ. ومن ذلك ما وقع في (الصحيحين
والموطأ) وغيرها.
__________________
لكن أهل
المعرفة منهم ينبهون على خطئها هذا ، عند السماع والقراءة ، وفي حواشي الكتب ، مع
تقريرهم ما في الأصول على ما بلغهم .
قال «ابن
الصلاح» : الأولى سدّ باب التغيير والإصلاح ، لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن ،
والطريق الأول أسلم مع التبيين ، فيذكر ذلك عند السماع كما وقع ، ثم
يذكر وجه صوابه. إما من جهة العربية ، وإما من جهة الرواية.
وإن شاء قرأه
أولا على الصواب ، ثم قال : وقع عند شيخنا ، أو في روايتنا ، أو من طريق فلان كذا
وكذا .. وهذا أولى من الأول كيلا يتقوّل على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما لم يقل. وأصلح ما يعتمد عليه من الإصلاح ، أن يكون
ما يصلح به الفاسد قد ورد من أحاديث أخر ، فإنّ ذاكره آمن من أن يكون متقوّلا على
رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما لم يقل.
... وأما إصلاح
ذلك وتغييره في كتابه وأصله ، فالصواب تركه ، وتقرير ما وقع في الأصل على ما هو
عليه ، مع التضبيب عليه ، وبيان الصواب خارجا في الحاشية ، فإن ذلك أجمع للمصلحة ،
وأنفى للمفسدة .
وروى «الخطيب»
عن أبي هريرة عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : إذا قلت لأخيك يوم الجمعة والإمام يخطب : أنصت
، فقد لغيت. قال «أبو الزّناد» :وهذه لغة «أبي هريرة» ، وإنما هو لغوت .
وروى عن سفيان
، عن عمرو ، قال : سمعت رجلا من أهل الأرض يقول :سمعت أبد الله بن أياس ، يقول :
إن الله لما خلق إبليس نخر.
قال «الخطيب» :
أراد هذا الراوي أن يقول : عبد الله ، فأبدل من العين
__________________
همزة ، وهذا خلاف لغة قيس في العنعنة.
إبدال الهمزة
عينا ، كـ «أنّ» تنطق «عنّ» في لغة «قيس» ، ويقال لها : عنعنة «قيس» على وجه الذم
لها ، وهم معروفون بها.
ومن الناس من
يقلب في كلامه الراء غينا ، والقاف همزة ، وهكذا من في لسانه عجمة ، يقلب القاف
كافا ، والذال دالا :وروى عن عثمان بن عطاء ، قال : كان «مكحول» رجلا أعجميا ، لا
يستطيع أن يقول : قل ، يقول : «كل» وكلّ ما قاله «مكحول» بالشام قبل منه.
قال «الخطيب» :
أراد عثمان أن مكحولا كان عندهم ـ مع عجمة لسانه ـ بمحلّ الأمانة ، وموضع الإمامة
، يقبلون منه ، ويعملون بخبره ، ولم يرد أنهم كانوا يحكمون لفظه .
روى «الخطيب»
عن زياد بن خيثمة ، عن علي بن النعمان بن قراد ، عن رجل ، عن عبد الله بن عمر ، عن
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : خيرت بين الشفاعة أو نصف أمتي في الجنة ،
فاخترت الشفاعة ، لأنها أعم وأكفى ، أترونها للمتقين؟لا ، ولكنها للمتلوثين
الخطاؤون .
قال «زياد» :
أما أنها لحن ، ولكن هكذا حدثنا الذي حدثنا .
روى عن أبي عبد
الرحمن ، أحمد بن شعيب النسائي ، قال : لا يعاب اللحن على المحدثين ، وقد كان «إسماعيل
بن أبي خالد» يلحن ، و «سفيان» و «مالك بن أنس» وغيرهم من المحدثين .
__________________
وروى عن الحسن
قال : قال رجل لـ «عثمان بن أبي العاص» : يا أبا عبد الله بنتمونا بونا بعيدا ،
قال : وما ذلك؟ قال : تصدقون وتفعلون وتفعلون. قال :
وإنكم لتغبطونا
بكثرتنا هذه؟ قال : إي والله.
قال عثمان :
والذي نفسي بيده لدرهم ينفقه أحدكم يخرجه من جهده ، ويضعه في حقه أفضل في نفسي من
عشرة آلاف ينفقها أحدنا غيضا من فيض ، قال «إسماعيل بن إبراهيم» ـ أحد رجال السند
ـ بنتمونا ـ بالكسر ـ وإنما هو بنتمونا .
وروى «ابن عبد
البر» عن إسماعيل بن أمية ، قال : كنا نردّ نافعا على إقامة اللحن في الحديث ،
فيأبى .
وروى «السخاوي»
عن أبي الحسن بن المنادي ، قال : كان جدي لا يرى بإصلاح الغلط الذي لا يشك في غلطه
بأسا .
__________________
الفصل الثاني :
الاحتجاج بالحديث والاستشهاد به
لقد كان من
المنهج الحق بالبداهة أن يتقدم الحديث النبوي سائر كلام العرب ، من نثر وشعر ، في
باب الاحتجاج في اللغة والنحو ، إذ لا تعهد العربية في تاريخها بعد «القرآن الكريم»
بيانا أبلغ من الكلام النبوي ، ولا أروع تأثيرا ، ولا أفعل في النفس ، ولا أصح
لفظا ، ولا أقوم معنى منه ، ولكن ذلك لم يقع كما ينبغي ، لانصراف اللغويين
والنحويين المتقدمين إلى ثقافة ما يزوّدهم به رواة الأشعار خاصة ، انصرافا استغرق
جهودهم ، فلم يبق فيهم لرواية الحديث ودراسته بقية.
والدقة في
البحث العلمي تملي علينا حين نريد الخوض في ظاهرة الاحتجاج بالحديث النبوي أن نجعل
رأي اللغويين على حدة ، ونتكلم عليه على انفراد ، كما نتكلم عن رأي النحويين ـ قديمهم
وحديثهم ـ في هذه الظاهرة على انفراد أيضا ، لأن اللغويين لا يوجد فيهم من منع
الاستشهاد بالحديث في اللغة .
الاستشهاد بالحديث عند اللغويين :
قال الشيخ «أحمد
الإسكندري» : «مضت ثمانية قرون والعلماء من أول أبي الأسود الدؤلي إلى ابن مالك لا
يحتجون بلفظ الحديث في اللغة إلا الأحاديث المتواترة ، وقد اختلف في عددها ، فقيل
: ثلاثة ، وقيل : خمسة ، إلى ستة عشر ...» .
__________________
ولأجل إحقاق الحق علينا تبيان بطلان هذا الكلام ، لأن الإجماع قائم على صحة
الاستشهاد بالحديث في اللغة بين القدامى والمحدثين. وإليك البيان : لو ذهبنا نتصفح
كتب اللغة قاطبة لرأينا الأحاديث النبوية منثورة فيها بكثرة مستفيضة ، سواء منها
المتواتر وغير المتواتر .
فمن اللغويين
الذين استشهدوا بالحديث في مسائل اللغة :
«أبو عمرو بن
العلاء ، والخليل ، والكسائي ، والفراء ، والأصمعي ، وأبو عبيد ، وابن الأعرابي ،
وابن السكيت ، وأبو حاتم ، وابن قتيبة ، والمبرد ، وابن دريد ، وأبو جعفر النحاس ،
وابن خالويه ، والأزهري ، والفارابي ، والصاحب بن عباد ، وابن فارس ، والجوهري ،
وابن بري ، وابن سيده ، وابن منظور ، والفيروزأبادي» وغيرهم.
قال «السيوطي»
: «قال أبو الحسن الشاري : ومذهبي ومذهب شيخي أبي ذر الخشني ، وأبي الحسن ابن خروف
، أن «الزّبيدي» أخلّ بكتاب «العين» كثيرا ، لحذفه شواهد القرآن والحديث ، وصحيح
أشعار العرب منه ..
ولما علم ذلك
الإمام «التياني» عمل كتابه «فتح العين» وأتى فيه بما في العين من صحيح اللغة ..
دون إخلال بشيء من شواهد القرآن والحديث ...»
فهذا صريح في
أن «الخليل» كان يستشهد في كتابه «العين» بالحديث ، ولم يكن «الخليل» بدعا من
اللغويين ، وما صنعه «الخليل» صنعه غيره من أئمة اللغة ..
__________________
ولقد قال «ابن
الطيب الفاسي» : ذهب إلى الاحتجاج بالحديث الشريف جمع من أئمة اللغة ، منهم : «ابن مالك ، وابن هشام ، والجوهري ، وصاحب
البديع ، والحريري ، وابن سيده ، وابن فارس ، وابن خروف ، وابن جني ، وابن بري ،
والسهيلي». وغيرهم ممن يطول ذكره.
ويمكن أن نقول
: إنه لا يختلف موقف النحاة عن موقف اللغويين ، إذ لا يعقل أن يستشهد «الخليل»
مثلا بالحديث في اللغة ، ثم لا يستشهد به في النحو ، واللغة والنحو صنوان ، يخرجان
من أصل واحد. وإن كانت شواهد النحاة من الحديث ليست في غزارة شواهد اللغويين
وكثرتها ، فهي قليلة بالنسبة إليها ، وبخاصة عند النحاة القدماء.
الاستشهاد بالحديث عن النحويين :
السنة النبوية
هي الأصل الثاني للشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم ، جاءت مبينة له وشارحة ،
فصّلت موجزه ، وقيّدت مطلقه ، وقد اتفق العلماء على حجية السنة ، والأخذ بها.
قال «الشوكاني»
: «إن ثبوت السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية ، لا يخالف في
ذلك إلّا من لا حظّ له في الإسلام ».
فكان الصحابة ـ
رضياللهعنهم ـ إذا عرض لهم أمر بحثوا عنه في كتاب الله ـ تعالى ـ فإن
لم يجدوه طلبوه في السنة ، وإلّا اجتهدوا في حدود القرآن والسنة وأصولها ، فكان
ذلك مدعاة عنايتهم بالأحاديث وحفظها ، بلفظها أو بمعناها ، يستلهمونها من أقواله ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ عارفين الظروف والملابسات التي قيلت فيها.
أما في ميدان
النحو فقد سكت علماء المرحلة الأولى عن الاستدلال بالحديث ، لم يشذ منهم أحد ؛
لأنه وقع في بعض الأحاديث شيء من الأساليب
__________________
والتراكيب غير الجارية على ما شاع من الاستعمال العربي ، وقد لجأ النحاة
إلى تأويلها ، فمن ذلك :
(١) الحديث : «إن قعر جهنم سبعين خريفا»
«سبعين» منصوبة
على رأي الكوفيين الذين يجيزون أن تكون «إنّ» وأخواتها ناصبة للجزأين ، كقول «عمر
بن أبي ربيعة» :
إذا اسودّ
جنح الليل فلتأت ولتكن
|
|
خطاك خفافا ؛
إنّ حرّاسنا أسدا
|
والذين يمنعون
هذا يخرّجون الحديث على أن القعر مصدر (قعرت البئر) إذا بلغت قعرها ، و «سبعين»
منصوبة على الظرفية ، أي : إن بلوغ قعر جهنم يكون في سبعين عاما.
ويؤوّلون البيت
بإعراب «أسدا» حالا ، أي : إن حراسنا تلقاهم أسدا ، أي : كالأسد .
__________________
(٢) الحديث : «إن
من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون» الأصل : إنه ، أي : الشأن ، كما قال «الأخطل» :
إنّ من يدخل
الكنيسة يوما
|
|
يلق فيها
جآذرا وظباء
|
ووجهت بأن «من»
زائدة ، واسم «إنّ» : «أشد» .
(٣) الحديث : «كل
أمتي معافى إلا المجاهرون» أي : بالمعاصي.
والمعروف في
الاستثناء أن الكلام إذا كان تاما موجبا وجب نصب المستثنى ، ولكن هذا هو رأي
الجمهور.
والرفع جائز في
لغة حكاها «أبو حيان» ، وخرج عليها بعضهم هذا الحديث ، ويكون الرفع على التبعية.
__________________
وقال «ابن مالك»
: «إلّا» بمعنى : لكن ، وما بعدها مبتدأ ، خبره محذوف .
وخرّج على هذا
أيضا قراءة «عبد الله بن مسعود» و «أبيّ» و «الأعمش» : «فشربوا منه إلا قليل منهم»
بالرفع . وقراءة «ابن كثير» و «أبي عمرو» : «ولا يلتفت منكم أحد
إلا امرأتك» بالرفع .
أي : لكن
امرأتك.
وغير ذلك من
الأحاديث الجارية على ما شاع من الاستعمال العربي.
أما في المرحلة
الثانية ، وبعد أن ظهرت الحاجة واضحة إلى موارد جديدة للاستدلال والاحتجاج ، فقد
ذهب كثير من العلماء إلى الحديث يلتمس فيه ما يؤيد أقيسته ، ويعضد أحكامه ، في حين
رفض بعضهم اعتبار الحديث مصدرا جديدا للاحتجاج به في المادة النحوية.
وتوسّط فريق
ثالث ، فرأى أنّ من الممكن الاحتجاج ببعض الحديث دون بعض.
وهكذا نشأ
الخلاف في الاحتجاج بالحديث النبوي.
ويمكن أن نقسّم
هذه الاختلافات إلى ثلاثة اتجاهات :
الاتجاه الأول :
ذهب أصحاب هذا
الاتجاه إلى صحة الاحتجاج بالحديث النبوي في النحو العربي.
__________________
قال «ابن الطيب»
: وقد استدل بالحديث في كتب النحاة طوائف ، منهم : «الصفّار ، والسيرافي ، والشريف
الغرناطي ، والشريف الصقلي» في شروحهم لكتاب «سيبويه» ، و «ابن عصفور» ، و «ابن
الحاج» في شرح «المقرّب». و «ابن الخبّاز» في شرح «ألفية ابن
معطي» وغيرهم.
وشيّد أركانه
المحققون ، كالإمام «النووي» في «شرح مسلم» وغيره.
والعلامة
المحقّق «البدر الدماميني» في شرح «التسهيل» وغيره. وقاضي القضاة «ابن خلدون» في
مواضع من مصنفاته ، بل خصّ هذه المسألة بالتصنيف ، وأجاب عن كل ما أورده جوابا
شافيا» ا ه.
وقال «ابن
الطيب» أيضا : «ذهب إلى الاحتجاج به والاستدلال بألفاظه وتراكيبه جمع من الأئمة ،
منهم : شيخا هذه الصناعة وإماماها ، الجمالان :
ابنا مالك
وهشام ، والجوهري ، وصاحب البديع ، والحريري ، وابن سيده ، وابن فارس ، وابن خروف ، وابن
جني ، وأبو محمد عبد الله بن بري ، والسّهيليّ ، وغيرهم ممن يطول ذكره.
وهذا الذي
ينبغي التعويل عليه والمصير إليه ، إذ المتكلم به ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أفصح الخلق على الإطلاق ، وأبلغ من أعجزت فصاحته
الفصحاء على جهة العموم والاستغراق ، فالاحتجاج بكلامه ـ عليه الصلاة والسّلام ـ الذي
هو أفصح العبارات ، وأبلغ الكلام ، مع تأييده بأسرار البلاغة ، ودلائل الإعجاز ،
من الملك
__________________
العلّام ، وأولى وأجدر من الاحتجاج بكلام الأعراب الأجلاف ، بل لا ينبغي أن
يلتفت في هذا المقام لمقال من جار عن الوفا» .
ومن الأئمة
الذين استشهدوا بالحديث في النحو :
«الزمخشري ،
وعز الدين الزنجاني ، وناظر الجيش ، وأبو علي الشلوبيني ، وابن الشجري ، وابن يعيش
، وعلم الدين السخاوي ، والأشموني ، والكافيجي ، والرضي ، وابن عقيل ، والشيخ
الأزهري» وغيرهم.
وأكثر من
الاستشهاد بالحديث «السهيليّ» (ـ ٥٨١ ه) في كتابه : «أمالي السهيلي» في النحو
واللغة والحديث والفقه ، فقد ذكر فيه أربعا وسبعين مسألة ، وتناول مشكلات وقعت في
الحديث ، وأغلبها مشكلات نحوية ولغوية.
وفاقهم في ذلك
كله «ابن مالك» ، وبلغ الذروة في كتابه «شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع
الصحيح» فقد عقده للأحاديث التي يشكل إعرابها ، وذكر لها وجوها يستبين بها أنها من
قبيل العربي الصحيح. بل إنّ «ابن الضائع» و «أبا حيان» وهما على رأس من رفض
الاستشهاد بالحديث لم تخل كتبهما من بعض الأحاديث.
وقد فطن إلى
هذا «ابن الطيب الفاسي» فقال :
«بل رأيت
الاستشهاد بالحديث في كلام أبي حيان نفسه مرات ، ولا سيما في مسائل الصرف ، إلا
أنه لا يقر له عماد ، فهو في كل حين في اجتهاد» .
وقد أكثر «ابن
مالك» (ـ ٦٧٢ ه) من الاستدلال بما وقع في الأحاديث على إثبات القواعد الكلية في
لسان العرب ، ولا سيما في كتابه «التسهيل» إكثارا
__________________
ضاق به «أبو حيان» شارح «التسهيل» غير مرة ، حتى غلا في بعض هذه المرات ،
فقال : «والمصنف قد أكثر من الاستدلال بما ورد في الأثر متعقبا بزعمه على النحويين
، وما أمعن النظر في ذلك!! ولا صحب من له التمييز !!!»
ثم جاء «ابن
هشام» (ـ ٧٦١ ه) تلميذ «أبي حيان» ونقيضه في مذهبه إزاء الاستشهاد في الحديث ،
يكثر من الاحتجاج به في كتبه ما وجد إلى ذلك سبيلا ، كغيره من النحاة ، حتى لفت
نظر مترجميه على أنه «كان كثير المخالفة لشيخه أبي حيان ، شديد الانحراف عنه» .
وقد قرر هذا
الاتجاه وأيده «البدر الدماميني» (ـ ٨٢٨ ه) في شرحه لـ «التسهيل» المسمى : «تعليق
الفرائد على تسهيل الفوائد» نقل «البغداديّ» (ـ ١٠٩٣ ه) ـ صاحب خزانة الأدب ـ كلام
«البدر الدماميني» من شرح «التسهيل» ، وهذا نصه :
وقد أكثر
المصنف من الاستدلال بالأحاديث النبوية ، وشنّع (أبو حيان) عليه ، وقال : إن ما
استند إليه من ذلك لا يتم له ، لتطرّق احتمال الرواية بالمعنى ، فلا يوثق بأن ذلك
المحتجّ به لفظه ـ عليه الصلاة والسّلام ـ حتّى تقوم به الحجة.
وقد أجريت ذلك
لبعض مشايخنا فصوّب رأي (ابن مالك) فيما فعله ، بناء على أن اليقين ليس بمطلوب في
هذا الباب ، وإنما المطلوب غلبة الظن الذي هو مناط الأحكام الشرعية ، وكذا ما
يتوقّف عليه من نقل مفردات الألفاظ وقوانين الإعراب ، فالظن في ذلك كلّه كاف. ولا
يخفى أنه يغلب على الظن أن ذلك المنقول المحتجّ به لم يبدّل ؛ لأن الأصل عدم
التبديل ، ولا سيما والتشديد في الضبط ، والتحري في نقل الأحاديث شائع بين النّقلة
والمحدّثين. ومن يقول منهم بجواز النقل بالمعنى فإنما هو عنده بمعنى التجويز
العقلي الذي لا ينافي وقوع نقيضه ، فلذلك تراهم يتحرّون في الضبط ويتشددون ، مع
قولهم بجواز النقل بالمعنى ؛ فيغلب على الظن من هذا
__________________
كله أنها لم تبدّل ، ويكون احتمال التبديل فيها مرجوحا ، فيلغى ولا يقدح في
صحة الاستدلال بها.
ثم إنّ الخلاف
في جواز النقل بالمعنى إنما هو فيما لم يدوّن ولا كتب ، وأما ما دوّن وحصّل في
بطون الكتب ، فلا يجوز تبديل ألفاظه من غير خلاف بينهم.
قال «ابن
الصلاح» ـ بعد أن ذكر اختلافهم في نقل الحديث بالمعنى ـ :
إنّ هذا الخلاف
لا نراه جاريا ولا أجراه الناس ـ فيما نعلم ـ فيما تضمنته بطون الكتب ، فليس لأحد
أن يغير لفظ شيء من كتاب مصنّف ، ويثبت فيه لفظا آخر. أه.
وتدوين الأحاديث
والأخبار بل وكثير من المرويات ، وقع في الصّدر الأول قبل فساد اللغة العربية ،
حين كان كلام أولئك المبدّلين على تقدير تبديلهم يسوغ الاحتجاج به ، وغايته يومئذ
تبديل لفظ بلفظ يصح الاحتجاج به ، فلا فرق بين الجمع في صحة الاستدلال ؛ ثم دوّن
ذلك المبدل ـ على تقدير التبديل ـ ومنع من تغييره ونقله بالمعنى ، كما قال «ابن
الصلاح» فبقي حجّة في بابه. ولا يضر توهم ذلك السابق في شيء من استدلالهم المتأخر
، والله أعلم بالصواب» ا ه.
بهذا ردّ «الدماميني»
مذهب المانعين من الاستدلال بالحديث ، ولله درّه! فإنه قد أجاد في الرد .
قال «ابن الطيب»
: ما رأيت أحدا من الأشياخ المحققين إلا وهو يستدل بالأحاديث على القواعد النحوية
، والألفاظ اللغوية ، ويستنبطون من الأحاديث النبوية الأحكام النحوية والصرفية
واللغوية ، وغير ذلك من أنواع العلوم اللسانية ، كما يستخرجون منها الأحكام الشرعية.
وأخيرا : الحق ما قاله الإمام «ابن مالك»
__________________
علّامة جيّان ، لا ما قاله «أبو حيان» ، وكلام «ابن الضائع» كلام
ضائع .
ـ ولو صحّ أن
القدماء لم يستشهدوا بالحديث فليس معناه أنهم كانوا لا يجيزون الاستشهاد به ؛ إذ لا
يلزم من عدم استدلالهم بالحديث عدم صحة الاستدلال به ، فـ «سيبويه» مثلا إذا ذهبنا
نقرأ كتابه المسمى بـ «الكتاب» فلن نجد فيه كلاما رفعه للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولا مرة واحدة ، وفي «الكتاب» نصوص كثيرة توافق
الأحاديث النبوية. وقد أحصيت ثمانية نصوص منها ، ولكن «سيبويه» لم يستشهد بها على
أنها أحاديث من النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بل على أنها من كلام العرب.
قال «سيبويه»
في كتابه ١ : ٣٩٦ : «وأما قولهم : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما
اللذان يهودانه وينصرانه» .
فقد جعله كلاما
صادرا من العرب الذين يحتج بكلامهم .
ويمكننا القول
بكل صراحة : إن عدم استدلال بعضهم بالحديث على أنه مرفوع للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لا يعني أنهم لا يجيزون الاستدلال به ، وإنما يعني
عدم خبرتهم بهذا العلم الدقيق ، وهو علم رواية الحديث ودرايته ، لأن تحصيله بحاجة
إلى فراغ ، وطول زمان ، كما يعني عدم تعاطيهم إيّاه.
__________________
أما «ابن مالك» فهو إمام في الحديث بالإضافة إلى إمامته في علم العربية ،
وهذا هو السبب الذي حدا به إلى الاستشهاد بالحديث.
قال «الصلاح
الصفدي» : كان ـ ابن مالك ـ أمّة في الاطلاع على الحديث ، فكان أكثر ما يستشهد
بالقرآن ، فإن لم يكن فيه شاهد عدل إلى الحديث ، فإن لم يكن فيه شاهد عدل إلى
أشعار العرب .
والقدامى لم
يثيروا هذه القضية ، ولم يناقشوا مبدأ الاحتجاج بالحديث ، وبالتالي لم يصرحوا برفض
الاستشهاد به ، وإنما هو استنتاج من المتأخرين الذين لاحظوا ـ خطأ ـ أن القدامى لم
يستشهدوا بالحديث ، فبنوا عليه أنهم يرفضون الاستشهاد به ، ثم حاولوا تعليل ذلك.
وأما «المبرد»
فقد صرح بالحديث النبوي بكل بساطة في كتابه «المقتضب» ٢ : ٢١٥ بقوله : وجاء عن
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «ليس في الخضروات صدقة» .
إذن فقد كان
المتأخرون مخطئين فيما ادعوه من رفض النحاة القدامى الاستشهاد بالحديث ، وكانوا
واهمين حينما ظنوا أنهم هم أيضا برفضهم الاستشهاد بالحديث إنما يتأثرون خطاهم ، وينهجون نهجهم.
ونحن نحمّل «ابن
الضائع» و «أبا حيان» تبعة شيوع هذه القضية الخاطئة ، فهما أوّل من روّج لها ،
ونادى بها ، وعنهما أخذها العلماء ، دون تمحيص
__________________
أو تحقيق ، ثقة في حكمهما ، أو تخففا من البحث ، وركونا إلى الراحة ،
والتماسا لأيسر السبل. ولعل منشأ تلك الفكرة الخاطئة ، هو أن القدماء سكتوا عن
الاستشهاد بالحديث ، واكتفوا بدخوله تحت المعنى العام لكلمة (نصوص فصحاء العرب) ،
ثم حين جاء من تلوهم ودوّنوا هذه الفكرة كانوا يفهمون ذلك فلم يخصوا الحديث النبوي
بنص مستقل ، فلما جاء «ابن الضائع» و «أبو حيان» وغيرهما ولم يجدوا نصا مستقلّا
يعدّ الحديث من مصادر الاحتجاج ظنوا أن القدماء لم يكونوا يستشهدون به ، وسجلوا
هذا الظن على أنه حقيقة واقعة ، وجاء من بعدهم فنقلوا عنهم دون تمحيص ، وتابعوهم
من غير بحث.
ويؤيد هذا
الافتراض أن «السيوطيّ» استنبط من قول صاحب «ثمار الصناعة» : «النحو علم يستنبط
بالقياس والاستقرار من كتاب الله ـ تعالى ـ وكلام فصحاء العرب» أن النحاة لم
يكونوا يستشهدون بالحديث ، فعقب على ذلك بقوله : «فقصره؟؟؟ عليهما ، ولم يذكر
الحديث» .
وهناك أسباب
كثيرة تحمل على الشك في صحة ما نسب إلى الأقدمين من رفضهم الاستشهاد بالحديث ، بل
هناك من الدلائل ما يكاد يقطع ـ إن لم يكن يقطع فعلا ـ أنهم كانوا يستشهدون به ،
ويبنون عليه قواعدهم ، سواء منهم من اشتغل باللغة أو النحو أو بهما معا. ولهذا لا
يسع الباحث المدقق أن يسلّم بما ادعاه المتأخرون ، وسنده في ذلك ما يأتي :
(١) إن
الأحاديث أصح سندا من كثير مما ينقل من أشعار العرب ، ولهذا قال «الفيومي» بعد أن
استشهد بحديث : «فأثنوا عليه شرّا» على صحة إطلاق الثناء على الذكر بشرّ قال : «قد نقل هذا
العدل الضابط ، عن العدل
__________________
الضابط ، عن العرب الفصحاء عن أفصح العرب ، فكان أوثق من نقل أهل اللغة ،
فإنهم يكتفون بالنقل عن واحد ، ولا يعرفون حاله» .
(٢) إنّ
المحدثين الذين ذهبوا إلى جواز الرواية بالمعنى شرطوا في الراوي أن يكون محيطا
بجميع دقائق اللغة ، ذاكرا جميع المحسنات الفائقة بأقسامها ، ليراعيها في نظم
كلامه ، وإلا فلا يجوز له الرواية بالمعنى على أن المجوزين للرواية بالمعنى معترفون بأن الرواية
باللفظ هي الأولى ، ولم يجيزوا النقل بالمعنى إلا فيما لم يدوّن في الكتب. وفي
حالة الضرورة فقط .
وقد ثبت أن
كثيرا من الرواة في الصدر الأول كانت لهم كتب يرجعون إليها عند الرواية. ولا شك أن
كتابة الحديث تساعد على روايته بلفظه وحفظه عن ظهر قلب مما يبعده عن أن يدخله غلط
أو تصحيف.
(٣) إن كثيرا
من الأحاديث دوّن في الصدر الأول قبل فساد اللغة على أيدي رجال يحتجّ بأقوالهم في
العربية ، فالتبديل على فرض ثبوته إنما كان ممن يسوغ الاحتجاج بكلامه. فغايته
تبديل لفظ يصح الاحتجاج به بلفظ كذلك .
(٤) إن
اللغويين احتجوا بالحديث في اللغة ؛ لأجل الاستدلال على معاني الكلمات العربية.
وهو ما دفع «السهيليّ» إلى أن يقول : «لا نعلم أحدا من علماء العربية خالف في هذه
المسألة إلا ما أبداه الشيخ أبو حيان في شرح التسهيل ، وأبو الحسن ابن الضائع في
شرح الجمل ، وتابعهما على ذلك الجلال السيوطي» .
__________________
الاتجاه الثاني
: ذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى رفض الاستشهاد بالحديث والاحتجاج به صراحة.
قال «ابن الطيب»
: «لا نعلم أحدا من علماء العربية خالف العلماء في الاحتجاج بالحديث الشريف إلّا
ما أبداه الشيخ «أبو حيان» في شرح التسهيل ، و «أبو الحسن ابن الضائع» في شرح الجمل ، وتابعها على ذلك «الجلال السيوطي» ـ رحمهالله ـ فأولع بنقل كلامهما ، واللهج به في كتبه ، واعتنى
باستيفائه في كتابه الموسوم بـ «الاقتراح في علم أصول النحو» ، وهو كتاب بديع ،
رتّبه على ترتيب أصول الفقه في الأبواب والفصول ، وأبدى فيه نكتا غريبة ، جعلها
للفروع النحوية كالأصول ، واستوفاه فيما كتبه على «المغنى» ، ولهج به في غيرهما من
كتبه ظانّا أنه من الفوائد الغريبة ، متلقيا له بالقبول تقليدا ، غافلا عن أنه في
هذا الباب لا يسمن ولا يغنى» : ه.
قال «البغدادي»
: قال «أبو الحسن ابن الضائع» في شرح الجمل :
تجويز الرواية
بالمعنى هو السبب عندي في ترك الأئمة ـ كسيبويه ، وغيره ـ الاستشهاد على إثبات
اللغة بالحديث ، واعتمدوا في ذلك على القرآن ، وصريح النقل عن العرب ، ولو لا
تصريح العلماء بجواز النقل بالمعنى في الحديث لكان
__________________
الأولى في إثبات فصيح اللغة كلام النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأنه أفصح العرب.
قال : «وابن خروف يستشهد بالحديث كثيرا ، فإن كان على وجه
__________________
الاستظهار والتبرك بالمرويّ فحسن ، وإن كان يرى أن من قبله أغفل شيئا وجب
عليه استدراكه فليس كما رأى» . ا ه
وقال «أبو
حيّان» في شرح التسهيل : قد أكثر المصنف من الاستدلال بما وقع في الأحاديث على
إثبات القواعد الكلية في لسان العرب. وما رأيت أحدا من المتقدمين والمتأخرين سلك
هذه الطريقة غيره ، على أن الواضعين الأوّلين لعلم النحو ، المستقرئين
للأحكام من لسان العرب ـ كأبي عمرو بن العلاء ، وعيسى بن عمر ، والخليل ، وسيبويه
من أئمة البصريين ، والكسائي ، والفراء ، وعلى بن المبارك الأحمر ، وهشام الضرير ،
من أئمة الكوفيين ـ لم يفعلوا ذلك ، وتبعهم على ذلك المسالك المتأخرون من الفريقين
، وغيرهم من نحاة الأقاليم ، كنحاة بغداد ، وأهل الأندلس.
قال «عبد
القادر البغدادي» في «خزانة الأدب» ١ : ٥ : «وقد جرى الكلام في ذلك مع بعض
المتأخرين الأذكياء ، فقال : إنما تر ك العلماء ذلك لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ الرسول
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذ لو وثقوا بذلك لجرى مجرى القرآن الكريم في إثبات
القواعد الكلية ، وإنما كان ذلك لأمرين :
أحدهما : أن
الرواة جوزوا النقل بالمعنى ، فتجد قصة واحدة قد جرت في
__________________
زمانه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم تقل بتلك الألفاظ جميعها ، نحو ما روي من قوله : «زوّجتكها
بما معك من القرآن».
«ملّكتكها بما
معك من القرآن».
«خذها بما معك
من القرآن» .
وغير ذلك من
الألفاظ الواردة ، فتعلم يقينا أنّه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم يلفظ بجميع هذه الألفاظ ، بل لا يجزم بأنه قال
بعضها ، إذ يحتمل أنه قال لفظا مرادفا لهذه الألفاظ غيرها ، فأتت الرواة بالمرادف
ولم تأت بلفظه ، إذ المعنى هو المطلوب ، ولا سيما مع تقادم السماع ، وعدم ضبطها
بالكتابة ، والاتكال على الحفظ ، والضابط منهم من ضبط المعنى ، وأما من ضبط اللفظ
فبعيد جدّا ولا سيما في الأحاديث الطوال.
وقد قال «سفيان
الثوري» : «إن قلت لكم : إني أحدثكم كما سمعت فلا تصدّقوني» إنما هو المعنى ، ومن
نظر في الحديث أدنى نظر علم العلم اليقين أنهم يروون بالمعنى.
__________________
الأمر الثاني :
أنه وقع اللحن كثيرا فيما روي من الحديث ، لأن كثيرا من الرواة كانوا غير عرب بالطبع ، ولا
يعلمون لسان العرب بصناعة النحو ، فوقع اللّحن في كلامهم وهم لا يعلمون ، وقد وقع
في كلامهم وروايتهم غير الفصيح من لسان العرب. ونعلم قطعا من غير شك أنّ رسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان أفصح العرب ، فلم يكن يتكلّم إلا بأفصح اللغات ،
وأحسن التراكيب ، وأشهرها وأجزلها ، وإذا تكلم بلغة غير لغته فإنما يتكلم بذلك مع
أهل تلك اللغة على طريق الإعجاز ، وتعليم الله ذلك له من غير معلّم. والمصنف قد
أكثر من الاستدلال بما ورد في الأثر متعقبا بزعمه على النحويين ؛ وما أمعن النظر
في ذلك ، ولا صحب من له التمييز.
وقد قال لنا
قاضي القضاة «بدر الدين بن جماعة» ـ وكان ممن أخذ عن ابن مالك ـ قلت له : يا سيدي
، هذا الحديث رواية الأعاجم ، ووقع فيه من روايتهم ما نعلم أنه ليس من لفظ الرسول
، فلم يجب بشيء.
قال «أبو حيان»
: وإنما أمعنت الكلام في هذه المسألة لئلا يقول مبتدئ : ما بال النحويين يستدلون
بقول العرب ، وفيهم المسلم والكافر ، ولا يستدلون بما روي في الحديث بنقل العدول ،
كالبخاري ومسلم وأضرابهما؟! فمن طالع ما ذكرناه أدرك السبب الذي لأجله لم يستدلّ
النحاة بالحديث» . ا ه
ويقول «أبو
حيان» : «إن علماء العربية الذين استنوا قوانينها وقواعدها لم يبنوا أحكامهم على
ما ورد في الحديث ... وجاء هذا الرجل ـ يعني : ابن مالك ـ متأخرا في أواخر قرن
سبعمائة ، فزعم أنه يستدرك على المتقدمين ما
__________________
أغفلوه ، وينبه الناس على ما أهملوه ، ولله در القائل : لن يأتي آخر هذه
الأمة بأفضل مما أتى به أولها» .
قال الأستاذ
سعيد الأفغاني في كتابه «في أصول النحو» ٤٩ :ولا عجب في أن يتدارك المتأخرون ما
فات المتقدمين ، بل إن ذلك هو المنتظر المعقول ، إذ كان العالم من الأوائل يعلم
روايات محدودة ، وخيرهم من صنف مفردات اللغة في موضوع واحد ، كالأصمعي ، مثلا. ثم
جاءت طبقة بعدهم وصل إليها كلّ ما صنف السابقون فكانت أوسع إحاطة ، ثم جاءت طبقة
بعد طبقة ، وألفت المعاجم بكل ما اطلع عليه أصحابها من تصانيف ونصوص غاب أكثرها عن
الأولين فكانوا أوسع علما ، ولذلك نجد ما لدى المتأخرين من ثروة نحوية أو لغوية أو
حديثية شيئا وافرا مكنهم من أن تكون نظرتهم أشمل ، وأحكامهم أسدّ. ولو كانت هذه
الثروة في أيدي الأقدمين كأبي عمرو بن العلاء ، والأصمعي ، وسيبويه ... لعضوا
عليها بالنواجذ ولغيروا ـ فرحين مغتبطين ـ كثيرا من قواعدهم التي صاحبها ـ حين
وضعها ـ شحّ المورد. ولكانوا أشدّ المنكرين على «أبي حيان» جموده ، وضيق نظرته ،
وانتجاعه الجدب ، والخصب محيط به من كل جانب.
وقال «ابن
الطيب» : «قد أطال «أبو حيان» ـ عفا الله عنه ـ على عادته في التحامل على «ابن
مالك» بلا طائل ، وأبدى أدلة حالية بالتمويه ، خالية من الدلائل ، وحاصل ما قاله :
إن نحاة البلدين البصرة والكوفة لم يستدلّوا بالحديث ، وتابعهم على ذلك نحاة
الأقاليم ، وعلل ذلك بوجهين :
جواز الرواية
بالمعنى.
ووقوع اللحن
كثيرا في الأحاديث ، لأن كثيرا من الرواة كانوا غير عرب بالطبع ، ولا يعلمون لسان
العرب بصناعة النحو ، فوقع اللحن في كلامهم. وبنى على ذلك كلامه كلّه ، واعتراضه
على «ابن مالك». فأما عدم استدلالهم
__________________
بالحديث فلا يدل على أنهم يمنعون ذلك ، ولا يجوّزونه كما توهمه ، بل تركهم
له لعدم تعاطيهم إياه ، وقلّة إسفارهم عن محيّاه ، على أن كتب الأقدمين الموضوعة في
اللغة لا تكاد تخلو عن الأحاديث والاستدلال بها على إثبات الكلمات ، واللغة أخت
النحو. وأيضا في الصدر الأول لم يكن الحديث مدوّنا مشهورا مستعملا استعمال الأشعار
العربية ، والآي القرآنية ، وإنما اشتهر ودوّن بعدهم ، فعدم احتجاجهم به لعدم
اشتهاره بينهم ، وعلماء الحديث غير علماء العربية ، ولما تداخلت العلوم وتشاركت
استعملوا بعضها في بعض ، وأدخلوا فنّا في فن ، حتى صارت المنقولات المحضة نوعا من
المعقولات. وبالجملة فكونهم لم يحتجّوا بالحديث لا يلزم منه منعهم ذلك كما لا يخفي
وأما ادّعاؤه أن نحاة الأقاليم تابعوهم على ذلك فهو مصادرة بل هذه كتب الأندلسيين
، وأهل المغرب قاطبة مشحونة بذلك».
وقال «ابن
الطيب» أيضا : «أما الرواية بالمعنى فهي وإن كان رأي قوم ، فقد منعها آخرون ، منهم
: مالك ـ رضياللهعنه ـ ، بل نسب المنع للجمهور من المحدّثين والأصوليين
والفقهاء ، كما نقله «القرطبي» وغيره. وبعد تسليمه ، فمن أجازه اشترط له شروطا
مشهورة في علوم الاصطلاح لم تذكر في شيء مما استدل به «ابن مالك» وغيره ، بل قالوا
: إنه لا يجوز النقل بالمعنى إلا لمن أحاط بدقائق علم اللغة ، وكانت جميع المحسنات
الفائقة بأقسامها على ذكر منه ، فيراعيها في نظم كلامه ، ثم فتح احتمال التغيير
والتصرّف يؤدي إلى خرق بعيد الالتئام ، في جميع الأحكام ، لأن المخالف يقول
لمخالفه المستدلّ في حكم بلفظ حديث : لعل هذا اللفظ من الراوي. وقالوا : إذا فتح
هذا الباب لا يبقى لنا وثوق بحديث ، ولا اطمئنان لشيء من الآثار الواردة عنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأوجد المبتدعة مسلكا للطعن في جميع الأحاديث ،
وانتقلنا إلى النظر في دلالالتها على العمومات والإطلاقات ، وغير ذلك مما يترتب
على هذا القول من المفاسد العظام.
وأما ادّعاء
اللحن في الحديث ، فهو باطل ؛ لأنه إن أراد اللحن الذي هو الخطأ في الإعراب بحيث
لا يتخرج على وجه من الوجوه ، فهذا لا وجود له في شيء من الأحاديث أصلا ، وإن أراد
أنه على خلاف الظاهر ، كنصب الجزأين
بـ «إنّ» ونحوه من الأحاديث الواردة على لغة من اللغات الغير المشهورة ، فهذا لا يضرّ ؛ لأن القرآن العظيم ـ وهو
متواتر ـ فيه آيات على خلاف الظاهر في الإعراب ، احتاج هو في «بحره» و «نهره» إلى
تأويلها ، وتخريجها على وجه صحيح ، ولم يدّع أنها ملحونة ، وإن ورد في كلام «عائشة»
ـ رضياللهعنها ـ وغيرها التعبير في حقها باللحن ، فقد أجابوا عنه كما
بسطه «الجلال» في «الإتقان» ، ولم تخرج بسبب ذلك عن القرآن» .
جاء في «في
أصول النحو» ٥٠ ـ ٥٥ :فأما المانع الأول ، وهو تجويز الرواية بالمعنى فيجيبون عليه
بأن الأصل الرواية باللفظ ، ومعنى تجويز الرواية بالمعنى : أن ذلك احتمال عقلي
فحسب ، لا يقين
__________________
بالوقوع ، وعلى فرض وقوعه فالمغيّر لفظا بلفظ في معناه عربيّ مطبوع يحتج
بكلامه في اللغة ، ونحن نعرف مقدار تحري علماء الحديث ، وضبطهم لألفاظه ، حتى إذا
شك راو عربي بين قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «على وجوههم» ، وبين قوله : «على مناخرهم» ، أثبتوا شكه ، ودوّنوه مبالغة في التحري والدقة. هذا
إلى جانب كثير من الرواة ، صحابة وتابعين دوّنوا الأحاديث من عهد النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فهذا «عبد الله بن عمرو بن العاص» كان يكتب الحديث
حياة رسول الله ، وكذلك روي عن «عبد الله بن عمر» ، و «أنس بن مالك» ، و «سهل بن
سعد الساعدي» من الصحابة الكرام.
وهذا «عمر بن
عبد العزيز» ـ ١٠١ ه يكتب إلى الآفاق أن : «انظروا ما كان من حديث رسول الله ، أو
سنته فاكتبوه» ثم كان «الزهري» ـ ١٢٤ ه ، و «ابن أبي عروبة» ـ ١٥٦ ه ، و «الربيع
بن صبيح» ـ ١٦٠ ه ممن دونوا الحديث كتابة. ثم شاع التدوين في الطبقات التي بعد
هؤلاء ، وهذا كاف في غلبة الظن ، بأن الذي في مدونات الطبقة الأولى لفظ النبي نفسه
، فإن كان هناك إبدال لفظ بمرادفه ، فإنما أبدله عربيّ فصيح يحتجّ به.
وإن وقع بعد
ذلك شك في بعض الروايات من غلط أو تصحيف ، فنزر يسير ، لا يقاس أبدا إلى أمثاله في
الشعر ، وكلام العرب ، فكثير من الأشعار نفسها رويت بروايات مختلفة ، وبعضها موضوع
، وربما كان ما فطنوا إلى وضعه منه أقل من القليل ، وجاز عليهم أكثر الموضوع إذ
كان واضعه قد أحسن المحاكاة. قال «الخليل بن أحمد» : «إن النحارير ربما أدخلوا على
الناس ما ليس من كلام العرب إرادة اللبس والتعنيت» . وأنتم تحتجون بهذا الشعر والنثر ، على عجره
__________________
وبجره ، هذا من حيث المتن ، وأما من حيث السند فقد عرف المجيزون والمانعون
أن ما في روايات الحديث من ضبط ، ودقة ، وتحرّ ، لا يتحلى ببعضه كل ما يحتج به
النحاة واللغويون من كلام العرب ، حتى قال «الأعمش» : «كان هذا العلم عند أقوام
كان أحدهم لأن يخر من السماء أحب إليه من أن يزيد فيه واوا أو ألفا أو دالا» .
وأما المانع
الثاني ، وهو وقوع لحن في بعض الأحاديث المروية ، فهو شيء ـ إن وقع ـ قليل جدا ،
لا يبنى عليه حكم ، وقد تنبه إليه الناس وتحاموه ، ولم يحتج به أحد ، ولا يصح أن
يمنع من أجله الاحتجاج بهذا الفيض الزاخر من الحديث الصحيح إلا إن جاز إسقاط
الاحتجاج بالقرآن الكريم ؛ لأن بعض الناس يلحن فيه. وأنت تعرف إلى هذا أنهم قد
تشددوا في أخذ الناس بضبط ألفاظ الحديث ، حتى إذا لحن فيه شاد أو عاميّ ، أقاموا عليه النكير ، بل إن بعضهم ليدخله
النار بسببه ، وكان هذا التشديد تقليدا متوارثا في حملة الحديث حتى يومنا هذا.
قال «جمال
الدين القاسمي» ـ ١٣٣٢ ه : «من قرأ حديث رسول الله ، وهو يعلم أنه يلحن فيه ،
سواء أكان في أدائه أم في إعرابه ، يدخل في هذا الوعيد الشديد ، (يعني قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) ؛ لأنه
بلحنه كاذب عليه» حتى الذين يروونه بالمعنى يعظمون أمر اللحن في الحديث ،
فهذا إمام أهل الشام «الأوزاعيّ» يقول : «أعربوا الحديث فإن القوم كانوا عربا» ،
ويقول : «لا بأس بإصلاح اللحن في الحديث».
__________________
وهذا «حماد بن
سلمة» يقول : «من لحن في حديثي فليس يحدّث عني». وإليك هذه السلسلة : عن «الحسن بن
علي الحلواني» قال : «ما وجدتم في كتابي عن عفان لحنا فأعربوه ، فإن عفان كان لا
يلحن». وقال لنا «عفان» : «ما وجدتم في كتابي عن «حماد بن سلمة» لحنا فأعربوه ،
فإن حمادا كان لا يلحن». وقال «حماد» : «ما وجدتم في كتابي عن قتادة لحنا فأعربوه
، فإن قتادة كان لا يلحن».
انظر كتاب (ألف
باء) للبلوي ١ : ٤٤.
وأغلب الظن أن
من يستشهد بالحديث من المتقدمين لو تأخر بهم الزمن إلى العهد الذي راجت فيه بين
الناس ثمرات علماء الحديث ، من رواية ودراية لقصروا احتجاجهم عليه ، بعد القرآن
الكريم ، ولما التفتوا قط إلى الأشعار والأخبار التي لا تلبث أن يطوقها الشك إذا
وزنت بموازين فن الحديث العلمية الدقيقة ...
وجرى على
الاحتجاج بالحديث العلماء حتى عصرنا الحاضر ، منهم المرحوم الأستاذ طه الراوي ، فقد كان يذهب إلى الاحتجاج بما صح منها دون قيد ولا
شرط ، ويعرض للذين اعترضوا بوجود أعاجم في رواة بعض الأحاديث فيقول : «والقول بأن
في رواة الحديث أعاجم ليس بشيء ، لأن ذلك يقال في رواة الشعر والنثر اللذين يحتج
بهما ، فإن فيهم الكثير من الأعاجم ، وهل في وسعهم أن يذكروا لنا محدّثا ممن يعتد
به أن يوضع في صفّ «حماد الراوية» الذي كان يكذب ويلحن ويكسر ، ومع ذلك لم يتورع
الكوفيون ، ومن نهج منهجهم عن الاحتجاج بمروياته ، ولكنهم تحرجوا في الاحتجاج
بالحديث ...
__________________
ثم لا أدري لم
ترفّع النحويون عما ارتضاه اللغويون من الانتفاع بهذا الشأن ، والاستقاء من ينبوعه
الفياض العذب الزلال ، فأصبح ربع اللغة به خصيبا بقدر ما صار ربع النحو منه جديبا
:
وكان حالهما
في الحكم واحدة
|
|
لو احتكمنا
من الدنيا إلى حكم
|
قال الدكتور «محمد
محمد أبو شهبة» في كتابه «دفاع عن السنة» ص : ٣٢ : «.. من اطلع على منهج المحدثين
في النقد ، وطريقتهم في التعديل والتجريح ، ومبالغتهم في التحري عن معرفة حقيقة
الراوي ، وطوية نفسه ، والأخذ بالظنة والتهمة في رد مروياته يكاد يجزم بأن تجويز
الكذب على الراوي المستجمع للشروط أمر فرضي ، واحتمال عقلي ، وهذه الحقيقة قد تبدو
لبعض من لم يدرس كتب الرجال والنقد عند المحدثين ، فيها شيء من المغالاة ، ومن
أبعد النجعة في كتب القوم عرف ، ومن عرف اعترف».
__________________
فكرة التحرز
الديني في ترك الاحتجاج بالحديث فكرة غير مقنعة :
جاء في كتاب «الرواية
والاستشهاد باللغة»
ص : ١٣٦ ـ ١٣٧
، ٢٥٩ ـ ٢٦٠ تعليله في صرف النحاة أنفسهم عن الاستشهاد بالقرآن والحديث في أنهم
تحرجوا من استخدامهما في دراستهم.
ووقف «التحرز
الديني» بينهم وبين الإفادة منهما ...
إذ نظروا إلى
نصوص القرآن والحديث نظرة تقديس وتنزيه ، فانصرفوا عنهما في الدراسة والاستدلال
عليها بفعل «التحرز الديني» وحين تناولوا نصوص القرآن والحديث بعد ذلك بالتفسير
والإعراب ، صاحبتهم تلك الرهبة نفسها ، وبخاصة مع نص القرآن ...
قال المؤلف :
أما ما ارتآه المتأخرون من تعلّات بعد ذلك لما انتهجه السابقون من النحاة من أن
ذلك الانصراف عن الحديث كان بسبب الرواية بالمعنى أو اللحن في المتن ، فإن ذلك كله
لا يثبت أمام الواقع التاريخي المبكر من رواية الحديث وجمعه ...
هذه التعليلات
غير مقنعة!! وإنما المقنع حقا الاعتراف بحقيقة الأمر الذي صرفهم عن هذه النصوص
الموثقة ، وحقيقة الأمر ـ إن لم يجانبني الصواب ـ كان «التحرز الديني» تماما كما
حدث في القرآن ...
أقول ـ وبالله
التوفيق ـ إن فكرة التحرز الديني ، ونظرة التقديس والتنزيه فكرة غير مقنعة ،
فالنحاة قاطبة استدلوا بالقرآن الكريم دون تردد فيه ، فقد بلغت شواهد «سيبويه»
القرآنية / ٣٧٣ / آية ، وشواهد «المقتضب» لـ «المبرد» تجاوزت خمسمائة آية. وقد
استشهدت المصنفات النحوية بالقرآن الكريم باستفاضة ، كمصنفات «ابن جني» ـ ٣٩٢ ه ،
و «الزمخشري» ـ ٥٣٨ ه ، و «ابن يعيش» ـ ٦٤٣ ه ، و «الزنجاني» ـ ٦٦٠ ه ، و «ابن
مالك» ـ ٦٧٢ ه ، و «الرضي» ـ ٦٨٦ ه ، و «ابن هشام» ـ ٧٦١ ه ، و «ابن عقيل» ـ ٧٦٩
ه ، وغيرهم.
نعم وقف فريق
من النحاة موقفا يتسم بالشدة والعنف تجاه القراء ، قال «أبو الفتح» في «الخصائص» ١
: ٧٣ : «ولم يؤت القوم في ذلك من ضعف أمانة ، ولكن أتوا من ضعف دراية».
ومع كل هذا لم
يصرفوا أنفسهم عن الاستشهاد بالقرآن ، وهذه المؤلفات النحوية بين أيدينا شاهد صدق
على صحة ما ذهبت إليه.
أما الحديث
النبوي فالقدامى لم يستشهدوا به في مسائل النحو والصرف.
وعندي أن سبب
ذلك يعود لعدم تعاطيهم هذا العلم ، ولعدم ممارستهم إيّاه ، كما أفاده «محمد بن
الطيب الفاسي» ـ ١١٧٠ ه ، شيخ «الزبيدي» صاحب «تاج العروس» ، لذا نجد الإمام «ابن
مالك» يكثر الاستشهاد بالحديث ، وما ذلك إلا لأنه أمّة في الاطلاع على علم الحديث .
أما التحرز
الديني ونظرة التنزيه والتقديس فغير وارد البتة ؛ لأننا مأمورون بفهم القرآن
والحديث ومعاطاتهما.
وأما تعليل
المتأخرين من أن سبب انصراف القدامى عن الاحتجاج بالحديث يعود إلى الرواية بالمعنى
، واللحن في المتن ، فتعليل فيه وجهة نظر إلى حدّ ما ؛ فقد ذهب فريق من العلماء
إلى جواز الرواية بالمعنى ، وقد قال «سفيان الثوري» : «إنما نحدثكم بالمعاني»
ومنعها فريق آخر.
أما اللحن في
المتن ، فقد وردت نصوص مرفوعة للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ تخالف تعابيرها ما شاع من استعمال البصريين ، كحديث :
«إن قعر جهنم سبعين خريفا» ، وحديث : «إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون»
، وحديث : «كل أمتي معافى إلا المجاهرون» ، في بعض الروايات ، وغيرها من الأحاديث.
فتوهّم من لا دراية له بلهجات العرب ولغاتها أنه لحن.
ونحن لا نعذر
القدامى في عدم احتجاجهم بالحديث ، ولكن عدم ممارستهم لهذا الفن الجليل صرفهم عن
الاحتجاج به. وفاقد الشيء لا يعطيه. والله أعلم.
__________________
الاتجاه الثالث :
التوسط بين المنع والجواز
ومن أبرز من
نهج هذا النهج «أبو إسحاق الشاطبي» ـ ٧٩٠ ه في شرحه للألفية ، المسمى بـ «المقاصد
الشافية في شرح الخلاصة الكافية». فقد قال ما ملخصه في باب «الاستثناء» : لم نجد
أحدا من النحويين استشهد بحديث رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وهم يستشهدون بكلام أجلاف العرب وسفهائهم ، الذين
يبولون على أعقابهم ، وأشعارهم التي فيها الفحش والخنى ، ويتركون الأحاديث الصحيحة
، لأنها تنقل بالمعنى ، وتختلف رواياتها وألفاظها ، بخلاف كلام العرب وشعرهم ،
فإنّ رواته اعتنوا بألفاظها ، لما ينبني عليه من النحو ، ولو وقفت على اجتهادهم
قضيت منه العجب ، وكذا القرآن ووجوه القراءات.
وأما الحديث
فعلى قسمين :
قسم يعتني
ناقله بمعناه دون لفظه ، فهذا لم يقع به استشهاد أهل اللسان.
وقسم عرف
اعتناء ناقله بلفظه لمقصود خاص ، كالأحاديث التي قصد بها بيان فصاحته ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ككتابه لهمدان ، وكتابه لوائل بن حجر ، والأمثال
النبوية ؛ فهذا يصح الاستشهاد به في العربية. و «ابن مالك» لم يفصّل هذا التفصيل
الضروري الذي لا بدّ منه ، وبنى الكلام على الحديث مطلقا ، ولا أعرف له سلفا إلا «ابن
خروف» ؛ فإنه أتى بأحاديث في بعض المسائل ، حتى قال «ابن الضائع» : لا أعرف هل
يأتي بها مستدلا بها ، أم هي لمجرد التمثيل؟
والحق أنّ «ابن
مالك» غير مصيب في هذا ، فكأنه بناه على امتناع نقل الحديث بالمعنى ، وهو قول
ضعيف.
وبهذا الموقف
الوسط الذي سلكه «الشاطبي» عارض المانعين للاحتجاج بالحديث ، ورماهم بالتناقض ؛
لأنهم لا يستشهدون بحديث
__________________
رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في حين يستشهدون بكلام أجلاف العرب. كما عارض
المجيزين مطلقا ، دون تفرقة ، كـ «ابن مالك» وقال : لأنه لم يفضّل هذا التفصيل
الضروريّ ، الذي لا بد منه ، وبنى الكلام على الحديث مطلقا ، ثم قال : والحق أن «ابن
مالك» غير مصيب في هذا ، فكأنه بناه على امتناع نقل الحديث بالمعنى ، وهو قول
ضعيف.
ونلاحظ أن «الشاطبي»
قسّم الأحاديث ، إلى قسمين :
القسم الأول :
ما يعتني ناقله بمعناه دون لفظه ، وهذا لم يقع به استشهاد أهل اللسان.
القسم الثاني :
عرف اعتناء ناقله بلفظه ، لمقصود خاص ، كالأحاديث التي قصد بها فصاحته ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ككتابه لهمدان ، وكتابه لوائل بن حجر ، والأمثال
النبوية. وهذا القسم يصح الاستشهاد به في النحو.
وكان هذا
التقسيم الذي قدّمه «الشاطبي» الأساس الذي بنى عليه المعاصرون موقفهم من حجية
الحديث ، فالشيخ «محمد الخضر حسين» يأخذ بهذا التقسيم ، ثم يضيف إليه قسما ثالثا ، هو ـ في
الواقع ـ تفصيل لما أجمل «الشاطبي».
وقد عالج هذا الموضوع في «مجلة مجمع اللغة العربية» على خير
ما يعالجه عالم ثبت متروّ ، وقاض منصف ، وانتهى من بحثه إلى النتيجة المرضية الآتية
:
من الأحاديث ما
لا ينبغي الاختلاف بالاحتجاج به في اللغة و (القواعد) ، وهو ستة أنواع :
__________________
أولها : ما
يروى بقصد الاستدلال على كمال فصاحته ـ عليهالسلام ـ ، كقوله : «حمي الوطيس» ، وقوله : «مات حتف أنفه» ، وقوله : «الظلم ظلمات يوم
القيامة» ، إلى نحو هذا من الأحاديث القصار المشتملة على شيء من
محاس البيان ، كقوله : «فارجعن مأزورات غير مأجورات» ، وقوله : «إنّ الله لا يملّ حتى تملّوا» .
ثانيها : ما
يروى من الأقوال التي يتعبّد بها ، أو أمر بالتعبد بها ، كألفاظ القنوت والتحيات ،
وكثير من الأذكار والأدعية التي كان يدعو بها في أوقات خاصة.
ثالثها : ما
يروى على أنه كان يخاطب كل قوم من العرب بلغتهم. ومما هو ظاهر أن الرواة يقصدون في
هذه الأنواع الثلاثة إلى رواية الحديث بلفظه.
رابعها :
الأحاديث التي وردت من طرق متعددة ، واتحدت ألفاظها فإن اتحاد الألفاظ مع تعدد
الطرق دليل على أن الرواة لم يتصرفوا في ألفاظها ، والمراد أن تتعدد طرقها إلى
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أو إلى الصحابة أو إلى التابعين الذين ينطقون الكلام
العربي فصيحا.
خامسها :
الأحاديث التي دوّنها من نشأ في بيئة عربية لم ينتشر فيها فساد اللغة ، ك : «مالك
بن أنس» ، و «عبد الملك بن جريج» و «الشافعي».
__________________
سادسها : ما
عرف من حال رواته أنهم لا يجيزون رواية الحديث بالمعنى ، مثل : «ابن سيرين» ، و «القاسم
بن محمد» ، و «رجاء بن حيوة» ، و «علي بن المديني».
ومن الأحاديث
ما لا ينبغي الاختلاف في عدم الاحتجاج به ، وهي الأحاديث التي لم تدوّن في الصدر
الأول ، وإنما تروى في بعض كتب المتأخرين ...
والقسم الثالث
الذي أضافه هو الحديث الذي يصح أن تختلف الأنظار في الاستشهاد بألفاظه ، هو الحديث
الذي دوّن في الصدر الأول ولم يكن من الأنواع الستة المبينة آنفا ، وهو على نوعين
:
حديث يرد لفظه
على وجه واحد ، وحديث اختلفت الرواية في بعض ألفاظه :
(١) أما الحديث
الوارد على وجه واحد ، فالظاهر صحة الاحتجاج به ؛ نظرا إلى أن الأصل الرواية
باللفظ ، وإلى تشديدهم في الرواية بالمعنى ، ويضاف إلى هذا كله عدد من يوجد في
السند من الرواة الذين لا يحتج بأقوالهم ، فقد يكون بين «البخاري» ومن يحتج
بأقواله من الرواة واحد أو اثنان ، وأقصاهم ثلاثة.
ومثال هذا
النوع أن «الحريري» أنكر على الناس قولهم قبل الزوال : (سهرنا البارحة) قال :
وإنما يقال : (سهرنا الليلة) ، ويقال بعد الزوال : (سهرنا البارحة) ا ه.
والشاهد على
صحة ما يقوله الناس حديث أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان إذا أصبح قال : «هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا؟» .
__________________
وحديث : «وإن
من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح ـ وقد ستره الله ـ فيقول : عملت
البارحة كذا» .
ففي قوله : «إذا
أصبح قال : هل رأى أحد منكم البارحة» وقوله : «ثم يصبح فيقول : عملت البارحة» شاهد
على صحة أن يقول الرجل متحدثا عن الليلة الماضية ، وهو في الصباح : سهرنا البارحة
، أو وقع البارحة كذا.
(٢) وأما
الأحاديث التي اختلفت فيها الرواية ... فنجيز الاستشهاد بما جاء في رواية مشهورة
لم يغمزها أحد المحدثين بأنها وهم من الراوي.
وأما ما يجيء
في رواية شاذة ، أو في رواية يقول فيها بعض المحدثين : إنها غلط من الراوي ، فنقف
دون الاستشهاد بها.
وخلاصة البحث :
إنا نرى الاستشهاد بألفاظ ما يروى في كتب الحديث المدونة في الصدر الأول وإن
اختلفت فيها الرواية ، ولا نستثني إلا الألفاظ التي تجيء في رواية شاذة أو يغمزها
بعض المحدثين بالغلط أو التصحيف غمزا لا مرد له ، ويشد أزرنا في ترجيح هذا الرأي
أن جمهور اللغويين وطائفة عظيمة من النحويين يستشهدون بالألفاظ الواردة في الحديث ولو
على بعض رواياته. ا ه.
وإذا كان قد
وقع في رواية بعض الأحاديث غلط أو تصحيف ، فإن هذا لا يقتضي ترك الاحتجاج به جملة
، وإنما غايته ترك الاحتجاج بهذه الأحاديث فقط ، وحمله على ضبط أحد الرواة في هذه
الألفاظ خاصة . وقد وقع في الأشعار غلط
__________________
وتصحيف ، ومع ذلك فهي حجة من غير خلاف. وإذا كان «العسكريّ» قد ألّف كتابا في تصحيف رواة الحديث ، فقد ألّف كتابا
فيما وقع من أصحاب اللغة والشعر من التصحيف.
__________________
الكشف عن مذهب السيوطي والبغدادي في الاحتجاج بالحديث في النحو :
أما «السيوطي»
فموقفه متردد بين الاتجاه الثاني ، والاتجاه الثالث ، فقد أيد اتجاه؟؟؟ المانعين :
فقال في «الاقتراح» ٥٥ :
(ومما يدل لصحة
ما ذهب إليه «ابن الضائع» و «أبو حيان» أن «ابن مالك» استشهد على لغة «أكلوني
البراغيث» بحديث : «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار» وأكثر من ذلك
حتى صار يسميها : لغة يتعاقبون. وقد استدل به «السهيلي» ، ثم قال : لكني أقول : إن
الواو فيه علامة إضمار ؛ لأنه حديث مختصر رواه «البزار» مطولا محردا ، قال فيه : «إن
لله ملائكة يتعاقبون فيكم ، ملائكة بالليل ، وملائكة بالنهار).
وقال «ابن
الأنباري» في «الإنصاف» في منع «أن» في خبر «كاد» :
(وأما حديث : «كاد
الفقر أن يكون كفرا» فإنه من تغييرات الرواة ، لأنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أفصح من نطق بالضاد). ا ه.
كما أيّد اتجاه
الوسط ، فقال في «الاقتراح» ٥٢ : «وأما كلامه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيستدل منه بما ثبت أنه قاله على اللفظ المروي ، وذلك
نادر جدا ، إنما يوجد في الأحاديث القصار على قلة أيضا ، فإن غالب الأحاديث مروي
بالمعنى ، وقد تداولتها الأعاجم والمولدون قبل تدوينها ، فرووها بما أدّت إليه
عباراتهم ، فزادوا ونقصوا ، وقدّموا وأخّروا ، وأبدلوا ألفاظا بألفاظ ، ولهذا ترى
الحديث الواحد في القصة الواحدة مرويا على أوجه شتّى ، بعبارات مختلفة ، ومن ثمّ
أنكر على «ابن مالك» إثباته القواعد النحوية بالألفاظ الواردة في الحديث» ا ه.
ولهذا اختلفت
عبارات المصنفين في الوصول إلى حقيقة مذهب «السيوطي» فقد تقدم قول «ابن الطيب» :
لا نعلم أحدا من علماء العربية في الاحتجاج بالحديث الشريف إلا ما أبداه الشيخ «أبو
حيان» في شرح
التسهيل ، و «أبو الحسن ابن الضائع» في شرح الجمل ، وتابعهما على ذلك «الجلال
السيوطي» ـ رحمهالله.
أما «البغدادي»
فقد قال : وتوسط «الشاطبي» فجوز الاحتجاج بالأحاديث التي اعتني بنقل
ألفاظها. ثم أورد كلامه من شرح الألفية ، ثم قال :وقد تبعه «السيوطي» في «الاقتراح»
وذكر كلامه .
__________________
مطلب : معنى الاستشهاد والاحتجاج والتمثيل
كتب النحو
والصرف تستعمل عبارات ، مثل : واستشهدوا بكذا ، وهذا لا يستشهد بشعره ، والاستشهاد
بهذا البيت لا يصح لعدم معرفة قائله.
وكذلك يقولون :
واحتجوا بكذا ، وهذا لا يحتجّ به ، والاحتجاج بما قالوه مردود.
والاحتجاج
ومشتقاته يتردد كثيرا في المصنفات التي صنّفت للمسائل الخلافية في النحو ، مثل
كتاب «الإنصاف في مسائل الخلاف» للأنباري.
أما التمثيل
فيستعمل في الأمثلة المصنوعة ، وفي سوق القواعد وإيضاحها ، وهي كلام من جاوز عصر
الاستشهاد من الشعراء والكتّاب.
ف «الاستشهاد»
أو «الاحتجاج» هو ما نسب إلى قائل موثوق به في عصر الاستشهاد أو إلى قبيله من
القبائل الموثوق بلغاتها.
فإذا كان النص
من هذا النوع اعتبر أساسا للقواعد النحوية والصرفية ، وينبغي احترامه.
و «التمثيل» هو
الذي يسوقه النحويّ نفسه ، أو ساقه عمّن لا يحتج بكلامهم. وهو غير ملزم.
ويدخل في
المثال ما يساق من أمثلة فيها التكلف والصنعة مما يطلق عليه اسم «التمارين» كما
يقال : صغ من كذا على مثال كذا. وكذلك التراكيب التي لم ترد في نص عربي قديم مما
يوجد نماذجه الكثيرة في بابي التنازع والاشتغال وما لا ينصرف.
والشاهد في
اللغة : اسم فاعل من شهد الشيء إذا عاينه.
والشهادة :
الخبر القاطع.
واستشهده :
سأله أن يشهد.
الحجّة :
الدليل والبرهان. يقال حجّه ، يحجّه ، حجّا ، غلبه ، على حجّته ،
ويقال : حاججت فلانا فحججته ، أي : غلبته بالحجة ، وذلك الظفر يكون عند
الخصومة.
والجمع : حجج ،
والمصدر الحجاج.
ويقال : حاججته
، فأنا محاجّ ، وحجيج (فعيل بمعنى فاعل) ، وهو محجوج.
وفي «التعريفات»
(باب الحاء) ٤٤ :
الحجّة : ما
دلّ على صحة الدعوى.
وقيل : الحجة
والدليل واحد.
فلفظ الحجة
يستخدم في المواقف التي تتطلب المغالبة والجدل بقصد التفوق ، ونصرة الرأي.
كما يستعمل هذا
اللفظ ، ومشتقاته ، للدلالة على فصاحة عربى أو هجنته ، فيقال عنه مثلا : يحتج به ،
وعلماء اللغة يجعلونه حجة.
وأما «الشاهد»
ـ عند أهل النظر ـ فهو جزئي يذكر لإثبات القاعدة ، من كلام الله ـ تعالى ـ ، وكلام
رسوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وكلام العرب العرباء الثابتة فصاحتهم ، الموثوق
بعربيتهم.
وأما «المثال»
فهو جزئي يذكر لإيضاح القاعدة .
__________________
القسم الثاني
دراسة نحويّة للأحاديث النبوية الواردة
في أكثر شروح ألفيّة ابن مالك
وفيه ثمانية وثلاثون بابا نحويّا
وفيها عشر ومائة مسألة
الكلام على الأحاديث المذكورة في مقدمات شروح الألفية
استحب العلماء
أن تستفتح الكتب والمصنفات بحديث «إنما الأعمال بالنيات». فجعله «البخاريّ» ـ ٢٥٦
ه ، في أول صحيحه ، وابتدأ به «النووي» ـ ٦٧٦ ه ، في كتبه الثلاثة : «رياض
الصالحين» و «الأذكار» و «الأربعين حديثا النووية».
وفائدة هذا
البدء تنبيه طالب العلم أن يصحح نيته لوجه الله ـ تعالى ـ في طلب العلم ، وعمل
الخير.
ولهذا استهل «أبو
إسحاق الشاطبي» ـ ٧٩٠ ه ، به في مقدمة كتابه «المقاصد الشافية في شرح الخلاصة
الكافية» فقال : ... ومن غرس جنى ثمرة غرسه ، و «إنّما الأعمال بالنيّات ، وإنما
لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن
كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» وفي هذا الحديث
النبوي مسائل نحوية شريفة ، تعرف في مظانها ، وسنعرض لمسألتين منها : (الأولى) في
إشكال ورود الجزاء بنفس الشرط.
و (الثانية) في
إشكال تأنيث «دنيا» إذا نكرت.
__________________
(المسألة
الأولى) شرط الجواب الإفادة ، والأصل تغاير الشرط والجزاء ؛ لتحصل الإفادة.
فلا يقال : (من
أطاع أطاع ، وإن يقم زيد يقم)
كما لا يقال في
الابتداء : (زيد زيد).
فإن دخله معنى
يخرجه للإفادة جاز ، نحو : (إن لم تطع الله عصيت) أريد به التنبيه على العقاب ،
فكأنه قال : وجب عليك ما وجب على العاصي.
ويقال : ومن
أطاع نجا ، وإن يقم زيد قمت.
وقد وقع الشرط
والجزاء في هذا الحديث متحدين.
والجواب : أن
التغاير يقع تارة باللفظ ، وهو الأكثر ، وتارة بالمعنى ، ويفهم ذلك من السياق.
ومن أمثلته
قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ
صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً).
وهو مسؤول على
إرادة المعهود المستقر في النفس ، كقولهم : (أنت أنت) أي : الصديق الخالص. وقولهم
: (هم هم) أي : الذين لا يقدر قدرهم. وقوله الشاعر :
أنا أبو النّجم وشعري شعري
وقال «ابن هشام»
هو مسؤول على إقامة السبب مقام المسبب ، لاشتهار المسبب ، أي : فقد استحق الثواب العظيم المستقر للمهاجرين.
وقال «ابن مالك»
: قد يقصد بالخبر الفرد بيان الشهرة ، وعدم التغير ، فيتحد بالمبتدأ لفظا ، كقول
الشاعر :
خليلي خليلي
دون ريب وربما
|
|
ألان امرؤ
قولا فظنّ خليلا
|
__________________
وقد يفعل مثل
هذا بجواب الشرط ، كقولك : (من قصدني فقد قصدني) أي : فقد قصد من عرف بإنجاح
قاصده.
وقال غيره :
إذا اتحد لفظ المبتدأ والخبر ، والشرط والجزاء علم منهما المبالغة إما في التعظيم
، وإما في التحقير.
(المسألة
الثانية) أورد «ابن مالك» إشكالا في تأنيث «دنيا» مع كونه منكرا ، فكان حقه ألّا
يستعمل كما لا يستعمل : «قصوى» و «كبرى». فقال : «دنيا» في الأصل مؤنث «أدنى» ، و
«أدنى» أفعل تفضيل ، وأفعل التفضيل إذا نكر لزم الإفراد والتذكير ، وامتنع تأنيثه
وتثنيته وجمعه.
إلا أن «دنيا»
خلعت عنه الوصفية غالبا ، وأجريت مجرى ما لم يكن قط وصفا ، مما وزنه «فعلى» كرجعى
وبهمى.
وفي وروده
منكرا مؤنثا قول «الفرزدق» :
لا تعجبنّك
دنيا أنت تاركها
|
|
كم نالها من
أناس ثم قد ذهبوا
|
قال «الشاطبي»
في مقدمة كتابه «المقاصد الشافية» :
... وإنما أتى
الناظم بفعل (أحمد ربي) ... لئلا يكون كلامه أجذم عن البركة والخير على ما جاء في
الحديث.
خرّج «أبو داود»
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «كل كلام لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم» وفي لفظ «النسائي»
: «كل أمر لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع» .
__________________
وقال «الشاطبي»
في (المقدمة) أيضا :
... أراد ـ أي
الناظم ـ الجمع بين الثناء على الله ـ عزوجل ـ والصلاة على رسوله ، لما في ذلك من البركة الموعود
بها في الشرع ، وذلك مرجو القبول والإجابة كما جاء في حديث «فضالة بن عبيد» أنه
قال : «بينما رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قاعدا إذ دخل رجل فصلى فقال : اللهم اغفر لي وارحمني.
فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عجلت أيها المصلي ، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو
أهله ، وصلّ عليّ ثم ادعه. قال : ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله وصلى على النبي
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال له النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : أيها المصلي ادع تجب» .
قال «الشاطبي»
في مقدمة كتابه «المقاصد الشافية» :
ذكر «الرّشاطي»
في تاريخه عن «الحسين بن الحسن المروزيّ» قالت : سألت «سفيان بن عيينة» فقلت : يا
أبا محمد ما تفسير قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «كان من أكثر دعاء الأنبياء قبلي بعرفة : لا إله
إلا الله وحده ، لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير» ، وليس فيه من الدعاء شيء؟.
فقال لي : اعرف
حديث «مالك بن الحارث» :
«إذا شغل عبدي
ثناؤه عليّ عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي
__________________
السائلين» ثم قال : أعلمت ما قال : «أمية بن أبي الصلت» حين خرج
إلى «ابن جدعان» يطلب نائله؟
قلت : لا أدري
، قال : قال :
أأذكر حاجتي
أم قد كفاني
|
|
حياؤك إنّ
شيمتك الحياء
|
إذا أثنى
عليك المرء يوما
|
|
كفاه من
تعرضك الثناء
|
ثم قال «سفيان»
: هذا مخلوق ينسب إلى الجود قيل له : يكفينا من مسألتك أن نثني عليك ونسكت ، حتى
نأتي على حاجتنا ، فكيف الخالق؟.
وذكر «ابن عبد
البر» هذه الحكاية في «التمهيد» على نحو آخر.
وقال «الشاطبي»
في (المقدمة) :
... فالمصطفون
من الخلق هم الأنبياء ، والرسل ، ومحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مصطفى من أولئك المصطفين ، ألا ترى ما جاء من نحو
قوله : «أنا سيّد ولد آدم) .
وقال «الشاطبي»
في (المقدمة) عند قوله «ابن مالك» : (المستكملين الشرفا) :قال ـ عليهالسلام ـ : «خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام» .
وقال «الشاطبي»
في (المقدمة) عند قول : (المستكملين الشرفا) : يعني به
__________________
الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ فإن هذا الكلام يقتضي أنهم كانوا أهل شرف قبل
الإسلام ، ثم جاء الإسلام فاستكملوه به ، ولا أحد من الأمة أعظم شرفا في الأصل
منهم ، وقد جاء في الصحيح عن «واثلة بن الأسقع» قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إن الله اصطفى من ولد آدم إسماعيل ، واصطفى من ولد
إسماعيل كنانة ، واصطفى من بني كنانة قريشا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني
من بني هاشم» .
وخرج «الترمذي»
عن «العباس» أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم فرقة ، ثم
جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا» .
قال «الشاطبي»
في (المقدمة) عند قول «ابن مالك» :
وهو بسبق
حائز تفضيلا
|
|
مستوجب ثنائي
الجميلا
|
... فإن السابق له فضيلة ظاهرة على غيره من
اللاحقين ، إذ كان اللاحق مهتديا بناره ، مقتديا بفعله ، فكانا كالإمام والمأموم.
روى أن «إسحاق
بن إبراهيم» لما صنع كتابه في النغم واللحون عرضه على «إبراهيم بن المهدي» ، فقال
: لقد أحسنت يا أبا محمد ، وكثيرا ما تحسن ، فقال «إسحاق» : بل أحسن «الخليل» ؛
لأنه جعل السبيل إلى الإحسان ـ يعني بعلم العروض ـ. فقال «إبراهيم» : ما أحسن هذا
الكلام! فممّن أخذته؟ قال : من «ابن مقبل» إذ سمع حمامة من المطوقات ، فاهتاج لمن
يحب ، فقال :
فلو قبل
مبكاها بكيت صبابة
|
|
بليلى شفيت
النفس قبل التندم
|
ولكن بكت
قبلي فهاج لي البكا
|
|
بكاها فقلت :
الفضل للمتقدم
|
__________________
وهو فضل عند
الكافة مرعيّ ، وينضاف هاهنا إلى فضل شرعي نبه عليه قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى
يوم القيامة» .
وقال «الشاطبي»
في (المقدمة) عند قوله :
والله يقضي
بهبات وافرة
|
|
لي وله في
درجات الآخرة
|
... بدأ بالدعاء لنفسه ، ثم لابن معط ، اقتداء
بالسنة في أن يبدأ الإنسان بنفسه ، ثم بمن يليه ، لقوله ـ عليهالسلام ـ : «ابدأ بنفسك ، ثم بمن تعول» .
وأبين من هذا
ما خرّج «الترمذيّ» عن «أبيّ بن كعب» «أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان إذا ذكر أحدا بدأ بنفسه» .
وفي «شرح
الأشموني» ١ : ١٩ :
«كان رسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا دعا بدأ بنفسه» رواه «أبو داود» .
__________________
الكلام وما يتألف منه
مسألة (١)
تطلق الكلمة على
الجملة المفيدة لغة
أورد «الشاطبي»
عند قول الناظم :
... وكلمة بها
كلام قد يؤمّ
حديثين شريفين
استدلالا على أن الكلمة في اللغة تطلق على الجمل المفيدة ، وهما :
«أصدق كلمة
قالها لبيد»
و «الكلمة
الطيبة صدقة»
وذكر «الأشموني»
١ : ٢٨ شطرا من بيت ، وهو :
ألا كلّ شيء ما
خلا الله باطل ...
والظاهر من
إيراد هذا الشطر فقط أنه الواقع في الحديث ، وقد قال البيت قبل الإسلام.
وجاء بيان
الشاهد في «شرح ابن الناظم» : ٤ :
بأنه إطلاق
الكلمة على الكلام ، من باب تسمية الشيء باسم بعضه ، كتسميتهم ربيئة القوم عينا ،
والبيت من الشعر قافية ، وقد يسمون القصيدة قافية ،
__________________
لاشتمالها عليها ، قال الشاعر :
وكم علّمته
نظم القوافي
|
|
فلما قال
قافية هجاني
|
أراد قصيدة.
مسألة (٢)
«أم» تخلف «أل» في لغة «طيّئ»
قال «السيوطي»
في «همع الهوامع» مبحث (أداة التعريف) ١ : ٢٧٣ قد تخلف «أم» «أل» في لغة عزيت لـ «طيّئ»
و «حمير».
قال «ابن مالك»
: لما كانت اللام تدغم في أربعة عشر حرفا ، فيصير المعرّف بها كأنه من المضاعف
العين الذي فاؤه همزة ، جعل أهل اليمن ، ومن داناهم بدلها ميما ؛ لأن الميم لا
تدغم إلا في ميم.
قال بعضهم : إن
هذه اللغة مختصة بالأسماء التي لا تدغم لام التعريف في أولها ، نحو : غلام ، كتاب
، بخلاف : رجل ، وناس.
قال «ابن هشام»
: ولعل ذلك لغة لبعضهم لا لجميعهم ، بدليل دخولها على النوعين في قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :
__________________
«ليس من امبرامصيام في امسفر» أخرجه «أحمد».
__________________
وقول «بجير بن
عنمة الطائي» (جاهلي مقلّ) :
ذاك خليلي
وذو يواصلني
|
|
يرمي ورائي
بامسهم وامسلمه
|
قال «ابن يعيش»
٩ : ٢٠ عن اللغة اليمانية ، وهي إبدال لام المعرفة ميما : ذلك شاذ قليل لا يسوغ أن
يقاس عليه.
مسألة (٣)
الإسناد عند «ابن مالك»
قال «الشاطبي»
: الإسناد عند المؤلف على وجهين :
إسناد باعتبار
المعنى ، وإسناد باعتبار اللفظ.
فأما الأول فهو
مختص عنده بالأسماء ، ويسمى إسنادا حقيقيا ، وإسنادا وضعيا ، كقولك : (زيد فاضل) ،
فإنما أخبرت بالفضل عن مدلول (زيد) ، لا عن لفظه ، وهذا هو المختص عنده بالأسماء.
وأما الثاني
فيصلح لكل واحد من أنواع الكلم فيصلح للاسم ، نحو : زيد :
معرب ، وللفعل
، نحو : قام : فعل ماض ، وللحرف «في» : حرف جر.
وأيضا يصلح
للجملة ، نحو : «لا حول ولا قوة إلا بالله : كنز من كنوز الجنة»
وهذا المنزع
ذهب إليه «القرافي» ، واستحسنه «ابن هاني» من شيوخ شيوخنا. وهم في ذلك مخالفون
لجميع النحاة ، فليس الإسناد إلا على وجه واحد ، وهو الإسناد الحقيقي ، فكل لفظ
أسند إليه إنما أسند إلى معناه.
__________________
قال «ابن هشام»
في «المغني» : ٥٢٥ ، ٥٥٩ ، ٧٨٣ :
جملة : «لا حول
ولا قوة إلا بالله» يراد بها لفظها فهي مبتدأ ، فيحكم لها بحكم المفردات.
وقال «السيوطي»
في «همع الهوامع» (خواص الاسم) :
المعنى : هذا
اللفظ كنز من كنوز الجنة ، أي : كالكنز في نفاسته ، وصيانته عن أعين الناس ...
والإسناد من خواص الاسم .
مسألة (٤)
دخول نون التوكيد على الماضي
وفي «شرح
الشاطبي» و «شرح المرادي» :
دخول نون
التوكيد على الفعل الماضي قليل ، والأصل دخولها على الفعل المضارع بشرط مذكور في
بابه ، ودخولها على فعل الأمر بلا شرط. مثال دخولها على الفعل الماضي قول النبي
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :
«فإمّا أدركنّ
أحد منكم الدجال»
فلحقت «أدرك»
وهو ماض. وكذا ما أنشده في شرح التسهيل :
دامنّ سعدك ،
إن رحمت متيّما
|
|
لولاك لم يك
للصبابة جانحا
|
__________________
وفي «إعراب
الحديث» للعكبري ٨٠ :
«إمّا» هاهنا
مكسورة الهمزة ، لأنها «إن» الشرطية زيدت عليها «ما» ، وهو كقوله تعالى : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ) وأما قوله «أدركنّ» فهكذا وقع في هذه الرواية ، وقد روي
بطريق آخر : «فمن أدرك ذلك» فيدل هذا اللفظ على أن «أدرك» لفظه لفظ الماضي ،
ومعناه المستقبل.
والإشكال في
لحاق النون لفظ الماضي ، لأن حكمها أن تلحق المستقبل.
ووجه هذه
الرواية : أنه لما أريد بالماضي المستقبل ألحق به نون التأكيد تنبيها على أصله ،
ولا يجوز أن تكون النون هاهنا ضمير جماعة المؤنث لأمرين : أحدهما : أنه لم يتقدم
في الحديث جماعة مؤنّث يرجع هذا الضمير إليه.
والثاني : أنه
رفع ما بعده ، وهو قوله : «واحد منكم» وهذا مفرد مذكر.
وفيه : «يقرؤه
كلّ مؤمن كاتب وغير كاتب».
يجوز جرّ «كاتب»
على الصفة لـ «مؤمن».
ويجوز رفعه صفة
لـ «كل» أو بدلا منه.
قال «الشاطبي»
عند «حيهل» من قوله :
والأمر إن لم
يك للنون محلّ
|
|
فيه هو اسم
نحو : صه ، وحيّهل
|
وحيهل : معناه
أقبل ، أو أسرع ، أو أعجل ، ومنه ما جاء في الحديث : «إذا ذكر الصالحون فحيهلا
بعمر»
قال «أبو عبيد»
: معناه عليك بعمر ، ادع عمر.
__________________
«المعرب والمبني»
مسألة (٥)
النقص في «هن» أشهر
الأسماء الستة هي : أب ، أخ ، حم ، فم ، هن ، ذو (بمعنى صاحب) ، فكل
واحد من هذه الستة يرفع ـ غالبا ـ بالواو ، وينصب بالألف ، ويجر بالياء. ولكن
بشروط أربعة ، وهي : أن تكون مفردة ، مكبّرة ، مضافة ، وإضافتها لغير ياء المتكلم.
وهناك شرط خاص
بكلمة «فم» وهو حذف «الميم» ، والاقتصار على الفاء وحدها ، مثل : (ينطق فوك
بالحكمة).
ويشترط في كلمة
«ذي» أن تكون إضافتها لاسم ظاهر ، دال على الجنس ، مثل : (صاحبي ذو فضل).
وما سبق هو
أشهر اللغات في الأسماء الستة ، أما كلمة «هن» فإن الأكثر فيها مراعاة النقص ، ثم
إعرابها بالحركات الأصلية بعد ذلك. والمراد بمراعاة النقص في آخرها إن أصلها «هنو»
على ثلاثة أحرف ، ثم نقصت منها الواو ، بحذفها للتخفيف ، سماعا عن العرب ، وصارت
الحركات الأصلية تجري على النون ، وكأنها الحرف الأخير من الكلمة ، فعند الإضافة
لا تردّ الواو المحذوفة. وتسمى : لغة النقص.
وعلى هذه اللغة
الشهيرة ورد الحديث : «من تعزّى بعزاء الجاهلية فأعضّوه بهن أبيه ولا تكنوا» ، وقول «علي» ـ رضياللهعنه ـ : «من يطل هن
__________________
أبيه ينتطق به» ومعناه : من كثر ولد أبيه يتقوى بهم. ولكن يجوز فيها ـ بقلة
ـ الإعراب بالحروف ، وتسمى لغة الإتمام.
قال «الأشموني»
١ : ٦٩ : (لقلة الإتمام في «هن» أنكر «الفراء» جوازه ، وهو محجوج بحكاية «سيبويه»
الإتمام عن العرب ، ومن حفظ حجة على من لا يحفظ).
مسألة (٦)
في ألفاظ ملحقة بالمثنى
يلحق بالمثنى
في الإعراب ألفاظ تشبهه ، وليست بمثناة حقيقة ؛ لفقد شرط التثنية.
فمن ذلك ما هو
في المعنى جمع ، كقوله ـ تعالى ـ : (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ
أَخَوَيْكُمْ) وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «البيّعان بالخيار» ذكره «ابن مالك» والمراد البيعون.
ونوزع فيه
بإمكان كونهما مثنّيين حقيقة. .
__________________
ومما يلحق
بالمثنى ما يصلح للتجريد ، ولا يختلف معناه ، بمعنى أنه مساو لمفرده ، مثل «حوالينا» ، تقول : نزل فلان حولنا وحوالينا. وفي الحديث : «حوالينا
ولا علينا» .
وفي «بلوغ
الأماني من أسرار الفتح الرباني» ٦ : ٢٣٨ : «حوالينا» قال الحافظ : بفتح اللام ،
وفيه حذف تقديره : اجعل ، أو أمطر ، والمراد به صرف المطر عن الأبنية والدور. (ولا
علينا) بيان للمراد بقوله : «حوالينا».
قال «الطيبي» :
في إدخال «الواو» هنا معنى لطيف ، وذلك أنه لو أسقطها لكان مستسقيا للآكام وما
معها فقط ، ودخول «الواو» يقتضي أن طلب المطر على المذكور ليس مقصودا لعينه ، ولكن
ليكون وقاية من أذى المطر ، فليست الواو مخلصة للعطف ، ولكنها للتعليل ، وهو
كقولهم : «تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها» ، فإن الجوع ليس مقصودا لعينه ، ولكن لكونه مانعا عن
الرضاع بأجرة إذا كانوا يكرهون ذلك أنفا. ا ه
__________________
مسألة (٧)
لزوم المثنى الألف لغة بلحارث
«المثنى» يرفع
بالألف ، وينصب ويجر بالياء ، نحو : قال رجلان ، ولزوم الألف في الأحوال الثلاثة
لغة عزيت لـ «كنانة» و «بني الحارث بن كعب» و «بني العنبر» و «بني الهجيم» وبطون
من «ربيعة» و «بكر بن وائل» و «زبيد» و «خثعم» و «همدان» و «مزادة» و «عذرة» وخرج
عليها قوله ـ تعالى ـ : (إِنْ هذانِ
لَساحِرانِ)
وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لا وتران في ليلة»
وأنكرها «المبرد»
، وهو محجوج بنقل الأئمة. قال الشاعر :
فأطرق إطراق
الشجاع ولو رأى
|
|
مساغا لناباه
الشجاع لصمّما
|
وقال آخر :
تزود منا بين أذناه طعنة
وقال آخر :
قد بلغا في المجد غايتاها
وفي «بلوغ
الأماني من أسرار الفتح الرباني» ٤ : ٣٠٩ : أي : لا يجتمع وتران ، أو لا يجوز
وتران في ليلة ، بمعنى لا ينبغي لكم أن تجمعوها. وليست «لا» نافية للجنس ، وإلا
لكان لاوترين ـ بالياء ـ ، لأن الاسم بعد «لا» النافية للجنس يبنى على ما ينصب به.
ونصب التثنية بالياء التحتية إلا أن يكون هاهنا
__________________
حكاية فيكون الرفع للحكاية. وقال «السيوطي» : هو على لغة بلحارث ، الذين
يجرون المثنى بالألف في كل حال.
مسألة (٨)
إثبات ميم «فم» مع الإضافة جائز
إذا أفرد «فوك»
عوض من عينه وهي «الواو» ميم.
وقد تثبت «الميم»
مع الإضافة ، خلافا لـ «أبي علي الفارسي» الذي قال : لا تثبت الميم في «الفم» عند
الإضافة إلا في ضرورة الشعر.
ويردّ عليه
بالحديث الصحيح : «لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» وبقول الراجز :
يصبح ظمآن وفي البحر فمه
قال «العكبري»
في «إعراب الحديث النبوي» ٢٠١ :
الخاء مضمومة
ليس غير ، والفتح خطأ ، و «خلوف» مصدر خلف فوه يخلف ، إذا تغيرت ريحه.
__________________
مسألة (٩)
في ألفاظ ملحقة بجمع المذكر السالم
ألحق النحاة
بجمع المذكر السالم في إعرابه أنواعا ، فقد كلّ نوع منها بعض الشروط ، فصار شاذا ،
ملحقا بهذا الجمع ، وليس جمعا حقيقيا ؛ لأنها سماعية لا يقاس عليها.
مثل كلمة «أهل»
فقد قالوا فيها : أهلون ، فجمعوها مع أنها ليست علما ولا صفة ، بل هي اسم جنس جامد
، كـ «رجل» وفي الحديث : «إن لله أهلين من الناس»
وقال الشاعر :
وما المال والأهلون
إلا ودائع
|
|
ولا بد يوما
أن تردّ الودائع
|
ومما ألحق بجمع
المذكر السالم في إعرابه «سنون» وبابه من كل اسم ثلاثي حذفت لامه ، وعوّض عنها تاء
التأنيث المربوطة ، ولم يعرف له عند العرب جمع تكسير معرب بالحركات.
فهذا النوع له
مفرد من لفظه ، وهذا المفرد لا يسلم من التغيير عند جمعه هذا الجمع ، فلا يبقى على
حالته قبل الجمع ، ولذلك يسمونها «جموع تكسير» ، ويلحقونها بجمع المذكر في إعرابه بالحروف. وهذا في
لغة الحجاز ، وعلياء قيس.
__________________
ويجري بعض بني
تميم وبني عامر «سنين» وبابه ـ وإن لم يكن علما ـ مجرى «غسلين» و «حين» في لزوم
الياء ، والإعراب بحركات ظاهرة على النون ، منونة غالبا ، ولا تسقط هذه النون عند
الإضافة ، تقول : (هذه سنين مجدبة) و (أقمت عنده سنينا) و (لبثت بضع سنين) ، قال الشاعر :
دعاني من نجد
فإن سنينه
|
|
لعبن بنا
شيبا وشيّبننا مردا
|
وفي الحديث على
بعض الروايات :
«اللهم اجعلها
عليهم سنينا كسنين يوسف» .
وحذف التنوين
قليل ، مقصور على السماع ، وهو لغة.
«النكرة والمعرفة»
قال «الشاطبي»
عند قوله :
وذو ارتفاع
وانفصال : أنا ، هو ،
|
|
وأنت ،
والفروع لا تشتبه
|
يقال : اشتبه
عليّ الأمر إذا التبس وأشكل ، ومنه الحديث : «الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما
أمور مشتبهات» أي : مشكلات ، وملتبسات.
__________________
مسألة (١٠)
في اجتماع ضميرين هل الأولى اتصالهما أو انفصالهما
قال «ابن مالك»
: إن كان الفعل من باب «كان» واتصل به ضمير رفع ، جاز في الضمير الذي يليه الاتصال
، نحو : (صديقي كنته) ، والانفصال ، نحو : (صديقي كنت إياه). والاتصال عندي أجود ،
لأنه الأصل ، وقد أمكن لشبه «كنته» بـ «فعلته». فمقتضى هذا الشبه أن يمتنع : كنت
إياه ، كما يمتنع :
فعلت إياه ،
فإذا لم يمتنع فلا أقل من أن يكون مرجوحا. وجعله أكثر النحويين راجحا. وخالفوا
القياس والسماع ، أما مخالفة القياس فقد ذكرت.
وأما مخالفة
السماع فمن قبل أن الاتصال ثابت في أفصح الكلام المنثور ، كقول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لعمر ـ رضياللهعنه ـ : «إن يكنه فلن تسلّط عليه ، وإن لم يكنه فلا خير لك
في قتله» وكقول بعض العرب : (عليه رجلا ليسني).
وفي أفصح
الكلام المنظوم ، كقول أبي الأسود الدؤلي :
فإلّا يكنها
أو تكنه فإنّه
|
|
أخوها غذته
أمّه بلبانها
|
__________________
وأورد «الشاطبي»
شاهدا من النثر الحديث النبوي : «كن أبا خيثمة فكانه» .
ويفيد «ابن
مالك» أنه إذا تعلّق بالفعل ضميران ، فإن اختلف الضميران بالرتبة ، وقدم أقربهما
رتبة ، جاز اتصال الثاني وانفصاله ، نحو : أعطيتكه ، وأعطيتك إياه. والاتصال أجود
لموافقة الأصل ، ولأن القرآن العظيم نزل به دون الانفصال ، كقوله تعالى : (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ
قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً) ،
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَنُلْزِمُكُمُوها
وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ).
و «سيبويه» يرى الاتصال هنا واجبا ، والانفصال ممتنعا. والصحيح
ترجيح الاتصال ، وجواز الانفصال.
ومن شواهد
تجويزه قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :فإن الله ملككم إياهم ، ولو شاء لملكهم إياكم .
__________________
مسألة (١١)
في إضافة «قط» لياء المتكلم
إن كانت «ياء
المتكلم» مجرورة بالإضافة ، والمضاف اسم ساكن الآخر ، كأحد الكلمات الثلاث : (لدن
ـ قط ـ قد) جاز إثبات نون الوقاية ، وهو الأفصح ، وجاز حذفها. مثال حذفها الحديث
الشريف : قط قط بعزتك وكرمك يروى بسكون الطاء ، وبكسرها مع ياء ودونها ، ويروى «قطني».
وفي «فتح
الباري» ٨ : ٥٩٥ :
وفي رواية : «فتقول
: قد قد» بالدال بدل الطاء ، وهي لغة ، وكلها بمعنى : (يكفى).
وفي رواية
لأحمد : «فتقول : قدني قدني» وقوله : «قط قط» أي :حسبي حسبي.
«قط» بالتخفيف
ساكنا ، ويجوز الكسر بغير إشباع. ووقع في بعض النسخ عن «أبي ذر» : «قطي قطي»
بالإشباع. و «قطني» بزيادة نون مشبعة.
__________________
مسألة (١٢)
في اتصال «نون الوقاية» باسمي الفاعل والتفضيل
جاء في «شواهد
التوضيح» ١١٨ ـ ١١٩ :
مقتضى الدليل
أن تصحب نون الوقاية الأسماء المعربة المضافة إلى ياء المتكلم لنفيها خفاء
الإعراب. فلما منعوها ذلك كان كأصل متروك ، فنبهوا عليه في بعض الأسماء المعربة
المشابهة للفعل ، كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لليهود : فهل أنتم صادقوني وقول الشاعر :
وليس بمعييني
وفي الناس ممتع
|
|
صديق إذا
أعيا عليّ صديق
|
وكقول الآخر :
وليس
الموافيني ليرفد خائبا
|
|
فإنّ له
أضعاف ما كان أمّلا
|
ولما كان لأفعل
التفضيل شبه بفعل التعجب ، اتصلت به النون المذكورة أيضا في قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «غير الدجال أخوفني عليكم» .
والأصل فيه :
أخوف مخوفاتي عليكم. فحذف المضاف إلى الياء وأقيمت هي مقامه ، فاتصل «أخوف» بها
مقرونة بالنون ، كما اتصل «معيي» و «الموافى» بها في البيتين المذكورين.
__________________
ولحاقها مع هذين
في غاية من القلة ، فلا يقاس عليه.
قال «ابن حجر»
في «فتح الباري» ١٠ : ٢٤٥ :
«فهل أنتم
صادقوني»؟ كذا وقع في هذا الحديث في ثلاثة مواضع.
قال «ابن التين»
: ووقع في بعض النسخ : «صادقيّ» بتشديد الياء بغير نون ، وهو الصواب في العربية ؛
لأن أصله : صادقوني ، فحذفت النون للإضافة ، فاجتمع حرفا علة سبق الأول بالسكون ،
فقلبت الواو ياء ، وأدغمت ، ومثله : (وَما أَنْتُمْ
بِمُصْرِخِيَّ) ، وفي حديث بدء الوحي : «أو مخرجيّ هم» ا ه.
وإنكاره
الرواية من جهة العربية ليس بجيد ، فقد وجّهها غيره.
قال «العكبريّ»
في «إعراب الحديث النبوي» : ٦٠ :
قوله : غير
الدجال أخوف ظاهر اللفظ يدل على أن غير الدجال هو الخائف ، لأنك إذا قلت : زيد
أخوف على كذا ، دل على أن زيدا هو الخائف ، وليس معنى الحديث على هذا ، وإنما
المعنى : إنى أخاف على أمتي من غير الدجال أكثر من خوفي عليهم منه ، فعلى هذا يكون
فيه تأويلان :
أحدهما : أن «غير»
مبتدأ ، و «أخوف» خبر مبتدأ محذوف ، أي : غير الدجال أنا أخوف على أمتي منه.
والثاني : أن
يكون «أخوف» على النسب ، أي : غير الدجال ذو خوف شديد على أمتي ، كما تقول : فلانة
طالق ، أي : ذات طلاق.
__________________
المعرف بأداة التعريف
قال «الشاطبي»
عند قول «ابن مالك» :
«أل» حرف تعريف أو اللام فقط
|
|
فنمط عرّفت
قل فيه النّمط
|
«النمط» : ضرب من البسط ، والنمط
أيضا : الجماعة من الناس أمرهم واحد. وفي الحديث «خير هذه الأمة النمط الأوسط ،
يلحق بهم التالي ، ويرجع إليهم الغالي» .
__________________
قال «أبو عبيد»
: الطريقة ، يقال : الزم هذا النمط.
قال : والنمط
أيضا : الضرب من الضّروب ، والنوع من الأنواع ، يقال : ليس هذا من ذلك النمط ، أي
: من ذلك النوع. وهذا المعنى يقال في المتاع والعلم ، وغير ذلك.
مسألة (١٣)
في «أل» الزائدة
قال «الشاطبي»
: حكى البغداديون أن من العرب من يقول : (قبضت الأحد عشر الدرهم)
وفي الحديث : «أن
امرأة كانت تهراق الدماء»
والحديث عند «ابن
مالك» حجة في إثبات القوانين ، وبناء القياس.
وقال «ابن هشام»
في «المغنى» ٥٩٩ :
فالدماء :
تمييز على زيادة «أل».
قال «ابن مالك»
: أو مفعول على أن الأصل «تهريق» ، ثم قلبت الكسرة فتحة ، والياء ألفا ، كقولهم :
جاراة وناصاة وبقي ، وهذا مردود ؛ لأن شرط ذلك تحرك الياء ، كجارية وناصية وبقي. ا
ه
__________________
قال «السيوطي»
في «الهمع» في (العوامل) :
واختلف في نصب
الفعل اللازم اسما تشبيها بالمتعدي.
أجازه بعض
المتأخرين ، قياسا على تشبيه الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي ، نحو : زيد تفقأ
الشحم ، أصله : تفقأ شحمه ، فأضمرت في «تفقأ» ، ونصبت «الشّحم» تشبيها بالمفعول
به. واستدلّ بما روي في الحديث : «كانت امرأة تهراق الدماء» ومنعه «الشّلوبين» ،
وقال : لا يكون ذلك إلا في الصفات.
وتأوّلوا الأثر
على أنه إسقاط حرف الجرّ ، أو على إضمار فعل ، أي : بالدماء ، أو يهريق الله
الدماء منها. قال «أبو حيان» : وهذا هو الصحيح ؛ إذ لم يثبت ذلك من لسان العرب.
وقال «السهيلي»
في «أماليه» ٧٣ :
وأما «تهراق
الدماء» فإن «الدماء» مفعول بالإراقة ، والمعنى : تهريق الدماء ، ولكن العرب تعدل
بالكلمة إلى وزن ما هو في معناها ، وهي في معنى تستحاض ، وتستحاض على وزن ما لم
يسم فاعله. والتي تهريق الدماء هي التي تستحاض ، ولا يجوز أن يقال : هي تهراق
الماء والخل ، لعدم هذا المعنى فيه. ا ه.
ويمكننا أن
نستخلص في إعراب «الدماء» خمسة أعاريب :
(١) أنه تمييز
على اعتبار «أل» زائدة.
(٢) أنه مفعول
على أن الأصل تهريق ، وهو قول «ابن مالك» ، أو مفعول بالإراقة ، وهو قول «السهيلي».
(٣) أنه منصوب
على التشبيه بالمفعول به. وهو قول بعض المتأخرين.
(٤) أنه على
إسقاط حرف الجر ، أي : بالدماء.
(٥) أنه على
إضمار فعل ، أي يهريق الله الدماء منها.
مسألة (١٤)
في العلم بالغلبة
درجة العلم
بالغلبة (أي التغلب بالشهرة) درجة تلحقه بالعلم الشخصي في أحكامه ، فمظهر الكلمة
أنها معرفة بـ «أل» ، أو بالإضافة ، ولكن حقيقتها أنها صارت معرفة بعلمية الغلبة.
ومن أمثلة العلم بالغلبة : المدينة ، والعقبة ، وإمام النحاة ، وغيرها مما هو علم
بالغلبة كالنابغة ، والأعشى ، والأخطل ... وأصل النابغة : الرجل العظيم ، وأصل
الأعشى : من لا يبصر ليلا. وأصل الأخطل :
الهجّاء. ثم
تغلّب على كل أصل مما سبق الاستعمال والاشتهار في العلمية وحدها.
فـ «أل» التي
في العلم بالغلبة قد صارت قسما مستقلا من «أل» الزائدة اللازمة (أي : التي لا
تفارق الاسم الذي دخلت عليه) ، ويسمى «أل :التي للغلبة» ولم تبق للعهد كما كانت ،
وبالرغم من أنها زائدة ، ولازمة فإنها تحذف وجوبا عند ندائه ، أو إضافته ، مثل : (يا
رسول الله قد بلّغت رسالتك) ، (هذا مصحف عثمان) ، (يا نابغة ، أسمعنا من طرائفك) .
فلا يجوز
بقاؤها من واحد منهما ، فلا تقول : (يا الأعشى) ولا (يا الأخطل) وفي الحديث : «إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن» .
__________________
«المبتدأ والخبر»
مسألة (١٥)
في دخول الباء الزائدة على المبتدأ
عرّف «ابن هشام»
المبتدأ بقوله : «اسم أو بمنزلته ، مجرّد عن العوامل اللفظية أو بمنزلته ، مخبر
عنه ، أو وصف رافع لمكتفى به»
فمن أمثلة ما
هو بمنزلة المجرد عند «ابن عصفور» قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «ومن لم يستطع فعليه بالصوم»
فالباء عنده
زائدة في قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «بالصوم» ، والصوم : مبتدأ ، وعليه : جار ومجرور
متعلق بمحذوف خبر مقدم ، وكأنه قال : الصوم واجب عليه.
وهناك رأي آخر
ذكره «الرضي» ، وهو أن من أسماء الأفعال الظروف وشبهها تجر ضمير مخاطب كثيرا ،
وضمير غائب شاذ قليلا ، نحو قوله : (عليه شخصا ليسني) ونحو الحديث.
__________________
فيكون قوله «عليه»
: اسم فعل أمر ، ومعناه ليلزم ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا ، و «بالصوم» : مفعول
به زادت معه الباء ، وهو حسن من جهة المعنى ، ولكنه ضعيف من جهة الصناعة ، وذلك
لأن الأصل في فعل الأمر أن يكون للمخاطب لا للغائب ، ولأن زيادة الباء مع المفعول
غير ثابتة في غير هذا الموضع حتى يحمل عليها ما هنا.
مسألة (١٦)
في تركيب «أو مخرجيّ»؟
الأصل في : «أو
مخرجيّ هم» : أو مخرجوي هم ، أي : بعد إسقاط النون للإضافة ، فاجتمعت
واو ساكنة وياء ، فأبدلت الواو ياء ، وأدغمت في الياء ، وأبدلت الضمة ، التي كانت
قبل الواو كسرة ، تكميلا للتخفيف ، كما فعل باسم مفعول «رميت» حين قيل فيه : «مرميّ»
، وأصله : مرمويّ.
ومثل : «مخرجيّ»
من الجمع المرفوع المضاف إلى ياء المتكلم ، قال أبو ذويب الهذليّ :
أودى بنيّ
وأودعوني حسرة
|
|
عند الرّقاد
وعبرة ما تقلع
|
و «مخرجيّ» :
خبر مقدم ، و «هم» : مبتدأ مؤخر ، ولا يجوز العكس ؛ لأن مخرجيّ
__________________
نكرة ، فإن إضافته غير محضة ، إذ هو اسم فاعل بمعنى الاستقبال ، فلا تتعرف
بالإضافة. وإذا ثبت كونه نكرة ، لم يصح جعله مبتدأ ، لئلا تخبر بالمعرفة عن النكرة
، دون مصحح.
ولو روي «مخرجيّ»
مخفف الياء ، على أنه مفرد ، لجاز وجعل مبتدأ ، وما بعده فاعل سد مسدّ الخبر ، كما
تقول : أو مخرجي بنو فلان؟ لأن «مخرجي» صفة معتمدة على استفهام ، مسندة إلى ما
بعدها ، لأنه وإن كان ضميرا فهو منفصل ، والمنفصل من الضمائر يجري مجرى الظاهر.
ومنه قول الشاعر :
منجز أنتم
وعدا وثقت به
|
|
أم اقتفيتم
جميعا نهج عرقوب
|
ومن هذا القبيل
قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : أحي والداك ؟ والاعتماد على النفي كالاعتماد على الاستفهام ، ومنه
قول الشاعر.
خليليّ ما
واف بعهدي أنتما
|
|
إذا لم تكونا
لي على من أقاطع
|
مسألة (١٧)
الجملة الواقعة خبرا وهي نفس المبتدأ معنى لا تحتاج لرابط
الجملة إن كانت
نفس المبتدأ في المعني لم تحتج إلى رابط ، كقول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (أفضل ما قلته أنا والنبيّون من قبلي : لا إله إلا
الله) .
__________________
فـ «أفضل»
مبتدأ ، و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة ، والجملة بعده صلة.
وجملة : (لا
إله إلا الله) هي الخبر ، وقد استغنت عن الرابط ؛ لأنها نفس المبتدأ في المعنى ،
ومنه قوله ـ تعالى ـ : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ :
أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، وقوله ـ عزوجل ـ : (دَعْواهُمْ فِيها :
سُبْحانَكَ اللهُمَ).
ونحو (أوّل
قولي إني أحمد الله) بكسر «إنّي» فجملة «إني أحمد الله» جملة أخبر بها عن هذا
المبتدأ ، وهي مستغنية عن عائد يعود على المبتدأ ؛ لأنها نفس المبتدأ في المعنى ،
فكأنه قيل : أول قولي هذا الكلام المفتتح بـ «إني».
وأما فتح «أنّي»
فلها ضابط ، وهو أن تقع خبرا عن قول ، وخبرها قول كأحمد ونحوه ، وفاعل القولين
واحد ، فما استوفى هذا الضابط كالمثال المذكور جاز فيه الفتح على معنى أوّل قولي
حمد الله.
مسألة (١٨)
مسوّغات الابتداء بالنكرة
المبتدأ محكوم
عليه دائما بالخبر ، والمحكوم عليه لا بد أن يكون معلوما عند الحكم ، ولو إلى حدّ
ما ، وإلا كان الحكم لغوا لا قيمة له ، لصدوره عن مجهول.
وصارت الجملة
غير مفيدة إفادة تامة مقصودة.
__________________
لكن إذا أفادت
النكرة الفائدة المطلوبة صح وقوعها مبتدأ ، وقد أوصل النحاة مواضع النكرة المفيدة
حين تقع مبتدأ إلى نحو أربعين موضعا ، والأساس الذي تقوم عليه هو «الإفادة» ، فعلى
هذا الأساس وحده يرجع الحكم على صحة الابتداء بالنكرة ، أو عدم صحته. فمن مسوغات
الابتداء بالنكرة :
أـ حذف الموصوف
، وبقاء الصفة ، نحو قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (سوداء ولود خير من حسناء عقيم) أي : امرأة سوداء.
ب ـ النكرة
المتعلق بها معمول ، وهو المجرور ، نحو : (رغبة في الخير خير) ويجري مجرى هذا ما
كان مثله في كون النكرة عاملة عمل الفعل النصب في معمول ، ومن ذلك قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (أمر بمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة) .
ج ـ النكرة
المضافة إلى نكرة ، نحو قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (خمس صلوات كتبهنّ الله على العباد) .
__________________
د ـ كون الظرف
والمجرور غير مختص ، كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (في أربعين شاة شاة) .
والمسوغ هنا
تقدم الخبر ، وهو جار ومجرور على المبتدأ ، نحو : (في الدار رجل) و (عند زيد نمرة).
ه ـ النكرة
مؤخرة ، والخبر نكرة وهو مقدم ، والمسوّغ وجود البيان ، كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «مسكين مسكين رجل لا زوج له» فرجل : هو المبتدأ عند «ابن مالك» ، ومسكين : خبره. وفي
هذا النوع يجب تقديم الخبر.
مسألة (١٩)
في ثبوت خبر المبتدأ بعد «لو لا»
إذا وقع
المبتدأ بعد «لو لا» الامتناعية
فالجمهور
أطلقوا وجوب حذف الخبر ، بناء على أنه لا يكون بعدها إلا كونا مطلقا ، ولحنوا «المعري»
في قوله :
يذيب الرعب
منه كلّ عضب
|
|
فلو لا الغمد
يمسكه لسالا
|
__________________
وقيد «الرماني»
و «ابن الشجري» و «الشلوبين» وجوب حذف الخبر بما إذا كان الخبر كونا مطلقا.
فلو أريد كون
بعينه لا دليل عليه لم يجز الحذف ، نحو : لو لا زيد سالمنا ما سلم ، ومنه حديث «عائشة»
: «لو لا قومك حديثو عهد بكفر لأسست البيت على قواعد إبراهيم» .
وذهب «الكوفيون»
إلى أن الاسم المرفوع بعد «لو لا» فاعل بفعل
__________________
محذوف. وقيل : هو مرفوع بـ «لو لا».
وقال «السيوطي»
في «همع الهوامع» في (المبتدأ والخبر) :والظاهر أن الحديث حرّفته الرواة بدليل أنّ
في بعض رواياته : «لو لا حدثان قومك». وهذا جار على القاعدة.
وقد بينت في
كتاب «أصول النحو» من كلام «ابن الضائع» و «أبي حيان» : أنه لا يستدل بالحديث على
ما خالف القواعد النحوية ، لأنه مروي بالمعنى ، لا بلفظ الرسول. والأحاديث رواها
العجم والمولدون ، لا من يحسن العربية ، فأدوها على قدر ألسنتهم.
وفي التصريح ١
: ١٧٩ : قال «ابن أبي الربيع» : لم أر هذه الرواية ، يعني بهذا اللفظ ، من طريق
صحيح ، والروايات المشهورة في ذلك : «لو لا حدثان قومك» «لو لا حداثة قومك» «لو لا
أن قومك حديثو عهد بجاهلية» ونحو ذلك.
__________________
وقال «ابن مالك»
في «شواهد التوضيح» : ٦٥ :
تضمن هذا
الحديث ثبوت خبر المبتدأ بعد «لو لا» ، وهو مما خفي على النحويين إلّا «الرماني» و
«الشجري».
وقد يسرت لي في
هذه المسألة زيادة على ما ذكراه. فأقول ـ وبالله أستعين ـ : إن المبتدأ المذكور
بعد «لو لا» على ثلاثة أضرب :
(١) مخبر عنه
بكون غير مقيّد.
(٢) ومخبر عنه
بكون مقيّد ، لا يدرك معناه عند حذفه.
(٣) ومخبر عنه
بكون مقيّد ، يدرك معناه عند حذفه.
فالأول ، نحو :
(لو لا زيد لزارنا عمرو) ، فمثل هذا يلزم حذف خبره ، لأن المعنى : لو لا زيد ، على
كل حال من أحواله ، لزارنا عمرو. فلم تكن حال من أحواله أولى بالذكر من غيرها ،
فلزم الحذف لذلك ، ولما في الجملة من الاستطالة المحوجة
__________________
إلى الاختصار.
الثاني : وهو
المخبر عنه بكون مقيّد ، ولا يدرك معناه إلا بذكره ، نحو : (لو لا زيد غائب لم
أزرك). فخبر هذا النوع واجب الثبوت ؛ لأن معناه يجهل عند حذفه.
ومنه قول النبي
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لو لا قومك حديثو عهد بكفر» أو «حديث عهدهم بكفر».
فلو اقتصر في
مثل هذا على المبتدأ ، لظن أن المراد : لو لا قومك على كل حال من أحوالهم لنقضت
الكعبة ، وهو خلاف المقصود ، لأن من أحوالهم بعد عهدهم بالكفر فيما يستقبل. وتلك
الحال لا تمنع من نقض الكعبة ، وبنائها على الوجه المذكور.
ومن هذا النوع
قول «عبد الرحمن بن الحارث» لـ «أبي هريرة» : «إنّي ذاكر لك أمرا ، ولو لا مروان
أقسم عليّ فيه لم أذكره لك» .
ومن هذا النوع
قول الشاعر :
لو لا زهير
جفاني كنت منتصرا
|
|
ولم أكن
جانحا للسّلم إن جنحوا
|
ومثله :
لو لا ابن
أوس نأى ما ضيم صاحبه
|
|
يوما ولا
نابه وهن ولا حذر
|
الثالث : وهو
المخبر عنه بكون مقيّد يدرك معناه عند حذفه ، كقولك : (لو لا أخو زيد ينصره لغلب)
، و (لو لا صاحب عمرو يعينه لعجز) ، و (لو لا حسن الهاجرة يشفع لها لهجرت).
فهذه الأمثلة
وأمثالها ، يجوز فيها إثبات الخبر وحذفه ، لأن فيها شبها بـ (لو لا زيد لزارنا عمرو)
، وشبها بـ (لو لا زيد غائب لم أزرك)
فجاز فيها ما
وجب فيهما من الحذف والثبوت.
ومن هذا النوع
قول «أبي العلاء المعري» في وصف سيف :
فلو لا الغمد
يمسكه لسالا
__________________
مسألة (٢٠)
في سد الحال مسد الخبر
قالوا : (أخطب
ما يكون الأمير قائما)
التقدير : إذ
كان ، أو إذا كان قائما. وقائما : نصب على الحال من الضمير في «كان» ، وحذفت جملة «كان»
التي هي الخبر للعلم بها ، وسد الحال مسدها.
وهذه الحال لا
تصلح خبرا لمباينتها المبتدأ ، إذ الخطابة لا يصح أن يخبر عنها بالقيام.
وجعل «قائما»
حالا مبنيّ على تمام «كان».
وامتنع جعل «كان»
ناقصة ، وجعل المنصوب خبرها ، لأمرين :
الأول : إن
العرب لم تستعمل في هذا الموضع إلّا أسماء منكورة مشتقة من المصادر ، فحكمنا بأنها
أحوال ، إذ لو كانت أخبارا لـ «كان» المضمرة لجاز أن تكون معارف ونكرات ، ومشتقة
وغير مشتقة.
الثاني : وقوع
الجملة الاسمية مقرونة بالواو موقعه ، كقوله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : «أقرب ما
يكون العبد من ربّه وهو ساجد» .
__________________
وقول الشاعر :
خير اقترابي
من المولى حليف رضا
|
|
وشرّ بعدي
عنه وهو غضبان
|
الشاهد في
الحديث وقوع الجملة الاسمية الحالية مقرونة بالواو مع الخبر ، وسادا عنه.
قال «ابن هشام»
في «مغنيه» : ٥٣٧ :
والحديث من
أقوى الأدلة على انتصاب «قائما» في (ضربي زيدا قائما) على الحال ، لا على أنه خبر
لـ «كان» محذوفة ، إذ لا يقترن الخبر بالواو.
مسألة (٢١)
في رفع ونصب «سبّوح قدّوس»
قال «الشاطبي»
عند قوله : (وبعد لو لا غالبا حذف الخبر ..) : ... ما جرى من الأسماء مجرى المصادر
، نحو : «سبوح قدّوس ربّ الملائكة والرّوح» .
وفي «الكتاب» ١
: ١٦٥
أما «سبّوحا
قدّوسا ربّ الملائكة والرّوح» فليس بمنزلة : سبحان الله ؛ لأن السّبّوح والقدوس
اسم ، ولكنّه على قوله : أذكر سبوحا قدّوسا ، وذاك أنه خطر على باله ، أو ذكره
ذاكر فقال : سبّوحا ، أي : ذكرت سبّوحا ، كما تقول : أهل
__________________
ذاك ، إذا سمعت الرجل ذكر الرجل بثناء أو بذمّ كأنه قال : ذكرت أهل ذاك ؛
لأنه حيث جرى ذكر الرجل في منطقة ، صار عنده بمنزلة قوله : أذكر فلانا ، أو ذكرت
فلانا ، كما أنّه حيث أنشد ثم قال : صادقا ، صار الإنشاد عنده بمنزلة قال ، ثم قال
: صادقا وأهل ذاك ، فحمله على الفعل متابعا للقائل والذاكر. فكذلك :سبّوحا قدّوسا
، كأن نفسه صارت بمنزلة الرجل الذاكر والمنشد حيث خطر على باله الذكر ، ثم قال :
سبّوحا قدّوسا ، أي : ذكرت سبّوحا ، متابعا لها فيما ذكرت وخطر على بالها.
وخزلوا الفعل
لأنّ هذا الكلام صار عندهم بدلا من «سبّحت» كما كان مرحبا بدلا من رحبت بلادك
وأهلت.
ومن العرب من
يرفع فيقول : «سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والروح» كما قال : أهل ذاك وصادق والله.
وكلّ هذا على
ما سمعنا العرب تتكلّم به رفعا ونصبا.
وفي «همع
الهوامع» في «المفعول به» :وأما «سبوح قدوس» فيقالان بالرفع عند سماع من يذكر الله
على إضمار مذكورك فليسا بمصدرين ، وبالنصب على إضمار : ذكرت سبوحا قدوسا ، أي :أهل
ذلك ، فاختلف على هذا الفعل الناصب واجب الإضمار ، أو جائزه.
فقال «الشلوبين»
وجماعة بالأول ، وآخرون بالثاني.
«كان» وأخواتها
مسألة (٢٢)
في استعمال أفعال بمعنى «صار»
ألحق قوم ،
منهم «ابن مالك» بـ «صار» في العمل ما وافقها في المعنى من الأفعال. من ذلك : (آض
، وعاد ، وآل ، ورجع وحار ، واستحال ، وتحول ، وارتد)
نورد بعض الأحاديث
الواردة في ذلك : قال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)
فلا ترجعوا
بمعنى : لا تصيروا. وكفارا : منصوب على الخبر ، أي : كالكفار.
يضرب : استئناف
لبيان صيرورتهم كالكفرة ، أو المراد : لا ترتدوا عن الإسلام إلى ما كنتم عليه من
عبادة الأصنام حال كونكم كفارا ضاربا بعضكم رقاب بعض.
والأول أقرب .
__________________
ومنه قول
الشاعر :
تعدّ لكم جزر
الجزور رماحنا
|
|
ويرجعن
بالأكباد منكسرات
|
قال «ابن مالك»
في «شواهد التوضيح» : ١٣٩ :
مما خفي على
أكثر النحويين استعمال «رجع» كـ «صار» معنى وعملا ، ومنه الحديث : «لا ترجعوا ...»
وقول الشاعر :
قد يرجع
المرء بعد المقت ذا مقة
|
|
بالحلم فادرأ
به بغضاء ذي إحن
|
وقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (فاستحالت غربا) .
فاستحالت بمعنى
: صارت.
وقال الشاعر :
إن العداوة
تستحيل مودّة
|
|
تدارك
الهفوات بالحسنات
|
وألحق قوم ، منهم «الزمخشري» و «أبو البقاء» و «الجزولي»
و «ابن عصفور» بأفعال باب «كان» وأخواتها : (غدا ، وراح) بمعنى : (صار) ، أو بمعنى
(وقع فعله في الغدوّ والرواح).
__________________
وجعل من ذلك
حديث : «لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا ، وتروح
بطانا»
وحديث : «اغد
عالما» .
تقول : غدا زيد
ضاحكا ، وراح عبد الله منطلقا ، أي : صار في حال ضحك وانطلاق.
ومنع ذلك
الجمهور ، منهم «ابن مالك» ، وقالوا : المنصوب بعدها حال ، إذ لا يوجد إلا نكرة.
ومن كلام العرب
: (شحذ شفرته حتى قعدت كأنها حربة) الشاهد :قعدت ، أي : صارت كأنها حربة.
وحكى «سيبويه» عن بعضهم : «ما جاءت حاجتك» بالنصب والرفع ، بمعنى : ما صارت.
__________________
فالنصب على أن «ما»
استفهامية مبتدأ. وفي «جاءت» ضمير يعود على «ما» ، فأوقع التأنيث على ضمير «ما» ،
لأنها هي الحاجة ، وذلك الضمير هو اسم «جاءت».
و «حاجتك» :
خبر ، والتقدير : أية حاجة صارت حاجتك؟
والرفع ، على
أن «حاجتك» اسم «جاءت» ، و «ما» خبرها.
مسألة (٢٣)
في حذف «كان» واسمها
ليس بين
النواسخ (أعني : كان وأخواتها) ما يجوز حذفه وحده أو مع أحد معموليه ، أو مع
معموليه إلا «ليس ، وكان» أما حذفها مع اسمها دون خبرها فجائز ، وكثير بعد «إن» و
«لو» الشرطيتين. والحديث : «التمس ولو خاتما من حديد» شاهد لحذف «كان».
مع اسمها بعد «لو»
الشرطية ، والتقدير : ولو كان ما تلتمس خاتما ؛ أي :الملتمس. و «لو» خاصة بالفعل.
ومن هذا القبيل قول الشاعر :
لا يأمن
الدهر ذو بغي ولو ملكا
|
|
جنوده ضاق
عنها السّهل والجبل
|
أي : ولو كان
الباغي ملكا.
__________________
مسألة (٢٤)
في حذف «النون» من مضارع «كان»
إذا دخل جازم
على مضارع «كان» فإنه يجزمه ، وتحذف الواو التي قبل النون. نحو : «لم أكن» ، وأصل
الفعل بعد الجازم : «لم أكون» فهو مجزوم بالسكون على النون ، فالتقى ساكنان :
الواو والنون ، فحذفت الواو وجوبا ، للتخلص من التقاء الساكنين.
ويجوز بعد ذلك
حذف النون ، تخفيفا ، نحو : لم أك ، ونحو قول «النابغة الذبياني» :
فإن أك
مظلوما فعبد ظلمته
|
|
وإن تك ذا
عتبى فمثلك يعتب
|
وهذا الحذف
جائز ، سواء وقع بعدها حرف هجائي ساكن ، نحو : (لم أك الذي ينكر المعروف) ، أو وقع
بعدها حرف هجائي متحرك ، نحو : (لم أك ذا منّ) ، إلا إن كان الحرف المتحرك ضميرا
متصلا فيمتنع حذف النون ، كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (إن يكنه فلن تسلط عليه ، وإن لا يكنه فلا خير لك
في قتله) .
فلا يجوز في
مثل ذلك حذف النون ، فلا يصح : إن يكه ، وإلا يكه. وإن كان غير ضمير متصل جاز
الحذف والإثبات ، نحو : (لم يكن زيد قائما) و (لم يك زيد قائما)
__________________
وتسري هذه الأحكام على المضارع الذي ماضيه «كان» الناقصة ، والذي ماضيه «كان»
التامة.
مسألة (٢٥)
في تخريج حديث أورده الشاطبي في شرحه
أورد «أبو
إسحاق الشاطبي» في «شرحه» الحديث التالي : «كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله
القاتل» .
__________________
مسألة (٢٦)
في توسط خبر «كان» وأخواتها
الترتيب ـ في
باب كان وأخواتها ـ واجب بين الناسخ واسمه. أما في الخبر فالأصل تأخير الخبر ،
وأما توسطه بين الفعل والاسم فجائز في جميع أفعال هذا الباب ، كقوله تعالى : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ
الْمُؤْمِنِينَ) وقال «السّموأل» :
سلي إن جهلت
النّاس عنّا وعنهم
|
|
فليس سواء
عالم وجهول
|
وكقول الآخر :
لا طيب للعيش
ما دامت منغّصة
|
|
لذّاته
بادّكار الموت والهرم
|
وأما التقديم
فجائز إلا مع «دام» ، ومع المقرون بـ «ما» النافية ، ومع «ليس» ، تقول : (عالما
كان زيد) و (فاضلا لم يزل عمرو). ولا يجوز ذلك في (دام) لأنها لا تعمل إلا مع «ما»
المصدرية ، و «ما» هذه ملتزمة صدر الكلام ، وألّا يفصل بينها وبين صلتها بشيء فلا
يجوز معها تقديم الخبر على «دام» وحدها ، ولا عليها مع «ما».
ومثل «دام» في
ذلك كلّ فعل قارنه حرف مصدري ، نحو : (أريد أن تكون فاضلا) ، وكذلك المقرون بـ «ما»
النافية ، نحو : (ما زال زيد صديقك) و (ما برح عمرو أخاك) فالخبر في نحو هذا لا
يجوز تقديمه على «ما» ، لأن
__________________
لها صدر الكلام. ويجوز توسط بين «ما» والفعل ، نحو : (ما قائما كان زيد)
كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «فو الله ما الفقر أخشى عليكم» .
قال «العكبريّ»
: (الفقر) منصوب بـ (أخشى) تقديره : ما أخشى عليكم الفقر. والرفع ضعيف ، لأنه لا
يحتاج إلى ضمير يعود عليه ، وإنما يجيء ذلك في الشعر ، وتقدير ذلك : ما الفقر
أخشاه عليكم ، أي : ما الفقر مخشيا عليكم. وهو ضعيف.
مسألة (٢٧)
في أنّ «كان» ليست لمجرد الزمان
قال «الشاطبي» في «شرحه» :
لو كانت «كان» لمجرد الزمان لم يغن منها اسم الفاعل ،
كما في الحديث :
«إن هذا القرآن
كائن لكم أجرا ... وكائن عليكم وزرا» .
__________________
«أفعال المقاربة»
مسألة (٢٨)
في وقوع خبر «كاد» مقرونا بـ «أن»
اقتران خبر «عسى»
بـ «أن» كثير ، وتجريده من «أن» قليل. وهو مذهب «سيبويه».
ومذهب جمهور البصريين
: أنه لا يتجرّد خبرها من «أن» إلا في الشعر ، ولم يرد في القرآن إلا مقترنا بـ «أن».
قال الله ـ تعالى
ـ : (فَعَسَى اللهُ أَنْ
يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ).
وقال ـ عزوجل ـ : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ
يَرْحَمَكُمْ).
ومن وروده دون «أن»
قوله :
عسى الكرب
الذي أمسيت فيه
|
|
يكون وراءه
فرج قريب
|
وقوله :
عسى فرج يأتي
به الله ؛ إنه
|
|
له كل يوم في
خليقته أمر
|
وأما «كاد»
فعلى عكس «عسى» فيكون الكثير في خبرها أن يتجرّد من «أن» ويقلّ اقترانه بها.
وهذا بخلاف ما
نصّ عليه «الأندلسيّون» من أن اقتران خبرها بـ «أن» مخصوص بالشعر.
__________________
فمن تجريده من «أن»
قوله ـ تعالى ـ : (فَذَبَحُوها وَما
كادُوا يَفْعَلُونَ) ، وقوله ـ جل ذكره ـ : (مِنْ بَعْدِ ما كادَ
يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ).
ومن اقترانه بـ
«أن» حديث «عمر» : «ما كدت أن أصلّي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب»
وقوله :
كادت النفس
أن تفيض عليه
|
|
إذ غدا حشو
ريطة وبرود
|
وفي «شواهد
التوضيح» ٩٨ ـ ١٠٢ :
قال «عمر» : «ما
كدت أن أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب»
وقال «أنس» : «فما
كدنا أن نصل إلى منازلنا»
وقول بعض
الصحابة : «والبرمة بين الأثافيّ قد كادت أن تنضج»
وقول «جبير بن
مطعم» : «كاد قلبي أن يطير»
__________________
قال «ابن مالك»
: تضمنت هذه الأحاديث وقوع خبر «كاد» مقرونا بـ «أن». وهو مما خفي على أكثر
النحويين. أعني وقوعه في كلام لا ضرورة فيه.
والصحيح جواز
وقوعه. إلا أن وقوعه غير مقرون بـ «أن» أكثر وأشهر من وقوعه مقرونا بـ «أن» ،
ولذلك لم يقع في القرآن إلا غير مقرون بـ «أن». نحو قوله تعالى : (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ)
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَما لِهؤُلاءِ
الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً).
وقوله ـ جل
ذكره ـ : (وَلَوْ لا أَنْ
ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً)
ولا يمنع عدم
وقوعه في القرآن مقرونا بـ «أن» ، من استعماله قياسا لو لم يرد سماع ، لأن السبب
المانع من اقتران الخبر بـ «أن» في باب المقاربة ، هو دلالة الفعل على الشروع ، كـ
«طفق» و «جعل». فإن «أن» تقتضي الاستقبال ، وفعل الشروع يقتضي الحال. فتنافيا.
وما لا يدل على
الشروع كـ «عسى» و «أوشك» و «كرب» و «كاد» فمقتضاه مستقبل. فاقتران خبره بـ «أن»
مؤكد لمقتضاه. فإنها تقتضي الاستقبال. وذلك مطلوب ، فمانعه مغلوب.
فإذا انضم إلى
هذا التعليل استعمال فصيح ، ونقل صحيح ، كما في الأحاديث المذكورة ، تأكد الدليل ،
ولم يوجد لمخالفته سبيل.
__________________
وقد اجتمع
الوجهان في قول «عمر» : ما كدت أن أصلي العصر حتى كادت الشمس تغيب». وفي قول النبي
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رويته بالسند المتصل : «كاد الحسد يغلب القدر ،
وكاد الفقر أن يكون كفرا»
ومن الشواهد
الشعرية في هذه المسألة قول الشاعر :
أبيتم قبول
السّلم منّا فكدتمو
|
|
لدى الحرب أن
تغنوا السّيوف عن السّلّ
|
وهذا الاستعمال
، مع كونه في شعر ، ليس بضرورة ، لتمكّن مستعمله من أن يقول : ... لدى الحرب تغنون السيوف ...
وأنشد «سيبويه»
(لعامر بن جوين الطائي) :
فلم أر مثلها
خباسة واحد
|
|
ونهنهت نفسي
بعد ما كدت أفعله
|
وقال : أراد :
بعد ما كدت أن أفعله ، فحذف «أن» وأبقى عملها. وفي هذا إشعار باطراد اقتران خبر «كاد»
بـ «أن» ، لأن العامل لا يحذف ويبقى عمله إلا إذا اطرد ثبوته.
__________________
والإمام «ابن
الأنباري» في «الإنصاف» (مسألة : هل تعمل «أن» المصدرية محذوفة من غير بدل) ٢ :
٥٦٧ قال في منع «أن» في خبر «كاد» : وأما حديث «كاد الفقر أن يكون كفرا» فإن صحّ ،
فزيادة «أن» من كلام الراوي ، لا من كلامه ـ عليهالسلام ـ لأنه ـ صلوات الله عليه ـ أفصح من نطق بالضاد.
وقد نقل «السيوطي»
في «الاقتراح» : ٥٥ هذا الكلام ، وتصدى لهما «ابن الطيب» في كتابه «فيض نشر
الانشراح» ورقة ٥٢ قائلا : ما ذكره «ابن الأنباري» من أنّ الرواة غيّروا الحديث ،
مبنيّ على ما أصلّوه من الرواية بالمعنى ... ثم قال : وقد اقتفى «النووي» طريقة
شيخه «ابن مالك» في شرح مسلم ، ووافقه على ذلك جلّ المتأخرين ، أو كلّهم. وقال
بعضهم في ترجيحه وعلّله بأن الصحابة ـ رضياللهعنهم ـ كانوا من الفصحاء والبلغاء ، وهم قد التزموا عند
روايته بالمعنى أن يوردوا معناه في أفصح عبارة ، وأحسن سياق ، يراعون فيه قواعد
الفصاحة والبلاغة ، فيكون كلامهم مقارنا لكلامه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ».
مسألة (٢٩)
في اختصاص «كاد» و «أوشك» بالتصرف
وفي «شرح ابن
عقيل» ١ : ٣٣٨ :
أفعال هذا
الباب لا تتصرف ، إلا «كاد» و «أوشك» ، فإنه قد استعمل منهما المضارع ، كقوله ـ تعالى
ـ : (يَكادُونَ يَسْطُونَ
بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا).
__________________
وقول «أمية بن
أبي الصلت» :
يوشك من فرّ
من منيّته
|
|
في بعض
غرّاته يوافقها
|
وحكى «الخليل»
استعمال «أوشك» الماضي ، كقوله :
ولو سئل
الناس التراب لأوشكوا
|
|
إذا قيل :
هاتوا أن يملّوا ويمنعوا
|
وزعم «الأصمعي»
أنه لم يستعمل الماضي منه ، وليس بجيّد ، نعم الكثير استعمال المضارع.
و «الشاطبي» في
«شرحه» قال في «أوشك» : إنهم قالوا : يوشك زيد أن يقوم ، ويوشك أن يكون كذا ، وفي
الحديث : «كالراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه» .
مسألة (٣٠)
في حذف خبر أفعال الباب
قال في «شرح
الأشموني» ١ : ٢٦٣.
إذا دلّ دليل
على خبر هذا الباب جاز حذفه ، ومنه الحديث : «من تأنى أصاب أو كاد ، ومن عجّل أخطأ
أو كاد» . ا ه
__________________
والتقدير : من
تأنى أصاب أو كاد يصيب ، ومن عجّل أخطأ أو كاد يخطئ.
«إنّ» وأخواتها
مسألة (٣١)
في نصب الاسم والخبر «بإنّ» على لغة
«إنّ» حرف
توكيد ينصب الاسم ويرفع الخبر.
وقيل : ينصبهما
في لغة.
وقد أجاز
الكوفيون أن يقال : إنّ زيدا قائما ، ولكنّ زيدا قائما ، وكأن زيدا قائما ،
ومن حججهم
الحديث من قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (إنّ قعر جهنم لسبعين خريفا) .
وقول «عمر بن
أبي ربيعة» :
إذا اسودّ
جنح الليل فلتأت ولتكن
|
|
خطاك خفافا ،
إنّ حراسنا أسدا
|
والذين يمنعون
هذا يخرجون الحديث على أن القعر مصدر : قعرت البئر ، إذا بلغت قعرها. وسبعين :
منصوبة على الظرفية ، أي : إن بلوغ قعرها يكون في سبعين عاما.
__________________
أما البيت
فيخرجونه على إعراب «أسدا» حالا ، وأن الخبر محذوف ، أي :
تلقاهم أسدا ،
أي : كالأسد.
مسألة (٣٢)
في ورود «لعلّ» للاستفهام
من معاني «لعلّ»
الترجي ، وقد يدخلها معنى الإشفاق.
وقد تكون لـ «التعليل»
عند «الأخفش» ، وعلى ذلك حمل قوله تعالى : (لَعَلَّهُ
يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) ، أي : ليذكر ، أو يخشى.
وقد تكون لـ «الاستفهام»
، وعليه حمل قوله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ
لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) ، وقول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لبعض الأنصار ، وقد دعاه ، فخرج إليه مستعجلا : «لعلنا
أعجلناك».
__________________
مسألة (٣٣)
في تصدير خبر «لعلّ» بـ «أن»
اختص خبر «لعلّ»
عن سائر الأحرف الناسخة ، بجواز دخول «أن» فيه حملا على «عسى» ، نحو : (لعل زيدا
أن يقوم).
قال «عمر بن
أبي ربيعة» :
لعلّهما أن
تطلبا لك مخرجا
|
|
وأن ترحبا
صدرا بما كنت أحصر
|
وقد جاء في
الحديث : «لعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض».
__________________
مسألة (٣٤)
في جواز كسر «أنّ» وفتحها في حديث التلبية
ومما يجوز فيه
كسر «أنّ» وفتحها ، باعتبارين مختلفين. أن تقع «أنّ» في موضع التعليل.
فمثال كسرها
للتعليل قوله ـ تعالى ـ : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ
إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) بكسر «إنّ» على أنه تعليل مستأنف.
ومثال جواز
الوجهين الحديث : «لبيك إن الحمد والنعمة لك» . يروى بكسر «إنّ» وفتحها ، فالفتح على تقدير لام العلة
، والكسر على أنه تعليل مستأنف. وهو أرجح ، لأن الكلام حينئذ جملتان ، لا جملة
واحدة ، وتكثير الجمل في مقام التعظيم مطلوب.
وفي «شرح مسلم»
للنووي :
«لبيك إن الحمد
والنعمة لك» يروي بكسر الهمزة من «إن» وفتحها ، وجهان مشهوران لأهل الحديث ، وأهل
اللغة.
__________________
قال الجمهور :
الكسر أجود ، قال «الخطابي» : الفتح رواية العامة. وقال «ثعلب» : الاختيار الكسر ،
وهو الأجود في المعنى ، لأن من كسر جعل معناه :
إن الحمد
والنعمة لك على كل حال ، ومن فتح قال : معناه لبيك لهذا السبب.
قوله : «والنعمة
لك» المشهورة فيه نصب «النعمة». قال القاضي : ويجوز رفعها على الابتداء ، ويكون
الخبر محذوفا.
قال «ابن
الأنباري» : وإن شئت جعلت خبر «إنّ» محذوفا ، تقديره :
إن الحمد لك ،
والنعمة مستقرة لك.
قال «ابن قيم
الجوزية» : في «إن» وجهان : فتحها وكسرها ، فمن فتحها تضمنت معنى التعليل ، أي :
لبيك ؛ لأن الحمد والنعمة لك ، ومن كسرها كانت جملة مستقلة مستأنفة ، تتضمن ابتداء
الثناء على الله ، والثناء إذا كثرت جمله وتعددت كان أحسن من قلتها ، وأما إذا
فتحت فإنها تقدر بلام التعليل المحذوفة معها قياسا ، والمعنى : لبيك لأن الحمد لك.
والفرق بيّن
بين أن تكون جمل الثناء علة لغيرها ، وبين أن تكون مستقلة مرادة لنفسها ، ولهذا
قال «ثعلب» : من قال «إن» بالكسر فقد عم ، ومن قال «أنّ» بالفتح فقد خص.
ونظير هذين
الوجهين والتعليلين والترجيح سواء قوله ـ تعالى ـ حكاية عن المؤمنين : (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ
إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) ، كسر «إن» وفتحها. فمن فتح كان المعنى ندعوه ، لأنه هو
البر الرحيم ، ومن كسر كان الكلام جملتين ، إحداهما قوله : «ندعوه» ، ثم استأنف
فقال : «إنه هو البر الرحيم» ، قال «أبو عبيد» : والكسر أحسن ، ورجحه بما ذكرناه.
__________________
مسألة (٣٥)
في اللام الفارقة
اختلف النحويون
في هذه اللام.
هل هي لام
الابتداء ، أدخلت للفرق بين «إن» النافية ، و «إن» المخففة من الثقيلة ، أم هي لام
أخرى اجتلبت للفرق؟ وكلام «سيبويه» يدل على أنها لام الابتداء دخلت للفرق.
وتظهر فائدة
الخلاف في مسألة جرت بين «ابن أبي العافية» و «ابن الأخضر» ، وهي قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (قد علمنا إن كنت لمؤمنا) .
فمن جعلها لام
الابتداء أوجب كسر «إن» ومن جعلها لاما أخرى ـ اجتلبت للفرق ـ فتح «أن».
وجرى الخلاف في
هذه المسألة قبلهما بين «الأخفش الصغير» ، وبين «أبي علي»
فقال «أبو علي»
: هي لام غير لام الابتداء ، اجتلبت للفرق. وبه قال «ابن أبي العافية».
وقال «الأخفش
الصغير» : إنما هي لام الابتداء ، أدخلت للفرق.
وبه قال «ابن
الأخضر».
__________________
مسألة (٣٦)
في إسقاط اللام الفارقة عند أمن اللبس
إذا خففت «إنّ»
فالأكثر في لسان العرب إهمالها ، فتقول : إن زيد لقائم.
وإذا أهملت
لزمتها اللام فارقة بينها وبين «إن» النافية ، ويقلّ إعمالها ، فتقول : إن زيدا
قائم.
وحكى الإعمال «سيبويه»
و «الأخفش» ، فلا تلزمها حينئذ اللام ، لأنها لا تلتبس ـ والحالة هذه ـ بإن
النافية ، لأن النافية لا تنصب الاسم وترفع الخبر ، وإنما تلتبس بإن النافية إذا
أهملت ، ولم يظهر المقصود بها ، فإن ظهر المقصود بها فقد يستغنى عن اللام ، كقوله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (وايم الله إن كان خليقا للإمامة)
وقول «الطرماح»
:
ونحن أباة
الضيم من آل مالك
|
|
وإن مالك
كانت كرام المعادن
|
والتقدير : وإن
كان لخليقا ، وإن مالك لكانت.
فحذفت اللام
لأنها لا تلتبس بالنافية ، لأن المعنى على الإثبات في الحديث والبيت.
__________________
«لا» التي لنفي الجنس
مسألة (٣٧)
في أنّ «لا» النافية للجنس لا تعمل في المعرفة
«لا» النافية
للجنس تعمل عمل «إنّ» ، فتنصب المبتدأ اسما لها ، وترفع الخبر خبرا لها. ولا فرق
في هذا العمل بين المفردة ـ وهي التي لم تتكرر ـ نحو : لا غلام رجل قائم ، وبين
المكررة ، نحو : «لا حول ولا قوة إلا بالله»
ولا يكون اسم «لا»
النافية للجنس وخبرها إلا نكرة ، فلا تعمل في المعرفة ، وما ورد من ذلك مؤوّل
بنكرة ، كقولهم : «قضية ولا أبا حسن لها» ، فالتقدير : ولا مسمّى بهذا الاسم لها ، ويدل على أنه معامل معاملة النكرة وصفه بالنكرة ،
كقولك : لا أبا حسن حلّالا لها.
__________________
ومثله الحديث
الشريف : (إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده) ، ويفيد النفي العام.
مسألة (٣٨)
في حذف خبر «لا» النافية للجنس
الأغلب حذف خبر
«لا» النافية للجنس ، إن علم في لغة الحجاز.
وواجب حذفه في
لغة تميم وطيء ، فلم يلفظوا به أصلا ، نحو : لا بأس ، ونحو قوله ـ تعالى ـ : (قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا
مُنْقَلِبُونَ) ، وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ تَرى إِذْ
فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ).
وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (لا ضرر ولا ضرار) .
وقوله ـ عليه
صلوات الله ـ : (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر) .
__________________
مسألة (٣٩)
في حكم الخبر المجهول
إذا جهل الخبر
سواء أكان خبرا لـ «لا» أم خبرا للمبتدأ ـ وجب ذكره ، نحو قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لا أحد أغير من الله ـ عزوجل ـ»
وإذا علم من
سياق أو غيره فحذفه كثير ، نحو قوله تعالى : (فَلا فَوْتَ) أي : لهم ، و (قالُوا : لا ضَيْرَ) أي : علينا.
ولو ذكر لجاز
عند الحجازيين.
وحذف الخبر
المعلوم يلتزمه التميميون والطائيون.
__________________
«ظنّ» وأخواتها
مسألة (٤٠)
في أنّ «تعلّم» بمعنى «اعلم»
تستعمل «تعلّم»
بمعنى «اعلم» ، كقول «زياد بن سيار» :
تعلّم شفاء
النفس قهر عدوّها
|
|
فبالغ بلطف
في التّحيّل والمكر
|
والكثير
المشهور استعمالها في «أنّ» وصلتها ، كقول «زهير بن أبي سلمى» :
فقلت تعلّم
أنّ للصّيد غرّة
|
|
وإلّا
تضيّعها فإنّك قاتله
|
وقوله : تعلّم
رسول الله أنّك مدركي
وفي حديث
الدجال : «تعلموا أن ربكم ليس بأعور» .
و «أن» مع
اسمها وخبرها سدت مسدّ مفعولي «تعلّم».
قال «النووي»
في شرحه لصحيح مسلم :
اتفق الرواة
على ضبطه «تعلّموا» بفتح العين واللام المشددة ، وكذا نقله «القاضي» وغيره عنهم ،
قالوا : ومعناه : اعلموا وتحققوا ، يقال : تعلّم بمعنى اعلم.
__________________
«الفاعل»
مسألة (٤١)
في جر الفاعل
قد يجر لفظ
الفاعل بإضافة المصدر ، نحو قوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ
اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ).
أو بإضافة اسم
المصدر ، كحديث : «من قبلة الرجل امرأته الوضوء» .
مسألة (٤٢)
في أنّ الفاعل ضمير دلّ عليه الفعل
الفاعل ونائبه
لا يحذفان ؛ لأنهما عمدتان ، ومنزلان من فعلهما منزلة الجزء.
فإن ورد ما
ظاهره أنهما فيه محذوفان فيحملان على أنهما ضميران مستتران راجع لما
__________________
دل عليه الفعل ، كالحديث : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب
الخمر حين يشربها وهو مؤمن» .
ففاعل الفعل «يشرب»
ضمير مستتر يعود على الشارب الذي استلزمه الفعل «يشرب» ، فإن «يشرب» يستلزم الشارب
، وحسّن ذلك تقدّم نظيره.
ويدرك ذلك
بمجرد قراءة الحديث ، لأن قوله : «لا يزني الزاني» يتّسق مع المقدر ، وهو «يشرب
الشارب». وعلى ذلك فقس ، وتلطّف لكل موضع بما يناسبه.
وعن «الكسائي»
إجازة حذف الفاعل ، وتابعه على ذلك «السهيلي» و «ابن مضاء».
وعن «الكسائي»
إجازة حذف الفاعل تمسّكا بنحو ما أوّل في قوله تعالى : (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) أي : بلغت الروح ، وفي الحديث : «ولا يشرب الخمر» أي :
ولا يشرب هو ، أي : الشارب ، وقول «سواد بن المضرّب السعدي» :
فإن كان لا
يرضيك حتّى تردّني
|
|
إلى قطريّ لا
إخالك راضيا
|
أي : إذا كان
هو ـ أي : ما تشده مني.
__________________
مسألة (٤٣)
في لغة «أكلوني البراغيث»
ومن العرب من
يلحق الفعل الألف والواو والنون ، على أنها حروف دوالّ ، كتاء التأنيث ، لا ضمائر.
وهذه اللغة يسميها النحويون لغة : «أكلوني البراغيث».
ومنها قول «أبي
قيس الرّقيّات» :
تولّى قتال
المارقين بنفسه
|
|
وقد أسلماه
مبعد وحميم
|
وقول «أحيحة بن
الجلاح» :
يلومونني في
اشتراء النخي
|
|
ل أهلي ،
فكلّهم يعذل
|
ومن النحويين
من جعلها ضمائر.
ثم اختلفوا ،
فقيل : ما بعدها بدل منها.
وقيل : مبتدأ ،
والجملة السابقة خبر.
والصحيح أنها
حروف ، لا ضمائر ، لنقل الأئمة أنها لغة عزيت لـ «طيىء» و «أزدشنوءة» و «بلحارث».
وكان «ابن مالك»
يسميها لغة : «يتعاقبون فيكم ملائكة».
قال «ابن حجر»
في «فتح الباري» ٢ : ٣٤ :
قال «القرطبي»
: الواو في قوله : «يتعاقبون» علامة الفاعل المذكر
__________________
المجموع على لغة «بلحارث» ، وهم القائلون : «أكلوني البراغيث» ، ومنه قول
الشاعر : بحوران يعصرن السليط أقاربه وهي لغة فاشية ، وعليها حمل «الأخفش»
قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا
النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا).
وتوارد جماعة
من الشراح على أن هذا الحديث من هذا القبيل ، ووافقهم «ابن مالك». وناقشه «أبو
حيان» زاعما أن هذه الطريق اختصرها الراوي ، واحتج لذلك بما رواه «البزار» من وجه
آخر عن «أبي هريرة» بلفظ : «إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم : ملائكة بالليل ،
وملائكة بالنهار».
وقد سومح في
العزو إلى مسند «البزار» ، مع أن هذا الحديث بهذا اللفظ في الصحيحين ، فالعزو إليهما أولى ... ا ه.
وعلى رأي «أبي
حيان» فلا شاهد في الحديث على هذه الرواية.
__________________
مسألة (٤٤)
في معنى «ولا ذو عهد في عهده»
قال «ابن مالك»
:
وإنّما تلزم
فعل مضمر
|
|
متّصل ، أو
مفهم ذات حر
|
قال «ابن عقيل»
: تلزم تاء التأنيث الساكنة الفعل الماضي في موضعين :
أحدهما : أن
يسند الفعل إلى ضمير مؤنث متصل ، ولا فرق في ذلك بين المؤنث الحقيقيّ والمجازيّ ،
نحو : (هند قامت) ، و (الشمس طلعت).
فإن كان الضمير
منفصلا لم يؤت بالتاء ، نحو : (هند ما قام إلا هي)
الثاني : أن
يكون الفاعل ظاهرا ، حقيقي التأنيث ، نحو : (فامت هند). وهو المراد بقوله : (أو
مفهم ذات حر) وأصل (حر : حرح).
وفهم من كلامه
أن التاء لا تلزم في غير هذين الموضعين ، فلا تلزم في المؤنث المجازيّ الظاهر ،
فتقول : (طلع الشمس) ، و (طلعت الشمس).
وقال «الشاطبي»
: إن قوله : «أو مفهم ذات حر» لما عطف على (مضمر) وقد وصف بـ (متصل) كان المعطوف
شريك المعطوف عليه في ذلك الوصف ، كأنه قال : أو مفهم ذات حر متصل ، وهو شبيه
بقوله ـ عليهالسلام ـ : (لا يقتل مسلم بكافر ، ولا ذو عهد في عهده) .
قال المحققون :
معناه : ولا ذو عهد في عهده بكافر ، أي : ولا ذو عهد من الكفرة ، كالذمي ،
والمستأمن. وبذلك يصح المعنى.
__________________
«التنازع»
مسألة (٤٥)
في التنازع بين أكثر من عاملين
قد يكون
التنازع بين أكثر من عاملين ، وقد يتعدد المتنازع فيه ، من ذلك قوله ـ عليه الصلاة
والسّلام ـ : (تسبّحون وتحمدون وتكبّرون دبر كلّ صلاة ثلاثا وثلاثين)
فـ «دبر» منصوب
على الظرفية ، و «ثلاثا وثلاثين» منصوب على أنه مفعول مطلق ، وقد تنازعهما كلّ من
العوامل الثلاثة.
وأعمل الأخير
لقربه ، وأعمل الأولين في ضميريهما وحذفهما لأنهما فضلتان ، والأصل : تسبحون الله
فيه إياه ، وتكبرون الله فيه إياه.
وقول الشاعر :
طلبت فلم
أدرك بوجهي فليتني
|
|
قعدت ولم أبغ
الندى عند سائب
|
المتنازع :
طلبت ـ وأدرك ـ وأبغ.
والمتنازع فيه
: الندى ـ وعند.
__________________
«الاستثناء»
مسألة (٤٦)
في إعراب «إلا الإذخر»
حكم المستثنى
بـ «إلا» النصب ، إن وقع بعد تمام الكلام الموجب سواء كان متصلا أو منقطعا ، نحو :
(قام القوم إلا زيدا ، وضربت القوم إلا زيدا ، ومررت بالقوم إلا زيدا ، وقام القوم
إلا حمارا ، وضربت القوم إلا حمارا ، ومررت بالقوم إلا حمارا).
فإن وقع بعد
تمام الكلام الذي ليس بموجب ، وهو المشتمل على النفي أو شبهه ، والمراد بشبه النفي
: النهي ، والاستفهام.
فإما أن يكون
الاستثناء متصلا أو منقطعا ، والمراد بالمتصل أن يكون المستثنى بعضا مما قبله.
وبالمنقطع ألا يكون بعضا مما قبله.
فإن كان متصلا
جاز نصبه على الاستثناء ، وجاز إتباعه لما قبله في الإعراب.
وهو المختار. (وهذا
رأي ابن مالك) أطلق فيه القول ولم يقيد فدل على ارتضائه مذهب الجماعة ... قال :
لأن سبب ترجيح الإتباع طلب التشاكل ، والأصل في هذا قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (لا يختلى خلاها ، ولا يعضد شجرها) فقال له «العباس»
: «إلا الإذخر يا رسول الله» فقال : «إلا الإذخر» .
والأصح في هذا
قول الجماعة بعدم التفضيل ، بناء على تعليل سيبويه ، ولموافقة كلام العرب ، وما
استشهد به لا شاهد فيه.
__________________
وفي «فتح
الباري» : «إلا الإذخر» بالنصب ، ويجوز رفعه على البدل مما قبله. ا ه
وإن كان
الاستثناء منقطعا تعين النصب عند جمهور العرب ، ولا يجوز الإتباع. وأجازه بنو
تميم.
مسألة (٤٧)
في الاستثناء بـ «بيد»
قال «ابن الناظم»
: الاستثناء المنقطع هو الإخراج بـ «إلا» أو «غير» أو «بيد» لما دخل في حكم دلالة
المفهوم ، فالإخراج جنس ، وقولي بـ «إلا» أو «غير» أو «بيد» مدخل لنحو : (ما فيها
إنسان إلا وتدا) ، و (ما عندي أحد غير فرسي).
ولنحو قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش واسترضعت
في بني سعد)
وقال «الصبان»
: «بيد» تخالف «غير» في أربعة أوجه : أنها لا تقع صفة ، ولا يستثنى بها إلا في
الانقطاع ، وتضاف إلى «أنّ» وصلتها فقط ، ولا تقطع عن الإضافة.
__________________
ويقال فيها «ميد»
بالميم ، وظاهر كلامه في «التسهيل» أنها اسم ، لكنه قال في توضيحه : المختار عندي
أنه حرف استثناء بمعنى «لكن» ، ولا دليل على اسميتها. قاله «الدماميني».
تقول : (فلان
كثير المال بيد أنه بخيل).
قال «ابن هشام»
في «المغنى» : تأتي «بيد» بمعنى : من أجل ، كما في الحديث : «أنا أفصح من نطق
بالضاد بيد أني من قريش».
قال «ابن مالك»
وغيره : هي فيه بمعنى «غير» على حد قوله :
ولا عيب فيهم
غير أنّ سيوفهم
|
|
بهنّ فلول من
قراع الكتائب
|
أي من باب
تأكيد المدح بما يشبه الذم. كما بسطه «الدماميني».
مسألة (٤٨)
في استعمال «سوى»
«سوى» ليس فيها
معنى «في» ، وليس بظرف زمان ولا مكان البتة.
و «سوى» مثل «غير»
معنى واستعمالا ، يقال : سوى الشيء ، أي : غيره.
فتعامل «سوى»
بما تعامل به «غير» من الرفع والنصب والجر ، وهذا اختيار «ابن مالك».
__________________
فمن استعمالها
مجرورة قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :
(دعوت ربّي
ألّا يسلّط على أمّتي عدوّا من سوى أنفسها)
وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (ما أنتم في سواكم من الأمم إلا كالشعرة البيضاء في
الثور الأسود ، أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض) ، وقول «المرار بن سلامة العقيلي» :
ولا ينطق
الفحشاء من كان منهم
|
|
إذا جلسوا
منّا ولا من سوائنا
|
ومن استعمالها
مرفوعة قول «محمد بن عبد الله المدني» :
وإذا تباع
كريمة أو تشترى
|
|
فسواك بائعها
وأنت المشتري
|
وقول «الفند
الزماني» :
ولم يبق سوى
العدوا
|
|
ن دنّاهم كما
دانوا
|
فسواك : مرفوع
بالابتداء وسوى العدوان : مرفوع بالفاعلية.
__________________
ومن استعمالها
منصوبة على غير الظرفية قوله :
لديك كفيل
بالمنى لمؤمّل
|
|
وإنّ سواك من
يؤمّله يشقى
|
فسواك : اسم «إنّ».
ومذهب «سيبويه»
و «الفراء» والجمهور : أنها لا تخرج عن الظرفية ، إلا في ضرورة الشعر ، فنحو : (قام
القوم سوى زيد).
فسوى عندهم
منصوبة على الظرفية ، وهي مشعرة بالاستثناء. وما استشهد به على خلاف ذلك يحتمل
التأويل.
مسألة (٤٩)
في «ما حاشا»
وفي «الفتح
الرباني» : روى «أحمد» في «مسنده» عن «ابن عمر» ـ رضياللهعنهما ـ أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «أسامة أحب الناس إليّ ما حاشا فاطمة ولا غيرها».
قال «ابن هشام»
في «المغنى» : (حاشا) على ثلاثة أوجه :
أحدها : أن
يكون فعلا متعديا متصرفا ، تقول : حاشيته بمعنى استثنيته.
ومنه الحديث
الشريف.
ما : نافية ،
والمعنى أنه ـ عليه الصلاة والسّلام ـ لم يستثن فاطمة. وتوهّم «ابن مالك» أنها «ما»
المصدرية. و «حاشا» الاستثنائية ، بناء على أنه من كلامه ـ عليه الصلاة والسّلام ـ
فاستدلّ به على أنه قد يقال : (قام القوم ما حاشا زيدا) ، كما قال :
رأيت الناس
ما حاشا قريشا
|
|
فإنّا نحن
أفضلهم فعالا
|
__________________
ويرده أن في «معجم
الطبراني» : «ما حاشا فاطمة ولا غيرها».
وهذا الذي نقله
«ابن هشام» عن الطبراني يوافق رواية المسند هنا ، وكلاهما واضح صريح.
ويؤيده صحة اللفظ
الذي هنا أن «الذهبي» نقله في «تاريخ الإسلام» في ترجمة «أسامة بن زيد» قال : وقال
«موسى بن عقبة» وغيره عن «سالم» عن «ابن عمر» قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (أحبّ الناس إليّ أسامة ما حاشا فاطمة ولا غيرها).
وروى «ابن سعد»
في «الطبقات» قصة إمارة «أسامة» كنحو الحديث السابق من طريق «زهير» عن «موسى بن
عقبة».
وفي آخره قال
سالم : ما سمعت عبد الله يحدث هذا الحديث قط إلا قال : ما حاشا فاطمة.
وأصرح من ذلك
كله : ما رواه «الطيالسي» في سنده عن «سالم» عن أبيه ، قال : ما سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «أسامة أحب الناس إليّ» ولم يستثن فاطمة ولا
غيرها.
لكن نقل «الهيثمي»
في «مجمع الزوائد» نحوه أيضا. وفي آخره : وكان «ابن عمر» يقول : حاشا فاطمة.
وقال «الهيثمي»
: رواه «أبو يعلى» ، ورجاله رجال الصحيح وهذه الرواية التي في «أبي يعلى» متناقضة
في ظاهرها مع رواية المسند هنا ، ومع رواية «ابن سعد» فإن ظاهرها استثناء فاطمة من
أن أسامة أحبّ الناس كلهم إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ. ورواية المسند والروايات الأخرى تدل على أن الكلام
عام ، وأن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم يستثن فاطمة ولا غيرها. ولعل رواية «أبي يعلى»
فيها خطأ من راو أو من ناسخ ، أو هي رواية شاذة تخالف سائر الروايات . والله أعلم.
__________________
«الحال»
مسألة (٥٠)
في الحال الجامدة
وفي «شرح
الشاطبي» : وقد تأتي الحال جامدة على حذف مضاف مشتق ، وهذا معنى تقديره بالكاف ،
وفيه الدلالة على التشبيه ، كما جاء قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا)
أي : مثل رجل.
وفي «عمدة
القاري» :
رجلا : نصب على
أنه تمييز. قاله أكثر الشراح.
وفيه نظر ؛ لأن
التمييز ما يرفع الإبهام المستقر عن ذات مذكورة ، أو مقدرة. فالأول :نحو : (عندي
رطل زيتا). والثاني : نحو : (طاب زيد نفسا). قالوا : والفرق بينهما أن زيتا رفع
الإبهام عن رطل ، ونفسا لم يرفع إبهاما ، لا عن طاب ، ولا عن زيد ، إذ لا إبهام
فيهما ، بل رفع إبهام ما حصل من نسبته إليه ، وهنا لا يجوز أن يكون من القسم الأول
، وهو ظاهر ، ولا من الثاني ، لأن قوله : «يتمثل» ليس فيه إبهام ، ولا في قوله «الملك»
، ولا في نسبة التمثل إلى الملك. فإذن قولهم : هذا نصب على التمييز غير صحيح.
__________________
بل الصواب أن
يقال : إنه منصوب بنزع الخافض ، وأن المعنى : يتصور لي الملك تصور رجل ، فلما حذف
المضاف المنصوب بالمصدرية أقيم المضاف إليه مقامه.
وأشار «الكرماني»
إلى جواز انتصابه بالمفعولية إن ضمّن «تمثل» معنى اتخذ ، أي : اتخذ الملك رجلا
مثالا ، وهذا أيضا بعيد من جهة المعنى على ما لا يخفى. وإلى انتصابه بالحالية.
ثم قال : فإن
قلت : الحال لا بد أن يكون دالا على الهيئة ، والرجل ليس بهيئة.
قلت : معناه
على هيئة رجل. ا ه
قلت : الأحوال
التي تقع من غير المشتقات لا تؤول بمثل هذا التأويل ، وإنما تؤول من لفظها ، كما
في قولك : (هذا بسرا أطيب من رطبا).
والتقدير :
متبسرا ، ومترطبا.
وأيضا قالوا :
الاسم الدال على الاستمرار لا يقع حالا ، وإن كان مشتقا ، نحو : أسود وأحمر ، لأنه
وصف ثابت ، فمن عرف زيدا عرف أنه أسود.
وأيضا : الحال
في المعنى خبر عن مصاحبة فيلزم أن يصدق عليه ، والرجل لا يصدق على الملك. ا ه «العيني».
مسألة (٥١)
في مجيئ الحال من النكرة
من أحكام الحال
ألا يكون صاحبها نكرة محضة
ومجيء الحال من
النكرة بلا مسوّغ قليل ، ومنه قولهم : (مررت بماء قعدة رجل) ، وقولهم : (عليه مائة
بيضا).
وأجاز «سيبويه»
: فيها رجل قائما ، وفي الحديث : «صلّى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قاعدا ، وصلى وراءه رجال قياما» .
قال «السّهيليّ»
: وقد تحسن الحال من النكرة في مثل هذا الموطن ، لأنها قد تفيد معنى ، كما حسنت في
حديث «الموطأ». وذكر الحديث المتقدم.
قال «سيبويه» :
وذلك مقيس.
وذهب «الخليل» و
«يونس» إلى أن ذلك مما لا يجوز أن يقاس عليه. وإنما يحفظ ما ورد منه.
__________________
«حروف الجر»
مسألة (٥٢)
في ورود «من» لابتداء الغاية الزمانية
تأتي «من»
لابتداء الغاية الزمانية. وهذا ما أثبته «الكوفيون». ومنعه أكثر البصريين.
و «ابن هشام»
اختار رأي الكوفيين ، وعلى ذلك قوله ـ تعالى ـ : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ
عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) والحديث : «فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة»
وقول «النابغة
الذبياني» :
تخيّرن من
أزمان يوم حليمة
|
|
إلى اليوم قد
جرّبن كلّ التّجارب
|
__________________
مسألة (٥٣)
في ورود «الباء» بمعنى «بدل»
تستعمل «الباء» للبدلية
ومن ذلك ما ورد
في الحديث : (ما يسرّني بها حمر النّعم)
أي : بدلها.
وقول الشاعر :
فليت لي بهم
قوما إذا ركبوا
|
|
شنّوا
الإغارة فرسانا وركبانا
|
مسألة (٥٤)
في ورود «في» بمعنى التعليل
قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (دخلت امرأة النار في هرة حبستها ، فلا هي أطعمتها
ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) .
__________________
قال «ابن مالك»
: تضمّن هذا الحديث استعمال «في» دالة على التعليل ، وهو ما خفي على أكثر النحويين
، مع وروده في القرآن العزيز ، والحديث ، والشعر القديم.
فمن الوارد في
القرآن العظيم : قوله تعالى : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ
اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)
وقوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ
وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ
عَذابٌ عَظِيمٌ)
ومن الوارد في
الحديث : «عذبت امرأة في هرة ...»
و «يعذبان وما
يعذبان في كبير»
ومن الوارد في
الشعر القديم قول «جميل» :
فليت رجالا
فيك قد نذروا دمي
|
|
وهمّوا بقتلي
يا بثين لقوني
|
ومنه قول «أبي
ذؤيب» :
لوى رأسه
عنّي ، ومال بودّه
|
|
أغانيج خود ،
كان فينا يزورها
|
__________________
مسألة (٥٥)
في استعمال «عن» بمعنى البدل
«عن» حرف جر ،
من معانيها «البدل»
نحو قوله تعالى
: (وَاتَّقُوا يَوْماً
لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً)
والحديث : (قصومي
عن أمّك)
مسألة (٥٦)
في استعمال «ربّ» للتكثير كثيرا
«رب» : حرف جر
، يفيد التكثير كثيرا ، والتقليل قليلا.
فمن ورودها
للتكثير قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ
الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ)
فإنه يكثر منهم
تمنّى ذلك.
__________________
وحديث : «يا رب
كاسية في الدنيا ، عارية يوم القيامة»
وقول بعض العرب
عند انقضاء رمضان : (يا رب صائمه لن يصومه ، وقائمه لن يقومه).
ومن ورودها
للتقليل قول رجل من أزد السّراة :
ألا ربّ
مولود وليس له أب
|
|
وذي ولد لم
يلده أبوان
|
يعني عيسى وآدم
ـ عليهماالسلام ـ
وأراد لم يلده
، فسكن المكسور تخفيفا.
دخول «يا» على «ربّ»
، وهما حرفان :يا : حرف للتنبيه.
وقيل : للنداء
، والمنادى محذوف ، أي : يا قوم.
وضعفه «ابن
مالك» في توضيحه (أي : في شواهد التوضيح)
قال «العكبري»
:الجيد جر «عاريات» على أنه نعت للمجرور بـ «ربّ» ، وأما الرفع فضعيف ، لأنّ «ربّ»
ليست اسما يخبر عنه بل هي حرف جر.
وأجاز قوم
الرفع ، وهو عندنا على تقدير حذف مبتدأ ، أي : هن عاريات.
__________________
«الإضافة»
مسألة (٥٧)
في معاني الإضافة
الإضافة تكون
بمعنى اللام ، عند جميع النحويين.
وزعم بعضهم
أنها تكون بمعنى «من» أو «في» ، وهو اختيار «ابن مالك».
وضابط ذلك :
أنه إن لم يصلح إلا تقدير «من» أو «في» ، فالإضافة بمعنى ما تعيّن تقديره ، وإلا
فالإضافة بمعنى اللام.
فيتعين تقدير «من»
إن كان المضاف إليه جنسا للمضاف ، نحو : (هذا ثوب خزّ ، وخاتم حديد). والتقدير :
هذا ثوب من خز ، وخاتم من حديد.
ويتعين تقدير «في»
إن كان المضاف إليه ظرفا واقعا فيه المضاف ، نحو : (أعجبني ضرب اليوم زيدا) ، أي :
ضرب زيد في اليوم.
ومنه قوله
تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ
مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ).
فإن لم يتعين
تقدير «من» أو «في» ، فالإضافة بمعنى اللام ، نحو : (هذا غلام زيد ، وهذه يد عمرو)
، أي : غلام لزيد ، ويد لعمرو.
قال «الشاطبي»
: أما الإضافة التي بمعنى «في» فمعناها على أن يكون المضاف إليه ظرفا ، فأوقع فيه
المضاف ، وهذه الإضافة قد أغفلها أكثر النحويين ، وأثبتها المؤلف في كتبه ... قال
الله تعالى : (بَلْ مَكْرُ
اللَّيْلِ وَالنَّهارِ).
وفي الحديث : (فلا
يجدون أعلم من عالم المدينة) .
__________________
مسألة (٥٨)
في قيام المضاف إليه مقام المضاف في أحكامه
كما يقوم
المضاف إليه مقام المضاف في الإعراب ، يقوم المضاف إليه مقام المضاف في التذكير ،
كقوله :
يسقون من ورد
البريص عليهم
|
|
بردى يصفّق
بالرحيق السّلسل
|
ف «بردى» مؤنث
، فكان حقه أن يقول : «تصفق» بالتاء ، لكنه أراد ماء بردى.
ويقوم المضاف
إليه مقام المضاف في التأنيث ، كقوله :
مرّت بنا في
نسوة خولة
|
|
والمسك من
أردانها نافحه
|
أي : رائحة
المسك.
وفي حكمه
الحديث : (إنّ هذين حرام على ذكور أمتي)
__________________
وفي شرح «السيوطي»
على سنن النسائي :
قال «ابن مالك»
في شرح الكافية : أراد استعمال هذين ، فحذف «استعمال» ، وأقام «هذين» مقامه ،
فأفرد الخبر. ا ه قال الله تعالى : (وَتِلْكَ الْقُرى
أَهْلَكْناهُمْ) أي : أهل القرى ، فحذف المضاف لدليل.
وفي حاشية «السندي»
على شرح «السيوطي» على سنن النسائي :
قوله : «إن
هذين» : إشارة إلى جنسهما لا عينهما فقط.
«حرام» قيل :
القياس : حرامان ، إلا أنه مصدر ، وهو لا يثنّى ولا يجمع ، أو التقدير : كل واحد
منهما حرام ؛ فأفرد لئلا يتوهم الجمع.
والمراد
استعمالهما لبسا ، أما استعمالهما صرفا وإنفاقا وبيعا فجائز للكل.
مسألة (٥٩)
في أنّ «لبّيك» وأمثالها مصادر مثناة
«لبّي» مثنى ،
وهو من المصادر التي جاءت مثناة لازمة للإضافة إلى الضمير.
وفي الحديث : (لبيك
اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك)
ومثل «لبيك» :
دواليك ، وسعديك ، وحنانيك ، وهذاذيك .
__________________
وفي الحديث : «لبيك
وسعديك والخير بين يديك»
ولا يضاف من
هذه الأسماء إلى ظاهر إلا ما شذّ ، كقول الشاعر :
دعوت لما
نابني مسورا
|
|
فلبّى ،
فلبّي يدي مسور
|
هذا رأي «ابن
مالك».
ويفهم من كلام «سيبويه»
أن ذلك غير شاذ في «لبّي» و «سعدي».
قال «الشاطبي»
: وكأنه لم يسمع في غير اليدين أصلا ، وروي في بعض الأحاديث عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : «إذا دعا أحدكم أخاه فقال : لبيك ، فلا
يقولنّ : لبي يديك ، وليقل : أجابك الله بما تحب». وهذا مما يشعر بأن عادة العرب
إذا دعيت فأجيبت لبيك ، أن تقول : لبي يديك ، فنهى ـ عليهالسلام ـ عن هذا القول وعوض منه كلاما حسنا ، ويشعر بهذا أيضا
معنى البيت المتقدم ، فعلى هذا ليس بمختص بالشعر.
ومذهب «سيبويه»
أن «لبّيك» وما ذكر بعده مثنّى ، وأنه منصوب على المصدرية بفعل محذوف ، وأن تثنيته
المقصود بها التكثير ؛ فهو على هذا ملحق بالمثنى ، كقوله تعالى : (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) فـ «كرّتين» : ليس المراد به مرتين فقط ؛ لقوله تعالى :
(يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ
الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ).
أي مزدجرا ،
وهو كليل ، ولا ينقلب البصر مزدجرا كليلا من كرتين فقط ، فتعين أن يكون المراد بـ
«كرّتين» التكثير ، لا اثنين فقط ، وكذلك «لبيك»
__________________
معناه إقامة بعد إقامة ، فليس المراد الاثنين فقط ، وكذا باقي أخواته ، على
ما تقدم في تفسيرها.
ومذهب «يونس»
أنه ليس بمثنى ، وأن أصله «لبّى» ، وأنه مقصور ، قلبت ألفه ياء مع المضمر ، كما
قلبت ألف «لدى» و «على» مع الضمير ، في «لديه» و «عليه».
وردّ عليه «سيبويه»
بأنه لو كان الأمر كما ذكر لم تنقلب ألفه مع الظاهر ياء ، كما لا تنقلب ألف «لدى» و
«على» ، فكما تقول : على زيد ، ولدى زيد ، كذلك كان ينبغي أن يقال : لبّى زيد ،
لكنهم لما أضافوه إلى الظاهر قلبوا الألف ياء ، فقالوا :
فلبّي يدي مسور
فدلّ ذلك على
أنه مثنّى ، وليس بمقصور ، كما زعم «يونس».
مسألة (٦٠)
في أن «أيّا» إذا تكررت تضاف إلى مفرد معرفة
من الأسماء
الملازمة للإضافة معنى «أيّ» ، ولا تضاف إلى مفرد معرفة إلا إذا تكررت ، ومنه قول
الشاعر :
ألا تسألون
الناس أيّي وأيّكم
|
|
غداة التقينا
كان خيرا وأكرما
|
__________________
وفي الحديث : «أيّ
العمل أفضل؟ قال : الصلاة لميقاتها ، قال : ثم أيّ؟ قال :
كذا ... ، قال
: ثم أيّ؟ قال : كذا ...» .
و «أي» : هنا
استفهامية.
مسألة (٦١)
في حذف المضاف لقيام قرينة
قال «أبو الفتح»
عن حذف المضاف في «الخصائص» ١ : ١٩٢ :
«وأما أنا
فعندي أن في القرآن مثل هذا الموضع نيّفا على ألف موضع». وقال في «المحتسب» : ١ :
١٨٨ : «حذف المضاف في القرآن والشعر ، وفصيح الكلام في عدد الرمل». ولكنه يحذف
المضاف لقيام قرينة تدلّ عليه ، ويقام المضاف إليه مقامه ، فيعرب بإعرابه.
كقوله ـ تعالى
ـ : (وَأُشْرِبُوا فِي
قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ»)
أي : حبّ
العجل.
__________________
وفي الحديث من
قول الصحابي في «الدجال» : قلنا : «يا رسول الله! ما لبثه في الأرض؟ قال : أربعين
يوما».
أي : لبث
أربعين.
فحذف المضاف
وهو «حب ، ولبث» وأعرب المضاف إليه ، وهو «العجل» و «أربعين» بإعرابه.
مسألة (٦٢)
في حذف المضاف إليه
يحذف المضاف
إليه في المضاف المعطوف على مضاف إلى مثل المحذوف ، وهو أقرب في القياس ، لتقدم
الدليل على المحذوف.
ومن ذلك قول «أبي
برزة الأسلمي» ـ رضياللهعنه ـ.
«غزوت مع رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ستّ غزوات ، أو سبع غزوات ، أو ثماني»
__________________
ويكون التقدير
: سبع غزوات ، أو ثماني غزوات.
فحذف المضاف
إليه ، وأبقي المضاف على حاله.
يروي «أو ثمان»
بغير ياء ، ولا تنوين.
وللحموي
والمستملي «ثماني» بياء مفتوحة من غير تنوين ويروي «أو ثمانيا» للكشميهني.
قال «ابن مالك»
: الأجود أن يقال : سبع غزوات أو ثمانيا ، بالتنوين. لأن لفظ ثمان ، وإن كان كلفظ
جوار في أن ثالث حروفه ألف بعدها حرفان ثانيهما ياء ، فهو يخالفه في أن جواري جمع
، وثمانيا ليس بجمع. واللفظ بهما في الرفع والجر سواء ، ولكن تنوين ثمان تنوين صرف
كتنوين يمان. وتنوين جوار تنوين عوض كتنوين أعمّ.
وإنما يفترق
لفظ ثمان ، ولفظ جوار في النصب. فإنك تقول : رأيت جواري ثمانيا ، فتترك تنوين جوار
، لأنه غير منصرف.
__________________
وقد استغنى عن تنوين العوض بتكمل لفظه ، وتنوّن ثمانيا ، لأنه
منصرف ، لانتفاء الجمعية.
ومع هذا ، ففي
قوله : أو ثماني ، بلا تنوين ، ثلاثة أوجه :
أحدها : وهو
أجودها ، أن يكون أراد : أو ثماني غزوات ، ثم حذف المضاف إليه ، وأبقي المضاف على
ما كان عليه قبل الحذف. وحسّن الحذف دلالة ما تقدم من مثل المحذوف.
ومثله قول
الشاعر :
خمس ذود أو
ستّ عوّض منها
|
|
مائة غير
أبكر وإفال
|
وهذا من
الاستدلال بالمتقدم على المتأخر. وهو في غير الإضافة كثير ، كقوله تعالى : (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ
وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ).
والأصل :
والحافظات فروجهن ، والذاكرات الله كثيرا.
الوجه الثاني :
أن تكون الإضافة غير مقصودة ، وترك تنوين «ثمان» لمشابهته جواري ، لفظا ومعنى. أما
اللفظ فظاهر. وأما المعنى ، فلأن ثمانيا ، وإن لم يكن له واحد من لفظه ، فإن
مدلوله جمع. وقد اعتبر مجرد الشبه اللفظيّ في سراويل ، فأجرى مجرى سرابيل ، فلا
يستبعد إجراء ثمان مجرى جوار.
__________________
ومن إجرائه
مجراه قول الشاعر :
يحدو ثماني
مولعا بلقاحها
|
|
حتى هممن
بزيغة الإرتاج
|
الوجه الثالث :
أن يكون في اللفظ ثمانيا ، بالنصب والتنوين ، إلا أنه كتب على اللغة الربيعيّة.
فإنهم يقفون على المنوّن المنصوب بالسكون ، فلا يحتاج الكاتب على لغتهم ، إلى ألف
، لأن من أثبتها في الكتابة لم يراع إلا جانب الوقف. فإذا كان يحذفها في الوقف كما
يحذفها في الوصل لزمه أن يحذفها خطّا. ا ه «ابن مالك».
مسألة (٦٣)
في جواز الفصل بين المتضايفين بغير ضرورة
مذهب أكثر
البصريين أن الفصل بين المضاف والمضاف إليه ممتنع إلا في الشعر.
__________________
وقد قال «أبو
البقاء» عن الحديث : «فهل أنتم تاركو لي صاحبي» :
الوجه «تاركون»
؛ لأنّ الكلمة ليست مضافة ، لأن حرف الجر منع الإضافة.
وإنما يجوز حذف
النون في موضعين :
أحدهما :
الإضافة ، ولا إضافة هنا.
والثاني : إذا
كان في «تاركون» الألف واللام. مثل قول الشاعر :
الحافظو عورة
العشيرة لا
|
|
يأتيهم من
ورائنا نطف
|
والأشبه : أنّ
حذفها من غلط الرواة.
وذهب «ابن مالك»
إلى أنه يجوز في السعة ، وقد قال في «الكافية الشافية» :
وحجتي قراءة
ابن عامر
|
|
وكم لها من
عاضد وناصر
|
وقسم «الأشموني»
الجائز في السعة إلى ثلاث مسائل :
الأولى : أن
يكون المضاف مصدرا ، والمضاف إليه فاعله. والفاصل إما مفعوله ، كقراءة «ابن عامر»
: «زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم»
بنصب «أولادهم»
وجرّ «شركائهم».
وقول الشاعر :
عتوا إذ
أجبناهم إلى السّلم رأفة
|
|
فسقناهم سوق
البغاث الأجادل
|
__________________
وقول «عمرو بن
كلثوم» :
وحلق الماذيّ
والقوانس
|
|
فداسهم دوس
الحصاد الدّائس
|
وقوله :
فزججتها
بمزجّة
|
|
زجّ القلوص
أبي مزاده
|
وإما ظرفه ،
كقول بعضهم : «ترك يوما نفسك وهواها سعي لها في رداها» .
الثانية : أن
يكون المضاف وصفا ، والمضاف إليه إما مفعوله الأول ، والفاصل مفعوله الثاني ،
كقراءة بعضهم : (فَلا تَحْسَبَنَّ
اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ).
بنصب «وعده»
وجر «رسله».
وقول الشاعر :
ما زال يوقن
من يؤمّك بالغنى
|
|
وسواك مانع
فضله المحتاج
|
أو ظرفه ،
كقوله :
فرشني بخير
لا أكونن ومدحتي
|
|
كناحت ، يوما
، صخرة بعسيل
|
__________________
قال «البدر
العيني» في «عمدة القاري» ١٦ : ١٨٠ ـ بعد إنشاده البيت المتقدم ـ :وبهذا يردّ على «أبي
البقاء» حيث يقول : إن حذف النون من خطأ الرواة ؛ لأن الكلمة ليست مضافة ؛ ولا
فيها ألف ولام ، وإنما يجوز في هذين الموضعين ، ولا وجه لإنكاره ، لوقوع مثل هذه
كثيرا في الأشعار ، وفي القرآن.
أو مجروره ،
كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «هل أنتم تاركو لي صاحبي» أي :تاركو صاحبي لي.
قال «ابن مالك»
: وفي الحديث شاهد على جواز الفصل دون ضرورة ، بجار ومجرور بين المتضايفين ، إن
كان الجار متعلقا بالمضاف. ا ه
وقول الشاعر :
لأنت معتاد
في الهيجا مصابرة
|
|
يصلى بها كلّ
من عاداك نيرانا
|
وجاء في شرح
المرادي : قال «ابن مالك» في «شرح التسهيل» : فهذا من أحسن الفصل ، لأنه فصل
بمعمول المضاف ، ويدل على جوازه في الاختيار قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «هل أنتم تاركو لي صاحبي» وقول من يوثق بعربيته : «ترك
يوما نفسك ...».
الثالثة : أن
يكون الفاصل القسم ، نحو ما حكاه «الكسائي» من قولهم : هذا غلام ـ والله ـ زيد.
وما حكاه «أبو
عبيدة» : إن الشاة لتجتر فتسمع صوت ـ والله ـ ربّها.
__________________
«إعمال المصدر»
مسألة (٦٤)
في إعمال اسم المصدر
يجوز إعمال اسم
المصدر عمل المصدر عند «الكوفيين» و «ابن مالك» ؛ لأن معناه معنى المصدر.
وظاهر كلام «ابن
مالك» في «التسهيل» أنه جائز قياسا. ومنعه البصريون. قال بعضهم : إلا في الضرورة.
وقال «الصيمري»
: إعماله شاذ.
وتأول البصريون
ما ورد من ذلك على إضمار فعل.
ومن عمله ما
جاء في الحديث : «من قبلة الرجل امرأته الوضوء»
«قبلة» اسم
مصدر ، مضاف لفاعله. و «امرأته» مفعوله ، والجار والمجرور خبر مقدم عن «الوضوء».
وقول «القطامي»
:
أكفرا بعد
ردّ الموت عنّي
|
|
وبعد عطائك
المائة الرّتاعا
|
ف «المائة»
منصوب بـ «عطائك».
وقول الآخر :
إذا صحّ عون
الخالق المرء لم يجد
|
|
عسيرا من
الآمال إلّا ميسّرا
|
وقول الشاعر :
بعشرتك
الكرام تعدّ منهم
|
|
فلا ترين
لغيرهم ألوفا
|
__________________
مسألة (٦٥)
في إضافة المصدر لمفعوله ثم يذكر فاعله
من أحوال
المصدر المضاف : أن يضاف المصدر إلى مفعوله ثم يذكر فاعله.
وقد قالوا عن
هذه الحالة : إنها ضعيفة. وغلا بعضهم فزعم أنه مختصّ بالشعر ، كقول «الأقيشر
الأسدي» :
أفنى تلادي
وما جمّعت من نشب
|
|
قرع القواقيز
أفواه الأباريق
|
فيمن روى «أفواه»
بالرفع.
ويردّ على هذا
القائل بأنه روي أيضا بالنصب. فلا ضرورة في البيت.
وبقول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلا) وهو قليل.
فإن قلت :
فهلّا استدللت عليه بالآية الكريمة ، أية الحج؟ قلت : الصواب أنها ليست من ذلك في
شيء ، بل الموصول في موضع جر بدل بعض من «الناس» ، أو في موضع رفع بالابتداء ، على
أن «من» موصولة ضمنت معنى الشرط ، أو شرطية ، وحذف الخبر أو الجواب ، أي : من
استطاع فليحج.
ويؤيّد
الابتداء (وَمَنْ كَفَرَ
فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ).
وأما الحمل على
الفاعلية ـ وقد أجازه «ابن خروف» كما قال الشاطبي ـ
__________________
فمفسد للمعنى ؛ إذ التقدير إذ ذاك : ولله على الناس أن يحجّ المستطيع ،
فعلى هذا إذا لم يحج المستطيع يأثم الناس كلهم.
ولو أضيف
للمفعول ثم لم يذكر الفاعل لم يمتنع ذلك في الكلام عند أحد ، نحو قوله تعالى : (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ
الْخَيْرِ) ، أي : من دعائه الخير.
مسألة (٦٦)
في الحمل على محل الفاعل أو المفعول المضاف إليهما المصدر
إذا أضيف
المصدر إلى الفاعل ، ففاعله يكون مجرورا لفظا ، مرفوعا محلا ، فيجوز في تابعه ـ من
الصفة ، والعطف ، وغيرهما ـ مراعاة اللفظ فيجر ، ومراعاة المحلّ فيرفع ، تقول :
عجبت من شرب زيد الظريف.
ومن اتباعه على
المحلّ قول «لبيد» في النعت :
حتّى تهجّر
في الرّواح وهاجها
|
|
طلب المعقّب
حقّه المظلوم
|
فرفع «المظلوم»
لكونه نعتا لـ «المعقب» على المحل.
وإذا أضيف إلى
المفعول ، فهو مجرور لفظا ، منصوب محلا ، فيجوز أيضا في تابعه مراعاة اللفظ
والمحل.
ومن مراعاة
المحلّ قول «زياد العنبري» ، أو «رؤبة» :
قد كنت داينت
بها حسّانا
|
|
مخافة
الإفلاس واللّيّانا
|
فـ «الإفلاس»
مضاف إلى «مخافة» من إضافة المصدر إلى مفعوله ، وقد حذف فاعله.
__________________
و «اللّيّانا»
معطوف على محل «الإفلاس».
وإلى الإتباع
على الموضع ذهب جماعة.
ورأى «سيبويه»
الحمل على إضمار الفعل. ذكر ذلك في باب المصدر الجاري مجرى فعله.
ومن الحمل على
الموضع استشهد «أبو إسحاق الشاطبي» بالحديث التالي : «أمر بقتل الأبتر وذو
الطّفيتين» .
قال «أبو
البقاء» : وفي لفظ : «أمر بقتل الأبتر وذو الطّفيتين» الوجه : «وذي» معطوفا على
لفظ «الأبتر».
ويروي : «ذو»
بالواو عطفا على موضع «الأبتر» ، والتقدير : أمر بأن يقتل الأبتر وذو الطّفيتين.
__________________
و «أحمد» في «مسنده» ٥ : ٢٦٢ ، برواية :
«نهى عن قتل عوامر البيوت إلا من كان من ذي الطفيتين والأبتر».
__________________
«أبنية المصادر»
مسألة (٦٧)
في مصدر الهيئة
إذا أرادوا
نوعا من الفعل مخصوصا ، أو هيئة منه ، فأرادوا أن يشعروا بذلك ، ويدلوا عليه باللفظ
، أتوا بالمصدر على زنة «فعلة» مكسور الفاء ، ساكن العين.
كالحديث : (إذا
قتلتم فأحسنوا القتلة) بكسر القاف للنوع.
__________________
والحديث : (من
فارق الجماعة مات ميتة جاهلية)
ميتة : بالكسر
، حالة الموت ، أي : كما يموت أهل الجاهلية من الضلال والفرقة.
__________________
«الصفة المشبهة»
مسألة (٦٨)
في إضافة صفة مجردة من «أل» إلى مضاف لضمير
تقبح إضافة
الصفة إذا كانت مجردة من «أل» إلى مضاف لضمير ، نحو :
حسن وجهه.
ومنعها «سيبويه»
اختيارا. وخصّ جوازها بالشعر.
ومنعها «المبرد»
في الشعر والنثر.
قال «ابن مالك»
في «شرح الكافية» : وهو عند الكوفيين جائز في الكلام كله. وهو الصحيح ؛ لأن مثله
قد ورد في حديث «أم زرع» :
«صفر وشاحها»
وفي حديث «الدجال»
: «أعور عينه اليمنى» .
وفي صفة النبي صلىاللهعليهوسلم : «شثن أصابعه» .
قال : ومع هذا
ففي جوازه ضعف. اه. ووافقه «أبو حبان».
__________________
وفي «فتح
الباري» و «أمالي السهيلي» : «أعور عينه اليمنى» بالإضافة ، من إضافة الموصوف إلى
صفته. وهو جائز عند الكوفيين. وتقديره عند البصريين : عين صفحة وجهه اليمنى.
ورواه «الأصيلي»
: «عينه» بالرفع ، كأنه وقف على وصفه أنه أعور ، وابتدأ الخبر عن صفة عينه ، فقال
: عينه كأنها كذا ، وأبرز الضمير. وفيه نظر ، لأنه يصير كأنه قال : عينه كأن عينه.
ويحتمل أن يكون
رفع على البدل من الضمير في «أعور» الراجح على الموصوف ، وهو بدل بعض من كل.
ولا يجوز أن
يرتفع بالصفة كما ترتفع الصفة المشبهة باسم الفاعل ، لأن «أعور» لا يكون إلا نعتا
لمذكر.
ويجوز أيضا أن
تكون «عينه» مرتفعة بالابتداء ، وما بعدها الخبر.
وفي «شرح
الشاطبي» : أما إضافة الصفة إلى مضاف محلّى بـ «أل» فكثير نظما ونثرا ، نحو : مررت
برجل حسن الوجه. وقد جاء في التنزيل : (وَاللهُ سَرِيعُ
الْحِسابِ)
وفي الحديث : «كان
ـ عليهالسلام ـ ضخم الهامة ، شثن الكفين والقدمين ، ضخم الكراديس ،
أنور المتجرد»
__________________
«التعجب»
مسألة (٦٩)
في التعجب اللغوي
يدلّ على
التعجب بصيغ مختلفة ، غير مبوّب لها في النحو ، مثل : «سبحان الله». وقد جاء في
الحديث :
(سبحان الله إن
المؤمن لا ينجس) ، فـ «سبحان الله» تعجب لغوي.
مسألة (٧٠)
في التعجب من السواد
وفي شرح المفصل
لابن يعيش ٧ : ١٤٥ : وأما الألوان والعيوب ، فنحو الأبيض والأصفر والأحول والأعور
، فلا يقال : ما أبيض هذا الطائر ، ولا : ما أصفره ، إذا أريد البياض والصفرة.
وكذلك لا تقول : ما أسود فلانا ، من السواد الذي هو اللون ، وكذلك : ما أحمره ، إن
أردت الحمرة. لم يجز.
وفي حاشية يس ٢
: ٩٣ : ردّ هذا «ابن الحاجب» بأنه : ما أشد سواده ، وأكثر حمرته. قال : فإن قيل :
إنما تعجبنا من أشد. قلنا : القصد في () موارد المسألة : «شرح ابن الناظم» : ١٧٦ ،
و «شرح الشاطبي» و «همع الهوامع» (التعجب) ، و «أوضح المسالك» و «شرح قطر الندى».
__________________
التعجب ليس إلا
للسواد ، وتعليلك إنما كان من جهة المعنى ، لا من جهة اللفظ.
قال «الشاطبي»
: وباب أفعل التفضيل والتعجب من نوع واحد ، وقد استعمل في السواد ذلك أيضا ، ففي
الحديث عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «هي أسود من القار» .
والاستعمال
فيهما كثير فلا بد من القول بالجواز.
مسألة (٧١)
في دخول «ما» على الفعل المنفي
قال «الشاطبي»
:
لا بعد في
القياس أن تدخل «ما» على الفعل المنفي ، كما تدخل المصدرية الظرفية عليه.
نحو ما جاء في
الحديث : «لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يسفك دما حراما» .
__________________
«نعم ، وبئس»
مسألة (٧٢)
في حكم الفاعل المضاف إلى الله
وقد شذ كون
الفاعل مضافا إلى «الله» علما كان أو غيره ، وإن كان فيه «أل» ؛ لأنه من الأعلام.
نحو قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (نعم عبد الله خالد بن الوليد) ، وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (نعم عبد الله هذا) ، وقول الشاعر :
بئس قوم الله
قوم طرقوا
|
|
فقروا جارهم
لحما وحر
|
خلافا لـ «الجرمي»
في قوله باطراده.
وغيره يتأوّل
ما ورد منه. ومن العلم على أنه المخصوص ، والفاعل مضمر ، حذف مفسّره.
قال «الشاطبي»
: ومن ذلك ـ أي ومن فاعل نعم وبئس ـ العلم ، والمضاف إليه ، فقد جاء منه في النثر
مما يمكن أن يدعي قياسه ، ففي الحديث :
«نعم عبد الله
خالد بن الوليد» ، وقول بعض عبادلة الصحابة : «بئس عبد الله أنا إن كان كذا» ،
وقول «سهل بن حنيف» : «شهدت صفين وبئست صفين». وهو نادر ، ومن باب الاستشهاد
بالحديث ، قد مرّ ما فيه ، وإذا سلم فندور يمتنع من القياس عليه.
وقد تأوله «ابن
مالك» على أن يكون التمييز قد حذف والفاعل ضمير ، والظاهر المرفوع هو المخصوص. و «أنا»
و «خالد» بدلان فلا يكون فيه على هذا دليل.
__________________
مسألة (٧٣)
في حكم إضمار فاعل «نعم» غير مميز وفي فعلية «نعم»
استشهد النحاة
بقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (من توضّأ يوم الجمعة فبها ونعمت) على أن فاعل «نعم» لا يجوز أن يأتي مضمرا غير مميز لفظا
، وإن كان معلوما إلا قليلا. دلّ على ذلك الاستقراء. ومن ذلك القليل الحديث الشريف
، والتقدير : فبالسنة أخذ ، ونعمت السنة الوضوء ، لكن حذف للعلم به.
قال «الشاطبي»
: فإن قيل : التمييز في مثل : (نعم عبد الله خالد بن الوليد) لا يحذف.
قيل : ذلك هو
الشائع ، وقد يحذف نحو قوله ـ عليهالسلام ـ : «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت» فالتقدير : ونعمت
سنة ، لأنه أضمر الفاعل على شريطة التفسير ، كأنه قال : ونعمت سنة فعلته ، أو نحو
ذلك.
وقدره «السيوطي»
بقوله : ونعمت السنة سنة ، أو فعلة هي ، أو رخصة ، أو راجع إلى السنة ، أي :
فبالسنّة أخذ.
وعليه «ابن
عصفور» و «ابن مالك» ، ونص «سيبويه» على لزوم ذكره.
واستدلوا
بالحديث أيضا على أن «نعم» فعل بدليل اتصاله بتاء التأنيث الساكنة بها.
__________________
مسألة (٧٤)
في وقوع التمييز بعد فاعل «نعم» و «بئس» ظاهرا
قال «الشاطبي» مال
«ابن مالك» في «التسهيل» إلى القول بالجواز ، تعويلا على القياس والسماع.
فأما السماع ،
فمنه في «البخاري» في حديث «عبد الله بن عمرو» :
«فيسألها عن
بعلها» فتقول : «نعم الرجل من رجل ، لم يطأ لنا فراشا ولم يفتّش لنا كنفا مذ
أتيناه» .
وأدخل «من» على
المفسر.
قال «ابن مالك»
: تضمن هذا الحديث وقوع التمييز بعد فاعل نعم وبئس ظاهرا. وهو مما منعه «سيبويه».
فإنه لا يجيز أن يقع التمييز بعد فاعل نعم وبئس إلا إذا أضمر الفاعل ، كقوله تعالى
: (بِئْسَ
لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً).
وأجاز «المبرد»
وقوعه بعد الفاعل الظاهر ، وهو الصحيح.
ومن شواهد
الموافقة للحديث الشريف قول «جرير» يمدح «عمر بن عبد العزيز».
تزوّد مثل
زاد أبيك فينا
|
|
فنعم الزاد
زاد أبيك زادا
|
فما كعب بن
مامة وابن سعدى
|
|
بأجود منك يا
عمر الجوادا
|
وقول «جرير»
يهجو «الأخطل» :
والتغلبيّون
بئس الفحل فحلهم
|
|
فحلا وأمّهم
زلّاء منطيق
|
وقول الآخر :
نعم الفتاة
فتاة هند لو بذلت
|
|
ردّ التحيّة
نطقا أو بإيماء
|
__________________
«أفعل التفضيل»
مسألة (٧٥)
في جواز المطابقة وعدمها في أفعل التفضيل المضاف لمعرفة
«أفعل التفضيل»
إذا أضيف إلى معرفة ، وقصد به التفضيل ، بأن نويت معنى «من» جاز فيه وجهان :
(١) استعماله
كالمجرد ، فلا يطابق ما قبله.
نحو : (محمد
أفضل القوم) ، (المحمدان أفضل القوم) ،
المحمدون أفضل
القوم) ،
و (هند أفضل
النساء) ، و (الهندان أفضل النساء) ،
و (الهندات
أفضل النساء) ،
(٢) استعماله
كالمقرون بالألف واللام ، فتجب مطابقته لما قبله.
نحو : (محمد
أفضل القوم) ، و (المحمدان أفضلا القوم) ،
و (المحمدون
أفضلو القوم ، وأفاضل القوم) ،
و (هند فضلى
النساء) ، و (الهندان فضليا النساء) ،
و (الهندات
فضّل النساء ، أو فضليات النساء).
ولا يتعين
الاستعمال الأول ، خلافا لابن السراج ، وقد ورد الاستعمالان في القرآن الكريم.
__________________
فمن استعماله
غير مطابق قوله تعالى : «وَلَتَجِدَنَّهُمْ
أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ».
ومن استعماله
مطابقا قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا
فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها).
وقد اجتمع
الاستعمالان في قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :
(ألا أخبركم
بأحبّكم إليّ وأقربكم مني منازل يوم القيامة : أحاسنكم أخلاقا ، الموطّئون أكنافا
، الذين يألفون ويؤلفون) .
والشاهد فيه :
أنه وحّد «أحبكم» و «أقربكم» ؛ لأن أفعل التفضيل الذي بمعنى التفضيل يكون في جميع
الأحوال بلفظ واحد ، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث.
وجمع «أحاسنكم»
، ومفرده «أحسن» ؛ لأنه لم يرد به التفضيل ، وإنما المراد به الذات ، نحو : الحسن.
والذين أجازوا
الوجهين ، قالوا : الأفصح المطابقة.
__________________
مسألة (٧٦)
في حكم رفع اسم التفضيل الظاهر
لا يعمل «أفعل
التفضيل» في مصدر ، فلا يقال : زيد أحسن الناس حسنا ، ولا مفعول به ، لا يقال :
زيد أشرب الناس عسلا.
وإنما تعدّيه
إليه باللام ، فيقال : (زيد أشرب الناس للعسل). ولا يعمل في فاعل ملفوظ به ، فلا
يقال : مررت برجل أحسن منه أبوه. إلا في لغة ضعيفة (حكاها «سيبويه»).
واتفقت العرب
على جواز ذلك في «مسألة الكحل».
وضابطها : أن
يكون أفعل صفة لاسم جنس مسبوق بنفي أو استفهام.
ومرفوعه أجنبيا
مفضلا على نفسه باعتبارين.
وذلك كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (ما من أيّام أحبّ إلى الله فيها الصّوم منه في عشر
ذي الحجّة)
وقولك : (ما
رأيت رجلا أبغض إليه الشرّ منه إليه).
وقول العرب : (ما
رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد) وبهذا المثال لقّبت المسألة بمسألة
الكحل.
وقوله :
ما رأيت امرأ
أحبّ إليه الب
|
|
ذل منه إليك
يا ابن سنان
|
ولم يقع هذا
التركيب في التنزيل.
وفي «شرح
الشذور» : واعلم أن مرفوع «أحبّ» في الحديث والبيت نائب الفاعل ، لأنه مبني من فعل
المفعول ، لا من فعل الفاعل ، وبناء «أحسن» في المثال فاعل ، لأنه مبني من فعل
الفاعل ، لا من فعل المفعول.
__________________
«التوكيد»
مسألة (٧٧)
في حكم التوكيد اللفظي في الجمل بلا عاطف
الأكثر في
التوكيد اللفظي أن يكون في الجمل ، وكثيرا ما يقترن بعاطف ، كقوله تعالى : (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ. ثُمَّ كَلَّا
سَيَعْلَمُونَ).
وقوله تعالى : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى).
وقوله تعالى : (ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ. ثُمَّ
ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ).
ويأتي دون عاطف
نحو قوله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : (والله لأغزونّ قريشا) ثلاث مرات.
__________________
«عطف النسق»
مسألة (٧٨)
في استعمال الفاء للترتيب
«الفاء» : حرف
عطف ، ومعناها : الترتيب والتعقيب ، بلا مهلة.
كقوله تعالى : (أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ).
وكثيرا ما
تقتضي التسبب إن كان المعطوف جملة ، كقوله تعالى : (فَوَكَزَهُ مُوسى
فَقَضى عَلَيْهِ).
وأما قوله
تعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ
أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ) وقوله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : توضأ فغسل وجهه ويديه
. فالمعنى أردنا إهلاكها ، وأراد الوضوء.
وأما قوله
تعالى : (الَّذِي خَلَقَ
فَسَوَّى. وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى. وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ
غُثاءً أَحْوى) أي : جافا هشيما ، أحوى : أي :
أسود. فالتقدير
: فمضت مدة فجعله غثاء ، أو أن الفاء نابت عن «ثم».
__________________
مسألة (٧٩)
في استعمال «حتى» لمطلق الجمع
«حتى» : لا
تقتضي الترتيب ، بل مطلق الجمع ، كالواو. ويشهد لذلك قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (كلّ شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) وليس في القضاء ترتيب ، وإنما الترتيب في ظهور
المقتضيات.
وفي «شرح صحيح
مسلم» للنووي ١٦ : ٢٠٥ : «فقوله عليهالسلام : حتى العجز والكيس» قال القاضي : رويناه برفع العجز والكيس عطفا على «كل» وبجرهما عطفا
على «شيء» ، قال : ويحتمل أن العجز هنا على ظاهره ، وهو عدم القدرة. وقيل : هو ترك
ما يجب فعله والتسويف به ، وتأخيره عن وقته.
قال : ويحتمل
العجز عن الطاعات ، ويحتمل العموم في أمور الدنيا والآخرة.
والكيس : ضد
العجز ، وهو النشاط والحذق بالأمور ، ومعناه : أن العاجز قد قدر عجزه. والكيس قد
قدر كيسه.
__________________
مسألة (٨٠)
في ورود «أو» بمعنى «الواو»
تأتي «أو»
بمعنى «الواو» على قلة ، ولكن بشرط ألا يقع في الكلام لبس باستعمالها في معنى «الواو»
فيتوهم في أنها ليست بمعنى «الواو» بل بمعنى آخر من المعاني الثابتة لها ، فلا بد
من تعيين ذلك فيها. وبهذا القيد ثبتت في السماع فلا بد من اعتباره في القياس.
فمما يتعين
لذلك عند بعض ما في الحديث من قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «اهدأ فما عليك إلا نبيّ ، أو صدّيق ، أو شهيد»
وقول «ابن عباس»
ـ رضياللهعنه ـ : «كل ما شئت والبس ما شئت ما خطئتك اثنتان : سرف أو
مخيلة»
فقوله : «ما
خطئتك ...» أي : مدة عدم إصابة الخصلتين إيّاك ، وهما الإسراف والتكبر ، يقال :
اختال الرجل ، وبه خيلاء ، وهو الكبر والإعجاب.
__________________
وعند «ابن مالك»
أن قول الله تعالى : (وَمَنْ يَكْسِبْ
خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً
وَإِثْماً مُبِيناً).
«أو» فيه بمعنى
«الواو» ، لأن الإثم بمعنى الخطيئة ، فهي بمعنى الواو التي في قول الشاعر :
وهند أتى من دونها النأي والبعد
وعلى ذلك أيضا
حمل قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ
آثِماً أَوْ كَفُوراً) ، أي : وكفورا. وكذلك قول «النابغة» :
قالت : ألا
ليتما هذا الحمام لنا
|
|
إلى حمامتنا
أو نصفه فقد
|
فحسبوه
فألفوه كما ذكرت
|
|
تسعا وتسعين
لم تنقص ولم تزد
|
قالوا : أراد «ونصفه»
كالرواية الأخرى.
وقول «جرير» :
جاء الخلافة
أو كانت له قدرا
|
|
كما أتى ربّه
موسى على قدر
|
ولكن قال «ابن
هشام» في «مغنيه» : ٨٩ :والذي رأيته في ديوان «جرير» : «إذ كانت» وقال «أبو حيان»
: إنها الرواية المشهورة.
وفي «البحر
المحيط» ٣ : ١٤٤ : «وقد تجيء (أو) في معنى الواو إذا عطفت ما لا بد منه ، كقوله (أي
: حميد بن ثور) :
قوم إذا
سمعوا الصّريخ رأيتهم
|
|
من بين ملجم
مهره أو سافع
|
يريد : وسافع
... لأن (بين) لا تدخل على شيء واحد ، فلا بد من عطف مصاحب مجرورها».
__________________
مسألة (٨١)
في العطف على الضمير المرفوع المتصل
لا يعطف على ضمير
رفع متصل في النثر إلا بعد الفصل بفاصل ما ، ضميرا منفصلا أو غيره ، نحو قوله
تعالى : (لَقَدْ كُنْتُمْ
أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ، وقوله تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ
يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ ،) وقوله تعالى : (لَوْ شاءَ اللهُ ما
أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا).
فصل في الأول
بالضمير «أنتم» وقوله «وآباؤكم» معطوف على الضمير في «كنتم».
وفصل في الثاني
بالمفعول وهو «الهاء» ، فـ «من» معطوف على الواو في «ويدخلونها».
وفصل في الثالث
بـ «لا» ، فـ «آباؤنا» معطوف على «نا» في «أشركنا». هذا هو مذهب البصريين.
أما الكوفيون
فلا يتمسكون بالفصل ، ولا يرون في خلوّ الكلام منه عيبا في النثر. فمثال العطف من
غير توكيد ولا فصل قول «علي بن أبي طالب» : كنت أسمع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «كنت وأبو بكر وعمر ، فعلت وأبو بكر وعمر ،
وانطلقت وأبو بكر وعمر» .
__________________
وفي الحديث قول
«عمر بن الخطاب» رضياللهعنه : «كنت وجار لي من الأنصار» ومن ذلك ما حكاه «سيبويه» من قولهم : (مررت برجل سواء
والعدم). فـ «سواء» صفة لرجل ، وهو بمعنى مستو ، وفيه ضمير مستتر عائد على «رجل» ،
والعدم : معطوف على ذلك الضمير المستتر.
ومن ذلك قول «عمر
بن أبي ربيعة المخنومي» :
قلت إذ أقبلت
وزهر تهادى
|
|
كنعاج الفلا
تعسّفن رملا
|
فقوله : «وزهر»
معطوف على الضمير المرفوع المستتر في «أقبلت» ، وتقديره «هي».
وقول «جرير بن
عطية» يهجو «الأخطل التغلبي» :
ورجا الأخيطل
من سفاهة رأيه
|
|
ما لم يكن
وأب له لينالا
|
فقوله : «أب»
معطوف بالواو على الضمير المرفوع المستتر في «يكن» ، وتقديره «هو» يعود إلى «الأخيطل».
والبصريون
يحملون جميع ذلك على الضرورة ، وهذا لا يجمل الأخذ به ، لأن في الشواهد المذكورة ما
ليس بشعر. وعلى هذا يكون مذهب الكوفيين في هذه المسألة أقوم حجة ، وأظهر دليلا من
مذهب البصريين. كما قال «محمد محي الدين عبد الحميد». وهذا يقاس عليه عند الكوفيين
، خلافا للبصريين.
__________________
مسألة (٨٢)
في العطف على ضمير الجر بغير إعادة الخافض
مذهب البصريين
: لا يجوز العطف على ضمير الجر بغير إعادة الخافض ، سواء أكان حرفا أم إضافة.
ومن أدلتهم
قوله تعالى : (فَقالَ لَها
وَلِلْأَرْضِ) ، (وَعَلَيْها وَعَلَى
الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) ، (قُلِ اللهُ
يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ) ، (نَعْبُدُ إِلهَكَ
وَإِلهَ آبائِكَ).
ولهم حجتان :
إحداهما : أن ضمير الجر شبيه بالتنوين ، ومعاقب له ، فلم يجز العطف عليه ، كما لا
يعطف على التنوين.
الثانية : أن
حق المعطوف والمعطوف عليه أن يصح حلول كل واحد منهما محل الآخر.
وضمير الجر لا
يصح حلوله محل ما يعطف عليه ، فمنع العطف عليه إلا بإعادة حرف الجر.
ومذهب الكوفيين
: لا يجب عود الجار في العطف على ضمير الجر ؛ لورود ذلك في الفصيح بغير عود ،
فتقول : (مررت بك وزيد) ، و (جئت إليك وعمرو).
وتبع الكوفيين
يونس وقطرب والأخفش.
__________________
فما جاء في
النثر من ذلك قراءة «حمزة» : واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام بالخفض في «الأرحام».
وقد ضعف «الشاطبي»
حملها على أن الواو للقسم.
ومن ذلك قول
رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (إنما مثلكم واليهود والنصارى كرجل استعمل عمّالا) بجر «اليهود».
وقد تضمن هذا
الحديث العطف على ضمير الجر بغير إعادة الجار.
وحكى «قطرب» عن
العرب : (ما في الدار غيره وفرسه) بجر كلمة «فرس» المعطوفة على الهاء من غير إعادة
الجار ، وهو الاسم المضاف. وقال الشاعر :
اليوم قد بتّ
تهجونا وتشتمنا
|
|
فاذهب ، فما
بك والأيام من عجب
|
أي : وبالأيام.
وقد رد «ابن
مالك» على ما احتج به البصريون : بأن شبه الضمير بالتنوين لو منع من العطف عليه
لمنع من توكيده والإبدال منه كالتنوين ، ولا يمنعان بإجماع ، وأن الحلول لو كان
شرطا لم يجز : رب رجل وأخيه ،
ولا : كل شاة
وسخلتها بدرهم.
ولا : الواهب
المائة الهجان وعبدها.
ونحو ذلك مما
لا يصلح فيه الحلول.
ويمكننا القول
: بأن عدم إعادة الخافض أمر ثابت ، تحقق في النظم والنثر ، الواردين عن العرب ،
فهو قوي وإن كان لا يبلغ في قوته وحسنه البلاغي درجة الكثير.
__________________
مسألة (٨٣)
في حذف العاطف وحده
يجوز حذف «واو»
العطف ، دون المعطوف بها ، في الأصح.
كحديث : «تصدّق
رجل من ديناره ، من درهمه ، من صاع برّه ، من صاع تمره» .
وحكي : (أكلت
سمكا لحما تمرا).
وقال الشاعر :
كيف أصبحت ،
كيف أمسيت ممّا
|
|
يغرس الودّ
في فؤاد الكريم
|
أي : وكيف.
ومنع ذلك ابن
جني ، والسّهيليّ ، وابن الضائع ؛ لأن الحروف دالة على معاني في نفس المتكلم ،
وإضمارها لا يفيد معناها.
__________________
البدل
مسألة (٨٤)
في بدل الإضراب
من أنواع البدل
بدل البداء ، ويسمى : «بدل الإضراب».
أثبته «سيبويه»
وغيره. وأضرب «ابن مالك» عن التعبير عن هذا النوع ببدل البداء ، لأيهامها في
التسمية إذا أضيف البدل إلى كلام من لا يليق به البداء ، وهذا البدل يقع في الكلام
الفصيح.
ومنه الحديث : «إن
العبد ليصلّي الصلاة وما يكتب له منها إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها
ربعها ثلثها نصفها» .
أخبر أنه قد
يصليها وما كتب له إلا عشرها ، ثم أضرب عنه ، وأخبر أنه قد يصليها ، وما كتب له
إلا تسعها ، وهكذا.
وقال «الشاطبي»
: والأظهر في قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (تصدق رجل من ديناره من درهمه من صاع بره ، من صاع
تمره) أن يكون من هذا.
وكذلك قول «عمر»
ـ رضياللهعنه ـ : «صلى رجل في إزار ورداء ، في إزار وقميص ، في إزار
وقباء».
__________________
النداء
مسألة (٨٥)
في جواز حذف «يا» النداء
من مواضع منع
حذف «يا» النداء ما فيه اختلاف ، وهو ضربان : أحدهما : اسم الجنس ، والثاني : اسم
الإشارة. وكلاهما يجوز عند «ابن مالك» فيهما الحذف ، لكن قليلا. فأما اسم الجنس
فهو قليل ، كما في نحو : رجل يفعل كذا ، أي : يا رجل.
وفي الحديث : «اشتدي
أزمة تنفرجي»
وفي الحديث
الآخر حكاية عن موسى ـ عليهالسلام ـ : «ثوبي حجر»
يريد : يا أزمة
، ويا حجر.
ومن كلام العرب
: افتد مخنوق ، وأطرق كرا. يقال للكركي إذا صيد : أطرق كرا ، أطرق كرا إن النعام
في القرى.
وقالوا : أصبح
ليل. وأنشد «سيبويه» للعجاج :
جاري لا تستنكري عذيري
أراد : يا
جارية.
وأما اسم
الإشارة ، فنحو قوله تعالى : (ثُمَّ أَنْتُمْ
هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ). وعند الكوفيين : إن حذف حرف النداء من اسم الجنس
والمشار إليه قياس مطرد. والبصريون يقصرونه على السماع.
__________________
مسألة (٨٦)
في معاملة المفرد معاملة المضاف
قال «ابن مالك»
في «التسهيل» :يجوز نصب ما وصف من معرّف بقصد وإقبال.
وحكاه في شرحه
عن «الفراء».
وأيده بما روي
من قوله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ في سجوده : (يا عظيما يرجى لكل عظيم)
وقال «الشاطبي»
ـ بعد أن ذكر الحديث ـ :
هذا مما عومل
فيه المفرد معاملة المضاف للطول بالصفة ، وهو ظاهر من كلام «سيبويه» ، ويرشح هذا
احتياج النكرة إلى الصفة التي تبينها ، فقد صارت بذلك معها كالشيء الواحد على حد
المضاف والمضاف إليه. وهذا ممكن على أن يكون نقل إلى النداء موصوفا فبقي على ما
كان عليه حين صارت الصفة له كالمعمول للعامل.
__________________
الاختصاص
مسألة (٨٧)
في المخصوص المضاف إلى المعرف
قال «الشاطبي»
: ومما تنصب العرب على الاختصاص ما كان مضافا إلى ما فيه الألف واللام. وفي الحديث
: «نحن ـ معاشر الأنبياء ـ لا نورث»
وقال «ابن عقيل»
: ... الاختصاص يشبه النداء لفظا ، ويخالفه من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه لا
يستعمل معه حرف نداء.
والثاني : أنه
لا بدّ أن يسبقه شيء.
والثالث : أن
تصاحبه الألف واللام.
وذلك كقولك :
أنا أفعل كذا أيها الرّجل ، نحن العرب أسخى الناس.
وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) ، وهو
منصوب بفعل مضمر ، والتقدير : أخصّ العرب ، وأخص معاشر الأنبياء.
وقال «ابن هشام»
: جملة الاختصاص جملة اعتراضية ، جاء الاختصاص بعد ضمير التكلم.
قال «العكبري»
: «ما» بمعنى الذي ، والفعل صلة ، والعائد الهاء ، و «صدقة» مرفوع خبر الذي.
__________________
أسماء الأفعال والأصوات
مسألة (٨٨)
في حقيقة «حيهل»
«حيهل» : اسم
فعل أمر ، بمعنى : إيت ، نحو : «إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر» .
وفي «النهاية»
: حيهل بمعنى أقبل به ، وأسرع. وهي كلمتان جعلتا كلمة واحدة.
فـ «حيّ» بمعنى
: أقبل ، و «هلا» بمعنى : أسرع.
وقيل : اسكن
عند ذكره حتى تنقضي فضائله. وفيها لغات.
__________________
مسألة (٨٩)
في استعمال كلمة «بله»
تكون «بله»
بمعنى «دع» ، ومنه الحديث الشريف : (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا
أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ذخرا ، بله ما أطلعتم عليه)
وتكون «بله»
معربة مجرورة بـ «من» كما في رواية : «من بله ما اطلعتم عليه».
قال «السيوطي»
في «همع الهوامع» : وفي بعض طرق الحديث : «من بله» بفتح الهاء مبنية على الفتح.
قال «البغدادي»
في «خزانة الأدب» : ووقع في أكثر نسخ «البخاري» : «من بله ما أطلعتم عليه» بزيادة «من»
، قال «القسطلاني» : هي رواية : أبي ذر ، وأبي الوقت ، والأصيلي ، وابن عساكر. قال
«ابن حجر» : قال «الصغاني» : اتفقت نسخ الصحيح على : «من بله» ، والصواب إسقاط
كلمة «من». وتعقب بأنه لا يتعين إسقاطها إلا إذا فسرت بمعنى : دع ، وأما إذا فسرت
بمعنى : من أجل ، أو من غير ، أو سوى ، فلا.
وقال «القسطلاني»
: قد ثبت جر «بله» بـ «من» في الفرع المعتمد المقابل على أصل «اليونيني» المحرر
بحضرة إمام العربية «أبي عبد الله بن مالك» ا ه.
__________________
وفي مختصر
العين : «بله» بمعنى «كيف» ، وبمعنى «دع».
فأما الجر بعد «بله»
، وهو المجمع على سماعه. فذهب بعض الكوفيين إلى أنها بمعنى «غير» ، فمعنى «بله
الأكف» : غير الأكف ، فيكون هذا استثناء منقطعا.
وذهب «الفارسي»
: إلى أنها مصدر لم ينطق له بفعل ، وهو مضاف ، وهي إضافة من نصب.
وذهب «الأخفش»
: إلى أنها حرف جر.
وأما النصب
فيكون على أنه مفعول ، و «بله» مصدر موضوع موضع الفعل ، أو اسم الفعل ليس من لفظ
الفعل. فإذا قلت : (قام القوم بله زيدا) فكأنك قلت : تركا زيدا ، أودع زيدا.
وأما الرفع
فعلى الابتداء ، و «بله» بمعنى «كيف» في موضع الخبر. ا ه
حكى «ابن التين»
رواية «من بله» فتكون مبنية ، و «ما» مصدرية ، وهي وصلتها في موضع رفع على
الابتداء ، والخبر هو الجار والمجرور المتقدم.
ويكون المراد
بـ «بله» : «كيف» التي يقصد بها الاستبعاد ، والمعنى : من أين اطلاعكم على هذا
القدر الذي تقصر عقول البشر عن الإحاطة به.
ودخول «من» على
«بله» إذا كانت بهذا المعنى جائز.
ويمكن تلخيص
المسألة على أربعة أوجه :
(١) اسم فعل
أمر بمعنى «دع» أو «اترك» ناصبة لما يليها على أنه مفعوله ، وفتحة «بله» بنائية ،
كقول «ابن هرمة» :
تمشى القطوف
إذا غنّى الحداة بها
|
|
مشي الجواد
فبله الجلّة النّجبا
|
__________________
(٢) مصدر بمعنى
الترك ، نائب عن فعل الأمر ، مضاف إلى ما يليه ، وفتحته إعرابية ، وهو مصدر مهمل
الفعل ، ممنوع التصرف.
(٣) اسم بمعنى «كيف»
في موضع الخبر ، وما بعدها مرفوع على الابتداء ، وفتحة «بله» بنائية.
وأنكر «الفارسي»
رفع ما بعدها. وإنكاره مردود بحكاية أبي الحسن ، وقطرب.
وقد روي
بالأوجه الثلاثة قول «كعب بن مالك» (الصحابي) يصف السيوف :
تذر الجماجم
ضاحيا هاماتها
|
|
بله الأكفّ
كأنّها لم تخلق
|
(٤) اسم بمعنى «سوى» فتكون من
ألفاظ الاستثناء قاله «الرضي».
مسألة (٩٠)
في تحقيق كلمة «كخ»
«كخ» كلمة زجر
للصبي عما يريد فعله ، وفي الحديث «كخ كخ ، فإنها من الصدقة» .
قال «النووي» :
قال «القاضي» : كخ كخ ، بفتح الكاف وكسرها وتسكين الخاء ، ويجوز كسرها مع التنوين.
وهي كلمة يزجر بها الصبيان من المستقذرات ، فيقال له : كخ ، أي : اتركه ، وارم به.
قال «الداودي»
: هي عجمية معربة بمعنى «بئس».
وقد أشار إلى
هذا «البخاري» بقوله في ترجمة (باب من تكلم بالفارسية والرطانة).
وفي حاشية صحيح
مسلم (طبع استانبول) : والتكرير للتأكيد ليطرحها من فيه.
__________________
ما لا ينصرف
مسألة (٩١)
في استعمال كلمة «مثنى»
مما يمنع من
الصرف «مثنى» ، وهو موازن «مفعل».
ولا تستعمل إلا
نكرة ، وهي إما نعت ، كقوله تعالى : (أُولِي أَجْنِحَةٍ
مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ، وإما حال ، نحو قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ
النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ، وإما خبر ، نحو قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (صلاة الليل مثنى مثنى) .
وإنما كرّر
لقصد التوكيد ، لا لإفادة التكرير.
والمانع لها من
الصرف : الوصفية والعدل عن اثنين اثنين ، بدليل أنها تفيد فائدة التكرار.
__________________
إعراب الفعل النواصب
مسألة (٩٢)
في جواز إعمال «إذن» وإهمالها مع اجتماع الشروط
قال «الشاطبي»
عند قوله :
ونصبوا بإذن
المستقبلا
|
|
إن صدّرت والفعل
بعد موصلا
|
قال : ونصبوا ،
أطلق القول في ذلك ، وهذا الإطلاق غير صحيح ، إذ النحويون يحكون مع اجتماع الشروط
الوجهين : النصب ، والرفع ؛ فقد حكى «سيبويه» عن «عيسى بن عمرو» أن أناسا من العرب يقولون : إذا أفعل
ذلك ، في الجواب ـ يعني مع اجتماع الشروط ـ قال : فأخبرت «يونس» بذلك ، فقال : لا
تبعدنّ ذا ، ولم يكن ليروي إلا ما سمع ، جعلوها بمنزلة «هل» و «بل».
ومنه في الحديث
: «إذا يحلف يا رسول الله» فقد ثبت الوجهان.
وكلام الناظم
يقتضي الاقتصار على وجه واحد ، وهو إخلال في النقل.
__________________
وفي «عمدة
القاري» ١٢ : ١٩٩ «إذا يحلف» قال «الكرماني» :ويحلف ، بالنصب لا غير. قلت : كلمة «إذا»
حرف جواب وجزاء ، ينصب الفعل المستقبل ، مثل ما يقال : أنا آتيك ، فيقول : إذا
أكرمك. وإنما يقال :بالنصب ، لا غير ، لأنها تصدرت ، فيتعين النصب ، بخلاف ما إذا
وقعت بعد الواو والفاء ، فإنه يجوز فيه الوجهان.
وقال «ابن
الناظم» : وحكى «سيبويه» عن بعض العرب إلغاء «إذن» مع استيفاء شروط العمل ، وهو
القياس ، لأنها غير مختصة ، وإنما أعملها الأكثرون حملا على «ظنّ» ، لأنها مثلها
في جواز تقدمها على الجملة وتأخرها عنها وتوسطها بين جزأيها ، كما حملت «ما» على «ليس»
؛ لأنها مثلها في نفي الحال.
مسألة (٩٣)
في سقوط فاء السّببيّة
تنفرد «الفاء»
عن «الواو» بأن الفعل بعد الفاء التي ينتصب بعدها ينجزم عند سقوطها بشرط أن يقصد
الجزاء ، وذلك بعد الطلب بأنواعه. فتقول : (ائتنا تحدثنا) ، و (اسلم تسلم).
ومنه قوله
تعالى : (وَقالُوا : كُونُوا
هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا)
وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما»
وقول امرئ
القيس :
قفا نبك من
ذكرى حبيب ، ومنزل
|
|
بسقط اللّوى
، بين الدّخول فحومل
|
__________________
مسألة (٩٤)
في شرط جزم الجواب بعد النهي
شرط جزم الجواب
بعد النهي أن يصح إقامة شرط منفي موضعه. وعلامة ذلك أن يصح المعنى بتقدير : (إن لا)
نحو : (لا تدن من الأسد تسلم). فهذا يصح جزمه ، لأن المعنى : إن لا تدن من الأسد
تسلم ، بخلاف : (لا تدن من الأسد يأكلك) ، فإن هذا لا يصح جزمه ؛ لعدم صحة المعنى
بتقدير : إن لا تدن.
وهذا مذهب
الجمهور.
وأجاز «الكسائي»
جزم جواب النهي مطلقا ، ولا يشترط الشرط المتقدم بل يقدر : إن تدن من الأسد يأكلك.
وما يحتج
للكسائي به من قول «أبي طلحة» (في غزوة أحد) : «يا نبي الله بأبي أنت وأمي لا تشرف
يصبك سهم من سهام القوم» .
__________________
ومن رواية من
روى قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (من أكل من هذه الشجرة فلا يقرب مسجدنا يؤذنا بريح
الثوم) بجزم «يؤذنا».
وقوله ـ عليه
الصلاة والسّلام ـ : (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)
وأجيب بأن
المجزوم ثانيا بدل اشتمال من المجزوم ، لا جوابا.
أي : بدل فعل
من فعل ، مع أن الرواية المشهورة : «يؤذينا» ، و «يضرب» بالرفع.
ويحتمل أن يكون
«يضرب بعضكم» على الإدغام ، نحو قوله تعالى : (وَيَجْعَلْ لَكُمْ).
__________________
مسألة (٩٥)
في انتصاب المضارع بعد الفاء في الرجاء
قال «الشاطبي»
عند قوله :
والفعل بعد
الفاء في الرّجا نصب
|
|
كنصب ما إلى
التّمنّي ينتسب
|
أخبر الناظم أن
الفعل ينتصب بعد الفاء في الرجاء. فتقول في الرجاء : (لعل لي مالا فأنفق منه).
وقرأ «حفص» عن «عاصم» : «لعلي أبلغ الأسباب. أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى» بنصب «أطلع».
وقرأ «عاصم»
أيضا : «وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى» بنصب «فتنفعه» ، وذلك كله على جواب «لعل» ، ومعناها :
الترجي ، وأنشد
«الفراء» :
علّ صروف
الدّهر أو دولاتها
|
|
يدلتنا
اللّمّة من لمّاتها
|
فتستريح
النّفس من زفراتها
|
|
وتنقع الغلّة
من غلّاتها
|
بنصب «تستريح»
، والنصب بعدها ليس بكثير ، لم يطرد في الكلام الفصيح الذي هو القرآن ، فلا يقال :
إنه ممتنع.
وقد حكى «ابن
المؤلف» في التكملة عند البصريين أنهم يمنعون النصب بعد الرجاء ، لأنه في حكم
الواجب.
وحكى جوازه عن
الكوفيين بناء على كون «لعل» تأتي للاستفهام
__________________
والشك ، فيجاب في الوجهين. ومن أمثلتهم : (لعلي سأرجع فأزورك). والاستفهام
بـ «لعل» غير معروف عند البصريين.
وقد استدل
المؤلف ـ أي : ابن مالك ـ على ثبوته بقوله ـ عليهالسلام ـ : (لعلنا أعجلناك) ، وبقوله : «وما يدريك لعلّه يزكّى» ، ولا حجة في شيء
من ذلك.
والصحيح أنها
محمولة على التمني في نصب الجواب ، لأن التمني والترجي متقاربان في المعنى ،
فكأنهم أشربوا «لعل» معنى «ليت» .
__________________
عوامل الجزم
مسألة (٩٦)
في لام الأمر الداخلة على فعلي المتكلم والمخاطب
جزم اللام لفعل
المتكلم المبني للمعلوم جائز (في النثر) ، ولكنه قليل.
فمن ذلك قوله ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ : (قوموا فلأصلّ لكم) .
وقوله ـ تعالى
ـ : (وَقالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ).
وأقلّ منه
جزمها فعل الفاعل المخاطب.
فمن ذلك قوله ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ : (لتأخذوا مصافّكم) أي : خذوا ، وكقراءة «يعقوب» و «أبيّ» و «أنس» ـ رضياللهعنهم ـ : «فبذلك فلتفرحوا» .
والاستعمال
الكثير أن الأمر باللام إنما يكون في الغائب.
أما إذا كان
مرفوع فعل الطلب فاعلا مخاطبا استغنى عن اللام بصيغة الأمر.
__________________
وتجب اللام إن
انتفت الفاعلية ، نحو : (لتعن بحاجتي) أو انتفى الخطاب ، نحو : (ليقم زيد).
وحذف الياء من «فلأصلّ»
من الحديث هي رواية «الأصيلي» وقد وجّه في «أمالي السهيلي» : ٩٤ ، و «شواهد
التوضيح والتصحيح» : ١٨٦ على خمسة أوجه :
(١) بحذف الياء
، فتكون اللام للأمر.
(٢) بإثبات
الياء ، فتكون اللام للأمر ، إجراء للمعتل مجرى الصحيح ، كقراءة «قنبل» : إنه من
يتقي ويصبر
(٣) اللام
للتعليل ، والفعل منصوب في حال فتح الياء.
(٤) اللام
للتعليل أيضا ، والياء ساكنة تخفيفا ، وتسكين الياء المفتوحة لغة مشهورة.
واللام التي هي
للتعليل تسمى «لام كي» ، والفعل بعدها منصوب بـ «أن» مضمرة ، واللام ومصحوبها خبر
مبتدأ محذوف ، والتقدير : فقوموا فقيامكم لأصلي لكم.
ويستبعد «السهيليّ»
رواية : «لأصلّي لكم» بلام كي إلّا على مذهب من رأى زيادة الفاء ، وهو قول «الأخفش»
و «يونس» ، فإذا كانت كذلك كانت الفاء ملغاة على قولهما ، أي قوموا لأصلّي.
(٥) اللام
مفتوحة على لغة «سليم» ، فتكون للقسم ، والفعل مبني على الفتح
، ونون التوكيد محذوفة ، والتقدير : لأصلّينّ.
وقال «السهيلي»
: وقلما يوجد في الكلام انفراد هذه اللام في التأكيد والقسم دون النون ، فإن صحت
الرواية فليس ببعيد في القياس كل البعد أن تقول :
ليقوم زيد ، أي
: لقائم زيد ، توقع الفعل موقع الاسم ، كما قد توقع الاسم موقع الفعل ، وتعمله
عمله.
وبعد فقد قال «ابن
مالك» : وأمر المتكلم نفسه بفعل مقرون باللام فصيح ، قليل في الاستعمال.
__________________
مسألة (٩٧)
في الجزم بـ «إذا»
قال «ابن مالك»
: قد يجزم بـ «إذا» الاستقباليّة حملا على «متى».
قال «الأشموني»
: المشهور في «إذا» أنه لا يجزم بها إلا في الشعر.
وشاع في الشعر
الجزم بـ «إذا» حملا على «متى». فمن ذلك إنشاد «سيبويه» :
ترفع لي خندف
والله يرفع لي
|
|
نارا إذا
خمدت نيرانهم تقد
|
وكإنشاد «الفراء»
:
استغن ما أغناك
ربّك بالغنى
|
|
وإذا تصبك
خصاصة فتحمّل
|
وظاهر كلام ابن
مالك في «التسهيل» جواز ذلك في النثر على قلة.
ومنه قوله ـ عليه
الصلاة والسّلام ـ لعلي وفاطمة ـ رضياللهعنهما ـ : «إذا أخذتما مضاجعكما تكبّرا أربعا وثلاثين» . الحديث.
__________________
مسألة (٩٨)
في مجيء الشرط مضارعا والجواب ماضيا
ومن
الاستعمالات السليمة وقوع الشرط مضارعا ، والجواب ماضيا لفظا لا معنى ، والنحويون
يستضعفون ذلك. ويراه بعضهم مخصوصا بالضرورة.
والصحيح الحكم
بجوازه مطلقا ، لثبوته في كلام أفصح الفصحاء ، وكثرة وروده عن فحول الشعراء.
فقد جاء في
الحديث من قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما
تقدّم من ذنبه) وقول «عائشة» أم المؤمنين ـ رضياللهعنها ـ «إنه ـ أي أبا بكر ـ رجل أسيف متى يقم مقامك رقّ» .
وقد جاء في
النظم قول «نهشل بن ضمرة» :
يا فارس
الحيّ يوم الرّوع قد علموا
|
|
ومدره الخصم
لا نكسا ولا ورعا
|
ومدرك التّبل
في الأعداء يطلبه
|
|
وما يشأ
عندهم من تبلهم منعا
|
وقول «أعشى بن
قيس» :
وما يرد من
جميع ، بعد ، فرّقه
|
|
وما يرد ،
بعد ، من ذي فرقة جمعا
|
__________________
وقول «حاتم» :
وإنّك مهما
تعط بطنك سؤله
|
|
وفرجك نالا
منتهى الذّمّ أجمعا
|
وقول «رؤبة» :
ما يلق في
أشداقه تلهّما
|
|
إذا أعاد
الزّأر أو تنهّما
|
وقول «قعنب بن
ضمرة» :
إن يسمعوا
ريبة طاروا بها فرحا
|
|
عنّي وما
سمعوا من صالح دفنوا
|
وقول الآخر :
إن تصرمونا
وصلناكم وإن تصلوا
|
|
ملأتم أنفس
الأعداء إرهابا
|
قال الشاطبي :
وصاحب البيت : (إن يسمعوا سبة طاروا بها فرحا ...) متمكن من أن يقول بدل (إن
يسمعوا) : (سمعوا).
وصاحب البيت : (إن
تصرمونا وصلناكم وإن تصلوا) متمكن من أن يقول بدل وصلناكم : نواصلكم ، وإن تصلوا
تملؤه ، فلمّا لم يقولوا ذلك مع إمكانه وسهولة تعاطيه علم أنهم غير مضطرين.
وقال «ابن مالك»
: وقد صرح بجواز ذلك «الفراء» ، وجعل منه قوله تعالى : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ
السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) ، لأن «ظلت» بلفظ الماضي ، وقد عطف على «ننزل» ، وحق
المعطوف أن يصلح حلوله في المعطوف عليه ...
ثم قال «الشاطبي»
: والحق أنه نادر دون رتبة الأنواع الأخرى ، كما يقول النحاة.
__________________
وقال الأشموني
: يكون فعل الشرط وجوابه مضارعين ، وهو الأصل ، نحو : (وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ) ، وماضيين نحو : (وَإِنْ عُدْتُمْ
عُدْنا) ، وماضيا فمضارعا ، نحو : (مَنْ كانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ). وعكسه قليل ، وخصه الجمهور بالضرورة. ومذهب الفراء ،
وابن مالك جوازه في النثر ، وهو الصحيح.
مسألة (٩٩)
في اقتران جواب الشرط بالفاء
إن كانت الجملة
اسمية ، أو فعلية فعلها طلبيّ ، أو جامد ، أو مقرون بـ «قد» أو تنفيس ، أو «لن» أو
«ما» فلا تقع جوابا إلا بالفاء. فالجملة الاسمية نحو قوله تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
والأفعال
الطلبية هي فعل الأمر ، نحو قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ
تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ).
والنهي نحو ما
في قراءة «ابن كثير» : ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخف ظلما ولا هضما
، فـ «ابن كثير» قرأ بالقصر ، والجزم على النهي ، وقراءة الرفع خبر لمبتدأ
محذوف تقديره : فهو لا يخاف ، والجملة في موضع الجزم على أنها جواب الشرط.
__________________
والدعاء نحو
قوله تعالى : (وَإِذْ قالُوا
اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا).
وفي الحديث : «اللهم
إن أمسكت نفسي فاغفر لها ، وإن أرسلتها فاحفظها» .
والفعل الجامد
، نحو قوله تعالى : (إِنْ تَرَنِ أَنَا
أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً فَعَسى رَبِّي).
أو مقرون بـ «قد»
، نحو قوله تعالى : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ
سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ).
أو تنفيس ، نحو
قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ
عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ»).
أو «لن» ، نحو
قوله تعالى : (وَما يَفْعَلُوا مِنْ
خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ).
أو «ما» ، نحو
قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ
فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ).
__________________
مسألة (١٠٠)
في حذف الفاء من جواب الشرط
وقد تحذف الفاء
الواجب ذكرها ، للضرورة أو للندور.
فمن خص هذا
الحذف بالشعر حاد عن التحقيق ، وضيّق حيث لا تضييق ، بل هو في غير الشعر قليل ،
وهو فيه كثير.
فمن الضرورة
قول «حسان» :
من يفعل
الحسنات الله يشكرها
|
|
والشّرّ
بالشّرّ عند الله مثلان
|
وقول الآخر :
ومن لا يزل
ينقاد للغيّ والصّبا
|
|
سيلفى على
طول السلامة نادما
|
ومن الندور قول
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لـ «أبيّ بن كعب» : «فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها»
وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لـ «هلال بن أمية» : (البيّنة وإلّا حدّ في ظهرك)
فقد تضمن
الحديث الأول حذف جواب «إن» الأولى ، وحذف شرط «إن» الثانية ، وحذف الفاء من
جوابها. فإن الأصل : فإن جاء صاحبها أخذها ، وإلّا يجيء فاستمتع بها.
__________________
وتضمن الحديث
الثاني حذف فعل ناصب «البينة» وحذف فعل الشرط بعد «ألّا» ، وحذف فاء الجواب
والمبتدأ معا. فإن الأصل : أحضر البينة وإلّا تحضرها فجزاؤك حدّ في ظهرك.
وقال «ابن مالك»
: والنحويون لا يعترفون بمثل هذا الحذف في غير الشعر. أعني حذف فاء الجواب إذا كان
جملة اسمية ، أو جملة طلبية. وزعم النحويون أنه مخصوص بالضرورة ، وقد ثبت الحذف في
هذين الحديثين ، فبطل تخصيصه بالشعر ، لكنّ الشعر به أولى. ولو قيل في الكلام : إن
استعنت أنت معان ، لم أمنعه.
ومن ورود
الجواب طلبا عاريا من الفاء قول الشاعر :
إن تدع للخير
كن إيّاه مبتغيا
|
|
ومن دعاك له
احمده بما فعلا
|
وقال «المبرد»
: هو على إرادة الفاء ، ولا اختلاف بين النحويين في ذلك.
مسألة (١٠١)
في حذف فعل الشرط
قد يحذف فعل
الشرط بعد «إن» المردفة بـ «لا» إن دل الدليل على المحذوف ، نحو : (تكلم بخير
وإلّا فاسكت) ، وتقديره : وإلّا تتكلم بخير فاسكت.
ونحو : (افعل
كذا وإلّا ضربتك). وتقديره : وإلا تفعل ضربتك.
ونحو قول «الأحوص»
:
فطلّقها ،
فلست لها بكفء
|
|
وإلا يعل
مفرقك الحسام
|
أي : وإلّا
تطلقها يعل مفرقك الحسام
ومنه قوله ـ عليهالسلام ـ : (إمّا لا فأعنّي على نفسك بكثرة السجود) .
والتقدير : إن
كنت لا تقول غير هذا فأعني ...
__________________
وفي حديث
الغامدية قوله ـ عليهالسلام ـ : «إما لا فاذهبي حتى تلدي» .
وكذا تقول
العرب : (إما لا فافعل كذا).
وحذف فعل الشرط
قليل ، وحذف جوابه كثير.
__________________
«لو» مسألة (١٠٢)
في وقوع جواب «لو» مضارعا منفيا
حقّ جواب «لو»
أن يكون ماضيا معنى ، نحو : (لو لم يخف الله لم يعصه) ، أو وضعا ، وهو إما مثبت
فاقترانه باللام ، نحو قوله تعالى : (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ
حُطاماً) أكثر من تركها ، نحو قوله تعالى : (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً). وإما منفي بـ «ما» فاقترانه باللام أقل من تركها ، نحو
قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ
ما فَعَلُوهُ).
وقول الشاعر :
ولو نعطى
الخيار لما افترقنا
|
|
ولكن لا خيار
مع الليالي
|
وأما قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (لو كان لي مثل أحد ذهبا ما يسرّني ألّا يمرّ عليّ
ثلاث وعندي منه شيء إلا شيء أرصده لدين) .
قال «ابن مالك»
: تضمن هذا الحديث وقوع جواب «لو» مضارعا منفيا بـ «ما». وحق جوابها أن يكون ماضيا
مثبتا ، نحو : (لو قام لقمت). أو منفيا بـ «لم» ، نحو : (لو قام لم أقم).
وأما الفعل
الذي يليها فيكون مضارعا مثبتا ومنفيا بـ «لم» ، وماضيا مثبتا.
__________________
نحو : (لو يقوم
لقمت) ، و (لو يقم لقمت) ، و (لو قمت لقمت).
قلنا : في وقوع
المضارع في هذا الحديث جوابان :
أحدهما : أن
يكون وضع المضارع موضع الماضي الواقع جوابا كما وضع في موضعه ، وهو شرط. كقوله
تعالى : (لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي
كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ)
والأصل : لو
أطاعكم ، فكما وقع يطيع موقع أطاع وهو شرط ، وقع يسرني موقع سرني ، وهو جواب.
الثاني : أن
يكون الأصل : ما كان يسرني ، فحذف «كان» وهو جواب «لو» ، وفيه ضمير هو الاسم ،
ويسرني خبر. وحذف «كان» مع اسمها ، وبقاء خبرها كثير في نثر الكلام ونظمه.
فمن النثر قول
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (المرء مجزيّ بعمله ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر) أي : إن كان عمله خيرا فجزاؤه خير. وإن كان عمله شرا فجزاؤه
شر.
ومن النظم قول «النابغة
الذبياني» :
حدبت عليّ
بطون ضنّة كلها
|
|
إن ظالما
فيهم ، وإن مظلوما
|
أي : إن كنت
ظالما فيهم وإن كنت مظلوما.
__________________
وأشبه شيء بحذف
«كان» قبل «يسرني» حذف «جعل» قبل «يجادلنا» في قوله تعالى : (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ
الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ) أي : جعل يجادلنا في قوم لوط ، لأن «لمّا» مساوية لـ «لو»
في استحقاق جواب بلفظ الماضي. فلما وقع المضارع في موضع الماضي دعت الحاجة إلى أحد
أمرين : إما تأول المضارع بماض. وإما تقدير ماض قبل المضارع. وهو أولى الوجهين.
والله تعالى أعلم.
__________________
«أمّا» مسألة (١٠٣)
في حذف الفاء في جواب «أمّا»
«أما» حرف شرط
وتفصيل وتوكيد. نائبة عن أداة شرط وفعله ، ولهذا تؤوّل بـ «مهما يكن من شيء» ، ولا
بد من ذكر جملة هي جواب له ، ولا بد فيها من ذكر الفاء ، كقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا
فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا
فَيَقُولُونَ : ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً).
وجاء في «مغني
اللبيب» وغيره : فإن دخلت «أمّا» على قول قد طرح فيجب حذف الفاء معه ، كقوله تعالى
: (يَوْمَ تَبْيَضُّ
وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ
بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) ، أي : (فيقال لهم : أكفرتم) ، فحذف القول استغناء عنه
بالمقول ، فتبعته الفاء في الحذف ، وربّ شيء يصح تبعا ولا يصح استقلالا ، كالحاجّ
عن غيره يصلّي عنه ركعتي الطواف ، ولو صلى أحد عن غيره ابتداء لم يصح على الصحيح . هذا قول الجمهور.
__________________
وزعم بعض
المتأخرين أن فاء جواب «أمّا» لا تحذف في غير الضرورة أصلا ، وأن الجواب في الآية
: (فَذُوقُوا الْعَذابَ) ، والأصل : فيقال لهم : ذوقوا ، فحذف القول وانتقلت
الفاء إلى المقول ، وأن ما بينهما اعتراض. ومن هذا قوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ
تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً
مُجْرِمِينَ).
فإن أصله :
فيقال لهم : ألم تكن آياتي ، ثم حذف القول ، وتأخرت الفاء عن الهمزة.
وورد في «شرح
الأشموني» وغيره : لا تحذف هذه الفاء إلا في ضرورة ، نحو قول الشاعر :
فأمّا القتال
لا قتال لديكم
|
|
ولكنّ سيرا
في عراض المواكب
|
أراد : فلا
قتال لديكم. فحذف الفاء ؛ لإقامة الوزن.
أو في ندور ،
نحو قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب
الله) .
وقول «عائشة» ـ
رضياللهعنها ـ : (وأمّا الذين جمعوا بين الحجّ والعمرة طافوا طوافا
واحدا) .
__________________
وقول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (أمّا موسى كأنّي أنظر إليه إذا انحدر في الوادي
يلبّي) .
وقال «ابن مالك»
: وقد خولفت القاعدة في هذه الأحاديث ، فعلم بتحقيق عدم التضييق ، وإن من خصه
بالشعر ، أو بالصورة المعينة من النثر مقصر في فتواه ، عاجز عن نصرة دعواه.
__________________
العدد
مسألة (١٠٤)
في تمييز العدد باسمي الجنس والجمع
مميّز الثلاثة
والعشرة وما بينهما إن كان اسم جنس (وهو ما يفرق بينه وبين مفرده بالتاء غالبا) ،
ك : شجر ، وتمر. أو كان اسم جمع (وهو ما دل على الجمع ، وليس له مفرد من لفظه
غالبا) ، ك : قوم ، ورهط ، خفض بـ «من» نحو : (ثلاثة من التمر أكلتها) و (عشرة من القوم لقيتهم). قال الله
تعالى : (فَخُذْ أَرْبَعَةً
مِنَ الطَّيْرِ).
وقد يخفض هذين
الجمعين بإضافة العدد إليه ، نحو قوله تعالى : (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ
تِسْعَةُ رَهْطٍ) ، وفي الحديث : «ليس فيما دون خمس ذود صدقة» ، وقال «الحطيئة» :
ثلاثة أنفس
وثلاث ذود
|
|
لقد جار
الزمان على عيالي
|
والصحيح قصره
على السماع.
__________________
وإن كان جمعا
خفض بإضافة العدد إليه ، نحو : (ثلاثة رجال) ، وحقه أن يكون جمعا مكسرا من أبنيه
القلة ، نحو : (ثلاثة أعبد ، وثلاث آم) جمع : أمة.
__________________
الممدود
مسألة (١٠٥) في تثنية الممدود
قال «الشاطبي»
: ذكر الناظم حكم الممدود من الأسماء في التثنية فقال :
وما كصحراء
بواو ثنّيا
|
|
ونحو علباء
كساء وحيا
|
بواو أو همز
، وغير ما ذكر
|
|
صحّح ، وما
شذّ على نقل قصر
|
قسم الممدود
ثلاثة أقسام : ما كانت الهمزة فيه للتأنيث ، وما كانت للإلحاق ، أو بدلا من أصل.
وما عداها وهو ما كانت الهمزة فيه أصلية. وابتدأ بالقسم الأول فقال : (وما كصحراء
بواو ثنيا) يعني أن ما كان من الأسماء الممدودة همزتة كهمزة صحراء ، أي في كونها
للتأنيث ، فإن حكمه في التثنية أن تقلب الهمزة فيه واوا مطلقا في صحراء : صحراوات.
ومثله : حمراء ، وغرّاء ، وبيضاء ، وزكرياء ، وعمياء.
تقول : حمراوان
، وغراوان ، وبيضاوان ، وزكرياوان ، وعمياوان. وفي الحديث : «أفعمياوان أنتما» .
وقال الشاعر :
يديان
بيضاوان عند محلّم
|
|
قد تمنعانك
أن تضام وتقهرا
|
__________________
جموع التكسير
مسألة (١٠٦)
في حلول جمع القلة محل الكثرة وبالعكس
قال «الشاطبي»
عند قوله : (... بلفظ قلة في الأكثر) :
حاصل المسألة :
أن المعدود إما أن يكون له جمع قلة فقط ، أو جمع كثرة فقط ، أو الجمعان معا.
فإن كان له جمع
قلة فقط فهو الذي يميز به ليس غير.
وجموع القلة في
التكسير : أفعل ، وأفعال ، وأفعلة ، وفعلة. وجمعا السلامة للقلة ـ عند طائفة ـ ؛
ولذلك لما قال «حسان بن ثابت» :
لنا الجفنات
الغرّ يلمعن بالضحى
|
|
وأسيافنا
يقطرن من نجدة دما
|
قيل له : لقد
قلّلت جفان قومك وأسيافهم.
فعلى هذا تقول
: سبع سموات ، وسبع بقرات ، وتسع آيات ، وثلاثة أرسان ، لأن هذه الأشياء إنما جمعت
جمع قلة له على مثال القلة.
وإن كان له جمع
كثرة فقط أتي به على ذلك ؛ للضرورة ، نحو : خمسة دراهم ، وستة دنانير ، وأربعة
رجال أو أناسي.
وإن كان له
الجمعان معا فالأكثر أن يؤتى بجمع القلة ، نحو : ثلاثة أكلب ، وأربعة أفلس ، وخمسة
أكبش. ونحو ذلك.
وقد يجوز :
ثلاثة كلاب وأربعة فلوس ، وخمسة كباش.
وقد قالوا :
ثلاثة كلاب ، مع وجود (أكلب) ، ولكنه قليل ، ولذلك قال «الناظم» : (... بلفظ قلة
في الأكثر) يعني أن الأكثر في كلام العرب أن يضاف إلى العدد جمع القلة ، لا جمع
الكثرة.
وقد دخل له في
هذه العبارة القسم الثاني ، وهو ماله جمع كثرة فقط ، فإنه وإن كان يضاف العدد إليه
ولا بد فهو قليل في بابه ، فعلى الجملة إضافة العدد إلى جمع الكثرة قليل.
ومما جمع فيه
التمييز على مثال الكثرة ، وإن كان له مثال قلة : ثلاثة قروء ، مع أن له (أقراء) ،
ومنه في الحديث : «دعي الصلاة أيام أقرائك» .
ولم تقل العرب
: ثلاثة أقراء ، كأنهم استغنوا بجمع الكثرة عن جمع القلة.
قال المؤلف :
لأن واحده (قرء) ، وجمع مثله على (أفعال) شاذ. فترك مخالفته القياس.
وكذلك : شسع ،
قالوا : ثلاثة شسوع ، مع أن له أشساعا ، وجمع مثله على (أقفال) مطرد ، إلا أن أكثر
العرب يستغنون بشسوع عن أشساع ، فعدل عن جمع القلة لذلك.
وكذلك : أربعة
شهداء ، عدل عن (أشهاد) فأوثر عليه مع أن أفعالا يجمع عليه ، مثل : شاهد ، وشهيد ،
ك : شراق ، وإشراق ، وصاحب ، وأصحاب.
فقد تقرر من
هذا كله : أن الإتيان بجمع القلة هو الأكثر ، والإتيان بجمع الكثرة قليل ، ووجه
التفسير بجمع الكثرة وجهان :
أحدهما : أن
يكون من إضافة الشيء إلى جنسه ، فهي من الإضافة التي على تقدير : «من».
والثاني : أن
يكون من إضافة الجزء إلى الجملة ، فهي من الإضافة التي بمعنى اللام ...
وقال «الشاطبي»
عند قوله :
أفعلة أفعل
ثمّ فعله
|
|
ثمّت أفعال
جموع قلّه
|
وبعض ذي
بكثرة وضعا يفي
|
|
كأرجل والعكس
جاء كالصّفي
|
__________________
وفي شعر «حسان» :
لنا الجفنات
الغر يلمعن بالضحى
|
|
وأسيافنا
يقطرن من نجدة دما
|
وقد اعترضه «النابغة»
فقال : قد قللت جفانك وأسيافك.
فقالوا : من
كلامنا وضع القليل موضع الكثير ، وكلا الكلامين دليل على مذهب «سيبويه».
... وقد قالوا
: جفنة وجفان ، وسيف وسيوف. ومثاله في الثاني ـ أي :
وضع الكثير
مكان القليل ـ قوله تعالى : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) مع أنهم قد قالوا : أقراء.
وفي الحديث : «دعى
الصلاة أيام أقرائك» ففسر ثلاثة بجمع الكثرة مع وجود جمع القلة.
فهذا من الوفاء
الاستعمالي الوضعي ...
مسألة (١٠٧)
يصح أن يجمع جمع التكسير جمع السلامة
قال «الأشموني»
:
... وما كان من
الجموع على زنه «مفاعل» أو «مفاعيل» لم يجز تكسيره ؛ لأنه لا نظير له في الآحاد
فيحمل عليه ، ولكنه قد يجمع بالواو والنون ، كقولهم في نواكس : نواكسون ، وفي
أيامن : أيامنون. أو بالألف والتاء ، كقولهم في حدائد : حدائدات ، وفي «صواحب» : «صواحبات».
ومنه الحديث : «إنكنّ
لأنتنّ صواحبات يوسف» .
__________________
وذكره «الزنجاني» في (مبحث : ما لا ينصرف) : شاهدا على أن الجمع قد يدخله الجمع.
وحكى «أبو الحسن» : المواليات في جمع الموالي.
وذكره «الرضي»
في (مبحث : ما لا ينصرف) على أنه لا يقال : غاية جمع التكسير ؛ لأنه لا يمتنع جمعه
جمع السلامة ، وإن لم يكن قياسا مطردا.
__________________
الوقف
مسألة (١٠٨)
الأرجح في جمع التصحيح أن يوقف عليه بالتاء
إذا وقف على
تاء التأنيث التزمت التاء ، وسلمت من القلب هاء إن كانت متصلة بحرف ، ك : ثمّت ،
وربت ، ولعلت. أو فعل ، ك : قامت ، أو باسم وقبلها ساكن صحيح ، ك : أخت ، وبنت.
وجاز إبقاؤها
على صورتها ، وإبدالها هاء إن كان قبلها فتحة ، نحو : تمرة ، وشجرة. أو كان قبلها
ألف ، نحو : صلاة ، وزكاة ، ومسلمات ، وذات ، وأولات.
والأرجح في جمع
التصحيح ، ك : مسلمات ، هندات ، وفيما أشبهه الوقف بالتاء ، (وما أشبهه هو اسم
الجمع ، وما سمي به من الجمع تحقيقا أو تقديرا) فاسم الجمع ، نحو : أولات (فإنه لا
واحد له من لفظه ، وإنما له واحد من معناه ، وهو ذات). وما سمي به من الجمع تحقيقا
، ك : عرفات ، وأذرعات (فإنهما جمع عرفة ، وأذرعة تحقيقا) وما سمي به من الجمع
تقديرا ، ك : هيهات ، فإنها في التقدير جمع هيهيه ، ثم سمي بها الفعل.
ومن الوقف
بالإبدال هاء قولهم : (كيف الإخوه والأخواه).
ومنه الحديث : «دفن
البناه من المكرماه» ، حكاه «قطرب» ،
__________________
عن «طيء» بإبدال تاء الجمع هاء في الوقف.
وقرأ «الكسائي»
و «البزّي» : «هيهاه» .
والأرجح في غير
جمع التصحيح وغير ما أشبهه الوقف بالإبدال هاء. ومن الوقف بترك الإبدال هاء قراءة «نافع»
و «ابن عامر» و «حمزة» : «إن شجرة» بالتاء.
قال «أبو النجم»
:
والله أنجاك
بكفّي مسلمت
|
|
من بعد ما
وبعد ما وبعدمت
|
كانت نفوس
القوم عند الغلصمت
|
|
وكادت الحرّة
أن تدعى أمت
|
__________________
الإبدال
مسألة (١٠٩) في إبدال الياء تاء
قال «ابن هشام»
:
تقول في «افتعل»
من الإزار : «ايتزر»
ولا يجوز إبدال
الياء تاء وإدغامها في التاء ، لأن هذه الياء بدل من همزة ، وليست أصلية.
وشذّ قولهم في «افتعل»
من الأكل : «اتّكل».
وقول «الجوهري»
في «اتّخذ» إنه افتعل من الأخذ وهم. وإنما التاء أصل ، وهو من «تخذ» كاتّبع من
تبع. ا ه.
قال «المرادي»
:
وحكي عن
البغداديين أنهم أجازوا الإبدال من ذي الهمزة ، وحكوا من ذلك ألفاظا وهي : اتّزر ،
واتّمن ، من الإزار والأمانة ، واتّهل من الأهل ، ومنه عندهم اتخذ من الأخذ.
وقال بعضهم :
هي لغة رديئة متنازع في صحة نقلها ، قال «أبو علي» :
هذا خطأ في
الرواية ، فإن صحت فإنما سمعت من قوم غير فصحاء ، لا ينبغي أن يؤخذ بلغتهم ، ولم
يحك هذا «سيبويه» ولا الأئمة المتقدمون العارفون بالصيغة ، وتحري النقل. ا ه.
وجاء في «القاموس»
(أزر) :
ائتزر به ،
وتأزر به ، ولا تقل : اتّزر ، وقد جاء في بعض الأحاديث ، ولعله من تحريف الرواة.
__________________
وورد في «تاج
العروس» ٣ : ١١ تعليقا على قوله : (لعله من تحريف الرواة) : قال شيخنا : وهو رجاء باطل ، بل هو وارد في الرواية الصحيحة ،
صححها «الكرماني» وغيره من شراح البخاري ، وأثبته «الصاغاني» في «مجمع البحرين في
الجمع بين أحاديث الصحيحين». ا ه
ويمكننا أن
نقول بناء على ما تقدم : إن ما حكاه البغداديون من أجازة الإبدال من ذي الهمزة ،
مذهب قوي ، مؤيد بالأحاديث النبوية ، فمن ذلك الحديث : «وإن كان قصيرا فليتّزر به»
بالإبدال والإدغام. وحديث «عائشة» : «كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يأمرني إذا حضت أن أتّزر» بالإدغام.
__________________
مسألة (١١٠)
في إبدال الميم
أبدلت الميم
وجوبا من الواو في «فم» ، وأصله «فوه» بدليل تكسيره على «أفواه».
والتكسير يرد
الأشياء إلى أصولها.
فحذفوا الهاء
لخفائها تخفيفا ، ثم أبدلوا الميم من الواو ؛ لكونها من مخرجها.
فإن أضيف إلى
ظاهر أو مضمر رجع به إلى الأصل ، وهو الواو.
فقيل : فو زيد
، وفوك.
وربما بقي
الإبدال مع الإضافة إلى المظهر والمضمر. نحو قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) .
وقول «رؤبة» :
يصبح ظمآن وفي البحر فمه
وزعم «الفارسي»
: أن الميم لا تثبت إلّا في الشعر.
ويرده الحديث
المتقدم.
__________________
خاتمة
وأخيرا ، بعد
هذه الرحلة الطويلة ، والجولة الممتعة ، مع الحديث النبوي. لا بد لنا من كلمة
موجزة نختم بها بحثنا ، تكون بمنزلة القطوف والنتائج.
فأقول ـ وبالله
التوفيق ـ لإحقاق الحق ، وإعلان الحقيقة : إن الأحاديث الثابتة وصلت إلينا ، من
غير تحريف ولا تبديل ، ولا زيادة ولا نقصان ، وبنهاية المطاف نقطف الثمار اليانعة
، ونخلص إلى ما يلي :
(١) إن أئمة
الحديث عنوا عناية تامة بلسان العرب ، وبعلم النحو ، الذي يفتضح فاقده بكثرة
الزلل. ولا يصلح الحديث للحّان.
(٢) إن
الكثيرين من الصحابة والتابعين ، ومن جاء بعدهم من رواة الحديث قصروا رواية الحديث
على اللفظ ، ومنعوا روايته بالمعنى.
(٣) إن الرواية
بالمعنى قد أجازها العلماء لمن كان عالما عارفا بالألفاظ ، والأساليب العربية ،
خبيرا بمدلولاتها ، والفروق الدقيقة بينها ، وإلّا لم تجز له الرواية بالمعنى بلا
خلاف.
(٤) إن الذين
أجازوا الرواية بالمعنى إنما أجازوها على أنها ضرورة تتقدر بقدر الحاجة إليها ، لا
على أنها أصل يتبع ويلتزم في الرواية.
ولا خلاف بين
العلماء ، أنّ المحافظة على ألفاظ الحديث ، وحروفه أمر عزيز ، وحكم شريف ، وهو
الأولى بكلّ ناقل ، والأجدر بكل راو ، ما استطاع إليه سبيلا.
(٥) إن الرواية
بالمعنى ممنوعة ـ باتفاق ـ في الأحاديث المتعبد بلفظها ، كالأذكار ، والأدعية ،
والتشهد ، والقنوت. وكذلك في الأحاديث التي هي من جوامع كلمه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وكذلك ما يستدل بلفظه على حكم لغوي ، إلّا أن يكون
الذي أبدل اللفظ بلفظ آخر عربيّ يستدلّ بكلامه على أحكام العربية.
(٦) إن الذين
منعوا الاستشهاد بالحديث ، منعوه لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذ لو وثقوا بذلك لأجروه مجرى القرآن الكريم في إثبات
القواعد الكلية.
(٧) إن تدوين
الحديث بدأ بصفة عامة ورسمية على رأس المائة الأولى ، وبلغ منتهاه في نهاية القرن
الثالث ، وأن بعض الصحابة والتابعين كانوا يدونون الأحاديث في القرن الأول الهجري
بصفة خاصة.
(٨) إن الرواية
بالمعنى إنما ترخّص فيها من ترخّص في غير المصنّفات المدوّنة ، أما فيها فلا ؛ لأن
الراوي لا يملك تغيير تصنيف غيره.
(٩) إن الرواة
الذين نقلوا الأحاديث من الصحابة والتابعين ، كان لهم من الخصائص الدينية والخلقية
ما يعصمهم من التغيير والتبديل والتحريف في الرواية.
وهم إلى ذلك
ذوو حوافظ قوية ، وأذهان سيالة ، ووجدان حي ، وقلوب عاقلة واعية.
(١٠) إن
القواعد والضوابط التي أخذ جامعو الأحاديث بها عند تدوينها ، هي أدق وأرقى ما وصل
إليه علم النقد ، في تمييز المقبول من المردود ، من المرويات ، وفي تمييز الحق من
الباطل ، والخطأ من الصواب.
(١١) انكشف لنا
من عرضنا للنصوص ومناقشتها أنه لا يوجد في القدامى من رفض الاحتجاج بالحديث في
علمي النحو والصرف ، وغاية الأمر أنهم اعتصموا بالصمت ، ولم يثيروا هذه المسألة
البتة ، ونحن نتحدى أن يكون لسيبويه والخليل والمبرد ، ومن كان من طبقتهم قول في
ذلك ، من قريب أو بعيد ، بعبارة أو إشارة ، بتصريح أو تلويح ، بل لم ينطقوا ببنت
شفة ، ولم يأثموا في الخوض في منع الاستشهاد بالحديث.
أما التقسيم
الذي قسمه العلماء إلى ثلاثة اتجاهات :
الاتجاه الأول
: الاستشهاد بالحديث في النحو مطلقا.
الاتجاه الثاني
: المنع من الاستشهاد مطلقا.
الاتجاه الثالث
: التوسط بين الاتجاهين.
فهذا التقسيم
كان أخيرا بسبب ما أثاره «ابن الضائع» و «أبو حيان».
(١٢) ظهر مما
قدمته ـ لكل ذي عينين أن الذين احتجوا بالحديث الشريف بكثرة في مسائل النحو والصرف
، هم من أئمته ، أو من المطلعين عليه ، والمشتغلين به.
وأما الذين لم
يحتجوا به بكثرة ، فليس لهم نصيب في هذا الشأن ، وليسوا من أرباب هذا الفن ،
وبضاعتهم فيه قليلة.
(١٣) بان لنا ـ
بوضوح ـ أن الروايات المخالفة للقواعد النحوية أنواع ، أذكر منها ثلاثة أنواع :
النوع الأول :
روايات أخذت من كتب اللغة وغيرها من الكتب غير المتخصصة في الحديث الشريف ، وهي
ليست بحجة في رواية الحديث. وقد قرر العلماء قديما : أن المسألة المتعلقة بباب
تؤخذ من الباب نفسه ، ولا ينبغي أن تؤخذ من باب مغاير فيما ذكرت استطرادا في غير
بابها. فما بالك إن أخذ الحديث من غير كتبه ، ومن غير معينه.
النوع الثاني :
روايات أخذت من كتب الحديث ، ولكنها روايات قليلة ، أو شاذة ، أو نادرة ، مع وجود
الرواية المشهورة.
النوع الثالث :
قطعة من حديث قد استشهدوا بها ، وهي مخالفة للأساليب النحوية المشهورة ، وقد
تكلفوا في تأويلها ، ولو تتبعوا روايات الحديث في مظانّه لعثروا على الحديث بتمامه
، وأمكن تخريجه على أشهر الضوابط النحوية.
ولا يجوز لنا
أن نحكم على الحديث قاطبة ، أنه لا يصح الاحتجاج به لمخالفته القواعد النحوية ، من
خلال هذه الأنواع ؛ لأن العلم مبني على التحري والضبط ، والاعتماد على الروايات
المشهورة المستفيضة ، الموثوق بها عند أرباب هذا الشأن ، وعلى
رواية الأكثرين الذين عليهم المعوّل ، وإليهم الرحلة ، وعلى تصوّر الحديث
بتمامه كيلا يختل البيان ، ويشتبه الإعراب.
وبهذه النتائج
أخلص إلى نتيجة حتمية ، وهي أن الكثير من الأحاديث النبوية وصلت إلينا بمحكم لفظها
، وأن بعض الأحاديث قد روي بالمعنى ، مع التحرز البالغ من التغيير المخل بالمعنى
الأصلي ، وأن ما عسى أن يكون قد دخل الأحاديث بسبب الرواية بالمعنى شيء يسير قد
تنبّه له العلماء ، وبيّنوه ، وصدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حيث يقول : (يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدوله ، ينفون
عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين) .
ولما تقدّم
أقول بكل صراحة ووثوق :
إنني أجزم
بضرورة الاستشهاد والاحتجاج بالحديث النبوي ، الثابت عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وأنبذ غير ذلك من الآراء الساقطة المتهافتة.
وأذهب مذهب من
قال بجواز الاستشهاد بالحديث مطلقا ، سواء أكان مرويا باللفظ أم بالمعنى ؛ لأنه لا
ينتج ضرر عن الرواية بالمعنى ؛ لأن شرط الراوي بالمعنى أن يكون من أهل الضبط
والإتقان والحفظ ـ كما تقدم بتفصيل مفيد ـ وسواء أكانت الرواية من رواية العرب أم
العجم ؛ لأن النقاد والمحدّثين لم يشترطوا أن يكون عربيا ، وألّا يكون من العجم ،
بل الإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانها ، للعارف به. ولأن جميع الرواة
يتحرون اللفظ ، فإذا روى أحدهم بالمعنى أوجبوا عليه
__________________
أن يقول : «أو كما قال» ، و «أو نحوه» ، و «أو شبهه». وما أشبه ذلك.
وفي هذا دلالة
قاطعة على أن جلّ اهتمامهم الرواية باللفظ. وهذا أمر يعرفه من مارس هذا العلم
الشريف ، وهذا الفن الجليل ، أما من لم يشمّ رائحة هذا العلم ، فلا يعرف هذه
الحقيقة ، وحكمه في هذا الباب حكم من تخبّط في ظلماء مدلهمة ، وخبط خبط عشواء
وبتبني فكرة
الاستشهاد بالحديث مطلقا ، نكون قد وسّعنا دائرة الاستشهاد ، باعتبار الحديث
الشريف مصدرا من مصادر الاستشهاد. وبالاستقاء من ينبوعه الفياض ، العذب الزلال ،
يصبح ربع النحو به خصيبا.
وسلام على
المرسلين ، والحمد لله رب العالمين.
المحتوى
الصفحة
(١) الآيات القرآنية........................................................... ٣١٨
(٢) الأحاديث والآثار........................................................ ٣٢٩
(٣) الأمثال والأقوال
السائرة................................................... ٣٤٢
(٤) الشعر.................................................................. ٣٤٦
(٥) الأعلام المترجمين.......................................................... ٣٥٤
(٦) الموضوعات.............................................................. ٣٥٨
(٧) موارد البحث............................................................ ٣٧١
١ ـ فهرس الآيات القرآنية
رقم
|
الآية
|
الصفحة
|
|
٢ ـ البقرة
|
|
٢٦
|
فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحقّ من ربّهم
، وأما الذين كفروا فيقولون : ماذا أراد الله بهذا مثلا
|
٢٠١
|
٤٨
|
واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا
|
٢٢٣
|
٧١
|
فذبحوها وما كادوا يفعلون
|
١٨٩ ، ١٩٠
|
٨٥
|
ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم
|
٢٦٦
|
٩٣
|
وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم
|
٢٣٠
|
٩٦
|
ولتجدنهم أحرص الناس على حياة
|
٢٥٣
|
١٣٣
|
نعبد إلهك وإله آبائك
|
٢٦٢
|
١٣٥
|
وقالوا كونوا هودا أو نصارى
|
٢٧٦
|
١٨٧
|
كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون
|
٢١
|
٢٠٢
|
والله سريع الحساب
|
٢٤٦
|
٢٢٦
|
للذين يؤلون من نسائهم تربّص أربعة أشهر
|
٢٢٥
|
٢٤٩
|
فشربوا منه إلا قليل منهم
|
١٠٤
|
٢٥١
|
ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض
|
٢٠٥
|
٢٦٠
|
فخذ أربعة من الطير
|
٢٩٨
|
|
٣ ـ آل عمران
|
|
٣١
|
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله
|
٢٨٦
|
٩٧
|
ومن كفر فإنّ الله غني عن العالمين
|
٢٣٩
|
١٠٢
|
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا
تموتن إلّا وأنتم مسلمون
|
٥
|
١٠٦
|
يوم تبيض وجوه وتسودّ وجوه فأما الذين اسودّت
وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون
|
٣٠١
|
١١٥
|
وما يفعلوا من خير فلن يكفروه
|
٢٨٧
|
|
٤ ـ النساء
|
|
١
|
واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام
|
٢٦٣
|
١
|
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس
واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به
والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا
|
١
|
٣
|
فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث
ورباع
|
٢٧٤
|
٧٨
|
فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا
|
١٩٠
|
١١٢
|
ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد
احتمل بهتانا وإثما مبينا
|
٢٥٩
|
|
٥ ـ المائدة
|
|
٥٢
|
فعسى الله أن يأتي بالفتح
|
١٨٨
|
|
٦ ـ الأنعام
|
|
١٧
|
وإن يمسسك بخير فهو على كلّ شيء قدير
|
٢٨٦
|
٦٤
|
قل الله ينجيكم منها ومن كلّ كرب
|
٢٦٢
|
٩١
|
وما قدروا الله حق قدره
|
٣١
|
١١٢
|
ولو شاء ربّك ما فعلوه
|
٣٠٧
|
١٢٣
|
وكذلك جعلنا في كلّ قرية أكابر مجرميها
|
١٢٣
|
١٣٧
|
زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم
|
٢٣٥
|
|
٧ ـ الأعراف
|
|
٤
|
وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو
هم قائلون
|
٢٥٦
|
|
٨ ـ الأنفال
|
|
١٩
|
وإن تعودوا نعد
|
٢٨٦
|
٢٣
|
إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم
كثيرا
|
١٥٩
|
٣٢
|
وإذ قالوا اللهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك
فأمطر علينا
|
٢٨٧
|
٦٨
|
لو لا كتاب من الله سبق لمسّكم فيما أخذتم
عذاب عظيم
|
٢٢٢
|
|
٩ ـ التوبة
|
|
٣
|
أنّ الله بريء من المشركين ورسوله
|
٣٧
|
٢٤
|
قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم
وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ إليكم من
الله ورسوله
|
٣٢
|
٢٨
|
وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله
|
٢٨٧
|
١٠٣
|
وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم
|
١٩٧
|
١٠٨
|
لمسجد أسس على التقوى من أول يوم
|
٢٢٠
|
١١٧
|
من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم
|
١٨٩
|
|
١٠ ـ يونس
|
|
١٠
|
دعواهم فيها سبحانك اللهم
|
١٧٠
|
١٠
|
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين
|
١٧٠
|
٥٨
|
فبذلك فلتفرحوا
|
٢٨١
|
٧٢
|
فإن توليتم فما سألتكم من أجر
|
٢٨٧
|
|
٨ ـ الأنفال
|
|
١٩
|
وإن تعودوا نعد
|
٢٨٦
|
٢٣
|
إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم
كثيرا
|
١٥٩
|
٣٢
|
وإذ قالوا اللهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك
فأمطر علينا
|
٢٨٧
|
٦٨
|
لو لا كتاب من الله سبق لمسّكم فيما أخذتم
عذاب عظيم
|
٢٢٢
|
|
٩ ـ التوبة
|
|
٣
|
أنّ الله بريء من المشركين ورسوله
|
٣٧
|
٢٤
|
قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم
وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ إليكم من
الله ورسوله
|
٣٢
|
٢٨
|
وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله
|
٢٨٧
|
|
١١ ـ هود
|
|
٢٨
|
أنلزمكموها وأنتم لها كارهون
|
٢٨
|
٧٤
|
فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى
يجادلنا في قوم لوط
|
٣٠٤
|
٨١
|
ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك
|
١٠٤
|
|
١٢ ـ يوسف
|
|
٢
|
إنا أنزلناه قرآنا عربيا
|
٤٤
|
٧٦
|
وفوق كلّ ذي علم عليم
|
٧٦
|
٧٧
|
إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل
|
٢٨٧
|
٩٠
|
|
٢٨٢
|
|
١٣ ـ الرعد
|
|
٢٣
|
جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم
|
٢٣
|
٣٧
|
وكذلك أنزلناه حكما عربيا
|
٤٤
|
|
١٤ ـ إبراهيم
|
|
٢٢
|
وما أنتم بمصرخيّ
|
١٦٢
|
٤٧
|
|
٢٣٦
|
|
١٥ ـ الحجر
|
|
٢
|
ربما يودّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين
|
٢٢٣
|
|
١٧ ـ الإسراء
|
|
٨
|
عسى ربّكم أن يرحمكم
|
١٨٨
|
٨
|
وإن عدتم عدنا
|
٢٨٦
|
٢٣
|
إمّا يبلغنّ عندك الكبر
|
١٥٠
|
٧٤
|
ولو لا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا
قليلا
|
١٩٠
|
|
١٨ ـ الكهف
|
|
٦
|
فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا
الحديث أسفا.
|
٥٠
|
٣٩
، ٤٠
|
إن ترن أنا أقلّ منك مالا وولدا. فعسى
|
٢٨٧
|
٥٠
|
بئس للظالمين بدلا
|
٢٥١
|
٥٩
|
وتلك القرى أهلكناهم
|
٢٢٧
|
|
٢٠ ـ طه
|
|
٤٤
|
لعلّه يتذكّر أو يخشى
|
١٩٥
|
٦٣
|
إن هذان لساحران
|
١٥٤
|
١١٢
|
ومن
يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخف ظلما ولا هضما. قراءة ابن كثير
|
٣٨٦
|
|
٢١ ـ الأنبياء
|
|
٣
|
وأسرّوا النجوى الذين ظلموا
|
٢٠٨
|
٥٤
|
لقد كنتم أتم وآباؤكم في ضلال مبين
|
٢٦٠
|
١٤٨
|
لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا
|
٢٦٠
|
|
٢٢ ـ الحج
|
|
٧٢
|
يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا
|
١٩٢
|
|
٢٣ ـ المؤمنون
|
|
٢٢
|
وعليها وعلى الفلك تحملون
|
٢٦٢
|
٣٦
|
هيهات هيهات لما توعدون
|
٢٩٣
|
|
٢٤ ـ النور
|
|
١٤
|
ولو لا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا
والآخره لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم
|
٢٢٢
|
|
٢٥ ـ الفرقان
|
|
٢٥
|
ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا
|
١٣٩
|
|
٢٦ ـ الشعراء
|
|
٤
|
إن نشأ ننزّل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم
لها خاضعين
|
٢٨٥
|
٥٠
|
قالوا : لا ضير إنّا إلى ربّنا منقلبون
|
٢٠٢ ، ٢٠٣
|
١٩٢
|
بلسان عربيّ مبين
|
٤٤
|
|
٢٧ ـ النمل
|
|
٤٨
|
وكان في المدينة تسعة رهط
|
٢٩٨
|
|
٢٨ ـ القصص
|
|
١٥
|
فوكزه موسى فقضى عليه
|
٢٥٦
|
|
٢٩ ـ العنكبوت
|
|
١٢
|
وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتّبعوا سبيلنا
ولنحمل خطاياكم
|
٢٨١
|
|
٣٠ ـ الروم
|
|
٤٧
|
وكان حقا علينا نصر المؤمنين
|
١٨٦
|
|
٣٣ ـ الأحزاب
|
|
٣٥
|
والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله
كثيرا والذاكرات
|
٢٣٣
|
٧٠
، ٧١
|
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا
سديدا ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا
عظيما
|
٥
|
|
٣٤ ـ سبأ
|
|
٣٣
|
بل مكر الليل والنهار
|
٢٢٥
|
٥١
|
ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب
|
٢٠٢ ، ٢٠٣
|
|
٣٥ ـ فاطر
|
|
١
|
أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع
|
٢٧٤
|
|
٣٨ ـ ص
|
|
٨٦
|
وما أنا من المتكلّفين
|
١٥
|
|
٣٩ ـ الزّمر
|
|
٢٨
|
قرآنا عربيّا غير ذي عوج
|
٤٤
|
٦٠
|
ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم
مسودّة
|
٤٠
|
|
٤٠ ـ غافر
|
|
٣٦
، ٣٧
|
لعلي أبلغ الأسباب ، أسباب السموات فاطّلع إلى
إله موسى
|
٢٧٩
|
|
٤١ ـ فصلت
|
|
١١
|
فقال لها وللأرض
|
٢٦٢
|
٤٩
|
لا يسأم الإنسان
|
٢٤٠
|
|
٤٢ ـ الشورى
|
|
٢٠
|
من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه
|
٢٨٦
|
|
٤٤ ـ الدخان
|
|
٤٣
|
إنّ شجرت الزّقّوم
|
٢٨٩
|
|
٤٥ ـ الجاثية
|
|
٣١
|
وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم
فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين
|
٣٠٢
|
|
٤٨ ـ الفتح
|
|
١١
|
شغلتنا أموالنا وأهلونا
|
٣٨
|
|
٤٩ ـ الحجرات
|
|
٧
|
لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم
|
٣٠٣
|
١٠
|
فأصلحوا بين أخويكم
|
١٥٢
|
|
٥٠ ـ ق
|
|
١٩
|
وجاءت سكرة الموت بالحقّ ذلك ما كنت منه تحيد
|
٣٨
|
|
٥٢ ـ الطور
|
|
٢٨
|
إنّا كنّا من قبل ندعوه إنّه هو البرّ الرحيم
|
١٩٨
|
|
٥٦ ـ الواقعة
|
|
٦٥
|
لو نشاء لجعلناه حطاما
|
٣٠٧
|
٧٠
|
لو نشاء جعلناه أجاجا
|
٣٠٧
|
|
٦٠ ـ الممتحنة
|
|
١٢
|
فبايعهنّ
|
٤٠
|
|
٦٧ ـ الملك
|
|
٤
|
ثم ارجع البصر كرتين
|
٢٢٨
|
٤
|
ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير
|
٢٢٨
|
|
٧١ ـ نوح
|
|
١٢
|
ويجعل لكم
|
٢٧٨
|
|
٧٥ ـ القيامة
|
|
٢٢
، ٢٣
|
وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة
|
٧٦
|
٢٦
|
كلّا إذا بلغت التراقي
|
٢٠٦
|
٣٤
|
أولى لك فأولى
|
٢٥٥
|
|
٧٦ ـ الإنسان
|
|
٢٤
|
ولا تطع منهم آثما أو كفورا
|
٢٤
|
|
٧٨ ـ النبأ
|
|
٤
، ٥
|
كلا سيعلمون. ثم كلا سيعلمون.
|
٢٥٥
|
|
٨٠ ـ عبس
|
|
٣
|
وما يدريك لعلّه يزّكّى
|
١٩٥
|
٣
، ٤
|
وما يدريك لعله يزكّى ، أو يذّكّر فتنفعه
الذّكرى
|
٢٧٩
|
٢١
|
أماته فأقبره
|
٢٥٦
|
|
٨٢ ـ الانفطار
|
|
١٧
، ١٨
|
وما أدراك ما يوم الدين ، ثم ما أدراك ما يوم
الدين
|
٢٥٥
|
|
٨٨ ـ الأعلى
|
|
٢
، ٣ ، ٤ ، ٥
|
الذي
خلق فسوى ، والذي قدر فهدى ، والذي أخرج المرعى ، فجعله غثاء أحوى
|
٢٥٦
|
|
٩٣ ـ الضحى
|
|
١١
|
وأما بنعمة ربك فحدث
|
١١
|
٢ ـ الأحاديث والآثار
«ء»
الصفحة
ـ ابدأ بنفسك ثم بمن
تعول...................................................... ١٤٤
ـ أحسن مجاورة من
جاورك تكن مسلما........................................... ٢٧٦
ـ أحيانا يتثمل لي
الملك رجلا.................................................... ٢١٧
ـ أحيّ والداك................................................................. ١٦٩
ـ أدبني ربي فأحسن
تأديبي ، وربّيت في بني سعد.................................... ١٨
ـ إذا أرفت الحدود فلا
شفعة..................................................... ٨٦
ـ إذا أخذتما مضاجعكما
تكبّرا أربعا وثلاثين....................................... ٢٨٣
ـ إذا ذكر الصالحون
فحيهلا بعمر....................................... ١٥٠
، ٢٦٩
ـ إذا شغل عبدي ثناؤه
عليّ عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين............. ١٤١
ـ إذا قتلتم فأحسنوا
القتلة...................................................... ٢٤٣
ـ إذا قلت لأخيك يوم
الجمعة والإمام يخطب : أنصت ، فقد لغيت ، أو لغوت......... ٩٦
ـ إذا هلك كسرى فلا
كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده................ ٢٠٢
ـ إذا يحلف يا رسول
الله........................................................ ٢٧٥
ـ أربعين يوما.................................................................. ٢٣١
ـ ارجعن مأزورات غير
مأجورات................................................. ١٢٩
ـ أسامة أحب الناس
إليّ ما حاشا فاطمة ولا غيرها................................. ٢١٥
ـ أسعد الناس بشفاعتي
يوم القيامة من قال : لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه...... ٥٤
ـ اشتدى أزمة تنفرجي.......................................................... ٢٦٦
ـ أصدق كلمة قالها
لبيد........................................................ ١٤٥
ـ أعددت لعبادي
الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ذخرا ، بله ما
أطلعتم عليه ٢٧٠
ـ أعور عينه اليمنى............................................................. ٢٤٥
ـ أغد عالما أو متعلما
، أو مستمعا ، أو محبّا ولا تكن الخامسة فتهلك................. ١٨٢
ـ أفضل ما قلته أنا
والنبيّون من قبلي : لا إله إلا الله............................... ١٦٩
ـ أفعميا وان أنتما............................................................. ٣٠٠
ـ أقرب ما يكون العبد
من ربّه وهو ساجد......................................... ١٧٧
ـ التمس ولو خاتما من
حديد.................................................... ١٨٣
ـ ألا أخبركم بأحبّكم
إلي وأقربكم مني منازل يوم القيامة : أحاسنكم أخلاقا ، الموطئون أكنافا ، الذين
يألفون ويؤلفون ٢٥٣
ـ إلا طارقا يطرق بخير
يا رحمن................................................... ١٦٦
ـ أمر بقتل الأبتر وذو
الطفيتين.................................................. ٢٤١
ـ أمر بمعروف صدقة ،
ونهي عن منكر صدقة..................................... ١٧١
ـ أمرت أن أخاطب الناس
على قدر عقولهم......................................... ١٨
ـ أما بعد ما بال رجال
يشترطون شروطا ليست في كتاب الله........................ ٢٩٦
ـ إمّا الذين جمعوا
بين الحجّ والعمرة طافوا طوافا واحدا............................... ٢٩٦
ـ إما لا فاذهبي حتى
تلدي...................................................... ٢٩١
ـ إمّا لا فأعنّي على
نفسك بكثرة السجود........................................ ٢٩٠
ـ أمّا موسى كانّي
أنظر إليه إذا انحدر في الوادي يلبّي................................ ٢٩٧
ـ أنا سيد ولد آدم............................................................. ١٤٢
ـ أنا أفصح العرب ،
بيد أنّي من قريش ، ونشأت في بني سعد................ ٢١٢
، ٢١٣
ـ أنزل القرآن على
سبعة أحرف................................................... ٧٣
ـ إن كان قصيرا
فليتّزر به....................................................... ٣٠٩
ـ أن امرأة كانت تهراق
الدماء................................................... ١٦٤
ـ إن العبد ليصلي
الصلاة وما يكتب له منها إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها
نصفها ٢٦٥
ـ إن قعر جهنم سبعين
خريفا.................................... ١٠٢
، ١٢٦ ، ١٩٤
ـ إنكنّ لأنتنّ
صواحبات يوسف................................................. ٣٢٤
ـ إن الله اصطفى من
ولد آدم إسماعيل ، واصطفى من ولد إسماعيل كنانة ، واصطفى من بني كنانة قريشا ،
واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم....................................................... ١٣٢
ـ إن الله خلق الخلق
فجعلني في خيرهم فرقة ، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ، ثم جعلهم بيوتا
فجعلني في خيرهم بيتا ١٤٣
ـ إن الله لا يملّ حتى
تملّوا....................................................... ١٢٦
ـ إن الله ملككم إياهم
، ولو شاء لملكهم إيّاهم................................... ١٥٩
ـ إن لله أهلين من
الناس........................................................ ١٥٦
ـ إنما الأعمال
بالنيات.......................................................... ١٣٨
ـ إنما كنّا نحفظ
الحديث والحديث يحفظ عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأما إذا ركبتم كل صعب وذلول فهيهات. «ابن عباس» ٥٥
ـ إنما مثلكم واليهود
والنصارى كرجل استعمل عمّالا............................... ٢٦٣
ـ إن من أشد الناس
عذابا يوم القيامة المصورون............................ ١٠٣
، ١٢٦
ـ إن من المجاهرة أن
يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح ـ وقد ستره الله ـ فيقول : عملت البارحة كذا ١٣٠
ـ أنها ـ أي فاطمة رضياللهعنها ـ جاءت إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فوجدت عنده حدّاثا.................. ٥١
ـ إن هذا القرآن كائن
لكم أجرا .. وكائن عليكم وزرا............................... ١٨٧
ـ إنّ هذين حرام على
ذكور أمّتي................................................ ٢٢٦
ـ إنه رجل أسيف متى
يقم من مقامك رقّ. «عائشة».............................. ٢٨٤
ـ إني ذاكر لك أمرا ،
ولو لا مروان أقسم عليّ فيه لم أذكره لك..................... ١٨٦
ـ إن يكنه فلن تسلّط
عليه ، وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله............... ١٥٨
، ١٨٤
ـ اهدأ فما عليك إلا
نبيّ ، أو صدّيق ، أو شهيد.................................. ٢٥٨
ـ أو كلّكم يجد ثوبين؟........................................................... ٦٦
ـ أو مخرجيّ هم........................................................ ١٦٢
، ١٦٨
ـ أيّ العمل أفضل؟ قال
: الصلاة لميقاتها ، قال : ثم أيّ؟ قال :كذا ... قال : ثم أيّ؟ قال : كذا. ٢٣٠
«ب»
ـ البرمة بين الأثافيّ
قد كادت أن تنضج. «بعض الصحابة»......................... ١٨٩
ـ بئس عبد الله أنا إن
كان كذا.................................................. ٢٤٩
ـ البيّعان بالخيار............................................................... ١٥٢
ـ البينة وإلا حدّ في
ظهرك...................................................... ٢٨٨
«ت»
ـ تركت فيكم شيئين لن
تضلوا بعدهما : كتاب الله ، وسنّتي............................. ٦
ـ تسبّحون وتحمدون
وتكبّرون دبر كلّ صلاة ثلاثا وثلاثين.......................... ٢١٠
ـ تصدق رجل من ديناره
، من درهمه ، من صاع بره ، من صاع تمره................... ٢٦٥
ـ تعلق من ثمار الجنة............................................................. ٨٦
ـ تعلّم إعراب القرآن
أحبّ إلينا من تعلم حروفه. من قول «أبي بكر» و «عمر» رضياللهعنهما... ٤٥
ـ تعلموا أن ربكم ليس
بأعور.................................................... ٢٠٤
ـ تعلموا القرآن ،
فإنه يأتي يوم القيامة شافعا لأصحابه وعليكم بالزهراوان : البقرة ، وآل عمران ٩١
ـ توضأ فغسل وجهه
ويديه...................................................... ٢٥٦
«ث»
ـ ثوبي حجر.................................................................. ٢٦٦
«ح»
ـ حجّ البيت من استطاع
إليه سبيلا.............................................. ٢٣٩
ـ الحلال بيّن والحرام
بيّن ، وبينهما أمور مشتبهات.......................... ١٥٧
، ١٩٣
ـ حمي الوطيس................................................................ ١٢٩
ـ حوالينا ولا علينا............................................................. ١٥٢
«خ»
ـ خمس صلوات كتبهنّ
الله على العباد............................................ ١٧١
ـ خياركم في الجاهلية
خياركم في الإسلام.......................................... ١٤٢
ـ خيرت بين الشفاعة أو
نصف أمتي في الجنة....................................... ٩٧
ـ خير هذه الأمة النمط
الأوسط ، يلحق بهم التالي ، ويرجع إليهم الغالي.............. ١٦٣
«د»
ـ دخلت امرأة النار في
هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ٢٢١
ـ دعوت ربّي ألّا
يسلّط على أمتي عدوّا من سوى أنفسها........................... ٢١٤
ـ دعي الصلاة أيام
أقرائك...................................................... ٣٠٢
ـ دفن البناه من
المكرماه........................................................ ٣٠٦
«ر»
ـ رحم الله امرأ أصلح
من لسانه................................................... ٤٥
«ز»
ـ زوّجتكها بما معك من
القرآن................................................... ١١٦
«س»
ـ سبحان الله ، إنّ
المؤمن لا ينجس.............................................. ٢٤٧
ـ سبوح قدّوس ربّ
الملائكة والروح....................................... ١٧٨
، ١٧٩
ـ سوداء ولود خير من
حسناء عقيم.............................................. ١٧١
«ش»
ـ شثن أصابعه................................................................ ٢٤٥
«ص»
ـ صعد النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الصفا........................................................ ٣٦
ـ صفر وشاحها............................................................... ٢٤٥
ـ صلاة الليل مثنى
مثنى......................................................... ٢٧٤
ـ صلّى رجل في إزار
ورداء في إزار وقميص ، في إزار وقباء........................... ٢٦٥
ـ صلّى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قاعدا ، وصلى وراءه رجال قياما........................... ٢١٩
«ظ»
ـ الظلم ظلمات يوم
القيامة..................................................... ١٢٩
«ع»
ـ عجلت أيها المصلي ،
إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله ، وصلّ عليّ ثم ادعه. ١٤١
ـ عليكم بالعربية ،
فإنها تثبت العقل ، وتزيد في المروءة. من قول «عمر»................ ٤٥
ـ العين وكاء السّه............................................................... ٥٤
«غ»
ـ غزوت مع رسول الله ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ ستّ غزوات ، أو سبع غزوات ، أو ثماني. «أبو برزة».... ٢٣١
ـ غير الدجال أخوفني
عليكم.................................................... ١٦١
«ف»
ـ فأثنوا عليه شرا............................................................... ١١١
ـ فاستحالت غربا............................................................. ١٨١
ـ فإمّا أدركنّ أحد
منكم الدجال................................................. ١٤٩
ـ فإن جاء صاحبها وإلا
استمتع بها.............................................. ٢٨٨
ـ فإنّ الله ملككم
إياهم ، ولو شاء لملكهم إياهم................................... ٢٢٣
ـ فصومي عن أمّك............................................................ ٢٢٣
ـ فلا يجدون أعلم من
عالم المدينة................................................ ٢٢٥
ـ فما كدنا أن نصل إلى
منازلنا. «أنس».......................................... ١٨٩
ـ فمطرنا من الجمعة إلى
الجمعة.................................................. ٢٢٠
ـ فهل أنتم تاركو لي
صاحبي............................................. ٢٣٥
، ٢٣٧
ـ فهل أنتم صادقوني........................................................... ١٦١
ـ فو الله ما الفقر
أخشى عليكم................................................. ١٨٧
ـ في أربعين شاة شاة........................................................... ١٧٢
«ق»
ـ قد علمنا إن كنت
لموقنا...................................................... ١٩٩
ـ قط قط بعزتك وكرمك........................................................ ١٦٠
ـ قضية ولا أبا حسن
لها «عمر»................................................ ٢٠١
ـ قوموا فلأصلّ لكم........................................................... ٢٨١
ـ قيمة كل امرىء ما
يحسن. «علي»............................................... ٤٥
«ك»
ـ كاد الحسد يغلب
القدر ، وكاد الفقر أن يكون كفرا....................... ١٣٣
، ١٩١
ـ كاد قلبي أن يطير. «جبير
بن مطعم»........................................... ١٨٩
ـ كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا دعا بدأ بنفسه........................................ ١٤٤
ـ كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يأمرني إذا حفت أن أتّزر. «عائشة»........................ ٣٠٩
ـ كان ـ عليهالسلام ـ
ضخم الهامة ، ششن الكفين والقدمين ، ضخم الكراديس ، أنور المتجرد ٢٤٦
ـ كان من أكثر دعاء
الأنبياء قبلي بعرفة : لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد
، وهو على كل شيء قدير ١٤١
ـ كخ كخ ، فإنها من
الصدقة.................................................... ٢٧٣
ـ كلّ أمتي معافى إلا
المجاهرون............................................ ١٠٣
، ١٢٦
ـ كلّ أمر لا يبدأ فيه
بالحمد لله فهو أقطع........................................ ١٤٠
ـ كلّ شيء بقضاء وقدر
حتى العجز والكيس...................................... ٢٥٧
ـ كلم كلام لا يبدأ
فيه بحمد الله فهو أجذم....................................... ١٤٠
ـ كل ما شئت والبس ما
شئت ما خطئتك اثنتان : سرف أو مخيلة................... ٢٥٨
ـ كلّ مولود يولد على
الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه............. ١٠٩
ـ الكلمة الطيبة صدقة......................................................... ١٤٥
ـ كن أبا خيثمة ،
فكانه........................................................ ١٥٩
ـ كنت أتعرق العظم
وأنا حائض فيأخذه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيضع فمه حيث كان فمي ، وأشرب ٣١٠
ـ كنت أسمع رسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : كنت وأبو بكر وعمر ، فعلت وأبو بكر وعمر ، وانطلقت
وأبو بكر وعمر. «علي» ٢٦٠
ـ كنت وجار لي من
الأنصار. «عمر»........................................... ٢٦٠
ـ كن عبد الله المقتول
، ولا تكن عبد الله القاتل.................................... ١٨٥
«ل»
ـ لأن أقرأ فأخطئ أحبّ
إليّ من أن أقرأ فألحن ؛ لأني إذا اخطأت رجعت ، وإذا لحنت افتريت. «عمر» ٤٥
ـ لا أحد أغير من الله
ـ عزوجل ـ................................................. ٢٠٣
ـ لا تدخلوا على القوم
المعذبين إلا أن تكونوا باكين.................................. ٦٧
ـ لا ترجعوا بعدي
كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض........................ ١٨٠
، ٢٧٨
ـ لا تكتبوا عني ، ومن
كتب عني غير القرآن فليمحه ، وحدثوا عني ولا حرج ، ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ
مقعده من النار ٥٦
ـ لا حول ولا قوة إلّا
بالله : كنز من كنوز الجنة............................. ١٤٨
، ٢٠١
ـ لا ضرر ولا ضرار............................................................ ٢٠٢
ـ لا عدوى ولا طيرة
ولا هامة ولا صفر........................................... ٢٠٢
ـ لا وتران في ليلة.............................................................. ١٥٤
ـ لا يختلى خلاها ،
ولا يعضد شجرها. قال العباس : إلا الإذخر يا رسول الله......... ١١١
ـ لا يزال الرجل في
فسحة من دينه ما لم يسفك دما حراما.......................... ٢٤٨
ـ لا يزني الزاني حين
يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن......... ٢٠٦
ـ لا يقتل مسلم بكافر
، ولا ذو عهد في عهده.................................... ٢٠٩
ـ لبيك إن الحمد
والنعمة لك................................................... ١٩٧
ـ لبيك اللهم لبيك ،
لبيك لا شريك لك لبيك.................................... ٢٢٧
ـ لبيك وسعديك والخير
بين يديك............................................... ٢٢٨
ـ لتأخذوا مصافكم............................................................ ٢٨١
ـ لخلوف فم الصائم
أطيب عند الله من ريح المسك......................... ١٥٥
، ٣١٠
ـ لعلّ بعضكم أن يكون
ألحن بحجّته من بعض.................................... ١٩٦
ـ لعلّنا أعجلناك....................................................... ١٩٥
، ٢٨٠
ـ لقد حجرت واسعا ............................................................ ٧٤
ـ لقد ظننت يا أبا
هريرة ألّا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك................... ٥٤
ـ اللهم اجعلها عليهم
سنينا كسنين يوسف........................................ ١٥٧
ـ اللهم إن أمسكت نفسي
فاغفر لها ، وإن أرسلتها فاحفظها........................ ٢٨٧
ـ لو توكلتم على الله
حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصا ، وتروح بطانا.... ١٨٢
ـ لو كان لي مثل أحد
ذهبا ما يسرّني ألّا يمرّ عليّ ثلاث وعندي منه شيّء إلا شيء أرصده لدين ٢٩٢
ـ لو لا حدثان قومك.......................................................... ١٧٤
ـ لو لا قومك حديثو
عهد بكفر لأسست البيت على قواعد إبراهيم.......... ١٧٣
، ١٧٦
ـ ليس في الخضروات
صدقة..................................................... ١١٠
ـ ليس فيما دون خمس
ذود صدقة............................................... ٢٩٨
ـ ليس الكاذب من أصلح
بين الناس فقال خيرا ، أو نمّى خيرا......................... ٦٨
ـ ليس من أصحابي إلا
لو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء........................ ٣٥
ـ ليس من امبرامصيام
في امسفر................................................. ١٤٧
«م»
ـ ما أنتم في سواكم من
الأمم إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود ، أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض ٢١٤
ـ ما أنزل الله ـ تعالى
ـ كتابا إلا بالعربية ، ثم ترجم لكل نبي على لسان أمته. «ابن عباس». ٤٤
ـ مات حتف أنفه............................................................. ١٢٩
ـ ما كان أحد أعلم
بحديث رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ منى إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب بيده ،
ويعي بقلبه ، وكنت أعي ولا أكتب ، استأذن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يكتب بيده ما سمع منه ، فأذن له. من قول «أبي هريرة» ٥٦
ـ ما كدت أن أصلّي
العصر حتى كادت الشمس أن تغرب. «عمر».......... ١٨٩
، ١٩١
ـ ما من أصحاب النبي ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ أحد أكثر حديثا عنه منّي إلا ما كان عبد الله بن عمرو فإنه
كان يكتب ولا أكتب. «أبو هريرة» ٥٦
ـ ما من أيّام أحبّ
إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة....................... ٢٥٤
ـ ما يسرّني بها حمر
النّعم........................................................ ٢٢١
ـ مثل المنافق كمثل
الشاة العائرة بين الغنمين........................................ ٦٦
ـ المرء مجزيّ بعمله
إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر................................... ٢٩٣
ـ مسكين مسكين رجل لا
زوج له............................................... ١٧٢
ـ من أكل من هذه
الشجرة فلا يقرب مسجدنا يؤذنا بريح الثوم...................... ٢٧٨
ـ من تأنى أصاب أو كاد
، ومن عجّل أخطأ أو كاد................................ ١٩٣
ـ من تعزى بعزاء
الجاهلية فأعضّوه بهن أبيه ولا تكنوا................................ ١٥١
ـ من تعمد علي كذبا
فليتبوأ مقعده من النار........................................ ٥٥
ـ من توضأ يوم الجمعة
فبها ونعمت.............................................. ٢٥٠
ـ من سن سنة حسنة كان
له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة................ ١٤٤
ـ من فارق الجماعة مات
ميتة جاهلية............................................. ٢٤٤
ـ من قبلة الرجل
امرأته الوضوء........................................... ٢٠٥
، ٢٣٨
ـ من كذب علي متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار........................ ٣٣
، ٦٧ ، ١٠٠
ـ من يطل هن أبيه
ينتطق به. «علي»............................................ ١٥١
ـ من يقم ليلة القدر
إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه......................... ٢٨٤
«ن»
ـ نحن ـ معاشر
الأنبياء ـ لا نورث ما تركناه صدقة................................... ٢٦٨
ـ نصر الله امرأ سمع
مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها ، فرب مبلّغ أوعي من سامع ، ورب حامل فقه ليس
بفقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه........................................................... ٦٩
، ٧٩ ، ٨٢
ـ نعم الرجل من رجل ،
لم يطأ لنا فراشا ، ولم يفتّش لنا كنفا مذ أتيناه................. ٢٥١
ـ نعم عبد الله خالد
بن الوليد................................................... ٢٤٩
ـ نعم عبد الله هذا............................................................. ٢٤٩
ـ نهى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن الدباء والمزفت أن ينتبذ فيه............................... ٦٧
ـ نهى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن الشّرب من فم القربة أو السّقاء......................... ٣١٠
«ه»
ـ هل أنتم تاركو لي
صاحبي..................................................... ٢٣٧
ـ هل رأى أحد منكم
البارحة رؤيا؟.............................................. ١٣٠
ـ هل يكبّ الناس في
النار على وجوههم ـ أو على مناخرهم ـ إلا حصائد ألسنتهم...... ١٢١
ـ هو في النار................................................................... ٦٨
ـ هي أسود من القار........................................................... ٢٤٨
«و»
ـ وايم الله إن كان
خليقا للإمامة................................................. ٢٠٠
ـ الولد للفراش ،
وللعاهر الحجر ـ وفي رواية : وللعاهر الأثلب.......................... ٧٢
ـ والله لأغزونّ قريشا
(ثلاث مرات).............................................. ٢٥٥
«ي»
ـ يا براء كيف تقول
إذا أخذت مضجعك؟ ........................................ ٧٨
ـ يا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما لبثه في الأرض؟ قال : أربعين يوما.......................... ٢٣١
ـ يا رب كاسية في
الدنيا ، عارية يوم القيامة....................................... ٢٢٤
ـ يا عظيما يرجى لكل
عظيم.................................................... ٢٦٧
ـ يا لله للمسلمين. «عمر»....................................................... ٥٤
ـ يا معشر الشباب من
استطاع منكم الباءة فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء ١٦٧
ـ يا نبي الله بأبي
أنت وأمي لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم................... ٢٧٧
ـ يتعاقبون فيكم
ملائكة بالليل وملائكة بالنهار............................ ١٣٣
، ٢٠٧
ـ يحمل هذا العلم من
كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ٣١٤
ـ يعذبان وما يعذبان
في كبير.................................................... ٢٢٢
٣ ـ
فهرس الأمثال والأقوال السائرة
الصفحة
«ء»
ـ أخطب ما يكون الأمير
قائما.................................................. ١٧٧
ـ إذا سمعتم عني
الحديث فاعرضوه على أصحاب العربية.............................. ٨٥
ـ أصبح ليل.................................................................. ٢٦٦
ـ أطرق كرا أطرق كرا
إنّ النعام في القرى.......................................... ٢٦٦
ـ الإعراب حلي اللسان.......................................................... ٢٨
ـ أعربوا الحديث فإن
القوم كانوا عربا............................................... ٩٢
ـ افتد مخنوق.................................................................. ٢٦٦
ـ أكلت سمكا لحما تمرا......................................................... ٢٦٤
ـ إما لا فافعل كذا............................................................. ٢٩١
ـ انظروا ما كان من
حديث رسول الله ، أو سنته فاكتبوه............................ ١٢١
ـ إنّ الشاة لتجتر
فتسمع صوت ـ والله ـ ربّها....................................... ٢٣٧
ـ إنّ النحارير ربما
أدخلوا على الناس ما ليس من كلام العرب ، إرادة اللبس والتعنيت... ١٢١
ـ إني ذاكر لك أمرا ،
ولو لا مروان أقسم عليّ فيه لم أذكره لك..................... ١٧٦
ـ أوّل قولي : إني
أحمد الله...................................................... ١٧٠
«ب»
ـ البقاء أسهل من
الابتداء...................................................... ٢٩٥
«ت»
ـ تجوع الحرّة ولا
تأكل بثدييها................................................... ١٥٣
ـ ترك يوما نفسك
وهواها سعي لها في رداها....................................... ٢٣٦
ـ التصحيف قفل ضلّ
مفتاحه.................................................... ٨٧
ـ تعلّم إعراب القرآن
أحبّ إلينا من تعلم حروفه..................................... ٤٥
ـ تعلموا النحو ، فإنه
جمال للوضيع ............................................... ٢٧
«ز»
ـ زبّبت قبل أن تحصرم........................................................... ٣٦
«ش»
ـ شحذ شفرته حتّى قعدت
كأنّها حربة............................................ ١٨٢
ـ شهدت صفين وبئست
صفين................................................. ٢٤٩
ـ شيبني ارتقاء
المنابر مخافة اللحن.................................................. ٣٠
«ع»
ـ علم النحو أثر رائع
من آثار العقل العربي.......................................... ٣٠
ـ العلم كثير ولكن أخذ
البعض خير من ترك الكل................................. ١٢٠
ـ عليه رجلا ليسني............................................................. ١٥٨
ـ عليه شخصا ليسني.......................................................... ١٦٧
ـ عليه مائة بيضا.............................................................. ٢١٩
«ق»
ـ قيمة كل امرء ما
يحسن......................................................... ٤٥
«ك»
ـ الكتاب قيد العلم.............................................................. ٦١
ـ كنا نجلس إلى النبي
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عسى أن نكون عشرة.................................. ٧٢
ـ كيف الإخوه والأخواه......................................................... ٣٠٦
«ل»
ـ لا أكتب شيئا حتى
أحكم العربية................................................ ٣٦
ـ لو لم يخف الله لم
يعصه....................................................... ٢٩٢
ـ ليس الفاضل من لا
يغلط ، بل الفاضل من يعدّ غلطه.............................. ١٣
ـ ليس من الدخل أن
يطغى قلم الإنسان فإنه لا يكاد يسلم منه أحد.................. ١٣
«م»
ـ ما جاءت حاجتك........................................................... ١٨٢
ـ ما رأيت رجلا أحسن
في عينه الكحل منه في عين زيد............................ ٢٥٤
ـ ما زال هذا العلم
عزيزا يتلقاه الرجال حتى وقع في الصحف مجمله أو دخل فيه غير أهله. ٦٠
ـ ما في الدار غيره
وفرسه....................................................... ٢٦٣
ـ ما كتبت سوداء في
بيضاء ، ولا سمعت من رجل حديثا فأردت أن يعيده عليّ.......... ٦٠
ـ مررت برجل سواء
والعدم...................................................... ٢٦١
ـ مررت بماء قعدة رجل......................................................... ٢١٩
ـ من برع في علم واحد
سهل عليه كلّ نوع.......................................... ٤١
«ن»
ـ «النحو» أوله شغل ،
وآخره بغي................................................ ٤٨
ـ «النحو» في العلم
كالملح في الطعام............................................... ٤٧
«و»
ـ واظب على العلم فإنه
يزين الرجال............................................... ٣١
«ي»
ـ يا رب صائمه لن
يصومه ، وقائمه لن يقومه..................................... ٢٢٤
ـ يغتفر في البقاء ما
لا يغتفر في الابتداء.......................................... ٢٩٥
أأذكر حاجتي
أم قد كفانين
|
|
حياؤك إنّ
شيمتك الحياء ١٤٢
|
إذا أثنى
عليك المرء يوما
|
|
كفاه من
تعرضك الثناء ١٤٢
|
نعم الفتاة
فتاة هند لو بذلت
|
|
ردّ التحية
نطقا أو بإيماء ٢٥١
|
ولا ينطق
الفحشاء من كان منهم
|
|
إذا جلسوا
منا ولا من سوائنا ١١٤
|
إنّ من يدخل
الكنيسة يوما
|
|
يلق فيها
جآذرا وظباء ١٠٣
|
«ب»
إن تصرمونا
وصلناكم وإن تصلوا
|
|
ملأتم أنفس
الأعداء إرهابا ٢٨٥
|
تمشى القطوف
إذا غنّى الحداة بها
|
|
مشي الجواد
فبله الجلّة النّجبا ٢٧١
|
فإن أك
مظلوما فعبد ظلمته
|
|
وإن تك ذا
عتبى فمثلك يعتب ١٨٤
|
عسى الكرب
الذي أمسيت فيه
|
|
يكون وراءه
فرج قريب ١٨٨
|
لا تعجبنّك
دنيا أنت تاركها
|
|
كم نالها من
أناس ثم قد ذهبوا ١٤٠
|
بحوران يعصرن السليط أقاربه ٢٠٨
مشارق أنوار
تبدّت بسبتة
|
|
مشارق أنوار
تبدّت بسبتة
|
اليوم قد بتّ
تهجونا وتشتمنا
|
|
فاذهب ، فما بك والأيام من عجب ٢٦٣
|
تخيّرن من
أزمان يوم حليمة
|
|
إلى اليوم قد
جرّبن كلّالتّجارب٢٢٠
|
طلبت فلم
أدرك بوجهي فليتني
|
|
قعدت ولم أبغ
الندى عند سائب٢١٠
|
منجز أنتم
وعدا وثقت به
|
|
أم اقتفيتم
جميعا نهج عرقوب١٦٩
|
فأما القتال
لا قتال لديكم
|
|
ولكنّ سيرا
في عراض المواكب٢٩٦
|
ولا عيب فيهم
غير أنّ سيوفهم
|
|
بهنّ فلول من
قراع الكتائب ٣١٣
|
«ت»
والله أنجاك
بكفّي مسلمت
|
|
من بعد ما
وبعد مت
|
كانت نفوس
القوم عند الغلصمت
|
|
وكادت الحرّة
أن تدعى أمت ٣٠٧
|
تعدّ لكم جزر
الجزور رماحنا
|
|
ويرجعن
بالأكباد منكسرات ١٨١
|
إن العداوة
تستحيل مودّة
|
|
بتدارك
الهفوات بالحسنات
|
علّ صروف
الدهر أو دولاتها
|
|
يدلننا
اللّمّة من لمّاتها ٢٧٩
|
فتستريح
النفس من زفراتها
|
|
وتنقع الغلّة
من غلّاتها ٢٧٩
|
فيا ليتي إذا
ما كان ذاكم
|
|
فيا ليتي إذا
ما كان ذاكم ١٦٨
|
يحدو ثماني
مولعا بلقاحها
|
|
حتى هممن
بزيغة الإرتاج ٢٣٤
|
«ح»
دامنّ سعدك ،
إن رحمت متيّما
|
|
دامنّ سعدك ،
إن رحمت متيّما١٤٩
|
مرت بنا في
نسوة خولة
|
|
والمسك من
أردانها نافحة ٢٢٦
|
لو لا زهير
جفاني كنت منتصرا
|
|
ولم أكن
جانحا للسّلم إن جنحواب ١٧٦
|
«د»
تزوّد مثل
زاد أبيك فينا
|
|
فنعم الزاد
زاد أبيك زادا ٢٥١
|
فما كعب بن
مامة وابن سعدى
|
|
بأجود منك يا
عمر الجوادا ٢٥١
|
دعاني من نجد
فإن سنينه
|
|
لعبن بنا
شيبا وشيّبننا مردا ١٥٧
|
إذا اسودّ
جنح الليل فلتأت ولتكن
|
|
خطاك خفافا ،
إنّ حرّا سنا أسدا ١٠٢ ، ١٩٤
|
فز ججتها
بمزجّة
|
|
زجّ القلوص
أبي مزاده ٢٣٦
|
ورجّ الفتى
للخير ما إن رأيته
|
|
على السّنّ
خيرا لا يزال يزيد ١٨٦
|
يا طالب النحو ألا فابكه
|
|
بعد أبي عمرو
وحمّاد ٣٥
|
كادت النفس أن تفيض عليه
|
|
إذ غدا حشو
ريطة وبرود ١٨٩
|
قالت ألا
ليتما هذا الحمام لنا
|
|
قالت ألا
ليتما هذا الحمام لنا ٢٥٩
|
فحسبوه
فألفوه كما ذكرت
|
|
تسعا وتسعين
لم تنقص ولم تزد ٢٥٩
|
ترفع لي خندف والله يرفع لي
|
|
نارا إذا
خمدت نيرانهم تقد ٢٨٣
|
وهند أتى من دونها
النأي والبعد ٢٥٩
«ر»
بئس قوم الله قوم طرقوا
|
|
قروا جارهم
لحما وحر ٢٤٩
|
يديان
بيضاوان عند محلّم
|
|
قد تمنعانك
أن تضام وتقهرا ٣٠٠
|
إذا صحّ عون
الخالق المرء لم يجد
|
|
عسيرا من
الآمال إلا ميسّرا ٢٣٨
|
لو لا ابن أوس نأى ما ضيم صاحبه
|
|
يوما ولا
نابه وهن ولا حذر ١٧٦
|
عسى فرج ياتي به الله ، إنه
|
|
له كل يوم في
خليقته أمر ١٨٨
|
لعلّهما أن
تطلبا لك مخرجا
|
|
وأن ترحبا
صدرا بما كنت أحصر ١٩٦
|
لوى رأسه عني
، وما بودّه
|
|
أغانيج خود
كان فينا يزورها ٢٢٢
|
أنا أبو النجم وشعري شعري ١٣٩
تعلّم شفاء
النفس قهر عدوّها
|
|
فبالغ بلطف
في التّحيّل والمكر ٢٠٤
|
وإذا تباع
كريمة أو تشترى
|
|
فسواك بائعها
وأنت المشتري ٢١٤
|
دعوت لما
نابني مسورا
|
|
فلبّى ،
فلبّي يدي مسور ٢٢٨
|
جاء الخلافة
أو كانت له قدرا
|
|
كما أتى ربّه
موسى على قدر ٢٥٩
|
جاري لا تستنكري عذيري ١٦٦
«س»
وحلق الماذيّ
والقوانس
|
|
فداسهم دوس
الحصاد الدّائس ٢٣٩
|
«ع»
يا فارس
الحيّ يوم الرّوع قد علموا
|
|
ومدره الخصم
لا نكسا ولا ورعا ٢٨٤
|
ومدرك التّبل
في الأعداء يطلبه
|
|
وما يشأ
عندهم من تبلهم منعا ٢٨٤
|
وما يرد من
جميع ، بعد ، فرّقه
|
|
وما يرد ،
بعد ، من ذي فرقة جمعا ٢٨٤
|
وإنّك مهما
تعط بطنك سؤله
|
|
وفرجك نالا
منتهى الذّمّ أجمعا٢٨٥
|
أكفرا بعد
ردّ الموت عني
|
|
وبعد عطائك
المائة الرّتاعا ٢٣٨
|
وما المال
والأهلون إلا ودائع
|
|
ولا بد يوما أن تردّ الودائع ١٥٦
|
خليليّ ما
واف بعهدي أنتما
|
|
إذا لم تكونا
لي على من اقاطع ١٦٩
|
أودى بنيّ
وأودعوني حسرة
|
|
عند الرّقاد
وعبرة ما تقلع ١٦٨
|
ولو سئل
الناس التراب لأوشكوا
|
|
إذا قيل :
هاتوا أن يملّوا ويمنعوا ١٩٣
|
قوم إذا
سمعوا الصريخ رأيتهم
|
|
من بين ملجم
مهره أو سافع ٢٥٩ ، ٢٤٩
|
«ف»
عضّ زمان يا
ابن مروان لم يدع
|
|
من المال
إلّا مستحتا ومجلّف ٢٤٢
|
الحافظو عورة
العشيرة لا
|
|
يأتيهم من
ورائنا نطف ٢٥٩
|
بعشرتك
الكرام تعدّ منهم
|
|
فلا ترين
لغيرهم ألوفا ٢٣٨
|
«ق»
والتغلبيّون
بئس الفحل فحلهم
|
|
فحلا وأمّهم
زلّاء منطيق ٢٣٥ ، ٢٥١
|
وليس بمعييني
وفي الناس ممتع
|
|
صديق إذا
أعيا عليّ صديق ١٦١
|
صديق إذا
أعيا عليّ صديق
|
|
في بعض
عزّاته يوافقها ١٩٣
|
لديك كفيل
بالمنى لمؤمّل
|
|
وإنّ سواك من
يؤمّله يشقى ٢١٥
|
أفنى تلادي
وما جمّعت من نشب
|
|
قرع القوافيز أفواه الأباريق ٢٣٩
|
تذر الجماجم
ضاحيا هاماتها
|
|
بله الأكفّ
كأنها لم تخلق ٢٧٢
|
«ك»
كأن بين
فكّها والفكّ
|
|
فأرة مسك
ذبحت في سكّ ١٢٠
|
علّم رسول الله أنّك مدركي ٢٠٤
«ل»
خليلي خليلي
دون ريب وربما
|
|
ألان امرؤ
قولا فظنّ خليلا١٣٩
|
وليس
الموافيني ليرفد خائبا
|
|
فإنّ له
أضعاف ما كان أمّلا ١٦١
|
يذيب الرعب
منه كلّ عضب
|
|
فلو لا الغمد
يمسكه لسالا ١٧٢ ، ١٧٦
|
فلم أر مثلها
خباسة واحد
|
|
ونهنهت نفسي
بعد ما كدت أفعله ١٩١
|
رأيت الناس
ما حاشا قريشا
|
|
فإنّا نحن
أفضلهم فعالا ٢١٥
|
قلت إذ أقبلت
وزهر تهادى
|
|
كنعاج الفلا
تعسّفن رملا ٢٦١
|
ورجا الأخيطل
من سفاهة رأيه
|
|
ما لم يكن
وأب له لينالا ٢٦١
|
إن تدع للخير
كن إيّاه مبتغيا
|
|
ومن دعاك له
احمده بما فعلا ٢٨٩
|
ألا كل شيء ما خلا الله باطل ١٤٥
يلومونني في
اشتراء النخي
|
|
ل أهلي ،
فكلّهم يعذل ٢٠٧
|
لا يامن
الدهر ذو بغي ولو ملكا
|
|
جنوده ضاق
عنها السّهل والجبل ١٨٣
|
سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم
|
|
فليس سواء
عالم وجهول ١٨٦
|
فقلت تعلّم
أنّ للصّيد غرّة
|
|
وإلا تضيّعها فإنّك قاتله ٢٠٤
|
أبيتم قبول
السّلم منّا فكدتمو
|
|
لدى الحرب أن
تغنوا السّيوف عن السّلّ ١٩١
|
يسقون من ورد
البريص عليهم
|
|
بردى يصفّق
بالرحيق السّلسل ٢٢٦
|
خمس ذود أو
ستّ عوّض منها
|
|
مائة غير
أبكر وإفال ٢٣٣
|
عتوا إذ
أجبناهم إلى السّلم رأفة
|
|
فسقناهم سوق
البغاث الأجادل ٢٣٥
|
فرشني بخير
لا أكونن ومدحتي
|
|
كناحت ، يوما
، صخرة بعسيل ٢٣٦
|
|
قفا نبك من
ذكرى حبيب ومنزل
|
|
بسقط اللّوى
بين الدّخول فحومل ٢٧٦
|
|
استغن ما
أغناك ربّك بالغنى
|
|
وإذا تصبك
خصاصة فتحمّل ٢٨٣
|
|
ولا نعطى
الخيار لما افترقنا
|
|
ولكن لا خيار
مع الليالي ٢٩٢
|
|
ثلاثة أنفس
وثلاث ذود
|
|
لقد جار
الزمان على عيالي ٢٩٨
|
|
|
|
|
|
|
«م»
ذاك خليلي
وذو يواصلني
|
|
يرمي ورائي
بامسهم وامسلمه ١٤٨
|
فأطرق إطراق
الشجاع ولو رأى
|
|
فأطرق إطراق
الشجاع ولو رأى ١٥٤
|
ألا تسألون
الناس أيّي وأيّكم
|
|
غداه ا؟؟؟
كان خيرا وأكرما ٢٢٩
|
ما يلق في
أشداقه تلهّما
|
|
إذا أعاد
الزّأر أو تنهّما ٢٨٥
|
ومن لا يزل
ينقاد للغيّ والصّبا
|
|
نادما ٢٨٨
|
حدبت عليّ
بطون ضنّة كلها
|
|
إن ظالما
فيهم وإن مظلوما ٢٩٣
|
لنا الجفنات
الغرّ يلمعن بالضحى
|
|
وأسيافنا
يقطرن من نجدة دما ٣٠١
|
يصبح ظمآن وفي البحر فمه ١٥٥
تولّى قتال
المارقين بنفسه
|
|
وقد أسلماه
مبعد وحميم ٢٠٧
|
حتّى تهجّر
في الرواح وهاجها
|
|
طلب المعقّب
حقّه المظلوم ٢٤٠
|
فطلّقها ،
فلست لها بكفء
|
|
وإلّا يعل
مفرقك الحسام ٢٩٠
|
لا طيب للعيش
ما دامت منغّصة
|
|
لذّاته
بادّكار الموت والهرم ١٨٦
|
فلو قبل
مبكاها بكيت صبابة
|
|
بليلي شفيت
النفس قبل التندم ١٤٣
|
ولكن بكت
قبلي فهاج لي البكا
|
|
بكاها فقلت :
الفضل للمتقدم ١٤٣
|
كيف أصبحت ،
كيف أمسيت مما
|
|
يغرس الودّ
في فؤاد الكريم ٢٦٤
|
«ن»
تزود منا بين أذناه
طعنة
فليت لي بهم
قوما إذا ركبوا
|
|
شنّوا
الإغارة فرسانا وركبانا ٢٢١
|
لأنت معتاد
في الهيجا مصابرة
|
|
يصلى بها كل
من عاداك نيرانا ٢٣٧
|
قد كنت داينت
بها حسّانا
|
|
مخافة
الإفلاس واللّيّانا ٣٤٠
|
قد يرجع
المرء بعد المقت ذامقة
|
|
بالحلم فادرأ
به بغضاء ذي إحن ١٨١
|
ونحن أباة
الضيم من آل مالك
|
|
وإن مالك
كانت كرام المعادن ٣٠٠
|
ما رأيت امرأ
أحبّ إليه الب
|
|
ذل منه إليك
يا بن سنان ٢٥٤
|
النحو يبسط
من لسان الألكن
|
|
النحو يبسط
من لسان الألكن ٣٦
|
وكم علمته
نظم القوافي
|
|
فلما قال
قافية هجاني ١٤٦
|
فإلّا يكنها
أو تكنه فإنه
|
|
أخوها غذته
أمّه بلبانها ١٥٨
|
فليت رجالا
فيك قد نذروا دمي
|
|
وهمّوا بقتلي
يا بثين لقوني ٢٢٢
|
ألا ربّ
مولود وليس له أب
|
|
وذي ولد لم
يلده أبوان ٢٢٤
|
من يفعل
الحسنات الله يشكرها
|
|
والشّرّ
بالشّرّ عند الله مثلان ٢٨٨
|
إن يسمعوا
ريبة طاروا بها فرحا
|
|
عنّي وما
سمعوا من صالح دفنوا ٢٨٥
|
ولم يبق سوى
العدوا
|
|
ن دنّاهم كما
دانوا ٢١٤
|
خير اقترابي
من المولى حليف رضا
|
|
وشرّ بعدي
عنه وهو غضبان ١٧٨
|
«ه»
قد بلغا في المجد
غايتاها ١٥٤
«ي»
فإن كان لا
يرضيك حتّى تردّني
|
|
إلى قطريّ لا
إخالك راضيا ٢٠٦
|
٥ ـ الأعلام المترجمين
الصفحة
«ء»
ـ أبناء الأثير الثلاثة............................................................. ٢٩
ـ الإمام «أحمد»................................................................ ٨٦
ـ ابن الأخضر................................................................ ١٩٩
ـ إسماعيل بن أبي خالد........................................................... ٩٥
ـ ابن الأكفاني.................................................................. ٥١
«ث»
ـ ثعلب........................................................................ ٣١
«ج»
ـ أبو جعفر النحاس............................................................. ٤٨
«ح»
ـ ابن الحاج................................................................... ١٠٥
ـ حمّاد الراوية............................................................. ٨
، ١٢٣
ـ حمّاد بن سلمة................................................................ ٣٥
«خ»
ـ ابن خالوية.................................................................... ٣٤
«ز»
ـ زر بن حبيش................................................................. ٩٠
ـ أبو زيد النحوي............................................................... ٣٩
«س»
ـ سيبويه....................................................................... ٣٥
«ش»
ـ الشاطبي...................................................................... ٢٨
«ص»
ـ ابن الصائغ.................................................................. ١١٣
«ض»
ـ ابن الضائع.................................................................. ١١٣
«ط»
ـ طه الراوي................................................................... ١٢٣
«ع»
ـ العسكري................................................................... ١٣٢
«غ»
ـ الغزالي...................................................................... ١٦٣
«ق»
ـ القاسم بن مخيمرة.............................................................. ٤٨
ـ القاضي عياض.............................................................. ٢٥٧
«م»
ـ محمد الخضر حسين.......................................................... ١٢٨
ـ أم معبد الخزاعية............................................................... ١٧
«ن»
ـ ابن نجيم...................................................................... ٤٢
ـ النمر بن تولب.............................................................. ١٤٧
«ه»
ـ هشام بن عروة................................................................ ٣٥
«و»
ـ وكيع......................................................................... ٩٥
«ي»
ـ يحيى بن يعمر الليثي............................................................ ٣٢
ـ يسار المكي................................................................. ١٧٢
٦ ـ
الموضوعات
الصفحة
كلمة............................................................................
رسالة العالم الشيخ
محمد عبد الخالق عضيمة رسالة الأستاذ الدكتور عبد العظيم الشناوي التقدمة ٥
تمهيد (فصاحة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وبلاغة قوله).......................................... ١٥
القسم الأول................................................................... ٢٣
(دراسة مستفيضة لظاهرة
الاستشهاد بالحديث النبوي في النحو العربي) وفيه ثلاثة أبواب :
الباب الأول : (مدخل
إلى علم النحو العربي)...................................... ٢٥
وفيه ثلاثة فصول :
الفصل الأول : معرفة
اللغة والإعراب أصل لمعرفة الحديث النبوي...................... ٢٦
تذييل : معنى «المفصّل»
في القرآن الكريم.......................................... ٣٩
الفصل الثاني : فائدة
تعلم النحو.................................................. ٤٤
الفصل الثالث : آراء
علماء الشريعة في تعلّم النحو.................................. ٤٧
الباب الثاني : (مدخل
إلى علم الحديث النبوي).................................... ٤٩
وفيه فصلان :
الفصل الأول : تعريف
الحديث. والفرق بينه وبين الخبر والأثر........................ ٥٠
تذييل : في تعريف
المصطلحات التالية : المسانيد ، والمعاجم ، والأجزاء................. ٥٢
الفصل الثاني : تدوين
الحديث النبوي............................................. ٥٦
تصحيح خطأ.................................................................. ٥٩
الباب الثالث : (المحدثون
يتمتعون بدقة منقطعة النظير).............................. ٦٣
وفيه فصلان :
الفصل الأول : صفة
رواية الحديث ، وشرط أدائه.
آراء العلماء في رواية
الحديث بالمعنى............................................... ٦٤
تذييل : في بيان أن
العبارة التالية : «أن يؤدي نفس اللفظ» صحيحة نحويا بنص عربي.. ٦٤
تذييل : في بيان معنى
الحديث : «أنزل القرآن على سبعة أحرف»..................... ٧٣
تذييل : في تعريف
المصطلحات الأصولية التالية :
الظاهر ، المحكم ،
المشكل ، النص ، المشترك ، المجمل ، المتشابه...................... ٧٥
وفي هذا الفصل مسائل :
المسألة الأولى : بيان
ما يقوله من يروي حديثا بالمعنى................................ ٨١
المسألة الثانية : حكم
اختصار الحديث الواحد ، ورواية بعضه دون بعض والزيادة فيه.... ٨٢
المسألة الثالثة : حكم
تقطيع متن الحديث الواحد ، وتفريقه في الأبواب................. ٨٤
المسألة الرابعة :
طريق السلامة من اللحن والتصحيف في الحديث..................... ٨٥
تذييل : في ضبط كلمة «راهويه»................................................. ٨٦
المسألة الخامسة :
اللحن والتصحيف والتحريف..................................... ٨٧
المسألة السادسة :
تقويم اللحن بإصلاح الخطأ...................................... ٩٠
تذييل : في معنى «التضبيب».................................................... ٩٤
المسألة السابعة :
اتباع المحدث على لفظه وإن خالف اللغة الفصيحة.................. ٩٥
الفصل الثاني :
الاحتجاج بالحديث والاستشهاد به.................................. ٩٩
الاستشهاد بالحديث عند
اللغويين................................................ ٩٩
تذييل : في بيان معنى «الحديث
المتواتر»......................................... ١٠٠
الاستشهاد بالحديث عند
النحويين.............................................. ١٠١
تقسيم الاختلافات في
الاحتجاج بالحديث في «النحو» إلى ثلاثة اتجاهات :
الاتجاه الأول : صحة
الاحتجاج بالحديث في النحو مطلقا.......................... ١٠٤
الاتجاه الثاني : رفض
الاحتجاج بالحديث في النحو مطلقا........................... ١١٣
تذييل : في جواز دخول «أل»
على الكلمات التالية :
«بعض» و «كل» و «غير»................................................... ١٢٠
فكرة التحرز الديني في
ترك الاحتجاج بالحديث فكرة غير مقنعة..................... ١٢٥
الاتجاه الثالث :
التوسط بين المنع والجواز......................................... ١٢٧
الكشف عن مذهب «السيوطي»
و «البغدادي» في الاحتجاج بالحديث في النحو.... ١٣٣
مطلب : معنى الاستشهاد
، والاحتجاج ، والتمثيل................................ ١٣٥
القسم الثاني.................................................................. ١٣٧
(دراسة نحوية للأحاديث
النبوية الواردة في أكثر شروح ألفية ابن مالك)
وفيه ثمانية وثلاثون
بابا نحويا
وفيها عشر ومائة مسألة
الكلام على الأحاديث
المذكورة في مقدمات شروح الألفية.......................... ١٣٨
مسألة : في إشكال ورود
الجزاء بنفس الشرط..................................... ١٣٩
مسألة : في إشكال
تأنيث «دنيا» إذا نكرت.
(الكلام وما يتألف منه)....................................................... ١٤٥
مسألة (١) : تطلق
الكلمة على الجملة المفيدة لغة................................. ١٤٥
مسألة (٢) : «أم» تخلف
«أل» في لغة طيء.................................... ١٤٦
مسألة (٣) : الإسناد
عند «ابن مالك»......................................... ١٤٨
مسألة (٤) : دخول نون
التوكيد على الماضي..................................... ١٤٩
(المعرب والمبنى)
مسألة (٥) : النقص في «هن»
أشهر........................................... ١٥١
مسألة (٦) : في ألفاظ
ملحقة بالمثنى............................................ ١٥٢
مسألة (٧) : لزوم
المثنى الألف لغة بلحارث...................................... ١٥٤
مسألة (٨) : إثبات ميم
«فم» مع الإضافة جائز................................. ١٥٥
مسألة (٩) : في ألفاظ
ملحقة بجمع المذكر السالم................................. ١٥٦
(النكرة والمعرفة)............................................................ ١٥٧
مسألة (١٠) : في
اجتماع ضميرين هل الأولى اتصالهما أو انفصالهما................ ١٥٨
مسألة (١١) : في إضافة
«قط» لياء المتكلم..................................... ١٦٠
مسألة (١٢) : في اتصال
«نون الوقاية» باسمي الفاعل والتفضيل.................... ١٦١
(المعرف بأداة التعريف)...................................................... ١٦٣
تذييل : «إحياء علوم
الدين» ما له وما عليه...................................... ١٦٣
مسألة (١٣) : في «أل»
الزائدة................................................ ١٦٤
مسألة (١٤) : في العلم
بالغلبة................................................. ١٦٦
(المبتدأ والخبر)
مسألة (١٥) : في دخول
الباء الزائدة على المبتدأ.................................. ١٦٧
مسألة (١٦) : في تركيب
«أو مخرجيّ هم»...................................... ١٦٨
مسألة (١٧) : في
الجملة الواقعة خبرا ، وهي نفس المبتدأ معنى ، لا تحتاج لرابط....... ١٦٩
مسألة (١٨) : مسوغات
الابتداء بالنكرة........................................ ١٧٠
مسألة (١٩) : في ثبوت
خبر المبتدأ بعد «لو لا»................................. ١٧٢
تذييل : الرد على قول «السيوطي»
الظاهر أن الحديث حرفته الرواة................. ١٧٤
قال «ابن الطيب» : مثل
البخاري ومسلم لم يدخلوا في صحاحهم ما هو مروي بالمعنى أصلا ١٧٥
مسألة (٢٠) : في سد
الحال مسد الخبر......................................... ١٧٧
مسألة (٢١) : في رفع
ونصب «سبّوح قدّوس».................................. ١٧٨
(«كان» وأخواتها)
مسألة (٢٢) : في
استعمال أفعال بمعنى «صار».................................. ١٨٠
مسألة (٢٣) : في حذف «كان»
واسمها........................................ ١٨٣
مسألة (٢٤) : في حذف «النون»
من مضارع «كان»............................ ١٨٤
مسألة (٢٥) : في تخريج
حديث أورده «الشاطبي» في شرحه....................... ١٨٥
مسألة (٢٦) : في توسط
خبر «كان» وأخواتها................................... ١٨٦
مسألة (٢٧) : في أن «كان»
ليست لمجرد الزمان................................. ١٨٧
(أفعال المقاربة)
مسألة (٢٨) : في وقوع
خبر «كاد» مقرونا بـ «أن».............................. ١٨٨
مسألة (٢٩) : في
اختصاص «كاد» و «أوشك» بالتصرف....................... ١٩٢
مسألة (٣٠) : في حذف
خبر أفعال الباب...................................... ١٩٣
مسألة (٣١) : في نصب
الاسم والخبر بـ «إنّ» على لغة........................... ١٩٤
مسألة (٣٢) : في ورود «لعلّ»
للاستفهام....................................... ١٩٥
مسألة (٣٣) : في تصدير
خبر «لعل» بـ «أن».................................. ١٩٦
مسألة (٣٤) : في جواز
كسر «أنّ» وفتحها في حديث التلبية...................... ١٩٧
مسألة (٣٥) : في اللام
الفارقة................................................. ١٩٩
مسألة (٣٦) : في إسقاط
اللام عند أمن اللبس.................................. ٢٠٠
(«لا» التي لنفي الجنس)
مسألة (٣٧) : في أن «لا»
النافية للجنس لا تعمل في المعرفة...................... ١٠١
مسألة (٣٨) : في حذف
خبر «لا» النافية للجنس............................... ٢٠٢
مسألة (٣٩) : في حكم
الخبر المجهول........................................... ٢٠٣
(«ظن» وأخواتها)
مسألة (٤٠) : في أنّ «تعلّم»
بمعنى «اعلم»..................................... ٢٠٤
(الفاعل)
مسألة (٤١) : في جرّ
الفاعل.................................................. ٢٠٥
مسألة (٤٢) : في أن
الفاعل ضمير دلّ عليه الفعل............................... ٢٠٥
مسألة (٤٣) : في لغة «أكلوني
البراغيث»....................................... ٢٠٧
مسألة (٤٤) : في معنى «ولا
ذو عهد في عهده»................................. ٢٠٩
(التنازع)
مسألة (٤٥) : في
التنازع بين أكثر من عاملين................................... ٢١٠
(الاستثناء)
مسألة (٤٦) : في إعراب
«إلّا الإذخر»......................................... ٢١١
مسألة (٤٧) : في
الاستثناء بـ «بيد»............................................ ٢١٢
مسألة (٤٨) : في
استعمال «سوى»............................................ ٢١٣
مسألة (٤٩) : في «ما
حاشا»................................................. ٢١٥
(الحال)
مسألة (٥٠) : في الحال
الجامدة................................................ ٢١٧
مسألة (٥١) : في مجيئ
الحال من النكرة......................................... ٢١٩
(حروف الجر)
مسألة (٥٢) : في ورود «من»
لابتداء الغاية الزمانية.............................. ٢٢٠
مسألة (٥٣) : في ورود «الباء»
بمعنى «بدل».................................... ٢٢١
مسألة (٥٤) : في ورود «في»
بمعنى التعليل...................................... ٢٢١
مسألة (٥٥) : في
استعمال «عن» بمعنى البدل................................... ٢٢٣
مسألة (٥٦) : في
استعمال «ربّ» للتكثير كثيرا.................................. ٢٢٣
(الإضافة)
مسألة (٥٧) : في معاني
الإضافة............................................... ٢٢٥
مسألة (٥٨) : في قيام
المضاف إليه مقام المضاف في أحكامه...................... ٢٢٦
مسألة (٥٩) : في أنّ «لبّيك»
وأمثالها مصادر مثناة............................... ٢٢٧
مسألة (٦٠) : في أن «أيّا»
إذا تكررت تضاف إلى مفرد معرفة..................... ٢٢٩
مسألة (٦١) : في حذف
المضاف لقيام قرينة.................................... ٢٣٠
مسألة (٦٢) : في حذف
المضاف إليه.......................................... ٢٣١
تذييل : «العينيّ» في «عمدة
القاري» ينتقد «ابن حجر» في مواطن من «فتح الباري». ٢٣٢
مسألة (٦٣) : في جواز
الفصل بين المتضايفين بغير ضرورة......................... ٢٣٤
(إعمال المصدر)
مسألة (٦٤) : في إعمال
اسم المصدر........................................... ٢٣٨
مسألة (٦٥) : في إضافة
المصدر لمفعوله ثم يذكر فاعله............................ ٢٣٩
مسألة (٦٦) : في الحمل
على محل الفاعل أو المفعول المضاف إليهما المصدر......... ٢٤٠
تذييل : همسة صادقة في
آذان النحاة............................................ ٢٤٢
(أبنية المصادر)
مسألة (٦٧) : في مصدر
الهيئة................................................. ٢٤٣
(الصفة المشبهة)
مسألة (٦٨) : في إضافة
صفة مجردة من «أل» إلى مضاف لضمير................. ٢٤٥
(التعجب)
مسألة (٦٩) : في
التعجب اللغوي.............................................. ٢٤٧
مسألة (٧٠) : في
التعجب من السواد.......................................... ٢٤٧
مسألة (٧١) : في دخول «ما»
على الفعل المنفي................................. ٢٤٨
(نعم وبئس)
مسألة (٧٢) : في حكم
الفاعل المضاف إلى الله.................................. ٢٤٩
مسألة (٧٣) : في حكم
إضمار فاعل «نعم» غير مميز. وفي فعلية «نعم»............ ٢٥٠
مسألة (٧٤) : في وقوع
التمييز بعد فاعل «نعم» و «بئس» ظاهرا» ٢٥١
(أفعل التفضيل)
مسألة (٧٥) : في جواز
المطابقة وعدمها في أفعل التفضيل المضاف لمعرفة............ ٢٥٢
مسألة (٧٦) : في حكم
رفع اسم التفضيل الظاهر................................ ٢٥٤
(التوكيد)
مسألة (٧٧) : في حكم
التوكيد اللفظي في الجمل بلا عاطف...................... ٢٥٥
(عطف النسق)
مسألة (٧٨) : في
استعمال الفاء للترتيب........................................ ٢٥٦
مسألة (٧٩) : في
استعمال «حتى» لمطلق الجمع.................................. ٢٥٧
مسألة (٨٠) : في ورود «أو»
بمعنى «الواو»..................................... ٢٥٨
مسألة (٨١) : في العطف
على الضمير المرفوع المتصل............................. ٢٦٠
مسألة (٨٢) : في العطف
على ضمير الجر بغير إعادة الخافض..................... ٢٦٢
مسألة (٨٣) : في حذف
العاطف وحده........................................ ٢٦٤
(البدل)
مسألة (٨٤) : في بدل
الإضراب............................................... ٢٦٥
(النداء)
مسألة (٨٥) : في جواز
حذف «يا» النداء...................................... ٢٦٦
مسألة (٨٦) : في
معاملة المفرد معاملة المضاف................................... ٢٦٧
(الاختصاص)
مسألة (٨٧) : في
المخصوص المضاف إلى المعرف................................. ٢٦٨
(أسماء الأفعال والأصوات)
مسألة (٨٨) : في حقيقة
«حيهل»............................................. ٢٦٩
مسألة (٨٩) : في تحقيق
كلمة «بله»........................................... ٢٧٠
مسألة (٩٠) : في تحقيق
كلمة «كخ».......................................... ٢٧٣
(ما لا ينصرف)
مسألة (٩١) : في تحقيق
كلمة «مثنى».......................................... ٢٧٤
(إعراب الفعل) (النواصب)
مسألة (٩٢) : في جواز
إعمال «إذن» وإهمالها مع اجتماع الشروط................. ٢٧٥
مسألة (٩٣) : في سقوط
فاء السببية........................................... ٢٧٦
مسألة (٩٤) : في شرط
جزم الجواب بعد النهي................................... ٢٧٧
مسألة (٩٥) : في
انتصاب المضارع بعد الفاء في الرجاء............................ ٢٧٩
(عوامل الجزم)
مسألة (٩٦) : في لام
الأمر الداخلة على فعليّ المتكلم والمخاطب................... ٢٨١
مسألة (٩٧) : في الجزم
بـ «إذا»................................................ ٢٨٣
مسألة (٩٨) : في مجيء
الشرط مضارعا والجواب ماضيا............................ ٢٨٤
مسألة (٩٩) : في
اقتران جواب الشرط بالفاء.................................... ٢٨٦
مسألة (١٠٠) : في حذف
الفاء من جواب الشرط............................... ٢٨٨
مسألة (١٠١) : في حذف
فعل الشرط......................................... ٢٩٠
(لو)
مسألة (١٠٢) : في وقوع
جواب «لو» مضارعا منفيا............................. ٢٩٢
(أمّا)
مسألة (١٠٣) : في حذف
الفاء في جواب «أما»................................ ٢٩٥
(العدد)
مسألة (١٠٤) : في
تمييز العدد باسمي الجنس والجمع.............................. ١٠٤
(الممدود)
مسألة (١٠٥) : في
تثنية الممدود............................................... ٣٠٠
(جموع التكسير)
مسألة (١٠٦) : في حلول
جمع القلة محل الكثرة وبالعكس......................... ٣٠١
مسألة (١٠٧) : في صحة
جمع التكسير جمع السلامة............................. ٣٠٤
(الوقف)
مسألة (١٠٨) : الأرجح
في جمع التصحيح الوقف بالتاء........................... ٣٠٦
(الإبدال)
مسألة (١٠٩) : في
إبدال الياء تاء............................................. ٣٠٨
وفيها : تهكّم «ابن
الطيب» بقول «الفيروزأبادي» :لعلّه من تحريف الرواة).
مسألة (١١٠) : في
إبدال الميم................................................. ٣١٠
(خاتمة)...................................................................... ٣١١
(الفهارس)................................................................... ٣١٧
٧ ـ فهرس موارد البحث
«أ»
ـ «إتحاف فضلاء
البشر في القراءات الأربع عشر» لأحمد الدمياطي ، الشهير ، بالبنا. طبع عبد الحميد
حنفي ١٣٥٩ ه بمصر.
ـ «الإحكام في
أصول الأحكام» لعلي بن حزم ، تحقيق الأستاذ محمد أحمد عبد العزيز. ١٣٩٨ ه / ١٩٧٨
م بمصر.
ـ «أخبار
الحمقى والمغفلين» لأبي الفرج عبد الرحمن الجوزي. الطبعة الثالثة ١٩٧٩ م ، منشورات
دار الآفاق الجديرة. بيروت.
ـ «أخبار
النحويين البصريين» للسيرافي. بيروت. المطبعة الكاثوليكية ١٩٣٦ م.
ـ «إرشاد
الفحول» للشوكاني. دار الفكر. بيروت.
ـ «أساس
البلاغة» للزمخشري ، بتحقيق الأستاذ عبد الرحيم محمود ، تصوير بيروت ١٣٩٩ ه / ١٩٧٩
م.
ـ «أصول
التخريج ودراسة الأسانيد» للدكتور محمود الطحان. الطبعة الأولى ١٣٩٨ ه / ١٩٧٨ م
طبع في المطبعة العربية بحلب.
ـ «أصول
التفكير النحوي» للدكتور علي أبي المكارم طبع دار القلم.
بيروت ١٩٧٣ م.
ـ «أصول الحديث»
(علومه ومصطلحه) للدكتور محمد عجاج الخطيب الطبعة الثالثة. طبع دار الفكر ١٣٩٥ ه
/ ١٩٧٥ م.
ـ «أصول
السرخسي» للسرخسي. حققه الأستاذ أبو الوفا الأفغاني. تصوير بيروت.
ـ «إعراب
الحديث النبوي» للعكبري. تحقيق الأستاذ عبد الإله نبهان.
مطبوعات مجمع
اللغة العربية بدمشق ١٣٩٧ ه / ١٩٧٧ م.
ـ «الأعلام»
للأستاذ خير الدين الزّركلي (١ ـ ٨) الطبعة الرابعة. دار العلم للملايين ١٩٧٩ م.
ـ «أعلام
النساء» للأستاذ عمر رضا كحالة ، الطبعة الثالثة. مؤسسة الرسالة.
ـ «الاقتراح في
علم أصول النحو» للسيوطي ، تحقيق الدكتور أحمد محمد
قاسم. الطبعة الأولى ١٣٩٦ ه / ١٩٧٦ م القاهرة.
ـ «أمالي
السهيلي» لأبي القاسم عبد الرحمن الأندلسي. تحقيق الدكتور محمد إبراهيم البنا.
مطبعة السعادة.
ـ «إنباه
الرواة في أنباء النحاة» للقفطي. حققه الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم. طبع دار
الكتب المصرية ١٣٥٠ ه / ١٩٧٣ م.
ـ «الإنصاف في
مسائل الخلاف» لأبي البركات الأنباري تحقيق الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد.
الطبعة الرابعة ١٣٨٠ ه / ١٩٦١ م طبع السعادة.
ـ «أوضح المسالك
إلى ألفية ابن مالك» لابن هشام ، تحقيق الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد. الطبعة
الخامسة ١٩٦٦ م ، دار إحياء التراث. بيروت.
«ب»
ـ «البحر
المحيط» لأثير الدين أبي عبد الله محمد بن يوسف الأندلسي الغرناطي الجياني ،
الشهير بأبي حيان. مصورة عن طبعة السعادة ١٣٢٨ ه.
ـ «بغية الوعاة
في طبقات اللغويين والنحاة» للسيوطي. حققه الشيخ محمد أبو الفضل إبراهيم ، طبع
عيسى البابي الحلبي ١٩٦٤ م.
ـ «البيان
والتبيين» لأبي عثمان ، عمرو بن بحر الجاحظ. الطبعة الرابعة ١٣٩٥ ه / ١٩٧٥ م (الخانجي)
بمصر.
«ت»
ـ «تاج العروس»
لمحمد مرتضى الزبيدي. نشر دار الحياة بيروت ، عن المطبعة الخيرية ١٣٠٦ ه بمصر.
ـ «تاريخ آداب
العرب» للأستاذ مصطفى صادق الرافعي. الطبعة الثانية ١٣٩٤ ه / ١٩٧٤ م ، تصوير دار
الكتاب العربي. بيروت.
ـ «التبيان في
تصريف الأسماء» للأستاذ الدكتور أحمد حسن كحيل.
الطبعة
السادسة. مطبعة السعادة ١٣٩٨ ه / ١٩٧٨ م.
ـ «تحرير
الرواية في تقرير الكفاية» لأبي الطيب الفاسي. تحقيق الدكتور علي حسين البواب ـ طبع
دار العلوم ـ الرياض ١٤٠٣ ه / ١٩٨٣ م.
ـ «تخريج
أحاديث إحياء علوم الدين» للعراقي ، بهامش «الإحياء».
طبعة مصورة عن
طبعة لجنة نشر الثقافة الإسلامية ١٣٥٦ ه.
ـ «تخريج
أحاديث شرح الرضي علي الكافية» لعبد القادر بن عمر البغدادي. (مخطوط. دار الكتب
المصرية. بخط المؤلف برقم : ١٥١٢ حديث).
ـ «تدريب
الراوي» في شرح تقريب النواوي ، للسيوطي. حققه عبد الوهاب عبد اللطيف. الطبعة
الثانية ١٣٩٩ ه / ١٩٧٩ م. دار إحياء السنة النبوية. بيروت.
ـ «تسهيل
الفوائد وتكميل المقاصد» لابن مالك. تحقيق الدكتور محمد كامل بركات. دار الكتاب
العربي بالقاهرة ١٣٨٨ ه / ١٩٦٨ م.
ـ «تصحيفات
المحدثين» لأبي أحمد العسكري ، تحقيق الدكتور محمود أحمد ميرة. القاهرة. المطبعة
العربية الحديثة. الطبعة الأولى ١٤٠٢ ه / ١٩٨٢ م.
ـ «التعريفات»
لأبي الحسن علي بن محمد بن علي الجرجاني ، المعروف بالسيد الشريف ـ الدار التونسية
للنشر.
ـ «تقريب
التهذيب» لابن حجر ، حققه الأستاذ عبد الوهاب عبد اللطيف. الطبعة الثانية ١٣٩٥ ه
/ ١٩٧٥ م.
ـ «التلخيص
الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير» لابن حجر. تحقيق الأستاذ شعبان محمد
إسماعيل. نشر مكتبة الكليات الأزهرية ١٣٩٩ ه / ١٩٧٩ م.
ـ «تمييز الطيب
من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث» لابن الديبع الشيباني. مطبعة
صبيح. ١٣٨٢ ه / ١٩٦٣ م. القاهرة.
ـ «تنزيه
الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة» لعلي بن عرّاق الكناني. بتحقيق
الأستاذ عبد الوهاب عبد اللطيف ، والأستاذ عبد الله محمد الصديق. طبع مكتبة
القاهرة ١٣٧٨ ه.
ـ «تهذيب
الأسماء واللغات» لأبي زكرياء محي الدين النووي ، مصورة عن نسخة إدارة الطباعة
المنيرية.
ـ «توجيه النظر
إلى أصول الأثر» للشيخ طاهر الجزائري طبع مصر ١٣٢٩ ه.
ـ «توضيح
الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار» لمحمد بن إسماعيل الأمير الحسني الصنعاني. تحقيق
الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد. مصورة
عن الطبعة الأولى ١٣٦٦ (الخانجي).
ـ «توضيح
المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك» للمرادي. المعروف بابن أمّ قاسم. تحقيق
الدكتور عبد الرحمن علي سليمان. الطبعة الأولى.
مكتبة الكليات
الأزهرية.
«ج»
ـ «جامع الأصول
في أحاديث الرسول» لمجد الدين أبي السعادات المبارك ابن محمد : ابن الأثير الجزري
..
تحقيق الأستاذ
عبد القادر الأرناؤوط. طبع دمشق ١٣٨٩ ه / ١٩٦٩ م.
ـ «جامع بيان
العلم وفضله» لابن عبد البر النمري مصورة عن الطبعة المنيرية. دار الكتب العلمية.
بيروت.
ـ «الجامع
الصحيح» لمسلم بن الحجاج. مصورة عن طبعة إستانبول. دار الفكر. بيروت.
ـ «الجامع
الصغير» للسيوطي.
ـ «الجني
الداني في حروف المعاني» للمرادي. تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة ، والأستاذ محمد
نديم فاضل. المكتبة العربية بحلب ١٣٩٣ ه / ١٩٧٣ م.
«ح»
ـ «حاشية الجمل
على الجلالين» المسماة بالفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية ،
لسليمان الجمل. تصوير دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
ـ «حاشية
الخضري» على شرح ابن عقيل. بمطبعة البابي الحلبي ١٣٥٩ ه / ١٩٤٠ م.
ـ «حسن التوسل
إلى صناعة الترسل» لشهاب الدين محمود الحلبي تحقيق الأستاذ أكرم عثمان يوسف ١٤٠٠ ه
/ ١٩٨٠ م (بغداد).
«خ»
ـ «خزانة الأدب
ولب لباب العرب» لعبد القادر البغدادي ، مصورة عن طبعة بولاق ١٢٩٩ وبهامشها «المقاصد
النحوية» للعيني.
ـ «الخصائص»
لابن جني ، تحقيق الأستاذ محمد علي النجار ، طبع دار الكتب ١٣٧١.
«د»
ـ «دراسات في
العربية وتاريخها» للشيخ محمد الخضر حسين. طبع دار الفتح. دمشق ، ١٣٨٠ ه / ١٩٦٠
م.
ـ «دراسات
لأسلوب القرآن الكريم» للأستاذ محمد عبد الخالق عضيمة ـ القاهرة.
ـ «دفاع عن
السنة وردّ شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين» ألفه الدكتور محمد محمد أبو شهبة ـ مطبعة
الأزهر.
ـ «الديباج
المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب» لبرهان الدين إبراهيم ، ابن فرحون. وبهامشه :
«نيل الابتهاج بتطريز الديباج» للتنبكتي ـ تصوير بيروت.
ـ «ديوان جرير»
دار بيروت ١٣٩٨ ه ١٩٧٧ م.
ـ «ديوان حميد
بن ثور» صنعة الأستاذ عبد العزيز الميمني ـ طبع دار الكتب ١٣٧١ ه / ١٩٥١ م.
ـ «ديوان عمر
بن أبي ربيعة» دار بيروت ١٣٩٨ ه / ١٩٧٨ م.
ـ «ديوان
الهذليين» مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية ، القاهرة ١٣٨٥ ه / ١٩٦٥ م.
«ر»
ـ «رد المحتار
على الدر المختار على تنوير الأبصار» المشهور بحاشية ابن عابدين. صورة عن طبعة
بولاق الطويلة.
ـ «الرسالة»
للشافعي. تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر. الطبعة الأولى ١٣٥٨ ه / ١٩٤٠ م مطبعة مصطفى
البابي الحلبي.
ـ «الرواية
والاستشهاد باللغة» للدكتور محمد عيد ـ عالم الكتب بالقاهرة ١٩٧٦ م.
ـ «روح المعاني
في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني» لمحمود الألوسي البغدادي ـ مصورة عن
الطباعة المنيرية.
ـ «سنن الترمذي»
تحقيق الأستاذ عبد الوهاب عبد اللطيف مصورة دار الفكر ..
ـ «سنن
الدارقطني» تصحيح الأستاذ عبد الله هاشم يماني المدني. دار المحاسن للطباعة.
القاهرة.
ـ «سنن الدارمي»
طبع بعناية الأستاذ محمد أحمد دهمان مصورة.
ـ «سنن أبي
داود» تحقيق الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد. مصورة.
ـ «سنن أبن
ماجه» تحقيق الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي. طبع عيسى البابي الحلبي ١٣٧٢ ه / ١٩٥٢
م بمصر.
ـ «سنن النسائي»
بشرح السيوطي ، وحاشية السندي. مصورة عن الطبعة الأولى ١٣٤٨ ه / ١٩٣٠ م.
ـ «السنة قبل
التدوين» للدكتور محمد عجاج الخطيب. الطبعة الثانية. دار الفكر ١٣٩١ ه / ١٩٧١ م.
ـ «سيبويه إمام
النحاة» للأستاذ علي النجدي ناصف. عالم الكتب. القاهرة.
ـ «السيرة
النبوية» لأبي محمد عبد الملك بن هشام ، بتحقيق الأستاذ مصطفى السقا وزميليه ـ تصوير
بيروت.
«ش»
ـ «ابن الشجري
، ومنهجه في النحو» رسالة ماجستير. للأستاذ عبد المنعم أحمد التكريتي. طبع بغداد ..
ـ «شرح أبيات
المغنى» لعبد القادر البغدادي ، تحقيق الأستاذين عبد العزيز رباح ، وأحمد يوسف
الدقاق. الطبعة الأولى ، مطبعة محمد هاشم الكتبي ، دمشق ١٣٩٨ ه / ١٩٧٨ م.
ـ «شرح
الأشموني على ألفية ابن مالك» المسمى منهج السالك ، لنور الدين ، علي ، أبي الحسن
، الأشموني. تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة بمصر ١٣٧٥ م.
ـ «شرح ألفية
ابن مالك» لمحمد بن محمد بن مالك ، بدر الدين ابن جمال الدين. تصوير بيروت.
ـ «شرح التصريح
بمضمون التوضيح» لخالد بن عبد الله الأزهري. وبذيله حاشية يس بن زيد العليمي
الحمصي. عيسى البابي الحلبي.
ـ «شرح الجمل»
لابن عصفور (مخطوط) مصورة في المكتبة المركزية ، عن نسخة مودعة فيها.
ـ «شرح الشافية»
لرضي الدين الإسترابادي. تحقيق الأساتذة : محمد نور الحسن ، ومحمد الزفزاف ، ومحمد
محيي الدين عبد الحميد ، مصورة عن طبعة حجازي.
ـ «شرح شذور الذهب»
لابن هشام. تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة بمصر ، الطبعة
السابعة ١٣٧٦ ه / ١٩٥٧ م.
ـ «شرح ابن
عقيل على ألفية ابن مالك» لعبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل الهاشمي. الطبعة
السادسة عشر ١٩٧٤ م / ١٣٩٤ ه القاهرة ..
ـ «شرح قطر
الندى وبل الصدى» لابن هشام. تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد. الطبعة
الثانية عشرة. مطبعة السعادة بمصر ١٣٨٦ ه / ١٩٦٦ م.
ـ «شرح قواعد
الإعراب» لمحمد بن سليمان الكافيجي. رسالتي التي أعددتها لنيل درجة الماجستير ،
حققتها على عدة نسخ مخطوطة موجودة في دار الكتب المصرية.
ـ «شرح الكافية»
لرضي الدين الاستراباذي. مصورة عن طبع استانبول ١٣٠٥ ه.
ـ «شرح ما يقع
فيه التصحيف والتحريف» لأبي أحمد ، الحسن بن عبد الله ، العسكري ، بتحقيق الأستاذ
عبد العزيز أحمد. القاهرة. مطبعة البابي الحلبي. الطبعة الأولى ١٣٨٣ ه / ١٩٦٣ م.
ـ «شرح المجلة»
لسليم رستم باز اللبناني (من أعضاء شورى الدولة العثمانية) طبع بإجازة نظارة
المعارف الجليلة في الآستانة العلية ـ تاريخ الإجازة ١٣٠٤ ه. صورة عن طبعة ثالثة
، مصححة ومزيدة.
ـ «شرح المفصل»
لابن يعيش. مصورة عن الطبعة المنيرية بمصر.
ـ «شرف أصحاب
الحديث» للبغدادي. تحقيق الأستاذ محمد سعيد خطيب أوغلي. نشرته دار أحياء السنة
النبوية. نشر كلية الإلهيات ـ جامعة أنقرة.
ـ «الشفا
بتعريف حقوق المصطفى» للقاضي أبي الفضل عياض. مصورة دار الفكر.
ـ «شواهد
التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح» لابن مالك.
تحقيق الأستاذ
محمد فؤاد عبد الباقي. نشر مكتبة دار العروبة. بالقاهرة.
«ص»
ـ «صبح الأعشى»
للقلقشندي (١ ـ ١٤). نسخة مصورة عن الطبعة الأولى.
ـ «صحيح
البخاري» مصورة عن طبعة إستانبول. دار الفكر.
ـ «صحيح مسلم»
بشرح النووي. المطبعة المصرية بالقاهرة ١٣٤٩ ه.
«ض»
ـ «الضرائر وما
يسوغ للشاعر دون الناثر» للألوسي. تصوير بيروت.
ـ «ضوء الصبح
المسفر ، وجني الدوح المثمر» مختصر «صبح الأعشى في كتابة الإنشاء» وكلاهما
للقلقشندي. طبع بمصر ١٣٢٤ ه / ١٩٠٦ م.
«ط»
ـ «الطبقات
الكبرى» لابن سعد (١ ـ ٨) (دار صادر ، ودار بيروت ، بيروت ١٩٥٧ ـ ١٩٥٨).
ـ «طبقات
النحويين واللغويين» للزبيدي حققه الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم. دار المعارف
بمصر ١٩٧٣ م.
«ع»
ـ «عمدة القاري
شرح صحيح البخاري» للبدر العيني (١ ـ ٢٥) مصورة عن الطبعة المنيرية.
ـ «عيون
الأخبار» لابن قتيبة. نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب ١٩٧٣ م.
«غ»
ـ «غريب الحديث»
لأبي عبيد القاسم بن سلّام الهروي ـ ٢٢٤ ه مصورة عن الطبعة الأولى ، بحيدر آباد
الدكن الهند ١٣٨٤ ه / ١٩٦٤ م.
«ف»
ـ «الفاخر»
لأبي طالب المفضل ، تحقيق عبد العليم الطحاوي ، عيسى الحلبي ١٣٨٠ ه / ١٩٦٠ م.
ـ «فتح الباري
بشرح صحيح البخاري» لابن حجر (١ ـ ١٣) مصورة عن الطبعة السلفية.
ـ «الفتح
الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد ، مع مختصر شرحه بلوغ الأماني من أسرار الفتح
الرباني ـ لأحمد عبد الرحمن البنا. تصوير. دار الحديث القاهرة.
ـ «فتح المغيث
شرح ألفية الحديث للعراقي» لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي ـ ٩٠٢ ه.
الطبعة الثانية ١٣٨٨ ه / ١٩٦٩ م.
ـ «في أصول
النحو» للأستاذ سعيد الأفغاني. دار الفكر. دمشق ١٣٨٣ ه / ١٩٦٣ م.
ـ «فيض القدير»
لعبد الرؤوف المناوي. الطبعة الثانية ، تصوير بيروت عن طبعة مصرية ١٣٩١ ه / ١٩٧٢
م.
ـ «فيض نشر
الانشراح من روض طي الاقتراح» لأبي عبد الله محمد بن الطيب الفاسي. مخطوط برقم ١٣٢٠
مكتبة راغب باشا. وإنني بصدد تحقيقه.
ـ «فهارس كتاب
سيبويه» للأستاذ محمد عبد الخالق عضيمة. الطبعة الأولى ، مطبعة السعادة ١٣٩٥ ه / ١٩٧٥
م.
«ق»
ـ ««القاموس
المحيط» والقابوس الوسيط ، فيما ذهب من لغة العرب شماطيط. لمجد الدين الفيروز
أبادي. المطبعة المصرية.
ـ «القرى لقاصد
أمّ القرى» لمحب الدين الطبري عارضه على المخطوطات
الأستاذ مصطفى السقا. مطبعة مصطفى البابي الحلبي. الطبعة الثانية ١٣٩٠ ه /
١٩٧٠ م.
ـ «قواعد
التحديث من فنون مصطلح الحديث» لمحمد جمال الدين القاسمي. تصوير بيروت ـ دار إحياء
السنة النبوية ١٣٩٩ ه / ١٩٧٩ م.
«ك»
ـ «الكافي شرح
الهادي» لعز الدين الزنجاني ـ ٦٦٠ ه رسالتي التي أعددتها لنيل درجة الدكتوراه.
حققتها على عدة نسخ مخطوطة. نسخة منها بخط المؤلف.
ـ «كتاب سيبويه»
تحقيق وشرح الأستاذ عبد السّلام محمد هارون. الطبعة الثانية. الهيئة المصرية
العامة للكتاب.
ـ «الكتابة
الصحيحة» للأستاذ زهدي جار الله. الأهلية للنشر والتوزيع ـ بيروت ١٩٧٧ م.
ـ «كشف الأسرار
عن أصول فخر الإسلام البزدوي» لعلاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري ـ ٧٣٠ ه
مصورة عن طبعة إستانبول.
ـ «كشف الخفاء
، ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس» لإسماعيل العجلوني.
الطبعة الثالثة ، تصوير بيروت عن طبعة مصرية ١٣٥١ ه.
ـ «كشف الظنون
عن أسامي الكتب والفنون» لكاتب چلبي مكتبه المثنى. تصوير بيروت.
ـ «الكفاية في
علم الرواية» للخطيب البغدادي. تقديم المحدّث محمد الحافظ التيجاني. ومراجعة
الأستاذين : عبد الحليم محمد عبد الحليم ، وعبد الرحمن حسن محمود مطبعة السعادة
الطبعة الأولى.
«ل»
ـ «لباب الآداب»
لأسامة بن منقذ. تصوير دار الكتب العلمية. بيروت ١٤٠٠ ه / ١٩٨٠ م.
ـ «لسان العرب»
لابن منظور ـ ٧١١ ه دار صادر ـ بيروت ١٣٨٨ ه / ١٩٦٨ م.
ـ «لمع الأدلة
في أصول النحو» للأنباري. تحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني.
مطبعة الجامعة السورية ١٣٧٧ ه.
«م»
ـ «المثل
السائر ، في أدب الكاتب والشاعر» لضياء الدين بن الأثير ، تحقيق الدكتور أحمد
الحوفي ، والدكتور بدوي طبانة. الطبعة الأولى ١٣٨٠ ه / ١٩٦٠ م. مكتبة نهضة مصر.
ـ «مجالس
العلماء» للزجاجي. تحقيق الأستاذ عبد السّلام محمد هارون. الكويت ١٩٦٢ م.
ـ «مجمع
الأمثال» لأحمد الميداني ، حققه الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم ، طبع عيسى الحلبي
، ١٣٩٨ ه / ١٩٧٨ م.
ـ «مجمع
الزوائد ، ومنبع الفوائد» لنور الدين الهيثمي. طبع القدسي بالقاهرة. ١٣٥٣ ه.
ـ «المحدث
الفاصل بين الراوي والواعي» للرامهرمزي. تحقيق الدكتور محمد عجاج الخطيب. الطبعة
الأولى. بيروت. دار الفكر ١٣٩١ ه / ١٩٧١ م.
ـ «مختصر سنن
أبي داود» للمنذري ، ومعه «معالم السنن» للخطابي.
تحقيق الشيخ
أحمد محمد شاكر ، ومحمد حامد الفقي. دار المعرفة. بيروت ١٤٠٠ ه / ١٩٨٠ م.
ـ «مدرسة
الكوفة ومنهجها» للدكتور مهدي المخزومي. طبع مصطفى البابي الحلبي ١٣٧٧ ه.
ـ «المزهر في
علوم اللغة وأنواعها» للسيوطي. حققه الأساتذة : محمد أحمد جاد المولى ، وعلي محمد
البجاوي ، ومحمد أبو الفضل إبراهيم. طبع عيسى البابي الحلبي.
ـ «مراتب
النحويين» لأبي الطيب اللغوي. حققه الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم. طبع دار نهضة
مصر.
ـ «المستصفى من
علم الأصول» للغزالي. مصورة عن طبعة بولاق.
ـ «مسند الإمام
أحمد» الطبعة الثانية ١٣٩٨ / ١٩٧٨ المكتب الإسلامي بيروت.
ـ «المصباح
المنير» للفيومي. تحقيق أستاذنا الدكتور عبد العظيم الشناوي. دار المعارف.
ـ «المصنوع في
معرفة الحديث الموضوع» لعلي القاري ، تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة. الطبعة
الثانية ١٣٩٨ ه / ١٩٧٨ م ، مؤسسة الرسالة ، بيروت.
ـ «معجم
الأخطاء الشائعة» للأستاذ محمد العدناني. دار القلم للطباعة. لبنان ـ ١٩٧٣.
ـ «المعجم
المفهرس لألفاظ الحديث النبوي» عن الكتب الستة ، وعن مسند الدارمي ، وموطأ مالك ،
ومسند أحمد. رتّبه ونظّمه لفيف من المستشرقين ، ونشره الدكتور ونسنك. صورة عن طبعة
بريل من مدينة ليدن سنة ١٩٣٦ ـ ١٩٦٩ م.
ـ «معجم مقاييس
اللغة» لأبي الحسين أحمد بن فارس. تحقيق الأستاذ عبد السّلام محمد هارون ـ مصورة
في إيران.
ـ «مغني اللبيب
عن كتب الأعاريب» لابن هشام. تحقيق الدكتور مازن مبارك ، والأستاذ محمد علي حمد
الله ـ دار الفكر بدمشق ١٣٨٤ ه / ١٩٦٤ م.
ـ «المغني في
ضبط أسماء الرجال ومعرفة كنى الرواة وألقابهم وأنسابهم» للأستاذ محمد طاهر بن عليّ
الهندي. دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٣٩٩ ه / ١٩٧٩ م.
ـ «مفتاح
الدواوين الحديثية» (خاص بالكتب والأبواب الرئيسية) صنعة الدكتور محمود فجال (مخطوط).
ـ «مفتاح
الصحيحين» (البخاري ومسلم) للحافظ محمد الشريف بن مصطفى التوقاري. مصورة بيروت عن
الشركة الصحافية العثمانية سنة ١٣١٣ ه.
ـ «مفتاح كنوز
السنة» وضعه باللغة الإنكليزية الدكتور فنسنك ، ونقله إلى اللغة العربية الأستاذ
محمد فؤاد عبد الباقي. مصورة : إدارة ترجمان السّنّة.
لاهور ١٣٩٧ ه
/ ١٩٧٧ م.
ـ «المقاصد
الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة» للسخاوي. تصحيح الأستاذ
عبد الله محمد الصديق (الخانجي) بمصر ١٣٧٥ ه / ١٩٥٦ م.
ـ «المقاصد
الشافية في شرح الخلاصة الكافية» للشاطبي ـ مخطوط بخمسة مجلدات مصورة ، عند
الدكتور طاهر مسعود ..
ـ «المقتضب»
للمبرد ـ تحقيق الأستاذ محمد عبد الخالق عضيمة ، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
ـ «مقدمة ابن
الصلاح ومحاسن الاصطلاح» تحقيق الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطىء) مطبعة دار
الكتب ١٩٧٤ م.
ـ «من تاريخ
النحو» للأستاذ سعيد الأفغاني. دار الفكر.
ـ «منجد
الطالبين» للأستاذ أحمد إبراهيم عمارة. الطبعة الأولى ١٣٦٧ ه / ١٩٤٨ م مطبعة
حجازي بالقاهرة ـ و «دليل المنجد» له.
الطبعة الثانية
١٣٧٥ ه / ١٩٥٥ م. دار الطباعة المحمدية.
ـ «من قضايا
اللغة والنحو» للدكتور أحمد مختار عمر ـ عالم الكتب ١٣٩٤ ه / ١٩٧٤ م.
ـ «المنهج
الأحمد في تراجم أصحاب أحمد» لأبي اليمن مجير الدين عد الرحمن العليمي ـ ٩٢٨ ه ،
تحقيق الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد. الطبعة الأولى ١٣٨٣ ه.
ـ «الموافقات
في أصول الشريعة» للشاطبي ، بشرح الشيخ عبد الله دراز.
مصورة.
ـ «الموطأ»
لمالك ، تحقيق الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي ، طبع عيسى الحلبي ١٣٧٠ ه.
«ن»
ـ «النحو
الوافي» للأستاذ عباس حسن. الطبعة الخامسة ، دار المعارف بمصر.
ـ «النشر في
القراءات العشر» لابن الجزري. دار الكتب العلمية ، بيروت.
ـ «نصب الراية
لأحاديث الهداية» لجمال الدين الزيلعي. الطبعة الثانية ١٣٩٣ ه. المكتب الإسلامي.
بيروت.
ـ «نظم
المتناثر من الحديث المتواتر» للكتاني. دار الكتب العلمية ـ بيروت.
ـ «النهاية في
غريب الحديث والأثر» لمجد الدين ابن الأثير. تحقيق الدكتور محمود الطناحي ،
والأستاذ طاهر الزواوي. طبع عيسى الحلبي.
«ه»
ـ «همع الهوامع
شرح جمع الجوامع» للسيوطي دار المعرفة ـ بيروت ـ مصورة.
«و»
ـ «الوسيط في
علوم ومصطلح الحديث» ألفه الدكتور محمد محمد أبو شهبة. الطبعة الأولى ١٤٠٣ ه / ١٩٨٣
م. جدة.
|