بسم الله الرّحمن الرّحيم

حروف الجرّ

هاك حروف الجرّ ، وهى : من ، إلى ،

حتّى ، خلا ، حاشا ، عدا ، فى ، عن ، على

مذ ، منذ ، ربّ ، اللّام ، كى ، واو ، وتا

والكاف ، والباء ، ولعل ، ومتى (١)

هذه الحروف العشرون كلّها مختصّة بالأسماء ، وهى تعمل فيها الجرّ ، وتقدّم الكلام على «خلا ، وحاشا ، وعدا» فى الاستثناء ، وقلّ من ذكر «كى ، ولعلّ ، ومتى» فى حروف الجر.

فأما «كى» فتكون حرف جرّ فى موضعين (٢) :

أحدهما : إذا دخلت على «ما» الاستفهامية ، نحو «كيمه؟» أى : لمه؟ فـ «ما» استفهامية مجرورة بـ «كى» ، وحذفت ألفها لدخول حرف الجرّ عليها ، وجىء بالهاء للسكت.

__________________

(١) «هاك» ها : اسم فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والكاف حرف خطاب «حروف» مفعول به لاسم الفعل ، وحروف مضاف و «الجر» مضاف إليه «وهى» مبتدأ «من» قصد لفظه : خبر المبتدأ «إلى ، حتى ، خلا ـ إلخ البيتين» معطوفات على «من» بإسقاط حرف العطف فى بعضها وإثباته فى بعضها الآخر.

(٢) ولكى الجارة موضع ثالث تقع فيه ، وهو أن يكون مدخولها «ما» المصدرية ، كما فى قول الشاعر :

إذا أنت لم تنفع فضرّ ؛ فإنّما

يراد الفتى كيما يضرّ وينفع

أى للضر والنفع ، وتقديره على نحو ما قال الشارح فى الموضع الثانى.


الثانى : قولك : «جئت كى أكرم زيدا» فـ «أكرم» : فعل مضارع منصوب بـ «أن» بعد «كى» (١) ، و «أن» والفعل مقدّران بمصدر مجرور بـ «كى» والتقدير : جئت [كى إكرام زيد ، أى] لإكرام زيد.

وأما «لعلّ» فالجرّ بها لغة عقيل ، ومنه قوله :

(١٩٦) ـ

* لعلّ أبى المغوار منك قريب*

__________________

(١) اعلم أنه قد يؤتى بلام الجر قبل كى ؛ فيقال : «جئت لكى أتعلم» وقد يؤتى بأن المصدرية بعد كى ؛ فيقال : «جئت كى أن تكرمنى» وعلى الوجه الأول تكون كى مصدرية بلا تردد ، وهو الأكثر استعمالا ، وعلى الوجه الثانى تكون كى حرف جر بلا تردد ، وهو أقل استعمالا من سابقه ، وقد يؤتى بكى غير مسبوقة باللام ولا سابقة لأن ، كما يقال : «جئت كى أتعلم» وهى حينئذ تحتمل المصدرية بتقدير اللام قبلها. وتحتمل أن تكون حرف جر دال على التعليل وأن مقدرة بعدها ، وحملها على الوجه الأول أولى ؛ لأنه الأكثر فى الاستعمال كما قلنا ، ومن هنا تعلم أن ما جرى عليه الشارح فيه حمل الكلام على أقل الوجهين.

١٩٦ ـ هذا عجز بيت لكعب بن سعد الغنوى ، من قصيدة مستجادة يرثى فيها أخاه أبا المغوار ـ واسمه هرم ، وقيل : اسم أبى المغوار شبيب ـ وصدر البيت قوله :

* فقلت : ادع أخرى وارفع الصّوت جهرة*

ومن العلماء من ينسب هذه القصيدة لسهم الغنوى أخى كعب وأبى المغوار جميعا ، والصواب عند الأثبات من الرواة ما قدمناه ، وقبل هذا البيت قوله :

وداع دعا : يا من يجيب إلى النّدى

فلم يستحبه عند ذاك مجيب

الإعراب : «فقلت» فعل وفاعل «ادع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «أخرى» مفعول به ، وهى صفة أقيمت مقام موصوفها بعد حذفه ، وأصل الكلام : ادع مرة أخرى «وارفع» الواو عاطفة ، وارفع : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الصوت» مفعول به لارفع «جهرة» مفعول مطلق «لعل» حرف ترج وجر شبيه بالزائد «أبى» مبتدأ مرفوع تقديرا ،


وقوله :

(١٩٧) ـ

لعلّ الله فضّلكم علينا

بشىء أنّ أمّكم شريم

فـ «أبى المغوار» ، والاسم الكريم : مبتدآن ، و «قريب» ، و «فضّلكم» خبران ، و «لعلّ» حرف جرّ زائد (٢) دخل على المبتدأ ؛ فهو كالباء فى «بحسبك درهم».

__________________

وأبى مضاف و «المغوار» مضاف إليه «منك» جار ومجرور متعلق بقريب الآتى «قريب» خبر المبتدأ.

الشاهد فيه : قوله «لعل أبى ـ إلخ» حيث جر بـ «لعل» لفظ أبى» على لغة غقيل.

١٩٧ ـ هذا البيت من الشواهد التى لم نقف على نسبتها لقائل معين.

اللغة : «أن أمكم» يجوز فى همزة «أن» الفتح والكسر ؛ أما الفتح فعلى أنها مع ما بعدها فى تأويل مصدر بدل من شىء ، وأما الكسر فعلى الابتداء «شريم» هى المرأة المفضاة التى اتحد مسلكاها ، ويقال فيها : شرماء ، وشروم ، أيضا.

الإعراب : «لعل» حرف ترج وجر شبيه بالزائد «الله» مبتدأ ، وهو فى اللفظ مجرور بلعل «فضلكم» فضل : فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الله ، والكاف مفعول به ، والميم علامة الجمع ، والجملة من فضل وفاعله ومفعوله فى محل رفع خبر المبتدأ «علينا ، بشىء» يتعلقان بفضل «أن» حرف توكيد ونصب «أمكم» أم : اسم أن ، وأم مضاف والضمير مضاف إليه «شريم» خبر أن ، وأن واسمها وخبرها فى تأويل مصدر بدل من شىء ، على تقدير فتح همز «أن».

الشاهد فيه : قوله «لعل الله» حيث جر بلعل ما بعدها لفظا على لغة عقيل كما فى البيت السابق ، وهو مرفوع فى التقدير ، ولم يمنع من ظهور رفعه إلا الحركة التى اقتضاها حرف الجر الشبيه بالزائد.

(١) الصواب أن يقول «حرف جر شبيه بالزائد» وأما الباء فى قولهم «بحسبك درهم» فهى حرف جر زائد ، فليس التشبيه فى كلام الشارح دقيقا.


وقد روى على لغة هؤلاء فى لامها الأخيرة الكسر والفتح ، وروى أيضا حذف اللام الأولى ؛ فتقول : «علّ» بفتح اللام وكسرها.

وأما «متى» فالجرّ بها لغة هذيل ، ومن كلامهم : «أخرجها متى كمّه» ، يريدون «من كمه» ومنه قوله :

(١٩٨) ـ

شر بن بماء البحر ثمّ ترفّعت

متى لجج خضر ، لهنّ نئيج

__________________

واعلم أن حرف الجر إما أن يفيد معنى خاصا ويكون له متعلق ، وإما ألا يفيد معنى خاصا ولا يكون له متعلق ، وإما أن يفيد معنى خاصا ولا يكون له متعلق ؛ فالأول الحرف الأصلى الذى يعقد له النحاة باب حروف الجر ، والثانى هو الحرف الزائد كالباء فى «بحسبك درهم» ومن فى قولك «ما زارنى من أحد» والثالث هو الشبيه بالزائد ، وإنما أشبه الزائد فى أنه لا متعلق له ، وأشبه الأصلى فى الدلالة على معنى خاص كالترجى فى لعل والتقليل فى رب.

١٩٨ ـ البيت لأبى ذؤيب الهذلى ، يصف السحاب ، وقبله قوله :

سقى أمّ عمرو كلّ آخر ليلة

حناتم سود ماؤهنّ بحيج

إذا همّ بالإقلاع هبّت له الصّبا

فأعقب نشء بعدها وخروج

اللغة : «حناتم» جمع حنتمة ، وأصلها الجرة الخضراء ، وأراد هنا السحائب ، شبهها بالجرار «سود» جمع سوداء ، وأراد أنها ممتلئة بالماء «ثجيج» سائل منصب «ترفعت» تصاعدت ، وتباعدت «لجج» جمع لجة ـ بزنة غرفة وغرف ـ واللجة : معظم الماء ، «نئيج» هو الصوت العالى المرتفع.

المعنى : يدعو لامرأة ـ وهى التى ذكرها فيما قبل بيت الشاهد باسم أم عمرو ـ بالسقيا بماء سحب موصوفة بأنها شربت من ماء البحر ، وأخذت ماءها من لجج خضر ، ولها فى تلك الحال صوت مرتفع عال.

الإعراب : «شربن» فعل وفاعل ، ونون النسوة تعود إلى حناتم «بماء» جار ومجرور متعلق بشرب ، وماء مضاف ، و «البحر» مضاف إليه «ثم» حرف عطف «ترفعت» ترفع : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى حناتم أيضا «متى» حرف جر بمعنى من «لجج» مجرور


وسيأتى الكلام على بقية العشرين عند كلام المصنف عليها.

ولم يعدّ المصنف فى هذا الكتاب «لو لا» من حروف الجر ، وذكرها فى غيره (١).

ومذهب سيبويه أنها من حروف الجر ، لكن لا تجرّ إلا المضمر ؛ فتقول : «لولاى ، ولولاك ، ولولاه» فالياء ، والكاف ، والهاء ـ عند سيبويه ـ مجرورات بـ «لولا».

وزعم الأخفش أنها فى موضع رفع بالابتداء ، ووضع ضمير الجر موضع ضمير الرفع ؛ فلم تعمل «لو لا» فيها شيئا ، كما لا تعمل فى الظاهر ، نحو : «لو لا زيد لأتيتك».

وزعم المبرد أن هذا التركيب ـ أعنى «لولاك» ونحوه ـ لم يرد من لسان العرب ، وهو محجوج بثبوت ذلك عنهم ، كقوله :

(١٩٩) ـ

أتطمع فينا من أراق دماءنا

ولولاك لم بعرض لأحسابنا حسن

__________________

بمتى ، والجار والمجرور متعلق بترفع ، وقيل : بدل من الجار والمجرور الأول ، وهو بماء البحر «خضر» صفة للجج «لهن» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «نئيج» مبتدأ مؤخر ، والجملة من المبتدأ وخبره فى محل جر صفة ثانية للجج.

الشاهد فيه : قوله «متى لجج» حيث استعمل «متى» جارة ، كما هو لغة قومه هذيل.

(١) قد يقال فى القسم «آلله لأفعلن» وقد يقال : «ها الله لأفعلن» بذكر همزة الاستفهام كما فى المثال الأول ، أو ها التنبيه كما فى المثال الثانى ، عوضا عن باء الجر ، ولم يذكر الناظم ولا الشارح هذين الحرفين فى حروف الجر ؛ نظرا إلى حقيقة الأمر ، وهى أن جر لفظ الجلالة بحرف الجر الذى نابت عنه الهمزة وها ، وليس بالهمزة ولا بها ، فاعرف ذلك.

(١٩٩) ـ البيت لعمرو بن العاص يقوله لمعاوية بن أبى سفيان فى شأن الحسن بن على رضى الله تعالى عنهم أجمعين ، وهو من كلمة أولها قوله :


 .........................................................................

__________________

معاوى ، إنّى لم أبايعك فلتة

وما زال ما أسررت منّى كما علن

اللغة : «اراق» أسال «يعرض» أراد يتعرض لها بالنيل منها «الأحساب» جمع حسب ، وهو كل ما يعده المرء من مفاخر قومه.

الإعراب : «أتطمع» الهمزة للاستفهام التوبيخى ، تطمع : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «فينا» جار ومجرور متعلق بتطمع «من» اسم موصول مفعول به لتطمع «أراق» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الموصولة «دماءنا» دماء : مفعول به لأراق ، ودماء مضاف ونا : مضاف إليه ، والجملة من أراق وفاعله ومفعوله لا محل لها صلة «ولولاك» لو لا : حرف امتناع لوجود وجر ، والكاف فى محل جر بها ، ولها محل آخر هو الرفع بالابتداء كما هو مذهب سيبويه ، والخبر محذوف وجوبا ، والتقدير : لولاك موجود ، وجملة المبتدأ والخبر شرط لو لا «لم» نافية جازمة «يعرض» فعل مضارع مجزوم بلم «لأحسابنا» الجار والمجرور متعلق بيعرض ، وأحساب مضاف ونا : مضاف إليه «حسن» فاعل يعرض ، وجملة يعرض وفاعله لا محل لها من الإعراب جواب لو لا.

الشاهد فيه : قوله «لولاك» فإن فيه ردا على أبى العباس المبرد الذى زعم أن «لو لا» لم تجىء متصلة بضمائر الجر كالكاف والهاء والياء ، ومثله قول الآخر ، وينسب إلى عمر بن أبى ربيعة ، وليس فى ديوانه ، والصواب أنه للعرجى (انظر خزانة الأدب ٢ / ٤٢٩) :

* لولاك فى ذا العام لم أحجج*

ومع وروده فى كلام العرب الموثوق بعربيتهم فإنه قليل غير شائع شيوع وقوع الاسم الظاهر والضمير المنفصل بعد لو لا ، نحو قوله تعالى : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) ونحو قول المتنبى :

لو لا العقول لكان أدنى ضيغم

أدنى إلى شرف من الإنسان

وقول الراجز :

والله لو لا الله ما اهتدينا

ولا تصدّقنا ولا صلّينا


وقوله :

(٢٠٠) ـ

وكم موطن لولاى طحت كما هوى

بأجرامه من قنّة النّيق منهوى

* * *

__________________

٢٠٠ ـ البيت ليزيد بن الحكم بن أبى العاص ، من كلمة له يعتب فيها على ابن عمه عبد الرحمن بن عثمان بن أبى العاص.

اللغة : «موطن» أراد به المشهد من مشاهد الحروب «طحت» هلكت ، ويقال : طاح يطوح كقال يقول. وطاح يطيح كباع يبيع «بأجرامه» الأجرام : جمع جرم ـ بكسر الجيم ـ وهو الجسد «هوى» سقط من أعلى إلى أسفل ، وهو بوزن رمى يرمى «قنة النيق» رأس الجبل «منهوى» ساقط.

المعنى. كثير من مشاهد الحروب لو لا وجودى معك فيها لسقطت سقوط من يهوى من أعلى الجبل بجميع جسمه.

الإعراب : «كم» خبرية ـ بمعنى كثير ـ مبتدأ ، أو ظرف متعلق بطحت «موطن» تمييز كم مجرور بإضافتها إليه ، وخبر المبتدأ الذى هو كم ـ على الأول ـ محذوف ، والتقدير كثير من المواطن لك ، مثلا «لولاى» لو لا : حرف يدل على امتناع الجواب لوجود الشرط ، وهو حرف جر شبيه بالزائد لا يتعلق بشىء عند سيبويه ، وياء المتكلم عنده ذات محلين ، أحدهما جر بلولا ، وثانيهما رفع بالابتداء ، وليس لها إلا محل واحد هو الرفع بالابتداء عند الأخفش ، وعنده أن الشاعر قد استعار ضمير الجر لضمير الرفع ، والخبر محذوف عندهما جميعا ، والتقدير : لولاى موجود «طحت» فعل وفاعل ، والجملة فى محل جر صفة لموطن ، والرابط محذوف ، أى : طحت فيه ، أو هذه الجملة لا محل لها جواب لو لا ، وهذا أحسن «كما» الكاف جارة ، وما : مصدرية «هوى» فعل ماض «بأجرامه» الجار والمجرور متعلق بهوى ، وأجرام مضاف والهاء مضاف إليه «من قنة» جار ومجرور متعلق بهوى أيضا ، وقنة مضاف ، و «النيق» مضاف إليه «منهوى» فاعل هوى ، و «ما» المصدرية ومدخولها فى تأويل مصدر مجرور بالكاف ، والكاف ومجرورها تتعلق بمحذوف صفة لمصدر محذوف ، أى : طحت طيحا مثل ظيح منهو من قنة النيق بأجرامه.


بالظّاهر اخصص : منذ ، مذ ، وحتّى

والكاف ، والواو ، وربّ ، والتّا (١)

واخصص بمذ ومنذ وقتا ، وبربّ

منكّرا ، والتاء لله ، وربّ (٢)

وما رووا من نحو «ربّه فتى»

نزر ، كذا «كها» ، ونحوه أتى (٣)

__________________

الشاهد فيه : قوله «لولاى» حيث اتصلت «لو لا» بالضمير الذى أصله أن يقع فى محل الجر والنصب ، وفيه رد على المبرد الذى أنكر أن يقع بعد لو لا ضمير من الضمائر المتصلة التى تكون فى محل نصب أو فى محل جر ، وقال : إن ذلك لا يجوز عربية ، وقد جاء هذا الذى أنكره فى هذا الشاهد والذى قبله وفى البيت الذى ذكرناه أثناء شرح البيت السابق ؛ فكان نقل هذه الشواهد ردا عليه.

(١) «بالظاهر» جار ومجرور متعلق باخصص «اخصص» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «منذ» قصد لفظه : مفعول به لا خصص «مذ ، وحتى ، والكاف ، والواو ، ورب ، والتا» معطوفات على منذ بإسقاط حرف العطف فى «مذ» وحده.

(٢) «واخصص» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بمذ» جار ومجرور متعلق باخصص «ومنذ» معطوف على مذ «وقتا» مفعول به لاخصص «وبرب» معطوف على بمذ «منكرا» معطوف على «وقتا» السابق «والتاء» مبتدأ «لله» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «ورب» معطوف على لفظ الجلالة.

(٣) «وما» اسم موصول مبتدأ «رووا» فعل وفاعل ، والجملة لا محل لها صلة «من نحو» جار ومجرور متعلق برووا «ربه فتى» رب : حرف جر ، والضمير مجرور المحل به ، وفتى : تمييز للضمير ، وهو كلام فى موضع المفعول به لقول محذوف ، وهذا القول المحذوف مجرور بإضافة «نحو» إليه «نزر» خبر المبتدأ ، وهو «ما» الموصولة فى أول البيت «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «كها» قصد لفظه : مبتدأ مؤخر «ونحوه» الواو عاطفة ، نحو : مبتدأ ، ونحو مضاف والضمير مضاف إليه «أتى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو نحو.


من حروف الجر ما لا يجرّ إلا الظاهر ، وهى هذه السبعة المذكورة فى البيت الأول ؛ فلا تقول «منذه ، ولا مذه» وكذا الباقى.

ولا تجر «منذ ، ومذ» من الأسماء الظاهرة إلا أسماء الزمان (١) ، فإن كان الزمان حاضرا كانت بمعنى «فى» نحو : «ما رأيته منذ يومنا» أى : فى يومنا ، وإن كان الزمان ماضيا كانت بمعنى «من» نحو : «ما رأيته مذ يوم الجمعة» أى : من يوم الجمعة ، وسيذكر المصنف هذا فى آخر الباب ، وهذا معنى قوله : «واخصص بمذ ومنذ وقتا».

وأما «حتى» فسيأتى الكلام على مجرورها عند ذكر المصنف له ، وقد شذّ جرّها للضمير ، كقوله :

(٢٠١) ـ

فلا والله لا يلفى أناس

فتى حتّاك يا ابن أبى زياد

__________________

(١) منذ ومذ يكونان ظرفى زمان ، وهما حينئذ اسمان ، ويكونان حرفى جر ، وحينئذ لا يجران إلا أسماء الزمان ، طلبا للمناسبة بين حالتيهما ، وأما نحو قولك «ما رأيته منذ حدث كذا ، وما رأيته منذ أن الله خلقه» فإن اسم الزمان مقدر فى هذين المثالين ونحوهما ، وأصل الكلام : منذ زمان حصل كذا ، ومنذ زمان خلق الله إياه.

٢٠١ ـ هذا البيت من الشواهد التى لا يعرف قائلها.

اللغة : «يلفى» مضارع ألفى ، ومعناه وجد ، ويروى «لا يلقى أناس» بالقاف مكان الفاء على أنه مضارع لقى «حتاك» استشكل أبو حيان هذه العبارة فقال «وانتهاء الغابة فى حتاك لا أفهمه ، ولا أدرى ما عنى بحتاك ، فلعل هذا البيت مصنوع» وستعرف رد هذا الكلام.

المعنى : يريد الشاعر أن يقول : إن الناس لا يجدون فتى يرجونه لقضاء مطالبهم حتى يبلغوا الممدوح ، فإذا بلغوه فقد وجدوا ذلك الفتى ، وبهذا التقرير يندفع كلام أبى حيان.

الإعراب : «فلا» لا : زائدة قبل القسم للتوكيد «والله» الواو للقسم ، ولفظ الجلالة مقسم به مجرور بالواو ، وفعل القسم الذى يتعلق به الجار والمجرور محذوف


ولا يقاس على ذلك ، خلافا لبعضهم ، ولغة هذيل إبدال حائها عينا ، وقرأ ابن مسعود (فتربصوا به عتى حين).

وأما الواو فمختصة بالقسم ، وكذلك التاء ، ولا يجوز ذكر فعل القسم معهما ؛ فلا تقول «أقسم والله» ولا «أقسم تالله».

ولا تجر التاء إلا لفظ «الله» : فتقول : «تالله لأفعلنّ» وقد سمع جرّها لـ «ربّ» مضافا إلى «الكعبة» ، [قالوا] : «تربّ الكعبة»] وهذا معنى قوله : «والتاء لله وربّ» وسمع أيضا «تالرحمن» ، وذكر الخفاف فى شرح الكتاب أنهم قالوا «تحياتك» وهذا غريب.

ولا تجر «ربّ» إلا نكرة ، نحو : «ربّ رجل عالم لقيت» وهذا معنى قوله : «وبربّ منكرا» أى : واخصص بربّ النكرة ، وقد شذ جرها ضمير الغيبة ، كقوله :

(٢٠٢) ـ

واه رأبت وشيكا صدع أعظمه

وربّه عطبا أنقذت من عطبه

__________________

وجوبا «لا» نافية «يلفى» فعل مضارع «أناس» فاعل يلفى «فتى» مفعول به أول ليلفى ، ومفعول يلفى الثانى محذوف ، وتقدير الكلام : لا يلفى أناس فتى مقصودا لآمالهم إلى بلوغك «حتاك» حتى : جارة ، والضمير فى محل جر بها ، والجار والمجرور متعلق بيلفى «يا» حرف نداء «ابن» منادى ، وابن مضاف و «أبى» مضاف إليه ، وأبى مضاف و «زياد» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «حتاك» حيث دخلت «حتى» الجارة على الضمير ، وهو شاذ.

٢٠٢ ـ البيت مما أنشده ثعلب ، ولم يعزه لقائل معين ، وأنشده فى اللسان (رب) مع تغيير طفيف هكذا :

* كائن رأبت وهايا صدع أعظمه*

اللغة «رأبت» أصلحت ، وشعبت ، مأخوذ من قوله : رأب فلان الصدع ؛ إذا


كما شذّ جرّ الكاف له ، كقوله :

(٢٠٣) ـ

خلّى الذّنابات شمالا كثبا

وأمّ أو عال كها أو أقربا

__________________

أصلحه وجبره «وشيكا» سريعا «عطبا : هو هنا بكسر الطاء ـ صفة مشبهة : أى هالكا «من عطبه» هو هنا بفتح الطاء مصدر بمعنى الهلاك ، وفى اللسان «م العطب» ،

المعنى : رب شخص ضعيف أشفى على الهلاك والسقوط فجبرت كسره ورشت جناحه.

الإعراب : «واه» هو على تقدير «رب» أى رب واه ؛ فهو مبتدأ مرفوع تقديرا «رأبت» فعل وفاعل ، والجملة فى محل رفع خبر «وشيكا» مفعول مطلق عامله رأبت ، أى رأبت رأبا وشيكا ، أى عاجلا سريعا «صدع» مفعول به لرأبت ، وصدع مضاف وأعظم من «أعظمه» مضاف إليه ، وأعظم مضاف ، والضمير مضاف إليه «وربه عطبا» رب : حرف تقليل وجر شبيه بالزائد ، والضمير فى محل جر برب ، وله محل رفع بالابتداء «عطبا» تمييز للضمير «أنقذت» فعل وفاعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو مجرور لفظا برب «من عطبه» الجار والمجرور متعلق بأنقذ ، وعطب مضاف والضمير مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «وربه عطبا» حيث جر «رب» الضمير ، وهو شاذ.

واعلم أن العلماء قد اختلفوا فى هذا الضمير الذى تدخل عليه رب ، أمعرفة هو أم نكرة؟ فذهب الجمهور إلى أنه معرفة على أصله ، وذهب ابن عصفور وجار الله الزمخشرى إلى أن هذا الضمير نكرة ؛ لأنه واقع موقع اسم واجب التنكير ؛ لأن رب لا تجر غير النكرة ، ولأن مرجعه ـ وهو التمييز ـ واجب التنكير.

٢٠٣ ـ البيت للعجاج بصف حمار وحش وأتنه ، وقد أراد هذا الحمار ورود الماء معهن فرأى الصياد فهرب بهن.

اللغة : «الذنابات» جمع ذنابة بالكسر ؛ وهى آخر الوادى الذى ينتهى إليه السيل ، وقد قيل : إنه بفتح الذال اسم مكان بعينه «كثبا» أى قريبا «أم أو عال» هى هضبة فى ديار بنى تميم.

المعنى : إنه جعل فى هربه الذنابات عن طريقه فى جانب شماله قريبا منه ، وجعل أم أو عال فى جانب يمينه قريبا منه قربا مثل قرب الذنابات أو أقرب.


وقوله :

(٢٠٤) ـ

ولا ترى بعلا ولا حلائلا

كه ولا كهنّ إلّا حاظلا

وهذا معنى قوله : «وما رووا ـ البيت» أى : والذى روى من جر «ربّ» المضمر نحو «ربه فتى» قليل ، وكذلك جر الكاف المضمر نحو «كها».

__________________

الإعراب : «خلى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على حمار الوحش «الذنابات» مفعول أول لخلى «شمالا» مفعول ثان «كثبا» صفة لشمال «وأم أو عال» يروى بالنصب وبالرفع ؛ فأما النصب فبالعطف على الذنابات ، وأما الرفع فبالابتداء «كها» على رواية النصب هو فى موضع المفعول الثانى ، وعلى رواية الرفع هو متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «أو» عاطفة «أفربا» معطوف على الضمير المجرور بالكاف من غير إعادة الجار ، هذا على جعل «أم أو عال كها» مبتدأ وخبرا.

الشاهد فيه : قوله «كها» حيث جر بالكاف الضمير ، وهو شاذ.

ونظير هذا الشاهد قول أبى محمد اليزيدى اللغوى معلم المأمون بن الرشيد :

شكوتم إلينا مجانينكم

ونشكو إليكم مجانيننا

فلولا المعافاة كنّا كهم

ولو لا البلاء لكانوا كنا

ومثله أيضا قول الآخر :

لا تلمنى فإننى كك فيها

إنّنا فى الملام مشتركان

٢٠٤ ـ البيت من أرجوزة لرؤبة بن العجاج يصف حمارا وأتنه.

الإعراب : «ولا» نافية «ترى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بعلا» مفعول أول «ولا» الواو عاطفة ، ولا : زائدة لتأكيد النفى «حلائلا» معطوف على قوله «بعلا» السابق «كه» متعلق بمحذوف حال من «بعلا» «ولا كهن» متعلق بمحذوف حال من «حلائلا» وهو معطوف بالواو على الحال السابق «إلا» أداة استثناء ملغاة «حاظلا» مفعول ثان لترى.

الشاهد فيه : قوله «كه ، كهن» حيث جر الضمير فى الموضعين بالكاف ، وهو شاذ.


بعّض وبيّن وابتدىء فى الأمكنه

بمن ، وقد تأتى لبدء الأزمنه (١)

وزيد فى نفى وشهه فجر

نكرة : ، كـ «ما لباغ من مفر» (٢)

تجىء «من» للتبعيض ، ولبيان الجنس ، ولابتداء الغاية : فى غير الزمان كثيرا ، وفى الزمان قليلا ، وزائدة.

فمثالها للتبعيض قولك : «أخذت من الدراهم» ومنه قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ).

ومثالها لبيان الجنس قوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ).

ومثالها لابتداء الغاية فى المكان قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى).

ومثالها لابتداء الغاية فى الزمان قوله تعالى : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) وقول الشاعر :

__________________

(١) «بعض» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وبين وابتدىء» مثله ومعطوفان عليه «فى الأمكنة» متعلق بابتدىء «بمن» تنازعه الأفعال الثلاثة «وقد» حرف تقليل «تأتى» فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود على من «لبدء» جار ومجرور متعلق «بتأتى» وبدء مضاف و «الأزمنة» مضاف إليه.

(٢) «وزيد» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من «فى نفى» جار ومجرور متعلق بزيد «وشبهه» الواو عاطفة ، شبه : معطوف على نفى ، وشبه مضاف وضمير الغائب العائد إلى نفى مضاف إليه «فجر» الفاء عاطفة ، جر : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو «نكرة» مفعول به لجر «كما» الكاف جارة لقول محذوف ، ما : نافية «لباغ» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «من» زائدة «مفر» مبتدأ مؤخر.


(٢٠٥) ـ

تخيّرن من أزمان يوم حليمة

إلى اليوم ، قد جرّبن كلّ التّجارب

ومثال الزائدة : «ما جاءنى من أحد» ولا تزاد ـ عند جمهور البصريين ـ إلا بشرطين :

أحدهما : أن يكون المجرور بها نكرة.

الثانى : أن يسبقها نفى أو شبهه ، والمراد يشبه النّفى : النّهى. نحو «لا تضرب من أحد» ، والاستفهام ، نحو «هل جاءك من أحد؟».

__________________

٢٠٥ ـ البيت للنابغة الذبيانى ، من قصيدة له مطلعها قوله :

كلينى لهمّ يا أميمة ناصب

وليل أقاسيه بطىء الكواكب

اللغة : «يوم حليمة» يوم من أيام العرب المشهورة حدثت فيه حرب طاحنة بين لخم وغسان ، وحليمة هى بنت الحارث بن أبى شمر الغسانى ، أضف اليوم إليها لأن أباها ـ فيما ذكروا ـ حين اعتزم توجيه جيشه إلى المنذر أمرها فجاءت فطيبتهم ، وفى يوم حليمة ورد المثل «ما يوم حليمة بسر» يضرب للأمر المشتهر المعروف والذى لا يستطاع كتمانه.

وقبل البيت المستشهد به قوله :

فهم يتساقون المنيّة بينهم

بأيديهم بيض رقاق المضارب

ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم

بهنّ فلول من قراع الكتائب

الإعراب : «تخيرن» تخير : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونون النسوة ـ العائد على السيوف المذكورة فى البيت السابق على بيت الشاهد ـ نائب فاعل «من أزمان» جار ومجرور متعلق بتخبر ، وأزمان مضاف ، و «يوم» مضاف إليه ، ويوم مضاف و «حليمة» مضاف إليه «إلى اليوم» جار ومجرور متعلق بتخير ، وجملة «قد جربن» من الفعل الماضى المبنى للمجهول ونائب الفاعل فى محل نصب حال «كل» مفعول مطلق ، وكل مضاف ، و «التجارب» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «من أزمان» حيث وردت «من» لابتداء الغاية فى الزمن.


ولا تزاد فى الإيجاب (١) ، ولا يؤتى بها جارة لمعرفة ؛ فلا تقول : «جاءنى من زيد» خلافا للأخفش ، وجعل منه قوله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ).

وأجاز الكوفيون زيادتها فى الإيجاب بشرط تنكير مجرورها ، ومنه عندهم : «قد كان من مطر» أى قد كان مطر.

* * *

للانتها : حتّى ، ولام ، وإلى ،

ومن وباء يفهمان بدلا (٢)

يدلّ على انتهاء الغاية «إلى» ، وحتّى ، واللّام» ؛ والأصل من هذه الثلاثة «إلى» فلذلك تجر الآخر وغيره ، نحو : «سرت البارحة إلى آخر اللّيل ، أو إلى نصفه» ولا تجر «حتى» إلا ما كان آخرا أو متّصلا بالآخر (٣) ، كقوله

__________________

وفى المسألة كلام طويل الذيل عميق السيل ، وتلخيصه أنه قد ذهب جمهور الكوفيين وأبو العباس المبرد والأخفش وابن درستويه من البصريين إلى أن «من» قد تأتى لابتداء الغاية فى الزمان ، ومال إلى هذا المحقق الرضى ، وهو الذى ذهب إليه ابن مالك وابن هشام ، وذهب جمهور البصريين إلى أنها لا تجىء لذلك ، واتفق الجميع على أنها تأتى لابتداء الغاية فى الأمكنة والأحداث والأشخاص.

(١) ذكر السعد أن «من» الجارة تزاد فى الإثبات اختيارا فى موضع واحد ، وهو تمييزكم الخبرية إذا فصل بين كم وبينه بفعل ، ومثل له بقوله تعالى : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ) فمن : زائدة ، وجنات : تمييزكم.

(٢) «للانتها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «حتى» قصد لفظه : مبتدأ مؤخر «ولام ، وإلى» معطوفان على حتى «ومن» الواو للاستئناف ، من : قصد لفظه : مبتدأ «وباء» معطوف على من «يفهمان» فعل وفاعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «بدلا» مفعول به ليفهمان.

(٣) الآية الكريمة التى تلاها الشارح مثال لما كان متصلا بالآخر ، ومثال ما كان


تعالى : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) ولا تجرّ غيرهما ؛ فلا تقول : «سرت البارحة حتّى نصف اللّيل». واستعمال اللام للانتهاء قليل ، ومنه قوله تعالى : (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى)

ويستعمل «من» والباء ، بمعنى «بدل» ؛ فمن استعمال «من» بمعنى «بدل» قوله عزّ وجل : (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) [أى : بدل الآخرة] وقوله تعالى : (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) أى : بدلكم ، وقول الشاعر :

(٢٠٦) ـ

جارية لم تأكل المرقّقا

ولم تذق من البقول الفستقا

__________________

آخرا قولهم : أكلت السمكة حتى رأسها ، واعلم أن «حتى» الجارة على ضربين : جارة للمفرد الصريح ، وهذه هى التى لا تجر إلا الآخر أو المتصل بالآخر ، ولا تكون إلا غاثية ، وجارة لأن المصدرية ومدخولها ، وهذه تكون غاثية ، وتكون تعليلية ، وتكون استثنائية.

(٢٠٦) ـ البيت لأبى نخيلة ـ يعمر بن حزن ـ السعدى.

اللغة : «جارية» هى ـ فى الأصل ـ الفتاة الشابة. ثم توسع فيه فاستعملوه فى كل أمة «المرققا» على صيغة اسم المفعول ـ الرغيف الرقيق الواسع «البقول» جمع بقل ، وهو كل نبات اخضرت به الأرض «الفستقا» نقل خاص معروف.

المعنى : يريد أن هذه الجارية بدوية لا عهد لها بالنعيم ، ولم تستمرىء طعم الرفه ، فهى تأكل يابس العيش ، لا الرغفان الرقيقة الواسعة المستديرة ، وتذوق من البقول ما يأكله البدو عادة ، لا الفستق ونحوه مما هو طعام أهل الحضارة والرفاهية.

الإعراب : «جارية» خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : هى جارية ، أو نحوه «لم» نافية جازمة «تأكل» فعل مضارع مجزوم بلم ، وحرك بالكسرة تخلصا من التقاء الساكنين ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود على جارية «المرفقا» مفعول به لتأكل ، والألف للاطلاق «لم» نافية جازمة «تذق» فعل مضارع مجزوم


أى : بدل البقول ، ومن استعمال الباء بمعنى «بدل» ما ورد فى الحديث «ما يسرّنى بها حمر النّعم» أى : بدلها ، وقول الشاعر :

فليت لى بهم قوما إذا ركبوا

شنّوا الإغارة فرسانا وركبانا (١) [١٥٤]

* * *

واللّام للملك وشبهه ، وفى

تعدية ـ أيضا ـ وتعليل قفى (٢)

وزيد ، والظّرفيّة استبن ببا

و «فى» وقد يبيّنان السّببا (٣)

__________________

بلم ، وفيه ضمير مستتر يرجع إلى الجارية فاعل «من البقول» جار ومجرور متعلق بتذق «الفستقا» مفعول به لتذق ، والألف للاطلاق.

الشاهد فيه : قوله «من البقول» حيث ورد «من» بمعنى البدل ، يعنى أنها لم تستبدل الفستق بالبقول. وهكذا قال ابن مالك وجماعة من النحويين ، وقال آخرون : إن «من» هنا للتبعيض ، وعندهم أن الفستق بعض البقول ، وعلى هذا يجوز أن تكون «من» اسما بمعنى «بعض» وموقعها فى الإعراب على هذا مفعول به لتذق ، ويكون قوله «الفستقا» بدلا منها.

(١) هذا هو الشاهد رقم ١٥٤ وتقدم شرحه فى باب «المفعول له» فانظره هناك

(٢) «واللام» مبتدأ «للملك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر «وشبهه» الواو حرف عطف ، شبه : معطوف على الملك ، وشبه مضاف والضمير مضاف إليه «وفى تعدية» جار ومجرور متعلق بقوله «قفى» الآتى آخر البيت «أيضا» مفعول مطلق لفعل محذوف «وتعليل» معطوف على تعدية «قفى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه يعود إلى اللام.

(٣) «زيد» فعل ماض مبنى للمجهول ، وفيه ضمير مستتر يرجع إلى اللام فى البيت السابق نائب فاعل «والظرفية» مفعول مقدم على عامله ، وهو قوله «استبن» الآتى «استبن» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ببا» قصر للضرورة متعلق باستبن «وفى» معطوف على با «وقد» حرف تقليل «يبينان» فعل


تقدم أن اللام تكون للانتهاء ، وذكر هنا أنها تكون للملك ، نحو (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) و «المال لزيد» ، ولشبه الملك ، نحو : «الجلّ للفرس ، والباب للدّار» ، وللتّعدية ، نحو «وهبت لزيد مالا» ومنه قوله تعالى : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) وللتعليل ، نحو «جئتك لإكرامك» ، وقوله :

(٢٠٧) ـ

وإنّى لتعرونى لذكراك هزّة

كما انتفض العصفور بلّله القطر

__________________

مضارع وألف الاثنين ـ العائد إلى الباء وفى ـ فاعل «السببا» مفعول به ليبين ، والألف للاطلاق.

٢٠٧ ـ البيت لأبى صخر الهذلى.

اللغة : «تعرونى» تصيبنى ، وتنزل بى «ذكراك» الذكرى ـ بكسر الذال وآخره ألف مقصورة ـ التذكر ، والخطور بالبال «هزة» بفتح الهاء وكسرها ـ حركة واضطراب «انتفض» تحرك «القطر» المطر.

المعنى : يصف ما يحدث له عند تذكره إياها ، ويقول : إنه ليصببه خفقان واضطراب يشبهان حركة العصفور إذا نزل عليه ماء المطر ؛ فإنه يضطرب ويتحرك حركات متتابعة ليدفعه عن نفسه.

الإعراب : «وإنى» إن : حرف توكيد ونصب ، والياء اسمه «لتعرونى» اللام للابتداء ، تعرو : فعل مضارع ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به «لذكراك» الجار والمجرور متعلق بتعرو ، وذكرى مضاف وكاف المخاطبة مضاف إليه من إضافة اسم المصدر إلى مفعوله «هزة» فاعل تعرو «كما» الكاف جارة ، وما : مصدرية «انتفض» فعل ماض «العصفور» فاعل انتفض ، و «ما» ومدخولها فى تأويل مصدر مجرور بالكاف ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لهزة ، التقدير : هزة كائنة كانتفاض العصفور «بلله» بلل : فعل ماض ، والهاء مفعول به لبلل «القطر» فاعل بلل ، والجملة من الفعل والفاعل والمفعول فى محل نصب حال من العصفور ، و «قد» مقدرة قبل الفعل ، عند البصريين : أى قد بلله.

الشاهد فيه : قوله «لذكراك» فإن اللام فيه للتعليل.


وزائدة : قياسا (١) ، نحو «لزيد ضربت» ومنه قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) وسماعا ، نحو «ضربت لزيد».

وأشار بقوله : «والظرفية استبن ـ إلى آخره» إلى معنى الباء و «فى» ؛ فذكر أنهما اشتركا فى إفادة الظرفية ، والسببية ؛ فمثال الباء للظرفية قوله تعالى : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ) أى : وفى الليل ، ومثالها للسببية قوله تعالى : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ، وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً) ومثال «فى» للظرفية قولك «زيد فى المسجد» وهو الكثير فيها ، ومثالها للسببية قوله صلى الله عليه وسلم : «دخلت امرأة النّار فى هرّة حبستها ؛ فلا هى أطعمتها ، ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض» (٢).

* * *

__________________

(١) زيادة اللام على ضربين ؛ الأول : زيادتها لمجرد التأكيد ـ وذلك إذا اتصلت بمعمول فعل ، وقد تقدم الفعل على المعمول المقترن باللام ـ كقول ابن ميادة الرماح ابن أبرد :

وملكت ما بين العراق ويثرب

ملكا أجار لمسلم ومعاهد

والزيادة الثانية لتقوية عامل ضعف عن العمل بأحد سببين ؛ أحدهما : أن يقع العامل متأخرا ، نحو قوله تعالى : (لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) وقوله سبحانه : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) وثانيهما. أن يكون العامل فرعا فى العمل : إما لكونه اسم فاعل نحو قوله تعالى (مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ) وإما لكونه صيغة مبالغة نحو قوله سبحانه (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ).

(٢) خشاش الأرض : هوامها وحشراتها ، الواحدة خشاشة ، وفى رواية فى الحديث «حشيش الأرض» وفى رواية ثالثة «حشيشة الأرض» ـ بحاء مهملة ـ وهو يابس النبات ، وهو وهم. قاله ابن الأثير.


بالبا استعن ، وعدّ ، عوّض ، ألصق

ومثل «مع» و «من» و «عن» ها انطق (١)

تقدم أن الباء تكون للظرفية وللسببية ، وذكر هنا أنها تكون للاستعانة ، نحو «كتبت بالقلم ، وقطعت بالسكين» وللتعدية ، نحو «ذهبت بزيد» ومنه قوله تعالى : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) وللتعويض ، نحو : «اشتريت الفرس بألف درهم» ومنه قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) وللالصاق ، نحو «مررت بزيد» وبمعنى «مع» نحو «بعتك الثوب بطرازه» أى : مع طرازه ، وبمعنى «من» كقوله :

* شربن بماء البحر* (٢)

[١٩٨]

أى : من ماء البحر ، وبمعنى «عن» نحو (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ) أى : عن عذاب ، وتكون الباء ـ أيضا ـ للمصاحبة ، نحو (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) [أى : مصاحبا حمد ربك].

* * *

على للاستعلا ، ومعنى «فى» و «عن»

بعن تجاوزا عنى من قد فطن (٣)

__________________

(١) «بالبا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق بقوله «استعن» الآتى «استعن» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وعد ، عوض ، ألصق» معطوفات على استعن بحرف عطف محذوف «ومثل» حال من «ها» فى قوله «بها» الآتى ، ومثل مضاف و «مع» مضاف إليه «ومن ، وعن» معطوفان على «مع» السابق «بها» جار ومجرور متعلق بانطق الآتى «انطق» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(٢) هذه قطعة من بيت هو الشاهد رقم ١٩٨ وقد سبق أول باب حروف الجر

(٣) «على» قصد لفظه : مبتدأ «للاستعلا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق بمحذوف


وقد تجى موضع «بعد» و «على»

كما «على» موضع «عن» قد جعلا (١)

تستعمل «على» للاستعلاء كثيرا ، نحو «زيد على السّطح» وبمعنى «فى» نحو قوله تعالى : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) أى : فى حين غفلة ، وتستعمل «عن» للمجاوزة كثيرا ، نحو : «رميت السّهم عن القوس» وبمعنى «بعد» نحو قوله تعالى (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) أى : بعد طبق ، وبمعنى «على» نحو قوله :

(٢٠٨) ـ

لاه ابن عمّك لا أفضلت فى حسب

عنّى ، ولا أنت ديّانى فتخزونى

__________________

خبر المبتدأ «ومعنى» معطوف على الاستعلاء ، ومعنى مضاف ، و «فى» قصد لفظه : مضاف إليه و «عن» معطوف على «فى» السابق «بعن» جار ومجرور متعلق بقوله «عنى» الآتى ، «تجاوزا» مفعول به مقدم على عامله وهو قوله «عنى» الآتى «عنى» فعل ماض «من» اسم موصول فاعل عنى «قد» حرف تحقيق «فطن» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول ، أى : وعنى الذى تحققت فطنته تجاوزا بعن.

(١) «وقد» حرف تقليل «تجى» فعل مضارع ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هى يعود إلى «عن» فى البيت السابق فاعل «موضع» ظرف متعلق بتجىء ، وموضع مضاف ، و «بعد» قصد لفظه : مضاف إليه «وعلى» معطوف على بعد «كما» الكاف جارة ، ما : مصدرية «على» قصد لفظه : مبتدأ «موضع» ظرف متعلق بقوله «جعلا» الآتى ، وموضع مضاف ، و «عن» قصد لفظه : مضاف إليه «قد» حرف تحقيق «جعلا» جعل : فعل ماض مبنى للمجهول ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى «على» نائب فاعل ، والألف للاطلاق ، والجملة من الفعل ونائب الفاعل فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو على المقصود لفظه.

٢٠٨ ـ البيت لذى الإصبع ـ حرثان بن الحارث بن محرث ـ العدوانى ، من كلمة له مطلعها قوله :


أى : لا أفضلت فى حسب علىّ ، كما استعملت «على» بمعنى «عن» فى قوله :

__________________

يا من لقلب طويل البثّ محزون

أمسى تذكّر ريّا أمّ هارون

أمسى تذكّرها من بعد ما شحطت

والدّهر ذو غلظة حينا وذو لين

اللغة : «أفضلت» زدت «ديانى» الديان : القاهر المالك للأمور الذى يجازى عليها ، فلا يضيع عنده خير ولا شر «تخزونى» تسومنى الذل وتقهرنى.

المعنى : لله ابن عمك ، فلقد ساواك فى الحسب ، وشابهك فى رفعة الأصل وشرف المحتد ، فما من مزية لك عليه ، ولا فضل لك فتفخر به عليه ، ولا أنت مالك أمره والمدبر لشؤونه ، فتقهره وتذله.

الإعراب : «لاه» أصل هذه الكلمة «لله» فهى جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ثم حذف لام الجر وأبقى عمله شذوذا فصار «الله» ثم حذف أداة التعريف ؛ فصار كما ترى «ابن» مبتدأ مؤخر ، وابن مضاف ، وعم من «عمك» مضاف إليه ، وعم مضاف والكاف مضاف إليه «لا» نافية «أفضلت» أفضل : فعل ماض ، والتاء ضمير المخاطب فاعل «فى حسب» جار ومجرور متعلق بأفضلت «عنى» مثله «ولا» الواو عاطفة ، لا : زائدة لتأكيد النفى «أنت» ضمير منفصل مبتدأ «ديانى» ديان : خبر المبتدأ ، وديان مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ، من إضافة الوصف إلى مفعوله «فتخزونى» الفاء عاطفة ، تخزونى : فعل مضارع ، والنوى للوقاية ، والياء مفعول به ، والفاعل ضمير مستتر ، والجملة من الفعل والفاعل فى محل رفع خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : فأنت تخزونى ، وجملة المبتدأ والخبر معطوفة بالفاء على جملة المبتدأ والخبر السابقة ، وتقدير الكلام : ولا أنت ديانى فأنت تخزونى.

الشاهد فيه : قوله «عنى» فإن «عن» هنا بمعنى «على» ، والسر فى ذلك أن «أفضل» بمعنى زاد فى الفضل إنما يتعدى بعلى.

ومثل ما ورد فى صدر هذا البيت ـ من قوله «لاه ابن عمك» ـ قول عمر بن أبى ربيعة المخزومى (البيت ١٧ من القطعة ٢٣ من ديوانه بشرحنا) :

قلت : كلّا ، لاه ابن عمّك ، بل خفنا

أمورا كنّا بها أغمارا


(٢٠٩) ـ

إذا رضيت علىّ بنو قشير

لعمر الله أعجبنى رضاها

أى : إذا رضيت عنى.

* * *

شبّه بكاف ، وبها التّعليل قد

يعنى ، وزائدا لتوكيد ورد (٢)

تأتى الكاف للتشبيه كثيرا ، كقولك : «زيد كالأسد» ، وقد تأتى

__________________

٢٠٩ ـ البيت للقحيف العقيلى ، من كلمة يمدح فيها حكيم بن المسيب القشيرى ، ومن هذه القصيدة قوله فى حكيم المذكور :

تنضّيت القلاص إلى حكيم

خوارج من تبالة أو مناها

فما رجعت بخائبة ركاب

حكيم بن المسيّب منتهاها

اللغة : «قشير» بزنة ـ التصغير ـ هو قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.

الإعراب : «إذا» ظرف للزمان المستقبل تضمن معنى الشرط «رضيت» رضى : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «على» جار ومجرور متعلق برضى «بنو» فاعل رضى ، وبنو مضاف و «قشير» مضاف إليه ، والجملة من الفعل وفاعله فى محل جر بإضافة «إذا» إليها «لعمر» اللام للابتداء ، عمر : مبتدأ ، وخبره محذوف وجوبا ، والتقدير لعمر الله قسمى ، وعمر مضاف و «الله» مضاف إليه «أعجبنى» أعجب : فعل ماض ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به «رضاها» رضا : فاعل أعجب ، والضمير مضاف إليه ، وأنثه مع أن مرجعه مذكر وهو «بنو قشير» لتأولهم بالقبيلة ، وجملة «أعجبنى رضاها» لا محل لها من الإعراب جواب «إذا».

الشاهد فيه : قوله «رضيت على» فإن «على» فيه بمعنى «عن» ويدلك على ذلك أن «رضى» إنما يتعدى بعن كما فى قوله تعالى : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) وقوله : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ) ، وقد حمل الشاعر «رضى» على ضده وهو «سخط» فعداه بالحرف الذى يتعدى به ضده وهو «على» وليس فى ذلك ما تنكره ، فإن العرب تحمل الشىء على ضده كما تحمله على نظيره.

(١) «شبه» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بكاف»


للتعليل ، كقوله تعالى : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) أى : لهدايته إياكم ، وتأتى زائدة للتوكيد ، وجعل منه قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) أى ليس مثله شىء ، ومما زيدت فيه قول رؤبة :

(٢١٠) ـ

* لواحق الأقراب فيها كالمقق*

أى : فيها المقق ، أى : الطّول ، وما حكاه الفراء أنه قيل لبعض العرب : كيف تصنعون الأفط؟ فقال : كهيّن ، أى : هينا.

__________________

متعلق بشبه «وبها» متعلق بقوله : «يعنى» الآتى «التعليل» مبتدأ «قد» حرف تقليل «يعنى» فعل مضارع مبنى المجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على التعليل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «وزائدا» حال من فاعل «ورد» الآتى «لتوكيد» جار ومجرور متعلق بزائد «ورد» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الكاف.

٢١٠ ـ هذا الشاهد من أرجوزة لرؤبة بن العجاج.

اللغة : «لواحق» جمع لاحقة ، وهى التى ضمرت وأصابها الهزال «الأقراب» جمع قرب ـ بضم فسكون ، أو بضمتين ـ وهى الخاصرة «المقق» بفتح الميم والقاف ـ الطول ، وقال الليث : هو الطول الفاحش فى دقة.

المعنى : يريد أن هذه الأتن ـ التى يصفها ـ خماص البطون ، قد أصابها الهزال وانتابها الضمور ، وأن فيها طولا.

الإعراب : «لواحق» خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : هى لواحق ، أو نحوه ، ولواحق مضاف ، و «الأقراب» مضاف إليه «فيها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «كالمقق» الكاف زائدة ، المقق : مبتدأ مؤخر.

الشاهد فيه : قوله «كالمقق» حيث وردت الكاف زائدة غير دالة على معنى من المعانى التى تستعمل فيها ، ودليل زيادتها شيئان ؛ الأول : أن المعنى الذى أراده الشاعر لا يتم إلا على طرحها من الكلام وحذفها ، والثانى : أن بقاءها ذات معنى من المعانى التى ترد لها يفسد الكلام ويخل به ، ألست ترى أنك لا تقول : فى هذا الشىء كالطول ، وإنما تقول فى هذا الشىء طول ، فافهم هذا فإنه يفيدك.


واستعمل اسما ، وكذا «عن» و «على»

من أجل ذا عليهما من دخلا (١)

استعمل الكاف اسما قليلا ، كقوله :

(٢١١) ـ

أتنتهون ولن ينهى ذوى شطط

كالطّعن يذهب فيه الزّيت والفتل

__________________

وتخريج البيت على زيادة الكاف هو تخريج جماعة من النحاة : منهم الرضى فى شرح الكافية ، وابن عصفور ، وأبو الفتح بن جنى فى سر الصناعة ، وأبو على الفارسى فى البغداديات ، وابن السراج فى الأصول ، وقد حمل أبو على على زيادة الكاف قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وقوله سبحانه : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ) قال : تقدير الكلام أرأيت الذى حاج إبراهيم فى ربه ، أو الذى مر على قرية.

(١) «واستعمل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الكاف فى البيت السابق «اسما» حال من نائب الفاعل «وكذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «عن» قصد لفظه : مبتدأ مؤخر و «على» معطوف على عن «من أجل» جار ومجرور متعلق بدخل أيضا «من» قصد لفظه : مبتدأ «دخلا» دخل : فعل ماض ، والألف للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

٢١١ ـ هذا البيت للأعشى ميمون بن قيس ، من قصيدته اللامية المشهورة التى مطلعها :

ودّع هريرة إنّ الرّكب مرتحل

وهل تطيق وداعا أيّها الرّجل؟

اللغة : «شطط» هو الجور ، والظلم ، ومجاوزة الحد «الفتل» بضمتين ـ جمع فتيلة ، وأراد بها فتيلة الجراح.

المعنى : لا ينهى الجائرين عن جورهم ، ولا يردع الظالمين عن ظلمهم ، مثل الطعن البالغ الذى ينفذ إلى الجوف فيغيب فيه ، وأراد أنه لا يكفهم عن ظلمهم سوى الأخذ بالشدة.

الإعراب : «أتنتهون» الهمزة للاستفهام الإنكارى ، تنتهون : فعل وفاعل


فالكاف : اسم مرفوع على الفاعلية ، والعامل فيه «ينهى» ، والتقدير : ولن ينهى ذوى شطط مثل الطعن ، واستعملت «على ، وعن» اسمين عند دخول «من» عليهما ، وتكون «على» بمعنى «فوق» و «عن» بمعنى «جانب» ، ومنه قوله :

(٢١٢) ـ

غدت من عليه بعد ما تمّ ظمؤها

تصلّ ، وعن قيض بزيزاء مجهل

__________________

«ولن» نافية ناصبة «ينهى» فعل مضارع منصوب بفتحة مقدرة على الألف «ذوى» مفعول تقدم على الفاعل ، وذوى مضاف و «شطط» مضاف إليه «كالطعن» الكاف اسم بمعنى مثل فاعل ينهى ، والكاف مضاف ، والطعن مضاف إليه «يذهب» فعل مضارع «فيه» جار ومجرور متعلق بيذهب «الزيت» فاعل يذهب «والفتل» معطوف على الزيت ، والجملة من الفعل والفاعل فى محل جر صفة للطعن ، أو فى محل نصب حال منه ؛ وذلك لأنه اسم محلى بأل الجنسية ، وانظر شرح الشاهد رقم ٢٨٦.

الشاهد فيه : قوله «كالطعن» فإن الكاف فيه اسم بمعنى «مثل» وهى فاعل لقوله «ينهى» وقد أوضحنا ذلك فى إعراب البيت.

٢١٢ ـ البيت لمزاحم العقيلى ، يصف القطاة ، من قصيدة له مطلعها قوله :

خليلىّ عوجانى على الرّبع نسأل

متى عهده بالظّاعن المتحمّل

وقبل بيت الشاهد قوله :

أذلك أم كدريّة ظلّ فرخها

لقى بشرورى كاليتيم المعيّل

اللغة : «غدت» هنا بمعنى «صار» فلا يختص بزمان دون زمان ، كما تقول : «غدا على أميرا» أى : صار على أميرا ؛ فلو لم يكن بمعنى «صار» اختص حدوث معناه بزمان الغداة «من عليه» أراد من فوقه ؛ فعلى هنا اسم ، ولذلك دخل عليه حرف الجر «ظمؤها» بكسر الظاء وسكون الميم ـ زمان صبرها عن الماء «تصل» تصوت وإنما يصوت حشاها ، فجعلها إذا صوت حشاها فقد صوتت «قيض» بفتح


أى : غدت من فوقه ، وقوله :

(٢١٣) ـ

ولقد أرانى للرّماح دريئة

من عن يمينى تارة وأمامى

أى : من جانب يمينى.

 ...

__________________

القاف وسكون الياء ـ قشر البيضة الأعلى «زيزاء» بزاى مفتوحة أو مكسورة ثم مثناة تحتية ساكنة فزاى ثانية ـ هو ما ارتفع من الأرض «المجهل» الذى ليس له أعلام يهتدى بها.

المعنى : يقول : إن هذه القطاة انصرفت من فوق فرخها بعد ما تمت مدة صبرها عن الماء ، حال كونها تصوت أحشاؤها لعطشها بسبب بعد عهدها بالماء ، وطارت عن بيضها الذى وضع بمكان مرتفع خال من الأعلام التى يهتدى بها.

الإعراب : «غدت» غدا : فعل ماض ناقص ، والتاء للتأنيث ، واسمه ضمير مستتر يعود إلى «كدرية» فى بيت سابق أنشدناه لك «من» حرف جر «عليه» على : اسم بمعنى فوق مجرور محلا بمن ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر غدت ، وعلى مضاف وضمير الغائب العائد إلى فرخها مضاف إليه «بعد» ظرف متعلق بغدت «ما» مصدرية «تم» فعل ماض «ظمؤها» ظمء : فاعل تم ، وظمء مضاف والضمير مضاف إليه «تصل» فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل نصب حال «وعن قيض» جار ومجرور معطوف على قوله «من عليه» فهو من متعلقات غدت أيضا «بزيزاء» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لقيض «مجهل» صفة لزيزاء.

الشاهد فيه : قوله «من عليه» حيث ورد «عن» اسما بمعنى فوق ؛ بدليل دخول حرف الجر عليه ، كما أوضحناه لك.

٢١٣ ـ البيت لقطرى بن الفجاءة ، من أبيات سبق أحدها فى باب الحال من هذا الكتاب (هو الشاهد رقم ١٨٦).

اللغة : «دريئة» هى حلقة يرمى فيها المتعلم ويطعن للتدرب على إصابة الهدف ، وأراد بهذه العبارة أنه جرىء على اقتحام الأهوال ومنازلة الأبطال وقراع الخطوب ،


و «مذ ، ومنذ» اسمان حيث رفعا

أو أوليا الفعل : كـ «جئت مذ دعا» (١)

وإن يجرّا فى مضىّ فكمن

هما ، وفى الحضور معنى «فى» استبن (٢)

__________________

وأنه ثابت عند اللقاء لا يجبن ولا يولى ولا ينهزم ، ولو أن الأعداء قصدوا إليه وتناولته رماحهم من كل جانب ، وذكر اليمين والأمام وحدهما ـ وترك اليسار والظهر ـ لأنه يعلم أن اليسار كاليمين ، وأن الظهر قد جرت العادة ألا يمكن الفارس منه أحدا.

الإعراب : «أرانى» أرى : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا ، والنون للوقاية ، والياء مفعول أول «للرماح» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من قوله «دريئة ، الآتى «دريئة» مفعول ثان لأرى ، وأرى هنا علمية ، ومن أجل هذا صح أن يكون فاعلها ومفعولها ضميرين لمسمى واحد وهو المتكلم ، وذلك من خصائص أفعال القلوب ، فلو جعلتها بصرية لزمك أن تقدر مضافا محذوفا ، وأصل الكلام عليه : أرى نفسى «من» حرف جر «عن» اسم بمعنى جانب مجرور المحل بمن ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف يدل عليه الكلام : أى تجيئنى من جهة يمينى ـ إلخ ، وعن مضاف ، ويمين من «يمينى» مضاف إليه ، ويمين مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «تارة» منصوب على الظرفية ، ويروى فى مكانه «مرة» وقوله «وأمامى» معطوف على يمينى.

الشاهد فيه : قوله «من عن» حيث استعمل «عن» اسما بمعنى «جهة» ودليل ذلك أنه أدخل عليه حرف الجر ، وقد بينا لك ذلك فى إعراب البيت.

(١) «ومذ» قصد لفظه : مبتدأ «ومنذ» معطوف عليه «اسمان» خبر المبتدأ «حيث» ظرف متعلق بمحذوف صفة لمذ ومنذ «رفعا» فعل وفاعل ، والجملة فى محل جر بإضافة «حيث» إليها «أو» عاطفة «أوليا» أولى : فعل ماض مبنى للمجهول ، وألف الاثنين نائب فاعل ، وهو المفعول الثانى «الفعل» مفعول أول لأولى ؛ لأنه هو الفاعل فى المعنى «كجئت» الكاف جارة لقول محذوف ، جئت : فعل وفاعل «مذ» ظرف متعلق بجئت «دعا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل جر بإضافة مذ إليها.

(٢) «وإن» شرطية «يجرا» فعل مضارع فعل الشرط. وألف الاثنين فاعل «فى مضى» جار ومجرور متعلق ييجرا «فكمن» الفاء لربط الجواب بالشرط ، كمن :


تستعمل «مذ ، ومنذ» اسمين إذا وقع بعدهما الاسم مرفوعا ، أو وقع بعدهما فعل ؛ فمثال الأول «ما رأيته مذ يوم الجمعة» أو «مذ شهرنا» فـ «مذ» : [اسم] مبتدأ خبره ما بعده ، وكذلك «منذ» ، وجوّز بعضهم أن يكونا خبرين لما بعدهما ، ومثال الثانى «جئت مذ دعا» فـ «مذ» : اسم منصوب المحل على الظرفية ، والعامل فيه «جئت».

وإن وقع ما بعدهما مجرورا فهما حرفا جر : بمعنى «من» إن كان المجرور ماضيا ، نحو «ما رأيته مذ يوم الجمعة» أى : من يوم الجمعة ، وبمعنى «فى» إن كان حاضرا ، نحو «ما رأيته مذ يومنا» أى : فى يومنا.

* * *

وبعد «من وعن وباء» زيد «ما»

فلم يعق عن عمل قد علما (١)

تزاد «ما» بعد «من ، وعن» والباء ؛ فلا تكفّها عن العمل ، كقوله

__________________

جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «هما» ضمير منفصل مبتدأ مؤخر «وفى الحضور» جار ومجرور متعلق بقوله «استبن» الآتى «معنى» مفعول مقدم لاستبن ، ومعنى مضاف و «فى» قصد لفظه : مضاف إليه «استبن» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(١) «وبعد» ظرف متعلق بقوله «زيد» الآتى ، وبعد مضاف ، و «من» قصد لفظه : مضاف إليه «وعلى ، وباء» معطوفان على «من» «زيد» فعل ماض مبنى للمجهول «ما» قصد لفظه : نائب فاعل زيد «فلم» نافية جازمة «يعق» فعل مضارع مجزوم بلم ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ما «عن عمل» جار ومجرور متعلق بيعق «قد» حرف تحقيق «علما» علم : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عمل ، والجملة فى محل جر صفة لعمل.


تعالى : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) وقوله تعالى : (عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) وقوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ).

* * *

وزيد بعد «ربّ ، والكاف» فكف

وقد تليهما وجرّ لم يكف (١)

تزاد «ما» بعد «الكاف ، وربّ» فتكفّهما (٢) عن العمل ، كقوله :

(٢١٤) ـ

فإنّ الحمر من شرّ المطايا

كما الحبطات شرّ بنى تميم

__________________

(١) «وزيد» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «ما» فى البيت السابق «بعد» ظرف متعلق بزيد ، وبعد مضاف و «رب» قصد لفظه : مضاف إليه «والكاف» معطوف على رب «فكف» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ما «وقد» حرف تقليل «يليهما» بلى : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه يعود على ما ، والضمير البارز المتصل مفعول به «وجر» الواو واو الحال ، جر : مبتدأ «لم» نافية جازمة «يكف» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى جر ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، والجملة من المبتدأ وخبره فى محل نصب حال.

(٢) أنت تعلم أن حرف الجر يدخل على اسم مفرد ـ أى غير جملة ـ فيجره ؛ فالكف : هو أن تحول «ما» بين رب والكاف وبين ما يقتضيه كل حرف منهما ، وهو الدخول على الاسم المفرد وجره ، وذلك بأن تهيئهما للدخول على الجمل ، اسمية كانت أو فعلية ؛ فأما دخولهما على الجمل الاسمية فقد استشهد له الشارح (ش ٢١٤ و٢١٥) وأما دخولهما على الجمل الفعلية فمنه قول جذيمة الأبرش :

ربّما أوفيت فى علم

ترفعن ثوبى شمالات

ومنه قول رؤبة بن العجاح فى أحد تخريجاته :

* لا تشتم النّاس كما لا تشتم*

٢١٤ ـ البيت لزياد الأعجم ، وهو أحد أبيات ثلاثة ، وقبله :

وأعلم أنّنى وأبا حميد

كما النّشوان والرّجل الحليم


وقوله :

(٢١٥) ـ

ربّما الجامل المؤبّل فيهم

وعناجيج بينهنّ المهار

__________________

أريد حباءه ويريد قتلى

وأعلم أنّه الرّجل اللّئيم

والبيتان مرفوعا القافية كما ترى ، وبيت الشاهد مجرورها ، ففيه الإقواء.

اللغة : «النشوان» أصله السكران ، وأراد به لازمه ، وهو الذى يعيب كثيرا ويقول ما لا يحتمل ، بدليل ذكر الحليم فى مقابلته «الحليم» ذو الأناة الذى يحتمل ما يثقل على النفس ويشق عليها «حباءه» بكسر الحاء ـ وهو العطية «الحمر» جمع حمار ، ويروى «فإن النيب من شر المطايا» والنيب : جمع ناب ، وهى الناقة المسنة «المطايا» جمع مطية ، وهى ـ هنا ـ الدابة مطلقا ، سميت بذلك لأنها تمطو فى سيرها ، أى : تسرع ، أو لأنك تركب مطاها : أى ظهرها «الحبطات» بفتح الحاء المهملة وكسر الباء الموحدة ـ هم بنو الحارث بن عمرو بن تميم ، وكان أبوهم الحارث بن عمرو فى سفر فأكل أكلا انتفخ منه بطنه فمات فصار بنو تميم يعيرون بالطعام ، وانظر إلى قول الشاعر :

إذا ما مات ميت من تميم

فسرّك أن يعيش فجىء بزاد

الإعراب : «فإن» حرف توكيد «الحمر» اسم إن «من شر» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر إن ، وشر مضاف ، و «المطايا» مضاف إليه «كما» الكاف حرف جر ، ما : كافة «الحبطات» مبتدأ «شر» خبر المبتدأ ، وشر مضاف ، و «بنى» مضاف إليه ، وبنى مضاف ، و «تميم» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «كما الحبطات» حيث زيدت «ما» بعد الكاف فمنعتها من جر ما بعدها ، ووقع بعدها جملة من مبتدأ وخبر ، وقد وضح ذلك فى إعراب البيت.

٢١٥ ـ البيت لأبى دواد الإيادى.

اللغة : «الجامل» القطيع من الإبل مع رعائه وأربابه «المؤبل» ـ بزنة المعظم ـ المتخذ للقنية ، وتقول : إبل مؤبلة ، إذا كانت متخذة للقنية «عناجيج» جمع عنجوج ، وهو من الخيل الطويل العنق «المهار» جمع مهر ـ والواحدة بهاء ـ وهو ولد الفرس.


وقد تزاد بعدهما ولا تكفّهما عن العمل ، وهو قليل ، كقوله :

(٢١٦) ـ

ماوىّ يا ربّتما غارة

شعواء ، كاللّذعة بالميسم

__________________

المعنى : يقول : إنه ربما وجد فى قومه القطيع من الإبل المعد للقنية ، وجياد الخيل الطويلة الأعناق التى بينها أولادها.

الإعراب : «ربما» رب : حرف تقليل وجر شبيه بالزائد ، ما زائدة كافة «الجامل» مبتدأ «المؤبل» صفة للجامل «فيهم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «وعناجيج» الواو عاطفة ، وعناجيج : مبتدأ ، وخبره محذوف يدل عليه ما قبله ، والتقدير : وعناجيج فيهم ، مثلا «بينهن» بين : ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم ، وبين مضاف والضمير مضاف إليه «المهار» مبتدأ مؤخر ، والجملة من المبتدأ والخبر فى محل رفع صفة لقوله «عناجيج» السابق ، وهى التى سوغت الابتداء بالنكرة.

الشاهد فيه : قوله «ربما الجامل فيهم» حيث دخلت «ما» الزائدة على «رب» فكفتها عن عمل الجر فيما بعدها ، وسوغت دخولها على الجملة الابتدائية ، ودخول رب المكفوفة على الجمل الاسمية شاذ عند سيبويه ؛ لأنها عنده حينئذ نختص بالجمل الفعلية ، وعند أبى العباس المبرد لا تخص رب المكفوفة بجملة دون جملة ؛ فليس فى البيت شذوذ عنده.

٢١٦ ـ البيت لضمرة النهشلى.

اللغة : «غارة» هو اسم من أغار القوم ، أى : أسرعوا فى السير للحرب «شعواء» منتشرة متفرقة «اللذعة» مأخوذ من لذعته النار ، أى : أحرقته «الميسم» ما يوسم به البعير بالنار : أى يعلم ليعرف ، وكان لكل قبيلة وسم مخصوص يطبعونه على إبلهم لتعرف.

الإعراب : «ماوى» منادى مرخم ، وحرف النداء محذوف ، وأصله «يا ماوية» «يا» حرف تنبيه «ربتما» رب : حرف تقليل وجر شبيه بالزائد ، والتاء لتأنيث اللفظ ، وما : زائدة غير كافة هنا «غارة» مبتدأ ، مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد «شعواء» صفة لغارة


وقوله :

(٢١٧) ـ

وننصر مولانا ونعلم أنّه

كما النّاس مجروم عليه وجارم

* * *

وحذفت «ربّ» فجرّت بعد «بل»

والفا ، وبعد الواو شاع ذا العمل (٣)

__________________

«كاللذعة» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة ثانية لغارة «بالميسم» جار ومجرور متعلق باللذعة ، وخبر المبتدأ جملة «ناهبتها» فى بيت آخر ، وهو قوله :

ناهبتها الغنم على طيّع

أجرد كالقدح من السّاسم

الشاهد فيه : قوله «ربتما غارة» حيث دخلت «ما» الزائدة ـ التى من شأنها أن تكف حرف الجر عن عمل الجر ـ على «رب» فلم تكفها عن عمل الجر فى لفظ ما بعدها.

٢١٧ ـ البيت لعمرو بن براقة الهمدانى ، من كلمة مطلعها :

تقول سليمى : لا تعرّض لتلفة

وليلك عن ليل الصّعاليك نائم

المعنى : إننا نعين حليفنا ونساعده على عدوه ، مع أنّنا نعلم أنه كسائر الناس يجنى ويجنى عليه.

الإعراب : «ننصر» فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن «مولانا» مولى : مفعول به لننصر ، ومولى مضاف والضمير مضاف إليه «ونعلم» فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه «أنه» أن : حرف توكيد ونصب ، والهاء اسمه «كما» الكاف جارة ، ما : زائدة «الناس» مجرور بالكاف ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر «أن» وجملة «أن» واسمها وخبرها سدت مسد مفعولى «نعلم» «مجروم» خبر ثان لأن ، وهو اسم مفعول ؛ فقوله «عليه» واقع موقع نائب الفاعل «وجارم» معطوف على «مجروم».

الشاهد فيه : قوله «كما الناس» حيث زيدت «ما» بعد الكاف ، ولم تمنعها من عمل الجر فى الاسم الذى بعدها.

(١) «وحذفت» الواو عاطفة أو للاستئناف ، حذف : فعل ماض مبنى للمجهول ،


لا يجوز حذف حرف الجر وإبقاء عمله ، إلا فى «ربّ» بعد الواو ، وفيما سنذكره ، وقد ورد حذفها بعد الفاء ، و «بل» قليلا ؛ فمثاله بعد الواو قوله :

* وقاتم الأعماق خاوى المخترقن* (١)

ومثاله بعد الفاء قوله :

(٢١٨) ـ

فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع

فألهيتها عن ذى تمائم محول

__________________

والتاء للتأنيث «رب» قصد لفظه : نائب فاعل «فجرت» الفاء حرف عطف ، وجر : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى رب «بعد» ظرف متعلق بجرت ، وبعد مضاف و «بل» قصد لفظه : مضاف إليه «والفا» قصر للضرورة : معطوف على «بل» و «بعد» ظرف متعلق بقوله «شاع» الآتى ، وبعد مضاف ، و «الواو» مضاف إليه «شاع» فعل ماض «ذا» اسم إشارة فاعل شاع «العمل» بدل أو عطف بيان أو نعت لاسم الإشارة : أى وشاع هذا العمل بعد الواو.

(١) تقدم شرح هذا البيت فى أول الكتاب ، فانظره هناك ، وهو الشاهد رقم ٣ والشاهد فيه هنا قوله «وقاتم» حيث جر بعد الواو برب المحذوفة.

ونظير هذا البيت ـ فى الجر برب محذوفة بعد الواو ـ قول امرىء القيس :

وليل كموج البحر أرخى سدوله

علىّ بأنواع الهموم ليبتلى

٢١٨ ـ البيت لامرىء القيس بن حجر الكندى ، من معلقته المشهورة ، وقبل هذا البيت قوله :

ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة

فقالت : لك الويلات ، إنّك مرجلى

تقول ، وقد مال الغبيط بنا معا :

عقرت بعيرى يا امرأ القيس فانزل

فقلت لها : سيرى ، وأرخى زمامه

ولا تبعدينى عن جناك المعلّل

اللغة : «طرقت» جئت ليلا «تمائم» جمع تميمة ، وهى التعويذة تعلق على الصبى


ومثاله بعد «بل» قوله :

(٢١٩) ـ

بل بلد ملء الفجاج قتمه

لا يشترى كتّانه وجهرمه

__________________

لتمنعه العين فى زعمهم «محول» اسم فاعل من «أحول الصبى» إذا أتى عليه من مولده عام.

الإعراب : «فمثلك» مثل : مفعول مقدم على عامله وهو قوله «طرقت» الآتى منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد ، وهو «رب» المحذوفة ، ومثل مضاف والكاف مضاف إليه «حبلى» بدل من الكاف فى «مثلك» «قد» حرف تحقيق «طرقت» فعل وفاعل «ومرضع» معطوف على حبلى ، وهو يروى بالجر تابعا على اللفظ ، وبالنصب تابعا على الموضع «فألهينها» الفاء عاطفة ، ألهيتها : فعل وفاعل ومفعول به ، والجملة معطوفة على جملة «قد طرقت» «عن ذى» جار ومجرور متعلق بألهى ، وذى مضاف و «تمائم» مضاف إليه «محول» صفة لذى تمائم.

الشاهد فيه : قوله «فمثلك» حيث جر برب المحذوفة بعد الفاء.

٢١٩ ـ البيت لرؤبة بن العجاج.

اللغة : «بلد» يذكر ويؤنث ، والتذكير أكثر «الفجاج» جمع فج ، وهو الطريق الواسع «قتمه» أصله قتامه ، والقتام هو الغبار ، فخففه بحذف الألف «جهرمه» الجهرم ـ بزنة جعفر ـ هو البساط نفسه ، وقيل : أصله جهرميه ـ بياء نسبة مشددة ـ نسبة إلى جهرم ، وهو بلد بفارس ، فحذف ياء النسبة.

المعنى : يصف نفسه بالقدرة على الأسفار وتحمل المشاق والصعوبات ، ويشير إلى أن ناقته قوية على قطع الطرق الوعرة والمسالك الصعبة.

الإعراب : «بل» حرف دال على الإضراب والانتقال «بلد» مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد ، وهو رب المحذوفة بعد «بل» «ملء» مبتدأ ثان ، وملء مضاف و «الفجاج» مضاف إليه «قتمه» قتم : خبر المبتدأ الثانى ، وقتم مضاف والضمير مضاف إليه ، ويجوز العكس ، والجملة فى محل رفع صفة لبلد «لا» نافية «يشترى» فعل مضارع مبنى للمجهول «كتانه» كتان : نائب فاعل ليشترى ، وكتان مضاف وضمير الغائب


والشائع من ذلك حذفها بعد الواو ، وقد شذّ الجرّ بـ «ربّ» محذوفة من غير أن يتقدمها شىء ، كقوله :

(٢٢٠) ـ

رسم دار وقفت فى طلله

كدت أقضى الحياة من جلله

* * *

__________________

العائد إلى بلد مضاف إليه «وجهرمه» معطوف على «كتانه» والجملة فى محل رفع نعت لبلد ، وخبر المبتدأ الواقع بعد بل والمجرور لفظه برب المحذوفة هو قوله «كلفته عيدية» وهذا الخبر قد وقع فى بيت بعد بيت الشاهد بتسعة أبيات ، وذلك فى قوله :

كلّفته عيديّة تجشّمه

كأنّها ، والسّير ناج سوّمه

قياس بار نبعه ونشمه

تنجو إذا السّير استمرّ وذمه

الشاهد فيه : قوله «بل بلد» حيث جر «بلد» برب المحذوفة بعد «بل».

٢٢٠ ـ البيت لجميل بن معمر العذرى.

اللغة : «الرسم» ما لصق بالأرض من آثار الديار كالرماد ونحوه «والطلل» ما شخص وارتفع من آثارها كالوتد ونحوه «من جلله» له معنيان : أحدهما أن يكون من قولهم «فعلت هذا من جلل كذا» والمعنى : فعلته من عظمه فى نفسى ، حكاه أبو على القالى ، الثانى : أن يكون من قولهم : «فعلت كذا من جللك وجلالك» ، والمعنى من أجلك ، وبسببك.

الإعراب : «رسم» مبتدأ ، مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتعال المحل بالحركة التى اقتضاها حرف الجر الشبيه بالزائد المحذوف مع بقاء عمله ، ورسم مضاف ، و «دار» مضاف إليه «وقفت» فعل وفاعل «فى طلله» الجار والمجرور متعلق بوقفت ، وطلل مضاف والضمير مضاف إليه ، والجملة من الفعل والفاعل فى محل رفع صفة لرسم «كدت» كاد : فعل ماض ناقص ، والتاء اسمه «أقضى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «الحياة» مفعول به لأقضى ، والجملة من الفعل وفاعله ومفعوله فى محل نصب خبر «كاد» وجملة «كاد» واسمه وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ.


وقد يجرّ بسوى ربّ ، لدى

حذف ، وبعضه يرى مطّردا (١)

الجرّ بغير «ربّ» محذوفا على قسمين : مطّرد ، وغير مطرد.

فغير المطرد ، كقول رؤبة لمن قال له «كيف أصبحت؟» : «خير والحمد لله» التقدير : على خير ، وقول الشاعر :

(٢٢١) ـ

إذا قيل : أىّ النّاس شرّ قبيلة؟

أشارت كليب بالأكفّ الأصابع

__________________

الشاهد فيه : قوله «رسم دار» ـ فى رواية الجر ـ حيث جر قوله «رسم» برب محذوفا من غير أن يكون مسبوقا بأحد الحروف الثلاثة : الواو ، والفاء ، وبل ، وذلك شاذ.

(١) «وقد» حرف تقليل «يجر» فعل ماض مبنى للمجهول «بسوى» جار ومجرور واقع موقع نائب الفاعل ليجر ، وسوى مضاف و «رب» قصد لفظه : مضاف إليه «لدى» ظرف بمعنى عند متعلق بيجر ، ولدى مضاف و «حذف» مضاف إليه «وبعضه» بعض مبتدأ ، والهاء مضاف إليه «يرى» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا ، وهو المفعول الأول «مطردا» مفعول ثان ليرى ، والجملة من الفعل المبنى للمجهول ونائب فاعله ومفعوليه فى محل رفع خبر المبتدأ.

٢٢١ ـ البيت من قصيدة للفرزدق يهجو فيها جريرا.

اللغة : «قبيلة» واحدة قبائل العرب «كليب» ـ بزنة التصغير ـ أبو قبيلة جرير ، والباء فى قوله : «بالأكف» للمصاحبة بمعنى «مع» أى : أشارت الأصابع مع الأكف ، أو الباء على أصلها والكلام على القلب ، وكأنه أراد أن يقول : أشارت الأكف بالأصابع ، فقلب.

المعنى : إن لؤم كليب وارتكاسها فى الشر أمر مشهور لا يحتاج إلى التنبيه إليه ، فإنه لو سأل سائل عن شر قبيلة فى الوجود لبادر الناس إلى الإشارة إلى كليب.

الإعراب : «إذا» ظرف للمستقبل من الزمان تضمن معنى الشرط «قيل» فعل ماض مبنى للمجهول «أى» اسم استفهام مبتدأ ، وأى مضاف و «الناس» مضاف إليه «شر» أفعل تفضيل حذفت همزته تخفيفا لكثرة الاستعمال ، وهو خبر المبتدأ ،


أى : أشارت إلى كليب ، وقوله :

(٢٢٢) ـ

وكريمة من آل قيس ألفته

حتّى تبذّخ فارتقى الأعلام

أى : فارتقى إلى الأعلام.

__________________

وشر مضاف و «قبيلة» مضاف إليه ، والجملة من المبتدأ وخبره نائب فاعل قيل «أشارت» أشار : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «كليب» مجرور بحرف جر محذوف ، والتقدير : إلى كليب ، والجار والمجرور متعلق بأشارت «بالأكف» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الأصابع تقدم عليه «الأصابع» فاعل أشارت.

الشاهد فيه : قوله «أشارت كليب» حيث جر قوله «كليب» بحرف جر محذوف ، كما بيناه فى الإعراب ، والجر بالحرف المحذوف ـ غير ما سبق ذكره ـ شاذ.

٢٢٢ ـ هذا البيت من الشواهد التى لا يعلم قائلها.

اللغة : «كريمة» صفة لموصوف محذوف ، أى : رجل كريمة ، والناء فيه للمبالغة لا للتأنيث ؛ بدليل تذكير الضمير فى قوله «ألفته» ولا يقال : إنه استعمل صيغة فعيلة فى المبالغة ، وليست من صيغها ؛ لأنا نقول : الصيغ المشهورة هى الصيغ القياسية ، أما السماعى فلا حصر له «ألفته» بفتح اللام ـ من باب ضرب ـ أى : أعطيته ألفا ، أو بكسر اللام ـ من باب علم ـ أى : صرت أليفه «تبذخ» تكبر وعلا «الأعلام» جمع علم ، وهو ـ بفتح العين واللام جميعا ـ الجبل.

الإعراب : «وكريمة» الواو واو رب «كريمة» مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد «من آل» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لكريمة ، وآل مضاف ، و «قيس» مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه اسم لا ينصرف للعلمية والتأنيث المعنوى لأنه اسم للقبيلة «ألفته» فعل وفاعل ومفعول به ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «حتى» ابتدائية «تبذخ» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا «فارتقى» الفاء عاطفة ، ارتقى : فعل ماض ، وفيه ضمير مستتر فاعل ، والجملة معطوفة على جملة «تبذخ» السابقة «الأعلام» مجرور بحرف جر محذوف ، أى : إلى الأعلام ، والجار والمجرور متعلق بقوله ارتقى.


والمطّرد كقولك : «بكم درهم اشتريت هذا»؟ فدرهم : مجرور بمن محذوفة عند سيبويه والخليل ، وبالإضافة عند الزجّاج ؛ فعلى مذهب سيبويه والخليل يكون الجار قد حذف وأبقى عمله ، وهذا مطّرد عندهما فى مميز «كم» الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجرّ.

* * *

__________________

الشاهد فيه : فى هذا البيت عدة شواهد للنحاة : أولها وثانيها فى قوله : «كريمة» حيث جر هذه الكلمة برب محذوفة بعد الواو ، وحيث ألحق التاء الدالة على المبالغة لصيغة فعيل ، وهذا نادر ، والكثير أن تلحق صيغة فعال ـ كعلامة ونسابة ـ أو صيغة مفعال ـ كمهذارة ـ أو صيغة فعول ـ كفروقة ـ وثالثها ، وهو المراد هنا ، قوله : «فارتقى الأعلام» حيث جر قوله : «الأعلام» بحرف جر محذوف ، كما بيناه فى الإعراب ، وذلك شاذ. ورابعها : فى قوله : «قيس» حيث منعه الصرف وجره بالفتحة نيابة عن الكسرة ، فإن أردت به اسم القبيلة فهو ممنوع من الصرف قياسا للعلمية والتأنيث المعنوى ، وإن أردت به علم مذكر كأبى القبيلة كان منعه من الصرف شاذا ، وهو ـ مع شذوذه ـ مما له نظائر فى شعر العرب ، ومن نظائره قول الأخطل :

طلب الأزارق بالكتائب إذ هوت

بشبيب غائلة النّفوس غرور

فقد منع «شيب» من الصرف وليس فيه علتان ، ومثله قول الآخر :

قالت أميمة : ما لثابت شاخصا

عارى الأشاجع ناحلا كالمنصل


الإضافة

نونا تلى الإعراب أو تنوينا

ممّا تضيف احذف كطور سينا (١)

والثّانى اجرر ، وانو «من» أو «فى» إذا

لم يصلح الّا ذاك ، واللّام خذا (٢)

لما سوى ذينك ، واخصص أوّلا

أو أعطه التّعريف بالّذى تلا (٣)

__________________

(١) «نونا» مفعول به تقدم على عامله ، وهو قوله احذف الآتى «تلى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى نون ، والجملة فى محل نصب صفة لقوله نونا «الإعراب» مفعول به لتلى «أو» عاطفة «تنوينا» معطوف على قوله نونا «مما» جار ومجرور متعلق باحذف «تضيف» فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة لا محل لها صلة «ما» المجرورة محلا بمن «احذف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «كطور سينا» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كطور ، وطور مضاف وسينا : مضاف إليه ، وهو مقصور من ممدود.

(٢) «الثانى» مفعول به مقدم على عامله وهو قوله اجرر «اجرر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وانو» كذلك «من» قصد لفظه : مفعول به لا نو «أو» عاطفة «فى» معطوف على من «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «لم» نافية جازمة «يصلح» فعل مضارع مجزوم بلم «إلا» أداة استثناء ملغاة لا عمل لها «ذاك» ذا : فاعل يصلح ، والكاف حرف خطاب ، وجملة الفعل المنفى بلم والفاعل فى محل جر بإضافة إذا إليها «واللام» مفعول مقدم لخذ «خذا» فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(٣) «لما» جار ومجرور متعلق بخذ فى البيت السابق «سوى» ظرف متعلق بمحذوف صلة «ما» المجرورة محلا باللام ، وسوى مضاف واسم الإشارة من «ذينك» مضاف إليه «واخصص» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «أولا»


إذا أريد إضافة اسم إلى آخر حذف ما فى المضاف : من نون تلى الإعراب ـ وهى نون التثنية ، أو نون الجمع ، وكذا ما ألحق بهما ـ أو تنوين ، وجرّ المضاف إليه ؛ فتقول : «هذان غلاما زيد ، وهؤلاء بنوه ، وهذا صاحبه».

واختلف فى الجار للمضاف إليه ؛ فقيل : هو مجرور بحرف مقدر ـ وهو اللام ، أو «من» ، أو «فى» ـ وقيل : هو مجرور بالمضاف [وهو الصحيح من هذه الأقوال].

ثم الإضافة تكون بمعنى اللام عند جميع النحويين ، وزعم بعضهم أنها تكون أيضا بمعنى «من» أو «فى» ، وهو اختيار المصنف ، وإلى هذا أشار بقوله : «وانو من أو فى ـ إلى آخره».

وضابط ذلك أنه إن لم يصلح إلا تقدير «من» أو «فى» فالإضافة بمعنى ما تعيّن تقديره ، وإلا فالإضافة بمعنى اللام

فيتعين تقدير «من» إن كان المضاف إليه جنسا للمضاف ، نحو «هذا ثوب خزّ ، وخاتم حديد» والتقدير : هذا ثوب من خز ، وخاتم من حديد.

ويتعين تقدير «فى» إن كان المضاف إليه ظرفا واقعا فيه المضاف ، نحو «أعجبنى ضرب اليوم زيدا» أى : ضرب زيد فى اليوم ، ومنه قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) وقوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)(١)

__________________

مفعول به لا خصص «أو» عاطفة «أعطه» أعط : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول أول لأعط «التعريف» مفعول ثان لأعط «بالذى» جار ومجرور متعلق بالتعريف «تلا» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى ، والجملة لا محل لها صلة الذى.

(١) ومن ذلك قول الشاعر :

ربّ ابن عمّ لسليمى مشمعلّ

طبّاح ساعات الكرى زاد الكسل

عند من رواه بإضافة طباخ إلى ساعات الكرى ـ ومعناه طباخ فى ساعات النوم.


فإن لم يتعين تقدير «من» أو «فى» فالإضافة بمعنى اللام ، نحو «هذا غلام زيد ، وهذه يد عمرو» أى : غلام لزيد ، ويد لعمرو.

وأشار بقوله : «واخصص أولا ـ إلى آخره» إلى أن الإضافة على قسمين : محضة ، وغير محضة.

فالمحضة هى : غير إضافة الوصف المشابه للفعل المضارع إلى معموله.

وغير المحضة هى : إضافة الوصف المذكور ، كما سنذكره بعد ، وهذه لا تفيد الاسم [الأوّل] تخصيصا ولا تعريفا ، على ما سنبين.

والمحضة : ليست كذلك ، وتفيد الاسم الأول : تخصيصا إن كان المضاف إليه نكرة ، نحو «هذا غلام امرأة» ، وتعريفا إن كان المضاف إليه معرفة ، نحو «هذا غلام زيد».

* * *

وإن يشابه المضاف «يفعل»

وصفا ، فعن تنكيره لا يعذل (١)

كربّ راجينا عظيم الأمل

مروّع القلب قليل الحيل (٢)

__________________

(١) «إن» شرطية «يشابه» فعل مضارع ، فعل الشرط «المضاف» فاعل يشابه «يفعل» قصد لفظه : مفعول به ليشابه «وصفا» حال من قوله المضاف «فعن» الفاء لربط الشرط بالجواب ، عن : حرف جر «تنكيره» تنكير : مجرور بعن ، وتنكير مضاف والهاء مضاف إليه ، والجار والمجرور متعلق بيعذل الآتى «لا» نافية «يعذل» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، وجملة الفعل ونائب الفاعل فى محل رفع خبر لمبتدأ محذوف ، وجملة المبتدأ والخبر فى محل جزم جواب الشرط.

(٢) «كرب» الكاف جارة لقول محذوف ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، أى : وذلك كائن كقولك رب ـ إلخ ، ورب : حرف تقليل وجر


وذى الإضافة اسمها لفظيّه

وتلك محضة ومعنويّة (١)

هذا هو القسم الثانى من قسمى الإضافة ، وهو غير المحضة ؛ وضبطها المصنف بما إذا كان المضاف وصفا يشبه «يفعل» ـ أى : الفعل المضارع ـ وهو : كل اسم فاعل أو مفعول ، بمعنى الحال أو الاستقبال ، أو صفة مشبهة [ولا تكون إلا بمعنى الحال].

فمثال اسم الفاعل : «هذا ضارب زيد ، الآن أو غدا ، وهذا راجينا».

ومثال اسم المفعول : «هذا مضروب الأب ، وهذا مروّع القلب».

ومثال الصفة المشبهة : «هذا حسن الوجه ، وقليل الحيل ، وعظيم الأمل».

فإن كان المضاف غير وصف ، أو وصفا غير عامل ؛ فالإضافة محضة : كالمصدر ، نحو «عجبت من ضرب زيد» واسم الفاعل بمعنى الماضى ، نحو «هذا ضارب زيد أمس».

وأشار بقوله : «فعن تنكيره لا يعذل» إلى أن هذا القسم من الإضافة ـ أعنى غير المحضة ـ لا يفيد تخصيصا ولا تعريفا ؛ ولذلك تدخل «ربّ» عليه ، وإن كان مضافا لمعرفة ، نحو «[ربّ] راجينا» وتوصف به النكرة ،

__________________

شبيه بالزائد «راجينا» راجى : اسم فاعل مجرور برب ، وراجى مضاف ، ونا : مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله «عظيم» صفة لراج ، وعظيم مضاف و «الأمل» مضاف إليه «مروع» صفة ثانية لراج ، ومروع مضاف و «القلب» مضاف إليه «قليل» صفة ثالثة لراج ، وقليل مضاف و «الحيل» مضاف إليه.

(١) «وذى» اسم إشارة مبتدأ أول «الإضافة» بدل أو عطف بيان «اسمها» اسم : مبتدأ ثان ، واسم مضاف وها : مضاف إليه «لفظية» خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول «وتلك» اسم إشارة مبتدأ «محضة» خبره «ومعنوية» معطوف على محضة ، والجملة من هذا المبتدأ وخبره معطوفة على جملة المبتدأ وخبره السابقة.


نحو قوله تعالى : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) وإنما يفيد التخفيف ؛ وفائدته ترجع إلى اللفظ ؛ فلذلك سميت الإضافة فيه لفظية.

وأما القسم الأول فيفيد تخصيصا أو تعريفا ، كما تقدم ؛ فلذلك سميت الإضافة فيه معنوية ، وسميت محضة أيضا ؛ لأنها خالصة من نية الانفصال ، بخلاف غير المحضة ؛ فإنها على تقدير الانفصال ، تقول : «هذا ضارب زيد الآن» على تقدير «هذا ضارب زيدا» ومعناهما متّحد ، وإنما أضيف طلبا للخفة.

* * *

ووصل «أل» بذا المضاف مغتفر

إن وصلت بالثّان : كـ «الجعد الشّعر» (١)

أو بالّذى له أضيف الثّانى

: كـ «زيد الضّارب رأس الجانى» (٢)

لا يجوز دخول الألف واللام على المضاف الذى إضافته محضة ؛ فلا تقول : «هذا الغلام رجل» لأن الإضافة منافية (٣) للألف واللام ؛ فلا يجمع بينهما.

__________________

(١) «ووصل» مبتدأ ، ووصل مضاف و «أل» قصد لفظه : مضاف إليه «بذا» جار ومجرور متعلق بوصل «المضاف» بدل أو عطف بيان أو نعت لاسم الإشارة «مغتفر» خبر المبتدأ «إن» شرطية «وصلت» وصل : فعل ماض مبنى للمجهول فعل الشرط ، والتاء للتأنيث ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى أل «بالثان» جار ومجرور متعلق بوصلت ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.

(٢) «أو» عاطفة «بالذى» جار ومجرور معطوف على قوله «بالثان» فى البيت السابق «له» جار ومجرور متعلق بقوله «أضيف» الآتى «أضيف» فعل ماض مبنى للمجهول «الثانى» نائب فاعل أضيف ، والجملة لا محل لها صلة.

(٣) فى بعض النسخ «معاقبة» والمقصود لا يتغير ؛ فإن معنى المعاقبة أن كل واحدة منهما تعقب الأخرى : أى تدخل الكلمة عقبها ؛ فهما لا يجتمعان فى الكلمة ، وسيأتى يقول «لما تقدم من أنهما متعاقبان».


وأما ما كانت [إضافته] غير محضة ـ وهو المراد بقوله «بذا المضاف» ـ أى بهذا المضاف الذى تقدّم الكلام فيه قبل هذا البيت ـ فكان القياس أيضا يقتضى أن لا تدخل الألف واللام على المضاف ؛ لما تقدم من أنهما متعاقبان (١) ، ولكن لمّا كانت الإضافة فيه على نية الانفصال اغتفر ذلك ، بشرط أن تدخل الألف واللام على المضاف إليه ، كـ «الجعد الشعر ، والضّارب الرّجل» ، أو على ما أضيف إليه المضاف إليه ، كـ «زيد الضّارب رأس الجانى».

فإن لم تدخل الألف واللام على المضاف إليه ، ولا على ما أضيف إليه [المضاف إليه] ، امتنعت المسألة ؛ فلا تقول : «هذا الضّارب رجل» [ولا «هذا الضّارب زيد»] ولا «هذا الضارب رأس جان».

هذا إذا كان المضاف غير مثنى ، ولا مجموع جمع سلامة لمذكر ، ويدخل فى هذا المفرد كما مثّل ، وجمع التكسير ، نحو : «الضوارب ـ أو الضّرّاب ـ الرّجل ، أو غلام الرجل» [وجمع السلامة لمؤنث ، نحو «الضاربات الرّجل ، أو غلام الرّجل»].

فإن كان المضاف مثنى أو مجموعا جمع سلامة لمذكر كفى وجودها فى المضاف ، ولم يشترط وجودها فى المضاف إليه ، وهو المراد بقوله :

وكونها فى الوصف كاف : إن وقع

مثنّى ، او جمعا سبيله اتّبع (٢)

__________________

(١) «وكونها» كون : مبتدأ ، وها : مضاف إليه ، من إضافة المصدر الناقص إلى اسمه «فى الوصف» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر الكون الناقص «كاف» خبر المبتدأ «إن» شرطية «وقع» فعل ماض ، فعل الشرط ، وفيه ضمير مستتر جوازا يعود إلى المضاف فاعل «مثنى» حال من الضمير المستتر فى وقع السابق «أو» عاطفة «جمعا» معطوف على مثنى «سبيله» سبيل : مفعول مقدم على عامله وهو قوله اتبع الآتى ، وسبيل مضاف والهاء مضاف إليه «اتبع» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا


أى : وجود الألف واللام فى الوصف المضاف إذا كان مثنى ، أو جمعا اتّبع سبيل المثنى ـ أى : على حدّ المثنى ، وهو جمع المذكر السالم ـ يغنى عن وجودها فى المضاف إليه ؛ فتقول : «هذان الضاربا زيد ، وهؤلاء الضّاربو زيد» (١) وتحذف النون للاضافة.

* * *

ولا يضاف اسم لما به اتّحد

معنى ، وأوّل موهما إذا ورد (٢)

__________________

تقديره هو يعود على قوله جمعا ، والجملة فى محل نصب صفة لقوله جمعا ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام ، ويجوز أن تقرأ «أن» بفتح الهمزة على أنها مصدرية ؛ فهى وما بعدها فى تأويل مصدر فاعل لكاف ، أو بكسر الهمزة على أنها شرطية ، وشرطها قوله «وقع» كما سبق تقريره ، والجواب محذوف يدل عليه سابق الكلام.

(١) ومن شواهد ذلك قول عنترة بن شداد العبسى فى معلقته :

ولقد خشيت بأن أموت ولم تدر

للحرب دائرة على ابنى ضمضم

الشاتمى عرضى ولم أشتمهما

والنّاذرين إذا لم القهما دمى

وقول الآخر :

إن يغنيا عنّى المستوطنا عدن

فإنّنى لست يوما عنهما بغنى

(٢) «لا» نافية «يضاف» فعل مضارع مبنى للمجهول «اسم» نائب فاعل «لما» جار ومجرور متعلق بقوله «يضاف» السابق «به» جار ومجرور متعلق بقوله «اتحد» الآتى «اتحد» فعل ماض ، وفى قوله «اتحد» ضمير مستتر يعود على ما الموصولة فاعل ، والجملة لا محل لها صلة «معنى» منصوب على التمييز أو على نزع الخافض «وأول» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «موهما» مفعول به لأول «إذا» ظرف للمستقبل من الزمان «ورد» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا ، والجملة فى محل جر بإضافة «إذا» إليها ، وجوابها محذوف يدل عليه سابق الكلام.


المضاف يتخصّص بالمضاف إليه ، أو يتعرّف به ؛ فلا بد من كونه غيره ؛ إذ لا يتخصّص الشىء أو يتعرف بنفسه ، ولا يضاف اسم لما به اتّحد فى المعنى : كالمترادفين وكالموصوف وصفته ؛ فلا يقال : «قمح برّ» ولا «رجل قائم» وما ورد موهما لذلك مؤوّل ، كقولهم «سعيد كرز» فظاهر هذا أنه من إضافة الشىء إلى نفسه ؛ لأن المراد بسعيد وكرز [فيه] واحد ؛ فيؤوّل الأول بالمسمى ، والثانى بالاسم ؛ فكأنه قال : جاءنى مسمّى كرز ، أى : مسمى هذا الاسم ، وعلى ذلك يؤوّل ما أشبه هذا من إضافة المترادفين ، كـ «يوم الخميس». وأما ما ظاهره إضافة الموصوف إلى صفته ، فمؤوّل على حذف المضاف إليه الموصوف بتلك الصفة ، كقولهم : «حبّة الحمقاء ، وصلاة الأولى» ، والأصل : حبّة البقلة الحمقاء ، وصلاة السّاعة الأولى ؛ فالحمقاء : صفة للبقلة ، لا للحبة ، والأولى صفة للساعة ، لا للصلاة ، ثم حذف المضاف إليه ـ وهو البقلة ، والساعة ـ وأقيمت صفته مقامه ، فصار «حبة الحمقاء ، وصلاة الأولى» فلم يضف الموصوف إلى صفته ، بل إلى صفة غيره.

 ...

وربّما أكسب ثان أوّلا

تأنيثا ان كان لحذف موهلا (١)

قد يكتسب المضاف المذكّر من المؤنث المضاف إليه التأنيث ، بشرط أن يكون المضاف صالحا للحذف وإقامة المضاف إليه مقامه ، ويفهم منه ذلك

__________________

(١) «وربما» رب : حرف تقليل وجر شبيه بالزائد ، وما : كافة «أكسب» فعل ماض «ثان» فاعل أكسب «أولا» مفعول أول لأكسب «تأنيثا» مفعول ثان لأكسب ، «إن» شرطية «كان» فعل ماض ناقص ، فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه «لحذف» جار ومجرور متعلق بقوله موهلا الآتى «موهلا» خبر كان ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.


المعنى ، نحو «قطعت بعض أصابعه» فصحّ تأنيث «بعض» لإضافته إلى أصابع وهو مؤنث ؛ لصحة الاستغناء بأصابع عنه ؛ فتقول : «قطعت أصابعه» ومنه قوله :

(٢٢٣) ـ

مشين كما اهتزّت رماح تسفّهت

أعاليها مرّ الرّياح النّواسم

فأنّث المرّ لإضافته إلى الرياح ، وجاز ذلك لصحة الاستغناء عن المرّ بالرياح ، نحو «تسفّهت الرّياح».

وربما كان المضاف مؤنثا فاكتسب التذكير من المذكر المضاف إليه ، بالشرط

__________________

٢٢٣ ـ هذا البيت لذى الرمة غيلان بن عقبة.

اللغة : «اهتزت» مالت ، واضطربت «تسفهت» من قولهم : تسفهت الرياح الغصون ؛ إذا أمالتها وحركتها «النواسم» جمع ناسمة ، وهى الرياح اللينة أول هبوبها ، وأراد من الرماح الأغصان.

المعنى : يقول : إن هؤلاء النسوة قد مشين فى اهتزاز وتمايل ، فهن يحاكين رماحا ـ أى غصونا ـ مرت بها ريح فأمالتها.

الإعراب : «مشين» فعل وفاعل «كما» الكاف جارة ، وما : مصدرية «اهتزت» اهتز : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «رماح» فاعل اهتزت ، و «ما» المصدرية وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مجرور بالكاف ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف ، أى : مشين مشيا كائنا كاهتزاز ـ إلخ «تسفهت» تسفه : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «أعاليها» أعالى : مفعول به لتسفه ، وأعالى مضاف وها : مضاف إليه «مر» فاعل تسفهت ، ومر مضاف ، و «الرياح» مضاف إليه «النواسم» صفة للرياح.

الشاهد فيه : قوله «تسفهت ... مر الرياح» حيث أنث الفعل بتاء التأنيث مع أن فاعله مذكر ـ وهو قوله مر ـ والذى جلب له ذلك إنما هو المضاف إليه ، وهو الرياح.


الذى تقدم ، كقوله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) فـ «رحمة» : مؤنث ، واكتسبت التذكير بإضافتها إلى «الله» تعالى.

فإن لم يصلح المضاف للحذف والاستغناء بالمضاف إليه عنه لم يجز التأنيث ؛ فلا تقول : «خرجت غلام هند» إذ لا يقال «خرجت هند» ويفهم منه خروج الغلام.

* * *

وبعض الاسماء يضاف أبدا

وبعض ذا قد يأت لفظا مفردا (١)

من الأسماء ما يلزم الإضافة ، وهو قسمان :

أحدهما : ما يلزم الإضافة لفظا ومعنى ؛ فلا يستعمل مفردا ـ أى : بلا إضافة ـ وهو المراد بشطر البيت ، وذلك نحو «عند ، ولدى ، وسوى ، وقصارى الشىء ، وحماداه : بمعنى غايته».

والثانى : ما يلزم الإضافة معنى دون لفظ ، [نحو «كلّ ، وبعض ، وأىّ] ؛ فيجوز أن يستعمل مفردا ـ أى : بلا إضافة ـ وهو المراد بقوله : «وبعض ذا» أى : وبعض ما لزم الإضافة [معنى] قد يستعمل مفردا لفظا ، وسيأتى كلّ من القسمين.

* * *

__________________

(١) «وبعض» مبتدأ «الاسماء» مضاف إليه «يضاف» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «أبدا» منصوب على الظرفية «وبعض» مبتدأ ، وبعض مضاف و «ذا» اسم إشارة : مضاف إليه «قد» حرف تقليل «يأت» فعل مضارع ، وقد حذف لامه ـ وهى الياء ـ ضرورة ، والفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «لفظا» منصوب على التمييز ، أو بإسقاط الخافض ، وعلى هذين يكون قوله «مفردا» حالا من الضمير المستتر فى قوله «يأتى» ويجوز أن يكون قوله «لفظا» هو الحال ، ويكون قوله «مفردا» نعتا له.


وبعض ما يضاف حتما امتنع

إيلاؤه اسما ظاهرا حيث وقع (١)

كوحد ، لبّى ، ودوالى ، سعدى ،

وشذّ إيلاء «يدى» للبّى (٢)

من اللازم للإضافة لفظا مالا يضاف إلا إلى المضمر ، وهو المراد هنا ، نحو «وحدك» أى : منفردا ، و «لبّيك» أى : إقامة على إجابتك بعد إقامة ، و «دواليك» أى : إدالة بعد إدالة ، و «سعديك» أى : إسعادا بعد إسعاد ، وشذّ إضافة «لبّى» إلى ضمير الغيبة ، ومنه قوله :

(٢٢٤) ـ

إنّك لو دعوتنى ودونى

زوراء ذات مترع بيون

. لقلت لبّيه لمن يدعونى.

__________________

(١) «بعض» مبتدأ ، وبعض مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «يضاف» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة «حتما» مفعول مطلق لفعل محذوف «امتنع» فعل ماض «إيلاؤه» إيلاء : فاعل امتنع ، والجملة من الفعل والفاعل فى محل رفع خبر المبتدأ ، وإيلاء مضاف والضمير مضاف إليه ، من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول «اسما» مفعول ثان لإيلاء «ظاهرا» نعت لقوله اسما «حيث» ظرف متعلق بامتنع «وقع» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بعض ما يضاف ، والجملة فى محل جر بإضافة «حيث» إليها.

(٢) «كوحد» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف «لى ، ودوالى سعدى» معطوفات على «وحد» بعاطف محذوف من بعضها «وشذ» فعل ماض «إيلاء» فاعل شذ ، وإيلاء مضاف و «يدى» مضاف إليه «للبى» جار ومجرور متعلق بإيلاء على أنه مفعوله الثانى ، ومفعوله الأول المضاف إليه.

٢٢٤ ـ هذه الأبيات من الشواهد التى لا يعلم قائلها.

اللغة : «زوراء» ـ بفتح فسكون ـ الأرض البعيدة الأطراف «مترع» ممتد «بيون» بزنة صبور ـ البئر البعيدة القعر ، وقيل : هى الواسعة الجالين ، وقيل : التى لا يصيبها رشاؤها ، وقيل : الواسعة الرأس الضيقة الأسفل «لبيه» فى هذا اللفظ التفات من الخطاب إلى الغيبة ، والأصل أن يقول : لقلت لك لبيك.


وشذّ إضافة «لبّى» إلى الظاهر ، أنشد سيبويه :

(٢٢٥) ـ

دعوت لما نابنى مسورا

فلبّى ، فلبّى يدى مسور

__________________

المعنى : يقول : إنك لو ناديتنى وبيننا أرض بعيدة الأطراف ، واسعة الأرجاء ، ذات ماء بعيد الغور ؛ لأجبتك إجابة بعد إجابة ، يريد أنه لا تعوقه عن إجابته صعاب ولا شدائد.

الإعراب : «إنك» إن : حرف توكيد ونصب ، والكاف ضمير المخاطب اسمه «لو» شرطية غير جازمة «دعوتنى» دعا : فعل ماض ، وضمير المخاطب فاعله ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به ، والجملة شرط «لو» «ودونى» الواو للحال ، دون : ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ودون مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «زوراء» مبتدأ مؤخر ، وجملة المبتدأ والخبر فى محل نصب حال «ذات» صفة لزوراء ، وذات مضاف و «مترع» مضاف إليه «بيون» صفة لمترع «لقلت» اللام واقعة فى جواب لو ، قلت : فعل وفاعل ، والجملة جواب «لو» وجملة الشرط والجواب فى محل رفع خبر «إن» فى أول الأبيات.

الشاهد فيه : قوله «لبيه» حيث أضاف «لبى» إلى ضمير الغائب ، وذلك شاذ ، وقد أنشد سيبويه (١ / ١٧٦) البيت التالى لهذا البيت (رقم ٢٢٥) للاستدلال به على أن «لبيك» مثنى ، وليس اسما مفردا بمنزلة لدى والفتى ، ووجه الاستدلال أن الشاعر أثبت الياء مع الإضافة للظاهر كما تثبتها فى إضافة المثنى نحو «غلامى زيد ، وكتابى بكر» ولو كان مفردا لقال «لبى يدى» بالألف ، كما تقول : لدى زيد ، وفتى العرب ، وسيوضحه الشارح أتم توضيح.

(٢٢٥) ـ هذا البيت من شواهد سيبويه التى لا يعلم قائلها.

اللغة : «لما نابنى» نزل بى من ملمات الدهر «مسورا» بزنة درهم ـ اسم رجل «لبى» أجاب دعائى وأغاثنى.

الإعراب : «دعوت» فعل وفاعل «لما» اللام للتعليل ، ما اسم موصول مبنى على السكون فى محل جر باللام ، والجار والمجرور متعلق بدعوت «نابنى» ناب : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «مسورا» مفعول به لدعوت «فلبى»


كذا ذكر المصنف ، ويفهم من كلام سيبويه أن ذلك غير شاذ فى «لبّى» ، و «سعدى».

ومذهب سيبويه أن «لبّيك» وما ذكر بعده مثنّى ، وأنه منصوب على المصدرية بفعل محذوف ، وأن تثنيته المقصود بها التكثير ؛ فهو على هذا ملحق بالمثنى ، كقوله تعالى : (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) أى : كرّات ، فـ «كرّتين» : ليس المراد به مرتين فقط ؛ لقوله تعالى : (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) أى : مزدجرا وهو كليل ، ولا ينقلب البصر مزدجرا كليلا من كرتين فقط ؛ فتعين أن يكون المراد بـ «كرّتين» التكثير ، لا اثنين فقط ، وكذلك «لبّيك» معناه إقامة بعد إقامة كما تقدم ؛ فليس المراد الاثنين فقط ، وكذا باقى أخواته ، على ما تقدم فى تفسيرها.

ومذهب يونس أنه ليس بمثنى ، وأن أصله لبّى ، وأنه مقصور ، قلبت ألفه ياء مع المضمر ، كما قلبت ألف «لدى ، وعلى» مع الضمير ، فى «لديه» ، و «عليه».

وردّ عليه سيبويه بأنه لو كان الأمر كما ذكر لم تنقلب ألفه مع الظاهر ياء ،

__________________

الفاء عاطفة ، لبى : فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مسور ، والجملة معطوفة على جملة «دعوت مسورا» وقوله «فلبى يدى مسور» الفاء للتعليل ، ولبى : مصدر منصوب على المفعولية المطلقة بفعل محذوف ، وهو مضاف ويدى مضاف إليه ، ويدى مضاف ، و «مسور» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «فلبى يدى مسور» حيث أضاف «لبى» إلى اسم ظاهر ، وهو قوله «يدى» شذوذا ، وفيه دليل على أن «لبيك» مثنى كما ذهب إليه سيبويه ، وليس مفردا مقصورا كالفتى كما ذهب إليه يونس بن حبيب ، وقد بينا ذلك فى شرح الشاهد السابق ، وبينه الشارح.


كما لا تنقلب ألف «لدى» و «على» ؛ فكما تقول : «على زيد» و «لدى زيد» كذلك كان ينبغى أن يقال : «لبّى زيد» لكنهم لما أضافوه إلى الظاهر قلبوا الألف ياء ؛ فقالوا :

* فلبّى يدى مسور* [٢٢٥]

فدلّ ذلك على أنه مثنّى ، وليس بمقصور كما زعم يونس.

* * *

وألزموا إضافة إلى الجمل

«حيث» و «إذ» وإن ينوّن يحتمل (١)

إفراد إذ ، وما كإذ معنى كإذ

أضف جوازا نحو «حين جانبذ» (٢)

من اللازم للاضافة : ما لا يضاف إلا إلى الجملة ، وهو : «حيث ، وإذ ، وإذا».

فأما «حيث» فتضاف إلى الجملة الاسمية ، نحو «اجلس حيث زيد جالس» (٣)

__________________

(١) «وألزموا» الواو عاطفة ، الزموا : فعل وفاعل «إضافة» مفعول ثان مقدم على المفعول الأول «إلى الجمل» جار ومجرور متعلق بإضافة ، أو بمحذوف صفة له «حيث» قصد لفظه : مفعول أول لألزموا «وإذ» معطوف على حيث «وإن» شرطية «ينون» فعل مضارع مبنى للمجهول ، فعل الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «إذ» وقوله «يحتمل» فعل مضارع مبنى للمجهول ، جواب الشرط.

(٢) «إفراد» نائب فاعل يحتمل فى البيت السابق ، وإفراد مضاف ، و «إذ» قصد لفظه : مضاف إليه «وما» اسم موصول : مبتدأ «كإذ» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول «معنى» تمييز ، أو منصوب بإسقاط الخافض «كإذ» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «أضف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «جوازا» مفعول مطلق «نحو» خبر مبتدأ محذوف : أى وذلك نحو ، وما بعده جملة فى محل جر بإضافة نحو إليها.

(٣) وإذا أضيفت «حيث» إلى جملة اسمية فالأحسن ألا يكون الخبر فيها فعلا ،


وإلى الجملة الفعلية ، نحو «اجلس حيث جلس زيد» أو «حيث يجلس زيد» وشذّ إضافتها إلى مفرد كقوله :

(٢٢٦) ـ

أما ترى حيث سهيل طالعا

[نجما يضىء كالشّهاب لامعا]

__________________

نحو «جلست حيث زيد حبسته» أو «جلست حيث زيد نهبنه» فإذا أردت أن يكون هذان المثالان غير قبيحين فانصب الاسم لتكون حيث مضافة إلى جملة فعلية.

٢٢٦ ـ البيت أحد الشواهد المجهول قائلها.

اللغة : «سهيل» نجم تنضج الفواكه عند طلوعه وينقضى القيظ «الشهاب» شعلة النار.

الإعراب : نريد أن نذكر لك أن للنحويين فى إعراب هذا البيت تكلفات عسيرة القبول وتمحلات لا تخلو عن وهن ، وهاك إعرابه ، وسنذكر لك فى أثنائه إشارات إلى بعض الوجوه التى قالوها لتعلم ما قلناه لك «أما» الهمزة للاستفهام ، ما : نافية ، أو الكلمة كلها أداة استفتاح «ترى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «حيث» مفعول به مبنى على الضم فى محل نصب ، وحيث مضاف و «سهيل» مضاف إليه «طالعا» قيل : هو حال من سهيل ، ومجىء الحال من المضاف إليه ـ مع كونه قليلا ـ قد ورد فى الشعر ، وهذا منه ، وقيل : هو حال من «حيث» والمراد بحيث هنا مكان خاص مع أن وضعه على أنه اسم مكان مبهم ، و «نجما» منصوب على المدح بفعل محذوف «يضىء» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل نصب صفه لنجم «كالشهاب» جار ومجرور متعلق بيضىء «لامعا» حال مؤكدة.

الشاهد فيه : قوله «حيث سهيل» فإنه أضاف «حيث» إلى اسم مفرد ، وذلك شاذ عند جمهرة النحاة ، وإنما تضاف عندهم إلى الجملة ، وقد أجاز الكسائى إضافة «حيث» إلى المفرد ، واستدل بهذا البيت ونحوه ، واعلم أنه يروى هكذا :

* أما ترى حيث سهيل طالع*

يرفع «سهيل» على أنه مبتدأ ، ورفع «طالع» على أنه خبره ، و «حيث»


وأما «إذ» فتضاف أيضا إلى الجملة الاسمية (١) ، نحو «جئتك إذ زيد قائم» ، وإلى الجملة الفعلية ، نحو : «جئتك إذ قام زيد» ، ويجوز حذف الجملة المضاف إليها ، ويؤتى بالتنوين عوضا عنها ، كقوله تعالى : (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) وهذا معنى قوله : «وإن ينوّن يحتمل إفراد إذ» أى : وإن ينون «إذ» يحتمل إفرادها ، أى : عدم إضافتها لفظا ؛ لوقوع التنوين عوضا عن الجملة المضاف إليها.

وأما «إذا» فلا تضاف إلا إلى جملة فعلية ، نحو «آتيك إذا قام زيد» ، ولا يجوز إضافتها إلى جملة اسمية ؛ فلا تقول «آتيك إذا زيد قائم» خلافا لقوم ، وسيذكرها المصنف.

وأشار بقوله : «وما كإذ معنى كإذ» إلى أنّ ما كان مثل «إذ» ـ فى كونه ظرفا ماضيا غير محدود ـ يجوز إضافته إلى ما تضاف إليه «إذ» من [الجملة ، وهى] الجمل الاسمية والفعلية ، وذلك نحو «حين ، ووقت ، وزمان ، ويوم» ؛ فتقول : «جئتك حين جاء زيد ، ووقت جاء عمرو ، وزمان قدم بكر ، ويوم خرج خالد» وكذلك تقول : «جئتك حين زيد قائم» ، وكذلك الباقى.

وإنما قال المصنف : «أضف جوازا» ليعلم أن هذا النوع ـ أى ما كان مثل «إذ» فى المعنى ـ يضاف إلى ما يضاف إليه «إذ» ـ وهو الجملة ـ جوازا ، لا وجوبا.

__________________

مضافة إلى الجملة ؛ فلا شاهد فيه حينئذ ، ولكن يبقى أن القوافى منصوبة كما ترى فى البيت التالى له.

(١) ويحسن أن تكون الجملة الاسمية التى تضاف إليها إذ غير ماضوية العجز ـ بأن يكون الخبر اسما كمثال الشارح ، أو فعلا مضارعا نحو «جئت إذ زيد يقرأ».


فإن كان الظرف غير ماض ، أو محدودا ، لم يجر مجرى «إذ» بل يعامل غير الماضى ـ وهو المستقبل ـ معاملة «إذا» فلا يضاف إلى الجملة الاسمية ، بل إلى الفعلية ؛ فتقول : «أجيئك حين يجىء زيد» ولا يضاف المحدود إلى جملة ، وذلك نحو «شهر ، وحول» بل لا يضاف إلا إلى مفرد ، نحو «شهر كذا ، وحول كذا».

* * *

وابن أو اعرب ما كإذ قد أجريا

واختر بنا متلوّ فعل بنيا (١)

وقبل فعل معرب أو مبتدا

أعرب ، ومن بنى فلن يفنّدا (٢)

__________________

(١) «وابن» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «أو» عاطفة «أعرب» فعل أمر ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت فاعل «ما» اسم موصول تنازعه الفعلان قبله «كإذ» متعلق بقوله «أجريا» الآتى «قد» حرف تحقيق «أجريا» أجرى : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والجملة لا محل لها صلة ، والألف للاطلاق «واختر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بنا» مقصور للضروره : مفعول به لاختر ، وبنا مضاف و «متلو» مضاف إليه ، ومتلو ومضاف و «فعل» مضاف إليه ، وجملة «بنيا» من الفعل ونائب الفاعل المستتر فيه فى محل جر صفة لفعل.

(٢) «قبل» ظرف متعلق بقوله «أعرب» الآتى ، وقبل مضاف و «فعل» مضاف إليه «معرب» صفة لفعل «أو» عاطفة «مبتدا» معطوف على فعل «أعرب» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ومن» اسم موصول مبتدأ ، وجملة «بنى» وفاعله المستتر فيه جوازا لا محل لها صلة ، وجملة «فلن يفندا» من الفعل المضارع المبنى للمجهول المنصوب بلن ونائب الفاعل المستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو الاسم الموصول ، والفاء زائدة فى خبر الموصول لشبهه بالشرط.


تقدّم أن الأسماء المضافة إلى الجملة على قسمين : أحدهما ما يضاف إلى الجملة لزوما ، والثانى : ما يضاف إليها جوازا.

وأشار فى هذين البيتين إلى أنّ ما يضاف إلى الجملة جوازا يجوز فيه الإعراب والبناء ، سواء أضيف إلى جملة فعلية صدّرت بماض ، أو جملة فعلية صدّرت بمضارع ، أو جملة اسمية ، نحو «هذا يوم جاء زيد ، ويوم يقوم عمرو ، أو يوم بكر قائم». وهذا مذهب الكوفيين ، وتبعهم الفارسىّ والمصنف ، لكن المختار فيما أضيف إلى جملة فعلية صدّرت بماض البناء ، وقد روى بالبناء والإعراب قوله :

(٢٢٧) ـ

* على حين عاتبت المشيب على الصّبا*

__________________

٢٢٧ ـ هذا صدر بيت للنابغة الذبيانى ، وعجزه قوله :

* فقلت : ألمّا أصح والشّيب وازع؟ *

اللغة : «عاتبت» لمت فى تسخط «الصبا» ـ بكسر الصاد ـ اسم للصبوة ، وهى الميل إلى هوى النفس واتباع شهواتها «المشيب» هو ابيضاض المسود من الشعو ، وقد يراد به الدخول فى حده «أصح» فعل مضارع مأخوذ من الصحو ، وهو زوال السكر «وازع» زاجر ، كاف ، ناه.

الإعراب : «على» حرف جر ، ومعناه هنا الظرفية «حين» يروى بالجر معربا ، ويروى بالفتح مبنيا ، وهو المختار ، وعلى كل حال هو مجرور بعلى لفظا أو محلا ، والجار والمجرور يتعلق بقوله «كفكف» فى بيت سابق ، وهو قوله :

فكفكفت منّى دمعة فرددتها

على النّحر منها مستهلّ ودامع

«عاتبت» فعل وفاعل ، والجملة فى محل جر بإضافة «حين» إليها «المشيب» مفعول به لغاتبت «على الصبا» جار ومجرور متعلق بعاتبت «فقلت» فعل وفاعل ، والجملة معطوفة بالفاء على جملة عاتبت «ألما» الهمزة للانكار ، لما : نافية جازمة وفيها معنى توقع حصول مجزومها «أصح» فعل مضارع مجزوم بلما ، وعلامة جزمه حذف حرف


بفتح نون «حين» على البناء ، وكسرها على الإعراب.

وما وقع قبل فعل معرب ، أو قبل مبتدأ ؛ فالمختار فيه الإعراب ، ويجوز البناء ، وهذا معنى قوله : «ومن بنى فلن يفنّدا» أى : فلن يغلّط ، وقد قرىء فى السبعة : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) بالرفع على الإعراب ، وبالفتح على البناء ، هذا ما اختاره المصنف.

ومذهب البصريين أنه لا يجوز فيما أضيف إلى جملة فعلية صدّرت بمضارع ، أو إلى جملة اسمية ، إلا الإعراب ، ولا يجوز البناء إلا فيما أضيف إلى جملة فعلية صدّرت بماض.

هذا حكم ما يضاف إلى الجملة جوازا ، وأما ما يضاف إليها وجوبا فلازم للبناء ؛ لشبهه بالحرف فى الافتقار إلى الجملة ، كحيث ، وإذ ، وإذا.

* * *

وألزموا «إذا» إضافة إلى

جمل الافعال ، كـ «هن إذا اعتلى» (١)

__________________

العلة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «والشيب وازع» الواو الحال ، والجملة بعدها مبتدأ وخبر فى محل نصب حال.

الشاهد فيه : قوله «على حين» فإنه يروى بوجهين : بجر «حين» وفتحه ، وقد بينا ذلك فى الإعراب ؛ فدل ذلك على أن كلمة «حين» إذا أضيفت إلى مبنى كما هنا جاز فيها البناء ؛ لأن الأسماء المبهمة التى تجب إضافتها إلى الجملة إذا أضيفت إلى مبنى فقد تكتسب البناء منه ، كما أن المضاف قد يكتسب التذكير أو التأنيث من المضاف إليه ، ويجوز فيها الإعراب على الأصل.

(١) «وألزموا» فعل وفاعل «إذا» قصد لفظه : مفعول أول لألزم «إضافة» مفعول ثان لألزموا «إلى جمل» جار ومجرور متعلق بقوله إضافة أو بمحذوف صفة له وجمل مضاف ، و «الأفعال» مضاف إليه «كهن» الكاف جارة لقول محذوف ، هن :


أشار فى هذا البيت إلى ما تقدّم ذكره ، من أن «إذا» تلزم الإضافة إلى الجملة الفعلية ، ولا تضاف إلى الجملة الاسمية ، خلافا للأخفش والكوفيين ، فلا تقول : «أجيئك إذا زيد قائم» وأما «أجيئك إذا زيد قام» فـ «زيد» مرفوع بفعل محذوف ، وليس مرفوعا على الابتداء ، هذا مذهب سيبويه.

وخالفه الأخفش ؛ فجوّز كونه مبتدأ خبره الفعل الذى بعده.

وزعم السيرافىّ أنه لا خلاف بين سيبويه والأخفش فى جواز وقوع المبتدأ بعد إذا ، وإنما الخلاف بينهما فى خبره ؛ فسيبويه يوجب أن يكون فعلا ، والأخفش يجوّز أن يكون اسما ؛ فيجوز فى «أجيئك إذا زيد قام» جعل «زيد» مبتدأ عند سيبويه والأخفش ، ويجوز «أجيثك إذا زيد قائم» عند الأخفش فقط (١).

* * *

لمفهم اثنين معرّف ـ بلا

تفرّق ـ أضيف «كلتا» ، و «كلا» (٢)

__________________

فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط ، وجملة «اعتلى» وفاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو فى محل جر بإضافة «إذا» إليها ، وجواب «إذا» محذوف يدل عليه سابق الكلام.

(١) قد يستدل للأخفش بقول الشاعر :

إذا باهلىّ تحته حنظليّة

له ولد منها فذاك المذرّع

وأنصار سيبويه يخرجون هذا البيت على أن «كان» مضمرة بعد إذا ، وكأنه قد قال : إذا كان باهلى ؛ فتكون إذا مضافة إلى جملة فعلية ، وهو تكلف.

(٢) «لمفهم» جار ومجرور متعلق بقوله «أضيف» الآتى ، ومفهم مضاف و «اثنين» مضاف إليه «معرف» صفة لمفهم «بلا تفرق» الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة ثانية لمفهم «أضيف» فعل ماض مبنى للمجهول «كلتا» نائب فاعل «وكلا» معطوف على كلتا.


من الأسماء الملازمة للاضافة لفظا ومعنى : «كلتا» و «كلا» ؛ ولا يضافان إلا إلى معرفة ، مثنى لفظا [ومعنى] ، نحو : «جاءنى كلا الرّجلين ، وكلتا المرأتين» أو معنى دون لفظ ، نحو «جاءنى كلاهما ، وكلتاهما» ومنه قوله :

(٢٢٨) ـ

إنّ للخير وللشّرّ مدى

وكلا ذلك وجه وقبل

وهذا هو المراد بقوله : «لمفهم اثنين معرف» ، واحترز بقوله «بلا تفرق» من معرّف أفهم الاثنين بتفرق (٢) ، فإنه لا يضاف إليه «كلا ، وكلتا» فلا تقول «كلا زيد وعمرو جاء» ، وقد جاء شاذا ، كقوله :

__________________

٢٢٨ ـ البيت لعبد الله بن الزبعرى ، أحد شعراء قريش المعدودين ، وكان فى أول الدعوة الإسلامية مشركا يهجو المسلمين ، ثم أسلم ، والبيت من كلمة له يقولها ـ وهو مشرك ـ فى يوم أحد.

اللغة : «مدى» غاية ومنتهى «وجه» جهة «وقبل» بفتحتين ـ له عدة معان ، ومنها المحجة الواضحة.

المعنى : يقول : إن للخير وللشر غاية ينتهى إليها كل واحد منهما ، وإن ذلك أمر واضح لا يخفى على أحد.

الإعراب : «إن» حرف توكيد ونصب «للخير» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر «إن» مقدم على اسمه «وللشر» معطوف على للخير «مدى» اسم «إن» مؤخر عن خبره «وكلا» مبتدأ ، وكلا مضاف واسم الإشارة فى «ذلك» مضاف إليه ، واللام للبعد. والكاف حرف خطاب «وجه» خبر المبتدأ «وقبل» معطوف عليه.

الشاهد فيه : قوله «وكلا ذلك» حيث أضاف «كلا» إلى مفرد لفظا ، وهو «ذلك» لأنه مثنى فى المعنى ؛ لعوده على اثنين وهما الخير والشر.

(١) فقد صارت شروط ما تضاف كلا وكلتا إليه ثلاثة ؛ أولها : أن يكون المضاف إليه معرفة ، وثانيها : أن يدل على اثنين أو اثنتين ، وثالثها : أن يكون لفظا واحدا ، كرجلين وامرأتين ، وخليلين.


(٢٢٩) ـ

كلا أخى وخليلى واجدى عضدا

فى النّائبات وإلمام الملمّات

* * *

ولا تضف لمفرد معرّف

«أيّا» ، وإن كرّرتها فأضف (٢)

أو تنو الأجزا ، واخصصن بالمعرفه

موصولة أيّا ، وبالعكس الصّفه (٣)

__________________

٢٢٩ ـ البيت من الشواهد التى لم يذكر العلماء لها قائلا معينا فيما نعلم.

اللغة : «عضدا» معينا ، وناصرا «النائبات» جمع نائبة ، وهى ما ينتاب الإنسان ويعرض له من نوازل الدهر «إلمام» نزول «الملمات» جمع ملمة ، وهى ما ينزل بالمرء من المحن والمصائب.

المعنى : يقول : كل من أخى وصديقى يجدنى عونا له وناصرا ، عندما تتزل به نازلة أو تنتابه محنة ، فإننى أقف إلى جواره وآخذ بيده حتى يزول ما نزل به.

الإعراب : «كلا» مبتدأ ، وكلا مضاف وأخ من «أخى» مضاف إليه ، وأخ مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «وخليلى» معطوف على أخى «واجدى» واجد : خبر المبتدأ ، وواجد مضاف وياء المتكلم مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله الأول ، وإفراد الخبر مع أن المبتدأ مثنى لأن «كلا» لفظه لفظ الواحد ومعناه معنى المثنى ، وتجوز مراعاة لفظه كما تجوز مراعاة معناه (انظر مباحث المثنى وما ألحق به فى أول الكتاب) «عضدا» مفعول ثان لواجد «فى النائبات» جار ومجرور متعلق بواجد «وإلمام» معطوف على النائبات ، وإلمام مضاف و «الملمات» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «كلا أخى وخليلى» حيث أضاف «كلا» إلى متعدد مع التفرق بالعطف ، وهو شاذ.

(١) «ولا» ناهية «تضف» فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لمفرد» جار ومجرور متعلق بتضف «معرف» نعت لمفرد «أيا» مفعول به لتضف «وإن» شرطية «كررتها» فعل ماض فعل الشرط ، وفاعله ومفعوله «فأضف» الفاء لربط الجواب بالشرط ، أضف : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط.

(٢) «أو» عاطفة «تنو» فعل مضارع معطوف على «كررتها» وفاعله ضمير


وإن تكن شرطا أو استفهاما

فمطلقا كمّل بها الكلاما (١)

من الأسماء الملازمة للاضافة معنى «أىّ» (٢) ولا تضاف إلى مفرد معرفة ، إلا إذا تكررت ، ومنه قوله :

(٢٣٠) ـ

ألا تسألون النّاس أيّى وأيّكم

غداة التقينا كان خيرا وأكرما

__________________

مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الاجزا» مفعول به لتنوى «واخصصن» اخصص : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والنون نون التوكيد «بالمعرفة» جار ومجرور متعلق باخصص «موصولة» حال من أى قدم على صاحبه «أيا» مفعول به لاخصص «وبالعكس الصفة» مبتدأ وخبر.

(١) «وإن» شرطية «تكن» فعل مضارع ناقص ، فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود على أى «شرطا» خبر تكن «أو» عاطفة «استفهاما» معطوف على قوله «شرطا» «فمطلقا» الفاء لربط الجواب بالشرط ، مطلقا : مفعول مطلق ، وأصله صفة لمصدر محذوف ، أى : فتكميلا مطلقا «كمل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بها» جار ومجرور متعلق بكمل «الكلاما» مفعول به لكمل ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط.

(٢) اعلم أولا أن «أى» على أربعة أنواع كما سيذكره الشارح : الشرطية ، والموصولة ، والاستفهامية ، والوصفية ، وكل واحدة من الثلاثة الأولى قد تتكرر ، وقد ينوى بها الأجزاء ، فأما الوصفية بنوعيها فلا يجوز تكرارها ، ولا يجوز أن تنوى بها الأجزاء ، ثم اعلم ثانيا أن مثل إرادة الأجزاء أن تقصد الجنس بالمضاف إليه ، وذلك نحو أن تقول : أى الكسب أطيب؟ وأى الدينار دينارك؟ ومثله أيضا العطف بالواو ، كأن تقول : أى زيد وعمرو أفضل؟

٢٣٠ ـ البيت من الشواهد التى لا يعلم قائلها :

الإعراب : «ألا» أداة استفتاح وتنبيه «تسألون» فعل مضارع وفاعله «الناس» مفعول به لتسألون «أيى» أى : مبتدأ ، وأى مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «وأيكم» معطوف على أيى «غداة» ظرف زمان متعلق بكان الآتية عند من


أو قصدت الأجزاء ، كقولك : «أىّ زيد أحسن»؟ أى : أىّ أجزاء زيد أحسن ، ولذلك يجاب بالأجزاء ، فيقال : عينه ، أو أنفه ، وهذا إنما يكون فيها إذا قصد بها الاستفهام (١).

وأىّ تكون : استفهامية ، وشرطية ، وصفة ، وموصولة.

فأما الموصولة فذكر المصنف أنها لا تضاف إلا إلى معرفة ؛ فتقول : «يعجبنى أيهم قائم» ، وذكر غيره أنها تضاف ـ أيضا ـ إلى نكرة ، ولكنه قليل ، نحو «يعجبنى أىّ رجلين قاما».

وأما الصفة فالمراد بها ما كان صفة لنكرة ، أو حالا من معرفة ، ولا تضاف إلا إلى نكرة ، نحو «مررت برجل أىّ رجل ، ومررت بزيد أىّ فتى» ومنه قوله :

(٢٣١) ـ

فأومأت إيماء خفيّا لحبتر

فلله عينا حبتر أيّما فتى

__________________

يجوز تعليق الظروف بالأفعال الناقصة ، وأما من لا يجيزون ذلك فإنهم يعلقونه بقوله «خيرا وأكرما» الذى هو الخبر «التقينا» فعل وفاعل ، والجملة فى محل جر بإضافة قوله غداة إليها «كان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى أيى وأيكم «خيرا» خبر كان «وأكرما» معطوف على قوله خيرا ، والجملة من «كان» واسمه وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو أى ، وجملة المبتدأ والخبر فى محل نصب مفعول ثان لتسألون.

الشاهد فيه : قوله «أيى ، وأيكم» حيث أضاف «أيا» إلى المعرفة ، وهى ضمير المتكلم فى الأول وضمير المخاطب فى الثانى ، والذى سوغ ذلك تكرارها.

(١) قد علمت مما ذكرناه قريبا أن الشرطية والموصولة قد يتكرران ، وقد يراد بكل واحدة منهما الأجزاء ؛ فالحصر الذى ذكره الشارح هنا غير مسلم له.

٢٣١ ـ البيت للراعى النميرى.

اللغة : «أو مأت» الإيماء : الإشارة باليد أو بالحاجب أو نحوهما.


وأما الشرطية والاستفهامية : فيضافان إلى المعرفة وإلى النكرة مطلقا ، أى سواء كانا مثنيين ، أو مجموعين ، أو مفردين ـ إلا المفرد المعرفة ؛ فإنهما لا يضافان إليه ، إلا الاستفهامية ؛ فإنها تضاف إليه كما تقدم ذكره.

واعلم أن «أيا» إن كانت صفة أو حالا ، فهى ملازمة للاضافة لفظا ومعنى ، نحو «مررت برجل أىّ رجل ، وبزيد أىّ فتى» ، وإن كانت استفهامية أو شرطية أو موصولة ، فهى ملازمة للإضافة معنى لا لفظا ، نحو : «أىّ رجل عندك؟ وأىّ عندك؟ وأىّ رجل تضرب أضرب ، وأيّا تضرب أضرب ، ويعجبنى أيهم عندك ، وأىّ عندك» ونحو «أىّ الرّجلين تضرب أضرب ، وأىّ رجلين تضرب أضرب ، وأىّ الرّجال تضرب أضرب ، وأىّ رجال تضرب أضرب ، وأىّ الرجلين عندك؟ وأىّ الرجال عندك؟ وأىّ رجل ، وأىّ رجلين ، وأىّ رجال؟».

* * *

وألزموا إضافة «لدن» فجر

ونصب «غدوة» بها عنهم ندر (١)

__________________

المعنى : يقول : إنى أشرت إلى حبتر إشارة خفية ؛ فما كان أحد بصره وأنفذه ؛ لأنه رآنى مع خفاء إشارتى.

الإعراب : «فأومأت» فعل وفاعل «إيماء» مفعول مطلق «خفيا» صفة لإيماء «لحبتر» جار ومجرور متعلق بأومأت «فلله» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «عينا» مبتدأ مؤخر ، وعينا مضاف و «حبتر» مضاف إليه ، وقد قصد بهذه الجملة الخبرية إنشاء التعجب «أيما» أى : حال من حبتر ، وما : زائدة ، وأى مضاف ، و «فتى» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «أيما فتى» حيث أضاف «أيا» الوصفية إلى النكرة.

(١) «وألزموا» فعل وفاعل «إضافة» مفعول ثان قدم على الأول ، و «لدن» قصد لفظه : مفعول أول لألزم «فجر» الفاء عاطفة ، جر : فعل ماض ، والفاعل ضمير


ومع مع فيها قليل ، ونقل

فتح وكسر لسكون يتّصل (١)

من الأسماء الملازمة للإضافة «لدن ، ومع».

فأما «لدن» (٢) فلابتداء غاية زمان أو مكان ، وهى مبنيّة عند أكثر العرب ؛ لشبهها بالحرف فى لزوم استعمال واحد ـ وهو الظرفية ، وابتداء الغاية ـ وعدم جواز الإخبار بها ، ولا تخرج عن الظرفية إلا بجرها بمن ، وهو الكثير فيها ، ولذلك لم ترد فى القرآن إلا بمن ، كقوله تعالى : (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) وقوله تعالى : (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ) وقيس تعربها ، ومنه قراءة أبى بكر عن عاصم : (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ) لكنه أسكن الدال ، وأشمّها الضم.

__________________

مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى لدن «ونصب» مبتدأ ، ونصب مضاف و «غدوة» مضاف إليه «بها» جار ومجرور متعلق بنصب «عنهم» جار ومجرور متعلق بندر الآتى «ندر» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نصب ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(١) «ومع» معطوف على «لدن» فى البيت السابق «مع» قصد لفظه : مبتدأ «فيها» جار ومجرور متعلق بقليل الآتى «قليل» خبر المبتدأ «ونقل» فعل ماض مبنى للمجهول «فتح» نائب فاعل نقل «وكسر» معطوف على فتح «لسكون» تنازعه كل من فتح وكسر «يتصل» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى سكون ، والجملة فى محل جر صفة لسكون.

(٢) اعلم أن لدن تخالف عند من أربعة أوجه : أولها أن لدن مبنية وعند معربة ، وثانيها أن لدن ملازمة للدلالة على مبتدأ غاية زمان أو مكان ، وأما عند فقد تكون لمبتدأ الغاية وذلك إذ اقترنت بمن ، وقد لا تدل على ذلك ، وثالثها أنه لا يخبر بلدن ، وقد يخبر بعند ، نحو زيد عندك ، ورابعها أن لدن قد تضاف إلى جملة كقول الشاعر :

صريع غوان راقهنّ ورقنه

لدن شبّ حتّى شاب سود الذوائب

وهى عندئذ ظرف زمان ، وأما عند فلا تضاف إلا إلى مفرد.


قال المصنف : ويحتمل أن يكون منه قوله :

(٢٣٢) ـ

تنتهض الرّعدة فى ظهيرى

من لدن الظّهر إلى العصير

ويجرّ ما ولى «لدن» بالإضافة ، إلا «غدوة» فإنهم نصبوها بعد «لدن» كقوله :

(٢٣٣) ـ

وما زال مهرى مزجر الكلب منهم

لدن غدوة حتّى دنت لغروب

__________________

٢٣٢ ـ هذا الشاهد من الأبيات المجهولة نسبتها ، وكل ما قيل فيه إنه لراجز من طيىء.

اللغة : «تنتهض» تتحرك وتسرع «الرعدة» بكسر الراء ـ اسم للارتعاد وهو الارتعاش والاضطراب ، وأراد بها الحمى ، وما ذكره أعراض الحمى التى تسمى الآن (الملاريا) «ظهيرى» تصغير ظهر مقابل البطن «العصير» مصغر عصر ، وهو الوقت المعروف.

المعنى : إن الحمى تصيبنى فيسرع الارتعاد إلى ، ويستمر هذا الارتعاد من وقت الظهر إلى وقت العصر.

الإعراب : «تنتهض» فعل مضارع «الرعدة» فاعل «فى ظهيرى» الجار والمجرور متعلق بتنتهض ، وظهير مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «من لدن» جار ومجرور متعلق بتنتهض أيضا ، ولدن مضاف و «الظهر» مضاف إليه «إلى العصير» جار ومجرور متعلق بتنتهض أيضا.

الشاهد فيه : قوله «من لدن» حيث كسر نون لدن وقبلها حرف جر ، فيحتمل أنه أعرب «لدن» على لغة قيس ، فجرها بالكسرة ، ويحتمل أنها مبنية على السكون فى محل جر وأن هذا الكسر للتخلص من التقاء الساكنين ، لا للاعراب ، ولهذا لم يستدل به العلامة ابن مالك للغة قيس ، وإنما قال : إنه يحتمل أن يكون قد جاء عليها ، فتفطن لذلك.

٢٣٣ ـ هذا البيت ـ أيضا ـ من الشواهد التى لا يعلم قائلها.

اللغة : «مزجر الكلب» أصله اسم مكان من الزجر ، أى المكان الذى يطرد


وهى منصوبة على التمييز (١) ، وهو اختيار المصنف ، ولهذا قال : «ونصب غدوة بها عنهم ندر» وقيل : هى خبر لكان المحذوفة ، والتقدير : لدن كانت الساعة غدوة.

ويجوز فى «غدوة» الجر ، وهو القياس ، ونصبها نادر فى القياس ؛ فلو عطفت على «غدوة» المنصوبة بعد «لدن» جاز النصب عطفا على اللفظ ، والجرّ مراعاة للأصل ؛ فتقول «لدن غدوة وعشيّة ، وعشيّة» ذكر ذلك الأخفش.

وحكى الكوفيون الرّفع فى «غدوة» بعد «لدن» وهو مرفوع بكان المحذوفة ، والتقدير : لدن كانت غدوة [و «كان» تامة].

__________________

وينحى الكلب إليه ، والمراد به البعد (انظر مباحث المفعول فيه من هذا الكتاب).

المعنى : يقول : ما زال مهرى بعيدا عنهم من أول النهار إلى آخره.

الإعراب : «ما زال» ما : نافية ، زال : فعل ماض ناقص «مهرى» مهر : اسم زال ، ومهر مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «مزجر» ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر زال ، ومزجر مضاف و «الكلب» مضاف إليه «منهم» جار ومجرور متعلق بمزجر ، لأنه فى معنى المشتق ، أى البعيد «لدن» ظرف لابتداء الغاية مبنى على السكون فى محل نصب متعلق بزال أو بخبرها «غدوة» منصوب على التمييز ، لأن غدوة تدل على أول زمان مبهم ، وقد قصدوا تفسير هذا الإبهام بغدوة «حتى» ابتدائية «دنت» دنا : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود على الشمس المفهومة من المقام كما فى قوله تعالى (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) «لغروب» جار ومجرور متعلق بدنت.

الشاهد فيه : قوله «لدن غدوة» حيث نصب «غدوة» بعد «لدن» على التمييز ، ولم يجره بالإضافة.

(١) فى نصب غدوة ثلاثة أقوال ذكر الشارح اثنين منها ، وثالثها أنه على التشبيه بالمفعول به.


وأما «مع» فاسم لمكان الاصطحاب أو وقته ، نحو «جلس زيد مع عمرو ، وجاء زيد مع بكر» والمشهور فيها فتح العين ، وهى معربة ، وفتحتها فتحة إعراب ، ومن العرب من يسكنها ، ومنه قوله :

(٢٣٤) ـ

فريشى منكم وهواى معكم

وإن كانت زيارتكم لماما

وزعم سيبويه أن تسكينها ضرورة ، وليس كذلك ، بل هو لغة ربيعة ، وهى عندهم مبنية على السكون ، وزعم بعضهم أن الساكنة العين حرف ، وادّعى النّحّاس الإجماع على ذلك ، وهو فاسد ؛ فإن سيبويه زعم أن ساكنة العين اسم.

__________________

٢٣٤ ـ البيت لجرير بن عطية ، من قصيدة له يمدح فيها هشام بن عبد الملك.

اللغة : «ريشى» الريش والرياش يطلقان على عدة معان ، منها اللباس الفاخر ، والخصب ، والمعاش ، والقوة «لماما» بكسر اللام ـ متقطعة ، بعد كل حين مرة.

الإعراب : «فريشى» ريش : مبتدأ ، وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «منكم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «وهواى» هوى : مبتدأ ، وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «معكم» مع : ظرف متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، ومع مضاف والضمير مضاف إليه «وإن» الواو واو الحال ، إن : قال العينى وغيره : زائدة «كان» فعل ماض «زيارتكم» زيارة : اسم كان ، وزيارة مضاف والضمير مضاف إليه ، من إضافة المصدر لمفعوله ، والفاعل محذوف ، لأن العامل مصدر فيجوز معه حذف الفاعل أى زيارتى إياكم ، ويجوز أن تكون من إضافة المصدر لفاعله : أى زيارتكم إياى «لماما» خبر كان.

الشاهد فيه : قوله «معكم» حيث سكن العين من «مع» وهو عند سيبويه ضرورة لا يجوز ارتكابها إلا فى الشعر. لكن الذى نقله غيره من العلماء أن قوما من العرب بأعيانهم ـ وهم قيس ـ من لغتهم تسكينها ؛ فعلى هذه اللغة يجوز تسكينها فى سعة الكلام ، ولا شك أن من حفظ حجة على من لم يحفظ.


هذا حكمها إن وليها متحرك ـ أعنى أنها تفتح ، وهو المشهور ، وتسكن ، وهى لغة ربيعة ـ فإن وليها ساكن ، فالذى ينصبها على الظرفية يبقى فتحها فيقول «مع ابنك» والذى يبنيها على السكون يكسر لالتقاء الساكنين فيقول «مع ابنك» :

* * *

واضمم ـ بناء ـ «غيرا» ان عدمت ما

له أضيف ، ناويا ما عدما (١)

قبل كغير ، بعد ، حسب ، أوّل

ودون ، والجهات أيضا ، وعل (٢)

وأعربوا نصبا إذا ما نكّرا

«قبلا» وما من بعده قد ذكرا (٣)

__________________

(١) «واضمم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بناء» مفعول مطلق على حذف مضاف ، أى : اضمم ضم بناء «غيرا» مفعول به لاضمم «إن» شرطية «عدمت» عدم : فعل ماض فعل الشرط ، وتاء المخاطب فاعل «ما» اسم موصول : مفعول به لعدم «له» جار ومجرور متعلق بقوله أضيف الآتى «أضيف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جواز تقديره هو يعود إلى غير ، والجملة لا محل لها صلة الموصول ، والعائد الضمير المجرور محلا باللام «ناويا» حال من فاعل اضمم ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أتت «ما» اسم موصول : مفعول به لناو ، وجملة «عدما» لا محل لها صلة الموصول.

(٢) «قبل» مبتدأ «كغير» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «بعد ، حسب ، أول ، ودون ، والجهات» معطوفات على «قبل» بعاطف مقدر فى بعضهن «أيضا» مفعول مطلق لفعل محذوف «وعل» معطوف على قبل.

(٣) «وأعربوا» فعل وفاعل «نصبا» حال من الفاعل : أى ناصبين «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «ما» زائدة «نكرا» نكر : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المذكور ، والجملة فى محل جر بإضافة إذا إليها «قبلا» مفعول به لأعربوا السابق «وما»


هذه الأسماء المذكورة ـ وهى : غير ، وقبل ، وبعد ، وحسب ، وأول ، ودون ، والجهات الست ـ وهى : أمامك ، وخلفك ، وفوقك ، وتحتك ، ويمينك ، وشمالك ـ وعل ؛ لها أربعة أحوال : تبنى فى حالة منها ، وتعرب فى بقيتها.

فتعرب إذا أضيفت لفظا ، نحو «أصبت درهما لا غيره ، وجئت من قبل زيد» أو حذف المضاف إليه ونوى اللفظ ، كقوله :

(٢٣٥) ـ

ومن قبل نادى كلّ مولى قرابة

فما عطفت مولى عليه العواطف

وتبقى فى هذه الحالة كالمضاف لفظا ؛ فلا تنوّن إلا إذا حذف ما تضاف إليه ولم ينو لفظه ولا معناه ، فتكون [حينئذ] نكرة ، ومنه قراءة من قرأ : (لله الأمر من قبل ومن بعد) بجر «قبل ، وبعد» وتنوينهما ؛ وكقوله :

__________________

الواو عاطفة ، ما : اسم موصول معطوف على قوله «قبلا» «من بعده» الجار والمجرور متعلق بقوله «ذكرا» الآتى ، وبعد مضاف وضمير الغائب مضاف إليه «ذكرا» فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «ما» الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة.

٢٣٥ ـ هذا البيت من الشواهد التى استشهد بها النحاة ولم ينسبوها إلى قائل معين.

الإعراب : «من قبل» جار ومجرور متعلق بقوله «نادى» الآتى «نادى» فعل ماض «كل» فاعل نادى ، وكل مضاف و «مولى» مضاف إليه «قرابة» مفعول به لنادى «فما» الفاء عاطفة ، وما : نافية «عطفت» عطف : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «مولى» مفعول به لعطفت «عليه» جار ومجرور متعلق بعطف «العواطف» فاعل عطفت.

الشاهد فيه : قوله «من قبل» حيث أعرب «قبل» من غير تنوين ؛ لأنه حذف المضاف إليه ونوى لفظه ، وكأنه قد قال : ومن قبل ذلك ـ مثلا ـ والمحذوف المنوى الذى لم يقطع النظر عنه مثل الثابت ، وهو لو ذكر هذا المحذوف لم ينون.


(٢٣٦) ـ

فساغ لى الشّراب وكنت قبلا

أكاد أغصّ بالماء الحميم

هذه هى الأحوال الثلاثة التى تعرب فيها.

__________________

٢٣٦ ـ البيت ليزيد بن الصعق ، حدث أبو عبيدة ، قال : كانت بلاد غطفان مخصبة ، فرعت بنو عامر بن صعصعة ناحية منها ، فأغار الربيع بن زياد العبسى على يزيد ابن الصعق ، وكان يزيد فى جماعة من الناس ، فلم يستطعه الربيع ، فأقبل على سروح بنى جعفر والوحيد ابنى كلاب ، فأخذ نعمه ، فحرم يزيد على نفسه النساء والطيب حتى يغير عليه ، فجمع قبائل شتى ، فاستاق نعما كثيرة له ولغيره ، وأصاب عصافير النعمان بن المنذر ـ وهى إبل معروفة عندهم ـ ففى ذلك يقول يزيد بن الصعق أبياتا منها بيت الشاهد ، ومنها قوله :

ألا أبلغ لديك أبا حريث

وعاقبة الملامة للمليم

فكيف ترى معاقبتى وسعيى

بأذواد القصيبة والقصيم

وهذا دليل على أن من روى عجز البيت «بالماء الفرات» لم يصب.

اللغة : «ساغ» سهل جريانه فى الحلق «أغص» مضارع من الغصص ـ بالتحريك ـ وهو اعتراض اللقمة ونحوها فى الحلق حتى لا تكاد تنزل «الماء الحميم» هو هنا البارد ، وهو من الأضداد ، بطلق على الحار وعلى البارد «المليم» الذى فعل ما يلام عليه.

المعنى : يقول : لم يكن يهنأ لى طعام ولا يلذ لى شراب بسبب ما كان لى من الثأر عند هؤلاء ، فلما غزوتهم وأطفأت لهيب صدرى بالغلبة عليهم ساغ شرابى ولذت حياتى.

الإعراب : «فساغ» فعل ماض «لى» جار ومجرور متعلق بساغ «الشراب» فاعل ساغ «وكنت» الواو للحال ، كان : فعل ماض ناقص ، والتاء ضمير المتكلم اسمه «قبلا» منصوب على الظرفية يتعلق بكان «أكاد» فعل مضارع ، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «أغص» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، والجملة فى محل نصب خبر أكاد ، وجملة «أكاد» واسمها وخبرها فى محل نصب


أما الحالة [الرابعة] التى تبنى فيها فهى إذا حذف ما تضاف إليه ونوى معناه دون لفظه ؛ فإنها تبنى حينئذ على الضم ، نحو (لله الأمر من قبل ومن بعد) وقوله :

(٢٣٧) ـ

* أقبّ من تحت عريض من عل*

وحكى أبو على الفارسى «ابدأ بذا من أوّل» بضم اللام وفتحها وكسرها ـ فالضمّ على البناء لنية المضاف إليه معنى ، والفتح على الإعراب لعدم نية المضاف

__________________

خبر «كان» وجملة كان واسمها وخبرها فى محل نصب حال «بالماء» جار ومجرور متعلق بقوله «أغص» و «الحميم» صفة للماء.

الشاهد فيه : قوله «قبلا» حيث أعربه منونا ؛ لأنه قطعه عن الإضافة لفظا ومعنى.

٢٣٧ ـ هذا البيت لأبى النجم العجلى يصف فيه الفرس ، من أرجوزة له يصف فيها أشياء كثيرة ، وأول هذه الأرجوزة قوله :

الحمد لله العلىّ الأجلل

الواسع الفضل الوهوب المجزل

اللغة : «أقب» مأخوذ من القبب ، وهو دقة الخصر وضمور البطن.

الإعراب : «أقب» خبر لمبتدأ محذوف : أى هو أقب «من» حرف جر «تحت» ظرف مبنى على الضم فى محل جر بمن ، والجار والمجرور متعلق بقوله «أقب» ، وقوله «عريض» خبر ثان «من عل» جار ومجرور متعلق بعريض.

الشاهد فيه : ذكروا أن مكان الاستشهاد بهذا البيت فى قوله : «من تحت ، ومن عل» حيث بنى الظرفان على الضم ؛ لأن كلا منهما قد حذف منه لفظ المضاف إليه ونوى معناه.

هكذا قالوا ، وهو كلام خال عن التحقيق ؛ لأن قوافى الأرجوزة كلها مجرورة كما رأيت فى البيتين اللذين أنشدناهما فى أول الكلام على هذا الشاهد ؛ فيكون قوله : «من عل» مجرورا لفظا بمن ، ويكون من الحالة الثانية التى حذف فيها المضاف إليه ونوى لفظه ، ويكون الاستشهاد بقوله : «من تحت» وحده ، فاحفظ ذلك ، ولا تكن أسير التقليد.


إليه ، لفظا ومعنى ، وإعرابها إعراب ما لا ينصرف للصفة ووزن الفعل ، والكسر على نية المضاف إليه لفظا.

فقول المصنف «واضمم بناء ـ البيت» إشارة إلى الحالة الرابعة.

وقوله : «ناويا ما عدما» مراده أنّك تبنيها على الضم إذا حذفت ما تضاف إليه ونويته معنى لا لفظا.

وأشار بقوله : «وأعربوا نصبا» إلى الحالة الثالثة ، وهى ما إذا حذف المضاف إليه ولم ينو لفظه ولا معناه ؛ فإنها تكون حينئذ نكرة معربة.

وقوله : «نصبا» معناه أنها تنصب إذا لم يدخل عليها جار ، فإن دخل [عليها] جرّت ، نحو «من قبل ومن بعد».

ولم يتعرض المصنف للحالتين الباقيتين ـ أعنى الأولى ، والثانية ـ لأن حكمهما ظاهر معلوم من أول الباب ـ وهو : الإعراب ، وسقوط التنوين ـ كما تقدم [فى كل ما يفعل بكل مضاف مثلها].

* * *

وما يلى المضاف يأتى خلفا

عنه فى الاعراب إذا ما حذفا (١)

__________________

(١) «وما» اسم موصول مبتدأ «يلى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما «المضاف» مفعول به ليلى ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «يأتى» فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «خلفا» حال من الضمير المستتر فى يأتى «عنه» جار ومجرور متعلق بقوله «خلفا» «فى الإعراب» جار ومجرور متعلق بقوله : «يأتى» «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «ما» زائدة «حذفا» حذف : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل جر بإضافة «إذا» إليها ، وجوابها محذوف ، وتقدير البيت : والمضاف إليه الذى يلى المضاف يأتى خلفا عنه فى الإعراب إذا حذف المضاف


يحذف المضاف لقيام قرينة تدلّ عليه ، ويقام المضاف إليه مقامه ، فيعرب بإعرابه ، كقوله تعالى : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ) أى : حبّ العجل ، وكقوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ) أى : أمر ربّك ، فحذف المضاف ـ وهو «حب ، وأمر» ـ وأعرب المضاف إليه ـ وهو «العجل ، وربّك» ـ بإعرابه.

* * *

وربّما جرّوا الّذى أبقوا كما

قد كان قبل حذف ما تقدّما (١)

لكن بشرط أن يكون ما حذف

مماثلا لما عليه قد عطف (٢)

__________________

(١) «وربما» رب : حرف تقليل وجر ، ما : كافة «جروا» فعل وفاعل «الذى» مفعول به لجروا «أبقوا» فعل وفاعل ، والجملة لا محل لها صلة «كما» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف «قد» حرف تحقيق «كان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه «قبل» ظرف متعلق بمحذوف خبر كان ، والجملة من «كان» واسمه وخبره لا محل لها صلة ما ، وقبل مضاف و «حذف» مضاف إليه ، وحذف مضاف و «ما» اسم موصول بمعنى الذي مضاف إليه ، والجملة من «تقدما» وفاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما ، لا محل لها صلة «ما».

(٢) «لكن» حرف استدراك «بشرط» جار ومجرور قال المعربون : إنه متعلق بمحذوف حال : إما من فاعل «جروا» فى البيت السابق ، وإما من مفعوله ، وعندى أنه لا يمتنع أن يكون متعلقا بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : لكن ذلك الجر كائن بشرط إلخ «أن» مصدرية «يكون» فعل مضارع ناقص منصوب بأن «ما» اسم موصول اسم يكون ، وجملة «حذف» ونائب الفاعل المستتر فيه لا محل لها صلة «مماثلا» خبر يكون «لما» جار ومجرور متعلق بمماثل «عليه» جار ومجرور متعلق بعطف الآتى ، وجملة «عطف» مع نائب الفاعل المستتر فيه لا محل لها صلة ما الموصولة المجرورة محلا باللام.


قد يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه مجرورا ، كما كان عند ذكر المضاف ، لكن بشرط أن يكون المحذوف مماثلا لما عليه قد عطف ، كقول الشاعر :

(٢٣٨) ـ

أكلّ امرىء تحسبين أمرأ

ونار توقّد باللّيل نارا

[و] التقدير «وكلّ نار» فحذف «كل» وبقى المضاف إليه مجرورا

__________________

٢٣٨ ـ البيت لأبى دواد الإيادى ، واسمه جارية بن الحجاج.

الإعراب : «أكل» الهمزة للاستفهام الإنكارى ، كل : مفعول أول لتحسبين مقدم عليه ، وكل مضاف و «امرىء» مضاف إليه «تحسبين» فعل وفاعل «امرأ» مفعول ثان «ونار» الواو عاطفة ، والمعطوف محذوف ، والتقدير : وكل نار ، فنار مضاف إليه فى الأصل وذلك المعطوف المحذوف ـ وهو المضاف ـ هو المعطوف على «كل امرىء» المتقدم «توقد» أصله تتوقد ، فحذف إحدى التاءين ، وهو فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى نار ، والجملة صفة لنار «بالليل» جار ومجرور متعلق بتوقد «نارا» معطوف على قوله «امرأ» المنصوب السابق.

الشاهد فيه : قوله «ونار» حيث حذف المضاف ـ وهو «كل» الذى قدرناه فى إعراب البيت ـ وأبقى المضاف إليه مجرورا كما كان قبل الحذف ، لتحقق الشرط ، وهو أن المضاف المحذوف معطوف على مماثل له وهو «كل» فى قوله «أكل امرىء».

وإنما لم نجعل «نار» المجرور معطوفا على «امرىء» المجرور لأنه يلزم عليه أن يكون الكلام مشتملا على شيئين ـ وهما «نار» «ونارا» ـ معطوفين على معمولين ـ وهما «امرىء» و «امرأ» ـ لعاملين مختلفين ، وهما «كل» العامل فى «امرىء» المجرور بناء على أن انجرار المضاف إليه بالمضاف ، والعامل الثانى «تحسبين» العامل فى «امرأ» المنصوب ، والعاطف واحد ، وهو الواو ، وذلك لا يجوز ، ولكنا لما جعلنا «نار» المجرور مجرورا بتقدير المضاف المحذوف ، وجعلنا هذا المحذوف معطوفا على «كل» لم يبق إلا عامل واحد فى المعطوف عليهما وهو «تحسبين» إذ هو عامل فى «كل» وفى «امرأ» المنصوبين على أنهما مفعولان لتحسبين ، والعطف على معمولين لعامل واحد جائز بالإجماع ، وهذا واضح بعد هذا البيان ، إن شاء الله.


كما كان عند ذكرها ، والشرط موجود ، وهو : العطف على مماثل المحذوف وهو «كل» فى قوله «أكلّ امرىء».

وقد يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه على جرّه ، والمحذوف ليس مماثلا للملفوظ ، بل مقابل له ، كقوله تعالى : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا ، وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) فى قراءة من جرّ «الآخرة» والتقدير «والله يريد باقى الآخرة» ومنهم من يقدره «والله يريد عرض الآخرة» فيكون المحذوف على هذا مماثلا للملفوظ [به] ، والأوّل أولى ، وكذا قدّره ابن أبى الربيع فى شرحه للإيضاح.

* * *

ويحذف الثّانى فيبقى الأوّل

كحاله ، إذا به يتّصل (١)

بشرط عطف وإضافة إلى

مثل الّذى له أضفت الأوّلا (٢)

يحذف المضاف إليه ويبقى المضاف كحاله لو كان مضافا ؛ فيحذف تنوينه

__________________

(١) «ويحذف» فعل مضارع مبنى للمجهول «الثانى» نائب فاعل يحذف «فيبقى» فعل مضارع «الأول» فاعل يبقى «كحاله» الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من الأول ، وحال مضاف وضمير الغائب مضاف إليه «إذا» ظرف متعلق بالحال «به» جار ومجرور متعلق بقوله «يتصل» الآتى «يتصل» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل جر بإضافة «إذا» إليها.

(٢) «بشرط» جار ومجرور متعلق بقوله «يحذف» فى البيت السابق ، وشرط مضاف و «عطف» مضاف إليه «وإضافة» معطوف على عطف «إلى مثل» جار ومجرور متعلق بإضافة ، ومثل مضاف و «الذى» اسم موصول : مضاف إليه «له» جار ومجرور متعلق بأضفت الآتى «أضفت» فعل وفاعل «الأولا» مفعول به لأضفت ، والجملة لا محل لها صلة.


وأكثر ما يكون ذلك إذا عطف على المضاف اسم مضاف إلى مثل المحذوف من الاسم الأول ، كقولهم : «قطع الله يد ورجل من قالها» التقدير : «قطع الله يد من قالها ، ورجل من قالها» فحذف ما أضيف إليه «يد» وهو «من قالها» لدلالة ما أضيف إليه «رجل» عليه ، ومثله قوله :

(٢٣٩) ـ

* سقى الأرضين الغيث سهل وحزنها*

__________________

٢٣٩ ـ هذا صدر بيت أنشده الفراء ولم ينسبه إلى قائل معين ، وعجزه قوله :

* فنيطت عرى الآمال بالزّرع والضّرع*

اللغة : «الحزن» ما غلظ من الأرض و «السهل» بخلافه «نيطت» أى : علقت «عرى» جمع عروة وإضافته إلى الآمال كإضافة الأظفار إلى المنية فى قولهم : نشبت أظفار المنية بفلان «الضرع» هو لذات الظلف كالثدى للمرأة.

المعنى : إن المطر قد عم الأرض سهلها وحزنها ، أى كلها ، فقوى رجاء الناس فى نماء الزرع وغزارة الألبان.

الإعراب : «سقى» فعل ماض «الأرضين» مفعول به لسقى قدم على الفاعل «الغيث» فاعل بسقى «سهل» بدل من الأرضين ، بدل بعض من كل «وحزنها» الواو حرف عطف ، وحزن : معطوف على سهل ، والضمير الراجع إلى الأرضين مضاف إليه «فنيطت» نيط : فعل ماض مبنى للمجهول ، والتاء للتأنيث «عرى» نائب فاغل نيط ، وعرى مضاف و «الآمال» مضاف إليه «بالزرع» جار ومجرور متعلق بنيطت «والضرع» معطوف على الزرع.

الشاهد فيه : قوله «سهل وحزنها» حيث حذف المضاف إليه ، وأبقى المضاف ـ وهو قوله سهل ـ على حاله قبل الحذف من غير تنوين ، وذلك لتحقق الشرطين : العطف ، وكون المعطوف مضافا إلى مثل المحذوف ، وكان أصل الكلام : سقى الغيث الأرضين سهلها وحزنها.

ومن ذلك قول الشاعر :

مه عاذلى ، فهائما لن أبرحا

بمثل أو أحسن من شمس الضّحى


[التقدير «سهلها وحزنها»] فحذف ما أضيف إليه «سهل» ؛ لدلالة ما أضيف إليه «حزن» عليه.

هذا تقرير كلام المصنف ، وقد يفعل ذلك وإن لم يعطف مضاف إلى مثل المحذوف من الأول ، كقوله :

ومن قبل نادى كلّ مولى قرابة

فما عطفت مولى عليه العواطف [٢٣٥](١)

فحذف ما أضيف إليه «قبل» وأبقاه على حاله لو كان مضافا ، ولم يعطف عليه مضاف إلى مثل المحذوف ، والتقدير : «ومن قبل ذلك» ومثله قراءة من قرأ شذوذا : (فلا خوف عليهم) أى : فلا خوف شىء عليهم (٢).

وهذا الذى ذكره المصنف ـ من أن الحذف من الأول ، وأن الثانى هو المضاف إلى المذكور ـ هو مذهب المبرد.

__________________

أصل الكلام : بمثل شمس الضحى أو أحسن من شمس الضحى ، فحذف «شمس الضحى» الذى أضيف له «مثل» لدلالة عامل آخر عليه وإن لم يكن العمل هو الجر بالإضافة.

(١) هذا هو الشاهد رقم ٢٣٥ وقد تقدم الكلام على هذا الشاهد مستوفى ، والشاهد فيه هنا قوله «قبل» حيث حذف المضاف إليه وأبقى المضاف على حاله الذى كان قبل الحذف من غير تنوين ، مع أن الشرطين ـ وهما العطف والمماثلة ـ غير متحققين ، لأنه ليس معطوقا عليه اسم مضاف إلى مثل المحذوف ، وهذا قليل.

(٢) هى قراءة ابن محيصن ، بضم الفاء من «خوف» من غير تنوين ، على أن «لا» مهملة أو عاملة عمل ليس ، وقرأ يعقوب بفتح الفاء من «خوف» بلا تنوين أيضا ، ويجوز ـ على هذه القراءة ـ أن تكون «لا» عاملة عمل إن ، والفتحة فتحة بناء ، ولا شاهد فى الآية على ذلك ، كما يجوز أن تكون عاملة عمل إن والفتحة فتحة إعراب ، والمضاف إليه منوى : أى فلا خوف شىء ، فيكون الكلام مما نحن بصدده أيضا.


ومذهب سيبويه أن الأصل «قطع الله يد من قالها ورجل من قالها» فحذف ما أضيف إليه «رجل» فصار «قطع الله يد من قالها ورجل» ثم أقحم قوله «ورجل» بين المضاف ـ وهو «يد» ـ والمضاف إليه ـ الذى هو «من قالها» ـ فصار «قطع الله يد ورجل من قالها» (١).

فعلى هذا يكون الحذف من الثانى ، لا من الأول ، وعلى مذهب المبرد بالعكس.

قال بعض شرّاح الكتاب : وعند الفرّاء (٢) يكون الاسمان مضافين إلى «من قالها» ولا حذف فى الكلام : لا من الأول ، ولا من الثانى.

* * *

__________________

(١) وقد جرى الخلاف المذكور بين المبرد وسيبويه فى قول الشاعر ، وهو من شواهد المسألة :

يا تيم تيم عدىّ لا أبالكم

لا يلقينّكم فى سوأة عمر

وقوله الآخر ، وهو من شواهد المسألة أيضا :

يا زيد زيد اليعملات الذّبّل

تطاول اللّيل عليك فانزل

إذا نصبت أول النداءين ، فقال المبرد : المنادى الأول مضاف إلى مماثل للمذكور مع الثانى ، وقال سيبويه : الأول مضاف إلى ما بعد الثانى ، وقد حذف الذى يضاف الثانى إليه ، والثانى مقحم بين المضاف والمضاف إليه.

(٢) الفراء يخص هذا بلفظين يكثر استعمالهما معا ، كاليد والرجل فى «قطع الله يد ورجل من قالها» والربع والنصف فى نحو «خذ ربع ونصف هذا» وقبل وبعد فى قولك «رضيت عنك قبل وبعد ما حدث» بخلاف نحو «هذا غلام ودار هند» من كل لفظين لا يكثر استعمالهما معا.


فصل مضاف شبه فعل ما نصب

مفعولا او ظرفا أجز ، ولم يعب (١)

فصل يمين ، واضطرارا وجدا

: بأجنبىّ ، أو بنعت ، أو ندا (٢)

أجاز المصنف أن يفصل ـ فى الاختيار ـ بين المضاف الذى هو شبه الفعل ـ والمراد به المصدر ، واسم الفاعل ـ والمضاف إليه ، بما نصبه المضاف : من مفعول به ، أو ظرف ، أو شبهه.

فمثال ما فصل فيه بينهما بمفعول المضاف قوله تعالى : (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم) فى قراءة ابن عامر ، بنصب «أولاد» وجر الشركاء.

ومثال ما فصل فيه بين المضاف والمضاف إليه بظرف نصبه المضاف الذى هو مصدر ما حكى عن بعض من يوثق بعربيته : «ترك يوما نفسك وهواها ، سعى لها فى رداها».

__________________

(١) «فصل» مفعول به مقدم لأجز ، وفصل مضاف و «مضاف» مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله «شبه» نعت لمضاف ، وشبه مضاف و «فعل» مضاف إليه «ما» فاعل المصدر «نصب» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة ما ، والعائد محذوف ، وأصله ما نصبه «مفعولا» حال من «ما» الموصولة «أو» عاطفة «ظرفا» معطوف على قوله مفعولا «أجز» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ولم» نافية جازمة «يعب» فعل مضارع مبنى للمجهول مجزوم بلم ، وعلامة جزمه السكون.

(٢) «فصل» نائب فاعل ليعب فى البيت السابق ، وفصل مضاف و «يمين» مضاف إليه «واضطرارا» مفعول لأجله «وجدا» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فصل «بأجنبى» جار ومجرور متعلق بوجد «أو بنعت» معطوف على بأجنبى «أو ندا» معطوف على نعت ، وقصر قوله ندا للضرورة.


ومثال ما فصل فيه بين المضاف والمضاف إليه بمفعول المضاف الذى هو اسم فاعل قراءة بعض السلف (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) بنصب «وعد» وجر «رسل».

ومثال الفصل بشبه الظرف قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث أبى الدّرداء : «هل أنتم تاركولى صاحبى» وهذا معنى قوله «فصل مضاف ـ إلى آخره».

وجاء الفصل أيضا فى الاختيار بالقسم ، حكى الكسائى : «هذا غلام والله زيد» ولهذا قال المصنف : «ولم يعب فصل يمين».

وأشار بقوله : «واضطرارا وجدا» إلى أنه قد جاء الفصل بين المضاف والمضاف إليه فى الضرورة : بأجنبى من المضاف ، وبنعت المضاف ، وبالنداء.

فمثال الأجنبىّ قوله :

(٢٤٠) ـ

كما خطّ الكتاب بكفّ يوما

يهودىّ يقارب أو يزيل

ففصل بـ «يوما» بين «كف» و «يهودى» وهو أجنبى من «كف» ؛ لأنه معمول لـ «خطّ».

__________________

٢٤٠ ـ البيت لأبى حية النميرى ، يصف رسم دار.

اللغة : «يهودى» إنما خص اليهودى لأنهم كانوا أهل الكتابة حينذاك «يقارب» أى : يضم بعض ما يكتبه إلى بعض «أو يزيل» يفرق بين كتابته.

المعنى : يشبه ما بقى متناثرا من رسوم الديار هنا وهناك ، بكتابة اليهودى كتابا جعل بعضه متقاربا وبعضه متفرقا.

الإعراب : «كما» الكاف حرف تشبيه وجر ، وما : مصدرية «خط» فعل ماض مبنى للمجهول «الكتاب» نائب فاعل خط «بكف» جار مجرور متعلق بخط «يوما» منصوب على الظرفية يتعلق بخط أيضا ، وكف مضاف و «يهودى» مضاف إليه ، وقد فصل بينهما بالظرف ، وما مع دخلت عليه فى تأويل مصدر مجرور بالكاف ،


ومثال النعت قوله :

(٢٤١) ـ

نجوت وقد بلّ المرادىّ سيفه

من ابن أبى شيخ الأباطح طالب

__________________

والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : رسم هذه الدار كائن كخط الكتاب ـ إلخ ، وجملة يقارب وفاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو العائد إلى اليهودى فى محل جر صفة ليهودى ، وجملة يزيل مع فاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو العائد لليهودى أيضا معطوفة عليها بأو.

الشاهد فيه : قوله «بكف يوما يهودى» حيث فصل بين المضاف وهو كف والمضاف إليه وهو يهودى بأجنبى من المضاف وهو يوما ، وإنما كان الفاصل أجنبيا لأن هذا الظرف ليس متعلقا بالمضاف ، وإنما هو متعلق بقوله خط ، وقد بينه الشارح.

٢٤١ ـ نسبوا هذا البيت لمعاوية بن أبى سفيان رضى الله تعالى عنهما.

اللغة : «المرادى» نسبة إلى مراد ، وهى قبيلة من اليمن ، ويريد بالمرادى قاتل أمير المؤمنين على بن أبى طلب كرم الله وجهه ، وهو عبد الرحمن بن ملجم ، لعنه الله! وحديثه أشهر من أن يقال عنه شىء «الأباطح» جمع أبطح ، وهو المكان الواسع ، أو المسيل فيه دقاق الحصى ، وأراد بالأباطح مكة ، وأراد بشيخها أبا طالب بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم ووالد على رضى الله عنه ، وقد كان أبو طالب من وجوه مكة وعظمائها.

الإعراب : «نجوت» فعل وفاعل «وقد» الواو واو الحال ، قد : حرف تحقيق «بل» فعل ماض «المرادى» فاعل بل «سيفه» سيف : مفعول به لبل ، وسيف مضاف والضمير مضاف إليه «من ابن» جار ومجرور متعلق ببل ، وابن مضاف و «أبى» مضاف إليه «شيخ الأباطح» نعت لأبى ، ومضاف إليه ، وأبى مضاف و «طالب» مضاف إليه

الشاهد فيه : قوله «أبى شيخ الأباطح طالب» حيث فصل بين المضاف وهو أبى ، والمضاف إليه وهو طالب ، بالنعت وهو شيخ الأباطح ، وأصل الكلام : من ابن أبى طالب شيخ الأباطح.


الأصل «من ابن أبى طالب شيخ الأباطح» وقوله :

(٢٤٢) ـ

ولئن حلفت على يديك لأحلفن

بيمين أصدق من يمينك مقسم

الأصل «بيمين مقسم أصدق من يمينك».

ومثال النداء قوله :

__________________

٢٤٢ ـ هذا البيت للفرزدق همام بن غالب.

اللغة : «على يديك» أراد على فعل يديك ، فحذف المضاف ، والمقصود بفعل يديه العطاء والجود والكرم وسعة الإنفاق.

المعنى : يقرر أنه متأكد من كرم المخاطب وجوده ، حتى إنه لو حلف عليه لكان حلفه يمين مقسم صادق لا يشوب حلفه شك ، وبين ذلك بأن يمينه آكد من يمين الممدوح على فعل نفسه.

الإعراب : «لئن» اللام موطئة للقسم ، إن : شرطية «حلفت» حلف : فعل ماض ، فعل الشرط ، وتاء المتكلم فاعله «على يديك» الجار والمجرور متعلق بحلفت ، ويدى مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه «لأحلفن» اللام واقعة فى جواب القسم المدلول عليه باللام ، أحلفن : فعل مضارع مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، والجملة لا محل لها من الإعراب جواب القسم ، وجواب الشرط محذوف وجوبا يدل عليه جواب القسم «بيمين» جار ومجرور متعلق بأحلف «أصدق» نعت ليمين «من يمينك» الجار والمجرور متعلق بأصدق ويمين الثانى مضاف وكاف المخاطب مضاف إليه ، ويمين الأول مضاف و «مقسم» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «بيمين أصدق من يمينك مقسم» حيث فصل بين المضاف ـ وهو يمين ـ والمضاف إليه ، وهو مقسم ، بنعت المضاف ، وهو : أصدق من يمينك ، كما فى البيت السابق ، وأصل الكلام : بيمين مقسم أصدق من يمينك.

وفى البيت شاهد آخر ، وهو فى قوله «لأحلفن» حيث أتى بجواب القسم وحذف جواب الشرط لكون القسم الموطأ له باللام فى قوله «لئن» مقدما على الشرط.


(٢٤٣) ـ

وفاق كعب بجير منقذ لك من

تعجيل تهلكة والخلد فى سقر

وقوله :

(٢٤٤) ـ

كأنّ برذون أبا عصام

زيد حمار دقّ باللّجام

الأصل «وفاق بجير يا كعب» و «كأنّ برذون زيد يا أبا عصام».

* * *

__________________

٢٤٢ ـ هذا البيت لبجير بن أبى سلمى المزنى ، يقوله لأخيه كعب بن زهير ، وكان بجير قد أسلم قبل كعب ، فلامه كعب على ذلك ، وتعرض للرسول صلى الله عليه وسلم فنال بلسانه منه ، فأهدر النبى دمه.

اللغة : «وفاق» مصدر وافق فلان فلانا ، إذا فعل مثل فعله «تهلكة» أى هلاك «سقر» اسم من أسماء النار التى هى دار العذاب.

المعنى : يقول : إن فعلك يا كعب مثل فعل أخيك بجير ـ يريد الإسلام ـ ينقذك من الوقوع فى الهلكة ومن الخلود يوم الآخرة فى دار العذاب.

الإعراب : «وفاق» مبتدأ «كعب» منادى بحرف نداء محذوف مبنى على الضم فى محل نصب ، ووفاق مضاف و «بجير» مضاف إليه «منقذ» خبر المبتدأ «لك» جار ومجرور متعلق بمنقذ «من تعجيل» جار ومجرور متعلق بمنقذ أيضا ، وتعجيل مضاف و «تهلكة» مضاف إليه «والخلد» معطوف على تعجيل «فى سقر» جار ومجرور متعلق بالخلد.

الشاهد فيه : قوله «وفاق كعب بجير» حيث فصل بين المضاف ، وهو «وفاق» والمضاف إليه ، وهو بجير ، بالنداء وهو قوله «كعب» وأصل الكلام : وفاق بجير يا كعب منقذ لك.

٢٤٤ ـ هذا البيت من الشواهد التى لم ينسبوها إلى قائل معين.

اللغة : «برذون» البرذون من الخيل : ما ليس بعربى.


 ..........................................................................

__________________

المعنى : يصف برذون رجل اسمه زيد بأنه غير جيد ولا ممدوح ، وأنه لو لا اللجام الذى يظهره فى مظهر الخيل لكان حمارا لصغره فى عين الناظر ولضعفه.

الإعراب : «كأن» حرف تشبيه ونصب «برذون» اسم كأن «أبا» منادى حذف منه حرف النداء ، منصوب بالألف نيابة عن الفتحة لأنه من الأسماء الستة ، وأبا مضاف و «عصام» مضاف إليه ، وبرذون مضاف ، و «زيد» مضاف إليه «حمار» خبر كأن «دق» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حمار ، والجملة فى محل رفع نعت لحمار «باللجام» جار ومجرور متعلق بدق.

الشاهد فيه : قوله «كأن برذون أبا عصام زيد» حيث فصل بين المضاف ، وهو «برذون» والمضاف إليه وهو «زيد» بالنداء وهو قوله : «أبا عصام» ، وأصل الكلام : كأن برذون زيد يا أبا عصام ، كما ذكره الشارح العلامة رحمه الله!.


المضاف إلى ياء المتكلّم

آخر ما أضيف لليا اكسر ، إذا

لم يك معتلّا : كرام ، وقذى (١)

أو يك كابنين وزيدين ؛ فذى

جميعها اليا بعد فتحها احتذى (٢)

وتدغم اليا فيه والواو ، وإن

ما قبل واو ضمّ فاكسره يهن (٣)

__________________

(١) «آخر» مفعول مقدم على عامله وهو قوله اكسر الآنى ، وآخر مضاف و «ما» اسم موصول مضاف إليه «أضيف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة «لليا» جار ومجرور متعلق بأضيف «اكسر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «لم» نافية جازمة «يك» فعل مضارع ناقص مجزوم بلم ، وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة للتخفيف ، واسمه ضمير مستتر فيه «معتلا» خبر يك ، والجملة فى محل جر بإضافة إذا «كرام» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف «وقذى» معطوف على «رام» وجواب إذا محذوف يدل عليه سابق الكلام.

(٢) «أو» عاطفة «يك» معطوف على يك السابق فى البيت الذى قبله ، وفيه ضمير مستتر هو اسمه «كابنين» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر يك «وزيدين» معطوف على ابنين «فذى» اسم إشارة : مبتدأ أول «جميعها» جميع : توكيد ، وجميع مضاف وها مضاف إليه «اليا» مبتدأ ثان «بعد» ظرف مبنى على الضم فى محل نصب ، متعلق بمحذوف حال «فتحها» فتح : مبتدأ ثالث ، وفتح مضاف والضمير مضاف إليه «احتذى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فتحها ، وجملة الفعل ونائب الفاعل فى محل رفع خبر المبتدأ الثالث ، وجملة المبتدأ الثالث وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول.

(٣) «وتدغم» فعل مضارع مبنى للمجهول «اليا» نائب فاعل لتدغم «فيه» جار ومجرور متعلق بتدغم ، والضمير يعود إلى ياء المتكلم ، وذكره لتأويله باللفظ «والواو» معطوف على الياء «وإن» شرطية «ما» اسم موصول : نائب فاعل


وألفا سلّم ، وفى المقصور ـ عن

هذيل ـ انقلابها ياء حسن (١)

يكسر آخر المضاف إلى ياء المتكلم (٢) ، إن لم يكن مقصورا ، ولا منقوصا ، ولا مثنى ، ولا مجموعا جمع سلامة لمذكر ، كالمفرد وجمعى التكسير الصحيحين ، وجمع السلامة للمؤنث ، والمعتل الجارى مجرى الصحيح ، نحو «غلامى ، وغلمانى ، وفتياتى ، ودلوى ، وظبيى».

وإن كان معتلا ؛ فإما أن يكون مقصورا أو منقوصا ، فإن كان منقوصا

__________________

لفعل محذوف يفسره ما بعده ، أى : وإن ضم ما قبل ـ إلخ ، وذلك الفعل المحذوف فى محل جزم فعل الشرط «قبل» ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول ، وقبل مضاف و «واو» مضاف إليه «ضم» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها مفسرة «فاكسره» الفاء لربط الجواب بالشرط ، اكسر : فعل أمر ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط «يهن» فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر.

(١) «وألفا» مفعول به مقدم على عامله ، وهو قوله سلم الآتى «سلم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وفى المقصور ، عن هذيل» جاران ومجروران يتعلقان بقوله «حسن» الآتى فى آخر البيت «انقلابها» انقلاب : مبتدأ ، وانقلاب مضاف وها : مضاف إليه ، من إضافة المصدر لفاعله «ياء» مفعول المصدر «حسن» خبر المبتدأ.

(٢) اعلم أن لك فى ياء المتكلم خمسة أوجه ؛ الأول : بقاؤها ساكنة ، والثانى : بقاؤها مفتوحة ، والثالث : حذفها مع بقاء الكسرة قبلها لتدل عليها ، والرابع : قلبها ألفا بعد فتح ما قبلها نحو «غلاما» ، والخامس : حذفها بعد قلبها ألفا وإبقاء الفتحة لتدل عليها.

ثم اعلم أن هذه الوجوه الخمسة إنما تجرى فى الإضافة المحضة ، نحو غلامى وأخى ، فأما الإضافة اللفظية فليس إلا وجهان : إثباتها ساكنة ، أو مفتوحة ؛ لأنها فى الإضافة اللفظية على نية الانفصال فهى كلمة مستقلة ، ولا يمكن أن تعتبرها كجزء كلمة.

ثم اعلم أن هذه الوجوه الخمسة لا تختص بباب النداء ، خلافا لابن مالك فى تسهيله (وانظر الهامشة رقم ١ فى ص ٩٢ الآتية) وما قاله الشارح هناك.


أدغمت ياؤه فى ياء المتكلم ، وفتحت ياء المتكلم ؛ فتقول : «قاضىّ» رفعا ونصبا وجرّا ، وكذلك تفعل بالمثنى وجمع المذكر السالم فى حالة الجر والنصب ؛ فتقول : «رأيت غلامىّ وزيدىّ» و «مررت بغلامىّ وزيدىّ» والأصل : بغلامين لى وزيدين لى ، فحذفت النون واللام للاضافة (١) ، ثم أدغمت الياء فى الياء ، وفتحت ياء المتكلم.

وأما جمع المذكر السالم ـ فى حالة الرفع ـ فتقول فيه أيضا : «جاء زيدىّ» ، كما تقول فى حالة النصب والجر ، والأصل : زيدوى ، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون ؛ فقلبت الواو ياء ، ثم قلبت الضمة كسرة لتصحّ الياء ؛ فصار اللفظ : زيدىّ.

وأما المثنى ـ فى حالة الرفع ـ فتسلم ألفه وتفتح ياء المتكلم بعده ؛ فتقول : «زيداى ، وغلاماى» عند جميع العرب.

وأما المقصور فالمشهور فى لغة العرب جعله كالمثنى المرفوع ؛ فتقول «عصاى ، وفتاى».

وهذيل تقلب ألفه ياء وتدغمها فى ياء المتكلم وتفتح ياء المتكلم ؛ فتقول : «عصىّ» ومنه قوله :

(٢٤٥) ـ

سبقوا هوىّ ، وأعنقوا لهواهم

فتخرّموا ، ولكلّ جنب مصرع؟

__________________

(١) المحذوف للاضافة هو النون ، وأما اللام فحذفها للتخفيف.

٢٤٥ ـ هذا البيت لأبى ذؤيب الهذلى ، من قصيدة له يرثى فيها أبناءه ، وكانوا قد ماتوا فى سنة واحدة ، وأول هذه القصيدة قوله :

أمن المنون وريبه تتوجّع

والدّهر ليس بمعتب من يجزع؟

اللغة : «هوى» أصل هذه الكلمة : هواى ـ بألف المقصور ، وياء المتكلم


فالحاصل : أن يا المتكلم تفتح مع المنقوص : كـ «رامىّ» ، والمقصور : كـ «عصاى» والمثنى : كـ «غلاماى» رفعا ، و «غلامىّ» نصبا وجرّا ، وجمع المذكر السالم : كـ «زيدىّ» رفعا ونصبا وجرّا.

وهذا معنى قوله : «فذى جميعها اليا بعد فتحها احتذى».

وأشار بقوله : «وتدغم» إلى أن الواو فى جمع المذكر السالم والياء فى المنقوص وجمع المذكر السالم والمثنى ، تدغم فى ياء المتكلم.

وأشار بقوله : «وإن ما قبل واو ضمّ» إلى أن ما قبل واو الجمع : إن انضمّ عند وجود الواو يجب كسره عند قلبها ياء لتسلم الياء ، فإن لم ينضم ـ بل انفتح ـ بقى على فتحه ، نحو «مصطفون» ؛ فتقول : «مصطفىّ».

__________________

فقلبت ألف المقصور ياء ، ثم أدغمت فى ياء المتكلم ، والهوى : ما تهواه النفس ، وترغب فيه ، وتحرص عليه ، و «أعنقوا» بادروا ، وسارعوا ، مأخوذ من الإعناق ، وهو كالعتق ـ بفتحتين ـ ضرب من السير فيه سرعة «فتخرموا» بالبناء للمجهول ـ أى : استؤصلوا وأفنتهم المنية «جنب» هو ما تحت الإبط «مصرع» مكان يصرع فيه.

المعنى : يقول : إن هؤلاء الأولاد سبقوا ما أرغب فيه لهم وأحرص عليه ، وهو بقاؤهم ، وبادروا مسرعين إلى ما يهوونه ويرغبون فيه ، وهو الموت ـ وجعله هوى لهم من باب المشاكلة ـ وليس مختصا بهم ، وإنما هو أمر يلاقيه كل إنسان.

الإعراب : «سبقوا» فعل وفاعل «هوى» مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على الألف المنقلبة ياء منع من ظهورها التعذر ، وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «وأعنقوا» فعل وفاعل «لهواهم» الجار والمجرور متعلق بأعنقوا ، وهوى مضاف ، وهم : مضاف إليه «فتخرموا» فعل ماض مبنى للمجهول ، وواو الجماعة نائب فاعل «لكل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، وكل مضاف و «جنب» مضاف إليه «مصرع» مبتدأ مؤخر.

الشاهد فيه : قوله «هوى» حيث قلب ألف المقصور ياء ، ثم أدغمها فى ياء المتكلم ، وأصله «هواى» على ما بيناه لك ، وهذه لغة هذيل.


وأشار بقوله : «وألفا سلّم» إلى أن ما كان آخره ألفا كالمثنى والمقصور ، لا تقلب ألفه ياء ، بل تسلم ، نحو «غلاماى» و «عصاى».

وأشار بقوله : «وفى المقصور» إلى أنّ هذيلا تقلب ألف المقصور خاصة ؛ فتقول : «عصىّ».

وأما ما عدا هذه الأربعة (١) فيجوز فى الياء معه : الفتح ، والتسكين ؛ فتقول : «غلامى ، وغلامى» (٢).

* * *

__________________

(١) ما عدا هذه الأربعة هو أربعة أخرى ؛ أولها : المفرد الصحيح الآخر كغلام ، وثانيها جمع التكسير الصحيح الآخر كغلمان ، وثالثها المفرد المعتل الشبيه بالصحيح ـ وهو ما آخره واو أو ياء ساكن ما قبلها ـ نحو ظبى ودلو ، ورابعها جمع المؤنث السالم كفتيات ، وقد قدمنا لك (ص ٨٩) أن الوجوه الجائزة فى ياء المتكلم ـ مع هذه الأربعة ـ خمسة أوجه.

(٢) وبقى نوع من الأسماء وهو ما آخره ياء مشددة ـ نحو كرسى ، وبنى ـ تصغير ابن ـ فهذا النوع من المعتل الشبيه بالصحيح ، وإذا أضفته إلى ياء المتكلم قلت : كرسي وبنيى ـ بثلاث ياءات ـ ويجوز لك إبقاء الياءات الثلاث ، وحذف إحداهن ، وقد ذكر القوم أن الوجه الثانى ـ وهو حذف إحدى الياءات لتوالى الأمثال ـ واجب لا يجوز غيره ، وليس ما ذهبوا إليه بسديد ، لأن توالى الأمثال يجيز ولا يوجب ، ولأنه قد ورد الأول فى قول أمية بن أبى الصلت ، يذكر قصة إبراهيم الخليل ، وهمه بذبح ابنه :

يا بنيّى ، إنّى نذرتك لله شحيطا ، فاصبر فدى لك خالى


إعمال المصدر

بفعله المصدر ألحق فى العمل

: مضافا ، او مجرّدا ، أو مع أل (١)

إن كان فعل مع «أن» أو «ما» يحلّ

محلّه ، ولاسم مصدر عمل (٢)

يعمل المصدر عمل الفعل فى موضعين :

أحدهما : أن يكون نائبا مناب الفعل ، نحو : «ضربا زيدا» فـ «زيدا» منصوب بـ «ضربا» لنيابته مناب «اضرب» وفيه ضمير مستتر مرفوع به كما فى «اضرب» وقد تقدم ذلك فى باب المصدر (٣).

والموضع الثانى : أن يكون المصدر مقدّرا بـ «أن» والفعل ، أو بـ «ما» والفعل ، وهو المراد بهذا الفصل ؛ فيقدر بـ «أن» إذا أريد المضىّ أو

__________________

(١) «بفعله» الجار والمجرور متعلق بألحق الآتى ، وفعل مضاف والهاء مضاف إليه «المصدر» مفعول به تقدم على عامله ، وهو ألحق «ألحق» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «فى العمل» جار ومجرور متعلق بألحق أيضا «مضافا» حال من المصدر «أو مجردا ، أو مع أل» معطوفان على الحال الذى هو قوله : «مضافا».

(٢) «إن» شرطية «كان» فعل ماض ناقص ، فعل الشرط «فعل» اسم كان «مع» ظرف متعلق بمحذوف نعت لفعل ، ومع مضاف و «أن» قصد لفظه : مضاف إليه «أو» عاطفة «ما» معطوف على أن «يحل» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعل الذى هو اسم كان ، والجملة فى محل نصب خبر كان «محله» محل : منصوب على الظرفية المكانية ، ومحل مضاف والهاء العائد إلى المصدر مضاف إليه «ولاسم» الواو للاستئناف ، لاسم : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، واسم مضاف و «مصدر» مضاف إليه «عمل» مبتدأ مؤخر.

(٣) يريد باب المفعول المطلق.


الاستقبال ، نحو «عجبت من ضربك زيدا ـ أمس ، أو غدا» والتقدير : من أن ضربت زيدا أمس ، أو من أن تضرب زيدا غدا ، ويقدر بـ «ما» إذا أريد به الحال ، نحو : «عجبت من ضربك زيدا الآن» التقدير : ممّا تضرب زيدا الآن.

وهذا المصدر المقدّر يعمل فى ثلاثة أحوال : مضافا ، نحو «عجبت من ضربك زيدا» ومجردا عن الإضافة وأل ـ وهو المنون ـ نحو : «عجبت من ضرب زيدا» ومحلّى بالألف واللام ، نحو «عجبت من الضّرب زيدا».

وإعمال المضاف أكثر من إعمال المنون ، وإعمال المنون أكثر من إعمال المحلى بـ «أل» ، ولهذا بدأ المصنف بذكر المضاف ، ثم المجرّد ، ثم المحلّى.

ومن إعمال المنون قوله تعالى : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً) فـ «يتيما» منصوب بـ «إطعام» ، وقول الشاعر :

(٢٤٦) ـ

بضرب بالسّيوف رؤوس قوم

أزلنا هامهنّ عن المقيل

__________________

٢٤٦ ـ البيت للمرار ـ بفتح الميم وتشديد الراء ـ بن منقذ ، التميمى ، وهو من شواهد الأشمونى (رقم ٦٧٧) وشواهد سيبويه (١ / ٦٠ ، ٩٧).

اللغة : «هام» جمع هامة ، وهى الرأس كلها «المقيل» أصله موضع النوم فى القائلة ؛ فنقل فى هذا الموضع إلى موضع الرأس ؛ لأن الرأس يستقر فى النوم حين القائلة.

المعنى : يصف قومه بالقوة والجلادة ، فيقول : أزلنا هام هؤلاء عن مواضع استقرارها فضربنا بالسيوف رؤسهم.

الإعراب : «بضرب» جار ومجرور متعلق بقوله «أزلنا» الآتى «بالسيوف» جار ومجرور متعلق بضرب ، أو بمحذوف صفة له «رؤوس» مفعول به لضرب ، ورؤوس مضاف ، و «قوم» مضاف إليه «أزلنا» فعل وفاعل «هامهن» هام : مفعول به لأزال ، وهام مضاف والضمير مضاف إليه «عن المقيل» جار ومجرور متعلق بأزلنا.

الشاهد فيه : قوله «بضرب .. رؤوس» حيث نصب بضرب ـ وهو مصدر منون ـ مفعولا به كما ينصبه بالفعل ، وهذا المفعول به هو قوله «رؤوس».


فـ «رؤوس» منصوب بـ «ضرب».

ومن إعماله وهو محلّى بـ «أل» قوله :

(٢٤٧) ـ

ضعيف النّكاية أعداءه

يخال الفرار يراخى الأجل

__________________

٢٤٧ ـ هذا البيت من شواهد سيبويه (١ / ٩٩) التى لم يعرفوا لها قائلا ، وهو من شواهد الأشمونى أيضا (رقم ٦٧٨).

اللغة : «النكاية» بكسر النون ـ مصدر نكيت فى العدو ، إذا أثرت فيه «يخال» يظن «الفرار» بكسر الفاء ـ الكول والتولى والهرب «يراخى» يؤجل.

المعنى : يهجو رجلا ، ويقول : إنه ضعيف عن أن يؤثر فى عدوه ، وجبان عن الثبات فى مواطن القتال ، ولكنه يلجأ إلى الهرب ، ويظنه مؤخرا لأجله.

الإعراب : «ضعيف» خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : هو ضعيف ، وضعيف مضاف و «النكاية» مضاف إليه «أعداءه» أعداء : مفعول به للنكاية ، وأعداء مضاف والضمير مضاف إليه «يخال» فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه «الفرار» مفعول أول ليخال «براخى» فعل مضارع ، والضمير المستتر فيه الذى يعود إلى الفرار فاعل «الأجل» مفعول به ليراخى ، والجملة فى محل نصب مفعول ثان ليخال.

الشاهد فيه : قوله «النكابة أعداءه» حيث نصب بالمصدر المحلى بأل ، وهو قوله «النكاية» مفعولا ـ وهو قوله «أعداءه» ـ كما ينصبه بالفعل.

وهذا الذى ذهب إليه المصنف والشارح هو ما رآه إماما النحويين سيبويه والخليل ابن أحمد.

وذهب أبو العباس المبرد إلى أن نصب المفعول به بعد المصدر المحلى بأل ليس بالمصدر السابق ، وإنما هو بمصدر منكر يقدر فى الكلام ؛ فتقدير الكلام عنده «ضعيف النكاية نكاية أعداءه» وفى هذا من التكلف ما ليس يخفى عليك.

وذهب أبو سعيد السيرافى إلى أن «أعداءه» ونحوه منصوب بنزع الخافض ، وتقدير الكلام «ضعيف النكاية فى أعدائه» وفيه أن النصب بنزع الخافض سماعى ؛ فلا يخرج عليه إلا إذا لم يكن للكلام محمل سواه.


وقوله :

(٢٤٨) ـ

فإنّك والتّأبين عروة بعدما

دعاك وأيدينا إليه شوارع

__________________

٢٤٨ ـ هذا البيت من الشواهد التى لا يعرف قائلها ، وبعده :

لكالرّجل الحادى وقد تلع الضّحى

وطير المنايا فوقهنّ أواقع

اللغة : «التأبين» مصدر ابن الميت ، إذا أثنى عليه وذكر محاسنه ، و «أل» فيه عوض من المضاف إليه «عروة» اسم رجل «شوارع» جمع شارعة ، وهى الممتدة المرتفعة «الحادى» سائق الإبل «تلع الضحى» كناية عن ارتفاع الشمس «أواقع» جمع واقعة ، وأصله وواقع ؛ فقلب الواو الأولى همزة لاستثقال واوين فى أول الكلمة ، ونظير ذلك قولهم «أواقى» فى «وواقى» جمع واقية ، ومن ذلك قول المهلهل وهو عدى بن ربيعة أخى كليب :

ضربت صدرها إلى وقالت :

يا عديّا لقد وقتك الأواقى

المعنى : يندد برجل استنجد به صديق له فلم ينجده ، فلما مات أقبل عليه يرثيه ، ويقول : إن حالتك هذه فى بكائك عروة والثناء عليه ـ بعد استغاثته بك ودعائه إياك إلى الأخذ بناصره فى حال امتداد سيوفنا إليه ـ تشبه حال رجل يحدو بإبله ويهيجها للسير وقت ارتفاع الشمس والحال أن طيور المنايا منقضة عليها وواقعة فوقها.

الإعراب : «فإنك» إن : حرف توكيد ونصب ، والكاف اسمه «والتأبين» يجوز أن يكون معطوفا على اسم إن ، فالواو عاطفة ، ويجوز أن يكون مفعولا معه فالواو واو المعية «عروة» مفعول به للتأبين «بعد» ظرف متعلق بالتأبين «ما» مصدرية «دعاك» دعا : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عروة ، والكاف مفعول به لدعا ، و «ما» المصدرية مع مدخولها فى تأويل مصدر مجرور بإضافة بعد إليه ، والتقدير : بعد دعائه إياك «وأيدينا» الواو واو الحال ، أيدى : مبتدأ ، وأيدى مضاف ، ونا : مضاف إليه «إليه» جار ومجرور متعلق بشوارع «شوارع» خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل نصب حال ، وخبر «إن» فى البيت الذى أنشدناه أول الكلام على هذا البيت ، وهو متعلق قوله «كالرجل».


وقوله :

(٢٤٩) ـ

لقد علمت أولى المغيرة أنّنى

كررت فلم أنكل عن الضّرب مسمعا

__________________

الشاهد فيه : قوله «والتأبين عروة» حيث نصب بالمصدر المحلى بأل ، وهو قوله «التأبين» مفعولا به ، وهو قوله «عروة» وفيه خلاف العلماء الذين ذكرناهم ، وذكرنا أقوالهم ، فى شرح الشاهد السابق.

٢٤٩ ـ هذا البيت لمالك بن زغبة ـ بضم الزاى وسكون الغين ـ أحد بنى باهلة ، وقد أنشده سيبويه ١ / ٩٩ والأشمونى فى باب التنازع (رقم ٤٠٩) وفى باب إعمال المصدر.

اللغة : «أولى المغيرة» أراد به أول المغيرة ، والمغيرة : صفة لموصوف محذوف ، ويحتمل أن يكون مراده : الخيل المغيرة ، وأن يكون إنما قصد : الجماعة المغيرة ، وهو على كل حال اسم فاعل من أغار على القوم إغارة ، أى : كر عليهم «أنكل» مضارع من النكول ، وهو الرجوع عن قتال العدو جبنا.

المعنى : يصف نفسه بالشجاعة ، وبقول : قد علمت الجماعة التى هى أول المغيرين ، وفى طليعتهم ، أننى جرىء القلب شجاع ، وأننى صرفتهم عن وجههم هازما لهم ، ولحقت بهم ، فلم أنكل عن ضرب مسمع رئيسهم وسيدهم ، وخص أول المحاربين ليشير إلى أنه كان فى مقدم الصفوف الأولى.

الإعراب : «لقد» اللام واقعة فى جواب قسم محذوف ، أى : والله لقد ـ إلخ ، قد : حرف تحقيق «علمت» علم : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «أولى» فاعل علم ، وأولى مضاف و «المغيرة» مضاف إليه «أننى» أن : حرف توكيد ونصب ، والنون بعدها للوقاية ، وياء المتكلم اسم أن «كررت» فعل وفاعل ، والجملة فى محل رفع خبر آن ، وجملة أن واسمه وخبره سدت مسد مفعولى علم «فلم» نافية جازمة «أنكل» فعل مضارع مجزوم بلم «عن الضرب» جار ومجرور متعلق بأنكل «مسمعا» مفعول به للضرب.

الشاهد فيه : قوله «الضرب مسمعا» حيث أعمل المصدر المحلى بأل ، وهو قوله «الضرب» عمل الفعل ، فنصب به المفعول به وهو قوله «مسمعا».


فـ «أعداءه» : منصوب بـ «النّكاية» ، و «عروة» منصوب بـ «التّأبين» و «مسمعا» منصوب بـ «الضّرب».

* * *

وأشار بقوله : «ولاسم مصدر عمل» إلى أنّ اسم المصدر قد يعمل عمل الفعل ، والمراد باسم المصدر : ما ساوى المصدر فى الدلالة (١) [على معناه] ، وخالفه بخلوّه ـ لفظا وتقديرا ـ من بعض ما فى فعله دون تعويض : كعطاء ؛ فإنه مساو لإعطاء معنى ، ومخالف له بخلوه من الهمزة الموجودة فى فعله ، وهو خال منها لفظا وتقديرا ، ولم يعوّض عنها شىء.

واحترز بذلك مما خلا من بعض ما فى فعله لفظا ولم يخل منه تقديرا ؛ فإنه

__________________

(١) اعلم أولا أن العلماء يختلفون فيما يدل عليه اسم المصدر ؛ فقال قوم : هو دال على الحدث الذى يدل عليه المصدر ، وعلى هذا يكون معنى المصدر واسم المصدر واحدا ، وقال قوم : اسم المصدر يدل على لفظ المصدر الذى يدل على الحدث ؛ فيكون اسم المصدر دالا على الحدث بواسطة دلالته على لفظ المصدر ، وعلى هذا يكون معنى المصدر ومعنى اسم المصدر مختلفا ، واعلم ثانيا أن المصدر لا بد أن يشتمل على حروف فعله الأصلية والزائدة جميعا : إما بتساو مثل تغافل تغافلا وتصدق نصدقا ، وإما بزيادة مثل أكرم إكراما وزلزل زلزلة ، وأنه لا ينقص فيه من حروف فعله شىء ، إلا أن يحذف لعلة تصريفية ، ثم تارة يعوض عن ذلك المحذوف حرف فيكون المحذوف كالمذكور نحو أقام إقامة ووعد عدة ، وتارة يحذف لفظا لا لعلة تصريفية ولكنه منوى معنى نحو قاتل قتالا ونازلته نزالا ، والأصل فيهما قيتالا ونيزالا ، وقد أوضح لك الشارح ذلك.

فإن نقص الدال على الحدث عن حروف فعله ولم يعوض عن ذلك الناقص ولم يكن الناقص منويا كان اسم مصدر ، نحو أعطى عطاء وتوضأ وضوءا وتكلم كلاما وأجاب جابة وأطاع طاعة وسلم سلاما وتطهر طهورا.

وإن كان المراد به اسم الذات مثل الكحل والدهن فليس بمصدر ، ولا باسم مصدر ، وإن اشتمل على حروف الفعل ، وقد اتضح لك من هذا البيان اسم المصدر اتضاحا لا لبس فيه.


لا يكون اسم مصدر ، بل يكون مصدرا ، وذلك نحو : «قتال» فإنه مصدر «قاتل» وقد خلا من الألف التى قبل التاء فى الفعل ، لكن خلا منها لفظا ، ولم يخل [منها] تقديرا ، ولذلك نطق بها فى بعض المواضع ، نحو : «قاتل قيتالا ، وضارب ضيرابا» لكن انقلبت الألف ياء لكسر ما قبلها.

واحترز بقوله «دون تعويض» مما خلا من بعض ما فى فعله لفظا وتقديرا ، ولكن عوّض عنه شىء ، فإنه لا يكون اسم مصدر ، نل هو مصدر ، وذلك نحو عدة ؛ فإنه مصدر «وعد» وقد خلا من الواو التى فى فعله لفظا وتقديرا ، ولكن عوّض عنها التاء.

وزعم ابن المصنف أن «عطاء» مصدر ، وأن همزته حذفت تخفيفا ، وهو خلاف ما صرّح به غيره من النحويين.

ومن إعمال اسم المصدر قوله :

(٢٥٠) ـ

أكفرا بعد ردّ الموت عنّى

وبعد عطائك المائة الرّتاعا

__________________

٢٥٠ ـ البيت للقطامى ، واسمه عمير بن شييم ، وهو ابن أخت الأخطل ، من كلمة له يمدح فيها زفر بن الحارث الكلابى ، وهو من شواهد الأشمونى (رقم ٦٨٤).

اللغة : «أكفرا» جحودا للنعمة ، ونكرانا للجميل «رد» منع «الرتاع» جمع راتعة ، وهى من الإبل التى تبرك كى ترعى كيف شاءت لكرامتها على أصحابها.

المعنى : أنا لا أجحد نعمتك ، ولا أنكر صنيعك معى ، ولا يمكن أن أصنع ذلك بعد إذ منعت عنى الموت ، وأعطيتنى مائة من خيار الإبل.

الإعراب : «أكفرا» الهمزة للاستفهام الإنكارى ، كفرا : مفعول مطلق لفعل محذوف : أى أأكفر كفرا «بعد» ظرف متعلق بمحذوف صفة لكفرا ، و «بعد» مضاف و «رد» مضاف إليه ، ورد مضاف و «الموت» مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله ، وقد حذف فاعله ، وأصله : ردك الموت «عنى» جار ومجرور متعلق برد «وبعد» معطوف على الظرف السابق ، وبعد مضاف وعطاء من «عطائك» اسم مصدر : مضاف إليه ،


فـ «المائة» منصوب بـ «عطائك» ومنه حديث الموطّأ : «من قبلة الرّجل امرأته الوضوء» ، فـ «امرأته» منصوب بـ «قبلة» وقوله :

(٢٥١) ـ

إذا صحّ عون الخالق المرء لم يجد

عسيرا من الآمال إلّا ميسّرا

وقوله :

(٢٥٢) ـ

بعشرتك الكرام تعدّ منهم

فلا ترين لغيرهم ألوفا

__________________

وعطاء مضاف والكاف مضاف إليه ، من إضافة اسم المصدر إلى فاعله «المائة» مفعول به لاسم المصدر الذى هو عطاء «الرتاعا» صفه للمائة.

الشاهد فيه : قوله «عطائك المائة» حيث أعمل اسم المصدر وهو قوله «عطاء» عمل الفعل ؛ فنصب به المفعول وهو قوله «المائة» بعد أن أضاف اسم المصدر لفاعله.

٢٥١ ـ البيت من الشواهد التى لا يعلم قائلها ، وقد أنشده الأصمعى ولم يعزه.

اللغة : «عون» اسم بمعنى الإعانة ، والفعل المستعمل هو أعان ، تقول : أعان فلان فلانا يعينه ؛ تريد نصره وأخذ بيده فيما يعتزم عمله.

الإعراب : «إذا» ظرف للزمان المستقبل تضمن معنى الشرط «صح» فعل ماض «عون» فاعل صح ، وعون مضاف و «الخالق» مضاف إليه ، من إضافة اسم المصدر إلى فاعله «المرء» مفعول به لاسم المصدر ، منصوب بالفتحة الظاهرة ، والجملة من «صح» وفاعله فى محل جر بإضافة «إذا» إليها «لم» نافية جازمة «يجد» فعل مضارع مجزوم بلم ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المرء «عسيرا» مفعول أول ليجد «من الآمال» جار ومجرور متعلق بعسير أو بمحذوف صفة له «إلا» أداة استثناء ملغاة «ميسرا» مفعول ثان ليجد.

الشاهد فيه : قوله «عون الخالق المرء» حيث أعمل اسم المصدر ـ وهو قوله «عون» ـ عمل الفعل ؛ فنصب به المفعول ـ وهو قوله «المرء» ـ بعد إضافته لفاعله كما بيناه فى إعراب البيت.

٢٥٢ ـ البيت من الشواهد التى لا يعلم قائلها ، وهو من شواهد الأشمونى (رقم ٦٨٥) ـ.


وإعمال اسم المصدر قليل ، ومن ادّعى الإجماع على جواز إعماله فقد وهم ؛ فإن الخلاف فى ذلك مشهور (١) ، وقال الصيمرى : إعماله شاذ ، وأنشد : * أكفرا ـ البيت* [٢٥٠] وقال ضياء الدين بن العلج فى البسيط : ولا ببعد أن ما قام مقام المصدر يعمل عمله ، ونقل عن بعضهم أنه قد أجاز ذلك قياسا.

* * *

وبعد جرّه الّذى أضيف له

كمّل بنصب أو برفع عمله (٢)

__________________

اللغة : «بعشرتك» العشرة ـ بكسر العين ـ اسم مصدر بمعنى المعاشرة «ألوفا» ـ بفتح الهمزة وضم اللام ـ أى محبا ، ويروى* فلا ترين لغيرهم الوفاء* ببناء ترى للمعلوم ، والمراد نهيه عن أن ينطوى قليه على الوفاء لغير كرام الناس.

الإعراب : «بعشرتك» الجار والمجرور متعلق بقوله «تعد» الآتى ، وعشرة مضاف والكاف مضاف إليه من إضافة اسم المصدر إلى فاعله «الكرام» مفعول به لعشرة «تعد» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وهو المفعول الأول لتعد «منهم» جار ومجرور متعلق بتعدّ ، وهو المفعول الثانى «فلا» الفاء فاء الفصيحة ، لا : ناهية «ترين» فعل مضارع مبنى للمجهول ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة فى محل جزم بلا ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وهو المفعول الأول «لغيرهم» الجار والمجرور متعلق بقوله «ألوفا» الآتى ، وغير مضاف والضمير مضاف إليه «ألوفا» مفعول ثان لترى.

الشاهد فيه : قوله «بعشرتك الكرام» فإنه قد أعمل اسم المصدر ، وهو قوله «عشرة» عمل الفعل ؛ فنصب به المفعول ، وهو قوله «الكرام» بعد إضافته إلى فاعله.

(١) اسم المصدر إما ان يكون علما مثل يسار وبرة وفجار ، وإما أن يكون مبدوءا بميم زائدة كالمحمدة والمترية ، وأما ألا يكون واحدا منهما ؛ فالأول لا يعمل إجماعا ، والثانى يعمل إجماعا ، والثالث هو محل الخلاف.

(٢) «وبعد» ظرف متعلق بقوله «كمل» الآتى ، وبعد مضاف وجر من «جره»


يضاف المصدر إلى الفاعل فيجره ؛ ثم ينصب المفعول ، نحو «عجبت من شرب زيد العسل» وإلى المفعول ثم يرفع الفاعل ، نحو : «عجبت من شرب العسل زيد» ، ومنه قوله :

(٢٥٣) ـ

تنفى يداها الحصى فى كلّ هاجرة

نفى الدّراهيم تنقاد الصّياريف

__________________

مضاف إليه ، وجر مضاف والضمير مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله «الذى» اسم موصول : مفعول به للمصدر الذى هو جر «أضيف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه «له» جار ومجرور متعلق بأضيف ، والجملة من الفعل ونائب الفاعل لا محل لها صلة الموصول «كمل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بنصب» جار ومجرور متعلق بكمل «أو» عاطفة «برفع» معطوف على بنصب «عمله» عمل : مفعول به لكمل ، وعمل مضاف والهاء مضاف إليه.

٢٥٣ ـ البيت للفرزدق يصف ناقة ، وهو من شواهد سيبويه (١ ـ ١٠) ومن شواهد الأشمونى (رقم ٦٨٩) وابن هشام فى قطر الندى (رقم ١٢٤) وفى أوضح المسالك (رقم ٥٦٧).

اللغة : «تنفى» تدفع ، وبابه رمى «الحصى» جمع حصاة «هاجرة» هى نصف النهار عند اشتداد الحر (انظر شرح الشاهد الآتى ٢٥٤) «الدراهيم» جمع درهم ، وزيدت فيه الياء كما حذفت من جمع مفتاح فى قوله تعالى (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ) وقيل : لا حذف ولا زيادة ، بل مفاتح جمع مفتح ، ودراهيم جمع درهام «تنقاد» مصدر نقد ، وتاؤه مفتوحة ، وهو مثل تذكار وتقتال وتبياع بمعنى الذكر والقتل والبيع «الصياريف» جمع صيرفى.

المعنى : إن هذه الناقة تدفع يدها الحصى عن الأرض فى وقت الظهيرة واشتداد الحر كما يدفع الصيرفى الناقد الدراهم ، وكنى بذلك عن سرعة سيرها وصلابتها وصبرها على السير ، وخص وقت الظهيرة لأنه الوقت الذى تعيا فيه الإبل ويأخذها الكلال والتعب فإذا كانت فيه جلدة فهى فى غيره أكثر جلادة وأشد اصطبارا.

الإعراب : «تنفى» فعل مضارع «يداها» يدا : فاعل تنفى مرفوع بالألف لأنه


وليس هذا الثانى مخصوصا بالضرورة ، خلافا لبعضهم ، وجعل منه قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) فأعرب «من» فاعلا بحج ، وردّ بأنه يصير المعنى : ولله على جميع الناس أن يحج البيت المستطيع ، وليس كذلك ؛ فـ «من» : بدل من «الناس» ، والتقدير : ولله على الناس مستطيعهم حجّ البيت ، وقيل : «من» مبتدأ ، والخبر محذوف ، والتقدير : من استطاع منهم فعليه ذلك.

ويضاف المصدر أيضا إلى الظرف ثم يرفع الفاعل وينصب المفعول ، نحو : «عجبت من ضرب اليوم زيد عمرا».

* * *

وجرّ ما يتبع ما جرّ ، ومن

راعى فى الاتباع المحلّ فحسن (١)

__________________

مثنى ، ويدا مضاف وها مضاف إليه «الحصى» مفعول به لتنفى «فى كل» جار ومجرور متعلق بنفى ، وكل مضاف و «هاجرة» مضاف إليه «نفى» مفعول مطلق عامله تنفى ، ونفى مضاف و «الدراهيم» مضاف إليه ، من إضافة المصدر إلى مفعوله «تنقاد» فاعل المصدر الذى هو نفى ، وتنقاد مضاف و «الصياريف» مضاف إليه ، من إضافة المصدر لفاعله.

الشاهد فيه : قوله «نفى الدراهيم تنقاد» حيث أضاف المصدر ـ وهو قوله «نفى» ـ إلى مفعوله ـ وهو قوله «الدراهيم» ـ تم أنى بفاعله مرفوعا ، وهو قوله تنفاد.

(١) «جر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول : مفعول به لجر «يتبع» فعل مضارع ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو فاعل ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «ما» اسم موصول : مفعول به ليتبع «جر» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة «ومن» اسم شرط مبتدأ «راعى» فعل ماض فعل الشرط «فى الاتباع» جار ومجرور متعلق براعى «المحل» مفعول به لراعى «فحسن» الفاء لربط الجواب


إذا أضيف المصدر إلى الفاعل ففاعله يكون مجرورا لفظا ، مرفوعا محلا ؛ فيجوز فى تابعه ـ من الصفة ، والعطف ، وغيرهما ـ مراعاة اللفظ فيجر ، ومراعاة المحل فيرفع ؛ فتقول ، «عجبت من شرب زيد الظريف ، والظريف».

ومن إتباعه [على] المحلّ قوله :

(٢٥٤) ـ

حتّى تهجّر فى الرّواح وهاجها

طلب المعقّب حقّه المظلوم

فرفع «المظلوم» لكونه نعتا لـ «لمعقب» على المحل.

__________________

بالشرط ، حسن : خبر لمبتدأ محذوف تقديره فهو حسن ، والجملة من المبتدأ والخبر فى محل جزم جواب الشرط ، وجملتا الشرط والجواب فى محل رفع خبر عن اسم الشرط الواقع مبتدأ ، وقيل : جملة الشرط فقط ، وقيل : جملة الجواب فقط ، وهو خلاف معروف بين النحاة.

٢٥٤ ـ البيت للبيد بن ربيعة العامرى ، يصف حمارا وحشيا وأتانه ، شبه به ناقته.

اللغة : «تهجر» سار فى الهاجرة ، وقد سبق قريبا (فى شرح الشاهد ٢٥٣) أنها نصف النهار عند اشتداد الحر «الرواح» هو الوقت من زوال الشمس إلى الليل ، ويقابله الغدو «هاجها» أزعجها «المعقب» الذى يطلب حقه مرة بعد أخرى «المظلوم» الذى مطله المدين بدين عليه له.

المعنى : يقول : إن هذا المسحل ـ وهو حمار الوحش ـ قد عجل رواحه إلى الماء وقت اشتداد الهاجرة ، وأزعج الأتان ، وطلبها إلى الماء مثل طلب الغريم الذى مطله مدين بدين له ؛ فهو يلح فى طلبه المرة بعد الأخرى.

الإعراب : «تهجر» فعل ماض ، وفيه ضمير مستتر جوازا يعود إلى مسحل هو فاعله «فى الرواح» جار ومجرور متعلق بتهجر «وهاجها» الواو عاطفة ، هاج : فعل ماض ، وفيه ضمير مستتر يعود إلى الحمار الوحشى الذى عبر عنه بالمسحل فى بيت سابق فاعل ، وها : مفعول به ، وهى عائدة إلى الأنان «طلب» مصدر تشبيهى مفعول مطلق عامله «هاجها» أى : هاجها لكى تطلب الماء طلبا حثيثا مثل طلب المعقب ـ إلخ ، وطلب مضاف ، و «المعقب» مضاف إليه ، من إضافة المصدر إلى فاعله «حقه» حق : مفعول به


وإذا أضيف إلى المفعول ، فهو مجرور لفظا ، منصوب محلا ؛ فيجوز ـ أيضا ـ فى تابعه مراعاة اللفظ والمحل ، ومن مراعاة المحلّ قوله :

(٢٥٥) ـ

قد كنت داينت بها حسّانا

مخافة الإفلاس واللّيّانا

فـ «اللّيّانا» ، معطوف على محل «الإفلاس».

__________________

للمصدر الذى هو طلب ، ويجوز أن يكون مفعولا للمعقب ؛ لأنه اسم فاعل ومعناه الطالب «المظلوم» نعت للمعقب باعتبار المحل ؛ لأنه ـ وإن كان مجرور اللفظ ـ مرفوع المحل.

الشاهد فيه : قوله «طلب المعقب ... المظلوم» حيث أضاف المصدر ، وهو «طلب» إلى فاعله ـ وهو المعقب ـ ثم أتبع الفاعل بالنعت ، وهو «المظلوم» وجاء بهذا التابع مرفوعا نظرا للمحل.

٢٥٥ ـ البيت لزيادة العنبرى ، ونسبوه فى كتاب سيبويه (١ / ٩٧) إلى رؤبة ابن العجاج.

اللغة : «داينت بها» أخذتها بدلا عن دين لى عنده ، والضمير المجرور محلا بالباء فى بها يعود إلى أمة «الليان» بفتح اللام وتشديد الياء المثنّاة ـ المطل واللى والتسويف فى قضاء الدين.

المعنى : يقول قد كنت أخذت هذه الأمة من حسان بدلا عن دين لى عنده ؛ لمخافتى أن يفلس ، أو يمطلنى فلا يؤدينى حقى.

الإعراب : «قد» حرف تحقيق «كنت» كان : فعل ماض ناقص ، والتاء ضمير المتكلم اسمه «داينت» فعل وفاعل ، والجملة فى محل نصب خبر كان «بها» جار ومجرور متعلق بداين «حسانا» مفعول به لداين «مخافة» مفعول لأجله ، ومخافة مضاف ، و «الإفلاس» مضاف إليه ، من إضافة المصدر إلى مفعوله ، وقد حذف فاعله «والليانا» معطوف على محل الإفلاس ـ وهو النصب ـ لكونه مفعولا به للمصدر.

الشاهد فيه : قوله «والليانا» حيث عطفه بالنصب على «الإفلاس» الذى أضيف المصدر إليه ، نظرا إلى محله.


إعمال اسم الفاعل (١)

كفعله اسم فاعل فى العمل

إن كان عن مضيّه بمعزل (٢)

لا يخلو اسم الفاعل من أن يكون معرّفا بأل ، أو مجردا.

فإن كان مجردا عمل عمل فعله ، من الرفع والنصب ، إن كان مستقبلا أو حالا ، نحو «هذا ضارب زيدا ـ الآن ، أو غدا» وإنما عمل لجريانه على الفعل الذى هو بمعناه ، وهو المضارع ، ومعنى جريانه عليه : أنه موافق له فى الحركات والسكنات ؛ لموافقة «ضارب» لـ «يضرب» ؛ فهو مشبه للفعل الذى هو بمعناه لفظا ومعنى.

وإن كان بمعنى الماضى لم يعمل ؛ لعدم جريانه على الفعل الذى هو بمعناه ؛ فهو مشبه له معنى ، لا لفظا ؛ فلا تقول : «هذا ضارب زيدا أمس» ، بل يجب إضافته ، فتقول «هذا ضارب زيد أمس» ، وأجاز الكسائىّ إعماله ، وجعل منه قوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)

__________________

(١) عرف ابن مالك فى تسهيله اسم الفاعل بأنه «الصفة الدالة على فاعل الحدث ، الجارية فى مطلق الحركات والسكنات على المضارع من أفعالها ، فى حالتى التذكير والتأنيث ، المفيدة لمعنى المضارع أو الماضى».

(٢) «كفعله» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، وفعل مضاف وضمير الغائب مضاف إليه «اسم» مبتدأ مؤخر ، واسم مضاف و «فاعل» مضاف إليه «فى العمل» متعلق بما تعلق به الجار والمجرور السابق الواقع خبرا «إن» شرطية «كان» فعل ماض ناقص ، فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه «عن مضيه» الجار والمجرور متعلق بقوله «معزل» الآتى ، ومضى مضاف والضمير مضاف إليه «بمعزل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام ، وتقدير الكلام : إن كان بمعزل عن مضيه فهو كفعله فى العمل.


فـ «ذراعيه» منصوب بـ «باسط» ، وهو ماض ، وخرّجه غيره على أنه حكاية حال ماضية.

* * *

وولى استفهاما ، او حرف ندا ،

أو نفيا ، او جا صفة ، أو مسندا (١)

أشار بهذا [البيت] إلى أن اسم الفاعل لا يعمل إلا إذا اعتمد على شىء قبله ، كأن يقع بعد الاستفهام ، نحو «أضارب زيد عمرا» ، أو حرف النداء ، نحو «يا طالعا جبلا» أو النفى ، نحو «ما ضارب زيد عمرا» أو يقع نعتا ، نحو «مررت برجل ضارب زيدا» أو حالا ، نحو «جاء زيد راكبا فرسا» ويشمل هذين [النوعين] قوله : «أو جا صفة» وقوله : «أو مسندا» معناه أنه يعمل إذا وقع خبرا ، وهذا يشمل خبر المبتدأ ، نحو «زيد ضارب عمرا» وخبر ناسخه أو مفعوله ، نحو «كان زيد ضاربا عمرا ، وإنّ زيدا ضارب عمرا ، وظننت زيدا ضاربا عمرا ، وأعلمت زيدا عمرا ضاربا بكرا».

* * *

__________________

(١) «وولى» فعل ماض ، ويحتمل أن تكون الواو عاطفة فيكون معطوفا على «كان» ويحتمل أن تكون الواو واو الحال ، فالجملة منه ومن فاعله المستتر فيه فى محل نصب حال ، وقبلها «قد» مقدرة «استفهاما» مفعول به لولى «أو» عاطفة «حرف» معطوف على قوله «استفهاما» وحرف مضاف ، و «ندا» قصر للضرورة : مضاف إليه «أو نفيا» معطوف على «استفهاما» «أو» عاطفة «جا» قصر للضروره : فعل ماض معطوف على ولى ، وفيه ضمير مستتر فاعل «صفة» حال من فاعل جاء «أو» حرف عطف «مسندا» معطوف على قوله «صفة».


وقد يكون نعت محذوف عرف

فيستحقّ العمل الّذى وصف (١)

قد يعتمد اسم الفاعل على موصوف مقدّر فيعمل عمل فعله ، كما لو اعتمد على مذكور ، ومنه قوله :

(٢٥٦) ـ

وكم مالىء عينيه من شىء غيره

إذا راح نحو الجمرة البيض كالدّمى

__________________

(١) «وقد» حرف تقليل «يكون» فعل مضارع ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو «نعت» خبر يكون ، ونعت مضاف و «محذوف» مضاف إليه «عرف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والجملة فى محل جر نعت لقوله «محذوف» «فيستحق» فعل مضارع معطوف بالفاء على يكون ، وفاعله ضمير مستتر فيه «العمل» مفعول به ليستحق «الذى» اسم موصول : نعت للعمل ، وجملة «وصف» من الفعل الماضى المبنى للمجهول ونائب الفاعل المستتر فيه لا محل لها صلة الذى.

٢٥٦ ـ البيت لعمر بن أبى ربيعة المخزومى.

اللغة : «الجمرة» مجتمع الحصى بمنى «البيض» جمع بيضاء ، وهو صفة لموصوف محذوف أى : النساء البيض ، مثل «الدمى» جمع دمية ـ بضم الدال فيهما ، كقولك : غرفة وغرف ، والدمية : الصورة من العاج ، وبها تشبه النساء فى الحسن والبياض تخالطه صفرة المعنى : يقول : كثير من الناس يتطلعون إلى النساء الجميلات المشبهات للدمى فى بياضهن وحسنهن وقت ذهابهن إلى الجمرات بمنى ، ولكن الناظر إليهن لا يفيد شيئا.

الإعراب : «وكم» خبرية مبتدأ «مالىء» تمييز لكم مجرور بمن المقدرة أو بإضافة «كم» إليه ، على الخلاف المعروف ، وفى مالىء ضمير مستتر فاعل ، وخبر المبتدأ ـ وهو كم ـ محذوف تقديره : لا يفيد من نظره شيئا ، أو نحو ذلك «عينيه» مفعول به لمالىء ، والضمير مضاف إليه «من شىء» جار ومجرور متعلق بمالىء ، وشىء مضاف وغير من «غيره» مضاف إليه ، وغير مضاف وضمير الغائب مضاف إليه «إذا» ظرفية «راح» فعل ماض «نحو» منصوب على الظرفية المكانية يتعلق براح ، ونحو مضاف و «الجمرة» مضاف إليه «البيض» فاعل راح «كالدمى» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من البيض


فـ «عينيه» : منصوب بـ «مالىء» و «مالىء» : صفة لموصوف محذوف ، وتقديره : وكم شخص مالىء ، ومثله قوله :

(٢٥٧) ـ

كناطح صخرة يوما ليوهنها

فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

التقدير : كوعل ناطح صخرة.

* * *

__________________

الشاهد فيه : قوله «مالىء عينيه» حيث عمل اسم الفاعل وهو قوله «مالىء» النصب فى المفعول به ، بسبب كونه معتمدا على موصوف محذوف معلوم من الكلام ، وتقديره : وكم شخص مالىء ـ إلخ.

٢٥٧ ـ البيت للأعشى ميمون بن قيس ، من لاميته المشهورة ، وهو من شواهد الأشمونى (رقم ٦٩٨).

اللغة : «ليوهنها» مضارع أوهن الشىء إذا أضعفه ، ومن الناس من يرويه «لبوهيها» على أنه مضارع أوهى الشىء يوهيه ـ مثل أغطاه يعطيه ـ ومعناه أضعف أيضا «يضرها» مضارع ضاره يضيره ضيرا ، أى أضربه «وأوهى» أضعف «الوعل» بزنة كتف ، ذكر الأروى.

المعنى : إن الرجل الذى يكلف نفسه ما لا سبيل له إليه ، ولا مطمع له فيه ، كالوعل الذى ينطح الصخرة ليضعفها ؛ فلا يؤثر فيها شيئا ، بل يضعف قرنه ويؤذيه.

الإعراب : «كناطح» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، تقديره هو كائن كناطح ، ونحوه ، وناطح ـ فى الأصل ـ صفة لموصوف محذوف ، وأصل الكلام كوعل ناطح ، فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه ، كقوله تعالى : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) وفى «ناطح» ضمير مستتر فاعل «صخرة» مفعول به لناطح «يوما» ظرف زمان متعلق بناطح «ليوهنها» اللام لام كى ، يوهن : فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا ، وها : مفعول به «فلم» نافية جازمة «يضرها» يضر : فعل مضارع مجزوم بلم ، وفيه ضمير مستتر فاعل ، وها : مفعول به «وأوهى» فعل ماض «قرنه» قرن : مفعول به تقدم على الفاعل ،


وإن يكن صلة أل ففى المضى

وغيره إعماله قد ارتضى (١)

إذا وقع اسم الفاعل صلة للألف واللام عمل : ماضيا ، ومستقبلا ، وحالا ؛ لوقوعه حينئذ موقع الفعل ؛ إذ حقّ الصلة أن تكون جملة ؛ فتقول : «هذا الضّارب زيدا ـ الآن ، أو غدا ، أو أمس».

هذا هو المشهور من قول النحويين ، وزعم جماعة من النحويين ـ منهم الرّمّانى ـ أنه إذا وقع صلة لأل لا يعمل إلا ماضيا ، ولا يعمل مستقبلا ، ولا حالا ، وزعم بعضهم أنه لا يعمل مطلقا ، وأن المنصوب بعده منصوب بإضمار فعل ، والعجب أن هذين المذهبين ذكرهما المصنف فى التسهيل ، وزعم ابنه بدر الدين فى شرحه أن اسم الفاعل إذا وقع صلة للألف واللام عمل :

__________________

والضمير المتصل به يعود على الفاعل المتأخر فى اللفظ ، وساغ ذلك لأن رتبته التقديم على المفعول «الوعل» فاعل أوهى ، وقد استعمل الظاهر مكان المضمر ، والأصل أن يقول «فلم يضرها وأوهى قرنه» فيكون فى «أوهى» ضمير مستتر هو الفاعل.

الشاهد فيه : قوله «كناطح صخرة» حيث أعمل اسم الفاعل ـ وهو قوله «ناطح» ـ عمل الفعل ، ونصب به مفعولا ، وهو قوله «صخرة» لأنه جار على موصوف محذوف معلوم من الكلام ، كما تقدم فى البيت قبله ، وكما قررناه فى إعراب هذا البيت.

(١) «وإن» شرطية «يكن» فعل مضارع ناقص فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو «صلة» خبر يكن ، وصلة مضاف و «أل» قصد لفظه : مضاف إليه «ففى المضى» الفاء لربط الجواب بالشرط ، والجار والمجرور متعلق بارتضى الآتى فى آخر البيت «وغيره» الواو عاطفة ، وغير : معطوف بالواو على المضى ، وغير مضاف والهاء مضاف إليه «إعماله» إعمال : مبتدأ ، وإعمال مضاف والهاء مضاف إليه «قد» حرف تحقيق «ارتضى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى إعمال ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.


ماضيا ، ومستقبلا ، وحالا ؛ باتفاق ، وقال بعد هذا أيضا : ارتضى جميع النحويين إعماله ، يعنى إذا كان صلة لأل.

* * *

فعّال او مفعال او فعول

 ـ فى كثرة ـ عن فاعل بديل (١)

فيستحقّ ما له من عمل

وفى فعيل قلّ ذا وفعل (٢)

يصاغ للكثرة : فعّال ، ومفعال ، وفعول ، وفعيل ، وفعل ؛ فيعمل عمل الفعل على حدّ اسم الفاعل ، وإعمال الثلاثة الأول أكثر من إعمال فعيل وفعل ، وإعمال فعيل أكثر من إعمال فعل.

فمن إعمال فعّال ما سمعه سيبويه من قول بعضهم : «أما العسل فأنا شرّاب» (٣) ، وقول الشاعر :

__________________

(١) «فعال» مبتدأ ، وليس نكرة ، بل هو علم على زنة خاصة «أو مفعال» معطوف عليه «أو فعول» معطوف على مفعال «فى كثرة ، عن فاعل» متعلقان بقوله بديل الآتى «بديل» خبر المبتدأ.

(٢) «فيستحق» الفاء للتفريع ، يستحق : فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على المذكور من الصيغ «ما» اسم موصول : مفعول به ليستحق «له» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول «من عمل» بيان لما «وفى فعيل» متعلق بقوله «قل» الآتى «قل» فعل ماض «ذا» اسم إشارة : فاعل بقل «وفعل» معطوف على فعيل.

(٣) ذكر هذا المثال وأسند روايته عن العرب إلى سيبويه الثقة للاشارة إلى رد مذهب الكوفيين الذين ذهبوا إلى أنه لا يجوز أن يتقدم معمول هذه الصفة عليها ، وسيأتى ذكر ذلك فى شرح الشاهد رقم ٣٥٩ ، وانظر كتاب سيبويه (١ / ٥٧).


(٢٥٨) ـ

أخا الحرب لبّاسا إليها جلالها

وليس بولّاج الخوالف أعقلا

فـ «العسل» منصوب بـ «شرّاب» ، و «جلالها» منصوب بـ «لبّاس».

__________________

٢٥٨ ـ البيت للقلاخ ـ بقاف مضمومة ، وفى آخرة خاء معجمة ـ ابن حزن بن جناب ، وهو من شواهد الأشمونى (٦٩٨) وابن هشام فى أوضح المسالك (٣٧٢).

اللغة : «إليها» إلى بمعنى اللام : أى لها «جلالها» بكسر الجيم ـ جمع جل ، وأراد به ما يلبس فى الحرب من الدرع ونحوها «ولاج» كثير الولوج «الخوالف» جمع خالفة وهو ـ فى الأصل ـ عمود الخباء ، ولكنه أراد به هنا نفس الخيمة «أعقلا» مأخوذ من العقل ، وهو التواء الرجل من الفزع ، أو اصطكاك الركبتين ، يريد أنه قوى النفس ثابت مقدم عند ما يجد الجد ووقت حدوث الذعر.

المعنى : يقول : إنك لا ترانى إلا مواخيا للحرب كثير لبس الدروع ، لكثرة ما أقتحم نيران الحرب ، وإذا حضرت الحرب واشتد أوارها فلست ألج الأخببة هربا من الفرسان وخوفا من ولوج المآزق ـ يصف نفسه بالشجاعة وملازمة الحرب.

الإعراب : «أخا» حال من ضمير مستتر فى قوله «بأرفع» فى بيت سابق ، وهو قوله :

فإن تك فاتتك السّماء فإنّنى

بأرفع ما حولى من الأرض أطولا

وأخا : مضاف و «الحرب» مضاف إليه «لباسا» حال أخرى ، أو صفة لأخا الحرب «إليها» جار ومجرور متعلق بلباس «جلالها» جلال : مفعول به لقوله «لباسا» وجلال مضاف وها ضمير الحرب مضاف إليه «وليس» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه «بولاج» الباء زائدة ، ولاج : خبر ليس ، وولاج مضاف و «الخوالف» مضاف إليه «أعقلا» خبر ثان لليس.

الشاهد فيه : قوله «لباسا ... جلالها» فإنه قد أعمل «لباسا» وهو صيغة من صيغ المبالغة ـ إعمال الفعل ؛ فنصب به المفعول ، وهو قوله «جلالها» لاعتماده على موصوف مذكور فى الكلام ، وهو قوله «أخا الحرب».


ومن إعمال مفعال قول بعض العرب : «إنّه لمنحار بوائكها» فـ «بوائكها» منصوب بـ «منحار».

ومن إعمال فعول قول الشاعر :

(٢٥٩) ـ

عشيّة سعدى لو تراءت لراهب

بدومة تجر دونه وحجيح

قلى دينه ، واهتاج للشّوق ؛ إنّها

على الشّوق إخوان العزاء هيوج

__________________

٢٥٩ ـ البيتان للراعى ، وهما من شواهد الأشمونى (رقم ٧٠١) وثانيهما من شواهد سيبويه (١ ـ ٥٦).

اللغة : «تراءت» ظهرت ، وبدت «لراهب» عابد النصارى «دومة» حصن واقع بين المدينة المنورة والشام ، وبسمى دومة الجندل «تجر» اسم جمع لتاجر مثل شرب وصحب وسفر «حجيج» اسم جمع لحاج «قلى» كره «اهتاج» ثار «الشوق» نزاع النفس إلى شىء.

المعنى : يقول : كان الأمر الفلانى فى العشية التى لو ظهرت فيها سعدى لعابد من عباد النصارى مقيم بدومة الجندل وكان عنده تجار وحجاج يلتمسون ما عند لأبغض دينه وتركه وثار شوقا لها.

الإعراب : «عشية» منصوب على الظرفية «سعدى» مبتدأ «لو» شرطية غير جازمة «تراءت» تراءى : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى سعدى «لراهب» متعلق بتراءت ، والجملة شرط «لو» «بدومة» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لراهب «تجر» مبتدأ «دونه» دون : ظرف يتعلق بمحذوف خبر المبتدأ و «حجيح» معطوف على «تجر» وجملة المبتدأ والخبر فى محل جر صفة أخرى لراهب «قلى» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على راهب «دينه» دين : مفعول به لقلى ، ودين مضاف والهاء مضاف إليه ، والجملة جواب «لو» وجملة الشرط والجواب فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو «سعدى» وجملة المبتدأ والخبر فى محل جر بإضافة الظرف وهو «عشية» إليها «واهتاج» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه يعود إلى راهب ، والجملة معطوفة على جملة الجواب «للشوق» جار ومجرور متعلق ياهتاج «إنها» إن : حرف توكيد


فـ «إخوان» منصوب بـ «هيوج».

ومن إعمال فعيل قول بعض العرب : «إن الله سميع دعاء من دعاه» فـ «دعاء» منصوب بـ «سميع».

ومن إعمال قعل ما أنشده سيبويه :

(٢٦٠) ـ

حذر أمورا لا تضير ، وآمن

ما ليس منجيه من الأقدار

__________________

ونصب ، وها اسمه «على الشوق» جار ومجرور متعلق بقوله «هيوج» الآتى «إخوان» مفعول به لهيوج ، وإخوان مضاف و «العزاء» مضاف إليه «هيوج» خبر إن.

الشاهد فيه : قوله «إخوان العزا هيوج» حيث أعمل قوله «هيوج» وهو من صبغ المبالغة إعمال الفعل ؛ فنصب به المفعول ، وهو قوله «إخوان» وهو معتمد على المسند إليه الذى هو اسم إن.

وفى البيت دليل على أن هذا العامل ـ وإن كان فرعا عن الفعل ـ لم يضعف عن العمل فى المعمول المتقدم عليه ، ألا ترى أن قوله «إخوان العزاء» متقدم مع كونه مفعولا لقوله «هيوح» وقد قدمنا أن قول العرب «أما العسل فأنا شراب» الذى رواه سيبويه الثقة يدل على ذلك أيضا ، وأن هذا يرد ما ذهب إليه الكوفيون من أن معمول هذه الصفة لا يتقدم عليها ، زعموا أنها فرع فى العمل عن فرع ؛ لأنها فرع عن اسم الفاعل وهو فرع عن الفعل المضارع ، وأن ذلك سبب فى ضعفها ، وأن ضعفها يمنع من عملها متأخرة ، والجواب أنه لا قياس مع النص.

٢٦٠ ـ زعموا أن البيت مما صنعه أبو يحيى اللاحقى ونسبه للعرب ، قال المازنى : زعم أبو يحيى أن سيبويه سأله : هل تعدى العرب فعلا؟ قال : فوضعت له هذا البيت ونسبته إلى العرب ، وأثبته هو فى كتابه ، والبيت من شواهد سيبويه (١ / ٥٨) واستشهد به الأشمونى (رقم ٠٣) وستعرف فى شرح الشاهد الآتى (رقم ٢٦١) رأينا فى هذه الأقصوصة.

الإعراب : «حذر» خبر مبتدأ محذوف ، وتقدير الكلام : هو حذر ، أو نحوه ، وفى حذر ضمير مستتر فاعل «أمورا» مفعول به لحذر «لا» نافية «تضير» فعل مضارع ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هى يعود إلى أمور هو فاعله ، والجملة فى


وقوله :

(٢٦١) ـ

أتانى أنّهم مزقون عرضى

جحاش الكرملين لها فديد

فـ «أمورا» منصوب بـ «حذر» ، و «عرضى» منصوب بـ «مزق».

* * *

__________________

محل نصب صفة لأمور «وآمن» معطوف على حذر ، وفيه ضمير مستتر فاعل «ما» اسم موصول : مفعول به لآمن «ليس» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه «منجيه» منجى : خبر ليس ، ومنجى مضاف والهاء مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله «من الأقدار» جار ومجرور متعلق بمنج ، وجملة «ليس» واسمها وخبرها لا محل لها صلة الموصول.

الشاهد فيه : قوله «حذر أمورا» حيث أعمل قوله «حذر» ـ وهو من صيغ المبالغة ـ عمل الفعل ؛ فنصب به المفعول ، وهو قوله «أمورا».

٢٦١ ـ البيت لزيد الخيل ، وهو من شواهد الأشمونى (٧٠٢) وقد ذكره الأعلم الشنتمرى فى شرحه لشواهد سيبويه (١ ـ ٥٨) ليبين أن أقصوصة اللاحقى لا تضر سيبويه.

اللغة : «جحاش» جمع جحش ، وهو ولد الأتان ، وهى أنثى الحمار «الكرملين» تثنية كرمل ـ بزنة زبرج ـ وهو ماء بجبل من جبلى طيىء «فديد» صوت.

المعنى : يقول : بلغنى أن هؤلاء الناس أكثروا من تمزيق عرضى والنيل منه بالطعن والقدح ، وهم عندى بمنزلة الجحاش التى ترد هذا الماء وهى تصوت ، يريد أنه لا يعبأ بهم ولا يكثرث لهم.

الإعراب : «أتانى» أتى : فعل ماض ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به «أنهم» أن : حرف توكيد ونصب ، والضمير اسمه «مزقون» خبر أن ، وأن وما دخلت عليه فى تأويل مصدر فاعل أتى «عرضى» مفعول به لمزقون ومضاف إليه «جحاش» خبر لمبتدأ محذوف ، أى : هم جحاش ، ونحو ذلك ، وجحاش مضاف و «الكرملين» مضاف إليه «لها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «فديد» مبتدأ مؤخر ، والجملة من المبتدأ والخبر فى محل نصب حال من جحاش الكرملين.


وما سوى المفرد مثله جعل

فى الحكم والشّروط حيثما عمل (١)

ما سوى المفرد هو المثنى والمجموع ـ نحو : الضّاربين ، والضّاربتين ، والضّاربين ، والضّرّاب ، والضّوارب ، والضّاربات ـ فحكمها حكم المفرد فى العمل وسائر ما تقدم ذكره من الشروط ؛ فتقول : «هذان الضّاربان زيدا ، وهؤلاء القاتلون بكرا» ، وكذلك الباقى ، ومنه قوله :

(٢٦٢) ـ

* أوالفا مكّة من ورق الحمى*

__________________

الشاهد فيه : قوله «مزقون عرضى» حيث أعمل «مزقون» وهو جمع مزق الذى هو صيغة مبالغة ، إعمال الفعل ؛ فنصب به المفعول ، وهو قوله «عرضى».

والعلماه ـ رحمهم الله! ـ يذكرون هذا البيت فى الاستشهاد على إعمال صيغة فعل كحذر بعد ذكرهم بيت اللاحقى السابق لبردوا ما نسبه اللاحقى إلى سيبويه من أنه أخذ بيته الذى اختلقه له واستدل به فى كتابه ـ وهو إنما يرمى بذلك إلى الطعن فى كتاب سيبويه بأن فيه ما لا أصل له ـ وإنما أورد أئمة العربية هذا البيت ليبرهنوا على أن الذى أصله سيبويه من القواعد جار على ما هو ثابت معروف فى لسان العرب الذين يوثق بلسانهم وبنسبة القول إليهم ؛ فلا يضره أن يكون فى كتابه شاهد غير معروف النسبة أو مختلق ، وسيبويه إنما ذكر بيت اللاحقى مثالا لا شاهدا ؛ لأن القاعدة ثابتة بدونه.

(١) «وما» اسم موصول مبتدأ «سوى» ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول ، وسوى مضاف و «المفرد» مضاف إليه «مثله» مثل : مفعول ثان لجعل مقدم عليه «جعل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، وهو المفعول الأول ، والجملة من جعل ومفعوليه فى محل رفع خبر المبتدأ «فى الحكم» متعلق بجعل «والشروط» معطوف على الحكم «حيثما» حيث : ظرف متعلق بجعل ، وما : زائدة «عمل» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل جر بإضافة «حيث» إليها.

٢٦٢ ـ البيت للعجاج من أرجوزة طويلة ، وهو من شواهد سيبويه فى «باب ما يحتمل الشعر» وانظره فى كتاب سيبويه (١ ـ ٨ و٥٦) والأشمونى (رقم ٧٠٧).


[أصله الحمام] وقوله :

(٢٦٣) ـ

ثمّ زادوا أنّهم فى قومهم

غفر ذنبهم غير فخر

__________________

اللغة : «أوالف» جمع آلفة ، وهو اسم الفاعل المؤنث ، وفعله «ألف يألف» بوزن علم يعلم ، ومعناه أحب ، ووقع فى كتاب سيبويه مرة «قواطنا» وهو جمع قاطنة ومعناه ساكنة «مكة» اسم لبلد الله الحرام «ورق» جمع ورقاء ، وهى أنثى الأورق ، وأراد الحمام الأبيض الذى يضرب لونه إلى سواد «الحمى» بفتح الحاء وكسر الميم ـ أصله الحمام ، فحذف الميم فى غير النداء ضرورة ثم قلب الكسرة فتحة والألف ياء.

الإعراب «: «أوالفا» حال من القاطنات المذكور فى بيت سابق ، وفيه ضمير مستتر هو فاعله «مكة» مفعول به لأوالف «من ورق» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لأوالف ، وورق مضاف و «الحمى» مضاف إليه ، وانظر باب الترخيم الآتى (ش ٣٣٣)

الشاهد فيه : قوله «أوالفا مكه» حيث نصب مكه بأوالف الذى هو جمع تكسير لاسم الفاعل.

٢٦٣ ـ البيت لطرفة بن العبد البكرى ، من قصيدة له مطلعها :

أصحوت اليوم أم شاقتك هرّ

ومن الحبّ جنون مستعر

وهو من شواهد سيبويه (١ ـ ٥٨) والأشمونى (رقم ٧٠٦)

اللغة : «غفر» جمع غفور «فخر» جمع فخور ، مأخوذ من الفخر ، وهو المباهاة بالمكارم والمآثر والمناقب.

الإعراب : «زادوا» فعل وفاعل «أنهم» أن : حرف توكيد ونصب ، والضمير اسمه «فى قومهم» الجار والمجرور متعلق بزادوا ، وقوم مضاف والضمير مضاف إليه «غفر» خبر أن ، وفيه ضمير مستتر فاعل «ذنبهم» ذنب : مفعول به لغفر ، وذنب مضاف والضمير مضاف إليه ، و «أن» وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مفعول به لزادوا ، والتقدير : ثم زادوا غفرانهم ذنوب قومهم «غير» خبر ثان لأن ، وغير مضاف و «فخر» مضاف إليه.


وانصب بذى الإعمال تلوا ، واخفض ،

وهو لنصب ما سواه مقتضى (١)

يجوز فى اسم الفاعل العامل إضافته إلى ما يليه من مفعول ، ونصبه له ؛ فتقول : «هذا ضارب زيد ، وضارب زيدا» فإن كان له مفعولان وأضفته إلى أحدهما وجب نصب الآخر ؛ فتقول : «هذا معطى زيد درهما ، ومعطى درهم زيدا».

* * *

واجرر أو انصب تابع الّذى انخفض

ك «مبتغى جاه ومالا من نهض» (٢)

يجوز فى تابع معمول اسم الفاعل المجرور بالإضافة : الجرّ ، والنصب ، نحو

__________________

الشاهد فيه : قوله «غفر ذنبهم» حيث أعمل قوله «غفر» الذى هو جمع غفور الذى هو صيغة مبالغة ، إعمال الفعل ؛ فنصب به المفعول ، وهو قوله «ذنبهم».

(١) «وانصب» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بذى» جار ومجرور متعلق بانصب ، وذى مضاف و «الإعمال» مضاف إليه «تلوا» مفعول به لا نصب «واخفض» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وهو» ضمير منفصل مبتدأ «لنصب» متعلق بقوله «مقتضى» الآتى فى آخر البيت ، ونصب مضاف و «ما» اسم موصول مضاف إليه «سواه» سوى : ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول ، وسوى مضاف والهاء مضاف إليه «مقتضى» خبر المبتدأ الذى هو الضمير المنفصل.

(٢) «اجرر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «أو» عاطفة «انصب» فعل أمر ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت فاعله «تابع» تنازعه الفعلان قبله ، وكل منهما يطلبه مفعولا ، وتابع مضاف و «الذى» اسم موصول : مضاف إليه «انخفض» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى ، والجملة لا محل لها صلة الموصول.


«هذا ضارب زيد وعمرو ، وعمرا» ؛ فالجر مراعاة للفظ ، والنصب على إضمار فعل ـ وهو الصحيح ـ والتقدير «ويضرب عمرا» أو مراعاة لمحلّ المخفوص ، وهو المشهور ، وقد روى بالوجهين قوله :

(٢٦٤) ـ

الواهب المائة الهجان وعبدها

عوذا تزجّى بينها أطفالها

__________________

٢٦٤ ـ البيت للأعشى ميمون بن قيس.

اللغة : «الواهب» الذى يعطى بلا عوض «الهجان» بكسر الهاء : البيض ، وهو لفظ يستوى فيه المذكر والمؤنث ، والمفرد والمثنى والجمع ، وإنما خص الهجان بالذكر لأنها أكرم الإبل عندهم «عوذا» جمع عائذ ، وهى الناقة إذا وضعت وبعد ما تضع أياما حتى يقوى ولدها ، وسميت عائذا لأن ولدها يعوذ بها ، أى : يلجأ إليها ، وهو جمع غريب ، ويندر مثله فى العربية «تزجى» تسوق.

المعنى : يمدح قيسا بأنه يهب المائة من النوق البيض الحديثة العهد بالنتاج مع أولادها ورعاتها.

الإعراب : «الواهب» يجوز أن يكون مجرورا نعتا لقيس المذكور فى بيت سابق على بيت الشاهد ، ويجوز أن يكون مرفوعا على أنه خبر لمبتدأ محذوف : أى هو الواهب إلخ ، وفى الواهب ضمير مستتر يعود على قيس فاعل ، والواهب مضاف و «المائة» مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله «الهجان» بالجر بإضافة المائة إليه على مذهب الكوفيين الذين يرون تعريف اسم العدد وتعريف المعدود معا ، أو نعت له على اللفظ «وعبدها» يروى بالنصب وبالجر ؛ فأما الجر فعلى العطف على لفظ المائة ، وأما النصب فعلى العطف على محله ، أو بإضمار عامل ، ويصح تقدير هذا العامل فعلا كما يصح تقديره وصفا منونا «عوذا» نعت للمائة ، وهو تابع للمحل «تزجى» فعل مضارع ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هى يعود على المائة فاعل «بينها» بين : ظرف متعلق بتزجى ، وبين مضاف وها : مضاف إليه «أطفالها» أطفال : مفعول به لتزجى ، وأطفال مضاف وضمير الغائبة العائد إلى النوق مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «وعبدها» فإنه روى بالوجهين : الجر ، والنصب ، تبعا للفظ الاسم الذى أضيف إليه اسم الفاعل أو محله ، وقد بينا وجه كل واحد منهما ، كما بينا ما يجوز من تقدير العامل على رواية النصب.


بنصب «عبد» وجره ، وقال الآخر :

(٢٦٥) ـ

هل أنت باعث دينار لحاجتنا

أو عبد ربّ أخا عون بن مخراق

بنصب «عبد» [عطفا] على محل «دينار» أو على إضمار فعل ، التقدير : «أو تبعث عبد [ربّ]».

* * *

__________________

٢٦٥ ـ هذا البيت من الشواهد المجهول قائلها ، ويقال : إنه من صنع النحويين ، وهو من شواهد سيبويه (١ ـ ٨٧) والأشمونى (رقم ٧٠٨)

اللغة : «باعث» مرسل «دينار» اسم رجل ، أو اسم جارية ، أو هو اسم لقطعة النقد المعروفة ، والأول أولى ؛ لكونه قد عطف عليه «عبد رب» وبين أنه أخو عون بن مخراق.

الإعراب : «هل» حرف استفهام «أنت» مبتدأ «باعث» خبر المبتدأ ، وباعث مضاف و «دينار» مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله «لحاجتنا» الجار والمجرور متعلق بياعث ، وحاجة مضاف ونا : مضاف إليه «أو» عاطفة «عبد» يروى بالنصب على أنه معطوف على دينار باعتبار محله ، أو على أنه معمول لعامل مقدر ، وهذا العامل يجوز أن تقدره فعلا : أى تبعث عبد رب ، ويجوز أن تقدره وصفا منونا : أى باعث عبد رب ، وعبد مضاف و «رب» مضاف إليه «أخا» صفة لعبد أو عطف بيان عليه ، وأخا مضاف و «عون» مضاف إليه «ابن» صفة لعون ، وابن مضاف و «مخراق» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «أو عبد عون» حيث عطف بالنصب على محل ما أضيف إليه اسم الفاعل ، كما بينا فى الإعراب ، ويجوز فيه وجه ثان ـ وهو الجر بالعطف على اللفظ ، وقد مر تفصيل ذلك فى البيت السابق.

ومثله قول رجل من قيس عيلان (وأنشده سيبويه : ١ / ٨٧) :

فبينا نحن نطلبه أتانا

معلّق وفضة وزناد راع

فنصب «زناد راع» بالعطف على محل «وفضة» والوفضة : الكنانة التى توضع فيها السهام.


وكلّ ما قرّر لاسم فاعل

يعطى اسم مفعول بلا تفاضل (١)

فهو كفعل صيغ للمفعول فى

معناه كـ «المعطى كفافا يكتفى» (٢)

جميع ما تقدّم فى اسم الفاعل ـ من أنه إن كان مجردا عمل إن كان بمعنى الحال أو الاستقبال ، بشرط الاعتماد ، وإن كان بالألف واللام عمل مطلقا ـ يثبت لاسم المفعول ؛ فتقول : «أمضروب الزّيدان ـ الآن ، أو غدا» ، أو «جاء المضروب أبوهما ـ الآن ، أو غدا ، أو أمس».

وحكمه فى المعنى والعمل حكم الفعل المبنىّ للمفعول ؛ فيرفع المفعول كما يرفعه فعله ؛ فكما تقول : «ضرب الزّيدان» تقول : أمضروب الزّيدان»؟ وإن كان له مفعولان رفع أحدهما ونصب الآخر ، نحو «المعطى كفافا

__________________

(١) «وكل» مبتدأ ، وكل مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «قرر» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة «لاسم» جار ومجرور متعلق بقرر ، واسم مضاف و «فاعل» مضاف إليه «يعطى» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، وهو المفعول الأول «اسم» مفعول ثان ليعطى ، واسم مضاف و «مفعول» مضاف إليه ، وجملة الفعل ومفعوليه فى محل رفع خبر المبتدأ «بلا تفاضل» الجار والمجرور متعلق بيعطى ، ولا التى هى هنا اسم بمعنى غير مضاف و «تفاضل» مضاف إليه ، وقد سبق نظيره مرارا.

(٢) «فهو» ضمير منفصل مبتدأ «كفعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «صيغ» فعل ماض مبنى للمجهول. ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل جر صفة لفعل «للمفعول» جار ومجرور متعلق بصيغ «فى معناه» الجار والمجرور متعلق بما تضمنه الكاف فى قوله كفعل من معنى التشبيه ، ومعنى مضاف والضمير مضاف إليه «كالمعطى» الكاف جارة لقول محذوف كما سبق مرارا ، «وأل» فى قوله «المعطى» موصولة مبتدأ يكون إعرابها على ما بعدها ، وفى «المعطى» ضمير مستتر يعود على «أل» نائب فاعل ، وهذا الضمير مفعول أول «كفافا» مفعول ثان للمعطى ، وجملة «يكتفى» من الفعل المضارع وفاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو أل الموصولة.


يكتفى» فالمفعول [الأول] ضمير مستتر عائد على الألف واللام ، وهو مرفوع لقيامه مقام الفاعل ، و «كفافا» : المفعول الثانى.

* * *

وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع

معنى ، كـ «محمود المقاصد الورع» (١)

يجوز فى اسم المفعول أن يضاف إلى ما كان مرفوعا به ؛ فتقول فى قولك «زيد مضروب عبده» : «زيد مضروب العبد» فتضيف اسم المفعول إلى ما كان مرفوعا به ، ومثله «الورع محمود المقاصد» ، والأصل : «الورع محمود مقاصده» ولا يجوز ذلك فى اسم الفاعل (٢) ؛ فلا تقول : «مررت برجل ضارب الأب زيدا» تريد «ضارب أبوه زيدا».

* * *

__________________

(١) «وقد» حرف تقليل «يضاف» فعل مضارع مبنى للمجهول «ذا» نائب فاعل يضاف «إلى اسم» جار ومجرور متعلق بيضاف «مرتفع» صفة لاسم «معنى» تمييز ، أو منصوب بنزع الخافض «كمحمود» الكاف اسم بمعنى مثل خبر مبتدأ محذوف ، أى : وذلك مثل ، محمود : خبر مقدم ، ومحمود مضاف و «المقاصد» مضاف إليه «الورع» مبتدأ مؤخر.

(٢) اسم الفاعل إما أن يكون فعله قاصرا كضامر وطاهر ، وإما أن يكون فعله متعديا لواحد كراحم وضارب ، وإما أن يكون فعله متعديا لاثنين كالمعطى والسائل ، فإن كان اسم الفاعل من فعل قاصر جازت إضافته إلى مرفوعه إجماعا إن أريد به الدوام ، ويصير حينئذ صفة مشبهة ، كضامر البطن وطاهر النفس ومانع الجار وحامى الذمار ، وإن كان من فعل متعد لاثنين امتنعت إضافته لمرفوعه إجماعا ، وإن كان من فعل متعد لواحد فللنحاة فيه ثلاثة أقوال ؛ أولها : لا يجوز أن يضاف لمرفوعه مطلقا ، وهو رأى جمهرة النحاة ، وثانيها : تجوز إضافته لمرفوعه إن لم يلتبس فاعله بمفعوله كالمثال الذى ذكره الشارح ، وثالثها : تجوز إن حذف مفعوله ، وهو رأى ابن عصفور ، ويشهد له قول الشاعر :

ما الرّاحم القلب ظلّاما وإن ظلما

ولا الكريم بمنّاع وإن بخلا

فقد أضاف «الراحم» إلى «القلب» وأصله فاعله.


أبنية المصادر

فعل قياس مصدر المعدّى

من ذى ثلاثة ، كـ «ردّ ردّا» (١)

الفعل الثلاثى [المتعدى] يجىء مصدره على «فعل» قياسا مطّردا ، نصّ على ذلك سيبويه فى مواضع ؛ فتقول : ردّ ردّا ، وضرب ضربا ، وفهم فهما ، وزعم بعضهم أنه لا ينقاس ، وهو غير سديد.

* * *

وفعل اللّازم بابه فعل

كفرح ، وكجوى ، وكشلل (٢)

أى : يجىء مصدر فعل اللازم على فعل قياسا ، كفرح فرحا ، وجوى جوى ، وشلّت يده شللا.

* * *

وفعل اللّازم مثل فعدا

له فعول باطّراد ، كغدا (٣)

__________________

(١) «فعل» مبتدأ «قياس» خبر المبتدأ ، وقياس مضاف و «مصدر» مضاف إليه ، ومصدر مضاف و «المعدى» مضاف إليه ، وأصله نعت لمحذوف : أى مصدر الفعل المعدى «من ذى» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من المعدى ، وذى مضاف و «ثلاثة» مضاف إليه «كرد» الكاف جارة لقول محذوف ، رد : فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه «ردا» مفعول مطلق.

(٢) «وفعل» مبتدأ أول «اللازم» نعت «بابه» باب : مبتدأ ثان ، وباب مضاف والهاء مضاف إليه «فعل» خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول «كفرح» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف «وكجوى وكشلل» معطوفان على كفرح.

(٣) «وفعل» مبتدأ أول «اللازم» نعت «مثل» حال من الضمير المستتر فى اللازم ، ومثل مضاف و «قعدا» قصد لفظه : مضاف إليه «له» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر


ما لم يكن مستوجبا : فعالا ،

أو فعلانا ـ فادر ـ أو فعالا (١)

فأوّل لذى امتناع كأبى ،

والثّان للّذى اقتضى تقلّبا (٢)

للدّا فعال أو لصوت ، وشمل

سيرا وصوتا الفعيل كصهل (٣)

يأتى مصدر فعل اللازم على فعول قياسا ؛ فتقول : «قعد قعودا ، وغدا غدوّا ، وبكر بكورا».

__________________

مقدم «فعول» مبتدأ ثان مؤخر ، والجملة من المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول «باطراد» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن فى الخبر «كغدا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، وتقدير الكلام : وذلك كائن كغدا.

(١) «ما» مصدرية «لم» نافية جازمة «يكن» فعل مضارع ناقص مجزوم بلم ، واسمه ضمير مستتر فيه «مستوجبا» خبر يكن ، وفى مستوجب ضمير مستتر فاعل «فعالا» مفعول به لمستوجبا «أو فعلانا» معطوف على قوله «فعالا» «فادر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه لا محل لها من الإعراب «أو فعالا» معطوف على قوله «فعلانا».

(٢) «فأول» مبتدأ «لذى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، وذى مضاف و «امتناع» مضاف إليه «كأبى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف «والثان» مبتدأ «للذى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «اقتضى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه «تقلبا» مفعول به لاقتضى ، والجملة لا محل لها صلة.

(٣) «للدا» قصر ضرورة : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «فعال» مبتدأ مؤخر «أو» عاطفة «لصوت» جار ومجرور معطوف على قوله للدا «وشمل» فعل ماض «سيرا» مفعول به مقدم على الفاعل «وصوتا» معطوف عليه «الفعيل» فاعل شمل «كصهل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، أى : وذلك كائن كصهل.


وأشار بقوله : «ما لم يكن مستوجبا فعالا ـ إلى آخره» إلى أنه إنما يأتى مصدره على فعول ، إذا لم يستحقّ أن يكون مصدره على : فعال ، أو فعلان ، أو فعال.

فالذى استحق أن يكون مصدره على فعال هو : كل فعلّ دلّ على امتناع ، كأبى إباء ، ونفر نفارا ، وشرد شرادا ، و [هذا] هو المراد بقوله «فأوّل لذى امتناع».

والذى استحق أن يكون مصدره على فعلان هو : كلّ فعل دلّ على تقلّب ؛ نحو : «طاف طوفانا ، وجال جولانا ، ونزا نزوانا» ، وهذا معنى قوله «والثان للذى اقتضى تقلبا».

والذى استحق أن يكون مصدره على فعال هو : كلّ فعل دلّ على داء ، أو صوت ؛ فمثال الأول : سعل سعالا ، وزكم زكاما ، ومشى بطنه مشاء. ومثال الثانى : نعب الغراب نعابا ، ونعق الراعى نعاقا ، وأزّت القدر أزازا ، وهذا هو المراد بقوله : «للدّا فعال أو لصوت».

وأشار بقوله : «وشمل سيرا وصوتا الفعيل» إلى أن فعيلا يأتى مصدرا لما دلّ على سير ، ولما دل على صوت ؛ فمثال الأول : ذمل ذميلا ، ورحل رحيلا ، ومثال الثانى : نعب نعيبا ، ونعق نعيقا [وأزّت القدر أزيزا ، وصهلت الخيل صهيلا].

* * *

فعولة فعالة لفعلا

كسهل الأمر ، وزيد جزلا (١)

__________________

(١) «فعولة» مبتدأ «فعالة» معطوف عليه بإسقاط العاطف «لفعلا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «كسهل» الكاف جارة لقول محذوف ، وسهل : فعل ماض «الأمر» فاعل سهل «وزيد» مبتدأ ، والجملة من «جزلا» وفاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ.


إذا كان الفعل على فعل ـ [ولا يكون إلا لازما] ـ يكون مصدره على فعولة ، أو على فعالة ؛ فمثال الأول : سهل سهولة ، وصعب صعوبة ، وعذب عذوبة ، ومثال الثانى : جزل جزالة ، وفصح فصاحة ، وضخم ضخامة.

* * *

وما أتى مخالفا لما مضى

فبابه النّقل ، كسخط ورضى (١)

يعنى أن ما سبق ذكره فى هذا الباب هو القياس الثابت فى مصدر الفعل الثلاثى ، وما ورد على خلاف ذلك فليس بمقيس ، بل يقتصر فيه على السماع ، نحو : سخط سخطا ، ورضى رضا ، وذهب ذهابا ، وشكر شكرا ، وعظم عظمة.

* * *

وغير ذى ثلاثة مقيس

مصدره كقدّس التّقديس (٢)

__________________

(١) «وما» اسم شرط : مبتدأ «أتى» فعل ماض ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه «مخالفا» حال من الفاعل المستتر «لما» جار ومجرور متعلق بمخالف ، والجملة من «مضى» وفاعله الضمير المستتر فيه لا محل لها صلة «ما» المجرور محلا باللام «فبابه» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، باب : مبتدأ ، وباب مضاف والهاء مضاف إليه «النقل» خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل جزم جواب الشرط ، وجملتا الشرط والجواب فى محل رفع خبر اسم الشرط المبتدأ به.

(٢) «وغير» مبتدأ أول ، وغير مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «ثلاثة» مضاف إليه «مقيس» مبتدأ ثان ، ومقيس مضاف ، ومصدر من «مصدره» مضاف إليه ، ومصدر مضاف وضمير الغائب مضاف إليه «كقدس» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال ، من المضاف إليه «التقديس» خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول.


وزكّه تزكية ، وأجملا

إجمال من تجمّلا تجمّلا (١)

واستعذ استعاذة ، ثمّ أقم

إقامة ، وغالبا ذا التّا لزم (٢)

وما يلى الآخر مدّ وافتحا

مع كسر تلو الثّان ممّا افتتحا (٣)

بهمز وصل : كاصطفى ، وضمّ ما

يربع فى أمثال قد تلملما (٤)

__________________

(١) «وزكه» زك : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به «تزكية» مفعول مطلق «وأجملا» فعل أمر ، وألفه منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إجمال» مفعول مطلق ، وإجمال مضاف و «من» اسم موصول مضاف إليه «تجملا» مصدر تقدم على عامله «تجملا» فعل ماض ، وألفه للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة «من».

(٢) «وغالبا» حال تقدم على صاحبه ، وهو الضمير المستتر فى قوله «لزم» الآتى فى آخر البيت «ذا» اسم إشارة : مبتدأ «التا» قصر للضرورة : بدل أو عطف بيان أو نعت لاسم الإشارة ، والجملة من «لزم» وفاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٣) «وما» اسم موصول : مفعول مقدم على عامله ، وهو قوله مد الآتى «يلى» فعل مضارع «الآخر» فاعل يلى ، ومفعوله محذوف : أى ما يليه الآخر ، والجملة لا محل لها صلة «مد» فعل أمر ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وافتحا» الواو عاطفة ، افتحا : فعل أمر ، والألف منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة ، وفيه ضمير مستتر وجوبا فاعل «مع» ظرف متعلق بمد ، ومع مضاف و «كسر» مضاف إليه ، وكسر مضاف و «تلو» مضاف إليه ، وتلو مضاف و «الثان» مضاف إليه «مما» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من «تلو» والجملة من «افتتحا» ونائب الفاعل المستتر فيه لا محل لها صلة «ما» المجرورة محلا بمن.

(٤) «بهمز» جار ومجرور متعلق بافتتحا فى البيت السابق ، وهمز مضاف و «وصل» مضاف إليه «كاصطفى» متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف «وضم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول : مفعول به لضم ، والجملة من «يربع» وفاعله المستتر فيه لا محل لها صلة «فى أمثال» جار ومجرور متعلق بضم. وأمثال مضاف ، وقوله «قد تلملما» قصد لفظه : مضاف إليه.


ذكر فى هذه الأبيات مصادر غير الثلاثى ، وهى مقيسة كلها.

فما كان على وزن فعّل ، فإما أن يكون صحيحا أو معتلّا ؛ فإن كان صحيحا فمصدره على تفعيل ، نحو «قدّس تقديسا» ، ومنه قوله تعالى : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) ويأتى ـ أيضا ـ على [وزن] فعّال ، كقوله تعالى : (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) ويأتى على فعال بتخفيف العين ، وقد قرىء (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) بتخفيف الذال ، وإن كان معتلا فمصدره كذلك ، لكن تحذف ياء التفعيل ، ويعوض عنها التاء ؛ فيصير مصدره على (١) تفعلة ، نحو «زكّى تزكية» وندر مجيئه على تفعيل ، كقوله :

(٢٦٦) ـ

باتت تنزّى دلوها تنزيّا

كما تنزّى شهلة صبيّا

__________________

(١) مجىء مصدر فعل المضعف العين على مثال التفعلة على ثلاثة أنواع : واجب ، وكثير ، ونادر. فأما الواجب فيكون فى مصدر المعل اللام منه نحو زكى تزكية. ووفى توفية ، وأدى تأدية. وأما الكثير فيكون فى مهموز اللام منه ، نحو خطأته تخطئة ، وهنأته تهنئة ، وحلأته تحلئة ، وجزأته تجزئة ، ونشأته تنشئة ، وأما النادر فيكون فى الصحيح اللام منه ، نحو قدم تقدمة ، وجرب تجربة ، وجاء فى المضاعف نحو «حللته تحلة» ومنه قوله تعالى : (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) أى تحليلها بالكفارة.

٢٦٦ ـ هذا البيت من الشواهد التى لا يعلم قائلها.

اللغة : «باتت» يطلق على معنيين ، أحدهما ـ وهو الأشهر ـ أن يقصد به تخصيص الفعل بالليل ؛ فيقابل «ظل» الذى يقصد به تخصيص الفعل بالنهار ، والثانى : أن أن يكون بمعنى صار فلا يختص بوقت دون وقت «تنزى» تحرك «شهلة» هى المرأة العجوز.

المعنى : يصف امرأة بالضعف وذهاب المنة ، وهى تجذب دلوها من البئر ؛ فيقول : إنها تحركه حركة ضعيفة تشبه تحريك المرأة العجوز لطفل تداعبه.

الإعراب : «باتت» بات : فعل ماض ناقص ، والتاء للتأنيث ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى «تنزى» فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه «دلوها»


وإن كان مهموزا ـ ولم يذكره المصنف هنا ـ فمصدره على تفعيل ، وعلى تفعلة ، نحو : خطّأ تخطيئا وتخطئة ، وجزّأ تجزيئا وتجزئة ، ونبّأ تنبيئا وتنبئة.

وإن كان على «أفعل» فقياس مصدره على إفعال ، نحو : أكرم إكراما ، وأجمل إجمالا ، وأعطى إعطاء.

هذا إذا لم يكن معتلّ العين ؛ فإن كان معتلّ العين نقلت حركة عينه إلى فاء الكلمة وحذفت (١) ، وعوّض عنها تاء التأنيث غالبا ، نحو : أقام إقامة ، والأصل : إقواما ، فنقلت حركة الواو إلى القاف ، وحذفت ، وعوّض عنها تاء التأنيث ، فصار إقامة.

وهذا هو المراد بقوله : «ثم أقم إقامة» ، وقوله : «وغالبا ذا التا لزم»

__________________

دلو : مفعول به لتنزى ، ودلو مضاف وها : مضاف إليه ، والجملة فى محل نصب خبر بات ، فإذا قدرته فعلا تاما فالجملة فى محل نصب حال من فاعله المستتر فيه «تنزيا» مفعول مطلق «كما» الكاف جارة ، وما : مصدرية «تنزى» فعل مضارع «شهلة» فاعل تنزى «صبيا» مفعول به لتنزى ، و «ما» المصدرية ومدخولها فى تأويل مصدر مجرور بالكاف ، والجار والمجرور متعلق بقوله «تنزيا» أو بمحذوف صفة له ، أى : تنزية مشابهة تنزية العجوز صبيا.

الشاهد فيه : قوله «تنزيا» حيث ورد بوزان التفعيل وهو مصدر فعل ـ بتضعيف العين ـ المعل اللام ، وذلك نادر ، والقياس التفعلة كالتزكية ، والتنزية ، والترضية ، والتوفية ، والتأدية ، والتولية ، والتخلية ، والتحلية.

(١) أصل إقامة مثلا : إقوام كإكرام ، نقلت حركة الواو إلى الساكن الصحيح قبلها ، ثم يقال : تحركت الواو بحسب أصلها وانفتح ما قبلها الآن ، فقلبت هذه الواو ألفا ، فاجتمع ألفان ، فحذفت إحداهما وعوض منها التاء فصار إقامة ، وقد ذهب سيبويه إلى أن المحذوفة من الألفين هى الألف الزائدة ، وذهب الفراء والأخفش إلى أن المحذوفة هى المنقلبة عن العين.


إشارة إلى ما ذكرناه من أنّ التاء تعوّض غالبا ، وقد جاء حذفها ، كقوله تعالى : (وَأَقامَ الصَّلاةَ).

وإن كان على وزن تفعّل ، فقياس مصدره تفعّل ـ بضم العين ـ نحو : تجمّل تجمّلا ، وتعلّم تعلما ، وتكرّم تكرّما.

وإن كان فى أوله همزة وصل كسر ثالثه ، وزيد ألف قبل آخره ، سواء كان على وزن انفعل ، أو افتعل ، أو استفعل ، نحو : انطلق انطلاقا ، واصطفى اصطفاء ، واستخرج استخراجا ، وهذا معنى قوله «وما يلى الآخر مدّ وافتحا».

فإن كان استفعل معتلّ العين نقلت حركة عينه إلى فاء الكلمة ، وحذفت ، وعوّض عنها تاء التأنيث لزوما ، نحو : استعاذ استعاذة ، والأصل استعواذا ، فنقلت حركة الواو إلى العين ـ وهى فاء الكلمة ـ [وحذفت] وعوّض عنها التاء ، فصار استعاذة ، وهذا معنى قوله «واستعذ استعاذة».

ومعنى قوله : «وضمّ ما يربع فى أمثال قد تلملما» أنه إن كان الفعل على وزن «تفعلل» يكون مصدره على تفعلل ـ بضم رابعه ـ نحو «تلملم تلملما ، وتدحرج تدحرجا».

* * *

فعلال أو فعللة ـ لفعللا ،

واجعل مقيسا ثانيا لا أوّلا (١)

__________________

(١) «فعلال» مبتدأ «أو فعللة» معطوف على فعلال «لفعللا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «واجعل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «مقيسا» مفعول ثان تقدم على المفعول الأول «ثانيا» مفعول أول لا جعل «لا أولا» لا : حرف عطف ، أولا : معطوف على قوله «ثانيا».


يأتى مصدر فعلل على فعلال : كدحرج دحراجا ، وسرهف سرهافا ، وعلى فعللة ـ وهو المقيس فيه ـ نحو «دحرج دحرجة ، وبهرج بهرجة ، وسرهف سرهفة».

* * *

لفاعل : الفعال ، والمفاعله ،

وغير ما مرّ السّماع عادله (١)

كلّ فعل على وزن فاعل فمصدره الفعال والمفاعلة ، نحو «ضارب ضرابا ومضاربة ، وقاتل قتالا ومقاتلة ، وخاصم خصاما ومخاصمة».

وأشار بقوله : «وغير ما مرّ ـ إلخ» إلى أن ما ورد من مصادر غير الثلاثى على خلاف ما مرّ يحفظ ولا يقاس عليه ، ومعنى قوله «عادله» كان السماع له عديلا ، فلا يقدم عليه إلا بثبت ، كقولهم ـ فى مصدر فعّل المعتل ـ تفعيلا ، نحو :

* باتت تنزّى دلوها تنزيّا* [٢٦٦]

والقياس تنزية ، وقولهم فى مصدر حوقل حيقالا ، وقياسه حوقلة ـ نحو «دحرج دحرجة» ـ ومن ورود «حيقال» قوله :

(٢٦٧) ـ

يا قوم قد حوقلت أو دنوت

وشرّ حيقال الرّجال الموت

__________________

(١) «لفاعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «الفعال» مبتدأ مؤخر «والمفاعله» معطوف على الفعال «وغير» مبتدأ أول ، وغير مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه ، والجملة من «مر» وفاعله المستتر فيه جوازا لا محل لها صلة الموصول ، «السماع» مبتدأ ثان ، والجملة من «عادله» وفاعله المستتر فيه جوازا فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول.

٢٦٧ ـ البيت من الشواهد المجهولة نسبتها.

اللغة : «حوقلت» كبرت وضعفت «أو دنوت» قربت من هذا.

المعنى : يقول : إنى قد كبرت سنى ، وضعفت عن القيام بأمور نفسى ، أو قربت من


وقولهم ـ فى مصدر تفعّل ـ تفعّالا ، نحو : تملّق تملّاقا (١) ، والقياس تفعل تفعّلا ، نحو : تملّق تملّقا.

* * *

وفعلة لمرّة كجلسه

وفعلة لهيئة كجلسه (٢)

إذا أريد بيان المرّة من مصدر الفعل الثلاثى قيل فعلة ـ بفتح الفاء ـ نحو ضربته ضربة ، وقتلته قتلة.

هذا إذا لم يبن المصدر على تاء التأنيث ، فإن بنى عليها وصف بما يدل على

__________________

ذلك ، وشر الكبر الموت ، أى : القرب منه ، والكلام خبر لفظا ، ولكن المعنى على إنشاء التحسر والتحزن على الفارط من شبابه وقوته.

الإعراب : «يا» حرف نداء «قوم» منادى ، وهو مضاف وياء المتكلم المحذوفة للتخفيف والاجتزاء عنها بالكسرة مضاف إليه «حوقلت» فعل وفاعل «أو» عاطفة «دنوت» فعل وفاعل ، والجملة معطوفة بأو على جملة حوقلت «وشر» مبتدأ ، وشر مضاف و «حيقال» مضاف إليه ، وحيقال مضاف و «الرجال» مضاف إليه «الموت» خبر المبتدأ.

الشاهد فيه : قوله «حيقال» حيث ورد على زنة فعلال ـ بكسر فسكون ـ وهو مصدر «حوقل» الملحق بدحرج ، فحق مصدره أن يكون بزنه الفعللة.

(١) مما ورد من ذلك قول الشاعر :

ثلاثة أحباب : فحبّ علاقة ،

وحبّ تملّاق ، وحبّ هو القتل

والتملاق ـ بكسر التاء والميم جميعا ، وفتح اللام مشددة ـ هو التودد والتلطف.

(٢) «وفعلة» مبتدأ «لمرة» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «كجلسه» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، وقوله «وفعلة لهيئة كجلسه» فى الإعراب مثل الشطر الأول.


الوحدة (١) نحو : نعمة ، ورحمة ، فإذا أريد المرة وصف بواحدة.

وإن أريد بيان الهيئة منه قيل : فعلة ـ بكسر الفاء ـ نحو جلس جلسة حسنة ، وقعد قعدة ، ومات ميتة.

* * *

فى غير ذى الثّلاث بالتّا المرّه

وشذّ فيه هيئة كالخمره (٢)

إذا أريد بيان المرة من مصدر المزيد على ثلاثة أحرف ، زيد على المصدر تاء التأنيث ، نحو أكرمته إكرامة ، ودحرجته دحراجة.

وشذ بناء فعلة للهيئة من غير الثلاثى ، كقولهم : هى حسنة الخمرة ، فبنوا فعلة من «اختمر» و «هو حسن العمّة» فبنوا فعلة من «تعمّم».

* * *

__________________

(١) المصدر المبنى على التاء إما أن يكون أوله مفتوحا كرحمة ونعمة ، وإما أن يكون أوله مضموما مثل كدرة وزرقة وحمرة ، وإما أن يكون أوله مكسورا ، نحو نشدة وذربة ؛ فإن كان أوله مفتوحا وأريد الدلالة على المرة منه وصف بالواحدة كما قال الشارح ؛ ليتميز الدال على الحدث من الدال على المرة ، أما إن كان أوله مضموما أو مكسورا وأريد الدلالة على المرة منه فإنه يكفى فتح أوله ، وبهذا الفتح يتميز الدال على المرة من الدال على الحدث ، ومن تقرير الكلام على هذا التفصيل تعلم أن إطلاق الشارح غير مستقيم.

(٢) «فى غير» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال مقدم على صاحبه ، وهو الضمير المستكن فى خبر المبتدأ الآتى ، وغير مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «الثلاث» مضاف إليه «بالتا» قصر ضرورة : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «المرة» مبتدأ مؤخر «وشذ» فعل ماض «فيه» جار ومجرور متعلق بشذ «هيئة» فاعل شذ «كالخمرة» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف.


أبنية أسماء الفاعلين والمفعولين

[والصفات المشبهات بها]

كفاعل صغ اسم فاعل : إذا

من ذى ثلاثة يكون ، كغذا (١)

إذا أريد بناء اسم الفاعل من الفعل الثلاثى جىء به على مثال «فاعل» وذلك مقيس فى كل فعل كان على وزن فعل ـ بفتح العين ـ متعديّا كان أو لازما ، نحو ضرب فهو ضارب ، وذهب فهو ذاهب ، وغذا فهو غاذ ، فإن كان الفعل على وزن فعل ـ بكسر العين ـ فإما أن يكون متعديا ، أو لازما ؛ فإن كان متعديا فقياسه أيضا أن يأتى اسم فاعله على فاعل ، نحو ركب فهو راكب ، وعلم فهو عالم ، وإن كان لازما ، أو كان الثلاثىّ على فعل ـ بضم العين ـ فلا يقال فى اسم الفاعل منهما فاعل إلا سماعا ، وهذا هو المراد بقوله :

وهو قليل فى فعلت وفعل

غير معدّى ، بل قياسه فعل (٢)

__________________

(١) «كفاعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال مقدم على صاحبه ، وهو قوله «اسم فاعل» الآتى «صغ» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «اسم» مفعول به لصغ ، واسم مضاف و «فاعل» مضاف إليه «إذا» ظرف متعلق بصغ «من ذى» جار ومجرور متعلق بقوله «يكون» الآتى ، وذى مضاف و «ثلاثة» مضاف إليه «يكون» فعل مضارع تام ، وفاعله ضمير مستتر فيه «كغذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كقولك غذا.

(٢) «وهو قليل» مبتدأ وخبر «فى فعلت» جار ومجرور متعلق بقليل «وفعل» معطوف على فعلت «غير» حال من فعل ، وغير مضاف و «معدى» مضاف إليه «بل» حرف دال على الانتقال والإضراب «قياسه» قياس : مبتدأ ، وقياس مضاف والهاء مضاف إليه «فعل» خبر المبتدأ.


وأفعل ، فعلان ، نحو أشر ،

ونحو صديان ، ونحو الأجهر (١)

أى : إتيان اسم الفاعل على [وزن] فاعل قليل فى فعل ـ بضم العين ـ كقولهم : حمض فهو حامض ، وفى فعل ـ بكسر العين ـ غير متعدّ ، نحو : أمن فهو آمن [وسلم فهو سالم ، وعقرت المرأة فهى عاقر] ، بل قياس اسم الفاعل من فعل المكسور العين إذا كان لازما أن يكون على فعل ـ بكسر العين ـ نحو «نضر فهو نضر ، وبطر فهو بطر ، وأشر فهو أشر» أو على فعلان ، نحو «عطش فهو عطشان ، وصدى فهو صديان» أو على أفعل ، بحو : «سود فهو أسود ، وجهر فهو أجهر».

وفعل اولى ، وفعيل بفعل

كالضّخم والجميل ، والفعل جمل (٢)

وأفعل فيه قليل وفعل ،

وبسوى الفاعل قد يغنى فعل (٣)

إذا كان الفعل على وزن فعل ـ بضم العين ـ كثر مجىء اسم الفاعل منه على وزن فعل كـ «ضخم فهو ضخم ، وشهم فهو شهم» وعلى فعيل ، نحو :

__________________

(١) «وأفعل» معطوف على فعل الواقع خبرا فى البيت السابق «فعلان» معطوف على أفعل بعاطف مقدر «نحو» خبر لمبتدأ محذوف ، أى : وذلك نحو ، ونحو مضاف و «أشر» مضاف إليه.

(٢) «وفعل مبتدأ «أولى» خبر المبتدأ «وفعيل» معطوف على فعل «بفعل» جار ومجرور متعلق بأولى «كالضخم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف «والجميل» معطوف على «الضخم» «والفعل جمل» مبتدأ وخبر.

(٣) «وأفعل» مبتدأ «فيه» جار ومجرور متعلق بقوله «قليل» الآتى «قليل» خبر المبتدأ «وفعل» معطوف على أفعل «وبسوى» الجار والمجرور متعلق بيغنى ، وسوى مضاف و «الفاعل» مضاف إليه «قد» حرف تقليل «يغنى» فعل مضارع «فعل» فاعل يغنى.


«جمل فهو جميل ، وشرف فهو شريف» ، ويقلّ مجىء اسم فاعله على أفعل نحو «خظب فهو أخظب» (١) وعلى فعل نحو «بطل فهو بطل».

وتقدم أن قياس اسم الفاعل من فعل المفتوح العين أن يكون على فاعل ، وقد يأتى اسم الفاعل منه على غير فاعل قليلا ، نحو : طاب فهو طيّب ، وشاخ فهو شيخ ، وشاب فهو أشيب ، وهذا معنى قوله : «وبسوى الفاعل قد يغنى فعل».

* * *

وزنة المضارع اسم فاعل

من غير ذى الثّلاث كالمواصل (٢)

مع كسر متلوّ الأخير مطلقا

وضمّ ميم زائد قد سبقا (٣)

__________________

(١) وقع فى بعض النسخ «خضب فهو أخضب» بالخاء والضاد المعجمتين ، وفسره بعض أرباب الحواشى باحمر ، وليس بسديد ؛ لأن «خضب» إنما هو بفتح العين التى هى الضاد هنا ، وفى الحديث الشريف «بكى حتى خضب دمعه الحصى» قال ابن الأثير : الأشبه أن يكون معنى الحديث أنه بكى حتى احمر دمعه فخضب الحصى ، ووقع فى نسخة «خطب فهو أخطب» بالخاء المعجمة والطاء المهملة ، وتقول «خطب فهو أخطب» إذا كان أخضر ، لكن هذا الفعل بكسر العين التى هى الطاء المهملة.

(٢) «وزنة» خبر مقدم ، وزنة مضاف و «المضارع» مضاف إليه «اسم» مبتدأ مؤخر ، واسم مضاف و «فاعل» مضاف إليه «من غير» جار ومجرور متعلق بزنة ، وغير مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «الثلاث» مضاف إليه «كالمواصل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف.

(٣) «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من قوله «المضارع» فى البيت السابق ، ومع مضاف و «كسر» مضاف إليه ، وكسر مضاف و «متلو» مضاف إليه ، ومتلو مضاف و «الأخير» مضاف إليه «مطلقا» حال من كسر «وضم» معطوف على كسر ، وضم مضاف و «ميم» مضاف إليه «زائد» نعت لميم ، وجملة ، «قد سبقا» وفاعله المستتر فيه فى محل جر نعت ثان لميم.


وإن فتحت منه ما كان انكسر

صار اسم مفعول كمثل المنتظر (١)

يقول : زنة اسم الفاعل من الفعل الزائد على ثلاثة أحرف زنة المضارع منه بعد زيادة الميم فى أوله مضمومة ، ويكسر ما قبل آخره مطلقا : أى سواء كان مكسورا من المضارع أو مفتوحا ؛ فتقول «قاتل يقاتل فهو مقاتل ، ودحرج يدحرج فهو مدحرج ، وواصل يواصل فهو مواصل ، وتدحرج يتدحرج فهو متدحرج ، وتعلّم يتعلّم فهو متعلّم».

فإن أردت بناء اسم المفعول من الفعل الزائد على ثلاثة أحرف أتيت به على وزن اسم الفاعل ، ولكن تفتح منه ما كان مكسورا ـ وهو ما قبل الآخر ـ نحو : مضارب ، ومقاتل ، ومنتظر.

* * *

وفى اسم مفعول الثّلاثىّ اطّرد

زنة مفعول كآت من قصد (٢)

إذا أريد بناء اسم المفعول من الفعل الثلاثى جىء به على زنة «مفعول» قياسا

__________________

(١) «وإن» شرطية «فتحت» فتح : فعل ماض فعل الشرط ، والتاء ضمير المتكلم فاعل «منه» جار ومجرور متعلق بفتحت «ما» اسم موصول : مفعول به لفتحت «كان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه ، والجملة من «انكسر» وفاعله المستتر فيه فى محل نصب خبر كان ، والجملة من كان واسمه وخبره لا محل لها صلة الموصول «صار» فعل ماض ناقص ، جواب الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه «اسم» خبر صار ، واسم مضاف و «مفعول» مضاف إليه «كمثل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، ومثل مضاف ، و «المنتظر» مضاف إليه.

(٢) «وفى اسم» جار ومجرور متعلق باطرد الآتى ، واسم مضاف و «مفعول» مضاف إليه ، ومفعول مضاف و «الثلاثى» مضاف إليه «اطرد» فعل ماض «زنة» فاعل اطرد ، وزنة مضاف و «مفعول» مضاف إليه «كآت» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف «من قصد» جار ومجرور متعلق بآت.


مطردا نحو : «قصدته فهو مقصود ، وضربته فهو مضروب ، ومررت به فهو ممرور به».

* * *

وناب نقلا عنه ذو فعيل

نحو فتاة أو فتى كحيل (١)

ينوب «فعيل» عن «مفعول» فى الدلالة على معناه نحو «مررت برجل جريح ، وامرأة جريح ، وفتاة كحيل ، وفتى كحيل ، وامرأة قتيل ، ورجل قتيل» فناب جريح وكحيل وقتيل ، عن : مجروح ، ومكحول ، ومقتول.

ولا ينقاس ذلك فى شىء ، بل يقتصر فيه على السماع ، وهذا معنى قوله : «وناب نقلا عنه ذو فعيل».

وزعم ابن المصنف أن نيابة «فعيل» عن «مفعول» كثيرة ، وليست مقيسة ، بالإجماع ، وفى دعواه الإجماع على ذلك نظر ؛ فقد قال والده فى التسهيل فى باب اسم الفاعل عند ذكره نيابة فعيل عن مفعول : وليس مقيسا خلافا لبعضهم ، وقال فى شرحه : وزعم بعضهم أنه مقيس فى كل فعل ليس له فعيل بمعنى فاعل كجريح ، فإن كان للفعل فعيل بمعنى فاعل لم ينب قياسا كعليم ، وقال فى باب التذكير والتأنيث : وصوغ فعيل بمعنى مفعول على كثرته غير مقيس ، فجزم بأصح القولين كما جزم به هنا ، وهذا لا يقتضى نفى الخلاف.

وقد يعتذر عن ابن المصف بأنه ادّعى الإجماع على أن فعيلا لا ينوب عن

__________________

(١) «وناب» فعل ماض «نقلا» حال من ذو فعيل الآتى «عنه» جار ومجرور متعلق بناب «ذو» فاعل ناب ، وذو مضاف و «فعيل» مضاف إليه «نحو» خبر مبتدأ محذوف ، ونحو مضاف و «فتاة» مضاف إليه «أو فتى» معطوف على فتاة «كحيل» صفة.


مفعول ، يعنى نيابة مطلقة ، أى من كل فعل ، وهو كذلك ، بناء على ما ذكره والده فى شرح التسهيل من أن القائل بقياسه يخصّه بالفعل الذى ليس له فعيل بمعنى فاعل.

ونبّه المصنف بقوله : نحو : «فتاة أو فتى كحيل» على أن فعيلا بمعنى مفعول يستوى فيه المذكّر والمؤنّث ، وستأتى هذه المسألة مبيّنة فى باب التأنيث ، إن شاء الله تعالى.

وزعم المصنف فى التسهيل أن فعيلا ينوب عن مفعول : فى الدلالة على معناه ، لا فى العمل ؛ فعلى هذا لا تقول : «مررت برجل جريح عبده» فترفع «عبده» بجريح ، وقد صرّح غيره بجواز هذه المسألة.

* * *


الصّفة المشبّهة باسم الفاعل

صفة استحسن جرّ فاعل

معنى بها المشبهة اسم القاعل (١)

قد سبق أن المراد بالصفة : ما دلّ على معنى وذات ، وهذا يشمل : اسم الفاعل ، واسم المفعول ، وأفعل التفضيل ، والصفة المشبهة.

وذكر المصنف أن علامة الصفة المشبهة (٢) استحسان جرّ فاعلها بها ، نحو : «حسن الوجه ، ومنطلق اللّسان ، وطاهر القلب» والأصل : حسن وجهه ، ومنطلق لسانه ، وطاهر قلبه ؛ فوجهه : مرفوع بحسن [على الفاعلية] ولسانه : مرفوع بمنطلق ، وقلبه : مرفوع بطاهر ، وهذا لا يجوز فى غيرها من الصفات ؛ فلا تقول : «زيد ضارب الأب عمرا» تريد ضارب أبوه عمرا ، ولا «زيد قائم الأب غدا» تريد زيد قائم أبوه غدا ، وقد تقدّم أن اسم المفعول يجوز إضافته إلى مرفوعه ؛ فتقول : «زيد مضروب الأب» وهو حينئذ جار مجرى الصفة المشبهة.

* * *

__________________

(١) «صفة» خبر مقدم «استحسن» فعل ماض مبنى للمجهول «جر» نائب فاعل استحسن ، وجر مضاف و «فاعل» مضاف إليه ، والجملة من الفعل ونائب الفاعل فى محل رفع نعت لصفة «معنى» تمييز ، أو منصوب بنزع الخافض «بها» جار ومجرور متعلق بجر «المشبهة» مبتدأ مؤخر ، وفيه ضمير مستتر فاعل «اسم» مفعول به للمشبهة ، واسم مضاف و «الفاعل» مضاف إليه.

(٢) أشبهت الصفة المشبهة اسم الفاعل من وجهين ؛ الأول : أن كلا منهما يدل على الحدث ومن قام به ، والثانى أن كلا منهما يقبل التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع ، ولما كانت الصفة المشبهة لا تدل على الحدوث الذى يدل عليه اسم الفاعل خالفته نوع مخالفة فى أحد الوجهين ؛ فلذلك انحطت عنه فى العمل ، ولهذا لما خالف أفعل التفضيل اسم الفاعل فى الوجهين جميعا لم يعمل النصب أصلا.


وصوغها من لازم لحاضر

كطاهر القلب جميل الظّاهر (١)

يعنى أن الصفة المشبهة لا تصاغ من فعل متعدّ ؛ فلا [تقول : «زيد قاتل الأب بكرا» تريد قاتل أبوه بكرا ، بل لا] تصاغ إلا من فعل لازم ، نحو : «طاهر القلب ، وجميل الظّاهر» ولا تكون إلا للحال ، وهو المراد بقوله : «لحاضر» ؛ فلا تقول : «زيد حسن الوجه ـ غدا ، أو أمس».

ونبّه بقوله : «كطاهر القلب جميل الظّاهر» على أن الصفة المشبهة إذا كانت من فعل ثلاثى تكون على نوعين ؛ أحدهما : ما وازن المضارع ، نحو : «طاهر القلب» وهذا قليل فيها ، والثانى : ما لم يوزانه ، وهو الكثير ، نحو «جميل الظاهر ، وحسن الوجه ، وكريم الأب» وإن كانت من غير ثلاثى وجب موازنتها المضارع ، نحو «منطلق اللّسان».

* * *

وعمل اسم فاعل المعدّى

لها ، على الحدّ الّذى قد حدّا (٢)

__________________

(١) «صوغها» صوغ : يجوز أن يكون معطوفا على «جر» الواقع نائب فاعل فى البيت السابق ، أى : واستحسن صوغها ـ إلخ ، ويجوز أن يكون مبتدأ خبره محذوف : أى وصوغها واجب من لازم ـ إلخ ، كذا قالوا مقتصرين على هذين الوجهين ، ويجوز عندى أن يكون قوله «صوغها» مبتدأ ، وقوله «من لازم» متعلقا بمحذوف خبر ، وصوغ مضاف وضمير الغائبة العائد إلى الصفة المشبهة مضاف إليه «من لازم لحاضر» جاران ومجروران متعلقان بصوغ من «صوغها» السابق على الوجهين الأولين «كطاهر» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، وطاهر مضاف و «القلب» مضاف إليه «جميل» معطوف على طاهر بعاطف مقدر ، وجميل مضاف و «الظاهر» مضاف إليه.

(٢) «وعمل» مبتدأ ، وعمل مضاف ، و «اسم» مضاف إليه ، و «اسم» مضاف و «فاعل» مضاف إليه ، وفاعل مضاف و «المعدى» مضاف إليه على تقدير


أى : يثبت لهذه الصفة عمل اسم الفاعل المتعدّى ، وهو : الرفع ، والنصب (١) نحو «زيد حسن الوجه» ففى «حسن» ضمير مرفوع هو الفاعل ، و «الوجه» منصوب على التشبيه بالمفعول به ؛ لأن «حسنا» شبيه بضارب فعمل عمله ، وأشار بقوله : «على الحدّ الذى قد حدّا» إلى أن الصفة المشبهة تعمل على الحد الذى سبق فى اسم الفاعل ، وهو أنه لا بد من اعتمادها ، كما أنه لا بد من اعتماده.

* * *

وسبق ما تعمل فيه مجتنب

وكونه ذا سببيّة وجب (٢)

__________________

موصوف محذوف ، تقديره الفعل المعدى «لها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «على الحد» متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن فى الجار والمجرور الواقع خبرا «الذى» نعت للحد ، والجملة من «قد حدا» ونائب الفاعل المستتر فيه لا محل لها صلة الذى.

(١) اعلم أولا أن الصفة المشبهة لا تعمل النصب كما يعمله اسم الفاعل ، لأن اسم الفاعل ينصب المفعول به حقيقة : أى الواقع عليه حدثه ، نحو هذا ضارب عمرا ، فأما الصفة المشبهة فهى مأخوذة من فعل قاصر البتة ، فليس لحدثها من يقع عليه ، ولكن النحاة جعلوا السببى المنصوب بعدها إما تمييزا ، وإما مشبها بالمفعول : فى كونه منصوبا واقعا بعد الدال على الحدث ومرفوعه.

ثم اعلم ثانيا أن الصفة المشبهة تنصب الحال ، والتمييز ، والمستثنى ، وظرف الزمان ، وظرف المكان ، والمفعول معه ، وفى نصبها للمفعول المطلق مقال.

(٢) «وسبق» مبتدأ ، وسبق مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه ، والجملة من «تعمل» وفاعله المستتر فيه لا محل لها صلة «فيه» متعلق بتعمل «مجتنب» خبر المبتدأ «وكونه» كون : مبتدأ والهاء مضاف إليه ، من إضافة المصدر الناقص إلى اسمه «ذا» خبر الكون الناقص ، وذا مضاف و «سببية» مضاف إليه «وجب» فعل ماض والفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ


لما كانت الصفة المشبهة فرعا فى العمل عن اسم الفاعل قصرت عنه ؛ فلم يجز تقديم معمولها عليها ، كما جاز فى اسم الفاعل ؛ فلا تقول : «زيد الوجه حسن» كما تقول : «زيد عمرا ضارب» ولم تعمل إلا فى سببى ، نحو «زيد حسن وجهه» ولا تعمل فى أجنبى ؛ فلا تقول «زيد حسن عمرا» واسم الفاعل يعمل فى السببى ، والأجنبى ، نحو «زيد ضارب غلامه ، وضارب عمرا».

* * *

فارفع بها ، وانصب ، وجرّ ـ مع أل

ودون أل ـ مصحوب أل ، وما اتّصل (١)

بها : مضافا ، او مجرّدا ، ولا

تجرر بها ـ مع أل ـ سما من أل خلا (٢)

__________________

(١) «فارفع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بها» متعلق بارفع «وانصب ، وجر» معطوفان على ارفع ، وقد حذف متعلقيهما لدلالة متعلق الأول عليهما «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من «ها» المجرورة محلا بالباء ، ومع مضاف و «أل» مضاف إليه «ودون أل» دون : ظرف معطوف على قوله «مع أل» السابق «مصحوب أل» مفعول تنازعه كل من الأفعال الثلاثة السابقة ـ وهى : ارفع ، وانصب ، وجر ـ «وما» موصول معطوف على «مصحوب أل» السابق «اتصل» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة.

(٢) «بها» متعلق باتصل فى البيت السابق «مضافا» حال من الضمير المستتر فى «اتصل» «أو مجردا» معطوف على «مضافا» السابق «ولا» الواو عاطفة ، ولا : ناهية «تجرر» فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بها» جار ومجرور متعلق بتجرر «مع أل» ظرف متعلق بمحذوف حال من «ها» المجرور محلا بالباء «سما» مفعول به لتجرر «من أل» متعلق بخلا الآتى «خلا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل نصب صفة لقوله «سما» السابق.


ومن إضافة لتاليها ، وما

لم يخل فهو بالجواز وسما (١)

الصفة المشبهة إما أن تكون بالألف واللام ، نحو «الحسن» أو مجردة عنهما ، نحو «حسن» وعلى كل من التقديرين لا يخلو المعمول من أحوال ستّة :

الأول : أن يكون المعمول بأل ، نحو «الحسن الوجه ، وحسن الوجه».

الثانى : أن يكون مضافا لما فيه أل ، نحو «الحسن وجه الأب ، وحسن وجه الأب».

الثالث : أن يكون مضافا إلى ضمير الموصوف ، نحو «مررت بالرّجل الحسن وجهه ، وبرجل حسن وجهه».

الرابع : أن يكون مضافا إلى مضاف إلى ضمير الموصوف. نحو «مررت بالرّجل الحسن وجه غلامه ، وبرجل حسن وجه غلامه».

الخامس : أن يكون مجردا من أل دون الإضافة ، نحو «الحسن وجه أب ، وحسن وجه أب».

__________________

(١) «ومن إضافة» معطوف على قوله «من أل» فى البيت السابق «لتاليها» الجار والمجرور متعلق بإضافة ، وتالى مضاف وها مضاف إليه «وما» اسم شرط : مبتدأ «لم» نافيه جازمة «يخل» فعل مضارع فعل الشرط ، مجزوم بلم ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «ما» «فهو» الفاء لربط الشرط بالجواب ، هو : ضمير منفصل مبتدأ «بالجواز» متعلق بقوله «وسما» وسم : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ والخبر فى محل جزم جواب الشرط ، وجملتا الشرط والجواب فى محل رفع خبر عن اسم الشرط الواقع مبتدأ.


السادس : أن يكون المعمول مجردا من أل والإضافة ، نحو «الحسن وجها ، وحسن وجها».

فهذه اثنتا عشرة مسألة ، والمعمول فى كل واحدة من هذه المسائل المذكورة : إما أن يرفع ، أو ينصب ، أو يجر.

فيتحصّل حينئذ ستّ وثلاثون صورة.

وإلى هذا أشار بقوله «فارفع بها» أى : بالصفة المشبهة ، «وانصب ، وجر ، مع أل» أى : إذا كانت الصفة بأل ، نحو «الحسن» «ودون أل» أى إذا كانت الصفة بغير أل ، نحو «حسن» «مصحوب أل» المعمول المصاحب لأل ، نحو «الوجه» «وما اتصل بها : مضافا ، أو مجردا» أى : والمعمول المتصل بها ـ أى : بالصفة ـ إذا كان المعمول مضافا ، أو مجردا من الألف واللام والإضافة ، ويدخل تحت قوله : «مضافا» المعمول المضاف إلى ما فيه أل ، نحو «وجه الأب» والمضاف إلى ضمير الموصوف ، نحو «وجهه» والمضاف إلى ما أضيف إلى ضمير الموصوف ، نحو «وجه غلامه» والمضاف إلى المجرد من أل دون الإضافة ، نحو «وجه أب».

وأشار بقوله : «ولا تجرر بها مع أل ـ إلى آخره» إلى أن هذه المسائل ليست كلها على الجواز ، بل يمتنع منها ـ إذا كانت الصفة بأل ـ أربع مسائل :

الأولى : جر المعمول المضاف إلى ضمير الموصوف ، نحو «الحسن وجهه».

الثانية : جر المعمول المضاف إلى ما أضيف إلى ضمير الموصوف ، نحو «الحسن وجه غلامه».


الثالثة : جر المعمول المضاف إلى المجرد من أل دون الإضافة ، نحو «الحسن وجه أب».

الرابعة : جر المعمول المجرد من أل والإضافة ، نحو «الحسن وجه».

فمعنى كلامه «ولا تجرر بها» أى بالصفة المشبهة ، إذا كانت الصفة مع أل ، اسما خلا من أل أو خلا من الإضافة لما فيه أل ، وذلك كالمسائل الأربع.

وما لم يخل من ذلك يجوز جرّه كما يجوز رفعه ونصبه ؛ كالحسن الوجه ، والحسن وجه الأب ، وكما يجوز جرّ المعمول ونصبه ورفعه إذا كانت الصفة بغير أل على كل حال.

* * *


التّعجّب

بأفعل انطق بعد «ما» تعجّبا

أو جىء ي «أفعل» قبل مجرور ببا (١)

وتلو أفعل انصبنّه : كـ «ما

أوفى خليلينا ، وأصدق بهما (٢)

للتعجب صيغتان (٣) : إحداهما «ما أفعله» والثانية «أفعل به» وإليهما

__________________

(١) «بأفعل» جار ومجرور متعلق بقوله «انطق» الآتى «انطق» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا «بعد» ظرف متعلق بانطق أيضا ، وبعد مضاف و «ما» مضاف إليه «تعجبا» مفعول لأجله ، أو حال من الضمير المستتر فى «انطق» على التأويل بالمشتق : أى انطق متعجبا «أو» عاطفة «جىء» فعل أمر معطوف على انطق «بأفعل» جار ومجرور متعلق بجىء «قبل» ظرف متعلق بجىء أيضا ، وقبل مضاف و «مجرور» مضاف إليه «بيا» جار ومجرور متعلق بمجرور ، وقصر المجرور للضرورة.

(٢) «وتلو» مفعول لفعل محذوف يفسره ما بعده ، أى : انصب تلو ـ إلخ ، وتلو مضاف و «أفعل» قصد لفظه : مضاف إليه «انصبنه» انصب : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والنون للتوكيد ، والهاء مفعول به «كما» الكاف جارة لقول محذوف ، كما سبق غير مرة ، ما : تعجبية مبتدأ «أوفى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره هو يعود إلى «ما» «خليلينا» خليلى : مفعول به لأوفى ، منصوب بالياء المفتوح ما قبلها تحقيقا المكسور ما بعدها تقديرا لأنه مثنى ، وهو مضاف ونامضاف إليه ، والجملة من الفعل والفاعل فى محل رفع خبر المبتدأ «وأصدق» فعل ماض جاء على صورة الأمر «بهما» الباء زائدة ، والضمير فاعل أصدق.

(٣) هاتان الصيغتان هما اللتان عقد النحاة باب التعجب لبيانهما ، فأما العبارات الدالة ـ بحسب اللغة ـ على إنشاء التعجب فكثيرة : منها قياسى ، ومنها سماعى ، فالقياسى : أن تحول الفعل الذى تريد التعجب من مدلوله إلى صيغة فعل ـ بضم العين ـ وسيأتى ذكر هذا فى باب نعم وبئس ، وأما السماعى فنحو قولهم : لله دره فارسا! وقولهم : سبحان الله.


أشار المصنف بالبيت الأول ، أى : انطق بأفعل بعد «ما» للتعجب ، نحو : «ما أحسن زيدا ، وما أوفى خليلينا» أوجىء بأفعل قبل مجرور ببا ، نحو : «أحسن بالزّيدين ، وأصدق بهما».

فما : مبتدأ ، وهى نكرة تامة عند سيبويه ، و «أحسن» فعل ماض ، فاعله ضمير مستتر عائد على «ما» و «زيدا» مفعول أحسن ، والجملة خبر عن «ما» ، والتقدير «شىء أحسن زيدا» أى جعله حسنا ، وكذلك «ما أوفى خليلينا».

وأما أفعل ففعل أمر (١) ومعناه التعجب ، لا الأمر ، وفاعله المجرور بالباء ، والباء زائدة.

واستدل على فعلية أفعل بلزوم نون الوفاية له إذا اتصلت به ياء المتكلم ، نحو : «ما أفقرنى إلى عفو الله» وعلى فعلية «أفعل» بدخول نون التوكيد عليه فى قوله :

(٢٦٨) ـ

ومستبدل من بعد غضبى صريمة

فأحر به من طول فقر وأحريا

__________________

(١) المشهور عند النحاة البصريين أنها فعل ماض جاء على صورة الأمر ، والمجرور بالباء الزائدة وجوبا هو فاعله ، وأصل الكلام «أحسن زيد» أى صار ذا حسن ، ثم أرادوا أن يدلوا به على إنشاء التعجب ، فحولوا الفعل إلى صورة الأمر ليكون بصورة الإنشاء ، ثم أرادوا أن يسندوه إلى زيد فاستقبحوا إسناد صورة الأمر إلى الاسم الظاهر ، فزادوا الباء ليكون على صورة الفضلة نحو : امرر بزيد ، ثم التزموا ذلك.

٢٦٨ ـ هذا البيت مما استشهد به ثعلب ، ولم يعزه لقائل معين ، وأنشده فى اللسان (غ ض ب) عن ابن الأعرابى ، ولم يعزه إلى قائل معين ، وروى صدره


 ..........................................................................

__________________

«ومستخلف من بعد غضبى» وقد أنشده ابن السكيت فى كتاب الألفاظ (ص ٣٧) كما أنشده صاحب اللسان.

اللغة : «غضبى» ـ بفتح الغين وسكون الضاد المعجمتين وفتح الباء الموحدة ـ اسم للمائة من الإبل ، وهى معرفة لا تنون ولا تدخل عليها أل ، ذكر ذلك الجوهرى والصاغانى وابن سيده والزجاجى ، وقال المجد : إنه تصحيف ، وإن صوابه «غضيا» بالمثناة التحية مقصورا ـ وكأنه سمى بذلك على التشبيه بمنبت الغضى لكثرته «صريمة» تصغير صرمة ـ بكسر أوله ـ وهى القطعة من الإبل ما بين العشرين والثلاثين ، ويقال غير ذلك ، ويجوز أن تقرأ صريمة بفتح الصاد ، والصريمة : القطعة من النخل والإبل أيضا ، ومن الأول قول عمر رضى الله عنه «أدخل رب الصريمة والغنيمة» يريد صاحب الإبل القليلة والغنم القليلة.

الإعراب ، «ومستبدل» الواو واو رب ، مستبدل : مبتدأ مرفوع تقديرا ، وفيه ضمير مستتر فاعله «من بعد» جار ومجرور متعلق بمستبدل ، وبعد مضاف ، و «غضبى» مضاف إليه «صريمة» مفعول به لمستبدل «فأحر» أحر : فعل ماض جاء على صورة الأمر «به» الباء زائدة ، والضمير فاعل أحر «من طول» جار ومجرور متعلق بأحر ، و «من» فيه بمعنى الباء ، ويروى «لطول فقر» وطول مضاف و «فقر» مضاف إليه «وأحريا» الواو عاطفة ، وأحريا : فعل ماض جاء على صورة الأمر ، والألف منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة فى الوقف.

الشاهد فيه : قوله «وأحريا» حيث أكد صيغة التعجب بالنون الخفيفة ، وقد علمت أن نون التوكيد يختص دخولها بالأفعال ، فيكون ذلك دليلا على فعلية صيغة التعجب ، خلافا لمن ادعى اسميتها.

فإن قلت : ألسنم تدعون أن هذه الصيغة فعل ماض؟ فإذا كان هذا صحيحا فما بال نون التوكيد ـ كما تدعون ـ قد اتصلت به ، ونون التوكيد ـ فيما نعلم ـ إنما تتصل بالأمر والمضارع؟

قلنا : الجواب على ذلك من وجهين ، أحدهما : أن اتصال نون التوكيد بالفعل الماضى ـ وإن يكن نادرا ـ ليس كاتصالها بالاسم ، فإن اشتراك الماضى مع المضارع


أراد «وأحرين» بنون التوكيد الخفيفة ، فأبدلها ألفا فى الوقف.

وأشار بقوله : «وتلو أفعل» إلى أن تالى «أفعل» ينصب لكونه مفعولا ، نحو «ما أوفى خليلينا».

ثم مثّل بقوله : «وأصدق بهما» للصيغة الثانية.

وما قدمناه من أن «يا» نكرة تامة هو الصحيح ، والجملة التى بعدها خبر عنها ، والتقدير : «شىء أحسن زيدا» أى جعله حسنا ، وذهب الأخفش إلى أنها موصولة والجملة التى بعدها صلتها ، والخبر محذوف ، والتقدير : «الّذى أحسن زيدا شىء عظيم» وذهب بعضهم إلى أنها استفهامية ، والجملة التى بعدها خبر عنها ، والتقدير : «أىّ شىء أحسن زيدا؟» وذهب بعضهم إلى أنها نكرة موصوفة ، والجملة التى بعدها صفة لها ، والخبر محذوف ، والتقدير : «شىء أحسن زيدا عظيم».

* * *

وحذف ما منه تعجّبت استبح

إن كان عند الحذف معناه يضح (١)

__________________

والأمر فى الفعلية يجعل بينه وبينهما قربا واتصالا ، فسهل ـ من أجل هذا ـ دخول النون عليه ، والثانى : أنه إنما ألحقت النون هذه الصيغة مراعاة لصورتها ، فإنها فى صورة فعل الأمر وإن يكن معناها معنى الماضى ، وهذا على المشهور عند الجمهور ، وقد ذكر الشارح أنها فعل أمر ، فلا يرد هذا الاعتراض عليه.

(١) «حذف» مفعول به مقدم على عامله ، وهو قوله استبح الآتى ، وحذف مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «منه» جار ومجرور متعلق بتعجب «تعجبت» فعل وفاعله ، والجملة لا محل لها صلة «اسنبح» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إن» شرطية «كان» فعل ماض ناقص ، فعل الشرط «عند» ظرف متعلق بقوله «يضح» الآتى ، وعند مضاف و «الحذف» مضاف


يجوز حذف المتعجّب منه ، وهو المنصوب بعد أفعل والمجرور بالباء بعد أفعل ، إذا دلّ عليه دليل ؛ فمثال الأول قوله :

(٢٦٩) ـ

أرى أمّ عمرو دمعها قد تحدّرا

بكاء على عمرو ، وما كان أصبرا

__________________

إليه «معناه» معنى : اسم كان ، وهو مضاف والهاء مضاف إليه ، والجملة من «يضح» وفاعله المستتر فيه فى محل نصب خبر كان ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.

٢٦٩ ـ البيت لامرىء القيس بن حجر الكندى.

اللغة : «أم عمرو» يريد به عمرو بن قميئة اليشكرى صاحبه فى سفره إلى قيصر الروم «تحدرا» انصب ، وانسكب.

المعنى : يقول : إن عهدى بأم عمرو أن أراها صابرة متجلدة ، فما بالها اليوم قد كثر بكاؤها على عمرو؟!.

الإعراب : «أرى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «أم» مفعول به لأرى ، وأم مضاف و «عمرو» مضاف إليه «دمعها» دمع : مبتدأ ، ودمع مضاف وها مضاف إليه ، والجملة من «تحدرا» وفاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل نصب حال من أم عمرو ، لأن «أرى» بصرية فلا تحتاج لمفعول ثان «بكاء» مفعول لأجله «على عمرو» جار ومجرور متعلق ببكاء «وما» تعجبية مبتدأ «كان» زائدة «أصبرا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره هو يعود على ما التعجبية ، والمفعول محذوف ، أى : أصبرها ، والجملة فى محل رفع خير المبتدأ وهو ما التعجبية.

الشاهد فيه : قوله «وما كان أصبرا» حيث حذف المتعجب منه ، وهو الضمير المنصوب الذى يقع مفعولا به لفعل التعجب كما قدرناه.

ومثل هذا البيت ما ينسب إلى أبى السبطين على بن أبى طالب :

جزى الله قوما قاتلوا فى لقائهم

لدى الرّوع قوما ما أعزّ وأكرما

يريد ما أعزهم وأكرمهم ، فحذف الضميرين.


التقدير : «وما كان أصبرها» فحذف الضمير وهو مفعول أفعل ؛ للدلالة عليه بما تقدم ، ومثال الثانى قوله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) التقدير ـ والله أعلم ـ وأبصر بهم ، فحذف «بهم» لدلالة ما قبله عليه ، وقول الشاعر :

(٢٧٠) ـ

فذلك إن يلق المنيّة يلقها

حميدا ، وإن يستغن يوما فأجدر

__________________

٢٧٠ ـ البيت لعروة بن الورد ، الملقب بعروة الصعاليك.

المعنى : هذا الفقير ـ الذى وصفه فى أبيات سابقة ـ إذا صادف الموت صادفه محمودا ، وإن يستغن يوما فما أحقه بالغنى وما أجدره باليسار!.

الإعراب : «فذلك» اسم الإشارة مبتدأ ، واللام للدلالة على بعد المشار إليه ، والكاف حرف يدل على الخطاب «إن» شرطية «يلق» فعل مضارع ، فعل الشرط وفاعله ضمير مستتر فيه «المنية» مفعول به ليلق «يلقها» يلق : فعل مضارع ، جواب الشرط ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو فاعل ، وها : مفعول به ، وجملة الشرط وجوابه فى محل رفع خبر المبتدأ «حميدا» حال من فاعل «يلق» المستتر فيه «وإن» شرطية «يستغن» فعل مضارع ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو فاعل «يوما» ظرف زمان متعلق بيستغن «فأجدر» الفاء لربط الجواب بالشرط ، أجدر : فعل ماض جاء على صورة الأمر ، وقد حذف فاعله والباء التى تدخل عليه ، والأصل : فأجدر به ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط.

الشاهد فيه : قوله «فأجدر» حيث حذف المتعجب منه ، وهو فاعل «أجدر» كما أوضحناه فى الإعراب.

واعلم أن الحذف إنما يكثر إذا كان «أفعل» معطوفا على مثله قد ذكر معه المتعجب منه ، نحو قوله تعالى (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) أى بهم ، أما فى مثل هذا البيت فالحذف شاذ ؛ لعدم وجود المعطوف عليه المشتمل على مثل المحذوف.

ثم اعلم أن ما ذكرناه ـ من أنه يكثر حذف المتعجب منه فى صيغة «أفعل به» إذا كان قد عطف على مماثل مشتمل على مثل المحذوف ـ هو رأى جماعة من النحاة ، وهؤلاء يخصون الدليل الدال على المحذوف بالمعطوف عليه ، بالشرط المذكور ، ومنهم من ذهب إلى أن العبرة بوضوح المقصد ، سواء أكان بالعطف أم بغيره ، وعلى هذا لا يكون الحذف من بيت الشاهد شاذا ، فاعرف ذلك.


أى : فأجدر به [فحذف المتعجب منه بعد «أفعل» وإن لم يكن معطوفا على أفعل مثله ، وهو شاذ].

* * *

وفى كلا الفعلين قدما لزما

منع تصرّف بحكم حتما (١)

لا يتصرف فعلا التعجب ، بل يلزم كل منهما طريقة واحدة ؛ فلا يستعمل من أفعل غير الماضى ، ولا من أفعل غير الأمر ، قال المصنف : وهذا مما لا خلاف فيه.

وصغهما من ذى ثلاث ، صرّفا ،

قابل فضل ، تمّ ، غير ذى انتفا (٢)

وغير ذى وصف يضاهى أشهلا ،

وغير سالك سبيل فعلا (٣)

يشترط فى الفعل الذى يصاغ منه فعلا التعجب شروط سبعة :

__________________

(١) «وفى كلا» جار ومجرور يتعلق بقوله «لزما» الآتى ، وكلا مضاف و «الفعلين» مضاف إليه «قدما» ظرف متعلق بلزم «لزما» لزم : فعل ماض ، والألف للاطلاق «منع» فاعل لزم ، ومنع مضاف و «تصرف» مضاف إليه «بحكم» جار ومجرور متعلق بلزم ، والجملة من «حتما» ونائب الفاعل المستتر فيه فى محل جر صفة لحكم.

(٢) «وصغهما» صغ : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والضمير البارز المتصل مفعول به «من ذى» جار ومجرور متعلق بصغ ، وذى مضاف و «ثلاث» مضاف إليه ، والجملة من «صرفا» ونائب الفاعل المستتر فيه فى محل جر صفة لذى ثلاث «قابل فضل ، تم ، غير ذى انتفا» نعوت أيضا لذى ثلاث : بعضها مفرد ، وبعضها جملة.

(٣) «وغير» معطوف على «غير» فى البيت السابق ، وغير مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «وصف» مضاف إليه ، وجملة «يضاهى أشهلا» فى محل جر صفة لوصف «وغير» عطف على غير السابق ، وغير مضاف و «سالك» مضاف إليه ، وفيه ضمير مستتر فاعل «سبيل» مفعول به لسالك ، وسبيل مضاف و «فعلا» قصد لفظه : مضاف إليه.


أحدها : أن يكون ثلاثيا ؛ فلا يبنيان مما زاد عليه ، نحو دحرج وانطلق واستخرج.

الثانى : أن يكون متصرفا ؛ فلا يبنيان من فعل غير متصرف ، كنعم ، وبئس ، وعسى ، وليس.

الثالث : أن يكون معناه قابلا للمفاضلة ؛ فلا يبنيان من «مات» و «فنى» ونحوهما ؛ إذ لا مزية فيهما لشىء على شىء.

الرابع : أن يكون تامّا ، واحترز بذلك من الأفعال الناقصة ، نحو «كان» وأخواتها ؛ فلا تقول «ما أكون زيدا قائما» وأجازه الكوفيون.

الخامس : أن لا يكون منفيّا ، واحترز بذلك من المنفى : لزوما ، نحو «ما عاج فلان بالدّواء» أى : ما انتفع به ، أو جوازا نحو «ما ضربت زيدا».

السادس : أن لا يكون الوصف منه على أفعل ، واحترز بذلك من الأفعال الدالة على الألوان : كسود فهو أسود ، وحمر فهو أحمر ، والعيوب كحول فهو أحول ، وعور فهو أعور ؛ فلا تقول «ما أسوده» ولا «ما أحمره» ولا «ما أحوله» ولا «ما أعوره» ولا «أعور به» ولا «أحول به».

السابع : أن لا يكون مبنيّا للمفعول نحو : «ضرب زيد» ؛ فلا تقول «ما أضرب زيدا» تريد التعجب من ضرب أوقع به ؛ لئلا يلتبس بالتعجب من ضرب أوقعه.

وأشدد ، او أشدّ ، أو شبههما

يخلف ما بعض الشّروط عدما (١)

__________________

(١) «وأشدد» قصد لفظه : مبتدأ «أو أشد» معطوف عليه «أو شبههما» معطوف على أشد «يخلف» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة من الفعل وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ «ما» اسم موصول : مفعول به ليخلف «بعض» مفعول به مقدم على عامله ، وهو قوله «عدم» الآتى ، وبعض مضاف و «الشروط»


ومصدر العادم ـ بعد ـ ينتصب

وبعد أفعل جرّه بالبا يجب (١)

يعنى أنه يتوصّل إلى التعجب من الأفعال التى لم تستكمل الشروط بأشدد ونحوه وبأشدّ ونحوه ، وينصب مصدر ذلك الفعل العادم الشروط بعد «أفعل» مفعولا ، ويجر بعد «أفعل» بالباء ؛ فتقول «ما أشدّ دحرجته ، واستخراجه» و «أشدد بدحرجته ، واستخراجه» ، و «ما أقبح عوره ، وأقبح بعوره ، وما أشدّ حمرته ، وأشدد بحمرته».

* * *

وبالنّدور احكم لغير ما ذكر

ولا تقس على الّذى منه أثر (٢)

__________________

مضاف إليه «عدما» فعل ماض ، والألف للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة «ما» الموصولة.

(١) «ومصدر» مبتدأ ، ومصدر مضاف و «العادم» مضاف إليه «بعد» ظرف متعلق بينتصب الآتى «ينتصب» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «وبعد» ظرف متعلق بقوله : «يجب» الآتى ، وبعد مضاف و «أفعل» مضاف إليه «جره» جر : مبتدأ ، وجر مضاف والهاء مضاف إليه «بالبا» قصر للضرورة : متعلق بجر ، والجملة من «يجب» وفاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) «بالندور» جار ومجرور متعلق بقوله : «احكم» الآتى «احكم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لغير» جار ومجرور متعلق باحكم أيضا ، وغير مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «ذكر» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة «ما» «ولا» ناهية «تقس» فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «على الذى» جار ومجرور متعلق بقوله : «تقس» «منه» جار ومجرور متعلق بقوله أثر الآتى


يعنى أنه إذا ورد بناء فعل التعجب من شىء من الأفعال التى سبق أنه لا يبنى منها حكم بندوره ، ولا يقاس على ما سمع منه ، كقولهم «ما أخصره» من «اختصر» فبنوا أفعل من فعل زائد على ثلاثة أحرف وهو مبنى للمفعول ، وكقولهم «ما أحمقه» فبنوا أفعل من فعل الوصف منه على أفعل ، نحو حمق فهو أحمق ، وقولهم «ما أعساه ، وأعس به» فبنوا أفعل وأفعل به من «عسى» وهو فعل غير متصرف.

* * *

وفعل هذا الباب لن يقدّما

معموله ، ووصله بما الزما (١)

وفصله : بظرف ، او بحرف جر

مستعمل ، والخلف فى ذاك استقر (٢)

لا يجوز تقديم معمول فعل التعجب عليه ؛ فلا تقول : «زيدا ما أحسن»

__________________

«أثر» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة «الذى».

(١) «وفعل» مبتدأ ، وفعل مضاف واسم الإشارة من «هذا» مضاف إليه «الباب» بدل أو عطف بيان أو نعت لاسم الإشارة «لن» نافية ناصبة «يقدما» فعل مضارع مبنى للمجهول «معموله» معمول : نائب فاعل يقدم ، ومعمول مضاف ، والهاء مضاف إليه ، والجملة من الفعل ونائب الفاعل فى محل رفع خبر المبتدأ «ووصله» وصل : مفعول مقدم لقوله : «الزما» الآتى ، ووصل مضاف والضمير مضاف إليه «بما» جار ومجرور متعلق بوصل «الزما» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والألف منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة.

(٢) «وفصله» مبتدأ ومضاف إليه «بظرف» جار ومجرور متعلق بفصل «أو بحرف» معطوف على بظرف ، وحرف مضاف و «جر» مضاف إليه «مستعمل» خبر المبتدأ «والخلف» مبتدأ «فى ذاك» جار ومجرور متعلق بالخلف ، والجملة من «استقر» وفاعله المستتر فيه جوازا فى محل رفع خبر المبتدأ.


ولا «ما زيدا أحسن» ولا «بزيد أحسن» ويجب وصله بعامله ؛ فلا يفصل بينهما بأجنبى ، فلا تقول فى «ما أحسن معطيك الدّرهم» : «ما أحسن الدرهم معطيك» ولا فرق فى ذلك بين المجرور وغيره ؛ فلا تقول : «ما أحسن بزيد مارّا» تريد «ما أحسن مارّا بزيد» ولا «ما أحسن عندك جالسا» تريد «ما أحسن جالسا عندك» فإن كان الظرف أو المجرور معمولا لفعل التعجب ففى جواز الفصل بكل منهما بين فعل التعجب ومعموله خلاف ، والمشهور جوازه ، خلافا للأخفش والمبرد ومن وافقهما ، ونسب الصيمرىّ المنع إلى سيبويه ، ومما ورد فيه الفصل فى النثر قول عمرو بن معد يكرب : «لله درّ بنى سلبم ما أحسن فى الهيجاء لقاءها ، وأكرم فى اللّزبات عطاءها ، وأثبت فى المكرمات بقاءها» وقول على كرم الله وجهه ، وقد مرّ بعمّار فمسح التراب عن وجهه : «أعزز علىّ أبا اليقظان أن أراك صريعا مجدّلا» ، ومما ورد منه من النظم قول بعض الصحابة رضى الله عنهم :

(٢٧١) ـ

وقال نبىّ المسلمين : تقدّموا

وأحبب إلينا أن تكون المقدّما

__________________

(٢٧١) ـ البيت للعباس بن مرداس ، أحد المؤلفة قلوبهم الذين أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبى حنين مائة من الإبل.

الإعراب : «وقال» فعل ماض «نبى» فاعل ، ونبى مضاف و «المسلمين» مضاف إليه «تقدموا» فعل أمر وفاعله ، والجملة فى محل نصب مقول القول «وأحبب» فعل ماض جاء على صورة الأمر ، فعل تعجب «إليتا» جار ومجرور متعلق بأحبب «أن» مصدرية «تكون» فعل مضارع ناقص منصوب بأن ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت هو اسمه «المقدما» خبر تكون ، و «أن» المصدرية وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مجرور بباء زائدة مقدرة ، وهو فاعل فعل التعجب ، وأصل الكلام : وأحبب إلينا بكونك المقدما.


وقوله :

(٢٧٢) ـ

خليلىّ ما أحرى بذى اللّبّ أن يرى

صبورا ، ولكن لا سبيل إلى الصّبر

__________________

الشاهد فيه : قوله «إلينا» حيث فصل به بين فعل التعجب الذى هو «أحبب» وفاعله الذى هو المصدر المنسبك من الحرف المصدرى ومعموله ، وهذا الفاصل جار ومجرور معمول لفعل التعجب ، وذلك جائز فى الأصح من مذاهب النحويين.

ومثل هذا البيت فى كل ما اشتمل عليه من هذا الباب قول الآخر :

أخلق بذى الصّبر أن يحظى بحاجته

ومدمن القرع للابواب أن يلجا

فإن المصدر المنسبك من «أن يحظى بحاجته» مجرور بياء زائدة ، وهو فاعل أخلق ، وقد فصل بينهما بقوله : «بذى الصبر».

٢٧٢ ـ البيت مما احتج به كثير من النحاة ـ منهم الجرمى ـ ولم ينسبه أحد منهم إلى قائل معين.

الإعراب : «خليلى» منادى حذف منه حرف النداء ، وياء المتكلم مضاف إليه «ما» تعجيبة مبتدأ «أحرى» فعل ماض دال على التعجب ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره هو يعود على «ما» التعجبية فاعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «بذى» جار ومجرور متعلق بأحرى ، وذى مضاف و «اللب» مضاف إليه «أن» مصدرية «يرى» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا ، وهو المفعول الأول «صبورا» مفعول ثان ليرى إذا قدرتها علمية ؛ فإذا قدرتها بصرية اكتفت بمفعول واحد هو نائب الفاعل ، ويكون قوله : «صبورا» حالا من نائب الفاعل ، و «أن» المصدرية وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مفعول به لفعل التعجب «ولكن» حرف استدراك «لا» نافية للجنس «سبيل» اسم لا «إلى الصبر» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لا ، أو الجار والمجرور متعلق بسبيل أو بمحذوف صفة له ، وعلى هذين الوجهين يكون خبر لا محذوفا.

الشاهد فيه : قوله «بذى اللب» حيث فصل به بين فعل التعجب وهو «أحرى» ومفعوله وهو المصدر المنسبك من الحرف المصدرى ومعموله ، وهذا الفاصل جار


 ........................................................................

__________________

ومجرور متعلق بفعل التعجب ، وهذا الفصل جائز فى الأشهر من مذاهب النحاة ، على ما بيناه فى شرح الشاهد السابق ، وقد بين الشارح العلامة من قال بجوازه من النحاة ، ومن قال بمنعه منهم.

ومثل هذا الشاهد قول أوس بن حجر :

أقيم بدار الحزم ما دام حزمها

وأحر ـ إذا حالت ـ بأن أتحوّلا

فقد فصل بالظرف ـ وهو قوله إذا حالت ـ بين فعل التعجب الذى هو قوله : «أحر» وبين معموله الذى هو قوله : «بأن أتحولا» ومن كلام العرب «ما أحسن بالرجل أن يصدق ، وما أقبح به أن يكذب» وفيه الفصل بين فعل التعجب الذى هو «أحسن» و «أقبح» ومعموله الذى هو «أن يصدق» و «أن يكذب» بالجار والمجرور.


نعم وبئس ، وما جرى مجراهما

فعلان غير متصرّفين

نعم وبئس ، رافعان اسمين (١)

مقارنى «أل» أو مضافين لما

قارنها : كـ «نعم عقبى الكرما» (٢)

ويرفعان مضمرا يفسّره

مميّز : كـ «نعم قوما معشره» (٣)

مذهب جمهور النحويين أن «نعم ، وبئس» فعلان ؛ بدليل دخول تاء التأنيث الساكنة عليهما ، نحو «نعمت المرأة هند ، وبئست المرأة دعد» وذهب جماعة من الكوفيين ـ ومنهم الفراء ـ إلى أنهما اسمان ، واستدلوا بدخول حرف الجر عليهما فى قول بعضهم «نعم السّير على بئس العبر» وقول

__________________

(١) «فعلان» خبر مقدم «غير» نعت له ، وغير مضاف و «متصرفين» مضاف إليه «نعم» قصد لفظه : مبتدأ مؤخر «وبئس» معطوف على نعم «رافعان» خبر لمبتدأ محذوف ، أى : هما رافعان ، وفيه ضمير مستتر فاعل «اسمين» مفعول به لقوله : رافعان.

(٢) «مقارنى» نعت لقوله : «اسمين» فى البيت السابق ، ومغارنى مضاف و «أل» قصد لفظه : مضاف إليه «أو» حرف عطف «مضافين» معطوف على قوله : «مقارنى أل» «لما» جار ومجرور متعلق بقوله «مضافين» ، و «قارنها» قارن : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، وها : مفعول به ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «كنعم عقبى الكرما» الكاف جارة لقول محذوف ، نعم : فعل ماض ، عقبى : فاعل ، وعقبى مضاف والكرما : مضاف إليه ، وقصر للضرورة ، وأصله الكرماء.

(٣) «ويرفعان» فعل مضارع ، وألف الاثنين فاعل «مضمرا» مفعول به «يفسره» يفسر : فعل مضارع ، والهاء مفعول به «مميز» فاعل يفسر ، والجملة فى محل نصب نعت لقوله : «مضمرا» ، وقوله : «كنعم قوما معشره» الكاف فيه جارة لقول محذوف ، نعم : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه «قوما» تمييز «معشره» معشر : مبتدأ خبره الجملة التى قبله ، ومعشر مضاف والهاء مضاف إليه.


الآخر «والله ما هى بنعم الولد ، نصرها بكاء ، وبرّها سرقة» وخرّج على جعل «نعم وبئس» مفعولين لقول محذوف واقع صفة لموصوف محذوف ، وهو المجرور بالحرف ، لا «نعم وبئس» ، والتقدير : نعم السّير على عير مقول فيه بئس العير ، وما هى بولد مقول فيه نعم الولد ؛ فحذف الموصوف والصفة ، وأقيم المعمول مقامهما مع بقاء «نعم وبئس» على فعليتهما.

وهذان الفعلان لا يتصرفان ؛ فلا يستعمل منهما غير الماضى ، ولا بدّ لهما من مرفوع هو الفاعل ، وهو على ثلاثة أقسام :

الأول : أن يكون محلّى بالألف واللام ، نحو «نعم الرّجل زيد» ومنه قوله تعالى : (نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) واختلف فى هذه اللام ؛ فقال قوم : هى للجنس حقيقة ، فمدحت الجنس كلّه من أجل زيد ، ثم خصصت زيدا بالذكر ؛ فتكون قد مدحته مرتين ، وقيل : هى للجنس مجازا ، وكأنك [قد] جعلت زيدا الجنس كلّه مبالغة ، وقيل : هى للعهد (١).

الثانى : أن يكون مضافا إلى ما فيه «أل» ، كقوله : «نعم عقبى الكرما» ، ومنه قوله تعالى : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ)

الثالث : أن يكون مضمرا مفسّرا بنكرة بعده منصوبة على التمييز ، نحو

__________________

(١) العهد ـ عند من قال إن أل فى فاعل نعم وبئس للعهد ـ قيل : هو العهد الذهنى لأن مدخولها فرد مبهم ، وذلك كقول القائل : ادخل السوق ، واشتر اللحم ، ثم بعد ذلك فسر هذا الفرد المبهم بزيد تفخيما ؛ لقصد المدح أو الذم ، ومن الناس من ذهب إلى أن العهد هو العهد الخارجى ، والمعهود هو الفرد المعين الذى هو المخصوص بالمدح أو الذم ؛ فالرجل فى «نعم الرجل زيد» هو زيد ، وكأنك قلت : نعم زيد هو ، فوضعت الظاهر ـ وهو المخصوص ـ موضع المضمر ، قصدا إلى زيادة التقرير والتفخيم.


«نعم قوما معشره» ففى «نعم» ضمير مستتر يفسره «قوما» و «معشره» مبتدأ ، وزعم بعضهم أن «معشره» مرفوع بنعم وهو الفاعل ، ولا ضمير فيها ، وقال بعض هؤلاء : إن «قوما» حال ، وبعضهم : إنه تمييز ، ومثل «نعم قوما معشره» قوله تعالى : (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) وقول الشاعر :

(٢٧٣) ـ

لنعم موئلا المولى إذا حذرت

بأساء ذى البغى واستيلاء ذى الإحن

وقول الآخر :

(٢٧٤) ـ

تقول عرسى وهى لى فى عومره :

بئس امرأ ، وإنّنى بئس المره

* * *

__________________

٢٧٣ ـ البيت من الشواهد التى لا يعلم قائلها.

اللغة : «موئلا» الموئل هو الملجأ والمرجع «حذرت» مبنى للمجهول ـ أى : خيفت «بأساء» هى الشدة «الإحن» جمع إحنة ـ بكسر الهمزة فيهما ـ وهى الحقد وإضمار العداوة.

الإعراب : «نعم» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه «موئلا» تمييز «المولى» مبتدأ ، والجملة قبله فى محل رفع خبره ، أو هو خبر لمبتدأ محذوف وجوبا ، والتقدير : الممدوح المولى «إذا» ظرف زمان متعلق بنعم «حذرت» حذر : فعل ماض مبنى للمجهول ، والتاء للتأنيث «بأساء» نائب فاعل حذر ، وبأساء مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «البغى» مضاف إليه «واستيلاء» الواو عاطفة ، واستيلاء : معطوف على بأساء ، واستيلاء مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «الإحن» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «لنعم موئلا» فإن «نعم» قد رفع ضميرا مستترا ، وقد فسر التمييز ـ الذى هو قوله موئلا ـ هذا الضمير.

٢٧٤ ـ البيت لراجز لم يعينه أحد ممن اطلعنا على كلامهم.


وجمع تمييز وفاعل ظهر

فيه خلاف عنهم قد اشتهر (١)

اختلف النحويّون فى جواز الجمع بين التمييز والفاعل الظاهر فى «نعم» وأخواتها ؛ فقال قوم : لا يجوز ذلك ، وهو المنقول عن سيبويه ؛ فلا تقول : «نعم الرّجل رجلا زيد» ، وذهب قوم إلى الجواز ، واستدلّوا بقوله :

__________________

اللغة : «عرسى» عرس الرجل ـ بكسر أوله ـ امرأته «عومرة» صياح وجلبة وصخب.

الإعراب : «تقول» فعل مضارع «عرسى» عرس : فاعل ، وعرس مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «وهى» الواو واو الحال ، هى : ضمير منفصل مبتدأ «لى ، فى عومرة» متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ والخبر فى محل نصب حال «بئس» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه «امرأ» تمييز ، وجملة الفعل وفاعله فى محل نصب مقول القول «وإننى» الواو حرف عطف ، إن : حرف توكيد ونصب ، والنون للوقاية ، وياء المتكلم اسم إن «بئس» فعل ماض «المره» فاعل ، وجملة الفعل وفاعله ـ بحسب الظاهر ـ فى محل رفع خبر إن ، وعند التحقيق فى محل نصب مقول لقول محذوف يقع خبرا لإن ، وتقدير الكلام : وإننى مقول فى حقى : بئس المره ، وجملة «إن» واسمه وخبره فى محل نصب معطوفة على جملة مقول القول.

الشاهد فيه : «بئس امرأ» حيث رفع «بئس» ضميرا مستترا ، وقد فسر التمييز الذى بعده ـ وهو قوله امرأ ـ هذا الضمير ، وقد وقع فيه ما ظاهره أن خبر إن جملة إنشائية ، وهى جملة «بئس المرة» وذلك شاذ أو مؤول على تقدير قول محذوف يقع خبرا لإن ، وتقع هذه الجملة معمولة له ، وانظر مطلع باب إن وأخواتها فى الجزء الأول من هذا الكتاب.

(١) «وجمع» مبتدأ أول ، وجمع مضاف و «تمييز» مضاف إليه «وفاعل» معطوف على تمييز ، وجملة «ظهر» وفاعله المستتر فيه فى محل جر صفة لفاعل «فيه» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «خلاف» مبتدأ ثان مؤخر ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول الذى هو جمع «عنهم» جار ومجرور متعلق باشتهر الآتى ، وجملة «قد اشتهر» وفاعله المستتر فيه العائد إلى خلاف فى محل رفع صفة لخلاف.


(٢٧٥) ـ

والتّغلبيّون بئس الفحل فحلهم

فحلا ، وأمّهم زلّاء منطيق

وقوله :

(٢٧٦) ـ

تزوّد مثل زاد أبيك فينا

فنعم الزّاد زاد أبيك زادا

__________________

٢٧٥ ـ البيت لجرير بن عطية ، من كلمة له يهجو فيها الأخطل التغلبى.

اللغة : «زلاء» بفتح الزاى ، وتشديد اللام ، وآخره همزة ـ المرأة إذا كانت قليلة لحم الأليتين «منطيق» المراد به هنا التى تتأزر بما يعظم عجيزتها ، وأراد بذلك الكناية عن كونها ممتهنة ؛ فهى هزيلة ضعيفة الجسم من أجل ذلك.

المعنى : يذمهم بدناءة الأصل ، ولؤم النجار ، وبأنهم فى شدة الفقر ، وسوء العيش ، حتى إن المرأة منهم لتمتهن فى الأعمال ، وتبتذل فى الخدمة ؛ فيذهب عنها اللحم ـ وذلك عند العرب مما تذم به المرأة ـ فتضطر إلى أن تتخذ حشية ـ وهى كساء غليظ خشن ـ تعظم بها أليتها وتكبرها سترا لهزالها ونحافة جسمها.

الإعراب : «التغلبيون» مبتدأ «بئس» فعل ماض لإنشاء الذم «الفحل» فاعل بئس ، والجملة من الفعل والفاعل فى محل رفع خبر مقدم ، وقوله فحل من «فحلهم» مبتدأ مؤخر ، وفحل مضاف والضمير مضاف إليه ، والجملة من المبتدأ وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الذى فى أول الكلام «فحلا» تمييز «وأمهم» الواو للاستئناف ، أو هى عاطفة ، وأم : مبتدأ ، وأم مضاف والضمير مضاف إليه «زلاء» خبر المبتدأ «منطيق» نعت لزلاء ، أو خبر ثان.

الشاهد فيه : قوله «بئس الفحل ... فحلا» حيث جمع فى كلام واحد بين فاعل بئس الظاهر ـ وهو قوله «الفحل» والتمييز ، وهو قوله «فحلا».

٢٧٦ ـ البيت لجرير بن عطية ، من قصيدة له يمدح فيها أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بن مروان.

اللغة : «تزود» أصل معناه : اتخذ زادا ، وأراد منه هنا السيرة الحميدة ، والعيشة الطيبة ، وحسن المعاملة.


وفصّل بعضهم ، فقال : إن أفاد التمييز فائدة زائدة على الفاعل جاز الجمع بينهما ، نحو : «نعم الرّجل فارسا زيد» وإلّا فلا ، نحو : «نعم الرّجل رجلا زيد».

فإن كان الفاعل مضمرا ، جاز الجمع بينه وبين التمييز ، اتفاقا ، نحو : «نعم رجلا زيد».

* * *

__________________

المعنى : سر فينا السيرة الحميدة التى كان أبوك يسيرها ، وعش بيننا العيشة المرضية التى كان يعيشها أبوك ، واتخذ عندنا من الأيادى البارة كما كان يتخذه أبوك ؛ فقد كانت سيرة أبيك عاطرة ، وأنت خليق بأن تقفو أثره.

الإعراب : «تزود» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «مثل» مفعول به لنزود ، ومثل مضاف و «زاد» مضاف إليه ، وزاد مضاف وأبى من «أبيك» مضاف إليه ، وأبى مضاف ، والكاف ضمير المخاطب مضاف إليه «فينا» جار ومجرور متعلق بتزود «فنعم» الفاء للتعليل ، نعم : فعل ماض لإنشاء المدح «الزاد» فاعل نعم ، والجملة من الفعل والفاعل فى محل رفع خبر مقدم «زاد» مبتدأ مؤخر ، وزاد مضاف ، وأبى من «أبيك» مضاف إليه ، وأبى مضاف ، وضمير المخاطب مضاف إليه «زادا» تمييز.

الشاهد فيه : قوله «فنعم الزاد ... زادا» حيث جمع فى الكلام بين الفاعل الظاهر وهو قوله «الزاد» والتمييز وهو قوله «زادا» كما فى البيت السابق ، وذلك غير جائز عند جمهرة البصريين ، وقوم منهم يعربون «زادا» فى آخر هذا البيت مفعولا به لقوله «تزود» الذى فى أول البيت ، وعلى هذا يكون قوله «مثل» حالا من «زادا» وأصله نعت له ، فلما تقدم عليه صار حالا ، وتقديره البيت على هذا : تزود زادا مثل زاد أبيك فينا ، فنعم الزاد زاد أبيك.


و «ما» مميّز ، وقيل : فاعل ،

فى نحو «نعم ما يقول الفاضل» (١)

تقع «ما» بعد «نعم ، وبئس» فتقول : «نعم ما» أو «نعّما» ، و «بئس ما» ومنه قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) وقوله تعالى : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) واختلف فى «ما» هذه ؛ فقال قوم : هى نكرة منصوبة على التمييز ، وفاعل «نعم» ضمير مستتر ، وقيل : هى الفاعل ، وهى اسم معرفة ، وهذا مذهب ابن خروف ، ونسبه إلى سيبويه.

* * *

ويذكر المخصوص بعد مبتدا

أو خبر اسم ليس يبدو أبدا (٢)

يذكر بعد «نعم ، وبئس» وفاعلهما اسم مرفوع ، هو المخصوص بالمدح

__________________

(١) «وما» مبتدأ «مميز» خبر «وقيل» فعل ماض مبنى للمجهول «فاعل» خبر مبتدأ محذوف ، أى : هو فاعل ، مثلا ، والجملة من المبتدأ والخبر فى محل رفع نائب فاعل قيل ، وهذه الجملة هى مقول القول «فى نحو» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من «ما» أو من الضمير فى خبره «نعم» فعل ماض لإنشاء المدح ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، وما : تمييز ، وقبل : ما فاعل ، وجملة «يقول الفاضل» فى محل نصب نعت لما على الأول ، وفى محل رفع نعت لمخصوص بالمدج محذوف ـ تقديره : نعم الشىء يقوله الفاضل ـ على الثانى.

(٢) «ويذكر» فعل مضارع مبنى للمجهول «المخصوص» نائب فاعل «بعد» ظرف متعلق بيذكر ، مبنى غلى الضم فى محل نصب «مبتدا» حال من المخصوص «أو» عاطفة «خبر» معطوف على مبتدأ ، وخبر مضاف و «اسم» مضاف إليه «ليس» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه ، وجملة «يبدو» وفاعله المستتر فيه فى محل نصب خبر ليس ، وجملة ليس واسمه وخبره فى محل جر نعت لقوله اسم ، «أبدا» منصوب على الظرفية ، وعامله يبدو.


أو الذم ، وعلامته أن يصلح لجعله مبتدأ ، وجعل الفعل والفاعل خبرا عنه ، نحو : «نعم الرّجل زيد ، وبئس الرّجل عمرو ، ونعم غلام القوم زيد ، وبئس غلام القوم عمرو ، ونعم رجلا زيد ، وبئس رجلا عمرو» وفى إعرابه وجهان مشهوران :

أحدهما : أنه مبتدأ ، والجملة قبله خبر عنه.

والثانى : أنه خبر مبتدأ محذوف وجوبا ، والتقدير «هو زيد ، وهو عمرو» أى : الممدوح زيد ، والمذموم عمرو.

ومنع بعضهم الوجه الثانى ، وأوجب الأول.

وقيل : هو مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : «زيد الممدوح».

* * *

وإن يقدّم مشعر به كفى

ك «العلم نعم المقتنى والمقتفى» (١)

إذا تقدّم ما يدلّ على المخصوص بالمدح أو الذم أغنى عن ذكره آخرا ، كقوله تعالى فى أيوب : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) أى : نعم العبد أيوب ؛ فحذف المخصوص بالمدح ـ وهو أيوب ـ لدلالة ما قبله عليه.

* * *

__________________

(١) «وإن» شرطية «يقدم» فعل مضارع مبنى للمجهول فعل الشرط «مشعر» نائب فاعل يقدم «به» جار ومجرور متعلق بمشعر «كفى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، وهو جواب الشرط «كالعلم» الكاف جارة لقول محذوف ، العلم : مبتدأ «نعم» فعل ماض لإنشاء المدح «المقتنى» فاعل لنعم «والمقتفى» معطوف على المقتنى ، وجملة نعم وفاعلها فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ والخبر فى محل نصب مقول القول المحذوف المجرور بالكاف ، وتقدير الكلام : كقولك العلم نعم المقتنى.


واجعل كبئس «ساء» واجعل فعلا

من ذى ثلاثة كنعم مسجلا (١)

تستعمل «ساء» فى الذم استعمال «بئس» ؛ فلا يكون فاعلها إلا ما يكون فاعلا لبئس ـ وهو المحلىّ بالألف واللام ، نحو «ساء الرّجل زيد» والمضاف إلى ما فيه الألف واللام ، نحو «ساء غلام القوم زيد» ، والمضمر المفسّر بنكرة بعده ، نحو «ساء رجلا زيد» ومنه قوله تعالى : (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا) ـ ويذكر بعدها المخصوص بالذم ، كما يذكر بعد «يئس» ، وإعرابه كما تقدم.

وأشار بقوله : «واجعل فعلا» إلى أن كلّ فعل ثلاثى يجوز أن يبنى منه فعل على فعل لقصد المدح أو الذم ، ويعامل معاملة «نعم ، وبئس» فى جميع ما تقدم لهما من الأحكام ؛ فتقول : «شرف الرّجل زيد ، ولؤم الرّجل بكر ، وشرف غلام الرجل زيد ، وشرف رجلا زيد».

ومقتضى هذا الإطلاق أنه يجوز فى علم أن يقال : «علم الرّجل زيد» ، بضم عين الكلمة ، وقد مثّل هو وابنه به. وصرّح غيره أنه لا يجوز تحويل «علم ، وجهل ، وسمع» إلى فعل يضم العين ؛ لأن العرب حين استعملتها هذا الاستعمال أبقتها على كسرة عينها ، ولم تحولها إلى الضم ؛ فلا يجوز لنا تحويلها ،

__________________

(١) «واجعل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «كبئس» جار ومجرور متعلق باجعل ، وهو مفعوله الثانى «ساء» قصد لفظه : مفعول أول لاجعل «واجعل» الواو عاطفة ، اجعل : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وهو معطوف على اجعل السابق «فعلا» مفعول أول لاجعل «من ذى» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فعلا ، وذى مضاف و «ثلاثة» مضاف إليه «كنعم» جار ومجرور متعلق باجعل ، وهو مفعوله الثانى «مسجلا» حال من نعم.


بل نبقيها على حالها ، كما أبقوها ؛ فتقول : «علم الرجل زيد ، وجهل الرجل عمرو ، وسمع الرجل بكر».

* * *

ومثل نعم «حبّذا» ، الفاعل «ذا»

وإن ترد ذمّا فقل : «لا حبّذا» (١)

يقال فى المدح : «حبّذا زيد» ، وفى الذم : «لا حبّذا زيد» كقوله :

(٢٧٧) ـ

ألا حبّذا أهل الملا ، غير أنّه

إذا ذكرت مىّ فلا حبّذا هيا

__________________

(١) «ومثل» مبتدأ ، ومثل مضاف و «نعم» قصد لفظه : مضاف إليه «حبذا» قصد لفظه أيضا : خبر المبتدأ «الفاعل ذا» مبتدأ وخبر «وإن» شرطية «ترد» فعل مضارع ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ذما» مفعول به لترد «فقل» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، قل : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لا» نافية «حبذا» فعل وفاعل ، والجملة مقول القول فى محل نصب ، وجملة قل ومعمولاته فى محل جزم جواب الشرط.

٢٧٧ ـ البيت لكنزة ـ بكاف مفتوحة فنون ساكنة ـ أم شملة بن برد المنقرى ، من أبيات تهجو فيها مية صاحبة ذى الرمة ، كذا قال أبو تمام ، وقيل : البيت لذى الرمة نفسه ، قاله التبريزى شارح الحماسة ، وروى بعد بيت الشاهد قوله :

على وجه مىّ مسحة من ملاحة

وتحت الثّياب العار ، لو كان باديا

اللغة : «الملا» بالقصر ـ الفضاء الواسع.

الإعراب : «ألا» أداة استفتاح وتنبيه «حبذا» فعل وفاعل ، والجملة فى محل رفع خبر مقدم «أهل» مبتدأ مؤخر ، وأهل مضاف «الملا» مضاف إليه «غير» نصب على الاستثناء «أنه» أن : حرف توكيد ونصب ، وضمير القصة والشأن اسمه «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «ذكرت» ذكر : فعل ماض مبنى للمجهول ،


واختلف فى إعرابها ؛ فذهب أبو على الفارسى فى البغداديات ، وابن برهان ، وابن خروف ـ وزعم أنه مذهب سيبويه ، وأنّ من نقل عنه غيره فقد أخطأ عليه ـ واختاره المصنف ، إلى أن «حبّ» فعل ماض ، و «ذا» فاعله ، وأما المخصوص فجوز أن يكون مبتدأ ، والجملة قبله خبره ، وجوز أن يكون خبرا لمبتدإ محذوف ، وتقديره «هو زيد» أى : الممدوح أو المذموم زيد ، واختاره المصنف.

وذهب المبرد فى المقتضب ، وابن السراج فى الأصول ، وابن هشام اللّخمى ـ واختاره ابن عصفور ـ إلى أن «حبّذا» اسم ، وهو مبتدأ ، والمخصوص خبره ، أو خبر مقدم ، والمخصوص مبتدأ مؤخر ؛ فركبت «حبّ» مع «ذا» وجعلتا اسما واحدا.

__________________

والتاء للتأنيث «مى» نائب فاعل ذكر ، والجملة من الفعل ونائب الفاعل فى محل جر بإضافة «إذا» إليها «فلا» الفاء واقعة فى جواب إذا ، لا : نافية «حبذا» فعل وفاعل ، والجملة فى محل رفع خبر مقدم «هيا» مبتدأ مؤخر ، وجملة المبتدأ والخبر جواب الشرط ، وجملتا الشرط وجوابه فى محل رفع خبر أن ، وأن وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مجرور بإضافة غير إليه.

الشاهد فيه : قوله «حبذا أهل الملا ، ولا حبذا هيا» حيث استعمل «حبذا» فى صدر البيت فى المدح كاستعمال «نعم» واستعمل «لا حبذا» فى عجز البيت فى الذم كاستعمال «بئس» ، ومثل هذا البيت فى استعمال الكلمتين معا قول الآخر :

ألا حبّذا عاذرى فى الهوى

ولا حبّذا العاذل الجاهل

وقال عمر بن أبى ربيعة المخزومى :

فظلت بمرأى شائق وبمسمع

ألا حبّذا مرأى هناك ومسمع

ومن هنا تعلم أنه لا يشترط فى فاعل «حبذا» ـ إذا اعتبرتها كلها فعلا ماضيا ـ أن يكون مقرونا بأل ، بل لا يشترط فيه أن يكون معرفة.


وذهب قوم ـ منهم ابن درستويه ـ إلى أن «حبذا» فعل ماض ، و «زيد» فاعله ؛ فركبت «حبّ» مع «ذا» وجعلتا فعلا ، وهذا أضعف المذاهب.

* * *

وأول «ذا» المخصوص أيّا كان ، لا

تعدل بذا ؛ فهو يضاهى المثلا (١)

أى : أوقع المخصوص بالمدح أو الذم بعد «ذا» على أى حال كان ، من الإفراد ، والتذكير ، والتأنيث ، والتثنية ، والجمع ، ولا تغير «ذا» لتغيّر المخصوص ، بل يلزم الإفراد والتذكير ، وذلك لأنها أشبهت المثل ، والمئل لا يغير ، فكما تقول «الصّيف ضيّعت اللّبن» للمذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع بهذا اللفظ فلا تغيره ، تقول : «حبّذا زيد ، [وحبذا هند] والزيدان ، والهندان ، والزيدون ، والهندات» فلا تخرج «ذا» عن الإفراد والتذكير ، ولو خرجت لقيل «حبّذى هند ، وحبّذان الزيدان ، وحبّتان الهندان ، وحب أولئك الزيدون ، أو الهندات».

* * *

__________________

(١) «أول» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ذا» مفعول ثان تقدم على المفعول الأول «المخصوص» مفعول أول لأول «أيا» اسم شرط ، خبر لكان مقدم عليه «كان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه يعود إلى المخصوص «لا» ناهية «تعدل» فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بذا» جار ومجرور متعلق بتعدل «فهو» الفاء للتعليل ، هو : ضمير منفصل مبتدأ ، وجملة «يضاهى» وفاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو فى محل رفع خبر المبتدأ «المثلا» مفعول به ليضاهى.


وما سوى «ذا» ارفع بحبّ ، أو فجرّ

بالبا ، ودون «ذا» انضمام الحا كثر (١)

يعنى أنه إذا وقع بعد «حبّ» غير «ذا» من الأسماء جاز فيه وجهان : الرفع بحبّ ، نحو «حبّ زيد» والجر بباء زائدة ، نحو «حبّ بزيد» وأصل حبّ : حبب ، ثم أدغمت الباء فى الباء فصار حبّ.

ثم إن وقع بعد «حبّ» ذا وجب فتح الحاء ؛ فتقول : «حبّ ذا» وإن وقع بعدها غير «ذا» جاز صم الحاء ، وفتحها ؛ فتقول «حبّ زيد» و «حبّ زيد». وروى بالوجهين قوله :

(٢٧٨) ـ

فقلت : اقتلوها عنكم بمزاجها ،

وحبّ بها مقتولة حين تقتل

__________________

(١) «ما» اسم موصول : مفعول تقدم على عامله ، وهو قوله «ارفع» الآنى «سوى» ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول ، وسوى مضاف ، و «ذا» اسم إشارة مضاف إليه «ارفع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بحب» جار ومجرور متعلق بارفع «أو» عاطفة «فجر» الفاء زائدة ، جر : فعل أمر معطوف على ارفع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بالبا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق بقوله جر «ودون» الواو عاطفة ، دون : ظرف متعلق بمحذوف حال ، وصاحب الحال محذوف ، ودون مضاف ، و «ذا» مضاف إليه ، والمراد لفظ ذا «انضمام» مبتدأ ، وانضمام مضاف ، و «الحا» قصر للضرورة : مضاف إليه ، وجملة «كثر» وفاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ ، وتقدير الكلام : وانضمام الحاء من «حب» حال كونه دون «ذا» كثير.

٢٧٨ ـ البيت للأخطل التغلبى ، من كلمة يمدح فيها خالد بن عبد الله بن أسيد ، أحد أجواد العرب.

اللغة : «اقتلوها» الضمير يعود إلى الخمر ، وقتلها : مزجها بالماء ؛ لأنه يدفع سورتها ويذهب بحدتها «وحب بها» يروى فى مكانه «وأطيب بها».


 ........................................................................

__________________

الإعراب : «فقلت» فعل وفاعل «اقتلوها» فعل أمر وفاعله ومفعوله ، والجملة فى محل نصب مقول القول «عنكم ، بمزاجها» متعلقان باقتلوا «وحب» الواو حرف عطف ، حب : فعل ماض دال على إنشاء المدح «بها» الباء حرف جر زائد ، وها : فاعل حب ، مبنى على السكون فى محل رفع «مقتولة» تمييز ، أو حال «حين» ظرف متعلق بحب «تقتل» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى الخمر ، والجملة فى محل جر بإضافة «حين» إليها.

الشاهد فيه : قوله «وحب بها» فإنه يروى بفتح الحاء من «حب» وضمها ، والفاعل غير «ذا» ، وكلا الوجهين ـ فى هذه الحالة ـ جائز ، فإن كان الفاعل «ذا» تعين فتح الحاء ، وقد ذكر الشارح العلامة ـ تبعا للمصنف ـ ذلك مفصلا.

واعلم أولا أن فاعل «حب» هذه يجوز أن يكون مجرورا بالباء كما فى هذا الشاهد وكما فى قول الطرماح بن حكيم :

حبّ بالزّور الّذى لا يرى

منه إلّا صفحة أو لمام

واعلم ثانيا أن هذه الباء زائدة ؛ لأن الفاعل لا يكون إلا مرفوعا كما تعلم ، ولأنه قد ورد من غير الباء فى نحو قول ساعدة بن جؤية :

هجرت غضوب وحبّ من يتجنّب

وعدت عواد دون وليك تشعب

فقد دل بيت ساعدة على أن زيادة الباء فى فاعل «حب» غير واجب ، حيث جاء فيه فاعل حب ـ وهو قوله : «من يتجنب» ـ غير مقترن بالباء.

* * *


أفعل التّفضيل (١)

صغ من مصوغ منه للتّعجّب

«أفعل» للتّفضيل ، وأب اللّذ أبى (٢)

يصاغ من الأفعال التى يجوز التعجب منها ـ للدلالة على التفضيل ـ وصف على وزن «أفعل (٣)» فتقول : «زيد أفضل من عمرو ، وأكرم من خالد» كما تقول «ما أفضل زيدا ، وما أكرم خالدا» وما امتنع بناء فعل التّعجّب منه امتنع بناء أفعل التفضيل منه ؛ فلا يبنى من فعل زائد على ثلاثة أحرف ، كدحرج واستخرج ، ولا من فعل غير متصرف ، كنعم وبئس ، ولا من فعل

__________________

(١) هذه الترجمة صارت فى اصطلاح النحاة اسما لكل ما دل على زيادة ، سواء كانت الزيادة فى فضل كأفضل وأجمل ، أم كانت زيادة فى نقص كأقبح وأسوأ ، والمراد أن أصل الاسم على هذه الزنة ؛ فلا ينافى أن يعرض لها التغيير كما فى خير وشر.

(٢) «صغ» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «من مصوغ» جار ومجرور متعلق بصغ ، وفى الكلام موصوف مقدر ، أى : من فعل مصوغ «منه» جار ومجرور متعلق بمصوغ على أنه نائب فاعل له ، إذ هو اسم مفعول «للتعجب» جار ومجرور متعلق بمصوغ «أفعل» مفعول به لصغ «للتفضيل» جار ومجرور متعلق بصغ «وأب» فعل أمر ، مبنى على حذف الألف ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «اللذ» اسم موصول ـ لغة فى الذى ـ مفعول به لقوله : «ائب» والجملة من «أبى» ونائب الفاعل المستتر فيه لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

(٣) هذا الوصف اسم لقبوله علامات الأسماء ؛ وهو غير منصرف لكونه ملازما للوصفية ووزن الفعل ، ويعرف بأنه «الوصف الموازن للفعل تحقيقا كأفضل أو تقديرا كخير وشر فى نحو قوله تعالى : (أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً) وقوله سبحانه (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) بدليل مجيئه على الأصل فى قول الراجز :

* بلال خير الناس وابن الأخير*

الدال على زيادة صاحبه فى أصل الفعل».


لا يقبل المفاضلة ، كمات وفنى ، ولا من فعل ناقص ، ككان وأخواتها ، ولا من فعل منفى ، نحو «ما عاج بالدّواء ، وما ضرب» ولا من فعل يأتى الوصف منه على أفعل ، نحو «حمر ، وعور» ولا من فعل مبنى للمفعول ، نحو «ضرب ، وجنّ» وشذّ منه قولهم : «هو أخصر من كذا» فبنوا أفعل التفضيل من «اختصر» وهو زائد على ثلاثة أحرف ، ومبنى للمفعول ، وقالوا : «أسود من حلك الغراب ، وأبيض من اللّبن» فبنوا أفعل التفضيل ـ شذوذا ـ من فعل الوصف منه على أفعل.

* * *

وما به إلى تعجّب وصل

لمانع ، به إلى التّفضيل صل (١)

تقدّم ـ فى باب التعجب ـ أنه يتوصّل إلى التعجب من الأفعال التى لم تستكمل الشروط بـ «أشدّ» ونحوها ، وأشار هنا إلى أنه يتوصّل إلى التفضيل من الأفعال التى لم تستكمل الشروط بما يتوصل به فى التعجب ؛ فكما تقول : «ما أشدّ استخراجه» تقول : «هو أشدّ استخراجا من زيد» وكما تقول : «ما أشدّ حمرته» تقول : «هو أشدّ حمرة من زيد» لكن المصدر ينتصب فى باب التعجب بعد «أشدّ» مفعولا ، وههنا ينتصب تمييزا.

* * *

__________________

(١) «وما» اسم موصول : مبتدأ «به» جار ومجرور متعلق بقوله : «وصل» الآتى على أنه نائب فاعل له تقدم عليه ، وإنما ساغ ذلك لأن الجار والمجرور يتوسع فيهما «إلى تعجب» جار ومجرور متعلق بوصل ، وجملة «وصل» ونائب فاعله لا محل لها صلة الموصول «لمانع» جار ومجرور متعلق بوصل أيضا «به إلى التفضيل» يتعلقان بقوله : «صل» الآتى «صل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.


وأفعل التّفضيل صله أبدا

: تقديرا ، او لفظا ، بمن إن جرّدا (١)

لا يخلو أفعل التفضيل عن أحد ثلاثة أحوال ؛ الأوّل : أن يكون مجردا ، الثانى : أن يكون مضافا ، الثالث : أن يكون بالألف واللام.

فإن كان مجردا فلا بد أن يتصل به «من» : لفظا ، أو تقديرا (٢) ، جارّة للمفضّل ، نحو «زيد أفضل من عمرو ، ومررت برجل أفضل من عمرو» وقد تحذف «من» ومجرورها للدلالة عليهما ، كقوله تعالى : (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) أى : وأعزّ منك [نفرا].

وفهم من كلامه أن أفعل التفضيل إذا كان بـ «أل» أو مضافا لا تصحبه «من (٣)» ؛ فلا تقول : «زيد الأفضل من عمرو» ، ولا «زيد أفضل الناس من عمرو».

__________________

(١) «وأفعل» مفعول به لفعل محذوف يفسره ما بعده ، وأفعل مضاف و «التفضيل» مضاف إليه «صله» صل : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به «أبدا» منصوب على الظرفية «تقديرا» حال «أو لفظا» معطوف عليه «بمن» جار ومجرور متعلق بصل «إن» شرطية «جردا» فعل ماض مبنى للمجهول ، فعل الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والألف للاطلاق ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.

(٢) يجوز أن يفصل بين أفعل التفضيل ومن الجارة للمفضول بأحد شيئين ، الأول : معمول أفعل التفضيل ، نحو قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) والثانى : لو الشرطية ومدخولها ، نحو قول الشاعر :

ولفوك أطيب ، لو بذلت لنا ،

من ماء موهبة على خمر

(٣) ربما جاء بعد أفعل التفضيل المقترن بأل أو المضاف من كما فى قول الأعشى ، وسيأتى قريبا ، ونشرحه لك ، وهو الشاهد رقم ٢٨٠.

ولست بالاكثر منهم حصى

وإنّما العزّة للكاثر ـ


وأكثر ما يكون ذلك (١) إذا كان أفعل التفضيل خبرا ، كالآية الكريمة ونحوها ، وهو كثير فى القرآن ، وقد تحذف منه وهو غير خبر ، كقوله :

(٢٧٩) ـ

دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا

فظلّ فؤادى فى هواك مضلّلا

فـ «أجمل» أفعل تفضيل ، وهو منصوب على الحال من التاء فى «دنوت» وحذفت منه «من» ، والتقدير : دنوت أجمل من البدر ، وقد خلناك كالبدر.

__________________

وكما فى قول سعد القرقرة :

نحن بغرس الودىّ أعلمنا

منّا بركض الجياد فى السّدف

كما جاء المجرد من أل والإضافة غير مقرون بمن فى قول امرىء القيس بن حجر الكندى :

عليها فتى لم تحمل الأرض مثله

أبرّ بميثاق ، وأوفى ، وأصبرا

(١) يريد «وأكثر ما يكون حذف من مع أفعل التفضيل المجرد من أل والإضافة إذا كان أفعل خبرا ـ إلخ».

٢٧٩ ـ البيت من الشواهد التى لا يعلم قائلها.

اللغة : «دنوت» قربت «خلناك» ظننا شأنك كذا «كالبدر» مشابهة له «أجملا» أى أكثر جمالا من البدر ، وهو من معمولات دنوت : أى دنوت حال كونك أجمل من البدر وقد خلناك مثل البدر.

الإعراب : «دنوت» فعل وفاعل «وقد» الواو واو الحال ، قد : حرف تحقيق «خلناك» فعل ماض ، وفاعله ، ومفعوله الأول «كالبدر» جار ومجرور متعلق بخلناك وهو مفعول ثان لخال ، والجملة من الفعل ومفعوليه فى محل نصب حال من التاء فى دنوت «أجملا» حال ثانية من التاء «فظل» فعل ماض ناقص «فؤادى» فؤاد : اسم ظل ، وفؤاد مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «فى هواك» الجار والمجرور متعلق بقوله : «مضللا» الآتى ، وهوى مضاف ، والكاف ضمير المؤنثة المخاطبة مضاف إليه «مضللا» خبر ظل.


ويلزم أفعل التفضيل المجرد الإفراد والتذكير ، وكذلك المضاف إلى نكرة ، وإلى هذا أشار بقوله :

وإن لمنكور يضف ، أو جرّدا

ألزم تذكيرا ، وأن يوحّدا (١)

فتقول : «زيد أفضل من عمرو ، وأفضل رجل ، وهند أفضل من عمرو ، وأفضل امرأة ، والزيدان أفضل من عمرو ، وأفضل رجلين ، والهندان أفضل من عمرو ، وأفضل امرأتين ، والزّيدون أفضل من عمرو ، وأفضل رجال ، والهندات أفضل من عمرو ، وأفضل نساء» فيكون «أفعل» فى هاتين الحالتين مذكرا ومفردا ، ولا يؤنث ، ولا يثنّى ، ولا يجمع.

* * *

وتلو «أل» طبق ، وما لمعرفه

أضيف ذو وجهين عن ذى معرفه (٢)

__________________

الشاهد فيه : قوله «أجملا» حيث حذف «من» الجارة للمفضول عليه مع مجرورها ، وأصل الكلام : أجمل منه ، ونظيره بيت امرىء القيس الذى أنشدناه قريبا ص ١٧٧.

(١) «وإن» شرطية «لمنكور» جار ومجرور متعلق بقوله : «يضف» الآنى «يضف» فعل مضارع مبنى للمجهول ، فعل الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى أفعل التفضيل «أو» عاطفة «جردا» معطوف على يضف «ألزم» فعل ماض مبنى للمجهول فى محل جزم جواب الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، وهو المفعول الأول «تذكيرا» مفعول ثان لألزم «وأن» مصدرية «يوحدا» فعل مضارع مبنى للمجهول منصوب بأن ، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والمصدر المنسبك من «أن» المصدرية ومعمولها فى تأويل مصدر منصوب معطوف على قوله : تذكيرا.

(٢) «وتلو» مبتدأ ، وتلو مضاف و «أل» قصد لفظه : مضاف إليه «طبق» خبر المبتدأ «وما» الواو عاطفة ، ما اسم موصول : مبتدأ «لمعرفة» جار ومجرور


هذا إذا نويت معنى «من» وإن

لم تنو فهو طبق ما به قرن (١)

إذا كان أفعل التفضيل بـ «أل» لزمت مطابقته لما قبله : فى الإفراد ، والتذكير ، وغيرهما ؛ فتقول : زيد الأفضل ، والزيدان الأفضلان ، والزيدون الأفضلون ، وهند الفضلى ، والهندان الفضليان ، والهندات الفضّل ، أو الفضليات» ، ولا يجوز عدم مطابقته لما قبله ؛ فلا تقول : «الزيدون الأفضل» ولا «الزيدان الأفضل» ولا «هند الأفضل» ولا «الهندان الأفضل» ولا «الهندات الأفضل» ، ولا يجوز أن تقترن به «من» ؛ فلا تقول : «زيد الأفضل من عمرو» فأما قوله :

__________________

متعلق بقوله : «أضيف» الآتى «أضيف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «ذو» خبر المبتدأ الذى هو ما الموصولة ، وذو مضاف و «وجهين» مضاف إليه «عن ذى» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لوجهين ، وذى مضاف و «معرفة» مضاف إليه ، والتقدير : ذو وجهين منقولين عن ذى معرفة.

(١) «هذا» اسم إشارة مبتدأ ، وخبره محذوف ، وتقديره هذا ثابت ، ونحوه «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «نويت» فعل وفاعل ، والجملة فى محل جر بإضافة «إذا» إليها «معنى» مفعول به لنويت ، ومعنى مضاف و «من» قصد لفظه : مضاف إليه ، وجواب «إذا» محذوف يدل عليه سابق الكلام «وإن» شرطية «لم» نافية جازمة «تنو» فعل مضارع مجزوم بلم ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، ومفعوله محذوف يدل عليه ما قبله ، أى : وإن لم تنو معنى من «فهو» الفاء لربط الشرط بالجواب ، هو : ضمير منفصل مبتدأ «طبق» خبر المبتدأ ، وطبق مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «به» جار ومجرور متعلق بقوله «قرن» الآتى «قرن» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة ، والمراد بمعنى من ـ الذى قد تنويه وقد لا تنويه ـ هو التفضيل.


(٢٨٠) ـ

ولست بالأكثر منهم حصى

وإنّما العزّة للكاثر

فيخرّج على زيادة الألف واللام ، والأصل : ولست بأكثر منهم ، أو جعل «منهم» متعلقا بمحذوف مجرد عن الألف واللام ، لا بما دخلت عليه الألف واللّام ، والتقدير «ولست بالأكثر أكثر منهم».

__________________

٢٨٠ ـ البيت للأعشى ميمون بن قيس ، من كلمة له يهجو فيها علقمة بن علاثة ويمدح عامر بن الطفيل ، وذلك فى المنافرة التى وقعت بينهما ، وأمرها مشهور بين المتأدبين ،

اللغة : «الأكثر حصى» كناية عن كثرة عدد الأعوان والأنصار «العزة» القوة والغلبة «الكاثر» الغالب فى الكثرة ، مأخوذة من قولهم : كثرتهم أكثرهم ـ من باب نصر ـ أى : غلبتهم كثرة.

الإعراب : «لست» ليس : فعل ماض ناقص ، وتاء المخاطب اسمه «بالأكثر» الباء حرف جر زائد ، الأكثر : خبر ليس «منهم» جار ومجرور متعلق ـ فى الظاهر ـ بالأكثر ، وستعرف ما فيه «حصى» تمييز «إنما» أداة حصر «العزة» مبتدأ «للكاثر» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ.

الشاهد فيه : قوله «بالأكثر منهم» فإن ظاهره أنه جمع بين أل الداخلة على اسم التفضيل و «من» الجارة للمفضول عليه ، وقد أجاز الجمع بينهما أبو عمرو الجرمى مستدلا بهذا البيت ونحوه ، ومنعه الجمهور ، ولهم فى تخريج البيت على مذهبهم توجيهات أشار الشارح العلامة إلى اثنين منها ، وهما الثانى والثالث فى كلامنا الذى نذكره

الأول : لا نسلم أن «من» فى قوله : «منهم» هى الجارة للمفضول ، ولكنها تبعيضية ؛ فهى متعلقة بمحذوف ، والتقدير : لست بالأكثر حصى حال كونك منهم : أى بعضهم.

الثانى : أن أل فى قوله : «بالأكثر» زائدة ، والممنوع هو اقتران من بمدخول أل المعرفة.

الثالث : أن «من» ليست متعلقة بالأكثر المذكور فى الكلام ، ولكنها متعلقة بأكثر منكرا محذوفا يدل عليه هذا.


وأشار بقوله : «وما لمعرفة أضيف ـ إلخ» إلى أن أفعل التفضيل إذا أضيف إلى معرفة ، وقصد به التفضيل ، جاز فيه وجهان ؛ أحدهما : استعماله كالمجرد فلا يطابق ما قبله ؛ فتقول : «الزيدان أفضل القوم ، والزيدون أفضل القوم ، وهند أفضل النساء ، والهندان أفضل النساء ، والهندات أفضل النساء» والثانى : استعماله كالمقرون بالألف واللام ؛ فتجب مطابقته لما قبله ؛ فتقول : «الزيدان أفضلا القوم ، والزيدون أفضلو القوم ، وأفاضل القوم ، وهند فضلى النساء ، والهندان فضليا النساء ، والهندات فضّل النساء ، أو فضليات النساء» ، ولا يتعين الاستعمال الأول ، خلافا لابن السراج ، وقد ورد الاستعمالان فى القرآن ؛ فمن استعماله غير مطابق قوله تعالى : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) ومن استعماله مطابقا قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها) وقد اجتمع الاستعمالان فى قوله صلى الله عليه وسلم : «ألا أخبركم بأحبّكم إلىّ ، وأقربكم منّى منازل يوم القيامة : أحاسنكم أخلاقا ، الموطّئون أكنافا ، الذين يألفون ويؤلفون».

والذين أجازوا الوجهين قالوا : الأفصح المطابقة ، ولهذا عيب على صاحب الفصيح (١) فى قوله «فاخترنا أفصحهنّ» قالوا : فكان ينبغى أن يأتى بالفصحى فيقول : «فصحاهنّ».

فإن لم يقصد التفضيل تعيّنت المطابقة ، كقولهم : «النّاقص والأشجّ أعدلا بنى مروان» أى : عادلا بنى مروان.

وإلى ما ذكرناه من قصد التفضيل وعدم قصده أشار المصنف بقوله : «هذا إذا نويت معنى من ـ البيت» أى : جواز الوجهين ـ أعنى المطابقة وعدمها ـ

__________________

(١) هو أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب ، النحوى الكوفى ، وله رسالة صغيرة اشتهرت باسم «فصيح ثعلب».


مشروط بما إذا نوى بالإضافة معنى «من» أى : إذا نوى التفضيل ، وأما إذا لم ينو ذلك فيلزم أن يكون طبق ما اقترن به.

قيل : ومن استعمال صيغة أفعل لغير التفضيل قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) وقوله تعالى : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) أى : وهو هيّن عليه ، وربكم عالم بكم ، وقول الشاعر :

وإن مدّت الأيدى إلى الزّاد لم أكن

بأعجلهم ؛ إذ أجشع القوم أعجل [٧٧](١)

أى : لم أكن بعجلهم ، وقوله :

(٢٨١) ـ

إنّ الّذى سمك السّماء بنى لنا

بيتا دعائمه أعزّ وأطول

__________________

(١) تقدم شرح هذا البيت فى باب النواسخ ، وهو الشاهد رقم ٧٧ ، فانظره هناك فى مباحث زيادة الباء فى خبر الناسخ النافى ، والشاهد فيه هنا قوله «بأعجلهم» فإنه فى الظاهر أفعل تفضيل ، ولكن معناه معنى الوصف الخالى من التفضيل ؛ لأن ذلك ، هو الذى يقتضيه مدح الشاعر نفسه ؛ إذ لو بقى على ظاهره لكان المعنى أنه ينفى عن نفسه أن يكون أسرع الناس إلى الطعام ، وذلك لا ينافى أن يكون سريعا إليه ، وهذا ذم لا مدح.

٢٨١ ـ هذا البيت مطلع قصيدة للفرزدق ، بفتخر فيها على جرير بن عطية بن الخطفى ويهجوه.

اللغة : «سمك» يستعمل فعلا متعديا بمعنى رفع ، ومصدره السمك ، ويستعمل لازما بمعنى ارتفع ، ومصدره السموك «البيت» أراد به بيت المجد والشرف «دعائمه» الدعائم : جمع دعامة ـ بكسر الدال المهملة ـ وهى فى الأصل ما يسد به الحائط إذا مال ليمنعه السقوط.

الإعراب : «إن» حرف توكيد ونصب «الذى» اسم إن ، وجملة «سمك السماء» من الفعل وفاعله المستتر فيه العائد على الاسم الموصول ومفعوله لا محل لها صلة الموصول الواقع اسما لإن ، وجملة «بنى لنا» من الفعل وفاعله المستتر فيه العائد على اسم إن فى


أى : [دعائمه] عزيزة طويلة ، وهل ينقاس ذلك أم لا؟ قال المبرد : ينقاس ، وقال غيره : لا ينقاس ، وهو الصحيح ، وذكر صاحب الواضح أن النحويين لا يرون ذلك ، وأن أبا عبيدة قال فى قوله تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) إنه بمعنى هيّن ، وفى بيت الفرزدق ـ وهو الثانى ـ إن المعنى عزيزة طويلة ، وإن النحويين ردّوا على أبى عبيدة ذلك ، وقالوا : لا حجة فى ذلك [له].

* * *

وإن تكن بتلو «من» مستفهما

فلهما كن أبدا مقدّما (١)

كمثل «ممّن أنت خير»؟ ولدى

إخبار التّقديم نزرا وردا (٢)

__________________

محل رفع خبر إن «بيتا» مفعول به لبنى ، وجملة «دعائمه أعز» من المبتدأ والخبر فى محل نصب صفة لقوله «بيتا» وقوله «وأطول» معطوف على قوله «أعز».

الشاهد فيه : قوله «أعز وأطول» حيث استعمل صيغتى التفضيل فى غير التفضيل ؛ لأنه لا يعترف بأن لجرير بيتا دعائمه عزيزة طويلة حتى تكون دعائم بيته أكثر عزة وأشد طولا ، ولو بقى «أعز وأطول» على معنى التفضيل لتضمن اعترافه بذلك.

(١) «وإن» شرطية «تكن» فعل مضارع ناقص ، فعل الشرط ، واسمه ضمير المخاطب المستتر فيه وجوبا «بتلو» جار ومجرور متعلق بقوله «مستفهما» الآتى ، وتلو مضاف و «من» قصد لفظه : مضاف إليه «مستفهما» خبر «تكن» «فلهما» الفاء لربط الشرط بالجواب ، والجار والمجرور متعلق بقوله «مقدما» الآتى «كن» فعل أمر ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «أبدا» منصوب على الظرفية متعلق بقوله «مقدما» الآتى «مقدما» خبر كن ، والجملة من كن واسمه وخبره فى محل جزم جواب الشرط.

(٢) «كمثل» الكاف زائدة ، مثل : خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك مثل «ممن» جار ومجرور متعلق بقوله «خير» الآتى «أنت» مبتدأ «خير» خبر المبتدأ ، والجملة فى محل جر بإضافة مثل إليها «ولدى» ظرف متعلق بقوله «ورد»


تقدّم أن أفعل التفضيل إذا كان مجردا جىء بعده «بمن» جارة للمفضّل عليه ، نحو «زيد أفضل من عمرو» ، و «من» ومجرورها معه بمنزلة المضاف إليه من المضاف ؛ فلا يجوز تقديمهما عليه ، كما لا يجوز تقديم المضاف إليه على المضاف ، إلا إذا كان المجرور بها اسم استفهام ، أو مضافا إلى اسم استفهام ؛ فإنه يجب ـ حينئذ ـ تقديم «من» ومجرورها نحو «ممّن أنت خير؟ ومن أيّهم أنت أفضل؟ ومن غلام أيّهم أنت أفضل؟» وقد ورد التقديم شذوذا فى غير الاستفهام ، وإليه أشار بقوله «ولدى إخبار التقديم نزرا وردا» ومن ذلك قوله :

(٢٨٢) ـ

فقالت لنا : أهلا وسهلا ، وزوّدت

جنى النّحل ، بل ما زوّدت منه أطيب

__________________

الآتى ، ولدى مضاف و «إخبار» مضاف إليه «التقديم» مبتدأ «نزرا» حال من الضمير المستتر فى قوله «ورد» الآتى «ورد» ورد : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى التقديم ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو قوله التقديم.

٢٨٢ ـ البيت للفرزدق ، من أبيات يقولها فى امرأة من بنى ذهل بن ثعلبة قرته وحملته وزودته ، وكان قد نزل من قبل بامرأة ضبية فلم تقره ولم تحمله ولم تزوده.

اللغة : «أهلا ، وسهلا» كلمتان تقولهما العرب فى تحية الأضياف والحفاوة بهم «جنى النحل» ما يجنى منه وهو العسل ، وكنى بذلك عن حسن لقائها وطيب استقبالها وحلاوة حديثها.

الإعراب : «فقالت» قال : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى «لنا» جار ومجرور متعلق بقال «أهلا وسهلا» منصوبان بفعل محذوف ، والأصل الأصيل فيهما أنهما وصفان لموصوفين محذوفين : أى أتيتم فوما أهلا ونزلتم موضعا سهلا «وزودت» الواو عاطفة ، زود : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والتاء للتأنيث «جنى» مفعول به لزود ، وجنى مضاف و «النحل» مضاف إليه «بل»


والتقدير : بل ما زوّدت أطيب منه ؛ وقول ذى الرّمّة يصف نسوة بالسمن والكسل :

(٢٨٣) ـ

ولا عيب فيها غير أنّ سريعها

قطوف ؛ وأن لا شىء منهنّ أكسل

__________________

حرف للاضراب الإبطالى «ما» اسم موصول : مبتدأ ، وجملة «زودت» وفاعله المستتر فيه لا محل لها صلة ، والعائد محذوف ، أى زودته «منه» جار ومجرور متعلق بقوله «أطيب» الآتى «أطيب» خبر المبتدأ.

الشاهد فيه : قوله «منه أطيب» حيث قدم الجار والمجرور المتعلقين بأفعل التفضيل عليه ، وليس المجرور اسم استفهام ولا مضافا إلى اسم استفهام ، وذلك التقديم شاذ فى غير الاستفهام ، وقد جعل جماعة من النحاة قوله «منه» متعلقا بقوله «زودت» أى : بل الذى زودت منه ، أى : من شبيه جنى النحل ، وعلى ذلك لا شاهد فى البيت ، ويكون قد جاء على المشهور الفصيح.

ومثل بيت الشاهد قول ابن دربد فى مقصورنه :

واستنزل الزّبّاء قسرا وهى من

عقاب لوح الجوّ أعلى منتمى

فقوله : «من عقاب» متعلق بأعلى ، وقد تقدم عليه ، وليس الكلام استفهاما ، بل هو خبر كما يظهر بأدنى تأمل.

٢٨٣ ـ هذا البيت لذى الرمة ؛ من كلمة له مطلعها :

أللرّبع ظلّت عينك الماء تهمل

رشاشا كما استنّ الجمان المفصّل؟

اللغة : «تهمل» تسكب «استن» تبدد ، وتفرق «الجمان» جمع جمانة ـ بضم الجيم ـ وهى حبة من الفضة كالدرة «قطوف» بفتح القاف ـ بطىء ، متقارب الخطو.

المعنى : يصف نساء بالسمن والعبالة ، وكنى عن ذلك بأنهن بطيئات السير كسالى ، فهو يقول : إنه لا عيب فى هؤلاء النساء إلا أن أسرعهن شديدة البطء متكاسلة ، وهذا مما يسميه البلغاء تأكيد المدح بما يشبه الذم ، والعرب تمدح النساء بذلك ؛ لأن هذا عندهم يدل على اليسار والنعمة وعدم الامتهان فى العمل.

الإعراب : «ولا» نافية للجنس «عيب» اسم لا «فيهن» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لا ، أو متعلق بمحذوف صفة لعيب ، أو متعلق بعيب ، وعلى هذين


[التقدير : وأن لا شىء أكسل منهن] ، وقوله :

(٢٨٤) ـ

إذا سايرت أسماء يوما ظعينة

فأسماء من تلك الظّعينة أملح

التقدير : فأسماء أملح من تلك الظعينة.

* * *

__________________

الوجهين يكون خبر لا محذوفا ، وهذا متعين على لغة طيىء «غير» أداة استثناء «أن» حرف توكيد ونصب «سريعها» سريع : اسم أن ، وسريع مضاف وها مضاف إليه «قطوف» خبر أن «وأن» الواو عاطفة ، أن : مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير شأن محذوف «لا شىء» لا : نافية للجنس ، وشىء : اسم لا «منهن» جار ومجرور متعلق بقوله أكسل الآتى «أكسل» خبر لا ، والجملة من «لا» واسمها وخبرها فى محل رفع خبر «أن» المخففة من الثقيلة.

الشاهد فيه : قوله «منهن أكسل» حيث قدم الجار والمجرور المتعلق بأفعل التفضيل عليه ، مع كون المحرور ليس استفهاما ولا مضافا إلى الاستفهام ، وذلك شاذ ، وتقدم مثله.

٢٨٤ ـ هذا البيت لجرير بن عطية ، من كلمة له مطلعها :

أجدّ رواح البين أم لا تروّح؟

نعم كلّ من يعنى بجمل مبرّح

اللغة : «سايرت» جارت ، وباهت «يوما» المراد به مجرد الوقت ، نهارا كان ذلك أم ليلا «ظعينة» أصله الهودج تكون فيه المرأة ، ثم نقل إلى المرأة فى الهودج بعلاقة الحالية والمحلية ، ثم توسعوا فيه فأطلقوه على المرأة مطلقا : راكبة ، أو غير راكبة ، ويروى بيت الشاهد هكذا :

إذا سايرت أسماء يوما ظعائنا

فأسماء من تلك الظّعائن أملح

المعنى : يقول : إن أسماء فى غاية الملاحة وتمام الحسن ، ولو أنها باهت بجمالها امرأة أخرى فى وقت أى وقت لبدا تفوقها عليها ، وظهر أنها خير منها ملاحة وأعظم جمالا.


ورفعه الظّاهر نزر ، ومتى

عاقب فعلا فكثيرا ثبتا (١)

كلن ترى فى النّاس من رفيق

أولى به الفضل من الصّدّيق (٢)

لا يخلو أفعل التفضيل من أن يصلح لوقوع فعل بمعناه موقعه ، أولا.

فإن لم يصلح لوقوع فعل بمعناه موقعه لم يرفع ظاهرا ، وإنما يرفع ضميرا مستترا ، نحو : «زيد أفضل من عمرو» ففى «أفضل» ضمير مستتر عائد على

__________________

الإعراب : «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «سايرت» ساير : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «أسماء» فاعل سايرت ، والجملة فى محل جر بإضافة «إذا» إليها «يوما» ظرف متعلق بسايرت «ظعينة» مفعول به لسايرت «فأسماء» الفاء واقعة فى جواب إذا ، أسماء : مبتدأ «من تلك» جار ومجرور متعلق بقوله «أملح» الآتى «الظعينة» بدل من اسم الإشارة ، أو عطف بيان عليه ، أو نعت له «أملح» خبر المبتدأ.

الشاهد فيه : قوله «من تلك ... املح» حيث قدم الجار والمجرور ـ وهو قوله «من تلك» ـ على أفعل التفضيل ـ وهو قوله «أملح» ـ فى غير الاستفهام ، وذلك شاذ ، وقد مضى مثله.

(١) «ورفعه» رفع : مبتدأ ، ورفع مضاف والضمير مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله «الظاهر» مفعول المصدر «نزر» خبر المبتدأ «ومتى» اسم شرط ، وهو ظرف متعلق بقوله عاقب الآتى «عاقب» فعل ماض فعل الشرط ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى أفعل التفضيل «فعلا» مفعول به لعاقب «فكثيرا» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، كثيرا : حال من الضمير المستتر فى قوله «ثبت» الآتى «ثبتا» فعل ماض ، والألف للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى رفعه الظاهر ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط.

(٢) «كلن» الكاف جارة لقول محذوف ، كما سبق مرارا ، لن : حرف نفى ونصب «ترى» فعل مضارع منصوب تقديرا بلن ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «فى الناس» جار ومجرور متعلق بترى «من» زائدة «رفيق» مفعول به لترى «أولى» اسم تفضيل ، نعت لرفيق «به» جار ومجرور متعلق بأولى «الفضل» فاعل أولى «من الصديق» جار ومجرور متعلق بأولى.


«زيد» ؛ فلا تقول : «مررت برجل أفضل منه أبوه» فترفع «أبوه» بـ «أفضل» إلا فى لغة ضعيفة حكاها سيبويه.

فإن صلح لوقوع فعل بمعناه موقعه صحّ أن يرفع ظاهرا قياسا مطردا ، وذلك فى كل موضع وقع فيه أفعل بعد نفى أو شبهه ، وكان مرفوعه أجنبيّا ، مفضّلا على نفسه باعتبارين ، نحو : «ما رأيت رجلا أحسن فى عينه الكحل منه فى عين زيد» فـ «الكحل» : مرفوع بـ «أحسن» لصحة وقوع فعل بمعناه موقعه ، نحو : «ما رأيت رجلا يحسن فى عينه الكحل كزيد» ومثله قوله صلى الله عليه وسلم : «ما من أيّام أحبّ إلى الله فيها الصّوم منه فى عشر ذى الحجة» وقول الشاعر ، أنشده سيبويه :

(٢٨٥) ـ

مررت على وادى السّباع ، ولا أرى

كوادى السّباع ـ حين يظلم ـ واديا

__________________

٢٨٥ ـ البيتان لسحيم بن وثيل الرياحى.

اللغة : «وادى السباع» اسم موضع بطريق البصرة ، وهو الذى قتل فيه الزبير ابن العوام رضى الله عنه «تئية» ـ بفتح التاء المثناة ، وكسر الهمزة بعدها ، وتشديد الياء ـ مصدر تأيا بالمكان ، أى : توقف وتمكث وتأنى وتمهل «ساريا» اسم فاعل من سرى : أى سار فى الليل.

المعنى : يقول : مررت على وادى السباع ؛ فإذا هو واد قد أقبل ظلامه ، واشتد حندسه ، فلا تضاهيه أودية ، ولا تماثله فى تمهل من يرده من الركبان ، ولا فى ذعر المسافرين أو خوف القادمين عليه ، فى أى وقت ، إلا فى الوقت الذى يقى الله فيه السارين ويؤمن فزعهم ، ويهدىء روعهم.

الإعراب : «مررت» فعل وفاعل «على وادى» جار ومجرور متعلق بمررت ، ووادى مضاف و «السباع» مضاف إليه «ولا» الواو واو الحال ، لا : نافية «أرى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «كوادى» جار ومجرور متعلق


أقلّ به ركب أتوه تثيّة

وأخوف ـ إلّا ما وقى الله ـ ساريا

فـ «ركب» مرفوع بـ «أقلّ» ؛ فقول المصنف «ورفعه الظاهر نزر» إشارة إلى الحالة الأولى ، وقوله «ومتى عاقب فعلا» إشارة إلى الحالة الثانية.

* * *

__________________

بمحذوف يقع مفعولا ثانيا لأرى إذا قدرتها علمية ، ويقع حالا من قوله : «واديا» الآتى إذا قدرت رأى بصرية ، ووادى مضاف و «السباع» مضاف إليه «حين» ظرف متعلق بمحذوف حال أخرى من «واديا» الآتى ، وجملة «يظلم» مع فاعله المستتر فيه فى محل جر بإضافة «حين» إليها «واديا» مفعول أول مؤخر عن المفعول الثانى «أقل» نعت لقوله واديا ، وهو أفعل تفضيل «به» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من «ركب» الآتى «ركب» فاعل لأقل ، وجملة «أتوه» من الفعل والفاعل والمفعول فى محل رفع صفة لركب «تئية» تمييز لأفعل التفضيل «وأخوف» معطوف على «أقل» وقوله «إلا» أداة استثناء ملغاة «ما» مصدرية ظرفية «وقى» فعل ماض «الله» فاعل وقى «ساريا» قيل : هو مفعول به لوقى ، وأحسن من هذا أن يكون تمييزا لأفعل التفضيل الذى هو أخوف.

الشاهد فيه : قوله «أقل به ركب» حيث رفع أفعل التفضيل اسما ظاهرا.


(التوابع)

النعت

يتبع فى الإعراب الأسماء الأول

نعت ، وتوكيد ، وعطف ، وبدل (١)

التابع هو : الاسم المشارك لما قبله فى إعرابه مطلقا ؛ فيدخل فى قولك : «الاسم المشارك لما قبله فى إعرابه» سائر التوابع ، وخبر المبتدأ ، نحو : «زيد قائم» ؛ وحال المنصوب ، نحو : «ضربت زيدا مجرّدا» ويخرج بقولك «مطلقا» الخبر وحال المنصوب ؛ فإنهما لا يشاركان ما قبلهما فى إعرابه مطلقا ، بل فى بعض أحواله ، بحلاف التابع ؛ فإنه يشارك ما قبله فى سائر أحواله من الإعراب ، نحو : «مررت بزيد الكريم ، ورأيت زيدا الكريم ، وجاء زيد الكريم».

__________________

(١) «يتبع» فعل مضارع «فى الإعراب» جار ومجرور متعلق بيتبع «الأسماء» مفعول به ليتبع «الأول» نعت للأسماء «نعت» فاعل يتبع «وعطف ، وتوكيد ، وبدل» معطوفات على نعت.

واعلم أن الأسماء وحدها تجرى فيها جميع التوابع ، فلذلك خصها بالذكر ، فلا يقدح فى كلامه أن التوكيد اللفظى والبدل وعطف النسق تجرى فى غير الأسماء ، إذ المراد أن هذه الأنواع كلها لا تجرى فى غير الأسماء ، وذلك لا ينافى أن بعضها يجرى فى غير الأسماء.

ثم اعلم أن قوله «الأول» إشارة إلى أن المتبوع من حيث هو متبوع لا يجوز أن يتأخر عن تابعه ، ومن أجل هذا امتنع فى الفصيح تقديم المعطوف على المعطوف عليه ، خلافا للكوفيين ، كما امتنع تقديم بعض النعت على المنعوت إذا كان النعت متعددا ، خلافا لصاحب البديع.


والتابع على خمسة أنواع : النعت ، والتوكيد ، وعطف البيان ، وعطف النسق ، والبدل.

* * *

فالنّعت تابع متمّ ما سبق

بوسمه أو وسم ما به اعتلق (١)

عرّف النعت بأنه «التابع ، المكمّل متبوعه : ببيان صفة من صفاته» نحو «مررت برجل كريم» ، أو من صفات ما تعلق به ـ وهو سببيّه ـ نحو «مررت برجل كريم أبوه» فقوله «التابع» يشمل التوابع كلّها ، وقوله : «المكمل ـ إلى آخره» مخرج لما عدا النعت من التوابع (٢).

والنعت يكون للتخصيص ، نحو «مررت بزيد الخياط» وللمدح ، نحو : «مررت بزيد الكريم» ومنه قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وللذمّ ، نحو «مررت بزيد الفاسق» ومنه قوله [تعالى] : (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ

__________________

(١) «فالنعت» مبتدأ «تابع» خبر المبتدأ «متم» نعت لتابع ، وفيه ضمير مستتر فاعل «ما» اسم موصول : مفعول به لمتم ، وجملة «سبق» وفاعله المستتر فيه لا محل لها صلة الموصول «بوسمه» بوسم : جار ومجرور متعلق بمتم ؛ ووسم مضاف وضمير الغائب مضاف إليه ، «أو وسم» معطوف على وسمه ، ووسم مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «به» جار ومجرور متعلق باعتلق «اعتلق» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة الموصول.

(٢) إنما خرج بقية التوابع بهذه العبارة لأنه ليس شىء منها يدل على صفة المتبوع أو صفة ما تعلق بالمتبوع ، ولهذا وجب فى النعت أن يكون مشتقا ليدل على الذات وعلى المعنى القائم بها.

فإن قلت : فقد يكون عطف البيان والبدل مشتقين ، فالجواب أنهما ـ وإن جاز ذلك فيهما ـ لا يقصد بهما التكميل بإيضاح المتبوع أو تخصيصه وضعا.


مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) وللترحّم نحو : «مررت بزيد المسكين» وللتأكيد ، نحو : «أمس الدابر لا يعود» وقوله تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ)(١).

* * *

وليعط فى التّعريف والتّنكير ما

لما تلا ، كـ «امرر بقوم كرما» (٢)

النعت يجب فيه أن يتبع ما قبله فى إعرابه ، وتعريفه أو تنكيره ، نحو : «مررت بقوم كرماء ، ومررت بزيد الكريم» فلا تنعت المعرفة بالنكرة ؛ فلا تقول : «مررت بزيد كريم» ، ولا تنعت النكرة بالمعرفة ؛ فلا تقول : «مررت برجل الكريم».

* * *

__________________

(١) إنما كان قوله : (واحدة) تأكيدا لأن الواحدة مفهومة من (نفخة) بسبب تحويل المصدر الذى هو النفخ إلى زنة المرة ؛ لأن (نفخة) ليس من المصادر التى وضعت مقترنة بالتاء كرحمة.

(٢) «وليعط» الواو عاطفة أو للاستئناف ، واللام لام الأمر ، يعط : فعل مضارع مبنى للمجهول مجزوم بحذف الألف ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، وهو المفعول الأول «فى التعريف» جار ومجرور متعلق بيعط «والتنكير» معطوف على التعريف «ما» اسم موصول : مفعول ثان ليعط «لما» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما الواقع مفعولا ، وجملة «تلا» وفاعله المستتر فيه لا محل لها صلة ما المجرورة محلا باللام «كامرر» الكاف جارة لقول محذوف ، امرر : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بقوم» جار ومجرور متعلق بامرر «كرما» صفة لقوم ، وقد قصره للضرورة.


وهو لدى التّوحيد ، والتّذكير ، أو

سواهما ـ كالفعل ، فاقف ماقفوا (١)

تقدّم أن النعت لا بد من مطابقته للمنعوت فى الإعراب ، والتعريف أو التنكير ، وأما مطابقته للمنعوت فى التوحيد وغيره ـ وهى : التثنية ، والجمع ـ والتذكير وغيره ـ وهو التأنيث ـ فحكمه فيها حكم الفعل.

فإن رفع ضميرا مستترا طابق المنعوت مطلقا ، نحو : «زيد رجل حسن ، والزيدان رجلان حسنان ، والزيدون رجال حسنون ، وهند امرأة حسنة ، والهندان امرأتان حسنتان ، والهندات نساء حسنات» ؛ فيطابق فى : التذكير ، والتأنيث ، والإفراد ، والتثنية ، والجمع ، كما يطابق الفعل لو [جئت مكان النعت بفعل ف] قلت : «رجل حسن ، ورجلان حسنا ، ورجال حسنوا ، وامرأة حسنت ، وامرأتان حسنتا ، ونساء حسنّ».

وإن رفع [أى النعت اسما] ظاهرا كان بالنسبة إلى التذكير والتأنيث على حسب ذلك الظاهر ، وأما فى التثنية والجمع فيكون مفردا ؛ فيجرى مجرى الفعل إذا رفع ظاهرا ؛ فتقول : «مررت برجل حسنة أمّه» ، كما تقول : «حسنت أمّه» ، و «بامرأتين حسن أبواهما ، وبرجال حسن آباؤهم» ، كما تقول : «حسن أبواهما ، وحسن آباؤهم».

__________________

(١) «وهو» ضمير منفصل مبتدأ «لدى» ظرف متعلق بما يتعلق به الخبر الآتى ويجوز أن يتعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن فى الخبر ، ولدى مضاف و «التوحيد» مضاف إليه «والتذكير» معطوف على التوحيد «أو» عاطفة «سواهما» سوى : معطوف على التذكير ، وسوى مضاف والضمير مضاف إليه «كالفعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «فاقف» فعل أمر مبنى على حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول : مفعول به لاقف ، وجملة «قفوا» من الفعل والفاعل لا محل لها صلة ما الموصولة الواقعة مفعولا ، والعائد ضمير منصوب المحل محذوف ، والتقدير : فاقف ماقفوه.


فالحاصل أن النعت إذا رفع ضميره طابق المنعوت فى أربعة من عشرة (١) : واحد من ألقاب الإعراب ـ وهى : الرفع ، والنصب ، والجر ـ وواحد من التعريف والتنكير ، وواحد من التذكير والتأنيث ، وواحد من الإفراد والتثنية والجمع.

وإذا رفع ظاهرا طابقه فى اثنين من خمسة : واحد من ألقاب الإعراب ، وواحد من التعريف والتنكير ، وأما الخمسة الباقية ـ وهى : التذكير ، والتأنيث ، والإفراد ، والتثنية ، والجمع ـ فحكمه فيها حكم الفعل إذا رفع ظاهرا : فإن أسند إلى مؤنث أنث ، وإن كان المنعوت مذكرا ، وإن أسند إلى مذكر ذكّر ، وإن كان المنعوت مؤنثا ، وإن أسند إلى مفرد ، أو مثنى ، أو مجموع ـ أفرد ، وإن كان المنعوت بخلاف ذلك.

* * *

وانعت بمشتقّ كصعب وذرب

وشبهه ، كذا ، وذى ، والمنتسب (٢)

__________________

(١) إذا لم يمنع من الموافقة فى بعضها مانع ، فالوصف الذى يستوى فيه المذكر والمؤنث كصبور وجريح ومكسال ، لا يؤنث ولو كان موصوفه مؤنثا ، وأفعل التفضيل المضاف إلى نكرة كأفضل رجل أو رجلين أو رجال ، أو المجرد من أل والإضافة ، لا يثنى ولا يجمع ولو كان المنعوت مثنى أو مجموعا.

(٢) «وانعت» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بمشتق» جار ومجرور متعلق بانعت «كصعب» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كصعب «وذرب» معطوف على صعب «وشبهه» الواو عاطفة ، شبه : معطوف على مشتق ، وشبه مضاف والضمير مضاف إليه «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف «وذى ، والمنتسب» معطوفان على «ذا».


لا ينعت إلا بمشتق لفظا ، أو تأويلا.

والمراد بالمشتق هنا : ما أخذ من المصدر للدلالة على معنى وصاحبه : كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة باسم الفاعل ، وأفعل التفضيل.

والمؤوّل بالمشتق : كاسم الإشارة ، نحو : «مررت بزيد هذا» أى المشار إليه ، وكذا «ذو» بمعنى صاحب ، والموصولة (١) ، نحو : «مررت برجل ذى مال» أى : صاحب مال ، و «بزيد ذو قام» أى : القائم ، والمنتسب ، نحو «مررت برجل قرشىّ» أى : منتسب إلى قريش.

* * *

ونعتوا بجملة منكّرا

فأعطيت ما أعطيته خبرا (٢)

تقع الجملة نعتا كما تقع خبرا وحالا ، وهى مؤوّلة بالنكرة ، ولذلك لا ينعت بها إلا النكرة ، نحو : «مررت برجل قام أبوه» أو «أبوه قائم» ولا تنعت بها المعرفة ؛ فلا تقول : «مررت بزيد قام أبوه ، أو أبوه قائم» وزعم بعضهم

__________________

(١) قول الناظم «وذى» لا يشمل ذو الموصولة إلا على القول بأنها معربة ، أما على القول ببنائها فكان يجب أن يقول «كذا ، وذو» ومثل ذو الموصولة فى جواز النعت بها كل الموصولات المقترنة بأل كالذى والتى وفروعها ، وكذا أل الموصولة ، بخلاف من وما وأى.

(٢) «ونعتوا» فعل وفاعل «بجملة» جار ومجرور متعلق بنعتوا «منكرا» مفعول به لنعتوا «فأعطيت» أعطى : فعل ماض مبنى للمجهول ، والتاء تاء التأنيث ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، وهو المفعول الأول «ما» اسم موصول : مفعول ثان لأعطيت «أعطيته» فعل ماض مبنى للمجهول ، وفيه ضمير مستتر يعود إلى جملة ، وهو نائب فاعل ، والهاء مفعول ثان ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «خبرا» حال من نائب الفاعل.


أنه يجوز نعت المعرّف بالألف واللام الجنسية بالجملة ، وجعل منه قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) وقول الشاعر :

(٢٨٦) ـ

ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّنى

فمضيت ئمّت قلت لا يعنينى

__________________

٢٨٦ ـ يروى هذا البيت أول بيتين وينسبان لرجل سلولى من غير أن يعين أحد اسمه ، والثانى :

غضبان ممتلئا علىّ إهابه

إنى ـ وحقّك ـ سخطه يرضينى

وقد رواه الأصمعى فى الأصمعيات ثالث خمسة أبيات ، ونسبها لشمر بن عمرو الحنفى ، وانظر الأصمعيات (ص ٦٤ ليبسك عام ١٩٠٢ ، وانظر الأصمعية رقم ٣٨ طبع مصر)

اللغة : «اللئيم» الشحيح ، الدنىء النفس ، الخبيث الطباع «إهابه» الإهاب ـ بزنة كتاب ـ الجلد ، وامتلاؤه عليه كناية عن شدة غضبه ، وكثير موجدته وحنقه.

المعنى : يقول : والله إنى لأمر على الرجل الدنىء النفس الذى من عادته أن يسبنى فأتركه وأذهب عنه وأرضى بقولى لنفسى : إنه لا يقصدنى بهذا السباب.

الإعراب : «ولقد» الواو واو القسم ، والمقسم به محذوف ، واللام واقعة فى جواب القسم ، وقد : حرف تحقيق «أمر» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «على اللئيم» جار ومجرور متعلق بأمر «يسبنى» جملة من فعل مضارع وفاعله ومفعوله فى محل جر صفة للئيم ، وستعرف ما فيه «فمضيت» فعل وفاعل «ثمت» حرف عطف ، والتاء لتأنيث اللفظ «قلت» فعل ماض ، وفاعله «لا» نافية «يعنينى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به ، والجملة فى محل نصب مقول القول.

الشاهد فيه : قوله «اللئيم يسبنى» حيث وقعت الجملة نعتا للمعرفة ، وهو المقرون بأل ، وإنما ساغ ذلك لأن أل فيه جنسية ؛ فهو قريب من النكرة. كذا قال جماعة : منهم ابن هشام الأنصارى ، وقال الشارح العلامة : إنه يجوز أن تكون الجملة حالية. والذى ترجحه هو ما ذهب إليه غير الشارح من تعين كون الجملة نعتا فى هذا البيت ؛ لأنه


فـ «نسلخ» صفة «لليل» ، و «يسبنى» : صفة «للئيم» ، ولا يتعين ذلك ؛ لجواز كون «نسلخ» ، و «يسبنى» حالين.

وأشار بقوله : «فأعطيت ما أعطيته خبرا» إلى أنه لا بد للجملة الواقعة صفة من ضمير يربطها بالموصوف ، وقد يحذف للدّلالة عليه ، كقوله :

(٢٨٧) ـ

وما أدرى أغيّرهم تناء

وطول الدّهر أم مال أصابوا؟؟

__________________

الذى يلتئم معه المعنى المقصود ، ألا ترى أن الشاعر يريد أن يتمدح بالوقار وأنه شديد الاحتمال للأذى ، وهذا إنما يتم له إذا جعلنا اللئيم منعوتا بجملة «يسبنى» إذ يصير المعنى أنه يمر على اللئيم الذى شأنه سبه وديدنه النيل منه ، ولا يتأتى هذا إذا جعلت الجملة حالا ؛ إذ يكون المعنى حينئذ أنه يمر على اللئيم فى حال سبه إياه ، نعم يمكن أن يقال : إنه لو تحمل ومضى فى هذه الحال فهو فى غيرها أشد تحملا ، ولكن هذه دلالة التزامية ، والدلالة الأولى وضعية.

٢٨٧ ـ البيت لجرير بن عطية ، من كلمة له مطلعها :

ألا أبلغ معاتبتى وقولى

بنى عمّى فقد حسن العتاب

اللغة : «تناء» بعد «طول الدهر» يروى فى مكانه «وطول العهد ...».

المعنى : يقول : أنا لا أعلم ما الذى غير هؤلاء الأحبة ، أهو التباعد وطول الزمن؟ أم الذى غيرهم مال أصابوه وحصلوا عليه ، فأبطرهم الغنى ، وأنساهم حقوق الألفة وواجب المودة.

الإعراب : «وما» نافية «أدرى» فعل مضارع ـ بمعنى أعلم ـ وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «أغيرهم» الهمزة للاستفهام ، وقد علقت درى عن العمل فيما بعدها ، غير : فعل ماض ، هم : مفعول «تناء» فاعل غير ، والجملة سدت مسد مفعولى أدرى «وطول» الواو عاطفة ، طول : معطوف على تناء ، وطول مضاف ، و «العهد» مضاف إليه «أم» عاطفة ، وهى ـ هنا ـ متصلة «مال» معطوف على طول «أصابوا» فعل ماض وفاعله ، والجملة فى محل رفع صفة لمال ، وقد حذف المفعول ، والأصل : أم مال أصابوه.


التقدير : أم مال أصابوه ، فحذف الهاء ، وكقوله عز وجل : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) أى : لا تجزى فيه ، فحذف «فيه» ، وفى كيفية حذفه قولان ؛ أحدهما : أنه حذف بجملته دفعة واحدة ، والثانى : أنه حذف على التدريج ؛ فحذف «فى» أولا ، فاتصل الضمير بالفعل ، فصار «تجزيه» ثم حذف هذا الضمير المتصل ، فصار تجزى.

* * *

وامنع هنا إيقاع ذات الطّلب

وإن أتت فالقول أضمر تصب (١)

لا تقع الجملة الطلبية صفة ؛ فلا تقول : «مررت برجل اضربه» ، وتقع

__________________

الشاهد فيه : قوله «مال أصابوا» حيث أوقع الجملة نعتا لما قبلها ، وحذف الرابط الذى يربط النعت بالمنعوت ، وأصل الكلام : مال أصابوه ، والذى سهل الحذف أنه مفهوم من الكلام ، وأن العامل فيه فعل.

ومثل هذا قول الشنفرى الأزدى :

كأنّ حفيف النّبل من فوق عجسها

عوازب نحل أخطأ الغار مطنف

تقدير هذا الكلام عندنا : أخطأ الغار مطنفها ، أى دليلها ، والنحاة يقولون : أل فى الغار عوض عن المضاف إليه ، وأصل الكلام : أخطأ غارها.

(١) «امنع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «هنا» ظرف مكان متعلق بامنع «إيقاع» مفعول به لا منع ، وإيقاع مضاف و «ذات» مضاف إليه ، وذات مضاف و «الطلب» مضاف إليه «وإن» شرطية «أتت» أتى : فعل ماض فعل الشرط ، والتاء للتأنيث «فالقول» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، القول : مفعول مقدم على عامله «أضمر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط «تصب» فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر ، وحرك بالكسر لأجل الروى ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.


خبرا خلافا لابن الأنبارى ؛ فتقول : «زيد اضربه» ، ولما كان قوله : «فأعطيت ما أعطيته خبرا» يوهم أن كل جملة وقعت خبرا يجوز أن تقع صفة قال : «وامنع هنا إيقاع ذات الطلب» أى : امنع وقوع الجملة الطلبية فى باب النعت ، وإن كان لا يمتنع فى باب الخبر ، ثم قال : فإن جاء ما ظاهره أنه نعت فيه بالجملة الطلبية فيخرّج على إضمار القول ، ويكون المضمر صفة ، والجملة الطلبية معمول القول المضمر ، وذلك كقوله :

(٢٨٨) ـ

حتّى إذا جنّ الظّلام واختلط

جاءوا بمذق هل رأيت الذّئب قط

__________________

٢٨٨ ـ البيت لراجز لم يعينه أحد من الرواة الذين وقفنا على كلامهم.

اللغة : «جن الظلام» ستر كل شىء ، والمراد أقبل «اختلط» كناية عن انتشاره واتساعه «مذق» هو اللبن الممزوج بالماء ، شبهه بالذئب لاتفاق لونهما ؛ لأن فيه غبرة وكدرة.

المعنى : يصف الراجز بالشح والبخل قوما نزل بهم ضيفا ، فانتظروا عليه طويلا حتى أقبل الليل بظلامه ، ثم جاؤه بلبن مخلوط بالماء يشبه الذئب فى لونه ؛ لكدرته وغبرته ، يريد أن الماء الذى خلطوه به كثير.

الإعراب : «حتى» ابتدائية «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «جن» فعل ماض «الظلام» فاعل جن ، والجملة فى محل جر بإضافة إذا إليها ، وجملة «اختلط» وفاعله المستتر فيه معطوفة على الجملة السابقة بالواو «جاءوا» فعل وفاعل «بمذق» جار ومجرور متعلق بجاء «هل» حرف استفهام «رأيت» فعل ماض وفاعله «الذئب» مفعول به لرأيت «قط» استعمله بعد الاستفهام مع أن موضع استعماله بعد النفى الداخل على الماضى ، والذى سهل هذا أن الاستفهام قرين النفى فى كثير من الأحكام ، وهو ظرف زمان مبنى على الضم فى محل نصب متعلق برأى ، وسكونه للوقف ، وجملة «هل رأيت الذئب قط» فى محل نصب مفعول به لقول محذوف يقع صفة لمذق ، والتقدير : بمذق مقول فيه هل رأيت الذئب قط.

الشاهد فيه : قوله «بمذق هل رأيت ... إلخ» فإن ظاهر الأمر أن الجملة المصدرة


فظاهر هذا أن قولة : «هل رأيت الذّئب قط» صفة لـ «مذق» ، وهى جملة طلبية ، ولكن ليس هو على ظاهره ، بل «هل رأيت الذّئب قط» معمول لقول مضمر هو صفة لـ «مذق» ، والتقدير : بمذق مقول فيه هل رأيت الذئب قط.

فإن قلت : هل يلزم هذا التقدير فى الجملة الطلبية إذا وقعت فى باب الخبر ؛ فيكون تقدير قولك «زيد اضربه» زيد مقول فيه اضربه؟

فالجواب أن فيه خلافا ؛ فمذهب ابن السراج والفارسى التزام ذلك ، ومذهب الأكثرين عدم التزامه.

* * *

ونعتوا بمصدر كثيرا

فالتزموا الإفراد والتّذكيرا (١)

يكثر استعمال المصدر نعتا ، نحو «مررت برجل عدل ، وبرجلين عدل ،

__________________

بحرف الاستفهام قد وقعت نعتا للنكرة ، وليس الأمر على ما هو الظاهر ، بل النعت قول محذوف ، وهذه الجملة معمولة له ، على ما بيناه فى الإعراب ، والقول يحذف كثيرا ويبقى معموله.

وهذا أحد الفروق بين النعت والخبر ؛ فإن الخبر يجىء جملة طلبية على الراجح من مذاهب النحاة ؛ إذ لم يخالف فى هذا إلا ابن الأنبارى ، والسر فى هذا أن الخبر حكم ، وأصله أن يكون مجهولا فيقصد المتكلم إلى إفادة السامع إياه بالكلام ، أما النعت فالغرض من الإتيان به إيضاح المنعوت وتعيينه أو تخصيصه ؛ فلا بد من أن يكون معلوما للسامع قبل الكلام ليحصل الغرض منه ، والإنشائية لا تعلم قبل التكلم بها.

(١) «ونعتوا» فعل وفاعل «بمصدر» جار ومجرور متعلق بنعتوا «كثيرا» نعت لمحذوف : أى نعتا كثيرا «فالتزموا» فعل وفاعل «الإفراد» مفعول به لالتزموا «والتذكيرا» معطوف عليه.


وبرجال عدل ، وبامرأة عدل ، وبامرأتين عدل ، وبنساء عدل» ويلزم حينئذ الإفراد والتذكير ، والنعت به على خلاف الأصل ؛ لأنه يدلّ على المعنى ، لا على صاحبه ، وهو مؤول : إما على وضع «عدل» موضع «عادل» أو على حذف مضاف ، والأصل : مررت برجل ذى عدل ، ثم حذف «ذى» وأفيم «عدل» مقامه ، وإما على المبالغة بجعل العين نفس المعنى : مجازا ، أو ادّعاء (١).

* * *

ونعت غير واحد : إذا اختلف

فعاطفا فرّقه ، لا إذا ائتلف (٢)

__________________

(١) حاصل ما ذكره الشارح كغيره من النحاة أن الوصف بالمصدر خلاف الأصل والأصل هو الوصف بالمشتق ، وأن الوصف بالمصدر مؤول بأحد ثلاث تأويلات : أولها أن المصدر الدال على الحدث أطلق وأريد منه المشتق الذى هو الدال على الذات ، وهذا مجاز من باب إطلاق المعنى وإرادة محله ، أو من باب إطلاق اللازم وإرادة الملزوم ، وثانيها : أنه على تقدير مضاف ، وهو على هذا مجاز بالحذف ، والثالث أنه على المبالغة ، ولا مجاز فى هذا.

(٢) «نعت» مبتدأ ، ونعت مضاف و «غير» مضاف إليه ، وغير مضاف ، و «واحد» مضاف إليه «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «اختلف» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل جر بإضافة إذا إليها «فعاطفا» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، عاطفا : حال تقدم على صاحبه وهو الضمير المستتر فى قوله فرق «فرقه» فرق : فعل أمر ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط ، وجملتا الشرط والجواب فى محل رفع خبر المبتدأ «لا» عاطفة «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط ، وجملة «ائتلف» وفاعله المستتر فيه شرط إذا ، والجواب محذوف.


إذا نعت غير الواحد : فإمّا أن يختلف النعت ، أو يتفق ؛ فإن اختلف وجب التفريق بالعطف ؛ فتقول : «مررت بالزّيدين الكريم والبخيل ، وبرجال فقيه وكاتب وشاعر» وإن اتفق جىء به مثنى ، أو مجموعا ، نحو : «مررت برجلين كريمين ، وبرجال كرماء».

* * *

ونعت معمولى وحيدى معنى

وعمل ، أتبع بغير استثناء (١)

إذا نعت معمولان لعاملين متّحدى المعنى والعمل ، أتبع النعت المنعوت : رفعا ، ونصبا ، وجرا ، نحو : «ذهب زيد وانطلق عمرو العاقلان ، وحدّثت زيدا وكلمت عمرا الكريمين ، ومررت بزيد وجزت على عمرو الصّالحين».

فإن اختلف معنى العاملين ، أو عملهما ـ وجب القطع وامتنع الإتباع ؛ فتقول : «جاء زيد وذهب عمرو العاقلين» بالنصب على إضمار فعل ، أى : أعنى العاقلين ، وبالرفع على إضمار مبتدأ ، أى : هما العاقلان ، ونقول : «انطلق زيد وكلمت عمرا الظّريفين» أى : أعنى الظريفين ، أو «الظريفان»

__________________

(١) «نعت» مفعول مقدم لقوله «أتبع» الآتى ، ونعت مضاف و «معمولى» مضاف إليه ، ومعمولى مضاف و «وحيدى» مضاف إليه ، على تقدير موصوف محذوف ، أى معمولى عاملين وحيدى ، ووحيدى مضاف و «معنى» مضاف إليه «وعمل» معطوف على معنى «أتبع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بغير» جار ومجرور متعلق بأتبع ، وغير مضاف و «استثنا» مضاف إليه ، وقصره للضرورة ، والمراد : أتبع بغير استثناء معمولى عاملين متحدين فى المعنى والعمل.


أى : هما الظريفان ، و «مررت بزيد وخاوزت خالدا الكاتبين ، أو الكاتبان».

* * *

وإن نعوت كثرت وقد تلت

مفتقرا لذكرهنّ أتبعت (١)

إذا تكررت النعوت ، وكان المنعوت لا يتّضح إلا بها جميعا وجب إتباعها كلها ؛ فتقول «مررت بزيد الفقيه الشاعر الكاتب».

* * *

واقطع أو اتبع إن يكن معيّنا

بدونها ، أو بعضها اقطع معلنا (٢)

__________________

(١) «وإن» شرطية «نعوت» فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده : أى وإن كثرت نعوت «كثرت» كثر : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى نعوت ، والجملة لا محل لها مفسرة «وقد» الواو واو الحال ، قد : حرف تحقيق ، وجملة «تلت» وفاعله المستتر فيه فى محل نصب حال «مفتقرا» مفعول به لتلت «لذكرهن» الجار والمجرور متعلق بمفتقر ، وذكر مضاف والضمير مضاف إليه «أتبعت» أتبع : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى ، والتاء للتأنيث ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط.

(٢) «واقطع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «أو» عاطفة «اتبع» معطوف على اقطع «إن» شرطية «يكن» فعل مضارع ناقص ، فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه «معينا» خبر يكن «بدونها» الجار والمجرور متعلق بمعين ، ودون مضاف والضمير مضاف إليه «أو» عاطفة «بعضها» بعض : مفعول مقدم لاقطع ، وبعض مضاف والضمير مضاف إليه «اقطع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «معلنا» حال من الضمير المستتر فى اقطع ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.


إذا كان المنعوت متّضحا بدونها كلها ، جاز فيها جميعها : الإتباع ، والقطع (١) ، وإن كان معينا ببعضها دون بعض وجب فيما لا يتعين إلا به الإتباع ، وجاز فيما يتعين بدونه : الإتباع ، والقطع.

* * *

وارفع أو انصب إن قطعت مضمرا

مبتدأ ، أو ناصبا ، لن يظهرا (٢)

أى : إذا قطع النعت عن المنعوت رفع على إضمار مبتدأ ، أو نصب على إضمار فعل ، نحو «مررت بزيد الكريم ، أو الكريم» أى : هو الكريم ، أو أعنى الكريم.

__________________

(١) أنت تعلم أن المنعوت قد يكون معرفة وقد يكون نكرة ، وتعلم ـ مع ذلك ـ أن القصد من نعت المعرفة توضيحها ، وأن المقصود من نعت النكرة تخصيصها ، والتوضيح قد يحتاج إلى كل النعوت وقد يحتاج إلى بعضها ، لا جرم كان نعت المعرفة على التفصيل الذى ذكره الشارح : إن احتاج المنعوت إلى جميعها وجب فى جميعها الإتباع ، وإن احتاج إلى بعضها وجب فى ذلك البعض الإتباع وجاز فيما عداه الإتباع والقطع ، وأما النكرة فيجب فى واحد من نعوتها الإتباع ، ويجوز فيما عداه الإتباع والقطع ؛ لأن التخصيص لا يستدعى أكثر من نعت واحد.

(٢) «وارفع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «أو» عاطفة «انصب» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة معطوفة بأو على الجملة قبلها «إن» شرطية «قطعت» قطع : فعل ماض فعل الشرط ، والتاء ضمير المخاطب فاعله ، وجواب الشرط محذوف «مضمرا» حال من التاء فى «قطعت» وفيه ضمير مستتر فاعل «مبتدأ» مفعول به لمضمر «أو» عاطفة «ناصبا» معطوف على قوله مبتدأ ، وجملة «لن يظهرا» من الفعل والفاعل فى محل نصب نعت للمعطوف عليه والمعطوف معا ، فالألف ضمير الاثنين ، أو لأولهما فالألف للاطلاق.


وقول المصنف «لن يظهرا» معناه أنه يجب إضمار الرافع أو الناصب ، ولا يجوز إظهاره ، وهذا صحيح إذا كان النعت لمدح ، نحو «مررت بزيد الكريم» أو ذم ، نحو : «مررت بعمرو الخبيث» أو ترحّم ، نحو : «مررت بزيد المسكين» فأما إذا كان لتخصيص فلا يجب الإضمار ، نحو : «مررت بزيد الخياط ، أو الخياط» وإن شئت أظهرت ؛ فتقول : «هو الخياط ، أو أعنى الخياط ، والمراد بالرافع والناصب لفظة «هو» أو «أعنى».

* * *

وما من المنعوت والنّعت عقل

يجوز حذفه ، وفى النّعت يقلّ (١)

أى : يجوز حذف المنعوت وإقامة النعت مقامه ، إذا دل عليه دليل ، نحو : قوله تعالى : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) أى دروعا سابغات ، وكذلك يحذف النعت إذ دل عليه دليل ، لكنه قليل ، ومنه قوله تعالى [: (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) أى : البيّن ، وقوله تعالى] : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) أى النّاجين.

* * *

__________________

(١) «وما» اسم موصول : مبتدأ «من المنعوت» جار ومجرور متعلق بقوله «عقل» الآتى «والنعت» معطوف على المنعوت ، وجملة «عقل» من الفعل ونائب فاعله المستتر فيه لا محل لها صلة الموصول «يجوز» فعل مضارع «حذفه» حذف : فاعل يجوز ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، وحذف مضاف والهاء مضاف إليه «وفى النعت» الواو عاطفة ، وفى النعت : جار ومجرور متعلق بقوله «يقل» الآتى «يقل» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الحذف.


التّوكيد

بالنّفس أو بالعين الاسم أكّدا

مع ضمير طابق المؤكّدا (١)

واجمعهما بأفعل إن تبعا

ما ليس واحدا تكن متّبعا (٢)

التوكيد قسمان ؛ أحدهما التوكيد اللفظى ، وسيأتى ، والثانى : التوكيد المعنوى ، وهو على ضربين :

أحدهما : ما يرفع توهّم مضاف إلى المؤكّد ، وهو المراد بهذين البيتين ، وله لفظان : النفس ، والعين ، وذلك نحو «جاء زيد نفسه» فـ «نفسه»

__________________

(١) «بالنفس» جار ومجرور متعلق بقوله «أكدا» الآتى «أو» حرف عطف «بالعين» معطوف على قوله بالنفس «الاسم» مبتدأ «أكد» أكدا : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق. ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الاسم ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من قوله بالنفس وما عطف عليه ، ومع مضاف ، و «ضمير» مضاف إليه «طابق» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ضمير «المؤكدا» مفعول به لطابق ، والجمله فى محل جر صفة لضمير.

(٢) «واجمعهما» الواو عاطفة ، اجمع : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والضمير البارز مفعول به «بأفعل» جار ومجرور متعلق باجمع «إن» شرطية «تبعا» تبع : فعل ماض فعل الشرط ، وألف الاثنين فاعل «ما» اسم موصول مفعول به لتبع «ليس» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ما «واحدا» خبر ليس ، والجملة لا محل لها صلة الموصول ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام «تكن» فعل مضارع ناقص مجزوم فى جواب الأمر الذى هو اجمع ، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «متبعا» خبره.


توكيد لـ «زيد» ، وهو يرفع توهّم أن يكون (١) التقدير «جاء خبر زيد ، أو رسوله» وكذلك «جاء زيد عينه».

ولا بدّ من إضافة النفس أو العين إلى ضمير يطابق المؤكّد ، نحو «جاء زيد نفسه ، أو عينه ، وهند نفسها ، أو عينها».

ثم إن كان المؤكد بهما مثنى أو مجموعا جمعتهما على مثال أفعل ؛ فتقول : «جاء الزّيدان أنفسهما ، أو أعينهما ، والهندان أنفسهما ، أو أعينهما ، والزّيدون أنفسهم. أو أعينهم ، والهندات أنفسهنّ ، أو أعينهنّ».

* * *

وكلّا اذكر فى الشّمول ، وكلا

كلتا ، جميعا ـ بالضّمير موصلا (٢)

هذا هو الضّرب الثانى من التوكيد المعنوى ، وهو : ما يرفع توهّم عدم إرادة الشّمول ، والمستعمل لذلك «كلّ ، وكلا ، وكلتا ، وجميع».

__________________

(١) إذا قلت «جاء زيد» فقد تريد الحقيقة وأن زيدا هو الآتى ، وقد تكون جعلت الكلام على حذف مضاف ، وأن الأصل جاء خبر زيد ، أو جاء رسول زيد ، وقد تكون قد أطلقت زيدا وأنت تريد به رسوله من باب المجاز العقلى ، فإذا قلت «جاء زيد نفسه» فقد تعين المعنى الأول ، وارتفع احتمالان : أحدهما احتمال المجاز بالحذف ، وثانيهما احتمال المجاز العقلى.

(٢) «وكلا» مفعول تقدم على عامله ، وهو قوله اذكر الآتى «اذكر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «فى الشمول» جار ومجرور متعلق باذكر «وكلا ، كلتا ، جميعا» معطوفات على «كل» بعاطف مقدر فيما عدا الأول «بالضمير» جار ومجرور متعلق بقوله «موصلا» الآتى «موصلا» حال من كل وما عطف عليه.


فيؤكد بكل وجميع ما كان ذا أجزاء يصحّ وقوع بعضها موقعه ، نحو «جاء الرّكب كلّه ، أو جميعه ، والقبيلة كلّها ، أو جميعها ، والرّجال كلّهم ، أو جميعهم ، والهندات كلّهنّ ، أو جميعهنّ» ولا تقول : «جاء زيد كله».

ويؤكد بكلا المثنّى المذكّر ، نحو «جاء الزّيدان كلاهما» ، وبكلتا لمثنّى المؤنث ، نحو «جاءت الهندان كلتاهما».

ولا بدّ من إضافتها كلها إلى ضمير يطابق المؤكّد كما مثل.

* * *

واستعملوا أيضا ككلّ فاعله

من عمّ فى التّوكيد مثل النّافله (١)

أى استعمل العرب ـ للدلالة على الشّمول ككل ـ «عامّة» مضافا إلى ضمير المؤكد ، نحو «جاء القوم عامّتهم» وقلّ من عدّها من النحويين فى ألفاظ التوكيد ، وقد عدّها سيبويه ، وإنما قال «مثل النافلة» لأن عدّها من ألفاظ التوكيد يشبه النافلة ، أى : الزيادة ؛ لأن أكثر النحويين لم يذكرها.

* * *

__________________

(١) «واستعملوا» فعل وفاعل «أيضا» مفعول مطلق لفعل محذوف «ككل» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من قوله فاعلة الآتى «فاعله» مفعول به لاستعملوا «من عم» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعلة أيضا «فى التوكيد» جار ومجرور متعلق باستعملوا «مثل» حال ثالث من فاعلة أيضا ، ومثل مضاف و «النافله» مضاف إليه ،


وبعد كلّ أكّدوا بأجمعا

جمعاء ، أجمعين ، ثمّ جمعا (١)

أى : يجاء بعد «كل» بأجمع وما بعدها لتقوية قصد الشّمول ؛ فيؤتى بـ «أجمع» بعد «كلّه» نحو «جاء الرّكب كلّه أجمع» وب «جمعاء» بعد «كلّها» ، نحو «جاءت القبيلة كلّها جمعاء» وب «أجمعين» بعد «كلّهم» نحو «جاء الرّجال كلّهم أجمعون» وب «جمع» بعد «كلّهنّ» نحو «جاءت الهندات كلّهنّ جمع» (١).

* * *

ودون كلّ قد يجىء : أجمع

جمعاء ، أجمعون ، ثمّ جمع (٢)

أى : قد ورد استعمال العرب «أجمع» فى التوكيد غير مسبوقة بـ «كلّه» نحو «جاء الجيش أجمع» واستعمال «جمعاء» غير مسبوقة بـ «كلّها» نحو «جاءت القبيلة جمعاء» واستعمال «أجمعين» غير مسبوقة بـ «كلّهم» نحو «جاء القوم أجمعون» واستعمال «جمع» غير مسبوقة بـ «كلهن» نحو «جاء النّساء جمع» وزعم المصنف أن ذلك قليل ، ومنه قوله :

__________________

(١) «وبعد» ظرف متعلق بقول أكدوا الآتى ، وبعد مضاف ، و «كل» مضاف إليه «أكدوا» فعل وفاعل «بأجمعا» جار ومجرور متعلق بأكدوا «جمعاء ، أجمعين ، ثم جمعا» معطوفات على «أجمعا» بعاطف مقدر فيما عدا الأخير.

(٢) «ودون» ظرف متعلق بقوله يجىء الآتى ، ودون مضاف و «كل» مضاف إليه «قد» حرف تقليل «يجىء» فعل مضارع «أجمع» فاعل يجىء «جمعاء ، أجمعون ، ثم جمع» معطوفات على «أجمع» بعاطف مقدر فيما عدا الأخير.


(٢٨٩) ـ

يا ليتنى كنت صبيّا مرضعا

تحملنى الذّلفاء حولا أكتعا

إذا بكيت قبّلتنى أربعا

إذا ظللت الدّهر أبكى أجمعا

* * *

__________________

٢٨٩ ـ هذه الأبيات لراجز لا يعلم اسمه.

اللغة : «الذلفاء» أصله وصف لمؤنث الأذلف ، وهو مأخوذ من الذلف ـ بالتحريك ـ وهو صغر الأنف واستواء الأرنبة ، ثم نقل إلى العلمية فسميت به امرأة ، ويجوز هنا أن يكون علما ، وأن يكون باقيا على وصفيته «حولا» عاما «أكتعا» تاما ، كاملا ، وقد قالوا : «أتى عليه حول أكتع» أى : تام ، كذا قال الجوهرى.

الإعراب : «يا» حرف تنبيه ، أو حرف نداء حذف المنادى به «ليتنى» ليت : حرف تمن ، والنون للوقاية ، والياء اسم ليت «كنت» كان : فعل ماض ناقص ، والناء اسمه «صبيا» خبر كان «مرضعا» نعت لصبى. وجملة «كان» واسمه وخبره فى محل رفع خبر «ليت» «تحملنى» تحمل : فعله مضارع ، والنون للوقاية ، وياء المتكلم مفعول به «الذلفاء» فاعل تحمل «حولا» ظرف زمان متعلق بتحمل «أكتعا» توكيد لقوله حولا ، وإذا لاحظت ما فيه من معنى المشتق صح أن تجعله نعتا له «إذا» ظرف ضمن معنى الشرط ، وجملة «بكيت» فى محل جر بإضافة إذا إليها «قبلتنى» قبل : فعل ماض ، والتاء تاء التأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى الذلفاء ، والنون للوقاية ، وياء المتكلم مفعول أول «أربعا» مفعول ثان ، وأصله نعت لمحذوف ، والجملة لا محل لها جواب «إذا» الشرطية «إذا» حرف جواب «ظللت» ظل : فعل ماض ناقص ، والتاء اسمه «الدهر» ظرف زمان متعلق بأبكى «أبكى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. والجملة فى محل نصب خبر ظل «أجمع» توكيد للدهر.

الشاهد فيه : فى هذا البيت ثلاثة شواهد يستدل بها النحاة على مسائل من باب التوكيد ، الشاهد الأول ـ وهو المراد هنا ـ فى قوله «الدهر ... أجمعا» حيث أكد الدهر بأجمع ، من غير أن يؤكده أولا بكل ، والثانى فى قوله «حولا أكتعا» فإنه يدل لما ذهب إليه الكوفيون من جواز توكيد النكرة إذا كانت


وإن يفد توكيد منكور قبل

وعن نحاة البصرة المنع شمل (١)

مذهب البصريين أنه لا يجوز توكيد النكرة : سواء كانت محدودة ، كيوم ، وليلة ، وشهر ، وحول ، أو غير محدودة ، كوقت ، وزمن ، وحين.

ومذهب الكوفيين ـ واختاره المصنف ـ جواز توكيد النكرة المحدودة ؛ لحصول الفائدة بذلك ، نحو : «صمت شهرا كلّه» ومنه قوله :

* تحملنى الذّلفاء حولا أكتعا* [٢٨٩]

وقوله :

(٢٩٠) ـ

* قد صرّت البسكرة يوما أجمعا*

__________________

محدودة بأن يكون لها أول وآخر معروفان ، كيوم وشهر وعام وحول ونحو ذلك ، وذهب المصنف إلى جواز ذلك ، والبصريون يأبون تأكيد التكرة : محدودة ، أو غير محدودة ، وسيأتى هذا الموضوع بعقيب ما نتكلم فيه الآن ، والثالث فى قوله «الدهر أبكى أجمعا» حيث يدل على أنه قد يفصل بين التوكيد والمؤكد بأجنبى.

(١) «وإن» شرطية «يفد» فعل مضارع فعل الشرط «توكيد» فاعل يفد ، وتوكيد مضاف ، و «منكور» مضاف إليه «قبل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى توكيد منكور ، والفعل مبنى على الفتح فى محل جزم جواب الشرط ، وسكن لأجل الوقف «وعن نحاة» جار ومجرور متعلق بقوله المنع الآتى ، ونحاة مضاف ، و «البصرة» مضاف إليه «المنع» مبتدأ «شمل» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المنع ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

٢٩٠ ـ هذا الشاهد مجهول النسبة إلى قائله ، ويذكر بعض النحاة من البصريين أنه مصنوع ، ويروى بعض من يستشهد به قبله :

* إنّا إذا خطّافنا تقعقعا*

اللغة : «خطافنا» الخطاف ـ بضم الخاء المعجمة وتشديد الطاء ـ هو الحديدة


واغن بكلتا فى مثنّى وكلا

عن وزن فعلاء ووزن أفعلا (١)

قد تقدّم أن المثنى يؤكد بالنفس أو العين وبكلا وكلتا ، ومذهب البصريين أنه لا يؤكد بغير ذلك ؛ فلا تقول «جاء الجيشان أجمعان» ولا «جاء القبيلتان جمعاوان» استغناء بكلا وكلتا عنهما ، وأجاز ذلك الكوفيون.

* * *

وإن تؤكّد الضّمير المتّصل

بالنّفس والعين فبعد المنفصل (٢)

__________________

المعوجة تكون فى جانب البكرة «تقعقعا» تحرك وسمع له صوت ، والقعقعة : تحريك الشىء اليابس الصلب حتى يسمع له صوت «صرت» صوتت «البكرة» بفتح فسكون هنا ـ ما يستقى عليها الماء من البئر.

الإعراب : «قد» حرف تحقيق «صرت» صر : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «البكرة» فاعل صرت «يوما» ظرف زمان متعلق بصرت «أجمعا» تأكيد لقوله يوما.

الشاهد فيه : قوله «يوما أجمعا» حيث أكد قوله «يوما» وهو نكرة محدودة بقوله «أجمعا» وتجويز ذلك هو مذهب الكوفيين الذى اختاره المصنف فى هذه المسألة ، وجواب البصريين عن هذا الشاهد إنكاره ، وادعاء أنه مما صنعه النحاة الكوفيون ليصححوا مذهبهم ، ولا أصل له عندهم حتى يتلمسوا له مخلصا.

(١) «اغن» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بكلتا» جار ومجرور متعلق باغن «فى مثنى» جار ومجرور متعلق باغن أيضا «وكلا» معطوف على كلتا «عن وزن» جار ومجرور متعلق باغن أيضا ، ووزن مضاف و «فعلاء» مضاف إليه «ووزن أفعلا» معطوف على قوله «وزن فعلاء».

(٢) «وإن» شرطية «تؤكد» فعل مضارع ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الضمير» مفعول به لتؤكد «المتصل» نعت للضمير «بالنفس» جار ومجرور متعلق بتؤكد «والعين» معطوف على النفس «فبعد» الفاء واقعة فى


عنيت ذا الرّفع ، وأكّدوا بما

سواهما ، والقيد لن يلتزما (١)

لا يجوز توكيد الضمير المرفوع المتصل بالنفس أو العين ، إلا بعد تأكيده بضمير منفصل ؛ فتقول : «قوموا أنتم أنفسكم ، أو أعينكم» ولا تقل : «قوموا أنفسكم».

فإذا أكّدته يغير النفس والعين لم يلزم ذلك ؛ تقول : «قوموا كلّكم» أو «قوموا أنتم كلّكم».

وكذا إذا كان المؤكّد غير ضمير رفع : بأن كان ضمير نصب أو جر ؛ فتقول : «مررت بك نفسك ، أو عينك ، ومررت بكم كلّكم ، ورأيتك نفسك ، أو عينك ، ورأيتكم كلكم».

* * *

وما من التّوكيد لفظىّ يجى

مكرّرا كقولك «ادرجى ادرجى» (٢)

__________________

جواب الشرط ، بعد : ظرف متعلق بمحذوف تقديره : فأكد بهما بعد المنفصل ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط ، وبعد مضاف ، و «المنفصل» مضاف إليه.

(١) «عنيت» فعل وفاعل «ذا» مفعول به لعنيت ، وذا مضاف «الرفع» مضاف إليه «وأكدوا» فعل وفاعل «بما» جار ومجرور متعلق بأكدوا «سواهما» سوى : ظرف متعلق بمحذوف صلة ما المجرورة محلا بالباء ، وسوى مضاف والضمير مضاف إليه «والقيد» مبتدأ «لن» نافية ناصبة «يلتزما» فعل مضارع مبنى للمجهول منصوب بلن ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى القيد ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) «وما» اسم موصول : مبتدأ «من التوكيد» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن فى قوله «لفظى» الآتى ؛ لأنه فى قوة المشتق ؛ إذ هو منسوب «لفظى» خبر لمبتدأ محذوف ، أى : هو لفظى ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «يجى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والجملة فى محل رفع خبر


هذا هو القسم الثانى من قسمى التوكيد ، وهو : التوكيد اللفظى ، وهو تكرار اللفظ الأول [بعينه] اعتناء به نحو : «ادرجى ادرجى» وقوله :

(٢٩١) ـ

فأين إلى أين النّجاة ببغلتى

أتاك أتاك اللّاحقون احبس احبس

وقوله تعالى : (كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا)(٢).

* * *

__________________

المبتدأ «مكررا» حال من الضمير المستتر فى يجىء «كقولك» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، أى : وذلك كائن كقولك ، وقول مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه «ادرجى» فعل أمر ، وياء المؤنثة المخاطبة فاعل «ادرجى» توكيد لسابقه.

٢٩١ ـ هذا البيت يكثر استشهاد النحاة به ، ولم ينسبه واحد منهم لقائل معين.

الإعراب : «فأين» اسم استفهام ، مبنى على الفتح فى محل جر بإلى محذوف يدل عليها ما بعدها ، والأصل : فإلى أين ـ إلخ ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «إلى أين» توكيد لفظى «النجاة» مبتدأ مؤخر «ببغلتى» الجار والمجرور متعلق بالنجاة ، وبغلة مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «أتاك» أتى : فعل ماض ، والكاف مفعول به «أتاك» توكيد لفظى «اللاحقون» فاعل أتى الأول «احبس» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «احبس» توكيد لفظى.

الشاهد فيه : قوله «إلى أين إلى أين» وقوله : «أتاك أتاك» وقوله : «احبس احبس» ففى كل واحد من المواضع الثلاثة تكرر اللفظ الأول بعينه ، وهو من التوكيد اللفظى.

(١) من العلماء من منع أن يكون قوله تعالى : (كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) من باب التوكيد اللفظى ، وعلل ذلك أن التوكيد اللفظى يشترط أن يكون اللفظ الثانى دالا على نفس ما يدل عليه اللفظ الأول ، والأمر فى الآية الكريمة ليس كذلك ، فإن الدك الثانى غير الدك الأول ، والمعنى دكا حاصلا بعد دك ، وذهب هؤلاء إلى أن اللفظين معا حال ، وهو مؤول بنحو مكررا دكها ، ومثله قوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ


ولا تعد لفظ ضمير متّصل

إلّا مع اللّفظ الّذى به وصل (١)

أى : إذا أريد تكرير لفظ الضمير المتصل للتوكيد ، لم يجز ذلك ، إلا بشرط اتصال المؤكّد بما اتصل بالمؤكد ، نحو «مررت بك بك ، ورغبت فيه فيه» ولا تقول : «مررت بكك».

* * *

كذا الحروف غير ما تحصّلا

به جواب : كنعم ، وكبلى (٢)

أى : كذلك إذا أريد توكيد الحرف الذى ليس للجواب ، يجب أن يعاد

__________________

صَفًّا صَفًّا) وجعلوا هاتين الآيتين نظير قولهم : جاءوا رجلا رجلا ، وعلمته الحساب بابا بابا.

(١) «ولا» ناهية «تعد» فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لفظ» مفعول به لتعد ، ولفظ مضاف و «ضمير» مضاف إليه «متصل» نعت لضمير «إلا» أداة استثناء «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من «لفظ» الواقع مفعولا به ، ومع مضاف وقوله «اللفظ» مضاف إليه «الذى» نعت للفظ «به» جار ومجرور متعلق بقوله «وصل» الآتى «وصل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى ، والجملة لا محل لها صلة الموصول.

(٢) «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «الحروف» مبتدأ مؤخر «غير» منصوب على الاستثناء ، أو ـ بالرفع ـ نعت للحروف ، وغير مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «تحصلا» فعل ماض ، والألف للاطلاق «به» جار ومجرور متعلق بتحصل «جواب» فاعل تحصل ، والجملة لا محل لها صلة «كنعم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كنعم «وكيلى» جار ومجرور معطوف على كنعم.


مع الحرف المؤكّد ما يتصل بالمؤكّد ، نحو «إنّ زيدا إنّ زيدا قائم» و «فى الدار فى الدار زيد» ، ولا يجوز «إنّ إنّ زيدا قائم» (١) ، ولا «فى فى الدار زيد».

فإن كان الحرف جوابا ـ كنعم ، وبلى ، وجير ، وأجل ، وإى ، ولا ـ جاز إعادته وحده ؛ فيقال لك : «أقام زيد»؟ فتقول «نعم نعم» أو «لالا» ، و «ألم يقم زيد»؟ فتقول : «بلى بلى» (٢).

* * *

ومضمر الرّفع الّذى قد انفصل

أكّد به كلّ ضمير اتّصل (٣)

__________________

(١) قد ورد شاذا قول الشاعر :

إنّ إنّ الكريم يحلم ما لم

يرين من أجاره قد ضيما

(٢) من ذلك قول جميل بن معمر العذرى :

لا لا أبوح بحبّ بثنة ؛ إنّها

أخذت علىّ مواثقا وعهودا

واعلم أن حروف الجواب على ثلاثة أقسام : الأول ما يقع بعد الإيجاب والنفى جميعا ، وذلك أربعة أحرف ، وهى : نعم ، وجير ، وأجل ، وإى ، فكل واحد من هذه الأحرف الأربعة يصح أن يجاب به بعد الإثبات ويصح أن يجاب به بعد النفى ، والمقصود بكل واحد منها أحد أمور ثلاثة : تصديق المخبر ، أو إعلام المستخبر ، أو إيعاد الطالب ، والقسم الثانى : ما لا يقع إلا بعد الإيجاب ، وهو «لا» والمقصود به إبطال ما أوجبه المتكلم أولا ، والقسم الثالث : ما لا يقع إلا بعد النفى ، وهو «بلى» خاصة.

(٣) «ومضمر» بالنصب : مفعول به لفعل محذوف يفسره ما بعده ، وبالرفع مبتدأ وعلى كل حال هو مضاف ، و «الرفع» مضاف إليه «الذى» اسم موصول : نعت


أى : يجوز أن يؤكّد بضمير الرفع المنفصل كلّ ضمير متصل : مرفوعا كان ، نحو «قمت أنت» ، أو منصوبا «أكرمتنى أنا» ، أو مجرورا ، نحو «مررت به هو» والله أعلم.

* * *

__________________

لمضمر الرفع «قد» حرف تحقيق «انفصل» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الاسم الموصول الواقع نعتا ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «أكد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «به» جار ومجرور متعلق بأكد «كل» مفعول به لأكد ، وكل مضاف و «ضمير» مضاف إليه ، وجملة «اتصل» وفاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو فى محل جر صفة لضمير المضاف إليه.


العطف

العطف : إمّا ذو بيان ، أو نسق

والغرض الآن بيان ما سبق (١)

فذو البيان : تابع ، شبه الصّفه ،

حقيقة القصد به منكشفه (٢)

العطف ـ كما ذكر ـ ضربان ؛ أحدهما : عطف النّسق ، وسيأتى ، والثانى : عطف البيان ، وهو المقصود بهذا الباب.

وعطف البيان هو : التابع ، الجامد ، المشبه للصفة : فى إيضاح (٣) متبوعه ، وعدم استقلاله ، نحو :

__________________

(١) «العطف» مبتدأ «إما» حرف تفصيل «ذو» خبر المبتدأ ، وذو مضاف ، و «بيان» مضاف إليه «أو» عاطفة «نسق» معطوف على «ذو بيان» «والغرض» مبتدأ «الآن» منصوب على الظرفية الزمانية «بيان» خبر المبتدأ ، وبيان مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه ، وجملة «سبق» وفاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو لا محل لها صلة الموصول.

(٢) «فذو» مبتدأ ، وذو مضاف و «البيان» مضاف إليه «تابع» خبر المبتدأ «شبه» نعت لتابع ، وشبه مضاف و «الصفة» مضاف إليه «حقيقة» مبتدأ ، وحقيقة مضاف و «القصد» مضاف إليه «به» جار ومجرور متعلق بمنكشفة «منكشفة» خبر المبتدأ ، والجملة فى محل رفع صفة ثانية لتابع.

(٣) عبارة الشارح فى هذا الموضع قاصرة ، والتحقيق أن عطف البيان يأتى لأغراض كثيرة ، وأن أشهرها أربعة ؛ الأول : توضيح متبوعه ، وهذا يكون فى المعارف كأقسم بالله أبو حفص عمر ، والثانى تخصيص متبوعه ، وهذا يكون فى النكرات نحو قوله تعالى : (مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) وقوله سبحانه : (مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) عند من جوز مجىء عطف البيان فى النكرات ، والثالث المدح ، نحو قوله تعالى : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) ذكر هذا صاحب الكشاف ، والرابع التأكيد ، وذلك كما فى قول الشاعر :


(٢٩٢) ـ

* أقسم بالله أبو حفص عمر*

فـ «عمر» عطف بيان ؛ لأنه موضّح لأبى حفص.

فخرج بقوله «الجامد» الصّفة ؛ لأنها مشتقة أو مؤوّلة به ، وخرج بما بعد ذلك : التوكيد ، وعطف النّسق ؛ لأنهما لا يوضّحان متبوعهما ، والبدل الجامد ؛ لأنه مستقل.

* * *

__________________

* لقائل يا نصر نصرا نصرا*

ذكره بعضهم ، واختار المصنف فى هذا البيت أن الثانى توكيد لفظى للأول.

٢٩٢ ـ هذا أول رجز لعبد الله بن كيسبة ـ بفتح الكاف وسكون الياء المثناة ـ وبعده :

ما مسّها من نقب ولا دبر

فاغفر له اللهمّ إن كان فجر

وكان من حديثه أنه أقبل على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن أهلى بعيد ، وإن ناقتى دبراء نقباء ، فاحملنى ، فقال عمر : كذبت ، والله ما بها من نقب ولا دبر ، فانطلق فحل ناقته ثم استقبل البطحاء ، وجعل يقول هذا الرجز ، وعمر ـ رضى الله عنه ـ مقبل من أعلى الوادى ، فسمعه ، فأخذ بيده وقال له : ضع عن راحلتك ، فلما تبين له صدقه حمله وزوده وكساه ، كذا قال المرزبانى فى معجم الشعراء ، وما نحسب القصة على هذا التفصيل ، فإن فيها ما لا نسيغه.

اللغة : «نقب» مصدر نقب ـ من باب فرح ـ وهو رقة خف البعير «دبر» مصدر دبر ـ من باب مرض ـ وهو أن يجرح ظهر الدابة من موضع الرحل أو القتب «فجر» حنث فى يمينه.

الإعراب : «أقسم» فعل ماض «بالله» جار ومجرور متعلق بأقسم «أبو» فاعل أقسم ، وأبو مضاف و «حفص» مضاف إليه «عمر» عطف بيان ، ويجوز أن يكون بدلا.

الشاهد فيه : قوله «أبو حفص عمر» فإن الثانى عطف بيان للأول.


فأولينه من وفاق الأوّل

ما من وفاق الأوّل النّعت ولى (١)

لمّا كان عطف البيان مشبها للصفة ، لزم فيه موافقة المتبوع كالنعت ؛ فيوافقه فى : إعرابه ، وتعريفه أو تنكيره ، وتذكيره أو تأنيثه ، وإفراده أو تثنيته أو جمعه.

* * *

فقد يكونان منكّرين

كما يكونان معرّفين (٢)

ذهب أكثر النحويين إلى امتناع كون عطف البيان ومتبوعه نكرتين ، وذهب قوم ـ منهم المصنف ـ إلى جواز ذلك ؛ فيكونان منكرين كما يكونان معرفين ، قيل : ومن تنكيرهما قوله تعالى : (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) وقوله تعالى : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) فزيتونة : عطف بيان لشجرة ، وصديد : عطف بيان لماء.

* * *

__________________

(١) «فأولينه» أول : فعل أمر ، مؤكد بالنون الخفيفة ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول أول «من وفاق» جار ومجرور متعلق بأولينه ووفاق مضاف ، و «الأول» مضاف إليه «ما» اسم موصول : مفعول ثان لأولينه «من وفاق» جار ومجرور متعلق بقوله «ولى» الآتى آخر البيت ، ووفاق مضاف ، «الأول» مضاف إليه «النعت» مبتدأ «ولى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى النعت ، والجملة من الفعل والفاعل فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ والخبر لا محل لها صلة.

(٢) «فقد» حرف تقليل «يكونان» فعل مضارع ناقص ، وألف الاثنين اسمه «منكرين» خبر يكون «كما» الكاف جارة ، ما : مصدرية «يكونان معرفين» مضارع ناقص واسمه وخبره ، فى تأويل مصدر بواسطة ما المصدرية ، وهذا المصدر مجرور بالكاف ، والتقدير : ككونهما معرفين.


وصالحا لبدليّة يرى

فى غير ، نحو «يا غلام يعمرا» (١)

ونحو «بشر» تابع «البكرىّ»

وليس أن يبدل بالمرضىّ (٢)

كلّ ما جاز أن يكون عطف بيان ، جاز أن يكون بدلا ، نحو : «ضربت أبا عبد الله زيدا».

واستثنى المصنف من ذلك مسألتين ، يتعين فيهما كون التابع عطف بيان (٣) :

__________________

(١) «وصالحا» مفعول ثان مقدم على عامله ، وهو قوله «يرى» «لبدلية» جار ومجرور متعلق بصالح «يرى» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عطف البيان ، ونائب الفاعل هو المفعول الأول «فى غير» جار ومجرور متعلق بيرى ، وغير مضاف ، و «نحو» مضاف إليه «يا» حرف نداء «غلام» منادى مبنى على الضم فى محل نصب «يعمرا» عطف بيان على غلام تبعا للمحل ؛ فقد علمت أنه مضموم اللفظ ، وأن محله نصب.

(٢) «ونحو» معطوف على نحو فى البيت السابق ، ونحو مضاف و «بشر» مضاف «تابع» نعت لبشر ، وتابع مضاف و «البكرى» مضاف إليه «وليس» فعل ماض ناقص «أن» مصدرية «يبدل» فعل مضارع مبنى للمجهول منصوب بأن ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، و «أن» وما دخلت عليه فى تأويل مصدر اسم ليس «بالمرضى» الباء زائدة ، والمرضى : خبر ليس ، منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.

(٣) ضبط ابن هشام وغيره المسائل التى يتعين فيها أن يكون التابع عطف بيان ولا يجوز أن يكون بدلا ، بأحد أمرين ؛ الأمر الأول : أن يكون التابع غير مستغنى عنه ، الثانى : أن يكون التابع غير صالح لأن يوضع فى مكان المتبوع ، والمسألتان اللتان ذكرهما الناظم وبينهما الشارح من أفراد الضابط الثانى ؛ ألا ترى أنه لا يجوز أن يوضع يعمرا مع كونه منصوبا موضع غلام المنادى ، ولا يصلح أن يوضع بشر مع كونه علما وليس مقترنا بأل موضع البكرى ، ولم يتعرضا لتأصيل الضابط الأول ، ولا التمثيل له ، ومن أمثلته أن يكون التابع مشتملا على ضمير والمتبوع جزء من جملة واقعة خبرا


الأولى : أن يكون التابع مفردا ، معرفة ، معربا ؛ والمتبوع منادى ، نحو : «يا غلام يعمرا» فيتعين أن يكون «يعمرا» عطف بيان ، ولا يجوز أن يكون بدلا ؛ لأن البدل على نيّة تكرار العامل ؛ فكان يجب بناء «يعمرا» على الضم ؛ لأنه لو لفظ بـ «يا» معه لكان كذلك.

الثانية : أن يكون التابع خاليا من «أل» والمتبوع بأل ، وقد أضيفت إليه صفة بأل ، نحو : «أنا الضّارب الرّجل زيد» ؛ فيتعين كون «زيد» عطف بيان ، ولا يجوز كونه بدلا من «الرجل» ؛ لأن البدل على نية تكرار العامل ؛ فيلزم أن يكون التقدير : أنا الضارب زيد ، وهو لا يجوز ؛ لما عرفت فى باب الإضافة من أن الصفة إذا كانت بأل لا تضاف إلا إلى ما فيه أل ، أو ما أضيف إلى ما فيه أل ، ومثل «أنا الضارب الرجل زيد» قوله :

(٢٩٣) ـ

أنا ابن التّارك البكرىّ بشر

عليه الطّير ترقبه وقوعا

__________________

وليس فى هذه الجملة ضمير يربطها بالمبتدأ ، نحو «على سافر بكر أخوه» فإنه يتعين أن يكون «أخوه» عطف بيان على بكر ، ولا يجوز أن يكون بدلا.

٢٩٣ ـ البيت للمرار بن سعيد الفقعسى.

اللغة : «التارك» يجوز أن يكون اسم فاعل من ترك بمعنى صير وجعل ، فيحتاج مفعولين ، ويجوز أن يكون اسم فاعل من ترك بمعنى خلى ، فلا يحتاج إلا مفعولا واحدأ «البكرى» نسبة إلى بكر بن وائل «بشر» هو بشر بن عمرو بن مرثد ، وكان قد قتله سبع بن الحساس الفقعسى ، ورئيس بنى أسد يوم ذاك خالد بن نضلة الفقعسى جد المرار ، لذلك فخر بمقتل بشر «ترقبه» تنتظر خروج روحه ؛ لأن الطير لا تهبط إلا على الموتى ، وكنى بذلك عن كونه قتله.

المعنى : يقول : أنا ابن الرجل الذى ترك بشرا البكرى تنتظر الطير موته لتقع عليه.

الإعراب : «أنا» مبتدأ «ابن» خبر المبتدأ ، وابن مضاف ، «التارك»


فبشر : عطف بيان ، ولا يجوز كونه بدلا ؛ إذ لا يصح أن يكون التقدير. «أنا ابن التّارك بشر».

وأشار بقوله : «وليس أن يبدل بالمرضىّ» إلى أنّ تجويز كون «بشر» بدلا غير مرضىّ ، وقصد بذلك التنبيه على مذهب الفرّاء والفارسى (١).

* * *

__________________

مضاف إليه ، والتارك مضاف ، و «البكرى» مضاف إليه ، من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله «بشر» عطف بيان على البكرى «عليه» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «الطير» مبتدأ مؤخر ، والجملة فى محل نصب : إما مفعول ثان للتارك ، وإما حال من البكرى «ترقبه» ترقب : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى الطير ، والهاء مفعول به ، والجملة فى محل نصب حال من الطير «وقوعا» حال من الضمير المستتر فى ترقبه.

الشاهد فيه : قوله «التارك البكرى بشر» فإن قوله «بشر» يتعين فيه أن يكون عطف بيان على قوله «البكرى» ، ولا يجوز أن يجعل بدلا منه ؛ وقد أشار الشارح العلامة إلى وجه امتناعه والخلاف فيه.

(١) مذهب الفراء والفارسى جواز إضافة الوصف المقترن بأل إلى العلم ، وذلك نحو «أنا الضارب زيد» وعلى هذا يجوز فى «أنا ابن التارك البكرى بشر» أن يجعل بشر بدلا ؛ لأنه يجوز عندهم أن تقول : أنا ابن التارك بشر ـ بإضافة التارك الذى هو وصف مقترن بأل إلى بشر الذى هو علم ـ ومعنى هذا أنه يجوز إحلال التابع محل المتبوع ، ومتى جاز ذلك صح فى المتبوع الوجهان : أن يكون عطف بيان ، وأن يكون بدلا ، لكن مذهب الفراء والفارسى غير مقبول عند المصنف وجمهرة العلماء ، لا جرم لم يجيزوا فى «بشر» إلا وجها واحدا وهو أن يكون عطف بيان ، ولهذا تجد المصنف يقول «وليس أن يبدل بالمرضى».


عطف النّسق

تال بحرف متبع عطف النّسق

كاخصص بود وثناء من صدق (١)

عطف النسق هو : التابع ، المتوسّط بينه وبين متبوعه أحد الحروف التى سنذكرها ، كـ «اخصص بودّ وثناء من صدق».

فخرج بقوله «المتوسط ـ إلى آخره» بقية التوابع.

* * *

فالعطف مطلقا : بواو ، ثمّ ، فا ،

حتّى ، أم ، او ، كـ «فيك صدق ووفا» (٢)

__________________

(١) «تال» خبر مقدم «بحرف» جار ومجرور متعلق بتال «متبع» نعت لحرف «عطف» مبتدأ مؤخر ، وعطف مضاف ، و «النسق» مضاف إليه «كاخصص» الكاف جارة لقول محذوف ، اخصص : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بود» جار ومجرور متعلق باخصص «وثناء» معطوف بالواو على ود «من» اسم موصول : مفعول به لاخصص «صدق» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على من الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول.

(٢) «فالعطف» مبتدأ «مطلقا» حال من الضمير المستكن فى الجار والمجرور وهو قوله «بواو» بناء على رأى من أجاز تقدم الحال على عامله الجار والمجرور ، أو هو حال من المبتدأ بناء على مذهب سيبويه «بواو» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «ثم ، فا ، حتى ، أم ، أو» قصد لفظهن. معطوفات على قوله واو ، بعاطف مقدر فى الجميع «كفيك» الكاف جارة لقول محذوف ، فيك : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «صدق» مبتدأ مؤخر «ووفا» الواو عاطفة ، ووفا : معطوف على صدق ، وقصر وفا للضرورة ، وأصله وفاء ، وتقدير الكلام : كقولك فيك صدق ووفا ، والكاف ومجرورها تتعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف : أى وذلك كائن كقولك.


حروف العطف على قسمين :

أحدهما : ما يشرّك المعطوف مع المعطوف عليه مطلقا ، أى : لفظا وحكما ، وهى : الواو ، نحو : «جاء زيد وعمرو». وثمّ ، نحو : «جاء زيد ثمّ عمرو». والفاء ، نحو : «جاء زيد فعمرو». وحتّى ، نحو : «قدم الحجّاج حتّى المشاة». وأم ، نحو : «أزيد عندك أم عمرو؟». وأو ، نحو : «جاء زيد أو عمرو».

والثانى : ما يشرّك لفظا فقط ، وهو المراد بقوله.

وأتبعت لفظا فحسب : بل ، ولا ،

لكن ، كـ «لم يبد امرؤ لكن طلا» (١)

هذه الثلاثة تشرّك الثانى مع الأول فى إعرابه ، لا فى حكمه ، نحو : «ما قام زيد بل عمرو ، وجاء زيد لا عمرو ، ولا تضرب زيدا لكن عمرا».

* * *

__________________

(١) «وأتبعت» أتبع : فعل ماض ، والتاء علامة التأنيث «لفظا» تمييز ، أو منصوب بنزع الخافض «فحسب» الفاء زائدة لتزيين اللفظ ، حسب ، بمعنى كاف هنا : مبتدأ ، وخبره محذوف ، أى فكافيك هذا ، مثلا «بل» فاعل أتبعت «ولا ، لكن» معطوفان على «بل» بعاطف مقدر فى الثانى «كلم» الكاف جارة لقول محذوف ، لم : حرف نفى وجزم وقلب «يبد» فعل مضارع مجزوم بحذف الواو «امرؤ» فاعل يبد «لكن» حرف عطف «طلا» معطوف على امرؤ ، والطلا ـ بفتح الطاء مقصورا ، بزنة عصا وفتى ـ ابن الظبية أول ما يولد ، وقيل : الطلا هو ولد البقرة الوحشية ، وقيل : هو ولد ذات الظلف مطلقا ، ويجمع على أطلاء ، مثل سبب وأسباب.


فاعطف بواو لاحقا أو سابقا

 ـ فى الحكم ـ أو مصاحبا موافقا (١)

لمّا ذكر حروف العطف التسعة شرع فى ذكر معانيها.

فالواو : لمطلق الجمع عند البصريين ؛ فإذا قلت : «جاء زيد وعمرو» دلّ ذلك على اجتماعهما فى نسبة المجىء إليهما ، واحتمل كون «عمرو» جاء بعد «زيد» ، أو جاء قبله ، أو جاء مصاحبا له ، وإنما يتبين ذلك بالقرينة ، نحو : «جاء زيد وعمرو بعده ، وجاء زيد وعمرو قبله ، وجاء زيد وعمرو معه». فيعطف بها : اللاحق ، والسابق ، والمصاحب.

ومذهب الكوفيين أنها للترتيب ، وردّ بقوله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا)(٢).

* * *

__________________

(١) «فاعطف» الفاء للتفريع ، اعطف : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بواو» جار ومجرور متعلق باعطف «لا حقا» مفعول به لا عطف «أو» عاطفة «سابقا» معطوف على قوله لا حقا «فى الحكم» جار ومجرور تنازعه كل من «سابقا ، ولا حقا» «أو» عاطفة «مصاحبا» معطوف على سابقا «موافقا» نعت لقوله مصاحبا ،

(٢) لو كانت الواو دالة على الترتيب ـ كما يقول الكوفيون ـ لكان هذا الكلام اعترافا من الكفار بالبعث بعد الموت ؛ لأن الحياة المرادة من «نحيا» تكون حينئذ بعد الموت ، وهى الحشر ، ومساق الآية وما عرف من حالهم ومرادهم دليل على أنهم منكرون له ؛ فالمراد من الحياة فى قولهم «ونحيى» هى الحياة التى يحيونها فى الدنيا ، وهى قبل الموت قطعا ، فدلت الآية على أن الواو لا تدل على الترتيب ؛ لأن المعطوف سابق فى الوجود على المعطوف عليه.


واخصص بها عطف الّذى لا يغنى

متبوعه ، كـ «اصطفّ هذا وابنى» (١)

اختصّت الواو ـ من بين حروف العطف ـ بأنها يعطف بها حيث لا يكتفى بالمعطوف عليه ، نحو : «اختصم زيد وعمرو» ولو قلت : «اختصم زيد» لم يجز ، ومثله «اصطفّ هذا وابنى ، وتشارك زيد وعمرو» ، ولا يجوز أن يعطف فى هذه المواضع بالفاء ولا بغيرها من حروف العطف ؛ فلا تقول : «اختصم زيد فعمرو».

* * *

والفاء للتّرتيب باتّصال

و «ثمّ» للتّرتيب بانفصال (٢)

أى : تدلّ الفاء على تأخّر المعطوف عن المعطوف عليه متّصلا به ، و «ثم» على تأخّره عنه منفصلا ، أى : متراخيا عنه ، نحو : «جاء زيد فعمرو» ، ومنه قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) و «جاء زيد ثم عمرو» ومنه قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ).

* * *

__________________

(١) «واخصص» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بها» جار ومجرور متعلق باخصص «عطف» مفعول به لاخصص ، وعطف مضاف ، و «الذى» اسم موصول : مضاف إليه ، والجملة من الفعل المنفى وهو «لا يغنى» وفاعله الضمير المستتر فيه لا محل لها صلة الموصول «كاصطف» الكاف جارة لقول محذوف ، واصطف : فعل ماض «هذا» فاعل اصطف «وابنى» معطوف على هذا.

(٢) «والفاء» مبتدأ «للترتيب» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «باتصال» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الترتيب «وثم للترتيب بانفصال» مثل الشطر الأول فى الإعراب.


واخصص بفاء عطف ما ليس صله

على الّذى استقرّ أنّه الصّله (١)

اختصّت الفاء بأنها تعطف ما لا يصلح أن يكون صلة ـ لخلوه عن ضمير الموصول ـ على ما يصلح أن يكون صلة ـ لاشتماله على الضمير ـ نحو : «الذى يطير فيغضب زيد الذباب» ، ولو قلت : «ويغضب زيد» أو «ثم يغضب زيد» لم يجز ؛ لأن الفاء تدل على السببية ، فاستغنى بها عن الرابط ، ولو قلت : «الذى يطير ويغضب منه زيد الذباب» جاز ؛ لأنك أتيت بالضمير الرابط.

* * *

بعضا بحتّى اعطف على كلّ ، ولا

يكون إلّا غاية الّذى تلا (٢)

__________________

(١) «واخصص» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بفاء» جار ومجرور متعلق باخصص «عطف» مفعول به لاخصص ، وعطف مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «ليس» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه «صلة» خبر ليس ، والجمله من ليس واسمها وخبرها لا محل لها صلة ما الموصولة «على الذى» جار ومجرور متعلق بعطف «استقر» فعل ماض «أنه» أن : حرف توكيد ونصب ، والهاء اسمه «الصلة» خبر أن ، و «أن» وما دخلت عليه فى تأويل مصدر فاعل استقر ، والجملة من الفعل الذى هو استقر والفاعل الذى هو المصدر المنسبك من أن ومعموليها لا محل لها صلة الذى.

(٢) «بعضا» مفعول به مقدم لقوله «اعطف» الآتى «بحتى» جار ومجرور متعلق باعطف «اعطف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «على كل» جار ومجرور متعلق باعطف أيضا «ولا» الواو للحال ، لا : نافية «يكون» فعل مضارع ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا «إلا» أداة استثناء ملغاة «غاية» خبر يكون ، وغاية مضاف ، و «الذى» اسم موصول مضاف إليه «تلا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا ، والجملة لا محل لها صلة الذى ، وجملة يكون واسمه وخبرء فى محل نصب حال.


يشترط فى المعطوف بحتى أن يكون بعضا مما قبله وغاية له : فى زيادة ، أو نقص ، نحو : «مات الناس حتى الأنبياء ، وقدم الحجّاج حتّى المشاة».

* * *

و «أم» بها اعطف إثر همز التّسويه

أو همزة عن لفظ «أىّ» مغنيه (١)

«أم» على قسمين : منقطعة ، وستأتى ، ومتصلة ، وهى : التى تقع بعد همزة التسوية نحو : «سواء علىّ أقمت أم قعدت» ومنه قوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) والتى تقع بعد همزة مغنية عن «أىّ» نحو «أزيد عندك أم عمرو» أى : أيّهما عندك؟.

* * *

وربّما أسقطت الهمزة ، إن

كان خفا المعنى بحذفها أمن (٢)

__________________

(١) «وأم» قصد لفظه : مبتدأ «بها» جار ومجرور متعلق بقوله اعطف الآتى «اعطف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «إثر» ظرف مكان بمعنى بعد متعلق باعطف ، وإثر مضاف و «همز» مضاف إليه ، وهمز مضاف و «التسوية» مضاف إليه «أو» حرف عطف «همزة» معطوف على همز «عن لفظ» جار ومجرور متعلق بقوله «مغنية» الآتى ، ولفظ مضاف و «أى» مضاف إليه «مغنية» نعت لهمزة.

(٢) «وربما» رب : حرف تقليل ، ما : كافة «أسقطت» أسقط : فعل ماض مبنى للمجهول ، والتاء للتأنيث «الهمزة» نائب فاعل أسقط «إن» شرطية «كان» فعل ماض ناقص فعل الشرط «خفا» قصر للضرورة : اسم كان ، وخفا مضاف و «المعنى» مضاف إليه «بحذفها» الجار والمجرور متعلق بقوله «أمن» الآتى ،


أى : قد تحذف الهمزة ـ يعنى همزة التسوية ، والهمزة المغنية عن أىّ ـ عند أمن اللبس ، وتكون «أم» متصلة كما كانت والهمزة موجودة ، ومنه قراءة ابن محيصن : (سواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم) بإسقاط الهمزة من «أنذرتهم» ، وقول الشاعر :

(٢٩٤) ـ

لعمرك ما أدرى وإن كنت داريا

بسبع رمين الجمر أم بثمان

أى : أبسبع.

__________________

وحذف مضاف وها : مضاف إليه «أمن» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والجملة فى محل نصب خبر كان ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.

٢٩٤ ـ البيت لعمر بن أبى ربيعة المخزومى ، أحد شعراء قريش المعدودين.

الإعراب : «لعمرك» اللام للقسم ، عمر : مبتدأ ، وخبره محذوف وجوبا ، وتقدير الكلام : لعمرك قسمى ، وعمر مضاف والكاف ضمير المخاطب مضاف إليه «ما» نافية «أدرى» فعل مضارع بتطلب مفعولين ، وقد علق عنهما بالهمزة المقدرة قبل قوله بسبع الآتى ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «وإن» الواو واو الحال ، إن زائدة «كنت» كان : فعل ماض ناقص ، والتاء اسمه «داريا» خبره «بسبع» جار ومجرور متعلق بقوله رمين الآتى «رمين» رمى : فعل ماض ، ونون النسوة فاعل «الجمر» مفعول به لرمين «أم» عاطفة «بثمان» جار ومجرور معطوف على قوله بسبع.

الشاهد فيه : قوله «بسبع ... أم بثمان» حيث حذف منه الهمزة المغنية عن لفظ «أى» وأصل الكلام : أبسبع رمين ـ إلخ ، وإنما حذفها اعتمادا على انسياق المعنى وعدم خفائه.


وبانقطاع وبمعنى «بل» وفت

إن تك ممّا قيّدت به خلت (١)

أى : إذا لم يتقدم على «أم» همزة التسوية ، ولا همزة مغنية عن أى ؛ فهى منقطعة وتفيد الإصراب كبل ، كقوله تعالى : (لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ، أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) أى : بل يقولون افتراه ، ومثله «إنّها لإبل أم شاء» أى : بل هى شاء.

* * *

خيّر ، أبح ، قسّم ـ بأو ـ وأبهم ،

واشكك ، وإضراب بها أيضا نمى (٢)

__________________

(١) «وبانقطاع» جار ومجرور متعلق بقوله وفت الآتى «وبمعنى» جار ومجرور معطوف بالواو على بانقطاع ، ومعنى مضاف و «بل» قصد لفظه : مضاف إليه «وفت» وفى : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى أم أيضا «إن» شرطية «تك» فعل مضارع ناقص ، فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى أم أيضا «مما» جار ومجرور متعلق بقوله خلت الآتى «قيدت» قيد : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى ، والتاء للتأنيث ، والجملة لا محل لها صلة «ما» المجرورة محلا بمن «به» جار ومجرور متعلق بقيدت «خلت» خلا : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير فيه جوازا تقديره هى ، والجملة فى نصب خبر «تك» وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.

(٢) «خير» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «أبح ، قسم» معطوفان على خير بعاطف مقدر مع كل منهما «بأو» جار ومجرور تنازعه الأفعال الثلاثة قبله «وأبهم ، واشكك» معطوفان على خير «وإضراب» مبتدأ «بها» جار ومجرور متعلق بإضراب «أيضا» مفعول مطلق لفعل محذوف «نمى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى إضراب ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.


أى : تستعمل «أو» للتخيير ، نحو «خذ من مالى درهما أو دينارا» وللإباحة نحو «جالس الحسن أو ابن سيرين ، والفرق بين الإباحة والتخيير : أن الإباحة لا تمنع الجمع ، والتخيير يمنعه ، وللتقسيم ، نحو «الكلمة اسم ، أو فعل ، أو حرف» وللإبهام على السامع ، نحو «جاء زيد أو عمرو» إذا كنت عالما بالجائى منهما وقصدت الإبهام على السامع ، [ومنه قوله تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)] ، وللشك ، نحو «جاء زيد أو عمرو» إذا كنت شاكا فى الجائى منهما ، وللاضراب كقوله :

(٢٩٥) ـ

ماذا ترى فى عيال قد برمت بهم

لم أحص عدّتهم إلّا بعدّاد

__________________

٢٩٥ ـ هذان البيتان لجرير بن عطية ، يقولهما لهشام بن عبد الملك.

اللغة : «عيال» بعنى بهم أولاده ومن يمونهم ويعولهم «برمت» ضجرت وتعبت.

الإعراب : «ما» اسم استفهام مبتدأ ، مبنى على السكون فى محل رفع «ذا» اسم موصول : خبر المبتدأ «ترى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة لا محل لها صلة ، والعائد ضمير منصوب بترى محذوف ، ويجوز أن يكون قوله «ماذا» كله اسم استفهام مفعولا مقدما لترى «فى عيال» جار ومجرور متعلق بترى «قد» حرف تحقيق «برمت» فعل وفاعل ، والجملة فى محل جر صفة لعيال «بهم» جار ومجرور متعلق ببرمت «لم» نافية جازمة «أحص» فعل مضارع مجزوم بلم ، وعلامة جزمه حذف الياء ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «عدتهم» عدة : مفعول به لأحص ، وعدة مضاف والضمير مضاف إليه «إلا» أداة استثناء ملغاة «بعداد» جار ومجرور متعلق بأحص «كانوا» كان : فعل ماض ناقص ، وواو الجماعة اسمه «ثمانين» خبر كان «أو» حرف عطف بمعنى بل ، وقيل : هى بمعنى الواو «زادوا» فعل وفاعل «ثمانية» مفعول به لزاد «لو لا» حرف امتناع لوجود «رجاؤك» رجاء : مبتدأ خبره محذوف وجوبا ، ورجاء مضاف والكاف


كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية

لو لا رجاؤك قد قتلت أولادى

أى : بل زادوا.

وربّما عاقبت الواو ، إذا

لم يلف ذو النّطق للبس منفذا (١)

قد تستعمل «أو» بمعنى الواو عند أمن اللّبس ؛ كقوله :

(٢٩٦) ـ

جاء الخلافة أو كانت له قدرا

كما أتى ربّه موسى على قدر

أى وكانت له قدرا

__________________

مضاف إليه «قد» حرف تحقيق «قتلت» فعل وفاعل «أولادى» أولاد : مفعول به لقتل ، وأولاد مضاف وياء المتكلم مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «أو زادوا» حيث استعمل فيه «أو» للاضراب بمعنى بل.

(١) «وربما» رب : حرف تقليل ، وما : كافة «عاقبت» عاقب : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى أو «الواو» مفعول به لعاقب «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «لم» نافية جازمة «يلف» فعل مضارع مجزوم بلم ، وعلامة جزمه حذف الياء والكسرة قبلها دليل عليها «ذو» فاعل يلف ، وذو مضاف ، و «النطق» مضاف إليه ، والجملة فى محل جر بإضافة «إذا» إليها «للبس» جار ومجرور متعلق بقوله منفذ الآتى «منفذا» مفعول أول ليلفى ، ومفعوله الثانى محذوف ، وجواب «إذا» محذوف.

٢٩٦ ـ هذا البيت لجرير بن عطية ، من كلمة يمدح بها أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بن مروان.

اللغة : «قدر» بفتحتين ـ أى : موافقة له ، أو مقدرة.

الإعراب : «جاء» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الممدوح «الخلافة» مفعول به لجاء «أو» عاطفة بمعنى الواو «كانت» كان : فعل ماض ناقص ، والتاء للتأنيث ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى الخلافة «له» جار ومجرور متعلق بقوله قدر الآتى «قدرا» خبر كان «كما» الكاف حارة ، ما : مصدرية «أتى» فعل ماض «ربه» رب : مفعول به مقدم على الفاعل ،


ومثل «أو» فى القصد «إمّا» الثّانيه

فى نحو : «إمّا ذى وإمّا النّائيه» (١)

يعنى أن «إمّا» المسبوقة بمثلها تفيد ما تفيده «أو» : من التخيير ، نحو : «خذ من مالى إمّا درهما وإمّا دينارا» والإباحة ، نحو : «جالس إمّا الحسن وإمّا ابن سيرين» والتقسيم ، نحو : «الكلمة إمّا اسم وإمّا فعل وإمّا حرف» والإبهام والشك ، نحو : «جاء إما زيد وإما عمرو».

وليست «إما» هذه عاطفة ، خلافا لبعضهم ، وذلك لدخول الواو عليها ، وحرف العطف لا يدخل على حرف [العطف](٢).

* * *

__________________

ورب مضاف والهاء مضاف إليه «موسى» فاعل أتى «على قدر» جار ومجرور متعلق بأنى.

الشاهد فيه : قوله «أو كانت» حيث استعمل فيه «أو» بمعنى الواو ، ارتكانا على انفهام المعنى وعدم وقوع السابع فى لبس.

(١) «ومثل» مبتدأ ، ومثل مضاف و «أو» قصد لفظه : مضاف إليه «فى القصد» جار ومجرور متعلق بمثل «إما» قصد لفظه : خبر المبتدأ «الثانية» نعت لإما «فى نحو» جار ومجرور متعلق بمثل أيضا «إما» حرف تفصيل «ذى» اسم إشارة للمفردة المؤنثة : مبتدأ ، وخبره محذوف : أى إما هذه لك ، مثلا «وإما» عاطفة «النائية» معطوف على ذى.

(٢) ههبا ثلاثة أمور نرى أن ننبهك إليها ؛ الأول : أن «إما» الثانية تكون بمعنى أو باتفاق من النحاة ، نعنى أنها تأتى للمعانى المشهورة التى تأتى لها أو ، واختلفوا أهى عاطفة أم لا؟ وقد أشار الشارح إلى هذا الخلاف ، ولا خلاف بينهم فى أن إما الأولى ليست عاطفة ، ولذلك نراها تفصل بين العامل ومعموله نحو «زارنى إما زيد وإما عمرو» ، والأمر الثانى : أن المعانى المشهورة التى تأتى لها إما هى التى ذكرها


وأول «لكن» نفيا او نهيا ، و «لا»

نداء او أمرا أو اثباتا تلا (١)

أى : إنما يعطف بلكن بعد النفى ، نحو : «ما ضربت زيدا لكن عمرا» وبعد النهى ، نحو : «لا تضرب زيدا لكن عمرا» ، ويعطف بـ «لا» بعد النداء ، نحو : «يا زيد لا عمرو» والأمر ، نحو : «اضرب زيدا لا عمرا» وبعد الإثبات ، نحو : «جاء زيد لا عمرو» ولا يعطف بـ «لا» بعد النفى ، نحو : «ما جاء زيد لا عمرو» ولا يعطف بـ «لكن» فى الإثبات ، نحو : «جاء زيد لكن عمرو».

* * *

وبل كلكن بعد مصحوبيها

كلم أكن فى مربع بل تيها (٢)

__________________

الشارح ، وهى ما عدا الإضراب والجمع المطلق التى تأتى له أو أحيانا كما فى الشاهد رقم ٢٩٩ ، والأمر الثالث : أن إما الثانية قد تحذف لذكر ما يغنى عنها ، نحو قولك : إما أن تتكلم بخير وإلا فاسكت ، ونحو قول الشاعر :

فإمّا أن تكون أخى بصدق

فأعرف منك غثّى من سمينى

وإلّا فاطّرحنى واتّخذنى

عدوّا أتّقيك وتتّقينى

(١) «وأول» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لكن» قصد لفظه : مفعول به لأول «نفيا» مفعول ثان لأول «أو» عاطفة «نهيا» معطوف على قوله «نفيا» «ولا» قصد لفظه : مبتدأ «نداء» مفعول به مقدم لقوله «تلا» الآتى «أو أمرا أو إثباتا» معطوفان على قوله «نداء» السابق «تلا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «لا» والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو «لا» المقصود لفظه.

(٢) «وبل» قصد لفظه : مبتدأ «كلكن» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر


وانقل بها للثّان حكم الأوّل

فى الخبر المثبت ، والأمر الجلى (١)

يعطف ببل فى النفى والنهى ؛ فتكون كلكن : فى أنها تقرّر حكم ما قبلها ، وتثبت تقيضه لما بعدها ، نحو : «ما قام زيد بل عمرو ، ولا تضرب زيدا بل عمرا» فقرّرت النفى والنهى السابقين ، وأثبتت القيام لعمرو ، والأمر بضربه.

ويعطف بها فى الخبر المثبت ، والأمر ؛ فتفيد الإضراب عن الأول ، وتنقل الحكم إلى الثانى ، حتى يصير الأول كأنه مسكوت عنه ، نحو : «قام زيد بل عمرو ، واضرب زيدا بل عمرا».

* * *

وإن على ضمير رفع متّصل

عطفت فافصل بالضّمير المنفصل (٢)

__________________

المبتدأ «بعد» ظرف متعلق بمحذوف حال من ضمير المبتدأ المستكن فى الخبر ، وبعد مضاف ومصحوبى من «مصحوبيها» مضاف إليه ، ومصحوبى مضاف وها مضاف إليه «كلم» الكاف جارة لقول محذوف ، لم : نافية جازمة «أكن» فعل مضارع ناقص مجزوم بلم ، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «فى مربع» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر أكن «بل» حرف عطف «تيها» قصر للضرورة ، وأصله تبهاء ، معطوف على مربع.

(١) «وانقل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بها ، للثان» جاران ومجروران متعلقان بانقل «حكم» مفعول به لانقل ، وحكم مضاف و «الأول» مضاف إليه «فى الخبر» جار ومجرور متعلق بانقل «المثبت» صفة للخبر «والأمر» معطوف على الخبر «الجلى» صفة للأمر.

(٢) «إن» شرطية «على ضمير» جار ومجرور متعلق بقوله «عطفت» الآتى ، وضمير مضاف و «رفع» مضاف إليه «متصل» نعت لضمير رفع «عطفت»


أو فاصل ما ، وبلا فصل يرد

فى النّظم فاشيا ، وضعفه اعتقد (١)

إذا عطفت على ضمير الرفع المتصل وجب أن تفصل بينه وبين ما عطفت عليه بشىء ، ويقع الفصل كثيرا بالضمير المنفصل ، نحو قوله تعالى : (لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) فقوله : «وآباؤكم» معطوف على الضمير فى «كنتم» وقد فصل بـ «أنتم» وورد ـ أيضا ـ الفصل بغير الضمير ، وإليه أشار بقوله : «أو فاصل ما» وذلك كالمفعول به ، نحو «أكرمتك وزيد» ، ومنه قوله تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ) فمن : معطوف على الواو [فى يدخلونها] ، وصحّ ذلك للفصل بالمفعول به ، وهو الهاء من «يدخلونها» ومثله الفصل بلا النافية ، كقوله تعالى : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) فـ «آباؤنا» معطوف على «نا» ، وجاز ذلك للفصل [بين المعطوف والمعطوف عليه] بلا.

__________________

عطف : فعل ماض فعل الشرط ، والتاء ضمير المخاطب فاعله «فافصل» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، افصل : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بالضمير» جار ومجرور متعلق بافصل «المنفصل» نعت للضمير ، وجملة فعل الأمر وفاعله فى محل جزم جواب الشرط.

(١) «أو» عاطفة «فاصل» معطوف على «الضمير» فى البيت السابق «ما» نكرة صفة لفاصل ، أى : فاصل أى فاصل «وبلا فصل» الواو للاستئناف ، بلا : جار ومجرور متعلق بقوله «يرد» الآتى ، ولا التى هى اسم بمعنى غير مضاف و «فصل» مضاف إليه «يرد» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى العطف على ضمير رفع «فى النظم» جار ومجرور متعلق بيرد «فاشيا» حال من الضمير المستتر فى «يرد» «وضعفه» الواو للاستئناف ، ضعف : مفعول مقدم لاعتقد ، وضعف مضاف والهاء مضاف إليه «اعتقد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.


والضمير المرفوع المستتر فى ذلك كالمتصل ، نحو «اضرب أنت وزيد» ، ومنه قوله تعالى : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) فـ «زوجك» معطوف على الضمير المستتر فى «اسكن» وصحّ ذلك للفصل بالضمير المنفصل ـ وهو «أنت» ـ.

وأشار بقوله : «وبلا فصل يرد» إلى أنه قد ورد فى النظم كثيرا العطف على الضمير المذكور بلا فصل ، كقوله :

(٢٩٧) ـ

قلت إذ أقبلت وزهر تهادى

كنعاج الفلا تعسّفن رملا

فقوله : «وزهر» معطوف على الضمير المستتر فى «أقبلت».

__________________

٢٩٧ ـ البيت لعمر بن أبى ربيعة المخزومى.

اللغة : «زهر» جمع زهراء ، وهى المرأة الحسناء البيضاء ، وتقول : زهر الرجل ـ من باب فرح ـ إذا أشرق وجهه وابيض «تهادى» أصله «تتهادى» ـ بناءين ـ فحذف إحداهما تخفيفا ، ومعناه ، تتمايل ، وتتمايس ، وتتبختر «نعاج» جمع نعجة ، والمراد بها هنا بقر الوحش «الفلا» الصحراء «تعسفن» أخذن على غير الطريق ، وملن عن الجادة.

الإعراب : «قلت» فعل وفاعل «إذ» ظرف متعلق بقال «أقبلت» أقبل : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى «وزهر» معطوف على الضمير المستتر فى أقبلت «تهادى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى ، والجملة فى محل نصب حال من فاعل أقبلت المستتر فيه «كنعاج» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال ثانية من فاعل أقبلت ، ونعاج مضاف و «الفلا» مضاف إليه «تعسفن» تعسف : فعل ماض ، ونون النسوة فاعل ، والجملة فى محل نصب حال من نعاج «رملا» نصب على نزع الخافض.

الشاهد فيه : قوله «أقبلت وزهر» حيث عطف «زهر» على الضمير المستتر فى


وقد ورد ذلك فى النثر قليلا ، حكى سيبويه رحمه الله تعالى : «مررت برجل سواء والعدم» برفع «العدم» بالعطف على الضمير المستتر فى «سواء».

وعلم من كلام المصنف : أن العطف على الضمير المرفوع المنفصل لا يحتاج إلى فصل ، نحو «زيد ما قام إلّا هو وعمرو» وكذلك الضمير المنصوب المتصل والمنفصل ، نحو «زيد ضربته وعمرا ، وما أكرمت إلّا إيّاك وعمرا».

وأما الضمير المجرور فلا يعطف عليه إلا بإعادة الجارّ له ، نحو «مررت بك وبزيد» ولا يجوز «مررت بك وزيد». هذا مذهب الجمهور ، وأجاز ذلك الكوفيون ، واختاره المصنف ، وأشار إليه بقوله :

وعود خافض لدى عطف على

ضمير خفض لازما قد جعلا (١)

وليس عندى لازما ؛ إذ قد أتى

فى النّثر والنّظم الصّحيح مثبتا (٢)

__________________

«أقبلت» المرفوع بالفاعلية ، من غير أن يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالضمير المنفصل ، أو بغيره ، وذلك ضعيف عند جمهرة العلماء ، وقد نص سيبويه على قلته.

ومثل بيت الشاهد فى ذلك قول جرير بن عطية يهجو الأخطل :

ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه

ما لم يكن وأب له لينالا

(١) «وعود» مبتدأ ، وعود مضاف و «خافض» مضاف إليه «لدى» ظرف بمعنى عند متعلق بعود ، ولدى مضاف و «عطف» مضاف إليه «على ضمير» جار ومجرور متعلق بعطف ، وضمير مضاف و «خفض» مضاف إليه «لازما» مفعول ثان مقدم على عامله وهو جعل الآتى «قد» حرف تحقيق «جعلا» جعل : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عود. خافض ، ونائب الفاعل هو المفعول الأول ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، وتقدير الكلام : وعود خافض قد جعل لازما.

(٢) «وليس» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عود خافض «عندى» عند : ظرف متعلق بقوله «لازما» الآتى ، وعند مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «لازما» خبر ليس «إذ» أداة تعليل «قد» حرف


أى : جعل جمهور النحاة إعادة الخافض ـ إذا عطف على ضمير الخفض ـ لازما ، ولا أقول به ؛ لورود السماع : نثرا ، ونظما ، بالعطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض ؛ فمن النثر قراءة حمزة (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) بجر «الأرحام» عطفا على الهاء المجرورة بالباء ، ومن النظم ما أنشده سيبويه ، رحمه الله تعالى :

(٢٩٨) ـ

فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا

فاذهب فما بك والأيّام من عجب

بجر «الأيام» عطفا على الكاف المجرورة بالباء.

__________________

تحقيق «أتى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو «فى النثر» جار ومجرور متعلق بأتى «والنظم» معطوف على النثر «الصحيح» نعت للنظم «مثبتا» حال من فاعل أتى.

٢٩٨ ـ هذا البيت من شواهد سيبويه التى لم يعزها أحد لقائل معين (س ١ / ٣٩٢)

اللغة : «قربت» أخذت ، وشرعت ، ويؤيده رواية الكوفيين فى مكانه «فاليوم أنشأت ..» وفى بعض النسخ «قدبت» «تهجونا» تسبنا.

المعنى : قد شرعت اليوم فى شتمنا والنيل منا ؛ إن كنت قد فعلت ذلك فاذهب فليس ذلك غريبا منك لأنك أهله ، وليس عجيبا من هذا الزمان الذى فسد كل من فيه.

الإعراب : «قربت» قرب : فعل ماض دال على الشروع ، والتاء اسمه «تهجونا» تهجو : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، ونا : مفعول به ، والجملة فى محل نصب خبر قربت «وتشتمنا» الواو عاطفة ، تشتم : معطوف على تهجونا «فاذهب» الفاء واقعة فى جواب شرط مقدر ، أى إن تفعل ذلك فاذهب


والفاء قد تحذف مع ما عطفت

والواو ، إذ لا لبس ، وهى انفردت (١)

بعطف عامل مزال قد بقى

معموله ، دفعا لوهم اتّقى (٢)

__________________

إلخ ، اذهب : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «فما» الفاء للتعليل ، ما : نافية «بك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «والأيام» معطوف على الكاف المجرورة محلا بالباء «من» زائدة «عجب» مبتدأ مؤخر.

الشاهد فيه : قوله «بك والأيام» حيث عطف قوله «الأيام» على الضمير المجرور محلا بالباء ـ وهو الكاف ـ من غير إعادة الجار ، وجوازه هو مختار المصنف.

ومما استدل به على ذلك قول مسكين الدارمى :

نعلّق فى مثل السّوارى سيوفنا

فما بينها والكعب غوط نفانف

(١) «والفاء» مبتدأ «قد» حرف تقليل «تحذف» فعل مضارع مبنى للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى الفاء ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «مع» ظرف متعلق بتحذف الآتى ، ومع مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «عطفت» عطف : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود على الفاء ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة ، والعائد ضمير منصوب محذوف «والواو» الواو حرف عطف ، الواو : مبتدأ خبره محذوف ، أى والواو كذلك «إذ» ظرف يتعلق بتحذف «لا» نافية للجنس «لبس» اسم لا ، وخبره محذوف ، أى : لا لبس موجود «وهى» ضمير منفصل مبتدأ ، وجملة «انفردت» مع فاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر.

(٢) «بعطف» جار ومجرور متعلق بانفردت فى البيت السابق ، وعطف مضاف و «عامل» مضاف إليه «مزال» نعت لعامل «قد» حرف تحقيق «بقى» فعل ماض «معموله» معمول : فاعل بقى ، ومعمول مضاف والهاء مضاف إليه ، والجملة فى محل جر صفة ثانية لعامل «دفعا» مفعول لأجله «لوهم» جار ومجرور متعلق بقوله «دفعا» «اتقى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى وهم ، والجملة فى محل جر صفة لوهم.


قد تحذف الفاء مع معطوفها للدلالة ، ومنه قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) أى : فأفطر فعليه عدّة من أيام أخر ، فحذف «أفطر» والفاء الداخلة عليه ، وكذلك الواو ، ومنه قولهم : «راكب النّاقة طليحان» أى : راكب النّاقة والنّاقة طليحان.

وانفردت الواو ـ من بين حروف العطف ـ بأنها تعطف عاملا محذوفا بقى معموله ، ومنه قوله :

(٢٩٩) ـ

إذا ما الغانيات برزن يوما

وزجّجن الحواجب والعيونا

__________________

٢٩٩ ـ هذا البيت للراعى النميرى ، واسمه عبيد بن حصين.

اللغة : «الغانيات» جمع غانية ، وهى المرأة الجميلة ، سميت بذلك لاستغنائها بجمالها عن الحلى ونحوه ، وقيل : لاستغنائها ببيت أبيها عن أن تزف إلى الأزواج «برزن» ظهرن «زحجن الحواجب» دققنها وأطلنها ورققنها بأخذ الشعر من أطرافها حتى تصير مقرسة حسنة.

الإعراب : «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «ما» زائدة «الغانيات» فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده ، وجملة الفعل المحذوف مع فاعله فى محل جر بإضافة إذا إليها «برزن» برز : فعل ماض ، ونون النسوة فاعل ، والجملة لا محل لها مفسرة «يوما» ظرف زمان منصوب ببرزن «وزججن» فعل وفاعل ، والجملة معطوفة بالواو على جملة برزن يوما «الحواجب» مفعول به لزجج «والعيونا» معطوف عليه بالتوسع فى معنى العامل ، أو مفعول لفعل محذوف يتناسب معه ، أى : وكحلن العيون ، ونحوه ، وستعرف تفصيل هذين التوجيهين.

الشاهد فيه : قوله «وزججن الحواجب والعيونا» حيث عطف الشاعر بالواو عاملا محذوفا قد بقى معموله ، فأما العامل المحذوف فهو الذى قدرناه فى الإعراب بقولنا «وكحلن» ، وأما المعمول الباقى فهو قوله : «والعيونا» عطفته الواو على عامل مذكور فى الكلام ، وهو قوله «زججن» وهذا العامل المذكور الذى هو زججن لا يصلح للتسليط على المعطوف مع بقاء معناه على أصله.


فـ «العيون» : مفعول بفعل محذوف ، والتقدير : وكحّلن العيون ، والفعل المحذوف معطوف على «زجّجن» (١).

* * *

وحذف متبوع بدا ـ هنا ـ استبح

وعطفك الفعل على الفعل يصح (٢)

قد يحذف المعطوف عليه للدلالة عليه ، وجعل منه قوله تعالى : (أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) قال الزمخشرى : التقدير : ألم تأتكم [آياتى فلم تكن تتلى عليكم] فحذف المعطوف عليه ، وهو «ألم تأتكم».

__________________

وهذا أحد توجيهين فى هذا البيت ونحوه من قولهم «علفتها تبنا وماء باردا» فيقدر : وسقيتها ماء باردا ، وفيه توجيه آخر ، وهو أن تضمن العامل المذكور فى الكلام معنى عامل آخر يصح تسليطه على كل من المعطوف والمعطوف عليه ؛ فيقدر فى البيت «وحسن الحواجب والعيونا» وفيما ذكرناه من قولهم «علفتها ـ إلخ» يقدر «أنلتها تبنا وماء» أو «قدمت لها تبنا وماء» ونحو ذلك ، وارجع إلى شرح الشاهد رقم ١٦٦ فى باب المفعول معه.

(١) ذكر المصنف ـ رحمه الله! ـ أن الواو والفاء قد يحذفان مع معطوفهما ، ولم يذكر «أم» مع أنها تشاركهما فى ذلك ، ومنه قول أبى ذؤيب :

دعانى إليها القلب إنّى لأمره

سميع ؛ فما أدرى أرشد طلابها؟

تقدير الكلام : أرشد طلابها أم غى ، فحذف المعطوف لانسباقه وتبادره إلى الذهن.

(٢) «وحذف» مفعول تقدم على عامله ، وهو قوله «استبح» الآتى ، وحذف مضاف و «متبوع» مضاف إليه «بدا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى متبوع ، والجملة فى محل جر صفة لمتبوع «هنا» ظرف مكان متعلق باستبح أو ببدا «وعطفك» الواو للاستئناف ، عطف : مبتدأ ، وعطف مضاف والكاف ضمير المخاطب مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله «الفعل» مفعول به للمصدر «على الفعل» جار ومجرور متعلق بعطف «يصح» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عطفك الفعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.


وأشار بقوله : «وعطفك الفعل ـ إلى آخره» إلى أن العطف ليس مختصّا بالأسماء ، بل يكون فيها وفى الأفعال ، نحو «يقوم زيد ويقعد ، وجاء زيد وركب ، واضرب زيدا وقم».

* * *

واعطف على اسم شبه فعل فعلا

وعكسا استعمل تجده سهلا (١)

يجوز أن يعطف الفعل على الاسم المشبه للفعل ، كاسم الفاعل ، ونحوه ، ويجوز أيضا عكس هذا ، وهو : أن يعطف على الفعل الواقع موقع الاسم اسم ؛ فمن الأول قوله تعالى : (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) وجعل منه [قوله تعالى :](إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ) ومن الثانى قوله :

(٣٠٠) ـ

فألفيته يوما يبير عدوّه

ومجر عطاء يستحقّ المعابرا

__________________

(١) «واعطف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «على اسم» جار ومجرور متعلق باعطف «شبه» نعت لاسم ، وشبه مضاف و «فعل» مضاف إليه «فعلا» مفعول به لا عطف «وعكسا» مفعول مقدم لاستعمل الآتى «استعمل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «تجده» تجد : فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول أول «سهلا» مفعول ثان لتجد.

٣٠٠ ـ البيت من الشواهد التى لم ينسبها أحد من شراح الشواهد ، وهو من قصيدة للنابغة الذبيانى يمدح فيها النعمان بن المنذر ملك العرب فى الحيرة ، وأول هذه القصيدة قوله :

كتمتك ليلا بالجمومين ساهرا

وهمّين : همّا مستكنّا ، وظاهرا

أحاديث نفس تشتكى ما يريبها

وورد هموم لن يجدن مصادرا


وقوله :

(٣٠١) ـ

بات يغشّيها بعضب باتر

يقصد فى أسوقها وجائر

فـ «مجر» : معطوف على «يبير» ، و «جائر» : معطوف على «يقصد».

* * *

__________________

اللغة : «ألفيته» ألفى : وجد «يوما» أراد به مجرد الوقت «يبير» يهلك ، وماضيه أبار ، ويروى «يبيد» بالدال ـ وهو بمعنى يبير «ومجر» اسم فاعل من أجرى ، ووقع فى نسخة من نسخ ديوان النابغة «وبحر عطاء» ، و «المعابر» جمع معبر ـ بزنة منبر ـ وهو ما يعبر الماء عليه كالسفينة.

الإعراب : «فألفيته» ألفى : فعل ماض ، وتاء المتكلم فاعل ، والهاء مفعول أول «يوما» ظرف زمان متعلق بألفى «يبير» فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الممدوح ، والجملة فى محل نصب مفعول ثان لألفى «عدوه» عدو : مفعول به ليبير ، وعدو مضاف والهاء مضاف إليه «ومجر» معطوف على يبير الذى وقعت جملته مفعولا ثانيا ، وكان من حقه أن يقول «ومجريا» ولكنه حذف ياء المنقوص فى حال النصب إجراء لهذه الحال مجرى حالى الرفع والجر كما فى قول عروة ابن حزام :

ولو أن واش باليمامة داره

ودارى بأعلى حضرموت اهتدى ليا

ومجر : اسم فاعل ؛ ففيه ضمير مستتر هو فاعله ، و «عطاء» مفعوله «يستحق» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عطاء «المعابرا» مفعول به ليستحق ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل نصب صفة لعطاء.

الشاهد فيه : قوله «يبير .. ومجر» حيث عطف الاسم الذى يشبه الفعل ـ وهو قوله «ومجر» ـ وإنما أشبه الفعل لكونه اسم فاعل ، على الفعل ـ وهو قوله «يبير» ـ وذلك سائغ جائز.

٣٠١ ـ البيت مما أنشده جماعة من النحويين ـ منهم أبو على فى الإيضاح الشعرى ، وابن الشجرى فى الأمالى ـ ولم ينسبه واحد منهم إلى قائل بعينه.

اللغة : «يعشيها» بالعين المهملة ـ فى رواية جماعة من العلماء ـ أصل معناه


 .....................................................................

__________________

يطعمها العشاء ، وبالغين المعجمة ـ كما هو فى رواية الأثبات ـ مأخوذ من الغشاء ، وهو كالغطاء وزنا ومعنى «بعضب» هو السيف «باتر» قاطع «يقصد» يقطع على غير تمام «جائر» أى : ظالم مجاوز للحد ، والضمير المتصل فى «يعشيها ، وأسوقها» للابل.

المعنى : يمدح رجلا بالكرم ، وبأنه ينحر الإبل لضيوفه ، فيقول : إنه بات يشمل إبله ويعمها بسيف قاطع نافذ فى ضريبته يقطع أسوق التى تستحق الذبح ، ويجوز إلى أخرى لا تستحقه.

الإعراب : «بات» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الممدوح «يغشيها» يغشى : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم بات ، والضمير البارز مفعول به ، والجملة فى محل نصب خبر بات «بعضب» جار ومجرور متعلق بيغشى «باتر» صفة لعضب «يقصد» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عضب ، والجملة فى محل جر صفة ثانية لعضب «فى أسوقها» الجار والمجرور متعلق بيقصد ، وأسوق مضاف وها : مضاف إليه «وجائر» معطوف على يقصد.

الشاهد فيه : قوله «يقصد .. وجائر» حيث عطف اسما يشبه الفعل ـ وهو قوله «جائر» ـ وإنما أشبه الفعل لكونه اسم فاعل ، على فعل ـ وهو قوله «يقصد» وذلك سهل لا مانع منه ، وقد ورد فى النثر العربى ، بل ورد فى أفصح الكلام ، وهو القرآن الكريم ، كالآية التى تلاها الشارح.


البدل

التّابع المقصود بالحكم بلا

واسطة ـ هو المسمّى بدلا (١)

البدل هو : «التابع ، المقصود بالنسبة ، بلا واسطة».

فـ «التابع» : جنس ، و «المقصود بالنسبة» : فصل ، أخرج : النعت ، والتوكيد ، وعطف البيان ؛ لأن كل واحد منها مكمّل للمقصود بالنسبة ، لا مقصود بها ، و «بلا واسطة» : أخرج المعطوف ببل ، نحو «جاء زيد بل عمرو» ؛ فإن «عمرا» هو المقصود بالنسبة ، ولكن بواسطة ـ وهى بل ـ وأخرج المعطوف بالواو ونحوها ؛ فإن كل واحد منهما مقصود بالنسبة ، ولكن بواسطة (٢).

* * *

مطابقا ، أو بعضا ، او ما يشتمل

عليه ، يلفى ، أو كمعطوف ببل (٣)

__________________

(١) «التابع» مبتدأ أول «المقصود» صفة له «بالحكم» جار ومجرور متعلق بالمقصود «بلا واسطة» بلا : جار ومجرور متعلق بالتابع ، ولا الاسمية مضاف وواسطة : مضاف إليه «هو» ضمير منفصل مبتدأ ثان «المسمى» خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول ، وفى المسمى ضمير مستتر تقديره هو نائب فاعل وهو مفعوله الأول «بدلا» مفعوله الثانى.

(٢) قول الناظم «التابع المقصود بالحكم» قد يفيد أن البدل هو وحده المقصود بالنسبة ، والمعطوف بالواو ونحوها فى نحو «جاء زيد وعمرو» مقصود بالنسبة ، وليس هو وحده المقصود ، وإنما هو والمتبوع جميعا مقصودان ؛ فيمكن أن يخرج المعطوف بالحرف المشرك لفظا ومعنى بالفصل الأول ، فافهم ذلك وتدبره.

(٣) «مطابقا» مفعول ثان تقدم على عامله ، وهو قوله «يلفى» الآتى «أو


وذا للإضراب اعز ، إن قصدا صحب

ودون قصد غلط به سلب (١)

كزره خالدا ، وقبّله اليدا ،

واعرفه حقّه ، وخذ نبلا مدى (٢)

__________________

بعضا» معطوف على قوله مطابقا «أو» عاطفة «ما» اسم موصول معطوف على قوله «بعضا» السابق «يشتمل» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة ما «عليه» جار ومجرور يتعلق بقوله يشتمل «يلفى» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، وهو مفعوله الأول «أو» عاطفة «كمعطوف» الكاف اسم بمعنى مثل : معطوف على قوله «ما يشتمل» والكاف الاسمية مضاف ومعطوف مضاف إليه «ببل» جار ومجرور متعلق بقوله معطوف.

(١) «وذا» اسم إشارة : مفعول به لقوله «اعز» الآتى «للاضراب» جار ومجرور متعلق باعز أيضا «اعز» فعل أمر ، مبنى على حذف الواو ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إن» شرطية «قصدا» مفعول مقدم لصحب «صحب» فعل ماض ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، وجواب الشرط محذوف يفهم مما قبله «ودون» ظرف متعلق بمحذوف ، أى : وإن وقع دون ، ودون مضاف و «قصد» مضاف إليه «غلط» خبر لمبتدأ محذوف على تقدير مضاف : أى فهو بدل غلط «به» جار ومجرور متعلق بسلب الآتى «سلب» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الحكم المفهوم من سياق الكلام.

(٢) «كزره» الكاف جارة لقول محذوف ، زر : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به لزر «خالدا» بدل مطابق من هاء زره «وقبله اليدا» الواو عاطفة ، قبل : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به ، واليدا : بدل بعض من الهاء فى قبله «واعرفه» الواو حرف عطف ، اعرف : فعل أمر. وفاعله ضمير مستتر فيه جوبا تقديره أنت ، والهاء ضمير الغائب مفعول به لاعرف ، مبنى على الضم فى محل نصب «حقه» حق : بدل اشتمال من الهاء فى اعرفه ، وحق مضاف وضمير الغائب مضاف إليه «وخذ» الواو عاطفة ، خذ : فعل أمر ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «نبلا» مفعول به لخذ «مدى» بدل إضراب.


البدل على أربعة أقسام :

الأول : بدل الكل من الكل (١) ، وهو البدل المطابق للمبدل منه المساوى له فى المعنى ، نحو «مررت بأخيك زيد ، وزره خالدا».

الثانى : بدل البعض من الكل (٢) ، نحو «أكلت الرغيف ثلثه ، وقبّله اليد».

الثالث : بدل الاشتمال ، وهو الدّالّ على معنى فى متبوعه ، نحو «أعجبنى زيد علمه ، واعرفه حقّه».

الرابع : البدل المباين للمبدل منه ، وهو المراد بقوله «أو كمعطوف ببل» وهو على قسمين ؛ أحدهما : ما يقصد متبوعه كما يقصد هو ، ويسمى بدل الإضراب وبدل البداء (٣) ، نحو «أكلت خبزا لحما» قصدت أولا الإخبار بأنك أكلت خبزا ، ثم بدالك أنك تخبر أنك أكلت لحما أيضا ، وهو المراد بقوله : «وذا للاضراب اعز إن قصدا صحب» أى : البدل الذى هو كمعطوف ببل انسبه للاضراب إن قصد متبوعه كما يقصد هو ، الثانى : ما لا يقصد متبوعه ، بل يكون المقصود البدل فقط ، وإنما غلط المتكلم ، فذكر المبدل منه ، ويسمى بدل الغلط والنسيان ، نحو «رأيت رجلا حمارا» أردت أنك تخبر أولا أنك رأيت حمارا ، فغلطت بذكر الرجل ، وهو المراد بقوله : «ودون قصد غلط به سلب» أى : إذا لم يكن المبدل منه مقصودا فيسمى البدل بدل الغلط ؛ لأنه مزيل الغلط الذى سبق ، وهو ذكر غير المقصود.

وقوله : «خذ نبلا مدى» يصلح أن يكون مثالا لكل من القسمين ؛

__________________

(١) نص كثير من اللغويين والنحويين على أن اقتران كل وبعض بأل خطأ.

(٢) البداء ـ بفتح الباء بزنة السحاب ـ ظهور الصواب بعد خفائه.


لأنه إن قصد النّبل والمدى فهو بدل الإضراب ، وإن قصد المدى فقط ـ وهو جمع مدية ، وهى الشّفرة ـ فهو بدل الغلط.

* * *

ومن ضمير الحاضر الظاهر لا

تبدله ، إلّا ما إحاطة جلا (١)

أو اقتضى بعضا ، أو اشتمالا

كإنّك ابتهاجك استمالا (٢)

أى : لا يبدل الظاهر من ضمير الحاضر ، إلا إن كان البدل بدل كل من كل ، واقتضى الإحاطة والشمول ، أو كان بدل اشتمال ، أو بدل بعض من كل.

فالأول كقوله تعالى : (تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا) فـ «أولنا» بدل من الضمير المجرور باللام ـ وهو «نا» ـ فإن لم يدلّ على الإحاطة امتنع ، نحو «رأيتك زيدا».

__________________

(١) «ومن ضمير» جار ومجرور متعلق بقوله «لا تبدله» الآتى ، وضمير مضاف ، و «الحاضر» مضاف إليه «الظاهر» مفعول لفعل محذوف يدل عليه ما بعده «لا» ناهية «تبدله» تبدل : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به «إلا» أداة استثناء «ما» اسم موصول : مستثنى ، مبنى على السكون فى محل نصب «إحاطة» مفعول به مقدم لجلا الآتى «جلا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول ، وتقدير البيت : ولا تبدل الظاهر من ضمير الحاضر ـ وهو ضمير المتكلم أو ضمير المخاطب ـ إلا ما جلا إحاطة.

(٢) «أو» عاطفة «اقتضى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى البدل «بعضا» مفعول به لاقتضى «أو اشتمالا» معطوف على قوله بعضا «كإنك» الكاف جارة لقول لمحذوف ، إن : حرف توكيد ونصب ، والكاف اسمه «ابتهاجك» ابتهاج : بدل اشتمال من اسم إن ، وابتهاج مضاف والكاف مضاف إليه «استمالا» استمال : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ابتهاجك ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل رفع خبر إن.


والثانى كقوله :

(٣٠٢) ـ

ذرينى ؛ إنّ أمرك لن يطاعا

وما ألفيتنى حلمى مضاعا

فـ «حلمى» بدل اشتمال من الياء فى «ألفيتنى».

والثالث كقوله :

(٣٠٣) ـ

أو عدنى بالسّجن والأداهم

رجلى ، فرجلى شثنة المناسم

__________________

٣٠٢ ـ البيت لعدى بن زيد العبادى ، ونسب فى كتاب سيبويه (١ / ٧٧) إلى رجل من بجيلة أو خثعم.

اللغة : «ذرينى» دعينى ، واتركينى ، يخاطب امرأة «ألفيتنى» وجدتنى «مضاعا» ذاهبا أو كالذاهب ؛ لعدم التعويل عليه ، وترك الركون إليه.

الإعراب : «ذرينى» ذرى : فعل أمر مبنى على حذف النون ، وياء المخاطبه فاعل ، والنون الموجودة للوقاية ، والياء مفعول به «إن» حرف توكيد ونصب «أمرك» أمر : اسم إن ، وأمر مضاف والكاف مضاف إليه «لن» نافية ناصبة «يطاعا» فعل مضارع مبنى للمجهول منصوب بلن ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل رفع خبر إن ، وجملة إن واسمها وخبرها لا محل لها مستأنفة للتعليل «وما» الواو عاطفة ، ما : نافية «ألفيتنى» ألفى : فعل ماض ، وتاء المخاطبة فاعله ، والنون للوقاية ، والياء مفعوله الأول «حلمى» حلم : بدل اشتمال من ياء المتكلم ، وحلم مضاف والياء مضاف إليه «مضاعا» مفعول ثان لألفى.

الشاهد فيه : قوله «ألفيتنى حلمى» حيث أبدل الاسم الظاهر ـ وهو قوله «حلمى» ـ من ضمير الحاضر ، وهو ياء المتكلم فى «ألفيتنى» ـ بدل اشتمال.

٣٠٣ ـ نسب العينى تبعا لياقوت هذا البيت للعديل ـ بزنة التصغير ـ ابن الفرخ بزنة القتل ـ وكان من حديثه أته هجا الحجاج بن يوسف الثقفى ، فلما خاف أن تناله يده هرب إلى بلاد الروم ، واستنجد بالقيصر ، فحماه ، فلما علم الحجاج بذلك أرسل إلى القيصر يتهدده إن لم يرسله إليه ، فأرسله ، فلما مثل بين يديه عنفه وذكره بأبيات كان قد قالها فى هجائه.


فـ «رجلى» بدل بعض من الياء فى «أوعدنى».

وفهم من كلامه : أنه يبدل الظاهر من الظاهر مطلقا كما تقدم تمثيله ، وأن ضمير الغيبة يبدل منه الظاهر مطلقا ، نحو «زره خالدا».

* * *

وبدل المضمّن الهمز يلى

همزا ، كـ «من ذا أسعيد أم على» (١)؟

__________________

اللغة : «أوعدنى» تهددنى ، وقال الفراء : يقال وعدته خيرا ، ووعدته شرا ـ بإسقاط الهمزة فيهما ـ فإذا لم تذكر المفعول قلت «وعدته» إذا أردت الخير ، و «أوعدته» إذا أردت الشر «السجن» المحبس «الأداهم» ، جمع أدهم ، وهو القيد «شثنة» غليظة ، خشنة «المناسم» جمع منسم ـ بزنة مجلس ـ وأصله طرف خف البعير ، فاستعمله فى الإنسان ، وإنما حسن ذلك لأنه يريد أن يصف نفسه بالجلادة والقوة والصبر على احتمال المكروه.

الإعراب : «أوعدنى» أوعد : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به «بالسجن» جار ومجرور متعلق بأوعد «والأداهم» معطوف على السجن «رجلى» رجل : بدل بعض من ياء المتكلم فى أوعدنى ، ورجل مضاف والياء مضاف إليه «فرجلى» الفاء للتفريع ، ورجل : مبتدأ ، وياء المتكلم مضاف إليه «شثنة» خبر المبتدأ ، وشثنة مضاف و «المناسم» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «أوعدنى .. رجلى» حيث أبدل الاسم الظاهر ـ وهو قوله «رجلى» ـ من ضمير الحاضر ـ وهو ياء المتكلم الواقعة مفعولا به لأوعد ـ بدل بعض من كل.

(١) «وبدل» الواو للاستئناف ، بدل : مبتدأ ، وبدل مضاف و «المضمن» مضاف إليه ، وفى المضمن ضمير مستتر هو نائب فاعل له ؛ لأنه اسم مفعول من ضمن ـ بالتضعيف ـ الذى يتعدى لاثنين «الهمز» مفعول ثان للمضمن «يلى» فعل مضارع ، فاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «همزا» مفعول به ليلى «كمن»


إذا أبدل من اسم الاستفهام وجب دخول همزة الاستفهام على البدل ، نحو «من ذا أسعيد أم علىّ؟ وما تفعل أخيرا أم شرّا؟ ومتى تأتينا أغدا أم بعد غد»؟

* * *

ويبدل الفعل من الفعل ، كـ «من

يصل إلينا يستعن بنا يعن (١)

كما يبدل الاسم من الاسم يبدل الفعل من الفعل ، فـ «يستعن بنا» : بدل من «يصل إلينا» ، ومثله قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ) فـ «يضاعف» : بدل من «يلق» فإعرابه بإعرابه ، وهو الجزم ، وكذا قوله :

(٣٠٤) ـ

إنّ علىّ الله أن تبايعا

تؤخذ كرها أو تجىء طائعا

فـ «تؤخذ» : بدل من «تبايعا» ولذلك نصب.

__________________

الكاف جارة لقول محذوف ، من : اسم استفهام مبتدأ «ذا» اسم إشارة : خبر المبتدأ «أسعيد» الهمزة للاستفهام ، سعيد : بدل من اسم الاستفهام وهو من «أم» حرف عطف «على» معطوف على سعيد.

(١) «ويبدل» الواو للاستئناف ، يبدل : فعل مضارع مبنى للمجهول «الفعل» نائب فاعل يبدل «من الفعل» جار ومجرور متعلق بيبدل «كمن» الكاف جارة لقول محذوف ، من : اسم شرط مبتدأ «يصل» فعل مضارع فعل الشرط «إلينا» جار ومجرور متعلق بيصل «يستعن» بدل من يصل «بنا» جار ومجرور متعلق بيستعن «يعن» فعل مضارع مبنى للمجهول ، وهو جواب الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا ، وجملتا الشرط والجواب فى محل رفع خبر المبتدأ على أرجح الأقوال عندنا من الخلاف المعروف.

٣٠٤ ـ هذا البيت مجهول قائله ، وهو أحد أبيات سيبويه الخمسين التى لم ينسبوها إلى قائل معين ، وقد رواه (١ / ٧٨) وقال عقب روايته : «هذا عربى حسن».


 ..............................................................

__________________

اللغة : «تبايع» تدين للسلطان بالطاعة ، وتدخل فيما دخل فيه الناس.

المعنى : يقول لمخاطبه : إنى ألزم نفسى عهدا أن أحملك على الدخول فيما دخل فيه الناس من الخضوع للسلطان والانقياد لطاعته ؛ فإما التزمت ذلك طائعا مختارا ، وإما أن ألجئك إليه ، وأكرهك عليه ، يبغض إليه الخلاف ، والخروج عن الجماعة ، ويزين له الوفاق ومشاركة الناس.

الإعراب : «إن» حرف توكيد ونصب «على» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر إن مقدم على اسمه «الله» اسم إن تأخر عن خبره «أن» حرف مصدرى ونصب «تبايعا» فعل مضارع منصوب بأن ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والألف للاطلاق ، و «أن» المصدرية وما دخلت عليه فى تأويل مصدر يقع مفعولا لأجله ، ويجوز أن يكون المصدر المنسبك من أن المصدرية ومدخولها هو اسم إن ، وحينئذ فلفظ الجلالة منصوب بنزع الخافض ، وهو حرف القسم ، وتكون جملة القسم لا محل لها من الإعراب معترضة بين خبر إن واسمها ، وتقدير الكلام : إن مبايعتك كائنة على والله «تؤخذ» فعل مضارع مبنى للمجهول بدل من تبايع «كرها» مفعول مطلق ، أو حال على التأويل بكاره «أو» عاطفة «تجىء» فعل مضارع معطوف على تؤخذ ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «طائعا» حال من الضمير المستتر فى تجىء.

الشاهد فيه : قوله «أن تبايعا تؤخذ» فإنه أبدل الفعل ـ وهو قوله «تؤخذ» ـ من الفعل ـ وهو قوله «أن تبايعا» ـ بدل اشتمال.

واعلم أن الدليل على أن البدل ـ فى هذا الشاهد ، وفى الآية الكريمة التى تلاها الشارح ـ هو الفعل وحده ، وليس هو الجملة المكونة من الفعل وفاعله ـ الدليل على ذلك هو أنك ترى الإعراب الذى اقتضاه العامل فى الفعل الأول ـ وهو المبدل منه ـ موجودا بنفسه فى الفعل الثانى الذى نذكر أنه البدل ، ألا ترى أن «تؤخذ» فى هذا الشاهد منصوب كما أن «تبايع» منصوب ، وأن «يضاعف» فى الآية الكريمة مجزوم كما أن «يلق» مجزوم ، والله سبحانه أعلى وأعلم ، وأعز وأكرم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


النّداء

وللمنادى النّاء أو كالنّاء «يا ،

وأى ، وآ» كذا «أيا» ثمّ «هيا» (١)

والهمز للدّانى ، و «وا» لمن ندب

أو «يا» وغير «وا» لدى اللّبس اجتنب (٢)

لا يخلو المنادى من أن يكون مندوبا ، أو غيره ، فإن كان غير مندوب : فإما أن يكون بعيدا ، أو فى حكم البعيد ـ كالنائم والساهى ـ أو قريبا ، فإن كان بعيدا أو فى حكمه فله من حروف النداء : «يا ، وأى ، وآ ، وهيا» وإن كان قريبا فله الهمزة ، نحو «أزيد أقبل» (٣) ، وإن كان مندوبا ـ وهو

__________________

(١) «للمنادى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «الناء» صفة للمنادى «أو كالناء» عطف على الناء «يا» قصد لفظه : مبتدأ مؤخر «وأى وآ» معطوفان على يا «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «أيا» قصد لفظه : مبتدأ مؤخر «ثم هيا» معطوف على أيا.

(٢) «والهمز» مبتدأ «للدانى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «ووا» قصد لفظه : مبتدأ «لمن» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «ندب» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «أو يا» معطوف على وا «وغير» مبتدأ ، وغير مضاف و «وا» قصد لفظ : مضاف إليه «لدى» ظرف متعلق بقوله «اجتنب» الآتى ، ولدى مضاف و «اللبس» مضاف إليه «اجتنب» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٣) ومنه قول امرىء القيس بن حجر الكندى فى معلقته :

أفاطم مهلا بعض هذا التّدلّل

وإن كنت قد أزمعت صرمى فأجملى


المتفجّع عليه ، أو المتوجّع منه ـ فله «وا» نحو «وازيداه» ، و «واظهراه» و «يا» أيضا ، عند عدم التباسه بغير المندوب ، فإن التبس تعينت «وا» وامتنعت «يا».

* * *

وغير مندوب ، ومضمر ، وما

جا مستغاثا قد يعرّى فاعلما (١)

وذاك فى اسم الجنس والمشار له

قلّ ، ومن يمنعه فانصر عاذله (٢)

لا يجوز حذف حرف النداء مع المندوب ، نحو «وازيداه» ولا مع الضمير ، نحو «يا إيّاك قد كفيتك» ولا مع المستغاث ، نحو «يا لزيد».

__________________

(١) «وغير» مبتدأ ، وغير مضاف و «مندوب» مضاف إليه «ومضمر» معطوف على مندوب «وما» اسم موصول : معطوف على مندوب أيضا «جا» قصر للضرورة : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «مستغاثا» حال من الضمير المستتر فى جاء «قد» حرف تقليل «يعرى» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «فاعلما» اعلم : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا لأجل الوقف ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(٢) «وذاك» اسم إشارة : مبتدأ «فى اسم» جار ومجرور متعلق بقوله : «قل» الآتى ، واسم مضاف و «الجنس» مضاف إليه «والمشار» معطوف على اسم «له» جار ومجرور متعلق بالمشار «قل» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم الإشارة الواقع مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «ومن» اسم شرط مبتدأ «يمنعه» يمنع : فعل مضارع فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والهاء مفعول به «فانصر» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، انصر : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط ، «عاذله» عاذل : مفعول به لانصر ، وعاذل مضاف والهاء مضاف إليه.


وأما غير هذه فيحذف معها الحرف جوازا ؛ فتقول فى «يا زيد أقبل» : «زيد أقبل» وفى «يا عبد الله اركب» : «عبد الله اركب».

لكن الحذف مع اسم الإشارة قليل ، وكذا مع اسم الجنس ، حتى إنّ أكثر النحويين منعوه ، ولكن أجازه طائفة منهم ، وتبعهم المصنف ، ولهذا قال : «ومن يمنعه فانصر عاذله» أى : انصر من يعذله على منعه ؛ لورود السماع به ، فمما ورد منه مع اسم الإشارة قوله تعالى : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) أى : يا هؤلاء ، وقول الشاعر :

(٣٠٥) ـ

ذا ، ارعواء ، فليس بعد اشتعال الرّ

أس شيبا إلى الصّبا من سبيل

أى : يا ذا ، وممّا ورد منه مع اسم الجنس قولهم : «أصبح ليل» أى : يا ليل ، و «أطرق كرا» أى : يا كرا.

* * *

__________________

٣٠٥ ـ هذا البيت من الشواهد التى لا يعرف قائلها.

اللغة : «ارعواء» انكفافا ، وتركا للصبوة ، وأخذا بالجد ومعالى الأمور.

الإعراب : «ذا» اسم إشارة منادى بحرف نداء محذوف ، أى : يا هذا «ارعواء» مفعول مطلق لفعل محذوف ، وأصل الكلام : ارعو ارعواء «فليس» الفاء للتعليل ، ليس : فعل ماض ناقص «بعد» ظرف متعلق بمحذوف خبر ليس تقدم على اسمه ، وبعد مضاف و «اشتعال» مضاف إليه ، واشتعال مضاف و «الرأس» مضاف إليه «شيبا» تمييز «إلى الصبا» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من سبيل الآتى ، وكان أصله نعتا له ، فلما تقدم أعرب حالا على قاعدة أن صفة النكرة إذا تقدمت صارت حالا ، ضرورة أن الصفة لا تتقدم على الموصوف ، بسبب كون الصفة تابعا ، ومن شأن التابع ألا يسبق المتبوع. «من» زائدة «سبيل» اسم ليس تأخر عن خبره ، مرفوع بضمة مقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.


وابن المعرّف المنادى المفردا

على الّذى فى رفعه قد عهدا (١)

لا يخلو المنادى من أن يكون : مفردا ، أو مضافا ، أو مشبّها به.

فإن كان مفردا : فإما أن يكون معرفة ، أو نكرة مقصودة ، أو نكرة غير مقصودة.

فإن كان مفردا ـ معرفة ، أو نكرة مقصودة ـ بنى على ما كان يرفع به ؛ فإن كان يرفع بالضمة بنى عليها ، نحو «يا زيد» و «يا رجل» ، وإن كان يرفع بالألف أو بالواو فكذلك ، نحو «يا زيدان ، ويا رجلان» ، و «يا زيدون ، ويا رجيلون» ويكون فى محل نصب على المفعولية ؛ لأن المنادى مفعول [به] فى المعنى ، وناصبه فعل مضمر نابت «يا» منابه ، فأصل «يا زيد» : أدعو زيدا ، فحذف «أدعو» ونابت «يا» منابه.

* * *

__________________

الشاهد فيه : قوله «ذا» حيث حذف حرف النداء مع اسم الإشارة ؛ فدل ذلك على أنه وارد ، لا ممتنع ، خلافا لمن ادعى منعه ، نعم هو قليل.

وعلى هذا جاء قول أبى الطيب المتنبى :

هذى برزت لنا فهجت رسيسا

ثمّ انثنيت ، وما شفيت نسيسا

يريد بقوله هذى : يا هذه ، ومثل ذلك قول الراجز :

يا إبلى إمّا سلمت هذى

فاستوسقى لصارم هذّاذ

* أو طارق فى الدّجن والرّذاذ*

(١) «وابن» فعل أمر مبنى على حذف الياء ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «المعرف» مفعول به لابن «المنادى» بدل من المعرف «المفردا» نعت للمنادى «على الذى» جار ومجرور متعلق بقوله ابن «فى رفعه» الجار والمجرور متعلق بقوله : «عهد» الآتى ، ورفع مضاف والهاء مضاف إليه «قد» حرف تحقيق «عهدا» عهد : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الاسم الموصول ، والجملة لا محل لها صلة الذى.


وانو انضمام ما بنوا قبل النّدا

وليجر مجرى ذى بناء جدّدا (١)

أى : إذا كان الاسم المنادى مبنيّا قبل النداء قدّر ـ بعد النداء ـ بناؤه على الضم ، نحو «يا هذا». ويجرى مجرى ما تجدّد بناؤه بالنداء كزيد : فى أنه يتبع بالرفع مراعاة للضم المقدّر فيه ، وبالنصب مراعاة للمحل ؛ فتقول «يا هذا العاقل ، والعاقل» بالرفع والنصب ، كما تقول : «يا زيد الظريف ، والظريف».

* * *

والمفرد المنكور ، والمضافا

وشبهه ـ انصب عادما خلافا (٢)

تقدّم أن المنادى إذا كان مفردا معرفة أو نكرة مقصودة يبنى على ما كان يرفع به ، وذكر هنا أنه إذا كان مفردا نكرة : أى غير مقصودة ، أو مضافا ، أو مشبّها به ـ نصب.

__________________

(١) «وانو» الواو للاستئناف ، انو : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «انضمام» مفعول به لانو ، وانضمام مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «بنوا» فعل وفاعل ، والجملة لا محل لها صلة الموصول ، والعائد محذوف ، أى : بنوه «قبل» ظرف زمان متعلق بقوله بنوا ، وقبل مضاف ، و «الندا» مضاف إليه «وليجر» الواو عاطفة ، واللام لام الأمر ، يجر : فعل مضارع مبنى للمجهول مجزوم بحذف الألف ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى بنوا قبل النداء «مجرى» مفعول مطلق ، ومجرى مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «بناء» مضاف إليه ، وجملة «جددا» من الفعل المبنى للمجهول مع نائب الفاعل المستتر فيه فى محل جر نعت لبناء.

(٢) «والمفرد» مفعول مقدم على عامله ، وهو قوله «انصب» الآتى «المنكور» نعت للمفرد «والمضافا» معطوف على المفرد «وشبهه» الواو عاطفة ، وشبه : معطوف على المفرد أيضا ، وشبه مضاف وضمير الغائب العائد إلى المضاف : مضاف إليه «انصب» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «عادما» حال من فاعل انصب ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ؛ لأنه اسم فاعل يعمل عمل الفعل «خلافا» ، مفعول به لعادم.


فمثال الأول قول الأعمى «يا رجلا خذ بيدى» وقول الشاعر :

(٣٠٦) ـ

أيا راكبا إمّا عرضت فبلّغا

نداماى من نجران أن لا تلاقيا

ومثال الثانى قولك : «يا غلام زيد» ، و «يا ضارب عمرو».

ومثال الثالث قولك «يا طالعا جبلا ، ويا حسنا وجهه ، ويا ثلاثة وثلاثين» [فيمن سميته بذلك].

* * *

__________________

٣٠٦ ـ هذا البيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثى ، وكان قد أسر فى يوم الكلاب الثانى.

اللغة : «عرضت» أتيت العروض ، وهو مكة والمدينة وما حولهما ، قاله الجوهرى ، وقيل : معناه بلغت العرض ، وهى جبال نجد «نداماى» جمع ندمان ـ بفتح النون وسكون الدال ـ ومعناه النديم المشارب ، وقد يطلق على الجليس المصاحب ، وإن لم يكن مشاركا على الشراب «نجران» مدينة بالحجاز من شق اليمن.

الإعراب : «أيا» حرف نداء «راكبا» منادى منصوب بالفتحة لأنه لا يقصد راكبا بعينه «إما» كلمة مكونة من إن وما ؛ فإن : شرطية ، وما زائدة «عرضت» عرض : فعل ماض فعل الشرط ، والتاء فاعل «فبلغن» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، بلغ : فعل أمر ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط «نداماى» ندامى : مفعول به لبلغ. منصوب بفتحة مقدرة على الألف ، وندامى مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «من نجران» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من نداماى «أن» مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير شأن محذوف «لا» نافية للجنس «تلاقيا» تلاقى : اسم لا ، والألف للاطلاق ، وخبر «لا» محذوف تقديره : لا تلاقى لنا ، والجملة من لا واسمها وخبرها فى محل رفع خبر أن المخففة من الثقيلة ، والجملة من أن واسمها وخبرها فى محل نصب مفعول ثان لبلغن.

الشاهد فيه : قوله «أيا راكبا» حيث نصب راكبا لكونه نكرة غير مقصودة ، وآية ذلك أن قائل هذا البيت رجل أسير فى أيدى أعدائه ، فهو يريد راكبا أى راكب منطلقا نحو بلاد قومه يبلغهم حاله ؛ لينشطوا إلى إنقاذه إن قدروا على ذلك ، وليس يريد واحدا معينا.


وكذلك يجوز الفتح والكسر إذا وقعت «إن» بعد فاء الجزاء ، نحو «من يأتني فإنه مكرم» فالكسر على جعل «إن» ومعموليها جملة أجيب بها الشرط ، فكأنه قال : من يأتني فهو مكرم ، والفتح على جعل «أن» وصلتها مصدرا مبتدأ والخبر محذوف ، والتقدير «من يأتني فإكرامه موجود» ويجوز أن يكون خبرا والمبتدأ محذوفا ، والتقدير «فجزاؤه الاكرام».

ومما جاء بالوجهين قوله تعالى : (كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة تم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم) قرئ (فإنه غفور رحيم) بالفتح [والكسر ، فالكسر على جعلها جملة جوابا لمن ، والفتح] على جعل أن وصلتها مصدرا مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير «فالغفران جزاؤه» أو على جعلها خبرا لمبتدأ محذوف ، والتقدير «فجزاؤه الغفران».

وكذلك يجوز الفتح والكسر إذا وقعت «أن» بعد متبدأ هو في المعنى قول وخبر «إن» قول ، والقائل واحد ، نحو «خير القول إني أحمد [الله]» فمن فتح جعل «أن» وصلتها مصدرا خبرا عن «خير» ، والتقدير «خير القول حمد لله» فـ «خير» : مبتدأ ، و «حمد لله» : خبره ، ومن كسر جعلها جملة خبرا عن «خير» كما تقول «أول قراءتي (سبح اسم ربك الأعلى)» فأول : مبتدأ ، و «سبح اسم ربك الأعلى» جملة خبر عن «أول» وكذلك «خير القول» مبتدأ ، و «إني أحمد الله» خبره ، ولا تحتاج هذه

__________________

وعلى هذا ينبغي أن يحمل كلام الناظم ; فيكون تجويز الوجهين مخصوصا بذكر فعل القسم مع عدم اقتران الخبر باللام ; وهي الصورة التي أجمعوا فيها على جواز الوجهين.


أى : إذا لم يقع «ابن» بعد علم ، أو [لم] يقع بعده علم ، وجب ضمّ المنادى ، وامتنع فتحه ؛ فمثال الأول نحو «يا غلام ابن عمرو ، ويا زيد الظريف ابن عمرو» ومثال الثانى : «يا زيد ابن أخينا» فيجب بناء «زيد» على الضم فى هذه الأمثلة ، ويجب إثبات ألف «ابن» والحالة هذه.

* * *

واضمم ، أو انصب ـ ما اضطرارا نوّنا

ممّا له استحقاق ضم بيّنا (١)

تقدّم أنه إذا كان المنادى مفردا معرفة ، أو نكرة مقصودة ـ يجب بناؤه على الضم ، وذكر هنا أنه إذا اضطرّ شاعر إلى تنوين هذا المنادى كان له تنوينه وهو مضموم ، وكان له نصبه ، وقد ورد السماع بهما ؛ فمن الأول قوله :

(٣٠٧) ـ

سلام الله يا مطر عليها

وليس عليك يا مطر السّلام

__________________

(١) «واضمم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «أو» عاطفة «انصب» معطوف على اضمم «ما» اسم موصول : تنازعه الفعلان قبله ، كل منهما يطلبه مفعولا «اضطرارا» مفعول لأجله «نونا» نون : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «مما» بيان لما الموصولة «له» جار ومجرور متعلق بقوله بينا الآتى «استحقاق» مبتدأ ، واستحقاق مضاف و «ضم» مضاف إليه ، وجملة «بينا» مع نائب الفاعل المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره لا محل لها صلة «ما» المجرورة بمن.

٣٠٧ ـ البيت للأحوص الأنصارى ، وكان يهوى امرأة ويشبب بها ، ولا يفصح عنها ، فتزوجها رجل اسمه مطر ، فغلب الأحوص على أمره ، فقال هذا الشعر.

الإعراب : «سلام» مبتدأ ، وسلام مضاف و «الله» مضاف إليه «يا» حرف


ومن الثانى قوله :

(٣٠٨) ـ

ضربت صدرها إلىّ ، وقالت :

يا عديّا لقد وقتك الأواقى

* * *

وباضطرار خصّ جمع «يا» و «أل»

إلّا مع «الله» ومحكىّ الجمل (٢)

__________________

نداء «مطر» منادى مبنى على الضم فى محل نصب ، ونون لأجل الضرورة «عليها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «وليس» فعل ماض ناقص «عليك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ليس تقدم على الاسم «يا مطر» يا : حرف نداء ، مطر : منادى مبنى على الضم فى محل نصب «السلام» اسم ليس تأخر عن الخبر ، وجملة النداء لا محل لها من الإعراب معترضة.

الشاهد فيه : قوله «يا مطر» الأول ، حيث نون المنادى المفرد العلم للضرورة ، وأبقى الضم ؛ اكتفاء بما تدعو الضرورة إليه.

٣٠٨ ـ هذا البيت للمهلهل بن ربيعة أخى كليب بن ربيعة ، من أبيات يتغزل فيها بابنة المجلل.

اللغة : «وقتك» مأخوذ من الوقاية ، وهى الحفّظ ، والكلاءة «الأواقى» جمع واقية بمعنى حافظة وراعية ، وكان أصله «الوواقى» فقلبت الواو الأولى همزة.

الإعراب : «ضربت» ضرب : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى «صدرها» صدر : مفعول به لضرب ، وصدر مضاف وها مضاف إليه «إلى» جار ومجرور متعلق بضربت «وقالت» قال : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى «يا» حرف نداء «عديا» منادى منصوب بالفتحة الظاهرة «لقد» اللام واقعة فى جواب قسم محذوف ، أى : والله لقد ـ إلخ ، قد : حرف تحقيق «وقتك» وقى : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والكاف مفعول به «الأواقى» فاعل وقى.

الشاهد فيه : قوله «يا عديا» حيث اضطر إلى تنوين المنادى فنونه ، ولم يكتف بذلك ، بل نصبه مع كونه مفردا علما ؛ لبشابه به المنادى المعرب المنون بأصله ، وهو النكرة غير المقصودة.

(١) «باضطرار» جار ومجرور متعلق بقوله «خض» الآتى «خص» يجوز أن يكون فعلا ماضيا مبنيا للمجهول ، ويجوز أن يكون فعل أمر «جمع» نائب فاعل


والأكثر «اللهمّ» بالتّعويض

وشذّ «يا اللهمّ» فى قريض (١)

لا يجوز الجمع بين حرف النداء ، و «أل» فى غير اسم الله تعالى ، وما سمى به من الجمل ، إلا فى ضرورة الشعر كقوله :

(٣٠٩) ـ

فيا الغلامان اللّذان فرّا

إيّا كما أن تعقبانا شرّا

__________________

إذا جعلت خص ماضيا ، ومفعول به إذا جعلته أمرا ، وجمع مضاف و «يا» قصد لفظه : مضاف إليه «وأل» عطف على يا «إلا» أداة استثناء «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من جمع ، ومع مضاف و «الله» مضاف إليه «ومحكى» معطوف على لفظ الجلالة ، ومحكى مضاف و «الجمل» مضاف إليه.

(١) «والأكثر» مبتدأ «اللهم» قصد لفظه : خبر المبتدأ «بالتعويض» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الخبر «وشذ» فعل ماض «يا اللهم» قصد لفظه : فاعل شذ «فى قريض» جار ومجرور متعلق بشذ.

٣٠٩ ـ هذا البيت من الشواهد التى لم نعثر لها على نسبة إلى قائل معين.

الإعراب : «يا» حرف نداء «الغلامان» منادى مبنى على الألف لأنه مثنى فى محل نصب «اللذان» صفة لقوله : «الغلامان» باعتبار اللفظ «فرا» فر : فعل ماض ، وألف الاثنين فاعل ، والجملة لا محل لها صلة اللذان «إياكما» إيا : منصوب على التحذير بفعل مضمر وجوبا ، تقديره : أحذركما «أن» مصدرية «تعقبانا» فعل مضارع منصوب بحذف النون ، وألف الاثنين فاعل ، ونا : مفعول أول ، و «أن» وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مجرور بمن ، مقدرة «شرا» مفعول ثان.

الشاهد فيه : قوله «فيا الغلامان» حيث جمع بين حرف النداء وأل فى غير اسم الله تعالى وما سمى به من المركبات الإخبارية (الجمل) ، وذلك لا يجوز إلا فى ضرورة الشعر.

وإنما لم يجز فى سعة الكلام أن يقترن حرف النداء بما فيه أل لسببين ؛ أحدهما : أن كلا من حرف النداء وأل يفيد التعريف ، فأحدهما كاف عن الآخر ، والثانى : أن تعريف الألف واللام تعريف العهد ، وهو يتضمن معنى الغيبة ؛ لأن العهد يكون بين اثنين فى ثالث غائب ، والنداء خطاب لحاضر ، فلو جمعت بينهما لتنافى التعريفان.


وأما مع اسم الله تعالى ومحكىّ الجمل فيجوز ، فتقول : «يا ألله» بقطع الهمزة ووصلها ، وتقول فيمن اسمه «الرّجل منطلق» : «يا الرجل منطلق أقبل».

والأكثر فى نداء اسم الله «اللهمّ» بميم مشددة معوّضة من حرف النداء ، وشذّ الجمع بين الميم وحرف النداء فى قوله :

(٣١٠) ـ

إنّى إذا ما حدث ألمّا

أقول : يا اللهمّ ، يا اللهمّا

* * *

__________________

(٣١٠) ـ هذا البيت لأمية بن أبى الصلت ، وزعم العينى أنه لأبى خراش الهدلى ، وذكر له بيتا قبل بيت الشاهد ، وهو :

إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا

وأىّ عبد لك لا ألمّا

اللغة : «حدث» هو ما يحدث من مصائب الدنيا ونوازل الدهر «ألما» نزل ، وألم فى قوله : «وأى عبد لك لا ألما» من قولهم : ألم فلان بالذنب ، يريدون فعله أو قاربه.

المعنى : يريد أنه كلما نزلت به حادثة وأصابه مكروه لجأ إلى الله تعالى فى كشف ما ينزل به.

الإعراب : «إنى» إن : حرف توكيد ونصب ، وياء المتكلم اسمه «إذا» ظرف يتعلق بقوله «أقول» الآتى «ما» زائدة «حدث» فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده ، والتقدير : إذا ما ألم حدث ألما «ألما» ألم : فعل ماض ، والألف للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حدث «أقول» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، والجملة فى محل رفع خبر إن «يا» حرف نداء «اللهم» الله : منادى مبنى على الضم فى محل نصب ، والميم المشددة زائدة.

الشاهد فيه : قوله «يا اللهم يا اللهما» حيث جمع بين حرف النداء والميم المشددة التى يؤتى بها للتعويض عن حرف النداء ، وهذا شاذ كما صرح به المصنف فى النظم ، لأنه جمع بين العوض والمعوض عنه.

وقد جمع بينهما ، وزاد ميما ذلك الراجز الذى يقول :

وما عليك أن تقولى كلّما

صلّيت أو سبّحت يا الّلهمّ ما


فصل

تابع ذى الضّمّ المضاف دون أل

ألزمه نصبا ، كأزيد ذا الحيل (١)

أى : إذا كان تابع المنادى المضموم مضافا (٢) غير مصاحب للألف واللام وجب نصبه ، نحو «يا زيد صاحب عمرو».

__________________

(١) «تابع» مفعول به لفعل محذوف يفسره المذكور بعده ، وتقديره : ألزم تابع ذى الضم ـ إلخ ، وتابع مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «الضم» مضاف إليه «المضاف» نعت لتابع «دون» ظرف متعلق بمحذوف حال من تابع ، ودون مضاف و «أل» قصد لفظه : مضاف إليه «ألزمه» ألزم : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعوله الأول «نصبا» مفعوله الثانى «كأزيد» الكاف جارة لقول محذوف ، والهمزة حرف نداء ، زيد : منادى مبنى على الضم فى محل نصب «ذا» نعت لزيد بمراعاة المحل ، وذا مضاف و «الحيل» مضاف إليه.

(٢) ههنا شيآن أريد أن أنبهك إليهما :

الأول : أن المنادى إذا كان اسما ظاهرا ، فله جهتان : الأولى جهة كونه منادى ، وهى تقتضى الخطاب ، والثانى جهة كونه اسما ظاهرا ، وهى تقتضى الغيبة ؛ فإذا كان تابع المنادى متصلا بضميره جاز فى هذا الضمير وجهان ؛ الأول : أن يؤتى به ضمير غيبة نظرا إلى الجهة الثانية ؛ والثانى أن يؤتى به ضمير خطاب نظرا إلى الجهة الأولى ، تقول : يا زيد نفسه أو نفسك ، ويا تميم كلهم أو كلكم ، ويا ذا الذى قام أو قمت.

والأمر الثانى : أن التابع المضاف الذى يجب نصبه هو ما كانت إضافته محضة ، أما الذى إضافته لفظية كاسم الفاعل المضاف إلى مفعوله ، نحو «يا رجل ضارب زيد» فقد اختلفت فيه كلمة العلماء ؛ فقال الرضى : يجوز فيه الوجهان الضم والنصب ، وقال السيوطى : يجب نصبه.


وما سواه انصب ، أو ارفع ، واجعلا

كمستقلّ نسقا وبدلا (١)

أى : ما سوى المضاف المذكور يجوز رفعه ونصبه ـ وهو المضاف المصاحب لأل ، والمفرد ـ فتقول : «يا زيد الكريم الأب» برفع «الكريم» ونصبه ، و «يا زيد الظّريف» برفع «الظريف» ونصبه.

وحكم عطف البيان والتوكيد حكم الصفة ؛ فتقول : «يا رجل زيد ، وزيدا» بالرفع والنصب ، و «يا تميم أجمعون ، وأجمعين».

وأما عطف النّسق والبدل ففى حكم المنادى المستقلّ ؛ فيجب ضمه إذا كان مفردا ، نحو «يا رجل زيد» و «يا رجل وزيد» كما يجب الضم لو قلت : «يا زيد» ، ويجب نصبه إن كان مضافا ، نحو «يا زيد أبا عبد الله» و «يا زيد وأبا عبد الله» ، كما يجب نصبه لو قلت : «يا أبا عبد الله».

* * *

وإن يكن مصحوب «أل» ما نسقا

ففيه وجهان ، ورفع ينتقى (٢)

__________________

(١) «وما» اسم موصول : مفعول مقدم على عامله وهو قوله «ارفع» الآتى «سواه» سوى : ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول ، وسوى مضاف والهاء مضاف إليه «ارفع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «أو» عاطفة «انصب» معطوف على ارفع «واجعلا» الواو عاطفة أو للاستئناف ، اجعل : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «كمستقل» جار ومجرور متعلق باجعل ، وهو فى موضع المفعول الثانى له «نسقا» مفعول أول لاجعل «وبدلا» معطوف على قوله نسقا.

(٢) «إن» شرطية «يكن» فعل مضارع ناقص ، فعل الشرط «مصحوب» خبر يكن تقدم على اسمه ، ومصحوب مضاف و «أل» قصد لفظه : مضاف إليه «ما» اسم موصول : اسم يكن «نسقا» نسق : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والألف للاطلاق ، والجملة


أى : إنما يجب بناء المنسوق على الضم إذا كان مفردا معرفة بغير «أل». فإن كان بـ «أل» جاز فيه وجهان : الرفع ، والنصب ؛ والمختار ـ عند الخليل وسيبويه ، ومن تبعهما ـ الرّفع ، وهو اختيار المصنف ، ولهذا قال : «ورفع ينتقى» أى : يختار ؛ فتقول : «يا زيد والغلام» بالرفع والنصب ، ومنه قوله تعالى : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) برفع «الطير» ونصبه.

* * *

وأيّها ، مصحوب أل بعد صفه

يلزم بالرّفع لدى ذى المعرفه (١)

وأيّهذا أيّها الّذى ورد

ووصف أىّ بسوى هذا يردّ (٢)

__________________

لا محل لها صلة الموصول «ففيه» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، فيه : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «وجهان» مبتدأ مؤخر ، والجملة من المبتدأ وخبره فى محل جزم جواب الشرط «ورفع» مبتدأ ، وسوغ الابتداء به مع كونه نكرة وقوعه فى معرض التقسيم ، وجملة «ينتقى» من الفعل ونائب فاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ.

(١) «أيها» قصد لفظه : مبتدأ «مصحوب» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «يلزم» الآتى ـ ومصحوب مضاف و «أل» قصد لفظه : مضاف إليه «بعد» ظرف متعلق بمحذوف حال من مصحوب أل «صفة» حال أخرى منه «يلزم» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «أيها» والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «بالرفع» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال ثالثة من مصحوب أل «لدى» ظرف متعلق بيلزم ، ولدى مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «المعرفة» مضاف إليه ، وتقدير البيت : وأيها يلزم مصحوب أل حال كونه صفة مرفوعا واقعا بعده.

(٢) «وأيهذا» قصد لفظه : مبتدأ «أيها الذى» معطوف عليه بعاطف مقدر «ورد» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على المذكور ،


يقال : «يا أيّها الرّجل ، ويا أيّهذا ، ويا أيّها الّذى فعل كذا» ، فـ «أىّ» منادى مفرد مبنى على الضم ، و «ها» زائدة ، و «الرّجل» صفة لأىّ ، ويجب رفعه عند الجمهور ؛ لأنه هو المقصود بالنداء ، وأجاز المازنىّ نصبه قياسا على جواز نصب «الظريف» فى قولك «يا زيد الظّريف» بالرفع والنصب.

ولا توصف «أى» إلا باسم جنس محلّى بأل ، كالرجل ، أو باسم إشارة ، نحو «يا أيّهذا أقبل» أو بموصول محلّى بأل «يا أيّها الذى فعل كذا».

* * *

وذو إشارة كأىّ فى الصّفه

إن كان تركها يفيت المعرفة (١)

يقال : «يا هذا الرّجل» فيجب رفع «الرجل» إن جعل «هذا» وصلة لندائه كما يجب رفع صفة «أى» ، وإلى هذا أشار بقوله : «إن كان تركها

__________________

والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «ووصف» مبتدأ ، ووصف مضاف و «أى» مضاف إليه «بسوى» جار ومجرور متعلق بوصف ، وسوى مضاف واسم الإشارة من «هذا» مضاف إليه «يرد» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى وصف أى بسوى هذا ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(١) «وذو» مبتدأ ، وذو مضاف و «إشارة» مضاف إليه «كأى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، و «فى الصفة» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن فى الخبر «إن» شرطية «كان» فعل ماض ناقص ، فعل الشرط «تركها» ترك : اسم كان ، وترك مضاف وها : مضاف إليه «يفيت» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على اسم كان «المعرفة» مفعول به ليفيت ، والجملة فى محل نصب خبر كان ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.


يفيت المعرفة» فإن لم يجعل اسم الإشارة وصلة لنداء ما بعده لم يجب رفع صفته ، بل يجوز الرفع والنصب.

* * *

فى نحو «سعد سعد الأوس» ينتصب

ثان ، وضمّ وافتح أوّلا تصب (١)

يقال : «يا سعد سعد الأوس (٢)» و

(٣١١) ـ

* يا تيم تيم عدىّ*

__________________

(١) «فى نحو» جار ومجرور متعلق بقوله «ينتصب» الآتى «سعد» منادى بحرف ندا ، محذوف ، مبنى على الضم فى محل نصب «سعد» توكيد للأول ، أو بدل منه. أو عطف بيان بمراعاة محله ، أو مفعول به لفعل محذوف ، أو منادى بحرف نداء محذوف ، وهو مضاف و «الأوس» مضاف إليه «ينتصب» فعل مضارع «ثان» فاعله «وضم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وافتح» معطوف على ضم «أولا» تنازعه الفعلان قبله «تصب» فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

والمراد بنحو «سعد سعد الأوس» كل تركيب وقع فيه المنادى مفردا ، وكرر ، مضافا ثانى لفظيه إلى غيره ، سواء أكان علما كمثال الناظم ، والشاهدين رقم ٣١١ و٣١٢ أم كان اسم جنس نحو قولك : يا رجل رجل القوم ، أم كان وصفا نحو يا صاحب صاحب زيد. وخالف الكوفيون فى هذا ، فإن لم يكن ثانى اللفظين مضافا ـ نحو يا زيد زيد ـ لم يجب نصبه ، وجاز فيه وجهان النصب والضم ، وانظر الشاهد رقم ٣١٤ الآتى.

(٢) وقعت هذه العبارة فى قول الشاعر :

أيا سعد سعد الأوس كن أنت مانعا

ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف

أجيبا إلى داعى الهدى ونبوّآ

من الله فى الفردوس زلّفة عارف

٣١١ ـ هذه قطعة من بيت لجرير بن عطية ، من كلمة يهجو فيها عمر بن لجأ التيمى ، والبيت بكماله هكذا :


من أمثلة جمع الكثرة : فعالىّ ، وهو جمع لكل اسم ، ثلاثى ، آخره ياء مشدّدة غير متجددة للنسب ، نحو «كرسىّ وكراسىّ ، وبردىّ وبرادىّ» ، ولا يقال «بصرىّ وبصارىّ».

* * *

وبفعالل وشبهه انطقا

فى جمع ما فوق الثّلاثة ارتقى (١)

من غير ما مضى ، ومن خماسى

جرّد ، الآخر انف بالقياس (٢)

__________________

محذوف «تتبع» فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر ـ وهو قوله اجعل ـ وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «العرب» مفعول به لتتبع.

(١) «وبفعالل» الواو عاطفة أو للاستئناف ، بفعالل : جار ومجرور متعلق بقوله «انطقا» الآتى «وشبهه» الواو عاطفة ، شبه : معطوف على فعالل ، وشبه مضاف والهاء مضاف إليه «انطقا» انطق : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقدير أنت ، والألف منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة للوقف «فى جمع» جار ومجرور متعلق بقوله انطقا ، وجمع مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «فوق» ظرف متعلق بقوله ارتقى ، وفوق مضاف و «الثلاثة» مضاف إليه «ارتقى» فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول.

(٢) «من غير» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ما الموصولة فى البيت السابق ، وغير مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «مضى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة «ومن خماسى» جار ومجرور معطوف على قوله من غير ـ إلخ «جرد» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الخماسى ، والجملة فى محل جر نعت للخماسى «الآخر» مفعول به مقدم لقوله انف الآتى «انف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بالقياس» جار ومجرور متعلق بانف.


(٣١٢) ـ

و * يا زيد زيد اليعملات*

فيجب نصب الثانى ، ويجوز فى الأول : الضم ، والنصب.

__________________

الجر ، فالجر باللام وإن كانت مقحمة كالجر بالباء وهى زائدة ، وإنما أقحمت مراعاة لعمل «لا» لأنها لا تعمل إلا فى النكرات ، وثبتت الألف مراعاة للاضافة ، فاجتمع فى هذه الكلمة شيئان متضادان : اتصال ، وانفصال ، فثبات الألف دليل على الاتصال من جهة الإضافة فى المعنى ، وثبات اللام دليل على الانفصال فى اللفظ مراعاة لعمل «لا» ، فهذه مسألة قد روعيت لفظا ومعنى ، وخبر «لا» محذوف : أى لا أبالكم بالحضرة.

الشاهد فيه : قوله «يا تيم تيم عدى» حيث تكرر لفظ المنادى ، وقد أضيف ثانى اللفظين ، فيجب فى الثانى النصب ، ويجوز فى الأول الضم والنصب ، على ما أوضحناه فى الإعراب ، وأوضحه الشارح العلامة.

٣١٢ ـ وهذه قطعة من بيت لعبد الله بن رواحة الأنصارى ، يقوله فى زيد بن أرقم ـ وكان يتيما فى حجره ـ يوم غزاة مؤتة ، وهو بكماله :

يا زيد زيد اليعملات الذّبّل

تطاول اللّيل عليك فانزل

اللغة : «اليعملات» بفتح الياء والميم : الإبل القوية على العمل «الذبل» جمع ذابل أو ذابلة أى ضامرة من طول السفر ، وأضاف زيدا إليها لحسن قيامه عليها ومعرفته بحدائها ، وقوله «تطاول الليل عليك ـ إلخ» يريد انزل عن راحلتك واحد الإبل ، فإن الليل قد طال ، وحدث للابل الكلال ، فنشطها بالحداء ، وأزل عنها الإعياء.

الإعراب : «يا» حرف نداء «زيد» منادى مبنى على الضم فى محل نصب ، أو منصوب بالفتحة الظاهرة ، كما تقدم فى البيت قبله «زيد» منصوب لا غير ، على أنه تابع للسابق ، أو منادى ، وزيد مضاف و «اليعملات» مضاف إليه «الذبل» صفة لليعملات.

الشاهد فيه : قوله «يا زيد زيد اليعملات» حيث تكرر لفظ المنادى ، وأضيف ثانى اللفظين كما سبق فى الشاهد الذى قبل هذا. ويجوز فى الأول من وجوه الإعراب الضم على أنه منادى مفرد ، والنصب على أنه منادى مضاف ، وفى الثانى النصب ليس غير ، ولكن لهذا النصب خمسة أوجه ، وقد بيناها فى إعراب البيت السابق وذكرها الشارح.


فإن ضمّ الأوّل كان الثانى منصوبا : على التوكيد (١) ، أو على إضمار «أعنى» ، أو على البدلية ، أو عطف البيان ، أو على النداء.

وإن نصب الأوّل : فمذهب سيبويه أنه مضاف إلى ما بعد الاسم الثانى ، وأن الثانى مقحم بين المضاف والمضاف إليه ، ومذهب المبرد أنه مضاف إلى محذوف مثل ما أضيف إليه الثانى ، وأن الأصل : «يا تيم عدىّ تيم عدىّ» فحذف «عدى» الأول لدلالة الثانى عليه.

* * *

__________________

(١) اعترض جماعة نصب الثانى على أنه توكيد للأول باعتبار المحل إن كان الأول مضموما ، وقالوا : لا يجوز أن يكون هذا توكيدا معنويا ؛ لأن التوكيد المعنوى يكون بألفاظ معينة معروفة وليس هذا منها ، ولا يجوز أن يكون توكيدا لفظيا ، لوجهين : أولهما أن اللفظ الثانى قد اتصل بما لم يتصل به اللفظ الأول وهو المضاف إليه ، وثانيهما أن تعريف الأول بالنداء أو بالعلمية السابقة عليه وتعريف الثانى بالإضافة.

قال : أبو رجاء : ولمن يذهب إلى أن الثانى تأكيد للأول أن يلتزم أنه لا يجب استواء المؤكد والتوكيد فى جهة التعريف ، ويكتفى باشتراكهما فى جنس التعريف ، فافهم ذلك.


المنادى المضاف إلى ياء المتكلّم

واجعل منادى صحّ إن يضف ليا

كعبد عبدى عبد عبدا عبديا (١)

إذا أضيف المنادى إلى ياء المتكلم : فإما أن يكون صحيحا ، أو معتلا.

فإن كان معتلا فحكمه كحكمه غير منادى ، وقد سبق حكمه (٢) فى المضاف إلى ياء المتكلم.

وإن كان صحيحا جاز فيه خمسة أوجه :

أحدها : حذف الياء ، والاستغناء بالكسرة ، نحو «يا عبد» ، وهذا هو الأكثر.

الثانى : إثبات الياء ساكنة ، نحو «يا عبدى» وهو دون الأول فى الكثرة.

الثالث : قلب الياء ألفا ، وحذفها ، والاستغناء عنها بالفتحة ، نحو «يا عبد».

__________________

(١) «واجعل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «منادى» مفعول أول «صح» فعل ماض ، وفيه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى منادى فاعل ، والجملة فى محل نصب صفة لمنادى «إن» شرطية «يضف» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المنادى «ليا» جار ومجرور متعلق بيضف «كعبد» جار ومجرور متعلق باجعل ، وهو فى محل المفعول الثانى له «عبدى ، عبد ، عبدا ، عبديا» كلهن معطوفات على الأول بعاطف مقدر.

(٢) خلاصة ما يشير إلى أنه قد سبق هو ثبوت الياء مفتوحة فى الأفصح فبما آخره ألف نحو فتاى وعصاى ، أو واو نحو مسلمى ، أو ياء غير مشددة نحو قاضى ، وحذف ياء المتكلم مع كسر ما قبلها أو فتحه فيما آخره ياء مشددة نحو كرسى ، ولا تنس أنا ذكرنا لك فى هذا الأخير جواز إبقاء ياء المتكلم ساكنة ، وخالفنا فى ذلك ما ذكره العلماء ، وادعوا الإجماع عليه ، واستدللنا لك على ما ذهبنا إليه من شعر العرب المحتج بعربيتهم. ونحن لا ننكر أنه قليل بالنظر إلى ما ارتضاه العلماء ، ولكننا ننكر جد الإنكار أنه ممتنع ، وكيف يمتنع وهو وارد؟


الرابع : قلبها ألفا ، وإبقاؤها ، وقلب الكسرة فتحة ، نحو «يا عبدا».

الخامس : إثبات الياء محرّكة بالفتح ، نحو «يا عبدى».

* * *

وفتح أو كسر وحذف اليا استمرّ

فى «يا ابن أمّ ، يا ابن عمّ ـ لا مفرّ» (١)

إذا أضيف المنادى إلى مضاف إلى ياء المتكلم وجب إثبات الياء ، إلا فى «ابن أم» و «ابن عم» فتحذف الياء منهما لكثرة الاستعمال ، وتكسر الميم أو تفتح ؛ فتقول : «يا ابن أمّ أقبل» و «يا ابن عمّ لا مفرّ» بفتح الميم وكسرها (٢).

* * *

وفى النّدا «أبت ، أمّت» عرض

واكسر أو افتح ، ومن اليا التّا عوض (٣)

__________________

(١) «وفتح» مبتدأ ، والذى سوغ الابتداء بالنكرة وقوعها فى معرض التقسيم «أو كسر» معطوف على فتح «وحذف» معطوف على كسر ، والواو فيه بمعنى مع ، وحذف مضاف و «اليا» مضاف إليه «استمر» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حذف الياء ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «فى» حرف جر «يا ابن أم» مجرور بفى على الحكاية «يا ابن عم» معطوف بعاطف مقدر على السابق «لا» نافية للجنس «مفر» اسم لا ، وخبرها محذوف ، والتقدير : لا مفر لى ، أو لا مفر موجود.

(٢) قد ورد ثبوت الياء فى «ابن أم» فى قول أبى زبيد الطائى يرثى أخاه :

يا ابن أمّى ويا شقيّق نفسى

أنت خلفّتنى لدهر شديد

وورد قلب الياء ألفا وبقاؤها في «ابنة عم» فى قول أبى النجم :

* يا ابنة عمّا لا تلومى واهجعى*

وذكر هذين الوجهين شيخ النحاة سيبويه فى كتابه (١ / ٣١٨)

(٣) «وفى الندا» جار ومجرور متعلق بقوله «عرض» الآتى «أبت» مبتدأ


يقال فى النداء : «يا أبت ، ويا أمّت» بفتح التاء وكسرها ، ولا يجوز إثبات الياء ؛ فلا تقول : «يا أبتى ، ويا أمّتى» ؛ لأن التاء عوض من الياء ؛ فلا يجمع بين العوض والمعوّض منه (١).

* * *

__________________

«أمت» معطوف عليه بعاطف مقدر «عرض» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المذكور ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «وافتح» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «أو» حرف عطف «اكسر» فعل أمر معطوف على افتح «ومن اليا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق بقوله «عوض» الآتى «التا» قصر المجرور للضرورة أيضا : مبتدأ «عوض» خبر المبتدأ.

(١) قد ورد ثبوت الياء فى قول الشاعر :

أيا أبتى لا زلت فينا ؛ فإنّما

لنا أمل فى العيش ما دمت عائشا

وورد ثبوت الألف المنقلبة عن ياء المتكلم فى قول الراجز ، وهو من شواهد سيبويه :

تقول بنتى قد أنى أناكا

يا أبتا علّك أو عساكا

وقول الراجز الآخر :

يا أبتا أرّقنى القذّان

فالنّوم لا تطعمه العينان


أسماء لازمت النّداء

و «فل» بعض ما يخصّ بالنّدا

«لؤمان ، نومان» كذا ، واطّردا (١)

فى سبّ الانثى وزن «يا خباث»

والأمر هكذا من الثّلاثى (٢)

وشاع فى سبّ الذّكور فعل

ولا تقس ، وجرّ فى الشعر «فل» (٣)

من الأسماء ما لا يستعمل إلا فى النداء ، نحو «يا فل» أى : يا رجل ، و «يا لؤمان» للعظيم اللّؤم ، و «يا نومان» للكثير النوم ، وهو مسموع.

وأشار بقوله : «واطّردا فى سبّ الانثى» إلى أنه ينقاس فى النداء استعمال

__________________

(١) «وفل» مبتدأ «بعض» خبر المبتدأ ، وبعض مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «يخص» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة «بالندا» جار ومجرور متعلق بقوله يخص «لؤمان» مبتدأ «نومان» معطوف عليه بعاطف مقدر «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «واطردا» اطرد : فعل ماض ، والألف للاطلاق.

(٢) «فى سب» جار ومجرور متعلق باطرد فى البيت السابق ، وسب مضاف و «الأنثى» مضاف إليه «وزن» فاعل اطرد ، ووزن مضاف و «يا خباث» مضاف إليه على الحكاية «والأمر» مبتدأ «هكذا» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر «من الثلاثى» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن فى الخبر.

(٣) «وشاع» فعل ماض «فى سب» جار ومجرور متعلق بشاع ، وسب مضاف و «الذكور» مضاف إليه «فعل» فاعل شاع «ولا» ناهية «تقس» فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وجر» فعل ماض مبنى للمجهول «فى الشعر» جار ومجرور متعلق بجر «فل» نائب فاعل لجر.


فعال مبنيّا على الكسر فى ذمّ الأنثى وسبّها ، من كل فعل ثلاثى ، نحو «يا خباث ، ويا فساق ، ويا لكاع» (١).

وكذلك ينقاس استعمال فعال ، مبنيّا على الكسر ، من كل فعل ثلاثى ، للدلالة على الأمر ، نحو «نزال ، وضراب ، وقتال» ، أى : «انزل ، واضرب ، واقتل».

وكثر استعمال فعل فى النداء خاصة مقصودا به سبّ الذكور ، نحو «يا فسق ، ويا غدر ، ويا لكع» ولا ينقاس ذلك.

وأشار بقوله : «وجرّ فى الشعر فل» إلى أن بعض الأسماء المخصوصة بالنداء قد تستعمل فى الشعر فى غير النداء ، كقوله :

(٣١٣) ـ

[تضلّ منه إبلى بالهوجل]

فى لجّة أمسك فلانا عن فل

* * *

__________________

(١) قد ورد «لكاع» سبا للأنثى غير مستعمل فى النداء ، وذلك فى قول الحطيئة ، ويقال : هو لأبى الغريب النصرى :

أطوّف ما أطوّف ثمّ آوى

إلى بيت قعيدته لكاع

والعلماء يخرجونه على تقدير قول محذوف : أى بيت قعيدته مقول لها يا لكاع.

٣١٣ ـ البيت لأبى النجم العجلى ، من أرجوزة طويلة وصف فيها أشياء كثيرة اللغة : «لجة» بفتح اللام وتشديد الجيم ـ الجلبة واختلاط الأصوات فى الحرب.

المعنى : شبه تزاحم الإبل ، ومدافعة بعضها بعضا ، بقوم شيوخ فى لجة وشر يدفع بعضهم بعضا ؛ فيقال : أمسك فلانا عن فلان ، أى : احجز بينهم ، وخص الشيوخ لأن الشبان فيهم التسرع إلى القتال ، وقبل بيت الشاهد قوله :

تثير أيديها عجاج القسطل

إذ عصبت بالعطن المغربل

* تدافع الشّيب ولم تقتّل*

والقسطل : الغبار ، والعجاج : ما ارتفع منه ، وعصبت : اجتمعت ، والعطن :


 .......................................................................

__________________

مبرك الإبل عند الماء لتشرب عللا بعد نهل ، والمغربل : المنخول ، وقد أراد تراب العطن ، وتدافع الشيب : مصدر تشبيهى منصوب بعامل محذوف : أى اجتمعت وتدافعت تدافعا كتدافع الشيب.

الإعراب : «فى لجة» جار ومجرور متعلق بقول تدافع فى البيت الذى قبل بيت الشاهد «أمسك» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة مقول لقول محذوف ، أى يقال فيها : أمسك ـ إلخ ، «فلانا» مفعول به لأمسك «عن فل» جار ومجرور متعلق بأمسك.

الشاهد فيه : قوله «عن فل» حيث استعمل «فل» فى غير النداء وجره بالحرف وذلك ضرورة ؛ لأن من حقه ألا يقع إلا منادى ، إلا إذا ادعينا أن «فل» هنا مقتطع من فلان بحذف النون والألف ، وبيان هذا أن لفظ «فلان» لا يختص بالنداء ، بل يقع فى جميع مواقع الإعراب ، وأن الذى يختص بالنداء هو «فل» الذى أصله «فلو» فحذفت لامه اعتباطا ـ أى لغير علة صرفية ـ كما حذفت لام يد ودم.

وقد ادعى جماعة من العلماء أن الذى فى البيت من الأول ، وأن الشاعر رخمه فى غير النداء ضرورة ، بحذف النون ، ثم بحذف الألف وإن لم تكن مسبوقة بثلاثة أحرف ؛ ففيه ضرورتان ، ونظيره قول لبيد :

درس المنا بمتالع فأبان

فتقادمت ، فالحبس فالسّوبان

أراد «درس المنازل» فحذف حرفين من الكلمة مع أن ما قبل الأخير ليس حرف لين.


الاستغاثة

إذا استغيث اسم منادى خفضا

باللّام مفتوحا كيا للمرتضى (١)

يقال : «يا لزيد لعمرو» فيجر المستغاث بلام مفتوحة ، ويجر المستغاث له بلام مكسورة ، و [إنما] فتحت مع المستغاث لأن المنادى واقع موقع المضمر ، واللام تفتح مع المضمر ، نحو «لك ، وله».

* * *

وافتح مع المعطوف إن كرّرت «يا»

وفى سوى ذلك بالكسر ائتيا (٢)

__________________

(١) «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «استغيث» فعل ماض مبنى للمجهول «اسم» نائب فاعل «منادى» نعت لاسم ، وجملة الفعل ونائب الفاعل فى محل جر بإضافة إذا إليها «خفضا» فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم ، والجملة جواب إذا «باللام» جار ومجرور متعلق بخفض «مفتوحا» حال من اللام «كيا» الكاف جارة لقول محذوف ، وهى ومجرورها تتعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، يا : حرف نداء «للمرتضى» اللام جارة عند البصريين ، واختلف فى متعلقها ؛ فذهب ابن جنى إلى أنها تتعلق بحرف النداء ، لكونه نائبا عن الفعل ، وذهب ابن عصفور وابن الصائغ ـ ونسب هذا إلى سيبويه ـ إلى أن اللام تتعلق بالفعل الدى ناب عنه حرف النداء ، وزعم ابن خروف أن هذه اللام زائدة فلا تتعلق بشىء ، ومذهب الكوفيين أن هذه اللام مقتطعة من «آل» فأصل العبارة «يا آل المرتضى» فحذفت الهمزة تخفيفا لكثرة الاستعمال ، ثم حذفت الألف تخلصا من التقاء الساكنين ، وبقيت اللام.

(٢) «وافتح» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، ومفعوله محذوف ، والتقدير : وافتح اللام «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من المفعول المحذوف ، ومع مضاف و «المعطوف» مضاف إليه «إن» شرطية «كررت» كرر : فعل ماض فعل الشرط ، والتاء فاعله «يا» قصد لفظه : مفعول به لكرر ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله «وفى سوى» جار ومجرور متعلق بقوله «اثتيا» فى آخر البيت ، وسوى مضاف واسم الإشارة من «ذلك» مضاف إليه «بالكسر»


إذا عطف على المستغاث مستغاث آخر : فإما أن تتكرر معه «يا» أولا.

فإن تكررت لزم الفتح ، نحو «يا لزيد ويا لعمرو لبكر».

وإن لم تتكرر لزم الكسر ، نحو «يا لزيد ولعمرو لبكر» كما يلزم كسر اللام مع المستغاث له ، وإلى هذا أشار بقوله : «وفى سوى ذلك بالكسر ائتيا» أى : وفى سوى المستغاث والمعطوف عليه الذى تكررت معه «يا» اكسر اللام وجوبا ؛ فتكسر مع المعطوف الذى لم تتكرر معه «يا» ومع المستغاث له.

* * *

ولام ما استغيث عاقبت ألف

ومثله اسم ذو تعجّب ألف (١)

تحذف لام المستغاث ، ويؤتى بألف فى آخره عوضا عنها ، نحو «يا زيدا لعمرو» ومثل المستغاث المتعجّب منه ، نحو «يا للدّاهية» و «يا للعجب» فيجر بلام مفتوحة كما يجر المستغاث ، وتعاقب اللام فى الاسم المتعجّب منه ألف ؛ فتقول : «يا عجبا لزيد» (٢).

__________________

جار ومجرور متعلق بائتيا أيضا «ائتيا» فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(١) «ولام» مبتدأ ، ولام مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «استغيث» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة «عاقبت» عاقب : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى لام ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «ألف» مفعول به لعاقبت ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة «ومثله» مثل : خبر مقدم ، والهاء مضاف إليه «اسم» مبتدأ مؤخر «ذو» صفة لاسم ، وذو مضاف و «تعجب» مضاف إليه «ألف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تعجب ، والجملة فى محل جر صفة لتعجب.

(٢) ومنه قول امرىء القيس بن حجر الكندى :

ويوم عقرت للعذارى مطيّتى

فيا عجبا من كورها المتحمّل


النّدبة

ما للمنادى اجعل لمندوب ، وما

نكّر لم يندب ، ولا ما أبهما (١)

ويندب الموصول بالّذى اشتهر

كـ «بئر زمزم» يلى «وا من حفر» (٢)

المندوب هو : المتفجّع عليه ، نحو «وا زيداه» ، والمتوجّع منه ، نحو «وا ظهراه».

ولا يندب إلا المعرفة ، فلا تندب النكرة ؛ فلا يقال : «وا رجلاه» ، ولا المبهم : كاسم الإشارة ، نحو «وا هذاه» ولا الموصول ، إلا إن كان خاليا من «أل» واشتهر بالصلة ، كقولهم «وا من حفر بئر زمزماه».

* * *

__________________

(١) «ما» اسم موصول : مفعول أول تقدم على عامله ، وهو قوله «اجعل» الآتى «للمنادى» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول «اجعل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لمندوب» جار ومجرور متعلق باجعل ، وهو مفعوله الثانى «وما» اسم موصول : مبتدأ «نكر» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة «لم» نافية جازمة «يندب» فعل مضارع مبنى للمجهول مجزوم بلم ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى ما الواقعة مبتدأ نائب فاعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «ولا» الواو عاطفة ، لا : نافية «ما» اسم موصول : معطوف على «مانكر» وجملة «أبهما» مع نائب فاعله المستتر فيه لا محل لها صلة الموصول.

(٢) «ويندب» فعل مضارع مبنى للمجهول «الموصول» نائب فاعل ليندب «بالذى» جار ومجرور متعلق بيندب «اشتهر» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى ، والجملة لا محل لها صلة «كبئر» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، وقد حكى «بئر» لأنه فى الأصل مفعول به ، وبئر مضاف و «زمزم» مضاف إليه «يلى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بئر زمزم ، والجملة فى محل نصب حال من وا من حفر «وا من حفر» مفعول به ليلى على الحكاية.


ومنتهى المندوب صله بالألف

متلوّها إن كان مثلها حذف (١)

كذاك تنوين الّذى به كمل

من صلة أو غيرها ، نلت الأمل (٢)

يلحق آخر المنادى المندوب ألف ، نحو «وا زيدا لا تبعد» ويحذف ما قبلها إن كان ألفا ، كقولك : «وا موساه» فحذف ألف «موسى» وأتى بالألف للدلالة على الندبة ، أو كان تنوينا فى آخر صلة أو غيرها ، نحو «وا من حفر بئر زمزماه» ونحو «يا غلام زيداه».

* * *

والشّكل حتما أوله مجانسا

إن يكن الفتح بوهم لابسا (٣)

__________________

(١) «ومنتهى» مفعول به لفعل محذوف يفسره ما بعده ، ومنتهى مضاف و «المندوب» مضاف إليه «صله» صل : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به «بالألف» جار ومجرور متعلق بصل «متلوها» متلو : مبتدأ ، ومتلو مضاف وها مضاف إليه «إن» شرطية «كان» فعل ماض ناقص فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه «مثلها» مثل : خبر كان ، ومثل مضاف وها : مضاف إليه «حذف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى متلوها ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجواب الشرط محذوف تدل عليه جملة الخبر.

(٢) «كذاك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «تنوين» مبتدأ مؤخر ، وتنوين مضاف و «الذى» اسم موصول : مضاف إليه «به» جار ومجرور متعلق بكمل الآتى «كمل» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة الذى «من صلة» بيان الذى «أو غيرها» معطوف على صلة ، وغير مضاف وها : مضاف إليه «نلت الأمل» نال : فعل ماض ، وفاعله تاء المخاطب ، والأمل : مفعول به.

(٣) «والشكل» مفعول به لفعل محذوف يفسره ما بعده «حتما» مفعول مطلق لفعل محذوف أيضا ، أو هو حال من هاء أوله «أوله» أول : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به لأول «مجانسا» مفعول ثان لأول «إن» شرطية «يكن» فعل مضارع ناقص فعل الشرط «الفتح» اسم يكن


إذا كان آخر ما تلحقه ألف الندبة فتحة لحقته ألف الندبة من غير تغيير لها ، فتقول : «وا غلام أحمداه» وإن كان غير ذلك وجب فتحه ، إلا إن أوقع فى لبس ؛ فمثال ما لا يوقع فى لبس قولك فى «غلام زيد» : «واغلام زيداه» ، وفى «زيد» : «وا زيداه» ، ومثال ما يوقع فتحه فى لبس : «واغلامهوه ، واغلامكيه» وأصله «واغلامك» بكسر الكاف «واغلامه» بضم الهاء ، فيجب قلب ألف الندبة : بعد الكسرة ياء ، وبعد الضمة واوا : لأنك لو لم تفعل ذلك وحذفت الضمة والكسرة وفتحت وأتيت بألف الندبة ، فقلت : «واغلامكاه ، واغلامهاه» لا لتبس المندوب المضاف إلى ضمير المخاطبة بالمندوب المضاف إلى ضمير المخاطب ، والتبس المندوب المضاف إلى ضمير الغائب بالمندوب المضاف إلى ضمير الغائبة ، وإلى هذا أشار بقوله : «والشكل حتما ـ إلى آخره» أى : إذا شكل آخر المندوب بفتح ، أو ضم ، أو كسر ، فأوله مجانسا له من واو أو ياء إن كان الفتح موقعا فى لبس ، نحو «واغلامهوه ، واغلامكيه» وإن لم يكن الفتح موقعا فى لبس فافتح آخره ، وأوله ألف الندبة ، نحو «وا زيداه ، وواغلام زيداه».

* * *

وواقفا زدهاء سكت ، إن ترد

وإن تشأ فالمدّ ، والها لا تزد (١)

__________________

«بوهم» جار ومجرور متعلق بقوله لابسا الآتى «لابسا» خبر يكن ، وجواب الشرط محذوف

(١) «وواقفا» حال من فاعل «زد» الآتى «زد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «هاء» مفعول به لزد ، وهاء مضاف و «سكت» مضاف إليه «إن» شرطية «ترد» فعل مضارع ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، ومفعوله محذوف ، وجواب الشرط محذوف أيضا «وإن» شرطية «تشأ» فعل مضارع فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت


أى : إذا وقف على المندوب لحقه بعد الألف هاء السكت ، نحو : «وازيداه» ، أو وقف على الألف ، نحو : «وازيدا» ولا تثبت الهاء فى الوصل إلا ضرورة ، كقوله :

(٣١٤) ـ

ألا يا عمرو عمراه

وعمرو بن الزّبيراه

* * *

__________________

«فالمد» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، المد : مبتدأ ، وخبره محذوف ، أى فالمد واجب ، مثلا ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط «والها» قصر للضرورة : مفعول مقدم على عامله ، وهو قوله «لا تزد» الآتى «لا» ناهية «تزد» فعل مضارع مجزوم بلا ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

٣١٤ ـ البيت من الشواهد التى لم نقف على نسبتها لقائل معين ، وعمرو المندوب هو عمرو بن الزبير بن العوام ، وكان أخوه عبد الله بن الزبير بن العوام قد سجنه أيام ولايته على الحجاز ، وعذبه بصنوف من التعذيب حتى مات فى السجن.

الإعراب : «ألا» أداة استفتاح «يا» حرف نداء وندبة «عمرو» منادى مندوب مبنى على الضم فى محل نصب «عمراه» توكيد لفظى للمنادى المندوب ، ويجوز أن يتبع لفظه أو محله ، فهو مرفوع بضمة أو منصوب بفتحة منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المأتى بها لأجل مناسبة ألف الندبة ، والألف زائدة لأجل الندبة لأنها تستدعى مد الصوت ، والهاء للسكت «وعمرو» معطوف على عمرو الأول «ابن» صفة له ، وابن مضاف و «الزبيراه» مضاف إليه ، مجرور بكسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة التى تستوجبها الألف المزيدة للندبة ، والهاء للسكت.

الشاهد فيه : قوله «عمراه» حيث زيدت الهاء ـ التى تجتلب للسكت ـ فى حالة الوصل ضرورة.

ونظير هذا البيت قول الراجز :

يا مرحباه ، بحمار ناجيه

إذا أتى قرّبته للسّانيه

وقول مجنون ليلى :

فقلت : أيا ربّاه ، أوّل سؤلتى

لنفسى ليلى ، ثمّ أنت حسيبها


وقائل : وا عبديا ، وا عبدا

من فى النّدا اليا ذا سكون أبدى (١)

أى : إذا ندب المضاف إلى ياء المتكلم على لغة من سكّن الياء قيل فيه : «وا عبديا» بفتح الياء ، وإلحاق ألف الندبة ، أو «يا عبدا» ، بحذف الياء ، وإلحاق ألف الندبة.

وإذا ندب على لغة من يحذف [الياء] أو يستغنى بالكسرة ، أو يقلب الياء ألفا والكسرة فتحة ويحذف الألف ويستغنى بالفتحة ، أو يقلبها ألفا ويبقيها قيل : «وا عبدا» ليس إلا.

وإذا ندب على لغة من يفتح الياء يقال «وا عبديا» ليس إلا.

فالحاصل : أنه إنما يجوز الوجهان ـ أعنى «وا عبديا» و «وا عبدا» ـ على لغة من سكّن الياء فقط ، كما ذكر المصنف.

* * *

__________________

(١) «وقائل» خبر مقدم ، وفيه ضمير مستتر هو فاعله «وا عبديا» مفعول به لقائل «وا عبدا» معطوف على المفعول «من» اسم موصول : مبتدأ مؤخر «فى الندا» جار ومجرور متعلق بقوله «أبدى» الآتى «اليا» قصر للضرورة : مفعول مقدم لأبدى «ذا» حال من الياء ، وذا مضاف و «سكون» مضاف إليه «أبدى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من ، والجملة لا محل لها صلة «من» الموصولة الواقعة مبتدأ ، وتقدير البيت : ومن أبدى الياء ـ أى أظهرها ـ ساكنة فى النداء قائل : وا عبديا ، أو وا عبدا.


التّرخيم

ترخيما احذف آخر المنادى

كياسعا ، فيمن دعا سعادا (١)

الترخيم فى اللغة : ترقيق الصوت ، ومنه قوله :

(٣١٥) ـ

لها بشر مثل الحرير ، ومنطق

رخيم الحواشى : لا هراء ، ولا نزر

__________________

(١) «ترخيما» مفعول مطلق عامله احذف الآتى ، لأنه بمعناه كقعدت جلوسا «احذف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «آخر» مفعول به لا حذف ، و «آخر» مضاف و «المنادى» مضاف إليه «كياسعا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف «فيمن» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من «كياسعا» السابق «دعا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الموصولة «سعادا» مفعول به لدعا ، والجملة لا محل لها صلة من المجرورة محلا بفى.

٣١٥ ـ البيت لذى الرمة غيلان بن عقبة صاحب مية من قصيدته التى مطلعها :

ألا يا اسلمى يا دارمىّ على البلى

ولا زال منهلّا بجرعائك القطر

اللغة : «بشر» هو ظاهر الجلد «منطق» هو الكلام الذى يختلب الألباب «رخيم» سهل ، رقيق «الحواشى» الجوانب والأطراف ، وهو جمع حاشية ، والمراد أن حديثها كله رقيق عذب «هراء» بزنة غراب ـ أى كثير ذو فضول «نزر» قليل.

المعنى : يصفها بنعومة الجلد وملاسته ، وبأنها ذات كلام عذب ، وحديث رقيق ، وأنها لا تكثر فى كلامها حتى يملها سامعها ، ولا تقتضبه اقتضابا حتى يحتاج سامعها فى تفهم المعنى إلى زيادة.

الإعراب : «لها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «بشر» مبتدأ مؤخر «مثل» نعت لبشر ، ومثل مضاف و «الحرير» مضاف إليه «ومنطق» معطوف على بشر «رخيم» نعت لمنطق ، ورخيم مضاف و «الحواشى» مضاف إليه «لا» نافية «هراء» نعت ثان لمنطق «ولا» الواو عاطفة ، ولا : زائدة لتأكيد النفى «نزر» معطوف على هراء.

الشاهد فيه : قوله «رخيم الحواشى» حيث استعمل كلمة «رخيم» فى معنى الرقة ، وذلك يدل على أن الترخيم فى اللغة ترقيق الصوت.


أى : رقيق الحواشى ، وفى الاصطلاح : حذف أواخر الكلم فى النداء ، نحو «يا سعا» والأصل «يا سعاد».

* * *

وجوّزنه مطلقا فى كلّ ما

أنّت بالها ، والّذى قد رخّما (١)

بحذفها وفّره بعد ، واحظلا

ترخيم ما من هذه الها قد خلا (٢)

إلّا الرّباعىّ فما فوق ، العلم ،

دون إضافة ، وإسناد متمّ (٣)

__________________

(١) «وجوزنه» الواو عاطفة ، جوز : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به لجوز «مطلقا» حال من المفعول به «فى كل» جار ومجرور متعلق يجوز ، وكل مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «أنث» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «بالها» جار ومجرور متعلق بأنث «والذى» اسم موصول : مفعول به لفعل محذوف يفسره قوله «وفره» فى البيت الآتى «قد» حرف تحقيق ، وجملة «رخما» من الفعل ونائب الفاعل المستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

(٢) «بحذفها» الجار والمجرور متعلق برخما فى البيت السابق ، وحذف مضاف ، وها مضاف إليه «وفره» وفر : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به لوفر «بعد» ظرف متعلق بوفر ، مبنى على الضم فى محل نصب «واحظلا» الواو عاطفة ، احظل : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا لأجل الوقف ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ترخيم» مفعول به لاحظل ، وترخيم مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «من هذه» الجار والمجرور متعلق بقوله «خلا» الآتى «الها» بدل من اسم الإشارة أو عطف بيان عليه أو نعت له «قد» حرف تحقيق «خلا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول.

(٣) «إلا» أداة استثناء «الرباعى» منصوب على الاستثناء «فما» الفاء عاطفة ،


لا يخلو المنادى من أن يكون مؤنثا بالهاء ، أولا ؛ فإن كان مؤنثا بالهاء جاز ترخيمه مطلقا ، أى : سواء كان علما ، كـ «فاطمة» أو غير علم ، كـ «جارية» زائدا على ثلاثة أحرف كما مثل ، أو [غير زائد] على ثلاثة أحرف ، كـ «شاة» فتقول : «يا فاطم ، ويا جارى (١) ، ويا شا» ومنه قولهم «يا شا ادجنى (٢)» ، [أى : أقيمى] بحذف تاء التأنيث للترخيم ، ولا يحذف منه بعد ذلك شىء آخر ، وإلى هذا أشار بقوله : «وجوّزنه» إلى قوله «بعد».

وأشار بقوله : «واحظلا ـ إلخ» إلى القسم الثانى ، وهو : ما ليس مؤنثا بالهاء ، فذكر أنه لا يرخّم إلا [بثلاثة] بشروط :

الأول : أن يكون رباعيّا فأكثر.

الثانى : أن يكون علما.

الثالث : أن لا يكون مركبا : تركيب إضافة ، ولا إسناد.

وذلك كـ «عثمان ، وجعفر» ؛ فتقول : «يا عثم ، ويا جعف».

وخرج ما كان على ثلاثة أحرف ، كـ «زيد ، وعمرو» وما كان [على أربعة أحرف] غير علم ، كـ «قائم ، وقاعد» ، وما ركّب تركيب إضافة ، كـ «عبد شمس» وما ركّب تركيب إسناد ، نحو «شاب قرناها» ؛ فلا يرخّم شىء من هذه.

__________________

ما : اسم موصول معطوف على الرباعى «فوق» ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول «دون» ظرف متعلق بمحذوف حال من الرباعى ، ودون مضاف و «إضافة» مضاف إليه «وإسناد» معطوف على إضافة «متم» نعت لإسناد.

(١) ومن شواهد ترخيم «جارية» قول الشاعر :

جارى لا تستنكرى عذيرى

سيرى وإشفاقى على يعيرى

(٢) تقول : دجنت الشاة فى البيت تدجن دجونا ـ بوزن قعد يقعد قعودا ـ إذا أقامت فلم تبرح ، وألفته فلم تسرح مع الغنم ، وشا : أصلها شاة ، فرخم بحذف التاء.


وأمّا ما ركّب تركيب مزج فيرخّم بحذف عجزه ، وهو مفهوم من كلام المصنف ؛ لأنه لم يخرجه ؛ فتقول فيمن اسمه «معدى كرب» : «يا معدى».

* * *

ومع الآخر احذف الّذى تلا

إن زيد لينا ساكنا مكمّلا (١)

أربعة فصاعدا ، والخلف ـ فى

واو وياء بهما فتح ـ قفى (٢)

أى : يجب أن يحذف مع الآخر ما قبله إن كان زائدا ليّنا ، أى : حرف لين ، ساكنا ، رابعا فصاعدا ، وذلك نحو «عثمان ، ومنصور ، ومسكين» ؛ فتقول : «يا عثم ، ويا منص ، ويا مسك» ؛ فإن كان غير زائد ، كمختار ، أو غير لين ، كقمطر ، أو غير ساكن ، كقنوّر ، أو غير رابع كمجيد ـ لم يجز

__________________

(١) «ومع» ظرف متعلق باحذف الآتى ، ومع مضاف و «الآخر» مضاف إليه «احذف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الذى» اسم موصول : مفعول به لا حذف ، وجملة «تلا» وفاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى لا محل لها صلة الذى «إن» شرطية «زيد» فعل ماض مبنى للمجهول فعل الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى تلا «لينا» حال من نائب الفاعل «ساكنا» نعت له «مكملا» نعت لقوله «لينا» أيضا ، وفيه ضمير مستتر فاعله ، لأنه اسم فاعل يعمل عمل الفعل.

(٢) «أربعة» مفعول به لمكمل فى البيت السابق «فصاعدا» الفاء عاطفة ، صاعدا : حال من فاعل فعل محذوف : أى فذهب عدد الحروف صاعدا «والخلف» مبتدأ «فى واو» جار ومجرور متعلق بالخلف «وياء» معطوف على واو «بهما» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «فتح» مبتدأ مؤخر ، وجملة المبتدأ والخبر فى محل جر صفة لواو وياء «قفى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الخلف ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ وهو الخلف.


حذفه ؛ فتقول : يا مختا ، [ويا قمط ،] ويا قنوّ ، ويا مجى (١) ، وأما فرعون ونحوه ـ وهو ما كان قبل واوه فتحة ، أو قبل يائه فتحة ، كغرنيق ـ ففيه خلاف ؛ فمذهب الفرّاء والجرمى أنهما يعاملان معاملة مسكين ومنصور ؛ فتقول ـ عندهما ـ يا فرع ، ويا غرن ، ومذهب غيرهما من النحويين عدم جواز ذلك ؛ فتقول ـ عندهم ـ يا فرعو ، ويا غرنى.

* * *

والعجز احذف من مركّب ، وقلّ

ترخيم جملة ، وذا عمرو نقل (٢)

تقدّم أن المركب تركيب مزج يرخّم ، وذكر هنا أن ترخيمه يكون بحذف عجزه ؛ فتقول فى «معدى كرب» : يا معدى ، وتقدّم أيضا أن المركّب تركيب إسناد لا يرخّم ، وذكر هنا أنه يرخم قليلا ، وأن عمرا ـ يعنى سيبويه ، وهذا اسمه ، وكنيته : أبو بشر ، وسيبويه : لقبه ـ نقل ذلك عنهم ، والذى نصّ عليه سيبويه فى باب الترخيم أن ذلك لا يجوز ،

__________________

(١) ونظير ذلك قول أوس بن حجر ، وهو من شواهد سيبويه :

تنكّرت منّا بعد معرفة لمى

وبعد التّصافى والشّباب المكرّم

أراد يا لميس ، فحذف السين ، ووفر ما بعدها من الحذف ، ومثله قول يزيد بن مخرم :

فقلتم : تعال يا يزى بن مخرّم ،

فقلت لكم : إنّى حليف صداء

(٢) «والعجز» مفعول مقدم لا حذف «احذف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «من مركب» جار ومجرور متعلق باحذف «وقل» فعل ماض «ترخيم» فاعل قل ، وترخيم مضاف و «جملة» مضاف إليه «وذا» اسم إشارة : مبتدأ أول «عمرو» مبتدأ ثان ، وجملة «نقل» وفاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول ، والعائد ضمير محذوف كان أصله مفعولا لنقل : أى وهذا عمرو نقله ، وعمرو : اسم سيبويه شيخ النحاة كما سيقول الشارح.


وفهم المصنف عنه من كلامه فى بعض أبواب النسب جواز ذلك ؛ فتقول فى «تأبّط شرّا» : «يا تأبّط».

* * *

وإن نويت ـ بعد حذف ـ ما حذف

فالباقى استعمل بما فيه ألف (١)

واجعله ـ إن لم تنو محذوفا ـ كما

لو كان بالآخر وضعا تمّما (٢)

فقل على الأوّل فى ثمود : «يا

ثمو» ، و «يا ثمى» على الثّانى بيا (٣)

__________________

(١) «وإن» شرطية «نويت» نوى : فعل ماض فعل الشرط ، وتاء المخاطب فاعله «بعد» ظرف متعلق بنويت ، وبعد مضاف و «حذف» مضاف إليه «ما» اسم موصول : مفعول به لنويت ، وجملة «حذف» ونائب فاعله المستتر فيه لا محل لها صلة «فالباقى» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، الباقى : مفعول مقدم لاستعمل «استعمل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط «بما» جار ومجرور متعلق باستعمل «فيه» جار ومجرور متعلق بألف «ألف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة ما المجرورة محلا بالباء.

(٢) «واجعله» اجعل : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول أول لاجعل «إن» شرطية «لم» نافية جازمة «تنو» فعل مضارع مجزوم بلم ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل جزم فعل الشرط محذوفا» مفعول به لتنو «كما» الكاف جارة ، ما : زائدة «لو» مصدرية «كان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «الباقى» فى البيت السابق «بالآخر» جار ومجرور متعلق بقوله تمما الاتى «وضعا» منصوب بنزع الخافض ، أو على التمييز «تمما» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والجملة فى محل نصب خبر كان ، و «لو» وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مجرور بالكاف ، والكاف ومجرورها متعلق باجعله فى أول البيت ، وهو فى موضع نصب ، لأنه المفعول الثانى.

(٣) «فقل» الفاء للتفريع ، قل : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره


يجوز فى المرخّم لغتان ؛ إحداهما : أن ينوى المحذوف منه ، والثانية : أن لا ينوى ، ويعبر عن الأولى بلغة من ينتظر الحرف ، وعن الثانية بلغة من لا ينتظر الحرف.

فإذا رخّمت على لغة من ينتظر تركت الباقى بعد الحذف على ما كان عليه : من حركة ، أو سكون ؛ فتقول فى «جعفر» : «يا جعف» وفى «حارث» : «يا حار» (١) ، وفى «قمطر» : «يا قمط».

وإذا رخّمت على لغة من لا ينتظر عاملت الآخر بما يعامل به لو كان هو آخر الكلمة وضعا ؛ فتبنيه على الضم ، وتعامله معاملة الاسم التامّ ؛ فتقول : «يا جعف ، ويا حار ، ويا قمط» بضم الفاء والراء والطاء.

وتقول فى «ثمود» على لغة من ينتظر الحرف : «يا ثمو» بواو ساكنة ، وعلى لغة من لا ينتظر تقول : «يا ثمى» فتقلب الواو ياء والضمة كسرة ؛ لأنك تعامله معاملة الاسم التامّ ، ولا يوجد اسم معرب آخره واو قبلها ضمة إلا ويجب قلب الواو ياء والضمة كسرة.

* * *

__________________

أنت «على الأول» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل «قل» أى : جاريا على الأول «فى ثمو» جار ومجرور متعلق بقل «يا ثمو» قصد لفظه : مفعول به لقل ، وهو مقول القول «ويا» حرف نداء «ثمى» منادى مبنى على ضم مقدر على آخره فى محل نصب ، وجملة النداء فى محل نصب مقول قول محذوف لدلالة الأول عليه «على الثانى» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل القول المحذوف «بيا» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من «يا ثمى».

(١) ومن ذلك قول الشاعر :

يا حار لا أرمين منكم بداهية

لم يلقها سوقة قبلى ولا ملك

وقول امرىء القيس بن حجر الكندى :

أحار ترى برقا أريك وميضه

كلمع اليدين فى حبىّ مكلّل


والتزم الأوّل فى كمسلمه

وجوّز الوجهين فى كمسلمه (١)

إذا رخّم ما فيه تاء التأنيث ـ للفرق بين المذكر والمؤنث ، كمسلمة ـ وجب ترخيمه على لغة من ينتظر الحرف ؛ فتقول : «يا مسلم» بفتح الميم ، ولا يجوز ترخيمه على لغة من لا ينتظر [الحرف] ؛ فلا تقول : «يا مسلم» ـ بضم الميم ـ لئلا يلتبس بنداء المذكر.

وأما ما كانت فيه التاء لا للفرق ، فيرخم على اللغتين ؛ فتقول فى «مسلمة» علما : «يا مسلم» بفتح الميم وضمها.

* * *

ولاضطرار رخّموا دون ندا

ما للنّدا يصلح نحو أحمدا (٢)

قد سبق أن الترخيم حذف أواخر الكلم فى النداء ، وقد يحذف للضرورة آخر الكلمة فى غير النداء ، بشرط كونها صالحة للنداء ، كـ «أحمد» ومنه قوله :

__________________

(١) «والتزم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الأول» مفعول به لالتزم «فى» حرف جر «كمسلمة» الكاف اسم بمعنى مثل مبنى على الفتح فى محل جر بفى ، والجار والمجرور متعلق بالتزم ، والكاف الاسمية مضاف ومسلمة : مضاف إليه «وجوز» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الوجهين» مفعول به لجوز «فى كمسلمة» مثل السابق.

(٢) «ولاضطرار» الواو عاطفة ، لاضطرار : جار ومجرور متعلق بقوله «رخموا» الآتى «رخموا» فعل وفاعل «دون» ظرف متعلق بمحذوف حال من «ما» الآتى ، ودون مضاف و «ندا» قصر للضرورة : مضاف إليه «ما» اسم موصول : مفعول به لرخموا «للندا» جار ومجرور متعلق بيصلح الآتى «يصلح» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما ، والجملة لا محل لها صلة «نحو» خبر لمبتدأ محذوف : أى وذلك نحو ، ونحو مضاف و «أحمدا» مضاف إليه.


(٣١٦) ـ

لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره

طريف بن مال ليلة الجوع والخصر

أى : طريف بن مالك.

* * *

__________________

٣١٦ ـ البيت لامرىء القيس بن حجر الكندى.

اللغة : «تعشو» ترى ناره من بعيد فتقصدها «الخصر» بالتحريك ـ شدة البرد.

المعنى : يمدح طريف بن مالك بأنه رجل كريم ، وأنه يوقد النيران ليلا ليراها السائرون فيقصدوا نحوها ، ويفعل ذلك إذا نزل القحط بالناس واشتد البرد ، وهو الوقت الذى يضن فيه الناس ويبخلون ، وهو إن فعل ذلك فى هذا الوقت فهو فى غيره أولى بأن يفعله.

الإعراب : «لنعم» اللام للتوكيد ، نعم : فعل ماض دال على إنشاء المدح «الفتى» فاعل نعم «تعشو» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل نصب حال من فاعل نعم «إلى ضوء» جار ومجرور متعلق بتعشو ، وضوء مضاف ونار من «ناره» مضاف إليه ، ونار مضاف والهاء مضاف إليه «طريف» خبر لمبتدأ محذوف وجوبا ، أى هو طريف ، ويجوز أن يكون مبتدأ خبره جملة «نعم الفتى» على ما تقدم فى إعراب المخصوص بالمدح أو الذم «ابن» نعت لطريف ، وابن مضاف و «مال» مضاف إليه ، وأصله مالك ، فحذف آخره ضرورة «ليلة» ظرف زمان متعلق بتعشو ، وليلة مضاف و «الجوع» مضاف إليه «والخصر» معطوف على الجوع.

الشاهد فيه : قوله «مال» حيث رخم من غير أن يكون منادى ، مع اختصاص الترخيم فى اصطلاح النحاة بالمنادى ، وارتكب هذا للاضطرار إليه ، والذى سهل هذا صلاحية الاسم للنداء.

هذا ، وفى الشعر العربى حذف بعض الكلمة بكل حال ، وإن لم تكن صالحة للنداء ، للضرورة ، كحذف بعض الضمير وبعض الحرف وبعض الاسم المقرون بأل ، وكل هذه الأنواع لا تصلح للنداء ؛ فمن ذلك قول لبيد بن ربيعة :


 ................................................................

__________________

درس المنا بمتالع فأبان

فتقادمت ، فالحبس فالسّوبان

أراد «درس المنازل» فحذف حرفين من الكلمة ، ومثله قول العجاج وهو الشاهد رقم ٢٦٢ السابق فى إعمال اسم الفاعل :

* قواطنا مكّة من ورق الحمى*

أراد «الحمام» فاقتطع بعض الكلمة للضرورة ، وأبقى بعضها ؛ لدلالة المبقى على المحذوف منها ، وبناها بناء يدودم ، وجبرها بالإضافة ، وألحقها الياء فى اللفظ لوصل القافية ، ومثله قول خفاف بن ندبة السلمى :

كنواح ريش حمامة نجديّة

ومسحت باللّثتين عصف الإثمد

أراد «كنواحى» فحذف الياء فى الإضافة ضرورة ، تشبيها لها بها فى حال الإفراد والتنوين وحال الوقف ، ومنه قول النجاشى :

فلست بآتيه ولا أستطيعه

ولاك اسقنى إن كان ماؤك ذا فضل

أراد «ولكن اسقنى» فحذف النون من «ولكن» لاجتماع الساكنين ، ضرورة ؛ ليستقيم له الوزن ، ولو أنه جاء به على الوجه المقيس فى العربية لأبقى النون وحركها بالكسر ؛ ليتخلص من التقاء الساكنين ، ولكنه شبهها بحروف المد واللين إذا سكنت وسكن ما بعدها ، ومثله قول مالك بن خريم الهمدانى :

فإن يك غثّا أو سمينا فإنّنى

سأجعل عينيه لنفسه مقنعا

أراد «لنفسهى» ـ بإشباع هاء الضمير ـ فحذف الياء ضرورة فى الوصل تشبيها بها فى الوقف ، ومثل ذلك كثير فى شعر العرب ، وهو ـ مع كثرته ـ باب لا يحتمله إلا الشعر ، وانظر ما ذكرناه فى شرح الشاهد رقم ٣١ فى باب الموصول


الاختصاص

ألاختصاص : كنداء دون يا

ك «أيّها الفتى» بإثر «ارجونيا» (١)

وقد يرى ذا دون «أىّ» تلو «أل»

كمثل «نحن العرب أسخى من بذل» (٢)

الاختصاص (٣) يشبه النداء لفظا ، ويخالفه من ثلاثة أوجه :

__________________

(١) «الاختصاص» مبتدأ «كنداء» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «دون» ظرف متعلق بمحذوف نعت لنداء ، ودون مضاف و «يا» قصد لفظه : مضاف إليه «كأيها» الكاف جارة لقول محذوف ـ كما عرفت مرارا ـ وأى : مبنى على الضم فى محل نصب بفعل واجب الحذف ، وها : حرف تنبيه «الفتى» نعت لأى «بإثر» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من أيها ، وإثر مضاف ، و «ارجونيا» قصد لفظه : مضاف إليه.

(٢) «وقد» حرف تقليل «يرى» فعل مضارع مبنى للمجهول «ذا» اسم إشارة : نائب فاعل يرى «دون» ظرف متعلق بمحذوف حال من نائب الفاعل ، ودون مضاف و «أى» مضاف إليه «تلو» مفعول ثان ليرى ، وتلو مضاف و «أل» قصد لفظه : مضاف إليه «كمثل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، أى وذلك كائن كمثل «نحن» ضمير منفصل مبتدأ «العرب» مفعول به لفعل محذوف وجوبا ، والجملة من الفعل المحذوف وفاعله ومفعوله لا محل لها معترضة بين المبتدأ وخبره «أسخى» خبر المبتدأ ، وأسخى مضاف و «من» اسم موصول مضاف إليه ، وجملة «بذل» من الفعل وفاعله المستتر فيه لا محل لها صلة.

(٣) لم يذكر الشارح ـ رحمه الله! ـ تعريف الاختصاص ، ولا الباعث عليه ، فأما تعريفه فهو فى اللغة مصدر «اختص فلان فلانا بكذا» أى قصره عليه ، وهو فى الاصطلاح «قصر حكم مسند لضمير على اسم ظاهر معرفة ، يذكر بعده ، معمول


أحدها : أنه لا يستعمل معه حرف نداء.

والثانى : أنه لا بدّ أن يسبقه شىء.

والثالث : أن تصاحبه الألف واللام.

وذلك كقولك : «أنا أفعل كذا أيها الرّجل ، ونحن العرب أسخى النّاس» ، وقوله صلى الله عليه وسلم : «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة».

وهو منصوب بفعل مضمر ، والتقدير : «أخصّ العرب ، وأخصّ معاشر الأنبياء».

* * *

__________________

لأخص ، محذوفا وجوبا».

وأما الباعث عليه فأحد ثلاثة أمور :

الأول : الفخر ، نحو «على أيها الكريم يعتمد».

والثانى : التواضع ، نحو «أنا أيها العبد الضعيف مفتقر إلى عفو الله».

والثالث : بيان المقصود بالضمير ، نحو «نحن العرب أقرى الناس للضيف».

ومن شواهده قول الشاعر :

نحن بنى ضبّة أصحاب الجمل

ننعى ابن عفّان بأطراف الأسل

وقد يكون منه :

نحن بنات طارق

نمشى على النّمارق

وذلك إذا نصبت «بنات» بالكسرة نيابة عن الفتحة ، فإن رفعته كان خبر المبتدأ ، ولم يكن من هذا الباب.


التّحذير ، والإغراء

«إيّاك والشّرّ» ونحوه ـ نصب

محذّر ، بما استتاره وجب (١)

ودون عطف ذا لإيّا انسب ، وما

سواه ستر فعله لن يلزما (٢)

إلّا مع العطف ، أو التّكرار ،

ك «الضّيغم الضّيغم يا ذا السّارى» (٣)

__________________

(١) «إياك والشر» قصد لفظه : مفعول مقدم على عامله ـ وهو قوله نصب ـ «ونحوه» الواو عاطفة ، نحو : معطوف على المفعول به ، ونحو مضاف والهاء مضاف إليه «نصب» فعل ماض «محذر» فاعل نصب «بما» جار ومجرور متعلق بنصب «استتاره» استتار : مبتدأ ، واستتار مضاف والهاء مضاف إليه ، وجملة «وجب» من الفعل والفاعل المستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى استتاره فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره لا محل لها صلة ما المجرورة محلا بالباء.

(٢) «ودون» ظرف متعلق بانسب الآتى ، ودون مضاف و «عطف» مضاف إليه «ذا» اسم إشارة مفعول به مقدم لانسب «لإيا» جار ومجرور متعلق بانسب «انسب» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وما» اسم موصول مبتدأ أول «سواه» سوى : ظرف متعلق بمحذوف صلة ما الموصولة ، وسوى مضاف والضمير مضاف إليه «ستر» مبتدأ ثان ، وستر مضاف وفعل من «فعله» مضاف إليه ، وفعل مضاف والضمير مضاف إليه «لن» نافية ناصبة «يلزما» فعل مضارع منصوب بلن ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره يعود إلى ستر فعله ، والألف للاطلاق ، والجملة من الفعل المضارع وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول.

(٣) «إلا» أداة استثناء ملغاة «مع» ظرف يتعلق بيلزم فى البيت السابق ، ومع مضاف و «العطف» مضاف إليه «أو» عاطفة «التكرار» معطوف على العطف «كالضيغم» الكاف جارة لقول محذوف ، الضيغم : منصوب بفعل محذوف وجوبا تقديره احذر «الضيغم» توكيد للأول «يا» حرف نداء «ذا» اسم إشارة : منادى مبنى على ضم مقدر في محل نصب «السارى» بدل أو عطف بيان أو نعت لاسم الإشارة.


التحذير : تنبيه المخاطب على أمر يجب الاحتراز منه.

فإن كان بإياك وأحواته ـ وهو إياك ، وإياكما ، وإياكم ، وإياكنّ ـ وجب إضمار الناصب : سواء وجد عطف أم لا ؛ فمثاله مع العطف : «إيّاك والشّرّ» فـ «إياك» : منصوب بفعل مضمر وجوبا ، والتقدير : إياك أحذّر ، ومثاله بدون العطف : «إياك أن تفعل كذا» أى : إياك من أن تفعل كذا.

وإن كان بغير «إياك» وأخواته ـ وهو المراد بقوله : «وما سواه» ـ فلا يجب إضمار الناصب ، إلا مع العطف ، كقولك : «ماز رأسك والسّيف» أى : يا مازن ق رأسك واحذر السيف ، أو التكرار ، نحو «الضّيغم الضّيعم» أى : احذر الضيغم ؛ فإن لم يكن عطف ولا تكرار جاز إضمار الناصب وإظهاره ، نحو «الأسد» أى : احذر الأسد ؛ فإن شئت أظهرت ، وإن شئت أضمرت.

* * *

وشذّ «إيّاى» ، و «إيّاه» أشذّ

وعن سبيل القصد من قاس انتبذ (١)

حقّ التحذير أن يكون للمخاطب ، وشذ مجيئه للمتكلم فى قوله : «إيّاى وأن يحذف أحدكم الأرنب (٢)» وأشذّ منه مجيئه للغائب فى قوله : «إذا بلغ الرجل

__________________

(١) «شذ» فعل ماض «إياى» مقصود لفظه : فاعل شذ «وإياه» مقصود لفظه أيضا : مبتدأ «أشذ» خبر المبتدأ «وعن سبيل» جار ومجرور متعلق بانتبذ الآتى ، وسبيل مضاف ، و «القصد» مضاف إليه «من» اسم موصول : مبتدأ ، وجملة «قاس» وفاعله المستتر فيه لا محل لها صلة ، وجملة «انتبذ» وفاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) هذا أثر عن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه ، وهو بنمامه «لتذك لكم الأسل والرماح ، وإياى وأن يحذف أحدكم الأرنب» ويحذف : أى يرمى بنحو حجر ، والأسل : كل مادق من الحديد كالسيف والسكين ، والرماح : جمع رمح ، وهو آلة من آلات الحرب معروفة ، يأمرهم بأن يذبحوا بالأسل وبالرماح ، وينهاهم أن يحذفوا الأرنب ونحوه بنحو حجر.


الستين فإيّاه وإيّا الشّوابّ» (١) ، ولا يقاس على شىء من ذلك.

* * *

وكمحذّر بلا إيّا اجعلا

مغرى به فى كلّ ما قد فصّلا (٢)

الإغراء هو : أمر المخاطب بلزوم ما يحمد [به] ، وهو كالتحذير : فى أنه إن وجد عطف أو تكرار وجب إضمار ناصبه ، وإلّا فلا ، ولا تستعمل فيه «إيا».

فمثال ما يجب معه إضمار الناصب قولك : «أخاك أخاك» (٣) ، وقولك «أخاك والإحسان إليه» أى : الزم أخاك.

ومثل ما لا يلزم معه الإضمار قولك : «أخاك» أى : الزم أخاك.

* * *

__________________

(١) وقد ورد التحذير بضميرى المخاطب والغائب فى قول الشاعر

فلا تصحب أخا الجهل

وإيّاك وإيّاه

(٢) «كمحذر» جار ومجرور متعلق بقوله «اجعل» الآتى على أنه مفعوله الثانى «بلا إيا» جار ومجرور متعلق باجعلا «اجعلا» فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «مغرى» مفعول أول لاجعل «به» جار ومجرور متعلق بمغرى «فى كل» جار ومجرور متعلق باجعل ، وكل مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «قد» حرف تحقيق ؛ وجملة «فصلا» من الفعل المبنى للمجهول ونائب الفاعل المستتر فيه لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

(٣) ومن ذلك قول الشاعر :

أخاك أخاك ؛ إنّ من لا أخا له

كساع إلى الهيجا بغير سلاح


أسماء الأفعال والأصوات

ما ناب عن فعل كشتّان وصه

هو اسم فعل ، وكذا أوّه ومه (١)

وما بمعنى افعل ، كـ «آمين» كثر

وغيره كـ «وى ، وهيهات» نزر (٢)

أسماء الأفعال : ألفاظ تقوم مقام الأفعال : فى الدلالة على معناها ، وفى عملها ، وتكون بمعنى الأمر ـ وهو الكثير فيها ـ كمه ، بمعنى اكفف ، وآمين ، بمعنى استجب ، وتكون بمعنى الماضى ، كشتّان ، بمعنى افترق ، تقول : «شتّان زيد وعمرو» وهيهات ، بمعنى بعد ، تقول : «هيهات العقيق» (٣)

__________________

(١) «ما» اسم موصول : مبتدأ أول «ناب» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «عن فعل» جار ومجرور متعلق بناب «كشتان» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل ناب «وصه» معطوف على شتان «هو» مبتدأ ثان «اسم» خبر المبتدأ الثانى ، والجملة من المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول ، واسم مضاف و «فعل» مضاف إليه «وكذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «أوه» مبتدأ مؤخر «ومه» معطوف على أوه ، وقد قصد لفظهما جميعا.

(٢) «وما» اسم موصول : مبتدأ «بمعنى» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما ، ومعنى مضاف و «افعل» مضاف إليه «كآمين» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، أى وذلك كآمين «كثر» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الواقعة مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ـ وهو «ما» الموصولة ـ «وغيره» غير : مبتدأ ، وغير مضاف والهاء مضاف إليه «كوى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، أى وذلك كوى «وهيهات» معطوف على وى «نزر» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى غيره ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ـ وهو «غير» ـ.

(٣) ومن ذلك قول جرير بن عطية :

فهيهات هيهات العقيق ومن به

وهيهات خلّ بالعقيق نواصله


[ومعناه : بعد] ، وبمعنى المضارع ، كأوّه ، بمعنى أتوجّع ، ووى ، بمعنى أعجب (١) ، وكلاهما غير مقيس.

وقد سبق فى الأسماء الملازمة للنداء : أنه ينقاس استعمال فعال اسم فعل ، مبنيا على الكسر ، من كل فعل ثلاثى ؛ فتقول : ضراب [زيدا] ، أى اضرب ، ونزال ، أى : انزل ، وكتاب ، أى اكتب ، ولم يذكره المصنف هنا استغناء بذكره هناك.

* * *

والفعل من أسمائه عليكا

وهكذا دونك مع إليكا (٢)

كذا رويد بله ناصبين

ويعملان الخفض مصدرين (٣)

من أسماء الأفعال ما هو فى أصله ظرف ، وما هو مجرور بحرف ، نحو : «عليك زيدا» أى : الزمه ، و «إليك» أى : تنحّ ، و «دونك زيدا» أى : خذه.

__________________

(١) ومن ذلك قول الشاعر ، وهو عدى بن زيد العبادى :

وى! كأن من يكن له نشب يحبب ، ومن يفتقر يعش عيش ضرّ

(٢) «والفعل» مبتدأ أول «من أسمائه» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، وأسماء مضاف والضمير مضاف إليه «عليكا» قصد لفظه : مبتدأ ثان تأخر عن خبره ، والجملة من المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول «وهكذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «دونك» قصد لفظه : مبتدأ مؤخر «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال ، ومع مضاف و «إليكا» قصد لفظه أيضا : مضاف إليه.

(٣) «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «رويد» قصد لفظه : مبتدأ مؤخر «بله» معطوف على رويد بعاطف مقدر «ناصبين» حال من الضمير العائد إلى المبتدأ وما عطف عليه المستكن فى الخبر «ويعملان» فعل مضارع ، وألف الاثنين فاعل «الخفض» مفعول به ليعملان «مصدرين» حال من ألف الاثنين الواقعة فاعلا.


ومنها : ما يستعمل مصدرا واسم فعل «كرويد ، وبله».

فإن انجرّ ما بعدهما فهما مصدران ، نحو «رويد زيد» أى إرواد زيد ، أى إمهاله ، وهو منصوب بفعل مضمر ، و «بله زيد» (١) أى : تركه.

وإن انتصب ما بعدهما فهما اسما فعل نحو «رويد زيدا» أى أمهل زيدا ، و «بله عمرا» أى اتركه.

* * *

وما لما تنوب عنه من عمل

لها ، وأخّر ما لذى فيه العمل (٢)

أى : يثبت لأسماء الأفعال من العمل ما يثبت لما تنوب عنه من الأفعال.

فإن كان ذلك الفعل يرفع فقط كان اسم الفعل كذلك كصه : بمعنى اسكت ، ومه : بمعنى اكفف ، وهيهات زيد ، بمعنى بعد زيد ؛ ففى «صه

__________________

(١) ومن ذلك قول كعب بن مالك :

تذر الجماجم ضاحيا هاماتها

بله الأكفّ كأنها لم تخلق

يروى بنصب الأكف على أن «بله» اسم فعل ، وبجره على أن «بله» مصدر مضاف إلى مفعوله ، كقوله تعالى : (فَضَرْبَ الرِّقابِ) ومثله قول الآخر :

رويد عليّا ، جدّ ما ثدى أمّهم

إلينا ، ولكن ودّهم متباين

(٢) «وما» اسم موصول : مبتدأ «لما» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة «ما» الواقعة مبتدأ «تنوب» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى أسماء الأفعال ، والجملة لا محل لها صلة «ما» المجرورة محلا باللام «عنه» جار ومجرور متعلق بتنوب «من عمل» بيان لما الموصولة الواقعة مبتدأ «لها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «وأخر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول : مفعول به لأخر «لذى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «فيه» جار ومجرور متعلق بقوله العمل الآتى «العمل» مبتدأ مؤخر ، والجملة من المبتدأ وخبره لا محل لها صلة «ما» الموصولة الواقعة مفعولا به لأخر


ومه» ضميران مستتران ، كما فى اسكت واكفف ، وزيد : مرفوع بهيهات كما ارتفع ببعد.

وإن كان ذلك الفعل يرفع وينصب كان اسم الفعل كذلك ، كـ «دراك زيدا» أى : أدركه ، و «ضراب عمرا» أى : اضربه ، ففى «دراك ، وضراب» ضميران مستتران ، و «زيدا ، وعمرا» منصوبان بهما.

وأشار بقوله : «وأخّر ما لذى فيه العمل» إلى أن معمول اسم الفعل يجب تأخيره عنه ؛ فتقول : «دراك زيدا» ولا يجوز تقديمه عليه ؛ فلا تقول : «زيدا دراك» وهذا بخلاف الفعل ؛ إذ يجوز «زيدا أدرك».

* * *

واحكم بتنكير الّذى ينوّن

منها ، وتعريف سواه بيّن (١)

الدليل على أن ما سمى بأسماء الأفعال أسماء لحاق التنوين لها ؛ فتقول فى صه : صه ، وفى حيهل : حيهلا ، فيلحقها التنوين للدلالة على التنكير ؛ فما نون منها كان نكرة ، وما لم ينوّن كان معرفة.

* * *

__________________

(١) «واحكم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بتنكير» جار ومجرور متعلق باحكم ، وتنكير مضاف و «الذى» مضاف إليه «ينون» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الذى «منها» جار ومجرور متعلق بقوله «ينون» السابق «وتعريف» مبتدأ ، وتعريف مضاف ، وسوى من «سواه» مضاف إليه ، وسوى مضاف والهاء مضاف إليه «بين» خبر المبتدأ.


وما به خوطب ما لا يعقل

من مشبه اسم الفعل صوتا يجعل (١)

كذا الّذى أجدى حكاية ، كقب»

والزم بنا النّوعين فهو قد وجب (٢)

أسماء الأصوات : ألفاظ استعملت كأسماء الأفعال فى الاكتفاء بها ، دالة على خطاب ما لا يعقل ، أو على حكاية صوت من الأصوات ؛ فالأول كقولك : هلا ، لزجر الخيل ، وعدس ، لزجر البغل (٣) ، والثانى كقب : لوقوع السيف ، وغاق : للغراب.

__________________

(١) «وما» اسم موصول : مبتدأ «به» جار ومجرور متعلق بقوله «خوطب» الآتى «خوطب» فعل ماض مبنى للمجهول «ما» اسم موصول : نائب فاعل خوطب ، والجملة لا محل لها صلة الموصول الأول «لا» نافية «يعقل» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة الواقعة نائب فاعل ، والجملة لا محل لها صلة «ما» الموصولة الواقعة نائب فاعل «من مشبه» جار ومجرور بيان لما الموصولة الأولى ، ومشبه مضاف واسم من «اسم الفعل» مضاف إليه ، واسم مضاف والفعل مضاف إليه «صوتا» مفعول ثان ليجعل تقدم عليه «يجعل» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، وهو مفعوله الأول ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو ما الموصولة الواقعة فى أول البيت.

(٢) «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «الذى» اسم موصول : مبتدأ مؤخر «أجدى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى ، والجملة لا محل لها صلة «حكاية» مفعول به لأجدى «كقب» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف : أى وذلك كائن كقب «والزم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بنا» قصر للضرورة : مفعول به لالزم ، وبنا مضاف و «النوعين» مضاف إليه «فهو» الفاء للتعليل ، وهو : ضمير منفصل مبتدأ «قد» حرف تحقيق «وجب» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الضمير الواقع مبتدأ والمكنى به عن بناء النوعين ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٣) ومن ذلك قول الشاعر ، وهو يزيد بن مفرغ الحميرى :


وأشار بقوله : «والزم بنا النوعين» إلى أن أسماء الأفعال وأسماء الأصوات كلها مبنية ، وقد سبق فى باب المعرب والمبنى أن أسماء الأفعال مبنية لشبهها بالحرف فى النيابة عن الفعل وعدم التأثر ، حيث قال «وكنيابة عن الفعل بلا تأثر» وأما أسماء الأصوات فهى مبنية لشبهها بأسماء الأفعال.

* * *

__________________

عدس ما لعبّاد عليك إمارة

أمنت ، وهذا تحملين طليق

وربما سموا الفرس نفسها عدسا ، وحينئذ تؤثر فيه العوامل ، لأنه علم كما فى قول الراجز :

إذا حملت بزّتى على عدس

فلا أبالى من مضى ومن جلس

ومن أسماء الأصوات قولهم للحمار «سأ» إذا دعوه للشرب ، وفى مثل من أمثالهم «قرب الحمار من الردهة ولا تقل له سأ» والردهه : نقرة فى صخرة يستنقع فيها الماء ، وقال الشاعر فى صفة امرأة :

لم تدر ماسا للحمير ، ولم

تضرب بكفّ مخابط السّلم


نونا التّوكيد

للفعل توكيد بنونين ، هما

كنونى اذهبنّ واقصدنهما (١)

أى يلحق الفعل للتوكيد نونان : إحداهما ثقيلة ، كـ «اذهبنّ» ، والأخرى خفيفة كـ «اقصدنهما» ، وقد اجتمعا فى قوله تعالى : (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ).

* * *

يؤكّدان افعل ويفعل آتيا

ذا طلب أو شرطا امّا تاليا (٢)

أو مثبتا فى قسم مستقبلا

وقلّ بعد «ما ، ولم» وبعد «لا» (٣)

__________________

(١) «للفعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «توكيد» مبتدأ مؤخر «بنونين» جار ومجرور متعلق بتوكيد ، أو بمحذوف صفة له «هما» مبتدأ «كنونى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، والجملة فى محل جر صفة لنونين ، ونونى مضاف و «اذهبن» قصد لفظه : مضاف إليه «واقصدنهما» قصد لفظه أيضا : معطوف على اذهبن.

(٢) «يؤكدان» فعل مضارع ، وألف الاثنين العائدة على «نونين» فاعل «افعل» قصد لفظه : مفعول به ليؤكد «ويفعل» معطوف على افعل «آتيا» حال من يفعل ، وفيه ضمير مستتر فاعل «ذا» حال من الضمير المستتر فى «آتيا» وذا مضاف و «طلب» مضاف إليه «أو» عاطفة «شرطا» معطوف على ذا طلب «إما» قصد لفظه : مفعول مقدم لقوله تاليا الآتى «تاليا» نعت لقوله «شرطا».

(٣) «أو» عاطفة «مثبتا» معطوف على قوله «شرطا» فى البيت السابق «فى قسم» جار ومجرور متعلق بقوله «مثبتا» السابق «مستقبلا» حال من الضمير المستتر فى «مثبتا» السابق «وقل» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على التوكيد «بعد» ظرف متعلق بقل ، وبعد مضاف و «ما» قصد لفظه : مضاف إليه «ولم» معطوف على ما «وبعد» الواو عاطفة ، بعد : ظرف معطوف على بعد السابق ، وبعد مضاف و «لا» قصد لفظه : مضاف إليه.


وغير إمّا من طوالب الجزا

وآخر المؤكّد افتح كابرزا (١)

أى : تلحق نونا التوكيد فعل الأمر ، نحو : «اضربنّ زيدا» والفعل المضارع المستقبل الدالّ على طلب ، نحو : «لتضربنّ زيدا ، ولا تضربنّ زيدا ، وهل تضربنّ زيدا» والواقع شرطا بعد «إن» المؤكّدة بـ «ما» نحو : «إمّا تضربنّ زيدا أضربه» ومنه قوله تعالى : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) أو الواقع جواب قسم مثبتا مستقبلا ، نحو : «والله لتضربنّ زيدا».

فإن لم يكن مثبتا لم يؤكّد بالنون ، نحو : «والله لا تفعل كذا» وكذا إن كان حالا ، نحو : «والله ليقوم زيد الآن».

وقلّ دخول النون فى الفعل المضارع الواقع بعد «ما» الزائدة التى لا تصحب «إن» نحو : «بعين ما أرينّك ههنا (٢)» والواقع بعد «لم» كقوله :

__________________

(١) و «غير» الواو عاطفة ، غير : معطوف على «لا» فى البيت السابق ، وغير مضاف و «إما» قصد لفظه : مضاف إليه «من طوالب» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من «غير إما» السابق ، وطوالب مضاف و «الجزا» قصر للضرورة : مضاف إليه «وآخر» مفعول به مقدم لافتح ، وآخر مضاف و «المؤكد» مضاف إليه «افتح» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «كابرزا» الكاف جارة لقول محذوف كما سبق مرارا ، ابرزا : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد المنقلبة ألفا للوقف ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(٢) هذا مثل من أمثال العرب (الميدانى ١ / ٧٨ بولاق ، وهو المثل رقم ٤٩٤ فى مجمع الأمثال بتحقيقنا) ومعناه اعمل كأنى أنظر إليك ، ويضرب فى الحث على ترك التوانى ، و «ما» زائدة للتوكيد.


(٣١٧) ـ

يحسبه الجاهل ما لم يعلما

شيخا على كرسيّه معمّما

والواقع بعد «لا» النافية كقوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً).

والواقع بعد غير «إمّا» من أدوات الشرط كقوله :

__________________

٣١٧ ـ البيت لأبى الصمعاء مساور بن هند ، العبسى ، وهو شاعر مخضرم ، وقبله :

وقد حلبن حيث كانت قيّما

مثنى الوطاب والوطاب الزّمّما

* وقمعا يكسى ثمالا قشعما*

اللغة : «قيما» جمع قائمة على غير قياس ، وقياسه قوم كصوم ونوم «مثنى الوطاب» مفعول به لحلبن على تقدير مضاف محذوف ، وأصله : ملء مثنى الوطاب ، والمثنى معناه هنا المكررة ، والوطاب : جمع وطب وهو سقاء اللبن خاصة «الزمما» بضم الزاى وتشديد الميم ـ جمع زام ، مأخوذ من «زم القربة» أى ملأها «قمعا» بكسر القاف وفتح الميم ـ آلة تجعل فى فم السقاء ونحوه ويصب فيها اللبن «ثمالا» بضم الثاء المثلثة ـ الرغوة «قشعما» ضخما عظيما ، قاله أبو زيد فى نوادره ، والضمير المتصل فى «يحسبه» يعود إلى القمع الذى امتلأ بالثمال.

المعنى : شبه القمع والرغوة التى تعلوه بشيخ معمم جالس على كرسى ، وقد أخطأ الأعلم ـ وتبعه كثير من شراح الشواهد ـ حيث قال : وصف جبلا قد عمه الخصب وحفه النبات وعلاه ، فجعله كشيخ مزمل فى ثيابه معصب بعمامته ، ا ه ، وسبب هذا الخطأ عدم الاطلاع على ما يتقدم الشاهد من الأبيات.

الإعراب : «يحسبه» يحسب : فعل مضارع ، والهاء مفعول أول «الجاهل» فاعل يحسب «ما» مصدرية «لم» نافية جازمة «يعلما» فعل مضارع مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف فى محل جزم «شيخا» مفعول ثان ليحسب «على كرسيه» الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لقوله شيخا ، وكرسى مضاف وضمير الغائب العائد إلى شيخ مضاف إليه «معمما» صفة ثانية لشيخا.


(٣١٨) ـ

* من نثقفن منهم فليس بآيب*

__________________

الشاهد فيه : قوله «لم يعلما» حيث أكد الفعل المضارع المنفى بلم ، وأصله «ما لم يعلمن» فقلبت النون ألفا للوقف ، وذلك التوكيد عند سيبويه مما لا يجوز إلا للضرورة.

٣١٨ ـ هذا صدر بيت لبنت مرة بن عاهان أبى الحصين الحارثى ، والبيت بكماله من أبيات ترثى بها أباها ، وكان المنتشر بن وهب الباهلى يغاور أهل اليمن فقتل مرة ، وهى :

إنّا وباهلة بن أعصر بيننا

داء الضّرائر بغضة وتقافى

من نثقفن منهم ....

أبدا ، وقتل بنى قتيبة شافى

ذهبت قتيبة فى اللقاء بفارس

لا طائش رعش ولا وقّاف

اللغة : «باهلة» هى بنت صعب بن سعد العشيرة ، من مذحج ، تزوجت مالك بن أعصر ، ثم تزوجت بعده ابنه معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان «الضرائر» جمع ضرة ـ بفتح الضاد ـ وضرة المرأة : امرأة زوجها ، وهذا الجمع نادر لا يكاد يوجد له نظير ، وداء الضرائر : التباغض والتضارب «بغضة» بكسر الباء ـ ومثله فى المعنى البغضاء ـ شدة الكراهية والبغض «تقافى» مأخوذ من قفيته : أى ضربت قفاه «نثقفن» بنون المضارعة ـ أى ندركه ، ونظفر به ، ونأخذه ، ويروى «من يثقفن منهم» ويجب على هذا بناء الفعل للمجهول «آيب» راجع ، وروى :

* من يثقفوا منّا فليس بوائل*

و «وائل» أى : ملتجىء ، أو ناج «طائش» متحير «رعش» مرتعش من الخوف «وقاف» هو الذى لا ببارز العدو جبنا.

الإعراب : «من» اسم شرط مبتدأ «نثقفن» فعل مضارع فعل الشرط ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد فى محل جزم ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن «منهم» جار ومجرور متعلق بنثقفن «فليس» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، ليس : فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الموصولة «بآيب» الباء زائدة ، آيب : خبر ليس منصوب بفتحة مقدرة ، والجملة فى محل جزم


وأشار المصنف بقوله : «وآخر المؤكد افتح» إلى أن الفعل المؤكّد بالنون يبنى على الفتح إن لم تله ألف الضمير ، أو ياؤه ، أو واوه ، نحو : «اضربنّ زيدا ، واقتلنّ عمرا».

* * *

واشكله قبل مضمر لين بما

جانس من تحرّك قد علما (١)

والمضمر احذفنّه إلّا الألف

وإن يكن فى آخر الفعل ألف (٢)

__________________

جواب الشرط ، وجملة الشرط وحدها أو جملة الجواب وحدها أو الجملتان معا فى محل رفع خبر المبتدأ ، على خلاف فى ذلك مشهور نبهنا عليه وعلى اختيارنا مرارا.

الشاهد فيه : قوله «من نثقفن» حيث أكد الفعل المضارع الواقع بعد أداة الشرط من غير أن تتقدم على المضارع «ما» الزائدة المؤكدة لإن الشرطية ، وهذا التوكيد ضرورة من ضرورات الشعر عند سيبويه.

(١) «واشكله» اشكل : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به «قبل» ظرف متعلق باشكله ، وقبل مضاف و «مضمر» مضاف إليه «لين» نعت لمضمر «بما» جار ومجرور متعلق باشكله «جانس» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة «ما» المجرورة محلا بالباء «من تحرك» جار ومجرور متعلق بقوله جانس «قد» حرف تحقيق «علما» علم : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تحرك ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل جر صفة لتحرك.

(٢) «والمضمر» مفعول به لفعل محذوف يفسره ما بعده ، أى احذف المضمر «احذفنه» احذف : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به ، والجملة لا محل لها مفسرة «إلا» أداة استثناء «الألف» منصوب على الاستثناء من المضمر «وإن» شرطية «يكن» فعل مضارع نام ، فعل الشرط «فى آخر» جار ومجرور متعلق بيكن ، وآخر مضاف و «الفعل» مضاف إليه «ألف» فاعل يكن.


فاجعله منه ـ رافعا ، غير اليا

والواو ـ ياء ، كاسعينّ سعيا (١)

واحذفه من رافع هاتين ، وفى

واو ويا ـ شكل مجانس قفى (٢)

نحو «اخشين يا هند» بالكسر ، و «يا

قوم اخشون» واضمم ، وقس مسوّيا (٣)

__________________

(١) «فاجعله» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، اجعل : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول أول ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط فى البيت السابق «منه» جار ومجرور متعلق باجعل «رافعا» حال من الهاء فى «منه» وفى رافع ضمير مستتر فاعله «غير» مفعول به لرافع ، وغير مضاف و «اليا» مضاف إليه «والواو» معطوف على الياء «ياء» مفعول ثان لاجعل «كاسعين» الكاف جارة لقول محذوف ، كما سبق غير مرة ، وجملة «اسعين سعيا» مقول ذلك القول المحذوف.

(٢) «واحذفه» الواو عاطفة ، احذف : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقدير أنت ، والهاء مفعول به «من رافع» جار ومجرور متعلق باحذفه ، ورافع مضاف و «هاتين» اسم إشارة : مضاف إليه «وفى واو» جار ومجرور متعلق بقفى الآتى «وياء» معطوف على واو «شكل» مبتدأ «مجانس» نعت له «قفى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى شكل مجانس ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو قوله شكل.

(٣) «نحو» خبر لمبتدأ محذوف ، أى وذلك نحو «اخشين» فعل أمر مبنى على حذف النون ، وياء المؤنثة المخاطبة فاعل ، مبنى على السكون فى محل رفع ، وتحرك بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين ، والنون للتوكيد «يا هند» يا : حرف نداء ، هند : منادى مبنى على الضم فى محل نصب «بالكسر» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من اخشين «ويا» الواو حرف عطف : يا : حرف نداء «قوم» منادى منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للاستغناء عنها بالكسرة «اخشون» فعل أمر ، وواو الجماعة فاعل ، والنون للتوكيد «واضمم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وقس» فعل أمر ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت فاعل «مسويا» حال من الضمير المستتر فى «قس».


الفعل المؤكد بالنون : إن اتصل به ألف اثنين ، أو واو جمع ، أو ياء مخاطبة ـ حرّك ما قبل الألف بالفتح ، وما قبل الواو بالضم ، وما قبل الياء بالكسر.

ويحذف الضمير إن كان واوا أو ياء ، ويبقى إن كان ألفا ؛ فتقول : «يا زيدان هل تضربانّ ، ويا زيدون هل تضربنّ ، ويا هند هل تضربنّ» ، والأصل : هل تضرباننّ ، وهل تضربوننّ ، وهل تضربيننّ ، فحذفت النون لتوالى الأمثال ، ثم حذفت الواو والياء لالتقاء الساكنين ؛ فصار «هل تضربنّ ، وهل تضربنّ» ولم تحذف الألف لخفتها ؛ فصار «هل تضربانّ» ، وبقيت الضمة دالة على الواو ، والكسرة دالة على الياء.

هذا كله إذا كان الفعل صحيحا.

فإن كان معتلا : فإما أن يكون آخره ألفا ، أو واوا ، أو ياء.

فإن كان آخره واوا أو ياء حذفت لأجل واو الضمير أو يائه ، وضمّ ما بقى قبل واو الضمير ، وكسر ما بقى قبل ياء الضمير ؛ فتقول : «يا زيدون هل تغزون ، وهل ترمون ، ويا هند هل تغزين ، وهل ترمين» ؛ فإذا ألحقته نون التوكيد فعلت به ما فعلت بالصحيح : فتحذف نون الرفع ، وواو الضمير أو ياءه ؛ فتقول : «يا زيدون هل تغزنّ ، وهل ترمنّ ، ويا هند هل تغزنّ ، وهل ترمنّ» هذا إن أسند إلى الواو والياء.

وإن أسند إلى الألف لم يحذف آخره ، وبقيت الألف ، وشكل ما قبلها بحركة تجانس الألف ـ وهى الفتحة ـ فتقول : «هل تغزوانّ ، وهل ترميانّ».

وإن كان آخر الفعل ألفا : فإن رفع الفعل غير الواو والياء ـ كالألف والضمير المستتر ـ انقلبت الألف التى فى آخر الفعل ياء ، وفتحت ، نحو : «اسعيانّ ، وهل تسعيانّ ، واسعينّ يا زيد».


وإن رفع واوا أو ياء حذفت الألف ، وبقيت الفتحة التى كانت قبلها ، وضمت الواو ، وكسرت الياء ؛ فتقول ، «يا زيدون اخشونّ ، ويا هند اخشينّ».

هذا إن لحقته نون التوكيد ، وإن لم تلحقه لم تضم الواو ، ولم تكسر الياء ، بل تسكنهما ؛ فتقول : «يا زيدون هل تخشون ، ويا هند هل تخشين ، ويا زيدون اخشوا ، ويا هند اخشى».

* * *

ولم تقع خفيفة بعد الألف

لكن شديدة ، وكسرها ألف (١)

لا تقع نون التوكيد الخفيفة بعد الألف ؛ فلا تقول : «اضربان» (٢) بنون مخففة ، بل يجب التشديد ؛ فتقول : «اضربانّ» بنون مشددة

__________________

(١) «ولم» نافية جازمة «تقع» فعل مضارع مجزوم بلم «خفيفة» بالرفع : فاعل تقع ، أو بالنصب حال من ضمير مستتر فى تقع هو فاعله «بعد» ظرف متعلق بتقع ، وبعد مضاف و «الألف» مضاف إليه «لكن» حرف عطف «شديدة» معطوف على خفيفة يرتفع إذا رفعته وينتصب إذا نصبته «وكسرها» الواو عاطفة أو للاستئناف ، كسر : مبتدأ ، وكسر مضاف وها : مضاف إليه «ألف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى كسرها ، والجملة من الفعل ونائب فاعله فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) أنت تعلم أنه لا يجوز فى العربية أن يتجاور حرفان ساكنان ، إلا إذا كان الأول منهما حرف لين والثانى منهما مدغما فى مثله ، فلو وقعت نون التوكيد الخفيفة بعد الألف تجاور ساكنان من غير استيفاء شرط جوازه ، فلهذا امتنعوا منه ، فإن كانت نون التوكيد ثقيلة فقد كمل شرط جواز التقاء الساكنين فلهذا جاز.


مكسورة خلافا ليونس ؛ فإنه أجاز وقوع النون الخفيفة بعد الألف ، ويجب عنده كسرها.

* * *

وألفا زد قبلها مؤكّدا

فعلا إلى نون الإناث أسندا (١)

إذا أكد الفعل المسند إلى نون الإناث بنون التوكيد وجب أن يفصل بين نون الإناث ونون التوكيد بألف ، كراهية توالى الأمثال ، فتقول : «اضربنانّ» بنون مشددة مكسورة قبلها ألف.

* * *

وحذف خفيفة لساكن ردف

وبعد غير فتحة إذا تقف (٢)

__________________

(١) «وألفا» مفعول تقدم على عامله ، وهو قوله «زد» الآتى «زد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «قبلها» قبل : ظرف متعلق بزد ، وقبل مضاف وها : مضاف إليه «مؤكدا» حال من الضمير المستتر فى زد ، وفى مؤكد ضمير مستتر هو فاعله «فعلا» مفعول به لمؤكد «إلى نون» جار ومجرور متعلق بقوله «أسند» الآتى ، ونون مضاف ، و «الإناث» مضاف إليه «أسندا» فعل ماض مبنى للمجهول ، وفيه ضمير مستتر جوازا هو نائب فاعله ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل نصب صفة لقوله «فعلا».

(٢) «واحذف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «خفيفة» مفعول به لا حذف «لساكن» جار ومجرور متعلق باحذف «ردف» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ساكن ، والجملة فى محل جر صفة لساكن «وبعد» ظرف متعلق باحذف ، وبعد مضاف و «غير» مضاف إليه ، وغير مضاف و «فتحة» مضاف إليه «إذا» ظرف متعلق باحذف «تقف» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وجملة الفعل المضارع وفاعله فى محل جر بإضافة «إذا» إليه.


واردد إذا حذفتها فى الوقف ما

من أجلها فى الوصل كان عدما (١)

وأبدلنها بعد فتح ألفا

وقفا ، كما تقول فى قفن : قفا (٢)

إذا ولى الفعل المؤكّد بالنون الخفيفة ساكن ، وجب حذف النون لالتقاء الساكنين ، فتقول : «اضرب الرّجل» بفتح الباء (٣) ، والأصل «اضربن» فحذفت نون التوكيد لملاقاة الساكن ـ وهو لام التعريف ـ ومنه قوله :

__________________

(١) «واردد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إذا» ظرف زمان متعلق باردد «حذفتها» فعل وفاعل ومفعول به ، والجملة فى محل جر بإضافة «إذا» إليها «فى الوقف» جار ومجرور متعلق باردد «ما» اسم موصول : مفعول به لاردد «من أجلها ، فى الوصل» الجاران والمجروران متعلقان بقوله : «عدما» الآتى «كان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة «عدما» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم كان ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل نصب خبر كان ، والجملة من كان واسمه وخبره لا محل لها صلة «ما» الموصولة الواقعة مفعولا به لاردد.

(٢) «وأبدلنها» أبدل : فعل أمر. مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، وها : مفعول أول لأبدل ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بعد» ظرف متعلق بأبدل ، وبعد مضاف و «فتح» مضاف إليه «ألفا» مفعول ثان لأبدل «وقفا» حال من فاعل أبدل على التأويل بواقف ، أو منصوب بنزع الخافض : أى فى الوقف «كما» الكاف جارة ، ما : مصدرية «تقول» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، و «ما» وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مجرور بالكاف ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، أى : وذلك كائن كقولك «فى قفن» جار ومجرور متعلق بتقول «قفا» قصد لفظه : مقول القول.

(٣) قد ورد حذف نون التوكيد الخفيفة من غير أن يكون تاليها ساكنا ، كقوله :

اضرب عنك الهموم طارقها

ضربك بالسّيف قونس الفرس


(٣١٩) ـ

لا تهين الفقير علّك أن

تركع يوما والدّهر قد رفعه

__________________

وكقول الآخر ، وأنشده الجاحظ فى البيان :

* كما قيل قبل اليوم خالف تذكرا*

٣١٩ ـ البيت من أبيات للأضبط بن قريع السعدى ، أوردها القالى فى أماليه عن ابن دريد عن ابن الأنبارى عن ثعلب ، قال : قال ثعلب : بلغنى أنها قيلت قبل الإسلام بدهر طويل ، وأولها :

لكلّ همّ من الهموم سعه

والمسى والصّبح لا فلاح معه

اللغة : «المسى» بضم الميم أو كسرها ، وسكون السين ـ اسم من الإمساء ، وهو الدخول فى المساء «الصبح» اسم من الإصباح ، وهو الدخول فى الصباح ، قالهما الجوهرى واستشهد بهذا البيت «لا تهين» من الإهانة ، وهى : الإيقاع فى الهون ـ بضم الهاء ـ والهوان ـ بفتحها ـ وهو بمعنى الذل والحقارة «تركع» تخضع ، وتذل ، وتنقاد.

الإعراب : «لا» ناهية «تهين» فعل مضارع مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد فصارت كما فى بيت الشاهد المحذوفة لوقوع الساكن بعدها ـ وهو لام التعريف فى الفقير ـ وأصل هذا الفعل قبل دخول الجازم عليه وقبل توكيده «تهين» فلما دخل الجازم حذف الياء تخلصا من التقاء الساكنين فصار «لا تهن» فلما أريد التأكيد رجعت الياء ، لأن آخره سيكون مبنيا على الفتح ؛ فصار «لا تهينن» فلما وقع الساكن بعده حذفت نون التوكيد «الفقير» مفعول به لتهين «علك» عل : حرف ترج ونصب ، والكاف اسمه «أن» مصدرية «تركع» فعل مضارع منصوب بأن ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة خبر «عل» السابق «يوما» ظرف زمان متعلق بتركع «والدهر» الواو واو الحال ، الدهر : مبتدأ «قد» حرف تحقيق «رفعه» رفع : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الدهر ، والهاء مفعول به ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل نصب حال من الضمير المستتر فى «تركع».

الشاهد فيه : قوله «لا تهين» حيث حذف نون التوكيد الخفيفة للتخلص من


وكذلك تحذف نون التوكيد الخفيفة فى الوقف ، إذا وقعت بعد غير فتحة ـ أى بعد ضمة أو كسرة ـ ويردّ حينئذ ما كان حذف لأجل نون التوكيد ؛ فتقول فى : «اضربن يا زيدون» إذا وقفت على الفعل : اضربوا ، وفى : «اضربن يا هند» : اضربى ؛ فتحذف نون التوكيد الخفيفة للوقف ، وتردّ الواو التى حذفت لأجل نون التوكيد ، وكذلك الياء ؛ فإن وقعت نون التوكيد الخفيفة بعد فتحة أبدلت النون فى الوقف [أيضا] ألفا فتقول فى «اضربن يا زيد» : اضربا.

* * *

__________________

التقاء الساكنين ، وقد أبقى الفتحة على لام الكلمة دليلا على تلك النون المحذوفة ، ومما يدل على أن المقصود التوكيد وجود الياء التى تحذف للجازم ، ولا تعود إلا عند التوكيد ، وقد رواه الجاحظ فى البيان والتبيين : * لا تحقرن الفقير ... إلخ* ورواه غيره : * ولا تعاد الفقير* وعلى هاتين الروايتين لا شاهد فى البيت لما نحن فيه.


ما لا ينصرف

الصّرف تنوين أتى مبيّنا

معنى به يكون الاسم أمكنا (١)

الاسم إن أشبه الحرف سمى مبنيّا ، وغير متمكن ، وإن لم يشبه الحرف سمى معربا ، ومتمكنا.

ثم المعرب على قسمين :

أحدهما : ما أشبه الفعل ، ويسمى غير منصرف ، ومتمكنا غير أمكن.

والثانى : ما لم يشبه الفعل ، ويسمى منصرفا ، ومتمكنا أمكن.

وعلامة المنصرف : أن يجرّ بالكسرة مع الألف واللام ، والإضافة ، وبدونهما وأن يدخله الصرف ـ وهو التنوين [الذى] لغير مقابلة أو تعويض ، الدالّ على معنى يستحق به الاسم أن يسمى أمكن ، وذلك المعنى هو عدم شبهه الفعل ـ نحو «مررت بغلام ، وغلام زيد ، والغلام».

واحترز بقوله «لغير مقابلة» من تنوين «أذرعات» ونحوه ؛ فإنه تنوين جمع المؤنث السالم ، وهو يصحب غير المنصرف : كأذرعات ، وهندات ـ علم امرأة ـ وقد سبق الكلام فى تسميته تنوين المقابلة.

واحترز بقوله «أو تعويض» من تنوين «جوار ، وغواش» ونحوهما ؛ فإنه عوض من الياء ، والتقدير : جوارى ، وغواشى ، وهو يصحب غير المنصرف ،

__________________

(١) «الصرف» مبتدأ «تنوين» خبر المبتدأ «أتى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تنوين ، والجملة فى محل رفع صفة لتنوين «مبينا» حال من الضمير المستتر فى أتى ، وفى مبين ضمير مستتر جوازا هو فاعله «معنى» مفعول به لمبينا «به» جار ومجرور متعلق بيكون الآتى «يكون» فعل مضارع ناقص «الاسم» اسم يكون «أمكنا» خبر يكون ، والجملة فى محل نصب صفة لمعنى.


كهذين المثالين ، وأما المنصرف (١) فلا يدخل عليه هذا التّنوين.

ويجرّ بالفتحة : إن لم يضف ، أو لم تدخل عليه «أل» نحو «مررت بأحمد» ؛ فإن أضيف ، أو دخلت عليه «أل» جرّ بالكسرة ، نحو «مررت بأحمدكم ، وبالأحمد».

وإنما يمنع الاسم من الصرف إذا وجد فيه علتان من علل تسع ، أو واحدة منها تقوم مقام العلتين ، والعلل التسع يجمعها قوله (٢) :

عدل ، ووصف ، وتأنيث ، ومعرفة

وعجمة ، ثمّ جمع ، ثمّ تركيب

والنّون زائدة من قبلها ألف ،

ووزن فعل ، وهذا القول تقريب

وما يقوم مقام علتين منها اثنان ؛ أحدهما : ألف التأنيث ؛ مقصورة كانت ، كـ «حبلى» أو ممدودة ، كـ «حمراء». والثانى : الجمع المتناهى ، كـ «مساجد ، ومصابيح» وسيأتى الكلام عليها مفصّلا.

* * *

فألف التّأنيث مطلقا منع

صرف الّذى حواه كيفما وقع (٣)

__________________

(١) فى عامة النسخ «وأما غير المنصرف فلا يدخل عليه هذا التنوين» وذلك ظاهر الخطأ ، وإنما لم يلحق تنوين العوض الاسم المنصرف لأن فيه تنوين التمكين ، على أن فى هذا الكلام مقالا ، فقد لحق تنوين العوص «كلا ، وبعضا» عوضا عما يضافان إليه.

(٢) وقد جمعت فى بيت واحد ، وهو قوله :

اجمع وزن عادلا أنّث بمعرفة

ركّب وزد عجمة فالوصف قد كملا

(٣) «فألف» مبتدأ ، وألف مضاف و «التأنيث» مضاف إليه «مطلقا» حال تقدم على صاحبه ، وهو الضمير المستتر فى قوله «منع» الآتى «منع» فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ألف التأنيث ، والجملة فى محل


قد سبق أن ألف التأنيث تقوم مقام علتين ـ وهو المراد هنا ـ فيمنع ما فيه ألف التأنيث من الصرف مطلقا ، أى : سواء كانت الألف مقصورة ، كـ «حبلى» أو ممدودة ، كـ «حمراء» علما كان ما هى فيه ، كـ «زكرياء» أو غير علم كما مثل.

* * *

وزائدا فعلان ـ فى وصف سلم

من أن يرى بتاء تأنيث ختم (١)

أى : يمنع الاسم من الصرف للصفة وزيادة الألف والنون ، بشرط أن

__________________

رفع خبر المبتدأ «صرف» مفعول به لمنع ، وصرف مضاف و «الذى» اسم موصول : مضاف إليه «حواه» حوى : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى ، والهاء مفعول به ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «كيفما» اسم شرط «وقع» فعل ماض فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ألف التأنيث ، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم من الكلام عليه ، والتقدير : كيفما وقع ألف التأنيث منع الصرف.

(١) «وزائدا» معطوف على الضمير المستتر فى «منع» الواقع فى البيت السابق ، وجاز العطف على الضمير المستتر المرفوع للفصل بين المتعاطفين ، وهو مرفوع بالألف نيابة عن الضمة ، وزائدا مضاف و «فعلان» مضاف إليه ، وهو ممنوع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون «فى وصف» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لزائدى فعلان ، أو حال منه «سلم» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى وصف ، والجملة فى محل جر نعت لوصف «من» حرف جر «أن» مصدرية «يرى» فعل مضارع مبنى للمجهول منصوب تقديرا بأن ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى وصف ، وهو مفعوله الأول ، و «أن» وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مجرور بمن ، والجار والمجرور متعلق بسلم «بتاء» جار ومجرور متعلق بقوله «ختم» الآتى ، وتاء مضاف و «تأنيث» مضاف إليه «ختم» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نائب فاعل يرى ، والجملة فى محل نصب مفعول ثان ليرى.


لا يكون المؤنث فى ذلك [مختوما] بتاء التأنيث ، وذلك نحو : سكران ، وعطشان ، وغضبان ؛ فتقول : «هذا سكران ، ورأيت سكران ، ومررت بسكران» ؛ فتمنعه من الصرف للصفة وزيادة الألف والنون ، والشرط موجود فيه ؛ لأنك لا تقول للمؤنثة : سكرانة ، وإنما تقول : سكرى ، وكذلك عطشان ، وغضبان ؛ فتقول : امرأة عطشى ، وغضبى ، ولا تقول : عطشانة ، ولا غضبانة ؛ فإن كان المذكر على فعلان ، والمؤنث على فعلانة صرفت ؛ فتقول : هذا رجل سيفان ، أى : طويل ، ورأيت رجلا سيفانا ، ومررت برجل سيفان ، فتصرفه ؛ لأنك تقول للمؤنثة : سيفانة ، أى : طويلة.

* * *

ووصف اصلىّ ، ووزن أفعلا

ممنوع تأنيث بتا : كأشهلا (١)

أى : وتمنع الصفة أيضا ، بشرط كونها أصلية ، أى غير عارضة ، إذا انضمّ إليها كونها على وزن أفعل ، ولم تقبل التاء ، نحو : أحمر ، وأخضر.

فإن قبلت التاء صرفت ، نحو «مررت برجل أرمل» أى : فقير ، فتصرفه ؛ لأنك تقول للمؤنثة : أرملة ، بخلاف أحمر ، وأخضر ؛ فإنهما لا ينصرفان ؛ إذ يقال للمؤنثة : حمراء ، وخضراء ، ولا يقال : أحمرة. وأخضرة ؛ فمنعا للصفة ووزن الفعل.

وإن كانت الصفة عارضة كأربع ـ فإنه ليس صفة فى الأصل ، بل اسم

__________________

(١) «ووصف» معطوف على «زائدا فعلان» فى البيت السابق «أصلى» نعت لوصف «ووزن» معطوف على وصف ، ووزن مضاف و «أفعلا» مضاف إليه ، و «ممنوع» حال من أفعلا ، وممنوع مضاف و «تأنيث» مضاف إليه «بتا» جار ومجرور متعلق بتأنيث ، أو بمحذوف صفة له «كأشهلا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف : أى وذلك كائن كأشهل.


عدد ، ثم استعمل صفة فى قولهم «مررت بنسوة أربع» ـ فلا يؤثر ذلك فى منعه من الصرف ، وإليه أشار بقوله :

وألغينّ عارض الوصفيّه

كأربع ، وعارض الإسميّه (١)

فالأدهم القيد لكونه وضع

فى الأصل وصفا انصرافه منع (٢)

وأجدل وأخيل وأفعى

مصروفة ، وقد ينلن المنعا (٣)

أى : إذا كان استعمال الاسم على وزن أفعل صفة ليس بأصل ، وإنما هو عارض كأربع فألغه : أى لا تعتدّ به فى منع الصرف ، كما لا تعتدّ بعروض

__________________

(١) «وألغين» ألغ : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «عارض» مفعول به لألغ ، وعارض مضاف و «الوصفية» مضاف إليه «كأربع» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف «وعارض» معطوف على عارض السابق ، وعارض مضاف و «الإسمية» مضاف إليه.

(٢) «فالأدهم» مبتدأ أول «القيد» عطف بيان له «لكونه» الجار والمجرور متعلق بقوله «منع» الآتى آخر البيت ، وكون مضاف والهاء العائدة إلى الأدهم مضاف إليه من إضافة المصدر الناقص لاسمه «وضع» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الأدهم بمعنى القيد ، والجملة فى محل نصب خبر الكون الناقص «فى الأصل» جار ومجرور متعلق بوضع «وصفا» حال من الضمير المستتر فى وضع «انصرافه» انصراف : مبتدأ ثان ، وانصراف مضاف والهاء مضاف إليه «منع» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى انصرافه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول.

(٣) «وأجدل» مبتدأ «وأخيل ، وأفعى» معطوفان عليه «مصروفة» خبر المبتدأ وما عطف عليه «وقد» حرف تقليل «ينلن» فعل مضارع مبنى على السكون لاتصاله بنون النسوة ، ونون النسوة فاعله «المنعا» مفعول به لينلن.


الاسمية فيما هو صفة فى الأصل : كـ «أدهم» للقيد ، فإنه صفة فى الأصل [لشىء فيه سواد] ، ثم استعمل استعمال الأسماء ؛ فيطلق على كل قيد أدهم ، ومع هذا تمنعه نظرا إلى الأصل.

وأشار بقوله : «وأجدل ـ إلى آخره» إلى أن هذه الألفاظ ـ أعنى : أجدلا للصّقر ، وأخيلا لطائر ، وأفعى للحية ـ ليست بصفات ؛ فكان حقها أن لا تمنع من الصرف ، ولكن منعها بعضهم لتخيّل الوصف فيها ، فتخيل فى «أجدل» معنى القوة ، وفى «أخيل» معنى التخيل ، وفى «أفعى» معنى الخبث ؛ فمنعها لوزن الفعل والصفة المتخيّلة ، والكثير فيها الصرف ؛ إذ لا وصفية فيها محقّقة.

* * *

ومنع عدل مع وصف معتبر

فى لفظ مثنى وثلاث وأخر (١)

ووزن مثنى وثلاث كهما ،

من واحد لأربع فليعلما (٢)

__________________

(١) «ومنع» مبتدأ ، ومنع مضاف و «عدل» مضاف إليه «مع» ظرف متعلق بمحذوف صفه لعدل ، ومع مضاف و «وصف» مضاف إليه «معتبر» خبر المبتدأ «فى لفظ» جار ومجرور متعلق بمعتبر ، ولفظ مضاف و «مثنى» مضاف إليه «وثلاث ، وأخر» معطوفان على مثنى.

(٢) «ووزن» مبتدأ ، ووزن مضاف و «مثنى» مضاف إليه «وثلاث» معطوف على مثنى «كهما» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، ودخول الكاف على الضمير المنفصل نادر كما شرحه فى باب حروف الجر «من واحد لأربع» جاران ومجروران متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستكن فى الخبر «فليعلما» اللام لام الأمر ، ويعلما : فعل مضارع مبنى للمجهول ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا لأجل الوقف فى محل جزم بلام الأمر ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.


مما يمنع صرف الاسم : العدل والصفة ، وذلك فى أسماء العدد المبنية على فعال ومفعل ، كثلاث ومثنى ؛ فثلاث : معدولة عن ثلاثة ثلاثة ، ومثنى : معدولة عن اثنين اثنين ؛ فتقول : «جاء القوم ثلاث» أى ثلاثة ثلاثة ، و «مثنى» أى اثنين اثنين.

وسمع استعمال هذين الوزنين ـ أعنى فعال ، ومفعل ـ من واحد واثنين وثلاثة وأربعة ، نحو : أحاد وموحد ، وثناء ومثنى ، وثلاث ومثلث ، ورباع ومربع ، وسمع أيضا فى خمسة وعشرة ، نحو : خماس ومخمس ، وعشار ومعشر.

وزعم بعضهم أنه سمع أيضا فى ستة وسبعة وثمانية وتسعة ، نحو سداس ومسدس ، وسباع ومسبع ، وثمان ومثمن ، وتساع ومتسع.

ومما يمنع من الصرف للعدل والصفة «أخر» التى فى قولك : «مررت بنسوة أخر» وهو معدول عن الأخر.

وتلخّص من كلام المصنف : أن الصفة تمنع مع الألف والنون الزائدتين ، ومع وزن الفعل ، ومع العدل.

* * *

وكن لجمع مشبه مفاعلا

أو المفاعيل بمنع كافلا (١)

__________________

(١) «وكن» فعل أمر ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لجمع» جار ومجرور متعلق بقوله «كافلا» الآتى فى آخر البيت «مشبه» نعت لجمع ، وفى مشبه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى جمع هو فاعله «مفاعلا» مفعول به لمشبه «أو المفاعيل» معطوف على قوله «مفاعلا» السابق «بمنع» جار ومجرور متعلق بقوله «كافلا» الآتى «كافلا» خبر كن.


هذه هى العلة الثانية التى تستقلّ بالمنع ، وهى : الجمع المتناهى ، وضابطه : كلّ جمع بعد ألف تكسيره حرفان أو ثلاثة أوسطها ساكن ، نحو : مساجد ومصابيح.

ونبه بقوله : «مشبه مفاعلا أو المفاعيل» على أنه إذا كان الجمع على هذا الوزن منع ، وإن لم يكن فى أوله ميم ؛ فيدخل «ضوارب ، وقناديل» فى ذلك ، فإن تحرك الثانى صرف نحو صياقلة (١).

* * *

وذا اعتلال منه كالجوارى

رفعا وجرّا أجره كسارى (٢)

إذا كان هذا الجمع ـ أعنى صيغة منتهى الجموع ـ معتلّ الآخر أجريته فى الجر والرفع مجرى المنقوص كـ «سارى» فتنونه ، وتقدر رفعه أو جره ، ويكون التنوين عوضا عن الياء المحذوفة ، وأما فى النصب فتثبت الياء ، وتحركها بالفتح ، بغير تنوين ؛ فتقول : «هؤلاء جوار وغواش ، ومررت بجوار

__________________

(١) وكذا صيارفة وأشاعرة وأحامرة وعباقرة وأشاعثة ومناذرة وغساسنة ، وقد قالوا للمحاويج : أراملة ، وقالوا للصعاليك : عمارطة ، ولجماعة الرجالة ـ أى :

الذين يسيرون على أرجلهم ـ : عراجلة ، وأنشد ابن السكيت فى الألفاط (ص ٣٠) لحاتم الطائى :

عراجلة شعث الرّؤوس ، كأنّهم

بنو الجنّ لم تطبخ بقدر جزورها

(٢) «وذا» مفعول لفعل محذوف يدل عليه قوله «أجره» الآتى ، وذا مضاف و «اعتلال» مضاف إليه «منه ، كالجوارى» جاران ومجروران يتعلقان بمحذوف صلة لذا ، أو حال منه «رفعا» منصوب بنزع الخافض «وجرا» معطوف على قوله رفعا «أجره» أجر : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به «كسارى» جار ومجرور متعلق بأجر.


وغواش ، ورأيت جوارى وغواشى» والأصل فى الجر والرفع «جوارى» و «غواشى» فحذفت الياء ، وعوّض منها التنوين.

* * *

ولسراويل بهذا الجمع

شبه اقتضى عموم المنع (١)

يعنى أن «سراويل» لما كانت صيغته كصيغة منتهى (٢) الجموع امتنع من الصرف لشبهه به ، وزعم بعضهم أنه يجوز فيه الصرف وتركه ، واختار المصنف أنه لا ينصرف ، ولهذا قال «شبه اقتضى عموم المنع».

* * *

وإن به سمّى أو بما لحق

به فالانصراف منعه يحق (٣)

__________________

(١) «لسراويل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «بهذا» جار ومجرور متعلق بقوله «شبه» الآتى «الجمع» بدل أو عطف بيان أو نعت لاسم الإشارة «شبه» مبتدأ مؤخر «اقتضى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى شبه ، والجملة فى محل رفع صفة لشبه «عموم» مفعول به لاقتضى ، وعموم مضاف و «المنع» مضاف إليه.

(٢) من النحاة من يقول : إن سراويل جمع حقيقة ، ومفرده سروالة ، ويستدل على هذا بقول الشاعر :

عليه من اللّؤم سروالة

فليس يرقّ لمستعطف

وهؤلاء يجعلون «سراويل» ممنوعا من الصرف لزوما كأخواته من الجموع ، ومنهم من يجعله مفردا ، وهؤلاء فريقان : أحدهما يمنعه من الصرف نظرا إلى لفظه ، ويقول : هو مفرد جاء على صورة الجمع ، ومنهم من يصرفه نظرا إلى حقيقته ومعناه.

(٣) «وإن» شرطية «به» جار ومجرور متعلق بقوله «سمى» الآتى على أنه نائب فاعل ؛ وجاز تقديمه لما مر غير مرة من أن النائب إذا كان ظرفا أو جارا ومجرورا جاز تقديمه ، لكونه فى صورة الفضلة ، ولعدم إيقاعه فى اللبس المخوف «سمى» فعل ماض مبنى للمجهول ، فعل الشرط «أو» عاطفة «بما» جار ومجرور معطوف على به «لحق»


أى : إذا سمّى بالجمع المتناهى ، أو بما ألحق به لكونه على زنته ، كشراحيل ، فإنه يمنع من الصرف للعلمية وشبه العجمة ؛ لأن هذا ليس فى الآحاد العربية ما هو على زنته ؛ فتقول فيمن اسمه مساجد أو مصابيح أو سراويل : «هذا مساجد ، ورأيت مساجد ، ومررت بمساجد» وكذا البواقى.

* * *

والعلم امنع صرفه مركّبا

تركيب مزج نحو «معديكربا» (١)

مما يمنع صرف الاسم : العلمية والتركيب ، نحو «معديكرب ، وبعلبكّ» فتقول : «هذا معديكرب ، ورأيت معديكرب ، ومررت بمعديكرب» ؛ فتجعل إعرابه على الجزء الثانى ، وتمنعه من الصرف للعلمية والتركيب.

وقد سبق الكلام فى الأعلام المركبة فى باب العلم.

* * *

__________________

فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «ما» الموصولة المجرورة محلا بالباء ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «به» جار ومجرور متعلق بلحق «فالانصراف» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، الانصراف : مبتدأ أول «منعه» منع : مبتدأ ثان ، ومنع مضاف والهاء مضاف إليه «يحق» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على المنع ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول ، وجملة المبتدأ الأول وخبره فى محل جزم جواب الشرط.

(١) «والعلم» مفعول به لفعل محذوف يدل عليه ما بعده «امنع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «صرفه» صرف : مفعول به لامنع ، وصرف مضاف والهاء مضاف إليه «مركبا» حال من العلم «تركيب» مفعول مطلق ، وتركيب مضاف و «مزج» مضاف إليه «نحو» خبر لمبتدأ محذوف : أى وذلك نحو ، ونحو مضاف و «معديكرب» مضاف إليه ، والألف فيه للاطلاق.


كذاك حاوى زائدى فعلانا

كغطفان ، وكأصبهانا (١)

أى : كذلك يمنع الاسم من الصرف إذا كان علما ، وفيه ألف ونون زائدتان : كغطفان ، وأصبهان ـ بفتح الهمزة وكسرها ـ فتقول : «هذا غطفان ، ورأيت غطفان ، ومررت بغطفان» فتمنعه من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون.

* * *

كذا مؤنّث بهاء مطلقا

وشرط منع العار كونه ارتقى (٢)

فوق الثّلاث ، أو كجور ، أو سقر

أو زيد : اسم امرأة لا اسم ذكر (٣)

__________________

(١) «كذاك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «حاوى» مبتدأ مؤخر وحاوى مضاف و «زائدى» مضاف إليه وزائدى مضاف و «فعلانا» مضاف إليه «كغطفان» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كغطفان «وكأصبهانا» معطوف على كغطفان.

(٢) «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «مؤنث» مبتدأ مؤخر «بهاء» جار ومجرور متعلق بمؤنث «مطلقا» حال من الضمير المستكن فى الخبر «وشرط» مبتدأ ، وشرط مضاف ، و «منع» مضاف إليه ، ومنع مضاف و «العار» بحذف الياء استغناء عنها بكسر ما قبلها : مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله «كونه» كون : خبر المبتدأ ، وكون مضاف والهاء مضاف إليه ، من إضافة المصدر الناقص إلى اسمه ، وجملة «ارتقى» من الفعل وفاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو فى محل نصب خبر الكون الناقص.

(٣) «فوق» ظرف متعلق بارتقى فى البيت السابق ، وفوق مضاف و «الثلاث» مضاف إليه «أو» عاطفة «كجور» جار ومجرور معطوف على محل «ارتقى» السابق «أوسقر» معطوف على جور «أو زيد» معطوف على جور أيضا «اسم» حال من زيد ، واسم مضاف و «امرأة» مضاف إليه «لا» عاطفة «اسم ذكر» معطوف بلا على «اسم امرأة» ومضاف إليه.


وجهان فى العادم تذكيرا سبق

وعجمة ـ كهند ـ والمنع أحقّ (١)

و [مما] يمنع صرفه أيضا العلمية والتأنيث.

فإن كان العلم مؤنثا بالهاء امتنع من الصرف مطلقا ، أى : سواء كان علما لمذكر كطلحة أو لمؤنث كفاطمة ، زائدا على ثلاثة أحرف كما مثل ، أم لم يكن كذلك كثبة وقلة ، علمين.

وإن كان مؤنثا بالتعليق ـ أى بكونه علم أنثى ـ فإما أن يكون على ثلاثة أحرف ، أو على أزيد من ذلك ؛ فإن كان على أزيد من ذلك امتنع من الصرف كزينب ، وسعاد ، علمين ؛ فتقول : «هذه زينب ، ورأيت زينب ، ومررت بزينب» وإن كان على ثلاثة أحرف ؛ فإن كان محرّك الوسط منع أيضا كسقر ، وإن كان ساكن للوسط ؛ فإن كان أعجميا كجور ـ اسم بلد ـ أو منقولا من مذكر إلى مؤنث كزيد ـ اسم امرأة ـ منع أيضا ، فإن لم يكن كذلك : بأن كان ساكن الوسط وليس أعجميّا ولا منقولا من مذكر ، ففيه وجهان : المنع (٢) ، والصرف ، والمنع أولى ؛ فتقول : «هذه هند ، ورأيت هند ، ومررت بهند».

* * *

__________________

(١) «وجهان» مبتدأ «فى العادم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، وفى العادم ضمير مستتر هو فاعله «تذكيرا» مفعول به للعادم «سبق» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تذكير ، والجملة فى محل نصب نعت لتذكيرا «وعجمة» معطوف على قوله تذكيرا «كهند» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كهند «والمنع» مبتدأ «أحق» خبر المبتدأ.

(٢) وقد ورد بالوجهين قول جرير ، وينسب لابن قيس الرقيات :

لم تتلفّع بفضل مئزرها

دعد ، ولم تسق دعد فى العلب

فقد صرف «دعد» فى أول عجز البيت ، ثم منع صرفه بعد ذلك.


والعجمىّ الوضع والتّعريف ، مع

زيد على الثّلاث ـ صرفه امتنع (١)

ويمنع صرف الاسم أيضا العجمة والتعريف ، وشرطه : أن يكون علما فى اللسان الأعجمى ، وزائدا على ثلاثة أحرف ، كإبراهيم ، وإسماعيل ؛ فتقول : «هذا إبراهيم ، ورأيت إبراهيم ، ومررت بإبراهيم» فنمنعه من الصرف للعلمية والعجمة.

فإن لم يكن الأعجمىّ علما فى لسان العجم ، بل فى لسان العرب ، أو كان نكرة فيهما ، كلجام ـ علما أو غير علم ـ صرفته ؛ فتقول : «هذا لجام ، ورأيت لجاما ، ومررت بلجام» ، وكذلك تصرف ما كان علما أعجميا على ثلاثة أحرف ، سواء كان محرك الوسط كشتر ، أو ساكنه كنوح ولوط.

* * *

كذاك ذو وزن يخصّ الفعلا

أو غالب : كأحمد ، ويعلى (٢)

_________________

(١) «والعجمى» مبتدأ أول ، والعجمى مضاف و «الوضع» مضاف إليه «والتعريف» معطوف على الوضع «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر فى العجمى ؛ لأنهم يؤولونه بالمشتق ، ومع مضاف و «زيد» مضاف إليه «على الثلاث» جار ومجرور متعلق بزيد بمعنى زيادة «صرفه» صرف : مبتدأ ثان ، وصرف مضاف والهاء مضاف إليه «امتنع» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى صرفه ، والجملة من الفعل وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول.

(٢) «كذاك» كذا : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، والكاف حرف خطاب «ذو» مبتدأ مؤخر ، وذو مضاف و «وزن» مضاف إليه «يخص» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى وزن «الفعلا» مفعول به ليخص ، والجملة فى محل جر صفة لوزن «أو» عاطفة «غالب» عطف على محل «يخص»


أى : كذلك يمنع صرف الاسم إذا كان علما ، وهو على وزن يخصّ الفعل ، أو يغلب فيه ، والمراد بالوزن الذى يخص الفعل : ما لا يوجد فى غيره إلا ندورا ، وذلك كفعّل وفعل ؛ فلو سميت رجلا بضرب أو كلّم منعته من الصرف ؛ فتقول : «هذا ضرب أو كلّم ، ورأيت ضرب أو كلّم ، ومررت بضرب أو كلّم» والمراد بما يغلب فيه : أن يكون الوزن يوجد فى الفعل كثيرا ، أو يكون فيه زيادة تدل على معنى فى الفعل ولا تدل على معنى فى الاسم ؛ فالأول كإثمد وإصبع ؛ فإن هاتين الصيغتين يكثران فى الفعل دون الاسم كاضرب ، واسمع ، ونحوهما من الأمر المأخوذ من فعل ثلاثى ؛ فلو سميت [رجلا] بإثمد وإصبع منعته من الصرف للعلمية ووزن الفعل ؛ فتقول : «هذا إثمد ، ورأيت إثمد ، ومررت بإثمد» والثانى كأحمد ، ويزيد ، فإن كلّا من الهمزة والياء يدل على معنى فى الفعل ـ وهو التكلم والغيبة ـ ولا يدلّ على معنى فى الاسم ؛ فهذا الوزن غالب فى الفعل ، بمعنى أنه به أولى [فتقول : «هذا أحمد ويزيد ، ورأيت أحمد ويزيد ، ومررت بأحمد ويزيد»] فيمنع للعلمية ووزن الفعل.

فإن كان الوزن غير مختصّ بالفعل ، ولا غالب فيه ـ لم يمنع من الصرف ، فتقول فى رجل اسمه ضرب : «هذا ضرب ، ورأيت ضربا ، ومررت بضرب» ، لأنه يوجد فى الاسم كحجر وفى الفعل كضرب.

* * *

_________________

من باب عطف الاسم الذى يشبه الفعل على الفعل «كأحمد» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كأحمد «ويعلى» معطوف على أحمد.


وما يصير علما من ذى ألف

زيدت لإلحاق فليس ينصرف (١)

أى : ويمنع صرف الاسم ـ أيضا ـ للعلمية وألف الإلحاق المقصورة كعلقى ، وأرطى ؛ فتقول فيهما علمين : «هذا علقى ، ورأيت علقى ، ومررت بعلقى» فتمنعه من الصرف للعلمية وشبه ألف الإلحاق بألف التأنيث ، من جهة أن ما هى فيه والحالة هذه ـ أعنى حال كونه علما ـ لا يقبل تاء التأنيث ؛ فلا تقول فيمن اسمه علقى «علقاة» كما لا تقول فى حبلى «حبلاة» فإن كان ما فيه [ألف] الإلحاق غير علم كعلقى وأرطى ـ قبل التسمية بهما ـ صرفته ؛ لأنها والحالة هذه لا تشبه ألف التأنيث ، وكذا إن كانت ألف الإلحاق ممدوة كعلباء ، فإنك تصرف ما هى فيه : علما كان ، أو نكرة.

* * *

والعلم امنع صرفه إن عدلا

كفعل التّوكيد أو كثعلا (٢)

__________________

(١) «وما» اسم موصول مبتدأ «يصير» فعل مضارع ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما «علما» خبر يصير ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «من ذى» جار ومجرور متعلق بقوله يصير ، وذى مضاف و «ألف» مضاف إليه «زيدت» زيد : فعل ماض مبنى للمجهول ، والتاء للتأنيث ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى ألف ، والجملة فى محل جر صفة لألف «لإلحاق» جار ومجرور متعلق بزيدت «فليس» الفاء زائدة ، ليس : فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، وجملة «ينصرف» مع فاعله المستتر فيه فى محل نصب خبر ليس ، وجملة ليس واسمها وخبرها فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو ما الموصولة ، وزيدت الفاء فى الجملة الواقعة خبرا ؛ لأن المبتدأ موصول فهو يشبه الشرط.

(٢) «والعلم» مفعول لفعل محذوف يدل عليه ما بعده : أى وامنع العلم «امنع»


والعدل والتّعريف مانعا سحر

إذا به التّعيين قصدا يعتبر (١)

يمنع صرف الاسم للعلمية ـ أو شبهها ـ وللعدل ، وذلك فى ثلاثة مواضع :

الأول : ما كان على فعل من ألفاظ التوكيد ؛ فإنه يمنع من الصرف لشبه العلمية والعدل ، وذلك نحو «جاء النساء جمع ، ورأيت النساء جمع ، ومررت بالنساء جمع» والأصل جمعاوات ؛ لأن مفرده جمعاء ، فعدل عن جمعاوات إلى جمع ، وهو معرف بالإضافة المقدرة أى : جمعهن ، فأشبه تعريفه تعريف العلمية من جهة أنه معرفة ، وليس فى اللفظ ما يعرفه.

الثانى : العلم المعدول إلى فعل : كعمر ، وزفر ، وثعل ، والأصل عامر وزافر وثاعل ؛ فمنعه من الصرف للعلمية والعدل.

الثالث : «سحر» إذا أريد من يوم بعينه ، نحو «جئتك يوم الجمعة سحر» فسحر ممنوع من الصرف للعدل وشبه العلمية ، وذلك أنه معدول عن السحر ؛

__________________

فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «صرفه» صرف : مفعول به لا منع ، وصرف مضاف والهاء مضاف إليه «إن» شرطية «عدلا» فعل ماض مبنى للمجهول فعل الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى العلم ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام «كفعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، وفعل مضاف ، و «التوكيد» مضاف إليه «أو» عاطفة «كثعلا» جار ومجرور معطوف على كفعل التوكيد.

(١) «والعدل» مبتدأ «والتعريف» معطوف عليه «مانعا» خبر المبتدأ ، ومانعا مضاف و «سحر» مضاف إليه «إذا» ظرف زمان متعلق بمانعا «به» جار ومجرور متعلق بيعتبر الآتى «التعيين» نائب فاعل لفعل محذوف يدل عليه يعتبر الآتى «قصدا» حال من الضمير المستتر فى «يعتبر» الآتى «يعتبر» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى التعيين ، والجملة من الفعل الذى هو يعتبر المذكور ونائب فاعله لا محل لها من الإعراب مفسرة.


لأنه معرفة ، والأصل فى التعريف أن يكون بأل ، فعدل به عن ذلك ، وصار تعريفه مشبها لتعريف العلمية ، من جهة أنه لم يلفظ معه بمعرّف.

* * *

وابن على الكسر فعال علما

مؤنّثا ، وهو نظير جشما (١)

عند تميم ، واصرفن ما نكّرا

من كلّ ما التّعريف فيه أثرا (٢)

أى : إذا كان علم المؤنث على وزن فعال ـ كحذام ، ورقاش ـ فللعرب فيه مذهبان :

أحدهما ـ وهو مذهب أهل الحجاز ـ بناؤه على الكسر ؛ فتقول : «هذه حذام ، ورأيت حذام ، ومررت بحذام» (٣).

__________________

(١) «وابن» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «على الكسر» جار ومجرور متعلق بابن «فعال» مفعول به لابن «علما» حال من فعال «مؤنثا» حال ثانية ، أو وصف للأولى «وهو» مبتدأ «نظير» خبر المبتدأ ، ونظير مضاف و «جشما» مضاف إليه.

(٢) «عند» ظرف متعلق بنظير فى البيت السابق ، وعند مضاف و «تميم» مضاف إليه «واصرفن» اصرف : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول : مفعول به لاصرف «نكرا» نكر : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة ما الموصولة «من كل» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من «ما» الموصولة الواقعة مفعولا ، وكل مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «التعريف» مبتدأ «فيه» جار ومجرور متعلق بأثر الآتى «أثرا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه يعود إلى التعريف ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ والخبر لا محل لها صلة.

(٣) وعلى ذلك جاء قول الشاعر ، وهو الشاهد رقم ١٦ السابق :


والثانى ـ وهو مذهب بنى تميم ـ إعرابه كإعراب ما لا ينصرف للعلميّة والعدل ، والأصل حاذمة وراقشة ، فعدل إلى حذام ورقاش ، كما عدل عمر وجشم عن عامر وجاشم ، وإلى هذا أشار بقوله : «وهو نظير جشما عند تميم» (١).

وأشار بقوله «واصرفن ما نكرا» إلى أن ما كان منعه من الصرف للعلمية وعلة أخرى إذا زالت عنه العلمية بتنكيره صرف لزوال إحدى العلّتين ، وبقاؤه بعلة واحدة لا يقتضى منع الصرف ، وذلك نحو معديكرب ، وغطفان ، وفاطمة ، وإبراهيم ، وأحمد ، وعلقى ، وعمر ـ أعلاما ؛ فهذه ممنوعة من الصرف للعلمية وشىء آخر ، فإذا نكرتها صرفتها لزوال أحد سببيها ـ وهو العلمية ـ فتقول : «ربّ معديكرب رأيت» وكذا الباقى.

__________________

إذا قالت حذام فصدّقوها

فإنّ القول ما قالت حذام

وقول النابغة الذبيانى :

أتاركة تدللها قطام

وضنّا بالتّحيّة والسّلام

وقول جذيمة الأبرش :

خبّرينى رقاش لا تكذبينى

أبحرّ زنيت أم بهجين

وقول الجعدى ، وأنشده ابن السكيت (الألفاظ ١٨) :

أهان لها الطعام فلم تضعه

غداة الرّوع إذ أزمت أزام

أزام : علم على الشدة المجدبة ، وقد سموها «تحوط» أيضا ؛ وقالوا فى مثل من أمثالهم «باءت عرار بكحل» وعرار وكحل : بقرتان انتطحتا فماتتا جميعا ؛ والمثل يضرب لكل مستويين أحدهما بإزاء الآخر ، وقد بنوا «عرار» على الكسر ، وجروا «كحل» بالفتحة لأنه علم مؤنث ، وانظر المثل رقم ٤٣٨ فى مجمع الأمثال ١ / ٩١ بتحقيقنا.

(١) وعلى هذه اللغة ورد قول الفرزدق ، وهو تميمى :

ندمت ندامة الكسعىّ لمّا

غدت منّى مطلّقة نوار

ولو أنى ملكت يدى ونفسى

لكان إلىّ للقدر الخيار


وتلخّص من كلامه أن العلمية تمنع الصرف مع التركيب ، ومع زيادة الألف والنون ، ومع التأنيث ، ومع العجمة ، ومع وزن الفعل ، ومع ألف الإلحاق المقصورة ، ومع العدل.

* * *

وما يكون منه منقوصا ففى

إعرابه نهج جوار يقتفى (١)

كلّ منقوص كان نظيره من الصحيح الآخر ممنوعا من الصرف يعامل معاملة جوار فى أنه ينون فى الرفع والجر تنوين العوض ، وينصب بفتحة من غير تنوين ، وذلك نحو قاض ـ علم امرأة ـ فإن نظيره من الصحيح ضارب ـ علم امرأة ـ وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث ، فقاض كذلك ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث ، وهو مشبه بجوار من جهة أن فى آخره ياء قبلها كسرة ، فيعامل معاملته ؛ فتقول : «هذه قاض ، ومررت بقاض ، ورأيت قاضى» كما تقول : «هؤلاء جوار ، ومررت بجوار ، ورأيت جوارى».

* * *

ولاضطرار ، أو تناسب صرف

ذو المنع ، والمصروف قد لا ينصرف (٢)

__________________

(١) «وما» اسم موصول : مبتدأ «يكون» فعل مضارع ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الواقعة مبتدأ «منه» جار ومجرور متعلق بيكون «منقوصا» خبر يكون ، والجملة من يكون واسمه وخبره لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «ففى إعرابه» الفاء زائدة ، والجار والمجرور متعلق بقوله «يقتفى» الآتى ، وإعراب مضاف والهاء مضاف إليه «نهج» مفعول به مقدم ليقتفى ، ونهج مضاف و «جوار» مضاف إليه «يقتفى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة الواقعة مبتدأ فى أول البيت ، والجملة من الفعل الذى هو يقتفى وفاعله المستتر فيه ومفعوله المقدم عليه فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) «لاضطرار» جار ومجرور متعلق بقوله «صرف» الآتى «أو تناسب» معطوف على اضطرار «صرف» فعل ماض مبنى للمجهول «ذو» نائب فاعل صرف ،


كمصدر الفعل الذي قد بدئا

بهمز وصل : كارعوى وكارتأى (١)

لما فرغ من المقصور شرع في الممدود ، وهو : الاسم الذي [في] آخره همزة ، تلي ألفا زائدة ، نحو حمراء ، وكساء ، ورداء.

فخرج بالاسم الفعل نحو «يشاء» ، وبقوله «تلي ألفا زائدة» ما كان في آخره همزة تلي ألفا غير زائدة ، كماء ، وآء جمع آءة ، وهو شجر.

والممدود أيضا كالمقصور : قياسي ، وسماعي.

فالقياسي : كل معتل له نظير من الصحيح الآخر ، ملتزم زيادة ألف قبل آخره ، وذلك كمصدر ما أوله همزة وصل ، نحو ارعوى ارعواء ، وارتأى ارتئاء ، واستقصى استقصاء ، فإن نظيرها من الصحيح انطلق انطلاقا ، واقتدر اقتدارا ، واستخرج استخراجا ، وكذا مصدر كل فعل معتل يكون على وزن أفعل ، نحو أعطى إعطاء ، فإن نظيره من الصحيح أكرم إكراما (٢)

* * *

__________________

في محل رفع خبر المبتدأ الثاني ، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول ، ودخلت الفاء فيه ـ وذلك في قوله «فالمد» ـ لشبه الموصول بالشرط.

(١) «كمصدر» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، ومصدر مضاف و «الفعل» مضاف إليه «الذي» اسم موصول : نعت للفعل «قد» حرف تحقيق «بدئا» بدئ : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذي ، والألف للاطلاق ، والجملة لا محل لها صلة «بهمز» جار ومجرور متعلق بقوله بدئ السابق ، وهمز مضاف ، و «وصل» مضاف إليه «كارعوى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف «وكارتأى» معطوف على كارعوى.

(٢) ومثل ذلك مصدر الفعل الذي على مثال نصر ينصر إذا كان دالا على صوت كرغاء وثغاء ومكاء دعاء وحداء ، أو كان دالا على داء مثل مشاء ، ومصدر الفعل الذي على مثال قاتل قتالا ، نحو والى ولاء ، وعادى عداء.


وأما منع المنصرف من الصرف للضرورة ؛ فأجازه قوم ، ومنعه آخرون ، وهم أكثر البصريين ، واستشهدوا لمنعه بقوله :

(٣٢١) ـ

وممّن ولدوا عامر ذو الطول وذو العرض

فمنع «عامر» من الصرف ، وليس فيه سوى العلمية ، ولهذا أشار بقوله : «والمصروف قد لا ينصرف».

* * *

__________________

٣٢١ ـ البيت لذى الإصبع العدوانى ، واسمه حرثان بن الحارث بن محرث.

اللغة : «ذو الطول وذو العرض» كناية عن عظم جسمه ، وعظم الجسم مما يتمدح العرب به ، وانظر إلى قول الشاعر ، وهو من شواهد النحاة فى باب الإبدال :

تبيّن لى أنّ القماءة ذلّة

وأنّ أعزّاء الرّجال طيالها

الإعراب : «ممن» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «ولدوا» فعل ماض ، وفاعله ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة «من» الموصولة المجرورة محلا بمن ، والعائد ضمير منصوب بولد محذوف ، وتقدير الكلام : وعامر ممن ولدوه «عامر» مبتدأ مؤخر «ذو» نعت لعامر ، وذو مضاف و «الطول» مضاف إليه «وذو» الواو عاطفة ، ذو : معطوف على ذو السابق ، وذو مضاف و «العرض» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «عامر» بلا تنوين ، حيث منعه من الصرف مع أنه ليس فيه من موانع الصرف سوى العلمية ، وهى وحدها غير كافية فى المنع من الصرف ، بل لا بد من انضمام علة أخرى إليها ؛ ليكون اجتماعهما سببا فى منع الاسم من الصرف.

ومثل هذا البيت قول العباس بن مرداس :

فما كان حصن ولا حابس

يفوقان مرداس فى مجمع

حيث منع صرف «مرداس» وليس فيه سوى العلمية.

ومن ذلك أيضا قول الأخطل التغلبى النصرانى من كلمة يمدح فيها سفيان بن الأبيرد :

طلب الأزارق بالكتائب إذ هوت

بشبيب غائلة النّفوس غدور

فإنه منع «شبيب» من الصرف مع أنه ليس فيه إلا سبب واحد وهو العلمية.

ومن ذلك قول دوسر الفريعى :

وقائلة : ما بال دوسر بعدنا

صحا قلبه عن آل ليلى وعن هند؟


إعراب الفعل

ارفع مضارعا إذا يجرّد

من ناصب وجازم ، كـ «تسعد» (١)

إذا جرّد [الفعل] المضارع عن عامل النصب وعامل الجزم رفع ، واختلف فى رافعه ؛ فذهب قوم إلى أنه ارتفع لوقوعه موقع الاسم ، فـ «يضرب» فى قولك : «زيد يضرب» واقع موقع «ضارب» فارتفع لذلك ، وقيل : ارتفع لتجرّده من الناصب والجازم ، وهو اختيار المصنف.

* * *

وبلن انصبه وكى ، كذا بأن

لا بعد علم ، والّتى من بعد ظنّ (٢)

فانصب بها ، والرّفع صحّح ، واعتقد

تخفيفها من أنّ ، فهو مطّرد (٣)

__________________

(١) «ارفع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «مضارعا» مفعول به لارفع «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «يجرد» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مضارع ، والجملة فى محل جر بإضافة إذا إليها ، وجواب الشرط محذوف ، والتقدير : إذا يجرد فارفعه «من ناصب» جار ومجرور متعلق بقوله «يجرد» السابق «وجازم» معطوف على ناصب «كتسعد» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كتسعد ، وقصد لفظ تسعد.

(٢) «بلن» جار ومجرور متعلق بانصبه «انصبه» انصب : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به «وكى» معطوف على لن «كذا ، بأن» جاران ومجروران متعلقان بفعل محذوف ، يدل عليه قوله انصبه «لا» عاطفة «بعد» ظرف معطوف على ظرف آخر محذوف ، والتقدير : فانصبه بأن بعد غير علم لا بعد علم «والتى» اسم موصول : مبتدأ «من بعد» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول ، وبعد مضاف و «ظن» مضاف إليه.

(٣) «فانصب» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة


ينصب المضارع إذا صحبه حرف ناصب ، وهو «لن ، أو كى ، أو أن ، أو إذن» نحو «لن أضرب ، وجئت كى أتعلّم ، وأريد أن تقوم ، وإذن أكرمك ـ فى جواب من قال لك : آتيك».

وأشار بقوله «لا بعد علم» إلى أنه إن وقعت «أن» بعد علم ونحوه ـ مما يدلّ على اليقين ـ وجب رفع الفعل بعدها ، وتكون حينئذ مخفّفة من الثقيلة ، نحو «علمت أن يقوم» (١) ، التقدير : أنّه يقوم ، فخففت أنّ ، وحذف اسمها ، وبقى خبرها ، وهذه هى غير الناصبة للمضارع ؛ لأن هذه ثنائية لفظا ثلاثية وضعا ، وتلك ثنائية لفظا ووضعا.

وإن وقعت بعد ظن ونحوه ـ مما يدل على الرّجحان ـ جاز فى الفعل بعدها وجهان :

أحدهما : النصب ، على جعل «أن» من نواصب المضارع.

الثانى : الرفع ، على جعل «أن» مخففة من الثقيلة.

فتقول : «ظننت أن يقوم ، وأن يقوم» والتقدير ـ مع الرفع ـ ظننت أنّه يقوم ، فخففت «أنّ» وحذف اسمها ، وبقى خبرها ، وهو الفعل وفاعله.

* * *

__________________

فى محل رفع خبر المبتدأ ـ وهو قوله «التى» فى البيت السابق ـ «بها» جار ومجرور متعلق بانصب «والرفع» مفعول مقدم لصحح «صحح» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «واعتقد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «تخفيفها» تخفيف : مفعول به لاعتقد ، وتخفيف مضاف وها مضاف إليه «من أن» جار ومجرور متعلق بتخفيف «فهو» الفاء للتعليل ، هو : ضمير منفصل مبتدأ «مطرد» خبر المبتدأ.

(١) ومن ذلك قول الشاعر ، وهو الشاهد رقم ١٠٧ السابق فى باب إن وأخواتها :

علموا أن يؤمّلون فجادوا

قبل أن يسألوا بأعظم سؤال


وبعضهم أهمل «أن» حملا على

«ما» أختها حيث استحقّت عملا (١)

يعنى أن من العرب من لم يعمل «أن» الناصبة للفعل المضارع ، وإن وقعت بعد ما لا يدل على يقين أو رجحان (٢) ؛ فيرفع الفعل بعدها حملا على أختها «ما» المصدرية ؛ لاشتراكهما فى أنهما يقدّران بالمصدر ؛ فتقول : «أريد أن تقوم» كما تقول : «عجبت مما تفعل».

* * *

ونصبوا بإذن المستقبلا

إن صدّرت ، والفعل بعد ، موصلا (٣)

__________________

(١) «وبعضهم» بعض : مبتدأ ، وبعض مضاف والضمير مضاف إليه «أهمل» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بعضهم «أن» قصد لفظه : مفعول به لأهمل ، والجملة من الفعل وفاعله ومفعوله فى محل رفع خبر المبتدأ «حملا» منصوب على نزع الخافض ، أو حال بتأويل اسم الفاعل من الضمير المستتر فى أهمل «على ما» جار ومجرور متعلق بقوله حملا «أختها» أخت : بدل من «ما» أو عطف بيان ، وأخت مضاف وضمير الغائبة العائد إلى أن المصدرية مضاف إليه «حيث» ظرف متعلق بأهمل مبنى على الضم فى محل نصب «استحقت» استحق : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، وفاعل استحق ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى أن المصدرية «عملا» مفعول به لاستحقت ، والجملة من استحقت وفاعله ومفعوله فى محل جر بإضافة حيث إليها.

(٢) وقد قرىء بالرفع فى قوله تعالى (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ) وعلى هذا ورد قول الشاعر :

أن تقرآن على أسماء ويحكما

منّى السّلام ، وألّا تشعرا أحدا

وقول الآخر :

إنّى زعيم يا نويقة

إن نجوت من الرّزاح

أن تهبطين بلاد قو

م يرتعون من الطّلاح

(٣) «ونصبوا» فعل وفاعل «بإذن» جار ومجرور متعلق بنصبوا «المستقبلا»


أو قبله اليمين ، وانصب وارفعا

إذا «إذن» من بعد عطف وقعا (١)

تقدّم أن من جملة نواصب المضارع «إذن» ولا ينصب بها إلا بشروط :

أحدها : أن يكون الفعل مستقبلا.

الثانى : أن تكون مصدّرة.

الثالث : أن لا يفصل بينها وبين منصوبها.

وذلك نحو أن يقال : أنا آتيك ؛ فتقول : «إذن أكرمك».

فلو كان الفعل بعدها حالا لم ينصب ، نحو أن يقال : أحبك ؛ فتقول : «إذن أظنك صادقا» ؛ فيجب رفع «أظن» وكذلك يجب رفع الفعل بعدها إن لم تتصدّر ، نحو «زيد إذن يكرمك» ؛ فإن كان المتقدم عليها حرف عطف جاز فى الفعل : الرفع ، والنصب ، نحو «وإذن أكرمك» ، وكذلك يجب

__________________

مفعول به لنصبوا «إن» شرطية «صدرت» صدر : فعل ماض مبنى للمجهول فعل الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى إذن «والفعل» الواو للحال ، والفعل : مبتدأ «بعد» ظرف مبنى على الضم فى محل نصب ، وهو متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «موصلا» حال من الضمير المستكن فى الظرف.

(١) «أو» عاطفة «قبله» قبل : ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم ، وقبل مضاف وضمير الغائب العائد إلى الفعل مضاف إليه ، ومعنى العبارة أن اليمين توسط بين إذن والفعل فوقع قبل الفعل فاصلا بينه وبين إذن «اليمين» مبتدأ مؤخر «وانصب» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وارفعا» معطوف على انصب «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «إذن» فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده ، والتقدير : إذا وقع إذن ، والجملة فى محل جر بإضافة «إذا» إليها «من بعد» جار ومجرور متعلق بوقع ، وبعد مضاف و «عطف» مضاف إليه «وقعا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى إذن الواقع فاعلا ، والجملة لا محل لها مفسرة.


رفع الفعل بعدها إن فصل بينها وبينه ، نحو «إذن زيد يكرمك» فإن فصلت بالقسم نصبت ، نحو «إذن والله أكرمك» (١).

* * *

وبين «لا» ولام جرّ التزم

إظهار «أن» ناصبة ، وإن عدم (٢)

«لا» فأن اعمل مظهرا أو مضمرا

وبعد نفى كان حتما أضمرا (٣)

كذك بعد «أو» إذا يصلح فى

موضعها «حتّى» أو «الّا» أن خفى (٤)

__________________

(١) ومن ذلك قول الشاعر :

إذن والله نرميهم بحرب

يشيب الطّفل من قبل المشيب

(٢) «وبين» ظرف متعلق بقوله «التزم» الآتى ، وبين مضاف ، و «لا» قصد لفظه : مضاف إليه «ولام» معطوف على لا ، ولام مضاف و «جر» مضاف إليه «التزم» فعل ماض مبنى للمجهول «إظهار» نائب فاعل لالتزم ، وإظهار مضاف و «أن» قصد لفظه : مضاف إليه ، من إضافة المصدر لمفعوله «ناصبة» حال من أن «وإن» شرطية «عدم» فعل ماض مبنى للمجهول فعل الشرط.

(٣) «لا» قصد لفظه : نائب فاعل «عدم» فى البيت السابق «فأن» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، أن ـ قصد لفظه : مفعول مقدم لأعمل «أعمل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط «مظهرا» بزنة اسم المفعول ـ حال من «أن» الواقعة مفعولا «أو مضمرا» معطوف على قوله مظهرا «وبعد» ظرف متعلق بقوله «أضمر» الآتى آخر البيت ، وبعد مضاف و «نفى» مضاف إليه ، ونفى مضاف و «كان» قصد لفظه : مضاف إليه «حتما» نعت لمصدر محذوف ، أى إضمارا حتما «أضمرا» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى أن ، والألف للاطلاق.

(٤) «كذاك» جار ومجرور متعلق بقوله «خفى» الآتى فى آخر البيت ، أو متعلق بمحذوف نعت لمصدر محذوف يقع مفعولا مطلقا لخفى ، أى : خفى خفاء مثل ذلك «بعد» ظرف متعلق بخفى ، وبعد مضاف و «أو» قصد لفظه : مضاف إليه «إذا» ظرف متعلق بخفى أيضا «يصلح» فعل مضارع «فى موضعها» الجار


اختصت «أن» من بين نواصب المضارع بأنها تعمل : مظهرة ، ومضمرة.

فتظهر وجوبا إذا وقعت بين لام الجر ولا النافية ، نحو «جئتك لئلّا تضرب زيدا».

وتظهر جوازا إذا وقعت بعد لام الجر ولم تصحبها لا النافية ، نحو «جئتك لأقرأ» و «لأن أقرأ» ، هذا إذا لم تسبقها «كان» المنفية.

فإن سبقتها «كان» المنفية وجب إضمار «أن» ، نحو «ما كان زيد ليفعل» ولا تقول : «لأن يفعل» قال الله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)

ويجب إضمار «أن» بعد «أو» المقدّرة بحتى ، أو إلّا ؛ فتقدّر بحتى إذا كان الفعل الذى قبلها [مما] ينقضى شيئا فشيئا ، وتقدّر بإلّا إن لم يكن كذلك ؛ فالأول كقوله :

(٣٢٢) ـ

لأستسهلنّ الصّعب أو أدرك المنى

فما انقادت الآمال إلّا لصابر

__________________

والمجرور متعلق بيصلح ، وموضع مضاف وها : مضاف إليه «حتى» قصد لفظه : فاعل يصلح «أو» عاطفة «إلا» معطوف على حتى «أن» قصد لفظه مبتدأ «خفى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على أن ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ وهو أن.

وتقدير البيت : أن خفى خفاء مثل ذلك الخفاء بعد أو إذا كان يصلح فى موضع أو حتى أو إلا.

٣٢٢ ـ هذا البيت من الشواهد التى استشهد بها كثير من النحاة ، ولم ينسبوها إلى قائل معين.

الإعراب : «لأستسهلن» اللام موطئة للقسم ، والفعل المضارع مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، ونون التوكيد


أى : لأستسهلنّ الصّعب حتى أدرك المنى ؛ فـ «أدرك» : منصوب بـ «أن» المقدّرة بعد أو التى بمعنى حتى ، وهى واجبه الإضمار ، والثانى كقوله :

(٣٢٣) ـ

وكنت إذا غمزت قناة قوم

كسرت كعوبها أو تستقيما

__________________

حرف مبنى على الفتح لا محل له من الإعراب «الصعب» مفعول به لأستسهل «أو» حرف عطف ، ومعناه هنا حتى «أدرك» فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوبا بعد أو ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «المنى» مفعول به لأدرك «فما» الفاء حرف دال على التعليل ، ما : نافية ، «انقادت» انقاد : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «الآمال» فاعل انقاد «إلا» أداة استثناء ملغاة «لصابر» جار ومجرور متعلق بانقاد.

الشاهد فيه : قوله «أو أدرك» حيث نصب الفعل المضارع الذى هو قوله «أدرك» بعد أو التى بمعنى حتى ، بأن مضمرة وجوبا.

٣٢٣ ـ هذا البيت لزياد الأعجم.

اللغة : «غمزت» الغمز : جس باليد يشبه النخس «قناة» هى الرمح «قوم» رجال «كعوبها» الكعوب : جمع كعب ، وهو : طرف الأنبوبة الناشز.

المعنى : يريد أنه إذا اشتد على جانب قوم رماهم بالدواهى وقذفهم بالشدائد والأوابد وضرب ما ذكره مثلا لهذا.

الإعراب : «كنت» كان : فعل ماض ناقص ، والتاء التى للمتكلم اسمه «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «غمزت» فعل وفاعل ، والجملة فى محل جر بإضافة «إذا» إليها «قناة» مفعول به لغمزت ، وقناة مضاف و «قوم» مضاف إليه «كسرت» فعل ماض وفاعله ، والجملة جواب إذا ، وجملتا الشرط والجواب فى محل نصب خبر كان «كعوبها» كعوب : مفعول به لكسرت ، وكعوب مضاف وها : مضاف إليه «أو» عاطفة ، وهى هنا بمعنى إلا «تستقيما» فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوبا بعد أو ، والألف للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى كعوب قوم.

الشاهد فيه : قوله «أو تستقيما» حيث نصب الفعل المضارع بأن مضمرة وجوبا بعد أو التى بمعنى إلا.


أى : كسرت كعوبها إلا أن تستقيم ، فـ «تستقيم» : منصوب بـ «أن» بعد «أو» واجبة الإضمار.

* * *

وبعد حتّى هكذا إضمار «أن»

حتم ، كـ «جد حتّى تسرّ ذا حزن» (١)

ومما يجب إضمار «أن» بعده : حتّى ، نحو «سرت حتّى أدخل البلد» ؛ فـ «حتى» : حرف [جر] و «أدخل» : منصوب بأن المقدّرة بعد حتى ، هذا إذا كان الفعل بعدها مستقبلا.

فإن كان حالا ، أو مؤوّلا بالحال ـ وجب رفعه ، وإليه الإشارة بقوله :

وتلو حتّى حالا او مؤوّلا

به ارفعنّ ، وانصب المستقبلا (٢)

__________________

(١) «وبعد» ظرف متعلق بقوله «إضمار» الآتى ، وبعد مضاف و «حتى» قصد لفظه : مضاف إليه «هكذا» الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر فيه الخبر الآتى «إضمار» مبتدأ ، وإضمار مضاف و «أن» قصد لفظه : مضاف إليه «حتم» خبر المبتدأ «كجد» الكاف جارة لقول محذوف ، جد : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «حتى» حرف جر بمعنى كى «تسر» فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد حتى ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ذا» مفعول به لتسر ، وذا مضاف و «حزن» مضاف إليه ، والفعل المضارع الذى هو تسر فى تأويل مصدر بواسطة أن المحذوفة ، وهذا المصدر مجرور بحتى ، والجار والمجرور متعلق بجد.

(٢) «وتلو» معناه تالى ، أى واقع بعد حتى ـ مفعول مقدم على عامله وهو قوله «ارفعن» الآتى ، وتلو مضاف و «حتى» قصد لفظه : مضاف إليه «حالا» منصوب على الحالية من تلو حتى «أو مؤولا» معطوف على قوله حالا «به» جار ومجرور متعلق بقوله «مؤولا» «ارفعن» ارفع : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وانصب» فعل أمر ، وفيه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت فاعل «المستقبلا» مفعول به لانصب.


فتقول : «سرت حتّى أدخل البلد» بالرفع ، إن قلته وأنت داخل ، وكذلك إن كان الدخول قد وقع ، وقصدت به حكاية تلك الحال ، نحو «كنت سرت حتّى أدخلها».

* * *

وبعد فاجواب نفى أو طلب

محضين «أن» وسترها حتم ، نصب (١)

يعنى أنّ «أن» تنصب ـ وهى واجبة الحذف ـ الفعل المضارع بعد الفاء المجاب بها نفى محض ، أو طلب محض ؛ فمثال النفى «ما تأتينا فتحدّثنا» وقد قال تعالى : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا)(٢) ، ومعنى كون النفى محضا : أن يكون خالصا من معنى الإثبات ؛ فإن لم يكن خالصا منه وجب رفع ما بعد الفاء ، نحو

__________________

(١) «وبعد» ظرف متعلق بقوله «نصب» الآتى فى آخر البيت ، وبعد مضاف و «فا» قصر للضرورة : مضاف إليه ، وفا مضاف و «جواب» مضاف إليه ، وجواب مضاف و «نفى» مضاف إليه «أو طلب» معطوف على نفى «محضين» نعت لنفى وطلب «أن» قصد لفظه : مبتدأ «وسترها» الواو للحال ، ستر : مبتدأ ، وستر مضاف وها مضاف إليه «حتم» خبر المبتدأ وهو ستر ، والجملة من المبتدأ وخبره فى محل نصب حال ، أو لا محل لها اعتراضية بين المبتدأ وخبره «نصب» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى أن ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ وهو «أن» ، والتقدير : أن نصبت فى حال كون استتارها واجبا بعد فاء جواب نفى محض أو طلب محض.

(٢) ومثل الآية الكريمة ـ فى نصب المضارع المقترن بفاء السببية بعد النفى ـ قول جميل بن معمر العذرى :

فكيف ولا توفى دماؤهم دمى

ولا مالهم ذو ندهة فيدونى؟

الشاهد فى قوله «فيدونى» أى يعطوا ديتى ، فإنه منصوب بحذف النون ، وأصله «يدوننى» وقوله «ما لهم ذو ندهة» هو بفتح فسكون ـ ومعناه ذو كثرة.


«ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا» (١) ، ومثال الطلب ـ وهو يشمل : الأمر ، والنهى ، والدعاء ، والاستفهام ، والعرض ، والتّحضيض ، والتمنى ـ فالأمر نحو «ائتنى فأكرمك» ومنه :

(٣٢٤) ـ

يا ناق سيرى عنقا فسيحا

إلى سليمان فنستريحا

والنهى نحو «لا تضرب زيدا فيضربك» ومنه قوله تعالى : (لا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي) والدعاء نحو «ربّ انصرنى فلا أخذل» ومنه :

(٣٢٥) ـ

ربّ وفّقنى فلا أعدل عن

سنن السّاعين فى خير سنن

__________________

(١) هذا الوجوب مسلم فيما إذا انتقض النفى بإلا قبل ذكر الفعل المقترن بالفاء ، كالمثال الذى ذكره الشارح ، فأما إذا وقعت «إلا» بعد الفعل نحو «ما تأتينا فتكلمنا إلا بخير» فإنه يجوز فى الفعل المقترن بالفاء وجهان : الرفع ، والنصب ، وزعم الناظم وابنه أنا يجب فيه الرفع ، وهو مردود بقول الشاعر :

وما قام منّا قائم فى نديّنا

فينطق إلّا بالّتى هى أعرف

يروى قوله «فينطق» بالرفع والنصب ، ونص سيبويه على جوازهما.

٣٢٤ ـ البيت لأبى النجم ـ الفضل بن قدامة ـ العجلى.

اللغة : «عنقا» بفتح العين المهملة والنون جميعا ـ هو ضرب من السير «فسيحا» واسع الخطى ، وأراد سريعا.

الإعراب : «يا» حرف نداء «ناق» منادى مرخم «سيرى» فعل أمر مبنى على حذف النون ، وياء المؤنثة المخاطبة فاعل «عنقا» مفعول مطلق عامله سيرى ، وأصله نعت لمحذوف «فسيحا» صفة لعنق «إلى سليمان» جار ومجرور ، متعلق بسيرى «فنستريحا» الفاء للسببية ، نستريح : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية ، والألف للاطلاق ، وفى نستريح ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.

الشاهد فيه : قوله «فنستريحا» حيث نصب الفعل المضارع بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية فى جواب الأمر.

٣٢٥ ـ البيت من الشواهد التى لم نقف على نسبتها لقائل معين.


والاستفهام نحو «هل تكرم زيدا فيكرمك؟» ومنه قوله تعالى : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) والعرض نحو «ألا تنزل عندنا فتصيب خيرا» ومنه قوله :

(٣٢٦) ـ

يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما

قد حدّثوك فما راء كمن سمعا؟

__________________

الإعراب : «رب» منادى بحرف نداء محذوف ، وقد حذفت ياء المتكلم اجتزاء بكسر ما قبلها «وفقنى» وفق : فعل دعاء ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به «فلا» الفاء فاء السببية ، ولا : نافية «أعدل» فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «عن سنن» جار ومجرور متعلق بأعدل ، وسنن مضاف و «الساعين» مضاف إليه «فى خير» جار ومجرور متعلق بالساعين ، وخبر مضاف و «سنن» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «فلا أعدل» حيث نصب الفعل المضارع بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية فى جواب الدعاء.

٣٢٦ ـ وهذا البيت ـ أيضا ـ من الشواهد التى لم نقف على نسبتها إلى قائل معين.

الإعراب : «يا» حرف نداء «ابن» منادى منصوب بالفتحة الظاهرة ، وابن مضاف و «الكرام» مضاف إليه «ألا» أداة عرض «تدنو» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «فتبصر» الفاء فاء السببية ، وتبصر : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول : مفعول به لتبصر ، مبنى على السكون فى محل نصب «قد» حرف تحقيق «حدثوك» فعل وفاعل ومفعول به أول ، والجملة لا محل لها صلة الموصول ، والعائد ضمير منصوب بحدثوا على أنه مفعول ثان له ، والتقدير : حدثوكه «فما» الفاء للتعليل ، ما : نافية «راء» مبتدأ «كمن» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «سمعا» ، سمع : فعل ماض ، والألف


والتّحضيض نحو «لو لا تأتينا فتحدّثنا» ، ومنه [قوله تعالى] : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) والتمنى نحو «ليت لى مالا فأتصدّق منه» ، ومنه قوله تعالى : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً).

ومعنى «أن يكون الطلب محضا» أن لا يكون مدلولا عليه باسم فعل ، ولا بلفظ الخبر ؛ فإن كان مدلولا عليه بأحد هذين المذكورين وجب رفع ما بعد الفاء ، نحو «صه فأحسن إليك ، وحسبك الحديث فينام النّاس».

* * *

والواو كالفا ، إن تفد مفهوم مع ،

كلا تكن جلدا وتظهر الجزع (١)

يعنى أن المواضع التى ينصب فيها المضارع بإضمار «أن» وجوبا بعد الفاء ينصب فيها كلّها بـ «أن» مضمرة وجوبا بعد الواو إذا قصد بها المصاحبة ، نحو (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) وقوله :

__________________

للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على من الموصولة المجرورة محلا بالكاف ، والجملة لا محل لها صلة «من» المجرورة محلا بالكاف.

الشاهد فيه : قوله «فتبصر» حيث نصب الفعل المضارع بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية فى جواب العرض.

(١) «الواو» مبتدأ «كالفا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «إن» شرطية «تفد» فعل مضارع فعل الشرط ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى الواو «مفهوم» مفعول به لتفد ، ومفهوم مضاف و «مع» مضاف إليه «كلا» الكاف جارة لقول محذوف على غرار ما سبق مرارا ، لا : ناهية «تكن» فعل مضارع ناقص مجزوم بلا الناهية ، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، و «جلدا» خبر تكن «وتظهر» الواو واو المعية ، تظهر : فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوبا بعد واو المعية وهو محل الشاهد ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الجزع» مفعول به لتظهر ، منصوب بالفتحة الظاهرة ، وسكن لأجل الوقف.


(٣٢٧) ـ

فقلت ادعى وأدعو ؛ إنّ أندى

لصوت أن ينادى داعيان

وقوله :

(٣٢٨) ـ

لا تنه عن خلق وتأتى مثله

عار عليك ـ إذا فعلت ـ عظيم

__________________

٣٢٧ ـ البيت لدثار بن شيبان النمرى ، أحد بنى النمر بن قاسط ، من كلمة عدة أبياتها ثلاثة عشر بيتا رواها له أبو السعادات بن الشجرى فى مختاراته (ص ٦ ق ٣) فى أثناء مختار شعر الحطيئة ، والبيت من شواهد سيبويه (١ / ٤٢٦) ونسب فى الكتاب للأعشى ، وليس فى شعره ، وهو أيضا من شواهد ابن هشام فى أوضح المسالك (رقم ٥٠١) وشذور الذهب (رقم ١٥٤) وابن الأنبارى فى الإنصاف (رقم ٣٥١) وروايته «ادعى وأدع فإن أندى» كرواية ابن الشجرى ، ومجازها أن «وأدع» مجزوم بلام الأمر محذوفا : أى ادعى ولأدع ، وقبل البيت المستشهد به قوله :

تقول حليلتى لما اشتكينا :

سيدركنا بنو القرم الهجان

سيدركنا بنو القمر ابن بدر

سراج اللّيل للشّمس الحصان

اللغة : «أندى» أفعل تفضيل من الندى ـ بفتح النون مقصورا ـ وهو بعد الصوت.

الإعراب : «فقلت» فعل وفاعل «ادعى» فعل أمر ، وياء المؤنثة المخاطبة فاعل «وأدعو» الواو واو المعية ، أدعو : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «إن» حرف توكيد ونصب «أندى» اسم إن «لصوت» اللام زائدة ، وصوت : مضاف إليه «أن» مصدرية «ينادى» فعل مضارع منصوب بأن ، وأن وما عملت فيه فى تأويل مصدر مرفوع خبر إن «داعيان» فاعل ينادى ، وتقدير الكلام : إن أجهر صوت مناداة داعيين.

الشاهد فيه : قوله «وأدعو» حيث نصب الفعل المضارع بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعية فى جواب الأمر.

٣٢٨ ـ البيت لأبى الأسود الدؤلى ، ونسبه ياقوت (معجم البلدان ٧ / ٣٨٤) وأبو الفرج (الأغانى ١١ / ٣٩ بولاق) للمتوكل الكنانى.


وقوله :

(٣٢٩) ـ

ألم أك جاركم ويكون بينى

وبينكم المودّة والإخاء؟

__________________

الإعراب : «لا» ناهية «تنه» فعل مضارع مجزوم بلا ، وعلامة جزمه حذف الألف والفتحة قبلها دليل عليها ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «عن خلق» جار ومجرور متعلق بتنه «وتأتى» الواو واو المعية ، تأتى : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «مثله» مثل : مفعول به لتأتى ، ومثل مضاف والهاء مضاف إليه «عار» خبر لمبتدأ محذوف ، أى ذلك عار «عليك» جار ومجرور متعلق بعار «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط ، والجملة بعده شرط إذا ، وجوابه محذوف يدل عليه ما قبله ، والجملة من الشرط وجوابه معترضة بين الصفة وموصوفها ، لا محل لها من الإعراب «عظيم» صفة لعار.

الشاهد فيه : قوله «وتأتى» حيث نصب الفعل المضارع بعد واو المعية فى جواب النهى ، بأن مضمرة وجوبا.

٣٢٩ ـ هذا البيت للحطيئة ، من قصيدة أولها فى رواية الأكثرين :

ألّا أبلغ بنى عوف بن كعب

وهل قوم على خلق سواء؟

وروى أبو السعادات ابن الشجرى فى أولها نسيبا وأوله :

ألا قالت أمامة : هل تعزّى؟

فقلت : أمام ، قد غلب العزاء

اللغة : «جاركم» يطلق الجار فى العربية على عدة معان : منها المجير ، والمستجير ، والحليف ، والناصر.

الإعراب : «ألم» الهمزة للتقرير ، ولم : نافية جازمة «أك» فعل مضارع ناقص مجزوم بلم ، وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة للتخفيف ، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «جاركم» جار : خبر أك ، وجار مضاف وضمير المخاطبين مضاف إليه «ويكون» الواو واو المعية ، يكون : فعل مضارع ناقص ، منصوب بأن المضمرة وجوبا بعد واو المعية «بينى» بين : ظرف متعلق بمحذوف خبر يكون تقدم على اسمه ، وبين مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «وبينكم» معطوف على بينى «المودة» اسم يكون تأخر عن خبره «والإخاء» معطوف على المودة.


واحترز بقوله : «إن تفد مفهوم مع» عما إذا لم تفد ذلك ، بل أردت التشريك بين الفعل والفعل ، أو أردت جعل ما بعد الواو خبرا لمبتدأ محذوف ؛ فإنه لا يجوز حينئذ النصب ، ولهذا جاز فيما بعد الواو فى قولك : «لا تأكل السمك وتشرب اللبن» ثلاثة أوجه : الجزم على التشريك بين الفعلين ، نحو «لا تأكل السمك وتشرب اللبن» والثانى : الرفع على إضمار مبتدأ ، نحو «لا تأكل السمك وتشرب اللّبن» أى : وأنت تشرب اللبن ، والثالث : النصب على معنى النهى عن الجمع بينهما ، نحو : «لا تأكل السمك وتشرب اللّبن» أى : لا يكن منك أن تأكل السمك وأن تشرب اللبن ، فينصب هذا الفعل بأن مضمرة.

* * *

وبعد غير النّفى جزما اعتمد

إن تسقط الفا والجزاء قد قصد (١)

يجوز فى جواب غير النفى ، من الأشياء التى سبق ذكرها ، أن تجزم إذا

__________________

الشاهد فيه : قوله «ويكون» حيث نصب الفعل المضارع بأن المضمرة وجوبا بعد واو المعية فى جواب الاستفهام.

ومثل هذا البيت قول صخر الغى الهذلى :

فلا تقعدنّ على زخّة

وتضمر فى القلب وجدا وخيفا

(١) «وبعد» ظرف متعلق بقوله «اعتمد» الآتى ، وبعد مضاف ، و «غير» مضاف إليه ، وغير مضاف و «النفى» مضاف إليه «جزما» مفعول مقدم لاعتمد «اعتمد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إن» شرطية «تسقط» فعل مضارع ، فعل الشرط «الفا» قصر ضرورة : فاعل تسقط «والجزاء» الواو واو الحال ، الجزاء : مبتدأ «قد» حرف تحقيق «قصد» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الجزاء ، والجملة محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل نصب حال.


سقطت الفاء وقصد الجزاء ، نحو «زرنى أزرك» ، وكذلك الباقى ، وهل هو مجزوم بشرط مقدر ، أى : زرنى فإن تزرنى أزرك ، أو بالجملة قبله؟ قولان (١) ، ولا يجوز الجزم فى النفى ؛ فلا تقول : «ما تأتينا تحدّثنا».

* * *

وشرط جزم بعد نهى أن تضع

«إن» قبل «لا» دون تخالف يقع (٢)

لا يجوز الجزم عند سقوط الفاء بعد النهى ، إلا بشرط أن يصح المعنى بتقدير دخول إن [الشرطية] على لا ؛ فتقول : «لا تدن من الأسد تسلم» بجزم «تسلم» ؛ إذ يصح «إن لا تدن من الأسد تسلم» ولا يجوز الجزم فى قولك : «لا تدن من الأسد يأكلك» ؛ إذ لا يصح «إن لا تدن من الأسد يأكلك» ،

__________________

(١) ذهب الجمهور إلى أن الجازم بعد الطلب هو شرط مقدر ، وذهبوا أيضا إلى أنه يجب تقدير «إن» من بين أدوات الشرط ، وذهب قوم إلى أن الجازم هو نفس الجملة السابقة ، وهؤلاء على فريقين : فريق منهم قال : تضمنت الجملة معنى الشرط فعملت عمله كما عمل «ضربا» فى نحو قولك «ضربا زيدا» عمل اضرب حين تضمن معناه ، وفريق قال : بل العامل الجملة لكونها نائبة عن أداة الشرط ، ومن الناس من قال : الجازم لام أمر مقدرة ؛ فالأقوال أربعة عند التحقيق.

(٢) «وشرط» مبتدأ ، وشرط مضاف و «جزم» مضاف إليه «بعد» ظرف متعلق بشرط أو بجزم ، وبعد مضاف و «نهى» مضاف إليه «أن» مصدرية «تضع» فعل مضارع منصوب بأن ، وسكن للوقف ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، و «أن» المصدرية وما دخلت عليه فى تأويل مصدر خبر المبتدأ «إن» قصد لفظه : مفعول به لتضع «قبل» ظرف متعلق بتضع ، وقبل مضاف و «لا» قصد لفظه : مضاف إليه «دون» ظرف متعلق بمحذوف حال من «إن» السابق ، ودون مضاف و «تخالف» مضاف إليه «يقع» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تخالف ، والجملة فى محل جر نعت لتخالف.


وأجاز الكسائى ذلك ، بناء على أنه لا يشترط عنده دخول «إن» على «لا» ؛ فجزمه على معنى «إن تدن من الأسد يأكلك».

* * *

والأمر إن كان بغير افعل فلا

تنصب جوابه ، وجزمه اقبلا (١)

قد سبق أنه إذا كان الأمر مدلولا عليه باسم فعل ، أو بلفظ الخبر ، لم يجز نصبه بعد الفاء (٢) ، وقد صرّح بذلك هنا ، فقال : متى كان الأمر بغير صيغة افعل ونحوها فلا ينتصب جوابه ، ولكن لو أسقطت الفاء جزمته كقولك : «صه أحسن إليك ، وحسبك الحديث ينم النّاس» وإليه أشار بقوله : «وجزمه اقبلا».

* * *

والفعل بعد الفاء فى الرّجا نصب

كنصب ما إلى التّمنّى ينتسب (٣)

__________________

(١) «والأمر» مبتدأ «إن» شرطية «كان» فعل ماض ناقص ، فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الأمر «بغير» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر «كان» وغير مضاف و «افعل» مضاف إليه «فلا» الفاء لربط الجواب بالشرط ، لا : ناهية «تنصب» فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «جوابه» جواب : مفعول به لتنصب ، وجواب مضاف والهاء مضاف إليه ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط ، وجملة الشرط وجوابه فى محل رفع خبر المبتدأ «وجزمه» الواو عاطفة أو للاستئناف ، جزم : مفعول به مقدم لقوله «اقبلا» الآتى ، وجزم مضاف والهاء مضاف إليه «اقبلا» فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت

(٢) يريد «لم يجز نصب جوابه بعد الفاء» فحذف المضاف.

(٣) «والفعل» مبتدأ «بعد» ظرف متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر فى قوله «نصب» الآتى ، وبعد مضاف و «الفاء» مضاف إليه «فى الرجا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق بقوله «نصب» الآتى «نصب» فعل ماض مبنى للمجهول ، وفيه


أجاز الكوفيون قاطبة أن يعامل الرجاء معاملة التمنى ، فينصب جوابه المقرون بالفاء ، كما نصب جواب التمنّى ، وتابعهم المصنف ، ومما ورد منه قوله تعالى : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ) فى قراءة من نصب «أطلع» وهو حفص عن عاصم.

* * *

وإن على اسم خالص فعل عطف

تنصبه «أن» : ثابتا ، أو منحذف (١)

يجوز أن ينصب بأن محذوفة أو مذكورة ، بعد عاطف تقدم عليه اسم خالص : أى غير مقصود به معنى الفعل ، وذلك كقوله :

(٣٣٠) ـ

ولبس عباءة وتقرّ عينى

أحبّ إلىّ من لبس الشّفوف

__________________

ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى الفعل نائب فاعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «كنصب» جار ومجرور متعلق بمحذوف يقع نعتا لمصدر محذوف : أى نصب نصبا كائنا كنصب ـ إلخ ، ونصب مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «إلى التمنى» جار ومجرور متعلق بقوله «ينتسب» الآتى «ينتسب» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة «ما» الموصولة.

(١) «إن» شرطية «على اسم» جار ومجرور متعلق بقوله «عطف» الآتى «خالص» نعت لاسم «فعل» نائب فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده ، وتقدير الكلام : وإن عطف فعل «عطف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على فعل ، والجملة لا محل لها من الإعراب مفسرة «تنصبه» تنصب : فعل مضارع ، جواب الشرط ، والهاء مفعول به «أن» قصد لفظه : فاعل تنصب «ثابتا» حال من «أن» «أو» عاطفة «منحذف» معطوف على قوله «ثابتا» ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة.

٣٣٠ ـ البيت لميسون بنت بحدل زوج معاوية بن أبى سفيان وأم ابنه يزيد.

اللغة : «عباءة» جبة من الصوف ونحوه ، ويقال فيها عباية أيضا «تقر عينى»


فـ «تقرّ» منصوب بـ «أن» محذوفة ، وهى جائزة الحذف ؛ لأن قبله اسما صريحا ، وهو لبس ، وكذلك قوله :

(٣٣١) ـ

[إنّى وقتلى سليسكا ثمّ أعقله

كالثّور يضرب لمّا عافت البقر

__________________

كناية عن سكون النفس ، وعدم طموحها إلى ما ليس فى يدها «الشفوف» جمع شف ـ بكسر الشين وفتحها ـ وهو ثوب رقيق يستشف ما وراءه.

الإعراب : «ولبس» مبتدأ ، ولبس مضاف و «عباءة» مضاف إليه «وتقر» الواو واو العطف ، تقر : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا بعد الواو عاطفة على اسم خالص من التقدير بالفعل «عينى» عين : فاعل تقر ، وعين مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «أحب» خبر المبتدأ «إلى» جار ومجرور متعلق بأحب «من لبس» جار ومجرور متعلق بأحب أيضا ، ولبس مضاف و «الشفوف» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قولها «وتقر» حيث نصبت الفعل المضارع بأن مضمرة جوازا بعد واو العطف التى تقدمها اسم خالص من التقدير بالفعل وهو لبس.

والمراد بالاسم الخالص : الاسم الذى لا تشوبه شائبة الفعلية ، وذلك بأن يكون جامدا جمودا محضا ، وقد يكون مصدرا كلبس فى هذا الشاهد ، وقد يكون اسما علما كما تقول : لو لا زيد ويحسن إلى لهلكت ، أى لو لا زيد وإحسانه إلى ، ومن هذا القبيل قول الشاعر :

ولو لا رجال من رزام أعزّة

وآل سبيع أو أسوأك علقما

أسوأك : منصوب بأن المضمرة والمعطوف عليه رجال ، وعلقم : منادى بحرف نداء محذوف.

٣٣١ ـ البيت لأنس بن مدركة الخثعمى ، وقد سقط برمته من بعض نسخ الشرح.

اللغة : «سليكا» بصيغة المصغر ـ هو سليك بن السلكة ـ بزنة همزة ، وهى أمه ـ أحد ذؤبان العرب وشذاذهم ، وكان من حديثه أنه مر ببيت من خثعم ، وأهله خلوف ، فرأى امرأة شابة بضة ، فنال منها ، فعلم بهذا أنس بن مدركة الخثعمى ، فأدركه فقتله «أعقله» مضارع عقل القتيل ، أى : أدى ديته «عافت» كرهت ، وامتنعت ، وأراد : أن البقر إذا امتنعت عن ورود الماء لم يضربها راعيها لأنها ذات


فـ «أعقله» : منصوب بـ «أن» محذوفة ، وهى جائزة الحذف ؛ لأن قبله اسما صريحا ، وهو «قتلى» ، وكذلك قوله] :

(٣٣٢) ـ

لو لا توقّع معترّ فأرضيه

ما كنت أوثر إترابا على ترب

__________________

لبن ، وإنما يضرب الثور لتفزع هى فتشرب ، ويقال : الثور فى هذا الكلام نبت من نبات الماء ، تراه البقر حين ترد الماء فتعاف الورود ، فيضربه البقار ؛ لينحيه عن مكان ورودها حتى ترد ، انظر حيوان الجاحظ (١ / ١٨) والأول أشهر وأعرف ، ووقع فى شعر الأعشى ما يبينه ، وقال الهيبان الفقيمى وعبر عن الثور باليعسوب على التشبيه :

كما ضرب اليعسوب أن عاف باقر

وما ذنبه إن عافت الماء باقر

المعنى : بشبه نفسه إذ قتل سليكا ثم وداه ـ أى : أدى ديته ـ بالثور يضربه الراعى لتشرب الإناث من البقر ، والجامع فى التشبيه بينهما تلبس كل منهما بالأذى لينتفع سواه.

الإعراب : «إنى» إن : حرف توكيد ونصب ، وياء المتكلم اسمه «وقتلى» الواو عاطفة ، قتل : معطوف على اسم إن ، وقتل مضاف وياء المتكلم مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله «سليكا» مفعول به لقتل «ثم» حرف عطف «أعقله» أعقل : فعل مضارع منصوب بأن محذوفة جوازا ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، والهاء مفعول به «كالثور» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر إن «يضرب» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الثور ، والجملة فى محل نصب حال من الثور «لما» حرف ربط «عافت» عاف : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «البقر» فاعل عاف.

الشاهد فيه : قوله «ثم أعقله» حيث نصب الفعل المضارع بأن مضمرة جوازا بعد ثم التى للعطف ، بعد اسم خالص من التقدير بالفعل ، وهو القتل.

والاسم الخالص من التقدير بالفعل هو الاسم الجامد ، سواء أكان مصدرا كما فى هذا البيت وبيت ميسون بنت بحدل (رقم ٣٣٠) والبيت الآتى (رقم ٣٣٢) ، أم كان غير مصدر ، كما قد ذكرنا لك ذلك واستشهدنا له فى شرح البيت السابق.

٣٣٢ ـ البيت من الشواهد التى لم نقف على نسبتها إلى قائل معين.

اللغة : «توقع» انتظار ، وارتقاب «معتر» هو الفقير الذى يتعرض للجدى


فـ «أرضيه» : منصوب «بأن» محذوفة جوازا بعد الفاء ؛ لأن قبلها اسما صريحا ـ وهو «توقّع» ـ وكذلك قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) فـ «يرسل» : منصوب بـ «أن» الجائزة الحذف ، لأن قبله «وحيا» وهو اسم صريح.

فإن كان الاسم غير صريح ـ أى : مقصودا به معنى الفعل ـ لم يجز النصب ، نحو «الطائر فيغضب زيد الذباب» فـ «يغضب» : يجب رفعه ، لأنه معطوف على «طائر» وهو اسم غير صريح ؛ لأنه واقع موقع الفعل ، من جهة أنه صلة لأل ، وحقّ الصلة أن تكون جملة ، فوضع «طائر» موضع «يطير»

__________________

والمعروف «أوثر» أفضل ، وأرجح «إترابا» مصدر أترب الرجل ، إذا استغنى «ترب» هو الفقر والعوز ، وأصله لصوق اليد بالتراب.

المعنى : يقول : لو لا أننى أرتقب أن يتعرض لى ذو حاجة فأقضيها له ما كنت أفضل الغنى على الفقر ، وللعلامة الصبان ـ وتبعه العلامة الخضرى ـ هنا زلة سببها عدم الوقوف على معانى الكلمات كما ذكرنا ، وتقليد من سبقه ، والله يغفر لنا وله ، ويتجاوز عنا وعنه.

الإعراب : «لو لا» حرف يقتضى امتناع الجواب لوجود الشرط «توقع» مبتدأ ، وخبره محذوف وجوبا ، وتقدير الكلام : لو لا توقع معتر موجود ، وتوقع مضاف و «معتر» مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله «فأرضيه» الفاء عاطفة ، أرضى : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا بعد الفاء العاطفة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، والهاء مفعوله «ما» نافية «كنت» كان : فعل ماض ناقص ، والتاء اسمه «أوثر» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، والجملة من الفعل وفاعله فى محل نصب خبر كان ، وجملة كان واسمه وخبره جواب لو لا «إترابا» مفعول به لأوثر «على ترب» جار ومجرور متعلق بأوثر.

الشاهد فيه : قوله «فأرضيه» حيث نصب الفعل المضارع بأن مضمرة جوازا بعد الفاء العاطفة التى تقدم عليها اسم صريح ، وهو قوله «توقع».


 ـ والأصل «الذى يطير» ـ فلما جىء بأل عدل عن الفعل [إلى اسم الفاعل] لأجل أل ؛ لأنها لا تدخل إلا على الأسماء.

* * *

وشذّ حذف «أن» ونصب ، فى سوى

ما مرّ ، فاقبل منه ما عدل روى (١)

لما فرغ من ذكر الأماكن التى ينصب فيها بـ «أن» محذوفة ـ إما وجوبا ، وإما جوازا ـ ذكر أنّ حذف «أن» والنّصب بها فى غير ما ذكر شاذ لا يقاس عليه ، ومنه قولهم : «مره يحفرها» بنصب «يحفر» أى : مره أن يحفرها ، ومنه [قولهم] «خذ اللّصّ قبل يأخذك» أى : قبل أن يأخذك ، ومنه قوله :

(٣٣٣) ـ

ألا أيّهذا الزّاجرى أحضر الوغى

وأن أشهد الّلذّات ، هل أنت مخلدى؟

فى رواية من نصب «أحضر» أى : أن أحضر.

* * *

__________________

(١) «وشذ» فعل ماض «حذف» فاعل شذ ، وحذف مضاف و «أن» قصد لفظه : مضاف إليه «ونصب» معطوف على حذف «فى سوى» جار ومجرور متعلق بنصب ، وسوى مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «مر» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «ما» الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة «فاقبل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «منه» جار ومجرور متعلق باقبل «ما» اسم موصول : مفعول به لاقبل «عدل» مبتدأ «روى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عدل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها صلة الموصول الواقع مفعولا به لاقبل ، والعائد ضمير منصوب بروى ، والتقدير : فاقبل الذى رواه عدل.

٣٣٣ ـ هذا البيت من معلقة طرفة بن العبد البكرى.

اللغة : «الزاجرى» الذى يزجرنى ، أى : يكفنى ويمنعنى «الوغى» القتال والحرب ، وهو فى الأصل : الجلبة والأصوات «مخلدى» أراد هل تضمن لى الخلود


 .......................................................................

__________________

ودوام البقاء إذا أحجمت عن القتال ومنازلة الأقران؟ ينكر ذلك على من ينهاه عن اقتحام المعارك ، ويأمره بالقعود والإحجام.

الإعراب : «ألا» أداة تنبيه «أيهذا» أى : منادى بحرف نداء محذوف ، وها : حرف تنبيه ، وذا : اسم إشارة نعت لأى ، مبنى على السكون فى محل رفع «الزاجرى» الزاجر : بدل أو عطف بيان من اسم الإشارة ، والزاجر مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ، من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله «أحضر» فعل مضارع منصوب بأن محذوفة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، و «أن» المحذوفة وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف : أى يزجرنى عن حضور الوغى «الوغى» مفعول به لأحضر «وأن» مصدرية «أشهد» فعل مضارع منصوب بأن المصدرية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «اللذات» مفعول به لأشهد «هل» حرف استفهام «أنت» مبتدأ «مخلدى» مخلد : خبر المبتدأ ، ومخلد مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله.

الشاهد فيه : قوله «أحضر» حيث نصب الفعل المضارع بأن محذوفة فى غير موضع من المواضع التى سبق ذكرها ، وإنما سهل ذلك وجود «أن» ناصبة لمضارع آخر فى البيت ـ وذلك فى قوله «وأن أشهد اللذات» ـ.

واعلم أن البيت يروى بوجهين فى قوله : «أحضر» أحدهما رفعه ، وهى رواية البصريين وعلى رأسهم سيبويه رحمه الله ، وثانيهما نصبه ، وهى رواية الكوفيين.

قال الأعلم الشنتمرى : «والشاهد فى البيت ـ عند سيبويه ـ رفع «أحضر» لحذف الناصب وتعريه منه ، والمعنى لأن أحضر الوغى ، وقد يجوز النصب بإضمار «أن» ضرورة ، وهو مذهب الكوفيين» ا ه.

واعلم أيضا أن النحاة يختلفون فى جواز حذف أن المصدرية مع بقاء الحاجة إلى السبك ـ سواء أرفعت المضارع بعد حذفها ، أم أبقيته على نصبه ـ فذهب الأخفش إلى جواز الحذف ، وجعل منه قوله تعالى : (أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) جعل «أعبد» مسبوكا بأن المصدرية محذوفة ، والمصدر مجرورا بحرف جر محذوف : أى بالعبادة ، ومنه قولهم «تسمع بالمعيدى خير من أن تراه» : أى سماعك ، وذهب أكثر النحاة إلى أن ذلك لا يسوغ فى السعة ، فلا يخرج عليه القرآن الكريم.


عوامل الجزم

بلا ولام طالبا ضع جزما

فى الفعل ، هكذا بلم ولمّا (١)

واجزم بإن ومن وما ومهما

أىّ متى أيّان أين إذ ما (٢)

وحيثما أنّى ، وحرف إذ ما

كإن ، وباقى الأدوات أسما (٣)

الأدوات الجازمة للمضارع على قسمين :

أحدهما : ما يجزم فعلا واحدا ، وهو اللام الدالة على الأمر ، نحو «ليقم زيد» ، أو على الدعاء ، نحو (لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) و «لا» الدالة على النهى ، نحو قوله تعالى : (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) أو على الدعاء ، نحو (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا) و «لم» و «لما» وهما للنفى ، ويختصان بالمضارع ، ويقلبان معناه إلى المضىّ ، نحو «لم يقم زيد ، ولمّا يقم عمرو» ولا يكون النفى بلمّا إلا متصلا بالحال.

__________________

(١) «بلا» جار ومجرور متعلق بقوله «ضع» الآتى «ولام» معطوف على «لا» «طالبا» حال من فاعل «ضع» المستتر فيه «ضع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «جزما» مفعول به لضع «فى الفعل» جار ومجرور متعلق بضع «هكذا ، بلم» جاران ومجروران يتعلقان بفعل محذوف دل عليه المذكور قبله : أى ضع كذا بلم «ولما» معطوف على «لم».

(٢) «واجزم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بإن» جار ومجرور متعلق باجزم «ومن ، وما ، ومهما ، أى ، متى ، أيان ، أين ، إذما» كلهن معطوفات على «إن» بعاطف مقدر فى بعضهن ومذكور فى الباقى.

(٣) «وحيثما ، أنى» معطوفان على «إن» فى البيت السابق أيضا «وحرف» خبر مقدم «إذ ما» قصد لفظه : مبتدأ مؤخر «كإن» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لحرف «وباقى» مبتدأ ، وباقى مضاف ، و «الأدوات» مضاف إليه «أسما» خبر المبتدأ ، وقصره للضرورة.


والثانى : ما يجزم فعلين ، وهو «إن» نحو (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) و «من» نحو (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) و «ما» نحو (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) و «مهما» نحو (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) و «أىّ» نحو (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) و «متى» كقوله :

(٣٣٤) ـ

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره

تجد خير نار عندها خير موقد

__________________

٣٣٤ ـ البيت للحطيئة ، من قصيدة يمدح فيها بغيض بن عامر ، ومطلعها :

آثرت إدلاجى على ليل حرّة

هضيم الحشا حسّانة المتجرّد

اللغة : «تعشو» أى : تجيئه على غير هداية ، قاله اللخمى عن الأصمعى ، أو تجيئه على غير بصر ثابت ، عن غيره «خير موقد» يحتمل أنه أراد الغلمان الذى يقومون على النار ويوقدونها ، يريد كثرة إكرامهم للضيفان وحفاوتهم بالواردين عليهم ، ويحتمل أنه أراد الممدوح نفسه ، وإنما جعله موقدا ـ مع أنه سيد ـ لأنه الآمر بالإيقاد ، فجعله فاعلا لكونه سبب الفعل ، كما فى قوله تعالى : (يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً) وكما فى قولهم «هزم الأمير الجيش وهو فى قصره ، وبنى الأمير الحصن» وما أشبه ذلك.

الإعراب : «متى» اسم شرط جازم يجزم فعلين ، الأول فعل الشرط ، والثانى جوابه وجزاؤه ، وهو ـ مع هذا ـ ظرف زمان مبنى على السكون فى محل نصب بتجد «تأته» تأت : فعل مضارع فعل الشرط ، مجزوم بحذف الياء ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعوله «تعشو» فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الواو ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت فاعل ، والجملة فى محل نصب حال من الضمير المستتر فى فعل الشرط «إلى ضوء» جار ومجرور متعلق بقوله «تعشو» السابق ، وضوء مضاف ونار من «ناره» مضاف إليه ، ونار مضاف والهاء مضاف إليه «تجد» فعل مضارع جواب الشرط وجزاؤه مجزوم بالسكون ، وفاعله ضمير


و «أيّان» كقوله :

(٣٣٥) ـ

أيّان نؤمنك تأمن غيرنا ، وإذا

لم تدرك الأمن منّا لم تزل حذرا

__________________

مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «خير» مفعول أول لتجد ، وخير مضاف و «نار» مضاف إليه «عندها» عند : ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم ، وعند مضاف وها : مضاف إليه «خير» مبتدأ مؤخر ، وخير مضاف و «موقد» مضاف إليه ، وجملة المبتدأ والخبر فى محل نصب مفعول ثان لتجد.

الشاهد فيه : قوله «متى تأته ... تجد ـ إلخ» حيث جزم بمتى فعلين ، أولهما قوله تأنه ، وهو فعل الشرط ، والثانى قوله «تجد» وهو جواب الشرط وجزاؤه ، على ما فصلناه فى الإعراب.

٣٣٥ ـ هذا البيت من الشواهد التى لم نعثر لها على نسبة إلى قائل معين.

الإعراب «نؤمنك» نعطك الأمان «حذرا» خائفا ، وجلا.

الإعراب : «أيان» اسم شرط جازم ، وهو مبنى على الفتح فى محل نصب على الظرفية «نؤمنك» نؤمن : فعل مضارع فعل الشرط ، مجزوم بالسكون ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن ، والكاف مفعول به «تأمن» فعل مضارع جواب الشرط ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت فاعل «غيرنا» غير : مفعول به لتأمن ، وغير مضاف ونا : مضاف إليه «وإذا» ظرف تضمن معنى الشرط «لم» نافية جازمة «تدرك» فعل مضارع مجزوم بلم ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الأمن» مفعول به لتدرك ، والجملة فى محل جر بإضافة «إذا» إليها «منا» جار ومجرور متعلق بتدرك «لم» نافية جازمة «تزل» فعل مضارع ناقص مجزوم بلم ، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «حذرا» خبر تزل ، وجملة «تزل حذرا» جواب «إذا».

الشاهد فيه : قوله «أيان نؤمنك تأمن ـ إلخ» حيث جزم بأيان فعلين ، أحدهما فعل الشرط ـ وهو قوله «نؤمنك» ـ والثانى جوابه وجزاؤه ـ وهو قوله «تأمن» ـ على ما بيناه فى الإعراب.


و «أينما» كقوله :

(٣٣٦) ـ

* أينما الرّيح تميّلها تمل*

و «إذ ما» نحو قوله :

(٣٣٧) ـ

وإنّك إذ ما تأت ما أنت آمر

به تلف من إيّاه تأمر آتيا

__________________

٣٣٦ ـ هذا عجز بيت لكعب بن جعيل ، وصدره :

* صعدة نابتة فى حائر*

اللغة : «صعدة» بفتح الصاد وسكون العين ـ هى القناة التى تنبت مستوية ؛ فلا تحتاج إلى تقويم ولا تثقيف ، ويقولون : امرأة صعدة ، أى مستقيمة القامة مستوية ، على التشبيه بالقناة ، كما يشبهونها بغصن البان وبالخيزران «حائر» هو المكان الذى يكون وسطه مطمئا منخفضا ، وحروفه مرتفعة عالية ، وإنما جعل الصعدة فى هذا المكان خاصة لأنه يكون أنعم لها وأسد لنبتتها.

المعنى : شبه امرأة ـ ذكرها فى بيت سابق ـ بقناة مستوية لدنة قد نبتت فى مكان مطمئن الوسط ، مرتفع الجوانب ، والريح تعبث بها وتميلها ، وهى تميل مع الربح.

والبيت السابق الذى أشرنا إليه هو قوله :

وضجيع قد تعلّلت به

طيّب أردانه غير تفل

الإعراب : «أينما» أين : اسم شرط جازم يجزم فعلين ، وهو مبنى على الفتح فى محل نصب على الظرفية ، وما : زائدة «الريح» فاعل بفعل محذوف بقع فعلا للشرط ، يفسره ما بعده ، والتقدير : أينما تميلها الريح ، و «تميلها» جملته لا محل لها مفسرة للفعل المحذوف «تمل» فعل مضارع جواب الشرط ، مجزوم بالسكون ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هى يعود إلى الصعدة فاعل.

الشاهد فيه : قوله «أينما ... تميلها تمل» حيث جزم بأينما فعلين : أحدهما ـ وهو الذى يفسره قوله «تميلها» ـ فعل الشرط ، والثانى ـ وهو قوله «تمل» ـ جوابه وجزاؤه.

٣٣٧ ـ البيت من الشواهد التى لم نعثر لها على نسبة إلى قائل معين.


و «حيثما» نحو قوله :

(٣٣٨) ـ

حيثما تستقم يقدّر لك الله

نجاحا فى غابر الأزمان

__________________

المعنى : يقول : إنك إذا قعلت الشىء الذى تأمر غيرك به وجدت المأمور آتيا به ، يريد أن الأمر بالمعروف لا يؤتى تمرته إلا إن كان الآمر مؤتمرا به.

الإعراب : «وإنك» إن : حرف توكيد ونصب ، والكاف اسمه «إذ ما» حرف شرط جازم ، يجزم فعلين : الأول فعل الشرط ، والثانى جوابه وجزاؤه «تأت» فعل مضارع فعل الشرط ، مجزوم بحذف الياء ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول : مفعول به لتأت «أنت» ضمير منفصل مبتدأ «آمر» خبر المبتدأ «به» جار ومجرور متعلق بآمر ، والجملة من المبتدأ وخبره لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «تلف» فعل مضارع جواب الشرط ، مجزوم بإذما ، وعلامة جزمه حذف الياء ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت فاعل «من» اسم موصول : مفعول أول لتلف «إياه» ضمير منفصل : مفعول مقدم على عامله ، وذلك العامل هو قوله «تأمر» الآتى «تأمر» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة لا محل لها صلة «من» الموصولة «آتيا» مفعول ثان لتلف.

الشاهد فيه : قوله «إذ ما تأت ... تلف» حيث جزم بإذما فعلين : أحدهما ـ وهو قوله : «تأت» ـ فعل الشرط ، والثانى ـ وهو قوله : «تلف» ـ جوابه وجزاؤه.

٣٣٨ ـ البيت من الشواهد التى لم يذكر العلماء الذين اطلعنا على كلامهم لها قائلا معينا.

اللغة : «تستقم» نعتدل ، وتأخذ فى الطريق السوى «تجاحا» ظفرا بما تريد ونوالا لما تأمل «غابر» باقى.

الإعراب : «حيثما» حيث. اسم شرط جازم ، يجزم فعلين : الأول فعل الشرط ، والثانى جوابه وجزاؤه ، وهو مبنى على الضم فى محل نصب على الظرفية ، وما : زائدة «تستقم» فعل مضارع فعل الشرط ، مجزوم بالسكون ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «يقدر» فعل مضارع ، جواب الشرط وجزاؤه ، مجزوم وعلامة جزمه السكون «لك» جار ومجرور متعلق بيقدر «الله» فاعل يقدر


و «أنّى» نحو قوله :

(٣٣٩) ـ

خليلىّ أنّى تأتيانى تأتيا

أخا غير ما يرضيكما لا يحاول

وهذه الأدوات ـ التى تجزم فعلين ـ كلّها أسماء ، إلا «إن ، وإذ ما» فإنهما حرفان ، وكذلك الأدوات التى تجزم فعلا واحدا كلّها حروف.

* * *

__________________

«نجاحا» مفعول به ليقدر «فى غابر» جار ومجرور متعلق بيقدر. وعابر مضاف و «الأزمان» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «حيثما تستقم يقدر ـ إلخ» حيث جزم بحيثما فعلين : أحدهما ـ وهو قوله «تستقم» ـ فعل الشرط ، والثانى ـ وهو قوله «يقدر» ـ جواب الشرط وجزاؤه.

٣٣٩ ـ وهذا البيت ـ أيضا ـ من الشواهد التى لم نقف على نسبتها إلى قائل معين.

الإعراب : «خليلى» منادى بحرف نداء محذوف ، منصوب بالياء المفتوح ما قبلها ، لأنه مثنى ، وهو مضاف وياء المتكلم المدغمة فى ياء التثنية مضاف إليه «أنى» اسم شرط جازم يجزم فعلين : الأول فعل الشرط ، والثانى جوابه وجزاؤه ، وهو ظرف مبنى على السكون فى محل نصب بجواب الشرط الذى هو تأتيا الثانى «تأتيانى» تأتيا : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بحذف النون ، وألف الاثنين فاعل ، والنون للوقاية ، وياء المتكلم مفعول به «تأتيا» فعل مضارع ، جواب الشرط ، مجزوم بحذف النون ، وألف الاثنين فاعل «أخا» مفعول به لتأتيا منصوب بالفتحة الظاهرة «غير» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «لا يحاول» الآتى ـ وغير مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «يرضيكما» يرضى : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ما الموصولة ، والضمير البارز المتصل مفعول به ليرضى ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «لا» نافية «يحاول» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قوله «أخا» السابق ، والجملة فى محل نصب صفة لقوله أخا.


فعلين يقتضين : شرط قدّما

يتلو الجزاء ، وجوابا وسما (١)

يعنى أن هذه الأدوات المذكورة فى قوله : «واجزم بإن ـ إلى قوله : وأنّى» يقتضين جملتين : إحداهما ـ وهى المتقدمة ـ تسمى شرطا ، والثانية ـ وهى المتأخرة ـ تسمى جوابا وجزاء ، ويجب فى الجملة الأولى أن تكون فعلية ، وأما الثانية فالأصل فيها أن تكون فعلية ، ويجوز أن تكون اسمية ، نحو : «إن جاء زيد أكرمته ، وإن جاء زيد فله الفضل».

* * *

وماضيين ، أو مضارعين

تلفيهما ـ أو متخالفين (٢)

__________________

الشاهد فيه : قوله «أتى تأنياتى تأتيا ـ إلخ» حيث جزم بأنى فعلين : أحدهما ـ وهو قوله «تأتيانى» ـ فعل الشرط ، والثانى ـ وهو قوله «تأتيا» ـ جواب الشرط وجزاؤه.

ولا يقال إنه قد اتحد الشرط والجواب ؛ لأن الجواب هنا هو الفعل مع متعلقاته وهى المفعول به ولواحقه ، فأما الشرط فهو مطلق الإتيان.

(١) «فعلين» مفعول مقدم على عامله ـ وهو قوله «يقتضين» ـ «يقتضين» فعل مضارع مبنى على السكون لاتصاله بنون النسوة العائدة على الأدوات السابقة ، ونون النسوة فاعل «شرط» مبتدأ ، وساغ الابتداء به مع كونه نكرة لوقوعه فى معرض التفصيل «قدما» قدم : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى شرط ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «يتلو» فعل مضارع «الجزاء» فاعل يتلو «وجوابا» مفعول ثان تقدم على عامله ـ وهو قوله «وسم» الآتى ـ «وسما» وسم : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قوله الجزاء ، وهو المفعول الأول.

(٢) «وماضيين» مفعول ثان تقدم على عامله ـ وهو قوله «تلفيهما» الآتى


إذا كان الشرط والجزاء جملتين (١) فعليّتين فيكونان على أربعة أنحاء :

الأول : أن يكون الفعلان ماضيين ، نحو «إن قام زيد قام عمرو» ويكونان فى محل جزم ، ومنه قوله تعالى : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ).

والثانى : أن يكونا مضارعين ، نحو «إن يقم زيد يقم عمرو» ومنه قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ).

والثالث : أن يكون الأول ماضيا والثانى مضارعا ، نحو «إن قام زيد يقم عمرو» ومنه قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها).

والرابع : أن يكون الأول مضارعا ، والثانى ماضيا ، وهو قليل ، ومنه قوله :

(٣٤٠) ـ

منّ يكدنى بسيّىء كنت منه

كالشّجا بين حلقه والوريد

__________________

«أو» عاطفة «مضارعين» معطوف على قوله «ماضيين» السابق «تلفيهما» تلفى : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والضمير البارز المتصل مفعول تلفى الأول «أو» عاطفة «متخالفين» معطوف على قوله مضارعين.

(١) لا عذر للشارح فى قوله «جملتين» من وجهين ؛ الأول : أن الناظم قال «فعلين يقتضين» والوجه الثانى : أن الشرط لا يكون جملة ، وإنما يكون فعلا ، فأما الجواب فقد يكون فعلا وقد يكون جملة ، وجملة الجواب قد تكون فعلية وقد تكون اسمية ؛ وإذا كان الشرط فعلا ماضيا كان هذا الفعل وحده فى محل جزم كما قال الشارح نفسه.

٣٤٠ ـ هذا البيت لأبى زبيد الطائى ، من قصيدة أولها :

إنّ طول الحياة غير سعود

وضلال تأميل نيل الخلود

اللغة : «يكدنى» من الكيد ـ من باب باع ـ يخدعنى ، وبمكربى «الشجا» ما يعترض فى الحلق كالعظم «الوريد» هو الودج ، وقيل بجنبه.

المعنى : يرثى ابن أخته ، ويعدد محاسنه ، فيقول : كنت لى بحيث إن من أراد أن


وقوله صلى الله عليه وسلم : «من يقم ليلة القدر غفر له ما تقدّم من ذنبه» (١).

* * *

__________________

يخدعنى ويمكربى فإنك تقف فى طريقه ولا تمكنه من نيل مأربه ، كما يقف الشجا فى الحلق فيمنع وصول شىء إلى الجوف ، وكنى بذلك عن انتقامه ممن يؤذيه.

الإعراب : «من» اسم شرط جازم يجزم فعلين الأول فعل الشرط والثانى جوابه وجزاؤه ، وهو مبنى على السكون فى محل رفع مبتدأ «يكدنى» يكد : فعل مضارع فعل الشرط ، مجزوم بالسكون ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم الشرط «كنت» كان : فعل ماض ناقص ، مبنى على فتح مقدر فى محل جزم جواب الشرط ، وتاء المخاطب اسمه «منه ، كالشجا» جاران ومجروران يتعلقان بمحذوف خبر كان «بين» ظرف متعلق بالخبر ، وبين مضاف وحلق من «حلقه» مضاف إليه ، وحلق مضاف والهاء مضاف إليه «والوريد» معطوف على حلقه.

الشاهد فيه : قوله «من يكدنى .. كنت ـ إلخ» حيث جزم بمن الشرطية فعلين :أحدهما ـ وهو قوله «من يكدنى» ـ فعل الشرط ، والثانى ـ وهو قوله «كنت» ـ جواب الشرط وجزاؤه ، وأولهما فعل مضارع ، وثانيهما فعل ماض ، وسنتكلم على هذه المسألة ونستدل لمثل ما ورد فى هذا البيت قريبا جدا.

(١) ذهب الجمهور إلى أن مجىء فعل الشرط مضارعا وجوابه ماضيا ، يختص بالضرورة الشعرية ، وذهب الفراء ـ وتبعه الناظم ـ إلى أن ذلك سائغ فى الكلام ، وهو الراجح عندنا ، فقد وردت منه جملة صالحة من الشواهد نثرا ونظما ، فمن النثر الحديث الذى أثره الشارح ، ومنه قول عائشة رضى الله عنها «إن أبا بكر رجل أسيف متى يقم مقامك رق» ومن الشعر البيت الذى رواه الشارح ، ومنه قول قعنب بن أم صاحب :

إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا

منّى ، وما سمعوا من صالح دفنوا

فقد جزم بإن قوله «يسمعوا» شرطا ، وهو فعل مضارع ، وقوله «طاروا»


وبعد ماض رفعك الجزا حسن

ورفعه بعد مضارع وهن (١)

أى : إذا كان الشرط ماضيا والجزاء مضارعا ـ جاز جزم الجزاء ، ورفعه ، وكلاهما حسن : فتقول : «إن قام زيد يقم عمرو ، ويقوم عمرو» ومنه قوله :

(٣٤١) ـ

وإن أناه خليل يوم مسألة

يقول : لا غائب مالى ولا حرم

__________________

جوابا وهو فعل ماض ، ويروى عجزه «وما يسمعوا من صالح دفنوا» فيكون فيه شاهد لهذه المسألة أيضا.

(١) «بعد» ظرف متعلق بقوله «حسن» الآتى ، وبعد مضاف و «ماض» مضاف إليه «رفعك» رفع : مبتدأ ، ورفع مضاف والكاف مضاف إليه ، من إضافة المصدر إلى فاعله «الجزا» قصر للضرورة : مفعول به للمصدر «حسن» خبر المبتدأ «ورفعه» رفع : مبتدأ ، ورفع مضاف والهاء مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله «بعد» ظرف متعلق بقوله «وهن» الآتى ، وبعد مضاف ، و «مضارع» مضاف إليه «وهن» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى رفعه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

٣٤١ ـ هذا البيت لزهير بن أبى سلمى المزنى ، من قصيدة مطلعها :

قف بالدّبار التى لم يعفها القدم

بلى ، وغيّرها الأرواح والدّيم

اللغة : «خليل» أى فقير محتاج ؛ مأخوذ من الخلة ـ بفتح الخاء ـ وهى الفقر والحاجة «مسألة» مصدر سأل يسأل : أى طلب العطاء ، واسترفد المعونة ، ويروى «يوم مسغبة» والمسغبة هى الجوع «حرم» بزنة كتف ـ أى ممنوع.

المعنى يقول : إن هذا الممدوح كريم جواد ، سخى يبذل ما عنده ؛ فلو جاءه فقير محتاج يطلب نواله ويسترفد عطاءه لم يعتذر إليه بغياب ماله ولم يمنعه إجابة سؤاله.

الإعراب : «إن» حرف شرط جازم يجزم فعلين «أتاه» أتى : فعل ماض مبنى على فتح مقدر فى محل جزم فعل الشرط ، والهاء مفعوله «خليل» فاعل أتى «يوم» ظرف زمان متعلق بقوله أتاه ، ويوم مضاف و «مسألة» مضاف إليه «يقول» فعل مضارع جواب الشرط ـ وستعرف ما فيه «لا» نافية عاملة عمل ليس «غائب» اسم


وإن كان الشرط مضارعا والجزاء مضارعا وجب الجزم [فبهما] ورفع الجزاء ضعيف كقوله :

(٣٤٢) ـ

يا أقرع بن حابس يا أقرع

إنّك إن يصرع أخوك تصرع

* * *

__________________

لا مرفوع بها «مالى» مال : فاعل لغائب سد مسد خبر لا ، ومال مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «ولا» الواو عاطفة ، لا : زائدة لتأكيد النفى «حرم» معطوف على غائب ، هكذا قالوا ، والأحسن عندى أن يكون حرم خبرا لمبتدأ محذوف ، والتقدير : ولا أنت حرم ، فتكون الواو قد عطفت جملة على جملة.

الشاهد فيه : قوله «يقول» حيث جاء جواب الشرط مضارعا مرفوعا ، وفعل الشرط ماضيا ، وهو قوله «أتاه» ـ وذلك على إضمار الفاء عند الكوفيين والمبرد ، أى : إن أتاه فيقول ـ إلخ ، وهو ـ عند سيبويه ـ على التقديم والتأخير ، أى : يقول إن أتاه خليل يوم مسألة لا غائب ـ إلخ ، فيكون جواب الشرط على ما ذهب إليه محذوفا والمذكور إنما هو دليله.

٣٤٢ ـ هذا البيت من رجز لعمرو بن خثارم البجلى ، أنشده فى المنافرة التى كانت بين جرير بن عبد الله البجلى ، وخالد بن أرطاة الكلبى ، وكانا قد تنافرا إلى الأقرع ابن حابس ـ وكان عالم العرب فى زمانه ـ ليحكم بينهما ، وذلك فى الجاهلية قبل إسلام الأقرع بن حابس.

الإعراب : «يا» حرف نداء «أقرع» منادى مبنى على الضم فى محل نصب «ابن» نعت لأقرع بمراعاة محله ، وابن مضاف و «حابس» مضاف إليه «يا أقرع» وكيد للنداء الأول «إنك» إن : حرف توكيد ونصب ، والكاف اسمه «إن» شرطية «يصرع» فعل مضارع مبنى للمجهول فعل الشرط «أخوك» أخو : نائب فاعل يصرع مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه من الأسماء الستة ، وأخو مضاف وكاف المخاطب مضاف إليه «تصرع» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، وسيبويه يجعل الجملة من الفعل ونائب الفاعل فى محل رفع خبر إن ، وجواب الشرط


واقرن بفا حتما جوابا لو جعل

شرطا لإن أو غيرها ، لم ينجعل (١)

أى : إذا كان الجواب لا يصلح أن يكون شرطا وجب اقترانه بالفاء ، وذلك كالجملة الاسمية ، نحو «إن جاء زيد فهو محسن» وكفعل الأمر ، نحو «إن جاء زيد فاضربه» وكالفعلية المنفية بما ، نحو «إن جاء زيد فما أضربه» أو «لن» نحو «إن جاء زيد فلن أضربه».

فإن كان الجواب يصلح أن يكون شرطا ـ كالمضارع الذى ليس منفيّا بما ، ولا بلن ، ولا مقرونا بحرف التنفيس ، ولا بقد ، وكالماضى المتصرّف

__________________

محذوف يدل عليه خبر إن ، والكوفيون والمبرد يجعلون هذه الجملة جواب الشرط ، وجملة الشرط والجواب خبر إن.

الشاهد فيه : قوله «إن يصرع .. تصرع» حيث وقع جواب الشرط مضارعا مرفوعا ، وفعل الشرط مضارع ، وذلك ضعيف واه ، وهل يختص بالضرورة الشعرية؟. والجواب أنه لا يختص بضرورة الشعر ، وفاقا للمحقق الرضى ، بدليل وقوعه فى القرآن الكريم ، وذلك فى قراءة طلحة بن سليمان (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) برفع يدرك.

(١) «واقرن» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بفا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق باقرن «حتما» حال بتأويل اسم الفاعل : أى حاتما «جوابا» مفعول به لاقرن «لو» حرف شرط غير جازم «جعل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى جواب ، ونائب الفاعل هذا هو مفعول جعل الأول «شرطا» مفعول ثان لجعل «لإن» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لقوله شرطا «أو» عاطفة «غيرها» غير : معطوف على إن ، وغير مضاف وها مضاف إليه «لم» نافية جازمة «ينجعل» فعل مضارع مجزوم بلم ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى جواب ، وهذه الجملة جواب لو ، ولو وشرطها وجوابها فى محل تصب صفة لقوله جوابا.


الذى هو غير مقرون بقد ـ لم يجب اقترانه بالفاء ، نحو «إن جاء زيد يجىء عمرو» أو «قام عمرو».

* * *

وتخلف الفاء إذا المفاجأه

ك «إن تجد إذا لنا مكافأه» (١)

أى : إذا كان الجواب جملة اسمية وجب اقترانه بالفاء ، ويجوز إقامة «إذا» الفجائية مقام الفاء ، ومنه قوله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) ولم يقيد المصنف الجملة بكونها اسمية استغناء بفهم ذلك من التمثيل ، وهو «إن تجد إذا لنا مكافأة».

* * *

والفعل من بعد الجزا إن يقترن

بالفا أو الواو بتثليث قمن (٢)

__________________

(١) «وتخلف» فعل مضارع «الفاء» مفعوله «إذا» قصد لفظه : فاعل تخلف ، وإذا مضاف و «المفاجأة» مضاف إليه من إضافة الدال إلى المدلول «كإن» الكاف جارة لقول محذوف ، إن : شرطية «تجد» فعل مضارع فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إذا» رابطة للجواب بالشرط «لنا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «مكافأة» مبتدأ مؤخر ، والجملة من المبتدأ والخبر فى محل جزم جواب الشرط.

(٢) «والفعل» مبتدأ «من بعد» جار ومجرور متعلق بقوله «يقترن» الآتى ، وبعد مضاف ، و «الجزا» قصر للضرورة : مضاف إليه «إن» شرطية «يقترن» فعل مضارع فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الفعل «بالفا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق بقوله يقترن «أو الواو» معطوف على الفاء «بتثليث» جار ومجرور متعلق بقوله قمن الآتى «قمن» خبر المبتدأ ـ وهو قوله «الفعل» ـ وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.


إذا وقع بعد جزاء الشرط فعل [مضارع] مقرون بالفاء أو الواو ـ جاز فيه ثلاثة أوجه : الجزم ، والرفع ، والنصب ، وقد قرىء بالثلاثة قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ، فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) بجزم «يغفر» ورفعه ، ونصبه ، وكذلك روى بالثلاثة قوله :

(٣٤٣) ـ

فإن يهلك أبو قابوس يهلك

ربيع النّاس والبلد الحرام

ونأخذ بعده بذناب عيش

أجبّ الظّهر ليس له سنام

__________________

٣٤٣ ـ البيتان للنابغة الذبيانى ، وقبلهما بيت يخاطب به عصاما حاجب النعمان ابن المنذر ، وهو قوله :

ألم أقسم عليك لتخبرنّى

أمحمول على النّعش الهمام؟

اللغة : «يهلك» من باب ضرب يضرب ـ فعل لازم يتعدى بالهمزة كما فى قوله تعالى (أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) وبنو تميم يعدونه بنفسه «أبو قابوس» هى كنية النعمان ابن المنذر ، وقابوس : يمتنع من الصرف للعلمية والعجمة «ربيع الناس» كنى به عن الخصب والنماء وسعة العيش ورفاغته ، وجعل النعمان ربيعا لأنه سبب ذلك «البلد الحرام» كنى به عن أمن الناس وطمأنينتهم وراحة بالهم وذهاب خوفهم ، وجعل النعمان ذلك لأنه كان سببا فيه ؛ إذ أنه كان يجير المستجير ويؤمن الخائف «بذناب عيش» ذناب كل شىء ـ بكسر الذال ـ عقبه وآخره «أجب الظهر» أى : مقطوع السنام ، شبه الحياة بعد النعمان والعيش فى ظلال غيره ، وما يلاقيه الناس بعده من المشقة وصعوبة المعيشة وعسرها ، ببعير قد أضمره الهزال وقطع الإعياء والنصب سنامه ، تشبيها مضمرا فى النفس ، وطوى ذكر المشبه به ، وذكر بعض لوازمه ، وقوله «ليس له سنام» فضل فى الكلام وزيادة يدل عليها سابقه.

الإعراب : «فإن» شرطية «يهلك» فعل مضارع ، فعل الشرط «أبو» فاعل يهلك ، وأبو مضاف ، و «قابوس» مضاف إليه «يهلك» جواب الشرط «ربيع الناس» فاعل يهلك ومضاف إليه «والبلد» معطوف على ربيع «الحرام» نعت للبلد «ونأخذ» يروى بالجزم فهو معطوف على جواب الشرط ، ويروى بالرفع فالواو


روى بجزم «نأخذ» ورفعه ، ونصبه.

* * *

وجزم او نصب لفعل إثرفا

أو واو ان بالجملتين اكتنفا (١)

إذا وقع بين فعل الشرط والجزاء فعل مضارع مقرون بالفاء ، أو الواو ـ جاز نصبه وجزمه ، نحو «إن يقم زيد ، ويخرج خالد ، أكرمك» بجزم «يخرج» ونصبه ، ومن النصب قوله :

__________________

للاستئناف ، والفعل مرفوع لتجرده عن العوامل التى تقتضى جزمه أو نصبه ، ويروى بالنصب فالواو حينئذ واو المعية ، والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة ، وإنما ساغ ذلك ـ مع أن شرط النصب بعد واو المعية أن تكون واقعة بعد نفى ، أو استفهام ، أو نحوهما ـ لأن مضمون الجزاء لم يتحقق وقوعه ، لكونه معلقا بالشرط ؛ فأشبه الواقع بعد الاستفهام «بعده» بعد : ظرف متعلق بنأخذ ، وبعد مضاف ، وضمير الغائب مضاف إليه «بذناب» جار ومجرور متعلق بنأخذ ، وذناب مضاف و «عيش» مضاف إليه «أجب» صفة لعيش مجرورة بالكسرة الظاهرة ، وأجب مضاف ، و «الظهر» مضاف إليه «ليس» فعل ماض ناقص «له» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ليس مقدم «سنام» اسم ليس تأخر عن خبرها ، والجملة من ليس واسمها وخبرها فى محل جر صفة ثانية لعيش.

الشاهد فيه : قوله «ونأخذ» حيث روى بالأوجه الثلاثة ، وقد بينا ذلك مع إعراب البيتين.

(١) «وجزم» مبتدأ «أو» عاطفة «نصب» معطوف على جزم «لفعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، أو متعلق بالمبتدأ أو بالمعطوف عليه على سبيل التنازع ، وعلى هذا يكون خبر المبتدأ إما محذوفا يفهم من السياق ، تقديره : حائز ، أو نحوه ، وإما الجملة الشرطية الآتية «إثر» ظرف متعلق بمحذوف صفة لفعل ، وإثر مضاف و «فا» قصر للضرورة : مضاف إليه «أو» عاطفة «واو» معطوف على فا «إن» شرطية «بالجملتين» جار ومجرور متعلق باكتنفا الآتى «اكتنفا» فعل ماض فعل الشرط ، وجواب الشرط محذوف.


(٣٤٤) ـ

ومن يقترب منّا ويخضع نؤوه

ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما

* * *

والشّرط يغنى عن جواب قد علم

والعكس قد يأتى إن المعنى فهمّ (٢)

__________________

٣٤٤ ـ البيت من الشواهد التى لم نقف على نسبتها إلى قائل معين.

اللغة : «يقترب» يدنو ، ويقرب «يخضع» يستكين ، ويذل «نؤوه» ننزله عندنا «هضما» ظلما ، وضياعا لحقوقه.

الإعراب : «ومن» اسم شرط جازم يجزم فعلين ، الأول فعل الشرط ، والثانى جوابه وجزاؤه ، وهو مبنى على السكون فى محل رفع مبتدأ «يقترب» فعل مضارع فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على من الشرطية «منا» جار ومجرور متعلق بقوله يقترب «ويخضع» الواو واو المعية ، ويخضع : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعية لتنزيل الشرط منزلة الاستفهام ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على من الشرطية أيضا «نؤوه» نؤو : فعل مضارع ، جواب الشرط ، مجزوم بحذف الياء. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن ، والهاء مفعول به «ولا» الواو عاطفة ، لا : نافية «يخش» فعل مضارع معطوف على جواب الشرط ، مجزوم بحذف الألف ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على من الشرطية أيضا «ظلما» مفعول به ليخش «ما» مصدرية ظرفية «أقام» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه «ولا» الواو عاطفة ، لا : نافية «هضما» معطوف على قوله «ظلما».

الشاهد فيه : قوله «ويخضع» فإنه منصوب ، وقد توسط بين فعل الشرط وجوابه.

ونظير هذا البيت قول زهير بن أبى سلمى ، وهو من شواهد سيبويه :

ومن لا يقدّم رجله مطمئنّة

فيثبتها فى مستوى الأرض يزلق

(١) «والشرط» مبتدأ «يغنى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الشرط ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «عن جواب» جار


يجوز حذف جواب الشرط ، والاستغناء [بالشرط] عنه ، وذلك عند ما يدلّ دليل على حذفه ، نحو «أنت ظالم إن فعلت» فحذف جواب الشرط لدلالة «أنت ظالم» عليه ، والتقدير : «أنت ظالم ، إن فعلت فأنت ظالم» ، وهذا كثير فى لسانهم.

وأما عكسه ـ وهو حذف الشرط والاستغناء عنه بالجزاء ـ فقليل ، ومنه قوله :

(٣٤٥) ـ

فطلّقها فلست لها بكفء

وإلّا يعل مفرقك الحسام

__________________

ومجرور متعلق بيغنى «قد» حرف تحقيق «علم» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على جواب ، والجملة فى محل جر صفة لجواب «والعكس» مبتدأ «قد» حرف تقليل «يأتى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى العكس ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «إن» شرطية «المعنى» نائب فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده «فهم» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المعنى ، والجملة لا محل لها تفسيرية ، وجواب الشرط محذوف.

٣٤٥ ـ البيت لمحمد بن عبد الله الأنصارى المعروف بالأحوص ، من أبيات يقولها فى زوج أخت امرأته ، أو فى زوج امرأة كان يحبها ـ واسمه مطر ـ وقد تقدم بعض هذه الأبيات فى باب النداء مع الإشارة إلى حديثه ، فارجع إن شئت إلى باب النداء (ش ٣٠٧).

اللغة : «بكفء» ـ بوزان قفل ـ أى نظير مكافىء «مفرق» بكسر الراء أو فتحها ـ وسط الرأس «الحسام» السيف.

الإعراب : «فطلقها» طلق : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وها : مفعول به «فلست» الفاء تعليلية ، ليس : فعل ماض ناقص ، والتاء اسمه «لها» جار ومجرور متعلق بقوله «كفء» الآتى «بكفء» الباء زائدة ، كفء : خبر ليس منصوب بالفتحة المقدرة «وإلا» الواو عاطفة ، إن : شرطية أدغمت فى لا


[أى : وإلّا تطلقها يعل مفرقك الحسام].

* * *

واحذف لدى اجتماع شرط وقسم

جواب ما أخّرت فهو ملتزم (١)

كلّ واحد من الشرط والقسم يستدعى جوابا ، وجواب الشرط : إما مجزوم ، أو مقرون بالفاء ، وجواب القسم إن كان جملة فعلية مثبتة ، مصدّرة بمضارع ـ أكّد باللام والنون نحو : «والله لأضربنّ زيدا» وإن صدّرت بماض اقترن باللام وقد (٢) ، نحو «والله لقد قام زيد» وإن كان جملة اسمية فبإنّ واللام ، أو اللام وحدها ، أو بإنّ وحدها ، نحو «والله إنّ زيدا لقائم»

__________________

النافية ، وفعل الشرط محذوف يدل عليه ما قبله ، أى وإلا تطلقها «يعل» فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بحذف الواو «مفرقك» مفرق : مفعول به ليعل ، ومفرق مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه «الحسام» فاعل يعل.

الشاهد فيه : قوله «وإلا يعل» حيث حذف فعل الشرط ولم يذكر فى الكلام إلا الجواب ، وقد ذكرنا تقديره فى إعراب البيت ، وذكره الشارح العلامة.

(١) «واحذف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لدى» ظرف بمعنى عند متعلق باحذف ، ولدى مضاف و «اجتماع» مضاف إليه ، واجتماع مضاف و «شرط» مضاف إليه «وقسم» معطوف على شرط «جواب» مفعول به لا حذف ، وجواب مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «أخرت» أخر : فعل ماض ، والتاء ضمير المخاطب فاعله ، والجملة لا محل لها صلة الموصول ، والعائد ضمير منصوب بأخرت محذوف ، والتقدير ما أخرته «فهو» الفاء للتعليل ، وهو : ضمير منفصل مبتدأ «ملتزم» خبر المبتدأ.

(٢) وربما حذفت اللام وقد جميعا ، وذلك إن طالت جملة القسم ، وذلك نحو قوله تعالى : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) فإن هذه الجملة جواب القسم الذى فى أول السورة ، وهو فعل ماض مثبت وليس معه لام ولا قد ، ثم إن الذى يقترن باللام وقد معا هو الماضى المتصرف ، فأما الجامد فيقترن باللام وحدها ، نحو «والله لعسى زيد أن يقوم ، ووالله لنعم الرجل زيد».


و «والله لزيد قائم» و «والله إنّ زيدا قائم» وإن كان جملة فعلية منفية [فينفى] بما أو لا أو إن ، نحو «والله ما يقوم زيد ، ولا يقوم زيد ، وإن يقوم زيد» والاسمية كذلك.

فإذا اجتمع شرط وقسم حذف جواب المتأخّر منهما لدلالة جواب الأول عليه ؛ فتقول : «إن قام زيد والله يقم عمرو» ؛ فتحذف جواب القسم لدلالة جواب الشرط عليه ، وتقول : «والله إن يقم زيد ليقومنّ عمرو» ؛ فتحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه.

* * *

وإن تواليا وقبل ذو خبر

فالشّرط رجّح ، مطلقا ، بلا حذر (١)

أى : إذا اجتمع الشرط والقسم أجيب السابق منهما ، وحذف جواب المتأخر ، هذا إذا لم يتقدم عليهما ذو خبر ؛ فإن تقدم عليهما ذو خبر رجّح الشرط مطلقا ، أى : سواء كان متقدما أو متأخرا ؛ فيجاب الشرط ويحذف جواب القسم ؛ فتقول : «زيد إن قام والله أكرمه» و «زيد والله إن قام أكرمه».

* * *

__________________

(١) «إن» شرطية «تواليا» توالى : فعل ماض فعل الشرط ، وألف الاثنين فاعله «وقبل» الواو واو الحال ، قبل : ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم «ذو» مبتدأ مؤخر ، وذو مضاف و «خبر» مضاف إليه ، والجملة من المبتدأ والخبر فى محل نصب حال من ألف الاثنين فى «تواليا» السابق «فالشرط» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، الشرط : مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «رجح» الآتى ـ «رجح» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط «مطلقا» حال من الشرط «بلا حذر» جار ومجرور متعلق برجح.


وربّما رجّح بعد قسم

شرط بلا ذى خبر مقدّم (١)

أى : وقد جاء قليلا ترجيح الشرط على القسم عند اجتماعهما وتقدّم القسم ، وإن لم يتقدم ذو خبر ، ومنه قوله :

(٣٤٦) ـ

لئن منيت بنا عن غبّ معركة

لا تلفنا عن دماء القوم ننتفل

__________________

(١) «وربما» رب : حرف تقليل ، وما : كافة «رجح» فعل ماض مبنى للمجهول «بعد» ظرف متعلق برجح ، وبعد مضاف و «قسم» مضاف إليه «شرط» نائب فاعل رجح ، و «بلا ذى» جار ومجرور متعلق برجح ، وذى مضاف ، و «خبر» مضاف إليه «مقدم» نعت لذى خبر.

٣٤٦ ـ البيت للأعشى : ميمون بن قيس ، من قصيدة له مشهورة ، معدوده فى المعلقات ، مطلعها :

ودّع هريرة إنّ الرّكب مرتحل

وهل تطيق وداعا أيّها الرّجل؟

غرّاء فرعاء مصقول عوارضها

تمشى الهوينا كما يمشى الوجى الوحل

كأنّ مشيتها من بيت جارتها

مرّ السّحابة لا ريث ولا عجل

اللغة : «منيت» ابتليت ، والخطاب ليزيد بن مسهر الشيبانى «عن غب» عن ـ هنا ـ تؤدى المعنى الذى تؤديه بعد ، وغب كذا ـ بكسر الغين ـ أى : عقبه ، ويروى* .. عن جد* والجد ـ بكسر الجيم ـ المجاهدة ، أى الشدة «لا نلفنا» لا تجدنا «ننتفل» نتملص ونتخلص.

الإعراب : «لئن» اللام موطئة للقسم ، أى : والله لئن ـ إن : شرطية «منيت» منى : فعل ماض مبنى للمجهول فعل الشرط ، وتاء المخاطب نائب فاعل «بنا» جار ومجرور متعلق بمنيت «عن غب» جار ومجرور متعلق بمنيت أيضا ، وغب مضاف و «معركة» مضاف إليه «لا» نافية «تلفنا» تلف : فعل مضارع جواب الشرط ، مجزوم بحذف الياء ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، ونا : مفعول أول «عن دماء» جار ومجرور متعلق بقوله «ننتفل» الآتى ، ودماء مضاف ، «القوم»


فلام «لئن» موطّئة لقسم محذوف ـ والتقدير : والله لئن ـ و «إن» : شرط ، وجوابه «لا تلفنا» وهو مجزوم بحذف الياء ، ولم يجب القسم ، بل حذف جوابه لدلالة جواب الشرط عليه ، ولو جاء على الكثير ـ وهو إجابة القسم لتقدّمه ـ لقيل : لا تلفينا ؛ بإثبات الياء ؛ لأنه مرفوع.

* * *

__________________

مضاف إليه «ننتفل» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن ، والجملة من الفعل وفاعله فى محل نصب مفعول ثانى لتلفى :

الشاهد فيه : «قوله لا تلفنا» حيث أوقعه جواب الشرط مع تقدم القسم عليه. وحذف جواب القسم لدلالة جواب الشرط عليه ، ولو أنه أوقعه جوابا للقسم لجاء به مرفوعا ، لا مجزوما ، وقد ذكر ذلك الشارح العلامة.


فصل لو

«لو» حرف شرط ، فى مضىّ ، ويقلّ

إيلاؤها مستقبلا ، لكن قبل (١)

لو تستعمل استعمالين :

أحدهما : أن تكون مصدريّة ، وعلامتها صحة وقوع «أن» موقعها ، نحو «وددت لو قام زيد» أى : قيامه ، وقد سبق ذكرها فى باب الموصول (٢).

الثانى : أن تكون شرطية ، ولا يليها ـ غالبا ـ إلا ماض معنى ، ولهذا قال : «لو حرف شرط فى مضىّ» وذلك نحو قولك : «لو قام زيد لقمت» وفسّرها سيبويه بأنها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره ، وفسّرها غيره بأنها حرف امتناع لامتناع ، وهذه العبارة الأخيرة هى المشهورة ، والأولى الأصحّ ، وقد يقع بعدها ما هو مستقبل المعنى ، وإليه أشار بقوله «ويقل إيلاؤها مستقبلا» ومنه قوله تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ) وقوله :

__________________

(١) «لو» قصد لفظه : مبتدأ «حرف» خبر المبتدأ ، وحرف مضاف ، و «شرط» مضاف إليه «فى مضى» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لشرط «ويقل» فعل مضارع «إيلاؤها» إيلاء : فاعل يقل ، وإيلاء مضاف ، وها : مضاف إليه ، من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول «مستقبلا» مفعول ثان للمصدر «لكن» حرف استدراك «قبل» فعل ماض ، مبنى للمجهول ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى إيلائها المستقبل هو نائب الفاعل.

(٢) قد أنكر جماعة من النحاة مجىء لو مصدرية ، وقد ذكرنا ذلك مفصلا فى ص ٣٨٩ الآتية.


(٣٤٧) ـ

ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلّمت

علىّ ودونى جندل وصفائح

لسلّمت تسليم البشاشة ، أوزقا

إليها صدى من جانب القبر صائح

* * *

__________________

٣٤٧ ـ البيتان لنوبة بن الحمير ـ بضم الحاء المهملة ، وفتح الميم ، وتشديد الياء المثناة.

اللغة : «جندل» بفتحتين بينهما سكون ـ أى حجر «صفائح» هى الحجارة العراض التى تكون على القبور «البشاشة» طلاقة الوجه «زقا» صاح «الصدى» ذكر البوم ، أو هو ما تسمعه فى الجبال كترديد لصوتك.

المعنى : يريد أن ليلى لو سلمت عليه بعد موته ، وقد حجبته عنها الجنادل والأحجار العريضة ، لسلم عليها وأجابها تسليم ذوى البشاشة ، أو لناب عنه فى تحيتها صدى يصيح من جانب القبر.

الإعراب : «لو» حرف امتناع لامتناع «أن» حرف توكيد ونصب «ليلى» اسم أن «الأخيلية» نعت لليلى «سلمت» سلم : فعل ماض ، والتاء علامة التأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى ليلى ، والجملة فى محل رفع خبر أن و «أن» ومعمولها فى تأويل مصدر إما فاعل لفعل محذوف ، والتقدير : ولو ثبت تسليم ليلى ، وإما مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : ولو تسليم ليلى حاصل ، مثلا ، وقد بين الشارح هذا الخلاف قريبا (ص ٣٨٧) وعلى أية حال فهذه الجملة هى جملة الشرط «على» جار ومجرور متعلق بسلمت «ودونى» الواو واو الحال ، دون : ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ودون مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «جندل» مبتدأ مؤخر ، والجملة من المبتدأ والخبر فى محل نصب حال «لسلمت» اللام هى التى تقع فى جواب لو ، وسلم : فعل ماض ، والتاء ضمير المتكلم فاعل «تسليم» منصوب على المفعولية المطلقة ، وتسليم مضاف و «البشاشة» مضاف إليه ، «أو» عاطفة «زقا» فعل ماض ، معطوف على «سلمت» الماضى «إليها» جار ومجرور متعلق بزقا «صدى» فاعل زقا «من جانب» جار ومجرور متعلق بقوله «صائح» الآتى ، وجانب مضاف ، و «القبر» مضاف إليه «صائح» نعت لصدى.

الشاهد فيه : وقوع الفعل المستقبل فى معناه بعد لو ، وهذا قليل.


وهى فى الاختصاص بالفعل كإن

لكنّ لو أنّ بها قد تقترن (١)

يعنى أن «لو» الشرطيّة تختصّ بالفعل ؛ فلا تدخل على الاسم ، كما أنّ «إن» الشرطية كذلك ، لكن تدخل «لو» على «أنّ» واسمها وخبرها ، نحو : «لو أنّ زيدا قائم لقمت». واختلف فيها ، والحالة هذه ؛ فقيل : هى بافية على اختصاصها ، و «أنّ» وما دخلت عليه فى موضع رفع فاعل بفعل محذوف ، والتقدير «لو ثبت أن زيدا فائم لقمت» [أى : لو ثبت قيام زيد] ، وقيل : زالت عن الاختصاص ، و «أنّ» وما دخلت عليه فى موضع رفع مبتدأ ، والخبر محذوف ، والتقدير «لو أن زيدا قائم ثابت لقمت» أى : لو قيام زيد ثابت ، وهذا مذهب سيبويه.

* * *

وإن مضارع تلاها صرفا

إلى المضىّ ، نحو لو يفى كفى (٢)

__________________

(١) «وهى» ضمير منفصل مبتدأ «فى الاختصاص» جار ومجرور متعلق بما يتعلق به الخبر الآتى «بالفعل» جار ومجرور متعلق بالاختصاص «كإن» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «لكن» حرف استدراك ونصب «لو» قصد لفظه : اسم لكن «أن» قصد لفظه أيضا : مبتدأ «بها» جار ومجرور متعلق بقوله «تقترن» الآتى «قد» حرف تقليل «تقترن» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى «أن» ، والجملة من الفعل وفاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل رفع خبر لكن.

(٢) «وإن» شرطية «مضارع» فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده «تلاها» تلا : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مضارع ، وها مفعول ، والجملة لا محل لها مفسرة «صرفا» صرف : فعل ماض مبنى للمجهول ، وهو جواب الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «مضارع»


قد سبق أن «لو» هذه لا يليها ـ فى الغالب ـ إلا ما كان ماضيا فى المعنى ، وذكر هنا أنه إن وقع بعدها مضارع فإنها تقلب معناه إلى المضىّ ، كقوله :

(٣٤٨) ـ

رهبان مدين والّذين عهدتهم

يبكون من حذر العذاب قعودا

__________________

السابق ، والألف للاطلاق «إلى المضى» جار ومجرور متعلق بصرف «نحو» خبر مبتدأ محذوف ـ أى وذلك نحو ـ «لو» حرف شرط غير جازم «يفى» فعل مضارع فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه «كفى» جواب الشرط ، وجملة الشرط وجوابه فى محل جر بإضافة «نحو» إليه على تقدير مضاف ، أى : نحو قولك لو يفى كفى.

٣٤٨ ـ البيتان لكثير عزة ، يتحدث فيهما عن تأثير عزة عليه ومنشئه.

اللغة : «رهبان» جمع راهب ، وهو عابد النصارى «مدين» قرية بساحل الطور «قعودا» جمع قاعد ، مأخوذ من قعد للأمر ، أى اهتم له واجتهد فيه.

الإعراب : «رهبان» مبتدأ ، ورهبان مضاف و «مدين» مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة «والذين» اسم موصول معطوف على رهبان «عهدتهم» ، عهد : فعل ماض ، وتاء المتكلم فاعله ، مبنى على الضم فى محل رفع ، وضمير جماعة الغائبين العائد على الذين مفعول به لعهد ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة «يبكون» فعل مضارع ، وواو الجماعة فاعله ، والنون علامة الرفع ، والجملة فى محل نصب حال من المفعول فى عهدتهم «من حذر» جار ومجرور متعلق بقوله «يبكون» السابق ، وحذر مضاف و «العذاب» مضاف إليه «قعودا» منصوب على الحال : إما من المفعول فى عهدتهم كجملة يبكون فتكون الحال مترادفة ، وإما من الفاعل فى يبكون فتكون الحال متداخلة «لو» حرف امتناع لامتناع «يسمعون» فعل مضارع ، وواو الجماعة فاعل ، والنون علامة الرفع ، والجملة شرط لو لا محل لها من الإعراب «كما» الكاف جارة ، ما : مصدرية «سمعت» فعل وفاعل ، و «ما» وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مجرور بالكاف ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف نعت لمصدر محذوف ، أى : سماعا مثل سماعى «كلامها» كلام : تنازعه الفعلان قبله ، وكل منهما يطلبه مفعولا ، وكلام مضاف ، وها : مضاف إليه «خروا» خر : فعل ماض ، وواو الجماعة فاعل ، والجملة


لو يسمعون كما سمعت كلامها

خرّوا لعزّة ركّعا وسجودا

أى : لو سمعوا.

ولا بدّ للو هذه من جواب ، وجوابها : إما فعل ماض ، أو مضارع منفى بلم.

وإذا كان جوابها مثبتا ، فالأكثر اقترانه باللام ، نحو : «لو قام زيد لقام عمرو» ويجوز حذفها ؛ فتقول : «لو قام زيد قام عمرو».

وإن كان منفيا بلم لم تصحبها اللام ؛ فتقول : «لو قام زيد لم يقم عمرو».

وإن نفى بما فالأكثر تجرّده من اللام ، نحو : «لو قام زيد ما قام عمرو» ، ويجوز اقترانه بها ، نحو : «لو قام زيد لما قام عمرو» (١).

* * *

__________________

جواب لو لا محل لها من الإعراب ، وجملتا الشرط والجواب فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو رهبان مدين «لعزة» جار ومجرور متعلق بقوله «خروا» السابق «ركعا» حال من الواو فى خروا «وسجودا» معطوف على قوله ركعا.

الشاهد فيه : قوله «لو يسمعون» حيث وقع الفعل المضارع بعد «لو» فصرفت معناه إلى المضى ؛ فهو فى معنى قولك «لو سمعوا».

(١) اعلم أن كثيرا من النحاة ينكرون «لو» المصدرية ، ويقولون لا تكون لو إلا شرطية ، فإن ذكر جوابها فالأمر ظاهر ، وإن لم يذكر جوابها ـ كما فى الأمثلة التى تدعى فيها المصدرية ـ فالجواب محذوف ، والذين أثبتوها قالوا : إنها توافق أن المصدرية : فى المعنى ، وفى سبك الفعل بعدها بمصدر ، وفى بقاء الماضى على مضيه وتخليص المضارع للاستقبال ، وتفارقها فى العمل ، فإن لو لا تنصب ، ولا بد لهما من أن يطلبهما عامل ، فيكون كل منهما مع مدخوله فاعلا نحو «يعجبنى أن تقوم ، وما كان ضرك لو مننت» ومفعولا به ، نحو «أحب أن تقوم ، ويود أحدهم لو يعمر» وخبر مبتدأ نحو «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه» ونحو قول الأعشى :

وربّما فات قوما جلّ أمرهم

من التّأنّى وكان الحزم لو عجلوا

وتقع «أن» مع مدخولها مبتدأ نحو «وأن تصوموا خير لكم».


أمّا ، ولو لا ، ولوما

أمّا كمهما يك من شىء ، وفا

 ـ لتلو تلوها وجوبا ـ ألفا (١)

أمّا : حرف تفصيل ، وهى قائمة مقام [أداة] الشرط ، وفعل الشرط ؛ ولهذا فسّرها سيبويه بمهما يك من شىء ، والمذكور بعدها جواب الشرط ؛ فلذلك لزمته الفاء ، نحو : «أمّا زيد فمنطلق» والأصل «مهما يك من شىء فزيد منطلق» فأنيبت «أما» مناب «مهما يك من شىء» ؛ فصار «أما فزيد منطلق» ثم أخرت الفاء إلى الخبر ، فصار «أما زيد فمنطلق» ؛ ولهذا قال : «وفا لتلو تلوها وجوبا ألفا».

* * *

وحذف ذى الفا قلّ فى نثر ، إذا

لم يك قول معها قد نبذا (٢)

__________________

(١) «أما» قصد لفظه : مبتدأ «كمهما يك من شىء» المقصود حكاية هذه الجملة التى بعد الكاف الجارة أيضا ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «وفا» قصر للضرورة : مبتدأ «لتلو» جار ومجرور متعلق بقوله «ألفا» الآتى فى آخر البيت ، ونلو مضاف وتلو من «تلوها» مضاف إليه ، وتلو مضاف وها. مضاف إليه «وجوبا» حال من الضمير المستتر فى قوله «ألفا» الآتى «ألفا» ألف : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) «وحذف» مبتدأ ، وحذف مضاف و «ذى» اسم إشارة مضاف إليه «الفا» قصر للضرورة : بدل أو عطف بيان من اسم الإشارة «قل» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حذف ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «فى نثر» جار ومجرور متعلق بقوله «قل» السابق «إذا ظرف تضمن معنى الشرط «لم» نافية جازمة «يك» فعل مضارع ناقص ، مجزوم بلم ، وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة للتخفيف «قول» اسم يك «معها» مع : ظرف متعلق


[قد] سبق أن هذه الفاء ملتزمة الذّكر ، وقد جاء حذفها فى الشعر ، كقوله :

(٣٤٩) ـ

فأمّا القتال لا قتال لديكم

ولكنّ سيرا فى عراض المواكب

__________________

بقوله «نبذ» الآتى ، ومع مضاف وها مضاف إليه «قد» حرف تحقيق «نبذا» نبذا : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قول ، والجملة من الفعل ونائب الفاعل فى محل نصب خبر يك وجملة يك واسمه وخبره فى محل جر بإضافة «إذا» إليها ، وهى جملة الشرط ، والجواب محذوف يدل سابق الكلام عليه ، والتقدير : إذا لم يك قول فحذف الفاء قليل.

٣٤٩ ـ هذا البيت مما هجى به بنو أسد بن أبى العيص قديما ـ وهو من كلام الحارث بن خالد المخزومى ، وقبله :

فضحتم قريشا بالفرار ، وأنتم

قمدّون سودان عظام المناكب

اللغة : «قمدون» جمع قمد ، وهو ـ بضم القاف والميم وتشديد الدال ، بزنة عتل ـ الطويل ، وقيل : الطويل العنق الضخمه «سودان» أراد به الأشراف ، وقيل : هو جمع سود ، وهو جمع أسود ، وهو أفعل تفضيل من السيادة «عراض» جمع عرض ـ بضم العين وسكون الراء المهملة وآخره ضاد معجمة ـ بمعنى الناحية «المواكب» الجماعة ركبانا أو مشاة ، وقيل : ركاب الإبل للزينة خاصة.

الإعراب : «أما» حرف يتضمن معنى الشرط والتفصيل «القتال» مبتدأ «لا» نافية للجنس «قتال» اسم لا ، مبنى على الفتح فى محل نصب «لديكم» لدى : ظرف متعلق بمحذوف خبر لا ، ولدى مضاف والكاف ضمير المخاطب مضاف إليه ، والجملة من لا واسمه وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ ، والرابط بين جملة المبتدأ والخبر هو العموم الذى فى اسم لا ، كذا قيل ، ورده الجمهور ، واستظهر جماعة منهم أن الرابط هنا إعادة المبتدأ بلفظه فهو كقوله تعالى : (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) «ولكن» حرف استدراك ونصب ، واسمه محذوف ، أى : ولكنكم «سيرا» مفعول مطلق لفعل محذوف : أى تسيرون


أى : فلا قتال ، وحذفت فى النثر أيضا : بكثرة ، وبقلة ؛ فالكثرة عند حذف القول معها ، كقوله عز وجل : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ؟) أى فيقال لهم : أكفرتم بعد إيمانكم ، والقليل : ما كان بخلافه ، كقوله صلى الله عليه وسلم : «أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطا ليست فى كتاب الله» (١) هكذا وقع فى صحيح البخارى «ما بال» بحذف الفاء ، والأصل : أما بعد فما بال رجال ، فحذفت الفاء.

* * *

__________________

سيرا ، وجملة هذا الفعل المحذوف مع فاعله فى محل رفع خبر لكن ، ويجوز أن يكون قوله «سيرا» هو اسم لكن ، وخبره محذوف ، والتقدير. ولكن لكم سيرا ـ إلخ «فى عراض» جار ومجرور متعلق بالفعل المحذوف على الأول ، وبقوله سيرا على الثانى ، وعراض مضاف و «المراكب» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «لا قتال لديكم» حيث حذف الفاء من جواب أما ، مع أن الكلام ليس على تضمن قول محذوف ، وذلك للضرورة ، ومثله قول الآخر :

فأمّا الصّدور لا صدور لجعفر

ولكنّ أعجازا شديدا صريرها

فحذف الفاء من «لا صدور لجعفر» وليس على تقدير القول ، وقوله «ولكن أعجازا» تقديره «ولكن لهم أعجازا» نظير ما ذكرناه فى قول الحارث «ولكن سيرا» فى أحد الوجهين.

(١) يمكن تخريج هذا الحديث على تقدير القول ، فتكون من النوع الذى يكثر فيه حذف الفاء كالآية ، والتقدير : أما بعد فأقول : ما بال رجال ، وقد روى أن السيدة عائشة ـ رضى الله تعالى عنها! ـ قالت «أما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافا واحدا» فهذا على حذف الفاء ، وليس على تقدير قول قطعا ، لأنه إخبار عن شىء مضى.


لو لا ولوما يلزمان الابتدا

إذا امتناعا بوجود عقدا (١)

للولا ولو ما استعمالان :

أحدهما : أن يكونا دالين على امتناع الشىء لوجود غيره ، وهو المراد بقوله : «إذا امتناعا بوجود عقدا» ، ويلزمان حينئذ الابتداء ؛ فلا يدخلان إلا على المبتدأ ، ويكون الخبر بعدهما محذوفا وجوبا ، ولا بدّ لهما من جواب (٢) ، فإن كان مثبتا قرن باللّام ، غالبا ، وإن كان منفيا بما تجرّد عنها (٣) غالبا ، وإن كان منفيا بلم لم يقترن بها ، نحو : «لو لا زيد لأكرمتك ، ولوما زيد لأكرمتك ، ولوما زيد ما جاء عمرو ، ولوما زيد لم يجىء عمرو» ؛ فزيد ـ فى

__________________

(١) «لو لا» قصد لفظه : مبتدأ «ولوما» معطوف على لو لا «يلزمان» فعل مضارع ، وألف الاثنين فاعل ، والنون علامة الرفع ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «الابتدا» مفعول به ليلزمان «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «امتناعا» مفعول به تقدم على عامله ، وهو قوله «عقدا» الآتى «بوجود» جار ومجرور متعلق بعقد الآتى أيضا «عقدا» عقد : فعل ماض ، وألف الاثنين فاعل ، والجملة من الفعل وفاعله فى محل جر بإضافة إذا إليها.

(٢) قد يحذف جواب لو لا لدليل يدل عليه ، نحو قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) التقدير : لو لا فضله عليكم لهلكتم.

(٣) ومن غير الغالب قد يخلو الجواب المثبت من اللام ، وذلك نحو قول الشاعر :

لو لا زهير جفانى كنت معتذرا

ولم أكن جانحا للسّلم إن جنحوا

وقد يقترن الجواب المنفى بما باللام نحو قول الشاعر :

لو لا رجاء لقاء الظاعنين لما

أبقت نواهم لنا روحا ولا جسدا


هذه المثل ونحوها ـ مبتدأ ، وخبره محذوف وجوبا ، والتقدير : لو لا زيد موجود ، وقد سبق ذكر هذه المسألة فى باب الابتداء

* * *

وبهما التّحضيض مز ، وهلّا ،

ألّا ، ألا ، وأو لينها الفعلا (١)

أشار فى هذا البيت إلى الاستعمال الثانى للولا ولوما ، وهو الدلالة على التحضيض ، ويختصان حينئذ بالفعل ، نحو «لو لا ضربت زيدا ، ولوما قتلت بكرا» فإن قصدت بهما التوبيخ كان الفعل ماضيا ، وإن قصدت بهما الحثّ على الفعل كان مستقبلا بمنزلة فعل الأمر ، كقوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا) أى : لينفر ، وبقية أدوات التحضيض حكمها كذلك ، فتقول : «هلا ضربت زيدا ، وألّا فعلت كذا» وألا مخففة كألّا مشددة.

* * *

وقد يليها اسم بفعل مضمر

علّق ، أو بظاهر مؤخّر (٢)

__________________

(١) «وبهما» الواو عاطفة أو للاستئناف ، بهما : جار ومجرور متعلق بقوله «مز» الآتى «التحضيض» مفعول به لمز تقدم عليه «مز» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وهلا» معطوف على الضمير المجرور محلا بالباء فى قوله بهما «ألا ، ألا» معطوفان أيضا على الضمير المجرور محلا بالباء ، بعاطف مقدر «وأولينها» أول : فعل أمر ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، ونون التوكيد حرف لا محل له من الإعراب ، وها : مفعول أول «الفعلا» مفعول ثان.

(٢) «وقد» حرف تقليل «يليها» يلى : فعل مضارع ، مرفوع بضمة مقدرة على الياء ، وها : مفعول به ليلى «اسم» فاعل يلى «بفعل» جار ومجرور متعلق


قد سبق أن أدوات التحضيض تختصّ بالفعل ، فلا تدخل على الاسم ، وذكر فى هذا البيت أنه قد يقع الاسم بعدها ، ويكون معمولا لفعل مصمر ، أو لفعل مؤخّر عن الاسم ؛ فالأول كقوله :

(٣٥٠) ـ

* هلّا التّقدّم والقلوب صحاح*

__________________

بقوله «علق» الآتى «مضمر» نعت لفعل «علق» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم ، والجملة فى محل رفع نعت لاسم «أو» عاطفة «بظاهر» معطوف على قوله «بفعل» السابق مع ملاحظة منعوت محذوف ، أى أو بفعل ظاهر ـ إلخ «مؤخر» نعت لظاهر.

٣٥٠ ـ هذا عجز بيت لا يعرف قائله ، وصدره :

* ألآن بعد لجاجتى تلحوننى*

اللغة : «لجاجتى» بفتح اللام ـ مصدر لجج فى الأمر ـ من باب تعب ـ إذا لازمه ، وواظب عليه ، وداوم على فعله «تلحوننى» تلوموننى وتعذلوننى «صحاح» جمع صحيح أى : والقلوب خالية من الغضب والحقد والضغينة.

المعنى : يقول : أبعد لجاجتى وغضبى وامتلاء قلوبنا بالغل والحقد تلوموننى وتعذلوننى ، وتتقدمون إلى بطلب الصلح وغفران ما قدمتم. وهلا كان ذلك منكم قبل أن تمتلىء القلوب إحنة ، وتحمل الضغينة عليكم بسبب سوء عملكم؟.

الإعراب : «الآن» الهمزة للانكار ، والآن : ظرف زمان متعلق بقوله «تلحوننى» الآتى «بعد» ظرف زمان بدل من الظرف السابق ، وبعد مضاف ولجاجة من «لجاجتى» مضاف إليه ، ولجاجة مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «تلحوننى» تلحو : فعل مضارع ، وواو الجماعة فاعل ، والنون علامة الرفع ، والنون الثانية للوقاية ، وياء المتكلم مفعول به «هلا» أداة تحضيض «التقدم» فاعل بفعل محذوف : أى هلا حصل التقدم «والقلوب» الواو للحال ، القلوب : مبتدأ «صحاح» خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل نصب حال.

الشاهد فيه : قوله «هلا التقدم» حيث ولى أداة التحضيض اسم مرفوع ، فيجعل هنا فاعلا لفعل محذوف ؛ لأن أدوات التحضيض مخصوصة بالدخول على الأفعال ، وهذا


فـ «التقدم» مرفوع بفعل محذوف ، وتقديره : هلّا وجد التقدّم ، ومثله قوله :

(٣٥١) ـ

تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم

بنى ضوطرى ، لو لا الكمىّ المقنّعا

__________________

الفعل ليس فى الكلام فعل آخر يدل عليه كما فى نحو «زيدا أكرمته».

ونظير هذا البيت قول الشاعر :

ألا رجلا جزاه الله خيرا

يدلّ على محصّلة تبيت

فإن «رجلا» منصوب بفعل محذوف ـ وذلك فى بعض ثخريجاته ـ وهذا الفعل المحذوف ليس فى الكلام فعل يفسره ، وتقدير الكلام : ألا تعرفوننى رجلا ، أو نحو ذلك.

٣٥١ ـ البيت لجرير ، من قصيدة له يهجو فيها الفرزدق.

اللغة : «تعدون» قد اختلف العلماء فى هذا الفعل ، هل يتعدى إلى مفعول واحد فقط أو يجوز أن يتعدى إلى مفعولين؟ فأجاز قوم تعديته إلى مفعولين ، ومنع ذلك آخرون ، والبيت بظاهره شاهد للجواز «عقر» مصدر قولك عقر الناقة ، أى : ضرب قوائمها بالسيف «النيب» جمع ناب ، وهى الناقة المسنة «مجدكم» عزكم وشرفكم «ضوطرى» هو الرجل الضخم اللئيم الذى لاغناء عنده ، والضوطرى أيضا : المرأة الحمقاء «الكمى» الشجاع المنكمى فى سلاحه : أى المستتر فيه «المقنعا» بصيغة اسم المفعول ـ الذى على رأسه البيضة والمغفر.

المعنى : يقول : إنكم تعدون ضرب قوائم الإبل المسنة التى لا ينتفع بها ولا يرجى نسلها ـ بالسيف ، أفضل عزكم وشرفكم ، هلا تعدون قتل الفرسان أفضل مجدكم!؟

الإعراب : «تعدون» تعد : فعل مضارع ، وواو الجماعة فاعل ، والنون علامة الرفع «عقر» مفعول أول ، وعقر مضاف و «النيب» مضاف إليه «أفضل» مفعول ثان ، وأفضل مضاف ومجد من «مجدكم» مضاف إليه ، ومجد مضاف ، وكاف المخاطب مضاف إليه «بنى» منادى بحرف نداء محذوف ، منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم ، وبنى مضاف و «ضوطرى» مضاف إليه «لو لا» أداة تحضيض «الكمى» مفعول


فـ «الكمىّ» : مفعول بفعل محذوف ، والتقدير : لو لا تعدون الكمىّ المقنّع ، والثانى كقولك : لو لا زيدا ضربت ، فـ «زيدا» مفعول «ضربت».

* * *

__________________

أول لفعل محذوف يدل عليه ما قبله على تقدير مضاف ، أى : لو لا تعدون قتل الكمى «المقنعا» صفة للكمى ، والمفعول الثانى محذوف ، يدل عليه الكلام السابق ، والتقدير : لو لا تعدون قتل الكمى المقنع أفضل مجدكم.

الشاهد فيه : قوله «لو لا الكمى المقنعا» حيث ولى أداة التحضيض اسم منصوب ؛ فجعل منصوبا بفعل محذوف ؛ لأن أدوات التحضيض مما لا يجوز دخولها إلا على الأفعال.

ونحب أن ننبهك إلى أن العامل فى الاسم الواقع بعد أدوات التحضيض على ثلاثة أقسام تفصيلا :

أولها : أن يكون هذا الفعل العامل فى ذلك الاسم متأخرا عن الاسم نحو «هلا زيدا ضربت».

وثانيها : أن يكون هذا العامل محذوفا مفسرا بفعل آخر مذكور بعد الاسم ، نحو «ألا خالدا أكرمته» تقدير هذا الكلام : ألا أكرمت خالدا أكرمته.

وثالثها : أن يكون هذا الفعل العامل محذوفا ، وليس فى اللفظ فعل آخر يدل عليه ، ولكن سياق الكلام ينبىء عنه ؛ فيمكنك أن تتصيده منه ، وقد استشهدنا لهذا النوع فى شرح الشاهد رقم ٣٥٠.


الإخبار بالّذى ، والألف والّلام

ما قيل «أخبر عنه بالّذى» خبر

عن الّذى مبتدأ قبل استقر (١)

وما سواهما فوسّطه صله

عائدها خلف معطى التّكمله (٢)

نحو «الّذى ضربته زيد» ؛ فذا

«ضربت زيدا» كان ، فادر المأخذا (٣)

__________________

(١) «ما» اسم موصول : مبتدأ «قيل» فعل ماض مبنى للمجهول ، وجملته مع نائب فاعله المستتر فيه لا محل لها صلة الموصول «أخبر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «عنه ، بالذى» جاران ومجروران يتعلقان بأخبر ، وجملة «أخبر» وما تعلق به مقول القول «خبر» خبر المبتدأ «عن الذى» جار ومجرور متعلق بقوله «خبر» السابق «مبتدأ» حال من «الذى» السابق «قبل» ظرف متعلق بقوله «استقر» الآتى ، أو مبنى على الضم فى محل نصب متعلق بمحذوف حال ثانية ، وجملة «استقر» مع فاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو لا محل لها من الإعراب صلة الموصول المجرور محلا بعن.

(٢) «وما» اسم موصول : مبتدأ «سواهما» سوى : ظرف متعلق بمحذوف صلة ما ، وسوى مضاف والضمير مضاف إليه «فوسطه» الفاء زائدة ، ووسط : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، ودخلت الفاء لشبه الموصول الواقع مبتدأ بالشرط «صلة» حال من الهاء الواقعة مفعولا به فى قوله فوسطه «عائدها» عائد : مبتدأ ، وعائد مضاف وضمير الغائبة العائد إلى الصلة مضاف إليه «خلف» خبر المبتدأ ، وخلف مضاف ، و «معطى» مضاف إليه ، ومعطى مضاف ، و «التكملة» مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله.

(٣) «نحو» خبر لمبتدأ محذوف ، أى : وذلك نحو «الذى» اسم موصول مبتدأ «ضربته» فعل وفاعل ومفعول ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «زيد» خبر الذى الواقع مبتدأ «فذا» الفاء للتفريع ، ذا : اسم إشارة مبتدأ «ضربت زيدا» أصله فعل وفاعل ومفعول ، وقد قصد لفظه ، وهو خبر مقدم لكان «كان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ذا الواقع مبتدأ ، وجملة كان


هذا الباب وضعه النحويون لامتحان الطالب وتدريبه ، كما وضعوا باب التمرين فى التصريف لذلك.

فإذا قيل لك : أخبر عن اسم من الأسماء بـ «الذى» ؛ فظاهر هذا اللفظ أنك تجعل «الذى» خبرا عن ذلك الاسم ، لكن الأمر ليس كذلك ، بل المجعول خبرا هو ذلك الاسم ، والمخبر عنه إنما هو «الذى» كما ستعرفه ، فقيل : إن الباء فى «بالذى» بمعنى «عن» ، فكأنه قيل : أخبر عن الذى.

والمقصود أنه إذا قيل لك ذلك ؛ فجىء بالذى ، واجعله مبتدأ ، واجعل ذلك الاسم خبرا عن الذى ، وخذ الجملة التى كان فيها ذلك الاسم فوسّطها بين الذى وبين خبره ، وهو ذلك الاسم ، واجعل الجملة صلة الذى ، واجعل العائد على الذى الموصول ضميرا ، تجعله عوضا عن ذلك الاسم الذى صيّرته خبرا.

فإذا قيل لك : أخبر عن «زيد» من قولك «ضربت زيدا» ؛ فتقول : الذى ضربته زيد ، فالذى : مبتدأ ، وزيد : خبره ، وضربته : صلة الذى ، والهاء فى «ضربته» خلف عن «زيد» الذى جعلته خبرا ، وهى عائدة على «الذى».

* * *

وباللّذين والّذين والّتى

أخبر مراعيّا وفاق المثبت (١)

__________________

واسمها وخبرها فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو اسم الإشارة «فادر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «المأخذا» مفعول به لا در ، والألف للاطلاق.

(١) «وباللذين» الواو عاطفة أو للاستئناف. وباللذين جار ومجرور متعلق بقوله «أخبر» الآتى «والذين ، والتى» معطوفان على «اللذين» السابق «أخبر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «مراعيا» حال من فاعل «أخبر» وفى مراع ضمير مستتر هو فاعله «وفاق» مفعول به لقوله مراعيا ، ووفاق مضاف ، و «المثبت» مضاف إليه.


أى : إذا كان الاسم ـ الذى قيل لك أخبر عنه ـ مثنى فجىء بالموصول مثنى كاللّذين ، وإن كان مجموعا فجىء به كذلك كالذين ، وإن كان مؤنثا فجىء به كذلك كالتى.

والحاصل أنه لا بد من مطابقة الموصول للاسم المخبر عنه به ؛ لأنه خبر عنه ، ولا بد من مطابقة الخبر للمخبر عنه : إن مفردا فمفرد ، وإن مثنى فمثنى ، وإن مجموعا فمجموع ، وإن مذكرا فمذكر ، وإن مؤنثا فمؤنث.

فإذا قيل لك : أخبر عن «الزّيدين» من «ضربت الزّيدين» قلت : «اللّذان ضربتهما الزّيدان» وإذا قيل : أخبر عن «الزّيدين» من «ضربت الزّيدين» قلت : «الّذين ضربتهم الزّيدون» وإذا قيل : أخبر عن «هند» من «ضربت هندا» قلت : «الّتى ضربتها هند».

* * *

قبول تأخير وتعريف لما

أخبر عنه ههنا قد حتما (١)

__________________

هذا ، ومثل اللذين والذين والتى : اللتان فى المثنى المؤنث ، واللاتى واللائى فى الجمع المؤنث. والألى فى جمع الذكور ، وليس الحكم قاصرا على الأسماء الثلاثة التى ذكرها الناظم ، ولو أنه قال «وبفروع الذى نحو التى» لكان وافيا بالمقصود ، وتصحيح كلامه أنه على حذف الواو العاطفة والمعطوف بها ، وكأنه قد قال : وباللذين والذين والتى ونحوهن ، فافهم ذلك ، والله تعالى المسئول أن برشدك.

(١) «قبول» مبتدأ ، وقبول مضاف و «تأخير» مضاف إليه «وتعريف» معطوف على تأخير «لما» جار ومجرور متعلق بقوله «حتما» الآتى «أخبر» فعل ماض مبنى للمجهول «عنه» جار ومجرور متعلق بأخبر على أنه نائب فاعل أخبر ، والجملة لا محل لها صلة «ما» المجرورة محلا باللام «ههنا» ها : حرف تنبيه ، وهنا : ظرف متعلق بقوله «حتما» الآتى «قد» حرف تحقيق «حتما» حتم : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «قبول تأخير وتعريف» ، والألف للاطلاق ، والجملة من الفعل ونائب فاعله فى محل رفع خبر المبتدأ.


كذا الغنى عنه بأجنبىّ او

بمضمر شرط ، فراع مارعوا (١)

يشترط فى الاسم المخبر عنه بالذى شروط :

أحدها : أن يكون قابلا للتأخير ؛ فلا يخبر بالذى عمّا له صدر الكلام ، كأسماء الشرط والاستفهام ، نحو : من ، وما.

الثانى : أن يكون قابلا للتعريف ؛ فلا يخبر عن الحال والتمييز.

الثالث : أن يكون صالحا للاستغناء عنه بأجنبى ؛ فلا يخبر عن الضمير الرابط للجملة الواقعة خبرا ، كالهاء فى «زيد ضربته».

الرابع : أن يكون صالحا للاستغناء عنه بمضمر ؛ فلا يخبر عن الموصوف دون صفته ولا عن المضاف دون المضاف إليه ؛ فلا تخبر عن «رجل» وحده ، من قولك «ضربت رجلا ظريفا» ؛ فلا تقول : الذى ضربته ظريفا رجل ؛ لأنك لو أخبرت عنه لوضعت مكانه ضميرا ، وحينئذ يلزم وصف الضمير ، والضمير لا يوصف ، ولا يوصف به ؛ فلو أخبرت عن الموصوف مع صفته جاز ذلك ؛ لانتفاء هذا المحذور ، كقوله «الذى ضربته رجل ظريف».

وكذلك لا تخبر عن المضاف وحده ؛ فلا تخبر عن «غلام» وحده من

__________________

(١) «كذا» جار ومجرور متعلق بقوله «شرط» الآتى «الغنى» مبتدأ «عنه ، بأجنبى» جاران ومجروران متعلقان بقوله «الغنى» السابق «أو» عاطفة «بمضمر» معطوف على قوله «بأجنبى» السابق «شرط» خبر المبتدأ «فراع» الفاء حرف دال على التفريع ، راع : فعل أمر مبنى على حذف الياء ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول مفعول به لراع «رعوا» فعل ماض ، وواو الجماعة فاعله ، والجمله من الفعل الماضى وفاعله لا محل لها صلة ما الواقعة مفعولا به ، والعائد ضمير منصوب برعوا محذوف ، وتقدير الكلام : فراع مارعوه.


«ضربت غلام زيد» ؛ لأنك تضع مكانه ضميرا كما تقرر ، والضمير لا يضاف ؛ فلو أخبرت عنه مع المضاف إليه جاز ذلك ؛ لانتفاء المانع ؛ فتقول «الذى ضربته غلام زيد».

* * *

وأخبروا هنا بأل عن بعض ما

يكون فيه الفعل قد تقدّما (١)

إن صحّ صوغ صلة منه لأل

كصوغ «واق» من «وقى الله البطل» (٢)

يخبر بـ «الذى» عن الاسم الواقع فى جملة اسمية أو فعلية ؛ فتقول فى الإخبار عن «زيد» من قولك «زيد قائم» : «الذى هو قائم زيد» ،

__________________

(١) «وأخبروا» فعل وفاعل «هنا» ظرف مكان متعلق بأخبروا «بأل ، عن بعض» جاران ومجروران متعلقان بأخبروا أيضا ، وبعض مضاف ، و «ما» اسم موصول : مضاف إليه ، مبنى على السكون فى محل جر «يكون» فعل مضارع ناقص «فيه» جار ومجرور متعلق بقوله «تقدما» الآتى «الفعل» اسم يكون «قد» حرف تحقيق «تقدما» تقدم : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والألف للاطلاق ، والجملة من الفعل والفاعل فى محل نصب خبر يكون ، وجملة يكون واسمه وخبره لا محل لها صلة «ما» المجرورة محلا بالإضافة.

(٢) «إن» شرطية «صح» فعل ماض مبنى على الفتح فى محل جزم فعل الشرط «صوغ» فاعل صح ، وصوغ مضاف ، و «صلة» مضاف إليه «منه» جار ومجرور متعلق بصوغ «لأل» جار ومجرور متعلق بصلة «كصوغ» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف : أى وذلك كائن كصوغ ، وصوغ مضاف ، و «واق» مضاف إليه «من» حرف جر ، ومجروره محذوف ، أى : من قولك ، أو أن جملة «وقى الله» قصد لفظها ؛ فهى مجرورة تقديرا بمن ، والجار والمجرور متعلق بقوله صوغ.


وتقول فى الإخبار عن «زيد» من قولك «ضربت زيدا» : «الذى ضربته زيد».

ولا يخبر بالألف واللام عن الاسم ، إلا إذا كان واقعا فى جملة فعلية ، وكان ذلك الفعل مما يصح أن يصاغ منه صلة الألف واللام كاسم الفاعل واسم المفعول.

ولا يخبر بالألف واللام عن الاسم الواقع فى جملة اسمية ، ولا عن الاسم الواقع فى جملة فعلية فعلها غير متصرف : كالرجل من قولك «نعم الرجل» ؛ إذ لا يصح أن يستعمل من «نعم» صلة الألف واللام.

وتخبر عن الاسم الكريم من قولك : «وقى الله البطل» فتقول «الواقى البطل الله» وتخبر أيضا عن «البطل» ؛ فتقول : «الواقيه الله البطل».

* * *

وإن يكن ما رفعت صلة أل

ضمير غيرها أبين وانفصل (١)

الوصف الواقع صلة لأل ، إن رفع ضميرا : فإما أن يكون عائدا على الألف

__________________

(١) «وإن» شرطية «يكن» فعل مضارع ناقص ، فعل الشرط ، مجزوم بالسكون «ما» اسم موصول : اسم يكن «رفعت» رفع : فعل ماض ، والتاء علامة التأنيث «صلة» فاعل رفعت ، وصلة مضاف و «أل» مضاف إليه ، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها صلة الموصول «ضمير» خبر يكن ، وضمير مضاف وغير من «غيرها» مضاف إليه ، وغير مضاف وها مضاف إليه «أبين» فعل ماض مبنى للمجهول جواب الشرط مبنى على الفتح فى محل جزم ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة الواقعة اسم يكن «وانفصل» الواو عاطفة ، انفصل : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة أيضا ، والفعل فى محل جزم معطوف على «أبين» الذى هو جواب الشرط.


واللام ، أو على غيرها ؛ فإن كان عائدا عليها استتر ، وإن كان عائدا على غيرها انفصل.

فإذا قلت : «بلّغت من الزّيدين إلى العمرين رسالة» فإن أخبرت عن التاء فى «بلّغت» قلت : «المبلغ من الزيدين إلى العمرين رسالة أنا» ؛ ففى «المبلغ» ضمير عائد على الألف واللام ؛ فيجب استتاره.

وإن أخبرت عن «الزيدين» من المثال المذكور قلت : «المبلّغ أنا منهما إلى العمرين رسالة الزّيدان» فـ «أنا» : مرفوع بـ «المبلغ» وليس عائدا على الألف واللام ؛ لأن المراد بالألف واللام هنا مثنّى ، وهو المخبر عنه ؛ فيجب إبراز الضمير.

وإن أخبرت عن «العمرين» من المثال المذكور ، قلت : «المبلّغ أنا من الزّيدين إليهم رسالة العمرون» ؛ فيجب إبراز الضمير ، كما تقدم.

[وكذا يجب إبراز الضمير إذا أخبرت عن «رسالة» من المثال المذكور ؛ لأن المراد بالألف واللام هنا الرسالة ، والمراد بالضمير الذى ترفعه صلة [أل] المتكلم ؛ فتقول : «المبلغها أنا من الزّيدين إلى العمرين رسالة»].

* * *


العدد

ثلاثة بالتّاء قل للعشره

فى عدّ ما آحاده مذكّره (١)

فى الضّدّ جرّد ، والمميّز اجرر

جمعا بلفظ قلّة فى الأكثر (٢)

تثبت التاء فى ثلاثة ، وأربعة ، وما بعدهما إلى عشرة (٣) ، إن كان المعدود بهما مذكرا ، وتسقط إن كان مؤنثا ، ويضاف إلى جمع ، نحو «عندى ثلاثة رجال ، وأربع نساء» وهكذا إلى عشرة.

__________________

(١) «ثلاثة» بالنصب : مفعول مقدم على عامله ، وهو قوله : «قل» الآتى المتضمن معنى اذكر ، أو بالرفع : مبتدأ ، وقصد لفظه «بالتاء» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ثلاثة «قل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ وهو «ثلاثة» إذا رفعته بالابتداء ، والرابط ضمير منصوب محذوف «للعشره ، فى عد» جاران ومجروران متعلقان بقوله «قل» السابق ، وعد مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه مبنى على السكون فى محل جر «آحاده» آحاد : مبتدأ ، وآحاد مضاف والهاء مضاف إليه «مذكره» خبر المبتدأ ، والجملة من المبتدأ وخبره لا محل لها صلة الموصول المجرور محلا بالإضافة.

(٢) «فى الضد» جار ومجرور متعلق بقوله «جرد» الآتى «جرد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «والمميز» مفعول به مقدم على عامله ، وهو قوله «اجرر» الآتى «اجرر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «جمعا» حال من المميز «بلفظ» جار ومجرور متعلق بقوله : «جمعا» السابق ، ولفظ مضاف ، و «قلة» مضاف إليه «فى الأكثر» جار ومجرور متعلق بقوله : «قلة».

(٣) العشرة داخلة. متى كانت مفردة ، كعشرة أيام ، وإنما كان شأن هذه الأعداد ما ذكر لأنها أسماء جموع مثل زمرة وفرقة وأمة ؛ فحقها أن تؤنث كهذه النظائر ؛ فأعطيت ما هو من حقها فى حال عد المذكر ؛ لكونه سابق الرتبة ، فلما أرادوا عد المؤنث لزمهم أن يفرقوا بينه وبين المذكر ؛ فلم يكن إلا حذف التاء.


وأشار بقوله : «جمعا بلفظ قلة فى الأكثر» إلى أن المعدود بها إن كان له جمع قلة وكثرة لم يضف العدد فى الغالب إلا إلى جمع القلة ؛ فتقول : «عندى ثلاثة أفلس ، وثلاث أنفس» ويقلّ «عندى ثلاثة فلوس ، وثلاث نفوس».

ومما جاء على غير الأكثر قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) فأضاف «ثلاثة» إلى جمع الكثرة مع وجود جمع القلة ، وهو «أقراء» (١).

فإن لم يكن للاسم إلا جمع كثرة لم يضف إلا إليه ، نحو «ثلاثة رجال».

* * *

ومائة والألف للفرد أضف

ومائة بالجمع نزرا قد ردف (٢)

قد سبق أن «ثلاثة» وما بعدها إلى «عشرة» لا تضاف إلا إلى جمع ، وذكر هنا أن «مائة» و «ألفا» من الأعداد المضافة ، وأنهما لا يضافان إلا

__________________

(١) الأصل فى جمع قرء ـ بفتح القاف وسكون الراء ـ أن يكون على أفعل ، نظير فلس وأفلس ، والمستعمل من جمع هذا اللفظ وهو أقراء ـ شاذ بالنسبة إليه ، وإذا كان جمع القلة شاذا ، أو قليل الاستعمال ، فهو بمثابة غير الموجود ، وهذا هو سر استعمال جمع الكثرة فى الآية الكريمة.

(٢) «ومائة» مفعول تقدم على عامله ، وهو قوله «أضف» الآتى «والألف» معطوف على مائة «للفرد» جار ومجرور متعلق بقوله أضف الآتى «أضف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ومائة» مبتدأ «بالجمع» جار ومجرور متعلق بقوله «ردف» الآتى «نزرا» حال من الضمير المستتر فى قوله ردف «ردف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «مائة» الواقع مبتدأ ، والجملة من الفعل ونائب الفاعل فى محل رفع خبر المبتدأ.


إلى مفرد ، نحو «عندى مائة رجل ، وألف درهم» وورد إضافة «مائة» إلى جمع قليلا ، ومنه قراءة حمزة والكسائى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) بإضافة مائة إلى سنين (١).

والحاصل : أن العدد المضاف على قسمين :

أحدهما : ما لا يضاف إلا إلى جمع ، وهو : من ثلاثة إلى عشرة.

والثانى : ما لا يضاف إلا إلى مفرد ، وهو : مائة ، وألف ، وتثنيتهما ، نحو «مائتا درهم ، وألفا درهم» ، وأما إضافة «مائة» إلى جمع فقليل.

* * *

وأحد اذكر ، وصلنه بعشر

مركّبا قاصد معدود ذكر (٢)

وقل لدى التّأنيث إحدى عشره

والشّين فيها عن تميم كسره (٣)

__________________

(١) قرىء فى هذه الآية بإضافة مائة إلى سنين ؛ فسنين : تمييز ، وفى ذلك شذوذ من جهة واحدة ، وسهله شبه المائة بالعشر ، فى أن كل واحد منهما عشرة من آحاد الذى قبله فى المرتبة ؛ فالعشرة والمائة كل واحد منهما عشرة من آحاد المرتبة التى قبله ، وقرىء بتنوين مائة فيجب أن يكون سنين بدلا من ثلثمائة أو بيانا له ، ولا يجوز جعله تمييزا ؛ لأنك لو جعلته تمييزا لاقتضى أن يكون كل واحد من الثلثمائة سنين ، فتكون مدة لبثهم تسعمائة سنة على الأقل ، وليس ذلك بمراد قطعا.

(٢) «وأحد» مفعول مقدم على عامله وهو قوله اذكر «اذكر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وصلنه» الواو عاطفة ، وصل : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به لصل «بعشر» جار ومجرور متعلق بصل «مركبا» حال من الضمير المستتر فى قوله صله السابق «قاصد» حال ثانية ، وقاصد مضاف ، و «معدود» مضاف إليه ، من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله «ذكر» صفة لمعدود.

(٣) «وقل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لدى» ظرف متعلق بقل ، ولدى مضاف و «التأنيث» مضاف إليه «إحدى عشرة» قصد


ومع غير أحد وإحدى

ما معهما فعلت فافعل قصدا (١)

ولثلاثة وتسعة وما

بينهما إن ركّبا ما قدّما (٢)

لما فرغ من [ذكر] العدد المضاف ، ذكر العدد المركب ؛ فيركّب «عشرة» مع ما دونها إلى واحد ، نحو «أحد عشر ، واثنا عشر ، وثلاثة عشر ، وأربعة عشر ـ إلى تسعة عشر» هذا للمذكر ، وتقول فى المؤنث : «إحدى عشرة ، واثنتا عشرة ، وثلاث عشرة ، وأربع عشرة ـ إلى تسع عشرة» فللمذكر : أحد واثنا ، وللمؤنث إحدى واثنتا.

__________________

لفظه : مفعول به لقل «والشين» مبتدأ أول «فيها عن تميم» جاران ومجروران يتعلقان بمحذوف خبر مقدم «كسرة» مبتدأ ثان مؤخر ، والجملة من المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول.

(١) «ومع» ظرف متعلق بقوله «افعل» الآتى ، ومع مضاف و «غير» مضاف إليه ، وغير مضاف و «أحد» مضاف إليه «وإحدى» معطوف على أحد «ما» مفعول مقدم على عامله وهو قوله «افعل» الآتى «معهما» مع : ظرف متعلق بقوله «فعلت» الآتى ، ومع مضاف والضمير مضاف إليه «فعلت» فعل وفاعل ، والجملة لا محل لها صلة «فافعل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «قصدا» حال من الضمير المستتر فى افعل على التأويل بمشتق هو اسم فاعل : أى قاصدا.

(٢) «لثلاثة» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «وتسعة» معطوف على ثلاثة «وما» اسم موصول معطوف على ثلاثة أيضا «بينهما» بين : ظرف متعلق بمحذوف صلة «ما» الموصولة ، وبين مضاف والضمير مضاف إليه «إن» شرطية «ركبا» ركب : فعل ماض مبنى للمجهول مبنى على الفتح فى محل جزم ، فعل الشرط ، وألف الاثنين نائب فاعله «ما» اسم موصول : مبتدأ مؤخر «قدما» قدم : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة الواقعة مبتدأ ، والجملة لا محل لها صلة الموصول ، وجواب الشرط محذوف ، وجملة الشرط وجوابه لا محل لها اعتراضية.


وأما «ثلاثة» وما بعدها إلى «تسعة» فحكمها بعد التركيب كحكمها قبله ؛ فتثبت التاء فيها إن كان المعدود مذكرا ، وتسقط إن كان مؤنثا.

وأما «عشرة» ـ وهو الجزء الأخير ـ فتسقط التاء منه إن كان المعدود مذكرا ، وتثبت إن كان مؤنثا ، على العكس من «ثلاثة» فما بعدها ؛ فتقول : «عندى ثلاثة عشر رجلا ، وثلاث عشرة امرأة» ، وكذلك حكم «عشرة» مع أحد وإحدى ، واثنين واثنتين ؛ فتقول : «أحد عشر رجلا ، واثنا عشر رجلا» بإسقاط التاء ، وتقول : «إحدى عشرة امرأة ، واثنتا عشرة امرأة» بإثبات التاء.

ويجوز فى شين «عشرة» مع المؤنث التسكين ، ويجوز أيضا كسرها ، وهى لغة تميم.

* * *

وأول عشرة اثنتى ، وعشرا

اثنى ، إذا أنثى تشا أو ذكرا (١)

واليا لغير الرّفع ، وارفع بالألف

والفتح فى جزءى سواهما ألف (٢)

__________________

(١) «وأول» فعل أمر مبنى على حذف الياء ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «عشرة» مفعول أول لأول «اثنتى» مفعول ثان «وعشرا» معطوف على المفعول الأول «اثنى» معطوف على المفعول الثانى ، ولا حظر فى العطف على معمولين لعامل واحد «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «أنثى» مفعول به لقوله تشا الآتى «تشا» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل جر بإضافة إذا إليها «أو» عاطفة «ذكرا» معطوف على أنثى.

(٢) «واليا» قصر للضرورة : مبتدأ «لغير» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، وغير مضاف و «الرفع» مضاف إليه «وارفع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بالألف» جار ومجرور متعلق بقوله : «ارفع» السابق «والفتح» مبتدأ «فى جزءى» جار ومجرور متعلق بقوله : «ألف»


قد سبق أنه يقال فى العدد المركب «عشر» فى التذكير ، و «عشرة» فى التأنيث ، وسبق أيضا أنه يقال «أحد» فى المذكر ، و «إحدى» فى المؤنث ، وأنه يقال «ثلاثة وأربعة» ـ إلى تسعة» بالتاء للمذكر ، وسقوطها للمؤنث.

وذكر هنا أنه يقال «اثنا عشر» للمذكر ، بلا تاء فى الصّدر والعجز ، نحو «عندى اثنا عشر رجلا» ويقال : «اثنتا عشرة امرأة» للمؤنث ، بتاء فى الصّدر والعجز.

ونبّه بقوله : «واليا لغير الرفع» على أن الأعداد المركبة كلها مبنية : صدرها وعجزها ، وتبنى على الفتح ، نحو «أحد عشر» بفتح الجزءين ، و «ثلاث عشرة» بفتح الجزءين.

ويستثنى من ذلك «اثنا عشر ، واثنتا عشرة» ؛ فإن صدرهما يعرب بالألف (١) رفعا ، وبالياء نصبا وجرّا ، كما يعرب المثنى ، وأما عجزهما فيبنى على الفتح ؛ فتقول : «جاء اثنا عشر رجلا ، ورأيت اثنى عشر رجلا ، ومررت باثنى عشر رجلا ، وجاءت اثنتا عشرة امرأة ، ورأيت اثنتى عشرة امرأة ، ومررت باثنتى عشرة امرأة».

* * *

__________________

الآتى ، وجزءى مضاف وسوى من «سواهما» مضاف إليه ، وسوى مضاف والضمير مضاف إليه «ألف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الفتح الواقع مبتدأ ، والجملة من ألف ونائب فاعله فى محل رفع خبر المبتدأ.

(١) اعلم أن «اثنى عشر ، واثنتى عشرة» معربا الصدر كالمثنى بالألف رفعا وبالياء نصبا وجرا ؛ لأنهما ملحقان بالمثنى على ما تقدم ، وهما مبنيا العجز على الفتح ؛ لتضمنه معنى واو العطف ، ولا محل له من الإعراب ؛ لأنه واقع موقع النون من المثنى فى نحو «الزيدين» وليس الصدر مضافا إلى العجز قطعا.


وميّز العشرين للتّسعينا

بواحد ، كأربعين حينا (١)

قد سبق أن العدد مضاف ومركّب ، وذكر هنا العدد المفرد وهو من «عشرين» إلى «تسعين» ويكون بلفظ واحد للمذكر والمؤنث ، ولا يكون مميزه إلا مفردا منصوبا ، نحو «عشرون رجلا ، وعشرون امرأة» ويذكر قبله النّيّف ، ويعطف هو عليه ؛ فيقال : «أحد وعشرون ، واثنان وعشرون ، وثلاثة وعشرون» بالتاء فى «ثلاثة» وكذا ما بعد الثلاثة إلى التسعة [للمذكر] ويقال للمؤنث : «إحدى وعشرون ، واثنتان وعشرون ، وثلاث وعشرون» بلا تاء فى «ثلاث» وكذا ما بعد الثلاث إلى التسع.

وتلخّص مما سبق ، ومن هذا ، أن أسماء العدد على أربعة أقسام : مضافة ، ومركبة ، ومفردة ، ومعطوفة.

* * *

وميّزوا مركّبا بمثل ما

ميّز عشرون فسوّينهما (٢)

__________________

(١) «وميز» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «العشرين» مفعول به لميز «للتسعين ، بواحد» جاران ومجروران متعلقان بميز «كأربعين» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف : أى وذلك كائن كأربعين «حينا» تمييز لأربعين ، منصوب بالفتحة الظاهرة.

(٢) «وميزوا» فعل وفاعل «مركبا» مفعول به لميزوا «بمثل» جار ومجرور متعلق بقوله ميزوا ، ومثل مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «ميز» فعل ماض مبنى للمجهول «عشرون» نائب فاعل لميز ، والجملة من ميز المبنى للمجهول ونائب فاعله لا محل لها من الإعراب صلة الموصول ، والعائد محذوف تقديره به «فسوينهما» سو : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والضمير البارز مفعول به.


أى : تمييز العدد المركب كتمييز «عشرين» وأخواته ؛ فيكون مفردا منصوبا ، نحو «أحد عشر رجلا ، وإحدى عشرة امرأة».

* * *

وإن أضيف عدد مركّب

يبق البنا ، وعجز قد يعرب (١)

يجوز فى الأعداد المركبة إضافتها إلى غير مميزها ، ما عدا «اثنى عشر» فإنه لا يضاف ؛ فلا يقال : «اثنا عشرك».

وإذا أضيف العدد المركب : فمذهب البصريين أنه يبقى الجزآن على بنائهما ؛ فتقول : «هذه خمسة عشرك ، ومررت بخمسة عشرك» بفتح آخر الجزءين ، وقد يعرب العجز مع بقاء الصّدر على بنائه ؛ فتقول : «هذه خمسة عشرك ، ورأيت خمسة عشرك ، ومررت بخمسة عشرك» (٢).

* * *

__________________

(١) «وإن» شرطية «أضيف» فعل ماض مبنى للمجهول ، فعل الشرط «عدد» نائب فاعل لأضيف «مركب» نعت لعدد «يبق» فعل مضارع ، جواب الشرط ، مجزوم بحذف الألف «البنا» قصر للضرورة : فاعل يبق «وعجز» مبتدأ «قد» حرف تقليل «يعرب» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عجز الواقع مبتدأ ، والجملة من يعرب المبنى للمجهول ونائب فاعله فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) اعلم أولا أن العدد مطلقا قد يضاف إلى غير مميزه ، سواء أكان مفردا نحو ثلاثة ونحو عشرون ، أم كان مركبا كخمسة عشر ، فإنه يجوز أن نقول : ثلاثة زيد ، وثلاثتنا ، وأن تقول : عشروك ، وعشرو زيد ، ثم اعلم أنك إذا أضفت العدد إلى غير مميزه وجب ألا تذكر التمييز بعد ذلك أصلا ، وهذا من أجل أنك لا تقول «عشرو زيد» ولا «ثلاثة زيد» إلا لمن يعرف جنسها ؛ فليست به حاجة إلى ذكر تمييز ، ثم اعلم أن «اثنى عشر» و «اثنتى عشر» لم تجز إضافتهما إلى غير المعدود ؛ لأن «عشر» فهما واقع موقع نون المثنى كما قلنا قريبا ، وهذه النون لا تجامع الإضافة ، ولو


وصغ من اثنين فما فوق إلى

عشرة كفاعل من فعلا (١)

واختمه فى التّأنيت بالتّا ، ومتى

ذكّرت فاذكر فاعلا بغير تا (٢)

__________________

أنك حذفت «عشر» كما تحذف نون المثنى عند الإضافة فقلت «اثنا زيد» لا لتبس بإضافة الاثنين وحدهما ، ثم اعلم أن اللغات الجائزة فى العدد المضاف إلى غير المميز ثلاثة ، الأولى : بقاء صدر المركب وعجزه على البناء على الفتح ، وإضافة جملته إلى ما يضاف إليه ، والثانية : بقاء صدره وحده على الفتح وجر العجز بالإضافة ، ثم جر ما بعده لفظا أو محلا ، وقد استحسن ذلك الأخفش ، وذكر ابن عصفور أنه الأفصح ، والثالثة : أن يعرب الصدر بحسب العوامل ، ثم يضاف الصدر إلى العجز ؛ فالعجز مجرور أبدا على هذه اللغة ، ثم يكون العجز مضافا إلى ما يذكر بعده ؛ فتقول «زارنى خمسة عشر زيد» برفع خمسة على الفاعلية ، وجر زيد ، وقد جوز ذلك الكوفيون ، وأباه البصريون.

(١) «وصغ» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «من اثنين» جار ومجرور متعلق بصغ «فما» الفاء عاطفة ، ما : اسم موصول معطوف على اثنين «فوق» ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول «إلى عشرة» جار ومجرور متعلق بصغ «كفاعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف يقع مفعولا به لصغ ، أى : صغ وزنا مماثلا لفاعل «من فعلا» جار ومجرور متعلق بفاعل.

(٢) «واختمه» اختم : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به «فى التأنيث» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الهاء فى قوله «اختمه» السابق «بالتا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق بقوله : اختمه «ومتى» اسم شرط جازم يجزم فعلين ، وهو ظرف زمان مبنى على السكون فى محل نصب باذكر الآتى «ذكرت» ذكر : فعل ماض مبنى على الفتح المقدر فى محل جزم ، فعل الشرط ، وتاء المخاطب فاعله «فاذكر» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، اذكر : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط «فاعلا» مفعول به لا ذكر «بغير» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لقوله «فاعلا» السابق ، وغير مضاف و «تا» قصر للضرورة : مضاف إليه.


يصاغ «من اثنين» إلى «عشرة» اسم موازن لفاعل ، كما يصاغ من «فعل» نحو ضارب من ضرب ؛ فيقال : ثان ، وثالث ، ورابع ـ إلى عاشر ، بلا تاء فى التذكير ، وبتاء فى التأنيث.

* * *

وإن ترد بعض الّذى منه بنى

تضف إليه مثل بعض بيّن (١)

وإن ترد جعل الأقلّ مثل ما

فوق فحكم جاعل له احكما (٢)

__________________

(١) «إن» شرطية «ترد» فعل مضارع فعل الشرط ، مجزوم بالسكون ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بعض» مفعول به لترد ، وبعض مضاف و «الذى» اسم موصول : مضاف إليه «منه» جار ومجرور متعلق بقوله «بنى» الآتى «بنى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة «تضف» فعل مضارع جواب الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، ومفعوله محذوف «إليه» جار ومجرور متعلق بتضف «مثل» حال من مفعول تضف المحذوف ، ومثل مضاف و «بعض» مضاف إليه «بين» نعت لبعض ، والتقدير : وإن ترد بعض الشىء الذى بنى اسم الفاعل منه تضف إليه الفاعل حال كونه مماثلا للبعض : أى فى معناه.

(٢) «وإن» شرطية «ترد» فعل مضارع ، فعل الشرط ، مجزوم بالسكون ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «جعل» مفعول به لترد ، وجعل مضاف و «الأقل» مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول «مثل» مفعول ثان لجعل منصوب بالفتحة الظاهرة ، ومثل مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه ، مبنى على السكون فى محل جر «فوق» ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول «فحكم» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، حكم : مفعول به مقدم على عامله وهو قوله احكما الآتى ، وحكم مضاف و «جاعل» مضاف إليه «له» جار ومجرور متعلق باحكم الآتى «احكما» احكم : فعل أمر ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، ونون التوكيد حرف لا محل له من الإعراب.


لفاعل المصوغ من اسم العدد استعمالان :

أحدهما : أن يفرد ؛ فيقال : ثان ، وثانية ، وثالث ، وثالثة ، كما سبق.

والثانى : أن لا يفرد ، وحينئذ : إما أن يستعمل مع ما اشتقّ منه ، وإما أن يستعمل مع ما قبل ما اشتقّ منه.

ففى الصورة الأولى يجب إضافة فاعل إلى ما بعده ؛ فتقول فى التذكير : «ثانى اثنين ، وثالث ثلاثة ، ورابع أربعة ـ إلى عاشر عشرة» وتقول فى التأنيث : «ثانية اثنتين ، وثالثة ثلاث ، ورابعة أربع ـ إلى عاشرة عشر» ، والمعنى : أحد اثنين ، وإحدى اثنتين ، وأحد عشر ، وإحدى عشرة.

وهذا هو المراد بقوله : «وإن ترد بعض الذى ـ البيت» أى : وإن ترد بفاعل ـ المصوغ من اثنين فما فوقه إلى عشرة ـ بعض الذى بنى فاعل منه : أى واحدا مما اشتقّ منه ، فأضف إليه مثل بعض ، والذى يضاف إليه هو الذى اشتقّ منه.

وفى الصورة الثانية يجوز وجهان ؛ أحدهما : إضافة فاعل إلى ما يليه ، والثانى : تنوينه ونصب ما يليه به ، كما يفعل باسم الفاعل ، نحو «ضارب زيد ، وضارب زيدا» فتقول فى التذكير «ثالث اثنين ، وثالث اثنين ، ورابع ثلاثة ، ورابع ثلاثة» ، وهكذا إلى «عاشر تسعة ، وعاشر تسعة» ، وتقول فى التأنيث : «ثالثة اثنتين ، وثالثة اثنتين ، ورابعة ثلاث ، ورابعة ثلاثا» وهكذا إلى «عاشرة تسع ، وعاشرة تسعا» ، والمعنى : جاعل الاثنين ثلاثة ، والثلاثة أربعة.

وهذا هو المراد بقوله : «وإن ترد جعل الأقلّ مثل ما فوق» ، أى : وإن ترد بفاعل ـ المصوغ من اثنين فما فوقه ـ جعل ما هو أقلّ عددا مثل


ما فوقه ، فاحكم له بحكم جاعل : من جواز الإضافة إلى مفعوله ، [وتنوينه] ونصبه.

* * *

وإن أردت مثل ثانى اثنين

مركّبا فجىء بتركيبين (١)

أو فاعلا بحالتيه أضف

إلى مركّب بما تنوى يفى (٢)

وشاع الاستغنا بحادى عشرا

ونحوه ، وقبل عشرين اذكرا (٣)

__________________

(١) «وإن» شرطية «أردت» أراد : فعل ماض مبنى على فتح مقدر فى محل جزم ، فعل الشرط ، وتاء المخاطب فاعله «مثل» مفعول به لأردت ، ومثل مضاف و «ثانى اثنين» مضاف إليه «مركبا» حال من مثل «فجىء» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، جى : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بتركيبين» جار ومجرور متعلق بقوله «جىء».

(٢) «أو» حرف عطف «فاعلا» مفعول تقدم على عامله وهو قوله «أضف» الآتى «بحالتيه» الجار والمجرور متعلق بمحذوف نعت لقوله «فاعلا» وحالتى المجرور بالياء مضاف لأنه مثنى وضمير الغائب العائد إلى فاعل مضاف إليه «أضف» فعل أمر معطوف بأو على «جىء» فى البيت السابق ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إلى مركب» جار ومجرور متعلق بقوله «أضف» السابق «بما» جار ومجرور متعلق بقوله : «يفى» الآتى «تنوى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة «ما» المجرورة محلا بالباء ، والعائد ضمير محذوف يقع مفعولا به لتنوى «يفى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مركب ، والجملة من يفى وفاعله فى محل جر صفة لمركب.

(٣) «وشاع» فعل ماض «الاستغنا» قصر للضرورة : فاعل شاع «بحادى عشرا» جار ومجرور متعلق بالاستغنا «ونحوه» الواو عاطفة ، نحو : معطوف على


وبابه الفاعل من لفظ العدد

بحالتيه قبل واو يعتمد (١)

قد سبق أنه يبنى فاعل من اسم العدد على وجهين ؛ أحدهما : أن يكون مرادا به بعض ما اشتقّ منه : كثانى اثنين ، والثانى : أن يراد به جعل الأقلّ مساويا لما فوقه : كثالث اثنين. وذكر هنا أنه إذا أريد بناء فاعل من العدد المركب للدلالة على المعنى الأول ـ وهو أنه بعض ما اشتقّ منه ـ يجوز فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أن تجىء بتركيبين صدر أولهما «فاعل» فى التذكير ، و «فاعلة» فى التأنيث ، وعجزهما «عشر» فى التذكير ، و «عشرة» فى التأنيث ، وصدر الثانى منهما فى التذكير : «أحد ، واثنان ، وثلاثة ـ بالتاء ـ إلى تسعة» ، وفى التأنيث : «إحدى ، واثنتان ، وثلاث ـ بلا تاء ـ إلى تسع» ، نحو «ثالث عشر ، ثلاثة عشر» وهكذا إلى «تاسع عشر ، تسعة عشر» ،

__________________

ادى عشرا ، ونحو مضاف والضمير مضاف إليه «وقبل» ظرف متعلق بقوله «اذكرا» الآتى ، وقبل مضاف و «عشرين» مضاف إليه «اذكرا» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والألف منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة.

(١) «وبابه» معطوف على قوله «عشرين» فى البيت السابق «الفاعل» مفعول به لا ذكر فى البيت السابق «من لفظ» جار ومجرور متعلق باذكر ، أو بنعت لقوله الفاعل محذوف تقديره : الفاعل المصوغ من لفظ ، ولفظ مضاف و «العدد» مضاف إليه «بحالتيه» الجار والمجرور متعلق باذكر ، وحالتى مضاف والضمير مضاف إليه «قبل» ظرف متعلق بمحذوف حال من «الفاعل» وقبل مضاف و «واو» مضاف إليه «يعتمد» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى واو ، والجملة من يعتمد ونائب فاعله فى محل جر صفة لواو.


و «ثالثة عشرة ، ثلاث عشرة ـ إلى تاسعة عشرة ، تسع عشرة» ، وتكون الكلمات الأربع مبنية على الفتح.

الثانى : أن يقتصر على صدر المركب الأول ، فيعرب ويضاف إلى المركب الثانى باقيا الثانى على بناء جزءيه ، نحو «هذا ثالث ثلاثة عشر ، وهذه ثالثة ثلاث عشرة».

الثالث : أن يقتصر على المركب الأول باقيا [على] بناء صدره وعجزه ، نحو «هذا ثالث عشر ، وثالثة عشرة» ، وإليه أشار بقوله : «وشاع الاستغنا بحادى عشرا ، ونحوه».

ولا يستعمل فاعل من العدد المركب للدلالة على المعنى الثانى ـ وهو أن يراد به جعل الأقلّ مساويا لما فوقه ـ فلا يقال «رابع عشر ثلاثة عشر» وكذلك الجميع ؛ ولهذا لم يذكره المصنف ، واقتصر على ذكر الأول (١).

وحادى : مقلوب واحد ، وحادية : مقلوب واحدة ، جعلوا فاءهما بعد لامهما ، ولا يستعمل «حادى» إلا مع «عشر» ، ولا تستعمل «حادية» إلا مع

__________________

(١) هذا الذى ذكره الشارح ـ من أنه لا يستعمل فاعل من المركب للدلالة على جعل الأفل مساويا للأكثر ـ هو الذى ذهب إليه الكوفيون وأكثر البصريين ، ومذهب سيبويه رحمه الله أنه يجوز ذلك ؛ ومستنده فى ذلك القياس ؛ ولك حينئذ فى ذلك وجهان :

أولهما : أن تأتى بمركبين صدر أولهما أكبر من صدر ثانيهما بواحد ؛ فتقول : «رابع عشر ثلاثة عشر» ويجب فى هذا الوجه إضافة المركب الأول إلى المركب الثانى ؛ لأن تنوين الأول ونصب الثانى غير ممكن.

والوجه الثانى : أن تحذف عجز المركب الأول ؛ فتقول : «رابع ثلاثة عشر» ويجوز لك فى هذا الوجه إضافة الأول إلى الثانى ، وتنوين الأول ونصب الثانى محلا به.


«عشرة» ويستعملان أيضا مع «عشرين» وأخواتها ، نحو «حادى وتسعون ، وحادية وتسعون».

وأشار بقوله : «وقبل عشرين ـ البيت» إلى أن فاعلا المصوغ من اسم العدد يستعمل قبل العقود ويعطف عليه العقود ، نحو «حادى وعشرون ، وتاسع وعشرون ـ إلى التسعين» وقوله : «بحالتيه» معناه أنه يستعمل قبل العقود بالحالتين اللتين سبقتا ، وهو أنه يقال : «فاعل» فى التذكير ، و «فاعلة» فى التأنيث.


كم ، وكأىّ ، وكذا

ميّز فى الاستفهام «كم» بمثل ما

ميّزت عشرين ككم شخصا سما (١)

وأجز ان تجرّه «من» مضمرا

إن وليت «كم» حرف جرّ مظهرا (٢)

«كم» اسم ، والدليل على ذلك دخول حرف الجر عليها ، ومنه قولهم : «على كم جذع سقفت بيتك» وهى اسم لعدد مبهم ، ولا بدّ لها من تمييز ، نحو «كم رجلا عندك؟» وقد يحذف للدلالة ، نحو «كم صمت؟» أى : كم يوما صمت.

__________________

(١) «ميز» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «فى الاستفهام» جار ومجرور متعلق بميز «كم» قصد لفظه : مفعول به لميز «بمثل» جار ومجرور متعلق بميز ، ومثل مضاف ، و «ما» اسم موصول : مضاف إليه ، مبنى على على السكون فى محل جر «ميزت» فعل وفاعل «عشرين» مفعول به لميزت ، والجملة من الفعل وفاعله ومفعوله لا محل لها صلة الموصول ، والعائد ضمير محذوف مجرور بحرف جر مثل الحرف الذى جر المضاف إلى الموصول : أى ميزت به عشرين «ككم» الكاف جارة ، ومجرورها قول محذوف ، وكم : اسم استفهام مبتدأ «شخصا» تمييز لكم «سما» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى كم الواقعة مبتدأ ، والجملة من سما وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل نصب مقول للقول المحذوف.

(٢) «وأجز» الواو عاطفة أو للاستئناف ، أجز : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «أن» مصدرية «تجره» تجر : فعل مضارع منصوب بأن ، والهاء مفعول به لتجر «من» قصد لفظه : فاعل تجر ، و «أن» المصدرية وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مفعول به لأجز «مضمرا» حال من «من» «إن» شرطية «وليت» ولى : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «كم» قصد لفظه : فاعل وليت «حرف» مفعول به لوليت ، وحرف مضاف و «جر» مضاف إليه «مظهرا» نعت لحرف جر ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.


وتكون استفهامية ، وخبرية ؛ فالخبرية سيذكرها ، والاستفهامية يكون مميزها كمميز «عشرين» وأخواته ؛ فيكون مفردا منصوبا ، نحو «كم درهما قبضت» ويجوز جره بـ «من» [مضمرة] إن وليت «كم» حرف جرّ ، نحو «بكم درهم اشتريت هذا» أى : بكم من درهم ؛ فإن لم يدخل عليها حرف جر وجب نصبه.

* * *

واستعملنها مخبرا كعشره

أو مائة : ككم رجال أو مره (١)

ككم كأىّ ، وكذا ، وينتصب

تمييز ذين ، أو به صل «من» تصب (٢)

تستعمل «كم» للتكثير ، فتميّز بجمع مجرور كعشرة ، أو بمفرد مجرور كمائة ،

__________________

(١) «واستعملنها» الواو عاطفة أو للاستئناف ، واستعمل : فعل أمر ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وها : مفعول به لاستعمل «مخبرا» حال من فاعل استعمل «كعشرة» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لمصدر محذوف يقع مفعولا مطلقا ، أى : واستعملنها استعمالا كائنا كاستعمال عشرة «أو» حرف عطف «مائة» معطوف على عشرة «ككم» الكاف جارة لقول محذوف ، وكم : خبرية بمعنى كثير مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : كثير عندى ؛ مثلا ، ويجوز أن يكون كم مفعولا به لفعل محذوف ، وتقديره : رأيت كثيرا ، أو نحو ذلك ، وكم مضاف و «رجال» مضاف إليه «أو» حرف عطف «مره» معطوف على رجال.

(٢) «ككم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «كأى» مبتدأ مؤخر «وكذا» معطوف على كأى «وينتصب» الواو عاطفة ، ينتصب : فعل مضارع «تمييز» فاعل ينتصب ، وتمييز مضاف و «ذين» مضاف إليه «أو» عاطفة «به» جار ومجرور متعلق بقوله «صل» الآتى «صل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «من» قصد لفظه : مفعول به لصل «تصب» فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر الذى هو قوله صل ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.


نحو «كم غلمان ملكت ، وكم درهم أنفقت» والمعنى : كثيرا من الغلمان ملكت ، وكثيرا من الدراهم أنفقت.

ومثل «كم» ـ فى الدلالة على التكثير ـ كذا ، وكأىّ ، ومميّزهما منصوب أو مجرور بمن ـ وهو الأكثر ـ نحو قوله تعالى : (وكاي من نبى قاتل معه) ، و «ملكت كذا درهما».

وتستعمل «كذا» مفردة كهذا المثال ، ومركبة ، نحو «ملكت كذا كذا درهما» ومعطوفا عليها مثلها ، نحو «ملكت كذا وكذا درهما» (١).

و «كم» لها صدر الكلام : استفهامية كانت ، أو خبرية ؛ فلا تقول : «ضربت كم رجلا» ولا «ملكت كم غلمان» وكذلك «كأى» بخلاف «كذا» ، نحو «ملكت كذا درهما».

* * *

__________________

(١) يجعل الفقهاء فى الإقرارات كذا المركبة نحو «له على كذا كذا قرشا» مكنيا بها عن أحد عشر ـ إلى تسعة عشر ، والمعطوف عليها مثلها نحو «له عندى كذا وكذا دينارا» مكنيا بها عن واحد وعشرين ، إلى تسعة وتسعين ، وهو كلام حسن.


الحكاية

احك «بأىّ» ما لمنكور سئل

عنه بها : فى الوقف ، أو حين تصل (١)

ووقفا احك ما لمنكور «بمن»

والنّون حرّك مطلقا ؛ وأشبعن (٢)

وقل : «منان ، ومنين» بعد «لى

إلفان بابنين» وسكّن تعدل (٣)

__________________

(١) «احك» فعل أمر ، مبنى على حذف الياء ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بأى» جار ومجرور متعلق باحك «ما» اسم موصول : مفعول به لاحك «لمنكور» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما الموصولة «سئل» فعل ماض مبنى للمجهول «عنه» جار ومجرور متعلق بسئل على أنه نائب فاعله ، والجملة فى محل جر صفة لمنكور «بها» جار ومجرور متعلق بسئل أيضا «فى الوقف» جار ومجرور متعلق باحك «أو» عاطفة «حين» ظرف معطوف على الوقف «تصل» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وجملة الفعل المضارع وفاعله فى محل جر بإضافة حين إليها.

(٢) «ووقفا» يجوز أن يكون حالا من فاعل «احك» الآتى بتأويل اسم الفاعل ، أى : واقفا ، ويجوز أن يكون منصوبا بنزع الخافض ، أى : فى الوقف «احك» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول : مفعول به لاحك «لمنكور» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما «بمن» جار ومجرور متعلق باحك «والنون» مفعول به تقدم على عامله وهو قوله حرك الآتى «حرك» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «مطلقا» نعت لمصدر محذوف ، أى : تحريكا مطلقا «وأشبعن» الواو حرف عطف ، وأشبع : فعل أمر ، معطوف بالواو على حرك ، والنون للتوكيد ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(٣) «وقل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «منان» قصد لفظه : مفعول به لقل «ومنين» قصد لفظه أيضا : معطوف على قوله منان «بعد» ظرف متعلق بقوله قل «لى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «إلفان» مبتدأ مؤخر «بابنين» جار ومجرور متعلق بقوله إلفان ، وجملة المبتدأ والخبر فى محل نصب مقول لقول محذوف ، يضاف بعد إليه ، أى : بعد قولك ـ إلخ «وسكن»


وقل لمن قال «أتت بنت» : «منه»

والنّون قبل تا المثنّى مسكنه (١)

والفتح نزر ، وصل التّا والألف

بمن بإثر «ذا بنسوة كلف» (٢)

وقل : «منون ، ومنين» مسكنا

إن قيل : جا قوم لقوم فطنا (٣)

__________________

فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «تعدل» فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر ، وحرك بالكسر للروى ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(١) «وقل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لمن» جار ومجرور متعلق بقل «قال» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على من المجرورة محلا باللام ، والجملة لا محل لها صلة «أتت» أتى : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «بنت» فاعل أتى ، والجملة فى محل نصب مقول «قال» «منه» قصد لفظه : مفعول به لقل «والنون» مبتدأ «قبل» ظرف متعلق بقوله «مسكنة» الآتى ، وقبل مضاف و «تا» مضاف إليه ، وتا مضاف و «المثنى» مضاف إليه «مسكنة» خبر المبتدأ الذى هو قوله النون.

(٢) «والفتح» مبتدأ «نزر» خبر المبتدأ «وصل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «التا» قصر للضرورة : مفعول به لصل «والألف» معطوف على التا «بمن بإثر» جاران ومجروران متعلقان بصل «ذا» اسم إشارة : مبتدأ «بنسوة» جار ومجرور متعلق بقوله كلف الآتى «كلف» خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل جر بإضافة قول محذوف يضاف إثر إليه ، أى : بإثر قولك ذا ـ إلخ.

(٣) «وقل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «منون» قصد لفظه : مفعول به لقل «ومنين» معطوف عليه «مسكنا» حال من فاعل قل «إن» شرطية «قيل» فعل ماض مبنى للمجهول ، فعل الشرط «جا» قصر للضرورة : فعل ماض «قوم» فاعل جاء «لقوم» جار ومجرور متعلق بجاء «فطنا» نعت لقوم المجرور ، وجملة الفعل وفاعله فى محل رفع نائب فاعل لقيل ، وقصد لفظها ، وجواب الشرط محذوف.


وإن تصل فلفظ «من» لا يختلف

ونادر «منون» فى نظم عرف (١)

إن سئل بـ «أىّ» عن منكور مذكور فى كلام سابق حكى فى «أى» ما لذلك المنكور من إعراب ، وتذكير وتأنيث ، وإفراد وتثنية وجمع ، ويفعل بها ذلك وصلا ووقفا ؛ فتقول لمن قال «جاءنى رجل» : «أىّ» ولمن قال «رأيت رجلا» : «أيّا» ولمن قال «مررت برجل» : «أىّ» وكذلك تفعل فى الوصل ، نحو «أىّ يا فتى ، وأيّا يا فتى ، وأىّ يا فتى» وتقول فى التأنيث : «أية» وفى التثنية «أيّان ، وأيّتان» رفعا ، و «أيّين ، وأيّتين» جرا ونصبا ، وفى الجمع «أيّون ، وأيّات» رفعا ، و «أيّين ، وأيّات» جرا ونصبا.

وإن سئل عن المنكور المذكور بـ «من» حكى فيها ماله من إعراب ، وتشبع الحركة التى على النون ؛ فيتولّد منها حرف مجانس لها ، ويحكى فيها ماله من تأنيث وتذكير ، وتثنية وجمع ، ولا تفعل بها ذلك كلّه إلا وقفا ، فتقول لمن قال «جاءنى رجل» : «منو» ولمن قال «رأيت رجلا» : «منا» ولمن قال «مررت برجل» : «منى» وتقول فى تثنية المذكر : «منان» رفعا ، و «منين» نصبا وجرا ، وتسكن النون فيهما ؛ فتقول لمن قال «جاءنى

__________________

(١) «وإن» شرطية «تصل» فعل مضارع ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «فلفظ» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، ولفظ : مبتدأ ، ولفظ مضاف و «من» مضاف إليه «لا» نافية «يختلف» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى لفظ من الواقع مبتدأ ، والجمله فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل جزم جواب الشرط «ونادر» خبر مقدم «منون» قصد لفظه : مبتدأ مؤخر «فى نظم» جار ومجرور متعلق بنادر «عرف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نظم ، والجملة من الفعل ونائب فاعله فى محل جر نعت لنظم.


رجلان» : «منان» ولمن قال «رأيت رجلين» : «منين» ولمن قال «مررت برجلين» : «منين» وتقول للمؤنثة : «منه» رفعا ونصبا وجرا ؛ فإذا قيل «أتت بنت» فقل : «منه» رفعا ، وكذا فى الجر والنصب ، وتقول فى تثنية المؤنث «منتان» رفعا ، و «منتين» جرا ونصبا ، بسكون النون التى قبل التاء ، وسكون نون التثنية ، وقد ورد قليلا فتح النون التى قبل التاء ، نحو «منتان ومنتين» وإليه أشار بقوله : «والفتح نزر» وتقول فى جمع المؤنث : «منات» بالألف والتاء الزائدتين كهندات ، فإذا قيل : «جاء نسوة» فقل : «منات» وكذا تفعل فى الجر والنصب ، وتقول فى جمع المذكر رفعا : «منون» رفعا ، و «منين» نصبا وجرا ، بسكون النون فيهما ؛ فإذا قيل : «جاء قوم» فقل : «منون» وإذا قيل : «مررت بقوم» أو «رأيت قوما» فقل : «منين».

هذا حكم «من» إذا حكى بها فى الوقف ، فإذا وصلت لم يحك فيها شىء من ذلك ؛ لكن تكون بلفظ واحد فى الجميع ؛ فتقول : «من يافتى» لقائل جميع ما تقدم ، وقد ورد فى الشعر قليلا «منون» وصلا ، قال الشاعر :

(٣٥٢) ـ

أتوا نارى ، فقلت : منون أنتم؟

فقالوا : الجنّ ، قلت : عموا ظلاما!

__________________

٣٥٢ ـ روى أبو زيد فى نوادره هذا البيت مع أبيات ثلاثة ، وهى :

ونار قد حضأت لها بليل

بدار لا أريد بها مقاما

سوى تحليل راحلة وعين

أكالئها مخافة أن تناما

أتوا نارى ، فقلت : منون أنتم؟

فقالوا .... البيت ، وبعده :

فقلت : إلى الطّعام ، فقال منهم

زعيم : نحسد الأنس الطّعاما


فقال : «منون أنتم» والقياس «من أنتم».

* * *

والعلم احكينّه من بعد «من»

إن عريت من عاطف بها اقترن (١)

يجوز أن يحكى العلم بـ «من» إن لم يتقدم عليها عاطف ؛ فتقول لمن قال «جاءنى زيد» : «من زيد» ولمن قال «رأيت زيدا» : «من زيدا» ولمن

__________________

ونسبها أبو زيد إلى شمير بن الحارث الضبى.

اللغة : «حضأت» فى القاموس : «حضأ النار كمنع أوقدها أو فتحها لتلتهب كاحتضأها فاحتضأت» ا ه ، ومعنى فتحها فى كلام المجد حركها «عموا ظلاما» دعاء مثل «عم صباحا» و «عم مساء».

الإعراب : «أتوا» فعل وفاعل «نارى» نار : مفعول به لأتوا ، ونار مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «فقلت» الفاء للترتيب الذكرى ، قلت : فعل وفاعل «منون» اسم استفهام مبتدأ «أنتم» خبره ، والجملة فى محل نصب مقول القول «فقالوا» فعل وفاعل «الجن» خبر مبتدأ محذوف ، أى فقالوا : نحن الجن ، والجملة فى محل نصب مقول القول «قلت» فعل ماض وفاعله «عموا» فعل أمر ، وواو الجماعة فاعله ، والجملة فى محل نصب مقول القول «ظلاما» يجوز أن يكون تمييزا محولا عن الفاعل ، الأصل لينعم ظلامكم ، ويجوز أن يكون منصوبا على الظرفية : أى فى ظلامكم.

الشاهد فيه : قوله «منون أنتم» حيث لحقته الواو والنون فى الوصل ، وذلك شاذ.

(١) «العلم» مفعول به لفعل محذوف يفسره ما بعده «احكينه» احك : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والنون للتوكيد ، والهاء مفعول به «من بعد» جار ومجرور متعلق باحك ، وبعد مضاف ، و «من» قصد لفظه : مضاف إليه «إن» شرطية «عريت» عرى : فعل ماض فعل الشرط ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى من «من عاطف ، بها» كل منهما جار ومجرور متعلق باقترن الآتى «اقترن» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عاطف ، والجملة من اقترن وفاعله فى محل جر صفة لعاطف.


قال «مررت بزيد» «من زيد» فتحكى فى العلم المذكور بعد «من» ما للعلم المذكور فى الكلام السابق من الإعراب.

ومن : مبتدأ ، والعلم الذى بعدها خبر عنها ، أو خبر (١) عن الاسم المذكور بعد [من].

فإن سبق «من» عاطف لم يجز أن يحكى فى العلم الذى بعدها ما قبلها من الإعراب ، بل يجب رفعه على أنه خبر عن «من» أو مبتدأ خبره «من» ؛ فتقول لقائل «جاء زيد ، أو رأيت زيدا ، أو مررت بزيد» : «ومن زيد».

ولا يحكى من المعارف إلا العلم ؛ فلا تقول لقائل : «رأيت غلام زيد» «من غلام زيد؟» بنصب غلام ، بل يجب رفعه ؛ فتقول : «من غلام زيد» ، وكذلك فى الرفع والجر.

* * *

__________________

(١) يقصد أن «من» يجوز أن تكون هى الخبر مقدما ، كما جاز أن تكون مبتدأ.


التأنيث

علامة التّأنيث تاء أو ألف

وفى أسام قدّروا التّا : كالكتف (١)

ويعرف التّقدير : بالضّمير ،

ونحوه ، كالرّدّ فى التّصغير (٢)

أصل الاسم أن يكون مذكرا ، والتأنيث فرع عن التذكير ، ولكون التذكير هو الأصل استغنى الاسم المذكّر عن علامة تدلّ على التذكير ، ولكون التأنيث فرعا عن التذكير افتقر إلى علامة تدلّ عليه ـ وهى : التاء ، والألف المقصورة ، أو الممدودة ـ والتاء أكثر فى الاستعمال من الألف ، ولذلك قدّرت فى بعض الأسماء كعين وكتف.

ويستدلّ على تأنيث ما لا علامة فيه ظاهرة من الأسماء المؤنثة : بعود الضمير إليه مؤنثا ، نحو «الكتف نهشتها ، والعين كحلتها» وبما أشبه ذلك كوصفه بالمؤنث نحو «أكلت كتفا مشويّة» وكردّ التاء إليه فى التصغير : ككتيفة ، ويديّة.

* * *

__________________

(١) «علامة» مبتدأ ، وعلامة مضاف و «التأنيث» مضاف إليه «تاء» خبر المبتدأ «أو» عاطفة «ألف» معطوف على تاء «وفى أسام» الواو عاطفة أو للاستئناف ، وما بعدها جار ومجرور متعلق بقدروا الآتى «قدروا» فعل وفاعل «التا» قصر للضرورة : مفعول به لقدورا «كالكتف» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، أى : وذلك كائن كالكتف.

(٢) «ويعرف» فعل مضارع مبنى للمجهول «التقدير» نائب فاعل يعرف «بالضمير» جار ومجرور متعلق بقوله يعرف «ونحوه» الواو عاطفة ، نحو : معطوف على الضمير ، ونحو مضاف ، وضمير الغيبة العائد إلى الضمير مضاف إليه «كالرد» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، أى : وذلك كائن كالرد «فى التصغير» جار ومجرور متعلق بالرد.


ولا تلى فارقة فعولا

أصلا ، ولا المفعال والمفعيلا (١)

كذاك مفعل ، وما تليه

تا الفرق من ذى فشذوذ فيه (٢)

ومن فعيل كقتيل إن تبع

موصوفه غالبا التّا تمتنع (٣)

قد سبق أن هذه التاء إنما زيدت فى الأسماء ليتميز المؤنّث عن المذكر ، وأكثر ما يكون ذلك فى الصفات : كقائم وقائمة ، وقاعد وقاعدة ، ويقلّ ذلك فى الأسماء التى ليست بصفات : كرجل ورجلة ، وإنسان وإنسانة ، وامرىء وامرأة.

__________________

(١) «ولا» الواو عاطفة ، أو للاستئناف ، ولا : حرف نفى «تلى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى تاء التأنيث «فارقة» حال من الضمير المستتر فى تلى «فعولا» مفعول به لتلى «أصلا» حال من فعولا «ولا» الواو عاطفة ، ولا : نافية «المفعال ، والمفعيلا» معطوفان على قوله «فعولا».

(٢) «كذاك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «مفعل» مبتدأ مؤخر «وما» الواو للعطف أو استئنافية ، ما : اسم موصول مبتدأ «تليه» تلى : فعل مضارع ، والهاء مفعول به لتلى «تا» قصر للضرورة : فاعل تلى ، وتا مضاف و «الفرق» مضاف إليه ، والجملة من الفعل والفاعل والمفعول لا محل لها صلة ما الموصولة الواقعة مبتدأ «فشذوذ» الفاء زائدة ، وشذوذ : مبتدأ ثان «فيه» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول ، ووقعت الفاء فيه لشبه الموصول بالشرط.

(٣) «ومن فعيل» جار ومجرور متعلق بقوله «تمتنع» الآتى فى آخر البيت «كقتيل» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فعيل «إن» شرطية «تبع» فعل ماض ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعيل «موصوفه» موصوف : مفعول به لتبع ، وموصوف مضاف والهاء مضاف إليه «غالبا» حال من الضمير المستتر فى تبع «التا» قصر للضرورة : مبتدأ «تمتنع» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى التا ، والجملة من تمتنع وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه جملة المبتدأ والخبر.


وأشار بقوله : «ولا تلى فارقة فعولا ـ الأبيات» إلى أن من الصفات ما لا تلحقه هذه التاء ، وهو : ما كان من الصقات على «فعول» (١) وكان بمعنى فاعل ، وإليه أشار بقوله «أصلا» واحترز بذلك من الذى بمعنى مفعول ، وإنما جعل الأول أصلا لأنه أكثر من الثانى ، وذلك نحو «شكور ، وصبور» بمعنى شاكر وصابر ؛ فيقال للمذكر والمؤنث «صبور ، وشكور» بلا تاء ، نحو «هذا رجل شكور ، وامرأة صبور».

فإذا كان فعول بمعنى مفعول فقد تلحقه التاء فى التأنيث ، نحو «ركوبة» ـ بمعنى مركوبة ـ.

وكذلك لا تلحق التاء وصفا على «مفعال» كامرأة مهذار ـ وهى الكثيرة الهذر ، وهو الهذيان ـ أو على «مفعيل» كامرأة معطير ـ من «عطرت المرأة» إذا استعملت الطيب ـ أو على «مفعل» كمغشم ـ وهو : الذى لا يثنيه شىء عما يريده ويهواه من شجاعته.

وما لحقته التاء من هذه الصفات للفرق بين المذكر والمؤنث فشاذ لا يقاس عليه ، نحو «عدوّ وعدوّة ، وميقان وميقانة ، ومسكين ومسكينة».

وأما «فعيل» فإما أن يكون بمعنى فاعل ، أو بمعنى مفعول ؛ فإن كان بمعنى فاعل لحقته التاء فى التأنيث ، نحو «رجل كريم ، وامرأة كريمة» وقد حذفت منه قليلا ، قال الله تعالى : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) وقال الله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) وإن كان بمعنى

__________________

(١) بهذا استدل على أن «بغيا» فى قوله تعالى : (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) وفى قوله سبحانه (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) على زنة فعول لا فعيل ؛ إذ لو كانت على فعيل لوجب تأنيثها فيقال «بغية» فى الموضعين ؛ لأنها بمعنى فاعل. والأصل «بغويا» فلما اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء فى الياء ؛ فصار كما ترى.


مفعول ـ وإليه أشار بقوله «كقتيل» ـ فإما أن يستعمل استعمال الأسماء أو لا ؛ فإن استعمل استعمال الأسماء ـ أى : لم يتبع موصوفه ـ لحقته التاء ، نحو «هذه ذبيحة ، ونطيحة ، وأكيلة» أى : مذبوحة ومنطوحة ومأكولة السبع ، وإن لم يستعمل استعمال الأسماء ـ أى : بأن يتبع موصوفه ـ حذفت منه التاء غالبا ، نحو «مررت بامرأة جريح ، وبعين كحيل» أى : مجروحة ومكحولة ، وقد تلحقه التاء قليلا ، نحو «خصلة ذميمة» أى : مذمومة ، و «فعلة حميدة» أى : محمودة.

* * *

وألف التّأنيث : ذات قصر

وذات مدّ ، نحو أنثى الغرّ (١)

والاشتهار فى مبانى الأولى

يبديه وزن «أربى ، والطّولى (٢)

ومرطى» ووزن «فعلى» جمعا

أو مصدرا ، أو صفة : كشبعى (٣)

__________________

(١) «ألف» مبتدأ ، وألف مضاف و «التأنيث» مضاف إليه «ذات» خبر المبتدأ ، وذات مضاف و «قصر» مضاف إليه «وذات» معطوف على «ذات» السابق ، وذات مضاف و «مد» مضاف إليه «نحو» خبر مبتدأ محذوف : أى وذلك نحو ، ونحو مضاف و «أنثى» مضاف إليه ، وأنثى مضاف ، و «الغر» مضاف إليه ، وأنثى الغر هى الغراء بألف تأنيث ممدودة.

(٢) «والاشتهار» مبتدأ «فى مبانى» جار ومجرور متعلق بالاشتهار ، ومبانى مضاف و «الأولى» مضاف إليه «يبديه» يبدى : فعل مضارع ، وضمير الغائب العائد إلى المبتدأ مفعول به ليبدى «وزن» فاعل يبدى ، ووزن مضاف ، و «أربى» مضاف إليه ، و «الطولى» معطوف على أربى ، وجملة الفعل وفاعله ومفعوله فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٣) «ومرطى» معطوف على «أربى» فى البيت السابق «ووزن» معطوف على «وزن» فى البيت السابق أيضا ، ووزن مضاف و «فعلى» مضاف إليه «جمعا»


وكحبارى ، سمّهى ، سبطرى ،

ذكرى ، وحثّيثى ، مع الكفرّى (١)

كذاك خلّيطى ، مع الشّقّارى ،

واعز لغير هذه استندارا (٢)

قد سبق أن ألف التأنيث على ضربين ؛ أحدهما : المقصورة ، كحبلى وسكرى ، والثانى : الممدودة ، كحمراء وغرّاء ، ولكل منهما أوزان تعرف بها.

فأما المقصورة فلها أوزان مشهورة ، وأوزان نادرة

فمن المشهورة : فعلى ، نحو : أربى ـ للداهية ، وشعبى ـ لموضع.

ومنها : فعلى ، اسما كبهمى ـ لنبت ، أو صفة كحبلى ، والطّولى ، أو مصدرا كرجعى.

ومنها : فعلى ، اسما كبردى ـ لنهر [بدمشق] ، أو مصدرا كمرطى ـ

__________________

حال من فعلى «أو مصدرا أو صفة» معطوفان على الحال «كشبعى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف : أى وذلك كائن كشبعى.

(١) «وكحبارى» الواو عاطفة ، كحبارى : جار ومجرور معطوف على «كشبعى» فى البيت السابق «سمهى ، سبطرى ، ذكرى ، وحثيثى» معطوفات على حبارى بعاطف مقدر فيما عدا الأخير «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من المتقدمات ، ومع مضاف و «الكفرى» مضاف إليه.

(٢) «كذاك» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، والكاف حرف خطاب «خليطى» مبتدأ مؤخر «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من خليطى ، ومع مضاف و «الشقارى» مضاف إليه «واعز» الواو عاطفة ، واعز : فعل أمر مبنى على حذف الواو ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لغير» جار ومجرور متعلق باعز ، وغير مضاف واسم الإشارة فى قوله «هذه» مضاف إليه «استندارا» مفعول به لاعز.


لضرب من العدو ، أو صفة كحيدى ، يقال : حمار حيدى ، أى : يحيد عن ظلّه لنشاطه.

قال الجوهرى : ولم يجىء فى نعوت المذكّر شىء على فعلى غيره.

ومنها : فعلى ، جمعا ، كصرعى جمع صريع ، أو مصدرا كدعوى ، أو صفة كشبعى وكسلى.

ومنها : فعالى ، كحبارى لطائر ، ويقع على الذكر والأنثى.

ومنها : فعّلى ، كسمّهى للباطل.

ومنها : فعلّى ، كسبطرى ، لضرب من المثنى (١).

ومنها : فعلى ، مصدرا كذكرى ، أو جمعا كظربى جمع ظربان ، وهى : دويبّة كالهرة منتنة الريح ، تزعم العرب أنها تفسو فى ثوب أحدهم إذا صادها ، فلا تذهب رائحته حتى يبلى الثوب ، وكحجلى جمع حجل ؛ وليس فى الجموع ما هو على [وزن] فعلى غيرهما.

ومنها : فعّيلى ، كحثّيثى ، بمعنى الحثّ (٢).

ومنها : فعلّى ، نحو كفرّى ـ لوعاء الطّلع.

ومنها : فعّيلى ، نحو خلّيطى ـ للاختلاط ، ويقال : وقعوا فى خلّيطى ، أى : اختلط عليهم أمرهم.

ومنها : فعّالى ، نحو شقّارى ـ لنبت.

* * *

__________________

(١) سبطرى : ضرب من المشى فيه تبختر ، ونظيره «دفقى» بكسر الدال وفتح الفاء وتشديد القاف مفتوحة ـ وهو ضرب من المشى فيه إسراع وتدفق.

(٢) ونظيره «خليفى» بمعنى الخلافة عن رسول الله ، وفى حديث عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه! ـ «لو لا الخليفى لأذنت» يريد لو لا اشتغاله بشؤون الخلافة لكان مؤذنا.


لمدّها : فعلاء ، أفعلاء

 ـ مثلّت العين ـ وفعللاء (١)

ثمّ فعالا ، فعللا ، فاعولا

وفاعلاء ، فعليا ، مفعولا (٢)

ومطلق العين فعالا ، وكذا

مطلق فاء فعلاء أخذا (٣)

لألف التأنيث الممدودة أوزان كثيرة ، نبّه المصنف على بعضها.

فمنها : فعلاء ، اسما كصحراء ، أو صفة مذكّرها على أفعل كحمراء ، وعلى غير أفعل كديمة هطلاء ، ولا يقال : سحاب أهطل ، بل سحاب هطل ؛ وقولهم : فرس أو ناقة روغاء ، أى : حديدة القياد ، ولا يوصف به المذكّر منهما ؛ فلا يقال : جمل أروغ ، وكامرأة حسناء ، ولا يقال : رجل أحسن ، والهطل : تتابع المطر والدّمع وسيلانه ، يقال : هطلت السماء تهطل هطلا وهطلانا وتهطالا.

__________________

(١) «لمدها» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ومد مضاف وضمير المؤنثة مضاف إليه «فعلاء» مبتدأ مؤخر «أفعلاء» معطوف على فعلاء بعاطف مقدر «مثلث» حال من أفعلاء ، ومثلث مضاف و «العين» مضاف إليه «وفعللاء» معطوف فعلاء.

(٢) «ثم فعالا ، فعللا ، فاعولا ، وفاعلاء ، فعليا ، مفعولا» كلهن معطوفات على فعلاء فى البيت السابق بعاطف مقدر فى أكثرهن ، وقد قصر أكثرهن للضرورة ارتكانا على فهم القارىء من قوله «لمدها» فى البيت السابق.

(٣) «ومطلق» حال تقدم على صاحبه وهو قوله «فعالا» الآتى ، ومطلق مضاف و «العين» مضاف إليه «فعالا» قصر للضرورة أيضا : معطوف على الأوزان السابقة «كذا» جار ومجرور متعلق بأخذ الآتى فى آخر البيت «مطلق» حال تقدم على صاحبه وهو قوله «فعلاء» الآتى ـ ومطلق مضاف و «فاء» مضاف إليه «فعلاء» مبتدأ «أخذا» أخذ : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعلاء ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ


ومنها : أفعلاء ـ مثلت العين ـ نحو قولهم لليوم الرابع من أيام الأسبوع : أربعاء ـ بضم الباء وفتحها وكسرها.

ومنها : فعللاء ، نحو عقرباء ـ لأنثى العقارب.

ومنها : فعالاء ، نحو قصاصاء ـ للقصاص.

ومنها : فعللاء ، كقرفصاء.

ومنها : فاعولاء ، كعاشوراء.

ومنها : فاعلاء ، كقاصعاء ـ لجحر من جحرة اليربوع.

ومنها : فعلياء ، نحو : كبرياء ، وهى العظمة.

ومنها : مفعولاء ، نحو : مشيوخاء ، جمع شيخ.

ومنها : فعالاء ـ مطلق العين ، أى : مضمومها ، ومفتوحها ، ومكسورها ـ نحو : دبوقاء ـ للعذرة ، وبراساء ، لغة فى البرنساء ، وهم الناس ، وقال ابن السّكّيت : يقال ما أدرى أى البرنساء هو ، أى : أىّ الناس هو ، وكثيراء.

ومنها : فعلاء ـ مطلق الفاء ، أى : مضمومها ، ومفتوحها ، ومكسورها ـ نحو : خيلاء ـ للتكبر ، وجنفاء ـ اسم مكان ، وسيراء ـ لبرد فيه خطوط صفر.


المقصور والممدود

إذا اسم استوجب من قبل الطّرف

فتحا ، وكان ذا نظير كالأسف (١)

فلنظيره المعلّ الآخر

ثبوت قصر بقياس ظاهر (٢)

كفعل وفعل فى جمع ما

كفعلة وفعلة ، نحو الدّمى (٣)

المقصور : هو الاسم الذى حرف إعرابه ألف لازمة.

__________________

(١) «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «اسم» فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده «استوجب» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم ، والجملة لا محل لها مفسرة «من قبل» جار ومجرور متعلق باستوجب ، وقبل مضاف و «الطرف» مضاف إليه «فتحا» مفعول به لاستوجب «وكان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم «ذا» خبر كان منصوب بالألف نيابة عن الفتحة ، وذا مضاف و «نظير» مضاف إليه «كالأسف» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، أى : وذلك كائن كالأسف.

(٢) «فلنظيره» الفاء داخلة على جواب إذا الواقعة فى البيت السابق ، لنظير : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ونظير مضاف والهاء مضاف إليه «المعل» نعت لنظير ، والمعل مضاف و «الآخر» مضاف إليه ، من إضافة اسم المفعول إلى نائب فاعله «ثبوت» مبتدأ مؤخر ، وثبوت مضاف و «قصر» مضاف إليه ، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب جواب إذا فى البيت السابق «بقياس» جار ومجرور متعلق بثبوت «ظاهر» نعت لقياس.

(٣) «كفعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف «وفعل» معطوف على المجرور فى كفعل «فى جمع» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فعل وفعل ، وجمع مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «كفعلة» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول «وفعلة» معطوف على المجرور فى كفعلة «نحو» خبر مبتدأ محذوف : أى وذلك نحو ، ونحو مضاف و «الدمى» مضاف إليه.


فخرج بالاسم : الفعل ، نحو يرضى ، وبحرف إعرابه : المبنىّ ، نحو إذا ، وبلازمة : المثنّى ، نحو الزيدان ؛ فإن ألفه تنقلب ياء فى الجر والنصب.

والمقصور على قسمين : قياسى ، وسماعى.

فالقياسىّ : كل اسم معتلّ له نظير من الصحيح ، ملتزم فتح ما قبل آخره ، وذلك : كمصدر الفعل اللازم الذى على [وزن] فعل ؛ فإنه يكون فعلا ، بفتح الفاء والعين ، نحو أسف أسفا ، فإذا كان معتلا وجب قصره ، نحو جوى جوى [لأن نظيره من الصحيح الآخر ملتزم فتح ما قبل آخره] ونحو فعل فى جمع فعلة بكسر الفاء ، وفعل فى جمع فعلة بضم الفاء ، نحو مرى جمع مرية ، ومدى جمع مدية ، فإن نظيرهما من الصحيح قرب وقرب جمع قربة وقربة ؛ لأن جمع فعلة بكسر الفاء يكون على فعل ، بكسر الأول وفتح الثانى ، وجمع فعلة بضم الفاء يكون على فعل ، بضم الأول وفتح الثانى ، والدّمى : جمع دمية ، وهى الصّورة من العاج ونحوه.

* * *

وما استحقّ قبل آخر ألف

فالمدّ فى نظيره حتما عرف (١)

__________________

(١) «ما» اسم موصول : مبتدأ أول «استحق» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة الواقعة مبتدأ «قبل» ظرف متعلق باستحق وقبل مضاف و «آخر» مضاف إليه «ألف» مفعول به لاستحق ، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة ، والجملة من الفعل وفاعله ومفعوله لا محل لها صلة الموصول «فالمد» الفاء زائدة ، والمد : مبتدأ ثان «فى نظيره» الجار والمجرور متعلق بقوله «عرف» الآتى ، ونظير مضاف والهاء ضمير الغائب العائد إلى الذى استحق قبل آخره ألفا مضاف إليه «حتما» حال من الضمير المستتر فى عرف الآتى «عرف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المد ، والجملة


أي : تمرون بالديار. ومذهب الجمهور أنه لا ينقاس حذف حرف الجر مع غير «أن» و «أن» بل يقتصر فيه على السماع ، وذهب [أبو الحسن على ابن سليمان البغدادي وهو] الأخفش الصغير إلى أنه يجوز الحذف مع غيرهما قياسا ، بشرط تعين الحرف ، ومكان الحذف ، نحو : «بريت القلم بالسكين» فيجوز عنده حذف الباء ، فتقول : «بريت القلم السكين» فإن لم يتعين الحرف لم يجز الحذف ، نحو : «رغبت في زيد» فلا يجوز حذف «في» ، لأنه لا يدرى حينئذ : هل التقدير «رغبت عن زيد» أو «في زيد» وكذلك إن لم يتعين مكان الحذف لم يجز ، نحو «اخترت القوم من بنى تميم» فلا يجوز الحذف ، فلا تقول : «اخترت القوم بنى تميم» ، إذ لا يدرى : هل الأصل «اخترت القوم من بنى تميم» أو «اخترت من القوم بنى تميم».

وأما «أن ، وأن» فيجوز حذف حرف الجر معهما قياسا مطردا ، بشرط أمن اللبس ، كقولك «عجبت أن يدوا» والأصل «عجبت من أن يدوا» أي : من أن يعطوا الدية ، ومثال ذلك مع أن ـ بالتشديد ـ «عجبت من أنك قائم» فيجوز حذف «من» فتقول : «عجبت أنك قائم» ، فإن حصل لبس لم يجز

__________________

«الحذف والإيصال» وهذا قاصر على السماع ، ولا يجوز ارتكابه في سعة الكلام ، إلا إذا كان المجرور مصدرا مؤولا من «أن» المؤكد مع اسمها وخبرها ، أو من «أن» المصدرية مع منصوبها.

ومثل هذا الشاهد قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي :

غضبت أن نظرت نحو نساء

ليس يعرفني مررن الطريقا

ومحل الاستشهاد قوله «مررن الطريقا» حيث حذف حرف الجر ثم أوصل الفعل اللازم إلى الاسم الذي كان مجرورا فنصبه ، وأصل الكلام : مررن بالطريق ، وفيه شاهد آخر للقياسي من هذا الباب ; وذلك في قوله «غضبت أن نظرت» وأصله : غضبت من أن نظرت.


والعادم النّظير ذا قصر وذا

مدّ ، بنقل : كالحجا وكالحذا (١)

هذا هو القسم الثانى ، وهو المقصور السماعىّ ، والممدود السماعىّ.

وضابطهما : أنّ ما ليس له نظير اطّرد فتح ما قبل آخره فقصره موقوف على السماع ، وما ليس له نظير اطّرد زيادة ألف قبل آخره فمدّه مقصور على السماع.

فمن المقصور السماعىّ : الفتى ، واحد الفتيان ، والحجا : العقل ، والثّرى : التراب ، والسّنا : الضوء.

ومن الممدود السماعى : الفتاء : حداثة السّنّ ، والسّناء : الشّرف ، والثّراء : كثرة المال ، والحذاء : النّعل.

* * *

وقصر ذى المدّ اضطرارا مجمع

عليه ، والعكس بخلف يقع (٢)

لا خلاف بين البصريين والكوفيين فى جواز قصر الممدود للضرورة.

واختلف فى جواز مد المقصور ؛ فذهب البصريون إلى المنع ، وذهب الكوفيون إلى الجواز ، واستدلوا بقوله :

__________________

(١) «والعادم» مبتدأ ، والعادم مضاف و «النظير» مضاف إليه «ذا» حال من الضمير المستتر فى قوله بنقل الآتى ، وذا مضاف و «قصر» مضاف إليه «وذا مد» مركب إضافى معطوف على قوله ذا قصر «بنقل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «كالحجا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف : أى وذلك كائن كالحجا «وكالحذا» معطوف على قوله كالحجا.

(٢) «وقصر» مبتدأ ، وقصر مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «المد» مضاف إليه «اضطرارا» مفعول لأجله «مجمع» خبر المبتدأ «عليه» جار ومجرور متعلق بمجمع على أنه نائب فاعل له ؛ لأنه اسم مفعول «والعكس» مبتدأ «بخلف» جار ومجرور متعلق بقوله «يقع» الآتى «يقع» فعل مضارع ، وفاعله


(٣٥٣) ـ

يا لك من تمر ومن شيشاء

ينشب فى المسعل واللهاء

فمدّ «اللهاء» للضرورة ، وهو مقصور.

* * *

__________________

ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى العكس ، والجملة من الفعل وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ.

٣٥٣ ـ نسب أبو عبيد البكرى فى شرح الأمالى هذا البيت إلى أبى المقدام الراجز ، وقال الفراء : هو لأعرابى من أهل البادية ، ولم يسمه.

اللغة : «شيشاء» بشينين معجمتين أولاهما مكسورة وبينهما ياء مثناة ، ممدودا ـ هو الشيص ، وهو التمر الذى يشتد نواه لأنه لم يلقح ، وقال ابن فارس : هو أردأ التمر ، وقال الجوهرى : الشيش والشيشاء : لغة فى الشيص والشيصاء «ينشب» أى : يعلق «المسعل» بفتحتين بينهما سكون ـ موضع السعال من الحلق «واللهاء» بفتح اللام وبالمد ، وأصله القصر ـ وهى هنة مطبقة فى أفصى سقف الفم.

الإعراب : «يا» أصله حرف نداء ، وقصد به هنا مجرد التنبيه «لك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف : أى يا لك شىء ، مثلا «من تمر» بيان للكاف فى لك : أى أنه جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الكاف فى لك ، وقيل : إن «لك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، و «من» زائدة ، و «تمر» مبتدأ مؤخر ، وفيه أعاريب أخر «ومن شيشياء» جار ومجرور معطوف بالواو على قوله «من تمر» «ينشب» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى شيشاء «فى المسعل» جار ومجرور متعلق بينشب «واللهاء» معطوف على المسعل.

الشاهد فيه : قوله «واللهاء» حيث مده للضرورة ، وأصله «اللها» بالقصر ـ كما ذكرناه فى لغة البيت.


كيفية تثنية المقصور والممدود ، وجمعهما تصحيحا

آخر مقصور تثنّى اجعله يا

إن كان عن ثلاثة مرتقيا (١)

كذا الذى اليا أصله ، نحو الفتى

والجامد الذى أميل كمتى (٢)

فى غير ذا تقلب واوا الألف

وأولها ما كان قبل قد ألف (٣)

__________________

(١) «آخر» مفعول لفعل محذوف يفسره قوله اجعله الآتى ، وآخر مضاف و «مقصور» مضاف إليه «تثنى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل جر صفة لمقصور «اجعله» اجعل : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول أول لاجعل «يا» قصر للضرورة : مفعول ثان لاجعل «إن» شرطية «كان» فعل ماض ناقص ، فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مقصور «عن ثلاثة» جار ومجرور متعلق بقوله مرتقيا الآتى «مرتقيا» خبر كان ، وجواب الشرط محذوف.

(٢) «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «الذى» اسم موصول : مبتدأ مؤخر «اليا» قصر للضرورة : مبتدأ «أصله» أصل : خبر المبتدأ ، وأصل مضاف والهاء مضاف إليه ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «نحو» خبر مبتدأ محذوف والتقدير : وذلك نحو ، ونحو مضاف و «الفتى» مضاف إليه «والجامد» معطوف على «الذى» السابق «الذى» نعت للجامد «أميل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى ، والجملة لا محل لها صلة «كمتى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كمتى.

(٣) «فى غير» جار ومجرور متعلق بقوله «تقلب» الآتى ، وغير مضاف ، و «ذا» اسم إشارة : مضاف إليه «تقلب» فعل مضارع مبنى للمجهول «واوا» مفعول ثان لتقلب «الألف» نائب فاعل لتقلب ، وهو مفعوله الأول «وأولها» الواو عاطفة أو للاستئناف ، أول : فعل أمر ، مبنى على حذف الياء ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وها : مفعول أول لأول «ما» اسم موصول : مفعول


الاسم المتمكن إن كان صحيح الآخر ، أو كان منقوصا ، لحقته علامة التثنية من غير تغيير ؛ فتقول فى «رجل ، وجارية ، وقاض» : «رجلان ، وجاريتان ، وقاضيان».

وإن كان مقصورا فلا بدّ من تغييره ، على ما نذكره الآن.

وإن كان ممدودا فسيأتى حكمه.

فإن كانت ألف المقصور رابعة فصاعدا قلبت ياء ؛ فتقول فى «ملهى» : «ملهيان» وفى «مستقصى» : «مستقصيان» وإن كانت ثالثة : فإن كانت بدلا من الياء ـ كفتى ورحى ـ قلبت أيضا ياء ؛ فتقول : «فتيان ، ورحيان» ، وكذا إذا كانت ثالثة مجهولة الأصل وأميلت ؛ فتقول فى «متى» علما : «متيان» وإن كانت ثالثة بدلا من واو ـ كعصا وقفا ـ قلبت واوا ؛ فتقول : «عصوان ، وقفوان» ، وكذا إن كانت ثالثة مجهولة الأصل ولم تمل ، كإلى علما ؛ فتقول : «إلوان».

فالحاصل : أن ألف المقصور تقلب ياء فى ثلاثة مواضع :

الأول : إذا كانت رابعة فصاعدا.

الثانى : إذا كانت ثالثة بدلا من ياء.

الثالث : إذا كانت [ثالثة] مجهولة الأصل وأميلت.

__________________

ثان لأول «كان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة «قبل» ظرف مبنى على الضم فى محل نصب متعلق بقوله «ألف» الآتى «قد» حرف تحقيق «ألف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم كان ، والجملة فى محل نصب خبر كان ، والجملة من كان واسمه وخبره لا محل لها صلة الموصول.


وتقلب واوا فى موضعين :

الأول : إذا كانت ثالثة بدلا من الواو.

الثانى : إذا كانت ثالثة مجهولة الأصل ولم تمل.

وأشار بقوله : «وأولها ما كان قبل قد ألف» إلى أنه إذا عمل هذا العمل المذكور فى المقصور ـ أعنى قلب الألف ياء أو واوا ـ لحقتها علامة التثنية ، التى سبق ذكرها أول الكتاب ، وهى الألف والنون المكسورة رفعا ، والياء المفتوح ما قبلها والنون المكسورة جرا ونصبا.

* * *

وما كصحراء بواو ثنّيا

ونحو علباء كساء وحيا (١)

بواو او همز ، وغير ما ذكر

صحّح ، وما شذّ على نقل قصر (٢)

__________________

(١) «ما» اسم موصول : مبتدأ «كصحراء» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول «بواو» جار ومجرور متعلق بقوله «ثنيا» ثنى : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة الواقعة مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «ونحو» الواو حرف عطف أو للاستئناف ، نحو : مبتدأ ، ونحو مضاف و «علباء» مضاف إليه «كساء ، وحيا» معطوفان على علباء بعاطف مقدر فى الأول ، وقد قصر الثانى للضرورة.

(٢) «بواو» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ـ وهو قوله «نحو» فى البيت السابق ـ «أو» عاطفة «همز» معطوف على واو «وغير» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «صحح» الآتى ـ وغير مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «ذكر» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة «صحح» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وما» اسم موصول : مبتدأ «شذ» فعل ماض ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة هو فاعل ، والجملة لا محل لها


لما فرغ من الكلام على كيفية تثنية المقصور شرع فى ذكر كيفية تثنية الممدود.

والممدود : إما أن تكون همزته بدلا من ألف التأنيث ، أو للإلحاق ، أو بدلا من أصل ، أو أصلا.

فإن كانت بدلا من ألف التأنيث ؛ فالمشهور قلبها واوا ؛ فتقول فى «صحراء ، وحمراء» : «صحراوان ، وحمراوان».

وإن كانت للإلحاق ، كعلباء ، أو بدلا من أصل ، نحو «كساء ، وحياء» (١) جاز فيها وجهان ؛ أحدهما : قلبها واوا ؛ فتقول : «علباوان ، وكساوان ، وحياوان» والثانى : إبقاء الهمزة من غير تغيير ؛ فتقول : «علباءان ، وكساءان ، وحياءان» والقلب فى اللحقة أولى من إبقاء الهمزة ، وإبقاء الهمزة المبدلة من أصل أولى من قلبها واوا.

وإن كانت الهمزة الممدودة أصلا وجب إبقاؤها ؛ فتقول فى «قرّاء ، ووضّاء» (٢) : «قرّاءان ، ووضّاءان».

__________________

صلة «على نقل» جار ومجرور متعلق بقوله قصر الآتى «قصر» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة الواقعة مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(١) أصل كساء كساو ؛ بدليل قولك «كسوت فلانا كسوة» فوقعت الواو فى كساء إثر ألف زائدة فقلبت همزة ، وأصل حياء حياى ، بدليل قولك «حييت» وقولك «حيى فلان يحيا» و «حى» فوقعت ياء حياى إثر ألف زائدة فقلبت همزة ؛ فكل من الواو والياء إذا وقعت إثر ألف زائدة قلبت همزة ، سواء أكانت متطرفة كما هنا ، أم كانت فى وسط الكلمة كما فى «صائم ، وقائم ، وقائل» من القول ، وكما فى «بائع ، وصائر ، وقائل» من القيلولة.

(٢) قراء ـ بضم القاف وتشديد الراء ـ وصف من القراءة ، تقول : «رجل


وأشار بقوله : «وما شذّ على نقل قصر» إلى أن ما جاء من تثنية المقصور أو الممدود على خلاف ما ذكر ، اقتصر فيه على السماع ، كقولهم فى «الخوزلى» : «الخوزلان» والقياس «الخوزليان» وقولهم فى «حمراء» : «حمرايان» والقياس «حمراوان».

* * *

واحذف من المقصور فى جمع على

حدّ المثنّى ما به تكمّلا (١)

ولفتح أبق مشعرا بما حذف

وإن جمعته بتاء وألف (٢)

فالألف اقلب قلبها فى التّثنيه

وتاء ذى التّا ألزمنّ تنحيه (٣)

__________________

قراء» : أى حسن القراءة ، و «وضاء» بضم الواو وتشديد الضاد ـ وصف من الوضاءة وهى حسن الوجه.

(١) «احذف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «من المقصور ، فى جمع» جاران ومجروران متعلقان باحذف «على حد» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لجمع ، وحد مضاف و «المثنى» مضاف إليه «ما» اسم موصول : مفعول به لاحذف «به» جار ومجرور متعلق بقوله تكملا الآتى «تكملا» تكمل : فعل ماض ، والألف للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما ، والجملة لا محل لها صلة الموصول.

(٢) «والفتح» مفعول مقدم على عامله ـ وهو قوله «أبق» الآتى ـ «أبق» فعل أمر ، مبنى على حذف الياء ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «مشعرا» حال من الفتح ، أو من الضمير المستتر فى أبق «بما» جار ومجرور متعلق بمشعر «حذف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة المجرورة محلا بالباء ، والجملة لا محل لها صلة «ما» المجرورة محلا بالباء «وإن» شرطية «جمعته» جمع : فعل ماض فعل الشرط ، وتاء المخاطب فاعله ، والهاء مفعول «بتاء» جار ومجرور متعلق بجمعت «وألف» معطوف على تاء.

(٣) «فالألف» الفاء واقعة فى جواب الشرط فى البيت السابق ، والألف : مفعول


إذا جمع صحيح الآخر على حدّ المثنى ـ وهو الجمع بالواو والنون ـ لحقته العلامة من غير تغيير ؛ فتقول فى «زيد» : زيدون.

وإن جمع المنقوص هذا الجمع حذفت ياؤه ، وضمّ ما قبل الواو وكسر ما قبل الياء ؛ فتقول [فى قاض] : قاضون ، رفعا ، وقاضين ، جرّا ونصبا.

وإن جمع الممدود فى هذا الجمع عومل معاملته فى التثنية ؛ فإن كانت الهمزة بدلا من أصل ، أو للإلحاق ـ جاز [فيه] وجهان : إبقاء الهمزة ، وإبدالها واوا ؛ فيقال فى «كساء» علما : «كساؤون ، وكساوون» ، وكذلك علباء ، وإن كانت الهمزة أصلية وجب إبقاؤها ؛ فتقول فى «قرّاء» : «قرّاؤون».

وأما المقصور ـ وهو الذى ذكره المصنف ـ فتحذف ألفه إذا جمع بالواو والنون ، وتبقى الفتحة دالة عليها ؛ فتقول فى مصطفى : «مصطفون» رفعا ، و «مصطفين» جرّا ونصبا ، بفتح الفاء مع الواو والياء ، وإن جمع بألف وتاء قلبت ألفه ، كما تقلب فى التثنية ؛ فتقول فى «حبلى» : «حبليات» وفى «فتى ، وعصا» علمى مؤنث : «فتيات ، وعصوات».

__________________

تقدم على عامله ـ وهو قوله «اقلب» الآتى ـ «اقلب» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «قلبها» قلب : مفعول مطلق ، وقلب مضاف وها مضاف إليه «فى التثنية» جار ومجرور متعلق بقلب ، وجملة اقلب وفاعله ومفعوله فى محل جزم جواب الشرط «وتاء» مفعول أول مقدم على عامله ـ وهو قوله «ألزمن» الآتى ـ وتاء مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «التا» مضاف إليه «ألزمن» ألزم : فعل أمر ، والنون للتوكيد ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «تنحيه» مفعول ثان لألزم.


وإن كان بعد ألف المقصور تاء وجب حينئذ حذفها ؛ فتقول فى «فتاة» : «فتيات» ، وفى «قناة» : «قنوات».

* * *

والسّالم العين الثّلاثىّ اسما أنل

إتباع عين فاءه بما شكل (١)

إن ساكن العين مؤنّثا بدا

مختتما بالتّاء أو مجرّدا (٢)

وسكّن التّالى غير الفتح أو

خفّفه بالفتح ؛ فكلّا قد رووا (٣)

__________________

(١) «السالم» مفعول أول تقدم على عامله ـ وهو قوله «أنل» الآتى ـ والسالم مضاف و «العين» مضاف إليه «الثلاثى» نعت للسالم «اسما» حال من الثلاثى «أنل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إتباع» مفعول ثان لأنل ، وإتباع مضاف و «عين» مضاف إليه ، من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول «فاءه» فاء : مفعول ثان لإتباع ، وفاء مضاف والضمير مضاف إليه «بما» جار ومجرور متعلق بإتباع «شكل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الفاء ، والجملة لا محل لها صلة الموصول المجرور محلا بالباء ، والعائد ضمير محذوف مجرور بباء أخرى ، ومتى اختلف متعلق الجارين : الذى جر الموصول ، والذى جر العائد ، فالحذف شاذ أو قليل على ما تقرر فى موضعه.

(٢) «إن» شرطية «ساكن» حال من الضمير المستتر فى قوله «بدا» الآتى ، وساكن مضاف و «العين» مضاف إليه «مؤنثا» حال ثانية «بدا» فعل ماض ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى السالم العين «مختتما» حال ثالثة «بالتاء» جار ومجرور متعلق بمختتم «أو» عاطفة «مجردا» معطوف على قوله «مختتما» السابق.

(٣) «وسكن» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «التالى» مفعول به لسكن «غير» بالنصب مفعول للتالى ، أو بالجر مضاف إليه ، وغير مضاف ، و «الفتح» مضاف إليه «أو» عاطفة «خففه» خفف : فعل أمر معطوف على سكن ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به «بالفتح» جار ومجرور متعلق بخفف «فكلا» مفعول مقدم على عامله ـ وهو قوله «رووا» الآتى ـ «قد» حرف تحقيق «رووا» فعل ماض وفاعله.


إذا جمع الاسم الثّلاثىّ ، الصحيح العين ، الساكنها ، المؤنث ، المختوم بالتاء أو المجرّد عنها ، بألف وتاء ، أتبعت عينه فاءه فى الحركة مطلقا ؛ فتقول : فى «دعد» : «دعدات» ، وفى «جفنة» : «جفنات» ، وفى «جمل ، وبسرة» : «جملات ، وبسرات» بضم الفاء والعين ، وفى «هند ، وكسرة» : «هندات ، وكسرات» بكسر الفاء والعين.

ويجوز فى العين بعد الضمة والكسرة التسكين والفتح ؛ فتقول : «جملات ، وجملات ، وبسرات ، وبسرات ، وهندات ، وهندات ، وكسرات ، وكسرات» ، ولا يجوز ذلك بعد الفتحة ، بل يجب الإتباع.

واحترز بالثّلاثىّ من غيره كجعفر ـ علم مؤنث ، وبالاسم عن الصفة ، كضخمة ، وبالصحيح العين من معتلها كجوزة ، وبالساكن العين من محركها ، كشجرة ؛ فإنه لا إتباع فى هذه كلها ، بل يجب إبقاء العين على ما كانت عليه قبل الجمع ؛ فتقول : «جعفرات ، وضخمات ، وجوزات ، وشجرات» ، واحترز بالمؤنث من المذكر كبدر ؛ فإنه لا يجمع بالألف والتاء.

* * *

ومنعوا إتباع نحو ذروه

وزبية ، وشذّ كسر جروه (١)

يعنى أنه إذا كان المؤنث المذكور مكسور الفاء ، وكانت لامه واوا ؛ فإنه يمتنع فيه إتباع العين للفاء ؛ فلا يقال فى «ذروة» ذروات ـ بكسر

__________________

(١) «ومنعوا» فعل وفاعل «إتباع» مفعول به لمنعوا ، وإتباع مضاف و «نحو» مضاف إليه ، ونحو مضاف و «ذروة» مضاف إليه «وزبية» معطوف على ذروة «وشذ» فعل ماض «كسر» فاعل شذ ، وكسر مضاف و «جروة» مضاف إليه.


الفاء والعين ـ استثقالا للكسرة قبل الواو ، بل يجب فتح العين أو تسكينها ؛ فتقول : ذروات ، أو ذروات ، وشذّ قولهم «جروات» بكسر الفاء والعين.

وكذلك لا يجوز الإتباع إذا كانت الفاء مضمومة واللام ياء ، نحو «زبية» ؛ فلا تقول «زبيات» بضم الفاء والعين ـ استثقالا للضمة قبل الياء ، بل يجب الفتح أو التسكين ؛ فتقول : «زبيات. أو زبيات».

* * *

ونادر ، أو ذو اضطرار ـ غير ما

قدّمته ، أو لأناس انتمى (١)

يعنى أنه إذا جاء جمع هذا المؤنث على خلاف ما ذكر عدّ نادرا ، أو ضرورة ، أو لغة لقوم.

فالأول كقولهم فى «جروة» : «جروات» بكسر الفاء والعين.

والثانى كقوله :

(٣٥٤) ـ

وحمّلت زفرات الضّحى فأطقتها

ومالى بزفرات العشىّ يدان

فسكن عين «زفرات» ضرورة ، والقياس فتحها إتباعا.

__________________

(١) «ونادر» خبر مقدم «أو» عاطفة «ذو» معطوف على نادر ، وذو مضاف و «اضطرار» مضاف إليه «غير» مبتدأ مؤخر ، وغير مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «قدمته» فعل وفاعل ومفعول به ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «أو» عاطفة «لأناس» جار ومجرور متعلق بقوله «انتمى» الآتى «انتمى» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى غير ، والجملة معطوفة على الخبر فهى فى محل رفع.

(٣٥٤) ـ هذا البيت لعروة بن حزام ، أحد بنى عذرة ، من قصيدة له ممتعة يقولها فى عفراء ابنه عمه ، وقد رواها أبو على القالى فى ذيل أماليه ، ومطلعها قوله :


والثالث كقول هذيل فى جوزة وبيضة ونحوهما : «جوزات وبيضات» ـ بفتح الفاء والعين ـ والمشهور فى لسان العرب تسكين العين إذا كانت غير صحيحة.

* * *

__________________

خليلىّ من عليا هلال بن عامر

بعفراء عوجا اليوم وانتظرانى

اللغة : «زفرات» جمع زفرة ، وهى : إدخال النفس فى الصدر ، والشهيق إخراجه ، وأضاف الزفرات إلى الضحى ثم إلى العشى لأن من عادة المحبين أن يقوى اشتياقهم إلى أحبابهم فى هذين الوقتين «فأطقتها» استطعتها ، وقدرت عليها «يدان» قوة وقدرة.

الإعراب : «وحملت» حمل : فعل ماض ، مبنى للمجهول ، وتاء المتكلم نائب فاعل ، وهو المفعول الأول «زفرات» مفعول ثان لحمل ، وزفرات مضاف و «الضحى» مضاف إليه «فأطقتها» الفاء عاطفة ، وما بعدها فعل وفاعل ومفعول به «وما» الواو عاطفة ، ما : نافية «لى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «بزفرات» جار ومجرور متعلق بالخبر المحذوف ، وزفرات مضاف ، و «العشى» مضاف إليه «يدان» مبتدأ مؤخر.

الشاهد فيه : قوله «زفرات» فى الموضعين ، حيث سكن العين لضرورة إقامة الوزن وقياسها الفتح إتباعا لحركة فاء الكلمة ، وهى الزاى ، قال أبو العباس المبرد : وهذه من أحسن ضرورات الشعر.


جمع التّكسير

أفعلة أفعل ثمّ فعله

ثمّت أفعال ـ جموع قلّه (١)

جمع التكسير هو : ما دلّ على أكثر من اثنين ، بتغيير ظاهر كرجل ورجال أو مقدّر كفلك ـ للمفرد والجمع ، والضمة التى فى المفرد كضمة قفل والضمة التى فى الجمع كضمة أسد ، وهو على قسمين : جمع قلة ، وجمع كثرة ؛ فجمع القلة يدلّ حقيقة على ثلاثة فما فوقها إلى العشرة ، وجمع الكثرة يدل على ما فوق العشرة إلى غير نهاية (٢) ، ويستعمل كل [منهما] فى موضع الآخر مجازا.

وأمثلة جمع القلة : أفعلة كأسلحة ، وأفعل كأفلس ، وفعلة كفتية ، وأفعال كأفراس.

وما عدا هذه الأربعة من جموع التكسير فجموع كثرة.

* * *

وبعض ذى بكثرة وضعا يفى

كأرجل ، والعكس جاء كالصّفى (٣)

__________________

(١) «أفعلة» مبتدا «أفعل ، ثم فعلة ، ثمة أفعال» معطوفات على المبتدأ بعاطف مقدر فى الأول وحده «جموع» خبر المبتدأ وما عطف عليه ، وجموع مضاف و «قلة» مضاف إليه.

(٢) هذا أحد قولين ، والقول الثانى أن جمع الكثرة يدل على الثلاثة إلى ما لا نهاية ، وعلى هذا يكون جمع القلة وجمع الكثرة متفقين فى المبدأ ؛ ولكنهما مختلفان فى النهاية ؛ ويكون الذى ينوب عن الآخر جمع القلة ؛ إذ ينوب عن جمع الكثرة فى الدلالة على أحد عشر فصاعدا ، أما جمع الكثرة فدلالته حينئذ على الثلاثة إلى العشرة ليست بالنيابة عن جمع القلة ، ولكن بالأصالة ، ودلالته هذه حقيقة ، لا مجاز.

(٣) «وبعض» مبتدأ ، وبعض مضاف و «ذى» مضاف إليه «بكثرة» جار


قد يستغنى ببعض أبنية القلة عن بعض أبنية الكثرة : كرجل وأرجل ، وعنق وأعناق ، وفؤاد وأفئدة.

وقد يستغنى ببعض أبنية الكثرة عن بعض أبنية القلة : كرجل ورجال ، وقلب وقلوب.

* * *

لفعل اسما صحّ عينا أفعل

وللرّباعىّ اسما ايضا يجعل (١)

إن كان كالعناق والذّراع : فى

مدّ ، وتأنيث ، وعدّ الأحرف (٢)

__________________

ومجرور متعلق بقوله يفى الآتى «وضعا» تمييز ، أو حال بتقدير مشتق ، أو منصوب على نزع الخافض «يفى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بعض ذى ، والجملة من الفعل المضارع وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ «كأرجل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف «والعكس» مبتدأ «جاء» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى العكس ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «كالصفى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف.

(١) «لفعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «اسما» حال من فعل المجرور باللام «صح» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قوله اسما. والجملة فى محل نصب صفة لقوله اسما «عينا» تمييز «أفعل» مبتدأ مؤخر «وللرباعى» جار ومجرور متعلق بقوله «يجعل» الآتى مقدم عليه ، وأصله مفعوله الثانى «اسما» حال من الرباعى «أيضا» مفعول مطلق لفعل محذوف «يجعل» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى أفعل ، وهو المفعول الأول.

(٢) «إن» شرطية «كان» فعل ماض ناقص فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الرباعى فى البيت السابق «كالعناق» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان «والذراع» معطوف على العناق «فى مد» جار ومجرور متعلق بكان ، أو بما تعلق به خبرها ، أو بما فى الكاف ـ فى قوله كالعناق ـ من معنى التشبيه ، أو بمحذوف حال من الضمير المستتر فى كان ، وقوله «وتأنيث ، وعد الأحرف» معطوفان على مد.


أفعل : جمع لكلّ اسم [ثلاثى] على فعل ، صحيح العين ، نحو : كلب وأكلب ، وظبى وأظب ، وأصله أظبى ؛ فقلبت الضمة كسرة لتصح الياء فصار أظبى ؛ فعومل معاملة قاض.

وخرج بالاسم الصفة ؛ فلا يجوز [نحو] صخم وأضخم ، وجاء عبد وأعبد ، لاستعمال هذه الصفة استعمال الأسماء ، وخرج بصحيح العين المعتلّ العين ، نحو : ثوب وعين ، وشذ عين وأعين ، وثوب وأثوب (١).

وأفعل ـ أيضا ـ جمع لكلّ اسم ، مؤنث ، رباعىّ ، قبل آخره مدّة كعناق وأعنق ، ويمين وأيمن.

وشذ من المذكر : شهاب وأشهب ، وغراب وأغرب.

* * *

__________________

(١) قد ورد جمع ثوب على أثواب ، وهو قياس نظيره من معتل العين ، وقد ورد جمعه على ثياب من جموع الكثرة كما فى قول امرىء القيس :

وإن تك قد ساءتك منّى خليقة

فسلّى ثيابى من ثيابك تنسل

وقد ورد جمعه على أثوب ، وهو شاذ ، ومنه قول معروف بن عبد الرحمن :

لكلّ دهر قد لبست أثوبا

حتّى اكتسى الرّأس قناعا أشيبا

* أملح لا لذّا ولا محبّبا*

وقالوا : دار وأدور ، وساق وأسوق ، ونار وأتور ، وقالوا : ناب ـ وهو المسن من الإبل ـ وأنيب ، وذلك كله شاذ لا يقاس عليه.

وربما همزوا الواو لثقل الضمة على الواو ، وبهذا روى قول عمر بن أبى ربيعة المخزومى :

فلما فقدت الصّوت منهم وأطفئت

مصابيح شبّت بالعشاء وأنور


وغير ما أفعل فيه مطّرد

من الثّلاثى اسما ـ بأفعال يرد (١)

وغالبا أغناهم فعلان

فى فعل : كقولهم صردان (٢)

قد سبق أن أفعل جمع لكلّ اسم ثلاثى على فعل صحيح العين ؛ وذكر هنا أنّ ما لا يطّرد فيه من الثلاثى أفعل يجمع على أفعال ، وذلك كثوب وأثواب ، [وجمل وأجمال] وعضد وأعضاد ، وحمل وأحمال ، وعنب وأعناب ، وإبل وآبال ، وقفل وأقفال.

وأما جمع فعل الصحيح العين على أفعال فشاذ : كفرخ وأفراخ (٣).

__________________

(١) «وغير» مبتدأ ، وغير مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «أفعل» مبتدأ «فيه» جار ومجرور متعلق بقوله مطرد الآتى «مطرد» خبر المبتدأ ، الذى هو أفعل ، والجملة من المبتدأ وخبره لا محل لها صلة الموصول «من الثلاثى» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر فى قوله مطرد «اسما» حال من الثلاثى «بأفعال» جار ومجرور متعلق بقوله «يرد» الآتى «يرد» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى غير الواقع مبتدأ ، والجملة من الفعل المضارع وفاعله فى محل رفع خبر للمبتدأ ، وهو غير.

(٢) «وغالبا» منصوب بنزع الخافض «أغناهم» أغنى : فعل ماض ، وهم : مفعول به لأغنى «فعلان» فاعل أغنى «فى فعل» جار ومجرور متعلق بأغنى «كقولهم» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، وقول مضاف والضمير مضاف إليه «صردان» خبر لمبتدأ محذوف أيضا ، أى : هذه صردان ، والجملة فى محل نصب مقول القول.

(٣) ومن ذلك قول الحطيئة من كلمة يستعطف فيها أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب :

ماذا تقول لأفراخ بذى مرخ

زغب الحواصل لا ماء ولا شجر

ألقيت كاسبهم فى قعر مظلمة

فاغفر عليك سلام الله يا عمر


وأما فعل فجاء بعضه على أفعال : كرطب وأرطاب ، والغالب مجيئه على فعلان كصرد وصردان ، ونغر ونغران (١).

* * *

فى اسم مذكّر رباعىّ بمدّ

ثالث افعلة عنهم اطّرد (٢)

والزمه فى فعال ، او فعال

مصاحبى تضعيف ، او إعلال (٣)

«أفعلة» جمع لكل اسم ، مذكر ، رباعىّ ، ثالثه مدة نحو : قذال وأقذلة ، ورغيف وأرغفة ، وعمود وأعمدة ، والتزم أفعلة فى جمع المضاعف أو المعتل اللام من فعال أو فعال : كبتات وأبتّة ، وزمام وأزمّة ؛ وقباء وأقبية ؛ وفناء وأفنية.

* * *

فعل لنحو أحمر وحمرا

وفعلة جمعا بنقل يدرى (٤)

__________________

(١) النغر ـ بضم النون وفتح الغين ـ البلبل ، أو فرخ العصفور ، أو طير كالعصفور أحمر المنقار.

(٢) «فى اسم» جار ومجرور متعلق بقوله «اطرد» الآتى فى آخر البيت «مذكر رباعى» صفتان لاسم «بمد» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لاسم ، أو حال منه ، ومد مضاف ، و «ثالث» مضاف إليه «أفعلة» مبتدأ «عنهم» جار ومجرور متعلق بقوله «اطرد» الآتى «اطرد» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى أفعلة ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو قوله أفعلة.

(٣) «والزمه» الزم : فعل أمر ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت فاعل ، والضمير البارز الذى يعود إلى أفعلة فى البيت السابق مفعول به «فى فعال» جار ومجرور متعلق بالزم «أو فعال» معطوف عليه «مصاحبى» حال من المتعاطفين ، ومصاحبى مضاف و «تضعيف» مضاف إليه «أو إعلال» معطوف على تضعيف.

(٤) «فعل» مبتدأ «لنحو» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، ونحو


من أمثلة جمع الكثرة : فعل ، وهو مطّرد فى [كل] وصف يكون المذكر منه على أفعل ، والمؤنث [منه على] فعلاء ، نحو : أحمر وحمر وحمراء وحمر.

ومن أمثلة جمع القلة : فعلة ، ولم يطّرد فى شىء من الأبنية ، وإنما هو محفوظ ، ومن الذى حفظ منه فتى وفتيه ، وشيخ وشيخة ، وغلام وغلمة ، وصبىّ وصبية.

* * *

وفعل لاسم رباعىّ ، بمدّ

قد زيد قبل لام ، اعلالا فقد (١)

ما لم يضاعف فى الأعمّ ذو الألف

وفعل جمعا لفعلة عرف (٢)

__________________

مضاف و «أحمر» مضاف إليه «وحمرا» معطوف على أحمر «وفعلة» مبتدأ «جمعا» مفعول ثان تقدم على عامله ، وهو قوله «يدرى» الآتى «بنقل» جار ومجرور متعلق بقوله يدرى الآتى «يدرى» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعلة الواقع مبتدأ ، وهو مفعوله الأول ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(١) «وفعل» مبتدأ «لاسم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «رباعى» نعت لاسم «بمد» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من اسم ، أو نعت ثان له «قد» حرف تحقيق «زيد» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مد ، والجملة فى محل جر صفة لمد «قبل» ظرف متعلق بزيد ، وقبل مضاف و «لام» مضاف إليه «إعلالا» مفعول مقدم على عامله ، وهو قوله فقد الآتى «فقد» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى لام ، والجملة فى محل جر صفة للام.

(٢) «ما» مصدرية ظرفية «لم» نافية جازمة «يضاعف» فعل مضارع ، مبنى للمجهول «فى الأعم» جار ومجرور متعلق بقوله يضاعف «ذو» نائب فاعل ليضاعف وذو مضاف و «الألف» مضاف إليه «وفعل» مبتدأ «جمعا» حال من الضمير المستتر فى


ونحو كبرى ، ولفعلة فعل ،

وقد يجىء جمعه على فعل (١)

من أمثلة جمع الكثرة : فعل ، وهو مطّرد فى كلّ اسم (٢) ، رباعىّ ، قد زيد قبل آخره مدّة ؛ بشرط كونه صحيح الآخر ، وغير مضاعف إن كانت المدة ألفا ، ولا فرق فى ذلك بين المذكّر والمؤنث ، نحو : قذال وقذل ، وحمار وحمر ، وكراع وكرع ، وذراع وذرع ، وقضيب وقضب ، وعمود وعمد.

وأما المضاعف : فإن كانت مدته ألفا فجمعه على فعل غير مطّرد ، نحو :

__________________

«عرف» الآتى «لفعلة» جار ومجرور متعلق بقوله جمعا ، أو بقوله عرف «عرف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعل الواقع مبتدأ ، والجملة من عرف ونائب فاعله محل فى رفع خبر المبتدأ.

(١) «ونحو» معطوف على فعلة فى البيت السابق ، ونحو مضاف و «كبرى» مضاف إليه «ولفعلة» الواو للاستئناف ، لفعلة : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «فعل» مبتدأ مؤخر «وقد» حرف تقليل «يجىء» فعل مضارع «جمعه» جمع : فاعل يجىء ، وجمع مضاف والهاء مضاف إليه «على فعل» جار ومجرور متعلق بقوله جمعه أو بقوله يجىء.

(٢) أما الصفة التى على أربعة أحرف ثالثها مدة فإن كانت المدة واوا ـ بأن تكون الصفة على فعول بفتح الفاء ـ كثر جمعها على فعل ، نحو صبور وغفور وفخور ، تقول فى جمعهن : صبر ، وغفر ، وفخر ، وإن كانت المدة ألفا أو ياء فإن جمع الصفة على فعل حينئذ شاذ ، نحو ، نذير ونذر وصناع وصنع وإذا جمعت الاسم المستجمع لهذه الشروط هذا الجمع ؛ فإن كانت عينه واوا نحو سوار وسواك وجب أن تسكن هذه الواو فى الجمع ، إلا أن تهمزها ، فتقول : سور ، وسوك ، لأن الواو المضمومة نهاية فى الثقل ، وإن كانت العين ياء نحو سيال ـ بزنة كتاب ، اسم نوع من الشجر ـ جاز بقاؤها مضمومة ، وجاز تسكينها ، وحينئذ تقلب ضمة الفاء كسرة ؛ لئلا تنقلب الياء واوا فيلتبس بالواوى العين.


عنان وعنن ، وحجاج وحجج ؛ فإن كانت مدته غير ألف فجمعه على فعل مطّرد ، نحو : سرير وسرر ، وذلول وذلل.

ومن أمثلة جمع الكثرة فعل ، وهو جمع لاسم على فعلة أو على فعلى ـ أنثى الأفعل ـ فالأول : كقربة وقرب ، وغرفة وغرف ؛ والثانى : ككبرى وكبر ، وصغرى وصغر.

ومن أمثلة جمع الكثرة فعل ، وهو جمع لاسم على فعلة ، نحو : كسرة وكسر ، وحجّة وحجج ، ومرية ومرى ، وقد يجىء جمع فعلة على فعل ، نحو : لحية ولحى ، وحلية وحلى.

* * *

فى نحو رام ذو اطّراد فعله

وشاع نحو كامل وكمله (١)

ومن أمثلة جمع الكثرة : فعلة ، وهو مطّرد فى [كل] وصف ، على فاعل ، معتلّ اللّام لمذكّر عاقل ، كرام ورماة ، وقاض وقضاة.

ومنها : فعلة ، وهو مطّرد فى وصف ، على فاعل صحيح اللام ، لمذكّر عاقل ، نحو : كامل وكمله ، وساحر وسحرة ، واستغنى المصنف عن ذكر القيود المذكورة بالتمثيل بما اشتمل عليها ، وهو رام وكامل.

* * *

__________________

(١) «فى نحو» جار ومجرور متعلق باطراد الآتى ، أو بفعل يدل عليه اطراد ، ونحو مضاف ، و «رام» مضاف إليه «ذو» خبر مقدم ، وذو مضاف و «اطراد» مضاف إليه «فعله» مبتدأ مؤخر «وشاع» الواو عاطفة أو للاستئناف ، شاع : فعل ماض «نحو» فاعل شاع ، ونحو مضاف و «كامل» مضاف إليه «وكمله» معطوف على كامل.


فعلى لوصف كقتيل ، وزمن ،

وهالك ، وميّت به قمن (١)

من أمثلة جمع الكثرة : فعلى ، وهو جمع لوصف ، على فعيل بمعنى مفعول ، دال على هلاك أو توجّع : كقتيل وقتلى ، وجريح وجرحى ، وأسير وأسرى ، ويحمل عليه ما أشبهه فى المعنى ، من فعيل بمعنى فاعل : كمريض ومرضى ، ومن فعل ، كزمن وزمنى ، ومن فاعل : كهالك وهلكى ، ومن فيعل : كميّت وموتى [وأفعل نحو : أحمق وحمقى](٢).

* * *

لفعل اسما صحّ لاما فعله

والوضع فى فعل وفعل قلّله (٣)

من أمثلة جمع الكثرة فعلة ؛ وهو جمع لفعل ، اسما ، صحيح اللام ، نحو

__________________

(١) «فعلى» مبتدأ «لوصف» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «كقتيل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف «وزمن ، وهالك» معطوفان على قتيل «وميت» مبتدأ «به» جار ومجرور متعلق بقوله قمن الآتى «قمن» خبر المبتدأ.

(٢) سقط من أكثر نسخ هذا الكتاب ما بين المعقوفين ، فتكون الأوزان التى تلحق بفعيل بمعنى مفعول فى الجمع على فعلى أربعة فيما ذكر الشارح على ما هو فى أكثر النسخ ، وخمسة على ما فى هذه النسخة ، وبقى سادس وهو فعلان نحو سكران وسكرى ، وقرأ حمزة (وترى الناس سكرى وما هم بسكرى)

(٣) «لفعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «اسما» حال من فعل «صح» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على قوله اسما ، والجملة فى محل نصب نعت لقوله اسما «لاما» تمييز «فعلة» مبتدأ مؤخر «والوضع» مبتدأ «فى فعل» جار ومجرور متعلق بقوله «قلله» الآتى «وفعل» معطوف على فعل «قلله» قلل : فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الوضع ، والهاء مفعول به ، والجملة من قلل وفاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ.


قرط وقرطة ، ودرج ودرجة ، وكوز وكوزة ، ويحفظ فى اسم على فعل نحو قرد وقردة ، أو على فعل نحو غرد وغردة (١).

* * *

وفعّل لفاعل وفاعله

وصفين ، نحو عاذل وعاذله (٢)

ومثله الفعّال فيما ذكّرا

وذان فى المعلّ لاما ندرا (٣)

من أمثلة جمع الكثرة : فعّل ، وهو مقيس فى وصف ، صحيح اللام ، على فاعل أو فاعلة ، نحو ضارب وضرّب وصائم وصوّم ، وضاربة وضرّب وصائمة وصوّم.

ومنها فعّال ، وهو مقيس فى وصف ، صحيح اللام على فاعل ، لمذكر ، نحو صائم وصوّام ، وقائم وقوّام.

وندر فعّل وفعّال فى المعتل اللام المذكّر ، نحو غاز وغزّى ، وسار وسرّى ،

__________________

(١) الغرد ـ بفتح الغين وسكون الراء هنا ، ويأتى أيضا بفتح الغين والراء جميعا ـ ضرب من الكمأة ، وجمعه غردة بوزن قردة ، وغراد كجبال.

(٢) «وفعل» مبتدأ «لفاعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «وفاعله» معطوف على فاعل «وصفين» حال من فاعل وفاعله «نحو» خبر مبتدأ محذوف ، ونحو مضاف و «عاذل» مضاف إليه «وعاذله» معطوف على عادل.

(٣) «ومثله» مثل : خبر مقدم ، ومثل مضاف والهاء مضاف إليه «الفعال» مبتدأ مؤخر «فيما» جار ومجرور متعلق بمثل لما فيه من معنى الممائلة «ذكرا : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما ، والجملة لا محل لها صلة «ما» المجرورة محلا بفى «وذان» اسم إشارة مبتدأ «فى المعل» جار ومجرور متعلق بقوله «ندرا» الآتى «لاما» تمييز «ندرا» فعل وفاعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.


وعاف وعفّى ، وقالوا : غزّاء فى جمع غاز ، وسرّاء فى جمع سار ، وندر أيضا [فى جمع] فاعلة ، كقول الشاعر :

(٣٥٥) ـ

أبصارهنّ إلى الشّبّان مائلة

وقد أراهنّ عنّى غير صدّاد

[يعنى جمع صادّة].

* * *

فعل وفعلة فعال لهما

وقلّ فيما عينه اليا منهما (٢)

__________________

٣٥٥ ـ البيت للقطامى ، واسمه عمير بن شييم بن عمرو التغلبى ، وقبل البيت المستشهد به قوله :

ما للكواعب ـ ودّعن الحياة! كما

ودّعننى وجعلن الشّيب ميعادى

اللغة : «الكواعب» جمع كاعب ، وهى المرأة التى كعب ثديها ونهد «ودعن الحياة» دعاء عليهن بالموت ، لأنهن قطعنه وبتتن حبل وصاله «أبصارهن» أراد أنهن يدمن النظر إلى الشبان لما يرجون عندهم من مجاراتهن فى الصبابة ، وقد كان شأنهن معه كذلك يوم كان شبابه غضا.

الإعراب : «أبصارهن» أبصار : مبتدأ ، وأبصار مضاف وضمير النسوة مضاف إليه «إلى الشبان» جار ومجرور متعلق بقوله «مائلة» الآتى «مائلة» خبر المبتدأ «وقد» حرف تحقيق «أراهن» أرى : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، والضمير البارز مفعول أول «عنى» جار ومجرور متعلق بقوله «صداد» الآتى ، وساغ تقديم معمول المضاف إليه على المضاف لأمرين ، أولهما : أن المعمول جار ومجرور فيتوسع فيه ، والثانى أن المضاف يشبه حرف النفى فكأنه ليس فى الكلام إضافة «غير» مفعول ثان لأرى ، وغير مضاف و «صداد» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «صداد» الذى هو جمع صادة ، حيث استعمل فعالا ـ بضم الفاء وتشديد العين مفتوحة ـ فى جمع فاعلة.

(١) «فعل» مبتدأ أول «وفعلة» معطوف عليه «فعال» مبتدأ ثان «لهما» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول «وقل» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره


من أمثله جمع الكثرة : فعال ، وهو مطّرد فى فعل وفعلة ، اسمين ، نحو كعب وكعاب ، وثوب وثياب ، وقصعة وقصاع ، أو وصفين ، نحو صعب وصعاب ، وصعبة وصعاب ، وقلّ فيما عينه ياء ، نحو ضيف وضياف ، وضيعة وضياع.

* * *

وفعل أيضا له فعال

ما لم يكن فى لامه اعتلال (١)

أو يك مضعفا ، ومثل فعل

ذو التّا ، وفعل مع فعل ، فاقبل (٢)

أى : اطّرد أيضا فعال فى فعل وفعلة ، ما لم يكن لامهما معتلا أو مضاعفا ، نحو «جبل وجبال ، وجمل وجمال ، ورقبة ورقاب ، وثمرة وثمار».

واطرد أيضا فعال فى فعل وفعل ، نحو ذئب وذئاب ، ورمح ورماح.

واحترز من المعتل اللام : كفتى ، ومن المضعف كطلل.

* * *

__________________

هو يعود إلى فعال «فيما» جار ومجرور متعلق بقوله «قل» السابق «عينه» عين : مبتدأ ، وعين مضاف ضمير الغائب العائد إلى ما الموصولة مضاف إليه «اليا» قصر للضرورة : خبر المبتدأ ، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها صلة «ما» المجرورة محلا بفى «منهما» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ما الموصولة.

(١) «وفعل» مبتدأ أول «أيضا» مفعول مطلق لفعل محذوف «له» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «فعال» مبتدأ ثان مؤخر ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول «ما» مصدرية ظرفية «لم» نافية جازمة «يكن» فعل مضارع ناقص مجزوم بلم «فى لامه» فى لام : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر يكن مقدم على اسمه ، ولام مضاف وضمير الغائب العائد إلى فعل مضاف إليه «اعتلال» اسم يكن.

(٢) «أو» عاطفة «يك» فعل مضارع ناقص ، معطوف على «يكن» فى البيت السابق مجزوم بسكون النون المحذوفة للتخفيف ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا


وفى فعيل وصف فاعل ورد

كذاك فى أنثاه أيضا اطّرد (١)

واطرد أيضا فعال فى كل صفة على فعيل بمعنى فاعل : مقترنة بالتاء أو مجردة عنها ، ككريم وكرام ، وكريمة وكرام ، ومريض ومراض ، ومريضة ومراض.

* * *

وشاع فى وصف على فعلانا ،

أو أنثييه ، أو على فعلانا (٢)

ومثله فعلانة ، والزمه فى

نحو طويل وطويلة تفى (٣)

أى : واطّرد أيضا مجىء فعال جمعا ، لوصف على فعلان ، أو على فعلانة ، أو على فعلى ، نحو : عطشان وعطاش ، وعطشى وعطاش ، وندمانة وندام.

__________________

تقديره هو يعود إلى فعل فى البيت السابق «مضعفا» خبريك ، و «مثل» خبر مقدم ، ومثل مضاف و «وفعل» مضاف إليه «ذو» مبتدأ مؤخر ، وذو مضاف و «التا» قصر للضرورة : مضاف إليه «وفعل» معطوف على ذو التاء «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال صاحبه المعطوف ، ومع مضاف و «فعل» مضاف إليه «فاقبل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(١) «وفى فعيل» جار ومجرور متعلق بقوله «ورد» الآتى «وصف» حال من فعيل ، ووصف مضاف و «فاعل» مضاف إليه «ورد» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعال «كذاك» جار ومجرور متعلق بقوله «اطرد» الآتى «فى أنثاه» مثله «أيضا» مفعول مطلق لفعل محذوف «اطرد» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعال.

(٢) «وشاع» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعال «فى وصف» جار ومجرور متعلق بقوله «شاع» السابق «على فعلانا» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لوصف «أو أنثييه» معطوف على قوله «فعلانا» السابق «أو» عاطفة «على فعلانا» معطوف على قوله «على فعلانا» السابق :

(٣) «ومثله» مثل : خبر مقدم ، ومثل مضاف والضمير مضاف إليه «فعلانة»


وكذلك اطرد فعال فى وصف ، على فعلان ، أو على فعلانة ، نحو «خمصان وخماص ، وخمصانة وخماص».

والتزم فعال فى كل وصف على فعيل أو فعيلة ، معتلّ العين ، نحو «طويل وطوال ، وطويلة وطوال».

* * *

وبفعول فعل نحو كبد

يخصّ غالبا ، كذاك يطّرد (١)

فى فعل اسما مطلق الفا ، وفعل

له ، وللفعال فعلان حصل (٢)

__________________

مبتدأ مؤخر «والزمه» الزم : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء مفعول به «فى نحو» جار ومجرور متعلق بقوله «الزمه» السابق ، ونحو مضاف و «طويل» مضاف إليه «وطويله» معطوف على طويل «تفى» فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر ـ وهو قوله «الزمه» ـ والياء للاشباع.

(١) «وبفعول» الواو عاطفة أو للاستئناف ، بفعول : جار ومجرور متعلق بقوله «يخص» الآتى «فعل» مبتدأ «نحو» خبر لمبتدأ محذوف ، أى وذلك نحو ، ونحو مضاف و «كبد» مضاف إليه «يخص» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعل الواقع مبتدأ ، والجملة من الفعل المضارع ونائب فاعله فى محل رفع خبر المبتدأ ـ وهو قوله «فعل» ـ «غالبا» حال من الضمير المستتر فى يخص «كذاك» كذا : جار ومجرور متعلق بيطرد الآتى ، والكاف حرف خطاب «يطرد» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعول فى أول البيت.

(٢) «فى فعل» جار ومجرور متعلق بقوله «يطرد» فى البيت السابق «اسما» حال من فعل «مطلق» مثله ، ومطلق مضاف و «الفا» قصر للضرورة : مضاف إليه «وفعل» مبتدأ «له» متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «وللفعال» الواو عاطفة أو للاستئناف ، للفعال : جار ومجرور متعلق بقوله حصل الآتى «فعلان» مبتدأ «حصل» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعلان ، والجملة من الفعل الماضى وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ.


وشاع فى حوت وقاع مع ما

ضاهاهما ، وقلّ فى غيرهما (١)

ومن أمثلة جمع الكثرة : فعول ، وهو مطّرد فى اسم ثلاثى على فعل نحو «كبد وكبود ، ووعل ووعول» وهو ملتزم فيه غالبا.

واطّرد فعول أيضا فى اسم على فعل ـ بفتح الفاء ـ نحو «كعب وكعوب ، وفلس وفلوس» أو على فعل ـ بكسر الفاء ـ نحو «حمل وحمول ، وضرس وضروس» أو على فعل ـ بضم الفاء ـ نحو «جند وجنود ، وبرد وبرود».

ويحفظ فعول فى فعل ، نحو «أسد وأسود» ويفهم كونه غير مطرد من قوله «وفعل له» ولم يقيده باطراد.

* * *

وأشار بقوله : «وللفعال فعلان حصل» إلى أن من أمثلة جمع الكثرة فعلانا ؛ وهو مطّرد فى اسم على فعال ؛ نحو «غلام وغلمان ، وغراب وغربان».

وقد سبق أنه مطرد فى فعل : كصرد وصردان.

__________________

(١) «شاع» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعلان «فى حوت» جار ومجرور متعلق بقوله شاع «وقاع» معطوف على حوت «وما» اسم موصول معطوف على حوت أيضا «ضاهاهما» ضاهى : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والضمير البارز مفعول به ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «وقل» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على فعلان «فى غيرهما» فى غير : جار ومجرور متعلق بقوله قل ، وغير مضاف وضمير الغائبين مضاف إليه.


واطرد فعلان ـ أيضا ـ فى جمع ما عينه واو : من فعل ، أو فعل ؛ نحو «عود وعيدان ، وحوت وحيتان (١) ، وقاع وقيعان ، وتاج وتيجان» (٢).

وقلّ فعلان فى غير ما ذكر ، نحو «أخ وإخوان ، وغزال وغزلان».

* * *

وفعلا اسما ، وفعيلا ، وفعل

غير معلّ العين ـ فعلان شمل (٣)

من أبنية جمع الكثرة : فعلان ، وهو مقيس فى اسم صحيح العين ، على فعل ، نحو «ظهر وظهران ، وبطن وبطنان» أو على فعيل ، نحو «قضيب وقضبان ، ورغيف ورغفان» أو على فعل ، نحو «ذكر وذكران ، وحمل وحملان».

* * *

ولكريم وبخيل فعلا

كذا لما ضاهاهما قد جعلا (٤)

__________________

(١) وكذلك نون ونينان ، وكوز وكيزان ، والنون : الحوت.

(٢) وكذلك دار وديران ، وأصل مفرداتها بفتح الفاء والعين جميعا.

(٣) «وفعلا» مفعول به تقدم على عامله ، وهو قوله «شمل» الآتى آخر البيت «اسما» حال من قوله فعلا «وفعيلا ، وفعل» معطوفان على قوله «فعلا» السابق ، ووقف على الثانى بالسكون على لغة ربيعة «غير» حال من «فعل» وغير مضاف و «معل» مضاف و «معل» مضاف و «العين» مضاف إليه «فعلان» مبتدأ «شمل» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعلان ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، وتقدير البيت : وزن فعلان شمل فعلا اسما وفعيلا وفعل بشرط كون الأخير غير معتل العين.

(٤) «ولكريم» الواو عاطفة أو للاستئناف ، لكريم : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «وبخيل» معطوف على كريم «فعلا» قصر للضرورة : مبتدأ مؤخر «كذا» جار ومجرور متعلق بقوله «جعلا» الآتى على أنه مفعوله الثانى


وناب عنه افعلاء فى المعلّ

لاما ، ومضعف ، وغير ذاك قلّ (١)

من أمثلة جمع الكثرة : فعلاء ، وهو مقيس فى فعيل ـ بمعنى فاعل ـ صفة لمذكر عاقل ، غير مضاعف ، ولا معتل ، نحو «ظريف وظرفاء ، وكريم وكرماء ، وبخيل وبخلاء».

وأشار بقوله : «كذا لما ضاهاهما» إلى أن ما شابه فعيلا ـ فى كونه دالا على معنى هو كالغريزة ـ يجمع على فعلاء ، نحو عاقل وعقلاء ، وصالح وصلحاء ، وشاعر وشعراء.

وينوب عن فعلاء فى المضاعف والمعتلّ : أفعلاء ، نحو «شديد وأشدّاء ، وولىّ وأولياء».

[وقد يجىء «أفعلاء» جمعا لغير ما ذكر ، نحو «نصيب وأنصباء ، وهيّن وأهوناء»].

* * *

__________________

«لما» جار ومجرور متعلق بجعل «ضاهاهما» ضاهى : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والضمير البارز مفعوله ، والجملة لا محل لها صلة «ما» المجرورة محلا باللام «قد» حرف تحقيق «جعلا» جعل : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعلا ، وهو مفعوله الأول ، وقد مضى مفعوله الثانى ، والألف للاطلاق.

(١) «وناب» فعل ماض «عنه» جار ومجرور متعلق به «أفعلاء» فاعل ناب «فى المعل» جار ومجرور متعلق بناب «لاما» تمييز «ومضعف» معطوف على المعل لاما «وغير» مبتدأ ، وغير مضاف واسم الإشارة من «ذاك» مضاف إليه ، والكاف حرف خطاب «قل» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى غير الواقع مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.


فواعل لفوعل وفاعل

وفاعلاء مع نحو كاهل (١)

وحائض ، وصاهل ، وفاعله ،

وشذّ فى الفارس ، مع ما ماثله (٢)

من أمثلة جمع الكثرة : فواعل ، وهو لاسم على فوعل ، نحو «جوهر وجواهر» أو على فاعل ، نحو «طابع وطوابع» ، أو على فاعلاء ، نحو «قاصعاء وقواصع» أو على فاعل ، نحو «كاهل ، وكواهل».

وفواعل ـ أيضا ـ جمع لوصف على فاعل إن كان لمؤنث عاقل ، نحو «حائض وحوائض» ، أو لمذكر ما لا يعقل ، نحو «صاهل وصواهل».

فإن كان الوصف الذى على فاعل لمذكر عافل ، لم يجمع على فواعل ، وشذ «فارس وفوارس ، وسابق وسوابق».

وفواعل ـ أيضا ـ جمع لفاعلة ، نحو «صاحبة وصواحب ، وفاطمة وفواطم».

* * *

وبفعائل اجمعن فعاله

وشبهه ذا تاء او مزاله (٣)

__________________

(١) «فواعل» مبتدأ «لفوعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «وفاعل ، وفاعلاء» معطوفان على فوعل «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال ، ومع مضاف و «نحو» مضاف إليه ، ونحو مضاف و «كاهل» مضاف إليه.

(٢) «وحائض ، وصاهل ، وفاعله» معطوفات على «كاهل» فى البيت السابق «وشذ» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فواعل «فى الفارس» جار ومجرور متعلق بقوله «شذ» «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال ، ومع مضاف و «ما» اسم موصول مضاف إليه «ماثله» ماثل : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة المجرورة محلا بإضافة مع إليها ، والضمير البارز مفعول به ، والجملة لا محل لها صلة.

(٣) «بفعائل» جار ومجرور متعلق بقوله «اجمعن» الآتى «اجمعن» اجمع : فعل أمر ، والنون للتوكيد ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «فعالة» مفعول به لاجمعن «وشبهه» معطوف على فعالة «ذا» حال من المفعول به ، وذا مضاف


من أمثلة جمع الكثرة : فعائل ، وهو : لكل اسم ، رباعى ، بمدّة قبل آخره ، مؤنثا بالتاء ، نحو «سحابة وسحائب ، ورسالة ورسائل ، وكناسة وكنائس ، وصحيفة وصحائف ، وحلوبة وحلائب» أو مجردا منها ، نحو «شمال وشمائل ، وعقاب وعقائب ، وعجوز وعجائز».

* * *

وبالفعالى والفعالى جمعا

صحراء والعذراء ، والقيس اتبعا (١)

من أمثلة جمع الكثرة : فعالى ، وفعالى ، ويشتركان فيما كان على فعلاء ، اسما كصحراء وصحارى وصحارى ، أو صفة كعذراء وعذارى وعذارى.

* * *

واجعل فعالىّ لغير ذى نسب

جدّد ، كالكرسىّ تتبع العرب (٢)

__________________

و «تاء» مضاف إليه «أو» عاطفة «مزالة» مزال : معطوف على ذا تاء ، ومزال مضاف والهاء ـ الذى يعود على تاء ـ مضاف إليه ، من إضافة اسم المفعول إلى مفعوله الثانى ، ومفعوله الأول ضمير مستتر فيه جوازا هو نائب فاعل له.

(١) «وبالفعالى» جار ومجرور متعلق بقوله «جمعا» الآتى «والفعالى» معطوف على الفعالى «جمعا» جمع : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق «صحراء» نائب فاعل جمع «والعذراء» معطوف على صحراء «والقيس» مفعول به مقدم لاتبع «اتبعا» اتبع : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والألف منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة.

(٢) «واجعل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «فعالى» مفعول أول لاجعل «لغير» جار ومجرور متعلق باجعل على أنه مفعوله الثانى ، وغير مضاف «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «نسب» مضاف إليه «جدد» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نسب ، والجملة فى محل جر نعت لنسب «كالكرسى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ


من أمثلة جمع الكثرة : فعالىّ ، وهو جمع لكل اسم ، ثلاثى ، آخره ياء مشدّدة غير متجددة للنسب ، نحو «كرسىّ وكراسىّ ، وبردىّ وبرادىّ» ، ولا يقال «بصرىّ وبصارىّ».

* * *

وبفعالل وشبهه انطقا

فى جمع ما فوق الثّلاثة ارتقى (١)

من غير ما مضى ، ومن خماسى

جرّد ، الآخر انف بالقياس (٢)

__________________

محذوف «تتبع» فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر ـ وهو قوله اجعل ـ وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «العرب» مفعول به لتتبع.

(١) «وبفعالل» الواو عاطفة أو للاستئناف ، بفعالل : جار ومجرور متعلق بقوله «انطقا» الآتى «وشبهه» الواو عاطفة ، شبه : معطوف على فعالل ، وشبه مضاف والهاء مضاف إليه «انطقا» انطق : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقدير أنت ، والألف منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة للوقف «فى جمع» جار ومجرور متعلق بقوله انطقا ، وجمع مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «فوق» ظرف متعلق بقوله ارتقى ، وفوق مضاف و «الثلاثة» مضاف إليه «ارتقى» فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول.

(٢) «من غير» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ما الموصولة فى البيت السابق ، وغير مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «مضى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة «ومن خماسى» جار ومجرور معطوف على قوله من غير ـ إلخ «جرد» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الخماسى ، والجملة فى محل جر نعت للخماسى «الآخر» مفعول به مقدم لقوله انف الآتى «انف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بالقياس» جار ومجرور متعلق بانف.


والرّابع الشّبيه بالمزيد قد

يحذف دون ما به تمّ العدد (١)

وزائد العادى الرباعى احذفه ، ما

لم يك لينا إثره اللّذ ختما (٢)

من أمثلة جمع الكثرة : «فعالل» وشبهه ، وهو : كل جمع ثالثه ألف بعدها حرفان ؛ فيجمع بفعالل : كل اسم ، رباعىّ ، غير مزيد فيه ، نحو «جعفر وجعافر ، وزبرج وزبارج ، وبرثن وبراثن» ويجمع بشبهه : كل اسم ، رباعى ، مزيد فيه ، كـ «جوهر وجواهر ، وصيرف وصيارف ، ومسجد ومساجد».

__________________

(١) «والرابع» مبتدأ «الشبيه» نعت للرابع «بالمزيد» جار ومجرور متعلق بالشبيه «قد» حرف تفليل «يحذف» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الرابع ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «دون» ظرف متعلق بقوله يحذف ، ودون مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «به» جار ومجرور متعلق بقوله «تم» الآتى «تم» فعل ماض «العدد» فاعله ، والجملة لا محل لها صلة الموصول ، والمراد بما به تم العدد الحرف الخامس من الخماسى.

(٢) «وزائد» مفعول به لفعل محذوف يفسره قوله «احذفه» الآتى ، وزائد مضاف و «العادى» مضاف إليه ، وفيه ضمير مستتر هو فاعله ؛ لأنه اسم فاعل من من قولك عداه يعدوه إذا جاوزه «الرباعى» مفعول به للعادى ، وقد سكن ياءه ضرورة «احذفه» احذف : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به «ما» مصدرية ظرفية «لم» نافية جازمة «يك» فعل مضارع ناقص ، مجزوم بسكون النون المحذوفة للتخفيف ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الزائد «لينا» خبر يك «إثره» إثر : منصوب على الظرفية ، متعلق بمحذوف خبر مقدم ، وإثر مضاف والهاء مضاف إليه مبنى على الضم فى محل جر «الذ» اسم موصول لغة فى الذى : مبتدأ مؤخر «ختما» ختم : فعل ماض ، والألف للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول ، وأراد بالذى ختم الحرف الأخير ، يعنى أن حرف اللين يأتى عقيبه الحرف الآخر من الكلمة.


واحترز بقوله : «من غير ما مضى» من الرباعى الذى سبق ذكر جمعه : كأحمر ، وحمراء ، ونحوهما مما سبق [ذكره].

وأشار بقوله : «ومن خماسى جرّد الآخر انف بالقياس» إلى أن الخماسىّ المجرد عن الزيادة يجمع على فعالل قياسا ، ويحذف خامسه ، نحو «سفارج» فى سفرجل ، و «فرازد» فى فرزدق ، و «خوارن» فى خورنق.

وأشار بقوله : «والرابع الشبيه بالمزيد ـ البيت» إلى أنه يجوز حذف رابع الخماسىّ المجرّد عن الزيادة ، وإبقاء خامسه ، إذا كان رابعه مشبها للحرف الزائد ـ بأن كان من حروف الزيادة ، كنون «خورنق» ، أو كان من مخرج حروف الزيادة ، كدال «فرزدق» ـ فيجوز أن يقال : «خوارق ، وفرازق» ، والكثير الأول ، وهو حذف الخامس وإبقاء الرابع ، نحو «خوارن ، وفرازد».

فإن كان الرابع غير مشبه للزائد لم يجز حذفه ، بل يتعين حذف الخامس ؛ فتقول فى «سفرجل» : «سفارج» ولا يجوز «سفارل».

وأشار بقوله : «وزائد العادى الرباعى ـ البيت» إلى أنه إذا كان الخماسىّ مزيدا فيه حرف حذف ذلك الحرف ، إن لم يكن حرف مدّ قبل الآخر ؛ فتقول فى «سبطرى» : «سباطر» ، وفى «فدوكس» : «فداكس» ، وفى «مدحرج» : «دحارج».

فإن كان الحرف الزائد حرف مدّ قبل الآخر لم يحذف ، بل يجمع الاسم على «فعاليل» نحو «قرطاس وقراطيس ، وقنديل وقناديل ، وعصفور وعصافير».

* * *


والسّين والتّامن كـ «مستدع أزل

إذ ببنا الجمع بقاهما مخلّ (١)

والميم أولى من سواه بالبقا

والهمز واليا مثله إن سبقا (٢)

إذا اشتمل الاسم على زيادة ، لو أبقيت لاحتلّ بناء الجمع ، الذى هو نهاية ما ترتقى إليه الجموع ـ وهو فعالل ، وفعاليل ـ حذفت الزيادة ، فإن أمكن جمعه على إحدى الصيغتين ، بحذف بعض الزائد وإبقاء البعض ؛ فله حالتان :

إحداهما : أن يكون للبعض مزيّة على الآخر.

والثانية : أن لا يكون كذلك.

والأولى هى المرادة هنا ، والثانية ستأنى فى البيت الذى فى آخر الباب.

ومثال الأولى «مستدع» فتقول فى جمعه : «مداع» فتحذف السين والتاء ، وتبقى الميم ؛ لأنها مصدّرة ومجردة للدلالة على معنى ، وتقول فى «ألندد» ،

__________________

(١) «والسين» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «أزل» الآتى ـ «والتا» قصر للضرورة : معطوف على السين «من» جارة «كمستدع» الكاف اسم بمعنى مثل ، مبنى على الفتح فى محل جر بمن ، والكاف مضاف ومستدع : مضاف إليه ، والجار والمجرور متعلق بأزل «إذ» حرف دال على التعليل «ببنا» جار ومجرور متعلق بقوله «مخل» الآتى ، وبنا مضاف ، و «الجمع» مضاف إليه «بقاهما» بقا : مبتدأ ، وقد قصره للضرورة ، وبقا مضاف وهما : مضاف إليه «مخل» خبر المبتدأ.

(٢) «والميم» مبتدأ «أولى» خبر المبتدأ «من سواه» الجار والمجرور متعلق بأولى ، وسوى مضاف ، والهاء العائد إلى الميم مضاف إليه «بالبقا» جار ومجرور متعلق بأولى «والهمز» مبتدأ «واليا» معطوف على الهمز «مثله» مثل : خبر المبتدأ ، ومثل مضاف وضمير الغائب العائد على الميم أيضا مضاف إليه «إن» شرطية «سبقا» فعل ماض ، فعل الشرط ، مبنى على الفتح فى محل جزم ، وألف الاثنين فاعل ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام ، وتقدير الكلام : إن سبق الهمز والياء فهما مثل الميم.


و «يلندد» : «ألادّ» ، و «يلادّ» فتحذف النون ، وتبقى الهمزة من «ألندد» ، والياء من «يلندد» ؛ لتصدّرهما ، ولأنهما فى موضع يقعان فيه دالّين على معنى ، نحو : أقوم ويقوم ، بخلاف النون ؛ فإنها فى موضع لا تدل فيه على معنى أصلا.

والألندد ، واليلندد : الخصم ، يقال : رجل ألندد ، ويلندد ، أى : خصم ، مثل الألدّ.

* * *

والياء لا الواو احذف ان جمعت ما

ك «حيزبون» فهو حكم حتما (١)

إذا اشتمل الاسم على زيادتين ، وكان حذف إحداهما يتأتّى معه صيغة الجمع ، وحذف الأخرى لا يتأتّى معه ذلك ـ حذف ما يتأتى معه [صيغة الجمع] وأبقى الآخر ؛ فتقول فى «حيزبون» : «حزابين» ؛ فتحذف الياء ، وتبقى الواو ، فتقلب ياء ؛ لسكونها وانكسار ما قبلها ، وأوثرت الواو بالبقاء لأنها لو حذفت لم يغن حذفها عن حذف الياء ؛ لأنّ بقاء الياء مفوّت لصيغة منتهى الجموع.

والحيزبون : العجوز.

* * *

__________________

(١) «والياء» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «احذف الآتى ـ «لا» عاطفة «الواو» معطوف على الياء «احذف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إن» شرطية «جمعت» جمع : فعل ماض ، فعل الشرط ، مبنى على الفتح المقدر فى محل جزم ، وتاء المخاطب فاعله مبنى على الفتح فى محل رفع «ما» اسم موصول : مفعول به لجمعت ، مبنى على السكون فى محل نصب «كحيزبون» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما الموصولة الواقعة مفعولا ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام «فهو» الفاء للتعليل ، هو : ضمير منفصل مبتدأ «حكم» خبر المبتدأ «حتما» حتم : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حكم ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل رفع صفة لحكم.


وخيّروا فى زائدى سرندى

وكلّ ما ضاهاه كـ «العلندى» (١)

يعنى أنه إذا لم يكن لأحد الزائدين مزيّة على الآخر كنت بالخيار ؛ فتقول فى «سرندى» : «سراند» بحذف الألف وإبقاء النون ، و «سراد» بحذف النون وإبقاء الألف (٢) ، وكذلك «علندى» ؛ فتقول : «علاند» و «علاد» ومثلهما «حبنطى» ؛ فتقول : «حبانط» و «حباط» ؛ لأنهما زيادتان ، زيدتا معا للإلحاق بسفرجل ، ولا مزيّة لإحداهما على الأحرى ، وهذا شأن كل زيادتين زيدتا للإلحاق.

والسّرندى : الشديد ، والأنثى سرنداة ، والعلندى ـ بالفتح ـ الغليظ من كل شىء ، وربما قيل : جمل علندى ـ بالضم ـ والحبنطى : القصير البطين ، يقال : رجل حبنطى ـ بالتنوين ـ وامرأة حبنطاة.

* * *

__________________

(١) «وخيروا» فعل وفاعل «فى زائدى» جار ومجرور متعلق بخيروا ، وزائدى مضاف ، و «سرندى» مضاف إليه «وكل» معطوف على سرندى ، وكل مضاف ، و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «ضاهاه» ضاهى : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والهاء العائدة إلى سرندى مفعول به ، والجملة لا محل لها صلة الموصول المجرور محلا بالإضافة «كالعلندى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، وتقديره : وذلك كائن كالعلندى.

(٢) الألف التى تبقى هى ألف الاسم المقصورة التى تكتب ياء لوقوعها بعد ثلاثة أحرف فأكثر ، وستقع هذه الألف بعد كسرة الحرف الذى يلى ألف الجمع ؛ فتقلب هذه الألف ياء ؛ فيصير الاسم حال الجمع منقوصا ؛ فتعامل هذه الألف معاملة جوار وغواش ودواع.


التّصغير

فعيلا اجعل الثّلاثىّ ، إذا

صغّرته ، نحو «قذىّ» فى «قذى» (١)

فعيعل مع فعيعيل لما

فاق كجعل درهم دريهما (٢)

إذا صغّر الاسم (٣) المتمكن ضمّ أوله ، وفتح ثانيه ، وزيد بعد ثانيه ياء

__________________

(١) «فعيلا» مفعول ثان تقدم على عامله ـ وهو قوله «اجعل» الآتى ـ «اجعل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الثلاثى» مفعول أول لاجعل «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «صغرته» صغر : فعل ماض ، وتاء المخاطب فاعله ، والهاء مفعول به ، والجملة فى محل جر بإضافة «إذا» إليها ، وجواب إذا محذوف لدلالة الكلام السابق عليه «نحو» خبر مبتدأ محذوف ، أى : وذلك نحو ، ونحو مضاف ، و «قذى» مضاف إليه «فى قذى» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من قذى المصغر.

(٢) «فعيعل» مبتدأ «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن فى الخبر الآتى ، ومع مضاف و «فعيعيل» مضاف إليه «لما» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «فاق» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الموصول المجرور محلا باللام ، ومفعوله محذوف ، والتقدير : لما فاق الثلاثى ، والجملة لا محل لها صلة الموصول المجرور محلا باللام «كجعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، وجعل مضاف ، «درهم» مضاف إليه ، من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول «دريهما» مفعول ثان للمصدر.

(٣) فوائد التصغير خمس :

الأولى : تصغير ما يتوهم كبره نحو جبيل ، تصغير جبل

الثانية : تحقير ما يتوهم عظمه ، نحو سببع ، تصغير سبع.

الثالثة : تقليل ما تتوهم كثرته ، نحو دريهمات ، تصغير جمع درهم.

الرابعة : تقريب ما يتوهم بعده : إما فى الزمن نحو قبيل العصر ، وإما فى المكان نحو فويق الدار ، وإما فى الرتبة نحو أصيغر منك.


ساكنة ، ويقتصر على ذلك إن كان الاسم ثلاثيا ؛ فتقول فى «فلس» : «فليس» وفى «قذى» : «قذىّ».

وإن كان رباعيّا فأكثر فعل به ذلك وكسر ما بعد الياء ؛ فتقول فى «درهم» : «دريهم» ، وفى «عصفور» : «عصيفير».

فأمثلة التصغير ثلاثة : فعيل ، وفعيعل ، وفعيعيل.

* * *

وما به لمنتهى الجمع وصل

به إلى أمثلة التّصغير صل (١)

أى : إذا كان الاسم مما يصغّر على فعيعل ، أو على فعيعيل ـ توصّل إلى تصغيره بما سبق أنه يتوصّل به إلى تكسيره على فعالل أو فعاليل : من حذف حرف أصلى أو زائد ؛ فتقول فى «سفرجل» : «سفيرج» ، كما تقول : «سفارج» ، وفى «مستدع» : «مديع» ، كما تقول : «مداع» فتحذف

__________________

الخامسة : التعظيم ، كما فى قول لبيد بن ربيعة العامرى :

وكلّ أناس سوف تدخل بينهم

دويهية تصفرّ منها الأنامل

وأنكر هذه الفائدة البصريون ، وزعموا أن التصغير لا يكون للتعظيم ؛ لأنهما متنافيان.

(١) «وما» اسم موصول : مبتدأ ، أو مفعول به لفعل محذوف ، يفسره ما بعده «به» جار ومجرور متعلق بقوله «وصل» الآتى «لمنتهى» مثله ، ومنتهى مضاف و «الجمع» مضاف إليه «وصل» فعل ماض مبنى للمجهول ، وجملته مع نائب فاعله المستتر فيه لا محل لها صلة الموصول «به ، إلى أمثلة» جاران ومجروران متعلقان بقوله «صل» الآتى فى آخر البيت ، وأمثلة مضاف و «التصغير» مضاف إليه «صل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة لا محل لها من الإعراب مفسرة.


فى التصغير ما حذفت فى الجمع ، وتقول فى «علندى» : «عليند» وإن شئت [قلت] : «عليد» ، كما تقول فى الجمع : «علاند» و «علاد».

* * *

وجائز تعويض يا قبل الطّرف

إن كان بعض الاسم فيهما انحذف (١)

أى : يجوز أن يعوّض مما حذف فى التصغير أو التكسير ياء قبل الآخر ؛ فتقول فى «سفرجل» : «سفيريج» و «سفاريج» ، وفى «حبنطى» : «حبينيط» و «حبانيط».

* * *

وحائد عن القياس كلّ ما

خالف فى البابين حكما رسما (٢)

__________________

(١) «وجائز» خبر مقدم «تعويض» مبتدأ مؤخر ، وتعويض مضاف و «يا» قصر للضرورة : مضاف إليه ، من إضافة المصدر إلى مفعوله «قبل» ظرف متعلق بتعويض ، وقبل مضاف و «الطرف» مضاف إليه «إن» شرطية «كان» فعل ماض ناقص ، فعل الشرط «بعض» اسم كان ، وبعض مضاف ، و «الاسم» مضاف إليه «فيهما» جار ومجرور متعلق بقوله «انحذف» الآتى «انحذف» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بعض الاسم ، والجملة فى محل نصب خبر كان ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.

(٢) «وحائد» خبر مقدم «عن القياس» جار ومجرور متعلق بقوله حائد «كل» مبتدأ مؤخر ، وكل مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه ، مبنى على السكون فى محل جر «خالف» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «فى البابين» جار ومجرور متعلق بخالف «حكما» مفعول به لخالف «رسما» رسم : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حكم ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل نصب صفة لقوله «حكما»


أى : قد يجىء كل من التصغير والتكسير على غير لفظ واحده ، فيحفظ ولا يقاس عليه ، كقولهم فى تصغير مغرب «مغيربان» وفى عشيّة «عشيشية». وقولهم فى جمع رهط «أراهط» (١) وفى باطل «أباطيل».

* * *

لتلويا التّصغير ـ من قبل علم

تأنيث ، او مدّته ـ الفتح انحتم (٢)

كذاك ما مدّة أفعال سبق

أو مدّ سكران وما به التحق (٣)

__________________

(١) ومن ذلك قول الشاعر :

يا بؤس للحرب الّتى

وضعت أراهط فاستراحوا

ومن الناس من يزعم أن أراهط جمع الجمع ، يقدر أنهم جمعوا رهطا على أرهط كفلس وأفلس ثم جمعوا أرهطا على أراهط كأكلب وأكالب.

(٢) «لتلو» جار ومجرور متعلق بقوله «انحتم» الآتى فى آخر البيت ، وتلو مضاف و «يا» قصر للضرورة : مضاف إليه ، والتلو بمعنى التالى ، فالإضافة من إضافة اسم الفاعل الى مفعوله ، وياء مضاف و «التصغير» مضاف إليه «من قبل» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من تلو ، وقبل مضاف ، و «علم» مضاف إليه ، وعلم مضاف و «تأنيث» مضاف إليه «أو» عاطفة «مدته» مدة : معطوف على علم تأنيث ، ومدة مضاف والهاء مضاف إليه «الفتح» مبتدأ «انحتم» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الفتح ، والجملة من الفعل وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٣) «كذاك» كذا : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، والكاف حرف خطاب «ما» اسم موصول : مبتدأ مؤخر ، مبنى على السكون فى محل رفع «مدة» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «سبق» الآتى ـ ومدة مضاف و «أفعال» مضاف إليه «سبق» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة ما الموصولة «أو» عاطفة «مد» معطوف على مدة أفعال ، ومد مضاف و «سكران» مضاف إليه «وما» اسم موصول : معطوف على


أى : يجب فتح ما ولى ياء التصغير ، إن وليته تاء التأنيث ، أو ألفه المقصورة ، أو الممدودة ، أو ألف أفعال جمعا ، أو ألف فعلان الذى مؤنثه فعلى (١) ؛ فتقول : فى تمرة : «تميرة» ، وفى حبلى : «حبيلى» ، وفى حمراء : «حميراء» ، وفى أجمال : «أجيمال» ، وفى سكران : «سكيران».

فإن كان فعلان من غير باب سكران ، لم يفتح ما قبل ألفه ، بل يكسر ، فتقلب الألف ياء ؛ فتقول فى «سرحان» : «سريحين» كما تقول فى الجمع «سراحين».

ويكسر ما بعد ياء التصغير فى غير ما ذكر ، إن لم يكن حرف إعراب ؛ فتقول فى «درهم» : «دريهم» ، وفى «عصفور» : «عصيفير» ، فإن كان حرف إعراب حرّكته بحركة الإعراب ، نحو «هذا فليس ، ورأيت فليسا ومررت بفليس».

* * *

__________________

سكران «به» جار ومجرور متعلق بقوله التحق الآتى «التحق» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة.

(١) يشترط فى فعلان ـ الذى تبقى فيه الفتحة بعد ياء التصغير وتسلم ألفه من القلب ياء ـ ثلاثة شروط : الأول أن تكون الألف والنون زائدتين ، والثانى ألا يكون مؤنثه على فعلانة ، والثالث ألا يكونوا قد جمعوه على فعالين ؛ فلو كانت نونه أصلية كحسان من الحسن وعفان من العفونة قيل فى مصغره : حسيسين وعفيفين ، ولو كانت أنثاه على فعلانة كسيفان قيل فى تصغيره : سييفين ، ولو كانوا جمعوه على فعالين كسلطان قيل فى تصغيره : سليطين.


وألف التّأنيث حيث مدّا

وتاؤه منفصلين عدّا (١)

كذا المزيد آخرا للنّسب

وعجز المضاف والمركّب (٢)

وهكذا زيادتا فعلانا

من بعد أربع كزعفرانا (٣)

وقدّر انفصال ما دلّ على

تثنية أو جمع تصحيح جلا (٤)

__________________

(١) «وألف» مبتدأ ، وألف مضاف و «التأنيث» مضاف إليه «حيث» ظرف متعلق بمحذوف حال من المبتدأ على رأى سيبويه ، أو من ضميره المستكن فى الخبر «مدا» مد : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ألف التأنيث ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل جر بإضافة حيث إليها «وتاؤه» الواو عاطفة ، تاء معطوف على ألف التأنيث ، وتاء مضاف والهاء مضاف إليه «منفصلين» مفعول ثان تقدم على عامله «عدا» فعل ماض مبنى للمجهول ، وألف الاثنين نائب فاعله ، وهو مفعوله الأول ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ وما عطف عليه.

(٢) «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «المزيد» مبتدأ مؤخر «آخرا» منصوب على نزع الخافض «للنسب» جار ومجرور متعلق بالمزيد «وعجز» معطوف على المزيد ، وعجز مضاف و «المضاف» مضاف إليه «والمركب» معطوف على قوله المضاف.

(٣) «وهكذا» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «زيادتا» مبتدأ مؤخر ، وزيادتا مضاف ، و «فعلانا» مضاف إليه «من بعد» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن فى الخبر ، وبعد مضاف و «أربع» مضاف إليه «كزعفرانا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف.

(٤) «وقدر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «انفصال» مفعول به لقدر ، وانفصال مضاف ، و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «دل» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «على تثنية» جار ومجرور متعلق بدل «أو» عاطفة «جمع» معطوف على تثنية ، وجمع مضاف و «تصحيح» مضاف إليه «جلا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى جمع ، والجملة فى محل


لا يعتدّ فى التصغير بألف التأنيث الممدودة ، ولا بتاء التأنيث ، ولا بزيادة ياء النّسب ، ولا بعجز المضاف ، ولا بعجز المركب ، ولا بالألف والنون المزيدتين بعد أربعة أحرف فصاعدا ، ولا بعلامة التثنية ، ولا بعلامة جمع التصحيح.

ومعنى كون هذه لا يعتدّ بها : أنه لا يضرّ بقاؤها مفصولة عن ياء التصغير بحرفين أصليين ؛ فيقال فى «جخدباء» (١) : «جخيدباء» ، وفى «حنظلة» : «حنيظلة» ، وفى «عبقرىّ» : «عبيقرىّ» ، وفى «بعلبك» : «بعيلبك» ، وفى «عبد الله» : «عبيد الله» وفى : «زعفران» : «زعيفران» ، وفى «مسلمين» : «مسيلمين» ، وفى «مسلمين» : «مسيلمين» وفى «مسلمات» : «مسيلمات».

* * *

وألف التّأنيث ذو القصر متى

زاد على أربعة لن يثبتا (٢)

__________________

جر صفة لجمع ، وجعل المكودى قوله «جمع» بالنصب مفعولا مقدمآ لقوله «جلا» وجملة «جلا ـ إلخ» عطفا على جملة «دل على تثنية» وهو عندى أحسن.

(١) الجخدبا ـ بضم الجيم والدال جميعا بينهما خاء ساكنة ـ ضرب من الجنادب ، أو الجراد الأخضر الطويل الرجلين.

(٢) «وألف» مبتدأ ، وألف مضاف و «التأنيث» مضاف إليه «ذو» نعت لألف التأنيث ، وذو مضاف و «القصر» مضاف إليه «متى» اسم شرط جازم «زاد» فعل ماض فعل الشرط مبنى على الفتح فى محل جزم ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ألف التأنيث «على أربعة» جار ومجرور متعلق بزاد «لن» حرف نفى ونصب واستقبال «يثبتا» فعل مضارع منصوب بلن ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ألف التأنيث الواقع مبتدأ ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط ، وكان من حقها أن تقترن بالفاء ، لكنه حذف الفاء لضرورة إقامة الوزن ، وجملة الشرط والجواب فى محل رفع خبر المبتدأ.


وعند تصغير حبارى خيّر

بين الحبيرى فادر والحبيّر (١)

أى : إذا كانت ألف التأنيث المقصورة خامسة فصاعدا وجب حذفها فى التصغير ؛ لأن بقاءها يخرج البناء عن مثال فعيعل ، وفعيعل ؛ فتقول فى «قرقرى» : «قريقر» ، وفى «لغّيزى» : «لغيغيز».

فإن كانت خامسة وقبلها مدّة زائدة جاز حذف المدّة المزيدة وإبقاء ألف التأنيث ؛ فتقول فى «حبارى» : «حبيرى» وجاز أيضا حذف ألف التأنيث وإبقاء المدة ؛ فتقول : «حبيّر».

* * *

واردد لأصل ثانيا لينا قلب

فقيمة صيّر قويمة تصب (٢)

__________________

(١) «وعند» ظرف متعلق بقوله «خير» الآتى ، وعند مضاف و «تصغير» مضاف إليه ، وتصغير مضاف و «حبارى» مضاف إليه «خير» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بين» ظرف متعلق بقوله خير أيضا ، وبين مضاف و «الحبيرى» مضاف إليه «فادر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة من فعل الأمر وفاعله لا محل لها اعتراضية بين المعطوف والمعطوف عليه «والحبير» معطوف على الحبيرى.

(٢) «واردد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لأصل» جار ومجرور متعلق باردد على أنه مفعوله الثانى «ثانيا» مفعول أول لاردد «لينا» صفة لقوله ثانيا «قلب» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قوله ثانيا ، والجملة فى محل نصب نعت ثان لقوله «ثانيا» السابق «فقيمة» الفاء للتفريع ، قيمة : مفعول تقدم على عامله «صير» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «قويمة» مفعول ثان لصير «تصب» فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.


وشذّ فى عيد عييد ، وحتم

للجمع من ذا ما لتصغير علم (١)

والألف الثّانى المزيد يجعل

واوا ، كذا ما الأصل فيه يجهل (٢)

أى : إذا كان ثانى الاسم المصغر من حروف اللين ، وجب ردّه إلى أصله.

فإن كان أصله الواو قلب واوا ؛ فتقول فى «قيمة» : «قوبمة» ، وفى «باب» : «بويب».

وإن كان أصله الياء قلب ياء ؛ فتقول فى «موقن» : «مييقن» ، وفى «ناب» : «نييب».

وشذ قولهم فى «عيد» : «عييد» ، والقياس «عويد» بقلب الياء واوا ؛ لأنها أصله ؛ لأنه من عاد يعود.

فإن كان ثانى الاسم المصغّر ألفا مزيدة أو مجهولة الأصل وجب قلبها واوا ؛ فتقول فى «ضارب» : «ضويرب» ، وفى «عاج» : «عويج».

__________________

(١) «شذ» فعل ماض «فى عيد» جار ومجرور متعلق بشذ «عييد» فاعل شذ «وحتم» فعل ماض مبنى للمجهول «للجمع ، من ذا» جاران ومجروران متعلقان بحتم «ما» اسم موصول : نائب فاعل لحتم مبنى على السكون فى محل رفع «لتصغير» جار ومجرور متعلق بقوله علم الآتى «علم» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول.

(٢) «والألف» مبتدأ «الثانى ، المزيد» نعتان للألف «يجعل» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الألف ، وهو المفعول الأول «واوا» مفعول ثان ليجعل ، والجملة من الفعل المبنى للمجهول ونائب فاعله فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو قوله الألف «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «ما» اسم موصول : مبتدأ مؤخر «الأصل» مبتدأ «فيه» جار ومجرور متعلق بقوله «يجهل» الآتى «يجهل» فعل مضارع مبنى


والتكسير ـ فيما ذكرناه ـ كالتصغير ؛ فتقول فى «باب» : «أبواب» ، وفى «ناب» : «أنياب» ، وفى «ضاربة» : «ضوارب».

* * *

وكمّل المنقوص فى التّصغير ما

لم يحو غير التّاء ثالثا كما (١)

المراد بالمنقوص ـ هنا ـ ما نقص منه حرف ؛ فإذا صغّر هذا النوع من الأسماء ؛ فلا يخلو : إما أن يكون ثنائيا ، مجردا عن التاء ، أو ثنائيا ملتبسا بها ، أو ثلاثيا مجردا عنها.

فإن كان ثنائيا مجردا عن التاء أو ملتبسا بها ـ ردّ إليه فى التصغير ما نقص منه ؛ فيقال فى «دم» : «دمىّ» ، وفى «شفة» : «شفيهة» ، وفى «عدة» : «وعيد» ، وفى «ماء» ـ مسمّى به ـ : «موىّ».

وإن كان على ثلاثة أحرف وثالثه غير تاء التأنيث صغّر على لفظه ، ولم يردّ إليه شىء ؛ فتقول فى «شاك السلاح» : «شويك».

* * *

__________________

للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قوله «الأصل» والجملة من الفعل ونائب الفاعل فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

(١) «كمل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «المنقوص» مفعول به لكمل «فى التصغير» جار ومجرور متعلق بكمل «ما» مصدرية ظرفية «لم» نافية جازمة «يحو» فعل مضارع مجزوم بلم ، وعلامة جزمه حذف الياء ، والكسرة قبلها دليل عليها ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المنقوص «غير» حال تقدم على صاحبه ، وهو قوله «ثالثا» الآتى ، وغير مضاف و «التاء» مضاف إليه «ثالثا» مفعول به لقوله «يحو» السابق «كما» بالقصر لغة فى ماء : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، أى : وذلك كائن كما.


ومن بترخيم يصغّر اكتفى

بالأصل كالعطيف يعنى المعطفا (١)

من التصغير نوع يسمى تصغير الترخيم ، وهو عبارة عن تصغير الاسم بعد تجريده من الزوائد التى هى فيه.

فإن كانت أصوله ثلاثة صغّر على فعيل ، ثم إن كان المسمّى به مذكرا جرّد عن التاء ، وإن كان مؤنثا ألحق تاء التأنيث ؛ فيقال فى «المعطف» : «عطيف» ، وفى «حامد» : «حميد» ، وفى «حبلى» : «حبيلة» ، وفى «سوداء» : «سويدة».

وإن كانت أصوله أربعة صغّر على فعيعل ؛ فتقول فى «قرطاس» : «قريطس» ، وفى «عصفور» : «عصيفر».

* * *

واختم بتا التّأنيث ما صغّرت من

مؤنّث عار ثلاثىّ ، كسنّ (٢)

__________________

(١) «ومن» اسم موصول مبتدأ «بترخيم» جار ومجرور متعلق بقوله «يصغر» الآتى «يصغر» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «اكتفى» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الموصولة الواقعة مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «بالأصل» جار ومجرور متعلق بقوله اكتفى «كالعطيف» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف «يعنى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من «المعطفا» مفعول به ليعنى ، والألف للاطلاق

(٢) «واختم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بتا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق باختم ، وتا مضاف و «التأنيث» مضاف إليه «ما» اسم موصول مفعول به لاختم «صغرت» صغر : فعل ماض ، وتاء المخاطب فاعله ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «من مؤنث» جار ومجرور متعلق بقوله صغرت «عار ، ثلاثى» صفتان لمؤنث «كسن» جار ومجرور متعلق بمحذوف ، خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره : وذلك كأئن كسن.


ما لم يكن بالتّا يرى ذا لبس

كشجر وبقر وخمس (١)

وشذّ ترك دون لبس ، وندر

لحاق تا فيما ثلاثيّا كثر (٢)

إذا صغّر الثلاثىّ ، المؤنث ، الخالى من علامة التأنيث ـ لحقته [التاء] عند أمن اللّبس ، وشذّ حذفها حينئذ ؛ فتقول فى «سنّ» : «سنينة» ، وفى «دار» : «دويرة» ، وفى «يد» : «يديّة».

فإن خيف اللّبس لم تلحقه التاء ؛ فتقول فى «شجر ، وبقر ، وخمس» : «شجير ، وبقير ، وخميس» ـ بلا تاء ـ إذ لو قلت «شجيرة ، وبقيرة ، وخميسة» لالتبس بتصغير «شجرة ، وبقرة ، وخمسة» المعدود به مذكر.

ومما شذّ فيه الحذف عند أمن اللبس قولهم فى «ذود ، وحرب ، وقوس ، ونعل» : «ذويد ، وحريب ، وقويس ، ونعيل».

__________________

(١) «ما» مصدرية ظرفية «لم» نافية جازمة «يكن» فعل مضارع ناقص مجزوم بلم ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مؤنث فى البيت السابق «بالنا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق بقوله «يكن» «يرى» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المؤنث الذى هو اسم يكن ، وهو مفعوله الأول «ذا» مفعول ثان ليرى ، وذا مضاف و «لبس» مضاف إليه ، وجملة الفعل المبنى للمجهول مع مفعوليه فى محل نصب خبر يكن «كشجر» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف «وبقر ، وخمس» معطوفان على شجر.

(٢) «وشذ» فعل ماض «ترك» فاعل شذ «دون» ظرف متعلق بمحذوف حال من الفاعل ، ودون مضاف ، و «لبس» مضاف إليه «وندر» فعل ماض «لحاق» فاعل ندر ، ولحاق مضاف ، و «تا» قصر للضرورة : مضاف إليه «فيما» جار ومجرور متعلق بقوله «ندر» السابق «ثلاثيا» مفعول به تقدم على عامله ـ وهو قوله «كثر» الآتى ـ «كثر» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «ما» الموصولة المجرورة محلا بفى ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.


وشذّ أيضا لحاق التاء فيما زاد على ثلاثة أحرف ، كقولهم فى «قدّام» : «قديديمة».

* * *

وصغروا شذوذا : «الّذى ، الّتى

وذا» مع الفروع منها «تا ، وتى» (١)

التصغير من خواصّ الأسماء المتمكنة ؛ فلا تصغّر المبنيات ، وشذّ تصغير «الّذى» وفروعه ، و «ذا» وفروعه ، قالوا فى «الّذى» : «اللّذيّا» وفى «الّتى» : «الّلتيّا» وفى «ذا ، وتا» : «ذيّا ، وتيّا» (٢).

* * *

__________________

(١) «وصغروا» فعل وفاعل «شذوذا» حال من الواو فى صغروا : أى شاذين «الذى» مفعول به لصغروا «التى» معطوف على الذى بعاطف مقدر «وذا» معطوف على الذى «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من «ذا» أو متعلق بقوله «صغروا» السابق ، ومع مضاف و «الفروع» مضاف إليه «منها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «تا» مبتدأ مؤخر «وتى» معطوف على تا.

(٢) من ذلك ـ فى التى ـ قولهم فى مثل من أمثالهم «بعد اللتيا والتى» وقول الراجز :

بعد الّلتيّا والّلتيّا والّتى

إذا علتها أنفس تردّت

ومن ذلك فى «ذا» قول الراجز ، وهو الشاهد رقم ٩٨ السابق :

أو تحلفى بربّك العلىّ

أنّى أبو ذيّالك الصّبىّ


النّسب

ياء كيا الكرسىّ زادوا للنّسب

وكلّ ما تليه كسره وجب (١)

إذا أريد إضافة شىء إلى بلد ، أو قبيلة ، أو نحو ذلك ـ جعل آخره ياء مشدّدة ، مكسورا ما قبلها ؛ فيقال فى النسب إلى «دمشق» : «دمشقىّ» ، وإلى «تميم» : «تميمىّ» ، وإلى «أحمد» : «أحمدىّ».

* * *

ومثله ممّا حواه احذف ، وتا

تأنيث او مدّته ، لا تثبتا (٢)

__________________

(١) «ياء» مفعول به تقدم على عامله ـ وهو قوله «زادوا» الآتى ـ «كيا» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لقوله ياء ، ويا مضاف و «الكرسى» مضاف إليه «زادوا» فعل وفاعل «للنسب» جار ومجرور متعلق بزادوا «وكل» مبتدأ أول ، وكل مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «تليه» تلى : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى «ياء» والهاء مفعول به ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «كسره» كسر : مبتدأ ثان ، وكسر مضاف والهاء مضاف إليه «وجب» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى كسر ، والجملة من هذا الفعل وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول.

(٢) «مثله» مثل : مفعول به تقدم على عامله ـ وهو قوله «احذف» الآتى ـ ومثل مضاف والهاء مضاف إليه ، وهى عائدة إلى الياء «مما» جار ومجرور متعلق بقوله «احذف» «حواه» حوى : فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «ما» الموصولة المجرورة محلا بمن ، والهاء العائدة إلى الياء مفعول به ، والجملة من الفعل والفاعل والمفعول لا محل لها صلة الموصول «احذف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وتا» قصر للضرورة : مفعول به تقدم


وإن تكن تربع ذا ثان سكن

فقلبها واوا وحذفها حسن (١)

يعنى أنه إذا كان فى آخر الاسم ياء كياء الكرسىّ ـ فى كونها مشددة ، واقعة بعد ثلاثة أحرف فصاعدا ـ وجب حذفها ، وجعل ياء النسب موضعها ؛ فيقال فى النسب إلى «الشافعىّ» : «شافعىّ» وفى [النسب إلى] «مرمىّ» : «مرمىّ».

وكذلك إن كان آخر الاسم تاء التأنيث وجب حذفها للنسب ؛ فيقال فى النسب إلى «مكة» : «مكّىّ».

ومثل تاء التأنيث ـ فى وجوب الحذف للنسب ـ ألف التأنيث المقصورة إذا كانت خامسة فصاعدا ، كحبارى وحبارىّ ، أو رابعة متحركا ثانى ما هى

__________________

على عامله ، وهو قوله «لا تثبتا» الآتى ـ وتا مضاف و «تأنيث» مضاف إليه «أو» عاطفة «مدته» مدة : معطوف على تاء ، ومدة مضاف و «تأنيث» مضاف إليه «لا» ناهية «تثبتا» فعل مضارع ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف فى محل جزم بلا الناهية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والنون المنقلبة ألفا للتوكيد.

(١) «إن» شرطية «تكن» فعل مضارع ناقص ، فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى مدة التأنيث المقصورة «تربع» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى اسم تكن ، والجملة فى محل نصب خبر تكن «ذا» مفعول به لتربع ، وذا مضاف و «ثان» مضاف إليه «سكن» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ثان ، والجملة فى محل جر صفة لثان «فقلبها» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، قلب : مبتدأ ، وقلب مضاف وها : مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول ، والخبر محذوف : أى فقلبها واوا جائز ، مثلا «واوا» مفعول ثان للمصدر الذى هو قلب «وحذفها» الواو للاستئناف ، وحذف : مبتدأ ، وحذف مضاف وها : مضاف إليه ، من إضافة المصدر إلى مفعوله «حسن» خبر المبتدأ.


فيه ، كجمزى وجمزىّ ، وإن كانت رابعة ساكنا ثانى ما هى فيه ـ كحبلى ـ جاز فيها وجهان : أحدهما الحذف ـ وهو المختار ـ فتقول : «حبلىّ» ، والثانى قلبها واوا ؛ فتقول : «حبلوىّ».

* * *

لشبهها الملحق ، والأصلىّ ـ ما

لها ، وللأصلىّ قلب يعتمى (١)

والألف الجائز أربعا أزل

كذاك يا المنقوص خامسا عزل (٢)

والحذف فى اليا رابعا أحقّ من

قلب ، وحتم قلب ثالث يعنّ (٣)

__________________

(١) «لشبهها» لشبه : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، وشبه مضاف وها : مضاف إليه «الملحق» نعت لشبه «والأصلى» معطوف على الملحق «ما» اسم موصول : مبتدأ مؤخر «لها» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول «وللأصلى» الواو للعطف أو للاستئناف ، للأصلى : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «قلب» مبتدأ مؤخر «يعتمى» فعل مضارع مبنى للمجهول ـ ومعناه يختار ـ ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قوله «قلب» السابق ، والجملة فى محل رفع نعت لقلب.

(٢) «والألف» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «أزل» الآتى ـ «الجائز» نعت للألف ، وفيه ضمير مستتر هو فاعله «أربعا» مفعول به للجائز «أزل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «كذاك» جار ومجرور متعلق بعزل الآتى «يا» قصر للضرورة : مبتدأ ، ويا مضاف و «المنقوص» مضاف إليه «خامسا» حال من الضمير المستتر فى قوله عزل الآتى «عزل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ياء المنقوص الواقع مبتدأ ، والجملة من الفعل ونائب الفاعل فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٣) «والحذف» مبتدأ «فى اليا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق بالحذف «رابعا» حال من الياء «أحق» خبر المبتدأ «من قلب» جار ومجرور متعلق بأحق «وحتم» خبر مقدم «قلب» مبتدأ مؤخر ، وقلب مضاف ، و «ثالث» مضاف إليه


يعنى أن ألف الإلحاق المقصورة كألف التأنيث : فى وجوب الحذف إن كانت خامسة كحبركى وحبركىّ ، وجواز الحذف والقلب إن كانت رابعة : كعلقى وعلقىّ وعلقوى ، ولكن المختار هنا القلب ، عكس ألف التأنيث.

وأما الألف الأصلية ؛ فإن كانت ثالثة قلبت واوا : كعصا وعصوىّ ، وفتى وفتوىّ ، وإن كانت رابعة قلبت أيضا واوا : كملهوى ، وربّما حذفت كملهىّ ، والأوّل هو المختار ، وإليه أشار بقوله : «وللأصلىّ قلب يعتمى» أى : يختار ، يقال : اعتميت الشىء ـ أى : اخترته ـ وإن كانت خامسة فصاعدا وجب الحذف كمصطفىّ فى مصطفى ، وإلى ذلك أشار بقوله : «والألف الجائز أربعا أزل».

وأشار بقوله : «كذك يا المنقوص ـ إلى آخره» إلى أنه إذا نسب إلى المنقوص ؛ فإن كانت ياؤه ثالثة قلبت واوا وفتح ما قبلها ، نحو «شجوىّ» فى شج ، وإن كانت رابعة حذفت ، نحو «قاضىّ» [فى قاض] ، وقد تقلب واوا ، نحو «قاضوىّ» ، وإن كانت خامسة فصاعدا وجب حذفها «كمعتدىّ» فى معتد ، و «مستعلىّ» فى مستعل.

والحبركى : ذكر القراد ، والأنثى : حبركاة ، والعلقى : نبت ، واحده علقاة.

* * *

وأول ذا القلب انفتاحا ، وفعل

وفعل عينهما افتح وفعل (١)

__________________

«يعن» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ثالث ، والجملة من الفعل المضارع وفاعله فى محل جر صفة لثالث.

(١) «أول» فعل أمر ، مبنى على حذف الياء والكسرة قبلها دليل عليها ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ذا» مفعول أول لأول ، وذا مضاف و «القلب»


يعنى أنه إذا قلبت ياء المنقوص واوا وجب فتح ما قبلها ، نحو : «شجوىّ وقاضوىّ».

وأشار بقوله : «وفعل ـ إلى آخره» إلى أنه إذا نسب إلى ما قبل آخره كسرة ، وكانت الكسرة مسبوقة بحرف واحد ـ وجب التخفيف بجعل الكسرة فتحة ، فيقال فى نمر : «نمرىّ» وفى دئل : «دؤلى» ، وفى «إبل» : «إبلىّ».

* * *

وقيل فى المرمىّ مرموىّ

واختير فى استعمالهم مرمىّ (١)

قد سبق أنه إذا كان آخر الاسم ياء مشددة مسبوقة بأكثر من حرفين ، وجب حذفها فى النسب ؛ فيقال فى «الشافعى» : «شافعىّ» ، وفى «مرمىّ» : «مرمىّ».

وأشار هنا إلى أنه إذا كانت إحدى الياءين أصلا ، والأخرى زائدة ؛ فمن

__________________

مضاف إليه «انفتاحا» مفعول ثان لأول «وفعل» بفتح الفاء وكسر العين ـ مبتدأ «وفعل» بضم الفاء وكسر العين ـ معطوف عليه «عينهما» عين : مفعول تقدم على عامله ، وهو قوله افتح الآتى ، وعين مضاف والضمير مضاف إليه «افتح» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «وفعل» ـ بكسر الفاء والعين جميعا ـ معطوف على الضمير المجرور محلا بالإضافة ، ولم يعد الجار لأن إعادته ليست بلازمة عنده كما سبق.

(١) «وقيل» فعل ماض مبنى للمجهول «فى المرمى» جار ومجرور متعلق بقيل «مرموى» قصد لفظه : نائب فاعل قيل «واختير» فعل ماض مبنى للمجهول «فى استعمالهم» الجار والمجرور متعلق باختير ، واستعمال مضاف والضمير مضاف إليه «مرمى» نائب فاعل لاختير.


العرب من يكتفى بحذف الزائدة منهما ، ويبقى الأصلية ، ويقلبها واوا ، فيقول فى «المرمىّ» : «مرموىّ» ، وهى لغة قليلة ؛ والمختار اللغة الأولى ـ وهى الحذف ـ سواء كانتا زائدتين ، أم لا ؛ فتقول فى «الشافعىّ» : «شافعىّ» وفى «مرمىّ» : «مرمىّ».

* * *

ونحو حىّ فتح ثانيه يجب

واردده واوا إن يكن عنه قلب (١)

قد سبق حكم الياء المشددة المسبوقة بأكثر من حرفين.

وأشار هنا إلى أنها إذا كانت مسبوقة بحرف واحد لم يحذف من الاسم فى النسب شىء ، بل يفتح ثانيه ويقلب ثالثه واوا ، ثم إن كان ثانيه ليس بدلا من واو لم يغير ، وإن كان بدلا من واو قلب واوا ؛ فنقول فى «حىّ» : «حيوى» ؛ لأنه من حييت ، وفى «طىّ» : «طووئ» ؛ لأنه من طويت.

* * *

__________________

(١) «ونحو» مبتدأ أول ، ونحو مضاف و «حى» مضاف إليه «فتح» مبتدأ ثان ، وفتح مضاف ، وثان من «ثانيه» مضاف إليه ، وثان مضاف وضمير الغائب العائد إلى نحو حى مضاف إليه «يجب» فعل مضارع ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى فتح ثانيه هو فاعله ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول «واردده» اردد : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول أول لاردد «واوا» مفعول ثان لاردد «إن» شرطية «يكن» فعل مضارع ناقص ، فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ثانيه «عنه» جار ومجرور متعلق بقوله «قلب» الآتى ، والهاء تعود إلى الواو «قلب» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ثانيه ، والجملة من قلب ونائب فاعله فى محل نصب خبر يكن ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.


وعلم التّثنية احذف للنّسب

ومثل ذا فى جمع تصحيح وجب (١)

يحذف من المنسوب إليه [ما فيه من] علامة تثنية ، أو جمع تصحيح ؛ فإذا سمّيت رجلا «زيدان» ـ وأعربته بالألف رفعا ، وبالياء جرّا ونصبا ـ قلت : «زيدىّ» وتقول فيمن اسمه : «زيدون» ـ إذا أعربته بالحروف ـ : «زيدىّ» وفيمن اسمه هندات : «هندىّ».

* * *

وثالث من نحو طيّب حذف

وشذّ طائىّ مقولا بالألف (٢)

قد سبق أنه يجب كسر ما قبل ياء النسب ؛ فإذا وقع قبل الحرف الذى يجب كسره فى النسب ياء [مكسورة] مدغم فيها ياء ـ وجب حذف الياء المكسورة ، فتقول فى طيّب : «طيبىّ».

__________________

(١) «وعلم» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «احذف» الآتى ـ وعلم مضاف و «التثنية» مضاف إليه «احذف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «للنسب» جار ومجرور متعلق بقوله احذف «ومثل» مبتدأ ، ومثل مضاف و «ذا» مضاف إليه «فى جمع» جار ومجرور متعلق بقوله : «وجب» الآتى ، وجمع مضاف ، و «تصحيح» مضاف إليه «وجب» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مثل ذا الواقع مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) «وثالث» مبتدأ ، وساغ الابتداء به مع كونه نكرة لجريانه على موصوف محذوف ، والتقدير : وحرف ثالث «من نحو» جار ومجرور متعلق بقوله «حذف» الآتى ، ونحو مضاف ، و «طيب» مضاف إليه «حذف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ثالث الواقع مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «وشذ» فعل ماض «طائى» فاعل شذ «مقولا» حال من طائى «بالألف» جار ومجرور متعلق بقوله «مقولا».


وقياس النسب فى طيىء : «طيئيىّ» ، لكن تركوا القياس ، وقالوا : «طائىّ» بإبدال الياء ألفا.

فلو كانت الياء المدغم فيها مفتوحة لم تحذف ، نحو «هبيّخىّ» فى هبيّخ.

والهبيخ : الغلام الممتلىء ، والأنثى هبيّخة.

* * *

وفعلىّ فى فعيلة التزم

وفعلىّ فى فعيلة حتم (١)

يقال فى النسب إلى فعيلة : فعلىّ ـ بفتح عينه وحذف يائه ـ إن لم يكن معتلّ العين ، ولا مضاعفا ، كما يأتى ؛ فتقول فى حنيفة : «حنفىّ».

ويقال فى النسب إلى فعيلة : فعلىّ ـ بحذف الياء ـ إن لم يكن مضاعفا ؛ فتقول فى جهينة : «جهنىّ» (٢).

* * *

__________________

(١) «وفعلى» مبتدأ «فى فعيلة» جار ومجرور متعلق بقوله «التزم» الآتى «التزم» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعلى الواقع مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «وفعلى» مبتدأ «فى فعيلة» جار ومجرور متعلق بقوله «حتم» الآتى «حتم» فعل ماض مبنى للمجهول وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى فعلى نائب فاعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) الأصل فى النسب إلى فعيل بفتح الفاء ، صحيح الآخر ، وبغير تاء فى آخره ـ أن ينسب إليه على لفظه ؛ فيقال فى النسب إلى أمير وكريم : أميرى ، وكريمى ، والأصل فى النسب إلى فعيل ـ بضم الفاء ، صحيح الآخر ، وبغير تاء ـ أن ينسب إليه على لفظه ؛ فيقال فى النسب إلى نمير وكليب : نميرى ، وكليبى ، والأصل فى النسب إلى فعيلة ـ بفتح الفاء ـ وإلى فعيلة ـ بضم الفاء ـ أن تحذف ياؤه ، وتحذف مع ذلك


وألحقوا معلّ لام عريا

من المثالين بما التّا أوليا (١)

يعنى أن ما كان على فعيل أو فعيل ، بلا تاء ، وكان معتلّ اللام ـ فحكمه حكم ما فيه التاء : فى وجوب حذف يائه وفتح عينه ؛ فتقول فى «عدىّ» : «عدوىّ» ، وفى «قصىّ» : «قصوىّ» ، كما تقول فى «أميّة» : «أموىّ» فإن كان فعيل وفعيل صحيحى اللام ، لم يحذف شىء منهما ؛ فتقول فى «عقيل» : «عقيلى» ، وفى «عقيل» : «عقيلى» (٢).

__________________

تاؤه ، ثم تقلب كسرة العين من الأول فتحة ؛ فيقال فى النسب إلى جهينة وأذينة : جهنى ، وأذنى ، ويقال فى النسب إلى حنيفة وشريفة : حنفى. وشرفى ، وإنما فعلوا ذلك فرقا بين المذكر والمؤنث ، وجعلوا حذف الياء فى المؤنث ولم يجعلوه فى المذكر لأن التاء التى للتأنيث تحذف حتما ، فلما وجد الحذف فى المؤنث جعلوا حذف الياء فيه ؛ لأن الحذف يأنس إلى الحذف ، وقد شذت فى كل نوع من هذه الأنواع الأربعة ألفاظ جاءوا بها على خلاف الأصل ، قالوا فى النسب إلى سليقة : سليقى ، وقالوا فى النسب إلى عميرة : عميرى ، وقالوا فى النسب إلى ردينة ـ بضم ففتح ـ ردينى ، وقالوا فى النسب إلى ثقيف : ثقفى ، وقالوا فى النسب إلى قريش وهذيل ـ بضم ففتح ـ قرشى ، وهذلى.

(١) «وألحقوا» فعل وفاعل «معل» مفعول به لألحقوا ، ومعل مضاف و «لام» مضاف إليه «عريا» عرى : فعل ماض ، ومتعلقه محذوف ، وتقديره : عرى من التاء ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى معل لام ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل نصب نعت لقوله «معل لام» السابق «من المثالين» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر فى «عرى» «بما» جار ومجرور متعلق بألحقوا «التا» قصر للضرورة : مفعول ثان تقدم على عامله ـ وهو قوله «أوليا» الآتى ـ «أوليا» أولى : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة المجرورة محلا بالباء وهو مفعوله الأول ، والجملة من الفعل ومفعوليه لا محل لها صلة الموصول المجرور بالباء.

(٢) ومن ذلك قول الشاعر :

عقيليّة أمّا ملاث إزارها

فدعص ، وأمّا خصرها فبثيل


وتمّموا ما كان كالطّويله

وهكذا ما كان كالجليله (١)

يعنى أن ما كان على فعيلة ، وكان معتلّ العين ، أو مضاعفا ـ لا تحذف ياؤه فى النسب ؛ فتقول فى طويلة : «طويلى» ، وفى جليلة «جليلى» وكذلك أيضا ما كان على فعيلة وكان مضاعفا ، فتقول فى قليلة : «قليلىّ».

* * *

وهمز ذى مدّ ينال فى النّسب

ما كان فى تثنية له انتسب (٢)

حكم همزة الممدود فى النسب كحكمها فى التثنية : فإن كانت زائدة للتأنيث قلبت واوا نحو «حمراوىّ» فى حمراء ، أو زائدة للالحاق كعلباء ، أو بدلا

__________________

(١) «وتمموا» فعل وفاعل «ما» اسم موصول : مفعول به «كان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه «كالطويلة» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان ، والجملة من كان واسمها وخبرها لا محل لها صلة الموصول الواقع مفعولا به «وهكذا» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «ما» اسم موصول : مبتدأ مؤخر «كان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه «كالجليلة» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان ، والجملة من كان واسمها وخبرها لا محل لها صلة الموصول الواقع مبتدأ.

(٢) «وهمز» مبتدأ ، وهمز مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «مد» مضاف إليه «ينال» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ـ وهو مفعوله الأول ـ ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى همز ذى مد الواقع مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «فى النسب» جار ومجرور متعلق بقوله «ينال» السابق «ما» اسم موصول : مفعول ثان لينال «كان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه «فى تثنية ، له» جاران ومجروران متعلقان بقوله «انتسب» الآتى «انتسب» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة من انتسب وفاعله فى محل نصب خبر كان ، والجملة من كان واسمها وخبرها لا محل لها صلة الموصول.


من أصل نحو كساء ؛ فوجهان : التصحيح نحو علبائى وكسائى ، والقلب نحو علباوى وكساوىّ ، أو أصلا فالتصحيح لا غير نحو قرّائى فى قرّاء.

* * *

وانسب لصدر جملة وصدر ما

ركّب مزجا ، ولثان تمّما (١)

إضافة مبدوءة بابن أو اب

أو ماله التّعريف بالثّانى وجب (٢)

فيما سوى هذا انسبن للأوّل

ما لم يخف لبس ، كـ «عبد الأشهل» (٣)

__________________

(١) «وانسب» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لصدر» جار ومجرور متعلق بانسب ، وصدر مضاف و «جملة» مضاف إليه «وصدر» معطوف على صدر السابق ، ومصدر مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «ركب» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة من ركب ونائب فاعله لا محل لها صلة الموصول «مزجا» مفعول مطلق لركب على تقدير مضاف : أى تركيب مزج «ولثان» الواو عاطفة ، لثان : جار ومجرور معطوف على ما قبله وهو لصدر «تمما» تمم : فعل ماض ، والألف للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل جر نعت لثان.

(٢) «إضافة» مفعول به لقوله «تمما» فى البيت السابق «مبدوءة» نعت لقوله إضافة «بابن» جار ومجرور متعلق بمبدوءة «أو» عاطفة «أب» معطوف على ابن «أو» عاطفة أيضا «ما» اسم موصول : معطوف على أب «له» جار ومجرور متعلق بقوله وجب الآتى «التعريف» مبتدأ «بالثانى» جار ومجرور متعلق بالتعريف «وجب» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى التعريف الواقع مبتدأ ، والجملة من وجب وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره لا محل لها صلة الموصول.

(٣) «فيما» جار ومجرور متعلق بقوله «انسبن» الآتى «سوى» ظرف متعلق بمحذوف صلة «ما» المجرورة محلا بفى ، وسوى مضاف و «هذا» اسم إشارة مضاف إليه ، مبنى على السكون فى محل جر «انسبن» انسب : فعل أمر ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «للأول»


إذا نسب إلى الاسم المركب ؛ فإن كان مركبا تركيب جملة ، أو تركيب مزج ، حذف عجزه ، وألحق صدره ياء النسب ؛ فتقول فى تأبّط شرّا : «تأبّطىّ» ، وفى بعلبك «بعلىّ» وإن كان مركبا تركيب إضافة ، فإن كان صدره ابنا ، أو كان معرّفا بعجزه ـ حذف صدره ، وألحق عجزه ياء النسب ؛ فتقول فى ابن الزبير : «زبيرى» وفى أبى بكر : «بكرىّ» ، وفى غلام زيد : «زيدىّ» فإن لم يكن كذلك ؛ فإن لم يخف لبس عند حذف عجزه حذف عجزه ونسب إلى صدره ؛ فتقول فى امرىء القيس : «امرئىّ» وإن خيف لبس حذف صدره ، ونسب إلى عجزه ؛ فتقول فى عبد الأشهل ، وعبد القيس : «أشهلىّ ، وقيسىّ».

* * *

واجبر بردّ اللّام ما منه حذف

جوازا ان لم يك ردّه ألف (١)

__________________

جار ومجرور متعلق بقوله انسبن «ما» مصدرية ظرفية «لم» نافية جازمة «يخف» فعل مضارع مبنى للمجهول مجزوم بلم «لبس» نائب فاعل يخف «كعبد» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، أى : وذلك كائن كعبد ، وعبد مضاف و «الأشهل» مضاف إليه.

(١) «واجبر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «برد» جار ومجرور متعلق باجبر ، ورد مضاف و «اللام» مضاف إليه «ما» اسم موصول : مفعول به لاجبر «منه» جار ومجرور متعلق بقوله «حذف» الآتى «حذف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «جوازا» نعت لمصدر محذوف بتقدير مضاف ، أى : اجبره جبرا ذا جواز «إن» شرطية «لم» نافية جازمة «يك» فعل مضارع ناقص ، مجزوم بلم ، وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة للتخفيف «رده» رد : اسم يك ، ورد مضاف ،


فى جمعى التّصحيح ، أو فى التّثنيه

وحقّ مجبور بهذى توفيه (١)

إذا كان المنسوب إليه محذوف اللام ، فلا يخلو : إما أن تكون لامه مستحقة للرد فى جمعى التصحيح أو فى التثنية ، أولا.

فإن لم تكن مستحقة للرد فيما ذكر جاز لك فى النسب الردّ وتركه ؛ فتقول فى «يد وابن» : «يدوىّ ، وبنوىّ ، وابنىّ ، ويدىّ» كقولهم فى التثنية : «يدان ، وابنان» وفى «يد» علما لمذكر : «يدون».

وإن كانت مستحقة للرد فى جمعى التصحيح أو فى التثنية وجب ردّها فى النسب ؛ فتقول فى «أب ، وأخ ، وأخت» : «أبوىّ ، وأخوىّ» كقولهم : «أبوان ، وأخوان ، وأخوات».

* * *

وبأخ أختا ، وبابن بنتا

ألحق ، ويونس أبى حذف التّا (٢)

__________________

والهاء مضاف إليه «ألف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل نصب خبر يك ، وجملة يك واسمها وخبرها فى محل جزم فعل الشرط ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام ، والتقدير : إن لم يكن رد لامه مألوفا فى التثنية أو الجمع فاجبره برد لامه.

(١) «فى جمعى» جار ومجرور متعلق بقوله «ألف» فى البيت السابق ، وجمعى مضاف و «التصحيح» مضاف إليه ، «أو» عاطفة «فى التثنية» جار ومجرور معطوف على الجار والمجرور السابق «وحق» مبتدأ ، وحق مضاف و «مجبور» مضاف إليه «بهذى» جار ومجرور متعلق بمجبور «توفية» خبر المبتدأ.

(٢) «وبأخ» جار ومجرور متعلق بقوله «ألحق» الآتى «أختا» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «ألحق» الآتى ـ «وبابن» معطوف على قوله بأخ «بنتا» معطوف على قوله «أختا» السابق ، وقد علمت أن العطف على معمولى عامل واحد


مذهب الخليل وسيبويه ـ رحمهما الله تعالى! ـ إلحاق أخت وبنت فى النسب بأخ وابن ؛ فتحذف منهما تاء التأنيث ، ويردّ إليهما المحذوف ؛ فيقال : «أخوىّ ، وبنوى» كما يفعل بأخ وابن ، ومذهب يونس أنه ينسب إليهما على لفظيهما ؛ فتقول : «أختىّ ، وبنتىّ».

* * *

وضاعف الثّانى من ثنائى

ثانيه ذولين كـ «لا ولائى» (١)

إذا نسب إلى ثنائىّ لا ثالث له ، فلا يخلو الثانى : إما أن يكون حرفا صحيحا ، أو حرفا معتلّا.

فإن كان حرفا صحيحا جاز فيه التضعيف وعدمه ؛ فتقول فى كم : «كمىّ ، وكمّىّ».

وإن كان حرفا معتلا وجب تضعيفه : فتقول فى لو : «لوّىّ».

وإن كان الحرف الثانى ألفا ضوعفت وأبدلت الثانية همزة ؛ فتقول فى رجل اسمه لا : «لائىّ» ويجوز قلب الهمزة واوا ؛ فتقول : «لا وىّ».

* * *

__________________

جائز لا غبار عليه «ألحق» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ويونس» مبتدأ ، وهو يونس بن حبيب شيخ سيبويه إمام النحاة «أبى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على يونس ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «حذف» مفعول أبى ، وحذف مضاف ، و «التا» قصر للضرورة : مضاف إليه.

(١) «وضاعف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الثانى» مفعول به لضاعف «من ثنائى» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الثانى «ثانيه» ثانى : مبتدأ ، وثانى مضاف والهاء مضاف إليه «ذو» خبر المبتدأ ، وذو مضاف ، و «لين» مضاف إليه ، والجملة من المبتدأ وخبره فى محل جر صفة لثنائى «كلا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كلا ، ولا هنا قصد لفظه «ولائى» معطوف على لا.


وإن يكن كشية ما الفا عدم

فجبره وفتح عينه التزم (١)

إذا نسب إلى اسم محذوف الفاء ، فلا يخلو : إما أن يكون صحيح اللام ، أو معتلّها.

فإن كان صحيحها لم يردّ إليه المحذوف ؛ فتقول فى «عدة وصفة» : «عدىّ وصفىّ».

وإن كان معتلّها وجب الردّ ، ويجب أيضا ـ عند سيبويه رحمه الله! ـ فتح عينه ؛ فتقول فى شية : «وشوى».

* * *

__________________

(١) «وإن» شرطية «يكن» فعل مضارع ناقص ، فعل الشرط «كشية» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر يكن مقدم «ما» اسم موصول : اسم يكن «الفا» قصر للضرورة : مفعول تقدم على عامله وهو قوله عدم الآتى «عدم» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها صلة الموصول «فجبره» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، جبر : مبتدأ ، وجبر مضاف والهاء مضاف إليه «وفتح» معطوف على جبره ، وفتح مضاف وعين من «عينه» مضاف إليه ، وعين مضاف والهاء مضاف إليه «التزم» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المذكور من جبره وفتح عينه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ وما عطف عليه ، وإنما أفرد الضمير ـ مع أن المبتدأ فى قوة المثنى ـ للتأويل بالمذكور ، ويجوز أن تكون الجملة خبر المبتدأ وحده ، ويكون هناك خبر محذوف ـ مماثل لهذا المذكور ـ للمعطوف ؛ فتكون الواو عطفت جملة على جملة ، والتقدير على هذا الوجه الأخير : فجبره التزم وفتح عينه التزم ، وهذا أولى من جعل المذكور خبرا للمعطوف وحده ، وجعل خبر المعطوف عليه محذوفا ، وذلك لأن الحذف من الأول لدلالة الثانى عليه ضعيف ، بخلاف الحذف من الثانى لدلالة الأول عليه.


والواحد اذكر ناسبا للجمع

إن لم يشابه واحدا بالوضع (١)

إذا نسب إلى جمع باق على جمعيّته جىء بواحده ونسب إليه ، كقولك فى النسب إلى الفرائض : «فرضىّ».

هذا إن لم يكن جاريا مجرى العلم ، فإن جرى مجراه ـ كأنصار ـ نسب إليه على لفظه ؛ فتقول فى أنصار : «أنصارىّ» ، وكذا إن كان علما ؛ فتقول فى أنمار : «أنمارىّ».

* * *

ومع فاعل وفعّال فعل

فى نسب أغنى عن اليا فقبل (٢)

يستغنى غالبا فى النسب عن يائه ببناء الاسم على فاعل ـ بمعنى صاحب كذا ـ نحو «تامر ، ولابن (٣)» أى صاحب تمر وصاحب لبن ، وببنائه على فعّال فى

__________________

(١) «الواحد» مفعول تقدم على عامله وهو قوله اذكر الآتى «اذكر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ناسبا» حال من الضمير المستتر فى قوله اذكر «للجمع» جار ومجرور متعلق بناسبا «إن» شرطية «لم» نافية جازمة «يشابه» فعل مضارع مجزوم بلم ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الجمع «واحدا» مفعول به ليشابه «بالوضع» جار ومجرور متعلق بقوله يشابه ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.

(٢) «ومع» ظرف متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر فى قوله «أغنى» الآتى ، ومع مضاف و «فاعل» مضاف إليه «وفعال» معطوف على فاعل «فعل» مبتدأ «فى نسب» جار ومجرور متعلق بقوله أغنى الآتى «أغنى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «فعل» والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «عن اليا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق بأغنى «فقبل» الفاء عاطفة ، وقبل : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه.

(٣) «قد ورد من ذلك قول الحطيئة :

وغررتنى وزعمت

أنّك لابن فى الصّيف تامر


الحرف غالبا ، كبقّال وبزّار ، وقد يكون فعّال بمعنى صاحب كذا ، وجعل منه قوله تعالى : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) أى : بذى ظلم.

وقد يستغنى ـ عن ياء النسب أيضا ـ بفعل بمعنى صاحب كذا ، نحو : «رجل طعم ولبس» أى : صاحب طعام ولباس ، وأنشد سيبويه رحمه الله تعالى :

(٣٥٦) ـ

لست بليلىّ ، ولكنّى نهر

لا أدلج اللّيل ولكن أبتكر

أى : ولكنى نهارىّ ، أى عامل بالنهار.

* * *

__________________

وقول الآخر :

* إلى عطن رحب المباءة آهل*

والشاهد فيه قوله «آهل» فإنه أراد به أنه منسوب إلى الأهل ، وكأنه قال : ذى أهل ، وليس هو بجار على الفعل ؛ لأنه لو جرى لقال «مأهول» ؛ إذ الفعل المستعمل فى هذا المعنى مبنى للمجهول.

٣٥٦ ـ أنشد سيبويه ـ رحمه لله ـ هذا البيت (ج ٢ ص ٩) ولم ينسبه إلى أحد ، وكذلك لم ينسبه الأعلم الشنتمرى ـ رحمه الله! ـ فى شرح شواهده.

اللغة : «ليلى» معناه منسوب إلى الليل ، ويريد به صاحب عمل فى الليل «نهر» بفتح فكسر ـ أى : صاحب عمل بالنهار ، وهذه الصيغة إحدى الصيغ التى إذا بنى الاسم عليها استغنى عن إضافة ياء مشددة فى آخره للدلالة على النسب «أدلج» أسير من أول الليل ، والادلاج ـ على زنة الافتعال ، بتشديد الدال بعد قلب تاء الافتعال دالا ـ السير فى آخر الليل «أبتكر» أدرك النهار من أوله.

المعنى : يصف الشاعر نفسه بالشجاعة وعدم المبالاة ، ويذكر أنه إذا أراد أن يغير على قوم لم يأت حيهم ليلاوهم نائمون ، ولم يسر إليهم خفية كما يسير اللصوص ، ولكنه يذهب إليهم فى وضح النهار ، ثم بين أنه يختار من أوقات النهار أوله ؛ ليكون رجال الحى موجودين لم يخرجوا لأعمالهم.

الإعراب : «لست» ليس : فعل ماض ناقص ، وتاء المتكلم اسمه «بليلى» الباء زائدة ، ليلى : خبر ليس ، منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال


وغير ما أسلفته مقرّرا

على الّذى ينقل منه اقتصرا (١)

أى : ما جاء من المنسوب مخالفا لما سبق تقريره فهو من شواذّ النسب ، يحفظ ولا يقاس عليه ، كقولهم فى النسب إلى البصرة : «بصرى (٢)» ، وإلى الدّهر : «دهرى (٣)» وإلى مرو «مروزى».

__________________

المحل بحركة حرف الجر الزائد «ولكنى» لكن : حرف استدراك ونصب ، وياء المتكلم اسمه «نهر» خبر لكن «لا» نافية «أدلج» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «الليل» منصوب على الظرفية الزمانية بأدلج «ولكن» حرف استدراك «أبتكر» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.

الشاهد فيه : قوله «نهر» حيث بناه على فعل ـ بفتح فكسر ـ وهو يريد النسب ، فكأنه قال : ولكنى نهارى ، كما قال : لست بليلى ، قال سيبويه : «وقالوا نهر ، وإنما يريدون نهارى ، ويجعلونه بمنزلة عمل وطعم وفيه معنى ذلك» ا ه.

(١) «وغير» مبتدأ ، وغير مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه ، مبنى على السكون فى محل جر «أسلفته» أسلف : فعل ماض ، وتاء المتكلم فاعله ، والهاء مفعوله ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «مقررا» حال من الهاء فى أسلفته «على الذى» جار ومجرور متعلق بقوله «اقتصر» الآتى فى آخر البيت «ينقل» فعل مضارع مبنى للمجهول «منه» جار ومجرور متعلق بينقل ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى ، والجملة لا محل صلة الذى «اقتصر» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى غير الواقع مبتدأ ، والجملة من اقتصر ونائب فاعله فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) المشهور فى «البصرة» فتح الباء ، وقد ورد فى لفظ النسب إليها «بصرى» بكسر الباء ، فعلى هذين يكون لفظ النسب شاذا ، وقد ورد فى «البصرة» كسر الباء وضمها أيضا ، وورد فى لفظ النسب فتح الباء ، فإذا لاحظت ما ورد فى لفظ المنسوب إليه من الفتح أولا ، ولاحظت ما ورد فى المنسوب من الفتح لم يكن شاذا ، ولم يرد فى المنسوب ضم الباء مع ثبوته لغة فى المنسوب إليه ، وكأنهم تركوه لئلا يلتبس بالنسب إلى بصرى بزنة حبلى ، إذا نسب إليه بحذف الألف ؛ فإنك تعلم أن النسب إلى نظيره يجوز فيه حذف الألف ، كما يجوز قلبها واوا ، فيقال «بصروى».

(٣) الدهرى ـ بضم الدال ، والقياس فتح الدال ـ هو الشيخ الفانى.


الوقف

تنوينا اثر فتح اجعل ألفا

وقفا ، وتلو غير فتح احذفا (١)

أى : إذا وقف على الاسم المنون ، فان كان التنوين واقعا بعد فتحة أبدل ألفا ، ويشمل ذلك ما فتحته للإعراب ، نحو «رأيت زيدا» ، وما فتحته لغير الإعراب ، كقولك فى إيها وويها : «إيها ، وويها».

وإن كان التنوين واقعا بعد ضمة أو كسرة حذف وسكن ما قبله ، كقولك فى «جاء زيد» ، و «مررت بزيد» : «جاء زيد» ، و «مررت بزيد».

* * *

واحذف لوقف فى سوى اضطرار

صلة غير الفتح فى الإضمار (٢)

__________________

(١) «تنوينا» مفعول أول لقوله «اجعل» الآتى «إثر» ظرف متعلق باجعل ، وإثر مضاف و «فتح» مضاف إليه «اجعل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ألفا» مفعول ثان لاجعل «وقفا» مفعول لأجله ، أو منصوب بنزع الخافض ، أو حال من فاعل اجعل بتأويل واقف «وتلو» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «احذفا» الآتى ـ وتلو مضاف و «غير» مضاف إليه ، وغير مضاف و «فتح» مضاف إليه «احذفا» فعل أمر ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد المنقلبة ألفا للوقف ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(٢) «واحذف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لوقف فى سوى» جاران ومجروران متعلقان باحذف ، وسوى مضاف و «اضطرار» مضاف إليه «صلة» مفعول به لاحذف ، وصلة مضاف و «غير» مضاف إليه ، وغير مضاف و «الفتح» مضاف إليه «فى الإضمار» جار ومجرور متعلق بصلة.


وأشبهت «إذا» منوّنا نصب

فألفا فى الوقف نونها قلب (١)

إذا وقف على هاء الضمير : فإن كانت مضمومة نحو «رأيته» أو مكسورة نحو «مررت به» حذفت صلتها ، ووقف على الهاء ساكنة ، إلا فى الضرورة ، وإن كانت مفتوحة نحو «هند رأيتها» وقف على الألف ولم تحذف.

وشبهوا «إذا» بالمنصوب المنون ، فأبدلوا نونها ألفا فى الوقف.

* * *

وحذف يا المنقوص ذى التّنوين ـ ما

لم ينصب ـ اولى من ثبوت فاعلما (٢)

وغير ذى التّنوين بالعكس ، وفى

نحو مر لزوم ردّ اليا اقتفى (٣)

__________________

(١) «أشبهت» أشبه : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «إذا» فاعل أشبه «منونا» مفعول به لأشبه «نصب» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى منون ، والجملة فى محل نصب نعت لقوله «منونا» السابق «فألفا» مفعول ثان تقدم على عامله ـ وهو قوله «قلب» الآتى ـ «فى الوقف» جار ومجرور متعلق بقلب «نونها» نون : مبتدأ ، ونون مضاف وها : مضاف إليه «قلب» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ـ وهو المفعول الأول ـ ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نون الواقع مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) «وحذف» مبتدأ ، وحذف مضاف و «يا» قصر للضرورة : مضاف إليه ، ويا مضاف و «المنقوص» مضاف إليه «ذى» نعت للمنقوص ، وذى مضاف و «التنوين» مضاف إليه «ما» مصدرية ظرفية «لم» نافية جازمة «ينصب» فعل مضارع مبنى للمجهول مجزوم بلم ، والفتحة ملقاة على الباء من الهمزة فى قوله أولى ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو «أولى» خبر المبتدأ «من ثبوت» جار ومجرور متعلق بأولى «فاعلما» فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا لأجل الوقف ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(٣) «وغير» مبتدأ ، وغير مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف ، و «التنوين» مضاف إليه «بالعكس» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ


إذا وقف على المنقوص المنوّن ؛ فإن كان منصوبا أبدل من تنوينه ألف ، نحو «رأيت قاضيا» ؛ فإن لم يكن منصوبا فالمختار الوقف عليه بالحذف ، إلا أن يكون محذوف العين أو الفاء ، كما سيأتى ؛ فتقول : «هذا قاض ، ومررت بقاض» ويجوز الوقف عليه بإثبات الياء كقراءة ابن كثير : (ولكل قوم هادى).

فإن كان المنقوص محذوف العين : كمر ـ اسم فاعل من أرى ـ أو الفاء : كيفى ـ علما ـ لم يوقف إلا بإثبات الياء ؛ فتقول : «هذا مرى ، وهذا يفى» وإليه أشار بقوله : «وفى نحو مر لزوم ردّ اليا اقتفى».

فإن كان المنقوص غير منوّن ؛ فإن كان منصوبا ثبتت ياؤه ساكنة ، نحو «رأيت القاضى» وإن كان مرفوعا أو مجرورا جاز إثبات الياء وحذفها ، والإثبات أجود ، نحو «هذا القاضى ، ومررت بالقاضى».

* * *

وغيرها التّأنيث من محرّك

سكّنه ، أوقف رائم التّحرّك (١)

__________________

«وفى نحو» جار ومجرور متعلق بقوله «اقتفى» الآتى ، ونحو مضاف و «مر» مضاف إليه «لزوم» مبتدأ ، ولزوم مضاف و «رد» مضاف إليه ، ورد مضاف و «اليا» قصر للضرورة : مضاف إليه «اقتفى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى لزوم رد الواقع مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(١) «وغير» مفعول بفعل محذوف يفسره قوله «سكنه» الآتى ، وغير مضاف و «ها» قصر للضرورة : مضاف إليه ، وها مضاف ، و «التأنيث» مضاف إليه «من محرك» جار ومجرور متعلق بسكنه «سكنه» سكن : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به «أو» عاطفة «قف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «رائم» حال من فاعل قف ، ورائم مضاف و «التحرك» مضاف إليه.


أو أشمم الضمّة ، أوقف مضعفا

ما ليس همزا أو عليلا ، إن قفا (١)

محرّكا ، وحركات انقلا

لساكن تحريكه لن يحظلا (٢)

إذا أريد الوقف على الاسم المحرّك الآخر ، فلا يخلو آخره من أن يكون هاء التأنيث ، أو غيرها.

فإن كان [آخره] هاء التأنيث وجب الوقف عليها بالسكون ، كقولك فى «هذه فاطمة أفبلت» : «هذه فاطمه».

__________________

(١) «أو» عاطفة «أشمم» فعل أمر معطوف على «قف» فى البيت السابق ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الضمة» مفعول به لأشمم «أو» عاطفة «قف» فعل أمر معطوف على أشمم ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «مضعفا» حال من الضمير المستتر فى «قف» وفيه ضمير مستتر فاعل «ما» اسم موصول : مفعول به لقوله «مضعفا» «ليس» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة «همزا» خبر ليس ، والجملة من ليس واسمه وخبره لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «أو» عاطفة «عليلا» معطوف على قوله «همزا» «إن» شرطية «قفا» فعل ماض فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما ليس همزا ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.

(٢) «محركا» مفعول به لقوله «قفا» فى البيت السابق «وحركات» مفعول تقدم عامله ـ وهو قوله «انقلا» الآتى ـ «انقلا» فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا لأجل الوقف ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لساكن» جار ومجرور متعلق بقوله انقلا «تحريكه» تحريك : مبتدأ ، وتحريك مضاف والهاء مضاف إليه «لن» حرف نفى ونصب واستقبال «يحظلا» فعل مضارع مبنى للمجهول ، منصوب بلن ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تحريكه ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل جر صفة لساكن.


وإن كان [آخره] غبر هاء التأنيث ففى الوقف عليه خمسة أوجه : التسكين ، والرّوم ، والإشمام ، والتضعيف ، والنّقل.

فالرّوم : عبارة عن الإشارة إلى الحركة بصوت خفىّ.

والإشمام : عبارة عن ضمّ الشفتين بعد تسكين الحرف الأخير ، ولا يكون إلا فيما حركته ضمة.

وشرط الوقف بالتضعيف أن لا يكون الأخير همزة كخطأ ، ولا معتلّا كفتى ، وأن يلى حركة ، كالجمل ؛ فتقول فى الوقف عليه : الجمل ـ بتشديد اللام ـ فإن كان ما قبل الأخير ساكنا امتنع التضعيف ، كالحمل.

والوقف بالنقل عبارة عن : تسكين الحرف الأخير ، ونقل حركته إلى الحرف الذى قبله ، وشرطه : أن يكون ما قبل الآخر ساكنا ، قابلا للحركة ، نحو «هذا الضّرب ، ورأيت الضّرب ، ومررت بالضّرب».

فإن كان ما قبل الآخر محركا لم يوقف بالنقل كجعفر.

وكذا إن كان ساكنا لا يقبل الحركة كالألف ، نحو : باب [وإنسان].

* * *

ونقل فتح من سوى المهموز لا

يراه بصرىّ ، وكوف نقلا (١)

__________________

(١) «ونقل» مبتدأ ، ونقل مضاف و «فتح» مضاف إليه «من سوى» جار ومجرور متعلق بنقل ، وسوى مضاف و «المهموز» مضاف إليه «لا» نافية «يراه» يرى : فعل مضارع ، والهاء مفعول به «بصرى» فاعل يرى ، وجملة الفعل المنفى وفاعله ومفعوله فى محل رفع خبر المبتدأ «وكوف» بحذف ياء النسب للضرورة : مبتدأ «نقلا» نقل : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى كوفى ، والألف للاطلاق ، والجملة من الفعل الماضى وفاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ.


مذهب الكوفيين أنه يجوز الوقف بالنقل : سواء كانت الحركة فتحة ، أو ضمة ، أو كسرة ، وسواء كان الأخير مهموزا ، أو غير مهموز ؛ فتقول عندهم : «هذا الضّرب ، ورأيت الضّرب ، ومررت بالضّرب» فى الوقف على «الضّرب» ، و «هذا الرّدء (١) ، ورأيت الرّدء ، ومررت بالرّدء» فى الوقف على «الرّدء».

ومذهب البصريين أنه لا يجوز النقل إذا كانت الحركة فتحة إلا إذا كان الآخر مهموزا ؛ فيجوز عندهم «رأيت الرّدء» ويمتنع «[رأيت] الضّرب».

ومذهب الكوفيين أولى ؛ لأنهم نقلوه عن العرب.

* * *

والنّقل إن يعدم نظير ممتنع

وذاك فى المهموز ليس يمتنع (٢)

يعنى أنه متى أدّى النقل إلى أن تصير الكلمة على بناء غير موجود فى كلامهم امتنع ذلك ، إلا إن كان الآخر همزة فيجوز ؛ فعلى هذا يمتنع «هذا العلم»

__________________

(١) الردء ـ بكسر الراء وسكون الدال ، وآخره همزة ـ هو المعين فى المهمات ، ومنه قوله تعالى : (فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي ، إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ).

(٢) «والنقل» مبتدأ «إن» شرطية «يعدم» فعل مضارع ، مبنى للمجهول ، فعل الشرط «نظير» نائب فاعل يعدم ، وجواب الشرط محذوف ، والتقدير : إن يعدم نظير فالنقل ممتنع ، وجملة الشرط وجوابه لا محل لها من الإعراب معترضة بين المبتدأ وخبره «ممتنع» خبر المبتدأ «وذاك» اسم إشارة مبتدأ «فى المهموز» جار ومجرور متعلق بقوله «يمتنع» الآتى «ليس» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ذاك الواقع مبتدأ «يمتنع» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم ليس ، والجملة فى محل نصب خبر ليس ، والجملة من ليس واسمها وخبرها فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو اسم الإشارة.


فى الوقف على «العلم» لأن فعلا مفقود فى كلامهم ، ويجوز «هذا الرّدء» لأن الآخر همزة.

* * *

فى الوقف تا تأنيث الاسم ها جعل

إن لم يكن بساكن صحّ وصل (١)

وقلّ ذا فى جمع تصحيح ، وما

ضاهى ، وغير ذين بالعكس انتمى (٢)

إذا وقف على ما فيه تاء التأنيث ؛ فإن كان فعلا وقف عليه بالتاء ، نحو «هند قامت» وإن كان اسما فإن كان مفردا فلا يخلو : إما أن يكون ما قبلها ساكنا

__________________

(١) «فى الوقف» جار ومجرور متعلق بقوله «جعل» الآتى «تا» قصر للضرورة : مبتدأ ، وتا مضاف و «تأنيث» مضاف إليه ، وتأنيث مضاف و «الاسم» مضاف إليه «ها» بالقصر ضرورة : مفعول ثان لجعل تقدم عليه «جعل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ـ وهو المفعول الأول ـ ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تاء التأنيث ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «إن» شرطية «لم» نافية جازمة «يكن» فعل مضارع ناقص ، مجزوم بلم ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تاء التأنيث «بساكن» جار ومجرور متعلق بقوله «وصل» الآتى «صح» فعل ماض ، وفيه ضمير مستتر فاعل ، والجملة فى محل جر صفة لساكن «وصل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والجملة فى محل نصب خبر يكن ، وجملة يكن ومعموليه فعل الشرط ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.

(٢) «وقل» فعل ماض «ذا» اسم إشارة : فاعل قل «فى جمع» جار ومجرور متعلق بقل ، وجمع مضاف و «تصحيح» مضاف إليه «وما» اسم موصول : معطوف على جمع تصحيح «ضاهى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «وغير» مبتدأ ، وغير مضاف و «ذين» مضاف إليه «بالعكس» جار ومجرور متعلق بقوله انتمى «انتمى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى غير الواقع مبتدأ ، والجملة من انتمى وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ.


صحيحا ، أولا ؛ فإن كان ما قبلها ساكنا صحيحا وقف عليه بالتاء ، نحو «بنت ، وأخت» ، وإن كان غير ذلك وقف عليه بالهاء ، نحو «فاطمه ، وحمزه ، وفتاه» وإن كان جمعا أو شبهه وقف عليه بالتاء ، نحو «هندات ، وهيهات» وقلّ الوقف على المفرد بالتاء ، نحو «فاطمت» وعلى جمع التصحيح وشبهه بالهاء ، نحو «هنداه ، وهيهاه».

* * *

وقف بها السّكت على الفعل المعلّ

بحذف آخر كأعط من سأل (١)

وليس حتما فى سوى ما كع أو

كيع مجزوما ؛ فراع ما رعوا (٢)

__________________

(١) «وقف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بها» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق بقف ، وها مضاف و «السكت» مضاف إليه «على الفعل» جار ومجرور متعلق بقف «المعل» صفة للفعل «بحذف» جار ومجرور متعلق بقوله «المعل» وحذف مضاف و «آخر» مضاف إليه «كأعط» الكاف جارة لقول محذوف ، أعط : فعل أمر ، مبنى على حذف الياء والكسرة فى آخره دليل عليها ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقدير أنت «من» اسم موصول : مفعول به لأعط «سأل» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الموصولة ، والجملة من سأل وفاعله لا محل لها صلة الموصول ، وجملة فعل الأمر وفاعله ومفعوله فى محل نصب مقول القول المحذوف.

(٢) «وليس» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى لحاق هاء السكت «حتما» خبر ليس «فى سوى» جار ومجرور متعلق بحتم ، وسوى مضاف و «ما» اسم موصول مضاف إليه «كع» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول «أو» حرف عطف «كيع» معطوف على الجار والمجرور السابق «مجزوما» حال من المجرور الثانى «فراع» راع : فعل أمر مبنى على حذف الياء ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول : مفعول به لراع «رعوا» رعى : فعل ماض ، وواو الجماعة فاعله ، والجملة لا محل لها صلة الموصول ، والعائد ضمير منصوب المحل محذوف ، والتقدير : راع الذى رعوه.


ويجوز الوقف بهاء السكت على كل فعل حذف آخره : للجزم ، أو الوقف ، كقولك فى لم يعط : «لم يعطه» وفى أعط : «أعطه» ولا يلزم ذلك إلا إذا كان الفعل الذى حذف آخره قد بقى على حرف واحد ، أو على حرفين أحدهما زائد ؛ فالأول كقولك فى «ع» و «ق» : «عه ، وقه» والثانى كقولك فى «لم يع» و «لم يق» : «لم يعه ، ولم يقه» (١).

* * *

وما فى الاستفهام إن جرّت حذف

ألفها ، وأولها الها إن تقف (٢)

وليس حتما فى سوى ما انخفضا

باسم ، كقولك «اقتضاءم اقتضى» (٣)

__________________

(١) قد رد ابن هشام ما ذكره الناظم ، وتبعه عليه الشارح هنا ـ من أنه يجب لحاق هاء السكت فى الوقف على نحو «لم يع ، ولم يف» ـ ورد ذلك بإجماع القراء على عدم ذكر الهاء فى الوقف على قوله تعالى (وَلَمْ أَكُ) وقوله سبحانه (وَمَنْ تَقِ) والقراءة مع كونها سنة متبعة لا تخالف العربية ، ولا تأتى على وجه يمتنع عربية.

(٢) «وما» مبتدأ خبره الجملة الشرطية التالية «فى الاستفهام» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لما «إن» شرطية «جرت» جر : فعل ماض مبنى للمجهول ، فعل الشرط ، والتاء للتأنيث ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود على ما الاستفهامية «حذف» فعل ماض مبنى للمجهول ، جواب الشرط «ألفها» ألف : نائب فاعل لحذف ، وألف مضاف وها : مضاف إليه «وأولها» أول : فعل أمر مبنى على حذف الياء ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وها : مفعول أول لأول «الها» قصر للضرورة : مفعول ثان لأول «إن» شرطية «تقف» فعل مضارع فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام ، والتقدير : إن تقف فأولها الهاء.

(٣) «وليس» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على إيلاء ما الاستفهامية الهاء فى الوقف «حتما» خبر ليس «فى سوى» جار ومجرور متعلق بقوله «حتما» وسوى مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «انخفضا»


إذا دخل على «ما» الاستفهامية جارّ وجب حذف ألفها ، نحو «عمّ تسأل؟» و «بم جئت؟» و «اقتضاء م اقتضى زيد» وإذا وقف عليها بعد دخول الجار ؛ فإما أن يكون الجار لها حرفا ، أو اسما ؛ فإن كان حرفا جاز إلحاق هاء السّكت ، نحو «عمّه» و «فيمه» وإن كان اسما وجب إلحاقها ، نحو «اقتضاء مه» و «مجىء مه».

* * *

ووصل ذى الهاء أجز بكلّ ما

حرّك تحريك بناء لزما (١)

ووصلها بغير تحريك بنا

أديم شذّ ، فى المدام استحسنا (٢)

__________________

فعل ماض ، والألف للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة «باسم» جار ومجرور متعلق بانخفض «كقولك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف «اقتضاء» مفعول مطلق تقدم على عامله وجوبا لإضافته إلى اسم الاستفهام الذى له صدر الكلام ، واقتضاء مضاف و «م» اسم استفهام مضاف إليه «اقتضى» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(١) «ووصل» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «أجز» الآتى ـ ووصل مضاف و «ذى» اسم إشارة : مضاف إليه «الهاء» بدل من اسم الإشارة أو عطف بيان عليه ، أو نعت له «أجز» فعل أمر ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بكل» جار ومجرور متعلق بقوله أجز ، أو بوصل ، وكل مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «حرك» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «تحريك» مفعول مطلق مبين للنوع ، وتحريك مضاف و «بناء» مضاف إليه «لزما» لزم : فعل ماض ، والألف للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بناء ، والجملة فى محل جر صفة لبناء.

(٢) «ووصلها» وصل : مبتدأ ، ووصل مضاف وها : مضاف إليه ، «بغير» جار ومجرور متعلق بوصل ، وغير مضاف و «تحريك» مضاف إليه ، وتحريك


يجوز الوقف بهاء السّكت على كل متحرك بحركة بناء ، لازمة ، لا تشبه حركة إعراب ، كقولك فى «كيف» : «كيفه» ولا يوقف بها على ما حركته إعرابيّة ، نحو «جاء زيد» ولا على ما حركته مشبهة للحركة الإعرابية ، كحركة الفعل الماضى ، ولا على ما حركته البنائية غير لازمة ، نحو «قبل» و «بعد» والمنادى المفرد ، نحو «يا زيد ، ويا رجل» واسم «لا» التى لنفى الجنس ، نحو «لا رجل» وشذّ وصلها بما حركته البنائية غير لازمة ، كقولهم فى «من عل» : «من عله» (١) ، واستحسن إلحاقها بما حركته دائمة لازمة.

* * *

وربّما أعطى لفظ الوصل ما

للوقف نثرا ، وفشا منتظما (٢)

__________________

مضاف و «بنا» قصر للضرورة : مضاف إليه «أديم» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تحريك بناء ، والجملة فى محل جر صفة لتحريك بناء «شذ» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى وصلها الواقع مبتدأ ، والجملة من شذ وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ «فى المدام» جار ومجرور متعلق بقوله «استحسن» الآتى «استحسن» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، وهذه الجملة معطوفة على جملة الخبر بعاطف مقدر ، أى : واستحسن فى المدام.

(١) وذلك كما فى قول الراجز :

يا ربّ يوم لى لا أظلّله

أرمض من تحت وأضحى من عله

(٢) «وربما» رب : حرف تقليل ، وما : كافة «أعطى» فعل ماض مبنى للمجهول «لفظ» نائب فاعل لأعطى ، وهو المفعول الأول ، ولفظ مضاف و «الوصل» مضاف إليه «ما» اسم موصول : مفعول ثان لأعطى «للوقف» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول «نثرا» منصوب على نزع الخافض ، أو حال على التأويل ، أى : ذا نثر ، أى : واقعا فى نثر «وفشا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى إعطاء الوصل ما للوقف «منتظما» حال من فاعل فشا.


قد يعطى الوصل حكم الوقف ، وذلك كثير فى النظم ، قليل فى النثر ، ومنه فى النثر قوله تعالى : (لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ) ومن النظم قوله :

(٣٥٧) ـ

* مثل الحريق وافق القصبّا*

فضعف الباء وهى موصولة بحرف الإطلاق [وهو الألف].

* * *

__________________

(٣٥٧) ـ هذا بيت من الرجز المشطور ، نسب فى كتاب سيبويه إلى رؤبة بن العجاج بن رؤبة ، ونسبه أبو حاتم فى كتاب الطير إلى أعرابى ـ ولم يسمه ـ ونسبه الجرمى إلى ربيعة بن صبيح ، وقبل هذا البيت قوله :

* كأنّه السّيل إذا اسلحبّا*

ويروى أول بيت الشاهد : أو كالحريق ـ إلخ.

اللغة : «كأنه» الضمير يعود إلى الجدب الذى خشيه الراجز وتوقعه فى أول هذه الكلمة ، فى قوله :

لقد خشيت أن أرى جدبّا

فى عامنا ذا بعد ما أخصبّا

«اسلحبا» أى : امتد وانبطح ، ويريد بذلك أنه يملأ البطاح ، ويعم الأودية «الحريق» أراد به النار «القصبا» هو كل نبات يكون ساقه أنابيب وكعوبا.

الإعراب : «مثل» بالرفع : خبر مبتدأ محذوف ، أى : هو مثل ، ومثل مضاف و «الحريق» مضاف إليه «وافق» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الحريق ، والجملة من الفعل والفاعل فى محل نصب حال من الحريق «القصبا» مفعول به لوافق.

الشاهد فيه : قوله «القصبا» حيث ضعف الباء مع كونها موصولة بألف الإطلاق.


الإمالة

الألف المبدل من «يا» فى طرف

أمل ، كذا الواقع منه اليا خلف (١)

دون مزيد ، أو شذوذ ، ولما

تليه ها التّأنيث ما الها عدما (٢)

الإمالة : عبارة عن أن ينحى بالفتحة نحو الكسرة ، وبالألف نحو الياء (٣).

__________________

(١) «الألف» مفعول مقدم على عامله ـ وهو قوله «أمل» الآتى ـ «المبدل» نعت للألف «من يا» جار ومجرور متعلق بالمبدل «فى طرف» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لياء «أمل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «الواقع» مبتدأ مؤخر «منه» جار ومجرور متعلق بقوله الواقع «اليا» قصر للضرورة : فاعل للواقع «خلف» حال من الياء ، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة.

(٢) «دون» ظرف متعلق بخلف أو بالواقع فى البيت السابق ، ودون مضاف و «مزيد» مضاف إليه «أو» عاطفة «شذوذ» معطوف على مزيد «ولما» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «تليه» تلى : فعل مضارع ، والهاء مفعول به «ها» قصر للضرورة : فاعل تلى ، وها مضاف و «التأنيث» مضاف إليه ، والجملة من الفعل وفاعله ومفعوله لا محل لها صلة «ما» المجرورة محلا باللام «ما» اسم موصول : مبتدأ مؤخر «الها» قصر للضرورة : مفعول مقدم على عامله ـ وهو قوله عدم الآتى ـ «عدما» عدم : فعل ماض ، والألف للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول.

(٣) الغرض من الإمالة أحد أمرين ؛ أولهما : تناسب الأصوات وتقاربها ، وبيان ذلك أن النطق بالياء والكسرة مستقل منحدر ، والنطق بالفتحة والألف مستعل متصعد ، وبالإمالة تصير الألف من نمط الياء فى الانحدار والتسفل ، وثانيهما : التنبيه على أصل أو غيره.

وحكم الإمالة الجواز ؛ فمهما وجدت أسباب الإمالة فإن تركها جائز ، والأسباب التى سيذكرها الناظم والشارح أسباب للجواز ، لا للوجوب.

والإمالة لغة تميم ومن جاورهم ، والحجازيون لا يميلون إلا قليلا.


وتمال الألف إذا كانت طرفا : بدلا من ياء ، أو صائرة إلى الياء ، دون زيادة أو شذوذ ؛ فالأول كألف «رمى ، ومرمى» والثانى كألف «ملهى» فإنها تصير ياء فى التثنية نحو «ملهيان».

واحترز بقوله : «دون مزيد أو شذوذ» مما يصير ياء بسبب زيادة ياء التصغير ، نحو «قفىّ» أو فى لغة شاذة ، كقول هذيل فى «قفا» إذا أضيف إلى ياء المتكلم «قفىّ».

وأشار بقوله : «ولما تليه ها التأنيث ما الها عدما» إلى أن الألف التى وجد فيها سبب الإمالة تمال ، وإن وليتها هاء التأنيث كفتاة.

* * *

وهكذا بدل عين الفعل إن

يؤل إلى فلت ، كماضى خف ودن (١)

أى : كما تمال الألف المتطرفة كما سبق تمال الألف الواقعة بدلا من عين فعل يصير عند إسناده إلى تاء الضمير على وزن فلت [بكسر الفاء] : سواء كانت العين واوا كخاف ، أو ياء كباع وكدان ؛ فيجوز إمالتها كقولك : «خفت ، ودنت ، [وبعت]».

__________________

(١) «وهكذا» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «بدل» مبتدأ مؤخر وبدل مضاف و «عين» مضاف إليه ، وعين مضاف و «الفعل» مضاف إليه «إن» شرطية «يؤل» فعل مضارع فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الفعل «إلى فلت» جار ومجرور متعلق بقوله يؤل «كماضى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، أى وذلك كائن كماضى ، وماضى مضاف و «خف» قصد لفظه : مضاف إليه «ودن» معطوف على خف ، وقد قصد لفظه أيضا.


فإن كان الفعل يصير عند إسناده إلى التاء على وزن فلت ـ بضم الفاء ـ امتنعت الإمالة ، نحو «قال ، وجال» فلا تملها ، كقولك : قلت ، وجلت.

* * *

كذاك تالى الياء ، والفصل اغتفر

بحرف او مع ها كـ «جيبها أدر» (١)

كذاك تمال الألف الواقعة بعد الياء : متصلة بها نحو بيان ، أو منفصلة بحرف نحو يسار ، أو بحرفين أحدهما هاء نحو : أدر جيبها ؛ فإن لم يكن أحدهما هاء امتنعت الإمالة ؛ لبعد الألف عن الياء ، نحو بيننا ، والله أعلم.

* * *

كذاك ما يليه كسر ، أو يلى

تالى كسر أو سكون قد ولى (٢)

__________________

(١) «كذاك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «تالى» مبتدأ مؤخر ، وتالى مضاف و «اليا» مضاف إليه «والفصل» مبتدأ «اغتفر» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الفصل ، والجملة من اغتفر ونائب فاعله فى محل رفع خبر المبتدأ «بحرف» جار ومجرور متعلق بالفصل «أو» عاطفة «مع» معطوف على محذوف ، ومع مضاف و «ها» قصر للضرورة : مضاف إليه «كجيبها» الكاف جارة لقول محذوف ، جيب : مفعول مقدم لأدر ، وجيب مضاف وها : مضاف إليه «أدر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(٢) «كذاك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «ما» اسم موصول : مبتدأ مؤخر «يليه» يلى : فعل مضارع ، والهاء مفعول به «كسر» فاعل يلى ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة «أو» عاطفة «يلى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة «تالى» مفعول به ليلى ، وتالى مضاف و «كسر» مضاف إليه ، والجملة لا محل لها معطوفة على جملة الصلة «أو» عاطفة «سكون» معطوف على كسر «قد» حرف تحقيق «ولى» فعل ماض ،


كسرا ، وفصل الها كلا فصل يعدّ

فـ «درهماك» من يمله لم يصد (١)

أى : كذلك تمال الألف إذا وليتها كسرة ، نحو عالم ، أو وقعت بعد حرف يلى كسرة ، نحو كتاب ، أو بعد حرفين وليا كسرة أوّلهما ساكن ، نحو شملال ، أو كلاهما متحرك ولكن أحدهما هاء ، نحو يريد أن يضربها ، وكذلك يمال ما فصل فيه الهاء بين الحرفين اللذين وقعا بعد الكسرة أولهما ساكن ، نحو «هذان درهماك» والله أعلم.

* * *

وحرف الاستعلا يكفّ مظهرا

من كسر او يا ، وكذا تكفّ را (٢)

__________________

وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى سكون ، والجملة فى محل جر صفة لسكون.

(١) «كسرا» مفعول به لقوله «ولى» فى آخر البيت السابق «وفصل» مبتدأ ، وفصل مضاف و «الها» قصر للضرورة : مضاف إليه «كلا فصل» جار ومجرور متعلق بقوله «يعد» الآتى «يعد» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فصل الهاء الواقع مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «فدرهماك» الفاء للتفريع ، ودرهما : مبتدأ أول ، ودرهما مضاف والكاف مضاف إليه «من» اسم شرط : مبتدأ ثان «يمله» يمل : فعل مضارع فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الشرطية ، والهاء مفعول به ليمل «لم» نافية جازمة «يصد» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط ، وجملتا الشرط والجواب فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو اسم الشرط ، وجملة المبتدأ الذى هو اسم الشرط وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول الذى هو قوله درهماك.

(٢) «وحرف» مبتدأ ، وحرف مضاف و «الاستعلا» مضاف إليه «يكف» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حرف الاستعلاء ، والجملة من يكف وفاعله ومفعوله فى محل رفع خبر المبتدأ «مظهرا» مفعول به ليكف «من كسر» بيان


إن كان ما يكفّ بعد متّصل

أو بعد حرف أو بحرفين فصل (١)

كذا إذا قدّم ما لم ينكسر

أو يسكن اثر الكسر كالمطواع مر (٢)

حروف الاستعلاء سبعة ، وهى : الخاء ، والصاد ، والضاد ، والطاء ، والظاء ، والعين ، والقاف ، وكل واحد منها يمنع الإمالة ، إذا كان سببها كسرة ظاهرة ، أو ياء موجودة ، ووقع بعد الألف متصلا بها ، كساخط ، وحاصل ، أو مفصولا بحرف كنافخ وناعق ، أو حرفين كمناشيط ومواثيق.

__________________

لقوله مظهراً ، أو متعلق به ، أو متعلق بيكف «أو» عاطفة «يا» قصر للضرورة : معطوف علي كسر «وكذا» جار ومجرور متعلق بتكف الآتي «تكف» فعل مضارع «را» قصر للضرورة : فاعل تكف.

(١) «إن» شرطية «كان» فعل ماض ناقص ، فعل الشرط «ما» اسم موصول : اسم كان ، وجملة «يكف» صلته «بعد» ظرف متعلق بمحذوف حال من اسم كان «متصل» خبر كان ، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة «أو» عاطفة «بعد» معطوف على بعد الأول ، وبعد مضاف و «حرف» مضاف إليه «أو» عاطفة «بحرفين» جار ومجرور متعلق بقوله «فصل» الآتى «فصل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه.

(٢) «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف يدل عليه ما قبله ، أى : يمال كذا «إذا» ظرف مضاف إلى جملة «قدم» الآتى ، وهو خال من معنى الشرط ، ومتعلقه هو متعلق الجار قبله «قدم» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المانع «ما» مصدرية ظرفية «لم» نافية جازمة «ينكسر» فعل مضارع مجزوم بلم ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المانع «أو» عاطفة «يسكن» فعل مضارع معطوف على ينكسر «إثر» ظرف متعلق بقوله يسكن ، وإثر مضاف و «الكسر» مضاف إليه «كالمطواع» الكاف جارة لقول محذوف ، المطواع : مفعول تقدم على عامله «مر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وهو ـ بكسر الميم ـ أمر من ماره يميره ، أى أطعمه ، والميرة : الطعام.


وحكم حرف الاستعلاء فى منع الإمالة يعطى للراء التى هى غير مكسورة ـ وهى المضمومة ، نحو هذا عذار ، والمفتوحة ، نحو هذان عذاران ـ بخلاف المكسورة على ما سيأتى ، إن شاء الله تعالى.

وأشار بقوله : «كذا إذا قدّم ـ البيت» إلى أنّ حرف الاستعلاء المتقدم يكفّ سبب الإمالة ، ما لم يكن مكسورا ، أو ساكنا إثر كسرة ؛ فلا يمال نحو صالح ، وظالم ، وقاتل ، ويمال نحو طلاب ، وغلاب ، وإصلاح.

* * *

وكفّ مستعل ورا ينكفّ

بكسر را كغارما لا أجفو (١)

يعنى أنه إذا اجتمع حرف الاستعلاء ، أو الراء التى ليست مكسورة ، مع المكسورة غلبتهما المكسورة وأميلت الألف لأجلها ؛ فيمال نحو «على أبصارهم ، ودار القرار».

وفهم منه جواز إمالة نحو «حمارك» ؛ لأنه إذا كانت الألف تمال لأجل الراء المكسورة مع وجود المقتضى لترك الإمالة ـ وهو حرف الاستعلاء ، أو الراء التى ليست مكسورة ـ فإمالتها مع عدم المقتضى لتركها أولى وأحرى.

* * *

__________________

(١) «وكف» مبتدأ ، وكف مضاف و «مستعل» مضاف إليه «ورا» قصر للضرورة : معطوف على مستعل «ينكف» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى كف مستعل ، والجملة من ينكف وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ «بكسر» جار ومجرور متعلق بقوله ينكف ، وكسر مضاف و «را» مضاف إليه «كغارما» الكاف جارة لقول محذوف ، غارما : مفعول مقدم لقوله أجفو الآتى «لا» نافية «أجفو» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.


ولا تمل لسبب لم يتّصل

والكفّ قد يوجبه ما ينفصل (١)

إذا انفصل سبب الإمالة لم يؤثّر ، بخلاف سبب المنع ؛ فإنه قد يؤثر منفصلا ؛ فلا يمال «أتى قاسم» بخلاف «أتى أحمد».

* * *

وقد أمالوا لتناسب بلا

داع سواه ، كعمادا ، وتلا (٢)

قد تمال الألف الخالية من سبب الإمالة ؛ لمناسبة ألف قبلها ، مشتملة على سبب الإمالة ، كإمالة الألف الثانية من نحو «عمادا» لمناسبة الألف الممالة قبلها ، وكإمالة ألف «تلا» كذلك.

* * *

__________________

(١) «ولا» ناهية «تمل» فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لسبب» جار ومجرور متعلق بتمل «لم» نافية جازمة «يتصل» فعل مضارع مجزوم بلم ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود سبب ، والجملة من يتصل المجزوم بلم فاعله فى محل جر صفة لسبب «والكف» مبتدأ «قد» حرف تقليل «يوجبه» يوجب : فعل مضارع ، والهاء مفعول به ليوجب «ما» اسم موصول : فاعل يوجب ، والجملة من يوجب وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ «ينفصل» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الاسم الموصول.

(٢) «قد» حرف تحقيق «أمالوا» فعل وفاعل «لتناسب ، بلا داع» جاران ومجروران يتعلقان بقوله أمالوا «سواه» سوى : نعت لداع ، وسوى مضاف والهاء مضاف إليه «كعمادا» الكاف جارة لقول محذوف ، عمادا : مقول لذلك القول المحذوف على إرادة لفظه «وتلا» قصد لفظه : معطوف على قوله عمادا.


ولا تمل ما لم ينل تمكّنا

دون سماع غير «ها» وغير «نا» (١)

الإمالة من خواصّ الأسماء المتمكّنة ؛ فلا يمال غير المتمكن إلا سماعا ، إلا «ها» و «نا» ؛ فإنهما يمالان قياسا مطّردا ، نحو «يريد أن يضربها» و «مرّ بنا» (٢).

* * *

والفتح قبل كسر راء فى طرف

أمل ، كـ «للأيسر مل تكف الكلف» (٣)

__________________

(١) «لا» ناهية «تمل» فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول : مفعول به لتمل «لم» نافية جازمة «ينل» فعل مضارع مجزوم بلم ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة هو فاعله ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «تمكنا» مفعول به لينل «دون» ظرف متعلق بتمل ، ودون مضاف ، و «سماع» مضاف إليه ، «غير» منصوب على الحال ، وقيل : منصوب على الاستثناء ، وغير مضاف و «ها» مضاف إليه ، وقد أراد لفظ ضمير المؤنثة الغائبة «وغير» معطوف على غير السابق ، وغير مضاف ، و «نا» ضمير المتكلم المعظم نفسه أو مع غيره : مضاف إليه ، وقد قصد لفظه أيضا.

(٢) قد أمالوا من الأسماء غير المتمكنة «ذا» الإشارية ، و «متى» و «أنى» و «ها» و «نا» وأمالوا من الحروف «بلى» و «يا» فى النداء ، و «لا» الجوابية وفى نحو قولهم «افعل هذا إمالا» قال قطرب : ولا يمال غير ذلك من الحروف ؛ إلا أن يسمى بحرف ويوجد فيه مع ذلك سبب الإمالة ، فلو سميت إنسانا بحتى أملتها ، لأن ألفها تصير ياء فى التثنية لكونها رابعة ، وإذا سميت بإلى لم تمل ؛ لأن ألفها تصير واوا فى التثنية ، لكون ذى الواو فى الثلاثى أكثر من ذى الياء.

(٣) «والفتح» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «أمل» الآتى ـ «قبل» ظرف متعلق بأمل ، وقبل مضاف و «كسر» مضاف إليه ، وكسر مضاف و «راء» مضاف إليه «فى طرف» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لراء «أمل» فعل أمر ،


كذا الّذى تليه «ها» التّأنيث فى

وقف إذا ما كان غير ألف (١)

أى : تمال الفتحة قبل الراء المكسورة : وصلا ، ووقفا ، نحو «بشرر» و «للايسر مل» وكذلك يمال ما وليه هاء التأنيث من [نحو] «قيّمه ، ونعمه».

* * *

__________________

وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «كللأيسر» الكاف جارة لقول محذوف للأيسر : جار ومجرور متعلق بقوله «مل» الآتى «مل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «تكف» فعل مضارع مبنى للمجهول مجزوم فى جواب الأمر ، ونائب الفاعل ـ وهو المفعول الأول ـ ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الكلف» مفعول ثان لتكف.

(١) «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «الذى» اسم موصول : مبتدأ مؤخر «تليه» تلى : فعل مضارع ، والهاء مفعول به «ها» قصر للضرورة : فاعل تلى ، وهاء مضاف و «التأنيث» مضاف إليه ، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها صلة الموصول «فى وقف» جار ومجرور متعلق بتليه «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «ما» زائدة «كان» فعل ماض ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى تليه ها التأنيث «غير» خبر كان ، وغير مضاف و «ألف» مضاف إليه.

* * *


التّصريف

حرف وشبهه من الصّرف برى

وما سواهما بتصريف حرى (١)

التصريف عبارة عن : علم يبحث فيه عن أحكام بنية الكلمة العربية ، وما لحروفها من أصالة وزيادة ، وصحة وإعلال ، وشبه ذلك.

ولا يتعلق إلا بالأسماء المتمكنة والأفعال (٢) ؛ فأما الحروف وشبهها فلا تعلّق لعلم التصريف بها.

* * *

وليس أدنى من ثلاثىّ يرى

قابل تصريف سوى ما غيّرا (٣)

__________________

(١) «حرف» مبتدأ «وشبهه» الواو عاطفة ، وشبه : معطوف على حرف ، وشبه مضاف والهاء مضاف إليه «من الصرف» جار ومجرور متعلق بقوله برى الآتى «برى» خبر المبتدأ وما عطف عليه ، وزنة فعيل يخبر بها عن الواحد والمتعدد «وما» اسم موصول مبتدأ «سواهما» سوى : ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول ، وسوى مضاف والضمير مضاف إليه «بتصريف» جار ومجرور متعلق بقوله حرى الآتى «حرى» خبر المبتدأ.

(٢) المراد بالأفعال هنا المتصرفة ، لا مطلقا ، والتصريف أصل فى الأفعال لكثرة تغيرها وظهور الاشتقاق فيها ، بخلاف الأسماء.

(٣) «وليس» فعل ماض ناقص «أدنى» اسم ليس ، وخبرها جملة يرى ومعمولاته «من ثلاثى» جار ومجرور متعلق بأدنى «يرى» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ـ وهو المفعول الأول ـ ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى أدنى ، والجملة فى محل نصب خبر ليس كما قلنا «قابل» مفعول ثان ليرى ، وقابل مضاف و «تصريف» مضاف إليه «سوى» أداة استثناء ، وسوى مضاف و «ما» نكرة موصوفة أو اسم موصول : مضاف إليه «غيرا» غير : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب


يعنى أنه لا يقبل التصريف من الأسماء والأفعال ما كان على حرف واحد أو على حرفين ، إلا إن كان محذوفا منه ؛ فأقلّ ما تبنى عليه الأسماء المتمكنة والأفعال ثلاثة أحرف ، ثم قد يعرض لبعضها نقص كـ «يد» و «قل» و «م الله» و «ق زيدا».

* * *

ومنتهى اسم خمس ان تجرّدا

وإن يزد فيه فما سبعا عدا (١)

الاسم قسمان : مزيد فيه ، ومجرد عن الزيادة.

فالمزيد فيه هو : ما بعض حروفه ساقط وضعا ، وأكثر ما يبلغ الاسم بالزيادة سبعة أحرف ، نحو : احرنجام ، واشهيباب.

والمجرد عن الزيادة هو : ما بعض حروفه ليس ساقطا فى أصل الوضع ، وهو : إما ثلاثى كفلس ، أو رباعى كجعفر ، وإما خماسى ـ وهو غايته ـ كسفرجل.

* * *

__________________

الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصوفة أو الموصولة ، والجملة من الفعل المبنى للمجهول ونائب فاعله لا محل لها من الإعراب صلة ما الموصولة ، أو فى محل جر صفة لما النكرة.

(١) «ومنتهى» مبتدأ ، ومنتهى مضاف و «اسم» مضاف إليه «خمس» خبر المبتدأ «إن» شرطية «تجردا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والألف للاطلاق ، وجواب الشرط محذوف «وإن» شرطية «يزد» فعل مضارع مبنى للمجهول ، فعل الشرط «فيه» جار ومجرور متعلق بيزد «فما» الفاء واقعة فى جواب الشرط. ما : نافية «سبعا» مفعول به تقدم على عامله وهو قوله عدا ـ بمعنى زاد ـ الآتى «عدا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط.


وغير آخر الثّلاثى افتح وضمّ

واكسر ، وزد تسكين ثانيه تعمّ (١)

العبرة فى وزن الكلمة بما عدا الحرف الأخير منها ، وحينئذ فالاسم الثلاثى : إما أن يكون مضموم الأول أو مكسورة أو مفتوحه ، وعلى كل من هذه التقادير : إما أن يكون مضموم الثانى أو مكسوره أو مفتوحه ، أو ساكنه ، فتخرج من هذا اثنا عشر بناء حاصلة من ضرب ثلاثة فى أربعة ، وذلك نحو : قفل ، وعنق ، ودئل ، وصرد ، ونحو : علم ، وحبك ، وإبل ، وعنب ، ونحو : فلس ، وفرس ، وعضد ، وكبد.

* * *

وفعل أهمل ، والعكس يقلّ

لقصدهم تخصيص فعل بفعل (٢)

__________________

(١) «وغير» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله افتح الآتى ـ وغير مضاف و «آخر» مضاف إليه ، وآخر مضاف و «الثلاثى» مضاف إليه «افتح» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وضم ، واكسر» كل منهما فعل أمر معطوف على افتح «وزد» فعل أمر ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت فاعل «تسكين» مفعول به لزد ، وتسكين مضاف وثانى من «ثانيه» مضاف إليه ، وثانى مضاف والهاء مضاف إليه «تعم» فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(٢) «وفعل» مبتدأ «أهمل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «والعكس» مبتدأ «يقل» فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى العكس ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «لقصدهم» الجار والمجرور متعلق بيقل ، وقصد مضاف والضمير مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله «تخصيص» مفعول به للمصدر ـ وهو قصد ـ وتخصيص مضاف و «فعل» مضاف إليه «بفعل» جار ومجرور متعلق بتخصيص.


يعنى أن من الأبنية الاثنى عشر بناءين أحدهما مهمل والآخر قليل.

فالأول : ما كان على وزن فعل ـ بكسر الأول ، وضم الثانى ـ وهذا بناء من المصنف على عدم إثبات حبك.

والثانى : ما كان على وزن فعل ـ بضم الأول ، وكسر الثانى ـ كدئل ، وإنما قلّ ذلك فى الأسماء لأنهم قصدوا تخصيص هذا الوزن بفعل ما لم يسمّ فاعله كضرب وقتل.

* * *

وافتح وضمّ واكسر الثانى من

فعل ثلاثىّ ، وزد نحو ضمن (١)

ومنتهاه أربع إن جرّدا

وإن يزد فيه فما ستّا عدا (٢)

الفعل ينقسم إلى مجرد ، و [إلى] مزيد فيه ، كما انقسم الاسم إلى ذلك ،

__________________

(١) «وافتح» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وضم ، واكسر» كذلك «الثانى» تنازعه الأفعال الثلاثة ، وكل منها يطلبه مفعولا به «من فعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الثانى «ثلاثى» نعت لفعل «وزد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «نحو» مفعول به لزد ، ونحو مضاف و «ضمن» قصد لفظه : مضاف إليه.

(٢) «ومنتهاه» منتهى : مبتدأ ، ومنتهى مضاف والهاء مضاف إليه «أربع» خبر المبتدأ «إن» شرطية «جردا» جرد : فعل ماض مبنى للمجهول فعل الشرط ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المضاف إليه ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام «وإن» الواو حرف عطف ، إن : شرطية «يزد» فعل مضارع مبنى للمجهول ، فعل الشرط «فيه» جار ومجرور متعلق بقوله يزد «فما» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، وما : نافية «ستا» مفعول به تقدم على عامله ، وهو قوله عدا الآتى «عدا» فعل ماض ـ ومعناه جاوز ـ وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط.


وأكثر ما يكون عليه المجرد أربعة أحرف ، وأكثر ما ينتهى فى الزيادة إلى ستة.

وللثلاثى المجرد أربعة أوزان : ثلاثة لفعل الفاعل ، وواحد لفعل المفعول ؛ فالتى لفعل الفاعل فعل ـ بفتح العين ـ كضرب ، وفعل ـ بكسرها ـ كشرب ، وفعل ـ بضمها ـ كشرف.

والذى لفعل المفعول فعل ـ بضم الفاء ، وكسر العين ـ كضمن.

ولا تكون الفاء فى المبنى للفاعل إلا مفتوحة ، ولهذا قال المصنف «وافتح وضم واكسر الثانى» فجعل الثانى مثلّثا ، وسكت عن الأول ؛ فعلم أنه يكون على حالة واحدة ، وتلك الحالة هى الفتح.

[وللرباعىّ المجرد ثلاثة أوزان : واحد لفعل الفاعل ، كدحرج ، وواحد لفعل المفعول كدحرج ، وواحد لفعل الأمر كدحرج](١).

وأما المزيد فيه ؛ فإن كان ثلاثيا صار بالزيادة على أربعة أحرف : كضارب ، أو على خمسة : كانطلق ، أو على ستة : كاستخرج ، وإن كان رباعيّا صار بالزيادة على خمسة : كتدحرج ، أو على ستة : كاحرنجم.

* * *

__________________

(١) الحق أن المعتبر من هذه الأوزان الثلاثة وزن واحد ، وهو وزن الماضى المبنى للمعلوم ، فأما وزن الأمر ووزن المبنى للمجهول ففرعان عنه.

فإن قلت : فلماذا ذكر الشارح ههنا وزن الأمر ، ولم يذكر وزن الأمر حين تعرض لأوزان الثلاثى المجرد؟ فهو لم يسلك طريقا واحدا فى الموضعين ، ولو أنه سلك طريقا واحدا لترك هنا وزن الأمر أو لذكره هناك.

فالجواب عن هذا أن وزن الأمر هنا مجرد كوزن الماضى ، فعده منه ، أما فى الثلاثى فوزن الأمر منه لا يكون إلا مزيدا فيه همزة الوصل فى أوله ، فلم يعده هناك ؛ لأنه كان بصدد تعداد المجرد من الأوزان.


لاسم مجرّد رباع فعلل

وفعلل وفعلل وفعلل (١)

ومع فعلّ فعلل ، وإن علا

فمع فعلّل حوى فعلللا (٢)

كذا فعلّل وفعللّ ، وما

غاير للزّيد أو النّقص انتمى (٣)

الاسم الرباعىّ المجرد له ستة أوزان :

الأول : فعلل ـ بفتح أوله وثالثه ، وسكون ثانيه ـ نحو : جعفر (٤)

__________________

(١) «لاسم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «مجرد» نعت لاسم «رباع» حذفت منه ياء النسبة للضرورة : نعت ثان لاسم «فعلل» مبتدأ مؤخر «وفعلل ، وفعلل ، وفعلل» معطوفات على المبتدأ.

(٢) «ومع» ظرف متعلق بمحذوف حال مما قبله ، ومع مضاف و «فعل» مضاف إليه «فعلل» معطوف على فعلل بالواو التى فى أول البيت «إن» شرطية «علا» فعل ماض ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم ، ومعنى علا زاد «فمع» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، مع : ظرف متعلق بمحذوف حال من فعلل الآتى ، ومع مضاف و «فعلل» مضاف إليه «حوى» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم أيضا «فعللا» مفعول به لحوى ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط على تقدير قد داخلة على الفعل الماضى.

(٣) «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «فعلل» مبتدأ مؤخر ، «وفعلل» معطوف عليه «وما» اسم موصول : مبتدأ «غاير» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «للزيد» جار ومجرور متعلق بقوله «انتمى» الآتى «أو» عاطفة «النقص» معطوف على الزيد «انتمى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٤) الجعفر فى الأصل : النهر ، وقيل : النهر الملآن خاصة ، وأنشد ابن جنى :

إلى بلد لابقّ فيه ولا أذى

ولا نبطيّات يفجّرن جعفرا


الثانى : فعلل ـ بكسر أوله وثالثه ، وسكون ثانيه ـ نحو : زبرج (١).

الثالث : فعلل ـ بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح ثالثه ـ نحو : درهم [وهجرع](٢).

الرابع : فعلل ـ بضم أوله وثالثه ، وسكون ثانيه ـ نحو : برثن (٣).

الخامس : فعلّ ـ بكسر أوله ، وفتح ثانيه ، وسكون ثالثه ـ نحو هزبر (٤).

السادس : فعلل ـ بضم أوله ، وفتح ثالثه ، وسكون ثانيه ـ نحو : جخدب (٥).

وأشار بقوله : «فإن علا ـ إلخ» إلى أبنية الخماسى ، وهى أربعة :

الأول : فعلّل ـ بفتح أوله وثانيه ، وسكون ثالثه ، وفتح رابعه ـ نحو : سفرجل.

الثانى : فعللل ـ بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح ثالثه ، وكسر رابعه ـ نحو : جحمرش (٦).

الثالث : فعلّل ـ بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وسكون ثالثه ، وكسر رابعه ـ نحو : قذعمل (٧).

__________________

(١) الزبرج : السحاب الرقيق ، أو السحاب الأحمر ، وهو أيضا الذهب.

(٢) الهجرع : الطويل الممشوق ، أو الطويل الأعرج ، وفيه لغة بوزن جعفر.

(٣) البرثن ـ بثاء مثلثة ـ واحد براثن الأسد ، وهى مخالبه.

(٤) الهزبر : الأسد.

(٥) الجخدب : الجراد الأخضر الطويل الرجلين ، أو هو ذكر الجراد.

(٦) الجحموش ، من النساء : الثقيلة السمجة ، أو هى العجوز الكبيرة ، والجحموش من الإبل : الكبيرة السن ، وتجمع على جحامر. وتصغر على جحيمر ، بحذف الشين ؛ لأنها تخل بالصيغة.

(٧) القذعمل ، من الإبل : الضخم ، ومن النساء : القصيرة.


الرابع : فعللّ ـ بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح ثالثه ، وسكون رابعه ـ نحو : قرطعب (١).

وأشار بقوله : «وما غاير ـ إلخ» إلى أنه إذا جاء شىء على خلاف ما ذكر ، فهو إما ناقص ، وإما مزيد فيه ؛ فالأول كيد ودم ، والثانى كاستخراج واقتدار.

* * *

والحرف إن يلزم فأصل ، والّذى

لا يلزم الزّائد ، مثل تا احتذى (٢)

الحرف الذى يلزم تصاريف الكلمة هو الحرف الأصلىّ ، والذى يسقط فى بعض تصاريف الكلمة هو الزائد ، نحو ضارب ومضروب.

* * *

بضمن فعل قابل الأصول فى

وزن ، وزائد بلفظه اكتفى (٣)

__________________

(١) القرطعبة : الخرقة البالية ، وليس له قرطعبة : أى ليس له شىء.

(٢) «والحرف» مبتدأ «إن» شرطية «يلزم» فعل مضارع ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الحرف الواقع مبتدأ «فأصل» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، أصل : خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : فهو أصل ، والجملة من المبتدأ والخبر فى محل جزم جواب الشرط ، وجملة الشرط والجواب فى محل رفع خبر المبتدأ «والذى» اسم موصول : مبتدأ «لا» نافية «يلزم» فعل مضارع ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى الذى لا يلزم الواقع مبتدأ فاعل ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة «الزائد» خبر المبتدأ «مثل» خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك مثل ، ومثل مضاف و «تا» قصر للضرورة : مضاف إليه ، وتا مضاف و «احتذى» قصد لفظه : مضاف إليه.

(٣) «بضمن» جار ومجرور متعلق بقوله «قابل» الآتى ، وضمن مضاف ، و «فعل» مضاف إليه «قابل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الأصول» مفعول به لقابل «فى وزن» جار ومجرور متعلق بقابل «وزائد» مبتدأ


وضاعف اللّام إذا أصل بقى

كراء جعفر وقاف فستق (١)

إذا أريد وزن الكلمة قوبلت أصولها بالفاء والعين واللام ؛ فيقابل أولها بالفاء ، وثانيها بالعين ، وثالثها باللام ، فإن بقى بعد هذه الثلاثة أصل عبّر عنه باللام.

فإن قيل : ما وزن ضرب؟ فقل : فعل ، وما وزن زيد؟ فقل : فغل ، وما وزن جعفر؟ فقل : فعلل ، وما وزن فستق؟ تقل : فعلل ، وتكرّر اللام على حسب الأصول.

وإن كان فى الكلمة زائد عبّر عنه بلفظه ؛ فإذا قيل : ما وزن ضارب؟ فقل : فاعل ، وما وزن جوهر؟ فقل : فوعل ، وما وزن مستخرج؟ فقل : مستفعل.

هذا إذا لم يكن الزائد ضعف حرف أصلى ؛ فإن كان ضعفه عبر عنه بما عبّر به عن ذلك الأصلى ، وهو المراد بقوله :

* * *

__________________

«بلفظه» الجار والمجرور متعلق بقوله «اكتفى» الآتى على أنه نائب فاعله ، وجاز تقدمه لأنه فى صورة الفضلة ولا يلتبس بالمبتدأ ، وقد تقدم ذكر ذلك مرارا فى نظائره من كلام الناظم ، ولفظ مضاف ، والهاء مضاف إليه «اكتفى» فعل ماض مبنى للمجهول ، والجملة منه ومن نائب فاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ.

(١) «وضاعف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «اللام» مفعول به لضاعف «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «أصل» فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده ، والتقدير : إذا بقى أصل ، والجملة من بقى المحذوف وفاعله فى محل جر بإضافة إذا إليها «بقى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة من بقى المذكور وفاعله لا محل لها مفسرة «كراء» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كراء ، وراء مضاف ، و «جعفر» مضاف إليه «وقاف» معطوف على راء ، وقاف مضاف و «فستق» مضاف إليه.


وإن يك الزائد ضعف أصلى

فاجعل له فى الوزن ما للأصل (١)

فتقول فى وزن اغدودن (٢) : افعوعل ؛ فتعبّر عن الدال الثانية بالعين كما عبرت بها عن الدال الأولى ؛ لأن الثانية ضعفها ، وتقول فى وزن قتّل : فعّل ، ووزن كرّم فعّل ؛ فتعبر عن الثانى بما عبرت به عن الأول ، ولا يجوز أن تعبر عن هذا الزائد بلفظه ؛ فلا تقول فى وزن اغدودن افعودل ، ولا فى وزن قتّل فعتل ، ولا فى وزن كرّم فعرل (٣)

* * *

واحكم بتأصيل حروف سمسم

ونحوه ، والخلف فى كلملم (٤)

__________________

(١) «وإن» شرطية «يك» فعل مضارع ناقص ، فعل الشرط ، وهو مجزوم بسكون النون المحذوفة للتخفيف «الزائد» اسم يك «ضعف» خبر يك ، وضعف مضاف و «أصلى» مضاف إليه «فاجعل» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، واجعل : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «له ، فى الوزن» جاران ومجروران متعلقان باجعل «ما» اسم موصول : مفعول أول لاجعل ، والمفعول الثانى الجار والمجرور الأول «للأصل» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول الواقع مفعولا أول لاجعل.

(٢) تقول : اغدودن الشعر ، وذلك إذا طال ، وتقول : اغدودن النبات ، وذلك إذا اخضر حتى يضرب إلى السواد.

(٣) حاصل ما ذكر الناظم والشارح أن كل زائد يعبر عنه فى الميزان بلفظه ، إلا شيئين ؛ أولهما الحرف الزائد لتكرير حرف أصلى ؛ فإنه يعبر عنه بما عبر به عن الأصلى ، فإن كان تكريرا للعين نحو قتل وكرم عبر عنه بالعين ، وإن كان تكريرا للام نحو اقعنسس عبر عنه باللام ، وثانيهما : الحرف المبدل من تاء افتعال .. نحو اصطبر ـ فإنه يعبر عنه بالتاء.

(٤) «واحكم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بتأصيل»


المراد يسمسم الرباعىّ الذى تكرّرت فاؤه وعينه ، ولم يكن أحد المكررين صالحا للسقوط ، فهذا النوع يحكم على حروفه كلها بأنها أصول ؛ فإذا صلح أحد المكررين للسقوط ففى الحكم عليه بالزيادة خلاف ـ وذلك نحو «لملم» أمر من لملم ، و «كفكف» أمر من كفكف ؛ فاللام الثانية والكاف الثانية صالحان للسقوط ، بدليل صحة لمّ وكفّ ـ فاختلف الناس فى ذلك ؛ فقيل : هما مادتان ، وليس كفكف من كف ولا لملم من لمّ ؛ فلا تكون اللام والكاف زائدتين ؛ وقيل : اللام زائدة وكذا الكاف ، وقيل : هما بدلان من حرف مضاعف ، والأصل لمّم وكفّف ، ثم أبدل من أحد المضاعفين : لام فى لملم ، وكاف فى كفكف.

* * *

فألف أكثر من أصلين

صاحب ـ زائد بغير مين (١)

إذا صحبت الألف ثلاثة أحرف أصول حكم بزيادتها ، نحو : ضارب

__________________

جار ومجرور متعلق باحكم ، وتأصيل مضاف ، و «حروف» مضاف إليه ، وحروف مضاف و «سمسم» مضاف إليه «ونحوه» نحو : معطوف بالواو على سمسم ونحو مضاف والهاء مضاف إليه «والخلف» مبتدأ «فى» حرف جر «كلملم» الكاف اسم بمعنى مثل مجرور المحل بفى ، والكاف مضاف ولملم : مضاف إليه ، وقد قصد لفظه ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ الذى هو قوله : الخلف.

(١) «فألف» مبتدأ «أكثر» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «صاحب» الآتى ـ «من أصلين» جار ومجرور متعلق بأكثر «صاحب» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ألف ، والجملة فى محل رفع صفة لألف «زائد» خبر المبتدأ «بغير» جار ومجرور متعلق بزائد ، وغير مضاف و «مين» مضاف إليه.


وغضبى ، فإن صحبت أصلين فقط فليست زائدة ، بل هى إما أصل : كإلى (١) ، وإما بدل من أصل : كقال وباع.

* * *

واليا كذا والواو إن لم يقعا

كما هما فى يؤيؤ ووعوعا (٢)

أى : كذلك إذا صحبت الياء أو الواو ثلاثة أحرف أصول ، فإنه يحكم بزيادتهما ، إلا فى الثنائى المكرر.

فالأول : كصيرف (٣) ، ويعمل (٤) ، وجوهر ، وعجوز.

والثانى : كيؤيؤ (٥) ـ لطائر ذى مخلب ـ ووعوعة ـ مصدر وعوع إذا صوّت.

__________________

(١) الإلى ـ بكسر الهمز ، بزنة الرضى ـ النعمة ، وهو واحد الآلاء ، فى نحو قوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)

(٢) «اليا» قصر للضرورة : مبتدأ «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر «والواو» مبتدأ ، وخبره محذوف لدلالة خبر الأول عليه : أى والواو كذلك «إن» «شرطية» و «لم» نافية جازمة «يقعا» فعل مضارع مجزوم بلم ، وألف الاثنين فاعل ، والجملة فى محل جزم فعل الشرط «كماهما» فى موضع الحال من ألف الاثنين ، أو نعت مصدر محذوف على تقدير مضاف بين الكاف ومدخولها ، والتقدير : إن لم يقعا وقوعا كوقوعهما ، فحذف المضاف وعوض عنه «ما» فانفصل الضمير ، و «فى يؤيؤ» جار ومجرور متعلق : إما بالمضاف المحذوف ، وإما بالكاف لما فيها من معنى التشبيه «ووعوعا» الواو حرف عطف ، وعوعا : أصله فعل ماض معطوف على يؤيؤ بعد أن قصد لفظه.

(٣) الصيرف : الحمال المتصرف فى أموره.

(٤) اليعمل : البعير القوى على العمل ، والناقة يعملة.

(٥) اليؤيؤ : طائر من الجوارح كالباشق ، ويجمع على يأيىء بزنة مساجد.


فالياء والواو فى الأول زائدتان ، وفى الثانى أصليتان.

* * *

وهكذا همز وميم سبقا

ثلاثة تأصيلها تحقّقا (١)

أى : كذلك يحكم على الهمزة والميم بالزيادة إذا تقدّمتا على ثلاثة أحرف أصول ، كأحمد ومكرم ، فإن سبقا أصلين حكم بأصالتهما كإبل ومهد.

* * *

كذاك همز آخر بعد ألف

أكثر من حرفين لفظها ردف (٢)

أى : كذلك يحكم على الهمزة بالزيادة إذا وقعت آخرا بعد ألف تقدّمها أكثر من حرفين ، نحو : حمراء ، وعاشوراء ، وقاصعاء (٣).

__________________

(١) «وهكذا» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «همز» مبتدأ مؤخر «وميم» معطوف على همز «سبقا» سبق : فعل ماض ، وألف الاثنين فاعل ، والجملة فى محل رفع نعت للمبتدأ ، وما عطف عليه «ثلاثة» مفعول به لسبق «تأصيلها» تأصيل : مبتدأ ، وتأصيل مضاف ، وها مضاف إليه «تحققا» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تأصيلها الواقع مبتدأ ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل نصب نعت لثلاثة.

(٢) «كذاك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «همز» مبتدأ مؤخر «آخر» نعت لهمز «بعد» ظرف متعلق بمحذوف نعت ثان لهمز ، وبعد مضاف و «ألف» مضاف إليه «أكثر» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «ردف» الآتى ـ «من حرفين» جار ومجرور متعلق بأكثر «لفظها» لفظ : مبتدأ ، ولفظ مضاف وها : مضاف إليه «ردف» فعل ماض ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى لفظها الواقع مبتدأ فاعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٣) القاصعاء : جحر من جحرة اليربوع ، وقال الفرزدق :

وإذا أخذت بقاصعائك لم تجد

أحدا يعينك غير من يتقصّع


قإن تقدم الألف حرفان فالهمزة غير زائدة ، نحو : كساء ، ورداء ؛ فالهمزة فى الأول بدل من واو ، وفى الثانى بدل من ياء (١) ، وكذلك إذا تقدم على الألف حرف واحد ، كماء ، وداء.

* * *

والنّون فى الآخر كالهمز ، وفى

نحو «غضنفر» أصالة كفى (٢)

النون إذا وقعت آخرا بعد ألف ، تقدّمها أكثر من حرفين ـ حكم عليها بالزيادة ، كما حكم على الهمزة حين وقعت كذلك ، وذلك نحو زعفران ، وسكران.

فإن لم يسبقها ثلاثة فهى أصلية ، نحو مكان ، وزمان.

ويحكم أيضا على النون بالزيادة إذا وقعت بعد حرفين وبعدها حرفان كغضنفر (٣)

* * *

__________________

(١) أصل كساء كساو ـ بواو فى آخره ؛ لأنه من الكسوة ، وفعله كسوته أكسوه ـ فوقعت الواو متطرفة إثر ألف زائدة فقلبت همزة. وأصل بناء بناى ـ بياء فى آخره ، بدليل بنيت البيت أبنيه ـ فقلبت الياء همزة لتطرفها إثر ألف زائدة.

(٢) «والنون» مبتدأ «فى الآخر» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن فى الجار والمجرور الآتى خبرا «كالهمز» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «وفى نحو» جار ومجرور متعلق بقوله «كفى» الآتى ، ونحو مضاف و «غضنفر» مضاف إليه «أصالة» مفعول ثان لكفى تقدم عليه «كفى» فعل ماض مبنى للمجهول ، وفيه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو نائب فاعل ، وهو مفعوله الأول.

(٣) الغضنفر : الأسد


والتّاء فى التّأنيث والمضارعه

ونحو الاستفعال والمطاوعه (١)

تزاد التاء إذا كانت للتأنيث ، كقائمة ، وللمضارعة ، نحو أنت تفعل ، أو مع السين فى الاستفعال وفروعه ، نحو استخراج ومستخرج واستخرج ، أو مطاوعة فعّل نحو علّمته فتعلّم ، أو فعلل كتدحرج.

* * *

والهاء وقفا كلمه ولم تره

واللّام فى الإشارة المشتهره (٢)

تزاد الهاء فى الوقف ، نحو لمه ولم تره ، وقد سبق فى باب الوقف بيان ما تزاد فيه ، وهو «ما» الاستفهامية المجرورة ، والفعل المحذوف اللام للوقف ، نحو «ره» ، أو المجزوم ، نحو «لم تره» وكلّ مبنىّ على حركة (٣) نحو «كيفه» إلا ما قطع عن الإضافة كقبل وبعد ، واسم «لا» التى لنفى الجنس نحو «لا رجل» والمنادى نحو «يا زيد» والفعل الماضى نحو «ضرب».

__________________

(١) «والتاء» مبتدأ ، وخبره محذوف لدلالة السياق والسياق عليه ، وتقديره : والتاء زائدة ، أو تزاد ، أو نحو ذلك «فى التأنيث» جار ومجرور متعلق بذلك الخبر المحذوف «والمضارعة» معطوف على التأنيث «ونحو» معطوف على التأنيث أيضا ، ونحو مضاف و «الاستفعال» مضاف إليه «والمطاوعه» معطوف على الاستفعال.

(٢) «والهاء» مبتدأ ، وخبره محذوف كما تقدم فى البيت السابق «وقفا» حال بتقدير اسم الفاعل : أى واقفا ، أو منصوب بنزع الخافض : أى فى وقف «كلمه» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف «ولم تره» معطوف على لمه «واللام» مبتدأ ، وخبره محذوف على قياس ما سبق «فى الإشارة» جار ومجرور متعلق بذلك الخبر المحذوف «المشتهره» نعت للاشارة.

(٣) تذكر أنه اشترط فى الحركة : أن تكون حركة بناء ، فخرجت حركة الإعراب ، وأن لا يشبه المبنى على الحركة المعرب كالفعل الماضى فإنه يشبه المضارع المعرب ، وأن تكون حركة البناء دائمة لا تتغير ، فما تغيرت حركة بنائه فى بعض الأحوال كالمقطوع عن الإضافة واسم لا والمنادى ليس من هذا القبيل.


واطّرد أيضا زيادة اللام فى أسماء الإشارة ، نحو ذلك ، وتلك ، وهنالك.

* * *

وامنع زيادة بلا قيد ثبت

إن لم تبيّن حجّة كحظلت (١)

إذا وقع شىء من حروف الزيادة العشرة التى يجمعها قولك : «سألتمونيها (٢)» خاليا عما قيّدت به زيادته فاحكم بأصالته ، إلا إن قام على زيادته حجة بينة : كسقوط همزة «شمأل» فى قولهم : «شملت الرّيح شمولا» إذا هبّت شمالا ، وكسقوط نون «حنظل» فى قولهم «حظلت الإبل» إذا آذاها أكل الحنظل ، وكسقوط تاء «ملكوت» فى «الملك».

* * *

__________________

(١) «وامنع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «زيادة» مفعول به لا منع «بلا قيد» جار ومجرور متعلق بزيادة «ثبت» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «قيد» ، والجملة فى محل جر نعت لقيد «إن» شرطية «لم» نافية جازمة «تبين» فعل مضارع مجزوم بلم ، وأصله تتبين «حجة» فاعل تبين ، والجملة فعل الشرط ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله «كحظلت» الكاف جارة لقول محذوف كما عرفت مرارا.

(٢) قد عنى العلماء قديما بذكر تراكيب تجمع حروف الزيادة ، فمنها قولهم «سألتمونيها» ومنها «اليوم تنساه» ومنها «هم يتساءلون» وقد جمعها ابن مالك أربع مرات فى بيت واحد ، وهو :

هناء وتسليم ، تلا يوم أنسه

نهاية مسؤول ، أمان وتسهيل

ويروى أن طالبا سأل أستاذه عن حروف الزيادة ، فقال له «سألتمونيها» فقال التلميذ : لم أسأل ، فقال الأستاذ «اليوم تنساء» فقال : لم يحدث شىء ، فقال الأستاذ : قد أجبتك مرتين ، ولكنك لم تفطن.


فصل فى زيادة همزة الوصل

للوصل همز سابق لا يثبت

إلّا إذا ابتدى به كاستثبتوا (١)

لا يبتدأ بساكن ، كما لا يوقف على متحرك ، فإذا كان أول الكلمة ساكنا وجب الإتيان بهمزة متحركة ، توصّلا للنطق بالساكن ، وتسمى [هذه الهمزة] همزة وصل ، وشأنها أنها تثبت فى الابتداء وتسقط فى الدّرج ، نحو استثبتوا ـ أمر للجماعة بالاستثبات.

* * *

وهو لفعل ماض احتوى على

أكثر من أربعة ، نحو انجلى (٢)

والأمر والمصدر منه ، وكذا

أمر الثّلاثى كاخش وامض وانفذا (٣)

__________________

(١) «للوصل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «همز» مبتدأ مؤخر «سابق» نعت لهمز «لا» نافية «يثبت» فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى همز ، والجملة فى محل رفع نعت ثان لهمز «إلا» أداة استثناء لإيجاب النفى «إذا» ظرف متعلق بقوله يثبت «ابتدى» فعل ماض مبنى للمجهول «به» جار ومجرور متعلق بابتدى «كاستثبتوا» الكاف جارة لقول محذوف ، والباقى يعلم إعرابه مما سبق مكررا.

(٢) «وهو» مبتدأ «لفعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «ماض» صفة لفعل «احتوى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعل «على أكثر» جار ومجرور متعلق باحتوى ، وجملة احتوى وفاعله فى محل جر صفة ثانية لفعل «من أربعة» جار ومجرور متعلق بأكثر «نحو» خبر لمبتدأ محذوف ، ونحو مضاف و «انجلى» قصد لفظه : مضاف إليه.

(٣) «والأمر» معطوف على «فعل» فى البيت السابق «والمصدر» مثله «منه» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من المصدر «وكذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف


لما كان الفعل أصلا فى التصريف اختصّ بكثرة مجىء أوله ساكنا ، فاحتاج إلى همزة الوصل ، فكل فعل ماض احتوى على أكثر من أربعة أحرف يجب الإتيان فى أوّله بهمزة الوصل ، نحو استخرج ، وانطلق ، وكذلك الأمر منه نحو استخرج وانطلق ، والمصدر نحو استخراج وانطلاق ، وكذلك تجب الهمزة فى أمر الثلاثى ، نحو اخش وامض وانفذ ، من خشى ومضى ونفذ.

* * *

وفى اسم است ابن ابنم سمع

واثنين وامرىء وتأنيث تبع (١)

وايمن ، همز أل كذا ، ويبدل

مدّا فى الاستفهام أو يسهّل (٢)

لم تحفظ همزة الوصل فى الأسماء التى ليست مصادر لفعل زائد على أربعة ، إلا فى عشرة أسماء : اسم ، واست ، وابن ، وابنم ، واثنين ، وامرىء ، وامرأة ، وابنة ، واثنتين ، وايمن ـ فى القسم.

__________________

خبر مقدم «أمر» مبتدأ مؤخر ، وأمر مضاف و «الثلاثى» مضاف إليه «كاخش» الكاف جارة لقول محذوف ، كما علمت مرارا ، واخش : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وامض ، وانفذا» معطوفان على اخش.

(١) «وفى اسم» جار ومجرور متعلق بقوله «سمع» الآتى «است ، ابن ، ابنم» معطوفات على اسم «سمع» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو «واثنين ، وامرىء ، وتأنيث» معطوفات على ما قبله «تبع» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تأنيث ، والجملة فى محل جر نعت لتأنيث.

(٢) «وايمن» معطوف على اسم فى البيت السابق ، ورفعه على الحكاية ؛ لأنه ملازم للرفع ؛ إذ هو لا يستعمل إلا مبتدأ «همز» مبتدأ ، وهمز مضاف و «أل» مضاف إليه «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، «ويبدل» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ـ وهو المفعول الأول ليبدل ـ ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى همز أل «مدا» مفعول ثان ليبدل «فى الاستفهام» جار ومجرور متعلق بيبدل «أو» حرف عطف وتخيير «يسهل» فعل مضارع مبنى للمجهول ، معطوف على قوله «ببدل» السابق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه.


ولم تحفظ فى الحروف إلا فى «أل» ، ولما كانت الهمزة مع «أل» مفتوحة ، وكانت همزة الاستفهام مفتوحة ـ لم يجز حذف همزة الاستفهام ؛ لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر ، بل وجب إبدال همزة الوصل ألفا ، نحو : آلأمير قائم؟ أو تسهيلها ، ومنه قوله :

(٣٥٨) ـ

أألحقّ ـ إن دار الرّباب تباعدت

أو انبتّ حبل ـ أنّ قلبك طائر

* * *

__________________

٣٥٨ ـ نسب قوم من العلماء هذا البيت لحسان بن يسار التغلبى ، وهو وافع ثانى أبيات قطعة عدتها عشرة أبيات لعمر بن أبى ربيعة المخزومى ، فانظر هذه القطعة فى ديوان عمر (القطعة رقم ٤ ص ١٠١ بشرحنا)

اللغة : «أألحق» هو بهمزتين أولاهما همزة الاستفهام وثانيتهما همزة أل ، وقد سهلت الثانية ، فلم تحذف لئلا يلتبس الاستخبار بالخبر ، ولم تحقق لأنها همزة وصل «الرباب» بفتح الراء ، بزنة سحاب ـ اسم امرأة «انبت» انقطع «حبل» أراد به التواصل والألفة «طائر» أراد أنه غير مستقر.

الإعراب : «أألحق» الهمزة الأولى للاستفهام ، الحق : منصوب على الظرفية متعلق بمحذوف خبر مقدم ، فإن رفعته فهو مبتدأ «إن» شرطية «دار» فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده ، أى : إن تباعدت دار ، ودار مضاف و «الرباب» مضاف إليه «تباعدت» تباعد : فعل ماض ، والتاء علامة التأنيث «أو» عاطفة «انبت» فعل ماض «حبل» فاعل انبت «أن» حرف توكيد ونصب «قلبك» قلب : اسم أن ، وقلب مضاف والكاف مضاف إليه «طائر» خبر أن ، و «أن» ومعمولها فى تأويل مصدر مرفوع مبتدأ مؤخر إن أعربت «الحق» ظرفا ، أو خبر المبتدأ إن أعربت الحق مبتدأ ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سياق الكلام ، والتقدير : إن تباعدت دار الرباب فإن قلبك طائر.

الشاهد فيه : قوله «أألحق» حيث سهل همزة الوصل الواقعة بعد همزة الاستفهام على ما قررناه لك فى لغة البيت.


الإبدال

أحرف الابدال «هدأت موطيا»

فأبدل الهمزة من واو ويا (١)

آخرا اثر ألف زيد ، وفى

فاعل ما أعلّ عينا ذا اقتفى (٢)

هذا الباب عفده المصنف لبيان الحروف التى تبدل من غيرها إبدالا شائعا ، وهى تسعة أحرف ، جمعها المصنف رحمه الله تعالى فى قوله «هدأت موطيا» ومعنى «هدأت» سكنت ، و «موطيا» اسم فاعل من «أوطأت الرّحل» إذا جعلته وطيئا ؛ لكنه خفّف همزته بإبدالها ياء لانفتاحها وكسر ما قبلها.

وأما غير هذه الحروف فإبدالها من غيرها شاذ ، أو قليل ، فلم يتعرض المصنف له ، وذلك كقولهم فى اضطجع : «الطجع» (٣) وفى أصيلان :

__________________

(١) «أحرف» مبتدأ ، وأحرف مضاف و «الإبدال» مضاف إليه «هدأت موطيا» قصد لفظه : خبر المبتدأ «فأبدل» الفاء تفريعية ، أبدل : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الهمزة» مفعول به لأبدل «من واو» جار ومجرور متعلق بأبدل «ويا» قصر للضرورة : معطوف على واو.

(٢) «آخرا ، إثر» كلاهما ظرف متعلق بمحذوف نعت لقوله «واو ويا» فى البيت السابق ، وإثر مضاف و «ألف» مضاف إليه «زيد» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ألف ، والجملة من زيد ونائب فاعله فى محل جر نعت لألف «وفى فاعل» جار ومجرور متعلق بقوله «اقتفى» الآتى ، وفاعل مضاف ، و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «أعل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «عينا» تمييز «ذا» اسم إشارة : مبتدأ «اقتفى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ذا الواقع مبتدأ ، والجملة من اقتفى ونائب فاعله فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٣) ومن ذلك قول الراجز :

لمّا رأى ألا دعه ولا شبع

مال إلى أرطاة حقف فالطجع


«أصيلال» (١).

فتبدل الهمزة من كل واو أو ياء ، تطرّفتا ، ووقعتا بعد ألف زائدة ، نحو دعاء ، وبناء ، والأصل دعاو وبناى ، فإن كانت الألف التى قبل الياء أو الواو غير زائدة ، لم تبدل ، نحو آية وراية ، وكذلك إن لم تتطرف الياء أو الواو كتبان وتعاون.

وأشار بقوله : «وفى فاعل ما أعلّ عينا ذا اقتفى» إلى أن الهمزة تبدل من الياء والواو قياسا [متّبعا] إذا وقعت كلّ منهما عين اسم فاعل وأعلّت فى فعله ، نحو قائل وبائع ، وأصلهما قاول وبايع ، ولكن أعلّوا حملا على الفعل ؛ فكما قالوا قال وباع فقلبوا العين ألفا قالوا قائل وبائع فقلبوا عين اسم الفاعل همزة ؛ فإن لم تعلّ العين فى الفعل صحت فى اسم الفاعل ، نحو عور فهو عاور وعين فهو عاين.

* * *

والمدّ زيد ثالثا فى الواحد

همزا يرى فى مثل كالقلائد (٢)

__________________

(١) ومن ذلك قول النابغة الذبيانى :

وقفت فيها أصيلالا أسائلها

عيّت جوابا وما بالرّبع من أحد

وهذه الرواية إحدى ثلاث روايات ، والرواية الثانية «وقفت فيها أصيلا كى أسائلها» والرواية الثالثة «وقفت فيها أصيلانا أسائلها» والمستشهد بها اللام فيها مبدلة من نون هذه ، وأصيلان : تصغير أصلان جمع أصيل على لفظه ؛ والأصيل ـ بفتح الهمزة ـ الوقت دوين غروب الشمس ، وجمعه أصلان ـ مثال رغيف ورغفان ، ثم صغر أصلان على أصيلان ، ثم أبدلت النون الأخيرة لاما ، فقيل : أصيلال.

(٢) «والمد» مبتدأ «زيد» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع حال من الضمير المستتر فى «يرى» الآتى «ثالثا» حال


تبدل الهمزة ـ [أيضا] ـ مما ولى ألف الجمع الذى على مثال مفاعل ؛ إن كان مدّة مزيدة فى الواحد ، نحو قلادة وقلائد ، وصحيفة وصحائف ، وعجوز وعجائز ؛ فلو كان غير مدة لم تبدل ، نحو قسورة وقساور (١) ، وهكذا إن كان مدة غير زائدة نحو مفازة (٢) ومفاوز ، ومعيشة ومعايش ، إلا فيما سمع فيحفظ ولا يقاس عليه ، نحو مصببة ومصائب.

* * *

كذاك ثانى ليّنين اكتنفا

مدّ مفاعل كجمع نيّفا (٣)

أى : كذلك تبدل الهمزة من ثانى حرفين لينين ، توسّط بينهما مدّة مفاعل ، كما لو سميت [رجلا] بنيّف ثم كسرته فإنك تقول : نيائف ـ بإبدال الياء

__________________

إما من الضمير فى يرى أيضا فيكون من قبيل الأحوال المترادفة ، وإما من الضمير فى زيد فيكون من قبيل الأحوال المتداخلة «فى الواحد» جار ومجرور متعلق بزيد «همزا» مفعول ثان ليرى مقدم عليه إن كانت علمية ، أو حال من الضمير المستتر فى يرى إن كانت بصرية «يرى» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المد ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «فى مثل» جار ومجرور متعلق بيرى «كالقلائد» الكاف زائدة ، ومثل مضاف والقلائد مضاف إليه.

(١) القسورة : الأسد ، وفى القرآن الكريم : (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ، فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ).

(٢) المفازة : الصحراء ، وهى مهلكة ، لكنهم سموها بذلك تفاؤلا لسالكها بالفوز.

(٣) «كذاك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «ثانى» مبتدأ مؤخر ، وثانى مضاف و «لينين» مضاف إليه «اكتنفا» اكتنف : فعل ماض ، وألف الاثنين فاعل ، والجملة فى محل جر صفة للينين «مد» مفعول به لاكتنفا ، ومد مضاف و «مفاعل» مضاف إليه «كجمع» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كجمعهم نيفا ، و «نيفا» مفعول به لجمع الذى هو مصدر جمع يجمع.


الواقعة بعد ألف الجمع همزة ـ ومثله وّل وأوائل ؛ فلو توسّط بينهما مدة مفاعيل ؛ امتنع قلب الثانى منهما همزة ، كطواويس ؛ ولهذا قيد المصنف ـ رحمه الله تعالى! ـ ذلك بمدة مفاعل.

* * *

وافتح وردّ الهمزيا فيما أعلّ

لاما ، وفى مثل هراوة جعل (١)

واوا ، وهمزا أوّل الواو بن ردّ

فى بدء غير شبه ووفى الأشد (٢)

قد سبق أنه يجب إبدال المدة الزائدة فى الواحد همزة ، إذا وقعت بعد ألف الجمع نحو صحيفة وصحائف ، وأنه إذا توسط ألف مفاعل بين حرفين لينين قلب الثانى منهما همزة ؛ نحو نيّف ونيائف

__________________

(١) «وافتح» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ورد» فعل أمر أيضا معطوف على افتح «الهمز» مفعول أول لرد ، وهو مطلوب أيضا من جهة المعنى لافتح على سبيل التنازع «يا» قصر للضرورة : مفعول ثان لرد ، «فيما» جار ومجرور متعلق برد «أعل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «لاما» تمييز «وفى مثل» جار ومجرور متعلق بقوله «جعل» الآتى ومثل مضاف و «هراوة» مضاف إليه «جعل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ـ وهو المفعول الأول ـ ضمير مستتر فيه.

(٢) «واوا» مفعول ثان لجعل فى البيت السابق «وهمزا» مفعول ثان تقدم على عامله ـ وهو قوله «رد» الآتى ـ «أول» هو المفعول الأول تقدم أيضا ، وأول مضاف و «الواوين» مضاف إليه «رد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «فى بدء» جار ومجرور متعلق برد ، وبدء مضاف و «غير» مضاف إليه ، وغير مضاف ، و «شبه» مضاف إليه ، وشبه مضاف و «ووفى الأشد» قصد لفظه : مضاف إليه.


وذكر هنا أنه إذا اعتلّ لام أحد هذين النوعين فإنه يخفّف بإبدال كسرة الهمزة فتحة ثم إبدالها ياء.

فمثال الأول قضيّة وقضايا ـ وأصله قضائى ، بإبدال مدة الواحد همزة ، كما فعل فى صحيفة وصحائف ، فأبدلوا كسرة الهمزة فتحة ، فحينئذ : تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصارت قضاءا ، فأبدلت الهمزة ياء ، فصار «قضايا».

ومثال الثانى زاوية وزوايا ـ وأصله : زوائى ، بإبدال الواو الواقعة بعد ألف الجمع همزة كنيّف ونيائف ، فقلبوا كسرة الهمزة فتحة ، فحينئذ قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها [فصارت زواءا] ، ثم قلبوا الهمزة ياء ، فصار زوايا.

وأشار بقوله : «وفى مثل هراوة جعل واوا» إلى أنه إنما تبدل الهمزة ياء إذا لم تكن اللام واوا سلمت فى المفرد كما مثل ؛ فإن كانت اللام واوا سلمت فى المفرد ، لم تقلب الهمزة ياء ، بل تقلب واوا ؛ ليشاكل الجمع واحده ، وذلك حيث وقعت الواو رابعة بعد ألف ، وذلك نحو قولهم : «هراوة وهراوى» وأصلها هرائو كصحائف ، فقلبت كسرة الهمزة فتحة ، وقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فصار هراءا ، ثم قلبوا الهمزة واوا ؛ فصار «هراوى».

وأشار بقوله : «وهمزا أول الواوين ردّ» إلى أنه يجب ردّ أول الواوين المصدّرتين همزة ، ما لم تكن الثانية بدلا من ألف فاعل ، نحو أواصل فى جمع واصلة ، والأصل «وواصل» بواوين : الأولى فاء الكلمة ، والثانية بدل من ألف فاعلة ؛ فإن كانت الثانية بدلا من ألف فاعل لم يجب الإبدال ؛ نحو ووفى ووورى ـ أصله وافى ووارى ، فلما بنى للمفعول احتيج إلى ضم ما قبل الألف فأبدلت الألف واوا.

* * *


ومدّا ابدل ثانى الهمزين من

كلمة ان يسكن كآثر وائتمن (١)

إن يفتح اثر ضمّ او فتح قلب

واوا ، وياء إثر كسر ينقلب (٢)

ذو الكسر مطلقا كذا ، وما يضمّ

واوا أصر ، ما لم يكن لفظا أتمّ (٣)

__________________

(١) «ومدا» مفعول ثان تقدم على عامله وهو قوله أبدل الآتى «أبدل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ثانى» مفعول أول لأبدل ، وثانى مضاف و «الهمزين» مضاف إليه «من كلمة» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الهمزين «إن» شرطية «يسكن» فعل مضارع فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ثانى الهمزين ، وجواب الشرط محذوف. والتقدير : إن يسكن ثانى الهمزين فأبدله مدا.

(٢) «إن» شرطية «يفتح» فعل مضارع مبنى للمجهول فعل الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه «إثر» ظرف متعلق بقوله يفتح ، وإثر مضاف و «ضم» مضاف إليه «أو» عاطفة «فتح» معطوف على ضم «قلب» فعل ماض مبنى للمجهول ، جواب الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، وهو مفعوله الأول «واوا» مفعوله الثانى «وياء» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «ينقلب» الآتى ـ «إثر» ظرف متعلق بينقلب ، وإثر مضاف و «كسر» مضاف إليه «ينقلب» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه.

(٣) «ذو» مبتدأ ، وذو مضاف ، و «الكسر» مضاف إليه «مطلقا» حال من ضمير المبتدأ المستكن فى الخبر «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «وما» اسم موصول مفعول أول تقدم على عامله ـ وهو قوله «أصر» الآتى ـ «يضم» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «واوا» مفعول ثان لأصر الآتى «أصر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» مصدرية ظرفية «لم» نافية جازمة «يكن» فعل مضارع ناقص مجزوم بلم ، واسمه ضمير مستتر فيه «لفظا» خبر يكن «أتم» نعت لقوله لفظا ، أو مفعول به لأتم ، وأتم ـ على هذا ـ فعل ماض فاعله ضمير مستتر فيه ، وجملته خبر يكن ، وتقدير الكلام : ما لم يكن ما يضم قد ختم كلمة : أى وقع فى آخرها.


فذاك ياء مطلقا جا ، وأؤمّ

ونحوه وجهين فى ثانيه أمّ (١)

إذا اجتمع فى كلمة همزتان وجب التخفيف ، إن لم يكونا فى موضع العين ، نحو سئّال ورأّس ، ثم إن تحركت أولاهما وسكنت ثانيتهما ، وجب إبدال الثانية مدة تجانس حركة الأولى ، فإن كانت حركتها فتحة أبدلت الثانية ألفا ، نحو آثرت ، وإن كانت ضمة أبدلت واوا ، نحو أوثر ، وإن كانت كسرة أبدلت ياء ، نحو إيثار ، وهذا هو المراد بقوله «ومدا ابدل ـ البيت».

وإن تحركت ثانيتهما : فإن كانت حركتها فتحة وحركة ما قبلها فتحة أو ضمة قلبت واوا ؛ فالأول نحو : أودم جمع آدم ، وأصله أآدم ، والثانى نحو أويدم ، تصغير آدم ، وهذا هو المراد بقوله : «إن يفتح اثر ضم او فتح قلب واوا».

وإن كانت حركة ما قبلها كسرة قلبت ياء ، نحو إيمّ ـ وهو مثال إصبع من أمّ ، وأصله إئمم ، فنقلت حركة الميم الأولى إلى الهمزة التى قبلها ، وأدغمت الميم فى الميم فصار إئمّ ، ثم قلبت الهمزة الثانية ياء ، فصار إيمّ ، وهذا هو المراد من قوله «وياء اثر كسر ينقلب».

وأشار بقوله : «ذو الكسر مطلقا كذا» إلى أن الهمزة الثانية إذا كانت

__________________

(١) «فذاك» اسم الإشارة مبتدأ ، والكاف حرف خطاب «ياء ، مطلقا» حالان من فاعل جاء «جا» قصر للضرورة : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم الإشارة ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «وأؤم» أصله فعل مضارع بمعنى أقصد ، وقد قصد هنا لفظه ، وهو مبتدأ «ونحوه» نحو : معطوف بالواو على أؤم ، ونحو مضاف والهاء مضاف إليه «وجهين» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «أم» الآتى ـ «فى ثانيه» الجار والمجرور متعلق بقوله أم ، وثانى مضاف والضمير مضاف إليه «أم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ـ وهو أؤم المقصود لفظه ـ وما عطف عليه.


مكسورة تقلب ياء مطلقا ـ أى : سواء كانت التى قبلها مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة ـ فالأول نحو أينّ ـ مضارع أنّ ـ وأصلها اثنّ ؛ فخففت بإبدال الثانية من جنس حركتها [فصار أينّ] وقد تحقّق ، نحو أئنّ ـ بهمزتين ـ ولم تعامل بهذه المعاملة فى غير الفعل إلا فى «أئمة» فإنها جاءت بالإبدال والتصحيح ، والثانى نحو : إيمّ مثال إصبع من أمّ ، وأصله إئمم ، نقلت حركة الميم الأولى إلى الهمزة الثانية ، وأدغمت الميم فى الميم فصار إئمّ ، فخففت الهمزة الثانية بإبدالها من جنس حركتها ، فصار إيم ، والثالث نحو : أينّ ـ أصله أئنّ [والأصل أؤنن] لأنه مضارع أأننته : أى جعلته يئنّ ـ فدخله النقل ولإدغام ، ثم خفف بإبدال ثانى همزتيه من جنس حركتها [فصار أينّ].

وأشار بقوله : «وما يضم واوا أصر» إلى أنه إذا كانت الهمزة الثانية مضمومة ، قلبت واوا ، سواء انفتحت الأولى ، أو انكسرت ، أو انضمت ؛ فالأول نحو أوبّ ـ جمع أبّ ، وهو المرعى ـ أصله أأبب ؛ لأنه أفعل ، فنقلت حركة عينه إلى فائه ، ثم أدغم فصار أؤبّ ، ثم حففت ثانية الهمزتين بإبدالها من جنس حركتها ، فصار أوبّ ، والثانى نحو إومّ ـ مثال إصبع من أمّ ، والثالث نحو أومّ ـ مثال أبلم من أمّ.

وأشار بقوله : «ما لم يكن لفظا أتم ، فذاك ياء مطلقا جا» إلى أن الهمزة الثانية المضمومة إنما تصير واوا إذا لم تكن طرفا ، فإن كانت طرفا صيّرت ياء مطلقا ، سواء انضمت الأولى ، أو انكسرت ، أو انفتحت ، أو سكنت ؛ فتقول فى مثال جعفر من قرأ «قرأأ» ثم تقلب الهمزة ياء ، فتصير قرأيا ، فتحركت الياء وانفتح ما قبلها ، فقلبت ألفا ، فصار قرأى ، وتقول فى مثال زبرج من قرأ «قرئىء» ثم تقلب الهمزة ياء فتصير قرئيا ، كالمنقوص ، وتقول


فى مثال برثن من قرأ «قرؤؤ» ثم تقلب الضمة التى على الهمزة الأولى كسرة ؛ فيصير قرئيا مثل القاضى (١).

وأشار بقوله : «وأؤمّ ونحوه وجهين فى ثانيه أم» إلى أنه إذا انضمت الهمزة الثانية وانفتح ما قبلها ، وكانت الهمزة الأولى للمتكلم جاز لك فى الثانية وجهان : الإبدال ، والتحقيق ، وذلك نحو أؤم ـ مضارع أمّ ، فإن شئت أبدلت ، فقلت : أومّ ، وإن شئت حقّقت ، فقلت : أؤمّ ـ وكذا ما كان نحو أؤمّ فى كون أولى همزتيه للمتكلم ، وكسرت ثانيتهما ، يجوز فى الثانية منهما : الإبدال ، والتحقيق ، نحو أينّ مضارع أنّ ؛ فإن شئت أبدلت فقلت : أينّ ، وإن شئت حققت فقلت : أئنّ.

* * *

وياء اقلب ألفا كسرا تلا

أو ياء تصغير ، بواو ذا افعلا (٢)

__________________

(١) فى نسخة «مثل المولى» وكلاهما صحيح ، والمولى : اسم فاعل ماضيه أولى ، أى أعطى ، أو آلى بمعنى حلف ، وقد ترك الشارح مثال الهمزتين المتطرفتين وأولاهما ساكنة وذلك أن تبنى من قرأ على وزن قمطر وخدب ، فتقول قرأأ ـ بكسر القاف ، وفتح الراء وسكون أولى الهمزتين ـ ثم تقلب الهمزة الثانية ياء ؛ فيصير «قرأيا» بسكون الهمزة ، وهو نظير ظبى فلا تقلب ياؤه ألفا لسكون ما قبلها.

(٢) «وياء» مفعول ثان تقدم على عامله ـ وهو قوله «اقلب» الآتى ـ «اقلب» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ألفا» مفعول أول لقوله اقلب «كسرا» مفعول مقدم ، وعامله قوله «تلا» الآتى «تلا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قوله «ألفا» والجملة فى محل نصب نعت لألفا «أو» عاطفة «ياء» معطوف على قوله كسرا ، وياء مضاف و «تصغير» مضاف إليه «بواو» جار ومجرور متعلق بقوله «افعلا» الآتى «ذا» اسم إشارة :


فى آخر ، أو قبل تا التّأنيث ، أو

زيادتى فعلان ، ذا أيضا رأوا (١)

فى مصدر المعتلّ عينا ، والفعل

منه صحيح غالبا ، نحو الحول (٢)

إذا وقعت الألف بعد كسرة وجب قلبها ياء ، كقولك فى جمع مصباح ودينار : «مصابيح ، ودنانير» وكذلك إذا وقعت قبلها ياء التصغير ، كقولك فى غزال : «غزيّل» وفى قذال : «قذيّل».

* * *

وأشار بقوله «بواو ذا افعلا فى آخر ـ إلى آخر البيت» إلى أن الواو تقلب أيضا ياء : إذا تطرّفت بعد كسرة ، أو بعد ياء التصغير ، أو وقعت قبل تاء التأنيث ، أو قبل زيادتى فعلان ، مكسورا ما قبلها.

__________________

مفعول به مقدم لافعلا «افعلا» فعل أمر ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا لأجل الوقف ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(١) «فى آخر» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لقوله «واوا» فى البيت السابق «أو» عاطفة «قبل» ظرف معطوف على محل الجار والمجرور الذى هو قوله فى آخر ، وقبل مضاف و «تا» قصر للضرورة : مضاف إليه ، وتا مضاف و «التأنيث» مضاف إليه «أو» عاطفة «زيادتى» معطوف بأوعلى تا ، وزيادتى مضاف و «فعلان» مضاف إليه «ذا» اسم إشارة : مفعول لرأوا الآتى «أيضا» مفعول مطلق لفعل محذوف «رأوا» فعل وفاعل.

(٢) «فى مصدر» جار ومجرور متعلق برأوا فى البيت السابق ، ومصدر مضاف والمعتل» مضاف إليه «عينا» تمييز «والفعل» بكسر الفاء وفتح العين ـ مبتدأ «منه» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ضمير المبتدأ المستكن فى الخبر «صحيح» خبر المبتدأ «غالبا» حال من الضمير المستكن فى الخبر أيضا «نحو» خبر لمبتدأ محذوف ، ونحو مضاف و «الحول» مضاف إليه.


فالأول نحو «رضى ، وقوى» أصلهما رضو وقوو ؛ لأنهما من الرّضوان والقوّة ؛ فقبلت الواو ياء.

والثانى نحو «جرىّ» تصغير جرو ، وأصله جريو ، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون ؛ فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء فى الياء.

والثالث نحو : شجية ، وهى اسم فاعل للمؤنث ، وكذا شجيّة ـ مصغّرا ، وأصله شجيوة ـ من الشّجو.

والرابع نحو «غزيان» وهو مثال ظريان من الغزو.

وأشار بقوله : «ذا أبضا رأوا فى مصدر المعتل عينا» إلى أن الواو تقلب بعد الكسرة ياء فى مصدر كلّ فعل اعتلّت عينه ، نحو «صام صياما ، وقام قياما» والأصل صوام وقوام ، فأعلّت الواو فى المصدر حملا له على فعله.

فلو صحت الواو فى الفعل لم تعتل فى المصدر ، نحو : لاوذ لواذا ، وجاور جوارا.

وكذلك تصحّ إذا لم يكن بعدها ألف وإن اعتلت فى الفعل ، نحو : حال حولا.

* * *

وجمع ذى عين أعلّ أو سكن

فاحكم بذا الإعلال فيه حيث عنّ (١)

__________________

(١) «وجمع» مبتدأ ، وجمع مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «عين» مضاف إليه «أعل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عين ، والجملة فى محل جر نعت لعين «أو» عاطفة «سكن» فعل ماض معطوف على أعل «فاحكم» الفاء زائدة ، احكم : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «بذا»


أى : متى وقعت الواو عين جمع ، وأعلّت فى واحده أو سكنث ، وجب قلبها ياء : إن انكسر ما قبلها ، ووقع بعدها ألف ، نحو ديار ، وثياب ـ أصلهما دوار وثواب ، فقلبت الواو ياء فى الجمع لانكسار ما قبلها ومجىء الألف بعدها ، مع كونها فى الواحد إما معتلة كدار ، أو شبيهة بالمعتل فى كونها حرف لين ساكنا كثوب.

* * *

وصحّحوا فعلة ، وفى فعل

وجهان ، والإعلال أولى كالحيل (١)

إذا وقعت الواو عين جمع مكسورا ما قبلها واعتلّت فى واحده ، أو سكنت ، ولم يقع بعدها الألف ، وكان على فعلة ـ وجب تصحيحها ، نحو عود وعودة (٢) ، وكوز (٣) وكوزة ، وشذ ثور وثيرة (٤).

ومن هنا يعلم أنه إنما تعتلّ فى الجمع إذا وقع بعدها ألف كما سبق تقريره ؛ لأنه حكم على قعلة بوجوب التصحيح ، وعلى فعل بجواز التصحيح والإعلال ؛

__________________

جار ومجرور متعلق باحكم «الإعلال» بدل أو عطف بيان من اسم الإشارة أو نعت له «فيه ، حيث» متعلقان باحكم «عن» فعل ماض ، ومعناه عرض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل جر بإضافة حيث إليها.

(١) «وصححوا» فعل وفاعل «فعلة» مفعول به لصححوا «وفى فعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «وجهان» مبتدأ مؤخر «والإعلال» مبتدأ «أولى» خبر المبتدأ «كالحيل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، وتقدير الكلام : وذلك كائن كالحيل.

(٢) العود : المسن من الإبل ، وقد جمعوه على عيدة ـ بالقلب ـ فى لغة قبيحة.

(٣) الكوز : إناء من فخار له عروة وبلبل ، وهو دخيل.

(٤) قد جاء جمع ثور ـ بمعنى القطعة من الأقط ـ على ثورة كما هو الأصل.


فالتصحيح نحو : حاجة وحوج ، والإعلال نحو : قامة وقيم ، وديمة وديم ، والتصحيح فيها قليل ، والإعلال غالب.

* * *

والواو لاما بعد فتح يا انقلب

كالمعطيان يرضيان ، ووجب (١)

إبدال واو بعد ضمّ من ألف

ويا كموقن ، بذالها اعترف (٢)

إذا وقعت الواو طرفا ، رابعة فصاعدا ، بعد فتحة ؛ قلبت ياء ، نحو : أعطيت ـ أصلة أعطوت ؛ لأنه من «عطا يعطو» إذا تناول ـ فقلبت الواو فى الماضى ياء حملا على المضارع نحو «يعطى» كما حمل اسم المفعول نحو : معطيان على اسم الفاعل نحو معطيان ؛ وكذلك يرضيان ـ أصله يرضوان ؛

__________________

(١) «والواو» مبتدأ «لاما» حال من الواو ، أو من الضمير المستتر فى «انقلب» الآتى «بعد» ظرف متعلق بانقلب ، وبعد مضاف و «فتح» مضاف إليه «يا» قصر للضرورة : مفعول مقدم ، وعامله انقلب الآتى «انقلب» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الواو «كالمعطيان» الكاف جارة لقول محذوف : أى كقولك ، والمعطيان : مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى «يرضيان» فعل مضارع مبنى للمجهول ، وألف الاثنين نائب فاعله ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، والجملة من المبتدأ وخبره فى محل نصب مقول للقول المحذوف «ووجب» فعل ماض.

(٢) «إبدال» فاعل وجب فى البيت السابق ، وإبدال مضاف و «واو» مضاف إليه «بعد» ظرف متعلق بإبدال ، وبعد مضاف و «ضم» مضاف إليه «من ألف» جار ومجرور متعلق بإبدال «ويا» قصر للضرورة : معطوف على يا «كموقن» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لياء على تقدير محذوف ، وتقدير الكلام : وياء كائنة كياء موقن «بذالها» جاران ومجروران متعلقان بقوله «اعترف» الآتى «اعترف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، أو هو فعل ماض مبنى للمجهول ، وعلى كل حال فالجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.


لأنه من الرّضوان ـ فقلبت واوه بعد الفتحة ياء ، حملا لبناء المفعول على بناء الفاعل نحو يرضيان.

وقوله «ووجب إبدال واو بعد ضم من ألف» معناه أنه يجب أن يبدل من الألف واو إذا وقعت بعد ضمة كقولك فى «بايع» : «بويع» ، وفى «ضارب» : «ضورب».

وقوله «ويا كموقن بذالها اعترف» معناه أن الياء إذا سكنت فى مفرد بعد ضمة ؛ وجب إبدالها واوا ، نحو موقن وموسر ـ أصلهما ميقن وميسر ؛ لأنهما من أيقن وأيسر ـ فلو تحركت الياء لم تعلّ ، نحو هيام.

* * *

ويكسر المضموم فى جمع كما

يقال «هيم» عند جمع «أهيما» (١)

يجمع فعلاء وأفعل على فعل ـ بضم الفاء ، وسكون العين ـ كما سبق فى التكسير ، كحمراء وحمر وأحمر وحمر ؛ فإذا اعتلّت عين هذا النوع من الجمع بالياء قلبت الضمة كسرة لتصحّ الياء ، نحو : هيماء وهيم ، وبيضاء وبيض ، ولم تقلب الياء واوا كما فعلوا فى المفرد ـ كموقن ـ استثقالا لذلك فى الجمع.

* * *

__________________

(١) «ويكسر» فعل مضارع مبنى للمجهول «المضموم» نائب فاعل يكسر «فى جمع» جار ومجرور متعلق بيكسر «كما» الكاف جارة ، وما : مصدرية «يقال» فعل مضارع مبنى للمجهول «هيم» قصد لفظه : نائب فاعل يقال «عند» ظرف متعلق بيقال ، وعند مضاف و «جمع» مضاف إليه ، وجمع مضاف و «أهيما» مضاف إليه ، مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه لا ينصرف للوصفية ووزن الفعل.


وواوا اثر الضّمّ ردّ اليا متى

ألفى لام فعل او من قبل تا (١)

كتاء بان من رمى كمقدره

كذا إذا كسبعان صيّره (٢)

إذا وقعت الياء لام فعل ، أو من قبل تاء التأنيث ، أو زيادتى فعلان ، وانضمّ ما قبلها فى الأصول الثلاثة ـ وجب قلبها واوا.

فالأول : نحو قضو الرجل (٣).

__________________

(١) «وواوا» مفعول ثان لقوله «رد» الآتى «إثر» ظرف متعلق برد ، وإثر مضاف و «الضم» مضاف إليه «رد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «اليا» قصر للضرورة : مفعول أول لرد «متى» اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل نصب بألفى «ألفى» فعل ماض مبنى للمجهول ، فعل الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه «لام» مفعول ثان لألفى ، ولام مضاف و «فعل» مضاف إليه ، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه ، وتقديره : متى ألفى الياء لام فعل فرده واوا «أو» حرف عطف «من قبل» جار ومجرور متعلق بمحذوف يدل عليه قوله ألفى ، وقبل مضاف و «تا» قصر للضرورة : مضاف إليه.

(٢) «كتاء» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، وتاء مضاف و «بان» مضاف إليه «من رمى» جار ومجرور متعلق بيان «كمقدرة» جار ومجرور متعلق ببان أيضا «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف يدل عليه قوله «رد» فى البيت قبله «إذا» ظرف زمان متعلق بما تعلق به الجار والمجرور قبله «كسبعان» جار ومجرور يقع فى موضع المفعول الثانى لصير تقدم عليه «صيره» صير : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بان ، والضمير البارز مفعول أول لصير.

(٣) قضو الرجل : معناه ما أقضاه ، وذلك أنك حولت «قضى» إلى مثال ظرف للدلالة على التعجب على ما مر فى بابه ، ونظير ذلك : رمو الرجل بمعنى ما أرماه ، وسرو الرجل بمعنى ما أسراه : أى ما أقوى سيره ليلا ، أما سرو الرجل ـ بمعنى ما أسماه وما أعظم مروءته ـ فواوه أصلية.


والثانى : كما إذا بنيت من رمى اسما على وزن مقدرة ؛ فإنك تقول : مرموة.

والثالث : كما إذا بنيت من رمى اسما على وزن سبعان ؛ فإنك تقول : رموان.

فتقلب الياء واوا فى هذه المواضع الثلاثة لانضمام ما قبلها.

* * *

وإن تكن عينا لفعلى وصفا

فذاك بالوجهين عنهم يلفى (١)

إذا وقعت الياء عينا لصفة ، على وزن فعلى ـ جاز فيها وجهان :

أحدهما : قلب الضمة كسرة لتصحّ الياء.

والثانى : إبقاء الضمة ؛ فتقلب الياء واوا ، نحو : الضيّقى ، والكيسى ، والضّوقى ، والكوسى ، وهما تأنيث الأضيق والأكيس.

* * *

__________________

(١) «وإن» شرطية «تكن» فعل مضارع ناقص ، فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى الياء «عينا» خبر تكن «لفعلى» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لعينا «وصفا» حال من فعلى «فذاك» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، وذا اسم إشارة : مبتدأ ، والكاف حرف خطاب «بالوجهين» جار ومجرور متعلق بقوله «يلفى» الآتى على أنه مفعوله الثانى «عنهم» جار ومجرور متعلق بيلفى «يلفى» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ـ وهو المفعول الأول ـ ضمير مستتر فيه ، وجملة يلفى ومعموليه فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل جزم جواب الشرط.


فصل

من لام فعلى اسما أتى الواو بدل

ياء ، كتقوى ، غالبا جاذا البدل (١)

تبدل الواو من الياء الواقعة لام اسم على وزن فعلى ، نحو تقوى ، وأصله تقيا ؛ لأنه من تقيت ـ فإن كانت فعلى صفة لم تبدل الياء واوا ، نحو صديا وخزيا ، ومثل تقوى : فتوى ـ بمعنى الفتيا ، وبقوى ـ بمعنى البقيا ، واحترز بقوله «غالبا» مما لم تبدل الياء فيه واوا وهى لام اسم على فعلى كقولهم للرائحة : ريّا.

* * *

بالعكس جاء لام فعلى وصفا

وكون قصوى نادرا لا يخفى (٢)

أى : تبدل الواو الواقعة لاما لفعلى وصفا ياء ، نحو الدّنيا ، والعليا ، وشذّ

__________________

(١) «من لام» جار ومجرور متعلق بقوله «بدل» الآتى ، ولام مضاف و «فعلى» مضاف إليه «اسما» حال من فعلى «أتى» فعل ماض «الواو» فاعل أتى «بدل» حال من الواو ، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة ، وبدل مضاف و «ياء» مضاف إليه «كتقوى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف «غالبا» حال من قوله «ذا» الآتى «جا» قصر للضرورة : فعل ماض «ذا» اسم إشارة فاعل جاء «البدل» بدل من اسم الإشارة ، أو عطف بيان عليه ، أو نعت له.

(٢) «بالعكس» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من «لام فعلى» الآتى «جاء» فعل ماض «لام» فاعل جاء ، ولام مضاف و «فعلى» مضاف إليه «وصفا» حال من فعلى «وكون» مبتدأ ، وكون مضاف و «قصوى» مضاف إليه ، من إضافة المصدر الناقص إلى اسمه «نادرا» خير المصدر الناقص «لا» نافية «يخفى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.


قول أهل الحجاز : القصوى ؛ فإن كان فعلى اسما سلمت الواو ، كحزوى (١).

* * *

فصل

إن يسكن السّابق من واو ويا

واتّصلا ومن عروض عريا (٢)

فياء الواو اقلبنّ مدغما

وشذّ معطى غير ما قد رسما (٣)

إذا اجتمعت الواو والياء فى كلمة ، وسبقت إحداهما بالسكون ، وكان

__________________

(١) حزوى ـ بضم الحاء وسكون الزاى ـ اسم مكان بعينه ، ويرد كثيرا فى شعر ذى الرمة ؛ فمن ذلك قوله :

أدارا بجزوى هجت للعين عبرة

فماء الهوى يرفضّ أو يترقرق

(٢) «إن» شرطية «يسكن» فعل مضارع ، فعل الشرط «السابق» فاعل «من واو» جار ومجرور متعلق بقوله يسكن «ويا» قصر للضرورة : معطوف على واو «واتصلا» الواو عاطفة ، اتصل : فعل ماض ، وألف الاثنين فاعل ، وهو معطوف على فعل الشرط «ومن عروض» جار ومجرور متعلق بقوله «عريا» الآتى «عريا» عرى : فعل ماض ، وألف الاثنين فاعل ، وهو ـ أيضا ـ معطوف على فعل الشرط بالواو الداخلة على الجار والمجرور.

(٣) «فياء» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، ياء : مفعول ثان لاقلبن الآتى «الواو» مفعول أول لاقلبن «اقلبن» اقلب : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «مدغما» بصيغة اسم الفاعل : حال من فاعل اقلبن «وشذ» فعل ماض «معطى» فاعل شذ ، وهو اسم مفعول يتعدى كفعله لاثنين أحدهما نائب الفاعل وهو ضمير مستتر فيه «غير» مفعول ثان لمعطى ، وغير مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «قد» حرف تحقيق «رسما» رسم : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة الموصول


سكونها أصليّا ـ أبدلت الواو ياء ، وأدغمت الياء فى الياء ، وذلك نحو «سيّد ، وميّت» ـ والأصل سيود وميوت ؛ فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون ؛ فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء فى الياء ؛ فصار سيّد وميّت ـ فإن كانت الياء والواو فى كلمتين لم يؤثر ذلك ، نحو يعطى واقد ، وكذا إن عرضت الياء أو الواو للسكون كقولك فى رؤية : «روية» وفى «قوى» : «قوى» وشذّ التصحيح فى قولهم : «يوم أيوم» وشذّ ـ أيضا ـ إبدال الياء واوا فى قولهم : «عوى الكلب عوّة (١)».

* * *

من ياء او واو بتحريك أصل

ألفا ابدل بعد فتح متّصل (٢)

__________________

(١) يقال : عوى الكلب يعوى ـ مثل رمى يرمى ـ عيا ـ بوزن رمى ـ وعواء وعوة ، وعوية ـ على فعلة كرمية ـ إذا لوى خطمه ثم صوت ، أومد صوته ولم يفصح ، والأخيرتان نادرتان ، والقياس عية ـ بفتح العين وتشديد الياء مفتوحة ـ وشذوذ أولاهما من جهة قلب الياء التى هى لام الكلمة واوا ، عكس القياس القاضى بقلب الواو ياء لما ذكر الشارح ، وشذوذ ثانيتهما من جهة بقاء كل من الواو والياء على أصلهما مع أنهما اجتمعتا فى كلمة واحدة وسبقت إحداهما بالسكون.

(٢) «من ياء» جار ومجرور متعلق بقوله «أبدل» الآتى «أو» عاطفة «واو» معطوف على ياء «بتحريك» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لياء وما عطف عليه «أصل» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تحريك ، والجملة فى محل جر نعت لتحريك «ألفا» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «أبدل» الآتى ـ «أبدل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بعد» ظرف متعلق بأبدل ، وبعد مضاف و «فتح» مضاف إليه «متصل» نعت لفتح.


إن حرّك التّالى ، وإن سكّن كفّ

إعلال غير اللّام ، وهى لا يكفّ (١)

إعلالها بساكن غير ألف

أو ياء التّشديد فيها قد ألف (٢)

إذا وقعت الواو والياء متحركة بعد فتحة قلبت ألفا ، نحو قال وباع ، أصلهما قول وبيع ، فقلبت [الواو والياء] ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها ، هذا إن كانت حركتهما أصلية ؛ فإن كانت عارضة لم يعتدّ بها كجيل وتوم ـ أصلهما جيأل وتوأم ، نقلت حركة الهمزة إلى الياء والواو فصار جيلا وتوما.

فلو سكن ما بعد الياء أو الواو ولم تكن لاما وجب التصحيح ، نحو بيان وطويل ؛ فإن كانتا لاما وجب الإعلال ، ما لم يكن الساكن بعدهما ألفا

__________________

(١) «إن» شرطية «حرك» فعل ماض مبنى للمجهول ، فعل الشرط «التالى» نائب فاعل حرك ، وجواب الشرط محذوف لدلالة سابق الكلام عليه «وإن» شرطية «سكن» فعل ماض مبنى للمجهول ، فعل الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى التالى «كف» فعل ماض ، جواب الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه «إعلال» مفعول به لكف ، وإعلال مضاف و «غير» مضاف إليه ، وغير مضاف و «اللام» مضاف إليه «وهى» ضمير منفصل مبتدأ «لا» نافية «يكف» فعل مضارع مبنى للمجهول.

(٢) «إعلالها» إعلال : نائب فاعل «يكف» فى آخر البيت السابق ، وإعلال مضاف ، وها : مضاف إليه ، والجملة من الفعل ونائب الفاعل فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو قوله «وهى» فى البيت السابق «بساكن» جار ومجرور متعلق بقوله «يكف» السابق «غير» نعت لساكن ، وغير مضاف و «ألف» مضاف إليه «أو» عاطفة «ياء» معطوف على ألف «التشديد» مبتدأ «فيها» جار ومجرور متعلق بقوله «ألف» الآتى «قد» حرف تحقيق «ألف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى التشديد ، والجملة من ألف ونائب فاعله فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل جر نعت لياء.


أو ياء مشددة ـ كرميا وعلوىّ ، وذلك نحو يخشون ـ أصله يخشيون فقلبت الياء ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها ، ثم حذفت ؛ لالتقائها ساكنة مع الواو الساكنة.

* * *

وصحّ عين فعل وفعلا

ذا أفعل كأغيد وأحولا (١)

كلّ فعل كان اسم الفاعل منه على وزن أفعل فإنه يلزم عينه التصحيح ، نحو عور فهو أعور ، وهيف فهو أهيف ، وغيد فهو أغيد ، [وحول فهو أحول] وحمل المصدر على فعله ، نحو هيف وغيد وعور وحول.

* * *

وإن يبن تفاعل من افتعل

والعين واو سلمت ولم تعلّ (٢)

إذا كان افتعل معتلّ العين فحقّه أن تبدل عينه ألفا ـ نحو اعتاد وارتاد ـ لتحركها وانفتاح ما قبلها ؛ فإن أبان افتعل معنى تفاعل ـ وهو

__________________

(١) «وصح» فعل ماض «عين» فاعل صح ، وعين مضاف و «فعل» بفتحتين ـ مضاف إليه «وفعلا» بفتح فكسر ، وأصله فعل ماض فحكاه : معطوف على فعل ، والألف للاطلاق «ذا» بمعنى صاحب : حال من فعل المكسور العين ، وذا مضاف و «أفعل» مضاف إليه «كأغيد» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف «وأحولا» معطوف على أغيد ، والألف للاطلاق.

(٢) «إن» شرطية «يبن» فعل مضارع ، فعل الشرط «تفاعل» فاعل يبن «من افتعل» جار ومجرور متعلق بيبن «والعين» الواو واو الحال ، العين : مبتدأ «واو» خبر ، والجملة فى محل نصب حال ، والرابط الواو «سلمت» سلم : فعل ماض جواب الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى الواو ، أو إلى العين بهذا القيد ، والتاء للتأنيث «ولم» الواو حالية ، لم : نافية جازمة «تعل» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل نصب حال.


الاشتراك فى الفاعلية والمفعولية ـ حمل عليه فى التصحيح إن كان واويّا نحو اشتوروا (١) ؛ فإن كانت العين ياء وجب إعلالها ، نحو ابتاعوا ، واستافوا ـ أى : تضاربوا بالسيوف.

* * *

وإن لحرفين ذا الاعلال استحقّ

صحّح أوّل ، وعكس قد يحقّ (٢)

إذا كان فى كلمة حرفا علّة ، كلّ واحد متحرك ، مفتوح ما قبله ـ لم يجز إعلالهما معا ؛ لئلا يتوالى فى كلمة واحدة إعلالان ؛ فيجب إعلال أحدهما وتصحيح الآخر ، والأحقّ منهما بالإعلال الثانى ، نحو الحيا والهوى ، والأصل حيى وهوى ، فوجد فى كل من العين واللام سبب الإعلال ؛ فعمل به فى اللام وحدها لكونها طرفا ، والأطراف محلّ التغيير. وشذّ إعلال العين وتصحيح اللام نحو «غاية».

* * *

__________________

(١) اشتوروا : أى تشاوروا ، وذلك أن يشير كل منهم على الآخر فى الأمر الذى يشير الآخر عليه فيه ؛ وأما «اشتار فلان العسل» فإنه يعل بقلب الواو ألفا لتحركها مع انفتاح ما قبلها ، لأنه لا يدل على التفاعل ، ومعنى اشتار العسل : أخذه من كوارته ، مثل «شاره يشوره».

(٢) «إن» شرطية «لحرفين» جار ومجرور متعلق بقوله «استحق» الآتى «ذا» اسم إشارة : نائب فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده «الإعلال» بدل من الإشارة ، أو عطف بيان عليه ، أو نعت له «استحق» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها مفسرة «صحح» فعل ماض ، مبنى للمجهول ، جواب الشرط «أول» نائب الفاعل «وعكس» مبتدأ ، وهو على تقدير الإضافة إلى محذوف ، ولهذا جاز الابتداء به مع كونه نكرة «قد» حرف تقليل «يحق» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه يعود إلى عكس ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو قوله عكس.


وعين ما آخره قد زيد ما

يخصّ الاسم واجب أن يسلما (١)

إذا كان عين الكلمة واوا ، متحركة ، مفتوحا ما قبلها ، أو ياء متحركة مفتوحا ما قبلها ، وكان فى آخرها زيادة تخصّ الاسم ـ لم يجز قلبها ألفا ، بل يجب تصحيحها ، وذلك نحو «جولان ، وهيمان» وشذ «ماهان ، وداران».

* * *

وقبل با افلب ميما النّون ، إذا

كان مسكّنا كمن بتّ انبذا (٢)

لما كان النّطق بالنون الساكنة قبل الباء عسرا وجب قلب النون ميما ،

__________________

(١) «وعين» مبتدأ ، وعين مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «آخره» آخر : ظرف متعلق بقوله «زيد» الآتى ، منصوب على الظرفية المكانية ، وآخر مضاف والهاء مضاف إليه «قد» حرف تحقيق «زيد» فعل ماض مبنى للمجهول «ما» اسم موصول : نائب فاعل زيد ، والجملة لا محل صلة الموصول الأول «يخص» فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه «الاسم» مفعول به ليخص ، والجملة لا محل لها صلة الموصول الثانى «واجب» خبر المبتدأ «أن» حرف مصدرى ونصب «يسلما» يسلم : فعل مضارع منصوب بأن ، والألف للاطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه ، وأن وما دخلت عليه فى تأويل مصدر فاعل لواجب ، وتقدير البيت : وعين ما قد زيد فى آخره ما يخص الاسم واجب سلامته.

(٢) «وقبل» ظرف متعلق بقوله «اقلب» الآتى ، وقبل مضاف و «با» قصر للضرورة : مضاف إليه «اقلب» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ميما» مفعول ثان لاقلب تقدم على المفعول الأول «النون» مفعول أول لاقلب «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «كان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه «مسكنا» خبر كان ، والجملة فى محل جر بإضافة «إذا» إليها ، وجواب الشرط محذوف لدلالة سابق الكلام عليه «كمن» الكاف جارة لقول محذوف ، وإعراب باقى الكلام ظاهر.


ولا فرق فى ذلك بين المتصلة والمنفصلة ، ويجمعهما قوله «من بتّ انبذا» أى : من قطعك فألقه عن بالك واطرحه ، وألف «انبذا» مبدلة من نون التوكيد الخفيفة.

* * *

فصل

لساكن صحّ انقل التّحريك من

ذى لين آت عين فعل كأبن (١)

إذا كانت عين الفعل ياء أو واوا متحركة ، وكان ما قبلها ساكنا صحيحا ـ وجب نقل حركة العين إلى الساكن قبلها ، نحو : يبين ويقوم ، والأصل يبين ويقوم ـ بكسر الياء ، وضم الواو ـ فنقلت حركتهما إلى الساكن قبلهما ـ وهو الباء ، والقاف ـ وكذلك فى «أبن» (٢).

فإن كان الساكن غير صحيح لم تنقل الحركة ، نحو : بايع وبيّن وعوق (٣).

* * *

__________________

(١) «لساكن» جار ومجرور متعلق بقوله «انقل» الآتى «صح» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل جر صفة لساكن «انقل» فعل أمر ، وفيه ضمير مستتر وجوبا هو فاعل «التحريك» مفعول به لانقل «من ذى» جار ومجرور متعلق بانقل ، وذى مضاف و «لين» مضاف إليه «آت» نعت للين ، أو لذى لين ، وفيه ضمير مستتر هو فاعله «عين» حال من الضمير المستتر فى آت ، وعين مضاف و «فعل» مضاف إليه «كأبن» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف.

(٢) أصل «أبن» أبين كأكرم ، نقلت حركة الياء إلى الساكن الصحيح قبلها ـ وهو الباء الموحدة ـ فالتقى ساكنان : الياء التى نقلت حركتها ، والنون الساكنة للبناء ؛ فحذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين.

(٣) ومثال ذلك من يائى العين : زين ، ولين ، وطين ، وعين ، وتيم ، وخيم ،


ما لم يكن فعل تعجّب ، ولا

كابيضّ أو أهوى بلام علّلا (١)

أى : إنما تنقل حركة العين إلى الساكن الصحيح قبلها إذا لم يكن الفعل للتعجب ، أو مضاعفا ، أو معتلّ اللام ؛ فإن كان كذلك فلا نقل ، نحو : ما أبين الشىء وأبين به ، وما أقومه أقوم به ، ونحو : ابيضّ واسودّ ، ونحو : أهوى.

* * *

ومثل فعل فى ذا الاعلال اسم

ضاهى مضارعا وفيه وسم (٢)

يعنى أنه يثبت للاسم الذى يشبه الفعل المضارع ـ فى زيادته فقط ، أو فى وزنه فقط ـ من الإعلال بالنقل ما يثبت للفعل.

__________________

ومن واوى العين : شوق ، وكور ، وروع ، وحول ، وهون ، وروق ، وسوف ، ولون ، وكون ، وهوم ، وحوم ، ونظير هذا : تعاون ، وتعاور ، وتقاولوا ، وتباين ، وتبايعوا.

(١) «ما» مصدرية ظرفية «لم» نافية جازمة «يكن» فعل مضارع ناقص مجزوم بلم ، واسمه ضمير مستتر فيه «فعل» خبر يكن ، وفعل مضاف و «تعجب» مضاف إليه «ولا» الواو عاطفة ، لا : زائدة «كأبيض» معطوف على خبر يكن «أو» عاطفة «أهوى» معطوف على أبيض «بلام» جار ومجرور متعلق بقوله علل الآتى «عللا» علل : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والألف للاطلاق ، والجلة فى محل جر صفة لأهوى.

(٢) «ومثل» مبتدأ ، ومثل مضاف و «فعل» مضاف إليه «فى ذا» جار ومجرور متعلق بمثل ؛ لما فيه من معنى المماثلة «الإعلال» بدل من اسم الإشارة ، أو عطف بيان عليه ، أو نعت له «اسم» خبر المبتدأ الذى هو قوله مثل ، وجملة «ضاهى مضارعا» فى محل رفع نعت لاسم ، وجملة «وفيه وسم» من الخبر المقدم والمبتدأ المؤخر فى محل نصب حال رابطها الواو.


فالذى أشبه المضارع فى زيادته فقط تبيع ، وهو مثال تحلىء من البيع ، الأصل تبيع ـ بكسر التاء وسكون الباء ـ فنقلت حركة الياء إلى الباء فصار تبيع.

والذى أشبه المضارع فى وزنه فقط مقام ، والأصل مقوم ؛ فنقلت حركة الواو إلى القاف ، ثم قلبت الواو ألفا لمجانسة الفتحة.

فإن أشبهه فى الزيادة والزّنة ؛ فإما أن يكون منقولا من فعل ، أولا ، فإن كان منقولا منه أعلّ كيزيد ، وإلا صحّ كأبيض وأسود.

* * *

ومفعل صحّح كالمفعال

وألف الإفعال واستفعال (١)

أزل لذا الإعلال ، والتّا الزم عوض ،

وحذفها بالنّقل ربّما عرض (٢)

__________________

(١) «ومفعل» مبتدأ «صحح» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مفعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «كالمفعال» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر فى «صحح» السابق «وألف» مفعول تقدم على عامله وهو قوله «أزل» فى البيت الآتى ، وألف مضاف و «الإفعال» مضاف إليه «واستفعال» معطوف على الإفعال.

(٢) «أزل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لذا» جار ومجرور متعلق بأزل «الإعلال» بدل من ذا أو عطف بيان عليه أو نعت له «والتا» قصر للضرورة : مفعول مقدم لالزم «الزم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «عوض» حال من التاء ، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة «وحذفها» الواو عاطفة ، حذف : مبتدأ ، وحذف مضاف والضمير العائد إلى التاء مضاف إليه «بالنقل» جار ومجرور متعلق بقوله عرض الآتى ، ويروى بعد ذلك «نادرا» وهو حال من الضمير المستتر فى قوله «عرض» الآتى ، ويروى مكانه «ربما» وهو مركب من رب الذى هو حرف تقليل ، وما الكافة «عرض» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حذفها ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو حذف.


لما كان مفعال غير مشبه للفعل استحقّ التصحيح كمسواك ، وحمل أيضا مفعل عليه ؛ لمشابهته له فى المعنى ، فصحح كما صحح مفعال كمقول ومقوال (١).

وأشار بقوله «وألف الإفعال واستفعال أزل ـ إلى آخره» إلى أن المصدر إذا كان على وزن إفعال أو استفعال ، وكان معتلّ العين ، فإن ألفه تحذف لا لبقائها ساكنة مع الألف المبدلة من عين المصدر ، وذلك نحو إقامة واستقامة ، وأصله إقوام واستقوام ، فنقلت حركة العين إلى الفاء ، وقلبت الواو ألفا لمجانسة الفتحة قبلها ، فالتقى الفان ، فحذفت الثانية منهما ، ثم عوّض منها تاء التأنيث ، فصار إقامة واستقامة ، وقد تحذف هذه التاء كقولهم : أجاب إجابا ، ومنه قوله تعالى : (وَأَقامَ الصَّلاةَ)(٢).

__________________

(١) اعلم أولا أن وزن المفعال أصل فى تصحيح ما عينه واو أو ياء مفتوحان وقبلهما ساكن صحيح ؛ لأنه لم يشبه الفعل لا فى الزيادة ولا فى الزنة ، ولأنه لو نقلت حركة الحرف المعتل فيه إلى الساكن الصحيح قبله لم يجز قلب الواو والياء ألفا فيه ؛ لوجود ألف بعدها.

ثم اعلم أن العلماء يختلفون فى مفعل ـ بغير ألف ـ فمنهم من يقول : حمل على مفعال ؛ لأنه أشبهه فى اللفظ والمعنى ، أما مشابهته لفظا فلأنه لا فرق بينهما لفظا إلا بزيادة الألف وهى إشباع للفتحة ، وأما مشابهته معنى ؛ فإن كل واحد منهما يأتى اسم آلة كمخيط ومخياط ، ويأتى صيغة مبالغة كمقول ومقوال ، وهذا هو الذى ذكره الشارح ، ومن العلماء من يقول : إن مفعلا هو نفس مفعال غاية ما فى الباب أن الألف حذفت منه.

(٢) وقد ورد تصحيح إفعال واستفعال وفروعهما فى ألفاظ ، منها قولهم : أعول إعوالا ، وأغيمت السماء إغياما ، واستحوذ عليه استحواذا ، وأغيلت المرأة ولدها إغيالا ، واستغيل الصى استغيالا ، وأسود الرجل إسوادا ، إذا ولد له السادة أو السود ، وذلك كله شاذ عن القياس عند النحاة.


وما لإفعال ـ من الحذف ، ومن

نقل فمفعول به أيضا قمن (١)

نحو مبيع ومصون ، وندر

تصحيح ذى الواو ، وفى ذى اليا اشتهر (٢)

إذا بنى مفعول من الفعل المعتل العين ـ بالياء أو الواو ـ وجب فيه ما وجب فى إفعال واستفعال من النقل والحذف ؛ فتقول فى مفعول من باع وقال : «مبيع ومقول» والأصل مبيوع ومقوول ، فنقلت حركة العين إلى الساكن قبلها ، فالتقى ساكنان : العين ، وواو مفعول ، فحذفت واو مفعول ، فصار مبيع ومقول ـ وكان حقّ مبيع أن يقال فيه : مبوع (٣) ، لكن قلبوا الضمة كسرة لتصح الياء ، وندر التصحيح فيما عينه واو ، قالوا : ثوب مصوون ،

__________________

(١) «ما» اسم موصول : مبتدأ أول «لإفعال» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول «من الحذف» متعلق بما تعلق به ما قبله «ومن نقل» معطوف على قوله من الحذف «فمفعول» الفاء زائدة ، ومفعول : مبتدأ ثان «به» جار ومجرور متعلق بقوله قمن الآتى «أيضا» مفعول مطلق لفعل محذوف «قمن» خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول.

(٢) «نحو» خبر مبتدأ محذوف ، ونحو مضاف و «مبيع» مضاف إليه «ومصون» معطوف على مبيع «وندر» الواو عاطفة ، وندر : فعل ماض «تصحيح» فاعل ندر وتصحيح مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «الواو» مضاف إليه «وفى ذى» جار ومجرور متعلق بقوله «اشتهر» الآتى ، وذى مضاف و «اليا» مضاف إليه «اشتهر» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على تصحيح.

(٣) لأنه بعد أن حذفت واو المفعول صارت الباء مضمومة وبعدها ياء ساكنة ، والأصل أنه إذا وقعت الياء الساكنة بعد ضمة قلبت واوا إن كان ما هى فيه مفردا كما حصل فى موقن وموسر ، وأصلهما ميقن وميسر ، وفعلهما أيقن وأيسر ، لكنهم لم يفعلوا ذلك هنا وقلبوا ضمة الباء كسرة لتسلم الياء ؛ ليظهر الفرق بين الواوى واليائى.


والقياس مصون ، ولغة تميم تصحيح ما عينه ياء ؛ فيقولون : مبيوع ، ومخيوط ، ولهذا قال المصنف رحمه الله تعالى : «وندر تصحيح ذى الواو ، وفى ذى اليا اشتهر» (١).

* * *

__________________

(١) أصل مبيع مبيوع ؛ فنقلت ضمة الياء إلى الباء الساكنة قبلها ، فالتقى ساكنان : الياء ، والواو ، وإلى هنا يتفق سيبويه والأخفش ، ثم اختلفوا فى المحذوف من الساكنين أهو الياء التى هى عين الكلمة ، أم هو الواو الزائدة فى صيغة المفعول؟ فقال سيبويه : حذفت واو مفعول ، وقال الأخفش : حذفت عين الكلمة ، فأما الأخفش فزعم أن واو مفعول دالة على اسم المفعول ، وما جىء به للدلالة على معنى لا يحذف ، وزعم أن المعهود حذف أول الساكنين لا ثانيهما ، والذى نرجحه هنا هو مذهب سيبويه ، ونستدل على ذلك بأنه لو كانت المحذوفة عين الكلمة لم يختلف الواوى واليائى لكنا رأيناهم يقولون فى الواوى مقول ومصون ومدوف ، وفى اليائى : مبيع ومعين ومعيب ، ودعوى أن واو مفعول قلبت ياء فى اليائى دعوى لا يقوم عليها دليل ، فوق أنها تنقض ما احتج به الأخفش من أن واو مفعول دالة على اسم المفعول ، والجواب عما ذكره الأخفش : أما قوله «إن واو مفعول دالة على صيغة اسم المفعول فلا يجوز أن تحذف» فالجواب عنه من وجهين ، أولهما : أنا لا نسلم أن الواو هى الدالة على معنى اسم المفعول ، بدليل أن اسم المفعول من المزيد فيه مشتمل على الميم دون الواو ، وذلك نحو مكرم ومستعان به ، وثانيهما : أنا إن سلمنا أن للواو مدخلا فى الدلالة على المعنى فلا نسلم أنه لا يجوز حذفها ؛ لأن محل ذلك أن لو لم يكن فى الصيغة ما يدل على المعنى غيرها ، فأما هنا فإن حذفت الواو بقيت الميم دالة على المعنى ، وأما قوله : «إن الذى يحذف هو أول الساكنين كما فى نحو قل وبع وقاض ومعنى» فالجواب عنه أنا لا نسلم أن هذا مطرد فى كل ساكنين يلتقيان ، بل هذا خاص بما إذا كان أول الساكنين معتلا ، وثانيهما صحيحا كما فى الأمثلة التى ذكرها ، فأما إذا كان الساكنان جميعا معتلين ـ كما فى الذى نحن بصدده ـ فلا يلزم حذف الأول منهما.


وصحّح المفعول من نحو عدا

وأعلل ان لم تتحرّ الأجودا (١)

إذا بنى مفعول من فعل معتلّ اللام ، فلا يخلو : إما أن يكون معتلا بالياء أو بالواو.

فإن كان معتلا بالياء وجب إعلاله بقلب واو مفعول ياء وإدغامها فى لام الكلمة ، نحو مرمىّ ـ والأصل ـ مرموى ، فاجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ؛ فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء فى الياء ـ وإنما لم يذكر المصنف رحمه الله تعالى هذا هنا لأنه قد تقدم ذكره.

وإن كان معتلا بالواو ، فالأجود التصحيح ، إن لم يكن الفعل على فعل ، نحو «معدوّ» من عدا ، ولهذا قال المصنف : «من نحو عدا» ، ومنهم من يعلّ ، فيقول : معدىّ (٢) ، فإن كان الواوىّ على فعل ، فالصحيح الإعلال ؛ نحو : «مرضىّ» من رضى ؛ قال الله تعالى : (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) والتصحيح قليل ؛ نحو مرضوّ.

* * *

__________________

(١) «وصحح» فعل أمر ، وفيه ضمير مستتر وجوبا فاعل «المفعول» مفعول به لصحح «من نحو» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من المفعول ، ونحو مضاف و «عدا» قصد لفظه : مضاف إليه «وأعلل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إن» شرطية «لم» نافية جازمة «تتحر» فعل مضارع ، مجزوم بلم ، وعلامة جزمه حذف الألف والفتحة قبلها دليل عليها ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وجملة لم تتحر فعل الشرط «الأجودا» مفعول به لتتحر ، والألف للاطلاق ، وجواب الشرط محذوف لدلالة سابق الكلام عليه ، وتقدير الكلام : إن لم تتحر الأجود فأعلل.

(٢) ومن الإعلال قول الشاعر :

لقد علمت عرسى مليكة أنّنى

أنا اللّيث : معديّا عليه ، وعاديا


كذاك ذا وجهين جا الفعول من

ذى الواو لام جمع او فرد يعنّ (١)

إذا بنى اسم على فعول ، فإن كان جمعا ، وكانت لامه واوا ـ جاز فيه وجهان : التصحيح ، والإعلال ، نحو : عصىّ ودلىّ ، فى جمع عصا ودلو ، وأبوّ ، ونجوّ ، جمع أب ونجو (٢) ، والإعلال أجود من التصحيح فى الجمع (٣) ، وإن

__________________

(١) «كذاك» كذا : جار ومجرور متعلق بقوله «جاء» الآتى ، والكاف حرف خطاب «ذا» بمعنى صاحب : حال من الفعول وذا مضاف و «وجهين» مضاف إليه «جا» قصر للضروره : فعل ماض «الفعول» فاعل جاء «من ذى» جار ومجرور متعلق بجاء ، أو بمحذوف حال من الفعول ، وذى مضاف و «الواو» مضاف إليه «لام» حال من الواو ، ولام مضاف و «جمع» مضاف إليه «أو» عاطفة «فرد» معطوف على جمع «يعن» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فرد ، والجملة فى محل جر نعت لفرد ، ومعنى يعن يبدو ويظهر.

(٢) أما عصى فأصله الأصيل عصوو ـ بضم العين والصاد ـ فقلبت الواو المتطرفة ياء تخلصا من ثقل اجتماع واوين فى آخر الكلمة مع ضمة قبلهما ، فصار عصوى ، ثم اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء فصار عصى ـ بضمتين وياء مشددة ـ فقلبت ضمة الصاد كسرة لتناسب الياء ، ثم يجوز لك أن تقلب ضمة العين كسرة للتناسب ويجوز أن تبقيها ، وأما دلى فأصلها دلوو ، ثم دلوى ، ثم دلى ، وبيانه كما سبق ، وأما أبو فظاهر ، وأما نجو فيجوز أن يكون بالجيم على أنه جمع نجو ، وهو السحاب الذى أهراق ماءه ، ويجوز أن يكون بالحاء المهملة على أنه جمع نحو ، بمعنى الجهة ، وقد حكى سيبويه : إنكم لتطيرون فى نحو كثيرة ، ومعناه إنكم لتسيرون فى أنحاء وجهات كثيرة مختلفة.

(٣) ظاهر عبارة الناظم التسوية بين الجمع والمفرد فى جواز الوجهين فى كل منهما ولهذا بادر الشارح ببيان الفرق بين المفرد والجمع ، وقد قال ابن مالك نفسه فى كتابه الكافية الشافية الذى اختصر منه الألفية :

ورجّح الإعلال فى الجمع ، وفى

مفرد التّصحيح أولى ما قفى


كان مفردا جاز فيه وجهان : الإعلال ، والتصحيح ، والتصحيح أجود ، نحو علا علوّا ، وعتا عتوّا ، ويقلّ الإعلال نحو «قساقسيّا» ـ أى قسوة ـ.

* * *

وشاع نحو نيّم فى نوّم

ونحو نيّام شذوذه نمى (١)

إذا كان فعّل جمعا لما عينه واو جاز تصحيحه وإعلاله ، إن لم يكن قبل لامه ألف ، كقولك فى جمع صائم : صوّم وصيّم ، وفى جمع نائم : نوّم ونيّم.

فإن كان قبل اللام ألف وجب التصحيح ، والإعلال شاذ ، نحو «صوّام» ، و «نوّام» ومن الإعلال قوله :

(٣٥٩) ـ

* فما أرّق النّيّام إلا كلامها*

* * *

__________________

هذا ولم يذكر الناظم ولا الشارح شرط جواز الوجهين فى فعول ، وشرطه ألا يكون فعله من باب قوى ، فإن كان الفعل من باب قوى وجب فيه الإعلال.

(١) «وشاع» فعل ماض «نحو» فاعل شاع ، ونحو مضاف و «نيم» مضاف إليه «فى نوم» جار ومجرور متعلق بشاع ، أو بمحذوف حال من نيم «ونحو» مبتدأ أول ، ونحو مضاف و «نيام» مضاف إليه «شذوذه» شذوذ : مبتدأ ثان ، وشذوذ مضاف والهاء مضاف إليه «نمى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول.

٣٥٩ ـ هذا عجز بيت لأبى الغمر الكلابى ، وصدره قوله :

* ألا طرقتنا ميّة بنة منذر*

اللغة : «طرقتنا» جاءتنا ليلا «أرق» أسهد ، وأطار النوم عن الأجفان «النيام» جمع نائم ، وستعرف ما فيه ، والمعنى أوضح من أن يشار إليه


فصل

ذو اللّين فاتا فى افتعال أبدلا

وشذّ فى ذى الهمز نحو ائتكلا (١)

إذا بنى افتعال وفروعه من كلمة فاؤها حرف لين ـ وجب إبدال حرف اللين تاء نحو : اتّصال ، واتّصل ، ومتّصل ـ والأصل فيه : اوتصال ، واوتصل ، وموتصل (٢) ، فإن كان حرف اللين بدلا من همزة لم يجز إبداله تاء ؛

__________________

الإعراب : «ألا» أداة تنبيه «طرقتنا» طرق : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، ونا : مفعول به لطرق «مية» فاعل طرق «ابنة» نعت لمية ، وابنة مضاف و «منذر» مضاف إليه «فما» الفاء عاطفة ، وما : نافية «أرق» فعل ماض «النيام» مفعول به لأرق «إلا» أداة استثناء ملغاة «كلامها» كلام : فاعل أرق ، وكلام مضاف وها : مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «النيام» فى جمع نائم ، حيث أعل بقلب الواو ياء ، وكان قياسه «النوام» بالتصحيح ، وهو الأكثر استعمالا فى كلام العرب ، ومن ذلك قول الشاعر :

ألا أيّها النّوّام ويحكم هبّوا

أسائلكم هل يقتل الرّجل الحبّ

(١) «ذو» مبتدأ ، وذو مضاف و «اللين» مضاف إليه «فا» قصر للضرورة : حال من الضمير المستتر فى قوله «أبدلا» الآتى «تا» قصر للضرورة أيضا : مفعول ثان لأبدل «فى افتعال» جار ومجرور متعلق بأبدل ، أو بمحذوف نعت لتا «أبدلا» أبدل : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، وهو المفعول الأول ، وقد تقدم المفعول الثانى ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «وشذ» فعل ماض «فى ذى» جار ومجرور متعلق بشذ ، وذى مضاف و «الهمز» مضاف إليه «نحو» فاعل شذ ، ونحو مضاف و «اثنكلا» قصد لفظه : مضاف إليه.

(٢) قد مثل الشارح لما كان حرف اللين فيه واوا ، فأما مثال اليائى فقولك من يسر : اتسر يتسر اتسارا فهو متسر ، وههنا أمران : الأول : أن سبب قلب الواو


فتقول فى افتعل من الأكل : ائتكل ، ثم تبدل الهمزة ياء ، فتقول : ايتكل ، ولا يجوز إبدال الياء تاء ، وشذ قولهم «اتّزر» بإبدال الياء تاء (١).

* * *

طا تا افتعال ردّ إثر مطبق

فى ادّان وازدد وادّكر دالا بقى (٢)

__________________

والياء تاء فى هذا الموضع يرجع إلى أمرين ، أولها الابتعاد عن عسر النطق بحرف اللين الساكن مع التاء لقرب مخرجيهما وتنافى صفتيهما ؛ لأن حرف اللين مجهور والتاء مهموسة ، وثانيهما أنه لو لم يقلب حرف اللين تاء لتلاعبت به حركات الفاء فكان يكون ياء إذا انكسرت الفاء نحو ايتصل وابتسر لسكون حرف اللين مع انكسار ما قبله ، ويكون ألفا إذا انفتحت الفاء نحو ياتصل وياتسر ، وواوا إذا انضمت الفاء نحو موتصل وموتسر ، فلما خشوا ذلك قلبوه تاء ؛ ليكون حرفا جلدا يقوى على حركات فاء الكلمة فلا يتغير بتغيرها ، وإنما اختصوه بالقلب إلى الناء ليسهل بعد القلب إدغام التاء فى التاء التالية ليزول عسر النطق ، والأمر الثانى : أن قلب حرف اللين تاء فى هذا الموضع هو اللغة الفصحى ، ومن أهل الحجاز من يبقيه ويتركه تتلاعب حركة الفاء به ، فيقول : ايتصل ياتصل ايتصالا فهو موتصل ، وايتسر ياتسر ايتسارا فهو موتسر ، ومنهم من يهمزه فيقول ائتسر يأتسر ائتسارا فهو مؤنسر وأتصل يأتصل ائتصالا فهو مؤتصل ، وهذه لغة غريبة.

(١) يروى المحدثون من حديث عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت عن النبى صلى الله عليه وسلم «وكان يأمرنى أن أنزر» بفتح الهمزة وتشديد التاء من الإزار ـ على أنه قد قلبت الهمزة ياء ثم تاء ثم أدغمت التاء فى التاء ، ونص النحاة على أن هذا خطأ ، وأن صواب الرواية «أن آتزر» بهمزة ممدودة ثم تاء مخففة.

(٢) «طا» قصر للضرورة : مفعول ثان تقدم على عامله وعلى المفعول الأول «تا» قصر للضرورة أيضا : مفعول أول لرد ، وتا مضاف و «افتعال» مضاف إليه «رد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إثر» ظرف متعلق بقوله رد ، وإثر مضاف و «مطبق» مضاف إليه «فى ادان» جار ومجرور متعلق بقوله بقى


إذا وقعت تاء افتعال بعد حرف من حروف الإطباق ـ وهى : الصاد ، والضاد ، والطاء ، والظاء ـ وجب إبداله طاء ، كقولك : اصطبر ، واضطجع ، واظطعنوا ، واظطلموا.

والأصل : اصتبر ، واضتجع ، واظتعنوا ، واظتلموا ؛ فأبدل من تاء الافتعال طاء.

وإن وقعت تاء الافتعال بعد الدال والزاى والذال قلبت دالا ، نحو ادّان ، وازدد ، وادّكر.

والأصل : ادتان ، وازتد ، واذتكر ، فاستثقلت التاء بعد هذه الأحرف ، فأبدلت دالا ، وأدغمت الدال فى الدال.

* * *

فصل

فا أمر او مضارع من كوعد

احذف ، وفى كعدة ذاك اطّرد (١)

__________________

«وازدد ، وادكر» معطوفان على ادان «دالا» حال من الضمير المستتر فى بقى الآتى «بقى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه يعود إلى تاء الافتعال.

(١) «فا» قصر للضرورة : مفعول مقدم لاحذف ، وفا مضاف و «أمر» مضاف إليه «أو» عاطفة «مضارع» معطوف على أمر «من» حرف جر «كوعد» الكاف اسم بمعنى مثل مبنى على الفتح فى محل جر بمن ، والكاف مضاف ، ووعد ـ قصد لفظه ـ مضاف إليه ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من «أمر» وما عطف عليه «وفى كعدة» الواو عاطفة ، والجار والمجرور متعلق بقوله «اطرد» الآتى ، والكاف الاسمية مضاف وعدة : مضاف إليه ، على نحو ما علمت «ذاك» اسم الإشارة : مبتدأ ، والكاف حرف خطاب «اطرد» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم الإشارة ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.


وحذف همز أفعل استمرّ فى

مضارع وبنيتى متّصف (١)

إذا كان الفعل الماضى معتلّ الفاء كوعد (٢) ـ وجب حذف الفاء : فى الأمر ، والمضارع ، والمصدر إذا كان بالتاء ، وذلك نحو : عد ، ويعد ، وعدة ؛ فإن لم يكن المصدر بالتاء لم يجز حذف الفاء ، كوعد.

وكذلك يجب حذف الهمزة الثانية فى الماضى مع المضارع ، واسم الفاعل ، واسم المفعول ، نحو قولك فى أكرم : يكرم ، والأصل يؤكرم ، ونحو :

__________________

(١) «وحذف» مبتدأ ، وحذف مضاف ، و «همز» مضاف إليه ، وهمز مضاف و «أفعل» مضاف إليه «استمر» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حذف الهمز ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «فى مضارع» جار ومجرور متعلق باستمر «وبنيتى» معطوف على مضارع ، وبنيتى مضاف ، و «متصف» مضاف إليه.

(٢) هذا خاص بواوى الفاء من المثال ، دون يائى الفاء ، وههنا أمران ؛ الأول : أن الأصل فى هذا الحذف هو الفعل المضارع المبدوء بياء المضارعة نحو يعد ويصف ويجب ويثب ، وحمل على هذه الصيغة بقية المضارع نحو أعد ، ونعد ، وتعد ، والأمر ، نحو عد وصف ، والمصدر نحو عدة وصفة. والأمر الثانى : أن علة الحذف فى المضارع المبدوء بياء المضارعة هو التخلص من وقوع الواو بين ياء مفتوحة وكسرة ، وذلك لأن الياء فى طبيعتها عدو الواو ، والفتحة التى عليها لا تخفف من شأن هذه العداوة لأنها تقرب من الياء كما تقرب من الواو ، والكسرة أيضا فى طبيعتها عدو للواو ، وآية ما ذكرنا من أن الياء بهذه المنزلة من الواو أنك ترى أن الياء إذا كانت مضمومة لم تحذف الواو نحو يوجب ويوعد ويورث ، وذلك لأن الضمة هونت من أمر الياء وأضعفته بسبب كونها مجانسة للواو ، وآية ما ذكرنا من أمر الكسرة أنك ترى نحو يوجل ويوهل ـ بفتح ما بعد الواو ـ لم تحذف منهما الواو ، فدل مجموع هذا على أن سر الحذف هو وقوع الواو بين هاتين العدوتين ، بحيث لو كان الموجود إحدى العدوتين لم تسقط الواو.


مكرم ، ومكرم ، والأصل مؤكرم ومؤكرم ؛ فحذفت الهمزة فى اسم الفاعل واسم المفعول.

* * *

ظلت وظلت فى ظللت استعملا

وقرن فى اقررن ، وقرن نقلا (١)

إذا أسند الفعل الماضى ، المضاعف ، المكسور العين ، إلى تاء الضمير أو نونه ـ جاز فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : إتمامه ، نحو : ظللت أفعل كذا ، إذا عملته بالنهار.

والثانى : حذف لامه ، ونقل حركة العين إلى الفاء ، نحو : ظلت.

والثالث : حذف لامه ، وإبقاء فائه على حركتها ، نحو : ظلت.

وأشار بقوله «وقرن فى اقررن» إلى أن الفعل المضارع ، المضاعف ، الذى على وزن يفعلن ، إذا اتّصل بنون الإناث ـ جاز تخفيفه بحذف عينه بعد نقل حركتها إلى الفاء ، وكذا الأمر منه ، وذلك نحو قولك فى يقررن : «يقرن» ، وفى اقررن : «قرن».

__________________

(١) «ظلت» بكسر الظاء ، قصد لفظه : مبتدأ «وظلت» بفتح الظاء قصد لفظه أيضا : معطوف عليه «فى ظللت» قصد لفظه ، جار ومجرور متعلق بقوله «استعملا» الآتى «استعملا» استعمل : فعل ماض مبنى للمجهول ، وألف الاثنين نائب فاعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ وما عطف عليه «وقرن» بكسر القاف ، قصد لفظه : مبتدأ «فى اقررن» قصد لفظه أيضا : جار ومجرور متعلق بقوله نقلا الآتى «وقرن» بفتح القاف ، قصد لفظه أيضا : معطوف على قرن الواقع مبتدأ «نقلا» نقل : فعل ماض مبنى للمجهول ، وألف الاثنين نائب فاعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.


وأشار بقوله «وقرن نقلا» إلى قراءة نافع وعاصم : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) ـ بفتح القاف ـ وأصله اقررن ، من قولهم : قرّ بالمكان يقرّ ، بمعنى يقرّ ، حكاه ابن القطّاع ، ثم خفف بالحذف بعد نقل الحركة ـ وهو نادر ؛ لأن هذا التخفيف إنما هو للمكسور العين (١).

* * *

__________________

(١) ههنا أمران نحب أن ننبهك إليهما ، الأول : أنه لا خلاف بين أحد من النحاة فى أن حذف العين من أمر المضعف الثلاثى المفتوح العين بعد نقل فتحها إلى الفاء نادر لم يطرد ، وأنه يقتصر فيه على ما سمع منه ، نحو قراءة نافع عن عاصم فى قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) وأما حذف العين من مضارع المضعف الثلاثى المكسور العين وأمره بعد نقل حركتها إلى الفاء فاختلفوا فيه : أمطرد هو أم غير مطرد؟ فظاهر كلام الناظم الذى جاراه الشارح عليه أنه مطرد ، وهو ما نص عليه صراحة فى شرح الكافية ويؤخذ من ظاهر عبارته فى التسهيل ، وهذا هو الذى ذهب إليه الشلوبين من النحاة ، ونص العلماء على أنه لغة سليم ، وذهب ابن عصفور إلى عدم اطراده وإلى عدم اطراد الحذف فى ماضى المضعف الثلاثى المكسور العين ، وذهب سيبويه إلى أنه شاذ ، ولم يسمع إلا فى كلمتين من الثلاثى المجرد ، وهما ظلت ومست وكلمة من المزيد فيه وهى أحست ، والأمر الثانى : أن تخريج قراءة نافع على أن (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) من المضعف أحد وجهين ، والثانى أنه من الأجوف ، والأصل قار يقار ـ على مثال خاف يخاف ـ وعلى هذا التخريج لا يكون هذا اللفظ جاريا على النادر القليل.


الإدغام

أوّل مثلين محرّكين فى

كلمة ادغم لا كمثل صفف (١)

وذلل وكلل ولبب

ولا كجسّس ولا كاخصص ابى (٢)

ولا كهيلل ، وشذ فى ألل

ونحوه فكّ بنقل فقبل (٣)

إذا تحرك المثلان فى كلمة أدغم أوّلهما فى ثانيهما ، إن لم يتصدّرا ، ولم يكن ما هما فيه اسما على وزن فعل ، أو على وزن فعل ، أو فعل ، أو فعل ، ولم يتصل أول المثلين بمدغم ، ولم تكن حركة الثانى منهما عارضة ، ولا ما هما فيه ملحقا بغيره.

__________________

(١) «أول» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «أدغم» الآتى ـ وأول مضاف و «مثلين» مضاف إليه «محركين» نعت لمثلين «فى كلمة» جار ومجرور متعلق بمحذوف : إما حال من مثلين لكونه قد تخصص بالوصف ، وإما نعت ثان له «أدغم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لا» حرف عطف ، والمعطوف عليه محذوف ، والتقدير : أول مثلين محركين أدغم فى أوزان مخصوصة لا كمثل ـ إلخ «كمثل» الكاف زائدة ، ومثل : معطوف على المحذوف الذى قدرناه ، ويجوز أن تكون «لا» ناهية ، فيكون المجزوم بها محذوفا تقديره لا تدغم ، ويكون «مثل» مفعولا لذلك المحذوف ، وهذا الثانى ضعيف ؛ لأن حذف المجزوم بلا الناهية ضرورة ، ومثل مضاف و «صفف» مضاف إليه.

(٢) «وذلل» معطوف على «صفف» فى البيت السابق «وكلل ، ولبب» معطوفان على صفف أيضا «ولا كجسس» الواو عاطفة ، لا : زائدة لتأكيد النفى ، كجسس : معطوف على كمثل صفف «ولا كاخصص ابى» مثله.

(٣) «ولا كهيلل» معطوف على ما قبله على نحو ما سبق «وشذ» فعل ماض «فى ألل» جار ومجرور متعلق بشذ «ونحوه» معطوف على ألل «فك» فاعل شذ «بنقل» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لفك «فقبل» الفاء عاطفة ، قبل : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه.


فإن تصدّرا فلا إدغام كددن ، وكذا إن وجد واحد مما سبق ذكره ؛ فالأول كصفف ودرر ، والثانى : كذلل (١) وجدد ، والثالث : ككلل ولمم (٢) ، والرابع : كطلل ولبب (٣) ، والخامس : كجسّس ـ جمع جاسّ ـ والسادس : كاخصص ابى ، [وأصله اخصص أبى] فنقلت الهمزة إلى الصاد ، والسابع : كهيلل ـ أى أكثر من قول لا إله إلّا الله ، ونحوه : قردد ، ومهدد.

فإن لم يكن شىء من ذلك وجب الإدغام ، نحو : ردّ ، وضنّ ـ أى : بخل ـ ولبّ (٤) ، والأصل : ردد ، وضنن ، ولبب.

وأشار بقوله «وشذ فى ألل ونحوه فكّ بنقل فقبل» إلى أنه قد جاء الفك فى ألفاظ قياسها وجوب الإدغام ؛ فجعل شاذا يحفظ ولا يقاس عليه ، نحو «ألل السقاء» إذا تغيّرت رائحته ، و «لححت عينه» إذ التصت بالرّمص. (٥)

* * *

__________________

(١) ذلل ـ بضمتين ـ جمع ذلول ، وهو البعير الذى سهل قياده ، وجدد ـ بضمتين أيضا ـ جمع جديد ، وهو ضد القديم.

(٢) الكلل : جمع كلة ـ بكسر الكاف فيهما ـ وهى الستر ، واللمم : جمع لمة ـ بكسر اللام فيهما ـ وهى الشعر الذى يجاوز شحمة الأذن.

(٣) الطلل : ما شخص وارتفع من آثار الديار ، واللبب : موضع الفلادة من الصدر.

(٤) لبب ـ على وزان كرم ـ أى صار لبيبا ، واللبيب : التام العقل.

(٥) الرمص ـ بفتح الراء والميم جميعا ـ هو الوسخ الذى يجتمع فى موق العين إذا كان جامدا ، فإن كان سائلا فهو الغمص ، وقد بقى مما سمع فيه الفك ولم يذكره الشارح قولهم : دبب الإنسان ـ من باب ضرب أو فرح ـ إذا نبت الشعر فى جبهته. وقولهم : صكك الفرس ـ من باب دخل ـ إذا اصطك عرقوباه ، وقولهم : ضببت


وحبى افكك وادّغم دون حذر

كذاك نحو تتجلّى واستتر (١)

أشار فى هذا البيت إلى ما يجوز فيه الإدغام والفكّ.

وفهم منه : أن ما ذكره قبل ذلك واجب الإدغام.

والمراد بحيى : ما كان المثلان فيه ياءين لازما تحريكهما ، نحو : حيى وعيى ؛ فيجوز الإدغام ، نحو : حىّ وعىّ (٢) ؛ فلو كانت حركة أحد المثلين عارضة بسبب العامل لم يجز الإدغام اتفاقا نحو : لن يحيى (٣).

__________________

الأرض ـ من باب فرح ـ إذا كثر فيها الضب ، وهو الحيوان المعروف ، وقولهم : قطط الشعر ـ من باب فرح ـ إذا اشتدت جعودته ، وقولهم : مششت الدابة ـ من باب فرح ـ إذا برز فى ساقها أو ذراعها شىء دون صلابة العظم ، وقولهم : عززت الناقة ـ من باب كرم ـ إذا ضاق مجرى لينها. هذا ، وقد قال قعنب بن أم صاحب :

* أنّى أجود لأقوام وإن ضننوا*

فهذا شاذ قياسا واستعمالا ، أما شذوذه قياسا فظاهر. وأما شذوذه استعمالا فلأن «ضننوا» ليس أحد الألفاظ التى ذكرنا أنهم استعملوها فى غير ضرورة مفكوكة.

(١) «وحيى» قصد لفظه : مفعول تقدم على عامله «افكك» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وادغم» فعل أمر معطوف على افكك ، وفيه ضمير مستتر وجوبا فاعل ، وله مفعول محذوف مماثل للمفعول المذكور لافكك «دون» ظرف متعلق بمحذوف حال من الفك والإدغام المدلول عليهما بالفعلين ، ودون مضاف و «حذر» مضاف إليه «كذاك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «نحو» مبتدأ مؤخر ، ونحو مضاف و «تتجلى» قصد لفظه : مضاف إليه «واستتر» معطوف على تتجلى ، وقد قصد لفظه أيضا.

(٢) ومن ذلك قول عبيد بن الأبرص :

عيّوا بأمرهم كما

عيّت ببيضتها النّعامه

(٣) يحيى : هو مضارع أحيا ، على وزان أعطى ، ومنه قوله تعالى : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى).


وأشار بقوله : «كذاك نحو تتجلّى واستتر» إلى أن الفعل المبتدأ بتاءين مثل «تتجلّى» يجوز فيه الفك والإدغام ؛ فمن فكّ ـ وهو القياس ـ نظر إلى أن المثلين مصدّران ، ومن أدغم أراد التخفيف ، فيقول : اتّجلّى ؛ فيدغم أحد المثلين فى الآخر فتسكن إحدى التاءين ؛ فيؤتى بهمزة الوصل توصّلا للنطق بالساكن.

وكذلك قياس تاء «استتر» الفكّ لسكون ما قبل المثلين ، ويجوز الإدغام فيه بعد نقل حركة أول المثلين إلى الساكن ، نحو : ستّر يستّر ستّارا (١).

* * *

وما بتاءين ابتدى قد يقتصر

فيه على تا كتبيّن العبر (٢)

__________________

(١) أما استر فأصله استتر على وزان اجتمع ، فنقلت حركة التاء الأولى إلى السين الساكنة قبلها فاستغنى عن همزة الوصل فحذفت ، وأدغمت التاء فى التاء ، فصار ستر بفتح السين وتشديد التاء مفتوحة ، وأما يستر فأصله يستتر على مثال يجتمع ، فنقلت فتحة التاء الأولى إلى السين ، ثم أدغمت التاء فى التاء فصار يستر ، بفتح ياء المضارعة وفتح السين وتشديد التاء مكسورة ، وأما ستارا فأصله استتار على مثال اجتماع ، فنقلت كسرة التاء الأولى إلى السين ، فاستغنى عن همزة الوصل ، وأدغمت التاء فى التاء ؛ فصار ستارا ، بكسر السين وتشديد التاء مفتوحة.

فإن قلت : فهذا الفعل الماضى يلتبس بالماضى من الثلاثى المضعف العين نحو عظم إذا قلت : ستر فلان فلانا.

فالجواب أن لفظ الماضى يشبه ذلك الماضى الذى ذكرته ، ولكن المضارعين يختلفان ؛ فأنت تقول فى المضارع يستر فتضم حرف المضارعة إن كان من مضعف العين وتفتح حرف المضارعة إن كان ماضيه استتر ، وكذلك المصدران مختلفان ، فمصدر هذا الفعل ستار ومصدر ذاك تستير.

(٢) «وما» اسم موصول : مبتدأ «بتاءين» جار ومجرور متعلق بابتدى «ابتدى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة الموصول


يقال فى تتعلم وتتنزل وتتبين ونحوها : «تعلّم ، وتنزّل ، وتبيّن» بحذف إحدى التاءين وإبقاء الأخرى ، وهو كثير جدا ، ومنه قوله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها)

* * *

وفكّ حيث مدغم فيه سكن

لكونه بمضمر الرّفع اقترن (١)

نحو : حللت ما حللته ، وفى

جزم وشبه الجزم تخيير قفى (٢)

__________________

«قد» حرف تقليل «يقتصر» فعل ماض مبنى للمجهول «فيه» جار ومجرور متعلق بيقتصر إما على أنه نائب فاعل له ، أولا ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة ـ على الحالين ـ فى محل رفع خبر المبتدأ «على تا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق بيقتصر «كتبين» الكاف جارة لقول محذوف كما سبق مرارا ، تبين : فعل مضارع «العبر» فاعل تبين.

(١) «وفك» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «حيث» ظرف مكان متعلق بفك «مدغم» مبتدأ ، وسوغ الابتداء به ـ مع أنه نكرة ـ عمله فيما بعده «فيه» جار ومجرور متعلق بمدغم على أنه نائب فاعل لكونه اسم مفعول «سكن» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ والخبر فى محل جر بإضافة حيث إليها «لكونه» الجار والمجرور متعلق بفك ، وكون مضاف والهاء مضاف إليه من إضافة الكون الناقص إلى اسمه «بمضمر» جار ومجرور متعلق باقترن الآتى ، ومضمر مضاف و «الرفع» مضاف إليه «اقترن» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل نصب خبر الكون الناقص.

(٢) «نحو» خبر مبتدأ محذوف ، ونحو مضاف و «حللت ما حللته» قصد لفظه : مضاف إليه ، أو يجعل «نحو» مضافا إلى قول محذوف ، وهذا الكلام مقول ذلك القول ، وعليه فإعرابه تفصيلا غير خفى «وفى جزم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «وشبه» معطوف على جزم ، وشبه مضاف و «الجزم» مضاف إليه «تخيير» مبتدأ مؤخر «قفى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع نعت لتخيير.


إذا اتصل بالفعل المدغم عينه فى لامه ضمير رفع سكن آخره ؛ فيجب حينئذ الفكّ ، نحو : حللت ، وحللنا ، والهندات حللن ؛ فإذا دخل عليه جازم جاز الفكّ ، نحو : لم يحلل ، ومنه قوله تعالى : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي) وقوله : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) والفكّ لغة أهل الحجاز ، وجاز الإدغام ، نحو «لم يحلّ» ، ومنه قوله تعالى : (ومن يشاق الله ورسوله ـ) فى سورة الحشر) وهى لغة تميم ، والمراد بشبه الجزم سكون الآخر فى الأمر ، نحو : احلل ، وإن شئت قلت : حلّ ؛ لأن حكم الأمر كحكم [المضارع] المجزوم.

* * *

وفكّ أفعل فى التّعجّب التزم

والتزم الإدغام أيضا فى هلم (١)

ولما ذكر أن فعل الأمر يجوز فيه وجهان ـ نحو احلل ، وحلّ ـ استثنى من ذلك شيئين :

أحدهما : أفعل فى التعجب ؛ فإنه يجب فكّه ، نحو : أحبب بزيد ، وأشدد ببياض وجهه.

الثانى : هلمّ ؛ فإنهم التزموا إدغامه ، والله سبحانه وتعالى أعلم.

* * *

__________________

(١) «وفك» مبتدأ ، وفك مضاف و «أفعل» مضاف إليه «فى التعجب» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من أفعل «التزم» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «والتزم» فعل ماض مبنى للمجهول «الإدغام» نائب فاعل لالتزم «أيضا» مفعول مطلق لفعل محذوف «فى هلم» جار ومجرور متعلق بالتزم.


وما بجمعه عنيت قد كمل

نظما على جلّ المهمّات اشتمل (١)

أحصى من الكافية الخلاصه

كما اقتضى غنى بلا خصاصه (٢)

فأحمد الله مصلّيا على

محمّد خير نبىّ أرسلا (٣)

وآله الغرّ الكرام البرره

وصحبه المنتخبين الخيره (٤)

__________________

(١) «ما» اسم موصول : مبتدأ «بجمعه» الجار والمجرور متعلق بعنيت ، وجمع مضاف وضمير الغائب مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله ، وجملة «عنيت» لا محل لها من الإعراب صلة الموصول ، وجملة «قد كمل» من الفعل مع فاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الواقعة مبتدأ فى محل رفع خبر المبتدأ «نظما» حال من الهاء فى بجمعه بتأويل المنظوم «على جل» جار ومجرور متعلق باشتمل ، وجل مضاف ، و «المهمات» مضاف إليه ، وجملة «اشتمل» من الفعل وفاعله المستتر فيه فى محل نصب نعت لقوله نظما.

(٢) «أحصى» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه «من الكافية» جار ومجرور متعلق بأحصى «الخلاصة» مفعول به لأحصى «كما» الكاف جارة ، وما : مصدرية ، وجملة «اقتضى» صلة ما «غنى» مفعول به لاقتضى «بلا خصاصة» جار ومجرور متعلق بغنى ، أو بمحذوف صفة له.

(٣) «فأحمد» الفاء للسببية ، أحمد : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «الله» منصوب على التعظيم «مصليا» حال من فاعل أحمد «على محمد» جار ومجرور متعلق بقوله مصليا «خير» نعت لمحمد ، وخير مضاف و «نبى» مضاف إليه ، وجملة «أرسلا» من الفعل ونائب الفاعل المستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نبى فى محل جر نعت لنبى.

(٤) «وآله» معطوف على محمد «الغر» نعت للآل «الكرام ، البررة» نعتان للآل أيضا «وصحبه» معطوف على آله «المنتخبين ، الخيرة» نعتان للصحب.

والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا ، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله وصحبه.


خاتمة

قال أبو رجاء محمد محيى الدين عبد الحميد ، عفا الله عنه ، وغفر له ولوالديه والمسلمين.

الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات ، وبمحض إحسانه وتيسيره تكمل الحسنات ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله خاتم النبيين ، وعلى آله وصحبه الذين بهداهم نهتدى ، وعلى ضوء حجّتهم نعبر الطريق إلى الفوز برضوان الله تعالى ومحبته.

وبعد ؛ فقد كمل ـ بتوفيق الله وحسن تأييده ـ ما وفقنا الله له من تحقيق مباحث وشرح شواهد شرح الخلاصة الألفية ، لقاضى القضاة بهاء الدين ابن عقيل ، شرحا موجزا على قدر ما يحتاج إليه المبتدئون ، وقد كان مجال القول ذا سعة لو أننا أردنا أن نتعرّض للأقوال ومناقشتها ، وتفصيل ما أجمل المؤلف منها ، وإيضاح ما أشار إليه من أدلّتها ، ولكننا اجتزأنا من ذلك كله باللّباب وما لا بد من معرفته ، مع إعراب أبيات الألفية إعرابا مبسوطا ، سهل العبارة ؛ لئلا يكون لمتناول الكتاب من بعد هذا كله حاجة إلى أن يصطحب مع هذه النّسخة كتابا آخر من الكتب التى لها ارتباط بالمتن أو شرحه ـ وقد تم ذلك كله فى منتصف ليلة التاسع من شهر رمضان المعظم من سنة خمسين وثلثمائة وألف من هجرة أشرف الخلق صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. والله المسئول أن ينفع بعملى هذا ، وأن يجعله خالصا لوجهه! وأن يجنبنى الغرور ، ويحول بينى وبين العجب والزّلل ، آمين.

* * *


وكان من توفيق الله تعالى أن أقبل الناس على قراءة هذه النسخة ، حتى نفدت طبعتها الأولى فى وقت قريب ، فلما كثر الرجاء لإعادة طبعه أعملت فى تعليقاتى يد الإصلاح ؛ فزدت زيادات هامة ، وتداركت ما فرط منّى فى الطبعة السابقة ، وأكثرت من وجوه التحسين ؛ لأكافىء بهذا الصنيع أولئك الذين رأوا فى عملى هذا ما يستحق التشجيع والتنويه به ، ثم كان من جميل المصادفة أننى فرغت من مراجعة الكتاب قبل منتصف ليلة الثلاثاء الرابع عشر من شهر رمضان المعظم من سنة أربع وخمسين وثلثمائة وألف من هجرة الرسول الأكرم ، صلى الله عليه وسلم.

والله تعالى المسئول أن يوفّقنى إلى ما يحبه ويرضاه ، آمين.

* * *

وها هى ذى الطبعة الرّابعة عشرة أقدمها إلى الذين ألحّوا علىّ فى إعادة طبع الكتاب فى وقت ندر فيه الورق الجيد ، واستعصى شراؤه على الناس بأضعاف ثمنه ، وقد أبيت إلا أن أزيد فى شرحى زيادات ذات بال ، وتحقيقات قلما يعثر عليها القارىء إلا بعد الجهد ، وقد تضاعف بها حجم الكتاب ، فلا غرو إن أعلنت أنه «قد تلاقت فى هذا الكتاب كتب ؛ فأغنى عنها جميعا ، فى حين أنه لا يغنى عنه شىء منها».

ربّ وفقنى إلى الخير ، إنه لا يوفق إلى الخير سواك!

كتبه

محمّد محيى الدين عبد الحميد


تكملة فى تصريف الأفعال

حررها

محمّد محيى الدّين عبد الحميد


بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلاته وسلامه على ختام المرسلين ، وعلى آله وصحبه والتابعين ، ولا عدوان إلا على الظالمين.

أما بعد ؛ فهذه خلاصة موجزة فيما أغفله صاحب الخلاصة (الألفية) أو أجمل القول فيه إجمالا من تصريف الأفعال ، عملتها لقارئى شرح بهاء الدين ابن عقيل ، حين حقّقت مباحثه ، وشرحت شواهده ، وتركت تفصيل القول والإسهاب فيه لكتابى (دروس التصريف) الذى صنفته لطلاب كلية اللغة العربية فى الجامع الأزهر ؛ فقد أودعته أكثر ما تفرق فى كتب الفن بأسلوب بديع ونظام أنيق ، وتحقيق بارع. ومن الله أستمدّ المعونة ، وهو حسبى ، وبه أعتصم.


الباب الأول

فى المجرد والمزيد فيه من الأفعال

وفيه ثلاثة فصول

الفصل الأول

فى أوزانهما

ينقسم الفعل إلى : مجرد ، ومزيد فيه ؛ فالمجرد إما ثلاثى ، وإما رباعى ، وكل منهما ينتهى بالزيادة إلى ستة أحرف ؛ فتكون أنواع المزيد فيه خمسة.

(١) فلماضى المجرد الثلاثى ثلاثة أبنية ، الأول : فعل ـ بفتح العين ـ ويكون لازما ، نحو جلس وقعد ، ومتعدّيا ، نحو ضرب ونصر وفتح ، والثانى : فعل ـ بكسر العين ـ ويكون لازما ، نحو فرح وجذل ، ومتعدّيا نحو علم وفهم ، والثالث : فعل ـ بضم العين ـ ولا يكون إلا لازما ، نحو ظرف وكرم (١).

(٢) ولماضى المجرد الرباعى بناء واحد ، وهو فعلل ـ بفتح ما عدا العين منه ـ ويكون لازما ، نحو حشرج ودربخ (٢) ، ومتعديا ، نحو بعثر ودحرج

(٣) ولمزيد الثلاثى بحرف واحد ثلاثة أبنية ؛ الأول : فعّل ـ بتضعيف عينه ـ نحو قطّع وقدّم ، والثانى : فاعل ـ بزيادة ألف بين الفاء والعين ـ نحو قاتل وخاصم ، والثالث : أفعل ـ بزيادة همزة قبل الفاء ـ نحو أحسن وأكرم.

__________________

(١) وفاء الثلاثى مفتوحة دائما كما رأيت ؛ لقصدهم الخفة فى الفعل ، والفتحة أخف الحركات ، ولامه لا يعتد بها ؛ لأنها متحركة أو ساكنة على ما يقتضيه البناء.

(٢) حشرج : غرغر عند الموت وتردد نفسه ، ودرنح : طأطأ رأسه وبسط ظهره.


(٤) ولمزيد الثلاثى بحرفين خمسة أبنية ، الأول : انفعل ـ بزيادة همزة وصل ونون قبل الفاء ـ نحو انكسر وانشعب ، والثانى : افتعل ـ بزيادة همزة وصل قبل الفاء ، وتاء بين الفاء والعين ـ نحو اجتمع واتّصل ، والثالث : افعلّ ـ بزيادة همزة وصل قبل الفاء ، وتضعيف اللام ـ نحو احمرّ واصفرّ ، والرابع : تفعّل ـ بزيادة تاء قبل الفاء ، وتضعيف العين ـ نحو تقدّم وتصدّع ، والخامس : تفاعل ـ بزيادة التاء قبل فائه ، وألف بين الفاء والعين ـ نحو تقاتل وتخاصم.

(٥) ولمزيد الثلاثى بثلاثة أحرف أربعة أبنية ، الأول : استفعل ـ بزيادة همزة الوصل والسين والتاء قبل الفاء ـ نحو استغفر واستقام ، والثانى : افعوعل ـ بزيادة همزة الوصل قبل الفاء ، وتضعيف العين ، وزيادة واو بين العينين ـ نحو اغدودن واعشوشب ، والثالث : افعوّل ـ بزيادة همزة الوصل قبل الفاء ، وواو مشدّدة بين العين واللام ـ نحو اجلوّذ واعلوّط (١) ، والرابع : افعالّ ـ بزيادة همزة الوصل قبل الفاء ، وألف بعد العين ، وتضعيف اللام ـ نحو احمارّ واعوارّ.

(٦) ولمزيد الرباعى بواحد بناء واحد ، وهو تفعلل ـ بزيادة التاء قبل فائه ـ نحو تدحرج وتبعثر.

(٧) ولمزيد الرباعى بحرفين بناءان ، أولهما : افعنلل ـ بزيادة همزة الوصل قبل الفاء ، والنون بين العين ولامه الأولى ـ نحو احرنجم وافر نقع ، وثانيهما : افعللّ ـ بزيادة همزة الوصل قبل الفاء ، وتضعيف لامه الثانية ـ نحو اسبطرّ واقشعرّ ، واطمأنّ.

(٨) ويلحق بالرباعى المجرد (وهو بناء «دحرج») ثمانية أبنية أصلها من الثلاثى فزيد فيه حرف لغرض الإلحاق ، الأول : فعلل نحو جلبب وشملل ،

__________________

(١) اجلوذ : أسرع فى السير ، واعلوط البعير : ركبه بغير خطام.


والثانى : فوعل نحو رودن وهوجل ، والثالث : فعول نحو جهور ودهور ، والرابع : فيعل نحو بيطر وسيطر ، والخامس : فعيل نحو شريف ورهيأ ، والسادس : فنعل نحو سنبل وشنتر ، والسابع : فعنل نحو قلنس ، والثامن : فعلى نحو سلقى.

(٩) ويلحق بالرباعى المزيد فيه بحرف واحد (وهو بناء «تفعلل») سبعة أبنية أصلها من الثلاثى فزيد فيه حرف للإلحاق ثم زيدت عليه التاء ، الأول : تفعلل نحو تجلبب وتشملل ، والثانى : تمفعل نحو تمندل ، والثالث : تفوعل ، نحو تكوثر وتجورب ، والرابع : تفعول ، نحو تسرول وترهوك ، والخامس : تفيعل ، نحو تسيطر وتشيطن ، والسادس : تفعيل ، نحو ترهيأ ، والسابع : تفعلى ، نحو تقلسى وتجعبى.

(١٠) ويلحق بالرباعى المزيد فيه بحرفين ثلاثة أبنية ، وأصلها من الثلاثى ، فزيد فيه حرف الإلحاق ، ثم زيد فيه حرفان ، الأول : افعنلل نحو اقعنسس واقعندد ، والثانى : افعنلى ، نحو احرنبى واسلنقى ، والثالث : افتعلى. نحو استلقى واجتعبى.

* * *

والإلحاق : أن تزيد على أصول الكلمة حرفا ، لا لغرض معنوى ، بل لتوازن بها كلمة أخرى كى تجرى الكلمة الملحقة فى تصريفها على ما تجرى عليه الكلمة الملحق بها. وضابط الإلحاق فى الأفعال اتحاد المصادر.

فللماضى من الأفعال ـ مجردها ، ومزيدها ، وملحقها ـ سبعة وثلاثون بناء.

الفصل الثانى

فى معانى هذه الأبنية

(١) لا يجىء بناء فعل ـ بضم العين ـ إلا للدلالة على غريزة أو طبيعة أو ما أشبه ذلك ، نحو جدر فلان بالأمر ، وخطر قدره. وإذا أريد التعجّب


من فعل أو المدح به حوّل إلى هذه الزنة ، نحو قضو الرجل وعلم ، بمعنى ما أقضاه وما أعلمه.

(٢) ويجىء بناء فعل ـ بكسر العين ـ للدلالة على النعوت الملازمة ، نحو ذرب لسانه وبلج جبينه ، أو للدلالة على عرض ، نحو جرب وعرج وعمص ومرض ، أو للدلالة على كبر عضو ، وذلك إذا أخذ من ألفاظ أعضاء الجسم الموضوعة على ثلاثة أحرف ، نحو رقب وكبد وطحل وجبه ، وعجزت المرأة. ويأتى لغير ذلك ، نحو ظمىء ، ورهب.

(٣) ويجىء بناء فعل ـ بفتح العين ـ للدلالة على الجمع نحو جمع وحشر وحشد ، أو على التفريق ، نحو بذر وقسم ، أو على الإعطاء ، نحو منح ونحل ، أو على المنع ، نحو حبس ومنع ، أو على الامتناع ، نحو أبى وشرد وجمح ، أو على الغلبة ، نحو قهر وملك ، أو على التحويل ، نحو نقل وصرف أو على التحول ، نحو رحل وذهب ، أو على الاستقرار ، نحو ثوى وسكن ، أو على السير ، نحو ذمل ومشى ، أو على السّتر ، نحو حجب وخبأ ، أو على غير ذلك مما يصعب حصره من المعانى.

(٤) ويجىء بناء فعلل للدلالة على الاتخاذ. نحو قمطرت الكتاب وقرمضت : أى اتخذت قمطرا وقرموضا (١) ، أو للدلالة على المشابهة ، نحو حنظل خلق محمد وعلقم ، أى أشبه الحنظل والعلقم ، أو للدلالة على جعل شىء فى شىء ، نحو عندم ثوبه ونرجس الدواء ، أى جعل فيه العندم والنرجس ، أو للدلالة على الإصابة ، نحو عرقبه وغلصمه ، أى : أصاب عرفوبه وغلصمته ، أو لاختصار المركّب للدلالة على حكايته ، نحو بسمل وسبحل وحمدل وطلبق (٢) ، أو لغير ذلك.

__________________

(١) القرموض ـ بزنة عصفور ـ حفرة صغيرة يكن فيها من البرد.

(٢) سبحل : أى قال «سبحان الله» وحمدل : أى قال «الحمد لله» وطليق : أى قال «أطال الله بقاءك» ومن أمثلته «جعفد» أى قال «جعلت فداك» و «مشأل» : أى قال «ما شاء الله».


(٥) ويجىء بناء أفعل للتعدية ، نحو أجلس وأخرج وأقام ، أو للدلالة على أن الفاعل قد صار صاحب ما اشتقّ منه الفعل ، نحو ألبنت الشاة ، وأثمر البستان ، أو للدلالة على المصادفة ، نحو أبخلته وأعظمته ، أو للدلالة على السلب ، نحو أشكيته وأقذيته ، أى : أزلت شكواه وقذى عينه ، أو للدلالة على الدخول فى زمان أو مكان ، نحو أصحر وأعرق وأتهم وأنجد وأصبح وأمسى وأضحى ، أو للدلالة على الحينونة ، وهى قرب الفاعل من الدخول فى أصل الفعل ، نحو أحصد الزّرع وأصرم النّخل : أى قرب حصاده وصرامه ، أو لغير ذلك.

(٦) ويجىء بناء فعّل للدلالة على التكثير ، نحو جوّلت وطوّفت ، أو للتعدية ، نحو خرّجته وفرّحته ، أو للدلالة على نسبة المفعول إلى أصل الفعل نحو كذّبته وفسّقته ؛ أو للدلالة على السّلب ، نحو قرّدت البعير وقشّرت الفاكهة : أى أزلت قراده وقشرها ، أو للدلالة على التوجه نحو ما أخذ الفعل منه ، نحو شرّق وغرّب وصعّد ، أو لاختصار حكاية المركب ، نحو كبّر وهلّل وحمّد وسبّح ، أو للدلالة على أن الفاعل يشبه ما أخذ منه الفعل ، نحو قوّس ظهر علىّ ، أى : انحنى حتى أشبه القوس ، أو غير ذلك.

(٧) ويجىء بناء فاعل للدلالة على المفاعلة ، نحو جاذبت عليا ثوبه ، أو للدلالة على التكثير ، نحو ضاعفت أجر المجتهد ، وكاثرت إحسانى عليه ، أو للدلالة على الموالاة ، نحو تابعت للقراءة ، وواليت الصّوم ، أو لغير ذلك.

(٨) ويجىء بناء انفعل للدلالة على المطاوعة ، وأكثر ما تكون مطاوعة هذا البناء للثلاثى المتعدّى لواحد ، نحو كسرته قانكسر ، وقدته فانقاد ، وقد يأتى لمطاوعة صيغة أفعل ، نحو أغلقت الباب فانغلق ، وأزعجت عليّا فانزعج.

(٩) ويجىء بناء افتعل للدلالة على المطاوعة ، ويطاوع الثلاثىّ ، نحو جمعته فاجتمع ، وغممته فاغتمّ ، ويطاوع بناء أفعل ، نحو أنصفته فانتصف ،


ويطاوع بناء فعّل ، نحو عدّلت الرمح فاعتدل ، ويأتى للدلالة على الاتخاذ ، نحو اشتوى واختتم (١) ، أو للدلالة على التشارك ، نحو اجتورا واشتورا ، أو للدلالة على التصرف باجتهاد ومبالغة ، نحو اكتسب واكتتب ، أو للدلالة على الاختيار ، نحو انتقى واصطفى واختار ، أو لغير ذلك.

(١٠) ويجىء بناء افعلّ من الأفعال الدالة على لون أو عيب لقصد الدلالة على المبالغة فيها وإظهار قوتها ، نحو احمرّ واصفرّ واعورّ واحولّ.

(١١) ويجىء بناء تفعّل للدلالة على المطاوعة ، وهو يطاوع فعّل ، نحو هذّبته فتهذّب وعلمته فتعلّم ، أو للدلالة على التكلف (٢) ، نحو تكرّم وتشجّع ، أو للدلالة على الطلب ، نحو تعظّم وتيقّن ، أى : طلب أن يكون عظيما وذا يقين ، أو لغير ذلك.

(١٢) ويجىء بناء تفاعل للدلالة على المشاركة ، نحو تخاصما وتعاركا ، أو للدلالة على التكلف ، نحو تجاهل وتكاسل وتغابى (٣) ، أو للدلالة على المطاوعة ، وهو يطاوع فاعل ، نحو باعدته فتباعد وتابعته فتتابع.

(١٣) ويجىء بناء استفعل للدلالة على الطّلب ، نحو استغفرت الله واستوهبته ، أو للدلالة على التحول من حال إلى حال ، نحو استنوق الجمل ، واستنسر البغات ، واستتيست الشاة ، واستحجر الطّين ، أو للدلالة على

__________________

(١) اشتوى : انخذ شواء ، واختتم : أى اتخذ خاتما.

(٢) الفرق بين التكلف بصيغة تفعل والتكلف بصيغة تفاعل أن الأول يستعمل فيما يحب الفاعل أن يصير إليه ، والثانى يستعمل فيما لا يحب الفاعل أن يصير إليه ، وتأمل فى لفظ «تكرم» تجد الفاعل الذى يتكلف الكرم يحب أن يكون كريما ، ثم تأمل فى لفظ «تغابى» أو «تجاهل» أو «تكاسل» ثجده لا يحب أن يكون غبيا أو جاهلا أو كسولا ، ومن هنا تعلم أنه لا يجوز لك أن تبنى من الصفات المحمودة على مثال تفاعل لمعنى التكلف ؛ فلا تقول تكارم ولا تشاجع ، كما أنه لا يجوز لك أن تبنى من الصفات المذمومة على مثال تفعل لمعنى التكلف ؛ فلا تقول تجهل ولا تكسل.


المصادفة ، نحو استكرمته واستسمنته ، أو لاختصار حكاية المركب ، نحو استرجع ، إذا قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، أو لغير ذلك.

(١٤) ويجىء بناء تفعلل لمطاوعة بناء فعلل ، نحو دحرجت الكرة فتدحرجت ، وبعثرت الحبّ فتبعثر.

(١٥) ويجىء بناء افعنلل لمطاوعة بناء فعلل أيضا ، نحو حرجمت الإبل فاحرنجمت.

(١٦) ويجىء بناء افعللّ للدلالة على المبالغة ، نحو اشمعلّ فى مشيه ، واشمأزّ ، واطمأنّ ، واقشعرّ.

الفصل الثالث

فى وجوه مضارع الفعل الثلاثى

قد عرفت أن الماضى الثلاثى يجىء على ثلاثة أوجه ؛ لأن عينه إما مفتوحة ، وإما مكسورة ، وإما مضمومة ، واعلم أن الماضى المفتوح العين يأتى مضارعه مكسور العين ، أو مضمومها ، أو مفتوحها ، وأن الماضى المكسور العين يأتى مضارعه مفتوح العين ، أو مكسورها ، ولا يأتى مضمومها ، وأن الماضى المضموم العين لا يأتى مضارعه إلا مضموم العين أيضا ؛ فهذه ستة أوجه وردت مستعملة بكثرة فى مضارع الفعل الثلاثى ، وبعضها أكثر استعمالا من بعض.

(١) الوجه الأول : فعل يفعل ـ بفتح عين الماضى ، وكسر عين المضارع ـ ويجىء متعديا ، نحو ضربه يضربه ورماه يرميه وباعه يبيعه ، ولازما نحو جلس يجلس ؛ وهو مقيس مطّرد فى واوىّ (١) ، الفاء ، نحو وعد يعد

__________________

(١) بشرط ألا تكون لامه حرف حلق ، فإن كانت لامه حرف حلق كان من باب فتح ، نحو وجأ يجأ.


ووصف يصف ووجب يجب ، وفى يائى العين ، نحو جاء يجىء وفاء يفىء (١) وباع يبيع ومان يمين (٢) ، وفى يائى اللام (٣) ، نحو أوى يأوى وبرى يبرى وثوى يثوى وجرى يجرى ، وفى المضعّف اللازم ، نحو تبّت يده تتبّ ورثّ الحبل يرثّ وصحّ الأمر يصحّ ؛ وهو مسموع فى غير هذه الأنواع.

(٢) الوجه الثانى : فعل يفعل ـ بفتح عين الماضى ، وضم عين المضارع ـ ويجىء متعديا نحو نصره ينصره وكتبه يكتبه وأمره يأمره ، ويجىء لازما ، نحو قعد يقعد وخرج يخرج ؛ وهو مقيس مطّرد فى واوى العين ، نحو باء يبوء وجاب يجوب وناء ينوء وآب يثوب ، وفى واوىّ اللام ، نحو أسا يأسو وتلا يتلو وجفا يجفو وصفا يصفو ، وفى المضعف المتعدّى ، نحو صبّ الماه يصعّه وعبّه يعبّه وحثّه يحثّه ومجّ الشراب يمجّه ، وفى كل فعل قصد به الدلالة على أن اثنين تفاخرا فى أمر فغلب أحدهما الآخر فيه ، سواء أكان قد سمع على غير هذا الوجه أم لم يسمع ، إلا أن يكون ذلك الفعل من أحد الأنواع الأربعة التى يجب فيها كسر عين المضارع ، وقد ذكرناها فى الوجه السابق ، فتقول : تضاربنا فضربته فأنا أضربه ، وتناصرنا فنصرته فأنا أنصره.

(٣) الوجه الثالث : فعل يفعل ـ يفتح عين الماضى والمضارع جميعا ـ ولم يجىء هذا الوجه إلا حيث تكون عين الفعل أو لامه حرفا من أحرف

__________________

(١) فاء إلى الأمر : رجع.

(٢) مان يمين : كذب.

(٣) بشرط أن تكون عينه غير حرف من أحرف الحلق ، فإن وقعت عينه حرفا من أحرف الحلق كان من باب فنح ، نحو رعى يرعى ، وسعى يسعى ، ونأى ينأى ، ونهى ينهى ، وبأى يبأى.


الحلق الستة التى هى الهمزة ، والهاء ، والعين ، والحاء ، والغين ، والخاء ، نحو : فتح يفتح وبدأ يبدأ وبهته يبهته ، وليس معنى ذلك أنه كلما كانت العين أو اللام حرفا من هذه الأحرف كان الفعل على هذا الوجه.

ويجىء الفعل على هذا الوجه لازما ، نحو : نأى ينأى ، ومتعديا نحو : فتح يفتح ، ونهى ينهى.

(٤) الوجه الرابع : فعل يفعل ـ بكسر عين الماضى ، وفتح عين المضارع ـ وهذا هو الأصل من الوجهين اللذين يجىء عليهما مضارع الفعل الماضى المكسور العين ؛ لأنه أخف ، وأدلّ على التصرف ، وأكثر مادة ، وكل فعل ماض سمعته مكسور العين فاعلم أن مضارعه مفتوح العين ، إلا خمسة عشر فعلا من الواوىّ الفاء فإنها وردت مكسورة العين فى الماضى والمضارع. وسنذكرها فى الوجه الخامس.

ويجىء الفعل على هذا الوجه لازما ، نحو ظفر بحقّه يظفر ، ومتعدّيا نحو علم الأمر يعلمه وفهم المسألة يفهمها.

(٥) الوجه الخامس : فعل يفعل ـ بكسر عين الماضى والمضارع جميعا ـ وهو شاذ أو نادر ، ولم ينفرد إلا فى خمسة عشر فعلا من المعتل ، وهى : ورث ، وولى ، وورم ، وورع ، وومق ، ووفق ، ووثق ، وورى المحّ ، ووجد به ، ووعق عليه ، وورك ، ووكم ، ووقه ، ووهم ، ووعم.

(٦) الوجه السادس : فعل يفعل ـ بضم عين الماضى والمضارع جميعا ـ وقد عرفت أنه لا يأتى إلا لازما ، ولا يكون إلا دالا على وصف خلقى ، أى : ذى مكث.

ولك أن تنقل إلى هذا البناء كلّ فعل أردت الدلالة على أنه صار كالغريزة ، أو أردت التعجب منه ، أو التمدح به ، ومن أمثلة هذا الوجه : حسن يحسن ، وكرم يكرم ، ورفه يرفه.


الباب الثانى

فى الصحيح والمعتل ، وأقسامهما

وأحكام كل قسم

ينقسم الفعل إلى صحيح ومعتل.

فالصحيح : ما خلت حروفه الأصول من أحرف العلة الثلاثة ـ وهى الألف ، والواو ، والياء ـ

والمعتلّ : ما كان فى أصوله حرف منها أو أكثر.

والصحيح ثلاثة أقسام : سالم ، ومهموز ، ومضعّف.

فالسالم : ما ليس فى أصوله همز ، ولا حرفان من جنس واحد ، بعد خلوّه من أحرف العلة ، نحو ضرب ، ونصر ، وفتح ، وفهم ، وحسب ، وكرم.

والممهوز : ما كان أحد أصوله همزا ، نحو أخذ وأكل ، وسأل ودأب ، وقرأ وبدأ.

والمضعف نوعان : مضعف الثلاثى ، ومضعف الرباعى ، فأما مضعف الثلاثى فهو : ما كانت عينه ولامه من جنس واحد ، نحو عضّ ، وشذّ ، ومدّ ، وأما مضعف الرباعى فهو : ما كانت فاؤه ولامه الأولى من جنس وعينه ولامه الثانية من جنس آخر ، نحو زلزل ، ووسوس ، وشأشأ.

والمعتل خمسة أقسام : مثال ، وأجوف ، وناقص ، ولفيف مفروق ، ولفيف مقرون.

فالمثال : ما كانت فاؤه حرف علة ، نحو وعد وورث وينع ويسر.

والأجوف : ما كانت عينه حرف علة ، نحو قال : وباع ، وهاب ، وخاف.

والناقص : ما كانت لامه حرف علة ، نحو رضى ، وسرو ، ونهى.

واللفيف المفروق : ما كانت فاؤه ولامه حرفى علة ، نحو وفى ، ووعى ، ووقى.

واللفيف المقرون : ما كانت عينه ولامه حرفى علة ، نحو طوى ، وهوى ، وحيى.

والكلام على أنواع الصحيح والمعتل تفصيلا يقع فى ثمانية فصول.


الفصل الأول

فى السالم ، وأحكامه

وهو ـ كما سبقت الإشارة إليه ـ ما سلمت حروفه الأصلية من الهمز ، والتضعيف ، وحروف العلة

وقولنا : «حروفه الأصلية» للإشارة إلى أنه لا يضرّ اشتماله على حرف زائد : من همزة ، أو حرف علة ، أو غير ذلك ، وعلى هذا فنحو «أكرم ، وأسلم ، وأنعم» يسمى سالما ، وإن كانت فيه الهمزة ؛ لأنها لا تقابل فاءه أو عينه أو لامه ، وإنما هى حرف زائد ، وكذا نحو «قاتل ، وناصر ، وشارك» ونحو «بيطر ، وشريف ، ورودن ، وهوجل» يسمّى سالما وإن اشتمل على الألف أو الواو أو الياء ؛ لأنهن لسن فى مقابلة واحد من أصول الكلمة ، وإنما هن أحرف زائدة ، وكذا نحو «اعلوّط واهبيّخ» يسمى سالما وإن كان فيه حرفان من جنس واحد ؛ لأن أحدهما ليس فى مقابل أصل ، وإنما هما زائدان.

وحكم السالم بجميع فروعه : أنه لا يحذف منه شىء عند اتصال الضمائر ، أو نحوها (١) به ، ولا عند اشتقاق غير الماضى ، لكن يجب أن تلحق به تاء التأنيث إذا كان الفاعل مؤنثا (٢) ، ويجب تسكين آخره إذا اتصل به ضمير رفع متحرك (٣) ، أما إذا اتصل به ضمير رفع ساكن : فإن كان ألفا فتح آخر الفعل

__________________

(١) كتاء التأنيث.

(٢) فى مواضع تذكر فى باب الفاعل من علم الإعراب (النحو)

(٣) لأن الفعل والفاعل كالكلمة الواحدة وهم يكرهون أن يتوالى أربع متحركات فى الكلمة الواحدة أو ما يشابهها ؛ ولهذا لو كان الضمير ضمير نصب لم يسكن آخر الفعل للاتصال به ، نحو «ضربنى ، وضربك ، وضربه» إذ ليس المفعول مع الفعل كالكلمة الواحدة.


إن لم يكن مفتوحا ، نحو «يضربان ، وينصران ، واضربا ، وانصرا» وإن كان آخر الفعل مفتوحا بقى ذلك الفتح ، نحو «ضربا ، ونصرا» (١) ، وإن كان الضمير واوا ضمّ له آخر الفعل ، نحو «ضربوا ، ونصروا ، ويضربون ، وينصرون ، واضربوا ، وانصروا» وإن كان الضمير ياء كسر له آخر الفعل (٢) ، نحو «تضربين ، وتنصرين ، واضربى ، وانصرى» ، وإنما يفتح آخره أو يضم أو يكسر لمناسبة أحرف الضمائر.

ويجب أن تقارن صيغ جميع أنواع الأفعال عند إسنادها إلى الضمائر بصيغ هذا النوع ؛ فكل تغيير يكون فى أحد الأنواع فلا بدّ أن يكون له سبب اقتضاه ، وسنذكر مع كل نوع ما يحدث فيه من التغيّرات وأسبابها ، إن شاء الله.

__________________

(١) ومن العلماء من يذهب إلى أن الفتحة التى كانت فى «ضرب ، ونصر» قد زالت وخلفتها فتحة أخرى لمناسبة ألف الاثنين فى «ضربا ، ونصرا» وعلى المذهب الذى ذكرناه فى الأصل يقال فى «ضربا» : مبنى على الفتح لا محل له من الإعراب ، وعلى المذهب الآخر يقال فى «ضربا» : مبنى على فتح مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة ؛ لأن الفتحة فى «ضربا» على الأول فتحة البناء ، وعلى الآخر هى فتحة اجتلبت لمناسبة الألف ، فأما فتحة البناء فليست موجودة فى اللفظ ، فافهم ذلك.

(٢) إذا تأملت فى أنهم كسروا آخر الفعل عند اتصاله بياء المؤنثة المخاطبة لكونها فاعلا نحو «اضربى» وراعيت أنهم التزموا أن يجيئوا بتون الوقاية قبل ياء المتكلم ـ نحو «ضربنى ونصرنى» تحرزا عن كسر آخر الفعل ؛ لكون ياء المتكلم مفعولا ـ علمت تمام العلم أنهم يعتبرون الفعل والفاعل اعتبار الكلمة الواحدة ؛ فالكسرة التى قبل ياء المخاطبة كأنها وقعت حشوا ، ككسرة اللام فى علم ، وكسرة الراء فى يضرب وفى اضرب ، بخلاف ما قبل ياء المتكلم فإنها لما كانت مفعولا كانت منفصلة حقيقة وحكما ، فناسب أن يفروا من كسر آخر الفعل.


الفصل الثانى

فى المضعّف ، وأحكامه

هو ـ كما علمت ـ نوعان : مضعّف الرباعىّ ، ومضعّف الثلاثىّ.

فأما مضعف الرباعىّ فهو الذى تكون فاؤه ولامه الأولى من جنس ، وعينه ولامه الثانية من جنس آخر (١) ، نحو «زلزل ، ودمدم ، وعسعس» ، ويسمى مطابقا أيضا.

ولعدم تجاور الحرفين المتجانسين فيه كان مثل السالم فى جميع أحكامه ؛ فلا حاجة بنا إلى ذكر شىء عنه. بعد أن فصّلنا لك أحكام السالم فى الفصل السابق.

وأما مضعف الثلاثى ـ ويقال له «الأصمّ» أيضا ـ فهو : ما كانت عينه ولامه من جنس واحد.

وقولنا «عينه ولامه» يخرج به ما كان فيه حرفان من جنس واحد ، ولكن ليس أحدهما فى مقابل العين والآخر فى مقابل اللام ، نحو «اجلوّذ ، واعلوّط» فإن هذه الواو المشددة لا تقابل العين ولا اللام ، بل هى زائدة ، وكذلك يخرج بهذه العبارة ما كان فيه حرفان من جنس واحد ، وأحدهما فى مقابل العين والثانى ليس فى مقابل اللام ، نحو «قطع وذهّب» فإن الحرف الثانى من الحرفين المتجانسين فى هذين المثالين وأشباههما ليس مقابلا للام الكلمة ، وإنما هو تكرير لعينها ، وكذلك ما كان أحد الحرفين المتجانسين فى مقابل اللام والآخر ليس فى مقابل العين ، نحو «احمرّ ، واحمارّ» (٢) ، ونحو «اقشعرّ ، واطمأنّ» (٣) ؛ فإن أحد الحرفين المتجانسين فى هذه المثل ونحوها ليس فى مقابلة العين ، بل هو تكرير للام الكلمة.

__________________

(١) يؤخذ هذا النوع من أسماء الأصوات كثيرا بتكرير الصوت ، نحو : سأسأ ، وشأشأ ، وصرصر ، وبأبأ ، وهأهأ ، وقهقه ، وبسبس.

(٢ و٣) لا يسمى هذان النوعان مضعفين اصطلاحا ، وإن جرت عليهما أحكامه من حيث الإدغام والفك.


والمثال الذى ينطبق عليه التعريف قولك : «مدّ ، وشدّ ، وامتدّ ، واشتدّ ، واستمدّ ، واستمرّ» (١).

ولم يجىء المضاعف من بابى «فتح يفتح ، وحسب يحسب» ـ بفتح العين فى الماضى والمضارع ، أو كسرها فيهما ـ أصالة ، كما لم يجىء من باب «كرم يكرم» ـ بضم العين فيهما ـ إلا فى ألفاظ قليلة : منها لببت وفككت (٢) ، أى : صرت ذا لبّ وفكّة ، وإنما يجىء من ثلاثة الأبواب الباقية ، نحو شذّ يشذ ، وشدّ يشدّ ، وظلّ يظلّ.

حكم ماضيه :

إذا أسند إلى اسم ظاهر ، أو ضمير مستتر ، أو ضمير رفع متصل ساكن ـ وذلك : ألف الاثنين ، وواو الجماعة ـ أو اتصلت به تاء التأنيث ؛ وجب فيه الإدغام ، تقول : «مدّ علىّ ، وخفّ محمود ، وملّ خالد» وتقول : «المحمدان مدّا ، وخفّا ، وملّا» وتقول : «البكرون مدّوا ، وخفّوا ، وملّوا» وتقول : «ملّت فاطمة ، وخفّت ، ومدّت».

فإن اتصل به ضمير رفع متحرك ـ وذلك : تاء الفاعل ، ونا ، ونون النسوة ـ وجب فيه فكّ الإدغام (٣) ، تقول : «مددت ، وخففت ، ومللت ، ومددنا ، وخففنا ، ومللنا ، ومددن ، وخففن ، ومللن».

ثم إن كان ذلك الماضى المسند للضمير المتحرك مكسور العين ـ نحو ظلّ ، وملّ (٤) ـ جاز فيه ثلاثة أوجه :

__________________

(١) من هنا تعلم أنه لا اعتداد بالحروف الزائدة ما دام الحرفان المتجانسان فى مقابل العين واللام.

(٢) ومن ذلك أيضا قولهم «عززت الناقة تعزز» ـ من باب كرم ـ إذا ضاق مجرى لبنها ، وقد جاء هذا الفعل عنهم مدغما ومفكوكا ، والأصل هو الإدعام

(٣) ومن العرب من يبقى الإدغام كما لو أسند إلى اسم ظاهر ، وهى لغة رديئة.

(٤) أصلهما : «ظلل ، وملل» بوزن «علم».


الأول : بقاؤه على حاله الذى ذكرناه ، وهذه لغة أكثر العرب.

الثانى : حذف عينه مع بقاء حركة الفاء على حالها ـ وهى الفتحة ـ فتقول : «ظلت ، وملت» وهذه لغة بنى عامر ، وعليها جاء قوله تعالى (٥٦ ـ ٦٥) : (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) وقوله جلت كلمته (٢٠ ـ ٩٨) : (الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً)(١).

الثالث : حذف العين بعد نقل كسرتها إلى الفاء ، تقول : «ظلت ، وملت» وهذه لغة بعض أهل الحجاز.

حكم مضارعه :

إذا أسند إلى ضمير بارز ساكن ـ وذلك ألف الاثنين ، وواو الجماعة ، وياء المؤنثة المخاطبة ـ مجزوما كان أو غير مجزوم ، أو أسند إلى اسم ظاهر أو ضمير مستتر ولم يكن مجزوما ؛ وجب فيه الإدغام ، تقول : «المحمدان يمدّان ، ويخفّان ، ويملّان ، ولن يمدّا ، ولن يخفّا ، ولن يملّا ، ولم يمدّا ، ولم يخفّا ، ولم يملّا» وتقول : «المحمدون يمدّون ، ويخفّون ، ويملّون ، ولن يملّوا ، ولم يمدّوا» وتقول : «أنت تملّين يا زينب ، ولن تملّى ، ولم تملّى» وكذلك تقول : «يملّ زيد ، ولن يملّ ، ومحمد يملّ ، ولن يملّ» ، قال الله تعالى (٢٨ ـ ٣٥) : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) وقال : (٢٠ ـ ٨١) : (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي) وفى الحديث : «لن يملّ الله حتّى تملّوا».

فإن أسند إلى ضمير بارز متحرك ـ وذلك نون النسوة ـ وجب فكّ الإدغام ، تقول : «النّساء يمللن ، ويشددن ، ويخففن».

__________________

(١) ومن شواهد ذلك قول عمر بن أبى ربيعة المخزومى :

فظلت بمرأى شائق وبمسمع

ألا حبّذا مرأى هناك ومسمع

وقوله أيضا :

ظلت فيها ذات يوم واقفا

أسأل المنزل هل فيه خبر؟

وقد جمع عمر أيضا بين الإتمام والحذف فى بيت واحد ، وهو قوله :

وما مللت ولكن زاد حبّكم

وما ذكرتك إلّا ظلت كالسّدر


وإن كان مسندا إلى الاسم الظاهر أو الضمير المستتر ، وكان مجزوما ـ جاز فيه الإدغام ، والفك ، تقول : «لم يشدّ ، ولم يملّ ، ولم يخفّ» وتقول : «لم يشدد ، ولم يملل ، ولم يخفف» والفك أكثر استعمالا ، قال الله تعالى (٢٠ ـ ٨١) : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) وقال (٧٤ ـ ٦) : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) وقال (٢ ـ ٢٨٢) : (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ) ـ (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ).

حكم أمره :

إذا أسند إلى ضمير ساكن وجب فيه الإدغام ، نحو «مدّا ، ومدّوا ، ومدّى» وإذا أسند إلى ضمير متحرك – وهو نون النسوة ـ وجب فيه الفك ، نحو «امددن» وإذا أسند إلى الضمير المستتر جاز فيه الأمران : الإدغام ، والفك ، والفك أكثر استعمالا ، وهو لغة أهل الحجاز ، قال الله تعالى (٣١ ـ ١٩) : (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ).

وسائر العرب على الإدغام ، ولكنهم اختلفوا فى تحريك الآخر :

فلغة أهل نجد فتحه ؛ قصدا إلى التخفيف ، ولأن الفتح أخو السكون المنقول عنه ، وتشبيها له بنحو «أين ، وكيف» مما بنى على الفتح وقبله حرف ساكن ؛ فهم يقولون : «غضّ ، وظلّ (١) ، وخفّ».

ولغة بنى أسد كلغة أهل نجد ، إلا أن يقع بعد الفعل حرف ساكن ، فإن وقع بعده ساكن كسروا آخر الفعل ؛ فيقولون : «غضّ طرفك ، وغضّ الطرف».

ولغة بنى كعب الكسر مطلقا ؛ فيقولون : «غضّ طرفك ، وغضّ الطرف»

ومن العرب من يحرك الآخر بحركة الأول ؛ فيقولون : «غضّ ، وخفّ ، وظلّ (٢)».

__________________

(١ و٢) من العلماء من ذكر أن الأمر من المضعف الذى من باب «علم يعلم» نحو «ظل ومل» يلزم فيه فك الإدغام ، فتقول : «اظلل ، واملل» ولا يجوز الإدغام


والضابط فى وجوب الإدغام أو الفك أو جوازهما فى الأنواع الثلاثة أن تقول :

(١) كل موضع يكون فيه مكان المثلين من السالم حرفان متحركان يجب فيه الإدغام ، ألا ترى أن «مدّ» فى قولك : «مدّ على ، والمحمدان مدّا» تقابل الدال الأولى صاد «نصر ، ونصرا» وتقابل الدال الثانية الراء ، وهما متحركان؟

(٢) وكل موضع يكون فيه مكان ثانى المثلين من السالم حرف ساكن لعلة الاتصال بالضمير المتحرك يجب فيه الفكّ ، ألا ترى أن «مد» فى قولك : «مددت ، ومددن» وكذلك «يمدّ ، ومدّ» فى قولك : «يمددن ، وامددن» تقابل الدال الأولى فيهن الصاد فى «نصرت ، ونصرن ، وينصرن ، وانصرن» وهى متحركة ، وتقابل الدال الثانية فيهن الراء وهى ساكنة؟

(٢) وكل موضع يكون فيه مكان ثانى المثلين من السالم حرف ساكن لغير العلة المذكورة يجوز فيه الفك والإدغام ، ألا ترى أن الدال الأولى فى نحو «لم يمدد ، وامدد» تقابل الصاد فى نحو «لم ينصر ، وانصر» وأن الدال الثانية تقابل الراء وهى ساكنة لغير الاتصال بالضمير المتحرك (١)؟

وهذا الضابط مطّرد فى جميع ما ذكرنا.

__________________

مخافة التباس صورة الأمر بصورة الماضى ، ومنهم من أنكر ذلك ، وقال : إن ألف الوصل إنما تجتلب لأجل الساكن ، والفاء محركة فى المضارع ، وقد علمنا أن الأمر مقتطع منه ؛ فلم يكن هناك حاجة إلى الألف.

(١) لأن السكون فى «لم يمدد» ونحوه للجزم ، والسكون فى «امدد» ونحوه للبناء.


الفصل الثالث

فى المهموز ، وأحكامه

وهو ـ كما يعلم مما سبق ـ ما كان فى مقابلة فائه ، أو عينه ، أو لامه همز.

فأما مهموز الفاء (١) فيجىء على مثال نصر ينصر ، نحو أخذ يأخذ ، وأمر يأمر ، وأجر يأجر ، وأكل يأكل ، وعلى مثال ضرب يضرب ، نحو أدب يأدب (٢) ، وأبر النخل يأبره (٣) وأفر يأفر (٤) وأسر يأسر ، وعلى مثال فتح يفتح ، نحو أهب يأهب (٥) وأله يأله (٦) ، وعلى مثال علم يعلم ، نحو أرج يأرج ، وأشر يأشر ، وأزبت الإبل تأزب (٧) وأشح يأشح (٨) ، وعلى مثال حسن يحسن ، نحو أسل يأسل (٩).

وأما الصحيح من مهموز العين فيجىء على مثال فتح بفتح (١٠) ، نحو رأس يرأس ، وسأل يسأل ، ودأب يدأب ، ورأب الصّدع يرأبه ، وعلى مثال علم

__________________

(١) وقد يخص هذا النوع باسم «المقطوع» لانقطاع الهمزة عما قبلها بشدتها.

(٢) أدب فهو آدب : دعا إلى طعام ، وأما أدب ـ بمعنى ظرف وحسن تناوله ـ فهو أديب ؛ فإنه من باب كرم يكرم.

(٣) أبر النخل والزرع : أصلحه ، وقد جاء من باب نصر أيضا.

(٤) أفر : عدا ، ووثب.

(٥) أهب : استعد.

(٦) أله : عبد ، وأجار ، وجاء من باب فرح ، بمعنى تحير.

(٧) أزبت الإبل : لم تجتر.

(٨) أشح ـ من باب فرح ـ غضب.

(٩) يقال : رجل أسيل الخد ، أى لين الخد طويله.

(١٠) ويجىء على مثال ضرب يضرب من المعتل المثال كثيرا ، نحو : وأل يئل ، ووأى يئى.


يعلم ، نحو يئس ييأس ، وسئم يسأم ، ورئم يرأم ، وبئس يبأس ، وعلى مثال حسن يحسن ، نحو لؤم يلؤم.

وأما مهموز اللام فيجىء على مثال ضرب يضرب ، نحو : هنأه الطعام يهنئه (١) ، وعلى مثال فتح يفتح ، نحو سبأ يسبأ ، وختأه يختؤه ، وخجأه يخجؤه ، وخسأه يخسؤه ، وحكأ العقدة يحكؤها (٢) ، وردأه يردؤه (٣) ، وعلى مثال علم يعلم ، نحو صدىء يصدأ ، وخطىء يخطأ ، ورزىء يرزأ ، وجبىء يجبأ (٤) ، وعلى مثال حسن يحسن ، نحو بطؤ يبطؤ ، وجرؤ يجرؤ ، ودنؤ يدنؤ ، وعلى مثال تصر ينصر ، نحو برأ يبرؤ (٥).

حكمه :

حكم المهموز بجميع أنواعه كحكم السالم : لا يحذف منه شىء عند الاتصال بالضمائر ونحوها ، ولا عند اشتقاق صيغة غير الماضى منه ؛ إلا كلمات محصورة : قد كثر دورانها فى كلامهم فحذفوا همزتها قصدا إلى التخفيف ، وهى :

أولا : أخذ وأكل. حذفو همزتهما من صيغة الأمر ، ثم حذفوا همزة الوصل فقالوا : «خذ وكل» (٦) وهم يلتزمون حذف الهمزة عند وقوع الكلمة ابتداء.

__________________

(١) وقد جاء هذا الفعل من بابى نصر وفتح.

ويجىء على هذا المثال كثير من المعتل نحو : جاء يجىء ، وقاء يقىء ، وفاء يفىء.

(٢) حكأ العقدة ، أى : شدها ، ومثله أحكأها ، واحتكأها.

(٣) ردأه به : جعله ردءا وقوة وعمادا.

(٤) جبىء : ارتدع ، وكره ، وخرج ، وتوارى ، وجاء هذا الفعل على مثال فتح يفتح.

(٥) برأ المريض : نقه من مرضه ، وجاء على مثال فتح وكرم وفرح.

ويجىء مثال نصر من مهموز اللام فى المعتل الأجوف كثيرا ، نحو : ياء يبوء ، وساءه يسوؤه ، وناء ينوء.

(٦) أصلهما : «أأخذ ، أأكل» على مثال انصر ، فحذفوا فاء الكلمة منهما فصارا «أخذ ، أكل» فاستغنوا عن همزة الوصل ؛ لأنها كانت مجتلبة للتوصل إلى النطق بالساكن وقد زال ، فخذفوها ، فصارا «خذ ، وكل».


ويكثر حذفها إذا كانت مسبوقة بشىء ، ولكنه غير ملتزم التزامه فى الابتداء (١) قال الله تعالى (٢ ـ ٣٢) : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ) وقال سبحانه (٧ ـ ٣١) : (خُذُوا زِينَتَكُمْ) وقال (٢ ـ ١٧٧) : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ) وقال (٧ ـ ٣١) : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا).

فأما فى المضارع : فلم يحذفوا الهمزة منهما ، بل أبقوها على قياس نظائرهما ، قال الله تعالى (٧ ـ ١٤٤) : (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) وقال جل شأنه (٤ ـ ٢) : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ).

ثانيا : أمر وسأل ، حذفوا همزتهما من صيغة الأمر أيضا ، ثم حذفوا همزة الوصل استغناء عنها ، فقالوا : «مر ، وسل» إلا أنهم لا يلتزمون هذا الحذف إلا عند الابتداء بالكلمة ؛ فإن كانت مسبوقة بشىء لم يلتزموا حذفها ، بل الأكثر استعمالا عندهم فى هاتين الكلمتين حينئذ إعادة الهمزة ـ التى هى الفاء أو العين ـ إليهما ؛ قال الله تعالى (٣ ـ ٢١١) : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ) وقال (٢١ ـ ٧) : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وقال (٢٠ ـ ١٣٢) : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ).

فأما فى صيغة المضارع : فإنها لا تحذف ، قال الله تعالى (٢ ـ ٤٤) : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) وقال (٣ ـ ١١٠) : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) وقال (٥ ـ ١٠١) : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ، وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها).

فوزن «مر ، وخذ ، وكل» عل ، ووزن «سل» فل.

__________________

(١) وتتميمهما على قياس نظائرهما ـ حينئذ ـ نادر ، بل قيل : لا يجوز.


ثالثا : رأى ، حذفوا همزة الكلمة فى صيغتى المضارع والأمر ، بعد نقل حركة الهمز إلى الفاء ، فقالوا : «يرى ، وره» (١) ، قال تعالى (٩٦ ـ ١٤) : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى).

فوزن «يرى» يفل ، ووزن «ره» فه.

رابعا : أرى ، حذفوا همزة الكلمة ، وهى عينها فى جميع صيغه : الماضى ، والمضارع ، والأمر (٢) ، وسائر المشتقات ؛ قال الله تعالى (٣١ ـ ٥٣) : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) وقال (٧ ـ ١٤٣) : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) وقال (٤ ـ ١٥٣) : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) وقال (٣١ ـ ٢٩) : (أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا).

فوزن «أرى» أفل ، ووزن «يرى» يفل ، ووزن «أر» أف.

(تنبيه) إذا كان الفعل المهموز اللام على فعل ، نحو «قرأ ، ونشأ ، وبدأ» ثم أسند للضمير المتحرك ؛ فعامة العرب على تحقيق الهمزة ؛ فتقول : قرأت ،

__________________

(١) أصل «يرى» يرأى ، على مثال يفتح ، تحركت الياء ـ التى هى لام الكلمة ـ وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ، ثم نقلوا حركة الهمزة ـ الى هى العين ـ إلى الساكن قبلها ، فالتقى ساكنان : العين ، واللام ، فحذفوا العين للتخلص من التقاء الساكنين. وأصل «ره» «ارأ» بعد حذف اللام لبناء الأمر عليه ، فنقلوا حركة الهمزة ، ثم حذفوها حملا على حذفها فى المضارع ، ثم استغنوا عن همزة الوصل فحذفوها ، فصار الفعل على حرف واحد ، فاجتلبوا له هاء السكت.

(٢) أصل أرى الماضى «أرأى» على مثال أكرم ، تحركت الياء ـ التى هى اللام ـ وانفتح ما قبلها ؛ فقلبت ألفا ، ثم نقلت حركة الهمزة ـ التى هى العين ـ إلى الفاء ، ثم حذفت العين للتخلص من التقاء الساكنين ، وأصل يرى المضارع «يرئى» على مثال يكرم ، استثقلت الضمة على الياء فحذفت ، ثم نقلت حركة الهمزة إلى الفاء ، ثم حذفت ، وأصل «أر» الأمر «أرء» بعد حذف اللام لبناء الأمر عليه ، ثم نقلت حركة الهمزة التى هى عين الكلمة إلى الراء ، ثم حذفت الهمزة حملا على حذفها فى المضارع.


ونشأت ، وبدأت ، وحكى سيبويه عن أبى زيد أن من العرب من يخفف الهمزة ؛ فيقول : قريت ، ونشيت ، وبديت ، ومليت الإناء ، وخبيت المتاع ، وذكر أنهم يقولون فى مضارعه : أقرا ، وأخبا ، وأنشا ـ بالتخفيف أيضا ـ فعلى هذا لو دخل على المضارع جازم : فإن كان التخفيف بعد دخول الجازم كان التخفيف قياسيا ، ولم تحذف الألف لاستيفاء الجازم حظّه قبل التخفيف ، تقول : لم أقرا ، ولم أبدا ، ولم أنشا ، وإن كان التخفيف قبل دخول الجازم كان التخفيف غير قياسى ، ومع هذا لم يلزمك أن تحذف هذه الألف عند دخول الجازم ، كما تصنع فى الناقص ، بل يجوز لك أن تحذفها كما يجوز لك أن تبقيها ؛ فتقول : لم أقر ، ولم أبد ، ولم أنش ، وتقول : لم أقرا ، ولم أبدا ، ولم أنشا ، وهو الأكثر.

وقد يخفف مهموز العين ـ نحو سأل ـ فيقال فيه : سال ، وفى مضارعه : يسال ، وفى أمره : سل (١).

وقد جاء على هذا قول الشاعر :

سالت هذيل رسول الله فاحشة

ضلّت هذيل بما قالوا ، وما صدقوا

__________________

(١) وعلى هذا لا يكون حذف العين من أمر «سأل» شاذا فى القياس كما ذكرنا آنفا ، بل إنما يكون الحذف للتخلص من التقاء الساكنين : كالحذف فى «خف ، ونم» وأصل «سل» على هذا : اسأل ، نقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها ، ثم خففت الهمزة ، واستغنى عن همزة الوصل ، فصار «سال» فحذفت العين تخلصا من التقاء الساكنين ، ويذهب بعض العلماء إلى التزام هذا التقدير فى هذه الكلمة.

قال أبو رجاء : ويلزمه أن يكون «سل» بالحذف لغة من يخفف الهمزة وحدهم ، مع أن العلماء ذكروا أن النطق به محذوف الهمزة لغة عامة العرب.


الفصل الرابع

فى المثال ، وأحكامه

وهو ـ كما علمت مما تقدم ـ ما كانت فاؤه حرف علّة (١) ، وتكون فاؤه واوا ، أو ياء ، ولا يمكن أن تكون ألفا (٢) ، كما لا يمكن إعلال واوه أو يائه.

فأما المثال الواوىّ فيجىء على خمسة أوجه ؛ الأول : «علم يعلم» نحو «وبىء ، ووجع ، ووجل ، ووحل ، ووحمت ، ووذر ، ووسخ ، ووسع ، ووسن ، ووصب ، ووضر ، ووطف ، ووطىء ، ووغر ، ووقرت أذنه ، ووكع ، وولع ، ووله ، ووهل». الثانى : مثال «كرم يكرم» نحو «وثر ، ووثق ، ووجز ، ووجه ، ووخم ، ووضؤ ، ووقح». الثالث : مثال «نفع ينفع» نحو «وجأ ، وودع ، ووزع ، ووقع ، ووهب ، ووضع ، وولغ». الرابع : مثال «حسب يحسب» نحو «ورث ، وورع ، وورم ، ووفق ، وولغ». الخامس : مثال «ضرب يضرب» نحو «وعد ، ووثب ، ووجب».

ولم يجىء من الواوى على مثال «نصر ينصر» إلا كلمة واحدة فى لغة بنى عامر ، وهى قولهم : «وجد يجد» (٣). وعليها قول جرير :

__________________

(١) إنما سمى «مثالا» لأن ماضيه مثل السالم فى الصحة وعدم الإعلال ، أو لأن أمره مثل أمر الأجوف ، وقد يقال له «المعتل» بالإطلاق.

(٢) لأن الألف لا تكون إلا ساكنة ، والساكن لا يقع ابتداء ، بخلاف الواو والياء ، فإنهما لما كانا يقبلان الحركة وقعا فاء ، أما الألف فإنها تقع وسطا وآخرا وإن لم تكن أصلية ، نحو : «قال ، وباع ، وخاف ، ورمى ، وغزا».

(٣) كان مقتضى القياس أن تبقى الواو التى هى فاء الكلمة ، ولا تحذف ، لما ستعلمه قريبا ، فكان حقهم أن يقولوا : يوجد ـ بوزان «ينصر» ـ غبر أنهم حذفوا الواو قبل الضمة كما يحذفها العرب كافة قبل الكسرة : شذوذا ، واستثقالا.


لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة

تدع الحوائم لا يجدن غليلا (١)

وأما المثال اليائى (٢) فإن أمثلته فى العربية قليلة جدا ، وقد جاءت على أربعة أوجه ؛ الأول : مثال «علم يعلم» نحو «يبس ، ويتم ، ويقظ ، وبقن ، ويئس». الثانى : مثال «نفع ينفع» نحو «يفع ، وينع (٣)» الثالث : مثال «نصر ينصر» نحو «يمن» الرابع : مثال «ضرب يضرب» نحو «ينع (٤) ، ويسر».

حكم ماضيه :

ماضى المثال ـ سواء أكان واويا أم كان يائيا ـ كماضى السالم فى جميع حالاته (٥) تقول : «وعدت ، وعدنا ، وعدت ، وعدت ، وعدتما ، وعدتم ،

__________________

(١) نقع : روى ، الحوائم : العطاش ، غليلا : حرارة عطش ، يقول : لو أنك تشائين لروى المحب بشربة من ريقك العذب تترك العطاش لا يجدن حرارة العطش ، وذلك فى يدك بترك المجانبة والهجر.

(٢) لم أجد أحدا من العلماء قد بين هذا ، ولكنى أردت ذكره تتميما للبحث ، وقد راجعت القاموس والمختار والمصباح ؛ لاستيعاب ما جاءوا به وبيان أبوابه التى ورد عليها ، والعلة فى ترك الصرفيين لهذا النوع سلامة فائه فى سائر تصاريفه.

(٣) جاء هذا الفعل من بابين كما ترى.

(٤) المراد أنه لا يعتل بأى نوع من أنواع الإعلال ؛ لأن جميعها غير ميسور فيه ؛ وبيان ذلك أن الإعلال ثلاثة أنواع : إعلال بالقلب ، وإعلال بالسكون ، وإعلال بالحذف ؛ أما الإعلال بالقلب فلأنك لو قلبت الفاء لم تقلبها إلا حرفا من أحرف العلة ؛ إذ هو الغالب فى هذا النوع ، وحرف العلة لا يكون إلا ساكنا ، ولا يمكن الابتداء بالساكن ؛ فلا يكون حرف العلة فى مكان الفاء ؛ وأما الإعلال بالسكون فغير مقدور ؛ وعلته ظاهرة ؛ وأما الإعلال بالحذف فإما أن تحذف ولا تعوض عن المحذوف شيئا فيكون غبنا وإلباسا بصورة الأمر ، وإما أن تحذف وتعوض : فى الأول ، أو فى الآخر ؛ فيقع اللبس بالمضارع أو بالمصدر.


وعدتنّ ، وعد ، وعدت ، وعدا ، وعدتا ، وعدوا ، وعدن» وتقول : «يسرت ، يسرنا ، يسرت ، يسرت ، يسرتما ، يسرتم ، يسرتنّ ، يسر ، يسرا ، يسرنا ، يسروا ، يسرن».

حكم مضارعه وأمره :

أما اليائىّ فمثل السالم لا يحذف منه شىء (١) ، ولا يعلّ بأى نوع من أنواع الإعلال.

وأما الواوى فتحذف واوه من المضارع والأمر وجوبا ؛ بشرطين :

الأول : أن يكون الماضى ثلاثيا مجردا (٢) نحو «وصل ، وورث».

الثانى : أن تكون عين المضارع مكسورة : سواء أكانت عين الماضى مكسورة أيضا ، نحو «ورث يرث ، ووثق يثق ، ووفق يفق ، ووعم يعم» أم كانت عين الماضى مفتوحة ، نحو «وصل يصل ، ووعد يعد ، ووجب يجب ، ووصف يصف».

فإن اختل الشرط الأوّل : بأن كان الفعل مزيدا فيه نحو «أوجب ، وأورق ، وأوعد ، وأوجف» ونحو «واعد ، وواصل ، ووازر ، وواءل» لم تحذف الواو لعدم الياء المفتوحة (٣) ، تقول : يوجب ، ويورق ، ويوعد ، ويوجف ، وبواعد ، ويواصل ، ويوازر ، ويوائل».

وإن اختل الشرط الثانى : بأن كانت عين المضارع مضمومة ، أو مفتوحة ـ لم تحذف الواو لعدم الكسرة (٤) تقول : «يوجه ، ويوجز ، ويوضؤ ،

__________________

(١) وشذ من ذلك كلمتان حكاهما سيبويه وهما يسر يسر ـ كوعد يعد ـ ويئس يئس ؛ ـ كوهم يهم ـ فى لغة.

(٢) وحينئذ يكون حرف المضارعة مفتوحا ؛ ولهذا فإن أكثر الصرفيين يجعل الشرط فتح حرف المضارعة.

(٣) ولهذا لو كان نحو «وعد ، ووصف ، وورث ، ووعم» مبنيا للمجهول لم


ويوخم ، ويوقح» وكذا «يوجل ، ويوهل» وفى القرآن الكريم : (١٥ ـ ٥٣) : (لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ).

ولم يشذّ من المضارع المضموم العين إلا كلمة واحدة ، وهى «يجد» فى لغة عامر ، وقد تقدمت.

وقد شذ من المضارع المفتوح العين عدّة أفعال : فسقطت الواو فيها ، وقياسها البقاء ، وهى : «يذر ، ويسع ، ويطأ ، ويلع ، ويهب ، ويدع ، ويزع ، ويقع ، ويضع ، ويلغ» (١).

وشذت أفعال مكسورة العين فى المضارع وقد سلمت من الحذف فى لغة عقيل ، وهى : «يوغر ، ويوله ، ويولغ ، ويوحل ، ويوهل» وهى عند غير عقيل : مفتوحة العين ، أو محذوفة الفاء.

والأمر ـ فى هذا كله ـ كالمضارع ، إلّا فيما سلمت واوه من الحذف ، وهو مفتوح العين أو مكسورها ؛ فإن الواو فى هذين تقلب باء ؛ لوقوعها ساكنة إثر همزة الوصل المكسورة ، تقول : «إيجل ، إيهل ، إيغر» بكسر العين عند عقيل ، وفتحها عند غيرهم.

وتقول فى أمر المحذوف الفاء : «رث ، وثق ، وفق ، وعم ، وصل ،

__________________

تحذف الواو من مضارعه ، تقول : «يوعد ، ويوصف ، ويورث ، ويوعم» بضم حرف المضارعة وفتح ما قبل الآخر.

(١) اعلم أن كثيرا من العلماء يذهب إلى أن سقوط الواو فيما عدا «يطأ ويسع» جاء موافقا للقياس ، مدعيا أن أصل هذه الأفعال جميعها مكسور العين على مثال «يضرب» وقد حذفت الواو للياء المفتوحة والكسرة ، وبعد الحذف فتحوا العين استثقالا لاجتماع الكسرة وحرف الحلق ، واستصحبوا الأصل بعد فتح العين فلم يعيدوا الواو ، أما «يطأ ، ويسع» فهما شاذان إجماعا ؛ لأن ماضيهما مكسور العين ، فقياسه فتح عين المضارع ، وأما «يذر» فمحمول على «يدع» لأنه بمعناه.


وعد ، وصف» وتقول أيضا : «ذر ، وسع ، وطأ ، ولع ، وهب ، ودع ، وزع ، ولغ».

وإنما حذفت الواو فى الأمر مع عدم وجود الياء المفتوحة ـ حملا على حذفها فى المضارع ؛ إذ الأمر إنما يقتطع منه.

(تنبيهان) : الأول : إذا كان مصدر الفعل المثال الواوىّ على مثال «فعل» ـ بكسر الفاء ـ جاز لك أن تحذف فاءه (١) ، وتعوّض عنها التاء بعد لامه ، نحو «عدة ، وزنة ، وصفة» وتعويض هذه التاء واجب : لا يجوز عدمه عند الفراء ، ومذهب سيبويه ـ رحمه الله! ـ أن التعويض ليس لازما ، بل يجوز التعويض كما يجوز عدمه (٢) ، تمسكا بقول الفضل بن العباس :

إن الخليط أجدّوا البين فانجردوا

و أخلفوك عد الأمر الّذى وعدوا

الثانى : إذا أردت أن تبنى على مثال «افتعل» من المثال الواوىّ أو اليائىّ لزمك أن تقلب فاءه تاء ، ثم تدغمها فى تاء افتعل ، ولا يختص ذلك بالماضى ، ولا بسائر أنواع الفعل ، بل جميع المشتقات وأصلها فى ذلك سواء ، تقول : «اتّصل ، واتّعد ، واتّقى ، يتّصل ، ويتّعد ، ويتّقى ، اتّصل ، واتّعد ، واتّق ، اتّصالا ، واتّعادا ، واتّقاء ؛ فهو متّصل ، ومتّعد ، ومتّق ـ إلخ» ، وتقول : «اتّسر ، يتّسر ، اتّسارا ـ إلخ».

والأصل «اوتصل» فقلبت الواو تاء فصار «اتتصل» فلم يكن بدّ من الإدغام ، لوقوع أوّل المتجانسين ساكنا ، وثانيهما متحركا ، وكذا الباقى.

__________________

(١) وشذ الحذف مع التعويض فى غير المصدر ، نحو «رقة ـ اسم للفضة ، وحشة ـ اسم للأرض الموحشة ـ وجهة ـ اسم للمكان الذى تتوجه إليه»

(٢) بشرط ألا يقصد بالمصدرين بيان الهيئة.


الفصل الخامس

فى الأجوف ، وأحكامه

وهو (١) ـ على ما سبقت الإشارة إليه ـ ما كانت عينه حرفا من أحرف العلة وهو على أربعة أنواع ؛ لأن عينه إما أن تكون واوا ، وإما أن تكون ياء ، وكل منهما إما أن تكون باقية على أصلها ، وإما أن تقلب ألفا.

فمثال ما عينه واو باقية على أصلها «حول ، وعور ، وصاول ، وقاول ، وحاول ، وتقاولا ، وتحاورا ، واشتورا ، واجتورا».

ومثال ما أصل عينه الواو وقد انقلبت ألفا «قام ، وصام ، ونام ، وخاف ، وأقام ، وأجاع ، وانقاد ، وانآد ، واستقام ، واستضاء».

ومثال ما عينه ياء باقية على أصلها «غيد ، وحيد ، وصيد ، وبايع ، وشايع ، وتبايعا ، وتسايفا».

ومثال ما أصل عينه الياء وقد قلبت ألفا «باع ، وجاء ، وأذاع ، وأفاء ، وامتار ، واستراب ، واستخار».

ويجىء مجرده بالاستقراء على ثلاثة أوجه ، الأول : مثال «علم يعلم» واويا كان أو يائيا ، نحو «خاف يخاف ، ومات يمات (٢) ، وهاب يهاب ، وعور يعور ، وغيد يغيد» والثانى : مثال «نصر ينصر» ولا يكون إلا واويا ، نحو «ماج يموج ، وذاب يذوب» ، الثالث : مثال «ضرب يضرب» ولا يكون

__________________

(١) ويقال له : «ذو الثلاثة» لأن أكثره يكون على ثلاثة أحرف مع الضمير المتحرك على ما ستعرف ، والأقل محمول على الأكثر ، ولا يلزم إطلاق الاسم كلما وجدت علة التسمية على ما هو معلوم.

(٢) لغة فى «مات يموت».


إلا يائيا ، نحو «طاب يطيب ، وعاش يعيش» ولم يجىء على غير هذه الأوجه (١).

حكم ماضيه قبل اتصال الضمائر به :

يجب تصحيح عينه ـ أى بقاؤها على حالها ، واوا كانت أو ياء ـ فى المواضع الآتية ، وهى :

أولا : أن يكون على مثال فعل ـ بكسر العين (٢) ـ بشرط أن يكون الوصف منه على زنة «أفعل» وذلك فيما دلّ على حسن أو قبح ، نحو «حول فهو أحول ، وعور فهو أعور ، وحيد فهو أحيد ، وغيد فهو أغيد» فإن كان على مثال فعل ـ بفتح العين ـ اعتلت عينه ـ أى : قلبت ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها ـ نحو «باع ، وعاث ، وقال ، وصام» وإن كان على مثال فعل ـ بالكسر ـ لكن الوصف منه ليس على مثال افعل وجب إعلاله أيضا ، نحو «خاف فهو خائف ، ومات فهو ميّت».

وشذّ الإعلال فى نحو قول الشاعر :

__________________

(١) وردت كلمة واحدة على مثال كرم يكرم ، وهى قولهم «طال يطول» عند بعض العلماء ، وهى عند غيرهم من باب نصر.

(٢) إنما أعلوا فعل ـ بفتح العين ـ ولم يعلوا فعل المكسور إذا كان وصفه على أفعل مع وجود العلة المقتضية للاعلال فى كليهما ، وهى تحرك الواو أو الياء مع انفتاح ما قبلهما ـ لعلة اقتضت التصحيح فى المكسور بشرطه ، وهى أن الأصل فى الدلالة على الألوان والعيوب هو صيغتا : افعل ، وافعال ـ بتشديد اللام فيهما ـ نحو اعمش واعماش ، واحمر واحمار ، وهاتان الصيغتان يجب فيهما التصحيح لسكون ما قبل العين ، نحو احول واعور ، واحوال واعوار ، واغيد ، واحيد ، واغياد ، واحياد ، وصيغة فعل ـ بكسر العين ـ الذى الوصف منه على أفعل ـ مقتطعة من هاتين ؛ فبقيت على ما كان لها قبل الاقتطاع وهو التصحيح.


وسائلة بظهر الغيب عنّى

أعارت عينه أم لم تعارا (١)

ثانيا : أن يكون على صيغة «فاعل» : سواء أكانت العين واوا ، نحو «حاول ، وجاول ، وقاول ، وصاول» أم كانت العين ياء نحو «بايع ، وضايق ، وباين ، وداين» وعلة وجوب تصحيح هذه الصيغة أن ما قبل العين ساكن معتلّ ، ولا يقبل إلقاء حركة العين عليه.

ثالثا : أن يكون على مثال «تفاعل» : سواء أكانت العين واوا ، نحو «تجاولا ، وتصاولا ، وتقاولا ، وتفاوتا ، وتناوشا ، وتهاونا» أم كانت العين ياء نحو «تداينا ، وتبايعا ، وتباينا ، وتزايد ، وتمايد» والعلة فى وجوب تصحيح هذه الصيغة هى العلة السابقة فى «فاعل» قال تعالى (٢ ـ ٢٨٢) : (إِذا تَدايَنْتُمْ).

رابعا : أن يكون على مثال «فعّل» ـ بتشديد العين ـ سواء أكان واويا ، نحو «سوّل ، وعوّل ، وسوّف ، وكوّر ، وهوّن ، وهوّم» أم كان يائيا ، نحو «بيّن ، وبيّت ، وسيّر ، وخيّر ، وزيّن ، وصيّر» ولم تعتل العين فرارا من الإلباس ؛ إذ لو قلبتها ألفا لقلت فى «بيّن» مثلا : «باين» ، قال تعالى (٥ ـ ٣٠) : (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ).

خامسا : أن يكون على مثال «تفعّل» سواء أكان واويا نحو «تسوّل ، وتسوّر ، وتهوّع ، وتقوّل ، وتلوّن ، وتأوّل» أم كان يائيا ، نحو «تطيّب ، وتغيّب ، وتميّز ، وتصيّد ، وتشيّع ، وتريّث» والعلة هى علة السابق ، قال الله تعالى (٣٨ ـ ٢١) : (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) وقال سبحانه (١٤ ـ ٤٥) : (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ).

__________________

(١) الهمزة فى قوله «أعارت» للاستفهام ، والألف فى آخر قوله «تعارا» منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة للوقف.


سادسا : أن يكون على مثال «افعلّ» سواء أكان واويا نحو «احولّ ، واعورّ ، واسودّ» أم كان يائيا ، نحو «ابيضّ ، واغيدّ ، واحيدّ» ولم تعلّ العين لسكون ما قبلها ، ولم تنقل حركتها إلى الساكن ـ مع أنه حرف جلد يقبل الحركة ثم تعلّ فرارا من التقاء الساكنين ، ومن الإلباس ، قال الله تعالى (٣ ـ ١٠٦) : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ) وقال (٣ ـ ١٠٧) : (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ).

سابعا : أن يكون على مثال «افعال» سواء أكان واويا نحو «احوال ، واعوارّ» أم كان يائيا ، نحو «ابياضّ ، واغيادّ» والعلة فى وجوب تصحيحه هى علة السابق.

ثامنا : أن يكون على مثال «افتعل» وذلك بشرطين ؛ أحدهما : أن تكون عينه واوا ، والثانى : أن تدل الصيغة على المفاعلة ، نحو «اجتوروا ، واشتوروا ، وازدوجوا» فإن كانت العين ياء سواء أكانت الصيغة دالة على المفاعلة أم لم تكن ، نحو «ابتاعوا ، واستافوا ، واكتال ، وامتار» ـ وجب إعلاله ، وكذلك إن كانت العين واوا ولم تدل الصيغة على المفاعلة ، نحو «استاك ، واستاق ، واستاء ، واقتاد».

ويجب الإعلال فيما عدا ذلك ، وهو ـ عدا ما سبق ـ صيغ : «أفعل ، وانفعل ، واستفعل» نحو «أجاب ، وأقام ، وأهاب ، وأخاف» (١) ،

__________________

(١) أصل «أقام» ونحوه : أقوم ـ على مثل أكرم ـ نقلت حركة الواو ـ أو الياء ـ إلى الساكن قبلها ، ثم يقال : تحركت الواو بحسب الأصل وانفتح ما قبلها بحسب الحال ، فقلبت ألفا ، فصار أقام ، فالإعلال فى هذه الصيغة بالنقل أولا وبالقلب بعده.


ونحو «انقاد ، وانداح ، وانماح ، وانماع» (١) ، ونحو : «استقام ، واستقال ، واستراح ، واستفاد» (٢).

وقد وردت كلمات على صيغة «أفعل» وكلمات أخرى على صيغة «استفعل» مما عينه حرف علة من غير إعلال ، من ذلك قولهم : «أغيمت السماء ، وأعول الصبىّ ، واستحوذ عليهم الشيطان ، واستنوق الجمل ، واستتيست الشاة ، واستغيل (٣) الصبىّ ، وقال عمر بن أبى ربيعة :

صددت فأطولت الصّدود ؛ وقلّما

وصال على طول الصّدود يدوم

وقد اختلف العلماء فى هذا ونحوه ؛ فذهب أبو زيد والجوهرى إلى أنه لغة فصيحة لجماعة من العرب بأعيانهم (٤) وذهب كثير من العلماء إلى أن ما ورد من ذلك شاذ لا يقاس عليه ، وفرق ابن مالك بين ما سمع من ذلك وله ثلاثى مجرد ـ نحو «أغيمت السماء» ، فإنه يقال «غامت السماء» فمنع أن يكون التصحيح فى هذا النوع مطردا ، وما ليس له ثلاثى مجرد ـ نحو «استنوق الجمل» ـ فأجاز التصحيح فيه (٥).

__________________

(١) أصل «انقاد» ونحوه : انقود ـ على مثال انكسر ـ وقعت الواو أو الياء متحركة مفتوحا ما قبلها ، فلزم قلبها ألفا ، فصار «انقاد» فالإعلال فى هذه الصيغة بالقلب وحده.

(٢) أصل استفاد ونحوه : استفيد ـ على مثال استغفر ـ فنقلت حركة حرف العلة إلى الساكن قبله ، ثم قلب حرف العلة ألفا كما فى أقام ؛ فالإعلال فى هذه الصيغة بالنقل ثم بالقلب.

(٣) أى : شرب الغيل ـ بفتح فسكون ـ وهو لبن الحامل.

(٤) أى : فيجوز على لغتهم قياس ما لم يسمع على ما سمع.

(٥) والذى نذهب إليه ونرى أنه موافق لما وردنا من لغات العرب ، وإن لم نجد أحدا من العلماء ذكره صراحة ـ هو أن مسألة نقل حركة حرف العلة إلى الساكن


حكم الماضى عند اتصال الضمائر به :

أما الصيغ التى يجب فيها التصحيح ، فإن حكمها كحكم السالم : لا يحذف منها شىء ، سواء أكان الضمير ساكنا أم كان متحركا ، تقول : «غيدت ، وحولت ، وغيدا ، وحولا ، وغيدوا ، وحولوا» وتقول : «حاولت ، وداينت ، وحاولا ، وداينا ، وحاولوا ، وداينوا» وكذا «تقاولت ، وتمايدت ، وتقاولا ، وتمايدا» وكذا «عوّلت ، وبيّنت ، وعوّلا ، وبيّنا ـ إلخ».

أما الصيغ التى يجب فيها الإعلال ، فإن أسندت إلى ضمير ساكن أو اتصلت بها تاء التأنيث ؛ بقيت على حالها ، تقول : باعا ، وقالا ، وخافا ، وابتاعا ، واستاكا ، وابتاعوا ، واستاكوا ، وأجابا ، وأهابا ، وأجابوا ، وأهابوا ، وانقادا ، وانماعا ، وانقادوا ، وانماعوا ، واستقاما ، واستفادا ، واستقاموا ، واستفادوا».

وإن أسندت إلى ضمير متحرك وجب حذف العين : تخلصا من التقاء الساكنين.

وحينئذ فجميع الصيغ التى تشتمل على حرف زائد أو أكثر يجب أن تبقى بعد حذف العين على حالها ، تقول : «ابتعت ، واستكت ، وأجبت ، وأهبت ، وانقدت ، واستقمت ، واستفدت» (١) إلخ.

__________________

الصحيح قبله فى مواضعها الأربعة ـ ونستثنى من ذلك أن تكون حركة حرف العلة ضمة أو كسرة فى الفعل ؛ لثقل اجتماعهما حينئذ ـ ليست أمرا واجبا كقلب الواو أو الياء ألفا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما حقيقة ، بل ذلك أمر يجوز ارتكابه كما يجوز عدمه ؛ فالعلل المقتضية للاعلال عندنا نوعان : أحدهما موجب ، والآخر مجوز ، والدليل على هذا أن مواضع النقل الأربعة كلها قد جاء فيها الإعلال ، وجاء فيها التصحيح على الأصل ، وقد ذكر العلماء فى كل ما جاء مصححا منها خلافا فى أنه شاذ أو لغة لجماعة من العرب.

(١) لا يخفى عليك أن أصل «أجبت» وأخواته قبل الإسناد إلى الضمير وبعد


وأما الثلاثى المجرد : فإن كان على «فعل» بكسر العين ـ وذلك باب «علم» ـ وجب كسر الفاء إيذانا بحركة العين المحذوفة ، ولا فرق فى هذا النوع بين الواوى واليائى ، تقول : «خفت ، ومتّ ، وهبت» (١) وإن كان على مثال «فعل» ـ بفتح العين ـ وذلك باب «ضرب» وباب «نصر» فرق بين الواوىّ واليائى ؛ فتضم فاء الواوى ـ وهو باب «نصر» ـ إيذانا بنفس الحرف المحذوف ، وتكسر فاء اليائى ـ وهو باب «ضرب» ـ لذلك السبب. تقول : «صمت ، وقدت ، وقلت (٢)» وتقول : «بعت ، وطبت. وعشت (٣)» وإن كان مضموم العين على فعل ـ حذفت العين وضمت الفاء للدلالة على الواو ؛ نحو «طلت» قال الله تعالى : (١٩ ـ ٥) : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) وقال سبحانه (٢٠ ـ ٦٨) : (قُلْنا

__________________

الإعلال بالنقل والقلب «أجاب» فلما أرادوا الإسناد إلى الضمير المتحرك لزمهم إسكان الآخر ، والألف قبله ساكنة ، فاضطروا إلى حذف حرف العلة للتخلص من التقاء الساكنين.

(١) أصل «خفت» وأخواته «خاف» بعد الإعلال الذى سبق بيانه ، وحذفوا حرف العلة عند الإسناد ؛ لاضطرارهم إلى تسكين آخر الفعل ، وحركوا الفاء بالكسرة دلالة على حركة العين التى حذفوها.

(٢) أصل «قلت» وأخوانه «قال» فحذفوا العين عند الإسناد للضمير المتحرك للعلة التى سبق بيانها ، وحركوا الفاء بالضمة إشعارا بأن المحذوف واو.

(٣) أصل «طبت» وأخواته «طاب» فحذفوا العين عند الإسناد لما ذكرنا ، وحركوا الفاء بالكسرة إيذانا بأن المحذوف ياء.

ومن هنا تعلم أن الفاء تكسر فى الأجوف الثلاثى إذا أسند إلى الضمير المتحرك فى موضعين ، الأول : إذا كانت العين المحذوفة مكسورة ، والثانى : إذا كانت العين مفتوحة وأصلها الياء ، ولكن الكسرة فى الأول إيذان بالحركة ، وفى الثانى إيذان بالحرف ، وتضم فى موضعين أيضا بهذه المنزلة.


لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) وقال جل شأنه (١٩ ـ ٢٣) : (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا)(١) ؛ وقال (١٤ ـ ١٠) : (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ) وقال (٤١ ـ ١١) : (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) وقال (١٥ ـ ١٩) : (قالوا إن نحن إلا بشر مثلكم).

حكم مضارعه :

أما المضارع من الصيغ التى يجب التصحيح فى ماضيها فهو على غرار المضارع من السالم : لا يتغير فيه شىء بأى نوع من أنواع التغيير ، تقول : «غيد يغيد ، وحور يحور ، وناول يناول ، وبايع يبايع ، وسوّل يسوّل ، وبين يبيّن ، وتقوّل يتقوّل ، وتبيّن يتبيّن ، وتبايع يتبايع ، وتهاون يتهاون ، واحولّ يحولّ ، واغيدّ يغيدّ ، واجتور يجتور ، واحوالّ يحوالّ ، واغيادّ يغيادّ».

وأما المضارع مما يجب فيه الإعلال ؛ فإنه يعتل أيضا ، وهو فى اعتلاله على ثلاثة أنواع :

الأول : نوع يعتل بالقلب وحده ، وذلك المضارع من صيغتى «انفعل وافتعل» (٢) ؛ فإنّ حرف العلة فيهما ينقلب ألفا لتحركه وانفتاح ما قبله ، نحو «انقاد ينقاد ، وانداح ينداح ، واختار يختار ، واشتار العسل يشتاره».

والأصل فى المضارع «ينقود ، ويختير» على مثال ينطلق ويجتمع ، فوقع كل من الواو والياء متحركا بعد فتحة فانقلب ألفا ؛ فصارا «يختار ، وينقاد».

__________________

(١) قرىء فى هذه الآية بكسر الميم وضمها : أما من كسرها فعنده أن الكلمة من باب علم يعلم كخاف ، وأما من ضمها فعنده أنها من باب نصر بنصر كقال يقول ، وهما لغتان سبقت الإشارة إليهما.

(٢) أما صيغة انفعل فتعل دائما : واوا كانت العين أو ياء ، ولا فرق فى هذه الصيغة بين جميع معانيها ، وأما صيغة افتعل فقد علمت أنه يجب فيها التصحيح إذا كانت العين واوا وكانت الصيغة دالة على المفاعلة ، فالكلام هنا على غير المستوفى هذين الشرطين من هذه الصيغة.


الثانى : نوع يعتل بالنقل وحده ، وذلك المضارع من الثلاثى ، الذى يجب فيه الإعلال ، ما لم يكن من باب «علم يعلم» ؛ فإنك تنقل حركة الحرف المعتل إلى الساكن الصحيح الذى قبله ، نحو «قال يقول ، وباع يبيع».

والأصل فى المضارع : «يقول ، ويبيع» على مثال ينصر ويضرب ؛ نقلت الضمة من الواو والكسرة من الياء إلى الساكن الصحيح قبلهما ؛ فصار «يقول ، ويبيع».

الثالث : نوع يعتل بالنقل والقلب جميعا ، وذلك مضارع الثلاثى الذى يجب فيه الإعلال إذا كان من باب «علم يعلم» والمضارع الواوى من صيغتى «أفعل واستفعل» نحو «خاف يخاف ، وهاب يهاب ، وكاد يكاد» ونحو «أقام يقيم ، وأجاب يجيب ، وأفاد يفيد» ونحو «استقام يستقيم ، واستجاب يستجيب ، واستفاد يستفيد».

والأصل فى مضارع الأمثلة الأولى : «يخوف» على مثال يعلم ـ فنقلت فتحة الواو إلى الساكن قبلها ؛ فصار «يخوف» ثم قلبت الواو ألفا لتحركها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها الآن ؛ فصار «يخاف».

والأصل فى مضارع الأمثلة الثانية : «يقوم» على مثال يكرم ، فنقلت كسرة الواو إلى الساكن الصحيح قبلها ، فصار «يقوم» ثم قلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة إثر كسرة (١) ، فصار «يقيم».

والأصل فى مضارع الأمثلة الثالثة : «يستقوم» على مثال يستغفر ، فنقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها ، فصار «يستقوم» ثم قلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة إثر كسرة ، فصار «يستقيم» (٢).

__________________

(١ ، ٢) من هنا نعلم أنه لو كانت العين فى صيغتى «أفعل ، واستفعل» ياء فى الأصل لم يكن فيهما إلا إعلال بالنقل فقط ، فلو بنيت على إحداهما من «بان» لقلت : «أبان يبين واستبان يستببن» ولم يكن فى المضارع إلا نقل حركة الياء إلى الساكن الصحيح قبلها.


وقس على ذلك أحواتهن.

واعلم أنه يجب بقاء المضارع على ما استقرّ له من التصحيح أو الإعلال ما دام مرفوعا أو منصوبا ، فإذا جزم : فإن كان مما يجب تصحيحه بقى على حاله ، وإذا كان مما يجب إعلاله ـ بأى نوع من أنواع الإعلال ـ وجب حذف حرف العلّة تخلصا من التقاء الساكنين ، تقول : «يخاف التقىّ من عذاب الله ، ولن يستقيم الظّلّ والعود أعوج ، ولو لم يخف الله لم يعصه ، وإن تستقم تنجح» ويعود إليه ذلك الحرف المحذوف : إذا أسند إلى الضمير الساكن ، نحو «لا تخافوا» أو أكّد بإحدى نونى التوكيد ، نحو «وإمّا تخافنّ» ، وسيأتى ذلك إن شاء الله تعالى.

حكم أمره :

قد عرفت غير مرة أن الأمر مقتطع من المضارع : بحذف حرف المضارعة ، واجتلاب همزة الوصل مكسورة أو مضمومة إذا كان ما بعد حرف المضارعة ساكنا ، وعلى هذا فالأمر من الأجوف الذى تصحّ عينه فى الماضى والمضارع مثل الأمر من السالم ، تقول : «اغيد ، وبيّن ، واجتورا» وما أشبه ذلك.

والأمر من الأجوف الذى تعتل عين ماضيه ومضارعه مثل مضارعه المجزوم : يجب حذف عينه ما لم يتصل بضمير ساكن ، أو يؤكد بإحدى النونين ، تقول : «خف ، واستقم ، وأجب» وتقول : «خافى ربّك ، وهابى عقابه» وتقول : «خافنّ خالقك» ونحو ذلك.

حكم إسناد المضارع للضمير :

إذا أسند المضارع من الأجوف إلى الضمير الساكن بقى على ما استحقه من الإعلال أو التصحيح ، ولم تحذف عينه ولو كان مجزوما ، تقول : «يخافان ، ويخافون ، وتخافين ، ولن يخافا ، ولن يخافوا ، ولن تخافى ، ولم تخافا ، ولم


تخافوا ، ولم تخافى» وكذا الباقى من المثل. وإذا أسند إلى الضمير المتحرك حذفت عينه (١) إن كان مما يجب فيه الإعلال ، سواء أكان مرفوعا أم منصوبا أم مجزوما ، تقول : «النّساء يقلن ، ولن يثبن ، ولم يرعن».

حكم إسناد الأمر إلى الضمائر :

الأمر كالمضارع المجزوم : فلو أنه أسند إلى الضمير الساكن رجعت إليه العين التى حذفت منه حال إسناده للضمير المستتر ، تقول : «قولا ، وخافا ، وبيعا وقولوا ، وخافوا ، وبيعوا ، وقولى ، وخافى ، وبيعى» وإذا أسند إلى الضمير المتحرك بقيت العين محذوفة (٢) ، تقول : «قلن ، وخفن ، وبعن» قال الله تعالى (٢٠ ـ ٤٤) : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) وقال (٢ ـ ٨٣) : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) وقال (١٠ ـ ٨٩) : (فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ) وقال (٧٣ ـ ٢٠) : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) وقال (١٧ ـ ٧٨) : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) وقال (٣٣ ـ ٣٢) : (وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) وقال (٤٦ ـ ٣١) : (أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ).

__________________

(١) حذفت العين للتخلص من التقاء الساكنين ، لأن المضارع عند إسناده لنون النسوة يبنى على السكون ، وحرف العلة قبله ساكن أيضا ، والأمر ساكن الآخر فى حالتى تجرده عن الضمائر البارزة واتصاله بنون النسوة ، فلهذا تحذف عينه للعلة نفسها ، فإذا أسند إلى الضمير الساكن تحرك آخره ، فزالت العلة المقتضية للحذف فترجع العين.

(٢) صورة فعل الأمر المسند إلى نون النسوة مثل صورة الفعل الماضى المسند إليها ، ولكنهما يختلفان فى التقدير ، فأصل «قلن» الأمر : «قولن» فالمحذوف واو ، وضمة القاف أصل فى صيغة الأمر ، وأصل «قلن» الماضى : «قالن» فالمحذوف ألف ، وهذه الألف منقلبة عن واو ، وضمة القاف عارضة عند الإسناد ؛ للدلالة على أن المحذوف أصله الواو كما تقدم ، ومثله الباقى.


الفصل السادس

فى الناقص ، وأحكامه

وهو ـ كما سبقت الإشارة إليه ـ ما كانت لامه حرف علة ، وتكون اللام واوا أو ياء ، ولا تكون ألفا إلا منقلبة عن واو أو ياء.

وأنواعه ـ على التفصيل ـ ستة ؛ لأن كلا من الواو والياء إما أن يبقى على حاله ، وإما أن ينقلب ألفا ، وإما أن تنقلب الواو ياء ، وإما أن تنقلب الياء واوا ، وما آخره ألف إما أن تكون هذه الألف منقلبة عن واو ، وإما أن تكون منقلبة عن ياء.

فمثال الواو الأصلية الباقية : «بذو ، ورخو ، وسرو».

ومثال ما أصل لامه الواو وقد انقلبت ياء (١) : حظى ، وحفى ، وحلى ، ورجى ، ورضى ، وشقى» وكذا «حوى ، وقوى ، ولوى» وستأتى فى اللفيف.

ومثال ما أصل لامه الواو وقد انقلبت ألفا (٢) : «سما ، ودعا ، وغزا».

__________________

(١) هذا إنما يكون فى الماضى المكسور العين ـ وهو باب علم يعلم ليس غير ـ وذلك لأن الواو إذا تطرفت إثر كسرة قلبت ياء.

والدليل على أن أصل هذه الياءات واو يعرف من بعض استعمالات هذه الكلمة ، فمثلا «حفى» تجد مكان هذه الياء واوا فى «الحفوة» بضم الحاء أو كسرها ، وهى الاسم من الحفا ، وهو رقة القدم ، وكذلك تجد فى مكان الياء من «حلى» واوا فى مثل «الحلو ، والحلاوة ، والحلوان» وكلها مصادر حلى الشىء ـ من أبواب رضى ، ودعا ، وسرو ـ ضدمر ، وكذلك تجد فى مكان الياء من «رضى» واوا فى نحو «الرضوان ، والرضوة» ـ بكسر فسكون فيهما ـ وهكذا.

(٢) هذا إنما يكون فى الماضى المفتوح العين ـ وهو بالاستقراء بابان ؛ أحدهما باب نصر ينصر ، نحو «دعا يدعو ، وسما يسمو ، وعدا يعدو» والثانى باب فتح يفتح ، نحو «صغى يصغى ، وضحى يضحى».

والسر فى قلب الواو ألفا وقوعها متحركة مفتوحا ما قبلها ، وتعرف أن أصل


ومثال الياء الأصلية الباقية : «رقى ، وزكى ، وشصى ، وطغى ، وصغى» ، ومثله «ضوى ، وعيى ، وهوى» وستأتى فى اللفيف.

ومثال ما أصل لامه الياء وقد انقلبت واوا (١) : «نهو» وليس فى العربية من هذا النوع سوى هذه الكلمة.

ومثال ما أصل لامه الياء وقد انقلبت ألفا (٢) : «رمى ، وكفى ، وهمى ، ومأى».

* * *

ويجىء الناقص على خمسة أوجه ؛ الأول : مثال «ضرب يضرب» (٣) ، نحو «مرى يمرى ، وفلى يفلى». الثانى : مثال «نصر ينصر» (٤) ، نحو «دعا يدعو ، وسما يسمو ، وعلا يعلو». الثالث : مثال «فتح يفتح» (٥) ،

__________________

الألف واو يبعض استعمالات هذه الألفاظ كالسمو ، والغزو ، والدعوة ، ونحو ذلك ، على المنهج الذى بيناه قبل هذا ، ولم يجىء الناقص الواوى من باب ضرب يضرب أصلا.

(١) إنما يكون ذلك فى الماضى المضموم العين ـ وهو باب كرم يكرم ـ وذلك لأن الياء إذا وقعت متطرفة إثر ضمة انقلبت واوا ، والذى يدل على أن أصل الواو فى «نهو» ياء وجود الياء فى بعض تصاريف هذه الكلمة ، وذلك قولهم : «نهية» للعقل.

(٢) هذا إنما يكون فى الماضى المفتوح العين ـ وذلك بالاستقراء بابان ؛ أحدهما باب فتح يفتح ، نحو «رأى يرى ، ونهى ينهى ، ونأى ينأى ، وسعى يسعى» والثانى باب ضرب يضرب ، نحو «هداه الله يهديه ، وقرى ضيفه يقريه ، وعصى يعصى ، وسقى يسقى».

(٣) ولا يكون إلا يائيا ، وتنقلب ياؤه فى الماضى ألفا كما علمت.

(٤) ولا يكون إلا واويا ، وتنقلب واوه فى ماضيه ألفا كما علمت.

(٥) وهذا يكون يائيا كما يكون واويا ؛ فمثال اليائى نهى ينهى ، ومثال الواوى صغا يصغى ، وتنقلب الواو والياء فى ماضيه ألفا كما أنبأتك.


نحو «نحا ينحى ، وطغى يطغى ، ورعى يرعى ، وسعى يسعى». الرابع : مثال «كرم يكرم» (١) ، نحو «رخو برخو ، وسرو يسرو». الخامس : مثال «علم يعلم» (٢) ، نحو «حفى يحفى ، ورضى يرضى ، ورقى يرقى».

حكم ماضيه قبل الاتصال بالضمائر :

أما ما عدا الثلاثى المجرد فيجب فى جميعه قلب اللام ألفا ، وذلك لأن اللام فى جميعها متحركة الأصل مفتوح ما قبلها ، فحيثما وقعت الياء أو الواو فى إحدى هذه الصيغ فلن تقع إلا مستوجبة لقلبها ألفا (٣).

نحو : «سلقى ، وقلسى ، وأعطى ، وأبقى ، ودارى ، ونادى ، واهتدى ، واقتدى ، وانجلى ، وانهوى ، وتلقّى ، وتزكى ، وتراضى ، وتعامى ، واستدعى ، واستغشى».

__________________

(١) ولا يكون إلا واويا سوى كلمة «نهو» التى أشرنا إليها.

(٢) ويكون واويا كما يكون يائيا ؛ فمثال الواوى «حظى يحظى» ، ومثال اليائى «رقى يرقى» لكن تنقلب فى ماضيه الواو ياء كما أسلفت لك.

(٣) غير أن الذى أصله الياء فى هذه الصيغ جميعها قد قلبت ياؤه ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها من غير وساطة شىء آخر ، بخلاف ما أصله الواو منها ـ نحو أعطى ـ إذ أصله أعطو ـ على مثال أحسن ـ فإن هذه الواو تنقلب ياء أولا ، لكونها وقعت رابعة فصاعدا ، فيصير : أعطى ، ثم تقلب الياء ألفا ، ولهذا السبب فإنهم لا يفرقون فى غير الثلاثى المجرد بين ما أصله الياء وما أصله الواو فى الكتابة ، وعند الإسناد لألف الاثنين مثلا ، بل يكتبون الجميع بالياء ، ويقلبون ألفه ياء عند الإسناد لألف الاثنين إشارة إلى أن الذى أصله الواو قد صار إلى الياء قبل أن يصير ألفا ، وكذلك عند الإسناد إلى الضمائر المتحركة نحو أعطيت وأرضيت وتزكيت من الواوى.

فتلخص لك من هذا الكلام أن لام الناقص فى ماضى ما زاد على الثلاثة تعتل بالقلب ألفا البتة ، ولكنها على نوعين فى ذلك : الأول ما يحدث له هذا الإعلال بلا واسطة وهو اليائى ، والثانى : ما يحدث له هذا الإعلال بعد قلب حرف العلة فيه ياء وهو الواوى.


والأصل فى جميع ذلك «أبقى» مثلا : تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ؛ فصار «أبقى» ، وقس الباقى.

أما الثلاثى المجرد : فإما أن تكون عينه مضمومة ، أو مكسورة ، أو مفتوحة.

فإن كانت عينه مضمومة ؛ فإن كانت اللام واوا سلمت ، نحو «سرو» وإن كانت ياء انقلبت واوا لتطرفها أثر ضمة ، نحو «نهو».

وإن كانت عينه مكسورة ؛ فإن كانت اللام ياء سلمت ، نحو «بقى» وإن كانت واوا انقلبت ياء لتطرفها إثر كسرة ، نحو «رضى».

وإن كانت عينه مفتوحة وجب قلب لامه ألفا ـ واوا كان أصلها ، أو ياء ـ لتحرك كل منهما وانفتاح ما قبله ، نحو «سما ، ورمى».

حكم مضارعه قبل الاتصال بالضمائر :

النظر فى المضارع يتبع حركة ما قبل الآخر ؛ فإن كانت ضمة ـ وهذا لا يكون إلا فى مضارع الثلاثى الواوى (١) ـ صارت اللام واوا (٢) ، نحو «يسرو ، ويدعو» وإن كانت كسرة ـ ويكون ذلك فى مضارع الثلاثى اليائى ، وفى مضارع الرباعى كله ، وفى مضارع المبدوء بهمزة الوصل من الخماسى والسداسى ـ صارت اللام ياء (٣) ، نحو «يرمى ويعطى ، وينهوى ، ويستولى» وإن كانت الحركة فتحة ـ ويكون هذا فى مضارع الثلاثى من بابى علم وفتح ، وفى

__________________

(١) سواء أكان من باب «نصر ينصر» نحو «دعا يدعو» ، أم كان من باب «كرم يكرم» نحو «سرو يسرو».

(٢) ساكنة فى حالة الرفع لاستثقال الضمة على الواو ، ومفتوحة فى حالة النصب لخفة الفتحة ، وتحذف فى حالة الجزم.

(٣) وتأخذ ما أخذته الواو : من التسكين حال الرفع ، والفتح حال النصب ، والمحذف حال الجزم.


مضارع المبدوء بالتاء الزائدة من الخماسى ـ صارت ألفا (١) ، نحو «يرضى ، ويطغى ، ويتولّى ، ويتزكى».

حكم الماضى عند الإسناد إلى الضمائر ونحوها :

إذا أسند الماضى إلى الضمير المتحرك : فإن كانت لامه واوا (٢) أو ياء سلمتا ؛ تقول «سروت ، ورضيت» وإن كانت اللام ألفا قلبت ياء فيما زاد على الثلاثة ، وردّت إلى أصلها فى الثلاثى ؛ تقول : «أعطيت ، واستدعيت» وتقول : «غزوت ، ردعوت ، وسموت» وتقول : «رميت ، وكنيت. وبغيت».

وإذا اتصلت به تاء التأنيث : فإن كانت اللام واوا أو ياء بقيتا وانفتحتا ؛ تقول : «سروت ، ورضيت» وإن كانت اللام ألفا حذفت (٣) فى الثلاثى وغيره ؛ تقول : «دعت ، وسمت ، وغزت ، ورمت ، وبنت ، وكنت» وتقول : «أعطت ، ووالت ، واستدعت».

وإذا أسند الماضى إلى الضمير الساكن : فإن كان ذلك الضمير ألف الاثنين بقى الفعل على حاله إذا كان واويّا أو يائيّا ؛ تقول : «سروا ، ورضيا». وإن كانت لامه ألفا قلبت ياء فى ما عدا الثلاثى ، وردّت إلى أصلها فى الثلاثى ؛

__________________

(١) ولا تظهر عليها حركة أصلا ؛ لتعذر أنواع الحركات كلها على الألف ، وتحذف فى حالة الجزم كأختيها.

(٢) النظر هنا إلى النطق لا إلى الكتابة ، والمدار على حالة الفعل الراهنة لا على أصله ؛ فمثلا «رمى ، وأعطى ، واستدعى» تعتبر لاما تهن ألفا لا ياء ، ونحو «رضى ، ورجى ، وجوى» تعتبر لاما تهن ياء ، وإن كان أصلها الواو ، وهكذا.

(٣) علة ذلك الحذف التخلص من التقاء الساكنين ، وذلك لأن أصل «رمت» مثلا «رميت» على مثال ضربت ـ وقعت الياء متحركة مفتوحا ما قبلها فانقلبت ألفا ، فصار «رمات» فالتقى ساكنان : الألف ، وتاء التأنيث ، فحذفت الألف فرارا من التقائهما.


تقول : «أعطيا ، وناديا ، وناجيا ، واستدعيا» ، وتقول : «غزوا ، ودعوا ، ورميا ، وبغيا» (١) ، وإن كان الضمير واو الجماعة حذفت لام الفعل : واوا كانت ، أو ياء ، أو ألفا ، وبقى الحرف الذى قبل الألف مفتوحا للايذان بالحرف لمحذوف ، وضمّ الحرف الذى قبل الواو والياء لمناسبة واو الجماعة ؛ تقول : «أعطوا ، واستدعوا ، ونادوا ، وغزوا ، ودعوا ، ورموا ، وبغوا» ، وتقول : «سروا ، وبذوا ، ورضوا ، وبقوا» قال الله تعالى (٤٣ ـ ٧٧) : (وَنادَوْا يا مالِكُ) وقال (٧١ ـ ٧) : (وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ) وقال (١٠ ـ ٢٢) : (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) وقال (٩٨ ـ ٨) : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) وقال (٥ ـ ١٤) : (فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ).

حكم مضارعه عند الاتصال بالضمائر :

إذا أسند المضارع إلى نون النسوة : فإن كانت لامه واوا أو ياء سلمتا ؛ تقول : «النّسوة يسرون ، ويدعون ، ويغزون (٢)» وتقول : «النّسوة يرمين ، ويسرين ، ويعطين ، ويستدعين ، وينادين (٣)» قال الله تعالى (٢ ـ ٢٣٧) :

__________________

(١) لم تقلب هنا الواو والياء ألفا مع تحركهما وانفتاح ما قبلهما ؛ لأن ما بعدهما ألف ساكنة ، فلو انقلبت إحداهما ألفا لالتقى ساكنان ، فيلزم حينئذ حذف أحدهما فيصير اللفظ «غزا» مثلا ، فيلتبس الواحد بالمثنى.

(٢) يجب أن تتنبه إلى أن الواو فى هذه الكلمات كالراء فى «ينصرن» تماما ؛ فهى لام الكلمة ، بخلاف الواو فى قولك : «الرجال يسرون» ونحوه مما يأتى قريبا ، فإنها واو الجماعة لا لام الكلمة.

(٣) الياء فى نحو «النساء يرمين» كالباء فى «يضربن» تماما ، فهى لام الكلمة بخلاف الياء فى نحو : «أنت يا زينب ترمين» فإنها ياء المخاطبة ، ولام الكلمة محذوفة على ما ستعرف.


(إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) وإن كانت لامه ألفا قلبت ياء مطلقا ، نحو «يرضين ، ويخشين ، ويتزكّين ، ويتداعين ، ويتناجين».

وإسناده لألف الاثنين مثل إسناده إلى نون النسوة : تسلم فيه الواو والياء ، وتنقلب الألف ياء مطلقا ، إلا أن ما قبل نون النسوة ساكن ، وما قبل ألف الاثنين مفتوح ؛ تقول «المحمدان يسروان ، ويدعوان ، ويغزوان ، ويرميان ، ويسريان ، ويعطيان ، ويستدعيان ، ويناديان ، ويرضيان ، ويخشيان ، ويتزكّيان ، ويتداعيان ، ويتناجيان».

وإذا أسند المضارع إلى واو الجماعة حذفت لامه مطلقا ـ واوا كانت ، أو ياء أو ألفا ـ وبقى ما قبل الألف مفتوحا للإيذان بنفس الحرف المحذوف ، وضمّ ما قبل الواو من ذى الواو أو الياء لمناسبة واو الجماعة ؛ تقول : «يرضون ، ويخشون ، ويتزكّون ويتداعون ، ويتناجون» وتقول «يسرون ، ويدعون ، ويغزون (١) ، ويرمون ، ويسرون (٢) ، ويعطون ، ويستدعون ، وينادون» قال الله تعالى (٦٧ ـ ١٢) : (يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) وقال سبحانه (٥٨ ـ ٩) : (فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) وقال (٤٦ ـ ٤) : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ).

__________________

(١) قد نبهناك إلى الفرق بين هذه الكلمات ، ونحو قولهم : «النساء يدعون» من أن الواو لام الكلمة فى المسند إلى النون ، وضمير جماعة الذكور فى المسند إلى الواو ، وهناك فرق آخر ، وهو أن النون فى نحو «النساء يدعون» ضمير مرفوع المحل على أنه فاعل ، فلا تسقط فى نصب ولا جزم ، بخلاف النون فى نحو «الرجال يدعون» فإنها علامة على رفع الفعل تزول بزواله. هذا ، و «يسرون» فى هذه المثل مضارع «سرو» من باب كرم ولامه واو.

(٢) «يسرون» فى هذه المثل مضارع «سرى يسرى» من السرى ـ وهو السير ليلا ـ ولامه ياء.


وإذا أسند المضارع إلى ياء المؤنثة المخاطبة حذفت اللام مطلقا ـ واوا كانت ، أو ياء ، أو ألفا ـ وبقى ما قبل الألف مفتوحا للإيذان بنفس الحرف المحذوف ، وكسر ما قبل الواو أو الياء لمناسبة ياء المخاطبة ، تقول : «نخشين يا زينب ، وترضين ، وندعين ، وتعلين ، وترمين ، وتبنين ، وتعطين ، وتسترضين».

حكم إسناد الأمر إلى الضمائر :

الأمر كالمضارع المجزوم ، والأصل أن لام الناقص تحذف فى الأمر ، لبناء الأمر على حذف حرف العلة ، ولكنه عند الإسناد إلى الضمائر تعود إليه اللام (١).

ثم إذا أسند لنون النسوة أو ألف الاثنين سلمت لامه إن كانت ياء أو واوا ، وقلبت ياء إن كانت ألفا ، تقول : «يا نسوة اسرون ، وادعون ، واغزون ، وارمين ، واسرين ، وأعطين ، واستدعين ، ونادين ، وارضين ، واخشين ، وتزكّين ، وتداعين ، وتناجين» ، وتقول : «يا محمّدان اسروا ، وادعوا ، واغزوا ، وارميا ، واسريا ، وأعطيا ، واستدعيا ، وناديا ، وارضيا ، واخشيا ، وتزكّيا ، وتداعيا ، وتناجيا».

وإذا أسند إلى واو الجماعة أو ياء المخاطبة حذفت لامه مطلقا ـ واوا كانت ، أو ياء ، أو ألفا ـ وبقى ما قبل الألف فى الموضعين مفتوحا ، وكسر ما عداه قبل ياء المخاطبة ، وضم قبل واو الجماعة ، تقول : «ارضوا ، واخشوا ، وتزكّوا ، واسروا ، وادعوا ، واغزوا ، وارموا ، وأعطوا ، واستدعوا» وتقول : «ارضى ، واخشى ، وتزكّى ، واسرى ، وأعطى ، واستدعى».

__________________

(١) أما مع الضمائر الساكنة فلأن بناءه قد صار على حذف النون ، وأما مع نون النسوة فلأن بناءه حينئذ على السكون ، وحرف العلة ساكن بطبعه.


الفصل السابع

فى اللفيف المفروق ، وأحكامه

وهو ـ كما عرفت ـ ما كانت فاؤه ولامه حرفين من أحرف العلة.

وتقع فاؤه واوا فى كلمات كثيرة ، ولم نجد منه ما فاؤه ياء إلا قولهم : «يدى» (١).

وتكون لامه ياء : إما باقية على أصلها ، وإما أن تنقلب ألفا. ولا تكون لامه واوا (٢).

فمثال ما أصل لامه الياء وقد انقلبت ألفا : «وحى ، وودى ، ووشى».

ومثال ما لامه ياء باقية على حالها : «وجى ، ورى ، ولى».

ويجىء اللفيف المفروق على ثلاثة أوجه ؛ أحدها : مثال «ضرب يضرب»

__________________

(١) يدى ـ من باب رضى ـ أى : ذهبت يده ويبست ، ويداه ـ من باب ضرب ـ أى أصاب يده ، أو ضربها ، ويداه ـ ومثله أيداه ـ أى : اتخذ عنده يدا ، وياداه مياداة : جازاه يدا بيد على التعجيل ، وأنشد الجوهرى لبعض بنى أسد :

يديت على ابن حسحاس بن وهب

بأسفل ذى الجذاة يد الكريم

(٢) فى مادة «وزا» من القاموس تجد صاحبه قد وضع قبلها حرف الواو ، فتغتر بهذا الصنيع ، فتتوهم أن أصل الألف فى هذا الفعل الواو ، ولكن الأثبات من العلماء قد انتقدوا عليه ذلك ، قال الشارح : كأنه اغتر بماقى نسخ الصحاح من كتابة الوزا بالألف فحسب أنه واوى ، وقد صرح غيره من الأئمة نقلا عن البطليوسى أن الوزى يكتب بالياء ، لأن الفاء واللام لا يكونان واوا فى حرف واحد ، وقد كرهوا أن تكون العين واللام واوا ، ولهذا فإنهم يجيئون بما كانت العين واللام فيه واوين على باب «علم» ليتسنى لهم قلب اللام ياء ، كما فى نحو : «قوى» وشبهه ، ا ه بإيضاح.


نحو «وعى يعى ، ونى ينى ، وهى يهى» الثانى : مثال «علم يعلم» نحو : «وجى يوجى» (١) الثالث : مثال «حسب يحسب» نحو «ولى يلى ، ورى يرى» (٢).

حكمه :

يعامل اللفيف المفروق : من جهة فائه معاملة المثال ، ومن جهة لامه معاملة الناقص.

وعلى هذا تثبت فاؤه فى المضارع والأمر إن كانت ياء مطلقا ، وكذا إن كانت واوا والعين مفتوحة ، تقول : «يدى ييدى ، وايد» وتقول : «وجى يوجى واوج» (٣) ، وتحذف فاؤه فى المضارع من الثلاثى المجرد والأمر إذا كانت واوا والعين مكسورة ـ وذلك باب ضرب ، وباب حسب ـ تقول : «وعى يعى ، وونى ينى ، ووهى يهى» ، وتقول : «ولى يلى ، وورى يرى».

وتحذف لامه فى المضارع المجزوم ، وفى الأمر أيضا ، إلا إذا أسند إلى نون النسوة أو ألف الاثنين ، تقول «النّسوة لم يعين ، وينين ، ويهين ، ويلين ، ويوجين». وتقول أيضا : «يا نسوة عين ، ونين ، وهين ، ولين ، واوجين» (٤). وتقول عند الإسناد إلى ألف الاثنين : المحمدان يعيان ، وينيان ، ويهيان ، ويليان ، ويوجيان ، وتحذف نون الرفع فى الجزم والنصب ، وتقول أيضا «يا محمدان عيا ، ونيا ، وهيا ، وليا ، واوجيا» (٥).

__________________

(١ ، ٢) تتبعت مواد القاموس فلم أجد فيه ما ورد على هذين الوجهين سوى هذه الكلمات الثلاث ، والعلة فى ذلك قلة الأفعال التى وردت عليهما بوجه عام ، فما يا لك بالمعتل؟

(٣ ، ٤ ، ٥) إذا بدأت بهذا الفعل ونحوه قلبت واوه ياء ؛ لسكونها وانكسار ما قبلها ، تقول : إيج ، كما تقول : إيجل.


فإذا أسند أحدهما إلى واو الجماعة أو ياء المخاطبة (١) ، أو إلى الضمير المستتر حذفت لامه : فإذا كان ـ مع هذا ـ مما تحذف فاؤه صار الباقى من الفعل حرفا واحدا ، وهو العين ؛ فيجب ـ حينئذ ـ اجتلاب هاء السكت فى الأمر المسند للضمير المستتر عند الوقف ، تقول : «قه ، له ، عه ، فه ، نه ، ده».

ويجوز لك الإتيان بهاء السكت فى المضارع المجزوم المسند للضمير المستتر عند الوقف (٢) ، تقول : «لم يقه ، ولم يله» إلخ ، ويجوز أن تقول : «لم يل ولم يق» وصلا ووقفا.

__________________

(١) وتراعى عند الإسناد لواو الجماعة أو ياء المخاطبة ، ما كنت تراعيه فى الناقص : من فتح ما قبل الألف المحذوفة فى الموضعين ، وضم ما قبل الواو والياء المحذوفتين عند الإسناد لواو الجماعة ، وكسر ما قبلهما عند الإسناد لياء المخاطبة.

(٢) ضرورة الابتداء والوقف تستدعى أن تكون الكلمة على حرفين على الأقل : حرف متحرك يبتدأ به ، وحرف ساكن يوقف عليه ، فإذا صارت الكلمة بعد الإعلال على حرف واحد اضطررت لاجتلاب الهاء لتقف عليها ، ومن أجل هذا كان اجتلاب هذه الهاء مع فعل الأمر واجبا لصيرورته على حرف واحد ، وكان مع المضارع جائزا ؛ لأن حرف المضارعة يقع به الابتداء ، وقد ذكر ابن عقيل فى باب الوقف ـ تبعا لعبارة ابن مالك فى الألفية ـ أن اجتلاب هاء السكت مع المضارع المجزوم واجب كالأمر الباقى على حرف واحد ، وهو خلاف المشهور من مذاهب النحاة ؛ قال ابن هشام : «ومن خصائص الوقف اجتلاب هاء السكت ، ولها ثلاثة مواضع ؛ أحدها : الفعل المعتل بحذف آخره سواء كان الحذف للجزم نحو «لم يغزه» و «لم يخشه» و «لم يرمه» ومنه (لَمْ يَتَسَنَّهْ) أو لأجل البناء نحو «اغزه» و «اخشه» و «ارمه» ومنه (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) والهاء فى كل ذلك جائزة. لا واجبة ، إلا فى مسألة واحدة ـ وهى : أن يكون الفعل قد بقى على حرف واحد ـ كالأمر من وعى يعى ، فإنك تقول «عه» قال الناظم : وكذا إذا بقى على حرفين أحدهما زائد نحو «لم يعه» وهذا مردود بإجماع المسلمين على وجوب الوقف على نحو (وَلَمْ أَكُ) (ومن تق) بترك الهاء» ا ه.


الفصل الثامن

فى اللفيف المقرون ، وأحكامه

وهو ـ كما سبق ـ ما كانت عينه ولامه حرفين من أحرف العلة.

وليس فيه ما عينه ياء ولامه واو أصلا (١) ، وليس فيه ما عينه ياء ولامه ياء إلا كلمتين هما «حيى ، وعيى» ، وليس فيه ما عينه واو ولامه واو باقية على حالها أصلا (٢).

والموجود منه ـ بالاستقراء ـ الأنواع الخمسة الآتية.

النوع الأول : ما عينه واو ولامه واو قد انقلبت ألفا ، نحو «حوى ، وعوى ، وغوى ، وزوى ، وبوى» (٣).

__________________

(١) ذهب أبو عثمان المازنى إلى أن الواو فى «الحيوان» غير مبدلة من الياء ، وأنها أصل ، ومذهب سيبويه والخليل أن هذه الواو منقلبة عن الياء ، وأن أصله «حييان» فاستكرهوا توالى الياءين ، قال أبو على : «ما ذهب إليه أبو عثمان غير مرضى ، وكأنهم استجازوا قلب الياء واوا لغير علة ـ وإن كانت الواو أثقل من الياء ـ ليكون ذلك عوضا للواو من كثرة دخول الياء وغلبتها عليها» ا ه.

(٢) توالى الواوين ثقيل مستكره جدا ، ولهذا فإنهم لم يبقوا الواو إذا كانت لاما وكانت العين مع ذلك واوا ، وعند الإسناد إلى الضمائر لم يعيدوا فى اللفيف الثلاثى الألف المنقلبة عن الواو إلى أصلها كما يفعلون ذلك فى الناقص فى نحو «دعوت وغزوت» بل يقلبون الألف ياء وإن كان أصلها الواو ، فيقولون : «غويت ، وحويت» قال دريد بن الصمة :

وما أنا إلّا من غزيّة : إن غوت

غويت ، وإن ترشد غزيّة أرشد

وستعرف قريبا سر هذه المسألة.

(٣) اعتبر صاحب القاموس ـ ولم يخالفه الشارح ـ ألفات هذه الأمثلة الخمسة منقلبة عن واو ، وعبارات الصرفيين تدل على أنهم يعتبرونها منقلبة عن الياء ؛ لتصريحهم بأن كل ما كانت عينه واوا ولامه واوا يجب أن يكون على متال «علم» لكى تنقلب لامه ياء لثقل الواوين.


النوع الثانى : ما عينه واو ولامه واو قد انقلبت ياء ، نحو «غوى ، وقوى ، وجوى ، وحوى ، ولوى».

النوع الثالث : ما عينه واو ولامه ياء باقية على حالها ، نحو «دوى ، وذوى ، وروى ، وضوى ، وهوى ، وتوى ، وصوى».

النوع الرابع : ما عينه واو ولامه ياء قد انقلبت ألفا ، نحو «أوى ، ثوى ، حوى ، ذوى ، روى ، شوى ، صوى ، ضوى ، طوى ، كوى ، لوى ، نوى ، هوى».

النوع الخامس : ما عينه ياء ولامه ياء باقية على حالها ، وهو «حيى ، وعيى».

ويجىء اللفيف المقرون الثلاثى على وجهين ؛ الأول : مثال «ضرب يضرب» نحو «عوى ، وحوى» ونحو «ذوى ، ونوى» ، الثانى : مثال «علم يعلم» نحو «غوى ، وقوى» ونحو «عيى ، ودوى».

حكمه :

أما عينه فلا يجوز فيها الإعلال بأى نوع من أنواعه ، ولو وجد السّبب الموجب للإعلال ، بل تعامل معاملة عين الصحيح ؛ فتبقى على حالها (١).

وأما لامه فتأخذ حكم لام الناقص ، بلا فرق (٢) ، فإن وجد ما يقتضى قلبها ألفا

__________________

(١) لأنك لو أعللتها ـ على حسب ما يقتضيه سبب الإعلال ـ مع أن فيه حرف علة متعرضا للاعلال وهو اللام ـ للزم اجتماع إعلالين فى حرفين متقاورين فى الكلمة الواحدة ، وهو غير جائز ، فوفروا العين ، وأبقوها صحيحة ، ليتمكنوا من إعلال اللام ، وإنما لم يعكسوا فيعلوا العين ويصححوا اللام ـ مع أن العين أسبق ـ لكون أواخر الكلمات هى محال التغيرات.

(٢) كان مقتضى هذه القاعدة أنك حين تريد إسناد الفعل الثلاثى من اللفيف المقرون الذى صارت لامه ألفا إلى ضمائر الرفع المتحركة أو إلى ألف الاثنين يجب عليك أن تردها إلى أصلها واوا كانت أو ياء ، لكنهم أجمعوا على أنك تقول فى «غوى» مثلا : «غويت ، وغوين ، وغويا» فإن كان صحيحا ما ذهب إليه الصرفيون


انقلبت ألفا ، نحو «طوى ، ولوى ، وغوى ، وعوى» ونحو «يهوى ، ويضوى ، ويقوى ، ويجوى» وإن وجد ما يقتضى سلب حركتها حذفت الحركة ، نحو «يطوى ، ويهوى ، ويلوى ، وينوى» وإن وجد ما يقتضى حذف اللام حذفت كما فى المضارع المجزو مسندا إلى الظاهر أو الضمير المستتر ، وكما فى الأمر المسند إلى الضمير المستتر ، وكما فى سائر الأنواع عند الإسناد إلى واو الجماعة (١) أو ياء المخاطبة ، تقول : «لم يطو محمد ، ولم يلو ، واطويا يا محمدان ، والويا» وتقول : «المحمدون طووا ولووا ، وهم يطوون ويلوون ، واطووا والووا ، وأنت يا زينب تطوين وتلوين ، واطوى ، والوى» وإن لم توجد علة تقتضى شيئا من هذا بقيت اللام بحالها كما فى «حىّ وعىّ» (٢).

__________________

من أن أصل الألف فى جميع اللفيف المقرون منقلبة عن الياء ، وأن كل مقرون لامه واو وعينه واو كذلك يجب فيه تحويله إلى مثال «علم» ليتسنى قلب اللام ياء فرارا من اجتماع الواوين ـ كانت هذه القاعدة صحيحة ، وعلى مقتضى ما فى القاموس وشرحه لا تتم القاعدة ، إلا أن يدعى أنهم ردوا الألف واوا أولا كما تقتضيه قاعدة معاملة المقرون بمثل ما يعامل به الناقص ، ثم قلبوا الواو ياء فرارا من الواوين.

(١) تحذف اللام عند الإسناد إلى أحدهما تخلصا من التقاء الساكنين ؛ فمثلا : أصل «يلوون» «يلويون» على مثال يضربون ـ فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت ، فالتقى ساكنان ، فحذفت الياء ، ثم قلبت كسرة العين ضمة لمناسبة واو الجماعة.

(٢) يجوز فى هاتين الكلمتين إدغام العين فى اللام ؛ لأنهما مثلان فى كلمة ، وثانيهما متحرك لزوما ، ويجوز فيهما الفك ، وهو الأكثر ؛ إذ الإدغام فى الماضى يستدعى الإدغام فى المضارع ، ويلزم على الإدغام فى المضارع وقوع ياء مضمومة فى الآخر ، وهو مرفوض عندهم ؛ ولهذه العلة نفسها لم يعلوا عينه بقلبها ألفا مع تحركها وانفتاح ما قبلها ، وعلى الإدغام جاء قول عبيد بن الأبرص :

عيّوا بأمرهم كما

عيّت ببيضتها الحمامه

وقول النابغة الذبيانى :

وقفت فيها أصيلا كى أسائلها

عيّت جوابا ، وما بالرّبع من أحد


الباب الثالث

فى اشتقاق صيغتى المضارع والأمر ، وفيه فصلان

الفصل الأول : فى أحكام عامة.

الفصل الثانى : فى أحكام تخص بعض الأنواع.

الفصل الأول

فى الأحكام العامة

تشتقّ صيغة المضارع من الماضى بزيادة حرف من أحرف المضارعة فى أوله : للدلالة على التكلم ، أو الخطاب ، أو الغيبة ، وهذه الأحرف أربعة يجمعها قولك : «نأتى» أو «أنيت» أو «نأيت».

ثم إن كان الماضى على أربعة أحرف ـ سواء أكان كلهنّ أصولا نحو دحرج أم كان بعضهن زائدا نحو قدّم وأكرم وقاتل ـ وجب أن يكون حرف المضارعة مضموما ، تقول : «تدحرج ، ويقدّم ، ويكرم ، ويقاتل» وإن كان الماضى على ثلاثة أحرف نحو ضرب ، ونصر ، وعلم ، أو على خمسة نحو : تدحرج ، وانطلق ، أو على ستة نحو استغفر واقعندد ـ وجب أن يكون حرف المضارعة مفتوحا ، تقول : «يضرب ، ينصر ، يعلم ، يتعلم ، يتدحرج ، ينطلق ، يستغفر ، يقعندد».

وحركة الحرف الذى قبل الآخر هى الكسر فى مضارع الرباعى ؛ نحو «يكرم ، ويقدّم ، ويقاتل ، ويدحرج» ، وكذا فى مضارع الخماسى والسداسى إذا كان الماضى مبدوءا بهمزة وصل نحو انطلق واجتمع واستخرج ؛ تقول فى المضارع منهن : «ينطلق ، ويجتمع ، ويستخرج» فإن كان ماضى الخماسى مبدوءا بتاء زائدة نحو «تقدّم ، وتقاتل ، وتدحرج» فما قبل الآخر فى مضارعه مفتوح ؛ تقول : «يتقدّم ، ويتقاتل ، ويتدحرج» فأما ما قبل الآخر من مضارع الثلاثى


فمفتوح أو مضموم أو مكسور ، وطريق معرفة ذلك فيه السماع (١) من أفواه العارفين أو النقل عن المعاجم الموثوق بصحتها.

ويؤخذ الأمر من المضارع بعد حذف حرف المضارعة من أوله ، ثم إن كان ما بعد حرف المضارعة متحركا ـ نحو يتعلّم ، ويتشاور ، ويصوم ، ويبيع ـ تركت الباقى على حاله ، إلا أنك تحذف عين الأجوف للتخلص من التقاء الساكنين ؛ فتقول : تعلّم ، وتشارك ، وصم ، وبع ؛ وإن كان ما بعد حرف المضارعة ساكنا ـ نحو يكتب ، ويعلم ، ويضرب ، ويجتمع ، وينصرف ، ويستغفر ـ اجتلبت همزة وصل للتوصل إلى النطق بالساكن ، وهذه الهمزة يجب كسرها ، إلا فى أمر الثلاثى الذى تكون عين مضارعه مضمومة أصالة ؛ فتقول : «اكتب ، إعلم ، إضرب ، اجتمع ، إنصرف ، إستغفر».

الفصل الثانى

فى أحكام تخص بعض الأنواع (٢)

أولا : المضارع والأمر من «رأى» تحذف همزتهما ـ وهى عين الفعل ـ تقول : «يرى البصير ما لا يرى الأعشى ، وره» وتحذف الهمزة من «أخذ ، وأكل ، وسأل» فى صيغة الأمر إذا بدىء بها ، تقول : خذ ، كل ، مر ، قال الله تعالى : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) وفى الحديث : «مروا أبا بكر فليصلّ بالناس» فإن سبق واحد منها بحرف عطف جاز الأمران : حذف الهمزة ، وبقاؤها ، تقول : «التفت لما يعنيك وخذ فى شأن نفسك» وإن شئت قلت : «وأخذ فى شأن نفسك» قال الله تعالى (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) وقال سبحانه : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ)(٣).

__________________

(١) ولذلك قواعد تجرى فى أكثره ، وقد ذكرنا لك بعضها فى الفصل الثالث من الباب الأول ، وأشبعنا القول فيها فى كتابنا «دروس التصريف».

(٢) ستجد فى هذا الفصل تكرارا لما ذكر فى الفصول الثمانية من الباب الثانى ؛ إذ المقصود هنا ضم المتماثلات بعضها إلى جوار بعض.

(٣) انظر مباحث المهموز


ثانيا : ماضى المضعف الثلاثى ومضارعه غير المجزوم بالسكون يجب فيهما الإدغام إلا أن يتصل بهما ضمير رفع متحرك ، تقول : شدّ يشدّ ، ومدّ يمدّ ، وفرّ يفرّ ؛ فإن اتصل بهما ضمير رفع متحرك كنون النسوة وجب الفك ؛ تقول : الفاطمات شددن ويشددن ، ومددن ويمددن ، وفررن ويفررن وأما الأمر والمضارع المجزوم بالسكون فيجوز فيهما الفك والإدغام ؛ تقول : اشدد ولا تشدد ، وإن شئت قلت : شدّ ولا تشدّ.

ثالثا : يجب حذف فاء المثال الثلاثى من مضارعه وأمره بشرطين ؛ الأول : أن تكون الفاء واوا ، والثانى : أن يكون المضارع مكسور العين ، تخلصا من وقوع الواو بين عدوتيها : الياء المفتوحة (١) ، والكسرة ، تقول فى مضارع «وعد ، وورث» وأمرهما : «يعد ، ويرث ، وعد ، ورث».

رابعا : تحذف عين الأجوف من مضارعه المجزوم بالسكون ، ومن أمره المبنى على السكون ، تقول فى «قال ، وباع ، وخاف» : «لم يقل ، ولم يبع ، ولم يخف ، وقل ، وبع ، وخف» فإن كان المضارع مجزوما بحذف النون أو كان الأمر مبنيا على حذف النون لم تحذف عين الأجوف ، تقول : «لم يقولوا ، ولم يبيعوا ، ولم يخافوا» وتقول : «قولوا ، وقولا ، وقولى ، وبيعوا ، وبيعا ، وبيعى ، وخافوا ، وخافا ، وحافى».

وكذلك تحذف عين الأجوف من الماضى والمضارع والأمر إذا اتصل بأحدها الضمير المتحرك نحو «الفاطمات قلن ، وبعن ، وخفن ، ويقلن ، ويبعن ، ويخفن» وتقول : «يا فاطمات قلن خيرا ، وبعن الدنيا ، وخفن الله» (٢) ،

__________________

(١) هذا ظاهر فى المضارع المبدوء بالياء ، إلا أنهم أجروا المضارع المبدوء بغير الياء والأمر على سننه ؛ لأن من عاداتهم أن يحملوا الشىء على نظيره ، كما قد يحملونه على ضده.

(٢) أنت ترى أن صيغة ماضى الأجوف المسند إلى نون النسوة مثل صيغة أمره المسند إليها ، والفرق بينهما يتبين بالقرائن ، فأنت خبير أن الماضى خبر ، وأن الأمر إنشاء.


خامسا : تحذف لام الناقص واللفيف المقرون من مضارعه المجزوم وأمره ؛ تقول فى «خشى ، ورضى ، وسرو ، ورمى ، وطوى» : «لم يخش ، ولم يرض ، ولم يسر ، ولم يرم ، ولم يطو» وكذا «اخش ، وارض ، واسر ، واغز ، وارم ، واطو».

سادسا : يعامل اللفيف المفروق من جهة فائه معاملة المثال ، ومن جهة لامه معاملة الناقص ؛ فيبقى أمره على حرف واحد ، فيجب إلحاق هاء السكت به ، تقول فى الأمر من «وقى ، ووفى ، وونى ، وودى ، وولى ، ووعى» : «قه ، وفه ، ونه ، وده ، وله ، وعه».

سابعا : تحذف الهمزة الزائدة من مضارع الفعل الذى على زنة أفعل ، نحو أكرم ، وأبقى ، وأوعد ، ومن أمره ، ومن اسمى الفاعل والمفعول منه ؛ تقول : يكرم ، ويبقى ، ويوعد ، وتقول : أكرم ، وأبق ، وأوعد ، وتقول : هو مكرم ، ومبق ، وموعد ، وهو مكرم ، ومبقى ، وموعد.

والأصل فى هذا الحذف المضارع المبدوء بهمزة المضارعة ، ثم حمل عليه بقية صيغ المضارع ، وفعل الأمر ، واسم الفاعل ، واسم المفعول.

وإنما كان الأصل هو الفعل المضارع المبدوء بهمزة المضارعة لأنه يجتمع فيه لو بقى على الأصل همزتان متحركتان فى أول الكلمة فكان يقال «أأكرم» وقياس نظائر ذلك أن تقلب ثانية الهمزتين واوا طلبا للتخفيف ، ولكنهم حذفوا فى هذا الموضع وحده ثانية الهمزتين.

وقد ورد شاذا (١) قول الشاعر :

* فإنّه أهل لأن يؤكرما*

وقول الراجز :

* وصاليات ككما يؤثفين*

__________________

(١) شذوذه من جهة الاستعمال ، لا من جهة القياس.


الباب الرابع

فى تصريف الفعل بأنواعه الثلاثة

مع الضمائر

يتصرف الماضى ـ باعتبار اتصال ضمائر الرفع به ـ إلى ثلاثة عشر وجها : اثنان للمتكلم ، وهما : نصرت ، ونصرنا (١) ، وخمسة للمخاطب ، وهى : نصرت ، نصرت ، نصرنما ، نصرتم ، نصرتنّ (٢) ، وستة للغائب ، وهى : نصر ، نصرت ، نصرا ، نصروا ، نصرن (٣).

وللمضارع فى تصاريفه ثلاثة عشر وجها أيضا : اثنان للمتكلم ، وهما ، أنصر وننصر ، وخمسة للمخاطب ، وهى : تنصر ، وتنصرين ، وتنصران ، وتنصرون ، وتتصرن ، وستة للغائب ، وهى : ينصر محمّد ، وتنصر هند ، وينصران ، وتنصران ، وينصرون ، وينصرن (٤).

وللأمر من هذه التصاريف خمسة أوجه لا غير ـ وهى : انصر ، وانصرى ، وانصرا ، وانصروا ، وانصرن ـ وذلك لأنه لا يكون إلا للمخاطب (٥).

__________________

(١) أولهما للمتكلم وحده ، وثانيهما له إذا أراد تعظيم نفسه أو كان معه غيره.

(٢) الأول للمخاطب المذكر ، والثانى للمخاطبة المؤنثة ، والثالث للاثنين المخاطبين مطلقا أى مذكرين كانا أو مؤنثين ، والرابع لجمع الذكور المخاطبين ، والخامس لجمع الإناث المخاطبات.

(٣) الأول للغائب المذكر ، والثانى للغائبة المؤنثة ، والثالث للاثنين الغائبين ، والرابع للاثنتين الغائبتين ، والخامس لجمع الذكور الغائبين ، والسادس لجمع الإناث الغائبات.

(٤) وتفصيل المراد بها كما ذكرناه فى الماضى.

(٥) وتفصيل المراد بها كما فى المخاطب بالمضارع والماضى.


الباب الخامس

فى تقسيم الفعل إلى مؤكد ، وغير مؤكد

وفيه فصلان

الفصل الأول

فى بيان ما يجوز تأكيده ، وما يجب ، وما يمتنع

والأصل أنك توجّه كلامك إلى المخاطب لتبيّن له ما فى نفسك : خبرا كان ، أو طلبا ، وقد تعرص لك حال تستدعى أن تبرز ما يتلجلج فى صدرك على صورة التأكيد ؛ لتفيد الكلام قوة لا تكون له إذا ذكرته على غير صورة التوكيد ، وقد تكفّل علم المعانى ببيان هذه الحالات ؛ فليس من شأننا أن نتعرض لبيانها ، كما أننا لا نتعرض هنا لما تؤكّد به الجمل الاسميّة.

وفى اللغة العربية لتوكيد الفعل نونان (١) ، إحداهما : نون مشددة ، كالواقعة

__________________

(١) لهذين النونين تأثير فى لفظ الفعل ، وتأثير فى معناه : أما تأثيرهما فى لفظه فلأنهما يخرجانه من الإعراب إلى البناء إذا اتصلا به لفظا وتقديرا ، وأما تأثيرهما فى معناه فلأن كلا منهما يخلص الفعل المضارع للاستقبال ، ويمحضه له ، وقد كان قبلهما يحتمل الاستقبال كما يحتمل الحال. وبين النونين فرق ؛ فإن الشديدة أقوى دلالة على التأكيد من الخفيفة ، لأن تكرير النون قد جعل بمنزلة تكرير التأكيد ، فإذا قلت : «اضربن» بضم الباء وبنون خفيفة فكأنك قد قلت : «اضربوا كلكم» فإذا قلت «اضربن» بضم الباء وتشديد النون فكأنك قد قلت «اضربوا كلكم أجمعون» وقد اختلف العلماء فى هذين النونين على ثلاثة مذاهب ؛ أحدها : أن الخفيفة أصل لبساطتها ، والشديدة فرع عنها ، الثانى عكس هذا الرأى ، الثالث : أن كلا منهما أصل قائم بنفسه ، وإليه نذهب.


فى نحو قوله تعالى (١٤ ـ ١٢). (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا) والثانية نون ساكنة ، مثل الواقعة فى قول النابغة الجعدى.

فمن يك لم يثأر بأعراض قومه

فإنّى ـ وربّ الرّاقصات ـ لأثأرا

وقد اجتمعتا فى قوله تعالت كلمته (١٢ ـ ٣٢) : (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ).

وليس كلّ فعل يجوز تأكيده ، بل الأفعال فى جواز التأكيد وعدمه على ثلاثة أنواع :

النوع الأول : ما لا يجوز تأكيده أصلا ، وهو الماضى ؛ لأن معناه لا يتفق مع ما تدل عليه النون من الاستقبال.

النوع الثانى : ما يجوز تأكيده دائما ، وهو الأمر ، وذلك لأنه للاستقبال البتة.

النوع الثالث : ما يجوز تأكيده أحيانا ، ولا يجوز تأكيده أحيانا أخرى ، وهو المضارع ، والأحيان التى يجوز فيها تأكيده هى (١).

أولا : أن يقع شرطا بعد «إن» الشرطية المدغمة فى «ما» الزائدة المؤكدة ، نحو «إما تجتهدنّ فأبشر بحسن النتيجة» ، وقال الله تعالى (٨ ـ ٥٨) : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً) وقال (١٩ ـ ٢٦) : (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) وقال (٨ ـ ٤٧) : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ) وقال (٧ ـ ٢٠٠) : (إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ).

ثانيا : أن يكون واقعا بعد أداة طلب ، نحو «لتجتهدنّ ، ولا تغفلنّ ، وهل تفعلنّ الخير؟ وليتك تبصرنّ العواقب ، وازرع المعروف لعلّك تجنينّ ثوابه ، وألا تقبلنّ على ما ينفعك ، وهلّا تعودنّ صديقك المريض» ، قال الله تعالى (١٤ ـ ٤٢) : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً).

__________________

(١) الجامع لهذه المسائل كلها دلالته على الاستقبال فيها ، وإنما يقصد العلماء ببيانها تفصيل مواضع دلالته على الاستقبال ؛ لأنه لا يستطيع معرفتها كل أحد.


ثالثا : أن يكون منفيّا بلا ، نحو «لا يلعبنّ الكسول وهو يظن فى اللعب خيرا» وقال تعالى (٨ ـ ٢٥) : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ).

وتوكيده فى الحالة الأولى أكثر من توكيده فيما بعدها (١) ، وتوكيده فى الثانية أكثر من توكيده فى الثالثة.

وقد تعرض له حالة توجب تأكيده بحيث لا يوغ المجىء به غير مؤكد ، وذلك ـ بعد كونه مستقبلا ـ إذا كان مثبتا ، جوابا لقسم ، غير مفصول من لامه بفاصل ، نحو «والله لينجحنّ المجتهد ، وليندمنّ الكسول» وقال الله تعالى (٢١ ـ ٥٧) : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ).

فإذا لم يكن مستقبلا ، أو لم يكن مثبتا ، أو كان مفصولا من اللام بفاصل امتنع توكيده ، قال الله تعالى (١٢ ـ ٨٥) : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ)(٢) ، وقال جل شأنه (٧٥ ـ ١) : (لأقسم بيوم القيامة) (٣) ، وقال (٩٣ ـ ٥) : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) وقال (٣ ـ ١٥٨) : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ).

__________________

(١) حتى ذهب المبرد إلى أنه لا يجوز أن تسقط فيها نون التوكيد إلا فى ضرورة الشعر.

(٢) إذ التقدير «لا تفتأ» لأن «فتىء» من الأفعال التى يلزم أن تسبق بالنفى أو شبهه.

(٣) فى قراءة ابن كثير.


الفصل الثانى

فى أحكام آخر الفعل المؤكد

الفعل الذى تريد تأكيده إما صحيح الآخر ـ وذلك يشمل : السالم ، والمهموز ، والمضعف ، والمثال ، والأجوف ـ وإما معتل الآخر ـ وهو يشمل الناقص ، واللفيف بنوعيه ـ ثم المعتل إما أن يكون معتلا بالألف ، أو بالواو ، أو بالياء.

وعلى أية حال ، فإما أن يكون مسندا إلى الواحد ـ ظاهرا ، أو مستترا ـ أو إلى ياء الواحدة ، أو ألف الاثنين ، أو الاثنتين ، أو واو جمع الذكور ، أو نون جمع النسوة.

فإن كان الفعل مسندا إلى الواحد ـ ظاهرا كان أو مستترا ـ بنى آخره على الفتح ، صحيحا كان آخر الفعل أو معتلا ، ولزمك أن تردّ إليه لامه إن كانت قد حذفت ـ كما فى الأمر من الناقص واللفيف ، والمضارع المجزوم منهما ـ وأن تردّ إليه عينه إن كانت قد حذفت أيضا ، كما فى الأمر من الأجوف والمضارع المجزوم منه ، وإذا كانت لامه ألفا لزمك أن تقلبها ياء مطلقا لتقبل الفتحة. تقول «لتجتهدنّ يا علىّ ولتدعونّ إلى الخير ، ولتطوبنّ ذكر الشر ، ولترضينّ بما قسم الله لك ، ولتقولنّ الحق وإن كان مرا» وتقول : «اجتهدنّ ، وادعون ، واطوينّ ، وارضينّ ، وقولنّ».

وإن كان الفعل مسندا إلى (١) الألف حذفت نون الرفع إن كان مرفوعا (٢) ،

__________________

(١) لا تنس أن المسند إلى ألف الاثنين إن كان مضعفا وجب فيه الإدغام ، فتقول فيه مؤكدا : «غضان» وإن كان أجوف لم تحذف عينه ، وإن كان ناقصا أو لفيفا لم تحذف لامه ، وإنما تنقلب ـ إذا كانت ألفا ياء ، فى المضارع والأمر مطلقا.

(٢) العلة فى حذف نون الرفع كراهة اجتماع الأمثال ، إذ أصل «لتجتهدان» مثلا «لتجتهدانن» بنون الرفع ونون التوكيد الثقيلة ، فحذفوا نون الرفع لما ذكرنا.


وكسرت نون التوكيد تقول : «لتجتهدانّ ، ولتدعوانّ ، ولتطويانّ ، ولترضيانّ ، ولتقولانّ ، واجتهدانّ ، وادعوانّ ، واطويانّ ، وارضيانّ ، وقولانّ».

وإن كان الفعل مسندا إلى الواو حذفت نون الرفع أيضا إن كان مرفوعا ، ثم إن كان الفعل صحيح الآخر حذفت واو الجماعة (١) وأبقيت ضم ما قبلها (٢) ؛ تقول : «لتجتهدنّ ، واجتهدنّ» وإن كان الفعل معتلّ الآخر حذفت آخر الفعل مطلقا ، ثم إن كان اعتلاله بالألف أبقيت واو الجماعة مفتوحا ما قبلها (٣) وضممت اواو ، تقول : «لترضونّ ، وارضونّ» وإن كان الفعل معتلّ الآخر بالواو أو الياء حذفت مع حذف آخره واو الجماعة ، وضممت ما قبلها ، تقول : «لتدعنّ ، ولتطونّ ، وادعنّ ، واطونّ».

وإن كان الفعل مسندا إلى ياء المخاطبة حذفت نون الرفع أيضا إن كان مرفوعا.

__________________

(١) بعد حذف نون الرفع كانت نون التوكيد مفتوحة لأن أصلها كذلك ، فكسروها مخافة الالتباس عند السامع بين الفعل المسند إلى الواحد والفعل المسند إلى الاثنين ، لأن الألف ليس لها فى النطق سوى ما قد يظن مدا للصوت ، وتشبيها لنون التوكيد بنون الرفع المحذوفة.

واعلم أن المسند للألف يتعين توكيده بالنون الثقيلة ، لأن الألف ساكنة والنون الخفيفة ساكنة ، ولا يجوز التقاء الساكنين ، أما مع الثقيلة ـ فلما كان أول الساكنين حرف مد ، والثانى حرف مدغم فى مثله ـ اغتفر فيه التقاء الساكنين.

(٢) إنما حذفت واو الجماعة للنخلص من التقاء الساكنين : واو الجماعة ، ونون التوكيد ، مع أنه لا التباس بالحذف لضم ما قبل الواو ، بخلاف المستد للاثنين ؛ فإنه لو حذفت الألف لا لتبس بالمسند إلى الواحد للفتحة.

(٣) فرقا بين المسند إلى الواحد والمسند إلى الجمع ، وللدلالة على المحذوف وهو الواو.

(٤) أما بقاء واو الجماعة هنا فلأن حذفها موقع فى الالتباس ؛ إذ لو حذفتها وفتحت آخر الفعل لا لتبس بالمسند إلى الواحد ، ولو حذفتها وكسرته لا لتبس بالمسند إلى الواحدة. ولو حذفها وضممته لا لتبس ذو الألف بغيره ، وأما فتح ما قبلها فللدلالة على أن آخر الفعل كان ألفا ، وأما تحريك الواو فللنخلص من التقاء الساكنين.


ثم إن كان الفعل صحيح الآخر حذفت ياء المخاطبة وأبقيت كسر ما قبلها (١)! تقول : «لتجتهدنّ يا فاطمة ، واجتهدنّ» وإن كان الفعل معتل الآخر حذفت آخر الفعل مطلقا ، ثم إن كان اعتلاله بالألف أبقيت ياء المخاطبة مفتوحا ما قبلها وكسرت الياء (٢) ؛ تقول : «لترضينّ ، وارضينّ» وإن كان الفعل معتلّ الآخر بالواو أو الياء حذفت مع آخره ياء المخاطبة وكسرت ما قبلها ، تقول : «لتدعنّ ، ولتطونّ ، وادعنّ ، واطونّ».

وإن كان الفعل (٣) مسندا إلى نون جماعة الإناث جئت بألف فارقة (٤) بين النونين : نون النسوة ، ونون التوكيد الثقيلة ، وكسرت نون التوكيد ، تقول : «لتكتبنانّ ، واكتبنانّ ، ولترضينانّ ، وارضينانّ ، ولتدعونانّ ، وادعونانّ ، ولتطوينانّ ، واطوينانّ».

والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم ، وأعز وأكرم

* * *

__________________

(١) التعليل لهذا لا يعسر عليك بعد ما ذكرناه فى واو الجماعة.

(٢) تعرف علة ذلك بالقياس على ما قدمناه فى الإسناد للواو.

(٣) لا تنس أن الفعل المسند لنون الإناث ، إن كان مضعفا وجب فيه الفك ، وإن كان أجوف حذفت عينه ، ولا يحذف من الناقص واللفيف شىء ، ويسكن آخر كل فعل أسند إليها.

(٤) كراهية توالى الأمثال ، ولم تحذف نون النسوة لأنها اسم ، بخلاف نون الرفع ، ولأنها لو حذفت لما بقى فى الكلمة ما يدل عليها ، وأيضا يلتبس الفعل مع حذفها بغيره على أية صورة جعلت آخر الفعل ، إذ لو فتحت آخر الفعل لا لتبس بالمسند إلى الواحد ، ولو كسرته لا لتبس بالمسند إلى الواحدة ، ولو ضممته لا لتبس بالمسند إلى جمع الذكور ، وتسكينه غير ممكن لسكون نون التوكيد.

والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم ، وأعز وأكرم

والحمد لله أولا وآخرا ، وصلاته وسلامه على ختام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه


وقد تم ما أردنا أن نذيل به شرح بهاء الدين ابن عقيل على الألفية ، من أحكام الأفعال وأنواعها على وجه التفصيل ، من غير ذكر للخلافات إلا فى القليل النادر ، وقد عللنا للمسائل فى هوامش هذه الزيادة تعليلات قريبة واضحة.

والحمد لله رب العالمين الذى بنعمته تتم الصالحات ، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد نبى المرحمة وعلى آله وصحبه.


فهرس الشواهد

الواردة فى شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك

حرف الهمزة

٧٣ ...............................

من لد شولا فإلى إتلائها

١٠٢ وأعلم إن تسليما وتركا

للا متشابهان ولا سواء

١٣٩ أو منعتم ما تسألون فمن حد

ثتموه له علينا الولاء

١٦٣ لا أقعد الجبن عن الهيجاء

[ولو توالت زمر الأعداء]

١٧٩ فجاءت به سبط العظام ، كأنما

عمامته بين الرجال لواء

٢٥٢ بعشرتك الكرام تعد منهم

فلا ترين لغيرهم الوفاء

٣٢٩ ألم أك جاركم ويكون بينى

وبينكم المودة والإخاء؟

٣٥٣ يا لك من تمر ومن شيشاء

ينشب فى المسعل واللهاء

حرف الباء الموحدة

١ أقلى اللوم عاذل والعتابا

وقولى ، إن أصبت : لقد أصابا

١٠ على أحوذيين استقلت عشية

فما هى إلا لمحة وتغيب

٢٢ بأن ذا الكلب عمرا خيرهم حسبا

ببطن شريان يعوى حوله الذيب

٤٦ مرسعة بين أرساغه

به عسم ، يبتغى أرنبا

٥٤ أهابك إجلالا ، وما بك قدرة

على ، ولكن ملء عين حبيها

٧٠ سراة بنى أبى بكر تسامى

على كان المسومة العراب

٧٦ فكن لى شفيعا يوم لا ذو شفاعة

بمغن فتيلا عن سواد بن قارب

٨٦ عسى الكرب الذى أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

٩١ كرب القلب من جواه يذوب

حين قال الوشاة : هند غضوب

٩٣ فموشكة أرضنا أن تعود

خلاف الأنيس وحوشا يبابا

١٠١ أم الحليس لعجوز شهربه

ترضى من اللحم بعظم الرقبه

١٠٩ إن الشباب الذى مجد عواقبه

فيه نلذ ، ولا لذات للشيب

١١١ هذا ـ لعمركم ـ الصغار بعينه

لا أم لى ـ إن كان ذاك ـ ولا أب


١٢٧ وربيته حتى إذا ما تركته

أخا القوم واستغنى عن المسح شاربه

١٣٠ كذاك أدبت حتى صار من خلقى

أنى وجدت ملاك الشيمة الأدب

١٣٢ بأى كتاب أم بأية سنة

ترى حبهم عارا على وتحسب؟

١٦٢ يمرون بالدها خفافا عيابهم

ويرجعن من دارين بجر الحقائب

على حين ألهى الناس جل أمورهم

فندلا زريق المال ندل الثعالب

١٦٧ فمالى إلا آل أحمد شيعة

ومالى إلا مذهب الحق مذهب

١٨٧ لئن كان برد الماء هيمان صاديا

إلى حبيبا إنها لحبيب

١٩٤ أتهجر ليلى بالفراق حبيبها

وما كان نفسا بالفراق تطيب؟

١٩٦ [فقلت ادع أخرى وارفع الصوت جهرة]

لعل أبى المغوار منك قريب

٢٠٢ واه رأبت وشيكا صدع أعظمه

وربه عطبا أنقذت من عطبه

٢٠٣ خلى الذنابات شمالا كثبا

وأم أو عال كها أو أقربا

٢٠٥ تخيرن من أزمان يوم حليمة

إلى اليوم قد جربن كل التجارب

٢٣٣ وما زال مهرى مزجر الكلب منهم

لدن غدوة حتى دنت لغروب

٢٤١ نجوت وقد بل المرادى سيفه

من ابن أبى شيخ الأباطح طالب

٢٨٢ فقالت لنا : أهلا وسهلا ، وزودت

جنى النحل بل ما زودت منه أطيب

٢٨٧ وما أدرى أغيرهم تناء

وطول الدهر أم مال أصابوا!؟

٢٩٨ فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا

فاذهب فما بك والأيام من عجب

٣٢٠ تبصر خليلى هل ترى من ظعائن

[سوالك نقبابين حزمى شعبعب]

٣٣٢ لو لا توقع معتر فأرضيه

ما كنت أوثر إترابا على ترب

٣٤٩ فأما القتال لا قتال لديكم

ولكن سيرا فى عراض المواكب

٣٥٧ [كأنه السيل إذا اسلحبا]

مثل الحريق وافق القصبا

حرف التاء المثناة

٤١ خبير بنو لهب ؛ فلا تك ملغيا

مقالة لهبى إذا الطير مرت

٥٨ من يك ذابت فهذا بتى

مقيظ مصيف مشتى

١١٥ ألا عمر ولى مستطاع رجوعه

فيرأب ما أثأت يد الغفلات!

١٢٥ قد كنت أحجو أبا عمرو أخاثقة

حتى ألمت بنا يوما ملمات


١٥٥ ليت ، وهل ينفع شيئا ليت؟!

ليت شبايا يوع فاشتريت

٢٢٩ كلا أخى وخليلى واجدى عضدا

فى النائبات وإلمام الملمات

٢٦٧ يا قوم قد حوقلت أو دنوت

وشر حيقال الرجال الموت

حرف الجيم

١٩٨ شربن بماء البحر ، ثم ترفعت

متى لجج خضر لهن نثيج

٢٥٩ عشية سعدى لو تراءت لراهب

بدومة تجر دونه وحجيج

قلى دينه ، واهتاج للشوق ؛ إنها

على الشوق إخوان العزاء هيوج

حرف الحاء المهملة

٢٧ نحن الذون صبحوا الصباحا

يوم النخيل غارة ملحاحا

٣٥ وقد كنت تخفى حب سمراء حقبة

فبح لان منها بالذى أنت بائح

١١٦ [إذا اللقاح غدت ملقى أصرتها]

ولا كريم من الولدان مصبوح

٢٨٤ إذا سايرت أسماء يوما ظعينة

فأسماء من تلك الظعينة أملح

٣٢٤ يا ناق سيرى عنقا فسيحا

إلى سليمان فنستريحا

٣٤٧ ولو أن ليلى الأخيلية سلمت

على ودونى جندل وصفائح

لسلمت تسليم البشاشة ، أوزقا

إليها صدى من جانب القبر صائح

٣٥٠ [الآن بعد لجاجتى تلحوننى]

هلا التقدم والقلوب صحاح

حرف الدال المهملة

٢ أزف الترحل ، غير أن ركابنا

لما تزل برحالنا ، وكأن قد

٧ دعانى من نجد ؛ فإن سنينه

لعبن بنا شيبا ، وشيبننا مردا

١٩ فقلت : أعيرانى القدوم ، لعلنى

أخط بها قبرا لأبيض ماجد

٢١ قدنى من نصر الخبيبين قدى

ليس الإمام بالشحيح الملحد

٢٤ رأيت بنى غبراء لا ينكروننى

ولا أهل هذاك الطراف الممدد

٣١ من القوم الرسول الله منهم

لهم دانت رقاب بنى معد

٤٩ قد ثكلت أمه من كنت واحده

وبات منتشبا فى برثن الأسد

٥١ بنونا بنو أبنائنا ، وبناتنا

بنوهن أبناء الرجال الأباعد


٥٦ لو لا أبوك ولو لا قبله عمر

ألقت إليك معد بالمقاليد

٦٠ وأبرح ما أدام الله قومى

بحمد الله منتطقا مجيدا

٦٣ وما كل من يبدى البشاشة كائنا

أخاك ، إذا لم تلفه لك منجدا

٦٧ قنافذ هداجون حول بيوتهم

بما كان إياهم عطية عودا

٧٥ أبناؤها متكنفون أباهم

حنقو الصدور ، وما هم أولادها

٨٨ كادت النفس أن تفيض عليه

إذ غدا حشو ريطة وبرود

٩٤ أموت أسى يوم الرجام ، وإننى

يقينا لرهن بالذى أنا كائد

٩٩ يلوموننى فى حب ليلى عواذلى

ولكننى من حبها لعميد

١٠٠ مرو اعجالى فقالوا : كيف سيدكم؟

فقال من سألوا : أمسى لمجهودا

١٠٤ شلت يمينك ؛ إن قتلت لمسلما

حلت عليك عقوبة المتعمد

١١٧ رأيت الله أكبر كل شىء

محاولة وأكثرهم جنودا

١١٩ دريت الوفى العهد يا عرو ؛ فاغتبط

فإن اغتياطا بالوفاء حميد

١٢٨ رمى الحدثان نسوة آل حرب

بمقدار سمدن له سمودا

فرد شعورهن السود بيضا

ورد وجوههن البيض سودا

١٤١ وخبرت سوداء الغميم مريضة

فأقبلت من أهلى بمصر أعودها

١٥٠ كسا ملمه ذا الحلم أثواب سؤدد

ورقى نداه ذا الندى فى ذرى المجد

١٥٦ لم يعن بالعلياء إلا سيدا

ولا شفى ذا الغى إلا ذو هدى

١٦٠ إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب

جهارا فكن فى الغيب أحفظ للعهد

وألغ أحاديث الوشاة ؛ فقلما

يحاول واش غير هجران ذى ود

١٦٦ [لما حططت الرحل عنها واردا]

علفتها تبنا وماء باردا

١٨١ وبالجسم منى بينا لو علمته

شحوب وإن تستشهدى العين تشهد

١٨٢ وما لام نفسى مثلها لى لائم

ولا سد فقرى مثل ما ملكت يدى

٢٠١ فلا والله لا يلفى أناس

فتى حتاك يا ابن أبى زياد

٢٦١ أتانى أنهم مزقون عرضى

جحاش الكرملين لها فديد

٢٧٦ تزود مثل زاد أبيك فينا

فنعم الزاد زاد أبيك زادا


٢٩٥ ماذا ترى فى عيال قد برمت بهم

لم أحص عدتهم إلا بعداد؟

كانوا ثمانين ، أو زادوا ثمانية

لو لا رجاؤك قد قتلت أولادى

٣٣٣ ألا أيهذا الزاجرى أحضر الوغى

وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدى

٣٣٤ متى تأته تعشو إلى ضوء ناره

تجد خير نار عندها خير موقد

٣٤٠ من يكدنى بسيىء كنت منه

كالشجا بين حلقه والوريد

٣٤٨ رهبان مدين والذين عهدتهم

يبكون من حذر العذاب قعودا

لو يسمعون كما سمعت كلامها

خروا لعزة ركعا وسجودا

٣٥٥ أبصارهن إلى الشبان مائلة

وقد أراهن عنى غير صداد

حرف الراء المهملة

١٣ أعوذ برب العرش من فئة بغت

على ، فمالى عوض إلاه ناصر

١٤ وما علينا إذا ما كنت جارتنا

ألا يجاورنا إلاك ديار؟

٥ بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت

إياهم الأرض فى دهر الدهارير

٢٨ فما آباؤنا بأمن منه

علينا اللاء قد مهدوا الحجورا

٢٩ بكيت على سرب القطا إذ مررن بى

فقلت ومثلى بالبكاء جدير

أسرب القطاهل من يعير جناحه

لعلى إلى من قد هويت أطير؟

٣٤ ما الله موليك فضل ، فاحمدنه به

فما لدى غيره نفع ولا ضرر

٣٦ ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا

ولقد نهيتك عن بنات الأوبر

٣٧ رأيتك لما أن عرفت وجوهنا

صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو

٤٤ فأقبلت زحفا على الركبتين

فثوب نسيت ، وثوب أجر

٤٨ كم عمة لك يا جرير وخالة

فدعاء قد حلبت على عشارى

٥٠ إلى ملك ما أمه من محارب

أبوه ولا كانت كليب تصاهره

٦٢ ألا يا اسلمى يا دارمى على البلى

ولا زال منهلا بجرعائك القطر

٦٤ ببذل وحلم ساد فى قومه الفتى

وكونك إياه عليك يسير

٨٥ فأبت إلى فهم ، وما كدت آئبا

وكم مثلها فارقتها وهى تصفر؟

٨٧ عسى فرج يأتى به الله ؛ إنه

له كل يوم فى خليقته أمر


١٠٦ واعلم فعلم المرء ينفعه

أن سوف يأتى كل ما قدرا

١٢٠ تعلم شفاء النفس قهر عدوها

فبالغ بلطف فى التحيل والمكر

١٣٧ نبئت زرعة والسفاهة كاسمها

يهدى إلى غرائب الأشعار

١٤٤ رأين الغوانى الشبب لاح بعارضى

فأعرضن عنى بالخدود النواضر

١٤٩ لما رأى طالبوه مصعبا ذعروا

وكاد ـ لو ساعد المقدور ـ ينتصر

١٥٣ جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر

وحسن فعل كما يجزى سنمار

١٦٩ هل الدهر إلا ليلة ونهارها

وإلا طلوع الشمس ثم غيارها؟

١٧٢ وإذا تباع كريمة أو تشترى

فسواك بائعها ، وأنت المشترى

١٧٦ تركنا فى الحضيض بنات عوج

عواكف قد خضعن إلى النسور

أبحنا حيهم قتلا وأسرا

عدا الشمطاء والطفل الصغير

١٩١ أنا ابن دارة معروفا بها نسبى

وهل بدارة يا للناس من عار؟!

١٩٣ [بانت لتحزننا عفاره]

يا جارتا ما أنت جاره

٢٠٧ وإنى لتعرونى لذكراك هزة

كما انتفض العصفور بلله القطر

٢١٥ ربما الجامل المؤبل فيهم

وعناجيج بينهن المهار

٢٢٥ دعوت لما نابنى مسورا

فلبى ، فلبى يدى مسور

٢٣٢ تنتهض الرعدة فى ظهيرى

من لدن الظهر إلى العصير

٢٣٨ أكل امرىء تحسبين امرءا

ونار توقد بالليل نارا؟

٢٤٣ وفاق كعب بجير منقذ لك من

تعجيل تهلكة والخلد فى سقر

٢٥١ إذا صح عون الخالق المرء لم يجد

عسيرا من الآمال إلا ميسرا

٢٦٠ حذر أمورا لا تضير ، وآمن

ما ليس منجيه من الأقدار

٢٦٣ ثم زادوا أنهم فى قومهم

غفر ذنبهم غير فحر

٢٦٩ أرى أم عمرو دمعها قد تحدرا

بكاء على عمرو ، وما كان أصبرا

٢٧٠ فذلك إن يلق المنية يلقها

حميدا ، وإن يستغن يوما فأجدر

٢٧٢ خليلى ما أحرى بذى اللب أن يرى

صبورا ، ولكن لا سبيل إلى الصبر

٢٧٤ تقول عرسى ، وهى لى فى عومره :

بئس امرأ ، وإننى بئس المره

٢٨٠ ولست بالأكثر منهم حصى

وإنما العزة للكاثر


٢٩٢ أقسم بالله أبو حفص عمر

[ما مسها من نقب ولا دبر

* فاغفر له اللهم إن كان فجر*]

٢٩٦ جاء الخلافة أو كانت له قدرا

كما أتى ربه موسى على قدر

٣٠٠ فألفيته يوما يبير عدوه

ومجر عطاء يستحق المعابرا

٣٠١ بات يعشيها بعضب باتر

يقصد فى أسوقها وجائر

٣٠٩ فيا الغلامان اللذان فرا

إياكما أن تعقبانا شرا

٣١١ يا تيم تيم عدى [لا أبالكم

لا يلقينكم فى سوأة عمر]

٣١٥ لها بشر مثل الحرير ، ومنطق

رخيم الحواشى لا هراء ولا نزر

٣١٦ لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره

طريف بن مال ليلة الجوع والخصر

٣٢٢ لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى

فما انقادت الآمال إلا لصابر

٣٣١ إنى وقتلى سليكا ثم أعقله

كالثور يضرب لما عافت البقر

٣٣٥ أيان نؤمنك تأمن غيرنا ، وإذا

لم تدرك الأمن منا لم تزل حذرا

٢٥٦ لست بليلى ، ولكنى نهر

لا أدلج الليل ، ولكن أبتكر

٣٥٨ أألحق ـ إن دار الرباب تباعدت

أو انبت حبل ـ أن قلبك طائر

حرف السين المهملة

٧ عددت قومى كعديد الطيس

إذ ذهب القوم الكرام ليسى

٢٩ فأين إلى أين النجاة ببغلتى؟

أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس

حرف الضاد المعجمة

٣٢١ وممن ولدوا

عامر ذو الطول وذو العرض

حرف الطاء المهملة

٢٨٧ حتى إذا جن الظلام واختلط

جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط

حرف العين المهملة

٢٥ أطوف ما أطوف ثم آوى

إلى بيت قعيدته لكاع

٣٢ من لا يزال شاكرا على المعه

فهو حر بعيشة ذات سعه

٧٤ أبا خراشة ، أما أنت ذا نفر

فإن قومى لم تأكلهم الضبع


٨٩ ولو سئل الناس التراب لأوشكوا

إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا

٩٢ سقاها ذوو الأحلام سجلا على الظما

وقد كربت أعناقها أن تقطعا

١١٠ لا نسب اليوم ولا خلة

اتسع الخرق على الراقع

١٤٥ [طوى النحز والأجراز ما فى غروضها]

وما بقيت إلا الضلوع الجراشع

١٥٧ لا تجزعى إن منفس أهلكنه

فإذا هلكت فبعد ذلك فاجزعى

١٦١ بعكاظ بعشى الناظرين

إذا هم لمحوا شعاعه

١٦٨ فإنهم يرجون منه شفاعة

إذا لم يكن إلا النبيون شافع

٢٢١ إذا قيل أى الناس شر قبيلة

أشارت كليب بالأكف الأصابع

٢٢٦ أما ترى حيث سهيل طالعا

نجما يضىء كالشهاب لامعا

٢٣٧ على حين عاتبت المشيب على الصبا

[فقلت : ألما تصح والشيب وازع؟]

٢٣٩ سقى الأرضين الغيث سهل وحزنها

[فنيطت عرى الآمال بالزرع والضرع]

٢٤٥ سبقوا هوى وأعنقوا لهواهم

فتخرموا ، ولكل جنب مصرع

٢٤٨ فإنك والتأبين عروة بعد ما

دعاك وأيدينا إليه شوارع

٢٤٩ لقد علمت أولى المغيرة أننى

كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا

٢٥٠ أكفرا بعد رد الموت عنى

وبعد عطائك المائة الرتاعا!

٢٨٩ يا ليتنى كنت صبيا مرضعا

تحملنى الذلفاء حولا أكتعا

إذا بكيت قبلتنى أربعا

إذا ظللت الدهر أبكى أجمعا

٢٩٠ ............................

قد صرت البكرة يوما أجمعا

٢٩٣ أنا ابن التارك البكرى بشر

عليه الطبر ترقبه وقوعا

٣٠٢ ذرينى ؛ إن أمرك لن يطاعا

وما ألفيتى حلمى مضاعا

٣٠٤ إن على الله أن تبايعا

تأتى كرها أو تجىء طائعا

٣١٩ لا تهين الفقير علك أن

تركع يوما والدهر قد رفعه

٣٢٦ يا ين الكرام ألا تدنو فتبصر ما

قد حدثوك ، فماراء كمن سمعا!

٣٤٢ يا أقرع بن حابس يا أقرع

إنك إن يصرع أخوك تصرع

٣٥١ تعدون عقر النيب أفضل مجدكم

بنى ضوطوى لو لا الكمى المقنعا


حرف الفاء

٥٥ نحن بما عندنا ، وأنت بما

عندك راض ، والرأى مختلف

٢٣٥ ومن قبل نادى كل مولى قرابة

فما عطفت مولى عليه العواطف

٢٥٢ بعشرتك الكرام تعد منهم

فلا ترين لغيرهم ألوفا

٢٥٣ تنفى يداها الحصى فى كل هاجرة

نفى الدراهيم تنقاد الصياريف

٣١٨ من نثقفن منهم فليس بآيب

[أبدا ، وقتل بنى قتيبة شافى]

٣٣٠ ولبس عباءة وتقر عينى

أحب إلى من لبس الشفوف

حرف القاف

٣ وقاتم الأعماق خاوى المخترق

[مشتبه الأعلام لماع الخفق]

٤٥ سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا

محياك أخفى ضوؤه كل شارق

٩٠ يوشك من فر من منيته

فى بعض غراته يوافقها

١٠٥ فلو أنك فى يوم الرخاء سألتنى

طلاقك لم أبخل وأنت صديق

١٧٤ لديك كفيل بالمنى لمؤمل

وإن سواك من يؤمله يشقى

٢٠٦ جارية لم تأكل المرفقا

ولم تذق من البقول الفستقا

٢١٠ ..........................

لواحق الأقراب فيها كالمقق

٢٦٥ هل أنت باعث دينار لحاجتا

أو عبد رب أخاعون بن مخراق

٢٧٥ والتغلبيون بئس الفحل فحلهم

فحلا ، وأمهم زلاء منطيق

٣٠٨ ضربت صدرها إلى ، وقالت :

يا عديا لقد وقتك الأواقى

حرف الكاف

١٢٦ فقلت : أجرنى أبا مالك

وإلا فهبنى امرأ هالكا

١٥٤ حيكت على نيربن إذ تحاك

تختبط الشوك ولا تشاك

١٧٥ خلا الله لا أرجو سواك ، وإنما

أعد عيالى شعبة من عيالكا

١٩٢ فلما خشيت أظافيرهم

نجوت ، وأرهنهم مالكا


حرف اللام

١٢ تنورتها من أذرعات ، وأهلها

بيثرب ، أدنى دارها نظر عالى

١٨ كمية جابر إذ قال : ليتى

أصادفه ، وأفقد جل مالى

٢٦ وتبلى الأولى يستلئمون على الأولى

تراهن يوم الروع كالحدإ القبل

٣٠ ما أنت بالحكم الترضى حكومته

ولا الأصيل ولا ذى الرأى والجدل

٣٣ إذا ما لقيت بنى مالك

فسلم على أيهم أفضل

٤٠ فخير نحن عند البأس منكم

إذا الداعى المثوب قال : يا لا

٥٢ فيارب هل إلا بك النصر يرتجى

عليهم؟ وهل إلا عليك المعول؟

٥٣ خالى لأنت ، ومن جرير خاله

ينل العلاء ويكرم الأخوالا

٥٧ يذيب الرعب منه كل عضب

فلولا الغمد يمسكه لسالا

٦٥ سلى إن جهلت الناس عناو عنهم

فليس سواء عالم وجهول

٧١ أنت تكون ماجد نبيل

إذا تهب شمأل بليل

٧٢ قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا

فما اعتذارك من قول إذا قيلا؟

٧٧ وإن مدت الأيدى إلى الزاد لم أكن

بأعجلهم ، إذ أجشع القوم أعجل

٨٢ إن المرء ميتا بانقضاء حياته

ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا

٩٥ فلا تلحنى فيها ؛ فإن بحبها

أخاك مصاب القلب جم بلابله

١٠٧ علموا أن يؤملون ؛ فجادوا

قبل أن يسألوا بأعظم سؤل

١١٤ ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد

إذا ألاقى الذى لاقاه أمثالى؟

١١٨ علمتك الباذل المعروف ، فانبعثت

إليك بى واجفات الشوق والأمل

١٢١ دعانى الغوانى عمهن ، وخلتنى

لى اسم ، فلا أدعى به وهو أول

١٢٢ حسبت التقى والجود خير تجارة

رباحا ، إذا ما المرء أصبح ثاقلا

١٢٣ فإن تزعمينى كنت أجهل فيكم

فإنى شريت الحلم بعدك بالجهل

١٢٩ أرجو وآمل أن تدنو مودتها

وما إخال لدينا منك تنويل

١٣١ أبو حنش يؤرقنى ، وطلق ،

وعمار ، وآونة أثالا

أراهم رفقتى ، حتى إذا ما

تجافى الليل وانخزل انخزالا

إذا أنا كالذى يسعى لورد

إلى آل ، فلم يدرك بلالا


١٤٣ يلوموننى فى اشتراء النخيل

أهلى فكلهم يعذل

١٤٦ فلا مزنة ودقت ودقها

ولا أرض أبقل إبقالها

١٥٢ جزى ربه عنى عدى بن حاتم

جزاء الكلاب العاويات ، وقد فعل

١٥٨ فارسا ما غادروه ملحما

غير زميل ولا نكس وكل

١٧٠ مالك من شيخك إلا عمله

إلا رسيمه وإلا رمله

١٧٨ رأيت الناس ما حاشا قريشا

فإنا نحن أفضلهم فعالا

١٨٠ فأرسلها العراك [ولم يذدها

ولم يشفق على نغص الدخال]

١٨٥ يا صاح هل حم عيش باقيا فترى

لنفسك العذر فى إبعادها الأملا؟

١٨٨ فإن تك أذواد أصبن ونسوة

فلن يذهبوا فرغا بقتل حبال

١٩٥ ضيعت حزمى فى إبعادى الأملا

وما ارعويت ، وشيبا رأسى اشتعلا

٢٠٤ ولا ترى بعلا ولا حلائلا

كه ولا كهن إلا حاظلا

٢١١ أتنتهون ولن ينهى ذوى شطط

كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل

٢١٢ غدت من عليه بعد ماتم ظمؤها

تصل ، وعن قيض بزيزاء مجهل

٢١٨ فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع

فألهيتها عن ذى تمائم محول

٢٢٠ رسم دار وقفت فى طلله

كدت أفضى الحياة من جلله

٢٢٨ إن للخبر وللشر مدى

وكلا ذلك وجه قبل

٢٣٧ ............................

أفب من تحت عريض من عل

٢٤٠ كما خط الكتاب بكف يوما

يهودى يقارب أو يزيل

٢٤٦ بضرب بالسيوف رؤوس قوم

أزلنا هامهن عن المقيل

٢٤٧ ضعيف النكاية أعداءه

يخال الفرار يراخى الأجل

٢٥٧ كناطح صخرة يوما ليوهنها

فلم يضرها ، وأوهى قرنه الوعل

٢٥٨ أخا الحرب لباسا إليها جلالها

وليس بولاج الخوالف أعقلا

٢٦٤ الواهب المائة الهجان وعبدها

عوذا تزجى بينها أطفالها

٢٧٨ فقلت : اقتلوها عنكم بمزاجها

وحب بها مقتولة حين تقتل

٢٧٩ دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا

فظل فؤادى عن هواك مضللا

٢٨١ إن الذى سمك السماء بنى لنا

بيتا دعائمه أعز وأطول


٢٨٣ ولا عيب فيها غير أن سريعها

قطوف ، وأن لا شىء منهن أكسل

٢٩٧ قلت إذ أقبلت وزهر تهادى

كنعاج الفلا تعسفن رملا

٣٠٥ ذا ، ارعواء ؛ فليس بعد اشتعال

الرأس شيبا إلى الصبا من سبيل

٣١٢ يا زيد زيد اليعملات [الذبل

تطاول الليل عليك فانزل]

٣١٣ تضل منه إبلى بالهوجل

فى لجه أمسّك فلانا عن فل

٣٣٦ [صعدة نابتة فى حائر]

أينما الريح تميلها تمل

٣٣٩ خليلى ، أنى تأنيانى تأنيا

أخا غير ما يرضيكما لا يحاول

٣٤٦ لئن منيت بنا عن غب معركة

لا تلفنا عن دماء القوم ننتفل

حرف الميم

٥ بأبه اقندى عدى فى الكرم

ومن يشابه أبه فما ظلم

١٦ إذا قالت حذام فصدقوها

فإن القول ما قالت حذام

٢٣ ذم المنازل بعد منزلة اللوى

والعيش بعد أولئك الأيام

٣٨ غير لاه عداك ، فاطرح اللهو ،

ولا تغترر بعارض سلم

٥٩ ينام بإحدى مقلتيه ، ويتقى

بأخرى المنايا ؛ فهو يقظان نائم

٦٦ لا طيب للعيش ما دامت منغصة

لذاته بادكار الموت والهرم

٦٩ فكيف إذا مررت بدار قوم

وجيران لنا كانوا كرام؟

٧٣ ندم البغاة ولات ساعة مندم

والبغى مرتع مبتغيه وخيم

٨٤ أكثرت فى العذل ملحا دائما

لا تكثرن ؛ إنى عسيت صائما

٩٦ ما أعطيانى ولا سألتهما

إلا وإنى لحاجزى كرمى

٩٧ وكنت أرى زيدا كما قيل سيدا

إذا أنه عبد القفا واللهازم

١١٢ فلا لغو ولا تأثيم فيها

وما فاهوا به أبدا مقيم

١١٣ ألا ارعواء لمن ولت شييبته

وآذنت بمشيب بعده هرم؟

١٢٤ فلا تعدد المولى شريكك فى الغنى

ولكنما المولى شريكك فى العدم


١٣٣ ولقد نزلت فلا تظنى غيره

منى بمنزلة المحب المكرم

١٣٤ متى تقول القلص الرواسما

يدنين أم قاسم وقاسما؟

١٤٢ تولى قتال المارقين بنفسه

وقد أسلماه مبعد وحميم

١٤٧ فلم يدر إلى الله ما هيجت لنا

عشية آناء الديار وشامها

١٤٨ تزودت من ليلى بتكليم ساعة

فما زاد إلا ضعف ما بى كلامها

١٥١ ولو أن مجدا أخلد الدهر واحدا

من الناس أبقى مجده الدهر مطعما

١٥٩ تمرون الديار ولم تعوجوا

كلامكم على إذا حرام

١٦٤ وأغفر عوراء الكريم ادخاره

وأعرض عن شتم اللئيم تكرما

١٨٦ لا يركنن أحد إلى الإحجام

يوم الوغى متخوفا لحمام

١٩٠ لقى ابنى أخويه خائفا

منجديه فأصابوا مغنما

١٩٧ لعل الله فضلكم علينا

بشىء ؛ أن أمكم شريم

٢١٣ ولقد أرانى للرماح دريئة

من عن يمينى تارة وأمامى

٢١٤ فإن الحمر من شر المطايا

كما الخبطات شر بنى تميم

٢١٦ ماوى يا ربتما غارة

شعواء كاللذعة بالميسم

٢١٧ وننصر مولانا ، ونعلم أنه

كما الناس مجروم عليه وجارم

٢١٩ بل بلد ملء الفجاج قتمه

لا يشترى كتانة وجهرمه

٢٢٢ وكريمة من آل قيس ألفته

حتى تبذخ فارتقى الأعلام

٢٢٣ مشين كما اهتزت رماح تسفهت

أعاليها مر الرياح النواسم

٢٣٠ ألا تسألون الناس أيى وأيكم

غداة التقينا كان خيرا وأكرما

٢٣٤ فريشى منكم ، وهواى معكم

وإن كانت مودتكم لماما

٢٣٦ فساغ لى الشراب ، وكنت قبلا

أكاد أغص بالماء الحميم

٢٤٢ ولئن حلفت على يديك لأحلفن

بيمين أصدق من يمينك مقسم

٢٤٤ كأن برذون أبا عصام

زيد حمار دق باللجام

٢٥٤ حتى تهجر فى الرواح ، وهاجها

طلب المعقب حقه المظلوم

٢٥٦ وكم مالىء عينيه من شىء غيره

إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى

٢٦٢ ...........................

أوالفا مكة من ورق الحمى

٢٧١ وقال نبى المسلمين : تقدموا

وأحبب إلينا أن تكون المقدما

٣٠٣ أوعدنى بالسجن والأداهم

رجلى ، فرجلى شثنة المناسم


٣٠٧ سلام الله يا مطر عليها

وليس عليك يا مطر السلام

٣١٠ إنى إذا ما حدث ألما

أقول : يا اللهم ، يا اللهما

٣١٧ يحسبه الجاهل ما لم يعلما

شيخا على كرسيه معمما

٣٢٣ وكنت إذا غمزت قناة قوم

كسرت كعوبها أو تستقيما

٣٢٨ لا تنه عن خلق وتأتى مثله

عار عليك ـ إذا فعلت ـ عظيم

٣٤١ وإن أتاه خليل يوم مسألة

يقول : لا غائب مالى ، ولا حرم

٣٤٢ فإن يهلك أبو قابوس يهلك

ربيع الناس والبلد الحرام

ونأخذ بعده بذناب عيش

أجب الظهر ، ليس له سنام

٣٤٤ ومن يقترب منا ويخضع نؤوه

ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما

٣٤٥ فطلقها فلست لها بكفء

وإلا يعل مفرقك الحسام

٣٥٢ أتوا نارى فقلت : منون أنتم؟

فقالوا : الجن ، قلت : عموا ظلاما

٣٥٩ [ألا طرقتنا مية بنة منذر]

فما أرق النيام إلا كلامها

حرف النون

٨ عرفنا جعفرا وبنى أبيه

وأنكرنا زعانف آخرين

٩ أكل الدهر حل وارتحال

أما يبقى على ولا يقينى؟

وماذا يبتغى الشعراء منى

وقد جاوزت حد الأربعين؟

١١ أعرف منها الجيد والعينانا

ومنخرين أشبها ظبيانا

٢٠ أيها السائل عنهم وعنى

لست من قيس ، ولا قيس منى

٣٩ غير مأسوف على زمن

ينقضى بالهم والحزن

٤٢ قومى ذرا المجد بانوها ، وقد علمت

بكنه ذلك عدنان وقحطان

٤٣ لك العز إن مولاك عز ، وإن يهن

فأنت لدى بحبوحة الهون كائن

٤٧ لو لا اصطبار لأودى كل ذو مقة

لما استقلت مطاياهن للظعن

٦١ صاح شمر ، ولا تزل ذاكر المو

ت ، فنسيانه ضلال مبين

٦٨ فأصبحوا والنوى عالى معرسهم

وليس كل النوى تلقى المساكين

٧٩ نصرتك إذ لا صاحب غير خاذل

فبوئت حصنا بالكماة حصينا

٨١ إن هو مستوليا على أحد

إلا على أضعف المجانين

١٠٣ ونحن أباة الضيم من آل مالك

وإن مالك كانت كرام المعادن

١٠٨ وصدر مشرق النحر

كأن ثدياه حقان


١٣٥ أجهالا تقول بنى لؤى

لعمر أبيك ، أم متجاهلينا؟

١٣٦ قالت وكنت رجلا فطينا :

هذا لعمر الله إسرائينا

١٣٨ وما عليك إذا أخبرتنى دنفا

وغاب بعلك يوما أن تعودينى؟

١٤ وأنبئت قيسا ولم أبله

كما زعموا خير أهل اليمن

١٦٤ فليت لى بهم قوما إذا ركبوا

شنوا الإغارة فرسانا وركبانا

١٧١ ولا ينطق الفحشاء من كان منهم

إذا جلسوا منا ولا من سوائنا

١٧٣ ولم يبق سوى العدوا

ن دناهم كما دانوا

١٧٧ حاشا قريشا ؛ فإن الله فضلهم

على البربة بالإسلام والدين

١٨٣ نجيت يا رب نوحا واستجبت له

فى فلك ما خرفى اليم مشحونا

وعاش يدعو بآيات مبينة

فى قومه ألف عام غير خمسينا

١٩٩ أتطمع فينا من أراق دماءنا

ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسن؟

٢٠٨ لاه ابن عمك ، لا أفضلت فى حسب

عنى ، ولا أنت ديانى فتخزونى

٢٢٤ إنك لو دعوتنى ودونى

زوراء ذات مترع بيون

* لقلت «لبيه» لمن يدعونى*

٢٥٥ قد كنت داينت بها حسانا

مخافة الإفلاس والليانا

٢٧٣ لنعم موئلا المولى إذا حذرت

بأساء ذى البغى واستيلاء ذى الإحن

٢٨٦ ولقد أمر على اللئيم بسبنى

فمضيت ، ثمت قلت : لا يعنبنى

٢٩٤ لعمرك ما أدرى وإن كنت داريا

بسبع رمين الجمر أم بثمان

٢٩٩ إذا ما الغانيات برزن يوما

وزججن الحواجب والعيونا

٣٢٥ رب وفقنى فلا أعدل عن

سنن الساعين فى خير سنن

٣٢٧ فقلت : ادعى وأدعو ، إن أندى

لصوت أن ينادى داعيان

٣٣٨ حيثما تستقم يقدر لك الله

نجاحا فى غابر الأزمان

٣٥٤ وحملت زفرات الضحى فأطقتها

ومالى بزفرات العشى يدان

حرف الهاء

٦ إن أباها وأبا أباها

قد بلغا فى المجد غايتاها

١٦٦ علفتها تبنا وماء باردا

[حتى غمدت همالة عيناها]


حرف الهاء

٢٠٩ إذا رضيت على بنو قشير

لعمر الله أعجبنى رضاها

٢٧٤ تقول عرسى ، وهى لى فى عومره :

بئس امرأ ، وإننى بئس المره

٣١٤ ألا يا عمرو عمراه

وعمرو بن الزبيراه

حرف الواو

٢٠٠ وكم موطن لو لاى طحت كما هوى

بأجرامه من قنة النيق منهوى

حرف الألف اللينة

٢٣١ فأومأت إيماء خفيا لحبتر

فلله عينا حبتر أيما فتى

حرف الياء المثناة التحتية

٤٤ فإما كرام موسرون لقيتهم

فحسبى من ذو عندهم ما كفانيا

٧٨ تعز فلا شىء على الأرض باقيا

ولا وزر مما قضى الله واقيا

٨٠ بدت فعل ذى ود ، فلما تبعتها

تولت ، وبقت حاجتى فى فؤاديا

وحلت سواد القلب ، لا أنا باغبا

سواها ، ولا عن حبها متراخيا

٩٨ لتقعدن مقعد القصى

منى ذى القاذورة المقلى

أو تحلفى بربك العلى

أنى أبو ذيالك الصبى

١٨٤ ما حم من موت حمى واقيا

ولا ترى من أحد باقيا

١٨٩ تقول ابنتى : إن انطلاقك واحدا

إلى الروع يوما تاركى لا أباليا

٢٦٦ باتت تنزى دلوها تنزيا

كما تنزى شهلة صبيا

٢٦٨ ومستبدل من بعد غضيا صريمة

فأحربه من طول فقر وأحريا

٢٧٧ ألا حبذا أهل الملا ، غير أنه

إذا ذكرت مى فلا حبذا هيا

٢٨٥ مررت على وادى السباع ، ولا أرى

كوادى السباع حين يظلم وادايا

أقل به ركب أتوه تئية

وأخوف إلا ما وقى الله ساريا

٣٠٦ أيا راكبا إما عرضت فبلغن

نداماى من نجران أن لا تلاقيا

٣٣٧ وإنك إذ ما تأت ما أنت آمر

به تلف من إياه تأمر آتيا

تمت فهرس الشواهد الواردة فى شرح ابن عقيل

مرتبة على حروف المعجم حسب القوافى


فهرس الموضوعات

حروف الجر

٤٣

تكون الإضافة بمعنى اللام ، أو من ، أو فى

٣

عدة حروف الجر

٤٤

الإضافة على ضربين : لفظية ، ومعنوية

 ـ

«كى» تكون حرف جر فى موضعين

٤٥

الإضافة اللفظية ، وهى غير المحضة

٤

«لعل» حرف جر عند عقيل

٤٦

متى يجوز اقتران المضاف بأل؟

٦

«متى» حرف جر عند هذيل

٤٨

لا يضاف اسم إلى ما اتحد به معنى

٧

«لو لا» حرف جر عند سيبويه

٤٩

يكتسب المضاف من المضاف إليه التأنيث أو التذكير بشروط

١٠

من حروف الجر سبعة أحرف تختص بالظاهر

٥١

من الأسماء ما تجب إضافته ، ومنها ما تجوز إضافته

١٥

معانى «من» الجارة

٥٢

مما تجب إضافته ما يلزم الإضافة للضمير

١٨

تأنى «من» والباء بمعنى بدل

٥٥

مما تجب إضافته ما يلزم الإضافة للجمل ؛ ومنها ما تجوز إضافته إليها

١٩

معانى اللام الجارة

٥٨

ما تجوز إضافته إلى الجمل يجوز بناؤه

٢١

معانى الباء الجارة

٦٠

مما تجب إضافته ما يلزم الإضافة إلى الجمل الفعلية

٢٢

معانى «على» و «عن» الجارتين

٦١

كلا وكلتا يلزمان الإضافة إلى معرفة مثنى

٢٥

معانى الكاف الجارة

٦٣

«أى» تلزم الإضافة ، وتضاف إلى المفرد فى مواضع ، ومعانى «أى»

٢٧

استعملت الكاف وعن وعلى أسماء

٦٦

«لدن» و «مع» وما يضافان إليه

٣٠

«مذ» و «منذ» يكونان اسمين فى موضعين ، ويكونان حرف جر

٧١

«غير» و «قبل وبعد» ونظائرهما

٣١

تزاد «ما» بعد من وعن والباء ، فلا تكفها عن عمل الجر

٧٦

قد يحذف المضاف ، ويبقى المضاف إليه مجرورا

٣٢

تزاد «ما» بعد رب والكاف ، فتكفهما ، ويقل إعمالهما معها

٧٨

قد يحذف المضاف إليه ، ويبقى المضاف بحاله غير منون

٣٥

تحذف «رب» ويبقى عملها بعد ثلاثة أحرف

٨٢

الفصل بين المضاف والمضاف إليه

٣٩

الجر بغير رب محذوفا على نوعين : غير مطرد ، ومطرد

الإضافة

٤٣

ما يحدث لأجل الإضافة


المضاف إلى ياء المتكلم

أبنية المصادر

٨٩

ما يفعل بآخر الاسم عند إضافته للياء

١٢٣

مصدر الثلاثى المتعدى

٩٠

هذيل تقلب ألف المقصور ياء ، عند إضافته لياء المتكلم ، وتدغمهما إعمال المصدر

١٢٣

مصدر اللازم من الثلاثى المكسور العين

٩٣

يعمل المصدر عمل فعله فى موضعين

١٢٤

مصدر الثلاثى المفتوح العين اللازم

٩٤

المصدر يعمل فى ثلاثة أحوال : مضافا ومقترنا بأل ، ومجردا منهما

١٢٥

مصدر الثلاثى المضموم العين

٩٨

اسم المصدر وعمله ، والشاهد لذلك

١٢٦

يأتى مصدر الثلاثى على غير ما

١٠١

يضاف المصدر إلى أحد معموليه ، ثم يؤتى بالآخر

ذكر سماعا

١٠٣

إذا أتبع ما أضيف المصدر إليه جاز فى التابع مراعاة لفظ المتبوع أو محله إعمال اسم الفاعل

١٢٨

مصدر غير الثلاثى مقيس ، وأوزانه

١٠٦

اسم الفاعل على ضربين : مقترن بأل ، ومجرد منها ، ومتى يعمل بلا شرط؟ وشروط عمل ما يعمل بشرط

١٣٢

اسم المرة ، واسم الهيأة

١١٠

اسم الفاعل المقترن بأل ، واختلاف النحاة فيه

أبنية اسم الفاعل واسم المفعول

١١١

صيغ المبالغة تعمل عمل اسم الفاعل

١٣٤

اسم الفاعل من الثلاثى على وزن فاعل

١١٦

المثنى والمجموع من أسماء الفاعلين يعملان عمل مفردهما

١٣٥

قياس اسم الفاعل من فعل المضموم العين ومن فعل المكسور العين اللازم

١١٨

تجوز إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله ونصبه إياه

١٣٦

اسم الفاعل من غير الثلاثى

١١٨

حكم تابع ما أضيف اسم الفاعل إليه إعمال اسم المفعول

١٣٧

اسم المفعول من غير الثلاثى

١٢١

كل ما تقرر لاسم الفاعل يعطى اسم المفعول ، غير أنه يعمل عمل الفعل المبنى للمجهول

١٣٧

بناء اسم المفعول من الثلاثى

١٢٢

قد يضاف اسم المفعول إلى مرفوعه

١٣٨

ينوب عن المفعول وزن فعيل

الصفة المشبهة

١٤٠

علامة الصفة المشبهة جر فاعلها بها

١٤١

تصاغ الصفة المشبهة من الفعل اللازم بشرط كونه للحال

١٤١

تعمل الصفة المشبهة عمل اسم الفاعل المتعدى

١٤٢

لا يتقدم معمول الصفة المشبهة عليها ، ولا تعمل فى أجنبى.

١٤٣

ما يجوز فى معمول الصفة المشبهة من وجوه الإعراب ، وأحوال معمولها

التعجب

١٤٧

للتعجب صيغتان وإعراب كل منهما


١٥٠

يجوز حذف المتعجب منه ، بشرط وضوح المعنى

١٧٥

يتوصل إلى التفضيل مما لم يستكمل الشروط بما يتوصل به إلى التعجب منه

١٥٣

شروط ما يصاغ منه فعل التعجب سبعة

١٧٦

أفعل التفضيل على ثلاثة أنواع : مضاف ، ومقترن بأل ، ومجرد منهما وحكم كل نوع من هذه الأنواع

١٥٤

ما يتوصل به إلى التعجب من فاقد شرط من الشروط

١٨٣

لا تتقدم «من» الجارة للمفضول على أفعل التفضيل ، إلا أن يكون مجرورها اسم استفهام ، وندر فى غير ذلك

١٥٥

قد شذ مجىء فعل التعجب مما لم يستكمل الشرط

٨٧

لا يرفع أفعل التفضيل الظاهر إلا فى مسألة الكحل

١٥٦

لا يتقدم معمول فعل التعجب عليه ، ولا يفصل بين «ما» وفعل التعجب إلا بالظروف وشبهه

النعت

نعم وبئس ، وما جرى مجراهما

١٩٠

تعريف التابع ، وأنواعه

١٦٠

نعم وبئس فعلان جامدان ، خلافا للكوفيين

١٩١

تعريف النعت ، وما يجىء له

١٦١

فاعل نعم وبئس على ثلاثة أنواع

١٩٢

الأمور التى يتبع النعت متبوعه فيها

١٦٣

اختلاف النحاة فى الجمع بين التمييز والفاعل الظاهر فى كلام واحد

١٩٤

لا يكون النعت إلا مشتقا أو شبهه

١٦٦

إذا وقعت «ما» بعد «نعم» فما إعراب «ما»؟

١٩٥

قد يكون النعت جملة ، وشروط ذلك

١٦٦

المخصوص بالذم أو بالمدح ، وإعرابه

١٩٨

لا تكون جملة النعت طلبية ، والفرق بينها وبين جملة الخبر

١٦٨

تستعمل «ساء» بمعنى «بئس» ويجوز أن تغير كل فعل ثلاثى إلى مثال كرم للمدح أو للذم

٢٠٠

قد يكون النعت مصدرا منكرا ؛ فيجب فيه الإفراد والتذكير

١٦٩

يقال فى المدح «حبذا» وفى الذم «لا حبذا» واختلاف العلماء فى إعرابهما

٢٠١

تعدد النعت لمتعدد

أفعل التفضيل

٢٠٢

نعت معمولى عاملين متحدين فى المعنى والعمل يجب إتباعه

١٧٤

يشترط فيما يصاغ منه أفعل التفضيل نفس الشروط التى تشترط لصياغة فعل التعجب

٢٠٣

تعدد النعت لمنعوت واحد

٢٠٤

النعت المقطوع يرفع أو ينصب بعامل محذوف وجوبا

٢٠٥

يجوز حذف ما علم من نعت أو منعوت


التوكيد

٢٢٧

«ثم» للترتيب مع التراخى

٢٠٦

التوكيد لفظى ومعنوى ، والمعنوى على ضربين : أولهما التوكيد بالنفس أو بالعين لرفع احتمال تقدير مضاف للمتبوع

٢٢٨

ما تختص به الفاء

٢٠٧

ثانيهما التوكيد بكل وبكلا وكلتا

٢٢٨

«حتى»

٢٠٨

قد يؤكد بعد كل بأجمع وفروعه

٢٢٩

«أم» وأنواعها

٢٠٩

وقد يؤكد بأجمع وفروعه دون كل

٢٣١

«أو» ومعانيها

٢١١

توكيد النكرة

٢٣٤

«تأتى» «إما» لما تأتى له «أو»

٢١٢

هل يؤكد المثنى بمثنى أجمع وجمعاء؟

٢٣٥

«لكن» و «لا» و «بل»

٢١٢

توكيد الضمير المتصل المرفوع

٢٣٦

العطف على الضمير المرفوع المتصل

٢١٣

التوكيد اللفظى

٢٣٩

العطف على الضمير المخفوض

٢١٥

توكيد الضمير المتصل توكيدا لفظيا

٢٤١

قد يحذف كل من الفاء والواو مع معطوفه

٢١٥

توكيد الحروف توكيدا لفظيا

٢٤٣

قد يحذف المعطوف عليه

٢١٦

يجوز أن يؤكد بضمير الرفع المنفصل كل ضمير

٢٤٤

يعطف الفعل على الاسم المشبه للفعل والعكس البدل

العطف

٢٤٧

تعريف البدل ، وأنواعه

٢١٨

العطف ضربان : عطف نسق ، وعطف بيان

٢٥٠

متى يجوز إبدال الظاهر من الضمير؟

٢١٨

تعريف عطف البيان ، والاستشهاد له

٢٥٢

حكم البدل من اسم الاستفهام

٢٢٠

يوافق عطف البيان ما قبله فيما يوافق النعت منعوته فيه

٢٥٣

يبدل الفعل من الفعل

٢٢١

كل ما صح جعله عطف بيان صح جعله بدلا ، إلا فى مسألتين عطف النسق

النداء

٢٢٤

تعريفه ، ومثاله

٢٥٥

حرف النداء ، ومواضع استعمالها

٢٢٥

حرف العطف على ضربين : ما يشرك لفظا وحكما ، وما يشرك لفظا فقط

٢٥٦

متى يجوز حذف حرف النداء؟

٢٢٦

الواو لمطلق الجمع

٢٥٨

أنواع المنادى ، وحكم كل نوع

٢٢٧

الفاء للترتيب بلا مهلة

٢٦١

حكم المنادى العلم الموصوف بابن

٢٦٢

إذا اضطر الشاعر إلى تنوين المنادى المبنى جاز له رفعه ونصبه

٢٦٣

لا يجمع بين حرف النداء و «أل» إلا فى موضعين

٢٦٦

أحكام تابع المنادى

٢٧٤

أحكام المنادى المضاف إلى ياء المتكلم


٢٧٧

أسماء لازمت النداء الاستغاثة

٢٩٨

مثال الاختصاص

٢٨٠

يجر المستغاث بلام جر مفتوحة

٢٩٨

إعراب المخصوص

٢٨١

تكسر اللام مع المستغاث له ، مع المعطوف على المستغاث إذا لم تتكرر معه «يا»

التحذير ، والإغراء

٢٨١

تحذف لام المستغاث ويؤتى بألف بدلها

٣٠٠

تعريف التحذير

الندبة

 ـ

أنواعه ، وحكم كل نوع

٢٨٢

تعريف المندوب ، وما يجوز ندبه ، وما لا يجوز

٣٠٠

تحذير المتكلم نفسه شاذ ، وتحذير الغائب أشذ

٢٨٣

يلحق بآخر المندوب ألف وبيان ما يحذف لأجل هذه الألف

٣٠١

الإغراء : معناه ، وحكمه أسماء الأفعال والأصوات

٢٨٣

يضبط ما قبل ألف الندبة بالفتح إلا إن أوهم

٣٠٢

معنى كون اللفظ اسم فعل

٢٨٤

تجوز زيادة هاء بعد ألف الندبة عند الوقف ، وزيدت الهاء فى الوصل شذوذا

٣٠٣

من أسماء الأفعال ما هو ظرف أو جار ومجرور فى الأصل ، ومنها ما يكون مصدرا

الترخيم

٣٠٤

يثبت لاسم الفعل ما ثبت للفعل الذى ينوب هو عنه

٢٨٧

تعريف الترخيم

٣٠٥

المنون من أسماء الأفعال نكرة ، وما لم ينون معرفة

٢٨٨

بيان ما يجوز ترخيمه ، وما لا يجوز

٣٠٥

النوعان مبنيان

٢٩٠

يحذف مع الآخر للترخيم ما اتصل بالآخر بشروط

٣٠٦

أسماء الأصوات

٢٩١

ترخيم المركب ، وترخيم الجملة

نونا التوكيد

٢٩٢

يجوز فى الاسم المرخم لغتان ، وقد تتعين واحدة

٣٠٨

النونان ، وما يؤكد بهما من الأفعال وما لا يؤكد ، وحكم الفعل الذى يؤكد بهما

٢٩٤

ترخيم غير المنادى للضرورة

٣١٢

أحكام اتصال الفعل المسند إلى الضمائر بالنونين ، صحيحا كان أو معتلا

الاختصاص

٣١٥

لا تقع النون الخفيفة بعد الألف

٢٩٧

الاختصاص يشبه النداء لفظا ويخالفه من ثلاثة أوجه

٣١٦

تزاد ألف فارقة بين نون النسوة زنون التوكيد.

٣١٧

تحذف النون الخفيفة إذا وليها ساكن


٣١٩

تحذف النون الخفيفة فى الوقف بعد الضمة والكسرة

٣٤٣

بعض العرب يهمل أن ، حملا على «ما» المصدرية

ما لا ينصرف

٣٤٣

من نواصب المضارع إذن بشروط

٣٢٠

ينقسم الاسم إلى منصرف وغير منصرف ، وعلامة المنصرف

٣٤٥

تنصب أن مضمرة بعد اللام وأو

٣٢١

سبب منع الاسم من الصرف

٣٤٩

تنصب مضمرة بعد حتى

٣٢٢

ألف التأنيث تمنع صرف الاسم

٣٤٩

وتنصب مضمرة بعد الفاء فى جواب واحد من ثمانية أشياء

٣٢٢

الوصفية وزيادة الالف والنون

٣٥٢

واو المعية كالفاء فيما ذكر

٣٢٣

الوصفية ووزن الفعل

٣٥٥

إذا سقطت الفاء بعد غير النفى

٣٢٤

الوصفية العارضه لا تأثير لها ، وبعضهم يعتبرها

جزم المضارع

٣٢٥

الوصية والعدل

٣٥٦

شرط الجزم بعد النهى أن تضع إن ولا بين النهى والمضارع

٣٢٦

صيغة منتهى الجموع

٣٥٨

إذا عطف فعل مضارع على اسم خالص جاز فيه النصب بأن مذكورة أو محذوفة

٣٢٩

العلمية والتركيب المزجى

٣٦٢

يشذ نصب المضارع بأن محذوفة فى غير المواضع المذكورة

٣٣٠

العلمية وزيادة الألف والنون ،

عوامل الجزم

٣٣٠

العلمية والتأنيث

٣٦٤

الأدوات الجازمة ضربان والاستشهاد لكل أداة منها

٣٣٢

العلمية والعجمة

٣٧٠

الأدوات التى تقتضى فعلين قد يكون الفعلان معها ماضيين أو مضارعين أو متخالفين

٣٣٢

العلمية ووزن الفعل

٣٧٣

إذا كان فعل الشرط ماضيا جاز فى الجواب الرفع إذا كان الجواب مضارعا

٣٣٤

حكم العلمية وألف الإلحاق المقصورة والممدودة

٣٧٥

إذا كان الجواب لا يصلح لأن يكون شرطا وجب اقترانه بالفا

٣٣٦

العلم المؤنث الموازن لقطام ، وحكمه ، واختلاف لغات العرب فيه

٣٧٦

إذا الفجائية تقوم مقام الفاء

٣٣٨

يصرف الممنوع من الصرف ، ويمنع المصروف للضروة

إعراب الفعل

٣٤١

يرفع المضارع إذا تجرد من النواصب والجوازم

٣٤١

من نواصب المضارع لن أون


٣٧٦

إذا عطف مضارع بالفاء أو الواو على جواب الشرط جاز فيه ثلاثة أوجه

٤٠١

يشترط فى الاسم الذى يراد الإخبار عنه أربعة شروط

٣٧٨

إذا توسط المضارع المقرون بالفاء أو الواو بين الشرط والجزاء جاز فيه وجهان

٤٠٢

لا يخبر الإخبار بالألف واللام إلا عن اسم فى جملة فعلية

٣٨٠

يحذف جواب الشرط إذا دل عليه دليل

٤٠٣

إذا رفعت صلة أل ضميرا عائدا على غير أل وجب فصله

٣٨١

إذا اجتمع شرط وقسم حذف جواب المتأخر منهما

العدد

٣٨٣

يترجح الشرط إذا تقدمهما مبتدأ ، وقد يترجح وإن لم يسبقهما ذو خبر فصل فى لو

٤٠٥

الثلاثة والعشرة وما بينهما ، وتمييزها

٣٨٥

تستعمل «لو» استعمالين

٤٠٧

تمييز العدد المركب

٣٨٧

تختص لو الشرطية بالفعل

٤١١

تمييز العدد المفرد ، والمعطوف

إذا وقع بعد لو الشرطية مضارع انصرف إلى الماضى

٤١٢

إضافة العدد المركب إلى غير مميزه

أما ، ولو لا ، ولوما

٤١٣

صياغة فاعل من العدد على وجوه

٣٩٠

«أما» حرف شرط وتفصيل ، ويجب اقتران تالى تاليها بالفاء وقد تحذف هذه الفاء فى الضرورة

كم ، وكأى ، وكذا

٣٩٣

للولا ولوما استعمالان

٤٢٠

«كم» الاستفهامية

٣٩٤

قد يلى أداة التحضيض اسم معمول لفعل محذوف

٤٢١

«كم» الخبرية

الإخبار بالذى والألف واللام

٤٢٢

«كم» بنوعيها لها الصدارة

٣٩٩

هذا الباب يقصد به التمرين

الحكاية

٣٩٩

الطريق إلى هذا التدريب

٤٢٣

الحكاية بأى ، وبمن

٤٠٠

إذا كان الاسم المراد الإخبار عنه مثنى فإنه يجب تثنية الموصول ، وإذا كان مجموعا وجب جمع الموصول

التأنيث

٤٢٩

علامة التأنيث التاء ، أو الألف مقصورة أو ممدودة

٤٢٩

بم تستدل على تأنيث ما لا علامة فيه؟

٤٣٠

صيغ يستوى فيها المذكر والمؤنث

٤٣٢

ألف التأنيث مقصورة أو ممدودة وأوزان المقصورة المشهورة

٤٣٥

الأوزان المشهورة للألف الممدودة


المقصور والممدود

٤٨٢

أشياء لا يعتد بها فى التصغير

٤٣٧

ضابط المقصور والممدود ، وأنواعهما وضابط القياسى منهما

٤٨٣

تصغير الاسم المختوم بألف التأنيث

٤٤٠

السماعى من المقصور والممدود

٤٨٤

إذا كان ثانى الاسم حرف لين رد إلى أصله عند التصغير

٤٤٠

يجوز قصر الممدود للضرورة إجماعا ، واختلفوا فى جواز مد المقصور للضرورة

٤٨٦

تصغير ما حذف منه شىء

كيفية تثنية المقصور والممدود

٤٨٧

تصغير الترخيم

٤٤٣

متى تقلب ألف المقصور ياء؟

 ـ

تصغير الاسم الثلاثى المؤنث بلا تاء

ومتى تقلب واوا؟

٤٨٩

صغروا بعض المبنيات شذوذا

٤٤٥

همزة الممدود على أربعة أنواع ، وحكم كل نوع منها عند التثنية

النسب

٤٤٦

جمع المنقوص والمقصور جمع مذكر سالما

٤٩٠

علامة النسب ياء مشددة

٤٤٨

متى تتبع عين الاسم لفائه عند جمعه جمع مؤنث سالما

تحذف للنسب الياء المشددة فى آخر المنسوب إليه ، إذا سبقها ثلاثة أحرف

٤٤٩

متى لا يجوز إتباع عين الاسم لفائه فى جمع المؤنث؟

٤٩١

النسب إلى ما آخره ألف

جمع التكسير

٤٩٣

النسب إلى المنقوص

٤٥٢

أبنية جموع القلة ، وما تكون جمعا له

٤٩٥

النسب إلى ما آخره ياء مشددة مسبوقة بحرف واحد

٤٥٦

أبنية جموع الكثرة وما تكون جمعا له

٤٩٦

النسب إلى ما آخره علامة تثنية أو جمع

التصغير

٤٩٦

النسب إلى نحو طيب

٤٧٧

ما يعمل فى كل اسم يراد تصغيره ، وأمثلة التصغير

٤٩٧

النسب إلى نحو فعيلة وفعيلة

٤٧٨

يتوصل إلى التصغير بما يتوصل به إلى التكسير على صيغة منتهى الجموع

٤٩٩

النسب إلى نحو الممدود

٤٧٩

يجوز تعويض ياء قبل الطرف عما حذف من الاسم

٥٠٠

النسب إلى نحو المركب بأنواعه

٤٨٠

المواضع التى يجب فيها فتح ما بعد ياء التصغير

٥٠١

النسب إلى نحو محذوف اللام

٥٠٣

النسب إلى نحو ما وضع على حرفين

٥٠٤

النسب إلى نحو محذوف الفاء

٥٠٥

النسب إلى نحو الجمع

٥٠٥

يستغنى عن ياء النسب بمجىء الاسم على بعض الصيغ

٥٠٨

الوقف


٥٢٠

الإمالة

٥٥٠

المواضع التى تبدل فيها الواو والياء

التصريف

٥٥٣

المواضع التى تبدل فيها الهمزة

٥٢٩

معنى التصريف

حرف علة

٥٣٠

لا يدخل التصريف ما وضع على أقل من ثلاثة ولا يدخل الحروف وشبهها

٥٥٦

المواضع التى تبدل فيها الألف ياء

٥٣٠

الاسم ضربان : مجرد ، ومزيد فيه ، وبيان كل منهما

٥٥٧

متى تقلب الألف والواو ياء؟

٥٣١

أوزان الاسم الثلاثى

٥٦٠

متى تقلب الياء واوا؟

٥٣٢

الفعل ضربان : مجرد ، ومزيد فيه ، وأوزان المجرد ثلاثيا أو رباعيا

٥٦٦

متى تقلب الواو والياء ألفا؟

٥٣٤

أوزان الاسم الرباعى والخماسى

٥٦٩

لا يتوالى إعلالان فى كلمة

٥٣٦

ضابط الحرف الأصلى والحرف الزائد

٥٧٠

منى تبدل النون ميما؟

٥٣٦

الميزان

٥٧١

الإعلال بالنقل ، ومواضعه

٥٣٩

مواضع زيادة الألف

٥٧٥

اسم المفعول من معتل العين

٥٤٠

مواضع زيادة الياء والواو

٥٧٧

اسم المفعول من معتل اللام

٥٤١

مواضع زيادة الهمزة والميم

٥٨٠

إبدال حرف اللين تاء

٥٤٢

مواضع زيادة النون

٥٨١

إبدال التاء طاء

٥٤٣

مواضع زيادة التاء ، والهاء

٥٨٢

حذف الواو من المثال الواوى

٥٤٤

لا يحكم بالزيادة التى تجىء على غير وجهها إلا بحجة وثبت

٥٨٤

حذف أحد المثلين

٥٤٥

همزة الوصل

الإدغام

الإبدال

٥٨٦

ما لا يجوز إدغام المثلين فيه ، وما يجوز

٥٤٨

ذكر الحروف التى تبدل من غيرها إبدالا شائعا

٥٨٨

ما يجوز فيه الإدغام والفك

٥٩٠

متى يجب الفك؟

٥٩٢

خاتمة الناظم

٥٩٣

خاتمة محقق الكتاب وشارح الشواهد

تمت فهرس الموضوعات

الواردة فى الجزء الثانى من شرح ابن عقيل

والحمد لله رب العالمين ، وصلاته وسلامه على إمام المتقين ، وعلى آله وصحبه أجمعين


فهرس

التكملة الموضوعة فى تصريف الأفعال

٥٩٥

تكملة فى تصريف الأفعال

٦٤٦

الفصل الثامن : فى اللفيف المقرون ، وأحكامه

٥٩٧

الباب الأول : فى المجرد والمزيد ، وفيه ثلاثة فصول

٦٤٩

الباب الثالث : فى اشتقاق صيغتى المضارع والأمر ، وفيه فصلان

٥٩٧

الفصل الأول : فى أوزانهما

 ـ

الفصل الأول : فى أحكام عامة

٥٩٩

الفصل الثانى : فى معانى الأبنية

٦٥٠

الفصل الثانى : فى أحكام تخص بعض أنواع الفعل

٦٠٣

الفصل الثالث : فى وجوه مضارع الفعل الثلاثى

٦٥٣

الباب الرابع : فى وجوه تصرف الأفعال مع الضمائر

٦٠٦

الباب الثانى : فى الصحيح والمعتل وأقسامهما ، وفيه ثمانية فصول

٦٥٤

الباب الخامس : فى تقسيم الفعل إلى مؤكد وغير مؤكد ، وفيه فصلان

٦٠٧

الفصل الأول : فى السالم وأحكامه

 ٦٥٤

الفصل الأول : فى بيان ما يجب توكيده منه ، وما يجوز توكيده ، وما لا يجوز توكيده

٦٠٩

الفصل الثانى : فى المضعف وأحكامه

٦٥٧

الفصل الثانى : فى أحكام آخر الفعل صحيحا كان أو معتلا عند توكيده بإحدى نونى التوكيد

٦١٤

الفصل الثالث : فى المهموز وأحكامه

٦١٩

الفصل الرابع : فى المثال وأحكامه

٦٢٤

الفصل الخامس : فى الأجوف وأحكامه

٦٣٥

الفصل السادس : فى الناقص وأحكامه

٦٤٣

الفصل السابع : فى اللفيف المفروق ، وأحكامه

تمت الفهرس ، والحمد لله أولا وآخراً

وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

شرح ابن عقيل - ٢

المؤلف:
الصفحات: 686