
مقدمة الطبعة الثانية :
بسم الله الرّحمن
الرّحيم
الحمد لله
المنعوت بجميل الصفات ، وصلّى الله على سيدنا محمد أشرف الكائنات ، المبعوث بالهدى
ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ، وعلى آله وصحبه الذين نصبوا أنفسهم للدفاع عن
بيضة الدين حتى رفع الله بهم مناره ، وأعلى كلمته ، وجعله دينه المرضىّ ، وطريقه
المستقيم.
وبعد ، فقد كان
مما جرى به القضاء أنى كتبت منذ أربع سنين تعليقات على كتاب الخلاصة (الألفية)
الذى صنّفه إمام النحاة ، أبو عبد الله جمال الدين محمد ابن مالك المولود بجيان
سنة ستمائة من الهجرة ، والمتوفى فى دمشق سنة اثنتين وسبعين وستمائة ، وعلى شرحه
الذى صنّفه قاضى القضاة بهاء الدين عبد الله بن عقيل ، المصرى ، الهاشمى ، المولود
فى سنة ثمان وتسعين وستمائة ، والمتوفى فى سنة تسع وستين وسبعمائة من الهجرة ، ولم
يكن يدور بخلدى ـ علم الله ـ أن تعليقاتى هذه ستحوز قبول الناس ورضاهم ، وأنها
ستحلّ من أنفسهم المحلّ الذى حلّته ، بل كنت أقول فى نفسى : «إنه أثر يذكرنى به
الإخوان والأبناء ، ولعله يجلب لى دعوة رجل صالح فأكون بذلك من الفائزين».
ثم جرت الأيام
بغير ما كنت أرتقب ؛ فإذا الكتاب يروق قرّاءه ، وينال منهم الإعجاب كلّ الإعجاب ،
وإذا هم يطلبون إلى فى إلحاح أن أعيد طبعه ، ولم يكن قد مضى على ظهوره سنتان ، ولم
أشأ أن أجيب هذه الرغبة إلا بعد أن أعيد النظر فيه ، فأصلح ما عسى أن يكون قد فرط
منّى ، أو أتمم بحثا ، أو أبدل عبارة بعبارة أسهل منها وأدنى إلى القصد ، أو أضبط
مثالا أو كلمة غفلت عن
ضبطها ، أو ما أشبه ذلك من وجوه التحسين التى أستطيع أن أكافىء بها هؤلاء
الذين رأوا فى عملى هذا ما يستحق التشجيع والتنويه به والإشادة بذكره ، وما زالت
العوائق تدفعنى عن القيام بهذه الأمنيّة الشريفة وتدودنى عن العمل لتحقيقها ، حتى
أذن الله تعالى ، فسنحت لى الفرصة ، فلم أتأخر عن اهتبالها ، وعمدت إلى الكتاب ،
فأعملت فى تعليقاتى يد الإصلاح والزيادة والتهذيب ، كما أعملت فى أصله يد التصحيح
والضّبط والتحرير ، وسيجد كل قارىء أثر ذلك واضحا ، إن شاء الله.
والله ـ سبحانه
وتعالى! ـ المسئول أن يوفقنى إلى مرضاته ، وأن يجعل عملى خالصا لوجهه ، وأن يكتبنى
ويكتبه عنده من المقبولين ، آمين.
|
كتبه المعتز بالله تعالى
محمّد محيى الدين عبد الحميد
|
مقدمة الطبعة الأولى
بسم الله الرّحمن
الرّحيم
الحمد الله على
نعمائه ، وصلاته وسلامه على خاتم أنبيائه ، وعلى آله وأصحابه وأوليائه اللهم إنى
أحمدك أرضى الحمد لك ، وأحبّ الحمد إليك ، وأفضل الحمد عندك ، حمدا لا ينقطع عدده
، ولا يفنى مدده.
وأسألك المزيد
من صلواتك وسلامك على مصدر الفضائل ، الذى ظلّ ماضيا على نفاذ أمرك ، حتى أضاء
الطريق للخابط ، وهدى الله به القلوب ، وأقام به موضحات الأعلام : سيدنا محمد بن
عبد الله أفضل خلق الله ، وأكرمهم عليه ، وأعلاهم منزلة عنده ، صلّى الله عليه
وعلى صحابته الأخيار ، وآله الأبرار.
ثم أما بعد ،
فلعلك لا تجد مؤلّفا ـ ممن صنفوا فى قواعد العربية ـ قد نال من الحظوة عند الناس ،
والإقبال على تصانيفه : قراءة ، وإقراء ، وشرحا ، وتعليقا ، مثل أبى عبد الله محمد
جمال الدين بن عبد الله بن مالك ، صاحب التآليف المفيدة ، والتصنيفات الممتعة ،
وأفضل من كتب فى علوم العربية من أهل طبقته علما ، وأوسعهم اطلاعا ، وأقدرهم على
الاستشهاد لما يرى من الآراء بكلام العرب ، مع تصوّن ، وعفة ، ودين ، وكمال خلق.
فلابن مالك
مؤلفات فى العربية كثيرة متعددة المشارب ، مختلفة المناحى ، وقلّ أن تجد من بينها
كتابا لم يتناوله العلماء منذ زمنه إلى اليوم : بالقراءة ، والبحث ، وبيان معانيه
: بوضع الشروح الوافية والتعليقات عليه.
ومن هذه
المؤلفات كتابه «الخلاصة» الذى اشتهر بين الناس باسم «الألفية»
__________________
والذى جمع فيه خلاصة علمى النحو والتصريف ، فى أرجوزة ظريفة ، مع الإشارة
إلى مذاهب العلماء ، وبيان ما يختاره من الآراء ، أحيانا.
وقد كثر إقبال
العلماء على هذا الكتاب من بين كتبه بنوع خاص ، حتى طويت مصنّفات أئمة النحو من
قبله ، ولم ينتفع من جاء بعده بأن يحاكوه أو يدّعوا أنهم يزيدون عليه وينتصفون منه
، ولو لم يشر فى خطبته إلى ألفية الإمام العلامة يحيى زين الدين بن عبد النور
الزّواوى الجزائرى ، المتوفى بمصر فى يوم الاثنين آخر شهر ذى القعدة من سنة ٦٢٧ ه.
والمعروف بابن معط ـ لما ذكره الناس ، ولا عرفوه.
* * *
وشروح هذا
الكتاب أكثر من أن تتّسع هذه الكلمة الموجزة لتعدادها ، وبيان مزاياها ، وما انفرد
به كل شرح ، وأكثرها لأكابر العلماء ومبرّزيهم : كالإمام أبى محمد عبد الله جمال
الدين بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصارى الشافعى الحنبلى ، المتوفى
ليلة الجمعة ، الخامس من شهر ذى القعدة من سنة ٧٦١ ه ، والذى يقول عنه ابن خلدون
: «مازلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية ـ يقال له ابن هشام ـ أنحى
من سيبويه» اه.
وقد شرح ابن
هشام الخلاصة مرتين : إحداهما فى كتابه «أوضح المسالك ، إلى ألفية ابن مالك » ، والثانية فى كتاب سماه «دفع الخصاصة ، عن قرّاء
الخلاصة» ويقال : إنه أربع مجلدات ، ويقول السيوطى بعد ذكر هذين الكتابين «وله عدة
حواش على الألفية والتسهيل» اه.
وممن شرح
الخلاصة العلامة محمد بدر الدين بن محمد بن عبد الله بن مالك ، المتوفى بدمشق فى يوم
الأحد ، الثامن من شهر المحرم ، سنة ٦٨٦ ه ، وهو ابن الناظم.
__________________
ومنهم العلامة
الحسن بدر الدين بن قاسم بن عبد الله بن عمر ، المرادى ، المصرى المتوفى فى يوم
عيد الفطر سنة ٨٤٩ ه.
ومنهم الشيخ
عبد الرحمن زين الدين أبو بكر المعروف بابن العينى الحنفى المتوفى سنة ٨٤٩ ه
ومنهم الشيخ
عبد الرحمن بن على بن صالح المكودىّ ، المتوفى بمدينة فاس سنة ٨٠١ ه
ومنهم أبو عبد
الله محمد شمس الدين بن أحمد بن على بن جابر ، الهوّارى ، الأندلسى ، المرسينى ،
الضرير.
ومنهم أبو
الحسن على نور الدين بن محمد المصرى ، الأشمونى ، المتوفى فى حدود سنة ٩٠٠ ه .
ومنهم الشيخ
إبراهيم برهان الدين بن موسى بن أيوب ، الأبناسىّ ، الشافعى ، المتوفى فى شهر
المحرم من سنة ٨٠٢ ه.
ومنهم الحافظ
عبد الرحمن جلال الدين بن أبى بكر السّيوطى ، المتوفى سنة ٩١١ ه
ومنهم الشيخ
محمد بن قاسم الغزّىّ ، أحد علماء القرن التاسع الهجرى.
ومنهم أبو
الخير محمد شمس الدين بن محمد ، الخطيب ، المعروف بابن الجزرى ، المتوفى فى سنة
٨٣٣ ه.
ومنهم قاضى
القضاة عبد الله بهاء الدين بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن عقيل ،
القرشى ، الهاشمى ، العقيلى ـ نسبة إلى عقيل بن أبى طالب ـ الهمدانى الأصل ، ثم
البالسى ، المصرى ، المولود فى يوم الجمعة ، التاسع من شهر المحرم من سنة ٦٩٨ ،
والمتوفى بالقاهرة فى ليله الأربعاء الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول ٧٦٩ ه ،
وشرحه هو الذى نعانى إخراجه للناس اليوم.
__________________
وقد شرح الكتاب
ـ غير هؤلاء ـ الكثير من العلماء ، ولست تجد شرحا من هذه الشروح لم يتناوله
العلماء : بالكتابة عليه ، وبيان ما فيه من إشارات ، وإكمال ما عسى أن يشتمل عليه
من نقص ، وكلّ ذلك ببركة صاحب الأصل المشروح ، وبما ذاع له بين أساطين العلم من
شهرة بالفقه فى العربية وسعة الباع.
* * *
وهذه الشروح
مختلفة ؛ ففيها المختصر ، وفيها المطول ، فيها المتعقب صاحبه للنّاظم يتحامل عليه
، ويتلمس له المزالق ، وفيها المتحيز له ، والمصحح لكل ما يجىء به ، وفيها الذى
اتخذ صاحبه طريقا وسطا بين الإيجاز والإطناب ، والتحامل والتحيز.
ومن هؤلاء
الذين سلكوا طريقا بين الطريقين بهاء الدين بن عقيل ؛ فإنه لم يعمد إلى الإيجاز
حتى يترك بعض القواعد الهامّة ، ولم يقصد إلى الإطناب ؛ فيجمع من هنا ومن هنا ،
ويبين جميع مذاهب العلماء ووجوه استدلالهم ، ولم يتعسف فى نقد الناظم : بحق ،
وبغير حق ، كما لم ينحز له بحيث يتقبل كل ما يجىء به : وافق الصواب ، أو لم
يوافقه.
ولصاحب هذا
الشرح ـ من الشهرة فى الفن والبراعة فيه ، ومن البركة والإخلاص ـ ما دفع علماء العربية
إلى قراءة كتابه والاكتفاء به عن أكثر شروح الخلاصة.
* * *
وقد أردت أن
أقوم لهذا الكتاب بعمل أتقرب به إلى الله تعالى ، فرأيت ـ فى أول الأمر ـ أن أتمّم
ما قصر فيه من البحث : فأبين اختلاف النحويين واستدلالاتهم ثم نظرت فإذا ذلك يخرج
بالكتاب عن أصل الغرض منه ، وقد يكون الإطناب باعثا على الازورار عنه ، ونحن فى
زمن أقلّ ما فيه من عاب أنك لا تجد راغبا فى علوم العرب إلا فى القليل النادر ؛
لأنهم قوم ذهبت مدنيتهم ، ودالت دولتهم ، وأصبحت الغلبة لغيرهم.
فاكتفيت بما لا
بد منه ، من إعراب أبيات الألفية ، وشرح الشواهد شرحا وسطا بين الاقتصار والإسهاب
، وبيان بعض المباحث التى أشار إليها الشارح أو أغفلها بتّة فى عبارة واضحة وفى
إيجاز دقيق ، والتذييل بخلاصة مختصرة فى تصريف الأفعال ؛ فإن ابن
مالك قد أغفل ذلك فى «ألفيته» ، ووضع له لامية خاصة ، سماها «لامية الأفعال».
* * *
وأريد أن أنبهك
إلى أننى وفّقت فى تصحيح هذه المطبوعة تصحيحا دقيقا ؛ فإنّ نسخ الكتاب التى فى
أيدى الناس ـ رغم كثرتها ، وتعدد طبعها ـ ليس فيها نسخة بلغت من الإتقان حدا ينفى
عنك الريب والتوقف ؛ فإنك لتجد فى بعضها زيادة ليست فى بعضهما الآخر ، وتجد بينها
تفاوتا فى التعبير ، وقد جمع الله تعالى لى بين اثنتى عشرة نسخة مختلفة ، فى زمان
الطبع ، ومكانه ، ويسّر لى ـ سبحانه! ـ معارضة بعضها ببعض ، فاستخلصت لك من بينها
أكملها بيانا ، وأصحّها تعبيرا ، وأدناها إلى ما أحبّ لك ، فجاءت ـ فيما أعتقد ـ خير
ما أخرج للناس من مطبوعات هذا الكتاب.
وقد وضعنا
زيادات بعض النسخ بين علامتين هكذا [].
والله ـ سبحانه!
ـ المسئول أن ينفع بهذا العمل على قدر العناء فيه ، وأن يجعله فى سبيل الإخلاص فيه
لوجهه ؛ إنه الرب المعين ، وعليه التكلان؟
محمد محيى
الدين عبد الحميد
بسم الله الرحمن
الرحيم
قال محمّد هو
ابن مالك :
|
|
أحمد ربّى
الله خير مالك
|
مصلّيا على
النّبى المصطفى
|
|
وآله
المستكملين الشّرفا
|
__________________
وأستعين الله
فى ألفيّه
|
|
مقاصد النّحو
بها محويّه
|
نقرّب الأقصى
بلفظ موجز
|
|
وتبسط البذل
بوعد منجز
|
وتقتضى رضا
بغير سخط
|
|
فاثقة ألفيّة
ابن معط
|
__________________
وهو بسبق
حائز تفضيلا
|
|
مستوجب ثنائى
الجميلا
|
والله يقضى
بهبات وافره
|
|
لى وله فى
درجات الآخره
|
__________________
الكلام وما يتألّف منه
كلامنا لفظ
مفيد : كاستقم
|
|
واسم ، وفعل
، ثمّ ، حرف الكلم
|
واحده كلمة ،
والقول عمّ ،
|
|
وكلمة بها كلام قد يؤم
|
|
__________________
الكلام المصطلح
عليه عند النحاه عبارة عن «اللفظ المفيد فائدة يحسن السكوت عليها» فاللفظ : جنس
يشمل الكلام ، والكلمة ، والكلم ، ويشمل المهمل كـ «ديز» والمستعمل كـ «عمرو» ،
ومفيد : أخرج المهمل ، و «فائدة يحسن السكوت عليها» أخرج الكلمة ، وبعض الكلم ـ وهو
ما تركب من ثلاث كلمات فأكثرو لم يحسن السكوت عليه ـ نحو : إن قام زيد.
ولا يتركب
الكلام إلا من اسمين ، نحو «زيد قائم» ، أو من فعل واسم كـ «قام زيد» وكقول المصنف
«استقم» فإنه كلام مركب من فعل أمر وفاعل مستتر ، والتقدير : استقم أنت ؛ فاستغنى
بالمثال عن أن يقول «فائدة يحسن السكوت عليها» فكأنه قال : «الكلام هو اللفظ
المفيد فائدة كفائدة استقم».
وإنما قال
المصنف «كلامنا» ليعلم أن التعريف إنما هو للكلام فى اصطلاح النحويين ؛ لا فى
اصطلاح اللغويين ، وهو فى اللغة : اسم لكل ما يتكلّم به ، مفيدا كان أو غير مفيد.
__________________
والكلم : اسم
جنس واحده كلمة ، وهى : إما اسم ، وإما فعل ، وإما حرف ؛ لأنها إن دلّت على
معنى فى نفسها غير مقترنة بزمان فهى الاسم ، وإن اقترنت بزمان فهى الفعل ، وإن لم
تدل على معنى فى نفسها ـ بل فى غيرها ـ فهى الحرف.
والكلم : ما
تركب من ثلاث كلمات فأكثر ، كقولك : إن قام زيد.
والكلمة : هى
اللفظ الموضوع لمعنى مفرد ؛ فقولنا «الموضوع لمعنى» أخرج المهمل كديز ، وقولنا «مفرد»
أخرج الكلام ؛ فإنه موضوع لمعنى غير مفرد.
__________________
ثم ذكر المصنف
ـ رحمه الله تعالى! ـ أن القول يعمّ الجميع ، والمراد أنه يقع على الكلام أنه قول
، ويقع أيضا على الكلم والكلمة أنه قول ، وزعم بعضهم أن الأصل استعماله فى المفرد.
ثم ذكر المصنف
أن الكلمة قد يقصد بها الكلام ، كقولهم فى «لا إله إلّا الله» : «كلمة الإخلاص».
وقد يجتمع
الكلام والكلم فى الصّدق ، وقد ينفرد أحدهما.
فمثال
اجتماعهما «قد قام زيد» فإنه كلام ؛ لإفادته معنى يحسن السكوت عليه ، وكلم ؛ لأنه
مركب من ثلاث كلمات.
ومثال انفراد
الكلم «إن قام زيد» .
ومثال انفراد
الكلام «زيد قائم» .
* * *
بالجرّ
والتّنوين والنّدا ، وأل
|
|
ومسند ـ للاسم
تمييز حصل
|
ذكر المصنف ـ رحمه
الله تعالى! ـ فى هذا البيت علامات الاسم.
__________________
فمنها الجر ،
وهو يشمل الجرّ بالحرف والإضافة والتبعية ، نحو «مروت بغلام زيد الفاضل» فالغلام :
مجرور بالحرف ، وزيد : مجرور بالإضافة ، والفاضل : مجرور بالتّبعية ، وهو أشمل من
قول غيره «بحرف الجر» ؛ لأن هذا لا يتناول الجرّ بالإضافة ، ولا الجرّ بالتبعية.
ومنها التنوين
، وهو على أربعة أقسام : تنوين التمكين ، وهو اللاحق للأسماء المعربة ، كزيد ،
ورجل ، إلا جمع المؤنث السالم ، نحو «مسلمات» وإلا نحو «جوار ، وغواش» وسيأتى
حكمهما. وتنوين التنكير ، وهو اللاحق للأسماء المبنية فرقا بين معرفتها ونكرتها ،
نحو «مررت بسيبويه وبسيبويه آخر». وتنوين المقابلة ، وهو اللاحق لجمع المؤنث
السالم ، نحو «مسلمات» فإنه فى مقابلة النون فى جمع المذكر السالم كمسلمين. وتنوين
العوض ، وهو على ثلاثة أقسام : عوض عن جملة ، وهو الذى يلحق «إذ» عوضا عن جملة
تكون بعدها ، كقوله تعالى : (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ
تَنْظُرُونَ) أى : حين إذ بلغت الرّوح الحلقوم ؛ فحذف «بلغت الروح
الحلقوم» وأتى بالتنوين عوضا عنه ؛ وقسم يكون عوضا عن اسم ، وهو اللاحق لـ «كلّ»
عوضا عما تضاف إليه ، نحو «كلّ قائم» أى : «كلّ إنسان قائم» فحذف «إنسان» وأتى
بالتنوين عوضا عنه ،
__________________
وقسم يكون عوضا عن حرف ، وهو اللاحق لـ «جوار ، وغواش» ونحوهما رفعا وجرّا
، نحو «هؤلاء جوار ، ومررت بجوار» فحذفت الياء وأتى بالتنوين عوضا عنها.
وتنوين الترنم ، وهو الذى يلحق القوافى المطلقة بحرف علّة ، كقوله :
ـ
أقلّى اللّوم
ـ عاذل ـ والعتابن
|
|
وقولى ـ إن
أصبت ـ : لقد أصابن
|
__________________
فجىء بالتنوين
بدلا من الألف لأجل الترنم ، وكقوله :
ـ
أزف التّرحّل
غير أنّ ركابنا
|
|
لمّا تزل
برحالنا وكأن قدن
|
__________________
والتنوين
الغالى ـ وأثبته الأخفش ـ وهو الذى يلحق القوافى المقيّدة ، كقوله :
ـ
*وقاتم الأعماق خاوى المخترقن*
__________________
وظاهر كلام
المصنف أن التنوين كلّه من خواصّ الاسم ، وليس كذلك ، بل الذى يختصّ به الاسم إنما
هو تنوين التمكين ، والتنكير ، والمقابلة ، والعوض ، وأما تنوين الترنم والغالى
فيكونان فى الاسم والفعل والحرف .
ومن خواص الاسم
النداء ، نحو «يا زيد» ، والألف واللام ، نحو «الرّجل» والإسناد إليه ، نحو «زيد
قائم».
فمعنى البيت :
حصل للاسم تمييز عن الفعل والحرف : بالجر ، والتنوين ، والنداء ، والألف واللام ،
والإسناد إليه : أى الإخبار عنه.
واستعمل المصنف
«أل» مكان الألف واللام ، وقد وقع ذلك فى عبارة بعض المتقدمين ـ وهو الخليل ـ واستعمل
المصنف «مسند» مكان «الإسناد له».
* * *
__________________
بتا فعلت
وأتت ، ويا افعلى ،
|
|
ونون أقبلنّ
ـ فعل ينجلى
|
ثم ذكر المصنف
أن الفعل يمتاز عن الاسم والحرف بتاء «فعلت» والمراد بها تاء الفاعل ، وهى
المضمومة للمتكلم ، نحو «فعلت» والمفتوحة للمخاطب ، نحو «تباركت» والمكسورة
للمخاطبة ، نحو «فعلت».
ويمتاز أيضا
بتاء «أتت» ، والمراد بها تاء التأنيث الساكنة ، نحو «نعمت» و «بئست» فاحترزنا
بالساكنة عن اللاحقة للأسماء ؛ فإنها تكون متحركة بحركة الإعراب ، نحو «هذه مسلمة
، ورأيت مسلمة ، ومررت بمسلمة» ومن اللاحقة للحرف ، نحو «لات ، وربّت ، وثمّت » وأما تسكينها مع ربّ وثمّ فقليل ، نحو «ربّت وثمّت».
__________________
ويمتاز أيضا
بياء «افعلى» والمراد بها ياء الفاعلة ، وتلحق فعل الأمر ، نحو «اضربى» والفعل
المضارع ، نحو «تضربين» ولا تلحق الماضى.
وإنما قال
المصنف «يا افعلى» ، ولم يقل «ياء الضمير» لأن هذه تدخل فيها ياء المتكلم ، وهى لا
تختصّ بالفعل ، بل تكون فيه نحو «أكرمنى» وفى الاسم نحو «غلامى» وفى الحرف نحو «إنّى»
بخلاف ياء «افعلى» فإن المراد بها ياء الفاعلة على ما تقدّم ، وهى لا تكون إلا فى
الفعل.
ومما يميز
الفعل نون «أقبلنّ» والمراد بها نون التوكيد : خفيفة كانت ، أو ثقيلة ؛ فالخفيفة
نحو قوله تعالى : (لَنَسْفَعاً
بِالنَّاصِيَةِ) والثقيلة نحو قوله تعالى : (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ)
فمعنى البيت :
ينجلى الفعل بتاء الفاعل ، وتاء التأنيث الساكنة ، وياء الفاعلة ، ونون التوكيد.
* * *
سواهما الحرف
كهل وفى ولم
|
|
فعل مضارع
يلى لم كيشم
|
__________________
وماضى
الأفعال بالتّا مز ، وسم
|
|
بالنّون فعل
الأمر ، إن أمر فهم
|
يشير إلى أن
الحرف يمتاز عن الاسم والفعل بخلوّه عن علامات الأسماء ، وعلامات الأفعال ، ثم
مثّل بـ «هل وفى ولم» منبّها على أن الحرف ينقسم إلى قسمين : مختص ، وغير مختص ،
فأشار بهل إلى غير المختص ، وهو الذى يدخل على الأسماء والأفعال ، نحو «هل زيد
قائم» و «هل قام زيد» ، وأشار بفى ولم إلى المختص ، وهو قسمان : مختص بالأسماء كفى
، نحو «زيد فى الدار» ، ومختص بالأفعال كلم ، نحو «لم يقم زيد».
ثم شرع فى
تبيين أن الفعل ينقسم إلى ماض ومضارع وأمر ؛ فجعل علامة
__________________
المضارع صحة دخول «لم» عليه ، كقولك فى يشمّ : «لم يشم» وفى يضرب : «لم
يضرب» ، وإليه أشار بقوله : «فعل مضارع يلى لم كيشم».
ثم أشار إلى ما
يميز الفعل الماضى بقوله : «وماضى الأفعال بالتّامز» أى : ميّز ماضى الأفعال
بالتاء ، والمراد بها تاء الفاعل ، وتاء التأنيث الساكنة ، وكل منهما لا يدخل إلا
على ماضى اللفظ ، نحو «تباركت يا ذا الجلال والإكرام» و «نعمت المرأة هند» و «بئست
المرأة دعد».
ثم ذكر فى بقية
البيت أن علامة فعل الأمر : قبول نون التوكيد ، والدلالة على الأمر بصيغته ، نحو «اضربن
، واخرجنّ».
فإن دلّت
الكلمة على الأمر ولم تقبل نون التوكيد فهى اسم فعل ، وإلى ذلك أشار بقوله :
والأمر إن لم
يك للنّون محل
|
|
فيه هو اسم
نحو صه وحيّهل
|
__________________
فصه وحيّهل :
اسمان وإن دلّا على الأمر ؛ لعدم قبولهما نون التوكيد ؛ فلا تقول : صهنّ ولا
حيّهلنّ ، وإن كانت صه بمعنى اسكت ، وحيّهل بمعنى أقبل ؛ فالفارق بينهما قبول نون التوكيد وعدمه ، نحو «اسكتنّ ، وأقبلنّ»
، ولا يجوز ذلك فى «صه ، وحيهل».
* * *
__________________
..................................................................................
__________________
المعرب والمبنى
والاسم منه
معرب ومبنى
|
|
لشبه من
الحروف مدنى
|
يشير إلى أن
الاسم ينقسم إلى قسمين : حدهما المعرب ، وهو : ما سلم من شبه الحروف ، والثانى
المبنى ، وهو : ما أشبه الحروف ، وهو المعنىّ بقوله : «لشبه من الحروف مدنى» أى :
لشبه مقرّب من الحروف ؛ فعلّة البناء منحصرة عند المصنف ـ رحمه الله تعالى! ـ فى
شبه الحرف ، ثم نوّع المصنّف وجوه الشبه فى البيتين اللذين بعد هذا البيت ، وهذا
قريب من مذهب أبى على الفارسى حيث جعل البناء منحصرا فى شبه الحرف أو ما تضمن
معناه ، وقد نص سيبويه ـ رحمه الله! ـ. على أن علة البناء كلها ترجع إلى شبه الحرف
،
__________________
وممن ذكره ابن أبى الرّبيع .
* * *
__________________
كالشّبه
الوضعىّ فى اسمى جئتنا
|
|
والمعنوىّ فى
متى وفى هنا
|
وكنيابة عن
الفعل بلا
|
|
تأثّر ،
وكافتقار أصّلا
|
ذكر فى هذين
البيتين وجوه شبه الاسم بالحرف فى أربعة مواضع :
(فالأول) شبهه
له فى الوضع ، كأن يكون الاسم موضوعا على حرف
__________________
[واحد] ، كالتاء فى ضربت ، أو على حرفين كـ «نا» فى «أكرمنا» ، وإلى ذلك
أشار بقوله : «فى اسمى جئتنا» فالتاء فى جئتنا اسم ؛ لأنه فاعل ، وهو مبنى ؛ لأنه
أشبه الحرف فى الوضع فى كونه على حرف واحد ، وكذلك «نا» اسم ؛ لأنها مفعول ، وهو
مبنى ؛ لشبهه بالحرف فى الوضع فى كونه على حرفين .
(والثانى) شبه
الاسم له فى المعنى ، وهو قسمان : أحدهما ما أشبه حرفا موجودا ، والثانى ما أشبه
حرفا غير موجود ؛ فمثال الأول «متى» فإنها مبنية لشبهها
__________________
الحرف ، فى المعنى ؛ فإنها تستعمل للاستفهام ، نحو «متى تقوم؟» وللشرط ،
نحو «متى تقم أقم» وفى الحالتين هى مشبهة لحرف موجود ؛ لأنها فى الاستفهام كالهمزة
، وفى الشرط كإن ، ومثال الثانى «هنا» فإنها مبنية لشبهها حرفا كان ينبغى أن يوضع
فلم يوضع ، وذلك لأن الإشارة معنى من المعانى ؛ فحقها أن يوضع لها حرف يدلّ عليها
، كما وضعوا للنفى «ما» وللنهى «لا» وللتمنّى «ليت» وللترجّى «لعلّ» ونحو ذلك ؛
فبنيت أسماء الإشارة لشبهها فى المعنى حرفا مقدّرا .
(والثالث) شبهه
له فى النّيابة عن الفعل وعدم التأثر بالعامل ، وذلك كأسماء الأفعال ، نحو «دراك
زيدا» فدراك : مبنىّ ؛ لشبهه بالحرف فى كونه يعمل ولا يعمل فيه غيره كما أن الحرف كذلك.
__________________
واحترز بقوله :
«بلا تأثر» عما ناب عن الفعل وهو متأثر بالعامل ، نحو «ضربا زيدا» فإنه نائب مناب «اضرب»
وليس بمبنى ؛ لتأثّره بالعامل ، فإنه منصوب بالفعل المحذوف ، بخلاف «دراك» فإنه وإن
كان نائبا عن «أدرك» فليس متأثرا بالعامل.
وحاصل ما ذكره
المصنف أن المصدر الموضوع موضع الفعل وأسماء الأفعال اشتركا فى النيابة مناب الفعل
، لكن المصدر متأثر بالعامل ؛ فأعرب لعدم مشابهته الحرف ، وأسماء الأفعال غير
متأثرة بالعامل ؛ فبنيت لمشابهتها الحرف فى أنها نائبة عن الفعل وغير متأثرة به.
وهذا الذى ذكره
المصنف مبنى على أن أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب والمسألة خلافية ، وسنذكر ذلك فى باب أسماء الأفعال.
__________________
(والرابع) شبه
الحرف فى الافتقار اللازم ، وإليه أشار بقوله : «وكافتقار أصّلا» وذلك كالأسماء
الموصولة ، نحو «الذى» فإنها مفتقرة فى سائر أحوالها إلى الصّلة ؛ فأشبهت الحرف فى
ملازمة الافتقار ، فبنيت .
وحاصل البيتين
أن البناء يكون فى ستة أبواب : المضمرات ، وأسماء الشرط ، وأسماء الاستفهام ،
وأسماء الإشارة ، وأسماء الأفعال ، والأسماء الموصولة.
* * *
__________________
ومعرب الأسماء
ما قد سلما
|
|
من شبه الحرف
كأرض وسما
|
يريد أن المعرب
خلاف المبنىّ ، وقد تقدم أن المبنى ما أشبه الحرف ؛ فالمعرب ما لم يشبه الحرف ،
وينقسم إلى صحيح ـ وهو : ما ليس آخره حرف علّة كأرض ، وإلى معتل ـ وهو : ما آخره
حرف علة كسما ـ وسما : لغة فى الاسم ، وفيه ست لغات : اسم ـ بضم الهمزة وكسرها ،
وسم ـ بضم السين وكسرها ، وسما ـ بضم السين وكسرها أيضا.
وينقسم المعرب
أيضا إلى متمكن أمكن ـ وهو المنصرف ـ كزيد وعمرو ، وإلى متمكن غير أمكن ـ وهو غير
المنصرف ـ نحو : أحمد ومساجد ومصابيح ؛
__________________
فغير المتمكن هو المبنى ، والمتمكن : هو المعرب ، وهو قسمان : متمكن امكن ،
ومتمكن غير أمكن .
* * *
وفعل أمر
ومضىّ بنيا
|
|
وأعربوا
مضارعا : إن عريا
|
من نون توكيد
مباشر ، ومن
|
|
نون إناث :
كير عن من فتن
|
__________________
لما فرغ من
بيان المعرب والمبنى من الأسماء شرع فى بيان المعرب والمبنى من الأفعال ، ومذهب
البصريين أن الإعراب أصل فى الأسماء ، فرع فى الأفعال ؛ فالأصل فى الفعل البناء عندهم ، وذهب الكوفيون إلى أن
الإعراب أصل فى الأسماء وفى الأفعال ، والأول هو الصحيح ، ونقل ضياء الدين بن
العلج فى البسيط أن بعض النحويين ذهب إلى أن الإعراب أصل فى الأفعال ، فرع فى
الأسماء.
والمبنى من
الأفعال ضربان :
__________________
(أحدهما) ما
اتّفق على بنائه ، وهو الماضى ، وهو مبنى على الفتح نحو «ضرب وانطلق» ما لم يتصل به واو جمع فيضم ، أو ضمير
رفع متحرك فيسكن.
(والثانى) ما
اختلف فى بنائه والراجح أنه مبنى ، وهو فعل الأمر نحو «اضرب» وهو مبنى عند
البصريين ، ومعرب عند الكوفيين .
والمعرب من
الأفعال هو المضارع ، ولا يعرب إلا إذا لم تتصل به نون التوكيد أو نون الإناث ؛
فمثال نون التوكيد المباشرة «هل تضربنّ» والفعل معها مبنى على الفتح ، ولا فرق فى
ذلك بين الخفيفة والثقيلة فإن لم تتصل به لم يبن ، وذلك كما إذا
__________________
فصل بينه وبينها ألف اثنين نحو «هل تضربانّ» ، وأصله : هل تضرباننّ ،
فاجتمعت ثلاث نونات ؛ فحذفت الأولى ـ وهى نون الرفع ـ كراهة توالى الأمثال ؛ فصار «هل
تضربانّ ».
وكذلك يعرب
الفعل المضارع إذا فصل بينه وبين نون التوكيد واو جمع أو ياء مخاطبة ، نحو «هل
تضربنّ يا زيدون» و «هل تضربنّ يا هند» وأصل «تضربنّ» تضربوننّ ، فحذفت النون
الأولى لتوالى الأمثال ، كما سبق ، فصار تضربونّ ، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين
فصار تضربنّ ، وكذلك «تضربنّ» أصله تضربيننّ ؛ ففعل به ما فعل بتضربوننّ.
وهذا هو المراد
بقوله : «وأعربوا مضارعا إن عريا من نون توكيد مباشر» فشرط فى إعرابه أن يعرى من
ذلك ، ومفهومه أنه إذا لم يعر منه يكون مبنيا.
فعلم أن مذهبه
أن الفعل المضارع لا يبنى إلا إذا باشرته نون التوكيد ، نحو «هل تضربنّ يا زيد»
فإن لم تباشره أعرب ، وهذا هو مذهب الجمهور.
وذهب الأخفش
إلى أنه مبنىّ مع نون التوكيد ، سواء اتصلت به نون التوكيد أو لم تتصل ، ونقل عن
بعضهم أنه معرب وإن اتصلت به نون التوكيد.
ومثال ما اتصلت
به نون الإناث «الهندات يضربن» والفعل معها مبنىّ على السكون ، ونقل المصنف ـ رحمه
الله تعالى! ـ فى بعض كتبه أنه لا خلاف فى
__________________
بناء الفعل المضارع مع نون الإناث ، وليس كذلك ، بل الخلاف موجود ، وممن
نقله الأستاذ أبو الحسن بن عصفور فى شرح الإيضاح .
* * *
وكلّ حرف
مستحقّ للبنا
|
|
والأصل فى
المبنىّ أن يسكّنا
|
ومنه ذو فتح
، وذو كسر ، وضم
|
|
كأين أمس حيث
، والساكن كم
|
الحروف كلها
مبنية ؛ إذ لا يعتورها ما تفتقر فى دلالتها عليه إلى إعراب ، نحو «أخذت من
الدّراهم» فالتيعيض مستفاد من لفظ «من» بدون الإعراب.
والأصل فى
البناء أن يكون على السكون ؛ لأنه أخف من الحركة ، ولا يحرّك المبنىّ إلا لسبب
كالتخلّص من التقاء الساكنين ، وقد تكون الحركة فتحة ، كأين وقام وإنّ ، وقد تكون
كسرة ، كأمس وجير ، وقد تكون ضمة ، كحيث ، وهو اسم ، و «منذ» وهو حرف [إذا جررت به]
، وأما السكون فنحو «كم ، واضرب ، وأجل».
__________________
وعلم مما مثلنا
به أن البناء على الكسر والضم لا يكون فى الفعل ، بل فى الاسم والحرف ، وأن البناء
على الفتح أو السكون : يكون فى الاسم ، والفعل ، والحرف .
* * *
والرّفع
والنّصب اجعلن إعرابا
|
|
لاسم وفعل ،
نحو : لن أهابا
|
والاسم قد
خصّص بالجرّ ، كما
|
|
قد خصّص
الفعل بأن ينجزما
|
__________________
فارفع بضمّ ،
وانصبن فتحا ، وجر
|
|
كسرا : كذكر
الله عبده يسر
|
واجزم بتسكين
، وغير ما ذكر
|
|
ينوب ، نحو :
جا أخوبنى نمر
|
__________________
أنواع الإعراب
أربعة : الرفع ، والنصب ، والجر ، والجزم ؛ فأما الرفع والنصب فيشترك فيهما
الأسماء والأفعال نحو «زيد يقوم ، وإنّ زيدا لن يقوم» وأما الجر فيختص بالأسماء ،
نحو «بزيد» وأما الجزم فيختص بالأفعال ، نحو «لم يضرب».
والرفع يكون
بالضمة ، والنصب يكون بالفتحة ، والجر يكون بالكسرة ، والجزم يكون بالسكون ، وما
عدا ذلك يكون نائبا عنه ، كما نابت الواو عن الضمة فى «أخو» والياء عن الكسرة فى «بنى»
من قوله : «جا أخو بنى نمر» وسيذكر بعد هذا مواضع النيابة.
* * *
وارفع بواو ،
وانصبنّ بالألف ،
|
|
واجرر بياء ـ
ما من الأسما أصف
|
شرع فى بيان ما
يعرب بالنيابة عمّا سبق ذكره ، والمراد بالأسماء التى سيصفها
__________________
الأسماء الستة ، وهى أب ، وأخ ، وحم ، وهن ، وفوه ، وذو مال ؛ فهذه ترفع
بالواو نحو «جاء أبو زيد» وتنصب بالألف نحو «رأيت أباه» وتجر بالياء نحو «مررت
بأبيه» والمشهور أنها معربة بالحروف ؛ فالواو نائبة عن الضمة ، والألف نائبة عن
الفتحة ، والياء نائبة عن الكسرة ، وهذا هو الذى أشار إليه المصنف بقوله : «وارفع
بواو ـ إلى آخر البيت» ، والصحيح أنها معربة بحركات مقدّرة على الواو والألف
والياء ؛ فالرفع بضمة مقدرة على الواو ، والنصب بفتحة مقدرة على الألف ، والجر
بكسرة مقدرة على الياء ؛ فعلى هذا المذهب الصحيح لم ينب شىء عن شىء مما سبق ذكره .
__________________
من ذاك «ذو»
: إن صحبة أبانا
|
|
والفم ، حيث
الميم منه بانا
|
أى : من
الأسماء التى ترفع بالواو ، وتنصب بالألف ، وتجرّ بالياء ـ ذو ، وفم ، ولكن يشترط
فى «ذو» أن تكون بمعنى صاحب ، نحو «جاءنى ذو مال» أى : صاحب مال ، وهو المراد
بقوله : «إن صحبة أبانا» أى : إن أفهم صحبة ، واحترز بذلك عن «ذو» الطائية ؛ فإنها
لا تفهم صحبة ، بل هى بمعنى الذى ؛ فلا تكون مثل «ذى» بمعنى صاحب ، بل تكون مبنيّة
، وآخرها الواو رفعا ، ونصبا ، وجرا ، ونحو «جاءنى ذو قام ، ورأيت ذو قام ، ومررت
بذو قام» ؛ ومنه قوله :
ـ
فإمّا كرام
موسرون لقيتهم
|
|
فحسبى من ذو
عندهم ما كفانيا
|
__________________
..................................................................................
__________________
..................................................................................
__________________
وكذلك يشترط فى
إعراب الفم بهذه الأحرف زوال الميم منه ، نحو «هذا فوه ، ورأيت فاه ، ونظرت إلى
فيه» ؛ وإليه أشار بقوله : «والفم حيث الميم منه بانا» أى : انفصلت منه الميم ، أى
زالت منه ؛ فإن لم تزل منه أعرب بالحركات ، نحو «هذا فم ، ورأيت فما ، ونظرت إلى
فم».
* * *
أب ، أخ ، حم
ـ كذاك ، وهن
|
|
والنّقص فى
هذا الأخير أحسن
|
وفى أب
وتالييه يندر
|
|
وقصرها من
نقصهنّ أشهر
|
يعنى أن «أبا ،
وأخا ، وحما» تجرى مجرى «ذو ، وفم» اللّذين سبق ذكرهما ؛
__________________
فترفع بالواو ، وتنصب بالألف ، وتجرّ بالياء ، نحو «هذا أبوه وأخوه وحموها
، ورأيت أباه وأخاه وحماها ، ومررت بأبيه وأخيه وحميها» وهذه هى اللغة المشهورة فى
هذه الثلاثة ، وسيذكر المصنف فى هذه الثلاثة لغتين أخريين.
وأما «هن»
فالفصيح فيه أن يعرب بالحركات الظاهرة على النون ، ولا يكون فى آخره حرف علة ، نحو
«هذا هن زيد ، ورأيت هن زيد ، ومررت بهن زيد » وإليه أشار بقوله : «والنقص فى هذا الأخير أحسن» أى :
النقص فى «هن» أحسن من الإتمام ، والإتمام جائز لكنه قليل جدا ، نحو «هذا هنوه ،
ورأيت هناه ، ونظرت إلى هنيه» وأنكر الفرّاء جواز إتمامه ، وهو مححوج بحكاية
سيبويه الإتمام عن العرب ، ومن حفظ حجّة على من لم يحفظ.
وأشار المصنف
بقوله : «وفى أب ونالييه يندر ـ إلى آخر البيت» إلى اللغتين الباقيتين فى «أب»
وتالييه ـ وهما «أخ ، وحم» ـ فإحدى اللغتين النّقص ، وهو حذف الواو والألف والياء
، والإعراب بالحركات الظاهرة على الباء والخاء والميم ، نحو «هذا أبه وأخه وحمها ،
ورأيت أبه وأخه وحمها ، ومررت بأبه وأخه وحمها» وعليه قوله :
__________________
ـ
بأبه اقتدى
عدىّ فى الكرم
|
|
ومن يشابه
أبه فما ظلم
|
وهذه اللغة
نادرة فى «أب» وتالييه ، ولهذا قال : «وفى أب وتالييه يندر» أى : يندر النقص ،
واللغة الأخرى فى «أب» وتاليه أن يكون بالألف : رفعا ، ونصبا ، وجرا ، ونحو «هذا
أباه وأخاه وحماها ، ورأيت أباه وأخاه وحماها ، ومررت بأباه وأخاه وحماها ، وعليه
قول الشاعر :
__________________
ـ
إنّ أباها
وأبا أباها
|
|
قد بلغا فى
المجد غايتاها
|
__________________
فعلامة الرفع
والنصب والجرّ حركة مقدّرة على الألف كما تقدّر فى المقصور ، وهذه اللغة أشهر من
النقص.
وحاصل ما ذكره
أنّ فى «أب ، وأخ ، وحم» ثلاث لغات : أشهرها أن تكون بالواو والألف والياء ،
والثانية أن تكون بالألف مطلقا ، والثالثة أن يحذف منها الأحرف الثلاثة ، وهذا نادر ،
وأن فى «هن» لغتين : إحداهما النقص ، وهو الأشهر ، والثانية الإتمام ، وهو قليل.
* * *
وشرط ذا
الإعراب : أن يضفن لا
|
|
لليا كجا أخو
أبيك ذا اعتلا
|
__________________
ذكر النحويون
لإعراب هذه الأسماء بالحروف شروطا أربعة :
(أحدها) أن
تكون مضافة ، واحترز بذلك من ألا تضاف ؛ فإنها حينئذ تعرب بالحركات الظاهرة ، نحو «هذا
أب ، ورأيت أبا ، ومررت بأب».
(الثانى) أن
تضاف إلى غير ياء المتكلم ، نحو «هذا أبو زيد وأخوه وحموه» ؛ فإن أضيفت إلى ياء
المتكلم أعربت بحركات مقدّرة ، نحو «هذا أبى ، ورأيت أبى ، ومررت بأبى» ، ولم تعرب
بهذه الحروف ، وسيأتى ذكر ما تعرب به حينئذ.
(الثالث) أن
تكون مكبّرة ، واحترز بذلك من أن تكون مصغّره ؛ فإنها حينئذ تعرب بالحركات الظاهرة
، نحو : «هذا أبىّ زيد وذوىّ مال ، ورأيت أبىّ زيد وذوىّ مال ، ومررت بأبىّ زيد
وذوىّ مال».
(الرابع) : أن
تكون مفردة ، واحترز بذلك من أن تكون مجموعة أو مثنّاة ؛ فإن كانت مجموعة أعربت
بالحركات الظاهرة ، نحو «هؤلاء آباء
__________________
الزّيدين ، ورأيت آباءهم ، ومررت بآبائهم» ، وإن كانت مثنّاة أعربت إعراب
المثنى : بالألف رفعا ، وبالياء جرا ونصبا ، نحو : «هذان أبوا زيد ، ورأيت أبويه ،
ومررت بأبويه».
ولم يذكر
المصنف ـ رحمه الله تعالى! ـ من هذه الأربعة سوى الشرطين الأوّلين ، ثم أشار
إليهما بقوله : «وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا لليا» أى : شرط إعراب هذه الأسماء
بالحروف أن تضاف إلى غير ياء المتكلم ؛ فعلم من هذا أنه لا بد من إضافتها ، وأنه
لا بد أن تكون [إضافتها] إلى غير ياء المتكلم.
ويمكن أن يفهم
الشرطان الآخران من كلامه ، وذلك أن الضمير فى قوله «يضفن» راجع إلى الأسماء التى
سبق ذكرها ، وهو لم يذكرها إلا مفردة مكبرة ؛ فكأنه قال : «وشرط ذا الإعراب أن
يضاف أب وإخوته المذكورة إلى غير ياء المتكلم».
واعلم أن «ذو»
لا تستعمل إلا مضافة ، ولا تضاف إلى مضمر ، بل إلى اسم جنس ظاهر غير صفة ، نحو : «جاءنى
ذو مال» ؛ فلا يجوز «جاءنى ذو قائم»
__________________
بالألف ارفع
المثنّى ، وكلا
|
|
إذا بمضمر
مضافا وصلا
|
__________________
كلتا كذاك ،
اثنان واثنتان
|
|
كابنين
وابنتين يجريان
|
وتخلف اليا
فى جميعها الألف
|
|
جرّا ونصبا
بعد فتح قد ألف
|
ذكر المصنف ـ رحمه
الله تعالى! ـ أن مما تنوب فيه الحروف عن الحركات الأسماء الستة ، وقد تقدم الكلام
عليها ، ثم ذكر المثنى ، وهو مما يعرب بالحروف.
وحدّه : «لفظ
دالّ على اثنين ، بزيادة فى آخره ، صالح للتجريد ، وعطف مثله عليه» فيدخل فى قولنا
«لفظ دال على اثنين» المثنى نحو «الزيدان» والألفاظ الموضوعة لاثنين نحو «شفع» ،
وخرج بقولنا «بزيادة» نحو
__________________
«شفع» ، وخرج بقولنا «صالح للتجريد» نحو «اثنان» فإنه لا يصلح لإسقاط
الزيادة منه ؛ فلا تقول «اثن» وخرج بقولنا «وعطف مثله عليه» ما صلح للتجريد وعطف
غيره عليه ، كالقمرين ؛ فإنه صالح للتجريد ، فنقول : قمر ، ولكن يعطف عليه مغايره
لا مثله ، نحو : قمر وشمس ، وهو المقصود بقولهم : «القمرين».
وأشار المصنف
بقوله : «بالألف ارفع المثنى وكلا» إلى أن المثنى يرفع بالألف ، وكذلك شبه المثنى
، وهو : كلّ ما لا يصدق عليه حدّ المثنى ، وأشار إليه المصنف بقوله «وكلا» ؛ فما
لا يصدق عليه حدّ المثنى مما دل على اثنين بزيادة أو شبهها ، فهو ملحق بالمثنى ؛
فكلا وكلتا واثنان واثنتان ملحقة بالمثنى ؛ لأنها لا يصدق عليها حدّ المثنى ، لكن
لا يلحق كلا وكلتا بالمثنى إلا إذا أضيفا إلى مضمر ، نحو «جاءنى كلاهما ، ورأيت
كليهما ، ومررت بكليهما ، وجاءتنى كلتاهما ، ورأيت كلتيهما ، ومررت بكلتيهما» فإن
أضيفا إلى ظاهر كانا بالألف رفعا ونصبا وجرا ، نحو «جاءنى كلا الرجلين وكلتا
المرأتين ، ورأيت كلا الرجلين وكلتا المرأتين ، ومررت بكلا الرجلين وكلتا المرأتين»
؛ فلهذا قال المصنف : «وكلا إذا بمضمر مضافا وصلا» .
__________________
ثم بيّن أن
اثنين واثتتين يجريان مجرى ابنين وابنتين ؛ فاثنان واثنتان ملحقان بالمثنّى [كما
تقدّم] ، وابنان وابنتان مثنى حقيقه.
ثم ذكر المصنف
ـ رحمه الله تعالى! ـ أن الياء تخلف الألف فى المثنى والملحق به فى حالتى الجرّ
والنصب ، وأن ما قبلها لا يكون إلا مفتوحا ، نحو : «رأيت الزّيدين كليهما ، ومررت
بالزّيدين كليهما» واحترز بذلك عن ياء الجمع ؛ فإن ما قبلها لا يكون إلا مكسورا ،
نحو : «مررت بالزّيدين» وسيأتى ذلك.
وحاصل ما ذكره
أن المثنى وما ألحق به يرفع بالألف ، وينصب ويجرّ بالياء ، وهذا هو المشهور ،
والصحيح أن الإعراب فى المثنى والملحق به بحركة مقدرة على الألف رفعا والياء نصبا
وجرا.
وما ذكره
المصنف من أن المثنى والملحق به يكونان بالألف رفعا والياء نصبا وجرا هو المشهور
فى لغة العرب ، ومن العرب من يجعل المثنى والملحق به
__________________
بالألف مطلقا : رفعا ، ونصبا ، وجرا ؛ فيقول : «جاء الزيدان كلاهما ، ورأيت
الزيدان كلاهما ، ومررت بالزيدان كلاهما».
* * *
وارفع بواو
وبيا اجرر وانصب
|
|
سالم جمع «عامر
، ومذنب»
|
__________________
ذكر المصنف
قسمين يعربان بالحروف : أحدهما الأسماء الستة ، والثانى المثنى ، وقد تقدّم الكلام
عليهما ، ثم ذكر فى هذا البيت القسم الثالث ، وهو جمع المذكر السالم وما حمل عليه
، وإعرابه : بالواو رفعا ، وبالياء نصبا وجرا.
وأشار بقوله : «عامر
ومذنب» إلى ما يجمع هذا الجمع ، وهو قسمان : جامد ، وصفة.
فيشترط فى
الجامد : أن يكون علما ، لمذكر ، عاقل ، خاليا من تاء التأنيث ، ومن التركيب ؛ فإن
لم يكن علما لم يجمع بالواو والنون ؛ فلا يقال فى «رجل» رجلون ، نعم إذا صغّر جاز
ذلك نحو : «رجيل ، ورجيلون» لأنه وصف ، وإن كان علما لغير مذكر لم يجمع بهما ؛ فلا يقال فى «زينب»
زينبون ، وكذا إن كان علما لمذكر غير عاقل ؛ فلا يقال فى لاحق ـ اسم فرس ـ لا حقون
، وإن كان فيه تاء التأنيث فكذلك لا يجمع بهما ؛ فلا يقال فى «طلحة» طلحون ، وأجاز
ذلك الكوفيون ، وكذلك إذا كان مركبا ؛ فلا يقال فى «سيبويه» سيبويهون
، وأجازه بعضهم.
__________________
ويشترط فى
الصفة : أن تكون صفة ، لمذكر ، عاقل ، خالية من تاء التأنيث ، ليست من باب أفعل
فعلاء ، ولا من باب فعلان فعلى ، ولا مما يستوى فيه المذكر والمؤنث ؛ فخرج بقولنا «صفة
لمذكر» ما كان صفة لمؤنث ؛ فلا يقال فى حائض حائضون ، وخرج بقولنا «عاقل» ما كان
صفة لمذكر غير عاقل ؛ فلا يقال فى سابق ـ صفة فرس ـ سابقون ، وخرج بقولنا «خالية
من تاء التأنيث» ما كان صفة لمذكر عاقل ، ولكن فيه تاء التأنيث ، نحو علّامة ؛ فلا
يقال فيه : علّامون ، وخرج بقولنا «ليست من باب أفعل فعلاء» ما كان كذلك ، نحو «أحمر»
فإن مؤنثه حمراء ؛ فلا يقال فيه : أحمرون ، وكذلك ما كان من باب فعلان فعلى ، نحو «سكران
، وسكرى» فلا يقال : سكرانون ، وكذلك إذا استوى فى الوصف المذكر والمؤنث ، نحو «صبور
، وجريح» فإنه يقال : رجل صبور ، وامرأة صبور ، ورجل جريح ، وامرأة جريح ؛ فلا
يقال فى جمع المذكر السالم : صبورون ، ولا جريحون.
وأشار المصنف ـ
رحمه الله ـ إلى الجامد الجامع للشروط التى سبق ذكرها بقوله : «عامر» فإنه علم
لمذكر عاقل خال من تاء التأنيث ومن التركيب ؛ فيقال فيه : عامرون.
__________________
وأشار إلى
الصفة المذكورة أولا بقوله : «ومذنب» فإنه صفة لمذكر عاقل خالية من تاء التأنيث
وليست من باب أفعل فعلاء ولا من باب فعلان فعلى ولا مما يستوى فيه المذكر والمؤنث
، فيقال فيه : مذنبون.
* * *
وشبه ذين ،
وبه عشرونا
|
|
وبابه ألحق ،
والأهلونا
|
أولو ،
وعالمون ، علّيّونا
|
|
وأرضون شذّ ،
والسّنونا
|
وبابه ، ومثل
حين قد يرد
|
|
ذا الباب ،
وهو عند قوم يطّرد
|
__________________
أشار المصنف ـ رحمه
الله! ـ بقوله : «وشبه ذين» إلى شبه عامر ، وهو كل علم مستجمع للشروط السابق ذكرها
كمحمد وإبراهيم ؛ فتقول : محمدون وإبراهيمون ، وإلى شبه مذنب ، وهو كل صفة اجتمع
فيها الشروط ، كالأفضل والضّرّاب ونحوهما ، فتقول : الأفضلون والضّرّابون ، وأشار
بقوله : «وبه عشرون» إلى ما ألحق بجمع المذكر السالم فى إعرابه : بالواو رفعا ،
وبالياء جرا ونصبا.
وجمع المذكر
السالم هو : ما سلم فيه بناء الواحد ، ووجد فيه الشروط التى سبق ذكرها ؛ فما لا
واحد له من لفظه ، أو له واحد غير مستكمل للشروط ـ فليس بجمع مذكر سالم ، بل هو
ملحق به ؛ فعشرون وبابه ـ وهو ثلاثون إلى تسعين ـ ملحق بجمع المذكر السالم ؛ لأنه
لا واحد له من لفظه ؛ إذ لا يقال : عشر ، وكذلك «أهلون» ملحق به ؛ لأن مفرده ـ وهو
أهل ـ ليس فيه الشروط المذكورة ؛ لأنه اسم جنس جامد كرجل ، وكذلك «أولو» ؛ لأنه لا
واحد له من لفظه ، و «عالمون» جمع عالم ، وعالم كرجل اسم جنس جامد ، وعلّيّون :
اسم لأعلى الجنة ، وليس فيه الشروط المذكورة ؛ لكونه لما لا يعقل ، وأرضون : جمع
أرض ، وأرض : اسم جنس جامد مؤنث ، والسنون : جمع سنة ، والسنة : اسم جنس مؤنث ؛
فهذه كلها ملحقة بالجمع المذكر ؛ لما سبق من أنها غير مستكملة للشروط.
__________________
وأشار بقوله «وبابه»
إلى باب سنة ، وهو : كل اسم ثلاثى ، حذفت لامه ، وعوّض عنها هاء التأنيث ، ولم
يكسّر : كمائة ومئين وثبة وثبين. وهذا الاستعمال شائع فى هذا ونحوه ؛ فإن كسّر
كشفة وشفاه لم يستعمل كذلك إلا شذوذا ، كظبة ؛ فإنهم كسّروه على ظباة وجمعوه أيضا
بالواو رفعا وبالياء نصبا وجرا ، فقالوا : ظبون ، وظبين.
وأشار بقوله : «ومثل
حين قد يرد ذا الباب» إلى أنّ سنين ونحوه قد
__________________
تلزمه الياء ويجعل الإعراب على النون ؛ فتقول : هذه سنين ، ورأيت سنينا ،
ومررت بسنين ، وإن شئت حذفت التّنوين ، وهو أقل من إثباته ، واختلف فى اطّراد هذا
والصحيح أنه لا يطرد ، وأنه مقصور على السماع ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : «اللهم
اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف» فى إحدى الروايتين ، ومثله قول الشاعر :
ـ
دعانى من نجد ؛ فإنّ سنينه
|
|
لعبن بنا
شيبا وشيبننا مردا
|
__________________
[الشاهد فيه
إجراء السنين مجرى الحين ، فى الإعراب بالحركات وإلزام النون مع الإضافة].
* * *
ونون مجموع
وما به التحق
|
|
فافتح ، وفلّ
من بكسره نطق
|
__________________
ونون ما ثنّى
والملحق به
|
|
بعكس ذاك استعملوه
، فانتبه
|
حقّ نون الجمع
وما ألحق به الفتح ، وقد تكسر شذوذا ، ومنه قوله :
ـ
عرفنا جعفرا
وبنى أبيه
|
|
وأنكرنا
زعانف آخرين
|
__________________
وقوله :
ـ
أكلّ الدهر
حلّ وارتحال
|
|
أما يبقى
علىّ ولا يقينى؟!
|
وما ذا تبتغى
الشّعراء منّى
|
|
وقد جاوزت
حدّ الأربعين؟
|
وليس كسرها لغة
، خلافا لمن زعم ذلك.
__________________
وحقّ نون
المثنى والملحق به الكسر ، وفتحها لغة ، ومنه قوله :
ـ
على أحوذيّين
استقلّت عشيّة
|
|
فما هى إلا
لمحة وتغيب
|
__________________
وظاهر كلام
المصنف ـ رحمه الله تعالى! ـ أن فتح النون فى التثنية ككسر نون الجمع فى القلّة ،
وليس كذلك ، بل كسرها فى الجمع شاذّ وفتحها فى التثنيه لغة ، كما قدّمناه ، وهل
يختص الفتح بالياء أو يكون فيها وفى الألف؟ قولان ؛ وظاهر كلام المصنف الثانى .
__________________
ومن انفتح مع
الألف قول الشاعر :
ـ
أعرف منها
الجيد والعينانا
|
|
ومنخرين
أشبها ظبيانا
|
__________________
وقد قيل : إنه
مصنوع ؛ فلا يحتجّ به.
* * *
__________________
وما بتا وألف
قد جمعا
|
|
يكسر فى
الجرّ وفى النّصب معا
|
لما فرغ من
الكلام على الذى تنوب فيه الحروف عن الحركات شرع فى ذكر ما نابت فيه حركة عن حركة
، وهو قسمان ؛ أحدهما : جمع المؤنث السالم ، نحو مسلمات ، وقيدنا بـ «السالم»
احترازا عن جمع التكسير ، وهو : ما لم يسلم فيه بناء الواحد ، نحو : هنود ، وأشار
إليه المصنف ـ رحمه الله تعالى! ـ بقوله : «وما بتا وألف قد جمعا» أى جمع بالألف
والتاء المزيدتين ، فخرج نحو قضاة ؛ فإنّ ألفه غير زائدة ، بل هى منقلبة عن أصل وهو الياء
؛ لأن أصله
__________________
قضية ، ونحو أبيات فإنّ تاءه أصلية ، والمراد [منه] ما كانت الألف والتاء
سببا فى دلالته على الجمع ، نحو «هندات» ؛ فاحترز بذلك عن نحو «قضاة ، وأبيات» ؛
فإن كل واحد منهما جمع ملتبس بالألف والتاء ، وليس مما نحن فيه ؛ لأن دلالة كل
واحد منهما على الجمع ليس بالألف والتاء ، وإنما هو بالصّيغة ؛ فاندفع بهذا
التقرير الاعتراض على المصنف بمثل «قضاة ، وأبيات» وعلم أنه لا حاجة إلى أن يقول :
بألف وتاء مزيدتين ؛ فالباء فى قوله «بتا» متعلقة بقوله : «جمع».
وحكم هذا الجمع
أن يرفع بالضمة ، وينصب ويجر بالكسرة ، نحو : «جاءنى هندات ، ورأيت هندات ، ومررت
بهندات» فنابت فيه الكسرة عن الفتحة ، وزعم بعضهم أنه مبنىّ فى حالة النصب ، وهو
فاسد ؛ إذ لا موجب لبنائه .
* * *
__________________
كذا أولات ،
والّذى اسما قد جعل
|
|
ـ كأذرعات ـ فيه ذا أيضا
قبل
|
أشار بقوله : «كذا
أولات» إلى أن «أولات» تجرى مجرى جمع المؤنث السالم فى أنها تنصب بالكسرة ، وليست
بجمع مؤنث سالم ، بل هى ملحقة به ، وذلك لأنها لا مفرد لها من لفظها.
ثم أشار بقوله
: «والذى اسما قد جعل» إلى أن ما سمّى به من هذا الجمع والملحق به ، نحو : «أذرعات»
ينصب بالكسرة كما كان قبل التسمية به ، ولا يحذف منه التنوين ، نحو : «هذه أذرعات
، ورأيت أذرعات ، ومررت بأذرعات» ، هذا هو المذهب الصحيح ، وفيه مذهبان آخران ؛
أحدهما : أنه يرفع بالضمة ، وينصب ويجر بالكسرة ، ويزال منه التنوين ، نحو : «هذه
أذرعات ، ورأيت أذرعات ، ومررت بأذرعات» والثانى : أنه يرفع بالضمة ،
__________________
وينصب ويجر بالفتحة ، ويحذف منه التنوين ، نحو : «هذه أذرعات ، ورأيت
أذرعات ، ومررت بأذرعات» ، ويروى قوله :
ـ
تنوّرتها من
أذرعات ، وأهلها
|
|
بيثرب ، أدنى
دارها نظر عالى
|
__________________
بكسر التاء منونة كالمذهب الأول ، وبكسرها بلا تنوين كالمذهب الثانى ،
وبفتحها بلا تنوين كالمذهب الثالث.
* * *
وجرّ بالفتحة
ما لا ينصرف
|
|
ما لم يضف أو
يك بعد «أل» ردف
|
أشار بهذا
البيت إلى القسم الثانى مما ناب فيه حركة عن حركة ، وهو الاسم الذى لا ينصرف ،
وحكمه أنه يرفع بالضمة ، نحو ، «جاء أحمد» وينصب بالفتحة ، نحو : «رأيت أحمد» ويجر
بالفتحة أيضا ، نحو : «مررت بأحمد» ، فنابت الفتحة عن الكسرة. هذا إذا لم يضف أو
يقع بعد الألف واللام ؛ فإن أضيف جرّ بالكسرة ، نحو : «مررت بأحمدكم» وكذا إذا
دخله الألف واللام ،
__________________
نحو «مررت بالأحمد » ؛ فإنه يجر بالكسرة .
* * *
واجعل لنحو «يفعلان»
النّونا
|
|
رفعا ،
وتدعين وتسألونا
|
__________________
وحذفها للجزم
والنّصب سمه
|
|
كلم تكونى
لترومى مظلمه
|
لما فرغ من
الكلام على ما يعرب من الأسماء بالنيابة شرع فى ذكر ما يعرب من الأفعال بالنيابة ،
وذلك الأمثلة الخمسة ؛ فأشار بقوله «يفعلان» إلى كل فعل اشتمل على ألف اثنين :
سواء كان فى أوله الياء ، نحو «يضربان» أو التاء ، نحو «تضربان» وأشار بقوله : «وتدعين»
إلى كل فعل اتصل به ياء مخاطبة ، نحو «أنت تضربين» وأشار بقوله «وتسألون» إلى كل
فعل اتصل به واو الجمع ، نحو «أنتم تضربون» سواء كان فى أوّله التاء كما مثّل ، أو
الياء ، نحو «الزّيدون يضربون».
فهذه الأمثلة
الخمسة ـ وهى : يفعلان ، وتفعلان ، ويفعلون ، وتفعلون ، وتفعلين ـ ترفع بثبوت
النون ، وتنصب وتجزم بحذفها ؛ فنابت النون فيه عن الحركة التى هى الضمة ، نحو «الزّيدان
يفعلان» فيفعلان : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون ؛ وتنصب وتجزم بحذفها ؛
نحو «الزّيدان لن
__________________
يقوما ، ولم
يخرجا» فعلامة النصب والجزم سقوط النون من «يقوما ، ويخرجا» ومنه قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ
تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ)
* * *
وسمّ معتلّا
من الأسماء ما
|
|
كالمصطفى
والمرتقى مكارما
|
فالأوّل
الإعراب فيه قدّرا
|
|
جميعه ، وهو
الّذى قد قصرا
|
__________________
والثّان
منقوص ، ونصبه ظهر
|
|
ورفعه ينوى ،
كذا أيضا يجرّ
|
شرع فى ذكر
إعراب المعتلّ من الأسماء والأفعال ، فذكر أن ما كان مثل «المصطفى ، والمرتقى»
يسمى معتلا ، وأشار «بالمصطفى» إلى ما فى آخره ألف لازمة قبلها فتحة ، مثل «عصا ،
ورحى» ، وأشار «بالمرتقى» إلى ما فى آخره ياء مكسور ما قبلها ، نحو «القاضى ،
والدّاعى».
ثم أشار إلى أن
ما فى آخره ألف مفتوح ما قبلها يقدّر فيه جميع حركات الإعراب : الرفع ، والنصب ،
والجرّ ، وأنه يسمى المقصور ؛ فالمقصور هو : الاسم المعرب الذى فى آخره ألف لازمة
، فاحترز بـ «الاسم» من الفعل ، نحو يرضى ، وب «المعرب» من المبنى ، نحو إذا ، وب «الألف»
من المنقوص ، نحو القاضى كما سيأتى ، وب «لازمة» من المثنّى فى حالة الرفع ، نحو
الزّيدان ؛ فإن ألفه لا تلزمه إذ تقلب ياء فى الجر والنصب ، نحو [رأيت] الزّيدين.
وأشار بقوله «والثان
منقوص» إلى المرتقى ؛ فالمنقوص هو : الاسم المعرب الذى آخره ياء لازمة قبلها كسرة
نحو المرتقى ؛ فاحترز بـ «الاسم» عن الفعل نحو يرمى ، وب «المعرب» عن المبنى ، نحو
الّذى ، وبقولنا «قبلها كسرة» عن
__________________
التى قبلها سكون ، نحو ظبى ورمى ؛ فهذا معتلّ جار مجرى الصحيح : فى رفعه
بالضمة ، ونصبه بالفتحة ، وجره بالكسرة.
وحكم هذا
المنقوص أنه يظهر فيه النصب ، نحو «رأيت القاضى» ، وقال الله تعالى : (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ) ويقدّر فيه الرفع والجرّ لثقلهما على الياء
__________________
نحو «جاء القاضى ، ومررت بالقاضى» ؛ فعلامة الرفع ضمة مقدّرة على الياء ،
وعلامة الجر كسرة مقدرة على الياء.
وعلم ممّا ذكر
أن الاسم لا يكون فى آخره واو قبلها ضمة ، نعم إن كان مبنيّا وجد ذلك فيه ، نحو هو
، ولم يوجد ذلك فى المعرب إلّا فى الأسماء الستة فى حالة الرفع نحو «جاء أبوه»
وأجاز ذلك الكوفيون فى موضعين آخرين ؛ أحدهما : ما سمى به من الفعل ، نحو يدعو ،
ويغزو ، والثانى : ما كان أعجميا ، نحو سمندو ، وقمندو.
* * *
وأىّ فعل آخر
منه ألف ،
|
|
أو واو ، أو
ياء ، فمعتلّا عرف
|
__________________
أشار إلى أن
المعتلّ من الأفعال هو ما كان فى آخره واو قبلها ضمة ، نحو : يغزو ، أو ياء قبلها
كسرة ، نحو : يرمى ، أو ألف قبلها فتحة ، نحو : يخشى.
* * *
فالألف انو
فيه غير الجزم
|
|
وأبد نصب ما
كيدعو يرمى
|
والرّفع
فيهما انو ، واحذف جازما
|
|
ثلاثهنّ ،
تقض حكما لازما
|
__________________
ذكر فى هذين
البيتين كيفية الإعراب فى الفعل المعتل ؛ فذكر أن الألف يقدّر فيها غير الجزم ـ وهو
الرفع والنصب ـ نحو «زيد يخشى» فيخشى : مرفوع ، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف ،
و «لن يخشى» فيخشى : منصوب ، وعلامة النصب فتحة مقدرة على الألف ، وأما الجزم
فيظهر ؛ لأنه يحذف له الحرف الآخر ، نحو «لم يخش».
وأشار بقوله : «وأبد
نصب ما كيدعو يرمى» إلى أن النصب يظهر فيما آخره واو أو ياء ، نحو «لن يدعو ، ولن
يرمى».
وأشار بقوله «والرّفع
فيهما انو» إلى أن الرفع يقدّر فى الواو والياء ، نحو «يدعو ، ويرمى» فعلامة الرفع
ضمة مقدرة على الواو والياء.
وأشار بقوله : «واحذف
جازما ثلاثهنّ» إلى أن الثلاث ـ وهى الألف ، والواو ، والياء ـ تحذف فى الجزم ،
نحو «لم يخش ، ولم يغز ، ولم يرم» فعلامة الجزم حذف الألف والواو والياء.
وحاصل ما ذكره
: أن الرفع يقدّر فى الألف والواو والياء ، وأن الجزم يظهر فى الثلاثة بحذفها ،
وأن النصب يظهر فى الياء والواو ، ويقدّر فى الألف.
* * *
__________________
النّكرة والمعرفة
نكرة : قابل
أل ، مؤثّرا ،
|
|
أو واقع موقع
ما قد ذكرا
|
النكرة : ما
يقبل «أل» وتؤثّر فيه التعريف ، أو يقع موقع ما يقبل «أل» فمثال ما يقبل «أل» وتؤثر فيه التعريف «رجل» فتقول :
الرجل ، واحترز بقوله «وتؤثر فيه التعريف» مما يقبل «أل» ولا تؤثر فيه التعريف ،
كعبّاس علما ؛ فإنك تقول فيه : العبّاس ، فتدخل عليه «أل» لكنها لم تؤثر فيه
التعريف ؛ لأنه معرفة قبل دخولها [عليه] ومثال ما وقع موقع ما يقبل «أل» ذو : التى
بمعنى صاحب ، نحو «جاءنى ذو مال» أى : صاحب مال ، فذو : نكرة ، وهى لا تقبل «أل»
لكنها واقعة موقع صاحب ، وصاحب يقبل «أل» نحو الصاحب.
* * *
__________________
وغيره معرفة
: كهم ، وذى
|
|
وهند ، وابنى
، والغلام ، والّذى
|
أى : غير
النّكرة المعرفة ، وهى ستة أقسام : المضمر كهم ، واسم الإشارة كذى ، والعلم كهند ،
والمحلّى بالألف واللام كالغلام ، والموصول كالّذى ، وما أضيف إلى واحد منها كابنى
، وسنتكلم على هذه الأقسام.
* * *
__________________
فما لذى غيبة
أو حضور
|
|
ـ كأنت ، وهو ـ سمّ
بالضّمير
|
يشير إلى أن
الضمير : ما دلّ على غيبة كهو ، أو حضور ، وهو قسمان : أحدهما ضمير المخاطب ، نحو
أنت ، والثانى ضمير المتكلم ، نحو أنا.
* * *
وذو اتّصال
منه ما لا يبتدا
|
|
ولا يلى إلّا
اختيارا أبدا
|
__________________
كالياء
والكاف من «ابنى أكرمك»
|
|
والياء والها
من «سليه ما ملك»
|
الضمير البارز
ينقسم إلى : متّصل ، ومنفصل ؛ فالمتصل هو : الذى لا يبتدأ به كالكاف من «أكرمك»
ونحوه ، ولا يقع بعد «إلّا» فى الاختيار ؛ فلا يقال : ما أكرمت إلّاك ، وقد جاء شذوذا فى الشعر
، كقوله :
ـ
أعوذ بربّ
العرش من فئة بغت
|
|
علىّ ؛ فما
لى عوض إلّاه ناصر
|
__________________
وقوله :
ـ
وما علينا ـ إذا
ما كنت جارتنا ـ
|
|
أن لا
يجاورنا إلّاك ديّار
|
* * *
__________________
..................................................................................
__________________
وكلّ مضمر له
البنا يجب ،
|
|
ولفظ ما جرّ
كلفظ ما نصب
|
المضمرات كلّها
مبنية ؛ لشبهها بالحروف فى الجمود ، ولذلك لا تصغّر
__________________
ولا تثنّى ولا
تجمع ، وإذا ثبت أنها مبنية : فمنها ما يشترك فيه الجرّ والنصب ، وهو : كل ضمير
نصب أو جر متّصل ، نحو : أكرمتك ، ومررت بك ، وإنّه وله ؛ فالكاف فى «أكرمتك» فى
موضع نصب ، وفى «بك» فى موضع جر ، والهاء فى «إنه» فى موضع نصب ، وفى «له» فى موضع
جر.
ومنها ما يشترك
فيه الرفع والنصب والجر ، وهو «نا» ، وأشار إليه بقوله :
للرّفع
والنّصب وجرّ «نا» صلح
|
|
كاعرف بنا
فإنّنا نلنا المنح
|
أى : صلح لفظ «نا»
للرفع ، نحو نلنا ، وللنصب ، نحو فإنّنا ، وللجر ، نحو بنا.
ومما يستعمل
للرفع والنصب والجر : الياء ؛ فمثال الرفع نحو «اضربى» ومثال النصب نحو «أكرمنى»
ومثال الجر نحو «مرّ بى».
ويستعمل فى
الثلاثة أيضا «هم» ؛ فمثال الرفع «هم قائمون» ومثال النصب «أكرمتهم» ومثال الجر «لهم».
وإنما لم يذكر
المصنف الياء وهم لأنهما لا يشبهان «نا» من كل وجه ؛ لأن «نا» تكون للرفع والنصب
والجر والمعنى واحد ، وهى ضمير متّصل
__________________
فى الأحوال الثلاثة ، بخلاف الياء ؛ فإنها ـ وإن استعملت للرفع والنصب والجر
، وكانت ضميرا متصلا فى الأحوال الثلاثة ـ لم تكن بمعنى واحد فى الأحوال الثلاثة ؛
لأنها فى حالة الرفع للمخاطب ، وفى حالتى النصب والجر للمتكلم ، وكذلك «هم» ؛
لأنها ـ وإن كانت بمعنى واحد فى الأحوال الثلاثة ـ فليست مثل «نا» ؛ لأنها فى حالة
الرفع ضمير منفصل ؛ وفى حالتى النصب والجر ضمير متصل.
* * *
وألف والواو
والنّون لما
|
|
غاب وغيره ،
كقاما واعلما
|
الألف والواو
والنون من ضمائر الرفع المتصلة ، وتكون للغائب وللمخاطب ؛ فمثال الغائب «الزّيدان
قاما ، والزّيدون قاموا ، والهندات قمن» ومثال المخاطب «اعلما ، واعلموا ، واعلمن»
، ويدخل تحت قول المصنف «وغيره» المخاطب والمتكلم ، وليس هذا بجيد ؛ لأن هذه
الثلاثة لا تكون للمتكلم أصلا ، بل إنما تكون للغائب أو المخاطب كما مثلنا.
* * *
__________________
ومن ضمير
الرّفع ما يستتر
|
|
كافعل أوافق
نغتبط إذ تشكر
|
ينقسم الضمير
إلى مستتر وبارز ، والمستتر إلى واجب الاستتار وجائزه.
__________________
والمراد بواجب الاستتار : ما لا يحلّ محلّه الظاهر ، والمراد بجائز
الاستتار : ما يحلّ محله الظاهر.
وذكر المصنف فى
هذا البيت من المواضع التى يجب فيها الاستتار أربعة :
الأول : فعل
الأمر للواحد المخاطب كافعل ، التقدير أنت ، وهذا الضمير لا يجوز إبرازه ؛ لأنه لا
يحلّ محلّه الظاهر ؛ فلا تقول : افعل زيد ، فأما «افعل أنت» فأنت تأكيد للضمير
المستتر فى «افعل» وليس بفاعل لا فعل ؛ لصحة الاستغناء عنه ؛ فتقول : افعل ؛ فإن
كان الأمر لواحدة أو لاثنين أو لجماعة برز الضمير ، نحو اضربى ، واضربا ، واضربوا
، واضربن.
الثانى : الفعل
المضارع الذى فى أوله الهمزة ، نحو «أوافق» والتقدير أنا ، فإن قلت «أوافق أنا»
كان «أنا» تأكيدا للضمير المستتر.
الثالث : الفعل
المضارع الذى فى أوّله النون ، نحو «نغتبط» أى نحن.
الرابع : الفعل
المضارع الذى فى أوّله التاء لخطاب الواحد ، نحو «تشكر» أى أنت ؛ فإن كان الخطاب
لواحدة أو لاثنين أو لجماعة برز الضمير ، نحو أنت تفعلين ، وأنتما تفعلان ، وأنتم
تفعلون ، وأنتنّ تفعلن.
هذا ما ذكره المصنف من المواضع التى يجب فيها استتار
الضمير.
__________________
ومثال جائز
الاستتار : زيد يقوم ، أى هو ، وهذا الضمير جائز الاستتار ؛ لأنه يحلّ محلّه
الظاهر ؛ فتقول : زيد يقوم أبوه ، وكذلك كلّ فعل أسند إلى غائب أو غائبة ، نحو هند
تقوم ، وما كان بمعناه ، نحو زيد قائم ، أى هو.
* * *
وذو ارتفاع
وانفصال : أنا ، هو ،
|
|
وأنت ،
والفروع لا تشتبه
|
تقدم أن الضمير
ينقسم إلى مستتر وإلى بارز ، وسبق الكلام فى المستتر ، والبارز ينقسم إلى : متّصل
، ومنفصل ؛ فالمتّصل يكون مرفوعا ، ومنصوبا ، ومجرورا ، وسبق الكلام فى ذلك ،
والمنفصل يكون مرفوعا ومنصوبا ، ولا يكون مجرورا.
وذكر المصنف فى
هذا البيت المرفوع المنفصل ، وهو اثنا عشر : «أنا» للمتكلم وحده ، و «نحن» للمتكلم
المشارك أو المعظّم نفسه ، و «أنت» للمخاطب ، و «أنت» للمخاطبة ، و «أنتما»
للمخاطبين أو المخاطبتين ، و «أنتم» للمخاطبين ، و «أنتنّ» للمخاطبات ، و «هو»
للغائب ،
__________________
و «هى» للغائبة ، و «هما» للغائبين أو الغائبتين ، و «هم» للغائبين ، و «هنّ»
للغائبات.
* * *
وذو انتصاب
فى انفصال جعلا :
|
|
إيّاى ،
والتّفريع ليس مشكلا
|
أشار فى هذا
البيت إلى المنصوب المنفصل ، وهو اثنا عشر : «إيّاى» للمتكلّم وحده ، و «إيانا»
للمتكلم المشارك أو المعظّم نفسه ، و «إياك» للمخاطب ، و «إيّاك» للمخاطبة ، و «إياكما»
للمخاطبين أو المخاطبتين ، و «إياكم» للمخاطبين ، و «إيّاكنّ» للمخاطبات ، و «إياه»
للغائب ، و «إياها» للغائبة ، و «إياهما» للغائبين أو الغائبتين ، و «إيّاهم»
للغائبين ، و «إياهنّ» للغائبات .
* * *
__________________
وفى اختيار
لا يجىء المنفصل
|
|
إذا تأتّى أن
يجىء المتّصل
|
كلّ موضع أمكن
أن يؤتى فيه بالضمير المتّصل لا يجوز العدول عنه إلى المنفصل ، إلا فيما سيذكره
المصنف ؛ فلا تقول فى أكرمتك «أكرمت إيّاك» لأنه يمكن الإتيان بالمتصل ؛ فتقول :
أكرمتك.
__________________
فإن لم يمكن
الإتيان بالمتصل تعين المنفصل ، نحو إيّاك أكرمت ، وقد
__________________
جاء الضمير فى الشعر منفصلا مع إمكان الإتيان به متصلا ، كقوله :
ـ
بالباعث
الوارث الاموات قد ضمنت
|
|
إيّاهم الأرض
فى دهر الدّهارير
|
__________________
وصل أو افصل
هاء سلنيه ، وما
|
|
أشبهه ، فى
كنته الخلف انتمى
|
__________________
كذاك خلتنيه
، واتّصالا
|
|
أختار ، غيرى
اختار الانفصالا
|
أشار فى هذين
البيتين إلى المواضع التى يجوز أن يؤتى فيها بالضمير منفصلا مع إمكان أن يؤتى به
متصلا.
فأشار بقوله : «سلنيه»
إلى ما يتعدّى إلى مفعولين الثانى منها ليس خيرا فى الأصل ، وهما ضميران ، نحو : «الدّرهم
سلنيه» فيجوز لك فى هاء «سلنيه» الاتصال نحو سلنيه ، والانفصال نحو سلنى إيّاه ،
وكذلك كل فعل أشبهه ، نحو الدّرهم أعطيتكه ، وأعطيتك إيّاه.
وظاهر كلام
المصنف أنه يجوز فى هذه المسألة الانفصال والاتصال على السواء ، وهو ظاهر كلام
أكثر النحويين ، وظاهر كلام سيبويه أن الاتصال فيها واجب ، وأن الانفصال مخصوص بالشعر.
وأشار بقوله : «فى
كنته الخلف انتمى» إلى أنه إذا كان خبر «كان» وأخواتها ضميرا ، فإنه يجوز اتصاله
وانفصاله ، واختلف فى المختار منهما ؛ فاختار المصنف
__________________
الاتصال ، نحو كنته ، واختار سيبويه الانفصال ، نحو كنت إياه ، [تقول ؛ الصّديق كنته ، وكنت إيّاه].
وكذلك المختار
عند المصنف الاتصال فى نحو «خلتنيه» وهو : كلّ فعل تعدّى إلى مفعولين الثانى منهما خبر فى
الأصل ، وهما ضميران ، ومذهب سيبويه أن المختار فى هذا أيضا الانفصال ، نحو خلتنى
إيّاه ، ومذهب سيبويه أرجح ؛ لأنه هو الكثير فى لسان العرب على ما حكاه سيبويه
عنهم وهو المشافه لهم ، قال الشاعر :
__________________
ـ
إذا قالت
حذام فصدّقوها
|
|
فإنّ القول
ما قالت حذام
|
* * *
__________________
وقدّم الأخصّ
فى اتّصال
|
|
وقدّمن ما
شئت فى انفصال
|
ضمير المتكلم
أخصّ من ضمير المخاطب ، وضمير المخاطب أخصّ من ضمير الغائب ؛ فإن اجتمع ضميران
منصوبان أحدهما أخصّ من الآخر ؛ فإن كانا متصلين وجب تقديم الأخصّ منهما ؛ فتقول :
الدرهم أعطيتكه وأعطيتنيه ، بتقديم الكاف والياء على الهاء ؛ لأنها أخصّ من الهاء
؛ لأن الكاف للمخاطب ، والياء للمتكلم ، والهاء للغائب ، ولا يجوز تقديم الغائب مع
الاتّصال ؛ فلا تقول : أعطيتهوك ، ولا أعطيتهونى ، وأجازه قوم ، ومنه ما رواه ابن
الأثير فى غريب الحديث من قول عثمان رضى الله عنه : «أراهمنى الباطل شيطانا» ؛ فإن
فصل أحدهما كنت بالخيار ؛ فإن شئت قدّمت الأخصّ ، فقلت : الدرهم أعطيتك إياه ،
وأعطيتنى إياه ، وإن شئت فدّمت غير الأخصّ ، فقلت : أعطيته إيّاك ،
__________________
وأعطيته إياى ، وإليه أشار بقوله : «وقدّمن ما شئت فى انفصال» وهذا الذى
ذكره ليس على إطلاقه ، بل إنما يجوز تقديم غير الأخصّ فى الانفصال عند أمن اللّبس
، فإن خيف لبس لم يجز ؛ فإن قلت : زيد أعطيتك إيّاه ، لم يجز تقديم الغائب ، فلا تقول : زيد أعطيته إياك ؛
لأنه لا يعلم هل زيد مأخوذ أو آخذ.
* * *
وفى اتّحاد
الرّتبة الزم فصلا
|
|
وقد يييح
الغيب فيه وصلا
|
إذا اجتمع
ضميران ، وكانا منصوبين ، واتّحدا فى الرّتية ـ كأن يكونا لمتكلمين ، أو مخاطبين ،
أو غائبين ـ فإنه يلزم الفصل فى أحدهما ؛ فتقول : أعطيتنى إيّاى ، وأعطيتك إيّاك ،
وأعطيته إيّاه ، ولا يجوز اتصال الضميرين ، فلا تقول : أعطيتنينى ، ولا أعطيتكك ،
ولا أعطيتهوه ؛ نعم إن كانا غائبين واختلف لفظهما فقد يتصلان ، نحو الزّيدان
الدّرهم أعطيتهماه ، وإليه أشار بقوله فى الكافية :
__________________
مع اختلاف ما
، ونحو «ضمنت
|
|
إيّاهم الأرض»
الضّرورة اقتضت
|
وربما أثبت هذا
البيت فى بعض نسخ الألفية ، وليس منها ، وأشار بقوله : «ونحو ضمنت ـ إلى آخر البيت»
إلى أن الإتيان بالضمير منفصلا فى موضع يجب فيه اتّصاله ضرورة ، كقوله :
بالباعث
الوارث الأموات قد ضمنت
|
|
إيّاهم الأرض
فى دهر الدّهارير [١٥]
|
وقد تقدم ذكر
ذلك.
* * *
وقبل يا
النّفس مع الفعل التزم
|
|
نون وقاية ، و
«ليسى» قد نظم
|
إذا اتصل
بالفعل ياء المتكلم لحقته لزوما نون تسمى نون الوقاية ، وسميت بذلك لأنها تقى
الفعل من الكسر ، وذلك نحو «أكرمنى ، ويكرمنى ، وأكرمنى» وقد جاء حذفها مع «ليس»
شذوذا ، كما قال الشاعر :
__________________
ـ
عددت قومى
كعديد الطّيس
|
|
إذ ذهب القوم
الكرام ليسى
|
__________________
واختلف فى أفعل
التعجب : هل تلزمه نوز الوقاية أم لا؟ فتقول : ما أفقرنى إلى عفو الله ، وما أفقرى
إلى عفو الله ، عند من لا يلتزمها فيه ، والصحيح أنها تلزم .
* * *
«ليتنى» فشا ، و «ليتى» ندرا
|
|
ومع «لعلّ»
اعكس ، وكن مخبّرا
|
فى الباقيات
، واضطرارا خفّفا
|
|
منّى وعنّى
بعض من قد سلفا
|
__________________
ذكر فى هذين
البيتين حكم نون الوقاية مع الحروف ؛ فذكر «ليت» وأن نون الوقايه لا تحذف منها ،
إلا ندورا ، كقوله :
ـ
كمنية جابر
إذ قال : ليتى
|
|
أصادفه وأتلف
جلّ مالى
|
__________________
«مزيد»
بفتح الميم وسكون الزاى : رجل من بنى أسد ، وكان يتمنى لقاء زيد ويزعم أنه إلى
لقيه نال منه ، فلما تلاقيا طعنه زيد طعنة فولى هاربا «أخاثقة» أى صاحب وثوق فى
نفسه واصطبار على منازلة الأقران فى الحرب «العوالى» جمع عالية ، وهى ما يلى موضع
السنان من الرمح ، واختلافها : ذهابها فى جهة العدو ومجيئها عند الطعن «جابر» رجل
من غطفان ، كان يتمنى لقاء زيد ، فلما تلاقيا قهره زيد وغلبه «وأتلف» يروى «وأفقد».
والكثير فى
لسان العرب ثبوتها ، وبه ورد القرآن ، قال الله تعالى : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ).
وأما «لعلّ»
فذكر أنها بعكس ليت ؛ فالفصيح تجريدها من النون كقوله تعالى ـ حكاية عن فرعون ـ (لعلّى
أبلع الأسباب) ويقلّ ثبوت النون ، كقول الشاعر :
__________________
ـ
فقلت :
أعيرانى القدوم ؛ لعلّنى
|
|
أخطّ بها
قبرا لأبيض ماجد
|
__________________
ثم ذكر أنك
بالخيار فى الباقيات ، أى : فى باقى أخوات ليت ولعلّ ـ وهى : إنّ ، وأنّ ، وكأنّ ،
ولكنّ ـ فتقول : إنّى وإنّنى ، وأنّى وأنّنى ، وكأنّى وكأنّنى ، ولكنّى ولكنّنى.
ثم ذكر أن «من
، وعن» تلزمهما نون الوقاية ؛ فتقول : منّى وعنّى ـ بالتشديد ـ ومنهم من يحذف
النون ؛ فيقول : منى وعنى ـ بالتخفيف ـ وهو شاذ ، قال الشاعر :
ـ
أيّها
السّائل عنهم وعنى
|
|
لست من قيس
ولا قيس منى
|
* * *
__________________
وفى لدنّى
لدنى قلّ ، وفى
|
|
قدنى وقطنى
الحذف أيضا قد يفى
|
أشار بهذا إلى
أن الفصيح فى «لدنّى» إثبات النون ، كقوله تعالى : (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ
لَدُنِّي عُذْراً) ويقلّ حذفها ، كقراءة من قرأ (مِنْ لَدُنِّي) بالتخفيف والكثير فى «قد ، وقط» ثبوت النون ، نحو :
قدنى وقطنى ، ويقل الحذف نحو : قدى وقطى ، أى حسبى ، وقد اجتمع الحذف والإثبات فى
قوله :
ـ
قدنى من نصر
الخبيبين قدى
|
|
[ليس الإمام بالشّحيح الملحد]
|
* * *
__________________
..................................................................................
__________________
..................................................................................
__________________
العلم
اسم يعيّن
المسمّى مطلقا
|
|
علمه : كجعفر
، وخرنقا
|
وقرن ، وعدن
، ولاحق ،
|
|
وشذقم ،
وهيلة ، وواشق
|
العلم هو :
الاسم الذى يعين مسماه مطلقا ، أى بلا قيد التكلم أو الخطاب أو الغيبة ؛ فالاسم :
جنس يشمل النكرة والمعرفة ، و «يعين مسماه» : فصل أخرج النكرة ، و «بلا قيد» أخرج
بقية المعارف ، كالمضمر ؛ فإنه يعين مسماه بقيد التكلم كـ «أنا» أو الخطاب كـ «أنت»
أو الغيبة كـ «هو» ، ثم مثّل الشيخ بأعلام الأناسىّ وغيرهم ، تنبيها على أن
مسمّيات الأعلام العقلاء وغيرهم من المألوفات ؛ فجعفر : اسم رجل ، وخرنق : اسم
امرأة من شعراء العرب ،
__________________
وهى أخت طرفة بن العبد لأمّه ، وقرن : اسم قبيلة ، وعدن : اسم مكان ، ولاحق
: اسم فرس ، وشذقم : اسم جمل ، وهيلة : اسم شاة ، وواشق : اسم كلب.
* * *
واسما أتى ،
وكنية ، ولقبا
|
|
وأخّرن ذا إن
سواه صحبا
|
ينقسم العلم
إلى ثلاثة أقسام : إلى اسم ، وكنية ، ولقب ، والمراد بالاسم هنا ما ليس بكنية ولا
لقب ، كزيد وعمرو ، وبالكنية : ما كان فى أوله أب أو أمّ ، كأبى عبد الله وأمّ
الخير ، وباللقب : ما أشعر بمدح كزين العابدين ، أو ذمّ كأنف النّاقة.
وأشار بقوله «وأخّرن
ذا ـ إلخ» إلى أن اللقب إذا صحب الاسم وجب تأخيره ، كزيد أنف الناقة ، ولا يجوز
تقديمه على الاسم ؛ فلا تقول : أنف الناقة زيد ، إلا قليلا ؛ ومنه قوله :
__________________
ـ
بأنّ ذا
الكلب عمرا خيرهم حسبا
|
|
ببطن شريان
يعوى حوله الذّيب
|
__________________
وظاهر كلام
المصنف أنه يجب تأخير اللقب إذا صحت سواه ، ويدخل تحت قوله «سواه» الاسم والكنية ،
وهو إنما يجب تأخيره مع الاسم ، فأما مع الكنية فأنت بالخيار بين أن تقدّم الكنية على اللقب ؛ فتقول : أبو عبد الله
زين
__________________
العابدين ، وبين أن تقدم اللقب على الكنية ؛ فتقول : زين العابدين أبو عبد
الله ؛ ويوجد فى بعض النسخ بدل قوله : * وأخّرن ذا إن سواه صحبا» * : * «وذا اجعل
آخرا إذا اسما صحبا» * وهو أحسن منه ؛ لسلامته مما ورد على هذا ؛ فإنه نصّ فى أنه
إنما يجب تأخير اللقب إذا صحب الاسم ، ومفهومه أنه لا يجب ذلك مع الكنية ، وهو
كذلك ، كما تقدم ، ولو قال : «وأخرن ذا إن سواها صحبا» لما ورد عليه شىء ؛ إذ يصير
التقدير : وأخّر اللّقب إذا صحب سوى الكنية ، وهو الاسم ، فكأنه قال : وأخر اللقب
إذا صحب الاسم.
* * *
وإن يكونا
مفردين فأضف
|
|
حتما ، وإلّا
اتبع الّذى ردف
|
إذا اجتمع
الاسم واللقب : فإما أن يكونا مفردين ، أو مركبين ، أو الاسم مركبا واللقب مفردا ،
أو الاسم مفردا واللقب مركبا.
__________________
فإن كانا
مفردين وجب عند البصريين الإضافة ، نحو : هذا سعيد كرز ، ورأيت سعيد كرز ، ومررت بسعيد
كرز ؛ وأجاز الكوفيون الإتباع ؛ فتقول : هذا سعيد كرز ، ورأيت سعيدا كرزا ، ومررت
بسعيد كرز ، ووافقهم المصنف على ذلك فى غير هذا الكتاب.
وإن لم يكونا
مفردين ـ بأن كانا مركبين ، نحو عبد الله أنف الناقة ، أو مركّبا ومفردا ، نحو عبد
الله كرز ، وسعيد أنف الناقة ـ وجب الإتباع ؛ فتتبع الثانى الأول فى إعرابه ،
ويجوز القطع إلى الرفع أو النصب ، نحو مررت بزيد أنف الناقة ، وأنف الناقة ؛
فالرفع على إضمار مبتدأ ، والتقدير : هو أنف الناقة ، والنصب على إضمار فعل ،
والتقدير : أعنى أنف الناقة ؛ فيقطع مع المرفوع إلى النصب ، ومع المنصوب إلى الرفع
، ومع المجرور إلى النصب أو الرفع ، نحو هذا زيد أنف الناقة ، ورأيت زيدا أنف
الناقة ، ومررت بزيد أنف الناقة ، وأنف الناقة.
* * *
__________________
ومنه منقول :
كفضل وأسد
|
|
وذو ارتجال :
كسعاد ، وأدد
|
وجملة ، وما
بمزج ركّبا ،
|
|
ذا إن بغير «ويه»
تمّ أعربا
|
وشاع فى
الأعلام ذو الإضافه
|
|
كعبد شمس
وأبى قحافه
|
__________________
ينقسم العلم
إلى : مرتجل ، وإلى منقول ؛ فالمرتجل هو : ما لم يسبق له استعمال قبل العلمية فى
غيرها ، كسعاد ، وأدد ، والمنقول : ما سبق له استعمال فى غير العلمية ، والنقل إما
من صفة كحارث ، أو من مصدر كفضل ، أو من اسم جنس كأسد ، وهذه تكون معربة ، أو من
جملة : كقام زيد ، وزيد قائم ، وحكمها أنها تحكى ؛ فتقول : جاءنى زيد قائم ، ورأيت
زيد قائم ، ومررت بزيد قائم ، وهذه من الأعلام المركبة.
ومنها أيضا :
ما ركب تركيب مزج ، كبعلبكّ ، ومعدى كرب ، وسيبويه. وذكر المصنف أن المركب تركيب
مزج : إن ختم بغير «ويه» أعرب ، ومفهومه أنه إن ختم بـ «ويه» لا يعرب ، بل يبنى ،
وهو كما ذكره ؛ فتقول : جاءنى بعلبكّ ، ورأيت بعلبكّ ، ومررت ببعلبكّ ؛ فتعربه
إعراب ما لا ينصرف ، ويجوز فيه أيضا البناء على الفتح ؛ فتقول : جاءنى بعلبكّ ،
ورأيت بعلبكّ ، ومررت ببعلبكّ ، ويجوز [أيضا] أن يعرب أيضا إعراب المتضايفين ؛
فتقول : جاءنى حضر موت ، ورأيت حضر موت ، ومررت بحضر موت.
وتقول [فيما
ختم بويه] : جاءنى سيبويه ، ورأيت سيبويه ، ومررت بسيبويه ؛ فثبنيه على الكسر ،
وأجاز بعضهم إعرابه إعراب ما لا ينصرف ، نحو جاءنى سيبويه ، ورأيت سيبويه ، ومررت
بسيبويه.
__________________
ومنها : ما ركب
تركيب إضافة : كعبد شمس ، وأبى قحافة ، وهو معرب ؛ فتقول : جاءنى عبد شمس وأبو
قحافة ، ورأيت عبد شمس وأبا قحافة ، ومررت بعبد شمس وأبى قحافة.
ونبّه
بالمثالين على أن الجزء الأول ؛ يكون معربا بالحركات ، كـ «عبد» ، وبالحروف ، كـ «أبى»
، وأن الجزء الثانى ؛ يكون منصرفا ، كـ «شمس» ، وغير منصرف ، كـ «قحافة».
* * *
ووضعوا لبعض
الأجناس علم
|
|
كعلم الأشخاص
لفظا ، وهو عمّ
|
من ذاك : أمّ
عريط للعقرب ،
|
|
وهكذا ثعالة
للثّعلب
|
__________________
ومثله برّة
للمبرّه ،
|
|
كذا فجار علم
للفجره
|
العلم على
قسمين : علم شخص ، وعلم جنس.
فعلم الشخص له
حكمان : معنوىّ ، وهو : أن يراد به واحد بعينه : كزيد ، وأحمد ، ولفظىّ ، وهو صحة
مجىء الحال متأخرة عنه ، نحو «جاءنى زيد ضاحكا» ومنعه من الصّرف مع سبب آخر غير
العلمية ، نحو «هذا أحمد» ومنع دخول الألف واللام عليه ؛ فلا تقول «جاء العمرو» .
__________________
وعلم الجنس
كعلم الشخص فى حكمه [اللّفظىّ] ؛ فتقول : «هذا أسامه مقبلا» فتمنعه من الصرف ،
وتأتى بالحال بعده ، ولا تدخل عليه الألف واللام ؛ فلا تقول : «هذا الأسامة» .
__________________
وحكم علم الجنس
فى المعنى كحكم النكرة : من جهة أنه لا يخصّ واحدا بعينه ، فكلّ أسد يصدق عليه
أسامة ، وكل عقرب يصدق عليها أمّ عريط ، وكل ثعلب يصدق عليه ثعالة.
وعلم الجنس :
يكون للشخص ، كما تقدم ، ويكون للمعنى كما مثّل بقوله : «برّة للمبرّة ، وفجار
للفجرة».
* * *
اسم الإشارة
بذا لمفرد
مذكّر أشر
|
|
بذى وذه تى
تا على الأنثى اقتصر
|
يشار إلى
المفرد المذكّر بـ «ذا» ومذهب البصريين أن الألف من نفس الكلمة ، وذهب الكوفيون
إلى أنها زائدة .
__________________
ويشار إلى
المؤنثة بـ «ذى» ، و «ذه» بسكون الهاء ، و «تى» ، و «تا» ، و «ذه» بكسر الهاء :
باختلاس ، وبإشباع ، و «ته» بسكون الهاء ، وبكسرها ، باختلاس ، وإشباع ، و «ذات».
* * *
وذان تان
للمثنّى المرتفع
|
|
وفى سواه ذين
تين اذكر تطع
|
يشار إلى
المثنى المذكر فى حالة الرفع بـ «ذان» وفى حالة النصب والجر بـ «ذين» وإلى
المؤنثتين بـ «تان» فى الرفع ، و «تين» فى النصب والجر.
* * *
وبأولى أشر
لجمع مطلقا ،
|
|
والمدّ أولى
، ولدى البعد انطقا
|
__________________
بالكاف حرفا
: دون لام ، أو معه
|
|
واللّام ـ إن
قدّمت ها ـ ممتنعه
|
يشار إلى الجمع
ـ مذكرا كان أو مؤنثا ـ بـ «أولى» ولهذا قال المصنف : «أشر لجمع مطلقا» ، ومقتضى
هذا أنه يشار بها إلى العقلاء وغيرهم ، وهو كذلك ، ولكن الأكثر استعمالها فى
العاقل ، ومن ورودها فى غير العاقل قوله :
ـ
ذمّ المنازل
بعد منزلة اللّوى
|
|
والعيش بعد
أولئك الأيّام
|
__________________
وفيها لغتان :
المدّ ، وهى لغة أهل الحجاز ، وهى الواردة فى القرآن العزيز ، والقصر ، وهى لغة
بنى تميم.
وأشار بقوله : «ولدى
البعد انطقا بالكاف ـ إلى آخر البيت» إلى أن المشار إليه له رتبتان : القرب ،
والبعد ؛ فجميع ما تقدم يشار به إلى القريب ،
__________________
فإذا أريد الإشارة إلى البعيد أتى بالكاف وحدها ؛ فتقول : «ذاك» أو الكاف
واللام نحو «ذلك».
وهذه الكاف حرف
خطاب ؛ فلا موضع لها من الإعراب ، وهذا لا خلاف فيه.
فإن تقدّم حرف
التنبيه الذى هو «ها» على اسم الإشارة أتيت بالكاف وحدها ؛ فتقول «هذاك» وعليه قوله :
ـ
رأيت بنى
غبراء لا ينكروننى
|
|
ولا أهل هذاك
الطّراف الممدّد
|
__________________
ولا يجوز
الإتيان بالكاف واللام ؛ فلا تقول «هذا لك».
وظاهر كلام
المصنف أنه ليس للمشار إليه إلا رتبتان : قربى ، وبعدى ، كما قرّرناه ؛ والجمهور
على أن له ثلاث مراتب : قربى ، ووسطى ، وبعدى ؛ فيشار إلى من فى القربى بما ليس
فيه كاف ولا لام : كذا ، وذى ، وإلى من فى الوسطى بما فيه الكاف وحدها نحو ذاك ،
وإلى من فى البعدى بما فيه كاف ولام ، نحو «ذلك».
* * *
__________________
وبهنا أو
ههنا أشر إلى
|
|
دانى المكان
، وبه الكاف صلا
|
فى البعد ،
أو بثمّ فه ، أو هنّا
|
|
أو بهنالك
انطقن ، أو هنّا
|
يشار إلى
المكان القريب بـ «هنا» ويتقدّمها هاء التنبيه ؛ فيقال «ههنا» ؛ ويشار إلى البعيد على
رأى المصنف بـ «هناك ، وهنالك ، وهنّا» بفتح الهاء وكسرها مع تشديد النون ، وب «ثمّ»
و «هنّت» ، وعلى مذهب غيره «هناك» للمتوسط ، وما بعده للبعيد.
* * *
__________________
الموصول
موصول
الأسماء الّذى ، الأنثى الّتى ،
|
|
واليا إذا ما
ثنّيا لا تثبت
|
بل ما تليه
أوله العلامه ،
|
|
والنّون إن
تشدد فلا ملامه
|
__________________
والنّون من
ذين وتين شدّدا
|
|
أيضا ،
وتعويض بذاك قصدا
|
ينقسم الموصول
إلى اسمى ، وحرفى
ولم يذكر
المصنف الموصولات الحرفية ، وهى خمسة أحرف :
أحدها : «أن»
المصدرية ، وتوصل بالفعل المتصرف : ماضيا ، مثل «عجبت من أن قام زيد» ومضارعا ،
نحو «عجبت من أن يقوم زيد» وأمرا ، نحو «أشرت إليه بأن قم» ، فإن وقع بعدها فعل
غير متصرف ـ نحو قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ
لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) وقوله تعالى : (وَأَنْ عَسى أَنْ
يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) ـ فهى مخفّفة من الثقيلة.
ومنها : «أنّ»
وتوصل باسمها وخبرها ، نحو «عجبت من أنّ زيدا قائم» ومنه قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا) وأن المخففة كالمثقّلة ، وتوصل باسمها وخبرها ، لكن
اسمها يكون محذوفا ، واسم المثقّلة مذكورا.
ومنها : «كى»
وتوصل بفعل مضارع فقط ، مثل «جئت لكى تكرم زيدا».
__________________
ومنها : «ما»
وتكون مصدرية ظرفية ، نحو «لا أصحبك ما دمت منطلقا» [أى : مدّة دوامك منطلقا] وغير
ظرفية ، نحو «عجبت ممّا ضربت زيدا» وتوصل بالماضى ، كما مثل ، وبالمضارع ، نحو «لا
أصحبك ما يقوم زيد ، وعجبت مما تضرب زيدا» ومنه : (بِما نَسُوا يَوْمَ
الْحِسابِ) وبالجملة الاسمية ، نحو «عجبت ممّا زيد قائم ، ولا
أصحبك ما زيد قائم» وهو قليل ، وأكثر ما توصل الظرفية المصدرية بالماضى أو بالمضارع
المنفى بلم ، نحو «لا أصحبك ما لم تضرب زيدا» وبقلّ وصلها ـ أعنى المصدرية ـ بالفعل
المضارع الذى ليس منفيّا بلم ، نحو «لا أصحبك ما يقوم زيد» ومنه قوله :
ـ
أطوّف ما
أطوّف ثمّ آوى
|
|
إلى بيت
قعيدته لكاع
|
__________________
ومنها : «لو»
وتوصل بالماضى ، نحو «وددت لو قام زيد» والمضارع ، نحو «وددت لو يقوم زيد».
فقول المصنف «موصول
الأسماء» احتراز من الموصول الحرفى ـ وهو
__________________
«أن وأنّ وكى وما ولو» ـ وعلامته صحة وقوع المصدر موقعه ، نحو «وددت لو
تقوم» أى قيامك ، و «عجبت ممّا تصنع ، وجئت لكى أقرأ ، ويعجبنى أنّك قائم ، وأريد
أن تقوم» وقد سبق ذكره.
وأما الموصول
الاسمىّ فـ «الذى» للمفرد المذكر ، و «التى» للمفردة المؤنّثة.
فإن ثنيت أسقطت
الياء وأتيت مكانها : بالألف فى حالة الرفع ، نحو «اللّذان ، واللّتان» وبالياء فى
حالتى الجر والنصب ؛ فتقول : «اللّذين ، والّلتين».
وإن شئت شدّدت
النون ـ عوضا عن الياء المحذوفة ـ فقلت : «اللذانّ واللتانّ» وقد قرىء : (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ) ويجوز التشديد أيضا مع الياء ـ وهو مذهب الكوفيين ـ فتقول
: «اللذينّ ، والّلتينّ» وقد قرىء : (رَبَّنا أَرِنَا
الَّذَيْنِ) ـ بتشديد النون ـ
وهذا التشديد
يجوز أيضا فى تثنية «ذا ، وتا» اسمى الإشارة ؛ فتقول : «ذانّ ، وتانّ» وكذلك مع
الياء ؛ فتقول : «ذينّ وتينّ» وهو مذهب الكوفيين ـ والمقصود بالتشديد أن يكون عوضا
عن الألف المحذوفة كما تقدم فى «الذى ، والتى».
* * *
جمع الّذى
الالى الّذين مطلقا
|
|
وبعضهم
بالواو رفعا نطقا
|
__________________
بالّلات
والّلاء ـ الّتى قد جمعا
|
|
والّلاء
كالّذين نزرا ، وقعا
|
يقال فى جمع
المذكر «الألى» مطلقا : عاقلا كان ، أو غيره ، نحو «جاءنى الألى فعلوا» وقد يستعمل
فى جمع المؤنث ، وقد اجتمع الأمران فى قوله :
ـ
وتبلى الألى
يستلئمون على الألى
|
|
تراهنّ يوم
الرّوع كالحدإ القبل
|
__________________
..................................................................................
__________________
فقال : «يستلئمون»
ثم قال : «تراهنّ».
ويقال للمذكر
العاقل فى الجمع «الّذين» مطلقا ـ أى : رفعا ، ونصبا ، وجرا ـ فتقول : «جاءنى
الّذين أكرموا زيدا ، ورأيت الذين أكرموه ، ومررت بالذين أكرموه».
وبعض العرب يقول
: «الّذون» فى الرفع ، و «الّذين» فى النصب والجر ؛ وهم بنو هذيل ، ومنه قوله :
ـ
نحن الذون
صبّحوا الصّباحا
|
|
يوم النّخيل
غارة ملحاحا
|
__________________
ويقال فى جمع
المؤنث : «الّلات ، والّلاء» بحذف الياء ؛ فتقول «جاءنى الّلات فعلن ، والّلاء
فعلن» ويجوز إثبات الياء ؛ فتقول «الّلاتى ، والّلائى»
وقد ورد «الّلاء»
بمعنى الذين ، قال الشاعر :
ـ
فما آباؤنا
بأمنّ منه
|
|
علينا الّلاء
قد مهدوا الحجورا
|
[كما قد تجىء «الأولى» بمعنى «الّلاء»
كقوله :
فأمّا الأولى
يسكنّ غور تهامة
|
|
فكلّ فتاة
تترك الحجل أقصما]
|
__________________
ومن ، وما ،
وأل ـ تساوى ما ذكر
|
|
وهكذا «ذو»
عند طيّىء شهر
|
وكالّتى ـ أيضا
ـ لديهم ذات ،
|
|
وموضع
اللّاتى أتى ذوات
|
__________________
أشار بقوله : «تساوى
ما ذكر» إلى أنّ «من ، وما» والألف واللام ، تكون بلفظ واحد : للمذكر ، والمؤنث ـ
[المفرد] والمثنى ، والمجموع ـ فتقول : جاءنى من قام ، ومن قامت ، ومن قاما ، ومن
قامتا ، ومن قاموا ، ومن قمن ؛ وأعجبنى ما ركب ، وما ركبت ، وما ركبا ، وما ركبتا
، وما ركبوا ، وما ركبن ؛ وجاءنى القائم ، والقائمة ، والقائمان ، والقائمتان ،
والقائمون ، والقائمات.
وأكثر ما
تستعمل «ما» فى غير العاقل ، وقد تستعمل فى العاقل ، ومنه قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ
مِنَ النِّساءِ مَثْنى) وقولهم : «سبحان ما سخّر كنّ لنا» و «سبحان ما يسبّح
الرّعد بحمده».
و «من» بالعكس
؛ فأكثر ما تستعمل فى العاقل ، وقد تستعمل فى غيره ،
__________________
كقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ
يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ ، يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ) ومنه قول الشاعر :
ـ
بكيت على سرب
القطا إذ مررن بى
|
|
فقلت ومثلى
بالبسكاء جدير :
|
أسرب القطا ،
هل من يعير جناحه
|
|
لعلّى إلى من
قد هويت أطير؟
|
__________________
وأما الألف
واللام فتكون للعاقل ، ولغيره ، نحو «جاءنى القائم ، والمركوب» واختلف فيها ؛ فذهب
قوم إلى أنها اسم موصول ، وهو الصحيح ، وقيل : إنها حرف موصول ، وقيل : إنها حرف
تعريف ، وليست من الموصولية فى شىء.
وأما من وما
غير المصدرية فاسمان اتفاقا ، وأما «ما» المصدرية فالصحيح أنها حرف ، وذهب الأخفش
إلى أنها اسم.
ولغة طيىء
استعمال «ذو» موصولة ، وتكون للعاقل ، ولغيره ، وأشهر لغاتهم فيها أنها تكون بلفظ
واحد : للمذكر ، والمؤنث ، مفردا ، ومثنى ، ومجموعا ؛
__________________
فتقول : «جاءنى ذو
قام ، وذو قامت ، وذو قاما ، وذو قامتا ، وذو قاموا ، وذو قمن» ، ومنهم من يقول فى
المفرد المؤنث : «جاءنى ذات قامت» ، وفى جمع المؤنث : «جاءنى ذوات قمن» وهو المشار
إليه بقوله : «وكالتى أيضا ـ البيت» ومنهم من يثنّيها ويجمعها فيقول : «ذوا ، وذوو»
فى الرفع و «ذوى ، وذوى» فى النصب والجر ، و «ذواتا» فى الرفع ، و «ذواتى» فى الجر
والنصب ، و «ذوات» فى الجمع ، وهى مبنية على الضم ، وحكى الشيخ بهاء الدين ابن
النحاس أن إعرابها كإعراب جمع المؤنث السالم.
والأشهر فى «ذو»
هذه ـ أعنى الموصولة ـ أن تكون مبنية ، ومنهم من يعربها : بالواو رفعا ، وبالألف
نصبا ، وبالياء جرا ؛ فيقول : «جاءنى ذو قام ، ورأيت ذا قام ، ومررت بذى قام»
فتكون مثل «ذى» بمعنى صاحب ، وقد روى قوله :
فإمّا كرام
موسرون لقيتهم
|
|
فحسبى من ذى
عندهم ما كفانيا [٤]
|
__________________
بالياء على
الإعراب ، وبالواو على البناء.
وأما «ذات»
فالفصيح فيها أن تكون مبنية على الضم رفعا ونصبا وجرا ، مثل «ذوات» ، ومنهم من
يعربها إعراب مسلمات : فيرفعها بالضمة ، وينصبها وبجرها بالكسرة .
* * *
ومثل ما «ذا»
بعد ما استفهام
|
|
أو من ، إذا
لم تلغ فى الكلام
|
__________________
يعنى أن «ذا»
اختصّت من بين سائر أسماء الإشارة بأنها تستعمل موصولة ، وتكون مثل «ما» فى أنها
تستعمل بلفظ [واحد] : للمذكر ، والمؤنث ـ مفردا كان ، أو مثنى ، أو مجموعا ـ فتقول
: «من ذا عندك» و «ماذا عندك» سواء كان ما عنده مفردا مذكرا أو غيره.
وشرط استعمالها
موصولة أن تكون مسبوقة بـ «ما» أو «من» الاستفهاميتين ، نحو «من ذا جاءك ، وما ذا
فعلت» فمن : اسم استفهام ، وهو مبتدأ ، و «ذا» موصولة بمعنى الذى ، وهو خبر من ، و
«جاءك» صلة الموصول ، والتقدير «من الذى جاءك»؟ وكذلك «ما» مبتدأ ، و «ذا» موصول [بمعنى
الذى] ، وهو خبر ما ، و «فعلت» صلته ، والعائد محذوف ، تقديره «ماذا فعلته»؟ أى :
ما الذى فعلته.
واحترز بقوله :
«إذا لم تلغ فى الكلام» من أن تجعل «ما» مع «ذا» أو «من» مع «ذا» كلمة واحدة
للاستفهام ، نحو «ماذا عندك؟» أى : أىّ شىء عندك؟ وكذلك «من ذا عندك؟» فماذا :
مبتدأ ، و «عندك» خبره [وكذلك : «من ذا» مبتدأ ، و «عندك» خبره] فذا فى هذين
الموضعين ملغاة ؛ لأنها جزء كلمة ؛ لأن المجموع استفهام.
* * *
وكلّها يلزم
بعده صله
|
|
على ضمير
لائق مشتمله
|
__________________
الموصولات كلها
ـ حرفية كانت ، أو اسمية ـ يلزم أن يقع بعدها صلة تبين معناها.
ويشترط فى صلة
الموصول الاسمىّ أن تشتمل على ضمير لائق بالموصول : إن كان مفردا فمفرد ، وإن كان
مذكرا فمذكر ، وإن كان غيرهما فغيرهما ، نحو «جاءنى الّذى ضربته» وكذلك المثنى
والمجموع ، نحو «جاءنى اللّذان ضربتهما ، والّذين ضربتهم» وكذلك المؤنث ، تقول : «جاءت
الّتى ضربتها ، واللّتان ضربتهما ، واللّاتى ضربتهنّ».
وقد يكون
الموصول لفظه مفردا مذكرا ومعناه مثنى أو مجموعا أو غيرهما ، وذلك نحو «من ، وما»
إذا قصدت بهما غير المفرد المذكر ؛ فيجوز حينئذ مراعاة اللفظ ، ومراعاة المعنى ؛
فتقول : «أعجبنى من قام ، ومن قامت ، ومن قاما ، ومن قامتا ، ومن قاموا ، ومن قمن»
على حسب ما يعنى بهما.
* * *
وجملة أو
شبهها الّذى وصل
|
|
به ، كمن
عندى الّذى ابنه كفل
|
__________________
صلة الموصول لا
تكون إلا جملة أو شبه جملة ، ونعنى بشبه الجملة الظرف والجارّ والمجرور ، وهذا فى
غير صلة الألف والّلام ، وسيأتى حكمها.
ويشترط فى
الجملة الموصول بها ثلاثة شروط ؛ أحدها : أن تكون خبرية ، الثانى : كونها خالية من معنى التعجب ، الثالث : كونها غير مفتقرة إلى كلام
__________________
قبلها ، واحترز بـ «الخبرية» من غيرها ، وهى الطّلبية والإنشائية ؛ فلا
يجوز «جاءنى الّذى اضربه» خلافا للكسائى ، ولا «جاءنى الّذى ليته قائم» خلافا
لهشام ، واحترز بـ «خالية من معنى التعجب» من جملة التعجب ؛ فلا يجوز «جاءنى الّذى
ما أحسنه» وإن قلنا إنها خبرية ، واحترز «بغير مفتقرة إلى كلام قبلها» من نحو : «جاءنى
الّذى لكنّه قائم» ؛ فإن هذه الجملة تستدعى سبق جملة أخرى ، نحو : «ما قعد زيد
لكنّه قائم».
ويشترط فى
الظرف والجار والمجرور أن يكونا تامّين ، والمعنىّ بالتامّ : أن يكون فى الوصل به
فائدة ، نحو : «جاء الّذى عندك ، والّذى فى الدّار» والعامل فيهما فعل محذوف وجوبا
، والتقدير : «جاء الّذى استقرّ عندك» أو «الّذى استقرّ فى الدّار» فإن لم يكونا
تامّين لم يجز الوصل بهما ؛ فلا تقول «جاء الّذى بك» ولا «جاء الّذى اليوم».
* * *
وصفة صريحة
صلة أل
|
|
وكونها بمعرب
الأفعال قلّ
|
__________________
الألف واللام
لا توصل إلا بالصفة الصريحة ، قال المصنف فى بعض كتبه : وأعنى بالصفه الصريحة اسم
الفاعل نحو : «الضارب» واسم المفعول نحو : «المضروب» والصفة المشبهة نحو : «الحسن
الوجه» فخرج نحو : «القرشىّ ، والأفضل» وفى كون الألف واللام الداخلتين على الصفة
المشبهة موصولة خلاف ، وقد اضطرب اختيار الشيخ أبى الحسن بن عصفور فى هذه المسألة
؛ فمرة قال : إنها موصولة ، ومرة منع ذلك .
وقد شذّ وصل
الألف واللام بالفعل المضارع ، وإليه أشار بقوله : «وكونها بمعرب الأفعال قلّ»
ومنه قوله :
__________________
ـ
ما أنت
بالحكم التّرضى حكومته
|
|
ولا الأصيل
ولا ذى الرّأى والجدل
|
__________________
وهذا عند جمهور
البصريين مخصوص بالشعر ، وزعم المصنف ـ فى غير هذا الكتاب ـ أنه لا يختص به ، بل
يجوز فى الاختيار ، وقد جاء وصلها بالجملة الاسمية ، وبالظرف شذوذا ؛ فمن الأول
قوله :
ـ
من القوم
الرّسول الله منهم
|
|
لهم دانت
رقاب بنى معدّ
|
__________________
..................................................................................
__________________
ومن الثانى
قوله :
ـ
من لا يزال
شاكرا على المعه
|
|
فهو حر بعيشة
ذات سعه
|
__________________
أىّ كما ،
وأعربت ما لم تضف
|
|
وصدر وصلها
ضمير انحذف
|
يعنى أن «أيا»
مثل «ما» فى أنها تكون بلفظ واحد : للمذكر ، والمؤنث ـ مفردا كان ، أو مثنى ، أو
مجموعا ـ نحو : «يعجبنى أيّهم هو قائم».
ثم إن «أيا»
لها أربعة أحوال ؛ أحدها : أن تضاف ويذكر صدر صلتها ، نحو : «يعجبنى أيّهم هو قائم»
الثانى : أن لا تضاف ولا يذكر صدر صلتها ، نحو : «يعجبنى أىّ قائم» الثالث : أن لا
تضاف ويذكر صدر صلتها ، نحو : «يعجبنى أىّ هو قائم» وفى هذه الأحوال الثلاثة تكون
معربة بالحركات الثلاث ، نحو : «يعجبنى أيّهم هو قائم ، ورأيت أيّهم هو قائم ،
ومررت بأيّهم هو قائم» وكذلك : «أىّ قائم ، وأيّا قائم ، وأىّ قائم» وكذا ، «أىّ
__________________
هو قائم ، وأيا هو قائم ، وأىّ هو قائم» الرابع ، أن تضاف ويحذف صدر الصلة
، نحو : «يعجبنى أيّهم قائم» ففى هذه الحالة تبنى على الضم ؛ فتقول : «يعجبنى
أيّهم قائم ، ورأيت أيّهم قائم ، ومررت يأيّهم قائم» وعليه قوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ
أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) وقول الشاعر :
ـ
إذا ما لقيت
بنى مالك
|
|
فسلّم على
أيّهم أفضل
|
__________________
وهذا مستفاد من
قوله : «وأعربت ما لم تضف ـ إلى آخر البيت» أى : وأعربت أىّ إذا لم تضف فى حالة
حذف صدر الصلة ؛ فدخل فى هذه الأحوال الثلاثة السابقة ، وهى ما إذا أضيفت وذكر صدر
الصلة ، أو لم تضف ولم يذكر صدر الصلة ، أو لم تضف وذكر صدر الصلة ، وخرج الحالة
الرابعة ، وهى : ما إذا أضيفت وحذف صدر الصلة ، فإنها لا تعرب حينئذ.
* * *
وبعضهم أعرب
مطلقا ، وفى
|
|
ذا الحذف
أيّا غير أىّ يقتفى
|
إن يستطل وصل
، وإن لم يستطل
|
|
فالحذف نزر ،
وأبوا أن يختزل
|
__________________
إن صلح
الباقى لوصل مكمل
|
|
والحذف عندهم
كثير منجلى
|
فى عائد
متّصل إن انتصب
|
|
بفعل ، أو
وصف : كمن نرجو يهب
|
يعنى أن بعض
العرب أعرب «أيا» مطلقا ، أى : وإن أضيفت وحذف
__________________
صدر صلتها ؛ فيقول : «يعجبنى أيّهم قائم ، ورأيت أيّهم قائم ، ومررت بأيّهم
قائم» وقد قرىء (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ
مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ) بالنصب ، وروى* فسلم على أيّهم أفضل* [٣٣] بالجر.
* * *
وأشار بقوله : «وفى
ذا الحذف ـ إلى آخره» إلى المواضع التى يحذف فيها العائد على الموصول ، وهو : إما
أن يكون مرفوعا ، أو غيره ؛ فإن كان مرفوعا لم يحذف ، إلا إذا كان مبتدأ وخبره
مفرد [نحو (وَهُوَ الَّذِي فِي
السَّماءِ إِلهٌ) وأيّهم أشدّ] ؛ فلا تقول : «جاءنى اللّذان قام» ولا «اللذان
ضرب» ؛ لرفع الأول بالفاعليّة والثانى بالنيابة ، بل يقال : «قاما ، وضربا» وأما
المبتدأ فيحذف مع «أى» وإن لم تطل الصلة ، كما تقدم من قولك : «يعجبنى أيّهم قائم»
ونحوه ، ولا يحذف صدر الصلة مع غير «أى» إلا إذا طالت الصلة ، نحو «جاء الذى هو
ضارب زيدا» فيجوز حذف «هو» فتقول «جاء الذى ضارب زيدا» ومنه قولهم «ما أنا بالذى
قائل لك سوءا» التقدير «بالذى هو قائل لك سوءا» فإن لم تطل الصلة فالحذف قليل ،
وأجازه الكوفيون قياسا ، نحو «جاء الذى قائم» التقدير «جاء الذى هو قائم» ومنه
قوله تعالى : (تَماماً عَلَى
الَّذِي أَحْسَنَ) فى قراءة الرفع ، والتقدير «هو أحسن» .
__________________
وقد جوزوا فى «لا
سيّما زيد» إذا رفع زيد : أن تكون «ما» موصولة ، وزيد : خبرا لمبتدأ محذوف ،
والتقدير «لاسىّ الذى هو زيد» فحذف العائد الذى هو المبتدأ ـ وهو قولك هو ـ وجوبا
؛ فهذا موضع حذف فيه صدر الصلة مع غير «أى» وجوبا ولم تطل الصلة ، وهو مقيس وليس
بشاذ .
__________________
..................................................................................
__________________
وأشار بقوله «وأبوا
أن يختزل* إن صلح الباقى لوصل مكمل» إلى أن شرط حذف صدر الصلة أن لا يكون ما بعده
صالحا لأن يكون صلة ، كما إذا وقع بعده جملة ، نحو «جاء الذى هو أبوه منطلق» ، أو «هو
ينطلق» أو ظرف ، أو جار ومجرور ، تامّان ، نحو «جاء الّذى هو عندك» أو «هو فى
الدّار» ؛ فإنه لا يجوز فى هذه المواضع حذف صدر الصّلة ؛ فلا تقول «جاء الّذى أبوه
منطلق» تعنى «الذى هو أبوه منطلق» ؛ لأن الكلام يتمّ دونه ، فلا يدرى أحذف منه شىء
أم لا؟ وكذا بقية الأمثلة المذكورة ، ولا فرق فى ذلك بين «أى» وغيرها ؛ فلا تقول
فى «يعجبنى أيّهم هو يقوم» : «يعجبنى أيّهم يقوم» لأنه لا يعلم الحذف ، ولا يختص
هذا الحكم بالضمير إذا كان مبتدأ ، بل الضابط أنه متى احتمل الكلام الحذف وعدمه لم
يجز حذف العائد ، وذلك كما إذا كان فى الصلة ضمير ـ غير ذلك الضمير المحذوف ـ صالح
لعوده على الموصول ، نحو «جاء الذى ضربته فى داره» ؛ فلا يجوز حذف الهاء من ضربته
؛ فلا تقول : «جاء الذى ضربت فى داره» لأنه لا يعلم المحذوف.
وبهذا يظهر لك
ما فى كلام المصنف من الإيهام ؛ فإنه لم يبيّن أنه متى صلح ما بعد الضمير لأن يكون
صلة لا يحذف ، سواء أكان الضمير مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا ، وسواء أكان الموصول
أيّا أم غيرها ، بل ربما يشعر ظاهر كلامه بأن الحكم مخصوص بالضمير المرفوع ، وبغير
أى من الموصولات ؛ لأن كلامه فى ذلك ، والأمر ليس كذلك ، بل لا يحذّف مع «أى» ولا
مع غيرها متى صلح ما بعدها لأن يكون صلة كما تقدم ، نحو «جاء الذى هو أبوه منطلق ،
ويعجبنى أيّهم هو أبوه منطلق» وكذلك المنصوب والمجرور ، نحو «جاءنى الذى ضربته فى
داره ، ومررت بالذى مررت به فى داره» ، و «يعجبنى أيّهم ضربته فى داره ، ومررت
بأبيهم مررت به فى داره».
* * *
وأشار بقوله : «والحذف
عندهم كثير منجلى ـ إلى آخره» إلى العائد لمنصوب.
وشرط جواز حذفه
أن يكون : متصلا ، منصوبا ، بفعل تام أو بوصف ، نحو «جاء الّذى ضربته ، والّذى أنا
معطيكه درهم».
فيجوز حذف
الهاء من «ضربته» فتقول «جاء الذى ضربت» ومنه قوله تعالى : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) وقوله تعالى : (أَهذَا الَّذِي
بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) التقدير «خلقته ، وبعثه» .
وكذلك يجوز حذف
الهاء من «معطيكه» ؛ فتقول «الذى أنا معطيك درهم» ومنه قوله :
ـ
ما الله
موليك فضل فاحمدنه به
|
|
فما لدى غيره
نفع ولا ضرر
|
تقديره : الذى
الله موليكه فضل ، فحذفت الهاء.
__________________
..................................................................................
__________________
وكلام المصنف
يقتضى أنه كثير ، وليس كذلك ؛ بل الكثير حذفه من الفعل المذكور ، وأما [مع] الوصف
فالحذف منه قليل.
فإن كان الضمير
منفصلا لم يجز الحذف ، نحو «جاء الذى إيّاه ضربت» فلا يجوز حذف
«إياه» وكذلك يمتنع الحذف إن كان متصلا منصوبا بغير فعل أو وصف ـ وهو الحرف ـ ـ نحو
«جاء الذى إنّه منطلق» فلا يجوز حذف
__________________
الهاء ، وكذلك يمتنع الحذف إذا كان منصوبا [متصلا] بفعل ناقص
، نحو «جاء الذى كانه زيد».
* * *
كذاك حذف ما
بوصف خفضا
|
|
كأنت قاض بعد
أمر من قضى
|
كذا الّذى
جرّ بما الموصول جر
|
|
ك «مرّ
بالّذى مررت فهو بر»
|
__________________
لما فرغ من
الكلام على الضمير المرفوع والمنصوب شرع فى الكلام على المجرور ، وهو إما أن يكون
مجرورا بالإضافة ، أو بالحرف.
فإن كان مجرورا
بالإضافة لم يحذف ، إلا إذا كان مجرورا بإضافة اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال
، نحو «جاء الذى أنا ضاربه : الآن ، أو غدا» ؛ فتقول : جاء الذى أنا ضارب ، بحذف
الهاء.
وإن كان مجرورا
بغير ذلك لم يحذف ، نحو «جاء الذى أنا غلامه ، أو أنا مضروبه ، أو أنا ضاربه أمس»
وأشار بقوله : «كأنت قاض» إلى قوله تعالى : (فَاقْضِ ما أَنْتَ
قاضٍ) التقدير «ما أنت قاضيه» فحذفت الهاء ، وكأنّ المصنف
استغنى بالمثال عن أن يقيّد الوصف بكونه اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال.
وإن كان مجرورا
بحرف فلا يحذف إلا إن دخل على الموصول حرف مثله : لفظا ومعنى ، واتفق العامل فيهما
مادة ، نحو : «مررت بالذى مررت به ، أو أنت مارّ به» فيجوز حذف الهاء ؛ فتقول : «مررت
بالذى مررت» قال الله تعالى : (وَيَشْرَبُ مِمَّا
تَشْرَبُونَ) أى : منه ، وتقول : «مررت بالذى أنت مارّ» أى به ، ومنه
قوله :
__________________
ـ
وقد كنت تخفى
حبّ سمراء حقبة
|
|
فبح لان منها
بالّذى أنت بائح
|
أى : أنت بائح
به.
__________________
فإن اختلف
الحرفان لم يجز الحذف ، نحو : «مررت بالّذى غضبت عليه» فلا يجوز حذف «عليه» وكذلك «مررت
بالذى مررت به على زيد» فلا يجوز حذف «به» منه ؛ لاختلاف معنى الحرفين ؛ لأن الباء
الداخلة على الموصول للالصاق ، والداخلة على الضمير للسببية ، وإن اختلف العاملان
لم يجز الحذف أيضا ، نحو : «مررت بالّذى فرحت به» فلا يجوز حذف «به».
وهذا كله هو
المشار إليه بقوله : «كذا الذى جرّ بما الموصول جرّ» أى كذلك يحذف الضمير الذى جرّ
بمثل ما جرّ الموصول به ، نحو : «مررت
__________________
بالّذى مررت فهو بر» أى : «بالذى مررت به» فاستغنى بالمثال عن ذكر بقية
الشروط التى سبق ذكرها.
* * *
__________________
المعرّف بأداة التّعريف
أل حرف تعريف
، أو اللّام فقط ،
|
|
فنمط عرّفت
قل فيه : «النّمط»
|
اختلف النحويون
فى حرف التعريف فى «الرجل» ونحوه ؛ فقال الخليل المعرّف هو «أل» ، وقال سيبويه :
هو اللام وحدها ؛ فالهمزة عند الخليل همزة قطع ، وعند سيبويه همزة وصل اجتلبت
للنطق بالساكن .
__________________
والألف واللام
المعرّفة تكون للعهد ، كقولك : «لقيت رجلا فأكرمت الرّجل» وقوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ
رَسُولاً ، فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) ولاستغراق الجنس ، نحو : (إِنَّ الْإِنْسانَ
لَفِي خُسْرٍ) وعلامتها أن يصلح موضعها «كلّ» ولتعريف الحقيقة ، نحو :
«الرّجل خير من المرأة» أى : هذه الحقيقة خير من هذه الحقيقة.
و «النمط» ضرب
من البسط ، والجمع أنماط ـ مثل سبب وأسباب ـ والنّمط ـ أيضا ـ الجماعة من الناس
الذين أمرهم واحد ، كذا فاله الجوهرى.
* * *
وقد تزاد
لازما : كالّلات ،
|
|
والآن ،
والّذين ، ثمّ الّلات
|
ولاضطرار :
كبنات الأوبر
|
|
كذا ، «وطبت
النّفس يا قيس» السّرى
|
__________________
ذكر المصنف فى
هذين البيتين أن الألف واللام تأتى زائدة ، وهى ـ فى زيادتها ـ على قسمين : لازمة
، وغير لازمة.
ثم مثّل
الزائدة اللازمة بـ «اللات» وهو اسم صنم كان بمكة ، وب «الآن» وهو ظرف زمان مبنى
على الفتح ، واختلف فى الألف واللام الداخلة عليه ؛
__________________
فذهب قوم إلى أنها لتعريف الحضور كما فى قولك : «مررت بهذا الرّجل» ؛ لأن
قولك : «الآن «بمعنى هذا الوقت ، وعلى هذا لا تكون زائدة ، وذهب قوم ـ منهم المصنف
ـ إلى أنها زائدة ، وهو مبنىّ لتضمنه معنى الحرف ، وهو لام الحضور.
ومثّل ـ أيضا ـ
بـ «الذين» ، و «اللّات» والمراد بهما ما دخل عليه «أل» من الموصولات ، وهو مبنى
على أنّ تعريف الموصول بالصّلة ؛ فتكون الألف واللام زائدة ، وهو مذهب قوم ،
واختاره المصنف ، وذهب قوم إلى أن تعريف الموصول بـ «أل» إن كانت فيه نحو : «الذى»
فإن لم تكن فيه فبنيّتها نحو : «من ، وما» إلا «أيّا» فإنها تتعرف بالإضافة ؛ فعلى
هذا المذهب لا تكون الألف واللام زائدة ، وأما حذفها فى قراءة من قرأ : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) فلا يدلّ على أنها زائدة ؛ إذ يحتمل أن تكون حذفت شذوذا
وإن كانت معرّفة ، كما حذفت من قولهم : «سلام عليكم» من غير تنوين ـ يريدون «السّلام
عليكم».
وأما الزائدة
غير اللازمة فهى الداخلة ـ اضطرارا ـ على العلم ، كقولهم فى «بنات أوبر» علم لضرب
من الكمأة «بنات الأوبر» ومنه قوله :
__________________
ـ
ولقد جنيتك
أكمؤا وعساقلا
|
|
ولقد نهيتك
عن بنات الأوبر
|
__________________
والأصل «بنات
أوبر» فزيدت الألف واللام ، وزعم المبرّد أن «بنات أوبر» ليس بعلم ؛ فالألف واللام
ـ عنده ـ غير زائدة.
ومنه الداخلة
اضطرارا على التمييز ، كقوله :
ـ
رأيتك لمّا
أن عرفت وجوهنا
|
|
صددت ، وطبت
النّفس يا قيس عن عمرو
|
__________________
والأصل «وطبت
نفسا» فزاد الألف واللام ، وهذا بناء على أن التمييز لا يكون إلا نكرة ، وهو مذهب
البصريين ، وذهب الكوفيون إلى جواز كونه معرفة ؛ فالألف واللام عندهم غير زائدة.
وإلى هذين
البيتين اللذين أنشدناهما أشار المصنف بقوله : «كبنات الأوبر» ، وقوله : «وطبت
النفس يا قيس السرى».
* * *
وبعض الاعلام
عليه دخلا
|
|
للمح ما قد
كان عنه نقلا
|
__________________
كالفضل ،
والحارث ، والنّعمان ؛
|
|
فذكر ذا
وحذفه سيّان
|
ذكر المصنف ـ فيما
تقدم ـ أن الألف واللام تكون معرّفة ، وتكون زائدة ، وقد تقدم الكلام عليهما ، ثم
ذكر فى هذين البيتين أنها تكون للمح الصّفة ، والمراد بها الداخلة على ما سمّى به
من الأعلام المنقولة ، مما يصلح دخول «أل» عليه ، كقولك فى «حسن» : «الحسن» وأكثر
ما تدخل على المنقول من صفة ، كقولك فى «حارث» : «الحارث» وقد تدخل على المنقول من
مصدر ، كقولك فى «فضل» : «الفضل» وعلى المنقول من اسم جنس غير مصدر ، كقولك فى «نعمان»
: «النّعمان» وهو فى الأصل من أسماء الدم ؛ فيجوز دخول «أل» فى هذه الثلاثة نظرا إلى الأصل ،
وحذفها نظرا إلى الحال.
وأشار بقوله «للمح
ما قد كان عنه نقلا» إلى أن فائدة دخول الألف واللام الدلالة على الالتفات إلى ما
نقلت عنه من صفة ، أو ما فى معناها.
__________________
وحاصله : أنك
إذا أردت بالمنقول من صفة ونحوه أنه إنما سمى به تفاؤلا بمعناه أتيت بالألف واللام
للدلالة على ذلك ، كقولك : «الحارث» نظرا إلى أنه إنما سمى به للتفاؤل ، وهو أنه
يعيش ويحرث ، وكذا كلّ ما دل على معنى ونحوهما يوصف به فى الجملة ، كفضل ونحوه ،
وإن لم تنظر إلى هذا ونظرت إلى كونه علما لم تدخل الألف واللام ، بل تقول : فضل ،
وحارث ، ونعمان ؛ فدخول الألف واللام أفاد معنى لا يستفاد بدونهما ؛ فليستا
بزائدتين ، خلافا لمن زعم ذلك ، وكذلك أيضا ليس حذفهما وإثباتهما على السواء كما
هو ظاهر كلام المصنف ، بل الحذف والإثبات ينزّل على الحالتين اللتين سبق ذكرهما ،
وهو أنه إذا لمح الأصل جىء بالألف واللام ، وإن لم يلمح لم يؤت بهما.
* * *
وقد يصير
علما بالغلبه
|
|
مضاف أو
مصحوب أل كالعقبه
|
وحذف أل ذى ـ
إن تناد أو تضف ـ
|
|
أوجب ، وفى
غيرهما قد تنحذف
|
__________________
من أقسام الألف
واللام أنها تكون للغلبة ، نحو : «المدينة» ، و «الكتاب» ؛ فإنّ حقهما الصّدق على
كل مدينة وكل كتاب ، لكن غلبت «المدينة» على مدينة الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، و
«الكتاب» على كتاب سيبويه رحمه الله تعالى ، حتى إنهما إذا أطلقا لم يتبادر إلى
الفهم غيرهما.
وحكم هذه الألف
واللام أنها لا تحذف إلا فى النداء أو الإضافة ، نحو «يا صعق» فى الصّعق ، و «هذه مدينة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم».
وقد تحذف فى
غيرهما شذوذا ، سمع من كلامهم : «هذا عيّوق طالعا» (٢) ، والأصل العيّوق ، وهو اسم نجم.
وقد يكون العلم
بالغلبة أيضا مضافا : كابن عمر ، وابن عبّاس ، وابن مسعود ؛
__________________
فإنه غلب على العبادلة دون غيرهم من أولادهم ، وإن كان حقّه الصّدق عليهم ،
لكن غلب على هؤلاء ، حتى إنه إذا أطلق «ابن عمر» لا يفهم منه غير عبد الله ، وكذا «ابن
عباس» و «ابن مسعود» رضى الله عنهم أجمعين ؛ وهذه الإضافة لا تفارقه ، لا فى نداء
، ولا فى غيره ، نحو : «يا ابن عمر».
__________________
الابتداء
مبتدأ زيد ،
وعاذر خبر ،
|
|
إن قلت «زيد
عاذر من اعتذر»
|
وأوّل مبتدأ
، والثّانى
|
|
فاعل اغنى فى
«أسار ذان»
|
وقس ،
وكاستفهام النّفى ، وقد
|
|
يجوز نحو «فائز
أولو الرّشد»
|
__________________
ذكر المصنف أن
المبتدأ على قسمين : مبتدأ له خبر ، ومبتدأ له فاعل سدّ مسدّ الخبر ؛ فمثال الأوّل
«زيد عاذر من اعتذر» والمراد به : ما لم يكن المبتدأ فيه وصفا مشتملا على ما يذكر
فى القسم الثانى ؛ فزيد : مبتدأ ، وعاذر : خبره ، ومن اعتذر : مفعول لعاذر ، ومثال
الثانى «أسار ذان» فالهمزة : للاستفهام ، وسار : مبتدأ ، وذان : فاعل سدّ مسدّ
الخبر ، ويقاس على هذا ما كان مثله ، وهو : كل وصف اعتمد على استفهام ، أو نفى ـ نحو
: أقائم الزّيدان ، وما قائم الزّيدان ـ فإن لم يعتمد الوصف لم يكن مبتدأ ، وهذا
مذهب البصريين إلا الأخفش ـ ورفع فاعلا ظاهرا ، كما مثل ، أو ضميرا منفصلا ، نحو : «أقائم
أنتما» وتم الكلام به ؛ فإن لم يتم به [الكلام] لم يكن مبتدأ ، نحو : «أقائم
أبواه زيد» فزيد : مبتدأ مؤخر ، وقائم : خبر مقدم ، وأبواه : فاعل بقائم ، ولا
يجوز أن يكون «قائم» مبتدأ ؛ لأنه لا يستغنى بفاعله حينئذ ؛ إذ لا يقال «أقائم
أبواه» فيتمّ الكلام ، وكذلك لا يجوز أن يكون الوصف مبتدأ إذا رفع ضميرا مستترا ؛
فلا يقال فى «ما زيد قائم ولا قاعد» : إن «قاعدا» مبتدأ ، والضمير المستتر فيه
فاعل أغنى عن الخبر ؛ لأنه ليس بمنفصل ، على أن فى المسأله خلافا ، ولا فرق بين أن يكون الاستفهام بالحرف ، كما مثل ،
__________________
أو بالاسم كقولك : كيف جالس العمران ؟ وكذلك لا فرق بين أن يكون النفى بالحرف ، كما مثّل ،
أو بالفعل كقولك : «ليس قائم الزّيدان» فليس : فعل ماض [ناقص] ، وقائم : اسمه ،
والزيدان : فاعل سدّ مسدّ خبر ليس ، وتقول : غير قائم الزّيدان» فغير : مبتدأ ،
وقائم : مخفوض بالإضافة ، والزيدان : فاعل بقائم سدّ مسدّ خبر غير ؛ لأن المعنى ما
قائم الزّيدان ، فعومل «غير قائم» معاملة «ما قائم» ومنه قوله :
ـ
غير لاه عداك
؛ فاطّرح اللهو ،
|
|
ولا تغترر
بعارض سلم
|
__________________
فغير : مبتدأ ،
ولاه : مخفوض بالإضافة ، وعداك : فاعل بلاه سدّ مسدّ خبر غير ، ومثله قوله :
ـ
غير مأسوف
على زمن
|
|
ينقضى بالهمّ
والحزن
|
__________________
فغير : مبتدأ ،
ومأسوف : مخفوض بالإضافة ، وعلى زمن : جار ومجرور فى موضع رفع بمأسوف لنيابته مناب
الفاعل ، وقد سدّ مسدّ خبر غير.
وقد سأل أبو
الفتح بن جنى ولده عن إعراب هذا البيت ؛ فارتبك فى إعرابه.
ومذهب البصريين
ـ إلا الأخفش ـ أن هذا الوصف لا يكون مبتدأ إلا إذا اعتمد على نفى أو استفهام ، وذهب الأخفش والكوفيون إلى عدم اشتراط
__________________
ذلك ؛ فأجازوا «قائم الزّيدان» فقائم : مبتدأ ، والزيدان : فاعل سدّ مسدّ
الخبر.
__________________
وإلى هذا أشار
المصنف بقوله : «وقد يجوز نحو : فائر أولو الرّشد» أى : وقد يجوز استعمال هذا
الوصف مبتدأ من غير أن يسبقه نفى أو استفهام.
وزعم المصنف أن
سيبويه يجيز ذلك على ضعف ، ومما ورد منه قوله :
ـ
فخير نحن عند
النّاس منكم
|
|
إذا الدّاعى
المثوّب قال : يالا
|
__________________
فخير : مبتدأ ،
ونحن : فاعل سدّ مسدّ الخبر ، ولم يسبق «خير» نفى ولا استفهام ، وجعل من هذا قوله
:
ـ
خبير بنو لهب
؛ فلا تك ملغيا
|
|
مقالة لهبىّ
إذا الطّير مرّت
|
فخبير : مبتدأ
، وبنو لهب : فاعل سدّ مسدّ الخبر.
* * *
__________________
والثّان
مبتدا ، وذا الوصف خبر
|
|
إن فى سوى
الإفراد طبقا استقرّ
|
__________________
الوصف مع
الفاعل : إما أن يتطابقا إفرادا أو تثنبة أو جمعا ، أو لا يتطابقا ، وهو قسمان :
ممنوع ، وجائز.
فإن تطابقا
إفرادا ـ نحو «أقائم زيد» ـ جاز فيه وجهان ؛ أحدهما : أن
__________________
يكون الوصف مبتدأ ، وما بعده فاعل سدّ مسدّ الخبر ، والثانى : أن يكون ما
بعده مبتدأ مؤخرا ، ويكون الوصف خبرا مقدما ، ومنه قوله تعالى : (أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ
آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ) فيجوز أن يكون «أراغب» مبتدأ ، و «أنت» فاعل سدّ مسدّ
الخبر ، ويحتمل أن يكون «أنت» مبتدأ مؤخرا ، و «أراغب» خبرا مقدما.
والأول ـ فى
هذه الآية ـ أولى ؛ لأن قوله : «عن آلهتى» معمول لـ «راغب» ؛ فلا يلزم فى الوجه
الأول الفصل بين العامل والمعمول بأجنبى ؛ لأن «أنت» على هذا التقدير فاعل لـ «راغب»
؛ فليس بأجنبى منه ، وأما على الوجه الثانى فيلزم [فيه] الفصل بين العامل والمعمول
بأجنبى ؛ لأن «أنت» أجنبى من «راغب» على هذا التقدير ؛ لأنه مبتدأ ؛ فليس لـ «راغب»
عمل فيه ؛ لأنه خبر ، والخبر لا يعمل فى المبتدأ على الصحيح.
وإن تطابقا
تثنية نحو «أقائمان الزيدان» أو جمعا نحو «أقائمون الزيدون» فما بعد الوصف مبتدأ ،
والوصف خبر مقدم ، وهذا معنى قول المصنف : «والثّان مبتدا وذا الوصف خبر ـ إلى آخر
البيت» أى : والثانى ـ وهو ما بعد الوصف ـ مبتدأ ، والوصف خبر عنه مقدّم عليه ، إن
تطابقا فى غير الإفراد
__________________
ـ وهو التثنية والجمع ـ هذا على المشهور من لغة العرب ، ويجوز على لغة «أكلونى
البراغيث» أن يكون الوصف مبتدأ ، وما بعده فاعل أغنى عن الخبر.
وإن لم يتطابقا
ـ وهو قسمان : ممتنع ، وجائز ، كما تقدم ـ فمثال الممتنع «أقائمان زيد» و «أقائمون
زيد» فهذا التركيب غير صحيح ، ومثال الجائز «أقائم الزيدان» و «أقائم الزيدون»
وحينئذ يتعين أن يكون الوصف مبتدأ ، وما بعده فاعل سدّ مسدّ الخبر .
* * *
__________________
ورفعوا مبتدأ
بالابتدا
|
|
كذاك رفع خبر
بالمبتدا
|
مذهب سيبويه
وجمهور البصريين أن المبتدأ مرفوع بالابتداء ، وأن الخبر مرفوع بالمبتدأ.
__________________
فالعامل فى
المبتدأ معنوىّ ـ وهو كون الاسم مجرّدا عن العوامل اللفظية غير الزائدة ، وما
أشبهها ـ واحترز بغير الزائدة من مثل «بحسبك درهم» فيحسبك : مبتدأ ، وهو مجرد عن
العوامل اللفظية غير الزائدة ، ولم يتجرد عن الزائدة ؛ فإن الباء الداخلة عليه
زائدة ؛ واحترز «بشبهها» من مثل «ربّ رجل قائم» فرجل : مبتدأ ، وقائم : خبره ؛
ويدلّ على ذلك رفع المعطوف عليه ، نحو «ربّ رجل قائم وامرأة».
والعامل فى
الخبر لفظى ، وهو المبتدأ ، وهذا هو مذهب سيبويه رحمه الله!.
وذهب قوم إلى
أن العامل فى المبتدأ والخبر الابتداء ؛ فالعامل فيهما معنوىّ.
وقيل : المبتدأ
مرفوع بالابتداء ، والخبر مرفوع بالابتداء والمبتدإ.
وقيل : ترافعا
، ومعناه أنّ الخبر رفع المبتدأ ، وأن المبتدأ رفع الخبر.
وأعدل هذه
المذاهب مذهب سيبويه [وهو الأول] ، وهذا الخلاف [مما] لا طائل فيه.
* * *
والخبر :
الجزء المتمّ الفائده ،
|
|
كالله برّ ،
والأيادى شاهده
|
عرّف المصنف
الخبر بأنه الجزء المكمل للفائدة ، ويرد عليه الفاعل ، نحو «قام زيد» فإنه يصدق
على زيد أنه الجزء المتمّ للفائدة ، وقيل فى تعريفه : إنه الجزء المنتظم منه مع
المبتدأ جملة ، ولا يرد الفاعل على هذا التعريف ؛ لأنه لا ينتظم منه مع المبتدأ
جملة ، بل ينتظم منه مع الفعل جملة ، وخلاصة هذا أنه
__________________
عرّف الخبر بما يوجد فيه وفى غيره ، والتعريف ينبغى أن يكون مختصّا
بالمعرّف دون غيره.
* * *
ومفردا يأتى
، ويأتى جمله
|
|
حاوية معنى
الّذى سيقت له
|
وإن تكن
إيّاه معنى اكتفى
|
|
بها : كنطقى
الله حسبى وكفى
|
ينقسم الخبر
إلى : مفرد ، وجملة ، وسيأتى الكلام على المفرد.
فأمّا الجملة
فإما أن تكون هى المبتدأ فى المعنى أو لا.
__________________
فإن لم تكن هى
المبتدأ فى المعنى فلا بدّ فيها من رابط يربطها بالمبتدأ ، وهذا معنى قوله : «حاوية معنى الّذى سيقت له» والرابط
: (١) إما ضمير يرجع إلى المبتدأ ، نحو «زيد قام أبوه» وقد يكون الضمير مقدّرا ،
نحو «السّمن منوان بدرهم» التقدير : منوان منه بدرهم (٢) أو إشارة إلى المبتدأ ،
__________________
كقوله تعالى : (وَلِباسُ التَّقْوى
ذلِكَ خَيْرٌ) فى قراءة من رفع اللباس (٣) أو تكرار المبتدأ بلفظه ،
وأكثر ما يكون فى مواضع التفخيم كقوله تعالى : (الْحَاقَّةُ مَا
الْحَاقَّةُ) و (الْقارِعَةُ مَا
الْقارِعَةُ) وقد يستعمل فى غيرها ، كقولك : «زيد ما زيد» (٤) أو
عموم يدخل تحته المبتدأ ، نحو «زيد نعم الرّجل».
وإن كانت
الجملة الواقعة خبرا هى المبتدأ فى المعنى لم تحتج إلى رابط ، وهذا معنى قوله : «وإن
تكن ـ إلى آخر البيت» أى : وإن تكن الجملة إياه ـ أى المبتدأ ـ فى المعنى اكتفى
بها عن الرابط ، كقولك : «نطقى الله حسبى» ؛ فنطقى : مبتدأ [أوّل] ، والاسم الكريم
: مبتدأ ثان ، وحسبى : خبر عن المبتدإ الثانى ، والمبتدأ الثانى وخبره خبر عن
المبتدإ الأول ، واستغنى عن الرّابط ؛ لأن قولك «الله حسبى» هو معنى «نطقى» وكذلك «قولى
لا إله إلّا الله».
* * *
__________________
والمفرد
الجامد فارغ ، وإن
|
|
يشتقّ فهو ذو
ضمير مستكنّ
|
تقدم الكلام فى
الخبر إذا كان جملة ، وأما المفرد : فإما أن يكون جامدا ، أو مشتقّا.
فإن كان جامدا
فذكر المصنف أنه يكون فارغا من الضمير ، نحو «زيد أخوك» وذهب الكسائىّ والرّمّانىّ
وجماعة إلى أنه يتحمل الضمير ، والتقدير عندهم : «زيد أخوك هو» وأما البصريون
فقالوا : إما أن يكون الجامد متضمنا معنى المشتق ، أو لا ؛ فإن تضمّن معناه نحو «زيد
أسد» ـ أى شجاع ـ تحمّل الضمير ، وإن لم يتضمن معناه لم يتحمل الضمير كما مثّل.
وإن كان مشتقّا
فذكر المصنف أنه يتحمل الضمير ، نحو «زيد قائم» أى : هو ، هذا إذا لم يرفع ظاهرا.
__________________
وهذا الحكم
إنما هو للمشتق الجارى مجرى الفعل : كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبّهة
، واسم التفضيل ؛ فأما ما ليس جاريا مجرى الفعل من المشتقات فلا يتحمل ضميرا ،
وذلك كأسماء الآلة ، نحو «مفتاح» فإنه مشتق من «الفتح» ولا يتحمل ضميرا ؛ فإذا قلت
: «هذا مفتاح» لم يكن فيه ضمير ، وكذلك ما كان على صيغة مفعل وقصد به الزمان أو
المكان كـ «مرمى» فإنه مشتق من «الرّمى» ولا يتحمل ضميرا ؛ فإذا قلت «هذا مرمى زيد»
تريد مكان رميه أو زمان رميه كان الخبر مشتقّا ولا ضمير فيه.
وإنما يتحمل
المشتق الجارى مجرى الفعل الضمير إذا لم يرفع ظاهرا ؛ فإن رفعه لم يتحمل ضميرا ،
وذلك نحو «زيد قائم غلاماه» فغلاماه : مرفوع بقائم ؛ فلا يتحمل ضميرا.
وحاصل ما ذكر :
أن الجامد يتحمل الضمير مطلقا عند الكوفيين ، ولا يتحمل ضميرا عند البصريين ، إلا
إن أوّل بمشتق ، وأن المشتق إنما يتحمل الضمير إذا لم يرفع ظاهرا وكان جاريا مجرى
الفعل ، نحو : «زيد منطلق» أى : هو ، فإن لم يكن جاريا مجرى الفعل لم يتحمّل شيئا
، نحو : «هذا مفتاح» ، و «هذا مرمى زيد».
* * *
وأبرزنه
مطلقا حيث تلا
|
|
ما ليس معناه
له محصّلا
|
__________________
إذا جرى الخبر
المشتق على من هو له استتر الضمير فيه ، نحو : «زيد قائم» أى هو ، فلو أتيت بعد
المشتق بـ «هو» ونحوه وأبرزته فقلت : «زيد قائم هو» فقد جوّز سيبويه فيه وجهين ؛
أحدهما : أن يكون «هو» تأكيدا للضمير المستتر فى «قائم» والثانى أن يكون فاعلا بـ «قائم».
هذا إذا جرى على من هو له.
فإن جرى على
غير من هو له ـ وهو المراد بهذا البيت ـ وجب إبراز الضمير ، سواء أمن اللبس ، أو
لم يؤمن ؛ فمثال ما أمن فيه اللبس : «زيد هند ضاربها هو» ومثال ما لم يؤمن فيه
الّلبس لو لا الضمير «زيد عمرو ضاربه هو» فيجب إبراز الضمير فى الموضعين عند
البصريين ، وهذا معنى قوله : «وأبرزنه مطلقا» أى سواء أمن اللبس ، أو لم يؤمن.
وأما الكوفيون
فقالوا : إن أمن اللبس جاز الأمران كالمثال الأول ـ وهو :
__________________
«زيد هند ضاربها هو» ـ فإن شئت أتيت بـ «هو» وإن شئت لم تأت به ، وإن خيف اللبس
وجب الإبراز كالمثال الثانى ؛ فإنك لو لم تأت بالضمير فقلت : «زيد عمرو ضاربه»
لاحتمل أن يكون فاعل الضرب زيدا ، وأن يكون عمرا ، فلما أتيت بالضمير فقلت : «زيد
عمرو ضاربه هو» تعين أن يكون «زيد» هو الفاعل.
واختار المصنف
فى هذا الكتاب مذهب البصريين ، ولهذا قال : «وأبرزنه مطلقا» يعنى سواء خيف اللبس ،
أو لم يخف ، واختار فى غير هذا الكتاب مذهب الكوفيين ، وقد ورد السماع بمذهبهم ؛
فمن ذلك قول الشاعر :
ـ
قومى ذرا
المجد بانوها وقد علمت
|
|
بكنه ذلك
عدنان وقحطان
|
التقدير :
بانوها هم ؛ فحذف الضمير لأمن اللبس.
* * *
__________________
وأخبروا بظرف
أو بحرف جر
|
|
ناوين معنى «كائن»
أو «استقر»
|
__________________
تقدم أن الخبر
يكون مفردا ، ويكون جملة ، وذكر المصنف فى هذا البيت أنه يكون ظرفا أو [جارّا و]
مجرورا ، نحو : «زيد عندك» ، و «زيد فى الدّار» فكل منهما
متعلّق بمحذوف واجب الحذف ، وأجاز قوم ـ منهم
__________________
المصنف ـ أن يكون ذلك المحذوف اسما أو فعلا نحو : «كائن» أو «استقرّ» فإن
قدرت «كائنا» كان من قبيل الخبر بالمفرد ، وإن قدرت «استقرّ» كان من قبيل الخبر
بالجملة.
واختلف
النحويون فى هذا ؛ فذهب الأخفش إلى أنه من قبيل الخبر بالمفرد ، وأن كلا منهما
متعلق بمحذوف ، وذلك المحذوف اسم فاعل ، التقدير «زيد كائن عندك ، أو مستقر عندك ،
أو فى الدار» وقد نسب هذا لسيبويه.
وقيل : إنهما
من قبيل الجملة ، وإن كلا منهما متعلق بمحذوف هو فعل ، والتقدير «زيد استقرّ ـ أو
يستقرّ ـ عندك ، أو فى الدّار» ونسب هذا إلى جمهور البصريين ، وإلى سيبويه أيضا.
وقيل : يجوز أن
يجعلا من قبيل المفرد ؛ فيكون المقدر مستقرا ونحوه ، وأن يجعلا من قبيل الجملة ؛
فيكون التقدير «استقرّ» ونحوه ، وهذا ظاهر قول المصنف «ناوين معنى كائن أو استقر».
وذهب أبو بكر
بن السّرّاج إلى أن كلّا من الظرف والمجرور قسم برأسه ، وليس من قبيل المفرد ولا
من قبيل الجملة ، نقل عنه هذا المذهب تلميذه أبو على الفارسىّ فى الشيرازيات.
والحقّ خلاف
هذا المذهب ، وأنه متعلق بمحذوف ، وذلك المحذوف واجب الحذف ، وقد صرّح به شذوذا ،
كقوله :
ـ
لك العزّ إن
مولاك عزّ ؛ وإن يهن
|
|
فأنت لدى
بحبوحة الهون كائن
|
__________________
..................................................................................
__________________
وكما يجب حذف
عامل الظرف والجار والمجرور ـ إذا وقعا خبرا ـ كذلك يجب حذفه إذا وقعا صفة ، نحو :
«مررت برجل عندك ، أو فى الدار» أو حالا ، نحو : «مررت بزيد عندك ، أو فى الدار»
أو صلة ، نحو : «جاء الذى عندك ، أو فى الدار» لكن يجب فى الصّلة أن يكون المحذوف
فعلا ، التقدير : «جاء الذى استقرّ عندك ، أو فى الدار» وأما الصفة والحال فحكمهما
حكم الخبر كما نقدم.
* * *
ولا يكون اسم
زمان خبرا
|
|
عن جثّة ،
وإن يفد فأخبرا
|
__________________
ظرف المكان يقع
خبرا عن الجثة ، نحو : «زيد عندك» وعن المعنى نحو : «القتال عندك» وأما ظرف الزمان
فيقع خبرا عن المعنى منصوبا أو مجرورا بفى ، نحو : «القتال يوم الجمعة ، أو فى يوم
الجمعة» ولا يقع خبرا عن الجثّة ، قال المصنف : إلا إذا أفاد نحو «الليلة الهلال ،
والرّطب شهرى ربيع» فإن لم يفد لم يقع خبرا عن الجثة ، نحو : «زيد اليوم» وإلى هذا
ذهب قوم منهم المصنف ، وذهب غير هؤلاء إلى المنع مطلقا ؛ فإن جاء شىء من ذلك يؤوّل
، نحو قولهم : اللّيلة الهلال ، والرّطب شهرى ربيع ، التقدير : طلوع الهلال الليلة
، ووجود الرّطب شهرى ربيع ؛ هذا مذهب جمهور البصريين ، وذهب قوم ـ منهم المصنف ـ إلى
جواز ذلك من غير شذوذ [لكن] بشرط أن يفيد ، كقولك : «نحن فى يوم طيّب ، وفى شهر كذا» ،
__________________
وإلى هذا أشار بقوله : «وإن يفد فأخبرا» فإن لم يفد امتنع ، نحو : «زيد يوم
الجمعة».
* * *
ولا يجوز
الابتدا بالنّكره
|
|
ما لم تفد :
كعند زيد نمره
|
وهل فتى فيكم؟
فما خلّ لنا ،
|
|
ورجل من
الكرام عندنا
|
__________________
ورغبة فى
الخير خير ، وعمل
|
|
برّ يزين ،
وليقس ما لم يقل
|
الأصل فى
المبتدأ أن يكون معرفة وقد يكون نكرة ، لكن بشرط أن تفيد ، وتحصل الفائدة بأحد
أمور ذكر المصنف منها ستة :
أحدها : أن
يتقدم الخبر عليها ، وهو ظرف أو جار ومجرور ، نحو : «فى
__________________
الدّار رجل» ، و «عند زيد نمرة» ؛ فإن تقدم وهو غير ظرف ولا جار ومجرور لم يجز ، نحو : «قائم
رجل».
الثانى : أن
يتقدم على النكرة استفهام ، نحو : «هل فتى فيكم».
الثالث : أن
يتقدم عليها نفى ، نحو : «ما خلّ لنا».
__________________
الرابع : أن
توصف ، نحو : «رجل من الكرام عندنا».
الخامس : أن
تكون عاملة ، نحو : «رغبة فى الخير خير».
السادس : أن
تكون مضافة ، نحو : «عمل برّ يزين».
هذا ما ذكره
المصنف فى هذا الكتاب ، وقد أنهاها غير المصنف إلى نيّف وثلاثين موضعا [وأكثر من
ذلك ] ، فذكر [هذه] السّتّة المذكورة.
__________________
والسابع : أن
تكون شرطا ، نحو : «من يقم أقم معه».
الثامن : أن
تكون جوابا ، نحو أن يقال : من عندك؟ فتقول : «رجل» ، التقدير «رجل عندى».
التاسع : أن
تكون عامّة ، نحو : «كلّ يموت».
العاشر : أن
يقصد بها التّنويع ، كقوله :
ـ
فأقبلت زحفا
على الرّكبتين
|
|
فثوب لبست ،
وثوب أجرّ
|
[فقوله «ثوب» مبتدأ ، و «لبست»
خبره ، وكذلك «ثوب أجرّ»].
__________________
الحادى عشر :
أن تكون دعاء ، نحو : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ)
الثانى عشر :
أن يكون فيها معنى التعجب ، نحو : «ما أحسن زيدا!».
__________________
الثالث عشر :
أن تكون خلفا من موصوف ، نحو : «مؤمن خير من كافر».
الرابع عشر :
أن تكون مصغّرة ، نحو : «رجيل عندنا» ؛ لأن التصغير فيه فائدة معنى الوصف ، تقديره
«رجل حقير عندنا».
الخامس عشر :
أن تكون فى معنى المحصور ، نحو : «شرّ أهرّ ذا ناب ، وشىء جاء بك» التقدير «ما
أهرّ ذا ناب إلّا شرّ ، وما جاء بك إلا شىء» على أحد القولين ، والقول الثانى [أن
التقدير] «شرّ عظيم أهرّ ذا ناب ، وشىء عظيم جاء بك» ؛ فيكون داخلا فى قسم ما جاز
الابتداء به لكونه موصوفا ؛ لأن الوصف أعمّ من أن يكون ظاهرا أو مقدرا ، وهو ها
هنا مقدّر.
السادس عشر :
أن يقع قبلها واو الحال ، كقوله :
ـ
سرينا ونجم
قد أضاء ؛ فمذ بدا
|
|
محيّاك أخفى
ضوؤه كلّ شارق
|
__________________
السابع عشر :
أن تكون معطوفة على معرفة ، نحو : «زيد ورجل قائمان».
الثامن عشر :
أن تكون معطوفة على وصف ، نحو : «تميمىّ ورجل فى الدّار».
التاسع عشر :
أن يعطف عليها موصوف ، نحو : «رجل وامرأة طويلة فى الدّار».
العشرون : أن
تكون مبهمة ، كقول امرىء القيس :
ـ
مرسّعة بين
أرساغه
|
|
به عسم ييتغى
أرنبا
|
__________________
..................................................................................
__________________
الحادى
والعشرون : أن تقع بعد «لو لا» ، كقوله :
ـ
لو لا اصطبار
لأودى كلّ ذى مقة
|
|
لمّا استقلّت
مطاياهنّ للظّعن
|
__________________
الثانى
والعشرون : أن تقع بعد فاء الجزاء ، كقولهم : «إن ذهب عير فعير فى الرّباط» .
الثالث والعشرون
: أن تدخل على النكرة لام الابتداء ، نحو «لرجل قائم».
__________________
الرابع
والعشرون : أن تكون بعد «كم» الخبرية ، نحو قوله :
ـ
كم عمّة لك
يا جرير وخالة
|
|
فدعاء قد
حلبت علىّ عشارى
|
__________________
وقد أنهى بعض
المتأخرين ذلك إلى نيّف وثلاثين موضعا ، وما لم أذكره منها أسقطته ؛ لرجوعه إلى ما
ذكرته ؛ أو لأنه ليس بصحيح.
* * *
والأصل فى
الأخبار أن تؤخّرا
|
|
وجوّزوا
التّقديم إذ لا ضررا
|
الأصل تقديم
المبتدأ وتأخير الخبر ، وذلك لأن الخبر وصف فى المعنى للمبتدأ ، فاستحقّ التأخير
كالوصف ، ويجوز تقديمه إذا لم بحصل بذلك لبس أو نحوه ، على ما سيبيّن ؛ فتقول «قائم
زيد ، وقائم أبوه زيد ، وأبوه منطلق زيد ، وفى الدّار زيد ، وعندك عمرو» وقد وقع
فى كلام بعضهم أن مذهب
__________________
الكوفيين منع تقدّم الخبر الجائز التأخير [عند البصريين] وفيه نظر ؛ فإن بعضهم نقل الإجماع ـ من البصريين ، والكوفيين ـ على
جواز «فى داره زيد» فنقل المنع عن الكوفيين مطلقا ليس بصحيح ، هكذا قال بعضهم ،
وفيه بحث ، نعم منع الكوفيون التقديم فى مثل «زيد قائم ، وزيد
قام أبوه ،
__________________
وزيد أبوه منطلق» والحقّ الجواز ؛ إذ لا مانع من ذلك ، وإليه أشار بقوله «وجوّزوا
التقديم إذ لا ضررا» فتقول : «قائم زيد» ومنه قولهم : «مشنوء من يشنؤك» فمن :
مبتدأ ومشنوء : خبر مقدم ، و «قام أبوه زيد» ومنه قوله :
ـ
قد ثكلت أمّه
من كنت واحده
|
|
وبات منتشبا
فى برثن الأسد
|
فـ «من كنت
واحده» مبتدأ مؤخر ، و «قد ثكلت أمّه» : خبر مقدم ، و «أبوه منطلق زيد» ؛ ومنه
قوله :
__________________
ـ
إلى ملك ما
أمّه من محارب
|
|
أبوه ، ولا
كانت كليب تصاهره
|
فـ «أبوه» :
مبتدأ [مؤخّر] ، و «ما أمّه من محارب» : خبر مقدم.
__________________
«ما»
نافية تعمل عمل ليس «أمه» أم : اسم ما ، وأم مضاف والضمير مضاف إليه «من محارب»
جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر «ما» وجملة «ما» ومعموليها فى محل رفع خبر مقدم «أبوه»
أبو : مبتدأ مؤخر ، وأبو مضاف والضمير مضاف إليه وجملة المبتدأ وخبره فى محل جر
صفة لملك «ولا» الواو عاطفة ، لا نافية «كانت» كان : فعل ماض ناقص ، والتاء تاء
التأنيث «كليب» اسم كان «تصاهره» تصاهر : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، وفاعله
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى كليب ، والضمير البارز مفعول به ،
والجملة من الفعل والفاعل والمفعول فى محل نصب خبر «كان» وجملة كان واسمها وخبرها
فى محل جر معطوفة على جملة الصفة.
ونقل الشريف
أبو السعادات هبة الله بن الشّجرى الإجماع من البصريين والكوفيين على جواز تقديم
الخبر إذا كان جملة ، وليس بصحيح ، وقد قدمنا نقل الخلاف فى ذلك عن الكوفيين.
* * *
فامنعه حين
يستوى الجزآن :
|
|
عرفا ، ونكرا
، عادمى بيان
|
كذا إذا ما
الفعل كان الخبرا ،
|
|
أو قصد
استعماله منحصرا
|
__________________
أو كان مسندا
: لذى لام ابتدا ،
|
|
أو لازم
الصّدر ، كمن لى منجدا
|
ينقسم الخبر ـ بالنظر
إلى تقديمه على المبتدأ أو تأخيره عنه ـ ثلاثة أقسام : قسم يجوز فيه التقديم
والتأخير ، وقد سبق ذكره ، وقسم يجب فيه تأخير الخبر ، وقسم يجب فيه تقديم الخبر.
فأشار بهذه
الأبيات إلى الخبر الواجب التأخير ، فذكر منه خمسة مواضع :
الأول : أن
يكون كلّ من المبتدأ والخبر معرفة أو نكرة صالحة لجعلها مبتدأ ، ولا مبيّن للمبتدأ
من الخبر ، نحو «زيد أخوك ، وأفضل من زيد أفضل من عمرو» ولا يجوز تقديم الخبر فى
هذا ونحوه ؛ لأنك لو قدّمته فقلت «أخوك زيد ، وأفضل من عمرو أفضل من زيد» لكل
المقدّم مبتدأ ، وأنت
__________________
تريد أن يكون خبرا ، من غير دليل يدلّ عليه ؛ فإن وجد دليل يدلّ على أن
المتقدم خبر جاز ، كقولك «أبو يوسف أبو حنيفة» فيجوز تقدم الخبر ـ وهو أبو حنيفة ـ
لأنه معلوم أن المراد تشبيه أبى يوسف بأبى حنيفة ، لا تشييه أبى حنيفة بأبى يوسف ،
ومنه قوله :
ـ
بنونا بنو
أبنائنا ، وبناتنا
|
|
بنوهنّ أبناء
الرّجال الأباعد
|
__________________
فقوله «بنونا»
خبر مقدم ، و «بنو أبنائنا» مبتدأ مؤخر ، لأن المراد الحكم على بنى أبنائهم بأنهم
كبنيهم ، وليس المراد الحكم على بنيهم بأنهم كبنى أبنائهم.
والثانى : أن
يكون الخبر فعلا رافعا لضمير المبتدأ مستترا ، نحو «زيد قام» فقام وفاعله المقدر : خبر عن زيد ، ولا يجوز التقديم ؛ فلا يقال «قام زيد»
على أن يكون «زيد» مبتدأ مؤخرا ، والفعل خبرا مقدما ، بل يكون «زيد» فاعلا لقام ؛
فلا يكون من باب المبتدأ والخبر ، بل من باب الفعل والفاعل ؛ فلو كان الفعل رافعا
لظاهر ـ نحو «زيد قام أبوه» ـ جاز التقديم ؛ فتقول
__________________
«قام أبوه زيد» ، وقد تقدم ذكر الخلاف فى ذلك ، وكذلك يجوز التقديم إذا رفع الفعل ضميرا بارزا ، نحو «الزّيدان
قاما» فيجوز أن تقدّم الخبر فتقول «قاما الزّيدان» ويكون «الزيدان» مبتدأ مؤخرا ، و
«قاما» خبرا مقدما ، ومنع ذلك قوم.
وإذا عرفت هذا
فقول المصنف : «كذا إذا ما الفعل كان الخبر» يقتضى [وجوب] تأخير الخبر الفعلى
مطلقا ، وليس كذلك ، بل إنما يجب تأخيره إذا رفع ضميرا للمبتدأ مستترا ، كما تقدم.
الثالث : أن
يكون الخبر محصورا بإنّما ، نحو «إنّما زيد قائم» أو بإلا ، نحو «ما زيد إلا قائم»
وهو المراد بقوله «أو قصد استعماله منحصرا» ؛ فلا يجوز تقديم «قائم» على «زيد» فى
المثالين ، وقد جاء التقديم مع «إلا» شذوذا ، كقول الشاعر :
ـ
فيا ربّ هل
إلّا بك النّصر يرتجى
|
|
عليهم؟ وهل
إلّا عليك المعوّل؟
|
__________________
الأصل «وهل
المعوّل إلا عليك» فقدّم الخبر.
الرابع : أن
يكون خبرا لمبتدإ قد دخلت عليه لام الابتداء ، نحو «لزيد قائم» وهو المشار إليه
بقوله : «أو كان مسندا لذى لام ابتدا» فلا يجوز تقديم الخبر
__________________
على اللام ؛ فلا تقول : «قائم لزيد» لأن لام الابتداء لها صدر الكلام ، وقد
جاء التقديم شذوذا ، كقول الشاعر :
ـ
خالى لأنت ،
ومن جرير خاله
|
|
ينل العلاء
ويكرم الأخوالا
|
فـ «لانت»
مبتدأ [مؤخر] و «خالى» خبر مقدم.
__________________
الخامس : أن يكون المبتدأ له صدر الكلام
: كأسماء الاستفهام ، نحو «من لى منجدا؟» فمن : مبتدأ ، ولى : خبر ، ومنجدا : حال
، ولا يجوز تقديم الخبر على «من» ؛ فلا تقول «لى من [منجدا]».
* * *
__________________
ونحو عندى
درهم ، ولى وطر ،
|
|
ملتزم فيه
تقدّم الخبر
|
كذا إذا عاد
عليه مضمر
|
|
ممّا به عنه
مبينا يخبر
|
كذا إذا
يستوجب التّصدبرا
|
|
: كأين من علمته نصيرا
|
__________________
وخبر المحصور
قدّم أبدا
|
|
: كما لنا إلّا اتّباع أحمدا
|
أشار فى هذه
الأبيات إلى القسم الثالث ، وهو وجوب تقديم الخبر ؛ فذكر أنه يجب فى أربعة مواضع :
الأول : أن
يكون المبتدأ نكرة ليس لها مسوّغ إلا تقدّم الخبر ، والخبر ظرف أو جار ومجرور ،
نحو «عندك رجل ، وفى الدار امرأة» ؛ فيجب تقديم الخبر هنا ؛ فلا تقول : «رجل عندك»
، ولا «امرأة فى الدّار» وأجمع النحاة والعرب على منع ذلك ، وإلى هذا أشار بقوله :
«ونحو عندى درهم ، ولى وطر ـ البيت» ؛ فإن كان للنكرة مسوّغ جاز الأمران ، نحو «رجل
ظريف عندى» ، و «عندى رجل ظريف».
الثانى : أن
يشتمل المبتدأ على ضمير يعود على شىء فى الخبر ، نحو «فى الدّار صاحبها» فصاحبها :
مبتدأ ، والضمير المتصل به راجع إلى الدار ، وهو جزء من الخبر ؛ فلا يجوز تأخير
الخبر ، نحو «صاحبها فى الدّار» ؛ لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة.
وهذا مراد
المصنف بقوله : «كذا إذا عاد عليه مضمر ـ البيت» أى : كذلك يجب تقديم الخبر إذا
عاد عليه مضمر مما يخبر بالخبر عنه ، وهو المبتدأ ، فكأنه قال : يجب تقديم الخبر
إذا عاد عليه ضمير من المبتدأ ، وهذه عبارة ابن عصفور فى بعض كتبه ، وليست بصحيحة
؛ لأن الضمير فى قولك «فى الدّار
__________________
صاحبها» إنما هو عائد على جزء من الخبر ، لا على الخبر ؛ فينبغى أن تقدر
مضافا محذوفا فى قول المصنف «عاد عليه» التقدير «كذا إذا عاد على ملابسه» ثم حذف
المضاف ـ الذى هو ملابس ـ وأقيم المضاف إليه ـ وهو الهاء ـ مقامه ؛ فصار اللفظ «كذا
إذا عاد عليه».
ومثل قولك «فى
الدار صاحبها» قولهم : «على التّمرة مثلها زبدا» وقوله :
ـ
أهابك إجلالا
، ما بك قدرة
|
|
علىّ ، ولكن
ملء عين حبيبها
|
__________________
فحبيبها :
مبتدأ [مؤخّر] وملء عين : خبر مقدم ، ولا يجوز تأخيره ؛ لأن الضمير المتصل
بالمبتدأ ـ وهو «ها» ـ عائد على «عين» وهو متصل بالخبر ؛ فلو قلت «حبيبها ملء عين»
عاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة.
وقد جرى الخلاف
فى جواز «ضرب غلامه زيدا » مع أن الضمير فيه عائد على متأخر لفظا ورتبة ، ولم يجر
خلاف ـ فيما أعلم ـ فى منع «صاحبها فى الدّار» فما الفرق بينهما؟ وهو ظاهر ،
فليتأمل ، والفرق [بينهما] أن ما عاد عليه الضمير وما اتصل به الضمير اشتركا فى
العامل فى مسألة «ضرب غلامه زيدا» بخلاف مسألة «فى الدار صاحبها» فإن العامل فيما
اتصل به الضمير وما عاد عليه الضمير مختلف .
__________________
الثالث : أن
يكون الخبر له صدر الكلام ، وهو المراد بقوله : «كذا إذا يستوجب التصديرا» نحو «أين
زيد»؟ فزيد : مبتدأ [مؤخر] ، وأين : خبر مقدم ، ولا يؤخّر ؛ فلا تقول : «زيد أين»
؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام ، وكذلك «أين من علمته نصيرا»؟ فأين : خبر مقدم ،
ومن : مبتدأ مؤخر ، و «علمته نصيرا» صلة من.
الرابع : أن
يكون المبتدأ محصورا ، نحو «إنما فى الدّار زيد ، وما فى الدّار إلا زيد» ومثله «ما
لنا إلّا اتّباع أحمد».
* * *
وحذف ما يعلم
جائز ، كما
|
|
تقول «زيد»
بعد «من عندكما»
|
__________________
وفى جواب «كيف
زيد» قل «دنف»
|
|
فزيد استغنى عنه
إذ عرف
|
يحذف كلّ من
المبتدأ والخبر إذا دلّ عليه دليل : جوازا ، أو وجوبا ، فذكر فى هذين البيتين
الحذف جوازا ؛ فمثال حذف الخبر أن يقال : «من عندكما»؟ فتقول : «زيد» التقدير «زيد
عندنا» ومثله ـ فى رأى ـ «خرجت فإذا السّبع» التقدير «فإذا السبع حاضر» قال الشاعر :
ـ
نحن بما
عندنا ، وأنت بما
|
|
عندك راض ،
والرّأى مختلف
|
التقدير «نحن
بما عندنا راضون».
__________________
..................................................................................
__________________
ومثال حذف
المبتدأ أن يقال : «كيف زيد»؟ فتقول «صحيح» أى : «هو صحيح».
وإن شئت صرّحت
بكل واحد منهما فقلت : «زيد عندنا ، وهو صحيح».
ومثله قوله
تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً
فَلِنَفْسِهِ ، وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) أى : «من عمل صالحا فعمله لنفسه ، ومن أساء فإساءته
عليها».
قيل : وقد يحذف
الجزآن ـ أعنى المبتدأ والخبر ـ للدلالة عليهما ، كقوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ
مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ ، وَاللَّائِي
لَمْ يَحِضْنَ) أى : «فعدّتهنّ ثلاثة أشهر» فحذف المبتدأ والخبر ـ وهو «فعدتهن
ثلاثة أشهر» ـ لدلالة ما قبله عليه ، وإنما حذفا لوقوعهما موقع مفرد ، والظاهر أن
المحذوف مفرد ، والتقدير : «واللائى لم يحضن كذلك» وقوله : (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) معطوف على (وَاللَّائِي يَئِسْنَ) والأولى أن يمثّل بنحو قولك : «نعم» فى جواب «أزيد قائم»؟
إذ التقدير «نعم زيد قائم».
* * *
وبعد لو لا
غالبا حذف الخبر
|
|
حتم ، وفى
نصّ يمين ذا استقر
|
__________________
وبعد واو
عيّنت مفهوم مع
|
|
كمثل «كلّ
صانع وما صنع»
|
وقبل حال لا
يكون خبرا
|
|
عن الّذى
خبره قد أضمرا
|
كضربى العبد
مسيئا ، وأتمّ
|
|
تبينى الحقّ
منوطا بالحكم
|
__________________
حاصل ما فى هذه
الأبيات أن الخبر يجب حذفه فى أربعة مواضع :
الأول : أن
يكون خبرا لمبتدأ بعد «لو لا» ، نحو «لو لا زيد لأتيتك» التقدير «لو لا زيد موجود لأتيتك»
واحترز بقوله «غالبا» عما ورد ذكره فيه شذوذا ، كقوله :
ـ
لو لا أبوك
ولو لا قبله عمر
|
|
ألقت إليك
معدّ بالمقاليد
|
فـ «عمر» مبتدأ
، و «قبله» خبر.
__________________
..................................................................................
__________________
وهذا الذى ذكره
المصنف فى هذا الكتاب ـ من أن الحذف بعد «لو لا» واجب إلا قليلا ـ هو طريقة لبعض
النحويين ، والطريقة الثانية : أن الحذف واجب [دائما ] وأن ما ورد من ذلك بغير حذف فى الظاهر مؤوّل ،
والطريقة الثالثة أن الخبر : إما أن يكون كونا مطلقا ، أو كونا مقيّدا ؛ فإن كان
كونا مطلقا وجب حذفه ، نحو : «لو لا زيد لكان كذا» أى : لو لا زيد موجود ، وإن كان
كونا مقيّدا ؛ فإما أن يدلّ عليه دليل ، أو لا ، فإن لم يدل عليه دليل وجب ذكره ،
نحو : «لو لا زيد محسن إلىّ ما أتيت» وإن دلّ عليه [دليل] جاز إثباته وحذفه ، نحو
أن يقال : هل زيد محسن إليك؟ فتقول : «لو لا زيد لهلكت» أى : «لو لا زيد محسن إلىّ»
، فإن شئت حذفت الخبر ، وإن شئت أثبتّه ، ومنه قول أبى العلاء المعرّىّ ،
__________________
ـ
يذيب الرّعب
منه كلّ عضب
|
|
فلو لا الغمد
يمسكه لسالا
|
__________________
وقد اختار
المصنف هذه الطريقة فى غير هذا الكتاب.
الموضع الثانى
: أن يكون المبتدأ نصّا فى اليمين ، نحو : «لعمرك لأفعلنّ» التقدير «لعمرك قسمى» فعمرك :
مبتدأ ، وقسمى : خبره ، ولا يجوز التصريح به.
قيل : ومثله «يمين
الله لأفعلنّ» التقدير «يمين الله قسمى» وهذا لا يتعين أن يكون المحذوف فيه خبرا ؛ لجواز كونه مبتدأ ، والتقدير «قسمى يمين
__________________
الله» بخلاف «لعمرك» فإن المحذوف معه يتعين أن يكون خبرا ؛ لأن لام
الابتداء قد دخلت عليه ، وحقّها الدخول على المبتدأ.
فإن لم يكن
المبتدأ نصّا فى اليمين لم يجب حذف الخبر ، نحو «عهد الله لأفعلنّ» التقدير «عهد
الله علىّ» فعهد الله : مبتدأ ، وعلىّ : خبره ، ولك إثباته وحذفه.
الموضع الثالث
: أن يقع بعد المبتدأ واو هى نصّ فى المعية ، نحو «كلّ رجل وضيعته» فكلّ : مبتدأ ،
وقوله «وضيعته» معطوف على كل ، والخبر محذوف ، والتقدير «كلّ رجل وضيعته مقترنان»
ويقدّر الخبر بعد واو المعية.
وقيل : لا
يحتاج إلى تقدير الخبر ؛ لأن معنى «كلّ رجل وضيعته» كل رجل مع ضيعته ، وهذا كلام
تامّ لا يحتاج إلى تقدير خبر ، واختار هذا المذهب ابن عصفور فى شرح الإيضاح.
فإن لم تكن
الواو نصّا فى المعية لم يحذف الخبر وجوبا ، نحو «زيد وعمرو قائمان».
الموضع الرابع
: أن يكون المبتدأ مصدرا ، وبعده حال سدّ [ت] مسدّ الخبر ، وهى لا تصلح أن تكون
خبرا ؛ فيحذف الخبر وجوبا ؛ لسدّ الحال مسدّه ، وذلك نحو «ضربى العبد مسيئا» فضربى
: مبتدأ ، والعبد : معمول
__________________
له ، ومسيئا : حال سدّ [ت] مسدّ الخبر ، والخبر محذوف وجوبا ، والتقدير «ضربى
العبد إذا كان مسيئا» إذا أردت الاستقبال ، وإن أردت المضىّ فالتقدير «ضربى العبد
إذ كان مسيئا» فمسيئا : حال من الضمير المستتر فى «كان» المفسّر بالعبد [و «إذا
كان» أو «إذ كان» ظرف زمان نائب عن الخبر].
ونبّه المصنف بقوله
: «وقبل حال» على أن الخبر المحذوف مقدّر قبل الحال التى سدّت مسدّ الخبر كما تقدم
تقريره.
واحترز بقوله :
«لا يكون خبرا» عن الحال التى تصلح أن تكون خبرا عن المبتدأ المذكور ، نحو ما حكى
الأخفش ـ رحمه الله! ـ من قولهم «زيد قائما» فزيد : مبتدأ ، والخبر محذوف ،
والتقدير «ثبت قائما» وهذه الحال تصلح أن تكون خبرا ؛ فتقول «زيد قائم» فلا يكون
الخبر واجب الحذف ، بخلاف «ضربى العبد مسيئا» فإن الحال فيه لا تصلح أن تكون خبرا
عن المبتدأ الذى قبلها ؛ فلا تقول : «ضربى العبد مسىء لأن الضرب لا يوصف بأنه
مسىء.
والمضاف إلى هذا
المصدر حكمه كحكم المصدر ، نحو «أتمّ تبيينى الحقّ منوطا بالحكم» فأتمّ : مبتدأ ،
وتبيينى : مضاف إليه ، والحقّ : مفعول لتبيينى ، ومنوطا : حال سدّ [ت] مسدّ خبر
أتم ، والتقدير : «أتم تبيينى الحقّ إذا كان ـ أو إذ كان ـ منوطا بالحكم».
* * *
ولم يذكر
المصنف المواضع التى يحذف فيها المبتدأ ، وجوبا ، وقد عدّها فى غير هذا الكتاب
أربعة :
__________________
الأول : النعت
المقطوع إلى الرفع : فى مدح ، نحو : «مررت بزيد الكريم» أو ذم ، نحو : «مررت بزيد
الخبيث» أو ترحّم ، نحو : «مررت بزيد المسكين» فالمبتدأ محذوف فى هذه المثل ونحوها
وجوبا ، والتقدير «هو الكريم ، وهو الخبيث ، وهو المسكين».
الموضع الثانى
: أن يكون الخبر مخصوص «نعم» أو «بئس» نحو : «نعم
__________________
الرّجل زيد ، وبئس الرّجل عمرو» فزيد وعمرو : خبران لمبتدإ محذوف وجوبا ،
والتقدير «هو زيد» أى الممدوح زيد «وهو عمرو» أى المذموم عمرو.
الموضع الثالث
: ما حكى الفارسىّ من كلامهم «فى ذمّتى لأفعلنّ» ففى ذمتى : خبر لمبتدإ محذوف واجب
الحذف ، والتقدير «فى ذمّتى يمين» وكذلك ما أشبهه ، وهو ما كان الخبر فيه صريحا فى
القسم.
الموضع الرابع
: أن يكون الخبر مصدرا نائبا مناب الفعل ، نحو : «صبر جميل» التقدير «صبرى صبر
جميل» فصبرى : مبتدأ ، وصبر جميل : خبره ، ثم حذف المبتدأ ـ الذى هو «صبرى» ـ وجوبا
.
* * *
وأخبروا
باثنين أو بأكثرا
|
|
عن واحد كهم
سراة شعرا
|
__________________
اختلف النحويون
فى جواز تعدّد خبر المبتدأ الواحد بغير حرف عطف ، نحو : «زيد قائم ضاحك» فذهب قوم
ـ منهم المصنف ـ إلى جواز ذلك ، سواء كان الخبران فى معنى خبر واحد ، نحو : «هذا حلو حامض»
أى مزّ ، أم لم يكونا كذلك ، كالمثال الأول ، وذهب بعضهم إلى أنه لا يتعدّد الخبر
إلا إذا كان الخبران فى معنى خبر واحد ؛ فإن لم يكونا كذلك تعيّن العطف ؛ فإن جاء
من لسان العرب شىء بغير عطف قدّر له مبتدأ آخر ؛ كقوله تعالى : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو
الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) وقول الشاعر :
ـ
من يك ذا بتّ
فهذا بتّى
|
|
مقيّظ مصيّف
مشتّى
|
__________________
..................................................................................
__________________
وقوله :
ـ
ينام بإحدى
مقلتيه ، ويتّقى
|
|
بأخرى
المنايا ؛ فهو يقظان نائم
|
__________________
وزعم يعضهم أنه
لا يتعدّد الخبر إلا إذا كان من جنس واحد ، كأن يكون الخبران مثلا مفردين ، نحو : «زيد
قائم ضاحك» أو جملتين نحو : «زيد قام ضحك» فأما إذا كان أحدهما مفردا والآخر جملة
فلا يجوز ذلك ؛ فلا تقول : «زيد قائم ضحك» هكذا زعم هذا القائل ، ويقع فى كلام
المعريين للقرآن الكريم وغيره تجويز ذلك كثيرا ، ومنه قوله تعالى : (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) جوزوا كون «تسعى» خبرا ثانيا ، ولا يتعين ذلك ؛ لجواز
كونه حالا .
__________________
كان وأخواتها
ترفع كان
المبتدا اسما ، والخبر
|
|
تنصبه ، ككان
سيّدا عمر
|
ككان ظلّ بات
أضحى أصبحا
|
|
أمسى وصار
ليس ، زال برحا
|
فتىء ،
وانفكّ ، وهذى الأربعه
|
|
لشبه نفى ،
أو لنفى ، متبعه
|
ومثل كان دام
مسبوقا بـ «ما»
|
|
كأعط مادمت
مصيبا درهما
|
__________________
لما فرغ من
الكلام على المبتدأ والخبر شرع فى ذكر نواسخ الابتداء ، وهى قسمان : أفعال ، وحروف
؛ فالأفعال : كان وأخواتها ، وأفعال المقاربة ، وظنّ وأخواتها ؛ والحروف : ما
وأخواتها ، ولا التى لنفى الجنس ، وإنّ وأخواتها.
فبدأ المصنف
بذكر كان وأخواتها ، وكلّها أفعال اتفاقا ، إلا «ليس» ؛ فذهب الجمهور إلى أنها فعل
، وذهب الفارسىّ ـ فى أحد قوليه ـ وأبو بكر بن شقير ـ فى أحد قوليه ـ إلى أنها حرف
.
__________________
وهى ترفع
المبتدأ ، وتنصب خبره ، ويسمى المرفوع بها اسما لها ، والمنصوب بها خبرا لها.
وهذه الأفعال
قسمان : منها ما يعمل هذا العمل بلا شرط ، وهى : كان ، وظل ، وبات ، وأضحى ، وأصبح
، وأمسى ، وصار ، وليس ، ومنها ما لا يعمل هذا العمل إلا بشرط ، وهو قسمان :
أحدهما ما يشترط فى عمله أن يسبقه نفى لفظا أو تقديرا ، أو شبه نفى ، وهو أربعة :
زال ، وبرح ، وفتى ، وانفكّ ؛ فمثال النفى لفظا «ما زال زيد قائما» ومثاله تقديرا
قوله تعالى : (قالُوا تَاللهِ
تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) أى : لا تفتؤ ، ولا يحذف النافى معها قياسا إلا بعد
القسم كالآية الكريمة ، وقد شذّ الحذف بدون القسم ، كقول الشاعر :
__________________
ـ
وأبرح ما
أدام الله قومى
|
|
بحمد الله
منتطقا مجيدا
|
__________________
أى : لا أبرح
منتطقا مجيدا ، أى : صاحب نطاق وجواد ، ما أدام الله قومى ، وعنى بذلك أنه لا يزال
مستغنيا ما بقى له قومه ، وهذا أحسن ما حمل عليه البيت.
ومثال شبه
النفى ـ والمراد به النهى ـ كقولك : «لا تزل قائما» ومنه قوله :
ـ
صاح شمّر ولا
تزل ذاكر المو
|
|
ت ؛ فنسيانه
ضلال مبين
|
والدعاء ،
كقولك : «لا يزال الله محسنا إليك» ، وقول الشاعر :
__________________
ـ
ألا يا اسلمى
، يا دارمىّ ، على البلى ،
|
|
ولا زال
منهلّا بجرعائك القطر
|
__________________
وهذا [هو] الذى
أشار إليه المصنف بقوله : «وهذى الأربعة ـ إلى آخر البيت».
القسم الثانى :
ما يشترط فى عمله أن يسبقه «ما» المصدرية الظرفية ، وهو «دام» كقولك : «أعط ما دمت
مصيبا درهما» أى : أعط مدّة دوامك مصيبا درهما ؛ ومنه قوله تعالى : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما
دُمْتُ حَيًّا) أى : مدّة دوامى حيا.
__________________
ومعنى ظلّ :
اتّصاف المخبر عنه بالخبر نهارا ، ومعنى بات : اتّصافه به ليلا ، وأضحى : اتصافه
به فى الضّحى ، وأصبح : اتّصافه به فى الصباح ، وأمسى : اتّصافه به فى المساء ،
ومعنى صار : التحوّل من صفة إلى [صفة] أخرى ، ومعنى ليس : النفى ، وهى عند الإطلاق
لنفى الحال ، نحو : «ليس زيد قائما» أى : الآن وعند التقييد بزمن على حسبه ، نحو :
«ليس زيد قائما غدا» ومعنى ما زال وأخواتها : ملازمة الخبر المخبر عنه على حسب ما
يقتضيه الحال نحو : «ما زال زيد ضاحكا ، وما زال عمرو أزرق العينين» ومعنى دام :
بقى واستمرّ.
* * *
وغير ماض مثله
قد عملا
|
|
إن كان غير
الماض منه استعملا
|
هذه الأفعال
على قسمين : أحدهما ما يتصرّف ، وهو ما عدا ليس ودام.
__________________
والثانى ما لا
يتصرّف ، وهو ليس ودام ، فنبّه المصنف بهذا البيت على أن ما يتصرف من هذه الأفعال
يعمل غير الماضى منه عمل الماضى ، وذلك هو المضارع ، نحو : «يكون زيد قائما» قال
الله تعالى : (وَيَكُونَ الرَّسُولُ
عَلَيْكُمْ شَهِيداً) والأمر ، نحو : (كُونُوا قَوَّامِينَ
بِالْقِسْطِ) وقال الله تعالى : (قُلْ كُونُوا
حِجارَةً أَوْ حَدِيداً) واسم الفاعل ، نحو : «زيد كائن أخاك» وقال الشاعر :
ـ
وما كلّ من
يبدى البشاشة كائنا
|
|
أخاك ، إذا
لم تلفه لك منجدا
|
__________________
والمصدر كذلك ،
واختلف الناس فى «كان» الناقصة : هل لها مصدر أم لا؟ والصحيح أن لها مصدرا ، ومنه
قوله :
ـ
ببذل وحلم
ساد فى قومه الفتى
|
|
وكونك إيّاه
عليك يسير
|
__________________
وما لا يتصرف
منها ـ وهو دام ، وليس ـ وما كان النفى أو شبهه شرطا فيه ـ وهو زال وأخواتها ـ
لا يستعمل منه أمر ولا مصدر.
* * *
وفى جميعها
توسّط الخبر
|
|
أجز ، وكلّ
سبقه دام حظر
|
__________________
مراده أن أخبار
هذه الأفعال ـ إن لم يجب تقديمها على الاسم ، ولا تأخيرها عنه ـ يجوز توسّطها بين
الفعل والاسم ؛ فمثال وجوب تقديمها على الاسم قولك : «كان فى الدّار
صاحبها» ، فلا يجوز ههنا تقديم الاسم على الخبر ، لئلا يعود الضمير عل متأخر لفظا
ورتبة ، ومثال وجوب تأخير الخبر عن الاسم
__________________
قولك : «كان أخى رفيقى» فلا يجوز تقديم رفيقى ـ على أنه خبر ـ لأنه لا يعلم
ذلك ، لعدم ظهور الإعراب ، ومثال ما توسّط فيه الخبر قولك : «كان قائما زيد» قال
الله تعالى : (وَكانَ حَقًّا
عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) وكذلك سائر أفعال هذا الباب ـ من المتصرف ، وغيره ـ يجوز
توسّط أخبارها بالشرط المذكور ، ونقل صاحب الإرشاد خلافا فى جواز تقديم خبر «ليس»
على اسمها ، والصواب جوازه ، قال الشاعر :
ـ
سلى ـ إن
جهلت ـ النّاس عنّا وعنهم
|
|
فليس سواء
عالم وجهول
|
__________________
وذكر ابن معط
أن خبر «دام» لا يتقدّم على اسمها ؛ فلا تقول : «لا أصاحبك» ما دام قائما زيد»
والصواب جوازه ، قال الشاعر :
ـ
لا طيب للعيش
ما دامت منغّصة
|
|
لذّاته
بادّكار الموت والهرم
|
__________________
وأشار بقوله : «وكلّ
سبقه دام حظر» إلى أن كلّ العرب ـ أو كلّ النحاة ـ منع سبق خبر «دام» عليها ، وهذا
إن أراد به أنهم منعوا تقديم خبر دام على «ما» المتصلة بها ، نحو : «لا أصحبك
قائما ما دام زيد» فمسلّم ، وإن أراد أنهم منعوا تقديمه على «دام وحدها ، نحو «لا
أصحبك ما قائما دام زيد» ـ وعلى ذلك حمله ولده فى شرحه ـ ففيه نظر ، والذى يظهر
أنه لا يمتنع تقديم خبر
__________________
دام على دام وحدها ؛ فتقول : «لا أصحبك ما قائما دام زيد» كما تقول : «لا
أصحبك ما زيدا كلّمت».
* * *
كذاك سبق خبر
ما النّافيه
|
|
فجىء بها
متلوّة ، لا تاليه
|
يعنى أنه لا
يجوز أن يتقدّم الخبر على ما النافية ، ويدخل تحت هذا قسمان ؛ أحدهما : ما كان
النفى شرطا فى عمله ، نحو «ما زال» وأخواتها ؛ فلا تقول : «قائما ما زال زيد»
وأجاز ذلك ابن كيسان والنحاس ، والثانى : ما لم يكن النفى شرطا فى عمله ، نحو «ما
كان زيد قائما» فلا تقول : «قائما ما كان زيد» ، وأجازه بعضهم .
ومفهوم كلامه
أنه إذا كان النفى بغير «ما» يجوز التقديم ؛ فتقول : «قائما لم يزل زيد ، ومنطلقا
لم يكن عمرو» ومنعهما بعضهم .
__________________
ومفهوم كلامه أيضا جواز تقديم الخبر على
الفعل وحده إذا كان النفى بما ، نحو «ما قائما زال زيد» و «ما قائما كان زيد»
ومنعه بعضهم.
* * *
ومنع سبق خبر
ليس اصطفى ،
|
|
وذو تمام ما
برفع يكتفى
|
وما سواه
ناقص ، والنّقص فى
|
|
فتىء ليس زال
دائما قفى
|
اختلف النحويون
فى جواز تقديم خبر «ليس» عليها ؛ فذهب الكوفيون
__________________
والمبرد والزجاج وابن السراج وأكثر المتأخرين ـ ومنهم المصنف ـ إلى المنع ،
وذهب أبو على [الفارسىّ] وابن برهان إلى الجواز ؛ فتقول : «قائما ليس زيد» واختلف
النقل عن سيبويه ؛ فنسب قوم إليه الجواز ، وقوم المنع ، ولم يرد من لسان العرب
تقدّم خبرها عليها ، وإنما ورد من لسانهم ما ظاهره نقدّم معمول خبرها عليها ،
كقوله تعالى : (أَلا يَوْمَ
يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) وبهذا استدلّ من أجاز تقديم خبرها عليها ، وتقريره أن «يوم
يأتيهم» معمول الخبر الذى هو «مصروفا» وقد تقدم على «ليس» قال : ولا يتقدّم
المعمول إلا حيث يتقدّم العامل .
* * *
__________________
وقوله : «وذو
تمام ـ إلى آخره» معناه أن هذه الأفعال انقسمت إلى قسمين ؛ أحدهما : ما يكون تاما
وناقصا ، والثانى ما لا يكون إلا ناقصا ، والمراد بالتام : ما يكتفى بمرفوعه ،
وبالناقص : ما لا يكتفى بمرفوعه ، بل يحتاج معه إلى منصوب.
وكلّ هذه
الأفعال يجوز أن تستعمل تامّة ، إلا «فتىء» ، و «زال» التى مضارعها يزال ، لا التى
مضارعها يزول فإنها تامة ، نحو «زالت الشمس» و «ليس» فإنها لا تستعمل إلا ناقصة.
ومثال التام
قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو
عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) أى : إن وجد ذو عسرة ، وقوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ
وَالْأَرْضُ) وقوله تعالى : (فَسُبْحانَ اللهِ
حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)
* * *
ولا يلى
العامل معمول الخبر
|
|
إلا إذا ظرفا
أتى أو حرف جر
|
__________________
يعنى أنه لا
يجوز أن يلى «كان» وأخواتها معمول خبرها الذى ليس بظرف ولا جار ومجرور ، وهذا يشمل
حالين :
أحدهما : أن
يتقدم معمول الخبر [وحده على الاسم] ويكون الخبر مؤخرا عن الاسم ، نحو «كان طعامك
زيد آكلا» وهذه ممتنعة عند البصريين ، وأجازها الكوفيون.
الثانى : أن
يتقدم المعمول والخبر على الاسم ، ويتقدم المعمول على الخبر ، نحو «كان طعامك آكلا
زيد» وهى ممتنعة عند سيبويه ، وأجازها بعض البصريين.
ويخرج من كلامه
أنه إذا تقدم الخبر والمعمول على الاسم ، وقدّم الخبر على المعمول جازت المسألة ؛
لأنه لم يل «كان» معمول خبرها ؛ فتقول «كان آكلا طعامك زيد» ولا يمنعها البصريون.
فإن كان
المعمول ظرفا أو جارا ومجرورا جاز إيلاؤه «كان» عند البصريين والكوفيين ، نحو «كان
عندك زيد مقيما ، وكان فيك زيد راغبا».
* * *
ومضمر الشأن
اسما انو إن وقع
|
|
موهم ما
استبان أنّه امتنع
|
__________________
يعنى أنه إذا
ورد من لسان العرب ما ظاهره أنه ولى «كان» وأخواتها معمول خبرها فأوّله على أنّ فى
«كان» ضميرا مستترا هو ضمير الشأن ، وذلك نحو قوله :
ـ
قنافذ
هدّاجون حول بيوتهم
|
|
بما كان
إيّاهم عطيّه عوّدا
|
__________________
..................................................................................
__________________
فهذا ظاهره أنه
مثل «كان طعامك زيد آكلا» ويتخرّج على أن فى «كان» ضميرا مستترا هو ضمير الشأن [وهو
اسم كان].
__________________
ومما ظاهره أنه
مثل «كان طعامك آكلا زيد» قوله :
ـ
فأصبحوا
والنّوى عالى معرّسهم
|
|
وليس كلّ
النّوى تلقى المساكين
|
__________________
..................................................................................
__________________
..................................................................................
__________________
ـ إذا قرىء
بالتاء المثناة من فوق ـ فيخرّج البيتان على إضمار الشأن :
والتقدير فى
الأول «بما كان هو» أى : الشأن ؛ فضمير الشأن اسم كان ،
__________________
وعطية : مبتدأ ، وعوّد : خبره ، وإياهم : مفعول عوّد ، والجملة من المبتدأ
وخبره خبر كان ؛ فلم يفصل بين «كان» واسمها معمول الخبر ؛ لأن اسمها مضمر قبل
المعمول.
والتقدير فى
البيت الثانى «وليس هو» أى : الشأن ؛ فضمير الشأن اسم ليس ، وكلّ [النوى] منصوب
بتلقى ، وتلقى المساكين : فعل وفاعل [والمجموع] خير ليس ، هذا بعض ما قيل فى
البيتين.
* * *
وقد تزاد كان
فى حشو : كما
|
|
كان أصحّ علم
من تقدّما
|
كان على ثلاثة
أقسام ؛ أحدها : الناقصة ، والثانى : التامّة ، وقد تقدم ذكرهما والثالث : الزائدة
، وهى المقصودة بهذا البيت ، وقد ذكر ابن عصفور أنها تزاد بين الشيئين المتلازمين
: كالمبتدأ وخبره ، نحو «زيد كان قائم» والفعل ومرفوعه ؛ نحو «لم يوجد كان مثلك»
والصلة والموصول ، نحو «جاء الّذى كان أكرمته» والصفة والموصوف ، «مررت برجل كان
قائم» وهذا يفهم أيضا من إطلاق قول المصنف «وقد تزاد كان فى حشو» وإنما تنقاس
زيادتها بين «ما»
__________________
وفعل التعجب ، نحو «ما كان أصحّ علم من تقدّما » ولا تزاد فى غيره إلا سماعا.
وقد سمعت
زيادتها بين الفعل ومرفوعه ، كقولهم : ولدت فاطمة بنت الخرشبّ الأنمارية الكملة من بنى عبس
لم يوجد كان أفضل منهم.
و [قد] سمع
أيضا زيادتها بين الصفة والموصوف كقوله :
ـ
فكيف إذا
مررت بدار قوم
|
|
وجيران لنا
كانوا كرام
|
__________________
..................................................................................
__________________
وشذّ زيادتها
بين حرف الجر ومجروره ، كقوله :
ـ
سراة بنى أبى
بكر تسامى
|
|
على كان
المسوّمة العراب
|
__________________
وأكثر ما تزاد
بلفظ الماضى ، وقد شذّت زيادتها بلفظ المضارع فى قول أمّ عقيل بن أبى طالب :
ـ
أنت تكون
ماجد نبيل
|
|
إذا تهبّ
شمأل بليل
|
__________________
ويحذفونها
ويبقون الخبر
|
|
وبعد إن ولو
كثيرا ذا اشتهر
|
تحذف «كان» مع
اسمها ويبقى خبرها كثيرا بعد إن ، كقوله :
__________________
ـ
قد قيل ما
قيل إن صدقا وإن كذبا
|
|
فما اعتذارك
من قول إذا قيلا؟
|
__________________
التقدير : «إن كان المقول صدقا ، وإن
كان المقول كذبا» وبعد لو
، كقولك : «ائتنى بدابّة ولو حمارا» أى : «ولو كان الماتىّ به حمارا».
وقد شذّ حذفها
بعد لدن ، كقوله :
ـ
* من لد شولا فإلى إتلائها*
[التقدير : من
لد أن كانت شولا].
__________________
وبعد «أن»
تعويض «ما» عنها ارتكب
|
|
كمثل «أمّا
أنت برّا فاقترب»
|
ذكر فى هذا
البيت أن «كان» تحذف بعد «أن» المصدرية ويعوّض عنها «ما» ويبقى اسمها وخبرها ، نحو
«أمّا أنت برّا فاقترب» والأصل «أن كنت برّا فاقترب» فحذفت «كان» فانفصل الضمير
المتصل بها وهو التاء ، فصار «أن أنت برّا» ثم أتى بـ «ما» عوضا عن «كان» ، فصار
__________________
«أن ما أنت برّا» [ثم أدغمت النون فى الميم ، فصار «أمّا أنت برّا»] ،
ومثله قول الشاعر :
ـ
أبا خراشة
أمّا أنت ذا نفر
|
|
فإنّ قومى لم
تأكلهم الضّبع
|
__________________
فأن : مصدرية ،
وما : زائدة عوضا عن «كان» ، وأنت : اسم كان المحذوفة ، وذا نفر : خبرها ، ولا
يجوز الجمع بين كان وما ؛ لكون «ما» عوضا عنها ، ولا يجوز الجمع بين العوض
والمعوّض ، وأجاز ذلك المبرد ، فيقول «أمّا كنت منطلقا انطلقت» .
ولم يسمع من
لسان العرب حذف «كان» وتعويض «ما» عنها وإبقاء اسمها وخبرها إلا إذا كان اسمها
ضمير مخاطب كما مثّل به المصنف ، ولم يسمع مع ضمير المتكلم ، نحو «أمّا أنا منطلقا
انطلقت» والأصل «أن كنت منطلقا» ولا مع الظاهر ، نحو «أما زيد ذاهبا انطلقت»
والقياس جوازهما كما جاز مع المخاطب ، والأصل «أن كان زيد ذاهبا انطلقت» وقد مثّل
سيبويه رحمه الله فى كتابه بـ «أمّا زيد ذاهبا».
* * *
ومن مضارع
لكان منجزم
|
|
تحذف نون ،
وهو حذف ما التزم
|
__________________
إذا جزم الفعل
المضارع من «كان» قيل : لم يكن ، والأصل يكون ، فحذف الجازم الضمة التى على النون
، فالتقى ساكنان : الواو ، والنون ؛ فحذف الواو لالتقاء الساكنين ؛ فصار اللفظ «لم
يكن» والقياس يقتضى أن لا يحذف منه بعد ذلك شىء آخر ، لكنهم حذفوا النون بعد ذلك
تخفيفا لكثرة الاستعمال ؛ فقالوا : «لم يك» وهو حذف جائز ، لا لازم ، ومذهب
سيبويه ومن تابعه أن هذه النون لا تحذف عند ملاقاة ساكن ؛ فلا تقول : «لم يك
الرّجل قائما» وأجاز ذلك يونس ، وقد قرىء شاذّا (لم يك الّذين
__________________
كفروا) وأما إذا لاقت متحركا فلا يخلو : إما أن يكون ذلك المتحرك ضميرا
متصلا ، أولا ، فإن كان ضميرا متصلا لم تحذف النون اتفاقا ، كقوله صلّى الله عليه
وسلم لعمر رضى الله عنه فى ابن صياد : «إن يكنه فلن تسلّط عليه ، وإلا يكنه فلا
خير لك فى قتله» ، فلا يجوز حذف النون ؛ فلا تقول : «إن يكه ، وإلّا يكه»
، وإن كان غير [ضمير] متصل جاز الحذف والإثبات ، نحو «لم يكن زيد قائما ، ولم يك
زيد قائما» وظاهر كلام المصنف أنه لا فرق فى ذلك بين «كان» الناقصة والتامة ، وقد
قرىء : (وإن تك حسنة يضاعفها) برفع حسنة وحذف النون ، وهذه هى التامة.
* * *
__________________
فصل فى ما ولا ولات وإن المشبّهات بليس
إعمال «ليس»
أعملت «ما» دون «إن»
|
|
مع بقا
النّفى ، وترتيب زكن
|
وسبق حرف جرّ
أو ظرف كـ «ما
|
|
بى أنت
معنيّا» أجاز العلما
|
تقدّم فى أول
باب «كان» وأخواتها أن نواسخ الابتداء تنقسم إلى أفعال
__________________
وحروف ، وسبق الكلام على «كان» وأخواتها ، وهى من الأفعال الناسخة ، وسيأتى
الكلام على الباقى ، وذكر المصنف فى هذا الفصل من الحروف [الناسخة] قسما يعمل عمل «كان»
وهو : ما ، ولا ، ولات ، وإن.
أما «ما» فلغة
بنى تميم أنها لا تعمل شيئا ؛ فتقول : «ما زيد قائم» فزيد : مرفوع بالابتداء ،
وقائم : خبره ، ولا عمل لما فى شىء منهما ؛ وذلك لأن «ما» حرف لا يختصّ ؛ لدخوله
على الاسم نحو : «ما زيد قائم» وعلى الفعل نحو : «ما يقوم زيد» وما لا يختص فحقه
ألّا يعمل ، ولغة أهل الحجاز إعمالها كعمل «ليس» لشبهها بها فى أنها لنفى الحال
عند الإطلاق ؛ فيرفعون بها الاسم ، وينصبون بها الخبر ، نحو : «ما زيد قائما» قال
الله تعالى (ما هذا بَشَراً) وقال تعالى : (ما هُنَّ
أُمَّهاتِهِمْ) وقال الشاعر :
ـ
أبناؤها
متكنّفون أباهم
|
|
حنقو الصّدور
، وما هم أولادها
|
__________________
لكن لا تعمل
عندهم إلا بشروط ستة ، ذكر المصنف منها أربعة :
الأول : ألّا
يزاد بعدها «إن» فإن زيدت بطل عملها ، نحو : «ما إن زيد قائم» برفع قائم ، ولا
يجوز نصبه ، وأجاز ذلك بعضهم .
الثانى : ألا
ينتقص النّفى بإلّا ، نحو : «ما زيد إلّا قائم» ؛ فلا يجوز نصب «قائم» و [كقوله
تعالى : (ما أَنْتُمْ إِلَّا
بَشَرٌ مِثْلُنا) وقوله : (وَما أَنَا إِلَّا
نَذِيرٌ)] خلافا لمن أجازه .
__________________
الثالث : ألّا
يتقدم خبرها على اسمها وهو غير ظرف ولا جار ومجرور ؛ فإن تقدّم وجب رفعه ، نحو : «ما
قائم زيد» ؛ فلا تقول : «ما قائما زيد» وفى ذلك خلاف .
__________________
فإن كان ظرفا
أو جارا ومجرورا فقدمته فقلت : «ما فى الدار زيد» ، و «ما عندك عمرو» فاختلف الناس
فى «ما» حينئذ : هل هى عاملة أم لا؟ فمن جعلها عاملة قال : إن الظرف والجار
والمجرور فى موضع نصب بها ، ومن لم يجعلها عاملة قال : إنهما فى موضع رفع على
أنهما خبران للمبتدأ الذى بعدهما ، وهذا الثانى هو ظاهر كلام المصنف ؛ فإنه شرط فى
إعمالها أن يكون المبتدأ والخبر بعد «ما» على الترتيب الذى زكن ، وهذا هو المراد
بقوله : «وترتيب زكن» أى : علم ، ويعنى به أن يكون المبتدأ مقدّما والخبر مؤخرا ،
ومقتضاه أنه متى تقدّم الخبر لا تعمل «ما» شيئا ، سواء كان الخبر ظرفا أو جارا
ومجرورا ، أو غير ذلك ، وقد صرّح بهذا فى غير هذا الكتاب.
الشرط الرابع :
ألّا يتقدم معمول الخبر على الاسم وهو غير ظرف ولا جار ومجرور ؛ فإن تقدم بطل
عملها ، نحو : «ما طعامك زيد آكل» فلا يجوز نصب «آكل» ومن أجاز بقاء العمل مع تقدم
الخبر يجيز بقاء العمل مع تقدم المعمول بطريق الأولى ؛ لتأخر الخبر ، وقد يقال :
لا يلزم ذلك ؛ لما فى
__________________
الإعمال مع تقدّم المعمول من الفصل بين الحرف ومعموله ، وهذا غير موجود مع
تقدم الخبر.
فإن كان
المعمول ظرفا أو جارا ومجرورا لم يبطل عملها ، نحو : «ما عندك زيد مقيما ، وما بى
أنت معنيّا» ؛ لأن الظروف والمجرورات يتوسّع فيها ما لا يتوسع فى غيرها.
وهذا الشرط
مفهوم من كلام المصنف ؛ لتخصيصه جواز تقديم معمول الخبر بما إذا كان المعمول ظرفا
أو جارا ومجرورا.
الشرط الخامس :
ألّا تتكرر «ما» ؛ فإن تكررت بطل عملها ، نحو : «ما ما زيد قائم» [فالأولى نافية ،
والثانية نفت النفى ؛ فبقى إثباتا] فلا يجوز نصب «قائم» وأجازه بعضهم .
الشرط السادس :
ألّا يبدل من خبرها موجب ، فإن أبدل بطل عملها ، نحو : «ما زيد بشىء إلا شىء لا
يعبأ به» فبشىء : فى موضع رفع خبر عن المبتدأ الذى
__________________
هو «زيد» ولا يجوز أن يكون فى موضع نصب خبرا عن «ما» ، وأجازه قوم ، وكلام
سيبويه ـ رحمه الله تعالى! ـ فى هذه المسألة محتمل للقولين المذكورين ـ أعنى القول
باشتراط ألّا يبدل من خبرها موجب ، والقول بعدم اشتراط ذلك ـ فإنه قال بعد ذكر
المثال المذكور ـ وهو «ما زيد بشىء ، إلى آخره» ـ : استوت اللغتان ، يعنى لغة
الحجاز ولغة تميم ، واختلف شرّاح الكتاب فيما يرجع إليه قوله : «استوت اللغتان»
فقال قوم : هو راجع إلى الاسم الواقع قبل «إلّا» والمراد أنه لا عمل لـ «ما» فيه ،
فاستوت اللغتان فى أنه مرفوع ، وهؤلاء هم الذين شرطوا فى إعمال «ما» ألا يبدل من
خبرها موجب ، وقال قوم : هو راجع إلى الاسم الواقع بعد «إلا» ، والمراد أنه يكون
مرفوعا سواء جعلت «ما» حجازية ، أو تميمية ، وهؤلاء هم الذين
لم يشترطوا فى إعمال «ما» ألا يبدل من خبرها موجب ، وتوجيه كل من القولين ، وترجيح
المختار منهما ـ وهو الثانى ـ لا يليق بهذا المختصر.
* * *
ورفع معطوف
بلكن أو ببل
|
|
من بعد منصوب
بما الزم حيث حل
|
__________________
إذا وقع بعد
خبر «ما» عاطف فلا يخلو : إما أن يكون مقتضيا للإيجاب ، أولا.
فإن كان مقتضيا
للإيجاب تعين رفع الاسم الواقع بعده ـ وذلك نحو «بل ، ولكن» ـ فتقول : «ما زيد
قائما لكن قاعد» أو «بل قاعد» ؛ فيجب رفع الاسم على أنه خبر مبتدأ محذوف ،
والتقدير «لكن هو قاعد ، وبل هو قاعد» ولا يجوز نصب «قاعد» عطفا على خبر «ما» ؛
لأن «ما» لا تعمل فى الموجب.
وإن كان الحرف
العاطف غير مقتض للإيجاب ـ كالواو ونحوها ـ جاز النصب والرفع ، والمختار النصب ،
نحو «ما زيد قائما ولا قاعدا» ويجوز الرفع ؛ فتقول : «ولا قاعد» وهو خبر لمبتدأ
محذوف ، والتقدير «ولا هو قاعد».
ففهم من تخصيص
المصنف وجوب الرفع بما إذا وقع الاسم بعد «بل ، ولكن» أنه لا يجب الرفع بعد
غيرهما.
* * *
وبعد ما وليس
جرّ البا الخبر
|
|
وبعد لا ونفى
كان قد يجرّ
|
__________________
تزاد الباء
كثيرا فى الخبر بعد «ليس ، وما» نحو قوله تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ
بِكافٍ عَبْدَهُ) و (أَلَيْسَ اللهُ
بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ) و (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا
يَعْمَلُونَ) و (وَما رَبُّكَ
بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ولا تختص زيادة الباء بعد «ما» بكونها حجازية خلافا
لقوم ، بل تزاد بعدها وبعد التميمية ، وقد نقل سيبويه والفرّاء ـ رحمهما الله
تعالى! ـ زيادة الباء بعد «ما» عن بنى تميم ؛ فلا التفات إلى من منع ذلك ، وهو موجود
فى أشعارهم .
وقد اضطرب رأى
الفارسىّ فى ذلك ؛ فمرة قال : لا تزاد الباء إلا بعد الحجازية ، ومرة قال : تزاد
فى الخبر المنفى.
وقد وردت زيادة
الباء قليلا فى خبر «لا» كقوله :
__________________
ـ
فكن لى شفيفا
يوم لا ذو شفاعة
|
|
بمغن فتيلا
عن سواد بن قارب
|
وفى خبر [مضارع]
«كان» المنفية بـ «لم» كقوله :
ـ
وإن مدّت
الأيدى إلى الزّاد لم أكن
|
|
بأعجلهم ؛ إذ
أجشع القوم أعجل
|
__________________
فى النّكرات
أعملت كليس «لا»
|
|
وقد تلى «لات»
و «إن» ذا العملا
|
__________________
وما لـ «لات»
فى سوى حين عمل
|
|
وحذف ذى
الرّفع فشا ، والعكس قلّ
|
تقدّم أن
الحروف العاملة عمل «ليس» أربعة ، وقد تقدّم الكلام على «ما» وذكر هنا «لا» و «لات»
و «إن».
أمّا «لا»
فمذهب الحجازيين إعمالها عمل «ليس» ، ومذهب تميم إهمالها
__________________
ولا تعمل عند
الحجازيين إلا بشروط ثلاثة :
أحدها : أن
يكون الاسم والخبر نكرتين ، نحو «لا رجل أفضل منك» ، ومنه قوله :
ـ
تعزّ فلا شىء
على الأرض باقيا
|
|
ولا وزر ممّا
قضى الله واقيا
|
__________________
وقوله :
ـ
نصرتك إذ لا
صاحب غير خاذل
|
|
فبوّئت حصنا
بالكماة حصينا
|
__________________
وزعم بعضهم
أنها قد تعمل فى المعرفة ، وأنشد للنابغة :
ـ
بدت فعل ذى
ودّ ، فلمّا تبعتها
|
|
تولّت ،
وبقّت حاجتى فى فؤاديا
|
وحلّت سواد
القلب ، لا أنا باغيا
|
|
سواها ، ولا
عن حبّها متراخيا
|
__________________
واختلف كلام
المصنف فى [هذا] البيت ؛ فمرة قال : إنه مؤوّل ، ومرة قال : إنّ القياس عليه سائغ .
الشرط الثانى :
ألّا يتقدم خبرها على اسمها ؛ فلا تقول «لا قائما رجل».
الشرط الثالث :
ألا ينتقض النّفى بإلّا ؛ فلا تقول : «لا رجل إلا أفضل من زيد» بنصب «أفضل» ، بل
يجب رفعه.
ولم يتعرض
المصنف لهذين الشرطين.
* * *
__________________
وأما «إن»
النافية فمذهب أكثر البصريين والفرّاء أنها لا تعمل شيئا. ومذهب الكوفيين ـ خلا
الفرّاء ـ أنها تعمل عمل «ليس» ، وقال به من البصريين أبو العباس المبرد ، وأبو
بكر بن السّرّاج ، وأبو على الفارسىّ ، وأبو الفتح بن جنى ، واختاره المصنف ، وزعم
أن فى كلام سيبويه ـ رحمه الله تعالى! ـ إشارة إلى ذلك ، وقد ورد السماع به ؛ قال
الشاعر :
ـ
إن هو
مستوليا على أحد
|
|
إلّا على
أضعف المجانين
|
__________________
وقال آخر :
ـ
إن المرء
ميتا بانقضاء حياته
|
|
ولكن بأن
يبغى عليه فيخذلا
|
__________________
وذكر ابن جنى ـ
فى المحتسب ـ أن سعيد بن جبير ـ رضى الله عنه! ـ قرأ (إِنَّ الَّذِينَ
تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) بنصب العباد.
ولا يشترط فى
اسمها وخبرها أن يكونا نكرتين ، بل تعمل فى النكرة والمعرفة ، فتقول : «إن رجل
قائما ، [وإن زيد القائم] ، وإن زيد قائما».
* * *
وأما «لات» فهى
«لا» النافية زيدت عليها تاء التأنيث مفتوحة ؛ ومذهب الجمهور أنها تعمل عمل «ليس»
؛ فترفع الاسم ، وتنصب الخبر ، لكن اختصت بأنها لا يذكر معها الاسم والخبر معا ،
بل [إنما] يذكر معها أحدهما ، والكثير فى لسان العرب حذف اسمها وبقاء خبرها ، ومنه
قوله تعالى : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) بنصب الحين ؛ فحذف الاسم وبقى الخبر ، والتقدير «ولات
الحين حين مناص» فالحين : اسمها ، وحين مناص خبرها ، وقد قرىء شذوذا (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) برفع الحين على أنه اسم «لات» والخبر محذوف ، والتقدير «ولات
حين مناص لهم» أى : ولات حين مناص كائنا لهم ، وهذا هو المراد بقوله : «وحذف ذى
الرّفع ـ إلى آخر البيت».
وأشار بقوله : «وما
للات فى سوى حين عمل» إلى ما ذكره سيبويه من أن
__________________
«لات» لا تعمل إلا فى الحين ، واختلف الناس فيه ؛ فقال قوم : [المراد] أنها
لا تعمل إلا فى لفظ الحين ، ولا تعمل فيما رادفه كالساعة ونحوها ، وقال قوم : المراد
أنها لا تعمل إلا فى أسماء الزمان ؛ فتعمل فى لفظ الحين وفيما رادفه من أسماء
الزمان ، ومن عملها فيما رادفه قول الشاعر :
ـ
ندم البغاة
ولات ساعة مندم
|
|
والبغى مرتع
مبتغيه وخيم
|
__________________
وكلام المصنف
محتمل للقولين ، وجزم بالثانى فى التسهيل ، ومذهب الأخفش أنها لا تعمل شيئا ، وأنه
إن وبد الاسم بعدها منصوبا فناصبه فعل مضمر ، والتقدير «لات أرى حين مناص» وإن وجد
مرفوعا فهو مبتدأ والخبر محذوف ، والتقدير «لات حين مناص كائن لهم» والله أعلم.
* * *
__________________
أفعال المقاربة
ككان كاد
وعسى ، لكن ندر
|
|
غير مضارع
لهذين خبر
|
هذا هو القسم
الثانى من الأفعال الناسخة [للابتداء] ، وهو «كاد» وأخواتها ، وذكر المصنف منها
أحد عشر فعلا ، ولا خلاف فى أنها أفعال ، إلا عسى ؛ فنقل الزاهد عن ثعلب أنها حرف
، ونسب أيضا إلى ابن السّرّاج ،
__________________
والصحيح أنها فعل ؛ بدليل اتّصال تاء الفاعل وأخواتها بها ، نحو «عسيت»
وعسيت ، وعسيتما ، وعسيتم ، وعسيتنّ».
وهذه الأفعال
تسمى أفعال المقاربة ، وليست كلها للمقاربة ، بل هى على ثلاثة أقسام :
أحدها : ما دلّ
على المقاربة ، وهى : كاد ، وكرب ، وأوشك.
والثانى : ما
دلّ على الرّجاء ، وهى : عسى ، وحرى ، واخلولق.
والثالث : ما
دلّ على الإنشاء ، وهى : جعل ، وطفق ، وأخذ ، وعلق ، وأنشأ.
فتسميتها أفعال
المقاربة من باب تسمية الكل باسم البعض.
وكلها تدخل على
المبتدأ والخبر ؛ فترفع المبتدأ اسما لها ، ويكون خبره خبرا لها فى موضع نصب ،
وهذا هو المراد بقوله : «ككان كاد وعسى» لكن الخبر فى
__________________
هذا الباب لا يكون إلا مضارعا ، نحو «كاد زيد يقوم ، وعسى زيد أن يقوم»
وندر مجيئه اسما بعد «عسى ، وكاد» كقوله :
ـ
أكثرت فى العذل
ملحّا دائما
|
|
لا تكثرن
إنّى عسيت صائما
|
__________________
وقوله :
ـ
فأبت إلى فهم
، وما كدت آئبا
|
|
وكم مثلها
فارقتها وهى تصفر
|
__________________
وهذا هو مراد
المصنف بقوله : «لكن ندر ـ إلى آخره» لكن فى قوله «غير مضارع» إيهام ؛ فإنه يدخل
تحته : الاسم ، والظرف ، والجارّ والمجرور ، والجملة الاسمية ، والجملة الفعلية
بغير المضارع ، ولم يندر مجىء هذه كلها خبرا عن «عسى ، وكاد» بل الذى ندر مجىء
الخبر اسما ، وأما هذه فلم يسمع مجيئها خبرا عن هذين.
* * *
وكونه بدون «أن»
بعد عسى
|
|
نزر ، وكاد
الأمر فيه عكسا
|
__________________
أى : اقتران
خبر «عسى» بـ «أن» كثير ؛ وتجريده من «أن» قليل ، وهذا مذهب سيبويه ، ومذهب
جمهور البصريين أنه لا يتجرّد خبرها من «أن» إلا فى الشعر ، ولم يرد فى القرآن إلا
مقترنا بـ «أن» قال الله تعالى : (فَعَسَى اللهُ أَنْ
يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) وقال عز وجل : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ
يَرْحَمَكُمْ)
ومن وروده بدون
«أن» قوله :
ـ
عسى الكرب
الّذى أمسيت فيه
|
|
يكون وراءه
فرج قريب
|
__________________
..................................................................................
__________________
وقوله :
ـ
عسى فرج يأتى
به الله ؛ إنه
|
|
له كلّ يوم
فى خليقته أمر
|
وأما «كاد»
فذكر المصنف أنها عكس «عسى» ؛ فيكون الكثير فى
__________________
خبرها أن يتجرد من «أن» ويقلّ اقترانه بها ، وهذا بخلاف ما نصّ عليه
الأندلسيّون من أن اقتران خبرها بـ «أن» مخصوص بالشعر ؛ فمن تجريده من «أن» قوله
تعالى : (فَذَبَحُوها وَما
كادُوا يَفْعَلُونَ) وقال : (مِنْ بَعْدِ ما كادَ
يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) ومن اقترانه بـ «أن» قوله صلّى الله عليه وسلّم : «ما
كدت أن أصلّى العصر حتى كادت الشّمس أن تغرب» وقوله :
ـ
كادت النّفس
أن تفيض عليه
|
|
إذ غدا حشو
ريطة وبرود
|
__________________
وكعسى حرى ،
ولكن جعلا
|
|
خبرها حتما
بـ «أن» متّصلا
|
__________________
وألزموا
اخلولق «أن» مثل حرى
|
|
وبعد أوشك
انتفا «أن» نزرا
|
يعنى أن «حرى»
مثل «عسى» فى الدلالة على رجاء الفعل ، لكن يجب اقتران خبرها بـ «أن» ، نحو «حرى
زيد أن يقوم» ولم يجرد خبرها من «أن» لا فى الشعر ولا فى غيره ، وكذلك «اخلولق»
تلزم «أن» خبرها نحو «اخلولقت السماء أن تمطر» وهو من أمثلة سيبويه ، وأما «أوشك»
فالكثير اقتران خبرها بـ «أن» ويقلّ حذفها منه ؛ فمن اقترانه بها قوله :
ـ
ولو سئل
النّاس التّراب لأوشكوا
|
|
ـ إذا قيل هاتوا ـ أن
يملّوا ويمنعوا
|
__________________
ومن تجرّده منها قوله :
ـ
يوشك من فرّ
من منيّته
|
|
فى بعض
غرّاته يوافقها
|
__________________
ومثل كاد فى
الأصحّ كربا
|
|
وترك «أن» مع
ذى الشّروع وجبا
|
كأنشأ
السّائق يحدو ، وطفق ،
|
|
كذا جعلت ،
وأخذت ، وعلق
|
__________________
لم يذكر سيبويه
فى «كرب» إلا تجرّد خبرها من «أن» ، وزعم المصنف أن الأصحّ خلافه ، وهو أنها مثل «كاد»
؛ فيكون الكثير فيها تجريد خبرها من «أن» ويقلّ اقترانه بها ؛ فمن تجريده قوله :
ـ
كرب القلب من
جواه يذوب
|
|
حين قال
الوشاة : هند غضوب
|
وسمع من
اقترانه بها قوله :
ـ
سقاها ذوو
الأحلام سجلا على الظّما
|
|
وقد كربت
أعناقها أن تقطعا
|
__________________
..................................................................................
__________________
والمشهور فى «كرب»
فتح الراء ، ونقل كسرها أيضا.
ومعنى قوله «وترك
أن مع ذى الشروع وجبا» أن ما دلّ على الشروع فى الفعل لا يجوز اقتران خبره بـ «أن»
لما بينه وبين «أن» من المنافاة ؛ لأن المقصود به الحال ، و «أن» للاستقبال ، وذلك
نحو «أنشأ السائق يحدو ، وطفق زيد يدعو ، وجعل يتكلم ، وأخذ ينظم ، وعلق يفعل كذا».
* * *
واستعملوا
مضارعا لأوشكا
|
|
وكاد لا غير
، وزادوا موشكا
|
__________________
أفعال هذا
الباب لا تتصرّف ، إلا «كاد ، وأوشك» ؛ فإنه قد استعمل منهما المضارع ، نحو قوله
تعالى : (يَكادُونَ يَسْطُونَ) وقول الشاعر :
* يوشك من فرّ من منيّته *
[٩٠] وزعم
الأصمعىّ أنه لم يستعمل «يوشك» إلا بلفظ المضارع [ولم تستعمل «أوشك» بلفظ الماضى]
وليس بجيّد ، بل قد حكى الخليل استعمال الماضى ، وقد ورد فى الشعر ، كقوله :
ولو سئل
النّاس التّراب لأوشكوا
|
|
إذا قيل
هاتوا أن يملّوا ويمنعوا
|
[٨٩] نعم الكثير فيها استعمال
المضارع [وقلّ استعمال الماضى] وقول المصنف : «وزادوا موشكا» معنا أنه قد ورد أيضا
استعمال اسم الفاعل من «أوشك» كقوله :
ـ
فموشكة أرضنا
أن تعود
|
|
خلاف الأنيس
وحوشا يبابا
|
__________________
وقد يشعر تخصيصه «أوشك» بالذكر أنه لم
يستعمل اسم الفاعل من «كاد» ، وليس كذلك ، بل قد ورد استعماله فى الشعر ، كقوله :
ـ
أموت أسى يوم
الرّجام ، وإنّنى
|
|
يقينا لرهن
بالّذى أنا كائد
|
وقد ذكر المصنف
هذا فى غير هذا الكتاب.
__________________
وأفهم كلام
المصنف أن غير «كاد ، وأوشك» من أفعال هذا الباب لم يرد منه المضارع ولا اسم الفاعل
، وحكى غيره خلاف ذلك ؛ فحكى صاحب
__________________
الإنصاف استعمال المضارع واسم الفاعل من «عسى» قالوا : عسى يعسى فهو عاس ،
وحكى الجوهرىّ مضارع «طفق» ، وحكى الكسائى مضارع «جعل».
* * *
بعد عسى
اخلولق أوشك قد يرد
|
|
غنى بـ «أن
يفعل» عن ثان فقد
|
اختصّت «عسى ،
واخلولق ، وأوشك» بأنها تستعمل ناقصة وتامة.
فأما الناقصة
فقد سبق ذكرها.
وأما التامة
فهى المسندة إلى «أن» والفعل ، نحو «عسى أن يقوم ، واخلولق أن يأتى ، وأوشك أن
يفعل» فـ «أن» والفعل فى موضع رفع فاعل «عسى ، واخلولق ، وأوشك» واستغنت به عن
المنصوب الذى هو خبرها.
وهذا إذا لم يل
الفعل الذى بعد «أن» اسم ظاهر يصحّ رفعه به ؛ فإن وليه نحو «عسى أن يقوم زيد» فذهب
الأستاذ أبو على الشّلوبين إلى أنه يجب أن يكون الظاهر مرفوعا بالفعل الذى بعد «أن»
فـ «أن» وما بعدها فاعل لعسى ، وهى تامة ، ولا خبر لها ، وذهب المبرد والسيرافىّ
والفارسىّ إلى تجويز
__________________
ما ذكره الشّلوبين وتجويز وجه آخر ، وهو : أن يكون ما بعد الفعل الذى بعد «أن»
مرفوعا بعسى اسما لها ، و «أن» والفعل فى موضع نصب بعسى ؛ وتقدّم على الاسم ،
والفعل الذى بعد «أن» فاعله ضمير يعود على فاعل «عسى» وجاز عوده عليه ـ وإن تأخّر
ـ لأنه مقدّم فى النية.
وتظهر فائدة
هذا الخلاف فى التثنية والجمع والتأنيث ؛ فتقول ـ على مذهب غير الشلوبين ـ «عسى أن
يقوما الزيدان ، وعسى أن يقوموا الزيدون ، وعسى أن يقمن الهندات» فتأتى بضمير فى
الفعل ؛ لأن الظاهر ليس مرفوعا به ، بل هو مرفوع بـ «عسى» وعلى رأى الشلوبين يجب
أن تقول : «عسى أن يقوم الزيدان ، وعسى أن يقوم الزيدون ، وعسى أن تقوم الهندات»
فلا تأتى فى الفعل بضمير ؛ لأنه رفع الظاهر الذى بعده.
* * *
وجرّدن عسى ،
أو ارفع مضمرا
|
|
بها ، إذا
اسم قبلها قد ذكرا
|
__________________
اختصّت «عسى»
من بين سائر أفعال هذا الباب بأنها إذا تقدم عليها اسم جاز أن يضمر فيها ضمير يعود
على الاسم السابق ، وهذه لغة تميم ، وجاز تجريدها عن الضمير ، وهذه لغة الحجاز ،
وذلك نحو «زيد عسى أن يقوم» فعلى لغة تميم يكون فى «عسى» ضمير مستتر يعود على «زيد»
و «أن يقوم» فى موضع نصب بعسى ، وعلى لغة الحجاز لا ضمير فى عسى» و «أن يقوم» فى
موضع رفع بعسى.
ونظهر فائدة
ذلك فى التثنية والجمع والتأنيث ؛ فتقول ـ على لغة تميم ـ : «هند عست أن تقوم ،
والزيدان عسيا أن يقوما ، والزيدون عسوا أن يقوموا ، والهندان عستا أن تقوما ،
والهندات عسين أن يقمن» وتقول ـ على لغة الحجاز ـ : «هند عسى أن تقوم ، والزيدان
عسى أن يقوما ، والزيدون عسى أن يقوموا ، والهندان عسى أن تقوما ، والهندات عسى أن
يقمن».
وأما غير «عسى»
من أفعال هذا الباب فيجب الإضمار فيه ؛ فتقول : «الزيدان جعلا ينظمان» ولا يجوز
ترك الإضمار ؛ فلا تقول : «الزيدان جعل ينظمان» كما تقول : «الزيدان عسى أن يقوما».
* * *
والفتح
والكسر أجز فى السّين من
|
|
نحو «عسيت» ،
وانتقا الفتح زكن
|
__________________
إذا اتصل بـ «عسى»
ضمير موضوع للرفع ، وهو لمتكلم ، نحو «عسيت» أو لمخاطب ، نحو «عسيت ، وعسيت ،
وعسيتما ، وعسيتم ، وعسيتنّ» أو لغائبات ، نحو «عسين» جاز كسر سينها وفتحها ،
والفتح أشهر ، وقرأ نافع : (فهل عسيتم إن تولّيتم) ـ بكسر السين ـ وقرأ الباقون
بفتحها.
* * *
__________________
إنّ وأخواتها
لإنّ ، أنّ ،
ليت ، لكنّ ، لعلّ ،
|
|
كأنّ ـ عكس
مالكان من عمل
|
كإنّ زيدا
عالم بأنّى
|
|
كفء ، ولكنّ
ابنه ذو ضغن
|
هذا هو القسم
الثانى من الحروف الناسخة للابتداء ، وهى ستة أحرف :
__________________
إنّ ، وأنّ ، وكأنّ ، ولكنّ ، وليت ، ولعلّ ، وعدّها سيبويه خمسة ؛ فأسقط «أنّ»
المفتوحة لأن أصلها «إن» المكسورة ، كما سيأتى.
ومعنى «إنّ ،
وأنّ» التوكيد ، ومعنى «كأنّ» التشبيه ، و «لكنّ» للاستدراك ، و «ليت» للتّمنّى ، و
«لعلّ» للترجّى والإشفاق ، والفرق بين الترجّى والتمنى أن التمنى يكون فى الممكن ،
نحو : «ليت زيدا قائم» وفى غير الممكن ، نحو : «ليت الشّباب يعود يوما» ، وأن الترجّى لا يكون إلا فى الممكن ؛ فلا تقول : «لعلّ
الشّباب يعود» والفرق بين الترجّى والإشفاق أن الترجّى يكون فى المحبوب ، نحو : «لعل
الله يرحمنا» والإشفاق فى المكروه نحو : «لعل العدو يقدم».
وهذه الحروف
تعمل عكس عمل «كان» فتنصب الاسم ، وترفع الخبر
__________________
..................................................................................
__________________
نحو : «إنّ
زيدا قائم» ؛ فهى عاملة فى الجزءين ، وهذا مذهب البصريين ، وذهب الكوفيّون إلى
أنها لا عمل لها فى الخبر ، وإنما هو باق على رفعه الذى كان له قبل دخول «إن» وهو
خبر المبتدأ.
* * *
وراع ذا
التّرتيب ، إلّا فى الّذى
|
|
كليت فيها ـ أو
هنا ـ غير البذى
|
أى : يلزم
تقديم الاسم فى هذا الباب وتأخير الخبر ، إلّا إذا كان الخبر ظرفا ، أو جارا
ومجرورا ؛ فإنه لا يلزم تأخيره ، وتحت هذا قسمان :
أحدهما : أنه
يجوز تقديمه وتأخيره ، وذلك نحو : «ليت فيها غير البذى»
__________________
أو «ليت هنا غير البذى» أى اوقح ؛ فيجوز تقديم «فيها ، وهنا» على «غير»
وتأخيرهما عنها.
والثانى : أنه
يجب تقديمه ، نحو : «ليت فى الدّار صاحبها» فلا يجوز تأخير «فى الدار» لئلا يعود
الضمير على متأخر لفظا ورتبة.
ولا يجوز تقديم
معمول الخبر على الاسم إذا كان غير ظرف ولا مجرور ، نحو : «إنّ زيدا آكل طعامك»
فلا يجوز «إنّ طعامك زيدا آكل» وكذا إن كان المعمول ظرفا أو جارا ومجرورا ، نحو : «إنّ
زيدا واثق بك» أو «جالس عندك» فلا يجوز تقديم المعمول على الاسم ؛ فلا تقول : «إنّ
بك زيدا واثق» أو «إنّ عندك زيدا جالس» وأجازه بعضهم ، وجعل منه قوله :
ـ
فلا تلحنى
فيها ؛ فإنّ بحبّها
|
|
أخاك مصاب
القلب جمّ بلابله
|
* * *
__________________
وهمز إنّ
افتح لسدّ مصدر
|
|
مسدّها ، وفى
سوى ذاك اكسر
|
«إنّ» لها ثلاثة أحوال : وجوب
الفتح ، ووجوب الكسر ، وجواز الأمرين :
فيجب فتحها إذا
قدّرت بمصدر ، كما إذا وقعت فى موضع مرفوع فعل ،
__________________
نحو : «يعجبنى أنّك
قائم» أى : قيامك ، أو منصوبه ، نحو : «عرفت أنّك قائم» أى : قيامك ، أو فى موضع
مجرور حرف ، نحو : «عجبت من أنّك قائم» أى : من قيامك (١) ، وإنما قال : «لسدّ
مصدر مسدّها» ولم يقل : «لسد مفرد مسدها» لأنه قد يسدّ المفرد مسدّها ويجب كسرها ،
نحو : «ظننت زيدا إنه قائم» ؛ فهذه يجب كسرها وإن سدّ مسدّها مفرد ؛ لأنها فى موضع
المفعول الثانى ، ولكن لا تقدّر بالمصدر ؛ إذ لا يصح «ظننت زيدا قيامه».
فإن لم يجب
تقديرها بمصدر لم يجب فتحها ، بل تكسر : وجوبا ، أو جوازا ، على ما سنبين ، وتحت
هذا قسمان ؛ أحدهما : وجوب الكسر ، والثانى : جواز الفتح والكسر ؛ فأشار إلى وجوب
الكسر بقوله :
__________________
فاكسر فى
الابتدا ، وفى بدء صله
|
|
وحيث «إنّ»
ليمين مكمله
|
أو حكيت
بالقول ، أو حلّت محلّ
|
|
حال ، كزرته
وإنّى ذو أمل
|
وكسروا من
بعد فعل علّقا
|
|
باللّام ،
كاعلم إنّه لذو تقى
|
__________________
[فذكر أنه] يجب
الكسر فى ستة مواضع :
الأول : إذا
وقعت «إنّ» ابتداء ، أى : فى أول الكلام ، نحو : «إنّ زيدا قائم» ولا يجوز وقوع
المفتوحة ابتداء ؛ فلا تقول : «أنّك فاضل عندى» بل يجب التأخير ؛ فتقول : «عندى
أنّك فاضل» وأجاز بعضهم الابتداء بها.
الثانى : أن
تقع «إنّ» صدر صلة ، نحو : «جاء الّذى إنه قائم» ، ومنه قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ
مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ).
الثالث : أن
تقع جوابا للقسم وفى خبرها اللام ، نحو : «والله إن زيدا لقائم» وسيأتى الكلام على
ذلك.
الرابع : أن
تقع فى جملة محكيّة بالقول ، نحو : «قلت إنّ زيدا قائم» [قال تعالى : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ)] ؛ فإن لم تحك به ـ بل أجرى القول مجرى الظن ـ فتحت ،
نحو : «أتقول أن زيدا قائم؟» أى : أتظنّ.
الخامس : أن
تقع فى جملة فى موضع الحال ، كقوله : «زرته وإنّى ذو أمل» ومنه قوله تعالى : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ
بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) وقول الشاعر :
ـ
ما أعطيانى
ولا سألتهما
|
|
إلّا وإنّى
لحاجزى كرمى
|
__________________
السادس : أن
تقع بعد فعل من أفعال القلوب وقد علّق عنها باللام ، نحو : «علمت إنّ زيدا لقائم»
وسنبين هذا فى باب «ظنّ» فإن لم يكن فى خبرها اللام فتحت ، نحو : «علمت أنّ زيدا
قائم».
هذا ما ذكره
المصنف ، وأورد عليه أنه نقص مواضع يجب كسر إنّ» فيها :
الأول : إذا
وقعت بعد «ألا» الاستفتاحية ، نحو : «ألا إنّ زيدا قائم». ومنه قوله تعالى : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ)
__________________
الثانى : إذا
وقعت بعد «حيث» ، نحو : «اجلس حيث إنّ زيدا جالس».
الثالث : إذا
وقعت فى جملة هى خبر عن اسم عين ، نحو : «زيد إنّه قائم».
ولا يرد عليه
شىء من هذه المواضع ؛ لدخولها تحت قوله : «فاكسر فى الابتدا» لأن هذه إنما كسرت
لكونها أوّل جملة مبتدأ بها.
* * *
بعد إذا
فجاءة أو قسم
|
|
لا لام بعده
بوجهين نمى
|
مع تلو فا
الجزا ، وذا يطّرد
|
|
فى نحو «خير
القول إنّى أحمد»
|
__________________
يعنى أنه يجوز
فتح «إنّ» وكسرها إذا وقعت بعد إذا الفجائية ، نحو «خرجت فإذا إن زيدا قائم» فمن
كسرها جعلها جملة ، والتقدير : خرجت فإذا زيد قائم ، ومن فتحها جعلها مع صلتها
مصدرا ، وهو مبتدأ خبره إذا الفجائية ، والتقدير «فإذا قيام زيد» أى ففى الحضرة
قيام زيد ، ويجوز أن يكون الخبر محذوفا ، والتقدير «خرجت فإذا قيام زيد موجود» ، ومما جاء بالوجهين قوله :
ـ
وكنت أرى
زيدا ـ كما قيل ـ سيّدا
|
|
إذا أنّه عبد
القعا والّلهازم
|
__________________
..................................................................................
__________________
روى بفتح «أنّ»
روى بفتح «أنّ» وكسرها ؛ فمن كسرها جعلها جملة [مستأنفة] ، والتقدير «إذا هو عبد
القفا والّلهازم» ومن فتحها جعلها مصدرا مبتدأ ، وفى خبره الوجهان السابقان ،
والتقدير على الأول «فإذا عبوديّته» أى : ففى الحضرة عبوديته ، وعلى الثانى «فإذا
عبوديته موجودة».
وكذا يجوز فتح «إن»
وكسرها إذا وقعت جواب قسم ، وليس فى خبرها اللام ، نحو «حلفت أنّ زيدا قائم»
بالفتح والكسر ؛ وقد روى بالفتح والكسر قوله :
ـ
لتقعدنّ مقعد
القصىّ
|
|
منّى ذى
القاذورة المقلىّ
|
أو تحلفى
بربّك العلىّ
|
|
أنّى أبو
ذيّالك الصّبىّ
|
__________________
..................................................................................
__________________
ومقتضى كلام
المصنف أنه يجوز فتح «إنّ» وكسرها بعد القسم إذا لم يكن فى خبرها اللام ، سواء
كانت الجملة المقسم بها فعلية ، والفعل فيها ملفوظ به ، نحو «حلفت إنّ زيدا قائم»
أو غير ملفوظ به ، نحو «والله إنّ زيدا قائم» أو اسمية ، نحو «لعمرك إنّ زيدا قائم»
.
__________________
وكذلك يجوز
الفتح والكسر إذا وقعت «إنّ» بعد فاء الجزاء ، نحو «من يأتنى فإنّه مكرم» فالكسر
على جعل «إنّ» ومعموليها جملة أجيب بها الشرط ، فكأنه قال : من يأتنى فهو مكرم ،
والفتح على جعل «أنّ» وصلتها مصدرا مبتدأ والخبر محذوف ، والتقدير «من يأتنى
فإكرامه موجود» ويجوز أن يكون خبرا والمبتدأ محذوفا ، والتقدير «فجزاؤه الإكرام».
ومما جاء
بالوجهين قوله تعالى : (كَتَبَ رَبُّكُمْ
عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ
تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) قرىء (فَأَنَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ) بالفتح [والكسر ؛ فالكسر على جعلها جملة جوابا لمن ،
والفتح] على جعل أنّ وصلتها مصدرا مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير «فالغفران جزاؤه»
أو على جعلها خبرا لمبتدأ محذوف ، والتقدير «فجزاؤه الغفران».
وكذلك يجوز
الفتح والكسر إذا وقعت «أنّ» بعد مبتدأ هو فى المعنى قول وخبر «إنّ» قول ، والقائل
واحد ، نحو «خير القول إنى أحمد [الله]» فمن فتح جعل «أنّ» وصلتها مصدرا خبرا عن «خير»
، والتقدير «خير القول حمد لله» فـ «خير» : مبتدأ ، و «حمد الله» : خبره ، ومن كسر
جعلها جملة خبرا عن «خير» كما تقول «أول قراءتى (سَبِّحِ اسْمَ
رَبِّكَ الْأَعْلَى) فأول : مبتدأ ، و (سَبِّحِ اسْمَ
رَبِّكَ الْأَعْلَى) جملة خبر عن «أول» وكذلك «خير القول» مبتدأ ، و «إنى
أحمد الله» خبره ، ولا تحتاج هذه
__________________
الجملة إلى رابط ؛ لأنها نفس المبتدأ فى المعنى ؛ فهى مثل «نطقى الله حسبى»
ومثّل سيبويه هذه المسألة بقوله : «أول ما أقول أنّى أحمد الله» وخرّج الكسر على
الوجه الذى تقدّم ذكره ، وهو أنه من باب الإخبار بالجمل ، وعليه جرى جماعة من
المتقدمين والمتأخرين : كالمبرد ، والزجاج ، والسيرافى ، وأبى بكر بن طاهر ؛ وعليه
أكثر النحويين.
* * *
وبعد ذات
الكسر تصحب الخبر
|
|
لام ابتداء ،
نحو : إنّى لوزر
|
يجوز دخول لام
الابتداء على خبر «إنّ» المكسورة ، نحو «إنّ زيدا لقائم».
__________________
وهذه اللام
حقّها أن تدخل على أول الكلام ؛ لأنّ لها صدر الكلام ؛ فحقّها أن تدخل على «إنّ»
نحو «لأنّ زيدا قائم» لكن لما كانت اللام للتأكيد ، وإن للتأكيد ؛ كرهوا الجمع بين
حرفين بمعنى واحد ، فأخّروا اللام إلى الخبر.
ولا تدخل هذه
اللام على خبر باقى أخوات «إنّ» ؛ فلا تقول «لعلّ زيدا لقائم» وأجاز الكوفيون
دخولها فى خبر «لكن» ، وأنشدوا :
ـ
يلوموننى فى
حبّ ليلى عواذلى
|
|
ولكنّنى من
حبّها لعميد
|
__________________
..................................................................................
__________________
وخرّج على أن
اللام زائدة ، كما شذّ زيادتها فى خبر «أمسى» نحو قوله :
ـ
مرّوا عجالى
، فقالوا : كيف سيّدكم؟
|
|
فقال من
سألوا : أمسى لمجهودا
|
__________________
أى : أمسى
مجهودا ، وكما زيدت فى خبر المبتدأ شذوذا ، كقوله :
ـ
أمّ الحليس
لعجوز شهربه
|
|
ترضى من
الّلحم بعظم الرّقبه
|
__________________
وأجاز المبرّد
دخولها فى خبر أنّ المفتوحة ، وقد قرىء شاذّا : (إِلَّا إِنَّهُمْ
لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) بفتح «أنّ» ، وبتخرّج أيضا على زيادة اللام.
* * *
ولا يلى ذى
اللّام ما قد نفيا
|
|
ولا من
الأفعال ما كرضيا
|
__________________
وقد يليها مع
قد ، كإنّ ذا
|
|
لقد سما على
العدا مستحوذا
|
إذا كان خبر «إنّ»
منفيّا لم تدخل عليه اللام ؛ فلا تقول «إنّ زيدا لما يقوم» وقد ورد فى الشعر ،
كقوله :
ـ
وأعلم إنّ
تسليما وتركا
|
|
للا متشابهان
ولا سواء
|
__________________
وأشار بقوله : «ولا
من الأفعال ما كرضيا» إلى أنه إذا كان الخبر ماضيا متصرفا غير مقرون بقد لم تدخل
عليه اللام ؛ فلا تقول «إنّ زيدا لرضى» وأجاز ذلك الكسائىّ ، وهشام ؛ فإن كان
الفعل مضارعا دخلت اللام
__________________
عليه ، ولا فرق بين المتصرّف نحو «إنّ زيدا ليرضى» وغير المتصرف ، نحو «إنّ
زيدا ليذر الشّرّ» هذا إذا لم تقترن به السين أو سوف ؛ فإن اقترنت [به] ، نحو «إنّ
زيدا سوف يقوم» أو «سيقوم» ففى جواز دخول اللام عليه خلاف ؛ [فيجوز إذا كان «سوف»
على الصحيح ، وأما إذا كانت السين فقليل].
وإن كان ماضيا
غير متصرف فظاهر كلام المصنف [جواز] دخول اللام عليه ؛ فتقول : «إنّ زيدا لنعم
الرّجل ، وإنّ عمرا لبئس الرّجل» وهذا مذهب الأخفش والفراء ، والمنقول أن سيبويه
لا يجيز ذلك.
فإن قرن الماضى
المتصرف بـ «قد» جاز دخول اللام عليه ، وهذا هو المراد بقوله : «وقد يليها مع قد»
نحو «إنّ زيدا لقد قام».
* * *
وتصحب الواسط
معمول الخبر
|
|
والفصل ،
واسما حلّ قبله الخبر
|
تدخل لام
الابتداء على معمول الخبر إذا توسّط بين اسم إنّ والخبر ، نحو «إن زيدا لطعامك آكل»
وينبغى أن يكون الخبر حينئذ مما يصح دخول اللام عليه كما مثّلنا فإن كان الخبر لا يصح دخول اللام عليه لم يصح دخولها
__________________
على المعمول ، كما إذا كان [الخبر] فعلا ماضيا متصرفا غير مقرون بـ «قد» لم
يصحّ دخول اللام على المعمول ؛ فلا تقول «إنّ زيدا لطعامك أكل» وأجاز ذلك بعضهم ،
وإنما قال المصنف : «وتصحب الواسط» ـ أى : المتوسّط ـ تنبيها على أنها لا تدخل على
المعمول إذا تأخر ؛ فلا تقول «إنّ زيدا آكل لطعامك».
وأشعر قوله بأن
اللام إذا دخلت على المعمول المتوسّط لا تدخل على الخبر ، فلا تقول «إنّ زيدا
لطعامك لآكل» ، وذلك من جهة أنه خصّص دخول اللام بمعمول الخبر المتوسط ، وقد سمع
ذلك قليلا ، حكى من كلامهم «إنى» لبحمد الله لصالح».
__________________
وأشار بقوله : «والفصل
» إلى أن لام الابتداء تدخل على ضمير الفصل ، نحو «إنّ زيدا لهو القائم»
وقال الله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ
الْقَصَصُ الْحَقُّ) فـ «هذا» اسم «إنّ» ، و «هو» ضمير الفصل ، ودخلت عليه
اللام ، و «الفصص» خبر «إنّ».
وسمى ضمير
الفصل لأنه يفصل بين الخبر والصفة ، وذلك إذا قلت «زيد هو القائم» فلو لم تأت بـ «هو»
لاحتمل أن يكون «القائم» صفة لزيد ، وأن يكون خبرا عنه ، فلما أتيت بـ «هو» تعين
أن يكون «القائم» خبرا عن زيد.
وشرط ضمير
الفصل أن يتوسط بين المبتدأ والخبر ، نحو «زيد هو القائم» أو بين ما أصله المبتدأ والخبر ،
نحو «إنّ زيدا لهو القائم».
__________________
واشار بقوله : «واسما
حلّ قبلة الخبر» إلى أن لام الابتداء تدخل على الاسم إذا تأخر عن الخبر ، نحو «إنّ
فى الدار لزيدا» قال الله تعالى : (وَإِنَّ لَكَ
لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ).
وكلامه يشعر [أيضا]
بأنه إذا دخلت اللام على ضمير الفصل أو على الاسم المتأخر لم ندخل على الخبر ، وهو
كذلك ؛ فلا تقول : «إنّ زيدا لهو لقائم» ، ولا «إن لفّى الدّار لزيدا».
ومقتضى إطلاقه
ـ فى قوله : إن لام الابتداء تدخل على المعمول المتوسط بين الاسم والخبر ـ أن كلّ
معمول إذا توسّط جاز دخول اللام عليه ؛ كالمفعول الصريح ، والجار والمجرور ،
والظرف ، والحال ، وقد نص النحويون على منع دخول اللام على الحال ؛ فلا تقول : «إنّ
زيدا لضاحكا راكب».
* * *
ووصل «ما»
بذى الحروف مبطل
|
|
إعمالها ،
وقد يبقّى العمل
|
__________________
إذا اتصلت «ما» غير الموصولة بإنّ وأخواتها كفّتها عن العمل ، إلا «ليت»
فإنه يجوز فيها الإعمال [والإهمال] فتقول : «إنما زيد قائم» ولا يجوز نصب «زيد»
وكذلك أن [وكأنّ] ولكنّ ولعلّ ، وتقول : «ليتما زيد قائم» وإن شئت نصبت «زيدا»
فقلت : «ليتما زيدا قائم» وظاهر كلام المصنف ـ رحمه الله تعالى! ـ أنّ «ما» إن
اتصلت بهذه الأحرف كفّتها عن العمل ، وقد تعمل قليلا ، وهذا مذهب جماعة من
النحويين [كالزجاجى ، وابن السراج] ، وحكى الأخفش والكسائى «إنما
__________________
زيدا قائم» والصحيح المذهب الأول ، وهو أنه لا يعمل منها مع «ما» إلّا «ليت»
، وأما ما حكاه الأخفش والكسائى فشاذّ ، واحترزنا بغير الموصولة من الموصولة ؛ فإنها
لا تكفّها عن العمل ، بل تعمل معها ، والمراد من الموصولة التى بمعنى «الذى» ، نحو
«إنّ ما عندك حسن» [أى : إن الذى عندك حسن] ، والتى هى مقدّرة بالمصدر ، نحو «إنّ
ما فعلت حسن» أى : إنّ فعلك حسن
* * *
وجائز رفعك
معطوفا على
|
|
منصوب «إنّ»
، بعد أن تستكملا
|
أى : إذا أتى
بعد اسم «إنّ» وخبرها بعاطف جاز فى الاسم الذى بعده وجهان ؛ أحدهما : النصب عطفا
على اسم «إنّ» نحو «إنّ زيدا قائم وعمرا»
__________________
والثانى :
الرفع نحو «إنّ زيدا قائم وعمرو» واختلف فيه ؛ فالمشهور أنه معطوف على محلّ اسم «إنّ» فإنه فى الأصل
مرفوع لكونه مبتدأ ، وهذا يشعر به [ظاهر] كلام المصنف ، وذهب قوم إلى أنه مبتدأ
وخبره محذوف ، والتقدير : وعمرو كذلك ، وهو الصحيح.
فإن كان العطف
قبل أن تستكمل «إنّ» ـ أى قبل أن تأخذ خبرها ـ تعيّن النصب عند جمهور النحويين ؛
فتقول : إنّ زيدا وعمرا قائمان ، وإنّك وزيدا ذاهبان ، وأجاز بعضهم الرفع.
__________________
وألحقت بإنّ
لكنّ وأنّ
|
|
من دون ليت
ولعلّ وكأنّ
|
حكم «أنّ»
المفتوحة و «لكنّ» فى العطف على اسمهما حكم «إنّ» المكسورة ؛ فتقول : «علمت أنّ
زيدا قائم وعمرو» برفع «عمرو» ونصبه ، وتقول : «علمت أنّ زيدا وعمرا قائمان»
بالنصب فقط عند الجمهور ، وكذلك تقول : «ما زيد قائما ، لكنّ عمرا منطلق وخالدا»
بنصب خالد ورفعه ، و «ما زيد قائما لكن عمرا وخالدا منطلقان» بالنصب فقط.
وأما «ليت ،
ولعلّ ، وكأنّ» فلا يجوز معها إلا النصب. [سواء تقدّم المعطوف ، أو تأخّر ؛ فتقول
: «ليت زيدا وعمرا قائمان ، وليت زيدا قائم وعمرا» بنصب «عمرو» فى المثالين ، ولا
يجوز رفعه ، وكذلك «كأنّ ؛ ولعل» ؛ وأجاز الفراء الرفع فيه ـ متقدما ومتأخرا ـ مع
الأحرف الثلاثة.
* * *
وخفّفت إنّ
فقلّ العمل
|
|
وتلزم الّلام
إذا ما تهمل
|
__________________
وربّما
استغنى عنها إن بدا
|
|
ما ناطق
أراده معتمدا
|
إذا خفّفت «إنّ»
فالأكثر فى لسان العرب إهمالها ؛ فتقول : «إن زيد لقائم» وإذا أهملت لزمتها اللام
فارقة بينها وبين «إن» النافية ، ويقلّ إعمالها فتقول : «إن زيدا قائم» وحكى
الإعمال سيبويه ، والأخفش ، رحمهما الله تعالى ؛ فلا تلزمها حينئذ اللام ؛ [لأنها لا تلتبس ـ والحالة
هذه ـ
__________________
بالنافية] لأن النافية لا تنصب الاسم وترفع الخبر ، وإنما تلتبس بإن
النافية إذا أهملت ولم يظهر المقصود [بها] فإن ظهر المقصود [بها] فقد يستغنى عن
اللام ، كقوله :
ـ
ونحن أباة
الضّيم من آل مالك
|
|
وإن مالك
كانت كرام المعادن
|
__________________
التقدير : وإن
مالك لكانت ، فحذفت اللام ؛ لأنها لا تلتبس بالنافية ؛ لأن المعنى على الإثبات ،
وهذا هو المراد بقوله : «وربما استغنى عنها إن بدا ـ إلى آخر البيت».
واختلف
النحويون فى هذه اللام : هل هى لام الابتداء أدخلت للفرق بين «إن» النافية و «إن»
المخففة من الثقيلة ، أم هى لام أخرى اجتلبت للفرق؟ وكلام سيبويه يدلّ على أنها
لام الابتداء دخلت للفرق.
وتظهر فائدة
هذا الخلاف فى مسألة جرت بين ابن أبى العافية وابن الأخضر ؛ وهى قوله صلّى الله عليه
وسلّم : «قد علمنا إن كنت لمؤمنا» فمن جعلها لام الابتداء أوجب كسر «إن» ومن جعلها
لاما أخرى ـ اجتلبت للفرق ـ فتح أن ، وجرى الخلاف فى هذه المسألة قبلهما بين أبى
الحسن علىّ بن سليمان البغدادى الأخفش الصغير ، وبين أبى علىّ الفارسى ؛ فقال
الفارسى : هى لام غير
__________________
لام الابتداء اجتلبت للفرق ، وبه قال ابن أبى العافية ، وقال الأخفش الصغير
:إنما هى لام الابتداء أدخلت للفرق ، وبه قال ابن الأخضر .
* * *
والفعل إن لم
يك ناسخا فلا
|
|
تلفيه غالبا
بإن ذى موصلا
|
__________________
إذا خفّفت «إنّ»
فلا يليها من الأفعال إلا الأفعال الناسخة للابتداء ، نحو كان وأخواتها ، وظن
وأخواتها ، قال الله تعالى : (وَإِنْ كانَتْ
لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ) وقال الله تعالى : (وَإِنْ يَكادُ
الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ) وقال الله تعالى : (وَإِنْ وَجَدْنا
أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) ويقلّ أن يليها غير الناسخ ، وإليه أشار بقوله : «غالبا»
ومنه قول بعض العرب : «إن يزينك لنفسك ، وإن يشينك لهيه» وقولهم : «إن قنّعت كاتبك
لسوطا» وأجاز الأخفش «إن قام لأنا ».
ومنه قول
الشاعر :
ـ
شلّت يمينك
إن قتلت لمسلما
|
|
حلّت عليك
عقوبة المتعمّد
|
__________________
وإن تخفّف
أنّ فاسمها استكنّ
|
|
والخبر اجعل
جملة من بعد أن
|
إذا خفّفت أنّ [المفتوحة]
بقيت على ما كان لها من العمل ، لكن لا يكون اسمها إلا ضمير الشأن محذوفا ، وخبرها لا يكون إلا جملة ، وذلك نحو «علمت أن زيد
قائم» فـ «أن» مخفّفة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن ، وهو محذوف ، والتقدير [«أنه»
، و «زيد قائم» فى جملة فى موضع رفع خبر «أن» والتقدير] «علمت أنه زيد قائم» وقد
يبرز اسمها وهو غير ضمير الشأن ، كقوله :
__________________
ـ
فلو أنك فى
يوم الرّخاء سألتنى
|
|
طلاقك لم
أبخل وأنت صديق
|
__________________
وإن يكن فعلا
ولم يكن دعا
|
|
ولم يكن
تصريفه ممتنعا
|
فالأحسن
الفصل بقد ، أو نفى ، أو
|
|
تنفيس ، أو
لو ، وقليل ذكر لو
|
__________________
إذا وقع خبر «أن»
المخففة جملة اسمية لم يحتج إلى فاصل ؛ فتقول : «علمت أن زيد قائم» من غير حرف
فاصل بين «أن» وخبرها ، إلا إذا قصد النفى ؛ فيفصل بينهما بحرف [النفى] كقوله
تعالى : (وَأَنْ لا إِلهَ
إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
وإن وقع خبرها
جملة فعلية ، فلا يخلو : إما أن يكون الفعل متصرّفا ، أو غير متصرف ، فإن كان غير
متصرف لم يؤت بفاصل ، نحو قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ
لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) وقوله تعالى : (وَأَنْ عَسى أَنْ
يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) وإن كان متصرفا ، فلا يخلو : إما أن يكون دعاء ، أولا ،
فإن كان دعاء لم يفصل ، كقوله تعالى : (وَالْخامِسَةَ أَنَّ
غَضَبَ اللهِ عَلَيْها) فى قراءة من قرأ (غَضَبَ) بصيغة الماضى ، وإن لم يكن دعاء فقال قوم : يجب أن يفصل
بينهما إلا قليلا ، وقالت فرقة منهم المصنف : يجوز الفصل وتركه والأحسن الفصل ، والفاصل
__________________
أحد أربعة
أشياء.
الأول : «قد»
كقوله تعالى : (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ
صَدَقْتَنا)
الثانى : حرف
التنفيس ، وهو السين أو سوف ؛ فمثال السين قوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) ومثال «سوف» قول الشاعر :
ـ
واعلم فعلم
المرء ينفعه
|
|
أن سوف يأتى
كلّ ما قدرا
|
__________________
الثالث : النفى
، كقوله تعالى : (أَفَلا يَرَوْنَ
أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) وقوله تعالى : (أَيَحْسَبُ
الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) وقوله تعالى : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ
يَرَهُ أَحَدٌ)
الرابع : «لو»
ـ وقلّ من ذكر كونها فاصلة من النحويين ـ ومنه قوله [تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى
الطَّرِيقَةِ) وقوله] تعالى : (أَوَلَمْ يَهْدِ
لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ
أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ)
ومما جاء بدون
فاصل قوله :
ـ
علموا أن
يؤمّلون فجادوا
|
|
قبل أن
يسألوا بأعظم سؤل
|
__________________
وقوله تعالى : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) فى قراءة من رفع (يُتِمَّ) فى قول ، والقول الثانى : أن «أن» ليست مخففة من
الثقيلة ، بل هى الناصبة للفعل المضارع ، وارتفع (يتمّ) بعده شذوذا .
* * *
وخفّفت كأنّ
أيضا فنوى
|
|
منصوبها ،
وثابتا أيضا روى
|
__________________
إذا خففت «كأنّ»
نوى اسمها ، وأخبر عنها بجملة اسمية ، نحو «كأن زيد قائم» أو جملة فعلية مصدّرة بـ «لم » كقوله تعالى : (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ
بِالْأَمْسِ) أو مصدّرة بـ «تد» كقول الشاعر :
أفد التّرحّل
غير أنّ ركابنا
|
|
لمّا تزل
برحالنا ، وكأن قد [٢]
|
__________________
أى : «وكأن قد زالت» فاسم «كأن» فى هذه الأمثلة محذوف ، وهو ضمير الشأن ،
والتقدير «كأنه زيد قائم ، وكأنه لم تغن بالأمس ، وكأنه قد زالت» والجملة التى
بعدها خبر عنها ، وهذا معنى قوله : «فنوى منصوبها» وأشار بقوله «وثابتا أيضا روى»
إلى أنه قد روى إثبات منصوبها ، ولكنه قليل ، ومنه قوله :
ـ
وصدر مشرق
النّحر
|
|
كأن ثدييه
حقّان
|
__________________
فـ «ثدييه» اسم
كأن ، وهو منصوب بالياء لأنه مثنى ، و «حقّان» خبر كأن ، وروى «كأن ثدياه حقّان»
فيكون اسم «كأن» محذوفا وهو ضمير الشأن ، والتقدير «كأنه ثدياه حقّان» و «ثدياه
حقّان» : مبتدأ وخبر فى موضع رفع خبر كأن ، ويحتمل أن يكون «ثدياه» اسم «كأن» وجاء
بالألف على لغة من يجعل المثنى بالألف فى الأحوال كلها.
* * *
__________________
لا التى لنفى الجنس
عمل إنّ اجعل
للا فى نكره
|
|
مفردة جاءتك
أو مكرّره
|
هذا هو القسم
الثالث من الحروف الناسخة للابتداء ، وهى «لا» التى لنفى الجنس ، والمراد بها «لا»
التى قصد بها التنصيص على استغراق النفى للجنس كلّه.
وإنما قلت «التنصيص»
احترازا عن التى يقع الاسم بعدها مرفوعا ، نحو : «لا رجل قائما» ؛ فإنها ليست نصّا
فى نفى الجنس ؛ إذ يحتمل نفى الواحد ونفى الجنس ؛ فبتقدير إرادة نفى الجنس لا يجوز
«لا رجل قائما بل رجلان» وبتقدير إرادة نفى الواحد يجوز «لا رجل قائما بل رجلان» ،
وأما «لا» هذه فهى لنفى الجنس ليس إلّا ؛ فلا يجوز «لا رجل قائم بل رجلان».
وهى تعمل عمل «إنّ»
؛ فتنصب المبتدأ اسما لها ، وترفع الخبر خبرا لها ، ولا فرق فى هذا العمل بين
المفردة ـ وهى التى لم تتكرر ـ نحو «لا غلام رجل قائم» وبين المكررة ، نحو «لا حول
ولا قوّة إلّا بالله» .
__________________
ولا يكون اسمها
وخبرها إلا نكرة ؛ فلا تعمل فى المعرفة ، وما ورد من ذلك مؤوّل بنكرة ،
كقولهم «قضيّة ولا أبا حسن لها» فالتقدير : ولا مسمّى بهذا الاسم لها ويدل على أنه معامل معاملة النكرة وصفه بالنكرة كقولك «لا
أبا حسن حلّالا لها» ولا يفصل بينها وبين اسمها ؛ فإن فصل بينهما ألغيت ، كقوله
تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ)
فانصب بها
مضافا ، أو مضارعه
|
|
وبعد ذاك
الخبر اذكر رافعه
|
__________________
وركّب المفرد
فاتحا : كلا
|
|
حول ولا قوّة
، والثّانى اجعلا
|
مرفوعا ، او
منصوبا ، او مركّبا ،
|
|
وإن رفعت
أوّلا لا تنصبا
|
__________________
لا يخلو اسم «لا»
[هذه] من ثلاثة أحوال ؛ الحال الأول : أن يكون مضافا [نحو «لا غلام رجل حاضر»].
الحال الثانى : أن يكون مضارعا للمضاف ، أى مشابها له ، والمراد به : كل اسم له
تعلّق بما بعده : إمّا بعمل ، نحو «لا طالعا جبلا ظاهر ، ولا خيرا من زيد راكب» ،
وإما بعطف نحو : «لا ثلاثة وثلاثين عندنا» ويسمى المشبّه بالمضاف : مطوّلا ،
وممطولا ، أى : ممدودا ، وحكم المضاف والمشبّه به النصب لفظا ، كما مثّل ، والحال
الثالث : أن يكون مفردا ، والمراد به ـ هنا ـ ما ليس بمضاف ، ولا مشبّه بالمضاف ؛
فيدخل فيه المثنى والمجموع ، وحكمه البناء على ما كان ينصب به ؛ لتركّبه مع «لا»
وصيرورته معها كالشىء الواحد ؛ فهو معها كخمسة عشر ، ولكن محله النصب بلا ؛ لأنه
اسم لها ؛ فالمفرد الذى ليس بمثنى ولا مجموع يبنى على الفتح ؛ لأن نصبه بالفتحة
نحو «لا حول ولا قوّة إلا بالله» والمثنى وجمع المذكر السالم يبنيان على ما كانا
ينصبان به ـ وهو الياء ـ نحو «لا مسلمين لك ، ولا مسلمين» فمسلمين ومسلمين مبنيان
؛ لتركبهما مع «لا» كما بنى «رجل» [لتركبه] معها.
وذهب الكوفيون
والزّجّاج إلى أنّ «رجل» فى قولك : «لا رجل» معرب ، وأن فتحته فتحة إعراب ، لا
فتحة بناء ، وذهب المبرد إلى أن «مسلمين» و «مسلمين» معربان .
__________________
وأما جمع
المؤنث السالم فقال قوم : مبنىّ على ما كان ينصب به ـ وهو الكسر ؛ فتقول : «لا
مسلمات لك» بكسر التاء ، ومنه قوله :
ـ
إنّ الشّباب
الّذى مجد عواقبه
|
|
فيه نلذّ ،
ولا لذّات للشّيب
|
__________________
وأجاز بعضهم
الفتح ، نحو «لا مسلمات لك»
__________________
وقول المصنف : «وبعد
ذاك الخبر اذكر رافعه» معناه أنه يذكر الخبر بعد اسم «لا» مرفوعا ، والرافع له «لا»
عند المصنف وجماعة [وعند سيبويه الرافع له لا] إن كان اسمها مضافا أو مشبها
بالمضاف ، وإن كان الاسم مفردا فاختلف فى رافع الخبر ؛ فذهب سيبويه إلى أنه ليس
مرفوعا بـ «لا» وإنما هو مرفوع على أنه خبر المبتدأ ، لأن مذهبه أن «لا» واسمها
المفرد فى موضع رفع بالابتداء ، والاسم المرفوع بعدهما خبر عن ذلك المبتدأ ، ولم
تعمل «لا» عنده فى هذه الصورة إلا فى الاسم ، وذهب الأخفش إلى أن الخبر مرفوع بـ «لا»
فتكون «لا» عاملة فى الجزءين كما عملت فيهما مع المضاف والمشبه به.
وأشار بقوله : «والثانى
اجعلا» إلى أنه إذا أتى بعد «لا» والاسم الواقع بعدها بعاطف ونكرة مفردة وتكررت «لا»
نحو «لا حول ولا قوّة إلا بالله» يجوز فيهما خمسة أوجه ، وذلك لأن المعطوف عليه :
إما أن يبنى مع «لا» على الفتح ، أو ينصب ، أو يرفع.
فإن بنى معها
على الفتح جاز فى الثانى ثلاثة أوجه :
الأول : البناء
على الفتح ؛ لتركبه مع «لا» الثانية ، وتكون [لا] الثانية عاملة عمل إنّ ، نحو «لا
حول ولا قوّة إلا بالله» .
__________________
الثانى : النصب
عطفا على محلّ اسم «لا» ، وتكون «لا» الثانية زائدة بين العاطف والمعطوف ، نحو «لا
حول ولا قوّة إلا بالله» ومنه قوله :
ـ
لا نسب اليوم
ولا خلّة
|
|
اتّسع الخرق
على الرّاقع
|
__________________
«الراقع»
ومثله «الراتق» الذى يصلح موضع الفساد من الثوب «أنهج» أخذ فى البلى «أعيا» صعب ،
وشق ، واشتد «العاتق» موضع الرداء من المنكب «قرقر قمر» قرقر : صوت ، وصاح ، و «قمر»
يجوز أن يكون جمع أقمر ؛ فوزانه وزان أحمر وحمر وأصفر وصفر ، ويجوز أن يكون جمع
قمرى ، كروم فى جمع رومى «الشاهق» الجبل المرتفع.
الثالث : الرفع
، وفيه ثلاثة أوجه ؛ الأول : أن يكون معطوفا على محل «لا» واسمها ؛ لأنهما فى موضع
رفع بالابتداء عند سيبويه ، وحينئذ تكون «لا» زائدة ، الثانى : أن تكون «لا»
الثانية عملت عمل «ليس» ، الثالث : أن يكون مرفوعا بالابتداء ، وليس للاعمل فيه ،
وذلك نحو «لا حول ولا قوّة إلا بالله» ومنه قوله :
ـ
هذا ـ لعمركم
ـ الصّغار بعينه
|
|
لا أمّ لى ـ إن
كان ذاك ـ ولا أب
|
__________________
..................................................................................
__________________
وإن نصب
المعطوف عليه جاز فى المعطوف الأوجه الثلاثة المذكورة ـ أعنى البناء ، والرفع ،
والنصب ـ نحو : لا غلام رجل ولا امرأة ، ولا امرأة ، ولا امرأة.
وإن رفع
المعطوف عليه جاز فى الثانى وجهان ؛ الأول البناء على الفتح ، نحو «لا رجل ولا
امرأة ، ولا غلام رجل ولا امرأة» ومنه قوله :
ـ
فلا لغو ولا
تأثيم فيها
|
|
وما فاهوا به
أبدا مقيم
|
__________________
والثانى :
الرفع ، نحو «لا رجل ولا امرأة ، ولا غلام رجل ولا امرأة ».
ولا يجوز النصب
للثانى ؛ لأنه إنما جاز بها تقدّم للعطف على [محل] اسم «لا» و «لا» هنا ليست
بناصبة ؛ فيسقط النّصب ، ولهذا قال المصنف : «وإن رفعت أوّلا لا تنصبا».
* * *
ومفردا نعتا
لمبنىّ يلى
|
|
فافتح ، أو
انصبن ، أو ارفع ، تعدل
|
__________________
إذا كان اسم «لا»
مبنيّا ، ونعت بمفرد يليه ـ أى لم يفصل بينه وبينه بفاصل ـ جاز فى النعت ثلاثة
أوجه :
الأول : البناء
على الفتح ؛ لتركّبه مع اسم «لا» ، نحو «لا رجل ظريف».
الثانى : النصب
، مراعاة لمحل اسم «لا» نحو «لا رجل ظريفا».
الثالث : الرّفع
، مراعاة لمحل «لا» واسمها ؛ لأنهما فى موضع رفع عند سيبويه كما تقدم ، نحو «لا
رجل ظريف»
* * *
وغير ما يلى
، وغير المفرد
|
|
لا تبن ،
وانصبه ، أو الرّفع اقصد
|
__________________
تقدّم فى البيت
الذى قبل هذا أنه إذا كان النعت مفردا ، والمنعوت مفردا ، ووليه النعت ، جاز فى
النعت ثلاثة أوجه ، وذكر فى هذا البيت أنه إن لم يل النعت المفرد المنعوت المفرد ،
بل فصل بينهما بفاصل ، لم يجز بناء النعت ؛ فلا تقول «لا رجل فيها ظريف» ببناء
ظريف ، بل يتعين رفعه ، نحو «لا رجل فيها ظريف» أو نصبه ، نحو «لا رجل فيها ظريفا»
وإنما سقط البناء على الفتح لأنه إنما جاز ـ عند عدم الفصل ـ لتركب النعت مع الاسم
، ومع الفصل لا يمكن التركيب ، كما لا يمكن التركيب إذا كان المنعوت غير مفرد ،
نحو «لا طالعا جبلا ظريفا» ولا فرق ـ فى امتناع البناء على الفتح فى النعت عند
الفصل ـ بين أن يكون المنعوت مفردا ، كما مثل ، أو غير مفرد.
وأشار بقوله : «وغير
المفرد» إلى أنه إن كان النعت غير مفرد ـ كالمضاف والمشبه بالمضاف ـ تعيّن رفعه أو
نصبه ؛ فلا يجوز بناؤه على الفتح ، ولا فرق فى ذلك بين أن يكون المنعوت مفردا أو
غير مفرد ، ولا بين أن يفصل بينه وبين النعت أو لا يفصل ؛ وذلك نحو «لا رجل صاحب
برّ فيها ، ولا غلام رجل فيها صاحب برّ».
وحاصل ما فى
البيتين : أنه إن كان النعت مفردا ، والمنعوت مفردا ، ولم يفصل بينهما ؛ جاز فى
النعت ثلاثة أوجه ، نحو «لا رجل ظريف ، وظريفا ، وظريف» وإن لم يكن كذلك تعين
الرفع أو النصب ، ولا يجوز البناء.
* * *
__________________
والعطف إن لم
تتكرّر «لا» احكما
|
|
له بما
للنّعت ذى الفصل انتمى
|
تقدّم أنه إذا
عطف على اسم «لا» نكرة مفردة ، وتكررت «لا» يجوز فى المعطوف ثلاثة أوجه : الرفع ،
والنصب ، والبناء على الفتح ، نحو «لا رجل ولا امرأة ، ولا امرأة ، ولا امرأة»
وذكر فى هذا البيت أنه إذا لم تتكرر «لا» يجوز فى المعطوف ما جاز فى النعت المفصول
، وقد تقدم [فى البيت الذى قبله] أنه يجوز فيه : الرفع ، والنصب ، ولا يجوز فيه البناء على الفتح ؛
__________________
فتقول : «لا رجل وامرأة ، وامرأة» ولا يجوز البناء على الفتح ، وحكى الأخفش
«لا رجل وامرأة» بالبناء على الفتح ، على تقدير تكرر «لا» فكأنه قال : «لا رجل ولا
امرأة» ثم حذفت «لا».
وكذلك إذا كان
المعطوف غير مفرد لا يجوز فيه إلا الرفع والنصب ، سواء تكررت «لا» نحو «لا رجل ولا
غلام امرأة» أو لم تكرر ، نحو «لا رجل وغلام امرأة»
هذا كله إذا
كان المعطوف نكرة ؛ فإن كان معرفة لا يجوز فيه إلا الرفع ، على كل حال ، نحو «لا
رجل ولا زيد فيها» ، أو «لا رجل وزيد فيها».
* * *
وأعط «لا» مع
همزة استفهام
|
|
ما تستحقّ
دون الاستفهام
|
__________________
إذا دخلت همزة
الاستفهام على «لا» النافية للجنس بقيت على ما كان لها من العمل ، وسائر الأحكام
التى سبق ذكرها ؛ فتقول : «ألا رجل قائم ، وألا غلام رجل قائم ، وألا طالعا جبلا
ظاهر» وحكم المعطوف والصفة ـ بعد دخول همزة الاستفهام ـ كحكمهما قبل دخولها.
هكذا أطلق
المصنف ـ رحمه الله تعالى! ـ هنا ، وفى كل ذلك تفصيل.
وهو : أنه إذا
قصد بالاستفهام التوبيخ ، أو الاستفهام عن النفى ؛ فالحكم كما ذكر ، من أنه يبقى
عملها وجميع ما تقدم ذكره : من أحكام العطف ، والصفة ، وجواز الإلغاء.
فمثال التوبيخ
قولك : «ألا رجوع وقد شبت؟» ومنه قوله :
ـ
ألا ارعواء
لمن ولّت شبيبته
|
|
وآذنت بمشيب
بعده هرم؟
|
__________________
ومثال
الاستفهام عن النفى قولك : «ألا رجل قائم؟» ومنه قوله :
ـ
ألا اصطبار
لسلمى أم لها جلد؟
|
|
إذا ألاقى
الّذى لاقاه أمثالى
|
__________________
وإذا قصد بألا
التمنّى : فمذهب المازنىّ أنها تبقى على جميع ما كان لها من الأحكام ، وعليه
يتمشّى إطلاق المصنف ، ومذهب سيبويه أنه يبقى لها عملها فى الاسم ، ولا يجوز
إلغاؤها ، ولا الوصف أو العطف بالرفع مراعاة للابتداء.
ومن استعمالها
للتمنّى قولهم : «ألا ماء ماء باردا» وقول الشاعر :
ـ
ألا عمر ولّى
مستطاع رجوعه
|
|
فيرأب ما
أثأت يد الغفلات
|
* * *
__________________
وشاع فى ذا
الباب إسقاط الخبر
|
|
إذا المراد
مع سقوطه ظهر
|
__________________
(بغير
ـ بفتح باء المضارعة ـ بمعنى يمير : أى يمون الناس).
إذا دلّ دليل
على خبر «لا» النافية للجنس وجب حذفه عند التميميين والطائيين ، وكثر حذفه عند
الحجازيين ، ومثاله أن يقال : هل من رجل قائم؟ فتقول : «لا رجل» وتحذف الخبر ـ وهو
قائم ـ وجوبا عند التميميين والطائيين ، وجوازا عند الحجازيين ، ولا فرق فى ذلك
بين أن يكون الخبر غير ظرف ولا جار ومجرور ، كما مثّل ، أو ظرفا أو جارّا ومجرورا
، نحو أن يقال : هل عند رجل؟ أو هل فى الدار رجل؟ فتقول : «لا رجل».
فإن لم يدلّ
على الخبر دليل لم يجز حذفه عند الجميع ، نحو قوله صلّى الله عليه وسلم : «لا أحد
أغير من الله» وقول الشاعر :
ـ
* ولا كريم من الولدان مصبوح*
__________________
وإلى هذا أشار
المصنف بقوله : «إذا المراد مع سقوطه ظهر» واحترز بهذا مما لا يظهر المراد مع
سقوطه ؛ فإنه لا يجوز حينئذ الحذف كما تقدم.
* * *
__________________
..................................................................................
__________________
ظنّ وأخواتها
انصب بفعل
القلب جزءى ابتدا
|
|
أعنى : رأى ،
خال ، علمت ، وجدا
|
ظنّ ، حسبت ،
وزعمت ، مع عدّ
|
|
حجا ، درى ،
وجعل اللّذ كاعتقد
|
وهب ، تعلّم
، والّتى كصيّرا
|
|
أيضا بها
انصب مبتدا وخبرا
|
هذا هو القسم
الثالث من الأفعال الناسخة للابتداء ، وهو ظنّ وأخواتها.
وتنقسم إلى قسمين
؛ أحدهما : أفعال القلوب ، والثانى : أفعال التّحويل.
فأما أفعال
القلوب فتنقسم إلى قسمين ؛ أحدهما : ما يدلّ على اليقين ، وذكر المصنف منها خمسة :
رأى ، وعلم ، ووجد ، ودرى ، وتعلّم ، والثانى منهما :
__________________
ما يدل على الرّجحان ، وذكر المصنف منها ثمانية : خال ، وظنّ ، وحسب ، وزعم
، وعدّ ، وحجا ، وجعل ، وهب.
فمثال رأى قول
الشاعر :
ـ
رأيت الله
أكبر كلّ شىء
|
|
محاولة ،
وأكثرهم جنودا
|
فاستعمل «رأى»
فيه لليقين ، وقد تستعمل «رأى» بمعنى «ظنّ» ، كقوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ
بَعِيداً) أى : يظنّونه.
__________________
ومثال «علم» «علمت
زيدا أخاك» وقول الشاعر :
ـ
علمتك الباذل
المعروف ؛ فانبعثت
|
|
إليك بى
واجفات الشّوق والامل
|
__________________
ومثال «وجد»
قوله تعالى : (وَإِنْ وَجَدْنا
أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)
ومثال «درى»
قوله :
ـ
دريت الوفىّ
العهد يا عرو فاغتبط
|
|
فانّ اغتباطا
بالوفاء حميد
|
__________________
ومثال «تعلّم»
ـ وهى التى بمعنى اعلم ـ قوله :
ـ
تعلّم شفاء
النّفس قهر عدوّها
|
|
فبالغ بلطف
فى التّحيّل والمكر
|
__________________
وهذه مثل
الأفعال الدالة على اليقين.
ومثال الدالة
على الرّجحان قولك : «خلت زيدا أخاك» وقد تستعمل «خال» لليقين ، كقوله :
ـ
دعانى
الغوانى عمّهنّ ، وخلتنى
|
|
لى اسم ؛ فلا
أدعى به وهو أوّل
|
__________________
و «ظننت زيدا
صاحبك» وقد تستعمل لليقين كقوله تعالى : (وَظَنُّوا أَنْ لا
مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ) و «حسبت زيدا صاحبك» وقد تستعمل لليقين ، كقوله :
ـ
حسبت التّقى
والجود خير تجارة
|
|
رباحا ، إذا
ما المرء أصبح ثاقلا
|
__________________
ومثال «زعم»
قوله :
ـ
فإن تزعمينى
كنت أجهل فيكم
|
|
فإنّى شريت
الحلم بعدك بالجهل
|
__________________
..................................................................................
__________________
ومثال «عدّ»
قوله :
ـ
فلا تعدد
المولى شريكك فى الغنى
|
|
ولكنّما
المولى شريكك فى العدم
|
__________________
ومثال «حجا»
قوله :
ـ
قد كنت أحجو
أبا عمرو أخا ثقة
|
|
حتّى ألمّت
بنا يوما ملمّات
|
__________________
ومثال «جعل»
قوله تعالى : (وَجَعَلُوا
الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً)
وقيّد المصنف «جعل»
بكونها بمعنى اعتقد احترازا من «جعل» التى بمعنى «صيّر» فإنها من أفعال التحويل ،
لا من أفعال القلوب.
ومثال «هب»
قوله :
ـ
فقلت : أجرنى
أبا مالك ،
|
|
وإلّا فهبنى
امرأ هالكا
|
__________________
(عص
ملكهم : أى صلب واشتد) وتأتى أيضا بمعنى أقام ، ومنه قول عمارة ابن يمن :
ونبّه المصنف
بقوله : «أعنى رأى» على أن أفعال القلوب منها ما ينصب مفعولين وهو «رأى» وما بعده
مما ذكره المصنف فى هذا الباب ، ومنها ما ليس كذلك ، وهو قسمان : لازم ، نحو «جبن
زيد» ومتعد إلى واحد ، نحو «كرهت زيدا».
هذا ما يتعلق
بالقسم الأول من أفعال هذا الباب ، وهو أفعال القلوب.
وأما أفعال
التّحويل ـ وهى المرادة بقوله : «والتى كصيرا ـ إلى آخره» ـ فتتعدّى أيضا إلى
مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، وعدّها بعضهم سبعة : «صيّر» نحو «صيّرت الطّين
خزفا» و «جعل» نحو قوله تعالى : (وَقَدِمْنا إِلى ما
عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) و «وهب» كقولهم «وهبنى الله
__________________
فداك» أى صيّرنى ، و «تخذ» كقوله تعالى : (لَاتَّخَذْتَ
عَلَيْهِ أَجْراً) و «اتّخذ» كقوله تعالى : (وَاتَّخَذَ اللهُ
إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) و «ترك» كقوله تعالى : (وَتَرَكْنا
بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) وقول الشاعر :
ـ
وربّيته حتّى
إذا ما تركته
|
|
أخا القوم
واستغنى عن المسح شاربه
|
__________________
و «ردّ» كقوله
:
ـ
رمى الحدثان
نسوة آل حرب
|
|
بمقدار سمدن
له سمودا
|
فردّ شعورهنّ
السّود بيضا
|
|
وردّ وجوههنّ
البيض سودا
|
* * *
__________________
وخصّ
بالتّعليق والإلغاء ما
|
|
من قبل هب ،
والأمر هب قد ألزما
|
كذا تعلّم ،
ولغير الماض من
|
|
سواهما اجعل
كلّ ما له زكن
|
__________________
تقدّم أن هذه
الأفعال قسمان ؛ أحدهما : أفعال القلوب ، والثانى : أفعال التحويل.
فأما أفعال
القلوب فتنقسم إلى : متصرفة ، وغير متصرفة.
فالمتصرفة : ما
عدا «هب ، وتعلّم» فيستعمل منها الماضى ، نحو «ظننت زيدا قائما» وغير الماضى ـ وهو
المضارع ، نحو «أظنّ زيدا قائما» والأمر ، نحو «ظنّ زيدا قائما» واسم الفاعل ،
ونحو «أنا ظانّ زيدا قائما» واسم المفعول ، نحو «زيد مظنون أبوه قائما» فأبوه : هو
المفعول الأول ، ارتفع لقيامه مقام الفاعل ، و «قائما» المفعول الثانى ، والمصدر ،
نحو «عجبت من ظنّك زيدا قائما» ـ ويثبت لها كلها من العمل وغيره ما ثبت للماضى.
وغير المتصرف
اثنان ـ وهما : هب ، وتعلّم ، بمعنى اعلم ـ فلا يستعمل منهما إلا صيغة الأمر ،
كقوله :
تعلّم شفاء
النّفس قهر عدوّها
|
|
فبالغ بلطف
فى التّحيّل والمكر [١٢٠]
|
وقوله :
فقلت : أجرنى
أبا مالك
|
|
وإلّا فهبنى
امرأ هالكا [١٢٦]
|
واختصّت
القلبية المتصرفة بالتعليق والإلغاء ؛ فالتعليق هو : ترك العمل
__________________
لفظا دون معنى لمانع ، نحو «ظننت لزيد قائم» ، فقولك «لزيد قائم» لم تعمل
فيه «ظننت» لفظا ؛ لأجل المانع لها من ذلك ، وهو اللام ، ولكنه فى موضع نصب ،
بدليل أنّك لو عطفت عليه لنصبت ، نحو «ظننت لزيد قائم وعمرا منطلقا» ؛ فهى عاملة
فى «لزيد قائم» فى المعنى دون اللفظ
والإلغاء هو :
ترك العمل لفظا ومعنى ، لا لمانع ، نحو «زيد ظننت قائم» فليس لـ «ظننت» عمل فى «زيد
قائم» : لا فى المعنى ، ولا فى اللفظ.
ويثبت للمضارع
وما بعده من التعليق وغيره ما ثبت للماضى ، نحو «أظنّ لزيد قائم» و «زيد أظنّ قائم»
وأخواتها.
__________________
وغير المتصرفة
لا يكون فيها تعليق ولا إلغاء ، وكذلك أفعال التّحويل ، نحو «صيّر» وأخواتها.
* * *
وجوّز
الإلغاء ، لا فى الابتدا ،
|
|
وانو ضمير
الشّأن ، أو لام ابتدا
|
فى موهم
إلغاء ما تقدّما
|
|
والتزم
التّعليق قبل نفى «ما»
|
و «إن» و «لا»
؛ لام ابتداء ، أو قسم ،
|
|
كذا ،
والاستفهام ذا له انحتم
|
__________________
يجوز إلغاء هذه
الأفعال المتصرفة إذا وقعت فى غير الابتداء ، كما إذا وقعت وسطا ، نحو «زيد ظننت
قائم» أو آخرا ، نحو «زيد قائم ظننت» ، وإذا توسّطت ، فقيل : الإعمال والإلغاء سيّان ، وقيل
: الإعمال أحسن من الإلغاء ، وإن تأخّرت فالإلغاء أحسن ، وإن تقدمت امتنع الإلغاء
عند البصريين ؛ فلا تقول : «ظننت زيد قائم» بل يجب الإعمال ؛ فتقول : «ظننت زيدا
قائما» فإن جاء من لسان العرب ما يوهم إلغاءها متقدمة أوّل على إضمار ضمير الشأن ،
كقوله :
ـ
أرجو وآمل أن
تدنو مودّتها
|
|
وما إخال
لدينا منك تنويل
|
__________________
فالتقدير «وما
إخاله لدينا منك تنويل» فالهاء ضمير الشأن ، وهى المفعول الأول ، و «لدينا منك
تنويل» جملة فى موضع المفعول الثانى ، وحينئذ فلا إلغاء ؛ أو على تقدير لام
الابتداء ، كقوله :
__________________
ـ
كذاك أدّيت
حتّى صار من خلقى
|
|
أنّى وجدت
ملاك الشّيمة الأدب
|
التقدير : «أنّى
وجدت لملاك الشّيمة الأدب» فهو من باب التعليق ، وليس من باب الإلغاء فى شىء.
__________________
«ملاك»
بزنة كتاب ـ قوام الشىء وما يجمعه «الشيمة» الخلق ، وجمعها شيم كقيمة وقيم.
وذهب الكوفيون
ـ وتبعهم أبو بكر الزبيدىّ وغيره ـ إلى جواز إلغاء المتقدم ؛ فلا يحتاجون إلى
تأويل البيتين.
وإنما قال
المصنف : «وجوّز الإلغاء» لينبّه على أن الإلغاء ليس بلازم ، بل هو جائز ؛ فحيث
جاز الإلغاء جاز الإعمال كما تقدّم ، وهذا بخلاف التعليق [فإنه لازم ، ولهذا قال :
«والتزم التعليق»].
فيجب التعليق
إذا وقع بعد الفعل «ما» النافية ، نحو «ظننت ما زيد قائم».
أو «إن»
النافية ، نحو «علمت إن زيد قائم» ومثلوا له بقوله تعالى : (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا
قَلِيلاً) وقال بعضهم : ليس هذا من باب التعليق فى شىء ؛ لأن شرط
التعليق أنه إذا حذف المعلّق تسلّط العامل على ما بعده فينصب مفعولين ، نحو «ظننت
ما زيد قائم» ؛ فلو حذفت «ما» لقلت : «ظننت زيدا قائما» والآية الكريمة لا يتأتّى
فيها ذلك ؛ لأنك لو حذفت لمعلّق ـ وهو «إن» ـ لم يتسلّط «تظنون» على «لبثتم» ؛ إذ
لا يقال : وتظنون لبثتم ، هكذا زعم هذا القائل ، ولعله مخالف لما هو كالمجمع عليه
ـ من أنه لا يشترط فى التعليق هذا الشرط الذى ذكره ـ وتمثيل النحويين للتعليق
بالآية الكريمة وشبهها يشهد لذلك.
__________________
وكذلك يعلّق
الفعل إذا وقع بعده «لا» النافية ، نحو «ظننت لا زيد قائم ولا عمرو» أو لام
الابتداء ، نحو «ظننت لزيد قائم» أو لام القسم ، نحو «علمت ليقومنّ زيد» ولم
يعدّها أحد من النحويين من المعلقات ، أو الاستفهام ، وله صور ثلاث ؛ أن يكون أحد المفعولين
اسم استفهام ، نحو «علمت أيّهم أبوك» ؛ الثانية : أن يكون مضافا إلى اسم استفهام ،
نحو «علمت غلام أيّهم أبوك» ؛ الثالثة : أن تدخل عليه أداة الاستفهام ، نحو «علمت
أزيد عندك أم عمرو»؟ و «علمت هل زيد قائم أم عمرو»؟.
* * *
__________________
ليعلم عرفان
وظنّ تهمه
|
|
تعدية لواحد
ملتزمه
|
إذا كانت «علم»
بمعنى عرف تعدّت إلى مفعول واحد ، كقولك : «علمت زيدا» أى : عرفته ، ومنه قوله
تعالى : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ
مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً).
وكذلك إذا كانت
«ظنّ» بمعنى اتّهم تعدّت إلى مفعول واحد ، كقولك : «ظننت زيدا» أى : اتّهمته ،
ومنه قوله تعالى : (وَما هُوَ عَلَى
الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) أى : بمتّهم.
* * *
ولرأى
الرّؤيا انم ما لعلما
|
|
طالب مفعولين
من قبل انتمى
|
إذا كانت رأى
حلميّة ـ أى : للرؤيا فى المنام ـ تعدّت إلى المفعولين كما
تتعدّى إليهما «علم» المذكورة من قبل ، وإلى هذا أشار بقوله : «ولرأى
__________________
الرّؤيا انم» أى : انسب لرأى التى مصدرها الرؤيا ما نسب لعلم المتعدية إلى
اثنين ؛ فعبّر عن الحلمية بما ذكر ؛ لأن «الرؤيا» وإن كانت تقع مصدرا لغير «رأى»
الحلمية ، فالمشهور كونها مصدرا لها ، ومثال استعمال «رأى» الحلمية متعدية إلى اثنين قوله
تعالى : (إِنِّي أَرانِي
أَعْصِرُ خَمْراً) فالياء مفعول أول ، و «أعصر خمرا» جملة فى موضع المفعول
الثانى ، وكذلك قوله :
ـ
أبو حنش
يؤرّقنى ، وطلق ،
|
|
وعمّار ،
وآونة أثالا
|
أراهم رفقتى
، حتّى إذا ما
|
|
تجافى اللّيل
وانخزل انخزالا
|
إذا أنا
كالّذى يجرى لورد
|
|
إلى آل ؛ فلم
يدرك بلالا
|
فالهاء والميم
فى «أراهم» : المفعول الأول ، و «رفقتى» هو المفعول الثانى.
* * *
__________________
..................................................................................
__________________
ولا تجز هنا
بلا دليل
|
|
سقوط مفعولين
أو مفعول
|
لا يجوز فى هذا
الباب سقوط المفعولين ، ولا سقوط أحدهما ، إلا إذا دلّ دليل على ذلك.
فمثال حذف
المفعولين للدلالة أن يقال : «هل ظننت زيدا قائما»؟ فتقول : «ظننت» ، التقدير : «ظننت
زيدا قائما» فحذفت المفعولين لدلالة ما قبلهما عليهما ، ومنه قوله :
ـ
بأىّ كتاب أم
بأيّة سنّة
|
|
ترى حبّهم
عارا علىّ وتحسب؟
|
أى : «وتحسب
حبّهم عارا علىّ» فحذف المفعولين ـ وهما : «حبّهم» ، و «عارا علىّ» ـ لدلالة ما
قبلهما عليهما.
__________________
ومثال حذف
أحدهما للدلالة أن يقال : «هل ظننت أحدا قائما»؟ فتقول : «ظننت زيدا» أى : ظننت
زيدا قائما ، فتحذف الثانى للدلالة عليه ، ومنه قوله :
ـ
ولقد نزلت ـ فلا
تظنّى غيره ـ
|
|
منّى بمنزلة
المحبّ المكرم
|
أى : «فلا
تظنّى غيره واقعا» فـ «غيره» هو المفعول الأول ، و «واقعا» هو المفعول الثانى.
__________________
وهذا الذى ذكره
المصنف هو الصحيح من مذاهب النحويين.
فإن لم يدلّ
دليل على الحذف لم يجز : لا فيهما ، ولا فى أحدهما ؛ فلا تقول : «ظننت» ، ولا «ظننت
زيدا» ، ولا «ظننت قائما» تريد «ظننت زيدا قائما».
* * *
وكتظنّ اجعل «تقول»
إن ولى
|
|
مستفهما به
ولم ينفصل
|
__________________
بغير ظرف ،
أو كظرف ، أو عمل
|
|
وإن ببعض ذى
فصلت يحتمل
|
القول شأنه إذا
وقعت بعده جملة أن تحكى ، نحو «قال زيد عمرو منطلق» ، و «تقول زيد منطلق» لكن
الجملة بعده فى موضع نصب على المفعولية.
ويجوز إجراؤه
مجرى الظنّ ؛ فينصب المبتدأ والخبر مفعولين ، كما تنصبهما «ظنّ».
والمشهور أن
للعرب فى ذلك مذهبين ؛ أحدهما ـ وهو مذهب عامة العرب ـ أنه لا يجرى القول مجرى
الظن إلا بشروط ـ ذكرها المصنف ـ أربعة ، وهى التى ذكرها عامة النحويين ؛ الأول :
أن يكون الفعل مضارعا ؛ الثانى : أن يكون للمخاطب ، وإليهما أشار بقوله : «اجعل
نقول» فإنّ «تقول» مضارع ، وهو للمخاطب ؛ الشرط الثالث : أن يكون مسبوقا باستفهام
،
__________________
وإليه أشار بقوله : «إن ولى مستفهما به» ؛ الشرط الرابع : أن لا يفصل
بينهما ـ أى بين الاستفهام والفعل ـ بغير ظرف ، ولا مجرور ، ولا معمول الفعل ، فإن
فصل بأحدها لم يضر ، وهذا هو المراد بقوله : «ولم ينفصل بغير ظرف ـ إلى آخره».
فمثال ما
اجتمعت فيه الشّروط قولك : «أتقول عمرا منطلقا» ؛ فعمرا : مفعول أول ، ومنطلقا :
مفعول ثان ، ومنه قوله :
ـ
متى تقول
القلص الرّواسما
|
|
يحملن أمّ
قاسم وقاسما
|
__________________
فلو كان الفعل
غير مضارع ، نحو «قال زيد عمرو منطلق» لم ينصب القول مفعولين عند هؤلاء ، وكذا إن
كان مضارعا بغير تاء ، نحو «يقول زيد عمرو منطلق» أو لم يكن مسبوقا باستفهام ، نحو
«أنت تقول عمرو منطلق» أو سبق باستفهام ولكن فصل بغير ظرف ، ولا [جارّ و] مجرور ،
ولا معمول له ، نحو «أأنت تقول زيد منطلق» فإن فصل بأحدها لم يضرّ ، نحو «أعندك
تقول زيدا منطلقا» ، و «أفى الدّار تقول زيدا منطلقا» ، و «أعمرا تقول منطلقا» ،
ومنه قوله :
ـ
أجهّالا تقول
بنى لؤىّ
|
|
لعمر أبيك أم
متجاهلينا
|
فبنى [لؤىّ] :
مفعول أوّل ، وجهّالا : مفعول ثان.
__________________
وإذا اجتمعت
الشّروط المذكورة جاز نصب المبتدأ والخبر مفعولين لتقول ، نحو «أتقول زيدا منطلقا»
وجاز رفعهما على الحكاية ، نحو «أتقول زيد منطلق».
* * *
وأجرى القول
كظنّ مطلقا
|
|
عند سليم ،
نحو «قل ذا مشفقا»
|
أشار إلى
المذهب الثانى للعرب فى القول ، وهو مذهب سليم ؛ فيجرون القول مجرى الظن فى نصب
المفعولين ، مطلقا ، أى : سواء كان مضارعا ، أم غير مضارع ، وجدت فيه الشروط
المذكورة ، أم لم توجد ، وذلك
__________________
نحو «قل ذا مشفقا» فـ «ذا» مفعول أوّل ، و «مشفقا» مفعول ثان ، ومن ذلك
قوله :
ـ
قالت وكنت
رجلا فطينا :
|
|
هذا لعمر
الله إسرائينا
|
فـ «هذا» :
مفعول أول لقالت ، و «إسرائينا» : مفعول ثان.
* * *
__________________
..................................................................................
__________________
أعلم وأرى
إلى ثلاثة
رأى وعلما
|
|
عدّوا ، إذا
صارا أرى وأعلما
|
أشار بهذا
الفصل إلى ما يتعدّى من الأفعال إلى ثلاثة مفاعيل ؛ فذكر سبعة أفعال : منها «أعلم
، وأرى» فذكر أن أصلهما «علم ، ورأى» ، وأنهما بالهمزة يتعدّيان إلى ثلاثة مفاعيل
؛ لأنهما قبل دخول الهمزة عليهما كانا يتعدّيان إلى مفعولين ، نحو «علم زيد عمرا
منطلقا ، ورأى خالد بكرا أخاك» فلما دخلت عليهما همزة النّقل زادتهما مفعولا ثالثا
، وهو الذى كان فاعلا قبل دخول الهمزة ، وذلك نحو : «أعلمت زيدا عمرا منطلقا» و «أريت
خالدا بكرا أخاك» ؛ فزيدا ، وخالدا : مفعول أول ، وهو الذى كان فاعلا حين قلت : «علم
زيد ، ورأى خالد».
وهذا هو شأن
الهمزة ، وهو : أنها تصيّر ما كان فاعلا مفعولا ، فإن كان الفعل قبل دخولها لازما
صار بعد دخولها متعدّيا إلى واحد ، نحو : «خرج زيد ، وأخرجت زيدا» وإن كان متعديا
إلى واحد صار بعد دخولها متعديا إلى اثنين ، نحو : «لبس زيد جبّة» فتقول : «ألبست
زيدا جبة» وسيأتى الكلام عليه ، وإن كان متعديا إلى اثنين صار متعديا إلى ثلاثة ،
كما تقدم فى «أعلم ، وأرى».
* * *
__________________
وما لمفعولى
علمت مطلقا
|
|
للثّان
والثّالث أيضا حقّقا
|
أى : يثبت
للمفعول الثانى والمفعول الثالث من مفاعيل «أعلم ، وأرى» ما ثبت لمفعولى «علم ،
ورأى» : من كونهما مبتدأ وخبرا فى الأصل ، ومن جواز الإلغاء والتعليق بالنسبة
إليهما ، ومن جواز حذفهما أو حذف أحدهما إذا دلّ على ذلك دليل ، ومثال ذلك «أعلمت
زيدا عمرا قائما» فالثانى والثالث من هذه المفاعيل أصلهما المبتدأ والخبر ـ وهما «عمرو
قائم» ـ ويجوز إلغاء العامل بالنسبة إليهما ، نحو : «عمرو أعلمت زيدا قائم» ومنه
قولهم : «البركة أعلمنا الله مع الأكابر» فـ «نا» : مفعول أول ، و «البركة» :
مبتدأ ، و «مع الأكابر» ظرف فى موضع الخبر ، وهما اللذان كانا مفعولين ، والأصل : «أعلمنا
الله البركة مع الأكابر» ، ويجوز التعليق عنهما ؛ فتقول : «أعلمت زيدا لعمرو قائم»
ومثال حذفهما للدلالة أن يقال : هل أعلمت أحدا عمرا قائما؟ فتقول : أعلمت زيدا ،
ومثال حذف أحدهما للدلالة أن تقول فى هذه الصورة : «أعلمت زيدا عمرا» أى : قائما ،
أو «أعلمت زيدا قائما» أى : عمرا قائما.
* * *
وإن تعدّيا
لواحد بلا
|
|
همز فلاثنين
به توصّلا
|
__________________
والثّان
منهما كثانى اثنى كسا
|
|
فهو به فى
كلّ حكم ذو ائتسا
|
تقدّم أن «رأى
، وعلم» إذا دخلت عليهما همزة النّقل تعدّيا إلى ثلاثة مفاعيل ، وأشار فى هذين
البيتين إلى أنه إنما يثبت لهما هذا الحكم إذا كانا قبل الهمزة يتعدّيان إلى
مفعولين ، وأما إذا كانا قبل الهمزة يتعدّيان إلى واحد ـ كما إذا كانت «رأى» بمعنى
أبصر ، نحو «رأى زيد عمرا» و «علم» بمعنى عرف نحو «علم زيد الحقّ» ـ فإنهما
يتعدّيان بعد الهمزة إلى مفعولين ، نحو : «أريت زيدا عمرا» و «أعلمت زيدا الحقّ»
والثانى من هذين المفعولين كالمفعول الثانى من مفعولى «كسا» و «أعطى» نحو «كسوت
زيدا جبّة»
__________________
و «أعطيت زيدا درهما» : فى كونه لا يصحّ الإخبار به عن الأول ؛ فلا تقول [زيد
الحقّ ، كما لا تقول] «زيد درهم» ، وفى كونه يجوز حذفه مع الأول ، وحذف الثانى
وإبقاء الأول ، وحذف الأول وإبقاء الثانى ، وإن لم يدل على ذلك دليل ؛ فمثال
حذفهما «أعلمت ، وأعطيت» ، ومنه قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى
وَاتَّقى) ومثال حذف الثانى وإبقاء الأول «أعلمت زيدا ، وأعطيت زيدا»
ومنه قوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ
رَبُّكَ فَتَرْضى) ومثال حذف الأول وإبقاء الثانى نحو : «أعلمت الحقّ ،
وأعطيت درهما» ومنه قوله تعالى : (حَتَّى يُعْطُوا
الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) وهذا معنى قوله : «والثانى منهما ـ إلى آخر البيت ».
* * *
وكأرى
السّابق نبّا أخبرا
|
|
حدّث ، أنبأ
، كذاك خبّرا
|
__________________
تقدّم أن
المصنف عدّ الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل سبعة ، وسبق ذكر «أعلم ، وأرى» وذكر
فى هذا البيت الخمسة الباقية ، وهى : «نبّأ» كقولك : «نبّأت زيدا عمرا قائما» ومنه
قوله :
ـ
نبّئت زرعة ـ
والسّفاهة كاسمها ـ
|
|
يهدى إلىّ
غرائب الأشعار
|
__________________
و «أخبر» كقولك
: «أخبرت زيدا أخاك منطلقا» ومنه قوله :
ـ
وما عليك ـ إذا
أخبرتنى دنفا
|
|
وغاب بعلك
يوما ـ أن تعودينى؟!
|
__________________
و «حدّث» كقولك
«حدّثت زيدا بكرا مقيما» ومنه قوله :
ـ
أو منعتم ما
تسألون ، فمن حدّ
|
|
ثتموه له
علينا الولاء؟
|
__________________
و «أنبأ» كقولك
: «أنبأت عبد الله زيدا مسافرا» ومنه قوله :
ـ
وأنبئت قيسا
ولم أبله
|
|
كما زعموا
خير أهل اليمن
|
و «خبّر» كقولك
: «خبّرت زيدا عمرا غائبا» ومنه قوله :
ـ
وخبّرت سوداء
الغميم مريضة
|
|
فأقبلت من
أهلى بمصر أعودها
|
__________________
..................................................................................
__________________
(وانظر
شرح التبريرى على الحماسة ٣ / ٣٤٤ بتحقيقنا).
وإنما قال
المصنف : «وكأرى السابق» لأنه تقدم فى هذا الباب أن «أرى» تارة تتعدّى إلى ثلاثة
مفاعيل ، وتارة تتعدّى إلى اثنين ، وكان قد ذكر أولا [أرى] المتعدية إلى ثلاثة ؛
فنبّه على أن هذه الأفعال الخمسة مثل «أرى» السابقة ، وهى المتعدية إلى ثلاثة ، لا
مثل «أرى» المتأخرة ، وهى المتعدية إلى اثنين.
* * *
__________________
الفاعل
الفاعل الّذى
كمرفوعى «أتى
|
|
زيد» «منيرا
وجهه» «نعم الفتى»
|
لما فرغ من
الكلام على نواسخ الابتداء شرع فى ذكر ما يطلبه الفعل التامّ من المرفوع ـ وهو
الفاعل ، أو نائبه ـ وسيأتى الكلام على نائبه فى الباب الذى يلى هذا الباب.
فأمّا الفاعل
فهو : الاسم ، المسند إليه فعل ، على طريقة فعل ، أو شبهه ، وحكمه الرّفع ، والمراد بالاسم : ما يشمل الصريح ، نحو : «قام زيد»
والمؤوّل
__________________
به ، نحو : «بعجبنى أن تقوم» أى : قيامك.
فخرج بـ «المسند
إليه فعل» ما أسند إليه غيره ، نحو : «زيد أخوك» أو جملة ، نحو : «زيد قام أبوه»
أو «زيد قام» أو ما هو فى قوة الجملة ، نحو : «زيد قائم غلامه» أو «زيد قائم» أى :
هو ـ وخرج بقولنا «على طريقة فعل» ما أسند إليه فعل على طريقة فعل ، وهو النائب عن
الفاعل ، نحو : «ضرب زيد».
__________________
والمراد بشبه
الفعل المذكور : اسم الفاعل ، نحو : «أقائم الزّيدان» ، والصفة المشبهة ، نحو : «زيد
حسن وجهه» والمصدر ، نحو : «عجبت من ضرب زيد عمرا» واسم الفعل ، نحو : «هيهات
العقيق» والظرف والجار والمجرور ، نحو : «زيد عندك أبوه» أو «فى الدار غلاماه»
وأفعل التفضيل ، نحو. «مررت بالأفضل أبوه» فأبوه : مرفوع بالأفضل ، وإلى ما ذكر
أشار المصنف بقوله : «كمرفوعى أتى ـ إلخ».
والمراد
بالمرفوعين ما كان مرفوعا بالفعل أو بما يشبه الفعل ، كما تقدم ذكره ، ومثّل
للمرفوع بالفعل بمثالين : أحدهما ما رفع بفعل متصرف ، نحو : «أتى زيد» والثانى ما
رفع بفعل غير متصرف ، نحو : «نعم الفتى» ومثل للمرفوع بشبه الفعل بقوله : «منيرا
وجهه».
* * *
وبعد فعل
فاعل ، فإن ظهر
|
|
فهو ، وإلّا
فضمير استتر
|
__________________
حكم الفاعل
التأخّر عن رافعه ـ وهو الفعل أو شبهه ـ نحو «قام الزيدان ، وزيد قائم غلاماه ،
وقام زيد» ولا يجوز تقديمه على رافعه ؛ فلا تقول : «الزيدان قام» ، ولا «زيد
غلاماه قائم» ، ولا «زيد قام» على أن يكون «زيد» فاعلا مقدّما ، بل على أن يكون
مبتدأ ، والفعل بعده رافع لضمير مستتر ، والتقدير «زيد قام هو» وهذا مذهب البصريين
، وأما الكوفيون فأجازوا التقديم فى ذلك كله .
__________________
وتظهر فائدة
الخلاف فى غير الصورة الأخيرة ـ وهى صورة الإفراد ـ نحو «زيد قام» ؛ فتقول على
مذهب الكوفيين : «الزيدان قام ، والزيدون قام» وعلى مذهب البصريين يجب أن تقول : «الزيدان
قاما ، والزيدون قاموا» ، فتأتى بألف وواو فى الفعل ، ويكونان هما الفاعلين ، وهذا
معنى قوله : «وبعد فعل فاعل».
وأشار بقوله : «فإن
ظهر ـ إلخ» إلى أن الفعل وشبهه لا بدّ له من مرفوع ، فإن ظهر فلا إضمار ، نحو «قام زيد» وإن لم يظهر فهو
ضمير ، نحو «زيد قام» أى : هو.
* * *
__________________
وجرّد الفعل
إذا ما أسندا
|
|
لاثنين أو
جمع كـ «فاز الشّهدا»
|
وقد يقال :
سعدا ، وسعدوا ،
|
|
والفعل
للظّاهر ـ بعد ـ مسند
|
مذهب جمهور
العرب أنه إذا أسند الفعل إلى ظاهر ـ مثنّى ، أو مجموع ـ وجب تجريده من علامة تدل
على التثنية أو الجمع ، فيكون كحاله إذا أسند إلى مفرد ؛ فتقول : «قام الزيدان ،
وقام الزيدون ، وقامت الهندات» ، كما تقول : «قام زيد» ولا تقول على مذهب هؤلاء : «قاما
الزيدان» ،
__________________
ولا «قاموا الزيدون» ، ولا «قمن الهندات» فتأتى بعلامة فى الفعل الرافع
للظاهر ، على أن يكون ما بعد الفعل مرفوعا به ، وما اتصل بالفعل ـ من الألف ،
والواو ، والنون. ـ حروف تدلّ على تثنية الفاعل أو جمعه ، بل على أن يكون الاسم
الظاهر مبتدأ مؤخرا ، والفعل المتقدم وما اتّصل به اسما فى موضع رفع به ، والجملة
فى موضع رفع خبرا عن الاسم المتأخر.
ويحتمل وجها
آخر ، وهو أن يكون ما اتصل بالفعل مرفوعا به كما تقدم ، وما بعده بدل مما اتصل
بالفعل من الأسماء المضمرة ـ أعنى الألف ، والواو ، والنون ـ
ومذهب طائفة من
العرب ـ وهم بنو الحارث بن كعب ، كما نقل الصفّار فى شرح الكتاب ـ أن الفعل إذا
أسند إلى ظاهر ـ مثنى ، أو مجموع ـ أتى فيه بعلامة تدلّ على التثنية أو الجمع ؛ فتقول : «قاما الزيدان ، وقاموا الزيدون ، وقمن
الهندات» فتكون الألف والواو والنون حروفا تدلّ على التثنية والجمع ، كما كانت
التاء فى «قامت هند» حرفا تدلّ على التأنيث عند جميع العرب ، والاسم الذى بعد الفعل المذكور مرفوع به ، كما ارتفعت
«هند» بـ «قامت» ، ومن ذلك قوله :
__________________
ـ
تولّى قتال
المارقين بنفسه
|
|
وقد أسلماه
مبعد وحميم
|
__________________
وقوله :
ـ
يلوموننى فى
اشتراء النّخي
|
|
ل أهلى ؛
فكلّهم يعذل
|
__________________
وقوله :
ـ
رأين الغوانى
الشّيب لاح بعارضى
|
|
فأعرضن عنّى
بالخدود النّواضر
|
__________________
فـ «مبعد وحميم»
مرفوعان بقوله «أسلماه» والألف فى «أسلماه» حرف يدلّ على كون الفاعل اثنين ، وكذلك
«أهلى» مرفوع بقوله «يلوموننى» والواو حرف يدلّ على الجمع ، و «الغوانى» مرفوع بـ «رأين»
والنون حرف يدلّ على جمع المؤنث ، وإلى هذه اللغة أشار المصنف بقوله : «وقد يقال
سعدا وسعدوا ـ إلى آخر البيت».
ومعناه أنه قد
يؤتى فى الفعل المسند إلى الظاهر بعلامة تدلّ على التثنية ، أو الجمع ؛ فأشعر قوله
«وقد يقال» بأن ذلك قليل ، والأمر كذلك.
وإنما قال : «والفعل
للظاهر بعد مسند» لينبه على أن مثل هذا التركيب
__________________
إنما يكون قليلا إذا جعلت الفعل مسندا إلى الظاهر الذى بعده ، وأما إذا
جعلته مسندا إلى المتصل به ـ من الألف ، والواو ، والنون ـ وجعلت الظاهر مبتدأ ،
أو بدلا من الضمير ؛ فلا يكون ذلك قليلا ، وهذه اللغة القليلة هى التى يعبر عنها
النحويون بلغة «أكلونى البراغيث» ، ويعبّر عنها المصنف فى كتبه بلغة «يتعاقبون
فيكم ملائكة باللّيل وملائكة بالنّهار» ، فـ «البراغيث» فاعل «أكلونى» و «ملائكة» فاعل «يتعاقبون»
هكذا زعم المصنف.
* * *
ويرفع الفاعل
فعل أضمرا
|
|
كمثل «زيد»
فى جواب «من قرا»؟
|
__________________
إذا دلّ دليل
على الفعل جاز حذفه ، وإبقاء فاعله ، كما إذا قيل لك : «من قرأ»؟ فتقول : «زيد»
التقدير : «قرأ زيد» وقد يحذف الفعل وجوبا ، كقوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
اسْتَجارَكَ) فـ «أحد» فاعل بفعل محذوف وجوبا ، والتقدير «وإن
استجارك [أحد استجارك]» ، وكذلك كل اسم مرفوع وقع بعد «إن» أو «إذا» فإنه مرفوع
بفعل محذوف وجوبا ، ومثال ذلك فى «إذا» قوله تعالى : (إِذَا السَّماءُ
انْشَقَّتْ) فـ «السماء» فاعل بفعل محذوف ، والتقدير «إذا انشقّت
السّماء انشقّت» وهذا مذهب جمهور النحويين ، وسيأتى الكلام على هذه المسألة فى باب الاشتغال ، إن
شاء الله تعالى.
* * *
__________________
وتاء تأنيث
تلى الماضى ، إذا
|
|
كان لأنثى ،
كـ «أبت هند الأذى»
|
__________________
إذا أسند الفعل
الماضى إلى مؤنّث لحقته تاء ساكنة تدلّ على كون الفاعل مؤنثا ، ولا فرق فى ذلك بين
الحقيقىّ والمجازىّ ، نحو «قامت هند ، وطلعت الشمس» ، لكن لها حالتان : حالة لزوم
، وحالة جواز ، وسيأتى الكلام على ذلك.
* * *
وإنّما تلزم
فعل مضمر
|
|
متّصل ، أو
مفهم ذات حر
|
تلزم تاء
التأنيث الساكنة الفعل الماضى فى موضعين :
أحدهما : أن
يسند الفعل إلى ضمير مؤنث متصل ، ولا فرق فى ذلك بين المؤنث الحقيقىّ والمجازىّ ؛
فتقول : «هند قامت ، والشّمس طلعت» ، ولا تقول : «قام» ولا «طلع» فإن كان الضمير
منفصلا لم يؤت بالتاء ، نحو «هند ما قام الّا هى».
الثانى : أن
يكون الفاعل ظاهرا حقيقى التأنيث ، نحو «قامت هند» وهو المراد بقوله «أو مفهم ذات
حر» وأصل حر حرح ، فحذفت لام الكلمة.
وفهم من كلامه
أن التاء لا تلزم فى غير هذين الموضعين ؛ فلا تلزم فى المؤنث
__________________
المجازىّ الظاهر ؛ فتقول : «طلع الشمس ، وطلعت الشمس» ولا فى الجمع ، على
ما سيأتى تفصيله.
* * *
وقد يبيح
الفصل ترك التّاء ، فى
|
|
نحو «أتى
القاضى بنت الواقف»
|
إذا فصل بين
الفعل وفاعله المؤنث الحقيقى بغير «إلا» جاز إثبات التاء وحذفها ، والأجود الإثبات
؛ فتقول : «أتى القاضى بنت الواقف» والأجود «أتت» وتقول : «قام اليوم هند» والأجود
«قامت».
* * *
والحذف مع
فصل بإلّا فضّلا ،
|
|
كـ «ما زكا
إلّا فتاة ابن العلا»
|
وإذا فصل بين
الفعل والفاعل المؤنث بـ «إلّا» لم يجز إثبات التاء عند الجمهور ؛ فتقول : «ما قام
إلّا هند ، وما طلع إلا الشّمس» ولا يجوز
__________________
«ما قامت إلّا هند» ، ولا «ما طلعت إلّا الشّمس» ، وقد جاء فى الشعر كقوله
:
ـ
* وما بقيت إلّا الضّلوع الجراشع*
__________________
فقول المصنف : «إن
الحذف مفضّل على الإثبات» يشعر بأن الإثبات ـ أيضا ـ جائز ، وليس كذلك ؛ لأنه إن أراد به أنه مفضّل عليه باعتبار أنه ثابت فى
النثر والنظم ، وأن الإثبات إنما جاء فى الشعر ؛ فصحيح ، وإن أراد أن الحذف أكثر
من الإثبات فغير صحيح ؛ لأن الإثبات قليل جدا.
* * *
ولحذف قد
يأتى بلا فصل ، ومع
|
|
ضمير ذى
المجاز فى شعر وقع
|
__________________
قد تحذف التاء
من الفعل المسند إلى مؤنث حقيقى من غير فصل ، وهو قليل جدا ، حكى سيبويه : «قال
فلانة» ، وقد تحذف التاء من الفعل المسند إلى ضمير المؤنث المجازىّ ، وهو مخصوص
بالشعر ، كقوله :
ـ
فلا مزنة
ودقت ودقها
|
|
ولا أرض أبقل
إبقالها
|
* * *
__________________
والتّاء مع
جمع ـ سوى السّالم من
|
|
مذكّر ـ كالتّاء
مع إحدى اللبن
|
والحذف فى «نعم
الفتاة» استحسنوا
|
|
لأنّ قصد
الجنس فيه بيّن
|
__________________
إذا أسند الفعل
إلى جمع : فإما أن يكون جمع سلامة لمذكر ، أولا ؛ فإن كان جمع سلامة لمذكر لم يجز
اقتران الفعل بالتاء ؛ فتقول : «قام الزيدون» ، ولا يجوز «قامت الزيدون» ، وإن لم يكن جمع سلامة لمذكر ـ بأن كان
__________________
جمع تكسير لمذكر كالرّجال ، أو لمؤنث كالهنود ، أو جمع سلامة لمؤنث
كالهندات ـ جاز إثبات التاء وحذفها ؛ فتقول : «قام الرجال ، وقامت الرجال ، وقام
الهنود ، وقامت الهنود ، وقام الهندات ، وقامت الهندات» ؛ فإثبات التاء لتأوّله
بالجماعة ، وحذفها لتأوّله بالجمع.
وأشار بقوله : «كالتاء
مع إحدى اللّبن» إلى أن التاء مع جمع التكسير ، وجمع السلامة لمؤنث ، كالتاء مع [الظاهر]
المجازىّ التأنيث كلبنة ؛ فكما تقول : «كسرت اللّبنة ، وكسر اللّبنة» تقول : «قام
الرجال ، وقامت الرجال» وكذلك باقى ما تقدم.
وأشار بقوله : «والحذف
فى نعم الفتاة ـ إلى آخر البيت» إلى أنه يجوز فى «نعم» وأخواتها ـ إذا كان فاعلها
مؤنثا ـ إثبات التاء وحذفها ، وإن كان مفردا مؤنثا حقيقيّا ؛ فتقول : «نعم المرأة
هند ، ونعمت المرأة هند» وإنما جاز ذلك لأن فاعلها مقصود به استغراق الجنس ، فعومل
معاملة جمع التكسير فى جواز إثبات التاء وحذفها ، لشبهه به فى أن المقصود به
متعدّد ،
__________________
ومعنى قوله «استحسنوا» أن الحذف فى هذا ونحوه حسن ، ولكن الإثبات أحسن منه.
* * *
والأصل فى
الفاعل أن يتّصلا
|
|
والأصل فى
المفعول أن ينفصلا
|
وقد يجاء
بخلاف الأصل ،
|
|
وقد يجى
المفعول قبل الفعل
|
الأصل أن يلى
الفاعل الفعل من غير أن يفصل بينه وبين الفعل فاصل ؛ لأنه كالجزء منه ، ولذلك
يسكّن له آخر الفعل : إن كان ضمير متكلم ، أو مخاطب ، نحو «ضربت ، وضربت» ، وإنما
سكنوه كراهة توالى أربع متحركات ، وهم إنما يكرهون ذلك فى الكلمة الواحدة ؛ فدلّ
ذلك على أن الفاعل مع فعله كالكلمة الواحدة.
والأصل فى
المفعول أن ينفصل من الفعل : بأن يتأخر عن الفاعل ، ويجوز تقديمه على الفاعل إن
خلا مما سيذكره ؛ فتقول «ضرب زيدا عمرو» ، وهذا معنى قوله : «وقد يجاء بخلاف الأصل».
__________________
وأشار بقوله : «وقد
يجى المفعول قبل الفعل» إلى أن المفعول قد يتقدم على الفعل ، وتحت هذا قسمان :
أحدهما : ما
يجب تقديمه ، وذلك كما إذا كان المفعول اسم شرط ، نحو «أيّا تضرب [أضرب]»
أو اسم استفهام ، نحو «أىّ رجل ضربت؟» أو ضميرا منفصلا لو تأخر لزم اتّصاله ، نحو (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) فلو أخّر المفعول لزم الاتصال ، وكان يقال : «نعبدك»
فيجب التقديم ، بخلاف قولك «الدّرهم إياه أعطيتك» فإنه لا يجب تقديم «إياه» لأنك
لو أخرته لجاز اتصاله وانفصاله ، على ما تقدم فى باب المضمرات ؛ فكنت تقول : «الدّرهم
أعطيتكه ، وأعطيتك إياه».
__________________
والثانى : ما
يجوز تقديمه وتأخيره ، نحو «ضرب زيد عمرا» ؛ فتقول : «عمرا ضرب زيد» .
* * *
وأخّر
المفعول إن لبس حذر ،
|
|
أو أضمر
الفاعل غير منحصر
|
__________________
يجب تقديم
الفاعل على المفعول ، إذا خيف التباس أحدهما بالآخر ، كما إذا خفى الإعراب فيهما ،
ولم توجد قرينة تبيّن الفاعل من المفعول ، وذلك نحو «ضرب موسى عيسى» فيجب كون «موسى»
فاعلا ، و «عيسى» مفعولا ، وهذا مذهب الجمهور ؛ وأجاز بعضهم تقديم المفعول فى هذا
ونحوه ، قال : لأن العرب لها غرض فى الالتباس كما لها غرض فى التبيين .
__________________
فإذا وجدت
قرينة تبيّن الفاعل من المفعول جاز تقديم المفعول وتأخيره ؛ فتقول : «أكل موسى
الكمّثرى ، وأكل الكمّثرى موسى » وهذا معنى قوله : «وأخّر المفعول إن لبس حذر».
ومعنى قوله : «أو
أضمر الفاعل غير منحصر» أنه يجب ـ أيضا ـ تقديم الفاعل وتأخير المفعول إذا كان
الفاعل ضميرا غير محصور ، نحو «ضربت زيدا» فإن كان ضميرا محصورا وجب تأخيره ، نحو «ما
ضرب زيدا إلّا أنا»
* * *
وما بإلّا أو
بإنّما انحصر
|
|
أخّر ، وقد
يسبق إن قصد ظهر
|
__________________
يقول : إذا
انحصر الفاعل أو المفعول بـ «إلّا» أو بـ «إنّما» وجب تأخيره ، وقد يتقدم المحصور
من الفاعل أو المفعول على غير المحصور ، إذا ظهر المحصور من غيره ، وذلك كما إذا
كان الحصر بـ «إلّا» فأما إذا كان الحصر بـ «إنّما» فإنه لا يجوز تقديم المحصور ؛
إذ لا يظهر كونه محصورا إلا بتأخيره ، بخلاف المحصور بـ «إلّا» فإنه يعرف بكونه
واقعا بعد «إلا» ؛ فلا فرق بين أن يتقدم أو يتأخر.
فمثال الفاعل
المحصور بـ «إنما» قولك : «إنما ضرب عمرا زيد» ومثال المفعول المحصور بإنّما «إنما
ضرب زيد عمرا» ومثال الفاعل المحصور بـ «إلّا» «ما ضرب عمرا إلا زيد» ومثال
المفعول المحصور بإلّا «ما ضرب زيد إلا عمرا» ومثال تقدم الفاعل المحصور بـ «إلّا»
قولك : «ما ضرب إلا عمرو زيدا» ومنه قوله :
ـ
فلم يدر إلّا
الله ما هيّجت لنا
|
|
عشيّة آناء
الدّيار وشامها
|
__________________
..................................................................................
__________________
ومثال تقديم
المفعول المحصور بإلّا قولك : «ما ضرب إلّا عمرا زيد» ، ومنه قوله :
ـ
تزوّدت من
ليلى بتكليم ساعة
|
|
فما زاد إلّا
ضعف ما بى كلامها
|
__________________
هذا معنى كلام
المصنف ، واعلم أن المحصور بـ «إنّما» لا خلاف فى أنه لا يجوز تقديمه ، وأما
المحصور بإلا ففيه ثلاثة مذاهب :
أحدها ـ وهو
مذهب أكثر البصريين ، والفراء ، وابن الأنبارى ـ أنه لا يخلو : إما أن يكون
المحصور بها فاعلا ، أو مفعولا ، فإن كان فاعلا امتنع تقديمه ؛ فلا يجوز «ما ضرب
إلا زيد عمرا» فأما قوله : * فلم يدر إلا الله ما هيّجت لنا * [١٤٧] فأوّل على أن «ما هيجت» مفعول بفعل محذوف ،
والتقدير : «درى ما هيّجت لنا» فلم يتقدم الفاعل المحصور على المفعول ؛ لأن هذا
ليس مفعولا للفعل المذكور ، وإن كان المحصور مفعولا جاز تقديمه ؛ نحو «ما ضرب إلا
عمرا زيد»
الثانى ـ وهو
مذهب الكسائى ـ أنه يجوز تقديم المحصور بـ «إلّا» : فاعلا كان ، أو مفعولا.
الثالث ـ وهو
مذهب بعض البصريين ، واختاره الجزولىّ ، والشّلوبين ـ أنه لا يجوز تقديم المحصور
بـ «إلّا» : فاعلا كان ، أو مفعولا.
* * *
وشاع نحو «خاف
ربّه عمر»
|
|
وشذّ نحو «زان
نوره الشّجر»
|
__________________
أى : شاع فى
لسان العرب تقديم المفعول المشتمل على ضمير يرجع إلى الفاعل المتأخر ، وذلك نحو «خاف ربّه عمر» فـ «ربّه» مفعول ، وقد اشتمل
على ضمير يرجع إلى «عمر» وهو الفاعل ، وإنما جاز ذلك ـ وإن كان فيه عود الضمير على
متأخر لفظا ـ لأن الفاعل منوىّ التقديم على المفعول ؛ لأن الأصل فى الفاعل أن يتصل
بالفعل ؛ فهو متقدم رتبة ، وإن تأخّر لفظا.
فلو اشتمل
المفعول على ضمير يرجع إلى ما اتّصل بالفاعل ، فهل يجوز تقديم المفعول على الفاعل؟
فى ذلك خلاف ، وذلك نحو «ضرب غلامها جار هند» فمن أجازها ـ وهو الصحيح ـ وجّه
الجواز بأنه لما عاد الضمير على ما اتصل بما رتبته التقديم كان كعوده على ما رتبته
التقديم ؛ لأن المتصل بالمتقدم متقدم.
وقوله : «وشذ ـ
إلى آخره» أى شذّ عود الضمير من الفاعل المتقدم على المفعول المتأخر ، وذلك نحو «زان
نوره الشّجر» فالهاء المتصلة بنور ـ الذى هو الفاعل ـ عائدة على «الشجر» وهو
المفعول ، وإنما شذ ذلك لأن فيه عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ؛ لأن «الشجر»
مفعول ، وهو متأخّر لفظا ، والأصل فيه أن ينفصل عن الفعل ؛ فهو متأخر رتبة ، وهذه
المسألة ممنوعة عند جمهور النحويين وما ورد من ذلك تأوّلوه ، وأجازها أبو عبد الله
الطّوال من الكوفيين ، وأبو الفتح بن جنى ، وتابعهما المصنف ، ومما ورد من ذلك قوله :
__________________
ـ
لمّا رأى
طالبوه مصعبا ذعروا
|
|
وكاد ، لو
ساعد المقدور ، ينتصر
|
__________________
وقوله :
ـ
كسا حلمه ذا
الحلم أثواب سؤدد
|
|
ورقى نداه ذا
النّدى فى ذرى المجد
|
__________________
وقوله :
ـ
ولو أنّ مجدا
أخلد الدّهر واحدا
|
|
من النّاس
أبقى مجده الدّهر مطعما
|
وقوله.
ـ
جزى ربّه
عنّى عدىّ بن حاتم
|
|
جزاء الكلاب
العاويات وقد فعل
|
__________________
وقوله :
ـ
جزى بنوه أبا
الغيلان عن كبر
|
|
وحسن فعل كما
يجزى سنمّار
|
__________________
فلو كان الضمير
المتصل [بالفاعل] المتقدم عائدا على ما اتّصل بالمفعول المتأخر امتنعت المسالة ،
وذلك نحو «ضرب بعلها صاحب هند» ، وقد نقل بعضهم فى هذه المسألة أيضا خلافا ،
والحقّ فيها المنع.
* * *
__________________
النّائب عن الفاعل
ينوب مفعول
به عن فاعل
|
|
فيما له ،
كنيل خير نائل
|
يحذف الفاعل
ويقام المفعول به مقامه ، فيعطى ما كان للفاعل : من لزوم الرفع ، ووجوب التأخّر عن
رافعه ، وعدم جواز حذفه ، وذلك نحو «نيل خير نائل»
__________________
فخير نائل : مفعول قائم مقام الفاعل ، والأصل : «نال زيد خير نائل» فحذف
الفاعل ـ وهو «زيد» ـ وأقيم المفعول به مقامه ـ وهو «خير نائل» ـ ولا يجوز تقديمه
؛ فلا تقول : «خير نائل نيل» على أن يكون مفعولا مقدما ، بل على أن يكون مبتدأ ،
وخبره الجملة التى بعده ـ وهى «نيل» ، والمفعول القائم مقام الفاعل ضمير مستتر ـ والتقدير
: «[نيل] هو» ، وكذلك لا يجوز حذف «خير نائل» فتقول : «نيل».
* * *
فأوّل الفعل
اضممن ، والمتّصل
|
|
بالآخر اكسر
فى مضى كوصل
|
__________________
واجعله من
مضارع منفتحا
|
|
كينتجى
المقول فيه : ينتحى
|
يضمّ أوّل
الفعل الذى لم يسمّ فاعله مطلقا ، أى : سواء كان ماضيا ، أو مضارعا ويكسر ما قبل
آخر الماضى ، ويفتح ما قبل آخر المضارع.
ومثال ذلك فى
الماضى قولك فى وصل : «وصل» وفى المضارع قولك فى «ينتحى» : «ينتحى».
* * *
والثّانى
التّالى تا المطاوعه
|
|
كالأوّل
اجعله بلا منازعه
|
وثالث الّذى
بهمز الوصل
|
|
كالأوّل
اجعلنّه كاستحلى
|
__________________
إذا كان الفعل
المبنىّ للمفعول مفتتحا بتاء المطاوعة ضمّ أوله وثانيه ، وذلك كقولك فى «تدحرج» : «تدحرج»
وفى «تكسّر» ؛ «تكسّر» وفى «تغافل» : «تغوفل».
وإن كان مفتتحا
بهمزة وصل ضمّ أوله وثالثه ، ذلك كقولك فى «استحلى» : «استحلى» وفى «اقتدر» : «اقتدر»
وفى «انطلق» : «انطلق».
* * *
واكسر أواشمم
فاثلاثىّ أعل
|
|
عينا ، وضمّ
جا كـ «بوع» فاحتمل
|
إذا كان الفعل
المبنىّ للمفعول ثلاثيا معتلّ العين سمع فى فائه ثلاثة أوجه :
(١) إخلاص
الكسر ، نحو «قيل ، وبيع» ومنه قوله :
ـ
حيكت على
نيرين إذ تحاك
|
|
تختبط الشّوك
ولا تشاك
|
__________________
(٢) وإخلاص
الضم ، نحو «قول ، وبوع» ومنه قوله :
ـ
ليت ، وهل
ينفع شيئا ليت؟
|
|
ليت شبابا
بوع فاشتريت
|
وهى لغة بنى
دبير وبنى فقعس [وهما من فصحاء بنى أسد].
__________________
..................................................................................
__________________
(٣) والإشمام ـ
وهو الإتيان بالفاء بحركة بين الضمّ والكسر ـ ولا يظهر ذلك إلا فى اللفظ ، ولا
يظهر فى الخطّ ، وقد قرىء فى السبعة قوله تعالى : (وَقِيلَ يا أَرْضُ
ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ) بالإشمام فى «قيل ، وغيض».
* * *
وإن بشكل خيف
لبس يجتنب
|
|
وما لباع قد
يرى لنحو حبّ
|
إذا أسند الفعل
الثلاثىّ المعتلّ العين ـ بعد بنائه للمفعول ـ إلى ضمير متكلم أو مخاطب أو غائب :
فإما أن يكون واويا ، أو يائيا.
فإن كان واويّا
ـ نحو «سام» من السّوم ـ وجب ـ عند المصنف ـ كسر الفاء أو الإشمام ؛ فتقول : «سمت»
، [ولا يجوز الضم ؛
__________________
فلا تقول : «سمت»] ؛ لئلا يلتبس بفعل الفاعل ، فإنه بالضم ليس إلا ، نحو «سمت
العبد».
وإن كان يائيّا
ـ نحو «باع» من البيع ـ وجب ـ عند المصنف أيضا ـ ضمّه أو الإشمام ؛ فتقول : «بعت
يا عبد» ولا يجوز الكسر ؛ فلا تقول : «بعت» ؛ لئلا يلتبس بفعل الفاعل ؛ فإنه
بالكسر فقط ، نحو «بعت الثّوب».
وهذا معنى قوله
: «وإن بشكل خيف لبس يجتنب» أى : وإن خيف اللبس فى شكل من الأشكال السابقة ـ أعنى
الضمّ ، والكسر ، والإشمام ـ عدل عنه إلى شكل غيره لا لبس معه.
هذا ما ذكره
المصنف ، والذى ذكره غيره أن الكسر فى الواوى ، والضم فى اليائى ، والإشمام ، هو
المختار ، ولكن لا يجب ذلك ، بل يجوز الضم فى الواوى ، والكسر فى اليائى.
وقوله : «وما
لباع قد يرى لنحو حبّ» معناه أن الذى ثبت لفاء «باع» ـ من جواز الضم ، والكسر ،
والإشمام ـ يثبت لفاء المضاعف ، نحو «حبّ» ؛ فتقول : «حبّ» ، و «حبّ» وإن شئت
أشممت.
* * *
وما لفا باع
لما العين تلى
|
|
فى اختار
وانقاد وشبه ينجلى
|
__________________
أى : يثبت ـ عند
البناء للمفعول ـ لما تليه العين من كلّ فعل يكون على وزن «افتعل» أو «انفعل» ـ وهو
معتلّ العين ـ ما يثبت لفاء «باع» : من جواز الكسر ، والضم ، وذلك نحو «اختار ،
وانقاد» وشبههما ؛ فيجوز فى التاء والقاف ثلاثة أوجه : الضمّ ، نحو «اختور» ، و «انقود»
والكسر ، نحو «اختير» ، و «انقيد» والإشمام ، وتحرّك الهمزة بمثل حركة التاء
والقاف.
* * *
وقابل من ظرف
أو من مصدر
|
|
أو حرف جرّ
بنيابة حرى
|
تقدّم أن الفعل
إذا بنى لما لم يسمّ فاعله أقيم المفعول به مقام الفاعل ، وأشار فى هذا البيت إلى
أنه إذا لم يوجد المفعول به أقيم الظرف أو المصدر أو الجارّ والمجرور مقامه ؛ وشرط
فى كل [واحد] منها أن يكون قابلا للنيابة ، أى : صالحا لها ، واحترز بذلك مما لا
يصلح للنيابة ، كالظرف الذى لا يتصرّف ، والمراد به : ما لزم النّصب على الظرفية ، نحو «سحر» إذا أريد به سحر
__________________
يوم بعينه ، ونحو «عندك» فلا تقول : «جلس عندك» ولا «ركب سحر» ؛ لئلا
تخرجهما عما استقرّ لهما فى لسان العرب من لزوم النصب ، وكالمصادر التى لا تتصرّف
، نحو «معاذ الله» فلا يجوز رفع «معاذ الله» ؛ لما تقدّم فى الظرف ، وكذلك ما لا
فائدة فيه : من الظرف ، والمصدر ، [والجارّ] والمجرور ؛ فلا تقول : «سير وقت» ،
ولا «ضرب ضرب» ، ولا «جلس فى دار» لأنه لا فائدة فى ذلك.
ومثال القابل
من كل منها قولك : «سير يوم الجمعة ، وضرب ضرب شديد ، ومرّ بزيد» .
__________________
ولا ينوب بعض
هذى ، إن وجد
|
|
فى اللّفظ
مفعول به وقد يرد
|
مذهب البصريين
ـ إلا الأخفش ـ أنه إذا وجد بعد الفعل المبنى لما لم يسمّ فاعله : مفعول به ،
ومصدر ، وظرف ، وجارّ ومجرور ـ نعين إقامة المفعول به مقام الفاعل ؛ فتقول : ضرب
زيد ضربا شديدا يوم الجمعة أمام الأمير فى داره ، ولا يجوز إقامة غيره [مقامه] مع
وجوده ، وما ورد من ذلك شاذّ أو مؤوّل.
ومذهب الكوفيين
أنه يجوز إقامة غيره وهو موجود : تقدّم ، أو تأخّر ؛ فتقول : «ضرب ضرب شديد زيدا ،
وضرب زيدا ضرب شديد» وكذلك فى الباقى ، واستدلّوا لذلك بقراءة أبى جعفر (ليجزى
قوما بما كانوا يكسبون) وقول الشاعر :
__________________
ـ
لم يعن
بالعلياء إلّا سيّدا
|
|
ولا شفى ذا
الغىّ إلّا ذو هدى
|
__________________
ومذهب الأخفش
أنه إذا تقدّم غير المفعول به عليه جاز إقامة كل [واحد] منهما ؛ فتقول : ضرب فى
الدار زيد ، وضرب فى الدار زيدا ، وإن لم يتقدم تعين إقامة المفعول به ، نحو «ضرب
زيد فى الدّار» ؛ فلا يجوز «ضرب زيدا فى الدّار».
* * *
وباتّفاق قد
ينوب الثّان من
|
|
باب «كسا»
فيما التباسه أمن
|
__________________
إذا بنى الفعل
المتعدّى إلى مفعولين لما لم يسمّ فاعله : فإما أن يكون من باب «أعطى» ، أو من باب
«ظنّ » ؛ فإن كان من باب «أعطى» ـ وهو المراد بهذا البيت ـ فذكر المصنف أنه يجوز
إقامة الأول منهما وكذلك الثانى ، بالاتفاق ؛ فتقول : «كسى زيد جبّة ، وأعطى عمرو
درهما» ، وإن شئت أقمت الثانى ؛ فنقول : «أعطى عمرا درهم ، وكسى زيدا جبة».
هذا إن لم يحصل
لبس بإقامة الثانى ، فإذا حصل لبس وجب إقامة الأول ، [وذلك نحو «أعطيت زيدا عمرا»
فتتعين إقامة الأول] فتقول : «أعطى زيد عمرا» ولا يجوز إقامة الثانى حينئذ : لئلا
يحصل لبس ؛ لأن كل واحد منهما يصلح أن يكون آخذا ، بخلاف الأول.
ونقل المصنف
الاتفاق على أن الثانى من هذا الباب يجوز إقامته عند أمن
__________________
اللّبس ؛ فإن عنى به أنه اتفاق من جهة النحويين كلهم فليس بجيد ؛ لأن مذهب
الكوفيين أنه إذا كان الأول معرفة والثانى نكرة تعين إقامة الأول ؛ فتقول : «أعطى
زيد درهما» ، ولا يجوز عندهم إقامة الثانى ؛ فلا تقول : «أعطى درهم زيدا».
* * *
فى باب «ظنّ
، وأرى» المنع اشتهر
|
|
ولا أرى منعا
إذا القصد ظهر
|
يعنى أنه إذا
كان الفعل متعديا إلى مفعولين الثانى منهما خبر فى الأصل ، كظن وأخواتها ، أو كان
متعديا إلى ثلاثة مفاعيل كأرى وأخواتها ـ فالأشهر عند النحويين أنه يجب إقامة
الأول ، ويمتنع إقامة الثانى فى باب «ظنّ» والثانى والثالث فى باب «أعلم» ؛ فتقول
: «ظنّ زيد قائما» ولا يجوز «ظنّ زيدا قائم» وتقول : «أعلم زيد فرسك مسرجا» ولا
يجوز إقامة الثانى ؛ فلا تقول : «أعلم زيدا فرسك مسرجا» ولا إقامة الثالث ؛ فتقول
: «أعلم زيدا
__________________
فرسك مسرج» ونقل ابن أبى الربيع الاتفاق على منع إقامة الثالث ، ونقل
الاتفاق ـ أيضا ـ ابن المصنف.
وذهب قوم ـ منهم
المصنف ـ إلى أنه لا يتعيّن إقامة الأول ، لا فى باب «ظنّ» ولا باب «أعلم» لكن
يشترط ألّا يحصل لبس ؛ فتقول : «ظنّ زيدا قائم ، وأعلم زيدا فرسك مسرجا».
وأما إقامة
الثالث من باب «أعلم» فنقل ابن أبى الربيع وابن المصنف الاتفاق على منعه ، وليس
كما زعما ، فقد نقل غيرهما الخلاف فى ذلك ؛ فتقول : «أعلم زيدا فرسك مسرج».
فلو حصل لبس
تعيّن إقامة الأول فى باب «ظن ، وأعلم» فلا تقول : «ظنّ زيدا عمرو» على أن «عمرو»
هو المفعول الثانى ، ولا «أعلم زيدا خالد منطلقا».
* * *
وما سوى
النّائب ممّا علّقا
|
|
بالرّافع
النّصب له محقّقا
|
__________________
حكم المفعول
القائم مقام الفاعل حكم الفاعل ؛ فكما أنه لا يرفع الفعل إلا فاعلا واحدا ، كذلك
لا يرفع الفعل إلا مفعولا واحدا ؛ فلو كان للفعل معمولان فأكثر أقمت واحدا منها مقام
الفاعل ، ونصبت الباقى ؛ فتقول : «أعطى زيد درهما ، وأعلم زيد عمرا قائما ، وضرب
زيد ضربا شديدا يوم الجمعة أمام الأمير فى داره».
* * *
__________________
اشتغال العامل عن المعمول
__________________
إن مضمر اسم
سابق فعلا شغل
|
|
عنه : بنصب
لفظه ، أو المحلّ
|
فالسّابق
انصبه بفعل أضمرا
|
|
حتما ، موافق
لما قد أظهرا
|
الاشتغال : أن
يتقدم اسم ، ويتأخر عنه فعل ، [قد] عمل فى ضمير ذلك الاسم أو فى سببيّه ـ وهو
المضاف إلى ضمير الاسم السابق ـ فمثال المشتغل بالضمير «زيدا ضربته ، وزيدا مررت
به» ومثال المشتغل بالسببىّ «زيدا ضربت غلامه» وهذا هو المراد بقوله : «إن مضمر
اسم ـ إلى آخره» والتقدير : إن شغل مضمر اسم سابق فعلا عن ذلك الاسم بنصب المضمر
لفظا نحو «زيدا ضربته» أو بنصبه محلا ، نحو «زيدا مررت به» فكلّ واحد من «ضربت ،
ومررت» اشتغل بضمير «زيد» لكن «ضربت» وصل إلى
__________________
الضمير بنفسه ، و «مررت» وصل إليه بحرف جر ؛ فهو مجرور لفظا ومنصوب محلا ،
وكل من «ضربت ، ومررت» لو لم يشتغل بالضمير لتسلّط على «زيد» كما تسلّط على الضمير
، فكنت تقول : «زيدا ضربت» فتنصب «زيدا» ويصل إليه الفعل بنفسه كما وصل إلى ضميره
، وتقول : «بزيد مررت فيصل الفعل إلى زيد بالباء كما وصل إلى ضميره ، ويكون منصوبا
محلا كما كان الضمير.
وقوله «فالسابق
انصبه ـ إلى آخره» معناه أنه إذا وجد الاسم والفعل على الهيئة المذكورة ؛ فيجوز لك
نصب الاسم السابق ، واختلف النحويون فى ناصبه :
فذهب الجمهور
إلى أن ناصبه فعل مضمر وجوبا ؛ [لأنه لا يجمع بين المفسّر والمفسّر] ويكون الفعل
المضمر موافقا فى المعنى لذلك المظهر ، وهذا يشمل ما وافق لفظا ومعنى نحو قولك فى «زيدا
ضربته» : إن التقدير «ضربت زيدا ضربته» وما وافق معنى دون لفظ كقولك فى «زيدا مررت
به» : إن التقدير «جاوزت زيدا مررت به» وهذا هو الذى ذكره المصنف.
__________________
والمذهب الثانى
: أنه منصوب بالفعل المذكور بعده ، وهذا مذهب كوفىّ ، واختلف هؤلاء ؛ فقال قوم :
إنه عامل فى الضمير وفى الاسم معا ؛ فإذا قلت : «زيدا ضربته» كان «ضربت» ناصبا لـ «زيد»
وللهاء ، وردّ هذا المذهب بأنه لا يعمل عامل واحد فى ضمير اسم ومظهره ، وقال قوم :
هو عامل فى الظاهر ، والضمير ملغى ، وردّ بأن الأسماء لا تلغى بعد اتصالها
بالعوامل.
* * *
والنّصب حتم
، إن تلا السّابق ما
|
|
يختصّ بالفعل
: كإن وحيثما
|
__________________
ذكر النحويون
أن مسائل هذا الباب على خمسة أقسام ؛ أحدها : ما يجب فيه النصب ، والثانى : ما يجب
فيه الرفع ، والثالث : ما يجوز فيه الأمران والنصب أرجح ، والرابع : ما يجوز فيه
الأمران والرفع أرجح ، والخامس : ما يجوز فيه الأمران على السواء.
فأشار المصنف
إلى القسم الأول بقوله : «والنّصب حتم ـ إلى آخره» ومعناه أنه يجب نصب الاسم
السابق إذا وقع بعد أداة لا يليها إلا الفعل ، كأدوات الشرط نحو إن ، وحيثما ؛ فتقول : «إن زيدا أكرمته أكرمك ،
وحيثما زيدا تلقه فأكرمه» : فيجب نصب «زيدا» فى المثالين وفيما أشبههما ، ولا يجوز
الرفع على أنه مبتدأ ؛ إذ لا يقع [الاسم] بعد هذه
__________________
الأدوات ، وأجاز بعضهم وقوع الاسم بعدها ؛ فلا يمتنع عنده الرفع على
الابتداء ، كقول الشاعر :
ـ
لا تجزعى إن
منفس أهلكته
|
|
فإذا هلكت
فعند ذلك فاجزعى
|
__________________
تقديره : «إن
هلك منفس» ، والله أعلم.
* * *
__________________
وإن تلا السّابق
ما بالابتدا
|
|
يختصّ
فالرّفع التزمه أبدا
|
كذا إذا
الفعل تلا ما لم يرد
|
|
ما قبل
معمولا لما بعد وجد
|
أشار بهذين
البيتين إلى القسم الثانى ، وهو ما يجب فيه الرّفع ؛ فيجب رفع
__________________
الاسم المشتغل عنه إذا وقع بعد أداة تختصّ بالابتداء ، كإذا الّتى للمفاجأة
؛ فتقول : «خرجت فإذا زيد يضربه عمرو» برفع «زيد» ـ ولا تجوز نصبه ؛ لأن «إذا» هذه
لا يقع بعدها الفعل : لا ظاهرا ، ولا مقدرا.
وكذلك يجب رفع
الاسم السابق إذا ولى الفعل المشتغل بالضمير أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ،
كأدوات الشرط ، والاستفهام ، و «ما» النافية ، نحو «زيد إن لقيته فأكرمه ، وزيد هل
تضربه ، وزيد ما لقيته» فيجب رفع «زيد» فى هذه الأمثلة ونحوها ، ولا يجوز نصبه ؛ لأن ما لا يصلح أن يعمل
__________________
فيما قبله لا يصلح أن
يفسّر عاملا فيما قبله ، وإلى هذا أشار بقوله : «كذا إذا الفعل تلا ـ إلى آخره».
أى : كذلك يجب
رفع الاسم السابق إذا تلا الفعل شيئا لا يرد ما قبله معمولا لما بعده ، ومن أجاز
عمل ما بعد هذه الأدوات فيما قبلها ، فقال : «زيدا ما لقيت» أجاز النصب مع الضمير
بعامل مقدّر ؛ فيقول : «زيدا ما لقيته».
* * *
واختير نصب
قبل فعل ذى طلب
|
|
وبعد ما
إيلاؤه الفعل غلب
|
وبعد عاطف
بلا فصل على
|
|
معمول فعل
مستقرّ أوّلا
|
__________________
هذا هو القسم
الثالث ، وهو ما يختار فيه النصب.
وذلك إذا وقع
بعد الاسم فعل دال على طلب ـ كالأمر ، والنهى ، والدعاء ـ نحو «زيدا اضربه ، وزيدا
لا تضربه ، وزيدا رحمه الله» ؛ فيجوز رفع «زيد» ونصبه ، والمختار النصب .
وكذلك يختار
النصب إذا وقع الاسم بعد أداة يغلب أن يليها الفعل ، كهمزة الاستفهام ، نحو «أزيدا ضربته» بالنصب والرفع ،
والمختار النصب.
وكذلك يختار
النصب إذا وقع الاسم المشتغل عنه بعد عاطف تقدّمته جملة فعليّة ولم يفصل بين
العاطف والاسم ، نحو «قام زيد وعمرا أكرمته»؟ فيجوز رفع «عمرو» ونصبه ، والمختار
النصب ؛ لتعطف جملة فعلية على جملة فعلية ، فلو فصل بين العاطف والاسم كان الاسم
كما لو لم يتقدمه شىء ، نحو «قام زيد وأمّا عمرو فأكرمته» فيجوز رفع «عمرو» ونصبه
، والمختار الرفع كما سيأتى ، وتقول : «قام زيد وأمّا عمرا فأكرمه» فيختار النصب
كما تقدم ؛ لأنه وقع قبل فعل دالّ على طلب.
__________________
وإن تلا
المعطوف فعلا مخبرا
|
|
به عن اسم ،
فاعطفن مخيّرا
|
أشار بقوله : «فاعطفن
مخيّرا» إلى جواز الأمرين على السواء ، وهذا هو الذى تقدّم أنه القسم الخامس ،
وضبط النحويون ذلك بأنه إذا وقع الاسم المشتغل عنه بعد عاطف تقدّمته جملة ذات
وجهين ، جاز الرفع والنصب على السواء ، وفسّروا الجملة ذات الوجهين بأنها جملة :
صدرها اسم ، وعجزها فعل ، نحو «زيد قام وعمرو أكرمته» فيجوز رفع «عمرو» مراعاة
للصدر ، ونصبه مراعاة للعجز.
* * *
والرّفع فى
غير الّذى مرّ رجح
|
|
فما أبيح
افعل ، ودع ما لم يبح
|
__________________
هذا هو الذى
تقدّم أنه القسم الرابع ، وهو ما يجوز فيه الأمران ويختار الرفع ، وذلك : كلّ اسم
لم يوجد معه ما يوجب نصبه ، ولا ما يوجب رفعه ، ولا ما يرجّح نصبه ، ولا ما يجوّز
فيه الأمرين على السواء ، وذلك نحو «زيد ضربته» فيجوز رفع «زيد» ونصبه ، والمختار
رفعه ؛ لأن عدم الإضمار أرجح من الإضمار ، وزعم بعضهم أنه لا يجوز النصب ؛ لما فيه
من كلفة الإضمار ، وليس بشىء ، فقد نقله سيبويه وغيره من أئمة العربية ، وهو كثير
، وأنشد أبو السعادات ابن الشّجرىّ فى أماليه على النصب قوله :
ـ
فارسا ما
غادروه ملحما
|
|
غير زمّيل
ولا نكس وكل
|
ومنه قوله
تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ
يَدْخُلُونَها) بكسر تاء «جنّات».
* * *
__________________
وفصل مشغول
بحرف جرّ
|
|
أو بإضافة
كوصل يجرى
|
يعنى أنه لا
فرق فى الأحوال الخمسة السابقة بين أن يتّصل الضمير بالفعل المشغول به نحو «زيد
ضربته» أو ينفصل منه : بحرف جر ، نحو «زيد مررت به» أو بإضافة ، نحو «زيد ضربت
غلامه» ، [أو غلام صاحبه] ، أو مررت بغلامه ، [أو بغلام صاحبه]» ؛ فيجب النصب فى
نحو «إن زيدا مررت به أكرمك» كما يجب فى «إن زيدا لقيته أكرمك» وكذلك يجب الرفع فى
«خرجت فإذا زيد مرّ به عمرو» ويختار النصب فى «أزيدا مررت
__________________
به؟» ويختار الرفع فى «زيد مررت به» ويجوز الأمران على السواء فى «زيد قام
وعمرو مررت به» وكذلك الحكم فى «زيد [ضربت غلامه ، أو] مررت بغلامه».
* * *
وسوّ فى ذا
الباب وصفا ذا عمل
|
|
بالفعل ، إن
لم يك مانع حصل
|
يعنى أن الوصف
العامل فى هذا الباب يجرى مجرى الفعل فيما تقدم ، والمراد بالوصف العامل : اسم
الفاعل ، واسم المفعول.
واحترز بالوصف
مما يعمل عمل الفعل وليس بوصف كاسم الفعل ، نحو «زيد دراكه» فلا يجوز نصب «زيد» ؛
لأن أسماء الأفعال لا تعمل فيما قبلها ؛ فلا تفسر عاملا فيه.
واحترز بقوله «ذا
عمل» من لوصف الذى لا يعمل ، كاسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضى ، نحو «زيدا أنا
ضاربه أمس» ؛ فلا يجوز نصب «زيد» ؛ لأن ما لا يعمل لا يفسر عاملا.
ومثال الوصف
العامل «زيد أنا ضاربه : الآن ، أو غدا ، والدرهم أنت معطاه» فيجوز نصب «زيد ،
والدرهم» ورفعهما كما كان يجوز ذلك مع الفعل.
__________________
واحترز بقوله :
«إن لم يك مانع حصل» عما إذا دخل على الوصف مانع يمنعه من العمل فيما قبله ، كما
إذا دخلت عليه الألف واللام ، نحو «زيد أنا الضّاربه» ؛ فلا يجوز نصب «زيد» ؛ لأن
ما بعد الألف واللام لا يعمل فيما قبلهما ؛ فلا يفسّر عاملا فيه ، والله أعلم .
* * *
وعلقة حاصلة
بتابع
|
|
كعلقة بنفس
الاسم الواقع
|
تقدّم أنه لا
فرق فى هذا الباب بين ما اتّصل فيه الضمير بالفعل ، نحو «زيدا ضربته» وبين ما
انفصل بحرف جر ، نحو «زيدا مررت به» ؛ أو بإضافة ، نحو «زيدا ضربت غلامه».
__________________
وذكر فى هذا
البيت أن الملابسة بالتابع كالملابسة بالسببى ، ومعناه أنه إذ عمل الفعل فى أجنبىّ
، وأتبع بما اشتمل على ضمير الاسم السابق : من صفة ، نحو «زيدا ضربت رجلا يحبه» أو
عطف بيان ، نحو «زيدا ضربت عمرا أباه» أو معطوف بالواو خاصّة نحو «زيدا ضربت عمرا
وأخاه» حصلت الملابسة بذلك كما تحصل بنفس السببىّ ، فينزّل «زيدا ضربت رجلا يحبه»
منزلة «زيدا ضربت غلامه» وكذلك الباقى.
وحاصله أن
الأجنبىّ إذا أتبع بما فيه ضمير الاسم السابق جرى مجرى السببى ، والله أعلم.
* * *
تعدّى الفعل ، ولزومه
علامة الفعل
المعدّى أن تصل
|
|
«ها» غير مصدر به ، نحو عمل
|
ينقسم الفعل
إلى متعدّ ، ولازم ؛ فالمتعدّى : هو الذى يصل إلى مفعوله بغير حرف جر ، [نحو «ضربت
زيدا»] واللازم : ما ليس كذلك ، وهو : ما لا يصل إلى مفعوله إلا بحرف جر نحو «مررت بزيد» أولا مفعول له ،
__________________
نحو «قام زيد» ويسمى ما يصل إلى مفعوله بنفسه : فعلا متعدّيا ، وواقعا ،
ومجاوزا ، وما ليس كذلك يسمى : لازما ، وقاصرا ، وغير متعدّ ، و [يسمى] متعديا
بحرف جر.
وعلامة الفعل
المتعدّى أن تتصل به هاء تعود على غير المصدر ، وهى هاء المفعول به ، نحو «الباب
أغلقته».
واحترز بهاء
غير المصدر من هاء المصدر ؛ فإنها تتصل بالمتعدى واللازم ؛ فلا تدل على تعدّى
الفعل ؛ فمثال المتصلة بالمتعدى «الضّرب ضربته زيدا» أى ضربت الضرب [زيدا] ومثال
المتصلة باللازم «القيام قمته» أى : قمت القيام.
* * *
فانصب به
مفعوله إن لم ينب
|
|
عن فاعل ،
نحو تدبّرت الكتب
|
__________________
شأن الفعل
المتعدّى أن ينصب مفعوله إن لم ينب عن فاعله ، نحو «تدبّرت الكتب» فإن ناب عنه وجب
رفعه كما تقدّم ، نحو «تدبّرت الكتب».
وقد يرفع
المفعول وينصب الفاعل عند أمن اللبس ، كقولهم : «خرق الثوب المسمار» ولا ينقاس ذلك
، بل يقتصر فيه على السماع .
__________________
والأفعال
المتعدية على ثلاثة أقسام :
أحدها : ما
يتعدّى إلى مفعولين ، وهى قسمان ؛ أحدهما : ما أصل المفعولين فيه المبتدأ والخبر ،
كظنّ وأخواتها ، والثانى : ما ليس أصلهما ذلك ، كأعطى وكسا.
والقسم الثانى
: ما يتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل ، كأعلم وأرى.
والقسم الثالث
: ما يتعدّى إلى مفعول واحد ، كضرب ، ونحوه.
* * *
ولازم غير
المعدّى ، وحتم
|
|
لزوم أفعال
السّجايا ، كنهم
|
كذا افعللّ ،
والمضاهى اقعنسسا ،
|
|
وما اقتضى :
نظافة ، أو دنسا
|
أو عرضا ، أو
طارع المعدّى
|
|
لواحد ، كمدّة
فامتدّا
|
__________________
اللازم هو : ما
ليس بمتعدّ ، وهو : ما لا يتّصل به هاء [ضمير] غير المصدر ، ويتحتّم اللزوم لكل
فعل دالّ على سجية ـ وهى الطبيعة ـ نحو : «شرف ، وكرم ، وظرف ، ونهم» وكذا كلّ فعل
على وزن افعللّ ، نحو : «اقشعرّ ، واطمأنّ» أو على وزن افعنلل ، نحو : «اقعنسس ،
واحرنجم» أو دلّ على نظافة كـ «طهر الثوب ، ونظف» أو على دنس كـ «دنس الثوب ، ووسخ»
أو دلّ على عرض نحو : «مرض زيد ، واحمرّ» أو كان مطاوعا لما تعدّى إلى مفعول واحد
نحو : «مددت الحديد فامتدّ ، ودحرجت زيدا فتدحرج» واحترز بقوله : «لواحد» مما طاوع
المتعدى إلى اثنين ؛ فإنه لا يكون لازما ، بل يكون متعديا إلى مفعول واحد ، نحو : «فهّمت
زيدا المسألة ففهمها ، وعلّمته النحو فتعلّمه».
* * *
وعدّ لازما
بحرف جرّ
|
|
وإن حذف
فالنّصب للمنجرّ
|
__________________
نقلا ، وفى «أنّ»
«وأن» يطّرد
|
|
مع أمن لبس :
كعجبت أن يدوا
|
تقدّم أن الفعل
المتعدّى يصل إلى مفعوله بنفسه ، وذكر هنا أن الفعل اللازم يصل إلى مفعوله بحرف جر
، نحو : «مررت بزيد» وقد يحذف حرف الجر فيصل إلى مفعوله بنفسه ، نحو : «مررت زيدا»
قال الشاعر :
ـ
تمرّون
الدّيار ولم تعوجوا
|
|
كلامكم علىّ
إذا حرام
|
__________________
أى : تمرّون
بالديار. ومذهب الجمهور أنه لا ينقاس حذف حرف الجر مع غير «أنّ» و «أن» بل يقتصر
فيه على السماع ، وذهب [أبو الحسن علىّ ابن سليمان البغدادىّ وهو] الأخفش الصغير
إلى أنه يجوز الحذف مع غيرهما قياسا ، بشرط تعيّن الحرف ، ومكان الحذف ، نحو : «بريت
القلم بالسكين» فيجوز عنده حذف الباء ؛ فتقول : «بريت القلم السكين» فإن لم يتعين
الحرف لم يجز الحذف ، نحو : «رغبت فى زيد» فلا يجوز حذف «فى» ؛ لأنه لا يدرى حينئذ
: هل التقدير «رغبت عن زيد» أو «فى زيد» وكذلك إن لم يتعين مكان الحذف لم يجز ،
نحو «اخترت القوم من بنى تميم» فلا يجوز الحذف ؛ فلا تقول : «اخترت القوم بنى تميم»
؛ إذ لا يدرى : هل الأصل «اخترت القوم من بنى تميم» أو «اخترت من القوم بنى تميم».
وأما «أنّ ،
وأن» فيجوز حذف حرف الجر معهما قياسا مطّردا ، بشرط أمن اللبس ، كقولك «عجبت أن
يدوا» والأصل «عجبت من أن يدوا» أى : من أن يعطوا الدّية ، ومثال ذلك مع أنّ ـ بالتشديد
ـ «عجبت من أنّك قائم» فيجوز حذف «من» فتقول : «عجبت أنّك قائم» ؛ فإن حصل لبس لم
يجز
__________________
الحذف ، نحو «رغبت فى أن تقوم» أو «[رغبت] فى أنك قائم» فلا يجوز حذف «فى»
لاحتمال أن يكون المحذوف «عن» فيحصل اللّبس.
واختلف فى محل «أنّ
، وأن» ـ عند حذف حرف الجرّ ـ فذهب الأخفش إلى أنهما فى محل جر ، وذهب الكسائى إلى
أنهما فى محل نصب ، وذهب سيبويه إلى تجويز الوجهين.
__________________
وحاصله : أن
الفعل اللازم يصل إلى المفعول بحرف الجر ، ثم إن كان المجرور غير «أنّ ، وأن» لم
يجز حذف حرف الجر إلا سماعا ، وإن كان «أنّ ، وأن» جاز [ذلك] قياسا عند أمن اللّبس
، وهذا هو الصحيح.
* * *
والأصل سبق
فاعل معنى كمن
|
|
من «ألبسن من
زاركم نسج اليمن»
|
إذا تعدّى
الفعل إلى مفعولين الثانى منهما ليس خبرا فى الأصل ؛ فالأصل تقديم ما هو فاعل فى
المعنى ، نحو «أعطيت زيدا درهما» فالأصل تقديم «زيد»
__________________
على «درهم» لأنه فاعل فى المعنى ؛ لأنه الآخذ للدرهم ، وكذا «كسوت زيدا
جبّة» و «ألبسن من زاركم نسج اليمن» فـ «من» : مفعول أول ، و «نسج» : مفعول ثان ،
والأصل تقديم «من» على «نسج اليمن» لأنه اللّابس ، ويجوز تقديم ما ليس فاعلا معنى
، لكنه خلاف الأصل.
* * *
ويلزم الأصل
لموجب عرى
|
|
وترك ذاك
الأصل حتما قد يرى
|
أى : يلزم
الأصل ـ وهو تقديم الفاعل فى المعنى ـ إذا طرأ ما يوجب ذلك ، وهو خوف اللبس ، نحو «أعطيت
زيدا عمرا» فيجب تقديم الآخذ منهما ، ولا يجوز تقديم غيره ؛ لأجل اللّبس ؛ إذ
يحتمل أن يكون هو الفاعل.
وقد يجب تقديم
ما ليس فاعلا فى المعنى ، وتأخير ما هو فاعل فى المعنى ، نحو «أعطيت الدّرهم صاحبه»
فلا يجوز تقديم صاحبه وإن كان فاعلا فى المعنى ؛ فلا تقول : «أعطيت صاحبه الدّرهم»
لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة [وهو ممتنع] والله أعلم .
* * *
__________________
وحذف فضلة
أجز ، إن لم يضر
|
|
كحذف ما سيق
جوابا أو حصر
|
الفضلة : خلاف
العمدة ، والعمدة : ما لا يستغنى عنه كالفاعل والفضلة : ما يمكن الاستغناء عنه
كالمفعول به ؛ فيجوز حذف الفضلة إن لم يضر ، كقولك
__________________
فى «ضربت زيدا» : «ضربت» بحذف المفعول به ، وكقولك فى «أعطيت زيدا درهما» :
«أعطيت» ، ومنه قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى
وَاتَّقى) و «أعطيت زيدا» ، ومنه قوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ
رَبُّكَ فَتَرْضى) و «أعطيت درهما» قيل : ومنه قوله تعالى : (حَتَّى يُعْطُوا
الْجِزْيَةَ) التقدير ـ والله أعلم ـ حتى يعطوكم الجزية ، فإن ضرّ
حذف الفضلة لم يجز حذفها ، كما إذا وقع المفعول به فى جواب سؤال ، نحو أن يقال : «من
ضربت؟» فتقول : «ضربت زيدا» أو وقع محصورا ، نحو «ما ضربت إلّا زيدا» ؛ فلا يجوز
حذف «زيدا» فى الموضعين ؛ إذ لا يحصل فى الأول الجواب ، ويبقى الكلام فى الثانى
دالّا على نفى الضرب مطلقا ، والمقصود نفيه عن غير «زيد» ؛ فلا يفهم المقصود عند
حذفه.
* * *
ويحذف
النّاصبها ، إن علما ،
|
|
وقد يكون
حذفه ملتزما
|
يجوز حذف ناصب
الفضلة إذا دلّ عليه دليل ، نحو أن يقال : «من ضربت؟» فتقول : «زيدا» التقدير : «ضربت
زيدا» فحذف «ضربت» ؛ لدلالة ما قبله عليه ، وهذا الحذف جائز ، وقد يكون واجبا كما
تقدم فى باب الاشتغال ، نحو «زيدا ضربته» التقدير : «ضربت زيدا ضربته» فحذف «ضربت»
وجوبا كما تقدم ، والله أعلم.
__________________
التّنازع فى العمل
إن عاملان
اقتضيا فى اسم عمل
|
|
قبل فللواحد
منهما العمل
|
والثّان أولى
عند أهل البصره
|
|
واختار عكسا
غيرهم ذا أسره
|
التنازع عبارة
عن توجّه عاملين إلى معمول واحد ، نحو «ضربت
__________________
..................................................................................
__________________
وأكرمت زيدا» فكلّ واحد من «ضربت» و «أكرمت» يطلب «زيدا» بالمفعولية ، وهذا
معنى قوله : «إن عاملان ـ إلى آخره».
وقوله : «قبل»
معناه أن العاملين يكونان قبل المعمول كما مثّلنا ، ومقتضاه أنه لو تأخّر العاملان
لم تكن المسألة من باب التنازع.
وقوله : «فللواحد
منهما العمل» معناه أن أحد العاملين يعمل فى ذلك الاسم الظاهر ، والآخر يهمل عنه
ويعمل فى ضميره ، كما سيذكره.
__________________
ولا خلاف بين
البصريين والكوفيين أنه يجوز إعمال كلّ واحد من العاملين فى ذلك الاسم الظاهر ،
ولكن اختلفوا فى الأولى منهما .
فذهب البصريّون
إلى أنّ الثانى أولى به ؛ لقربه منه ، وذهب الكوفيون إلى أن الأول أولى به ؛
لتقدّمه.
* * *
وأعمل المهمل
فى ضمير ما
|
|
تنازعاه ،
والتزم ما التزما
|
__________________
كيحسنان
ويسىء ابناكا
|
|
وقد بغى
واعتديا عبداكا
|
أى : إذا أعملت
أحد العاملين فى الظاهر وأهملت الآخر عنه ، فأعمل المهمل فى ضمير الظاهر ، والتزم
الإضمار إن كان مطلوب العامل مما يلزم ذكره ولا يجوز حذفه ، كالفاعل ، وذلك كقولك
: «يحسن ويسىء ابناك» فكل واحد من «يحسن» و «يسىء» يطلب «ابناك» بالفاعلية ، فإن
أعملت الثانى وجب أن تضمر فى الأول فاعله ؛ فتقول «يحسنان ويسىء ابناك» وكذلك إن
أعملت الأول وجب الإضمار فى الثانى ؛ فتقول : «يحسن ويسيئان ابناك» ومثله «بغى
واعتديا عبداك» وإن أعملت الثانى فى هذا المثال قلت : «بغيا واعتدى عبداك» ولا
يجوز ترك الإضمار ؛ فلا تقول «يحسن ويسىء ابناك» ولا «بغى واعتدى عبداك» لأن تركه يؤدى إلى حذف الفاعل ، والفاعل
__________________
ملتزم الذكر ، وأجاز الكسائى ذلك على الحذف ، بناء على مذهبه فى جواز حذف
الفاعل ، وأجازه الفرّاء على توجّه العاملين معا إلى الاسم الظاهر ، وهذا بناء
منهما على منع الإضمار فى الأول عند إعمال الثانى ؛ فلا تقول : «يحسنان ويسىء
ابناك» وهذا الذى ذكرناه عنهما هو المشهور من مذهبهما فى هذه المسألة.
* * *
ولا تجئ مع
أوّل قد أهملا
|
|
بمضمر لغير
رفع أوهلا
|
بل حذفه الزم
إن يكن غير خبر
|
|
وأخّرنه إن
يكن هو الخبر
|
__________________
تقدّم أنه إذا
أعمل أحد العاملين فى الظاهر وأهمل الآخر عنه أعمل فى ضميره ، ويلزم الإضمار إن
كان مطلوب الفعل مما يلزم ذكره : كالفاعل ، أو نائبه ، ولا فرق فى وجوب الإضمار ـ حينئذ
ـ بين أن يكون المهمل الأوّل أو الثانى ، فتقول : «يحسنان ويسىء ابناك ، ويحسن
ويسيئان ابناك»
وذكر هنا أنه
إذا كان مطلوب الفعل المهمل غير مرفوع فلا يخلو : إما أن يكون عمدة فى الأصل ـ وهو
مفعول «ظن» وأخواتها ؛ لأنه مبتدأ فى الأصل أو خبر ، وهو المراد بقوله : «إن يكن
هو الخبر» ـ أولا ، فإن لم يكن كذلك : فإما أن يكون الطالب له هو الأول ، أو
الثانى ، فإن كان الأول لم يجز الإضمار ؛ فتقول «ضربت وضربنى زيد ، ومررت ومرّ بى
زيد» ولا تضمر فلا تقول : «ضربته وضربنى زيد» ولا «مررت به ومرّ بى زيد» وقد جاء
فى الشعر ، كقوله :
ـ
إذا كنت
ترضيه ويرضيك صاحب
|
|
جهارا فكن فى
الغيب أحفظ للعهد
|
وألغ أحاديث
الوشاة ؛ فقلّما
|
|
يحاول واش
غير هجران ذى ودّ
|
__________________
..................................................................................
__________________
وإن كان الطالب
له هو الثانى وجب الإضمار ؛ فتقول : «ضربنى وضربته زيد ، ومرّ بى ومررت به زيد»
ولا يجوز الحذف ؛ فلا تقول «ضربنى وضربت زيد» ولا «مرّ بى ومررت زيد» ، وقد جاء فى
الشعر ، كقوله :
ـ
بعكاظ يعشى
النّاظرين
|
|
ـ إذا هم لمحوا ـ شعاعه
|
والأصل «لمحوه»
فحذف الضمير ضرورة ، وهو شاذ ، كما شذّ عمل المهمل الأول فى المفعول المضمر الذى
ليس بعمدة فى الأصل.
__________________
هذا كلّه إذا
كان غير المرفوع ليس بعمدة فى الأصل ، فإن كان عمدة فى الأصل فلا يخلو : إما أن
يكون الطالب له هو الأول ، أو الثانى ؛ فإن كان الطالب له هو الأول وجب إضماره
مؤخرا ؛ فتقول : «ظنّنى وظننت زيدا قائما إيّاه» وإن كان الطالب له هو الثانى
أضمرته : متصلا كان ، أو منفصلا ؛ فتقول : «ظننت وظنّنيه زيدا قائما ، وظننت
وظنّنى إيّاه زيدا قائما».
ومعنى البيتين
أنك إذا أهملت الأول لم تأت معه بضمير غير مرفوع ـ وهو المنصوب والمجرور ـ فلا
تقول : «ضربته وضربنى زيد» ، ولا مررت به ومرّ بى زيد» بل يلزم الحذف ؛ فتقول : «ضربت
وضربنى زيد ، ومررت ومرّ بى زيد» إلا إذا كان المفعول خبرا فى الأصل ؛ فإنه لا
يجوز حذفه ، بل يجب الإتيان به مؤخّرا ؛ فتقول «ظنّنى وظننت زيدا قائما إيّاه».
__________________
ومفهوما أن
الثانى يؤتى معه بالضمير مطلقا : مرفوعا كان ، أو مجرورا ، أو منصوبا ، عمدة فى
الأصل أو غير عمدة.
* * *
وأظهر ان بكن
ضمير خيرا
|
|
لغير ما
يطابق المفسّرا
|
نحو أظنّ
ويظنّانى أخا
|
|
زيدا وعمرا
أخوين فى الرّخا
|
أى : يجب أن
يؤتى بمفعول الفعل المهمل ظاهرا إذا لزم من إضماره عدم مطابقته لما يفسره ؛ لكونه
خبرا فى الأصل عما لا يطابق المفسّر ، كما إذا كان فى الأصل خبرا عن مفرد ومفسّره
مثنّى ، نحو «أظن ويظنانى زيدا وعمرا أخوين» فـ «زيدا» : مفعول أول لأظنّ ، و «عمرا»
: معطوف عليه ، و «أخوين» : مفعول ثان لأظن ، والياء : مفعول أول ليظنان ؛ فيحتاج
إلى مفعول ثان ؛ فلو أتيت به ضميرا فقلت : «أظن ويظنانى إياه زيدا وعمرا أخوين»
__________________
لكان «إياه» مطابقا للياء ، فى أنهما مفردان ، ولكن لا يطابق ما يعود عليه
وهو «أخوين» ؛ لأنه مفرد ، و «أخوين» مثنى ؛ فتفوت مطابقة المفسّر للمفسّر ، وذلك
لا يجوز ، وإن قلت «أظن ويظنانى إياهما زيدا وعمرا أخوين» حصلت مطابقة المفسّر
للمفسّر ؛ [وذلك] لكون «إياهما» مثنى ، و «أخوين» كذلك ، ولكن تفوت مطابقة المفعول
الثانى ـ الذى هو خبر فى الأصل ـ للمفعول الأول ـ الذى هو مبتدأ فى الأصل ؛ لكون
المفعول الأول مفردا ، وهو الياء ، والمفعول الثانى غير مفرد ، وهو «إياهما» ، ولا
بد من مطابقة الخبر للمبتدأ ، فلما تعذّرت [المطابقة] مع الإضمار وجب الإظهار ؛
فتقول : «أظن ويظنانى أخا زيدا وعمرا أخوين» ؛ فـ «زيدا وعمرا أخوين» : مفعولا أظن
، والياء مفعول يظنان الأول ، و «أخا» مفعوله الثانى ، ولا تكون المسألة ـ حينئذ ـ
من باب التنازع ؛ لأن كلا من العاملين عمل فى ظاهر ، وهذا مذهب
البصريين.
وأجاز
الكوفيّون الإضمار مراعى به جانب المخبر عنه ؛ فتقول : «أظن ويظنانى إياه زيدا
وعمرا أخوين» وأجازوا أيضا الحذف ؛ فتقول : «أظن ويظنانى زيدا وعمرا أخوين».
* * *
__________________
المفعول المطلق
المصدر اسم
ما سوى الزّمان من
|
|
مدلولى الفعل
كأمن من أمن
|
الفعل يدل على
شيئين : الحدث ، والزمان ؛ فـ «قام» يدل على قيام فى فى زمن ماض ، و «يقوم» يدل
على قيام فى الحال أو الاستقبال ، و «قم» يدل على قيام فى الاستقبال ، والقيام هو
الحدث ـ وهو أحد مدلولى الفعل ـ وهو المصدر ، وهذا معنى قوله : «ما سوى الزمان من
مدلولى الفعل» فكأنه قال : المصدر اسم الحدث كأمن ؛ فإنه أحد مدلولى أمن.
والمفعول
المطلق هو : المصدر ، المنتصب : توكيدا لعامله ، أو بيانا لنوعه ، أو عدده ، نحو «ضربت
ضربا ، وسرت سير زيد ، وضربت ضربتين».
وسمى مفعولا
مطلقا لصدق «المفعول» عليه غير مقيّد بحرف جر ونحوه ، بخلاف غيره من المفعولات ؛
فإنه لا يقع عليه اسم المفعول إلا مقيدا ، كالمفعول به ، والمفعول فيه ، والمفعول
معه ، والمفعول له.
* * *
بمثله او فعل
او وصف نصب
|
|
وكونه أصلا
لهذين انتخب
|
__________________
ينتصب المصدر
بمثله ، أى بالمصدر ، نحو : عجبت من ضربك زيدا ضربا شديدا» أو بالفعل ، نحو «ضربت زيدا ضربا» أو بالوصف ، نحو «أنا ضارب زيدا ضربا».
__________________
ومذهب البصريين
أن المصدر أصل ، والفعل والوصف مشتقّان منه ؛ وهذا معنى قوله : «وكونه أصلا لهذين
انتخب» أى : المختار أن المصدر أصل لهذين ، أى : الفعل ، والوصف.
ومذهب الكوفيين
أن الفعل أصل ، والمصدر مشتقّ منه
وذهب قوم إلى
أن المصدر أصل ، والفعل مشتقّ منه ، والوصف مشتقّ من الفعل.
وذهب ابن طلحة
إلى أن كلّا من المصدر والفعل أصل برأسه ، وليس أحدهما مشتقّا من الآخر.
والصحيح المذهب
الأول ؛ لأن كل فرع يتضمن الأصل وزيادة ، والفعل والوصف بالنسبة إلى المصدر كذلك ؛
لأن كلّا منهما يدلّ على المصدر وزيادة ؛ فالفعل يدلّ على المصدر والزمان ، والوصف
يدلّ على المصدر والفاعل.
* * *
توكيدا أو
نوعا يبين أو عدد
|
|
كسرت سيرتين
سير ذى رشد
|
__________________
المفعول المطلق
يقع على ثلاثة أحوال كما تقدم :
أحدها : أن
يكون مؤكدا ، نحو «ضربت ضربا».
الثانى : أن
يكون مبينا للنوع ، نحو «سرت سير ذى رشد» ، و «سرت سيرا حسنا».
الثالث : أن
يكون مبينا للعدد ، نحو «ضربت ضربة ، وضربتين ، وضربات».
* * *
وقد ينوب عنه
ما عليه دلّ
|
|
كجدّ كلّ
الجدّ ، وافرح الجذل
|
__________________
قد ينوب عن
المصدر ما يدلّ عليه ، ككل وبعض ، مضافين إلى المصدر ، نحو «جدّ كلّ الجدّ» ، وكقوله تعالى : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ
الْمَيْلِ) و «ضربته بعض الضّرب».
وكالمصدر
المرادف لمصدر الفعل المذكور ، نحو «قعدت جلوسا ، وافرح الجذل» فالجلوس : نائب مناب
القعود لمرادفته له ، والجذل : نائب مناب الفرح لمرادفته له.
__________________
وكذلك ينوب
مناب المصدر اسم الإشارة ، نحو «ضربته ذلك الضّرب» وزعم بعضهم أنه إذا ناب اسم
الإشارة مناب المصدر فلا بدّ من وصفه بالمصدر ، كما مثّلنا ، وفيه نظر ؛ فمن أمثلة
سيبويه «ظننت ذاك» أى : ظننت ذاك الظن ، فذاك إشارة إلى الظن ، ولم يوصف به.
وينوب عن
المصدر ـ أيضا ـ ضميره ، نحو «ضربته زيدا» أى : ضربت الضّرب ، ومنه قوله تعالى : (لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ
الْعالَمِينَ) أى : لا أعذب العذاب.
وعدده ، نحو «ضربته
[عشرين] ضربة» ومنه قوله تعالى : (فَاجْلِدُوهُمْ
ثَمانِينَ جَلْدَةً).
والآلة ، نحو «ضربته
سوطا» والأصل : ضربته ضرب سوط ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، والله
تعالى أعلم.
* * *
وما لتوكيد
فوحّد أبدا
|
|
وثنّ واجمع
غيره وأفردا
|
لا يجوز تثنية
المصدر المؤكّد لعامله ، ولا جمعه ، بل يجب إفراده ؛ فتقول : «ضربت ضربا» ، وذلك
لأنه بمثابة تكرر الفعل ، والفعل لا يثنّى ولا يجمع.
__________________
وأما غير
المؤكد ـ وهو المبين للعدد ، والنوع ـ فذكر المصنف أنه يجوز تثنيته وجمعه.
فأما المبين
للعدد فلا خلاف فى جواز تثنيته وجمعه ، نحو : ضربت ضربتين ، وضربات.
[وأما المبين
للنوع فالمشهور أنه يجوز تثنيته وجمعه ، إذا اختلفت أنواعه ، نحو «سرت سيرى زيد
الحسن والقبيح]».
وظاهر كلام
سيبويه أنه لا يجوز تثنيته ولا جمعه قياسا ، بل يقتصر فيه على السماع ، وهذا
اختيار الشّلوبين.
* * *
وحذف عامل
المؤكّد امتنع
|
|
وفى سواه
لدليل متّسع
|
المصدر المؤكد
لا يجوز حذف عامله ؛ لأنه مسوق لتقرير عامله وتقويته ، والحذف مناف لذلك.
وأما غير
المؤكد فيحذف عامله للدلالة عليه : جوازا ، ووجوبا.
فالمحذوف جوازا
، كقولك : «سير زيد» لمن قال : «أىّ سير سرت» و «ضربتين» لمن قال : «كم ضربت زيدا؟»
والتقدير : سرت سير زيد ، وضربته ضربتين.
وقول ابن
المصنف : إن قوله «وحذف عامل المؤكد امتنع» سهو منه ؛ لأن
__________________
قولك «ضربا زيدا» مصدر مؤكد ، وعامله محذوف وجوبا ، كما سيأتى ـ ليس بصحيح ، وما استدلّ به على دعواه من وجوب حذف عامل المؤكد [بما
سيأتى] ليس منه ، وذلك لأن «ضربا زيدا» ليس من التأكيد فى شىء ، بل هو أمر خال من
التأكيد ، بمثابة «اضرب زيدا» لأنه واقع موقعه ، فكما أن «اضرب زيدا» لا تأكيد فيه
كذلك «ضربا زيدا» وكذلك جميع الأمثلة التى ذكرها ليست من باب التأكيد فى شىء ؛ لأن
المصدر فيها نائب مناب العامل ، دالّ على ما يدلّ عليه ، وهو عوض منه ، ويدلّ على
ذلك عدم جواز الجمع بينهما ، ولا شىء من المؤكدات يمتنع الجمع بينها وبين المؤكّد.
ومما يدلّ أيضا
على أن «ضربا زيدا» ونحوه ليس من المصدر المؤكّد لعامله أن المصدر المؤكّد لا خلاف
فى أنه لا يعمل ، واختلفوا فى المصدر الواقع موقع الفعل : هل يعمل أو لا؟ والصحيح
أنه يعمل ؛ فـ «زيدا» فى قولك «ضربا زيدا» منصوب بـ «ضربا» على الأصح ، وقيل : إنه
منصوب بالفعل المحذوف ، وهو «اضرب» ؛ فعلى القول الأول ناب «ضربا» عن «اضرب» فى
الدلالة على معناه وفى العمل ، وعلى القول الثانى ناب عنه فى الدلالة على المعنى
دون العمل.
* * *
والحذف حتم
مع آت بدلا
|
|
من فعله ،
كندلا اللّذ كاندلا
|
__________________
يحذف عامل
المصدر وجوبا فى مواضع :
منها : إذا وقع
المصدر بدلا من فعله ، وهو مقيس فى الأمر والنهى ، نحو «قياما لا قعودا» أى : قم [قياما]
ولا تقعد [قعودا] ، والدعاء ، نحو «سقيا لك» أى : سقاك الله.
وكذلك يحذف
عامل المصدر وجوبا إذا وقع المصدر بعد الاستفهام المقصود به التوبيخ ، نحو «أتوانيا
وقد علاك المشيب؟» أى : أتتوانى وقد علاك .
ويقلّ حذف عامل
المصدر وإقامة المصدر مقامه فى الفعل المقصود به الخبر ، نحو «أفعل وكرامة» أى :
وأكرمك.
فالمصدر فى هذه
الأمثلة ونحوها منصوب بفعل محذوف وجوبا ، والمصدر نائب منابه فى الدلالة على
معناه.
__________________
وأشار بقوله : «كندلا»
إلى ما أنشده سيبويه ، وهو قول الشاعر :
ـ
يمرّون
بالدّهنا خفافا عيابهم
|
|
ويرجعن من
دارين بجر الحقائب
|
على حين ألهى
النّاس جلّ أمورهم
|
|
فندلا زريق
المال ندل الثّعالب
|
__________________
فـ «ندلا» نائب
مناب فعل الأمر ، وهو اندل ، والنّدل : خطف الشىء بسرعة ، و «زريق» منادى ،
والتقدير : ندلا يا زريق [المال] ، وزريق اسم رجل ، وأجاز المصنف أن يكون مرفوعا
بندلا ، وفيه نظر ؛ لأنه إن جعل ، ندلا» نائبا مناب فعل الأمر للمخاطب ،
والتقدير «اندل» لم يصح أن يكون مرفوعا به ؛ لأن فعل الأمر إذا كان للمخاطب لا
يرفع ظاهرا ؛ فكذلك ما ناب منابه ، وإن جعل نائبا مناب فعل الأمر للغائب ،
والتقدير «ليندل» صحّ أن يكون مرفوعا به ؛ لكن المنقول أنّ المصدر لا ينوب مناب
فعل الأمر للغائب ، وإنما ينوب مناب فعل الأمر للمخاطب ، نحو «ضربا زيدا» أى :
اضرب زيدا ، والله أعلم.
* * *
وما لتفصيل
كإمّا منّا
|
|
عامله يحذف
حيث عنّا
|
__________________
يحذف أيضا عامل
المصدر وجوبا إذا وقع تفصيلا لعاقبة ما تقدّمه ، كقوله تعالى : (حَتَّى إِذا
أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ ؛ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ ، وَإِمَّا
فِداءً) فمنّا ، وفداء : مصدران منصوبان بفعل محذوف وجوبا ،
والتقدير ـ والله أعلم ـ فإمّا تمنّون منّا ، وإمّا تفدون فداء ، وهذا معنى قوله :
«وما لتفصيل ـ إلى آخره» أى : يحذف عامل المصدر المسوق للتفصيل ، حيث عنّ ، أى :
عرض.
* * *
كذا مكرّر
وذو حصر ورد
|
|
نائب فعل
لاسم عين استند
|
__________________
أى : كذلك يحذف
عامل المصدر وجوبا ، إذا ناب المصدر عن فعل استند لاسم عين ، أى : أخبر به عنه ،
وكان المصدر مكررا أو محصورا ؛ فمثال المكرر : «زيد سيرا سيرا» والتقدير : زيد يسير
سيرا ، فحذف «يسير» وجوبا لقيام التكرير مقامه ، ومثال المحصور «ما زيد إلّا سيرا»
، و «إنّما زيد سيرا» والتقدير : ما زيد إلا يسير سيرا ، وإنما زيد يسير سيرا ،
فحذف «يسير» وجوبا لما فى الحصر من التأكيد القائم مقام التكرير ، فإن لم يكرر ولم
يحصر لم يجب الحذف ، نحو «زيد سيرا» التقدير : زيد يسير سيرا ؛ فإن شئت حذفت «يسير»
، وإن شئت صرّحت به ، والله أعلم.
* * *
ومنه ما
يدعونه مؤكّدا
|
|
لنفسه ، أو
غيره ؛ فالمبتدا
|
__________________
نحو «له علىّ
ألف عرفا»
|
|
والثّان كـ «ابنى
أنت حقّا صرفا»
|
أى : من المصدر
المحذوف عامله وجوبا ما يسمّى : المؤكّد لنفسه ، والمؤكّد لغيره.
فالمؤكد لنفسه
هو : الواقع بعد جملة لا تحتمل غيره ، نحو «له علىّ ألف [عرفا» أى :] اعترافا ،
فاعترافا : مصدر منصوب بفعل محذوف وجوبا ، والتقدير : «أعترف اعترافا» ويسمى مؤكدا
لنفسه ؛ لأنه مؤكد للجملة قبله ، وهى نفس المصدر ، بمعنى أنها لا تحتمل سواه ،
وهذا هو المراد بقوله : «فالمبتدا» أى : فالأول من القسمين المذكورين فى البيت
الأول.
والمؤكد لغيره
هو : الواقع بعد جملة تحتمله وتحتمل غيره ؛ فتصير بذكره نصّا فيه ، نحو «أنت ابنى
حقّا» فحقّا : مصدر منصوب بفعل محذوف وجوبا ، والتقدير : «أحقّه حقّا» وسمّى مؤكدا
لغيره ؛ لأن الجملة قبله تصلح له ولغيره ؛ لأن قولك «أنت ابنى» يحتمل أن يكون
حقيقة ، وأن يكون مجازا
__________________
على معنى أنت عندى فى الحنوّ بمنزلة ابنى ، فلما قال «حقّا» صارت الجملة
نصّا فى أن المراد البنوّة حقيقة ، فتأثرت الجملة بالمصدر ؛ لأنها صارت به نصّا ؛
فكان مؤكدا لغيره ؛ لوجوب مغايرة المؤثر للمؤثّر فيه.
* * *
كذاك ذو
التّشبيه بعد جمله
|
|
ك «لى بكا
بكاء ذات عضله»
|
أى : كذلك يجب
حذف عامل المصدر إذا قصد به التّشبيه بعد جملة مشتملة على فاعل المصدر فى المعنى ، نحو «لزيد صوت صوت حمار ،
__________________
وله بكاء بكاء الثّكلى» فـ «صوت حمار» مصدر تشبيهى ، وهو منصوب بفعل محذوف
وجوبا ، والتقدير : يصوّت صوت حمار ، وقبله جملة وهى «لزيد صوت» وهى مشتملة على
الفاعل فى المعنى ، وهو «زيد» وكذلك «بكاء الثّكلى» منصوب بفعل محذوف وجوبا ،
والتقدير : يبكى بكاء الثّكلى.
فلو لم يكن قبل
هذا المصدر جملة وجب الرّفع ، نحو «صوته صوت حمار ، وبكاؤه بكاء الثّكلى» ، وكذا
لو كان قبله جملة [و] ليست مشتملة على الفاعل فى المعنى ، نحو «هذا بكاء بكاء
الثّكلى ، وهذا صوت صوت حمار».
ولم يتعرض
المصنف لهذا الشرط ، ولكنه مفهوم من تمثيله.
* * *
المفعول له
ينصب مفعولا
له المصدر ، إن
|
|
أبان تعليلا
، كـ «جد شكرا ، ودن»
|
وهو بما يعمل
فيه متّحد
|
|
: وقتا وفاعلا ، وإن شرط فقد
|
فاجرره
بالحرف ، وليس يمتنع
|
|
مع الشّروط :
كلزهد ذا قنع
|
__________________
المفعول له هو
: المصدر ، المفهم علة ، المشارك لعامله : فى الوقت ، والفاعل ، نحو «جد شكرا»
فشكرا : مصدر ، وهو مفهم للتعليل ؛ لأن المعنى جد لأجل الشكر ، ومشارك لعامله وهو «جد»
: فى الوقت ؛ لأن زمن الشكر هو زمن الجود ، وفى الفاعل ؛ لأن فاعل الجود هو
المخاطب وهو فاعل الشكر.
وكذلك «ضربت
ابنى تأديبا» فتأديبا : مصدر ، وهو مفهم للتعليل ؛ إذ يصح أن يقع فى جواب «لم فعلت
الضّرب؟» وهو مشارك لضربت : فى الوقت ، والفاعل.
وحكمه جواز
النصب إن وجدت فيه هذه الشروط الثلاثة ـ أعنى المصدرية ، وإبانة التعليل ، واتحاده
مع عامله فى الوقت والفاعل.
فإن فقد شرط من
هذه الشروط تعين جرّه بحرف التعليل ، وهو اللام ، أو «من» أو «فى» أو الباء ؛
فمثال ما عدمت فيه المصدرية قولك «جئتك للسمن» ومثال ما لم يتّحد مع عامله فى
الوقت «جئتك اليوم للإكرام غدا» ومثال ما لم يتحد مع عامله فى الفاعل «جاء زيد
لإكرام عمرو له».
ولا يمتنع
الجرّ بالحرف مع استكمال الشروط ، نحو «هذا قنع لزهد».
وزعم قوم أنه
لا يشترط فى نصبه إلا كونه مصدرا ، ولا يشترط اتحاده مع عامله فى الوقت ولا فى
الفاعل ، فجوزوا نصب «إكرام» فى المثالين السابقين ، والله أعلم.
* * *
__________________
وقلّ أن
يصحبها المجرّد
|
|
والعكس فى
مصحوب «أل» وأنشدوا
|
لا أقعد
الجبن عن الهيجاء
|
|
ولو توالت
زمر الأعداء
|
المفعول له
المستكمل للشروط المتقدمة له ثلاثة أحوال ؛ أحدها : أن يكون مجردا عن الألف واللام
والإضافة ، والثانى : أن يكون محلّى بالألف واللام ، والثالث : أن يكون مضافا ،
وكلّها يجوز أن تجرّ بحرف التعليل ، لكن الأكثر فيما تجرّد عن الألف واللام
والإضافة النصب ، نحو «ضربت ابنى تأديبا» ، ويجوز جرّه ؛ فتقول : «ضربت ابنى
لتأديب» ، وزعم الجزولى أنه لا يجوز جرّه ، وهو خلاف ما صرّح به النحويون ، وما
صحب الألف واللام بعكس المجرد ؛ فالأكثر جرّه ، ويجوز النصب ؛ فـ «ضربت ابنى
للتأديب» أكثر من «ضربت ابنى التأديب» ، ومما جاء فيه منصوبا ما أنشده المصنف :
ـ
*لا أقعد الجبن عن الهيجاء*
__________________
..................................................................................
__________________
«توالت»
تتابعت وتكاثرت وأتى بعضها تلو بعض وتبعه «زمر» جمع زمرة ، وهى الجماعة «الأعداء»
جمع عدو.
البيت ، فـ «الجبن»
مفعول له ، أى : لا أقعد لأجل الجبن ، ومثله قوله :
ـ
فليت لى بهم
قوما إذا ركبوا
|
|
شنّوا
الإغارة فرسانا وركبانا
|
__________________
وأما المضاف
فيجوز فيه الأمران ـ النصب ، والجرّ ـ على السواء ؛ فتقول : «ضربت ابنى تأديبه ،
ولتأديبه» وهذا [قد] يفهم من كلام المصنف ؛ لأنه لما ذكر أنه يقل جرّ المجرد ونصب
المصاحب للألف واللام علم أن المضاف لا يقلّ فيه واحد منهما ، بل يكثر فيه الأمران
، ومما جاء منصوبا [قوله تعالى : (يَجْعَلُونَ
أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) ومنه] قوله :
ـ
وأغفر عوراء
الكريم ادّخاره
|
|
وأعرض عن شتم
اللّثيم تكرّما
|
* * *
__________________
المفعول فيه ، وهو المسمّى ظرفا
الظرف : وقت
، أو مكان ، ضمّنا
|
|
«فى» باطّراد ، كهنا امكث أزمنا
|
عرّف المصنف
الظرف بأنه : زمان ـ أو مكان ـ ضمّن معنى «فى» باطّراد ، نحو «امكث هنا أزمنا»
فهنا : ظرف مكان ، وأزمنا : ظرف زمان ، وكل منهما تضمن معنى «فى» ؛ لأن المعنى :
امكث فى هذا الموضع [و] فى أزمن.
واحترز بقوله :
«ضمن معنى فى» مما لم يتضمن من أسماء الزمان أو المكان معنى «فى» كما إذا جعل اسم
الزمان أو المكان مبتدأ ، أو خبرا ، نحو : «يوم الجمعة يوم مبارك ، ويوم عرفة يوم
مبارك ، والدّار لزيد» فإنه لا يسمى ظرفا والحالة هذه ، وكذلك ما وقع منهما مجرورا
، نحو : «سرت فى يوم الجمعة» و «جلست فى الدّار» على أن فى هذا ونحوه خلافا فى
تسميته ظرفا فى الاصطلاح ، وكذلك ما نصب منهما مفعولا به ، نحو : «بنيت الدار ،
وشهدت يوم الجمل».
واحترز بقوله :
«باطّراد» من نحو : «دخلت البيت ، وسكنت الدّار ، وذهبت الشأم» فإن كل واحد من «البيت
، ولدار ، والشأم» متضمن معنى «فى» ولكن تضمّنه معنى «فى» ليس مطّردا ؛ لأن أسماء
المكان المختصّة لا يجوز حذف «فى» معها ؛ فليس «البيت ، والدار ، والشأم» فى المثل
__________________
منصوبة على الظرفية ،
وإنما هى منصوبة على التشبيه بالمفعول به ؛ لأن الظرف هو : ما تضمن معنى «فى»
باطّراد ، وهذه متضمنة معنى «فى» لا باطراد.
هذا تقرير كلام
المصنف ، وفيه نظر ؛ لأنه إذا جعلت هذه الثلاثة ونحوها منصوبة على التشبيه
بالمفعول به لم تكن متضمنة معنى «فى» ؛ لأن المفعول به غير متضمن معنى «فى» ؛
فكذلك ما شبّه به ؛ فلا يحتاج إلى قوله : «باطّراد» ليخرجها ؛ فإنها خرجت بقوله «ما
ضمن معنى فى» ، والله تعالى أعلم.
* * *
فانصبه
بالواقع فيه : مظهرا
|
|
كان ، وإلّا
فانوه مقدّرا
|
حكم ما تضمّن
معنى «فى» من أسماء الزمان والمكان النصب ، والناصب له ما وقع فيه ، وهو المصدر ،
نحو : «عجبت من ضربك زيدا ، يوم الجمعة ، عند الأمير» أو الفعل ، نحو : «ضربت زيدا
، يوم الجمعة ، أمام الأمير» أو الوصف ، نحو : «أنا ضارب زيدا ، اليوم ، عندك».
وظاهر كلام
المصنف أنه لا ينصبه إلا الواقع فيه فقط ، وهو المصدر ، وليس كذلك ، بل ينصبه هو
وغيره : كالفعل ، والوصف .
__________________
والناصب له إما
مذكور كما مثّل ، أو محذوف : جوازا ، نحو أن يقال : «متى جئت؟» فتقول : «يوم
الجمعة» ، و «كم سرت؟» فنقول : «فرسخين» ، والتقدير «جئت يوم الجمعة ، وسرت فرسخين»
أو وجوبا ، كما إذا وقع الظرف صفة ، نحو : «مررت برجل عندك» أو صلة ، نحو : «جاء
الذى عندك» أو حالا ، نحو : «مررت بزيد عندك» أو خبرا فى الحال أو فى الأصل ، نحو «زيد
عندك ، وظننت زيدا عندك» ؛ فالعامل فى هذه الظروف محذوف وجوبا فى هذه المواضع كلها
، والتقدير فى غير الصلة «استقرّ» أو «مستقر» وفى الصلة «استقرّ» ؛ لأن الصلة لا
تكون إلا جملة ، والفعل مع فاعله جملة ، واسم الفاعل مع فاعله ليس بجملة ، والله أعلم.
* * *
__________________
وكلّ وقت
قابل ذاك ، وما
|
|
يقبله المكان
إلّا مبهما
|
نحو الجهات ،
والمقادير ، وما
|
|
صيغ من الفعل
كمرمى من رمى
|
يعنى أن اسم
الزمان يقبل النصب على الظرفية : مبهما كان ، نحو «سرت
__________________
لحظة ، وساعة» أو مختصا : إما بإضافة ، نحو «سرت يوم الجمعة» ، أو بوصف نحو
«سرت يوما طويلا» أو بعدد ، نحو «سرت يومين».
وأما اسم
المكان فلا يقبل النصب منه إلا نوعان ؛ أحدهما : المبهم ، والثانى : ما صيغ من
المصدر بشرطه الذى سنذكره ، والمبهم كالجهات [السّتّ] ، نحو : «فوق ، وتحت ، [ويمين
، وشمال] وأمام ، وخلف» ونحو هذا ، كالمقادير ، نحو «غلوة ، وميل ، وفرسخ ، وبريد»
تقول : «جلست فوق الدّار ، وسرت غلوة» فتنصبهما على الظرفية.
وأما ما صيغ من
المصدر ، نحو «مجلس زيد ، ومقعده» فشرط نصبه ـ قياسا ـ أن يكون عامله من لفظه ،
نحو «قعدت مقعد زيد ، وجلست مجلس عمرو» فلو كان عامله من غير لفظه تعين جرّه بفى ،
نحو : «جلست فى مرمى زيد» ؛ فلا تقول : «جلست مرمى زيد» إلا شذوذا.
ومما ورد من
ذلك قولهم : «هو منّى مقعد القابلة ، ومزجر الكلب ، ومناط الثريّا» أى : كائن مقعد القابلة ، وفى مزجر الكلب ، ومناط
الثريا ، والقياس «هو منّى فى مقعد القابلة ، وفى مزجر الكلب ، وفى مناط الثريا»
ولكن نصب شذوذا ، ولا يقاس عليه ، خلافا للكسائى ، وإلى هذا أشار بقوله :
__________________
وشرط كون ذا
مقيسا أن يقع
|
|
ظرفا لما فى
أصله معه اجتمع
|
أى : وشرط كون
نصب ما اشتقّ من المصدر مقيسا : أن يقع ظرفا لما اجتمع معه فى أصله ، أى : أن
ينتصب بما يجامعه فى الاشتقاق من أصل واحد ، كمجامعة «جلست» بـ «مجلس» فى الاشتقاق
من الجلوس ؛ فأصلهما واحد ، وهو «الجلوس».
وظاهر كلام
المصنف أن المقادير وما صيغ من المصدر مبهمان ؛ أما المقادير فمذهب الجمهور أنها
من الظروف المبهمة ؛ لأنها ـ وإن كانت معلومة المقدار ـ فهى مجهولة الصفة ، وذهب
الأستاذ أبو على الشلوبين إلى أنها ليست من [الظروف] المبهمة ؛ لأنها معلومة
المقدار ، وأما ما صيغ من المصدر فيكون مبهما ، نحو «جلست مجلسا» ومختصّا ، نحو «جلست
مجلس زيد».
وظاهر كلامه
أيضا أن «مرمى» مشتق من رمى ، وليس هذا على مذهب البصريين ؛ فإن مذهبهم أنه مشتق
من المصدر ، لا من الفعل.
وإذا تقرر أن
المكان المختص ـ وهو : ما له أقطار تحويه ـ لا ينتصب ظرفا ، فاعلم أنّه سمع نصب
كلّ مكان مختص مع «دخل ، وسكن» ونصب
__________________
«الشأم» مع «ذهب» ، نحو «دخلت البيت ، وسكنت الدار ، وذهبت الشأم» واختلف
الناس فى ذلك ؛ فقيل : هى منصوبة على الظرفية شذوذا ، وقيل : منصوبة على إسقاط حرف
الجر ، والأصل «دخلت فى الدار» فحذف حرف الجر ؛ فانتصب الدار ، نحو «مررت زيدا»
وقيل : منصوبة على التشبيه بالمفعول به .
* * *
__________________
وما يرى ظرفا
وغير ظرف
|
|
فذاك ذو
تصرّف فى العرف
|
وغير ذى
التّصرّف : الّذى لزم
|
|
ظرفيّة أو
شبهها من الكلم
|
ينقسم اسم
الزمان واسم المكان إلى : متصرف ، وغير متصرف ؛ فالمتصرف من ظرف الزمان أو المكان
: ما استعمل ظرفا وغير ظرف ، كـ «يوم ، ومكان»
__________________
فإن كل واحد منهما يستعمل ظرفا ، نحو «سرت يوما وجلست مكانا» ، ويستعمل مبتدأ
، نحو «يوم الجمعة يوم مبارك ، ومكانك حسن» وفاعلا ، نحو «جاء يوم الجمعة ، وارتفع
مكانك».
وغير المتصرف
هو : ما لا يستعمل إلا ظرفا أو شبهه نحو «سحر» إذا أردته من يوم بعينه ، فإن لم ترده من يوم بعينه فهو متصرّف ، كقوله تعالى :
(إِلَّا آلَ لُوطٍ
نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) و «فوق» نحو «جلست فوق الدار» فكل واحد من «سحر : وفوق» لا يكون إلا ظرفا .
والذى لزم
الظرفية أو شبهها «عند [ولدن]» والمراد بشبه الظرفية أنه لا يخرج عن الظرفية إلا
باستعماله مجرورا بـ «من» ، نحو «خرجت من عند زيد» ولا تجرّ «عند» إلا بـ «من» فلا
يقال «خرجت إلى عنده» ، وقول العامة : «خرجت إلى عنده» خطأ .
__________________
وقد ينوب عن
مكان مصدر
|
|
وذاك فى ظرف
الزّمان يكثر
|
ينوب المصدر عن
ظرف المكان قليلا ، كقولك «جلست قرب زيد» أى : مكان قرب زيد ، فحذف المضاف وهو «مكان»
وأقيم المضاف إليه مقامه ، فأعرب بإعرابه ، وهو النّصب على الظرفية ، ولا ينقاس
ذلك ؛ فلا تقول «آتيك جلوس زيد» تريد مكان جلوسه.
ويكثر إقامة
المصدر مقام ظرف الزمان ، نحو «آتيك طلوع الشمس ، وقدوم الحاجّ ، وخروج زيد»
والأصل : وقت طلوع الشمس ، ووقت قدوم الحاج ، ووقت خروج زيد ؛ فحذف المضاف ، وأعرب
المضاف إليه بإعرابه وهو مقيس فى كل مصدر .
__________________
..................................................................................
__________________
المفعول معه
ينصب تالى
الواو مفعولا معه
|
|
فى نحو «سيرى
والطّريق مسرعه»
|
بما من الفعل
وشبهه سبق
|
|
ذا النّصب ،
لا بالواو فى القول الأحقّ
|
المفعول معه هو
: الاسم ، المنتصب ، بعد واو بمعنى مع.
والناصب له ما
تقدمه : من الفعل ، أو شبهه.
فمثال الفعل «سيرى
والطريق مسرعة» أى : سيرى مع الطريق ، فالطريق منصوب بسيرى.
ومثال شبه
الفعل «زيد سائر والطريق» ، و «أعجبنى سيرك والطّريق» فالطريق : منصوب بسائر
وسيرك.
وزعم قوم أن
الناصب للمفعول معه الواو ، وهو غير صحيح ؛ لأن كل حرف اختصّ
__________________
بالاسم ولم يكن كالجزء منه ؛ لم يعمل إلا الجرّ ، كحروف الجر ، وإنما قيل «ولم
يكن كالجزء منه» احترازا من الألف واللام ؛ فإنها اختصت بالاسم ولم تعمل فيه شيئا
؛ لكونها كالجزء منه ، بدليل تخطّى العامل لها ، نحو «مررت بالغلام»
ويستفاد من قول
المصنف «فى نحو سيرى والطريق مسرعة» أن المفعول معه مقيس فيما كان مثل ذلك ، وهو :
كل اسم وقع بعد واو بمعنى مع ، وتقدّمه فعل أو شبهه ، و [هذا] هو الصحيح من قول
النحويين .
وكذلك بفهم من
قوله : «بما من الفعل وشبهه سبق» أن عامله لا بدّ أن يتقدّم عليه ؛ فلا تقول : «والنيل
سرت» وهذا باتفاق ، أمّا تقدّمه على مصاحبه ـ نحو «سار والنيل زيد» ـ ففيه خلاف ،
والصحيح منعه .
__________________
وبعد «ما»
استفهام أو «كيف» نصب
|
|
بفعل كون
مضمر بعض العرب
|
حقّ المفعول [معه]
أن يسبقه فعل أو شبهه ، كما تقدّم تمثيله ، وسمع من كلام العرب نصبه بعد «ما» و «كيف»
الاستفهاميتين من غير أن يلفظ بفعل ،
__________________
نحو «ما أنت وزيدا » و «كيف أنت وقصعة من ثريد» فخرجه النحويون على أنه
منصوب بفعل مضمر مشتقّ من الكون ، والتقدير : ما تكون وزيدا ، وكيف تكون وقصعة من
ثريد ، فزيدا وقصعة : منصوبان بـ «تكون» المضمرة.
* * *
والعطف إن
يمكن بلا ضعف أحقّ
|
|
والنّصب
مختار لدى ضعف النّسق
|
__________________
والنّصب إن
لم يجز العطف يجب
|
|
أو اعتقد
إضمار عامل تصب
|
الاسم الواقع
بعد هذه الواو : إما أن يمكن عطفه على ما قبله ، أولا ، فإن أمكن عطفه فإما أن
يكون بضعف ، أو بلا ضعف.
فإن أمكن عطفه
بلا ضعف فهو أحقّ من النصب ، نحو «كنت أنا وزيد كالأخوين» فرفع «زيد» عطفا على
المضمر المتصل أولى من نصبه مفعولا معه ؛ لأن العطف ممكن للفصل ، والتشريك أولى من
عدم التشريك ، ومثله «سار زيد وعمرو» فرفع «عمرو» أولى من نصبه.
وإن أمكن العطف
بضعف فالنصب على المعية أولى من التشريك ؛
__________________
لسلامته من الضعف ، نحو «سرت وزيدا» ؛ فنصب «زيد» أولى من رفعه ؛ لضعف
العطف على المضمر المرفوع المتصل بلا فاصل.
وإن لم يمكن
عطفه تعيّن النصب : على المعيّة ، أو على إضمار فعل [يليق به] ، كقوله :
ـ
*علفتها تبنا وماء باردا*
__________________
فماء : منصوب
على المعية ، أو على إضمار فعل يليق به ، والتقدير «وسقيتها ماء باردا» وكقوله
تعالى : (فَأَجْمِعُوا
أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) فقوله «وشركاءكم» لا يجوز عطفه على «أمركم» ؛ لأن العطف
على نية تكرار العامل ؛ إذ لا يصح أن يقال «أجمعت شركائى» وإنما يقال «أجمعت أمرى
، وجمعت شركائى» فشركائى : منصوب على المعية ، والتقدير ـ والله أعلم ـ فأجمعوا
أمركم مع شركائكم ، أو منصوب بفعل يليق به ، والتقدير «فأجمعوا أمركم ، واجمعوا
شركاءكم».
* * *
__________________
الاستثناء
ما استثنت «الّا»
مع تمام ينتصب
|
|
وبعد نفى أو
كنفى انتخب
|
إتباع ما
اتّصل ، وانصب ما انقطع
|
|
وعن تميم فيه
إبدال وقع
|
حكم المستثنى
بـ «إلّا» النّصب ، إن وقع بعد تمام الكلام لموجب ، سواء كان متصلا أو منقطعا ،
نحو «قام القوم إلا زيدا ، وضربت القوم إلا زيدا ، ومررت بالقوم إلا زيدا ، وقام
القوم إلا حمارا ، وضربت القوم إلا حمارا ،
__________________
ومررت بالقوم إلا حمارا» فـ «زيدا» فى هذه المثل منصوب على الاستثناء ،
وكذلك «حمارا».
والصحيح من
مذاهب النحويين أن الناصب له ما قبله بواسطة «إلا» ، واختار المصنف ـ فى غير هذا
الكتاب ـ أن الناصب له «إلّا» وزعم أنه مذهب سيبويه وهذا معنى قوله «ما استثنت إلا مع تمام ينتصب» أى : أنه
ينتصب الذى استثنته «إلا» مع تمام الكلام ، إذا كان موجبا.
__________________
فإن وقع بعد
تمام الكلام الذى ليس بموجب ـ وهو المشتمل على النفى ، أو شبهه ، والمراد بشبه
النفى : النهى ، والاستفهام ـ فإما أن يكون الاستثناء متصلا ، أو منقطعا ، والمراد
بالمتصل : أن يكون المستثنى بعضا مما قبله ، وبالمنقطع : ألا يكون بعضا مما قبله.
فإن كان متصلا
، جاز نصبه على الاستثناء ، وجاز إتباعه لما قبله فى الإعراب ، وهو المختار ، والمشهور أنه بدل من متبوعه ، وذلك نحو «ما قام أحد
إلا زيد ، وإلّا زيدا ، ولا يقم أحد إلا زيد وإلّا زيدا ، وهل قام أحد إلا زيد؟
وإلا زيدا ، وما ضربت أحدا إلا زيدا ، ولا تضرب أحدا إلا زيدا ، وهل ضربت أحدا إلا
زيدا؟» ؛ فيجوز فى «زيدا» أن يكون منصوبا على الاستثناء ، وأن يكون منصوبا على
البدلية من «أحد» ، وهذا هو المختار ،
__________________
وتقول : «ما مررت
بأحد إلّا زيد ، وإلا زيدا ، ولا تمرر بأحد إلا زيد ، وإلّا زيدا ، وهل مررت بأحد
إلا زيد؟ وإلا زيدا».
وهذا معنى قوله
: «وبعد نفى أو كنفى انتخب إتباع ما اتصل» أى : اختير إتباع الاستثناء المتصل ، إن
وقع بعد نفى أو شبه نفى.
وإن كان
الاستثناء منقطعا تعيّن النصب عند جمهور العرب ؛ فتقول : «ما قام القوم إلا حمارا»
، ولا يجوز الإتباع ، وأجازه بنو تميم ؛ فتقول : «ما قام القوم إلا حمار ، وما
ضربت القوم إلا حمارا ، وما مررت بالقوم إلا حمار».
وهذا هو المراد
بقوله : «وانصب ما انقطع» أى : انصب الاستثناء المنقطع إذا وقع بعد نفى أو شبهه
عند غير بنى تميم ، وأما بنو تميم فيجيزون إتباعه.
فمعنى البيتين
أن الذى استثنى بـ «إلّا» ينتصب ، إن كان الكلام موجبا ووقع بعد تمامه ، وقد نبّه
على هذا التقييد بذكره حكم النفى بعد ذلك ، وإطلاق كلامه يدلّ على أنه ينتصب ،
سواء كان متصلا أو منقطعا.
وإن كان غير
موجب ـ وهو الذى فيه نفى أو شبه نفى ـ انتخب ـ أى : اختير ـ إتباع ما اتصل ، ووجب
نصب ما انقطع عند غير بنى تميم ، وأما بنو تميم فيجيزون إتباع المنقطع.
* * *
وغير نصب
سابق فى النّفى قد
|
|
يأتى ، ولكن
نصبه اختر إن ورد
|
__________________
إذا تقدم
المستثنى على المستثنى منه فإما أن يكون الكلام موجبا أو غير موجب فإن كان موجبا
وجب نصب المستثنى ، نحو «قام إلا زيدا القوم» وإن كان غير موجب فالمختار نصبه ؛
فتقول : «ما قام إلا زيدا القوم» ، ومنه قوله :
ـ
فمالى إلّا
آل أحمد شيعة
|
|
ومالى إلا
مذهب الحقّ مذهب
|
وقد روى رفعه ؛
فتقول «ما قام إلا زيد القوم» قال سيبويه : «حدثنى
__________________
يونس أن قوما يوثق بعربيتهم يقولون : مالى إلا أخوك ناصر» وأعربوا الثانى
بدلا من الأول [على القلب] [لهذا السبب] ومنه قوله :
ـ
فإنّهم يرجون
منه شفاعة
|
|
إذا لم يكن
إلّا النّبيّون شافع
|
فمعنى البيت :
إنه قد ورد فى المستثنى السابق غير النصب ـ وهو الرّفع ـ
__________________
وذلك إذا كان الكلام غير موجب ، نحو «ما قام إلا زيد القوم» ولكن المختار
نصبه.
وعلم من تخصيصه
ورود غير النصب بالنفى أن الموجب يتعين فيه النصب ، نحو «قام إلا زيدا القوم».
* * *
وإن يفرّغ
سابق «إلّا» لما
|
|
بعد يكن كما
لو «الّا» عدما
|
إذا تفرّغ سابق
«إلا» لما بعدها ـ أى : لم يشتغل بما يطلبه ـ كان الاسم الواقع بعد «إلا» معربا
بإعراب ما يقتضيه ما قبل «إلا» قبل دخولها ، وذلك نحو «ما قام إلا زيد ، وما ضربت
إلا زيدا ، وما مررت إلا بزيد» فـ «زيد» : فاعل مرفوع بقام ، و «زيدا» : منصوب
بضربت ، و «بزيد» : متعلق بمررت ، كما لو لم تذكر «إلا».
__________________
وهذا هو
الاستثناء المفرّغ ولا يقع فى كلام موجب فلا تقول «ضربت إلا زيدا».
وألغ «إلّا»
ذات توكيد : كلا
|
|
: تمرر بهم إلّا الفتى إلّا العلا
|
إذا كررت «إلّا»
لقصد التوكيد تؤثّر فيما دخلت عليه شيئا ، ولم نفد
__________________
غير توكيد الأولى ، وهذا معنى إلغائها ، وذلك فى البدل والعطف ، نحو «ما
مررت بأحد إلا زيد إلا أخيك» فـ «أخيك» بدل من «زيد» ولم تؤثر فيه «إلا» شيئا ، أى
لم تفد فيه استثناء مستقلا ، وكأنك قلت : ما مررت بأحد إلا زيد أخيك ، ومثله «لا
تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا» [والأصل : لا تمرر بهم إلا الفتى العلا] فـ «العلا»
بدل من الفتى ، وكررت «إلّا» توكيدا ، ومثال العطف «قام القوم إلا زيدا وإلا عمرا»
والأصل : إلا زيدا وعمرا ، ثم كررت «إلا» توكيدا ، ومنه قوله :
ـ
هل الدّهر
إلّا ليلة ونهارها
|
|
وإلّا طلوع
الشمس ثمّ غيارها
|
والأصل : وطلوع
الشمس ، وكررت «إلا» توكيدا.
__________________
وقد اجتمع
تكرارها فى البدل والعطف فى قوله :
ـ
مالك من شيخك
إلا عمله
|
|
إلّا رسيمه وإلّا
رمله
|
__________________
والأصل : إلا
عمله رسيمه ورمله ، فـ «رسيمه» : بدل من عمله ، «ورمله» معطوف على «رسيمه» ، وكررت
«إلا» فيهما توكيدا.
* * *
وإن تكرّر لا
لتوكيد فمع
|
|
تفريغ
التّأثير بالعامل دع
|
فى واحد ممّا
بإلّا استثنى
|
|
وليس عن نصب
سواه مغنى
|
إذا كرّرت «إلا»
لغير التوكيد ـ وهى : التى يقصد بها ما يقصد بما قبلها من الاستثناء ، ولو أسقطت
لما فهم ذلك ـ فلا يخلو : إما أن يكون الاستثناء مفرّغا ، أو غير مفرّغ.
__________________
فإن كان مفرّغا
شغلت العامل بواحد ونصبت الباقى ؛ فتقول : «ما قام إلّا زيد إلّا عمرا إلّا بكرا»
ولا يتعين واحد منها لشغل العامل ، بل أيها شئت شغلت العامل به ، ونصبت الباقى ،
وهذا معنى قوله : «فمع تفريغ ـ إلى آخره» أى : مع الاستثناء المفرغ اجعل تأثير
العامل فى واحد مما استثنيته بإلا ، وانصب الباقى.
وإن كان
الاستثناء غير مفرغ ـ وهذا هو المراد بقوله ـ :
ودون نفريغ :
مع التّقدّم
|
|
نصب الجميع
احكم به والتزم
|
وانصب لتأخير
، وجىء بواحد
|
|
منها كما لو
كان دون زائد
|
كلم يفوا
إلّا امرؤ إلّا على
|
|
وحكمها فى
القصد حكم الأول
|
__________________
فلا يخلو : إما
أن تتقدم المستثنيات على المستثنى منه ، أو تتأخّر.
فإن تقدمت
المستثنيات وجب نصب الجميع ، سواء كان الكلام موجبا أو غير موجب ، نحو «قام إلّا
زيدا إلا عمرا إلا بكرا القوم ، وما قام إلا زيدا إلا عمرا إلا بكرا القوم» وهذا
معنى قوله : «ودون تفريغ ـ البيت».
وإن تأخرت فلا
يخلو : إما أن يكون الكلام موجبا ، أو غير موجب ، فإن كان موجبا وجب نصب الجميع ؛
فتقول : «قام القوم إلا زيدا إلا عمرا إلا بكرا» وإن كان غير موجب عومل واحد منها
بما كان يعامل به لو لم يتكرر الاستثناء : فيبدل مما قبله ـ وهو المختار ـ أو ينصب
ـ وهو قليل ـ كما تقدم ، وأما باقيها فيجب نصبه ؛ وذلك نحو «ما قام أحد إلا زيد
إلا عمرا إلا بكرا» فـ «زيد» بدل من أحد ، وإن شئت أبدلت غيره من الباقين ، ومثله
قول المصنف «لم يفوا إلا امرؤ إلا علىّ» فـ «امرؤ» بدل من الواو فى «يفوا» وهذا
معنى قوله «وانصب لتأخير ـ إلى آخره» أى : وانصب المستثنيات كلّها إذا تأخرت عن
المستثنى منه إن كان الكلام موجبا ، وإن كان غير موجب فجىء بواحد منها معربا بما
كان يعرب به لو لم يتكرر المستثنى ، وانصب الباقى.
ومعنى قوله «وحكمها
فى القصد حكم الأوّل» أن ما يتكرر من المستثنيات حكمه فى المعنى حكم المستثنى
الأول ؛ فيثبت له ما يثبت للأول : من الدخول والخروج ؛ ففى قولك «قام القوم إلا
زيدا إلا عمرا إلا بكرا» الجميع
__________________
مخرجون ، وفى قولك «ما قام القوم إلا زيدا إلا عمرا إلا بكرا» الجميع
داخلون ، وكذا فى قولك : «ما قام أحد إلا زيد إلا عمرا إلا بكرا» [الجميع داخلون].
* * *
واستثن
مجرورا بغير معربا
|
|
بما لمستثنى
بإلّا نسبا
|
استعمل بمعنى «إلا»
ـ فى الدلالة على الاستثناء ـ ألفاظ : منها ما هو اسم ، وهو «غير ، وسوى ، وسوى ،
وسواء» ومنها ما هو فعل ، وهو «ليس ، ولا يكون» ومنها ما يكون فعلا وحرفا ، وهو «عدا
، وخلا ، وحاشا» وقد ذكرها المصنف كلها.
فأما «غير ،
وسوى ، وسوى ، وسواء» فحكم المستثنى بها الجرّ ؛ لإضافتها إليه وتعرب «غير» بما
كان يعرب به المستثنى مع «إلا» ؛ فتقول : «قام القوم غير زيد» بنصب «غير» كما تقول
«قام القوم إلا زيدا» بنصب «زيد» ، وتقول «ما قام أحد غير زيد ، وغير زيد»
بالإتباع والنصب ، والمختار الإتباع ، كما تقول «ما قام أحد إلا زيد ، وإلا زيدا»
وتقول : «ما قام غير زيد» فترفع «غير» وجوبا كما تقول : «ما قام إلا زيد» برفعه
__________________
وجوبا ، وتقول : «ما قام أحد غير حمار» بنصب «غير» عند غير بنى تميم ،
وبالإتباع عند بنى تميم ، كما تفعل فى قولك «ما قام أحد إلّا حمار ، وإلا حمارا».
وأما «سوى»
فالمشهور فيها كسر السين والقصر ، ومن العرب من يفتح سينها ويمدّ ، ومنهم من يضم
سينها ويقصر ، ومنهم من يكسر سينها ويمدّ ، وهذه اللغة لم يذكرها المصنف ، وقلّ من
ذكرها ، وممن ذكرها الفاسى فى شرحه للشاطبية.
ومذهب سيبويه
والفرّاء وغيرهما أنها لا تكون إلا ظرفا ، فإذا قلت «قام القوم سوى زيد» فـ «سوى»
عندهم منصوبة على الظرفية ، وهى مشعرة بالاستثناء ، ولا تخرج عندهم عن الظرفية إلا
فى ضرورة الشعر.
واختار المصنف
أنها كـ «غير» فتعامل بما تعامل به «غير» : من الرمع ، والنصب ، والجر ، وإلى هذا
أشار بقوله :
ولسوى سوى
سواء اجعلا
|
|
على الأصحّ
ما لغير جعلا
|
فمن استعمالها
مجرورة قوله صلّى الله عليه وسلّم : «دعوت ربّى ألا يسلّط على أمّتى عدوّا من سوى
أنفسها» وقوله صلّى الله عليه وسلّم : «ما أنتم فى سواكم من الأمم إلا كالشّعرة
البيضاء فى الثّور الأسود ، أو كالشعرة السّوداء فى الثّور الأبيض» وقول الشاعر :
__________________
ـ
ولا ينطق
الفحشاء من كان منهم
|
|
إذا جلسوا
منّا ولا من سوائنا
|
__________________
ومن استعمالها
مرفوعة قوله :
ـ
وإذا تباع
كريمة أو تشترى
|
|
فسواك بائعها
وأنت المشترى
|
وقوله :
ـ
ولم يبق سوى
العدوا
|
|
ن دنّاهم كما
دانوا
|
__________________
فـ «سواك»
مرفوع بالابتداء ، و «سوى العدوان» مرفوع بالفاعلية.
ومن استعمالها
منصوبة على غير الظرفية قوله :
ـ
لديك كفيل
بالمنى لمؤمّل
|
|
وإنّ سواك من
يؤمّله يشقى
|
__________________
فـ «سواك» اسم «إنّ»
، هذا تقرير كلام المصنف.
ومذهب سيبويه
والجمهور أنها لا تخرج عن الظرفية ، إلا فى ضرورة الشعر ، وما استشهد به على خلاف
ذلك يحتمل التأويل.
* * *
__________________
واستثن ناصبا
بليس وخلا
|
|
وبعدا ،
وبيكون بعد «لا»
|
أى : استثن بـ «ليس»
وما بعدها ناصبا المستثنى ؛ فتقول : «قام القوم ليس زيدا ، وخلا زيدا ، وعدا زيدا
، ولا يكون زيدا» فـ «زيدا» فى قولك : «ليس زيدا ، ولا يكون زيدا» منصوب على أنه
خبر «ليس ، ولا يكون» ، واسمهما ضمير مستتر ، والمشهور أنه عائد على البعض المفهوم
من القوم ،
__________________
والتقدير : «ليس بعضهم زيدا [ولا يكون بعضهم زيدا]» ، وهو مستتر وجوبا ،
وفى قولك : «خلا زيدا ، وعدا زيدا» منصوب على المفعولية ، و «خلا ، وعدا» فعلان
فاعلهما ـ فى المشهور ـ ضمير عائد على البعض المفهوم من القوم كما تقدّم ، وهو
مستتر وجوبا ، والتقدير : خلا بعضهم زيدا ، وعدا بعضهم زيدا.
ونبّه بقوله : «ويكون
بعد لا» ـ وهو قيد فى «يكون» فقط ـ على أنه لا يستعمل فى الاستثناء من لفظ الكون
غير «يكون» وأنها لا تستعمل فيه إلا بعد «لا» فلا تستعمل فيه بعد غيرها من أدوات
النفى ، نحو : لم ، وإن ، ولن ، ولمّا ، وما.
* * *
واجرر بسابقى
يكون إن ترد
|
|
وبعد «ما»
انصب ، وانجرار قد يرد
|
__________________
أى : إذا لم
تتقدّم «ما» على ، «خلا ، وعدا» فاجرر بهما إن شئت ؛ فتقول : «قام القوم خلا زيد ،
وعدا زيد» فخلا ، وعدا : حرفا جرّ ، ولم يحفظ سيبويه الجرّ بهما ، وإنما حكاه
الأخفش ؛ فمن الجرّ بـ «خلا» قوله :
ـ
خلا الله لا
أرجو سواك ، وإنّما
|
|
أعدّ عيالى
شعبة من عيالكا
|
__________________
ومن الجرّ بـ «عدا»
قوله :
ـ
تركنا فى
الحضيض بنات عوج
|
|
عواكف قد
خضعن إلى النّسور
|
أبحنا حيّهم
قتلا وأسرا
|
|
عدا الشّمطاء
والطّفل الصّغير
|
__________________
فإن تقدّمت
عليهما «ما» وجب النصب بهما ؛ فتقول : «قام القوم ما خلا زيدا ، وما عدا زيدا» فـ «ما»
: مصدرية ، و «خلا ، وعدا» : صلتها ، وفاعلهما ضمير مستتر يعود على البعض كما تقدم
تقريره ، و «زيدا» : مفعول ، وهذا معنى قوله : «وبعد ما انصب» هذا هو المشهور.
وأجاز الكسائىّ
الجرّ بهما بعد «ما» على جعل «ما» زائدة ، وجعل «خلا ، وعدا» حرفى جرّ ؛ فتقول : «قام
القوم ما خلا زيد ، وما عدا زيد» وهذا معنى قوله : «وانجرار قد يرد» وقد حكى
الجرمىّ فى الشرح الجرّ بعد «ما» عن بعض العرب.
* * *
وحيث جرّا
فهما حرفان
|
|
كما هما إن
نصبا فعلان
|
__________________
أى : إن جررت
بـ «خلا ، وعدا» فهما حرفا جرّ ، وإن نصبت بها فهما فعلان ، وهذا مما لا خلاف فيه.
* * *
وكخلا حاشا ،
ولا تصحب «ما»
|
|
وقيل «حاش ،
وحشا» فاحفظهما
|
المشهور أن «حاشا»
لا تكون إلا حرف جرّ ؛ فتقول : «قام القوم حاشا زيد» بجر «زيد» وذهب الأخفش
والجرمىّ والمازنىّ والمبرد وجماعة ـ منهم المصنف ـ إلى أنها مثل «خلا» : تستعمل
فعلا فتنصب ما بعدها ، وحرفا فتجر ما بعدها ؛ فنقول : «قام القوم حاشا زيدا ،
وحاشا زيد» وحكى جماعة ـ منهم الفراء ، وأبو زيد الأنصارى ، والشيبانىّ ـ النّصب
بها ، ومنه : «اللهم اغفر لى ولمن يسمع ، حاشا الشيطان وأبا الإصبع» وقوله :
__________________
ـ
حاشا قريشا ؛
فإنّ الله فضّلهم
|
|
على البريّة
بالإسلام والدّين
|
وقول المصنف : «ولا
تصحب ما» معناه أن «حاشا» مثل «خلا» فى أنها تنصب ما بعدها أو تجرّه ، ولكن لا
تتقدم عليها «ما» كما تتقدم على «خلا» ؛ فلا تقول : «قام القوم ما حاشا زيدا» ،
وهذا الذى ذكره هو الكثير ، وقد صحبتها «ما» قليلا ؛ ففى مسند أبى أمية الطرسوسى
عن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : «أسامة أحبّ النّاس إلىّ ما
حاشا فاطمة» .
__________________
وقوله :
ـ
رأيت النّاس
ما حاشا قريشا
|
|
فإنّا نحن
أفضلهم فعالا
|
ويقال فى «حاشا»
: «حاش ، وحشا».
* * *
__________________
..................................................................................
__________________
الحال
الحال وصف ،
فضلة ، منتصب ،
|
|
مفهم فى حال
كفردا أذهب
|
عرّف الحال بأنه ، الوصف ، الفضلة ، المنتصب ، للدلالة على هيئة ،
نحو : «فردا أذهب» فـ «فردا» : حال ؛ لوجود القيود المذكورة فيه.
وخرج بقوله : «فضلة»
الوصف الواقع عمدة ، نحو : «زيد قائم» وبقوله «للدلالة على الهيئة» التمييز
المشتقّ ، نحو : «لله درّه فارسا» فإنه تمييز لا حال على الصحيح ؛ إذ لم يقصد به
الدلالة على الهيئة ، بل التعجب من فروسيّته ؛ فهو لبيان المتعجّب منه ، لا لبيان
هيئته ، وكذلك «رأيت رجلا راكبا» فإنّ «راكبا» لم يسق للدلالة على الهيئة ، بل
لتخصيص الرجل ، وقول المصنف «مفهم فى حال» هو معنى قولنا «للدلالة على الهيئة».
* * *
__________________
وكونه منتقلا
مشتقّا
|
|
يغلب ، لكن
ليس مستحقّا
|
الأكثر فى
الحال أن تكون : منتقلة ، مشتقة.
ومعنى الانتقال
: ألا تكون ملازمة للمتّصف بها ، نحو «جاء زيد راكبا» فـ «راكبا» : وصف منتقل ؛
لجواز انفكاكه عن «زيد» بأن يجىء ماشيا.
وقد تجىء الحال
غير منتقلة ، أى وصفا لازما ، نحو «دعوت الله سميعا» و «خلق الله
الزّرافة يديها أطول من رجليها» ، وقوله :
ـ
فجاءت به سبط
العظام ، كأنّما
|
|
عمامته بين
الرّجال لواء
|
فـ «سميعا ،
وأطول ، وسبط» أحوال ، وهى أوصاف لازمة.
__________________
وقد تأتى الحال
جامدة ، ويكثر ذلك فى مواضع ذكر المصنف بعضها بقوله :
ويكثر الجمود
: فى سعر ، وفى
|
|
مبدى تأوّل
بلا تكلّف
|
كبعه مدّا
بكذا ، يدا بيد ،
|
|
وكرّ زيد
أسدا ، أى كأسد
|
__________________
يكثر مجىء
الحال جامدة إن دلّت على سعر ، نحو «بعه مدّا بدرهم » فمدا : حال جامدة ، وهى فى معنى المشتق ؛ إذ المعنى «بعه
مسعّرا كل مد بدرهم» ويكثر جمودها ـ أيضا ـ فيما دلّ على تفاعل ، نحو «بعته يدا
بيد » أى : مناجزة ، أو على تشبيه ، نحو «كرّ زيد أسدا» : أى مشبها الأسد ، فـ «يدا
، وأسدا» جامدان ، وصحّ وقوعهما حالا لظهور تأوّلهما بمشتق ، كما تقدم ، وإلى هذا
أشار بقوله : «وفى مبدى تأوّل» أى : يكثر مجىء الحال جامدة حيث ظهر تأوّلها بمشتق.
وعلم بهذا وما
قبله أن قول النحويين «إن الحال يجب أن تكون منتقلة مشتقة» معناه أن ذلك هو الغالب
، لا أنه لازم ، وهذا معنى قوله فيما تقدم «لكن ليس مستحقّا» .
__________________
..................................................................................
__________________
والحال إن
عرّف لفظا فاعتقد
|
|
تنكيره معنى
، كوحدك اجتهد
|
مذهب جمهور
النحويين أن الحال لا تكون إلا نكرة ، وأن ما ورد منها معرّفا لفظا فهو منكّر معنى
، كقولهم : جاءوا الجمّاء الغفير.
ـ
و *أرسلها العراك ...*
__________________
واجتهد وحدك ، وكلمته فاه إلى فىّ ؛ فـ «الجمّاء ، والعراك ، ووحدك ، وفاه»
: أحوال ، وهى معرفة ، لكنها مؤوّلة بنكرة ، والتقدير : جاءوا جميعا ، وأرسلها
معتركة ، واجتهد منفردا ، وكلمته مشافهة.
وزعم
البغداديّون ويونس أنه يجوز تعريف الحال مطلقا ، بلا تأويل ؛ فأجازوا «جاء زيد
الرّاكب».
وفصّل الكوفيون
، فقالوا : إن تضمّنت الحال معنى الشرط صحّ تعريفها ، وإلّا فلا ؛ فمثال ما تضمن
معنى الشرط «زيد الرّاكب أحسن منه الماشى» فـ «الراكب والماشى» : حالان ، وصح
تعريفهما لتأولهما بالشرط ؛ إذ التقدير : زيد إذا ركب أحسن منه إذا مشى ، فإن لم
تتقدر بالشرط لم يصح تعريفها ؛ فلا تقول : «جاء زيد الرّاكب» إذ لا يصح «جاء زيد
إن ركب».
* * *
ومصدر منكّر
حالا مقع
|
|
بكثرة كبغتة
زيد طلع
|
__________________
حقّ الحال أن
يكون وصفا ـ وهو : ما دلّ على معنى وصاحبه : كقائم ، وحسن ، ومضروب ـ فوقوعها
مصدرا على خلاف الأصل ؛ إذ لا دلالة فيه على صاحب المعنى.
وقد كثر مجىء
الحال مصدرا نكرة ، ولكنه ليس بمقيس ؛ لمجيئه على خلاف الأصل ، ومنه «زيد طلع بغتة»
فـ «بغتة» : مصدر نكرة ، وهو منصوب على الحال ، والتقدير : زيد طلع باغتا ؛ هذا
مذهب سيبويه والجمهور.
وذهب الأخفش
والمبرد إلى أنه منصوب على المصدرية ، والعامل فيه محذوف ، والتقدير : طلع زيد
يبغت بغتة ، فـ «يبغت» عندهما هو الحال ، لا «بغتة».
وذهب الكوفيون
إلى أنه منصوب على المصدرية كما ذهبا إليه ، ولكن الناصب له عندهم الفعل المذكور [وهو
طلع] لتأويله بفعل من لفظ المصدر ، والتقدير فى قولك : «زيد طلع بغتة» «زيد بغت
بغتة» ؛ فيؤولون «طلع» ببغت ، وينصبون به «بغتة».
* * *
ولم ينكّر
غالبا ذو الحال ، إن
|
|
لم يتأخّر ،
أو يخصّص ، أو يبن
|
__________________
من بعد نفى
أو مضاهيه ، كـ «لا
|
|
ببغ امرؤ على
امرىء مستسهلا»
|
حقّ صاحب الحال
أن يكون معرفة ، ولا ينكر فى الغالب إلا عند وجود مسوّغ ، وهو أحد أمور :
__________________
منها : أن
يتقدم الحال على النكرة ، نحو «فيها قائما رجل» ، وكقول الشاعر ، وأنشده سيبويه :
ـ
وبالجسم منّى
بيّنا لو علمته
|
|
شحوب ، وإن
تستشهدى العين تشهد
|
وكقوله :
ـ
وما لام نفسى
مثلها لى لائم
|
|
ولا سدّ فقرى
مثل ما ملكت يدى
|
__________________
فـ «قائما» :
حال من «رجل» ، و «بيّنا» حال من «شحوب» ، و «مثلها» حال من «لائم».
ومنها : أن
تخصّص النكرة بوصف ، أو بإضافة ؛ فمثال ما تخصّص بوصف قوله تعالى : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ
أَمْراً مِنْ عِنْدِنا).
__________________
وكقول الشاعر :
ـ
نجّيت يا ربّ
نوحا ، واستجبت له
|
|
فى فلك ماخر
فى اليمّ مشحونا
|
وعاش يدعو
بآيات مبيّنة
|
|
فى قومه ألف
عام غير خمسينا
|
__________________
ومثال ما نخصّص
بالإضافة قوله تعالى : (فِي أَرْبَعَةِ
أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ).
ومنها : أن تقع
النكرة بعد نفى أو شبهه ، وشبه النفى هو الاستفهام والنهى ، وهو المراد بقوله : «أو
يبن من بعد نفى أو مضاهيه» فمثال ما وقع بعد النفى قوله :
ـ
ما حمّ من
موت حمى واقيا
|
|
ولا ترى من
أحد باقيا
|
__________________
ومنه قوله
تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ
قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) فـ «لها كتاب» جملة فى موضع الحال من «قرية» ، وصحّ
مجىء الحال من النكرة لتقدّم النفى عليها ، ولا يصح كون الجملة صفة لقرية ، خلافا
للزمخشرى ؛ لأن الواو لا تفصل بين الصفة والموصوف ، وأيضا وجود «إلّا» مانع من ذلك
؛ إذ لا يعترض بـ «إلّا» بين الصفة والموصوف ، وممن صرّح بمنع ذلك : أبو الحسن
الأخفش فى المسائل ، وأبو على الفارسى فى التذكرة.
ومثال ما وقع
بعد الاستفهام قوله :
ـ
يا صاح هل
حمّ عيش باقيا فترى
|
|
لنفسك العذر
فى إبعادها الأملا؟
|
__________________
ومثال ما وقع
بعد النهى قول المصنف : «لا يبغ امرؤ على امرىء مستسهلا» وقول قطرىّ بن الفجاءة :
ـ
لا يركنن أحد
إلى الإحجام
|
|
يوم الوغى
متخوّفا لحمام
|
__________________
واحترز بقوله :
«غالبا» مما قلّ مجىء الحال فيه من النكرة بلا مسوّغ من المسوغات المذكورة ، ومنه
قولهم : «مررت بماء قعدة رجل » ، وقولهم : «عليه مائة بيضا» ، وأجاز سيبويه «فيها رجل قائما» ، وفى الحديث : «صلّى
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قاعدا ، وصلى وراءه رجال قياما» .
* * *
وسبق حال ما
بحرف جرّ قد
|
|
أبوا ، ولا
أمنعه ؛ فقد ورد
|
__________________
مذهب جمهور
النحويين أنه لا يجوز تقديم الحال على صاحبها المجرور بحرف فلا تقول فى «مررت بهند جالسة» مررت جالسة بهند.
وذهب الفارسىّ
، وابن كيسان ، وابن برهان ، إلى جواز ذلك ، وتابعهم المصنف ؛ لورود السماع بذلك ،
ومنه قوله :
ـ
لئن كان برد
الماء هيمان صاديا
|
|
إلىّ حبيبا ،
إنّها لحبيب
|
__________________
فـ «هيمان ،
وصاديا» : حالان من الضمير المجرور بإلى ، وهو الياء ، وقوله :
ـ
فإن تك أذواد
أصبن ونسوة
|
|
فلن يذهبوا
فرغا بقتل حبال
|
فـ «فرغا» حال
من قتل.
__________________
وأما تقديم
الحال على صاحبها المرفوع والمنصوب فجائز ، نحو «جاء ضاحكا زيد ، وضربت مجرّدة
هندا»
* * *
ولا تجز حالا
من المضاف له
|
|
إلّا إذا
اقتضى المضاف عمله
|
أو كان جزء
ما له أضيفا
|
|
أو مثل جزئه
؛ فلا تحيفا
|
__________________
لا يجوز مجىء
الحال من المضاف إليه ، إلا إذا كان المضاف مما يصحّ عمله فى الحال : كاسم
الفاعل ، والمصدر ، ونحوهما مما تضمّن معنى الفعل ؛ فتقول : هذا ضارب هند مجردة ،
وأعجبنى قيام زيد مسرعا ، ومنه قوله تعالى : (إِلَيْهِ
مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) ومنه قول الشاعر :
ـ
تقول ابنتى :
إنّ انطلاقك واحدا
|
|
إلى الرّوع
يوما تاركى لا أباليا
|
__________________
وكذلك يجوز
مجىء الحال من المضاف إليه : إذا كان المضاف جزءا من المضاف إليه ، أو مثل جزئه فى
صحة الاستغناء بالمضاف إليه عنه ؛ فمثال ما هو جزء من المضاف إليه قوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ
غِلٍّ إِخْواناً) فـ «إخوانا» : حال من الضمير المضاف إليه «صدور» ،
والصدور : جزء من المضاف إليه ، ومثال ما هو مثل جزء المضاف إليه ـ فى صحة
الاستغناء بالمضاف إليه عنه ـ قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنا
إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ
__________________
حَنِيفاً) فـ «حنيفا» : حال من «إبراهيم» والملة كالجزء من المضاف
إليه ؛ إذ يصح الاستغناء بالمضاف إليه عنها ؛ فلو قيل فى غير القرآن : «أن اتّبع
إبراهيم حنيفا» لصحّ.
فإن لم يكن
المضاف مما يصح أن يعمل فى الحال ، ولا هو جزء من المضاف إليه ، ولا مثل جزئه ـ لم
يجز أن يجىء الحال منه ؛ فلا تقول : «جاء غلام هند ضاحكة» خلافا للفارسىّ ، وقول
ابن المصنف رحمه الله تعالى : «إن هذه الصورة ممنوعة بلا خلاف» ليس بجيد ، فإن
مذهب الفارسى جوازها ، كما تقدم ، وممن نقله عنه الشريف أبو السعادات ابن الشّجرىّ
فى أماليه.
* * *
والحال إن
ينصب بفعل صرّفا
|
|
أو صفة أشبهت
المصرّفا
|
فجائز تقديمه
: كـ «مسرعا
|
|
ذا راحل ،
ومخلصا زيد دعا
|
__________________
يجوز تقديم
الحال على ناصبها إن كان فعلا متصرفا ، أو صفة تشبه الفعل المتصرف ، والمراد بها :
ما تضمّن معنى الفعل وحروفه ، وقبل التأنيث ، والتثنية والجمع : كاسم الفاعل ،
واسم المفعول ، والصفة المشبهة ؛ فمثال تقديمها على الفعل المتصرف «مخلصا زيد دعا» [فدعا
: فعل متصرف ، وتقدمت عليه الحال] ، ومثال تقديمها على الصفة المشبهة له : «مسرعا
ذا راحل».
فإن كان الناصب
لها فعلا غير متصرف لم يجز تقديمها عليه ، فتقول : «ما أحسن زيدا ضاحكا» ولا تقول
: «ضاحكا ما أحسن زيدا» ؛ لأن فعل التعجب غير متصرّف فى نفسه ؛ فلا يتصرّف فى
معموله ، وكذلك إن كان
__________________
الناصب لها صفة لا تشبه الفعل المتصرف كأفعل التفضيل لم يجز تقديمها عليه ،
وذلك لأنه لا يثنّى ، ولا يجمع ، ولا يؤنث ، فلم يتصرف فى نفسه ؛ فلا يتصرف فى
معموله ، فلا تقول : «زيد ضاحكا أحسن من عمرو» ؛ بل يجب تأخير الحال ؛ فتقول : «زيد
أحسن من عمرو ضاحكا» .
* * *
وعامل ضمّن
معنى الفعل لا
|
|
حروفه مؤخّرا
لن يعملا
|
ك «تلك ، ليت
، وكأنّ» وندر
|
|
نحو «سعيد
مستقرّا فى هجر»
|
لا يجوز تقديم
الحال على عاملها المعنوىّ ؛ وهو : ما تضمن معنى الفعل دون حروفه : كأسماء الإشارة
، وحروف التمنى ، والتشبيه ، والظرف ، والجار
__________________
والمجرور نحو «تلك هند مجردة ، وليت زيدا أميرا أخوك ، وكأنّ
زيدا راكبا أسد ، وزيد فى الدار ـ أو عندك ـ قائما» ؛ فلا يجوز تقديم الحال على
عاملها المعنوىّ فى هذه المثل ونحوها ؛ فلا تقول «مجردة تلك هند» ولا «أميرا ليت
زيدا أخوك» ولا «راكبا كأنّ زيدا أسد».
وقد ندر
تقديمها على عاملها الظرف [نحو زيد قائما عندك] والجارّ والمجرور
__________________
نحو «سعيد مستقرا فى هجر» ومنه قوله تعالى : (وَالسَّماواتُ
مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) فى قراءة من كسر التاء ، وأجازه الأخفش قياسا.
* * *
ونحو «زيد
مفردا أنفع من
|
|
عمرو معانا»
مستجاز لن يهن
|
تقدّم أن أفعل
التفضيل لا يعمل فى الحال متقدمة ، واستثنى من ذلك هذه المسألة ، وهى : ما إذا
فضّل شىء فى حال على نفسه أو غيره فى حال أخرى ، فإنه يعمل فى حالين إحداهما
متقدمة عليه ، والأخرى متأخرة عنه ، وذلك نحو : «زيد قائما أحسن منه قاعدا» و «زيد
مفردا أنفع من عمرو معانا» فـ «قائما ، ومفردا» منصوبان بأحسن وأنفع ، وهما حالان
، وكذا «قاعدا ، ومعانا» وهذا مذهب الجمهور.
__________________
وزعم السيرافىّ
أنهما خبران منصوبان بكان المحذوفة ، والتقدير : «زيد إذا كان قائما أحسن منه إذا
كان قاعدا ، وزيد إذا كان مفردا أنفع من عمرو إذا كان معانا».
ولا يجوز تقديم
هذين الحالين على أفعل التفضيل ، ولا تأخير هما عنه ؛ فلا تقول «زيد قائما قاعدا
أحسن منه» ولا [تقول] «زيد أحسن منه قائما قاعدا».
* * *
والحال قد
يجىء ذا تعدّد
|
|
لمفرد ـ فاعلم
ـ وغير مفرد
|
يجوز تعدد الحال
وصاحبها مفرد ، أو متعدد.
فمثال الأول «جاء
زيد راكبا ضاحكا» فـ «راكبا ، وضاحكا» : حالان من «زيد» والعامل فيهما «جاء».
ومثال الثانى «لقيت
هندا مصعدا منحدرة» فـ «مصعدا» : حال من التاء ، و «منحدرة» : حال من «هند»
والعامل فيهما «لقيت» ومنه قوله :
ـ
لقى ابنى
أخويه خائفا
|
|
منجديه ؛
فأصابوا مغنما
|
__________________
فـ «خائفا» حال
من «ابنى» ، و «منجديه» حال من «أخويه» والعامل فيهما «لقى».
فعند ظهور
المعنى تردّ كلّ حال إلى ما تليق به ، وعند عدم ظهوره يجعل أول الحالين لثانى
الاسمين ، وثانيهما لأول الاسمين ؛ ففى قولك : «لقيت زيدا مصعدا منحدرا» يكون «مصعدا»
حالا من زيد ، و «منحدرا» حالا من التاء.
* * *
وعامل الحال
بها قد أكّدا
|
|
فى نحو : «لا
تعث فى الأرض مفسدا»
|
__________________
تنقسم الحال
إلى مؤكدة ، وغير مؤكدة ؛ فالمؤكدة على قسمين ، وغير المؤكدة ما سوى القسمين.
فالقسم الأول
من المؤكدة : ما أكّدت عاملها ، وهى المراد بهذا البيت ، وهى : كلّ وصف دلّ على
معنى عامله ، وخالفه لفظا ، وهو الأكثر ، أو وافقه لفظا ، وهو دون الأول فى الكثرة
؛ فمثال الأول «لا تعث فى الأرض مفسدا» ومنه قوله تعالى : (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) وقوله تعالى : (وَلا تَعْثَوْا فِي
الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ومن الثانى قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناكَ
لِلنَّاسِ رَسُولاً) وقوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ
اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ
بِأَمْرِهِ)
* * *
وإن تؤكّد
جملة فمضمر
|
|
عاملها ،
ولفظها يؤخّر
|
هذا هو القسم
الثانى من الحال المؤكدة ، وهى : ما أكّدت مضمون الجملة ،
__________________
وشرط الجملة : أن تكون اسمية ، وجزآها معرفتان ، جامدان ، نحو : «زيد أخوك
عطوفا ، وأنا زيد معروفا» ومنه قوله :
ـ
أنا ابن دارة
معروفا بها نسبى
|
|
وهل بدارة يا
للنّاس من عار؟
|
فـ «معطوفا ،
ومعروفا» حالان ، وهما منصوبان بفعل محذوف وجوبا ، والتقدير فى الأول «أحقّه عطوفا»
وفى الثانى «أحقّ معروفا».
ولا يجوز تقديم
هذه الحال على هذه الجملة ؛ فلا تقول «عطوفا زيد أخوك» ولا «معروفا أنا زيد» ولا
توسّطها بين المبتدأ والخبر ؛ فلا تقول «زيد عطوفا أخوك».
* * *
__________________
وموضع الحال
تجىء جمله
|
|
ك «جاء زيد
وهو ناو رحله»
|
الأصل فى الحال
والخبر والصفة الإفراد ، وتقع الجملة موقع الحال ، كما تقع موقع الخبر والصفة ، ولا
بدّ فيها من رابط ، وهو فى الحالية : إما ضمير ، نحو «جاء زيد يده على رأسه» أو
واو ـ وتسمى واو الحال ، وواو الابتداء ، وعلامتها صحة وقوع «إذ» موقعها ـ نحو «جاء
زيد وعمرو قائم» التقدير : إذ عمرو قائم ، أو الضمير والواو معا ، نحو «جاء زيد
وهو ناو رحلة».
* * *
__________________
وذات بدء
بمضارع ثبت
|
|
حوت ضميرا ،
ومن الواو خلت
|
وذات واو
بعدها انو مبتدا
|
|
له المضارع
اجعلنّ مسندا
|
الجملة الواقعة
حالا : إن صدّرت بمضارع مثبت لم يجز أن تقترن بالواو ، بل لا تربط إلا بالضمير ،
نحو «جاء زيد يضحك ، وجاء عمرو تقاد الجنائب بين يديه» ولا يجوز دخول الواو ؛ فلا
تقول «جاء زيد ويضحك» فإن جاء من لسان العرب ما ظاهره ذلك أوّل على إضمار مبتدأ
بعد الواو ؛ ويكون المضارع خبرا عن [ذلك] المبتدأ ؛ وذلك نحو قولهم «قمت وأصكّ
عينه» وقوله :
ـ
فلمّا خشيت
أظافيرهم
|
|
نجوت وأرهنهم
مالكا
|
__________________
فـ «أصكّ ،
وأرهنهم» خبران لمبتدأ محذوف ؛ والتقدير : وأنا أصكّ ، وأنا أرهنهم.
* * *
وجملة الحال
سوى ما قدّما
|
|
بواو ، أو
بمضمر ، أو بهما
|
__________________
الجملة الحالية
: إما أن تكون اسمية ، أو فعلية ، والفعل [إما] مضارع ، أو ماض ، وكل واحدة من
الاسمية والفعلية : إما مثبتة ، أو منفيّة ، وقد تقدم أنه إذا صدّرت الجملة بمضارع
مثبت لا تصحبها الواو ، بل لا تربط إلا بالضمير فقط ، وذكر فى هذا البيت أنّ ما عدا ذلك يجوز فيه أن يربط
بالواو
__________________
(الرابعة)
الجملة المعطوفة على حال قبلها ، نحو قوله تعالى : ()
وحدها ، أو بالضمير وحده ، أو بهما ؛ فيدخل فى ذلك الجملة الاسميّة : مثبتة
، أو منفيّة ، والمضارع المنفىّ ، والماضى : المثبت ، والمنفىّ.
فتقول : «جاء
زيد وعمرو قائم ، وجاء زيد يده على رأسه ، وجاء زيد ويده على رأسه» وكذلك المنفىّ
، وتقول : «جاء زيد لم يضحك ، أو ولم يصحك ، أو ولم يقم عمرو ، وجاء زيد وقد قام
عمرو ، وجاء زيد قد قام أبوه ، وجاء زيد وقد قام أبوه» وكذلك المنفىّ ، نحو «جاء
زيد وما قام عمرو ، وجاء زيد ما قام أبوه ، أو وما قام أبوه».
ويدخل تحت هذا
أيضا المضارع المنفىّ بلا ؛ فعلى هذا تقول : «جاء زيد ولا يضرب عمرا» بالواو.
وقد ذكر المصنف
فى غير هذا الكتاب أنه لا يجوز اقترانه بالواو كالمضارع المثبت ، وأن ما ورد مما
ظاهره ذلك يؤوّل على إضمار مبتدأ ، كقراءة
__________________
ابن ذكوان : (فاستقيما ولا تتّبعان) بتخفيف النون ، والتقدير : وأنتما لا
تتّبعان ؛ فـ «لا تتبعان» خبر لمبتدأ محذوف.
* * *
والحال قد
يحذف ما فيها عمل
|
|
وبعض ما يحذف
ذكره حظل
|
يحذف عامل
الحال : جوازا ، أو وجوبا.
فمثال ما حذف
جوازا أن يقال : «كيف جئت» فتقول : «راكبا» ، [تقديره «جئت راكبا»] ، وكقولك : «بلى
مسرعا» لمن قال لك : «لم تسر» والتقدير : «بلى سرت مسرعا» ، ومنه قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ
نَجْمَعَ عِظامَهُ؟ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) التقدير ـ والله أعلم ـ : بلى نجمعها قادرين.
ومثال ما حذف
وجوبا قولك : «زيد أخوك عطوفا» ونحوه من الحال المؤكدة لمضمون الجملة ، وقد تقدم
ذلك ، وكالحال النائبة مناب الخبر ،
__________________
نحو «ضربى زيدا قائما» التقدير : إذا كان قائما ، وقد سبق تقرير ذلك فى باب
المبتدأ والخبر .
ومما حذف فيه
عامل الحال وجوبا قولهم : «اشتريته بدرهم فصاعدا ، وتصدقت بدينار فسافلا» فـ «صاعدا
، وسافلا» : حالان ، عاملهما محذوف
__________________
وجوبا ، والتقدير : «فذهب الثمن صاعدا ، وذهب المتصدّق به سافلا» وهذا معنى
قوله : «وبعض ما يحذف ذكره حظل» أى بعض ما يحذف من عامل الحال منع ذكره .
* * *
__________________
التّمييز
اسم ، بمعنى «من»
مبين ، نكره ،
|
|
ينصب تمييزا
بما قد فسّره
|
كشبر ارضا ،
وقفيز برّا ،
|
|
ومنوين عسلا
وتمرا
|
تقدم من
الفضلات : المفعول به ، والمفعول المطلق ، والمفعول له ، والمفعول فيه ، والمفعول
معه ، والمستثنى ، والحال ، وبقى التمييز ـ وهو المذكور فى هذا الباب ـ ويسمى
مفسّرا ، وتفسيرا ، ومبيّنا ، وتبيينا ، ومميّزا ، وتمييزا.
وهو : كل اسم ،
نكرة ، متضمن معنى «من» ؛ لبيان ما قبله من إجمال ، نحو «طاب زيد نفسا ، وعندى شبر
أرضا».
واحترز بقوله :
«متضمن معنى من» من الحال ؛ فإنها متضمنة معنى «فى».
وقوله : «لبيان
ما قبله» احتراز مما تضمن معنى «من» وليس فيه بيان لما قبله : كاسم «لا» التى لنفى
الجنس ، نحو «لا رجل قائم» فإنّ التقدير : «لا من رجل قائم».
__________________
وقوله : «لبيان
ما قبله من إجمال» يشمل نوعى التمييز ، وهما : المبين إجمال ذات ، والمبين إجمال
نسبة.
فالمبين إجمال
الذات هو : الواقع بعد المقادير ـ وهى الممسوحات ، نحو «له شبر أرضا» والمكيلات ،
نحو «له قفيز برّا» والموزونات ، نحو «له منوان عسلا وتمرا» ـ والأعداد ، نحو «عندى عشرون درهما».
وهو منصوب بما
فسّره ، وهو : شبر ، وقفيز ، ومنوان ، وعشرون.
والمبيّن إجمال
النسبة هو : المسوق لبيان ما تعلّق به العامل : من فاعل ، أو مفعول ، نحو «طاب زيد
نفسا» ، ومثله : (اشتعل الرّأس شيبا) ، و «غرست الأرض شجرا» ، ومثله (وفجّرنا
الأرض عيونا).
فـ «نفسا»
تمييز منقول من الفاعل ، والأصل «طابت نفس زيد» ، و «شجرا» منقول من المفعول ،
والأصل «غرست شجر الأرض» فبيّن
__________________
«نفسا» الفاعل الذى تعلّق به الفعل ، وبيّن «شجرا» المفعول الذى تعلّق به
الفعل.
والنّاصب له فى
هذا النوع [هو] العامل الذى قبله.
* * *
وبعد ذى
وشبهها اجرره إذا
|
|
أضفتها ، كـ «مدّ
حنطة غذا»
|
والنّصب بعد
ما أضيف وجبا
|
|
إن كان مثل «ملء
الأرض ذهبا»
|
أشار بـ «ذى»
إلى ما تقدّم ذكره فى البيت من المقدّرات ـ وهو : ما دلّ على مساحة ، أو كيل ، أو
وزن ـ فيجوز جر التمييز بعد هذه
__________________
بالإضافة إن لم يضف إلى غيره ، نحو «عندى شبر أرض ، وقفيز برّ ، ومنوا عسل
وتمر».
فإن أضيف
الدّالّ على مقدار إلى غير التمييز وجب نصب التمييز ، نحو «ما فى السماء قدر راحة
سحابا» ، ومنه قوله تعالى : (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ
أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً).
وأما تمييز
العدد فسيأتى حكمه فى باب العدد.
* * *
والفاعل
المعنى انصبن بأفعلا
|
|
مفضّلا : كـ «أنت
أعلى منزلا»
|
التمييز الواقع
بعد أفعل التفضيل : إن كان فاعلا فى المعنى وجب نصبه ، وإن لم يكن كذلك وجب جرّه
بالإضافة.
وعلامة ما هو
فاعل فى المعنى : أن يصلح جعله فاعلا بعد جعل أفعل التفضيل فعلا ، نحو «أنت أعلى
منزلا ، وأكثر مالا» فـ «منزلا ، ومالا» يجب نصبهما ؛ إذ يصح جعلهما فاعلين بعد
جعل أفعل التفضيل فعلا ؛ فتقول : أنت علا منزلك ، وكثر مالك.
ومثال ما ليس
بفاعل فى المعنى «زيد أفضل رجل ، وهند أفضل امرأة»
__________________
[فيجب جرّه بالإضافة ، إلا إذا أضيف «أفعل» إلى غيره ؛ فإنه ينصب حينئذ ،
نحو «أنت أفضل النّاس رجلا»].
* * *
وبعد كلّ ما
اقتضى تعجّبا
|
|
ميّز ، كـ «أكرم
بأبى بكر أبا»
|
يقع التمييز
بعد كلّ ما دلّ على تعجب ، نحو «ما أحسن زيدا رجلا ،
__________________
وأكرم بأبى بكر أبا ، ولله درّك عالما ، وحسبك بزيد رجلا ، وكفى به عالما» .
ـ
و *يا جارتا ما أنت جاره*
* * *
__________________
واجرر بمن إن
شئت غير ذى العدد
|
|
والفاعل
المعنى : كـ «طب نفسا تفد»
|
يجوز جرّ التمييز
بمن إن لم يكن فاعلا فى المعنى ، ولا مميزا لعدد ؛ فتقول : «عندى شبر من أرض ،
وقفيز من برّ ، ومنوان من عسل وتمر ، وغرست الأرض من شجر» ولا تقول : «طاب زيد من
نفس» ولا «عندى عشرون من درهم».
* * *
وعامل
التّمييز قدّم مطلقا
|
|
والفعل ذو
التّصريف نزرا سبقا
|
__________________
مذهب سيبويه ـ رحمه
الله! ـ أنه لا يجوز تقديم التمييز على عامله ، سواء كان متصرفا أو غير متصرف ؛
فلا تقول : «نفسا طاب زيد» ، ولا «عندى درهما عشرون».
وأجاز الكسائى
، والمازنى ، والمبرد ، تقديمه على عامله المتصرف ؛ فتقول : «نفسا طاب زيد ، وشيبا
اشتعل رأسى» ومنه قوله :
ـ
أتهجر ليلى
بالفراق حبيبها؟
|
|
وما كان نفسا
بالفراق تطيب
|
__________________
وقوله :
ـ
ضيّعت حزمى
فى إبعادى الأملا ،
|
|
وما ارعويت ،
وشيبا رأسى اشتعلا
|
ووافقهم المصنف
فى غير هذا الكتاب على ذلك ، وجعله فى هذا الكتاب قليلا ،
__________________
فإن كان العامل
غير متصرف ؛ فقد منعوا التقديم : سواء كان فعلا ، نحو «ما أحسن زيدا رجلا» أو غيره ،
نحو «عندى عشرون درهما».
وقد يكون
العامل متصرفا ، ويمتنع تقديم التمييز عليه عند الجميع ، وذلك نحو «كفى بزيد رجلا»
؛ فلا يجوز تقديم «رجلا» على «كفى» وإن كان
__________________
فعلا متصرفا ؛ لأنه بمعنى فعل غير متصرف ، وهو فعل التعجب ؛ فمعنى قولك : «كفى
بزيد رجلا» ما أكفاه رجلا !
* * *
__________________
قد تم ـ بعون
الله تعالى ، وحسن تأييده ـ الجزء الأول من شرح العلامة «ابن عقيل» على ألفية ابن
مالك ، وحواشينا عليه التى سميناها «منحة الجليل ، بتحقيق شرح ابن عقيل» ويليه ـ إن
شاء الله تعالى ـ الجزء الثانى ، مفتتحا بحروف الجر.
هذا ، وقد
عنينا بتحقيق مباحث الكتاب فى هذه الطبعة ؛ فجاء ـ بحمد الله جلت قدرته! ـ على خير
ما يرجى من الإتقان ، وتلاقت فيه جميع شروح الكتاب وحواشيه على كثرتها ، فصار بحيث
يغنى عن جميعها ، ولا يغنى عنه شىء منها.
|
كتبه
المفتقر إلى عفو الله تعالى
محمد محيى الدين عبد الحميد
|
فهرس الموضوعات
الواردة فى
الجزء الأول من «شرح ابن عقيل» على ألفية ابن مالك
وحواشينا عليه
المسماة «منحة الجليل ، بتحقيق شرح ابن عقيل»
فهرس الموضوعات
الواردة فى
الجزء الأول من «شرح ابن عقيل» على ألفية ابن مالك
وحواشينا عليه
المسماة «منحة الجليل ، بتحقيق شرح ابن عقيل»
ص
|
الموضوع
|
ص
|
الموضوع
|
٣
|
مقدمة الطبعة
الثانية
|
٣٦
|
المعرب
والمبنى من الأفعال
|
٥
|
مقدمة الطبعة
الأولى
|
٤٠
|
الحروف كلها
مبنية
|
١٠
|
خطبة الناظم
، وإعرابها
|
٤٠
|
الأصل فى
البناء السكون ، ومن المبنى ما هو غير ساكن
|
|
الكلام وما يتألف منه
|
٤١
|
أنواع
الإعراب ، وما يختص بنوع منها ، وما يشترك فيه النوعان
|
١٤
|
تعريف الكلام
اصطلاحا
|
٤٣
|
إعراب
الأسماء الستة ، وما فيها من اللغات
|
١٤
|
ما يصح أن
يتركب الكلام منه
|
٥٢
|
شروط إعراب
الأسماء الستة بالحروف
|
١٥
|
الكلم
وأنواعه
|
٥٥
|
إعراب المثنى
وما يلق به
|
١٦
|
القول ،
والنسبة بينه وبين غيره
|
٥٩
|
إعراب جمع
المذكر السالم وما يلحق به
|
١٦
|
قد يقصد
بالكلمة الكلام
|
٦٦
|
لغات العرب
فى نون جمع المذكر السالم ، ونون المثنى
|
١٦
|
علامات الاسم
|
٧٣
|
إعراب جمع
المؤنث السالم وما يلحق به
|
٢٢
|
علامات الفعل
|
٧٧
|
إعراب الاسم
الذى لا ينصرف
|
٢٣
|
يمتاز الحرف
بعدم قبوله علامات النوعين
|
٧٨
|
إعراب
الأفعال الخمسة
|
٢٤
|
الفعل ثلاثة
أنواع ، وعلامة كل نوع
|
٨٠
|
إعراب المعتل
من الأسماء
|
٢٥
|
إن دلت كلمة
على معنى الفعل ولم تقبل علامته فهى اسم فعل
|
٨٣
|
بيان المعتل
من الأفعال
|
|
المبنى والمعرب
|
|
|
٢٨
|
الاسم ضربان
: معرب ، ومبنى ، وبيان كل منهما
|
|
|
٣٠
|
أنواع شبه
الحرف أربعة
|
|
|
٣٥
|
المعرب ،
وانقسامه إلى صحيح ومعتل
|
|
|
٨٤
|
إعراب المعتل
من الأفعال
|
١٢٤
|
ينقسم العلم
إلى منقول ومرتجل
|
|
النكرة
والمعرفة
|
١٢٦
|
ينقسم العلم
إلى علم شخصى ، وعلم جنس
|
٨٦
|
معنى النكرة
|
١٢٧
|
علم الجنس ،
والفرق بينه وبين علم الشخص
|
٨٧
|
معنى المعرفة
، وأنواعها
|
|
اسم
الإشارة
|
٨٨
|
الضمير ،
ومعناه
|
١٣٠
|
ما يشار به
إلى المفرد مذكرا ومؤنثا
|
٨٩
|
ينقسم الضمير
البارز إلى متصل ومنفصل
|
١٣١
|
ما يشار به
إلى المثنى
|
٩٢
|
المضمرات
كلها مبنية
|
١٣١
|
ما يشار به إلى الجمع
|
٩٤
|
ما يصلح من
الضمائر لأكثر من موضع
|
١٣٣
|
مراتب المشار
إليه ، وما يستعمل لكل مرتبة
|
٩٥
|
ينقسم الضمير
إلى مستتر وبارز
|
١٣٦
|
الإشارة إلى
المكان
|
٩٧
|
ينقسم البارز
المنفصل إلى مرفوع ومنصوب
|
|
الموصول
|
٩٩
|
لا يعدل عن
المتصل إلى المنفصل إلا إذا تعذر المتصل
|
١٣٩
|
الموصول
قسمان : اسمى ، وحرفى
|
١٠٢
|
المواضع التى
يجوز فيها وصل الضمير وفصله
|
١٣٩
|
الموصولات الحرفية ، وما يوصل به كل منها
|
١٠٨
|
تلزم نون
الوقاية قبل ياء المتكلم فى الفعل
|
١٤٦
|
الموصول
الاسمى العام
|
١١٠
|
نون الوقاية
قبل ياء المتكلم مع الحرف
|
١٥٢
|
كل الموصولات
الاسميه تحتاج إلى صلة وعائد
|
١١٥
|
نون الوقاية
قبل ياء المتكلم مع لدن وقد
|
١٥٣
|
لا تكون صلة
الموصول إلا جملة أو شبهها
|
|
العلم
|
١٥٤
|
شروط الجملة
التى تقع صلة
|
١١٨
|
معنى العلم
|
١٥٥
|
ما يشترط فى
شبه الجملة الذى يقع صلة
|
١١٩
|
ينقسم العلم
إلى اسم وكنية ولقب إذا اجتمع الاسم واللقب فما وجوه الإعراب التى تجوز فيهما؟
|
١٥٥
|
يشترط فى صلة
«أل» أن تكون صفة صريحة
|
١٦٠
|
«أى»
الموصولة ، ومتى تبنى؟ ومتى تعرب؟
|
١٩٦
|
أحوال
المبتدأ ذى المرفوع مع مرفوعه ، وما يجوز من وجوه الإعراب فى كل حال
|
١٦٣
|
بعض العرب
يعرب «أيا» الموصولة فى كل حال
|
٢٠٠
|
الرافع
للمبتدأ ، وللخبر ، واختلاف العلماء فى ذلك
|
١٦٥
|
تفصيل الموضع
الذى يحذف فيه العائد على الموصول إذا كان مرفوعا
|
٢٠١
|
تعريف الخبر
|
١٦٦
|
ه قف على ما
يجوز من وجوه الإعراب فى الاسم الواقع بعد «لا سيما»
|
٢٠٢
|
الخبر يكون
مفردا ، ويكون جملة ، والجملة على ضربين
|
١٦٩
|
الكلام على
حذف العائد المنصوب
|
٢٠٥
|
الخبر المفرد
على ضربين : جامد ، ومشتق
|
١٧٢
|
الكلام على
حذف العائد المخفوض وشروطه
|
٢٠٦
|
إذا جرى
الخبر المشتق على غير مبتدئه برز معه ضميره وجوبا
|
|
المعرف
بأداة التعريف
|
٢٠٩
|
يجىء الخبر
ظرفا أو جارا ومجرورا
|
١٧٧
|
حرف التعريف
هو «أل» برمتها ، أو اللام وحدها؟
|
٢١٣
|
ظرف الزمان
لا يقع خبرا عن اسم دال على جثة إلا إن أفاد
|
١٧٨
|
المعانى التى
ترد لها «أل» ثلاثة
|
٢١٥
|
لا تقع
النكرة مبتدأ إلا بمسوغ
|
١٧٨
|
تزاد «أل»
زيادة لازمة ، أو اضطرارا
|
٢٢٧
|
الأصل فى
الخبر أن يتأخر عن المبتدأ ، وقد يتقدم عليه
|
١٨٣
|
تدخل «أل»
على بعض الأعلام للمح الأصل
|
٢٢٨
|
ه قف على
خلاف الكوفيين فى جواز تقديم خبر المبتدأ وسندهم فى ذلك
|
١٨٥
|
قد يصير
الاسم المقترن بأل أو المضاف علما بالغلبة
|
٢٣١
|
المواضع التى
يجب فيها تأخير الخبر
|
|
الابتداء
|
٢٣٩
|
المواضع التى
يجب فيها تقديم الخبر
|
١٨٨
|
المبتدأ
قسمان : مبتدأ له خبر ، ومبتدأ له مرفوع أغنى عن الخبر
|
٢٤٣
|
يجوز حذف
المبتدأ أو الخبر ، إن دل على المحذوف دليل
|
|
|
٢٤٨
|
المواضع التى
يجب فيها حذف الخبر
|
|
|
٢٥٤
|
المواضع التى
يجب فيها حذف المبتدأ
|
٢٥٦
|
قد يكون
الخبر متعددا لمبتدأ واحد
|
٢٨٨
|
تأتى «كان»
زائدة ، وبيان مواضع زيادتها ، وشروطها
|
|
كان وأخواتها
|
٢٩٣
|
تحذف «كان» :
إما وحدها ، وإما مع اسمها ، وإما مع خبرها
|
٢٦١
|
عمل هذه
الأفعال ، وألفاظها
|
٢٩٨
|
قد يخفف
المضارع المجزوم من كان يحذف نونه ، وشروط جواز ذلك الحروف المشبهة بليس
|
٢٦٢
|
ه قف على
اختلاف العلماء فى «ليس» أحرف هو أم فعل؟
|
|
ما ، ولا ، ولات ، وإن المشبهات بليس
|
٢٦٣
|
بعض هذه
الأفعال يعمل بلا شرط ، وبعضها لا يعمل إلا بشرط
|
٣٠١
|
الحرف الأول
«ما» ، وشروط إعماله عمل ليس ستة
|
٢٦٨
|
معانى هذه
الألفاظ
|
٣٠٧
|
حكم المعطوف
على خبر «ما» النافية
|
٢٦٨
|
غير الماضى
منها يعمل عمل الماضى وبيان ما يتصرف منها وما لا يتصرف
|
٣٠٨
|
زيادة الباء فى
خبر «ما» و «ليس» وغيرهما
|
٢٧١
|
يجوز توسط
خبر هذه الأفعال بينها وبين اسمها ، خلافا لبعضهم فى ليس ، ولابن معط فى دام
|
٣١١
|
الحرف الثانى
«لا» وشروط إعماله عمل ليس ثلاثة
|
٢٧٥
|
تقديم الخبر
على دام وحدها ، أو عليها وعلى «ما» المصدرية الظرفية
|
٣١٧
|
الحرف الثالث
«إن» وبيان اختلاف النحاة فى إعماله
|
٢٧٦
|
تقديم الخبر
على الفعل المنفى بما أو غيرها من أدوات النفى
|
٣١٩
|
الحرف الرابع
«لات» وإعماله هو مذهب الجمهور
|
٢٧٧
|
يختار امتناع
تقديم الخبر على ليس
|
|
أفعال
المقاربة
|
٢٧٩
|
من أفعال هذا
الباب ما لا يكون إلا ناقصا ، ومنها ما يكون تاما ويكون ناقصا
|
٣٢٢
|
أجمع العلماء
على أن أدوات هذا الباب أفعال ، إلا «عسى» فقيل : فعل ، وقيل : حرف
|
٢٧٩
|
لا يفصل بين
العامل واسمه بمعمول خبره ، إلا إذا كان المعمول ظرفا أو مجرورا
|
٣٢٣
|
أفعال هذا
الباب على ثلاثة أقسام
|
٢٨٠
|
إذا ورد فى
كلام العرب ما ظاهره إبلاء العامل معمول خبره وجب تأويله
|
٣٢٣
|
عملها ،
وبيان ما يشترط فى خبرها
|
٣٢٦
|
الأكثر فى
خبر «عسى» أن يقترن بأن المصدرية ، ويقل تجرده منها
|
|
إن وأخواتها
|
٣٢٩
|
و «كاد» على
عكس ذلك
|
٣٤٥
|
هذه الأدوات
كلها حروف وعددها ستة
|
٣٣١
|
يجب اقتران
خبر حرى واخلولق بأن
|
٣٤٦
|
معانى هذه الأحرف
|
٣٣٢
|
يكثر اقتران
خبر «أوشك» بأن
|
٣٤٦
|
عمل هذه الأحرف ، واختلاف النحاة فى عملها فى
الخبر.
|
٣٣٤
|
مما يكثر
تجرد خبره من أن «كرب»
|
٣٤٨
|
لا يجوز
تقديم خبر هذه الحروف على اسمها ، إلا إذا كان الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا
|
٣٣٧
|
يمتنع اقتران
خبر ما دل على الشروع بأن
|
٣٤٩
|
لا يجوز
تقديم معمول الخبر على الاسم ، ولو كان ظرفا أو جارا ومجرورا
|
٣٣٨
|
أكثر أفعال
هذا الباب لا يتصرف والمتصرف منها أوشك وكاد
|
٣٥٠
|
همزة «إن»
لها ثلاثة أحوال : وجوب الفتح ، ووجوب الكسر ، وجوازهما
|
٣٤٠
|
حكى بعض
العلماء مجىء المضارع من عسى ، ومن طفق ، ومن جعل
|
٣٥٠
|
المواضع التى
يجب فيها فتح همز أن
|
٣٤١
|
اختصت عسى
وأوشك واخلولق من بين أفعال هذا الباب بأنه يجوز أن تستعمل تامة ، كما جاز
استعمالها ناقصة.
|
٣٥٢
|
المواضع التى
يجب فيها كسر همزة إن
|
٣٤٢
|
إذا ذكر اسم
قبل عسى جار أن تتحمل «عسى» ضمير ذلك الاسم
|
٣٥٥
|
المواضع التي
يجوز فيها كسر همز إن وفتحها
|
٣٤٣
|
إذا اتصل
بعسى ضمير رفع متحرك جاز فى سينها الفتح والكسر
|
٣٦٢
|
متى يجوز
دخول لام الابتداء على خبر إن؟
|
|
|
٣٧٠
|
تدخل لام
الابتداء أيضا على معمول الخبر ، وعلى ضمير الفصل ، وعلى اسم «إن» ولكل ذلك شروط
|
٣٧٣
|
تقترن «ما»
بهذه الحروف فيبطل عملها ، وربما بقى معها العمل
|
٤٣١
|
التعليق
والإلغاء
|
٣٧٥
|
العطف على
اسم إن بعد استيفاء خبرها ، وقيل استيفائه
|
٤٣٥
|
يجوز إلغاء
العامل المتوسط والمتأخر دون المتقدم
|
٣٧٧
|
تخفف «إن»
المكسورة فيقل عملها
|
٤٤٠
|
علم بمعنى
عرف ، وظن بمعنى اتهم ، ورأى بمعنى حلم
|
٣٨٣
|
تخفف أن
المفتوحة فيحذف اسمها ، ويجب أن يكون خبرها جملة
|
٤٣٣
|
متى يجوز حذف
المفعولين أو أحدهما؟ ومنى لا يجوز؟
|
٣٨٩
|
تخفف «كأن»
فيحذف اسمها ، وربما ذكر
|
٤٤٥
|
يستعمل القول
بمعنى الظن
|
|
لا التى لنفى الجنس
|
|
أعلم وأرى
|
٣٩٣
|
تعمل «لا»
عمل إن بشروط
|
٤٥٢
|
ذكر الأفعال
التى تنصب ثلاثة مفاعيل
|
٣٩٤
|
أنواع اسم
«لا» النافية ، وحكم كل نوع
|
٤٥٣
|
ما ثبت
لمفعولى علم يثبت للثانى والثالث من مفاعيل هذه الأفعال
|
٣٩٩
|
حكم المعطوف
على اسم «لا» إذا تكرت لا
|
٤٥٤
|
ما يتعدى
لواحد من الأفعال يتعدى لاثنين بالهمزة ، ويثبت لثانيهما ما يثبت للمفعول الثانى
من مفعولى «كسا»
|
٤٠٤
|
نعت اسم لا
|
٤٥٥
|
تتمة أفعال
هذا الباب والاستشهاد لها
|
٤٠٧
|
العطف على
اسم لا إذا لم تكرر لا
|
|
الفاعل
|
٤٠٨
|
تأخذ «لا» مع
همزة الاستفهام ، مثل ما تأخذه بدونها من الأحكام
|
٤٦٢
|
تعريف الفاعل
|
٤١٢
|
إذا دل دليل
على خبر «لا» حذف
|
٤٦٤
|
حكم الفاعل
التأخر عن فعله
|
|
ظن وأخواتها
|
٤٦٧
|
إذا كان
الفاعل مثنى أو مجموعا تجرد الفعل عند جمهرة العرب من علامة التثنية والجمع
|
٤١٦
|
ألفاظ هذه
الأفعال ، وأنواعها. ومعانى كل منها ، والاستشهاد على ذلك
|
٤٧٣
|
إذا دل دليل
على الفعل جاز حذفه
|
٤٧٤
|
ه قف على
اختلاف العلماء فى الاسم المرفوع بعد أداة الشرط
|
٥٠٩
|
متى وجد
المفعول لم ينب عن الفاعل غيره
|
٤٧٥
|
يؤنث الفعل
إذا كان الفاعل مؤنثا
|
٥١١
|
إذا كان
الفعل متعديا إلى مفعولين فأيهما ينوب عن الفاعل؟
|
٤٧٦
|
يجب تأنيث
الفعل فى موضعين
|
|
الاشتغال
|
٤٧٧
|
الفصل بين
الفعل وفاعله المؤنث
|
٥١٦
|
ه أركان الاشتغال
، وشروط كل ركن
|
٤٧٩
|
قد تحذف تاء
التأنيث من الفعل المسند لفاعل مؤنث من غير فصل بينهما
|
٥١٧
|
ضابط
الاشتغال
|
٤٨٢
|
ه إسناد
الفعل إلى ما يدل على جمع
|
٥١٩
|
المواضع التى
يجب فيها نصب الاسم المشتغل عنه
|
٤٨٤
|
الأصل فى
الفاعل أن يلى الفعل ويعقبه المفعول ، وقد يخالف ذلك الأصل
|
٥٢٢
|
المواضع التى
يجب فيها رفعه
|
٤٨٦
|
قد يجب تأخير
المفعول وتقديم الفاعل عليه
|
٥٢٥
|
المواضع التى
يترجح فيها نصبه
|
٤٩٢
|
المفعول
المتصل بضمير الفاعل ، والفاعل المتصل بضمير المفعول
|
٥٢٧
|
متى يجوز
الوجهان على السواء؟
|
|
النائب عن الفاعل
|
٥٢٧
|
متى يترجح الرفع على النصب؟
|
٤٩٩
|
إذا حذف
الفاعل قام المفعول مقامه ، وأخذ أحكامه
|
٥٢٩
|
الفعل المتصل
بضمير الاسم والمنفصل منه بحرف جر أو بإضافة سواء
|
٥٠٠
|
تغيير صورة
الفعل عند إسناده للمفعول
|
٥٣٠
|
الوصف العامل
كالفعل
|
٥٠٢
|
لك فى الفعل
الأجوف الثلاثى إذا أسند إلى المفعول ثلاثة أوجه
|
|
تعدى الفعل ولزومه
|
٥٠٥
|
إذا خيف لبس
فى أحد هذه الأوجه وجب تركه
|
٥٣٣
|
تعريف الفعل
المتعدى ، وعلامته
|
٥٠٧
|
يقوم مقام
الفاعل : المصدر ، والظرف ، والجار والمجرور
|
٥٣٦
|
الفعل
المتعدى على ثلاثة أقسام
|
|
|
٥٣٧
|
يتعدى الفعل
اللازم بحرف الجر ، فإن حذف حرف الجر انتصب المجرور
|
|
|
٥٤١
|
إذا كان
للفعل مفعولان تقدم منهما ما هو فاعل فى المعنى ، وقد يجب ذلك ، وقد يمتنع
|
٥٤٣
|
يجوز حذف
الفضلة إن لم يضر حذفها
|
٥٦٣
|
حذف العامل
فى المفعول المطلق إما ممتنع ، وإما جائز ، وإما واجب
|
٥٤٤
|
يجوز حذف
ناصب الفضلة إذا دل عليه دليل
|
|
المفعول
من أجله
|
|
التنازع فى العمل
|
٥٧٤
|
تعريف
المفعول له ، وحكمه
|
٥٤٥
|
ضابط التنازع
|
٥٧٥
|
المفعول له
على ثلاثة أنواع ، وحكم كل نوع
|
٥٤٥
|
ه قف على
أنواع العاملين ، وما يشترط فيهما
|
|
المفعول فيه
|
٥٤٨
|
ه قف على
خلاف النحاة فى ترجح أى العالمين ، ووجه دلك
|
٥٧٩
|
تعريف الظرف
|
٥٤٨
|
العامل
المهمل يعمل فى ضمير الاسم ، وإذا كان العامل فى الظاهر هو ثانى العاملين لم
يضمر مع أولهما إلا المرفوع
|
٥٨٠
|
حكم الظرف ،
وبيان ما يعمل فيه
|
|
المفعول المطلق
|
٥٨١
|
العامل فى
الظرف إما مذكور ، وإما محذوف جوازا أو وجوبا
|
٥٥٧
|
تعريف
المفعول المطلق
|
٥٨٢
|
كل أسماء الزمان
تقبل النصب على الظرفية ، وإنما يقبل ذلك من أسماء المكان نوعان : المبهم ، وما
اشتق من مصدر فعله العامل فيه
|
٥٥٧
|
يعمل فيه الفعل،
أو الوصف ، أو المصدر
|
٥٨٦
|
الظرف على
قسمين : متصرف ، وغير متصرف
|
٥٥٨
|
ه قف على
شروط الفعل والوصف اللذين يعملان فى المفعول المطلق
|
٥٨٨
|
ينوب المصدر
عن ظرف الزمان كثيرا ، وعن ظرف المكان قليلا
|
٥٥٩
|
أيهما أصل
للآخر : الفعل أو المصدر؟
|
|
المفعول معه
|
٥٥٩
|
المفعول
المطلق على ثلاثة أنواع
|
٥٩٠
|
تعريف
المفعول معه ، وبيان العامل فيه
|
٥٦٠
|
ينوب عن
المصدر فى الانتصاب على المفعولية المطلقة عدة أشياء
|
٥٩١
|
ه قف على
اختلاف العلماء فيما يجوز أن يكون مفعولا معه
|
٥٦٢
|
ما يجب
إفراده من المصادر ، وما يجوز تثنيته وجمعه
|
|
|
٥٩٢
|
قد ينصب
المفعول معه ولم يتقدمه فى اللفظ فعل
|
٦٣٠
|
لا تكون
الحال إلا نكرة. وقد تجىء معرفة على التأويل بنكرة
|
٥٩٤
|
الاسم الواقع
بعد الواو على ثلاثة أضرب
|
٦٣١
|
قد تقع الحال
مصدرا منكرا
|
|
الاستثناء
|
٦٣٢
|
حق صاحب
الحال أن يكون معرفة ، وقد يكون نكرة بشرط أن يكون معه مسوغ ، وبيان مسوغات ذلك
|
٥٩٧
|
حكم المستثنى
الواقع بعد «إلا»
|
٦٤٠
|
لا يتقدم
الحال على صاحبه المجرور بالحرف ، ويتقدم على غيره
|
٦٠١
|
حكم المستثنى
إذا تقدم على المستثنى منه
|
٦٤٣
|
لا يجىء
الحال من المضاف إليه ، إلا فى ثلاثة أحوال
|
٦٠٣
|
حكم
الاستثناء المفرغ
|
٦٤٦
|
متى يجوز
تقديم الحال على العامل فيه؟ ومتى يمتنع ذلك؟
|
٦٠٤
|
حكم «إلا»
إذا تكررت للتوكيد
|
٦٥١
|
قد يتعدد
الحال وصاحبه واحد أو متعدد
|
٦٠٧
|
حكم «إلا»
إذا تكررت لغير توكيد
|
٦٥٣
|
الحال على
صربين : مؤسسة ، ومؤكدة
|
٦١٠
|
حكم المستثنى
بغير وسوى ، وحكم «غير» نفسها
|
٦٥٥
|
الحال قد
تكون جملة ، بشرط أن يكون لها رابط
|
٦١٦
|
حكم المستثنى
بليس ولا يكون ، وبخلا وعدا
|
٦٥٦
|
ه قد يجب أن
يكون الرابط الضمير ، ومواضع ذلك
|
٦٢١
|
حكم المستثنى
بحاشا
|
٦٥٧
|
قد يجوز
الربط بالضمير ، وبالواو ، وبهما
|
|
الحال
|
٦٦٠
|
يحذف عامل
الحال جوازا ، أو وجوبا
|
٦٢٥
|
تعريف الحال
|
|
|
٦٢٦
|
الأكثر فى
الحال أن يكون مشتقا وأن يكون منتقلا
|
|
|
٦٢٧
|
المواضع التى
تأتى فيها الحال جامدة
|
|
|
|
التمييز
|
٦٦٩
|
ما يجوز جره
بمن من التمييز ، وما لا يجوز
|
٦٦٣
|
تعريفه ،
وبيان أنواعه ، وحكمه
|
٦٦٩
|
لا يجوز
تقديم التمييز على العامل فيه ، واختلاف العلماء فى بعض مسائل من ذلك
|
٦٦٦
|
ه حكم
التمييز الواقع بعد أفعل التفضيل
|
|
|
٦٦٧
|
يقع التمييز
بعد كل ما يقتضى التعجب
|
|
|
تمت الفهرس ، والحمد
لله أولا وآخرا
وصلاته وسلامه على
سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه
|