
فهرست العناوين
تقديم...................................................................... ٥
ـ ٣٦
المؤلف....................................................................... ٥
كتاب المباحثات............................................................... ٨
السائل أو السائلون............................................................ ٩
عدد الرسائل................................................................ ١٢
زمان الكتابة................................................................. ١٦
أهمية الرسائل................................................................ ١٧
نسخ الكتاب................................................................ ١٩
منهج التحقيق............................................................... ٣٠
اعتذار وشكر............................................................... ٣١
صورة النسخ................................................................. ٣٣
الرموز المستعملة.............................................................. ٣٦
المباحثة
الأولى............................................................. ٣٨
ـ ٤٨
المباحثة الثانية............................................................. ٤٩
ـ ٥٤
المباحثة الثالثة............................................................. ٥٥
ـ ٧٩
المباحثة الرابعة........................................................... ٨٠
ـ ١٠٠
المباحثة الخامسة........................................................ ١٠١
ـ ١٤٤
المباحثة السادسة....................................................... ١٤٥
ـ ٣٢١
قسم الملحق........................................................... ٣٢٣
ـ ٣٧٤
الفهارس.............................................................. ٣٧٦ ـ ٤٠٠
بسم الله الرّحمن الرّحيم
تقديم
عرف واشتهر كتاب
المباحثات بأنه من تأليفات الشيخ الرئيس أبي علي الحسين بن عبد الله بن سينا ،
وكان مرجعا لدى الباحثين والناقدين للفلسفة عموما ، ولآراء مؤلفه خصوصا.
وهنا مجموعة أسئلة
مطروحة حول خصوصيات هذا الكتاب. وقبل الشروع في الجواب عنها يلزمنا تعريف المؤلف
وسيرته ، إلا ان شهرته وما كتب في ترجمته من مقالات وكتب مفردة تغني عن ذلك ، ومع
هذا فإني سوف أذكر كلاما مختصرا لمسيس الحاجة إليه في البحث عن الكتاب .
المؤلف :
أبو علي الحسين بن
عبد الله بن سينا. ولد في ٣٧٠ ه. بأفشنة ـ قرية قريبة من بخارى ـ ثم انتقل مع
والده إلى بخارى وتنشّأ بها. قال عن نفسه :
«واحضر لي معلم القرآن
ومعلم الأدب ، وكملت العشر من العمر وقد أتيت على القرآن وعلى كثير من الأدب حتى
يقضى مني العجب».
__________________
ثم اشتغل بتعليم
المنطق والفلسفة والهندسة والطب ، وصار متبحّرا فيه ، حتى عالج السلطان نوح بن منصور
الساماني من مرضه الذي تحير فيه الأطباء ؛ ولذلك اتّصل به واستفاد من خزانة كتبه.
قال : «فلما ثماني
عشرة من عمري فرغت من هذه العلوم كلها ؛ وكنت إذا ذاك للعلم أحفظ ، ولكنه اليوم
معي أنضج. وإلا فالعلم واحد لم يتجدد لي شيء بعد».
قال : «ثم مات
والدي وتصرّفت بي الأحوال وتقلّدت شيئا من أعمال السلطان ، ودعتني الضرورة إلى
الإخلال ببخارى والانتقال إلى كركانج ... ثم دعت الضرورة إلى الانتقال إلى نسا ،
ومنها إلى باورد ، ومنها إلى طوس ، ومنها إلى سمنقان ، ومنها إلى جاجرم ...
ومنها إلى جرجان
... ثم مضيت إلى دهستان ... وعدت منها إلى جرجان ، واتّصل أبو عبيد الجوزجاني بي».
وانتقل إلى الري
وأقام عند مجد
الدولة أياما ، ثم اتفقت له أسباب أوجبت خروجه إلى قزوين ، ومنها إلى همدان. ودعاه
شمس الدولة لمعالجة «قولنج» أصابه وصار الشيخ من ندمائه وتقلّد هناك
الوزارة. واتفق تشويش العسكر عليه ، فكبسوا داره وأخذوه إلى الحبس ، وأغاروا على
أسبابه وأخذوا
__________________
جميع ما كان يملكه
، وعاد «القولنج» للأمير شمس الدولة ، وطلب الشيخ واعتذر إليه ، فأقام عنده مكرما
واعيدت الوزارة إليه ثانيا.
فشرع هناك بتأليف
كتاب الشفاء وابتدأ بالطبيعيات ، ومات شمس الدولة وبويع لابنه ، وطلبوا استيزار
الشيخ فأبى عليهم.
فاتهموه بمكاتبة
علاء الدولة وأخذوه وحملوه إلى قلعة فردجان ، وبقي فيها أربعة أشهر ثم
أعادوه إلى همدان.
قال الجوزجاني : «وعزم
على التوجه إلى أصفهان ، فخرج متنكّرا ـ وأنا معه وأخوه وغلامان ـ في زيّ الصوفية
، إلى أن وصلنا إلى طهران على باب أصفهان ، بعد أن قاسينا شدائد في الطريق ؛
فاستقبلنا أصدقاء الشيخ وندماء الأمير علاء الدولة وخواصّه ...».
واختصّ
الشيخ بعلاء الدولة وصار من ندمائه إلى أن عزم علاء الدولة على قصد همدان ؛ وخرج
الشيخ في صحبته ... وصنّف كتاب الإنصاف ، وفي اليوم الذي قدم فيه السلطان مسعود أصفهان نهب عسكره رحل الشيخ ، وكان الكتاب في جملته وما
وقف له على أثر ، ثم قصد علاء الدولة همدان وكان الشيخ معه ... وهناك انتقل إلى
جوار ربّه ، ودفن
بهمدان في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. وكانت ولادته في سنة سبعين وثلاثمائة ؛ وجميع عمره ثمان وخمسون سنة.
وكان مشتغلا
بالكتابة والتأليف ضمن أسفاره واشتغالاته ، فقد ألّف كتبا
__________________
ورسائل كثيرة
أشهرها الشفاء والقانون والإشارات والنجاة .
كتاب المباحثات :
ومن كتبه المشهورة
كتابه هذا ـ المباحثات ـ وقد اشتهر لدى الباحثين والناقدين لآراء الشيخ ، رغم صغر
حجمه وعدم الترتيب والتبويب فيه ؛ ولو ذهبنا لنجد نظيرا له من كتب الشيخ فأشبه شيء
به كتابه التعليقات ، فانهما استرضعا من ثدي واحد. إذ لم يكن شأن الشيخ فيهما
القصد إلى تأليف كتاب ، بل هما مجموعة جوابات وكلمات مأخوذة منه ، جمعهما تلميذه
الخاص بهمنيار بنفسه ، أو بمعاونة تلميذة الآخر ابن زيلة كما سنشير إليه.
والكتاب مما لا شك
في نسبته ، فقد ذكره أولا الجوزجاني عند سرد أسامي تأليفاته حيث قال : «... وكتاب المباحثات
مجلدة ...» وهذا الفهرس من المصادر الرئيسية في عد تأليفات الشيخ الرئيس ، لكون الجوزجاني ملازما للشيخ ومنادما له خلال خمس وعشرين سنة حتى في
أسفاره المختلفة ، وحينما كان الشيخ مشتغلا بهذه التأليفات ؛ ثم إن الكتاب كان
مشتهرا لدى الباحثين عن آراء الشيخ الرئيس ، كالفخر الرازي والخواجة نصير الدين
الطوسي وصدر المتألهين الشيرازي وغيرهم . والشيخ أورد
أحيانا اسماء كتبه فيه كالإشارات والشفاء
__________________
والإنصاف والمبدأ
والمعاد ـ وأحال البحث إليها. على أن جلّ المطالب والمباحث التي فيه تدور حول
المباحث الواردة في كتابه الشفاء ، خصوصا كتاب النفس منه.
السائل ، أو
السائلون؟
المشهور أن السائل
هو بهمنيار بن المرزبان تلميذ الشيخ ... فقد جاء في أول
الرسالة السادسة :
«الخادم بهمنيار بن المرزبان
، خادم مولانا
الرئيس ، السيد الأوحد ، الأجلّ شرف الملك ، فخر الكفاة ـ أطال الله بقاه وأدام
رفعته وعلاه
__________________
وكبت حساده وأعداه
ـ خدم نهى الحضرة بكتاب مطوي على أوراق وأسئلة وشكوك يرجو وصول الجميع إليها
وإحاطة العلم الشريف بها ... فإن هذه الجوابات التي ينعم بها ربما يضيع أصول
المسائل على أيدي الغلمان ... وقد ساء ظني بالكتاب الصادر أخيرا وخيّل لي الشيطان
ضياعه ...».
فعلى هذا لا يبقى
شك في أن لبهمنيار القدم الأول في تدوين هذا الكتاب.
وأما هل لغيره
أيضا حظّ من ذلك فقد يدل عليه ما جاء على ظهر نسخة بودليان :
«السينات على
الحواشي علامة السؤال ، والجيمات علامة الجواب ، وحرف الطاء مع السين علامة لما
وجد من تلك الأسئلة أصولها في الرقاع إما بخط بهمنيار ، وإما بخط أبي منصور بن
زيلة ، وكذلك هي مع الجيم علامة لما وجد من تلك الأجوبة تحتها بخط الشيخ الرئيس
أبي علي ؛ وما هو عاطل منها لم يظفر بالنسخة المسودّة ، فعطّل دلالة على أن المعلم
وجد بخط أحد السائلين المذكورين ، وكذلك الجواب بخط المسئول عنه».
وقد لمح الشيخ
إليه في أول المباحثة الأولى أيضا :
(٢) «... أما
الإشارات فإن النسخة منها لا تخرج إلا مشافهة وبعد شروط لا تعقد إلا مكافحة ؛ وليس
يمكن أن يستفتح بها ويطلع معه غريب عليها ، فإنه لا يمكن أن يطلع عليها إلا هو
والشيخ أبو منصور بن زيلة ...».
فهذا يدل على أن
بهمنيار وابن زيلة اشتركا في طرح الأسئلة أو جمعها.
__________________
ثم هناك قرائن تدل
على ورود شخص آخر في هذه الدائرة أيضا. فقد جاء في الرقم (٥١٣) :
«هذا الجواب من
بابه الشيخ الكرماني».
على أن المباحثة
تدور حول اعتراض الكرماني على البرهان الذي
__________________
اعتمد عليه الشيخ
لإثبات النفس ، وردّ الشيخ واستنكاره الشديد عليه حين سمع أنه ضحك من البرهان :
(٤٩) «والذي حكاه
من امتعاض الشيخ أبي القاسم الكرماني حين بلغه ما بلغه ـ فليس من حق مثله أن يشفق
من ذلك ...».
(٧٩) «... فالضاحك
هو المضحوك منه ، وهو السخيف ، وهو المهوّس ...».
عدد الرسائل
هذا الكتاب ـ كما
عرفنا ـ مجموعة أسئلة ورسائل ، والقسم الأعظم منها متبادلة بين الشيخ وتلميذيه ،
ولم يكن تأليفا مبوّبا على نظم خاص ، كما هو
__________________
الشأن في الكتب
المؤلّفة ؛ ولذلك لم يتنبّه أكثر الناظرين فيه لكونه كتابا معروفا ؛ فترى عددا من
المفهرسين للمخطوطات عرّفوه في فهارسهم بمجموعة رسائل أو أسئلة وأجوبة. ولعلّه
لذلك أيضا لم ير المستنسخون من واجبهم استنساخه بكماله وترتيبه الخاصّ ؛ فاختلف
النسخ في النظم وعدد الرسائل ، وحتى الأسئلة والأجوبة في رسالة واحدة.
فلو أعرضنا عن
النسخ التي تحتوى على ملتقطات من الكتاب فهناك نوعان من النسخ يحتمل كونهما
كاملتين على اختلافهما :
الف : نسخة بودليان (وسنأتي بشرحها فيما بعد) وهي أقدم النسخ الموجودة ـ على ما
علمت ـ وهي تحتوى على ستّ رسائل. لكن توجد قرائن كثيرة تشهد على عدم كون كل رسالة
فيها مفردة ، وإنما هي مجموعة أسئلة أخذت من رسالات عدة أو سئلت مشافهة ثم جمعت في
جزء وصارت كرسالة واحدة.
ففي الرسالة
الخامسة ترى أسئلة مرتبطة بأسئلة اخرى موجودة في نفس الرسالة : فقد جاء في الرقم (٣٥٦)
: «ما معنى قوله في الفصول المتقدمة : هيئات النفوس مركبة تركيبا نفسانيا ...»
وهذا إشارة ـ على ما يظهر ـ إلى الرقم (٣٣٨).
وفي (٣٥٨) : «ما
معنى قوله : بقاء الفعل غاية للفعل ...» إشارة إلى الرقم (٣٤٦).
وفي (٣٦٠) : «فاعل
المزاج لم يلزم أن يكون حافظا؟ فقد احيل به في هذه الفصول على البذور ...» إشارة
الى (٣٤٧).
وفي الرسالة
السادسة ـ على أنها رسالة طويلة تستغرق أكثر من نصف الكتاب ـ السؤال (٨٦٨) : «كيف
يكون الإمكان من لوازم الماهيات ...؟» سؤال عما أجيب في (٨٦٧).
والفقرات (٧٩٩)
إلى (٨١٧) مأخوذة بلفظها من كتاب الشفاء ـ الإلهيات ـ .
ومن القرائن أيضا
التكرار الواقع فيها بلفظها ـ وسنشير إلى بعضها.
ب : نسخة برينستون ـ وتوجد نسخ أخرى
على سياقها ـ هذه النسخة وأخواتها تحتوي على المباحثات الستة أيضا ؛ إلا أنها
تختلف عن الأولى في الترتيب ، كما أنها تنقص عنها من الرقم (٧٨٨) إلى آخر الكتاب. ثم
إن سياق هذه النسخة أكثر شيوعا بين النسخ بحيث يؤيد أن تكون هي الصورة الأصلية من
الكتاب. فما سبب تلك الاختلافات؟
أما اختلاف الترتيب
فتوجيهه سهل بعد ما ذكرنا أن الكتاب مجموعة أسئلة غير منسجمة وغير مبوّبة ، ويظهر
أيضا مما نقلنا عن ظهر النسخة الأولى من أنها كانت في رقاع وأجزاء فاستنسخت منها
ولم تكن ذا ترتيب يجب رعايته للكاتب.
إنما الكلام في
هذه الزيادات : فهل
هي من كلام الشيخ أولا؟
ثم من كتاب المباحثات ثانيا؟
أما بالنسبة إلى
السؤال الأول : فكونها من كلام الشيخ مما لا شك فيه . إذ
__________________
قسم منها ـ كما
ذكرنا ـ يوجد في كتاب الشفاء بلفظه. ثم إن فقرات منها تكرار ما مضى في الكتاب
سابقا ، على أن سياق كتابة الشيخ يمتاز عن غيره ويعرفه كل من درس
مؤلفاته بسهولة ، ثم إن هذه المطالب أيضا ـ كأخواتها من مطالب الكتاب ـ مرتبطة
كثيرا بكتاب الشفاء وتوضيحات حوله.
وأما هل هي من صلب
كتاب المباحثات ، أم ملحقة به؟ فمن العسير الجواب عن ذلك. والأقرب أن نقول أنها
كانت أيضا مجموعة جوابات من الشيخ أو مأخوذة من كلماته أو كتبه عند بهمنيار ،
فالحق بها. ويؤيد ذلك أولا التكرارات المشيرة إليها. وثانيا ما في الفقرة (٨٥٢) : «وجد
في رقعة» ، وثالثا ما كتب بآخر القسم الأول من نسخة ليدن : «إلى هنا وجدت المباحثات في عدة نسخ ـ والحمد لله وحده ، وصلواته على محمد
وآله» ثم النص المنقول سابقا عن ظهر نسخة بودليان «... وما هو عاطل منها لم يظفر
بالنسخة المسودة ...».
والفقرة (٨٩٦)
يحتمل أن تكون مؤيدة لما قلناه ، إذ قال الشيخ فيها : «قد بيّنا في المباحثات الصديقية أن التشخص لطبيعة النوع الواحد كيف يمكن أن يكون» فلو كان
هذا إشارة إلى ما جاء في الفقرة (٥٣٢) ـ من بيان كيفية كون التشخص بعرض لازم ـ لاتّضح
صحة الفرض المذكور أولا. وكون الرسالة ذا اسم المباحثات في حياة الشيخ ثانيا.
__________________
زمان الكتابة :
وأما زمان كتابة
الرسائل : فقد اشير في ثلاثة مواضع منها إلى كتاب الإشارات ، وذكر أهل السير أنه
من أواخر تأليفات الشيخ. فيفهم من ذلك أن الرسائل أيضا مكتوبة في الأخير من عمره.
على أن في الرسالة
الرابعة إشارة أدقّ من هذا. قال فيها عن كتابه الانصاف :
«وقد كان اتفق من
الدواعي عام طروق ركاب السلطان الماضي هذه البلاد ما بعثه على الاشتغال بكتاب
سمّاه الانصاف ... وقبل أن نقل ذلك إلى المبيضّة وقع عليه قطع في هزيمة ألمأت
بأسبابه كلها على باب أصفهان ، فلما عاد إلى الري هزّ لمعاودة ذلك التصنيف فاستفزّ
...».
وقال الجوزجاني في
رسالة السيرة عن كتاب الإنصاف :
«كتاب الانصاف
عشرون مجلدة ؛ شرح فيه جميع كتب أرسطو ، وأنصف فيه بين المشرقيين والمغربيين ؛ ضاع
في نهب السلطان مسعود ...».
«وصنف الشيخ كتاب
الانصاف ، واليوم الذي قدم فيه السلطان مسعود اصفهان نهب عسكره رحل الشيخ ، وكان
الكتاب في جملته ، وما وقف له على أثر ...».
و «السلطان الماضي»
إشارة على الأظهر إلى المحمود
الغزنوي ، الذي مات في
سنة (٤٢١) واتفق في أواخر سلطنته دخول ابنه المسعود أصفهان ـ سنة (٤٢١). ويظهر أنه في هذه الواقعة نهب أمتعة
الشيخ وكتبه.
وذكر البعض أن
ضياع كتب الشيخ كان سنة (٤٢٥) حين ظفر بو سهل الحمدوي ـ وكان أميرا من قبل المسعود
الغزنوي ـ على علاء الدولة ودخل أصفهان.
والأول أظهر وأوفق
مع ما في السيرة وهذه الرسالة.
وعلى أي ، فنظرا
إلى تاريخ وفاة الشيخ (٤٢٨) فإنّ كتابة الرسائل كانت في هذه الفترة ـ ٤٢١ إلى ٤٢٨.
أو ٤٢٥ ـ ٤٢٨.
أهمية كتاب
المباحثات :
بقي الآن سؤال آخر
، وهو عن موقع هذه المكاتبات من تأليفات الشيخ ، وأنه هل هي ذات أهمية خاصة مع
كثرة تأليفاته المفصلة والمختصرة؟
والجواب عنه واضح
للناظر فيها ، إذ لهذه الأجوبة أهمية خاصة من جوانب شتّى :
فأولا إذ كانت هذه المحاورات بين الشيخ وخواص تلاميذه سقطت
الآداب اللازم مراعاتها عند المؤلفين ، ولذلك تجلّت فيها روحية الشيخ الواقعية بكل
وضوح ، ولا يخفى أهمية ذلك في مطالعة سيرة الشيخ. فمثلا اعتماده الشديد على نفسه
وآراءه :
(١١٥) «وما أنا
ممن أوطأت نفسي غشوة فيما لم أحسنه أني أحسّنه ؛ بل اجتهدت وبالغت ؛ فلا يروعني
مناقض ولو نزل من السماء. ولا يهجس في بالي أن الشيء الذي أتقنته عرضة لنقض أو
إبطال أو فساد ؛ وإن اجتمع علي كل فان وحيّ ومنتظر
__________________
من أهل السماء
والأرض ؛ وما لا أعلم فلا أدعيه ...».
ثم شدة غضبه وبطشه
على المتعرضين لأقواله وتسفيهه لهم :
(٩٦) «...
وليتكلّف هذا الماضغ للخراء ، الغالط في نفسه ، الواضع نفسه ليس موضع من يجب أن
يتشكك ويباحث ، وأن محله ليس محل من يخطر بباله حلا وجوابا ، بل محل من يفي بنقض
ويقوم مقام مقابل ـ وبالله أنه قد يمكن أن يخاطب بالكلام الأهلي الذي لا تعويص فيه
ولا تحريف للكلام عن جهته ، ثم لا يفهمه بوجه من الوجوه ؛ لا سيما إذا جعل الخطاب
مجردا كليا. أفمثله يتعرض لأهل البصيرة ويقول : «هذا هوس عظيم ، وذلك كذلك»؟! وليس
الهوس العظيم إلا هو وجوهره وذاته ـ فليتكلّف خمسين ورقة في إثبات أن النفس مزاج ،
أو في دفعه ومنعه ...».
وثانيا إذا ليس شأن الشيخ فيها غير بيان ما أشكل على تلاميذه فلا
يلتفت إلى ذكر الأقوال المختلفة ، والناظر فيها يرى آراءه الخاصة بسهولة في شتّى
المواضع.
وثالثا
توقفه في مواضع من
المسائل وإقراره الصريح بالعجز فيها بما لا يتفق في مؤلّف آخر.
(٥٤٨) «لا أدري ـ لا
إله إلا الله ـ وقبيح بالأئمة الإقرار بالجهل».
(٥٦٧) «لا أدرى.
لو علم هذا لقصر الحديث».
(٦٥٥) «... إلا
أني بعد لم أخصّ فيه الرأي».
(٧٣٠) «... وأنا
إلى هذه الغاية لم أحصّلها ؛ وما عندي أن أحصّل بعد هذا السنّ شيئا لم أحصّله قبل
...».
نسخ الكتاب :
توجد عدة نسخ
للكتاب مختلفة كما وكيفا ؛ يمكننا أن نقسمها إلى أربعة أصناف :
الف : نسخة مكتبة
بودليان وفروعاتها.
ب : نسخة مكتبة
برينستون وأمثالها.
ج : نسخة دار
الكتب المصرية رقم (٦) الحكمة.
د : نسخ تحتوى على
ملتقطات من الرسالة.
الف :
١ ـ فأقدم النسخ ـ
التي علمت بها ـ النسخة الموجودة بمكتبة بودليان (مجموعة ٤٥٧) تاريخ تحريرها سنة
٦٣٨ وفيها كتاب النجاة ورسالة حيّ بن يقظان.
هذه النسخة أكمل
من جميع النسخ الاخرى التي على غير سياقها ، وهي أصحها. والنصّ الموجود على الصفحة
الاولى منها ـ لو لم يكن مستنسخا عن نسخة اخرى ـ يدل على أنها مستنسخة من اصول
الرسائل :
«السينات على
الحواشي علامة السؤال ، والجيمات علامة الجواب ، وحرف الطاء مع السين علامة لما
وجد من تلك الأسئلة أصولها في الرقاع إما بخط بهمنيار ، وإما بخط أبي منصور بن
زيلة ، وكذلك هي مع الجيم علامة لما وجد من تلك الأجوبة تحتها بخط الشيخ الرئيس
أبي علي ؛ وما هو عاطل منها لم يظفر بالنسخة المسودّة ، فعطّل دلالة على أن المعلم
وجد بخط أحد السائلين المذكورين. وكذلك الجواب بخط المسئول عنه».
والموجود عندي
منها صورة عن المصورة الموجودة في المكتبة المركزية لجامعة طهران (رقم ٣١٤٩) وأشير
إليها برمز (ب). ثم النسخة ام النسختين التاليتين :
٢
ـ نسخة المكتبة المركزية لجامعة طهران ؛ وهي من الكتب التي أهداها المغفور له الاستاذ السيد محمد
المشكاة إلى الجامعة. وهي مجموعة ثمينة موجودة في المكتبة برقم ١١٤٩ (فهرس المكتبة
، الجزء الرابع من المجلد الثالث ، ص ٢٤٠٤) واشير إليها برمز (د).
والنسخة تحتوي على
أربع وسبعين رسالة للشيخ الرئيس وثلاثة للدواني. ورسالة المباحثات تقع في الورق ٧٠
إلى ١٠٩ منها. وليس عليها تاريخ التحرير وقد تملكها مصطفى بن عبد الله في ٩٦٢ فهي
مكتوبة قبل الألف.
وهناك قرائن كثيرة
تدل على كونها ـ بواسطة أو بلا واسطة ـ مستنسخة عن نسخة بودليان ؛ اشير إلى اثنتين
منها :
الاولى : النصّ في
الورقة (٤١) من نسخة بودليان (س ٣ مطابق رقم ٤٩٣ من طبعتنا)
«لأن هذا يقارنه
ما لا يقارن ذلك ويفارقه ما لا يفارق ذلك» وإذ كانت الفقرة الثانية ساقطة عند
الاستنساخ عن (ب) استدركه الكاتب في الهامش ووضع في المتن علامة للتنبيه (راجع
صورة الورقة) ، ولكن المستنسخ عن هذه النسخة لم يتنبه للعلامة ، وحسب ما في الهامش
من تمام السطر وأدرجها في الفقرة التالية منها ، فترى فيها :
«لم لا يجوز أن
يكون إدراكي لذاتي لحصول ذاتي ويفارقه ما لا يفارق ذلك ...».
الثانية : في
الورقة (٣٦) كانت حاشية كتبها الناسخ عموديا (راجع الصورة) حتى يتميز عن المتن ،
ولكن المستنسخ لم يتنبه لذلك وأدرجها في الفقرة
(٤٣٠) من المتن ،
وهذا السهو لا يمكن أن يتفق إلا عند الاستنساخ من نسخة بودليان.
٣
ـ النسخة الموجودة بمكتبة مجلس الشورى الإسلامي ضمن مجموعة (٦٣٤) (فهرس المكتبة ج ٢ ص ٣٩٥ ـ ٤٠١) تحتوى
على ٤٢ رسالة حكمية. وهي مجموعة ثمينة تاريخ كتابتها (١٠٤٣) نستعليق ، رقم ٩٠١٤. ورسالة المباحثات تقع في الورقة ١٢٨ إلى ١٨٠
منها. وأشير إليها برمز (م).
وهذه النسخة
مستنسخة عن نسخة (د) أو كلتاهما مستنسختان عن نسخة أخرى كتبت عن نسخة (ب)
لتطابقهما في عموم الأغلاط والسقطات ؛ ومنها الموردين المذكورين في نسخة (د).
ولكون النسختين (د
، م) مكتوبتين بلا ترديد ـ بواسطة او بلا واسطة ـ عن نسخة (ب) ولكون الأصل موجودا
، لم أشر إلى موارد اختلافهما مع (ب) إلا في موارد قليلة ، رغم أني طابقت نسختي
معهما من البدء إلى الختم.
وقد جعلت نسخة (ب)
أصلا أعتمد عليه في هذا الطبع وأشير إلى اختلاف البقية معه في الهامش.
ب
: هذا القسم من النسخ يحتوى على المتن القريب من الكامل
ويختلف مع الاولى في الترتيب. وكان الموجود عندي منه :
٤
ـ نسخة برينستون وهي مجموعة ثمينة تحتوى على ٢٦ رسالة حكمية تاريخ تحريرها سنة ٦٧٧. كانت من
كتب العلامة المغفور له كاشف الغطاء إذ يوجد نقش خاتمه على الصفحة الاولى منها.
ورسالة المباحثات تقع في الورق ١٧ ـ إلى ٦٧ منها.
والموجود عندي من
هذه النسخة صورة فتوغرافية عن المصورة الموجودة
بمكتبة آية الله
العظمى المرعشي ـ قدسسره ـ بقم. وقد جاء توصيف النسخة في المجلد الثالث من فهرس
النسخ المصورة في المكتبة.
وهذه النسخة أصل
لبعض النسخ الآتي ذكرها كما سأشير لذلك. وتختلف مع القسم الأول في السياق ، كما
انها تنقص عنه شيئا ؛ إذ أنها تشرع بالمباحثة الرابعة ـ ولا يوجد فيها ما في صدر
الرسالة من الرقم (١٢٧) إلى آخر (١٤١) وجاء بدلا من هذا كله :
«بسم الله الرحمن
الرحيم. رب يسّر بلطفك العميم. الحمد لله واهب العقل ، مفيض العلم ، والصلاة على
رسله ، خصوصا على محمد وآله ...».
ثم جاء الرقم (١٤٢)
«ما معنى العقل بالقوة ...» إلى آخر الرقم (٢٦٦) وذلك يطابق الورقة (١٦ ب ـ ٢٣ آ)
منها. ومن هنا كتبت المباحثة الاولى «وصل للشيخ عدة كتب ...» الرقم (١) إلى آخر
الرقم (٣١) وذلك يطابق الورقة (٢٣ آ ـ ٢٥ ب). وهنا انتقل إلى الرقم (٢٦٧) إلى اخر
الرقم (٣٠٩) وذلك يطابق الورقة (٢٦ آ ـ ٢٧ ب). ثم كتبت المباحثة الثانية ، الرقم (٣٢)
«وصل كتاب الشيخ الفاضل ...» إلى آخر المباحثة ، الرقم (٤٦). ويطابق الورقة (٢٧ ب
ـ ٢٩ آ). ثم يوجد الرقم (٣١٠) إلى آخر الرقم (٣٩٦) ويطابق الورقة (٢٩ آ ـ ٣٣ ب)
منها. ثم تشرع المباحثة الثالثة ، الرقم (٤٧) «وصل خطاب الشيخ الفاضل ...» إلى آخر
المباحثة ، الرقم (١٢٦) ويطابق الورقة (٣٣ ب ـ ٣٩ ب) ثم تشرع المباحثة السادسة ولا
يوجد فيها ما في صدر الرسالة وتشرع بالسؤال الرقم (٤٠٠) إلى آخر الرقم (٧٨٧)
ويطابق الورقة (٣٩ ب ـ ٦٧ آ) وبقية المباحثة السادسة غير موجودة فيها. وجاء في آخر
الرسالة :
«هذا آخر الموجود
من هذا الكتاب تم كتاب المباحثات المعروف
ببهمنيار للرئيس
أبي علي بن سينا بحمد الله وتأييده. كتبناها من نسختين وكانتا سقيمتين كما وجدنا
فيهما» اشير إليها برمز (ع).
٥ ـ النسخة
الموجودة ضمن مجموعة (٢٨٦) بمكتبة المرحوم آية الله العظمى المرعشي (قده) العامة
تاريخ تحريرها (١٠٧٢) هجرية. (فهرس المكتبة ج ١ ص ٣١٢ ـ ٣٣٣) وهي مجموعة ثمينة
تحتوى على أكثر من ستين رسالة مختلفة حكمية وتقع المباحثات فيها في الورقة ١٧٤ ـ إلى
٢٠٧ وهذه الرسالة ـ بل المجموعة ـ مستنسخة عن نسخة (ع) لما فيها من القرائن
الواضحة. ومنها ما جاء في آخر الرسالة وهو نفس ما كتبه الكاتب في آخر نسخة (ع) : «هذا
آخر الموجود ... كما وجدنا فيهما». وأشير إليها برمز (ش). وقد أشرت برمز (عش) إلى
نسختي (ع) و (ش) معا.
ولكونها مستنسخة
تماما عن نسخة (ع) لم أهتم بها كثيرا رغم أني طابقت نسختي بتمامها عليها.
(٦) النسخة
الموجودة ضمن مجموعة (٢٤٤١) المكتبة المركزية لجامعة طهران. وهي مجموعة تحتوي على (٢١)
رسالة حكمية (فهرس المكتبة ج ٩ ص ١١١٥ ـ ١١٢١) تاريخ تحريرها سنة ١٠٥٢. وتقع رسالة
المباحثات في الورقة الأولى إلى ٣٦ منها.
والنسخة مطابقة في
السياق تماما مع نسخة (ع) وهي كثيرة الأغلاط والسقطات. ولذلك لم أهتم بها كثيرا
لكونها من فروع نسخة ع. أشير إليها برمز (ه) وإلى هذه النسخ الثلاث معا برمز (عشه).
(٧) نسخة ليدن رقم
(٨٦٤) وكانت الموجودة عندي مصورة عن المصورة الموجودة في المكتبة المركزية لجامعة
طهران (رقم ١٦٧٥ فهرس المصورات ١ / ٦٢٥)
تحتوي على رسالة
المباحثات وملتقطات من كتابي البر والاثم والمبدأ والمعاد للشيخ الرئيس.
والنسخة عتيقة ليس
فيها تاريخ التحرير. ويوجد في صفحتها الأولى : «مشتراة بمبلغ ... درهما في مستهل
شعبان سنة سبع وعشرة وسبعمائة» فهي مكتوبة قبل هذا التاريخ.
وهذه النسخة على
قسمين : فالقسم الأول منها من الورقة ١ ـ إلى ٧٦ يطابق نسخة (ع) تماما. غير أنه
يزيد عليها باشتماله على صدر المباحثة الرابعة (الرقم ١٢٧ ـ ١٤١) الذي لم نرها في
النسخ الثلاث الماضية وقد جاء هنا في الورقة (٦٤ ـ إلى ـ ٦٦) ووقع بين الرقمين (٧٠٩
ـ ٧١٠) من الكتاب. وكتب في آخر هذا القسم (الورقة ٧٦ آ) :
«إلى هاهنا وجدت
المباحثات في عدة نسخ والحمد لله وحده وصلواته على محمد وآله. ثم وجدت بعد هذه
المسائل والجواب له ، فألحقتها بها. مسائل اخر :».
والقسم الثاني من
النسخة (من الورقة ٧٦ ـ آ ـ إلى ـ ١٢٥ ب) يشتمل أولا على الزيادات التي في نسخة (ب)
على (ع) وذلك من الرقم ٧٨٨ ـ إلى ٩٠١ غير الأرقام ٧٩٧ ـ ٧٩٨ و ٨٨٩ و ٨٩١ ويقع ذلك
من النسخة في الأوراق (٧٧ ـ ٧٨ ـ ٧٩ ـ ٩٠ ـ ٩١ إلى ١٠٦ ـ ١٠٨ ـ ١٠٩). ثم مكررات
لبعض الأرقام التي كانت في القسم الأول ـ ولا يهمنا ذكرها ـ ثم قسم كبير من
الإضافات التي جاءت في طبعة البدوي ـ التي سنشير إليها.
ورعاية لتمايز
القسمين رمزت للقسم الأولى من هذه النسخة (ل) وللقسم الثاني منها (لر).
* * *
ج
:النسخة التي اعتمد
عليها الدكتور عبد الرحمن البدوي في الكتاب الذي نشره باسم «أرسطو عند العرب» . وهي :
(٨)
ـ النسخة الموجودة بدار الكتب المصرية (رقم ٦ م حكمة
وفلسفة). وهي مجموعة ثمينة جاء وصفها في مقدمة النشرة المذكورة (٤٥ ـ ٥٥) وكان
اعتمادي عليها أيضا بواسطة هذا الطبع. والموجود عندي منها : الطبعة الثانية سنة
١٩٧٨ م (الكويت ـ وكالة المطبوعات). وهذه النسخة تحرير آخر للمباحثات لا يتمشّى مع
النوعين السابقين كما وكيفا. وكأنّ الكاتب رأى المطالب متفرقة فيها فأراد التبويب
، فغيّر الترتيب الأصلي. إلا أنه لم يكن عارفا بالفن فأخلّ بها. فتراه يلخّص صورة
السؤال أحيانا ، أو يضعه في موضع وجوابه في موضع آخر ، أو يفصّل الجواب الواحد
ويأتي بكل قسم منها متفرقة في مواضع شتّى فيضطرب الكلام. كما أنه أدخل فيها قسما
من بعض أجوبة الشيخ ـ من غير المباحثات ـ فأدرج ـ مثلا ـ فيها رسالة الشيخ إلى
الكيا ، وبعض أجوبة الشيخ عن أسئلة
__________________
أبي سعيد ، وغير
ذلك .
وبالجملة ـ هذه
النسخة تنقص فقرات من نسخة (ب) كما تزيد عليها بفقرات اخرى وتتكرر فقرات متعددة
فيها مرتين أو أكثر. وسنأتي بما زاد فيها على (ب) في القسم الملحق بآخر الكتاب
واشير الآن إلى الأرقام غير الموجودة فيها وهي موجودة في (ب) :
٤٧ ـ ٦٠
|
٢٤٦ قسم منها.
|
٦٥ من قوله :
ومع هذا كله ...
|
٢٤٨ ـ ٢٥١
|
٦٦ ـ ٦٧
|
٢٥٨ ـ ٢٦٦
|
٦٩
|
٢٧٢ ـ ٢٧٧
|
٧٣ ـ ٩١
|
٢٨٦ ـ ٢٨٨
|
٩٣
|
٢٩٤ ـ ٢٩٥
|
٩٥ ـ ٩٩
|
٣٠٤ ـ ٣١٢
|
١٠٣ ـ ١٠٦
|
٣١٦ ـ ٣١٧
|
١١٣ ـ ١١٦
|
٣٢٢ ـ ٣٢٥
|
١٢٧ ـ ١٤١
|
٣٤٣ ـ ٣٤٤
|
١٥٦ ـ ١٩٥
|
٣٤٨ ـ ٣٥٢
|
٢٠٨ ـ ٢٠٩
|
٣٥٣ قسم منها
|
٢١٦
|
٣٥٤ ـ ٣٦٠
|
٢٢٤ ـ ٢٢٥
|
٣٦٢ إلى آخر
المباحثة
|
٢٢٩ ـ ٢٣٢
|
٣٩٧ ـ ٣٩٨
|
٢٣٩ ـ ٢٤٥
|
٤٠٣ قسم منها
|
__________________
٤١٢ ـ ٤١٩
|
٦٦٧ ـ ٦٧٦
|
٤٢٠ ـ ٤٢١
|
٦٧٨
|
٤٢٤
|
٦٨٠
|
٤٢٩
|
٦٨٥ ـ ٦٩٢
|
٤٤٣
|
٦٩٦ ـ ٧٠٦
|
٤٤٧ ـ ٤٥٣
|
٧١٠ ـ ٧١٦
|
٤٦٢ ـ ٤٦٣
|
٧١٧
|
٤٨٥ ـ ٤٨٦
|
٧٢٢
|
٤٨٩ ـ ٤٩٢
|
٧٢٤ سوالها
|
٥٠٦ ـ ٥١٨
|
٧٣٧ ـ ٧٣٨
|
٥٢٠ ـ ٥٢١
|
٧٤٣ ـ ٧٤٤
|
٥٢٧ ـ ٥٢٨
|
٧٤٧ ـ ٧٤٨
|
٥٣٧ ـ ٥٤٠
|
٧٥٤ ـ ٧٦٤
|
٥٤٤
|
٧٦٧ سوالها
|
٥٤٧ ـ ٥٤٩
|
٧٦٩ ـ ٧٧٠
|
٥٥١ ـ ٥٥٤
|
٧٧٤ ـ ٧٧٥
|
٥٦٦ ـ ٥٦٧
|
٧٨٨ ـ ٧٨١
|
٥٧٩ ـ ٥٨٥
|
٧٨٣ ـ ٧٨٦
|
٥٩٦
|
٧٨٨ ـ ٧٩٥
|
٦١٥
|
٧٩٧ ـ ٨١٧
|
٤٦٤ ـ ٦٤٩
|
٨١٩ ـ ٨٣١
|
٦٥٢ ـ ٦٥٣
|
٨٨٦
|
٦٦٠ ـ ٦٦٥
|
|
وقد كنت رتبت
جدولا يشير إلى المواضع الواردة فيها وأرقامها من نسختنا هناك إلا أني لم أر فائدة
في ذكرها وإطالة الكلام بها.
وقد أشرت إلى هذه
الطبعة برمز (ى).
وجدير بالذكر أن
نسخة لر ـ كما أشرت ـ تشتمل على معظم الزيادات التي في هذه النسخة إلا بعض الأرقام
منها وهي : (١٠٩٥ ـ ١١١١ ـ إلى ١١٥٢).
كما أنها تزيد
عليها قسما سأذكره في قسم الملحق أيضا إنشاء الله تعالى.
* * *
د
: وتوجد عدة نسخ
اشتملت على منتخبات من الرسالة. والموجود عندي منها :
٩) المجموعة
الموجودة في المكتبة المركزية لجامعة طهران (رقم ١٠٣٧ ـ الفهرس : المجلد الثالث ،
القسم الأولى ص ٣٤٠) وهي مجموعة تحتوي على رسائل حكمية تقع رسالة المباحثات فيها
في الورق ١٦٢ ـ إلى ـ ٢٠٥. أولها :
«بسم الله الرحمن
الرحيم. هذه نبذة من الرسالة المسماة بالمباحثات للشيخ الرئيس أبي علي بن سينا في
جواب مسائل سألها عنه تلميذه الحكيم بهمنيار بن مرزبان. قال الحكيم : بسم الله
الرحمن الرحيم. الخادم بهمنيار بن مرزبان خادم مولانا الرئيس السيد السند الأوحد
الأجل الأشرف ، شرف الملك ، فخر الكفاة ، اطال الله بقاه ...».
فكما ترى تشرع
بالمباحثة السادسة وتأتي بمعظمها ثم تأتي شيئا من المباحثة الخامسة والرابعة وليس
فيها شيئا من المباحثات الثلاث الاولى. وبآخرها :
«تمت المباحثات
وهي أجوبة مسائل سئل الشيخ عن بعضها تلميذه بهمنيار وعن بعضها الشيخ الكرماني وعن
بعضها غير هما».
والكاتب بالإضافة
إلى إسقاط كثير من الأسئلة والأجوبة برمّتها يلخّص أحيانا بعض الأسئلة الواردة
فيها أيضا أو يسقط شيئا منها. وقد رمزت للاشارة إليها بـ (ج).
١٠ ـ النسخة
الموجودة ضمن مجموعة (١١٨٧) في مكتبة آخوند بهمدان وهي مجموعة ثمينة تحتوي على (٨٥)
رسالة حكمية (فهرس المكتبة ص ٢٩٦ ـ ٣٢٠) وتشتمل على قسم من المباحثة السادسة من
الصفحة ٢٦٥ ـ إلى ٢٧٦ منها. وأشرت إليها برمز (ن).
١١ ـ المجموعة
الموجودة في أيا صوفيا (٢٣٨٩) والتي عندي مصورة عن المصورة الموجودة في المكتبة
المركزية لجامعة طهران ، (٣٨٠ ، فهرس المصورات ج ١ ص ٤٦٣) والمجموعة تحتوي على سبع
رسائل تقع المباحثات في الورقة (٨٠ ـ إلى ٩٠ و ١٩٢ ـ ١٩٣) منها. تشتمل على قسم من
المباحثة الرابعة والخامسة. أشرت إليها برمز (ر).
* * *
ويوجد للكتاب نسخ
اخرى رأيتها ولم أتمكّن من مقابلتها بنسختي ، منها :
١ ـ نسخة مدرسة
نواب بمشهد مكتوبة في القرن العاشر ويظهر أنها من النوع الثاني (فهرس المكتبة ص
٥١٢).
٢ ـ نسخة مدرسة
مروي بطهران وهي ضمن مجموعة رقم (١٩) الورقة ٣٧٨ ـ إلى ٣٩٤. وهي أيضا من النوع
الثاني (راجع فهرس مصنفات ابن سينا ص ٢١١ وفيه ذكر عن النسخ الاخر أيضا).
منهج التحقيق
كما ذكرت كان
الموجود عندي مصورات عن إحدى عشر نسخة ؛ ثلاث منها كانت مشتملة على قسم من الكتاب
فقط ، ومن الثمان الباقية فأربعة منها ـ وهي : م ، د ، ش ، ه ـ كانت مستنسخة عن
نسختي ب ، أو ع ؛ ونسخة ى أيضا كانت مغيّرة عن الصورة الأصلية.
فلذلك جعلت النسخ
الثلاثة (ب ، ع ، ل) اصولا معتمدة ، أما الباقية فلم ألتزم بذكر جميع اختلافاتها
بعد ما تبيّن أنها فروع للنسختين الموجودتين.
ولما كانت نسخة (ب)
ـ كما ذكرت ـ أكمل النسخ وأقدمها وأصحها جعلتها متنا وذكرت اختلاف النسختين
الاخريين (ع ، ل) بكاملها في الهامش ولم أعدل عن ذلك إلا في موارد قليلة كان السهو
في (ب) ظاهرا جدا. فذكرت الصحيح عن نسخة اخرى ونبّهت على ما في (ب) في الهامش.
وكانت النسخ الثمان الاخرى مورد المراجعة مؤيدة أو معاونة في القراءة ؛ وقد ذكرت
جلّ اختلافاتها ـ لا كلّها.
وأما الإضافات
التي كانت في نسختي (ى) و (لر) فأتيت بها في القسم الملحق لئلا يشذ من هذه الطبعة
شيء. فما كان من الزيادات مشتركا في النسختين جعلت (ى) في المتن واختلافات (لر) في
الهامش. وما كان في إحدى النسختين فقط أتيت به منها.
ولمّا كانت كثير
من الأسئلة تدور حول المطالب الواردة في كتاب الشفاء عموما رأيت من تمام النفع ذكر
الموارد المتعلق بها البحث أو مظانها في الشفاء أو الإشارات حسب التمكّن والميسور.
وما جاء من علامة
السؤال (س ـ أو ـ س ط) والجواب (ج ـ أو ـ ج ط)
فذلك مطابق لما في
نسخة «ب» حفظا للفائدة التي كتبت على ظهر النسخة : أنها علامة كون السؤال أو
الجواب بخط السائل أو المجيب (راجع ما نقلناه من النص عند توصيف النسخة) ولم أتعرض
لما في النسخ الاخرى ، لكونها على الأظهر من اجتهادات الناسخين.
اعتذار وشكر
اذ لم تكن النسخ
متوافقة في الترتيب فوضعت في بداية العمل أرقاما لفقرات الكتاب في نسخة «ب» ورتبت
عليها فهرسا أبجديا للمطالب يمكننى من العثور على الفقرات المختلفة في النسخ ـ ولا
سيما في نسخة «ى» ـ ثم في الاختتام رأيت من الصعب ترتيب فهرس آخر أو تغيير الأرقام
في هذا الفهرس ، فأبقيتها بحالها على ما كان فيها من عدم توحد سياق الترقيم في
أوائل الكتاب وأواخرها ، رجاء قبول العذر من سماحة القراء الكرام.
ورعاية لتمايز
القسم الملحق وضعت أرقام فقراته ابتداء من (١٠٠١) فصاعدا ، حيث كانت أرقام الأصل
تختتم بالرقم (٩٠١).
* * *
ثم الآن بقي علي
أن أغتنم الفرصة للشكر من ساداتي الاعزاء الذين ساعدونى في الارشاد إلى النسخ
المختلفة من الكتاب أو تحصيلها.
١ ـ الدكتور السيد
الحسين الطباطبائي المدرسى وقد ارشدنى الى وجود مكروفيلم نسخة بودليان في مكتبة
جامعة تهران.
٢ ـ سماحة السيد
محمد على الحائرى حيث اطلعني على وجود المكروفيلم من نسخة برينستون في مكتبة آية
الله العظمى المرعشى العامة قدسسره
٣ ـ سماحة الدكتور
السيد محمود المرعشى مدير المكتبة حيث أعطاني
صورة من
المكروفيلم الموجود في المكتبة ومكننى من مراجعة نسخة ش ومطابقتها في المكتبة.
٤ ـ سماحة السيد
عبد الكريم الحائري مدير مكتبة المجلس الشورى الاسلامى حيث أعطانى صورة فتوغرافية
من نسخة م الموجود بالمكتبة.
٥ ـ مديرية
المكتبة المركزية لجامعة طهران ، حيث أصدر لى إجازة إعطاء صور النسخ الستة
الموجودة بالجامعة.
٦ ـ السيد المجيد
الستري حيث منّ على بمراجعة ما كتبته من التقديم.



الرموز المستعملة
:
رموز النسخ
ب : نسخة (٤٥٧)
لمكتبة بودليان.
ج : نسخة (١٠٣٧)
لمكتبة المكتبة المركزية لجامعة طهران.
د : نسخة (١١٤٩)
لمكتبة المكتبة المركزية لجامعة طهران.
ه : نسخة (٢٤٤١)
لمكتبة المكتبة المركزية لجامعة طهران.
ى : نسخة طبعة عبد
الرحمن بدوى.
ل : نسخة ليدن (٨٦٤)
القسم الأول.
لر : نسخة ليدن (٨٦٤)
القسم الثاني.
م : نسخة (٦٣٤)
لمكتبة المجلس الشورى الاسلامى بطهران.
ن : نسخة (١١٨٧)
لمكتبة مدرسة آخوند بهمدان.
ع : نسخة مكتبة
برينستون.
ر : نسخة (٢٣٨٩)
لمكتبة أياصوفيا ـ باستانبول.
ش : نسخة (٢٨٦)
لمكتبة آية الله العظمى المرعشى (قده).
عشه : نسخ ع ، ش ،
ه معا.
خ : نسخة
الرموز في
التعليقات :
م : المقالة
ف : الفصل
ص : الصفحة
ج : المجلد
الإشارات (الشرح) : شرح الاشارات لنصير الدين الطوسى (قده).
أرقام التعليقات
تشير إلى أرقام الفقرات المربوطة اليها.

بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ يسّر
(١) وصل للشيخ عدّة كتب تشترك في الايناس بخبر سلامته ، وذلك ممّا يعظم
الاستبشار به ، ويتّصل شكر الله عليه ، وفي مسائل علمية طلب عنها
الأجوبة ، ووقفت عليها وحمدت الله تعالى على جميع ما يتولاّه من تسليم في نفسه ، وتحريص على العلم ودرسه ، حمدا كما يستحقّه و كما ينهض به الوسع.
(٢) أمّا
الإشارات فإنّ النسخة منها لا تخرج إلا مشافهة وبعد شروط لا يعقد إلا مكافحة ، وليس يمكن أن يستفتح بها ويطلع معه غريب عليها ، فإنه لا يمكن أن يطلع عليها إلا هو والشيخ أبو
منصور بن زيلة ،
__________________
__________________
وأما الرعاع ومن ليس من أهل الحقيقة والحرمة فلا سبيل إلى عرض
تلك الأقاويل عليهم ، والسفنجة مما يعرّضها لذلك العرض ، والاحتياط في التأخّر إلى أن ينتج جامع التقدير .
* * *
(٣)
[وأما حلّ مسئلة انقسام المعقولات هو] أن يعلم أن الأجسام لا يحلّها الصور والأعراض
من حيث هي واحدة و بسيطة ـ لا المعقولات ولا غير المعقولات ـ ثمّ المعقولات
قد تعقل من حيث هي بسيطة وواحدة ، وما يحلّ الأجسام من الصور والأعراض لا يحلّها من حيث هي
[بسيطة. وإنما تشكك لأنه] حسب أنه يسلم له أن صورا غير منقسمة تحلالأجسام من حيث هي غير منقسمة،وهذا لايكون ولا يمكن.
(٤) وأيضا فإن الصور والأعراض إذا قيل لها «إنها بسيطة» فليس يعنى
__________________
__________________
بها أنها في
وجودها لا تنقسم ـ بل شيء آخر ـ وظنّه أيضا أن هنا صورا بسيطة ـ بمعنى أنها لا تنقسم ، ثم يعرض لها
الانقسام ـ ظنّ غير محصّل.
(٥) وظنه أن هذا الخلف يلزم في الصور
والأعراض ـ فإنها تنقسم بالعرض ولا تنقسم بذاتها ـ غير
واقع ، لأن المنع إنما هو لنفس الانقسام ـ ولو بالعرض ـ
(٦) فإنه يقول : المعقول يحصل في موضوعه من حيث هو واحد ، ومن حيث لا ينقسم لواحديته ، ولا شيء من الأشياء التي تعرض للأجسام أو يحصل لها كيف كان ، يحصل لها من
حيث لا يقبل القسمة. بل لو كان مثلا شيء لا يقبل القسمة في نفسه ، فعرض لجسم ، صار
ينقسم بسببه. فالشيء من حيث هو في جسم لا يكون إلا بحيث ينقسم ، والمعقول من حيث هو واحد
معقول [٣ آ] من حيث هو لا ينقسم ، فالشيء لا يكون في الجسم من حيث هو معقول.
(٧) ويجب أن يعلم أن جزء صورة الجسم [وعرضه شرط في ذلك ] الصورة والعرض ، وأن الصورة والعرض الجسميّين ، الواحد منهما كثير غير متناه بالقوة ؛ وهذه الأحوال غير ملائمة
للمعقولات.
(٨) والذي
كان ذكره «إن الأمر في المعقولات إن كان [خلفا ففي الصور والأعراض هو] أيضا خلف» فليس كذلك ؛ [فإنها كلها تنقسم و]
__________________
أجزاؤها يقوّم شخصيّاتها ، وليس شيء منها ببسيط وحداني ؛ إنما هو بسيط
بوجه آخر.
(٩) وأما
مسئلته التي
في باب الوجود [فيكشف عن تشككه ] أن يعلم أن الوجود في ذوات الوجود غير مختلف بالنوع ، بل إن كان اختلاف فبالتأكّد والضعف ، وإنما تختلف ماهيات الأشياء التي تنال الوجود بالنوع ، وما يلبسها من الوجود غير
مختلف النوع ، فإن الإنسان يخالف الفرس بالنوع لأجل ماهيّته لا وجوده.
* * *
(١٠) وأمّا
مسئلة انحفاظ الأشياء المختلفة : فيجب أن تعلم أن المقسور من الأستقصات والممتزجات إنما
ينحفظ لعصيان المسلك على الانشقاق ، ومقدار ما ينحفظ ما ليس كذلك مسلكه هو مقدار زمان الفصل بين
الحركتين المتضادّتين وزمان قطع المسافة ، والدهن المضروب بالماء
إنما ينحفظ هذا القدر ، والنيران والأهوية المحبوسة في الأرض قسرا إنما تتحفّظ للسبب الأول ، فإذا كانت قويّة زلزلت وخسفت .
(١١) واعلم إن الهواء ليس حبسه في مغارات الأرض كحبس النار ، فإنه ربما كان ذلك بسبب آخر ولأن المكان طبيعيّ له .
__________________
__________________
(١٢) ثم الحيوانات والنبات ليس
امتزاج أخلاطها [على سبيل اتفاق] أو أسباب خارجة ،
بل السبب في ذلك جوهريّ طبيعيّ يكون في المنيّ ، ثم يمزج
الأخلاط في المني مزاجا مّا ، ثم يحفظ ذلك المزاج بالبدل ، وليس في جوهر المني
واللحم من الأجزاء الناريّة والهوائيّة ما يضعف لقلّته عن التفصّي عما يخالطه ، ولا هناك من الصلابة وعسر الانشقاق ما يمنع تحلّل الجوهر الخفيف عنه
قسرا و حصرا ؛ بل في المنيّ روح كثيرة جدّا هوائية ناريّة ، إنما يحبسها في المني مع [٣ ب] ساير ما معها شيء غير جوهر جسميّة المني.
(١٣) والدليل على ذلك أنه إذا فارق الرحم وتعرّض للبرد الذي هو أولى بأن يحصر ويمنع ، تحلّل بسرعة ورقّ ؛ وكذلك إن تعرّض للحرّ. وإذا
كان في الرحم وعرض له آفة أيضا صار كذلك ، فلا يجب أن يظن أنّ احتباس الاسطقسات
الخفيفة في مزاج الحيوانات لعجز منها عن التحلّل بسبب قلّتها أو صعوبة شقّ المنفذ ـ وبالجملة ـ لأمر قاسر منها هو أحد
اسطقساتها ، بل لقوّة تجمع المختلفات وتمنعها عن التحلّل وتأتيها بالبدل. ومع ذلك
فإن تغيير المزاج إلى البرد الحاصر والحرّ المحلّل في أن يؤدّى إلى هذا التفرّق واحد.
(١٤) وأما حديث المزاج وأنه يدرك في حال ما يستحيل يجب
__________________
__________________
أن يتأمّل ما الذي
يدرك ـ أمزاج أو شيء غير المزاج؟ ـ فإن كان المدرك غير المزاج ـ
حتى يكون إنما يدرك المزاج شيء غير المزاج ـ فهو المطلوب ؛ وإن كان المدرك هو نفس المزاج : فإما المزاج الذي بطل
، [وامّا المزاج الذي حدث ؛ ومحال أن يكون] ما بطل مدركا ؛
والمزاج الذي حدث هو المزاج الذي وقع إليه الاستحالة ـ استحالة زمانيّة وإدراكه
آنيّ ـ فإذا إنما يدرك لا من حيث ما يستحيل بل من حيث وقعت
إليه الاستحالة في زمان مضى ، ومن حيث حصل هو في آن أو في زمان حصولا غير مستحيل ؛
فليس إنما يدرك من حيث يستحيل.
(١٥) والعجب قوله : «لم قال : إن المزاج المستحيل هو مزاج ذلك العضو؟»
فلعلّه يظنّ أن المزاج إذا استحال ففي العضو مزاجه الأصلي والمزاج الطاري معا!
هذا لا يمكن ، بل
في حال الاستحالة يكون المزاج ما وقع إليه الاستحالة ، فإن أفرط أهلك.
(١٦) فقوله
: «لست أفهم كيف يكون المزاج المستحيل مزاج ذلك العضو» عجيب ؛ كأنه قد شكّ في أن ذلك المزاج لذلك العضو ، وحسب أن المزاج الطبيعي يوجد مع
المستحيل حتى يكون أحدهما مزاج العضو والآخر مزاج غيره ؛ بل يجب أن يعلم إن المزاج دائما واحد إما طبيعي وإما مستحيل ؛ [وإنه إن كان المزاج] هو الذي يدرك فهو المزاج المستحيل ويدرك نفسه ، فيكون في حال المزاج الطبيعي
لا مدرك البتّة ، لأنه لا يدرك ذاته ولا يبقى عند المزاج الغريب
حتى يدركه ؛ إنما المدرك [٤ آ] والمدرك هو المستحيل فقط. ثم يلزم بعد ذلك ما يلزم
مما شرح.
__________________
(١٧) و [أما حديث الآلة] وأنها لعلها تعقل من حيث الإنيّة دون الماهيّة ، فإن فيه موضعين
قد اغفلا :
(١٨) أحدهما أن الكلام في الإنيّة كالكلام في الماهية ، والذي
يلزمهما شيء واحد. والثاني أن من المحال أن
يقال : «لعلنا إنما نعقل الإنيّة دون الماهية» وذلك لأن ما نعقله ونتبيّنه من أنفسنا لا يدخل فيه «لعلّ» ، بل يكون حكمنا فيه حكما
فيصلا.
(١٩) ثم إنّا لسنا نشك أنّا لسنا نعقل من الآلة ـ لا إنيّة ولا ماهيّة ـ ولو كنّا نعقل شيئا من ذلك لعقلناه جزما ، وما كنا نقول ما قاله
هو في سؤاله «لعلنا هو ذي نعقل الإنيّة».
لكنّا نفرض أنا نعقل الإنية ؛ فليس عقلنا لها دائما كما ليس للماهيّة
، فليس يعنى وجود صورة إنيّة الآلة للآلة في أن نعقلها ،
ولا يجوز أن يكون فيها صورة إنيّة لها اخرى حدثت عن الاولى ، فلما حدثت عقلناها.
(٢٠) وأما التشكك في أن الإعياء
ليس يحدث من جهة أن العضو يكلّف بالقسر حركات غير مقتضي مزاجه ـ فهذا تشكك لا أعرف له
جوابا إلا بالتجربة ؛ وليتامّل حال من تعب كيف تشقّ على عضوه
الحركة ، وكيف يزداد تعبه وألمه بتكلّف الحركة حتى يثبت فلا يتحرك أصلا بالإرادة ،
__________________
__________________
والحركة المزاجيّة
له محفوظة.
(٢١) وظنّه أن كل شيء يحتاج إلى برهان ـ ظنّ
باطل. فإن هاهنا مقدمات تجربية مشاهدية يعلمها الناس
باعتبار أحوال أنفسهم.
(٢٢) الإعياء تحدثه الحركة الغريبة بما يوهن [العضل من تمديد تشنيج] غير الذي يقتضيه
مزاجه ، ولو ترك الطائر ومزاجه لنزل ولم يحلّق .
(٢٣) وأما ظن أنه لو كان الأمر على ما قيل ـ في تخصّص أفعال القوى
الجسميّة بنسب ـ حقّا ، لكان لقالب أن يقلّب فيقول : «وغير
الجسم لا نسبة له إلى الجسم ، فلا يكون منه الجسم» حقا. فذلك لأنه لم يقع التأمّل
لما أورد ، وأنا أحرّر العبارة عنه :
(٢٤)
فأقول : الشيء إذا صار قوامه بتوسّط المادة صار ما يصدر من قوامه مخصوصا بتوسّط المادة ، وإنما تتوسّط المادة بما تقتضيه الخاصة المادية من الوضع ، سواء كان في القوام [٤ ب] أو في صدور الفعل. والشيء الذي
ليس بجسم إذا فعل في الجسم فليس لا نسبة له إلى الجسم ؛ بل له نسبة ما إلى الجسم ؛
إلا أنها ليست تختلف ، فلذلك إذا حصلت المستعدات لم تفتقر إلى شيء غير النسبة التي
بين غير الجسم وبين المستعدات فلذلك تتشابه الانفعالات.
(٢٥) وأما
الشيء الذي صار قوامه
معلّقا بالموضوع ، ومصدر
__________________
فعله متعلق بما به قوامه من الموضوع ، فليس
يكفي وجوده ووجود المستعد كيف كان ؛ بل أن يقع على حالة يكون للموضوع بوضعه فيها
توسّط ، وذلك التوسّط غير متشابه ، فإن أوضاع الجسم من الأجسام الاخر غير متشابهة وتوسّط الموضوع بين القوّة التي فيه وبين الأجسام الاخر غير متشابه ليس كوجود الجوهر الروحاني بالقياس إلى كل جسم مستعد ؛ ولذلك
يختلف تأثير الاجسام بحسب القرب والبعد . وتوسّط الموضوع
بين القوّة وبين ما لا وضع له ـ التوسط الخاصّ بالموضوع ـ محال ، فإن توسط الموضوع بين القوة وبين ما لا وضع له أصلا ، لا زيادة
معنى له على وجود القوّة ، وإن ذلك لا يضيف إلى وجود القوة شيئا أصلا إن رفعنا
لوازم الوضع ، فيكون حينئذ القوة ـ وإنما قوامها بتوسط الموضوع ـ [يصدر عنها فعل بلا توسط الموضوع] فليس المحوج إلى أن يكون المنفعل ذا وضع هو النسبة مطلقا ، حتى يمكن أن يقال في جانب الفاعل
الروحاني ما قال ـ بل نسبة ما يفعل بتوسط موضوعه ، وهذه النسبة لا توجد بين القوة
وبين ما لا وضع له ـ وإن وجدت نسب اخرى ـ وإذا لم
توجد ، لم يوجد الفعل والانفعال.
(٢٦) وأما
الروحاني فليس يحتاج الى
تخصيص حال له حتى يفعل به ؛ حتى إن لم يكن ذلك المخصص لم يتم الفعل والانفعال ؛ بل يكفيه وجود ذاته في أن
يكون فاعلا في المستعدات.
وأما هذا فيحتاج
إلى توسط الموضوع ، وذلك لا يتم فيما بينه وبين ما لا وضع له.
__________________
(٢٧) فهذا ما حضرنى مع تحلل قوى العلم عني
ولا يشفي غير الالتقاء والمشافهة .
صورة
تحليل هذه
القياسات.
(٢٨) مصدر فعل القوى الجسمانية قوامها
ووجودها ، وقوامها ووجودها بالموضوع. فمصدر فعلها يكون
بالموضوع ، وحيث الموضوع ، وفي الشيء الذي له النسبة الخاصّة بالموضوع ـ النسبة التي تكون للموضوع [٥ آ] من حيث هو جسم أو جسماني ـ وبالجملة من حيث هو ذو
وضع. فلا بد من توسط الموضوع لا على أن يفعل ، [بل على أن يفعل] به ، والأشياء البريّة عن المادة لا يكون الموضوع موصلا للتأثير إليها ؛ متوسّطا في التأثير ، بل إن صدر فعل ؛ فعن القوّة ـ لا من حيث هي ذات وضع ومن حيث لها موضوع ـ وقد منع هذا.
(٢٩) وأما فعل الأشياء البريّة عن المادة في ذوات الوضع ؛ فإنما هو فعل يصدر عن وجود ذواتها مطلقا في
المستعدات ، ولا يحتاج إلى أن يكون لها حال [حتى يفيض عنها فعلها] حاجة المادية إلى أن تتوسّط موادها.
(٣٠) فإن قال قائل : «الأجسام تحتاج في انفعالاتها إلى توسط من
__________________
__________________
موادها» فهو غلط ـ
لأن المادة هي المنفعلة ، لا المتوسّطة بين المنفعل وبين [غيره ، وهناك] لم تكن هي الفاعلة ، بل المتوسطة ، والشيء الذي فيه قوام الفاعل و الشيء الذي إنما يفعل الفاعل وهو فيه ، فيفعل حيث هو ، وحيث له نسبة وضعية.
(٣١) وأما الشكوك على هذا غير ما تشكك به فهو كثير ، وإنما تعرضنا لما أورده .
__________________
(٣٢) وصل كتاب الشيخ الفاضل ـ أطال الله بقاه ـ دالا على سلامته ، وعلى ما خلص إليه من البهجة ، لخلاصي من تلك الأهوال بالمهجة ، [ووقفت
عليه [وسكن ما تولاه الله به] من تسليم النفس وإدامة
الانس بالفضل والعلم الذين هجرتهما ضرورة ونبذت عنهما ناحية] .
(٣٣) وأمّا تحزّنه على ضياع الإشارات فعندي أن هذا الكتاب يوجد له نسخة محفوظة.
(٣٤) وأمّا
المسائل المشرقية فقد كنت عبّأتها [بل كثيرا منها] في أجزائها بحيث لا يطلع عليها أحد ، وأثبتّ أشياء أيضا من الحكمة
__________________
__________________
العرشيّة في جزازات ، فهذه هي التي ضاعت ، إلا أنها لم تكن كثيرة الحجم ـ وإن كانت
كثيرة المعنى كليّة جدّا ـ وإعادتها أمر سهل.
(٣٥) بلى كتاب
الإنصاف لا يمكن أن يكون إلا مبسوطا ، وفي إعادتها شغل ، ثم من
المعيد؟ ومن المتفرّغ عن الباطل للحق؟ وعن الدنيا للآخرة؟ وعن الفضول للفضل؟ لقد
أنشب القدر فيّ مخاليب الغير ، فما أدري كيف أتخلّص وأتملص ، لقد دفعت في أعمال لست من رجالها ، وقد انسلخت عن العلم فكأنما ألحظه من وراء [سجف ثخين ؛ مع شكري] لله تعالى ، فإنه على الأحوال المختلفة [٥ ب] والأهوال المتضاعفة والأسفار
المتداخلة والأطوار المتناقضة ، لا يخليني من وميض يحيي قلبي ويثبّت قدمي. إياه أحمد على ما ينفع ويضرّ ، ويسوء ويسرّ.
(٣٦) وأما المسائل التي يسئلها فهي مسائل علميّة جليلة [و
__________________
__________________
الكلام الموجز في
أمثالها تضليل ، وإذا ازدحمت أجحفت بالخاطر المشغول بالبلابل ، فلم يكد تفيض في
نتائج البيان ، لا سيما من كان على جملتي في مثل حالتي] . وقد تأمّلتها فاستجدتها ، وأجبت عن بعضها [بالمقنع ، وعن بعضها بالإشارة
. ولعلّي عجزت عن جواب بعضها] .
(٣٧) و أمّا الشيء
الثابت في الحيوانات فلعلّه أقرب إلى درك البيان. ولي في الأصول المشرقيّة خوض عظيم في التشكك ثم
في الكشف ؛ وأما في النبات فالبيان أصعب ، وإذا لم يكن ثابت كان غير ، وليس بالنوع فيكون بالعدد.
(٣٨) ثم كيف يكون بالعدد إذ كان استمرار في مقابل الثبات غير متناهي
القسمة بالقوة ، وليس قطع أولى من قطع ، فكيف يكون عدد غير متناهي متحددا في زمان محصور؟ لعل العنصر هو الثابت ، ثم كيف يكون ثابتا وليس الكمّ يتحدّد على عنصر واحد ، بل يرد عنصر على عنصر بالبعدية ؛ فلعلّ الصورة الواحدة يكون لها أن تلبسها مادة فأكثر منها.
(٣٩) [وكيف يصح هذا
والصورة] الواحدة [معينة لمادة واحدة] ؟ فلعلّ الصورة الواحدة محفوظة في مادة واحدة أولى تثبت إلى
__________________
آخر مدة بقاء الشخص.
(٤٠) وكيف يكون هذا ، و أجزاء النامي تتزايد على [السواء فيصير كل واحد من المتشابهة الأجزاء (م
مخروق)] أكثر مما كان ، والقوة سارية في الجميع ـ ليس
قوة البعض أولى من أن تكون الصورة الأصلية دون قوّة
البعض ؟ فلعل قوّة السابق وجودا هو الأصل [والمحفوظ ، لكن نسبتها ـ ٤٦] إلى السابق كنسبة الاخرى إلى اللاحق. [أو لعل الصورة النباتية ليس قوامها بالمادة ، فلعل النبات الواحد بالظن ليس واحدا في الحقيقة ، بل
كل جزء ورد دفعة هو آخر بالشخص متصل بالأول. أو لعل الأول هو أصل يفيض عنه الثاني شبيها له ، فإذا بطل الأصل بطل ذلك من غير انعكاس. أو لعل هذا يصحّ في الحيوان ـ أو أكثر الحيوان ـ ولا يصحّ في النبات ، لأنها تنقسم إلى أجزاء
كل واحد منها قد يستقل في نفسه ، أو لعل الحيوان والنبات أصلا غير مخالط ـ لكن هذا مخالف للرأي الذي يظهر منّا ،
أو لعل المتشابه بحسب الحسّ [٦ آ] غير متشابه في الحقيقة ؛ والجوهر الأول
ينقسم في الحيوانات من بعد انقساما لا يعدم مع ذلك اتصالا ما ، وفيه المبدأ الأصلي ، أو لعل النبات لا واحد فيها بالشخص مطلقا إلا زمان
الوقوف الذي لا بدّ منه.
__________________
(٤١) فهذه أشراك [وحبائل إذا حام حولها العقل] وفزع إليها ونظر في أعطافها رجوت [أن يجد من عند الله مخلصا إلى] جانب الحقّ.
(٤٢) وأما ما عليه الجمهور من أهل النظر فقول مبهم ، وليجتهد جماعتنا في أن
يتعاون على درك الحق في هذا ـ ولا ييأس من روح الله ـ.
(٤٣) أما إنه «لا بدّ من ثابت بحسب التغير» فأمر يعرفه من يشتهى أن يفكر قليلا.
(٤٤) وأما الشبه فما ذكرنا ، [وأنا أفرح
ممّن خاض في هذه الشبه فإنه يلوح الحق منها] ، كما أقدر عن
كثب ؛ [وو الله إني لأفرح ممن خاض] من هذا النمط من البحث الذي جدّده بعد نمط كتب أستكرهه ؛ فإن هذا النمط من البحث مناسب للعلم الأعلى ، وهو بحث برهاني ؛ والذي كان يطالب به ـ وأنا بالري ـ قد كان كثير منه غير مناسب.
(٤٥) وليزدد من أمثال هذه المباحثات ما شاء فإن فيها الفرح والفائدة ،
فما أمكنني كشفه فعلت ـ إما عفوا وإما وراء حجاب يكون فيه ضرب من
__________________
التحريك والتدريب
نافع ؛ وما لم يمكنني استعفيت واعترفت ، فإن معلوم البشر متناه . وأنا فيما اجتهدت قد علمت أشياء قد حقّقتها لا مزيد عليها إلا أنها قليلة ، والّذي أجهله ولا أهتدي سبيله كثير كثير
جدا ؛ ولكنني قد يئست عن أن يتجدد لي علم بما أجهله ، [أم
يظفرني البحث الذي قد توليته] ، وأنا مسلم إلى طلب الحق لا يعارض يده فيه يد.
(٤٦) وأما الآن فأنا في عيشة غير
راضية وفي أشغال غاشية وإذا ثبت لي فكر ما اقتنصته بالسعي الأول
اقتنعت به ، لكنني مع هذا كله لله حامد ، فقد وهب لي نفسا لا يزال بالاصول التي [لا بدّ لطالب
النجاة منها ـ عارفا] ، ومجالا فيما بعد ذلك غير ضيّق ؛ [وراي للشيخ الفاضل ـ أطال الله بقاه في معرفة والوقوف عليه موفّق إن شاء الله تعالى] .
__________________
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ يسّر
(٤٧) وصل خطاب الشيخ الفاضل معرفا من خبر سلامته ما وقع إليه السكون التامّ [٦ ب] والاعتداد
البالغ ، ووقفت على مضمونه أجمع ؛ والذي شكرني عليه من الوعد قدمته في رسم ذلك
الصديق ، فقد أتى في ذلك بما يشبه فضله ، والأولى بي أن
اوسع عذلا وتفنيدا على ما فرطّت فيه إلى هذه الغاية ، على أنّه لم يتأت تتجزّ ذلك الصكّ من الديوان إلى هذا الوقت لما يعرف من تعويقات ربما تقع في أمثال ذلك.
(٤٨) والآن فقد تيسّر ذلك ، وهو ذي يصل على يد فلان.
(٤٩) والذي حكاه من امتعاض الشيخ أبي القاسم
الكرماني ـ حين
__________________
__________________
بلغه ما بلغه ـ فليس
من حقّ مثله أن يشفق من ذلك ؛ فلم يزل يجري بيننا من هذا
الجنس أسباب لا تؤدّي إلى خلل فيما اجتمعنا عليه من الودّ ، وإن كان ربما تأدّى
ذلك إلى ضجر في المحاورة ، وليس سببه التألّم لما عسى يقدم عليه من الأخذ علي ، ـ كلاّ ـ بل
لما هو معروف من لجاجه الفاحش الخارج إذا ورد عليه ما لم يسمعه.
(٥٠) وبالجملة ـ فذلك الشيخ أولى بالترحّم عليه من الغضب منه ،
وإنما يوهم بما يريه من الاستشعار أنه قد يتأتّى [له أن يأتي في
المناقضات] بما يضيق له صدري ، وقدره أنزل ممّا يرفعه إليه ؛ و ـ بالله
الرحمن الرحيم ـ إنّي أفرح الناس بما أسمعه من شكّ له موقع ، ومطالبة لها رواء ؛ وإنما يغمّني الكلام الهراء الهذاء ، لا
سيّما إذا خاض فيه الأصدقاء والأقرباء ؛ بل لا يسرّني أن يقع إليه مصنّفاتي لأسباب غير هذا السبب.
(٥١) وأمّا مخاصمتي ومطالبتي باللمّ وما يناسبه ، فأنا هدف ذلك وغرضته ؛ والذي لا يخلخله شيء من طوالعه ، على ثقة بما يسّره الله
لي وأنعم به علي ، و إسلاف للنظر البالغ والبحث
المستقصى ، ومطالبة لنفسي ومجادلة معها بما قلّ ما يفطن له الأجانب من الناس ؛ فليس بي ما يولمني من معارضة معارض
و مناقضة مناقض ـ لا سيّما مثله ـ بل السديد من المطالبة
يشرح صدري ويبسط باع فرحي ، والخارجيّ منها يؤذي قلبي ونفسي ؛ بل إنّما يسوء
الإنسان معاملة من يجب أن ينزّل نفسه [٧ آ] منزلة المسترشد ، فينزّلها
__________________
منزلة المناقض
المجادل.
(٥٢) وقد صدّر الشيخ مطالبة بلفظ ، وخلط ما تبع ذلك بألفاظ كان
الأولى به أن يتوقف عن مجاهدتي بمثل ذلك ، وأن يكون ظنّه بي أحسن من ذلك الظن ، فإنّه إن
ظنّ بي التجويز فقد استغشّني ـ وبعيد عنّي أن أغشّ صديقا مثله ـ وإن استعزل رأيي عن الصواب ، ووجده من الحق في جانب ، فلا أقل من أن كان يوجّه إلى نفسه شعبة من الظنّ السيّئ
، ولا يسرح إرساله كلّه إلى بقعتي.
(٥٣) ومن
ذلك قوله : «وجدت بعض ما
اشتمل عليه ذلك الجواب مختلاّ» فإن كان وجده كذلك حقّا يقينا فقد عزلني عن المعوّل عليهم والمرجوع إليهم. وإن كان يظنّ ذلك ظنّا فلم يكن من الجميل به أن يقضى علي بساذج الظنّ.
(٥٤) ثمّ إنّي وجدته قد انحطّ عن درجته فيما كان يطالب به ويسايل عنه ويدقّق فيه ، ولعلّه أعداه بعض طباع من يكثر
محاورته ومخاطبته ، فإن للنفوس جربا كما للأبدان.
(٥٥) ثم إني اريد أن اعيد عليه من جواب الفصول التي أوردها ما
يليق بها ويكون من طرزها ، فإن كل شيء لا يشبه رفيقه فهو محرّف وأجنبي ، وكل من لا
يشبه أباه وأخاه فهو ملحق دعيّ.
__________________
(٥٦) فأمّا الكلام في الحجّة المثبتة للنفس
، المبنيّة على فرض يلزم فيه شعور بالذات ، فقد كان ذلك الشيخ ذاكرني ذلك ـ وهو في أن
يقرء علي كتاب
النفس من الشفاء ، وأنا في أن أمتنع ـ فقلت له : هذا الواحد ليس من الحجج التي يلزمك ، لأنّ
ذلك البيان مبنيّ على مقدمة اعتباريّة ليس التصديق بها ممّا يتيسّر إلا لأهل الفطانة ولطف الإصابة ، وإذا كان مع عدمهما يلحظ المقدمة بعين السخط ، كان الشك أسرع إليه من الماء إلى الحدور .
(٥٧) وهنا قياسات مبنيّة على مقدّمات إنّما يقع التصديق بها لبعض دون
بعض ؛ مثل أن تكون مقدّمات حسيّة وتجربيّة رصديّة وغير هما ؛ ومثل بيان جالينوس إن لبعض العظام حسّا ـ لتجربة له في الأسنان ـ ويشبه أن [٧ ب] [أكون قد أومأت في فصّ الكتاب إلى هذا ] . وقد يتهيّأ [أن ينبّه] المنصف على هذا الاعتبار إذا لم يبادر إليه بذهنه.
(٥٨) وبالجملة فهذه الحجّة إما ضائعة
وإما قاطعة ؛ فإنّها ضائعة بالقياس إلى من يتوقّف ذهنه عن التفطّن لهذا الاعتبار
حتّى يكون مجوّزا أن يكون الإنسان موجودا كامل الخلقة والعقل ، غير مبلوّ بآفة ـ وقد
فرض ذلك الفرض ـ فيكون حكمه حكم الجماد في أنّه لا يشعر بذاته حتّى يفتح عينيه مثلا ، فيلقى
بصره على سطحه الظاهر ، فيكون ما أدركه هو ذاته التي يشعر بها ؛ فإنّه لا مدرك
__________________
__________________
لشيء إلا وهو يدرك ذاته مدركة.
(٥٩) فأمثال هؤلاء لا تجدي في بابهم هذه الحجّة ؛ بل تكون ضائعة
ـ أعني الحجّة التي تستنبط من اعتبار الشخص حال نفسه ـ ويحتاجون إلى الحجج النوعية
والجنسيّة القائلة : «لما كان للأجسام أفعال كذا
حيوانيّة ، فلها مبدأ كذي هو نفس» وما يشبه هذا ؛ لكنّها بالقياس إلى المستبصرين
قاطعة.
(٦٠) والمحصّل يلزمه أن يمتحن ذاته وشعوره الآن بذاته ، فيتأمّل
أن شعوره بأنّه هو ، وأنّ له أعضاء وأفعالا منسوبة إليه هو شعور بهويّته من طريق الحسّ أو من طريق الاستدلال؟ والذي يقع له
«إنه هو» أهو جملته هذه ، أو شيء غير تلك الجملة؟ وكيف يكون المشعور به ـ الذي هو ذاته ـ الجملة؟ وكثير ممّن يشعر بوجود إنيّته لا يشعر بالجملة ؛
ولو لا التشريح لما عرف قلب ولا دماغ ولا عضو رئيس ولا عضو تابع ؛ وقبل ذلك كلّه
فقد كان يشعر بإنيّته.
(٦١) وأيضا ـ فإنّ المشعور به يبقى مشعورا به حين ما ينفصل مثلا شيء من الجملة ـ انفصالا لا يحسّ به ـ كما يسقط
عضو من مجذوم خدر ، ويجوز أن يقع له ذلك وهو لا يحسّ به ولا يشعر بأن الجملة
قد تغيّرت ، ويشعر ذاته أنّها ذاته كما كانت ـ لم تتغيّر.
(٦٢) وأمّا الشيء من الجملة غير الجملة : فإمّا أن يكون عضوا باطنا ،
أو يكون عضوا ظاهرا. والأعضاء الباطنة قد يكون غير مشعور بشيء منها ـ والإنيّة
مشعور بها قبل التشريح ـ وما يشعر به غير ما لم يشعر به ، والعضو الظاهر قد يعدم
ويتبدّل ، والإنيّة المشعور بها واحدة في كونها مشعورا بها ـ
__________________
وحدة شخصيّة.
(٦٣) ثمّ كيف يمكن أن يقال : «إن الوصول إلى الشعور بالذات
إنّما هو بالحسّ»؟ [٨ آ] ـ والحسّ ينال الظاهر الذي ليس هو الذات المشعور بها ،
والأعضاء الباطنة السليمة لا تتحاسّ ـ وإن تلاقت ـ. [ولا النفس السليم ، فإن النفس
السليم ـ المطلق السلامة] ـ هو الذي لا يحسّ بحركة الأعضاء فيه.
(٦٤) وكيف يمكن أن يقال : إنّه باستدلال من الأفعال؟ وذلك لأنّ الفعل إذا اخذ مطلقا دلّ على فاعل مطلق غير معيّن ،
وإذا اخذ مقيّدا بالتشخيص ـ مثل : فعلي وفعلك ـ يكون المنسوب إليه جزء من مفهوم
الفعل المقيّد ؛ والشعور بالجزء قبل الشعور بالكل.
(٦٥) وعلى أنّك تعلم من نفسك أن هذا الشعور لم تكتسبه من طريق
الاستدلال من فعلك ، ولا من طريق الاستدلال من حالك إذا كان اعتبارك سديدا ، ومع هذا كلّه فليس
هذا البيان ممّا يصلح لكل باحث ، بل هو بيان خاصّي مقصور النفع على أهل الفطانة ؛ ولقد
أوردته على خلق
من أصداد الحكمة
لهم فطانة فصاروا
مثبتين للنفس أو واقفين مفكّرين ؛ وما كاد أكثرهم يذهب عليه
«أنّ الإنسان في الحال المفروضة يشعر بذاته ، وأنّه لا يحتاج في
الشعور بذاته إلى استدلال» وكان الشكّ إنّما يقع من جانب الحسّ ، فكان أدنى بيان
لاستحالة ذلك يردهم إلى الإذعان أو التوقّف ، لكنّه قد كان
يشيّع إنكار هذه الحجّة تهوّسات تليق بقوم :
__________________
(٦٦) منها
قوله : «إنّ النائم لا يشعر بذاته» ومساعدة الشيخ الفاضل ـ أدام الله تأييده ـ إيّاه على ذلك.
(٦٧) وهذه المقدّمة غير مسلّمة ؛ ومع تسليمها غير نافعة فيما
يروم نقضه به :
(٦٨) الأول : النائم يتصرف في خيالاته
كما كان في اليقظة يتصرّف في محسوساته ، وكثيرا ما يتصرّف في امور عقليّة فكريّة كما في اليقظة ؛ وفي حال تصرّفه ذلك يشعر بأنّه
هو ذلك المتصرّف كما هو حال اليقظان ؛ فإن انتبه وذكر تصرّفاته ذكر شعوره بذاته ؛ وإن
انتبه ولم يذكر ذلك لم يذكر شعوره بذاته ، ولم يكن ذلك دليلا على أنّه لم يكن شاعرا بذاته ، بل الشعور بالشعور بالذات غير
الشعور بالذات ؛ [فإن ذكر الشعور بالذات غير الشعور بالذات] ، واليقظان أيضا قد لا يذكر شعوره بذاته إذا لم ينحفظ في ذكره مزاولات كانت له لم يغفل فيها عن ذاته.
(٦٩) الثاني : ليس النائم والسكران والمسبوت والمسكوت والمصروع والممرور في حكم من لا آفة به ـ إلا أن هذا ممّا لا يفطن له الشيخ ، فهو معذور وإن غفل [٨ ب] عنه وقد كنّا فرضنا الرجل ولا آفة به.
(٧٠) ومنها حسبانه أنّا في النوم ما لم يتخيّل لنا هيئة أعضائنا لم نشعر بذواتنا ـ فيه أصناف من الغلط :
(٧١) الاوّل : قد سلف أنّا لسنا نحسّ هيئة أعضائنا البارزة ، [ونشعر
أنّا
__________________
نحن نحن ، وإن
تغيّرت هيئة أعضائنا الشخصيّة] في اليقظة حقيقة وفي النوم مجازا ـ فليس المشعور به الواحد
الغير المتبدّل هيئة الأعضاء ، ولا يجوز أيضا أن يكون أمرا كليّا ينحفظ مع كلّ
تبدّل انحفاظ الكليّ ـ لأن المشعور به جزئيّ ـ ولا يجوز أن يكون أمرا شخصيّا ينحفظ
مع التبدلات انحفاظ الجزئي المقارن للتبدّلات من شيء من
أعضائنا ـ قد بيّن ذلك ـ فهو إذن شيء آخر.
(٧٢) الثاني : هب أنّا لا نشعر بذاتنا ما لم يتخيّل لنا هيئة
أعضائنا في النوم ، هل تدلّ هذه القضيّة إلا على المقارنة بين الشعور وبين التخيّل؟ ولا مانع من أن يكون شعور بشيء يقترن به تخيّل لشيء ، وليس في
ذلك ما ينقض المذهب أو المقدمة ، فإنّه ليس كل ما لا يكون الشيء ما لم يكن هو هو ، هو الشيء
.
(٧٣) الثالث : ظنّه أنّ الواقف على
الفرض المفروض في الهواء السجسج ، المتشابه الكيفيّة في زمان غير محسوس : يشعر بوجود
الهواء ، وأنّه يجري هناك مصادمة محسوسة ملموسة [وأنّ هذا واجب.
الجواب : ليس] أحد من الإنسان يثبت الهواء بلمسه إلا بصدمة عنيفة أو مثل ضغط زقّ أو من
نكز أو من حرّ أو برد غير مشابه لكيفيّة الجلد.
(٧٤) وأما ما بعد ذلك من المطالبات فما فتحت عيني منها على شيء
يعتدّ به ، وشقّ علي استهانته بالمنطق مساعدا في ذلك ذلك الشيخ.
__________________
(٧٥) ومنها : ما أورده في أمر التأدية وضحك ذلك الشيخ ، ومساعدته له في الضحك حين سمع موديا لا ينال ما يؤديه ؛ بل [لو سمعاني قد فسّرت] التأدية بأنّها أخذ من المتوسّط لشيء من طرف ، ومعاطاته لطرف آخر ، ثمّ قلت : «إن المتوسّط لم يكن نال الشيء ولا زمانا أو
آنا» ، لحقّ عليهما أن يضحكا ؛ ولكن المضحوك منه من يحلّ مثلي محلّ من يخفى
عليه هذا القدر ، ويظهر له ، ويكون قد جرّب من نفسه أنّه لا يفهم عنّي إلا بكلفة ،
ولا يكاد يبدأ بلفظة إلا قطعت عليه ونبّأته بفحواه ومنتهاه ؛ وإذا بلغ الإنسان [٩
آ] في السنّ مبلغه و [تخبّط في كتب الحكماء تخبّطه ، وتشحّط تشحطه ،] ثمّ لا يحضره معنى ما يقولونه من أن «المشفّ
مؤدّ غير منفعل» فاخسس به واسقط محلّه .
(٧٦) فأمّا هو ـ أدام الله عزّه ـ فإنّي اعرفه هذه التأدية وما يريدون بها بحسب العرف العامي وبحسب النقل للّفظ :
لمّا كان «المؤدّي»
بحسب العرف العامي هو الذي يتوسّط لوصول شيء من شيء إلى شيء ؛ ليكون ذلك الشيء
للثالث ـ لا له ـ إلا أنّه لا يمكنه في الامور الجسميّة إلا بأخذ وإعطاء على سبيل
النقل : سمّوا الشيء الذي يحتاج إليه في أن يمكّن فاعل من إحداث أثر في منفعل ـ من غير أن يكون ذلك الأثر إلا في ذلك الطرف
الثالث وله ، وإنما حدث فيه فقط ـ : «مؤدّيا» ، لأنه لم يقبل الأثر
__________________
__________________
لنفسه ، بل مكّن
أوّلا من ثالث ، فشابه ـ من وجه ما ـ الناقل المتوسّط ، من حيث لا يقبل لنفسه.
(٧٧) ولم يريدوا بهذا أن يكون الأثر شيئا يخرج من الأول إلى
الثالث مجتازا على الأوسط ـ فإنّ هذا لا يكون ـ بل هو أمر وجوده وحدوثه في الثالث
، إلا أنه عن مبدء هو الأول ، وممكّن معد هو المتوسّط.
(٧٨) فهذا مفهوم «التأدية». والسامع للتأدية ـ ويعني بها هذا
المفهوم ـ ليس من حقّه أن يضحك من حيث يعني باسم معيّن ، فإن لم يدر ما نعني بها فليس من حقّه أيضا أن يضحك حتّى يبدأ راغما فيسأل : «ما تعني بالتأدية؟».
(٧٩) فإن ادّعى مدّع وجود هذا المعنى فضحك ضاحك فهو سخيف ساقط ، لأنّ امتناع وجود هذا المعنى غير بيّن بنفسه ؛ بل وجوده مبيّن بالبرهان ؛ وإنّما يجب أن يضحك ممّن
يدّعي دعوى بيّن الاستحالة في أول العقل ، أو ثابت على رأي قد أبين بطلانه بالحجّة ، فإن لم تكن الصورة إحدى الصورتين ؛ فالضاحك هو المضحوك منه وهو السخيف ، وهو المهوّس احاشي الجماعة من ذلك .
(٨٠) فإن اشتهيت أن تجد لهذه التأدية نظيرا من ألفاظ اخرى فاسمع
ما يجري في كلامهم من استعمال لفظ «الفيض» وأنّهم
يقولون : «إن الطبيعة فيض من الباري على الأجسام بتوسّط امور غير جسمانيّة وغير
قابلة للطبيعة» فيجب أيضا أن [٩ ب] يضحك الأحمقون من هذا ويقولوا : «هذا هوس
__________________
عظيم. وكيف يفيض شيء من شيء بتوسّط شيء إلى شيء ولا ينال المتوسّط؟» قائسين هذا الفيض على «فيض
الماء» ونحوه.
(٨١) والذي يجب أن يضحك منه هو الذي يحسب أولا في العقل أنّ كلّ فاعل يفعل بوصول ولقاء ، و أنّ الأجسام بين من أمرها أنّها يفعل بالملاقاة ـ بيانا بديهيّا ـ ولا يجوز
فيما بينها إلا ذلك بأول العقل ؛ ليس لتعويل على استقراء ما. أو الذي يحسب أنّه
يجب إذا فعل شيء في شيء بتوسط المشفّ ، أنه يجب أن يفعل مثل ذلك الأثر نفسه في
المشفّ ؛ كأنّه لا يجوّز أن يؤثّر في المشف أثرا غير ما في نفسه ويؤثر المشفّ في
الثالث أثرا يشبه الأوّل ، فيكون قد توسّط في التأثير من غير أن قبل مثل ذلك
التأثير.
(٨٢) بل إنما يجب أن يضحك ممن يحسب أن الجسم لا يؤثر في جسم آخر
غير كيفيته ، أو يضحك ممن يجوّز ذلك فلا يجوّز أن يكون الأول يؤثر كيفيّة أو هيئة غير كيفيته كمتحرك حاك يفعل حرارة ، ثمّ الثاني يفعل كيفيته غير كيفيّته أو
هيئة غير هيئته ويكون كهيئة الأوّل ؛ كما أن ذلك الحارّ يحرّك شيئا آخر بحرارته ، فيكون الأول متحرّكا وحرّك ثالثا بتوسّط ثان غير متحرك.
(٨٣) ولعلّه يسقط من درجة من يضحك منه
إذ قال : من البيّن أنه لا يجوز أن يكون أول يفعل في ثالث بتوسط ثان ممكّن غير منفعل أصلا. إما واقع أيضا في الوضع
المتوسّط أو منحرف ؛ وأن هذا بيان أولي ، وأن العقل الأول يشهد بأن هذا لا يكون ،
وأن كل ممكّن ومفتقر إليه في أن يتم فعل و انفعال يجب أن
ينفعل بذلك الانفعال إذا كان جسما ـ اللهمّ إلا أن لا يكون
__________________
جسما كالمماسّة
والوصول. كأنّ هذا في الجسم بيّن ؛ وإنما لا يكون في المتوسطات غير
الأجسام .
(٨٤) وأولى من يضحك منه من لا يقول
بالشعاع ، ثم يقول : «إن المشفّ يتكيّف بالخضرة المنقولة ، إلا أن هيئة تلك الخضرة
ليست هيئة الخضرة المحسوسة ، أو إن تلك الهيئة هذه الهيئة والبصر لا يثبتها [١٠ آ] ولا
يثبت الهواء بها».
(٨٥) فهذا فصل واحد مشتمل على تنبيهات يكاد
يكون عددها ستّة أو سبعة.
(٨٦) ومنها تشكّكه على المذهب بسؤال مشترك ، وهو أنه : «لم لا
يبقى الأثر بعد غيبوبة المؤثّر؟».
(٨٧) فأولا : هذا شكّ طلب ـ ليس شك نقض ـ وذلك لأن الخصم يقول : «لا أدري لم لا يبقى ، لكنّه صحّ عندي أن هذا التأثير هو على هذا الوجه».
(٨٨) وأما ثانيا : فإن هذا الشك ينال المذاهب الثلاثة على وجه
الطلب أيضا ، ليس على وجه النقض ، وذلك أنه يقال لصاحب الشعاع : [«لم لا يبقي الأثر من الشعاع مع مفارقة الشعاع] لما يماسّه ، كما يبقي في الحديد
__________________
__________________
عن النار بعد
المماسّة؟».
(٨٩) فإن قال : «هذا لأن المماسّة كان من شرط هذا القبول والحفظ» قال الآخر : «لأن المحاذاة
بتوسّط مشفّ في البين أو صقيل على زاوية كذا كان من شرط هذا القبول والحفظ». وكذلك يقال للقائل بمتوسط منفعل وبمتوسّط غير
منفعل.
(٩٠) وأمّا ثالثا : فإن هذا التشكّك خسيس
جدّا ، فإنه ليس من العجب أن يكون بعض التأثيرات من شرط ثباتها أن يكون بين المؤثّر
والمتأثّر نسبة ما في الوضع إذا زالت زال التأثّر .
(٩١) وأمّا رابعا : فلأن العجب في بقاء الأثر ـ وقد زال سبب
الأثر ـ أكثر من العجب في زوال الأثر ـ وقد زال السبب المؤثّر .
(٩٢) ومنها
الكلام على المزاج وأن النفس ليس [ت] بمزاج ، وقد وقع الخطأ فيه من وجوه :
أمّا
أولا : فالقائل : «إن
المزاج الشبيه غير مدرك ، فيجب أن يكون المزاج الذي هو النفس إذا أدرك مزاجا من
حرّ أو برد فإنّما يدركه حين ما يصير هو ، فيكون ما
دام معتدلا غير مدرك ، فإذا زال عن الاعتدال أدرك ذاته ، فيكون ما لم يستحل لم
يدرك. وأن يكون إنما يدرك ذاته لا في كل حال ، بل عند الزوال عمّا هو عليه» : لا
يلزمه أن يناقض بأن «المدقوق مستحيل لا يدرك مزاجه» لأنه لم يقل : «كل مستحيل مدرك
مزاجه» بل : كل مدرك مزاج على هذا الوجه مستحيل
__________________
__________________
(٩٣) وأمّا
ثانيا : فقد أعرض عن أن
حال الانفعال ليس حالا يتبدّل على المزاج الثاني حتّى يصير به مدركا. فإن الأول بطل ،
والثاني حدث ، وحدث عنده مدركا من غير حال يتبدّل عليه ، إنما ينفصل عن الثاني بأن العدم سبق [١٠ ب] الآن الذي يدرك فيه ؛ وليس لسبق العدم تأثير في أن يكون الشيء مدركا لنفسه.
وأما إذا كان شيء
واحد غير المزاج ثابتا ، فيجوز أن يكون تجدد المزاج الثاني وبطلان الأول يفيده
حالة جديدة ، لأنه موجود بين الحالين لا جلهما يدرك ـ وفي هذا كلام طويل ـ.
(٩٤) وأمّا
ثالثا : فلأنه أعرض عمّا
كنت قرّرته : إن المزاج من معلولات الجمع وتوابعها ، والجمع معلول القوة الجامعة
النفسانيّة حدوثا و انحفاظا. وأعرض عمّا كنت قرّرته من أن المزاج إذا تغيّر
صار آخرا بالشخص ، فإنه لا يجوز أن يقال في الأعراض : «إن واحدا منها يبقى بعينه
ويكون أشدّ وأضعف» حتّى يكون حاملا للشدّة والضعف ، وهو واحد بعينه ؛ فإنه ليس
هناك معنى واحد يقبل الاختلاف عليه إلا الموضوع ،
فالمزاج وجميع الكيفيات التي تقبل الشدّة والضعف إذا تبدّلت تغيّرت ؛ لا في الشخص
فقط ـ بل وفي النوع ـ والذات الإنسانيّة التي هو بها واحد ثابت الشخص غير شيء من هذه المتبدّلات بالعدد.
(٩٥) ومن عزمي أن أعمل في «أن النفس ليس [ت] بمزاج» ألف ورقة ـ
__________________
لا أنقص منها ـ ولا
اورد فيها شيئا غريبا خارجا عن المسألة من حيث خصوصيّتها ، ولا اورد الأحوال التي هي أعم من ذلك إلا ما لا بدّ من أن يجعل مقدمة في إنتاج ما
يختصّ بهذا النظر.
(٩٦) وليتكلّف هذا الماضغ للخراء ، الغالط
في نفسه ، الواضع نفسه ليس موضع من يجب أن يتشكك ويباحث ، [وأن محله ليس محل من
يخطر بباله حلاّ وجوابا بل محلّ من يفي بنقض] ويقوم مقام
مقابل. و ـ بالله ـ إنه قد يمكن أن يخاطب بالكلام الأهلي
الذي لا تعويص فيه ولا تحريف للكلام عن جهته ، ثم لا يفهمه بوجه من الوجوه ، لا
سيّما إذا جعل الخطاب مجردا كليّا ؛ أفمثله يتعرّض لأهل
البصيرة ويقول : «هذا هوس عظيم ، وذلك كذلك»؟! وليس الهوس العظيم إلا هو وجوهره
وذاته! ـ فليتكلّف خمسين ورقة في إثبات أن النفس مزاج ،
أو في دفعه ومنعه .
(٩٧) وأمّا رابعا : فظنّه أن «كلامنا في الألم ، وأنه لم يبيّن
خطأ جالينوس في زعمه أن الألم سببه تفرّق الاتصال» وإنما كلامنا في الإحساس ، وهو
أعم من اللذة والألم ومن حالة [ليست بلذة ولا ألم ، وأنه] وإن كان تفرّق الاتصال سببا للألم ـ حال ما يحسّ الحارّ [١١ آ] فإنّ المحسوس من الحرارة هو الحرارة ، ليس تفرّق الاتصال ؛ [ولعله
محسوس آخر أو غير محسوس من حيث هو تفرّق الاتصال] .
__________________
(٩٨) وبالجملة ـ فإن الحرارة والبرودة غير تفرّق الاتصال ،
والإحساس بهما إحساس بكيفيتهما ، والألم معنى آخر. فسواء صدق جالينوس أو كذب فلا
مدخل له فيما نحن بسبيله بوجه ـ لا وجه نقض ، ولا وجه نصرة ـ على أن ذلك قد بان
غلطه فيه من وجوه.
(٩٩) وأما استقصاء القول في هذا الباب فللمسترشدين[وعلى أن يكون
المسألة مسئلة واحدة ليست إحدى وخمسين مسئلة يحتاج إلى أن يجاب عنها في دفعة واحدة]
(١٠٠) ومنها تشككه في أمر الحركة الإرادية.
إنه من الواجب أن يضحك ممن لا يعقل ولا يعتبر أنّا حال من نريد أن نتحرك بالإرادة ، ففينا مبدأ يقتضى أن نتحرك حركة سافلة أو نسكن. وأنه يعاوق ويمانع ، [وما لم نستول عليه بالمضادة] لم تتات الحركة الإرادية الطالبة غير المطلب الطبيعي فينا. وأنه ربما وقع مثل ما يقع في حال الرعشة لتداولهما السلطان
والقوة. وأنه لو لا هذه المناقضة لما كان يكون من الإعياء إلا ما يوجبه سوء المزاج فقط. وأنه ليس سوء المزاج إلا مزاج ذلك
العضو ؛ فيكون الذي يوجب الإعياء هو الذي يفرض نفسا ومزاجا ؛
فهو بعينه يوجب الحركة ومانع
عنها.
(١٠١) كلاّ ـ بل فينا مستدع لأن يكون الجسم ساكنا أو هابطا ، ليس
هو
__________________
__________________
بعينه الموجب
للإصعاد ؛ فإن قوة واحدة لا تقتضي ايجابين اثنين متقابلين.
(١٠٢) ثم الذي يستدعي منا السكون والهبوط ليس إلا المزاج ، أو ما
يوجب المزاج ؛ فيجب أن يكون صاحب الحركة الإراديّة غيره. وليس يلتفت إلى من يقول :
«إن المزاج في حال عدم الإرادة يقتضى شيئا ، فإذا حصلت الإرادة لم يقتض ذلك بل
خلافه» فإنّا عند الحركة الإراديّة ينازعنا ميل إلى
جانب آخر ، ولذلك نحتاج إلى آلات وحيل يتأتى بها حركاتنا الإراديّة ، وليس يمكن أن تنسب تلك المنازعة إلا إلى القوة
الطبيعيّة [١١ ب] المزاجية.
(١٠٣) ومنها شيء لا عذر له في ذهاب ذلك عليه ، وذلك أنه سمعني أقول : «الوجود المستغني عما يقوم به وفيه اكد من الوجود المفتقر إلى ما يقوم به وفيه ، وليس يجوز أن يكون الوجود الأخسّ
الأنقص علة الوجود الآكد ».
(١٠٤) قال : «إنما نسلم لك تاكّد الوجود وسبقه في أمور ثلاثة :
الوجوب والإمكان ، والتقدم والتأخّر ، والحاجة والاستغناء ؛ وما عدا هذا ـ الرابع ـ فليس من أقسام اختلاف الوجود في التأكّد وضدّه». ولم يفكّر أن هذا ليس
برابع ، بل هو ثالث الأقسام ، وهو الحاجة والاستغناء.
(١٠٥) وممّا
نسبه إليّ وأنا متحيّر فيه
ما حكاه أنّي قلت : «ما به يستعد لمقارنة قوة لا يكون آلة لتلك القوة في أفعالها»
فأنتجت من ذلك أن النفس ليس [ت] مزاجا ؛ كأني صادرت فيه على المطلوب الأول.
__________________
__________________
(١٠٦) ولا يجوز أن يكون هذا كلامي على هذا النحو ، فإما أن أكون
قد عبّرت عن هذا على الوجه الذي أعرفه ، وإما أن أكون قد طرحت فيه شيئا على جهة
الرمز والتلويح وكففت عن شرحه ، وكان الطرح ليس على هذه الهيئة ، بل على هيئة اخرى
، والواجب أن يكتب إليّ بعض ألفاظي حتى إن كنت سهوت في العبارة أصلحته.
(١٠٧) ومنها
كلامه في الحدس وإصراره على أنه لا يوجد حدّ أوسط إلا بالفكر ، وفي ذلك غلط من وجوه :
(١٠٨) أما
أولا : فإن القضاء
بالحدس البالغ ـ هو أن يلوح الحدّ الأوسط دفعة ، من غير طلب النفس
إيّاه مترددا في خيالات غيره ، حتى تودى
إليه بضرب من التأدية ـ أمر تثبته التجربة ، وأكثر
ما يظهر ذلك للمهندسين الحذّاق.
(١٠٩) وذلك لأن طبقات المستخرجين
مختلفة : فطبقة كما ينصبون المطلوب أحيانا يلوح لهم الحدّ الأوسط مغافصة فيجدون
المطلوب ؛ وربما كانوا قد تردّدوا في استعراض خيالات الفكر فما أفلحوا ،
فمالوا إلى الجمام والراحة ، فإذا هم بالحدّ الأوسط قد لاح ؛ وربما لم يكونوا نصبوا مطلوبا ، بل إذا هم
وأنفسهم و قد لاح لهم معنى فانتظم مع حد وصار نتيجة
__________________
__________________
كأنها هدية مرزوقة
لم تطلب .
وطبقة تحتاج إلى
قليل فكر وتردّد في الخيالات. وطبقة تحتاج إلى كثير من الفكر حتى تدرك. وطبقة
تحتاج [١٢ آ] إلى واحد ملقن من خارج ، فلا يفلح فكره إلا في قليل. وهذه الطبقات لها
وجود إنما ينكرها من لم يجرّب وما يحتاج فيه إلى تجربة فلا
يجزيه إلا التجربة.
(١١٠) وأما ثانيا : فلأنه جعل ما يعرض له من التعب عند التفكّر حجّة على العالم ، وما مثله في ذلك إلا مثل من لا يهضم إلا بالجوارش ، فيقضى
على العالم أنهم لا يهضمون إلا بالجوارش.
(١١١) وأما
ثالثا : فلو سلّمنا أنه
لا سبيل لنا في عالمنا هذا إلى إدراك شيء إلا بتعلّم أو فكر ، فليس ذلك بموجب أن
هذا ديدن النفس في كل وجود يكون له ، بل لعلّها ما دامت في البدن
فلها معارض من التخيّل في جميع ما نتعاطاه ، فإن استشركه فيما يناسب فعله سهل عليه استمراره في فعله الخاص ، وربما أعان. وإن لم
يستشركه فيما يناسب فعله شغل وعوق ـ كالراكب دابة جموحا ـ فيحتاج إلى أن يستشركه ويستعين بمداراته ، فإذا فارق الشريك المعاوق وله ملكة أن يفعل
، استقل بذاته ، فليس يجب إذن أن يلتفت إلى
هذا ؛ بل يجب أن يطلب هل للنفس فعل أو انفعال وقبول صورة
بذاتها ، وأنها لأيّة علّة تخرج من القوة إلى الفعل؟ فإن صحّ ذلك [لم يلتفت إلى
ما يلتزمه من معاوقات ومعارضات ، وإن
لم يصح ذلك]
__________________
بقي الأمر موقوفا
غير مركون إلى ما يبتلى به من مشاركة التخيّل ، بل إنما يتوقّف على برهان قاطع
يبطل أن يكون للنفس فعل خاصّ.
(١١٢) ثمّ يجب أن تعلم إن تركيب الحدود الكليّة ليس مما يتهيّأ
أن يكون يقوى أو آلات جسمانية ، وإن كان إذعان تلك
القوى ومحاكاتها لذلك بالخيالات الجزئية ـ كما يفعل المهندس في تخته وميله ـ نافعا.
(١١٣) فهذا قدر ما أمكنني أن أقوله في كل مسئلة في مجلس واحد
قاصدا للايجاز والتعمية أيضا ، مكافاة لسوء الأدب ؛ وكل مسئلة في نفسها بحيث يمكن
أن يتكلّم فيها بكلام شاف يشتمل على أوراق عديدة ، ولكن ذلك إذا جرّدت المسألة
وافردت وطلب جوابها بمهلة ، وطلب بحسن أدب ، فإنه قبيح بي أن اجرى مجرى مسكويه والكرماني
وهؤلاء.
(١١٤) فإن كان الاعتقاد فيّ أنّي من طبقتهم فبالحريّ أن يفترض [١٢
ب]
__________________
__________________
علي السكوت عن
المسائل وترك تجشيم نفسي التعب في شرحها ؛ وإن كان الاعتقاد فيّ بحسب ما
أستحقّه وبحسب ما ميّزني الله به ـ وله الحمد ـ فيجب أن لا احاور بالخطل من القول
ـ كما كانا يحاوران به ـ فإني بعد اليوم لا اجيب عما يخرج عن حدّ الاحتشام إلى
غيره ، وذلك غير ما كنت أتوقّعه منه ـ وهو لي كالولد
، بل ألحّ من الولد وأحب ، وقد علّمته وأدّبته وبلغت به المنزلة التي بلغها ، فما كان له في ذلك التبليغ آخر غيري يقوم فيه مقامي .
(١١٥) وإن كان هذا للهزء ، فليس هذا الهزء هز مثلي ، ولذلك لم أهتز اهتزازا إلا دون الوسط ،
وما أنا ممّن تعلّمت العلم للتسويق ، ولا أنا ممن
أوطأت نفسي غشوة فيما لم أحسّنه : أني أحسّنه ؛
بل اجتهدت وبالغت فلا يروعني مناقض ـ ولو نزل من السماء ـ ولا يهجس في بالي أنّ
الشيء الذي أتقنته عرضة لنقض أو إبطال أو إفساد ؛ وإن اجتمع علي كلّ فان وحيّ
ومنتظر من أهل السماء والأرض ـ وما لا أعلم فلا أدّعيه ـ واعلم
إن المستسعد بالنفس لا يذعره شيء وإن هال أصحاب الظنون ـ وأسأل
الله تعالى التوفيق إنه وليّ الرحمة.
(١١٦) هذه الضجرة لا تضيقن بها صدرا فإنها
نفثة من صدر ،
__________________
وليت صديقنا كان ممن يغرب في المطالبات فكنت اقرّ به عينا ، لكنه أقلب لهذر الهوس من الجعل لدحاريج الزبل ، والعجب من إخواني كيف لزّهم مثله إلى مضيق لا مبرح لهم منه ، ولعلّهم يستخفّون بالمنطق ـ وخسران ذلك عظيم ـ.
(١١٧) وأما المسألة فقد وصلت إليّ بعد أن كتبت هذا الكتاب ، والذي يجب أن يعلم في هذا أن الامور التي تحدث بعد ما لم تكن ، يكون
لها أول من وجهين : إحداهما أول الزمان وطرفه. والآخر أول زمان يكون ذلك
الشيء موجودا فيه ، وربما اختلفا وربما اتفقا ، فما كان من الأشياء ليس
يقدّره الزمان ـ بالذات ، كالحركة وما ينسب إليها [١٣ آ] ، أو
بالعرض كالسكون ـ فلا يكون طرف زمان حدوثه أول حال يوجد فيه ، بل لا يوجد له أول حال وجد فيه لانقسام زمانه أو مقدار مسافته ـ مثلا ـ إلى غير النهاية. ولذلك قال أرسطو في سادسة السماع : إنه ليس للحركة
أول ما يتحرك ولا للسكون ولا للتوقف.
(١١٨) وأمّا الأشياء التي لا تحتاج إلى زمان فقد توجد في طرف
زمانها مثل
__________________
__________________
مماسّة [تحدث وتبقى
مماسّة] ، ومثل لا حركة تحدث في الشيء بعد الحركة ؛ فإن الحركة إذا
انتهت وانتهى زمانها إلى طرفه الذي هو الآن كان لا حركة موجود في ذلك الآن ولم يكن السكون موجودا ، لأن السكون مشروط فيه الزمان.
(١١٩) فإذا كان خط موازيا لخط ثم زال عن الموازاة كان للزوال طرف هو ابتداء زمان الزوال وليس فيه الزوال ، لأن
الزوال حركة ، وذلك الطرف آخر آن كان فيه موازيا ، ثم لا يوجد للزوال أول زوال لأن
الزوال منقسم إلى غير النهاية بسبب كميّة زاويته وبسبب زمانه ، لكن ذلك الآن الذي هو الطرف لا يخلو من زوال أو من غير زوال ـ ضرورة ـ فيكون صحيحا أن لا زوال موجود فيه ، فلا يخلو ذلك الآن الطرف من أحد طرفي النقيض أو ما يجرى مجراه.
(١٢٠) وأما
المسألة الاخرى التي فيها خط مستقيم غير متناه خارج دائرة ونصف قطر الدائرة متحرك ، فإن زمان الدورة الواحدة منه ينقسم إلى زمانين :
(١٢١) أحدهما يكون فيه طرف نصف قطر الذي لا يلي المركز غير محاذ البتة لشيء من ذلك الخط ،
فلا يلقاه البتّة ، وفي الزمان الآخر يكون مقاطعا له دائما ملاقيا ، وبين
الزمانين فصل مشترك ، فلا يخلو في ذلك الفصل
__________________
المشترك إمّا أن
يكون مقاطعا أو غير متحرك ـ كما كان في مسئلة الموازاة أيضا لا يخلو إما أن يكون
زائلا أو غير زائل ، وكان هناك لا يمكن أن يكون زائلا ، وبقى القسم الآخر ـ وهاهنا لا يمكن أن يكون غير مقاطع.
(١٢٢) برهانه لأنه إذا فرض فيه غير مقاطع كان مباينا يحتاج إلى حركة إلى المقاطعة [١٣ ب] أو الملاقاة أو
المحاذاة ـ أو ما شئت فقله ـ وكل حركة ـ وخصوصا مثل هذه ـ فهي في زمان. فإذن قد
بقي لانتهاء المباينة زمان ، وفرضنا الخط قد وافى نهاية زمان المباينة
ـ هذا خلف.
(١٢٣) فاذا القسم الذي لا يمكن أن يكون موجودا في الطرف المشترك بين الزمانين هو المباينة ، فالذي في قوة نقيضه ـ وهو المحاذاة أو الملاقاة ـ موجود في ذلك الطرف ، ولأن
المحاذاة والملاقاة ليست من الامور المتعلقّة بالزمان ، فيجوز أن يوجد في جميع
زمان ما وفي طرفه أيضا ـ ليس كالحركة والزوال الذي يكون له وجود في جميع زمان ما ،
ولا يكون له وجود في طرفه ، بل انتقال الملاقاة ليس له أول ما يكون انتقال ملاقاة ، بل له طرف فيه أول الملاقاة ، [والمباينة ليس لها أول ما يكون
مباينة ؛ وأما الملاقاة] فلها أول ما يكون
ملاقاة ، وذلك لأن المباينة وانتقال الملاقاة زوالان ؛ فينقسم إذن زمان الدورة إلى زمانين :
(١٢٤) أحد هما زمان المباينة. وطرفها زمان خلاف المباينة ـ وهو الملاقاة في هذا الموضع ، فإن كل متحرّك يتحرّك من شيء
إلى شيء [يكون في آني طرف زمانه] ملاقيا للطرفين.
__________________
(١٢٥) وأمّا الزمان الثاني : فهو زمان انتقال الملاقاة وطرفاه الملاقاة ، وبالجملة فإنّ في كل واحد من زمانين يتحرك من شيء إلى شيء ، وليس ذلك الشيء إلا حيث يقع عليه أول فقدان ما بطل ،
إما المباينة بالملاقاة وإما الانتقال على الملاقاة من غير الانتقال على الملاقاة وليس هو المباينة ، فإن المباينة لا تقع في طرف زمان فهو إذن
الملاقاة.
(١٢٦) فإذن تكون ملاقاة ، ثم [انتقال
ملاقاة ، ثم ملاقاة ، ثم ملاقاة بلا انتقال] تكون طرفا
للمباينة ـ كما كانت الموازاة طرفا لزوال الموازاة ، واللاحركة طرفا للحركة.
فهذا
ما حضرني وهو أصل.
__________________
(١٢٧) ط كتابي ـ أطال الله بقاء الشيخ ـ وقد عرف الحال بين جماعة
منّا وبين فلان [١٤ آ] وعلم ما خصّه الله به من الدرجة في العلوم كلّها وخصوصا
الحقيقيّة منها ؛ وقد كان اتّفق من الدواعي عام طروق ركاب السلطان الماضي هذه البلاد ما بعثه على الاشتغال
بكتاب سمّاه كتاب «الإنصاف» المشتمل على شرح جميع كتب
أرسطوطاليس ، حتّى أدخل فيها كتاب «أثولوجيا» وأخرج في معانيه ما لم
يحتسب منه ؛ ونظر في اختلاف التفسير كلّه فأنصف القول في كلّ مسئلة وفي كلّ قائل
مدحا وثناء وذمّا واستقصارا ، وخرج من الشكوك والحلول والفروع المبنية على الاصول
عدد الله به أعلم.
(١٢٨) والمدة من منتصف ماه دي إلى آخر ماه خرداذ من السنة ؛
والمبلغ أكثر من ستّة ألف ورقة بالخط النزل وعشرة ألف ورقة
بالخط العدل ؛ إنما كان خفّف عن نفسه ما يحتاج أن ينقل ، فترك له فرجا وعلامات ؛
وكان عدد ما تكلّم
__________________
__________________
فيه وجعله موضع ونسب الكلام المتقدم فيه إلى ظلم وخطأ أو تقصير أو تحريف فوق سبعة وعشرين ألف
موضع.
(١٢٩) وقبل أن نقل ذلك إلى المبيضّة وقع عليه قطع في هزيمة
المئات بأسبابه وكتبه كلّها على باب أصفهان ، فلما عاد إلى الري هزّ لمعاودة ذلك التصنيف فاستفزّ ، فإن معاودة المفروغ منه مستثقلة ، فلم يزل يحرص ويبعث. وقيل : لعلّك إن
استدعيت ما أحدثه المحدثون بمدينة السلام كانت الخواطر الحديدة تحرك منك نشاطا للحكم عليها بالتصويب أو التخطئة.
(١٣٠) وانبرى بعض
أولاد الامراء من أهل الفضل قائلا أنه يستفتح من ماله إلى مدينة السلم لاستدعاء ما
يوجد للشيخين بها ، وكانا يعيشان ـ أطال الله عمر باقيهما ما يحتاج إليه.
(١٣١) فامتعض من ذلك وكره أن يقف موقف البخلاء ، ورسم لبعض أصدقائه [أن
يبتاع ما تجدّد] من كتب الشيخين ، فلم يظفر الا بكتب الشيخ الجليل الباقي منهما [١٤ ب] ـ متّع الله به ـ فعومل غير معاملة من ينصف في المساومة واشتطّ عليه ولم يجد من ذلك الشيخ ارتياحا لاستدعاء مثله لكتبة ؛ وكان أوعز إلى صاحبه أن
لا تقبضه المغالاة عن الاستيام .
(١٣٢) فحصل من كتبه عدة كتب ، فلما تأمّلناها رأينا شيئا لا عهد
لأهل
__________________
__________________
التحصيل بمثله ـ تشويشا
واختلاطا ـ فطال لسانه على محرّضيه وقال : ألم أقل لكم إن الطبقة هذه الطبقة؟!
والتصرف هذا التصرّف؟! وإن أبا الخير بن الخمار وابن السمح ـ على ضيق مجالهما ـ كان
تعلقهما برواية بعض الكتب أحسن حالا من غيرهما ، والشأن في إعظام القوم
للطينة ومغالاتهم في القيمة كأنهم يهدون ما لا عين رأت ولا اذن
سمعت ـ ثم قال : إن سبيل هذه الكتب أن ترد على بايعها ويترك عليه أثمانها ـ هذا.
(١٣٣) وقد بلغني أن الشيخ ـ يعنى أبا الفرج بن
الطيب ـ قد خولط وقتا في عقله للأمراض التي لا تزال تصيب أهل الفكرة ، فلعل هذا
من تصنيفه ذلك الوقت ، ولعل الأيّام تحرجه ؛ وبقينا نحن نتعجّب ممن
يقنع بهذا القدر النزر من عدد البحث ، ثم بهذا النمط المختلّ من البيان.
(١٣٤) ولعمرى لقد أراحوا هؤلاء أنفسهم
وأرضوها بالميسور ممّا يتوهمونه ورفضوا المنطق مطلقا ، أما من جهة مواد القياسات فرفضا كليا لا التفات لهم إليها ، وليس هذا هو اليوم بل منذ زمان ، وأما من جهة صورتها فهؤلاء خاصّة قد أغفلوها وكلّما عالجوها حادوا عن الجادة ، لأنهم لم يحصّلوا ملكة التصرّف
ولم يقاسوا في جزئيات المسائل عناء التحليل حتى يكتسبوا ملكة قياسيّة ، إنما تعويلهم على الخواطر غير معروضة على القوانين.
__________________
(١٣٥) وأنا أسأل الشيخ أن يعرض هذه الصورة على أهل التحصيل من متعاطى هذه العلوم
، ليعلموا أنه لم يكن في أول الأمر إلى تلك الكتب فاقة تحتمل [١٥ آ] كل ذلك
الاشتطاط ، ولا في آخر الأمر بها اقترار عين ، وبالله إنه ما وقعت أبصارنا فيما
تأمّلناه من كتب المخلطين على ما هو أحرج وأعوج ممّا يشتمل عليه هذه الكتب ، مع
قلّة تعرّض للمعاني ، وضيق مجال للبيان ، وايهام للتبكيت ، واستعمال للمذهب الخطابي والسوفسطائي في العلوم البرهانيّة ، وتناقض منتظم
السلوك .
(١٣٦) والمحصّل
عندنا من هذه الكتب ممّا عمله في ايساغوجي ، وقاطيغورياس ، وباريرمينياس ، وسوفسطيقا ، و في كتاب السماء والحسّ والمحسوس وما بعد الطبيعة ؛ فمن عرض
عليه من أهل العراق هذه الأحرف ، واشتبه عليه الحال في صدق جماعتنا فليعتن على أيّ
موضع شاء من المعاني التي تشتمل عليه هذه الكتب لا سيما الطبيعيّة
والإلهيّة حتى نكتب بعضا ما فيه من الفساد والخروج عن النظام والهذيان ، بحيث لا
يشتبه على أحد ولا يختلف في تصديقنا فيه اثنان.
(١٣٧) وأما فلان فلأنه ينتزه عن تعاطي الكلام
على كل شيء وعلى كل أحد ، ومن ايحاش الأصدقاء ، ولا يذكر أحدا إلا بجميل وشهادة مفرطة ؛ والعجب ممن يتجاسر أن يحمل إلى مثله مثل هذه التخاليط وهو
__________________
__________________
الرجل الذي علّمنا
تحليل جميع العلم وجميع فروعه وما ينشعب من فروعه ؛ ليس بحسب صور الأشكال ، بل بحسب موادها إلى الحدود البسيطة ، وعلّمنا كيف يراعى
النسب التي بين الحدود البسيطة ، مع تدقيقه النظر فيما علمناه في هذه النسب وخاصّة
في علوم القياس البرهاني ، وهو يعد كل موضع في
العلوم يقف فيه الأوساط ويحتاج إلى وسط يجلب من خارج ، وأين وجد ، وأين لم يوجد ،
فإن له من المعرفة بما ليست حدود مقدمات القياسات البرهانية والجدلية والمغالطية ـ بتفصيل
عظيم ـ ما لم يكن لغيره ولم يزل نسمعه يقول : «ليقلّ اشتغالكم في التحليل بمراعاة صور المقاييس ، فإن ذلك من أهوانه وقلّما يعرض فيه
الغلط من القرائن الصحيحة ، بل ارتاضوا بتفصيل المواد» وفيما [١٥ ب] سمعناه
منه إن في تحصيل هذه الكتب فوائد :
(١٣٨) فإن المواضع المغالطيّة المعدودة لفظية ومعنويّة ، وهي قليلة بحسب ما دوّنه أرسطوطاليس ، كثيرة بحسب ما فرّعنا نحن ، حتى قاربت المواضع الجدليّة ، ولقلّتها ما قصر كتاب سوفسطيقا وجرى فيها
معاودات النظر في تلك المواضع بعينها لتطول الكتاب ـ أدنى طول ـ.
(١٣٩) وجميع تلك المواضع يوجد لها من هذه التصانيف أمثلة علمية
تغني عن تلك الأمثلة الموردة ؛ بعضها من حدود عاميّة ، وبعضها
من محاورات كانت متعالمة في ذلك العصر فسقطت.
(١٤٠) ومما سمعناه يقول : إنه ليعظم علي أن يكون الاعتقاد في ثبوت
المبدأ الأول وفي ثبوت أنه واحد مسلوكا إليه من طريق الحركة ووحدة العالم المتحرك ، كأن كتاب
ما بعد الطبيعة لا يدر أخلافه في أمر الله تعالى إلا بهذا ، وليس انما يستعظم هذا من
المحدثين بل من جميع من أشبههم من مشايخهم ؛
__________________
ويقول : لو فطنوا
لأسرار كتاب
ما بعد الطبيعة استحيوا من هذا النمط ، ولم يحوجوا إلى أن يتكلّفوا ما لا وجه له من أن هذه المآخذ فيه سلوك طبيعي وسلوك إلهي ، فإن هذا الكتاب يختصّ بالسلوك الإلهي.
(١٤١) وقد فسّر هو هذا الكتاب تفسيرا مفردا يشتمل شرحه بحرف الألف الصغرى على قريب من جميع هذا التفسير المجلوب من مدينة السلام ثم
لا يدخله مسئلة من مسائل فرع عنها في علم المنطق أو في العلم الطبيعي أو الرياضي ، ولا يتكرر فيه شيء ولا يطول فيه بيان ، بل بأوجز لفظ مع
الاشتمال على المعاني ، وكثيرا ما يقول : يجب أن
يأتي الشارح بجميع المقدمات المحتاج إليها ، ولا يحذف إلا ما لا يخفى حذفه ويبرد
ايراده ، فإن أخرق الشارحين من يستعمل في شرحه مقدمات هي أخفى من مقدمات ما
يشرحه أو مساوية لها في الخفاء ، وهذه الشروح التي أتتنا بالحقيقة أخفى من الفصوص دعاوي ، وأكثر خفائها للغلط.
(١٤٢) س ط ـ ما معني العقل بالقوة؟ فان الشيء الذي يدرك منا المعقولات
[١٦
آ] قد بان أنه مجرد عن المادة ، وقد قيل : «إن كل مجرد عن المادة فهو عقل » فما معنى العقل بالقوة؟
__________________
__________________
(١٤٣) فإن قيل : «إنه بالفعل عقل ، إلا أنه معوّق عن أفعاله
باشتغاله بالبدن» فكيف يكون البدن نافعا له في كثير من الأشياء؟ [لأنه
إن كان ينتفع بالبدن] فليس يكفى في أن يكون الشيء عقلا تجرده عن المادة .
(١٤٤) جط ـ ليس كل مجرّد عن المادة ـ كيف كان ـ عقلا بالفعل ، بل
كل مجرد عن المادة ، التجريد التامّ ، حتى لا يكون المادة سببا لقوامه ، ولا بوجه ما سببا لحدوثه ، ولا سببا لهيئة بها يتشخّص ، ولتهيّؤ به يخرج إلى ضرب من الفعل.
(١٤٥) والبرهان الذي يقوم على أن كل مجرد عن المادة عقل بالفعل ، إنما يقوم على المجرد ؛ التجريد التام ؛ الذي لا توسط للمادة في
هيئة تشخّصه ولا في هيئة استعداده .
(١٤٦) ثم ليس من العجيب المستنكر أن يكون
الشيء الذي يمنع من شيء يمكّن من شيء ، والذي يشغل
عن شيء يشغل بشيء .
(١٤٧) ينظر في هذه المسائل من النسخة الصادرة إليه من كتاب الإشارات .
(١٤٨) س ط فو ـ قيل : «إن العقل إذا حصلت فيه الصورة المعقولة
__________________
__________________
لا يبطل عنه مطلق
الاستعداد فأما بحسب شيء شيء فإن الاستعداد يبطل مع وجود الفعل» ولست
أدري كيف يبطل عنه الاستعداد [وكيف يبقى؟] والهيولى إذا
حصلت فيها الصورة فإن القوة باقية بعد. فأيّ فرق بينهما؟ .
(١٤٩) جط ـ الاستعداد اسم مرادف للمعنى الرابع من المعاني التي يقع عليها اسم «الإمكان»
، وهو ما كان من معاني الإمكان مقارنا لعدم ما هو ممكن ، وإذا قايسنا العقل بالقوة إلى تصوّر معنى المثلّث أو تصديق فيه مثلا ـ وكان معدوما فيه ـ كان هناك استعداد له
، فإذا حصل استحال أن يكون الاستعداد بهذا المعنى باقيا ،
وإلا فالشيء بعد معدوم. فأمّا مطلق المعقولات فلعلّها لا
يتناهي. وبالجملة فليس تخرج لنا بالفعل معا كلّها ـ بل ولا متناه منها له كثرة تخرج إلى الفعل معا.
(١٥٠) س ط ـ هب أن مخرج العقل من القوة إلى الفعل عقل [١٦ ب] كما
تحقّق عندنا ـ فما البرهان على أنّه يتّصل به بعد المفارقة؟
وهاهنا ـ كما يرى ـ لا يكاد [يتّصل به إلا بعد] مطالعته للصور التي في الخيال وباستعمال الفكرة ، وكأنّ الفكرة توقع بينه وبين المفارق نسبة. فلم هاهنا هو كذا وبهذا الشرط يخرجه إلى الفعل ، وبعد المفارقة يكون قد استغنى عنها؟
__________________
__________________
(١٥١) فرجط ـ ليس يحتاج العقل منّا
في كلّ اتّصال بالمفارق إلى الخيال ، بل في بدء ما يقتبس
التصورات الأول الكليّة ، وربما استعان بالخيال أيضا في بعض التصرفات بشغل الخيال عن المعارضة وليكن التهيّؤ بمشاركته آكد ، كما يفعله في مطالعة الأشكال الحسيّة أيضا عند التأمل الهندسي.
(١٥٢) وهذه الاستعانة نافعة ـ لا ضروريّة ـ و في الامور التي هي من المحسوسات الحقيقية أو المشتركة. والقويّ العقل قدير فض
ذلك فلا يستعين بالحسّ ، وربما يمكن أن يرفضه عن الخيال أيضا. فلا يشخّص المعنى شخصا حسيّا ولا خياليّا ، والقيّاس المستقل يتصرف في حدود قياسه الكليّة
غير متخيّلة وفي حدود حدّه ورسمه.
(١٥٣) والمؤيّد بالحدس الثاقب يقع له الحد الأوسط دفعة من غير
طلب وفكر ولا استعانة بغير قوى العقل.
(١٥٤) فليس كلّ اتّصال إنما هو بمعونة الخيال ، ولا أيضا كل نفس
إنسانيّة تتّصل عند المفارقة بالمفارق ، بل إذا كان قد استفاد قوة هذا الاتصال والأمر في تحديد هذه القوّة . ومتى يكون كالمستصعب ؛ ولعله إذا تيسّر الاستقلال يتصور المعاني المفارقة للمادة .
__________________
__________________
(١٥٦) س ط ـ هل يخلو العقل الفعّال من أن ينفعل عن ذاته حتى يدرك المعقولات ، فيكون من حيث يفعل ينفعل؟
(١٥٧) ج ط ـ
الانفعال يقال بوجه مرسل
على كل خروج من القوة إلى الفعل ، ويقال على وجه أخص من ذلك ـ مثل أن يكون خروجا زمانيّا ، ومثل أن يكون على سبيل الانتقاص
ليس على سبيل الاستكمال ، وكل ذلك يشترك في أنه خروج عن قوة ما إلى فعل ، وحيث لا
يوجد معنى ما بالقوّة ، فلا وجه للانفعال بوجه.
(١٥٨) [ولو كانت نفوسنا [١٧
آ] متصورة للمعقولات لا على سبيل] استيناف تصوّر
بعد عدمه لما كانت يقال إنها منفعلة ، على أنها الآن أيضا ينفى عنها هذا الاسم على سبيل المعنى الخاصّ دون العام.
(١٥٩) أ ـ س ط ـ لم قيل : «إن العقل الذي
يتصوّر المعقولات المفصّلة المرتبة ليس بسيطا من كل وجه؟ وكيف يكون ذلك؟ وكل ما يدرك
المعقولات فإنه مجرد ، والمعقولات المفصّلة أيضا لا تحلّ الأجسام ، وهذا الشيء إما
أن يكون ملابسا للمادة فيكون صورة جسمانيّة ـ وليس هو كذلك ـ أو يكون مفارقة وهو بسيط. فأيّ حالة بين هاتين الحالتين؟
(١٦٠) ب ـ وما الفرق بين النفس الناطقة وبين العقل؟
(١٦١) أ ـ كل مركب الجوهر مما بالفعل وبالقوّة فهو غير بسيط ،
__________________
__________________
والبسيط الحق واحد
، فأمّا في الهيئات فلا شكّ أن ما يتكثّر عليه الهيئات غير بسيط.
(١٦٢) و اعلم إن كل شيء غير الأول الحقّ ، ففيه تركيب ما ـ وليتأمّل
من كتبنا ـ.
(١٦٣) ب ج ط ـ النفس الناطقة هو
الجوهر القابل للمعقولات والمتصرّف في مملكة البدن والعقل الهيولاني تهيّؤ له ، والذي بالفعل صورة كماليّة فيه ، وإذا قيل لها عقل فمعناه عاقل .
(١٦٤) س ط ـ كيف يطالع العقل الصور الخياليّة وهي في أجسام ذات وضع أو قوى جسمانيّة ، وتلك هي مفارقة .
(١٦٥) جط ـ انما كان يشكل هذا لو كان يأخذها منها خياليّة كما
هي. وأما إذا كان بينها وبين العقل الذي لنفوسنا مناسبة ما تتأثّر منها نفوسنا
تهيّؤا لقبول أثر من فوق ، فليس هو بعجيب فإن بين نفوسنا وأبداننا علاقة ما يتأثر
بها أحد هما عن الآخر ، ولا عجب أن [يتأثر متفارقان أحد هما عن الآخر ، ولو كان هذا عجبا لم يتأثّر البدن عن النفس.
(١٦٦) فالخيال ] آلة للنفس فتستعملها مفارقة ، إذا
احتجت
__________________
__________________
النفس إلى الجانب
البدني أثّر فيها الخيال والغضب والشهوة ، وكل هذا هيئات ليست هي فيها كما في هذه الآلات ، وقد يتأثّر الشيء عن قوّة في المؤثّر خلاف تلك القوّة [١٧ ب]
كالحركة عن الميل ، والحرارة عن الحركة.
(١٦٧) س ط ـ كيف يكون إمكان الشيء المعدوم موجودا ، والمعدوم لا يكون له صفة موجودة؟
(١٦٨) جط ـ امكان الشيء صفة لهيولاه الموجود يعقل بالقياس إليه ، ولو لا هذا لما وجب ثبوت المادة ؛ مع العلم بأن من
الامور المعدومة ما يضطرّ العقل إلى أن يحكم بأنه ممكن فيكون الإمكان المضطرّ إلى
إثباته صفة لشيء ما ، والمعدوم من حيث هو معدوم غير موجود الصفة ، فهو لغيره ، لكنّه إذا عقل واحضر هو والمعدوم موجودا بالفعل في العقل ، وصف به المعدوم من حيث هو موجود في العقل ، كما يوصف
بالعلاقة الطرفان جميعا ، وإن كان اعتبار العلاقة من جهة الصورة اعتبار
الاثنين ـ لا الواحد ـ.
(١٦٩) وبالجملة ـ إذا أحضرنا المعدوم في العقل قضينا في العقل
بأن له إمكانا موجود ، وفي الأعيان ، فإذن هو في الأعيان موجود للمادّة ،
__________________
__________________
وفى الذهن
لكليهما.
(١٧٠) س ط ـ الصورة الماديّة
والنفوس المتعلّقة بالمادة لا يلزم بطلانها ببطلان المادة إذ كان سبب وجودها علة غير المادة ، وليس للمادة إلا القبول ،
ثم إن الوجود للصورة أولا ثم للمادة ، وليس بممتنع أن يستحفظ صورة واحدة بمواد يتبدّل عليها.
(١٧١) اللهم إلا أن يكون حالها كحال الأعراض التي سبب وجودها
المادة ، [فأما إذا كان سببها في إفادة الوجود غير المادة فلم يلزم بطلانها ببطلان
المادة] .
(١٧٢) على أنّي لا أعقل
وجود الصورة في الهيولى ، فليس بممتنع أن تكون الصورة مفارقة غير مخالطة ، ومع ذلك
وجودها في المحل.
(١٧٣) ج ط ـ قد بيّنا في كتبنا أنه ليس يجوز أن يقال قولا مطلقا
: إن المادة لا معونة لها في وجود الصورة ، وليس وجود الصورة عن المفارق بالمفارق وحده ، ثمّ توجد المادة عن الصورة وحدها ـ فهذا ـ.
(١٧٤) ثم بيّنا ـ لا سيّما في الإشارات وفي كتاب الشفاء وغيره ـ أن الصورة والعرض سيّان في افتقار شخصيهما إلى شخصي من المادة فليتأمل من هناك فإن الكلام فيه [١٨ آ]
طويل.
(١٧٥) س ط ـ ما معنى قوله في كتاب النفس : «إن القوى وجودها بحيث
__________________
__________________
تفعل» وما البرهان على ذلك؟ فليس بممتنع في ظاهر النظر أن تكون
قوّة موجودة ثم لا يصدر عنها فعل.
(١٧٦) ج ط ـ لا مانع من أن تكون قوّة موجودة
ممنوعة عن أن تفعل بعارض ، فليتأمّل ما قيل في كتاب النفس فلعلّه ليس على هذا الوجه.
(١٧٧) س ط ـ ما البرهان على أن مصدر أفعال الشيء وجوده وقوامه؟
(١٧٨) لأنه إن لم يكن للفعل مصدر ، لم تكن
علّة ، فلم يكن فعلا ؛ ومصدره إمّا ذات الشيء الموجود وقوامه
وإما غيره ، فإن كان غيره فالفاعل غيره والعلّة غيره ـ لا هو ـ فبقي أن يكون مصدره
هو.
(١٧٩) س ط ـ قال بعض المعتزلة : إنه ليس الوجود بشيء . فلما أثبت الوجود قال : «دلّني عليه فإنّي لا أعرف ما هو؟» فإن رأى ـ أدام الله علوه ـ أن يتكلّم في هذا الباب بكلام شاف في إثباته وإثبات سائر الصفات واللوازم المشاكلة والوحدة والدلالة عليه بأيّ نوع من الدلائل ـ من التنبيهي وغيره ، فإن مثل هذا لا يمكن تعريفه بما هو أبين منه ـ كانت الفائدة
عظيمة .
(١٨٠) ج ط ـ العاقل لا يضيع فكره في هذه الخرافات! كل عاقل يعقل مثلا إن السماء موجودة ، وإن كونها سماء غير كونها موجودة ، وليس الوجود غير كونه موجودا أو إنه موجود.
__________________
(١٨١) بلى ـ هؤلاء يقولون شيئا آخر ، يقولون : «إن الوجود صفة تتجدد
على الذوات التي هي ذوات في حالي العدم والوجود ؛ والصفات ليست بموجودة
ولا معدومة ، ولا مجهولة ولا معلومة ، ولا هي بشيء ، لأنّ الشيء هو الذات ، والمعلوم هو الذات بالصفة ، فالصفة لا تعلم ولكن يعلم بها.
(١٨٢) وليس غرضهم في قولهم : «ليس بموجود» و «ليس بشيء» النفي
المطلق ، بل نفي معنى اسم «الموجود» و «الشيء» على ما تواضعوا عليه ، ثم إذا غلظ
عليهم التحقيق خاروا وسقطوا.
(١٨٣) وكما اضطرّ هم كون الذات مشتركة في أنها ذوات إلى صفات يفترق بها ، كذلك يضطرّ هم كون الصفات غير
مختلفة في أنها صفات إلى فرض قسم ثالث يفترق بها ، ويتمادى الأمر [١٨ ب] إلى غير
النهاية ؛ وتبيّن أنه إذا لم يعلم الشيء لم يعلم به الشيء ؛ وتبيّن عليهم أن الصفة مخبر عنها كما أن الذات مخبر عنها ، والأمر في هذا يطول ،
وليس لي روزجاره وقد تحيّر فيها عامّة القوم بالريّ فتذبذبوا في آرائهم.
(١٨٤) س ط ـ لم وجب أن يكون انفعال القوى الماديّة بمشاركة المادة؟
(١٨٥) فان قيل : لأن الانفعال للمادة.
__________________
__________________
قلنا : فلم ينفعل
العقل ـ وهو غير مادي ـ
ثم إنا هو ذي نرى المادة تنفعل عن أشياء لا تنفعل الصورة عنها ، كما تسخن وتبرد وتتخلخل وتتكاثف ، ولا تنفعل الصورة هذه الانفعالات ، فغير
ممتنع أن تكون القوة العقلية وجودها في مادة ثم إنها تنفعل عن المعقولات ولا تنفعل عنها المادة.
(١٨٦) ج ط ـ معنى الانفعال حصول أثر ما في الشيء ، وإذا كان ذات ذلك الشيء في المادة حصل الأثر أيضا في تلك المادة ، فإن استحال حصول
الأثر في المادة استحال حصوله فيما لا يحصل فيه إلا ويحصل في المادة.
(١٨٧) ثم
قوله : «فلم ينفعل العقل وهو غير مادي؟» غير مسلّم ، فإن النفس
مادة للمعقولات وهي المنفعلة بالذات لا العقل ، إلا أنّا كثيرا ما نتوسّع
فنقول : «العقل» ونعني به النفس الناطقة.
(١٨٨) وقوله
: «إن المادة تسخن والصورة لا تسخن» إن عنى أن السخونة تعرض
لاستعداد في المادة ليس في الصورة ، فهو صادق ـ لكنّه ليس فيه كلامنا بوجه ، فإن هاهنا من الأعراض ما تستعدّ له القوى الماديّة أولا بمشاركة المادة ككيفيّات الكميّات وأشياء من أعراض مما عرفه أهل التحقيق. وإن عني أن السخونة تحدث مقارنة للمادة ـ دون الصورة ـ
فذلك غير مسلّم ، بل تقارنهما جميعا ولكن لأحد هما باستعداد في الآخر .
__________________
__________________
(١٨٩) ثم معنى قولنا : «إن الصورة المادية تنفعل بمشاركة المادة»
أنها لا تحصل فيها صورة أو كمال أو هيئة [إلا وتعرض للمادة ، فيكون ذلك أيضا
انفعالا للمادة ، وإن كان بوجه ثان ؛ وهو أن وجود تلك الهيئة] تتقرّر في المادة كما تقرّرت في الصورة وليس وجود الصورة في المادة إلا على أنها [١٩ آ] مقارنة لها في القوام ومعها في القوام ؛ وهذا المعنى موجود للسخونة مع الصورة ، بل يفترقان بأن
السخونة قد عرضت للصورة لتهيّؤ في المادة لا لتهيّؤ في الصورة ، ولعلّه قد يكون ما يهيّؤ الأول في الصورة ، وليس المؤثر فيما نحن فيه إلا نفس حصول
الصورة مقارنة الذات للذات ، لا أنها بتهيؤّ أول أو ثان ، أو
بتهيّؤ في الشيء أو في غيره ـ فهذا الفرق خارج عن الغرض.
(١٩٠) س ط ـ كيف تعلق الوجود والوحدة
والإضافة وساير اللوازم
بالمواد ؛ فإنه يجب أن ينقسم بانقسامها إن كانت حالّة فيها .
(١٩١) ثم غير جايز أن تنقسم الوحدة ، وممتنع أن ينقسم معنى قولنا
«المضاف» و «الوجود».
(١٩٢) وان لم تكن حالّة في المواد ، و كان محالا ، فإنها أعراض ووجودها في الموضوع ، ولو كانت غير حالّة في
الموضوعات لكانت مفارقة ولكانت جواهر ، بل عقولا مفارقة.
(١٩٣) ج ط ـ هذه المعاني ليست من المعقولات المجردة بالوجوب ، بل
__________________
__________________
بالإمكان ،
والوجود والواحد المادي ينقسم ؛ والوجود مطلقا والواحد مطلقا ممكن له الانقسام كما يمكن المعنى النوعي مثلا في الجنسي.
بلى قوله : «إن هذه لوازم وأعراض فهي لموضوعات فيجب أن ينقسم» قول يحتاج
أن يتأمّل .
(١٩٤) أما أنها لوازم موضوعات فحقيقية ، وأما أنها يجب أن تنقسم في كل موضوع لأنها أعراض ، فليس كذلك ، فإنه إنما
يجب أن ينقسم ما كان عارضا للموضوعات المادية الجسمانية ، فيكون الوحدة فيها
اتصالا ، والاتصال يبطل بالانفصال ويبقى متصلا بفرض الاثنينية المشتركة في الحد
الواحد ، فيكون واحدا فيه اثنينيّة وقسمة وضعية ، والمعاني التي هي الصور المعقولة ليس إنما يمنع أن يكون فيها قسمة ـ منعا كيف كان ـ بل يكون فيها قسمة ما هو واحد من جهة ، كثير من جهة كثرة وضعية .
(١٩٥) فقد بان أن المعنى المعقول ـ من حيث هو معقول ـ لا ينقسم إلا إلى أجزاء مختلفة ، فلا
تحلّ الأجسام ، وأما هذه فإنها ليست معقولات الذوات ، بل يمكن لها أن تكون معقولة ، وأن تكون غير معقولة ، فيقبل هذا الضرب حينئذ من القسمة ، ولا يبعد أن يكون الواحد [١٩ ب] بالاتصال
__________________
__________________
والموجود الجسماني
ينقسم إلى اثنين فيه ، وإلى موجودين متشابهين ، ولا يمنع ذلك الوحدة الجسمانية
وغير ذلك.
(١٩٦) س ط ـ لم لا يجوز أن تكون نسبة المعقولات إلى العقل كنسبة الوجود والوحدة وسائر اللوازم إلى الأجسام
والموضوعات التي هي فيها وجود الأعراض في الموضوع؟
(١٩٧) وما البرهان على أن نسبتها غير هذه النسب وحتى يلزم في حلولها الأجسام ما ذكر في كتاب النفس؟ لا سيّما ونحن نعلم أن العقول الفعّالة ليس تحلّها
المعقولات ، بل تفعلها ، وتكاد أن تكون نسبة المعقولات إليها كنسبة اللوازم إلى الأجسام ؛ وإن كانت نسبتها إليها نسبة اللوازم ، فالبرهان المورد
في كتاب
النفس باطل.
(١٩٨) ج ط ـ هب أن نسبة المعقولات إلى العقل أو النفس نسبة
اللوازم ، أليست هي صورا لا يجوز أن تقع فيها القسمة المذكورة؟ وإذا كانت في
الأجسام لازمة أو حادثة ، فإنها جائز أن تقع فيها تلك القسمة ـ فالخلف ثابت ـ إذ
قد قلنا إنه ليس يتعلق بالحدوث بل بالوجود.
(١٩٩) ثم لو كانت هذه الصور المعقولة لوازم لأنفسنا كانت موجودة
فيها دائما ، وذلك كونها متصوّرة ملحوظة ، فما كنّا نجهل شيئا.
(٢٠٠) س ط ـ ما البرهان على أن العقول الفعّالة ليست بأجسام؟ فإن
__________________
__________________
البرهان إنما قام
على أن الشيء الذي ينفعل عن المعقولات وتحلّه المعقولات ليس بجسم ، [فأمّا أن
الشيء الذي يفعل المعقولات ليس بجسم ، فما بان لي بالبرهان بعد] .
(٢٠١) ج ط ـ لم يقم البرهان من حيث يحدث ، بل من حيث يوجد ، أيّ
وجود كان ـ قد فرغ من هذا.
(٢٠٢) اجعل بدل «يحلّ» «يوجد» وبرهن ذلك البرهان بعينه ، فإما أن
يكون حقا فيهما أو باطلا فيهما ، ليس لكونه حالاّ
مبتدأ تأثير في استمرار صحته ولا لكونه موجودا لازما تاثير في منع استمرار صحته.
(٢٠٣) س ط ـ ما البرهان على أن التعقّل هو استحضار صورة المعقول
في العقل ، والعقول الفعّالة ليست هذه سبيلها؟
(٢٠٤) وما المانع من أن تكون عقولنا أيضا تلك سبيلها؟ ولا ينتفع بالبرهان المذكور في كتاب النفس «إن القوّة العقليّة [٢٠ آ]
لا تدرك بآلة جسمانيّة» فإنه ما بان لنا بهذا البرهان أيضا أن العقول الفعّالة
ليست بأجسام ولا ذوات أجسام.
(٢٠٥) ج ط ـ الصور المفارقة لا يقال لها متعقّلة إلا باشتراك الاسم ، إنما التعقّل في العرف الأخيري هو الاستيناف.
(٢٠٦) ثمّ لا فرق بين الصور المستحضرة والصور اللازمة في أنها
__________________
__________________
تستحيل فيما
تستحيل فيه ، ولا يجوز أن تكون صورة عقليّة في منقسم.
(٢٠٧) وهذا برهان أعم من المختصّ بأنفسنا دون العقل الفعّال
ليعلم أن البرهان هو على أن الصور العقليّة لا توجد في جسم ، لا وجودا مستأنفا ولا وجودا لازما
، لأن البرهان ليس يتعلّق إلا بأنه لا يجوز وجوده في الجسم وفي المنقسم ؛ ليس على أنه لا يجوز حدوثه فيه ، لكنّا إذا
تكلّمنا [عن أنفسنا تكلّمنا] في وجود حادث ، لأن تعقّلنا حادث ، فكان ذلك نظرا بالعرض ، لا بالذات.
(٢٠٨) س ط ـ هل هاهنا برهان على أن لكل شخص من أشخاص الأنواع
شيئا ثابتا واحدا بالعدد والشخص؟ فان ما قيل يختصّ بالإنسان الذي يشعر بذاته.
(٢٠٩) ج ط ـ لعلّ هذا في غير الحيوان يصعب ، لكنّه لا بدّ من وقوف كلّ حركة زمانا ما ،
ولعلّنا إذا فكرنا وجدنا السبيل إلى القول الجزم في هذا .
__________________
__________________
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ يسّر
(٢١٠) أما قوله : «إن البسائط تصدر عنها أفعال مختلفة صدورا
أوليّا».
(٢١١) ج ـ فذلك في موضوعات مختلفة ذوات استعدادات مختلفة ،
والقوّة المحركة والمغذّية تتصرّف في موضوع واحد.
(٢١٢) ط ـ وأما قوله : «إن النفس كافية في جميع أفعالها».
(٢١٣) ج ـ فيتذكر فساده بما يتحقّق
من أن الصور والمعاني الجسمانيّة لا تدرك إلا بآلة جسمانيّة ، والمجردة الكليّة لا
تدرك بآلة جسمانية ، والنفس الواحدة ينسب إليها الأمران جميعا ولا تصلح أن تكون
جسمانيّة ماديّة وغير جسمانيّة.
(٢١٤) ومن الدليل على فساد هذا الرأي أن الإنسان عنده صور
متخيّلة ومذكورة محفوظة [٢٠ ب] وقد يتأدّى إليه من الحسّ ما يذهل
عنه وهو يدركه ضرب من الإدراك.
__________________
__________________
(٢١٥) فهذه الصور لو كانت منطبعة في النفس لم يجز أن يقال : إنها
مرة [حاضرة ومرة غير حاضرة ، [ومرّة خاطرة بالبال ومرّة غير] خاطرة] فان الخطور ليس أمرا غير
حصول الصورة بالفعل ، فبقي أنها في حال الغفلة تكون غير حاضرة للنفس ، فلا تخلو
إما أن تكون حاضرة لقوة أخرى نفسانيّة حافظة لها أو منمحية أصلا ، ولو كانت منمحية
لكان لا يقع خطورها بالبال إلا على الوجه الذي حصلت عليه أولا حين كانت موجودة
بالقوة ، فأوردها الحسّ ، فإذا ليست كذلك فهي موجودة بالفعل عند بعض القوى.
(٢١٦) ط ـ وقوله
: «إن الظن للقوة الخيالية» إن عنى به الظنّ الذي في قضايا
كلية الحدود فقد جعل الكلي متصورا في آلة جسمانية.
(٢١٧) وقوله
: «لعل المزاج واسطة وقوة للنفس بها تفعل أفاعيلها».
(٢١٨) ج ـ يجب أن تعلم أن المزاج معين إلا أنه ليس هو الفاعل
القريب المتوسط بين النفس والبدن أو نفس النفس ، وذلك لأن موجب أمزجة الحيوان أو
موجب موجب أمزجة الحيوان حركة أو سكون متعيّن يطرء عليه تحريك
مخالف له قاسر إياه مؤذ له ، فهو عن مبدء
آخر ، لا سيّما والتنازع ثابت عند تحريك النفس ، ولو كان اللمس بتوسّط المزاج. ومن المعلوم أن صحّة المتوسّط شرط في تمام الفعل ، والمزاج الصحيح لا
يحس إلا بأن يستحيل ،
__________________
__________________
ولذلك لا يحسّ بالمثل ؛ فتكون إذن الآلة مزاج مستحيل عن الصحّة.
(٢١٩) ثم إنما المدرك الأول هو الأثر الذي يحصل في الآلة وهو نفس
هذا المزاج ؛ فيكون المزاج إنما يدرك نفسه ، وكان لا يدرك مثله ـ فضلا عن نفسه ـ فالمدرك غير المزاج ، بل هو المدرك الطاري .
(٢٢٠) ط ـ و قوله : «لعل هيئة الاجتماع تحفظ المزاج قياسا على الأبنية»
قول من لا يعلم أن الأبنية إنما تنحفظ على أشكالها لأن وضع أجزائها وضع ميلة في
جهة واحدة [٢١ آ] يتعاون بذلك على الثبات ، والاستقصات متضادة القوى مأسورة ،
مقسورة على الاجتماع ـ لو لا سبب من خارج يقسرها
على الاجتماع لتباينت ولم تغن هيئة الاجتماع كما يعرض بعد الموت.
(٢٢١) ط ـ و يجب أن يعلم أن المزاج كيفية واحدة واقفة على حدّ ، ليس
المزاج مجموع كيفيات كل واحد منها له حكم في نفسه ، ويصدر عنه فعل في نفسه ، فإن
القوى إذا كانت على هذه الصفة لم يسمّ مجموعها مزاجا ، فالمزاج ـ برد أو حرّ أو
يبس أو رطوبة ـ على حدّ يجب عنه في موضوعات فعله الفعل الذي ينسب إليه مقصّرا فيه ، والحرارة الغريزيّة آلة من آلات النفس لكن في أن تفرق الغذاء وتنضجه ، وأما إحالته إلى المشاكلة فليس من أفعال الحرارة بوجه ،
بل ذلك لقوة اخرى.
__________________
__________________
(٢٢٢) أرجع
إلى ألفاظ حكيت مختلّة :
(٢٢٣) قال : [«الشك في أن الكيفية لم لا يجوز أن يكون] سببا للإدراك والتوكيد ، والمعلول قد لا يكون من جنس العلة؟» هذا كلام مختلّ ،
فإنه لم يعوّل في ذلك على أن الكيفيّة المزاجية إنما لا تكون سببا للإدراك ، لأنه
مخالف له.
(٢٢٤) س ط ـ قيل في كتاب الشفاء عند الكلام في بقاء النفس : «محال أن
تفيد الأعراض والصور القائمة بالمواد وجود ذات قائمة بنفسها لا في مادة ووجود جوهر مطلق».
قال
أبو القاسم : «لم هو محال؟»
قلنا : لأن الصور الجسمانية تفعل بتوسط المادة ، وذلك يتم بوضع.
(٢٢٥) قال : «إنه كما يجوز صدور
الجسم عن العقل ، كذلك يجوز صدور العقل عن الجسم ، فليس يجب أن يكون المعلول من
جنس العلة».
(٢٢٦) ج ط ـ أما «إن هذا لم هو محال»؟ فهو ممّا يتبين في العلم الأعلى وهو موضوع في علم الطبيعة ؛ وإنما هو محال لأن الوجود معنى
يقع على الأشياء بتقدم وتأخّر ، وبعض المعاني حظّه من الوجود
آكد مثل الجوهر والقائم
__________________
__________________
بنفسه ، وبعض
المعاني وجوده في الدرجة المتأخرة ، وكلّ ما هو علّية بالذات فإن حظّه من الوجود إمّا مساو لحظ المستفيد منه ـ إن
أمكن ذلك ، وإما أسبق منه وآكد.
(٢٢٧) فما ليس له من الوجود حظّ القوام بنفسه فليس يجوز أن يكون
غيره ينال منه حظّ القوام بنفسه ، [لا لأن المعلول يجب أن يخالف [٢١ ب] العلة ، بل] لأن المعلول يجب أن لا يكون آكد وجودا من العلة.
(٢٢٨) [والذي قلتم في جوابه فهو حسن أيضا. وليس معنى ما قلتم ما ذهبتم أنتم وهو إليه ، بل إذا
كانت الصورة] قائمة بالمادة كان مصدرا لأفعال
عنها قوامها و نحو وجودها ، وكانت المادة تخصص أفعالها بأن يكون لها فيها توسّط ، وإلا لكانت
القوة يصدر فعلها عن ذاتها من غير مشاركة المادة ، وكان فعلها أتمّ في الوجود من
ذاتها ، فيجب أن تكون أفعال القوى المادية مخصصة بما لها من كونها مادية ، فتكون
تفعل فيما لمادتها إليها نسبة ما ، ولا تفعل فيما ليس لمادتها إليها نسبة ، ولذلك
لا تفعل في البعيد جدا وفي المستور وفي الذي ليس في وضع ما خاص.
(٢٢٩) س
ط ـ الشكوك التي لنا خارجة عن ذلك :
هب إن الصور
البسيطة واهبها ليس بجسم لما قيل من حديث الوضع ـ وفيه
__________________
__________________
ما قيل ! ـ لم لا يجوز أن يكون سبب الصور المركبة جسم؟ والصورة المركبة تحصل للهيولى بعد أن صارت ذات وضع وصورة ، فبالضرورة على هذا القياس
يجب أن يكون واهب هذه الصورة جسما.
(٢٣٠) ج ط ـ قوله : «الصور المركبة» لعله
يريد به صور المركبات ، وأما الصور فكل واحدة منها في نفسها بسيطة. أو لعله يعنى
صورة مؤلفة من عدة صور كصورة الإنسانية .
(٢٣١) فإن عنى الثاني ، فالصورة البسيطة جزء من تلك ، فلا يكون يصدر ما جزئه لا يصدر عن جسماني صادرا عن جسماني.
(٢٣٢) وأما إن عنى بذلك الصور البسيطة التي بعد
الصورة الاولى ، فيجب أن يتأمل من كتاب الشفاء هذه المسألة ، فهي منصوص عليها بقوة قريبة من الفعل ـ وللكلام فيه طول قد ذكر على وجهه ، فإن في الآن كسلا عن ذكره .
(٢٣٣) وأما ما كان مثل النفس الناطقة فالسبب فيه ظاهر حين بيّن
أن المفارق لا يكون مبدئه غير المفارق.
(٢٣٤) س ط ـ لا بد للقوة العقلية من استعمال الفكرة عند التعلّم
__________________
__________________
والتذكّر ، بل عند
ما يعقل أنها قد عقلت ، فكيف يكون لها إدراك بعد المفارقة وبطلان هذه القوة.
(٢٣٥) ج ط ـ [٢٢ آ] ألف بدّ من استعمال القوة المفكرة الطالبة
للحد الأوسط ، وذلك لأن التعلّم هو على نحوين :
(٢٣٦) أحدهما علي سبيل الحدس ، وهو أن يخطر الحدّ الأوسط بالبال
من غير طلب ، فينال والنتيجة معا. والثاني يكون بحيلة وطلب.
(٢٣٧) والحدس
هو فيض إلهى
واتصال عقلي يكون بلا كسب البتة ، وقد يبلغ من الناس بعضهم مبلغا يكاد يستغني عن الفكر في أكثر ما يتعلّم ، ويكون له قوة النفس القدسيّة.
وإذا تشرفت النفس واكتسبت القوّة الفاضلة وفارقت البدن كان نيلها ما ينال هناك عند زوال
الشواغل أسرع من نيل الحدس ، فتمثل لها العالم العقلي
على ترتيب حدود القضايا والمعقولات الذاتي ـ دون الزماني ـ ويكون ذلك دفعة.
(٢٣٨) وإنما الحاجة إلى الفكر لكدر النفس ، أو لقلة تمرّنها وعجزها عن نيل الفيض الإلهي ، أو للشواغل . ولو لا ذلك لاستغلت النفس جلاء من كل شيء إلى
أمد الحق.
(٢٣٩) س ط ـ قيل : إن استحضار الصور ـ إذا كانت بحيث أن تعقل ـ و
__________________
إدراكها واحد ، وذلك صحيح فيما عرفنا أنها تدرك كعقولنا نحن ، وأما فيما لم نعلم بعد إنه هل يدرك ، أم ليس يدرك كيف يصح؟ فإن
الشعور بالشيء غير استحضاره.
(٢٤٠) ج ط ـ
قوله : «ما لم نعلم إنها هل تدرك» معناه «ما لم نعلم إنه يحصل لها
الصورة على التجريد التي بها تكون عقلية» [فإن
الإدراك مثلا ليس أن تحصل الصورة على النحو الذي بها] تكون عقليّة ، ثم تحتاج إلى إدراك لتلك الصورة مرة اخرى ، كما تحتاج إلى
إدراك الصورة الخارجة ، بل نفس الإدراك تطبّع الشيء بالصور من حيث هي عقليّة ـ أي
مجردة عن الأحوال المعلومة ـ.
(٢٤١) وإذا حصلت في شيء على هذه الصفة فليس يحتاج إلى أمر آخر
يحصل يكون هو الشعور بها ، فيتكرر تصورها في الشيء مرة اخرى ، ويعود الشعور
بتكررها محتاجة إليه مرة ثالثة ، بل ليس التصور إلا أن يصير للذات تلك الصورة من حيث لها ضرب من التجريد [٢٢ ب] بحسب الضرب من الإدراك.
(٢٤٢) س ط ـ إن جاز أن تدرك قوة جسمانيّة أن هذا
الذئب مهروب عنه وأن هذا الشيء مخوف عنه ـ وهذه معاني لا يجوز أن تحلّ جسما إذ لا مقدار لها ـ جاز أن تدرك قوة جسمانيّة المعاني
المعقولة ، وذلك لأن الشيء
__________________
__________________
الذي يمنع من أن
تدرك المعقولات بآلة جسمانية هو أنها ليست ذوات مقدار ؛ وصورة الخوف والهرب والأذى
كلها لا مقدار لها.
(٢٤٣) ج ط ـ من يقول هذا؟ الخوف
والهرب كلّها معاني جسميّة تحتاج إلى ضرب من التجريد حتى تصير عقليّة .
(٢٤٤) س ط ـ لم لا يجوز أن يكون الوجود من توابع بعض الماهيات ولوازمها
كغير الوجود من اللوازم؟
(٢٤٥) ج ط ـ لأن التوابع معلولات ، والمعلول وجوده وحصوله بعد
وجود علته ، فنفس وجود الماهيّة لا تكون معلول الماهيّة ، وإلا لكان للماهيّة وجود سابق على وجود المعلول وحصوله.
(٢٤٦) ط ـ الذي قال الشيخ أبو القاسم «إن الحيوانات تحسّ بالهوهو
وبالغير ويدركه» فإنما ذلك بالعرض لا بالذات ، وذلك لأن الهو هو الذي يقال للشيء
الواحد ، فإنّما ذلك بحسب الاسم والمسمّى ، وهذا غير داخل في الأفعال البهيميّة ،
وأما الهو هو ـ الذي يكون بمعنى النوع ، أو بمعنى الجنس ، أو بمعنى عرض جامع ـ فالإنسان
أيضا لا يدركه ولا يناله إلا أن يخطر بباله اثنين مختلفين
ثم يقايس بينهما.
(٢٤٧) وكذلك الغير أيضا ، ليس يكفي في تصور ذات الشيء غير ، أن
يتصوّر ذلك الشيء ، بل أن يخطر شيئا آخر بباله معه ، وليس يكفي أيضا هذا ما لم يوقع بينهما الخلاف ـ كما
في الهو هو الوفاق.
__________________
(٢٤٨) والحيوان إنما يعرف صاحبه من حيث يحسّ به ، وأما من حيث له
حكم مع غيره ـ من موافقة أو مخالفة ـ فذلك يكون له لو أمكن أن يعتبر ذلك ويفكّر
فيه.
(٢٤٩) وأما من حيث إذا رأى ولده مال إليه وإذا رأى الذئب هرب عنه ، ولم يفعل مع هذا ما فعل مع ذلك ، وإذا رأى أيّ
رجلين يتعهّد أنه مال إليه فليس أنه يعتبر مع ذلك حال كل [٢٣ آ] منهما
مع الآخر ، والقدر الذي تبيّن به لذلك الشيخ هو هذا الذي أخذه شيئا دون شيء ؛
وتقارن عين شيء دون شيء لا يوجب أن يتعدى تصور ذلك الشيء المحسوس إلى
مقايسة يفعلها مع غيره ، فإن ذلك يتم على التفريق ، فليس إذن ما ذهب إليه
واجبا.
(٢٥٠) وبعد هذا ، فلو أن البهيمة أدركت هو هويّة جزئية وغيرية جزئيّة لم يكن ذلك بعجيب ولا قادح في الكلام الحق ،
لأن الذي هو عقلي هو الهو هويّة من حيث هو هو هويّة
مجردة ، أو الغيريّة من حيث هي غيرية مجردة ، أو
إحداهما مخصّصة بمعنى كلي أيضا لا بشخصهما . أي لا يمنعهما
من القول على كثيرين.
(٢٥١) مسائل
اخرى كانت وصلت
له ما ليس منها مكررا :
(٢٥٢) س ط ـ أيّت قوة تستعمل
المفكرة غير القوة العقلية دائما حتى لا تفترّ هذه القوة عن الحركة؟ فإني أقدر أنه
ليس يستعمل هذه القوة غير العقل ، إذ كانت المعاني التي تتصرف فيها هذه القوة ليست
هي أشياء تحصل في القوى
__________________
الجسمانية ، مثل
الآراء ـ وإن كانت باطلة ـ ومثل النظر في العواقب ، ومثل الشفقة على الأقرباء ،
ومثل تدبير الأعمال الجزئية ، ومثل التصرف في المقدمات التي تنسب إلى أنها
وهميّة ـ وهي بالحقيقة لا تحصل في آلة جسمانية ـ وكيف يحصل في الآلة اعتقادنا بأن
كل محدث يجب أن يتقدمه زمان؟ ومثل أن النفس لا يصح عليها الفناء؟ ومثل أن كل نوع أشخاصها كائنة بعد ما لم
يكن ـ بعدية بالزمان ـ فالنوع أيضا كذلك؟.
(٢٥٣) وهذه كليات ومعاني لا يصحّ عليها
القوة في الجسم ، فإن كانت لقوة اخرى ذلك ، فتلك أيضا غير جسمانية.
(٢٥٤) ج ط ـ القوة
العقلية إذا اشتاقت إلى
صورة معقولة تضرعت بالطبع إلى المبدأ الواهب ، فإن ساحت عليها على سبيل الحدس كفيت
المؤنة ، وإلا فزعت إلى حركات من قوى اخرى من شأنها أن تعدّه لقبول الفيض لتأثير ما مخصوص يكون في النفس منها ، ومشاكلة بينها وبين شيء من
الصور [٢٣ ب] التي في عالم الفيض ويحصل لها بالاضطراب ما
كان لا يحصل إلا بالحدس .
(٢٥٥) فالقوة الفكرية إن عنى بها الطالبة فهي للنفس الناطقة وهو من قبيل العقل بالملكة ، لا سيما إذا أراد استكمالا ، فما
جاوز الملكة.
وإن عنى بها
العارضة للصور المتحركة فهي المتخيّلة من حيث تتحرك مع سوق القوة العقلية.
_________________
(٢٥٦) س ط ـ ما البرهان على أن الخلق من لوازم واجب الوجود بذاته؟
(٢٥٧) ج ط ـ لأن الخلق معلول ، وقد بيّنا أن المعلول ما لم يجب
لم يوجد ، فإما أن يتعلّق وجوده بالواجب الوجود ، أو يتسلسل.
(٢٥٨) س ط ـ إذا قبلت الهيولى صورة الماء وتحصل لها عند المزاج صورة الإنسانية فهل يجوز أن تكون لهيولى واحد صورتان؟
(٢٥٩) ج ط ـ يجوز بالتقدم والتأخّر.
(٢٦٠) س ط ـ قيل في بيان «إن الواحد يصدر عنه واحد» : إنه إذا كان الشيء من حيث يصدر عنه «ب» يصدر عنه «ح»
أيضا ، كان من حيث يصدر عنه «ب» يصدر عنه «لا ب» ـ وهذا محال.
وعندي أنه لا يمنع
صدور «ب» عن الشيء صدور غيره عنه وبالحقيقة ، فليس هذا بخلف .
(٢٦١) ج ط ـ المفهوم من الحيثيتين مختلف ، ولكل واحد منهما إضافة اخرى ، وما مفهومه مختلف فحقيقته مختلفة ،
فإما أن يلزما معا أو يكون أحد هما. وتمم الكلام على ما قيل في المحرك والمتحرك ـ بل على ما يجيء بعد ـ.
__________________
__________________
(٢٦٢) س ط ـ وشيء آخر ـ فإن القوة المفكرة والخيالية تتمانعان ، فإن في اليقظة تكون القوة المفكرة مستعملة دائما ـ بحيث لا تفترّ أصلا ـ وتبطل في النوم هذه القوة ـ وفي حال اليقظة بالضدّ ـ وكذلك تبطل
القوة العقلية في حال النوم لبطلان القوة المفكرة.
(٢٦٣) فهذه كلّها دلائل قويّة على أن العقل لا بدّ له في التوصل إلى
تحصيل النسبة بينه وبين العقل الفعّال من القوة المفكّرة ، فكيف
يمكننا أن نجزم القول بأن هذه
النسبة تحصل له بعد المفارقة.
(٢٦٤) ج ط ـ قوله [في بعض المواضع : «إن] القوة
العقلية تتعطّل في حال النوم» فقول غير مسلّم ، فكثيرا ما تقسر القوة المتخيلة وتجعلها [٢٤ آ] آلة ونستنبط ما لم نستنبط في اليقظة ، لكن
الأغلب أن القوة المتخيلة تستولى لنوم الحس ،
فتشغل النفس عن غير التخيل ، ولذلك ما يحتاج أكثر الأحلام إلى
عبارة.
(٢٦٥) س ط ـ قيل في إثبات المحرك للمتحرك ما قيل : «أن يكون
الشيء متحركا ليس هو أن يكون محركا ولا هو مقوم له ، وإلا كان كل متحرك محركا » ولعمري إن كل
متحرك محرك طبيعي ، فهذا هو نفس المسألة ،
__________________
__________________
كيف يجعل مقدمة
لإبطال هذه الدعوى؟
(٢٦٦) ج ط ـ هذه المسألة كيف غفلت عنها ؟ معنى كلامي هو أن مفهوم «إن الشيء محرك» غير مفهوم «إنه متحرك » لأن الموضوع لهما مختلف وغير ، حتى يكون مصادرة على المطلوب
الأول ، والمحرك والمتحرك في الطبيعيات ـ وإن سومح في ذلك فقيل «إن كل محرك منها
متحرك » ـ فذلك بمعنى أن الموضوع الواحد يجتمع فيه الأمران ، فيكون للأمرين موضوع واحد. ليس أن للأمرين مفهوم واحد وصورة واحدة والبرهان مبني على المفهوم وعلى
حقيقة الصورة .
(٢٦٧) س ط ـ البدن
كيف يوثر في النفس ، والنفس لا وضع لها ـ [وقد ذكر في عدة أقاويل] «إن ما ليس له وضع لا يوثر فيه ما له وضع » ـ؟
(٢٦٨) ج ط ـ ما بيّن كذا ـ بل بيّن أن ما ليس له وضع ولا علاقة معنى ذي وضع .
__________________
__________________
(٢٦٩) فإن قيل في موضع : «ما ليس له وضع» واقتصر على هذا المبلغ فقد
عني به ما هو مجرد بذاته وعلاقته في وجوده أو حدوثه ، وهذا شيء قد جرى فيه كلام في المسائل التي سلفت ، فليطالعها فقد فرغ من هذا.
(٢٧٠) س ط ـ العقل الذي يعقل المعقولات ما
البرهان على أنه ليس بجسم؟ لأن البرهان إنما قام على ما فيه المعقولات ـ لا على ما
يعقل المعقولات ـ والجواب الذي ورد غير مقنع.
(٢٧١) العقل الذي يفعل المعقولات فيه
أيضا المعقولات كاللوازم لذاته ، فهو يعقلها في ذاته عن ذاته ، وفي غيره أيضا ، وقد كان هذا إحدى [٢٤ ب] المسائل العشرة التي كانت في جانب الكتمان فبيح بها أو لم يسمع وعنده جلايا مقدسات .
معنى قوله «يعقلها
» ليس بعقل العامي الذي بعد أن لم يفعل بل معنى وجود لازم كما تعلم.
(٢٧٢) س ط ـ قيل في كتاب النفس : «إنه لما بيّن أن
جميع القوى الحيوانية لا فعل لها إلا بالبدن ووجود
القوى أن يكون بحيث تفعل ، فالقوى الحيوانيّة
__________________
__________________
إذن إنما تكون
بحيث تفعل وهي بدنية» واريد أن يبيّن أن وجود القوى لم يجب أن يكون بحيث تفعل ، فإن
الجواب الذي ورد لم يقنع ـ هذا.
(٢٧٣) ج ط ـ والقوى الشوقية إلى الشهوات المتخيّلة ـ مثلا ـ ما البرهان على أنها
جسمانيّة؟
(٢٧٤) بلى هذا البرهان يحتاج إلى تتميم ، وهو
كما قال ، وكذلك القوة الشوقية تحتاج أن يبين هذا فيها ببرهان ؛ ولعلي أحتاج إلى فضل تفكر في هذا
الباب لينقدح البيان الجزم ـ ولعل الله يسهل الالتقاء ـ.
(٢٧٥) س ط ـ كنت سألت البرهان على «أن مصدر
أفعال الشيء وجوده وقوامه»
فأجاب بما دلّ على أن مصدر الأفعال شيئيته ، والبرهان المطلوب هو على أن مصدر
أفعال الشيء وجوده ، لا شيئيته؟
(٢٧٦) ج ط ـ الشيء قد يكون في شيئيته علة لشيء ، ولعل هذا النمط من العلة لا يسمى فعلا. إنما الفعل ـ فيما أحسب ـ اسم للعلية التي تتعلق بوجود ما هو في نفسه شيء وله وجود مضموم إلى شيئيته .
(٢٧٧) وإذا كان كذلك فلا يكون نفس الشيئية علة لوجود شيء على
الوجه الذي يسمى فعلا ، لأنه إن صدر عن شيئية غير معتبر فيه وجوده كان علة
ـ وجد أو لم يوجد ـ وما عدمه ووجوده سواء في وجود شيء فلا يتعلق به وجوده ، فإن
علة الوجود ما لم توجد لم يوجد معلوله.
__________________
__________________
ولو كان شيء يوجد
ـ لو وجد غيره أو لم يوجد ـ لم يكن له أثر في وجوده أكثر من أثر
المعية الساذجة ، والعلية أكثر من المعية وإن كانت مع المعية.
(٢٧٨) س ط ـ بأية
قوة نشعر بذواتنا الجزئية؟ فإن النفس إدراكها للمعاني إما بالقوة العقلية ـ والشعور بالذات الجزئي ليس
هو تعقل ـ أو بالقوة الوهمية ـ [والقوة الوهمية تدرك] معاني مقترنة بمتخيلات [٢٥ آ] وقد بيّن أني أشعر بذاتي وإن لم أشعر بأعضائي
ولم أتخيّل جسمي.
(٢٧٩) ج ط ـ قد بان أن المعنى الكلي [لا
يدرك بجسم ، وبان أن المعنى الشخصي الذي تشخصه بالأعراض الهيولانية ـ نحو القدر
المحدود والوضع المحدود] ـ لا يدرك بغير جسم ؛ ولم يبين أن الجزئي أصلا لا يدرك
بغير جسم ، ولا أن الجزئي لا يقلب في حكم الكلي ،
بل الجزئي
إذا كان تشخصه ليس بقدر ووضع وما يشاكلهما فلا مانع عن أن يشعر به بذلك الجزئي ، ولم يبين استحالة هذا في موضع.
(٢٨٠) ولا بأس بأن يكون سبب ذلك الشخص
هيولى وأمر هيولانى بوجه ما إذا لم يكن الهيئة اللازمة المشخصة نفسها هيولانية ، بل كانت من الهيئات التي تخصّ ما ليس بجسم فتشخصه إنما لا يدرك العقل
__________________
__________________
أو النفس العاقلة
جزئيا مشخصا بهيئات مقدرة هيولانية .
(٢٨١) وأما ما خلا ذلك فقد يدركه ويدرك هذا أيضا إذا قشّره عن الامور
المخصصة ، أو أضاف إليه الامور المخصصة مأخوذة كلية ، والامور المتجردة إما شخصيات
نوع تتميّز بخواصّ وتدرك ذواتها كما هي ، وإما أفراد ليس ينقسم نوعها بمخصصات بل
النوع في ذات واحدة ليست تحتاج أن تتميّز
إلا بالنوعيّة ، فهذه تدرك أيضا ذواتها بنوعيتها.
ثم هاهنا نظر في
أنها هل تدرك الصنف الأول بشخصيّتها.
(٢٨٢) س ط ـ كيف أعقل ذاتي؟ ـ والمعقول
هو المعنى الكلي القائم بحده ، وأنا إذا عقلت ذاتي فقد تجردت ، وحينئذ أكون قائما
بحدي مقام الكلي ، وكل قائم بحده مقام الكلي فإنه مجرد لا تخالطه قوة الانفعال ، فكيف يدخل حينئذ على
ذاتي ما يمنعه التجرد الذي له.
(٢٨٣) ج ط ـ إن لم يسم هذا الشعور بالذات عقلا ـ بل خصّ اسم
العقل بما كان من الشعور الكلي المجرد ـ كان للقائل أن يقول : «إن شعوري بذاتي غير
عقل ، وإني لست أعقل ذاتي».
وإن سمي كل إدراك من مجرد القوام عقلا لم يسلم أن كل معقول لكل شيء معنى كلّي قائم بحدّه ، بل لعلّه إن سلّم فإنما يسلم في المعقولات الخارجة.
(٢٨٤) على أن [٢٥ ب] حق هذا أن لا يسلم مطلقا ، فليس كل شيء له
__________________
حدّ ، وليس كل
معقول إنما هو متصوّر بسيط ، بل قد يعقل الشيء بأحواله فيدرك حده مخلوطا بعوارضه ،
وكذلك إذا عقلت ذاتي عقلت حدّا مقرونا به عارض لازم.
(٢٨٥) على أن الواجب أن قولنا : «إن المعقول هو الكلّي» أي من الامور
المختلطة المشترك فيها ، وإنما المعقول على الإطلاق الذي يعم كل شيء ماهيّة مجردة أو مقرونة بما يعقل معه ، ثم يعرض في بعض الأشياء أن
تكون تلك الماهيّة كلية مشتركة فيها بقوة أو فعل ،
وبعضها لا يكون كذلك.
(٢٨٦) س ط ـ أحد ما يبرهن به على أن وجود
الجوهر الذي يدرك منا المعقولات غير منطبعة في مادة جسمانية
: «أن الإنسان يعقل ذاته ، وأنه لا يجوز أن يكون بيني وبين ذاتي آلة» ، وهذا
البيان أيضا يستمر في القوة التي تشعر مني بذاتي الجزئي ، فلم جاز هناك وأوجب أن
تكون القوة العقلية غير منطبعة في المادة ، ولم يجز في هذه القوة؟
(٢٨٧) ج ط ـ القوة التي تشعر مني بذاتي الجزئية هي النفس الناطقة ، قد مرّ هذا وما فيه ، وأما في الحيوانات فكلام آخر.
(٢٨٨) ثم هذا الكلام ليس ببرهان على ما ذكره ، بل نمط آخر من البيان معطوف على بيان سابق ، فليتأمّله لعل هذا العقل ليس
يعنى به مجرد ذلك الشعور المجمل ، [بل بعد ذلك ـ فليعن بفكره] بعد هذه الإشارة.
__________________
__________________
(٢٨٩) س ط ـ هل
تشعر الحيوانات الاخرى ـ سوى الإنسان ـ بذواتها ، وما البرهان عليه إن كان كذلك؟
(٢٩٠) ج ط ـ يحتاج أن يفكّر في ذلك ، ولعلّها تشعر بذواتها بآلات
، أو لعل هناك شعورا بأمر مشترك من الأطلال ، أو لعلّها لا تشعر إلا بما تحسّ وتتخيّل ، ولا تشعر بذواتها وقويها ولا
أفعال قويها الباطنة ـ يجب أن يفكّر في هذا.
(٢٩١) س ط ـ ثمّ لي شعور بأني أبصرت ـ أعني هذا الإبصار الجزئي ـ ولا شكّ إن للحيوانات الاخر هذا الشعور إن
كانت تشعر بذواتها ، فبأيّة
قوة
ادرك هذا المعنى وكيف الحال فيه؟
(٢٩٢) لعلّ بيني وبين إبصاري [٢٦ آ] آلة جسمانية بارزة ، وبين
إبصاري لإبصاري [آلة جسمانية باطنة ، ولعلّ بين إدراكي لذاتي وبين إبصاري غيري ـ أو
بين إبصاري لإبصاري] غيري ـ فرقا.
ويجوز أن يتوسّط
بيني وبين إبصاري غيري وبين إبصاري لإبصاري أيضا لغيري ـ الذي هو غيري ـ متوسّط ؛ ولا يجوز أن يكون بين ذاتي وإدراكي لذاتي متوسّط.
(٢٩٣) ثم هاهنا كلام طويل نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لقضائه على وجهه بكماله ـ فما من توفيق إلا بالله جلّت عظمته.
__________________
__________________
(٢٩٤) س ط ـ إذا حصل في قوى الباصرة صورة أشعر بإبصاري إياها والقوة التي أدرك بها أني أنا غير القوة الباصرة ، فيجب
أن تحصل
في ذات النفس مرة
اخرى تلك الصورة ، حتى أشعر حينئذ بإبصاري إيّاها.
(٢٩٥) ج ط ـ صدقت.
(٢٩٦) س ط ـ إن أنعم بإتمام الكلام في
إثبات شيء
ثابت في سائر الحيوانات ـ سوى الإنسان والنبات كانت المنّة أعظم.
(٢٩٧) ج ط ـ إن قدرت.
(٢٩٨) س ط ـ وإن كان على وجود
القوة العقلية غير منطبعة في المادة برهان عرشيّ أو شرقيّ أقرب إلى الأفهام أنعم بايراده ، فإن ما قيل في كتاب النفس يحتاج إلى تصحيح
عدّة مقدّمات ، والنفس كأنها لا تثق بها كل الثقة على صحّة البرهان.
(٢٩٩) ج ط ـ ما أصحّ تلك ـ لا سيّما ما
بني على منع القسمة واستحالة الوضع ، ثم العرشيّ إن رزقنيه الله فإنما يكون في
الحكمة العرشية.
(٣٠٠) س ط ـ قيل في بعض المواضع : «إن ما يعقل غيره فيجب أن يعقل
ذاته» ولم يبرهن عليه.
__________________
__________________
(٣٠١) ج ط ـ إذا كان يعقل أنه عقل غيره [فيجب أن يعقل ذاته ، والمقدم واجب] .
(٣٠٢) س ط ـ وقيل : «إن الصورة الكليّة
القائمة بحدّها إذا حصلت لشيء صار ذلك الشيء بها عقلا ـ وتعجّبت منه ، فإن الشيء إنما
يصير عقلا بأن يتجرد غاية التجريد ، وكيف يدخل على شيء غير مجرد ما يجرده؟! فإن
قوله : «يصير به الشيء عقلا» معناه : يصير به الشيء مجردا.
(٣٠٣) ج ظ ـ معنى «صار» ليس ؛ إنه صار حينئذ ، بل معناه : إنه دلّ على كونه كذلك ،
وهذه كلمة تستعمل مجازا.
(٣٠٤) س ط ـ قيل في بعض المواضع حيث تكلّم في إثبات محرك الجسم :
إن
الحركة لا يجوز أن تكون من لوازم الجسم ، وذلك لأنه كان [وجب أن لا تفارقه فلما عارضته] بحركة الفلك ـ قيل : إن النوع لا يجوز أن يكون من لوازم الشخص. [٢٦ ب] وهذا
غير مبرهن ؛ فإني لا أعلم أن النوع لم لا يجوز أن يكون من لوازم الشخص؟!
(٣٠٦) ثم لقائل أن يقول : إن القوة الشخصيّة كيف يلزم عنها معنى
نوعي؟ ولم جاز في القوة ذلك ولم يجز في الجسم؟
(٣٠٧) النوع لا يجوز أن يكون من لوازم الجنس ، فلعلي غلطت في العبارة
__________________
__________________
أو الكتابة ـ فهذا مما يعرض لي
كثيرا ـ والموضع يقتضي
أن أقول «الجنس» ليس «الشخص» لأن قولي : «إن الحركة لا يجوز أن يكون من لوازم الجسم
» أعني به الجسم الجنسي .
(٣٠٨) وأما أن يكون من لوازم نوع من الأجسام فيكون ، ولكنه يكون
تابعا للمعنى الذي به ينوع ، فيكون لازما للجسم الجنسي في نوعيّته ـ لا في جنسيّته
ـ والنوع وما يساويه لا يكون من لوازم الجنس.
(٣٠٩) ثم قولي : «إن النوع لا يكون من لوازم الشخص» كلام حقّ لا
مدخل له في هذا الباب ، لأن اللوازم تختصّ بما ليس بمقوّم ـ وإن كان المقوّم أيضا لازما ـ والنوع جزء قوام الشخص ، فلا يكون من العوارض
اللازمة له.
(٣١٠) س ط ـ ما البرهان على أن حافظ الأخلاط في الحيوانات على الاجتماع الموجود هو جامعها.
(٣١١) ج ط ـ كيف ابرهن على ما ليس؟ فإن الجامع قوّة ، والحافظ
قوّة.
(٣١٢) س ط ـ ما البرهان على أن النفس هو هذا الحافظ وهذا الجامع ؟
(٣١٣) ج ط ـ كيف ابرهن على ما ليس؟ فإن النفس أصل لهذا الحافظ
والجامع ؛ ليس هو.
اللهم إلا أن يعنى
بكل كمال لجسم طبيعي آلي : نفسا ، فتكون نفسا ، كان
__________________
__________________
كمالا متقدما أو
ثانيا.
(٣١٤) س ط ـ ما البرهان على أن مزاج المني لا يجوز أن يكون سببا لفساد ذاته؟
(٣١٥) ج ط ـ هذا لا يحتاج إلى برهان إن عني سببا بالذات ، وذلك لأن وجود الشيء ، وهويّته لو كان سببا لفساده لما ثبت. وإن عنى سببا بالعرض فهو سبب بالعرض ، لأن مزاجه
يعدّه لفعل مفسد صورته إلى العقلية فيه.
(٣١٦) س ط ـ ما البرهان على أن الرحم و مزاجه لا يجوز أن يكون سببا لمزاج العلقة؟
(٣١٧) ج ط ـ كيف ابرهن على ما هو باطل؟ فإن مزاج الرحم جزء سبب
مزاج العلقة.
(٣١٨) س ط ـ ما البرهان على أن القوة لا يجوز أن
تفارق وتخالط .
(٣١٩) ج ـ لأنها إن خالطت جاز عليها القسمة ، وجاز على البعض ما
يجوز
__________________
__________________
على الكل . فإن فارقا متفرقين فرضا [٢٧ آ] وفارقت الجملة غير
مقسومة كانا سواء ولم يكونا ـ فليتأمّل ـ.
(٣٢١) وأيضا ـ المخالط إن كان هو
المفارق بالشخص فما به يتشخّص في الحالين موجود ، فهو بعد المفارقة ذو وضع ، وإن
كان غيره بالشخص فذلك غير ممنوع بعد أن لا يتفق [في النوع ، فإن الجائز على شخصي] نوع واحد واحد.
(٣٢٢) س ط ـ ما البرهان على أن العقول الفعّالة فيها
المعقولات؟
(٣٢٣) ج ط ـ لأن فيها صفاتها مجردة على المادة ، ومن صفاتها النسب إلى المبادي التي لها وإلى المعلولات ، والمبادي
والمعلولات جزء النسبة وماهياتها جزء ماهية النسبة إليها.
(٣٢٤) [مولانا ـ أدام
الله أيامه ـ يشرح تحت هذه المسائل.
(٣٢٥) ج ـ تجب هذه الخدمة]
(٣٢٦) س ط ـ مزاج الرحم كيفية واحدة قد تقرر عليها الفعل
والانفعال ، والمني لا يخلو إما أن يكون بسيطا لا خلاف فيه ، أو يكون فيه اختلاف ؛ فإن كان واحدا وبسيطا ويفعل فيه بالطبع واحد
وبسيط وجب أن يتشابه الفعل والانفعال ـ ولكنه غير متشابه ، بل عضو قلب ، وعضو كبد
، وعضو شيء آخر ـ وإن كان مختلفا إنما وحدتها بسبب الاجتماع والاتفاق في الرطوبة
السيالة فيجب
__________________
__________________
أن تتبع هيئات وضع
الجنين في رحمه هيئات اتفاق انصباب تلك المختلفة وانصباب هيئات الرطوبات عن القوى الزراقة مختلفة ـ لا
سيّما إن لم يكن إلا المزاج فاعلا ، والمزاج يفعل تحريكا إلى جهة واحدة والزرق يفعله إلى جهة
واحدة على ما يتفق من اجتماع الأجزاء ـ والأمر الأكثري على خلاف ذلك ، بل الهيئة
محفوظة.
(٣٢٧) الحركات الاولى في تكوّن المني حيوانا إنما هو في الباطن ، وفي الباطن يتولّد القلب والأعضاء الرئيسة ، وبعد ذلك يستحيل ما يلى من خارج. وقد بان في البذور
أن الفاعل الجسماني يحيل أولا ما يليه إذا كان يحيل جسما
ويحيل الأقرب إليه أكثر إذا كان يحيل سطحا.
(٣٢٨) ط ـ لو كان مزاج الرحم سببا لتكوّن الجنين لكان يتكوّن ظاهره
ثم باطنه على طريق البذور [٢٧ ب].
(٣٢٩) الفاعل بالطبع البسيط يفعل في المنفعل بالطبع البسيط فعلا غير
مختلف.
(٣٣٠) ط ـ الحرارة فاعلة إذا فعلت بالطبع وتفعل إما إحالة وإما
تحريكا ، وأعني بالإحالة جميع ما سوى المكانية والوضعيّة مما هو في الكيف أو الكمّ أو نحوه.
__________________
__________________
(٣٣١) المزاج حد وسط أو قريب من الوسط
بين الكيفيات الأول هو واحد أو مركب من واحدين ـ أحد هما الفاعل والآخر المنفعل ، وقد
صيّره التركيب كشيء واحد ، فإمّا أن يصدر عنه الفعل من حيث صار كشيء واحد ، وإما
أن يصدر عن كل واحد منهما فعل يخصّه على نمط واحد.
(٣٣٢) ط ـ الفاعل بالطبع إذا اضيف إليه معين أو معوّق لزم إما
استمداد فيما يفعله وزيادة بالمعين ، وإما ضعف وفتور نقصان
بالمعوّق ، وإما منع مطلق عن المعوّق .
كل واحد من هذه
إنما هو نمط فعل واحد وفي هيئة واحدة.
(٣٣٣) [ـ ط ـ «أ» و «ب» و
«ح» و «ء» و «ه» و «ز» ـ] مجتمعات تتحرك عن فاعل بالطبع بسيط ، وكل واحد منها بسيط والجملة غير مركبة ، فيجب أن يكون كل واحد منها إنما تتحرك بالطبع
إلى جهة واحدة
(٣٣٤) ط ـ الأعضاء التي يخلق منها العينان واليدان متشابهة والمزاج الذي يحركهما إلى جهة واحدة ، فالعينان واليدان
غير مختلفي الوضع ـ هذا خلف ـ فليس المزاج يحركهما ـ لا مزاجهما ولا مزاج الرحم ،
ولا بسبب معين ولا معاوق .
__________________
__________________
(٣٣٥) ط ـ موضوعات الأعضاء التي تختلف في الجنين وضعا ، إما أن
تكون من جوهر واحد ، فيكون المزاج مفردا أو مع معين مزاجي فعل في البسيط اختلافا ، وإما أن تكون
من جواهر مختلفة ، وتلك المختلفات إما أن يكون كل ركن منها ينزرق في المني الذي
منه يخلق مجتمعا بأسره ، أو يكون كل ركن مبثوثا في غيره ثم
يتميّز.
(٣٣٦) فإن تحكّم متحكّم وجعل مادة كل عضو ينزرق مجتمعة ويتلوها
آخر ، فلا يخلو إما أن يكون المزاج يوجب حفظ نظامها ، فيجب أن يكون [٢٨ آ] المولود على ترتيب الانزراق وإما أن لا يوجب
حفظ نظامها ، [فيجب أن يكون] الأوضاع غير محفوظة.
(٣٣٧) وإما أن يكون المزاج الزراق يحفظ نظامها زرقا ، والمزاج المولد في الرحم يحركها إلى وضع الوجوب ، فيجب أن
تقع مادة كل عضو موقعا واحدا ، فلا يكون عضو زوج ؛ ويجب أن لا يقع في مادة واحدة اختلاف شكل وتخليق ، بل يجب أن يكون كلها
مستديرات ؛ وإن كانت مبثوثة فتحريكها إلى الاجتماع في موضع واحد أو
موضعين تحريك مختلف ، فليس هو إذن لقوة بسيطة ـ فليس بمزاج ـ.
فالقوة المازجة
إذن قوة فيه تركيب ما من هيئات بها يصير فعّالة.
(٣٣٨) ط ـ هيئات
العقول مركبة هيئة عقلية
لازمة للجوهر.
__________________
__________________
(٣٣٩) ط ـ و هيئات
النفوس مركبة تركيبا
نفسانيا كأنها اجزاء الجوهر وكأنها أشباح ما للمركبة في العقول قد صارت جزئيّة.
(٣٤٠) الطبيعة
بسيطة بساطة لنقصان
الجوهر لا للكمال ، وللهيولى
البسيطة استعداد بسيط ، وللمركب
استعداد مركب.
(٣٤١) ط ـ قد يكون التركيب اللازم من مقتضيات الكمال ،
وقد تكون البساطة من مقتضيات النقص ، [ولا يكون
التركيب المقوم إلا من مقتضيات النقص]
(٣٤٢) ط ـ لعلّ قوما قالوا : إن النفس تأليف نظير الشيء من هذا أو ما أشبهه.
(٣٤٣) ط ـ هذا الشيء الذي بهذه المنزلة هو الذي نسمّيه نفسا
ونسمي غيره من القوى نفسا أيضا ، لأن جميع ذلك كمال أول لجسم طبيعي آلي ، فإن عني
بالنفس الأصل الأول فانظر في الخلاف الذي بين أرسطوطاليس وأفلاطون ، وذلك من جنس ما يقلّ به اشتغالي مع اقتداري على الكلام فيه.
(٣٤٤) وبالجملة هما شيئان ، فإن شئت سمّهما
نفسين ، وإن شئت فسمّ النفس أقدمهما.
__________________
__________________
(٣٤٥) ط ـ كل فاعل أمرا ما فيلزمه أن يبقي به فعله زمانا ما إذ
كان لا يجوز أن يوجد ويعدم في آنين متواليين.
(٣٤٦) ط ـ بقاء الفعل غاية الفعل ويخدمه الجمع إلى الفعل.
(٣٤٧) ط ـ المازج
مازجان : محرك إلى المزاج وفاعل للمزاج ، ويلزمه أن يكون حافظا لما قيل في البذر ، والأول خادم والثاني [٢٨ ب] مخدوم ، وهما قوتان ، وقد سمعت بالجاذبة وسمعت
بالمصورة
(٣٤٨) ط ـ صفة
الشيء موجودة له ، فإما أن يكون وجوده له وجودا عقليا فيكون فيه صورة عقلية ، وما فيه صورة عقلية
فهو عاقل لها ، لأن معنى [العاقل أن فيه] صورة عقلية ،
ومعنى عاقل «إنه عاقل [أنه يعقل النسبة بينها] وبينه من حيث هي
فيه ».
وإما أن يكون
وجودها وجودا حسيّا ، وهو أن ينطبع من هيولاها في جسم
له قوة حسّ.
وإما طبيعيا ، وهو
أن يكون في المادة الطبيعية ولواحقها لم يجرد بوجه.
(٣٤٩)
المفارقات صفاتها مجردة عن
المواد ، فهي عقلية وهي فيها ،
__________________
__________________
فهي عاقلة لها.
(٣٥٠) ط ـ الوجود من صفات الشيء ، وكون وجوده معلولا من شيء آخر من صفاته المتقررة ليست من الاعتبار ، وكون وجوده ممكنا غير واجب كذلك ، وكونه بحيث يلزم عنه غيره كذلك.
وأما كونه بحيث
يمكن عنه شيء إذا كان شيء آخر يوجد فهو من اللواحق الاعتبارية ، و اللواحق الاعتبارية هي غير متناهية بالقوة ، وليست موجودة بالفعل.
(٣٥١) وأما كون الشيء بحيث يلحقه ذلك فهو لأن له ماهية ، أو لأن له بعض اللوازم الموجودة لماهيته وهو بذلك
موضوع لتلك الاعتبارات ، فهو بالوجود المحصور موضوع لاعتبارات غير متناهية ، و اللوازم التي ليست بحسب الاعتبار ، فإنه يكون موجودة في
صفاته.
(٣٥٢) ط ـ كون وجوده معلولا يدخل العلة في مفهومه ، وكون وجوده علة يدخل المعلول في مفهومه ، وما دخل في المفهوم فهو جزء
المفهوم يلزم إذن أن يكون المفارقات يعقل من وجودها مباديها ويعقل
معلولاتها.
(٣٥٣) س ط ـ القوة
المصورة أيضا بسيطة ، فلم
تصور القلب على لون ،
__________________
__________________
وتصور الدماغ على
لون آخر ، والمادة واحدة والفاعل واحد بسيط.
ج ط ـ لا القوة بسيطة
ولا المادة ، بل القوة المصورة فيها كر؟؟؟ د سوأق على نسبته.
(٣٥٤) س ط ـ كيف يتمّ البرهان على
إثبات النفس حيث بيّن أن الحيوانات والنبات فيهما شيء ثابت؟
(٣٥٥) ج ط [٢٩ آ] ـ من أن مبدء حفظ المزاج وإصلاحه يكون لا محالة
من الثابت ـ وليس بما هو جسم ـ.
(٣٥٦) س ط ـ ما معنى قوله في الفصول المتقدمة : «هيئات النفوس مركبة تركيبا نفسانيا
، وهيئات العقول مركبة تركيبا عقليا»؟
(٣٥٧) ج ط ـ العقل فيه المعقولات ـ فهي من حيث لوازمها مركبة ،
لكنه تركيب عقلي ـ والنفس فيه المعاني المأخوذة
من الحسّ و من التخيّل أو من العقل إذا كانت في العقل الكلية فنزلت إلى النفس جزئية حسية مثل هيئات الصناعات مرة في
العقل ومرة في التخيل عن العقل
__________________
__________________
ثم ينزل إلى النفس النباتية ، فتكون فيها بذور كرنّديه لما يريد يسوق اليه المادة في التخليق.
(٣٥٨) س ط ـ ما معنى قوله : بقاء الفعل غاية للفعل ويخدمه الجمع إلى
الفعل؟
(٣٥٩) ج ط ـ هذا مفهوم ، فإن الغرض في بعض الأفعال نفس العمل كهيئة الرقص ـ وليس كلامنا في مثل ذلك ـ بل فيما يجمع إلى هيئة تلك الهيئة [هي
المطلوبة والجمع والمطلوب غاية]
(٣٦٠) س ط ـ فاعل المزاج لم يلزم أن يكون حافظا؟ فقد احيل به في هذه الفصول على البذور ولم يقل هناك ، أو قيل بالقوة لا بالفعل ، وهاهنا يحتاج
إلى شرح.
(٣٦١) ج ط ـ فاعل المزاج المحرك فقط إلى المزاج ، ليس هو الحافظ
، بل الخادم ؛ وأما الموجب للمزاج الحافظ للممتزجات حتى يرتقي بالفعل والانفعال
__________________
__________________
إلى الاستقرار مزاجا فهو المستخدم للمحركات ، وإنما يجمع
المحركات لتتفاعل بعد الاجتماع فيتولد المزاج ، وانما ثبتها مثبت لتتفاعل وتنفى عنها الأضداد إن قوى.
(٣٦٢) س ط ـ إن قال قائل : إن كل اجتماع ومقدار من الأخلاط يقتضي كيفية ، فإذا طرأت
كيفية غريبة تذهب بذاتها كما تفارق الحرارة الماء.
(٣٦٣) ج ط ـ حرارة الماء لا تبطل بذاتها ولا شيء من الأشياء يبطل
بذاته ، ولو
كان ذاته سبب بطلانه لما بقى بعد آن واحد ، ولكن إنما ـ تبطلها طبيعة الماء ـ الصورة بإحداث [٢٩ ب] البرد العرضي الكيفي المناسب ، حين لا يعاوقها ضد من خارج كالنار كانت تعاوق قبل وتغلب على الموضوع.
(٣٦٤) الأول يلحظ من ذاته «كل ممكن الوجود في نفسه واجب به» بوسط أو
غير وسط ، فالهيئة العلمية لازمة ذاته من غير أن يكون بها شرف
وزينة ، بل علوّه ومجده هو بأنّه بحيث يلزم وحدته تلك الهيئة لا بأنها لازمة.
(٣٦٥) ثم إن المقربين
العقليين يلحظونه من
ذواتهم ثم يلحظون منه ذواتهم واللوازم الأول التي هي هيئاتهم ، وهي مبادي وجود ما
بعدهم.
__________________
__________________
(٣٦٦) فالوجود الخارج لازم من وجود تلك الهيئات من حيث هي لتلك الذوات بقواها ،
فإن تلك القوى مبادي ، فلوازمها متممات لكونها مبادي ـ وإن لم تكن
مقومات لذواتها ولا متممات لها ، بل لكونها بالفعل مبادي ، ثمّ إنها تنحط في القوى السافلة فتصير على جهة اخرى مبادي ـ إما فعّالة في القوى النفسانية ـ إراديّها وطبيعيّها ـ وفي القوى الطبيعية ،
وإما منفعلة في الهيوليات الموضوعة. وهي هيئات مخصصة لنسبة إلى وجود ما منها أو فيها
، وتصير نفسانية كما تصير الصناعة الكلية متخصّصة بهيئة جزئية في الخيال تتحرك
منها الإرادة إلى تحصيل تلك الهيئة في المادة الخارجة لغاية حقيقية أو متخيلة يسميها العامة «عبثا» ويكون كالكرند من الحصير في الحضيض ، وهي في الهيوليات بحسب القول أشد كرنديه ، وما يفعل بجوهره الوحداني ففعله واحد في الواحد ، وما يفعله بكرنده ففعله كثير لكنه ذو ترتيب من مبدء ، لأن هذا الكرند كرند ماله ترتيب.
(٣٦٧) ط
ـ كيف تلزم الشيء هيئة عقلية أو نفسانية وأمر من خارج وهو واحد؟
__________________
__________________
(٣٦٨) ط ـ الخارج لازم اللازم.
(٣٦٩) كيف
يكون الشيء واحدا ويلزمه شيئان؟ مثل النقطة يلزمها أنها شيء ويلزمها الوضع أو شيء آخر [٣٠
آ] من الخواص ، وبالجملة فإن للشيء الواحد لازما عاما ولازما خاصا ـ وهذا كيف
يتأتى؟
(٣٧٠) ج ـ نقول : أما المركب فلا يستنكر مثل ذلك فيه ، وأمّا
البسيط فيلزم أولا العام حتى يكون شيئا أو شكلا ، فإذا صار شيئا
لزم ذلك الشيء المخصّص بمقارنته
لمادة الشىء الخواص اللاحقة ، فإنها إذا كانت النقطة شيئا كانت
شيئا ذا وضع.
(٣٧١) ط ـ الجوهر
في جوهريته المطلقة إمّا أن يقتضي علّة ، أو يقتضيها بجوهريّتها الخاصّة ، لكن الجوهر من حيث هو ماهيّة ممكنة الوجود وجودها لا في موضوع مفتقر إلى علّة ؛ والعرض إن كان علّة لهذا الاعتبار كان علّة لما هو علّة قوامه ، وهذا محال ـ لأنه يصير علة بعيدة لنفسه ، فيحتاج إلى أن يتقدّم وجودها وجود نفسه بمراتب.
(٣٧٢) وإن كان علة لجوهريته الخاصّة ـ مثلا لكونه جسما ـ يكون للجوهر تقوّم بعلته في أنه جوهر
، وتقوّم ثان فيما بعد تقومه الحاصل الذي لا يحتاج فيه
__________________
__________________
إلى موضوع ، بل
يكون مستقلا بنفسه ، وما بعد هذا فهو أمر عارض ، فيكون العرض علّة لا للجوهر في نفسه ، بل في عرض من أعراضه ـ وهذا حق ـ.
(٣٧٣) مطالبات على
هذا :
ط
ـ منها رسمية :
فعلّة الجسم من
حيث هو جسم يكون علة لغير جوهريته ، أو لجوهريته : فإن كان لغير جوهريته فهو من
حيث هو جسم ـ ليس من حيث له صورة جسمية ـ وإن كان لجوهريته العام فهو علة أيضا لنفسه ، وإن كان لجوهريته الخاصة فله علّتان في جوهريته ولزم الخلف المذكور في العرض.
(٣٧٤)
ومنها مشرقية :
ط ـ يشبه أن تكون
الجوهرية من لوازم الجسم ـ لا من مقوماته ـ وإن كان المشهور بخلاف ذلك ، فعلّة
وجود الجسم قبل علّة لازمه ، أو هو علّة لازمه بتوسّط الجسم ، فعلّة التخصيص قبل علل العام.
(٣٧٥) ومنها
رسمي جوابه عرشي ، وأيضا جواب رسمي؟
(٣٧٦) ط ـ [والوجود أيضا من حيث هو وجود
عام] وإن اختلف من جهات اخرى ـ [٣٠ ب] وهو إما أن يكون معلولا
من حيث هو
__________________
__________________
وجود أو يكون من
حيث هو وجود مستغنيا عن العلّة ، فإن كان من حيث هو وجود معلولا ، فما قولك في
وجود الأول؟ ولا تفزع إلى اشتراك الاسم ونحوه مما لا يقبل. وإن كان مستغنيا ، فلا
حاجة للوجود إلى العلّة .
(٣٧٧) و الآن إما أن لا يمكن إثبات أن العرض ليس مبدء للجوهر من
الطريقة المذكورة فتكون هذه غير شكوك ، بل اعتراضات تمنع ذلك القياس. وإما أن يمكن إثبات ذلك من تلك الطريقة ، وتكون هذه شكوك ، فتحتاج هذه الشكوك إلى حلّ.
(٣٧٨) وعندي
إن ذلك يصعب
، فيجب أن يفكر فيه
، ومن أراد أن يستريح فعليه أن يقول : إن تلك المقدمات غير مسلمة.
(٣٧٩) ثم
يصعب هذا أيضا ، فلعل عليه
أن يقول : أني اقابل تأليفا بتأليف ، فإن كان يجب من تأليفك ما قلت ، فيجب أن يجب
من تأليفي ما قلت ؛ وليس يجب من تأليفي ما قلت وجوب الحقّ لأنه غير حق ، فليس يجب
أيضا من تأليفك ما أنتجت على أنه حق ، فيجب أن نتظاهر علي حل ما انغلق من الأصل والممانعة ، ولعل الله أن يكشف لبسه فيستنير.
(٣٨٠)
ط ـ ومنها عامية :
إن العام علته عامة ، ليست علة العام شيئا خاصا ، فإن البناء العام علّته بنّاء عامّ ،
وبناء ما علّته بنّاء ما ، كنجار ما ، فالجوهر العام علته ما يعمّ عللا متفرقة
الجواهر مختلفة ويشترك فيه ويتخصّص بإزاء
تخصّص جوهر
__________________
جوهر ، لأن العام يحتاج إلى علّة ، والخاص إلى علة اخرى ، فيجوز أن يكون العرض علة
لجوهر ما ، ويكون ذلك العرض مثلا سوادا ، ثم يشارك هو علل جواهر اخرى في أمر بها صارت عللا للجوهر العام ، فيكون علة الجوهر بما هو جوهر في نفسه ما يشترك فيه الجوهر
والعرض
(٣٨١) ط ـ الآن نحتاج أن نخمّن حلولا لهذه الشكوك حتى كيف يجيء ويكون الوقوف عليها إن استقامت وقوفا
على النحو الذي به يصير البيان المذكور برهانا ، ويجب أن
نتقهقر [٣١ آ] في ذلك ، فنبدأ من الأخير إلى الأول ، فلعلنا أن نستنتج من خلل ذلك شفا البيان
المذكور.
(٣٨٢) ولعلّ هذه الحلول التي نخمّنها تكون منابع لعيون تتفجّر
نحو مطالب كثيرة وشبه عظيمة ، فإن لم يغن ذلك رفضنا هذا المأخذ من البيان ، وانتقلنا عنه إلى غيره ، فليتأملها مشاركونا في هذه المباحث معوّلين على هداية الحق الأول ـ فإنه مع
كل مجتهد ، ونوره ساطع على كل قلب ، لا هدى إلا هداه ، ولا ضلال إلا ما عنه ـ
وهذه الحلول إن
أغنت فبها ونعمت ، وإن لم تغن فهي علوم بأنفسها.
(٣٨٣) ط ـ لعل حل
الأخيرة هو أن الأمر كما
قيل فيها ، لكن [الطبيعة
__________________
العامة التي] لعلة العامّ يجب أن لا تفقد شرط العلة ـ وهي أن لا تتأخر عن المعلول ـ بل
للعلة أن تكون معا من وجه ، وأن تكون متقدّمة.
(٣٨٤) فإذا قايسنا بين طبيعة العام الذي للعلة والعام الذي هو المعلول ـ الذي هو طبيعة
الجوهر عامة ـ يجب أن تكون بحيث يجوز فيه المعيّة ، ولا يجوز فيها
التأخّر.
(٣٨٥) أي عند ما نقايس بين الطبيعتين العامتين وطبيعة ما هو عرض
وما يعرض للعرض وما يقوّمه من حيث هو عرض متأخرة عن طبيعة الجوهر. ولا يجوز أن تكون طبيعة العرض داخلا فيها إما أن تتقدم ، وإما أن تكون معا من وجه ، ووجه لا تتأخر.
(٣٨٦) ط ـ ولعل حلّ التي قبلها هو أن الوجود الذي هو ماهية الحق الأول هو
الواجبيّة ، وليس الواجبيّة [هو أن الوجود] لا يمكن أن يستحيل ، بل هو الذي يجب وجوده ؛ فإنه لو كانت الواجبية وجودا لا يمكن أن يستحيل لم يخل الحق من أن يكون ذلك الوجود ويلزمه
أن لا يستحيل ، فيكون كل وجود يلزمه ذلك ؛ أو يكون مؤلفا من الوجود وما قرن به ،
فيكون مركب الماهية ؛ فاذن هو الذي يجب وجوده فيكون إذن الواجبية هو ماهيته.
(٣٨٧) وإن عنى بالوجود ذلك المجرد فلا مشاركة فيه ، وإن عنى به
__________________
__________________
ما يقابل العدم
ويقع فيه الشركة فيكون من لوازم واجبيته ، فتكون ماهيته «يجب لها الوجود» ـ هذا الوجود الذي هو مشترك فيه ـ فيكون هذا الوجود من حيث
هو كذا من لوازم ماهيته [٣١ ب] وكيف لا ـ ونقول : «يجب لها الوجود»
كما نقول : «يجب للمثلث مساواة الزوايا لكذا» .
(٣٨٨) ثم لا تكون تلك الماهية مثل
الإنسانية وغيرها حتى يقول قائل : «إنه يستحيل وجود لازمها إلا بعد وجودها» لأن
اللازم الغير المقوم معلول للماهية ، وما لم توجد
العلة لم يوجد المعلول.
(٣٨٩) ثم كيف يكون مثلا للإنسان وجود قبل الوجود ، حتى يكون علة بذلك الوجود للمعلول الذي هو الوجود؟ فإن هذا
إنما يستحيل في ماهيات لا وجوب لها ولا وجود إلا لازما.
(٣٩٠) فالماهيّة التي هي
الواجبيّة التي معناها «إنما
يجب لها
الوجود من ذاتها» فإما أن تكون نفس الوجود [بشرط مقرون لو أمكن] ، أو تكون معنى لا اسم له يلزمه الوجود ، هذا المشترك . وأما ما ذلك؟ فلا اسم له وإنما يعرف بما يلزمه كالقوى ، بل هويته : إنه يجب
وجوده. كهوية القوى بأنها بحيث يجب عنها أفعالها.
(٣٩١) فليس
لقائل أن يقول : «ماهية
الحق الأول هل توجد حتى يوجد لازمها فتصير علة للازمها ، فتصير علّة
للوجود ، وتكون قد وجدت في حد
__________________
__________________
يتقدم وجودها ؟» فإن من قال هذا يقال له : «ذلك إما موجود لا بوجود يلحقه ـ ليس كالإنسانية
التي هي موجودة بأن لها وجودا ـ بل هي نفس الموجود بلا وجود ملبوس
ولا يشترك في هذا شيء ، وهو نفس الواجبيّة ، وهي معنى بسيط ـ وإن كان المعبّر عنه
يعبّر بلفظ مركب ـ أو يكون له وجود ، فيكون ذلك
لازما له حين يقال : «يجب له ذلك». أو يوجد الموجود بالمعنى العام ،
فيكون ذلك لازما له لا يرفع عنه ، وإنما هو له بوجود الحق بكونه موجودا ، إذ جعل أنه موجود أصلا» فسئل عنه
سؤال التضعيف : «هل هو ذو وجود ، أم لا؟» فسومح بأن له وجودا ، أي المعنى العام ، علي أنه لازم ، أو نوقش وقيل له : «ليس هو موجودا بوجود هو صفة لشيء فيه» ثم بعد هذا ما شئت من موضع التفصيل
والتحصيل الدقيق [٣٢ آ] العميق الذي نسئل الله أن نوفق لبلوغ الغاية فيه بحثا
وفتشا والتحصيل للحقّ منه نقدا .
وأما ما يقوله فيشبه مأخذه مأخذ المراوضات التي إذا استعملت صير منها إلى اللباب.
(٣٩٢) ط
ـ ولعل حل المشرقية التي قبلها أن يقال : إن كانت الجوهرية لازمة للجسم فهي أخصّ من الوجود
للجسم. وقلت : «إن علل التخصيص متقدمة» فتكون علة الجوهرية قبل علة الوجود ـ قبليّة
الخاصّ للعامّ ـ فهو قبل علل اللوازم التي توجد بعد الوجود كلها.
ولعل نتيجة هذا الحل أن علة التخصيص لا تكون متقدمة على
علل
__________________
العام. والوسط في
هذا البيان هو أن الجوهرية إذا اخذت لازمة للجسم فهي أخص من الوجود للجسم ، أو لعل
معنى هذا الحل أنه يجوز أن يكون متقدمة بهذا الاعتبار. والوجه الذي
شرحه إن لم يرد به إلزام المحال حتى يلزم معه استحالة التقدم.
(٣٩٣)
ط ـ ولعل حل الاولى أن علة الجوهرية من حيث هي جسم هي مخصّصة علة الجوهرية ـ من حيث هي علة
للجوهرية ـ وإنما يختلفان اختلاف الإنسان والحيوان ، ثم تذكر ما قيل في حل الشبهة
الأخيرة.
(٣٩٤) ط ـ الآن هذا باب من العلم
تحتاج أن تفكر فيه ، ولعلك تجد مخلصا إلى اصول كثيرة ، وبذر الزروع يجمع إلى كثرة
العدد عظم المعزى ، ففكّر أيّها المتعلم بنفسك وأنا أشركك في الفكر ، وذكّرني بما
نتيجة فكرك أذكرك بما نتيجة فكرتي ، وليتخلص إلى مقصد لعلّه ما أقربه وأبعده ، وما أوضحه وأخفاه.
(٣٩٥) فإن أخرجنا من هذه الأفكار شيئا توصلنا إلى معرفة أن علة
الجوهر إما جوهر وهو مع ، وأما أعلى من الجوهر هو العلقة ، وإليه المضرب ، والواسطة ليس يكون ما هو متأخر أصلا ـ بل مع أو متقدم ـ. وعلة كل نوع مخالف له في النوع ، ولعله يوافقه في لازم أو جنس ، ولعل
العقل يكون علة للعقل ، والنفس لا يكون علة للنفس ، أو الجسم لا يكون علة للجسم ، لكن العرض يكون علة للعرض ، وأن المادة لا تكون
علة لشيء في وجوده ـ بل في إمكان وجوده ـ فإن الصورة لا تكون علة للصورة ـ وكلتاهما
ماديتان ـ وأن المجرد
__________________
لا يحل ما فيه
إمكان البطلان ، كما لا يحل ما فيه إمكان الانقسام ، كما لا يحل ما فيه إمكان
اختلاف بعد اتفاق لا بفصل أو ما يجري مجرى الفصل ـ من
الأعراض التي إذا تركّبت بالمعروض بها لم يجعل أحدهما الآخر بحال زائدة على [٣٢ آ] المقارنة
؛ فقد عملنا شيئا كثيرا ، ولعلنا إن فكرنا أكثر وجدنا أكثر ـ فليجتهد.
(٣٩٦) [ولقد أشرت لك] إلى مبادي وإلى خواتم ، وهو نصف العمل ، وقد بقي علي وعليك الإتمام
والنظام ، وأنا لا أظنّ بنفسي الوفاء بذلك ـ وإن كنت لا اخيب عنه الشركاء فى النوع
ومع ذلك فإني أجتهد مع غلبة الظنّ باليأس ـ وآخذة في طريق الاستقصاء ، ولكن نور الله ساطع وهو وليّ الرحمة.
__________________
بسم الله الرحمن
الرحيم
رب يسّر
(٣٩٧) الخادم بهمنيار بن المرزبان خادم مولانا الرئيس [السيد الأوحد الأجلّ] شرف الملك ، فخر الكفاة ـ أطال الله بقاه وأدام رفعته وعلاه ، وكبت حسّاده
وأعداه ، خدم نهى الحضرة بكتاب مطوي على أوراق وأسئلة وشكوك يرجو وصول
الجميع إليها وإحاطة العلم الشريف بها ، وكان اقترح فيه على كرمه الإجابة عن تلك
المسائل تحت كل فصل من الفصول المودعة تلك الأوراق المقرونة بالكتاب لئلا يشذّ شيء
منها عن نظره ، فإن هذه الجوابات التي ينعم بها ربما يضيع اصول المسائل على أيدي الغلمان ـ كثّرهم الله بدوام إقباله ـ فيقتصر
في الجواب على ما يوجد من الجملة ، وربما تحمله كثرة الأشغال على الايجاز.
(٣٩٨) وقد ساء ظنّي أيضا بالكتاب الصادر أخيرا ، وخيّل إليّ الشيطان ضياعه ـ إمّا لتخلّف حامله وجلافته ، وإما لأنه
لا يمكّن من الوصول إلى حضرته [لبلادته ـ فأردفته بهذه الخدمة ،
ومتحمّلها قاصد نفذ إلى حضرته] من جهتي بهذا الكتاب خاصّة ، وأثبتّ تحتها المسائل [على
ذلك النظم] لينعم بكتب جواب واحدة واحدة منها تحتها على أتمّ شرح ،
وأرغب أيضا إلى
__________________
كرمه أن ينعم
بتسهيل الإذن للمتوسط لئلا يتبرّم بالحجاب [فيستعفي من ما بقي واضيع أنا في البين ،] ورأي مولانا الرئيس السيد الأجلّ وليّ النعم ـ أدام الله
علاه ـ في الوقوف على هذه الخدمة وتشريفي بالإجابة عنها وتأهيلي لأوامره ونواهيه
أعلى ـ إن شاء الله تعالى ـ [٣٣ ب]
(٣٩٩)
المسائل ـ وهي ستّة فصول :
(٤٠٠) قيل : «إن المزاج متغيّر ، والشخص الواحد ثابت بالعدد» ما
البرهان علي
إثبات [شخص
واحد؟ فإني أقول] : «إن هذه الأشخاص هي في التغيّر بحسب تغيّر المزاج» والدليل على ذلك الأفعال
المتخلفة الصادرة عنه بحسب تغيّر المزاج في الخلق والهضم والجذب
والدفع والإدراك ـ حتى الإدراك العقلي ، فإن البدن الصحيح أقوى على جميع الإدراكات
من المريض.
(٤٠١) فإن قيل : «[إن المتغيّر أو الفاسد] من الأمزجة ـ [كالغضبان وكالمريض] يعود إلى المزاج
الأصلي،وكلى المزاجين غريب فما الذي يحفظ الأول؟».
قلت : إن الأرض
والماء إذا سخّنا زالت السخونة عنهما لتضادهما إلى الحدّ الذي
كانت النار الأصليّة تحفظ فيهما السخونة ، فيبقى علي ذلك الحد من السخونة.
(٤٠٢) واريد أن يستعمل معي في بيان ذلك غير
طريقة الشعور
__________________
__________________
بالذات ، فإني قد
جاربت نفسي في ذلك ، وأظن أنه مغالطة ـ مع صحّته ـ واريد أن أعرفه من طريقة اخرى
ليطمئنّ قلبي.
(٤٠٣) ج ط فه ـ ثبات الشيء واحد بالعدد ليس هو أنه يثبت واحدا بالعدد بكميّته وكيفيته ـ بل بجوهره ـ.
ثم
ثباتي أنا واحدا بإنيّتي الجوهرية ، وأن الموجود أمس لم يهلك ولم يعدم ولم يحدث غيره بالعدد ،
وأني أنا ذلك المشاهد لما شاهدت أمس ، والمتذكّر لما نسيته مما شاهدته أمس ـ أمر
لا يقع لي فيه شك كذلك ولست أنا متكوّنا اليوم ، ولا كان بدني آخر ـ فسد البارحة ـ وأني لست أعدم غدا ، ولا يفسد شخصي إن تأخّر أجلي غدا ـ حتى يتكوّن جوهر غيري.
فإن كان من أنا
عنده يظن أنه تكوّن اليوم عن مثل له
فسد أمس ، وأنه ليس الذي كان موجودا أمس ـ بل كما أنه متجدد الأحوال كذلك
هو متجدّد الجوهر ـ فليظن ذلك وليره ، وليسأل في موضع آخر زيادة شرح لهذا البيان.
(٤٠٤) قيل : إن النارية في المني والأبدان ليست هي من القلّة بحيث لا يمكنها التفصّي ، وأنا أقول : «إنها لصغر
أجزائها لا يمكنها التفصّي» وذلك لأن الأجزاء الصغيرة أقبل للقسر.
ثم لم لا يجوز [٣٤
آ] أن يكون اجتماع الماء والأرض على سبيل النشف ،
__________________
__________________
وتعلّق النار بهما
كتعلّقها بالحطب أو بالنورة؟
ولم لا يجوز أن
يكون سبب اجتماع الأستقصّات نهاية تحريك الوالد؟ وما الذي يحوج إلى أن يكون هاهنا طبيعة جامعة لها حافظة؟ ولا يمتنع
أن يكون سبب اجتماعها ما ذكر ثم يبقي هذا القسر زمانا إلى أن يتحلّل.
ومن
الدليل على أنه ليس يحتاج إلى شيء حافظ أنّ جسد الميّت تبقى الأستقصّات مجتمعة فيه زمانا بعد
مفارقة النفس ـ وليس هناك حافظ ـ فلو كان سبب هذا الاجتماع النفس لكان وجب أن يتفرق عند الموت ـ وليس الأمر على ذلك ـ.
(٤٠٥) ج ط ـ صغر الأجزاء فيما ليس بمغمور من المانع الكثير لا
يمنع التفصّي ، الدليل عليه أن المنيّ إذا لم يلتقمه فم الرحم زالت خثورته وخرجت عنه القوة النارية والهوائية وبقي مائيا ، إنما يحتبس
الشيء لصغر أجزائه إذا كان الغامر أكثر منه في القدر والقوة ، وليس في المني كذلك.
(٤٠٦) النشف يكون لإخلاء الهواء للماء مكانه الذي وقف فيه لضرورة
الخلاء وعدم البدل ، وقد تكلّمنا في الأجوبة : إن للأرضية والمائية جوارا في الملازمة ليس لغير هما لاتفاق الميل.
وتعلّق
النار بالحطب من كلام من لا يعرف ، فإن النار تحدث من الحطب ، ثم تفارقه على الاتّصال ـ حدوثا وانفصالا ـ ولا تعلّق
هناك البتة ، فليس هناك واحد بالعدد يلزم واحدا بالعدد ، بل هو كالماء الجاري على الاتّصال يتجدد ، والنشف يجري بين الماء
والأرض على السبيل المذكورة ، وليس في المني جوهران فقط لهما ميل واحد ، بل جواهر
مختلفة الميول ، وكذلك في المتكوّن منه.
__________________
(٤٠٧) وأما
حديث كون حركة
الأب مؤديا إلى اجتماع
الأستقصّات فلعلّ ذلك في اجتماعها في المني ، وقد
بقي بعد ذلك ما تجمعه القوة التي في المني ، وحينئذ يتمّ العنصر الحيواني ، فإن
المني ليس موضوعا قريبا ؛ ثم حركة الأب علة لإزعاج المني إلى السيلان ، لا لتكوين المني ، إنما يتكوّن المني في البيضتين [٣٤ ب]
فإذا كثر اندفع ودفع من غير حركة الأب.
(٤٠٨) والذي
يقوله من «أن جسد الميّت يبقى منحفظا مدة » فهو كلام يحتاج
فيه إلى تمييز ، وذلك لأن الحيوان فيه مزاج وهيئة وقدر من العناصر ما لم يستحل
المزاج ومقادير العناصر والهيئة الأصلية فإنه لا يموت ، فإذا مات بقي فيه لون وشكل
ليسا هما مما لا ينحفظان إلا بالنفس ، ولا النفس هو فقط حافظ لهما ، بل إن كان ولا بدّ فسبب فاعلي بعيد يؤدي
ضرب من حركاته إلي ذلك اللون والشكل ـ كالبنّاء والبيت ـ ثم يكون الحافظ لذلك سببا طبيعيا آخر قد يوجد في الحيوان وغير الحيوان ، فينحفظ في الميّت
بحسب الحسّ مدة ما في مثلها يمكن أن [تتحرك العناصر تمام حركات الافتراق.]
(٤٠٩) وذلك لأن الجامع إذا خلّى لم يحصل التفرق دفعة ، بل في مدة يمكن أن تتحرك فيها المخلوطات إلى الانفصال ـ حركة سريعة إن كان الغمر قليلا
، أو بطيئة إن كان الغمر كثيرا ـ ويسبق إلى التفصّي فيها ما شأنه
__________________
__________________
أن يسبق ، ويتأخّر
ويبطئ ما شأنه أن يبطئ.
(٤١٠) ولما كان البدن الحيواني مركبا من عناصر متضادة وموضوعا عند الوسط كان المبادر إلى
المفارقة هو الجوهر الناري والهوائي ، ويبقى الأرضي والمائي غير سريعين إلى الانفصال
لاتّفاق الجهة ، وبالأرضيّة والمائية يمكن أن يحفظ الشكل ـ لا سيّما بحسب الحسّ ـ وكذلك
اللون ـ
وإذا اختلطت
الأرضية والمائية في قرب الوسط من العالم لم تفارق المائية إلا بالقسر ـ بتصعيد أو
نحوه أو نشف من غيره ـ فلهذا يبقى جسد الميت أقرب إلى صورة محفوظة مدة في مثلها
تتحرك النارية والهوائية إلى الانفصال ، ثم يبقى مدة اخرى أبعد من تلك الصورة يتصرف في مائيته هواء العالم وناريّته حتى يحلّلها أو ينشّفها.
ولما لم يجب أن
يكون مع زوال الحافظ من غير زمان انفصال المجموع ـ بل وجب أن يتوسط زمان فيه تنفصل
أجزاء المجموع متحركة ، إذ كل حركة في زمان ، وكل [ـ ٣٥ آ] افتراق بحركة ـ لم يجب
أن يكون ثبات الميت زمانا قليلا بحسب الحسّ دليلا على أنه ينحفظ بلا حافظ ، بل هو
في طريق الانفصال الذي يتم بحركته ، الذي تتم بزمان.
(٤١١) على أنك ـ إن حققّت ـ لا تجده وقد فارق الحياة وهو في آن
من الآنات على ما كان في حال الحياة ـ لا في اللون ، ولا في الشكل فضلا عن غيره ـ بل
ذلك بحسب الحسّ ـ وأما في الحقيقة فلعلّه لا انحفاظ
، بل إمعان في التغيّر مستمرّ في جميع مدة فارق فيها الحافظ ، أو في كل آن منه لا تجده كما كان حقيقته ـ وإن كان حسا ـ.
_________________
(٤١٢) س ط غ وأما ما قيل من «حديث القوة المحركة» فلم لا يجوز أن تكون الصورة
الأرضية تمانع مقتضى الكيفية الحاصلة من المزاج كما تمانع عند زجّها أو رميها ؛
فلا تزال تمانعها إلى أن يبطل فعلها ـ كالتمانع الواقع بين النار والماء مثلا ـ فيبطل
أحدهما الآخر.
(٤١٣) الميل بالفعل يتبع الكيفية ، ليس يتبع الصورة الذاتية
الاولي إلا بتوسّطها ، ولئلا يطول الكلام فليتأمل الزيبق الذي تقتضي صورته الثقل
الشديد ، فيسخّن أدنى سخونة عرضية فتحدث فيه السخونة الميل ـ وهو الصعود ـ فيصعد حيا كما هو لم يفسد صورته ، وربما صعد ذرورا إنما يحدث فيه التفرق وإلا فهو زيبق ، ألا ترى أن الجميع يظهر للحسّ؟
وإذا كان كذلك فالميل يتبع المزاج ، ويكون بحسب المزاج الغالب ، والأرض أيضا يمكن
أن يصعد أرضا يغسل عنه الإحراق ، فيعود ترابا ، كما كان ، وهذا مما يعرفه أهل التجارب.
فاذا الميل يتبع
الكيف لا الصورة ـ وقد طوّلنا في هذا في موضع آخر ـ ولا
يستمع إلى من يقول : «إنه
يكون في الشيء ميل إلى أسفل وميل إلى فوق لا يتمانعان ولا
يبطل أحدهما الآخر » ؛ بل يكون مبدء ميل إلى أسفل ومنع عن أن يميل ، وأحدث في
موضوعه ميل آخر ، كما يمنع عن أن يبرد عند ما يحدث فيه الحرّ ،
فالصورة الموجبة للبرد المحسوس توجب لها الميل السافل
__________________
__________________
ويتوسطها وكذلك الصورة الموجبة للحرّ المحسوس توجب لها الميل إلى فوق ويتوسطه [٣٥ ب]
فإذا منع من أن يبرد تمام ما يحتاج إليه بدخول الضد ، منع عن أن يميل
إلي أسفل. وإذا منع أن يسخن تمام ما يحتاج إليه بدخول الضدّ ، منع عن أن يميل إلى
فوق ، وإذا تمكّنت فيه هذه الكيفية كان ميله إلى مقتضاها وبحسبها.
ونحن إذا كان
الغالب فينا الجزء الثقيل فالغالب فينا المزاج البارد ـ ولا شك فيه ـ ومقتضاه النزول ، وليس مزاجنا مزاجا يقتضي
مخالفة الجزء الثقيل ـ بل هو كيفية ملائمة له إلى البرد ما هو ـ ويقتضي النزول ،
بل هو ما به يقتضي العنصر الثقيل الميل النازل ، وهذا بحسب أعضائنا ليس بحسب أرواحنا ، فلعلها خفيفة.
(٤١٤) على أن ايرادي الإعياء لم يكن على أنه عمدة الحجّة ، بل
على أنه شهادة ما ، والحجّة تتضح دون ايراد الإعياء ، والإعياء
خاصّ بالعصب والوتر والعضل ، وبوجه ضرب من سوء
المزاج أو التمدد والتفرق ، [يوجب من ذلك اختلاف اقتضاء] الحركة الإرادية والميل الطبيعي المزاجي.
(٤١٥) كنت سمعت مولانا في وقت وقد ناقض علي المعتزلة و مذهبهم في إجراء العادة فأنسيته ،
فاريد أن يكتب في بعض ذلك جميع ما يمكن أن يقال فيه.
__________________
(٤١٦) ج ط ـ لا
أدري أيش أقول ، وكيف يجعلني ذلك المسموع منه ـ مع ايجابه أن كل شخص متبدّل ، وايجابه أن المسموع منه منذ سنتين يكون قد بطل وحصل آخر
(٤١٧) لم تبقي الأستقصات مجتمعة في بدن الميّت ساعة واحدة وليس
هناك ما يحفظها؟ ولم تتفرق بعد أيام؟
(٤١٨) ج ط ـ الحق أنه لا تبقى إلا بحسب الحسّ ، وبعد ذلك فالجواب ما
كتب في موضع آخر.
(٤١٩) لم يجب أن يكون لكل نوع كالإنسان وسائر الحيوانات علة من
خارج؟
ج ط ـ الحديث فيه ما سمع وعلم ، إني أصون الجواب الحق فيه
إلى وقت .
وأما علي الظاهر : فما هو معلول بنوعه فعلّته من غير نوعه.
(٤٢٠) س ط ـ قيل : «إن الوجود عرض» ثم بيّن أن واجب الوجود بذاته ليس بعرض ولا جوهر ، فأيّ
فرق بين الوجودين؟
__________________
__________________
(٤٢١) ج ط ـ الوجود عرض في الأشياء التي لها ماهيات يلحقها [٣٦ آ]
الوجود ـ مثلا المقولات العشر ـ فأما الذي هو موجود بذاته ـ لا بوجود يلحق ماهيته
لحوق أمر غريب غير مأخوذ في الحدّ ـ فليس له وجود هو به موجود ـ فضلا عن أن يكون
عارضا له ـ بل هو موجود بذاته واجب أن يكون كذلك.
وإذا قيل له : «واجب
الوجود» فهو لفظ مجاز ، ومعناه أنه واجب أن يكون موجودا ـ لا أنه يجب الوجود لشيء
موضوع فيه الوجود ، يلحقه الوجود على وجوب أو غير وجوب ـ.
(٤٢٢)
ط ـ كلام في الإعادة :
إذا كان الوقت ليس
إلا عرضا يوقّت به فمن يجوّز الإعادة على كل عرض [يجب أن يجعل بحيث يجوز أن يعاد
الشيء] الموجود في وقت ما ، ويعاد الوقت ، فيكون الشيء والوقت
واحدا بالعدد بعينه ، فلا يكون هناك عود ـ لأن العود يقتضي اثنينية الوقت بالعدد ، فالموجود في وقت واحد غير عائد ـ. وأما القائل منهم
بالتفصيل ـ وتجويز ذلك في أشياء دون أشياء ـ مؤاخذ بأشياء يطول ذكرها ـ.
(٤٢٣) علي أن الحق أن الفطر العقلية الصحيحة لا تحتاج إلى أن
تتجشّم الاحتجاج في إبطال هذه المقالة ، فإن هذا التجشّم فضل ، وإن صريح العقل يحكم بأن ما فات وعدم فقد فات ، وأن العود إنما هو لثابت موجود إلى مثل حالة كان عليها ، وأنه
حيث لا موجود ثابت الوجود في حال واخرى مثلها فلا عود ، وأن ما عدم فإنما يحدث
مثله لا هو ـ حكما لا يشك فيه ؛ وإذا عرض الشك فيه فقد
__________________
__________________
مرض وجرّ إلى شيء
يتحيّر فيه ويساعد.
(٤٢٤) ومثل هذا كثير ، فإن من جملة الأشياء التي في الفطرة ما قد يضلل عنه الذهن ، كما
ضلل ذهن من جوّز حالا بين طرفي النقيض ، كما أن من جملة ما ليس في الفطرة ما يحسب أنه في الفطرة.
وإنما تسلم في هذا
المضيق الأذهان الثاقبة المحفوظة بعناية
الله تعالى المشتملة على الكل ، ولا يفوتها شيء منها ـ بل من نفسه ولسوء استعداده
أو لكثرة عوائقه ـ.
(٤٢٥) بعض
الماهيات هي لغيرها وبعضها
ليس لغيرها. فإن ماهيّة البياض لغير
البياض ـ وهو الموضوع ـ وماهيّة الجسم لغير الجسم ـ وهو الهيولى [٣٦ ب].
(٤٢٦) ط ـ كل معقول فإن حقيقته مصوّرة فيما يعقله ، وهي حاصلة
لما يعقله وإن كان لا ينعكس ـ فليس كل ما يحصل حقيقته لشيء يصير
به الشيء عاقلا ، بل يحتاج لا محالة إلى شرط زائد على هذا القدر ، فإن الحقائق قد تكون
متخيّلة وقد تكون في الأعيان الخارجة محسوسة ، أو غير محسوسة ولا معقولة ؛ وهذا
القدر هو أن يكون على تحصيل ما.
(٤٢٧) ط ـ من شأننا أن نعقل أنفسنا ـ سواء كان طبعا أو كسبا ـ فبعض
__________________
__________________
الأشياء يعقل ذاته
وجوهره ، وما يعقل شيئا فحقيقة ذلك الشيء حاصلة له ، فحقائق
ذواتنا حاصلة لها ، وليس مرّتين ـ فإن حقيقة الشيء مرة واحدة ـ وليس نفس
الوجود ـ فهذا لكل شيء ، وليس كل شيء يعقل ذاته ؛ فهذا إذن هو أن حقائق جوهرنا الأصلية
ليست لغيرها.
(٤٢٨) وهذا معنى قولهم : «كل ما يرجع على ذاته فهو عقل » أي تكون ماهية ذاته ـ التي بها هي بالفعل ـ لذاته ، ليست لغيره ، ونحن نعقل جوهرنا فجوهرنا ماهيته لذاته ليست لغيره .
(٤٢٩) ليس يجوز أن يكون أصل حقيقتنا له بالقياس إلى نفسه أنه
موجود ـ الوجود الذي له ـ ثم له بالقياس إلى نفسه أنه معقول بزيادة أمر على أنه
موجود الوجود الذي له ، على أنهما اثنان ، فإن حقيقته لا يفرض لها مرة «شيء» ومرة «ليس ذلك الشيء» وهي واحدة في وقت واحد ، فليس لكونها
معقولة زيادة شرط على كونها موجودة ، وجودها الذي لها ، بل زيادة شرط على الوجود
مطلقا ، وهو أن وجود ماهيتها التي بها هي معقولة حاصل
__________________
[٣٧ ب] لها في نفسها ليس لغيرها.
(٤٣٠) وهذا
أجلّ ما
أعرفه في هذا الباب ويحتاج إلى تصور فإن الامور التصديقيّة قد يحيرّ عنها فقدان التصور ، فإذا تمكّنت النفس من التصور سارع
إليها التصديق.
(٤٣١) ط ـ كل
ما ماهيّته له فإنه لا يعدم ، لأن كونه بالقوة في وجوده يستحيل ، لأنه إذا كان بالقوة
كانت ماهيته لغيره . وأما قبل حدوثه فإنما كانت قوته في هيولاه ، وإذا استحالت
قوته في هيولاه كان استحالة للهيولى ، ولم يكن هو بالقوة أصلا ، كان شيئا
هو ممكن أن يكون هو ، قد صار هو ، بل كان شيئا يمكن أن يوجد هو له ويوجد معه ،
وكان الإمكان في ذلك الشيء ؛ وإذا وجد جوهره فإمكان
عدم جوهره إن لم يكن أصلا لم يعدم ، وإن كان إمكان عدمه في غيره حال وجوده فإمّا
أن يكون على أنه يعدم عنه ، أو يعدم معيته له ـ فهذا ممكن.
(٤٣٢) وليس
هذا كالوجود ، لأن الموجود ، في غيره موجود في نفسه ، وليس المعدوم في غيره معدوما في نفسه
، فإمكان الوجود في غيره هو إمكان وجود نفسه ، وليس إمكان
العدم في غيره إمكان العدم في نفسه ولا مقتضيا له.
(٤٣٣) إن كان التعقل
هو أن يحصل للعاقل
حقيقة المعقول ، فإذن يحصل لنا
__________________
__________________
إذا عقلنا الإله
والعقول الفعّالة حقائقها ، فلكل منها إذن حقيقتان ، فلم لا
يجوز أن يحصل لذواتنا أيضا حقيقتان ـ وهناك يجوز ـ؟
(٤٣٤) إذا أمكننا أن نعقل المفارقات تصورت حقائق لها في نفوسنا فتكون لها حقيقتان : حقائق لها في أنفسها لأنفسها ـ وهي بها مفارقة ـ وحقائق مصورة فيناهي لنا ،
فلذلك هذه ليست بعقول.
(٤٣٥)
ثم إنّا نشعر بذواتنا ولا أدري «هل هو تعقّل ، أو إدراك آخر؟» وإنما يمكن أن نحقق أنّا نعقل إذا
بينّا إن لنا حقيقة ذواتنا ، فإن أمكن إن تبيّن أن
لنا حقيقة ذواتنا من دون وساطة التعقّل فما الحاجة إلى أن نقول : إنّا نعقل ذواتنا ؛ ونتوصل منه إلي أن لنا حقيقة ذواتنا؟ وإن لم
يكن حصل دور.
(٤٣٦) ليس يتعلّق الكلام بالتعقّل أو الشعور ، بل بكل إدراك كان ، فإنه ملاحظة لحقيقة الشيء لا
من حيث هي خارجة ، ولو كانت خارجة لم تكن الامور المعدومة تعقل ، بل هي فينا ،
وليس [٣٧ ب] الملاحظة وجودا لها ثالثا بل نفس انتقاشها
فينا ، وإلا لتسلسل إلى غير النهاية ، إلا أنّا على سبيل التوسّع نقول : «نلاحظ حقائقها» تشبيها بالمحسوسات على
مجرى العادة
(٤٣٧) وعند التحقيق المحسوسات أيضا ملاحظتها حصول حقائقها التي هي
بها محسوسة لنا ، حتى تصير الخارجة بها ملاحظة .
_________________
(٤٣٨) أحسب إنا نعقل ذواتنا ، ولم يتبيّن بعد أنه هل يجوز أن نعقل بآلة
جسمانية ، أم لا؟ و
هل
القوة العقلية في جسم ، أم لا؟ فلم لا يجوز أن تحصل قوتي العاقلة في قوتي الوهمية؟ فتشعر قوتي الوهمية بها؟ كما
أن القوة العاقلة تشعر بالقوة الوهمية ، فلا تكون ذات القوة العقلية مني حاصلة
لذاتها بل [لغيرها ، كما أن القوة الوهمية مني ليست هي حاصلة لذاتها ، بل] مثلا للقوة العاقلة
(٤٣٩) فينا أو لنا نحن قوة ندرك بها المعاني الكلية وما يجري مجراها ، واخرى تدرك
الجزئيات. والكلي من القوة التي بها [ندرك الكلي [ندرك] بما يدرك] به الكلي ، وذلك سمّه ما شئت ، لكنّا نسميه «القوة العقلية».
(٤٤٠) ولا يخلو إما أن يعتبر الشعور أو الإدراك العقلي ـ وقد عرف
ما يوجبه الإدراك العقلي ـ فأما الشعور فأنت إنما تشعر بهويتك ، لست إنما تشعر بشيء من قواك ـ حتى تكون هي المشعور بها ،
فحينئذ لا تكون شعرت بذاتك ، [بل بشيء من ذاتك ، ولو شعرت ذاتك لا بذاتك] بل بقوة كحسّ أو تخيّل لم يكن المشعور
بها هو الشاعر ، ومع شعورك بذاتك [تشعر أنك إنما تشعر] بنفسك ، وأنك الشاعر بنفسك.
__________________
(٤٤١) ثم إن كان الشاعر بنفسك قوة هي في نفسك وقائمة بها فيكون
وجود نفسك بقوتها لنفسك ، ويرجع علي نفسها مع القوة ولا يكون لغيرها ، وإن كانت تلك القوة
قائمة بجسم ، ونفسك غير قائمة في ذلك الجسم ؛ فيكون الشاعر ذلك الجسم بتلك القوة
لشيء مفارق بصور اخرى ، ولا يكون هناك شعور بذاتك بوجه ، ولا إدراك لذلك بخصوصيّتها ، بل يكون جسم ما يحسّ بشيء غيره ، كما تحسّ بيدك ورجلك .
(٤٤٢) وإن كانت نفسك بتلك القوة [٣٨ آ]
قائمة في ذلك الجسم فتكون النفس وقوتها وجودهما لغيرهما ، فلا تكون النفس بتلك
القوة تدرك ذاتها ولا ذلك الجسم ، لأن ماهية القوة والنفس معا لغير هما ـ وهو ذلك
الجسم ـ
وإن كان جوهر
النفس هو القوة التي بها تدرك فليسا يفترقان ـ فهل هاهنا جواب
أبين منه ، أم لا؟
كل هذا حق مبين.
(٤٤٣) قيل : «إنّا نعقل أنفسنا ، وكل ما يعقل شيئا فحقيقته حاصلة
له ، فحقيقة ذاتنا حاصلة لنا» فما معنى قوله : «ما يعقل شيئا حقيقته حاصلة
له»؟
ج ط ـ الجواب ما
تقدّم.
(٤٤٤) وما
يدرينا أن شعورنا بذاتنا هو تعقّلنا له؟ فعسى هو إدراك آخر
__________________
__________________
لا يقتضي ذلك
الإدراك أن تكون حقيقة ذاتنا حاصلة لنا ، بل هو أثر على لون ما حصل لنا من ذاتنا ، فلا يكون ذلك الأثر هو بعينه حقيقة الذات ، فلا يمتنع أن يكون لنا حقيقة وجود يحصل منها لنا أثر فنشعر بذلك الأثر ، [فلا يكون الأثر هو الحقيقة] ، فلا يكون قد حصل لنا ذاتنا مرتين.
(٤٤٥) ج ط ـ من لا يتصور حقيقة ماهيّته فليس يعقل ماهيّته ، وليس
الإدراك إلا تحقّق حقيقة الشيء من حيث يدرك ، وهو معنى الشيء بالقياس إلى لفظه.
(٤٤٦) وقوله
: «يحصل لنا أثر فنشعر بذلك الأثر» لا
يخلو إما أن يجعل الشعور نفس حصول الأثر ، أو شيئا يتبع حصول الأثر ، فإن كان نفس
حصول الأثر ، فقوله : «فنشعر بذلك الأثر» لا معنى له ، بل هو اسم آخر أو قول آخر
مرادف ، فإن كان الشعور شيئا يتبعه ، فإما أن يكون حصول معنى ماهيّة الشيء أو غيره ، فإن كان غيره فيكون الشعور هو تحصيل ما ليس ماهيّة الشيء
ومعناه ، وإن كان هو هو فتكون ماهيّة الذات تحتاج في أن تحصل لها ماهيّة الذات إلى
أثر آخر به تحصل ماهيّة الذات ، [فيكون لم تكن] ماهيّة الذات [يحصّلها أثر ، فليست متأثّرة ، بل متكوّنة.
وإن كانت ماهيّة الذات] تحصل ثانيا بحال اخرى ـ من التجريد أو نزع بعض ما يقارنها من العوارض [٣٨ ب] أو زيادة تضاف إليها ، فيكون المعقول هو ذلك الذي بحال اخرى وكلامنا في نفس الماهيّة
وجوهرها الثابت في الحالين.
__________________
(٤٤٧) س ط ـ لم يبين أن كل إدراك هو أن تحصل حقيقة الشيء للمدرك
، بل إنما ذلك في التعقل وحده ، وعسى شعورنا بذواتنا ليس هو تعقلنا لذواتنا ، بل
هو إدراك آخر ، ولا يكاد يبين أن لنا حقيقة ذواتنا إلا بعد أن يعلم
أن شعورنا بذاتنا هو عقلنا لذاتنا .
(٤٤٨) [لا جواب له]
(٤٤٩) س ط ـ قيل : القوة العقلية [لو كانت تعقل بالآلة الجسدانية] حتى يكون فعلها إنما يستتم باستعمال تلك الآلة الجسدانية لكان يجب أن لا تعقل ذاتها ،
وأن لا تعقل الآلة ، وأن لا تعقل أنها عقلت [فإنه ليس بينها وبين ذاتها آلة ، [وليس بينها وبين آلتها آلة] ، وليس بينها وبين أنها عقلت آلة] ـ لكنها تعقل
ذاتها وآلتها ، ولا تعقل الآلة.
فلم قيل : «تعقل آلتها التي تدعى
له وأنها عقلت»
(٤٥٠) فإذن
تعقل بذاتها لا بالآلة وما يدل على أنه ليس بينها وبين آلتها آلة أنها لو كانت تعقل آلتها بآلة لكانت صورة آلتها في آلتها وفيها بالشركة دائما ، فيجب أن تعقل آلتها
دائما ، إذ كانت إنما
__________________
__________________
تعقلها لوصول
الصورة إليها.
أما أولا : فإني أشعر بذاتي بأن تحصل قوى الحيوانية في قوتي الوهميّة ، أو بالعكس ـ وكلاهما في آلة جسمانية ـ ومع هذا فلا أشعر بالآلة الجسمانية ،
فلم
يجب في العقل أن أعقل الآلة دائما.
(٤٥١) ج ط ـ أنا لا أشعر ذاتي بالآلة الحيوانية ولا القوة الحيوانية ، بل بذاتها فقط ، فإن خلطت الشعور خلطت القوى.
(٤٥٢) والثاني : إنه لا يمتنع أن تحصل القوة العقلية في القوة
المتوهمة فأشعر بها ، وأظن أني أشعر بذاتي ، إذ لا اميّز بين هذه
القوى ولا يمكن أن يقال : «إن
القوى العقلية
لا تعلق لها بالأجسام ، فلا تحصل في القوة الوهمية» فإنه يكون وضعا للمطلوب الأول.
(٤٥٣) سبحان الله ـ ما تخطر القوة العقلية ببال الوهم إلا باسمها
من حيث هو مسموع.
(٤٥٤) س ط ـ ما
البرهان على أنه ليس
بينها وبين ذاتها آلة؟ فإنه قد اخذت [٣٩ آ] هذه المقدمة من غير برهان.
(٤٥٥) ج ط ـ لأن هذه الآلة إما أن تكون الفاعلة القريبة ـ وليست
الفاعلة هي المدركة القريبة ـ أو تكون الموصلة ـ وإنما توصل إلى
المفارق.
(٤٥٦) س ط ـ قيل
في بعض المواضع ما هذا لفظه : يجب أن لا يتوهم أنّا
__________________
__________________
إنما نحن الذين
شاهدنا ما شاهدنا ، وحفظنا ما حفظنا. بسبب جزء منا جسماني ينحفظ.
(٤٥٧) و [ذلك لأنه إن
كان ينحفظ على] ايصاله ففينا شيء لا يتحلّل منه شيء ولا يستبدل [شيئا بدل ما فسد ، فإنه إن كان فينا
مثل ذلك ففي جوهرنا ما لا يغتذي [ولا يحتاج] إلى بدل ـ وليس كذلك ، بل جميع أجزائنا تغتذي] وإذا كان كذلك ، فكل جزء من جسدنا يستبدل بدل شيء يتحلّل منه ،
وإن كان شيء ينحفظ فيه موجودا إلى آخر العمر فهو عرضة للاتصال والانفصال ، فلا تكون له صورة واحدة بالعدد ، ولا يكون أيضا مستحفظا لصورة
حسيّة أو خياليّة أو عقلية واحدة بالعدد.
(٤٥٨) فيجب أن يكون الثابت واحدا بعينه فينا ـ الذي لا نشك في وجوده ـ بحسب ما بيّنا في جواب هذه المسألة في ورقة اخرى جوهرا صوريّا غير
المادة ، ويكاد أن يكون هذا الجوهر يلزم منه أن لا يكون ماديّا في كل حيوان ، وقد
يكون هو الواحد المتبدّل عليه المادة بفعله أو بفعل غيره أو بمقاسمة بينه وبين غيره ـ يكون التحليل
من غيره والاستبدال منه.
(٤٥٩) فإنه لو كان صورة في المادة. والمادة يتبدّل اتّصالها ـ فيجب
أن تتبدّل صورتها التي فيها ، ولا تكون فيها صورة محفوظة ، فلولا شيء دقيق وسرّ عجيب لقضي في كل نفس أنها غير متعلّقة بالمادة.
__________________
__________________
(٤٦٠) ثم إذا نظر إلى الحق من جهته
علم أن هذا كيف يمكن أن يكون ، وهذا كلام في إثبات النفس وجوهريّتها إذا دعم بأدنى دعامة صار قويّا جدا.
(٤٦١) ما يقال في القوة الحافظة من الإنسان ـ فإنها لا شكّ في جسم ـ؟
(٤٦٢) س ـ وقال في فصل آخر نقيض هذا ، والتقطيع والتفصيل واختلاف
التشكيك يسلبه وحدته [٣٩ ب] الشخصيّة من جهة [ولا يسلبه وحدته الشخصية من
جهة ] أنه [شيء] متميّز من جملة
الأشياء التي في العالم أو في جنسه ، فإن الماء المقرر قد يكون مجموعا في إناء فيكون شخصا ، ويكون متفرقا في آنية فيكون أشخاصا
مجتمع ، ثم يجمع مرة اخرى فيكون غير الشخص الأول والأشخاص
الثانية ، لكنه في تصرف الأحوال ذلك الماء ، فشخصه يميّزه عن المياه الاخر ، ولا
مانع أن يكون للشيء شخصان من وجهين ـ هذا كذا ـ والفصل المتقدم مخالف لهذا ـ فأيّهما
نعتمد وعلى أيّهما نعول؟
(٤٦٣) ولكن لا بدّ من ثبات صور الأجسام ولو إناء واحدا ، وأحسب
أن الأمر على هذا ، فلا يكون الشخص هو الشخص الأول بعينه ، ولا الكيفية الثانية
المنسوبة إلى المزاج تلك الكيفية الاولي بعينها بالشخص ، فكيف تكون الصورتان
__________________
[واحدة ، وسواء تغير المزاج من اختلاف التقطيع والتشكيك ومن غير هذا.
فلا يجب أن تكون
الصورتان] في الحالين واحدة.
(٤٦٤) س ط ـ ثم قيل أمس : إن كل صورة متعلقة بالمادة فبوساطة
مزاج و لا يجوز أن تبقي الصورة مع تبدل المزاج. وعندي أنه لا يمتنع أن تبقى صورة واحدة مع
عدة أمزجة وإن كانت مختلفة في الأشخاص.
(٤٦٥) ج ط ـ قد اشترطت عند قولي ما قلته أن يسمع هو فيسلم
مقدماته ، أو يمنع ، أو يقاوم التأليف ، ولا يسئل عمّا يتصل به من المسائل التي
يشكل الحال فيها.
وسواء سألت عن
الحيوانات الاخر أو سألت عن القوى التي للإنسان ممّا فيه شركة مثل المصورة والذاكرة ، فالآن إن لم تصغ إلى شرطي فلتنزل أن الشرط لم تجب إليه والمشروط له لم يكن ، وحصّلنا رأسا
برأس.
(٤٦٦) ثم [ما تقول في سائر الحيوانات والنبات التي تظن أن نفوسها
منطبعة في المواد؟] ومحال أن يتعلّق
المعلول الشخصي بعلّة شخصية ويبقى ـ مع بطلانها ـ مع شخص آخر.
(٤٦٧) علي أن أشخاص [٤٠ آ] الأمزجة التي تشتدّ وتضعف ليست أشخاص
نوع واحد ، بل كلّما تغيّرت الكيفيّة إلى شدّة أو ضعف فقد حصل نوع
__________________
آخر ، وإذا كان
وجود العلّة سابقا لوجود المعلول ، ووجود المعلول تال متأخر فمن المحال أن يوجد والعلّة بطلت.
(٤٦٨) س ط ـ لا شك أن المزاج هو جزء العلة القابلية أو ما تصير
به العلة علة ، فما الذي يمنع أن تنوب عن ذلك المزاج عدة أمزجة؟
(٤٦٩) ولم لا يجوز أن تكون عدة أمزجة موجبة لأن تكون المادة
قابلة لهيئة واحدة ـ فإنا قد نشاهد شيئا واحدا له
علل كثيرة ـ؟ على أنه يجب أن يحقّق أن كل تغيّر يقع في المزاج هو نوع على حدة.
(٤٧٠) النيابة في أي شيء هو؟ وكيف شاهد لشيء واحد عللا كثيرة من
جنس واحد؟ ـ هذا
لم نشاهده ـ.
(٤٧١) ج ط ـ والشيء الشخصي لا يخلو إما أن يتعلّق بالشيء الشخصي
الذي هو علته ، أو لا يتعلق به ، فإن لم يتعلّق به فليس هو بعلّته ، وإن تعلّق به
فمن شرطه وجوده.
(٤٧٢) وأيضا ـ فإن جزء العلّة ـ وإن لم يجعل وحده علة ـ فإذا فقد
هو فقدت الجملة التي هي العلة وهو جزئها ، فإن الجزء أقدم من
الكلّ.
(٤٧٣) ثم إن كان هذا الخط أ د ج ب وطرفاه بياض هو «أ» وسواد هو «ب» إذا نزل إلى «د» ولم يتغير نوعه ؛ ومثل ذلك البعد ليكن إلى «ج»
فإذا نزل إلى «ج» لم يتغيّر أيضا نوع «ج» ، لكن نوع «ج» هو نوع «أ» فلم يتغيّر نوع «أ» ، وكذلك لينزل على ذلك النمط فيبلغ
إلى «ب» ولم يتغيّر نوعه.
(٤٧٤) على أن الكيفية تبطل لا محالة عند التغير وتجيء كيفية اخرى
،
__________________
إما أن تكون مثلها
في النوع وتخالفها لا محالة بشيء ، وإلا فلم يتغيّر بحسب المشابهة ، بل تكون
الأحوال متشابهة ، فإن كانت الكيفية الاخرى تخالفها فإما بمعنى فصلي أو بمعنى عرضي ، فيكون قد قارن تلك الكيفية عارض كان يجوز أن يقارن الاولى وهو بحاله في كيفيته [٤٠ ب] وانما تغيّر بمقارنة ما ليس هو ، فيكون السواد
المتغيّر لم يتغيّر في سواديّته ـ بل في عارض لا يجعل نفس السواد متغيّرا ـ وهذا
لا يمنعه ، فإن كان يجعل نفس السواد متبدلا في سواديّته فهو إذن في الفصل.
(٤٧٥) س : قيل
إن الوجود : من حيث هو عام
إما أن يكون معلولا ـ فما قولك في وجود الحق الأول؟ ـ وإما أن يكون غير معلول ـ فيكون
كل وجود غير معلول ـ.
(٤٧٦) ثم
قيل في جوابه : «إن حقيقة الأول
هي الواجبيّة ، ويكون الوجود العام من لوازمها ، فلا يكون إذن حقيقته مشتركا فيها»
والكلام في الواجبيّة كالكلام في الوجود ، فإن الواجبيّة أيضا يمكن أن يقال فيها
ما قيل في الوجود.
(٤٧٧) ج ـ نقيض قوله : «إما أن يكون
معلولا» ليس «وإما أن يكون غير معلول» بل : «وإما أن لا يكون معلولا»
ولازم هذا هو أنه ليس كل وجود بمعلول ، لا أن كل وجود ليس
بمعلول ، كقولك «وإما أن لا يكون الحيوان ناطقا» فمقابلة هذا.
(٤٧٨) ثم الوجود من حيث هو عامّ [ليس بالفعل
__________________
__________________
ولا معلول ،] لأنه من حيث كذلك معقول فقط ـ لا وجود له في الأعيان ـ فإن عني بالعام «الوجود
من حيث هو وجود» فهو وجود فقط ومسلوب عنه كل ما مفهومه شيء
غير الوجود ـ سواء كان من حيث هو وجود الأول ، أو وجود غيره ـ
(٤٧٩) ثم
الوجود من حيث طبيعته ـ أي من حيث هو وجود عام ـ يلزم
واجبية الأول ، لأن هويّته أنه يجب وجوده ، والوجود من حيث الطبيعة فيه من لوازمه
ـ لا من مقوماته ـ فإنه لا مقوم له مشترك فيه فيصير مركبا من مشترك وخاص.
(٤٨٠) س ط ـ قد بان من البذور محرك قريب
وجامع خاص بكل واحد من أشخاص الكائنات ، ولم يتبين ثلاثة أشياء :
الأول
: أنه ما البرهان
على أن هذا الجامع هو النفس التي هي مبدء الإدراك والتحريك والتغذية والتنمية.
(٤٨١) ج ط ـ الجامع القريب هو القوة المصوّرة ، وأما هل هي من
قوى النفس الأصلية أم ليست ؟ وهل المبدأ [٤١ آ] واحد فينا؟ فليس من تلك المسائل ، بل
هي مسئلة خلاف مع أفلاطون ، وقد قيل فيه في كتاب الشفاء ما يجب ، ولم يسأل عنها في
تلك المسائل ، بل بقيت الأجوبة على ما علم من أن المبدأ فينا
واحد
__________________
__________________
(٤٨٢) س ط ـ الثاني : ما البرهان على أن لها جامعا آخر غير مزاج الوالدين ، أو قوة فيهما؟ فإنه يكفي أن يكون مزاج الوالدين يجمع
ولا يحتاج إلى جامع آخر.
(٤٨٣) اجيب عن هذا حين بين أن المزاج الذي للمني كان مبدئه في
الوالدين ، وأما محيل المني إلى مزاج الموضوع القريب للنفس ، فهو بعد مفارقة
الوالدين ، ولا يجوز أن يكون مزاجا للمني يكون سبب فساد نفسه إلى مزاج العلقة ، إذ مزاجاهما مختلفان ، وكثير
من البيض المتروك يستحيل من غير حضانة ولا رحم حيوانا تامّا ، وكثير من الحيوان
يتولد كما يتوالد ، فليس لقائل أن يقول : إن المبدأ رحم الانثى اللازمة عند
التوليد جنينا.
(٤٨٤) على أن مزاج الامّ ورحم الامّ كيفيّة واحدة تفعل شبهها في الزرع ، وذلك قوة متشابهة لا يتأثر عنها إلا هيئة متشابهة ، فإن
كان لاختلاف القابل وجب أن يكون اختلاف الأوضاع يوجب اختلاف الخلقة في الأكثر ـ وليس
كذلك ـ.
(٤٨٥) س ط ـ [الثالث] ما البرهان على
أن هذا الجامع قوة لا جسم؟ فإنه لم يذكر في البذور ذلك؟
(٤٨٦) ج ط ـ هذا من أهونة الجسم ، إما أن
يكون من الأجسام الذاتية في العالم ـ مثل السماء ونحوه ـ وحين بيّن أن لكل شخص
مازجا خاصّا ، بان أن الأجسام الخارجة ليست كذلك ؛ فيجب أن يكون
جسما ممّا يتكوّن ؛
__________________
__________________
ويكون حينئذ ليس
بمزاج بما هو جسم ، بل لقوة تختصّ به.
(٤٨٧) س ـ لم إذا كانت المادة وعلائقها تمنع أن يكون الشيء عقلا يلزم أن لا
شيء غير المادة يمنع العقلية؟
(٤٨٨) ج ـ لأن الشيء المتجرد الذي لا يخالطه
قوة الانفعال يكون متحقّقا بصورته ولوازم صورته ، وإنما يكون الشيء عقلا من حيث هو
متحقّق هذا التحقيق ، فإن اضيف إلى شيء حتى يكون صورة فيه صار ذلك الشيء عقلا
به ، وإن لم يضف إلى شيء بل قام بذاته وكان لذاته ، كان ذاته [٤١ ب] به عقلا ، ومثل هذا الشيء لا يغشى ذاته شيء غريب ، فلا يغشى ذاته مانع عن هذا التجرد الذي يكون للشيء بحقيقته وما يلزم حقيقته ضرورة من
أحواله.
(٤٨٩) فإن كان يغشي ذاته مانع عن أن يكون عقلا أو أيّ شيء كان ممّا من شأنه أن يكون ذلك الشيء فهو شيء مقارن لما بالقوة من شأنه أن
يغشى ذاته شيء غريب ، ومن شأنه أن ينفعل ، وهذا هو الشيء الممنوء بالمادة ، [فلا بدّ من أن يكون المانع عن أن يكون الشيء عقلا هو المادة] .
(٤٩٠) هذا الجواب المقترن بهذا السؤال يوجب أن لا يكون عقولنا عقولا
،
__________________
__________________
وذلك لأنها ليست
هي متحققة بصورها ولوازم صورها ، وإلا ما كان يقبل معقولات لم يعقلها ، فيكون
حينئذ يخالطها قوة الانفعال والانفعال للمادة ؛ فإن المجرد عنها
لا ينفعل.
(٤٩١) وبالجملة إن كان من شرائط ما هو عقل أن يكون متحقّقا
بصورته ولوازم صورته ، ولا تخالطه قوة الانفعال ، ولا يغشي ذاته شيء غريب ـ وكانت
عقولنا بخلاف ذلك ـ وجب أن لا يكون لنا عقل ـ فكيف حل هذه الشبهة؟
(٤٩٢) ج ـ المطلوب هناك «أن ذلك الشيء عقل» ، والمقدمة المستعملة «إنه لا ينفعل ولا مادة له بوجه ، وكل ما هو
هكذا فهو عقل» وليس يلزم من صدق تلك المقدمة صدق العكس ، وهو : «أن
كل ما من شأنه أن يعقل فلا ينفعل ولا مادة له بوجه».
(٤٩٣) الحاصل
فيك من العقل الفعّال هو حقيقة العقل الفعّال من
__________________
__________________
جهة النوع
والطبيعة ، وإن كان ليس هو من جهة الشخص ، لأن
إحداهما بحال ليست الاخرى [٤٢ آ] بتلك الحال ، والمعقول من حقيقتك لا
يفارق حقيقتك في النوع والطبيعة ، ولا يفارقه بالأشياء التي له وليست له ، فلا
يفارقه بالشخص [أيضا ، فيكون هو هو بالشخص] ـ كما كان هو هو
بالنوع ، وكان العقل الفعّال وما يعقل منه هو هو في المعنى والنوع ، وليس هو هو
بالشخص ـ لان هذا يقارنه ما لا يقارن ذلك ، [ويفارقه ما لا يفارق ذلك]
(٤٩٤) س ط ـ لم
لا يجوز أن يكون إدراكي لذاتي لحصول ذاتي في شيء نسبته إلي ذاتي كنسبة المرآة إلى البصر
، فأدركه بواسطته ؟
(٤٩٥) ج ط ـ الذي تتوسّط فيه المرآة إن سلم أنه يتصور في المرآة
فيحتاج مرة ثانية أن يتصور من المرآة في الحدقة أو في الشيء الباصر ما كان ،
فيكون له صورة البصر في البصر ، وصورة في المرآة ، وصورة ثالثة تصورت من المرآة
فيه ، ـ هي بعينها صورة البصر إن أمكن ذلك ، لكن المنطبع في المرآة صورة سطح
الحدقة لا غير ، وهي غير البصر ، وتنطبع صورة في حفة الزاوية من روح البصر ـ لا في جميع البصر وروحه ـ.
(٤٩٦) قيل : «إن الشيء إما أن يكون موجودا لغيره ، أو ليس لغيره»
، ثم قيل :
«إن ما ليس لغيره
فهو لذاته» ويشبه أن يكون بعض الأشياء موجودا مطلقا ،
__________________
__________________
لا لذاته ولا
لغيره ـ لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .
(٤٩٧) ج ط ـ لو لم تكن ذاتك موجودة لك بوجه من الوجوه لم تقل : «ذاتي»
و «ذات نفسك» فتجعلها مضافة إليك إضافة ما ليس بمباين ، ثم كل شيء له ذاته ، فإما
أن يكون لغيره ، وأما أن لا يكون.
(٤٩٨) فإن كان لغيره على أن وجودها لغيره ، فوجود تلك الذات
لغيره ، وإن لم يكن لها وجود فوجوده لما هو له ، وإن لم تكن ذاتي إلاّ لي فوجود ذاتي لي.
(٤٩٩) فأما كيف هذا؟ فلعلّه لا يمكن التصريح به جزافا ، فإن أمكن
فلعلّه هذا الذي أقوله الآن :
حقيقة
الذات لا توجد متعينة من حيث تلك الحقيقة بلا لوازم ولا ذات المبدأ الأول ، فإن له لوازم صفات ، فهو
من حيث هو حقيقة شيء ، ومن حيث هو ملزوم شيء ، والجملة التي من الأصل واللوازم شيء
، وهو إنما يتعيّن لا بأنه حقيقة [٤٢ ب].
وإن كان لا شركة
فيها أيضا في الوجود بل يتعيّن بحيث هو ملزوم أشياء
كما نحن نتشخّص باللواحق ، فتكون إذن حقيقة الذات من حيث المعقول
في نفسها لا بشرط آخر شيء ومن حيث هو متعيّن شيء ، فتكون هناك غيرية تحتمل الإضافة
والنسبة.
__________________
__________________
(٥٠٠) [وجدت بخط بهمنيار في أول رقعة تشتمل على مسائل : إن رأى مولانا الأجل الرئيس السيّد ـ أدام الله علاه ـ أن يجيب عن هذه المسائل جاريا
فيه على شريف العادة الكريمة إن شاء الله تعالى.
(٥٠١) وكان الشيخ الرئيس كتب فوق الرقعة : «الإنسان ما يجهل أكبر مما
يعرفه ، وإذا عرف شيئا من
وجه فليس يلزمه أن يعرفه من كل الوجوه ، ولا ذلك يوقع خللا فيما يعرفه ، لا سيّما
أنا مع اعترافي بالقصور وإصراركم على البحث والتنقير »
ثم كتب الأجوبة
تحت الأسئلة]
(٥٠٢) س ط ـ ما البرهان على أن شعورنا بذواتنا ليس هو كشعورنا سائر الحيوانات
مخلوطا؟ فإن القدر الذي قيل فيه غير مغن ، وما كتب في الجواب من الاعتراف بالعجز غير مقبول.
__________________
__________________
(٥٠٣) أسأل الله التوفيق ـ نحن
إذا شعرنا بجملة شعرنا بها كواحد وكمركب من آحاد نحن شاعرون بكل واحد منها من حيث يتميّز عن الآخر ، ويجوز أن يكون إنما يتمثّل فينا ذلك
الواحد وحده من الجملة بحقيقته ـ والبواقي غيّب ـ كما يجوز أن تكون حاضرة ويكون كل واحد منها مشعورا بانفراد طبيعته ، بحيث يجوز أن يلحظ مجردا عن قرائنه [أي لا يشترط المقارنة ،
ويشترط اللامقارنة معا] .
(٥٠٤) س ط ـ إن لم يكن في سائر الحيوانات جزء هو الشاعر والمشعور
به فليس شيء منها يشعر بذاته ، وإن كان فيها جزء هو الشاعر
والمشعور به فله ذاته.
(٥٠٥) ليس فيها شاعر ومشعور به واحدا بل الشاعر جزء من المشعور به.
__________________
__________________
(٥٠٦) فذلك الجزء إذن له ذاته.
(٥٠٧) ج ط ـ ونحن أيضا إذا جردنا الجزء الشاعر منّا وأدركناه فليس يكون حقيقة ذاتنا فإن حاله كحال عقولنا في [٤٣ آ] أحوالها إذا جردناها.
(٥٠٨) سبحان الله لا يفهمه إلا الكهنة.
(٥٠٩) س ط ـ ـ لم
لا يدرك البياض ذاته مخلوطا بما هو موجود فيه ، وله اسوة بذوات ساير الحيوانات في أن له كنهه؟
(٥١٠) س ط ـ وما السبب في أن ذوات الحيوانات مع وجودها لغيرها
تدرك ذاتها ولا يدرك البياض ذاته؟
(٥١١) ج ط ـ إعطاء
السبب في هذا يصعب ، بلى معلوم أن كل ماله هوية ذاته مفارقة فهو يدرك ذاته ، وليس عكس هذا بواجب ـ
إن كل ما ليس له هوية ذاته فلا يدرك ذاته ـ فإن هذا خلاف الواجب عن الوضع الأول ،
فليس هو عكسه ولا عكس نقيضه ، فليس بواجب عن الأول ولا حقّا في نفسه.
(٥١٢) فأمّا أنه لم صار بعض ما ليس له ذاته يشعر بذاته ـ شعورا
غير عقلي ـ وبعضه لا يشعر؟ ـ وطلب السبب فيه ـ فهو صعب ، وليس إذا جهل هذا بطل
العلم بتلك القضيّة الاخرى ، لما لم يكن العلم بها موجبا للقول بهذا.
(٥١٣) س ط ـ هذا
الجواب من بابة الشيخ
الكرماني :
__________________
__________________
(٥١٤) كيف ندرك ذواتنا مجردة تارة ومخلوطا اخرى ، وما يدرك المخلوط يجب أن يكون قوة جسمانية ، وما يدرك المجرد لا يجوز
أن يكون جسمانيا؟
(٥١٥) ج ط ـ إن كان الخلط عقليا أدركه منا المعنى المجرد ، مثل
خلط المثلثية واقعة تحت الخطين الموازيين وإن كان خلطا غير عقلي فسيدركه من ذاتنا شيء غير
عقلي ، أو يمكن أن يدركه.
(٥١٦) [س ط ـ أيش الذي
يمكن أن ندركه إن كان ندرك
الخلط العقلي؟ فالمعنى معقول.]
(٥١٧) س ط ـ قلت : «لم صارت الحيوانات الاخر
لا تشعر بشعورها بذواتها من حيث الشعور؟» فقيل : «لأن هذا المعنى يجرد ، فلا يجرده إلا مجرد» وهذا يحتاج إلى برهان بعد أن لا يكون مبنيّا على الانقسام ، فإن هذا معنى لا ينقسم على ما وقعت الشريطة عليه.
(٥١٨) ج ط ـ الشيء من حيث هو مجرد عن القرائن كلها صالح لأن يقال
على كثيرين يختلفون فيه بعدد الأشخاص أو عدد الاعتبارات ، والكلي المجرد للعقل [٤٣ ب]
ولما ليس في الجسم . [أليس لا؟ فإن هذا هو المطلوب ،
__________________
__________________
ولو
كنت أعلم هذا لما كنت أحتاج إلى هذا التطويل والإسهاب ،] ٣١ ـ [اريحكم ونفسي.
(٥١٩) اعلم إن نفس الإنسان تشعر بذاتها ، ونفس الحيوان الاخر
تشعر بذاته بوهمه في آلة وهمه ، كما تشعر بأشياء اخرى بحسّه ووهمه في آلتهما ، والشيء الذي يدرك المعنى الذي لا يحسّ من حيث له علاقة بالمحسوس هو الوهم في الحيوانات ، وهو الذي يدرك به النفس ذاته لا بذاته ولا
في آلته التي هي القلب ، بل في آلة الوهم بالوهم ، كما يدرك به وبآلته معاني اخر ، فتكون ذاته فيه مرتين ـ مرة في آلة ذاته ، ومرة في آلة وهمه ، وهو مدرك من
حيث هو في آلة الوهم.
(٥٢٠) الآن قد بقي هاهنا بحث آخر : إنه لما حصلت حقيقة النفس ـ وإن كانت مخلوطة ـ في الوهم ،
فآلة الوهم [هي من جهة] بتلك النفس [كآلة
النفس]
(٥٢١) جواب هذا من تأمل الحضرة التي من
الطبع ، والحضرة التي في
__________________
__________________
العكس ، ولا أزيد
على هذا.
(٥٢٢) فاذن ليس شيء مما ليس له ذاته
بمدرك لذاته بذاته ، ولا نفس الحيوان ، بل ربما أدرك ذاته غيره [في موضوعه] وكان ذلك الغير قوة له.
(٥٢٣) قد قلت واستخرجت ، لكني اوقعت في شبهه اخرى ، وبقي هاهنا بحث آخر : لم صار بعض قوى الأجسام يدرك ما يحصل
في موضوعه من الهيئات عن غيره كالوهم ، وبعضه لا يدرك؟
(٥٢٤) هذا
أيضا صداع آخر لم نجب عنه] ـ ٣١.
(٥٢٥) س ط ـ إن كان المشخص للقوى الجسمانية
المادة التي تعين وجودها فيها فكيف
تعيّن المادة وجود قوة مفارقة و كيف تشخّصها؟
(٥٢٦) المادة وحدها لا تكفي في تشخصها ما لم يتعلّق بها الوضع وما اختصّ بوضع ما ـ إمّا بذاته أو بعلاقة لذاته ـ فقد تشخّص وامتنع وقوع الشركة فيه في آن واحد ، وامتنع أن يكون مثله آخر يشاركه في ذلك الوضع الواحد وأحواله ويشاركه في
ماهيته ، ثم يكون غيره.
(٥٢٧) س ط ـ ثم إن القوي
الجسمانية لم يجب أن تتغير من حيث لها
__________________
__________________
خواصّها التي لا
تشارك فيها لأن مزاجا تغيّر؟ [٤٤ آ]
(٥٢٨) ج ط ـ لم أقل : «يجب» ، بل غالب الظن.
(٥٢٩) س ط ـ وما يدرينا أن ذواتنا لا تتغيّر من حيث هي لها
خواصّها التي لا يشارك فيها لأن مزاجا تغيّر؟
(٥٣٠) ج ط ـ كثيرا ما نرى المريض إذا لم يشغله مرضه بانصباب نفسه
إلى مرضه لم ينفعل من حيث يفعل انفعال التغير ، بل عسى انفعال أعراض ، وكثيرا ما نرى بالخلاف.
على أن هذا أيضا
ظن غالب لا عقد مجزوم ، وقد قيل في ذلك كل ذلك لعله لمعنى.
(٥٣١) س ط ـ ما البرهان على أن الشخص يكون
بعرض لازم؟
(٥٣٢) ج ط ـ لما لم يتشخص الشخص بماهيته المقومة فيجب أن يتشخّص
بعرض ، وليس بعرض يلزم ماهيته لأنه مشترك فيه ، فبقى
بعرض بطرا من خارج ؛ وليس ما يتبدل ـ فإن العلة المعيّنة لا تبطل ويبقي المعلول المعيّن ـ فيجب أن يكون لا حقا
لازما به هو هذا الشخص.
(٥٣٣) س ط ـ لم لا يجوز أن يكون العرض المهيئ للمادة لقبول الصورة نفسا؟
__________________
__________________
(٥٣٤) ج ط ـ هذا يجوز ، لكن يكون مهيئا لقبول
غير الصورة المقومة ، لأن النفس النوعيّة إذ اتحد بالهيولى تمّ النوع.
(٥٣٥) س ط ـ المغتذي إذا اتصل به الغذاء هل تتصور صورته بصورة الغذاء ، أم تحدث فيهما جميعا صورة اخرى واحدة ، وتنخلع عن
المغتذي صورته.
(٥٣٦) ج ط ـ إن كان اللقاء على
صورة المماسّة فله حكم وهو الأغلب ، وإن كان على سبيل الاتصال وزوال الحدود
المشتركة فله حكم آخر ـ والله أعلم بالصواب ـ.
(٥٣٧) س ط ـ الذي قيل قد تصور ، ويحتاج في تصحيحه إلى تصحيح مقدمتين أذكرهما لا فكر فيه بعد ذلك ـ فلعل الله يهدي ـ.
(٥٣٨) ج ط ـ قوله
: إن زوال المانع إنما يهيئ لقبول صورة يؤثر فيها تغيّر أحوال المزاج وهيئته غير
مبرهن ، ولكن الاستقراء ربما يدل علي ذلك كالقوة الغضبيّة والشهوانية في تغيّر
أحوالها بتغيّر المزاج.
وبالجملة يحتاج
إلى برهان يقرّر أولا هذه المقدمة.
(٥٣٩) لعلّي
لم أقل هذا ، ثم إن قلت فهو عجب أحتاج أن أرجع
إلى
__________________
__________________
نفسي أني كيف قلت؟
فإن تذكّرت السبب وإلا سكتّ. فإن السكوت بالناسي أحسن والنطق [٤٤ ب] بالذاكر ، وقيل : «إن قام النطق ورقا قام
السكوت عينا» قال الشاعر :
وكأين ترى من
صامت لك
معجب
|
|
زيادته أو نقصه
في التكلّم
|
ولو سكت صديق لنا
أول من أمس لكان استزله
(٥٤٠) س ط ـ ومعنى قوله : «على
المناسبة» ثم بيان أن ذواتنا لا يتكيّف بتكيّف المزاج على
المناسبة.
(٥٤١) ج ط ـ لعل معني قولي : «على
المناسبة» أن ما تعلق وجوده [بفاسد فهو
عرضة للفساد ، وما تعلق وجوده] بمتغيّر فهو عرضة
للتغيّر علي مناسبة ما يتعلق به وجوده. أظن أن معنى قولي كان هذا ،
ثم لعل ذواتنا لا تتغير من حيث هي لها خواصّها التي لا تشارك فيها لأن مزاجا تغيّر
، ومع هذا ـ فيجب أن ينظر في هذا ويتأمل ـ
(٥٤٢) ما البرهان على أن النفوس الإنسانية باقية من جهة أنها ثابتة بوضع تغير أحوال المادة وأمزجتها؟
(٥٤٣) أشتهي أن أعلم كيف هذا البرهان ، ثمّ احرّره واصحّحه له
__________________
__________________
ولنفسي ، و لكن الغالب على ظني أن زوال المانع وحده إنما يهيئ
لقبول ما يؤثّر فيه تغير المزاج في هيئته وماهيته وإن كانت
منسوبة الاستحقاق إلى مزاج ، فليس يتكيّف بعدها بتكيف المزاج على المناسبة ؛
فليس زوال المانع وحده يكفي في التهيئة لقبوله ؛ بل لتهيئة وجود عينه غير مقبولة
(٥٤٤) أو لعلّ الأمر ليس هكذا ، فيحتاج أن افكّر في هذا ، فمن هاهنا
ربما خرج شيء وربما لم يخرج منه ؛ بل من بحث آخر ؛ إلا أنه لا محالة يناسبه ويستقي
من جداوله فيما أظن ، لعل المراد يخرج من هذا أو شيء يشبهه ، أو لعلّه معتاص لا
يمكن. فيجب إذن أن يفكّر لعل الله يهدي .
(٥٤٥) س ط ـ أنا لا أتحقق أن الإدراك هو حصول صورة المدرك في المدرك ، ولا يمكنني أن أتصور ذلك تصورا أوليا لبلادتي ، فبقي أن
أنبه ببعض البيانات المنبهة ، فإن الأوليات قد ينبّه المغفل عنها ببعض المنبهات.
(٥٤٦) ج ط ـ كل ما لم يتمثّل لي معنى حقيقته
فلست ادركه ، وذلك الممثّل إما في نفس الوجود ، وإما فيّ أنا. ولو كان في نفس الوجود [٤٥
آ] لكان كل موجود قد تمثّلته ، وكل معدوم فلا ادركه ولا أتصوره ، والتاليان محال ، فبقي أنه متمثّل المعنى فيّ ومتمثّل حقيقته فيّ.
(٥٤٧) س ط ـ لم صار بعض قوى الأجسام إذا حصلت فيه هيئة من
__________________
__________________
غيره أدركها كالوهم ، وبعضها ليس يدركها ؟
(٥٤٨) ج ط ـ لا
أدري ـ لا إله إلا الله ـ وقبيح بالأئمة الإقرار بالجهل.
(٥٤٩) إن كانت
الملكة الحاصلة للنفس التي بها تخلق الصور
وتركّب وتحلّل قوة طارئة عليها ، فالنفس مركبة ، ولا يصح البرهان المورة علي أنها
لا تفسد ، فإن ذلك البرهان قام على شيء أحدي الذات ، وإن لم تكن قوة طارئة عليها ـ
بل استكمالا يحصل لها ـ كانت حينئذ من حيث تفعل تنفعل.
ثم ما البرهان على
أنها ليست بقوة طارئة وأنها استكمالي ؟ وكيف حلّ هذا
الشك إن كانت استكمالا ـ لا قوة ـ؟ وما البرهان على أن عقلنا يعقل ذاته دائما وقبل
أن حصل فيه هذه الملكة؟
(٥٥٠) ج ط ـ النفس ليست في جوهرها مركّبة
، بل المجموع منها ومن الملكة مركب .
وأيضا إن كانت استكمالا يطرء عليها كان فاعله فيها شيء مباين ؛ فلم يكن الفاعل والمنفعل
واحدا ، وكان هذا الاستكمال فاعلا في جوهر النفس صورا ، فكان الفاعل غير المنفعل.
وهذا من حيث تتصور بها النفس استكمال ، ومن حيث تتصور منها ومن تأثيرها صورا عقلية على نوع ما فهي قوة ، و من حيث ليست
بلازمة فهي طارئة.
وليس عقلنا يعقل
ذاته دائما ، بل نفسنا دائمة الشعور بوجودها [فإن
__________________
__________________
كانت تعقل بالفعل
شيئا غير ذاتها كانت دائمة الشعور] بأنها تعقل ما
دامت تعقل.
(٥٥١) س ط ـ الكيفية الطارية على البصر من المبصر ما البرهان علي
أنها تستحيل
منها البصر لا على سبيل
المجاورة؟
(٥٥٢) ج ط ـ أليس وقفنا على إذا طرأ ولم نقل ما ذا يكون ولم نتمم
التالي الذي هو ما نريده.
(٥٥٣) س ط ـ ثم إن كان الحسّ يستحيل من المحسوس فلم لا يمنع المحسوس الضعيف أيضا من إدراك غيره من المحسوس
والاستحالة حاصلة؟
(٥٥٤) ج ط ـ يمنع منعا خفيّا ضعيفا
، ثم لا يلزم إذا حرك محرك شيئا ـ أن يكون الأصغر يحرك البتة.
(٥٥٥) س ط ـ إن قال قائل : إن بعض [٤٥ ب] الأمزجة أوفق لبعض
القوى وإن مزاج المشايخ
أوفق للقوة العقلية فلهذا تقوى هذه القوة فيهم ؟
(٥٥٦) مزاج المشايخ إما برد أو يبس وإما ضعف ، وكل واحد منهما يوجد قبل المشيب ولا يوجد لصاحبه مزية استعداد. وأيضا فليس كل شيخ
__________________
__________________
هو أقوى من الشابّ
، وليس استعمال البيان مقصورا على أن الغالب في المشايخ حكم ، بل على أنه لو كان
القوة العقلية قوية بدنية وقائمة في البدن لكان لا يضعف البدن إلا وتضعف ، وقد
تجد واحدا ليس كذلك ، فالمقدم مسلوب على أن ضعف
البنية ليس يكون ملائما لما يقوم بالبنية ، إنما يلائم ـ لعلّه ـ لما لا يقوم
بالبنية.
(٥٥٧) س ط ـ هل بين الضرر الذي يدخل على الحواس من جهة الإكباب على المحسوس الضعيف زمانا طويلا وبين ما
يدخل عليها من جهة المحسوس القوي ـ وإن كان الزمان يسيرا ـ فرق ؟ وما هذا الضرر ، وما ذلك الضرر؟وأيّ سبب لكل منهما؟
(٥٥٨) ج ط ـ لعل طول الإكباب يؤثر في هذا الباب لاضطراب المواد
والانصباب ، وأما العلة فخفيّة خصوصا علي ، والله يعرفها ويكشفها برحمته.
(٥٥٩) س ط ـ نحن إذا سوّدنا جسما أبيض أو بيّضنا جسما أسود فلا يتغير مزاجه ؟
(٥٦٠) ج ط ـ إذا كان باللطخ ليس بالاحالة ، وبالمجاورة لا
بالتغيير .
(٥٦١) س ط ـ الكيفية التي تحدث في البصر من الشمس إذا أبصرناها
لا تمانع كيفية البصر؟
__________________
__________________
(٥٦٢) ج ط ـ كيف والجليدية لها إشفاف.
(٥٦٣) وأيضا فإن انطباع الكيفية التي تحدث في البصر من البياض أو السواد ـ على ما تظن ـ ليس هو انطباعا حقيقيّا ، بل هو كانعكاس الخضرة إلى
الجسم الأحمر ، فعلى هذا الوجه أيضا لا تمانع كيفية البصر ، كما أن كيفية الخضرة
المنعكسة إلى الجدار لا تمانع حمرة الجدار.
(٥٦٤) الانطباع أن تحصل الكيفية في موضوع ما ، وأما أن يكون ما دام شيء آخر موجودا ، فهذا شيء آخر ، وكذلك
اخضرار الجدار هو استحالته.
(٥٦٥) س ط ـ وقد قيل : إن المحسوس القوي إنما يمنع من إدراك
المحسوس الضعيف لضرر يحدث في المادة [٤٦ آ] وهذه الفصول المتقدمة لا تودي إلى هذا
الغرض ، بلى إذا أوهن مزاج أو تابع من توابع الصورة ، فذلك ضرر.
(٥٦٦) ج ط ـ قد بان أن زوال المانع
من المادة علة لوجود صورة ما فيها ، فما البرهان علي أن للصورة
أحوالا تتبع المزاج؟ وأن المزاج يعدّ
المادة لأن تحدث في تلك الصورة أعراض ، حتى تتبدل تلك الأحوال بتبدل المزاج؟
(٥٦٧) لا
أدري ، لو علم هذا لقصر الحديث.
__________________
__________________
(٥٦٨) تكلّم على قوله في أول كتاب الشفاء : «إن الفلسفة تنقسم
إلى حكمة
نظرية وحكمة عمليّة ، فقد جعل الحكمة العملية فيها أيضا نظرا ومعرفة ، فجعل
غايتهما المعرفة ـ والحكمة العملية عمل لا نظر ، قد أجمع على هذا الأولون والآخرون؟
(٥٦٩) ما أكثر ما وقع للناس من الغلط
باشتراك الأسماء المستعملة في تعاليم الفلسفة على اشتراكها ، وخصوصا حيث يقال : «نظري» و «عملي» في مواضع مختلفة ، ويدل بها على دلائل
مختلفة؟! ولا اطوّل ما أنا فيه ببيان ذلك ، فإن اشتهى ذلك
مشته أمكنه سماعه شفاها.
(٥٧٠) وقد وقع ذلك في استعمال لفظ «العملي» مركبة بلفظة «الحكمة» ، أعني إذا قيل : «حكمة عمليّة» فإن ذلك يدل
عند الفلاسفة على معنيين.
ولخفاء ذلك على
أبي حامد
الاسفزاري ظنّ أن أحد الفضائل التي هي الحكمة العملية لم يحسن من أوجب فيها
التوسط ، وجعل الازياد في معرفة الواجبات العملية رذيلة ، فبناء أمره على أن
الفضائل ثلاثة : حكمة وشجاعة وعفّة ؛ وجعل الشجاعة والعفّة واسطتين وجعل الحكمة
غير واسطة.
وأما
وجه هذا الاشتراك : فإن الحكماء إذا قالوا : «إن الفضائل ثلاثة
__________________
__________________
ومجموعها العدالة»
عنوا بذلك الفضائل الخلقيّة . وإذا قالوا : «إن جماعها تنحصر في
شجاعة وعفّة حكمة » فإنما حصروها في فضائل خلقيّة. وكذلك إذا قسموا أفعالها
إلى «شجاعة وعفة وحكمة» عنوا بالحكمة فعلا يصدر على الجميل في الامور التدبيرية عن الخلق أو عن ضبط النفس. فهذه الحكمة العمليّة هي فضيلة خلقية ، بل هي ملكة يصدر عنها
الأفعال المتوسطة بين أفعال الجربزة [٤٦ ب] والغباوة صدورا من غير رويّة وعلى سبيل
ما يصدر عن الأخلاق.
(٥٧١) وإذا قالوا : «إن من الفلسفة ما هو نظري ، ومنه ما هو
عمليّ» لم يذهبوا إلى العمل الخلقي ، فإن ذلك ليس جزءا من الفلسفة بوجه ، فإن
الملكة القياسيّة غير الملكة الخلقية ؛ بل عنوا به معرفة الإنسان بالملكات الخلقية
بطريق القياس والفكر : ـ أنها كم هي؟ وما هي؟ وما الفاضل منها؟
وما الردي؟ وأنها كيف تحدث من غير قصد اكتساب؟ وأنها كيف تكتسب بقصد؟
وأيضا معرفة
السياسات المنزلية والمدنيّة ؛ وبالجملة ما يعمّ الأمرين ؛ بل بالجملة المعرفة
بالامور التي إلينا أن نفعلها ـ إما فينا ملكات وانفعالات ، وإما من خارج بحسب المشاركة.
(٥٧٢) وهذه المعرفة ليست غريزية ، بل تكتسب ؛ وإنما تكتسب بنظر
وبرويّة وبقياس يفيد قوانين وآراء كلية ـ وهي التي تفيدناها كتب الأخلاق والسياسات التي إذا تعلمناها نكون اكتسبنا معرفة ، و تكون حاصلة لنا من حيث هي معرفة.
وإن لم نفعل فعلا
ولم نتخلّق تخلقا فلا تكون أفعال الحكمة العملية الاخرى موجودة لنا ولا أيضا
الخلق ، وتكون لا محالة عندنا معرفة مكتسبة يقينيّة
__________________
حقيقيّة ، وكل
معرفة حقيقيّة يقينيّة فهي حكمة أو جزء حكمة.
(٥٧٣) وليست هذه المعرفة عندنا حكمة طبيعية ، ولا حكمة رياضيّة ،
ولا حكمة إلهيّة ، فليست حكمة نظرية ؛ إذ كان اسم النظري يخصّ بهذه الثلاثة أو ما
يجمع هذه الثلاثة ـ وبالجملة ما الغاية فيه النظر ـ.
(٥٧٤) فبقي أن يكون الجزء الأخير من الفلسفة ـ الذي هو الحكمة ـ العملية. إذ كانت الفلسفة تنقسم إلى عمليّ
ونظريّ ، ولم تكن الفلسفة خلقا البتة ، بل عسى أن تكون علما بالخلق.
(٥٧٥) وأما الحكمة العملية التي هي إحدى الفضائل الخلقية الثلاثة
فهي غير هذه ، لأن تلك عمل من الأعمال أو خلق من الأخلاق ـ ولا
شيء من الأعمال والأخلاق بفلسفة ولا جزء فلسفة ـ ومع ذلك فإنها لا تساوق الحكمة
العملية التي هي جزء من الفلسفة في وجودها ؛ فإن الحكمة العمليّة [٤٧ آ] التي هي
جزء من الفلسفة تحاذي الشجاعة والعفة ، وهذه الحكمة الخلقية التعقليّة ، [فكما إنها ـ أعني الفلسفة العمليّة ـ ليست شجاعة ولا عفة ـ بل علما بهما
كذلك ليست حكمة عمليّة ـ الحكمة العملية الخلقية ـ بل علما بها [وتعريفا إياها ، وليست علما بها وحدها ، بل علما بها] وبغيرها مما ليس حكمة عملية خلقية.
(٥٧٦) فالغلط واقع بسبب ظن الظانّ أن الحكمة العملية التي هي جزء
من
__________________
الفلسفة هي الحكمة
العملية التي هي جزء من العدالة ، وخلق لا علم] .
وقد
أوضحت الفرقان بينهما ، فإنك إذا تعلّمت ما في كتب الأخلاق والسياسات كانت عندك معرفة
مكتسبة بقوانين كلية أفادها مقائيس فكرية ، ولم تكن تلك المعرفة إحدى المعارف النظرية
الثلاثة ، ولم تكن بوجه من الوجوه عملا ولا خلقا ولم يصلح أن تسمّى
غير الحكمة العملية.
(٥٧٧) وأما
ما قال «إنك جعلت الغاية فيهما واحدة» فقد حاد عن السبيل ، فإني
جعلت الغاية في أحدهما نفس ما يحصل بالنظر ، وجعلت الغاية القصوى في الآخر العمل
بما يقتضيه الحاصل من النظر.
وليس يجب أن يكون
غاية الشيء موجودا في الشيء ، فإن الغايات توجد في كثير من الامور خارجة عمّا
يتوجّه به إليها ، فإن الكنّ غير موجود في نفس حركة الابتناء ، ولا في شكل البيت ،
بل وجوده في المستكنّ المبتني .
(٥٧٨) واعلم إنا إذا قلنا : «حكمة عملية هي جزء من الفلسفة»
فنعني بها العلم بالفضائل العملية [على الوجه الكلي ، ولا نعني به الفضائل الخلقية
أنفسها.
وإذا قلنا : «الحكمة
العملية الخلقية] فنعني به نفس الفضيلة الخلقيّة التي هي أحد الامور التي
تعلم في ذلك العلم كيفيته وكيفية اكتسابه.
وإذا قلنا : «الحكمة
العملية الفعلية» فنعني به الفعل الصادر عن خلق أو ضبط نفس بعلم أو بغير علم ـ بل
بتقليد وقبول صدورا على سبيل الاتفاق.
__________________
(٥٧٩) س ط ـ سئل عن قوله : «إن النظر في الألفاظ تدعوا إليه
الضرورة». ثم
قوله : «و ليس للمنطقي ـ من حيث هو منطقيّ ـ شغل أوّلي بالألفاظ»
فعورض بأن هذا ظاهر التناقض.
(٥٨٠) ج ط ـ الصنائع النظريّة والصنائع العملية قد يكون فيها
امور يتوجه إليها القصد الأول ، ويكون [٤٧ ب] الشغل الأولي موقوفا عليها ثم يقع
إلى غير ما إليه القصد الأولي ضرورة . مثال هذا حصول
البيت ، فإنه يستدعي امورا خارجة عن الغرض للضرورة ، مثل استيجار الأجير واتّخاذ آلات. . ومثاله في
العلوم أن الغرض في تعلّم الهندسه هي الخطوط والسطوح والأشكال العقليّة الحقيقية ،
ثم تقع الضرورة إلى تحييل ذلك بخطوط هي غير خطوط ، ومستقيمات هي غير مستقيمات ،
ودواير هي غير دواير فينكر. هذا.
(٥٨١) أو أن أقرّ بأن الضرورة تدعوا إليه بجعل الداخل بالضرورة هو
الذي الشغل الحقيقي به ، والغرض الأوليّ فيه ؛ وبعد هذا فقد وقع سهو من جهة اخرى ،
وسببه إغفال في أمر العكس.
(٥٨٢) أما
السهو فأدلّ عليه ، وأما الإغفال فإذا شاء شافهته به ؛ وذلك لأنه ليس إذا كان شيئا ضروريا في صناعة وجب أن يكون كل ضروري في الصناعة ذلك الشيء ، بل يجوز أن
يكون المقصود في الصناعة معنى أعم من ذلك الشيء ومن غيره ، ويكون هو المقصود الأولي. ثم
يحوج ضرورة التفصيل إلى أن تشتغل الصناعة اشتغالا ثانيا بذلك الجزء.
(٥٨٣) وبعد هذا فتأمّل ما قلته في ذلك الكتاب ، وانظر في وجهي
الضرورة
__________________
__________________
التي بيّنتها ، واعرف أنهما هل هما ممّا يجعلان الألفاظ موضوعا أوليا للمنطق؟ بل يجعلانه
مع أنها مضطرّ إلى معرفتها بعض أجزاء
الصناعة ، وأنت تعلم أن بعض أجزاء الصناعة تكون الضرورة داعية في استكمال الصناعة
إلى تحصيله ، وأنه مع ذلك لا يكون الشغل الأوليّ مصروفا إلى ذلك البعض.
(٥٨٤) فعلم أن قولنا : «الضرورة داعية إلى كذا» لا يقابل قولنا :
«ولكن ليس الشغل الأولي به» ، بل يجوز أن يكون به
شغل ثان أو يكون به بعض الشغل ، أو
يكون داخلا غريبا ليس به شغل ثان مخصص ، ولا شغل أول كلي ، ولا جزء
شغل ؛ بل يكون شيئا لا بد منه ومن تأمّله لأجل ما هو الغرض الأولي بأجزائه كلها ـ مثل ما مثّلت لك من استعمال الأشكال والحروف الحسيّة ـ فقد يعلم أن
ذلك ضروري ، ومع ذلك فليس به شغل أولي.
وأما الأول [٤٨ آ]
فكالنظر في المخروطات ، فإنه ضروري في أن يستكمل صناعة الهندسة ، وليس الشغل [الأولي
في الهندسة به ، بل] بجنسه ـ وهو المقدار ـ فإن موضوعه ذلك ، وهذه أنواع
موضوعه.
(٥٨٥) وإنما كان كلامي في الكتاب
الذي خطيت فيه مصروفا على بيان الموضوع
الأولي للمنطق ، وبينت أنه ليس هو الألفاظ ـ بل النظر في الألفاظ إما داخل علي سبيل ضرورة ؛
كضرورة تخطيط الأشكال للحسّ ؛ أو على أنه جزء من موضوعات الصناعة ، أو لازم جزء من موضوعات الصناعة ، أو لازم لموضوع الصناعة ، ومن
تأمل كتاب البرهان عرف الفصول بين هذه ، وعرف أنها لا بد من تحقّقها ، وأن الضرورة تدعو إلى معرفتها وليست موضوعة للصناعة.
_________________
(٥٨٦) س ط ـ قيل في بيان أن الجسم المتناهي قوته متناهية : إنه متى حرّك جزء من تلك القوة
جزءا من الجسم الذي يحركه الكل زمانا لا نهاية له ، فإما أن يقوى الكل على تحريك
ذلك الجزء زمانا لا نهاية له ، وإما أن لا يقوى ـ ومحال أن لا يقوى ـ فإذن يقوى
الجزء علي ما يقوى عليه الكل ؛ وهذا محال. فيجب أن يكون الزمان الذي يحركه الجزء
أصغر من الزمان الذي يحركه الكل إذ ابتدئا من آن واحد ،
وإذا نقّصنا هذا الزمان من زمان الكل وقدّرنا ذلك الزمان بالزمان الآخر صار هذا الثاني أقل من الأول ، فيجب أن يكون الزمان متناهيا.
(٥٨٧) وهذا
فيه مغالطة ، وذلك لأن الزمان
الغير المتناهي لا وجود له حتى يمكن أن يفرض فيه هذا الفرض ؛ فإن سبيل هذا الزمان
و سبيل الأعداد التي لم توجد واحدة ، ويمكن فيه أن يكون الغير المتناهي الذي لم ينتقص منه هذا الزمان أعظم من الزمان الغير المتناهي الذي يبقى بعد أن ينقص منه
ذلك.
(٥٨٨) ج ط ـ ليس الكلام في أنه موجود أو غير موجود ، بل معلوم أنه في قوته يستحق أن ينقص ـ من الذي في قوته الذي يجوز وجوده ـ عن تأثير قوة الكل من الطرف الثاني ، فهو بالقوة وفي
الإمكان [٤٨ ب] الذي له ناقص عن شيء آخر في طرف في قوة الآخر وإمكانه أن يزيد عليه.
وما كان كذلك فهو
متناه في الإمكان ، وفرضناه غير متناه في حال الإمكان لا في حال الفعل ـ وهذا
محال ، إنما يجوز أن يكون لا متناه في
الإمكان أكثر من الآخر إذا لم يكن أحدهما محاذيا للآخر مساوقا له ،
__________________
__________________
أو جزءا منه ،
وأما إذا ساوقه وحاذاه في اتّصاله أو في ترتيبه ، أو كان جزءا منه ثم انتهى طرف وفضل من أحدهما طرف آخر وجب تناهى
ما يساوقه أو هو جزء منه.
(٥٨٩) س ط ـ ثم إن ما قيل من «أن القوة إنما تنقسم بحسب ما فيه»
كلام مشهور ويجب أن يبرهن عليه.
(٥٩٠) ج ط ـ الجسم البسيط ذو القوة البسيطة إما أن تكون القوة حاصلة في جسميته أو حاصلة في أطرافه ـ [كالبياض والضوء ـ أولا
في جسميته ولا في أطرافه.] فإن لم تك في جسميته ولا في
أطرافه فليس موجودا فيه فإن كان في جسميته أو في أطرافه فأيّ جزء أخذته من الجسميّة
التي هي فيه بالذات لم يخل إما أن توجد فيه القوة أو لا توجد. فإن لم توجد فذلك
الجزء خال عن القوة ، فليس ذلك الجسم بكليّته فيه القوة بالذات وأولا ـ بل في بعض منه ـ وكذلك الحال إذا كانت
القوة في الأطراف المنقسمة.
فإن كان في طرف
غير منقسم ـ كالنقطة ـ وجب أن لا يكون موجود في الجسم الكري
الذي لا تتعيّن فيه نقطة إلا بعد الحركة ـ والقوة تكون قبل الحركة.
وأيضا قد بيّنا أن
النقطة وحدها لا تكون حاملة اولى لقوة أو صورة
__________________
__________________
في كتاب النفس ـ فليقرء من هناك ـ وإن لم تكن القوة موجودة فيه ولا في
أطرافه ، فليس فيه قوة ؛ ولا يفسد هذا بتمام الشكل بأن يقال : «إنه موجود في
الجسم ولا يوجد في أجزائه» فإن أجزاء الشكل توجد في الأجزاء
، ولكن ليست مشابهة للكل ، لأن الكل تركيب ما ـ وقد بينّا هذا الفرقان في كتاب
الشفاء [لا نطول هاهنا القول فيه]
(٥٩١) س ط ـ لم
صار للنفس وهو شيء عقلي مجرد الذات [شوق إلى العالم الحسّي] ؟ ولم لم يقبل الكمال من المفارقات؟ وما الذي يحصل لها من الحسّ والبدن؟
فإن كان [٤٩ آ] استعدادا فما القدر الذي تستعد به لقبول الكمالات الحقيقية بعد
المفارقة؟ وهل يرجى لها استعداد إذا لم يحصل لها بالبدن هذا الاستعداد؟ فلم لا
يجوز أن يحصل لها استعداد من استعمالها بعض الأجرام السماوية أو
غيرها ـ على ما جوز من استعمالها بعد المفارقة؟
(٥٩٢) ج ـ يجب أن تعلم أنا مقصّرون عن إدراك براهين اللم في هذه الأشياء ، بل إذا تأملنا الأحوال الموجودة ارتقينا منها إلى كيفية
الحال في الأحوال التي قبلها ، والذي نعلم إنها ليست بكاملة
، وليس وجودها ووجود المفارقات يكفيها في أن تكمل ، بل كأنها إنما
تستعدّ بأحوال تحدث لها ومع مباشرة الحسّ
__________________
__________________
وأمّا قدر هذا
الاستعداد حتى تكمل به فأمر لا احقّه ، ولعلّه أن تفطن للمفارقات.
(٥٩٣) وأما أنه هل يمكنها أن تكتسب هذا الاستعداد باستعمال جسم
بعد البدن؟ فأما جسم مثل البدن فلا ؛ وأما الجسم السماوي فأمر لا احقه ولا أمنعه ،
ولعله يتهيّأ ذلك إذا اكتسب من البدن هيئة بها تهيّأ لاستعمال الجسم السماوي ، ولعلّه لا يتهيّأ ذلك.
وبالجملة فإنا
نعلم أن للنفوس المفارقة بعد المفارقة أحوالا لا نقف عليها ويلزمنا الاحتياط في
دار الكسب وطلب ما يمكننا من الاستعداد.
(٥٩٤) س ـ قال
في بعض المواضع : إن عقلية غير جوهرية ، بل مستفادة. فما معنى ذلك؟
ج ـ أي كونها عقلا
بالفعل غير كونها عقلا بالقوة.
(٥٩٥) س ـ إذا كان الفكر طلب الاستعداد التام للاتّصال بالعقل ، حتى إذا فكرت وعلمت كان لها أن تتّصل
متى شاءت ، فكيف يقع الخطأ؟ وكيف يزول عنه؟ وكيف يعود إليه؟
ج ـ يحتاج الفكر
إلى الاتّصال بالمبادي في إحضار الحدود وتصورها وإحضار الوسط ، وأما التركيب فإليه
ـ وربما أجاد ، وربما أساء ـ.
__________________
__________________
(٥٩٦) العقل
الهيولاني لو كانت صورة جسمانية وكان في الموضوع الجسماني ، حالت الماهية الجسمانية عن أن تقارنها كل ماهية مما يتصور به ، إذ لا مادة جسمانية تصلح
لكل صورة مثل الأضداد والمتبائنات وهيئات المقادير المختلفة والأوضاع المتبائنة [٤٩
ب].
(٥٩٧) س [في
الإدراك العقلي والفرق بينه وبين
ما سمّاه المشاهدة ، وأنه هل إلى ذلك سبيل بتكلّف حتى تحصل ، وما المعنى الذي
يسمّى «النهوض» وبما ذا يتمّ؟ وما الطريق
إليه؟ وهل يجب حال المشاهدة لكل نفس مفارقة ، أو لبعضها دون بعض] ؟
(٥٩٨) ج ـ الإدراك العقلي قد يكون حال تذكر الأوسط أو أجزاء الحد ، فإذا زال ، زال إلى أن يؤلّف ، وقد يكون مع منازعة من
التخيل والقوى الوهمية ومجاذبة. وأما المشاهدة فإلف من القوة العقليّة للمعقول ،
لا يبرح الوسط عن التمثل ، ولا تفتقر فيه إلى التذكّر المتعلق بما يجب ولا تنازع فيه قوة من تحت ، بل تكون منجذبة مع القوة العقلية إلى فوق ، [ويتخيل المعقول على ما يتفق لها رده] إلى الصورة المحسوسة ، لتكون منها مطابقة في الإثبات.
(٥٩٩) س ـ حكم في بعض المواضع إن النفس إذا تجرّدت عن البدن ولم
يبق لها علاقة إلا بعالمها ، فإنما يكون لها من الفعل والرأي ما يليق بذلك
__________________
__________________
العالم ـ وهو عالم اتّصال النفس بالمبادي التي فيها هيئة الوجود كلّه ، فتنتقش به ،
فلا تحتاج أن تفعل فعلا من فكر أو ذكر لتنال به كمالا ، بل تنتقش بنقش الوجود كلّه ، فلا تحتاج إلى طلب نقش آخر ، فما شرح الحال فيه؟
(٦٠٠) ج ـ الحدود الوسطى وما يجري مجراها ليس تحصيلها [بالفكر
علي سبيل] تحصيل الشيء المعلوم المكان والطريق ، بل علي سبيل إعداد
شركة لاقتناص ما يتّفق طيرانه بقرب المكمن ، والتعليم
المورد في كتاب القياسات هو تعليم الإعداد للشرك والمقارنة من موضع الرجاء ، ولو كان على السبيل الاولى لوصل إلى الحدود الوسطى متى شيء ، بل كان الفكر ضرب من التضرع المعدّ
للإجابة أو القبول للفيض المناسب للمتمثل في الذهن من الطرفين وما يشبههما ، وأنما
تجيء الحدود الوسطى من الفيض الإلهي ، [وربما جاءت حدسا من غير تقليب
الفكر للمناسبات ،] وربما جاءت من غير التفات أيضا إلى الطرفين.
(٦٠١) وكلما كانت النفس أقل مسافرة في بقاع المعقولات كان اقتناص
الحدود الوسطى وما يشبهها أقل ، وكلما كانت أدرب بتلك المسافرة كان اقتناصها أكثر
وطلوعها على النفس أسهل ، وهذا العوق ليس إلا من جانب البدن ، فيرجى إذا كمل
الاستعداد وزال العوق أن تكون في غاية السهولة.
وليس هذا الاقتناص
إلا ضربا من اتّصال النفس بالمبادي ، وقد يتيسّر للنفس الواحدة أن تلحظ عدة أوساط
معا ، فلا تستبعد أن تكون للنفس السعيدة
__________________
اتّصال بالمفارق
غير محجوب ، لأن الحجاب إما لفقد الاستعداد ، وإما للعائق.
وأما الجوهر المنفعل والجوهر الفاعل فلا يقتضيان الحجب ، وإذا لم يقع عوق وقع الاتصال التام فقبل مثل نقشه.
(٦٠٢) س ـ ما معنى اكتساب الهيئة الاذعانية والاستعلائية؟ وكيف
زوال الهيئات الرديّة عن النفس بعد المفارقة ؟ فإنه يظنّ أن بطلانها لا يكون إلا بالبدن ، كما أن حدوثها لا يكون إلا به.
ثم لا يخلو سبب
عدم تلك الهيئات إما أن تكون هيئة النفس بطبيعتها أو بعض الأسباب الثابتة ، ولو كان كذلك لما احتيج إلى تزكيتها في البدن ، بل
تكون كما تفارق وتتجرد تتخلص عن تلك الرداءات ، وتكون سواء
وسخها و نقاؤها عند المفارقة.
وإما أن يكون سبب
عدم تلك الهيئات من الأسباب المتجددة ـ كتناسخ أو تجدد
حركات سمائية ؛ والتناسخ باطل ، فيجب أن يكون الشيء
البريء عن المادة متأثّرا عن الحركات السمائية الجسمانيّة من
غير توسط مادة.
(٦٠٣) ج ـ نجد للنفس التي لنا حالتي صعوبة مساعدة للشهوة والغضب وسهولة مساعدة ، ونجد أعمالا من الأعمال تزيد في ذلك واخرى تزيد في هذه ، ولو
كانت إحداهما للنفس بذاتها لزمته هي واتفقت في كل نفس ؛ فإذن هي مكتسبة ، وإنما اكتسابها
بمزاولة أوهام البدن وأعماله وأفعاله.
__________________
__________________
وإلى
هذا القدر نعلم من طريق الإنّ ، فأما الظن بأن بطلانها [٥٠ ب] يكون بسبب
البدن ـ كما أن حدوثها بسببه فظاهره غير ملائم للوجود ، فإن شيئا واحدا لا يكون
سببا لحدوث شيء ولبطلانه معا إلا على أحد وجهين : أحدهما أن يكون وجوده سببا للأول وبطلانه سببا للآخر ـ وبهذا الوجه فيجب أن يكون فقدان البدن سببا للزوال ـ والآخر أن
يكون هو سببا للأمرين بحالين ، مثل الماء إذا سخن سخن ، وإذا برد برد وأبطل
السخونة.
(٦٠٤) وقد يجوز أن يكون البدن سببا للأمرين من وجهين ، لكن ليس ذلك بواجب ، لأنك إذا حقّقت وجدت الفاعل للهيئة
ليس هو البدن ـ بل هو معدّ ، والهيئة واردة من خارج ، فإن الهيآت الجيّدة والرديّة
تتبع الاستعدادات وترد من خارج ـ وفي هذا كلام طويل ليس يخفى على من يبحث هذا
البحث.
(٦٠٥) وهذه الهيآت قابلة للأشدّ والأضعف ، وهي مما يتكوّن قليلا قليلا ، ثم ينمي مع تكثّر الأفعال ويضعف مع فقد الأفعال وليست مما يكوّن دفعة ، ولا مما يفقد دفعة ، ومن
منمياتها الفكر فيها وإثارة الشوق إليها وإن لم يكن فعل بدني حركي ، والفيض الإلهي
فاسخ للعقود الردية ، غاسل للأوساخ الخبيثة طبعا ، إلا أن يكون عائق من فقد الاستعداد ، والاستعداد للضد بمقاوم
يفعل الضد ، فإذا لم تكن المنميات المذكورة والمقاومات الحافظة
للاستعداد الردي الخبيث ، وجب الغسل وتبديل الإعداد ، ولم يجب الغسل بالكليّة حتى
لا يبقى أصلا أثر ، بل وجب الغسل للمبلغ من حيث هو مبلغ ، ثم يستمرّ به الانغسال قليلا قليلا ، فإن مثل هذا بالكثرة
__________________
والمبلغ أقبل
للتأثير من القلّة ، أعني به انكسار الكثرة أسهل من الإزالة ، فكان الضعف هاهنا في جانب الزيادة ، أي أن يصير أضعف أسهل من أن لا تبقى قلة ـ أي أن يبطل كونه كثيرا ، أسهل من أن لا تبقى
قلة.
ومثل هذا فإنما
يبطله السبب قليلا قليلا ، وذلك زماني ويستعين بالعرض لفقد المنميات التي لو كانت لعوقت تعويقا تامّا أو غير تامّ.
(٦٠٦) ثم
مع ذلك فليس يمتنع عندي [٥١ آ] أن يستعين
المفارق في ذلك بجسم من السمائية وبضرب من التخيل للأضداد ، كما أن الفكر فيها
وتشوقها قد كان من المنميات ، كذلك أضدادها من التخيل قد يكون من الممحقات ، ثم
يجوز أن يكون هناك معاونات خفيّة علينا من امور
روحانية و قوى نفسانية سمائية ، فإن أكثر أمر الآخرة
خفيّ علينا.
وبالجملة فإنه
إنما لا يجب بطلانه دفعة ، لأن المادة لا تكون مستعدة أول الأمر لقبول
تأثير الغسل التامّ ، بل للكسر ، فكما قلّت حدث استعداد آخر ، وقوى عليه الغاسل أكثر ، وكذلك على تدريج الانفعال إلى أن يفقد ، وكل ما يقبل الأشدّ والأضعف فليس
انفعاله في الاستحالة على هيئة واحدة ، سواء كان شديد المقاومة أو ضعيف المقاومة ،
بل يكون ضرورة في زمان ـ فربما أسرع وربما أبطأ ـ تعلم هذا من اصول طبيعيّة في أمثال هذه المسألة.
(٦٠٧) س غ ـ على أيّ وجه تستكمل النفس بالبدن والحواس استكمالا ما ، حتى تستعدّ
لقبول الكمال من العقل ؟ ـ أعني كيف تصير بمطالعة المحسوسات مهيّأة لقبول فيض من
فوق؟ ـ وبالجملة كيف يصحّ أن تستكمل
__________________
وتشرف بما هو أخسّ
منه؟ فإن كونه مستعدّا حالة شريفة صارت النفس بها أشرف [منها
وهي غير مستعدة] .
(٦٠٨) ج ـ هذه المعاني يصعب علينا اعتبارها ببرهان لم بسبب قصور
أفهامنا ـ ليس بسبب الأمر في نفسه ـ وإنما نصير إلى إثبات الأحكام فيها من جهة
الوجود وطريق الإنّ ، وحينئذ نتأمّل أيضا المقدمات الداعية إلى القول بنقائضها
فنفسخها ، وقد وجدنا الاعتبار الحسي مبدء الأحكام عقليّة. فإما أن يكون من شأن وجود ماهيات ما [٣٢٤ («ما» ساقطة من عشه)] في الحس مخلوطة أن يفعل في العقل
تلك الماهيات مقشّرة ، وإما أن يعدّ لقبول تلك الماهيات مقشّرة من مباد اخر.
وكذلك الحال في
الهيآت التي تحصل للنفس من مزاولة أفعال
بدنية ، والفكر على وجه الرغبة فيها ، وتفصيل الأمر في أن الحق أيّ الاثنين [٥١ ب] هو صعب وليس ممّا لا يتوصل إليه بطلب الفكر.
(٦٠٩) وأما
أن الأخسّ كيف يفعل في الأشرف؟ فكما تفعل الصورة المادية
في الحسّ ، والصورة الحسيّة في الخيال ، وكما تذهل الشهوة عن الغضب ، وكما يذهل الحسّ عن العقل ، وليس يتعلّق الفعل والانفعال [بتميز الفاعل بشرفه عن
المنفعل] ، ولو كان كذلك لما فعل السمّ في الحيوانات ، بل يتعلّق بقوى الفعل والانفعال.
(٦١٠) وأما أن الشيء أشرف جوهرا من حيث اعتبار آخر فلا مدخل له في الفعل والانفعال ، وكثير من الأمور الشريفة مباديها وأسبابها امور
خسيسة.
تأمّل الكائنات ؛ وهذا الضرب من الكلام ـ المبنيّ على الشرف والضعة ـ إما
__________________
خطابيّ وإما جدليّ
إن كان أقوى ، ولعل النفس من حيث هي مستعدة أخسّ من غيرها من حيث هي تلك بالفعل ؛
وليس يبعد أن يكون الشيء في جوهره أشرف من غيره ثم يكون بحال من أحواله أخسّ ـ سواء
كان لازما أو لا حقا عرضيا ـ.
وبالجملة فإن
الشيء من حيث هو مستعد إنما يشرف بما هو مستعد لأمر
أخس ويغلبه باستعداده ، وأما بمقايسة إلى شيء بالفعل
فلعله يكون أخسّ منه من حيث لذلك كماله بالفعل ،
ولهذا كماله بالقوة ـ وإن كان الكمالات والنسبة إليهما
بالعكس.
(٦١١) س ـ لم يجب أن يعقل البسيط ما يلزم ذاته من مباديه ـ إن كانت له مباد ـ وأن يعقل تواليه؟
(٦١٢) ج ـ أما اللوازم فيجب أن تعلم أن بعضها لوازم من غير شرط خارجي
، وبعضها لوازم بشرط خارجي.
مثال الأول كون
المثلّث المتساوي الضلعين متساوي الزاويتين ، ولعل هذا ينحصر للأشياء في حد محدود.
ومثال الثاني كون
المثلث متساوي الزوايا لقائمتين ومناصف الزوايا لأربع ، [ومثلها إلى غير
النهاية] ، وهذه بشرط اعتبار المعتبر ؛ وأمّا أن يكون
__________________
__________________
هناك مساواة [من
زواياها [٥٢ آ] لزواياها موجودة ، أو مقادير اخرى] فليس ، وإنما الموجود هو كونه بحالة هو بها بحيث إذا فعل به كذا كان كذا ، وهو كونه مثلّثا ، وكونه مثلّثا هو بحيث يتهيّأ
لاعتبارات لا نهاية لها.
وأما الصفات
الموجودة فيه فغير أمثال هذه الصفات التي تتبع الاعتبارات ، وكونها معقولة من
صفاتها الموجودة لذاتها لا للاعتبارية ، ويكون من لوازمها ليست من مقومات ذاتها ، وليس كون هذه الصفات معقولة إلا كونها موجودة فيما يوجد فيه المجرد عن المادة.
س ـ العقل الهيولاني
والعقل بالملكة ليست قوي قائمة بذواتها ، بل العقل يقع عليها باشتراك الاسم.
(٦١٣) لم يجب أن يتوسط بين الأول وبين الموجودات تعقّله لها حتى
يجب بتعقله ؟
ولم لا يكفي ذاته
في صدور الأشياء عنه كما كفت في كونها ممكنة عنه؟
(٦١٤) وأما تأثير التعقل في المتوسط ـ لا سيّما وقد علم أن ما أمكن وجوده عن الأول فيجب أن يوجد عنه ـ لا ينتظر
به شيء آخر.
وإذا صحّ أن للأول صفات لازمة لذاته ، وصحّ أنه مبدء الموجودات الخارجة عنه ،
وصحّ أنه لا يلزمه في بساطته إلا واحد ؛ كان من الواجب أن يكون
__________________
__________________
أحد اللازمين قبل
الآخر ، وليس بمسلّم أن كلّ ما أمكن وجوده عن الأول فيجب أن يوجد بلا انتظار شيء آخر ؛ بل ما أمكن وجوده عن ذاته بلا واسطة ـ وهي صفات ذاته
التي لما كانت غير مباينة لذاته كانت معقولات بالفعل. فإذا كانت الصورة هذه و وجب عقله لذاته ولكونه مبدء في هويّته للأشياء ، وكون الأشياء الممكنة
متعلّقة به ومبدء معقولة ، وكونه عاقلا لها صفة له له كان كونه عاقلا نفسه من شأنها أن يكون علة لشيء آخر به يصير مبدأ بالفعل له.
(٦١٥) الإمكان من لوازم الماهيّة تقتضيها كما تقتضي أشياء كثيرة
، مثل ما يقتضي المثلّث كون زواياه مساوية لقائمتين ، وكما تقتضي الماهية أجزاءها
، فإذا وجدت الماهية [٥٢ ب] التي لا يسبقها إمكانها وجد لها ذلك الإمكان من حيث هو
موجود ـ لا من حيث هو مقتضى الماهية [والشيء من حيث هو موجود
غيره من حيث هو مقتضى الماهية] .
فأما إن كان
إمكانها يسبقها فوجوده بماهيّتها ـ وهذا سرّ ـ. ويكاد يكون لما يسبقه ماهيته إمكانان
(٦١٦) [الأول إن كان يعقل
غيره كان ذلك منعتا له ، فأن لا يبصر بعض الأشياء خير من أن يبصر ] .
__________________
__________________
يريد بذلك إن كان يعقل غيره على سبيل انتقال من معقول إلى
معقول فهو أمر غير ذاتي له ، بل على سبيل الانفعال بأمر خارج.
والفصل الأخير لعله يعني به الجزئيات من حيث هي جزئية ، ويكون منعقلها متجدد الحال إذا عقلها من حيث هي جزئية ، وإدراك أمثال هذه الأشياء أخسّ من لا إدراكها ، فإنه ليس الشرف للإدراك من حيث هو إدراك
التعب ألم أثاره حركة غير طبيعية ، والألم إدراك لأمر غير مناسب
للطبيعة والانفعال غير مناسب للطبيعة.
(٦١٧) [من أين وقع اختلاف المفارقات في
ذواتها ودرجاتها
وكمالاتها حتى انتهى إلي النفس الإنسانية التي لا كمال لها بالفعل ، وهل يحتاج بعد
كون الذات مفارقة للمادة إلي شيء آخر به تصير عاقلة أو معقولة ] ؟
(٦١٨) ج ـ الامور المفارقة قوى وماهيات مختلفة تصدر عنها أفعال مختلفة تشترك في لازم وعارض ، وهو أنها مجردة
عن الماهية [ولواحقها المانعة عن أن يكون الشيء معقولا ، وكما علم في
مواضع اخر اشتراك القوى والماهيات ـ بل الجواهر والأعراض ـ في امور لازمة وعارضة] ـ.
__________________
[والقوي والأحوال
غير المفارقة] هي ماهيات مختلفة قد تصدر عنها أفعال مختلفة تشترك في أنها
غير مجردة ، [وهو لازم] تتبع ماهيتها .
والاختلاف قد يقع
لماهية الأشياء المختلفة ، وقد يقع لأسباب خارجة ، فيكون في
اللواحق لا في الماهية.
(٦١٩) [ويجب أن يسأل : من أين يقع الاختلاف في الأشياء التي تتّفق في الماهية] الخاصّة أو المشتركة ، فيطلب علل اختلافها ، وأما الأشياء المختلفة في ذواتها لذواتها ـ المتفقة في لوازم لها وتوابع للذات ـ فلا يسئل عن علل اختلافها ، لا سيّما إذا لم تكن مركبة من
أجناس وفصول ، فتكون أجناسها طبيعة متفقة عرض لها بالفصول اختلاف ، فتطلب فصولها
ولا تطلب علل لحوق الفصول [٥٣ آ] لطبيعتها المشتركة ؛ لأن الأجناس توابع للفصول كما أن اللوازم توابع للماهيات ، وإنما يسأل عن اختلاف يقع بعد الاتفاق ، وهذه الاختلافات جاءت قبل الاتفاق فتبعتها طبائع اللوازم التي اتّفقت فيها.
(٦٢٠) س ـ كيف يصح أن يحصل للنفس معلومات غير متناهية لها ترتيب لا محالة ، فإنها متأدية عن أسباب بعد أسباب علي
ترتيب ، لا سيّما وقد حكم في بعض المواضع أنه ليس للواحد البسيط نسبة إلي كثرة
بوجه من الوجوه تكون معا لا ترتيب فيه بل إنما يعقل الماهيّة الثانية بسبب أنها
__________________
__________________
تلزم الماهية الاولى ، وأما من حيث لا يلازم فيها فلا يعقل تفاريق متكثرة لا ينتظم
بينها نظام واحد .
(٦٢١) الحق أنه لا يعقل تفاريق مختلفة ـ العقل الحقيقي ـ إلا بالنسبة إلى واحد وعلى نظم يرفعه إليه ، ثم يجوز أن
يكون نظمان أو ثلاثة يرتفع إليه باختلاف وقوع النسبة بين أجزاء الكثرة المنشعبة على نظام محدود عن مبدء واحد ، لكن قد يعرض الخروج عن النظام من سببين ، وذانك فينا :
أحدهما اختلاف
طريقي برهان «لم» وما أشبهه ، وبرهان «إن» وما يشبهه .
والثاني أنا نأخذ مبادي كثيرة من الحسّ وما يجري مجرى الحسّ.
(٦٢٢) ولعلّ الطريقين إذا استعمل فيهما
التحليل التامّ طريق واحد ـ وإن كان ليس كل «برهان إنّ» فمقدماته حسيّة أو
اعتبارية ، فإن كان «أ» يوجب «ب» و
«ب» يوجب «ج» و «ج» يوجب «د» ، وأيضا «ب» بوجه من الوجوه يوجب من جهة «ه» و «ج»
يوجب من جهة «ز» أمكن أن يركب هذا النظام بذلك
النظام ، فيحدث [نظام آخر إضافي هو عقل] صرف أيضا ـ ليس
على أحد الوجهين المذكورين ـ أو ثالث إن كان لهما ثالث.
ولعل هذا الثالث
هو أن من اللواحق ما لا تكون موجودة للشيء بالفعل ، بل إذا [٥٣ ب] اعتبر و اضيف في الاعتبار
إلى غيره ، فيكون حينئذ
__________________
هي اللواحق التي
هي بالقوة غير متناهية ، كما أن لواحق زوايا المثلث بالقياس إلى تضعيف القائمتين
إلى غير نهاية غير متناهية.
وإن كان لهذه
اللواحق نظام أيضا في القوة ـ كما لتلك بالفعل ـ فيكون هذا مبدء آخر ثالثا.
(٦٢٣) س ط ـ حقيقة
واحدة ومعنى واحد لا يوجد لشيء واحد مرتين ونحن إذا عقلنا أنفسنا أو نفس زيد أو النفس على الإطلاق
فإنه لا تحصل لنا صورة النفس مرة اخرى ، بل إنما تختلف بالأعراض ؛ ويلزم
هذا أشياء :
منها أني في حال ما أعقل «نفس زيد» إما أن لا أعقل نفسي ، أو أعقل نفسي ونفس غيري
، فأكون «أنا» في حالة واحدة «أنا وغيري» جميعا ـ إذ صورة النفس مرة واحدة تكتنفها أعراضي وأعراض غيري.
(٦٢٤) نفس زيد من حيث هي جزئية لا تعقل ،
بل تتخيّل بجزء من آلة التخيّل ، وإذا اخذت من حيث خواصّها
تكون في حكم الكلي ، لكن أخصّ من النفس التي هي على الإطلاق ، [والنفس على الإطلاق]
جزء صورة نفسي ، وجزء صورة نفس أخصّ من النفس مطلقا
بخواصّها ، وهي وحدها معنى النفس مطلقا.
ومن حيث يحتمل أن
تقال على كثيرين فهي نفس كلّية عامة ، ومن حيث
__________________
__________________
عدد من الخواصّ نفس زيد ـ لا من حيث هي جزئية ـ ومن حيث خواص اخرى نفسي أنا ، وتكون هي نفسي لا بجميع ما قارنها ـ بل ببعضها ـ وتكون
بالجميع نفسي مصورة بصورها ، وتكون ببعض عوارض نفسي مقيدة لازمة لها في وجود خارج لزوم المشخّص نفس زيد مأخوذة
كليّة ـ لا من حيث جزئيتها.
(٦٢٥) س ـ و إذا عقلت
النفس بالمعنى العام أكون حينئذ نفسا على الإطلاق ـ لا نفسا مخصصة شخصيّة ـ فأكون
كل نفس إذن؟
ج ـ فرق بين
المطلقة المعتبرة بذاتها وبين الكلية ؛ فإن الكلية التي تقال
على كل نفس لها اعتبار آخر ، واحدهما جزء نفسي والآخر ليس.
(٦٢٦) س ـ سئل بعده : [٥٤ ب] وكيف إدراكي المعنى
العام من النفس وأنا أكون في تلك الحالة أشعر أيضا بنفسي الشخصية؟
ج ط ـ [لا مانع عن
أن يشعر] بشيء وبجزئيه
(٦٢٧) ما بيان ما أخذوه مسلما من أن كل حركة تحتاج إلى محرك خاصّ من
المحركات المفارقة؟ ـ لأنه يظنّ أنه يجوز أن يكون المشتهى الواحد يحرك كثيرين ـ.
__________________
__________________
(٦٢٨) المشتهى الواحد يحرك بالإرادة تحريكا متشابها ، وأمّا الطبيعة فتحركها بحسب ما تحتمل ، وإذ اختلفت الحركات
الإراديّة فالمحرك غير واحد وكثرة المحركات المفارقة لم تثبت من هذه الجهة
فقط ، بل من جهة أن المبدأ الأول لا يكون القريب منه إلا واحدا ، فإن كان جسما لم يتكوّن من الجسم جسم ، وإن كانت صورة
جسمانية لم يتكون من صورة جسمانية جسم ولا صورة جسمانية ـ قد بيّن ذلك ـ فبقي أن يكون مفارقا يكوّن عنه جسم ، والجسم الآخر يكون عن مفارق آخر ويجب أن يستند إلى الاولى .
ويعتبر في هذه
الأشياء غير برهان «إن» وغير الاستدلال من الموجود علي ما يجب أن يكون عليه الأمر
السابق
(٦٢٩) ما بيان أنه يحتاج مع المشتهى المفارق إلى مزاول للحركة؟
إذ الجرم لا يصلح كذلك ؟
[هذا قد بيّن بأن]
الأمر الكلّي الواحد لا تحدث عنه جزئيات متجددة
(٦٣٠) وأيضا فإن المحرك على أنه مشتهى يحتاج إلى مشته ومتشوق وذلك إرادي ، فقد ثبت أن الحركة
السماويّة إرادية ، وأن تلك الإرادة ليست لنفس الحركة. ـ قد بيّن هذا ـ بل لغاية ،
والمحرك على أنه مشتهى ليس هو المريد للحركة.
_________________
(٦٣١) س ـ تتميم القول في أنه لو
كانت السماء
كثيرة لكانت مباديها كثيرة ـ ولا يجوز ، بل مبدأها واحد ـ فإذن السماء واحدة ، وبيان
أنه يجب أن يكون للعالم مع كثرة ما فيه من الأجزاء بدو واحد :
أما أن مبدء
الوجود كله واحد [٥٤ ب] فذلك مبيّن من طريقة فيغني عن تكلّف غيره.
وإذا كان المبدأ
واحدا استحال عنه إلا نظام واحد ، ولأن يستعمل هذا البرهان ـ وهو لمّي ـ أجود من
أن يستعمل عكسه الإنّي.
(٦٣٢) ما بيان أن كل جسم غير متناه فلا تكون قوته متناهية ؟
لأن كل جزء منه
فله قوة بحسبها مقوي عليه وإذا أجزاؤه المتساوية
غير متناهية بالقوة ، فالمقوي عليها بها المتساوي غير متناه بالقوة ،
فالمقوى بالقوة لجميع الجسم غير متناه بالقوة. وإنما قلنا : «المتساوي» لأنها إذا
كانت إلى الصغر كان الكل المتوهم لها ممكنا أن يكون متناهيا.
* * *
(٦٣٣) س ـ
قوله : «الحركة في الزمان كالعشرة الأعراض في العشرية» لأنه عدد
لها
__________________
__________________
(٦٣٤) س ـ التغير والاستحالة لم لا يجوز أن يكون سببا للزمان.
ج ـ لأنه لا اتصال
لهما أبدا
(٦٣٥) س ـ كيف يصير الزمان سببا لاتّصال الحركة؟
ج ـ لأن المتّصل
بذاته سبب للمتّصل بغيره ، لأن الكمّ بالذات سبب لاتّصال الحركة.
(٦٣٦) س ـ فرق بين أن نقول : «إن الزمان مقدار لكل حركة» وبين أن نقول : «إن الزمان هيئة متعلقة بكل حركة» ؛ وأيضا فرق بين أن يقال : «إن ذات الزمان متعلقة بالحركة
على سبيل العروض لها» ، وبين أن يقال : «إن ذات الحركة متعلق بها الزمان ، على سبيل أن الزمان يعرض لها».
الأول معناه أن
الزمان يتعلق بحركة واحدة في وجودها ثم يقدّر كل حركة.
(٦٣٧) إنما يصير المعلول سببا
لوجود العلّة في النفس مع استحالة أن يكون المعلول سببا لوجود العلة ، لأن
المقدمات هي معدات للنفس في
__________________
__________________
قبول النتيجة ،
والمعدّ لا يجب أن يكون متقدما بالطبع ، والأمر في التذكر كذلك.
(٦٣٨) العين إنما لا تدرك المعقولات لا لأنها عين ـ بل لأنها جسم ـ والدليل على ذلك سائر الحواسّ.
(٦٣٩) وجود زيد الجزئي علة لعلمي به فلهذا يبطل مع بطلانه [٥٥ آ]
فإن قيل : فهل يعلم الأول أنه الآن معدوم؟
فنقول : إنه يعلم
عدمه كما يعلم الآن ، فإنه يعلم الآن لا من حيث هو مشار إليه ، وهذا كما يقال : «إنه هل يعلم أن هذا الآن موجود؟ من حيث هو مشار إليه؟»
فيقال : «لا».
(٦٤٠) لا يصح أن تكون القوة معنى فعليا أو وجودا فعليّا.
طبيعة القوة عدمية
، طبيعة الفعل وجودية.
(٦٤١) النفس
بعد المفارقة لا شك أنها تشعر بذاتها ، لأن شعورها بذاتها ليست بآلة جسمانية ، فيكون
التذاذها وتأذيها بذاتها بحسب كمالها ونقصانها ، وهي فيما بيّن عرض لا نهاية له .
__________________
__________________
(٦٤٢) اللذة تكون بالمشاهدة ، والمشاهدة بأن تشتغل النفس بقوة واحدة وتستعمل قوة واحدة دون سائرها ، وهذا لا يكون في حال الحياة
، فلهذا لا يلتذّ الإنسان بكماله ، ولا يألم بنقصانه إلا بعد
الموت.
(٦٤٣) النفس
ما دامت في البدن لا تخلو من أن تشعر بغير ذاتها ، مع شعورها بذاتها ، [او لا تخلو من استعمال قوة اخرى من القوى النباتية مع شعورها بذاتها] فلا تكون فارغة البتة.
(٦٤٤) لوازم
العقول الفعّالة إن كانت معقولات جواهر كانت عللا للجواهر.
(٦٤٥) الواجبية مطلقا كالوجود ، ويجوز أن تكون واجبيّة بعلة ،
فليس هو هو لأنه واجب ، بل لأن لذاته واجب.
(٦٤٦) نسبة
النفس إلى الصور
المعقولة كنسبة المادة إلي الصور بوجه ما ـ و إن كان بينهما
خلاف ـ كما ذكر في كتاب المبدأ والمعاد ، وأما نسبتها
__________________
__________________
إلى العقل
الهيولاني والعقل بالفعل [أعني الملكة ـ فبخلاف نسبة المادة إلى الصورة ، لأنا متى
رفعنا عنها العقلين بقيت النفس جاهلة] ـ أعني غير
مستعدة لقبول الصور المعقولة ـ وفي المادة إن رفعنا عنها الصورة بقيت مستعدة لقبولها .
فالعقل الهيولاني
جوهري للنفس ، كما أن استعداد المادة لقبول الصورة جوهري لها.
(٦٤٧) لو
كان الوجود محمولا على ما
تحته ـ حمل الجنس ـ لكان وجب أن يتميّز ما تحته بعضه عن بعض بفصل ، ولو كان كذلك وجب ، أن يتميّز واجب الوجود [٥٥ ب] بذاته عن غيره بفصله ، ولو كان كذلك لكان الفصل يقيّد حقيقة الجنس ،
ولكان واجب الوجود بذاته مركّبا من جنس وفصل ، وكل هذا محال ، فالمقدم محال ـ وهو أن الوجود جنس ـ فبقي أن يكون لازما غير مقوم.
(٦٤٨) وأيضا لأن الوجود يحمل على ما تحته بالتشكيك فيجب أن يكون تميّز
كل واحد من الموجودات عن الآخر بذاته
كالسواد عن المقدار ، ومثل هذين لا يشتركان في عام مقوم ، بل ربما يشتركان في لازم
غير مقوم. وأما أن تميّز أحدهما عن الآخر بصفة ، فإن كانت الصفة ذاتية فهي فصل
__________________
__________________
ـ ولا محالة يكون
المشترك فيه جنسا ، وإن كانت الصفة غير ذاتية فهي إما خاصّة و عرض لازم وإما عرض عام.
(٦٤٩) لو
كان الوجود يقع علي ما يقع
عليه باشتراك الاسم لما كان لقولنا : «الشيء لا يخرج عن طرفي النقيض معنى» وحقيقة هذا أنه ما كان يتعيّن طرفان ، فكان
الشيء لا يخرج عنهما
(٦٥٠) س ط ـ واجبية
الإنسان لم تعدم إن لم يجز
أن يقارنها جواز العدم؟
(٦٥١) واجبية
الإنسان واجبيّة بشرط ،
ولا يقارنها جواز العدم مع ذلك الشرط ، بل جواز العدم مطلقا [لأنها ليست واجبيّة
مطلقة ، بل بشرط وجود العلة ، فالواجبيّة المطلقة لا تقارن جواز العدم مطلقا] والتي بشرط مع ذلك الشرط.
(٦٥٢) س ط ـ لم لا يجوز أن يكون الصورة الحاصلة في المدرك غير
صورة المدرك ، [لكنها مودية إلى إدراكها ،] أو استحالة وتغيّر يعرض في العقل يؤدي إلى إدراك الصورة ، كالشمس التي تلوّن ما يقع عليها من الأجسام بألوان مختلفة وليس لها لون.
__________________
__________________
(٦٥٣) ج ط ـ من الجايز هذا ـ فإنه قد تعرض للعقل تصورات وأشياء كالاستحالة إلى أن يحصل له معنى المعقول ، فإذا حصل له
معنى المعقول فذلك حقيقة المعقول وحقيقة المعقول
ماهيته ، فهناك هو يدرك للمعقول.
(٦٥٤) س ط ـ قيل
: إن واجب الوجود في إدراكه [٥٦ آ] لذاته له ذاته ، و معنى ذلك أن شيئا
من الأشياء لا يتعيّن وجوده إلا بلوازم وأعراض ، فهذا المتعيّن الوجود يحصل لتلك الحقيقة ، هل هناك اثنينيّة أم لا؟
ج ط ـ انما يتعيّن
وجود الشخص بلوازمه وأعراضه إذا كانت حقيقته نوعيّة تحتمل الشركة فيها بوجه من الاحتمال ، وأما الحقيقة التي لذاتها لا تحتمل
الشركة ، فلا تفتقر في التعيّن إلى اللوازم
والأعراض ـ وإن كانت له لوازم ـ.
(٦٥٥) س ط ـ لم صار بعض القوى يدرك وبعضها لا يدرك وما جوابه ؟
ج ـ لا أدري ، هذا شيء لست احصّله بعد ، والذي أظنّه هو أن الإدراك هو
تحصيل ما لصورة الشيء وحقيقته على نحو من كليّته أو جزويته ، على أنه لما خلا المدرك لنفسه شيء له إضافة ما إلى
ما ينتزع عنه أو يلقى عليه.
__________________
__________________
وإذا كانت القوة
هي المبدأ الأول للجسم أو لغير الجسم به
تصير قابلا حافظا لمثل هذه الصورة لا بالعرض كالفاعل بوجه ما ، وتكون بحيث لو لا
هو لما كان الشيء بهذه الصفة ، وإن عدم سائر لواحق الشيء فهو الذي إليه ينتقل أو عنه تلك الحقيقة ـ فهو القوة التي بها تدرك ، والمدرك لذاته هو أولى بأن
يكون له هذه الصفة من نفسه ـ لا بالعرض ـ وذلك إذا لم يكن وجوده بغيره .
وعندي أني وأنت
إذا تأمّلنا هذا و فكرنا فيه خرج المطلوب إلا أني بعد لم اخص فيه
الرأي.
(٦٥٦) س ط ـ ما البرهان علي أنا قد نشعر بذواتنا شعورا عقليا لا بآلة جسمانية أو بقوة وهمية؟
ج ط ـ هذا بارد مكرر ، والبرهان عليه أنا يمكننا تجريد المعنى الكلي من ذواتنا وتعقله.
وأيضا إن كانت تلك
الآلة الجسمانيّة فيها قوام حقيقة ذاتنا وجب أن لا نشعر بذواتنا
البتة إلا مخلوطة ، وإن لم تكن وجب أن يكون لتلك الصورة تأدّ آخر إلى ذواتنا
فتتكرر ذواتنا في ذواتنا.
(٦٥٧) وأما إدراك الحيوان لذاته إن كان هناك شعور بذاته [٥٦ ب] ـ
وهو الصحيح ـ فبالوهم في مقرّ القوة الدرّاكة الباطنة التي لها مخلوطا غير ممكن
التفصيل والتجريد ؛ والوهم غير النفس الحيوانية الشاعرة الاولى ، فإن الوهم لا
يتوهّم ذاته ولا يثبته ولا يشعر به.
__________________
__________________
(٦٥٨) س ط ـ إن لقائل أن يقول : إن صور هذه العناصر من شأنها أن تدرك أو تجذب المقناطيس ،
إلا أن المانع هذه الكيفيات ، فإذا كسرت أدركت ، كما أن
القوى البدنيّة أو القوة الموجودة في المقناطيس وغيرها لا تعمل إلا بواسطة ذلك
المزاج ، [ويكاد إن تكون هذه الشبهة قريبة من مذاهب الكمون ]
(٦٥٩) إن كانت صور العناصر تفعل ذلك
، المزاج الغالب مانع ، وانكساره زوال المانع ؛ [فيجب أن يكون] كل واحد منها إذا نقص كيفيته ومزاجه يصح منه ذلك.
فأما الاجتماع فلا
أثر له في هذا ، لأن المجتمعات إما أن يحدث منها شيء غيرها فتكون قد
استحالت ، وإما [أن لا يكون إلا الاجتماع ، واجتماع العلل] وافتراقها إذا لم يكن استحالة سواء.
(٦٦٠)
ليس شخص البتة علة لشخص ، بل علة لتحريك المادة واصلاحها ـ ما دامت
المادة تتحرك وتأخذ في الصلاح ، فإذا [استقرت كان شبه] الوقوف على الصلاح.
وسبب الصورة الشخصيّة غير الشخص الأول إما في شيء راسخ في طبيعة الشخص ، وإما شيء
من خارج.
__________________
(٦٦١) ج ـ ليس يلزم من كون الشيء علة لوجود ما أن يكون علة لكل وجود ، حتى يصير أيضا علة لذاته ، ولا أيضا
يلزم إذا كان الشيء علة لشيء أن يكون علة لذاته.
(٦٦٢) ج ـ أول
العقول علة لما بعده ولا
يشترك ما ليس بموجود في إفادة الوجود.
(٦٦٣) س ـ لو كانت النفس الإنسانية منطبعة في البدن لكان يضعف فعلها مع ضعف البدن ـ ولزوم التالي للمقدم ظاهر أو في حكم الظاهر ـ لكنها قد لا
تضعف.
وتحقيق نقيض
التالي من المشاهدة ـ ولا سبيل إليه [٥٧ آ] إلا من هذا الوجه ، ولست أدري هل
تدلّ المشاهدة على صدق هذه القضيّة ، أم لا؟
(٦٦٤) ج ـ نحن نشاهد أحوالا بدنيّة يضعف لها البدن والعقل ثابت يفعل فعله بلا ضعف فيه ولا قصور أو نقصان ، وليس دلالة المشاهدة أكثر من ذلك.
(٦٦٥) الذي
يدرك شيئا فإن المدرك يحصل
فيه ـ سواء كان مخلوطا أو غير مخلوط ـ وذات الحمار إذا أدركها
مخلوطة فلا بدّ من أن يحصل فيه مع المختلط به ، فإذن على جميع الأحوال للحمار
ذاته موجودة له ، وذاته مرة واحدة ، فذاته أيضا مجردة ـ وهذا مما لا يمكن
أن يجحد ـ.
__________________
__________________
(٦٦٦) ليس يكفي كون الشيء مدركا أن
يحصل حقيقته كيف كان ـ وإلا لأدرك الحائط بياضه ـ بل أن
يكون مجردا أو في حكم المجرد إذا كان ما يلاقيه ويقارنه لا يمنعه عن أن يكون مجردا
مشتركا فيه.
وهذا الفرق [كتبته
في الجزء
الصغير] فليتأمّل وليستعمل الامور الماضية للامور المستقبلة.
(٦٦٧) معنى الشيء الذي هو الموضوع للمعقول هو المجرد او في حكمه
ـ كم تقول هذا ـ!؟
(٦٦٨) والذي قال في الفرق
بين شعورنا بذواتنا وشعور الحيوانات
الاخر بها غير كاف ،
وذلك لأنه ليس إذا شعرنا بجملة كأنها واحدة ـ وأنها مركبة من آحاد نحن شاعرون بكل واحد
منها من حيث يتميّز عن الآخر ـ يلزم أن يكون وجود تلك الجملة على ما يشعر به ، وإلا كان يلزم أن يكون تلك الآحاد موجودة متميزة
مفردة ، وأيضا موجودة غير متميّزة ـ وهذا محال ـ. فإذا شعرنا بذواتنا كجملة واحدة [ثم
نفرض أجزاء] لتلك الجملة متميّزة فلم يلزم أن يكون وجودها متميّزة ، فعسى هذا التفصيل هو شيء نفعله ونفرضه وما عليه الوجود بخلاف ذلك.
وهذا
شك يفهمه غير
الكهنة أيضا ، فبأيّ برهان يمكن أن يحقّق
__________________
__________________
أن شعورنا بذواتنا ليس هو شعور [٥٧ ب] مخلوط ؟
(٦٦٩) يجب أن لا يكون المعنى مخلوطا بما يمنع كونه حقيقة ومعنى
من اللواحق المادية أو غيرها ، فحينئذ إذا ركب منها جملة ومن غيرها مثلها كانت الجملة مهيئة أن يدرك آحادها بذواتها ، وإن لم يوجد جزء شيء ، وأما إذا لم يكن
الآخر شيء ولا على أنه جزء شيء
وأدرك كذلك ـ أي وحصل كذلك ولم يحصل حصوله لنفسه ـ لم يكن مدركا لنفسه ، فلم يكن على ما شرطنا.
(٦٧٠) اعلم إن ماله
ذاته فله حقيقة
معناه بتحصيلها ، فهو مدرك لذاته ، ولأن حقيقته محصلة بذاتها
فإدراكه عقلي.
وأمّا ما ليس له
ذاته ـ بل له ولغيره ـ وندرك ذاته جزءا من صورة مخلوطة هي غير ذاته ، تلك الصورة تمثّلت في ذاته ؛ فيكون مدركا لذاته ، لكن لا يكون إدراكه معنويا عقليّا ،
وكل ماله وجود ذاته فهو مدرك إدراكا عقليّا ومدرك
(٦٧١) وليس يلزم في كل مدرك أن يكون له وجود ذاته إلا إذا كانت
ذاته له غير مخلوطة بموضوع وأحواله ، ونحن أيضا ليس كلّما أدركنا ذواتنا عقلنا
ذواتنا ، بل قد ندركها كجزء من صورة متمثّلة فينا ، فتكون مدركة لنا غير معقولة.
__________________
__________________
(٦٧٢) س ط ـ إنما يجب أن نسأل لا هذا ، بل نسأل : أليس تكون لنا
ذواتنا حينئذ مرتين ، أو تكون مرة واحدة؟ وكيف هذا؟
(٦٧٣) قيل : إن الواحد يلزم عنه واحد ، فإنه لو كان من حيث يلزم عنه «آ» يلزم عنه «ب» كان يلزم
عنه «ليس آ» ـ و هذا خلف ـ.
وهذا لو قيل : «إنه ليس يلزم عنه آ» لكان خلفا ؛ لكنه لا يستمرّ إن قيل :
«يلزم عنه ليس آ»
فإذن هذا الخلف غير واجب.
(٦٧٤) ج ط ـ معقول أنه يلزم عنه «ب» غير معقول أنه ليس يلزم عنه «آ» ، فوجود حيث يلزم عنه «ب» غير وجود حيث يلزم عنه «آ» ، فإذن حيث يلزم عنه «آ» ليس هو الحيث الذي يلزم عنه «ب» فإذا كان يلزم عنه «ب» فليس من الحيث الذي يلزم عنه «آ».
(٦٧٥) س ط ـ الجواب الذي [٥٨ آ] كتب في كون الشيء مدركا لذاته أن يكون موجودا لذاته ، لا أن يكون كنهه حاصلا له ، لم يكن على ما سمعته منه ، فلينعم بما وعد به.
__________________
__________________
ج ط ـ كون الشيء
مدركا لذاته إدراكا عقليا أن حقيقة ذاته يكون له ، وكون الشيء مدركا لذاته مطلقا
غير هذا ، وكلامنا كان في كون المفارقات عقولا فليذكر هذا.
(٦٧٦) س ط ـ قيل إن المحرك القريب للفلك يجب أن يكون متغيّرا ولو كان كذلك لكانت طبيعة الأرض في
تحريكها إلى الوسط متغيّرة ، وقد اثبت في الطبيعيات أن للحركة الفلكية أيضا ميلا ،
فلم لا يجوز أن يكون ذلك التغيّر إنما يعرض في الميل ـ لا في المحرك؟
(٦٧٧) الأرض في تحريكها إلى الوسط متشددة
الميل للتوقّف ، وذلك تغيّر ، على أنه كان يجوز أن يكون
الأرض غير متغيّرة و [تحرك ، لأن تحريكها] لا لطباعها ، بل
لطباعها وقرينة مفارقة على حد من قرب
وبعد ، وذلك مما يكون على التبدل دائما ، فيكون سبب التحريك متغيّرا ، وإن كان
جزءا منه. وهو الفاعل للحركة غير متبدل ـ لكنه في كل حال يفعل حركة اخرى ، لأنه
حصل في موضع آخر ذلك الموضع له غير طبيعي ، فهو في [تغيّر من الموجب ،] وإن ثبت بحاله.
ثم الميل الذي
يجعل للفلك متبدل ، فيحتاج إلي سبب متبدل أيضا
(٦٧٨) س ط ـ ثم ما البرهان على أن ذلك التغيّر هو التخيّل؟ ومتى ظهر
__________________
__________________
أن حركة الفلك يجب أن
تكون إراديّة إلا بهذا البرهان
الذي هو مشكوك فيه ، فلو كان قد ظهر هذا لكنّا مستغنيين عن طلب هذا البرهان.
(٦٧٩) ج ط ـ قد بيّن هذا في مواضع اخر
بالتحقيق أن يكون الشيء متحركا ليس هو أن يكون محركا ولا هو مقوم له ـ وإلا كان كل متحرك يلزم أن يكون محركا ـ ولا هو لازم له ، حتى يكون كونه محركا يلزمه كونه متحركا ، أو كونه متحركا يلزمه
أن يكون محركا ، وإلا لعرض ما قلنا.
[فإذن مقارنة «أن
الشيء محرك ، لأن الشيء متحرك»] مقارنة أمر عارض [٥٨ ب] لا مقوم ،
ولا لازم مطلق ؛ وإذا كان كذلك لم يكن المبدأ الذي به يكون الشيء محركا كان ذاته أو قوة لذاته ، هو المبدأ الذي به يكون الشيء متحركا ولا يجب فيهما الاقتران إلا بالعرض ، فيكون إذن في كل شيء مبدأ أنه محرّك ـ وهو
الجهة والحيثيّة التي هو بها محرك ـ غير مبدء أنه متحرك ـ وهو الجهة والحيثية التي هو
بها متحرك.
[والمحرك ذاته هو
متحرك] ، وكل متحرك فمبدأ أنه متحرك غير مبدأ أنه محرك بالذات ،
وكل ما كان مبدأ [أنه محرك غير مبدأ] أنه متحرك فإنه
يحرك بغير ما به يتحرك ، [فالمحرك ذاته يحرك ذاته بغير ما به
يتحرك] ، [ولا شيء مما هو محرك ذاته بذاته ، فإنه يحرك ذاته [بغير]
ما
__________________
__________________
به يتحرك ،] وكل ما يحرك ذاته بغير ما به يتحرك فليس محركا لذاته
بذاته .
(٦٨٠) ـ فإن
قال قائل : إنه ليس من
المستحيل أن يكون للجسم قوة على ما يلزم وجود ذلك الجسم ، [ثم يكون ذلك الجسم] مما من شأنه أن يبقى دائما فيصدر عنه التحريك .
قيل لا ـ بل هو
مستحيل لما برهن عليه من امتناع وجود مثل هذا القوة.
(٦٨١) س ط ـ وقيل : إنا نشاهد الأرض
لو بقيت دائما ولم يعرض لها عارض لكان يوجد عن قوتها سكون
دائم.
(٦٨٢) ج ط ـ السكون عدم وليس فعلا ، وليس مما ينقسم إلا بالزمان وكذلك ليس يتناهي إلا بالزمان ، وذلك الزمان قد وجد عن قوة اخرى هي فاعلة الحركة فليس يصدر عن
قوّة الأرض بالسكون فعل ، ولا لو صدر فعل كان كونه [غير
متناه عن تلك القوة ، بل بسبب قوة اخرى تفعل الزمان الغير
المتناهي الذي به يكون السكون] غير متناه ـ لا بذاته ـ.
__________________
__________________
(٦٨٣) س ط ـ والذي قال : «[إن المحرك غير المتناهي القوة الغير الجسماني] الذي يحرك جسما لا يخلو إما أن يفيد حركة ، وإما أن يفيد
قوة بها يتحرك. فإن أفاد قوة [فقد أفاد قوة] غير متناهية
للجسم ، فيلزمها أن تنقسم ويعرض ما ذكرتم ، وإن أفاد حركة فقط [٥٩ آ] وهو قسر » ولم يكن أيضا للجسم قوة تحرك غير القوة المفارقة ، وهذا غير مستمرّ ، فإنا
نعلم أن لكل جسم قوة محركة حتى للأفلاك.
(٦٨٤) ج ط ـ لم يفد قوة غير متناهية
، وذلك لأنه عند المساعدة تكون تلك القوة مما لا يبقى بذاتها ،
بل هي متعلقة بما يفيدها ، فلو لا ذلك لم يبق غير متناه فيفعل غير متناه.
وأما على سبيل
الحقيقة فإن الانفعال الذي يعرض لهذا الجسم فى نفسه حتى يحركه هو تخيّل بعد تخيّل متّصل يعرض عن ذلك [المفارق
فيتّصل ، ثمّ يتّصل معه ـ] الحركة ولا يكون شيئا واحدا مستقرا.
(٦٨٥) س ط ـ إن هذا البرهان الذي ادعيتم إنما
قام على قوّة غير متناهية تحرك جسما غريبا خارجا عنه ، ولم يقم على
قوة غير متناهية تحرك الجسم الذي هي فيه.
__________________
__________________
ج ط ـ البرهان على
الأمرين واحد ، فإن الاعتماد فيه على فرض مقدم يتلوه تال كما بيّن.
(٦٨٦) س ط ـ [يحتاج إلى برهان] على أن الإنسانية إذا كانت موجودة لزيد لمعنى الإنسانية ، ولأنها إنسانية ـ تستحيل أن توجد لعمرو ،
فإما أن يقال : «إن عمر [ا] هو زيد» وهذا ليس بصحيح ،
لأن الموجب في الشكل الثاني لا ينتج ، وإما أن يبين بالشكل الأول ، وهذا لا يمكن : لأن الكبرى وهي : «وكل ما هو إنسانيّة فهو زيد» لا يصح ، إذ هو نفس المطلوب ، وإما أن يبيّن استحالة ذلك بوسط آخر.
(٦٨٧) ج ط ـ إذا كانت الإنسانية لأنها [إنسانية هي لزيد فكل] إنسانية فهي لزيد ، وإذا كان عمرو إنسانا ، وكل إنسان لأنه إنسان زيد ، فكل إنسان زيد ، فعمرو زيد
(٦٨٨) س ط ـ قيل في ما بعد الطبيعة : «إن الجوهر والكميّة
والكيفيّة وسائر الأجناس كالأنواع للموجود » ولم أدر كيف كان انقسامه إلى هذه الأنواع؟
(٦٨٩) ثمّ قيل «إن القوة والفعل والعليّة والهوهويّة والغيريّة من عوارض الموجود الذاتيّة» فلم أعقل أنها كيف تبيّن عرضيّتها للموجود ولزومها له.
__________________
__________________
(٦٩٠) ثمّ قيل : » إن الموجود [الواجب
الأول] لا نعني بذلك الوجود هذا الوجود [٥٩ ب] بل هما من الأسماء
المشتركة» وإذا كان كذلك لم يكن النظر في المبدأ الأول داخلا في جملة علم ما بعد الطبيعة
لأن الموجود يعمّ العشرة باسمه وحده ، وإن لم يكن
كعموم الجنس فهي له كالأنواع ، و ليست أنواعا.
(٦٩١) العوارض الذاتيّة قد علم حالها من كتاب البرهان إنها
الامور التي تعرض للشيء لذاته ـ لا لأمر أخصّ منه أو أعم منه ، وهي المطلوبات في
البراهين ، ثم الموجود يلزمه أن يكون بالقوة والفعل ، [وأن يكون هو هو وغير ،] وأن يكون علة ومعلولا لا لأمر أعمّ من الموجود ـ كما يعرض البياض للإنسان ـ ولا
لأمر أخص من الموجود ، كالموجود المحسوس ، أو الموجود
المكمم ـ كما يعرض الضحك للحيوان ـ فهو إذن من عوارضه الذاتيّة.
(٦٩٢) وأما وقوع الوجود على الأول وعلى
ما بعده فليس من الألفاظ المشتركة ، بل من الألفاظ المشكّكة ، وقد يدخل في علم واحد
مسمّيات الاسم المشكّك.
(٦٩٣) س ط ـ موضوع العلم الطبيعي الجسم بما هو متحرك وساكن ،
__________________
__________________
وقد ينظر الطبيعي
في اللانهاية وساير ما للجسم من جهة ماله كمّ ، ودخول علم النفس في جملة
علم ما بعد الطبيعة من أطرف الأشياء.
ثمّ إن قولنا : «كمال جسم» هو محمول أيّ شيء؟ فإنّه لا يجوز أن يكون محمول جوهر
النفس ، بل كأنه محمول لكونه ذا كمال .
(٦٩٤) ج ط ـ العلم الطبيعي ليس ينظر في اللانهاية من جهة ماله كمّ مطلقا إلا على سبيل إدخال علم غريب ، بل
ينظر فيه من جهة أن غير المتناهي هل يتحرك؟ أو هل يسكن ؟ أو يزيد وينقص ؟ وكيف يقبل الأجسام القسمة المفرّقة ؟
وأما القول في أن
الجسم لا يتركّب مما لا يتجزّي ، وأنه لا يجوز أن يكون متناهيا ـ لا من طريق
الحركة والسكون ـ فليس بطبيعيّ ، ولذلك تكلّم في الثاني منهما في كتاب ما بعد الطبيعة الفيلسوف .
والنفس من جهة ما
هي محركة للبدن وفاعلة به ينظر فيه الطبيعي ، وأما النظر في جوهرها فالأولى أن
ينظر فيه الإلهي ، إلا إنه اريد أن يتكلّم فيه في أجزاء الطبيعي كأنه خلوص [٦٠ آ] ما إلي الإلهي.
(٦٩٥) وأمّا كونه كمال جسم طبيعي فهو محمول على النفس النباتيّة
والحيوانيّة على الإطلاق ، وعلى النفس الإنسانية من حيث هي نفس إنسان ، ولا من حيث
هي نفس ، [والكمال يحمل على النفس الناطقة من حيث هي نفس إنسانيّة ،] كما يحمل المولود على الإنسان ، فإنه من لوازمه التي توجد في أول وجوده.
_________________
(٦٩٦)* س ط ـ قوله في كتاب البرهان «أن المتوسطات بين امور
وأشياء يجب أن تكون ليست هي حقائق تلك الامور إلا بالعرض». لم أفهم معنى قوله : «إلا بالعرض».
ج ط ـ لم أفهم أنا أيضا معنى قوله : «إلا بالعرض» ، اللهم إلا أن يعني به أنه يكون في معناه غير الآخر في معناه وإن عرض لأحدهما أن يقال على الآخر مع اختلاف
المعنى مثل الحيوان والإنسان ، فليست الحيوانية والإنسانية هي هي إلاّ بالعرض لأجل
أن حيوانيّة ما تكون إنسانية ما
(٦٩٧) س ط ـ قيل : «لو كان كون الشيء متحركا هو أن يكون محركا ـ وكان هذا مقوما له ـ لكان كل متحرك يلزم أن يكون محركا» وليس ببيّن امتناع
التالي ، فإنّه يجوز في ظاهر النظر أن كل متحرك محرك ، بل هذا هو نفس الدعوى ، فكيف
يبيّن به المسألة؟
(٦٩٨) ج ط ـ إذا كان أحد الأمرين هو هو الآخر ، أو محمولا مقوما عليه استحال سلبه عنه ، وتلو هذا التالي بيّن بنفسه ، فإن ما هو الشيء أو هو مقوم له أو لازم لطبيعته [من المستحيل أن يسلب
عنه البتة ، بل ما هو هو الشيء أو هو مقوم له أو لازم لطبيعته] يحمل على كل واحد من الشيء.
(٦٩٩) س ط ـ قال
بعض المعتزلة : «إن كان علم
الله تعالى يكفي في
__________________
__________________
أن يوجد ما يعلمه
ـ من غير اختيار له يتجدد ـ فيجب أن يكون الأشياء [كلها موجودة معا مع وجوده ، وذلك
لأن ذاته هي التي يوجب وجود تلك الأشياء] [٦٠ ب] من غير
انتظار لتجدد سبب .
(٧٠٠) ج ط ـ صدق. اللهم إلا أن يقال : إن علمه يوجب علي الترتيب
الذي يعلم عليه كل شيء ـ الترتيب الذاتي بالذات ، والترتيب الزماني بالزمان ـ فذلك
موجب على نحو ما ـ لا مطلقا ـ. [إذا تمثّلن أوجبن] على شرط التمثّل ، ونحو التمثّل الذي هو أولى وأوجب وأوقع في نظام الكل ؛ ليس
تمثّلا كيف يتّفق .
ألا تسمع إلى ما قال الفيلسوف : «ما إن يتمثّل
عندنا إلا وجب حكم إلا [ويذعن له الملكوت] إذعانا».
(٧٠١) وذكر
: أن المعلول لا يجوز أن يكون علة ، والوجود إن كان معلولا [فيجب أن يكون موجودا من لا
وجود ـ وهذا محال ـ واجيب أمس بأن نوعا ما من الموجود يكون
معلولا] ـ ولم أفهم هذه العلة ـ.
ج ط ـ ليس الوجود
معلولا من حيث هو وجود ، بل من حيث هو وجود لما هو ممكن الوجود له ماهية اخرى ليس
يدخل فيها الوجود .
(٧٠٢) س ط ـ إن قال قائل : إن النفوس الفائضة من واهب الصور كان
يمكنها أن تستورد بدل ما يتحلل من الأبدان بمرافدة واهبه ، [حتى لا يقال : «إن
__________________
__________________
قوة الجسم متناهية]
» ووجب من ذلك أن تبقى هذه الأبدان دائما ، كما أن كل نفس الأفلاك يحرك
جسمه دائما.
فإن قيل : «إن
البدن غير مساعد لأنه مركب من الأضداد»
قال : فإذن يجوز
أن يكون الفلك إنما كان القوى التي فيه محركة دائما ، إذ كان ذلك الجسم من شأنه أن يبقى دائما ، [فبقيت قوته] فعالة دائما.
(٧٠٣) ج ـ استيراد البدل لا يتمّ إلا بمشاركة قوى طبيعيّة من
شأنها أن لا يفعل فعلا بغير نهاية ـ على ما علم ـ
وأيضا : فإن الآلة
هي الحرارة الغريزيّة ، وتطفأ على ما بيّنه الأطبّاء لضرورة
عروض اليبس ، فلو كان الاستيراد للبدل أمرا متعلّقا بالنفس ذاتها ولم تكن محتاجا فيه إلى قوى طبيعيّة [لكان للإنسان أن يجوز هذا التجويز.
(٧٠٤) وليعلم إن كون الجسم دائما لا يجعل القوة الجسميّة قويّة على امور بلا نهاية ، فإن البرهان] قام على استحالة
ذلك ، لكون القوة [٦١ آ] قوة جسمانيّة ـ ليس لكون القوة قوة جسمانية بحال دون حال ـ فلا يمكن الجسم الباقي دائما أن يحضر فينتفع في القوة ، فيكون لها أن تفعل ما ليس لها أن تفعل ـ
وأما كيفيّة
الاستمداد للقوّة الجسمانيّة من غير الجسماني فأمر إذا فتّش عنه لم يتأت في النفوس
التي لنا ، لكنّه لا حاجة لنا الآن إلى ذلك.
_________________
(٧٠٥) س ط ـ إن كان للهيولى صورة غير الإمكان حتى تكون صورة يلزمها الإمكان فلها وجود
وماهيّة ، ولا شك أن تلك الماهيّة في ذاتها ممكنة الوجود وفاض الوجود عليها من شيء آخر ، وكذلك الكلام في تلك الماهية.
ج ط ـ ليكن تلك
الماهيّة ممكنة الوجود بذاتها وفاض الوجود عليها من المبدأ الأول بوسط أو غير وسط
، فالخلف في أيّ شيء؟
(٧٠٦) اللهم إلا أن [يصلح السؤال و] يقال : إن الماهيّة التي لها ذلك الإمكان ما حكمها في نفسها إذا لم يلتفت إلي
ذلك الإمكان؟ ألها إمكان آخر؟ أم ليس ؟
فإن كان السؤال
هكذا فيقال : إن تلك الماهيّة إذا التفت إليها في نفسها ويقصد بالنظر نفسها فقط فإن طلب و [هل هي ممكنة فقد طلب] لها حكم ذلك الحكم هو ذلك الإمكان ، وليس النظر في نفسها نفسها هو النظر في
أنها ممكنة أم لا؟
بل إذا قيّد النظر
في نفسها بأنه «هل لتلك النفس إمكان؟» فقد زوج بالنظر في النفس شيء آخر ،
وذلك الشيء هو ذلك الإمكان الذي كان واقتضى الصنيع تناقضا وصار كأنه يقول : ندع حديث الإمكان
وحديث كونها ممكنة ، بل ينظر في نفسها هل لها إمكان وهي ممكنة؟
ومعنى هذا هو أن
هذا الذي لا يلتفت إلى امكانه يلتفت إلى إمكانه
__________________
__________________
ـ وبالجملة ـ تلك
الماهيّة ممكنة بإمكان واحد ، و ذلك الإمكان واجب لها ليس قبله إمكان آخر ، وهذا الإمكان
هو إمكانه في نفسه ، وأما إمكان وجود الأشياء فيها فهو شيء آخر
ليس هذا الكلام.
فهاهنا إمكان وجود الأشياء في الهيولى وإمكان آخر للهيولى ـ بما هي هيولى في نفسها ـ
[وهذا الإمكان أن للهيولى نفسها [٦١ ب] في نفسها] هو متقدم على إمكان وجود الأشياء فيه ، وهو الإمكان
الذي بحسب الماهية ، وذلك الإمكان بحسب القياس إلى أشياء اخرى خارجة ، وليس يلزم
أن يكون على ذلك الإمكان ، فإن الماهيّة ممكنة الوجود بذلك الإمكان الذي هو للهيولى
وللصورة وكل معلول غير واجب الوجود.
(٧٠٧) س ـ قيل في كتاب النفس عند بيان امتناع وجود الصورة المعقولة
في آلة جسمانيّة ما هذا لفظه : «إن كان تحلّ الصورة المعقولة جسما فإنّها تنقسم بحسب انقسامه ، فلا يخلو إما
أن تنقسم إلي متشابهين ، أو إلى غير متشابهين.
فإن انقسم إلى
متشابهين ، فكيف يجتمع منهما ما ليس هما ، إذ الكل من حيث
هو كل ليس هو الجزء ، إلا أن يكون ذلك من جهة المقدار أو العدد ، لا من حيث الصورة ، وليس كل صورة معقولة شكلا أو عددا».
ولم احصّل معنى
ذلك ، ولا سياقة البرهان ، ولا المحال الذي يؤدى
__________________
__________________
إليه ، ولا تتمّة الكلام فيه ، [وهو ـ أدام الله علوه ـ ينعم بتحقيق معناه] .
(٧٠٨) الصور المعقولة إنما هي معقولة [على ما هي عليه] في الجوهر العاقل ، وإذا كانت منقسمه وانقسمت حصلت هناك غيريّة من حيث هي في العاقل ، فإذا عقلت كذلك عقل الفرق لا محالة بين
الاثنين وبين المجموع وبين الواحد ، فان لم يكن إلا اختلاف شكل ومقدار بحسب ما يكون لما هو فيه وكان داخلا في المعقول ـ أي في ماهيّته ـ من حيث هو معقول وجب أن يكون عروض الانقسام
يجعل الصورة معقولة على اختلاف الشكل والقدر والعدد ، وذلك غير واجب فيما ليس له
شكل وقدر ، و غير واجب أيضا أن يكون كل جهة الاختلاف فيما له شكل وقدر وعدد وإن لم يكن داخلا فيجب أن لا يكون هناك خلاف بين الشيء
وبين ما ليس [هو ـ أي : بين الكل والجزء وبين جزء جزء.] .
(٧٠٩) [ونقول بعبارة
اخرى : كون الصورة معقولة هو [٦٢ آ] أن تكون في الجوهر العاقل ،
وكونها مختلفة في المعقول هو أن يكون لها في ذاتها وفيما عقلها اختلاف ، [وكونها ممكنا فيها الغيرية هو كونها ممكنا أن يحدث فيها في العاقل
لها غيريّة ، وذلك غير اعتبارها بحال الوجود] . وكونها ممكنا أن
تنقسم في المعقول هو كونها ممكنا أن تتغاير في المعقول بحسب ٧٧٩ [جزء
__________________
جزء كلها ، (ى :
جزء وجزء كليهما. ل : جزء جزء وكليهما.)] فإن كان ليس ذلك إلا بحسب الشكل والقدر والعدد فليس لها أن تتعقل في قابل
الانقسام إلا بحسب الشكل والقدر والعدد لكن ؛ للصور أن تتعقل من جهة اخرى ، فإن كانت تتعقل من تلك الجهة في منقسم فهي قابلة
للتغاير والاختلاف لا بحسب الشكل والقدر والعدد. فإذن كل صورة معقولة لا اختلاف فيها في المعني قد تقبل اختلافا في المعنى وتنقسم إلى غير متشابهين أو متشابهين لا يشابهان الكل في المعنى ـ ليس في القدر والعدد ـ وليس كذلك (غير
موجود فى عشه.)]
(٧١٠) س ـ الذي
قيل : «إن الانفعال الذي يعرض لهذا الجسم في نفسه حتى يحرك هو
تخيّل بعد [تخيّل متّصل يعرض ذلك] من جهة المفارق»
فيه مغالطة ، لأنه لا بدّ من أن تكون هناك قوة جسمانيّة تقبل تلك التخيّلات.
(٧١١) الذي يمنع أن توجد في الجسم قوة غير متناهية هي الفعّالة
لا المنفعلة ، فإن قوة الهيولى في الانفعال غير متناهية ، و ذلك غير محال ، ولا البرهان قام عليه ، وليس هو مما يمنع البتة ، لأن
المنفعل ليس يصدر عنه الشيء حتى يكون ما لا يتناهى من قبيله ، بل هو من قبيل
الفاعل فيه ، وله انفعال فقط ، وأما اتصال انفعاله فليس منه حتى تكون له قوة على
اتصال غير متناه ، فكيف غيره وهو القوة الفاعلة؟!
واعلم
إنه إذا قيل : «ليس
للجسم قوة غير متناهية» فيعني به قوة فعّالة
__________________
__________________
محركة ، لا قوة يمكنها أن تقبل من جهة غيرها امورا بلا نهاية ، فيتعلّق كونها بلا نهاية بذلك الغير ـ لا به ـ.
(٧١٢) ليس
يصح أن يقال : «لما تشاكلت
الأجسام في الجسميّة وافترقت بأنها تتحرك بالإرادة أو لا يتحرك ، فلها اختلاف بمبدإ هو النفس. لأن الأجسام وإن
اشتركت [٦٢ ب] في صورة الجسمية وفي ساير الصور أيضا ـ مثلا ـ [لو جاز أن تفرق بعد ذلك] في المواد ؛ كما إن الصحيح هو أن جسم الفلك ، مادته الجسمانيّة غير موضوع للصورة الجسمانيّة التي
عندنا : فلعلّ الاختلاف في صدور الحركة هو بسبب المادة المختلفة.
اللهم إلا أن يمكن
أن يبتدئ ويبيّن بيانا مستأنفا : أن هذا الاختلاف
لا يجوز أن ينسب إلى المواد. وأما نفس ذلك فلا يكفي.
وأما إذا لم تأخذ
الجسم مطلقا ـ وأخذت الجسم العنصري الذي عندنا المشترك في المادة ، فإنه إذا كانت صورته الجسمانية واحدة من حيث الصورة الجسمانية ،
والمادة مشتركة ، واختلف جسمان في أمر هذه الحركة فبيّن أن لأحدهما مبدء غير مادته
وصورته الجسمانية ، عنه يصدر هذه الحركة ـ فلتسمّ نفسا
(٧١٣) س ط ـ ما الذي دعى المتقدمين من الفلاسفة والمعتزلة إلى أن قالوا :
__________________
__________________
«إنه لا يجوز أن
يعقل واجب الوجود بذاته غير ذاته» وأبوا أن يكون موضوعا لصور الموجودات أو لوازمه؟
ج ط ـ لا أعرف للمعتزلة في هذا قولا ، ولا للمتقدمين من الفلاسفة ، بل هذا شيء حدث الآن ، وعن قريب
لما رأوا أن العقل والمعقول والعاقل واحد باتفاق
المتقدمين ، ولو عقل الكثرة لانقسم وكان منها [وكل واحد منها]
(٧١٤) س ط ـ هل يصح أن نقول في الشيء البسيط الذي لا تركيب
فيه بوجه من الوجوه
وسبب من الأسباب : «إن ذاته موجود لذاته»؟ أم لا؟
وإن صحّ هذا فما
معنى ذلك ؟ فإنه لا يحتمل أن يعنى به [ما اشير إليه وتبين من حديث
الشيء وغيره ، وليس يمكن أن يقال : إن هذا الكلام غير صحيح ، ولكن] هذا البسيط ، الشيء الذي هو ذا يتعلّق به المشرقية .
(٧١٥) ج ط ـ موجود
لذاته يفهم منه معاني : أحدها أن ذاته لا يتعلّق في وجوده بغيره ؛ والثاني أن ذاته ليس موجودا لشيء
غيره ـ وجود البياض للجسم. والثالث إن ذاته هي مضاف إلى ذاته .
__________________
__________________
فمن يرى أن
الإضافة تقتضي اثنينية يمنع صحة هذا ؛ ومن يرى [أن الإضافة تقتضي مضافا ومضافا إليه فقط ـ ليس مضافا ومضافا إليه غيره ، وثانيا ، ومثل] ذلك ؛ بل ما هو
أعم من هو هو [٦٣ آ] وغيره ـ فإنه لا يمنع من ذلك
(٧١٦) س ط ـ ما المانع أن يكون الجامع لأخلاط الحيوانات في أول
التكون مزاج الوالدين أو قوة لهما ، ثم يصير [ـ مزاج المني جامعا لمزاج العلقة إلى أن يصير إنسانا فيصير مبطلا عن الموضوع ذاته
إلى غيره ـ] .
بل ما الذي يمنع أن يكون هذا الجامع جسم ما لا قوة ؟ ج ـ [لا شك أنه لا تبقى صورته] ، بل لا يزال
أيضا مزاج المني يحركه الأخلاط [نحو حالة تنسلخ عنها صورة المنويّة] فيحصل مزاج آخر.
(٧١٧) س ـ ما المانع من أن يكون ما نشعر به من ذواتنا المزاج الخاص
__________________
__________________
بكل شخص ـ لأنه صح
أن النفس ليست بمزاج ، ولأنا لا
نحسّ ذواتنا كيفية
(٧١٨) وهب أن هاهنا قوة تجمع أخلاط الحيوانات ، فما البرهان على أن الذي يبصر ويسمع ويتوهم ويتخيّل ويتفكّر ليس هو المزاج؟ ولم يجب أن يكون ذلك الجامع هو النفس.
ج ط ـ لأن كل واحد من هذه يثبت واحدا بعينه ، والمزاج يتبدّل ، ولو لم يثبت المتخيّل واحدا
بعينه لكان المتخيّل القديم يبطل ، فيحتاج إلى استئناف
اكتساب بالحسّ .
وليس لقائل أن
يقول : «إن المزاج لا يتبدل إلا شيئا قريبا ، [فإنه إن تبدل قليلا ـ وأقل قليلا] ـ فليس هو عين الأول ، لكنه يجوز [أن يفعل في إعداد] المادة لحفظ الصورة أو صلوحها للصورة الواحدة فعل الأول ، لأن الأشياء
المتباعدة قد تشترك في فعل واحد ـ فكيف المتقاربة. ـ؟
(٧١٩) س ط ـ هل
يجب أن يكون لكل عضو
على مزاج خاصّ ـ كالدماغ والقلب والعين والمعدة ـ جامع خاصّ
لأخلاطه؟ أم يكفي للجميع جامع وحافظ؟
ج ط ـ لكل عضو
مزاج خاصّ وقوة حافظة خاصة تنبعث عن القوة التي
__________________
كانت في المبدأ
المشترك تحركته إلى الانفصال
(٧٢٠) س ط ـ البياض موجود في الجسم ، فلم لا يجوز أن يحصل في قوة جسمانية إذا عقل ؟ وهل المعقول منه إلا البياضيّة؟ وهل الموجود في الجسم إلا البياضية؟ فما
معنى التجريد ؟ ولم حرّم أن يكون المعقول من البياض يحلّ جسما؟
ج ط ـ كم تقول؟!
معني المعقول من البياضية هو الذي من شأنه أن يقال على كل بياض ، وهو مجرد بالفعل
عن اللواحق.
(٧٢١) س ط ـ إذا لم تكن الهيولى بذاتها متحيّزة ولم تكن الصورة بذاتها
متحيّزة لم
لا ينفك [٦٣ ب] التحيّز عن وجود الهيولى؟
ج ط ـ الهيولى يلزمها التحيّز ضرورة في طباعها عند الوجود بعد لازم آخر لها من غيرها لا حقا لها ، فنخمّن أنها لو صحّ لها وجود خارجا عن اللواحق من الغير لكان يجب لها محال ، وهو أن
توجد غير متحيزة.
(٧٢٢) س ط ـ إن جاز أن لا يكون الهيولى متحيّزة ولا الصورة ـ ثم
__________________
__________________
يعرض من اجتماعهما
التحيّز ـ فلم لا يجوز أن تكون العناصر في حال بساطتها لا يصدر عنها الإرادة والتحريك؟ فإذا كسرت كيفياتها صدر عنها هذان؟
ج ـ المقدم غير مسلم.
(٧٢٣) الصور
المعقولة
[إن كانت تتمانع
استحال وجودها] معا وسواء كانت القوة
العقلية [مقترنة بالبدن أو كانت] مفارقة ، وإن لم
يتمانع وجودها معا كان واجب أن توجد معا في القوة العقليّة قبل المفارقة.
ج ط ـ الصور
المعقولة غير متمانعة ـ حتى الأضداد ـ فليس السبب من جهة القابل ، فإن القابل يقبل
معا المتقابلات وأجزاء القضايا وأجزاء الحدود ، ولكن النفس [منّا تشتغل بشيء] عن شيء ، ولا تخلو عن مجاذبة حسّ أو تخيّل أو شوق
(٧٢٤) س ـ ثم إن قوله في تصحيح أن
المدرك يجب أن يكون موجودا للمدرك : «إنّا ندرك المعدومات ـ ولا وجود لها من خارج
ـ وإنّا لا ندرك كثيرا من الموجودات في الأعيان» صحيح ، ولكن ليس يلزم من ذلك أن
يكون كل إدراك هو وجود المدرك للمدرك البتّة.
ج ـ كل ما تدركه
فإنه حيث تدركه في الذهن فحقيقة متمثّلة في
__________________
__________________
ذهنك ضرورة ، وتلك الحقيقة إما أن يكون تمثّلها في الأعيان ويلحظه ذهنك ـ فالمعدوم
لا يدرك ـ وإما أن تكون في ذهنك ـ وهو الباقي ضرورة.
(٧٢٥) س ط ـ لم
صار المحسوس القوي يمنع الحسّ من إدراك المحسوس الضعيف؟
ج ط ـ إنما يمنع
ذلك لأحد شيئين : أحدهما ضرر انفعال يحدث في المادة ـ
كما يفعل اللون القوي [والصوت القوي] والآخر لأن كل
متمثل يبقي زمانا ما ، فإن بقي بعد مفارقة المحسوس كان الضعيف في جانب المقابلة ،
فإن البياض [الضعيف عند البياض] [٦٤ آ] القوي سواد أو حمرة أو لون آخر ، ومن المستحيل أن يجتمع شبح بياض و غير بياض [مميّزين في قابل منطبع]
(٧٢٦) س ط ـ وما
الفرق بين اليقين والمشاهدة؟ فإنه قال في وقت ما هذا معناه : «إن اليقين أن يحضر في
الذهن المطلوب مع الحد الأوسط مع مزاحمة القوى الاخرى ، وإن المشاهدة هو أن يحضر
المطلوب الذهن مع زوال ساير الموانع ، حتى [لا يمكن للقوى الآخر المزاحمة]
، واريد أن يكون بيان هذا بعبارة أبين من هذه.
ج ـ اليقين لا
يمنع التخيّل عن المقابلة ، والمشاهدة تمنع كل شيء عن المقابلة ،
__________________
__________________
كما أن المبصر عند ما يبصر لا ينازعه تخيّل ولا شيء آخر.
[واليقين من حيث
هو يقين إنما] [هو بتمثيل] الحد الأوسط ،
والمشاهدة ملكة وإن صحبها الحد الأوسط ، فكأنه غير محتاج إليه.
(٧٢٧) ما الذي يمنع أن يكون حمل الوجود العام على وجود الأول
وساير الوجودات ـ [لست أعني به الموجودات بل الوجودات] ـ حمل الجنس؟ وما الذي دعانا إلى أن نقول : «إن حمله عليها حمل اللازم»؟ وكيف حمل
الممكن العام على الممكن
الخاصّ؟
(٧٢٨) ج ط ـ الوجود لا يدخل في
المفهومات البتة دخول مقوّم أيّ جزء ، فإن دخل في مفهوم شيء ففي مفهوم الأول فقط.
والجنس لا يدخل في
مفهوم ماهيّة واحدة فقط ، بل أقلّه في ماهيّتين .
والممكن
العامّ لا بعيد أن يكون داخلا في مفهوم الممكن الخاصّ إن جعل مفهوم الخاصّ
هو إنه غير ضروريّ ـ أي في الوجود والعدم ـ وإن جعل كونه غير ضروري اسما للازم الخاصّ لا
لماهيّته وحقيقته من حيث هو ممكن خاصّ ـ إن كانت له في نفسه حقيقة غير مفهوم هذا السلب ـ كان الممكن العام من لوازمه إن كان مفهوم الممكن
العام هو أنه غير ضروري ، فيكون مفهوما لا لحال الممكن العام ، بل لنفس حقيقته.
وذلك لأن السلوب
كلها لوازم لا مقومات [٦٤ ب] إلا للسلوب ، فإن كان
__________________
__________________
الممكن العام ليس
مفهومه مفهوم «ليس بممتنع» [بل له مفهوم يلزمه أنه [ليس بممتنع ،] وللممكن الخاصّ مفهوم ليس «إنه غير ضروري» وإن كان يلزمه أنه] غير ضروري ، فيجب
حينئذ أن ينظر هل يدخل مفهوم العام في مفهوم الخاص.
(٧٢٩) وعندي أنه إن كان فسيدخل في الممكن الخاصّ ، ثم لا يكون جنسا ، لأنه لا يكون
له فيه شريك ، لأنه وإن كان مقولا على الواجب فلعله لا يقال عليه قول الداخلات في المفهوم ـ بل قول اللوازم ـ أو لعل الأمر بخلاف هذا.
(٧٣٠) وبقي إلى أن تحصل
المفهومات التي ليست سلوبا مجردة لهذه.
وأنا
إلى هذه الغاية لم احصّلها ، وما عندي أن احصّل بعد هذا
السنّ شيئا لم احصله قبل ، فلا يجب إن تطلب من جهتي في هذا تحصيل ، بل يجتهد
فيه الشبّان الأذكياء الفارغو القلوب.
وهذه مسئلة ما
أطمّها من مسئلة ، ولو شئت لأتيت عظم شأنها وما يتعلّق بها ، إلا
أني فاتر أيضا في هذه المشيئة للحوائل الباطلة لي عن الحق.
* * *
(٧٣١) س ط ـ المعنى المعقول من الإنسان مثلا معنى مشترك فيه ،
فإذا
__________________
__________________
حصل في قوابل
مختلفة كان حكمه في كل واحد من القابلين غير حكمه في الآخر ، فلا
يكون في القابل الأول ، كما في القابل الثاني ، [فلا يكون الأول هو الثاني ، فلا
يكون] المعنى مشتركا فيه.
فلم فرض للمعقول
من الإنسان معقول آخر وقوابل اخر حتى بان هذا
الخلف؟
(٧٣٢) فرض له معقول آخر ، ولم يفرض قوابل اخر ، بل القوابل تلك بأعيانها وإنما فرض له معقول آخر لأنه لو اقتصر علي الأول لكان للقائل أن يقول :
إنه في القوابل العاقلة مختلفة لاختلاف القوابل ـ كما كان في الأمور الخارجة. ولا
يمنع ذلك أن يكون كل واحد منها عاقلا ، لأن تلك الصورة وإن خالطها اختلاف وزيادة بحسب هذا القابل ، فهي بحسب الامور الخارجة وبحسب الأعيان غير مختلفة ، وإنما
كان التجريد بحسب الامور الخارجة ليس من كل جهة [٦٥ آ] فاحتيج إلى أن يجعل لها تجريد أيضا بحسب القوابل الثانية ، كما احتيج
إلى أن يجعل لها تجريد بحسب القوابل الاولى والموضوعات الاولى ، حتى يصير بذلك
التجريد متشابها مشتركا لا خلاف فيه.
(٧٣٣) ثم لو كان قيامه بحسب هذا التجريد
في قوابل ثالثة ما كان يلزم الخلف ، لكن هذا التجريد لها بحسب القوابل الثانية
لأنها إنما تصير معقولة بحسب هذه القوابل الثانية ، [لأنها بحسب الفرض] للخلف هي العاقلة .
فإذن يجب أن تكون
بحسب هذا التجريد [وهذا التشابه في هذه القوابل
__________________
الثانية ليست كما كانت بحسب التجريد الأول] ، والتشابه الأول
تنقل مثلا عن القوابل والموضوعات الاولى إلى الثانية العاقلة.
(٧٣٤) س ط ـ ثم إن حصول المعقول في العقل قد يسلّم علي أنه حصول يلزمه من الجسم لوازم ، [ولم يجب أن
يكون كل حصول هذا الحصول ، فعسى] هاهنا نوع الحصول
لم نشاهده ولم نعرفه ، أو لا يكون حصول أصلا ـ ومع هذا ـ التعقل يكون حاصلا على
نوع لم نمارسه ولم نعرفه ، وهذه المقدمة عندي أنه يصعب تحقيقها بحيث يقع الوثوق بها.
(٧٣٥) ج ط ـ لا يخلو الحصول في القوابل إما أن يكون على وجه
التشابه وزوال الخلاف إلا من حيث المقارنة ـ فقط ـ المختلفة ؛ أو يكون ليس كذلك ،
بل هناك اختلاف في الكمّ والوضع وغير ذلك زائد على مفهوم نفس المقارنة ، لا قسم إلا هذين ، لا حصول في القوابل إلا أحد هذين ، ولا يمكن
أن يحصل في جسم إلا ويلزمه كمّ مخصوص ومقارنات لأحوال يتداخل ـ من الوضع والكيف والأين وغير ذلك ـ ليس نفس مقارنة الجسم من حيث هو مقارنة
الجسم حتى تكون الصورة متشابهة ، والمركب منها ومن الموضوع مختلفة ؛ بل يكون هناك
لنفس الصورة اختلاف مثل ما كان من خارج ، حتى يمكن أن ينقسم انقسامات مختلفة.
(٧٣٦) وهذا هو الذي كان يجعل الصورة غير معقولة ، ولو لم يجعل
لكان في الموضوع [٦٥ ب] الخارج معقولا لأن الشيء ليس كونه عاقلا إلا أن يحصل
__________________
فيه الصورة من حيث
هي معقولة ، فلو كانت مع هذه المخالطة معقولة لكانت المادة
يحصل فيها المعنى وهو معقول فيها ، فكان يكون
عاقلا ، فتكون المواد الخارجة عاقلة.
(٧٣٧) س ط ـ لم يجب [أن يكون الفعل ـ أعني الخلق والايجاد] من
لوازم واجب الوجود بذاته؟ [وهل هذا له أولا ،] أو بواسطة لازم آخر بعد أن
يبيّن ذلك ببرهان لا باستدلال.
(٧٣٨) ج ط ـ لأن وجود الممكن الوجود لو لم يلزم عن شيء لم يلزم البتة ، فلم يكن ؛ وإن لزم عن ممكن الوجود لم يقف . فيجب أن يكون لزومه عن واجب الوجود بلا توسط لازم آخر ـ إلا لوازم الصفات التي هي الجلايا المقدسات ، فإنه إن كان بلازم خارج كان اللازم عنه بعض الممكنات ، وبعض الممكنات قد يلزم
بواسطة.
وأما أن واجب
الوجود بحيث يلزم عنه صفاته أولا ثم الخارجات عنه ، فليس لعلة غير ذاته ، وإلا
لكان لصفة أو لشيء خارج ، وحينئذ كان بعض الممكنات ـ لا الممكنات المطلقة ـ فلا علة لكونه بحيث يلزم عنه الممكنات ولا لميّة لذلك ، بل هو لأنه هو فقط.
__________________
__________________
(٧٣٩) س ط ـ كيف تكون صورة واحدة من اجتماع قوى كثيرة؟ وأيّ نوع هو هذا الاجتماع؟
ج ط ـ الصورة
الواحدة من اجتماع قوى كثيرة على وجهين : أحدهما أن تنحفظ القوى فتتعاون على فعل واحد
مثل تعاون التحليل والجذب في بعض المسهلات على الإسهال ؛ أو على صورة وهيئة في المادة واحدة ، مثل تعاون
الحدبة والاستقامة على التشكل القطاع.
والوجه الثاني أن
تنكسر الأطراف بالوسط فتحدث هيئة ـ كاللزوجة.
(٧٤٠) س ط ـ قيل في بيان أن الواحد يصدر عنه واحد : إنه إن كان الشيء من حيث يصدر عنه «أ» يصدر عنه «ب» فإنه
من حيث يصدر عنه «أ» يصدر عنه «لا ألف» ـ هذا خلف ـ. واقدّر أن هذا الخلف ليس
بواجب ، فإنه ليس هذا بمناقض للأول ، إذ هو معدول.
ج ط ـ [٦٦ آ] لأن «ب»
ليس بـ «أ» فمن حيث يصدر عنه «ب» يصدر عنه ما ليس بـ «أ»
(٧٤١) س ط ـ ما
موضوع صورة الحمارية مثلا؟ فإن الهيولى لها صور الاستقصّات الممتزجة ، ولا يجوز أن تقبل صورتين معا؟
ج ـ الممتزج من
كيفيّات الاستقصّات المحفوظة فيها صورها و إنما
__________________
__________________
يستعد بهذا المزاج الذي هو عرض كمالي ، فمن حيث هو واحد بهذا المزاج فهو موضوع للصورة الحمارية.
(٧٤٢) س ط ـ ما الذي يزيل عن النفوس بعد المفارقة الهيئات الرديّة؟
ج ـ تمام هذا السؤال
أن يقال : إن العقل الفعّال وعلاقته واستعداد النفس موجود في أول ما تفارق النفس إلى وقت زوال الهيئة ، [فلم تتأخر ولم تزل] دفعة؟
فيكون [الجواب ـ وهو
جواب] سؤال حسن ـ : إن تلك الهيئات منها ما يقبل التشدد [والتنقّص
، ومنها ما لا يقبل ذلك ، فما لا يقبل ذلك] إما أن يزول دفعة
، وإما أن لا يزول البتة ؛ وما قبل التشدّد والتنقّص فيكون أوقاته الأول والثانية
غير متساوية في الاستعداد ، لأن الاستعداد بعد ما نقص ليس كالاستعداد ولم ينتقص ، بل يكون الاستعداد ينمو يسيرا يسيرا ، كما أن الهيئة تنقص قليلا قليلا
(٧٤٣) س ط ـ [قيل في بيان أن واهب الصور يجب أن يكون عقلا :
__________________
__________________
«إن الهيولى ليس
لها حيّز حتى يؤثّر فيها جسم» وليس الأمر كذلك ، فإنها وإن كانت في ذاتها غير
متحيّزة فإن وجودها لا يكون إلا متحيّزا لاقترانها دائما بالصور ، وإن جاز أن تكون
نار ما ـ مثلا ـ سببا لوجود صورة نار اخرى جاز أن يكون واهب الصور على الاطلاق
جسما.
ج ط ـ الكلام في
الصور التي لها أولا وتصادف موثرها في الهيولى ، ولم تتصور بعد بالصور المحيزة له]
(٧٤٤) س ط ـ لم يجب أن يكون مخرج العقل من القوة إلى الفعل عقلا ؟ فإن هذه المسألة أرجو أن تكون قد نضجت بعد مجيء
الخراسانيّة [وإتيان هذه ألحق الصواعق على الدنيا] .
لم تنضج بعد ـ وهي
في القدر وتحتها النار والوقود ؛ ولم تكن الخراسانية بأولئك الطاهين
الحاذقين [٦٦ ب] [حتى ينضج لأجلهم ما لم ينضج] ، بل لعلهم أولى بأن يكونوا أسبابا للفجاجة
(٧٤٥) س ط ـ الاستحالات التي تعرض للقوى في الأجسام الطبيعية سببها
الأمكنة والأوضاع ، فلم لا يجوز أن يكون كل وضع من الأجسام الفلكيّة يحدث في القوى استحالة؟ وما البرهان على أن سبب تلك
__________________
__________________
[الاستحالة إرادة
، لا تغيير في الوضع] ؟
(٧٤٦) ج ط ـ هذا الوضع إما أن يكون وضعا متعيّنا بالفعل أو
بالقوة ، والذي بالقوة لا يحدث عنه تأثير بالفعل ، فبقي أن يكون بالفعل ، وذلك الفعل إما بحسب التوهم ، أو بحسب الوجود ؛ ولو كان
بحسب الوجود لوجد بالفعل تعيّنات لا نهاية لها ، لأنه ليس بعضها أولى بأن يخرج إلى الفعل من بعض. فبقي أن يكون بالتوهم
؛ وذلك التوهم إما مؤثّر في صدور تلك الاستحالة ، أو غير مؤثّر ؛ فإن لم يكن مؤثّرا
فسواء كان أو لم يكن ـ بل يكون سبيله سبيل المحاذيات المختلفة التي لا يجب لأجلها أن يصير الشيء منقسما في نفسه حتى يؤثر في جسم
الفلك بعض المقسومات أثر دون بعض بسبب المحاذيات ، بل التوهم أضعف من ذلك إذا لم
يؤثّر. فبقي أن يكون توهّما مؤثّرا في الاستحالة ، وهو توهّم [به تتمّ الاستحالة ،
وبسببه تصدر] ، وهو شريك للمحرك والمخيل به يصير
الكلام مخيّلا ، فهو [إذا توهم مريد تجدد] بالفعل ، ثم يتلوه توهم آخر ينتج عنه فيكون علة المحدود محدودا ، و يكون الحافظ للاتصال هو المباين الذي للتوهم والإرادة تعلق
به ، فهو يوثر وهما بتصوره واحدا بالفعل راشحا .
ثم يلزم عن ذلك
الوهم و الأوهام الجزئية شيئا بعد شيء أن يكون عودات ودورات تتصل ، ويكون مبدئها الأول القوة المبائنة بتوسط
__________________
وهم ثابت ، ولا
مانع أن يكون المحرك القريب بحركة غير متناهية قوة
جسمانية إذا لم يكن من نفسها ، بل من أثر من محرك مباين دائم الثبات فيها كما أنه بتوسط [٦٧ آ] الحركة الغير المتناهية يحفظ
زمانا غير متناه ، [وكونا غير متناه] ، وحركة تتبع تلك الحركة في أجرام تحت ذلك الجرم غير متناهية الزمان.
(٧٤٧) س ط ـ قيل : إن الطبيعة لا يجوز أن تصدر عنها حركات غير متناهية ببراهين وحجج ؛ وكلها صحيحة ؛ ولكن لا
يلزم إذا لم تكن حركة الفلك طبيعية أن تكون إرادية ـ بل أن لا تكون طبيعيّة ـ ثم
يحتاج إلى بيان يحقّق أن ما لا يكون من الحركات طبيعيا فهو إرادي.
ج ط ـ لأنه إما أن
تصدر عنه عن قصد وإرادة ، وإما أن لا تصدر عنها ، فتصدر عن جوهر الذات وصورته أو عن أمر خارج .
(٧٤٨) س ط ـ ثم إن الإرادة الجزئية المتجددة أيضا يجب أن يكون محدثها شيء جزئي وفاعل جزئي ، فإن العقول الفعّالة لا يحدث عنها تغيّرات جزئية ـ سواء
كانت إرادة أو طبعا ـ فإذن ذلك المحال الذي لزم الطبع يلزم الإرادة وإن كانت علة الإرادة الجزئية شيء آخر غير العقول
الفعّالة أو ما ينتهي إليها فلا تأثير للمفارق في الحركات الفلكية.
__________________
__________________
(٧٤٩) ج ط ـ الإرادة الجزئية عن تخيل جزئي عن مشاهدة لحال جزئية ، وربما كانت عن إرادة متقدمة إذا انضمّ إليها التخيّل مع المشاهدة أوجبت إرادة أخرى ، كمن يحج فيبلغ بغداد ، ثم يريد
من بغداد وربما كانت مبتداه لا عن إرادة متقدمة كمن هو ساكن هادي فينبعث له تخيّل عن حسّ أو تذكر
أو فكر فينبعث منه إرادة.
(٧٥٠) س ط ـ حاسّة اللمس إذا حصل فيها مثلها لم لا تدركه وكذلك سائر القوى الجسمانية ؛ ففي هذا الموضع لا يمكن أن يقال إن وجوده لغيره ؟
ج ط ـ لا يحصل
فيها مثلها ولا تنفعل عن مثله .
(٧٥١) البصر كيف ينفعل عن الألوان واللون عند المماسة لا يفعل
فيما يماسّه إلا بعد أن يتغير مزاجه علي ما فسرته ؟
ج ط ـ بنقل الشعاع
، والشعاع من شأنه أن يجعل المقابل القابل بكيفية اللون المقابل.
(٧٥٢) س ط ـ ما رأيت إنسانا ضعفت قوته الخيالية في الشيخوخة
__________________
__________________
ولا قوته الفكرية
فإن من المشايخ [٦٧ ب] من يفكر طول عمره كما كان يفكر في أيام شبابه.
ج ط ـ لا تقل هكذا
، كل شيخ فإن تخيله وتفكره أضعف في نفسه ، وربما كان أقوى
بقهر القوة النطقية.
(٧٥٣) س ط ـ وقط ما تخيلت الشمس فمنعتني عن
تخيل ما هو أضعف منها.
ج ط ـ إذا استوى
فيك تخيل الشمس شمسا ليس تخيل مضيء ضعيف يشبه الشمس ، فإنك تضعف معه عن تخيل ما هو أضعف ؛ وهذا يستبين لك في المنام إذا تخيلت الشمس فيعرض مثل ما
في اليقظة ، لكنك قد تتخيل الشمس في اليقظة تخيلا غير صحيح لأنه ليس كل تخيل مستقصى كالحس .
(٧٥٤) س ط ـ فأي برهان علي أن ما
يتبدل أحواله بتبدل أحوال المزاج فهو موجود في المادة؟
ج ط ـ لا برهان
على هذا لأن هذا غير واجب إذا اخذ على هذا الإطلاق.
(٧٥٥) س ط ـ وما البرهان على أن المحسوسات القوية توقع على موضوع القوة الحاسة
ضررا؟
ج ط ـ لا برهان
على هذا ، فإن الدعوى لا تصح على هذا الإطلاق أو
__________________
__________________
لا يجب ، بل يحتاج
إلى شيء يزاد على ما أظن ، فحينئذ سيكون على مانع تلك الزيادة برهان.
(٧٥٦) س ط ـ ولم إذا كنت في بيت وكانت إليه كوّة مضيئة فتامّلت
الكوّة تأمّلا مستقصى يبقى أثر تلك الكوّة ـ إما
أخضر وإما أسود ـ في حسّي ؟
ج ط ـ لأن الكوّة
تكون مضيئة غير مبهورة ، فإن الظلمة لا تبهر ، والمضيء الغير المبهور يختلف تأثيرا.
(٧٥٧) س ط ـ إن قال قائل : إنه ليس [موضوع الوحدة والكثرة واحدا]
، وشرط المتضادين أن يكون للاثنتين
منهما بالعدد موضوع وليس لوحدة وكثرة بعينها موضوع واحد [بالعدد
ـ بل موضوع واحد] بالنوع ـ وكيف يكون موضوع الكثرة واحدا بالعدد؟
ج ط ـ قد بيّن أن التقابل بين الواحد والكثير ليس تقابل
الأضداد بل تقابل المعدود والعادّ والمكيل والمكيال.
(٧٥٨) س ط ـ إمكان الوجود في الأشياء القائمة بذاتها ليس في
__________________
__________________
موضوع ولا من
موضوع ، والقوة في الأبدال الشفقة والرحمة.
ج ط ـ إمكان
الوجود قد يكون مخالطا [٦٨ آ] للعدم وهو المقارن للمادة ؛ وما هو باعتبار الشيء في نفسه و موضوعه ماهية
الشيء ، [التي لها بذاتها أن يكون] ممكنة ـ لا واجبة
ولا ممتنعة ـ ولها من جهة العلة الوجود ، ولها من جهة أن
لا علة الامتناع .
(٧٥٩) من أيّ وجه يشبه أخذ القسمه
في تصحيح الحدّ الاستقراء
الدائر؟
الاستقراء الدائر
هو أن يؤخذ الجزئي نفسه في تصحيح الكلي على سبيل الاستقراء ـ التصحيح الكلي ـ ثم
تصحيح ذلك الجزئي ، مثل أن يدعى أن التمساح يحرك فكه الأسفل لأن كل حيوان يفعل
كذلك ، ثم يصحح أن كل حيوان يفعل ذلك بأن الفرس والتمساح
والإنسان يفعل ذلك بالاستقراء ، فإنه إن لم يعد التمساح في جزئيات الاستقراء قال القائل : «ليس كل حيوان ، بل الحيوانات سوى التمساح» ؛ فكذلك إذا قسّم فقال : «الحيوان
ناطق وغير ناطق» ثم أخذ «والإنسان حيوان ناطق» كما أن هناك للقائل أن يقول : «لو سلمت لك أن التمساح هكذا ما احتجت إلى أن تستقري» كذلك
يقول : «لو سلمت لك [ما تاخذ أحدا] من الإنسان حيوان
ناطق لم تحتج إلى القسمة».
__________________
__________________
(٧٦٠) س ط ـ ما الفرق بين قوله : «كونه علة لوجود النتيجة» وبين
قوله : «علة للزوم النتيجة»؟
ج ط ـ مثل الحد
الأوسط في «أن الخشبة أصابها نار بتوسط الاحتراق» فإن صحة القول «بأن الخشبة محترق
يلزم عنها» صدق النتيجة ، ولكنّها ليست علة للنتيجة ، فليس احتراقها علة لكونها مصابة النار ، بل الأمر بالعكس.
(٧٦١) س ط [معنى قوله : «فإذا أخذ الحد الأوسط وضمّ إليه كماله وهو إضافته إلى المعلول ووضع المحدود ـ اجتمع فيه ثلاثة
أشياء ـ أعني الحد ، وحد يعطي العلة ، وكماله في إعطاء العلة» لم أفهم معنى
قوله : «كماله في إعطاء العلة» خصوصا؟
ج ط ـ الكمال مثل
انمحاء الضوء ، والعلة مثل ستر الأرض ، والحد التام اجتماعهما في قولك : «الكسوف
انمحاء ضوء القمر لستر الأرض] ».
(٧٦٢) س ط ـ قوله : كون العلة بالفعل هو سبب لكون المعلول بالفعل ، وأما إذا كان بالقوة فليس
كونه بالقوة [سببا لنفس] كون المعلول بالقوة بل ذلك للمعلول من نفسه.
ج ط ـ الشيء من
حيث هو بالقوة لا يتعلّق بفاعله أصلا ، فذلك شيء له في ذاته ، وأما خروجه إلى
الفعل فيتعلّق بفاعله. [٦٨ ب]
__________________
__________________
(٧٦٣) س ط ـ قوله لكن الغاية ربما كانت من حيث هي في الأعيان
موجودة بالقوة كالاضطجاع مع وجود الفراش.
ج ط ـ لأن الفراش
تتخذ لأجل الاضطجاع ، وقد يوجد الفراش بالفعل والاضطجاع يكون بالقوة.
(٧٦٤) س ط ـ إذا كان مدرك ما ومعنى ما وكان ممتنعا على المدرك
المعيّن أن يدركه بعد ما لم يكن مدركا له ، هل يصح أن يدركه على الاطلاق فإنه إذا
كان المدرك في الحالتين واحدا والمعنى الذي لا يدرك بعد ما لم يكن في الحالتين واحدا ، فإني أعلم إنه ليس لبعد ما لم يكن تأثير في الإدراك ، واعلم إن الشيء لا يدرك بعد
ما لم يكن يدرك على الإطلاق.
ج ط ـ إذا لم يكن
الشيء يدرك شيئا والذاتان على حال واحدة والنسبة واحدة فإنه لا يدركه أصلا إلا أن يتغير شيء .
(٧٦٥) س ط ـ الصورة
الحاصلة في الخيال والحسّ
المشترك كسواد وبياض ربما تبقى زمانا فيهما ، فهل يتبع ذلك تغير مزاجهما أم لا؟ وكيف لا يتغيّر مزاجهما ولا يكاد يوجد بياض أو سواد
لشيء ما إلا بعد تغيّر مزاجه؟
ج ط ـ السواد و البياض والألوان التي ليست على سبيل النقل بل على سبيل كيفية من جوهر الشيء
فإنما يتبع مزاجا ما ، وما لم يتغير المزاج بسبب داخلي أو خارجي فإنه لا يتغيّر
، وأما التي هي علي سبيل النقل من خارج
__________________
__________________
بتوسط المشفّ أو
نقل الروح من الحاسة إلى الخيال فليس بينه وبين المزاج في أن يحدث سبب ، بل لعل
الدوام يحدث في المزاج تغيّرا ويكون له أثر كدوام رؤية السواد والبياض أيضا.
(٧٦٦) س ط ـ النفوس
المفارقة لم لا يجوز أن
تكون عللا لوجود النفوس وتلك لا تتشخص بوضع ولا بدن إذ قد ماتت الأبدان عنها؟
ج ط ـ لأنه لا بد من
علل ثابتة غيرها تكون عللا لوجود النفوس الإنسانية وإذا كانت هي كفت في وجود
النفوس عنها عند الاستعداد وما عنه كفاية فليس بعلة.
وأيضا إن كان
الشرط عددا من النفوس فما سواه مستغنى عنه ، فليس بعلة
، لكن [لا فرق بين المستغنى عنه وغير المستغنى [٦٩ آ] وإن كان كل واحد منها علة ، فليس] كل واحد ، بل
الجملة ، وانقسمت علة ما لا ينقسم. وإن كان أيها اتفق علة ، فأيها اتفق ليس بعلة ، فأيها اتفق يجوز أن يكون مستغنى عنه بغيره ، فكل واحد غير علة .
(٧٦٧) س ط ـ قيل إن الأعراض لا يجوز أن يكون علة لوجود [الجواهر
والبرهان قام على الأعراض الجسمانية ، فأما لوازم العقول الفعّالة فلم لا يجوز أن
يكون عللا لوجود] عقل أو جسم؟
ج ط ـ لوازم
العقول الفعالة إن كانت معقولات جواهر كانت عللا للجواهر.
__________________
__________________
(٧٦٨) س ط ـ القوى إذا كانت كمالاتها الثانية متعلقة بالمزاج ، فلا شك أنها
تضعف أو تقوى بحسب التغيرات العارضة في المزاج وسواء كانت القوة منطبعة في المادة
أو كانت مفارقة.
ج ط ـ إذا لم تكن العلة المفارقة أو الانطباع ، بل التعلق بالمزاج أحدهما بوجوب والآخر
بإمكان ، فإن لم تضعف فليس متعلقة بالمزاج من غير عكس.
(٧٦٩) س ط ـ الصور المعقولة إذا سمعت فلا شك
أنها تتخيل أولا ثم تعقل والقوى الجسمانية لا تدرك المحسوس الضعيف إثر القويّ فكيف تدرك القوة الخيالية المعقولات الضعيفة إثر القوية.
ج ط ـ لا جرم قد
يحدث كلالا فيما للتخيل فيه مدخل وليس إذا كان المعقول قويّا وجب أن يكون تخيله
قويا بل قد يكون ضعيفا.
(٧٧٠) الكيفيات التي تغيّر المزاج هي تمانع الكيفية التي يوجبها ذلك المزاج ، ونحن لا نعلم هل الصور المعقولة [تمانع الكيفية
التي] تتبع مزاج موضوع العقل.
كذا هو ، كذلك يحتاج إلى نظر آخر.
(٧٧١) لم لا يجوز أن يكون الشخص سببا لوجود الشخص علي الإطلاق؟
لا شيء من الأشخاص
سببه غير شخص والكلي ليس بسبب.
_________________
(٧٧٢) لم لا يجوز أن يكون واهب الصور جسما؟
لأن الجسم تاثيره
يختصّ بوضع وأين ، ولا وضع ولا أين له بالقياس إلى ما هو مادة لا
صورة لها.
(٧٧٣) [لم لا يحتاج الشيء المجرد] عن المادة وعلائقها في تعقل ذاته إلى ملكة [أو هيئة] أو استعداد ، [وكيف صورة القياس فيه] ؟
لأن الاستعداد
والهيئة والملكة [تطلب] صورة غير الحاصلة ، والصورة الحاصلة لا تطلب ، وصورة الشيء
الحاصلة لا تحصل مرة اخرى [٦٩ ب] فليس عليها استعداد.
(٧٧٤) لم الشيء المتحقّق بذاته وصورته ولوازمه عقل؟
يكون عقلا بشرط
آخر وهو أن لا يكون مقارنا للواحق غريبة وغواش تخصّه ، بل يكون علي الجملة التي [لا
يمكن أن يكون] إلا علي شرائط الكلي القائم
بحده ، ومثل هذا إذا حصل لشيء آخر صار به الشيء الآخر مدركا لمعنى كليّ غير مشخّص بالأعراض ، فإن الإدراك هو استحضار الصورة فقط إذا كانت بحيث هي معقولة.
__________________
__________________
وإنما يتأتي كونها
معقولة إذا جردت عن الأعراض ، وكل معنى مجرد عن المشخصات إذا حصل في شيء كان ذلك الشيء متصورا بمعقول وكان عقلا إما بصورة غريبة ، وإما بصورة لذاته.
(٧٧٥) قوله في موضوع علم ما بعد الطبيعة : «فلينظر هل موضوعه الأسباب القصوى للموجودات كلها ، [أربعتها
لا واحدا] منها ؛ الذي لا يمكن القول به ، [فإن
هذا قد يظنه قوم».
أي جملة] الأربعة من حيث هي أربعة ـ لا واحد منها ـ لكنا لا نقوي
علي سلوك طريق المبادي إلى الثواني إلا في بعض جمل الموجودات منها ـ دون التفصيل ـ لو قوينا علي هذا لعرفنا من الله كل شيء وجد
منه على الترتيب.
(٧٧٦) س ط ـ لم يجب أن يكون تميز عدم الممكن عن
الوجود بعلة؟ لأنه إن
كان الأمر على هذا وجب أن يكون كونه ممكنا في حال الإمكان لعلة ـ وقد ابطل هذا وذكر أن إمكان الشيء لذاته لا لعلة ـ.
ج ط ـ هو في [حالتي
وجوده وعدمه ممكن] ؛ لا العدم يخرجه إلى
__________________
__________________
الامتناع ، ولا
الوجود إلى الوجوب. ولو خرج بالعدم إلى الامتناع أو بالوجود إلى الوجوب لكان هو في
كل حال له ضروري ، ولو خرج بوجوده إلى الوجوب وبطل الإمكان لخرج لعدمه إلى الامتناع وبطل الإمكان ، بل هذا الإمكان موجود له في الحالين جميعا.
(٧٧٧) س ط ـ قوله
: «أعني الاتصال الذي [هو بمعنى فصل لا عرض] »
ج ط ـ هذا مسطور
في مواضع ، فإن الاتصال الذي هو عارض فهو أن تكون النهاية
موجودة بالفعل واحدة لهما ، أو يكونان من الاتصاف بحيث يتحركان معا ، فيقال : «الاتصال» على هذين المعنيين ، ويقال [٧٠ آ] على كونه
بحيث [يتهيأ أن يفرض] له حد مشترك ـ وليس بالفعل ـ.
(٧٧٨) س ط ـ لم يستحيل أن يبقى المتصل بذاته وقد بطل منه الاتصال؟
ج ط ـ لأن الأمر الذي للشيء بذاته لأمر خارج [إذا لم يوجد لم يوجد ذاته] .
__________________
__________________
(٧٧٩) س ط ـ معنى
قوله : «إن الإضاءة والإنارة إنما تحصل من سبب مضيء ، ومن كيفية».
السبب المضيء بلا كيفية : النار ينور الدخان ونفسها عديمة اللون والنور ؛ [والمضيء
بكيفية مثل الشمس] .
(٧٨٠) س ـ قوله : «فنقول : إنما لا نمنع أن يكون الواحد بالمعنى
العام المستحفظ عمومه بواحد بالعدد علة لواحد بالعدد».
ج ـ مثل أن حركات
الفلك مستحفظة بقوة واحدة دورة بعد دورة بعد دورة.
(٧٨١) س ـ ما البرهان على أن نفس الوالد لا يجوز أن يكون سببا لوجود نفس الولد ، ولا ساير النفوس المفارقة سببا لوجود نفس ما؟
(٧٨٢) ج ـ كل موجود لا يحتمل في نفسه الأقل
والأكثر فإنه أما أن يتعلّق بعلة واحدة معيّنة ، وإما بعلل لها عدد معين ؛
والمتعلّق بعلّة واحدة معيّنة إذ كان لها نظائر ومشاكلات [فيختصّ به التعلّق] لهيئة تكون مخصوصة بالمستعد لا عرض لها ، والمزاج الإنساني ذو
عرض ـ أخذته نوعيا أو شخصيّا ـ ويكون بإزاء كل عرض ممكن الوجود من
النفوس
__________________
__________________
الكثيرة التي
تقابل استعدادها. ولا يبعد أن يكون للهيئة الواحدة التي لا عرض لها نفوس كثيرة
بالعدد أيضا تقابل استعدادها ، فيجب أن يكون التعلّق بالمعيّن منها غير صحيح ، إذ لا يكون الواحد أولى من الآخر في أن يتعلّق به ويوجد عنه.
وليست الصورة صورة تقبل الأشد والأنقص ، حتى يكون الأشدّ منسوبا إلى عدة والأضعف إلى أقل منها ، وليس يجوز أن يعين للعليّة والتعلق عدد مخصوص ، لأنه ليس يجب أن تنحصر كثرة الأنفس في عدد
مخصوص ، بل قد تزيد وتنقص الوجودات فيها ، فإن كان الزائد منها
والناقص واحدا في التأثير فكل واحد من العدد جايز أن يوجد المعلول دونه ، فلا شيء من
العدد شرطا في وجود المعلول ، فلا شيء منه علة ؛ وإذا لم يكن للآحاد مدخل في العليّة لم يكن للجملة مدخل ؛ [لأن آحاد] الجملة علل للجملة ، وعلة العلة علة.
(٧٨٣) س ط ـ هل
للتصديق مبدأ كما أن للتصور [٧٠ ب] مبدأ؟
ج ـ بلى ، أما في
المصدقات فالمبادي الأول من المقدمات ، وأما في علل التصديق الموقعة
للتصديق فالعقل الفعّال.
(٧٨٤) س ـ إن جاز أن يكون النوع علّة لمثل نوعه بطل ما يدعى من
أن «المعلول
يجب أن يكون العلة معه».
ج ـ معنى قولنا : «معلول
في نوعيّته» أي يحتاج في وجود نوعيّته في
__________________
__________________
الأعيان إلى علة ،
وذلك تشخّصه ، فيجوز أن يكون حينئذ معلولا للمشاكل في النوع لأنه شخص
يتعلّق بشخص آخر ـ لا النوعيّة بنفسها.
(٧٨٥) أيضا ـ ليس الشخص معلولا لشخص آخر وعلة له ، لأنه ذلك الشخص ، بل لأنه على جملة أحوال وجب اجتماعها أن تصير
علة ، فالعلة هو تلك الجملة ، وكذلك في جانب المعلول
، وهما مختلفان في الحقيقة والشروط فالعلة مخالفة
للمعلول.
(٧٨٦) حرارة ما علة لحدوث حرارة ما لا لوجودها مطلقا كيف كان.
(٧٨٧) ما دام الشيء ممكنا كونه عن علته ولم يجب عنها بعد فليس
بموجود ، فإنه إذا وجب وجد ، فإن كان عن الواحد اثنان فإما أن
يجبا عنه من جهة واحدة حتى يكون من حيث يجب عنه «أ» يجب عنه «ب» أو يجب عنه من جهتين.
فإن كان [من حيث
هو] يلزم عنه «أ» يلزم عنه ما ليس بـ «أ»
كان من حيث يلزم عنه «أ» قد يلزم عنه «لا أ» ـ وهذا خلف ـ
وإن كانا يلزمان من حيثين فإما [أن يكون الحيثان] لازمين لذاته ، أو مقومين. فإن كانا مقومين فالشيء مركب لا بسيط ؛
__________________
__________________
وإن كانا لازمين فالكلام فيهما كالكلام في «أ» و «ب» .
(٧٨٨) س ـ سئل كيف إمكان الوجود في الأشياء القائمة بذاتها التي ليست في موضوع.
ج ـ إمكان الوجود قد يكون مخالطا للعدم ، وهو المقارن للمادة ، وما هو باعتبار
الشيء في نفسه و موضوعه ، ماهية الشيء التي لها بذاتها أن يكون ممكنة ـ لا
واجبة ولا ممتنعة ، ولها من جهة العلة الوجوب ، ولها من جهة أن لا علة الامتناع ـ.
(٧٨٩) س ـ سئل : قيل : «إن الوجود عرض» ، ثم بيّن أن واجب الوجود ليس بعرض ولا جوهر ، فأيّ فرق
بين الوجودين؟
ج ـ الوجود عرض في
الأشياء التي لها ماهيّات يلحقها الوجود ، وأما الذي هو موجود بذاته لا بوجود يلحق
ماهيّته [٧١ آ] لحوق أمر غريب غير مأخوذ في الحد ، فليس له [وجود هو به موجود] ـ فضلا عن أن يكون عارضا له ـ بل
__________________
__________________
هو موجود بذاته ،
واجب أن يكون كذلك ؛ وإذا قيل له : «واجب الوجود» فقط ، فهو لفظ مجاز ومعناه أنه
واجب أن يكون موجودا ، لا أنه يجب الوجود لشيء موضوع فيه للوجود ، يلحقه الوجود علي وجوب أو غير وجوب.
(٧٩٠) س ـ إن كان إمكان الوجود يحتاج أن يكون عارضا للشيء ولا يجوز أن يكون قائما بذاته ـ فإنه لو كان كذلك لكان واجب الوجود ـ فهو إذن
ذو ماهية ؛ وكل ذي ماهيّة معلول ، فيجب أن يكون معنى إمكان الوجود لازما لتلك
الماهية عن علة ، فالعلة ما هي؟
ثم
تلك الماهية أيضا هل هي واجبة
في ذاتها أو ممكنة؟ فإن كانت واجبة فكيف يلزم معنى الممكن شيئا واجبا؟
وإن كانت ممكنة فقد عاد الأمر جذعا ؛ فإنه إما أن يكون تلك الماهيّة نفس الإمكان ـ
وهذا محال ـ أو معنى الإمكان عارضا لشيء آخر ـ والكلام في ذلك الشيء كالكلام في
هذا.
ج ـ قوله : «يحتاج أن يكون عارضا لشيء آخر ولا يجوز أن يكون قائما بذاته ، فإنه لو كان
كذلك لكان واجب الوجود» قول محرف عن وجهه ، فليس
كل ما ليس عارضا لشيء ، بل هو قائم بذاته ، فهو واجب ؛ فإن كثيرا من
الجواهر ـ بل كلّها ـ كذلك.
وقوله : «كل ذي
ماهيّة معلول» يجب أن يزيد «كل ذي ماهيّة موجود».
وقوله : «فيجب أن
يكون إمكان الوجود لتلك الماهيّة عن علّة» إن عنى «أن ماهيّته إمكان الوجود» فليس إمكان الوجود شيئا غيرها [يلزمها. وإن عنى «ماهيّة] المعروض له» فالقول صحيح ، ولكن ربما لزمه لذاته لا لغيره.
__________________
__________________
وإن عنى «أن ماهية
إمكان الوجود يجب أن يكون عن علة» ـ ويحذف الإمكان ـ فهو قول صحيح متّصل ،
والعبارة عن السؤال الأول يجب أن يكون كذا : «إن كان إمكان الوجود عارضا لماهية ما
فعن علّة أو عن ذاتها ، فإن كان عن علّة فما هو؟ وإن كان عن ذاتها [٧١ ب] فكيف
يكون المعدوم في حال عدمه علة لأمر ومقتضيا لأمر ؟
وجواب
هذا سهل ، وهو أنه قد يكون الماهيّة علة للوازمها لأنها ماهيّة ، لا لأنها معدومة أو
موجودة كالإنسانية.
وأما الاخرى فجوابها صعب وتحريرها : إن إمكان الوجود إن كان واجبا لذاته فواجب
الوجود اثنان ، وإن كان غير واجب فله علة وله في نفسه إمكان وجود آخر إلى غير
النهاية ـ وهذا محال ـ والجواب عن هذا كالجواب عن معنى الإضافة .
ثم إن معنى ممكن
الوجود ليس هو «وجود» حتى يحتاج إلى علة ؛ بل هو ماهيّة كالإنسانيّة.
(٧٩١) س ـ إن كان جائزا أن يكون الماهيّة
علة للوازمها لأنها ماهيّة فلم لا يجوز أن يكون واجب الوجود ماهيّة تلك الماهية توجب الوجود لها حتى لا يكون معلولة الوجود؟
ج ـ لا يجوز ـ لأن الوجود ليس لها حال غير أن يكون موجودا ، وعلة
__________________
الموجود موجود ،
وعلة المعدوم معدوم ، وعلة الشيء من حيث هو [شيء وماهية ، شيء وماهية ، فليس إذا كان الشيء قد يكون من حيث هو] ماهية علة لبعض الأشياء يجب أن يكون علة لكل شيء ، وكل ماهية لها لازم هو الوجود ، لا يجوز أن يكون لازمها معلولا لها.
ـ قد بيّن هذا في
الشفاء وفي الإشارات ـ
(٧٩٢) وبالجملة ـ لا يكون سبب الشيء من حيث هو حاصل الوجود إلا
شيء حاصل الوجود ، ولو كانت ماهية سببا للوجود لأنها ماهيّة لكان يجوز أن يكون يلزمها
الوجود مع العدم لأن ما يلزم الماهية من حيث هي ماهية يلزمها [كيف فرضت] ولا يتوقّف إلى حال وجودها ، ومحال أن تكون ماهية علة لوجود شيء ولم يعرض لها وجود ، فتكون علة الموجود لم يحصل لها الوجود.
وإذا لم يحصل
للعلة وجود لم يحصل للمعلول وجود ، بل يكون للعلة ماهية فيتبعها [المعلول ماهية ،]
مثل أن المثلث يتبعها كون الزوايا
مساوية لقائمتين ، لكن لا يوجد كون الزوايا [٧٢ آ] كقائمتين حاصلا موجودا إلا وقد
عرض للمثلث وجود ، فإن لم يعرض للمثلث وجود لم يعرض لكون الزوايا كقائمتين وجود.
وليس يجوز أن يقال
: «إن للموجود ماهية ليس يعتبر معها الوجود» كما يجوز أن يقال : «إن لكون الزوايا
كقائمتين ماهيّة لا يعتبر معها الوجود» فإن تلك الماهية في حال وجود المثلث تكون
موجودة ، وفي حال عدمها تكون معدومة. وما لم يوضع للمثلث وجود لم يكن لتلك الماهية
وجود.
__________________
وليس يمكن أن يقال : «إن ماهية الأول عرض لها وجود حتى لزم عنها الوجود» ولا يجوز
أن يقال : «إنها وان لم توجد يكون للموجود عنها وجود» ولا
يجوز أن يقال : «إنها من حيث هي ماهيّة يلزمها ماهيّة الوجود ، ومن حيث يعرض لها
وجود يلزمها وجود ماهيّة الوجود» فإن ماهية الوجود لا تخلو عن أن تكون موجودة ،
ليس كماهيّة كون الزوايا كقائمتين من حيث لا يجب لها دائما وجود ما دامت ماهية ،
بل هذه الماهيّة توجد بعد وجود المثلث ، وإن عدم المثلث عدمت هذه الماهيّة.
(٧٩٣) فإن
قال قائل : «وأيضا ـ فإن عدم واجب الوجود عدم الوجود» فيكون حينئذ ليست الماهيّة سببا للوجود ، بل كونها
موجودة سبب للوجود ، فيحتاج إذن أن تكون موجودة حتى يلزمها وجود الوجود ، وإلا لم
يلزمها إلا عدم الوجود ، فتكون قبل اللازم الموجود موجودة ، فيكون قد عرض لها
الوجود قبل أن لزم عنها الوجود ـ وهذا محال ـ
(٧٩٤) وهاهنا
سؤال : وهو أنه إن كان
فصل الهيولى هو الإمكان والهيولى جوهر وفصول الجواهر جواهر ، فيجب أن يكون الإمكان
جوهرا ـ وقد ابطل هذا ـ وإن لم يكن الإمكان فصله ، ولا أنه لازم له ؛ فقد كان قبل
الإمكان ممكناـ لأنها لا تنفك عن الإمكان؟
والجواب عن هذا :
إن فصل الهيولى لا يعرف ، لأن الهيولى من حيث هي هيولى مجردة [٧٢ ب] و ليس ممكنا ولا غير ممكن ، بل يلزمه الإمكان ، معناه أنه
إذا عقلت عقل معها الإمكان فلا ينفكّ عنه.
_________________
(٧٩٥) س ـ لم لا يجوز أن يكون الوجود من توابع بعض الماهيات
ولوازمها ، كغير الوجود من اللوازم؟
ج ـ لأن التوابع
معلولات ، والمعلول وجوده وحصوله بعد وجود علته ، فنفس وجود الماهيّة لا يكون
معلول الماهية ، وإلا لكان للماهية وجود سابق على وجود المعلول وحصوله.
(٧٩٦) س ـ قيل : إن الوجود في واجب الوجود بذاته لو كان لأنه «وجود»
لا علة له لكان كل وجود لا علة له ، وهذا أيضا لازم في الواجبيّة ؛فأيّ فرق بين
الواجبيّة والوجود؟
ج ـ الواجبيّة
مطلقا كالوجود ، ويجوز أن تكون واجبيّة بعلّة ، فليس هو هو
لأنه واجب ـ بل لأنه لذاته واجب ـ.
فصل
(٧٩٧) من عظيم الفائدة في اعتناء الإنسان بإصلاح قواه وتدبير
نفسه من حيث تعلقها بالبدن أن هاهنا ضربا من التعريف لإدراك الكمال والحسّ الباطن
ليس على سبيل القياس ، بل على سبيل المشاهدة التي ليس يتيسّر كل لها ، بل إنما يتيسّر
لها صاحب اليقين بغسالة هذا العالم المستحيل وخساسة مبلغ شهواته وأغراض الغضب
والطمع وغير ذلك فيه ، وأن جميع ذلك دون أن يستحقّ اعتكاف الهمة عليه.
__________________
__________________
فإذا زكا نفسه
وطرح عنها هذه الأغشية وراضها وهذّبها أعدّها لقبول الفيض العلوي ؛ فرأى أول شيء
حسن نفسه في حرّيتها واعتلائها وعتاقها عما تعبد غيرها ، وصار إليها من الله نور
تصرفها عن كل شيء ويحقّر عندها كل حسن ، فابتهج واغتبط وعزّ عند نفسه وعلا ، ورحم
دود هذه الملكوت المرددين في لا شيء ، المتشاجرين عليه ؛ بيناهم في ذلك التخبّط ،
إذ صاروا إلى البوار وضلّ عنهم ما كانوا يطلبون ، ورحمهم من حيث [٧٣ آ] هم محفوفون
بكل غمّ وخوف وخسار وهمّ ورغبة وشغل في شغل.
(٧٩٨) وذلك بهجة ونور يأتي من عند الله بتوسط نور العقل ، ليس
يهدي إليه الفكر والقياس إلا من جهة الإثبات ، وأما من جهة خاص ماهيته وكيفيته
فإنما تدل عليه المشاهدة ، ولا ينال تلك المشاهدة إلا من استعد لها بصحة مزاج
النفس ، كما أن من لم يذق الحلو فيتصدق بأنه لذيذ بضرب من القياس أو الشهادة ، ولا
ينال خاصّة الالتذاذ به إلا بالتطعّم إن كان مستعدا له بصحّة مزاج البدن ، فإن
كانت هناك آفة لم يلتذّ بها أيضا ووجدت المشاهدة مخالفة لما وقع به التصديق
السالف.
(٧٩٩) موضوع العلم المعروف بما بعد الطبيعة : «الموجود بما هو موجود» ومطالبه الامور التي تلحقه بما هو موجود من غير شرط. وبعض هذه الامور كالأنواع مثل الجوهر والكمّ
والكيف ـ فإن «الموجود» ينقسم إليها أولا ـ وبعض هذه الامور كالعوارض الخاصيّة مثل الواحد والكثير ، والقوة والفعل ، والكلي والجزئي ، والممكن والواجب. وذلك
أنه ليس يحتاج الموجود
__________________
__________________
في قبول هذه
الأعراض والاستعداد لها إلى أن يتخصّص طبيعيّا أو تعليميّا. والنظر في المبادي هو
بحث عن لواحق هذا الموضوع ، لأن الوجود كونه مبدء غير
مقوّم له ولا ممتنع فيه ، بل هو بالقياس إلى طبيعة الموجود أمر عارض له ومن
اللواحق الخاصّة به ، لأنه ليس شيء أعمّ من الموجود فيلحق غيره لحوقا أوليّا ، ولا
أيضا يحتاج الموجود إلى أن يصير طبيعيّا أو تعليميّا أو شيء آخر حتى يعرض له أن يكون مبدء.
(٨٠٠) [ثم المبدأ ليس
مبدء] للوجود كله ، فلو كان مبدء للوجود كلّه لكان مبدء لنفسه ،
بل الموجود كله لا مبدء له ، إنما المبدأ للموجود المعلول ، فالمبدأ هو مبدء لبعض الموجود ، فلذلك نبحث عن السبب الأول
الذي يفيض عنه كل وجود معلول بما هو موجود معلول ، وهو علم بأول [٧٣ ب] الامور في الوجود ، وهو العلة الاولى ؛ فأول الامور في العموم هو
الوجود والوحدة.
(٨٠١) أولى الأشياء بأن تكون متصورة لأنفسها الأشياء العامة للامور كلها ، كالموجود والشيء و الواحد وغيره .
(٨٠٢) معنى «الموجود» ومعنى «الشيء» متصوران في الأنفس ، وهما
معنيان ، فالموجود والمثبت والمحصل أسماء مترادفة على معنى واحد ، ولا نشك في أن معناها قد حصل في نفس المتأمل لها ، و «الشيء» وما يقوم
__________________
__________________
مقامه قد يدل به
على معنى آخر في اللغات كلها ، فإن لكل أمر حقيقة هو بها ما هو ، فللمثلّث حقيقة أنه مثلّث ، وللبياض حقيقة أنه بياض.
وذلك هو الذي ربما
سميناه «الوجود الخاصّ» ولم يرد به معنى الوجود الإثباتي ، فإن لفظ «الوجود» يدل
به أيضا على معاني كثيرة ، منها الحقيقة التي عليها الشيء ، وكأنه ما عليه يكون الوجود الخاصّ للشيء.
(٨٠٣) فنقول
: إن لكل شيء حقيقة
خاصية هي ماهيته ، ومعلوم أن حقيقة كل شيء الخاصيّة به غير الوجود الذي يرادف الإثبات ، وذلك لأنك إذا قلت : «حقيقة كذا موجودة ،
إما في الاعيان أو في النفس أو مطلقا» يعمّهما جميعا ، كان لهذا معنى محصل مفهوم ؛ ولو قلت : «إن حقيقة كذا حقيقة كذا ، وإن حقيقة كذا ، حقيقة» لكان حشوا من الكلام غير
مفيد.
ولو قلت : «إن
حقيقة كذا شيء» لكان أيضا قولا غير مفيد ما يجهل. وأقل إفادة منه أن تقول : «إن الحقيقة شيء» إلا أن يعنى بالشيء «الموجود» كأنك قلت
: «[إن لحقيقة كذا حقيقة] موجودة».
ف «الشيء» يراد به
ما ذكر ، ولا يفارق لزوم معنى الوجود إياه البتة ، بل معنى الموجود يلزمه دائما ،
لأنه يكون إما موجودا في الأعيان ، أو موجودا في الوهم والعقل. فإن لم يكن كذا لم
يكن شيئا ولم يصح الخبر عنه .
(٨٠٤) نقول : إنه وإن لم يكن الموجود جنسا ولا مقولا بالتساوي
على ما تحته ـ فإنه معنى متّفق فيه على التقديم والتأخير [٧٤ آ] وأول ما يكون للماهية
التي هي الجوهر ، ثم يكون لما بعده وإذ هو معنى واحد على ما ذكرناه
__________________
__________________
فيلحقه عوارض
تخصّه كما بينّا ، ولذلك يكون علم واحد يتكفّل به ، كما أن لجميع ما هو صحيّ علما واحدا.
(٨٠٥) إنهم
حدّوا الممكن والممتنع والواجب بحدود أخذوا البعض منها في حد البعض ، فكان دورا ، وأولى
الثلاثة بأن يتصور أولا هو الواجب ، فإن الواجب يدل على تأكّد الوجود ، والوجود أعرف من العدم ، لأن الوجود يعرف بذاته ، والعدم [بوجه ما
يعرف بالوجود]
(٨٠٦) الواجب
الوجود هو الموجود الذي
متى فرض غير موجود [لزم منه المحال ، والممكن الوجود هو الذي متى فرض غير موجود] وموجود لم يلزم منه المحال ، والواجب الوجود [هو الضروري الوجود] ، والممكن الوجود هو الذي لا ضرورة فيه بوجه ـ لا في وجوده ولا في عدمه ـ.
(٨٠٧) الامور التي تدخل في الوجود تحتمل في العقل الانقسام إلى
قسمين : منها ما إذا اعتبر بذاته لم يجب وجوده ، وهذا في حيّز الإمكان.
ومنها ما إذا
اعتبر بذاته وجب
وجوده ، فالواجب الوجود
بذاته لا علة له ، لأنه إن كان له علة في وجوده كان وجوده بها ، فلم يكن واجب
الوجود بذاته ؛ والممكن الوجود باعتبار ذاته فوجوده وعدمه بعلّة ، وذلك أنه لا
يخلو إما أن يكون كل واحد من الوجود والعدم يحصل له عن غيره أولا عن غيره.
__________________
__________________
فإن كان عن غيره
فالغير هو العلة ، وإن كان لا يحصل عن غيره ، فإما أن تكفي [فيه ماهيته بالانفراد ، أو لا تكفي فيه ماهيته ، فإن كان تكفي] ماهيته لأي
الأمرين كان حتى يكون حاصلا ، فيكون ذلك الأمر واجب الماهيّة لذاته ـ وقد فرض غير
واجب ـ وإن كان لا تكفي فيه ماهيته ـ بل أمر يضاف
إليها فهو علته.
(٨٠٨) نقل معنى المتقدم والمتأخر ـ الذي حقيقته أن كل
ما كان أقرب من مبدء محدود من زمان أو مكان متقدما ، وكل ما كان أبعد متأخرا ـ إلى أن جعلوا نفس المعنى كالمبدإ المحدود ، فجعل الفاضل والسابق
متقدما بما كان له [٧٤ ب] منه ما ليس للآخر ، وأما الآخر فليس له إلا ما لذلك الاولى جعل متقدما ، فإن
السابق في باب ما ، له ما ليس للثاني ، وما للثاني منه فهو للسابق وزيادة.
(٨٠٩) ثم نقل ذلك إلى ما يكون هذا الاعتبار له بالقياس إلى
الوجود ، فجعلوا الشيء الذي يكون له الوجود أولا ، وإن لم يكن للثاني ، والثاني لا
يكون له إلا وقد كان للأول وجودا متقدما على الآخر ـ مثل الواحد والكثير ـ فإنه
ليس من شرط الوجود للواحد أن يكون الكثرة موجودة ، و من شرط الوجود للكثير أن يكون الواحد موجودا ، ليس في هذا أن يفيد الوجود
الكثرة ، بل إنه يحتاج إليه حتى يفاد للكثرة وجود بالتركيب
منه.
(٨١٠) ثم نقل بعد ذلك إلى حصول الوجود من جهة اخرى ، فإنه
__________________
__________________
إن كان شيئان وليس
وجود أحدهما من الآخر ، بل وجوده له من نفسه أو من شيء ثالث ، لكن وجود الثاني من
هذا الأول ، [فله من الأول] وجوب الوجود الذي ليس له من ذاته ، بل له من ذاته الإمكان
على تجويز من أن يكون [ذلك الأول مهما وجد] لزم وجوده أن
يكون علة لوجوب وجود هذا الثاني ، فإن الأول يكون متقدما بالوجود لهذا الثاني.
مثاله تحريك اليد
للمفتاح ـ وإن كان معا في الزمان ـ وإذا وجدت العلة وجب وجود المعلول.
فإذن وجود كل
معلول واجب مع وجود علته ، ووجود علته واجب عنه وجود المعلول ، وهما معا في
الزمان أو الدهر أو غير ذلك ، ولكن ليسا معا بالقياس إلى حصول الوجود. وذلك لأن وجود ذلك لم يحصل من هذا ، فذلك له حصول وجود ليس من حصول وجود هذا ، ولهذا
حصول وجود هو من حصول وجود ذلك ، فذلك أقدم بالقياس إلى حصول الوجود.
(٨١١) كل ما ليس موجودا ولا له قوة على أن يوجد ، فإنه مستحيل
الوجود ؛ والشيء الذي هو ممكن أن يكون فهو ممكن أن لا يكون ؛ وإلا كان واجبا [٧٥ آ]
أن يكون ؛ والممكن أن يكون لا يخلو إما أن يكون شيئا إذا وجد كان قائما بنفسه حتى
يكون إمكان وجوده يمكن أن يكون قائما مجردا ، أو يكون إذا كان موجودا وجد في
غيره.
فإن كان الممكن
بمعنى أنه يمكن أن يكون شيئا في غيره ، فإن كان إمكان وجوده أيضا في ذلك الغير ،
فيجب أن يكون ذلك الغير موجودا مع
__________________
__________________
إمكان وجوده ـ وهو
موضوعه ـ
وإن كان إذا كان
قائما بنفسه لا في غيره ولا من غيره بوجه من الوجوه ولا علاقة له مع مادة من المواد ـ علاقة ما يقوم فيها أو يحتاج في أمرها إليها ـ فيكون إمكان وجوده إن كان سابقا [عليه من غير تعلّق بمادة دون] مادة ، ولا جوهر دون جوهر ، إذ ذلك الشيء لا علاقة له مع شيء ، فيكون إمكان
وجوده جوهرا لأنه شيء موجود
بذاته.
(٨١٢) وبالجملة إن لم يكن إمكان وجوده حاصلا كان غير ممكن الوجود
ممتنعا ، و إذ هو حاصل موجود قائم بذاته ـ كما فرض ـ فهو موجود جوهرا
، وإذ هو جوهر فله ماهيّة ليس بها من المضاف ؛ إذ
كان الجوهر ليس بمضاف الذات ، بل يعرض له المضاف ؛ فيكون [لهذا القائم بذاته وجود]
أكثر من إمكان وجوده الذي هو به مضاف ، وكلامنا في نفس
إمكان وجوده ، وعليه حكمنا أنه ليس في موضوع ، والآن فقد صار أيضا في موضوع ـ هذا خلف ـ.
فإذن
لا يجوز أن يكون لما يبقى
قائما بنفسه لا في موضوع ولا من موضوع بوجه من الوجوه وجود بعد ما لم يكن ، بل يجب
أن يكون له علاقة ما مع الموضوع حتى يكون. وأما إذا كان الشيء الذي
يوجد قائما بنفسه لكنه يوجد من شيء غيره أو مع وجود شيء غيره
فإن إمكان وجوده يكون متعلقا بذلك الشيء ـ لا على أن ذلك الشيء [بالقوة هو ، ولا
أن] فيه قوة أن يوجد هو منطبعا فيه ـ بل على أن يوجد معه أو عند حال له.
__________________
__________________
(٨١٣) الممكن أن يوجد ما قد سبقه إمكان
وجود أو إنه ممكن الوجود ، فلا يخلو إمكان وجوده من أن يكون معنى
معدوما أو معنى موجودا [٧٥ ب] ومحال أن يكون معنى معدوما ، وإلا فلم يسبقه إمكان وجوده ؛ فهو إذن معنى موجود ، وكل معنى موجود فإما قائم في موضوع ، أو
قائم لا في موضوع ، وكل ما هو قائم لا في موضوع فله وجود خاصّ لا يجب أن يكون به
مضافا ، وإمكان الوجود إنما هو ما هو بالإضافة إلى ما هو إمكان
وجود له ، فليس إمكان الوجود جوهرا لا في موضوع وعارض لموضوع.
(٨١٤) الفاعل الذي يفعل وجودا مثل نفسه فإن المشهور أنه أولى وأقوى في
الطبيعة التي تفيدها من غيره ، وليس هذا المشهور ببيّن ولا حقّ من كل وجه ، إلا أن
يكون ما يفيده هو نفس الوجود والحقيقة ، فحينئذ يكون المفيد أولى بما يفيده من المستفيد.
ذا كان المعنى في
المعلول والعلة متساويا في الشدة والتنقّص ؛ فإنه يكون للعلة بما هو علة التقدم الذاتي لا محالة في ذلك المعنى ، والتقدم
الذاتي الذي له في ذلك المعنى معنى من حال ذلك المعنى غير موجود للثاني ، فيكون
ذلك الأول إذا اخذ بحسب وجوده وأحواله التي له [من جهة وجوده أقدم من
الآخر] ، فيزول إذن مطلق المساواة ، لأن المساواة شيء
__________________
__________________
في الحدّ ، وهما
من جهة ما لهما ذلك الحد متساويان ، وليس أحدهما علة ولا معلولا.
فأما من جهة أن
أحدهما علة والآخر معلول ، فواضح أن اعتبار وجود
ذلك الحدّ لأحدهما أولى ، إذ كان له [أولا من الثاني ، ولم يكن للثاني إلا منه] ، فظاهر من هذا أن هذا المعنى إذا كان نفس الوجود لم يمكن أن يتساويا فيه البتة إذا كان يمكن أن يساويه باعتبار الحدّ ، ويفضل عليه باعتبار
استحقاق الوجود.
[والآن فإن
استحقاق الوجود] هو من جنس الحد بعينه إذ قد اخذ هذا المعنى نفس الوجود ،
فبيّن أنه لا يمكن أن يساويه إذا كان المعنى نفس الوجود فمفيد وجود الشيء من حيث
هو وجود أولى بالوجود من الشيء [٧٦ آ].
(٨١٥) الفاعل والمبدأ الذي ليس منفعله مشاركا له في النوع ولا في
المادة ـ وإنما يشاركه بوجه ما في معنى الوجود ـ ليس يمكن أن يعتبر فيه حال المعنى الذي له الوجود ، لأنهما ليسا يشتركان فيه ،
فبقي فيه حال اعتبار الوجود نفسه ، وقد كان في ساير تلك المتساوية والزائدة على المبدأ الفاعل إذا رجع إلى حال اعتبار الوجود ، فإن المبدأ الفاعل غير مساو له ، لأن وجوده بنفسه
ووجود المنفعل من حيث ذلك الانفعال مستفاد منه.
ثم الوجود بما هو
وجود لا يختلف في الشدة والضعف ، ولا يقبل الأقل والأنقص ،
وإنما يختلف في ثلاثة أحكام : وهي التقدم والتأخّر ، والاستغناء والحاجة ، والوجوب والإمكان. فيصير العلة لهذه المعاني
__________________
__________________
الثلاثة أولى
بالوجود من المعلول ؛ والعلة أحق من المعلول ، ولأن الوجود المطلق إذا جعل وجود
شيء صار حقيقة .
فبين أن المبدأ
المعطي للحقيقة المشارك فيها أولى بالحقيقة ، فإذا صحّ أن
هاهنا مبدأ أولا هو المعطي لغيره [الحقيقة ، صح أنه الحق بذاته] ، وصح أن العلم به هو العلم بالحق مطلقا.
(٨١٦) واجب
الوجود لا يصحّ أن يكون
له ماهيّة يلزمها وجوب الوجود ... فإنه يلزم أن يكون ذلك
الوجوب من الوجود يتعلّق بتلك الماهية ولا يجب دونها ، فيكون معنى واجب الوجود [من
حيث هو واجب الوجود ـ يوجد لشيء ليس هو ؛ فيكون واجب الوجود من حيث هو واجب الوجود] ليس بواجب الوجود ، لأن له شيئا به يجب ـ وهذا محال ـ ... وليس هكذا حال
الوجود مطلقا غير مقيد بالوجوب الصرف الذي يلحق الماهية.
(٨١٧) ـ فلا ضير ـ لو قال قائل «إن ذلك الوجود معلول الماهيّة من
هذه الجهة أو لشيء آخر» ـ وذلك لأن الوجود يجوز أن يكون معلولا ، والوجوب المطلق
الذي للذات لا يكون معلولا ـ فبقي أن يكون واجب الوجود بالذات مطلقا متحقّقا من
حيث هو واجب الوجود [بنفسه [٧٦ ب] واجب الوجود] من دون تلك الماهية ... ، [فلا ماهيّة] لواجب الوجود غير
أنه واجب الوجود ـ وهذه هي الإنيّة ـ.
__________________
__________________
(٨١٨) إنما يتعيّن
وجود الشخص بلوازمه وأعراضه
إذا كانت حقيقة نوعية تحتمل الشركة فيها بوجه من الاحتمال ، وأما الحقيقة التي
لذاتها لا تحتمل الشركة فلا تفتقر في التعين إلى اللوازم والأعراض وإن كانت له
لوازم.
(٨١٩) ليس الوجود معلولا من حيث هو وجود ، بل من حيث هو وجود لما
هو ممكن الوجود له ماهيّة اخرى ليس يدخل فيها الوجود.
فصل
(٨٢٠) الصفات التي من باب الوجود للأشياء إما أن يكون بحيث يجوز أن يكون الشيء الموصوف بها سببا لها ـ اعتبر ذلك الشيء
موجودا ، أو اعتبر غير موجود ـ وذلك مثل إمكان الوجود للماهيات الممكنة الوجود ،
فإن إمكان الوجود لها هذه سبيله ؛ ومثل هذا الشيء قد يجوز أن يكون شيئا له حالتا
الوجود والعدم ـ كالحادثات ـ فيكون في كل واحدة من الحالتين متصفا بتلك الصفة.
وقد يجوز أن يكون
شيئا ليس له إلا إحدى الحالتين ، وهي الوجود ـ كالأزليّات التي ليست لها إلا حالة واحدة ، وهي حالة الوجود ـ فتكون في الحالة الواحدة التي لها
متّصفة بهذه الصفة ؛ ولو اتّفق أن كان لها الحالتان جميعا لكانت موصوفة في
الحالتين جميعا بها ، إذ كان معنى هذه الصفة ـ وهي إمكان الوجود ـ أن الشيء في
نفسه وباعتبار ذاته جايز عليه
__________________
__________________
الوجود ونسبته إلى
الوجود هذه النسبة. وإن كان منه ما هو دائم الوجود واجب باعتبار سببه ، ومنه ما
ليس كذلك بل يوجد في الاعتبار تارة لأجل وجود السبب ولا يوجد تارة لاجل عدم السبب.
(٨٢١) وإما أن تكون بحيث لا يجوز أن يكون الشيء الموصوف بها سببا
لها ، بل يكون سببها أمر من خارج ، ثم إن اعتبر موجودا صحّ أن تكون موصوفا بتلك
الصفة ، وإن كان غير موجود فلا يصحّ.
ومثل هذا الشيء
أيضا يصح أن يعتبر لها في نفسها حالة الوجود والعدم معا ، ولكنه [٧٧ آ] إنما يجوز أن يكون متّصفا بتلك الصفة في إحدى الحالتين معا ، ، ذلك مثل الوجود للماهيات الممكنة الوجود ، فإن كل ماهية ممكنة الوجود [فإنها
توصف بالوجود حالة كونها] موجودة ، ولا يجوز أن تكون الماهية سببا لهذه الصفة ـ لما
ذكر في موضعه ـ بل يكون [أبدا سببها أمر من خارج] ، فالحال في هذه الصفة التي هي الوجود مقابلة للحال في الصفة الاخرى المتقدمة
ـ وهي إمكان الوجود.
أما أولا فمن جهة
أن الشيء توصف في حالتي الوجود والعدم بالإمكان ـ سواء كان شيئا [وجوده دائم ، أو
شيئا] وجوده غير دائم ، ولا يوصف بالوجود إلا في إحدى الحالتين.
وأما ثانيا فمن
جهة أن إمكان الوجود يكون للشيء من نفسه ، والوجود له من غيره.
(٨٢٢) وإما أن يكون بحيث لا يجوز أن يكون الموصوف بها سببا لها ،
ولا أيضا أمر من خارج سببا لها ، ولا يصحّ لمثل هذا الشيء أن يكون [له حالتا وجود وعدم] ، بل ليس له إلا
إحدى الحالتين ـ وهي الوجود ـ فهو دائما موصوف
__________________
__________________
بتلك الصفة ، وذلك
وجوب الوجود للأول ، فإنه لا يجوز أن يكون هو نفسه سببا لوجوب وجوده ، ولا أمر من خارج سببا لذلك ـ لما قد ذكر في موضعه ـ ولا يجوز أن يكون له [حالتا
وجود وعدم] ـ بل ليس له إلا إحدى الحالتين ـ فهو دائما موصوف بهذه الصفة ، والحال في هذه الصفة مقابلة للحال في كل واحد من الصفتين المقدمتين من الصفات ، وهما إمكان الوجود. [والوجود.
(٨٢٣) أما مخالفته للصنف الأول وهو إمكان الوجود] من جهة اعتبار الأسباب [فلأن إمكان] الوجود للشيء يكون له سبب هو نفس الشيء الموصوف بإمكان الوجود ، ووجوب الوجود لا يكون له سبب ـ لا نفس الموصوف
[بوجوب الوجود] ، ولا غيره ـ
ومخالفته للصنف
الثاني الذي هو الوجود باعتبار هذه الجهة [٧٧ ب] فلأن الوجود للشيء يكون له سبب هو
غير نفس الشيء الموصوف بالوجود ، ووجوب الوجود لا يكون له سبب ـ لا نفس [الموصوف به ولا أمر خارج من غيره ـ.]
ومخالفته للصنف
الأول أيضا ـ وهو إمكان الوجود ـ من جهة جواز الوجود والعدم ، فلأن إمكان الوجود يوصف به الشيء في حالتي الوجود والعدم ، والموصوف به العام يصحّ فيه هاتان الحالتان ، ووجوب الوجود يوصف به
__________________
__________________
الأول دائما ،
والموصوف به لا يصحّ أن يكون له الحالتان ـ أعني حالتي الوجود والعدم ـ.
ومخالفته للصنف
الثاني الذي هو الوجود باعتبار هذه الجهة ، فلأن الوجود وإن كان يوصف
به الشيء في حالة الوجود فقط ، فإن الموصوف به العام يصح [عليه الوجود
تارة ، والعدم [تارة ، ووجوب الوجود لا يصح] لما يوصف] به الحالتان جميعا ، بل حالة واحدة.
ومخالفته للصنفين
جميعا من جهة اخرى : فلأن كل واحد من إمكان الوجود والوجود ، فالشيء الموصوف بهما يكون لا محالة ماهيّة مفردة موضوعة للاتّصاف بكل واحد من الصفتين ، هي غير كل واحد من الصفتين ، فلذلك يصحّ أن يعتبر لها تارة الاتّصاف بالصفتين ، وتارة الخلوّ
[عنهما بحسب اعتبار] ذات الموصوف ؛ ووجوب الوجود ، فإن الموصوف به لا يجوز أن
يكون ماهيّة مفردة موضوعة للاتّصاف هي غير هذه الصفة ـ لما بيّن في
موضعه ـ فلذلك لا يصحّ أن يعتبر له تارة الاتّصاف به وتارة الخلوّ عنها بحسب اعتبار ذات الموصوف.
فصل
(٨٢٤) للماهية لا محالة نسبة إلى الوجود ، فإما أن يكون نسبتها
إليه أن
__________________
__________________
تكون بحيث لا يجوز
لها الاتّصاف بالوجود ، ولا أن يجوز أن يكون [لها الوجود] فهذه الماهيّة هي التي يقال لها : «إنها ممتنعة الوجود » وإما أن يكون نسبتها إلى الوجود أن يكون بحيث يجوز لها الاتّصاف بالوجود ،
ويجوز أن لا يكون لها الوجود ، فهذه الماهيّة هي التي يقال [٧٨ آ] لها : «إنها ممكنة الوجود».
ثمّ إن هذه النسبة
لذات الماهية بالذات وهي من مقتضى الذات ، وواجبة أن يكون مقتضى الذات سواء كانت
تلك الماهية معتبرة أنها في الوجود ، أو معتبرة أنها معدومة ، فإنها في كل واحدة من الحالتين المعتبرتين مقتضية لهذه النسبة التي تسمى الإمكان ، لا تفارقها ، ولا توجد خالية عنها ، فإنها وإن كانت أيضا موجودة فإنها توصف بأن نسبتها
إلى الوجود نسبة جواز أن يكون لها الوجود ، فتستحيل بهذه الشبهة في الأزليّات ، [إذ
كانت سبيلها سبيل الحادثات] .
بلى بينهما فرق من وجه آخر ، وهو أن الحادثات سبق
وجود إمكانها وجودها ، والأزليّات لم يسبق وجود
إمكانها وجودها.
وفرق آخر ، و هو أن الحادثات ليس إمكانها موجودا في الأعيان دائما ، وذلك لأجل أن تلك
الماهية التي لها الإمكان ليس وجودها في الأعيان دائما [، [وأن الأزليات إمكانها موجود في الأعيان دائما] ، وذلك لأجل أن تلك الماهيّة التي لها الإمكان وجودها في الأعيان دائما ،] فكان للحادثات إمكانا واحدا وهو الذي [هو مقتضى الماهية فقط ـ أعني
إمكانا] غير مأخوذ معها الوجود في الأعيان ـ وللأزليّات إمكانان :
أحدهما
__________________
هذا الإمكان
المذكور ؛ وإمكان آخر : وهو الإمكان الذي هو مقتضي الماهيّة مأخوذا معها الوجود في
الأعيان.
(٨٢٥) فهذا معنى قول القائل : الإمكان من لوازم الماهيّة تقتضيها
الماهيّة كما تقتضي الماهيّة أشياء كثيرة ، فإذا وجدت الماهية التي لا يسبقها
إمكانها ـ أي الأزليّات ـ وجد لها ذلك الإمكان من حيث هو موجود ـ لا [ـ [من حيث هو مقتضى [الماهية ـ أي وجد لها أيضا ذلك
الإمكان] من حيث هو] موجود.] .
(٨٢٦) ثم قال : والشيء من حيث هو موجود غيره من حيث هو
مقتضى الماهية [٧٨ ب] ـ أي إن
الإمكان على الضربين المذكورين.
ثم قال : ـ فأما إن كان إمكانها
يسبقها ـ أي الحادثات ـ فوجوده بماهيتها
ـ أي إمكانها ـ هو
الذي هو مقتضى الماهية فقط ، [وقد حذف من حكم الأزليّات لفظة «أيضا»
ومن حكم الحادثات لفظة «فقط»]
فاعتاص به الكلام
، ثمّ صرح بالحكم فقال : ويكاد
أن يكون لما يسبقه ماهيته إمكانان
ـ أي الأزليّات ، فلأن الأزليّات سبقت ماهيتها إمكانها ، إذ
كان ماهيتها هي المقتضية لإمكانها ـ أي النسبة التي لها إلى الوجود.
(٨٢٧) سؤال
: من يتشكك فيقول :
هل يكون للإمكان
إمكان وجود أم لا؟ فإنه إن لم يكن له إمكان وجود فهو ممتنع أن يوجد ، وإن كان له
__________________
__________________
إمكان تسلسل إلى
غير النهاية.
جوابه
ـ قال الحكيم ـ كالجواب عن معنى الإضافة. وتحقيق ذلك أن لذلك الإمكان أيضا إمكان ،
وللثاني أيضا إمكان إلى غير النهاية ، إذ كان لكل واحد منها نسبة جواز إلى الوجود لا يتفرد بكون هذه النسبة له واحد منها دون الباقيات.
وسبيلها كلها سبيل
الماهيات في أن لها هذه النسبة إلى الوجود.
(٨٢٨) وهذا حكم مطرد أيضا في الإضافة ، إذ كان بين المضافين لا محالة نسبة هي غير كل واحد من المضافين ، وكيف لا ـ والإضافة عرض
، وكل واحد من المضافين جوهر ، وتكون هذه النسبة موجودة ولها إضافة ما اخرى موجودة
إلى كل واحد من المضافين الموجودين ، إذ كان بين كل معنيين مختلفين موجودين إضافة
ما موجودة ، والحكم في هذه الإضافة الثانية هو الحكم في الإضافة الاولى ، ثم إلى
غير النهاية.
ولا يلزم من ذلك
المحال الذي يظن أنه يلزم لحصول أشياء لا نهاية لها في الوجود ؛ فليس بمحال أن يوجد أشياء
لا نهاية لها بالفعل على الإطلاق ، وإن كان ذلك محالا في أشياء مخصوصة ، و على أن في تلك الأشياء [٧٩
آ] المخصوصة وفي البرهان على إحالة ذلك فيها بحث وكلام ـ هل هو فيها محال؟ أو ليس بمحال ـ وسنفرد فيه نظرا ونحكم بالحق فيه بإذن
الله تعالى.
فصل
(٨٢٩) كون الشيء بسبب
أمر متفرع على جواز
وجوده في نفسه
__________________
ـ الذي هو معنى
الإمكان ـ وعلى النسبة التي له إلى الوجود ، فما لم نثبت للشيء هذه النسبة ـ وهو الجواز ـ
لم يعتبر أنه بسبب أو ليس بسبب ، فإنه ما لم يكن الشيء بحيث هذه النسبة له
إلى الوجود ، النسبة المذكورة ـ سواء كانت هذه النسبة موجودة في الأعيان أو موجودة
في النفس ـ لم يصح أن يقال : «إنه يوجد بسبب».
(٨٣٠) وقد يفهم معنى الإمكان ولا يفهم مع ذلك أنه موجود بسبب ، أو بلا سبب ، فإن كونه
موجودا بسبب أمر عارض لكونه جايز الوجود في نفسه ، ولا يمتنع أن يظنّ ظانّ أنه
موجود بلا سبب ، حتى يتبيّن له ذلك بالبرهان أو
بالتنبيه.
(٨٣١) كل
ما يوصف بشيء هو اسم الفاعل عن معنى اشتقّ منه ،
فيقال إنه كذا ، فلا يخلو إما أن يكون معناه إنه لذاته لا بسبب آخر خارج عنه بحيث
يوجد أو يصدر عنه شيء بذاته لا بتوسّط أمر آخر غيره داخل عليه ، ولا لأجل غاية خارجة عن ذاته هي غير ذاته ، فيوصف بذلك الوصف بحصوله على هذه
الحالة المذكورة.
فيكون مثل هذا
الشيء لا يكون له سبب في وصفه بأنه كذا ، لا سبب هو فاعل أو جار مجرى الفاعل ـ إذ كان له لذاته لا لسبب آخر خارج عنه وصف بأنه كذا ـ ولا سبب هو صورة أو جارى مجرى الصورة ـ إذ كان بحيث يوجد أو يصدر عنه شيء بذاته
لا بتوسّط
__________________
__________________
أمر آخر غيره يكون
صورة فيه أو جارى مجرى الصورة ، وهو السبب في وصفه بأنه كذا ـ [ولا سبب هو
هيولى] أو [جارى (ج : د ، م : جار)] مجرى الهيولى ـ إذ كانت لا
صورة هناك داخلة عليه هي السبب في وصفه بأنه كذا ، فلا هيولى أو ما يجري مجرى الهيولى له. [٧٩ ب] فالهيولى أو ما يجري مجراه إنما يكون بالقياس إلى الصورة ، فإذا لم يكن [صورة لم يكن] الموصوف بأنه هيولى لها ، ولا سبب هو غاية قريبة أو بعيدة ، إذ كان لا لأجل غاية خارجة عن ذاته هي غير ذاته يوصف بأنّه كذا ،
فيكون مثل هذا الشيء لذاته وبذاته ولأجل ذاته ما يوصف بذلك الوصف.
(٨٣٢) وأما أن يكون معناه أنه بسبب آخر خارج عنه بحيث يوجد أو يصدر عنه شيء لا بذاته ، بل بتوسط أمر آخر غيره داخل
عليه ، ولأجل غاية خارجة عن ذاته [هي غير ذاته] هو على تلك الصفة ، فيكون لمثل هذا الشيء السبب في وصفه بأنّه كذا فاعل أو جار مجرى الفاعل ، إذ كان لسبب آخر خارجا عنه وصف بأنه كذا وصورة أو جار مجرى الصورة ، إذ كان بحيث يوجد أو يصدر عنه شيء لا بذاته ـ بل بتوسط أمر آخر غيره داخل عليه
هو السبب في وصفه بأنه كذا ، وهيولى أو جار مجرى الهيولى ، إذ كان لا بد للصورة
التي له من موضوع وغاية قريبة أو بعيدة ، إذ كان لأجل غاية خارجة عن ذاته هي غير
ذاته يوصف بأنه كذا ، فيكون مثل هذا الشيء لا لذاته ، بل لفاعل ، ولا
بذاته بل لصورة ، ولا [لأجل ذاته بل] لأجل غاية خارجة
عن ذاته ما يوصف بذلك الوصف.
__________________
(٨٣٣)
والقسم الثاني مقابل للقسم الأول ونقيض له بالحقيقة ، إذ كان كل ما له سبب فاعل في وصفه بأنه كذا
، فلا بدّ له من صورة بها صيّره الفاعل على تلك الصفة وموضوع فيه يوجد الصورة وغاية لها ولأجلها وجدت الصورة في المادة ، فوصف بتلك الصفة.
وكذلك إن كان له
صورة فله موضوع وفاعل وغاية ، وان كان له موضوع فله صورة وفاعل وغاية ، وإن كان له
غاية خارجة فله فاعل وصورة وموضوع ، فلا يخلو هذا القسم من
حصول الأسباب الأربعة له كلها مجتمعة ، كما يخلو القسم الأول من حصولها كلّها مجتمعة.
(٨٣٤) ونقول
: إن لكل واحد من هذين القسمين وجودا في الأعيان [٨٠ آ] فالذي هو على سبيل
القسم الأول ، فالأوّل الحقّ ؛ وذلك أنه لا فاعل له في حصوله بما يوصف به على ما يوصف ، ولا صورة له أو ما يجري مجراها في حصوله بحيث هو على ما
يوصف به ولا هيولى أو ما يجري مجراها في ذلك. ولا غاية له خارجة عن ذاته في ذلك
أيضا ، إذ لو كان له سبب فاعلي [في ذلك الوصف لما كان] واجبا من تلك الجهة ، ولبطل أوليّته الواجبة له ، ولو
كان له سبب صوري في ذلك لكان مركب الذات متكثّرا بها ، ولاحتاج إلى موجب له تلك الصورة ، [فبطل وحدانيّته وبطل] أوليّته أيضا.
وكذلك لو كان له
هيولى أو موضوع ، فإنه كان يحتاج إلى جامع بين صورته وموضوع الصورة ، وكذلك لو كان له غاية خارجة لأجلها كان على ذلك الوصف لكان تلك الغاية سببا له فيه ـ بل سبب سببه ـ فإن الغاية سبب
__________________
لكون الفاعل فاعلا
؛ وإن لم يكن سببا لسببيّته وذلك أيضا يوجب بطلان أوليّته التي وجبت له ، ولا يوجد على هذا السبيل إلا الأوّل الحق وحده
، وجميع ما يوصف به فإنما يوصف به على معنى القسم الأول وشرائطه.
(٨٣٥) وأما
الذي هو على سبيل القسم الثاني فسائر الموجودات غير الحق الأول ، فإن جميعها
يوصف بما يوصف به على معنى القسم الثاني وشرائطه إذا كانت كلّها ممكنة في حدّ
ذاتها ؛ و لوجودها ووجود عامة أحوالها وأوصافها سبب هو السبب الأول ،
فإن الموجود الأول هو السبب لوجود سائر الموجودات ـ منها بواسطة ، ومنها بغير واسطة ـ فيكون
الأول إذا وصف مثلا بأنه قادر معناه أنه لذاته لا لسبب آخر خارج عنه بحيث يصدر عنه ما يشاء إذا شاء ، ولا يصدر عنه ما لا يشاء إذا لم
يشاء ـ لا بتوسط أمر آخر غيره داخل عليه كقدرة مثلا بتوسطها هو
على ما هو عليه ، ولا لأجل غاية خارجة [٨٠ ب] عن ذاته هي غير ذاته هو على ذلك ـ فيكون ذاته قدرة إذ كانت القدرة هو الأمر الذي
به يكون الشيء على الوصف المذكور ، والأول ذاته هو الأمر الذي به على الوصف
المذكور.
(٨٣٦) وإذا وصف بأنه مريد فمعناه أنه لذاته لا لسبب آخر خارج عنه
، بحيث يصدر ما يصدر عنه
متعقّلا له لتعقّله ذاته مبدء له وراضيا به و متعقّلا لرضاه
بنفسه ، وتعقّله لذاته ، لا بتوسّط أمر آخر غيره داخل عليه ـ كإرادة مثلا ـ بتوسّطها
هو على ما ذكر ، ولا لأجل غاية خارجة عن ذاته هي غير ذاته هو على ذلك ، فتكون ذاته
إرادة ، [إذ كانت الإرادة هو
__________________
الأمر الذي] به يكون الشيء على الوصف المذكور ، والأول ذاته هو الأمر الذي هو به على الوصف المذكور.
(٨٣٧) وإذا وصف بأنه عالم فمعناه أنه لذاته لا لسبب آخر خارج عنه بحيث هو متجرد عن المادّة التجرّد التام ، فيحصل له لتجرده عن
المادة التجرد التام ، وهو ذاته الذي يكون بما حصل له المتجرد ـ وهو ذاته ـ عاقلا له ، وبما حصل للمتجرد الذي هو ذاته أيضا معقولا. لا بتوسط أمر آخر غيره داخل عليه ـ كعقل مثلا
يتوسط على ما ذكر ـ ولا لأجل غاية خارجة عن ذاته هو على ذلك ،
فيكون ذاته عقله ، إذ كان العقل هو الأمر الذي به يكون الشيء على الوصف المذكور ، والأول
ذاته هو الأمر الذي هو به على الوصف المذكور. وإنه عقل وإنه عاقل وإنه معقول ، فيه شيء واحد.
(٨٣٨) وتحقيق ذلك من وجه آخر أن العقل بالحقيقة هو صورة المعقول
وحصولها ، وذات الأول هو المعقول له ، فذاته عقله ، وهو العقل والعاقل والمعقول.
(٨٣٩) وإذا وصف بأنه حيّ فمعناه أنه لذاته [لا لسبب أمر آخر] خارج عنه ، بحيث له الصفتان المتقدمتان جميعا ـ أعني الإدراك. والفعل ـ لا
بتوسط أمر آخر غيره داخل عليه [٨١ آ] كحياة مثلا بتوسطه هو على ما ذكر ، ولا لأجل غاية خارجة عن ذاته هو على ذلك ، فيكون ذاته
حياته ؛ إذ كانت الحياة هو الأمر الذي به يكون الشيء على الوصف المذكور من الإدراك
والفعل ، [والأول ذاته] هو الأمر الذي هو به على الوصف
المذكور من الإدراك والفعل.
__________________
(٨٤٠) وكذلك في أنه حق ـ أي بحيث له خصوصيّة وجوده [الذي يثبت له ، وأيضا بحيث وجوده دائم ، وأيضا بحيث يكون الاعتقاد في وجوده] صادقا ـ ولا أحق بالحقيقة . في هذه المعاني منه.
وكذلك في أنه خير
ـ أي بحيث لا نقص فيه بوجه ولا عدم كمال ، وأيضا بحيث عنه وجود كل ما سواه.
وكذلك في أنه جواد
، أي بحيث يعطي كل وجود وكل كمال وجود لا لغرض ولا غاية أو أمر يستفيده بفعله في إعطائه ما يعطيه ، بل لذاته.
(٨٤١) وإذا وصف بأنه واحد فمعناه أنه لذاته لا لسبب آخر خارج عنه
، بحيث لا ينقسم إلى أجزاء كميّة أو
معنويّة ، وأيضا بحيث لا نظير له ولا وجود في رتبة وجوده وأوليته ؛ لا بتوسّط أمر
آخر غيره داخل عليه ـ كوحدة مثلا ـ بتوسطه هو على ما ذكر من وحدانيّته ، وإذ كان
معنى الوحدة فيه سلب الكثرة ، ومعنى الوحدة في غيره ما تصير الجملة به متّحدا ، فيكون واحدا بوحدة دخيلة هي السبب
في تأحّده ، فلهذا لا واحد غيره إلا وفيه كثرة من جهة.
(٨٤٢) وإذا وصف بأنّه موجود فمعناه أنه لذاته لا لسبب أمر آخر خارج عنه بحيث له الحصول في الأعيان خارج عن الذهن ـ لا بتوسط أمر آخر
غيره داخل عليه ، كوجود مثلا بتوسطه هو على ما ذكر ،
بخلاف ما عليه ساير الموجودات ، فإن عامّتها مشتركة في أنها بوجود داخل عليها ،
مباين لماهيتها صارت موجودة ، والأول غير محتاج إلى وجود مستفاد من خارج غريب عن
حقيقته به صار موجودا.
__________________
(٨٤٣) وهذا معنى قولهم : «إن ماهيّته إنيّته» أي ليست إنيّته أمرا غريبا عن حقيقته
داخلا عليه ومستفادا من غيره ، ولا لأجل غاية خارجة عن ذاته هو غير ذاته هو على
ذلك ـ أي موجودا ـ فيكون ذاته وجوده ، إذ كان الوجود هو الأمر الذي به يكون على الوصف المذكور ، والأول ذاته هو الأمر [٨١
ب] الذي هو به على الوصف المذكور ، فليس إذن إنيّته غير ماهيّته.
والموجود إذا كان وصفه بأنه موجود هو على الشرائط المذكورة وكان بذلك متميّزا عن ساير
الموجودات فإنه يخصّ باسم «واجب الوجود» ، كما أن القادر
إذا كان وصفه بأنه قادر على الشرائط المذكورة في قادريّة الأول وكان بذلك متميّزا عن ساير القادرين فإنّه يخصّ باسم «القادر بذاته» ،
وكذلك في المريد يقال : «إنه المريد بذاته» ، وفي الحيّ «إنه الحيّ بذاته»
، وفي العاقل «إنه العاقل بذاته» وفي الحقّ «إنّه الحقّ المحض» ، وفي الخير «إنه
الخير المحض» ، وفي الجواد «إنه الجواد الحق» وفي الواحد «إنه الفرد والأحد الحق ».
(٨٤٤) [العقل البسيط في الأول هو ذاته ، بخلاف [العقل البسيط الذي فينا ؛ وكما
يلزم] العقل البسيط الذي يحصّل لنا المعقولات المفصّلة فكذلك يلزم] العقل البسيط في الأول الذي هو ذاته لوازمه التي هي المعقولات المفصّلة ، وهذه اللوازم هي هيئات في الأول لا على السبيل الانفعالي ـ بل على السبيل الفعلي.
__________________
__________________
وهي إما أن لا
تعتبر غير متناهية ـ إذ ليس فيها الترتيب الطبيعي الذي يكون اعتبار اللانهاية فيه
بالفعل ممتنعا وقام البرهان على امتناعه.
وإما أن تعتبر غير متناهية لا على ذلك الترتيب ، فلا يعرض منه محال ، بل أمثالها موجودة
بالفعل عارضة للأمور المتناهية ، فإن المثلث لا يمتنع أن يكون له لوازم وخواصّ غير
متناهية.
وهذا
العقل [البسيط
في الأول لا يكون
هيئة فيه ، بل هو ذاته ، لأنه الفعّال لهذه المعقولات ، والفعّال] لها ذاته ، وفينا فالنفوس غير فعّالة إلا لحصول تلك الهيئة.
(٨٤٥) العقل
الذي يفعل المعقولات فيه أيضا المعقولات كاللوازم لذاته ، فهو يفعلها في ذاته عن ذاته ،
وفي غيره أيضا.
وقد كان هذا إحدى المسائل العشر التي كانت في جانب الكتمان فبيح بها ، إذ لم تسمع وعنده جلايا مقدسات.
(٨٤٦) معنى
قوله
: «يفعلها» ليس بالفعل العامي الذي بعد
أن لم يفعل ، بل معنى وجود لازم ـ كما تعلم ـ.
هذا جواب من يسئل «أنه
كيف يكون الشيء فاعلا وقابلا لما [٨٢ آ] يفعله ؟». وشرحه أنه إنما يمتنع أن يكون فاعلا ومنفعلا عن ذلك الفعل إذا كان زمانيّا ، فإن مثل
هذا يكون فيه بالقوة فيخرج عن ذاته إلى الفعل ـ وهذا محال ـ فإذا كان على الوجه المذكور و غير زماني فإنه لا يلزم المحال .
__________________
__________________
(٨٤٧) سئل
عن البرهان على أن النفس قبل المزاج فقال : المزاج مزاجان : مزاج البدن والمني ومزاج المخلّق حيوانا. ومزاج البدن و المني يفعله القوة الوالديّة
ـ فهو قبله ـ وأما النفس الخاصّة بالمخلّق فليس قبله ، وأما
مزاج المخلّق حيوانا فإن الفاعل القريب له هو نفسه ، أعني نفس المخلق الذي ذكرناه في البذور والفاعل قبل الفعل ـ.
(٨٤٨) المني موضوعه الأخلاط والأغذية ، والمخلّق حيوانا موضوعه
المني على الوجه الذي علم الاختلاف فيه.
(٨٤٩) تشكك
عليه بما قال في حد النفس من أنه «يصدر عنها أفعال مختلفة» فقيل : إن البسائط أيضا يصدر عنها أفعال
مختلفة صدورا أوليّا؟
فأجاب بأن ذلك في
موضوعات مختلفة ذوات استعدادات مختلفة ، والقوة المحركة والمغذّية تتصرّف في موضوع
واحد.
(٨٥٠) وتشكك
عليه بأن النفس كافية في جميع أفعالها لا تحتاج إلى قوى بها تفعل أفعالها؟.
فأجاب بأنه قد تحقّق أن الصور والمعاني الجسمانية لا تدرك إلا بآلة جسمانيّة ، والمجردة
الكليّة لا تدرك بآلة جسمانية ، والنفس الواحدة ينسب إليها الأمران جميعا ولا تصلح
أن تكون جسمانيّة ماديّة وغير جسمانية.
ومن الدليل على
فساد هذا الرأي أن الإنسان عنده صور متخيّلة
__________________
__________________
ومذكورة محفوظة ،
وقد يتأدّى إليه من الحسّ ما يذهل عنه وهو يدركه ـ ضربا من الإدراك ـ فهذه الصورة
لو كانت منطبعة في النفس لم يجز أن يقال : «إنها مرة حاضرة ، ومرة غير حاضرة» و «مرة
خاطرة بالبال ، ومرة غير خاطرة» فإن الخطور ليس أمرا غير حصول الصورة بالفعل ، فبقي أنها في حال الغفلة تكون غير حاضرة للنفس ، فلا
يخلوا [٨٢ ب] إما أن تكون حاضرة لقوى اخرى نفسانيّة حافظة لها أو منمحية أصلا ،
ولو كانت منمحية لكان لا يقع خطورها بالبال إلا على الوجه الذي حصلت عليه
أولا حين كانت موجودة بالقوة ، فأوردها الحسّ ، فإذ ليست كذلك فهي موجودة بالفعل
عند بعض القوى.
(٨٥١) إن قيل إن العقول الفعّالة في ذواتها ممكنة لا محالة
والممكن أن يكون ممكن أن لا يكون ، فيلزم أن يكون في قوتها أن تعدم .
فالجواب
: إن إمكاناتها هي بالقياس إلى الوجود وبمعنى أنه متى عدمت أسبابها عدمت هي ، وهذا غير ما
نحن فيه ، بل ما نحن فيه هو أن ما يمكن أن يعدم في ذاته مع قيام علته يجب أن يكون عدمه
لفساد يعرض في جوهره أولا ، وقبل الفساد كان له لا محالة فعل غير وجوده ، فيبطل عند الفساد عنه ذلك الفعل ، فلا محالة تكون هناك
قوة أن تفسد وفعل أن تبقى. وأما حقايق المفارقات فكونها بالفعل هو أن تبقى مع
العلة وتعدم مع عدمها لا بفساد يعرض في ذواتها.
وجد
في رقعة :
__________________
__________________
(٨٥٢) القدر هو وجود العلل والأسباب واتّساقها على ترتيبها
ونظامها حتى ينتهي إلى المعلول والمسبب ، وهو موجب القضاء تابع له.
(٨٥٣) لا لميّة لفعل الباري فإن فعله لذاته لا لداع دعاه إلى ذلك.
(٨٥٤) الإرادة هي علم بما عليه
الوجود وكونه غير مناف لذاته.
(٨٥٥) فعل الباري مخالف لأفعالنا ، فإنه لا يكون تابعا لتخيّل ،
ولذلك إرادته مخالفة لإرادتنا فإن فعله كما قال «كن ، فيكون».
(٨٥٦) صور الموجودات مرتسمة في ذات الباري [سبحانه] إذ هي معلومة
له ، وعلمه لها سبب وجودها.
(٨٥٧) سبب
هذه التغيّرات [شيء متغيّر لا
محالة ـ وهو الحركة ـ وهذه التغيرات] تتأدّى إلى ثابت
واحد ، وهذه المختلفات تتأدّى إلى نظام واتفاق واتّحاد.
__________________
__________________
(٨٥٨) نحن إذا رأينا شيئا في المنام فإنما نعقله أولا ، ثم
نتخيّله ؛ وسببه أن العقل الفعّال يفيض على عقولنا ذلك المعقول ثم يفيض عنه إلى تخيّلنا.
[٨٣ آ] وإذا
تعلّمنا شيئا ، فإنما نتخيّله أولا ثم نعقله فيكون بالعكس.
(٨٥٩) القضاء سابق علم الله تعالى
الذي يتشعّب منه المقدرات
(٨٦٠) كل موجود كان وجوده بوسائط أقلّ كان أقوى وجودا ، والأقوى
وجودا هو الجوهر ، لأنه وجد من جهته بوسائط أقلّ ، والأضعف وجودا هو العرض لأنه
بالعكس من هذا.
فصل
من كلامه بخطه :
(٨٦١) سئل : ما البرهان على أن القوى الشوقية الإجماعية جسمانية؟
فأجاب : الإجماعية
الوهميّة هي القوة التي يتأدّى إليها أثر الجزئي فيحركها إلى التحريك بأن تنفعل عن
الجزئي.
وهذا للجسماني ، وتدخل في هذا الشهوانيّة ، فإنها يتأدى إليها طعم أو
رايحة أو خيال منهما فتنفعل إلى الطلب.
وأما إن كانت إجماعية عقليّة فإنما تكون مبدء للحركة
__________________
__________________
والإجماع بعيدا لا
قريبا ، وتحرك من جهته الرأي الكلي ، فذلك شيء آخر.
(٨٦٢) ما البيان الحقيقي لكون الأول مبدء للوجود وللجوهر؟ فإن الأوائل إنما بيّنوا أنه مبدء للحركة فقط؟
الجواب بخطّه.
بل قد تعرّضوا لبيان كونه مبدء للحركة تعرّضا واضحا وبالفعل ، وتعرضوا للآخر تعرّضا
كالتعريض وكالشيء بالقوة.
ثم إنما هو مبدأ [لا
للوجود كلّه ـ بل للوجود الممكن] ـ فإن عنى
بالجوهر ماله ماهيّة وجودها لا في موضوع لزم أن يكون الوجود من لوازمها الغير
المقومة ، ولا يكون من لوازم الماهيّة ، لأن العلّة الموجدة هي التي تقتضي المعلول
الحاصل ، ولا تكون قبل الوجود موجودة [بتدرج] في هذه الإشارة ، فبقي أن تكون من لواحقها الخارجة. وإن كان مركبا من هيولى وصورة وقابلا للقسمة فقد تجافى عنه الوجوب بالذات ، إذ وجوبه بالغير
(٨٦٣) هل
تعقل العقول ذواتها [أولا ثم
ما يلزمها من وجود مباديها؟ أو إنما تعقل أولا مباديها ثم من مباديها ذواتها] ؟ ـ وبالجملة ـ ما الذي يجب أن يقال في إدراك العقل لما فوقه؟
الجواب
من خطه : تعقل أولا ماهياتها موجودة وتتوصّل إلى المبادي من وجودها [٨٣ ب] ثمّ تنعطف
فتعقل ذاتها جزءا من معقول أنها وجدت من
__________________
الأول ؛ والشيء قد
يعقل مرتين : مرة مفردا ومرة باعتبار مقارنه من حيث المقارنة.
(٨٦٤) ما
حقيقة العقل وماهيّته في ذاته التي يلزمها أن يكون عقلا وعاقلا ومعقولا؟ فإنه لا بد من حقيقة بسيطة غير كونها عقلا ، [ثم يتبعها أن يكون
عقلا وعاقلا ومعقولا.
وبيّن ذلك بأن العقل إما أن يعنى به جوهر الذات الذي من شأنه أن يعقل ، فيكون في ذاته عقلا]
، وبالقياس إلى ما يحصل له زيادة على ذاته عاقلا ؛ وإما أن
يعنى به نفس نسبة هذه الذات إلى ما عقل ؛ وإما أن يعنى به قوة هذه الذات
واستعدادها.
الجواب
من خطّه : ٥٤٩ ـ أما كونها
عاقلة لنفسها فأمر داير يكون به الشيء في نفسه عقلا بالفعل ، ومعقولا بالفعل ،
وكونه عقلا أنه مبدء مجرد تتصوّر فيه ماهيات مجردة ، وكونه عقلا
بالفعل هو أن مجردا ما لا يباينه ، فإن كان ذلك المجرد
ذاته كان مفهوم «أنه عقل» مفهوم «أنه عاقل لذاته» ومفهوم «أنه معقول».
(٨٦٥) وبهذا نشعر بذواتنا ونعقلها نوعا من العقل مخلوطا أولا
خلطا عقليّا ؛ ثمّ ننتقل إلى نمط آخر من عقل ماهية لذواتنا
عامة باعتبار ما ، ذلك الاعتبار أيضا صورة عقليّة ، وهو يخصّص النظر ، فماهيّة العقل الجوهري ـ من حيث هو عقل ـ أنه موجود لا في موضوع ، مجرد عن
الوضع والحركة ؛ ولست أعني بـ «الموجود» الموجود بالفعل ، بل الشيء الذي من شأنه
__________________
أن يكون وجوده لا
في موضوع ؛ فقد علم أن الجوهر بهذا يكون جوهرا حيث علم.
فالشيء البسيط المجرد عن الوضع والحركة ، القائم لا في موضوع ، هو
العقل في نفسه من حيث هو عقل ؛ ولعله في نفسه ماهيّة وقوة ما بها جوهريّته وبها عقليّته ، ولو لا أن عقليته لازم عسر [وجوده عقول
كثيرة] ؛ بل العقول ماهيّاتها [٨٤ آ] الذاتيّة لعلّها أن تكون قوى
ما مفارقة لها أفعال بوجه ، وتكون عقولا لأنها مجردة.
(٨٦٦) وأما
العقول باشتراك الاسم فهي أحوال للنفس كالعقل الهيولاني ، والعقل بالملكة ؛ وليست قوى قائمة
بذواتها.
(٨٦٧) مسئلة
: قيل : «إن أول
اثنينيّة في المبدع أن له في ذاته الإمكان ، ومن جانب الحق الأول الوجوب ، ومن
هذين تأتلف هويته موجودة» فإن كان الأمر على هذا فأين حقيقة ذاته التي يلزمها
الإمكان والوجوب ـ سواء كانت تلك الذات عقلا أو حقيقة يلزمها أن تكون عقلا ـ فيلزم
لا محالة التثليث.
الجواب
بخطه : الإمكان من لوازم
الماهيّة تقتضيها الماهيّة [كما تقتضي الماهيّة] أشياء كثيرة ـ مثل ما يقتضي المثلّث كون زواياه مساوية لقائمتين ، وكما تقتضي
الماهيّة أجزائها ـ فإذا وجدت الماهيّة التي لا يسبقها إمكانها وجد لها ذلك
الإمكان ـ من حيث هو موجود ، لا من حيث هو مقتضى الماهيّة ـ والشيء من حيث هو
موجود غيره من حيث هو مقتضى الماهية.
فأما إن كان
إمكانها [يسبقها فوجوده بماهيّتها ؛] وهذا سر ؛ ويكاد
أن يكون لما تسبقه ماهيّته إمكانان :
أعني بقولي : «الوجود»
الوجود في الأعيان ـ ليس الوجود الذي يعمّ
__________________
حالين عينا ومعقولا ، فذلك الوجود لازم دائما للماهيّة أيضا ، وليس كونها شيئا
وماهيّة هي كونها ذلك الوجود ، ويعلم ذلك لاختلاف المفهومين ، وأن إحداهما موضوع
للآخر
(٨٦٨) كيف يكون
الإمكان من لوازم الماهيات؟
وهل يدخل ذلك في الإبداع ، أم لا يدخل فيه ـ فيكون شيء بعد الأول غير منسوب
إلى الإبداع؟
الجواب
عن خطّه : اعتبار أنها ممكنة غير اعتبار أن إمكانها موجود
عينا ؛ كما أن اعتبار أن المثلث مساو زواياه لقائمتين غير اعتبار أن ذلك حاصل مع عدم المثلّث ، بل هذا مقتضى الماهيّة ، وهو غير الوجود بالفعل للماهيّة ؛
كما أن الماهيّة غير الموجود بالفعل ماهيّة في الأعيان مفهوما ولزوما.
(٨٦٩) سئل
عن الفرق بين الوجود وبين الواجبيّة [٨٤ ب] فقال : الوجود لا يقتضي امتناع
مقارنة جواز العدم.
(٨٧٠) وسئل
عن نسبة الوجود إلى الإمكان ؛ فقال : نسبة تمام إلى نقص.
(٨٧١) مسئلة : حكم بأن مبدء الأشياء لما كان باقيا بذاته وحقّا
بذاته صارت الأشياء كلها نازعة ـ إما بالاختيار ، وإما بالإرادة ، وإما بالطباع ـ إلى حبّ
البقاء وطلبه بالشخص أو
بالنوع ـ فلم وجب ذلك؟
__________________
الجواب
عن خطه : سئل عن مثل هذه الأشياء أفلاطون. أما أنا فأرى أن الأول فليس للماهيات صفاته الشريفة من الوجود والوحدة والثبات والبقاء ؛
وكل ما له شعور فهو ينفر بالطبع عن أضدادها ؛ لأن الأول وصفاته معشوقان بالطبع لا
بالعلة والسبب ؛ [فما يدرك منها معشوق الأول لمن يناله بشعوره ـ وهو بعض الأشياء] ـ والصفات لمن ينالها بشعوره ـ وهو أيضا بعض من الأشياء أكثر عددا من الأول ـ وربما كان عدة شاعرين مختلفين [بصفات مختلفة ،] فاختلف عشقها وطلبها فتنازعت ـ كالشهوة والغضب ـ وربما [حال الأضعف مثلا أقوى]
فعلا ـ لما هو بخلافه ـ عن طلبه كهاتين والعقل.
وأما ما لا شعور
له فقد جعلت العناية الأوليّة طبيعته مشتاقة إلى حفظ ما ينال من ذلك [واستعادته إن مات] لفضل الرحمة الواسعة ؛ حتى يكاد ما لا شعور له يشبه ما له شعور ، كما يكاد من ذوات الشعور ما لا عقل له يشبه ما له عقل.
(٨٧٢) وسئل
: لم لا يجوز أن
يكون العرض المهيئ للمادة لقبول الصورة نفسا؟
الجواب
: هذا يجوز ولكن
يكون مهيّئا لقبول غير الصورة المقومة ؛ لأن النفس
النوعيّة إذا اتّحد بالهيولى تمّ النوع.
_________________
(٨٧٣) مسئلة
: وجوب عقل الأول لذاته ، ثم للأشياء من ذاته.
من
خطّه : لأن من صفات ذاته أنه مبدء وقوة ، وذلك يعقل بالقياس إلى غيره لا من حيث هو موجود ،
بل من حيث هو ماهيّة ، ويعرض لها أن يكون جزء [٨٥ آ] صفة ، لأنها جزء عقل.
(٨٧٤) سئل
: لم يلزم إذا لم
تكن حركة الفلك طبيعيّة أن تكون إراديّة؟
فأجاب
: لأنه إما أن تصدر
عن قصد وإرادة وإما أن لا تصدر عنها ، فتصدر عن جوهر الذات وصورته ، أو عن أمر
خارج.
(٨٧٥) شرح
الحال في الفصل الذي
يذكر فيه أن كل ماهيّة من ماهيات الأشياء إنما تستطيع أن
تلبس الوجود وكماله على قدر احتماله في ذاته ، وعلى درجاتها ، وأن ذلك ليس بسبب
المفيد ، فلذلك تقع العاهات والأمراض ؛ بل لما يلزم من ضرورة المادة التي لا تقبل
الصورة على كمالها الأول والثاني.
(٨٧٦) مسئلة
: ذكر في موضع إن
الأثر الذي ينال من الأول هو الملائم لكل شيء ـ طبيعيّا كان أو نفسانيّا أو عقليّا
ـ فكل شيء ينال من فضله وجوده بحسب طاقته ابتداء من الوجود وانتهاء إلى أكمل ما
يكون في إمكانه أن يقبله ، حتى يبلغ القدرة والعلم ، وحتى يبلغ أن
ينال حقيقته فتنتقش في جوهر النائل الهيئة ، ووجد إن في هذا كلاما طويلا يحسن أن
يسمع من المشرقيين.
الجواب
من خطه : الكلام في هذا
طويل ، وليس يدرى أن ذلك الطويل سنح لخاطر هذا القائل
حين يقول هذا القول ، فأما الأشياء العلميّة المناسبة
__________________
لهذا الموضع
فلعلها غير متناهية بالقوة.
(٨٧٧) ذكر في فصل إن اختلافات الأحوال تضطرّ ضرورة في تجددها إلى حركة
مكانية ، وما لا يتحرك
الحركة المكانية لا ينتهي إليه اختلاف حال ـ فما البرهان على ذلك؟
الجواب
من خطه : هذا بيّن في كتاب
الشفاء إنه لا بدّ من أن يكون لما كان بعد ما لم يكن علة لم تكن ، فكانت ؛ إما
ذاتا وإما علّة ؛ فيكون كل حادث محتاجا إلى حادث ؛ فإما أن يكون معا ـ وهذا محال ـ وإما أن يكون على التتالي ـ والتتالي لا يمكن
بلا زمان ، والزمان لا يمكن بلا حركة مكانيّة ـ.
فالحركة المكانية
هي التي بها يمكن أن يقال : إن العلة لم تكن مماسّة فماسّت ، أو قريبة [٨٥ ب] فقربت ، أو على وضع فوضعت عليها
(٨٧٨) سئل
: قيل : إن الوجود
في واجب الوجود بذاته لو كان لأنه وجود لا علّة له لكان كل وجود لا علة له ، وهذا
أيضا لازم في الواجبيّة ؛ فأيّ فرق بين الواجبيّة والوجود؟
الجواب
: الواجبيّة مطلقا
كالوجود ، ويجوز أن تكون واجبيّة بعلّة ، فليس هو هو لأنه واجب ، بل لأن لذاته
واجب
(٨٧٩) بيان أنه لا حركة ولا محرك [غير ما ذكر وتتميم ما ذكره من
أنه إن كانت آخر] فإنها تتحرك لأنها تمام حركة ؛ ولكن لا حركة غير ما قيل.
وأنه لم لا يجوز
أن يكون موجود بريء عن المادة إلا وهو مبدء
__________________
مشتهى لحركة
وكالغاية لها؟ وأنه ليست الحالة التي هي الأفضل إلا هذا .
الجواب
بخطه : قيل : قائل هذا القول حين أغواه البيان فصار إلى
التظنّي ، لكن هذا مما يمكن أن نتكلّف له نصرة قد استغنينا عنه.
(٨٨٠) الموجود
البريء عن المادة إما واجب الوجود فهو واحد هو مبدء للحركة بوجه ما متقدم ؛ وإما غير واجب
الوجود فهو واسطة بينه وبين الأجرام ، فهو أيضا مبدء ما للحركة
(٨٨١) سئل
: ليس بمحال أن
تكون قوة تدرك معنى النفس ولا تدرك تلك القوة ذاتها ، فأظنّ أني أشعر بذاتي.
المعنى المدرك
فينا الذي هو الأصل نسمّيه النفس ، والمدرك للكليّات نسمّيه النفس الناطقة ،
والمدرك منّا للكليات يدرك النفس الناطقة من حيث
هي نفس ناطقة ، فهي تدرك ذاتها
(٨٨٢) كيف يحصل للنفوس السمائية إدراك للأحوال الجسمانيّة
وإدراك للمبادي المفارقة؟ وهل ذلك للنفوس الإنسانيّة أيضا.
ج ـ هذا لا يمكن أن يكتب.
(٨٨٣) حكم
في بعض المواضع «إن النفس إذا
تمّت قوتها في هذا البدن فبالحري أن تستعمل بدله لضرورة ما وحاجة ما بدنا آخر أجلّ
منه وأشرف» فكيف وجه الأمر في هذا؟ وهل يجب في كل نفس ، أو إنما يجب في بعضها دون بعض؟
__________________
الجواب
من خطه : لا أدري كيف قيل
هذا ؛ ولعل هذا في استعمال النفوس المفارقة للبدن السمائي حالة حاجة إن عرضت [٨٦ آ] وهو تخمين وحزر مني ليس إلى منعه وإثباته لي سبيل ـ ولعلهما يكون لغيري ـ.
(٨٨٤) لم
قالوا : «إنه لو كان للنفس صورة أو خالط شيئا ذا صورة منعته صورته
وصورة ما يخالطه عن أن تقبل صورة غيره ، وأن ما له صورة تخصّه فليس يمكنه أن يكون قابلا لجميع الامور التي يتصوّرها العقل ؛ بل تمنع تلك
الصورة عن بعض ما للعقل أن يفعله ؟
وما الفرق بين
صورة قديمة لها ـ إن كانت ـ وبين صورة ما تحصل لها مكتسبة؟ ولم
تمنع الاولى من التصور ولا تمنع الثانية؟
الجواب
من خطه : لعلّهم قالوا هذا
في العقل الهيولاني ، وأنه ليس بجسماني ، وأنه [لو] كانت له صورة جسمانيّة فكان في الموضوع الجسماني حالت الماهيّة الجسمانيّة عن أن تقارنها كل ماهيّة مما تتصوّر به ، إذ لا مادة
جسمانيّة تحصل لكل صورة ، مثل الأضداد والمتباينات وهيآت المقادير المختلفة والأوضاع المتباينة. أو لا أدري وليتعرف ذلك من
مفسّريهم
(٨٨٥) س
ـ ما وجه الاستغفار للموتى والترحّم لهم ؛ وبالجملة استمداد الفيض الإلهيّ بالأدعية؟
ج ـ لعل هذا من المعاني الممحقة للهيئة بتأثير من أوهامنا
__________________
يتعدي إما إلى تلك
النفوس وإما إلى امور خفيّة علينا تكون معاونا.
(٨٨٦) لعل
العقل الذي يدرك
المعقولات ليس يعنى به مجرد الشعور المحمل بالذات ، بل بعد ذلك ـ فلنفكر فيه ـ.
(٨٨٧) [سئل عن البرهان على
أن العقول التي لم تتهذّب
ولم تكمل لا تدرك المعقولات بعد المفارقة ، فقال] لأنها لو لم تحتج إلي العقل بالملكة وحصول المبادي لها إلى البدن
لكان يمكن أن يتوصّل إلى المبادي من غير الاعتبار ، ولا شك أن العقل بالملكة مهيّئ
للعقل بالفعل ، وأن بعض العقل بالفعل أيضا يحتاج إلى زيادة
على الملكة ، فإنه يحتاج بعد العقل بالملكة إلى اعتبارات جزئيّة ، فأما التقدير فلا أعرفه ولعلّه أن يتمكّن من تصور المفارقات.
(٨٨٨) سئل
: ما البرهان على أن النفوس
الكاملة تعقل بعد
المفارقة؟ [٨٦ ب] فقال :
لأن العقل بالفعل
اتّصال للنفس من جهة قوتها العاقلة بالمبدإ المفارق ، الذي لك أن تسمّيه العقل
الفعّال ، فإذا حصل استعداد كامل وكان العقل غير محجوب
بذاته وكان بعض ما يشغل عن جهة الفاعل قد زال ، وجب
الإعطاء والقبول.
(٨٨٩) سئل : لم يجب أن يكون تميّز عدم الممكن عن الوجود
__________________
لعلّة ؟ وأن إمكان الشيء لذاته لا لعلّة؟
[الجواب من خطه : هو] في حالتي وجوده وعدمه ممكن ، لا العدم يخرجه إلى الامتناع
، ولا الوجود إلى الوجوب ، ولو خرج بالعدم إلى الامتناع أو بالوجود إلى
الوجوب لكان هو في كل حال له ضروريّ ، ولو خرج لوجوده
إلى الوجوب وبطل الإمكان لخرج لعدمه إلى الامتناع وبطل الإمكان ؛ بل قوة الإمكان
موجود له في الحالين جميعا.
(٨٩٠) سئل
: ما البرهان على أن ما يعقل
غيره يعقل أنه يعقل ذلك الغير حتّى يلزم منه أنه يعقل ذاته؟
الجواب : ذلك بالقوة القريبة أو الفعل ؛ والأشياء
الواجبة الأحوال ، فإن ما يمكن أن يكون فيها فهو واجب ؛ والأشياء الممكنة الأحوال
يمكن أن يكون فيها الأحوال وما يلزم الأحوال ويقوّم الأحوال ؛
وكونه أنه [عقل بالفعل يدخل في معقوله] ذاته ، فإن ذلك
جزء هذه الجملة المعقولة ـ فهو قبله بالذات.
إن نشعر بذاتنا
بحيث أنه معقول أو عاقل بالفعل فهو فينا بالإمكان وفيما يجب فيه ما يصح بالفعل.
(٨٩١) سئل
: بأي قوة أشعر بأني أبصرت
أو سمعت؟
الجواب
: بالنفس
الحيوانيّة أو الناطقة من طريق القوة الوهميّة ، إذا
__________________
اندفعت الصورة المحسوسة من الحسّ الظاهر إلى المشترك ، إلى المصور ، إلى الوهم ـ تصورا بعد
تصور متكرّر.
(٨٩٢) سئل
: إذا عقلت «النفس» أو «الإنسانيّة»
فهل يحصل في الجزء العاقل منّي غير ذاتي ؟ وإذا عقلت «إنسانيّة
زيد» أو «نفس زيد» فهل المعقول من النفس و الإنسانيّة غير ذاتي مع اللازم المقترن بإنسانية زيد ، أو يحصل في ذاتي
إنسانية اخرى مع عوارض اخرى؟
الجواب
: إذا عقلت النفس
أو الإنسانيّة مطلقا مجردا [٨٧ آ] فقد عقلت جزء ذاتك [وإذا
عقلت إنسانيّة زيد تكون قد أضفت إلى جزء ذاتك] شيئا آخر قرنته
به ، فلحظت جزء ذاتك جزء ذات اخرى ، ولا يتكرر فيك الإنسانية مرتين بالموضوع ـ بل بالاعتبار ـ
(٨٩٣) سئل
: هل نشعر بعد
المفارقة بذواتنا المتخصّصة كما نشعر بها الآن؟ أو نشعر بذواتنا مطلقة لا متخصّصة
كما نعقل الآن ـ مثلا معنى النفس ومعنى الإنسان ـ؟
الجواب
: نشعر بها متخصّصة
بالهيئات التي بها تشخّصت ـ التشخّص اللازم ـ وهل أمكنه أن يشعر بالهيئة مجردة ، أو لا يشعر بها إلا مخلوطة بالمعنى العامّ ـ فهذه
مسئلة اخرى ـ.
(٨٩٤) على
أيّ وجه تتصوّر النفوس
الماديّة المعقولات؟ فإنه قد اوجب لها
__________________
تصور لتلك ، لكن لا من حيث هي معقولة؟
كما تقبل المادّة
العنصرية المعاني التي من شأنها أن تعقل ، ولكن غير مجردة ؛ لأنها تقبلها مخلوطة بالأشياء التي تحتاج أن تجرد عنها حتى تتهيّأ
للعقل ؛ وكذلك التخيّل يقبلها وذلك من حيث هي معان لا من حيث هي معان مجردة.
(٨٩٥) شرح
الحال فيما اشير إليه
من اطلاع حقيقة ذات الأول على العقل من حيث يجب لها الطلوع على كل مستعد قابل
وجوبا من جهته ؛ فيكون إدراكه من حيث ينال عنه فقط من غير وجوب من ذات
العقل ولا لميّة.
ولم جعل الجمهور
مثل هذا الإدراك في التصورات والتصديقات ناقصة غير مكتنهة؟
الجواب
: الحق الأول يطلع على النفوس من حيث يجب لها الإشراق به ، وذلك أن يطلع بالحد الأوسط ابتداء من غير طلب ، ليس بالنتيجة مفردة.
(٨٩٦) هل يجوز أن يقال : إن النفوس البشريّة لم تزل كانت دائمة
الوجود إذ كانت من حيث ذواتها هي مجردة عن المادة ، وإنما احتاجت إلى المادة
والبدن لا لوجود ذواتها ، بل لتكميل ذواتها التي تكون لها بعد ما لم تكن.
الجواب
: قد بينّا في المباحثات الصديقيّة أن التشخّص لطبيعة النوع الواحد كيف يمكن أن يكون ، ومن هناك تبيّن أن النفوس البشريّة لا تتكثر أشخاصها بالفعل ما لم يقع نسبة
إلى عنصر [٨٦ ب] ووضع ، ثم من المحال أن
__________________
يكون شيء دائم
يتوقّف طلبه للكمال أو حركته إليه هذا التوقف كله ، فحينئذ يتنبّه.
(٨٩٧) كيف
يصحّ أن يقال : «إنه يعقل ما يلزم
ذاته ويتلوه» فإن الأشياء التي تتلو ذاته وتلزمه إما أن
يكون اتباعها له على أنها تكون به موجودة ،
فيلزم أن يكون موجودا فعقل ، أو يكون اتباعها على أنها ماهيات مطلقة فيلزم أن يكون
للماهيات المطلقة سبب ـ وقد قيل : «إنها لا يكون لها سبب»؟
[من خطه : قوله : «الاتباع»] يعني به اتباع
الوجود ، واتباع وجودها يكون بعد وجودها ؛ وكونها معقولة هو
لماهيّتها وما يلحق ماهيّتها من اللوازم ـ كيف كانت ـ ومن لوازمها أن وجودها يكون
عن مبدء كذا ؛ وهذا غير نفس وجودها ، بل أمر بالذات قبل وجودها.
فإن لم يكن
بالزمان وهو يعقلها من حيث هي ماهيات بهذه الصفة ، وهذا غير عقله لها موجودة ، بل هو عقل
مركب مثلا عن عقل ماهياتها وعقل ما يلزمها من استعداد بالقياس
إليه ؛ فليس هو سببا لها من حيث هي مهيّأة لأن تعقله ولا هي متبعة له بماهياتها
مطلقة ؛ بل بوجودها وكونها معقولة له كان أمر قبل وجودها وسيلة لماهياتها إلى وجودها ؛ ثم إذا عقلها موجودة فليس هو العقل الذي هو مبدء
لصيرورتها موجودة ، بل كأنه عقل مركب من الأول ومما لحقه من الوجود ويعقل ذلك لا
منها موجودة بل من نفسه ومن كونها معقولة ،
__________________
ومن عقله كون ما
يعقله الضرب من العقل الذي يعقلها به موجودا.
(٨٩٩) الرحى جسم متصل واحد ، فحركتها
واحدة ، والمسافة واحدة والاختلاف بين الطوق وبين ما يلي القطب بالفرض ، إذ لا جزء
فيه بالفعل وإن اتّصل به جسم كان حركة الجسم الثاني
بالعرض.
(٩٠٠) اثبات
الجواهر المفارق
على الطريقة [٨٨ آ] العرشية :
من خطه : الطريقة
الأصلية البرهانية هي ما عرف في كتاب الشفاء من أن الموجود يفتقر إلى مبدء واجب
الوجود ، لأن الوجود منقسم إلى ممكن في نفسه وواجب في نفسه ، ومردّ الممكن إلى الواجب.
(٩٠١) بيان قول أرسطو في الجوهر المفارق : «إنه ينبغي أن يكون من
غير عنصر لأنه ينبغي أن يكون مؤبدا» يعني بقوله : «العنصر» ما
يخالطه ما بالقوة ، ويعني بـ «الموبد» موبد الذات وما للذات ، ، ومن هذا القدر لا يلزم غير هذا القدر.
[تمّ المباحثات
بحمد الله تعالى وحسن توفيقه في
شهر ذي الحجة سنة
تسعة وثلثين ستمائة]
__________________
الملحق
جاء التوضيح
المتعلق بهذا القسم
في المقدمة ص ٢٤ ـ
إلى ٢٨ ـ
(١٠٠١) قيل : إن المزاج إذا استحال فإنه يتبدّل في نوعيّته فضلا
عن الشخصيّة ؛ والشخص المتنفّس واحد بالعدد ثابت.
ما البرهان على
إثبات هذا الشخص الثابت ؟ فإن الإنسان كل ساعة تكون حاله متغيّرة في الخلق والأكل
والهضم والرياضة. وإذا كانت المنبعثات مختلفة متغيّرة ؛ فلا شك أن المبدأ متغيّر ،
ولا ينفع قول القائل : «إن هذا المزاج إذا تغيّر فإنه قد يعود إلى الحالة الأصلية.»
وكلا المزاجين غريب قسري ؛ فما الذي يعيد الثاني إلى الأول؟ فإن الأرضية إذا حميت
وسخنت فإنها تبرد إذا فقد سبب السخونة ، ولكنها لا تبرد بحيث تعود إلى الحالة
الأصلية لاقتران النار بها ؛ فهي تحفظ فيها حرارة مقلوبة.
(١٠٠٢) ما السبب في أن ما هو أضعف وجودا لا يجوز أن يكون علة لما
هو آكد وجودا؟ ولعمري إن الجوهر مقدم في الوجود على العرض ، لكنه ليس بمحال أن يوجد عرض بجوهر ، ثم يصير ذلك العرض علة فاعلية لجوهر آخر. وإنما بان في ما بعد الطبيعة أن الجوهر لا يجوز أن يكون قوامه بالعرض ،
ولم يبن أنه لا يجوز أن يكون العرض علة فاعلية للجوهر.
__________________
__________________
اجيب عن هذا وبيّن
أن ما يقوم بغيره فبه يتم فعله.
(١٠٠٣) الجسم الطبيعي هو ما تكون له وحدة طبيعية لا بالفرض ، إذ الوحدة قد تكون بالفرض كوحدة الباب و وحدة دار مع كثرة أجزائها ؛ والحيوانات والنباتات ليست وحدتها بالفرض ؛ فإذن هي بالطبع ، ووحدتها بنحو اجتماعات أجزائها ؛ فإن كان ذلك الاجتماع عن جسم فهو قسريّ ، وقد ذكر أنها
طبيعي ، فإذن ما يصدر عن قوة فيها ، ولا يصحّ أن يكون عن قوة مفارقة ، إذ المفارق
لا يحرك إلا على سبيل التشويق.
لهذا الاجتماع
وجود بالطبع.
(١٠٠٤) قيل
في كتاب ما بعد الطبيعة ـ حيث يتكلم في أن المعدوم لا يعاد ـ ما هذا لفظه : «ما الفرق بين ما وجد بدل
شيء ، وبين ما هو مثله؟» والخصم يقول إن الفرق بينهما أن ما وجد بدل شيء لا يوصف
بأنه كان موجودا ثم عدم في الأعيان ثم وجد ثانيا ؛ وما اعيد يكون له وجود سابق مرة
أخرى ؛ فلا يلزم من ذلك أن يكون المعدوم قد يوصف بصفة ، فيكون المعدوم موجودا.
والجواب
: إذا وجد الشيء
وقتا ثم لم يعدم واستمر موجودا في وقت آخر وشوهد ذلك أو علم
وعقل أن الموجود واحد ، بل لم يكن غير ذاك ، فإن هذا حد
الواحد الزماني. وأما إذا عدم فليكن الوجود السابق ا ، وليكن المعاد الذي حدث ب ،
وليكن المحدث الجديد ح ؛ وليكن ب في الحدوث وفي الموضوع والزمان وغير ذلك لا يخالف ج إلا
بالعدد مثلا في الموضوعين المتشابهين ، فلا يتميز ب عن ج في استحقاق أن تكون ا منسوبا إليه دون ج ؛ فإن نسبة ا هو إلى أمرين متشابهين من كل وجه إلا
__________________
__________________
في نسبته الذي ينظر : هل يمكن أن تختلف فيهما ، أو لا يمكن. لكنهما إذا لم يختلفا فليس أن يجعل ا لأحدهما أولى من أن يجعل للآخر.
فإن قيل : «إنما
هو أولى لب دون ج لأنه هو كان لب دون ج» فهو نفس هذه النسبة ، وأخذ المطلوب في بيان نفسه ؛ بل يقول الخصم إنما كان لج.
بلى! إذا صح مذهب
من يقول : «إن الشيء يوجد فيفقد من حيث هو موجود ، ويبقى من حيث ذاته بعينه ذاتا
لم يفسد من حيث هو ذات ثم أعيد إليه الوجود» أمكن أن نقول بالإعادة إلى أن يبطل من
وجوه أخرى سواء سلم له أنه لا شيء من حيث هو ذاته
بعينها ، أو لم يسلم له ذلك. وإذا لم يسلم فهو فاسد في الحال ؛ وإذا سلّم احتاج
إلى ضرب من النظر. وإذا لم يسلم ، ولم يجعل للمعدوم في حال العدم ذات ثابتة ، ولم يفرق بين الثبات والوجود وبين الحصول والوجود ؛ لم يكن أحد الحادثين
مستحقا لأن يكون قد كان له ا ـ وهو الوجود السابق ـ دون الحادث الآخر ، بل إما أن
يكون كل واحد منهما معادا [أو يكون ولا واحد منهما معادا] .
وإذا كان
المحمولان الاثنان . يوجب أن يكون الموضوع لهما مع كل واحد منهما غير نفسه مع
الآخر ؛ فإن استمر موجودا واحدا وذاتا ثابتة واحدة كان
باعتبار الموضوع الواحد القائم ، موجودا وذاتا شيئا واحدا ؛ وبحسب اعتبار
المحمولين شيئين اثنين. فإذا فقد استمراره في نفسه ذاتا واحدة بقى له الاثنينية
الصرفة لا غير.
والحال في الوجود
المتكرر كالحال في الذات المعادة. ولم لا يكون الوجود نفسه معادا ويتكرر الوقت أيضا معادا ، فيكون الحدوث معادا. فيكون [ليس هناك وجودان] ولا وقتان ولا حدوثان اثنان بل واحد بعينه معاد؟
__________________
ثم كيف يكون العود
والاثنينية ؟ وكيف تكون اثنينية؟ ويجوز أن يكون المعاد هو بعينه الأول .
ثم قول من يريد أن
يهرب من هذا منهم ويقول : «الوجود صفة ، والصفة لا توصف ولا
تعقل ، وليست بشيء ، ولا موجودة ؛ [وإن الوقت أو بعض الأشياء لا يحتمل] الإعادة ، وبعضها يحتمل حتى لا يلزم أن فرض الإعادة للمعدوم قد يجعل المعاد
غير معاد ، ويجوز أن يكون ما هو معاد ليس له حالتان أصلا وذلك خلف» ـ قول ملفق
يفحصه البحث المحصّل.
(١٠٠٥) [والمشاهدة توجب
أن يكون اشتمال النفس على الحواس الظاهرة هو بواسطة الحس المشترك ، وكذلك على
القوة العقلية] .
(١٠٠٦) أو يكون المدرك منا لحصول الماهية ثابتا بحال أخرى من
التجريد أو نزع بعض ما يقارنها من العوارض أو زيادة يضاف إليها فيظن أن المدرك
ذاتيّ . فإنّا لا نتحقق أن المدرك منا هو ماهيتها على حقيقتها ، والماهية على حالة من التجريد.
هذه الحالة الأخرى تكون لماهية النفس الناطقة التي لنا بالعدد أو لآخر بالعدد ، فإن كان لآخر بالعدد ، فالمدرك
آخر بالعدد ، فنكون لسنا ندرك أنفسنا وأن نفسي من شأنها أن
تدرك المعقولات بل شيئا آخر ، وإن كان هو هو فبيّن أنه هو لا يكون مجردا ومخالطا ومنقوصا.
(١٠٠٧) لا يصح أن يوجد للمس المحسوس نحو من الوجود ، ثم يوجد له على نحو آخر هو محسوسيته .
__________________
__________________
(١٠٠٨) والمركب والموضوع والصورتان معا ويقارنان أشياء واحدة بأعيانها ، فليس أحدها ينسب المفارقة
والمقارنة إلى شيء إلا والآخر كذلك.
(١٠٠٩) تبين كيفية اجتماعات العناصر في المعدنيات والحيوانات
والنباتات بالبرهان ، وليس على سبيل الكشف والحصر وما يجري هذا المجرى ، ثم
البرهان على أن مثل هذا الاجتماع لا يبقى إلا بحافظ من خارج.
(١٠١٠) لو كان سبب الأخلاط في بدن الإنسان وسائر الحيوانات مزاج
الرحم ، لكان لا يتحرك بعد الولادة إلى كمالاتها ، والجسم بما هو جسم لا يتحرك ،
فإذن يتحرك بقوة فيه. ولو كان سبب هذه الحركة جسم من الأجسام السماوية لكان تختلف
أفعاله بحسب اختلاف أوضاعه ، ثم لا محالة يفعل إما على سبيل الملازم المصاحب ، أو
على سبيل إرسال قوة إلهية. والقسم الأول محال. فقد ثبت وجود قوة بسببها تتحرك
الأجسام الحيوانية والنباتية إلى كمالاتها ؛ على أنه من المحال أن يفيد جسم صورة.
واعلم أن وجود هذه
القوة ليس في العناصر بل في المركب منها ، فلا يكون وجودها في موضوع.
(١٠١١) إن كانت صور العناصر تفعل بلا توسط ما يحدث فيها من المزاج
، لفعلت بلا مزاج ، ولفعلت صورة النار ما يفعله صورة الماء ، وإن كانت تفعل
بالمزاج فتفعل بكسر إفراطات الكيفيات فعلا هو كسر إفراطات أفعالها وليس شيء من كسر
إفراطات أفعال الكيفيات صورة عظم ولا لحم ولا عصب ، وإن كان اختلاف ذلك بسبب
اختلاف الآلات ، والآلات أيضا معلولة للمزاج ، نقل الكلام إلى الآلات. فالقوة
المحركة هذه حالها. ولو كان تحريك الروح بسبب قوة مزاجية
__________________
__________________
فيه تحرك الجسم ـ كلما
تحرك ـ إلى جهة واحدة فإن المزاج الواحد مقتضاه واحد.
(١٠١٢) ما البرهان على أن في كل حيوان ونبات ثابتا
، وأن ذلك الثابت
جسم ، وأن في أجزاء الجسم ما هو أولى بالثبات في الآخر ؟
قوله : «كل حيوان»
معناه كل حيوان بالفعل ، والحيوان بالفعل يبقى حيوانا بالفعل إما آنا وإما زمانا ،
فإن بقي آنا لا تتصل به حياة ما [يتلوه ، فيكون] لم يعرف ولم يصب بالحس وكان موضع نظر إنه : هل يجوز وجوده في العقل أم لا؟
وليس كلامنا في مثله بل كلامنا في الأشخاص التي تنمي وتزداد وتضمحل. وغرض المسألة
متجه إلى هذا.
فإن بقي زمانا فقد
جاء الثبات ؛ وإن بقي آنا ولم يزل يتصل كونه حياة ونباتية شخصه في مدة ، كالشيء الواحد من غير تحلل أزمنة يكون فيها بطلان وفساد ، كانت الآنات متشافعة تتصل بها المدة ، وهذا محال.
وإن كانت الآنات
متخلّلة بمدد وأزمنة وجب أن يكون [المشاهد هو ضد الحيوانية
والنباتية أو مقابلهما] لأن الغالب عند الإدراك الحسي هو
الزماني دون الآني.
فإذن
لا بد من [ثابت
، ولأن الثبات
غذائي وحسي] وتخيلي فليس يخلو إما أن يكون الثابت هذا الثبات قوة
مفارقة ، أو قوة جسمانية. فإن كانت قوة مفارقة لم يخل وجود هذه القوى الجسمانية
عنها إما أن يكون وجودا آنيا أو زمانيا. فإن كان آنيا فقد عادت المسألة ، وإن كان
زمانيا فقد حصل ثبات لقوة جسمانية. والقوة الجسمانية لا تثبت إلا بثبات جسمها ، فإذن لا بد من جسم
ثابت.
__________________
__________________
(١٠١٣) البرهان على أن القوى ما لم يصدر عنها فعل ، فلا يجوز أن يكون لها وجود ـ إن عني بالقوى القوى كيف
اتفقت ، فلا يجوز أن يكون لها وجود قوة ، وأما أنه لا يجوز أن يكون لها وجود أصلا
فلعله غير واجب أو فيه نظر ؛ فلعل نفوسا عقولها هيولانية صرفة لا تبطل ولا فعل لها
فليتأمل الحال في هذا. وأما القوى الجسمانية الحساسة
والمتخيلة والمحركة فإن ذواتها منطبعة في المواد ولا يصل إليها ما يصل إلا منقسما
غير مجرد ، وقد تبين في البذور وغيرها أنه لا يجوز أن
تكون قوة أو صورة أو عرض يخالط ويفارق.
(١٠١٤) لو كان المعنى معقولا لأنه معنى في نفسه لا بشرط تجريد
وغير تجريد ، لكان معقول في المحسوس ولكانت المادة العنصرية عاقلة لوجود المعنى
فيها من حيث هو معنى. فالمعنى معقول من حيث هو مجرد عن الأعراض اللاحقة بحسب الموضوع
في الأعيان.
(١٠١٥) لو كان المعنى إنما يكون معقولا إذا جرّد عن الموضوعات
والمقارنات كلها [لما كان إذن البتة] القوة العاقلة
معقولا ، لأنه حينئذ مقرون بغير ذاته وحقيقته ، وليس بمجرد كل التجريد التام. فالمعنى إنما
هو معقول بالفعل إذا جرّد بحسب اللواحق الخارجة دون مقارنة القوى العاقلة ، فهو
باعتبار التجريد الخارج مهيّأ التهيئة القريبة لأن يعقل ، وباعتبار المقارنة معقول
بالفعل.
(١٠١٦) كون المعنى معقولا بالفعل جزء من كونه معقولا بالفعل لي ، كما يكون المعنى البسيط جزءا من المعنى المركب وهو جزء بالفعل.
(١٠١٧) الاختلاف في المعقول بالفعل يجب أن يكون من حيث هو مركب ،
وأما من حيث البساطة فلا يجوز أن يكون اختلاف ، لأن المعقول بالفعل
__________________
__________________
من حيث هو معقول
بالفعل غير مختلف ، وإنما اختلافه من حيث هو لي ولك .
(١٠١٨) المعقول بالفعل من حيث هو معقول بالفعل معقول أيضا مجردا
عن الاختلاف ، وموجود بالفعل في المعقول [لي ولك] من غير اختلاف.
(١٠١٩) هذا إن تصور في جسم لزمه ضرورة هيئة من قدر ووضع يختلف بها
جسم وجسم من أجسام العاقلين ؛ فإما أن يكون لا حقا من حيث هو المشترك وهذا لا يمكن ـ وإما أن يكون لا حقا من حيث هو لي ، فإذن
هذا المختلف هو المعقول المركب ، وليس كلامنا فيه.
(١٠٢٠) الشيء لا يكون شرطا لنفسه ولا لمثله إلا من حيث مثله تركّب
منه. .
(١٠٢١) إن تقرّر المعنى العقلي البسيط [في جسم واحتمل التجزئة
بأصناف الفصل والعرض] وغير ذلك ، فالجزء المفروض إما أن يكون شرطا لذلك المعنى
أو لا يكون. فإن لم يكن فليس بجزء. وإن كان فهو شرط لنفسه أو لمثله من غير تركيب . وهذا خلف.
(١٠٢٢) تحرير البرهانين المشرقيين في أن القوة العقلية لا يجوز أن
تكون جسمانية.
(١٠٢٣) الغرض في إيرادنا هذه المقدمة في بعض
مقاييسنا ليس أن نثبت أنا نعقل ذاتنا دائما ؛ بل أن نبيّن أنه ليس السبيل إلى
شعورنا بذاتنا وعقلنا لها فعل تفعله ذاتنا. فحينئذ نتوصل إلى شعورنا بذاتنا . بل ذلك فعل نتوصل به إلى أنه يعقل أنه فعل.
(١٠٢٤) المحرك إما أن يحرك بقوة يرسلها إلى المتحرك تكون هي
المحركة
__________________
__________________
القريبة كما نظن
أن النار تحرك ما يتصعد بأن يسخن ، وإما بالملازمة كما يعتقد في المدفوع المصاحب ،
وإما لا على أحد الوجهين.
المحرك الذي يحرك
بإرسال قوة فهو محرك غير قريب.
(١٠٢٥) المحرك يختلف فعله إما لأنه كثير غير واحد فيقوى الواحد
منه على تحريك قدر وصنف واحد دون قدر ، أو تحريك جنس ونوع وطبع غير جنس ونوع وطبع
؛ والآخر على جهة غيره ؛ وإما لأن المنفعل المنفعل المتحرك مختلف ، فيختلف انفعاله
عن الواحد ، وإما لأن الغرض مختلف ، والحاجة في وقتين من جنس
واحد مختلف لمحرك واحد.
(١٠٢٦) [المتصل يختلف إما
بسبب وجوده أو عدمه بأن يكون] تارة أكثر وتارة أقل أو معدوما ، أو بحسب كيفية ، بأن يكون
مثلا تارة ألزم لوضعه ، وتارة أبرأ منه أو يكون مثلا
تارة أنفد في المسلك وتارة أعصى.
(١٠٢٧) الموضوع للتحريك إما أن يكون تأثير المحرك منه مقدرا بحسب الحاجة فيحرك منه مقدارا دون مقدار كما يعتقد من أن الطبيعة تفرغ في
البحران من الدم مقدارا دون مقدار بحسب الحاجة مع إمكان دفع الباقي ، وإما أن يكون التأثير غير مقدر بل بحسب انفعال المتحرك وبقدر ما يمكن أن يتحرك.
(١٠٢٨) الأشياء المختلفة في المزاج والكيفية قد تبعد فيه حتى يكون المزاج
يشتد فيحدث في الشيء ميل بسببه إلى جهة ما ليس يحدث لما لم يشتد ، مثل أن الرصاص يسخن فلا
يحدث فيه ميل ما إلى فوق ، وقد يسخن حتى يحدث فيه ميل ما إلى فوق. والأول لا يعرى من مخالفة ما هو دونه في الاستعداد ولا يخالفه في الميل بالفعل.
__________________
(١٠٢٩) [ما لم يختلف في
الميل بالفعل] لم يختلف في الانفعال عن القاسر ، فإن القدر من الماء
المسخن الذي لم يبلغ أن يحدث له ميل بالفعل إلى فوق
يحتمل من القاسر ما يحتمله قدر مثله بارد.
(١٠٣٠) قد يقع اختلاف في الاستعدادات غير محسوس التفاوت ، فيجب أن
تكون كمالاتها غير محسوس التفاوت.
(١٠٣١) إذا تحركت أشياء من المحركات إلى اجتماع ما ، فإما أن يكون كيف اتفق ، وإما أن يكون إلى نسبة ما بينها
محفوظة ، إذا تحركت إلى نسبة ما ثم اختلفت في عدة أشخاص وزالت عن النسبة زوالا ما ، فيكون إما للفاعل المختلف بالعدد ، وإما
للموضوعات المتحركة.
(١٠٣٢) إذا كان المحرك واحدا والمادة غير مختلفة والغرض واحدا ،
لم يختلف ما إليه تنتهي الحركة ـ إذا كان الغرض واحدا ، والمادة مختلفة اختلافا
متباعدا وليس استعمالها مقدارا بحسب الحاجة بل بحسب الانفعال ، كان الذي إليه الحركة
مختلفا اختلافا متباعدا.
(١٠٣٣) في هذا بعينه ـ إن كان الاختلاف ليس متباعدا أمكن أن يكون
الاختلاف ليس متباعدا ، وأما إذا لم يكن الاختلاف متباعدا والمسألة بحالها لم يمكن
أن تكون المادة والمنفعل مختلفا اختلافا متباعدا ، وبالعكس.
(١٠٣٤) تكوّن جزئيات الحيوانات والنباتات إما أن تكون من مواد لها تجتمع لا اختلاف فيها : إما مطلقا
، وإما بحسب تمكن الاستعمال الموجب نحو الغرض ، [أو
يكون من مختلفات] . وكل ذلك إما أن يكون المحرك
__________________
__________________
واحدا أو مختلفا.
(١٠٣٥) إن كان المحرك فيها واحدا والمادة على إحدى حالتي الاتفاق ، لم
يمكن أن تكون المنفعلات ، حين يكمل فيها الغرض ، إلا
أشباها في كل شيء ما لم يعرض سبب خارج ، أو أشباها في النسبة دون الكم إن كان هناك
عون [في المادة واختلاف ، والكم ليس صائرا] بحسب تقدير
الحاجة.
(١٠٣٦) إن كان المحرك فيها واحدا والمادة متباعدة الاختلاف ، وجب
أن يكون ما ينتهي إليه التحريك متباعد الاختلاف ، ليس تحفظ النسبة. إن لم يكن ما
ينتهي إليه التحرك فيها متباعد الاختلاف ، والمادة متباعدة الاختلاف ، فالمحرك غير
واحد بل مختلفة في القوة والتمكن.
(١٠٣٧) جزئيات الحيوان من نوع واحد : إما أن تكون من جميع مواد
البدن ، أو الفصل. فإن كان جميع مادة البدن فإما أن تكون على تمكن التقدير بحسب
الحاجة ، أو على وجوب الفعل والانفعال بحسب وصول الفاعل إلى المنفعل. [ولو كان
بحسب الثاني لكان تنجذب المواد كلها فيرقّ البدن المتكون
منه ، فإذن] هو بحسب التقدير. وأيضا لو كان من غير الفصل الذي يمكن أن
يفصل من البدن [ويبقى الباقي كغاية الحياة] ، لنزف البدن
فإذن هو من الفصل .
(١٠٣٨) الفصول متباعدة الاختلاف ، والكائن من الجزئيات غير متباعد
الاختلاف ؛ فإذن ليس الفعل والانفعال بحسب الوجود بل بحسب التقدير.
(١٠٣٩) المواد مطيعة بحسب قسمة
التقدير ، والكائنات فيها
__________________
اختلاف ، وإن لم
يكن متباعدا. فأما أن يكون بحسب اختلاف الفاعلين
الأقربين ، فإنه إن كان الفاعل القريب واحدا والتمكن من التقدير واقعا لم يقع
اختلاف أصلا كما علم.
(١٠٤٠) الفاعل الواحد إذا كان سببا لقوة فإما أن يكون بإرسال قوة
أو لا يكون. فإن كان بإرسال قوة فالمحرك القريب القوة ، وإن لم يكن بإرسال القوة
لم يجز أن يقع اختلاف أصلا أو وجب أن يقع اختلاف متباعد.
(١٠٤١) الأمور الخارجة المباينة لا تختص بمنفعل دون منفعل ، والمحرك لمزاج الحيوان مختص ، فليس إذن هو من
المفارقات للموضوع والمباينة لها ، فهو إذن قوة
فيها .
(١٠٤٢) إذا كانت الحركة المتصلة عن قوة غير متناهية فكانت القوة الغير المتناهية مفارقة لا تنطبع في جسم ، لم يخل إما أن يحرك الحركات
الجزئية المتصلة بمباشرة وقصد ، وإما على جهة لزوم. وإن كان بمباشرة وقصد فإما أن يكون القصد كليا وإما يكون جزئيا ، والجزئي يكون عن مبدأ جزئي ـ
كما بان في البذور وغيرها ـ وعن تخيل ، ومثل هذا لا يكون عن مفارق ، فإذا يكون
القصد كليا. وقد بان في البذور أنه لا يلزم عن الواحد الذي لا اختلاف فيه ولا عن
الرأي الكلي أمر جزئي بعينه ؛ فيجب أن يكون للمفارق شريك ما في التحريك.
الشريك إما أن
يكون مفارقا ، أو غير مفارق. فإن كان مفارقا فالكلام لازم. وإن كان غير مفارق فإما
أن يصدر عنه وهو مستحيل مع استحالة الحركة استحالة متصلة أو وهو على حالة واحدة. ولكنه لا يجوز أن يكون على حالة واحدة
__________________
__________________
ويلزم عنه جزئيات
متكررة مختلفة اختلافا ما. وإن كانت متصلة فإذن يلزم عنه ، وهو مستحيل. وتلك
الاستحالة إما أن تكون عن إرادة أو جارية مجرى ما لا إرادة فيه ؛ فيكون الكلام في تلك الاستحالة إن لم يقترن بها إرادة مثل الكلام في الحركة
الوضعية وفي حاجتها إلى مبدأ إما إرادي وإما غير إرادي ، وفي أنها كيف تلزم بالطبع
عن غير مستحيل.
فبقي أن تكون
استحالة مقارنة للإرادة وتكون الإرادة من حيث هي مقارنة لوضع ما
يفرضه مع تخيّل ما علة لتخيل يتصل بها الأول ، فتتصل الحركة
وتكون علاقة تلك الإرادة بالمبدإ المفارق علاقة مطيع أو مشتاق أو متشبه ، فيكون
المفارق يحرّك كما يحرك المطاع والمتشوّق للنفس المطيعة والمتشوقة ، وتحرك النفس
الحركة التي للجسم ، فيكون المفارق محرك المحرك والجسماني المحرك القريب ، وليس هو غير متناهي القوة في الفعل بل في الانفعال عن
المفارق ، ويكون انفعاله المتصل سببا لانفعال جسماني متصل ، كما أن الانفعال
الجسماني المتصل في الجرم السماوي علة لانفعالات أخر متصلة.
والبرهان قام على
قوة غير متناهية ليس على أنها قريبة من أي حركة متصلة كانت.
بل هي علة ما قريبة أو بعيدة لحركة ما وتغير جسماني
أو نفساني ، وإنما هي قوة لأنها مبدأ تغيير ما كيف كان ، وليس يدخل في حد القوة من
حيث هي قوة أن تكون سارية في المنفعل عنها أو مفارقة أو قريبة أو بعيدة ، بل أن يكون مبدأ التغيير من آخر في آخر والمبدأ يقع على الفاعلي وعلى الغائي. وهذه القوة مبدأ
للحركة فاعليّ بتأثيرها في النفس السمائية.
(١٠٤٣) الإرادة بتأثيرها السطوع فيها بوجه من وجوه
__________________
السطوع عقلي أو على وجه آخر ، وفيه سر ومبدأ غائي ، لأنها متشوقة [لأن يتشبه بها
وفيه شر] .
(١٠٤٤) الأمور إما معتبرة بأنها ذوات في أنفسها ، وإما معتبرة
بأنها حالات. والحالات إما متصورة في الذوات الحاملة من غير افتقار إلى نسبة ، وإما متعلقة بنسبة. والمعتبرة بالنسبة إما أن تكون
ماهيتها لأجل أنها بالقياس إلى المنسوب ، وإما منسوبة من غير أن يكون مجرد القول
بالقياس إلى المنسوب ؛ وأعني بالقول : القول الباطن ، وهذه النسبة قد تكون إلى أشياء مختلفة. والنسبة إما أن تكون نسبة تحيزية أو
نسبة لا تتعلق بالتحيز.
(١٠٤٥) الشخص نفس تصوره من حيث هو شخص يمنع أن يكون غيره هو ،
فيجب أن يكون هو بحيث لا يجوز أن يقع في المتصور منه شركة.
(١٠٤٦) المتصوّر من ذات وحال غير منسوبة لا يمنع الذهن عن إيقاع
الشركة فيه ، فليس إذن هو المتصوّر عن الشخص بما هو شخص.
(١٠٤٧) المعنى النسبي إما نسبة تتعلق بالتحيز والحس ، وإما نسبة لا تتعلق بها ، بل تكون عقلية. و العقلية إما أن تكون نسبة المعية ، وإما نسبة المباينة ،
مثل حال الفرس والإنسان. والمعية إما أن تكون متكافئة في الجانبين ، وإما أن تكون مختلفة غير متكافئة مثل نسبة ذات العلة وذات المعلول.
(١٠٤٨) النسبة المباينة لا تجعل الشيء ممتنعا عن إيقاع الشركة فيه
، والنسبة المعية لا تمنع ذلك أيضا : فقد يكون الأخ أخوين ؛ والنسبة : العلية
__________________
__________________
والمعلولية لا
تمنع ذلك أيضا إذا لم تكن الطبيعة العارض لها النسبة ولا النسبة تمنع ذلك ، فهذا
الضرب من الأحوال النسبية مما لا يمنع التصور عن إيقاع الشركة إذا عرضت للذوات
وللأحوال الغير المنسوبة ؛ فالنسبة العقلية لا يصير بها الشيء ممتنعا عن إيقاع الشركة في التصور ؛ فبقيت النسبة إلى التحيزية ؛ فإذا بها يمكن هذا المنع.
هذه النسبة قد
تكون للشيء أولا كما للأجسام ، وقد تكون ثانيا كما للنفوس التي يفصل ماهيتها وقوع الشركة فيها.
(١٠٤٩) لا يقع التشخص إلا لما له هذه
النسبة بالذات أو بالقصد الثاني.
(١٠٥٠) التشخص لا يقع بإضافة بالحال الكلي العام إلى المعنى العام ، فإذن يحتاج أن يقع لما لا يقبل العموم.
(١٠٥١) المكان معنى يقبل الكثرة ويوجد له المثل .
(١٠٥٢) المثل الشخصي هو المفارق بأمر
وجودي لازم للشخص أو عارض له غير مقوّم للماهية الموزعة ، وأما النسبة التحيزية
فيستحيل أن يكون للموجود منها مثل شخص موجود معه .
(١٠٥٣) إذا فرضنا نسبتين تحيزيتين بينهما التماثل الشخصي وجب أن
يكون كل ما هو في جهة من أحدهما هو في تلك الجهة من الآخر ؛ وهذا لا يمكن ؛ فليس
بينهما التماثل الذي لا فرق له في الشخصي .
(١٠٥٤) التشخص يقع بمعنى نسبي تحيّزي ، وأيضا يقع بمعنى قد تشخص أولا ،
فيشخص غيره وينتهي إلى ما هو متشخص بذاته لا يمكن
__________________
أن يكون له مثل
معه. وهذا أيضا النسبة التحيزية.
(١٠٥٥) كل الموجودات التي لا تحيز لها ولا نسبة إلى تحيز ،
فماهيتها غير متفرقة أشخاصا في الوجود بوجه.
(١٠٥٦) المعاني العقلية لا يمكن أن يكون منها في الأعيان تكثّر
بالشخص بعد تأحّد في الماهية النوعية.
(١٠٥٧) النسبة التحيزية قد يجوز أن يقع الواحد منها لشيئين في زمانين : فنفس تلك النسبة ما لم يقترن بها الزمان أو الآن لا يكون مانعا عن المثل الموجود. فإذن الشيء الذي ليس بزماني بذاته أو
لحاله فإن ماهيته غير مقولة على كثيرين.
(١٠٥٨) الفعل الصادر عن الجسم إما أن يصدر عن ماهيته الأصلية ولا
مدخل لتشخصه فيها ، فيكون ذلك الفعل يجوز أن ينسب إلى
ماهية مثله لو فرض ، ولا يستحقه دون ذلك لأنه لا فرق
بينهما ، وهذا محال ، فيجب أن يصدر عن الجسم الشخصي بتوسط شخصه ، وذلك بوضعه.
(١٠٥٩) طبيعة الجسم الذي لا كثرة لها بالشخص وجودا إما أن يتعلق
فعلها الخاص بوضعها الخاص ، فيكون كل جسم فإن فعله يتعلق بتشخصه وبوضعه ، أو لا يتعلق بوضعها.
فإما أن يكون
فعلها شيئا قابلا للقسمة ، [وإما غير قابل للقسمة] ، والقابل الواحد للقسمة ذو وضع ، ففعله ذو وضع ،
فله اختصاص وضع عنده : لو تغير وضعه لتغير ، ففعله أيضا متعلق بوضعه ، وإن كان غير
قابل للقسمة وهو في قابل للقسمة كذلك ، وإن كان غير قابل للقسمة عرض ما سنقوله.
__________________
لا يجوز أن يكون
ما ينقسم علة لما لا ينقسم ، لأن نصف العلة البسيطة له تأثير في المعلول البسيط
لأنهما من طبيعة واحدة ، فيكون معلولها شيئا من جملة المعلول للكل ، وما لا ينقسم
لا يوجد من بابه أقل منه.
وكذلك لا يجوز أن
يكون ما لا ينقسم علة لوجود ما ينقسم ، ولكن وجوده يكون دفعة لا يقبل الأقل والأكثر
مثل الكيفيات ، ولا يوجد شيئا فشيئا مثل الكيفيات أيضا التي يبتدئ وجودها من جهة وضع العلة ثم يفشو ، وذلك لأن لجزء العلة تأثيرا في المعلول ، فإذا فرضنا جزءا لم يجز أن يكون تأثيره في الأقرب منه ، فيبقى تأثير الأبعد في الأبعد وهو مثله ، ولا في الأبعد ، فإن الأقرب أولى به.
(١٠٦٠) نظن أن الماء يجمد دفعة لمجاورة البارد ، وليس كذلك بل قليلا قليلا من سطحه المجاور ثم يستمر ولكن في زمان
قصير ، وتحقق أنه في زمان مراعاتك جمود الشحم ، فإنه لما كان أبطأ ظهر زمانه
وفشوّه في الزمان.
(١٠٦١) نظن أن نصف العلة لا تأثير له أصلا كنصف محركي السفينة ،
وليس كذلك : فإنه يؤثر بحسب اعتبار نصف المعلول ، وإن لم يكن بحسب اعتبار كل
المعلول في بعض الزمان.
(١٠٦٢) قد يمكن أن يؤتى ببرهان كلي على أن كل علة فإنها إنما تصير
علة إذا تمت شخصيتها ، وبشخصيتها تعم كل شيء.
(١٠٦٣) العلة لا تستحق نسبة المعلول إليها بشرط خارج لعلة إن كان
شرط ، بأن يكون عدم المانع إذا كان يمنع [فلا يتم عليته بذاته] ، وكذلك عدم الآلات والمواد ونحوها حتى تصير حينئذ علة بالفعل. وأما أن يصير
__________________
مع وجود الشرائط
الخارجة إن احتاج إليها علة لشرط عدم مثله ، فكلاّ ، فإنه إنما هو
علة لنفسه [وأول الموانع وجود الآلات] .
(١٠٦٤) إذا لم يكن عدم المثل شرطا فليس تصير
العلة مستحقة للعلية بعدم المثل ، فيجب أن يكون بحيث لو توهم له مثل موجودا مستحقة للنسبة العلية.
(١٠٦٥) فنقول الآن إذا كانت الماهية
لماهيتها علة دون تشخصها تكون بحيث لو كان لها مثل متوهم لا تستحق
لنفسها النسبة ، وقد فرضنا أنها تستحق ، فإذن ليست تكمل علة إلا بتوسط ما به يتشخص ، فإذن ليس جسم ولا صورة جسمية منقسمة ولا
عرض علة لوجود نفس أو عقل أو وجود جسم أو صورة جسمية أو مادة جسمية. فإذن مفيد
النفس غير جسم ولا صورة جسمية.
(١٠٦٦) المعلول المنقسم يجوز أن ينسب كلّ جزء منه إلى كلية العلة
، منقسمة كانت أو لم تكن ، لأن الذي يقوى على الكل يقوى على البعض ، ولا يجب أن
يكون بالعكس : فإنه ليس ما إن ما يقوى على البعض يقوى على الكل ، فليس إذا كان
وجود غير المنقسم عن المنقسم محالا يكون عكسه محالا.
(١٠٦٧) الشيء إما أن يكون توحده وتشخصه لذات ماهيته ، وهو الذي
يجب له وجوده في ماهيته ؛ وإما أن يكون تلازم لماهيته مثل ماهيات العقول بعده ـ إن
كانت هكذا ـ أو ماهية الشمس مثلا. وهذان [فإن ما يقتسمهما يستحيل أن يقع فيها شركة]
، وإما أن يكون بعارض لاحق في أول
الوجود أو بعده.
__________________
(١٠٦٨) الأعراض والصور تتشخص بتشخص موضوعاتها المتشخصة بما
ذكرناه.
(١٠٦٩) [مقارنة الأعراض] واللواحق المادية على وجهين : أحدهما كمقارنة الصور والأعراض للكم والوضع ،
والآخر كمقارنة الحركة للسواد. والمقارنة الاولى إذا زالت استحال أن يبقى شيئا
موجودا بذاته أو في موضوعه ، مثل السواد إذا زال عنه الكمّ والوضع لم يجز
أن يقال أنه بقى ذاته إلا صائرا غير منقسم وغير مشار إليه ، فتكون الأجزاء
السوادية التي نفرضها في السواد غير موجودة ، فكيف يكون ذلك السواد موجودا؟ وأما
مقارنة الحركة للسواد فأيّهما زال لم يؤثر في أمر الآخر شيئا.
(١٠٧٠) التجريد العقلي أعني المهيّئ لأن يصير الشيء معقولا إنما
هو عن المقارنات الاولى .
وأما المقارنات
الثانية التي لا تؤثر في ذات المقارن شيئا فغير معتبر في أن يكون
الشيء معقولا.
(١٠٧١) ما تتشخص به النفوس ليس [مما يمنع كونها معقولة ، كما لا
يمنع كونها عاقلة ، وإذا كانت] إنما هي معقولة تارة باعتبار ماهيتها المشتركة بالفعل أو القوة ، وتارة بتركيبها مع ما تتشخص به وهي مشعور بها على الإجمال ، ولا يبعد
الشعور بها عن كونها معقولة إلا أن في كونها معقولة تفصيلا ما بالفعل ؛ وكونها
معقولة الماهية غير كونها مشعورا بها كما هو غير كونها معقولة بالتخصيص مع تفصيل ما يعقل فيها إلى العام ، وإلى أنها هي بهيئتها الخاصة التي تعقل من كل شخص ؛ ولا اسم له ،
إنما هو مشاهدة ما لمعنى ما يعسر أن نسميه.
__________________
(١٠٧٢) مخرج العقل من
القوة إلى الفعل ليس بجسم لما قلنا ، فهو إذن معنى مفارق غير
منقسم ؛ فإذن ليس له ما يتشخص به في المعنى التحيزي
الوضعي بتشخصه اللازم للماهية . فتشخصه بمعنى معقول ؛ فلو وصل هو إلى شيء مما يعقل محصل
مجرد في عاقل لكان معقولا ، ولكنه مفارق غير مباين لذاته ، فذاته معقولة لذاته إذ
كانت ذاتها معقولة لذاتنا لأنها غير مباينة ؛ ثم ليس كونه معقولا إلا
أنه مجرد غير مباين لمجرد ، وبهذا شعرنا بذاتنا.
(١٠٧٣) لو كانت صورة الجسمية الموجودة بالفعل هي نفس القوة على
قبول البياض أو السواد ، لكان الفعل قوة ولكان يجب أن يبطل القوة التي هي الصورة
الجسمية مع وجود البياض بالفعل ؛ ثم الفعل : كيف يكون قوة؟
(١٠٧٤) لو كان جسم يصح أن يوجد صورة عقلية لكان ما بالقوة صورة
عقلية توجد ما هو بالفعل صورة عقلية ، وهذا محال. وليس ينقض بأن المفارق أيضا كذلك ، فإن المفارق لا يكون بالقوة مخالطا ، كما أن المخالط
بالقوة مفارق.
(١٠٧٥) ليس شخص البتة علة لشخص ، بل علة لتحريك المادة وإصلاحها
ما دامت المادة تتحرك وتأخذ في الصلاح ، فإذا استقرت كان سبب الوقوف على الصلاح
وسبب الصورة الشخصية غير الشخص الأول : إما في شيء راسخ في طبيعة الشخص ، وإما شيء
من خارج.
(١٠٧٦) الصورة الحاصلة في الخيال المتذكرة هي غير الصورة التي في
القوة الحافظة ، لأن الأعراض لا يصح عليها الانتقال ،
فهي إذن حادثة ، واذا تذكرت شعوري بتلك الصورة سواء وردت من خارج أو عرضت للخيال
فإني أتذكر شعورا بمثل تلك الصورة ، لا شعورا مطلقا ، والشعور يتخصص بصورة مخصصة
له ، فهي تتخصص بصورة أخرى غير الواردة وغير الحاضرة في
__________________
__________________
الخيال العارضة
له.
(١٠٧٧) الإبصار هو أن تحصل صورة المبصر أو المتخيّل في إحدى
القوتين ، وليس التخيل يلزم أن يحكم في إحدى القوتين :
فإن للمبصر وجودا من خارج ـ وانظر إلى المجانين. فهو لغير الباصرة.
(١٠٧٨) الشعور بالإبصار هو أن يحصل المبصر في نفسك في ذاتها.
(١٠٧٩) إذا شعرنا بذاتنا فمعناه أن الشاعر هو المشعور به ، وإذا
شعرنا بغيرنا فمعناه أن الشاعر غير المشعور به ، وإذا حصلت صورة اخرى للشاعر بذاته في آلته أو في ذاته غيره بالعدد لم يعلم أنه غير صورة ذاته إلا بمقايسة بينها وبين مثل لها ، ولا يصح البتة أن يحصل
للشاعر بذاته صورة اخرى له غيره بالعدد.
(١٠٨٠) الذي أحوج المعتزلة إلى أن قالوا بذات مشتركة يحوجهم إلى
أن يقولوا بصفة مشتركة تميّز أو تعلم أو يخبر عنها بصفة أخرى ، فيتسلسل إلى ما لا نهاية.
(١٠٨١) كيف يوجد عن الإرادة الكلية للأول أو العقل الأول وجود فلك؟ لأن الفلك نوع مجموع في شخص واحد ، والحركة الفلكية تحتاج
إلى مخصص ، فإن المتحرك واحد والمحرك الأول يعقل الحركة كلية ، فلا يلزم عنها شخص
دون شخص ، فإذن لزوم أحد أشخاص الحركة دون غيرها لسبب مخصص أو لإرادة مخصصة ، وأما
في الأشخاص الكائنة الفاسدة فإن مشخصاتها الحركات التي تقرب وتبعد فهذا هذا.
(١٠٨٢) يجب أن تعلم أن طريق الإدراك بالآلة الجسمانية طريق
__________________
__________________
واحد ، وهو أن
الذي أحوج القوة اللمسية إلى أن تدرك بتوسط اعتدال الكيفيات الأربع لا يستغني عن
هذه الكيفيات مدرك لها ، والذي أحوج القوة الباصرة إلى الرطوبة الجليدية واعتدال
كيفية الروح لا يستغني عن مدرك للألوان ؛ وكذلك الحال في
الصلابة واللين والخشونة والملابسة ، فيجب أن يكون
الحس المشترك والقوة الخيالية جامعة لكل هذه الأحوال : فإن معنى قولنا يحتاج إلى
آلة جسمانية ، هذا ـ لا غير ؛ كما أنه مثلا لا يستغني مدرك المقدار عن شيء متقدر.
والذي يعترض به على هذا المذهب ـ من أنه لو كان الأمر على هذا لكان وجب أن يحترق الحس
المشترك والخيال في إدراكهما لحرارة قوية كالحال في
قوة اللمس ـ باطل ، وذلك لأنه ليس يلزم أن يكون الاثر من الحرارة في هذه الآلات
عند إدراك هذه القوى لحرارة قوية محرقة حرارة قوية محرقة ، لأنه ليس بممتنع أن يكون
لإدراكها بحرارة قوية أثر ضعيف منها ، كما أنه ليس انفعال أنامل
إبهام الرجل عن الصلابة واللين والخشونة والملاسة كانفعال أنامل اليد ، فكما أن
اليد تحكم على الخشونة الضعيفة التي لا تدركها أنامل الرجل ،
فكذلك الأثر الضعيف يدركه الحس المشترك ، فكيف الضعيف الذي لا يحرق مدركا بحرارة
قوية بحسب مناسبة المدرك لمزاج الآلة! فالاعتدال هناك في الغاية ليس كما في سائر
البدن ، فإذا خرج عن ذلك الاعتدال يسيرا أدركه وربما يخرجه عنه
أثر ضعيف حتى لو كان يحصل ذلك الأثر من آلات اللمس لم
تكن تدركه القوة فضلا عن أن تحرق الآلة ويكون هناك قويا في الغاية ؛ وكذلك الحال
في الألوان الحاصلة في القوة الباصرة أو في الرطوبة الجليدية إنما لا يراها الناظر
في غير المبصر. فلو أن لامسا يلمس الأثر الحاصل في الحس المشترك من
__________________
الحرارة القوية
بشيء من آلات اللمس ما كان يدركه ، ولكن تلك الآلة باعتدال مزاجها يدرك بوساطتها
القوة المركبة فيه ، إلا أنه على جميع الأحوال لا يخرج عن جنس إدراك اللمس
للحرارة.
(١٠٨٣) يجب أن نعلم أن كل ما ينفعل عن المدرك فهو آلة ، وإلا وجب
أن ندرك ما ليس له وجود ، فإن الانفعال هذا معناه : وهو
أن يبطل عن الجسم حالة ويحصل له حالة.
(١٠٨٤) لو لا القوى لكان للصحة في الأجسام معنى محال ، وذلك لأن الصحيح هو ما تصدر عنه الأفعال بالتمام ، وليس مزاج من الأمزجة إلا وهو في ذاته صحيح.
(١٠٨٥) الذي يعيد المزاج عند فساده إلى الحالة
الأصلية هو غير المزاج ، فإن المزاج بذاته لا يقتضي حالة دون حالة ، إن لم يكن
مؤتم به ، وبقيت الشبهة في أمر الثابت في الحيوانات إن صح أن المزاج يتغير ويعود
إلى الحالة الأولى ولا تتبدل القوة في الحالتين.
(١٠٨٦) العجب من طلب البدن ، بدل ما يتحلل منه ، إن كان الطالب هو المزاج ؛ فإن النامي الباقي لا يكون قد تحلّل منه شيء ، ثم المتحلل من المنيّ في أول ما ينعقد شيء
يسير ، ويجذب فوق ما يتحلل منه ، ثم لم لا يجذب دفعة واحدة ما يحتاج
إليه لنموّ ، بل يجذب شيئا فشيئا ، ثم تهدأ القوة الجاذبة. وكيف تهدأ القوة الجاذبة إن كانت مزاجية؟ فإن الطبيعية قد يصح أن
تفعل شيئا إلى أن يحصل له كمال ثم تهدأ ؛ وأما المزاج ، فلا.
__________________
__________________
(١٠٨٧) لمعارض أن يعارض في البرهان المذكور في «كتاب النفس» على
أنه لا يصح أن يوجد في النقطة شيء ثم لا يكون موجودا في الجسم ، قياسا على الضوء
الموجود في السطح ولا يكون موجودا في الجسم ، لكن النقطة نهاية كالبياض مثلا. فلا
يصح أن البياض عارض لا يكون موجودا في الجسم ولا يكون الجسم
موصوفا به. ونظير هذا في السطح يوجد في كونه نهاية ، فإن
كونه نهاية غير كونه سطحا ، لأن كونه سطحا هو أنه قابل للبعدين ، وذلك له من جهة
الجسم. وكونه نهاية عارض للسطح ، فمحال أن يوجد للنهاية ـ أي نهاية كانت ـ شيء لا يكون موجودا للجسم. فأما في النقطة فالأمر بخلاف ذلك :
وذلك لأن النقطة ليس يساويها من الجسم شيء ، وليس يصح أن يوجد فيها شيء غير موجود في الجسم ، ولا يصح أن يحصل في الجسم شيء لا ينقسم ؛ فإذن كل
ما حصل في النقطة يكون قد حصل في الجسم ، وقد تناهى أو انتهى العرض بالحاصل في النقطة.
(١٠٨٨) النفس أول ما يترعرع تباشر الوهم الذي هو تابع الحس ؛ وبكد ما تفطم ما يورده عليها فيرقرقه لها ، ولكن لا بد
لها منه على كل حال. ويصعب عليها قبول ما حكم به العقل عند
البيان البرهاني المبني على المقدمات الأولية العقلية دون الوهمية المتصلة ، إلى
أن تتوالى عدة البيانات والأمثلة فتعتاد ذلك وتعرف فضله على الوهميات. ولو لا ما
تولاه المنطق من إفراد هذه المقدمات وشرائط البرهان عن سائر المقدمات من الوهميات والمشهورات والاستقرائيات وغيرها على ما فصّل لكان الضلال مستوليا على كل أحد . فأشرف به من
صناعة وأخلق بمن شرف به أن يهتدي إلى كل خافية!
__________________
__________________
وهذا الفن نريد أن
نودعه أبوابا من علم النفس ، من تدبّرها أيقن بوجودها شيئا غير المزاج ، وسائر
أحوال العناصر الأربعة ؛ وتحقق أن لها بقاء ومعادا وأحوالا من دون الهيكل الذي
تديره. وأعجب بمن ينكر وجود معنى غير منطبع في جسم يدبره ، ولا يتعجب من وجود جسم
يدبر ، بل وجود جسم على الإطلاق ، وهل دله على وجود الجسم إلا البصر أو غيره من
الحواس؟ فأيقن بغير الحواس أن وجوده صحيح لا شبهة فيه ، ثم لم ينكر وجود معنى الجسم وعلمه بما علم به صحة وجود ما يؤدي البصر إلى النفس ، بل
كثير من البيانات البرهانية أقوى عندي من هذه الاعتبارية ، أعني أن ما تلتقطه
النفس عن الحس صحيح وجوده.
ثم دع هذا! هل
ينكر من نظر نظرا يعتد به أن واجب الوجود الذي هو علة الجسم وغير الجسم واحد ، [من
وجوه : منها لزوم المعلولية لوجوب الوجود] إن كان كثيرا ،
أو كون الفصل علة لماهية الجنس إن فرض وجوب الوجود معنى جنسيا ، وأنه ليس بجسم ولا
شيء من الماهيات التي يكون الوجود خارجا عنها ، ببيان أن المعدوم لا يكون علة للوجود ، وأن شيئا آخر ليس بجسم موجود وجود مدبّر
متصرف في جسم.
وقد أنكر جماعة من
أهل النظر إثبات النفس ، إلا أن المذهب المعتدّ به هو مذهب من يعتقد أنها المزاج ،
لأن الأفعال النفسانية لا تصدر عنها إلا بواسطة المزاج ، ولا يتم فعل إلا به ،
وقوى آراء الناس في [اعتدال المزاج] بوشك أن يكون هو
الفاعل الأول لا الإله .
فأما مذهب متكلمي
الوقت وتمسكهم بأن النفس هو هذه الجملة ، فهو خسيس ضعيف ، لو لا أنهم فرحون به لما تكلمت عليه. فاسمع ما يروّح
__________________
قلبك ويريحه من
أذى الشبهات ، فما أنا في هذا الجمع إلا محقّق ما فهمته من الكتب ، ومتذكّر ما عقلته ، ومفيد غيري ما استفدته.
وهذه
رسالة متفرعة على كتاب «الشفاء» أو جزء منه ، كان وجب أن يكون فيه ، لأن فصولها مستفادة ومسموعة ممن
صنّفه ، ولا علم إلا علمه ، والسلام.
(١٠٨٩) الشخصي قد يكون بنوع كليا يحكم ، وذلك إذا لم يكن مسندا إلى شيء مشار
إليه ولم يكن بنفسه مشارا إليه.
(١٠٩٠) واعلم أن العلم بالشيء قد يكون من جهة الأسباب كمن يعلم أن الشمس إذا قارنها الكوكب
الفلاني فإنها تنكسف ، وأنه إذا كان كذا انجلت ، وأن الزمان بين الكسوف وبين
الانجلاء يكون كذا من غير أن يكون للزمان المحكوم عليه
مقايسة إلى زمان الحاكم المشار إليه ؛ ومثل هذا لا يتغير العلم بالانجلاء مع العلم
بالكسوف.
وقد يكون من جهة
وجود المعلوم ومشاهدته ، فيكون المعلوم علة للعلم ، وإذا
بطل المعلوم بطل العلم به ، لأن المعلول لا يبقى والعلة باطلة ، فكأن العلم بهذا المعلول من حيث هو ، فكيف يبقى العلم به مع بطلانه! وذلك كما أنك
تشاهد الشمس منكسفة في زمان مشار إليه ثم يعدم ذلك الزمان ويجيء زمان آخر تكون فيه
منجلية قبل هذا الانجلاء ، فلما جاء العلم الآخر بطل العلم الأول
من غير أن يكون كذلك.
والأول يتناول
المشاهدات بالعرض ، لأنه لا يختص بكسوف دون كسوف
مثله ، بل أي كسوف كان مثله ، فإن ذاك العلم يصح أن يقع
عليه ،
__________________
__________________
ولا كذلك في
الثاني : فإن كان هاهنا سبب أول لجميع الموجودات ، كان
علمه محيطا بجميعها على هذا الوجه ؛ إذ لا يخلو موجود من سبب حتى وجود تبنة في لبنة ، وحتى مقام زيد في داره.
فإن قيل : فهل
يعلم أنه الآن يعدم؟ فنقول يعلم هذا كما يعلم الآن ، فإن علمه الآن لا يكون من خارج ، بل من أسبابه المخصّصة ، ويعلم أنه لم هو مشار إليه.
(١٠٩١) كل حركة فإلى غاية ؛ فالمكانية إلى حيّز أو مكان ثابت
موجود ، والمقدارية إلى حد مقداري ثابت موجود ؛ والحركة في النمو مقدارية ، فهي إلى غاية مقدارية ؛ وشبه
جالينوس ذلك بشيء من الأمعاء تلعب به الصبيان ، فينفخون فيه حتى يقف قبوله للنفخ.
والأجزاء الأصلية في بدن الحيوانات والنبات هي الغاية ، ومثلها مثل الجزء من الأمعاء. والنامي غير ثابت الشخص.
ولما كان الحركة
الوضعية غير ثابتة ، فلم يجز أن يكون وضع ثابت إليه يتحرك ، كان موجودا في نفس الفلك وضعا بعد وضع غير ثابت ، والثابت الإمام هو المفارق ،
والجسم المحوي باعتبارين مختلفين على ما حقق ، حتى لو لم يكن الجسم [المحوي
هو الأرض] لم يجز وجود وهم جزئي إليه تكون الحركة.
وفي حركة النمو لا
يصلح أن تكون الغاية موجودة في القوة المحركة ، أعني القوة التي
في الجسم النامي ، لأن الجسم النامي سيّال ، ولا يصح أن تجتمع فيه هيئة
الثبات وهيئة الحركة.
__________________
وهذا القدر هو ما
أدركه ذهني ، ويمكن أن يتمم بكلام أكثر من هذا ، إلا أن المطلوب هو ذلك.
(١٠٩٢) الشيء
يقارن الشيء على أنه يؤثر فيه. ومعنى ذلك أنه يحدث فيه من المقارن ما لا يمكن أن يعدم إلا ويعدم
معه المقارن ، كالسواد مع المقدار ؛ فإنه لا يصح أن يعدم المقدار ، والسواد يبقى
بعده ، ومثل هذا الشيء لا يصح أن يكون معقولا ، فإن المعقول هو أن يدرك
الشيء وحده من بعد مقارنة . وهذا إنما يمكن أن يكون إذا قارن المعقول العقل مقارنة لا
تؤثر فيه ولا تزيد على معنى المقارنة ، وإلا وجب ما يجب في مقارنة الجسم والمقدار
، والمادة تعقل مجردة عما سواها كالوضع والمقدار.
ولما لم يصح وجودها إلا مع هذين وكان يعدم بعدمهما ، لم يصح أن تكون عاقلة لذاتها. والوضع يعقل مجردا ، فإن وجد لم يصح وجوده
إلا أن يكون مقارنا للمادة المقارنة المؤثرة ، وكذلك المقدار.
فيحصل من هذا أن
كل شيء غريب عن الآخر إنما يعرض له بواسطة قابل ؛ والقابل هو المادة ولما كان
المعقول هو المجرد عما سواه ولم يصح وجود شيء في المادة إلا أن يخرج عن حد
المعقولية ، وجب أن يكون قابل المعقولات لا مادة ولا شيئا
ماديا ، أعني أن يكون وجود ذلك الشيء في المادة كوجود المقدار أو الوضع . فإن كان مقارنة هذا القابل للمادة على الوجه الثاني. أعني أنه لا تؤثر فيه المادة التأثير المذكور. صحّ أن يكون عللا للمعقولات ، وصح أنه يعقل ذاته مجملا ، أعني مع المشخص ، ومفصّلا ، أعني من
دون العارض المشخّص ، إذ لم تكن مقارنة العارض له مقارنة تزيد فيه ؛ وإذا لم يكن مؤثرا
__________________
فيه كان وجوده مجردا ومجملا.
(١٠٩٣) إن قال قائل : إن المادة العنصرية تستعد لقبول صور مختلفة
، سبب تلك الصور معقول ، فلذلك يصح أن يكون سبب حركات الفلك معقولا ، والفلك معدة
كل حركة لما بعدها ، فتقبل الحركة من دون واسطة إرادة
جزئية ـ قيل له : فذلك الاستعداد ، هل هو لمادة الفلك ، أو لصورتها؟ ولا يصح أن
يكون لمادته إذ المادة واحدة ؛ فإذن يكون لصورته ، فتكون الصورة إما
طبيعية ، وإما [نفسانية. وقد بيّن] أنها غير طبيعية
، فإذن هي نفسانية ، والأحوال التي تعرض للأجسام العنصرية حتى تتحرك من ترتيب إلى
ترتيب إنما تعرض للطبيعة.
(١٠٩٤) ليس شيء من الأشياء علة لعدم ذاته ، فلا يصح أن يكون وضع
من أوضاع الفلك معيّنا لوجود حركة ، وإلا كان علة لعدم ذاته ، والأمر في الحركات
الطبيعية بخلاف ذلك ، [فإن كل ما يوجب الانتقال إنما يوجبه] عن خروج الجسم عن مكانه الطبيعي ، [فيصير كل واحد مقربا لما يليه ولا يستقيم]
ذلك في الحركات الفلكية ، إذ لا مكان له بالطبع ينتقل إليه
فيسكن فيه ، والحركة أبعد من ذلك ، [فالمعين للوضع الذي إليه ينتقل الجسم غير
الوضع] الحاصل وغير الحركة المتقصية. [فهو إما طبيعة ، وإما إرادة] . والطبيعة ليست ،
فهي إرادة متجددة ، وكذلك الوضع الذي يليه أيضا ، فيجب أن يكون متعيّنا بالفعل حتى تصح إليه الحركة ، وهذا لا يكون
في الوضع. [ثم نسبة ذلك إلى استعداد المادة] لقبول صور
__________________
__________________
مختلفة بعيد ، إذ لا صورة من الصور تعدّ المادة لفساد ذاتها ، بل الكيفيات المضادة
الغريبة عن الصورة تعدّ المادة لانسلاخ صورة واستبدال أخرى تليق بهذه الكيفيات.
(١٠٩٥) الزمان في كلية وجوده في الأعيان لا يعرض له تقدم وتأخر في
الزمان : إذ التقدم والتأخر يعرض لموجودين في الأعيان.
(١٠٩٦) الغاية قد تحصل عند شيء فيدعو ذلك إلى أن يطلبها ، ويكون
وجود الغاية لذلك الشيء بحركة. ومثل هذا الشيء يجب أن يكون مقارنا للمادة ، إذ
المطلوب في حيز الإمكان والقوة ، وهذان لا يوجدان إلا مع المادة ، [فكل ما يطلب] غاية تحركه فذلك الشيء ماديّ ، وكل شيء بالفعل من كل وجه فلا يصح عليه أن
يطلب غاية ليست له ، فيكون تحريكه لغيره على سبيل الشوق أو على وجه آخر على ما ذكر
في الكتب. والعقول الفعالة هي بالفعل من كل وجه ، فليس يصح أن تكون محرّكة إلا على
وجه الشوق. وكل محرك فإنه يطلب شيئا ليس له ، فالمباشر للحركات الفلكية غير
العقول الفعالة ، بل معنى مادي ؛ و على هذا فإن
المحرك لأجزاء النبات والحيوانات إلى الاجتماع لا يصح أن يكون عقلا بالفعل ، بل يجب أن يكون المباشر للحركة طالب شيء ليس له ، وذلك
الشيء مادي أو مقارن للمادة.
(١٠٩٧) كل متحرك فإنما يتحرك نحو غاية هي غير ذاتها وغير لوازم
ذاتها ، فتكون تلك الغاية خارجة عن ذاتها. وكل شيء خارج عن شيء ، فإنما يعرض له
شيء بواسطة المادة. فكل محرك طالب لغاية غير ذاتها وغير لوازم ذاته مادي.
(١٠٩٨) الأفعال التي تصدر عن النفس ليس شيء منها بحرارة أو برودة
أو رطوبة أو يبوسة : صرفها ومختلطها ومكسورها ؛ والمزاج هو أحد هذه الكيفيات ؛
__________________
فالنفس ليس بمزاج.
(١٠٩٩) إنما يألم القلب أو يلتذ مع الفكر لما يعرض للروح من
الانفعال فينفعل القلب ، ولما كان حسّه أقوى كانت لذته وألمه أقوى. وانظر الى حال
القلب مع الجماع وكأن مبدأ القوة اللامسة في القلب.
(١١٠٠) إن كان الأول يعقل الأشياء على الترتيب السببي والمسبّبي ،
واللانهاية إذا كان لها ترتيب لا يجوز أن يكون لها حصول ـ فكيف يحيط
علمه بها؟ ثبت أن ترتيب الأسباب والمسبّبات بلا نهاية.
(١١٠١) [معنى انقسام
الزمان على وجهين : أحدهما انقسام الزمان] بانقسام المتحرك
ومخالفته ، [وهو الانقسام الأول. و] الوجه الثاني من
معاني الانقسام في الحركة. وكذلك الثالث.
(١١٠٢) لم يجب أن يكون القطر مساويا للضلعين المتساويين إذا كان
النقط التي بين الخطوط مطابقا بعضها لبعض؟
(١١٠٣) ما كان منه علة على أنه فاعل ، فكان فاعلا ـ على أن وجوده ليكون فاعلا لما يفعله ـ فإنه أعرف عند الطبيعة من
المعلول ؛ وما كان وجوده في الطبيعة ليس لذاته بل ليفعل ما يكون عنه حتى يكون
المفعول غاية لا له في فعله فقط ، بل له في وجود ذاته ـ إن كان في الطبيعة شيء هذه
صفته فليس هو أعرف عند الطبيعة من المعلول ، بل
المعلول عند الطبيعة أعرف منه.
(١١٠٤) الباري ليس لأجل فعله ؛ والحرارة ذاتها لأجل فعلها.
(١١٠٥) في ذكر الهيولى : فيكون من شأنه أن يقبل هذه الصور أو
يقترن بها : إما من شأن طبيعته المطلقة الكلية كأنها جنس لنوعين ـ يعني
به أن الهيولى إذا حملت على هيولى الكواكب والعناصر يكون كأنه جنس لنوعين ، وكل
واحد منهما يختص بقبول بعض الصور دون بعض بعد الجسمية. وإما من
__________________
شأن طبيعة هي
بعينها مشتركة للجميع فتكون بكليتها من شأنها أن تقبل كل هذه الصور : بعضها مجتمعة
ومتعاقبة ، وبعضها متعاقبة فقط.
(١١٠٦) وأما أن هذا الحادث وهذا الكائن : هل يحتاج أن يتقدم كونه
وحدوثه وجود جوهر كان مقارنا لعدم الصورة الكائنة ثم فارقه و بطل عنها العدم ، فهو أمر ليس يتبيّن لنا عن قريب. ـ يشير به إلى قوله في الإلهيات : كل كائن بعد ما لم يكن ، فإنه يحتاج إلى مادة.
(١١٠٧) كيف تكون دلالة المبادئ الثلاثة دلالة التشكيك؟ فإن دلالة
الهيولى أشدّ دلالة على الاولى من الثانية والثالثة في هيوليته لا في وجوده.
(١١٠٨) قوله
في حد
الطبيعة : «ليس على أنها يجب في كل شيء أن يكون مبدء للحركة والسكون
معا ، بل على أنها مبدأ لكل أمر ذاتي يكون للشيء من الحركة إن كانت ، والسكون إن كان» ـ يعني أنه لم يعن بها أن يكون مبدأ لشيء يتحرك ثم يسكن ، بل للحركة والسكون مفردين متعاقبين . والوجه الثاني
أن الطبيعة تحرك لما يتحرك عن ذاته ، لا عن خارج ؛ مثل الحجر النازل ليس الصاعد ؛
وإن شئت أن تجعل النموّ بالطبيعة وتطلق اسم الطبيعة على ذلك ، وتأخذ الطبيعة على
أحد المعاني المذكورة [فافعل ـ يعني القوة النامية إن جعلتها طبيعية] .
(١١٠٩) لم يعرف أنطيفن أن مقوم الشيء يجب أن لا يكون منه بدّ عند
وجود الشيء ، ليس أنه الذي لا بد منه عند عدم الشيء. وما يعنينا أن يكون الشيء
ثابتا في الأحوال ، ووجوده لا يكفي في أن يحصل الشيء بالفعل
__________________
__________________
مثل الهيولى.
(١١١٠) أما ما له
الطبيعة فهو الذي له في نفسه مثل هذا المبدأ وهو الجسم المتحرك بطباعه. والفرق بينه وبين
ما فيه
الطبيعة أن ما فيه الطبيعة كالهيولى ، وما له الطبيعة كالجسم.
(١١١١) الصورة بالقوة.
(١١١٢) [المادة إذا كانت
علة علة المركب] ، فليس من حيث هي علة مادية
للمركب. والصورة إذا كانت علة علة المركب ، فليس من حيث هي صورته ، فإن الصورة إذا
حدثت [في المركب كانت جزءا منه] ، وباعتبار آخر تصير علة وجود جزئه وهو الهيولى ، وأما
الهيولى فإنه يصير علة بعض الأعراض الجسمانية التي يقتضيها الهيولى. ويجب أن يعتقد
أن الصورة إذا أخذت جزءا من المركب فهو من جهة في حيّز
أجزاء الموضوع.
(١١١٣) إن كان للمتحرك حصول في حد من المسافة فهو ساكن ، وإن لم
يكن له حصول فبأي معنى؟ لأنه استمر على تلك المسافة ، ولم يستوعب الحصول في
أجزائها. وهذا الفصل يحتاج إلى شرح مشبع.
(١١١٤) أيّ معنى في إيراد الشك
الذي أريد ذكره إثر الكلام في معنى الحركة ، وأنها
هل تكون في الزمان أو لا تكون ، إن قال قائل : إن الكون في المكان [مطلقا هو الكون فيه
آنا] ولم يكن قبله ولا بعده فيه وكذلك الإضافة إليه ، والأمر الذي يجعلونه آنا هو أمر كلي معقول وليس بموجود
بالفعل ، بل الموجود بالفعل الكون في هذا المكان؟
__________________
__________________
الفائدة في هذا
الشك أن الكون في المكان مطلقا ليس بحركة ، والكون في المكان آنا ليس له معنى وزمان
هو السكون .
(١١١٥) قيل إنه محال أن يكون الشيء بالقوة من كل وجه ؛ والهيولى
هذه حالها.
الهيولى دائما
تكون قد خرجت بالقياس إلى صورة بالفعل.
(١١١٦) كيف يمكن نقض كلام من يقول إن لفظة الحركة مشككة؟
لأنه يقول إنما هي
مشككة للتقدم والتأخر ، فيجب أن تكون لفظة الكم والعدد
مشككة لأجل التقدم والتأخّر في الأعداد ؛ لكنه كما أن العدد ليس التقدم والتأخر في
أنواعه من جهة العددية بل في الوجود ، فكذلك الحركة.
(١١١٧) أيّ محال يلزم إذا كان البعد المقطور الساري في المادة مع
البعد الذي في المادة واحدا ، فلا يكون بعدان بل واحد ، وهو الذي للجسم ، فلا يكون
مكان ومتمكّن؟ بأني تصورت أن الأول موجود والثاني لا يكون ، وقد بين هذا
المحال في موضع. فأي معنى لإعادته في مكان آخر وعلى نحو آخر من البيان؟! لست أدري
في أي [موضع ؛ وما لم يدلّ عليه لم يعرف الجواب] .
(١١١٨) معنى قوله : لا يجوّز العقل أن يكون الفصل الحقيقي يبطل عن
النوع وتبقى حصة جنسه له ؛ وبرهان ذلك؟
[لأنه لو كان
الجنس يبقى ، والفصل يبطل] ، بقي الشيء الواحد بالعدد وقد تغير عليه فصلان ، فيكون الفصل من العوارض لا من الذاتيات.
__________________
__________________
وأيّ فائدة أن
نذكر بعد الكلام في العارض الذي يلحق البعد ، ويوجب أن ينطبع البعد بالمادة مرة ،
وأن لا ينطبع مرة ، إن هذا اللحوق هل هو كلحوق المعنى
الفصلي ، أو ليس كلحوق المعنى الفصلي. وأي تعلق لهذه المسألة بتلك المسألة؟
لأنه يجوز أن يكون
المعنى الواحد ينقسم بالفصلين إلى نوعين ، فيجوز على أحدهما أمر ولا يجوز على
الآخر. وأما إذا اختلفا في العوارض ، وكانت الطبيعة غير مختلفة في النوع فأيّ شيء جاز على أحد الأمرين جاز على الآخر.
(١١١٩) لم قيل : وما لم يكن في الخلاء جسم موجود فلا يكون له جهة؟
لأنه ليس بعض
النقط والأحياز الذي فيه مخالفا للآخر حتى يكون التوجه إليه سفولا ، وإلى الآخر علوّا
؛ إنما تختلف الأجسام أو يختلف الخلاء والجسم. ـ؟
وقال : إن كان
الجهة في الخلاء فإما أن يكون مما يصار إليه بالقطع ، أو يصار إليه لا بالقطع ،
وليس ولا واحدة من هاتين الحالتين للجهة توجب أن لا يكون في الخلاء جهة. ـ؟
كلام صحيح لست
أدري موضع التشكك فيه. ومعناه أن الجهة إذا كانت موجودة فإما أن ينتهى إليها
أو لا ينتهى. فإن كان لا ينتهى إليها من مكان معلوم مفروض فليس لها وجود وضعي ،
فأن بين كل موضع وموضع مسافة متناهية ؛ وإن كان التوجه من ذلك الموضع لا يصح أن
يقع إليها فليست بجهة ؛ وإن كانت الجهة يصار إليها عن خلافها فكيف صار في الخلاء
شيء وخلافه من غير سبب غير الخلاء : جسم ، أو أمر في جسم ؟
__________________
__________________
(١١٢٠) لم لا يجوز أن يكون السكون في الخلاء؟ [وما الذي يوجب أن
يكون ما يعدم فيه الحركة يعدم فيه السكون؟
(١١٢١) إن كان يجوز أن يكون الخلاء] مؤثرا في الأجسام الصغار ، وبتأثيره في تلك الأجسام يتأثر عنه الكل وبعض
الأجسام ـ فأيّ العجب في أن يصير انبثاث الخلاء بين أجزاء الملاء موجبا حكما في الجملة من دون الأجزاء؟!
(١١٢٢) الذي
قيل من أن الآلات التي
تكون فيها أمور عن المجرى الطبيعي ، إنما تكون كذلك لأجل امتناع وجود الخلاء ـ لم
يبرهن عليه.
(١١٢٣)
إن المحدّد
إن عني به الطرف الذي به
يتحدد الشيء ، فليس بمشهور أن المكان بهذه الصفة. وأما أنه غير حق ، فقد بان إبطال
قول من قال : إن كل موجود في مكان ـ من مقدماته.
(١١٢٤) قوله
: فإن كان الخلاء
يأبى أن يشغله الهواء ويدفعه ، فإنه يأبي جذب الماء أولى ، فلعل الخلاء يبغض
الهواء بطبيعته ، ويجذب الماء ، فلم لا يترك الماء المنفوش في
الهواء الشاغل ولخلل الهواء الخالي ينزل؟ وإن كان ثقله يغلب جذب ذلك الخلاء ،
فلم ثقل الماء المكب عليه القارورة لا يغلب الخلاء ، بل ينجذب؟ وإمساك الثقيل
المشتمل عليه أصعب من إمساكه الثقيل المباين.
(١١٢٥) ومنهم
من جعل الزمان له وجود ، لا على أنه أمر واحد في
__________________
__________________
نفسه ، بل على أنه
نسبة ما على جهة ما لأمور إنّها كانت إلى أمور إنّها كانت. فقال : إن
الزمان هو مجموع أوقات ، والوقت عرض حادث يعرض وجود عرض آخر مع وجوده ، فهو وقت
للآخر ، أي عرض حادث. ـ
هذه إشارة إلى هذيانات المتكلمين.
(١١٢٦) قول
من نفى الزمان : أنه كيف يكون للزمان وجود ، [وكل زمان يفرضه فارض فقد يتحدد عند فارضه بآنين
: آن ماض ، وآن هو بالقياس إلى الماضي مستقبل] ؛ وعلى كل حال لا
يصح أن يوجدا معا ، بل يكون أحدهما معدوما ؛ وإذا كان معدوما ، فكيف يصح وجود ما
يحتاج إلى طرف هو معدوم؟ فكيف يكون للشيء طرف معدوم؟!
(١١٢٧) قوله : وهذا الشيء الذي هو فيه المعية هو الوقت الذي يجمع الأمرين. فكل واحد منهما يمكن أن يجعل دالا عليه ، كما لو
كان غير ذلك الأمر مما يقع في ذلك الوقت ؛ ولو كان ذلك الأمر في نفسه وقتا ، لكان
إذا بقي مدة وهو واحد بعينه وجب أن تكون مدة البقاء وابتداؤها وقتا واحدا بعينه ، ونحن نعلم أن الوقت المؤقت [هو حد بين متقدم ومتأخر] ، وأن المتقدم والمتأخر بما هو متقدم ومتأخر لا يختلف ، [وبما هو حركة أو
سكون أو غير ذلك يختلف ؛ فليس كونه عرضا لكونه [حركة أو سكونا وهو كونه متقدما] ]
(١١٢٨) لو كان حصول الشمس في الأفق وقتا ، لكان لو بقي حصول
__________________
__________________
الشمس في الأفق
قارّا ثابتا أن يكون الوقت يبقى ، والبقاء يقتضي وقتا ثانيا ، فوجب أن يكون الوقت الواحد يبقى وقتين ويمتد إلى وقت خارج عنه.
(١١٢٩) الأشياء المتقدمة والأشياء المتأخرة بالقياس إلى وقت هو حد مشترك ، ـ مختلفة ؛ معنى التقدم والتأخر فيهما واحد ، فهو لمعنى غير المختلفات ، بل لأمر خارج عنها.
(١١٣٠) ما معنى انقسام
الإمكان في قطع المسافة؟
تبتدئ حركة مع
حركة فنحكم في الوقت أن إحداهما لها إمكان أن تقطع مع سكون حركة ثالثة
مسافة ما ، وأن الثانية لها إمكان أن تقطع مع ذلك السكون نصف تلك المسافة ، فيكون الإمكان الذي [لهذا النصف نصف الإمكان الذي
لذلك بالقياس] إلى ما يصدر عنه من قطع المسافة ، ولو أخذنا شيئا ثالثا
يتحرك مثل حركة المتحرك الذي قطع المسافة إليها ، لكنه وقف مع قطع ذلك المتحرك نصف
المسافة ، كان لنا أن نقول إن بين ابتداء الأول منها إلى انتهائه بتلك الحركة
المعينة السرعة والبطء إمكانا ، وبين ابتداء
الثاني وانتهائه إمكانا آخر أقل من ذلك ، ويختلف الإمكان بحسب سرعة الحركة وبطئها
، وإن كان الابتداء والانتهاء محددا بكون بعض الإمكان لأقلّ
وبعضه لأكثر.
(١١٣١) عدد الحركات إذا انفصل إلى متقدم ومتأخر ، لا في الزمان بل
في المسافة ، ولا يجوز أن تكون نسبة إلى عدم فقط أو إلى وجود فقط ؛
فإن نسبة
__________________
__________________
وجود الشيء إلى
عدم الشيء قد يكون تأخرا كما يكون تقدما ، وكذلك في جانب
الوجود ، بل هو نسبة إلى عدم مقارن أمرا آخر إذا
قارنه كان تقدّما ، وإن قارن غيره كان تأخرا.
(١١٣٢) ولم يجب أن يكون هذا الشيء المنسوب إليه هذان ـ الزمان ؟
ليس معنى قبلية
العدم وتقدمه على الوجود الذي بعد العدم نفس العدمية ولا مقارنته لوجود الباري ،
فإن العدم قد ينسخ الوجود ويكون مع ذلك عدما ومقارنا لوجود الباري ، وليس له
تقدم ولا قبلية ، فإن القبلية معنى غير العدم وغير مقارنته للباري ، وهو أمر غير
جميع ذلك ، ثم يتدرج ذلك إلى إثبات الزمان وتصويره .
(١١٣٣) كيف يعدم الآن المعروض أو المفترض؟ ومعنى قوله : إنه يفسد في جميع الزمان الذي بعده؟ ـ
النقطة موجودة
طرفا لجميع ما هي غير موجودة فيه بالفعل من الخط ، والآن موجود طرفا لجميع ما هو
غير موجود فيه بالفعل من الزمان فهو غيره ، فالآن معدوم في
جميع زمان هو طرفه ، وليس له طرف غيره هو ابتداء العدم ، إذ لا يتلو
الآن آن.
(١١٣٤) [في الموجود دفعة ،
وما لم يوجد دفعة :] ولكن لم يجب أن يكون وجوده المبتدأ دفعة أو عدمه؟
قال : أما الذي لا
يجوز أن يبقى زمانا على صفة واحدة فكالحركة ،
__________________
__________________
وقيل في باب
الحركة إنه الذي يوجد كل آن ـ يعني الحركة التي هي القطع.
(١١٣٥) قوله : فالشيء الغير المتحرك إذا
تحرّك ، والمماس إذا لم يماسّ ، فالآن الفاصل بين زمانيه إذ لا ابتداء مفارقة فيه
ولا حركة ، ففيه مماسّة وعدم حركة. فما معنى قوله : لا ابتداء للحركة وعند انقضاء
هذا الآن ابتداؤها؟ ثم قوله : [لا ابتداء للحركة كلام] لا مفهوم له.
الابتداء للحركة هو حركة ، لأن كل حركة تنقسم إلى حركة.
(١١٣٦) الذي دعا القوم إلى القول بالجزء هو هذه المقدمة التي وضعوها واعتقدوها وهي : أن كل جسم
فإنه يقبل التفريق ، وكل ما يقبل التفريق فإنما يمكن فيه ذلك لأجزاء فيه ، إليها
يكون الانفصال والتجزي وأيضا إن كل ما يقبل التفريق ، فكأن فيه قبل التفريق تأليف ، فإذا توهمنا التأليف زائلا انحلّ إلى ما لا تأليف فيه ، وهي أجزاء.
فأثبتوا بهذا
الأجزاء. ثم قالوا : «وهذه الأجزاء لا تتجزأ» ودعاهم إلى ذلك اعتقادهم أن الأجسام
مؤلفة من السطوح ، والسطوح من الخطوط ، والخطوط من النقط ، وأن النقطة غير
متجزئة.
وأثبتوا جزءا لا يتجزأ ببراهين : منها حركة الكرة على الصفيحة ، [فأن تكون في آن] بعد آن تتماسّ ، بعد تماس ، فهي إذن تلقي شيئا غير منقسم. ومنها حركة خط على خط يكون بتماسّ بعد تماس ، [فيكون بأمر] غير منقسم ؛ ومنها الشكل في المقالة الثالثة
من أقليدس الذي بين فيه وجود زاوية هي أصغر من كل الزوايا الحادّة التي
__________________
__________________
يحيط بها خطوط
مستقيمة.
فبهذه البراهين
وغيرها أثبتوا لا تجزيها. ثم
تشعبوا فرقتين :
فمنهم من قال : «إن
هذه الأجزاء متناهية» محتجا بأنه لو كانت غير متناهية لكان في الخردلة ما يغشّي
وجه السماء والأرض ، وأيضا لكانت أقسام الخردلة مساوية لأقسام الجبل العظيم ،
وأيضا لكان المتحرك مسافة ما ، لا يبلغ قطّ طرفها لأنه يحتاج أن يقطع النصف أولا ،
وما من نصف إلا وله نصف.
ومنهم
من قال : «إن هذه الأجزاء غير متناهية» محتجّا بأن الأجسام قبولها للتفريق والانقسام لا يقف ، وذلك لأجزاء فيها غير متناهية فيولد القول بالطفرة والتفكك من احتجاج الفريقين : لأن اصحاب
اللاتناهي لما لزمهم حديث المسافة طلبوا التخلص من ذلك ، فقالوا إن
المتحرك في المسافة يطفر ، فلا يلزم أن يلقى الأنصاف التي احتججتم بها ويقطعها ، كما أن طرف الرحى ودائرة تقرب من القطب إذا تحركا واستتما الدور يكون في
زمان واحد ، وإنما يمكن ويصح بسبب طفرات تكون للقريبة أقل وللأخرى أكثر.
وأصحاب
التناهي لما أحسّوا
بالطفرة واستشنعوها قالوا : ليس العلة في ذلك الطفرة ، بل العلة
فيه أن الدائرة الصغرى هي أكثر سكنات والكبرى أقل سكنات ، إذ عندهم أن اختلاف
الحركات في السرعة والبطء هو بتخلل السكنات ، فجعلوا الرحى متفككة عند الحركة.
وهذه المقدمات
والبراهين والاعتراضات كلها مستحيلة.
(١١٣٧) المستدير
يخالف المستقيم في النوع لا بالشخص ، فإن أشخاص النوع الواحد تختلف بموضوعاتها أو بأعراض تقارنها :
أولية أو ليست بأولية ؛
__________________
ومقارنة المستقيم
للمستدير ليست كذلك ، فإن هذه المقارنة قد توجد بين مستقيمين وبين مستديرين ،
وليسا بعرضين كيف اتفق ؛ فإنهما يلحقان الخط لحوقا أوليا ، فإما أن يكونا لازمين
فيستوي فيه أشخاص النوع ، فيكون دليلا على الفصل ؛ ولا يجوز أن يكونا غير لازمين
لأن ما يكون غير لازم لا يستوي فيه أشخاص النوع.
(١١٣٨) سئل : لم لا يجوز أن تكون الصورة الحاصلة في المدرك غير
صورة المدرك أو استحالة وتغيّر يعرض في العقل يؤدي إلى إدراك الصورة ، لكنها مؤدية
إلى إدراكها كالشمس التي يكون ما يقع عليها من الأجسام بألوان مختلفة وليس لها لون؟
الجواب : من
الجائز هذا ، فإنه يعرض للعقل تصورات وأشياء كالاستحالة إلى أن يحصل له معنى
المعقول ، فإذا حصل له معنى المعقول فذلك حقيقة المعقول ، وحقيقة المعقول ماهيته ؛
فهنالك هو مدرك للمعقول.
(١١٣٩) جواب مسألة : لا بخلو حصول المعقول في القوابل إما أن يكون على وجه التشابه وبزوال الخلاف إلا من حيث
المقارنة فقط المختلفة ؛ أو يكون ليس كذلك ، بل هناك اختلاف في الكم والوضع وغير
ذلك ، زائد على مفهوم نفس المقارنة ، وإذ لا قسم إلا هذين فلا حصول في القوابل إلا
أحد هذين ، ولا يمكن أن يحصل في جسم إلا ويلزمه كمّ مخصوص ومقارنات لأحوال مداخلة
: من الوضع والكيف والأين وغير ذلك. ليس نفس مقارنة الجسم من حيث هو مقارنة الجسم
حتى تكون الصورة متشابهة والمركب منها ومن الموضوع مختلفا ، بل يكون هناك لنفس
الصورة اختلاف مثل ما كان من خارج ، حتى يمكن أن ينقسم انقسامات مختلفة ، وهذا هو
الذي كان يجعل الصورة غير معقولة ، ولو لم يجعل ، لكان في الموضوع الخارج معقولا ؛
لأن الشيء ليس كونه عاقلا إلا أن تحصل فيه الصورة من حيث هي معقولة فلو كانت مع
هذه المخالطة معقولة ، لكانت المادة يحصل فيها المعنى وهو معقول ، فكان يكون عاقلا
، فتكون المواد الخارجة عاقلة.
(١١٤٠) سئل : ما المانع من أن يكون ما نشعر به من ذواتنا المزاج
الخاص بكل شخص؟
الجواب : لأنه صح
أن النفس ليس بمزاج ، وأنا لا نحسّ ذواتنا كيفية.
(١١٤١) لوازم الذات لا تؤثر في وحدانيتها ولا تتكثر بها الذات
كالمعقولات مثلا ؛ وذلك لأن الذات فاعلة لها لا مستكملة بها منفعلة عنها. بل إنما
كان كذلك لو كانت عادمة لها بالفعل فحصلت لها بالاكتساب فاستكملت بها ، فكانت
حينئذ متأثرة ومتكثرة بها ؛ لأنها إذا اعتبرت مأخوذة مع كمالاتها المستفادة تكون
مركبة ومتكثرة ، وإن كانت باعتبار ذاتها مجردة بسيطة ، وأما إذا كانت هذه الكمالات
واللوازم لها من ذاتها على أنها فاعلة لها فلا يلزم تكثّر وتركيب باعتبار أخذها مع
كمالاتها ، كما لزم عند حصولها من خارج.
(١١٤٢) تشكك
وقيل : المبدأ الذي
يثبتونه ويسمونه نفسا
هو بعينه الحياة.
والجواب
: إن سمي هذا
المبدأ على هذا الحد حياة فلا مناقشة فيه ، وأما إن عني بها ما يعرف من معنى
الحياة. وهو كون الشيء بحيث عنه أفعال على شرطها. فهو غير النفس ، لأن هذا الكون
لا يمنع أن يسبقه مبدأ به يصح هذا الكون ، بل يجب ؛ وإلا لكان هذا الكون للجسم
بذاته يلزم أن يكون كل جسم حيا ؛ والنفس تمنع هذا ، فهذا غير ذاك بالشكل الثاني.
(١١٤٣) تشكك على ما قيل من أن النفس جامعة للاستقصات ، فإن الاستقصات ما لم يجمع وصار على مزاج معين لم يستعد لأن
يكون مادة لنوع ما ، فكيف تكون نفس ذلك النوع جامعة لها؟
والجواب أن النفوس الإنسانية بأن العناصر المستعدة لها قد استحالت
استحالات مثلا صارت خطة ، ثم كيلوسا ، ثم دما ، ثم منيّا ، فيكون قد جمعها أمر
آخر.
__________________
وكذلك النفوس
النباتية : فإن جامع استقصات مادتها أيضا ، كالحنطة مثلا ، أمر خارج قسرا وسبب
سمائي حتى تحصل النار في حيّز الأرض والماء والهواء يقربها كسخونة تحصل في الطين
فيكون حمأة مثلا. فإذا اجتمعت وتفاعلت استعدت لقبول صورة فتكون في المثالين جميعا
جامعة لاستقصات ذلك النوع من حيث هي ذلك ، جمعا مقتضيه ذلك النوع ، لا جامعة
للاستقصات التي في قوتها أن تكون نوعا. وجملة ذلك أنها تجمع استقصات نوعها من حيث
هي لنوعها وهذه الاستقصات تقسيمها واجتماعها على خلاف ما كان مجتمعا عليه حين كان
بالقوة مادة ، وذلك الاجتماع كان سببه أمرا خارجا غير هذه النفس الجامعة لها إذا
كانت مادة.
(١١٤٤) مما يعين على صدق الرؤيا وصحته : أما من جهة المزاج
فالاعتدال ؛ وأما من العادة فالصدق ؛ وأما من الأوقات فالسّحر.
(١١٤٥) المربعان المفروضان متشابهين على وضعين مختلفين يمنة ويسرة
إذا ادركا وتخيلا متغايرين متمايزين فإما أن يكون لأجل المربعية ولا يوجب ذلك
اختلافا إذا فرضا متشابهين متساويين ؛ وإما أن يكون لعارض لازم ولا يوجب أيضا
الاختلاف لتشاركهما فيه ؛ وإما لعارض زائل ويلزم تغير المتخيل عند زواله فيكون
إنما يتخيله كما هو لأنه يقترن به ذلك الأمر فإذا زال تغير ، لكن ليس يحتاج المتخيل
في تخيله إلى إضافة عارض إليه وقرنه به بل يتخيل كذلك من دون التفات إلى أمر يقرنه
به ، فيتخيل هذا المربع يمينا وذاك يسارا دفعة على أنهما في نفسهما كذلك لا بسبب
شرط يقرنه بهما ؛ وبعد لحوق ذلك الشرط بفرضهما كذلك كما يجوز ذلك الفرض في المعقول
لأن الجزئي لم يتخصص بالمعنى المشخص ، والوضع المحدود لم يرتسم في الخيال ؛ وليس
هو مما يجري عليه فرض الحد. وأما في الكلي العقلي فقد يتميزان بأن يقرن العقل
بالمربعين حدي التيامن والتياسر ، وفي مثله يصح لأنه أمر فرضي يتبع الفرض في
التصور ، فيلحق المربع هذا الحد لحوق الكلي بالكلي ، إذ يجوز أن يثبت في العقل كلي
من غير إلحاق
شيء به ويكون
معدّا لأن يلحق به ما يلحق وفي الخيال ما لم يتشخص الجزئي لم يثبت ولم يتخيل كما
شرح. فقد بطل أن يكون التمييز بسبب عارض لازم أو زائل أو مفروض.
(١١٤٦) الإقبال على بعض الصور المعقولة يشغل عن إدراك غيرها ، لا
لتمانع الصور العقلية لكن بسبب البدن.
(١١٤٧) معقولات
الأوّل من لوازم ذاته
ووجودها في الأعيان من لوازم لازمه.
(١١٤٨) معقولات
الباري هي من ذاتها في
ذاتها : فذاتها هي الفاعل والقابل. وهذا لا يمتنع فيما لا يكون زمانيا ، وإنما
يستحيل في الزمانيات.
(١١٤٩) الخيال يتخيل السواد والبياض في جزءين متميزين ولا يدركهما
معا في شبح واحد خيالي ساريين فيه ، والعقل المجرد يدركهما معا ؛ وكلاهما الإدراك
التصوري : فهذا بذاته وذاك بالآلة.
فإن
قيل : «إن العقل أيضا كذلك» فالجواب : أنه ليس كذلك لأنه يدركهما معا على سبيل التصور ، ومن حيث
التصديق يمنع أن يكون موضوعهما واحدا ، والخيال لا يتخيلهما معا لا على سبيل
التصور ولا على سبيل التصديق. والدليل على أن العقل يتصورهما معا أنه يحكم بأنهما
لا وجود لهما في الأعيان معا في موضوع واحد ، فإنهما لا محالة يكونان موجودين في
العقل حتى يمكن أن يحكم عليهما بهذا الحكم.
(١١٥٠) الأشخاص المتكثرة لا تتكثّر بأعراض لازمة للنوع وإلا
لاشترك فيها الجميع. فما كان كثرة فإذن يتشخص بأعراض لا حقة ، واللاحقة تلحق عن
ابتداء زماني ، وذلك لأن اللاحقة تكون تابعة لسبب عارض لبعض الأشخاص دون بعض ،
وعروض السبب الذي تتبعه هذه اللاحقة المشخصة لبعض دون بعض يكون بسبب آخر ، ثم كذلك
يتسلسل ، فيكون وجود مثل ذلك بالحركة ، فيكون حادثا ، والذي أوجب هذا هو عروضه
للبعض دون البعض ، فلزم أن يكون
بسبب ، وكذلك ذلك
السبب يحتاج إلى آخر حتى يتسلسل ، ويلزم أن يكون بالحركة فيكون حادثا. وأما إن فرض
عروضه للكل لم يلزم شيء من ذلك.
(١١٥١) اطلاع القوة العقلية على ما في الخيال إنما احتيج إليه
ليعد النفس لقبول الفيض من فوق ، وهذا الاطلاع هو الأفكار والتأملات والحركات
النفسانية وكلها معدّات للنفس نحو الفيض ، كما أن الحدود الوسطى أيضا معدّات لقبول
النتيجة ، لكنها بنحو أشد وآكد.
(١١٥٢) العقل إذا أدرك أشياء فيها تقدم وتأخر أدرك معها الزمان
ضرورة ، ولكن لا في زمان بل في آن لأن العقل يعقل الزمان في آن. وتركيبه للقياس
والحد يكون في زمان ، إلا أن تصور النتيجة يكون في آن.
(١١٥٣) ومن كلامه على أن النفس ليس بجسم ولا قائما في جسم : بين ذلك بتوسط كون النفس الناطقة مدركة وقابلة ومحلا
لأمور غير منقسمة ـ أعني المعقولات ـ وأن الأمور الغير المنقسمة لا تحل في محل
منقسم ، وإلا لانقسمت بانقسام محلها عن هذه المعقولات. إما أن تكون بسيطة لا أجزاء
لها ، إما كليات كالوحدة مثلا ، والبياض من حيث هو معقول كلّي لا من حيث هو في
المواد ؛ وإما ذوات قائمة كالمفارقات ؛ وإما أن يكون لها أجزاء هي معقولات اخر.
فيكون الأجزاء أجناسا وفصولا. فإذا فرضناها حالّة في أمر جسماني تحتمل قسمة غير
متناهية بالقوة ، لزم أن يكون الفصول والأجناس غير متناهية. فيكون لا من متناه
متعين مقومات غير متناهية بالقوة ، وقد ثبت تناهيها بالقوة. ويلزم محالات اخر ذكرت
في كتاب
النفس.
(١١٥٤) بيان آخر :
الضدّان مثلا ـ كالبياض
[والسواد] لا يجتمعان معا في موضوع منقسم ، لكنهما مدركان معا ومجتمعان معا في أمر
ما عند هذا الحكم
__________________
عليهما ؛ فمدركهما
إذن غير منقسم.
(١١٥٥) آخر :
قد تجرد الأمور
الجسمانية عن الوضع وسائر اللواحق ـ كالكم والكيف وغيرهما ـ حتى تصير معقولات كلية
؛ فهذه المعقولات إما أن تكون موجودة في الأعيان من خارج على مذهب أفلاطن ، فتكون
صورا أفلاطونية ـ وذلك محال ـ وإما أن تكون موجودة في شيء غير منقسم.
(١١٥٦) آخر استشهادي :
كل مدرك بأمر
جسماني فإنه يضعف عند إدراك القويّ ، حتى لا يدرك عقيبه الأمور الضعيفة ، ولذلك
عند مداومة العمل والانعكاف عليه ، والمدرك العقلي يزداد معهما قوة وكمالا ،
فالعقلي غير مدرك بأمر جسماني.
(١١٥٧) آخر :
قد ندرك ذواتنا
ولا ندرك شيئا من أعضائنا الباطنة ، فهذه غير تلك ، ولا يجوز أن يكون المدرك شيئا
من أعضائنا الظاهرة. أو جملتها أو مجموع البدن ؛ وإلا لكان إذا ابين ذلك العضو
وأبطل ، بطل الشعور بالذات أو نقص ؛ وليس كذلك ، فإن المدرك من الذات عند عدم بعض
الأعضاء وعند وجود جميعها واحد لا يختلف.
وعلى هذا المطلوب
بيانات اخر ذكرت في الكتب.
بسم الله الرحمن الرحيم
بالعزيز الحكيم
أثق وعليه أتوكل
(١١٥٨) كتابي ، أطال الله تعالى الكيا الفاضل الأوحد وأدام عزّه وتأييده ، ونعمته وتمهيده ، وأجزل من كل خير مزيده
، عن سلامة والحمد لله وحده. ووصل كتاب الكيا الفاضل [الأوحد أدام الله تمهيده] ـ أعزّ واصل وأكرم وافد ، وفهمته وشكرت الله ـ عزّت قدرته ـ على ما تحققته من
خبر سلامته ، وانتظام أمره واستقامته ـ شكرا يوجبه عثوري على مثله ، في فضله وعقله
؛ وسألت الله عزّ جلاله أن يقرن ذلك بالتأييد ، وإلحاق جديد ، ومزيد على الجديد ، ـ إنه على ما يشاء قدير. وشكرت تطوّله ، أدام الله تأييده ، فيما آثره من
مفاتحة سبق إلى فضلها سبق المستولي على الأمد ، المقلّد للمنة المشكورة يد الأبد ؛
وتبركت بما تيسر لي عفوا من عقد عهد [وودّ مع مثله] أيّ عقد ؛ وسألت الله أن يمتّعني بذلك ويزيده إحكاما ، وإبراما ويتمه إتماما ـ إنّه وليّ الرحمة. وفاوضت المجلس العلائي ـ حرس الله عزه ـ في بابه : «عمل
من طبّ لمن حبّ» ـ فصادفت رغبة فيه أكيدة ، ومقة لمثله شديدة ، وجبنا قليلا عن العزم
الحزم عليه أن تصير إليه ، فتكون العهدة
__________________
__________________
في ذلك أقوى ،
والاعتذار في تقصير ـ ربما يقع ـ أخفى. فقد علمت الحوائج التي أنحت على التحمل
العد كان ، والخزائن والقلاع المشحونة كانت بالذخاير والمؤذن
المترادفة الماصّة لنقي الحال ، ومثل ذلك لا يخلو عن التقصير المؤدي إلى التشوير . فإذا كان الإلمام ابتداء [لا إجابة ، واعتمار السّدة تطوعا لا طاعة] ، كان وقع التقصير أخف ، والعذر فيه أوضح. ولعل الجواب اقتضى أنه ـ أدام الله
عزه ـ لو تبرّع غير مأمور ولا مسام ، فطرق الباب يلقي في الحال بما يسمح به الوقت ، وخطب مداراته ، إلى أن تجد اليد انبساطا ، والأسباب المختلّة انتظاما.
فحينئذ يريد في أمره بما يقتضيه استحقاقه ويوجبه فضله. فهذا هذا.
وأما تصرّفه في
العلم والفضل فقد عرّفني قدره ، وحقّق لديّ أمره ، وألفيته ـ والحمد لله ـ كافيا
وافيا ، موفيا على أقرانه عاليا ؛ وقد يثنى بصفة صديق حرّرته كما هو لم يعد الحق فيه ،
فالأمر على ما يحكيه ، ولكنه مع ذلك عزيز وفضله كثير والله يحوطه .
(١١٥٩) والذي ذكره من اختلاف الناس في أمر النفس والعقل ، وتبلّدهم وترددهم فيه ، لا سيما البله النصارى من أهل
مدينة السلام ، فهو كما قال ، وقد تحير الإسكندر وثامسطيوس وغيرهما في هذا الباب ، وكلّ أصاب
__________________
__________________
من وجه ، وأخطأ من
وجه ، والسبب فيه التباس مذهب صاحب المنطق عليهم ، وظنهم أنه إنما يخوض في بيان بقاء النفس أو عدمها عند الموت حيث يصنّف المقالة الأخيرة من «كتاب النفس» ؛ وليس كذلك ، بل فرع سرا في المقالة الأولى حين يناظر ديمقراطيس عن أمر النفس ، وأعطى الأصل لمن
يفهم في ذلك ، وهو أن الشيء الذي تتصوّر فيه المعقولات الكلية غير منقسم ، فمنع أن يكون الجوهر الجسماني هو المتلقي للمعاني العقلية بالقبول ، فالمتلقي لها إذن جوهر قائم بذاته غير منقسم ولا في منقسم ، حتى يعرض له بسببه الانقسام ، فتكون له براءة عن مشاكلة كل جسم وجسماني.
ثم إنه في المقالة
الأخيرة إنما يتجرد لبيان القوى المرافقة للنفس في البقاء ، وقد دلّ قبل على أن
الحسّية والخيالية والذّكرية ونحو ذلك والحركية لا تقوم بغير جسم ، وتبين من خلل
كلامه أن الإدراك الحسي الظاهر والباطن لا يكون إلا بمنقسم ، وأحبّ أن يبحث عن القوى العقلية وابتدأ بالقوة التي يقال لها العقل
الهيولاني ، فبيّن أنها لا تضمحل ، ثم انتقل إلى غيرها فصرح بأنها لا تضمحل أيضا.
ولفظة : «أيضا» تدل على أن حكما ثابتا جار مجرى الأول .
ولأن بعض الناس
توهم غير هذا ـ بناء على ظنه أن العقل الهيولاني استعداد للقلب ، فكأن المعقولات
يتلقاها جسم القلب بهذا الاستعداد ـ تبلبل وأساء الظن وزاغ عن المحجة المثلى.
فالحق أن هذا
العقل استعداد لجوهر النفس ، لا لشيء من الجسم ، وأنه
يصحب جوهر النفس في كل حال. وقد بسطت القول في أن المعقولات لا يتلقاه المنقسم ، بسطا مغنيا شافيا. ولعله يعرض عليه إذا قدر الله الالتقاء به.
__________________
(١١٦٠) وأما كتاب يحيى النحوي في مناقضة الرجل ، فكتاب ظاهره سديد وباطنه ضعيف. وفي
الوقوف على تلك الشكوك والتوصل إلى حلها قوة للنفس وغزارة للعلم. وقد قضيت الحاجة
في ذلك فيما صنفته من كتاب «الشفاء» العظيم المشتمل على جميع علوم الأوائل ، حتى
الموسيقي ، بالشرح والتفصيل والتفريع على الأصول. وتلك الشكوك ليست مما يتفطن لعقدها الرسميون ممن تعلمه ، فإن انحلالها مبنيّ على فروع أصول من كتاب «السماع
الطبيعي». فإن بين «السماع الطبيعيّ» وبين «السماء والعالم» أصولا هي فروع للاصول الموردة في «السماع الطبيعي». وتلك الفروع غير مصرّح بها في «السماع الطبيعي» تصريحا بالفعل ، بل بالقوة. فمن لم يتقدم أولا ويمخض معاني «السماع الطبيعي» عن زبد تلك الفروع ، كان مفرّطا فيما يحاوله من فهمه
، وعرض له ما عرض لفلان وفلان ويحيي
النحوي.
ولقد حاول قوم
مناقضة تلك المناقضة ، فأتوا البيوت من ظهورها دون أبوابها ، وحملوا أنفسهم على القناعة بما أوردوه حملا عسوفا. ونحن فقد أوضحنا هذه
المتوسطات بين الكتابين ، ومن وقف عليها وجد جميع الشكوك
__________________
__________________
ناكلة ليس لها
روعة.
(١١٦١) والذي استخبره من حالي في التعرض لمثل ذلك : فأخبره أني
كنت صنفت كتابا سميته «كتاب
الإنصاف» ، وقسّمت
العلماء قسمين : مغربيين ومشرقيين. وجعلت المشرقيين يعارضون المغربيين ، حتى إذا
حقّ اللداد ، تقدّمت بالإنصاف. وكان يشتمل هذا الكتاب على قريب من
ثمانية وعشرين ألف مسئلة. وأوضحت شرح المواضع المشكلة في الفصوص إلى آخر «أثولوجيا» ، على ما في أثولوجيا من المطعن.
وتكلمت على سهو المفسرين ، وعملت ذلك في مدة يسيرة ما لو حرّر لكان عشرين مجلدة.
فذهب ذلك في بعض الهزائم ، ولم يكن إلا نسخة التصنيف ، وكان النظر فيه وفي تلك
الخصومات نزهة . وأنا ، بعد فراغي من شيء أعمله ، أشتغل بإعادته ، وإن كان
ظل الإعادة ثقيلا. لكن ذاك قد كان يشتمل على تلخيص ضعف البغدادية وتقصيرهم وجهلهم.
والآن فليس يمكنني ذلك ، ولا لي مهلته ، ولكن أشتغل بمثل الإسكندر وثامسطيوس ويحيى
النحوي وأمثالهم.
(١١٦٢) وأما أبو نصر الفارابي فيجب أن يعظم فيه الاعتقاد ، ولا
يجرى مع القوم في ميدان. فيكاد أن يكون أفضل من سلف من السّلف ، ولعل الله يسهل
معه الالتقاء ، فتكون استفادة وإفادة ، وليعذرني في تشوش الخط وتعوّج الحروف ، فما
توليت مخاطبة بيدي منذ سنة وسنتين لأمراض نهكتني وطالت علي وامتخرت
هنانتي وكانت أقعدتني وكفّت يدي عن الخط والكتابة. فهذا أول ما كتبته ، وهو من
بركات معرفته ؛ والله يمتّعني به ، ورأيه في ذلك موفّق إن شاء الله.
__________________
الفهارس
١ ـ الفهرس الأبجدي للموضوعات والاصطلاحات
|
٣٧٨ ـ ٣٩٦
|
٣ ـ فهرس الأعلام والأمكنة
|
٣٩٧ ـ ٣٩٨
|
٤ ـ فهرس الكتب والرسائل
|
٣٩٩ ـ ٣٩٩
|
فهرس المراجع
|
٤٠٠ ـ ٤٠٠
|
الأرقام في الفهرس
تشير إلى الفقرات.
الفهرس الأبج دي للموضوعات
الآخرة : امورها
مخفية علينا ٦٠٦.
الآلة : إدراكها
١٧ ـ ١٨ ـ ١٩. الجسمانية لا يعقل العقل بها ٢٥٢ ـ ٢٥٣. التعقل ، الإدراك.
آلة استعداد
المقارنة لا تكون آلة تلك القوة : ١٠٥.
آلة الوهم : ٥٢٠
ـ الآن : ١١١٤. عدمه في الزمان ١١٣٣. الفاصل بين الزمانين ١١٣٥.
الأب : هل يكون
جامع الاستقصات في المني والولد ٤٠٧.
الإبداع : ٨٦٨.
الإبصار : ٢٩٤ ـ
٨٧ ـ ٨٨ ـ ١٠٧٧. الشعور به الاتصال : ٧٧٧ ـ ٧٧٨. ١٠٧٨.
الأثر : قد يكون
في المتأثّر خلاف ما في المؤثر ١٦٦. لا يبقى بعد المؤثر ٨٦ ـ إلى ـ ٩١.
الاجتماع : ٦٥٩.
الأجسام
السماوية : تأثيرها في النفس ٦٠٦.
الأجسام الفلكية
: تأثيرها في القوى ٧٤٥ ـ ٧٤٦.
الأجناس : توابع
الفصول ٦١٩.
|
|
الإجماعية
الوهمية : ٨٦١.
الأحد الحق :
٨٤٣.
الإحساس : ٩٧.
الأحلام : ٢٦٤.
الاختلاف : في
الأشياء من أين؟ ٦١٩.
اختلاف الحال من
الحركة ٨٧٧.
أخذ القسمة في
تصحيح الحد : ٧٥٩.
الأخس : لا يكون
علة للأقوى ١٠٣. فعله في الأشرف ٦٠٩ ـ ٦١٠.
أخلاط الحيوانات
: ٧١٨ ـ ٧١٦.
الأخلاق : ٥٧٥.
الإدراك : ٢١٩ ـ
٢٤٠ ـ ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ـ ٢٦٢ ـ ٤٤٥ ـ ٤٤٧ ـ ٥٠٩ ـ ٥١٠ ـ ٥١١ ـ ٥١٢ ـ ٥١٨ ـ ٥١٩ ـ
٥٢٣ ـ ٥٤٥ ـ ٥٤٦ ـ ٥٤٧ ـ ٦٥٢ ـ ٦٥٣ ـ ٦٥٤ ـ ٦٥٥ ـ ٦٦٥ ـ ٦٦٦ ـ ٧٠٨ ـ ٧٠٩ ـ ٧٢٤ ـ
٧٢٥ ـ ٧٧٤ ـ ٧٦٤. بالآلة ١٠٨٢. التصوري ١١٤٩. للصور ٢٣٩ ـ والشعور ٢٤٠ ـ ٢٤١ ـ ليس
بقوة جسمانية ٤٥٦ ـ ٤٥٧. ليس سببه الكيفية ٢٢٣.
|
الإدراك : يحتمل
كونه غير المدرك ١١٣٨.
إدراك الجزئي
للنفس : ٦٢٤.
إدراك الذات :
٥٢٢ ـ ٦١٦ ـ ٦٦٨ ـ ٦٧٠ ـ ٦٧١ ـ ٦٧٢ ـ ٦٧٥ ـ ٧١٧.
إدراك الإنسان
لذاته : ٤٣٦ ـ ٤٩٤ ـ ٥١٤ ـ ٥١٥.
إدراك الصور
واستحضارها واحد : ٢٣٩ ـ ٢٤٠.
الادراك العقلي
: ٢٤٠ ـ ٤٤٠ ـ ٥٩٧ ـ ٥٩٨ ـ ٦٧٠.
إدراك المجرد
علامة التجرد : ٣٠٢ ـ ٣٠٣.
إدراك المعدوم :
٧٢٤.
ادراك المفارق
لذاته : ٥١١.
الأذهان الثاقبة
: ٤٢٤.
الإرادة : ٨٥٤ ـ
١٠٤٣. الجزئية : ٧٤٨ ـ ٧٤٩.
الأرض : سكونها
الدائم ٦٨١. تحريكها إلى الوسط ٦٧٦ ـ ٦٧٧.
الأرضية :
اختلاطها بالمائية في وسط العالم ٤١٠.
الأزليات : ٨٢٠
ـ ٨٢٤.
الاستحالة لا
تكون سببا للزمان : ٦٣٤.
استحضار الصور
وإدراكها واحد : ٢٣٩ ـ ٢٤٠.
الاستعداد :
١٤٩. سبب الاختلاف ١٠٣٠. يبطل بعد الفعل ١٤٨.
الاستغفار
للموتى : ٨٨٥.
الاستقراء
الدائر : ٧٥٩.
الاستقسات
المقسورة : ١٠.
استيراد البدل :
٧٠٣.
اسم الفاعل :
٨٣١.
اشتراك الأسماء
: ٥٦٩.
الأشخاص : كيف
تتكثّر : ١١٥٠.
الأشرف :
انفعاله من الأخسّ : ٦١٠ ـ ٦٠٩.
|
|
الأشياء القائمة
بذاتها : ٧٥٨ ـ ٧٨٨.
الأشياء العامة
للامور : ٨٠١ الأصل الأول : ٣٤٣.
الإضافة :
إضافتها ٨٥٢. تعلقها بالموادّ ١٩٠ ـ إلى ١٩٤. تقتضي الاثنينيّة ٧١٥ إضافتها ٨٢٨ إعادة
المعدوم : ٤٢٢ ـ ٤٢٣.
الاعتبار الحسّي
: ٦٠٨.
الأعراض :
بساطتها ٤ ـ ٨. الجسمانية ٧ ـ ٨.
الأعمال : ٥٧٥.
الإعياء :
الاستدلال بها لإثبات النفس ٤١٤.
سببها ٢٠ ـ ٢٢ ـ
١٠٠ ـ ١٠١ ـ ١٠٢.
الأفعال : دليل
إدراك النفس لذاته ٦٤ ـ ٦٥.
الأفلاك : ٧٠٢.
الاقتناص للعلم
: ٦٠٠ ـ ٦٠١.
الأقدم بالقياس
: ٨١٠.
اكتساب النفس
للهيئة الإذعانية الاستعلائية :
٦٠٢.
الألفاظ : البحث
عنها في المنطق : ٥٧٩ ـ إلى ٥٨٥.
الألفاظ
المشتركة ـ المشككة : ٦٩٢.
ألفاظ حكيت
مختلّة : ٢٢٢.
الله تعالى
الأول.
الالم غير
الإحساس : ٩٧ ـ ٩٨.
الامّ : ٤٨٤.
الأمزجة الشديدة
والضعيفة : ٤٦٧.
الإمكان : ٦١٥ ـ
٧٠٥ ـ ٨٢٠ ـ ٨٢٤ ـ ٨٢٩ ـ ٨٣٠ ـ ٨٦٧ ـ ٨٦٨ ـ ٨٨٩. الاستعدادي ١٤٩. بالقياس ٧٠٦.
للمعدوم ١٦٨ ـ ١٦٧
|
الإمكان :
للهيولى ١٦٨ ـ ٧٩٤ ـ لا امكان له ٨٢٧. من لوازم الماهية ٨٢٥ ـ ٦١٥ للعدم ٤٣٢ ـ ٤٣١.
امكان الوجود :
٤٣١ ـ ٤٣٢ ـ ٧٧٦ ـ ٧٨٨ ـ ٧٩٠ ـ ٨١١ ـ ٨١٢ ـ ٨١٣ ـ ٨٢٠ ـ ٨٢١ ـ ٨٢٣ الامور :
تقسيمها باعتبار الوجود ١٠٤٤.
الامور
التدبيرية : ٥٧٠.
الإنارة : ٧٧٩.
انحفاظ
المقسورات : ١٠.
الإنسان :
إدراكه لذاته ١٨ ـ ٥٨ ـ ٦١ ـ إلى ٧٥ ـ ٢٤٦ ـ ٢٧٨ ـ ٢٩٢ ـ ٤٢٧ ـ ٤٣٥ ـ ٤٣٦ ـ ٤٥١
ـ ٤٩٤ ـ ٤٩٥ ـ ٥١٤ ـ ٥١٥ ـ ٥١٦ ـ ٥١٩ ـ ٥٢٩ ـ ٥٣٠ ـ ٦٥٥ ـ ١٠٠٦ ـ ١٠٢٣ ـ ١١٤٠.
إدراكه لآلاته ١٩. تعقله ٢٠٤ ـ تغير ذاته ٥٢٩ ـ ٥٣٠. ثباته مع تغيير المزاج ٤٠٠
ـ ٤٠٣ ـ ٤١٦. جوهره لذاته ٤٢٧ ـ ٤٢٨ ـ ٤٣٠. حكمه على الغير بما في نفسه ١١٠.
شعوره لذاته ٥٠٢
ـ ٥٠٣ ـ ٥٠٧ ـ ٥١٠ ـ ٦٥٦ ـ ٦٦٨ ـ ٦٦٩ ـ ٨٨١ ـ ١٠٢٣. شعوره بذاته بعد المفارقة
٨٩٣. ضعف قواه عند الشيخوخة ٧٥٢. العقل الفعال فيه ٤٩٣ ـ قوته التي بها يشعر
بابصاره وسماعه ٨٩١.
كماله ٧٩٧. لا
يلتذّ بكماله إلا بعد الموت ٦٤٢. كيف يتذكر ٢١٥. المعنى المعقول منه ٧٣١. ميله
إلى العلو أو السفل ٤١٣.
واجبيّته ٦٥١.
يختلف أفراده فطانة وبلادة ٥٦ ـ إلى ٥٩.
الانطباع : ٥٦٤.
|
|
الانفعال : ٩٣ ـ
١٥٧ ـ ١٨٦ ـ ١٠٨٣.
الانقسام : ١٩٤.
الأنواع : هل
فيها شيء ثابت ٢٠٨ ـ ٢٠٩.
الانيّة : ٨١٨.
الأول تعالى :
٥١١ ـ ٦٩٠ ـ ٦٩٢ ـ ٧٢٧ ـ ٧٢٨ ـ ٧٩٢ ـ ٧٩٣. الأثر الذي ينال منه ٨٧٦.
اطلاعه على الكل
٨٩٥. صدور الأشياء عنه ٦١٣ ـ ٦١٤. صفاته ٨٣٨. العقل البسيط فيه ٨٤٤. العقل الذي
يفعل المعقولات فيه ٨٤٥.
عقله لذاته
وللأشياء ٨٧٣. عقله للأشياء ٦١٦. علمه ٣٦٤ ـ ٦٣٩ ـ ١٠٩٠ ـ ١١٠١.
علمه سبب لوجود
الأشياء ٦٩٩ ـ ٧٠٠. فعله ٨٥٣ ـ ٨٥٥. لا ماهية له ٧٩٢. مبدء للوجود والجوهر ٨٦٢.
معشوق الكل ٨٧١. معقولاته ١١٤٧ ـ ١١٤٨. هداه وإضلاله ٣٨٢ ـ هويته أنه يجب وجوده
٤٧٩. راجع الحق تعالى.
الأول الحق : كل
شيء غيره مركب : ١٦٢.
حقيقته
الواجبيّة ٤٧٦.
أول الأمور في
الوجود : ٨٠٠.
ايساغوجي : ١٣٦.
الايجاد : ٧٣٧.
* * *
باريرمينياس :
١٣٦.
الباري : ١١٠٤.
بدل ما يتحلل :
٧٠٢ ـ ٧٠٣.
البدن : أثره في
النفس ٢٦٧ ـ ١١١. استكمال النفس به ٦٠٧ ـ ٦٠٨. ربط النفس معه ١٦٥ ـ ١٤٣ ـ ٦٠٢ ـ ٦٠٣
ـ ٦٠٤.
|
البدن : طلبه
بدل المتحلل منه ١٠٨٦. علة بقائه بعد الموت ٤١٠ ـ ٤١١ ـ ٤١٧ ـ ٤١٨. عدم ثبات
أجزائه ٤٥٧. معاوقته لإدراك النفس ٦٠١ ـ ١١٤٦. هل يمكن بقائه ٧٠٢.
البذور : ٣٦٠ ـ ٤٨٠
ـ ٤٨٥ ـ ١٠١٣ ـ ١٠٤٢.
تنفعل ظاهرها
أولا ثم باطنها ٣٢٧ ـ ٣٢٨.
البرهان : ساقط
عند الشهود ٢١.
برهان إن ، لم :
٦٠٨ ـ ٦٢١ ـ ٦٢٢ ـ ٦٢٨ ـ ٦٣١.
البرهان العرشي (الشرقي)
: ٢٩٨.
البساطة : قد
تكون من النقص ٣٤٠ ـ ٣٤١.
البسيط : ٣٧٠ ـ ٧١٤.
صدور الأفعال المختلفة عنه ٢١٠ ـ ٢١١ ـ ٣٥٣ وجوده لذاته ٧١٤ ـ يعقل ذاته من
مباديه ٦١١.
البسيط الحق :
١٦١.
البصر : ٤٩٥ ـ ٥٥١
ـ ٥٦١ ـ ٥٦٢ ـ ٥٦٣. كيفية انفعاله ٧٥١.
البعد : ١١١٨.
البقاء : حبّه
٨٧١.
البهجة التي
تأتي من الله تعالى : ٧٩٨.
البهيمة :
إدراكها ٢٥٠.
البياض : ٥١٨ ـ ٥١٩.
لم لا يدرك ذاته ٥٠٩ ـ البياض المعقول : ٧٢٠.
* * *
التأثير : ٩٠.
التأخّر : ٨٠٨ ـ
٨٠٩ ـ ٨١٠ ـ ١١٣١.
التأدية : ٧٥ ـ ٧٦
ـ ٧٧ ـ ٧٨ ـ ٨٠.
التجريد : ٧٢٠ ـ
٧٣٢ ـ ٧٣٣ ـ ٧٣٥ ـ ١٠٧٠.
التحيّز : لزومه
للهيولى ٧٢١.
|
|
التّحيز :
التشخّص به ١٠٤٧ ـ إلى ١٠٥٧.
التخيّل : ٥٩٨ ـ
٧٢٦ ـ ٧٥٣.
التذكّر : ٦٣٧.
التركيب المقوّم
: ٣٤١.
التشخّص : ٥٣١ ـ
٨١٨ ـ ١٠٤٥ ـ إلى ١٠٥٠. بما ذا ١٠٦٧. للأعراض والصور ١٠٦٨ نسبته بالمعقولية
١٠٧١.
التصديق :
مبدءه. ٨٧٣.
تصور الشخص :
١٠٤٥ ـ إلى ١٠٥٠.
تصور الصور :
٢٤١.
التصورات الأول
الكلية : ١٥١.
التعب : ٦١٦.
تعبير الرؤيا :
٢٦٤.
التعقل : ٤٣٣ ـ ٤٣٥
ـ ٤٢٦ ـ ٤٢٧ ـ ٤٣٠ ـ ٤٤٧ ـ ٦٢٣ ـ ٧٣٤. يحصل حقيقة المعقول للعقل ٤٤٣. استحضار
صورة المعقول ٢٠٣ ـ ٢٠٥.
تعقل : الذات
٢٨٢ ـ ٢٨٣ ـ النفس بالمعنى العام ٦٢٥ ـ ٦٢٦.
تعقلنا : لذاتنا
٤٣٨ ـ ٤٤٣ ـ ٤٤٤ ـ ٤٤٥ ـ ٤٤٧ ـ ١٠٢٣ ـ المفارقات ٤٣٣ ـ ٤٣٤.
التعلّم : ١١١ ـ
٢٣٥ ـ ٨٥٨.
التعيّن : ٦٥٤ ـ
٨١٨.
التغيّر : ليس
سببا للزمان ٦٣٤.
التغيّرات :
٨٥٧.
التقابل بين
الواحد والكثير : ٧٥٧.
التقدم : ٨٠٨ ـ ٨٠٩
ـ ٨١٠ ـ ١١٣١. الذاتي ٨١٤.
التقدير في المزاج
الحيواني : ١٠٣٧ ـ ١٠٣٨.
التلويح : ١٠٦.
|
التماثل الشخصي
: ١٠٥٣.
التميّز : ٦٤٨.
التناسخ : ٦٠٢.
التوحّد : ١٠٦٧.
التوقّف : ١١٧.
التوهّم : ٧٤٦.
* * *
الثابت : في
الإنسان : ٢٠٨ ـ ٤٠٠ ـ ٤٠٣ ـ ٤٥٨ ـ ١٠١٢. في الحيوان ١٠٨٥.
الثبات : ١٠٠٤.
الحق : ٨٤٣.
* * *
الجاذبة : ٣٤٧.
الجامع : لأجزاء
الولد ٤٨٠ ـ ٤٨٢ ـ ٤٨٥ ـ ٤٨٣.
لأخلاط الحيوان
٣١١ ـ ٣١٠ ـ ٧١٦.
الجدل : ١٣٨.
الجرم السماوي :
١٠٤٢.
الجزء الذي لا
يتجزى : ١١٣٦.
جزء العلة علة
برأسه : ٤٧٢.
الجزئي : إدراكه
٢٧٩ ـ ٦٢٤.
الجسم : ٣٧٣ ـ ٣٧٤
ـ ٤٨٦. أثره وفعله ٢٥ ـ ٢٨.
انفعاله ٣٠.
البسيط ٥٩٠. تركيبه من الأجزاء ١١٣٦. الطبيعي ١٠٠٣. علته من حيث أنه جوهر ٣٧٣.
العنصري ٧١٢. فعله لا يكون إلا بالوضع ١٠٥٨ ـ ١٠٥٩ ـ ١٠٦٠. قد يؤثر في آخر غير
كيفيته ٨٢. قوته متناهية ٥٨٦ ـ ٥٨٧ ـ ٥٨٨ ـ ٦٣٢ ـ ٧٠٢ ـ ٧٠٤ ـ ٧١١. قوته للحركة
الغير المتناهية ٦٨٣ ـ ٦٨٤ ـ ٦٨٥.
لا يحتوي على
المعقول : ٦.
|
|
الجسم : لا يكون
عاقلا ١١٣٩. لا يدرك ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ـ لا يكون واهب الصور ٧٤٣ ـ ٧٧٢.
لا يفيد صورة
١٠١٠. لا يكون علة للنفس أو العقل ١٠٦٥. لا يوجد صورة عقلية ١٠٧٤.
ليس الحركة من
لوازمه ٣٠٤. لم يدرك بعض قوى الأجسام دون بعض ٥٤٧. للعامل فيه نسبة إلى المادة
٢٤. النامي ١٠٩١.
الجلايا
المقدسات : ٧٣٦.
الجنس : تابع
للفصل ٦١٩. ليس الشخص ٣٠٧.
لا يبقى مع
بطلان الفصل ١١١٨.
الجواد المطلق :
٨٤٢.
الجوارشن : ١١٠.
الجوهر : ٣٧٩ ـ ٣٩٥
ـ ٨١٢ ـ ٨٠٤ ـ ٨٦٠ ـ ٨٦٢ ـ ٨٦٥. علته جوهر أو عرض ٣٧١ ـ ٣٧٢.
علته ٣٨٤ ـ ٣٨٥.
كالأنواع للموجود ٦٨٨.
المفارق ٩٠٠.
منا غير مادية ٢٨٦. المنفعل والفاعل ٦٠١. العاقل ٧٠٨ ـ ٧٠٩.
الجوهرية : ٣٧٤
ـ ٣٩٢ ـ ٣٩٣.
* * *
الحادث : له أول
من وجهين ١١٧. لا يوجد بلا حركة ٨٧٧.
الحادثات : ٨٢٠.
الحاسّة : أثر
المحسوس فيها ٧٥٦. تضر من المحسوس القوي ٧٥٥. راجع الحواسّ.
حاسّة اللمس :
٧٥٠.
حافظ الأخلاط في
الحيوان : ٣١٠ ـ ٣١١ ـ ٣١٢ ـ ٣١٣ ـ ٤٠٤ ـ ٧١٩.
الحدّ : ٢٨٤.
التامّ ٧٦١.
|
الحدّ الأوسط :
٢٣٦ ـ ٧٢٦ ـ ٧٦٠ ـ ٧٦١. في الحدس ١٠٧ ـ إلى ١١٠ ـ ٢٣٦.
الحدس : ١٠٧ ـ إلى
١١٢ ـ ١٥٣ ـ ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ـ ٢٥٤.
الحدوث : ١١٧.
الحدود :
البسيطة ١٣٧. الكلية ١١٢. الوسطى ٦٠٠ ـ ١١٥١.
الحرارة : ٣٣٠ ـ
١١٠٤ ـ ٧٨٦.
الحركة : ٣٠٧ ـ ٣٠٨
ـ ٦٢٩ ـ ٦٣٣ ـ ٦٣٦ ـ ٦٧٧ ـ ٦٧٨ ـ ٦٧٩ ـ ٦٨٠ ـ ٨٥٧ ـ ٨٦٢ ـ ٨٧٩ ـ ٨٨٠. اختلاف
الإمكان بها ١١٣٠. اثبات المبدأ الأوّل بها ١٤٠. احتياجها إلى محرك ٦٢٧ ـ ٦٢٨
احتياجها إلى مزاول ٦٢٩ الإرادية ١٠٠ ـ ٦٢٨ ـ ٦٣٠ ـ ٧١٠ ـ ٧١١.
اختلاف تأثيرها
باختلاف المحرك والمتحرك ١٠٣١ ـ إلى ١٠٣٥. سبب اتصالها الزمان ٦٣٥. السماوية
٦٣٠. عددها ١١٣١. غايتها ١٠٩١. الفلكية ٦٧٦ ـ ٦٧٧ ـ ٦٧٨ ـ ١٠٩٣ ـ ١٠٩٤. كيفيتها
في الحيوان والنبات ٣٨ ـ ٤١. لا أول لها ١١٣٥ ـ ١١٧. لفظها ليس مشككا ١١١٦. ليس
من لوازم الجسم ٣٠٥ ـ ٣٠٤. ليس في طرف الزمان ١٢٣. محركها المباشر ١٠٩٦ ـ المكانية
٨٧٧.
المزاجية ٤١٤.
نسبتها إلى الزمان ١١١٤. ما عدمت فيه يعدم فيه السكون ١١٢٠. يوجد دفعة ١١٣٤.
راجع المحرك.
حركة الرحى :
٨٩٩.
الحسّ : ٦٣ ـ ٥٥٣
ـ ٥٥٧ ـ ٥٦٥.
|
|
الحس المشترك :
٧٦٥ ـ ١٠٨٢.
الحصول في
القوابل : ٧٣٥ ـ ٧٣٤.
الحضرة التي من
الطبع ، من الوهم : ٥٢١.
الحق تعالى :
جواد ٨٤٠. حق ٨٤٠. حيّ ٨٣٩.
خير ٨٤٠. صفاته
ذاتيّاته ٨٣٤. عالم لذاته ٨٣٧ ، عقل وعاقل ومعقول ٨٣٧ ـ ٨٣٨. قادر لذاته ٨٣٥.
ماهيّته انيّته ٨٤٣. موجود ٨٤٢.
مريد لذاته ٨٣٦.
واحد ٨٤١.
الحق بذاته :
٨١٥.
الحق المحض :
٨٤٣.
الحق الأول :
٤٧٠ ـ ٤٧١. نسبة الواجبيّة إليه ٣٨٦ ـ ٣٨٧ ـ ٣٩١.
حقيقة الذات :
٤٩٩.
الحقيقة التي
لذاتها : ٨١٨.
حقيقة الإنسان :
٤٩٢.
الحكمة : ٥٧٠ ـ ٥٧٢.
الإلهية ٥٧٣. الخلقية التعقلية ٥٧٥. الرياضيّة ٥٧٣. الطبيعية ٥٧٣ العملية ٥٧٤ ـ ٥٧٥
ـ ٥٧٨ العملية الفعلية ، الخلقية ٥٧٨. العرشية ٢٩٩. النظرية والعملية ٥٦٨ ـ ٥٦٩
ـ ٥٧٠. النظرية ٥٧٣.
الحكماء : ٥٧٠
الحكيم : ٨٢٧.
الحمارية : ٧٤١.
الحواس : أثر
المحسوس عليها ٥٥٧ ـ ٥٥٨. استكمال النفس بها ٦٠٨ ـ ٦٠٧. راجع الحاسّة.
الحيّ بذاته :
٨٤٣.
الحياة : غير
النفس ١١٤٢.
الحيوان :
امتزاج أخلاطه ١٢ ـ ١٣ ـ ١٠٣٧. توالده ٤٨٣.
|
الحيوان : حافظ
الاخلاط فيه ٣١٠ ـ ٣١١ ـ ٣١٢ ـ ٣١٣. شعوره وإدراكه لذاته. ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ـ ٢٤٨ ـ ٢٥٠
ـ ٢٨٩ ـ ٢٩٠ ـ ٢٩١ ـ ٢٩٢ ـ ٤٩٣ ـ ٥٠٤ ـ ٥٠٥ ـ ٥١٠ ـ ٥١١ ـ ٥١٨ ـ ٥١٩ ـ ٦٥٧ ـ ٦٦٨.
فيه شيء ثابت ٣٧ ـ ٢٠٩ ـ ٢٩٦ ـ ٣٥٤ ـ ١٠١٢ ـ ١٠٨٥. له ذاته ٥٠٤ ـ ٥٠٦. مزاج بدنه
٤١٠ ـ ١٠٣٧ ـ موجب مزاجه حركة أو سكون ٢١٨. نفسه منطبعة في المادة ٤٦٦. نفسه
٢٩٦. وجوده لغيره ٥١٠.
* * *
الخط المستقيم
والمستدير : ١١٣٧.
الخطأ : ٥٩٥.
الخلأ : ١١١٩ ـ إلى
١١٢٣.
الخلط : ٥١٥ ـ ٥١٦.
الخلق : ٥٧٢ ـ ٥٧٤.
من لوازم الواجب تعالى ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ـ ٧٣٧ ـ ٧٣٨.
الخوف : ٢٤٣.
الخيال : ٧٦٥.
آلة النفس ١٦٦. استعانة العقل به ١٥٠ ـ ١٥١ ـ ١١٥١. تميّز المتشابهين فيه ١١٤٥.
كيف يدرك شيئين معا ١١٤٩.
الخير المحض :
٨٤٣ ـ
* * *
الدعاء : ٨٨٥.
الدنيا : خسّتها
٧٩٧.
* * *
الذات : مخبر
عنها ١٨٣. كيف تتوحد أو تتكثّر باللوازم ١١٤١.
|
|
ذات الشيء إما
له أو لغيره : ٤٩٨ ـ ٤٩٩.
ذواتنا :
تغيّرها ٥٢٩ ـ ٥٣٠.
الذاتي لا يعلّل
: ٨٣١.
* * *
الرحم : في
تكوّن الجنين ٣٢٦ ـ ٤٨٤. مزاجه سبب مزاج العلقة ٣١٦ ـ ٣١٧. مزاجه سبب الأخلاط
١٠١٠.
الرحى : حركتها
٨٩٩ ـ ١١٣٦.
الرقعة المشتملة
على المسائل : ٥٠٠.
الرمز : ١٠٦.
الروح : دركه
اللذه والألم ١٠٩٩.
الروحاني : فعله
٢٦.
الرؤيا : ١١٤٤.
* * *
الزمان : ٦٣٣ ـ إلى
٦٣٦ ـ ١١٣٢. انقسامه ١١٠١.
تقدّمه وتأخّره
بنفسه ١٠٩٥. الغير المتناهى غير موجود ٥٨٧. من الأقوال فيه ١١٢٥.
نفي وجوده ١١٢٦.
يقدر بعض الأشياء لا الجميع ١١٧.
الزوال : ١٢٣ ـ ١١٩.
زوال المانع :
٥٤٣.
الزيبق : ٤١٣.
* * *
السبب الأول :
٨٠٠.
السطح : ١٠٨٧.
السكون : ٦٨٢.
لا أول له ١١٧. زماني ١١٨. ما عدم فيه عدم فيه الحركة أيضا ١١٢٠.
السلب : ٧٢٨.
|
السلوك : إلى
الله تعالى ٧٩٧ ـ ٧٩٨. الطبيعي والإلهي ١٤٠.
السماء : ٦٣١. (كتاب)
١٣٦.
السماع الطبيعي
: ١١٦٠.
السواد : تغيّره
٤٧٤.
سوفسطيقا : ١٣٦
ـ ١٣٨.
السياسات
المنزلية والمدنية : ٥٧١.
سيرة الشيخ
الرئيس الشيخ الرئيس.
الشاعر للنفس
ليس غيرها : ٨٨١.
الشجاعة : ٥٧٠.
الشخص : ٥٣١ ـ ٥٣٢
ـ ٦٦٠. تصوره ١٠٤٥.
ثابت مع تغيير
المزاج ٤٠٠ ـ ٤٠٣ ـ ١٠٠١.
سبب لوجود الشخص
٧٧١ ـ ١٠٧٥.
الشعاع : ٨٤ ـ ٨٦
ـ ٨٨ ـ ٧٥١.
الشعور : ٤٤٠ ـ ٤٤٦.
بالذات ٢٧٨ ـ ٦٥٦ ـ ١٠٧٩. بصورة بما ذا يتخصّص ١٠٧٦.
بالابصار ١٠٧٨.
بالشعور ٦٨. غير الاستحضار ٢٣٩ ـ ٢٤٠. الغير العقلي ٥١٢.
الكلي المجرد
٢٨٣.
شعور الإنسان
لذاته : ٤٣٣ ـ ٤٣٥ ـ ٤٣٦ ـ ٤٤٠ ـ إلى ٤٤٧ ـ ٤٥١ ـ ٥٠٢ ـ ٥٠٣ ـ ٥١٠ ـ ١٠٢٣. راجع
الانسان ، الادراك شعور الحيوان لذاته : ٥٠٤ ـ ٥٠٥.
الشهود : ٧٩٧ ـ ٧٩٨.
الشيء : إذا لم يكن
ممكنا لم يوجد ٨٢٩. إدراكه لذاته ٦٧٥. إما لذاته وإما لغيره ٤٩٦.
الشخصي ٤٧١.
الكلي لا يكون علة لجزئي ٧٨٠. لا يكون وجوده سبب فساده ٣١٥.
|
|
الشيء : لا يبطل
بذاته ٣٦٢. من حيث هو موجود غيره من حيث هو مقتضى الماهية ٦١٥.
مصدر أفعاله
وجوده وقوامه ١٧٧. الواحد له شخصان ٤٦٢ ـ ٤٦٣. الواحد لا يكون سببا لوجود شيء
وبطلانه ٦٠٣.
الشيئية مصدر
الأفعال : ٢٧٦.
الشيخ الرئيس (ابن
سينا) : سيرته ٤٢ ـ ٤٥ ـ ٤٦ ـ ٥٠ ـ ٥١ ـ ٥٢ ـ ٩٥ ـ ٩٦ ـ ١١٣ ـ ١١٤ ـ ١١٥ ـ ١٢٩ ـ
١٤٠ ـ ١٤١ ـ ٢٩٧ ـ ٣٠٧ ـ ٣٧٨ ـ ٣٧٩ ـ ٣٩٦ ـ ٥٠١ ـ ٥١٩ ـ ٥٢٠ ـ ٥٣٩ ـ ٥٤٤ ـ ٥٥٨ ـ
٥٦٧ ـ ٥٩٢ ـ ٦٥٥ ـ ٦٥٦ ـ ٦٩٦ ـ ٧٣٠ ـ ٨٨٢ ـ ٨٨٣ ـ ١١٥٩ ـ ١١٦٠ ـ ١١٦١ ـ ١١٦٢.
* * *
صاحب اليقين :
٧٩٧.
الصحة : ١٠٨٤.
الصفة : مخبر
عنها ١٨٣.
صفة الشيء في
الشيء : أنحائه ٣٤٨.
الصفات : التي
من باب الوجود ٨٢٠. قول المعتزلة فيها ١٨١ ـ ١٨٣.
الصناعة : ٥٨٢.
الصنائع :
العملية ، النظرية ٥٨٠.
الصورة : ١٨٥ ـ ١٨٨
ـ ٣٩٥ ـ ٦٥٢ ـ ٧٢١ ـ ٧٢٢ ـ ٨٣١ ـ ١١١١. ارتباطها بالمادة ١٧٣ ـ ١٧٤ ـ ٤٦٤. أثر
المزاج فيها ٥٦٧. تبدل الكيفية والمزاج ٤٦٢ ـ إلى ٤٦٥. تشخصه ١٠٦٧. تكونه من
اجتماع قوى ٧٣٩.
الجسمية غير
القوة ١٠٧٣.
|
الصورة : الحاصلة
في الحس المشترك والخيال ٧٦٥.
الحاصلة في
الخيال غير ما في الحافظة ١٠٧٦.
علة علة المركب
١١١٢. فعلها إذا كانت قائما بالمادة ٢٢٨. في المادة ٥٦٦. قد تنفعل ولا تنفعل
المادة ١٨٤. الكلية القائمة بحدها ٣٠٢ ـ ٣٠٣. لا تكون في الهيولى ١٧٢.
لا يمتنع القول
بتجردها ١٧٢. المادية انفعالها ١٨٩. المادية لا يلزم بطلانها ببطلان المادة ١٧٠
ـ ١٧١. المعقولة لا توجد في الجسم ٢٠٥ ـ ٧٠٧ ـ ٧٠٨ ـ ٧٠٩. الممتزج من كيفية
الاستقصات ٧٤١. موانع تعقلها ٧٣٦.
الواحدة معينة
لمادة واحدة ٣٨ ـ ٣٩.
الصور : بساطتها
٤ ـ ٨ ـ ٢٢٩ ـ ٢٣٠.
الجسمانية ٧ ـ ٨
ـ ٢١٣ ـ ١٠٦٥. العقلية ٢٠٧. الغير المنقسمة لا تحل الأجسام ٣ ـ ٦.
المتخيّلة ٢١٤ ـ
٢١٥. المرتسمة في ذاته ٨٥٦.
المركبة ٢٢٩ ـ ٢٣٠.
المعقولة ١٩٤ ـ ٦٤٥ ـ ٧٢٣ ـ ٧٦٩ ـ ٧٧٠. المفارقة ٢٠٥. واهبها عقل ٧٤٣ ـ ٧٧٢.
الصور
الأفلاطونية : ١١٥٥.
صور المقاييس :
١٣٧.
* * *
الضدان : ١١٥٤.
الضرورة : ٥٨٣.
بشرط الوجود ٨٢١.
الضروري الوجود
: ٨٠٦.
* * *
الطبيعة : ٣٤٠ ـ
٧٤٧. بساطتها ٣٤٠. تعريفها ١١٠٨. تحركها ٦٢٨.
طرف الزمان غير
زماني : ١١٩.
|
|
الطريقة العرشية
: ٩٠٠.
الطفرة : ١١٣٦.
* * *
الظن : ٢١٦.
* * *
العادة : ٤١٥.
العاقل : ٤٢٦ ـ ٤٢٨
ـ ٣٤٨ ـ ٧١٣ ـ ٧٣٦ ـ ١١٣٩.
لذاته ٤٢٩ ـ ٨٤٣.
لغيره عاقل لذاته ٣٠٠ ـ ٣٠١ ـ ٨٩٠ ـ ١٠٧٢.
العالم : له بدء
واحد ٦٣١.
العام : علته
عامة ٣٨٠.
العبث : ٣٦٦.
العدم : ٨٠٥.
المقارن ١١٣١. قبليته ١١٣٢. مقارنته لوجود الباري تعالى ١١٣٢.
العدالة : ٥٧٠ ـ
٥٧٦.
العرض : ارتباطه
بالمادة ١٧٤. تشخّصه ١٠٦٧.
الذاتي ٦٩١.
اللازم ٥٣١ ـ ٥٣٢. لا يقبل الاختلاف ٩٤. لا يكون علة للجوهر ٣٧١ ـ ٣٧٢ ـ ٣٧٧ ـ ٣٧٩
ـ ٣٨٤ ـ ٣٨٥ ـ ٧٦٧ ـ ١٠٠٢ المهيئ للمادة لقبول الصورة نفس ٥٣٣.
العضو : له مزاج
خاصّ ٧١٩.
العظم : له حسّ
٥٧.
العفّة : ٥٧٠.
العلم الأعلى :
٢٢٦.
علم الطبيعة :
٢٢٦ ـ ٦٩٣ ـ ٦٩٤.
علم ما بعد
الطبيعة : ٦٩٣ ـ ٧٧٥ ـ ٧٩٩.
العلم : بالشيء
١٠٩٠. بدون المعلوم ٦٣٩ ـ العلوم البرهانية : ١٣٥.
|
علم النفس : ٦٩٣
ـ ٦٩٤ ـ ٦٩٥.
العلة : ٤٧٠ ـ ٦٦٠
ـ ٦٦١ ـ ٧٠١ ـ ٧٦٠ ـ ٧٩٠ ـ ٧٩١ ـ ٧٩٢ ـ ٨٠٧ ـ ٨١٠ ـ ٨١٥ ـ ١٠٦٣ ـ ١٠٦٤. إذا فقدت
جزءها فقد العلة ٤٧٢.
أعرف من المعلول
وقد تكون بالعكس ١١٠٣.
الأولى ٨٠٠. آكد
من المعلول ٢٢٧ ـ ١٠٠٢.
بعضه مؤثر في
بعض المعلول المنقسم ١٠٦١.
سبب الوجود ٧٨٨.
عليتها بعد تشخّصها ١٠٦٢. في كل نوع مخالف له في النوع ٣٩٥. لها التقدم ٨١٤. مع
المعلول ٣٨٣ ـ ٣٨٤ ـ ٧٥٤ ـ ٧٥٥. كونها بالفعل أو بالقوة ٧٦٢ علة ما سبب لوجود
معلول ما ٧٨٦.
العليّة : ٢٧٦ ـ
٢٧٧. من عوارض الموجود ٦٨٩.
العلل الأربعة :
٧٧٥.
العقل : ٢٦٢ ـ ٢٦٣
ـ ٣٠٢ ـ ٣٩٥ ـ ٤٨٧ ـ ٤٩٢ ـ ٦٥٣ ـ ٧١٣ ـ ٧٧٤ ـ ١١٥٩. استعانته بالخيال ١٥١ ـ ١٥٢
ـ إدراكه للزمان ١١٥٢. إدراكه ١٥٠ ـ ١٥١. انفعاله ١٨٧ ـ ١٨٥. بالفعل ١٦٣ ـ ٦٤٦ ـ
٨٨٨. البسيط ٨٤٤. بالملكة ٢٥٥ ـ ٦١٣ ـ ٨٦٦ ـ ٨٨٧. تميّز المتشابهين فيه ١١٤٥.
تركيبه للقياس والحد ١١٥٢. تأثيره في المتوسط ٦١٤. تصوره للنتيجة ١١٥٢. الدراك
للمعقولات المفصلة ١٥٩ ـ ١٦١. ربطه مع البدن ٦٦٤. العاقل للمعقولات ليس بجسم ٢٧٠
ـ ٢٧١. فرقه مع الناطقة ١٦٠ ـ ١٦٣. فيه المعقولات ٣٥٧. كونه عاقلا ومعقولا ٧١٣ ـ
٨٦٤ ـ ٨٦٥. لا يبطل استعداده بعد حصول الصورة ١٤٨ ـ ١٤٩.
|
|
العقل : المدرك
للمعقولات ٨٨٦. مطالعته للصور الخياليّة ١٦٤ ـ ١٦٥ ـ ١١٥١. المادة وعلائقها لا
تكون فيه ٤٨٧. مخرجه من القوة إلى الفعل عقل ١٥٠ ـ ٧٤٤ ـ ١٠٧٢. ماهيته في ذاته
وتعقله ٨٦٤ ـ ٨٦٥. المعقولات كلوازم ذاته ٨٤٥. نسبة المعقولات إليه ١٩٦ ـ ١٩٧ ـ ١٩٨.
الهيولاني ١٦٣ ـ ٥٩٦ ـ ٦١٣ ـ ٦٤٦ ـ ٨٨٤ ـ ٨٦٦. يجوز صدوره عن الجسم ٢٢٥.
يدرك الشيئين
معا ١١٤٩. راجع القوة العقلية.
العقل الفعّال :
٧٤٢ ـ ٨٥٨ ـ ٨٨٨. انفعاله عن ذاته ١٥٦. احتياج العقل إليه ٢٦٣. في الإنسان ٤٩٣.
لا تحلّها المعقولات بل يفعلها ١٩٧. لا يكون علة جسم ١٠٦٥. مبدء التصديق ٧٨٣.
راجع العقول الفعّالة.
عقلنا هل يعقل
ذاته دائما : ٥٥٠.
العقول : ٦٦٢ ـ ٨٦٦.
أولها علة لما بعدها ٦٦٢.
عقلها لذاتها
ومباديها ٨٦٣. الغير الكاملة بعد المفارقة ٨٨٧. هيئاتها ٣٣٨ ـ ٣٥٦.
العقول الفعّالة
: ٧٤٨. إمكانها ٨٥١. تعقلها للمعقولات ٢٠٣. فيها المعقولات ٣٢٢ ـ ٣٢٣. لا تكون
محركا مباشرا ١٠٩٦. لوازم ٦٤٤. لا تكون لوازمها علة لجسم أو عقل ٧٦٧.
لا تحلها
المعقولات ١٩٧. ليست أجساما ٢٠٠.
العقلية : ٤٨٧.
عقلية غير
جوهرية : ٥٩٤.
العمل الخلقي :
٥٧١ العناصر : ٧٢٢. صورها ٦٥٨ ـ ٦٥٩ ـ كيفية اجتماعها ١٠٠٨. لا تفعل بلا مزاج
١٠١١.
|
العين : لا تدرك
المعقول ٦٣٨.
* * *
الغاية : ٥٧٧ ـ ١٠٩٦.
بالقوة ٧٦٣. في الحركات ١٠٩١.
الغذاء : ٥٣٤ ـ ٥٣٦.
الغير الزماني :
١١٨. ماهيته غير مقولة على كثيرين ١٠٥٧.
الغير المتناهي
: ٥٨٨ ـ ٥٨٧ ـ ٨٢٨.
الغير المادي :
فعله في المادة ٢٨ ـ ٢٩.
الغيرية : ٤٩٩ ـ
٢٤٩ ـ ٢٤٧ ـ ٦٨٩.
* * *
الفاعل : ٨١٥.
الذي يفعل وجودا مثل نفسه ٨١٤.
بالطبع ٣٢٩ ـ ٣٣٢
ـ ٣٣٣. الجسماني ٣٢٨ ـ ٣٢٩. قوته سبب اختلاف المنفعل ١٠٤٠.
كيف يكون قابلا
لنفسه ٨٤٦.
فاعل المزاج
حافظه : ٣٦٠.
الفصل : يبطل
الجنس ببطلانه ١١١٨.
الفضائل : ٥٧٠.
الخلقية ٥٧٠ ـ ٥٧٥ ـ ٥٧٨.
العلمية ٥٧٨.
الفطرة : ٤٢١ ـ ٤٢٢.
الفعل : ٢٧٦ ـ ٢٧٧
ـ ٣٤٥. طبيعته وجودية ٦٤٠ غايته وبقائه ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ـ ٣٤٦. مصدره وجود الشيء
وقوامه ١٧٧ ـ ١٧٨. المطلق يدل على الفاعل المطلق ٦٤. من عوارض الموجود ٦٨٩.
الفكر : ١١١ ـ ١٠٧
ـ ٥٩٥ ـ ٦٠٠. قد يستغنى عنه بعض الناس ٢٣٧ ـ ٢٣٨. لا يصل إلى نور العقل ٧٩٨.
قاصر عن إدراك امور ٦٠٨.
|
|
الفكرة : ١٥٠.
الفلسفة : ٥٧٨.
تقسيمها ٥٦٨ ـ ٥٧٤. النظري والعملي ٥٧١ ـ ٥٧٢ ـ ٥٧٥ ـ ٥٧٦.
الفلاسفة
المتقدمين : ٧١٣.
الفلك : ٧٨٠.
حركته ٧٤٦ ـ ٧٤٧ ـ ٧٤٨ ـ ٨٧٤ ـ ١٠٩٣ ـ ١٠٩٤. غاية حركته ١٠٩١. قوته فعالة دائما
٧٠٢. كيف يوجد عن الإرادة الكلية ١٠٨١. محركه القريب ٦٧٦.
الفيض : ٨٠ ـ ٢٥٤
ـ ٦٠٠. الإلهي ٢٣٨ ـ ٦٠٥.
العلوي ٧٩٧.
* * *
القادر بذاته :
٨٤٣.
قاطيغورياس :
١٣٦.
القبلية : ١١٣٢.
القدر : ٨٥٢.
القضاء : ٨٥٢ ـ ٨٥٩.
القطر : ١١٠٢.
المتحرك في دائرة ١٢١ ـ ١٢٢ ـ ١٢٣.
القلب : دركه
اللذة والالم ١٠٩٩.
القوة :
انقسامها ٥٨٩ ـ ٥٩٠. التي تحرك الأجسام الحيوانية والنباتية ١٠١٠. الجسمانية
وإدراك المجردات ٢٤٢ ـ ٢٤٣ ـ ٢٥٢ ـ ٢٥٣. الجسمية متناهية ٧٠٤. الحافظة ٤٦١.
الحيوانية ٤٥١ ـ ٢٧٢. الخيالية ٢١٣ ـ ٢١٦ ـ ٢٦٢ ـ ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ـ ٧٦٩ ـ ١٠٢٢
ـ ١٠٨٢.
الشخصية ٣٠٦.
الدراكة الباطنة ٦٥٧. الغير المتناهية لتحريك الجسم ٦٨٥. الفعّالة ٧١١.
لا تكون معنى
فعليا ٦٤٠.
|
القوة : لا تكون
آلته ما به يستعد لمفارقتها ١٠٥.
لا يجوز أن
تفارق وتخالط ٣١٨ ـ ٣١٩ ـ ٣٢٠ ـ ٣٢١. المتخيلة ٢٥٥ ـ المصورة ٣٥٣ ـ ٤٨١.
المفكرة (الفكرية)
٢٣٤ ـ ٢٣٥ ـ ٢٦٤ ـ ٢٦٣ ـ ٢٥٢ ـ ٢٥٢. المحركة ٤١٢. المغذية ٨٤٩.
المنفعلة ٧١١.
المفارقة ٥٢٦. من عوارض الموجود ٦٨٩. المدركة للكليات ٤٣٩. النطقية ٧٥٢. الوهمية
٤٥٢ ـ ٤٣٨ ـ ٢٧٨ ـ ٨٩١.
قوة الانفعال :
٤٨٧ ـ ٤٩٠ ـ ٤٩١.
القوة العقلية :
٢٥٢ ـ ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ـ ٢٦٢ ـ ٢٦٤ ـ ٤٤٩ ـ ٤٥٢ ـ ٧٢٣ ـ ١١٥١. هل هي جسمانية ٤٣٨ ـ ٤٣٩.
ليست قائمة في بدن ٥٥٦. مدرك بعد المفارقة ٢٣٤ ـ ٢٣٥. غير منطبعة في المادة ٢٧٨
ـ ٢٩٨. وسيلة إدراك المعاني الكلية ٢٧٨.
القوى : تعلق
كمالاتها الثانية بالمزاج ٧٦٨. بعضها مدركة وبعضها غير مدركة ٦٥٥ ـ ٥٢٣.
الجسمانية ٥٢٧ ـ
٥٢٥ ـ ٧٥٠. الحيوانية ٢٧٢. الشوقية ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ـ ٨٦١. المادية ١٨٤ ـ ٢٢٨. وجودها
بحيث تفعل ١٧٥ ـ ٢٧٢ ـ ١٠١٣.
القويّ العقل :
١٥٢.
القياس :
مقدماته ٥٧. مواده وصوره ١٣٧.
* * *
الكثرة :
تقابلها مع الوحدة ٧٥٧.
الكثير : ٨٠٩.
كل ما يرجع إلى
ذاته عقل : ٤٢٨.
الكلي القائم
بحده : ٧٤٤.
|
|
الكلي ليس بسبب
: ٧٧١.
الكلى الواحد لا
تحدث عنه جزئيات متعددة :
٦٢٩.
الكلي المجرد :
٥١٨.
الكمال في إعطاء
العلة : ٧٦١.
الكم بالذات :
٦٣٥.
الكمون : ٦٥٨.
الكمية : كالنوع
للموجود ٦٨٨.
الكهنة : ٥٠٨.
الكيفية : ٤٧٢ ـ
٤٧٣. كالأنواع للموجود ٦٨٨.
الكيفيات
المغيرة للمزاج : ٧٧٠.
* * *
اللازم الغير
المقوّم : ٣٨٨ ـ ٦٤٧.
لازم اللازم :
٣٦٨.
اللاحركة غير
السكون : ١١٨.
اللذة : ٦٤٢.
غير الإحساس ٩٧.
اللواحق
الاعتبارية : ٣٥٠.
اللوازم : ٣٥١.
تختصّ بما ليس بمقوّم ٣٠٩. توابع الماهيّات ٦١٩. على قسمين ٦١٢. تتوحّد وتتكثّر
بها الذات ١١٤١.
اللون : ٧٥١.
* * *
ما بعد الطبيعة :
١٣٦ ـ ٦٨٨ ـ ٧٩٩ ـ ما تبدّل أحواله بتبدّل المزاج : ٧٥٤.
ما كان ماهيته
له لا يعدم : ٤٣١.
ما لا ينقسم لا
يكون علة لما ينقسم : ١٠٥٩.
ما له وضع لا
يؤثر في غير ذي وضع : ٢٦٨.
ما ليس له ذاته
، ما له ذاته : ٦٧٠.
|
ما له الطبيعة ،
ما فيه الطبعية : ١١١٠.
الماء : حرارته
لا تبطل بذاتها ٣٦٣ ـ ٣٦٢. وحدتها محفوظة في اجتماعها بعد التفرق ٤٦٢.
المائية : ٤١٠.
المازج : ٣٤٧.
خاصّ ٤٨٦.
المادة : ١٨٨ ـ ٣٩٥
ـ ٤٥٩. تمنع الشيء أن يكون عقلا ٤٨٧. تنفعل عن أشياء لا تنفعل عنها الصورة ١٨٤.
الجسمية لا تكون علتها جسما ١٠٦٥. ربطها مع القوى الجسمانية ٥٢٥ ـ ٥٢٦. علة علة
المركب ١١١٢. عليتها للصورة ١٧٣. العنصرية ٨٩٤ ـ ١٠٩٣. قبولها للصورة ٥٣٣ ـ ٥٣٤.
كل صورة متعلقة بها فبواسطة مزاج ٤٦٤. لا تكون عقلا ١٤٥. لا يلزم بطلان الصورة
ببطلانها ١٧٠. لا تعقل ذاتها ١٠٩٢. لا تكون قابلا للمعقولات ١٠٩٢.
المادي لا يفيد
غير المادي : ٢٢٤ ـ ٢٢٨ ـ ٢٣٠ ـ ٢٣١. كل ما يطلب غاية تحركه مادي ١٠٩٦.
الماهية : ٨٦٧ ـ
٨٦٨. ارتباطها بالوجود ٢٤٥.
إمكانها ٧٠٥ ـ ٧٠٦.
علة للوازمها ٧٩٠ ـ ٧٩١. لا تكون علة للوجود ٧٩٢ ـ ٧٩٣. ليس الوجود من توابعها
٧٩٥. من لوازمها الامكان ٦١٥.
الماهيات : تكون
لنفسها ولغيرها ٤٢٥.
ماهية الواجب :
٨١٦ ـ ٨١٧.
ما يعقل شيئا
فحقيقته حاصلة له : ٤٤٣.
ما يعقل غيره
يعقل ذاته أولا : ٣٠٠.
المبائنة : ١٢٢
ـ ١٢٣.
المبادي : ٥٩٩.
الأول ٧٨٣. الثلاثة ١١٠٧.
|
|
المبدأ الأول :
إثباته ١٤٠. لا يكون جسما ٦٢٨.
المبدأ الفاعل :
٨١٤ ـ ٨١٥.
المبدأ المفارق
: ٨٨٨.
المبدع : ٨٦٧.
المتأخّر : ٨٠٨
ـ ٨٠٩ ـ ٨١٠. اختلافه مع المتقدم ١٠٢٧. قياسه مع الوقت ١١٢٩.
المتحرك : أثره
في اختلاف الحركات ١٠٣١ ـ إلى ١٠٣٦. تأثيره في المحرك ١٠٢٧. حصوله في المسافة
١١١٣. محرك ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ـ ٦٧٩ ـ ٦٩٧ ـ ٦٩٨. مبدء غير مبدء المحركية ٦٧٩.
يحتاج إلى مزاول
للحركة ٦٢٩.
المتحركات من
المحركات المختلفة إلى اجتماع ١٠٣١.
المتخيلة القوة
المتخيّلة المتّصل : ٧٧٨. بالذات سبب للمتصل بغيره ٦٣٥.
سبب اختلاف
المتصلين ١٠٢٦.
المتضادّين :
٧٥٧.
المتعيّن : ٦٥٤.
المتقدّم : ٨٠٨
ـ ٨٠٩ ـ ٨١٠. اختلافه مع المتأخّر ١٠٢٧. قياسه مع الوقت ١١٢٩.
المتمثّل : ٦٧١.
المثبت : ٨٠٢.
المثل : ١٦٠٣.
الشخصي ١٠٥٢ ـ ١٠٥٣.
المثلّث : ٦١٢ ـ
٦٢٢ ـ ٧٩٢.
المجرد : ٣٩٥ ـ ٤٨٧
ـ ٤٩٠ ـ ٦٦٦ ـ ٦٦٧. تعقّله لذاته ٧٧٣ لا يتأثّر عن ذي وضع ٢٦٧ من المادة عقل ١٤٢
ـ ١٤٣ ـ ١٤٥. ينفعل عن المعقول ويحله المعقول ٢٠٠. يعقل ذاته ٤٢٩.
|
المجردة الكلية
لا تدرك بآلة جسمانية : ٢١٣.
المحاذات : غير
زماني ١٢٣.
المحدد : ١١٢٣.
المحرك : ٢٦٥ ـ ٢٦٦
ـ ٥٥٤ ـ ٧١٠ ـ ٧١١. أثره في اختلاف الحركات ١٠٣١ ـ إلى ١٠٣٦. الأول ١٠٨١. تأثير
المتحرك فيه ١٠٢٧. سبب اختلاف فعله ١٠٢٥. القريب ٧٤٦. لأجزاء الحيوان والنبات
١٠٩٦. المباشر لا يكون مفارقا ١٠٤٢. مشتهى ٦٣٠. المادي ١٠٩٧ المفارق ٦٢٨. الغير
المتناهي القوة ٦٨٣.
المحسوس : ١٠٠٧.
أثره على الحاسّة ٧٥٥. القوي يمنع الإدراك ٧٢٥ ـ ٥٢٥.
المحسوسات :
إدراكها : ٤٣٧.
المحصل : ٨٠٢.
مخرج العقل إلى
الفعل : ١٥٠.
المخروطات :
٥٨٤.
المخلق حيوانا :
٨٤٧ ـ ٨٤٨.
المدرك : ٧٢٤ ـ ٧٦٤.
بالآلة ٢١٩. بأمر جسماني ، العقلي ١١٥٦.
المدقوق : ٩٢.
مذهب الكمون :
٦٥٨.
المرآة : ٤٩٤ ـ ٤٩٥.
المربعان
المتشابهان ... : ١١٤٥.
المركب : ١٦١ ـ ٣٧٠.
المريد بذاته :
٨٤٣.
المريض : ٥٣٠.
المزاج : ٣٣١ ـ ٣٣٧
ـ ٣٤٧ ـ ٥٤٠ ـ ٥٤١ ـ ٥٢٧ ـ ٦٥٨ ـ ٦٥٩. إدراكه ٩٢ ـ ١٦ ـ ١٤.
|
|
المزاج :
استحالته ١٥ ـ ١٦. أثره في النفس ٥٣٨ ـ ٢١٧ ـ ٢١٨. أثره في الصورة تهيئة المادة
٥٦٦. الانساني ٧٨٢ ـ ٧١٩. بوساطته تتعلق الصورة بالمادة ٤٦٤. تبدله في نوعيته
١٠٠٤ ـ ٤٦٨ ـ ٤٦٩. تغييره ١٣ ـ ٩٤. جزء العلة القابلية ٤٦٨. الرحم ليس سببا
لمزاج العلقة ٣١٧. السابق جامع اللاحق ٧١٦. سبب الميل ١٠٢٨. علة حفظه ٢٢٠ ـ ٣٦٠
ـ ٣٦١. غير النفس ٩٢ ـ إلى ١٠٥ ـ ٧١٧ ـ ٧١٨ ـ ١٠٩٨.
فعله في تكون
الإنسان ٣٢٦ ـ ٣٢٧. كل مزاج صحيح في ذاته ١٠٨٤. كيفية واحدة ٢٢١. كيفيته لا تكون
سبب الإدراك ٢٢٣.
لا يتغيّر
بتغيّر لونه ٥٦٠ ـ ٥٩٩. لم يجب وحدته ٤٦٩. ليس المؤثر في هيئات الجنين ٣٣٤ ـ ٣٣٥
ـ ٣٣٦ ما تبدل بتبدله فمادي ٧٥٤. معيده عند الفساد غير المزاج ١٠٨٥.
المشايخ ٥٥٦. من
معلولات الجمع ٩٤.
مزاجان ٨٤٧.
المني ٤٨٣. مزاج الحيوان ١٠٣٧ ـ ١٠٤١. هل هو سبب طلب البدن للبدل ١٠٨٦. الوالدين
٤٨٢ ـ ٤٨٣. يتغير مع ثبات الشيء ٤٠٠ ـ ٤٠٣. يستدعي فينا الهبوط ١٠٠ ـ ١٠١.
المستخرجون :
١٠٩.
المسائل : ٣٩٩.
العشر ٨٤٥ ـ ٢٧١.
المسافة :
انقسام الإمكان فيها ١١٣٠.
المساواة : ٨١٤.
المستعد : ٢٤ ـ ٢٥.
المستقيم
والمستدير : تخالفهما ١١٣٧.
|
المشاهدة : ٥٩٧
ـ ٥٩٨ ـ ٦٤٢ ـ ٧٢٦ ـ ٧٩٧ ـ ١٠٧١.
المشايخ : ٥٥٦ ـ
٧٥٢.
المشتهي للحركة
: ٦٢٨ ـ ٦٢٩ ـ ٦٣٠.
المشرقية : ٧١٤.
المشعور بها :
١٠٧١.
المشفّ : ٧٥ ـ ٨١
ـ ٨٤.
مصدر أفعال
الشيء : ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ـ ٢٧٧.
المصطلحات
الفلسفيّة : ٥٦٩.
المصورة : ٣٤٧.
المضاف : ٨٢٨.
المضيء : ٧٥٦ ـ ٧٧٩.
المعاني : التي
هي الصور المعقولة ١٩٤. الجسمانية لا تدرك إلا بآلة جسمانية ٢١٣. العقلية ١٠٥٦.
الكلية ٤٣٩. المعقولة ٢٤٢ ـ ٢٤٣.
المعاوق : ٣٣٢.
المعنى المعقول
: ١٩٥.
المعدوم :
إمكانه وأن له صفة ١٦٨ ـ ١٦٩. إدراكه ٧٢٤. لا يعاد ٤٢٢ ـ ٤٢٣ ـ ١٠٠٤.
المعرفة : ٥٦٨ ـ
٥٧١ ـ ٥٧٢.
المعقول : ٢٨٤ ـ
٢٨٥ ـ ٧٣٥ ـ ٧٢٠ تجرده ٧٣١ ـ ٧٣٢. توحده ١٠٦٧. حاصلة لعاقله ٤٢٦ ـ ٤٢٧. حصوله في
العقل ٧٣٤ ـ ١١٣٨.
حصوله في
القوابل ١١٣٩. الضعيف إثر القوي ٧٦٩. لا ينقسم ٣ ـ ١٩٥. لا يكون ماديا ١٠٩٢ لا
يكون في جسم ٣ ـ إلى ٨ ـ ١٩٥ ـ ٢٠٧. مدركه مجرد ١٤٢ ـ ١٥٩.
نسبته إلى العقل
١٩٦ ـ ١٩٧ ـ ١٩٨.
|
|
المعقول : هو
المعنى الكلي القائم بحده ٢٨٢ ـ ٢٨٣. لا يتلقاه المنقسم ١١٥٩. المعنى المعقول.
المعقول بالفعل
: ١٠١٤ ـ إلى ١٠١٨.
المعلول : ٣٨٣ ـ
٣٨٤ ـ ٧٠١ ـ ٧٩٢ ـ ٨١٠ ـ ٨١٤ ـ ٨١٥. ايجاده ٢٥٧ ـ أضعف من العلة ٢٢٧ ـ ١٠٠٢. كيف
يكون أعرف من العلة ١١٠٣. مع العلة ٧٨٢. المنقسم ينسب كل جزء منه إلى العلة
١٠٦٦. نسبته إلى العلة ٧٦٢. يكون علة للعلم ١٠٩٠ المعلوم : هو الذات بالصفة ١٨١.
المعنى المجرد :
٥١٥. لا يجرده إلا مجرد ٥١٧.
المعنى الشخصي
لا يدرك بغير جسم : ٢٧٨.
المعنى العام :
إدراكه من النفس ٦٢٦.
المعنى الكلي :
٢٧٩.
المعنى النسبي :
١٠٤٧.
المعية : ١٠٤٧.
الساذجة ٢٧٧.
المغالطة : ١٣٨.
المغتذي : ٥٣٥ ـ
٥٣٦.
المفارق : ٣٢١.
عاقل لصفاته ٣٤٩. لا يحرك مباشرة ١٠٤٢. لا يكون مفارقا بالقوة ١٠٧٤.
لا يكون مبدء
غير المفارق ٢٣٣. يحرك على سبيل التشويق ١٠٠٣. يعقل مباديه ومعلولاته من ذاته
٣٥٢.
المفارقات : وجه
اختلافها ٦١٧ ـ ٦١٨.
المفارقة : غير
زماني ١١٣٥.
المفكرة : ٢٥٢ ـ
٢٥٥. راجع القوة المفكرة.
المفهومات :
التي ليست سلوبا مجردة : ٧٣٠.
|
المقارن المؤثر
: ١٠٩٢.
المقربين
العليين : ٣٦٥.
المقسور من
الأمزجة : ١٠.
المقناطيس :
٦٥٨.
المقوم : ١١٠٩.
المكان : ١٠٥١.
الكون فيه ١١١٤.
المكوّنات : سبب
اختلافها ١٠٣٧ ـ إلى ١٠٤٠.
الملاقاة : في
طرف الزمان ١٢١ ـ ١٢٣ ـ ١٢٤ ـ ١٢٥.
الملكة : ٦٤٦.
الحاصلة للنفس ٥٤٩ ـ ٥٥٠.
الخلقية ٥٧١.
القياسية ٥٧١.
المماسّة : غير
زماني : ١١٨ ـ ١١٣٥.
الممتنع : ٨٠٥ ـ
٨١٢.
ممتنعة الوجود :
٨٢٤.
الممثل : ٥٤٦.
الممكن : ٧٧٦ ـ ٨٠٥
ـ ٨٠٦ ـ ٨٠٧ ـ ٨١١ ـ ٨١٢ ـ ٨١٣ ـ. تميّز عدمه عن الوجود ٧٧٦ ـ ٨٨٩. العام حمله
على الخاصّ ٧٢٧ ـ ٧٢٨ ـ ٧٢٩. كيف يوجد ٧٣٨.
ممكن الوجود :
٨٢٤. بذاته ٨٠٧.
الممنوّ با مادة
: ٤٨٨.
المناسبة : ٥٤٠
ـ ٥٤١.
المنام : ٨٥٨.
المنطق : تعظيمه
١١٥ ـ ١٠٨٨. مراعاته ١٣٤ ـ ١٣٧. موضوعه ٥٨٥.
المنطقي : بحثه
عن الألفاظ ٥٧٩ ـ إلى ٥٨٥.
المنفعل : ٤٨٩ ـ
٨١٥.
المنقسم : ١٠٦٦
ـ ١٠٥٩.
|
|
المني : ٣٢٧ ـ ٣٢٨
ـ ٨٤٨. انفعاله في الرحم ٣٢٥ ـ ٣٢٦. سبب اجتماع أجزائها ٤٠٤ ـ إلى ٤٠٨. علة بقاء
مزاجه ١٢ ـ ١٣. مزاجه جامع أخلاط الحيوانات ٧١٦. مزاجه ليس سبب فساده ٣١٤ ـ ٣١٥
ـ ٤٨٣. مبدء مزاجه ٤٨٣.
موادّ القياسات
: ١٣٧.
الموازاة :
حدوثه لا في زمان : ١١٩ ـ ١٢١.
المواضع
المغالطية ، الجدلية : ١٣٨.
الموت : ٦٤٢.
الموتى : وجه
الاستغفار لهم : ٨٨٥.
الموجود : ٨٠١ ـ
٨٠٢ ـ ٨٠٤ ـ. اطلاقه على الواجب تعالى ٦٩٠ ـ ٦٩٢ دفعة ١١٣٤.
عوارضه الذاتية
٦٨٩ ـ ٦٩١. لغيره أو ليس لغيره ٤٩٦ ـ ٤٩٨. كيفية لزومها عن الأول تعالى ٦١٣.
لذاته ٤٩٦ ـ ٤٩٧ ـ ٤٩٨ ـ ٧١٤ ـ ٧١٥. موضوع علم ما بعد الطبيعة ٧٩٩. المطلق ٤٩٦
ما هو كالانواع له ٦٨٨ ـ ٦٩٠.
الموضوع : ٢٥ ـ ٢٦.
للتحريك ١٠٢٧.
الموضوعات
المادية : ١٩٤.
المودى : ٧٦.
المؤيّد بالحدس
: ١٥٣.
الميّت : علة
بقاء مدة ٤٠٤ ـ ٤٠٨ ـ ٤٠٩ ـ ٤١٠ ـ ٤١١ ـ ٤١٧ ـ ٤١٨.
الميل : ٤١٣ ـ ٦٧٦
ـ ٦٧٧. الاختلاف فيه ١٠٢٨ ـ ١٠٢٩.
|
النائم : ٦٦ ـ إلى
٧٠.
النار : تعلّقها
بالحطب ٤٠٦.
النامي : تزايده
٤٠.
النبات : امتزاج
أخلاطها ١٢. حركتها التكاملي ٣٨. لا ماهيتة لها عند الحركة ٤٠. فيها شيء ثابت
٢٩٦ ـ ٣٥٤. نفوسها ٤٦٦.
النتيجة : ٧٦٠.
النسبة : ١٠٤٤ ـ
١٠٤٧ ـ إلى ١٠٥٠. التحيّزي ١٠٥٢ ـ ١٠٥٣ ـ ١٠٥٧.
النشف : ٤٠٦.
نظرية الشعاع :
٨٤ ـ ٨٨٤.
النفس : ٣٩٥ ـ ٤٤٢
ـ ٥٩١ ـ ٥٩٢ ـ ٥٩٣ ـ ٦٣٧ ـ ٧٠٣ ـ ٨٨٣ ـ ٨٨٤. اتّصالها بالمبادي ٥٩٩ إثباتها ٤٦٠
ـ ٥٦ ـ إلى ٦٤ ـ ٣٥٤ ـ ٣٥٥ ـ ٤٥٧ ـ ٧١٢ ـ ١٠١٠ ـ ١١٥٩. احتياجها إلى قواها بعد
المفارقة ٦٤١ ـ ٦٤٢ ـ ٦٤٣. إدراكها ٢٨٦. إدراكها لذاتها ٢٧٨ ـ إلى ٢٨١ ـ ٦٧١ ـ ٦٧٢
ـ ٦٢٣ ـ ٦٢٤ ـ ٥٤٩ ـ ٥٥٠ ـ ١٠٠٦.
إدراكها
للجسمانيات والمجردات ٨٥٠. ارتباطها بالعقل الفعّال ٢٦٣ ـ ٢٦٤ استعمالها القوة
الخيالية ١٦٦. استكمالها ٥٥٠ ـ ٦٠٧ ـ ٦٠٨.
اشتمالها على
الحواس والقوة العقلية بالحسّ المشترك ١٠٠٥. اكتسابها الهيئات ٦٠٣ ـ ٦٠٤ ـ ٦٠٥ ـ
٦٠٦. امكان وصولها إلى المطلوب بدون الفكر والتعلم ١١١ انطباعها في البدن ٦٦٣.
بقاءها ٢٢٤ ـ ٤١٦ ـ ٥٤٢ ـ ٥٤٣. تأثرها من البدن ١١١ ـ ٢٦٧ ـ ٢٦٨ ـ ٢٦٩.
|
|
النفس : تعلقها
بالبدن مع تبدله ١٦٥ ـ ٤٦٦ ـ ٤٦٧ ـ ٢١٨. تعريفها ٦٩٣. تكاملها بعد المفارقة ٦٠٦.
جامعة للاستقصات ١١٤٣.
حدها ٨٤٩. حصول
المعلومات الغير المتناهية لها ٦٢٠ ـ ٦٢١. الحيواني ٢٨٧ ـ ٤٥٨ ـ ٦٦٥ ـ ٦٦٦ ـ ٨٩١.
زوال بعض الهيئات عنها ٢٣٧ ـ ٦٠٢ ـ ٦٠٥ ـ ٧٤٢. سبب اجتماع أجزاء المني : ٤٠٥ ـ ٤٠٦
ـ ٤٠٨. السعيدة ٦٠١. شعورها لذاتها ٤٤١ ـ ٤٤٢ ـ ٨٨١.
شوقها إلى
العالم الحسّي ٥٩١. صحتها شرط درك الفيض العلوي ٧٩٨. طريقها لتحصيل العلم ٦٠١.
عند ما تعقل الإنسانية أو النفس ٦٢٥ ـ ٨٩٢. غير المزاج ٩٢ ـ ١٠٥ ـ ٧١٨ ـ ٧١٧ ـ ١٠٩٦
ـ ١٠٨٨. غير الأعضاء ٧١. غير الحياة ١١٤٢. في حفظ الأخلاط الحيوانية ٣١٢ ـ ٣١٣.
قبل المزاج ٨٤٧. كاف في وجود أفعالها ٢١٢ ـ ٢١٣. كونها عقلا ١٨٧ ـ ٢٥٥ ـ ٥٩٤. لا
تكون علته جسم ١٠٦٥. لا تحسّ بالأعضاء حال السلامة ٦٣. ليست مركبة ٥٥٠. مادة
للمعقولات ١٨٧. ما فيه من المعاني ٣٥٧. مجرد ٤٥٦ ـ إلى ٤٦٠ ـ ١١٥٣ ـ إلى ١١٥٧.
مركبة ٣٤٢ ـ ٣٤٣.
الناطقة ١٦٠ ـ ١٦٢
ـ ١٦٣ ـ ٢٣٢ ـ ٢٨٧ ـ ٨٨١ ـ ٨٩١. هي الجامع ٤٨٠. وجه البحث عنها في علم ما بعد
الطبيعة ٦٩٣. وجوده ٤٠١ ـ ٤٠٢ ـ ٤٠٣. راجع النفوس.
النفس القدسية :
٢٣٧.
نفس الوالد ليست
سببا لنفس الولد : ٧٨١.
|
النفوس : إزالة
الهيئات الردية عنها ٧٤٢.
الإنسانية ٥٤٢ ـ
٥٤٣ ـ ٥٤٩ ـ ٧٦٦. البشرية ٨٩٦. تدبيرها لأبدانها ٧٠٢ ـ ٧٠٣. جامع استقصاتها
١١٤٣. كيفية انفعالها ١٥٨.
هيئاتها ٣٣٧ ـ ٣٥٦.
السمائية ٨٨٢. الكاملة عقلها بعد المفارقة ٨٨٨. لزوم تعقلها لما يلزم ذاتها ٨٩٧.
المفارقة ٥٩٣ ـ ٧٦٦ ـ ٧٨١ ـ ٨٨٣ ـ المادية تصورها للمعقولات ٨٩٤.
هل تنفع عنه
الإدراك ١٥٨. هيئاتها ٣٣٩ ـ ٣٥٦.
النفوس المفارقة
بعد المفارقة : ٥٩٣. لا تكون سببا لوجود نفس ما ٧٨١ ـ ٧٨٢.
النقطة : ٥٩٠ ـ ١٠٨٧
ـ ١١٣٣.
النموّ : ١٠٩١.
النهوض : ٥٩٧.
النور التي يأتي
للسالك : ٧٩٨.
النوع : تغييره
٤٧٤. تعينه ٦٥٤. تشخصه ٨٩٦.
علته من خارج
نوعه ٤١٩. ليس لوازمه من لوازم الجنس (الشخص) ٣٠٥ ـ إلى ٣٠٩. ما جاز على شخصي
نوع واحد واحد ٣٢١.
النوم : ٢٦٢ ـ ٢٦٤.
* * *
الهرب : ٢٤٣.
الهندسة : ٥٨٠ ـ
٥٨٤.
الهواء : حبسها
في الأرض ١١.
الهوهو : إدراكه
٢٤٦. من عوارض الموجود ٦٨٩.
الهيئات
الإذعانية الاستعلائية : ٦٠٢ ـ ٦٠٣ ـ ٦٠٤.
|
|
الهيئات الردية
: إزالتها ٧٤٢ ـ ٦٠٢.
الهيولى : ٤٣١ ـ
٧٢١ ـ ٧٢٢ ـ ٧٤١ ـ ٨٣١ ـ ١١١٥. بقاء استعدادها بعد حصول الصورة ١٤٨. بساطتها
٣٤٠. تكون لها صورتان ٢٥٨ ـ ٢٥٩. علة بعض الأعراض الجسمانية ١١١٢. فصلها ٧٩٤. لا
يعقل وجود الصورة فيها ١٧٢. ليس لها حيّز ٧٤٣. نسبتها إلى العناصر والكواكب
١١٠٥.
* * *
الواجب : ٧٢٩ ـ ٨٠٥
ـ ٨٨٠ ـ. وجوده ٨٧٨.
إطلاق الموجود
عليه ٦٩٠ ـ ٦٩٢. راجع الأول تعالى.
واجب الوجود :
٦٥٤ ـ ٧٩١ ـ ٨٠٦ ـ ٨٤٣. إثباته ١٤٠. بذاته ٨٠٧. الخلق من لوازمه ٢٥٦.
الفعل من لوازم
ذاته ٧٣٧ ـ ٧٣٨. لا ماهية واجبة له ٨١٦ ـ ٨١٧ ـ ٧٩١. لا يعقله غير ذاته ٧١٣.
واحد ١٠٨٨. ليس بعرض ولا جوهر ٤٢٠ ـ ٧٨٩ ـ راجع الأول تعالى.
الواجبات
العملية : ٥٧٠.
الواجبيّة : ٣٨٦
ـ ٣٩٠ ـ ٣٩١ ـ ٤٦٦ ـ ٦٤٥ ـ ٨٧٨. بشرط ٦٥١. فرقها مع الوجود ٧٩٦ ـ ٨٦٩. المطلقة
٦٥١.
واجبية الانسان
: ٦٥٠.
الواحد : ٨٠١.
بالمعنى العام ٧٨٠. الفرد ٨٤٣.
لا يصدر عنه إلا
الواحد ٢٦٠ ـ ٢٦١ ـ ٣٦٧ ـ ٦٧٣ ـ ٧٤٠ ـ ٧٨٧. لا يلزمه شيئان ٣٦٩.
لا يلزمه شيء من
خارج ٣٦٧. نسبته إلى الكثرة ٦٢٠ ـ ٦٢٠ ـ ٧٥٧.
|
الوالد : سبب
اجتماع المني ٤٠٤ ـ ٤٠٧. ليست نفسه سبب نفس الولد ٧٨١.
واهب الصور : لا
يكون جسما ٧٧٢. عقل ٧٤٣.
الوجود : ٣٥٠ ـ ٣٨٩
ـ ٤٣٢ ـ ٤٧٨ ـ ٤٧٧ ـ ٤٧٩ ـ ٧٩٢ ـ ٧٩٣ ـ ٨٠٢ ـ ٨٠٣ ـ ٨٠٥ ـ ٨٠٩ ـ ٨١٠ ـ ٨٢٢ ـ ٨٢٣
ـ ٨٢٤ ـ ٨٦٢.
أول الأمور ٨٠٠.
إمكانه ٧٥٨ ـ الأول ٣٧٦.
الإثباتي ٨٠٢ ـ ٨٠٣.
امكانه من علة ٧٩٠.
الذي هو خاصية
الحق هو الواجبية ٣٨٦. بما هو وجود ٨١٥ تأكده ١٠٤ ـ ٢٢٦ ـ ١٠٤.
تعريفه ١٧٩ ـ ١٨٠
تعلقه بالمواد ١٩٠ ـ إلى ١٩٣. الخارجي لازم الماهيات العلمية للمقربين ٣٦٦.
الخاص ٨٠٢. الصفات التي تكون منه للأشياء ٨٢٠. صفته ١٠٠٤. العام ٤٧٦ ـ ٤٧٨ ـ ٦٤٨
ـ ٧٢٧ ـ ٧٢٨. عرض ٤٢٠ ـ ٤٢١ ـ ٧٨٩. فرقه مع الواجبية ٧٩٦ ـ ٨٧٨ ـ ٨٦٩. للنفس
٧٥٠. لا يكون معلولا ٧٠١ ـ ٨١٩. لا فرق بينه وبين الثبات ١٠٠٤.
لا يكون من
لوازم الماهية ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ـ ٧٩٥.
|
|
ليس بجنس أو
لازم غير مقوم ٦٤٧ ـ ٦٤٨ ـ ٦٤٩. الممكن ٨٦٢. المستغني عما يقوم فيه وبه آكد ١٠٣.
من حيث هو وجود إما معلول أو مستغن ٣٧٦. مبدءه واحد ٦٣١. من صفات الشيء ٣٥٠.
نسبته إلى الإمكان ٨٧٠. وجوبه ٨٢٢ ـ ٨٢٣. واجب أو ممكن ٤٧٥. وحدته ٩. يلزم
واجبية الأول تعالى ٤٧٩.
الوحدة : ٨٠٠.
تعريفه ١٧٩.
الوحدة : تعلقه
بالمواد ١٩٠ ـ إلى ١٩٤. الطبعي والقسري ١٠٠٣. والكثرة ٧٥٧. يسلبها التقطيع من
جهة ولا يسلبها من جهة ٤٦٢.
الوصف الذاتي
وغير الذاتي : ٨٣١ ـ ٨٣٢ ـ ٨٣٣.
الوضع : ٢٦٨ ـ ٢٦٧
ـ ٥٦٦.
الوهم : ٥٢٠ ـ ٥٢٨
ـ ٤٥٣ ـ ٥٤٧ ـ ٦٥٧. الإنسان أقرب إلى قبوله من العقليات ١٠٨٨.
الوقت : ٤٢٢ ـ ١١٢٥
ـ إلى ١١٢٩.
* * *
اليقين : ٧٢٦ ـ ٧٩٧.
|
تمّ والحمد لله.
فهرس الاعلام والامكنة
ابن السمح :
١٣٢.
ابن زيلة : ٢.
أبو حامد
الاسفزاري : ٥٧٠.
أبو الخير بن
الخمار : ١٣٢.
أبو الفرج بن
الطيّب : ١٣٣.
أبو القاسم
الكرماني : ٤٩ ـ ٥٦ ـ ٦٩ ـ ٧٠ ـ ١١٣ ـ ٢٤٦ ـ ٢٤٩ ـ ٢٢٤ ـ ٥١٣.
أبو نصر
الفارابي : ١١٦١.
أرسطو : ١١٧ ـ ١٢٧
ـ ١٣٨ ـ ٣٤٣ ـ ٩٠١ صاحب المنطق.
اسكندر : ١١٥٩ ـ
١١٦١.
أصفهان : ١٢٩.
أفلاطون : ٣٤٣ ـ
٤٨١ ـ ٨٧١ ـ ١١٥٥.
انطيفن : ١١٠٩.
أهل العراق :
١٣٦.
بعض أولاد
الامراء : ١٣٠.
بهمنيار : ٣٩٧ ـ
٥٠٠.
ثامسطيوس : ١١٥٩
ـ ١١٦١.
جماعة من أهل
النظر : ١٠٨٨.
|
|
جالينوس : ٥٧ ـ ٩٧
ـ ٩٨ ـ ١٠٩١.
الحكماء : ٧٠.
الحكيم : ٨٢٧.
الخراسانية :
٧٤٤.
ديمقراطيس :
١١٥٩.
الرسميّون :
١١٦٠.
الري : ٤٤ ـ ١٢٩
ـ ١٨٣.
السلطان الماضي
: ١٢٧.
صاحب المنطق :
١١٥٩.
الشيخ : ١٢٧
الشيخ الرئيس : ٣٩٧ ـ ٣٩٨ ـ ٥٠٠ ـ ٥٠١.
الشيخ الفاضل :
٤٦ ـ ٤٧ ـ ٤٨ ـ ٦٦ ـ ٧٦.
الشيخ أبو
القاسم الكرماني أبو القاسم الكرماني.
الشيخين : ١٣٠ ـ
١٣١.
الفارابي أبو
نصر.
الفلاسفة : ٥٧٠.
المتقدمون ٧١٣.
الفيلسوف : ٧٠٠
ـ ٦٩٤.
الكرماني أبو
القاسم الكرماني.
الكيا : ١١٥٨.
|
المتكلمون :
١١٢٥.
متكلمي الوقت :
١٠٨٨.
المحدثون : ١٢٩
ـ ١٤٠.
مدينة السلام :
١٢٩ ـ ١٣٠ ـ ١٤١ ـ ١١٥٩.
مسكويه : ١١٣.
المشرقيين :
٨٧٦.
|
|
المعتزلة : ٤١٥
ـ ٦٩٩ ـ ٧١٣ ـ ١٠٨٠.
بعض المعتزلة :
١٧٩ ـ ٦٩٩.
المفسرون :
١١٦١.
المهندسون
الحذّاق : ١٠٨.
النصارى من أهل
مدينة السلام : ١١٥٩.
يحيى النحوي :
١١٦٠ ـ ١١٦١.
|
تمّ والحمد لله.
فهرس الكتب والرسائل
أثولوجيا : ١٢٧
ـ ١١٦١.
الإشارات : ٢ ـ ٣
ـ ١٧٤ ـ ١٤٧ ـ ٧٩١.
اقليدس : ١١٣٦.
الانصاف : ٣٥ ـ ١٢٧
ـ ١٢٨ ـ ١١٦١.
الجزء الصغير :
٦٦٦.
حرف الألف
الصغرى : ١٤١.
الحكمة العرشية
: ٢٩٩.
الرقعة المشتملة
على المسائل : ٥٠٠.
السماع أرسطو :
١١٧. كتاب السماع.
شرح كتب
أرسطوطاليس : ١٢٧ الشفاء : ٥٦ ـ ١٧٤ ـ ٢٢٣ ـ ٢٣٢ ـ ٤٨١ ـ ٩٠٠ ـ ٥٦٨ ـ ٥٨٣ ـ ٥٩٠
ـ ٧٩١ ـ ٨٧٧ ـ ١٠٨٨ ـ ١١٦٠.
الفصوص : ١١٦١.
كتاب البرهان :
٥٨٥ ـ ٦٩١ ـ ٦٩٦.
كتاب ايساغوجي :
١٣٦.
كتاب بارس
ارمينياس : ١٣٦.
كتاب سوفسطيقا :
١٣٦ ـ ١٣٨.
|
|
كتاب قاطيغورياس
: ١٣٦.
كتاب الحسّ
والمحسوس : ١٣٦.
كتاب السماء :
١٣٦.
كتاب السماع
الطبيعي : ١١٦٠.
الكتاب الصادر
أخيرا : ٣٩٨.
كتاب القياسات :
٦٠٠.
كتب أرسطوطاليس
: ١٢٧.
كتب الشيخ
الجليل : ١٣٢.
كتاب ما بعد
الطبيعة : ٦٩٤ ـ ١٠٠٤ ـ ١٤٠ ـ ١٤١ ١٣٦.
كتاب النفس :
١٧٥ ـ ١٧٦ ـ ١٩٧ ـ ٢٠٤ ـ ٢٧٢ ـ ٢٩٨ ـ ٥٩٠ ـ ٧٠٧ ـ ١١٥٣ ـ ١١٥٩.
كتاب يحيى
النحوي : ١١٦٠.
المباحثات
الصديقية : ٨٩٦.
المبدأ والمعاد
: ٦٤٦.
المسائل العشر :
٨٤٥.
المسائل
المشرقية : ٣٤.
المسائل في
المباحثة : ١١٤.
|
فهرس مراجع التعليق
والتقديم
إخبار العلماء بأخبار الحكماء القفطي
دار الآثار ـ بيروت.
أرسطو عند العرب عبدالرحمن بدوي وكالة
المطبوعات ـ بيروت ـ ١٩٧٨ م.
الاشارات والتنبيهات شرح نصير الدين
الطوسي مطبعة الحيدري ـ طهران ـ ١٣٧٩ ه.
تاريخ مفصل ايران عباس اقبال آشتياني
خيام ـ طهران.
تاريخ حكماء الإسلام ظهير الدين البيهقي
المجمع العلمي ـ دمشق ـ ١٣٦٥ ه.
التحصيل بهمنيار بن مرزبان كلية
الإلهيات ـ طهران ـ ١٣٤٩ ش.
الحكمة المتعالية في الأسفار الأربعة
صدر الدين محمد الشيرازي شركة المعارف الإسلامية ١٣٧٩ ه.
دائرة المعارف بزرگ اسلام
هيئة التحرير مركز دائرة المعارف طهران ١٣٦٧ ش.
دانش نامه ايران و اسلام هيئة التحرير
بنگاه
ترجمه ونشر كتاب طهران.
سيرة الشيخ الرئيس أبو عبدالله
الجوزجاني نيويورك ١٩٧٤ م.
الشفاء ابن سينا مكتبة آية الله المرعشي ـ قم ـ ١٤٠٤ ه.
صوان الحكمة السجستاني بنياد فرهنگ
ايران ـ طهران ـ ١٩٧٤ م.
فهرست كتابخانه اهدائي مشكوة (ج ٣ / ١) دانش پژوه جامعة طهران ـ طهران ـ ١٣٣٢ ش.
فهرست كتابخانه اهدائي مشكوة (ج ٣ / ٤) دانش پژوه جامعة طهران ـ طهران ـ ١٣٣٥ ش.
فهرست كتابخانه
مجلس (ج ٢)
فهرست كتابخانه
آية الله مرعشي (قده) (ج ١) سيد احمد حسيني مطبعة مهر استوار ـ قم ـ ١٣٩٥ ه.
فهرست كتابخانه
مدرسه آخوند همدان دكتر جواد مقصود مطبعة آذين ـ ١٣٩٧ ه.
فهرست دو كتابخانه
مشهد عبدالله نوراني فرهنگ ايران زمين ـ طهران ١٣٥١ ش.
فهرست مصنفات ابن سينا دكتر يحيي مهدوي
جامعة طهران ـ طهران ١٣٣٢ ش.
فهرست ميكروفيلم هاي كتابخانه مركزي (ج ١) دانش پژوه جامعة طهران ـ طهران ـ ١٣٤٨ ش.
فهرست ميكروفيلم
هاي كتابخانه مركزي (ج ٢) دانش پژوه جامعة طهران ـ طهران ـ ١٣٥٣ ش.
المباحث المشرقية
فخر الدين الرازي بيدار ـ قم ١٤١١ ه.
المبدء والمعاد
ابن سينا موسسه مطالعات اسلامي ـ طهران ١٣٦٣ ش.
المبدء والمعاد
صدر الدين محمد الشيرازي انجمن فلسفه ايران ـ طهران ـ ١٣٥٤ ش.
نزهة الأرواح
الشهرزوري مطبعة دائرة المعارف ـ حيدرآباد ـ ١٣٩٦ ه.
|