بسم الله الرّحمن الرّحيم

( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ) (١) والحمد لله الّذي اصطفى محمّدا لرسالته ، وارتضاه لنفسه ، وائتمنه على وحيه ، وابتعثه نبيّا الى خلقه رحمة للعالمين ، يبشّر بالجنّة من أطاعه ، وينذر بالنّار من عصاه إعذارا وإنذارا ، وأنزل عليه كتابا عزيزا (٢) ( لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (٣) احتجاجا على خلقه بتبليغ حجّته وأداء رسالته ، وإنفاذ حكمه وإقامة حدوده ، وتحليل حلاله وتحريم حرامه ، آمرا بطاعته ناهيا عن معصيته ، قد أكمل (٤) له دينه ، وهداه لرشده وبصّره من العمى ، وعصمه من الضّلالة والرّدى [ وأقامه على المحجّة البيضاء (٥) ] يقول الله ـ عزّ وجلّ ـ : ( إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً * وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً * رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) (٦) ويقول عزّ وجلّ : ( وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ) (٧) وقال

__________________

(١) آية ١ سورة الانعام.

(٢) م : « عربيا » وهو مأخوذ من قوله تعالى ( وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ ) ( آية ٤١ سورة فصلت ).

(٣) آية ٤٢ سورة فصلت.

(٤) ح ج س مج مث : « أكمل الله ».

(٥) فى م فقط.

(٦) آية ١٦٣ و ١٦٤ و ١٦٥ سورة النساء.

(٧) آية ٥٥ سورة الانعام.


عزّ وجلّ : ( إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً ) (١) وقال عزّ وجلّ : ( قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ ما عِنْدِي. ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ ) (٢) [ وقال : ( وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) (٣) وقال : ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ) (٤) وقال : ( وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ ) (٥) ] وقال : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) (٦).

فبلّغ صلوات الله عليه وآله رسالات ربّه ، وصدع بأمره ، وصبر على حكمه واوذى فى جنبه ، وجاهد فى سبيله ، ونصح لامّته ، ورؤف بالمؤمنين ، وغلظ على الكافرين ؛ وعبد الله حتّى أتاه اليقين (٧) فصلى الله عليه وآله الطّيّبين الطّاهرين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وبلّغه أشرف محلّ المكرّمين [ آمين ربّ العالمين (٨) ].

__________________

(١) آية ١٠٥ سورة النساء.

(٢) آية ٥٧ سورة الانعام.

(٣) آية ٦٤ سورة النحل.

(٤) صدر آية ١٠ سورة الشورى.

(٥) آيات ١٥٥ و ١٥٦ و ١٥٧ سورة الانعام ؛ وليعلم أن الآيات الواقعة بين الحاصرتين لم تذكر فى نسخة م.

(٦) آية ٤٩ و ٥٠ سورة المائدة.

(٧) اشارة الى قول الله تعالى : ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) ( وهو آخر آية من سورة الحجر ).

(٨) فى م فقط.


امّا بعد

( الاختلاف والنظر )

فانّا نظرنا فيما اختلفت فيه الملّة (١) من أهل القبلة حتّى كفّر بعضهم بعضا وبرئ بعضهم من بعض وكلّهم ينتحل الحقّ ويدّعيه فوجدناهم فى ذلك صنفين لا غير ، فأحدهما المتّسمون (٢) بالجماعة المنتسبون الى السّنّة وهم فى ذلك مختلفون فى أهوائهم وأحكامهم وآرائهم ، وحلالهم وحرامهم ؛ وبعضهم فى ذلك راض ببعض يجيزون شهاداتهم ويصلّون خلفهم ويقبلون (٣) الاحاديث عنهم ويزكّونهم غير أنّهم قد أجمعوا على خلاف الصّنف الآخر وهم الشّيعة فلم يقبلوا شهاداتهم ولم يزكّوهم ولم يصلّوا خلفهم ولم يقبلوا الأحاديث عنهم.

التمييز بين الصنفين

فنظرنا فيما الصّنف الأوّل عليه مقيمون وبه متمسّكون وبه يدينون ؛ الّذي تسمّوا له بالجماعة وانتسبوا به الى السّنّة فوجدناهم يقولون (٤) : انّ الله تبارك وتعالى لم يبعث نبيّه محمّدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ الى خلقه بجميع ما يحتاجون إليه من أمر دينهم وحلالهم وحرامهم ودمائهم ومواريثهم وفروجهم ورقّهم وسائر أحكامهم

__________________

(١) ح س ج مث مج : « أهل الملة ».

(٢) م : « المسمون ».

(٣) م : « ينقلون ».

(٤) قال العالم الربانى محمد بن مرتضى المعروف بالفيض القاسانى (ره) فى أوائل الاصل الاول من كتابه الاصول الاصيلة ( ص ٥ من النسخة المطبوعة ) وكذا فى أوائل الفصل العاشر من كتابه سفينة النجاة ( ص ١٠٣ من النسخة المطبوعة ) : « قال ابو محمد الفضل بن شاذان النيسابورى ( الى ان قال ) فى كتابه المسمى بالايضاح فى القوم المتسمين بالجماعة المنسوبين الى السنة : انا وجدناهم يقولون ( فساق الكلام الى قوله ) ويحرم بعضهم ما يحله بعض ».


وأنّ رسول الله ـ صلعم ـ لم يكن يعرف ذلك او عرفه فلم يبيّنه لهم [ وتركهم فى عمى وشبهة (١) ] وأنّ الصّحابة (٢) من بعده وغيرهم من التّابعين استنبطوا ذلك (٣) برأيهم وأقاموا أحكاما (٤) سمّوها سنّة أجروا النّاس عليها ومنعوهم ان يجاوزوها الى غيرها ؛ وهم فيها مختلفون يحلّ بعضهم منها (٥) ما يحرّمه بعض ويحرّم بعضهم ما يحلّه بعض [ فمن خالفهم فيها وعابها فهو (٦) ] عندهم منسوب الى البدعة والهوى خارج من الجماعة والسّنّة غير مرضىّ ، ولا مقبول الشّهادة ولا مزكّى ولا يصلّى خلفه ؛ مدفوع عن كلّ خير ولا شيء عنده من الفضل ، والرّاضى بها منسوب الى السّنّة والجماعة ، مقبول الشّهادة غير مدفوع عن شيء من الفضل فهم للرّأى فى الدّين (٧) مستعملون (٨) ؛ فيه يحلّون ويحرّمون ، وينكحون ويفرّقون ، ويقتلون ويستحيون ، ويعتقون ويسترقّون ، ويعاقبون ويعفون ووجدناهم مع ما أجمعوا عليه من هذا القول مختلفين فى عمود التّوحيد.

أقاويل الجهميّة

فمنهم الجهميّة الّذين يقولون : انّ الله لا فى السّماء ولا فى الأرض ولا بينهما ،

__________________

(١) ما بين الحاصرتين فى م فقط وفيه بهذه العبارة : « وتركهم فى عمياء مشبهة ».

(٢) ح ج س مج مث وعبارة القاسانى المشار إليها « وأن أصحابه ».

(٣) هنا زيادة فى النسخ وهى : « من فروع الدين الحلال ( فى م : والحلال ) وجميع الاحكام من الصلاة وغيرها من أبواب الفرائض برأيهم ما لم يبعث الله به نبيه ( صلعم ) ولم يكن النبي يعرفه او عرفه فلم يخبرهم به حتى استخرجوه هم برأيهم » فكأنها نشأت من تكرار العبارة اشتباها وسهوا من الكتاب والنساخ ومأخذ التصحيح عبارة المحقق القاسانى (ره) فى الاصول الاصيلة ( ص ٥ ، س ١٥ ) وكذا عبارته فى سفينة النجاة ( ص ١٠٣ ؛ س ٨ ).

(٤) م : « واقامة الاحكام ».

(٥) ح ج س مج مث : « فيها ».

(٦) ح ج س مج مث : « فعائبها ».

(٧) ح : « بالدين » ج س مج مث : « للدين ».

(٨) م : « مقتدون » ج س مث مج : « متعملون ».


ولا أين ولا حيث [ ولا حدّ (١) ] ولا طول ولا قصر ولا عرض ولا نهاية ويقولون : انّه هواء ، فهو عندهم داخل معهم فى كلّ شيء لا كدخول الشّيء فى الشّيء وخارج من (٢) كلّ شيء لا كخروج الشّيء من (٣) الشّيء فهو عندهم داخل فيهم وفى كلّ ذى روح (٤) على معناهم الّذي وصفوا وتوهّموا فيجب عليهم عند أنفسهم كما يوجبون على النّاس ان يعبدوا ما هو فيهم وما فى كلّ ذى روح من الهواء.

ولا يقرّون بمنكر ولا نكير ولا بعذاب القبر ولا بميزان ولا صراط ، ويقولون : اذا قمت تصلّى فلا تتوهّم شيئا ؛ فان توهّمت شيئا فقد كفرت ، ويقولون فى الجملة ليس كمثله شيء ثمّ يصفونه بصفة العدم وصفة لا شيء ، ويقولون : لا يزول ولا يتحرّك ولا يتكلّم ولا يأمر ولا ينهى [ انّما يخلق خلقا يتكلّم ويأمر وينهى (٥) ] فهو جلّ ثناؤه عندهم بمنزلة الموات (٦) ويزعمون أنّهم يكفرون بالذّي قال لموسى [ : انّى أنا ربّك (٧) فلا يعبدونه ، ولا يعبدون الّذي قال لموسى (٨) : ] انّى أنا الله ربّ العالمين ، [ والّذي قال لموسى : إنّني انا الله لا إله الاّ أنا فاعبدنى (٩) ] ويكفرون بعبادة الّذي كلّم (١٠) موسى تكليما (١١) ويقولون : ليس هو فوق كلّ شيء ولا هو تحت كلّ شيء ، ويقولون : بسطك يديك فى الدّعاء الى السّماء كبسطك ايّاهما الى الارض.

أقاويل المعتزلة

ومنهم المعتزلة الّذين يقولون فى التّوحيد وعذاب القبر والميزان والصّراط

__________________

(١) ليس فى م.

(٢ و ٣) ح : « عن » ( فى كلا الموضعين ).

(٤) ح ج س مج مث بزيادة « أو غير ذى روح ».

(٥) ما بين الحاصرتين ليس فى م.

(٦) م ج : « الموت ».

(٧) صدر آية ١٢ طه.

(٨) ما بين الحاصرتين ليس فى م.

(٩) ما بين الحاصرتين ليس فى ح ج س مج مث.

(١٠) م : « كلمه ».

(١١) مأخوذ من ذيل آية ١٦٤ سورة النساء.


مثل قول الجهميّة ، ويقولون : انّ الله لم يقض ولم يقدّر علينا خيرا ولا شرّا ولا قضاء ولا قدرا ، ويقولون : انّ الجنّة والنّار لم تخلقا بعد ، ويقولون : ان شئنا زاد الله فى الخلق وان شئنا لم يزد لأنّ سبب النّشأ والولد (١) إلينا (٢) ؛ ان (٣) شئنا فعلنا وان لم نشأ لم نفعل ، ويقولون : انّ الله لم يخلق الشّرّ [ وانّه يكون ما لا يشاء الله وانّ الله لا يشاء الشّرّ (٤) ] ولا يشاء (٥) الاّ ما يحبّ فلزمهم (٦) [ ان يقولوا (٧) : ] انّ الله خلق الكلاب والخنازير وانّ الله يحبّهما ، أو يقولوا : انّ الله لم يشأهما ولم يخلقهما فيكونون بذلك قد صدّقوا المجوس فى قولهم ؛ تعالى الله عزّ وجلّ عمّا يقولون علوّا كبيرا.

أقاويل الجبريّة

ومنهم أهل الجبر (٨) الّذين يقولون : انّ الله عزّ وجلّ كلّفنا ما لا نطيق وان لم نفعله (٩) عذّبنا ، وانّما نحن بمنزلة الحجارة [ المنقولة (١٠) ] ان حرّكت تحرّكت وان لم تحرّك لم تتحرّك ، قالوا : وانّما قولنا : فعل الرّجل اذا زنى او سرق او قتل أو لاط ؛ بمنزلة قولك ؛ مات وعاش ، وليس هو مات وعاش وانّما اميت واعيش فهم (١١) يحملون ذنوبهم على ربّهم ويقولون : لم يكن الزّانى يستطيع ان لا يزنى ؛ وكذلك كلّ

__________________

(١) ج س مج مث : « لان سبب النسل والمناكح » وفى ح : « التناكح ».

(٢) كأنه بتقدير مثل « فوض » أو « سلم ».

(٣) ح ج س مج مث : « فان ».

(٤) ما بين الحاصرتين ليس فى م.

(٥) م : « ولا شيئا » وليس ببعيد ان يكون مصحف : « شاء » وتستقيم العبارة فى نسخة م هكذا : « ان الله لم يخلق الشر ولا شاء الا ما يحب ».

(٦) ح ج س مج مث : « فيلزمهم ».

(٧) ليس فى م.

(٨) ح : « ومنهم الاجبارية » ج س مج مث « ومنهم اهل الاجبار ».

(٩) ح ج س مج مث : « فان لم نفعل ».

(١٠) هذه الكلمة فى م فقط.

(١١) م : « وهم ».


معصية ، ويزعمون [ أنّ كلّ شيء بخلاف قولهم فهو كفر (١) ] بالله العظيم.

أقاويل أصحاب الحديث (٢)

[ ومنهم أصحاب الحديث (٣) ] [ عامّة أصحاب الحديث مثل سفيان الثّورىّ و

__________________

(١) ح ج س مج مث : « أن من قال خلاف قولهم كافر ».

(٢) قال الشهرستانى فى الملل والنحل ( ص ٩٩ من طبعة ايران سنة ١٢٨٨ ) :

« أصحاب الحديث وهم أهل الحجاز وهم أصحاب مالك بن أنس وأصحاب محمد بن ادريس الشافعى وأصحاب سفيان الثورى وأصحاب أحمد بن حنبل وأصحاب داود بن على بن محمد الاصفهانى وانما سموا أصحاب الحديث لان عنايتهم بتحصيل الاحاديث ونقل الاخبار وبناء الاحكام على النصوص ، ولا يرجعون الى القياس الجلى والخفى ما وجدوا خبرا او أثرا وقد قال الشافعى ـ رضى الله عنه ـ : اذا وجدتم لى مذهبا ووجدتم على خلاف مذهبى خبرا فاعلموا أن مذهبى ذلك الخبر ، ومن أصحابه أبو ابراهيم اسماعيل بن يحيى المزنى ( الى آخر ما قال ) ».

والعنوان فى م فقط وليس فى سائر النسخ ؛ قال السيد مرتضى الرازى (ره) فى تبصرة العوام فى أوائل الباب الحادي عشر الّذي فى ذكر مقالات المشبهة والمجسمة ضمن ما قال : « ومشبهه زمان ما دو نوع اند يكى محمود نزد ايشان چنانكه خود را أهل سنت وجماعت وسلفى واصحاب حديث گويند وخصم ايشان را مشبهه ومجسمه ومجبره وحشويه خوانند ».

الى ان قال بعد أن ذكر أشياء كثيرة من عقائدهم المنكرة ما نصه ( انظر ص ٨٦ ـ ٧٥ من طبعة الاستاذ عباس اقبال وص ٣٨٥ من النسخة المنضمة لقصص العلماء المطبوعة سنة ١٣٠٩ ).

« وامثال اين خرافات بسيار گفته اند اگر خواهيم كه جمله را ياد كنيم به سالهاى دراز تمام نشود واين جمله مقالات قوميست كه خود را أصحاب حديث وأهل سنت وجماعت خوانند وهركه در اين خلاف كند او را أهل ضلالت گويند ».

(٣) ح ج س : « ومنهم العامة ».


يزيد بن هارون وجرير بن عبد الله ووكيع بن الجرّاح (١) ] وأشباههم من العلماء الّذين

__________________

(١) ح ج س مج مث : ( بدلها ) « أصحاب يزيد ( ح : بريد ) بن هارون وجرير ( ح : حريز ) بن عبد الحميد وسفيان ووكيع ».

__________________

أقول : قد علم مما ذكر أن « أصحاب الحديث » من هم؟ ـ وعلم أيضا سنخ عقائدهم فان ما فى الكتاب أنموذج مما اعتقدوا به.

وقال الشيخ عبد الجليل الرازى القزوينى (ره) فى كتاب النقض ضمن ذكره المدارس التى بنيت فى الرى فى زمان سلطان ملك شاه وسلطان محمد ما نصه ( ص ٤٧ من النسخة المطبوعة ).

« ومدرسه فقيه على جاستى به كوى اصفهانيان كه خواجه ميرك فرموده است كه بدان تكلف مدرسه در هيچ طايفه نيست وسادات دارند ودر آنجا مجلس وعظ وختم قرآن ونماز بجماعت باشد نه در عهد سلطان سعيد ملك شاه فرمودند؟ در آن تاريخ كه سرهنگ ساوتكين جامع جديد مى كرد براى أصحاب حديث كه ايشان را در رى مسجد آدينه نبود ».

فيعلم من ذلك ان فى تلك الازمنة كانت لهم كثرة وشأن وشوكة.

فليعلم أن نسبة أمثال العقائد والاقوال المذكورة هنا الى أصحاب الحديث ذكرت فى كثير من الموارد فى كتاب النقض الا انا لا نذكر منه شيئا لنكتة لطيفة وهى ان صاحب النقض فى صدد ابطال عقائد مخالفيه كالفضل بن شاذان فى هذا الكتاب فيشبه ان يكون من قبيل اثبات الدعوى بنفسها ؛ فتفطن.

قال ابو الفتوح الرازى (ره) فى تفسير آية ( فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ) ( من آية ١٦٣ سورة الاعراف ) ضمن بياناته بعد نقل حديث ( ج ٢ من الطبعة الاولى ص ٤٥٧ ) :

« اين خبر امام اصحاب الحديث ابو اسحاق احمد بن محمد بن ابراهيم الثعلبى آورد در كتاب « العرائس فى المجالس » و « يواقيت التيجان فى قصص القرآن » ( الى ان قال ) هم


يروون أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : لا تسبّوا الدّهر فانّ الله هو الدّهر (١) [ فهم

__________________

در اين كتاب آورد وهم در تفسيرش كه چون موسى (ع) بيفتاد بيهوش آن فرشتگان مى آمدند ولگد در او ميزدند ومى گفتند : يا ابن النساء الحيض أطمعت فى رؤية رب العزة ؛ اى پسر زنان حيض رسيده طمع داشتى تا خداى عزيز را ببينى؟! واين خبر اگرچه بنزد ما واهى وضعيف است چو از گفته مخالف است بر آوردم تا بر او حجت باشد ( تا آخر بيانات او ) »

وذكر ابو المحاسن الجرجانى (ره) فى تفسيره مثل ما ذكره ابو الفتوح (ره) فان شئت ان تراجعه فانظر تفسير الآية ( ج ٣ : ص ٢٤٧ ـ ص ٢٤٩ ).

أقول : نص عبارة الثعلبى فى كتاب العرائس فى الباب السادس عشر من ابواب المجلس الّذي عقده لبيان احوال موسى ( والباب معنون بعنوان : فى قصة ذهاب موسى الى الجبل لميقات ربه ) ضمن ما ذكره تحت عنوان « واختلف العلماء فى معرفة التجلى » هكذا ( انظر ص ١١٤ من النسخة المطبوعة بالمطبعة الحميدية المصرية سنة ١٣٢١ ) : « قال الواقدى : لما خر موسى صعقا قالت الملائكة : ما لابن عمران وسؤاله الرؤية؟! وفى بعض الكتب : ان ملائكة السماوات والارض أتوا موسى وهو مغشى عليه فجعلوا يلكزونه بأرجلهم ويقولون : يا ابن النساء الحيض أطمعت فى رؤية رب العزة؟! » وهذا أنموذج من عقائدهم.

__________________

(١) نقله السيوطى فى الجامع الصغير عن صحيح مسلم بهذه العبارة لكن المشهور بين الناس هكذا : « لا تسبوا الدهر فان الدهر هو الله » وهكذا نقله علم الهدى (ره) فى أماليه المعروف بغرر الفرائد ودرر القلائد ونص عبارته هكذا ( ج ١ ص ٤٦ ـ ٤٥ من طبعة احياء دار الكتب العربية بتحقيق محمد ابى الفضل ابراهيم ) : « تأويل خبر ـ روى عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ انه قال : لا تسبوا الدهر فان الدهر هو الله ؛ وقد ذكر قوم فى تأويل هذا الخبر أن المراد به لا تسبوا الدهر فانه لا فعل له وان الله مصرفه ومدبره ، فحذف من الكلام ذكر المصرف والمدبر وقال : هو الدهر. وفى هذا الخبر وجه هو أحسن من ذلك الّذي حكيناه.

وهو أن الملحدين ومن نفى الصانع من العرب كانوا ينسبون ما ينزل بهم من أفعال الله


على معنى ما رووا انّ الله هو الدّهر (١) ] لا يعيبون (٢) ان يقولوا : يا دهر (٣) ارحمنا ، ويا دهر (٤) اغفر لنا ويا دهر (٥) ارزقنا ؛ يضاهون ما قالت اليهود : إنّهم يعبدون الله الّذي عزير ابنه ،

__________________

تعالى كالمرض والعافية والجدب والخصب والبقاء والفناء الى الدهر جهلا منهم بالصانع جلت عظمته ويذمون الدهر ويسبونه فى كثير من الاحوال من حيث اعتقدوا أنه الفاعل بهم هذه الافعال فنهاهم النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عن ذلك وقال لهم : لا تسبوا من فعل بكم هذه الافعال ممن تعتقدون أنه هو الدهر فان الله تعالى هو الفاعل لها وانما قال : ان الله هو الدهر من حيث نسبوا الى الدهر أفعال الله وقد حكى الله تعالى عنهم قولهم : ( ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ ) ( الجاثية : ٢٤ ) وقال لبيد :

فى قروم سادة من قومه

نظر الدهر إليهم فابتهل

اى دعا عليهم وقال عمرو بن قمئة ( فأورد سبعة أبيات منه وقال ).

وقال الاصمعى : ذم أعرابى رجلا فقال : هو أكثر ذنوبا من الدهر ( الى ان قال بعد الاستشهاد بأشعار أخر ).

وقال آخر

فاستأثر الدهر الغداة بهم

والدهر يرمينى وما أرسى

يا دهر قد أكثرت فجعتنا

بسراتنا ووقرت فى العظم

وقال بعد ان بين معنى « وقرت فى العظم » :

وكل هؤلاء الذين روينا أشعارهم نسبوا أفعال الله التى لا يشاركه فيها غيره الى الدهر فحسن وجه التأويل الّذي ذكرناه ».

أقول : يشبه مضمون هذه الابيات فى نسبة الحوادث الى الدهر قول من قال بالفارسية :

«روزگار است آنكه گه عزت دهد گه خوار دارد

چرخ بازيگر از اين بازيچه ها بسيار دارد»

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس فى م.

(٢) ح ج س مج مث : « لا يتهيبون ».

(٣ و ٤ و ٥) م ( فى الموارد الثلاثة ) : « يا دهرنا ».


والنّصارى الّذين قالوا : نعبد الله الّذي المسيح ابنه ، ويروون أنّ الله خلق الملائكة من شعر ذراعيه وصدره (١) ، [ ويروون أنّ الله خلق نفسه من عرق الخيل (٢) ] ويروون

__________________

(١) قال السيد مرتضى الرازى (ره) فى تبصرة العوام فى اوائل الباب الحادي عشر الّذي هو فى مقالات المشبهة والمجسمة ضمن ما قال ( ص ٣٨٣ من النسخة المنضمة فى الطبع لقصص العلماء المطبوع سنة ١٣٠٩ ).

« ومشبهه زمان ما دو نوع اند يكى محمود نزد ايشان چنانكه خود را اهل سنت وجماعت وسلفى وأصحاب حديث گويند وخصم ايشان را مشبهه ومجسمه ومجبره وحشويه خوانند ودر عصر ما مشبهه در اعتقاد يك فرقه اند ودر شرعيات هفت فرقه ( فخاض فى ذكر الفرق الى ان قال ) :

« بدان كه مشبهه خدا را جاى ومكان اثبات كنند ( الى ان قال ) وگويند عروه روايت كند از عبد الله بن عمرو بن العاص كه رسول گفت : خداى تعالى ملائكه را از موى سينه ودستهاى خود بيافريد ».

(٢) ما بين الحاصرتين ليس فى ح ج س مج مث بل هو فى م فقط ؛ قال السيد مرتضى الرازى (ره) فى أوائل الباب الحادي عشر من تبصرة العوام ضمن ذكر عقائد المشبهة :

« ديگر روايت كنند از ابو المهزم از ابو هريره كه رسول را پرسيدند كه خدا از چيست؟ گفت : از آب ليكن نه آب زمين ونه آب آسمان بلكه اسبى بيافريد واو را بدوانيد تا عرق كرد وخود را از آن عرق بيافريد تعالى الله عن ذلك ».

قال الناقد البصير جلال الدين عبد الرحمن السيوطى فى اوّل باب التوحيد من كتابه « اللئالي المصنوعة فى الاحاديث الموضوعة » ( وهذا الحديث اوّل حديث فى الكتاب )

« الحاكم نقلا عن الجوزقانى : أنبأنا اسماعيل بن محمد الشعرانى أخبرت عن محمد بن شجاع الثلجى أخبرنى حبان بن هلال عن حماد بن سلمة عن أبى المهزم عن أبى هريرة قال : قيل : يا رسول الله مم ربنا؟ ـ قال : من ماء مرور لا من أرض ولا من سماء خلق خيلا فأجراها فعرقت فخلق نفسه من ذلك العرق.

موضوع اتهم به محمد بن شجاع ولا يضع مثل هذا مسلم قلت : ولا عاقل ، قال الذهبى


__________________

فى الميزان : ابن شجاع هذا كان فقيه العراق فى وقته ، وكان حنفيا صاحب تصانيف ، وكان من أصحاب بشر المريسى ، وكان ينتقص الامامين الشافعى وأحمد ، وكان من وصيته التى كتبها عند موته ولا يعطى من ثلثي الا من قال : القرآن مخلوق ، وقال ابن عدى : كان يضع أحاديث فى التشبيه ينسبها الى أصحاب الحديث مع كونه أتى من المكذب فهو من وضع الجهمية ليذكروه فى معرض الاحتجاج به على ان « نفسه » اسم لشيء من مخلوقاته فكذلك اضافة كلامه إليه من هذا القبيل اضافة ملك بل كلامه بالاولى قال : وعلى كل حال فما يعد مسلم هذا فى احاديث الصفات تعالى الله عن ذلك انتهى والله أعلم ».

وقال أيضا السيوطى فى اللئالى المصنوعة فى كتاب التوحيد بعد نقل حديث بعد ذلك عن أبى على الاهوازى ( ج ١ : ص ٢٨ ) :

قلت أخرجه ابن عساكر فى تاريخه : أنبأنا أبو طاهر محمد بن الحسين الحنائى فى كتابه أنبأنا أبو على الاهوازى به وقال كتب أبو بكر الخطيب هذا عن الاهوازى متعجبا من نكارته وهو باطل وقال ابن عساكر فى الاول : هذا حديث منكر وفى اسناده غير واحد من المجهولين والاهوازى جمع أمثاله فى كتاب له فى الصفات سماه « كتاب البيان فى شرح عقود أهل الايمان » أودعه أحاديث منكرة كحديث : ان الله تعالى لما أراد أن يخلق نفسه خلق الخيل فأجراها حتى عرقت ثم خلق نفسه من ذلك العرق مما يجوز ان يروى ولا يحل ان يعتقد ، وكان مذهبه مذهب السالمية يقول بالظاهر ويتمسك بالأحاديث الضعيفة التى تقوى له رأيه وحديث اجراء الخيل موضوع وضعه بعض الزنادقة ليشنع به على أصحاب الحديث فى روايتهم المستحيل فقبله من لا عقل له ورواه وهو مما يقطع ببطلانه شرعا وعقلا ( انتهى ).

وقال فى كتاب تبيين المفترى : كان الاهوازى من اكذب الناس. وقال الذهبى فى الميزان : صنف الاهوازى كتابا فى الصفات لو لم يجمعه لكان خيرا له فانه أتى بموضوعات وفضائح وكان يحط على الاشعرى وجمع تأليفا فى ثلبه والله أعلم ».

أقول : ان أبا الفتوح أيضا على ما ببالى نقل الحديثين ( اى هذا الحديث وما قبله من ان الله خلق الملائكة من شعر ذراعيه وصدره فى تفسيره نقلا عن المشبهة وناسبا اياهما إليهم الا انى لا مجال لى ان أراجعه فمن اراد فليراجع.


انّ النّار لمّا استعرت وضع الله قدمه فيها فقالت : قطى قطى (١) أى حسبى حسبى (٢).

__________________

(١) قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : ذكر النار فقال : حتى بضع الجبار فيها قدمه فتقول : قط قط بمعنى حسب ، وتكرارها للتأكيد وهى ساكنة الطاء مخففة ، ورواه بعضهم فتقول : قطنى قطنى اى حسبى حسبى » قال ابن هشام فى مغنى اللبيب : قط على ثلاثة أوجه ( الى ان قال ) : الثانى ان تكون بمعنى حسب وهذه مفتوحة القاف ساكنة الطاء يقال : قطى وقطك وقط زيد درهم كما يقال : حسبى وحسبك وحسب زيد درهم الا أنها مبنية لانها موضوعة على حرفين وحسب معربة. والثالث أن تكون اسم فعل بمعنى يكفى فيقال : قطنى بنون الوقاية كما يقال : يكفينى ويجوز نون الوقاية على الوجه الثانى حفظا للبناء على السكون كما يجوز فى لدن ومن وعن لذلك » فعلم أن « قطى وقطى » ( بلا نون ) كما فى نسخ الكتاب و « قطنى وقطنى » مع نون الوقاية كما فى النهاية كلا الوجهين صحيحان.

ويناسب المقام ما نقله العلامة المجلسى فى باب نفى الجسم والصورة والتشبيه من المجلد الثانى من البحار عن تفسير العياشى بهذه العبارة ( ص ٩١ من طبعة امين الضرب ) :

« شى ـ عن جابر الجعفى قال قال محمد بن على : يا جابر ما أعظم فرية اهل الشام يزعمون ان الله تبارك وتعالى حيث صعد الى السماء وضع قدمه على صخرة بيت المقدس وقد وضع عبد من عباد الله قدمه على حجر فأمرنا الله تبارك وتعالى ان نتخذها مصلى ، يا جابر ان الله تبارك وتعالى لا نظير له ولا شبيه ، تعالى عن صفة الواصفين وجل عن أوهام المتوهمين ، واحتجب عن عين الناظرين ولا يزول مع الزائلين ، ولا يأفل مع الآفلين ليس كمثله شيء وهو السميع العليم ».

(٢) أورد السيوطى فى الدر المنثور فى تفسير قوله تعالى : « يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ( آية ٣٠ سورة ق ) » روايات مع أسنادها منها هذه الرواية « وأخرج أحمد والبخارى ومسلم والترمذي والنسائى وابن جرير وابن مردويه والبيهقى فى الاسماء والصفات عن أنس قال قال رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول : هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوى بعضها الى بعض وتقول : قط قط وعزتك وكرمك ( الحديث ) فمن أراد ان يلاحظ سائر الروايات فليراجع ذلك الكتاب ( ج ٦ ص ١٠٧ من النسخة المطبوعة ).


ويروون فى قول الله تعالى : ( فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ) (١) ؛ أنّه أطلع أنملة خنصره (٢) ويروون عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه قال : لا تسبّوا الرّيح فانّها من نفس الرّحمن (٣). ويروون أنّ رجلا جلس معتمدا على كفّيه من خلفه فقال له

__________________

(١) من آية ١٤٣ سورة الاعراف.

(٢) أورد السيوطى فى الدر المنثور فى تفسير الآية أحاديث كثيرة فى هذا المضمون منها :

« وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن أبى ـ حاتم وابن عدى فى الكامل وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقى فى كتاب الرؤية من طرق عن أنس بن مالك ان النبي (ص) قرأ هذه الآية فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ؛ قال : هكذا واشار باصبعيه ووضع طرف إبهامه على أنملة الخنصر ( وفى لفظ : على المفصل الاعلى من الخنصر ) فساخ الجبل وخر موسى صعقا ( وفى لفظ فساخ الجبل فى الارض فهو يهوى فيها الى يوم القيامة ) ». فمن أراد ان يلاحظ سائر الاحاديث أيضا فليراجع الدر المنثور ( ج ٣ ص ١١٩ ـ ١٢٠ ).

وقال أيضا السيوطى لكن فى اللئالي المصنوعة فى الاحاديث الموضوعة فى كتاب التوحيد ج ١ ص ٢٥ طبعة مصر ) :

« قال الطبرانى فى السنة : حدثنا العباس بن الفضل الاسقاطى حدثنا هريم بن عثمان الراسبى حدثنا عمر بن سعيد الأشج عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن انس عن النبي (ص) فى قوله : « فلما تجلى ربه للجبل قال تجلى له بخنصره ؛ أخرجه ابن مردويه ( الى آخر ما قال ) وذكر أيضا نظائر له هناك فمن أرادها فليراجع اللئالي المصنوعة ( ص ٢٥ ـ ٢٦ ج ١ ).

وقال السيد مرتضى الرازى (ره) فى تبصرة العوام فى اوائل الباب العاشر ضمن ذكر عقائد المجسمة : « وگويند : چون تجلى كرد به كوه طور سينا اندكى تجلى كرد ورسول صفت مى كرد وانگشت ابهام را زير انگشت كوچك نهاده واشارت مى كرد يعنى اين قدر تجلى كرد ».

(٣) قال السيد مرتضى الرازى (ره) فى تبصرة العوام فى اوائل الباب العاشر الّذي هو فى ذكر عقائد المجسمة بعد ما نقله بالنسبة الى تفسير آية فلما تجلى الآية : « وگويند ابو ـ هريرة از رسول روايت كرده است كه الايمان يمانى والحكمة يمانية وأجد نفس ربكم من


بعض علمائهم : لا تجلس هذه الجلسة فانّها جلسة ربّ العالمين (١) تعالى الله عمّا يقول الجاهلون علوّا كبيرا.

[ و (٢) رووا أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : رأيت ربّ العالمين فى قبّة حمراء ورأيته مرجّلا (٣) ؛ رواه عكرمة عن ابن عبّاس. ورووا أنّ الله عزّ وجلّ :

__________________

قبل اليمن يعنى ايمان يمانى است وحكمت يمانى ونفس پروردگار شما را مى يابم از قبيل يمن تعالى الله عن ذلك ».

قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : انى لاجد نفس الرحمن من قبل اليمن وفى رواية أجد نفس ربكم ؛ قيل : عنى به الانصار لان الله نفس بهم الكرب عن المؤمنين وهم يمانون لانهم من الازد ، وهو مستعار من نفس الهواء الّذي يرده التنفس الى الجوف فيبرد من حرارته او يعدلها ، او من نفس الريح الّذي يتنسمه فيستروح إليه ، أو من نفس الروضة وهو طيب روائحها فيتفرج به عنه ؛ يقال : أنت فى نفس من أمرك ، واعمل وانت فى نفس من عمرك اى فى سعة وفسحة قبل المرض والهرم ونحوهما ، ه‍ ومنه الحديث : لا تسبوا الريح فانها من نفس الرحمن ؛ يريد بها أنها تفرج الكرب وتنشئ السحاب وتنشر الغيث وو تذهب الجدب ؛ قال الازهرى : النفس فى هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر الحقيقى من نفس ينفس تنفيسا او نفسا كما يقال : فرج يفرج تفريجا وفرجا كانه قال : أجد تنفيس ربكم من قبل اليمن وأن الريح من تنفيس الرحمن بها عن المكروبين قال العتبى : هجمت على واد خصيب وأهله مصفرة ألوانهم فسألتهم عن ذلك فقال شيخ منهم : ليس لنا ريح ».

(١) ح ج س مج مث : « ربك » أما الرواية فلم أرها فى موضع.

(٢) ما بين هذه الحاصرة والحاصرة الاخرى التى قبل قوله : « أقاويل المرجئة » الّذي نشير إليه أيضا فى موضعه بعد ذلك فى م فقط وليست كلمة منها مع طولها فى ح ج س مج مث.

(٣) عبارة النسخة كما فى المتن ؛ ونقل السيوطى فى اللئالي المصنوعة فى أواخر كتاب التوحيد نظائر له منها « وقال الطبرانى : حدثنا على بن سعيد الرازى حدثنا محمد بن حاتم المؤدب


يجيء عشيّة عرفة على جمل أحمر عليه رداء هشّ (١) ؛ رواه ابو صالح عن أبى هريرة ثمّ قال أبو صالح : وا فضيحتاه.

__________________

حدثنا القاسم بن مالك المزنى حدثنا سفيان بن زياد عن عمه سليم بن زياد قال : لقيت عكرمة مولى ابن عباس فقال : لا تبرح حتى أشهدك على هذا الرجل ابن لمعاذ بن عفراء فقال أخبرنى بما أخبرك أبوك عن قول رسول الله ( صلعم ) فقال : حدثنى أبى ان رسول الله ( صلعم ) حدثه أنه رأى رب العالمين عز وجل فى حظيرة من القدس فى صورة شاب عليه تاج يلتمع البصر قال سفيان بن زياد فلقيت عكرمة بعد فسألته الحديث فقال : نعم كذا حدثنى الا انه قال : رآه بفؤاده.

وقال الخطيب فى تاريخه : أنبأنا الحسين بن شجاع العوفى أنبأنا عمر بن جعفر بن محمد بن اسلم الجيلى حدثنا ابو حفص عمرو بن فيروز حدثنا عفان حدثنا عبد الصمد يعنى ابن كيسان عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي ( صلعم ) قال : رأيت ربى تعالى فى صورة شاب أمرد عليه حلة خضراء.

قال عفان : فسمعت حماد بن سلمة سئل عن هذا الحديث فقال : دعوه حدثنى قتادة وما فى البيت غيرى وغير آخر.

وقال الخطيب : أنبأنا على بن الحسين أنبأنا عبد الرحمن بن عمر الخلال حدثنا محمد بن اسماعيل الفارسى حدثنا بكر بن سهل حدثنا عبد الخالق بن منصور قال : رأيت يحيى بن معين كأنه سحر نعيم بن حماد فى حديث أم الطفيل حديث الرؤية ويقول : ما كان ينبغى له ان يحدث بمثل هذا الحديث ( انتهى ) وهذا يشعر بأنه انما عاب عليه تحديثه به بين عامة الناس لان عقولهم لا تحتمل مثل هذا لا أنه اتهمه بوضعه ( وللكلام ذيل فمن أراده فليطلبه من هناك ).

أقول : من أراد نظائره فليراجع اللئالي المصنوعة وغيره من مظانه المبسوطة.

(١) هذا الحديث معروف ومذكور فى كثير من كتبهم بحيث صار كالمسلمات المفروغ عنها فالاولى ان نشير الى كليات من عقائدهم من الكتب التى هى مآخذ لذكر العقائد المسلمة


ورووا أنّ الله عزّ وجلّ فوق العرش له أطيط كأطيط الرّحل

__________________

بين أهل الحل والعقد والرد والقبول فنقول :

قال العلامة الحلى فى أوائل كشف الحق ونهج الصدق ما نصه ( ص ٢٨ احقاق الحق :

« البحث الثالث فى أنه تعالى ليس بجسم أطبق ـ العقلاء على ذلك الا أهل الظاهر كداود والحنابلة كلهم فانهم قالوا : ان الله تعالى جسم يجلس على العرش ويفضل عنه من كل جانب ستة أشبار بشبره ، وأنه ينزل فى كل ليلة جمعة على حمار وينادى الى الصباح : هل من تائب ، هل من مستغفر ، وحملوا آيات التشبيه على ظواهرها ، والسبب فى ذلك قلة تمييزهم وعدم تفطنهم بالمناقضات التى تلزمهم انكار الضروريات التى تبطل مقالتهم ( الى آخر كلامه ؛ فمن أراده فليراجع احقاق الحق للقاضى نور الله التسترى ص ٢٨ من طبعة ايران ) ».

وقال أيضا العلامة لكن فى منهاج الكرامة ( ص ٦ ـ ٧ ) :

« وقالت جماعة الحشوية والمشبهة : ان الله تعالى جسم له طول وعرض وعمق ، وانه يجوز عليه المصافحة ، وان الصالحين من المسلمين يعانقونه فى الدنيا ، وحكى الكعبى عن بعضهم أنه كان يجوز رؤيته فى الدنيا وأنه يزورهم ويزورونه وحكى عن داود الظاهرى أنه قال : اعفونى عن الفرج واللحية واسألونى عما وراء ذلك ، وقال : ان معبودهم له جسم ولحم ودم وله جوارح واعضاء كيد ورجل ولسان وعينين وأذنين ، وحكى أنه قال : هو أجوف من أعلاه الى صدره مصمت ما سوى ذلك وله شعر قطط حتى قالوا : اشتكت عيناه فعادته الملائكة ، وبكى على طوفان نوح حتى رمدت عيناه ، وأنه يفضل من العرش من كل جانب أربع أصابع. وذهب بعضهم الى أنه تعالى ينزل فى كل ليلة جمعة على شكل أمرد حسن الوجه راكبا على حمار حتى أن بعضهم ببغداد وضع على سطح داره معلفا يضع كل ليلة جمعة فيه شعيرا وتبنا لتجويز ان ينزل الله على حماره على ذلك السطح فيشتغل الحمار بالاكل ويشتغل الرب بالنداء ويقول : هل من تائب هل من مستغفر ؛ تعالى الله عن مثل


بالرّاكب (١) ؛ رواه أبو هريرة عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ورووا عنه عن

__________________

(١) قال أبو الحسن الاشعرى فى مقالات الاسلاميين تحت عنوان « اختلاف الناس فى التجسيم » ما نصه ( انظر ج ١ ص ٢٦١ ) :

« واختلف الناس فى حملة العرش ، ما الّذي تحمل؟ فقال قائلون : الحملة تحمل البارئ وانه اذا غضب ثقل على كواهلهم واذا رضى خف فيتبينون غضبه من رضاه ، وان العرش له أطيط اذا ثقل عليه كأطيط الرحل وقال بعضهم : ليس يثقل البارى ولا يخف ، ولا تحمله الحملة ولكن العرش هو الّذي يخف ويثقل وتحمله الحملة ( الى آخر ما قال ) ».

__________________

هذه العقائد الردية فى حقه تعالى.

وحكى عن بعض المنقطعين التاركين من شيوخ الحشوية أنه اجتاز عليه فى بعض الايام نقاط ومعه أمرد حسن الوجه قطط الشعر على الصفات التى يصفون ربهم بها فألح الشيخ بالنظر إليه وكرره وأكثر تصويبه إليه فتوهم فيه النفاط فجاء إليه ليلا فقال : أيها الشيخ رأيتك تلح بالنظر الى هذا الغلام وقد أتيتك به فان كان لك فيه نية فأنت الحاكم فحرد الشيخ عليه وقال : انما كررت النظر إليه لان مذهبى أن الله تعالى ينزل على صورة هذا الغلام فتوهمت أنه الله تعالى فقال له النفاط : ما أنا عليه من النفاطة أجود مما أنت عليه من الزهد مع هذه المقالة ».

وقال أبو الحسن الاشعرى فى مقالات الاسلاميين تحت عنوان « اختلاف الناس فى التجسيم » ضمن ذكر أقوالهم ما نصه ( ج ١ ص ٢٦١ ) :

« وقال أهل السنة وأصحاب الحديث ( الى ان قال ) وانه ينزل الى السماء الدنيا كما جاء فى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ».

فقال محمد محيى الدين عبد الحميد وهو الّذي طبع الكتاب بتحقيقه فى ذيل الصفحة مشيرا بقوله الى ما ذكره الاشعرى ما نصه :

« أخرج البخارى ومسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجة من حديث أبى هريرة عن


النّبيّ ـ (ص) ـ أنّه قال : رأيت ربّى فى روضة خضراء فرأيته جعدا

__________________

النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ انه قال : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة الى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الاخر فيقول : من يدعونى فأستجيب له؟ من يسألنى فأعطيه؟ من يستغفرنى فأستغفر له؟ انظر الحديث رقم ١٣١٥ فى الجزء الثانى ص ٤٧ من سنن أبى داود بتحقيقنا ، وانظر أيضا موافقة صريح المعقول لابن تيمية ( ٢ / ١٦ وما بعدها بتحقيقنا ».

قال الشهرستانى فى كتاب الملل والنحل تحت عنوان « المشبهة » ضمن ما قال ( ص ٤٨ من طبعة ايران سنة ١٢٨٨ ) :

« غير أن جماعة من الشيعة الغالية وجماعة من أصحاب الحديث الحشوية صرحوا بالتشبيه ( الى أن قال ) وأما مشبهة الحشوية فحكى الاشعرى عن محمد بن عيسى انه حكى عن مضر وكهمش وأحمد الهجيمى أنهم أجازوا على ربهم الملامسة والمصافحة وأن المخلصين من المسلمين يعانقونه فى الدنيا والآخرة اذا بلغوا فى الرياضة والاجتهاد الى حد الاخلاص والاتحاد المحض وحكى الكعبى عن بعضهم أنه كان يجوز الرؤية فى الدنيا وان يزوروه ويزورهم وحكى عن داود الجواربى أنه قال : اعفونى عن الفرج واللحية واسألونى عما وراء ذلك ، وقال : ان معبوده جسم ولحم ودم وله جوارح وأعضاء من يد ورجل ورأس ولسان وعينين وأذنين ومع ذلك جسم لا كالاجسام ولحم لا كاللحوم ودم لا كالدماء وكذلك سائر الصفات وهو لا يشبه شيئا من المخلوقات ولا يشبهه شيء ويحكى عنه أنه قال : هو أجوف من أعلاه الى صدره مصمت ما سوى ذلك وان له وقرة سوداء وله. شعر قطط.

وأما ما ورد فى التنزيل من الاستواء واليدين والوجه والجنب والمجيء والاتيان والفوقية وغير ذلك فأجروها على ظاهرها أعنى ما يفهم عند الاطلاق على الاجسام وكذلك ما ورد فى الاخبار من الصورة فى قوله عليه‌السلام : خلق الله آدم على صورة الرحمن وقوله : حتى يضع الجبار قدمه فى النار وقوله : قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن ، وقوله : خمر طينة آدم بيده أربعين صباحا وقوله : وضع يده ( أو كفه ) على كتفى فوجدت ( أو حتى وجدت ) برد أنامله بين ثديى ( أو على كتفى ) الى غير ذلك أجروها على ما يتعارف فى


قططا (١) ، ورووا عن أمّ الطّفيل امرأة أبىّ بن كعب عن النّبيّ ـ (ص) ـ أنّه قال :

__________________

صفات الاجسام وزادوا فى الاخبار أكاذيب وضعوها ونسبوها الى النبي وأكثرها مقتبسة من اليهود فان التشبيه فيهم طباع حتى قالوا : اشتكت عيناه فعادته الملائكة ، وبكى على طوفان نوح عليه‌السلام حتى رمدت عيناه ، وان العرش ليأط من تحته كأطيط الرحل الجديد ، وانه ليفضل من كل جانب أربع أصابع ، وروت المشبهة عن النبي ـ ( صلعم ) أنه قال : لقينى ربى فصافحنى وكافحنى ووضع يده بين كتفى حتى وجدت برد أنامله فى صدرى ( الى آخر ما قال ) ».

أقول : لا يسع المقام أكثر من ذلك والا لنقلنا أضعاف ما ذكرنا.

__________________

(١) قال السيد المرتضى الرازى (ره) فى الباب الحادي عشر من كتابه المسمى بتبصرة ـ العوام ضمن ذكره عقائد المشبهة والمجسمة ما نصه : « وگويند : عكرمه روايت مى كند از ابن عباس واو از رسول كه گفت : رفتم نزد خدا در بهشت وخدا را ديدم بصورت جوانى مجعد موى وجامه زر پوشيده ».

أقول : كان ينبغى ان نذكر ما فى ذلك الباب من تبصرة العوام هنا فان فيه مطالب يشيد ملاحظتها بنيان ما نقله الفضل (ره) فى الكتاب الحاضر من أصحاب الحديث والحشوية الا انه منعنا من ذلك أمران ؛ أحدهما ان المذكور فى الباب المشار إليه كثير لا يسعه المقام والثانى انه باللغة الفارسية وكتابنا هذا بلسان عربى مبين فمن أراد التحقيق والتفصيل فليراجع الكتاب المشار إليه.

قال العلامة المجلسى (ره) فى كتاب التوحيد من بحار الانوار وهو المجلد الثانى منه ( انظر اوائل باب نفى الجسم والصورة والتشبيه ؛ ص ٩٠ طبعة امين الضرب ) :

« قال المحقق الدوانى : المشبهة منهم من قال : انه جسم حقيقة ثم افترقوا فقال بعضهم : انه مركب من لحم ودم ، وقال بعضهم : هو نور متلالئ كالسبيكة البيضاء طوله سبعة اشبار بشبر نفسه ، ومنهم من قال : انه على صورة انسان فمنهم من يقول : انه


رأيت ربّى (١) وفى رجليه نعلان من ذهب ، ورووا عن عبد الله بن مسعود أنّه قال :

__________________

شاب أمرد جعد قطط ومنهم من قال : انه شيخ أشمط الرأس واللحية ، ومنهم من قال : هو فى جهة الفوق مماس للصفحة العليا من العرش ، ويجوز عليه الحركة والانتقال وتبدل الجهات ، ويأط العرش تحته أطيط الرحل الجديد تحت الراكب الثقيل وهو يفضل عن العرش بقدر أربع أصابع ، ومنهم من قال : هو محاذ للعرش غير مماس له وبعده عنه بمسافة متناهية ، وقيل : بمسافة غير متناهية ، ولم يستنكف هذا القائل عن جعل غير المتناهى محصورا بين حاصرين ، ومنهم من تستر بالبلكفة فقال : هو جسم لا كالاجسام وله حيز لا كالاحياز ، ونسبته الى حيزه ليس كنسبة الاجسام الى أحيازها ، وهكذا ينفى جميع خواص الجسم عنه حتى لا يبقى الا اسم الجسم وهؤلاء لا يكفرون بخلاف المصرحين بالجسمية ( انتهى ) ».

ونقل العلامة المجلسى (ره) حديثا عن توحيد الصدوق (ره) بهذه العبارة ( ص ٩٤ ـ ٩٥ ج ٢ من طبعة امين الضرب ) : « يد ـ ابن المتوكل عن الحميرى عن ابن عيسى عن ابن ـ محبوب عن يعقوب السراج قال : قلت لابى عبد الله (ع) : ان بعض أصحابنا يزعم ان لله صورة مثل الانسان وقال آخر : انه فى صورة أمرد جعد قطط ؛ فخر أبو عبد الله (ع) ساجدا ثم رفع رأسه فقال : سبحان الله الّذي ليس كمثله شيء ولا تدركه الابصار ولا يحيط به علم ، لم يلد لان الولد يشبه أباه ، ولم يولد فيشبه من كان قبله ، ولم ـ يكن له من خلقه كفوا أحد ؛ تعالى عن صفة من سواه علوا كبيرا. بيان ـ الجعد ضد السبط ، قال الجزرى فى صفة شعره (ع) : ليس بالسبط ولا الجعد القطط ؛ السبط من الشعر المنبسط المسترسل ، والقطط الشديدة الجعودة ».

__________________

(١) قال ابن الاثير فى اسد الغابة فى كتاب النساء ( ج ٥ ، ص ٥٩٧ من النسخة المطبوعة ) :

« وروى سعيد بن هلال عن مروان بن عثمان عن عمارة بن عامر بن حزم الانصارى عن أم الطفيل امرأة أبى بن كعب قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : رأيت ربى


اذا كان يوم القيامة نادى مناد من العرش : لتلحق كلّ أمّة ما كانت تعبد ، فيقوم من كان يعبد شيئا من دون الله الى ذلك الشيء حتّى أهل الأوثان الى أوثانهم وأهل الأصنام الى أصنامهم ، وتبقى الملائكة والنّبيّون والشّهداء والصّالحون ، فيناديهم : ما ذا تنتظرون؟ ـ فتقول الأنبياء : ننتظر ربّنا عزّ وجلّ ، فيتجلّى لهم الرّبّ فيقول : أنا ربّكم ، فيهمّون أن يبطشوا به وهو أعزّ وأجلّ من ذلك ، فيقولون : انّ بيننا وبينه

__________________

ـ عز وجل فى المنام ( الحديث ) أخرجها ابن مندة وأبو نعيم ».

وقال السيوطى فى اللآلئ المصنوعة فى أواخر كتاب التوحيد ( ج ١ ، ص ٢٨ ) :

« الخطيب أنبأنا الحسن بن أبى بكر وعثمان بن محمد بن يوسف العلاف قالا : ( الى ان قال ) :

رأيت ربى فى المنام فى أحسن صورة شابا موفرا رجلاه فى خضرة له نعلان من ذهب على وجهه فراش من ذهب.

موضوع. نعيم ، وثقه قوم وقال ابن عدى : يضع ، وضعفه ابن معين بسبب هذا الحديث ومروان كذاب وعمارة مجهول وسئل أحمد عن هذا الحديث فقال : منكر.

قلت : قال فى الميزان عمارة بن عامر عن أم الطفيل بحديث الرؤية لا يعرف ( فخاض فى نقل كلام طويل لا يسع المقام ذكره ).

وله طريق آخر

قال الطبرانى فى السنة : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا أبى حدثنا الاسود بن عامر ح وحدثنا محمد بن محمد بن عقبة الشيبانى الكوفى حدثنا الحسن بن على الحلوانى حدثنا عفان حدثنا عبد الحميد بن كيسان ح وحدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسى حدثنا عيسى بن شاذان حدثنا ابراهيم بن أبى سويد الدراع قالوا : حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : رأيت ربى فى صورة شاب له وفرة.


علامة فيكشف لهم عن ساق ويدعون الى السّجود فلا يستطيعون * خاشعة أبصارهم (١).

__________________

قال الطبرانى : سمعت أبا بكر بن صدقة يقول : سمعت أبا زرعة الرازى يقول : حديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس فى الرؤية صحيح رواه شاذان وعبد الصمد بن كيسان وابراهيم بن أبى سويد لا ينكره الا معتزلى.

وقال الطبرانى : حدثنا على بن سعيد الرازى حدثنا احمد بن ابراهيم الدورقى حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن الضحاك عن ابن عباس قال : رأى محمد ربه عز وجل فى صورة شاب أمرد وبه قال ابن جريج عن صفوان بن سليم عن عائشة قالت : رأى النبي ـ ( صلعم ) ربه على صورة شاب جالس على كرسى رجله فى خضرة من لؤلؤ يتلألأ ».

أقول ونقل السيوطى أيضا ( ص ٣١ ) « وقال الدارقطنى فى الافراد : حدثنا ابو بكر احمد بن عيسى الخواص حدثنا سفيان بن زياد بن آدم حدثنا ابو ربية فهد بن عوف حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله ( صلعم ) : رأيت ربى عز وجل فى أحسن صورة وهذا الحديث ان حمل رؤية على المنام فلا اشكال وان حمل على اليقظة فقد سئل عنه أستاذنا العلامة كمال الدين بن الهمام فأجاب بأن هذا حجاب الصورة ».

__________________

(١) هذا نص عبارة النسخة ويظهر بالتأمل أن شيئا من العبارة سقط فى موارد منه ؛ وكيف كان فليطلب الحديث من مظانه وهى أحوال يوم القيامة من كتب الاحاديث والاعتقادات وكذا كتب التفاسير المشتملة على ذكر الاحاديث ونحن نكتفى بتفسير الدر المنثور للسيوطى فانه أجمع تفسير لذكر الاحاديث فنقول :

ذكر السيوطى فى تفسير هذه الآية : « يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود فلا يستطيعون » وتاليتها وهى : « خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون الى السجود وهم سالمون ( وهما آيتا ٤٢ و ٤٣ سورة القلم ) أحاديث كثيرة ( انظر ج ٦ ص ٢٥٤ ـ ٢٥٨ من النسخة المطبوعة ) ونذكر شيئا منها هاهنا :

« أخرج البخارى وابن المنذر وابن مردويه عن أبى سعيد سمعت النبي ( صلعم ) ـ


وانّما تأوّلوا ذلك لجهلهم وقلّة معرفتهم باللّغة الّتي خاطب الله بها خلقه وانّما معنى الحديث عندنا : فتلحق كلّ أمّة ما كانت تعبد فتبقى هذه الامّة فيقال لهم : ما كان محمّد وأمّته يعبدون؟ ـ فيقولون : كان محمّد وأمّته يعبدون الله وحده

__________________

يقول : يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد فى الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا. وأخرج ابن مندة فى الرد على الجهمية عن أبى هريرة قال قال رسول الله ( صلعم ) : يوم يكشف عن ساق قال : يكشف الله عز وجل عن ساقه. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مندة عن ابن ـ مسعود فى قوله : يوم يكشف عن ساق ؛ قال : عن ساقيه تبارك وتعالى. قال ابن مندة : لعله فى قراءة ابن مسعود « يكشف » بفتح الياء وكسر الشين وأخرج ابن مندة عن ابن ـ عباس فى قوله : يوم يكشف عن ساق قال عن شدة الآخرة. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ يوم يكشف عن ساق بالياء ورفع الياء.

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مندة من طريق عمرو بن دينار قال : كان ابن عباس يقرأ : يوم تكشف عن ساق بفتح التاء قال أبو حاتم السجستانى اى تكشف الآخرة عن ساقها ، يستبين منها ما كان غائبا. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير أنه سئل عن قوله : يوم يكشف عن ساق فغضب غضبا شديدا وقال : ان أقواما يزعمون أن الله يكشف عن ساقه وانما يكشف عن الامر الشديد.

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال قال رسول الله ( صلعم ) :

يجمع الله الخلائق يوم القيامة ثم ينادى مناد : من كان يعبد شيئا فليتبعه ؛ فيتبع كل قوم ما كانوا يعبدون ويبقى المسلمون وأهل الكتاب فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون؟ ـ فيقولون : الله وموسى ؛ فيقال لهم : لستم من موسى وليس موسى منكم ؛ فيصرف بهم ذات الشمال ، ثم يقال للنصارى : ما كنتم تعبدون؟ ـ فيقولون : الله وعيسى ؛ فيقال لهم : لستم من عيسى وليس عيسى منكم ، ثم يصرف بهم ذات الشمال ، ويبقى المسلمون ؛ فيقال لهم :


لا شريك له فيتجلّى لهم الرّبّ عزّ وجلّ فيقول : انا ربّكم ؛ فتهيّئوا ان يبطشوا (١) به ، فيقولون : بيننا وبينه علامة ، فيقول : ما هى؟ ـ فيقولون : يوم يكشف عن ساق ، فيتجلّى لهم بالنّورانيّة فيعرفون فيخرّون سجّدا ، ومعنى قوله : يكشف عن ساق أى عن شدّة ؛ فهذا هو الوجه ليس ما تأوّلوه.

ورووا أنّ كعب الأحبار رأى جرير بن عبد الله البجليّ واضعا احدى رجليه

__________________

ما كنتم تعبدون؟ ـ فيقولون : الله ، فيقال لهم : هل تعرفونه؟ ـ فيقولون : ان عرفنا نفسه عرفناه ، فعند ذلك يؤذن لهم فى السجود بين كل مؤمنين منافق فتقصم ظهورهم عن السجود ثم قرأ هذه الآية : ويدعون الى السجود فلا يستطيعون.

وأخرج اسحاق بن راهويه فى مسنده وعبد بن حميد وابن أبى الدنيا والطبرانى والاجرى فى الشريعة والدارقطنى فى الرؤية والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقى فى البعث عن عبد الله بن مسعود عن النبي ( صلعم ) قال : يجمع الله الناس يوم القيامة وينزل الله فى ظلل من الغمام فينادى مناد يا ايها الناس : ألم ترضوا من ربكم الّذي خلقكم وصوركم ورزقكم ان يولى كل انسان منكم ما كان يعبد فى الدنيا فيتمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ، ويتمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير حتى يتمثل لهم الشجرة والعود والحجر ويبقى أهل الاسلام جثوما فيتمثل لهم الرب عز وجل فيقول لهم : ما لكم لم تنطلقوا كما انطلق الناس؟ ـ فيقولون : ان لنا ربا ما رأيناه بعد ، فيقول : فبم تعرفون ربكم ان رأيتموه؟ ـ قالوا : بيننا وبينه علامة ان رأيناه عرفناه قال : وما هى؟ ـ قالوا : يكشف عن ساق فيخر كل من كان يسجد طائعا ساجدا ، ويبقى قوم ظهورهم كصياصى البقر يريدون السجود فلا يستطيعون ( الحديث ) ».

أقول : من أراد التفصيل فليراجع الدر المنثور فان المقام لا يسع اكثر من ذلك والحديث ورد بطرق عديدة وبعبارات مختلفة فى كثير من أبواب كتب الاخبار أيضا.

__________________

(١) كذا فى النسخة فعلى هذا يكون « تهيئوا » ماضيا ويمكن ان يقرأ بصيغة الامر ويكون جزء قوله : « انا ربكم » فحينئذ لا يستقيم الكلام الا بان يقرأ « تبطشوا » بالتاء حتى يكون صيغة الخطاب والصحيح : « فيتهيئون ».


على الاخرى فقال : ضعها فانّها لا تصلح للبشر ؛ انّ الله تبارك وتعالى هكذا يجلس (١).

ورووا أنّ الملائكة تحمل ربّها وأنّها تعرف غضبه من رضاه وتعرف غضبه بثقله على كواهلها (٢).

ورووا عن أبى الدّرداء أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال :

أتانى ربّى اللّيلة فوضع يده بين كتفيّ حتّى وجدت برد أنامله على صدرى وقال : يا محمّد قلت : لبّيك قال : فيم [ يختصم ] الملأ الاعلى؟ ـ فقلت : فى الدّرجات والكفّارات [ الى ان قال ] أمّا الدّرجات فإفشاء السّلام واطعام الطّعام ، وأمّا الكفّارات فالوضوء فى السّبرات (٣) ونقل الأقدام الى الجماعات (٤).

__________________

(١) قال السيد مرتضى الرازى فى تبصرة العوام فى الباب الحادي عشر ضمن ما نقل عن المجسمة : « وگويند : عبيد بن جبير گفت : من در مسجد نشسته بودم كه قتاده بن نعمان بيامد وحديثى گفت قوم برخاستند وگفتند : يا ابن جبير با ما بيا تا بعبادت أبو سعيد خدرى رويم كه مى گويند : رنجور است ، چون پيش او رفتيم بر پشت خوابيده بود وپاى راست بر پاى چپ نهاده سلام كرديم وبنشستيم قتاده دست كرد وپاى ابو سعيد خدرى را بگرفت وبشيب نهاد ابو سعيد گفت : اى برادر پاى من بدرد آمد قتاده گفت : چنين ميخواستم كه رسول گفت : چون خدا از آفرينش عالم فارغ شد به پشت بازخوابيد وپاى بر پاى نهاد گفت : ديگر باره چنين نكنم ».

(٢) قد مر ما نقلنا عن مقالات الاسلاميين للاشعرى ما هو نص فى ذلك انظر ص ١٨ ؛ س ٥.

(٣) قال الجزرى فى النهاية : « وفيه اسباغ الوضوء فى السبرات ؛ السبرات جمع سبرة بسكون الباء وهى شدة البرد » وقال الصدوق (ره) فى معانى الاخبار بعد ان نقل الحديث المذكور تحت عنوان « معنى الدرجات والكفارات والموبقات والمنجيات » :

« وأما السبرات فجمع سبرة وهو شدة البرد وبها سمى الرجل سبرة ».

(٤) هذا الحديث معروف مشهور جدا قد روى بأسانيد معتبرة من طرق الفريقين فى موارد كثيرة من كتب الحديث فلنشر الى شيء منها ومن مطانه السهل التناول تفسير الآية التاسعة والتسعين من سورة ص وهى قوله تعالى : ( ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ )


__________________

فى كتب التفاسير فنكتفى بنقل حديثين قال السيوطى فى الدر المنثور ضمن ما قال : « وأخرج عبد الرزاق واحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه ومحمد بن نصر ـ رضى الله عنه ـ فى كتاب الصلاة قال قال رسول الله ( صلعم ) : أتانى ربى الليلة فى أحسن صورة أحسبه قال : فى المنام قال : يا محمد هل تدرى فيم يختصم الملا الاعلى؟ ـ قلت : لا ؛ فوضع يده بين كتفى حتى وجدت بردها بين ثديى او فى نحرى فعلمت ما فى السموات وما فى الارض ثم قال : يا محمد هل تدرى فيم يختصم الملا الاعلى؟ ـ قلت : نعم فى الكفارات والمكث فى المسجد بعد الصلوات ، والمشى على الاقدام الى الجماعات واسباغ الوضوء فى المكاره ( الى ان قال ) والدرجات افشاء السلام واطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام » وقال المولى محسن الفيض القاسانى فى الصافى فى تفسير الآية : « القمى عن الباقر (ع) فى حديث المعراج وقد مر صدره فى اوّل سورة بنى اسرائيل قال : فلما انتهى به الى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيل فقال رسول الله (ص) : يا جبرئيل فى هذا الموضع تخذلنى؟! فقال : تقدم أمامك فو الله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه أحد من خلق الله قبلك فرأيت من نور ربى وحال بينى وبينه السبحة سئل الامام : وما السبحة؟ ـ فأومى بوجهه الى الارض وبيده الى السماء وهو يقول : جلال ربى ؛ ثلاث مرات.

قال : يا محمد : قلت : لبيك يا رب قال : فيم اختصم الملا الاعلى؟ ـ قال : قلت : سبحانك لاعلم لى الا ما علمتنى قال : فوضع يده اى يد القدرة بين كتفى فوجدت بردها بين ثديى قال : فلم يسألنى عما مضى ولا عما بقى إلا علمته فقال : يا محمد فيم اختصم الملا الاعلى؟ قال : قلت فى الكفارات والدرجات والحسنات ( الحديث ) » وقال أيضا نقلا عن الطبرسى (ره) : « وفى المجمع عن النبي (ص) قال قال لى ربى : أتدري فيم يختصم الملا الاعلى؟ ـ فقلت : لا ، قال : اختصموا فى الكفارات والدرجات فأما الكفارات فاسباغ الوضوء فى السبرات ونقل الاقدام الى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، وأما الدرجات فإفشاء السلام واطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام ، وفى الخصال بنحو آخر قريب منه ». أقول : وعقد الصدوق (ره) فى معانى الاخبار بابا لمعنى الدرجات والكفارات والموبقات والمنجيات فذكر هناك قريبا مما مر ( انظر ص ٩٠ من النسخة المطبوعة ) ومن أراد الاخبار الواردة فى هذا الموضوع فليراجع الدر المنثور فان السيوطى نقل فى تفسير الآية جميع ما ورد بطرق أهل السنة ( ج ٥ ص ٣١٩ ـ ٣٢١ ).


ورووا أنّ آدم كلّم موسى فى القدر فحجّه (١) ، وأنّ أبا بكر كلّم عمر [ فى القدر ] فحجّه (٢) ، وأنّ جبرئيل كلّم ميكائيل فى القدر فحجّه (٣).

__________________

(١) فى الاصل : « فأفلجه » قال ابن الاثير فى النهاية : « فحج آدم موسى اى غلبه بالحجة ». وقال الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب تحاج آدم وموسى ( ج ٧ ص ١٩١ ـ ١٩٢ ) : « ان رسول الله (ص) قال : احتج آدم وموسى فقال موسى : انت آدم الّذي خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وأسكنك جنته فأخرجت الناس من الجنة فقال آدم : انت موسى الّذي كلمك الله نجيا ، وآتاك التوراة تلومنى على أمر قد كتب على قبل ان يخلقنى ؛ قال رسول الله فحج آدم موسى » قال المجلسى فى خامس البحار فى باب ارتكاب آدم ترك الاولى ( ص ٤٤ طبعة امين ـ الضرب ) : « تفسير القمي ـ أبى عن ابن أبى عمير عن ابن مسكان عن أبى عبد الله (ع) قال : ان موسى سأل ربه ان يجمع بينه وبين آدم فجمع فقال له موسى : يا ابه الم يخلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وأمرك ان لا تأكل من الشجرة فلم عصيته؟ ـ فقال : يا موسى بكم وجدت خطيئتى قبل خلقى فى التوراة؟ ـ قال : بثلاثين سنة ، قال : فهو ذلك ، قال الصادق (ع) : فحج آدم موسى عليهما‌السلام » فأورد المجلسى (ره) بيانا للخبر وقال فى آخره : وقوله (ع) : فحج اى غلب عليه فى الحجة وهذا يرجع الى القضاء والقدر وقد مر تحقيقهما » وقال فى المجلد الثالث فى باب القضاء والقدر ( ص ٢٧ طبعة امين الضرب ) بعد نقله عن تفسير على بن ابراهيم كما مر : « بيان ـ من اصحابنا من حمل هذا الخبر على التقية اذ قد ورد ذلك فى كتبهم بطرق كثيرة وقد رواه السيد (ره) فى الطرائف من طرقهم ورده ويمكن ان يقال : ان المراد أنه كتب فى التوراة ان الله وكل آدم الى اختياره حتى فعل ما فعل لمصلحة اهباطه الى الدنيا وأما كونه قبل خلقه (ع) فلان التوراة كتب فى الالواح السماوية فى ذلك الوقت وان وجده موسى (ع) بعد بعثته ، ويحتمل اطلاع روح موسى على ذلك قبل خلق جسد آدم والله يعلم ».

(٢ و ٣) فى كلا الموضعين من الاصل : « فحضه » واما الحديث فهو اشارة الى ما ذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب تحاج آدم وموسى وغيرهما ( ج ٧ ص ١٩١ ـ ١٩٢ ) :


ورووا أنّ موسى بن عمران لطم ملك الموت فأعوره (١).

__________________

« وعن عبد الله بن عمرو قال : بينا رسول الله ( صلعم ) يحدثنا على باب الحجرات اذ أقبل أبو بكر وعمر ومعهما فئام من الناس يجاوب بعضهم بعضا ويرد بعضهم على بعض فلما رأوا رسول الله ( صلعم ) سكتوا فقال : ما كلام سمعته آنفا جاوب بعضكم بعضا ويرد بعضكم على بعض؟ ـ فقال رجل : يا رسول الله زعم أبو بكر ان الحسنات من الله والسيئات من العباد ، وقال عمر : الحسنات والسيئات من الله فتابع هذا قوم وهذا قوم ، فأجاب بعضهم بعضا ورد بعضهم على بعض فالتفت رسول الله (ص) الى أبى بكر فقال : كيف قلت؟ ـ قال : قوله الاول والتفت الى عمر فقال قوله الاول فقال : والّذي نفسى بيده لاقضين بينكم بقضاء اسرافيل بين جبرئيل وميكائيل فهما والّذي نفسى بيده اوّل خلق الله تكلم فيه فقال ميكائيل بقول أبى بكر وقال جبريل بقول عمر فقال جبرئيل لميكائيل : انا متى يختلف أهل السماء يختلف أهل الارض فلنتحاكم الى اسرافيل ، فتحاكما إليه فقضى بينهما بحقيقة القدر خيره وشره حلوه ومره كله من الله عز وجل وانا قاض بينكما ثم التفت الى أبى بكر فقال : يا أبا بكر ان الله تبارك وتعالى لو أراد ان لا يعصى لم يخلق ابليس فقال أبو بكر : صدق الله ورسوله.

رواه الطبرانى فى الاوسط اللفظ له والبزار بنحوه وفى اسناد الطبرانى عمر بن الصبح وهو ضعيف جدا ، وشيخ البزار السكن بن سعد ولم أعرفه ، وبقية رجال البزار ثقات وفى بعضهم كلام لا يضر قلت : وتأتى أحاديث فى مواضعها من هذا النحو ».

أقول : يستفاد من الحديث أن عمر حج أبا بكر وما فى المتن على خلافه ولا يضر ذلك ما نحن بصدده فان الروايات فى هذه القصة كثيرة ففى بعضها حج أبو بكر عمر فأصل المدعى ثابت.

__________________

(١) قال الثعلبى فى العرائس عند ذكر وفاة موسى (ع) ما نصه :

« واختلفوا فى صفة موت موسى عليه‌السلام حدثنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون باسناده عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قال : جاء ملك الموت الى


وكلّ هذه الرّوايات زور وكذب على الله ورسوله.

__________________

موسى فقال له : أجب ربك فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها ، قال : فرجع ملك الموت الى الله عز وجل فقال : يا رب انك ارسلتنى الى عبد لا يريد الموت وفقأ عينى فرد الله عليه عينه وقال : ارجع الى عبدى وقل له. الحياة تريد؟ ـ فان كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما وارت يدك من شعره فانك تعيش بعدد كل شعرة من ذلك سنة قال : ثم ما ذا؟ ـ قال : ثم تموت ، قال : فالآن من قريب قال : يا رب فأدننى من الارض المقدسة رمية حجر قال رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : لو كنت عنده لاريتكم قبره الى جانب الطريق عند الكثيب الاحمر.

قال ( يريد استاذه ) سمعت أبا سعيد بن حمدون يقول : سمعت أبا حامد الشرقى يقول : سمعت محمد بن يحيى يقول : قد صح هذا عن رسول الله ( صلعم ) يعنى قصة ملك الموت وموسى عليه‌السلام لا يردها الاكل مبتدع ضال.

وفى حديث آخر أن رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قال : ان ملك الموت كان يأتى الناس عيانا حتى أتى موسى ليقبضه فلطمه ففقأ عينه فجاء ملك الموت بعدها خفية ».

وقال أبو الفتوح الرازى (ره) فى تفسيره فى ذيل تفسير هذه الآية ( قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ ) ( آية ٢٥ سورة المائدة ) ( ص ١٣٠ ج ٢ من الطبعة الاولى ).

« وحشويان اصحاب حديث در اين خبر ( اى خبر وفاة موسى ) آورده اند كه چون ملك الموت آمد تا جان موسى بردارد وگفت اجابت كن خداى را موسى تپنچه بر چشم ملك ـ الموت زد ويك چشم او كور كرد خداى تعالى چشم او بازداد وگفت برو واو را مخير كن تمام الحديث. عجب از قائلان اين مقاله كه چگونه بر پيغمبر خداى اين سفاهت روا داشتند كه او بر فرشته مقرب چنين كند واو از نزديك خداى تعالى آمده وآنگه ملك الموت را باين عجز وضعف داشتند كه دفع او وتپنچه او از چشم خود نتوانست كردن نسأل الله العصمة


ورووا أنّ ابراهيم الخليل عليه‌السلام كذب ثلاث كذبات (١).

__________________

والصيانة عن مثل هذه المقالات وتجويز هذه المحالات ».

وقال السيد مرتضى الرازى فى تبصرة العوام ضمن ما نقل فى الباب الثامن عشر تحت عنوان « باب هيجدهم در آنچه اهل سنت در حق انبياء گويند » :

« وگويند چون ملك الموت بقبض روح موسى آمد بى دستور وى به خانه درآمد موسى گفت : تو كيستى كه بى اذن درآمدى؟ ـ گفت : عزرائيلم ومرا بقبض روح تو فرستاده اند موسى گفت : من رسول خدايم ودر اين باب هيچ وحى بمن نيامده است ومرا از اين معنى هيچ خبر ندادند خصومت افتاد تا موسى لطمه بزد وچشم ملك الموت را كور كرد وگويند : اين معنى را حسن بن سمره روايت كند از حماد بن سلمه از ابو هريره كه رسول گفت : ملك الموت بظاهر پيش خلق آمدى تا موسى چشم او كور كرد وى بشكايت نزد خدا رفت خدا گفت : برو با موسى بگو كه دست بر پشت گاوى نهد وبعدد هر موئى كه در زير دست وى آيد هزار سال او را عمر دهم وچون ملك الموت پيغام بگذارد موسى گفت : بعد از آنچه باشد؟ ـ گفت : موت ، موسى گفت : پس آن عمر نمى خواهم وعزرائيل چيزى بمشام او داشته روح او قبض كرد واز آن وقت باز ملك الموت از شرمسارى پنهان نزد خلق مى آيد.

تأمل كنيد در اين خرافات وفساد اعتقاد در حق انبيا ورسل اوّل آنكه موسى مطيع فرمان حق نشد دوم آنكه لطمه زد وچشم ملك الموت كور كرد بنابراين لازم آيد كه عزرائيل روز قيامت از موسى قصاص طلب كند وخداى تعالى حق او را از موسى بستاند وموسى با يك چشم بماند وآنكه گويند از آن وقت باز پنهان پيش مردم مى رود مگر مى ترسد كه ديگرى نيز آن چشمش كور كند يقين كه هركه به قيامت ايمان دارد چنين دروغها بر انبياء نبندد ».

__________________

(١) قال الثعلبى فى العرائس فى الباب الثانى من مجلس ابراهيم ( ص ٤٣ من طبعة مصر سنة ١٣٢١ ) : « قال النبي ( صلعم ) : لم يكذب ابراهيم عليه‌السلام الا ثلاث كذبات كلها فى الله تعالى ؛ قوله : ( إِنِّي سَقِيمٌ ) ، وقوله : ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا ) ، وقوله للملك الّذي عرض لسارة : هى اختى ».


ورووا أنّ يوسف الصّدّيق حلّ تكتّه وقعد من امرأة العزيز مقعد الخائن (١).

__________________

وقال ابو الفتوح الرازى فى تفسيره فى تفسير ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ ) ضمن ما قال :

« اگر گويند : اين خبر را چه گوئى كه ابو هريره روايت كرد كه رسول عليه‌السلام گفت : ما كذب ابراهيم الا ثلاث كذبات كلها يجادل بها عن دينه ؛ ابراهيم دروغ نگفت الا سه بار هر بار براى مجادله از دين ، يكى گفت : ( إِنِّي سَقِيمٌ ) ، دگر ( فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ ) ، سوم پادشاهى مى خواست تا ساره را از او بستاند گفت : انها اختى؟ ـ جواب گوئيم : اين خبر واحد است ايجاب علم نكند وبراى او از آنچه معلوم ومقطوع عليه باشد دست بندارند واگر تسليم كنيم گوئيم معنى آنست ( فوجه الخبر بما لا يصدق عليه الكذب فان شئت التوجيه فراجع هناك ) ».

وقال السيد مرتضى الرازى فى تبصرة العوام فى الباب الثامن عشر ما نصه :

« روايت كنند از عكرمه كه او گفت : ابن عباس از رسول خدا (ص) نقل كرد كه ابراهيم سه دروغ گفته است وخدا او را مؤاخذه نكند اوّل آنكه بتان را شكست وچون از او پرسيدند كه : كه كرده است؟ ـ گفت : بت بزرگتر. دوم آنكه نظر در نجوم كرد وگفت : من بيمار خواهم شد. سيم آنكه گفت : ساره خواهر منست وزنش بود.

بدانكه پيش هركه روا است كه رسول خدا سه دروغ گويد ؛ زياده از سه هم روا باشد ، وچون دروغ گويد معصوم نبود وقول او اعتماد را نشايد پس فرستادن رسول را بخلق عبث باشد چون قول او بر اين تقدير حجت نيست واين معنى از اين طايفه بى ديانت چه عجب باشد كه عطوى از شاگردان ابو الحسن اشعرى گويد : دروغ بر خدا جائز است پس بر انبيا بطريق اولى ؛ پس اعتماد نه بر قول خدا باشد ونه بر قول رسول ؛ تعالى الله عما يقولون ».

__________________

(١) قال الثعلبى فى العرائس : « قال ابن عباس : فجرى الشيطان فيما بينهما فضرب باحدى يديه الى جنب يوسف وباليد الاخرى الى جنب المرأة حتى جمع بينهما ، قال ابن ـ عباس : فبلغ من هم يوسف الى ان حل الهميان وجلس منها مجلس الرجل الخائن ».

قال أبو الفتوح الرازى فى تفسيره فى تفسير « وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها ( آية ٢٤ سورة يوسف ) » ما نصه :


ورووا أنّ داود عليه‌السلام قدّم اوريا بن حنان امام التّابوت ليقتل فيتزوّج امرأته (١).

__________________

« آنگه خداى تعالى حكايت كرد فعل ايشان را كه زليخا بيوسف همت كرد ويوسف نيز همت كرد بزليخا اما اصحاب حديث وحشويان گفتند : شيطان بيامد ويكدست بر پهلوى اين نهاد ويكدست بر پهلوى آن ؛ وايشان را جمع كرد در يك خانه ، وچون ايشان با يكديگر حاضر آمدند زليخا چندانى مراوده ومخادعه كرد وتضرع ولابه كه يوسف را نرم كرد ويوسف اجابت كرد او را وعزم كرد بر معصيت ، همت هر دو را بر يك وجه تفسير كردند وآن عزم است. گفتند : هر دو بر معصيت عزم درست كردند ؛ ويوسف عليه السلام جلس منها مجلس الخائن ، او از زليخا آنجا بنشست كه جاى خيانت كنندگان وجاى زانيان باشد وكار ميان ايشان تا حل سراويل برسيد ( تا آنكه گفته ) واز اين ترهات ومحالات آنچه عقل وشرع وقرآن وأخبار پيغمبران خداى را از آن منزه كرده است واين هيچ بنزديك ما روا نيست بر پيغمبران : از آنجا كه ايشان معصومان ومطهرانند وصغيره وكبيره بر ايشان روا نيست از آنجا كه ادله عقل دليل كرده است بر عصمت ايشان چه در عقل مقرر است كه تجويز كبائر وصغائر بر ايشان منفر بود مكلفان را از قبول قول ايشان واستماع وعظ ايشان ، وغرض قديم تعالى از بعثت ايشان قبول قول ايشان است وامتثال امر واجابت دعوت ايشان وآنچه قدح كند در آن واجب بود كه خداى تعالى ايشان را از آن منزه ومعصوم دارد ، وتجويز زنا كه اكبر الكبائر است وأعظم الخطايا وأمهات الذنوب واجب بود كه از آن منزه باشند كه حظ او در تنفير بغايت ونهايت است اما تفسير آيت بر وجهى كه مطابق ادله عقل بود وموافق مذهب حق ( تا آخر توجيه او ) ».

__________________

(١) قال الثعلبى فى العرائس عند ذكر قصة داود حين ابتلى بالخطيئة ضمن نقل الاقوال ما نصه : « فنظر داود الى امرأة فى بستان على شط بركة تغتسل ، هذا قول الكلبى وقال السدى : رآها تغتسل على سطح لها فرآها امرأة من أحسن النساء خلقا فعجب داود من حسنها وحانت منها التفاتة فأبصرت ظل داود عليه‌السلام فنشرت شعرها فغطى بدنها كله فزاد بذلك اعجابا


__________________

بها فسأل عنها فقيل له : هى سابغ بنت شائع امرأة اوربا بن حنان وزوجها فى غزاة البلقاء مع أيوب بن صوريا ابن اخت داود فكتب داود الى ابن اخته أيوب صاحب بعث البلقاء ان ابعث اوريا الى موضع كذا وكذا وقدمه على التابوت ، وكان المقدم على التابوت لا يحل له ان يرجع الى ورائه حتى يفتح الله على يديه او يستشهد ، فبعث به ففتح له فكتب الى داود بذلك ، فكتب إليه داود أيضا ان ابعثه الى غزوة كذا وكان رئيسها أشد منه بأسا فبعثه فقتل فى المرة الثانية فلما انقضت عدتها تزوجها داود فهى أم سليمان عليه‌السلام ».

الا أنه قال بعد نقل أقاويل :

« فهذه أقاويل السلف الصالحين من أهل التفسير فى قصة داود عليه‌السلام وقد روى الحارث الاعور عن على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : من حدث بحديث داود عليه‌السلام على ما يرويه القصاص معتقدا صحته جلدته حدين لعظيم ما ارتكب وجليل ما احتقب يعنى ما اكتسب من الوزر والاثم يرمى من قد رفع الله محله وأرسله الى من خلقه رحمة للعالمين وحجة للمجتهدين وقال القائلون بتنزيه المرسلين فى هذه القصة : ان لا ذنب انما كان تمنى ان تكون له امرأة اوريا حلالا وحدث نفسه بذلك فاتفق له غزوة فأرسل أورياء فقدمه امام الحرب فاستشهد فلما بلغه قتله لم يجزع عليه ولم يتوجع له كما كان يجزع على غيره من جنده اذا هلك ووافق قتله مراده ثم تزوج امرأته فعاتبه الله على ذلك لان ذنوب الأنبياء وان صغرت فهى عظيمة عند الله وقال بعضهم : كان ذنب داود أن أورياء كان قد خطب تلك المرأة ووطن نفسه عليها فلما غاب فى غزاته خطبها داود فتزوجت منه لجلالته فاغتم لذلك أورياء غمّا شديدا فعاتبه الله على ذلك حيث لم يترك هذه الواحدة لخاطبها الاول وقد كان عنده تسع وتسعون امرأة ( الى آخر ما قال فى تأييده ؛ انظر ص ١٥٨ ) ».

وقال ابو الفتوح فى تفسيره فى تفسير هذه الآية ( وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ ) : « بدان كه آنچه قصاص جهال آورده اند ( تا آنكه گفته ) وحديث عشق داود زن اوريا را واوريا را فرستادن ودر پيش تابوت داشتن وقصد آنكه تا او را بكشند تا او زن اوريا را با زنى كند اين هم قبيح است وهم منفر ولايق حال انبيا نباشد وحارث اعور روايت كرد از حضرت امير المؤمنين على صلوات الله وسلامه عليه كه فرمود : هيچ مردى را پيش من نيارند كه او


ورووا أنّ الشّيطان قعد فى مجلس سليمان بن داود وكان يأتى نساءه وهنّ حيّض (١).

__________________

بر داود حواله زن اوريا كند والا او را دو حد زنم حدى براى نبوت وحدى براى اسلام ( تا آخر كلام او ) ».

وقال السيد مرتضى الرازى فى الباب الثامن عشر الّذي فى ذكر ما نسبه اهل السنة الى الأنبياء وقالوا به فى حقهم :

« ودر حق داود عليه‌السلام گويند كه : زن اوريا را برهنه ديد كه غسل مى كند بر وى عاشق شد واوريا از اصحاب داود بود وداود حيله انديشيده اوريا را به غزا فرستاد وفرمود كه در پيش تابوت سكينه برود ، ودر شرع ايشان چنان بود كه هركه را در پيش تابوت داشتندى بهزيمت نتوانستى رفتن ؛ يا ظفر يافتى يا كشته شدى ، وچون اوريا در پيش تابوت به غزا رفت كشته شد وداود زن او را بخواست وخدا دو ملك را فرستاد تا داود را تنبيه كردند واو به گورستان رفت واوريا را ندا كرد هفتاد اوريا نام جواب دادند وگفتند : كدام اوريا را ميخواهى؟ ـ داود گفت : اوريا بن حنان گفت : چه كار دارى؟ ـ گفت : مرا حلال كن اوريا گفت : از چه؟ ـ داود گفت : زن ترا ديدم وعاشق شدم وترا به غزا فرستادم تا كشته شدى وزنت را خواستم اوريا هيچ جواب نداد وداود مى گريست تا آنگاه كه توبه اش قبول شد واين قصه را در تفسير هل اتاك نبأ الخصم اذ تسوروا المحراب » ياد كرده اند.

دليرى اين قوم وقلت دينشان تا كجا است كه نبى مرسل وخليفه خدا را كه در شأن اوست اين آيه : ( يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ) ، گويند : بر زنى عاشق شد وقصد يكى از امتان خود كرده او را بكشتن داد وزن او را بخواست اگر اين معنى بر شيوخ ايشان مثل شيخ ابو ـ اسحاق يا ابو على سيرجانى يا ابو سعيد ابو الخير كه بزرق وسالوس خود را اوليا ساخته اند اطلاق كنى وگوئى : يكى از مريدان را يا مسلمانى ديگر را بدين طريق به خانه برد گويند : كافر است وخونش مباح كه در حق اولياء چنين اعتقاد دارد وچون ايشان در حق انبيا ورسل گويند گويند اعتقاد أهل سنت وجماعت است ورد رفض ».

__________________

(١) قال علم الهدى (ره) فى تنزيه الأنبياء ضمن تنزيهه سليمان (ع) عن المعصية


وهذا كلّه ردّ على الله عزّ وجلّ لأنّ الله لا يسلّط الشّياطين على نساء النّبيّين حتّى ينكحوهنّ تبارك الله عمّا تقول الحشويّة وتعالى علوّا كبيرا.

__________________

ما نصه :

« مسألة ـ فان قيل : فما معنى قوله تعالى : ( وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ ) أوليس قد روى فى تفسير هذه الآية أن جنيا كان اسمه صخرا تمثل على صورته وجلس على سريره ، وأنه أخذ خاتمه الّذي فيه النبوة فأنقاه فى البحر فذهبت نبوته وأنكره قومه حتى عاد إليه من بطن السمكة؟! الجواب قلنا : فأما ما رواه القصاص الجهال فى هذا الباب فليس مما يذهب على عاقل بطلانه وأن مثله لا يجوز على الأنبياء ـ عليهم‌السلام وأن النبوة لا تكون فى خاتم ولا يسلبها النبي ولا تنزع عنه ، وأن الله تعالى لا يمكن الجنى من التمثل بصورة النبي ولا غير ذلك مما افتروا به على النبي ، وانما الكلام على ما يقتضيه ظاهر القرآن ( فخاض فى توجيهه بما لا يخالف مقام النبي وعصمته فمن أراده فليراجع هناك ) ».

قال الشيخ الطبرسى (ره) فى مجمع البيان فى تفسير قوله تعالى : ( وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ ) ؛ الآية ، ضمن ما قال ما نصه : « وأما ما ذكر عن ابن عباس أنه القى شيطان اسمه صخر على كرسيه وكان ماردا عظيما لا يقوى عليه جميع الشياطين وكان نبى الله سليمان لا يدخل الكنيف بخاتمه فجاء صخر فى صورة سليمان حتى أخذ الخاتم من امرأة من نسائه وأقام أربعين يوما فى ملكه وسليمان هارب وعن مجاهد أن شيطانا اسمه آصف قال له سليمان : كيف تفتنون الناس؟ ـ قال : أرنى خاتمك أخبرك بذلك فلما أعطاه اياه نبذه فى البحر فذهب ملكه وقعد الشيطان على كرسيه ومنعه الله تعالى نساء سليمان فلم يقربهن ، وكان سليمان يستطعم فلا يطعم حتى أعطته امرأة يوما حوتا فشق بطنه فوجد خاتمه فيه فرد الله عليه ملكه. وعن السدى أن اسم ذلك الشيطان حيقيق وما ذكر أن السبب فى ذلك أن الله سبحانه أمر أن لا يتزوج من غير بنى اسرائيل فتزوج من غيرهم وقيل : بل السبب فيه أنه وطى امرأة فسال منه الدم فوضع خاتمه ودخل الحمام فجاء ابليس الشيطان فأخذه وقيل : تزوج


ورووا أنّ آدم وحوّاء كفرا بالله تعالى وأشركا ؛ وتأوّلوا قول الله عزّ وجلّ : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (١) على خلاف تأويله.

__________________

امرأة مشركة ولم يستطع ان يكرهها على الاسلام فعبدت الصنم فى داره أربعين يوما فابتلاه الله بحديث الشيطان والخاتم أربعين يوما ، وقيل : احتجب ثلاثة أيام ولم ينظر فى أمر الناس فابتلى بذلك فان جميع ذلك مما لا يعول عليه لان النبوة لا تكون فى خاتم ، ولا يجوز ان يسلبها الله النبي ، ولا أن يمكن الشيطان من التمثل بصورة النبي والقعود على سريره والحكم بين عباده وبالله التوفيق ».

أقول : لا يسع المقام أكثر من ذلك فمن أراد أن يلاحظ مثل ما ذكره السيد المرتضى والشيخ الطبرسى فليراجع فى تفسير روض الجنان لابى الفتوح الرازى تفسير هذه الآية : ( وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ ) ، وكذا تفسير جلاء الاذهان وجلاء الاحزان لابى المحاسن الجرجانى ، وتفسير منهج الصادقين للمولى فتح الله القاسانى ، وتفاسير غيرهم من مفسرى الشيعة وصرح بمثل ذلك أيضا السيد مرتضى الرازى فى الباب الثامن عشر من تبصرة العوام وهو الباب الّذي عقده لذكر ما قال به أهل ـ السنة فى حق الأنبياء وتصدى لمثل ما نقل من ذكر عقائد أصحاب الحديث من أهل السنة وتزييفها أيضا العلامة المجلسى فى المجلد الخامس من البحار وكذا فى كتاب حياة ـ القلوب الى غير ذلك من مظان البحث فمن أراده فليطلبه.

__________________

(١) هما آيتا ١٨٩ و ١٩٠ من سورة الاعراف فمن أراد الاخبار الوردة فى ذيل الآيتين من طرق أهل السنة فليراجع تفسير الدر المنثور للسيوطى فانه ذكر فى كتابه المذكور فى تفسير


ورووا أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ حلّل أشياء بعينها بغير ناسخ ومنسوخ ، وكذلك أصحابه ، أحدهم يحلّ فرجا والآخر يحرّمه ؛ فاذا قلنا : ويحكم هذا تناقض

__________________

الآيتين ما فيه كفاية وأما تفسير الآيتين بوجه لا ينافى عصمة آدم عليه السلام فهو مذكور فى كتاب تنزيه الأنبياء لعلم الهدى فمن اراد التفصيل فليراجعه وأما بنحو الاجمال فهو مذكور فى مجمع البيان للطبرسى وفى روض الجنان لابى الفتوح الرازى وسائر التفاسير المعتبرة فلنشر الى بعض ما ذكره الطبرسى وهو انه قال فى ذيل هذه الفقرة من الآية ( جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما ) ما نصه :

« اختلف فى من يرجع الضمير الّذي فى « جعلا له » على وجوه ( فخاض فى بيان الوجوه الى ان قال ) ورابعها ما روته العامة انه يرجع الى آدم وحواء وانهما جعلا لله شركاء فى التسمية وذلك أنهما أقاما زمانا لا يولد لهما ، فمر بهما ابليس ولم يعرفاه فشكوا إليه فقال لهما : ان أصلحت حالكما حتى يولد لكما ولد أتسميانه باسمى؟ ـ قالا : نعم وما اسمك؟ ـ قال الحارث ؛ فولد لهما فسمياه عبد الحارث ذكره ابن فضال. وقيل : ان حواء حملت اوّل ما حملت فأتاها ابليس فى غير صورته فقال لها : يا حواء ما يؤمنك ان يكون ما فى بطنك بهيمة؟ فقالت لآدم : لقد أتانى آت فأخبرنى أن الّذي فى بطنى بهيمة وانى لاجد له ثفلا فلم يزالا فى هم من ذلك ثم أتاها فقال : ان سألت الله ان يجعله خلقا سويا مثلك وبسهل عليك خروجه أتسميه عبد الحارث؟ ـ ولم يزل بها حتى غرها فسمته عبد الحارث برضى آدم وكان اسم ابليس عند الملائكة الحارث.

وهذا الوجه بعيد تأباه العقول وتنكره فان البراهين الساطعة التى لا يصح فيها الاحتمال ولا يتطرق إليها المجاز والاتساع قد دلت على عصمة الأنبياء فلا يجوز عليهم الشرك والمعاصى وطاعة الشيطان فلو لم نعلم تأويل الآية لعلمنا على الجملة ان لها وجها يطابق دلالة العقل فكيف وقد ذكرنا الوجوه الصحيحة الواضحة فى ذلك ؛ على ان الرواية الواردة فى ذلك قد طعن العلماء فى سندها بما هو مذكور فى موضعه ولا نحتاج الى اثباته فان الآية تقتضى أنهم أشركوا الاصنام التى تخلق ولا تخلق لقوله تعالى : ( أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) ؛ وفى خبرهم أنهما أشركا ابليس اللعين فيما ولد لهما بأن سموه عبد الحارث


واختلاف! قالوا : قال النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ اختلاف أصحابى رحمة ؛ ولو كان المعنى على ما تأوّلوه لكان اتّفاقهم عذابا.

وهذا الحديث عندنا صحيح (١) وانّما معناه أنّه ( صلعم ) قال : اختلاف أمّتى رحمة ما كنت فيهم وبين أظهرهم لأنّهم اذا اختلفوا بحضرته ردّهم الى الحقّ فاجتمعوا

__________________

وليس فى ظاهر الآية لابليس ذكر وحكى البلخى عن جماعة من العلماء أنهم قالوا : لو صح الخبر لم يكن فى ذلك الا أنهما أشركا فى التسمية وليس ذلك يكفر ولا معصية واختاره الطبرى. وروى العياشى فى تفسيره عنهم : أنهم قالوا : كان شركهما شرك طاعة ولم يكن شرك عبادة ».

أقول : للسيد المرتضى (ره) مجلس فى تأويل هذه الآية فى أماليه المعروف بالغرر والدرر ( انظر مجلس ٧٢ ؛ ص ٢٣٥ ـ ٢٣١ ج ٢ من النسخة المطبوعة بتحقيق محمد أبى الفضل ابراهيم ).

__________________

(١) قال الصدوق فى معانى الاخبار ( انظر باب ١٠٨ ؛ ص ٥٠ من النسخة المنضمة بعلل الشرائع فى الطبع ) :

« معنى قوله عليه‌السلام : اختلاف امتى رحمة ـ حدثنا على بن احمد بن محمد رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن أبى عبد الله الكوفى عن أبى الخير صالح بن أبى حماد قال : حدّثني أحمد بن هلال عن محمد بن أبى عمير عن عبد المؤمن الانصارى قال : قلت لابى عبد الله عليه‌السلام : ان قوما رووا أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : ان اختلاف أمتى رحمة فقال : صدقوا ، قلت : فان كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب ، قال : ليس حيث ذهبت وذهبوا ؛ انما أراد قول الله عز وجل : فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ، فأمرهم ان ينفروا الى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ويختلفوا إليه فيتعلموا ثم يرجعوا الى قومهم فيعلموهم ، انما أراد اختلافهم من البلدان لا اختلافا فى دين الله انما الدين واحد ».


عليه ولو كان المعنى ما تأوّلوه (١) الجهّال لما ذمّ الله تعالى من اختلف بقوله : ( وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ ) (٢) وقال تعالى : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) (٣).

ثمّ رووا أنّ الزّهرة مسخت وأنّها كانت امرأة فزنت ، وأنّ سهيلا كان عشّارا باليمن فمسخ كوكبا (٤).

__________________

(١) كذا فى الاصل فهو مبتنى على لغة « أكلونى البراغيث » قال ابن مالك فى ألفيته :

« وجرد الفعل اذا ما اسندا

لاثنين او جمع كفاز الشهدا »

« وقد يقال سعدا وسعدوا

والفعل للظاهر بعد مسند »

(٢) من آية ٢٥٣ سورة البقرة.

(٣) آية ١٠٥ سورة آل عمران.

(٤) قال السيد مرتضى الرازى فى تبصرة العوام فى أواخر الباب الثامن عشر ضمن ذكره اقاويل اهل السنة : « وگويند : هاروت وماروت دو فرشته اند كه خدا ايشان را به زمين فرستاد تا در ميان خلق حكم كنند وزنى فاحشه نام او زهره نزد ايشان آمد به داورى وايشان بر او فتنه شده خواستند كه با او فساد كنند زهره گفت : آن وقت مطيع شما شوم كه اسم اعظم بمن آموزانيد ايشان از شور عشق وى اسم اعظم بدو آموزانيدند آن زن اسم را بخواند وبه آسمان سيم شد وآن ستاره روشن زهره زانيه است كه هاروت وماروت بر وى شيفته شدند وگويند : سهيل عشار بود كه عشر مال از مسلمانان بستدى وخلق از دست او در رنج بودند كه خدا او را مسخ كرد وبه آسمان هشتم فرستاد. وگويند : هرگاه رسول را چشم بر سهيل افتادى گفتى : لعن الله سهيلا كان عشارا يعنى لعنت خدا بر سهيل باد كه عشر از خلق گرفتى ». ومن أراد الاخبار فى ذلك فليراجع تفسير قوله تعالى : « وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ ( آية ١٠٢ سورة البقرة ) » من الدر المنثور للسيوطى ( انظر ج ١ من النسخة المطبوعة ص ٩٧ ـ ١٠٣ ) فان فيه ما يكفى للمكتفى.

وأما من أراد أخبار الخاصة فليراجع المجلد الرابع عشر من البحار


ففى بعض الأمثال الّتي يضربها أولو العقول [ أنّ ] سهيلا اذا طلع بالعراق وقابل الزّهرة ضحكت إليه فقالت : ألست الّذي كنت (١) عشّارا وسخ الثّياب سهك (٢) الرّائحة

__________________

« باب أنواع المسوخ وأحكامها وعلل مسخها » ( انظر ص ٧٨٤ ـ ٧٩٠ من طبعة أمين الضرب ) وفيه نقلا عن المجالس والعلل ( وكلاهما للصدوق ) « قال الصدوق ـ رضى الله عنه ـ : ان الناس يغلطون فى الزهرة وسهيل ويقولون : انهما كوكبان وليسا كما يقولون ولكنهما دابتان من دواب البحر سميا بكوكبين كما سمى الحمل والثور والسرطان والاسد والعقرب والحوت والجدى وهذه حيوانات سميت على أسماء الكواكب وكذلك الزهرة وسهيل وانما غلط الناس فيهما دون غيرهما لتعذر مشاهدتهما والنظر إليهما لانهما من البحر المطيف بالدنيا بحيث لا تبلغه سفينة ولا تعمل فيه حيلة وما كان الله عز وجل ليمسخ العصاة أنوارا مضيئة فيبقيهما ما بقيت الارض والسماء ، والمسوخ لم تبق أكثر من ثلاثة ايام حتى ماتت ، وهذه الحيوانات التى تسمى المسوخ فالمسوخية لها اسم مستعار مجازى بل هى مثل للمسوخ التى حرم الله تعالى أكل لحومها لما فيها من المضار ».

__________________

(١) كذا فى الاصل والصحيح الفصيح قد كان كذا « ألست الّذي كان عشارا » وذلك لان الموصول فى حكم الغائب وجرت عليه الآيات المباركة فى القرآن المجيد نحو يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ ». قال التفتازانى فى المطول فى أواخر الباب الثانى وهو فى أحوال المسند ـ إليه من أبواب المعانى ضمن تعداد اشياء ليست من الالتفات ما نصه ( ص ١٠٣ من النسخة المطبوعة بتبريز سنة ١٣٠١ ) : « ومنها : يا من هو عالم حقق لى هذه المسألة فانك الّذي لا نظير له فى هذا الفن ، ونحو قوله :

يا من يعز علينا ان نفارقهم

وجداننا كل شيء بعدكم عدم

فانه لا التفات فى ذلك لان حق العائد الى الموصول ان يكون بلفظ الغيبة وحق الكلام بعد تمام المنادى ان يكون بطريق الخطاب فكل من [ نفارقهم ] و [ بعدكم ] جار على مقتضى الظاهر ، وما سبق الى بعض الاوهام من أن نحو [ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ] من باب الالتفات والقياس


منتن الابطين دبر الجسد فمسخت كوكبا مرتفعا منيرا مشرقا مضيئا يهتدى بك فى ظلمات البرّ والبحر؟! فيقول : هكذا تقول الحشويّة [ و ] أصحاب الحديث (١). أمّا فممّا تفهم

__________________

[ أمنتم ] فليس بشيء قال المرزوقى فى قوله عليه‌السلام :

أنا الّذي سمتنى امى حيدرة

كليث غابات كريه المنظرة

كان القياس ان يقول : سمته حتى يكون فى الصلة ما يعود الى الموصول لكنه لما كان القصد فى الاخبار عن نقسه وكان الاخر هو الاول لم يبال برد الضمير الى الاول وحمل الكلام الى المعنى لا منه من الالتباس وهو مع ذلك قبيح عند النحويين حتى أن المازنى قال : لو لا اشتهار مورده وكثرته لرددته ».

أقول : لكن الاستعمال بما ذكر فى المتن كثير فى كتب العلماء وجرى اصطلاح ابن شاذان على استعمالهم.

(٢) « السهك ( بفتح السين وكسر الهاء ) ذو السهك ( بفتحتين ) وهو ريح كريهة تجدها ممن عرق ».

__________________

(١) هذه العبارة فى الاصل بدون حرف العطف لكن المتعارف فى ألسنة أهل التصنيف والتأليف والتحقيق استعمالهما عند الاقتران مع حرف العطف وذلك لان فى معناهما أعنى بين الحشوية وأصحاب الحديث فرقا الا ان حيث لهما مشتركات فى العقائد الواهية يطلقون اللفظتين معا عند البحث عن عقائدهم هذه ومقالاتهم تلك ؛ فلنشر الى بعض عبارات الاكابر قال السيد الاجل علم الهدى ـ رضوان الله عليه ـ فى اوّل كتاب تنزيه الأنبياء :

« اختلف الناس فى الأنبياء ـ عليهم‌السلام ـ فقالت الشيعة الامامية : لا يجوز عليهم شيء من المعاصى والذنوب كبيرا كان او صغيرا لا قبل النبوة ولا بعدها ، ويقولون فى الائمة مثل ذلك وجوز أصحاب الحديث والحشوية على الأنبياء الكبائر قبل النبوة ومنهم من جوزها فى حال النبوة سوى الكذب فيما يتعلق بأداء الشريعة ، ومنهم من جوزها كذلك فى حال النبوة بشرط الاستسرار دون الاعلان ومنهم من جوزها على الاحوال كلها ،


البهائم فضلا عن النّاس أنّ الّذي يمسخ يصير الى أسوإ الحالات وأنكرها كما مسخت طائفة من بنى اسرائيل فصاروا قردة وخنازير بعد أن كان لهم هيئة وجمال وانّما يمسخ الشّيء للعذاب ، والمسخ صحيح فى كتاب الله وآثار رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لا اختلاف بين الامّة فيه على أنّه يذاق العذاب ، فالعذاب عند أصحاب الحديث على حسب ما رووه أنّ الخسيس الوضيع يصير [ به ] مضيئا مشرقا مرتفعا باقيا ما بقى اللّيل والنّهار وهذا أبين ما يكون من المحال.

فيقول لها : أنت ما قصّتك؟

قالت : انا عندهم سراج لا شكّ عندهم أنّى زنيت فصرت أحد الكواكب السّبعة المضيئة المنيرة الّتي هى طوالع العالم الّتي أقسم الله بها فقال : فلا أقسم بالخنّس الجوار الكنّس وهى الكواكب [ و ] الزّهرة احداهنّ تخنس بالنّهار وتظهر باللّيل فلو أصاب الزّانى

__________________

ومنعت المعتزلة من وقوع الكبائر والصغائر المستخفة من الأنبياء عليهم التسليم قبل النبوة وفى حالها وجوزت فى الحالين وقوع ما لا يستخف من الصغائر ثم اختلفوا فمنهم من جوز على النبي (ص) الاقدام على المعصية الصغيرة على سبيل العمد ومنهم منع ذلك وقال : انهم لا يقدمون على الذنوب التى يعلمونها ذنوبا بل على سبيل التأويل. وحكى عن النظام وجعفر بن مبشر وجماعة ممن تبعهما ان ذنوبهم لا تكون الاعلى سبيل السهو والغفلة وأنهم مؤاخذون بذلك وان كان موضوعا عن أممهم بقوة معرفتهم وعلو مرتبتهم وجوزوا كلهم ومن قدمنا ذكره من الحشوية وأصحاب الحديث على الائمة الكبائر والصغائر الا أنهم يقولون ان بوقوع الكبيرة من الامام تفسد إمامته ويجب عزله والاستبدال به ».

وممن أطلق عبارة « حشويان وأصحاب حديث » كثيرا ابو الفتوح الرازى (ره) فمن أراد موارده فليراجع تفسيره فانه كثيرا ما عبر عنهما بما مر ذكره. ومنها ما ذكره فى تفسير قوله تعالى « وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها ( آية ٢٤ سورة يوسف ) » بهذه العبارة : « اما اصحاب حديث وحشويان گفتند ».

ونظير تعبيرهما كثير ومتداول فى لسان أهل العلم والتحقيق.


فى هذه الدّنيا ما أصابنى لم تبق حصان (١) الاّ زنت ؛ فيضحك إليها سهيل ويقول : أليس من العجب ان يسلم أهل هذه المقالة من السّلطان (٢) امّا ان يعرض عليهم التّوبة او يصنع (٣) فيهم [ ما يشاء ].

ورووا أنّ الفأرة يهوديّة وفى بعض الأمثال أنّ فأرة قالت لصاحبتها : يزعمون أنّنا يهود ، قالت لها صاحبتها : بيننا وبينهم السّبت وأكل الجرّىّ ولحم الجمل وذبائح ـ المسلمين ، قالت لها صاحبتها : هذه حجّة بيّنة يقطع بها العذر.

وهذه الرّوايات وأمثالها الّتي رووها ولا تحصى كثرة كذب وزور وبهتان الاّ انّا اقتصرنا على ما ذكرنا لتعرف أنّ أصولهم واهية وغاية أحاديثهم متقاربة والله جلّ اسمه نسأل التّوفيق كما يحبّ ويرضى انّه ولىّ ذلك بمنّه ولطفه (٤) ].

أقاويل المرجئة

ومنهم المرجئة الّذين (٥) يروى (٦) منهم (٧) أعلامهم مثل ابراهيم النّخعىّ [ وابراهيم بن

__________________

(١) الحصان كسحاب المرأة العفيفة.

(٢) نظير ما قال الشيخ عبد الجليل الرازى فى كتاب النقض ضمن مطلب ( انظر ص ٢٣ من النسخة المطبوعة ) :

« دريغا مسلمانى كه بطريق شفقت وانصاف اين حال واين وجه بر خلفا وسلاطين وأمراء عرض كردندى تا خواجه را افتادى آنچه مستحق آنست ».

(٣) يمكن ان يكون تصحيف « يضع » فيناسب ان يكون الساقط : « السيف ».

(٤) ما بين الحاصرتين مع طوله اذ اوله « ورووا أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : رأيت رب العالمين فى قبة حمراء ورأيته مرجلا » ( انظر ص ١٥ ؛ س ٤ ) الى هنا أعنى « انه ولى ذلك بمنه ولطفه » فى نسخة م فقط.

(٥) س : « الّذي ».

(٦) م ج س مج مث : « يروون ».

(٧) مج مث م ج س : « فيهم ».


يزيد التّيمىّ (١) ومن دونهما مثل سفيان الثّورىّ وابن المبارك (٢) ] ووكيع وهشام (٣) وعليّ بن عاصم (٤) [ عن رجالهم (٥) ] أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : صنفان من أمّتى ليس لهما فى الاسلام نصيب (٦) ؛ القدريّة والمرجئة (٧). فقيل لهم : ما (٨) المرجئة؟ ـ قالوا : الّذين يقولون : الايمان قول بلا عمل وأصل (٩) ما هم عليه أنّهم يدينون بأنّ أحدهم لو (١٠) ذبح (١١) أباه وأمّه وابنه وبنته (١٢) وأخاه واخته و (١٣) أحرقهم بالنّار أو زنى أو سرق أو قتل النّفس

__________________

(١) قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال : « ابراهيم بن يزيد بن شريك التيمى تيم الرباب أبو أسماء الكوفى العابد القدوة يرسل ويدلس عن عائشة مرسلا وأبيه وأنس وعمرو بن ميمون والحارث بن سويد وعنه الحكم بن عتيبة والاعمش وغيره وثقه ابن ـ معين وقال أبو زرعة : ثقة مرجئ وقال الاعمش : كان اذا سجد تجيء العصافير تنقر على ظهره وقال لى : ما أكلت منذ أربعين ليلة الا حبة عنب ، مات سنة اثنتين وتسعين وقيل : سنة أربع ، وقيل : ان الحجاج قتله ».

(٢) ما بين الحاصرتين فى م فقط.

(٣) ج ح س مج مث : « هشيم » وفى خلاصة تذهيب الكمال : « هشيم بن بشير السلمى ابو معاوية الواسطى نزيل بغداد ( الى آخر الترجمة ) » هذا بناء على كون الكلمة هشيما وأما ان كانت هشاما فمن أراد التحقيق فليخض فيه.

(٤) له ترجمة فى خلاصة تذهيب الكمال بعنوان « على بن عاصم بن صهيب التيمى مولاهم أبو الحسن الواسطى أحد الاعلام ( الى آخر الترجمة ) ».

(٥) فى م فقط.

(٦) م : « من نصيب » والرواية على ما فى الجامع الصغير للسيوطى فى تاريخ البخارى وكتابى الترمذي وابن ماجة.

(٧) الرواية الى هنا.

(٨) ج ح س مج مث : « وما » :

(٩) م : « وأجهل ».

(١٠) م : « ولو » مج مث ج ح س : « ان ».

(١١) ج ح س مج مث : « نكح ».

(١٢) مج مث ج ح س : « وابنته ».

(١٣) ج : « أو ».


الّتي حرّم الله (١) أو أحرق (٢) المصاحف أو هدم الكعبة أو نبش القبور أو أتى أىّ (٣) كبيرة نهى الله عنها انّ ذلك لا يفسد عليه ايمانه ولا يخرجه منه ، وأنّه اذا أقرّ بلسانه [ بالشّهادتين انّه مستكمل الايمان ؛ ايمانه كايمان جبرئيل وميكائيل ـ صلّى الله عليهما ـ فعل ما فعل وارتكب ما ارتكب ممّا نهى الله عنه (٤) ] ويحتجّون بأنّ النّبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : أمرنا ان نقاتل النّاس حتّى يقولوا : لا إله الاّ الله ، وهذا قبل ان يفرض [ سائر (٥) ] الفرائض وهو منسوخ (٦) ].

وقد روى محمّد بن (٧) الفضل [ عن أبيه (٨) ] عن المغيرة بن سعيد (٩) [ عن أبيه (١٠) ]

__________________

(١) مج مث ج ح س : « النفس الحرام ».

(٢) ج مج مث : « حرق » ( بتشديد الراء ) س : « حرق » ( بتخفيف الراء ) أقول : « حرق ( كنصر ) وأحرق من باب الافعال وحرق من باب التفعيل كلها بمعنى واحد.

(٣) ج ح س مج مث : « كل ».

(٤) ج ح س مج مث ( بدل ما بين الحاصرتين ) : « الشهادتين وفعل كل ما نهى الله عنه سوى ذلك انه مستكمل الايمان ».

(٥) فى الاصل : « من » ( أى من الفرائض ).

(٦) ما بين الحاصرتين فى م فقط.

(٧) كذا فى النسخ وأظن أن « الفضل » هنا قد حرف واصله الصحيح « فضيل » وهو الّذي يروى عن المغيرة قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال : « (ع) ـ محمد بن فضيل بن غزوان بمعجمتين الضبى أبو عبد الرحمن الكوفى الحافظ شيعى غال باطنه لا يسب عن مغيرة والمختار بن فلفل ( الى آخر ما قال ) ».

(٨) « عن أبيه » ليس فى م.

(٩) كذا وأظن أنه قد صحف وأن أصله الصحيح : « سعد » قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال : « ( ت ) المغيرة بن سعد بن الاخرم الطائى عن أبيه وعنه شمر بن عطية وثقة ابن حبان ».

(١٠) ليس فى م لكن المظنون بالظن المتاخم للعلم أن الصحيح وجود « أبيه » هنا كما


[ عن مقسم (١) ] عن سعيد بن جبير قال : المرجئة يهود هذه الأمّة. [ وقد نسخ احتجاجهم قول النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ حين قال : بنى الاسلام على خمس ؛ شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله ، واقام الصّلاة ، وايتاء الزّكاة ، وحجّ البيت ، وصوم شهر رمضان (٢) ].

__________________

فى ج ح س مج مث قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال : « ( ت ) سعد بن الاخرم بمعجمة ثم مهملة الطائى عن ابن مسعود وعنه ابنه المغيرة ذكره ابن حبان فى ثقات التابعين » ومراده بحرف التاء « جامع الترمذي ». وقال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « سعد بن الاخرم الطائى الكوفى مختلف فى صحبته روى عن ابن مسعود حديث : لا تتخذوا الضيعة وعنه ابنه المغيرة أخرجه الترمذي وحسنه ( الى آخر الترجمة ) » وقال فى حرف الميم : « المغيرة بن سعد بن الاخرم الطائى روى عن أبيه ( الى آخر الترجمة ) » فيكون صحيح السند على الظن القوى « محمد بن فضيل عن المغيرة عن أبيه ».

__________________

(١) كذا وهو فى م فقط فكأن المراد به من ذكره الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال بهذه العبارة : « مقسم بكسر اوله وسكون ثانيه ابن بجرة بضم الموحدة او ابن نجدة بنون مولى عبد الله بن الحرث بن نوفل عن عائشة وأم سلمة ؛ ولزم ابن عباس فنسب إليه بالولاء ، وعنه ميمون بن مهران والحكم بن عتيبة وطائفة قال أبو حاتم : لا بأس به قال ابن ـ سعد : توفى سنة احدى ومائة له فى صحيح البخارى فرد حديث » وذلك يتضح بالتدبر فى انحصار ذلك الاسم بفرد واحد واتحاد زمان الراوى والمروى عنه وكون المروى عنه ممن نسب الى ابن عباس بالولاء وسعيد بن جبير من الاخذين عن ابن عباس ».

(٢) ما بين الحاصرتين فى م فقط وأما الحديث فمن الاحاديث الواردة بالطرق المعتبرة المقبولة بين الخاصة والعامة نعم فى تعيين الخمس المذكورة اختلاف بين الشيعة وأهل السنة فان روايات الشيعة قد عد منها ولاية أهل البيت عليهم‌السلام وكيف كان قال السيوطى فى الجامع الصغير بعد ذكر الحديث بلفظ المتن ما نصه : « حم ق ت ن » ويريد بالرموز مسند


أقاويل الخوارج (١)

ومنهم الخوارج الّذين يكفّرون هؤلاء أجمعين ويستحلّون دماءهم وأموالهم وسبى نسائهم وذراريهم ، ومنهم من يستحلّ قتل النّساء والولدان ؛ ويقولون : منزلتهم منزلة (٢) النّطف فى أصلاب المشركين ، ويقولون : لا حكم الاّ لله ، وهم يعملون (٣) الرّأى فى جميع ما هم فيه [ وعليه (٤) ] فبالرّأى يقتلون [ ويستحيون (٥) ] ، ويحلّون ويحرّمون وهم مع ذلك أصناف ؛ يقتل بعضهم بعضا ويبرأ (٦) بعضهم من بعض ، [ ويترحّمون على الشّيخين ويتبرّءون من عليّ وعثمان (٧) ويظهرون اللّعن عليهما ، ويقولون : قتل عليّ بن أبى طالب المشركين والمسلمين جميعا وقد وصفهم النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فقال (٨) : سيخرج منكم

__________________

أحمد وصحيحى مسلم والبخارى والترمذي والنسائى ». فليعلم أن لفظة « شهر » لم تذكر فى الجامع الصغير :

وأما طرق الحديث واختلاف العبارة فيه بطرق الشيعة فليطلب من مظانه.

__________________

(١) هذا العنوان فى م فقط وكذا سائر العناوين فانها ليست فى غير نسخة م.

(٢) مج مث م س : « ننزلهم بمنزلة ».

(٣) م : « يعتمدون » ج س مج مث : « يعتملون » قال فى القاموس : « أعمل رأيه وآلته واستعمله عمل به ».

(٤) فى م فقط.

(٥) فى م فقط.

(٦) م : « يتبرأ ».

(٧) من عقائدهم المعروفة فى الكتب « أنهم يحبون الشيخين ويبغضون الصهرين ».

(٨) هذا الحديث مما اتفق على صحته الفريقان أعنى الخاصة والعامة فمن أراد طرقه وموارده فليراجع ثامن البحار باب اخبار النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بقتال الخوارج وكفرهم ( انظر ص ٥٩٦ ـ ٦٠٠ من طبعة أمين الضرب ) ونقل على بن عيسى الاربلى فى كشف الغمة


قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الاسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة

__________________

الحديث باختلاف يسير فى العبارة عن عدة من كتب العامة منها هذه العبارة « انظر ص ٣٧ من طبعة الكتاب بايران سنة ١٢٩٤ ) :

« ونقل البخارى والنسائى ومسلم وأبو داود فى صحاحهم قال سويد بن غفلة : قال على ـ عليه‌السلام ـ : اذا حدثتكم عن رسول الله (ص) حديثا فو الله لان أخر من السماء لاحب الى من ان اكذب عليه ؛ وفى رواية : من ان أقول عليه ما لم يقل ، واذا حدثتكم فيما بينى وبينكم فان الحرب خدعة وانى سمعت رسول الله يقول : سيخرج قوم فى آخر الزمان حدثاء الاسنان سفهاء الاحلام يقولون من قول خير البرية يقرءون القرآن لا يجاوز ايمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فاينما لقيتموهم فاقتلوهم فان فى قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة ».

أقول : قال المجلسى بعد نقل هذا الحديث مع حديث آخر من كشف الغمة فى باب اخبار النبي (ص) بقتال الخوارج وكفرهم من ثامن البحار ( ص ٥٩٧ من طبعة امين الضرب ) :

« أقول : أورد الخبرين فى جامع الاصول من المذكورة وابن بطريق من صحيح البخارى بسندين ».

وقال ابن الأثير فى النهاية فى مرق : « فى حديث الخوارج : يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية اى يجوزونه ويخرقونه ويتعدونه كما يخرق السهم الشيء المرمى به ويخرج منه وقد تكرر فى الحديث ومنه حديث على : أمرت بقتال المارقين يعنى الخوارج » وقال فى رمى : « فيه : يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ؛ الرمية الصيد الّذي ترميه فتقصده وينفذ فيها سهمك وقيل : هى كل دابة مرمية ، وقال فى ترقو : « فى حديث الخوارج يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ؛ التراقى جمع ترقوة وهى العظم الّذي بين ثغرة النحر والعاتق وهما ترقوتان من الجانبين ووزنهما فعلوة بالفتح والمعنى أن قراءتهم لا يرفعها الله ولا يقبلها فكأنها لم تتجاوز حلوقهم ، وقيل : المعنى أنهم لا يعملون بالقرآن ولا يثابون على قراءته فلا يحصل لهم غير القراءة » وقال فى ثدا : « فى حديث


فأينما ثقفتموهم فاقتلوهم فانّهم مشركون. فقاتلهم عليّ ـ عليه‌السلام ـ يوم النّهروان فقتل منهم جماعة وقتل ذا الثّدية رئيسهم ـ عليه لعنة الله ـ (١) ].

أقاويل أهل الحجاز وأهل العراق

ومنهم أهل الحجاز الّذين لا يرون الرّعاف ولا الحجامة ولا القيء ينقض الوضوء ؛ وأهل العراق يقولون : ان سال عن رأس الجرح قطرة دم نقض الوضوء ، وأهل الحجاز يقولون : المسح على الخفّين طول سفرك وان سافرت سنة ، وأهل العراق يقولون : للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيّام ولياليهنّ (٢) ، وأهل الحجاز يوجبون الوضوء ممّا غيّرت النّار (٣) [ ويرونها (٤) حقّا (٥) ] وأهل العراق لا يرون ذلك ولا يوجبونه أصلا

__________________

الخوارج : ذو الثدية هو تصغير الثدى وانما أدخل فيه الهاء وان كان الثدى مذكرا كأنه أراد قطعة من الثدى وقيل : هو تصغير الثندوة بحذف النون لانها من تركيب الثدى وانقلاب الياء فيها واوا لضمة ما قبلها ولم يضر ارتكاب الوزن الشاذ لظهور الاشتقاق ويروى ذو اليدية بالياء بدل الثاء تصغير اليد وهى مؤنثة ».

أقول : فمن أراد تفصيل الواقعة فليراجع ثامن البحار او شرح ابن أبى الحديد وسائر مظانه من كتب التواريخ والسير.

__________________

(١) ما بين الحاصرتين أعنى من : « ويترحمون » الى « عليه لعنة الله » ، فى نسخة م فقط.

(٢) م « ولياليها ».

(٣) فى التاج ( ص ٨٧ ) : « الوضوء مما مسته النار وبه قال فئة من العلماء ولكن الجمهور بل الائمة الاربعة على خلافه للحديثين الذين بعده عن ابن عباس : ان رسول الله ( صلعم ) أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ ، رواه الثلاثة ( اى الترمذي وأبو داود والنسائى » ، عن جابر قال : كان آخر الامرين من رسول الله ( صلعم ) ترك الوضوء مما غيرت النار ؛ رواه أبو داود والنسائى ».

(٤) فى م فقط.

(٥) ما بين الحاصرتين فى م فقط.


ويروون فى ذلك أحاديث عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه لا يجب ذلك ، [ وأهل العراق يحلّون الشّراب (١) ويروون فى شربه أحاديث كثيرة عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه رخّص فيه ؛ وكذلك عن الصّحابة والتّابعين ، وأهل ـ الحجاز يحرّمونه ؛ ويروون فيه وفى شربه أحاديث كثيرة عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وعن الصّحابة ] ويروون : ما أسكر الفرق (٢) منه فملء الكفّ (٣). منه حرام (٤) ، وأهل الحجاز يقولون : من مسّ ذكره انتقض وضوؤه ؛ وأهل ـ العراق لا يرون فى ذلك بأسا ويروون أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ سئل عنه فقال : ما أبالى ايّاه مست أو أنفى (٥) ، وأهل الحجاز يقولون : لا عتق الاّ بعد ملك ،

__________________

(١) فليعلم أن العبارة هنا فى النسخ كانت مشوشة وقد ذكرت بتقديم وتأخير الا أن المعنى واحد فأشرنا الى مواضع تغاير العبارات فى النسخ فى الذيل حتى لا يفوت القارئ شيء من الفوائد.

(٢) ح : « الزق ».

(٣) ح ج س مج مث : « الفرق والحسوة ».

(٤) قال السيوطى فى الجامع الصغير : « ما أسكر كثيره فقليله حرام ( حم د ت حب ) يريد بالرموز مسند أحمد وأبى داود والترمذي وصحيح ابن حبان : عن جابر ( حم ن ه‍ ) اى مسند أحمد وسنن النسائى وابن ماجة عن ابن عمرو ( ح ) : ما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام ( حم ) عن عائشة ( ح ) » وقال ابن الاثير فى النهاية : « س ه‍ ( اى أبو موسى الاصفهانى فى غريب الحديث والهروى ) فى حديث عائشة انه كان يغتسل فى اناء يقال له الفرق ؛ الفرق بالتحريك مكيال يسع تسعة عشر رطلا وهى اثنا عشر مدا او ثلاثة آصع عند ـ أهل الحجاز ، وقيل : الفرق خمسة أقساط والقسط نصف صاع فأما الفرق بالسكون فمائة وعشرون رطلا ( س ) ومنه الحديث : ما أسكر الفرق منه فالحسوة منه حرام ».

(٥) قال نور الدين على بن أبى بكر الهيثمى فى كتابه مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ( ج ١ ص ٢٤٤ من الطبعة الثانية ) : « باب فيمن مس فرجه ـ عن سيف بن عبد الله الحميرى قال : دخلت أنا ورجال معى على عائشة فسألناها عن الرجل يمسح فرجه فقال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ يقول : ما أبالي اياه مسست أو أنفى ( الى آخر ما ذكره فى الباب من نظائره وهى كثيرة ) ».


ولا طلاق الاّ بعد نكاح وان وضع يده على رأسها فقال : متى تزوّجت هذه فطالق (١) ؛ انّه ليس بشيء. وأهل العراق لا يرون ذلك ويقولون : متى تزوّجها [ فهى طالق (٢) ] ، وبانت منه ، وأهل الحجاز يرون اتيان النّساء فى أدبارهنّ ؛ وأهل العراق يحرّمونه ، [ وأهل العراق يقولون : لا يكون العمد الاّ بحديد وان أراد غيره فأصابه بحديدة فهو عمد ؛ وأهل الحجاز يقولون : ما ضرب به عمد وانّما الخطأ أن يريد هذا فيصيب غيره (٣) ] ، وأهل الحجاز لا يرون حجّا عن ميّت ولا صياما (٤) ولا صلاة [ ولا صدقة وو يقولون : قد مات وطويت (٥) صحيفته وارتفع ملكاه فلا (٦) يزاد فى عمله ولا ينقص ، وأهل العراق يرون ذلك ويقولون : كلّ ما قضى عن الميّت من ذلك لحقه وانتفع به.

وكلّ واحد من الفريقين راض بصاحبه ، يزكّونهم ويقبلون شهادتهم ، ويصلّون خلفهم ، ويقبلون أحاديثهم (٧) عنهم ، ويحتجّ كلّ صنف بما رووا عن أسلافهم وأوّليهم فوجدنا روايات الجميع منهم عن قوم هم عليهم طاعنون فى بعض وهم عنهم راضون فى بعض ، وسنبيّن من ذلك ما يعقله من صدق على قلبه ولم يخدع (٨) نفسه ان شاء الله تعالى.

ووجدنا الرّواية منهم عن قوم لبثوا فى طاعة بنى أميّة نيّفا وتسعين سنة يلعنون

__________________

(١) مج مث ج س ح : « نهى طالق ».

(٢) مج مث س ج ح : « طلقت وبانت منه ».

(٣) مج مث ح ج س ( بدل ما بين الحاصرتين ) : « ويقولون ( والضمير يرجع بحسب ظاهر الكلام الى أهل العراق لكن لا يستقيم الكلام على ذلك فهو راجع الى أهل الحجاز ) : اذا ضرب الرجل رجلا بما ضربه فمات فهو قتل عمد وانما الخطأ ان يريد هذا فيصيب هذا ؛ فأما الّذي قصدت له فهو قتل عمد ، وأهل العراق يقولون : لا يكون العمد الا بالحديدة وان أراد غيره فأصابه بحديدة فهو عمد ».

(٤) ج ح س : « ولا صوما ».

(٥) ح : « وطوى ».

(٦) ح : « ولا ».

(٧) ج مج : « بعض أحاديثهم ».

(٨) ح : « ولم يحسد ».


عليّا ـ عليه‌السلام ـ وأصحابه ومن اقتدى به (١) على منابرهم ، ويقتلون منهم كلّ من ظنّوا أنّه يخالفهم.

[ القول فى الحسين بن عليّ وزيد بن عليّ ومن قتلهما أوخذ لهما ]

من ذلك أنّ الحسين بن عليّ ـ عليهما‌السلام ـ خرج عليهم وزيد بن عليّ بعده [ فأجمعوا على قتلهما فقرّاؤهم وفقهاؤهم يومئذ (٢) ] امّا قاتل وامّا خاذل (٣) وامّا راض بلعن عليّ ـ عليه‌السلام ـ والبراءة منه أو مداهن فيه (٤) ].

[ القول فى عليّ ومعاوية ]

وقبل ذلك ما أفضت به الرّواية الى قوم أدركوا عليّا ـ عليه‌السلام ـ ومعاوية

__________________

(١) ح : « بهم ».

(٢) ح ( بدل ما بين الحاصرتين ) : « فأجمع على قتلهما قراؤهم وفقهاؤهم يومئذ فهم ».

(٣) فى المسترشد لابى جعفر محمد بن جرير الطبرى بعد كلام يشمل على شيء من اختلاف العامة فيما رووه ( انظر ص ١٠ من النسخة المطبوعة فى المطبعة الحيدرية بالنجف ) : « فهذه رواياتكم عن علمائكم وخلفائكم وهذا اختلافكم واحتجاجكم وليس فيما اختلف فيه القوم حجة لانه متى اتجه من جهة انتقض من جهة فكيف يقدر على تصحيح ما اختلفوا فيه وكيف يعتمد على ما قد رووه وهم الذين تركوا الحق ومالوا الى الدنيا وتداولوا الاموال ودخلوا فى طاعة بنى امية ورووا لهم ما أحبوه حتى وصلوا الى حاجتهم ولعنوا معهم على بن أبى طالب نيفا وثمانين سنة وهم الذين قتلوا عثمان بن عفان واجتمعوا على قتل زيد بن على وخذلوا الحسين بن على وقاتلوه بعد أن خذلوه وأنتم تدينون الله بدينهم وتعتمدون على روايتهم وسأسمى جماعتهم وأذكر وقيعة بعضهم فى بعض » فكأنه تلخيص من كلام الفضل بن شاذان ؛ والله العالم.

(٤) ما بين الحاصرتين أعنى من قوله : « ولا صدقة » الى هنا أعنى « او مداهن فيه » ليس فى م.


ولم يكن النّاس فى زمانهما الاّ أصنافا ثلاثة (١) منهم من كان مع عليّ ـ عليه‌السلام ـ ومنهم من كان مع معاوية ، ومنهم من اعتزل الفريقين جميعا ؛ فمن كان منهم مع عليّ ـ عليه‌السلام ـ لم يرووا عنه إلاّ أباطيل يسدّدون بها بدعهم (٢) ، ومن كان مع معاوية او (٣) اعتزل عليّا (٤) ـ عليه‌السلام ـ فمتّهم عند من خالفهم فلا يجيزون روايته ولا يقبلون أحاديثه وهم أخذوا من هذا الصنف ورأوهم أئمّة ذلك الصّنف الأوّل ورواتهم وفقهاءهم (٥) ].

القول فى عليّ وطلحة والزّبير

وكذلك أفضت بهم الرّواية الى من أدرك طلحة والزّبير وقتالهما [ مع أصحابهما (٦) ] عليّا فمنهم من كان مع عليّ ـ عليه‌السلام ـ ومنهم من كان عليه ، ومنهم من اعتزلهما جميعا ؛ فان رووا عمّن اعتزل عليّا او كان عليه فقد صحّ (٧) وتبيّن أنّهم هم أيضا عليه ، وأمّا من كان معه ـ عليه‌السلام ـ فقد علمنا أنّهم لم يرووا عنهم الاّ الكذب [ والزّور والبهتان (٨) ] الّذي طلبوا ان يسدّدوا به بدعتهم وضلالتهم.

القول فى عليّ وعثمان

وكذلك أفضت بهم الرّواية الى من أدرك عثمان محصورا أربعين ليلة والنّاس بين قاتل وخاذل لم يقاتل دونه الاّ عبيده ومروان بن الحكم ، فلئن كان من قتله و (٩) خذله ومن مالأ على قتله وأعان عليه ثقة يروون عنه لقد طعنوا على عثمان وصوّبوا فعلهم

__________________

(١) ح : « الا ثلاثة أصناف ».

(٢) م : « بدعتهم ».

(٣) م : « و ».

(٤) مج مث ج ح س : « معتزلا لعلى ».

(٥) ح : « وثقاتهم ».

(٦) فى م فقط.

(٧) فى م فقط.

(٨) فى م فقط.

(٩) مث ج ح س : « أو » وكذا الامر فى تالييه.


فى خذلانهم عثمان وقتله ، ولئن كانوا غير ثقات ثمّ يروون عنهم بعد خذلانهم ايّاه وقتله فقد وقع الطّعن عليهم [ وعلى جميع أصحاب النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لأنّهم كانوا متوافرين ولم ينصروا عثمان ولم يدفعوا عنه (١) ] فرأينا رواياتهم هذه الّتي يسمّونها سنّة عن هؤلاء الّذين قصصنا قصّتهم ، ولو أنّ رجلا فى زماننا هذا شهد قتل عثمان أو خذله أو أعان على قتله (٢) بقول او فعل ، أو شهد قتل الحسين بن عليّ ـ عليهما‌السلام ـ أو شهد قتل زيد بن عليّ أو قاتل عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ لكانت روايته غير مقبولة ثمّ هم اليوم عن اولئك الّذين شهدوا قتل هؤلاء الاخيار (٣) وأعانوا عليهم وخذلوهم يروون ، وبقولهم يدينون ، وبرواياتهم يأخذون ، وايّاهم يصدّقون فلم يخل من أن يكون من شهد منهم زيدا معينا لمن قتله راضيا بفعله ، وكذلك من شهد الحسين بن عليّ ـ عليهما‌السلام ـ راضيا بقتله ، وكذلك من شهد عليّا (٤) ـ عليه‌السلام ـ طاعنا على طلحة والزّبير ومعاوية وكذلك من كان مع طلحة والزّبير ومعاوية فى طعنهم على عليّ ـ عليه‌السلام ـ واستحلال كلّ واحد من الفريقين دم الفرقة الأخرى وكذلك من شهد عثمان يوم الدّار [ امّا راض بقتله او تارك نصرته (٥) ] وهو يراها حقّا [ فكيف يروون عنه ويأخذون منه العلم ثمّ يطعنون عليه ويقعون فيه (٦) ].

__________________

(١) ما بين الحاصرتين فى م فقط.

(٢) مج مث ج ح س : « عليه ».

(٣) فليعلم أن نسخة المكتبة الرضوية التى رمزنا إليها بكلمة « ق » حتى تكون اشارة الى « آستان قدس رضوى » تبتدأ من هذا الموضع أعنى من عبارة « عن أولئك الذين شهدوا قتل هؤلاء الاخيار » فان النسخة ناقصة من أولها الى هنا.

(٤) مج مث ج ح س ق : « من كان مع على ».

(٥) ج ح س ق : « اما راضيا بقتله او تاركا نصرته ».

(٦) مج مث ج ح س ق ( بدل ما بين الحاصرتين ) : « ممن يروون عنه ويأخذون عنه علمهم لم يطعنوا عليه ولم يقعوا فيه ».


[ ذكر العلماء من أصحاب الحديث (١)

فمنهم عبد الله بن مسعود الّذي سمّاه النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ابن أمّ ـ عبد وكان (ص) لا يقول الاّ حقّا ولا ينابز (٢) بالألقاب وله شأن يكره كشفه ، وهذا الّذي أمر به عثمان وهو عندكم الامام فدقّ ضلعا فمات منه وعاده عثمان فى مرضه فلم يأذن

__________________

(١) فليعلم أن ما بين الحاصرتين اللتين احداهما قبل هذه العبارة « ذكر العلماء من أصحاب الحديث » وثانيتهما تأتى بعد أوراق وبعد هذه العبارة « والله عز وجل نسأل التأييد والتوفيق لارشد الامور برأفته ورحمته انه ولى قدير » فى نسخة م فقط وليس فى نسخ مج مث ج ح س ق مع طوله منه أثر.

(٢) قال العلامة المجلسى فى ثامن البحار فى « باب تفصيل مثالب عثمان وبدعه » : « الطعن الخامس ـ أنه ضرب عبد الله بن مسعود حتى كسر بعض أضلاعه وقد رووا فى فضله فى صحاحهم أخبارا كثيرة وكان ابن مسعود يذمه ويشهد بفسقه وظلمه وقال السيد ـ رضى الله عنه ـ فى الشافى : فقد روى كل من روى السيرة من أصحاب الحديث على اختلاف طرقهم أن ابن مسعود كان يقول : ليتنى وعثمان برمل عالج يحثو على وأحثو عليه حتى يموت الاعجز منى ومنه ، ورووا أنه كان يطعن عليه ( الى آخر ما قال فمن أراد الاطلاع عليه فليراجع البحار ؛ ج ٨ ؛ ص ٣٢٥ من طبعة أمين الضرب ) ».

ونقل أيضا المجلسى (ره) فى أواخر الباب عن الثقفى عن قيس بن أبى حازم وشقيق بن سلمة قال قال عبد الله بن مسعود : لوددت أنى وعثمان برمل عالج فنتحاثى التراب حتى يموت الاعجز ( الى أن قال ) وعنه عن خثيمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود قال : بينا نحن فى بيت ونحن اثنا عشر رجلا نتذاكر أمر الدجال وفتنته اذ دخل رسول الله (ص) فقال : ما تتذاكرون من أمر الدجال.! والّذي نفسى بيده ان فى البيت لمن هو أشد على أمتى من الدجال وقد مضى من كان فى البيت يومئذ غيرى وغير عثمان والّذي نفسى بيده لوددت أنى وعثمان برمل عالج نتحائى التراب حتى يموت الاعجز ».


له وقال : وددت أنّى وعثمان برمل عالج يحثو أحدنا على صاحبه حتّى يموت فيريح الله المسلمين منه ، رواه جرير بن عبد الله الضّبىّ عن أصحابه.

ورويتم عن عبد الله بن مسعود أنّه سئل عن المعوّذتين فقال : ليستا من كتاب الله وأنّه لم يلحقهما فى مصحفه فى تأليفه القرآن ؛ فلئن كان ابن مسعود صادقا فلقد هلك عثمان اذ أثبتهما فى مصاحفه فى تأليفه القرآن ؛ لأنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لعن الزّائد فى القرآن ، ولئن كان عثمان صادقا لقد هلك عبد الله بن مسعود وكفر بجحود ما أنزل الله ؛ هذا.

وقد رويتم عن ابن مسعود أنّه قال لمّا استخلف عثمان : ما ألونا عن أعلى ذى فوق (٢) ألا إنّهم وفّقوا لأفضل هذه الأمّة (٣). ثمّ رويتم عن ابن مسعود أنّه قال عند ـ وفاته : يا أصحاب رسول الله انشدكم الله هل سمعتم النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقول : رضيت لأمّتى بما رضى لها ابن أمّ عبد؟ ـ قالوا : اللهمّ نعم قال : اللهمّ انّى لا ارتضى عثمان لهذه الامّة ، فها أنتم رويتم هذا وها أنتم رويتم ذاك ؛ فما ندرى أىّ روايتكم نأخذ فالله (٤) المستعان وعليه المتّكل.

ذكر حذيفة بن اليمان

ومن علمائكم حذيفة بن اليمان الّذي يروى هشام بن عبد الله عن محمّد بن

__________________

(٢) فى الاصل : « ما الوفاء عن على ذى فرق » والتصحيح قياسى.

(٣) هذه الرواية لم أجدها فيما عندى من الكتب حتى تكون وسيلة للتصحيح وأشير الى موضع نقلها.

(٤) فى الاصل : « فبالله » فكأنه بناء على استعمال فعله اذ يقال : « استعنت بالله ، واستعنته ».


جابر عن الأعمش عن أبى وائل شقيق بن سلمة عن حذيفة بن اليمان أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مال الى سباطة قوم فبال قائما فتفحّج حتّى أشفقت عليه فصببت عليه الماء من خلفه فاستنجى (١) ورويتم أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : لن يرى أحد عورتى إلاّ عمى ، وأنّ عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ لمّا غسّله أراد أن يخلع عنه القميص فنودى من جانب البيت : لا تكشفوا عن عورة نبيّكم ؛ فمرّة تروون أنّ حذيفة نظر إليها ، ومرّة تروون أنّ من نظر إليها عمى.

فهل يشكّ أحد فى هذه الأحاديث وأنّها مكذوبة موضوعة على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) قال ابن الأثير فى النهاية « س ـ وفيه : أنه (ص) أتى سباطة قوم فبال قائما ، السباطة والكناسة الموضع الّذي يرمى فيه التراب والاوساخ وما يكنس من المنازل وقيل : هى الكناسة نفسها ، واضافتها الى القوم اضافة تخصيص لا ملك ؛ لانها كانت مواتا مباحة. واما قوله : قائما ؛ فقيل : لانه لم يجد موضعا للقعود لان الظاهر من السباطة ان لا يكون موضعها مستويا وقيل : لمرض منعه عن القعود وقد جاء فى بعض الروايات : لعلة بمأبضيه. وقيل : فعله للتداوى من وجع الصلب لانهم كانوا يتداوون بذلك. وفيه : أن مدافعة البول مكروهة لانه بال قائما فى السباطة ولم يؤخره ». وقال أيضا : « فيه : أنه (ص) بال قائما ففحج رجليه أى فرقهما وباعد بينهما ، والفحج تباعد ما بين الفخذين ».

وقال أيضا ابن الاثير فى النهاية لكن فى « أبض » ما نصه : « فيه أن النبي (ص) بال قائما لعلة بمأبضيه ؛ المأبض باطن الركبة هاهنا وهو من الاباض الحبل الّذي يشد به رسغ البعير الى عضده والمأبض مفعل منه اى موضع الاباض ؛ والعرب تقول : ان البول قائما يشفى من تلك العلة وسيجيء فى حرف الميم » وقال فى حرف الميم : « مأبض ؛ فيه أنه بال قائما لعلة بمأبضيه ، المأبض باطن الركبة هاهنا وأصله من الاباض وهو الحبل الّذي يشد به رسغ البعير الى عضده والمأبض مفعل منه اى موضع الاباض والميم زائدة تقول العرب : ان البول قائما يشفى من تلك العلة ».


ثمّ رويتم أنّ حذيفة قال : كان النّاس يسألون رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عن الخير وكنت أسأله عن الشّرّ وأنّه كان يعرف أصحاب العقبة فمرّة يقول بفضلهم ومرّة يطعن عليهم.

__________________

قال محمود محمد الطناحى وهو الّذي طبع الكتاب بتحقيقه فى ذيل العبارة ما نصه : ( انظر ج ٤ ص ٢٨٨ ) :

« جاء بهامش ١ : وأقول : لعل وجه قيامه صلى الله عليه وسلّم عدم قدرته على القعود لعلة فى ركبتيه لا لما ذكره لانه لا يظهر وجه للتشفى من تلك العلة بالبول قائما كما لا يخفى ».

قال ابراهيم بن عبد الرحمن بن أبى بكر الازرق فى كتاب تسهيل المنافع فى الطب والحكمة المشتمل على شفاء الاجسام وكتاب الرحمة ( ص ٦٦ من طبعة مصر سنة ١٣١٩ ه‍ ) :

« فصل فى البول قائما من غير عذر ـ وعن عمر ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : ما بلت قائما ثم أسملت ، ولا يكره ذلك للمعذور لما روى أن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم أتى سباطة قوم لعلة بمأبضه والسباطة هى الكناسة قاله الجوهرى ، والمأبض بالهمزة والباء الموحدة المكسورة واحد المآبض وهى باطن منعطف الركبتين وقيل : المأبض تحت الركبة من كل حيوان وفى كفاية المتحفظ : المأبض باطن المرفق وهو باطن الركبة ( انتهى ) وقد روى من وجه غير هذا قال : عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم أنه بال قائما من جرح كان بمأبضه.

وقال الشافعى : كانت العرب تستشفى بالبول قائما من وجع الصلب وقد بال النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ قائما وانما كان لعلة بمأبضه. وفى حديث آخر : فيه ثلاثة أوجه : أحدها أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ فعله لمرض منعه من العقود والثانى ـ انه استشفى بذلك من مرض والعرب تستشفى بالبول قائما من علو الى سفل.

قلت : ومن هاهنا يستدل على أن البول قائما دواء لوجع الصلب كما قاله إمامنا الشافعى ـ رضى الله عنه ـ ».


ذكر أبى هريرة الدّوسىّ

ومن علمائكم أبو هريرة الدّوسىّ وروى يزيد بن هارون (١) عن حميد الطّويل عن أنس بن مالك أنّ عمر بن الخطّاب خفق رأس أبى هريرة بالدّرّة (٢) وقال له : أراك قد أكثرت الرّواية عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ولا أحسبك الاّ كاذبا فلا تعد.

وروى أبو نعيم قال : حدّثني فطر بن خليفة عن أبى خالد الوائلىّ قال : سمعت [ عليّا ] عليه‌السلام يخطب وهو يقول : أكذب الاحياء على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أبو هريرة الدّوسىّ قال : وكان يقوم بالمدينة فيلعن عليّا وعليّ بالشّام.

__________________

(١) قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال : « يزيد بن هارون الواسطى أحد الاعلام الحفاظ المشاهير عن سليمان التيمى وحميد الطويل ( الى آخر الترجمة ) ».

(٢) فليعلم أن أبا هريرة ممن ذكر ترجمته الخاصة والعامة مبسوطة بل ألف جماعة فى ترجمته وشرح حاله كتبا منها « ابو هريرة تأليف السيد شرف الدين العاملى » ومنها « شيخ ـ المضيرة أبو هريرة الدوسى ؛ تأليف محمود أبو ريّة » ومنها غير هذين الا أن الخوض فى ترجمته دقيقا يحتاج الى بسط لا يسعه المقام فمن أراد ذلك فليراجع تنقيح المقال للمامقاني وغير ذلك من نظائره ونحن نقلنا ترجمته فى تعليقاتنا على الايضاح عن شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد فانه خاض فى شرح حال أبى هريرة وبيان ترجمته بما لا مزيد عليه فان شئت فراجع شرح هذا الكلام لامير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ « أما انه سيظهر عليكم بعدى رجل رحب البلعوم مندحق البطن ( الى آخره ) » ( انظر المجلد الاول من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ؛ ص ٣٥٨ ) وكذا نقلنا ما ذكره المحدث القمى فى كتاب « الكنى والالقاب » وشيئا مما ذكره المامقانيّ فى تنقيح المقال فان وفقنا الله لطبع كتاب « تعليقات الايضاح » رأيت عبارات الكتب فيه منقولة ان شاء الله تعالى.


ذكر أبى موسى الأشعرىّ

ومن علمائهم أبو موسى الأشعرىّ (١) وأنتم رويتم عن جرير بن عبد الحميد الضبىّ عن الأعمش عن شقيق أبى وائل (٢) قال : قال حذيفة بن اليمان : والله ما فى أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أحد أعرف بالمنافقين منّى وأنا أشهد أنّ أبا موسى الأشعرىّ منافق. ورويتم عن يونس بن أرقم عن عبد الحميد بن [ أبى ] الخنساء عن زيلا بن بويه (٣) عن أبيه عن حذيفة بن اليمان عن سلمان أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) قال ابو جعفر الطبرى الشيعى فى أوائل كتاب المسترشد طاعنا على العامة ( ص ١٣ من طبعة النجف ) : « ومن علمائكم وفقهائكم أبو موسى الاشعرى وقد شهد عليه حذيفة بن اليمان بروايتكم أنه منافق ؛ رواه جرير بن عبد الحميد الضبى وروى محمد بن حميد الرازى قال : حدثنا جرير بن زكريا بن يحيى عن حبيب بن يسار وعبد الله بن زيد عن سويد بن غفلة قال : كنت مع أبى موسى على شاطئ الفرات فقال : سمعت رسول الله (ص) يقول : ان بنى اسرائيل اختلفوا ولم يزل الاختلاف بينهم حتى بعثوا حكمين ضالين ويضل من اتبعهما ؛ فقلت : أعيذك بالله أن تكون أحدهما ، قال : فخلع قميصه وقال : برأنى الله من ذلك كما برأنى من قميصى ».

(٢) كأن تكنيته بأبى وائل بعد لفظة « شقيق » لتعيينه على سبيل التحقيق قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال ( ص ١٤٣ ) « شقيق بن سلمة الاسدى أبو وائل الكوفى أحد سادة التابعين مخضرم ( الى آخر ما قال ) ».

(٣) كذا فى الاصل ولم أتمكن من تصحيحه الا ان المفيد (ره) نقله فى أماليه هكذا ( انظر أوائل الكتاب اعنى المجلس الثالث ؛ ص ١٦ من طبعة النجف ) : « قال : أخبرنى الشريف ابو عبد الله محمد بن الحسين الجوانى قال : اخبرنى أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوى الغمر عن جعفر بن محمد بن مسعود قال : حدثنا نصر بن أحمد قال : حدثنا على بن حفص قال : حدثنا خالد القطوانى قال : حدثنا يونس بن أرقم قال :


قال : ستفترق أمّتى على ثلاث فرق ؛ فرقة منها على الحقّ لا ينتقص الباطل منها شيئا يحبّونى ويحبّون أهل بيتى ؛ مثلهم مثل الذّهبة الحمراء كلّما أوقد عليها صاحبها لم تزدد (١) الاّ خيرا ، وفرقة منها على الباطل لا ينتقص الحقّ منها شيئا يبغضونى ويبغضون أهل بيتى ؛ مثلهم مثل الحديدة كلّما أوقد عليها صاحبها لم تزدد (٢) الاّ شرّا ، وفرقة مذبذبة (٣) فيما بين هؤلاء وهؤلاء على ملّة السّامرىّ تقول : لا مساس ؛ امامهم عبد الله ابن قيس.

ورويتم عن سويد بن غفلة (٤) قال : كنت مع أبى موسى الاشعرىّ فحدّثنى أنّه

__________________

حدثنا عبد الحميد بن أبى الخنساء عن زياد بن يزيد عن أبيه عن جده فروة الظفارى قال : سمعت سلمان ـ رحمه‌الله ـ يقول : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تفترق أمتى ثلاث فرق ؛ فرقة على الحق لا ينقص الباطل منه شيئا يحبونى ويحبون أهل بيتى ؛ مثلهم كمثل الذهب الجيد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلا جودة ، وفرقة على الباطل لا ينقص الحق منه شيئا يبغضونى ويبغضون أهل بيتى ؛ مثلهم مثل الحديد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده الا شرا ، وفرقة مدهدهة على ملة السامرى : لا يقولون : لا مساس ؛ لكنهم يقولون : لا قتال ، امامهم عبد الله بن قيس الاشعرى » ونقله المجلسى فى باب افتراق الامة من ثامن البحار قائلا بعده ( انظر ص ٤ من طبعة أمين الضرب ) : « بيان ـ دهدهت الحجر اى دحرجته ولعله كناية عن اضطرابهم فى الدين وتزلزلهم بشبهات المضلين » ونقله أيضا هناك من كشف اليقين للعلامة ناقلا هو عن كتاب أحمد بن مردويه وكتاب أخطب خوارزم بسنديهما ما يقرب منه فمن أراده فليراجع ثامن ـ البحار ( ص ٤ من طبعة أمين الضرب ).

__________________

(١ و ٢) فى الاصل فى كلا الموردين : « فلم تزدد ».

(٣) يعلم من هذه الكلمة ان كلمة « مدهدهة » فى رواية أمالى المفيد مصحفة ومحرفة عن هذه الكلمة الصحيحة.

(٤) قال ابن شهرآشوب فى المناقب ضمن ذكره قضايا حرب صفين ( ج ١ ؛ ص ٦٢٨ ـ ٦٢٧ ) : « فصل فى الحكمين والخوارج : روى فى معنى قوله تعالى : ( وَمِنَ


سمع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقول :

انّ بنى اسرائيل افترقوا حتّى بعثوا حكمين ضالّين مضلّين وسيكون ذلك فى أمّتى فقلت له : يا أبا موسى أعيذك بالله ان تكون أحدهما ، قال : أبرأ الى الله من ذلك. قال : فو الله ما مضت الأيّام واللّيالى حتّى بعث حكما فكان من أمره وخلعه ما كان.

ورويتم عن حمّاد بن العوّام عن خضير بن عبد الرّحمن عن أبى المفضّل قال : سمعت عليّا ـ عليه‌السلام ـ قنت فى المغرب فقال (١) : اللهمّ العن معاوية بادئا ، و

__________________

النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ) ؛ أنه كان أبا موسى وعمروا ، وروى ابن مردويه بأسانيده عن سويد بن غفلة أنه قال : كنت مع أبى موسى على شاطئ الفرات فقال : سمعت رسول الله (ص) يقول : ان بنى اسرائيل اختلفوا فلم يزل الاختلاف بينهم حتى بعثوا حكمين ضالين ضل من اتبعهما ؛ ولا تنفك اموركم تختلف حتى تبعثوا حكمين يضلان ويضل من تبعهما ، فقلت : أعيذك بالله أن تكون أحدهما قال : فخلع قميصه فقال : برأنى الله من ذلك كما برأنى من قميصى » ونقله المجلسى فى ثامن البحار فى باب بدو قصة التحكيم عن المناقب ( انظر ص ٥٩٣ من طبعة امين الضرب ).

__________________

(١) قال ابن أبى الحديد فى اواسط الجزء السادس عشر من شرح نهج البلاغة ضمن كلام له ( انظر ص ٥١ من المجلد الرابع من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ) :

« قنت على بالكوفة على معاوية ولعنه فى الصلاة وخطبة الجمعة وأضاف إليه عمرو بن العاص وأبا موسى وأبا الاعور السلمى وحبيب بن مسلمة فبلغ ذلك معاوية بالشام فقنت عليه ولعنه بالصلاة وخطبة الجمعة وأضاف إليه الحسن والحسين وابن عباس والاشتر النخعى ».

وقال المجلسى فى ثامن البحار فى باب بدو قصة التحكيم والحكمين نقلا عن نصر بن المزاحم ( ص ٥٩١ من طبعة أمين الضرب ) ما نصه :


عمرو بن العاص ثانيا ، وأبا الأعور السّلمىّ ثالثا ، وأبا موسى الأشعرىّ رابعا.

ذكر المغيرة بن شعبة

ومن علمائكم المغيرة بن شعبة الثّقفىّ الّذي رويتم أنّ أبا بكرة ورجلين من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ شهدوا عليه عند عمر بن الخطّاب بالزّنا ؛ وان زيادا [ انتقذ به (١) ] ليشهد عليه فلمّا رآه عمر فقال : لأرى رجلا مقبلا لا يفضح الله على يديه رجلا من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فلمّا سمع زياد الكلمات حذف الشّهادة وقال : يا أمير المؤمنين رأيته نائما على بطن امرأة ورأيت حفزا شديدا وسمعت نفسا عاليا الاّ أنّى لم أر الميل فى المكحلة فقال عمر : الله أكبر تخلّص والله المغيرة بن شعبة ثمّ [ أمر ] بالثّلاثة الّذين شهدوا بالحقّ فأقيم عليهم الحدّ (٢).

ورويتم عن الأعمش عن أبىّ قال : حدّثني من سمع عمر بن الخطّاب يقول

__________________

« قال نصر : فكان على ـ عليه‌السلام ـ بعد الحكومة اذا صلى الغداة والمغرب وفرغ من الصلاة وسلم قال : اللهم العن معاوية وعمروا وأبا موسى وحبيب بن مسلمة وو عبد الرحمن بن خالد والضحاك بن قيس والوليد بن عقبة ، فبلغ ذلك معاوية فكان اذا صلى لعن عليا وحسنا وحسينا وابن عباس وقيس بن سعد بن عبادة والاشتر.

وزاد ابن ديزيل فى أصحاب معاوية : أبا الاعور السلمى. وابن ديزيل أيضا أن أبا موسى كتب من مكة الى على ـ عليه‌السلام ـ : اما بعد فانى قد بلغنى أنك تلعننى فى الصلاة ويؤمن خلفك الجاهلون وانى أقول كما قال موسى : رب بما أنعمت على فلن ـ أكون ظهيرا للمجرمين.

__________________

(١) كذا فى الاصل ولعله : « أنفذ » أو « أتى به ».

(٢) فليعلم : أن هذه القضية أعنى أن المغيرة بن شعبة شهد عليه بالزنا واحتيل فى درء الحد عنه مما عد من مطاعن عمر وأطالوا البحث عنه فى كتب الكلام والاخبار


للمغيرة بن شعبة : ما رأيتك قطّ الاّ خشيت ان تقع عليّ حجارة من السّماء.

__________________

والسير فمن أراد التفصيل فيه فليراجع مظانه الا أنا نشير الى بعض موارده وننقل ما يوضح الامر فى ذلك قال ابن أبى الحديد فى الجزء الثانى عشر من شرح نهج البلاغة ضمن عده مطاعن عمر ( ص ١٥٩ من المجلد الثالث من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ) :

« الطعن السادس ـ أنه عطل حد الله فى المغيرة بن شعبة لما شهد عليه بالزنا ولقن الشاهد الرابع الامتناع عن الشهادة اتباعا لهواه فلما فعل ذلك عاد الى الشهود فحدهم وفضحهم فتجنب ان يفضح المغيرة وهو واحد وفضح الثلاثة مع تعطيله لحكم الله ووضعه فى غير موضعه ( فخاض فيما أجاب به قاضى القضاة فى المغنى وفيما اعترض عليه علم الهدى فى الشافى الى ان قال : ) قلت : أما المغيرة فلا شك عندى أنه زنى بالمرأة ولكنى لست أخطئ عمر فى درء الحد عنه وانما أذكر أولا قصته من كتابى أبى جعفر محمد ابن جرير الطبرى وأبى الفرج على بن الحسن الاصفهانى ليعلم أن الرجل زنى بها لا محالة ثم اعتذر لعمر فى درء الحد عنه فخاض فى نقل القصة ونقل الاخبار ( الى أن قال ) : « فهذه الاخبار كما تراها تدل متأملها على أن الرجل زنى بالمرأة لا محالة وكل كتب التواريخ والسير تشهد بذلك وانما اقتصرنا نحن منها على ما فى هذين الكتابين وقد روى المدائنى أن المغيرة كان أزنى الناس فى الجاهلية فلما دخل فى الاسلام قيده الاسلام وبقيت عنده منه بقية ظهرت فى أيام ولايته البصرة ( الى آخر ما قال ) ». فمن أراده فليراجع الشرح المذكور ( ص ١٥٩ ـ ١٦٥ من ج ٣ من طبعة مصر ). أقول : من أراد ان يراجع المآخذ الشيعية فليراجع ثامن البحار الطعن الخامس من مطاعن عمر ( ص ٢٩١ ـ ٢٩٤ من طبعة أمين الضرب ) ومن أراد البحث أبسط مما فى البحار فليراجع الطعن السادس من مطاعن عمر فى كتاب تشييد المطاعن ( ج ١ ص ٥٩٧ ـ ٧٠٠ ) وهو فى حكم كتاب مستقل فى ذلك الموضوع وأما نحن فنقلنا فى ذلك الباب ما هو أهم من هذا كله وذلك أن لابن أبى الحديد ولاستاذه كلاما نقلاه عن بعض الزيدية ولاشتماله على فوائد كثيرة نقلناه فى تعليقاتنا على الايضاح لايضاح هذا الامر وفقنا الله لطبعه ونشره.


ورويتم عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبى جعفر قال : قال عمر بن الخطّاب : لئن لم ينته المغيرة لأعودنّ عليه بالحجارة.

ورويتم بهذا الاسناد أيضا أنّ عليّا ـ عليه‌السلام ـ لم يحسن شهادة المغيرة بن شعبة لقول الله عزّ وجلّ : ( وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (١).

ورويتم عن منصور بن المعتمر عن سالم بن أبى الجعد عن أبى ذرّ قال : سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقول : هامان هذه الأمّة المغيرة بن شعبة.

ذكر سمرة بن جندب

ومن علمائكم سمرة بن جندب روى عنه البصرىّ (٢) فى الحلال والحرام أخبارا تجرى عليه امور القضاة الى يوم النّاس هذا وانتم رويتم عن حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد عن ابن خالد قال : كنت اذا أتيت أبا هريرة سألنى عن سمرة بن جندب واذا أتيت سمرة بن جندب سألنى عن أبى هريرة فقلت : يا أبا هريرة ما أراك تسألنى الاّ عن سمرة وأرى سمرة يسألنى عنك؟ فقال : اذا والله اخبرك ولا أكتمك ، سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقول (٣) : آخركم (٤) موتا فى النّار.

__________________

(١) آخر آية ٤ سورة النور.

(٢) الظاهر أن المراد به الحسن البصرى ؛ قال العسقلانى فى تهذيب التهذيب فى ترجمة سمرة : « وروى عنه ابناه سليمان وسعد ( فساق الرواة عنه الى ان قال ) والحسن البصرى وغيرهم » وقال ابن عبد البر فى الاستيعاب فى ترجمة سمرة : « وكان ابن سيرين والحسن وفضلاء أهل البصرة يثنون عليه ويجيبون عنه » وذكره ابن الاثير أيضا فى اسد الغابة الا « ويجيبون عنه ».

(٣) قال ابن عبد البر فى الاستيعاب : « وكان سمرة من الحفاظ المكثرين على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وكانت وفاته بالبصرة فى خلافة معاوية سنة ثمان وخمسين ؛ سقط


قال : فتوفّى أبو هريرة قبل سمرة.

ورويتم عن محمّد بن قيس الأسدىّ قال : سمعت الشّعبىّ يقول : سمعت أبا ـ عمر يقول : قال قال عمر بن الخطّاب وهو يخطب على المنبر : لعن الله سمرة بن جندب كان أوّل من اتّجر فى الخمر فى الاسلام ولا يحلّ من البيع الاّ ما يحلّ أكله (١).

__________________

فى قدر مملوءة ماء حارا كان يتعالج بالقعود عليها من كزاز شديد أصابه فسقط فى القدر الحارة فمات فكان ذلك تصديقا لقول رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ له ولابى هريرة ولثالث معهما : آخركم موتا فى النار ».

وقال ابن الأثير فى اسد الغابة : « وتوفى سمرة سنة تسع وخمسين وقيل سنة ثمان وخمسين بالبصرة وسقط فى قدر مملوءة ماء حارا كان يتعالج بالقعود عليها من كزاز شديد أصابه فسقط فمات فيها ؛ أخرجه الثلاثة ».

(٤) كذا صريحا بضمير الجمع فكان معهما ثالث كما اشار إليه ابن عبد البر فى الاستيعاب وقال ابن شهرآشوب فى كتابه المناقب فى الفصل الّذي عقده لبيان معجزات أقواله أى أقوال النبي (ص) ما نصه ( انظر ج ١ ؛ ص ٧٥ من طبعة طهران سنة ١٣١٦ ) :

« وقال (ص) لرجل من أصحابه مجتمعين : أحدكم ضرسه فى النار مثل احد فماتوا كلهم على استقامة وارتد منهم واحد فقتل مرتدا وقال لآخرين : آخركم موتا فى النار يعنى أبا ـ محذورة وأبا هريرة وسمرة فمات أبو هريرة ثم أبو محذورة ووقع سمرة فى نار فاحترق فيها » ونقله المجلسى عن المناقب فى سادس البحار فى باب معجزاته ( انظر ص ٣٣٠ من طبعة أمين الضرب ). أقول : كأن الفضل (ره) قد فهم من قوله (ص) : « فى النار » غير هذا المعنى كما هو ظاهر من سياق كلامه لان هذا لا يدل على سوء الخاتمة ووخامة العاقبة والاستحقاق لدخول النار وكلام الفضل (ره) ظاهر بل صريح فى أنه أراد دخول جهنم لا دخول نار الدنيا.

__________________

(١) هذا الحديث قد رأيته فى كتب العامة الا أنى نسيت موضعه فان وفقنى الله للظفر به أذكره فى التعليقات ان شاء الله.


ورويتم عن حمّاد بن سلمة عن أبى العجلان انّ أبا بكرة مرّ (١) على رجل مقتول فقال : ما شأنه؟ ـ قيل : أدّى زكاة المال ثمّ صلّى ركعتين فلقيه سمرة بن جندب

__________________

(١) نقله الطبرى فى تاريخه عند ذكره حوادث سنة ثلاث وخمسين وأنا أذكره مع شيء مما قبله وبعده لان كله راجع الى سمرة ونص عبارته ( ص ١٦٢ ـ ١٦٣ من طبعة مصر سنة ١٣٢٦ ) :

« وهلك زياد ( والمراد به زياد بن أبيه ) وقد استخلف على عمله على الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد وعلى البصرة سمرة بن جندب الفزارى فحدثنى عمر بن شبة قال : حدثنى على قال : مات زياد وعلى البصرة سمرة بن جندب خليفة له وعلى الكوفة عبد الله بن خالد بن اسيد فأقر سمرة على البصرة ثمانية عشر شهرا. قال عمر : وبلغنى عن جعفر بن سليمان الضبعى قال أقر معاوية سمرة بعد زياد ستة أشهر ثم عزله فقال سمرة : لعن الله معاوية والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذبنى أبدا.

( بشبهه قول سعدى :

ور وزير از خدا بترسيدى

آن چنان كز ملك ملك بودى )

حدثنى عمر قال : حدثنى موسى بن اسماعيل قال : حدثنى سليمان بن مسلم العجلى قال : سمعت أبى يقول : مررت بالمسجد فجاء رجل الى سمرة فأدى زكاة ماله ثم دخل فجعل يصلى فى المسجد فجاء رجل فضرب عنقه فاذا رأسه فى المسجد وبدنه ناحية فمر أبو بكرة فقال : يقول الله سبحانه قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى قال أبى : فشهدت ذاك فما مات سمرة حتى أخذه الزمهرير فمات شر ميتة. قال : وشهدته وأتى بناس كثير واناس بين يديه فيقول المرجل : ما دينك؟ ـ فيقول : أشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنى بريء من الحرورية فيقدم وتضرب عنقه حتى مر بضعة وعشرون ».

أقول : نقل ابن الاثير أيضا شرح حال سمرة ضمن ذكره لحوادث سنة خمسين ( ص ١٨٣ من الطبعة الاولى ) وقال ضمن ذكره لحوادث سنة اربع وخمسين ( ص ١٩٦ ) :

« وفى هذه السنة عزل معاوية سمرة بن جندب واستعمل على البصرة عبد الله بن عمرو ابن غيلان ».


فقتله فبكى حتّى اخضلّت لحيته من دموعه ثمّ قال : قتله عند أحسن عمله ؛ هذا منّى وأنا منه ، ثمّ دخل على سمرة بن جندب فقال : ويلك والويل حلّ بك لقد قتلت رجلا عند أحسن عمله قال : هذا عمل أخيك زياد (١) وهو أمرنى بذلك ، قال : أنت وأخى فى النّار.

ذكر خالد بن عرفطة (٢)

ومن علمائكم خالد بن عرفطة وأنتم رويتم عن يونس بن النّعمان عن أمّ حكيم بنت عمرو الخوليّة (٣) قالت : خرجت وأنا أشتهي أن أسمع كلام أمير المؤمنين عليّ بن

__________________

(١) اشارة الى أن سمرة قد عمل هذا العمل بأمر زياد بن أبيه وهو أخو أبى بكرة فالاولى ان نحيل هذا البحث الى تعليقات آخر الكتاب فان الخوض فيه يفضى الى طول ولا يسعه المقام فسنذكر ان شاء الله هناك ترجمته ببيان مبسوط يكشف عن حقيقة حاله وسوء منقلبه ومآله.

(٢) قال فى لسان العرب بعد ذكر العرفط بضم فسكون فضم على زنة القنفذ بمعنى شجر العضاه : « واحدته عرفطة وبه سمى الرجل » وقال الفيروزآبادي فى القاموس : « العرفط بالضم شجر من العضاه الواحدة عرفطة وبها سمى عرفطة بن الحباب الصحابى ». وقال الاستاذ عبد الوهاب عبد اللطيف فى تقريب التهذيب فى ذيل اسم خالد بن عرفطة : « ان عرفطة بضم فسكون فضم كما فى المغنى ». قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « بخ دس ـ خالد بن عرفطة روى عن البصرى وأبى سفيان طلحة بن نافع وحبيب بن سالم وعنه أبو بشر وقتادة وواصل مولى أبى عيينة ذكره ابن حبان فى الثقات له عند أبى داود والنسائى حديث واحد ( الى آخر ما قال ) » ونظيره فى سائر كتب الرجال من العامة.

(٣) فى الاصل : « أم حكم بنت عمر الجدلية » والتصحيح من رجال الشيخ فانه (ره) قال ضمن ذكره صحابيات أمير المؤمنين (ع) ما نصه : « أم حكيم بنت عمرو بن سفيان الخولية » ( انظر باب النساء ؛ ص ٦٦ من طبعة النجف ) وقال المامقانيّ (ره) بعد نقل العبارة فى تنقيح المقال ( ج ٣ ؛ باب الكنى ؛ فصل النساء ص ٧١ ) ما نصه : « عدها الشيخ (ره) فى رجاله من أصحاب أمير المؤمنين (ع) ولم أقف على اسمها ولا حالها والخولية اما بفتح الخاء


أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ فدنوت منه وفى النّاس رقّة وهو يخطب على المنبر حتّى سمعت كلامه فقال رجل : يا أمير المؤمنين استغفر لخالد بن عرفطة فانّه قد مات بأرض بناك (١) فلم يردّ عليه شيئا ؛ ثمّ قال الثّانية فلم يردّ عليه شيئا ؛ ثمّ قال الثّالثة فقال : أيّها النّاعى خالد بن عرفطة كذبت ، والله ما مات خالد بن عرفطة ولا يموت حتّى يدخل المسجد من هذا الباب ( وأشار الى باب الفيل ) يحمل راية ضلالة.

قالت (٢) : فرأيت بعد ذلك خالد بن عرفطة يحمل راية معاوية حتّى أدخلها من باب الفيل فركزها فى المسجد (٣).

__________________

المعجمة وسكون الواو وكسر اللام وفتح الياء المثناة من تحت والهاء نسبة الى خولان أبى ـ بطن من كهلان من القحطانية كما مر ضبطه فى ترجمة ادريس بن الفضل بن سليمان الخولانى ، أو بكسر الخاء وفتح الواو وكسر اللام وتشديد الياء نسبة الى جد له مسمى بخولة » أقول : من أراد التحقيق فى ضبط « الخولية » فليخض فيه فانه لا اعتماد على تحقيق المامقانيّ (ره) فى امثال هذه الموارد.

(١) كذا فى هذا الكتاب لكن فى كتاب الخصائص : « بارض تيماء » ففى مراصد ـ الاطلاع « نباك بالكسر وآخره كاف موضع ونباك بضم اوله موضع قال : اظنه باليمامة ».

(٢) فى الكتاب : « قال » والتصحيح من خصائص السيد الرضى وغيره.

(٣) هذه القضية نقلها الرضى فى الخصائص ( ص ٢١ ـ ٢٠ من طبعة النجف ) والمفيد فى الاختصاص ( ص ٢٨٠ من طبعة مكتبة الصدوق سنة ١٣٧٩ ) وفى الارشاد ضمن اخبار أمير المؤمنين عن الغائبات ( ص ١٧٦ ـ ١٧٥ من طبعة تبريز سنة ١٣٠٨ ) قائلا بعدها فى الارشاد : « وهذا أيضا خبر مستفيض لا يتناكره اهل العلم والرواة للآثار وهو منتشر فى أهل الكوفة ظاهر فى جماعتهم لا يتناكره منهم اثنان وهو من المعجز الّذي ذكرناه » والطبرسى فى اعلام الورى فى الباب الثالث من الابواب المتعلقة بتأريخ امير المؤمنين


ذكر ابن عمر

ومن علمائكم ابن عمر وأنتم تروون أنّه قعد عن بيعة عليّ بن أبى طالب

__________________

ضمن نقله اخباره بالغائبات قائلا بعده : « وهذا الخبر مستفيض فى اهل العلم بالآثار من أهل الكوفة » ( انظر ص ١٠٥ من طبعة السدهى الاصفهانى سنة ١٣١٢ ) وابن ميثم فى شرح المائة كلمة لامير المؤمنين ( ص ٢٥٢ من النسخة المطبوعة بتحقيقنا ) والمجلسى فى تاسع البحار عن الاختصاص وبصائر الدرجات قائلا بعده : « اقول : رواه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة من كتاب الغارات لابن هلال الثقفى عن ابن محبوب عن الثمالى عن ابن غفلة ( انظر باب معجزات كلامه من اخباره بالغائبات وعلمه باللغات ص ٥٧٨ ـ ٥٧٩ من طبعة امين الضرب ) وقال أيضا فى الباب المذكور بعيد ذلك نقلا عن مناقب ابن شهرآشوب ( ص ٥٨٥ ) : « ومستفيض فى أهل العلم عن الاعمش وابن محبوب عن الثمالى والسبيعى كلهم عن سويد بن غفلة وقد ذكره أبو الفرج الاصفهانى فى أخبار الحسن أنه قيل لامير المؤمنين (ع) : ان خالد بن عرفطة قد مات ( فذكر القضية الى آخرها ) » ومن أراد أن يلاحظ مورد نقله فى شرح نهج البلاغة لابن ابى الحديد فليراجع جلد ١ ص ٢٠٨ من طبعة مصر ومورد نقله فى مناقب ابن شهرآشوب فليراجع ص ٤٢٧ من المجلد الاول من الطبعة الاولى بطهران سنة ١٣١٦ وكذا نقله فى عاشر البحار فى باب ما أخبر به الرسول وأمير المؤمنين والحسن بشهادة الحسين عن البصائر للصفار والارشاد للمفيد ( ص ١٥٩ طبعة امين الضرب ) وأيضا فى باب كيفية مصالحة الحسن بن على معاوية عن أبى الفرج الاصفهانى ( انظر ص ١١٢ من طبعة أمين الضرب ) أقول : وذلك أن القضية كأنها وقعت مرتين ؛ مرة عند ورود معاوية الكوفة لمصالحته الحسن ـ عليه‌السلام ـ وأخرى عند خروج عمر بن سعد من الكوفة الى قتال الحسين ـ عليه


وامتنع من الخروج معه (١) ، ورويتم أنّه سئل عن بيعة عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ

__________________

السلام ـ ونقله السيد هاشم البحرانى فى مدينة المعاجز ( انظر المعجز التاسع عشر بعد ثلاث مائة من معاجز أمير المؤمنين ( انظر ص ١١٩ من النسخة المطبوعة بطهران سنة ١٢٩١ ) الى غير ذلك من موارد نقله فالاولى أن نذكر عبارة أبى الفرج الاصفهانى هنا فنقول : قال ابو الفرج الاصفهانى فى مقاتل الطالبيين ضمن ذكره ما جرى بين الحسن بن على ومعاوية ما نصه ( ص ٧١ من النسخة المطبوعة بالقاهرة بتحقيق السيد أحمد صقر سنة ١٢٦٨ أو ص ٢٨ من طبعة تهران سنة ١٣٠٧ ) : « قال : ودخل معاوية الكوفة بعد فراغه من خطبته بالنخيلة وبين يديه خالد بن عرفطة ، ومعه رجل يقال له حبيب بن عمار يحمل رايته حتى دخل الكوفة ، فصار الى المسجد ، فدخل من باب الفيل ، فاجتمع الناس إليه فحدثنى ابو عبيد الصيرفى ، وأحمد بن عبيد الله بن عمار قالا : حدثنا محمد بن على بن خلف ، قال : حدثنى محمد بن عمر والرازى ، قال : حدثنا مالك بن شعير ، عن محمد بن عبد الله الليثى ، عن عطاء بن السائب عن أبيه قال :

بينما على ـ عليه‌السلام ـ على المنبر اذ دخل رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، مات خالد بن عرفطة ، فقال : لا والله ما مات اذ دخل رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين مات خالد بن عرفطة فقال : لا والله ما مات اذ دخل رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين مات خالد بن عرفطة فقال : لا والله ما مات ولا يموت حتى يدخل من باب هذا المسجد ، « يعنى باب الفيل » براية ضلالة يحملها له حبيب بن عمار قال : فوثب رجل فقال : يا أمير المؤمنين أنا حبيب بن عمار وأنا لك شيعة قال : فانه كما أقول. فقدم خالد بن عرفطة على مقدمة معاوية يحمل رايته حبيب بن عمار.

قال مالك : حدثنا الاعمش بهذا الحديث ، فقال : حدثنى صاحب هذه الدار وأشار بيده الى دار السائب أبى عطاء أنه سمع عليا يقول هذه المقالة ».

__________________

(١) قال ابن عبد البر فى الاستيعاب ضمن ترجمة ابن عمر ( ص ٣٦٩ ج ١


فقال : بيعة ضلال.

ورويتم أنّه لم يأت عليّا حتّى قتل ـ عليه‌السلام ـ وأنّه أتى الحجّاج بن يوسف

__________________

من الطبعة الثانية بحيدرآباد ) :

« وكان رضى الله عنه لورعه قد أشكلت عليه حروب على ـ رضى الله عنه ـ وقعد عنه وندم على ذلك حين حضرته الوفاة وسنذكر ذلك فى آخر الباب ان شاء الله تعالى ».

وقال فى آخر الترجمة ( ٣٧٠ ـ ٣٦٩ ) :

« حدثنا أبو القاسم خلف بن القاسم الحافظ قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن اسحاق بن معمر الجوهرى قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين قال : حدثنا ابو سعيد يحيى بن سليمان الجعفى قال : حدثنا أسباط بن محمد قال : حدثنا عبد العزيز ابن سياه عن حبيب بن ابى ثابت عن عبد الله بن عمر قال : ما آسى على شيء الا أنى لم أقاتل مع على ـ رضى الله عنه ـ الفئة الباغية. وحدثنا خلف بن قاسم حدثنا ابن الورد حدثنا يوسف بن يزيد حدثنا أسد بن موسى حدثنا اسباط بن محمد عن عبد العزيز بن سياه عن حبيب ابن أبى ثابت قال قال ابن عمر : ما أجدنى آسى على شيء فاتنى من الدنيا الا أنى لم أقاتل مع على ـ رضى الله عنه ـ الفئة الباغية. وذكر أبو زيد عمر بن شبة قال : حدثنا أبو القاسم الفضل بن دكين وأبو أحمد الزبيرى قالا : حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبى ثابت عن أبيه عن ابن عمر أنه قال حين حضرته الوفاة : ما أجد فى نفسى من أمر الدنيا شيئا الا أنى لم ـ أقاتل الفئة الباغية مع على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه. وقال : حدثنا أبو أحمد حدثنا عبد الجبار بن العباس عن أبى القيس عن أبى بكر بن أبى الجهم قال : سمعت ابن عمر يقول : ما آسى على شيء الا تركى قتال الفئة الباغية مع على ـ رضى الله عنه ».

قال ابن الاثير فى اسد الغابة ضمن ترجمة عبد الله بن عمر ( ج ٣ ؛ ص ٢٢٩ ـ ٢٢٨ ) :

« ولم يقاتل فى شيء من الفتن ولم يشهد مع على شيئا من حروبه حين أشكلت عليه


ليلا (١) فقال : ما حاجتك؟ وما جاء بك فى هذه السّاعة؟ ـ قال : ابسط يدك حتّى ابايعك لأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فانّى سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه

__________________

ثم كان بعد ذلك يندم على ترك القتال معه ؛ أخبرنا القاضى أبو غانم محمد بن هبة الله ابن محمد بن أبى جرادة أخبرنا عمى أبو المجد عبد الله بن محمد قال : حدثنا أبو الحسن على ابن عبد الله بن محمد بن أبى جرادة أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن أحمد بن اسماعيل ابن سعيد حدثنا أبو النمر الحارث بن عبد السلام بن رغبان الحمصى حدثنا الحسين بن خالويه حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبى سعد البزار حدثنا محمد بن الحسين بن يحيى الكوفى حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الله بن حبيب أخبرنى أبى قال قال ابن عمر حين حضره الموت : ما أجد فى نفسى من الدنيا الا أنى لم أقاتل الفئة الباغية ؛ أخرجه أبو عمر وزاد فيه مع على ».

__________________

(١) قال أبو جعفر الطبرى الشيعى فى كتاب المسترشد خطابا للعامة ( ص ١٦ ).

« ومن فقهائكم وعلمائكم ورواة أخباركم عبد الله بن عمر الّذي قعد عن بيعة على ـ عليه‌السلام ـ ثم مضى الى الحجاج فطرقه ليلا فقال : هات يدك لا بايعك لامير المؤمنين عبد الملك فانى سمعت رسول الله (ص) يقول : من مات وليس عليه امام فميتته جاهلية حتى أنكرها عليه الحجاج مع كفره وعتوه ».

قال المسعودى فى مروج الذهب عند ذكره خلافة أمير المؤمنين على ـ عليه‌السلام ـ : وقعد عن بيعته جماعة عثمانية لم يروا الا الخروج عن الامر ؛ منهم سعد بن وقاص وعبد الله بن عمر وبايع يزيد بعد ذلك والحجاج لعبد الملك بن مروان ».

قال المحدث القمى فى سفينة البحار وفى الكنى

والالقاب ضمن ترجمة ابن عمر :

« وفى گلزار قدس للمحقق الكاشانى قال : لما دخل الحجاج مكة وصلب ابن الزبير راح عبد الله بن عمر إليه وقال : مد يدك لا بايعك لعبد الملك قال رسول الله ـ صلى الله


[ وآله ] ـ يقول : من مات وليس عليه امام فميتته جاهليّة.

ذكر عائشة

ورويتم عن علمائكم عن عائشة أحاديث يناقض بعضها بعضا.

رويتم عن أبى نعيم الأحول قال : حدّثنا عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن ـ عبّاس (١) قال : جمع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ذات يوم نساءه ثمّ قال : ليت

__________________

عليه وآله ـ من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية فأخرج الحجاج رجله وقال : خذ رجلي فان يدى مشغولة فقال ابن عمر : أتستهزئ منى؟ ـ قال الحجاج : يا أحمق بنى ـ عدى ما بايعت مع على وتقول اليوم : من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية او ما كان على امام زمانك؟! والله ما جئت الى لقول النبي (ص) بل جئت مخافة تلك الشجرة التى صلب عليها ابن الزبير ( انتهى ) ».

قال المامقانيّ فى تنقيح الرجال ضمن ترجمة ابن عمر ( ج ٢ ؛ ص ٢٠١ ) :

« وهو أحد الممتنعين عن بيعة على (ع) بعد عثمان وتاركى الخروج معه فى حروبه ولكنه لما ولى الحجاج الحجاز من قبل عبد الملك بن مروان جاءه ليلا ليبايعه فقال له الحجاج : ما أعجلك؟ ـ فقال : سمعت رسول الله (ص) يقول : من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهليه ( او ما هذا مضمونه ) فقال له : ان يدى مشغولة عنك وكان يكتب فدونك رجلى فمسح على رجله وخرج فقال الحجاج : ما أحمق هذا ؛ يترك بيعة على بن أبى طالب ويأتينى مبايعا فى ليلته ...! ».

(١) قال المفيد فى اواخر كتاب الجمل ( ص ٢١٦ من طبعة النجف ) : « وروى عصام ابن قدامة البجلي عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص) لعائشة وعنده نساؤه : ليت شعرى أيتكن صاحبة الجمل [ الاديب ]؟ تخرج حتى تنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها وشمالها


شعرى أيّتكنّ صاحبة الجمل الأديب (١) فتنبحها كلاب الحوأب [ فيقتل ] عن يمينها قوم وعن شمالها قوم ثمّ تنجو بعد ما كادت.

__________________

خلق كثير كلهم فى النار وتنجو بعد ما كادت.

ورواه أبو بكر بن عياش عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس ».

ورواه ابن شهرآشوب فى المناقب بأسانيد جمة عن كتب العامة ( ج ١ ؛ ص ٦٠٨ ).

__________________

(١) قال ابن الاثير فى النهاية فى دبب : « وفيه : أنه (ص) قال لنسائه : ليت شعرى أيتكن صاحبة الجمل الاديب؟ تنبحها كلاب الحوأب ؛ أراد الادب فأظهر الادغام لاجل الحوأب ، والادب الكثير وبر الوجه » وقال فى حوب : « وفيه : أنه (ص) قال لنسائه : أيتكن تنبحها كلاب الحوأب؟ الحوأب منزل بين مكة والبصرة وهو الّذي نزلته عائشة لما جاءت الى البصرة فى وقعة الجمل ».

قال الصدوق (ره) فى معانى الاخبار فى باب معنى الحوأب والجمل الادبب ( وهو الباب السابع والخمسون بعد مائة ؛ انظر ص ٨٨ من النسخة المطبوعة بطهران سنة ١٣١٠ ) :

« حدثنا الحاكم أبو حامد أحمد بن الحسين بن على ببلخ قال : حدثنا محمد بن العباس قال : حدثنا ابراهيم بن اسحاق قال : حدثنى ابراهيم بن سعيد قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس ( فبعد ان ساق الحديث الى الاخر قال ) الحوأب ماء لبنى عامر والجمل الاذيب يقال : الذئيبة داء يأخذ الدواب يقال : برذون مذءوب وأظن ان الجمل الاذيب مأخوذ من ذلك وقوله : تنجو بعد ما كادت أى تنجو بعد ما كادت تهلك ».

قال المجلسى (ره) فى ثامن البحار بعد نقله عن معانى الاخبار ( انظر باب نهى الله ورسوله عائشة عن مقاتلة على ؛ ص ٤٥٣ ـ ٤٥٢ من طبعة أمين الضرب ) : « الكافية ـ عن عصام مثله قال : ورواه أبو بكر بن عياش عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس وروى المسعودى فى حديثه قال قال رسول الله (ص) : يا على اذا أدركتها فاضربها واضرب أصحابها.


ورويتم عن عبد الله بن مسعود عن اسرائيل بن سباط عن عروة (١) قال : كنت مع عائشة يوم الجمل مع اللّواء فأقبل فارس فنادى : يا أمّ المؤمنين فقالت عائشة : سلوه

__________________

سر ـ ( يريد به السرائر ) قال محمد بن ادريس : وجدت فى الغريبين للهروى هذا الحديث وهو بالدال غير المعجمة مع الباء المنقطة تحتها نقطة واحدة قال ابو عبيد : وفى الحديث : ليت شعرى أيتكن صاحبة الجمل الادبب تنبحها كلاب الحوأب قيل : أراد الادب فأظهر التضعيف والادب الكثير الوبر يقال : جمل أدب اذا كان كثير الدبب والدبب كثرة شعر الوجه ودببه أنشدنى أبو بكر بن الانبارى :

يمشقن كل غصن معلوش

مشق النساء دبب العروس

يمشقن يقطعن كل غصن كثير الورق كما تنتف النساء الشعر من وجه العروس.

قال محمد بن ادريس : وجدت أيضا فى مجمل اللغة لابن فارس مثل ما ذكره أبو عبيدة صاحب الغربيين قد أورد الحديث على ما ذكره وفسره ووضعه فى باب الدال غير المعجمة مع الباء والاعتماد على أهل اللغة فى ذلك فانهم أقوم به وأظن أن شيخنا ابن بابويه تجاوز نظره فى الحرف وزل فيه فأورده بالذال المعجمة والياء على ما فى كتابه واعتقد أن الجمل الادبب مشتق من الذئبة ففسره على ما فسره وهذا تصحيف منه.

أقول : قال فى النهاية بعد ايراد الرواية : أراد الادب فأظهر الادغام لاجل الحوأب والادب كثير وبر الوجه وقال السيوطى فى بعض تصانيفه : انه قد يفك ما استحق الادغام لاتباع كلمة أخرى كحديث أيتكن صاحبة الجمل الادبب تنبحها كلاب الحوأب فك الادبب وقياسه الادب اتباعا للحوأب ».

__________________

(١) السند هكذا فى الاصل وهو مشوش قطعا ونقل الحديث ابن طاوس فى كتاب سعد السعود بهذا السند ( انظر ص ٢٣٧ ـ ٢٣٦ من طبعة المطبعة الحيدرية فى النجف ) :

« رواية أبى بكر محمد بن عبد الله بن ابراهيم بن عبد الله البزار الشافعى من طريق


ما يريد؟ ومن هو؟ ـ قالوا له قال : أنا عمّار بن ياسر فقالت : قولوا له : ما تريد؟ ـ قال : أسألك بالذّي أنزل الكتاب على رسول الله (ص) تعلمين أنّ رسول الله (ص) جعل عليّا وصيّا فى أهله؟ ـ قالت : اللهمّ نعم ، قال : فمالك خرجت وقد أمرك الله أن تقرّى فى بيتك؟ ـ قالت : أطلب دم عثمان قال : فما للنّساء وذلك؟!

ثمّ جاء فرسان أربعة فيهم رجل متلثّم قال : فقالت عائشة : قد أقبل عليّ وربّ الكعبة ؛ سلوه من هو؟ ـ قالوا له : من أنت؟ ـ قال : أنا عليّ بن أبى طالب ، قالت : سلوه : ما يريد؟ ـ قال : أسألك بالذّي أنزل الكتاب على محمّد رسول الله (ص)

__________________

المخالفين برجالهم بلفظ ما وجدناه : حدثنا عبد الله بن محمد بن ياسين قال : حدثنا محمد بن كندة قال : حدثنا عبد الله بن موسى عن اسباط بن عرق قال : حدثنى سعيد بن كرد قال : كنت مع مولاى ( كذا والظاهر : « مع مولاتى » بقرينة ما فى المتن ) يوم الجمل مع اللواء فأقبل فارس فقال : يا أم المؤمنين قالت عائشة : سلوه من هو؟ ـ قيل له : من أنت؟ ـ قال : أنا عمار بن ياسر قالت : قولوا له : ما تريد؟ ـ قال : أنشدك بالله الّذي أخرج الكتاب على نبيه رسول الله فى بيتك أتعلمين أن رسول الله جعل عليا وصيه على أهله؟ ـ قالت : اللهم نعم. قال : وجاء فوارس أربعة فهتف رجل منهم قالت عائشة : وهذا ابن أبى طالب ورب الكعبة سلوه ما تريد؟ ـ قال : انشدك بالله الّذي أنزل الكتاب على رسول الله فى بيتك أتعلمين أن رسول الله (ص) جعلنى وصيه على أهله؟ ـ قالت : اللهم نعم ».

نقله العلامة المجلسى فى ثامن البحار فى باب وروده البصرة ووقعة الجمل بهذه العبارة ( ص ٤٣٨ من طبعة امين الضرب ) : « قال السيد بن طاوس فى كتاب سعد السعود [ نقلا ] من كتاب ما نزل من القرآن فى على برواية أبى بكر محمد بن عبد الله الشافعى قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن ياسين عن محمد بن الكند عن عبيد الله بن موسى عن أسباط بن عروة عن سعيد بن كرز قال : كنت مع مولاى [ كذا والظاهر مع مولاتى ] ( الحديث ) ».


أتعلمين أنّ رسول الله جعلنى وصيّا على أهله؟ ـ قالت : اللهمّ نعم ، قال : فما بالك خرجت؟ ـ قالت : أطلب دم عثمان بن عفّان قال : يا عائشة بالامس تحضّين على قتل عثمان وتقولين : هذه ثياب رسول الله (ص) لم تتغيّر وقد غيّر عثمان سنّة رسول الله وبدّل ، وتقولين اليوم ما تقولين ثمّ انصرف.

ورويتم عن عبد الله بن عبد القدّوس عن عليّ بن حفص عن مقاتل بن حيّان قال : كانت عمّتى خادمة لعائشة فحدّثتنى قالت : بعث عليّ بن أبى طالب ـ كرّم الله وجهه ابنه الحسن ـ عليه‌السلام ـ الى عائشة فقال : ارتحلى الى المدينة الى البيت الّذي خلّفك رسول الله (ص) وأمرك ان تقرّى فيه فقالت : لا أستطيع الخروج حتّى أنظر الى ما يصير حال المسلمين إليه فأرسل إليها الحسين ـ عليه‌السلام ـ فقال : قل لها : والله لترحلنّ او لأبعثنّ [ أليك ] بالكلمات فلمّا جاء الحسين ـ عليه‌السلام ـ بالباب يستأذن قالت : جاء والله بكلام غير كلام الاوّل وحاكمهم تبلغ (١) الكلام الّذي أمر به فلمّا دخل ـ عليه‌السلام ـ رحّبت به وأجلسته الى جنبها فقال لها : انّ أبى يقول لك : ارجعى الى بيتك الّذي أمرك رسول الله (ص) أن تقرّى فيه وخلّفك فيه رسول الله (ص) والاّ بعثت أليك بالكلمات (٢) فقالت : يا بنيّ قل لأبيك : انّى اذكّرك الله ان تذكر

__________________

(١) كذا فى الاصل ولعله : « جاءكم لتبليغ ».

(٢) قال ابن شهرآشوب فى المناقب فى فصل الاستنابة والولاية ( ج ١ ص ٣٣١ من الطبعة الاولى بطهران سنة ١٣١٧ ) أقول : ونقله المجلسى فى تاسع البحار ( ص ٢٧٧ من طبعة أمين الضرب ) :

« وأنه ( أى النبي ) صلى‌الله‌عليه‌وآله جعل طلاق نسائه إليه ( اى الى على ) عليه‌السلام ؛ أبو الدر على المرادى وصالح مولى التومة عن عائشة أن النبي (ص) جعل طلاق نسائه الى على (ع) ؛ الاصبغ بن نباتة قال : بعث على (ع) يوم الجمل الى عائشة : ارجعى والا تكلمت بكلام تبرين من الله ورسوله وقال أمير المؤمنين للحسن : اذهب


الكلمات او تقول شيئا ؛ نعم أرتحل ولكن أحتاج الى جهاز وأريد ان يدخل عليّ وألقاه قال : فأصبح أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ وجهّزها ووجّه معها خمسين امرأة يؤدّينها الى بيتها.

__________________

الى فلانة فقل لها : قال لك أمير المؤمنين : والّذي فلق الحبة والنوى وبرأ النسمة لئن لم ترحلى الساعة لابعثن أليك بما تعلمين ، فلما أخبر الحسن بما قال أمير المؤمنين قامت ثم قالت : رحلونى ، فقالت لها امرأة من المهالبة : أتاك ابن عباس شيخ بنى هاشم وحاورته وخرج مغضبا وأتاك غلام فأقلعت؟! قالت : ان هذا الغلام ابن رسول الله (ص) فمن أراد أن ينظر الى مقلتى رسول الله (ص) فلينظر الى هذا الغلام وقد بعث الى بما علمت قالت : فأسألك بحق رسول الله (ص) عليك الا أخبرتنا بالذى بعث أليك ، قالت : ان رسول الله (ص) جعل طلاق نسائه بيد على فمن طلقها فى الدنيا بانت منه فى الآخرة. وفى رواية كان النبي يقسم نقلا فى أصحابه فسألناه أن يعطينا منه شيئا وألححنا عليه فى ذلك فلا منا على فقال : حسبكن ما أضجرتن رسول الله فتجهمناه فغضب النبي (ص) مما استقبلنا به عليا ثم قال : يا على انى قد جعلت طلاقهن أليك فمن طلقتها منهن فهى بائنة. ولم يوقت النبي (ص) فى ذلك وقتا فى حياة ولا موت فهى تلك الكلمة فأخاف أن أبين من رسول الله (ص) ؛ خطيب خوارزم.

على فى النساء له وصى

أمين لم يمانع بالحجاب »

أقول : قال المحدث القمى فى سفينة البحار فى طلق ( ج ٢ : ص ٩٣ ) : « رواية عائشة ان النبي (ص) جعل طلاق نسائه بيد على ـ عليه‌السلام ـ ط س ٢٧٧ ومعناه على ما روى عن مولانا الحجة ـ صلوات الله عليه ـ فى مسائل سعد بن عبد الله : أن الله تبارك وتعالى عظم شأن نساء النبي فخصهن بشرف الامهات فقال رسول الله (ص) : يا أبا الحسن ان هذا الشرف باق لهن ماد من لله على الطاعة فأيتهن عصت الله بعدى بالخروج عليك فاطلق لها فى الازواج وأسقطها من شرف أمومة المؤمنين ».

أقول : يأتى الكلام فى ذلك الباب فى مجلد تعليقاتنا على الكتاب ان شاء الله تعالى.


ورويتم عن أبى معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرّة (١) عن أبى (٢) البخترىّ الطّائىّ عن حذيفة بن اليمان أنّه قيل له : حدّثنا يا أبا عبد الله قال : أرأيتكم ان حدّثتكم عن أمّكم تسير إليكم تقاتلكم أكنتم تصدّقونى؟ ـ

قالوا : سبحان الله ومن يصدّق بها؟! قال : والله ما كذبت ولتفعلنّ هذا أو هذه أو كلّ هذا (٣).

__________________

(١) فى الاصل : « عن عمر بن مروة » وهو محرف عن « عمرو بن مرة » قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال : « عمرو بن مرة بن عبد الله بن طارق بن الحارث الهمدانى المرادى ( الى آخر الترجمة ) » ؛ ونظيره فى تقريب التهذيب وتهذيب التهذيب لابن حجر العسقلانى.

(٢) فى الاصل : « ابن » وهو محرف ومصحف قطعا بدليل ما ذكره علماء الرجال قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال ( ص ١٢٠ ) :

« سعيد بن فيروز الطائى مولاهم أبو البخترى بن أبى عمران الكوفى تابعى جليل ؛ عن عمرو على مرسلا ، وعن ابن عباس وابن عمر فرد حديث فى الجامع وعنه عمرو بن مرة ومسلم البطين ( الترجمة ) ».

وقال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « سعيد بن فيروز أبو البخترى بفتح الموحدة والمثناة بينهما معجمة ابن أبى عمران الطائى مولاهم الكوفى ثقة ثبت فيه تشيع قليل كثير الارسال من الثالثة مات سنة ثلاث وثمانين / ع ».

أقول : يشير برمز لفظة « ع » الى أن حديثه ثقل فى الاصول الستة جميعا فان شئت فراجع تصريحه فى اوّل الكتاب بذلك ( ص ٧ ج ١ من النسخة المطبوعة بتحقيق الاستاذ عبد ـ الوهاب عبد اللطيف سنة ١٣٨٠ ).

(٣) يعلم من هذه الرواية وما يليها وأشباههما أن هذه القضية كانت معلومة للاصحاب والصحابيات باخبار النبي بها لهم ولهن قبل وقوعها نظير سائر ما أخبر به قبل وقوعه ، ويدل على ذلك أخبار كثيرة لا تعد ولا تحصى حتى أن أم المؤمنين عائشة نفسها كانت قد سمعت عن النبي (ص) أن احدى زوجاته تنبحها كلاب الحوأب فلذلك لما سمعت نباح كلاب


ورويتم عن أبى الفضيل عن يزيد بن أبى زياد عن عبد الله بن الحارث قال : سمعت أمّ هانئ بنت أبى طالب تقول :

__________________

الحوأب أرادت أن تعود ؛ فلا بأس بالاشارة الى ما يدل على ذلك ، قال السيد علم الهدى فى شرح قصيدة السيد الحميرى ( ص ١٢ من النسخة المطبوعة ) :

« وروى أنه لما جاءت عائشة الى هذا الموضع نبحتها كلاب الحوأب فقالت عائشة : أى ماء هذا؟ ـ قالوا : ماء الحوأب فقالت : ردونى ردونى فانى سمعت رسول الله (ص) يقول : ابصرى لا تكونى التى تنبحها كلاب الحوأب فقالوا : ليس هذا ماء الحوأب فأبت ان تصدقهم فجاءوا بخمسين شاهدا من العرب فشهدوا أنه ليس بماء الحوأب وحلفوا لها فكسوهم أكسية وأعطوهم دراهم وكانت هذه اوّل شهادة زور حدثت فى الاسلام ».

قال العلامة المجلسى فى ثامن البحار فى باب بيعة أمير المؤمنين بعد نقل كلام الدميرى الّذي يأتى وكلام علم الهدى ما نصه ( ص ٤٢٣ من طبعة أمين الضرب ) :

« وروى الصدوق ـ قدس الله روحه ـ فى الفقيه عن الصادق ـ عليه‌السلام ـ انه قال : اوّل شهادة شهد بها بالزور فى الاسلام شهادة سبعين رجلا حين انتهوا الى ماء الحوأب فنبحتهم كلابها فأرادت صاحبتهم الرجوع وقالت : سمعت رسول الله يقول لازواجه : ان احداكن تنبحها كلاب الحوأب فى التوجه الى قتال وصيى على بن أبى طالب (ع) فشهد عندها سبعون رجلا ان ذلك ليس بماء الحوأب فكانت اوّل شهادة شهد بها فى الاسلام بالزور ».

قال الدميرى فى حياة الحيوان تحت عنوان الجمل :

« وروى الحاكم من حديث قيس بن أبى حازم وابن أبى شيبة من حديث ابن عباس : ان رسول الله (ص) قال لنسائه : أيتكن صاحبة الجمل الادبب تسير او تخرج حتى تنبحها كلاب الحوأب ، والحوأب نهر بقرب البصرة والادبب الادب وهو الكثير شعر الوجه قال ابن ـ دحية : والعجب من ابن العربى كيف أنكر هذا الحديث فى كتاب العواصم من القواصم له وذكر أنه لا يوجد له أصل وهو أشهر من فلق الصبح. وروى أن عائشة لما خرجت مرت بماء يقال له الحوأب فنبحتها الكلاب فقالت : ردونى ردونى فانى سمعت رسول الله (ص)


__________________

يقول : كيف باحداكن اذا نبحتها كلاب الحوأب ؛ وهذا الحديث مما أنكر على قيس بن حازم ».

وقال ياقوت الحموى فى معجم البلدان فى باب الحاء والواو وما يليهما :

« وقال أبو منصور : الحوأب ( بالفتح ثم السكون وهمزة مفتوحة وباء موحدة ) موضع بئر نبحت كلابه على عائشة أم المؤمنين عند مقبلها الى البصرة ثم أنشد :

ما هى الا شربة بالحوأب

فصعدى من بعدها او صوبى

وفى الحديث : ان عائشة لما أرادت المضى الى البصرة فى وقعة الجمل مرت بهذا الموضع فسمعت نباح الكلاب فقالت : ما هذا الموضع؟ ـ فقيل لها : هذا موضع يقال له الحوأب فقال : انا لله ما أرانى الا صاحبة القصة فقيل لها : وأى قصة؟ ـ قالت : سمعت رسول الله ( صلعم ) يقول وعنده نساؤه : ليت شعرى أيتكن تنبحها كلاب الحوأب سائرة الى الشرق فى كتيبة فهمت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها انه ليس بالحوأب ».

أقول : يشير به الدميرى الى ما ذكره القاضى أبو بكر بن العربى فى كتابه « العواصم من القواصم » تحت عنوان « قاصمة » نقلا عما ذكره نقلة الاخبار وحملة الآثار من علماء الفريقين وصار عندهم مما لا ينكره من البشر الا من أنكر ضوء الشمس ونور القمر ونص عبارته ( انظر ص ١٤٨ من الطبعة الثانية بالقاهرة سنة ١٣٧٥ بتحقيق وتعليق محب الدين الخطيب ) :

« روى قوم ( الى ان قال ) فجاءوا الى ماء الحوأب ونبحت كلابه فسألت عائشة فقيل لها : هذا ماء الحوأب فردت خطامها عنه وذلك لما سمعت النبي (ص) يقول : أيتكن صاحبة الجمل الادبب تنبحها كلاب الحوأب فشهد طلحة والزبير أنه ليس هذا ماء الحوأب وخمسون رجلا إليهم وكانت أول شهادة زور دارت فى الاسلام ».

فقال فى رده ما نصه : ( ص ١٦١ من الطبعة المشار إليها ) :

« وأما الّذي ذكرتم من الشهادة على ماء الحوأب فقد بؤتم فى ذكرها بأعظم حوب ، ما كان قط شيء مما ذكرتم ، ولا قال النبي (ص) ذلك الحديث ، ولا جرى ذلك الكلام ، ولا شهد أحد بشهادتهم ، وقد كتبت شهاداتكم بهذا الباطل وسوف تسألون ».


لقد علم من جرت عليه المواسى (١) من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّ أصحاب الجمل ملعونون على لسان النّبيّ الأمّىّ وقد خاب من افترى. ورويتم عن جرير عن يزيد بن أبى داود قال : حلفت عائشة [ أن ] لا تكلّم عبد الله بن الزّبير لصنيعته (٢) حين زيّن لها الخروج الى البصرة. ورويتم عن عبد الله بن موسى قال : حدّثنا الحسن ابن دينار عن الحسن البصرىّ قال : سمعت طلحة يوم الجمل يقول : وما رأيت مصارع ـ شيوخ أضيع من يومنا هذا.

ذكر عمرو بن العاص

ومن علمائكم عمرو بن العاص ومروان بن الحكم وأنتم تنسبونهما الى الفقه والعلم ثمّ رويتم من ذلك ما رواه أبو نعيم قال : حدّثني عيسى بن عبد الرّحمن عن عدىّ بن ثابت عن مجالد بن عمر قال قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ [ اللهمّ ] انّ عمرو بن العاص هجانى (٣) وانت تعلم أنّى لست [ بشاعر ] فالعنه مكان كلّ بيت هجانى لعنة.

__________________

ولمحبى الدين الخطيب بيانات فى تأييد هذه الكلمات وتشييد مبناها ونحن نذكرها ان شاء الله تعالى فى تعليقاتنا على الايضاح حتى يعلم الناظرون أن الانسان اذا أراد ان يسلك سبيل الانكار فى الواضحات كيف يتمسك بكل حشيش.

__________________

(١) قال ابن الاثير فى النهاية « فى حديث عمر : كتب ان يقتلوا من جرت عليه المواسى أى من نبتت عانته لان المواسى انما تجرى على من أنبت ؛ أراد من بلغ الحلم من الكفار ».

(٢) فى الاصل : « لصنيعة ».

(٣) قال ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة ضمن شرحه لكلام أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ فى ذكر عمرو بن العاص وذمه أعنى قوله المصدر بهذه العبارة : « عجبا لابن


ورويتم عن الفضل بن موسى الشّيبانى عن الحسين بن واقد عن ابن بريدة عن أبيه قال قال عمرو بن العاص : اللهمّ ان كان ما جاء محمّد حقّا فاخسف بى وبفرسى.

__________________

النابغة يزعم لاهل الشام ان فى دعابة » ما نصه ( ج ٢ من طبعة مصر ص ١٠٠ ) :

« وكان عمرو أحد من يؤذى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بمكة ويشتمه ويضع فى طريقه الحجارة لانه كان ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يخرج من منزله ليلا فيطوف بالكعبة وكان عمرو يجعل له الحجارة فى مسلكه ليعثر بها وهو أحد القوم الذين خرجوا الى زينب ابنة رسول الله (ص) لما خرجت مهاجرة من مكة الى المدينة فروعوها وقرعوا هودجها بكعوب الرماح حتى أجهضت جنينا ميتا من أبى العاص بن الربيع بعلها فلما بلغ ذلك رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ نال منه وشق عليه مشقة شديدة ولعنهم ، روى ذلك الواقدى.

وروى الواقدى أيضا وغيره من أهل الحديث أن عمرو بن العاص هجا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ هجاء كثيرا كان يعلمه صبيان مكة فينشدونه ويصيحون برسول الله (ص) اذا مر بهم رافعين أصواتهم بذلك الهجاء فقال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وهو يصلى بالحجر : اللهم ان عمرو بن العاص هجانى ولست بشاعر فالعنه بعدد ما هجانى.

( فساق الكلام فى ذكر مثاليه الى ان نقل عن الزبير بن بكار فى كتاب المفاخرات ضمن ما نقله أن الحسن المجتبى ـ عليه‌السلام ـ قال له : )

« وأما أنت يا ابن العاص فان أمرك مشترك وضعتك امك مجهولا من عهر وسفاح فتحاكم فيك أربعة من قريش فغلب عليك جزارها ألأمهم حسبا وأخبثهم منصبا ثم قام أبوك فقال : أنا شانئ محمد الابتر فأنزل الله فيه ما أنزل : وقاتلت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى جميع المشاهد وهجوته وآذيته بمكة وكدته كيدك كله وكنت من أشد الناس له تكذيبا وعداوة. ثم خرجت تريد النجاشى مع أصحاب السفينة لتأتى بجعفر وأصحابه الى أهل مكة فلما أخطأك ما رجوت ورجعك الله خائبا وأكذبك واشيا جعلت حدك على صاحبك عمارة بن الوليد فوشيت به الى النجاشى حسدا لما ارتكب من حليلته ففضحك الله وفضح صاحبك


ورويتم عن أبى خالد الأحمر عن مجالد عن الشّعبىّ عن مسروق عن عائشة قالت (١) : لعن الله عمرو بن العاص ما أكذبه لقوله : انّه قتل ذا الثّدية (٢) بمصر. ورويتم عن خلف

__________________

فأنت عدو بنى هاشم فى الجاهلية والاسلام.

ثم انك تعلم وكل هؤلاء الرهط يعلمون أنك هجوت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بسبعين بيتا من الشعر فقال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم انى لا أقول الشعر ولا ينبغى لى ، اللهم العنه بكل حرف ألف لعنة فعليك اذا من الله ما لا يحصى من اللعن ».

أقول : لا يسع المقام اكثر من ذلك فمن أراد التفصيل فليراجع شرح النهج المذكور وأيضا عاشر البحار ( ص ١٢٠ ـ ١١٦ من طبعة امين الضرب ) فان هناك حديثا نقله المجلسى عن الاحتجاج وهو مرتبط بالمقام وننقله ان شاء الله تعالى فى تعليقاتنا وحواشينا على الايضاح.

__________________

(١) قال ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة ضمن شرحه ما فيه من خطبة لامير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ فى تخويف أهل النهروان بعد نقله حديثا من كتاب صفين للواقدى ما نصه ( ص ٢٠٢ من ج ١ من طبعة دار الكتب العربية الكبرى بمصر سنة ١٣٢٩ ) :

« وفى كتاب صفين أيضا للمدائنى عن مسروق أن عائشة قالت له لما عرفت أن عليا ـ عليه‌السلام ـ قتل ذا الثدية : لعن الله عمرو بن العاص فانه كتب الى يخبرنى أنه قتله بالاسكندرية الا انه ليس يمنعنى ما فى نفسى ان أقول ما سمعته من رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقول : يقتله خير أمتى من بعدى ».

وأورده المجلسى فى ثامن البحار فى باب اخبار النبي ـ (ص) بقتال الخوارج وكفرهم نقلا عن شرح النهج لابن ابى الحديد ( انظر ص ٥٩٩ من طبعة أمين الضرب ).

أقول : لما كانت الاسكندرية من بلاد مصر عبر فى حديث المتن عنها بمصر وفى كتاب صفين عنها بالاسكندرية فلا منافاة بينهما.

(٢) قال ابن الاثير فى النهاية : « فى حديث الخوارج ذو الثدية هو تصغير الثدى وانما


بن خليفة عن منصور بن زادان عن الحسين فى قوله تعالى : ( إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) قال : نزلت فى عمرو بن العاص. ورويتم عن ابن عيينة عن عمر [ و ] بن دينار عن أبى جعفر قال قال : لفى عمرو بن العاص الحسين بن عليّ ـ عليهما‌السلام ـ فى الطّريق فقال : لا تكن أحمق قريش (١) فقال الحسين ـ عليه‌السلام ـ لقد ذكرت رجلا بصيرا على الخلق (٢) ولكنّك امرؤ ادّعاك أربعة من قريش (٣) فغلبهم عليك أشرّهم بيتا وألأمهم حسبا وجزّار قريش. ورويتم عن أبى معاوية (٤) عن الأعمش عن أبى صالح قال : مرّ عمرو بن العاص على كعب الأحبار فعثرت به دابّته فقال : يا كعب أتجد فى التّوراة أنّ دابّتى تعثر بى؟ ـ قال : لا ولكن أجد فى التّوراة رجلا [ ينزو ] فى الفتنة كما ينزو الحمار فى القيد. ورويتم عن سفيان بن عيينة عن اسماعيل بن أبى خالد عن مروان بن زحيل قال : سمعت عليّا ـ عليه‌السلام ـ يقول : معاوية فرعون هذه الأمّة وعمر [ وبن ] العاص هامانها. ورويتم عن شريك عن ليث عن طاوس (٥) عن عبد الله بن عمر [ و ] (٦) قال :

__________________

أدخل فيه الهاء وان كان الثدى مذكرا كأنه أراد قطعة من ثدى وقيل : هى تصغير الثندوة بحذف النون لانها من تركيب الثدى ، وانقلاب الياء فيها واوا لضمة ما قبلها ولم يضر ارتكاب الوزن الشاذ لظهور الاشتقاق ، ويروى : ذو اليدية بالياء بدل الثاء تصغير اليد وهى مؤنثة ».

__________________

(١) هذا التعبير قد وقع من عمرو بن العاص لكن فى حق الحسن (ع) وننقله ان شاء الله فى التعليقات واما فى حق الحسين (ع) فلم أره فلعله أيضا قد وقع.

(٢) كذا ولعله : « بصيرا بالخلق ».

(٣) ننقل ان شاء الله تعالى فى التعليقات عبارة حديث الاحتجاج فى ذلك المورد.

(٤) فى الاصل : « عن أبى المعوية ».

(٥) قال ابن عبد البر فى الاستيعاب فى ترجمة الحكم ( ج ١ من طبعة الهند ص ١١٩ ) :


أتيت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : يطّلع (١) عليكم رجل من أهل النّار وقد تركت أبى يتهيّأ ليلحقنى فاطّلع علينا معاوية فسرّى عنّى.

قال شريك : ما كان أسوأ ظنّه بأبيه؟!

ذكر الحكم بن أبى العاص

ورويتم عن حمّاد بن سلمة عن أبى المهزم (٢) عن أبى هريرة قال : لعن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ الحكم وما (٣) ولد الى يوم القيامة.

ورويتم عن سعيد بن زيد أخى حمّاد بن زيد [ عن عليّ بن الحكم اليمانىّ عن الحسن الحريرىّ (٤) عن عمرو بن مرّة ] قال : جاء الحكم يستأذن على النّبيّ ـ صلّى الله

__________________

« وحدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا موسى بن اسماعيل حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عثمان بن حكيم قال : حدثنا شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله ( صلعم ) : يدخل عليكم رجل لعين قال عبد الله : وكنت تركت عمرا يلبس ثيابه ليقبل الى رسول الله ( صلعم ) فلم أزل مشفقا ان يكون أول من يدخل ؛ فدخل الحكم بن أبى العاص ».

(٦) فى الاصل : « بن عمر » ( من دون الواو بعده ).

__________________

(١) يقال : « اطلع فلان علينا اى أتانا فجأة ».

(٢) فى الاصل : « أبى المهرم » ( بالراء المهملة ) قال الخزرجى فى تذهيب خلاصة الكمال : « ابو المهزم بكسر الزاى التميمى اسمه يزيد بن سفيان البصرى عن أبى هريرة ( الترجمة ) ».

(٣) كذا صريحا فى الاصل وهو صحيح.

(٤) كذا فى الاصل والصحيح : « عن على بن الحكم البنانى عن أبى الحسن الجزرى عن عمرو بن مرة ». بقرينة ما ذكره ابن حجر العسقلانى فى تهذيب التهذيب فى باب الكنى


عليه وآله ـ فعرف صوته (١) فقال : لا تأذنوا (٢) للوزغ (٣) لعنة الله عليه وعلى [ من (٤) ] يخرج من صلبه الاّ المؤمنين (٥) منهم وقليل ما هم يعظّمون (٦) فى الدّنيا ويضيّعون (٧) فى الآخرة وهم ذوو

__________________

( انظر المجلد الثانى عشر ص ٧٣ ) :

« أبو الحسن الجزرى شامى روى عن عمرو بن مرة الجهنى ومقسم مولى ابن عباس وأبى وأبى أسماء الرحبى وعنه على بن الحكم البنانى ؛ قلت : قال ابن المدينى : أبو الحسن الّذي روى عن ابن مرة وعنه على بن الحكم مجهول ولا أدرى سمع من على بن مرة أم لا ، وقال الحاكم فى المستدرك : أبو الحسن هذا اسمه عبد الحميد بن عبد الرحمن ثقة مأمون ؛ كذا قال ».

وقرينة أخرى على ذلك اى على كون « اليمامى » تصحيف « البنانى » أن على بن الحكم البنانى ممن يروى عنه سعيد بن زيد ؛ قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « على بن الحكم البنانى أبو الحكم البصرى روى عن أنس ( الى ان قال ) وعنه جرير بن حازم ( الى أن قال ) والحمادان وسعيد بن زيد ( الى آخر الترجمة ) ».

__________________

(١) فى الاصل : « فعرف صورة ».

(٢) كذا فى الاصل لكنه بناء على ما نقله الدميرى عن مستدرك الحاكم : « ائذنوا » وسننقله فى ذيل الصفحة.

(٣) قال ابن الاثير فى النهاية : « وفيه : ان الحكم بن أبى العاص أبا مروان حاكى رسول الله (ص) من خلفه فعلم بذلك فقال : كذا فلتكن ؛ فأصابه مكانه وزغ لم يفارقه أى رعشة وهى ساكنة الزاى. وفى رواية أنه قال لما رآه : اللهم اجعل به وزغا فرجف مكانه وارتعش ».

(٤) فى الاصل : « ما » والتصحيح من نسخة الدميرى والمتن أيضا صحيح.

(٥) فى رواية الدميرى : « المؤمن ».

(٦) فى الدميرى : « يشرفون ».

(٧) فى الاصل : « يوضعون » والتصحيح من نقل الدميرى.


مكر وحيلة (١) [ يعطون فى الدّنيا (٢) ] وما لهم فى الآخرة من خلاق (٣).

__________________

(١) فى الدميرى : « وخديعة ».

(٢) ما بين الحاصرتين من الدميرى.

(٣) حيث ان الدميرى نقل فى مادة « وزغ » من حياة الحيوان ما يفيد ذكره فى المقام ننقله هنا ونص عبارته هكذا :

« وروى الحاكم فى كتاب الفتن والملاحم من المستدرك عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال : كان لا يولد لاحد مولود الا أتى به للنبى ـ ( صلعم ) ـ فيدعو له فأدخل عليه مروان ابن الحكم فقال : هو الوزغ بن الوزغ الملعون بن الملعون

( ثم قال : صحيح الاسناد وروى بعده بيسير )

عن محمد بن زياد قال : لما بايع معاوية لابنه يزيد قال : مروان سنة أبى بكر وعمر فقال عبد الرحمن بن أبى بكر : سنة هرقل وقيصر فقال له مروان : أنت الّذي أنزل الله فيك : والّذي قال لوالديه : اف لكما ؛ فبلغ ذلك عائشة فقالت : كذب والله ما هو به ولكن رسول الله ـ ( صلعم ) ـ لعن أبا مروان ومروان فى صلبه ثم روى الحاكم عن عمرو بن مرة الجهنى وكانت له صحبة قال : ان الحكم بن أبى العاص استأذن على رسول الله ( صلعم ) فعرف صوته فقال ( صلعم ) : ائذنوا له لعنة الله عليه وعلى من يخرج من صلبه الا المؤمن منهم وقليل ما هم ؛ يشرفون فى الدنيا ويضيعون فى الآخرة ذو ومكر وخديعة يعطون فى الدنيا وما لهم فى الآخرة من خلاق.

قال ابن ظفر : وكان الحكم بن أبى العاص يرمى بالداء العضال وكذلك أبو جهل ».

أقول : من أراد التحقيق الدقيق فى ترجمة مروان بن الحكم فليراجع شفاء الصدور فى شرح زيارة العاشور للحاج ميرزا ابى الفضل الكلانترى (ره) فانه خاض فى البحث عنه بما لا مزيد عليه فى شرح تلك الفقرة من الزيارة : « ولعن الله آل مروان » ( انظر ص ١٥٥ ـ ١٥٠ من النسخة المطبوعة ).

فائدة

ذكر الطبرى فى المسترشد ( ص ٩ ـ ٢٩ ) نظائر لما ذكره المصنف (ره) هنا.


ذكر بعض علمائهم وفقهائهم

منهم منصور بن المعتمر وكان شرطيّا لهشام بن عبد الملك (١) بأخذ أرزاقه (٢).

ومن علمائهم وفقهائهم سعيد بن جبير (٣) وكان على عطاء الخيل (٤) فى زمن الحجّاج وقبل ذلك غزا (٥) الرّوم مع يزيد بن معاوية ، وتخلّف عن الحسين ، وخرج مع القرّاء على الحجّاج.

__________________

(١) فى اوائل المسترشد ( ص ١٢ ) : « ومن رواتكم منصور بن المعتمر وكان شرطيا لهشام بن عبد الملك ».

(٢) كذا.

(٣) فى اوائل المسترشد ( ص ١٢ من النسخة المطبوعة ) : « ومن رواتكم وفقهائكم سعيد بن جبير وكان على عطاء الخيل فى زمن الحجاج ، وغزا الروم مع يزيد بن معاوية ، وتخلف عن الحسين ، وخرج مع القراء على الحجاج ».

(٤) فى تاريخ الطبرى « وكان على عطاء الجند ».

قال الطبرى فى تأريخه ضمن حوادث سنة اربع وتسعين « وفى هذه السنة قتل الحجاج سعيد بن جبير وكان سبب قتل الحجاج اياه خروجه عليه مع من خرج عليه مع عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث وكان الحجاج جعله على عطاء الجند حين وجه عبد الرحمن الى رتبيل لقتاله فلما خلع عبد الرحمن الحجاج كان سعيد فيمن خلعه معه فلما هزم عبد الرحمن وهرب الى بلاد رتبيل هرب سعيد.

( الى ان قال )

قال وهب بن جرير حدثنا أبى قال : سمعت الفضل بن سويد قال : بعثنى الحجاج فى حاجة فجىء بسعيد بن جبير فرجعت فقلت لانظرن ما يصنع فقمت على رأس الحجاج فقال له الحجاج : يا سعيد ألم اشركك فى أمانتى؟ ـ ألم أستعملك؟ ـ ألم أفعل ( الى آخر ما قال ) فيفهم من قوله : « ألم أستعملك » صريحا ان سعيدا كان من عمال الحجاج » فان وفقت أترجم حال سعيد وأشرحه فى تعليقات آخر الكتاب ان شاء الله تعالى.

(٥) فى الاصل : « ما غزا » والتصحيح من كتاب المسترشد وبقرينة المقام.


وقد رويتم وقرأتم فى كتابه (١) الّذي يسمّى كتاب الجامع أنّ رجلا لو تزوّج جارية رجل على عشرة دراهم لم يكن زانيا ولم يجب عليه الحدّ كان ذلك باذن سيّدها أم لا ، ولو أنّ رجلا لفّ ذكره بحريرة ثمّ أدخله فرج امرأة لم يكن زانيا ولم يجب عليه الحدّ ، ورويتم عنه أيضا أنّه قال : لو أنّ رجلا أتى غلاما فيما بين فخذيه أنّه لا يجب عليه الحدّ وأنّه لغو (٢) أتاه.

ومن علمائكم يزيد بن هارون الواسطىّ وكان على قهرمة الحسن بن قحطبة (٣) ؛ ويزيد بن هارون الّذي طعن على [ شيعة ] عليّ ـ عليه‌السلام ـ قاطبة حتّى لم يترك حجازيّا ولا شاميّا ولا عراقيّا الاّ طعن عليه بقوله الّذي حفظ عليه فى مجلسه على رءوس الأشهاد حتّى قال : من أخذ بالنّبيذ فى قول أهل الكوفة وبالسّماع فى قول أهل المدينة وبالمتعة فى قول أهل مكّة فهو أفسق الفاسقين فكيف جاز له [ أن ] يروى عن قوم ان أخذ بقولهم كان فاسقا؟! فتفهّموا أيّتها الشّيعة هذه النّكت وناظروهم فانّ جميع ما رويناه فى كتابنا هذا من رواياتهم وليس لأهل بيت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ

__________________

(١) هذا الضمير يرجع بناء على ظاهر الحال الى سعيد بن جبير ولكن يستبعد منه ان يكون له كتاب يسمى بالجامع ويؤيده أن هذه الامور نسبها أبو جعفر الطبرى الشيعى الى أبى ـ حنيفة ونص عبارته فى اوائل المسترشد هكذا ( ص ١٧ من طبعة النجف ) :

« ومن رواتكم وفقهائكم أبو حنيفة الّذي زعم أن اشعار البدن مثلة ولا اشعار وقد روت عائشة أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ كان يشعر بدنته ، وقال أبو حنيفة : لو أن رجلا تزوج أمه على عشرة دراهم لم يكن زانيا ولم يجب عليه الحد ، ولو أن رجلا لف ذكره بحريرة ثم أدخله فرج امرأة لم يكن زانيا ولم يجب عليه الحد ، ولو أن رجلا غاب عن امرأته عشرين سنة وبها حبل فان الحبل منه وان كان فى جيش معروف ويشهد أصحابه أنه لم يزل فى عسكرهم ؛ وكذلك لو قدم ومعه ابن سنة وأكثر ان الولد ولده ، وزعم أن من أتى امرأة او غلاما بين أفخاذهما فلا حدّ عليه » فيظن بل يقطع أن هنا فى المتن سقطا ونقصا.

(٢) فى الاصل : « لقوا ».

(٣) ذكره الطبرى فى المسترشد ( ص ١١ ).


ولا لأحد من علماء الشّيعة هاهنا ذكر او خبر يؤثر (١) وانّما افتضحوا من أخبارهم الّتي أوردوها وأحاديثهم الّتي تقوّلوا بها (٢) ؛ فعن هؤلاء أخذوا أديانهم وأحكامهم ، وبهم اقتدوا وآثارهم اتّبعوا ، فهم الأئمّة الرّاشدون عندهم وأما نحن فانّا نأتمّ بأئمّتنا من أهل بيت نبيّنا ونقتدى بهم فهل سمعتم أو روى لكم عن أحد من أئمّتنا ـ عليهم‌السلام ـ أنّهم فعلوا شيئا استحسنوه (٣) كما استحسنه علماؤهم وفقهاؤهم والله عزّ وجلّ نسأل التّأييد والتّوفيق لأرشد الامور برأفته ورحمته انّه ولىّ قدير.

رجع القول الى الاحتجاج عليهم من عوامّهم

قال واضع هذا الكتاب (٤) ] :

قلنا للمرجئة (٥) : ما الّذي نقمتم على الشّيعة حتّى (٦) أخرجتموهم من ان يكونوا كسائر هذه الفرق الّذين خالفوكم ولا يكونوا من الخلاف على أكثر ممّا وصفناه منهم؟

قالوا : على طعنهم على أبى بكر وعمر وخروجهم من الجملة الّتي [ بنى عليها أمر الجماعة وأهل السّنّة ، واذا أهل السّنّة عندهم (٧) ] الّذين وصفناهم فى أوّل كتابنا أنّهم

__________________

(١) فى الأصل : « يأثره ».

(٢) كذا فى الاصل.

(٣) فى الاصل : « واستحسنوه ».

(٤) فليعلم أن ما بين المعقفتين اللتين اوليهما وقعت قبل عنوان « ذكر العلماء من أصحاب الحديث » الّذي مر ذكره فى ص ٥٦ وثانيتهما وقعت بعد هذا العنوان المذكور فى المتن الحاضر أعنى قوله : « رجع القول الى الاحتجاج عليهم من عوامهم ، قال واضع هذا الكتاب » فى نسخة م فقط وليس منه أثر فى باقى النسخ أعنى ج ح س ق مج مث.

(٥) ج ح س ق مج مث : « فقلنا لهم ».

(٦) ج ح س ق مج مث : « حين ».

(٧) غيرهم : « عليها بنى أمر الجماعة والسنة وأهل السنة ».


يقولون : انّ الله لم يبعث نبيّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ الى خلقه بجميع ما يحتاجون إليه من أمر دينهم وأنّه تعبّد خلقه بما لم يبيّنه لهم وتجهيل (١) نبيّه (ص) بأنّه لم يكن يعرف جميع الطّاعة من المعصية ولم يكمل لهم ما أتاهم [ به (٢) ] حتّى أكمله لهم فى قولهم الصّحابة والتّابعون (٣) ومن بعدهم ممّن استنبطوا بآرائهم.

فقالت المرجئة (٤) : قد رأينا مباينة هذه الفرق لكم فما قولكم الّذي عليه تعتمدون حتّى يكون جوابكم عمّا به تقرّون على ما به تقرّون [ وعلى ما تحبّون (٥) ] لا على ما ينسبكم إليه من خالفكم من هذه الفرق الّتي وصفنا؟

قالوا : نقول : انّ الله جلّ ثناؤه تعبّد خلقه بالعمل بطاعته واجتناب معصيته على لسان نبيّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فبيّن لهم جميع ما احتاجوا (٦) إليه من أمر دينهم صغيرا كان أو كبيرا فبلّغهم ايّاه خاصّا وعامّا ولم يكلهم فيه الى آرائهم (٧) ولم يتركهم فى عمى ولا شبهة ؛ علم ذلك من علمه وجهل ذلك (٨) من جهله فامّا ما بلّغه (٩) عامّا فهو ما الامّة عليه من الوضوء (١٠) والصّلاة والخمس والزّكاة والصّيام والحجّ والغسل من الجنابة واجتناب ما نهى الله عنه فى كتابه من الزّنا والسّرقة والاعتداء والظّلم وأكل مال اليتيم وأكل الرّبا [ وقذف المحصنات (١١) ] وما أشبه ذلك ممّا يطول شرحه

__________________

(١) كذا. ولعله كان : « ويجهلون ».

(٢) ليس فى م.

(٣) هذه العبارة مشوشة فى النسخ ففى م : « حتى أكمله فى قول الصحابة والتابعين من بعدهم ما استنبطوا بآرائهم » وفى مج مث س ق ج : « حتى أكمله لهم فى قولهم الصحابة والتابعين ومن بعدهم مما استنبطوا برأيهم » والمتن مطابق لنسخة ح الا فى « آرائهم » فان فيها « برأيهم ».

(٤) ج ح مج مث س ق : « فقيل للشيعة ».

(٥) فى م فقط.

(٦) غير م : « يحتاجون ».

(٧) فى النسخ : « الى رأيهم ».

(٨) غير م : « وجهله ».

(٩) كذا فى م وفى سائر النسخ « أبلغهم ».

(١٠) م : « القول ».

(١١) فى م فقط


وتفسيره وهو معروف عند الخاصّة والعامّة. وأمّا ما بلّغه (١) خاصّا (٢) فهو ما وكلنا إليه قوله عزّ وجلّ (٣) : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٤) وقوله عزّ وجلّ : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (٥) فهذا خاصّ لا يجوز أن يكون من جعل الله له الطّاعة على النّاس داخلا (٦) فى مثل ما (٧) هم فيه من المعاصى وذلك لقول الله جلّ ثناؤه : واذ ابتلى ابراهيم ربّه بكلمات فأتمهنّ قال : انّى جاعلك للنّاس إماما قال : ومن ذريّتى قال : ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (٨) [ علمنا (٩) ] أنّ الظّالمين ليسوا بأئمّة يعهد إليهم فى العدل على النّاس وقد أبى الله أن يجعلهم أئمّة ثمّ أعلمنا (١٠) بقوله ـ تبارك وتعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً ) (١١) انّ ذلك عهد من الله تعالى عهده إليهم لم يعهد هذا العهد الاّ [ الى الأئمّة الّذين يحكمون بالعدل ولا يجوز أن يأمر بالعدل من لا يحسنه (١٢) ] وانّما أمر أن يحكم بالعدل من يحسن أن يحكم بالعدل [ فعلمنا ] من قوله تعالى وممّا قال (١٣) رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : لا يزنى الزّانى حين يزنى وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن [ ولا يقتل مؤمنا

__________________

(١) غير م : « أبلغهم ».

(٢) م : « خاصة ».

(٣) ح ج مج مث ق س : « من قوله تعالى ».

(٤) من آية ٥٩ سورة النساء وصدرها : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ).

(٥) ذيل آية ٤٣ سورة النحل.

(٦) غير م : « أن يدخل ».

(٧) م : « فيما ».

(٨) آية ١٢٤ سورة البقرة.

(٩) مث ح فقط.

(١٠) غير م « وعلمنا ».

(١١) آية ٥٨ سورة النساء.

(١٢) غير م ( بدل ما بين المعقفتين ) : « الا أئمة يحسنون أن يحكموا بالعدل ولا أن يأمر أن يحكم بالعدل من لا يعرف العدل ولا يحسنه ».

(١٣) ح ج س ق مج مث : « ومن قولهم أيضا ما قال ».


متعمّدا وهو مؤمن (١) ] وهكذا [ أنّ ] [ الامام لا يكون إماما حتّى يتبرّأ من الظّلم ويؤدّى الأمانة الى البرّ والفاجر (٢) ].

قيل لهم : ما (٣) تقولون فيما وصفكم به من خالفكم من الوقيعة فى أبى بكر وعمر والصّحابة؟

قالوا (٤) : معاذ الله أن نقع فى أصحاب رسول الله ـ (ص) ـ وأن نرفع أحدا منهم فوق مرتبته أو نحطّه عنها (٥) أو نصفه بغير فعله ولكنّا رأينا أقواما [ تجاوزوا بهم مراتبهم وحطّوا آخرين عن مراتبهم (٦) ] وكان بنا الى تمييزهم أعظم الحاجة لنعلم من الّذين (٧) أمرنا الله تعالى

__________________

(١) ليس فى م.

(٢) ج ح س ق مج مث ( بدل ما بين المعقفتين ) : « ويتبرأ من الظلم والغشم وتوجب اداء الامانة الى البر والفاجر وتوجب الورع فى صغير الامر من الدين وجليله وغض البصر والنظر فما فوقهما ».

(٣) غير م : « فما ».

(٤) غير م : « فقالوا ».

(٥) غير م « عن مرتبته » قال المجلسى فى ثامن البحار فى آخر باب افتراق الامة بعد النبي (ص) بعد نقل أخبار كثيرة من طرق الخاصة والعامة فى حق الصحابة ما نصه : ( ص ٨ من طبعة أمين الضرب ).

« اعلم أن أكثر العامة على أن الصحابة كلهم عدول وقيل : هم كغيرهم مطلقا وقيل : هم كغيرهم الى حين ظهور الفتن بين على ـ عليه‌السلام ـ ومعاوية وأما بعدها فلا يقبل الداخلون فيها مطلقا. وقالت المعتزلة : هم عدول الا من علم أنه قاتل عليا ـ عليه‌السلام ـ فانه مردود ، وذهبت الامامية الى أنهم كسائر الناس من أن فيهم المنافق والفاسق والضال بل كان اكثرهم كذلك ولا أظنك ترتاب بعد ملاحظة تلك الاخبار المأثورة من الجانبين المتواترة بالمعنى فى صحة هذا القول وسينفعك تذكرها فى المطالب المذكورة فى الأبواب الآتية ان شاء الله تعالى ».

أقول : لابن طاوس أيضا كلام نفيس فى هذا الامر ونذكره فى تعليقاتنا على الايضاح ان شاء الله تعالى.

(٦) غير م : « تخطوا بهم مراتبهم وحطوا بعضهم دون مرتبته ».

(٧) غير م : « الّذي ».


بطاعتهم ومسألتهم ومن الّذين قصّ الله علينا نبأهم فى قوله عزّ وجلّ : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ * وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ * وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ * وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ * اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ * مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا (١) يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) (١) وقوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ ) (٢) ( كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ ) (٣) وقوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى (١) وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ) (٤) وقوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ * ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ * ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ) (٥) وقوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ * وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) (٦)

__________________

(١) احدى عشرة آية من سورة البقرة ( من آية ٨ الى ١٨ ).

(٢ و ٣) آية ٣ و ٤ سورة الحج.

(٤) آية ١١ سورة الحج.

(٥) آية ٨ و ٩ و ١٠ سورة الحج.

(٦) آية ١٦٥ الى ١٦٧ سورة البقرة.


وقوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ * وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ * وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ ) (١) وقوله تعالى : ( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) (٢) وقوله تعالى : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ ) (٣) وقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً * بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٤) ) وقوله تعالى : ( لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ ) (٥) وقوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً ) (٦) وقوله تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً ) (٧).

[ فتفهّموا هذه الآيات فانّا قد (٨) ] رأيناهم قاتل بعضهم بعضا [ فى آيات من (٩)

__________________

(١) آية ٢٠٤ و ٢٠٥ و ٢٠٦ من سورة البقرة فليعلم أن فى نسخة م بعد قوله « من المهاد » هذه الآية : « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ( آية ٢٠٧ سورة البقرة ) ».

(٢) آية ٦١ سورة التوبة.

(٣) آية ١٠١ سورة التوبة.

(٤) آية ١٣٧ و ١٣٨ سورة النساء.

(٥) آية ٢٨ سورة آل عمران.

(٦) آية ٤٤ سورة النساء ؛ فليعلم أن هذه الآية فى نسخة م فقط.

(٧) آية ٧٦ من سورة النساء.

(٨) هذه عبارة نسخة م وبدلها فى مج مث ج س ح ق « وقد ».

(٩) ج س ق مج مث : « فى ».


كتاب الله شبه ما ذكرنا (١) ] فاحتجنا أن نميّزهم (٢) بفعالهم (٣) لنعلم من المفروض (٤) علينا طاعتهم من الّذين أوقع الله عليهم التّهمة فى قوله : ومن النّاس ، ومن النّاس (٥) ، فلمّا ميّزناهم بفعالهم (٦) وجدنا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قد أخرج عليّا ـ عليه‌السلام ـ من التّهمة الّتي أوقعها على النّاس ولم يسمّهم [ لما خصّه به حين نصبه (٧) ] علما يوم غدير خمّ (٨) وأمر أن ينادى بالصّلاة جامعة فلمّا اجتمع النّاس قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال :

أيّها النّاس ألستم تعلمون أنّى أولى بكم من أنفسكم؟ ـ قالوا : اللهمّ نعم ؛ فقال : اللهمّ اشهد ثمّ أخذ بيد عليّ ـ صلوات الله عليه ـ فرفعها حتّى رأى النّاس بياض ابطيهما ـ صلّى الله عليهما ـ ثمّ قال : من كنت مولاه فعلىّ مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، [ فلمّا برئ من التّهمة وخرج منها بقيت معلّقة بغيره فوالينا (٩) ] من والاه وعادينا من عاداه وعرفنا به الحقّ من الباطل (١٠) فمن والاه فقد [ والى الله (١١) ورسوله ومن عاداه فقد عادى الله ورسوله ، ومن

__________________

(١) ما بين المعقفتين ليس فى م.

(٢) ح ج س ق مج مث ( الى تمييزهم ).

(٣) ليس فى م.

(٤) ج س ق مج مث : « المفروضة ».

(٥) اشارة الى الآيات السابقة مصدرة بهذا التعبير.

(٦) م « فلما ميزنا أفعالهم ».

(٧) مج مث ج ح س ق بدل ما بين المعقفتين : « فنصبه ».

(٨) حديث الغدير أظهر من الشمس وأبين من الامس فلا حاجة فى مثله فى مثل هذا المختصر الى الاشارة الى ذكر سند فمن أراد ان يعرف طرفا من طرقه فليراجع بحار الانوار ج ٩ وعبقات الانوار ؛ مجلدات الغدير ، وغاية المرام ، وكتاب الغدير ونظائرها فان فى كل واحد منها كفاية للمكتفى.

(٩) م : ( بدلها ) : « فلما خرج من التهمة وإلينا ».

(١٠) م : « والباطل ».

(١١) س ق ح ج مج مث : ( بدلها ) : « والى الله ومن عاداه فقد عادى الله ».


نصره فقد نصر الله ورسوله ، ومن خذله فقد خذل الله ورسوله ] فنهض بنا (١) الّذين عادوه يناصبوننا (٢) ويلقّبوننا بالألقاب ويولّدون فينا الأحاديث الكاذبة ويغمصوننا (٣) بالبهتان (٤) فكان (٥) من حاجتنا أن نسمّى كلّ قوم بفعالهم لنعذر أنفسنا عند من أشكل عليه أمرنا ممّا (٦) نحلنا ايّاه (٧) المخالفون ونسبونا إليه [ فكان هذا ممّا احتجنا فيه الى تمييزهم بفعالهم لا بأقاويل الرّجال (٨) ] والرّوايات الكاذبة الّتي تخالف ما قال الله عزّ وجلّ فأنزلنا كلّ رجل منهم منزلته بفعاله فوجدنا (٩) الله عزّ وجلّ يقول فى كتابه : لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير اولى الضّرر والمجاهدون فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاّ وعد الله الحسنى وفضّل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما (١٠) درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما (١١) ولم ـ تشكّ الأمّة فى فضل جهاد عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ على جهاد جميع الصّحابة قاطبة (١٢) فضلا عمّن لم يضرب بسيف ، ولم يطعن برمح ، ولم يرم بسهم ، ولم يرع (١٣) عدوّا فى شيء من مغازى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ.

__________________

(١) م : « وأرى ».

(٢) م : فقط.

(٣) ج « ويقمصوننا ». س مث ح « يغمضوننا » ( بالضاد المعجمة فالمتن من « غمصه غمصا اذا احتقره ولم يره شيئا وتهاون بحقه » ويمكن ان يكون الاصل من « غمزه » ( بالزاى المعجمة ) ثم ليعلم أن العبارة فى النسخ مشوشة فيمكن أن يكون الاصل : « فناصبونا ولقبونا بالالقاب وولدوا فينا الاحاديث الكاذبة وغمصونا [ أو غمضونا أو قمصونا ] ».

(٤) ح : « بالتهاون ».

(٥) غير م : « وكان ».

(٦) كذا فى جميع النسخ.

(٧) فى م فقط.

(٨) م ( بدلها ) : « فكان مما احتاجنا الى تميز لهم بفعالهم لا الى اقاويل الرجال ».

(٩) م : « ووجدنا ».

(١٠ و ١١) آية ٩٥ و ٩٦ سورة النساء.

(١٢) فى م فقط.

(١٣) ح ج س ق مج مث : « ولم يروع » ( من باب التفعيل ) أقول : « راع » لازم متعد ومن الثانى قول عنترة فى معلقته المشهورة : « فما راعنى الا حمولة أهلها ».


وقال الله عزّ وجلّ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) (١) ولم تشكّ الأمّة فى فضل عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ فى العلم على جميع الصّحابة (٢) وقد قال الله عزّ وجلّ : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٣) وقال الله عزّ وجلّ : ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٤) وقال : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (٥) فلمّا ميّزناهم بفعالهم (٦) أحللنا كلّ واحد منهم محلّه (٧) لا بالدّعاوى الكاذبة والرّوايات (٨) الّتي تخالف ما قال الله عزّ وجلّ : ( وَاتَّبَعْنَا ) (٩) من أبان الله فضله ووكلنا سائرهم الى أعمالهم وسنبيّن من ذلك ما يعرفه من كان له قلب أو ألقى السّمع وهو شهيد.

قالت الشّيعة (١٠) :

قلنا للمرجئة (١١) : لم قبلتم (١٢) الخلاف بعضكم (١٣) من بعض [ فى الوضوء والصّلاة

__________________

(١) آية ١١ من سورة المجادلة.

(٢) ح ج س ق مج مث : « على جميعهم ».

(٣) من آية ٩ سورة الزمر.

(٤) ذيل آية ٣٥ سورة يونس.

(٥) ذيل آية ٧ سورة الأنبياء وكذلك ذيل آية ٤٣ سورة النحل.

(٦) م : « فلما ميزنا فعالهم » وغير م « فلما ميزهم فعالهم ».

(٧) ح ج م ق مج مث : « حل كل رجل منهم محله ونزل منزلته ».

(٨) مج مث س ق ح ج : « لا بالدعوى الكاذبة والرواية ».

(٩) غير م : « فاتبعنا ».

(١٠ و ١١) فى م فقط.

(١٢) م : « قلتم » لكن ج ح س ق مج مث : « فقبل الناس ».

(١٣) غير م : « بعضهم ».


والفروج والدّماء والأموال ورضى به بعضكم (١) من بعض (٢) ] حين اجتمعتم (٣) على تفضيل الرّجلين على عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ وأخرجتمونا نحن بتفضيل عليّ (ع) على الرّجلين من الملّة فاذا تفضيلنا عليّا على الرّجلين أشدّ عندهم (٤) من الصّلاة على غير وضوء ومن ترك الفرائض [ بل هو عندهم أشدّ (٥) ] من انكار الله عزّ ـ وجلّ ووصفه (٦) بغير ما وصف به نفسه وتجويره (٧) فى حكمه وتجهيل نبيّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ [ ومن نكاح الأمّهات والأخوات والبنات والعمّات والخالات والزنا واللّواط وشرب الخمر وأكل الرّبا (٨) ] [ وهو عندهم أشدّ من هدم الكعبة وأن يبنى مكانها بيت فانّه لم يخرج صاحب هذه الأفاعيل (٩) ] عندهم من الايمان بعد ان يشهد ان لا إله الاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله ، وزعموا (١٠) أنّ من فضّل عليّا ـ عليه‌السلام ـ على الرّجلين وان لم يعص الله طرفة عين قطّ (١١) فيما أمره به أو (١٢) نهاه عنه [ أنّه (١٣) ] مشرك حلال الدّم.

__________________

(١) فى النسخ : « بعضهم ».

(٢) ما بين المعقفتين ليس فى م.

(٣) فى النسخ : « حين اجتمعوا ».

(٤) كذا صريحا فى جميع النسخ ففى الكلام التفات من الخطاب الى الغيبة والا كان الكلام مقتضيا لضمير الخطاب فلعل هذا الامر صار موجبا لتغيير النساخ والكتاب عبارة النسخة الى الغائب فى بعض النسخ كما أشرنا إليه.

(٥) فى م فقط.

(٦) غير م : « وصفته ».

(٧) قال الجوهرى والفيروزآبادي : « جوره تجويرا ـ نسبه الى الجور ».

(٨) فى كثير من النسخ ( بدلها ) : « ومن نكاح الاباء والامهات والبنين والبنات والاخوة والاخوات » لكن ما اخترناه للمتن موافق لما يأتى فى أواخر الكتاب حرفا بحرف الا فى « والعمات والخالات » فانها فى م فقط.

(٩) غير م ( بدلها ) : « وكذلك من هدم الكعبة وبنى مكانها بيتا لم يخرج به ».

(١٠) غير م : « ويزعمون ».

(١١) « قط » فى م فقط.

(١٢) غير م : « و ».

(١٣) ليس فى م.


[ فهذه صفتنا عندهم لما خالفناهم فى الرّجلين وصفة هؤلاء المخالفين بالمتقدّمين (١) خلاف (٢) صفتنا لما أجمعوا (٣) على أمر واحد من تقديم الرّجلين على عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ (٤) ] فليس من شنعة ولا قول (٥) قبيح يدخل على قوم (٦) فى دينهم الاّ وقد قبلوه واحتملوه (٧) ورضوا به ، ونسبوا من لم يرض بما رضوا به [ من تقديم الرّجلين الى كلّ قبيح وشنعة (٨) ].

رجع الكلام إلى مخاطبة الصّنف الأوّل

قالت الشّيعة للمرجئة (٩) : ما دعاكم الى أن قلتم : انّ الله تعالى لم يبعث نبيّه الى خلقه بجميع ما يحتاجون إليه من الحلال والحرام والفرائض والأحكام ، وانّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لم يعلم ذلك ، أو علمه فلم يبيّنه للنّاس حتّى توفّى؟ وما الّذي اضطرّكم (١٠) الى هذا القول؟

__________________

(١) كذا صريحا فلعله : « المقدمين » اى الذين يقدمون أبا بكر وعمر على على ـ عليه‌السلام ـ فيكون صفة لما قبله وهو : المخالفين ».

(٢) فى الاصل : « وخلاف ».

(٣) فى الاصل : « اجتمعوا ».

(٤) غير م ( بدلها ) : « فهذه صفتنا فيما خالفناهم فيه وصفتهم فيما رضوا به من أنفسهم ».

(٥) ليس فى م.

(٦) م : « على قولهم ».

(٧) فى م فقط.

(٨) غير م ( بدلها ) : « من القبيح والشنعة الى كل سوء ».

(٩) ح ج س ق مج مث ( بدل ما بين المعقفتين ) : « ثم رجعنا الى مخاطبة الصنف الاول فقلنا لم ».

فليعلم أن العالم الربانى المولى محمد محسن الفيض القاسانى ـ قدس الله سره ـ نقل كلام المصنف (ره) فى الاصل الاول من كتابه الموسوم بالاصول الاصيلة من هذا الموضع أعنى « ثم رجعنا الى مخاطبة الصنف الاول » الى قوله : « وفيما اقتصصنا ما يكتفى به من يعقل » ( انظر ص ٦ ـ ١٤ من النسخة المطبوعة بتحقيقنا ).

(١٠) م : « يضطركم ».


قالوا : لم نجد الفقهاء يروون جميع ما يحتاج إليه النّاس فى (١) أمر الدّين والحلال والحرام عن النّبيّ ـ (ص) ـ وأنّ جميع ما أتانا عنه أربعة آلاف حديث فقط فى التّفسير والحلال والحرام والفرائض (٢) من الصّلاة وغيرها فلا بدّ للنّاس (٣) من النّظر فيما لم تأتنا به الرّواية عنه واستعمال الرّأى فيه [ وقالوا : حجّتنا فى ذلك قائمة من قول النّبيّ ـ (ص) ـ (٤) ] لمعاذ بن جبل لمّا (٥) وجّهه الى اليمن قاضيا : بم (٦) تقضى يا معاذ؟ ـ قال : أقضى بكتاب الله (٧) قال : فما لم يكن فى الكتاب؟ ـ قال : فبسنّة رسول الله (٨) ، قال : فما لم يكن فى السّنّة؟ قال : أجتهد رأيى (٩) لا آلو ؛ قال : فضرب رسول الله على صدره (١٠) وقال : الحمد لله الّذي وفّق رسول الله (١١) [ لما يجب (١٢) ] فعلمنا أنّه [ يأتى فى الحكم ما لا يوجد فى كتاب الله ولا فى سنّة رسول الله (١٣) ] وأنّه لا بدّ من استعمال الرّأى ثمّ أكّد ذلك بقوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : انّما مثل أصحابى فيكم مثل النّجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم [ ثمّ الحجّة البالغة الواضحة عن رسول الله (ص) قوله (١٤) ] اختلاف أمّتى (١٥) رحمة فعلمنا أنّه لم يكلنا الى رأيهم الاّ فيما لم يأتنا [ من عند الله ولم ـ

__________________

(١) غير م : « من ».

(٢) غير م : « والفرض ».

(٣) فى م فقط.

(٤) ح ج س ق مج مث : « وتجويز ذلك لنا قول رسول الله ». ( وفى ح : « بقول » ).

(٥) مج مث ح ج س ق : « حين ».

(٦) م : « بما ».

(٧) ح ج س ق مج مث : « بالكتاب ».

(٨) ح ج س ق : « فبالسنة ».

(٩) غير مج مث م س ق « برأيى ».

(١٠) فى م فقط.

(١١) ح ج س ق مج مث : « رسول رسوله ».

(١٢) فى م فقط وهنا أيضا « يحب ».

(١٣) مج مث ح ج س ق : « قد أوجب أن من الحكم ما لم يأت به فى كتاب ولا فى سنة ».

(١٤) ( بدلها ) فى غير م : « وقوله ».

(١٥) ج ح ق س مج مث : « اختلاف أصحابى لكم ».


يبيّنه لنا رسول الله هذا (١) ] [ وقد تقدّمنا فى ذلك الصّحابة الأوّلون حين قالوا بآرائهم فى (٢) ] الأحكام والمواريث والحلال والحرام فعلمنا أنّهم لم يفتوا الاّ بما (٣) هو لهم جائز وأنّهم لم يخالفوا الحقّ ولا خرجوا منه ، ولم يكونوا ليجمعوا (٤) على باطل فلا لنا أن نضلّلهم فيما فعلوا بل علينا الاقتداء (٥) بهم.

قالت الشّيعة : فقد اجتمعوا على يزيد بن معاوية ؛ أخبرونا هل اجتمعوا على هدى أو على ضلال؟ ـ قالوا : هذا ما لا نجيبكم فيه ولكن نعلم أنّ يد الله على الجماعة والكثرة (٦) ] ولم يكن الله ليجمع أمّة محمّد (ص) على ضلال.

قيل لهم (٧) : انّ أكذب الرّوايات وأبطلها ما نسب الله عزّ وجلّ فيه الى الجور ونسب نبيّه ـ (ص) ـ فيه الى الجهل ، وفى قولكم : انّ الله عزّ وجلّ لم يبعث نبيّه (ص) الى خلقه بجميع ما يحتاجون إليه تجوير له فى حكمه وتكذيب له فى قوله : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) (٨) فليس تخلوا لاحكام أن تكون من الدّين أو ليست من الدّين ؛ فان كانت من الدّين فقد أكملها الله وبيّنها لنبيّه ، وان كانت الأحكام ليست عندكم من الدّين فلا حاجة بالنّاس إليها ، ولا يجب (٩) [ عليكم فى قولكم أن يحكم عليها بما ليس من الدّين (١٠) ] وهذه شنعة (١١) لو دخلت على

__________________

(١) مج مث ح ج س ق ( بدلها ) : « به ولم يبينه لنا ».

(٢) م ( بدلها ) : « فى ذكر الصحابة الاولين فيما قالوا فيه برأيهم من ».

(٣) ج ح س ق مج مث : « لم يفعلوا الا ما ».

(٤) فى النسخ : « ليجتمعوا ».

(٥) مج مث ح ج س ق : « فاقتدينا ».

(٦) ح ج س ق مج مث : « ومن ذلك أنا الجماعة والكثرة ويد الله على الجماعة » ( لكن ح بدل : « ومن ذلك ان الجماعة » : « ومن قولهم » ).

(٧) ليس فى م.

(٨) من آية ٣ سورة المائدة.

(٩) ج ق : « ولا بحث ».

(١٠) غير م ( بدلها ) : « فى قولكم عليهم بما ليس من الدين ( مج : فى الدين ) ».

(١١) ح مث س : « شنيعة ».


اليهود والنّصارى فى دينهم لتركوا دينا (١) يدخل عليهم فيه مثل هذه الشّنعة (٢) وهذه الشّنعة تتّصل بمثلها من تجهيلكم النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ [ وادّعائكم استنباط ما لم يكن يعرفه (٣) ] من فروع الدّين ويحقّ (٤) الشّيعة الهرب [ ممّا أنتم مقيمون عليه (٥) ] ممّا أقررتم به من هاتين الشّنعتين (٦) اللّتين فيهما الكفر بالله (٧) عزّ وجلّ وبرسوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

[ (٨) ووقوفكم عند يزيد وبيعته واجتماع النّاس عليه وهو يزيد الفجور ويزيد الغرور (٩) وقد علمتم انّ الحسين ـ عليه‌السلام ـ كان أعلم بالله وبرسوله وأتقى وأحقّ بهذا الأمر فتركتموه لا بل قتلتموه واجتمعتم على الضّالّ (١٠) الخبيث المخبث فاذا ألزمناكم الحجّة قلتم : هذا ما لا نجيبكم إليه فهل أنتم الاّ على شفا جرف من النّار لفعالكم ولو أراد لله عزّ وجلّ بكم الخير وهداكم لنصحتم أنفسكم فو الله ما الحقّ الاّ واضح بيّن منير ، وما الباطل الاّ مظلم كدر وقد عرفتم موضعه ومستقرّه الاّ أنّ الميثاق قد تقدّم فى الأظلّة بالسّعادة والشّقاوة وقد بيّن الله جلّ ذكره لنا ذلك بقوله : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي ـ آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (١١) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ) (١٢) فالأمر قد سبق من الله فيكم أنّكم لا ترجعون لقوله : وان تدعهم الى الهدى

__________________

(١) مج مث ج ح س ق « لتركوا ما ».

(٢) ح : « الشنيعة ».

(٣) ما بين المعقفتين ليس فى م.

(٤) ج ح س ق مج مث : « وحق ».

(٥) فى م فقط.

(٦) ح : « من هاتين الشنيعتين ».

(٧) فى م : « بالله العظيم ».

(٨) فليعلم أن ما بين المعقفتين أعنى من قوله « ووقوفكم عند يزيد » الى قوله : « فلعل بقية الاحكام فى القرآن الذي ذهب » لا يوجد منه أثر فى نسخ ج ح س ق مج مث بل هو فى نسخة م فقط.

(٩) كذا والظاهر أنه « يزيد الخمور ».

(١٠) فى الاصل : « الضلال ».

(١١ و ١٢) آية ١٧٢ و ١٧٣ سورة الاعراف وذيل الثانية « أفتهلكنا بما فعل المبطلون ».


فلن يهتدوا اذا أبدا (١) ] [ (٢) فقالت المرجئة : فلعلّ بقيّة الاحكام فى القرآن الّذي ذهب؟ ـ قلنا لهم : فلم لم تكلّفوهم أن يأتوكم بالقرآن الّذي ذهب؟ ـ قالوا : [ وهل ] يجوز ذلك؟! قلنا لهم : وهذا الّذي قلتموه من الرّأى أشدّ من ذلك لأنّه لا يجوز لهم أن يأتوكم بالقرآن

__________________

(١) من آية ٥٧ سورة الكهف ؛ وهنا تم ما كان فى م فقط.

(٢) من هنا تغاير كثير فى العبارة بين نسخة م وسائر النسخ بحيث يفضى ذكر الاختلاف الى طول بل لا يفهم من كثرتها مطلب فالاولى أن نذكر عبارة نسخة م بتمامها فى المتن وعبارة سائر النسخ فى ذيل الصفحة حتى ينتهى التغاير فما فى الذيل عبارة ح ج س ق مج مث :

[ ولقد أقررتم انّكم لم تجدوا ما هو أظهر (١) من الفتيا فى الحلال والحرام وهو ما زعمتم أنّه ذهب من القرآن ثمّ لم يوحشكم ذلك (٢) فلم لا كلّفتموهم أن يأتوكم بالقرآن الّذي ذهب أو بمثله من تلقاء أنفسهم (٣) كما (٤) أتوكم بالحلال والحرام من تلقاء أنفسهم فما هذا والفقه الاّ فى مجرى واحد وانّما هو أمر ونهى ولو (٥) لم تدّعوا أنّه لم يأت بقرآن الاّ [ ما ] فى أيديكم ولكنّكم لم تجدوا بدّا لظهور الأمر بأن تقرّوا بما عجز عنه أوّلوكم من جمع القرآن وضيّعوه وكذلك السّنّة الّتي جهلتموها قد أتى بها الرّسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى كلّ حلال وحرام ولكن كثر أتباعكم فطلبتم فوق أقداركم فكيف جاز أن تضيّعوا القرآن ولا يجوز أن تضيّعوا السّنّة؟! ولمّا عجزتم عن جميع السّنّة كما عجزتم عن جميع القرآن أحلتم (٦) بالأحاديث الكاذبة على النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وعلى تجهيله وعجزه عمّا يحتاج النّاس إليه ، وأحلتم على السّنّة بنقصها وأنّها لم تكمل ].

__________________

(١) ح : « أقرب ».

(٢) ليس فى ح.

(٣) ج س ق مج مث : « أنفسكم ».

(٤) مج : « فما ».

(٥) مث ح : « ولم ».

(٦) فى النسخ : « اذ أحلتم ».


لأنّ القرآن هو من عند الله والرّأى فى الحلال والحرام صعب (١) لأنّ الحلال والحرام هو من عند الله عزّ وجلّ لا من قول [ من ] يخطى ويصيب ، فهم لم يكلّفوهم أن يأتوهم بالقرآن الّذي ذهب أو بمثله من تلقاء أنفسهم كما أتوهم بالحلال والحرام من تلقاء أنفسهم فما هو الاّ فى مجرى واحد انّما هو أمر ونهى ولكنّكم لم تجدوا بدّا من أن تقرّوا بالقرآن الّذي عجزتم عن تأويله أنتم وآباؤكم الأقدمون ، وهذا القرآن بكماله وتمامه وحرامه وحلاله (٢) بلا اختلاف ولا تنازع عند الأئمّة ـ عليهم‌السلام والصّلوات من الله والرّحمة والبركات ـ فحرمتم معرفته بجحودكم الامام وتضييعكم الحقّ وقد عرفتم موضعه فلم يهدكم الله كما قال عزّ وجلّ : ( إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً ) (٣) وكذلك السّنّة الّتي جهلتموها وقد أبانها رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى كلّ حلال وحرام ولكن كثر [ اتباعكم (٤) ] فطلبتم فوق أقداركم فكيف جاز لكم أن تضيّعوا أكثر القرآن ولا يجوز أن تضيّعوا أكثر [ السّنّة (٥)؟! ] ولمّا عجزتم عن [ جميع (٦) ] السّنّة كما عجزتم عن جميع القرآن ولم تكن فى القرآن حيلة احتلتم بالأحاديث الكاذبة عن (٧) النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ على تجهيله وعجزه عمّا يحتاج النّاس إليه واحتلتم على السّنّة بنقصها (٨) وأنّها لم تكمل (٩) ].

ثمّ انظروا فيما جهل أصحابكم من السّنّة وعجزوا [ عنه هل خفى عن صاحبنا

__________________

(١) كذا فى الاصل صريحا ولعله : « أصعب ».

(٢) كذا ولعله كان : « وحلاله وحرامه ».

(٣) من آية ٥٨ سورة الكهف.

(٤) ليس فى م.

(٥) ليس فى م.

(٦) ليس فى م.

(٧) كذا والظاهر : « على » كما فى سائر النسخ.

(٨) فى جميع النسخ « بنقضها » ( بالضاد المعجمة ) وهى مصحفة بالقطع واليقين بقرينة ما بعده.

(٩) هنا تم ما كنا بصدد نقل ما فى النسخ بكلتا العبارتين فنشرع الآن فى تلفيق النسخ فيما يذكر فى المتن.


منه شيء ؛ هذا باجماع الأمّة (١) ] [ اذ ما من شيء منها الاّ و (٢) ] قد وجدوه عند صاحبنا وأنّه كان [ يردّهم الى الحقّ اذا أخطئوا (٣) ] [ وقد كانوا يسألونه فيجدون عنده جواب ما يضطرّون إليه (٤) ] ثم يتلاحون (٥) فى بعضه (٦) [ فيمضون ما كان من رأيهم (٧) ] كراهة أن ينسب العلم كلّه الى صاحبنا (٨) [ فيميل كلّ انسان إليه (٩) ] ولو سألوه [ عن الحلال والحرام والمواريث والأحكام (١٠) ] لوجدوا عنده البيان [ بما قد استغنت به الشّيعة عن الرّأي (١١) ].

وفيما ادّعيتم [ أيّها المرجئة (١٢) ] من قول النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لمعاذ [ تكذيب بما (١٣) أنزل الله وطعن على رسوله (١٤) ] فأمّا ما كذّبتم به من كتاب الله فما قدّمناه (١٥) فى صدر كتابنا هذا (١٦) من قوله تعالى : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ (١٧) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ

__________________

(١) غير م ( بدلها ) : « عن شيء ».

(٢) ليس فى م.

(٣) ج ح س ق مج مث ( بدلها ) : « يردهم عن الامر ».

(٤) غير م ( بدلها ) : « فلا يجدون الحق غيره ».

(٥) م : « يتداخنون ».

(٦) م : « نقضه ».

(٧) ما بين المعقفتين ليس فى م.

(٨) غير م : ( مكان « الى صاحبنا » ) : « إليه ».

(٩) فى م فقط.

(١٠) فى م فقط.

(١١) ليس فى م.

(١٢) فى م فقط.

(١٣) ح : « لما ».

(١٤) ليس فى م.

(١٥) ح ج س ق مج مث وسفينة النجاة للفيض ( ص ١٠٧ ؛ س ١ ) : « قد بيناه » لكن فى الاصول الاصيلة له ( ص ٧ ؛ س ١٤ ) كما فى المتن وهو الصحيح الصريح.

(١٦) « هذا » فى م فقط.

(١٧) اكتفى فى نسخ س ق ج ح مج مث من نقل الآيتين المشار إليهما فى الذيل الى هنا أعنى قوله : « أليك ».


يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ (١) أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) (٢) وقوله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً * وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً * وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً (٣) * وقوله تعالى : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) (٤) وقوله تعالى : ( وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (٥) * وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ) (٦) وقوله تعالى : ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ) (٧) وقوله تعالى : ( أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ ) (٨) وقوله تعالى : ( لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (٩) ( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً ) (١٠) وما أشبهه (١١) ممّا يدلّ فى الحكم (١٢) على أنّ الحكم لله وحده وزعمتم ان (١٣) ليس فى الكتاب ولا فيما أنزل الله (١٤) على نبيّه (ص) ما يحكم به بين النّاس فيما اختلفوا فيه.

[ وأخرى فلئن كان (١٥) ] معاذ بن جبل يهتدى (١٦) الى ما لم يوح الله عزّ وجلّ الى نبيّه (ص) [ ويحكم به بين النّاس (١٧) ] وأنّه يهتدى بغير ما [ هدى به رسول الله (١٨) ]

__________________

(١ و ٢) آية ٤٩ و ٥٠ سورة المائدة.

(٣) ثلاث آيات متواليات من سورة النساء ( آية ١٠٥ و ١٠٦ و ١٠٧ ).

(٤) آية ١٠ سورة الشورى.

(٥ و ٦) ذيل آية ٢٦ مع آية ٢٧ سورة الكهف ؛ والآية الثانية فى م فقط.

(٧) ذيل آية ٥٤ سورة الاعراف ( وليست فى غير م ).

(٨) ذيل آية ٦٢ سورة الانعام.

(٩) ذيل آية ٨٨ سورة القصص.

(١٠) آية ٢٤ سورة الدهر ؛ فليعلم أن فى غير نسخة م ( أعنى نسخ ج ح س ق مج مث ) اكتفى من الآيات المذكورة فى المتن بنقل بعضها.

(١١) م : « وما أشبه ».

(١٢) غير م : « فى الكتاب يدل ».

(١٣) غير م : « فزعمتم أنه ».

(١٤) ح : « أنزله ».

(١٥) ح ج س ق مج مث : ( بدلها ) : « وأن ».

(١٦) م : « يهدى ».

(١٧) فى م فقط.

(١٨) غير م : « اهتدى به النبي ».


ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ [ انّ له ] لشأنا عجيبا لأنّكم أوجبتم (١) لمعاذ أنّ رأيه فى الهدى كالّذي أوحى الله عزّ وجلّ الى نبيّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فزعمتم أنّ مرتبته فوق مرتبة النّبوّة اذ (٢) كانت النّبوّة (٣) بوحى تنتظر ومعاذ لا يحتاج الى وحى بل يرى برأيه (٤) من قبل نفسه وهذا عظيم عند الله جلّ ذكره فمثلكم (٥) فى ذلك كما قال الله عزّ وجلّ : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ ) (٦) فصار معاذ عندكم يهتدى (٧) برأيه ولا يحتاج فى الهدى الى وحى ورسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يحتاج الى وحى [ ( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ) (٨) ] ولو جهد المبطلون والملحدون (٩) على ابطال نبوّة نبيّنا (١٠) ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ما جاوزوا (١١) ما وصفتموه به من تجهيله (١٢) (ص) [ وما نسبوه الاّ الى أقلّ ممّا وصفتموه [ به ] والله يسائلكم (١٣) عمّا تقلّدتموه من هذه المقالة الشنيعة الّتي استعملتموها بعد نبيّكم ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله (١٤) ].

__________________

(١) غير م : « وأوجبتم » فقط.

(٢) م : « اذا ».

(٣) « النبوة » ليست فى م.

(٤) غير م : « بل يأتى به برأيه ».

(٥) م : « ومثلكم ».

(٦) صدر آية ٩٣ سورة الانعام.

(٧) م : « يقتدى ».

(٨) ثلاث آيات من أوائل سورة النجم ( آية ٣ ـ ٥ ) فليعلم أن هذه الآيات فى م فقط.

(٩) غير م : « ولو جهد المبطلون ».

(١٠) غير م « على ابطال نبوته ».

(١١) غير م : « ما تجاوزوا ».

(١٢) غير م : « من الجهل ».

(١٣) كذا فان لم يكن محرفا من « يسألكم فهو من ساءله بمعنى سأله ؛ قال البستانى ـ فى محيط المحيط : « ساءله وسايله وعنه وبه مساءلة ومسايلة بمعنى سأل ومنه قول أبى فراس العدوى :

تسائلنى من انت وهى عليمة

بحالى وهل حالى على مثلها نكر »

فمن أراد التحقيق فليراجع كتب اللغة.

(١٤) ما بين المعقفتين فى م فقط ؛ فليعلم أن تصحيح هذه القسمة من الكتاب


هذا وقد (١) أخبرنا الله عزّ وجلّ انّ الأصل فى الاختلاف فى الأمم انّما (٢) كان بعد أنبيائهم (٣) ـ عليهم‌السلام ـ [ كذلك قال الله عزّ وجلّ (٤) ] : ( كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (٥) [ فذمّ الله أهل البغى وحمدتم أنتم اختلافهم (٦) ] وقلتم : اختلافهم رحمة واقتديتم بالخلاف وأهل الخلاف (٧) وصرفت (٨) قلوبكم عمّن هداه الله لما اختلف (٩) فيه من الحقّ باذنه ويحقّق ذلك (١٠) عليكم قول الله عزّ وجلّ ( وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) (١١) الاّ من رحم ربّك ولذلك خلقهم وتمّت كلمة ربك لأملأنّ جهنّم من الجنّة والنّاس أجمعين (١٢) واتّبعتم أهل الخلاف (١٣) واتّبعنا من استثنى الله بالرّحمة [ لهم (١٤) ] فلمّا ضاق بكم (١٥) باطلكم أن تقوم (١٦) لكم الحجّة (١٧) أحلتم على الله عزّ وجلّ الكذب وجوّرتموه (١٨) فى الحكم

__________________

قدتم يوم السبت الحادى والعشرين من شهر رمضان المبارك أعنى يوم شهادة مولانا ومولى ـ المتقين أمير المؤمنين على بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ من سنة ١٣٩٠ فالحمد لله على ما وقفنا لذلك فى مثل هذا اليوم وتم تصحيحه الطبعى ليلة العاشوراء ١٠ محرم الحرام من سنة ١٣٩١.

__________________

(١) غير م ( بدلها ) : « وقد ثم ». (٢) فى م فقط.

(٣) م : « أنبيائه ».

(٤) غير م ( بدلها ) : « فقال ».

(٥) آية ٢١٣ سورة البقرة.

(٦) غير م « فحمدتم اختلافهم ».

(٧) ليس فى م.

(٨) غير م : « صدفت ».

(٩) غير م « لما اختلفوا ».

(١٠) غير م : « ويحقق لنا ».

(١١) ذيل آية ١١٨ سورة هود.

(١٢) آية ١١٩ سورة هود.

(١٣) غير م : « أهل الاختلاف ».

(١٤) فى م فقط.

(١٥) ح ج س ق مج مث « عليكم ».

(١٦) م : « يقول ».

(١٧) م : « بالحجة ».

(١٨) ح ج س ق مج مث : « بالتجويز » ( بالزاى المعجمة ).


فى (١) تكليفه [ على ما ] زعمتم (٢) ايّاكم (٣) ما لم يبيّنه لكم وعلى نبيّنا (ص) بالتّجهيل (٤) فى قولكم لم يبيّن لنا الطّاعة من المعصية [ وعلى أهل الحقّ والمصدّقين لله ولرسوله بالعداوة والبغضاء وعلى الحق من (٥) أحكام الكتاب بالعيب (٦) والالحاد (٧) ( وأنّ الحقّ لعزيز لا يعلم به أثر الباطل (٨) ) وفى كلّ باب من كتابنا هذا (٩) ] شنعة عليكم لا مخرج لكم منها [ فتفهّموها (١٠) ].

[ قالت المرجئة : من أين علينا الشّنعة؟ (١١) ]

قلنا لمّا (١٢) نحلتم رسول الله (ص) الرّضا [ بقول معاذ بن جبل (١٣) ] بغير ما أنزل الله و

__________________

(١) غير م : « من ».

(٢) ليس فى م.

(٣) غير م : « أتاكم ».

(٤) م : « بالجهل ».

(٥) فى النسخ : « و » والتصحيح من الاصول الاصيلة للفيض ( ص ٨ س ١٧ ) ومن سفينة النجاة ( ص ١١١ ؛ س ١ ) أيضا له.

(٦) فى الاصول الاصيلة والسفينة : « بالعبث ».

(٧) فليعلم أن ما نقله المحقق الفيض (ره) فى كتابة سفينة النجاة من كتاب الايضاح تم هنا وأشار الى باقى الكلام بقوله : « الى آخر ما قاله من هذا القبيل مع ما فيه من التطويل سيما فيما طعن به على خبر معاذ واقتصرنا على ذلك فان القطرة تدل على الغدير والجفنة تهدى الى البيدر الكبير ولغيره رضى الله عنه أيضا كلمات فى ذلك ( الى آخر ما قال انظر ص ١١١ من النسخة المطبوعة بطهران سنة ١٣٧٩ ) ».

(٨) ما بين الهلالين لم يذكر فى الاصول الاصيلة.

(٩) م ( بدل ما بين المعقفتين ) : « وعاديتم أهل الحق والصادقين لله ولرسوله (ص) بالعداوة والبغضاء وطعنتم عليهم وعبتموهم وفى هذا ».

(١٠) ليس فى م وفى ح : « فتضمروها ».

(١١) ما بين الحاصرتين فى م فقط.

(١٢) غير م : « من ذلكم انكم ».

(١٣) غير م : « أن يحكم معاذ ».


زعمتم أنّ معاذا [ اذا (١) ] حكم باليمن حكما برأيه كان حقّا فيجب على النّبيّ برأيكم أن يتّبع حكم معاذ [ لأنّه لا يجوز للنّبىّ أن يحكم بخلاف الحقّ (٢) ] فصيّرتم معاذا امام رسول الله (٣) لا يسعه [ فى قولكم (٤) ] الاّ الافتداء به والله عزّ وجلّ يقول : ( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) (٥) فصيّرتم لمعاذ حكما لا يحتاج معه الى حكم الله والى ما أنزل الله فكنتم فى ذلك كما قال الله عزّ وجلّ : ( ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ) (٦) فأبيتم على الله أن تجعلوا الحكم له وجعلتموه لمعاذ ولجميع الصّحابة والتّابعين [ وان حرّم بعضهم ما أحلّه بعض ثمّ لمن بعد التّابعين (٧) ] الى يوم القيامة رضى منكم أن يكون الحكم لغير الله والله تعالى يقول : (٨) ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) (٩) ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (١٠) ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (١١) فلئن (١٢) رضيتم بكتاب الله أو سخطتموه لقد لزمكم الكفر والظّلم والفسق.

ولقد زعمتم انّ معاذا وجميع الصّحابة (١٣) والتّابعين حكموا بغير ما أنزل الله فبلغتم غاية الوقيعة [ فيهم والتّنقّص (١٤) لهم (١٥) ] ثمّ جاوزتموهم (١٦) الى أن نحلتم النّبيّ ـ

__________________

(١) ليس فى م.

(٢) ليس فى م.

(٣) غير م : « إماما للنبى ».

(٤) ليس فى م.

(٥) ذيل آية ٥٠ سورة المائدة ؛ وصدرها « أفحكم الجاهلية يبغون ».

(٦) آية ١٢ سورة المؤمن.

(٧) ما بين الحاصرتين ليس فى م.

(٨) ح ج س ق مج مث ( بدلها ) : « وكفى بقول الله ».

(٩ و ١٠ و ١١) ذيول آيات ٤٤ و ٤٥ و ٤٧ من سورة المائدة ؛ فليعلم أن الآيتين الاخيرتين ليستا فى م.

(١٢) س ق ج مج مث : « فلا ».

(١٣) غير م : « والصحابة ».

(١٤) م : « والنقص ».

(١٥) غير م : « فيه والتنقص له » وصرح فى نسختى ق س بأن ضمير « فيه » و « له »


صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه أمر به ورضيه ولا يبلغ الملحدون عشر ما (١) أنتم عليه من نقصية النّبيّ مع وقيعتكم فى الصّحابة وانّ (٢) ممّا يبطل ما نحلتموه النّبي (ص) [ والصّحابة (٣) ] من الرّضا بالحكم بغير ما أنزل الله قول الله عزّ وجلّ : ( قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ ـ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ) (٤) وقال عزّ وجلّ : ( وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (٥) مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) (٦) فزعمتم (٧) أنّ النّبيّ (ص) جوّز لمعاذ بن جبل الحكم برأيه [ فيما حظره الله على خلقه ولم يجعل الحكم فيه الاّ [ الى ] ما أراه الله نبيّه وأنزله عليه وقبل ذلك (٨) ] فيما (٩) حظره الله على نبيّه داود ـ عليه‌السلام ـ فقال : وداود وسليمان اذ يحكمان فى الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم وكنّا لحكمهم شاهدين (١٠) ففهّمناها سليمان وكلاّ آتينا حكما وعلما (١١) وقال : ( يا

__________________

يرجع الى « معاذ » وليعلم أن كاتب نسخة « مث » كتب فى هامش قول المصنف : « فبلغتم غاية الوقيعة فيه والتنقص له » ما نصه : « من هنا سقطت ورقتان فى النسخة المقابل بها » فيعلم أن النسخة من الكتاب كانت قليلة جدا.

(١٦) غير م : « تجاوزتموهم » ( بضمير الجمع صريحا ).

__________________

(١) مج مث : « الا ما » ج ق : « الا الى ما » أما نسخة ح فقد سقطت الكلمتان فيها فصارت عبارتها مشوشة هكذا : « وما يبلغ الى ما أنتم عليه ».

(٢) فى م فقط.

(٣) فى م فقط.

(٤) آية ٣٢ سورة الاعراف.

(٥ و ٦) آية ١١٦ و ١١٧ سورة النحل.

(٧) م : « وزعمتم ».

(٨) ما بين الحاصرتين ليس فى م.

(٩) ح ج س ق مج مث « وقبل ذلك ما ».

(١٠ و ١١) آية ٧٨ وصدر آية ٧٩ سورة الأنبياء.


داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ ) (١) [ فحظر عليه القول الاّ بالحقّ (٢) ] وقال عزّ وجلّ : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) (٣) ( وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ) (٤) [ ونظير ذلك كثير فى القرآن (٥) ] فانظروا كيف أخذ الله عليهم ميثاق الكتاب ألاّ يقولوا على الله الاّ الحقّ [ وكيف زعمتم أنّ النّبيّ جوّز لمعاذ القول على الله برأيه ولجميع الصّحابة؟! ثمّ انظروا من الّذين يمسّكون بالكتاب؟ الّذين يقولون انّ الحكم فيه وبه؟ أو الّذين يزعمون أنّ الحكم لا فيه ولا به؟!

وقد قال الله تعالى لنبيّه (٦) ] : ( قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي ) (٧) وقال تعالى : ( قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ) (٨) فزعمتم أنّ الصّحابة ومن بعدهم استغنوا برأيهم فكان هداهم بغير ما هدى الله عزّ وجلّ به نبيّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأنّ المؤمنين اهتدوا (٩) لما لم يهتد له النّبي (ص) [ وجعل لهم من رأيهم ما لم يجعل له من الحكم برأيه (١٠) ] والله يقول : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ )

__________________

(١) آية ٢٦ سورة ص.

(٢) ليس فى م.

(٣ و ٤) آية ١٦٩ و ١٧٠ سورة الاعراف.

(٥) فى م فقط.

(٦) م ( بدل ما بين المعقفتين ) : « وكيف زعمتم أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ جوز لمعاذ القول على الله ولجميع الصحابة ثم انظروا من الذين تمسكوا بالكتاب وذكروا أن الحكم فيه كيف أثنى الله عليهم فكافأهم بالحسنى لقوله : والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة انا لا نضيع أجر المحسنين وقوله عز وجل ردا عليهم ».

(٧) من آية ٢٠٣ سورة الاعراف.

(٨) آية ٥٠ سورة سبأ.

(٩) غير م : « قد هدوا ».

(١٠) ما بين المعقفتين فى م فقط.


بما أنزل الله (١) ، وقوله : ( إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ ) (٢) لا بما تراه أنت من نفسك ، وقال تعالى : ( فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (٣) فزعمتم أنّ النّبيّ (ص) لم يهتد لما اختلف فيه من الحقّ باذنه وقد هدى الله له المؤمنين فقد (٤) صيّرتموهم (٥) فى حدّ الرّبوبيّة وذلك أنّ الله جلّ ذكره انّما تعبّد خلقه بأن أمرهم ونهاهم وأحلّ لهم وحرّم عليهم وأجرى عليهم الأحكام بذلك فوعد الثّواب من أطاعه وأوعد العقاب من عصاه ، وكذلك جعلتم لهم الأحكام على النّاس [ الاّ بما أنزل الله (٦) ] فمن عصاهم [ عاقبتموه وأوجبتم عليه معصية الله وعقوبة الدّنيا والآخرة (٧) ]. [ وأراكم قد اختلفتم الاّ من عصاكم فى أحكامكم الّتي ابتدعتموها بأهوائكم وآرائكم فكفّرتموهم (٨) ] ومن [ أطاعكم (٩) ] نسبتموه الى السّنّة والجماعة وصار عندكم من أهل الثّواب فى الدّنيا والآخرة فهل تعبّد الله الاّ بما تعبّدتموهم؟ وهل زاد الله فيما تعبّدهم به وأمرهم ونهاهم على ما صنعتم بهم؟!

ولقد نسبتم الصّحابة والتّابعين (١٠) الى أنّهم يعرفون الطّاعة والمعصية والحكم فيهما بآرائهم (١١) ودفعتم النّبيّ (ص) عن ذلك والوحى يأتيه ؛ فلئن كانوا كما زعمتم يحسنون الحكم فيما ورد عليهم وأنّ ذلك ليس فى [ كتاب الله ولا فى سنّة رسوله لقد

__________________

(١) صدر آية ٤٩ سورة المائدة.

(٢) صدر آية ١٠٥ سورة النساء ؛ فليعلم أن الآيتين فى م فقط.

(٣) ذيل آية ٢١٣ سورة البقرة.

(٤) م : « وقد ».

(٥) م : « صيرتموه » وفى س ق مج مث : « صيرتموها » لكن فى ج فوقها : « خ ل : صيرتموهم ». وفى س ق فسرها بقوله فى الهامش : « يعنى الصحابة ».

(٦) تلك الكلمات فى م فقط بعد كلمة : « الناس » وقد سقطت مما قبلها كلمات.

(٧) ما بين المعقفتين ليس فى م.

(٨) ما بين المعقفتين فى م فقط.

(٩) فى غير م : « أطاعهم ».

(١٠) فى غير م : « ولقد نسبتموهم ».

(١١) غير م : « برأيهم ».


وصفتموهم بالاستغناء عن بعثة النّبيّ (ص) وعن تنزيل الكتاب واذا كانوا يعرفون كما زعمتم من الحكم ما ليس فى كتاب الله ولا سنّة رسوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فلا (١) ] حاجة بهم إليه وأنزل الكتاب وهم مستغنون عنه ؛ وذلك أنّ الكتاب والسّنّة يدلاّن (٢) على ما يحتاج إليه النّاس فى أمر دينهم فان (٣) كان هؤلاء يحسنون ما ليس فى الكتاب والسّنّة (٤) ممّا بالنّاس إليه الحاجة فما حاجتهم الى الكتاب والسّنّة؟! فلئن (٥) كانت الأحكام من الدّين لقد أكملها الله تعالى بقوله : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (٦) ولئن لم تكن من الّذين فما بالعباد إليها من حاجة فقد لزمكم (٧) إن كانت الأحكام [ عندكم (٨) ] [ من الدّين (٩) ] أن تقولوا : انّ الله تعبّد خلقه [ من الدّين (١٠) ] بما ليس فى الكتاب ولا فى السّنّة وكفى بهذا (١١) شنعة.

ولقد أوجبتم فى قولكم على الله تعالى انّه كان يأمر بالصّغير من الأمور (١٢) ويتأكّد به ويكون القول (١٣) فيه تأكيدا وتشديدا ويهمل الكبير العظيم الخطير (١٤) فى الدّين وذلك أنّه يقول جلّ ثناؤه : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ

__________________

(١) ج ح س ق مج مث ( بدلها ) : « فيما أنزل الله من كتاب ولا سنة من رسول الله (ص) فلقد حكمتم بالاستغناء ( لكن فى ح مكانه : لقد استغنوا وأما سائر النسخ فليس فيها بدلهما شيء ) عن بعثة النبي (ص) وعن تنزيل الكتاب اذ كانوا يعرفون [ على ما ] زعمتم الحكم بما ليس فيهما وان فى معنى قولكم ان الله يبعث النبي (ص) ولا ».

(٢) غير م : « دليلان ».

(٣) غير م : « فاذا ».

(٤) غير م : « ولا فى السنة ».

(٥) م : « ولئن ».

(٦) من آية ٣ سورة المائدة.

(٧) ح ج س ق مج مث : « فقد ألزمتكم ».

(٨) ليس فى م.

(٩ و ١٠) كلتاهما فى غير م.

(١١) غير م : « وكفى بها شنعة ».

(١٢) غير م : « من الامر ».

(١٣) غير م : « ويقول بالقول ».

(١٤) ح ج س ق مج مث : « الخطب ».


وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ ) ( الى آخر الآية (١) ) والآية الّتي بعدها : ( وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ ) ؛ الى آخر الآية (٢).

أفيأمر جلّ ثناؤه بالكتابة للمال صغيرا كان أو كبيرا الى أجله ويكل الحكم فى رقبة المال الى غيره؟! ويأمر بقبض الرّهان ويكل الحكم فى النّاس فيه (٣) الى آراء الرّجال؟! وقال تبارك وتعالى (٤) : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ ) (٥) أفيأمر بغضّ الابصار ويكل الحكم فى الفروج الى آراء الرّجال؟! وقال عزّ وجلّ : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا

__________________

(١) يشير به الى بقية الآية وهى : « وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلاَّ تَرْتابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوها وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ( وهى آية ٢٨٢ سورة البقرة ).

(٢) اشارة الى بقية الآية وهى : ( بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ).

(٣) غير م : « فى رقبة المال ».

(٤) فى سائر النسخ « ويقول عز وجل » ؛ وكذلك فى مشابهاته مما تقدم ويأتى.

(٥) آية ٣٠ سورة النور.


الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (١) وقال جلّ ثناؤه : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) (٢) فبيّن (٣) لهم هذا الصّغير ليفعلوه أفيغار (٤) جلّ ثناؤه عليهنّ (٥) أن يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ فيعرف (٦) [ عليهنّ خلاخل او جلاجل (٧) ] او يرى (٨) أحد (٩) حليّهنّ او نحورهنّ وشعورهنّ ومحاسنهنّ ويكل الحكم فى فروجهنّ الى المأمورين بغضّ الأبصار والمنهيّين عن النّظر الى ما نهى عنه (١٠)؟!

والله ان لو أردتم أن تعيّبوا رجلا فتبلغوا الغاية فى تجهيله وقلّة معرفته فيما يأتى ويذر [ ما زدتم على ما فعلتم (١١) ] فقلتم (١٢) : انّه يأمر بالصّغير ويهمل الكبير ويتولّى الأمور الصّغار ويكل كبيرها الى عبيده لكنتم قد بلغتم الغاية في تجهيله وقد نحلتم الله تبارك وتعالى [ ذلك (١٣) ] [ فكيف تأنفون من (١٤) هذه الخصلة وتنفونها عن أنفسكم (١٥) ] وقد نحلتموها ربّكم؟! تعالى عمّا تقولون علوّا كبيرا.

__________________

(١ و ٢) آية ٣١ و ٥٨ سورة النور.

(٣) م : « أفيبين ».

(٤) م : « ويعار » ج س ق مج مث : « ويغار ».

(٥) مج م ج س مث ق : « عليهم جل ثناؤه ».

(٦) ح : « فيعرفن ».

(٧) فى ج ح س ق مج مث فقط.

(٨) م : « فيرى ».

(٩) فى م فقط.

(١٠) مج مث ح ج س ق : « عن النظر من ذلك ».

(١١) فى م فقط.

(١٢) ليس فى م.

(١٣) ليس فى م.

(١٤) م : « الى ».

(١٥) ح : « أتنفون هذه الخصلة وتأنفون منها » ج س ق مج مث : « لتنفوا هذه الخصلة عن انفسكم وتأنفوا منها ».


ثمّ كذلك المواريث وأموال اليتامى [ والفروج ورقّ الرّقاب (١) ] والطّلاق والدّماء وجميع الأحكام فى كتاب الله عزّ وجلّ (٢) والله تعالى يقول : ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) [ فزعمتم أنّه فرّط ردّا منكم على الله وعلى رسوله بما قلتم يا أهل (٣) ] السّنّة والجماعة (٤) والله ما قال المشركون : ليس فى السّماء إله ولقد أقرّوا بربوبيّته إلاّ أنّهم أشركوا بما (٥) قالوا : ( ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى ) (٦) [ وكذلك قلتم : ما أطعنا هؤلاء الاّ لتقرّبنا طاعتهم الى الله (٧) ] فيما أمرونا به ونهونا عنه ممّا (٨) لم يأمر الله به ولا رسوله ولا نهى عنه هو ولا رسوله ؛ فزعمتم أنّ طاعتهم تقرّبكم الى الله زلفى وأنتم تقرءون كتاب الله عزّ وجلّ وهو يقول : ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا ) (٩) وقال تعالى : ( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ ) (١٠) فو الله ما صبرتم لحكم الله ولا صيّرتم الحكم لله ولقد صيّرتم الحكم لغيره والله يقول : ( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) (١١) وقال جلّ ذكره : ( وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *

__________________

(١) ليس فى م.

(٢) فى النسخ فى بيان العبارة اختلاف الا انه لا يخل بالمعنى.

(٣) م « بأهل ».

(٤) ح ج س ق مج مث : « فانظروا الى طعنكم على الله وعلى رسوله والى انتسابكم الى الجماعة والسنة ».

(٥) ح ج س ق مج مث : « الا انهم قالوا لآلهتهم ».

(٦) من آية ٣ سورة الزمر.

(٧) ما بين المعقفتين ليس فى م.

(٨) م : « ما ».

(٩) صدر آية ٤٨ سورة الطور.

(١٠) صدر آية ٤٨ سورة القلم.

(١١) ذيل آية ٥٠ سورة المائدة وصدرها : ( أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ).


إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ) (١) فتفهّموا هذه الآيات الواضحات النّيّرات فكيف يدعى النّاس الى الله الاّ أن يدعوا الى كتابه؟! فانّ معنى قوله : اذا دعوا الى الله : أى الى كتاب الله ، وكيف يدعون الى رسوله الاّ [ أن يدعوا الى (٢) ] سنّته؟! فان (٣) زعمتم [ أنّ (٤) ] من (٥) الحكم ما ليس فى كتاب الله ولا فى سنّة رسوله (ص) [ فقد أبطلتم دعاء النّاس الى الله والى رسوله وما لم نورد عليكم من هذا (٦) [ فى ] التّنزيل أكثر ، ولو اقتصصنا كلّ ما فيه من الاحتجاج عليكم لكتبنا أضعاف ما كتبنا ، وفيما اقتصصنا كفاية لمن أراد (٧) الله عزّ وجلّ [ له ] الخير (٨) ].

رجع الكلام منّا الى من زعم أنّ اختلاف أصحاب رسول الله

صلى‌الله‌عليه‌وآله رحمة

وأمّا ما زعمتم من قول النّبيّ (ص) : مثل أصحابى [ فيكم (٩) ] مثل النّجوم

__________________

(١) آيات متواليات من سورة النور ( ٤٧ ـ ٥٢ ).

(٢) ليس فى م.

(٣) غير م : « فاذا ».

(٤) ليس فى م.

(٥) م : « فى ».

(٦) أى من هذا القبيل او من هذا الصنف.

(٧) فى الاصل : « أرى ».

(٨) ج ح س ق مج مث ( بدل ما بين المعقفتين ) : « ولو اقتصصنا كلما فيه الاحتجاج عليكم من الكتاب لكتبنا أضعاف ما كتبنا وفيما اقتصصنا ما يكتفى به من يعقل » ؛ فليعلم أن ما أشرنا إليه فيما سبق ( انظر ص ١٠٣ ) من أن المحقق الجليل الفيض القاسانى (ره) نقل فى كتابه الاصول الاصيلة قد تم هنا ولذا أشار إليه بقوله : « انتهى كلام الفضل » ( انظر ص ١٤ من النسخة المطبوعة بتحقيقنا ).

(٩) ليس فى م.


بأيّهم (١) اقتديتم اهتديتم فاختلاف أصحابى رحمة فانّما قصدتم [ بذلك (٢) ] الطّعن عليه [ وإبطال نبوّته عليه بما (٣) ] لو انّ الملحدين أرادوا [ أن يعيبوه وقصدوه (٤) ] بما رويتم عنه لكانوا قد بلغوا الغاية فى عيبه وذلكم (٥) أنّكم [ زعمتم (٦) ] أنّه فى نبوّته [ أمر بطاعة قوم اذا اقتدينا (٧) ] بهم كنّا مهتدين ثمّ أباح لنا دماءهم وأمرنا بقتلهم وضمن لنا الثّواب على الله عزّ وجلّ [ اذا ] قاتلناهم (٨) وانّا بقتلنا لهم (٩) مهتدون وذلك أنّ طلحة والزّبير ومعاوية وعمرو بن العاص وعبد الله بن الزّبير وعبد الله بن عمرو قاتلوا عليّا ـ عليه‌السلام ـ [ فقتل بينهم أكثر من مائة ألف (١٠) ].

ثمّ كان عثمان قبل ذلك بالمدينة [ وأصحاب رسول الله (١١) ] متوافرون [ وهم مجتمعون (١٢) ] وهو محصور بينهم أربعين يوما والنّاس فى أمره بين قاتل أو خاذل او متشرّف (١٣) الى هوى فى قتله أو ممالأة عليه حتّى كان فيمن نسبتم الى ذلك على وطلحة والزّبير وعمّار فلزمكم فيما نسبتم الى (١٤) النّبيّ (ص) من القول فى الاقتداء

__________________

(١) ج س ق مج مث : « بأيه ».

(٢) ج ق : « به ».

(٣) ح ج س ق مج مث : « فى ابطال نبوته حتى ».

(٤) ح ج س ق مج مث : « عيبه فقصدوا له ».

(٥) ح ج س ق مج مث : « وذلك ».

(٦) ح ج س ق مج مث : « تزعمون ».

(٧) ح ج س ق مج مث : « اذا أمرنا بطاعة قوم فأخبرنا أنا اذا اقتدينا ».

(٨) ح ج س ق مج مث : « قتلناهم ».

(٩) ح ج س ق مج مث : « بقتلهم ». فلعله : « بقتالهم ».

(١٠) س ق مج مث : « مائة ألف انسان أو أكثر من ذلك ».

(١١) مج مث ح ج س ق : « والصحابة ».

(١٢) فى م فقط.

(١٣) ح ج س ق : « منسوب ». والكلمة كما فى المتن بالضبط الصريح فهو من « تشرف له وإليه اى تطلع عليه » فهو قريب من معنى « متشوف ».

(١٤) مج مث ح ج س ق : « إليه ».


بهم [ أنّ (١) ] من اقتدى بواحد منهم فى قتال الآخرين كان مصيبا موفّقا ، وانّ قوما لو كانوا فى صدر النّهار مع طلحة والزّبير فقتلوا من أصحاب عليّ ألف رجل ورجعوا آخر النّهار عن طلحة والزّبير الى عليّ (ع) فقتلوا من أصحاب طلحة والزّبير ألف رجل كانوا مصيبين موفّقين فى قتل الفريقين ، وكذلك [ على قياس قولكم لو قتل طلحة والزّبير عليّا (٢) ] وكذلك فى قتل عثمان وممالأة أحد منهم ان هو قتل عثمان كان فى ذلك مصيبا (٣) موفّقا ، وكذلك فى قتل عليّ ومعاوية وعمرو بن العاص وعبد الله بن عمر وأصحابهم (٤) [ فما عسى هذا الملحد العائب يقول فى عيبه (٥) ] النّبيّ (ص) أكثر ممّا قلتم إنّه (ص) أمر (٦) بالاقتداء بقوم [ ثم أمرهم فقاتلوهم وانّا اذا قاتلناهم على هذه السّبيل التى زعمتم انّا [ كنّا ] مصيبين موفّقين.

انظروا وابحثوا هل يقدر أحد من الملحدين ان يصدّ عن الدّخول فى الإسلام (٧) بأكثر من قولكم ولو دعونا اليهود الى الاسلام وكذلك النّصارى والمجوس فاحتجّوا علينا بقولكم وقالوا : أليس فى نبوّة نبيّكم محمّد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه أمركم بالاقتداء بأصحابه ثمّ أمركم بقتالهم (٨) فأقررنا لهم بما أقررتم أليس قد (٩) صددناهم عن الدّخول فى الاسلام فانظروا ما نسبتم إليه النّبيّ (ص) من الشّنعة (١٠) وهل يمكن أحد

__________________

(١) ليس فى م.

(٢) مج مث ح ج س ق : « لو قتلوا طلحة والزبير وعليا (ع) ».

(٣) ج س ق : « مطيعا ».

(٤) م « واصحابه ».

(٥) ح ج س ق : « فما كنتم تقدرون على ان تعيبوا به ».

(٦) ح ج س ق مج مث : « من ان تقولوا : أمرنا ».

(٧) مج مث ح ج س ق : « وأمرنا بقتلهم وأخبرنا أنا بقتلهم مهتدون موفقون فانظروا هل يقدر أحد على ان يصدعن الدخول فى الاسلام واتباع النبي (ص) ».

(٨) ح ج س ق مج مث : « بقتلهم ».

(٩) ح ج س ق مج مث : « لكنا ».

(١٠) ح ج س ق مج مث : « من الشنعة وقبيح القول والفعل ».


من الملحدين ان يشنّع على الاسلام وأهله بأكثر ممّا شنّعتم (١) ؛ فلئن كنتم تعلمون ما تقولون ، فما (٢) قصدتم الاّ (٣) تعييب رسول الله (٤) وابطال نبوّته والصّدّ عن اتّباعه ، ولئن قلتم ذلك جهلا به لقد ركتبم عظيما وقلتم على الله ما لا تعلمون ؛ وانّ أحقّ النّاس [ بترك مقالته ورفض أحكامه (٥) ] وان لا يحكم على النّاس ولا يقبل له قول فى الاسلام (٦) [ لمن (٧) كانت هذه مقالته على النّبيّ (ص) (٨) ] وذلك أنّكم لمّا جهلتم الكتاب والسّنّة احتلتم (٩) بالعيب عليهما فجوّرتم الله فى حكمه وجهّلتم نبيّه (ص) ، ونسبتم الهداية الى غير الله عزّ وجلّ والعلم بالأحكام (١٠) الى غير رسول الله (ص) (١١).

الاحتجاج على الكثرة والجماعة

وأما ما ذكرتم أنّكم [ أهل ] الكثرة والجماعة فانّا وجدنا الكثرة فى [ موارد من (١٢) ] كتاب الله تعالى هى المذمومة والقلّة هى المحمودة من ذلك (١٣) قوله تعالى [ ( وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) (١٤) وقوله عزّ وجلّ : ( وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ

__________________

(١) فى م فقط.

(٢) م « وما ».

(٣) « الا » ليس فى م.

(٤) م : « وما قصدتم لعيب النبي » لكن ح : « فما قصدتم الا العيب فى النبي ».

(٥) فى م فقط.

(٦) ليس فى م.

(٧) م : « من ».

(٨) مج مث ج س ق : « لمن كانت مقالته على النبي » وقوله : « على النبي » ليس فى م.

(٩) فى جميع النسخ : « احلتم » فالتصحيح نظرى.

(١٠) غير م : « والعلم بالحكم ».

(١١) غير م : « الى غير نبيه (ص) ».

(١٢) ليس فى النسخ ومن اضافاتنا وذلك بقرينة قوله : من ذلك فيما يأتى.

(١٣) غير م : « وذلك ».

(١٤) من آية ١١٩ سورة الانعام.


مُشْرِكُونَ ) (١) وقال عزّ وجلّ : ( وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ ) (٢) وقوله تعالى : ( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) (٣) وقوله تعالى : ( وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ ) (٤) وقوله تعالى : ( وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ) (٥) وقوله تعالى : ( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) (٦) وقوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ ) (٧) وقوله جلّ ثناؤه : ( قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ ) (٨) وفى آي كثير من القرآن يحمد فيها القليل ويذمّ الكثير [ ومن ذمّ الكثير قوله عزّ وجلّ (٩) ] : ( وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) (١٠) و ( لا يَشْكُرُونَ ) (١١) ( وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) (١٢) ( وَلا يُؤْمِنُونَ ) (١٣) أفلا ترى [ أنّ ] القلّة حمدت وانّما حمد الله تعالى أتباع الحقّ وان قلّوا وما كانت يد الله على جماعة أهل الباطل (١٤) قطّ ؛ فان زعمتم أنّ يد الله على من قال بقولكم فهذه شنعة أخرى تزعمون انّ يد الله على من نسب الحكم الى غيره وفيما قصصنا كفاية.

وأمّا قولكم انّ الامّة لم يكن الله ليجمعها على ضلال (١٥)

فهو كما ذكرتم فمن هنا لك (١٦) لم نجامعكم على ما وصفنا من قولكم لفراقنا

__________________

(١) آية ١٠٣ من سورة يوسف. (٢) ذيل آية ١٧ سورة الاعراف.

(٣) ذيل آية ٢٤٩ من سورة البقرة.

(٤) من آية ٢٤ سورة ص.

(٥) ذيل آية ٤٠ سورة هود.

(٦) ذيل آية ١٣ سورة سبأ.

(٧) صدر آية ٦٦ سورة النساء.

(٨) من آية ٢٤٩ سورة البقرة ؛ وليعلم أنه ليس فى م.

(٩) فى م فقط.

(١٠) من آية ١٨٧ سورة الاعراف.

(١١) ذيل آية ٣٨ سورة يوسف.

(١٢) ذيل آية ٤ سورة الحجرات و ١٠٣ سورة المائدة.

(١٣) ذيل آية ١٠٠ سورة البقرة.

(١٤) غير م : « باطل ».

(١٥) م : « الضلال ».

(١٦) ح ج س ق : « ومن هناك ».


ايّاكم واقرارنا من تنزيل الله (١) بما جحدتم واثبات الحجّة لله والتّبليغ لرسوله وحاجة النّاس الى الكتاب والسّنّة وأنّه لا هداية لأحد الى شيء من الحقّ بغيرهما ، وانّ النّاس بهما يهتدون وبتركهما يضلّون ، وأنّه لا حلال الاّ حلال الله ولا حرام الاّ حرام الله ، وأنّه ليس لأحد أن يحرّم او يحلّل دون الله ورسوله ؛ وذلك قوله : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٢) فأىّ تقدّم أشدّ من تقدّم من أحلّ ما لم يحلّه الله ورسوله أو حرّم ما لم يحرّمه (٣) الله ورسوله؟! أليس الله تعالى يقول : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) (٥) وقال تعالى : ( وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ ) (٦) ( مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) (٧) فأىّ شيء تكون به الفرية على الله عزّ وجلّ أكثر من تحليل الدّماء والفروج والأموال أو (٨) تحريمها بما زعمتم أنّه ليس فى كتاب الله ولا سنّة رسوله (٩) واعلموا أنّا (١٠) لم نورد (١١) الاحتجاج عليكم الاّ بما أنتم مقرّون به او بما القرآن به شاهد عليكم (١٢) [ وبالله عزّ وجلّ التّوفيق وايّاه نسأل العصمة من كلّ هوى ورأى وفتنة مضلّة ] (١٣).

__________________

(١) م : « التنزيل ».

(٢) آية ١ سورة الحجرات.

(٣) غير م : « لم يحرم ».

(٤) غير م : « وقال الله تبارك وتعالى ».

(٥) آية ٥٩ سورة يونس.

(٦ و ٧) آية ١١٦ و ١١٧ سورة النحل ؛ والآية الثانية فى نسخة م فقط.

(٨) غير م : « و ».

(٩) ج ح س ق : « فى كتاب ولا سنة ».

(١٠) م : « أنما ».

(١١) غير م : « لم نرد ».

(١٢) ح ج س ق : « أو بما الله به شاهد عليكم فى كتابه ».

(١٣) ما بين المعقفتين فى م فقط.


[ رجع القول بنا الى الاحتجاج عليهم (١) ]

[ فان أقررتم أنّ (٢) ] الله بعث نبيّه (ص) الى خلقه بجميع ما يحتاجون إليه من أمر دينهم وحلالهم وحرامهم وسائر احكامهم وأنّ رسوله (ص) كان يعلمه فلا اختلاف (٣) بيننا وبينكم وذلك أنّه لا بدّ لكم اذا قلتم ذلك ان (٤) تلزموا (٥) الصّواب أهله والخطاء أهله فيرجع الحكم الى الله والى رسوله (ص) والى اهل بيته ، والى أنّ دين الله تعالى قد كمل فبطل الرّأى وأهله ولو أنّ قوما ـ بعدت شقّتهم ـ قالوا : انّ الله عزّ وجلّ لم يبعث نبيّه الى عباده بجميع ما يحتاجون إليه من أمر دينهم وكلّفهم أن يصيبوا الحقّ الّذي [ لم يبلّغهم (٦) ] الرّسول ولا كان يعلمه حتّى استنبطه أصحابه من بعده والتّابعون من بعدهم لكان الواجب على المسلمين أن يغزوهم حتّى يردّوهم عن هذا القول ويقتلوهم عن آخرهم ، فلمّا سمعت فرقة من المرجئة (٧) ما يدخل عليهم من شنع هذا المقال وقبحه (٨).

قالوا : قد بعث الله تعالى نبيّه (ص) الى خلقه بجميع ما يحتاجون إليه من أمر دينهم وحلالهم وحرامهم.

قيل لهم : فهل أبلغهموه الرّسول (ص) أو كتمهموه؟

قالوا : بل أبلغهم.

[ قيل لهم : فما لهم لم يكتفوا بما أبلغهم (٩) ] الرّسول وهو جميع ما يحتاجون (١٠)

__________________

(١) فى م فقط.

(٢) م ( بدل ما بين الحاصرتين ) : « بأن ».

(٣) غير م : « فلا خلاف ».

(٤) غير م : « من أن ».

(٥) مث : « تلتزموا ».

(٦) غير م : « لم يكن بلغهم ».

(٧) غير م : « من هؤلاء ».

(٨) غير م : « من شنيع القول وقبيحه ».

(٩) غير م ( بدلها ) : « قيل : فما بالهم وبالكم لم تكتفوا بما أبلغكم ».

(١٠) غير م : « تحتاجون ».


إليه حتّى قالوا وقلتم بالرّأى؟ ـ قالوا : [ أفنضلّل أبا بكر وعمرو معاذا (١) ] وابن مسعود وابن عبّاس وزيد بن ثابت وغيرهم من الصحابة وكلّهم قد قال بالرّأى فى الحلال والحرام فى الفروج والمواريث والفرائض؟! لا بل نسلّم لهم ما قالوا (٢) ونزعم أنّ الحقّ فيه.

قالت الشيعة : اذا سلّمتم لهم ما قالوا وزعمتم أنّ الحقّ فيه لزمكم ما لزم أصحابكم من الحجّة والشّنعة. وقيل لهم جميعا : [ انّ ما أنكرتم من الاقرار (٣) ] بأنّ جميع ما يحتاج إليه النّاس فى كتاب الله وسنّة نبيّه (ص) مخافة أن تضلّلوا الصّحابة ولم يقع أحد فيهم قطّ كوقوعكم (٤) ولا انتقصهم انتقاصكم بما نحن مثبتوه (٥) لكم [ من رواياتكم المختلفة بمنّ الله وفضله (٦) ].

وذلك أنّكم زعمتم (٧) وأجمعتم (٨) أنتم وعلماؤكم (٩) أنّ أبا بكر حين ولى النّاس خطب فقال : أيّها النّاس قد وليتكم ولست بخيركم فاذا رأيتمونى قد استقمت (١٠) فاتّبعونى ، واذا رأيتمونى قد ملت فقوّمونى ، ألا وانّ لى شيطانا يعترينى فاذا رأيتمونى

__________________

(١) م ( بدل ما بين المعقفتين ) : « فبعد أبو بكر وعمر ومعاذ » ( كله بالرفع على ان يكون فاعل « بعد » ) فبعد بمعنى هلك أو بعد عن الخير ونظير ذلك.

(٢) م : « قالوه ».

(٣) م : « أقررتم » وغير م : « وانما أقررتم من الاقرار » فالتصحيح نظرى والعبارة مشوشة.

(٤) م : « وقيعتكم ».

(٥) غير م : « مبينوه » ( من التبيين ).

(٦) ما بين الحاصرتين فى م فقط.

(٧) ليس فى م.

(٨) م : « واجتمعتم ».

(٩) غير م : « واجتمع عليه فقهاؤكم أجمعون ».

(١٠) فليعلم أن فى هامش هذه الكلمة من نسخة مث هذه العبارة : « من هنا ساقطة من النسخة المقابل بها خمسة او ستة من أوراقها الصغيرة بالنسبة الى هذه الاوراق » أقول : يستفاد من العبارة أن نسخ الكتاب كانت مشوشة وناقصة وسيشير كاتب العبارة الى آخر النقص عند تمامه وننقل عبارته أيضا فى موضعه ان شاء الله تعالى.


مغضبا فتجنّبونى لا أوثر فى أشعاركم (١) وأبشاركم (٢).

__________________

(١) فى النسخ : « بأشعاركم ».

(٢) هذه العبارة من خطبة خطبها أبو بكر بعد ما بويع له ونقله ابن قتيبة فى كتاب الامامة والسياسة ( انظر ص ١٦ من طبعة القاهرة سنة ١٣٧٧ ).

ونقله الطبرى هكذا ( ج ٣ ص ٢١١ ) : « وانما أنا متبع ولست بمبتدع فان استقمت فتابعونى وان زغت فقومونى ، وان رسول الله (ص) قبض وليس أحد من هذه الامة يطلبه بمظلمة ضربة سوط فما دونها ، ألا وان لى شيطانا يعترينى فاذا أتانى فاجتنبونى لا أوثر فى أشعاركم وأبشاركم ».

وذكر ابن كثير فى البداية والنهاية ( ج ٦ ص ٣٠٣ ) نحوه حرفا بحرف.

ونقله السيوطى فى تاريخ الخلفاء هكذا ( ص ٢٧ طبعة مصر سنة ١٣٠٥ ) :

« وأخرج ابن سعد عن الحسن البصرى قال : لما بويع أبو بكر قام خطيبا فقال : أما بعد فانى وليت هذا الامر وأنا له كاره وو الله لوددت ان بعضكم كفانيه ، ألا وانكم ان كلفتمونى أن أعمل فيكم بمثل عمل رسول الله (ص) لم أقم به ، كان رسول الله (ص) عبدا أكرمه الله بالوحى وعصمه به ، ألا وانما أنا بشر ولست بخير من أحدكم فراعونى ، فاذا رأيتمونى استقمت فاتبعونى ، واذا رأيتمونى زغت فقومونى ، واعلموا أن لى شيطانا يعترينى فاذا رأيتمونى غضبت فاجتنبونى لا أوثر فى أشعاركم وأبشاركم ».

قال السيد المرتضى فى الشافى معترضا على ما استدل به قاضى القضاة ما نصه ( ص ٢٤١ ) : « يقال له : أما قولك فى ذلك فباطل لان قول أبى بكر وليتكم ولست بخيركم فان استقمت فاتبعونى وان اعوججت فقومونى فان لى شيطانا يعترينى عند غضبى ، فاذا رأيتمونى مغضبا فاجتنبونى لا أوثر فى أشعاركم ولا أبشاركم ».

وقال شيخ الطائفة فى تلخيص الشافى ( ص ٤١٥ طبعة ايران وص ١٥٧ ج ٣ من طبعة النجف ) ما نصه : « ومما طعنوا عليه وأنه لا يصلح للامامة ما روى عنه أنه قال مختارا : وليتكم ولست بخيركم ( فذكر مثل ما ذكره السيد حرفا بحرف ) ».


فزعمتم فى روايتكم عنه أنّه قد أقرّ على نفسه أنّه قد احتاج الى أن يقوّم ؛ والّذي يقوّمه أقوم (١) بالحقّ منه ، وأنّه لا يؤمن اذا غضب أن يؤثر (٢) بأشعار المسلمين (٣) وأبشارهم ؛ وقد قال النّبيّ (ص) فيما تروون عنه : المؤمن اذا غضب لم يخرجه غضبه من الحقّ ، واذا رضى لم يدخله رضاه فى باطل ؛ ورويتم أنتم عن أبى بكر أنّه [ قال : اذا غضبت فتجنّبونى لا أوثر (٤) بأشعاركم (٥) وأبشاركم وأىّ (٦) وقيعة أكثر من هذه فى أبى بكر ان كنتم

__________________

أقول : هذه العبارة مسلمة الصدور عند الفريقين وانما الكلام فى دلالتها فان علماء الشيعة يستدلون بها على عدم صلاحية أبى بكر للخلافة ، وعلماء العامة يجيبون عن استدلالهم ويقولون : انها لا تدل على عدم صلاحيته لها فللبحث عن مدلولها مضمار واسع ومجال فسيح فى كتب الكلام وقد أطال البحث عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة بعد نقل الخطبة ( راجع ج ٤ من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ه‍ ؛ ص ١٦٦ ـ ١٦٩ ) وكذا جعلها المجلسى فى ثامن البحار الطعن السادس من مطاعن أبى بكر وخاض فى بيان مرامه بالنقض والابرام ( ص ٢٦٨ ـ ٢٧٠ ) ومما قال ابن أبى الحديد فى توجيه كلام أبى بكر هذه العبارة : « وليس قوله : فاجتنبونى لا أوثر فى أشعاركم وأبشاركم محمولا على ظاهره وانما اراد به المبالغة فى وصف القوة الغضبية عنده والا فما سمعنا ولا نقل ناقل من الشيعة ولا من غير الشيعة أن أبا بكر فى ايام رسول الله (ص) ولا فى الجاهلية ولا فى أيام خلافته احتد على انسان فقام إليه فضربه بيده ومزق شعره ( الى آخر ما قال ) وأجاب عنه المجلسى فى الموضع المشار إليه من ثامن البحار بكلام طويل منه هذه الجملة ( ص ٢٧٠ ؛ س ٨ من طبعة أمين الضرب ) : « وبعد تسليم أنه لم ـ يقدم قط على جرح الابشار ونتف الاشعار نقول ( الى آخر ما قال ) » أقول : من أراد استقصاء الكلام فى ذلك المبحث فليراجع الطعن الثامن من مطاعن أبى بكر من كتاب تشييد المطاعن ( انظر المجلد الاول ص ١٢٤ ـ ١١٢ ).

(١) غير م : « أعلم ».

(٢) غير م : « ان يمثل ».

(٣) غير م : « المؤمنين ».

(٤) كذا صريحا فى جميع النسخ فما سبق نقله من نسخ غير م بلفظ « يمثل » كأنه مما تصرف فيه.

(٥) م : « فى أشعاركم ».

(٦) غير م : « فأى ».


صادقين فيما رويتم عنه (١) ، وان كنتم رويتم عنه باطلا فقد [ طرّقتم لغيركم الطّعن عليه (٢) ].

ورويتم أنّ أبا بكر قاتل [ أهل الرّدّة (٣) ] وأهل اليمامة حين منعوه الصّدقة وقد قال : والله ان لو (٤) منعونى عقالا لقاتلتهم عليه (٥) وانّهم صلّوا بأذان واقامة ثمّ شنّها عليهم

__________________

(١) ح : « عليه ».

(٢) غير م ( بدل ما بين المعقفتين ) : « ركبتم ما نسبتموه الى غيركم من الوقيعة ».

(٣) فى م فقط.

(٤) م : « والله لو ».

(٥) قال ابن الاثير فى النهاية : « وفى حديث أبى بكر : لو منعونى عقالا مما كانوا يؤدونه الى رسول الله (ص) لقاتلتهم عليه ؛ أراد بالعقال الحبل الّذي يعقل به البعير الّذي كان يؤخذ فى الصدقة لان على صاحبها التسليم وانما يقع القبض بالرباط. وقيل : أراد ما يساوى عقالا من حقوق الصدقة. وقيل : اذا أخذ المصدق أعيان الابل قيل : أخذ عقالا ، واذا أخذ أثمانها قيل : أخذ نقدا. وقيل : أراد بالعقال صدقة العام يقال : أخذ المصدق عقال هذا العام ؛ أى أخذ منهم صدقة ، وبعث فلان على عقال بنى فلان اذا بعث على صدقاتهم ؛ واختاره أبو عبيد وقال : هو أشبه عندى بالمعنى. وقال الخطابى : انما يضرب المثل فى مثل هذا بالاقل لا بالاكثر وليس بسائر فى لسانهم أن العقال صدقة عام وأكثر الروايات : لو منعونى عناقا ، وفى أخرى جديا. قلت : قد جاء فى الحديث ما يدل على القولين ؛ فمن الاول حديث عمر : انه كان يأخذ مع كل فريضة عقالا ورواء فاذا جاءت الى المدينة باعها ثم تصدق بها ؛ وحديث محمد بن مسلمة : انه كان يعمل على الصدقة فى عهد رسول الله (ص) فكان يأمر الرجل اذا جاء بفريضتين أن يأتى بعقاليهما وقرانيهما. ومن الثانى حديث عمر انه أخر الصدقة عام الرمادة فلما أحيا الناس بعث عامله فقال : اعقل عنهم عقالين فاقسم فيهم عقالا وائتنى بالآخر يريد صدقة عامين. وفى حديث معاوية : انه استعمل ابن أخيه عمرو بن عتبة بن أبى سفيان على صدقات كلب فاعتدى عليهم فقال ابن العداء الكلبى :

سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا

فكيف لو قد سعى عمرو عقالين

نصب عقالا على الظرف ؛ أراد مدة عقال ».


غارة فقتل وسبى. ورويتم أنّ خالدا (١) حين قدم من غزاته تلك أقبل حتّى وصل (٢) المدينة وقد غزر المشاقص (٣) على عمامته فقام إليه عمر وأخذ المشاقص (٤) من عمامته ثمّ أخذ بتلابيبه (٥) يقوده الى أبى بكر وهو يقول : والله لو ولّيت من أمور المسلمين شيئا لضربت عنقك ؛ ولقد تحقّق عندى أنّك قتلت مالك بن نويرة ظلما له وطمعا فى امرأته لجمالها (٦) ، فأبطل أبو بكر قول عمرو أجاز ذلك القتل والسّبى وأجاز لخالد ما صنع.

ورويتم عن جرير بن عبد الحميد (٧) [ الضّبّىّ (٨) ] عن الأعمش (٩) عن خيثمة (١٠) قال : ذكر عند عمر بن الخطّاب قتل مالك بن نويرة فقال : قتله والله مسلما ولقد نصبت (١١)

__________________

(١) غير م : « خالد بن الوليد ».

(٢) غير م : « دخل ».

(٣ و ٤) فى النسخ : « المشاقيص » ( بزيادة الياء فى كلا الموردين ).

(٥) غير م : « بتلبيبه » ؛ قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : فأخذت بتلبيبه وجررته يقال : لببته وأخذت بتلبيبه وتلابيبه اذا جمعت ثيابه ونحره ثم جررته ، وكذلك اذا جعلت فى عنقه حبلا أو ثوبا وأمسكته به ».

(٦) فى غالب النسخ : « ورغبة فى امرأته بجمالها » والقصة مشهورة.

(٧) فى خلاصة تذهيب الكمال : « جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبى الكوفى ثم الرازى ابو عبد الله القاضى ( الى آخر الترجمة ) » وقال ابن حجر فى تهذيب التهذيب فى ترجمته : « روى عن عبد الملك بن عمير وأبى اسحاق الشيبانى ويحيى بن سعيد الانصارى وسليمان التيمى والاعمش ( الى آخر ما قال ) ».

(٨) ليس فى م.

(٩) المراد به سليمان بن مهران الشيعى المعروف.

(١٠) فى تهذيب التهذيب : « خيثمة بن عبد الرحمن بن أبى سمرة واسمه يزيد بن مالك بن عبد الله بن ذويب الجعفى الكوفى ( الى ان قال : ) وعنه زر بن حبيش ( الى ان قال ) وقتادة والاعمش ومنصور وغيرهم ( الى آخر ما قال ) ».

(١١) من قولهم : « نصب الرجل ( من باب علم ) نصبا ـ أعيا ، ونصب فى الامر ـ جد واجتهد ».


فى ذلك ونازلت أبا بكر فيه كلّ المنازلة [ فى ترك قتاله من (١) ] منع الزّكاة فأبى الاّ قتالهم وسبيهم (٢) فلمّا رأيته قد لجّ به شيطانه فى خطاء ما عزم عليه [ أمسكت عجزا عنه وخوفا منه (٣) ] ولقد ألححت عليه فى ذلك يوما حتّى غضب فقال لى : يا ابن الخطّاب انّك لحدب على أهل الكفر بالله والرّدّة عن الاسلام ، فأمسكت عنه وقلت له : ولمبيح دمائهم كان أحدب (٤) على أهل الكفر منّى.

ورويتم عن المعتمر (٥) بن سليمان [ عن يونس (٦) ] عن الحسن البصرىّ أنّه سئل عن قول عمر ؛ كانت بيعة أبى بكر فلتة وقى الله شرّها ؛ فمن عاد لمثلها فاقتلوه ، ما أراد عمر بذلك؟ ـ قال : شيء كان فى صدر عمر أحبّ أن يظهره ، فقال السّائل : أمن موجدة (٧) كانت من عمر على أبى بكر؟ ـ قال الحسن : فما تراه اذا؟ [ مع أنّه قد (٨) ] كانت بين (٩) قوم حركة هى الّتي [ دعت عمر الى ذلك الموقف بهذا الكلام (١٠) ] فقال له الرّجل : فما تلك الحركة؟ ـ فقال الحسن : أعرض عمّا فات فانّ الله حسيب ما هناك.

__________________

(١) غير م : « وفى قتال من » عطفا على قوله : « فيه » فيما سبق.

(٢) غير م : « الا قتالهم وسباهم ».

(٣) م : « فأمسكت عجزا وخوفا ».

(٤) قال ابن الاثير فى النهاية : « وفى حديث على ـ رضى الله عنه ـ يصف أبا بكر : وأحدبهم على المسلمين اى أعطفهم وأشفقهم يقال : حدب عليه يحدب اذا عطف » فعلم منه معنى الحدب وقال الزمخشرى فى أساس البلاغة : « حدب عليه وتحدب ـ تعطف ، وهو حدب على أخيه ، وفيه ما شئت من العطف والحدب على حفدة العلم والادب ».

(٥) غير م : « ومن ذلك ما رواه المعتمر ».

(٦) فى م فقط.

(٧) قال الزبيدى فى تاج العروس : « وقال شراح الفصيح : وجدت على الرجل موجدة أى غضبت عليه ، وأنا واجد عليه أى غضبان ».

(٨) ليس فى م.

(٩) غير م : « من ».

(١٠) م : « دعت عمر الى الكلام ».


ورويتم عن الهيثم بن عدىّ عن عبد الله بن عبّاس الهمدانيّ عن سعيد بن جبير قال (١) : ذكر أبو بكر وعمر عند عبد الله بن عمر فقال رجل من القوم : كانا والله شمسى هذه الامّة ونوريها ، فقال له ابن عمر : وما يدريك؟ ـ فقال له الرّجل : أو ليس قد ايتلفا ، فقال ابن عمر : بل اختلفا لو كنتم تعلمون ، أشهد أنّى كنت عند أبى يوما وقد أمرنى أن أحبس النّاس عنه (٢) فاستأذن عليه عبد الرّحمن بن أبى بكر فقال عمر : دويبّة (٣)

__________________

(١) رواه أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبرى الشيعى فى المسترشد ( ص ٣٩ ـ ٤٢ من النسخة المطبوعة فى النجف ) والسيد المرتضى فى الشافى ( ص ٢٤٢ من النسخة المطبوعة بايران ) وشيخ الطائفة فى تلخيص الشافى تحت عنوان « ومما طعنوا به فى إمامة أبى بكر » ( ص ٤١٦ طبعة طهران سنة ١٣٠١ وص ١٦١ من الجزء الثالث من طبعة النجف ) وابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة ( ص ١٢٤ من المجلد الاول من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ) والبياضى فى الصراط المستقيم ( ج ٣ صفحة ٣٠٢ من طبعة طهران ) والمجلسى فى ثامن البحار ضمن الطعن الرابع من مطاعن أبى بكر ( ص ٢٥٩ من طبعة أمين الضرب ) والسيد هاشم البحرانى فى غاية المرام فى الباب السابع والخمسين من الفصل الاخر ( ص ٥٦٠ من النسخة المطبوعة ) والحسن بن عبد الرزاق اللاهيجى فى شمع اليقين لكن بعد نقله الى اللغة الفارسية ( ص ٢١٢ من النسخة المطبوعة ) وكذا نقله لسان الملك سپهر المستوفى ( محمد تقى ) فى مجلد الخلفاء من ناسخ التواريخ ( ص ٧٩ من الطبعة الاولى ) الى غير ذلك ممن نقله.

(٢) م : « بأحلاس من اهيبها » ج : « بأحلاس أرفأها وأصلح منها » والمسترشد : « أن أهيئ أحلاسا وأصلح منها » وعبارات سائر النسخ تدور حول ما نقل والتصحيح من الشافى وغيره من الكتب المنقول فيها الحديث.

(٣) هى بضم الدال وفتح الواو وسكون الياء وفتح الباء المشددة ، وجوز التقاء الساكنين فى الكلمة كون الاول منهما حرف لين قال التفتازانى فى شرح التصريف معترضا على عبارة الزنجانى أعنى صاحب المتن وهى : « فان التقاء الساكنين انما يجوز اذا


سوء (١) ولهو خير من أبيه ، فأوحشنى (٢) ذلك منه فقلت : يا أبه (٣) عبد الرّحمن خير من أبيه؟! فقال [ بضجر (٤) : ] ومن ليس بخير من أبيه لا أمّ لك ..! [ فسكت ساعة وانثنى (٥) عنه (٦) ] ثمّ قال لى : ائذن لعبد الرّحمن فدخل عليه فكلّمه فى الحطيئة الشّاعر أن يرضى عنه وكان عمر قد حبسه (٧) فى شعر قاله فقال عمر : [ انّ الحطيئة قد بطر فدعنى أحسمه (٨) ]

__________________

كان الاول حرف مد والثانى مدغما فيه نحو دابة » ( ومراده من حرف المد هو الواو والألف والياء ) وقال ما نصه : « وكان الاولى ان يقول حرف لين ليدخل فيه نحو خويصة ودويبة لان حرف اللين أعم من حروف المد كما سنذكره لكن المصنف لا يفرق بينهما » والكلمتان أعنى « الخويصة والدويبة » مما يستشهد بهما لمثل ما ذكر فى كثير من كتب الادب.

__________________

(١) قال المجلسى فى بيانه للحديث : « ودويبة سوء بفتح السين بالإضافة ، وفيه دلالة على غباوة عبد الرحمن للتصغير ، وعلى حمقه لكون اللفظة تصغير الدابة ، وعلى خبث طينته للاضافة الى السوء ».

(٢) قرأه المجلسى « فأوجسنى » ( بالجيم والسين المهملة ) وكذا نقله فى البحار وقال فى بيانه : « والوجس كالوعد الفزع ، وأوجسنى أى أفزعنى » أقول : هذا البيان لا يساعده استعمال أهل اللسان فان أبيت فراجع مظانه :

(٣) فى بعض النسخ : « يا أبت ».

(٤) فى م فقط.

(٥) فى الاصل : « وأخشى ».

(٦) ما بين المعقفتين فى م فقط.

(٧) حبس عمر الحطيئة مما صرح به فى غير هذه الحكاية وذلك أن ابن أبى الحديد قال فى شرح نهج البلاغة عند بحثه عن سيرة عمر ( ج ٣ ص ١٠٣ و ١٠٧ من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ) ما نصه : « قال زيد بن أسلم : كنت عند عمر وقد كلمه عمرو بن العاص فى الحطيئة وكان محبوسا فأخرجه من السجن ثم أنشده ( الى آخر ما قال ) » أقول : نذكر هذه القضية فى مجلد التعليقات ان شاء الله تعالى.

(٨) مث ق ح ج مج : « ان فى الحطيئة بذاء فدعنى أحسنه » ( فى ح : « أخشعه »


بطول الحبس فألحّ عليه عبد الرّحمن [ فخلاّه له (١) ] فلمّا خرج أقبل عليّ أبى فقال : أو فى غفلة أنت الى يومك هذا عمّا [ كان من (٢) ] [ تقدّم (٣) ] [ ابن تيم بن مرّة عليّ (٤) ] وظلمه لى؟! ـ فقلت : يا أبه لا علم لى بما كان من ذلك فقال لى : يا بنيّ وما عسيت أن تعلم؟ ـ فقلت : والله لهو أحبّ الى النّاس من ضياء أبصارهم ، قال : انّ ذلك لكما ذكرت (٥) على رغم أبيك وسخطه ، فقلت : يا أبه أفلا تجلّى (٦) عن (٧) فعاله (٨) بموقف فى

__________________

لكن فى المسترشد : « ان فى الحطيئة تأودا فدعنى أقومه وأحسنه » أقول : أما البطر فقال الطريحى فى مجمع البحرين : « قوله تعالى : ( بَطِرَتْ مَعِيشَتَها ) بكسر الطاء أى فى معيشتها وقد تكرر فى الحديث ذكر البطر وهو كما قيل سوء احتمال الغنى والطغيان عند النعمة ويقال : هو التجبر وشدة النشاط وقد بطر بالكسر يبطر بالفتح وأبطره المال » وأما التأود فهو من الاود بمعنى الاعوجاج فمعنى البطر والاود متقارب لان المراد بهما الانحراف عن طريق الاعتدال ، وأما البذاء فقال المجلسى فى بيانه : « والبذاء بالمد الفحش والكلام القبيح ويقال : فلان بذى كغنى وبذى اللسان ».

__________________

(١) كذا فى م فقط وأما سائر النسخ وسائر موارد نقل الحديث من الشافى وتلخيصه وشرح ابن أبى الحديد وغاية المرام وغيرها مما أشير إليه آنفا ففيها جميعا : « فأبى » أو « وأبى ».

(٢) ليس فى م.

(٣) ح : « من تعدى ».

(٤) غير م : « أفحج بنى تيم على » وكذا فى المسترشد أما الشافى وسائر موارد نقله ففى جميع تلك الموارد : « أحيمق بنى تيم على » أما الافحج ففى كتب اللغة : « الفحج تدانى صدور القدمين وتباعد العقبين » وفى المغرب : « الفحج تباعد ما بين أوساط الساقين من الرجل والدابة » وأما « أحيمق » ففى جميع موارد نقله بصيغة التصغير فهو مصغر أحمق.

(٥) كذلك فى م والمسترشد وأما سائر النسخ والكتب فهى : « لكذلك ».

(٦) فى الشافى وتلخيصه وشرح ابن أبى الحديد والبحار وسائر موارد نقله « أفلا تحكى ».

(٧) ليس فى المسترشد.

(٨) الشافى وابن أبى الحديد والبحار : « فعله » والمسترشد « أفعاله ».


النّاس تبيّن ذلك لهم؟ ـ قال : وكيف لى بذلك مع ما ذكرت أنّه أحبّ الى النّاس من ضياء أبصارهم ؛ اذا لرضخت هامة أبيك (١) بالجندل (٢).

قال ابن عمر : ثمّ تجاسر والله فجسر (٣) : فما دارت الجمعة حتّى قام خطيبا فى النّاس فقال : يا أيّها النّاس انّ بيعة أبى بكر كانت فلتة وقى الله شرّها فمن عاد الى مثلها فاقتلوه (٤).

وكان (٥) الّذي (٦) حدا (٧) عمر على ذلك مع ما كان فى صدره على أبى بكر (٨) أنّه بلغه عن قوم همّوا (٩) بأفاعيل يفعلونها وأمور يأتونها فكانت هى الّتي هيّجت عمر (١٠) على ذلك. قال (١١) ابن عمر : فقلت : انّ لكل شيء (١٢) سببا ؛ وانّ ما كان من اخبار (١٣)

__________________

(١) غير نسخ الكتاب : « يرضح رأس أبيك » فقال المجلسى : « ويرضح رأس أبيك أى يكسر ويدق من الرضح بالراء والضاد المعجمة والحاء المهملة او بالخاء المعجمة ».

(٢) قال المجلسى : « الجندل كجعفر الحجارة ».

(٣) قال المجلسى : « فتجاسر فجسر أى اجترأ وأقدم على اظهار ما كان فى ضميره ».

(٤) فليعلم أن هذا الكلام قد ثبت صدوره عن عمر متواترا بين المسلمين وخاض العلماء وخاصة المتكلمون فى بيان المراد منه فمن أراد استقصاء البحث عنه واستيفاء الحظ منه فليراجع تشييد المطاعن وكشف الضغائن ( ج ١ ص ١٢٤ ـ ١٤٧ ) فان مؤلفه جعل هذا الكلام الطعن التاسع من مطاعن أبى بكر وبحث عنه بما لا مزيد عليه.

(٥) المسترشد : « فكان ».

(٦) من هنا أى من قوله : « وكان الّذي » الى قوله : « من السخط على أبى بكر » فى نسخ هذا الكتاب وكتاب المسترشد فقط وليس فى الشافى وسائر الكتب المشار إليها فيما سبق.

(٧) ح : « عدى ».

(٨) المسترشد : « عليه ».

(٩) غير م والمسترشد : « كانوا هموا ».

(١٠) فى م والمسترشد فقط.

(١١) غير م : « فقال » وكذا فى المسترشد.

(١٢) غير م : « لكل أمر » وكذا فى المسترشد.

(١٣) م : « اختيار ».


هؤلاء القوم الّذين [ أرادوا ما أرادوا و (١) ] همّوا بما همّوا به (٢) ممّا (٣) تسبّب به عمر الى الكلام فى أبى بكر وأنّه لأوّل باب (٤) فتحه عمر من السّخط (٥) على أبى بكر.

وروى الهيثم بن عدىّ [ أيضا (٦) ] عن مجالد بن سعيد قال : غدوت يوما الى الشّعبىّ وأنا أريد أن أسأله عن شيء بلغنى عن ابن مسعود أنّه كان يقول فأتيته فى مسجد حيّة (٧) وفى المسجد قوم ينتظرونه فخرج [ فتعرّفت إليه (٨) ] وقلت : أصلحك الله كان ابن مسعود يقول : ما كنت محدّثا قوما حديثا لا تبلغه عقولهم الاّ كان لبعضهم فتنة؟ قال نعم ؛ قد كان ابن مسعود يقول ذلك ؛ وكان ابن عبّاس يقوله أيضا وكان عند ابن عبّاس دفائن علم (٩) يعطيها أهلها ويصرفها عن غيرهم ، فبينا نحن كذلك اذ أقبل رجل من الأزد فجلس إلينا ، فأخذنا فى ذكر أبى بكر وعمر فضحك الشّعبىّ وقال : لقد كان فى صدر عمر ضبّ (١٠) على أبى بكر فقال الأزدىّ : والله ما رأينا ولا سمعنا

__________________

(١) فى م فقط.

(٢) المسترشد : « هموا بأفاعيل ».

(٣) ليس فى م.

(٤) غير م كالمسترشد : « وانه باب ».

(٥) المسترشد : « من السخطة ».

(٦) ليس فى نسخ الكتاب والمسترشد ولكنه فى جميع سائر الكتب المشار إليها.

(٧) كذا فى جميع النسخ الا فى غاية المرام ففيها : « حنة » ( بالنون ) ولعل الصحيح : « حيه ».

(٨) م : « فتعرض » ح : « فتوقص » ( بالصاد المهملة ) مث مج ق : « فتوقص » ج : « فيفوض » وفى كلها بعده : « إليه القوم » وفى المسترشد : « فنهض إليه القوم ».

(٩) ج ح مج مث س ق : « دفاتر علم » وفى المسترشد : « وكان لابن عباس علوم ».

(١٠) كذا فى الشافى وتلخيصه والبحار وشرح النهج وغاية المرام لكن م : « عجائب » وج س ق مج مث : « حقد صب » ( بالصاد المهملة ) وله وجه صحيح اى كان له حقد فى قلبه فأظهره وأما نسخة ح فهو : « حقد ضب » ( بالصاد المعجمة ) وفى المسترشد : « خب » فقال المجلسى : « الضب بالفتح الحقد والغيظ » وقال مصحح تلخيص الشافى فى ذيل الكلمة : « الضب بالفتح والكسر الحقد الخفى ».


برجل قطّ كان أسلس قيادا لرجل ولا أقول فيه بالجميل (١) من عمر فى أبى بكر فأقبل عليّ عامر الشّعبىّ فقال : هذا ممّا سألت عنه ، ثمّ أقبل على الرّجل فقال : يا أخا الأزد كيف تصنع بالفلتة الّتي وقى الله شرّها؟! أترى عدوّا يقول فى عدوّ يريد أن يهدم ما بنى لنفسه فى النّاس أكثر من قول عمر فى أبى بكر؟ ـ فقال الرّجل : سبحان الله يا با عمرو (٢) أنت تقول ذلك؟! فقال الشّعبىّ : أنا أقوله ؛ قاله عمر بن الخطّاب على رءوس الأشهاد فلمه أودعه ، فنهض الرّجل مغضبا (٣) وهو يهمهم فى الكلام (٤) بشيء لم أفهمه فقال مجالد : فقلت للشّعبىّ : ما أحسب هذا الرّجل الاّ سينقل عنك هذا الكلام الى النّاس ويبثّه فيهم قال : اذا والله لا أحفل بذلك ؛ شيء (٥) لم يحفل به ابن الخطّاب حين قام به (٦) على رءوس المهاجرين والأنصار أحفل به!؟ وأنتم أيضا فأذيعوه عنّى (٧) ما بدا لكم.

[ وقد روى شريك بن عبد الله النّخعىّ عن محمّد بن عمر بن مرّة عن أبيه عن عبد الله بن سلمة عن أبى موسى الأشعرى (٨) ] قال : حججنا (٩) مع عمر بن الخطّاب فلمّا

__________________

(١) فى الشافى وسائر الكتب : « أقول بالجميل فيه ».

(٢) فى بعض النسخ : « أبا عمرو » وهو كنية الشعبى كما ذكره علماء التراحم.

(٣) غير م : « مسرعا كالمغضب » وفى المسترشد : « مسرعا ولم يودع وهو كالمغضب ».

(٤) غير م وكذا المسترشد : « من الكلام ».

(٥) كذا فى م ؛ وفى شرح ابن أبى الحديد وغاية المرام : « وشيء » وأما غير م والشافى والبحار : « شيئا » وفى المسترشد : « اذا والله لا أحفل به » وقال المجلسى فى بيانه : « ولا ـ أحفل به أى لا أبالى ».

(٦) فى المسترشد : « قد قاله ».

(٧) فى غير م : « فأذيعوا عنى » وكذا فى المسترشد.

(٨) عبارة المتن فى السند عبارة الشافى والتلخيص وشرح النهج والبحار وغاية المرام أما النسخ ففى م : « وروى شريك عن عبد الله بن سلمة عن أبى موسى الاشعرى » وغير م هكذا : « وروى شريك بن عبد الله النخعى عن محمد بن عبد الله عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمى ( الا فى ق ففيها : سليمان ) عن أبى موسى الاشعرى ».

(٩) « خرجنا » وفى الشافى وسائر الكتب : « حججت ».


دخلنا مكّة و (١) نزلنا وغطّ (٢) النّاس خرجت من رحلى وأنا أريد عمر فلقينى فى طريقى إليه (٣) المغيرة بن شعبة فرافقنى (٤) ثمّ قال : أين تريد يا با موسى (٥) فقلت : اريد أمير المؤمنين عمر فهل لك فيه؟ ـ فقال : نعم ؛ مع المتعة بحديثك (٦) فانطلقنا نريد رحل عمر فانّا لفى (٧) طريقنا اذ ذكرنا فضل (٨) عمرو قيامه بما هو فيه وحيطته (٩) على الاسلام ونهوضه بما قبله من ذلك ثمّ خرجنا من ذلك الى ذكر أبى بكر [ ثمّ قال (١٠) : ] فقلت للمغيرة : يا لك

__________________

(١) « دخلنا مكة و » ليست فى غير نسخ الكتاب.

(٢) م : « عطن » ح : « فض » وسائر النسخ : « عظ » ( بالعين المهملة والطاء المعجمة ) وهو قطعا مصحف : « غط » ( بالغين المعجمة والطاء المشددة المهملة ) وأما سائر الكتب من الشافى وتلخيصه وشرح ابن أبى الحديد والبحار فهى : « عظم » فالمتن من غط النائم يغط غطا وغطيطا اذا نخر وتردد نفسه صاعدا الى حلقه حتى يسمعه من حوله قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : انه نام متى سمع غطيطه ؛ الغطيط الصوت الّذي يخرج مع نفس النائم وهو ترديده حيث لا يجد مساغا وقد غط يغط غطا وغطيطا ومنه حديث نزول الوحى فاذا هو محمر الوجه يغط » أقول : ومنه ما يجرى مجرى المثل بين الادباء عند وصفهم للسفر وحضهم عليه : « ألا ان الرفعة فى أطيط الراحل لا فى غطيط النائم ، وان صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم » فالمعنى أن الناس قد استراحوا فناموا حتى سمع غطيطهم.

(٣) « فى طريقى إليه » ليس فى غير نسخ الكتاب.

(٤) هذا فى الشافى وغيره لكن فى نسخ الكتاب : « فوافقى » ( من وفق بالواو ).

(٥) « يا با موسى » فى نسخ الكتاب فقط وهو مخفف « يا أبا موسى ».

(٦) ما بعد « نعم » فى نسخ الكتاب فقط.

(٧) كذا فى الشافى وغيره لكن فى نسخ الكتاب : « فى ».

(٨) فى الشافى وغيره مكانه : « تولى ».

(٩) فى الشافى وغيره « حياطته ». فليعلم أن عبارة كتاب المسترشد فى هذا الحديث لما كانت مغايرة فى اللفظ لعبارة هذا الكتاب لم نشر إليه هنا لئلا يكبر حجم الكتاب.

(١٠) فى الشافى فقط.


الخير (١) لقد كان أبو بكر مسدّدا فى عمر كأنّه ينظر الى قيامه [ من بعده (٢) ] وجدّه واجتهاده وعناءه فى الاسلام فقال المغيرة : لقد كان كذلك (٣) وان كان قوم كرهوا ولاية عمر ليزووها (٤) عنه وما كان لهم فى ذلك لو كان (٥) [ من (٦) ] حظّ فقلت له : لا أبالك ما ترى القوم الّذين كرهوا ذلك من عمر أرادوا؟ (٧) فقال لى المغيرة : لله أنت! كأنّك [ فى غفلة (٨) ] [ و ] لا تعرف هذا الحىّ من قريش وما قد خصّوا به من الحسد فو الله ان (٩) لو كان الحسد شيئا يرى فيحسب أو (١٠) يدرك بحساب لكان لقريش تسعة أعشار الحسد (١١) وللنّاس [ كلّهم (١٢) ] عشر بينهم ، قال : فقلت له : مه يا مغيرة فانّ قريشا قد بانت بفضلها على النّاس فلم نزل فى هذا الذّكر (١٣) حتّى انتهينا الى رحل عمر فلم نجده فسألنا عنه فقيل : [ قد (١٤) ] خرج آنفا يريد المسجد فمضينا جميعا (١٥) نقفو أثره حتّى دخلنا المسجد فاذا عمر يطوف بالبيت ؛ فطفنا معه ، فلمّا فرغ دخل بينى وبين المغيرة فتوكّأ على المغيرة ثمّ قال (١٦) :

__________________

(١) قال المجلسى فى بيانه : « وبالك الخير بالباء أى قلبك وشأنك ؛ ويحتمل الياء حرف النداء بحذف المنادى أى يا هذا لك الخير أو يا من لك الخير ، وفى بعض النسخ : ما لك الخير ».

(٢) فى الشافى وغيره.

(٣) فى الشافى وغيره « ذلك ».

(٤) ح : « ليذودوها » ( بالذال المعجمة ) يقال : « زوى الشيء عنه أى منعه ، وكذا يقال : زاد عن الشيء طرده ودفعه ».

(٥) « لو كان » ليس فى سائر الكتب.

(٦) فى شرح النهج فقط.

(٧) « أرادوا » فى نسخ الكتاب فقط.

(٨) فى الشافى والبحار فقط.

(٩) « ان » فى نسخ الكتاب فقط.

(١٠) « يرى فيحسب أو » فى نسخ الكتاب فقط.

(١١) شرح ابن أبى الحديد : « تسعة أعشاره ».

(١٢) فى شرح ابن أبى الحديد فقط.

(١٣) فى الشافى وتلخيصه « فى ذلك » وفى شرح النهج والبحار « فى مثل ذلك ».

(١٤) فى شرح ابن الحديد فقط.

(١٥) فى نسخ الكتاب فقط.

(١٦) شرح ابن الحديد : « وقال ».


من أين والى أين أنتما (١)؟ ـ فقلنا : يا أمير المؤمنين خرجنا نريدك فأتينا (٢) رحلك فقيل لنا : خرج يريد المسجد ؛ فاتّبعناك ، فقال : اتّبعكما الخير. ثمّ انّ المغيرة نظر إليّ فتبسّم ، فنظر (٣) إليه عمر فأقبل عليه (٤) فقال : ممّ تبسّمت أيّها العبد؟ ـ فقال : من حديث كنت أنا وأبو موسى فيه آنفا فى طريقنا أليك فقال : وما ذاك (٥) الحديث؟ ـ فقصصنا عليه الخبر حتّى بلغنا ذكر حسد قريش وذكر من أراد منهم (٦) صرف أبى بكر عن ولاية (٧) عمر فتنفّس عمر الصّعداء (٨) ثمّ قال : ثكلتك أمّك يا مغيرة وما تسعة أعشار الحسد؟! انّ (٩) فيها لتسعة (١٠) أعشار الحسد كما ذكرت وتسعة أعشار العشر وفى النّاس كلّهم (١١) عشر العشر وقريش شركاؤهم (١٢) فى عشر العشر أيضا ثمّ مكث مليّا (١٣) وهو يتهادى (١٤) بيننا ثمّ قال : أولا (١٥) أخبر كما بأحسد

__________________

(١) م وشرح ابن أبى الحديد والشافى وغيرها : « من أين جئتما؟ » وسائر نسخ الكتاب : « من أين بكما؟ ».

(٢) م : « فأردنا ».

(٣) فى نسخ الكتاب : « ونظر ».

(٤) هذه الجملة فى نسخ الكتاب فقط.

(٥) ح : « وما ذلك ».

(٦) م : « منها » وهذه الكلمة فى نسخ الكتاب فقط.

(٧) شرح ابن أبى الحديد : « عن استخلاف » وكذا فى البحار الا أنه جعل فى الهامش « ولاية عمر » بدلا منه.

(٨) غير م : « صعداء » بلا الف ولام لكن فى م وجميع سائر الكتب كما فى المتن ؛ قال المجلسى فى بيانه : « والصعداء بضم الصاد وفتح العين والمد تنفس ممدود ».

(٩) ليس فى م.

(١٠) فى بعض النسخ والكتب : « تسعة » وعبارة شرح النهج : « بل وتسعة ».

(١١) فى شرح النهج فقط.

(١٢) فى غالب النسخ : « شركاؤها ».

(١٣ و ١٤) قال المجلسى : « وسكت مليا أى طائفة من الزمان ، ويتهادى بيننا أى يمشى بيننا معتمدا علينا ».

(١٥) فى بعض النسخ والكتب : « ألا ».


قريش كلّها؟ ـ قلنا بلى يا أمير المؤمنين فقال : أو عليكما (١) ثيابكما؟ ـ قلنا : نعم قال : فكيف بذلك وأنتما ملبسان (٢) ثيابكما ، فقلنا له : يا أمير المؤمنين وما بال الثّياب؟ (٣) قال : خوف الاذاعة (٤) من الثّياب يا ابن قيس قال : قلت له : أتخاف الاذاعة من الثّياب؟! فأنت والله من ملبسى (٥) الثّياب أخوف وما الثّياب أردت ، فقال : هو ذاك فانطلق وانطلقنا معه حتّى انتهينا الى رحله فخلّى (٦) أيدينا من يديه (٧) وقال : لا تريما (٨) [ كونا قريبا حيث أبتغيكما (٩) ] فأخبركما (١٠) ثمّ دخل رحله فقلت للمغيرة : لا أبالك لقد عثرنا (١١) بكلامنا (١٢)

__________________

(١) بعض النسخ والكتب : « وعليكما ».

(٢) م : « تلبسان » وح : « لابسان » وباقى النسخ : « متلبسان ».

(٣) ح : « فقلنا له يا أمير المؤمنين ومم ذلك؟ ».

(٤) قال المجلسى : « الاذاعة الافشاء ».

(٥) غير م : « من متلبسى ».

(٦) ح : « فحل » ( بالحاء المهملة واللام المشددة ).

(٧) م وسائر الكتب : « من يده ».

(٨) ح : « لا تبرحا » ؛ قال المجلسى : « لا تريما ؛ اى لا تبرحا ؛ يقال : رام يريم اذا برح وزال عن مكانه ».

(٩) ما بين المعقفتين ليس فى م.

(١٠) كذا فى ح أما سائر النسخ ففيها « فآخذ كما » الا نسخة م فليست الكلمة فيها أصلا.

(١١) فى شرح نهج البلاغة : « أثرنا » ( بالهمزة ).

(١٢) قال المجلسى : « العثرة الزلة وعثرنا بكلامنا أى أخطأنا فى حكاية كلامنا » أقول : لم يصب المجلسى ـ أعلى الله درجته ـ فى بيان معنى هاتين الكلمتين لان « عثر » هنا مستعملة مع كلمة على لان « على دفينة لعمر » صلة « عثر » وتتعلق بها والمعنى أنا اطلعنا ووقفنا بكلامنا مع عمر على سر من أسراره ، وهذا الاستعمال من قول العرب : « عثر فلان على السر وغيره ـ اطلع عليه وعلمه » الا أن عذر المجلسى ـ جزاء الله عن الاسلام وأهله خير الجزاء ـ فى هذا الاشتباه واضح لان عبارة « على دفينة لعمر »


[ معه (١) ] وما كنّا فيه من (٢) حديثنا على دفينة لعمر (٣) وما أراه حسبنا الاّ ليذاكرنا (٤) ايّاها (٥) فما ترى [ فى ] ذلك ظنّ ظنّك (٦) قال : انّا لبذلك (٧) اذ خرج آذنه إلينا فقال : ادخلا ؛ فدخلنا ، فاذا عمر مستلق (٨) على برذعة (٩) الرّحل فلمّا دخلنا أنشأ يتمثّل بشعر (١٠) كعب بن زهير (١١) :

__________________

ليست فى نسخة البحار كما أنها ليست فى الشافى وتلخيص الشافى وشرح نهج البلاغة فكأنها كانت ساقطة من جميعها بشهادة وجودها فى جميع نسخ هذا الكتاب أعنى « الايضاح » ويؤيد سقوطها من سائر الكتب ضمير « اياها » فى ذيل العبارة « ليذاكرنا اياها » مضافا الى أن المعنى معها يستقيم وبدونها لا يستقيم الا مع تكلف كما هو ظاهر للمتأمل.

__________________

(١) فى شرح النهج والبحار فقط.

(٢) فليعلم أن نسخة م ناقصة من هنا أعنى من كلمة « حديثنا » الى تلك العبارة : « غضبا شديدا وقال : أبت قلوبكم يا بنى هاشم » وستأتى ونشير إليها فى موضعها ان شاء الله تعالى.

(٣) « على دفينة لعمر » فى نسخ هذا الكتاب فقط.

(٤) كذا فى سائر الكتب وفى نسخ الكتاب : « لمذاكرتنا ».

(٥) هذا الضمير ينادى بأعلى صوته أن هنا ساقطة فى سائر النسخ لانه موجود فيها ولا مرجع له فالساقطة هى ما هو موجود فى نسخ الكتاب من قوله : « على دفينة لعمر » كما ذكرناه مفصلا.

(٦) اى أعمل فكرك وأمعن نظرك فى ذلك فقل ما بدا لك فيه.

(٧) فى سائر الكتب : « فانا لكذلك ».

(٨) من قولهم : « استلقى على قفاه ـ نام ».

(٩) البرذعة باهمال الدال واعجامها الحلس يلقى تحت الرحل ».

(١٠) فى سائر الكتب : « ببيت » أو « بقول ».


لا تفش سرّك الاّ عند ذى ثقة

أو ، لا (١)؛ فأفضيل (٢) ما استودعت أسرارا

صدرا (٣) رحيبا وقلبا واسعا (٤) قمنا (٤)

أن لا تخاف متى (٥) أودعت (٦) اظهارا.

فلمّا سمعناه يتمثّل بشعر علمنا أنّه يحبّ (٧) أن نضمن له كتمان حديثه فقلت أنا له (٨) : يا أمير المؤمنين أكرمنا وخصّنا وفضّلنا (٩) فقال : بما ذا يا أخا الأشعر (١٠)؟ قلت : بايداعنا

__________________

١١ ـ ذكرهما عباس عبد القادر وهو الّذي كتب مقدمة وتعليقات على شرح ديوان كعب للسكرى فيما أنشد للكميت ولم ينشر فى ديوانه ( انظر ص ٢٥٧ من شرح ديوان كعب لابى سعيد السكرى من طبع دار الكتب سنة ١٣٦٩ ه‍ ).

__________________

(١) ح : « ولى » وسائر النسخ والتلخيص : « ولا » والشافى فى المتن : « ولا » وفى الهامش بعنوان بدل النسخة : « ولى » والبحار وشرح النهج : « أولى ».

(٢) نسخ الكتاب : « بأفضل » وكذا الشافى والتلخيص أما شرح النهج والبحار : « وأفضل » حتى يكون عطفا على « أولى » على ما فى نسختيهما من كون كليهما بصيغة أفعل التفضيل.

(٣) قال عباس عبد القادر فى ذيل الصفحة : « كذا بالنصب هو وما بعده ؛ وحقها ان تكون بالرفع خبرا لا فضل وقد قال الاستاذ الميمنى : أخاف عليهما النحل ».

(٤) كذا فى شرح نهج البلاغة وفى نسخ الكتاب « صمتا » ( بالصاد المهملة والتاء ) وكذا فى غرر الخصائص الواضحة لابى اسحاق برهان الدين ابراهيم الوطواط ( انظر ص ١٨١ من طبع بولاق ) وكذا نقل عن ذلك الكتاب فى ذيل شرح ديوان كعب كما أشرنا إليه ( انظر ص ٢٥٧ ) وكذا فى غالب سائر الكتب وفى بعضها « ضمنا » ( بالضاد المعجمة والنون ).

(٥) كذا فى شرح نهج البلاغة ، وفى نسخ الكتاب : « لا تخش منه لما » وفى بعضها مكان « لما » : « اذا ».

(٦) فى بعض النسخ والكتب : « استودعت ».

(٧) فى سائر الكتب ( بدلها ) : « فعلمنا أنه يريد ».


سرّك (١) واشراكنا فى همّك فنعم المستسرّان (٢) نحن لك فقال : انّكما لكذلك فاسألا عمّا بدا لكما ثمّ قام الى الباب ليغلقه فاذا آذنه الّذي أذن لنا عليه فى الحجرة فقال له عمر : امط (٣) عنّا لا أمّ لك ؛ فخرج وأغلق الباب خلفه. ثمّ أقبل إلينا (٤) فجلس معنا وقال : سلا تخبرا ، قلنا : نريد أن تخبرنا بأحسد قريش الّذي لم تأمن ثيابنا على ذكره (٥) لنا ، فقال : سألتما عن معضلة وسأخبركما فلتكن عندكما فى ذمّة منيعة وحرز ما بقيت ؛ فاذا أنا متّ فشأنكما وما أحببتما من اظهار أو كتمان ، قلنا : فانّ لك عندنا ذلك ، قال أبو موسى : وأنا أقول فى نفسى (٦) : ما أظنّه يريد الاّ الّذين كرهوا [ من أبى بكر استخلافه لعمر وكان طلحة أحدهم فأشاروا عليه أن لا يستخلفه لأنّه فظّ غليظ (٧) ] ثمّ قلت فى نفسى : قد عرفنا اولئك

__________________

٨ ـ فى الشافى والتلخيص والبحار : « فقلنا له ».

٩ ـ فى الشافى وشرح النهج والبحار : « صلنا ».

١٠ ـ فى غير نسخ الكتاب : « الاشعريين ».

__________________

(١) مج : « بايداعنا سرك » ح : « بايداعنا لسرك » والشافى والتلخيص والبحار وشرح ـ النهج : « بافشاء سرك إلينا ».

(٢) فى نسخ الكتاب : « فنعم المستشرين » الا فى ح ففيها : « المستشيرون » وفى شرح النهج : « المستشاران ».

(٣) « ح مث » وسائر الكتب : « امض ».

(٤) فى سائر الكتب : « علينا ».

(٥) الشافى : « عليه أن تذكره ».

(٦) فى نسخ الكتاب والشافى : « وأنا أظنه ».

(٧) هذه عبارة الشافى والبحار ، وعبارة شرح النهج هكذا : « كرهوا استخلاف أبى بكر له كطلحة وغيره فإنهم قالوا لابى بكر : أتستخلف علينا فظا غليظا » وأما عبارة نسخ الكتاب فهى : « كرهوا استخلافه عمر وأشاروا عليه أن لا يستخلفه ».


القوم بأسمائهم وعشائرهم وعرفهم النّاس فما يكتم من ذكرهم واذا هو يريد غير ما نذهب إليه منهم (١) فعاد عمر الى التّنفّس صعداء فقال : من تريانه؟ فقلنا : والله ما ندرى الاّ ظنّا قال : فمن (٢) تظنّان؟ قلنا : نراك تريد [ القوم (٣) ] الّذين صدّوا أبا بكر عن صرف هذا الأمر أليك (٤) [ قال : كلاّ والله (٥) ] بل هو كان أغشّ (٦) وأظلم وهو الّذي سألتما عنه كان والله أحسد قريش كلّها ، ثمّ أطرق طويلا فنظر إليّ المغيرة ونظرت إليه وأطرقنا [ مليّا (٧) ] لاطراقه وطال السّكوت منّا ومنه حتّى ظننّا أنّه قد ندم على ما بدا منه ثمّ قال : والهفاه (٨) على ضئيل (٩) بنى تيم بن مرّة لقد تقدّمنى ظالما وخرج إليّ منها (١٠) آثما فقال له المغيرة : هذا تقدّمك ظالما قد عرفناه (١١) فكيف خرج أليك منها آثما؟ قال : ذاك لانّه (١٢) لم يخرج إليّ منها الاّ بعد اليأس (١٣) منها ، أما والله لو كنت أطعت زيد (١٤) بن الخطّاب وأصحابه لما

__________________

(١) شرح النهج : « يذهب الى غير ما فى نفسى ».

(٢) كذا فى الشافى وشرح النهج وغيرهما اما النسخ ففيها : « ما ».

(٣) فى غير نسخ الكتاب.

(٤) فى غير نسخ الكتاب : « أرادوا أبا بكر على صرف هذا الامر عنك ».

(٥) فى شرح النهج وغيره.

(٦) فى الشافى وغيره : « أعق ».

(٧) فى شرح النهج فقط.

(٨ و ٩ و ١٠) كذا فى سائر الكتب وأما النسخ فهى : « والهفتاه » قال المجلسى : « وا لفهاه كلمة يتحسر بها ، والضئيل الحقير النحيف ، وخرج الى منها اى تركها لى وسلمها الى ».

(١١) فى شرح النهج والبحار : « فأما تقدمه عليك يا أمير المؤمنين ظالما فقد عرفناه ».

(١٢) فى غالب النسخ والكتب « أنه ».

(١٣) فى غير النسخ : « بعد يأس ».

(١٤) فى شرح النهج : « يزيد » وهو تصحيف بالقطع واليقين لان عمر يريد به أخاه زيد بن الخطاب وكان صحابيا بدريا احديا ؛ وترجمته مذكورة فى كتب التراجم والسير والتواريخ فمن أرادها فليراجعها.


تلمّظ (١) من حلاوتها بشيء أبدا ولكنّى قدّمت وأخّرت وصعّدت وصوّبت ونقضت وأبرمت فلم أجد الاّ الاغضاء (٢) على [ ما نشب (٣) فيه (٤) منها [ والتّلهّف على نفسى (٥) ] وأمّلت انابته ورجوعه [ فو الله ما فعل حتّى فرغ منها بشيما (٦) ] فقال له المغيرة : فما منعك منها [ يا أمير المؤمنين (٧) ] وقد عرّضك لها (٨) يوم السّقيفة بدعائه ايّاك إليها (٩) ثمّ أنت الآن تنقم

__________________

(١ و ٢ و ٣) فى غير نسخ الكتاب : « لم يتلمظ » قال المجلسى : « والتلمظ تتبع بقية ـ الطعام فى الفم باللسان والمعنى لم يذق من حلاوتها أبدا ، والتصوب النزول والمراد قلبت هذا الامر ظهرا لبطن وتفكرت فى جميع شقوقه ، والاغضاء فى الاصل ادناء الجفون ونشب ( فى ح : « وتشعب » ) أى علق والمعنى لم أجد بدا من الصبر على الشدة كما يصبر الانسان على قذى فى عينه او شجا فى حلقه » فيظهر من بيان المجلسى أن الكلمة كانت فى نسخته : « تصوبت ».

(٤) فى البحار وشرح النهج : « به ».

(٥) كذا فى شرح النهج والتلخيص واما عبارة النسخ والبحار والشافى فمشوشة ففى غالب النسخ : « والتلف على نفسى فلم تجبنى نفسى الى ذلك » وفى بعضها : « وتلف فلم تجبنى ؛ الى آخرها » وفى البحار عبارة المتن فى المتن وعبارة « فلم تجبنى نفسى الى ذلك » فى الحاشية ، وعبارة الشافى بعد كثرة الخط والمحو والاثبات صارت كالبحار.

(٦) كذا فى البحار أما سائر الكتب كالنسخ فمشوشة ففى غالب النسخ : « فو الله ما فعل حتى بعرمالسما « ( من دون نقطة ) وفى ح : « فو الله ما فعل بعدها سهلا » وفى مث : « فو الله ما فعل حتى بعرها سما » وفى ج : « ما فعل بعربها بشما » وكتب بعدها : « كذا » وفى شرح النهج : « حتى بغربها لئيما » وقال المجلسى : « قوله : حتى فرغ منها فى بعض النسخ « فغربها » أى فتح فاه والبشم بالباء الموحدة والشين المعجمة التخمة والسأم أى لم يسلمها الى الا بعد استيفاء الحظ والسأم منها. وقال مصحح التلخيص بعد أن نقل المتن : « حتى فغربها بشما » ما نصه : « فغرفاه : فتحه. وبشم بشما من الشيء : سئم منه ».

(٧) فى البحار وشرح النهج فقط.

(٨) كذا فى جميع النسخ وشرح النهج والتلخيص لكن فى الشافى والبحار : « وقد عرضها عليك ».

(٩) فى شرح النهج والبحار : « بدعائك إليها ».


وتتأسّف (١) [ عليها (٢) ]؟ فقال عمر : ثكلتك أمّك يا مغيرة انّى كنت لأعدّك من دهاة (٣) العرب كانّك كنت غائبا عمّا هناك انّ الرّجل ماكرنى فماكرته وألفانى أحذر من قطاة (٤) انّه لمّا رأى شغف النّاس [ به (٥) ] واقبالهم بوجوههم (٦) إليه (٧) أيقن أنّهم لا يريدون به بدلا فاحبّ لمّا (٨) رأى من حرص النّاس عليه وشغفهم (٩) به ان يعلم ما عندى وهل تنازعنى إليها نفسى (١٠) فأحبّ أن يبلونى (١١) باطماعى فيها والتّعريض لى بها وقد علم وعلمت أنّى لو قبلت ما عرض (١٢) عليّ لم يجب (١٣) النّاس (١٤) الى ذلك [ وكان أشدّ النّاس إمالة الّذين كرهوا ردّه

__________________

(١) كذا فى شرح النهج والبحار لكن فى النسخ : « ثم أنت الآن متعقب بالتأسف عليه » وفى الشافى والتلخيص أيضا كذا الا أن بدل « متعقب » فيهما « تنقم » أو « منتقم » وقال المجلسى (ره) : « وتقم أى كره كراهة بالغة حد السخط ».

(٢) كذا فى ح لكن باقى النسخ « عليه ».

(٣) قال المجلسى (ره) : « الدهاء النكر وجودة الرأى ».

(٤) يستفاد من العبارة أنها مثل لكنى لم أجدها فى مجمع الامثال وحياة الحيوان فراجع غيرهما ان شئت.

(٥) فى غير نسخ الكتاب من الشافى وغيره.

(٦) ح : « بوجهه » وباقى النسخ : « بوجههم » والمتن موافق لسائر الكتب.

(٧) فى البحار وشرح النهج وغيرهما : « عليه » وهو الاولى.

(٨) كذا فى غير النسخ وأما النسخ ففيها : « مع ما ».

(٩) فى شرح النهج : « وميلهم إليه » ؛ قال المجلسى : « والشغف بالعين المعجمة والمهملة شدة الحب ».

(١٠) فى شرح النهج : « وهل تنازعنى نفسى إليها » وفى غيره : « وهل تنازع » ( من دون نون الوقاية والياء ).

(١١) قال المجلسيّ : « ويبلونى اى يمتحننى ويخبرنى ».

(١٢) فى شرح النهج والبحار : « عرضه ».

(١٣) فى الشافى : « لم يجبه ».


ايّاها إليّ عند موته (١) فألفانى قائما على أخمصى (٢) مستوفزا (٣) حذرا ولو أجبته الى قبولها لم يسلّم النّاس [ إليّ (٤) ] ذلك واختبأها (٥) ضغنا عليّ (٦) فى قلبه ثمّ لم آمن اتّباعه لى بها (٧) ولو بعد حين مع ما بدا لى من كراهة (٨) النّاس لما عرض عليّ منها (٩) أو ما سمعت (١٠) نداءهم ايّاه (١١) من كلّ ناحية عند عرضه ايّاها عليّ (١٢) : لا نريد سواك يا با بكر أنت (١٣) لها أنت

__________________

١٤ ـ فليعلم أن هنا فى هامش نسخة مث بعد كلمة « الناس » هذه العبارة : « الى هنا » يعنى أن الساقط من النسخة المشار إليها فيما سبق ( عند قوله : « قد استقمت » وقد مر فراجع ص ١٢٩ ) كان الى هنا فتم الساقط هنا.

__________________

(١) من قوله : « وكان أشد » الى هنا أعنى « عند موته » ليس فى غير نسخ الكتاب.

(٢) قال المجلسى : « الاخمص ما لم يصب الارض من القدم ».

(٣) كذا صريحا فى نسخة ح وكذا فى شرح النهج أما سائر نسخ الكتاب : « فتسورنا » وفى الشافى : « متشوزنا » وفى التلخيص : « متوريا » وكذا فى هامش الكلمة من البحار لكن فى متن البحار : « مستوفرا » مع أن المجلسى (ره) قال فى بيانه : « الوفز العجلة والمستوفز الّذي يقعد قعودا منتصبا غير مطمئن أى وجدنى متهيئا للاقدام والنهوض منتظرا للفرصة غير غافل ».

(٤) فى الشافى وشرح النهج والبحار والتلخيص فقط.

(٥) قال المجلسى : « اختبأها أى ادخرها ».

(٦) فى النسخ : « على ضغنا ».

(٧) كذا فى جميع النسخ ومعنى العبارة ما فى سائر الكتب بهذا اللفظ : « ولم آمن غائلته » ومن ثم قال المجلسى فى بيانه « الغائلة الداهية ».

(٨) فى الشافى : « كراهية ».

(٩) فى شرح النهج : « من كراهة الناس لى ».

(١٠) فى غير نسخ الكتاب : « أما سمعت ».

(١١) فى نسخ الكتاب فقط.

(١٢) فى غير نسخ الكتاب : « عند عرضها على ».

(١٣) كذا مكررا فى نسخة ق مج.


لها ، فرددتها إليه عند ذلك فلقد رأيته التمع وجهه لذلك سرورا.

ولقد (١) عاتبنى مرّة على شيء كان (٢) بلغه عنّى انّه لمّا قدم بالأشعث بن قيس الكندىّ (٣) أسيرا فمنّ عليه وأطلقه وزوّجه [ اخته (٤) ] أمّ فروة بنت أبى قحافة قلت (٥) للأشعث وهو [ قاعد (٦) ] بين يديه : يا عدوّ الله أكفرت بعد اسلامك وارتددت [ ناكصا على عقبيك (٧) ] فنظر إلى الأشعث نظرا حديدا (٨) علمت أنّه يريد كلاما ثمّ أمسك (٩) فلقينى (١٠) بعد ذلك فى بعض (١١) سكك المدينة فرافقنى (١٢) ثمّ قال : أنت صاحب الكلام (١٣) يا ابن الخطّاب؟ فقلت : نعم ولك عندى شرّ من ذلك فقال : بئس الجزاء هذا لى منك ، فقلت له : علام (١٤) تريد منّى حسن الجزاء؟ قال : لأنفتى (١٥) لك من اتّباع (١٦) هذا الرّجل

__________________

(١) فى المسترشد : « ولقد والله ».

(٢) فى الشافى : « على شيء » وفى شرح النهج والبحار « على كلام ».

(٣) « ابن قيس الكندى » فى نسخ الكتاب فقط.

(٤) فى شرح النهج والبحار والشافى والتلخيص فقط.

(٥) فى غير نسخ الكتاب والمسترشد : « فقلت ».

(٦) فى غير نسخ الكتاب والمسترشد.

(٧) كذا فى الشافى وشرح النهج والبحار ، وفى النسخ « كافرا » وفى التلخيص : « كافرا ناكصا على عقبيك ».

(٨) فى الشافى والتلخيص والبحار : « نظرا شزرا » وقال المجلسى فى بيانه : « النظر الشزر النظر بمؤخر العين ».

(٩) ح : « فأمسك » وفى الشافى والبحار : « يريد أن يكلمنى بكلام فى نفسه ».

(١٠) فى شرح النهج والبحار : « ثم لقينى ».

(١١) فى المسترشد : « فى سكة من ».

(١٢) كذا فى الشافى والبحار لكن فى نسخ الكتاب والتلخيص : « فوافقنى » ( بالواو من وفق ).


يريد أبا بكر [ والله (١) ] ما حدانى (٢) على الخلاف عليه الاّ تقدّمه عليك وتخلّفك عنها ولو كنت صاحبها لما رأيت (٣) منّى خلافا عليك فقلت : قد كان ذاك (٤) فما تأمر (٥) الآن؟ فقال : ما هذا وقت أمر وانّما (٦) وقت صبر (٧) حتّى يأتى الله بمخرج (٨) فمضى ومضيت ، ولقى الأشعث الزّبرقان بن بدر السّعدىّ (٩) فذكر له ما جرى بينى وبينه من الكلام فنقل ذلك الزّبرقان الى أبى بكر فأرسل إليّ فأتيته فذكر ذلك لى ثمّ قال : انّك لمتشوّف (١٠) إليها يا ابن الخطّاب؟ فقلت : وما يمنعنى التشوّف (١١) الى ما كنت أحقّ به ممّن غلبنى عليه

__________________

١٣ ـ فى المسترشد : « انت صاحب الكلمة يومئذ ».

١٤ ـ فى المسترشد : « على ما ذا ».

١٥ ـ قال المجلسى : « الانفة الاستنكاف وكراهة الشيء للحمية والغيرة ».

١٦ ـ ح : « أن تبايع » وفى المسترشد مكان الجملة : « فقال : أما تأنف من اتباع هذا الرجل؟! ».

__________________

(١) « والله » فى البحار وشرح النهج لكن فى غيرهما « و » فقط.

(٢) فى الشافى وشرح النهج والبحار : « ما جرأنى ».

(٣) كذا فى الشافى وغيره أما النسخ ففيها : « فقدما » أو « تقدما ».

(٤) فى شرح النهج وغيره : « لقد كان ذلك ».

(٥) فى المسترشد : « فما تأمرنى ».

(٦) ح : « ولكن ».

(٧) فى المسترشد : « قال : هذا وقت صبر » وفى شرح النهج : « قال انه ليس بوقت أمر بل وقت صبر ».

(٨) فى المسترشد : « حتى يفرج الله ويأتى بمخرج » وأما سائر الكتب فليست العبارة فيها.

(٩) « السعدى » ليس فى شرح النهج.

(١٠) ق ج ح : « لمتشوق » ( بالقاف ) وكذا فى الشافى لكن فى المسترشد والبحار : « لتشوق ».

(١١) فى غالب النسخ والكتب : « التشوق » ( بالقاف ) أو « من التشوق ».


أما والله (١) لتكفّنّ او لأقولنّ كلمة بالغة بى وبك فى النّاس ما بلغت (٢) ؛ وان شئت لتستديمنّ ما أنت فيه عفوا ما أمكنك (٣) ذلك ، قال : اذا أستديمه (٤) وهى صائرة أليك الى أيّام (٥) فما ظننته تأتى عليه جمعة بعد ذلك القول حتّى يردّها إليّ ، فو الله ما ذكر لى منها حرفا بعد ذلك (٦). ولقد مدّ فى أمدها (٧) عاضّا على نواجذه (٨) حتّى كان عند يأسه منها وحضره الموت فكان ما رأيتما ، ثمّ قال : احفظا ما قلت لكما وليكن منكما بحيث أمرتكما [ قوما ] اذا شئتما على بركة الله وفى حفظه ، فنهضنا وكلّ واحد منّا متعجّب الى صاحبه من قوله وما خرج ذلك الخبر من واحد منّا حتّى مات عمر (٩).

__________________

(١) فليعلم أن العبارة فى شرح ابن أبى الحديد بدل ما فى المتن « من أرسل الى فأتيته » الى هنا هكذا : « فأرسل الى بعتاب مؤلم فأرسلت إليه : أما والله ».

(٢) فى شرح النهج بدل « ما بلغت ». « تحملها الرّكبان حيث ساروا » وكذا فى البحار والشافى والتلخيص.

(٣) مج مث ق س : « أكنك » وفى ح : « أليك ».

(٤) فى الشافى وشرح النهج والبحار والتلخيص بدل الجملة هكذا : « وان شئت استدمنا ما نحن فيه عفوا ، قال : بل نستديمه ( أو نستديمها ) ». وعبارة المسترشد : « فان شئت استدمت ما أنت فيه عفوا ، قال : بل أستديمه ».

(٥) فى سائر الكتب : « وانها لصائرة أليك بعد أيام ».

(٦) عبارة الشافى وشرح النهج هكذا : « فما ظننت أنه لا يأتى عليه جمعة حتى يردها على فتغافل والله فما ذكرنى بعد ذلك المجلس حرفا حتى هلك » وكذا البحار والتلخيص.

(٧ و ٨) قال المجلسى : « وأمد الشيء غايته والنواجذ أقاصى الاسنان والعض عليها كناية عن شدة التعلق والتمسك بالشيء ».

(٩) فليعلم أن مؤلف الكشكول فيما جرى على آل الرسول وهو على ما حقق فى محله السيد حيدر الآملي من علماء القرن الثامن الهجرى قد ذكر فى كتابه المذكور تحت عنوان « عجائب روايات العوام » هذه الرواية فقال ما نصه : « ومما رواه


وروى سفيان بن عيينة والحسن بن صالح بن حىّ وأبو بكر بن عيّاش وشريك بن عبد الله وجماعة من فقهائكم أنّ أبا بكر أمر خالد بن الوليد فقال : اذا أنا فرغت من

__________________

أبو موسى الأشعرى قال : حججت مع عمر بن الخطاب فخرجت يوما من رحلى أريد عمر ( فساق الرواية الى آخرها وهو ) « فليكن منكما بحيث أمرتكما ، فمضينا ونحن نتعجب من كشفنا من قوله ، فو الله ما أفشينا سره حتى هلك ؛ فاعتبروا يا أولى الالباب » فمن أراد أن يلاحظها أو مقابلتها مع عبارة الحديث فى هذا الكتاب فليراجع ص ١٤٨ ـ ١٤٤ من الطبعة الاولى سنة ١٣٧٢ فى مطبعة الحيدرية بالنجف.

ثم ليعلم أن آخر عبارة الرواية بعد : « عاضا على نواجذه » فى الشافى وتلخيصه وشرح ـ النهج والبحار الى آخرها أعنى « حتى مات عمر » هكذا : « حتى حضره الموت وأيس منها فكان منه ما رأيتما فاكتما ما قلت لكما عن الناس كافة وعن بنى هاشم خاصة وليكن منكما بحيث أمرتكما قوما اذا شئتما على بركة الله. فقمنا ونحن نعجب من قوله فو الله ما أفشينا سره حتى هلك ».

أقول : قال علم الهدى بعد نقله الاخبار فى الشافى ما نصه ( ص ٢٤٣ من النسخة المطبوعة ) :

« فكأنى بهم عند سماع هذه الاخبار يستغرقون ضحكا تعجبا واستبعادا ويقولون : كيف نصغى الى هذه الاخبار ومعلوم ضرورة تعظيم عمر لابى بكر ووفاقه له وتصويبه لامامته وكيف يطعن عمر فى إمامة أبى بكر وهى أصل لامامته وقاعدة لولايته؟!

وليس هذا بمنكر ممن طمست العصبية على قلبه وعينه فهو لا يرى ولا يسمع الا ما يوافق اعتقادات مبتدأة قد اعتقدها ومذاهب فاسدة قد انتحلها فما بال هذه الضرورة تخصهم ولا تعم من خالفهم ونحن نقسم بالله على أنا لا نعلم ما يدعونه ونزيد على ذلك بأنا نعتقد أن الامر بخلافه وليس فى طعن عمر على بيعة أبى بكر ما يؤدى الى فساد إمامته لانه يمكن ان يكون ذهب الى ان إمامته لم تثبت بالنص عليه وانما ثبتت بالاجماع من الامة والرضا فقد ذهب الى ذلك جماعة من الناس ويرى أن إمامته أولى من حيث لم تقع بغتة ولا فجأة ولا اختلف الناس فى أصلها ولا امتنع منهم كثير من الدخول فيها حتى اكرهوا وتهددوا وخوفوا


صلاة الفجر وسلّمت فاضرب عنق عليّ فلمّا صلّى بالنّاس فى آخر صلاته ندم على ما كان منه فجلس فى صلاته مفكّرا حتّى كادت الشّمس أن تطلع ثمّ قال : يا خالد لا تفعل ما أمرتك [ به (١) ] ؛ ثلاثا ؛ ثمّ سلّم (٢) وكان عليّ يصلّى الى جنب خالد يومئذ ؛ فالتفت

__________________

فأما الفلتة ( الى آخر ما قال ) ».

وأما ابن أبى الحديد فقد قال فيما قال بعد نقل شيء من كلام السيد بالنسبة الى هذه الاخبار ما نصه ( ص ١٢٧ ج ١ طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ه‍ ) :

« وأما الاخبار التى رواها عن عمر فأخبار غريبة ما رأيناها فى الكتب المدونة وما وقفنا عليها الا من كتاب المرتضى وكتاب آخر يعرف بكتاب « المسترشد » لمحمد بن جرير الطبرى وليس هو محمد بن جرير صاحب التأريخ بل هو من رجال الشيعة وأظن أن أمه من بنى جرير من مدينة أهل طبرستان وبنو جرير الآمليون شيعة مستهترون بالتشيع فنسب الى أخواله ويدل على ذلك شعر مروى له وهو :

فآمل مولدى وبنو جرير

فأخوالى ويحكى المرء خاله

فمن يك رافضيا عن أبيه

فانى رافضى عن كلالة

وأنت تعلم حال الاخبار الغريبة التى لا توجد فى الكتب المدونة كيف هى؟! »

أقول : تفصيل البحث عن هذا الاجمال يأتى فى مجلد « تعليقات الايضاح » ان شاء الله تعالى.

(١) فى ح فقط وعبارة سائر الروايات وأسلوب الكلام تؤيد وجود الكلمة هناك.

(٢) هذه القضية معروفة مذكورة فى كتب الفريقين الا أن الشيعة مدعية أن القضية قد وقعت فمن موارد نقلها فى كتب الشيعة علل الشرائع للصدوق والاحتجاج للطبرسى وتفسير على بن ابراهيم وكتاب سليم بن قيس وكتاب المجلى لابن أبى جمهور الاحسائى وغاية المرام للسيد هاشم البحرانى والبحار للمجلسى الى غير ذلك فالاولى أن


عليّ الى خالد فاذا هو مشتمل على السّيف تحت ثيابه فقال له : يا خالد أو كنت فاعلا؟ ـ قال : اى والله اذا لوضعته فى أكثرك شعرا فقال عليّ صلوات الله عليه : كذبت ولؤمت (١) أنت أضيق حلقة من ذاك ، أما والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة لو لا ما سبق به القضاء لعلمت أىّ الفريقين شرّ مكانا وأضعف جندا (٢) فقيل. لسفيان وابن حىّ ولوكيع (٣) : ما تقولون

__________________

نشير الى ما ذكره صاحب الاستغاثة فى ذلك الموضوع وهو قوله فى أوائل كتابه المذكور ( ص ١٩ من طبعة النجف ) : « ومما ابتدعه كلامه بالصلاة بعد التشهد وقبل التسليم حين قال : لا يفعلن خالد ما أمرته به ، حتى احتج بذلك قوم من فقهاء العامة بشهرته منه فقالوا : يجوز الكلام بعد التشهد وقبل التسليم فان أبا بكر فعل ذلك للضرورة. وقال آخرون : لا يجوز ذلك فان أبا بكر قال ذلك بعد أن سلم فى نفسه ، وتنازعوا فى اختلافهم فى هذا المعنى فقلنا لهم : أما تجويزكم فى الصلاة فانا غير محتاجين الى منازعتكم فيه لانا غير آخذين بفعل أبى بكر ولا متبعين له فيه ولكن عرفونا ما الّذي دعا أبا بكر الى ان قال : لا يفعلن خالد ما أمرته به ؛ قبل تسليمه؟ وما هو؟ ولم هو؟ فكانوا فى ذلك صما بكما عميا.

فقالت شيعة آل محمد عليهم‌السلام : قد علمنا وعلم كل ذى فهم أنه نهاه عن أمر منكر بعد أن أمره به وجهلكم بذلك منه دليل على صحة ما رواه مشايخنا عن ائمتنا ـ عليهم‌السلام ـ فانهم قالوا : ان أبا بكر كان قد أمر خالدا بقتل أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ » ( الى آخر ما قال فمن أراده فليراجع الكتاب المشار إليه ص ٢١ ـ ١٩ ).

ومن أراد البحث عن القضية تفصيلا فليراجع مظانه كتشييد المطاعن واحقاق الحق وغيرهما فان المقام لا يسع البحث عن ذلك.

(١) غير ح : « لمت ».

(٢) ذيل آية ٧٥ سورة مريم و ( أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ ) أيضا مأخوذ من آية ٧٣ من تلك السورة.

(٣) ح : « ووكيع ».


فيما كان من أبى بكر فى ذلك؟ ـ فقالوا جميعا : كانت سيّئة لم تتمّ (١) ؛ وأمّا من يجسر من أهل المدينة فيقولون : وما بأس بقتل رجل فى صلاح الأمّة ؛ إنّه إنّما أراد قتله لأنّ عليّا أراد تفريق الأمّة وصدّهم عن بيعة أبى بكر.

فهذه روايتكم على أبى بكر الاّ أنّ منكم من يكتم ذلك ويستشنعه فلا يظهره وقد جعلتم هذا الحديث حجّة فى كتاب الصّلاة فى باب من أحدث قبل أن يسلّم وقد قضى التّشهّد انّ صلاته تامّة وذلك أنّ أبا بكر أمر خالد بن الوليد بأمر فقال : اذا أنا سلّمت من صلاة الفجر فافعل كذا وكذا ؛ ثمّ بدا له فى ذلك الأمر فخاف ان هو سلّم أن يفعل خالد ما أمره به فلمّا قضى التّشهّد قال : يا خالد لا تفعل ما أمرتك [ به (٢) ] ثمّ سلّم.

وقد حدّث به أبو يوسف القاضى ببغداد فقال له بعض أصحابه : يا با يوسف

__________________

(١) نظير ما نقلناه عن كتاب الاستغاثة ما نقله المجلسى عن ارشاد القلوب للديلمى ( انظر المجلد الثامن من البحار باب المثالب ؛ ص ٢٤٢ من طبعة أمين الضرب ) : « ومنها ( اى من مثالبهم ) قوله ( اى قول أبى بكر ) فى الصلاة : لا يفعل خالد ما أمره فهذه بدعة يقارنها كفر وذلك أنه أمر خالدا بقتل أمير المؤمنين اذا هو سلم من صلاة الفجر فلما قام فى الصلاة ندم على ذلك وخشى ان فعل ما أمر به من قتل أمير المؤمنين ان تهيج عليه فتنة لا يقومون لها فقال : لا يفعلن خالد ما أمر ؛ قبل ان يسلم ، والكلام فى الصلاة بدعة والامر بقتل على كفر ».

أما ابن أبى الحديد فهو أنكر وقوع القضية وأجاب عنها فيما أجاب عن مطاعن أبى بكر بما نصه ( انظر المجلد الرابع من طبعة مصر ص ١٩٠ ) :

« الطعن الثانى عشر ـ قولهم أنه تكلم فى الصلاة قبل التسليم فقال : لا يفعلن خالد ما أمرته قالوا : ولذلك جاز عند أبى حنيفة أن يخرج الانسان من الصلاة بالكلام وغيره من مفسدات الصلاة من غير تسليم وبهذا احتج أبو حنيفة والجواب : هذا من الاخبار التى تنفرد بها الامامية ولم تثبت وأما أبو حنيفة فلم يذهب الى ما ذهب إليه لاجل هذا الحديث وانما احتج ( الى آخر ما قال ) ».

(٢) « به » فى نسخة ح فقط.


وما الّذي أمر أبو بكر خالد بن الوليد [ به (١) ]؟ ـ فانتهره وقال له : اسكت وما أنت وذاك؟!

فو الله لئن كان عليّ سامعا مطيعا لأبى بكر راضيا ببيعته ما فى الأرض جور يوصف به أحد أجور من هذا أن يأمر بضرب عنق رجل قد أقرّ هو وأصحابه أنّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قد شهد له أنّه من أهل الجنّة وهو [ له (٢) ] سامع مطيع ، ولئن كان غير راض ببيعته انّ الأمر لكما قالت الشيعة فى تقدّمه عليه بغير رضى منه.

وروى زياد البكّائىّ (٣) وكان من فرسان أصحابكم فى الحديث قال : أخبرنا صالح بن كيسان عن إياس (٤) بن قبيصة (٥) الأسدىّ وكان شهد فتح القادسيّة يقول : سمعت أبا بكر يقول : ندمت على أن أكون سألت رسول الله (٦) ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عن ثلاث

__________________

(١) « به » فى نسخة ح فقط.

(٢) ليس فى نسخة ح.

(٣) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « زياد بن عبد الله بن الطفيل العامرى البكائى بفتح الموحدة وتشديد الكاف أبو محمد الكوفى صدوق ثبت فى المغازى ( الترجمة ) » وقال الزبيدى فى تاج العروس : « والبكاء ككتان لقب ربيعة بن عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة أبى قبيلة منهم زياد بن عبد الله البكائى راوى المغازى عن ابن اسحاق ».

(٤) قال الفيروزآبادي فى القاموس : « اياس ككتاب سبعة عشر صحابيا ».

(٥) قال الجوهرى بعد ذكر معنى القبيصة ( بفتح أوله وكسر الموحدة ) : « وقبيصة أيضا اسم رجل وهو اياس بن قبيصة الطائى » قال الزبيدى فى تاج العروس فى مادة « قبص » بعد ذكر الذين سموا بقبيصة من الصحابة : « واياس بن قبيصة الطائى الّذي ذكره الجوهرى فهو ابن قبيصة بن الاسود الّذي أورده المصنف ـ رحمه‌الله تعالى ـ فى أول هذه الأسماء ».

(٦) أورده المجلسى فى ثامن البحار نقلا عن ارشاد القلوب بهذه العبارة ( انظر باب مثالب


كنت أغفلتهنّ (١) ، ووددت أنّى كنت فعلت ثلاثا لم أفعلهنّ ، ووددت أنّى لم أكن فعلت

__________________

الثلاثة ص ٢٤٢ من طبعة امين الضرب ) : « ومنها أنهم رووا بغير خلاف أنه قال ( أى أبو بكر ) وقت وفاته : ثلاث فعلتها ووددت أنى لم أفعلها ، وثلاث لم أفعلها ووددت أنى أفعلها ، وثلاث وددت أنى أسأل رسول الله (ص) عنها أما الثلاث التى وددت أنى لم أفعلها ؛ ( الحديث فمن أراده فليطلبه من هناك ؛ لانى أنقله بطريق أهل السنة هنا وهو ما يأتى ذكره عن كتاب ابن قتيبة ).

__________________

(١) قال ابن قتيبة الدينورى فى كتاب الامامة والسياسة ناقلا عن أبى بكر عند استخلافه ما نصه ( ص ١٨ ) : « والله ما آسى الا على ثلاث فعلتهن ليتنى كنت تركتهن ، وثلاث تركتهن ليتنى فعلتهن ، وثلاث ليتنى سألت رسول الله عنهن. فأما اللاتى فعلتهن وليتنى لم ـ أفعلهن ، فليتنى تركت بيت على وان كان أعلن على الحرب ، وليتنى يوم سقيفة بنى ساعدة كنت ضربت على يد أحد الرجلين أبى عبيدة أو عمر ، فكان هو الامير ، وكنت أنا الوزير ، وليتنى حين أتيت بالفجاءة السلمى أسيرا انى قتلته ذبيحا أو أطلقته نجيحا ، ولم أكن أحرقته بالنار ، وأما اللاتى تركتهن وليتنى كنت فعلتهن ، ليتنى حين أتيت بالاشعث بن قيس أسيرا أنى قتلته ولم أستحيه ، فانى سمعت منه وأراه لا يرى غيا ولا شرا الا أعان عليه ، وليتنى حين بعثت خالد بن الوليد الى الشام ، انى كنت بعثت عمر بن الخطاب الى العراق ، فأكون قد بسطت يدى جميعا فى سبيل الله ، وأما اللاتى كنت أود أنى سألت رسول الله عنهن فليتنى سألته لمن هذا الامر من بعده؟ فلا ينازعه فيه أحد ، وليتنى كنت سألته هل للانصار فيها من حق؟ وليتنى كنت سألته عن ميراث بنت الاخ والعمة فان فى نفسى من ذاك شيئا ».

قال المجلسى (ره) فى ثامن البحار فى باب ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على تصدى الخلافة عند الموت ( ص ٢٠٥ من طبعة أمين الضرب ) :

« قال ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة نقلا عن المبرد فى الكامل عن عبد الرحمن بن عوف قال : دخلت على أبى بكر أعوده فى مرضه الّذي مات فيه ( فساق الحديث الى ان قال ) فقال : أما انى لا آسى الا على ثلاث فعلتهن وددت


ثلاثا قد كنت فعلتهنّ ، فقيل له : وما هنّ؟ ـ فقال : ندمت أن لا أكون سألت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عن هذا الأمر لمن هو من بعده؟ ـ وأن لا أكون سألته عن الحدّ ، وأن لا أكون سألته عن ذبائح أهل الكتاب.

وأمّا الثلاث اللاتى فعلتهن وليتنى لم أفعلهنّ فكشفى بيت فاطمة ـ صلوات الله عليها ـ وتخلّفى عن بعث اسامة ، وتركى الأشعث بن قيس ألاّ أكون قتلته فانّى لا أزال أراه يبغى للإسلام عوجا ، وأمّا الثّلاث اللاّتى لم أفعلهنّ وليتنى كنت فعلتهنّ ؛ فوددت أنّى كنت أقدت من خالد بن الوليد بمالك بن نويرة ، ووددت أنّى لم أتخلّف عن بعث اسامة ، ووددت أنّى كنت قتلت عيينة بن حصين وطلحة بن خويلد (١).

فكلّ هذا تروونه على أبى بكر أنّه ترك حقّا وعمل بباطل وأنتم تنسبون الشّيعة الى الوقيعة فيه.

__________________

أنى لم أفعلهن ، وثلاث لم أفعلهن وددت أنى فعلتهن ، وثلاث وددت سألت رسول الله (ص) عنهن ، ( فساق الحديث قريبا مما ذكر فى المتن ونقل فى الذيل عن الامامة والسياسة ) فخاض المجلسى فى بيان لغاته والبحث عما يستفاد منه تفصيلا فمن أراده فليراجع ( ص ٢٠٦ ).

__________________

(١) قال مؤلف كتاب الاستغاثة بعد بحثه الاستدلالي عن كلام أبى بكر فى الصلاة بعد ـ التشهد وقبل التسليم على سبيل التفصيل ما نصه ( انظر ص ٢١ من طبعة النجف ) :

« ثم رووا جميعا بخلاف تلك الرواية أنه قال فى وقت وفاته : ثلاث فعلتها ووددت أنى لم أفعلها ، وثلاث لم أفعلها ووددت أنى فعلتها ، وثلاث أهملت السؤال عنها ووددت أن أسأل رسول الله (ص) عنها ، ثم اختلف أولياؤه فى تأويل ما فعل ولم ـ يختلفوا فى السؤال فأهملنا ذكر ما اختلفوا فيه وقصدنا ذكر ما أجمعوا عليه طلبا للنصفة وتحريا للحق فزعموا أنه قال : وددت أنى سألت عن رسول الله (ص) عن الكلالة ما هى؟ وعن الجد ؛ ماله من الميراث؟ وعن هذا الامر لمن هو؟ فكان لا ينازع فيه ( فخاض فى البحث عنها والتحقيق فيها فمن أراده فليراجع الكتاب ( ص ٢٢ ـ ٢١ ).


وروى زياد البكّائىّ عن هشام بن عروة عن أبيه (١) عروة بن الزّبير قال : وجّه أبو بكر يعلى بن منية (٢) على قضاء اليمن وخراجها فالتوى عليه قوم من أهل حضرموت فبعث إليهم يعلى جيشا فقتل وسبى منهم ثلاث مائة ونيّفا (٣) رجالا ونساء فقدم بهم على أبى بكر فباعهم ثمّ قدم بعد ذلك قوم من أهل اليمن على أبى بكر فشهدوا بالله أنّهم كانوا مسلمين وأنّ يعلى ظلمهم فأسقط فى يديه (٤) وشاور فيهم المسلمين فأعتقوهم وقد وطئت الفروج ومات منهنّ من مات مسترقّا.

وروى زياد البكّائىّ عن صالح بن كيسان عن ابن عبّاس قال : انّى لأطوف بالمدينة مع عمرو يده على جنحى (٥) إذ زفر زفرة كادت تطير بأضلاعه فقلت : سبحان الله

__________________

(١) قال فى خلاصة تذهيب الكمال : « هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الاسدى أبو المنذر أحد الاعلام عن أبيه ( الترجمة ) : ».

(٢) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « يعلى بن منية هو ابن امية ، تقدم » ويشير به الى ما ذكره فى الكتاب قبيل ذلك بقوله : « يعلى بن أمية بن أبى عبيدة بن همام التميمى حليف قريش ، وهو يعلى بن منية ( بضم الميم وسكون النون بعدها تحتانية مفتوحة ) وهى أمه ؛ صحابى مشهور ، مات سنة بضع وأربعين ».

(٣) غير ح : « ونيف ».

(٤) قال الطريحى فى مجمع البحرين : « قوله تعالى ( وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ) بالبناء للمفعول والظرف نائبه يقال لكل من ندم وعجز عن الشيء : قد سقط فى يده وأسقط فى يده لغتان ، ومعنى : ( سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ) ندموا على ما فاتهم ، وفى الصحاح وقرأ بعضهم : سقط بالفتح كأنه أضمر الندم ». أقول : ويشير بما نقل عن الجوهرى الى هذه العبارة « وسقط فى يديه أى ندم ومنه قوله تعالى : ( وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ) وقال الاخفش : وقرأ بعضهم سقط كأنه أضمر الندم وجوز أسقط فى يديه ، وقال أبو عمرو : لا يقال : أسقط بالالف على ما لم يسم فاعله وأحمد بن يحيى مثله ».

(٥) هذا الحديث قد نقل بطرق كثيرة وعبارات متفاوتة بل صدر فى أوقات مختلفة


والله ما أخرج هذا منك الاّ همّ شديد قال : اى والله همّ شديد قلت : ما هو؟ ـ

__________________

ونكتفى هنا بما نقله الزمخشرى فقال فى الفائق فى مادة « كلف » ما نصه : « عمر ـ رضى الله تعالى عنه ـ دخل عليه ابن عباس حين طعن فرآه مغتما لمن يستخلف بعده فجعل ابن عباس يذكر له أصحابه فذكر عثمان فقال : كلف بأقاربه وروى أخشى حفده وأثرته ، قال : فعلى قال : ذاك رجل فيه دعابة ، قال : فطلحة قال : لو لا بأو فيه وروى أنه قال : الاكنع ان فيه بأوا ونخوة ، قال : فالزبير قال : وعقة لقس وروى : خرس ضبيس او قال : ضمس ، قال : فعبد الرحمن قال : اوه ذكرت رجلا صالحا لكنه ضعيف وهذا الامر لا يصلح له الا اللين من غير ضعف والقوى من غير عنف وروى : لا يصلح ان يلى هذا الامر الا حصيف العقدة قليل الغرة ، الشديد فى غير عنف اللين فى غير ضعف ، الجواد فى غير سرف ، البخيل فى غير وكف ، قال : فسعد بن أبى وقاص قال : ذلك يكون فى مقنب من مقانبكم ».

أقول : فخاض فى بيان لغاته وتفسير كلماته فمن أراد ما ذكره فليراجع الفائق فان المقام لا يسعه ونقله المجلسى بتمامه فى ثامن البحار فى باب الشورى ( انظر ص ٣٥٧ من طبعة أمين الضرب ) وأورد الحديث فى الباب المذكور نقلا عن كتب أخرى منها العدد القوية لدفع المخاوف اليومية تأليف الشيخ الفقيه رضى ـ الدين على بن يوسف بن المطهر الحلى ( انظر ص ٣٥٢ من الكتاب المشار إليه ) ونص عبارته : « د ـ عن ابن عباس قال : بينا أنا أمشى مع عمر يوما اذ تنفس نفسا ظننت أنه قد قصمت أضلاعه فقلت : سبحان الله والله ما أخرج منك هذا الا أمر عظيم فقال : ويحك يا ابن عباس ما أدرى ما أصنع بأمة محمد ( فساق الحديث الى آخره قائلا بعده : ) هذا آخر ما نقلت من كتاب الاستيعاب ) » فأورد المجلسى بيانا لتفسير لغات الحديث فمن أراده فليراجع هناك فان ذكره هنا يفضى الى طول لا يناسب المقام.

أقول : قد علم من كلام ابن المطهر (ره) فى آخر الحديث أنه مذكور فى كتاب الاستيعاب وقد أخذه منه وهو كذلك ونص عبارته فى ترجمة أمير المؤمنين على بن أبى ـ


قال : هذا الأمر ؛ لا أدرى فيمن أضعه؟ ـ ثمّ نظر إليّ فقال : لعلّك تقول : انّ عليّا صاحبها ، قال : قلت : اى والله انّى لأقول ذاك وأنّى به؟! وأخبر به النّاس (١) فقال : وكيف ذاك؟ ـ قال : قلت : لقرابته من رسول الله (ص) وصهره وسابقته وعلمه وبلائه فى الاسلام ، فقال : إنّه لكما تقول ولكنّه رجل فيه دعابة قال : قلت : فأين أنت عن عثمان؟ ـ فقال : اجتمع حبّ الدّنيا والآخرة فى قلبه والله لو وليته أمر ـ النّاس لحمل آل أبى معيط (٢) على رقابهم ثمّ لمست (٣) إليه العرب حتّى تقتله ، وأيم الله

__________________

طالب ـ عليه‌السلام ـ هكذا ( انظر ص ٤٦٧ من طبعة حيدرآباد الدكن ) : « حدثنا عبد الوارث بن سفيان قراءة منى عليه فى كتابى وهو ينظر فى كتابه قال : حدثنا أبو محمد قاسم بن أصبغ حدثنا أبو عبيد بن عبد الواحد البزار حدثنا محمد بن أحمد بن أيوب قال قاسم : وحدثنا محمد بن اسماعيل بن سالم الصائغ حدثنا سليمان بن داود قالا : حدثنا ابراهيم بن سعد حدثنا محمد بن اسحاق عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن ـ عباس قال : بينا أنا أمشى مع عمر يوما ؛ الحديث » وفى آخره : « قال ابن عباس : كان والله عمر كذلك ».

__________________

(١) كذا فى غير ح لكن فيها : « انى لاقول ذاك وانى به أخير الناس » ولعل الاصل قد كان : « انى لاقول ذاك واخبر به الناس ».

(٢) قال الفيروزآبادي : « وأبو معيط كزبير أبان والدعقبة » وقال الزبيدى فى شرح الكلام : « وأبو معيط كزبير اسمه أبان بن أبى عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الاموى أخو مسافر وأبى وجزة وهو والدعقبة وبنوه الوليد وعمارة وخالد اخوة عثمان بن عفان لامه ».

(٣) كذا فى الاصل فلعله « وثبت » كما فى الاستيعاب ( ص ٤٦٧ من طبعة حيدرآباد ) ونص العبارة فيه هكذا : « فقلت : فعثمان ، قال : فو الله لو فعلت لحمل بنى أبى معيط على رقاب الناس يعملون فيهم بمعصية الله والله لو فعلت لفعل ، ولو فعل لفعلوه ؛ فوثب الناس


لو فعلت لفعل ، ولو فعل لفعلوا ، فلم أزل أتوقّعها من قوله حتّى فعل ما فعل وفعلوا به ما فعلوا. قلت : أين أنت عن الزّبير؟ ـ فقال : اللّعقة (١) والله اذا لظلّ يضارب على الصّاع والمدّ ببقيع الغر قد (٢) قال : قلت : فأين أنت عن طلحة؟ ـ فقال : المزهوّ ما زلت أعرف فيه الزّهو منذ أصيبت كفّه مع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال :

__________________

عليه فقتلوه » ونقله هكذا المجلسى فى ثامن البحار فى باب الشورى ( ص ٣٥٢ من طبعة أمين الضرب ) الا أنه نقل مكان « على » كلمة « الى » وقال المجلسى فى الباب المشار ـ إليه من المجلد المذكور نقلا عن أرباب السير والمحدثين من المخالفين ما نص عبارته ( ص ٣٥٧ ) : « ثم أقبل عمر على عثمان فقال : هيها أليك كأنى بك قد قلدتك قريش هذا الامر لحبها اياك فحملت بنى أمية وبنى أبى معيط على رقاب الناس وآثرتهم بالفيء فسارت أليك عصابة من ذؤبان العرب فذبحوك على فراشك ذبحا » الى غير ذلك مما يفيد هذا المعنى فالعبارة اما « لمشت إليه العرب » بأن تكون اللام لام الجواب للو وفعل « مشت » مأخوذا من المشى حتى يكون المعنى مثل ما نقله المجلسى فى عبارته المشار إليها « فسارت أليك الناس » واما أن يكون الفعل مأخوذا من متت ، قال الزبيدى فى تاج العروس نقلا عن المحكم : « مت إليه بالشيء يمت متا توسل فهو مات ( الى أن قال ) وفى حديث على ـ كرم الله وجهه ـ لا تمتان الى الله بحبل ولا تمدان إليه بسبب » الا أن الاحتمال الاخير يحتاج الى تكلف وتجشم كما هو واضح وحيث ان المعنى صار واضحا بسبب ما نقلناه فلا حاجة الى الاطناب فيه بأكثر من ذلك فالمعنى « لو ثبت إليه العرب » أو « لسارت إليه العرب ».

__________________

(١) كذا فى النسخ وكأنه محرف وصحيحه : « الوعقة » او « الوعقة اللعقة » قال ابن ـ الاثير فى النهاية نقلا عن الهروى : « فى حديث عمر وذكر الزبير فقال : « وعقة لقس ؛ الوعقة بالسكون الّذي يضجر ويتبرم يقال : رجل وعقة ووعقة أيضا ووعق بالكسر فيهما ».

(٢) قال الفيروزآبادي : « الغرقد شجر عظام أو هى العوسج اذ اعظم واحده غرقدة وبها سموا : وبقيع الغرقد مقبرة المدينة على ساكنها الصلاة والسلام لانه كان منبتها ».


قلت : فأين أنت عن سعد؟ ـ قال : ليس هناك هو صاحب فرس وقنص وكان يقال : انّ سعد ارجل من عذرة (١) وليس من قريش ، قال : قلت : فعبد الرّحمن بن عوف؟ فقال : نعم الرّجل ذكرت غير أنّه ضعيف انّ هذا الأمر والله يا ابن عبّاس ما يصلحه الاّ القوىّ فى غير ضعف يعنى عليّا ، والجواد فى غير سرف يعنى طلحة ، والبخيل فى غير امساك يعنى الزّبير ، واللّيّن فى غير ضعف يعنى عبد الرّحمن (٢).

فهل بقى منهم أحد لم يغمزه؟ ثمّ صيّر الأمر شورى بينهم بعد قوله فيهم ما قال (٣)؟! فهل تكون الوقيعة الاّ هكذا؟!

ورويتم عمّن حكاه ورواه من فقهاء أهل المدينة (٤) قال : بينا عمر بن الخطّاب

__________________

(١) قال الفيروزآبادي : « عذرة بلا لام قبيلة فى اليمن » فمن أراد التفصيل فليراجع تاج العروس او سائر مظانه.

(٢) فليعلم أن الزمخشرى قد خاض فى بيان الالفاظ المشكلة التى وردت فى الحديث بعباراته المختلفة وكلماته المتغايرة وبينها بما لا مزيد عليه ولو لا أن المقام لا يسع ذكر كلامه لذكرته هنا بطوله لانه مفيد جدا ، وأشرنا إليه هنا مع أنا قد نقلنا متن الحديث عن الفائق فيما سبق ( ص ١٦٣ من الكتاب الحاضر ) وذكرنا هناك أن الزمخشرى قد فسر غرائبه وأوضح مشكلاته لاهمية كلامه النفيس وذكرناه بتمامه فى المجلد الّذي سميناه « بالتعليقات على الايضاح » وفقنا الله لطبعه ونشره.

(٣) فليعلم أن هذا الامر من أهم ما طعن به على الخليفة الثانى وتفصيله فى كتب الكلام الاستدلالي وكتب المطاعن المفصلة فمن أراد أن يستقصى البحث عنه ويستوفى الحظ منه فليراجع مظانه من الاستغاثة والطرائف وتشييد المطاعن واحقاق الحق وما يضاهيها ولعل فى المراجعة الى باب الشورى من ثامن البحار كفاية لمن تدبر ( راجع ٣٦٠ ـ ٣٤٤ من طبعة أمين الضرب ). وبحث المجلسى أيضا عن هذا المطلب فى ثامن البحار تحت عنوان « الطعن الثامن عشر من مطاعن عمر » ( انظر ص ٣١٠ ـ ٣٠٦ من طبعة أمين الضرب ).

(٤) كأن المراد به عبد الله بن عمر كما يعلم من سند القصة فى الكتب التى رويت فيها.


وبعض أصحابه يتذاكرون الشّعراء فقال بعضهم : فلان أشعر ، وقال بعضهم : فلان أشعر ؛ اذ طلع عليهم ابن عبّاس فقال عمر : قد جاءكم ابن بجدتها وأعلم النّاس [ بها ] فقال عمر : يا ابن عبّاس من أشعر الشّعراء؟ ـ فقال ابن عبّاس : أشعر الشّعراء يا أمير المؤمنين زهير بن أبى سلمى فقال : هلمّ من شعره ما نستدلّ به على ما ذكرت قال : امتدح قوما من بنى عبد الله بن غطفان فقال (٢) :

__________________

(١) قال ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة عند ذكره شيئا من سيرة عمر وسياسته ( ج ٣ من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ؛ ص ١٠٧ ).

« وروى عبد الله بن عمر قال : كنت عند أبى يوما وعنده نفر من الناس فجرى ذكر الشعر فقال : من أشعر العرب؟ ـ فقالوا : فلان وفلان فطلع عبد الله بن عباس فقال عمر : قد جاءكم الخبير ( القصة الى آخرها ) » وقال الطبرى ضمن حوادث سنة ٢٣ ( وهى سنة فوت عمر ) ما نصه : « حدثنى ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن مجد بن اسحاق عن رجل عن عكرمة عن ابن عباس قال : بينما عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ وبعض أصحابه يتذاكرون الشعر ( الحكاية الى آخرها ؛ راجع ج ٥ ص ٣١ ) » وابن الاثير ضمن ما ذكره فى احوال عمر ما نصه ( ج ٣ ص ٢٤ ضمن حوادث سنة ٢٣ ) : « قال ابن عباس : بينما عمر بن الخطاب ( القصة الى آخرها ) » وقال أبو العباس ثعلب فى شرح ديوان زهير بن أبى سلمى ما نصه ( ص ٢٧٨ من طبعة دار الكتب ) : « قال عبد الله بن محمد البصرى : حدثنا ابراهيم بن عبد الله السدوسى عن محمد بن خداش الاسدى عن نوح بن دراج عن حبيب بن زادان عن أبيه قال : دخلت على عمر بن الخطاب ـ رحمه‌الله ـ وعنده نفر من أصحاب رسول الله (ص) فذكروا الشعر فقال لهم عمر : من كان أشعر العرب؟ ـ فاختلفوا فبيناهم كذلك اذ طلع عليهم عبد الله بن عباس ( الحكاية الى آخرها ) » وقال السيوطى فى شرح شواهد المغنى ( ص ٦٣ من طبعة ايران سنة ١٢٧١ ) : « وأخرج أى أبو الفرج الاصبهانى فى الاغانى « عن سعيد بن المسيب قال : كان عمر جالسا مع قوم يتذاكرون أشعار العرب اذ أقبل ابن عباس ( فساق القصة ) الى غير ذلك من الموارد التى تفضى الاشارة إليها الى طول.

(٢) قال ابن عبد ربه فى عقد الفريد عند ذكره أجواد أهل الجاهلية ( ج ١ ص


لو كان يقعد فوق الشّمس من كرم

قوم بأوّلهم او مجدهم قعدوا

قوم أبوهم سنان حين تنسبهم

طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا

إنس اذا أمنوا ، جنّ اذا فزعوا

مرزّءون (١) بها ليل اذا جهدوا

محسّدون على ما كان من نعم

لا ينزع الله منهم ما له حسدوا

فقال عمر : أحسن ؛ وما أجد أولى بهذا الشّعر من هذا الحىّ من بنى هاشم

__________________

٢٠٠ من الطبعة الثانية بتحقيق محمد سعيد عريان ) :

« وكان سنان أبو هرم سيد غطفان وماتت أمه وهى حامل به وقالت : اذا أنا مت فشقوا بطنى فان سيد غطفان فيه ، فلما ماتت شقوا بطنها فاستخرجوا منها سنانا ، وفى بنى ـ سنان يقول زهير :

قوم أبوهم سنان حين تنسبهم

طابوا وطاب من الاولاد ما ولدوا

لو كان يقعد ( فذكر الابيات الى قوله : ) ماله حسدوا ».

أقول : هذه الابيات من أواخر قصيدة لزهير تشتمل على اثنين وثلاثين بيتا والبيت الاول من هذه الابيات الاربعة مصدر فى القصيدة بكلمة « أو » فان البيت الّذي قبله هناك مصدر بكلمة « لو » وهو :

« لو كان يخلد أقوام بمجدهم

او ما تقدم من أيامهم خلدوا »

وبعد الابيات المذكورة هذا البيت وهو آخر القصيدة

« لو يوزنون عيارا او مكايلة

مالوا برضوى ولم يعدلهم أحد »

فان أردت ان تلاحظ القصيدة فراجع شرح ديوان زهير بن أبى سلمى أعنى شرح أبى ـ العباس أحمد بن يحيى بن زيد الشيبانى المعروف بثعلب ( ص ٢٨٢ ـ ٢٧٩ من طبعة دار ـ الكتب ).

أقول : فى كلمات الابيات اختلاف فمن أراد التحقيق فليخض بنفسه فيه.

(١) قال الجوهرى : « ورجل مرزه ( بصيغة المفعول من التفعيل ) أى كريم يصيب الناس خيره ».


لفضل رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وقرابتهم منه ، فقال له ابن عبّاس : وفّقت يا أمير المؤمنين ولم تزل موفّقا ، فقال : يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمّد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ؟ ـ فقال ابن عبّاس وكره أن يجيبه : ان لم أكن أدرى فانّ أمير المؤمنين يدرينى (١) فقال : كرهوا (٢) أن تجتمع لكم الخلافة والنّبوّة فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا (٣) فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت ، فقال ابن عبّاس : يا أمير المؤمنين إن تأذن لى فى الكلام وتمط الغضب تكلّمت؟ فقال : تكلّم يا ابن عبّاس فقال : أمّا قولك يا أمير المؤمنين : اختارت لأنفسها فأصابت ووفّقت ؛ فلو أنّ قريشا اختارت لأنفسها حيث اختار الله تعالى لها لكان الصّواب بيدها غير مردود ولا محسود ، وأمّا قولك : انّهم كرهوا أن تكون (٤) لنا النبوّة والخلافة فانّ الله تبارك وتعالى وصف قوما بالكراهية فقال : ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ ) (٥) فقال عمر : هيهات يا ابن عبّاس والله لقد كانت تبلغنى (٦) عنك أشياء أكره

__________________

(١) قال المجلسى فى ثامن البحار ضمن ذكره الطعن الثامن عشر من مطاعن عمر ( ص ٣٠٨ ـ ٣٠٧ من طبعة أمين الضرب ) : « وروى ابن أبى الحديد فى الشرح وابن الاثير فى الكامل عن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه قال يوما لابن عباس : أتدري ما منع الناس منكم؟ ـ قال : لا يا أمير المؤمنين قال : ولكنى أدرى قال : ما هو يا أمير المؤمنين؟ ـ قال كرهت قريش ان تجمع لكم النبوة والخلافة ( الى آخر الحديث ) »

أقول : هناك مطالب مفيدة بالنسبة الى حديث المتن ونظائر له وتحقيقات من المجلسى (ره) فمن أراده فليراجع هناك.

(٢) فى النسخ : « أكره » وفى بعضها : « كره » وفى تاريخ الطبرى : « كرهوا ان يجمعوا لكم النبوة والخلافة ».

(٣) أى تتكبرون وتتعظمون وتفتخرون.

(٤) فى بعض النسخ : « يكون ».

(٥) آية ٩ سورة محمد ( ـ القتال ).

(٦) فى بعض النسخ : « يبلغنى ».


أن أفرك عنها (١) لتزيل منزلتك منّى فقال ابن عبّاس : وما هي يا أمير المؤمنين؟ ـ فان كانت حقّا فما ينبغى أن تزيل منزلتى منك ، وان كانت باطلا فمثلى أماط الباطل عن نفسه ، فقال عمر : يبلغنى أنّك تقول : انّما صرفوها عنّا حسدا وظلما ، فقال ابن عبّاس : أمّا قولك يا أمير المؤمنين : ظلما ؛ فقد تبيّن الجاهل والحكيم أنّ هذا الأمر انّما استحقّ برسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فكان أولى النّاس برسول الله أحقّ به من غيره ، وأمّا قولك : حسدا ؛ فانّ ابليس حسد آدم ـ صلوات الله عليه ـ فنحن ولده المحسودون ، [ فغضب عمر ] غضبا شديدا (٢) وقال : هيهات هيهات (٣) أبت والله قلوبكم يا بنى هاشم الاّ حسدا ما يحول وغشّا ما يزول ، قال ابن عبّاس : فقلت : مهلا يا عمر (٤) لا تصف قلوب قوم أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا بالحسد والغشّ (٥) فانّ قلب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ من قلوب بنى هاشم فقال عمر : أليك عنّى (٦) يا ابن عبّاس ، فقلت : أفعل ؛ فذهبت أقوم (٧) فقال : يا ابن ـ عبّاس مكانك ؛ فو الله انّى لراع لحقّك ومحبّ لما يسرّك ، قال ابن عبّاس :

__________________

(١) اى أكشف عنها ؛ يقال : « فرك الثوب دلكه ؛ وفركه عن الثوب حتى تفتت وتقشر قال فى اللسان : الفرك دلك الشيء حتى ينقلع قشره عن لبه كالجوز ».

(٢) من هاتين الكلمتين يبتدأ الموجود من نسخة م فان ما بعد هذه العبارة « فقلت للمغيرة : لا أبا لك قد عثرنا بكلامنا وما كنا فيه من » الى ما ذكر الى هنا من المطالب المنقولة فى المتن كان ساقطا من تلك النسخة كما أشرنا إليه وصرحنا به سابقا ( انظر ص ١٤٥ ) ومن هنا أعنى من كلمتى « غضبا شديدا » يبتدأ الموجود من النسخة ثانيا فنشرع فى مقابلتها مع سائر النسخ من هنا أيضا كالسابق.

(٣) « هيهات هيهات » ليس فى م كما أن « غضبا شديدا » ليس فى سائر النسخ.

(٤) عبارة غير م هكذا « الا حسدا وشرا ما يزول فقال ابن عباس يا أمير المؤمنين »

(٥) غير م : « بالحسد والشر ».

(٦) غير م : « عنا ».

(٧) غير م : « فلما ذهب ليقوم استحيى منه عمر فقال : يا ابن عباس ».


فقلت (١) : انّ لى عليك حقّا وعلى كلّ مسلم ؛ فمن حفظه فحظّه أصاب ، ومن أضاعه فحظّه أخطأ ؛ ثمّ قام ومضى. قال ابن عبّاس (٢) : فما زلت أعرف الغضب فى وجهه حتّى هلك.

ورويتم (٣) عن يزيد (٤) بن هارون عن العوّام بن حوشب عن ابراهيم التّيمىّ (٥) قال : قال لى ابن عبّاس يوما ونحن بالجابية (٦) : ما رأيت كمقال قاله لى (٧)

__________________

(١) غير م : « فقال ابن عباس يا أمير المؤمنين ».

(٢) من هنا الى « هلك » فى م فقط.

(٣) غير م : « وروى ».

(٤) م : « عن زيد » وهو مصحف قطعا قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال : « يزيد بن هارون السلمى أبو خالد الواسطى أحد الاعلام الحفاظ ( الترجمة ) » وصرح ابن ـ حجر فى تهذيب التهذيب بأنه يروى عن العوام بن حوشب وكذا صرح فى ترجمة العوام بن حوشب بأنه ممن روى عنه يزيد بن هارون فراجع ترجمتهما هناك ان شئت.

(٥) قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « ابراهيم بن يزيد بن شريك التيمى تيم الرباب أبو أسماء الكوفى كان من العباد ( الى ان قال فى آخر الترجمة ) وقال ابن المدينى لم يسمع من على ولا ابن عباس » وقال الخزرجى فى ترجمته بعد وصفه بأنه العابد القدوة : « يرسل ويدلس ».

(٦) م : « بالحديبية » ؛ قال ياقوت فى معجم البلدان : « الجابية بكسر الياء وياء مخففة وأصله فى اللغة الحوض الّذي يجبى فيه الماء للابل قال الاعشى : كجابية الشيخ العراقى تفهق فهو على ذا منقول وهى قرية من أعمال دمشق ( الى ان قال : ) وفى هذا الموضع خطب عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ خطبته المشهورة وباب الجابية بدمشق منسوب الى هذا الموضع ( الى آخر ما قال ) » فعلم من هذا أن عمر قد ورد هذا الموضع.

(٧) فليعلم أن أبا جعفر الشيعى الطبرى قد نقل هذه الرواية فى أواخر كتاب المسترشد وأفاد بعد نقله ما يناسب ذكره هنا وذلك أنه قال بعد ذكره الحديث


أمير المؤمنين (١) عمر اليوم (٢)! قلت : فما ذاك؟ ـ (٣) قال : شكا إليّ عليّا (ع) فقال لى : ألم تر الى ابن عمّك لم يخرج معنا فى هذا الوجه (٤)؟! قال : قلت : لا إله الا الله (٥)

__________________

المعروف المشهور بين الفريقين من ان النبي قال فى مرض موته : ايتونى بدواة وصحيفة أكتب لكم ما لا تضلون معه بعدى وبعض الكلام فيه ما نصه ( ص ٢٠٨ من طبعة مطبعة الحيدرية فى النجف ) : « قال عبيد الله : وكان ابن عباس يقول : ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين ان يكتب لهم كتابا من أجل اختلافهم ولغطهم فأى أمر أوضح من قول الثانى : حسبنا كتاب الله ولا حاجة بنا الى ما يدعونا إليه الرسول ولا شاهد أعدل من ابن عباس وقد كانت منه فى مخاطبته ما فيه من التصريح ببغض بنى هاشم رواه سفيان بن عينية عن النهدى عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر قال : كنا عند الثانى ذات يوم اذ قال : من أشعر الناس؟ ( فذكر الحديث الى آخره بهذه العبارة : ومن ضيعه فقد أخطأ حظه ثم طواه فمضى ) وزاد عليه ما نصه : فالتفت الثانى الى جلسائه فقال : واها لابن عباس فو الله ما رأيته لاحن أحدا قط الا خصمه فقد اعترف بأنه انقطع مخصوما فهذه روايتكم عن أئمتكم فمن كان هذا قوله لابن عباس وهو رهبانى هذه الامة ومن دعا له النبي (ص) فقال : اللهم فقهه بالدين وعلمه التأويل وعلمه التنزيل ، ومن رأى جبرئيل مرتين ، ومن قال النبي فيه وفى أبيه الّذي هو عمه وصنو أبيه ما رواه داود بن عطاء ( الى آخر ما ذكره ) » فمن أراده فليراجع المسترشد ( ص ٢١٠ ـ ٢١٢ ) ونقلناه فى تعليقاتنا على الايضاح وفقنا الله لطبعها ونشرها بحوله وقوته وفضله ورحمته.

__________________

(١) « أمير المؤمنين » ليس فى م.

(٢) فى م فقط.

(٣) غير م : « فما قال لك؟ ».

(٤) غير م : « الى هذا الموضع ».

(٥) كلمة التهليل ليست فى م.


أليس (١) قد اعتذر أليك فقبلت (٢) عذره وما خالفك الى يومنا هذا (٣) فقال : وما كفى ما قال لى أبوك؟! (٤)

قال : فقلت لابن عبّاس :

وما قال له أبوك؟ ـ قال : لقيه رجل من أهل الشّام فقال : السّلام عليك يا أمير المؤمنين فقال العبّاس : لست للمؤمنين بأمير ؛ هو (٥) ذاك وأنا والله أحقّ بها منه فسمعه عمر فقال : أحقّ والله بها منّى ومنك رجل خلّفناه بالمدينة أمس (٦) ؛ يعنى عليّا (٧) عليه‌السلام.

__________________

(١) فى م فقط.

(٢) غير م : « وقبلت ».

(٣) غير م : « فما خالف الى هذا ».

(٤) غير م : « وكما قال لى أبوك ».

(٥) غير م : « وهو ».

(٦) « أمس » ليس فى م.

(٧) قال المجلسى فى ثامن البحار فى باب المثالب والمطاعن ( ص ٢١٧ من طبعة أمين الضرب ) :

« شف ( يعنى كشف اليقين للعلامة ) أحمد بن مردويه فى كتاب المناقب عن أحمد بن ابراهيم بن يوسف عن عمران بن عبد الرحيم عن محمد بن على بن حكيم عن محمد بن سعد عن الحسن بن عمارة عن الحكيم بن عتبة عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله قال : خرج عمر بن الخطاب الى الشام وأخرج معه العباس بن عبد المطلب قال : فجعل الناس يتلقونه ويقولون : السلام عليك يا أمير المؤمنين ؛ وكان العباس رجلا جميلا ، فيقول : هذا صاحبكم ، فلما كثر عليه التفت الى عمر فقال : ترى أنا والله أحق بهذا الامر منك ، فقال عمر : اسكت ، أولى والله بهذا الامر منى ومنك رجل خلفته أنا وأنت بالمدينة على بن أبى ـ طالب ». فليعلم أن الطبرى أبا جعفر الشيعى ذكر هذا الجزء من الحديث فى كتابه المسترشد ( ص ١٨٨ من طبعة النجف ).

« وروى عثمان بن أبى شيبة قال : حدثنا حريز عن الاعمش عن طارق بن شهاب قال :


[ وروى يزيد بن هارون (١) عن حريز (٢) بن عثمان عن (٣) عوف بن مالك الزّبالىّ (٤) قال : جاء رجل الى عمر بن الخطّاب فقال (٥) : عليّ نذر أن أعتق نسمة من ولد

__________________

لما قدم عمر الشام لقيه أساقفتها ورؤساؤها وقد تقدمه العباس بن عبد المطلب على فرس وكان العباس جميلا بهيا فجعلوا يقولون : هذا أمير المؤمنين ويقولون له : السلام عليك يا أمير المؤمنين فيقول : لست بأمير المؤمنين وأمير المؤمنين ورائى وأنا والله أولى بالامر منه فسمعه عمر فقال : ما هذا يا أبا الفضل؟ قال : هو الّذي سمعت ، فقال : لكن أنا واياك قد خلفنا بالمدينة من هو أولى بها منى ومنك قال العباس : ومن هو؟ ـ فقال : على بن أبى طالب قال : فما الّذي منعك وصاحبك ان تقدماه؟ ـ فقال : خشية أن يتوارثها عقبكم الى يوم القيامة وكرهنا أن تجتمع لكم النبوة والخلافة قال له العباس : من حسدنا فانما يحسد رسول الله (ص) ».

فليعلم : أن نظائر هذا الخبر كثيرة منها ما رواه ابن أبى الحديد فى الجزء الثانى عشر من شرحه على نهج البلاغة عند ذكره سيرة عمر ( انظر ص ٩٧ من ج ٣ من طبعة مصر وكذا ص ١١٤ ) أو راجع ثامن البحار فان المجلسى (ره) ذكر طرفا منها عند بحثه عن الطعن الاول من مطاعن عمر ( انظر ص ٢٧٨ من طبعة أمين الضرب ).

__________________

(١) فليعلم أن العبارة المشتملة على هذه الرواية وتاليتها أعنى من قوله : « وروى يزيد بن هارون » الى قوله : « لانه هو أدخله بيته » ( وهو آخر الرواية التالية لهذه الرواية ) ليست فى نسخة م فهى فى نسخ ج ح س ق مج مث فقط ؛ ولهذا وضعناها بين المعقوفتين.

(٢) ج ق : « جرير ».

(٣) ح ( بدل : « عن » ) : « بن ».

(٤) ق س : « الزيالى » ج : « الزبانى » أما ح فليست الكلمة فيها أصلا ، ولم أتمكن من تحقيق السند فمن أراده فليخض فيه.

(٥) نقل أبو جعفر الطبرى الشيعى هذه الرواية واستدل بها على الامامة


اسماعيل فقال : والله ما أصبحت أثق لك به الاّ ما كان من حسن وحسين فانّهما

__________________

فلا بأس بنقل ما ذكره هناك حتى يستفيد منه المستفيد ونص عبارته فى كتابه المسترشد هكذا ( انظر ص ١٩٩ ـ ١٩٧ من طبعة المطبعة الحيدرية بالنجف ) : « وهو ممن وصفه الله حيث يقول : واجنبنى وبنى أن نعبد الاصنام ، ثم قال : ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ( بعد ما قال ) : لا ينال عهدى الظالمين ، فنظرنا فى أمر الظالم فاذا الآية قد فسروها بأنه عابد الاصنام فان من عبدها فقد لزمه اسم الظلم فقد نفى الله للظالم ان يكون إماما وقال رسول الله (ص) : أنا دعوة أبى ابراهيم ، وليس لاحد أن يقول : أنا ابن ابراهيم الا رسول الله وقد جرى معه من صلب ابراهيم الى عبد المطلب فانه قال رسول الله (ص) : نقلت من أصلاب الطاهرين الى أرحام الطاهرات لم يمسسنى سفاح أهل الجاهلية ، وأهل الجاهلية كانوا يسافحون وأنسابهم غير صحيحة وأمورهم مشهورة عند أهل المعرفة. وروى حميد قال : جاء رجل الى النبي (ص) فقال : يا رسول الله من أبى؟ ـ قال : أبوك الذي ولدت على فراشه فقام عمر بن الخطاب فأخذ مقدم رسول الله (ص) ثم قال : رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن كتابا لا نسأل عما سبقنا ونؤمن بما أنزل علينا لا تبدين علينا سوآتنا واعف عنا عفا الله عنك فقال : فهل أنتم منتهون؟ ـ قال : انتهينا يا رسول الله.

فهذا عمر بن الخطاب لم يثق بنسبه وأمر الناس ان لا يزيدوه على الخطاب روى محمد بن فضيل عن أبى لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب عن ربيعة بن لقيط عن مالك قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : تعلموا أنسابكم تصلوا أرحامكم ألا ولا يسألنى أحد عما وراء الخطاب. وهذا عمر سئل عن عتق رقبة من ولد اسماعيل سأله رجل عن ذلك فلم يثق الا بما كان من رسول الله (ص) وعبد المطلب روى ذلك زيد بن هارون عن جرير بن عثمان عن عوف بن مالك قال : جاء رجل الى عمر بن الخطاب فقال : ان على نذرا أن أعتق نسمة من ولد اسماعيل فقال : والله ما أصبحت أثق لك بأحد الا ما كان من حسن وحسين وعلى بنى عبد المطلب فانهم من شجرة رسول الله (ص) وانى سمعت رسول الله (ص) يقول : هم ولد أبى ، فانظروا كيف لم يعرف عمر الا ولد عبد المطلب ولم يثق


من ابنة رسول الله ومن عليّ بن أبى طالب فانّى سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ

__________________

فى النسب الا بهم. ومن لا يصح له نسبه كيف يجوز ان ينتسب الى ابراهيم عليه السلام ، ومن لا ينتسب الى ابراهيم كيف يصلح للامامة فان الله يقول : ملة أبيكم ابراهيم سماكم المسلمين من قبل ، فالذى لا يصحح نسبته الى ابراهيم فليس ممن سماه ابراهيم مسلما ومن لم يسمه ابراهيم مسلما فليس بمسلم ، وهذا أمر جليل يجب على الامة أن تفهمه وتنظر فيه فان من نظر وفحص رشد ان شاء الله ».

قال الحافظ نور الدين على بن أبى بكر الهيثمى فى مجمع الزوائد فى أواخر باب عقده لذكر فضل أهل البيت ـ : ـ ( ج ٩ ؛ ص ١٨٥ ) : « وعن عبد الله بن عمر قال : كان رسول الله (ص) اذا أتاه رجل يقول على رقبة من ولد اسماعيل يقول : عليك بحسن وحسين ؛ رواه الطبرانى ورجاله ثقات » أقول : مما يؤيده من بعض الجهات ما ذكره الهيثمى أيضا لكن فى المجلد الرابع من الكتاب بهذه العبارة ( ص ٢٤٢ ) : « باب العتق من ولد اسماعيل ؛ عن عائشة : أنه كان عليها رقبة من ولد اسماعيل فجاء سبى من اليمن من خولان فأرادت أن تعتق منهم فنهاها رسول الله (ص) ثم جاء سبى من مضر من بنى العنبر فأمرها النبي (ص) أن تعتق منهم ، رواه أحمد وفيه من لم أعرفهم ، وفى المناقب أحاديث من هذا النحو » وفى حواشى منتخب ـ كنز العمال ( انظر حاشية ج ٥ من مسند الامام ابن حنبل ، ص ٣٠٥ ) : « بنو العنبر ؛ الاكمال : من كان عليه تحرير رقبة من ولد اسماعيل فليعتق نسمة من بلعنبر ، الباوردى سمويه ( ط ، ض ) عن شعيب بن عبد الله بن زينب عن ثعلبة عن جده » وقال ابن حزم الاندلسى فى كتاب جمهرة أنساب العرب فى باب الكلام فى انقسام أجذام العرب جملة ( ص ٧ ) : « جميع العرب يرجعون الى ولد ثلاثة رجال وهم عدنان وقحطان وقضاعة ، فعدنان من ولد اسماعيل بلا شك الا أن تسمية الاباء بينه وبين اسماعيل قد جهلت جملة وتكلم فى ذلك قوم بما لا يصح فلم نتعرض لذكر ما لا يقين فيه وأما كل من تناسل من ولد اسماعيل ـ عليه‌السلام ـ فقد غبروا ودثروا ولا يعرف منهم أحد على أديم الارض أصلا ؛ حاشا ما ذكرنا


يقول : هو ابن عمّى.

فانظروا ما تروون عنه انّه لا يثق فى النّسب الصّحيح الاّ بهم ثمّ اخراجه ايّاهم من الأمر!

وروى أبو بكر بن عيّاش وهشيم والحسن اللّؤلؤىّ وهو يومئذ قاض أنّ رجلا أقطع اليمين ضافه (١) أبو بكر فكان يقوم اللّيل ويصوم النّهار فقال له أبو بكر :

__________________

من أن بنى عدنان من ولده فقط ، وأما قحطان فمختلف فيه من ولد من هو؟ فقوم قالوا : هو من ولد اسماعيل ـ عليه‌السلام ـ وهذا باطل بلا شك اذ لو كانوا من ولد اسماعيل لما خص رسول الله (ص) بنى العنبر بن عمرو بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بأن تعتق منهم عائشة ؛ اذ كان عليها نذر عتق رقبة من بنى اسماعيل ، فصح بهذا أن فى العرب من ليس من ولد اسماعيل ، واذ بنو العنبر من ولد اسماعيل فآباؤه بلا شك من ولد اسماعيل فلم يبق إلا قحطان وقضاعة ( فخاض فى ترجمة قضاعة ) » وقال أيضا عند ذكر بنى بهراء بن عمرو بن الحافى بن قضاعة : ( ص ٤٤١ ) وقال قوم : ان العنبر بن عمرو بن تميم هو العنبر بن عمرو بن تميم بن بهراء ، وهذا خطأ لان رسول الله (ص) أخبر أن بنى العنبر من ولد اسماعيل بن ابراهيم ( صلى الله عليهما وسلم ) وقد أنى الى بنى العنبر رجل شاعر من بهراء اسمه الحكم بن عمر يمت إليهم بهذا النسب فطردوه من جميع بلادهم حتى خرج منها ورحل عنهم » وأما اختصاص النذر بالعتق من ولد اسماعيل فكأنه لفضلهم وعلو شأنهم وذلك يستفاد من كثير من الاخبار كقول الصادق (ع) : « شبع أربعة من المسلمين تعدل محررة من ولد اسماعيل » ( انظر ثواب الاعمال ص ٧٥ من طبعة ايران سنة ١٢٩٩ ) وكقول ابن عباس فى حديث طويل عند ذكره ثواب صيام شهر رمضان ( ص ٣٩ من الكتاب المذكور ) : « ويعطى كل واحد منكم ثواب ألف مريض وألف غريب خرجوا فى طاعة الله ، وأعطاكم ثواب عتق ألف رقبة من ولد اسماعيل ) فالتقييد بكون المعتق من ولد اسماعيل كتقييد النسمة أو الرقبة بكونها مؤمنة أو صالحة أو نظائرهما مما يدل على الفضل وعلو الشأن.

(١) ح : « أضافه ».


يا هذا ما ليلك بليل سارق ولا نهارك بنهار سارق وأراك أقطع ؛ فمن قطعك؟ ـ قال : قطعنى يعلى بن منية (١) باليمن ظلما وتعدّيا عليّ قال : أما لأسألنّ عن ذلك فلئن كان قطعك سالما (٢) لأقطعنّه (٣) فبيناهم كذلك اذ فقدت قلادة لأسماء بنت عميس فلم تجد (٤) لها أثرا (٥) فأتاهم طلحة بن عبيد الله فقال : فتّشتم الأقطع؟ ـ فقال له أبو بكر : مه ؛ فما ليله بليل سارق ولا نهاره بنهار سارق قال : والله لا أدعه حتّى أفتّشه ففتّشه فاستخرجها من حجزته فقطع أبو بكر يده اليسرى فبقى لا يدله.

فقال ابراهيم بن داود والحسن اللّؤلؤىّ حين حدّثهم (٦) بهذا الحديث : يا با عليّ (٧) فكان عليه أن يقطع يساره؟ ـ فقال : أىّ بدّ أن أقول لك : انّ أبا بكر أخطأ.

ولا خلاف بين الأمّة أنّ رجلا لا تقطع يده بعد اليد ؛ فان عاد فلا قطع عليه ويحبس وينفق عليه من بيت مال المسلمين بقدر ما يكفّ عنهم شرّه ، وأخرى بأنّ الضّيف مأمون بمنزلة أهل البيت ولا قطع على مؤتمن لأنّه هو أدخله بيته (٨) ].

[ ورويتم أنّ أبا بكر رأى (٩) أن يجعل الخمس الّذي جعله الله عزّ وجلّ (١٠) لذى ـ

__________________

(١) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « يعلى بن منية هو ابن أمية ؛ تقدم » وقال فيما تقدم : « يعلى بن أمية بن أبى عبيدة بن همام التميمى حليف قريش وهو يعلى بن منية بضم الميم وسكون النون بعدها تحتانية مفتوحة وهى أمه صحابى مشهور مات سنة بضع وأربعين ».

(٢) ح : « مسلما ».

(٣) ح : « لاقطعن يده ».

(٤) ح : « فلم يكن ».

(٥) غير ج : « أثر ».

(٦) كذا صريحا بصيغة الجمع فى جميع النسخ.

(٧) كذا فى بعض النسخ وفى بعضها : « يا أبا على ».

(٨) هنا تمت العبارة التى كانت فى النسخ الست المشار إليها أعنى ج ح س ق مث مج ولم تكن فى نسخة م كما صرحنا به فى صدر رواية قد ذكرت قبل هذه الرواية ( انظر ص ١٧٤ ) ولذا وضعناها بين المعقوفتين.

(٩) غير م : « أنه رأى ».

(١٠) غير م : « أمر الله تعالى به ».


القربى فى (١) الكتاب فى الكراع (٢) والسّلاح ردّا على الله تبارك وتعالى اذ يقول : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ ـ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا ) ؛ الآية (٣).

فخالف كتاب الله ونقل ما سمّاه الله تعالى لهؤلاء الى الكراع والسّلاح وعطّل (٤) سهام القوم فما أبقيتم شيئا من العيب الاّ وقد نسبتموه الى أئمّتكم بروايتكم وأنتم تنسبون الشّيعة الى الوقيعة فى الصّحابة!

وروى (٥) اسماعيل بن أميّة (٦) وهو من فرسان أصحابكم فى الحديث عن أيّوب

__________________

(١) فليعلم أن فى نسخ ح ج س ق مج مث هنا سقطا ونقصا فلذا وضع المنتسخون والكتاب بعد هذه العبارة : « ورويتم أنه رأى أن يجعل الخمس الّذي أمر الله تعالى به فى » بياضا فى النسخ حتى يكون اشارة الى النقص والسقط ؛ وفى بعضها كما فى نسخة مكتبة المشهد المقدس الرضوى المشار إليها برمز « ق » تصريح بذلك بهذه العبارة « قد سقط شيء هناك لم نعرف قدره » وأوضح من التصريح بذلك انقطاع الربط بين ما ذكر فى المتن وبين ما يأتى بعد البياض المشار إليه فى النسخ المشار إليها وهو قوله : « وكان أصومنا فى اليوم الحار وأطولنا صلاة » كما يأتى ، فما يذكر فى المتن من نسخة م فقط فان العبارة فيها متصلة مرتبطة من دون نقص وسقط فان وصلنا الى آخر النقص ان شاء الله تعالى أشرنا إليه بأنه هناك يتم النقص والسقط.

(٢) قال ابن الاثير فى النّهاية : « وفى حديث ابن مسعود : وكانوا لا يحسبون الا الكراع والسلاح ؛ الكراع اسم لجميع الخيل » أقول : هو بضم الكاف على زنة غراب.

(٣) آية ٤١ سورة الانفال.

(٤) فى الاصل : « وعطلت » وعلى هذا فلتقرأ بصيغة المجهول حتى يكون السهام نائبا عن الفاعل.

(٥) روى الطبرى الامامى هذا الحديث فى المسترشد هكذا ( ص ١٥٢ من طبعة النجف ) :


السّختيانىّ (١) عن عكرمة بن خالد المخزومىّ (٢) عن مالك بن أوس بن الحدثان (٣) قال :

__________________

« وروى عمر بن رافع عن إسماعيل عن أيوب السجستانى عن عكرمة بن خالد المخزومى عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : قدم نصر بن عبد الله الثقفى على عمر من الطائف ومعه ناس من أصحابه فقال : ( فساق الحديث الى آخره قائلا بعده : ) فقال هذا المحتج : كيف جاز أن يحكم فى دماء المسلمين وأموالهم وهو لا يدرى أصاب أم أخطأ؟! وكيف استحل ذلك واستجازه؟! ؛ ( الى آخر ما قال ).

(٦) قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال : « اسماعيل بن أمية بن عمرو ابن سعيد بن العاص الاموى المكى أحد العلماء والاشراف عن أبيه وأيوب بن خالد ( الترجمة ) ».

__________________

(١) فى الاصل : « السجستانى » قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « أيوب بن أبى تميمة كيسان السختيانى بفتح المهملة بعدها معجمة ثم مثناة ثم تحتانية وبعد الألف نون أبو بكر البصرى ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العباد ( الترجمة ) » وصرح فى تهذيب التهذيب فى ترجمته بأنه روى عن عكرمة. وقال ابن الاثير فى اللباب فى تهذيب الانساب : « السختيانى بفتح السين المهملة وسكون الحاء المعجمة وكسر التاء المثناة من فوقها وفتح الياء آخر الحروف وبعد الألف نون ؛ هذه النسبة الى عمل السختيان وبيعه وهو الجلود الضأنية ليست بأدم ، والمشهور بهذه النسبة أبو بكر أيوب بن أبى تميمة السختيانى واسم أبى تميمة كيسان بصرى روى عن ابن سيرين وأبى قلابة وغيرهما ؛ ولد سنة ثمان وستين ، ومات سنة احدى وثلاثين ومائة » وقال الفيروزآبادي : « والسختيان ويفتح جلد الماعز اذا دبغ معرب ومنه أيوب السختيانى » وقال الزبيدى فى شرحه : « السختيان بالكسر وحكى قوم فيه التثليث وجزم شراح البخارى بأن الفتح هو الاكثر الافصح واقتصر الشهاب فى شرح الشفاء على كسر السين وحكى فى التاء الفتح والكسر و


قدم سفيان بن عبد الله الثّقفىّ من الطّائف على عمر (١) ومعه أناس من أصحابه فقال لهم : لا تبدءوا أمير المؤمنين بشيء الاّ أن يسائلكم ، فجاءه رجلان يختصمان فقضى بينهما ؛ فقالوا : أصبت ـ أصاب الله بك ـ فقال عمر : وما يدريكم فو الله ما يدرى عمر أصاب أم أخطأ؟!

__________________

اقتصر ابن التلمسانى فى حواشى الشفاء على ضم السين وحكاية الوجهين فى التاء وقال : انه بالخاء والجيم قال شيخنا : وأغرب الضبط فيه ما قاله التلمسانى ولا سيما حكاية الجيم فانها لا تعرف ( الى آخر ما قال ) ».

(٢) فى الاصل : « عن خالد المخزومى » وكلمة « عن » تصحيف « بن » بالقطع واليقين ؛ قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى روى عن أبيه وأبى هريرة وابن عباس وابن عمر وأبى ـ الطفيل ومالك بن أوس بن الحدثان وسعيد بن جبير وجعفر بن المطلب بن أبى وداعة وغير واحد ، روى عنه أيوب وابن جريج ( الى آخر ما قال ) ».

(٣) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « مالك بن أوس بن الحدثان بفتح المهملة والمثلثة النصرى بالنون أبو سعيد المدنى له رؤية وروى عن عمر ( الترجمة ) ».

أقول : يأتى شرح حاله مبسوطا فى تعليقاتنا على الكتاب ان شاء الله تعالى.

__________________

(١) قال ابن عبد البر فى الاستيعاب : « سفيان بن عبد الله بن ربيعة معدود فى أهل الطائف له صحبة وسماع ورواية كان عاملا لعمر بن الخطاب على الطائف ولاه عليها اذ عزل عثمان بن العاص عنها ( الى آخر ما قال ) » وقال الجزرى فى أسد الغابة : « سفيان بن عبد الله بن أبى ربيعة بن الحارث بن مالك بن حطيط بن جشم بن ثقيف الثقفى الطائى كذا نسبه أبو أحمد العسكرى له صحبة ورواية وكان عاملا لعمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ على الطائف ، استعمله عليه اذ عزل عثمان بن أبى العاص عنها ونقل عثمان الى البحرين ( الى آخر ما قال ) » ونظيرهما فى تهذيب التهذيب للعسقلانى.


وروى جرير بن عبد الحميد عن عبد العزيز بن رفيع (١) عن عبد الله [ بن (٢) ] أبى ـ قتادة (٣) عن أبيه قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : لا تسبّوا الدّهر فانّ الله هو الدّهر (٤).

فانظروا كيف لم يرضوا بالشّرك بالله حتّى نسبوه الى رسول الله (ص) وانّما الدّهر أيّام قال الله عزّ وجلّ : ( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ) (٥) فتعالى الله عمّا يصفون.

ورويتم حديثا نسبتموه الى الشّعبىّ أنّه قال : لا يخرج أحدا من الايمان [ الاّ ] الجحود بالله وبرسوله ، وانّ الذّنوب لا تخرج أحدا من الايمان.

فهذه روايتكم ثمّ أوجبتم على أهل اليمامة الرّدّة وانّما منعوا الصّدقة وصلّوا بأذان واقامة ثمّ شنّها (٦) عليهم غارة فقتل (٧) منهم وسبى (٨) فلم ينكر ذلك أبو بكر على خالد وصوّب رأيه و [ كذلك ] فعل أمير المؤمنين ومولى المسلمين [ فى ] ما جعله [ الله ] له حين قاتل طلحة والزّبير بعد أن نكثا بيعته وامتنعا من دفع صدقة البصرة وأموالها وخراجها ، وكذلك

__________________

(١) صرح ابن حجر فى تهذيب التهذيب فى ترجمة جرير بن عبد الحميد بأنه روى عن عبد العزيز بن رفيع وقال فى تقريب التهذيب « عبد العزيز بن رفيع بفاء مصغرا » وصرح فى تهذيب التهذيب فى ترجمته بأنه روى عن عبد الله بن أبى قتادة وفى ترجمة ابن أبى قتادة بأنه روى عن أبيه أبى قتادة وروى عنه عبد العزيز بن رفيع.

(٢) قد علم بما ذكرناه من كيفية السند أن كلمة « ابن » سقطت من هنا.

(٣) قال فى تقريب التهذيب فى باب الكنى : « أبو قتادة الانصارى هو الحارث » وقتادة بفتح القاف كسحابة.

(٤) الحديث مشهور وتأويله أيضا معروف وليس محمولا على ظاهره ( انظر ص ٩ ).

(٥) اوّل آية من سورة الدهر.

(٦ و ٧ و ٨) كذا فى الاصل فكأن مرجع الضمير حيث كان معلوما لم يذكره كما فى قوله تعالى : ( وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ).


عند ما (١) منعه معاوية خراج الشام وصدقاتها فلم يلزموا هؤلاء الرّدّة عن الاسلام اذ كان أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ المتولّى لذلك نقضا (٢) منكم له (ع) ، وألزمتم أهل اليمامة الرّدّة اذ كان أبو بكر المتولّى له فعبتم [ فعل عليّ ] وصوّبتم قتال أبى بكر أهل الرّدّة.

هذا وقد قال عمر بن الخطّاب فى عامّة المهاجرين فى أبى بكر وخالد ما قال ، فأمّا عمر فلم يصوّب رأيه ونقض جميع ما كان امضاؤه فيه وزعمتم أنّ أبا بكر قال : والله لو منعونى عقالا (٣) أو عناقا (٤) لقاتلتهم [ عليه ] وأموال البصرة وصدقاتها وخراجها أكثر من عقال او عناق.

__________________

(١) فى الاصل : « وكذلك عندنا ما ».

(٢) كذا صريحا بالضاد المعجمة ولعل كونه بالصاد المهملة هنا أنسب للمقام فتدبر.

(٣) قال ابن الاثير فى النهاية : « وفى حديث أبى بكر : لو منعونى عقالا مما كانوا يؤدونه الى رسول الله (ص) لقاتلتهم عليه ؛ أراد بالعقال الحبل الّذي يعقل به البعير الّذي كان يؤخذ فى الصدقة لان على صاحبها التسليم وانما يقع القبض بالرباط. وقيل : أراد ما يساوى عقالا من حقوق الصدقة. وقيل : اذا أخذ المصدق أعيان الابل قيل : أخذ عقالا ، واذا أخذ أثمانها قيل : أخذ نقدا. وقيل : أراد بالعقال صدقة العام يقال : أخذ المصدق عقال هذا العام أى أخذ منهم صدقة ، وبعث فلان على عقال بنى فلان اذا بعث على صدقاتهم ؛ واختاره أبو عبيد وقال : هو أشبه عندى بالمعنى.

وقال الخطابى : انما يضرب المثل فى مثل هذا بالاقل لا بالاكثر وليس فى لسانهم أن العقال صدقة عام وفى أكثر الروايات : لو منعونى عناقا وفى أخرى جديا ؛ قلت : قد جاء فى الحديث ما يدل على القولين فمن الاول حديث عمر أنه كان يأخذ مع كل فريضة عقالا ورواه فاذا جاءت الى المدينة باعها ثم تصدق بها ، وفى حديث محمد بن مسلمة انه كان يعمل على الصدقة فى عهد رسول الله (ص) فكان يأمر الرجل اذا جاء بفريضتين ان يأتى بعقاليهما وقرانيهما. ومن الثانى حديث عمر أنه أخر الصدقة عام الرمادة فلما


ثمّ وقعتم فى عمر وزعمتم أنّ أبا بكر لم يجز قوله فى خالد بن الوليد بتزكيتكم (١) قول عمر ثمّ نقضتم هذا كله ورويتم أنّ أبا بكر ندم ان لا يكون أقاد من خالد وألزمتموه الخطأ فى ترك [ الاقادة منه وترك الزامه دية من (٢) ] قتل وسبى فأىّ وقيعة أشدّ من هذه الوقيعة لجميع أصحاب رسول الله (ص) وأنتم تنسبون الشّيعة الى الوقيعة فى الصّحابة وتروون فيهم عيوبا كثيرة جمّة سنفسّرها فى كتابنا هذا بما لا يمكنكم دفع شيء منها اذا كانت الاحاديث أحاديثكم ورواية علمائكم وأوجبتم أنّ كلّ من جرت عليه سهام العرب من السبى [ و ] لم يخرج خمسه الى أهله انّ ذلك حرام.

فانظروا الى ما نسبتم إليه أولاد السّبايا وما منع أن يقسم الخمس على يدى أبى ـ بكر وعمر بمنعهما الخمس (٣).

__________________

أحيا الناس بعث عامله فقال : اعقل عنهم عقالين فاقسم فيهم عقالا وائتنى بالآخر ؛ يريد صدقة عامين.

وفى حديث معاوية : أنه استعمل ابن أخيه عمرو بن عتبة بن أبى سفيان على صدقات كلب فاعتدى عليهم فقال ابن العداء الكلبى :

سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا

فكيف لو قد سعى عمرو عقالين

نصب عقالا على الظرف أراد مدة عقال ».

(٤) قال ابن الاثير فى النهاية : « لو منعونى عناقا مما كانوا يؤدونه الى رسول الله (ص) لقاتلتهم عليه ؛ فيه دليل على وجوب الصدقة فى السخال وأن واحدة منها تجزئ عن الواجب فى الاربعين منها اذا كانت كلها سخالا ولا يكلف صاحبها مسنة ، وهو مذهب الشافعى وقال أبو حنيفة : لا شيء فى السخال ؛ وفيه دليل على أن حول النتاج حول الامهات ولو كان يستأنف لها الحول لم يوجد السبيل الى أخذ العناق ».

__________________

(١) كذا فى الاصل.

(٢) فى الاصل بدل ما بين الحاصرتين : « فى ترك الا يقيد منه ... وفى زنة ما ».

(٣) كذا فى الاصل صريحا ففى العبارة تشويش.


ورويتم عن شريك عن أبى الزّبير المكّىّ (١) أنّ نجدة الحرورىّ (٢) كتب الى ابن عبّاس يسأله عن اليتيم ؛ متى ينقضى يتمه؟ وعن النّساء هل كان النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يغزو بهنّ؟ [ ويقسم لهنّ؟ ] وعن الأطفال [ هل كان النّبيّ (ص) يقتلهم؟ ] وعن الخمس لمن هو؟.

فكتب إليه ابن عبّاس :

أمّا اليتيم فانقضاء يتمه أو ان حلمه ، وأمّا النّساء فانّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ [ كان ] يرضخ لهنّ (٣) ولا يقسم لهنّ ، وأمّا الأطفال فانّ الخضر ـ عليه‌السلام ـ

__________________

(١) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب فى حرف الزاى من باب الكنى : « أبو ـ الزبير المكى هو محمد بن مسلم » وقال عند ذكر اسمه : « محمد بن مسلم بن تدرس بفتح المثناة وسكون الدال المهملة وضم الراء الاسدى مولاهم أبو الزبير المكى صدوق ( الى آخر ما قال ) ».

(٢) قال الفيروزآبادي : « وحروراء كجلولاء وقد تقصره بالكوفة ، وهو حرورى بين الحرورية وهم نجدة وأصحابه » قال الزبيدى فى شرحه : « الحروراء بالمد وقد تقصر بلدة بالكوفة على ميلين منها نزل بها جماعة خالفوا عليا ـ رضى الله عنه ـ من الخوارج ويقال : هو حرورى بين الحرورية ينتسبون الى هذه القرية وهم نجدة الخارجى وأصحابه ، ومن يعتقد اعتقادهم يقال له الحروى ، وقد ورد أن عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت لبعض من كانت تقطع أثر دم الحيض من الثوب : أحرورية أنت؟ تعنيهم ؛ كانوا يبالغون فى العبادات » وقال فى « ن ج د » : « ونجدة بن عامر الحنفى خارجى ، وأصحابه النجدات محركة » وقال الزبيدى فى شرحه : « وهو الحرورى من بنى حنيفة الخارجى من اليمامة وأصحابه النجدات قوم من الحرورية ويقال لهم أيضا النجدية ». أقول : من أراد التفصيل فى ذلك فليراجع أحوالهم فى الملل والنحل للشهرستانى فانه ذكر ما يتعلق بترجمتهم تحت عنوان « النجدات العاذرية أصحاب نجدة بن عامر الحنفى » عند ذكره فرق الخوارج ( انظر ص ٥٦ من النسخة المطبوعة بايران سنة ١٢٨٨ ).

(٣) قال ابن الاثير فى النهاية : « فى حديث عمر : وقد أمرنا لهم برضخ فاقسمه


كان يقتل كافرهم ويدع مؤمنهم ، وأمّا الخمس فزعمنا أنّه لنا وزعم قوم (١) أنّه ليس لنا ؛ فصبرنا ، وانّى اخبرك أنّ جميع النّاس فى حرج (٢) من خمسنا الاّ شيعتنا (٣) الطّيّبين

__________________

بينهم ؛ الرضخ العطية القليلة ومنه حديث على ـ رضى الله عنه ـ ويرضخ له على ترك الدين رضيخة ؛ هى فعيلة من الرضخ أى عطية » وقال الطريحى فى مجمع البحرين : « والرضخ العطاء اليسير المشروط من الوالى فنحو الراعى والحافظ يقال : رضخته رضخا من باب نفع ، أعطيته شيئا ليس بالكثير ومنه الخبر : أمرت له برضخ ، والرضائخ جمع رضيخة وهى العطية قيل : والّذي رضخ له أبو سفيان وابنه معاوية حين كانا من المؤلفة قلوبهم ليستمالوا الى نصرة الدين » فيوافق معناه معنى « يحذيهن » المذكور بذلك اللفظ فى حديث الخصال المشار إليه قال ابن الاثير فى النهاية : « وفيه مثل الجليس الصالح مثل الدارى ان لم يحذك من عطره علقك من ريحه اى ان لم يعطك يقال : أحذيته أحذيه احذاء وهى الحذيا والحذية ومنه حديث ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة أى يعطين ( الى آخر ما قال ) ».

__________________

(١) فى الاصل : « قومنا ».

(٢) فى الاصل : « جرح ».

(٣) هذه العبارة لا تشبه كلام ابن عباس بل تقتضى صدورها عن الائمة فتدبر وراجع مظانها.

اذا عرفت ذلك فاعلم أن الحديث مما أطبق على نقله الفريقان فلا بد من الاشارة الى موارده فنقول : قال السيوطى فى الدر المنثور فى تفسير قول الله تعالى : « وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ؛ الآية » ( ج ٣ ؛ ص ١٨٦ ) : « وأخرج الشافعى وعبد الرزاق فى المصنف وابن أبى شيبة ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم وابن مردويه والبيهقى فى سننه عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أن نجدة كتب إليه يسأله عن ذوى القربى الذين ذكر الله فكتب إليه


فانّا أحللنا [ ه‍ ] لهم.

__________________

انا كنا نرى أنا هم فأبى ذلك علينا قومنا وقالوا : قريش كلها ذوو قربى. وأخرج ابن أبى ـ شيبة وابن المنذر من وجه آخر عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أن نجدة الحرورى أرسل إليه يسأله عن سهم ذى القربى الذين ذكر الله؟ فكتب إليه انا كنا نرى أنا هم فأبى ذلك علينا قومنا وقالوا : ويقول : لمن تراه؟ فقال ابن عباس : هو لقربى رسول الله (ص) قسمه لهم رسول الله وقد كان عمر ـ رضى الله عنه ـ عرض علينا من ذلك عرضا رأيناه دون حقنا فرددناه عليه وأبينا ان نقبله ، وكان عرض عليهم أن يعين ناكحهم ، وأن يقضى عن غارمهم ، وأن يعطى فقيرهم ، وأبى أن يزيدهم على ذلك » أقول : هو مذكور فى كثير من غير ما ذكره السيوطى من الكتب المعتبرة عند العامة أيضا منها كتاب الاموال لابى عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة ٢٢٤ فانه أورده فى كتابه المذكور ضمن ما ذكره تحت عنوان « باب سهم ذى القربى من الخمس » بثلاثة أسانيد ( انظر ص ٣٢٢ ـ ٣٣٥ ) والخوض فى ذلك يقتضي مجالا واسعا فنكتفى ببعض ما نقله مسلم فى صحيحه فى « باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم ، والنهى عن قتل صبيان أهل ـ الحرب » بهذه العبارة : « حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا سليمان ( يعنى ابن بلال ) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب الى ابن عباس يسأله عن خمس خلال فقال ابن عباس : لو لا أن أكتم علما ما كتبت إليه كتب إليه نجدة أما بعد فأخبرنى هل كان رسول الله (ص) يغزو بالنساء؟ وهل كان يضرب لهن بسهم؟ وهل كان يقتل الصبيان؟ ومتى ينقضى يتم اليتيم؟ وعن الخمس لمن هو؟ فكتب إليه ابن ـ عباس : كتبت تسألنى هل كان رسول الله (ص) يغزو بالنساء؟ وقد كان يغزو بهن فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة ؛ وأما بسهم فلم يضرب لهن ، وان رسول الله (ص) لم يكن يقتل الصبيان فلا تقتل الصبيان ، وكتبت تسألنى : متى ينقضى يتم اليتيم؟ فلعمرى ان الرجل لتثبت لحيته وانه لضعيف الاخذ لنفسه ضعيف العطاء منها فاذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم ، وكتبت تسألنى عن الخمس لمن هو؟ وانا كنا نقول : هو لنا


__________________

فأبى علينا قومنا ذاك. حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة واسحاق بن ابراهيم كلاهما عن حاتم ابن اسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب الى ابن عباس يسأله عن خلال بمثل حديث سليمان بن بلال غير ان فى حديث حاتم وان رسول الله (ص) لم ـ يكن يقتل الصبيان فلا تقتل الصبيان الا ان تكون تعلم ما علم الخضر من الصبى الّذي قتل. وزاد اسحاق فى حديثه عن حاتم : وتميز المؤمن فتقتل الكافر وتدع المؤمن ». فذكره بأربعة أسانيد أخر وفى عبارات متن الحديث أيضا اختلاف يسير فمن أراد ما تركناه فليراجع ج ٥ من طبعة قسنطينية سنة ١٣٣٢ ؛ ص ١٩٧ ـ ١٩٩ ).

وأما كتب الشيعة فممن نقل الحديث منهم فى كتابه الشيخ أبو جعفر الصدوق فانه أورد الحديث فى باب الاربعة من الخصال ( انظر ص ١١١ ـ ١١٢ من الطبعة الاولى أو ص ٢٣٥ من طبعة مكتبة الصدوق ) ونص عبارته هكذا : « حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رض) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد وعبد الله ابنى محمد بن عيسى عن محمد بن أبى عمير عن حماد بن عثمان الناب عن عبيد الله بن على الحلبى عن أبى عبد الله ـ عليه‌السلام ـ قال : ان نجدة الحرورى كتب الى ابن عباس يسأله عن أربعة أشياء هل كان رسول الله (ص) يغزو بالنساء؟ وهل كان يقسم لهن شيئا؟ ، وعن موضع الخمس ، وعن اليتيم ؛ متى ينقطع يتمه؟ وعن قتل الذرارى فكتب إليه ابن عباس : أما قولك فى النساء فان رسول الله (ص) كان يحذيهن ولا يقسم لهن شيئا ، وأما الخمس فانا نزعم أنه لنا وزعم قوم أنه ليس لنا ؛ فصبرنا ، وأما اليتيم فانقطاع يتمه أشده وهو الاحتلام الا ان لا تؤنس منه رشدا فيكون عندك سفيها أو ضعيفا فيمسك عليه وليه ، وأما الذرارى فلم يكن النبي (ص) يقتلها وكان الخضر ـ عليه‌السلام ـ يقتل كافرهم ويترك مؤمنهم فان كنت تعلم منهم ما يعلم الخضر فأنت أعلم » ونقله المجلسى عن الخصال فى المجلد العشرين من البحار فى باب أصناف مستحقى الخمس ( انظر ج ٢٠ من طبعة أمين الضرب ص ٥١ ).

وروى العياشى فى تفسيره عند تفسيره الآية عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله ـ عليه‌السلام ـ ( ص ٦١ ؛ ج ٢ ) قال : سمعته : أن نجدة الحرورى كتب الى ابن عباس


وأجمعوا (١) على أنّهم لم يقسموا بين المؤلّفة قلوبهم حتّى مضوا جميعا ، وزعموا أنّهم لا يعرفونهم فأبطلوا سهما فرضه الله بأنّهم لا يعرفون أربابه ، فهل يكون الجهل الاّ لمن لم يعرف من فرض الله [ له ] سهما فضيّعوا.

وأجمعوا أنّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ترك النّاس بلا امام ليختاروا لأنفسهم إماما فاختاروا ، ثمّ زعمتم أنّ أبا بكر لم يرض أن يصنع ما صنع رسول الله (ص) فجعلها لعمر ، ثمّ زعمتم أنّ عمر بن الخطّاب لم يرض بما صنع رسول الله (ص) ولا بما صنع أبو بكر حتّى جعلها فى ستّة.

ثمّ رويتم أنّ المسلمين قالوا لأبى بكر : ما ذا تقول لربّك اذا قدمت [ إليه ]

__________________

يسأله عن موضع الخمس لمن هو؟ ـ فكتب إليه أما الخمس فانا نزعم أنه لنا ويزعم قومنا أنه ليس لنا ؛ فصبرنا » ونقله المجلسى عن تفسير العياشى فى باب أصناف مستحقى الخمس من المجلد العشرين من البحار ( انظر ص ٥٢ من طبعة أمين الضرب ) وكذا السيد هاشم البحرانى فى تفسير البرهان فى تفسير آية الخمس ( ج ١ ص ٤٠٠ من الطبعة الاولى ).

قال علم الهدى فى الشافى فيما اعترض به على القاضى عبد الجبار ضمن البحث عن الخمس ما نص عبارته ( ص ٢٥٥ من طبعة ايران ) : « وروى يزيد بن هرمز قال : كتب نجدة الى ابن عباس يسأله عن الخمس لمن هو؟ قال : فكتب إليه : كتبت تسألنى عن الخمس لمن هو؟ وانا كنا نزعم أنه لنا فأبى قومنا علينا بذلك فصبرنا عليه » وذكره الشيخ الطوسى فى تلخيص الشافى ( انظر ص ٤٣٧ من طبعة ايران أو طبعة النجف ج ٤ ؛ ص ١٨ ) وقال ابن ابى الحديد فى شرح نهج البلاغة بعد نقل كلام السيد معترضا عليه ما نصه ( ج ٣ طبعة مصر ؛ ص ١٥٥ ) : « والرواية المذكورة عن ابن عباس فى كتابه الى نجدة الحرورى صحيحة ثابتة وليس فيها ما يدل على مذهب المرتضى من أن الخمس كله لذوى القربى لان نجدة انما سأله عن خمس الخمس لا عن الخمس كله ».

__________________

(١) فى الاصل : « واجتمعوا ».


وقد ولّيت علينا فظّا غليظا يعنون عمر؟ فقال لهم : أتخوّفوني بربّى؟! أقول له : خلّفت عليهم خير أهلك ثمّ قال : أفأترك [ أمّة ] محمّد كالنّعل الخلق؟!

فان كان ترك أبى بكر النّاس بلا خليفة عصيانا لله فلقد تركهم [ النّبيّ (ص) بلا خليفة ] فطعنكم على رسول الله اذا قلتم وادّعيتم أنّه توفّاه الله تعالى وترك أمّته بلا خليفة.

ثمّ زعمتم أنّ من زنى أو سرق أو قتل النّفس الّتي حرّم الله أو أتى كلّ كبيرة نهى الله عنها انّه لا يكفر ولا يخرج عن الملّة ولا يقال له : عصى الله ورسوله وانّما أتى ذنبا ، ثمّ رويتم عن علمائكم أنّ من عصى خليفته فقد كفر ، ويحكم اعقلوا ما تقولون وما تتكلّمون فو الله ما شنّع الملحدون فى الاسلام أقبح من هذا ، ولو عقلتم ما تتكلّمون به وعرفتم حكمه لأقمتم أصحابكم على (١) التّوبة فمن تاب ورجع قبلت توبته منه ، ومن لجّ فى طغيانه وبهتانه عرض على السّيف.

ما يذكر من رجوع عمر الى قول عليّ ـ عليه‌السلام ـ فى الاحكام

ومن رواياتكم (٢) الّتي تذكرونها (٣) ولا ينكرها مخالف ولا موافق (٤) ما روى عن جرير بن [ ال ] مغيرة (٥) عن ابراهيم النّخعىّ أنّ عمر بن الخطّاب دعا بامرأة أراد أن

__________________

(١) فى الاصل : « الى ».

(٢) فى الاصل : « ومن روايتكم ».

(٣) فى الاصل : « تنكرونها ».

(٤) فى الاصل بعد كلمة « موافق » هذه العبارة : « هو اقراركم واحكامكم وإليه ترجعون وعن رأيه تصدرون » وحيث لم يكن لها معنى هناك وضعناها هنا فلعل متأملا وجد الى تصحيحها سبيلا.

(٥) كذا فى الاصل بلا لام صريحا فلعل فى السند أيضا تشويشا واضطرابا.


يرجمها (١) قد ولدت لستّة أشهر من زوجها وأنكر زوجها ذلك وقد حضر عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ فقال : يا عمر ان خاصمتك بكتاب الله خصمتك ، قال عمر : وكيف ذلك يا أبا الحسن؟ ـ قال : انّ عذرها فى كتاب الله عزّ وجلّ ( [ وَحَمْلُهُ ] وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) (٢) قال عمر : وما فى هذا؟ ـ قال : قوله : ( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ ) (٣) فاذا كان (٤) الرّضاعة أربعة وعشرين شهرا فلم يبق للحمل الاّ ستّة أشهر فقال عمر : انّا لله ؛ لو لا عليّ لهلك عمر ، ثمّ أمر بتخلية سبيلها (٥).

__________________

(١) فليعلم أن عبارة المتن من هذا الموضع أعنى من قوله : « ان عمر بن الخطاب دعا بامرأة أراد أن يرجمها » الى ما يأتى من قوله : « مع موافقة الكتاب لفتياهم فى الحلال والحرام » موجودة فى جميع النسخ الا أنها مذكورة فى نسخ ج ح س ق مج مث فى أواخر الكتاب ولشهرة هذه الروايات ومعروفيتها لا نذكر اختلاف عبارات النسخ بل نكتفى من صدر العبارة الى آخرها بعبارة نسخة م الا ان يكون فيها نقص كقصة امرأة مجنونة بغت فانها ليست فيها فذكرناها من غير نسخة م كما أشرنا إليها عند نقلها.

(٢) من آية ١٥ سورة الاحقاف.

(٣) صدر آية ٢٣٣ سورة البقرة.

(٤) كذا فى الاصل فتذكير الفعل لكون الرضاعة مصدرا من قبيل ان رحمة الله قريب من المحسنين.

(٥) قال المجلسى فى تاسع البحار فى باب قضاياه نقلا عن بشارة المصطفى للطبرى ما نصه ( انظر ص ٤٨٣ من طبعة أمين الضرب ) : « وروى عن يونس بن الحسن أن عمر أتى بامرأة قد ولدت لستة أشهر فهم برجمها فقال له أمير المؤمنين : ان خاصمتك بكتاب الله خصمتك ؛ ان الله تعالى يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) ويقول ـ جل قائلا ـ : والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ، فاذا تممت المرأة الرضاعة سنتين وكان حمله وفصاله ثلاثين شهرا كان الحمل منه ستة أشهر فخلى عمر سبيل المرأة وثبت الحكم بذلك فعمل به الصحابة والتابعون ومن أخذ عنه الى يومنا هذا ».


ورويتم عن يزيد بن هارون عن الأشعث عن الحسن أنّ عمر بن الخطّاب أتى بامرأة حبلى وقد زنت فأمر برجمها ؛ قال : فمرّوا بها على عليّ بن أبى طالب فقال : يا هذا [ ان كان ] سبيلك عليها بذنبها فما سبيلك على الّذي فى بطنها؟! قال عمر : فكيف أصنع؟ ـ قال : تربّص بها حتّى تضع ، قال : فتركها ثمّ وضع يده على رأسه وقال : لو لا عليّ لهلك عمر ؛ وخلّى عنها (١).

__________________

(١) قال المجلسى فى تاسع البحار فى باب قضاياه نقلا عن مناقب ابن ـ شهرآشوب وبشارة المصطفى للطبرى ( ص ٤٨٣ من طبعة أمين الضرب ) : « وروى أنه أتى بحامل قد زنت فأمر عمر برجمها فقال له أمير المؤمنين (ع) : هب أن لك سبيلا عليها فأى سبيل لك على ما فى فى بطنها؟ ـ والله تعالى يقول : ( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) فقال عمر : لا عشت لمعضلة لا يكون لها أبو الحسن ، ثم قال : فما أصنع بها؟ ـ قال : احتط عليها حتى تلد فاذا ولدت ووجدت لولدها من يكفله فأقم عليها الحد ، فسرى ذلك عن عمر وعول فى الحكم به على أمير المؤمنين (ع) » أقول : قال الجزرى فى النهاية : « العضل المنع والشدة يقال أعضل بى الأمر اذا ضاقت عليك فيه الحيل ؛ ومنه حديث عمر : أعوذ بالله من كل معضلة ليس لها أبو حسن وروى معضلة أراد المسألة الصعبة او الخطبة الضيقة المخارج من الاعضال والتعضيل ويريد بأبى الحسن على بن أبى طالب (ع) » وقال نجم ـ الائمة الرضى فى شرح الكافية لابن الحاجب فى مبحث لا التى لنفى الجنس ( ص ١١١ من طبعة تبريز سنة ١٣٧٤ ). « واعلم أنه قد يؤول العلم المشتهر ببعض الخلال بنكرة فينتصب وينزع منه لام التعريف ان كان فيه نحو : لا حسن فى الحسن البصرى ، وكذا لا صعق فى الصعق ، او مما أضيف إليه نحو لا امرأ قيس ولا ابن زبير ، ولا يجوز هذه المعاملة فى لفظى عبد الله وعبد الرحمن اذ الله والرحمن لا يطلقان على غيره تعالى حتى يقدر تنكيرهما قال : لا هيثم الليلة للمطى وقال :

أرى الحاجات عند أبى حبيب

نكدن ولا أمية فى البلاد

ولتأويله بالمنكر وجهان اما أن يقدر مضاف هو مثل فلا يتعرف بالإضافة


[ ورويتم أنّه اتى بامرأة مجنونة (١) قد بغت فأمر برجمها فاستقبلها عليّ ـ صلوات

__________________

لتوغله فى الابهام وانما يجعل فى صورة النكرة بنزع اللام وان كان المنفى فى الحقيقة هو المضاف المذكور الّذي لا يتعرف بالإضافة الى أى معرف كان لرعاية اللفظ واصلاحه ومن ثم قال الاخفش : على هذا التأويل يمتنع وصفه لانه فى صورة النكرة فيمتنع وصفه بمعرفة وهو معرفة فى الحقيقة واما ان يجعل العلم باشتهاره بتلك الخلة كأنه اسم جنس موضوع لافادة ذلك المعنى لان معنى : قضية ولا أبا حسن لها ؛ لا فيصل لها اذ هو عليه‌السلام كان فيصلا للحكومات على ما قال النبي (ص) : أقضاكم على ، فصار اسمه كالجنس المفيد لمعنى الفصل والقطع كلفظ الفيصل ، وعلى هذا يمكن وصفه بالمنكر وهذا كما قالوا : لكل فرعون موسى اى لكل جبار قهار ؛ فيصرف فرعون وموسى لتنكيرهما بالمعنى المذكور ، وجوز الفراء اجراء المعرفة مجرى النكرة بأحد التأويلين فى الضمير واسم الاشارة أيضا نحو : لا اياه هاهنا أولا هذا ؛ وهو بعيد غير مسموع » أقول : انما نقلنا هذا الكلام هنا بطوله لكثرة فائدته ومناسبته للمقام.

__________________

(١) هذه القضية ليست فى نسخة م لكنها ذكرت فى غيرها من النسخ فلهذا وضعناها بين المعقوفتين وأما أصل القضية فهى مسلمة بين حملة الاخبار ونقلة الآثار فقال المجلسى فى تاسع البحار فى باب قضاياه نقلا عن بشارة المصطفى للطبرى ( ص ٤٨٣ من طبعة أمين الضرب ) : « وروى أن مجنونة على عهد عمر فجر بها رجل فقامت البينة عليها بذلك فأمر عمر بجلدها فمر بها على أمير المؤمنين (ع) لتجلد فقال : ما بال مجنونة آل ـ فلان تعتل؟ فقيل له : ان رجلا فجر بها وهرب وقامت البينة عليها فأمر عمر بجلدها فقال لهم : ردوها إليه وقولوا له : أما علمت بأن هذه مجنونة آل فلان وأن النبي قد رفع القلم عن المجنون حتى يفيق ؛ انها مغلوبة على عقلها ونفسها ، فردت الى عمر وقيل له ما قال أمير المؤمنين (ع) ، فقال : فرج الله عنه لقد كدت أن أهلك فى جلدها ودرأ عنه الحد ( فقال المجلسى : ) قب ( يريد به مناقب ابن شهرآشوب ) : الحسن وعطاء وقتادة وشعبة وأحمد مثله قال : وأشار


الله عليه ـ فقال : أين تريدون بهذه؟ ـ قالوا : بغت فأمر أمير المؤمنين برجمها ؛ فقال : ردّوها ، ثمّ دخل على عمر فقال له : أمرت برجم هذه المجنونة؟ ـ قال : نعم ، فقال له عليّ (ع) : أما سمعت قول رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : رفع القلم عن ثلاث ؛ عن النّائم حتّى يستيقظ ، وعن المجنون حتّى يفيق ، وعن الغلام حتّى يحتلم؟ ـ قال : نعم ، قال : فلم أمرت برجمها؟ فخلّى سبيلها ، ثمّ قال : لو لا عليّ لهلك عمر ].

ورويتم عن عبد الأعلى عن سعيد بن قتادة أنّ عمر بن الخطّاب خطب للنّاس فقال : ألا لا أعلم رجلا تزوّج على أكثر من أربعمائة درهم الاّ أنهكته عقوبة قال : فأتته امرأة فقالت : ما لنا ولك يا عمر؟! قول الله أعدل من قولك وأولى أن يتّبع ، فقال عمر : ما قال الله تعالى؟ ـ قالت : قال الله عزّ وجلّ : ( وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ

__________________

البخارى الى ذلك فى صحيحه ؛ بيان ـ عتلت الرجل وأعتله وأعتله اذا جذبته جذبا عنيفا ؛ ذكره الجوهرى » أقول : من أراد أن يستوفى البحث عن هذه القضية فليراجع باب مطاعن عمر من الكتب المبسوطة كثامن البحار فان المجلسى جعل هذه القضية الطعن العاشر من مطاعن عمر وأطال البحث عنها كما يقتضيه تحقيقه ( ص ٢٩٦ ـ ٢٩٧ من مطبعة أمين الضرب ) أو يراجع تشييد المطاعن فان القضية ذكرت فيه مبسوطة تحت عنوان جهل عمر للاحكام الشرعية ( ج ١ ؛ ص ٥٢٥ ـ ٥٢٠ ) الا أنا نشير هنا الى ما ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب فى ترجمة أمير المؤمنين وهو قوله ( ص ٤٦١ من طبعة حيدرآباد سنة ١٣٣٦ ) : « قال أحمد بن زهير حدثنا عبيد الله بن عمر القواريرى حدثنا مؤمل بن اسماعيل حدثنا سفيان الثورى عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال : كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن وقال فى المجنونة التى أمر برجمها وفى التى وضعت لستة أشهر فأراد رجمها فقال له على : ان الله تعالى يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) ؛ الحديث ، وقال له : ان الله رفع القلم عن المجنون ؛ الحديث ، فكان عمر يقول : لو لا على لهلك عمر وقد روى مثل هذه القصة لعثمان مع ابن عباس وعن على أخذها ابن عباس والله أعلم ».


مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ ) ؛ الآية (١) والقنطار الدية (٢) وهو أكثر من أربعمائة درهم فقال عمر : كلّ أحد أفقه من عمر ثمّ عاد الى المنبر فخطب فقال : أيّها النّاس انّى كنت نهيت ان يتزوّج الرّجل على أكثر من أربعمائة درهم وانّ امرأة أفقه من عمر جاءتني فحاجتنى بكتاب الله فحجّت (٣) وفلجت (٤) وأنّ المهر ما تراضى به المسلمون (٥).

ورويتم أنّه أتى بقدامة بن مظعون (٦) وقد شرب الخمر فأمر بجلده فقال قدامة :

__________________

(١) آيتا ٢٠ و ٢١ من سورة النساء.

(٢) كذا فى الاصل.

(٣) أى « فحجتنى » اى غلبتنى فى الحجة ، ويمكن ان يكون الاصل : « فحججت » ( بصيغة المجهول وتاء المتكلم ) اى صرت محجوجا اى مغلوبا فى الحجة.

(٤) فى الاصل : « وأفلحت » فيمكن ان يكون مصحف « أفلجت » ( بالجيم وصيغة المجهول المؤنث ) أى حكمت لها بغلبتها على فى الحجة.

(٥) هذه القضية مما ثبت عند الفريقين وأطالوا البحث عنه فى كتب الحديث والكلام ولا سيما فى مبحث الامامة وجعل المجلسى هذا الامر فى ثامن البحار الطعن السادس من مطاعن عمر وخاض فى البحث عنه ونقل شيء من أقوال علماء العامة فى ذلك كابن أبى الحديد والفخر الرازى وغيرهما فمن أراد ان يراجع فليراجع ثامن البحار ( ص ٢٩٤ من طبعة أمين الضرب ) أقول : من أراد البحث عن ذلك مستوفى فليراجع تشييد المطاعن ص ٧٠٠ ـ ٨١٤.

(٦) قدامة بضم أوله والتخفيف كثمامة ومظعون بالظاء المعجمة على زنة مفعول صحابى معروف قال ابن الاثير فى اسد الغابة : « قدامة بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشى الجمحى يكنى أبا عمرو وقيل : أبو عمرو هو أخو عثمان بن مظعون وخال ـ حفصة وعبد الله ابنى عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنهم أجمعين ـ وكان تحته صفية بنت ـ الخطاب وهو من السابقين الى الاسلام ، هاجر الى الحبشة مع أخويه عثمان وعبد الله ابنى ـ مظعون ، وشهد بدرا وأحدا وسائر المشاهد مع رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ؛ قاله عروة وابن شهاب وموسى وابن اسحاق ( الى آخر الترجمة ) ».


يا أمير المؤمنين ليس عليّ جلد انّما أنا من أهل هذه الآية : ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ .. ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (١) فأراد عمر تركه فقال عليّ ـ عليه‌السلام ـ : انّ أهل هذه الآية لا يأكلون ولا يشربون الاّ ما أحلّ الله لهم وهم إخواننا الماضون فان أقام على أنّها حلال فاقتله وان أقرّ أنّها حرام فاجلده ، قال عمر : وكم جلدة؟ ـ قال عليّ ـ عليه‌السلام ـ : انّ الشّارب اذا شرب سكر ، واذا سكر هذا (٢) ، واذا هذا افترى ؛ فاجلده حدّ المفترى ، قال : فجلد ثمانين جلدة (٣).

__________________

(١) آية ٩٣ سورة المائدة.

(٢) قال فى مجمع البحرين : « هذا فى منطقه ويهذى ويهذ وهذوا وهذيانا اذا تكلم بكلام لا ربط له ، والهذيان للمريض مستلزم لشدة الوجع ».

(٣) قال المجلسى فى تاسع البحار فى باب قضاياه (ص) نقلا عن المناقب لابن شهرآشوب وبشارة المصطفى للطبرى ما نصه ( انظر ص ٤٨٣ من طبعة أمين الضرب ) : « فصل فى ذكر ما جاء من قضاياه فى إمرة عمر بن الخطاب فمن ذلك ما جاءت به العامة والخاصة فى قصة قدامة بن مظعون وقد شرب الخمر فأراد عمر أن يحده فقال له قدامة : لا يجب على الحد لان الله تعالى يقول : ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) ؛ فدرأ عنه عمر الحد ، فبلغ ذلك أمير المؤمنين (ع) فمشى الى عمر فقال له : لم تركت اقامة الحد على قدامة فى شرب الخمر؟ ـ فقال : انه تلا على الآية ؛ وتلاها عمر ، فقال له أمير المؤمنين (ع) : ليس قدامة من أهل هذه الآية ولا من سلك سبيله فى ارتكاب ما حرم الله ، ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يستحلون حراما ، فاردد قدامة واستتبه مما قال ، فان تاب فأقم عليه الحد ، وان لم يتب فاقتله فقد خرج عن الملة ، فاستيقظ عمر لذلك وعرف قدامة الخبر فأظهر التوبة والاقلاع فدرأ عمر عنه القتل ولم يدر كيف يحده فقال لامير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ : أشر على فى حده فقال : حده ثمانين ؛ ان شارب الخمر اذا شربها سكر ، واذا سكر هذا ، واذا هذا افترى ، فجلده عمر ثمانين وصار الى قوله فى ذلك كا ـ ( يريد به الكافى للكلينى ) على بن ابراهيم عن


فهل رأيتم سنّة عجز عنها أصحابكم الاّ وقد رأيتم بيانها عند صاحبنا ـ صلوات الله عليه ـ يضطرّون الى قبول ذلك منه ولم يسألهم هو قطّ عن شيء ، وكذا الشّيعة الى اليوم

__________________

محمد بن عيسى عن يونس عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله (ع) مثله بتغيير ما ».

أقول : هذا المطلب مما ذكره المجلسى فى ثامن البحار من مطاعن عمر ( انظر الطعن التاسع ص ٢٩٦ من طبعة أمين الضرب ) او الطعن الرابع من مطاعنه من تشييد المطاعن ( ج ١ ؛ ص ٥٠٤ ـ ٥٩٤ ) ولا يخفى على طالب التحقيق أن هذا الامر وما تقدمه من القضايا المذكورة فى المتن من الامور التى أجمع على نقلها وثبوت وقوعها الفريقان وكيف لا وقد عنونها القاضى عبد الجبار فى المغنى بعنوان « شبهة لهم أخرى : وأحد ما طعنوا به على عمر أنه أمر برجم حامل ؛ الى آخر ما قال » وبعنوان « شبهة لهم أخرى : وأحد ما طعنوا به فى ذلك خبر المجنونة ( الى آخر ما قال ) » وأجاب عنهما علم الهدى فى الشافى ( انظر ص ٢٥٣ من طبعة طهران سنة ١٣٠١ وذكر هما العلامة فى نهج الحق وكشف الصدق ( انظر ص ٢٣٩ من احقاق الحق للقاضى نور الله التسترى فانه شرح له واعتراض على ابطال الباطل للفاضل روزبهان ) وأوردهما ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة عند بحثه عما طعن به على عمر ( انظر ج ٣ من طبعة مصر ص ١٥٠ ـ ١٥١ ) وقال العلامة فى منهاج الكرامة مشيرا به الى ما هو مورد البحث والى نظائره ( ص ٤٥ ـ ٤٦ من النسخة المطبوعة ) : « وكان قليل المعرفة بالاحكام وأمر برجم حامل فقال على ـ عليه‌السلام ـ : ان كان لك عليها سبيل فلا سبيل لك على ما فى بطنها فأمسك ، وقال : لو لا على لهلك عمر ، وأمر برجم مجنونة فقال له على ـ عليه‌السلام ـ ان القلم رفع عن المجنون حتى يفيق فأمسك وقال :لو لا على لهلك عمر ، وقال فى خطبة له : من غالى فى مهر امرأته جعلته فى بيت المال فقالت له امرأة : كيف تمنعنا ما أعطانا الله فى كتابه حين قال : وآتيتم احداهن قنطارا ؛ فقال : كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات ، ولم يحد قدامة بن مظعون فى الخمر لانه تلا عليه : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ؛ فقال له على ـ عليه‌السلام ـ : ليس


وهم أتباعه يكتفون بالسّنّة عن الرّأى فى كلّ صغيرة وكبيرة. فهل رأيتم أحدا منهم اضطرّ الى رأيكم مع موافقة الكتاب لفتياهم بالحلال والحرام (١).

ما نذكر من صاع رسول الله (ص) ومدّه

ورويتم أنّ عمر بن الخطّاب زاد فى مدّ النّبيّ (ص) ثمّ زعمتم ذلك فضيلة (٢) لعمر ، وسنّة رسول الله أولى أن يتّبع من سنّة عمر لأنّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ [ كان عليها ] الى أن مضى والنّاس عليها فى اخراج الصّدقة فى كفّارة اليمين والفطرة بصاع النّبيّ (ص) ومدّه فيما (٣) يزكّى من الطّعام ؛ والاعتبار بمدّ رسول الله (ص) وصاعه ، فزعمتم أن الزّيادة فيه فضيلة لعمر.

وممّا يوجب عليكم أن تأخذوا ببدعتكم الّتي زعمتم أنّها سنّة من قوم لستم من

__________________

قدامة من أهل هذه الآية وأمره بحده ، فلم يدر كم يحد فقال أمير المؤمنين (ع) : حده ثمانين لان شارب الخمر اذا شربها سكر واذا سكر هذا واذا هذا افترى ( الى آخر ما قال ) » وبالجملة جعل المجلسى الامر برجم الحامل والامر برجم المجنونة الطعن التاسع والطعن العاشر من مطاعن عمر وخاض فى البحت عنهما فمن أرادهما فليراجع ثامن البحار ( ص ٢٩٦ و ٢٩٧ من طبعة أمين الضرب ) وأطال البحث عنهما وعن نظائرهما صاحب تشييد المطاعن ( انظر ج ١ ص ٥٠٤ ـ ٥٩٤ ).

__________________

(١) فليعلم أن هذه الفقرة أعنى : « مع موافقة الكتاب لفتياهم بالحلال والحرام » آخر العبارة التى ذكرنا فيما سبق أعنى فى ذيل هذا الكلام : « ان عمر بن الخطاب دعا بامرأة أراد ان يرجمها » ( انظر ص ١٩٠ من الكتاب ) أنها موجودة فى جميع النسخ الا أنها مذكورة فى غير نسخة م ( وهى نسخ ج ح س ق مج مث ) فى أواخر الكتاب ونشير الى موضع ذكرها فى تلك النسخ اذا وصلنا إليه ان شاء الله تعالى.

(٢) فى الاصل : « فى فضيلة ».

(٣) فى الاصل : « وما ».


تزكيتهم على يقين وهو قول الله عزّ وجلّ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) (١) وقد علمت الأمّة قاطبة أنّه لم يكن أحد أشدّ نكاية فى أعداء الله ولا أشدّ جهادا فى الحرب ولا أبلغ فيها من عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ فانّه لم يخف فى الله لومة لائم فى جهاد الكفّار ثمّ أكّد هذه الآية بقوله : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٢) ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) (٣) ثمّ أكّد ذلك بقوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ ) (٤) فمن الّذي نجا منهما ممّن كان كافرا أو ممّن اتّخذ آيات الله هزوا ولعبا؟! والأمّة مجمعة (٥) على أنّ عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ لم يشرك بالله عزّ وجلّ طرفة عين قطّ ، ولم يتّخذ دين الله عزّ وجلّ هزوا ولعبا.

ذكر الوصيّة

وأجمعوا (٦) على أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لم يوص وترك (٧) الوصيّة ترك فريضة من فرائض الله عزّ وجلّ وذلك قوله لنبيّه (ص) : ( [ كُتِبَ عَلَيْكُمْ ] إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) (٨)

__________________

(١) آية ٥٤ سورة المائدة.

(٢ و ٣) آيتا ٥٥ و ٥٦ من سورة المائدة.

(٤) صدر آية ٥٧ سورة المائدة وذيلها : ( وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ).

(٥) فى الاصل : « مجتمعة ».

(٦) فى الاصل : « واجتمعوا ».

(٧) فى الاصل : « ولم ترك » ولعله كان : « ومن ترك ».

(٨) آية ١٨٠ سورة البقرة.


وكان رسول الله من المتّقين ولم يك (١) فيما يوصى به النّاس شيء (٢) أعظم حظّا فى الاسلام من الوصيّة فى الخلافة الّتي بها تحقن الدّماء وبها تنفذ الأحكام وتقام الحدود ويجبى الفيء ويجاهد العدوّ وتقسم الصّدقات بين من سمّاه [ الله ] وتقسم المواريث على من أمر الله فى كتابه ويقرع الظّالم وينصف المظلوم والله عزّ وجلّ يقول : ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٣).

فتركتم كتاب الله وراء ظهوركم وأخذتم بروايتكم الكاذبة فزعمتم أن النّبيّ ترك الحقّ الّذي افترضه (٤) الله عليه وعلى جميع المتّقين ثمّ تزعمون وتنسبون الشّيعة الى أنّهم يقعون فى أصحاب رسول الله ويطعنون عليهم ولو كنتم صادقين لكانت الشّيعة أحسن قولا وأقلّ اثما منكم بزعمكم لأنّكم تطعنون على رسول الله وليس الطّعن على رسول الله كالطّعن على الصّحابة لأنّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بيّن لأمّته ذلك فقال : من كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار (٥).

__________________

(١) حذف النون من المضارع لكان عند كونه منجزما جائز بالاتفاق ؛ قال ابن مالك فى ألفيته :

« ومن مضارع لكان منجزم

تحذف نون وهو حذف ما التزم ».

(٢) فى الاصل : « شيئا ».

(٣) آيتا ١٨١ و ١٨٢ سورة البقرة.

(٤) فى الاصل : « أفرضه » قال الجوهرى : « وفرض الله علينا كذا وافترضه اى أوجب ، والاسم الفريضة » وفى القاموس : « وافترض الله أوجب » وشرحه الزبيدى بقوله : « كفرض والاسم الفريضة وهذا أمر مفترض عليهم كفرض ومفروض ».

(٥) قال ابن الاثير فى النهاية : « وفيه : من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ؛ قد تكررت هذه اللفظة فى الحديث ومعناها فلينزل منزله من النار يقال : بوأه الله منزلا أى أسكنه اياه وتبوأت منزلا اى اتخذته » وقال الطريحى فى مجمع البحرين


ذكر الأذان

ورويتم عن أبى يوسف القاضى رواه محمّد بن الحسن عن أصحابه وعن أبى حنيفة قالوا : كان الأذان على عهد رسول الله (ص) وعلى عهد أبى بكر وصدرا من

__________________

بعد نقله وبيان معناه : « وقد بلغ هذا الحديث غاية الاشتهار حتى قيل بتواتره لفظا » وقال الشيخ حسين والد الشيخ البهائى فى وصول الاخيار الى أصول الاخبار ( ص ٧٧ من النسخة المطبوعة ) : « وحديث : من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ؛ متواتر عند العامة لانه نقله عن النبي (ص) الجم الغفير قيل : أربعون وقيل : اثنان وستون ثم لم يزل العدد فى ازدياد على التوالى الى يومنا هذا » وقال الشهيد الثانى فى شرح درايته الموسومة بالبداية ( ص ١٦ من النسخة المطبوعة ) : « نعم حديث : من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ؛ يمكن ادعاء تواتره فقد نقله عن النبي (ص) من الصحابة الجم الغفير أى الجمع الكثير قيل : الرواة منهم له أربعون وقيل : نيف ( بفتح النون وتشديد الياء مكسورة وقد تخفف ما زاد على العقد الى ان يبلغ العقد الاخر والمراد هنا اثنان ) وستون صحابيا ولم يزل العدد الراوى لهذا الحديث فى ازدياد وظاهر أن التواتر يحصل بهذا العدد بل بما دونه » ونقله المامقانيّ فى مقباس الهداية بهذه العبارة ( ص ٣١ من النسخة المنضمة فى الطبع لتنقيح المقال ) : « ونازع بعض المتأخرين فى ذلك وادعى وجود المتواتر بكثرة وهو غريب ثم قال : نعم ( فذكر الكلام الى آخره ) » وقال السيد حسن الصدر فى أوائل الرسالة العزيزة فى شرح الوجيزة ( وهو شرح وجيزة الشيخ البهائى فى علم دراية الحديث ) ضمن بحثه عن معنى المتواتر ونقل الاقوال فيه ما نصه ( انظر ص ١٣ من النسخة المطبوعة ) : « أقول : لا افراط ولا تفريط فان حديثى الغدير والمنزلة متواتران عندنا وحديث من كذب على ( الى آخره ) متواتر بالاتفاق ».


خلافة عمر ينادى فيه : حىّ على خير العمل ؛ فقال عمر بن الخطّاب : إنّى أخاف أن يتّكل النّاس على الصّلاة اذا قيل : حىّ على خير العمل ؛ ويدعوا الجهاد ، فأمر أن يطرح من الأذان « حىّ على خير العمل » وصار عندهم طرحه ايّاها سنّة وصارت السّنّة ما قال

__________________

قال ابن حجر العسقلانى فى نزهة النظر فى توضيح نخبة الفكر ( انظر ص ١٢ من النسخة المطبوعة ) : « ذكر ابن الصلاح أن مثال المتواتر على التفسير المتقدم يعز وجوده الا أن يدعى ذلك فى حديث من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار » وأشار السيوطى فى الجامع الصغير الى موارد نقل الحديث فى الكتب المعتبرة ونقل كلامه يفضى الى طول فمن أراده فليراجع الحديث فى الكتاب واهتم بشرحه شرحا مبسوطا شراح الجامع الصغير ولا سيما المناوى فى فيض القدير ( انظر ج ٦ ؛ ص ٢١٦ ـ ٢١٤ ) أقول : بحث عن الحديث وصرح بصحة صدوره وثبوت نقله كل من ألف فى علم الحديث والدراية وأطال البحث عنه بعضهم بما لا مزيد عليه كصاحب كتاب قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث فانه قد عنونه فى كتابه بعنوان « الكلام على حديث : من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار » فخاض فى البحث عنه والتحقيق فيه بقوله : « اعلم أن حديث من كذب على ... فى غاية الصحة ونهاية القوة حتى أطلق عليه جماعة أنه متواتر ( الى ان قال ) ولا سيما قد روى هذا الحديث عن جماعة كثيرين من الصحابة فحكى الامام أبو بكر الصيرفى فى شرحه لرسالة الشافعى أنه قد روى عن أكثر من ستين صحابيا مرفوعا وقال بعض الحفاظ : انه قد روى عن اثنين وستين صحابيا وفيهم العشرة المبشرة ولا يعرف حديث اجتمع على روايته العشرة المبشرة الا هذا ؛ ولا حديث يروى عن أكثر من ستين صحابيا الا هذا ، وقال بعضهم : انه رواه مائتان من الصحابة ( الى ان قال ) وقال ابن الصلاح : ثم لم يزل عدده فى ازدياد وهلم جرا على التوالى والاستمرار وليس فى الاحاديث ما فى مرتبته من التواتر ، وقيل : لم يوجد فى الحديث مثال للمتواتر الا هذا وقال ابن دحية : قد أخرج من نحو أربعمائة طريق ؛ كذا فى عمدة القارى للعينى ، وهو خلاصة ما قرره الحافظ ابن حجر فى الفتح ( الى آخر ما


عمر (١) خلافا لما كان عليه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فلمّا اتّبعت الشّيعة أمر رسول الله فصاروا عندكم مبتدعين وصرتم أنتم أصحاب السّنّة وزعمتم أنّ رأى عمر فى

__________________

قال فمن أراده فليراجع ص ١٧٥ ـ ١٧٢ من الكتاب المذكور أعنى قواعد التحديث ) أقول : من أراد أن يستقصى البحث عنه ويستوفى الحظ منه فليراجع أوائل كتاب الموضوعات لابن الجوزى فانه عقد بابا فى ذلك الكتاب للبحث عن هذا الحديث وهو الباب الثانى من أبواب المقدمة فان شئت فراجع ( ج ١ ؛ ص ٩٨ ـ ٥٥ من النسخة المطبوعة ) فانه شاف كاف للمكتفى.

__________________

(١) قال العلامة المجلسى فى ثامن البحار فى باب تفصيل مثالب عمر ص ٢٩٩ من طبعة أمين الضرب ) : « الطعن الرابع عشر أنه أبدع فى الدين بدعا كثيرة » فأخذ فى ذكرها الى ان قال ( ص ٣٠٣ ) : « ومنها التثويب وهو قول : الصلاة خير من النوم ؛ روى فى جامع الاصول مما رواه عن الموطأ عن مالك أنه بلغه المؤذن جاء عمر يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما فقال : الصلاة خير من النوم ؛ فأمره عمر أن يجعلها فى الصبح ، ويظهر منها أن ما رووه أن النبي (ص) أمر بالتثويب من مفترياتهم ويؤيده أن رواياتهم فى الاذان خالية عن التثويب » أقول : قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : اذا ثوب بالصلاة فأتوها وعليكم السكينة ؛ التثويب هاهنا اقامة الصلاة والاصل فى التثويب ان يجيء الرجل مستصرخا فيلوح بثوبه ليرى ويشتهر فسمى الدعاء تثويبا لذلك وكل داع مثوب ، وقيل : انما سمى تثويبا من ثاب يثوب اذا رجع فهو رجوع الى الامر بالمبادرة الى الصلاة وأن المؤذن اذا قال : حي على الصلاة ؛ فقد دعاهم إليها ، واذا قال بعدها : الصلاة خير من النوم ؛ فقد رجع الى كلام معناه المبادرة إليها ؛ ومنه حديث بلال قال : أمرنى رسول الله (ص) أن لا أثوب فى شيء من الصلاة الا فى صلاة الفجر وهو قوله : الصلاة خير من النوم ؛ مرتين » أقول : مراد المجلسى من رواياتهم المفتراة أمثال ما نقله ابن الاثير عن بلال عن النبي (ص) ».


هذا أفضل من رأى رسول الله والله يسائلكم (١) عن هذا وقبض رسول الله (ص) والمؤذّنون يؤذّنون بها وفى زمن أبى بكر وصدرا من زمن عمر وقد رأيناكم صنعتم أكثر ممّا أنكرتم وأعجب أنّ منكم من يقول فى أذان الفجر والعشاء الآخرة بين الأذان والاقامة بعد « حىّ على الفلاح » : الصّلاة خير من النّوم ، ومنكم من لا يقول ذلك ولا ينكر بعضكم على بعض؟! ونسبتم الشّيعة حين اتّبعوا رسول الله (ص) الى الخلاف والبدعة وتسمّيتم بالجماعة [ وأهل السّنّة ] حين أجمعتم (٢) على خلاف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وأجمعتم (٣) على غسل الرّجلين والمسح على الخفّين وادّعيتم أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عمل بخلاف ما نزل به القرآن ثمّ رويتم فى ذلك أحاديث أنّ رسول الله (ص) فعل خلاف ما أمره الله [ به ] ، وأنزل عليه به القرآن وقد قال الله جلّ ذكره : ( اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ) (٤) ، وزعمتم أنّه اتّبع غير ما اوحى

__________________

(١) كذا صريحا من باب المفاعلة ؛ قال الزبيدى فى تاج العروس فيما استدركه على مادة « سء ل » من القاموس : « وساءلته مسائلة قال أبو ذؤيب :

أساءلت رسم الدار أم لم تسائل

عن السكن أم عن عهده بالاوائل »

وقال البستانى فى محيط المحيط : « ساءله وسايله وعنه وبه مساءلة ومسايلة بمعنى سأل ومنه قول أبى فراس بن حمدان العدوى :

تسائلنى من أنت وهى عليمة

بحالى وهل حالى على مثلها نكر

وأما قول بلال بن جرير :

اذا ضفتهم او سآيلتهم

وجدت بهم علة حاضرة

فانه جمع بين الهمزة التى فى سأل والياء التى فى سايل فصار وزنه فعايلتهم وهذا مثال لا نظير له ».

(٢) فى الاصل : « اجتمعتم ».

(٣) فى الاصل : « اجتمعتم ».

(٤) صدر آية ٣ سورة الاعراف.


إليه وذلك أنّ المسح على الرّأس والرّجلين ناطق بهما الكتاب ؛ وكانت روايتكم الكاذبة أوثق عندكم من القرآن النّاطق فصدّقتم بما لا تدرون لعلّه من المنافقين الّذين ذكرهم الله فقال : ( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ * اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) (١) فتركتم فرض الوضوء لقولهم ؛ فتركتم ما لا تشكّون (٢) أنّ الله أنزله فلم يوحشكم ذلك ولم ـ يقبح عندكم.

وأجمعتم (٣) على كذبة كذّب بها على أهل الحقّ فجعلتموها إماما وافتتاحا لصلاتكم فى قولكم : وتعالى جدّك ؛ وقد قال الله عزّ وجلّ : ( فَبَشِّرْ عِبادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٤) أولم يخبرنا عن ابراهيم ـ عليه‌السلام ـ أنّه قال : ( إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (٥) وقد أمر نبيّنا ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فقال : ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) (٦) وحكى الله عزّ وجلّ عن الجنّ حكاية قالوها : ( وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً ) (٧) فلا قول ابراهيم ـ عليه‌السلام ـ استحسنتم ولا به اقتديتم ، ولا بقول الله تعالى لنبيّه (ص) رضيتم ، بل اخترتم واستحسنتم واتّبعتم قول الجنّ ؛ هكذا كان استفتاح عمر بن الخطّاب واقتديتم به دون ابراهيم ومحمّد صلّى الله عليهما وآلهما.

وأجمعتم (٨) على السّجدات فى الفرائض فصرتم تسجدون فى الفريضة اذا كانت السّجدة فى وسط السّورة واذا كانت فى آخرها لم تسجدوا وزعمتم أن تسجدوا وتدعوا السجود فاذا كان يجوز أن تسجدوا وتدعوا [ السّجود ] فقد يجوز أن لا تسجدوا فى

__________________

(١) آية ١٤ و ١٥ سورة البقرة.

(٢) فى الاصل : « لا تسألون ».

(٣) فى الاصل : « واجتمعتم ».

(٤) ذيل آية ١٧ وتمام آية ١٨ سورة الزمر.

(٥) آية ٧٩ سورة الانعام.

(٦) آيتا ١٦٢ و ١٦٣ سورة الانعام.

(٧) آية ٣ سورة الجن.

(٨) فى الاصل : « واجتمعتم ».


السّورة اذا قرأتم عزيمة من عزائم السّجود انّه لا يجوز أن تسجدوا فى وسطها ولا خلاف بين الأمّة فى عدد سجدات الفريضة ؛ فزدتم فى الصّلاة سجدة بلا كتاب ولا سنّة فان زعمتم أنّ فى ذلك سنّة أو حديثا تروونه فما دعواكم مقبولة ولا يجمع أهل السّنّة الاّ يقرءون (١) السّجدة فى الفريضة لأنّ سجود الفريضة معلومة لا يزاد فيها ولا ينقص منها.

وقلتم : انّ من سبقه الامام بركعتين فقد أدرك الجماعة ولا يقرأ فى الرّكعتين اللّتين أدرك ، ويقرأ فى الرّكعتين الأخيرتين فجعلتموها فى الأخيرتين بلا كتاب ولا سنّة ، وكذلك من سبقه الامام بركعة فلم يتشهّد فى وقت قيامه ويقوم فى وقت تشهّده ولم يكن عندكم أكثر من استبشاع الحقّ واستحسان خلافه وهو ما جهلتم من السّنّة.

وقلتم : لو أنّ رجلا صلّى على النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لفسدت الصّلاة وقطعها ؛ فجعلتم الصّلاة على النّبيّ (ص) بمنزلة فرية أو كلام قبيح عندكم يقال فى الصّلاة ، وكذلك اذا حمد الله عند العطسة فى الصّلاة قلتم : انّ صلاته فاسدة فلم يقبح عندكم أن قلتم : انّ ذكر الله عزّ وجلّ والصّلاة على النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقطع الصّلاة ويفسدها.

ورويتم أنّ الجنب لا يقرأ القرآن فى الحمّام ولا فى الخلاء وليس فى القرآن شيء أعلى من ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) وأنتم تروون أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ كان اذا دخل الخلاء قال : بسم الله وبالله اللهمّ انّى أعوذ بك من الرّجس النّجس الخبيث المخبث الشّيطان الرّجيم ، وأحدكم اذا دخل الحمّام او الكنيف وفى خاتمه ذكر الله أو بعض القرآن [ أ ] والدّراهم الّتي فيها اسم الله نحّاه (٢) فاذا أنتم تنكرون على النّاس ما تدخلون فى أكبر منه ليس عندكم فيه معرفة الاّ رواية لا توافق كتابا ولا سنّة فاذا سألتم عن ذلك قلتم : عليه السّنّة والجماعة وأنكرتم ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) من القرآن الاّ الّتي فى النّمل فطعنتم (٣) بذلك على أبى بكر وعمر فيما أثبتوا فى صدر كلّ سورة فما

__________________

(١) كذا ولعل الصحيح : « أن يقرءوا ».

(٢) فى الاصل : « نجاه » ( بالجيم ).

(٣) فى الاصل : « قطعتم ».


نراكم نجوتم من الهلاك فى احدى الحالتين فان زعمتم أنّهم أثبتوا فى القرآن ما ليس فيه لقد هلك من زاد فى القرآن ما ليس فيه ، ولئن كان من القرآن لقد كتمتم آية من كتاب الله ولم تظهروها فى صلاتكم فمن أىّ الحالتين نجوتم؟!.

ورويتم أنّ عمر بن الخطّاب قال : لا يصلّى الجنب ولو شهرا والله عزّ وجلّ يقول : ( أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (١) والأمّة قاطبة على خلاف قول عمر فهل يعاب أحد بأكثر ممّا نسبتم إليه عمر؟!

ورويتم أنّ ذبائح أهل الكتاب حلال والله عزّ وجلّ يقول : ( وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ ) ؛ الآية (٢) فوثقتم باليهود وزعمتم أنّهم يسمّون الله على ذبائحم والله عزّ وجلّ يقول : ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ) (٣) ؛ فوثقتم فى عروة من عرى الاسلام بأشدّ النّاس عداوة للّذين آمنوا وفيما سمّى الله عزّ وجلّ : « مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ » شرك وفسق ؛ فانظروا من وقع عليه قول الله فى الشّرك والفسق ومن يجادل فى أكل ذبائحهم غيركم؟!

وكذلك النّصارى انّما يقولون على ذبائحهم باسم المسيح لأنّهم يجعلون المسيح ربّهم ثمّ قلتم تجادلون عن ذبائحهم : انّ الله عزّ وجلّ يقول : ( وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) (٤) وانّما عنى بذلك وأشباهه الطّعام الّذي ليس فيه روح ؛ فجعلتم

__________________

(١) ذيل آية ٥ سورة المائدة.

(٢) صدر آية ١٢١ سورة الانعام ؛ وذيلها : ( لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ. )

(٣) صدر آية ٨٢ سورة المائدة.

(٤) من آية ٥ سورة المائدة وقال المحدث القاسانى فى الصافى فى تفسير الآية :


أنتم الطّعام الّذي أحلّه الله ذبائحهم وقلتم : قد أحلّ ذبائحهم وهو يعلم ما تقولون جرأة منكم على الله عزّ وجلّ ؛ وهذا أبو بكر يقول : ندمت على أن لا أكون سألت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عن ذبائح أهل الكتاب (١) فلئن كانت حلالا عندكم لقد زعمتم أنّكم أفقه منه وأنّكم علمتم من كتاب الله وسنّة نبيّه (ص) ما لم يعلم أبو بكر ، وان لم تقبلوا منه لقد طعنتم عليه أن شكّ فيما حرّم الله فلم يدر أحلال هو أم حرام؟

وروى يزيد بن هارون وخالد بن عبد الله (٢) الواسطىّ عن أصحابهما عن ابن

__________________

« القمى قال : عنى بطعامهم هاهنا الحبوب والفاكهة غير الذبائح التى يذبحونها فانهم لا يذكرون اسم الله خالصا على ذبائحهم ثم قال : والله ما استحلوا ذبائحكم فكيف تستحلون ذبائحهم؟! فى الكافى وغيره عنهما فى عدة أخبار أن المراد به الحبوب والبقول وفى بعضها لا تأكل من ذبائح اليهود والنصارى ولا تأكل من آنيتهم وفى بعضها : الذبيحة بالاسم ولا يؤمن إليها الا أهل التوحيد ، وفى بعضها : اذا شهدتموهم وقد سموا اسم الله فكلوا ذبائحهم وان لم تشهدوهم فلا تأكلوا ؛ وان أتاك رجل مسلم فأخبرك أنهم سموا فكل ، وفى بعضها : لا تأكله ولا تتركه تقول : انه حرام ولكن تتركه تنزها عنه ؛ ان فى آنيتهم الخمر ولحم الخنزير » أقول : من أراد البحث عن الآية مبسوطا ومستوفى فليراجع « باب ذبائح الكفار من أهل الكتاب وغيرهم والنصاب والمخالفين » من المجلد الرابع عشر من البحار ( ص ٨١١ ـ ٨١٨ من طبعة أمين الضرب ) فان المجلسى قد جمع فيه الاحاديث والاقوال وما أوردوا فيه من الاستدلال بحيث لا مزيد عليه.

__________________

(١) تقدم اسناد الحديث الّذي ما فى المتن جزء منه فراجع ص ١٦١ من الكتاب.

(٢) فى الاصل « عبيد الله » فكأن المراد به خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الطحان الواسطى المزنى الّذي قال فى حقه العسقلانى فى تقريب التهذيب بعد ذكر اسمه بما عبرنا به عنه : « مولاهم ثقة ثبت من الثامنة مات سنة اثنتين وثمانين وكان مولده سنة عشر ومائة ».


سيرين أنّه سئل عن ذبائح النّصارى وهو يقول : إنّهم يقولون عند ذبائحهم : باسم المسيح ، فقال : قد أحلّ الله ذبائحهم وهو يعلم بما يقولون عند ذبائحهم باسم المسيح فقال : قد أحلّ الله ذبائحهم وهو يعلم بما يقولون ، وقد حرّم الله فى كتابه ما أهلّ لغير الله به وما لم يذكر اسم الله عليه ثمّ اتّخذتم هذا القول سنّة ثمّ أنتم تعيبون على الشّيعة الّذين لا يخالفون الكتاب ، ولو أعطى أحدهم الدّنيا أن يأكل ذبيحة يهودىّ أو نصرانىّ ما فعل الاّ أنّ ذبيحة يذكر اسم الله عليها.

ثمّ تأوّلتم قول الله عزّ وجلّ : ( وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) ؛ انّما عنى به الذّبائح ، ولا خلاف بين الأمّة أنّ الحبوب والعسل واللّوز والجوز والزّبيب وما أشبه ذلك من الطّعام ، فتأوّلتم أنّه بما عنى الذّبائح لثقتكم باليهود والنّصارى فان تأوّلتم أنّ طعام الّذين اوتوا الكتاب حلّ لكم فهم يأكلون لحم الخنزير فهو على تأوّلكم يحلّ لكم ، وان قلتم : انّ الله حرّم لحم الخنزير قلنا : قد حرّم ما أهلّ به لغير الله وما لم يذكر اسم الله عليه فأىّ الفريقين أحقّ بالأمن ممّا يخاف ؛ الّذي يجتنبه أو الّذي يقدم عليه؟

ذكر ما ذهب من القرآن (١)

ورويتم أنّ أبا بكر وعمر جمعا القرآن من أوّله الى آخره من أفواه الرّجال

__________________

(١) قال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب فى أوائل المقدمة الثالثة ضمن ذكره أسامى القائلين باسقاط بعض الآيات من القرآن ووقوع التغيير فيه والنقصان ما نصه ( ص ٢٨ ـ ٢٩ ) :

« وممن ذهب الى هذا القول الشيخ الثقة الجليل الاقدم فضل بن شاذان فى مواضع من كتاب الايضاح ويظهر من كتابه أن ضياع طائفة من القرآن من المسلمات عند العامة قال ـ رحمه‌الله ـ فى أوائل الكتاب بعد نقل مذهب العامة


بشهادة شاهدين وكان الرّجل الواحد منهم اذا أتى بآية سمعها من رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لم يقبلا منه ، واذا جاء اثنان بآية قبلاها وكتباها.

__________________

الذين سموا أنفسهم بأهل السنة والجماعة فى مأخذ الحلال والحرام وكيفية استنباط الفروع ما لفظه : قيل لهم : ان أكذب الروايات وأبطلها ما نسب الله تعالى فيه الى الجور ونسب نبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ الى الجهل ( فنقل الكلام الى قوله ) فكيف جاز أن تضيعوا القرآن ولا يجوز ان تضيعوا السنة ولما عجزتم عن جميع السنة كما عجزتم عن جميع القرآن ؛ انتهى موضع الحاجة ويأتى بعض كلماته ورواياته ومنه يظهر أن القول بعدم النقصان فى العامة انما حدث بعده » ( ان أردت الكلام فى الكتاب فراجع ص ١٠٥ ؛ س ٨ ـ ص ١٠٧ ؛ س ١٧ ) وقال أيضا فيه عند خوضه فى أن كل ما وقع فى الامم السابقة خصوصا بنى اسرائيل يقع فى هذه الامة ما نصه ( ص ٣٣ ) : « يو ـ الثقة الجليل فضل بن شاذان فى جملة كلام له : ان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال لامته : أنتم أشبه شيء ببنى اسرائيل والله ليكون فيكم ما كان فيهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه » ويأتى ذكره فى باب الرجعة. وقال أيضا فيه ( ص ٦٧ ) : « وقال الشيخ فضل بن شاذان صاحب الرضا عليه‌السلام فى كتاب الايضاح فى مسألة الرجعة بعد كلام طويل : ولسنا ننكر لله قدرة ان يحيى الموتى ( فساق الكلام الى قوله ) ورجعوا الى الدنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء ( الى آخر ما قال ) » ويأتى فى الكتاب. وقال أيضا فيه ( ص ٧٤ ) : « قال الفضل بن شاذان فى الايضاح : وأما فرائض زيد فلم يبق أحد من الصحابة الا وقد اعترض له فيما فرض ؛ ( ونقل شطرا وافيا من قضاياه فى الميراث على خلاف الكتاب والسنة ) » ويأتى ذكره فى الكتاب عند البحث عن الفرائض وقال أيضا فيه عند ذكره الاخبار التى تدل على سقوط شيء من القرآن صريحا وبها تمسك من أثبت وجود منسوخ التلاوة فيه مع عدم اشارة فيها إليه ( ص ٩٣ ) : « لب ـ أحمد بن محمد السيارى فى كتاب القراءات بعد ذكر خبر سنده : البرقى عن أحمد بن النضر عن محمد بن مروان


ثمّ رويتم أنّ عثمان بن عفّان وعبد الرّحمن بن عوف كانا وضعا صحيفة فيها القرآن ليكتباها فجاءت شاة فأكلت الصّحيفة الّتي فيها القرآن ؛ فذهب من القرآن

__________________

رفعه إليهم عليهم‌السلام قال : وفى حديث آخر انه كان فى سورة الاحزاب : لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثا ولا يملأ نظر ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب ؛ لج ـ الثقة الجليل فضل بن شاذان فى الايضاح : فى جملة كلام تقدم بعضه مثله » وقال أيضا فيه ( ص ٩٥ ) : « مح ـ فضل بن شاذان فى الايضاح : ورويتم [ ان ] لم يكن الذين كفروا كانت مثل سورة البقرة قبل أن يضيع منها ما ضاع فانما بقى فى أيدينا منها ثمان آيات أو تسع آيات ( الى آخره ) » وهذا الكلام فى المبحث الّذي نحن الآن فيه. وقال أيضا فيه ( ص ١٤٢ ) : « ويأتى عن الاستغاثة أنه استشهد المهاجرين والانصار على أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : رضيت لامتى ما رضى لها ابن أم عبد ؛ فشهدوا جميعا بذلك ورواه الفضل بن شاذان فى الايضاح من غير حكاية الاستشهاد وهذا أيضا فى المبحث الّذي نحن الآن فيه وقال أيضا فيه ضمن ذكره الدليل الثامن على ما ادعاه ( ص ١٧٦ ) : « لج ـ الشيخ فضل بن شاذان فى الايضاح من طريق العامة عن هشام عن ابن جريح عن عطاء فى حديث قال : سمعت ابن عباس يراها ( أى المتعة ) حلالا وأخبرنى أنه كان يقرأ : فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى. لد ـ وفيه عن بشر بن المفضل قال : حدثنا داود بن أبى هند عن أبى نصرة قال : سألت عن ابن عباس عن متعة النساء فقال : أما تقرأ سورة النساء؟ ـ قلت : بلى قال : وما تقرأ فيها : فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى؟ ـ قال : لو لا قرأتها هكذا لم أسألك عنها قال : فانها كذلك. له ـ وفيه : عن وكيع قال : حدثنا عيسى القارى عن عمر بن مرة عن سعيد بن جبير أنه قرأ : فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى » ويأتى هذه الأحاديث الثلاثة فى مبحث المتعة من الكتاب ان شاء الله تعالى.

أقول : هذه هى بعض الموارد التى صرح فيها المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب بنقله عن كتاب الايضاح للفضل بن شاذان ويأتى الاشارة الى بعضها الاخر فى آخر مبحث القرآن.


جميع ما كان فى تلك الصّحيفة (١).

__________________

(١) هذه القضية بهذا الوجه لم أرها الى الآن على ما ببالى فى كتاب ؛ نعم نظيرها فى المعنى مذكور فى الكتب وهى هكذا قال الراغب فى كتاب المحاضرات تحت عنوان « ومما جاء فى مبدأ القرآن ونزوله » ( ج ٢ ؛ ص ٢٥٠ من طبعة مصر سنة ١٢٨٧ أو ص ١٨٩ من ج ٢ من طبعة مصر سنة ١٣٢٦ ) ما نصه : « وقالت عائشة : لقد نزلت آية الرجم ورضاع الكبير وكانتا فى رقعة تحت سريرى وشغلنا بشكاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم فدخلت داجن فأكلته » وقال الدميرى فى حياة الحيوان : « الداجن الشاة التى يعلفها الناس فى منازلهم وكذلك الناقة والحمام البيوتى والانثى داجنة والجمع دواجن ، وقال أهل ـ اللغة : دواجن البيوت ما ألفها من الطير والشاء وغيرهما وقد دجن فى بيته اذا لزمه قال ابن السكيت : شاة داجن وراجن اذا ألفت البيوت واستأنست ( الى ان قال : ) وفى صحيح ـ مسلم عن ابن عباس أن ميمونة أخبرته أن داجنة كانت لبعض نساء النبي (ص) فماتت فقال رسول الله (ص) : ألا أخذتم اهابها فاستمتعتم به ، وفيه وفى السنن الاربعة عن عائشة : قالت : لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كانت فى صحيفة تحت سريرى فلما مات رسول الله (ص) وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها » أقول : نص عبارة سنن ابن ـ ماجة فى باب رضاع الكبير من أبواب النكاح هكذا ( ص ١٣٩ ـ ١٤٠ من طبعة كراجى باكستان ) : « حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف ، حدثنا عبد الاعلى عن محمد بن اسحاق عن عبد الله بن أبى بكر عن عمرة عن عائشة ، وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت : لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان فى صحيفة تحت سريرى فلما مات رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها » وقال السيوطى فى الدر المنثور فى تفسير هذه الفقرة « وأمهاتكم التى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة » من آية ٢٣ من سورة النساء ( ج ٢ ؛ ص ١٣٥ ) : « وأخرج ابن ماجة عن عائشة قالت : لقد نزلت آية الرجم ؛ الحديث ». ونقله الامام أحمد بن حنبل فى مسنده هكذا ( انظر ج ٦ ؛ ص ٢٦٩ ) : « حدثنا عبد الله ، حدثنى أبى حدثنا يعقوب قال : حدثنا أبى عن ابن اسحاق قال :


ورويتم أنّ سورة براءة ما منعهم أن يكتبوا أوّلها بسم الله الرّحمن الرّحيم الاّ

__________________

حدثنى عبد الله بن أبى بكر بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قالت : لقد أنزلت آية الرجم ورضعات الكبير عشرا فكانت فى ورقة تحت سريرى فى بيتى فلما اشتكى رسول الله (ص) تشاغلنا بأمره فدخلت دويبة لنا فأكلتها ».

وقال ابن قتيبة الدينورى فى أواخر تأويل مختلف الحديث تحت عنوان : « قالوا : حديث يدفعه الكتاب وحجة العقل » ما نصه ( انظر ص ٣٩٧ ـ ٤٠٤ من طبعة مصر سنة ١٣٢٦ ه‍ ، أو ص ٣١٠ ـ ٣١٥ من طبعة مصر سنة ١٣٨٦ ه‍ ) : « قالوا : رويتم عن محمد بن اسحاق عن عبد الله بن أبى بكر عن عمرة عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ انها قالت : لقد نزلت آية الرجم ورضاع الكبير عشر فكانت فى صحيفة تحت سريرى عند وفاة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما توفى وشغلنا به دخلت داجن للحى فأكلت تلك الصحيفة. قالوا : وهذا خلاف قول الله تبارك وتعالى : ( وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) فكيف يكون عزيزا وقد أكلته شاة وأبطلت فرضه وأسقطت حجته؟! وأى أحد يعجز عن ابطاله والشاة تبطله؟! وكيف قال : اليوم أكملت لكم دينكم وقد أرسل إليه ما يأكله؟! وكيف عرض الوحى لا كل شاة ولم يأمر باحرازه وصونه؟! ولم أنزله وهو لا يريد العمل به؟!

قال أبو محمد : ونحن نقول : ان هذا الّذي عجبوا منه كله ليس فيه عجب ولا فى شيء مما استفظعوا منه فظاعة ؛ فان كان العجب من الصحيفة فان الصحف فى عصر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعلى ما كتب فيه القرآن لانهم كانوا يكتبونه فى الجريد والحجارة والخزف وأشباه هذا ، قال زيد بن ثابت : أمرنى أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ بجمعه فجعلت أتتبعه من الرقاع والعسب واللخاف ، والعسب جمع عسيب النخل ، واللخاف حجارة رقاق واحدها لخفة ، وقال الزهرى : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن فى العسب والقضم والكرانيف ، والقضم جمع قضيم وهى الجلود ؛ و


أنّ صدرها ذهب.

__________________

الكرانيف أصول السعف الغلاظ واحدها كرنافة ، وكان القرآن متفرقا عند المسلمين ولم يكن عندهم كتاب ولا آلات ، يدلك أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يكتب الى ملوك الارض فى أكارع الاديم.

وان كان العجب من وضعه تحت السرير فان القوم لم يكونوا ملوكا فتكون لهم الخزائن والاقفال وصناديق الابنوس والساج وكانوا اذا أرادوا احراز شيء أو صونه وضعوه تحت السرير ليأمنوا عليه من الوطء وعبث الصبى والبهيمة ، وكيف يحرز من لم يكن فى منزله حرز ولا قفل ولا خزانة الا بما يمكنه ويبلغه وجده ومع النبوة التقلل والبذاذة كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم يرقع ثوبه ويخصف نعله ويصلح خفه ويمهن أهله ويأكل بالارض ويقول : انما أنا عبد آكل كما يأكله العبد ، وعلى ذلك كانت الأنبياء عليهم‌السلام ـ وكان سليمان عليه‌السلام وقد آتاه الله من الملك ما لم يؤت أحدا قبله ولا بعده يلبس الصوف ويأكل خبز الشعير ويطعم الناس صنوف الطعام ، وكلم الله موسى عليه‌السلام وعليه مدرعة من شعر أو صوف وفى رجليه نعلان من جلد حما رميت فقيل له : اخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى ، وكان عيسى عليه‌السلام يحتبل بحبل من ليف ؛ وهذا أكثر من أن نحصيه وأشهر من أن نطيل الكتاب به.

وان كان العجب من الشاة فان الشاة أفضل الانعام ، وقرأت فى مناجاة عزير ربه أنه قال : اللهم انك اخترت من الانعام الضائنة ومن الطير الحمامة ومن النبات الحبلة ، ومن البيوت بكة وأيلياء ، ومن أيلياء بيت المقدس ، وروى وكيع عن الاسود بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ما خلق الله دابة أكرم عليه من النعجة فما يعجب من أكل الشاة تلك الصحيفة. وهذا الفأر شر حشرات الارض يقرض المصاحف ويبول عليها ، وهذا العثّ يأكلها ، ولو كانت النار أحرقت الصحيفة أو ذهب بها المنافقون كان العجب منهم أقل ، والله تعالى يبطل الشيء اذا أراد ابطاله بالضعيف والقوى فقد أهلك قوما بالذر كما أهلك


ورويتم أنّ عمر بن الخطّاب قال : لقد قتل باليمامة قوم يقرءون قرآنا

__________________

قوما بالطوفان ، وعذب قوما بالضفارع كما عذب آخرين بالحجارة ، وأهلك نمروذ ببعوضة وغرق اليمن بفأرة.

وأما قولهم : كيف يكمل الدين وقد أرسل ما أبطله؟!

فان هذه الآية نزلت عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم حجة الوداع حين أعز الله تعالى الاسلام وأذل الشرك وأخرج المشركين عن مكة فلم يحج فى تلك السنة الا مؤمن ، وبهذا أكمل الله تعالى الدين وأتم النعمة على المسلمين فصار كمال الدين هاهنا عزه وظهوره وذل الشرك ودروسه لا تكامل الفرائض والسنن لانها لم تزل تنزل الى أن قبض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهكذا قال الشعبى فى هذه الآية. ويجوز أن يكون الاكمال للدين برفع النسخ عنه بعد هذا الوقت.

وأما ابطاله اياه فانه يجوز أن يكون أنزله قرآنا ثم أبطل تلاوته وأبقى العمل به كما قال عمر ـ رضى الله عنه ـ فى آية الرجم وكما قال غيره فى أشياء كانت من القرآن قبل ان يجمع بين اللوحين فذهبت ، واذا جاز ان يبطل العمل به وتبقى تلاوته جاز ان تبطل تلاوته ويبقى العمل به ، ويجوز أن يكون أنزله وحيا إليه كما كان تنزل عليه أشياء من أمور الدين ولا يكون ذلك قرآنا كتحريم نكاح العمة على بنت أخيها ، والخالة على بنت أختها ، والقطع فى ربع دينار ، ولا قود على والد ولا على سيد ، ولا ميراث لقاتل. وكقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : يقول الله تعالى : « انى خلقت عبادى جميعا حنفاء » ، وكقوله يقول الله عزّ وجلّ : من تقرب الى شبرا تقربت منه ذراعا ؛ وأشباه هذا ، وقد قال عليه‌السلام اوتيت الكتاب ومثله معه ؛ يريد : ما كان جبريل عليه‌السلام يأتيه به من السنن وقد رجم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورجم الناس بعده وأخذ بذلك الفقهاء.

فأما رضاع الكبير عشرا ؛ فنراه غلطا من محمد بن اسحاق ولا نأمن أيضا أن يكون الرجم الّذي ذكر أنه فى هذه الصحيفة كان باطلا لان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم


كثيرا لا يقرؤه غيرهم فذهب من القرآن ما كان عند هؤلاء النّفر. وزعمتم أنّ عمر

__________________

قد رجم ماعز بن مالك وغيره قبل هذا الوقت فكيف ينزل عليه مرة أخرى؟! ولان مالك بن أنس روى هذا الحديث بعينه عن عبد الله بن أبى بكر عن عمرة عن عائشة ـ رضى الله عنها قالت : كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن فتوفى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهن مما يقرأ من القرآن ، وقد أخذ بهذا الحديث قوم من الفقهاء منهم الشافعى واسحاق وجعلوا الخمس حدا بين ما يحرم وما لا يحرم كما جعلوا القلتين حدا بين ما ينجس من الماء ولا ينجس ، وألفاظ حديث مالك خلاف ألفاظ حديث محمد بن اسحاق.

قال أبو محمد : حدثنا أبو حاتم قال : نا الاصمعى قال : معمر قال : قال لى أبى : لا تأخذن عن محمد بن اسحاق شيئا فانه كذاب ؛ وقد كان يروى عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير وهى امرأة هشام بن عروة ، فبلغ ذلك هشاما فأنكره وقال : أهو كان يدخل على امرأتى أم أنا؟!

وأما قول الله تبارك وتعالى : ( لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) فانه تعالى لم يرد بالباطل أن المصاحف لا يصيبها ما يصيب سائر الاعلاق والعروض وانما أراد أن الشيطان لا يستطيع أن يدخل فيه ما ليس منه قبل الوحى وبعده ».

أقول : هذا شرط مما ذكره علماء العامة فى هذا المطلب ولا مجال لنقل أكثر من ذلك هنا الا أن أعجب العجب أنهم مع خوضهم فى نقل ذلك وأمثاله واصرارهم على اثباتها بدلائل وافية عندهم وبيانات شافية على زعمهم اذا تفطنوا بقبحها والتفتوا الى ركاكتها ووقاحتها يرمون بها الشيعة وينسبونها إليهم ، ولعمرى ان تلك اذا قسمة ضيزى ألا ترى الى قول جار الله الزمخشرى وهو من أعاظم العلماء ومفاخر الاسلام فى الكشاف فى أول تفسير سورة الاحزاب ونص عبارته بعد البسملة : « عن زر قال قال لى أبى بن كعب ـ رضى الله عنه ـ : كم تعدون سورة الاحزاب؟ ـ قلت : ثلاثا وسبعين آية


قال (١) : لو لا أنّى أخاف أن يقال : زاد عمر فى القرآن ؛ أثبتّ هذه الآية ، فانّا كنّا نقرأها على

__________________

قال : فو الّذي يحلف به أبى بن كعب ان كانت لتعدل سورة البقرة أو أطول ؛ ولقد قرأنا منها آية الرجم : الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم.

أراد أبى ـ رضى الله عنه ـ أن ذلك من جملة ما نسخ من القرآن وأما ما يحكى أن تلك الزيادة كانت فى صحيفة فى بيت عائشة ـ رضى الله عنها ـ فأكلتها الداجن فمن تأليفات الملاحدة والروافض ».

ونظيره ما اتهم به صاحب بعض فضائح الروافض الشيعة وأجاب عنه الشيخ عبد الجليل القزوينى فى بعض مثالب النواصب فى نقض بعض فضائح الروافض فالاولى أن نذكر كلامهما وهو : « وآنچه گفته است كه : بمذهب شيعه چنانست كه قرآن را بز عايشه بخورد پس چون قائم بيايد بشرح وراستى املا كند ، عجب آنست كه اين مزور انتقالى دعوى كرده است كه بيست وپنج سال رافضى بوده است واين قدر بندانسته است كه اين نه مذهب شيعه است وكسى نگفته است واز عالمى از علماى شيعه مذكور نيست ودر كتابى از كتب ايشان مسطور نه ، وبر اين أصل بد كه نهاده است بارى تعالى را دروغ زن ميدارد بيرون از غفلت رسول (ص) وعايشه ؛ چه نه حق تعالى گفته : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ) ؛ معنى آنست كه : ما فروفرستاديم قرآن را وما نگاه دارنده ايم آن را ؛ پس عايشه جاهل باشد ومحمد (ص) غافل وخداى تعالى دروغ زن ، نعوذ بالله من هذا المقال ». فمن أراد ذيل كلامه فليراجع ص ١٠٠ من كتاب النقض المطبوع بتحقيقنا.

وأما بيان معنى رضاع الكبير والخوض فى التحقيق فيه فهو خارج عن موضوع بحثنا ، فمن أراد ذلك فليراجع كتاب أحاديث أم المؤمنين عائشة للناقد البصير مرتضى العسكرى فانه خاض فى التحقيق فيه تحت عنوان « رأيها فى رضاع الكبير » ( راجع ص ٢٨٢ ـ ٢٨٥ ).

__________________

(١) فليعلم أن الخوض فى ذكر أخبار هذا المطلب يحتاج الى بسط لا يسعه المقام


عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : الشّيخ والشّيخة اذا زنيا فارجموهما البتّة

__________________

مضافا الى أنى لا أحب البسط فى هذا الموضوع فأكتفى بما ذكره السيوطى فى الاتقان وذلك أنه قال فى الكتاب المذكور تحت عنوان « النوع السابع والاربعون فى ناسخه ومنسوخه » ضمن ما قال ( ص ٢٥ ـ ٢٦ من الجزء الثانى من طبعة مصر سنة ١٣٦٨ ) فان فيما ذكره كفاية للمكتفى وهو قوله :

« الضرب الثالث ما نسخ تلاوته دون حكمه وأمثلة هذا الضرب كثيرة قال أبو عبيدة : حدثنا اسماعيل بن ابراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : لا يقولن أحدكم : قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله ؛ قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل : قد أخذت منه ما ظهر ، وقال : حدثنا ابن أبى مريم عن ابن أبى لهيعة عن ابن الاسود عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت : كانت سورة الاحزاب تقرأ فى زمن النبي (ص) مائتى آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها الاعلى ما هو الآن. وقال : حدثنا اسماعيل بن جعفر عن المبارك بن فضالة عن عاصم بن أبى النجود عن زر بن حبيش قال قال لى أبى بن كعب : كائن تعد سورة الاحزاب؟ ـ قلت : اثنتين وسبعين آية وثلاثة وسبعين آية قال : ان كانت لتعدل سورة البقرة وان كنا لنقرأ فيها آية الرجم ، قلت : وما آية الرجم؟ قال : اذا زنا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم وقال : حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبى هلال عن مروان بن عثمان عن أبى أمامة بن سهل أن خالته قالت : لقد أقرأنا رسول الله آية الرجم : الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة. وقال : حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرنى ابن أبى حميدة بنت أبى يونس قالت : قرأ عن أبى وهو ابن ثمانين سنة فى مصحف عائشة : ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وعلى الذين يصلون الصفوف الاول ، قالت : قبل أن يغير عثمان المصاحف. وقال : حدثنا عبد الله بن صالح عن هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى واقد الليثى قال : كان رسول الله (ص) اذا اوحى


بما قضيا من الشّهوة نكالا من الله والله عزيز حكيم. ورويتم أنّ أبا موسى الاشعرىّ

__________________

إليه أتيناه فعلمنا مما اوحى إليه قال : فجئت ذات يوم فقال : ان الله يقول : انا أنزلنا المال لاقام الصلاة وايتاء الزكاة ولو أن لابن آدم واديا لاحب ان يكون إليه الثانى ، ولو كان إليه الثانى لاحب ان يكون إليهما الثالث ، ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب. وأخرج الحاكم فى المستدرك عن أبى بن كعب قال قال لى رسول الله (ص) : ان الله أمرنى أن أقرأ عليك القرآن فقرأ : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ومن بقيتها : لو أن ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيه سأل ثانيا ، وان سأل ثانيا فأعطيه سأل ثالثا ؛ ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب ، وأن ذات الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية والنصرانية ومن يعمل خيرا فلن يكفره ، وقال أبو ـ عبيدة : حدثنا حجاج عن حماد بن سلمة عن على بن زيد عن أبى حرب بن أبى الاسود عن أبى موسى الاشعرى قال : نزلت سورة نحو براءة ثم رفعت وحفظ منها : ان الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب. وأخرج ابن أبى حاتم عن أبى موسى الاشعرى قال : كنا نقرأ سورة نشبهها باحدى المسبحات نسيناها غير أنى حفظت منها : يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ما لا تفعلون فتكتب شهادة فى أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة. وقال أبو عبيدة : حدثنا حجاج بن سعيد عن الحكم بن عتيبة عن عبد بن عدى قال قال عمر : كنا نقرأ : لا ترغبوا عن آبائكم فانه كفر بكم ثم قال لزيد بن ثابت : أكذلك؟ ـ قال : نعم. وقال : حدثنا ابن أبى مريم عن نافع بن عامر الجمحى حدثنى ابن أبى مليكة عن المسور بن مخرمة قال قال عمر لعبد الرحمن بن عوف : ألم نجد فيما أنزل علينا : أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فانا لا نجدها ، قال : أسقطت فيما أسقط من القرآن. وقال : حدثنا ابن أبى مريم عن ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المغافرى عن أبى سفيان الكلاعى أن مسلمة بن مخلد الانصارى قال لهم ذات يوم : أخبرونى بآيتين فى القرآن لم تكتبا فى المصحف فلم يخبروه وعندهم


لمّا ولاّه عمر بن الخطّاب البصرة جمع القرّاء فكانوا ثلاثمائة رجل فقال لهم : أنتم

__________________

أبو الكنود سعد بن مالك فقال ابن مسلمة : الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون * والذين آوواهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم اولئك لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون. وأخرج الطبرانى فى الكبير عن ابن عمر قال : قرأ رجلان سورة قرأهما رسول الله (ص) فكانا يقرآن بها فقاما ذات ليلة يصليان فلم يقدرا منها على حرف فأصبحا غاديين على رسول الله (ص) فذكرا ذلك له فقال : انها مما نسخ فالهوا عنها. وفى الصحيحين عن أنس فى قصة أصحاب بئر معونة : الذين قتلوا وقنت يدعو على قاتليهم قال أنس : ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع : أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا. وفى المستدرك عن حذيفة قال : ما تقرءون ربعها يعنى براءة. قال الحسين بن المنارى فى كتابه الناسخ والمنسوخ : ومما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتا القنوت فى الوتر وتسمى سورتى الخلع والحفد ».

أقول : قد خاض السيوطى فى الدر المنثور فى أوائل تفسير سورة الاحزاب فى نقل أحاديث كثيرة فى خصوص آية الرجم المشار إليها فيما مر من كلمات العلماء الا أن الاخبار كلها من قبيل ما تقدم فى مطاوى الباب فمن أرادها فليراجع ج ٥ ؛ ص ١٧٩ ـ ١٨٠.

وأنت خبير بأن الاعتقاد بمضامين هذه الاخبار الساقطة فى نظر أهل التحقيق عن درجة الاعتبار مما يثلم بنيان الدين ويهدم أركان اليقين ويذهب بهاء الاسلام ويكدر مناهل الاحكام نعوذ بالله من ذلك وخاض فى تحقيق هذا المطلب جماعة من حملة لواء الشيعة وحفظة ناموس الشريعة ومنهم الشيخ جواد البلاغى ـ قدس الله روحه ونور ضريحه ـ فانه أحسن فى التحقيق وأجاد وجاء بما فوق المراد فعليك بتفسيره آلاء الرحمن ؛ والمطلب معنون فيه بعنوان « بعض ما ألصق بكرامة القرآن الكريم » ( انظر ج ١ ؛ ص ١٩ ـ ٢٩ ) فان فيه كفاية للمكتفى.


قرّاء أهل البصرة؟ ـ قالوا : نعم ، قال : والله لقد كنّا نقرأ سورة على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كنّا نشبّهها ببراءة تغليظا وتشديدا فنسيناها غير أنّى أحفظ حرفا واحدا منها أو حرفين : لو كان لابن آدم (١) واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الاّ التّراب (٢) ويتوب الله على من تاب. ورويتم أنّ سورة الأحزاب كانت ضعف ما هى فذهب منها مثل ما بقى فى أيدينا. ورويتم أنّ سورة « لم يكن » (٣)

__________________

(١) فليعلم أن العبارة قد ذكرت بعنوان الحديث فى كتب الاحاديث فقال السيوطى فى الجامع الصغير فى حرف اللام : « لو كان لابن آدم واد من مال لابتغى إليه ثانيا ، ولو كان له واديان لابتغى له ثانيا ولو كان له واديان لابتغى لهما ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب ؛ حم ق ت ( يريد بالرموز مسند أحمد وصحيحى البخارى ومسلم وسنن الترمذي ) عن أنس ( حم ق ) عن ابن عباس ؛ خ ( يريد به البخارى ) عن ابن الزبير ؛ ه‍ ( يعنى به ابن ماجة ) ، عن أبى هريرة ( حم ) عن أبى وافد ( تخ ) يريد به تاريخ البخارى والبزار عن بريدة ( صح ) لو كان لابن آدم واد من نخل لتمنى مثله ثم تمنى مثله حتى يتمنى أودية ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ( حم حب ) عن جابر ( صح ) ».

(٢) فليعلم أن النقص الّذي أشرنا الى وجوده فى نسخ ج ح س ق مج مث فيما سبق أعنى قول المصنف (ره) : « ورويتم أن أبا بكر رأى أن يجعل الخمس الّذي جعله الله عز وجل لذى القربى فى الكتاب فى الكراع » ( راجع ص ١٧٩ ) كان الى هنا أعنى الى قوله : « ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب » فمن قوله « ويتوب الله على من تاب » عبارة المتن موجودة فى جميع النسخ الا أن العبارة فى غير نسخة م فى أواخر الكتاب وقبلها بياض فى النسخ حتى يكون علامة لما سقط وفى بعضها كتب فى الهامش « سقط من هنا شيء » الا أنا لا نذكر من اختلاف النسخ من هذا الموضع شيئا الا ما كان مهما بحيث غير المعنى بل نكتفى غالبا بعبارة نسخة م نعم ان كان فى ذكر الاختلاف وتقييد بدل ما فى نسخة م فائدة نشير إليها والا فلا والاكتفاء بعبارتها لكونها أقدم النسخ وأتقنها كما أشرنا إليه فى المقدمة.

(٣) المراد بسورة « لم يكن » سورة البينة.


[ كانت ] مثل سورة البقرة قبل أن يضيع منها ما ضاع وانّما بقى ما فى أيدينا منها ثمانى آيات أو تسع آيات ؛ فلئن كان الأمر على ما رويتم لقد (١) ذهب عامّة كتاب الله عزّ وجلّ الّذي أنزله على محمّد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ. ورويتم أنّه جمع القرآن (٢) على عهد رسول الله ستّة نفر كلّهم من الأنصار وأنّه لم يحفظ القرآن الاّ هؤلاء النّفر ؛ فمرّة تروون أنّه لم يحفظه قوم ، ومرّة تروون أنّه ذهب منه شيء كثير ، ومرّة تروون أنّه لم يجمع القرآن أحد من الخلفاء الاّ عثمان (٣) فكيف ضاع القرآن وذهب وهؤلاء النّفر قد حفظوه بزعمكم وروايتكم؟!

ثمّ رويتم بعد ذلك كلّه أنّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عهد الى عليّ بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ أن يؤلّف القرآن فألّفه وكتبه ، ورويتم أنّ إبطاء عليّ على أبى بكر البيعة (٤) [ على ما ] زعمتم لتأليف القرآن فأين ذهب ما ألّفه عليّ بن

__________________

(١) ح : « فقد » ج ق س مج مث : « وقد ».

(٢) غير م : « وأنتم تروون أن القرآن قد حفظه ».

(٣) م : « الا عمر ».

(٤) غير م : « وانما كان ابطاؤه عن أبى بكر بالبيعة » أقول : هذا المعنى ذكره غير واحد من علماء العامة قال ابن عبد البر فى الاستيعاب فى ترجمة أبى بكر عبد الله بن أبى قحافة ما نصه ( ص ٣٣٤ ـ ٣٣٣ ) : « حدثنا خلف بن قاسم حدثنا عبد الله بن عمر حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج حدثنا يحيى بن سليمان حدثنا اسماعيل بن علية حدثنا أيوب السختيانى عن محمد بن سيرين قال : لما بويع أبو بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ أبطأ على عن بيعته وجلس فى بيته فبعث إليه أبو بكر : ما أبطأ بك عنى؟ أكرهت إمارتي؟

فقال على : ما كرهت إمارتك ولكنى آليت ان لا ارتدى ردائى الا الى صلاة حتى أجمع القرآن قال ابن سيرين : فبلغنى أنه كتب على تنزيله ولو أصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير وذكر عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عكرمة قال : لما بويع لابى بكر تخلف


أبى طالب ـ (ع) ـ حتّى صرتم تجمعونه من أفواه الرّجال؟! ومن صحف زعمتم كانت عند حفصة بنت عمر بن الخطّاب؟!

[ وأنتم تروون (١) عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه قال : أبىّ أقرأكم. ورويتم أنّه (ص) قال : من أراد أن يقرأ القرآن غضّا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أمّ عبد (٢). ورويتم أنّ النّبيّ (ص) قال : لو كنت مستخلفا أحدا عن غير مشورة

__________________

على عن بيعته وجلس فى بيته فلقيه عمر فقال : تخلفت عن بيعة أبى بكر؟ فقال : انى آليت بيمين حين قبض رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ان لا ارتدى بردائى الا الى الصلاة المكتوبة حتى أجمع القرآن فانى خشيت أن ينفلت ؛ ثم خرج فبايعه وقد ذكرنا جمع على القرآن فى بابه أيضا من غير هذا الوجه والحمد لله » وأشار فى ترجمة أمير المؤمنين على بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ الى هذا المطلب بقوله ( انظر ص ٤٦٢ من طبعة حيدرآباد الدكن سنة ١٣٣٦ ) : « وقد ذكرنا فى باب أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ انما كان تأخر على عنه تلك الايام لجمعه القرآن » والخوض فى الاشارة الى كلمات غيره وهم كثيرون يفضى الى طول فمن أرادها فليراجع مظانها.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين فى غير م وليس فى م هنا منه كلمة.

(٢) قال الحافظ نور الدين على بن أبى بكر الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب ما جاء فى عبد الله بن مسعود فى حديث طويل ( ج ٩ ؛ ص ٢٨٧ ) : « قال رسول الله (ص) : من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد » وأيضا هناك : « وعن عبد الله يعنى ابن مسعود أن رسول الله (ص) قال : من سره أن يقرأ القرآن غضا كما انزل فليقرأه على قراءة ابن أمّ عبد ؛ رواه أحمد والبزار والطبرانى وفيه عاصم بن أبى النجود وهو على ضعفه حسن الحديث وبقية رجال أحمد رجال الصحيح ، ورجال الطبرانى رجال الصحيح غير فرات بن محبوب وهو ثقة » وقال ابن الجوزى فى صفة الصفوة فى ترجمته :


لاستخلفت ابن أمّ عبد (١) ورويتم فى حديث آخر أنّه (ص) قال : رضيت لأمّتى ما رضى لها ابن أمّ عبد وسخطت لها ما سخط لها ابن أمّ عبد (٢). ثمّ رويتم أنّ عثمان

__________________

« قال رسول الله (ص) : من سره أن يقرأ القرآن رطبا فليقرأه على قراءة ابن أمّ عبد » ( انظر ج ١ ص ١٥٦ ـ ١٥٧ ) وقال الحاكم فى المستدرك ( ج ٣ ؛ ص ٣١٨ ) : « أخبرنا أبو الحسن على بن محمد القرشى بالكوفة حدثنا الحسن بن على بن عفان العامرى ، حدثنا مصعب بن المقدام ، حدثنا سفيان عن الاعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عمر ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ؛ هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » قال ابن الاثير فى النهاية : « س : وفيه : من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليسمعه من ابن أم عبد ، الغض الطرى الّذي لم يتغير ؛ أراد طريقه فى القراءة وهيأته فيها ، وقيل : أراد بالآيات التى سمعها منه من أول سورة النساء الى قوله : فكيف اذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ».

__________________

(١) قال الحاكم فى المستدرك ( ج ٣ ؛ ص ٣١٨ ) : « أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضى ، حدثنا ابراهيم بن الحسين ، حدثنا المعافى بن سليمان الحرانى ، حدثنا القاسم بن معن عن منصور عن أبى اسحاق عن عاصم بن ضمرة عن على ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : لو كنت مستخلفا أحدا من غير مشورة لاستخلفت عليهم ابن أم عبد ، هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ».

(٢) قال الحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب ما جاء فى عبد الله بن مسعود ( ج ٩ ص ٢٩٠ ) : « وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : « رضيت لامتى ما رضى لها ابن أم عبد وكرهت لامتى ما كره لها ابن أم عبد ؛ رواه البزار والطبرانى فى الاوسط باختصار الكراهة ورواه فى الكبير منقطع الاسناد وفى اسناد


ترك قراءة أبىّ وابن مسعود وأمر [ على ما ] زعمتم بمصاحف ابن مسعود فحرّقت (١) وجمع النّاس على قراءة زيد. ورويتم أنّ عمر بن الخطّاب وجّه ابن مسعود الى الكوفة يفقّه النّاس ويقرئهم القرآن ؛ فكان ثقة عند عمر بن الخطّاب فى توجيهه الى

__________________

(١) مج مث ح س : « فمزقت ».

__________________

البزار محمد بن حميد الرازى وهو ثقة وفيه خلاف وبقية رجاله وثقوا » وقال الحاكم فى المستدرك فى كتاب معرفة الصحابة ضمن ذكره مناقب عبد الله بن مسعود ( ج ٣ ؛ ص ٣١٧ ـ ٣١٨ ) : « حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أبو جعفر محمد بن على الوراق بحمدان ، حدثنا يحيى بن على المحاربى ، حدثنا زائدة عن منصور بن زيد بن وهب ، عن عبد الله قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : رضيت لامتى ما رضى لها ابن أم عبد ، هذا اسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وله علة من حديث سفيان الثورى فأخبرنا محمد بن موسى بن عمران الفقيه ، حدثنا ابراهيم بن أبى طالب ، حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن سفيان وأما حديث اسرائيل فأخبرناه أبو عبد الله الصفار ، حدثنا أحمد بن مهران ، حدثنا عبيد الله بن موسى أنا اسرائيل جميعا عن منصور عن القاسم بن عبد الرحمن أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : رضيت لامتى ما رضى لها ابن أم عبد ».

وقال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب عند ذكره الوجه الثانى من الامر الثالث من الدليل الخامس ( والوجه المذكور فى بيان اعتبار مصحف عبد الله بن مسعود وصحته ) ما نصه ( ص ١٤٢ ) : « الثانى أمر النبي (ص) بأخذ القرآن عنه والقراءة عليه ويلزمه صحة ما كان عنده لما رواه الشيخ فى تلخيص الشافى عن النبي (ص) أنه قال : من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد ، وتقدم قريب منه عن الحضينى ( يشير به الى ما نقله قبل ذلك فى ص ١٣٧ ) ونقله الشيخ فضل بن شاذان فى الايضاح وله طرق كثيرة فى كتب المخالفين ( الى آخر ما قال ) » فلننجز الآن الوعد الّذي وعدناه فيما


الكوفة ويقرئهم القرآن مع قول رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فيما رويتم فيه وفى أبىّ فترك قراءته وقراءة أبىّ وأمر النّاس بقراءة زيد فهى فى أيدى النّاس الى يومنا

__________________

سبق ( ص ٢١١ ) من الاشارة الى باقى الموارد التى نقل فيها المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب من هذا الكتاب فنقول :

قال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب فى المقدمة الاولى ضمن تحقيق له ( ص ١٥ ) :

« وقال الشيخ الاقدم فضل بن شاذان فى كتاب الايضاح مشيرا الى المخالفين فى جملة كلام له يأتى فيما بعد : روى بعضكم أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أمر عليا عليه‌السلام ـ بتأليف القرآن فألفه وكتبه ، وانما كان ابطاؤه عن أبى بكر بالبيعة على ما زعمتم تأليف القرآن فأين ذهب ما ألفه ـ عليه‌السلام ـ حتى صاروا يجمعونه من أفواه الرجال؟! ومن صحف زعمتم كانت عند حفصة بنت عمر؟! الى آخر ما قال ».

وقال أيضا بعيد ذلك بعد نقل خبر ( ص ١٧ ) بهذه العبارة : « فروى البخارى مرة عن عبد الله بن العاص قال : سمعت النبي (ص) يقول : خذوا القرآن من أربعة ؛ من عبد الله ابن مسعود وسالم ومعاذ وأبى بن كعب ، وأخرى عن قتادة قال : سألت أنس بن مالك من جمع القرآن على عهد رسول الله (ص)؟ ـ فقال : أربعة كلهم من الانصار ؛ أبى بن كعب ، ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت ، وأبو زيد ، قلت : من أبو زيد؟ قال : أحد عمومتى ، وتارة عن أنس ( الى أن قال ؛ انظر ص ١٨ ) : وقد جعل الشيخ الجليل فضل بن شاذان هذا الخبر من مناقضات أخبارهم ويأتى كلامه عن قريب ».

وقال أيضا فى أوائل الدليل السادس من فصل الخطاب وهو فى بيان أن هذا المصحف الموجود غير شامل لتمام ما فى مصحف أبى بن كعب فيكون غير شامل لتمام ما نزل اعجازا لصحة ما فى مصحف أبى واعتباره » ( انظر ص ١٤٨ ) : « ومما اشتهر فى كتب


هذا ؛ فلئن كان أبىّ وابن مسعود ثقتين فى الفقه انّهما لثقة فى القرآن. ولقد أوجبتم عليهم بترك قراءة ابن مسعود أنّهم لم يرضوا للامّة بما رضى لها رسول الله (ص) وأنّهم كرهوا ما رضى لهم الرّسول ، فأىّ وقيعة تكون أشدّ ممّا تروونه عليهم؟! فو الله لو اجتمع كلّ رافضىّ

__________________

القوم ورووه بعدة طرق قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أبى أقرؤكم ، وقوله (ص) : خذوا القرآن من أربعة منهم أبى ، ومما يؤيد صحة قراءته مخالفته لزيد بن ثابت وطعنه عليه فى قراءته وهجر القوم قراءته قال فضل بن شاذان فى الايضاح : وأما أبى فقد نبذتم قراءته وكذلك قراءة ابن مسعود فيما تروون منهما عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلئن كان الّذي رويتموه عن رسول الله (ص) حقا لقد خالفتم النبي فيما قال فى هؤلاء النفر. وقال فى موضع آخر : وقد رويتم أنه قال : من أراد أن يقرأ القرآن ( الى آخر ما مر ) وقال : زعمتم أبى أقرؤكم ، فقد تركتم قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقرأتم قراءة زيد خلافا لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ( انتهى ) ». وقال أيضا فى المقدمة الثانية من فصل الخطاب ضمن نقله الاخبار التى تدل على سقوط شيء من القرآن صريحا وبها تمسك من أثبت وجود منسوخ التلاوة فيه مع عدم اشارة فيها إليه ما نصه ( انظر ص ١١٩ ) : « مح ـ فضل بن شاذان فى الايضاح : ورويتم [ أن ] لم يكن الذين كفروا كانت مثل سورة البقرة قبل أن يضيع منها ما ضاع فانما بقى فى أيدينا منها ثمان آيات أو تسع آيات ( الى آخر ما قال ) قلت : وهذه الاخبار أيضا فى سقوط تلك الآية ( يريد بها آية الرجم ) ونقصان سورة لم يكن وأن الآية كانت مثبتة فى مصحف أبى بن كعب ، وظاهر بعضها أن عدم ادخالها عمر فى المصحف بعد عثورها عليه لانفراد أبى بها وعدم شهادة غيره بها عنده وليس فى نسخ تلاوتها أثر فى تلك الاخبار بعد الغض عن بطلان أصله بل صريح بعضهم أنهم حرفوا سورة لم يكن لسر الفضيحة عن أنفس القوم. ثم كيف تنسخ الآية ولا يعلمه أبى وهو سيد القراء عندهم؟! وقد أمر النبي (ص) بقراءة تلك السورة وغيرها عليه كما تقدم ويأتى ، وكذا


على وجه الأرض على أن يقولوا فيهم أكثر ممّا قلتم ما قدروا عليه طعنا وسوء قول وتجهيلا وجرأة على الله ، وأنتم تزعمون أنّكم الجماعة وأنّ الجماعة لا تجتمع على ضلال ].

__________________

ابن مسعود الّذي أمروا بأخذ القرآن عنه وقد تقدم أنه أثبتها فى مصحفه.

ويؤيد ما ذكرنا أن الشيخ فضل بن شاذان جعل تلك الروايات من مطاعنهم وفهم منها أن تلك الآية وغيرها مما ذكرها قد سقطت عن أيديهم فقال : لئن كان الامر على ما رويتم فقد ذهب عامة كتاب الله الّذي نزل على رسوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأنتم تروون أن القرآن قد حفظه على عهد رسول الله (ص) ستة نفر كلهم من الانصار وأنه لم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء الا عثمان فكيف ضاع القرآن وهؤلاء النفر قد حفظوه بزعمكم وروايتكم؟! ثم روى بعضكم أن رسول الله (ص) أمر عليا (ع) بتأليف القرآن فألفه وكتبه وانما كان ابطاؤه عن أبى بكر بالبيعة على ما زعمتم تأليف القرآن فأين ذهب ما ألفه على (ع) حتى صاروا يجمعونه من أفواه الرجال؟! ومن صحيفة زعمتم كانت عند حفصة؟! الى آخر ما قال » وقال (ره) أيضا فى ذلك الكتاب فى أوائل الدليل الثامن وهو عبارة عن الاخبار التى رواها المخالفون زيادة على ما مر فى المواضع السابقة الدالة صريحا على وقوع التغيير والنقصان فى المصحف الموجود ما نصه ( ص ١٧٣ ) : « ه‍ ـ الشيخ الجليل فضل بن شاذان فى الايضاح فيما رواه عنهم وقد سقط من نسختى سطور وهذا لفظ الباقى : ويتوب الله على من تاب * ولقد نزلت علينا سورة كنا نشبهها بالمسبحات فنسيناها غير أنى أحفظ منها حرفا أو حرفين : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ ) فتكتب شهادة فى أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة ( يشير به الى ما تقدم فى هذا الكتاب ؛ انظر ص ٢٢١ ) ».

أقول : هذه هى الموارد الباقية من الموارد التى نقل فيها المحدث النورى (ره) فى كتاب فصل الخطاب من هذا الكتاب ؛ والقسمة الاولى قد أشرنا إليها فيما تقدم ( انظر ص ٢٠٩ ـ ٢١١ ).


ثمّ رويتم عن ابن مسعود أنّ المعوّذتين ليستا من القرآن وأنّه لم يثبتهما فى مصحفه وأنتم تروون أنّه من جحد آية من كتاب الله عزّ وجلّ فهو كافر بالله وتقرّون أنّهما من القرآن ، فمرّة تقرّون على ابن مسعود أنّه جحد سورتين من كتاب الله وأنّه من جحد حرفا منه فقد كفر فكيف قبلتم أحاديث ابن مسعود فى الحلال والحرام والصّلاة والصّيام والفرائض والأحكام؟!

فان لم تكن المعوّذتان من القرآن لقد هلك الّذين أثبتوهما فى المصاحف ، ولئن كانتا من القرآن لقد هلك الّذين جحدوهما ولم يثبتوهما فى المصاحف ؛ [ ان كان ما رويتم عن ابن مسعود حقّا أنّه قال : ليس هما من القرآن (١) ] فليس لكم مخرج من أحد الوجهين فامّا ان يكون كذب فهلك وهلك من أخذ عنه الحلال والحرام ، [ وامّا ان يكون صدق فهلك من خالفه ] فأىّ وقيعة فى أصحاب رسول الله (ص) أشدّ من وقيعتكم فيهم اذا وقعتم؟! (٢)

وأخرى فانّكم تروون عنهم الكفر الصّراح مثل ما قد رويتم من جحودهم القرآن فلو أنّكم اذا وقعتم فيهم تنسبونهم الى ما هو دون الكفر كان الأمر أيسر وأسهل وأهون لكنّكم تعمدون الى أغلظ الأشياء وأعظمها عند الله فتنسبونهم إليها.

ذكر مخالفة عمر لأصحاب رسول الله

قاطبة وللنّبىّ (٣) ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ خاصّة

قالت الشّيعة للمخالفين من أصحاب الحديث وأهل الرّأى : رويتم أنّ النّبيّ

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس فى م.

(٢) فى غير م : « فأى وقيعة أشد من وقيعتكم وأنتم تنسبون الشيعة الى الوقيعة فيهم جرأة منكم وقلة حياء وقلة معرفة منكم بما تروون ».

(٣) فى الاصل : « والنبي » وليعلم أن العنوان وطرفا من أول العبارة المذكورة بعده فى م فقط.


(ص) قال : عليّ أقضاكم ، وأبىّ بن كعب أقرؤكم ، وزيد بن ثابت أفرضكم؟ (١) قالوا : نعم ، قالت الشيعة فنرى عمر قد خالف زيدا فى الفرائض وابن كعب فى القرآن وعليّا فى بيع أمّهات الاولاد ؛ فلا قول رسول الله قبل ، ولا آثار أصحابه اتّبع ، فهل طعن على عمر كطعنكم عليه فى خلافه عليّا ـ عليه‌السلام ـ فى أمّهات الأولاد ، وخلافه زيدا

__________________

(١) قال مصنف كتاب الاستغاثة فى بدع الثلاثة ضمن ذكره ما يرجع الى عمر ما نصه ( ص ٥٥ من طبعة النجف ) : « ومنها أحكام المواريث فى الاسلام فان عمر أمر الناس ان يتبعوا قول زيد بن ثابت فى الفرائض وقال : ان زيدا أفرضنا ؛ فزادوا بعده فى الخبر : وعلى أقضانا ، وأبى أقرؤنا ، ثم أسندوا الخبر الى الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ تخرصا وافتراء لان هذا بعيد من قول الرسول (ص) اذ لم يكن فى حياة الرسول لاحد ان يقول فى القضاء ولا فى الفرائض ولا فى غيرها ، وكان من حكم زيد بن ثابت فى أيام عمر ان جعل مال ذوى ـ الارحام وغيرها الّذي حكم الله به فى كتابه بقوله : وأولو الارحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله ؛ للعصبة ، وقال زيد : لا يعطى ذو والارحام شيئا من الميراث عنادا لله ولرسوله فى ذلك ( الى آخر ما قال ) ».

فليعلم أن غير واحد من علمائنا ومتكلمينا صرح بأن النبي (ص) انما قال : « أقضاكم على » وخصه بهذه الصفة دون سائر الصفات كقوله : أفرضكم أو أقرؤكم أو أفقهكم لان القضاء يحتاج الى جميع أنواع العلوم فلما رجحه على الكل فى القضاء لزم أنه رجحه عليهم فى كل العلوم ، وأما سائر الصحابة فقد رجح كل واحد منهم على غيره فى علم واحد كقوله : « أفرضكم زيد ، وأقرأكم أبى » حتى أن جماعة منهم قرأ هذا الحديث المعروف المسلم بين الفريقين « أنت قاضى دينى » بكسر الدال حتى يكون قريبا من أقضاكم على ؛ والحال أن المتبادر منه كسر الدال ، قال المجلسى (ره) فى تاسع البحار فى باب جوامع الاخبار الدالة على إمامته بالنسبة الى قوله « قاضى دينى » بعد نقل حديث عن بشارة المصطفى فيه تلك الفقرة ما نصه : ( انظر ص ٢٩١ من طبعة أمين الضرب ) : « بيان ـ قرأ المحقق


فى الفرائض ، وخلافه أبيّا فى القرآن ؛ ولقد خطب عمر فقال فى خطبته : ألا انّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : أقرؤكم أبىّ وأنا أردّ أشياء من قول أبىّ فهذه رواية العامّة.

وقد علم أهل الخلاف قاطبة أنّ الرّادّ لقول النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ هو الرّادّ لقول الله ـ عزّ وجلّ ـ وروى عن عمر أنّه قال : قال النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ أقضاكم ، هذا ؛ ولم نجد فى أحاديثكم أنّ النّبيّ ـ (ص) ـ نسب عمر قطّ الى القضاء ولا الى قرآن و [ لا ] الى فرائض ولا الى حلال وحرام أصلا فكيف نازع هؤلاء القوم الّذين قضى لهم رسول الله (ص) بجميع هذه الخصال حتّى ردّ عليهم وهو يعلم أنّهم أعلم منهم؟! فكيف تنسبون (١) الشّيعة الى الوقيعة فى أبى بكر وعمر وأصحاب رسول الله (ص) وأنتم الواقعون فيهم المتنقّصون (٢) لهم بهذه الرّوايات الّتي تفرّدتم عليه بها دون الشّيعة وانّ هذه الوقيعة منكم فى جميع أصحاب رسول الله (ص)

__________________

الطوسى نصير الملة والدين والعلامة وجماعة من علمائنا ـ رضى الله عنهم ـ قاضى دينى بكسر الدال ، وأنكره السيد المرتضى ـ رضى الله عنه ـ ولا حاجة فى تكلف ذلك لتواتر العبارات والنصوص الصريحة من الجانبين » فمن أراد نص عبارة الخواجة نصير الدين والعلامة فليراجع تجريد العقائد وشرحه للعلامة ، وحذا حذوهما القاضى نور الله التسترى فى احقاق الحق وفصلنا القول فى ذلك فى كتابنا الموسوم بكشف الكربة فى شرح دعاء الندبة فى شرح هذه الفقرة من الدعاء « وأنت تقضى دينى » وفقنا الله لا تمامه وطبعه ونشره بحق نبيه محمد وعترته عليه وعليهم الصلاة والسلام وكيف كان قد علم أن السر فى اصرار هؤلاء العلماء على قراءة كلمة « دينى » بكسر الدال انما تصييرهم معنى الحديث الى القضاء فى الاحكام الشرعية لا الى قضاء الدين.

__________________

(١) فى الاصل : « ينسبون » ( بصيغة الغائب ).

(٢) يقال : تنقصه أى وقع فيه وعابه وذمه ونسب إليه النقص.


الّذين رضوا أمر عمر وما صنع من خلافه على هؤلاء النّفر وسكوتهم على ذلك وهو خلاف ما قال رسول الله (ص). ثمّ لم ترضوا بما رويتم عنه حتّى اتّبعتموه وأخذتم بسنّته ثمّ تركتم قول رسول الله (ص) وأمره فى أبىّ وقراءة عبد الله بن مسعود الّذي قال له (١) النّبيّ (ص) : من أراد أن يقرأ القرآن غضّا (٢) كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أمّ عبد ، فرفضتم قراءته وحرّقتم مصاحفه ردّا على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ واتّباعا لقول عمر فما أجد لكم مثلا الاّ كما (٣) قال الله عزّ وجلّ : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ ) (٤) هواه ثمّ رويتم أنّ رسول الله ـ (ص) ـ قال : أنا فرطكم (٥) على الحوض وليرفعن [ ا ] لى (٦) قوم من أصحابى فاذا رأيتهم وعرفتهم اختلجوا (٧) دونى فأقول : أى ربّ أصحابى

__________________

(١) كذا فى الاصل فاللام ليست للتبليغ فان المراد هنا أن النبي (ص) قال فى حقه لا أنه خاطبه به.

(٢) قال ابن الاثير فى النهاية : « وفيه : من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليسمعه من ابن أم عبد ، الغض الطرى الّذي لم يتغير ، أراد طريقه فى القراءة وهيئته فيها ، وقيل : أراد بالآيات التى سمعها منه من أول سورة النساء الى قوله : فكيف اذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ».

(٣) كذا فى الاصل.

(٤) صدر آية ٢٣ سورة الجاثية.

(٥) قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : أنا فرطكم على الحوض اى متقدمكم إليه يقال : فرط يفرط فهو فارط وفرط اذا تقدم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء ويهيئ لهم الدلاء والارشية ».

(٦) فى الاصل « لى » والظاهر : « الى » حتى يكون من قبيل قولهم : « رفع زيدا الى الحكم اى قدمه إليه ليحاكمه ».

(٧) قال ابن الاثير فى النهاية : « أصل الخلج الجذب والنزاع ومنه الحديث : ليردن على الحوض أقوام ثم ليختلجن دونى اى يجتذبون ويقتطعون ، ومنه الحديث : ليختلجونه على باب الجنة اى يجتذبونه ».


فيقال : يا محمّد انّك لا تدرى ما أحدثوا بعدك وانّهم رجعوا على أعقابهم القهقرى فأقول : ألا بعدا ألا سحقا لمن بدّل بعدى (١). ولم يسمّهم النّبيّ (ص) فأوقعتم الظّنّة على عامّتهم فما رأينا قوما أشرّ أقوالا منكم فيهم ثمّ تروون أنّ النّبيّ ـ (ص) ـ قال :

__________________

(١) هذا الحديث مما ثبت صدوره عن النبي (ص) فمن أراد أن يعرف طرقه ويطلع على الكتب التى هو مذكور فيها فليراجع ثامن البحار باب افتراق الامة بعد النبي (ص) على ثلاث وسبعين فرقة وأنه يجرى فيهم ما جرى فى غيرهم من الامم وارتدادهم عن الدين ( وهو الباب الاول ) فان فيه كفاية للمكتفى ومما ذكر فى الباب قوله ( ص ٧ من طبعة أمين الضرب ) :

« أقول : روى ابن الاثير فى كتاب جامع الاصول مما أخرجه من صحيح البخارى وصحيح مسلم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : أنا فرطكم على الحوض وليرفعن الى رجال منكم اذا هويت إليهم لاناولهم اختلجوا دونى فأقول : أى رب أصحابى فيقال : انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك. ومن الصحيحين أيضا عن أنس ان رسول الله (ص) قال : ليردن على الحوض رجال ممن صاحبنى حتى اذا رفعوا اختلجوا دونى فلا قولن : أى رب أصحابى فليقالن لى : انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك. وزيد فى بعض الروايات قوله : فأقول : سحقا لمن بدل بعدى. وأيضا من الصحيحين : عن أبى حازم عن سهل بن سعد قال : سمعت النبي (ص) يقول : أنا فرطكم على الحوض ؛ من ورد شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبدا ، وليردن على أقوام أعرفهم ويعرفونى ثم يحال بينى وبينهم ، قال أبو حازم : فسمع النعمان بن أبى عياش وأنا أحدثهم بهذا الحديث فقال : هكذا سمعت سهلا يقول؟ ـ قلت : نعم ، قال : وأنا أشهد على أبى سعيد الخدرى سمعته يزيد فيقول : فانهم منى ، فيقال : انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك فأقول : سحقا سحقا لمن بدل بعدى. وأيضا من الصحيحين عن أبى هريرة أن رسول الله (ص) قال : يرد على يوم القيامة رهط من أصحابى ( أو قال ) من أمتى فيحلئون عن الحوض فأقول : يا رب أصحابى فيقول : لا علم لك بما أحدثوا بعدك ؛ ارتدوا على أعقابهم القهقرى ، فيحلئون ».


لعن الله من سبّ أصحابى (١) وأنّه قال ـ (ص) ـ : انّ الله اختارنى واختار [ لى منهم (٢) ] أصحابا وأصهارا وأنصارا ؛ فمن سبّهم فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين. فأىّ سبّ أعظم من أنّكم تروون أنّهم يختلجون يوم القيامة من دون النّبيّ (ص) ويقول لهم : ألا بعدا ألا سحقا ثمّ تلعنون من سبّهم وتترحّمون على من قتلهم فانّه قتل من المهاجرين والانصار ومن أهل بدر ومن التّابعين [ لهم ] باحسان عدّة كثيرة فى حرب معاوية وطلحة والزّبير وأنتم تترحّمون على من قتلهم وتلعنون من سبّهم وأنتم تروون أنّ عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ كان يلعن معاوية فى قنوته وعمرو بن العاص وأبا الأعور السّلمىّ وأبا موسى الاشعرىّ (٣) ، وكان معاوية يلعن فى قنوته عليّ بن أبى طالب (ع) وأصحابه على المنابر وكلاهما من أصحاب رسول الله (ص) بروايتكم.

__________________

(١) فى المقدمة الاولى من الصواعق المحرقة ( ص ٤ من طبعة مكتبة القاهرة سنة ١٣٧٥ ) : « الطبرانى عن ابن عمر : لعن الله من سب أصحابى ».

(٢) فى الاصل : « أصحابى » ؛ فى أوائل المقدمة الاولى من نسخة الصواعق المشار ـ إليها ( ص ٢ ) : « وأخرج المحاملى والطبرانى والحاكم عن عويمر بن ساعدة انه ( صلعم ) قال : ان الله اختارنى واختار لى أصحابا فجعل لى منهم وزراء وأنصارا وأصهارا ؛ فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منهم يوم القيامة صرفا ولا عدلا. والخطيب عن أنس : ان الله اختارنى واختار لى أصحابا واختار لى منهم أصهارا ؛ وأنصارا ؛ فمن حفظنى فيهم حفظه الله ، ومن آذانى فيهم آذاه الله. والعقيلى فى الضعفاء عن أنس : ان الله اختارنى واختار لى أصحابا وأصهارا وسيأتى قوم يسبونهم وينتقصونهم فلا تجالسوهم ولا تشاربوهم ولا تؤاكلوهم ولا تناكحوهم » أقول : لا أحب الخوض فى نقل أمثال هذا الحديث فمن أراد أكثر من هذا المقدار الّذي اقتضته الضرورة فليراجع مظانها فى الكتب المبسوطة.

(٣) اشرنا فيما سبق الى بعض ما يدل على ذلك فان شئت فراجع ص ٦٣ ـ ٦٤.


ورويتم أنّ النّبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال لأصحابه (١) : لا ترجعوا (٢) بعدى كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض (٣) بالسّيف ، فان زعمتم أنّ الفريقين جميعا اقتتلوا (٤) على باطل فقد كفّرتموهما (٥) جميعا بهذا الحديث ، وان جعلتم أحد (٦) الفريقين على حقّ كفّرتم الفرقة الّتي تقاتل (٧) الفرقة المحقّة ، وان جعلتم الفريقين جميعا محقّين قلتم المحال الّذي لا يمكن انّ حقّا قاتل (٨) حقّا (٩).

ثمّ رويتم أنّ النّبيّ ـ (ص) ـ قال : الأئمّة من قريش (١٠) ؛ وكانت هذه

__________________

(١) فليعلم أن هذا الحديث وما يليه قد ذكر فى غير نسخة م أعنى نسخ مج مث س ق ج ح فى ضمن البحث عن حكم المتعة ، وأمثال هذا الامر كثيرة فى النسخ فلو بنينا الامر على التصريح او الاشارة الى جميعها لافضى الامر الى طول يوجب الملال فلا نشير منها الا الى قليل ، مع أنه لا فائدة فيها غالبا للمراجعين للكتاب.

(٢) ج ح س ق مج مث : « لترجعن » والحديث ورد هكذا مختلفا فى كثير من سائر الكتب المعتبرة أيضا.

(٣) نقله السيوطى فى الجامع الصغير عن صحيحى البخارى ومسلم ومسند أحمد وعن النسائى وابن ماجة الا أنه ليس فى آخره : « بالسيف ».

(٤) فى الاصل : « قتلوا » فكأن العبارة مأخوذة من قوله تعالى : ( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ).

(٥) فى م : « كفرتموهم » وفى غير م : « أكفرتموهما ».

(٦) ج ق مج مث : « احدى » فلعل التأنيث باعتبار المعنى فان الفريق بمعنى الطائفة.

(٧) فى النسخ : « تقتل ».

(٨) ح : « يقاتل ».

(٩) فليعلم أن المجلسى (ره) ذكر فى آخر باب افتراق الامة كلاما سديدا فى بيان عقيدة الشيعة فى حق الصحابة ونقلناه فيما تقدم ( انظر ص ٩٦ من الكتاب أو ص ٩ من ج ٨ من البحار من طبعة أمين الضرب ).

(١٠) حديث متواتر عند الفريقين.


حجّة قريش على الأنصار يوم السّقيفة حين أرادت الانصار بيعة سعد بن عبادة وقالوا : منّا أمير ومنكم أمير ، ورويتم أنّ عمر بن الخطّاب قال يوم الشّورى : لو أنّ سالما مولى أبى حذيفة وأبا عبيدة حيّين لما تخالجنى فيهما شكّ ولم يكن سالم من قريش. ثمّ رويتم عن عمر بن الخطّاب أنّه قال : لو ولّوها الأجلح (١) لأقامهم على كتاب الله وسنّة نبيّه فأىّ طعن على عمر أشدّ من طعنكم أن يتلهّف على من لو حضره لولاّه الخلافة والخلافة لا تصلح له. ورويتم عن عمر أنّه قال : اخترت لكم ستّة نفر مضى رسول الله (ص) وهو عنهم راض ثمّ رويتم عن عمر أنّه عابهم فقالوا له : فلان (٢) فقال : فيه دعابة ، قالوا : فلان قال : كلف بأقاربه (٣) ، وفلان صاحب فرس وصيد ، وفلان فيه بأو (٤)

__________________

(١) قال المجلسى فى باب الشورى من ثامن البحار ( ص ٣٥٧ من طبعة أمين الضرب ) :

« وروى ابن عبد البر فى الاستيعاب أنه ( أى عمر ) قال فى على (ع) : ان ولوها الاجلح سلك بهم الطريق المستقيم فقال له ابن عمر : ما يمنعك أن تقدم عليا؟ ـ قال : أكره ان أتحملها حيا وميتا ، وحكاه السيد ـ رضى الله عنه ـ فى الشافى عن البلاذرى فى تاريخه عن عفان بن مسلم عن حماد بن مسلمة عن على بن زيد عن أبى رافع ( الى آخره ) » ونص عبارة السيد فى الشافى ( فى ص ٢٥٨ من النسخة المطبوعة بايران سنة ١٣٠٢ ) هكذا :

« فقام على (ع) موليا فقال عمر : والله انى لاعلم مكان رجل لو وليتموها اياه لحملكم على المحجة البيضاء قالوا : من هو؟ ـ قال : هذا المولى من بينكم قالوا : فما يمنعك من ذلك؟ ـ قال : ليس الى ذلك سبيل. وفى خبر آخر رواه البلاذرى فى تاريخه : ان عمر لما خرج أهل الشورى من عنده قال : ان ولوها الاجلح سلك بهم الطريق ، قال ابن ـ عمر : فما يمنعك منه يا أمير المؤمنين؟ ـ قال : أكره أن أتحملها حيا وميتا ».

(٢) مج مث س ق : « ول فلانا » وكذا فيها فى جميع الموارد الآتية فى هذا الحديث.

(٣) قال ابن الاثير فى النهاية ضمن ذكره معنى « ك‍ ل ف » : « ومنه حديث عمر : عثمان كلف بأقاربه أى شديد الحب لهم ، والكلف الولوع بالشيء مع شغل قلب ومشقة ».

(٤) قال ابن الاثير فى النهاية « فى حديث عمر ـ رضى الله عنه ـ حين ذكر له


والبأو الكبر ، وفلان ليس له همّ الاّ البيع ، وفلان ضعيف أمره فى يد امرأته. فأىّ طعن فى عمر أشدّ من طعنكم عليه؟! وما نعلم أحدا بلغ فى تنقّصه بأكثر (١) من هذا القول الّذي تروونه عنه وتنسبون الشّيعة الى الوقيعة فيه.

ثمّ رويتم أنّ أصحاب محمّد (ص) قالوا : يا رسول الله لو ولّيت علينا أبا بكر فقال : ان تولّوها [ ايّاه ] تجدوه ضعيفا فى بدنه قويّا فى أمر الله ، وان تولّوها عمر تجدوه قويّا فى بدنه قويّا فى أمر الله ، وان تولّوها عليّا ولن تفعلوا تجدوه هاديا مهديّا يسلك بكم الطّريق المستقيم ، فزعمتم أنّ عمر شكّ فيمن قال النّبيّ ـ (ص) فيه : انّه هاديا مهديّا يسلك بكم الطّريق المستقيم ، ولم يشكّ فى سالم مولى أبى حذيفة ولا فى أبى عبيدة وشكّ فى أمير المؤمنين عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ فهل يكون من الوقيعة فى عمر أكثر من هذا الّذي نسبتموه إليه؟!

ثمّ زعمتم أنّه قال يوم الشّورى : لئن ولّوها الأجلح لأقامهم على المحجّة ثمّ زعمتم أنّه حين أشاروا إليه ان يولّيه قال : لا يصلح للخلافة لأنّ فيه دعابة فمن يقيم النّاس على المحجّة والكتاب والسّنّة ينسب الى اللّعب والبطالة ، فهذه روايتكم فى عمر وما تصفونه به ثمّ تروون أنّهم قالوا لعمر : ما يمنعك أن تولّيها عبد الله ( يعنون ابنه )؟ ـ فقال : كيف أوّليها من لا يحسن ان يطلّق امرأته. ثمّ رويتم فى حديث آخر : أنّه قيل له : استخلف فقال : انّى أكره أن أتقلّدها فى حياتى وبعد موتى ؛ فأبى أن يقلّدها ابنه لئلاّ يتقلّد منها أكثر من تقلّده ايّاها فى حياته وقد صيّرها شورى بين ستّة بعد وفاته [ فأىّ تقلّد أكثر من تقلّده ايّاها (٢) ] وقد صيّرها شورى بين ستّة وقد

__________________

(١) كذا فى الاصل.

(٢) ما بين الحاصرتين ليس فى م.

__________________

طلحة لاجل الخلافة قال : لو لا بأو فيه ؛ البأو الكبر والتعظيم ».

أقول : تقدم الحديث فى الكتاب ونقلنا هناك معانى لغاته عن الزمخشرى بما بينه فى كتابه الفائق ( راجع ص ١٤٣ من الكتاب الحاضر ).


علم أنّ الخلافة تصير الى أحد السّتّة وهو الّذي صيّرها إليهم؟!

[ وأمّا روايتكم عنه أنّه قال : حسب آل عمر منها [ الى آخرها ] ؛ فلئن كانت الخلافة من الشّرّ ما كان له (١) أن يزوى الشّرّ عن آل عمر ويصرفه الى خيار أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ، ولئن كانت الخلافة من الخير فما أعجب روايتكم وأشنعها؟! (٢) ]

وأجمعتم (٣) على أنّه من طلّق امرأته وهى حائض انّه جائز الطّلاق (٤) وأنّه من طلّق ولم يشهد فهو جائز الطّلاق (٥) وأنّه من طلّق امرأته ثلاثا فى مجلس واحد انّها بائن منه ولا تحلّ له حتّى تنكح زوجا غيره ، وأنّ من حلف بطلاق امرأته فحنث فهى بائن منه ؛ والله عزّ وجلّ يقول فى كتابه لنبيّه (ص) : ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً (٦) * فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (٧) فوكّد الله تبارك وتعالى فى الاشهاد على الطّلاق وأجزتم الطّلاق بغير شهود ولم تجيزوا ما أمر الله به حتّى لو أنّ امرأة ادّعت على زوجها أنّه طلّقها بلا بيّنة وكانت تبغض زوجها وتحبّ فراقه (٨) قلتم لها : اهربى منه فأعطيتموها منيتها (٩) وقد جعل الله البيّنة على المدّعى واليمين على المنكر المدّعى عليه

__________________

(١) مج مث س ق : « ما كان ينبغى له ».

(٢) ما بين المعقوفتين ليس فى م.

(٣) فى النسخ : « واجتمعتم ».

(٤) غير م : « طلاقه ».

(٥) « الطلاق » فى م فقط.

(٦ و ٧) آيتا ١ و ٢ سورة الطلاق وذيل الثانية : « ومن يتق الله يجعل له مخرجا ».

(٨) غير م : « مفارقته ».

(٩) ح : « منه » ( فلعل الكلمة مصحفة : منية ).


وأمرتموها بالهرب منه فان أتاكم الزّوج فحلف لكم بالله أنّه ما طلّقها قلتم له : اطلبها فان ظفر بها فى قولكم فله أن ينكحها ؛ فان انقضت ثلاث حيض ولم يظفر بها فلها فى قولكم ان تتزوّج ، وان ظفر بها قبل انقضاء العدّة فنكحها فجاءتكم (١) فقالت : انّه قد طلّقنى وهو يغصبنى نفسى (٢) قلتم لها : ادفعيه عن نفسك وامتنعى عليه بكلّ حيلة فان قتلته بفتياكم كانت مصيبة وان قتلت نفسها (٣) كانت مصيبة وبطل عندكم ما فرض (٤) الله من شهادة ذوى عدل منكم وصار (٥) الحكم بين الرّجل والمرأة : من قوى على صاحبه فهو أملك بما قوى عليه وله الظّفر على صاحبه فصيّرتم لها أن تقتله فى دعواها وللرّجل ان يقتلها ان أرادت قتله (٦) ومنعته من نكاحها وفى قول الله عزّ وجلّ ما ينفى

__________________

(١) غير م : « فأتتكم ».

(٢) م : « وهو يغصبنى على نفسى » قال ابن الاثير فى النهاية : « قد تكرر فى الحديث ذكر الغصب وهو أخذ مال الغير ظلما وعدوانا يقال : غصبه يغصبه غصبا فهو غاصب ومغصوب ومنه الحديث : انه غصبها نفسها أراد أنه واقعها كرها فاستعاره للجماع » وذكره فى لسان العرب من دون نسبة الى ابن الاثير ، وعبارة نسخة م أيضا صحيحة وقال الفيومى فى المصباح المنير : « غصبه غصبا من باب ضرب واغتصبه أخذه قهرا وظلما فهو غاصب والجمع غصاب مثل كافر وكفار ويتعدى الى مفعولين فيقال : غصبته ماله وقد تزاد من فى المفعول الاول فيقال : غصبت منه ماله فزيد مغصوب ماله ومغصوب منه ومن هنا قيل : غصب الرجل المرأة نفسها اذا زنى بها كرها ؛ واغتصبها نفسها كذلك وهو استعارة لطيفة ويبنى للمفعول فيقال : اغتصبت المرأة نفسها وربما قيل : على نفسها يضمن الفعل معنى غلبت والشيء مغصوب وغصب تسمية بالمصدر » قال الجوهرى : « الغصب أخذ الشيء ظلما يقول : غصبه منه وغصبه عليه بمعنى والاغتصاب مثله » ونظيره فى سائر معاجم اللغة.

(٣) المتن مطابق لنسخة م وفى ح : « وان قتلت فقتلت » وفى غيرهما : « وان قتلت تقلب فيها ».

(٤) غير م : « ما افترض ».

(٥) غير م : « وكان ».

(٦) م : « ان أراد قتلها ».


التّخليط (١) حتّى يكون البيّنة على المدّعى واليمين على المدّعى عليه فينقطع الكلام بينهما ؛ فانظروا الى ما يلزمكم من قبيح القول وشنيعه (٢).

ثمّ قلتم : انّ من (٣) طلّق امرأته على غير ما أمر الله [ به ] فى كتابه وغير ما سنّه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ [ فى سنّته ] فقد عصى الله وبانت امرأته منه.

فقيل لكم : فحين عصى الله فمن أطاع؟ فلم تجدوا بدّا الاّ ان تقولوا (٤) : أطاع

__________________

(١) غير م : « هذا التخليط ».

(٢) فى النسخ : « والتشنيع ».

(٣) قال ابن هشام فى المغنى فى الباب الاول ضمن البحث عن « ان المكسورة المشددة » ما نصه ( ص ١٨ من النسخة المطبوعة بخط عبد الرحيم ) : « وقد يرتفع بعدها المبتدأ فيكون اسمها ضمير شأن محذوف كقوله عليه الصلاة والسلام : ان من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ؛ والاصل : انه اى ان الشأن كما قال :

ان من يدخل الكنيسة يوما

يلق فيها جاذرا وظباء

وانما لم يجعل من اسمها لانها شرطية بدليل جزمها الفعلين والشرط له الصدر فلا يعمل فيه ما قبله ، وتخريج الكسائى الحديث على زيادة من فى اسم ان يأباه غير الاخفش من البصريين لان الكلام ايجاب والمجرور معرفة على الاصح والمعنى أيضا يأباه لانهم ليسوا بأشد عذابا من سائر الناس » وقال أيضا فى خاتمة الباب الخامس تحت عنوان التنبيه الاول ضمن البحث عن دليل الحذف ما نصه ( ص ٣١٧ من النسخة المشار إليها ) :

وفى قوله :

ان من لام فى بنى بنت حسا

ن ألمه وأعصه فى الخطوب

ان التقدير انه اى الشأن اسم الشرط لا يعمل فيه ما قبله ومثله قول المبتنى :

وما كنت ممن يدخل العشق قلبه

ولكن من يبصر جفونك يعشق

وفى : ولكن رسول الله ؛ ان التقدير ولكن كان رسول الله لان ما بعد لكن ( الى آخر التعليل ؛ فمن أراده فليراجع المورد المشار إليه ) ».

(٤) غير م : « فلم تجدوا بدا من ان قلتم ».


الشّيطان فزعمتم أنّ بطاعة الشّيطان يجوز الطّلاق [ وأنّ من لم ينفذ (١) طاعة الشّيطان فى هذا الفرج كان عاصيا لله واطيا لهذا الفرج حراما (٢) ] ( فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) (٣).

[ و (٤) الله يقول : ( وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ) (٥) ويقول (٦) : ( إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٧) ( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ) (٨) فكيف يدعى النّاس الى الله الاّ ان يدعوا الى كتابه ، وكيف يدعون الى رسوله الاّ ان يدعوا الى سنّته ، واذا زعمتم أنّ الحكم يجوز بخلاف ما فى كتاب الله وخلاف ما سنّه رسول الله (ص) فقد أبطلتم دعاء النّاس الى الله والى رسوله (٩).

وقلنا لكم : أخبرونا عن الطّلاق اذا طلّق الرّجل امرأته كما أمره الله [ به ] فى

__________________

(١) م : « لم ينقل ».

(٢) غير م ( بدل ما بين الحاصرتين ) : « فان لم ينفذ طاعة الشيطان فى هذا الفرج كان من لم ينفذها عاصيا لله واطيا هذا الفرج حراما ».

(٣) ذيل آية ١٩٠ وتمام آية ١٩١ سورة الاعراف ، فليعلم أن فى غير م بدل الآيتين « فتعالى الله عما يقولون » ( او تقولون كما فى ح ) فهى ملفقة فصدرها من الآية الاولى وذيلها من قوله تعالى ( سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً ).

(٤) ما بين المعقفتين اللتين احداهما هذه والاخرى قبل قوله : « وأجمعتم على أن الطلاق يمين كاليمين بالله » ( انظر ص ٢٤٤ ) ليس فى م.

(٥) آية ٤٧ سورة النور.

(٦) ج س ق مج مث : « وقال ».

(٧ و ٨) آية ٥١ و ٥٢ سورة النور.

(٩) تقدم نظير هذا الاعتراض والاستدلال بمثل العبارة فى الكتاب ( راجع ان شئت ).


كتابه و (١) كما سنّه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أفضل أو أن يطلّق على خلاف الكتاب والسّنّة؟

قلتم : لا ؛ بل الفضل ان (٢) يطلّق على الكتاب والسّنّة.

قلنا : فاذا طلّق على خلاف الكتاب والسّنّة أيجوز طلاقه؟

قلتم : نعم ، قلنا : فما موضع الكتاب والسّنّة هاهنا اذا جاز العمل والحكم بخلاف الكتاب والسّنّة فلا حاجة بالنّاس الى الكتاب والسّنّة اذا جاز العمل والحكم بغيرهما ؛ فلا ندرى أتعقلون هذا فأنتم تعملون به على عمد خلافا للكتاب والسّنّة أم تجهلون ذلك أم تتجاهلون؟!

فقلتم : انّ الطّلاق أدب من الله أمر به مثل ما قال : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (٣) ( فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ ) (٤) فلو أنّ الرّجل جلس فى المسجد بعد انقضاء الصّلاة الى غيبوبة الشّمس لم يكن عليه اثم ، وكما قال : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) (٥) وقال : ( وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ) (٦) فلو لم يشهد الرّجل اذا بايع رجلا ولم يكتب جاز ذلك ، وكما قال : ( وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا ) (٧) فلو أنّ الرّجل اذا أحلّ من احرامه ولم يصطد صيدا حتّى اذا رجع الى

__________________

(١) فى النسخ : « أو ».

(٢) فى بعض النسخ : « فى أن ».

(٣ و ٤) آية ٩ وصدر آية ١٠ من سورة الجمعة.

(٥) صدر آية ٢٨٢ من سورة البقرة ؛ وما أحسن قول من قال :

أنلنى بالذى استقرضت خطا

وأشهد معشرا قد شاهدوه

فان الله خلاق البرايا

عنت لجلال هيبته الوجوه

يقول : اذا تداينتم بدين

الى أجل مسمى فاكتبوه

(٦) من آية ٢٨٢ سورة البقرة.

(٧) من آية ٢ سورة المائدة.


أهله جاز (١) له ذلك فانّما الطّلاق أمر من الله (٢) كهذه الأمور. فقلنا لكم : ليس الطّلاق مثل هذه ولكنّكم لمّا جهلتم الكتاب والسّنّة قستم عليها (٣) برأيكم فأخطأ رأيكم القياس وذلك أنّ الطّلاق والنّكاح يحلّ ويحرّم وقد وكّد الله فيه توكيدا شديدا فقال بعد ما أمرهم كيف يطلّقون : ( ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (٤) وقال فى موضع آخر فى أمر الطّلاق : ( تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (٥).

وما ذكرتم من أمر الجمعة فانّما أخبرهم أنّهم اذا فرغوا من الصّلاة فلهم أن ينتشروا فيذهبوا ، و (٦) لم يأمرهم أن اخرجوا بأجمعكم حتّى لا يبقى فى المسجد أحد ، وأمّا ما أمر الله به من الشهادة والكتاب فى الدّين فانّما أمرهم أن يحتاطوا لأموالهم فيكتبوا ويشهدوا لئلاّ ينسوا (٧) لبعد الأجل وقد قال فى آخر القصّة : ( فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ ) (٨) فأخبر أنّ الرّجل اذا ائتمن صاحبه فليس عليه أن يشهد عليه ولا يكتب انّما هو ماله ان شاء وهبه.

وأمّا قوله : واذا حللتم فاصطادوا ؛ فانّما أخبرهم أن الصّيد محرّم عليهم فى احرامهم فاذا خرجوا من احرامهم حلّ لهم الصّيد [ و ] لم يقل لهم : اذا حللتم فاصطادوا

__________________

(١) ح : « لجاز ».

(٢) ج س مج ق : « أمر من أمر الله ».

(٣) ق : « عليهما ».

(٤) من آية ٢ سورة الطلاق.

(٥) ذيل آية ٢٢٩ سورة البقرة وصدرها : « الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ؛ الآية ».

(٦) حرف عطف الواو فى ح فقط.

(٧) فى النسخ : « فيكتبون ويشهدون لئلا ينسون ».

(٨) من آية ٢٨٣ سورة البقرة.


وأنّه واجب عليكم ان تصطادوا (١) ؛ شئتم أم أبيتم ، وليس الطّلاق مثل هذا لأنّ الله أمر بالطّلاق فى أوقات معلومة وسنّه النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لهم ووكّد فيه وحدّه لهم وقال : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (٢) وقال : ( ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (٣) ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) (٤).

وليس بيننا وبينكم خلاف فى أنّ من جلس يوم الجمعة فى المسجد الى اللّيل ولم ينتشر انّه غير آثم ، ولا خلاف بيننا وبينكم أنّه أراد أنّه ان (٥) دان (٦) دينا وائتمن صاحبه فلم يكتب عليه ولم يشهد انّه غير آثم ، ولا خلاف بيننا وبينكم أنّه اذا أحلّ من احرامه فلم يصطد صيدا حتّى رجع الى منزله انّه غير آثم ، وأنتم مقرّون أنّ من طلّق امرأته على خلاف الكتاب والسّنّة انّه قد عصى الله ورسوله فكيف شبّهتم الطّلاق بهذه الخصال الّتي احتججتم بها؟! ولكنّكم اتّبعتم ما تشابه من القرآن وتركتم محكمه كما قال لنبيّه (ص) : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٧) ].

__________________

(١) غير ح : « واجب عليهم ان يصطادوا ».

(٢) ذيل آية ٢٢٩ سورة البقرة.

(٣) من آية ٢٣٢ سورة البقرة وصدرها : « واذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن ؛ الآية ».

(٤) من آية ١ سورة الطلاق.

(٥) ح : « أنه من ».

(٦) المتن مطابق لنسخة ح وأما غيرها ففيها : « أن دينه » ( بتشديد الياء من باب التفعيل ) فكأنه « ادانه » ( من باب الافتعال ) او « دانه » لان معنى التديين لا يناسب المقام ؛ قال الجوهرى : « دينت الرجل تديينا اذا وكلته الى دينه » فمن أراد التحقيق فليخض فيه.

(٧) آية ٧ سورة آل عمران ؛ فليعلم أن ما بين المعقفتين اللتين كانت اوليهما قبل قوله : « والله يقول : ( يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ) » وأخراهما بعد ( أُولُوا الْأَلْبابِ ) ليس فى نسخة م بل هو فى غيرها من النسخ جميعا من دون اختلاف ؛ فان أردت أول العبارة فراجع ص ٢٤١.


وأجمعتم (١) على أنّ الطّلاق يمين كاليمين بالله فان حلف الرّجل بالطّلاق فحنث فقد طلّقت امرأته والاّ قدّم الى القاضى وفرّق بينهما ولا تحلّ (٢) له حتّى تنكح زوجا غيره ؛ وان (٣) كان الطّلاق يمينا [ كما تقولون فانّ الله عزّ وجلّ يقول فى كتابه : ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ ) (٤) فان (٥) ] كان الطّلاق يمينا كان هذه كفّارتها وأنتم مقرّون أنّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لم يفرّق بين رجل وامرأته بيمين [ فهذه شنعتكم وهى مستعملة والفرض الّذي فرضه الله متروك (٦) ] وان (٧) زعمتم أنّ اليمين بالطّلاق أعظم من اليمين بالله لأنّ اليمين (٨) بالله لها كفّارة واليمين بالطّلاق ليس لها كفّارة فهذا قول من يجعل غير الله أعظم من الله عزّ وجلّ وهذا الكفر المحض.

[ و (٩) الله يقول : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ

__________________

(١) غير م : « فاجتمعتم ».

(٢) غير م : « أو قدم الى قاض فرق بينهما ثم لم تحل ».

(٣) غير م : « فان ».

(٤) صدر آية ٨٩ سورة المائدة وذيلها : ( كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ).

(٥) غير م : « فلو » ؛ وليعلم ان ما بين الحاصرتين أعنى من قوله : « كما » الى قوله : « فان » ليس فى م.

(٦) غير م ( بدلها ) : « فهذه بدعكم المستعملة والفرض المتروك ».

(٧) غير م : « فان ».

(٨) غير م : « فاليمين ».

(٩) ما بين المعقفتين أعنى من قوله : « والله يقول والمطلقات يتربصن » الى قوله : « فزعمتم


يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) (١) فاذا كان طلاقهنّ ثلاثا فى مجلس طلاقا باينا يفرّق بينهنّ وبين أزواجهنّ ولا تحلّ له حتّى تنكح زوجا غيره فمتى يكون أحقّ بردّها وقد جعل الله ذلك له؟! (٢) وكيف يكون الطّلاق

__________________

أن ذكر رسول الله (ص) مع الله شرك » ليس فى م فهو بطوله مع كونه مذكورا فى جميع نسخ ج ح س ق مج مث لم يذكر منه هنا شيء فى نسخة م ونشير الى آخره عند نفاد النقص وذلك عند اتصال العبارة بما يأتى فى الكتاب بعد أوراق من قوله « ذكر القنوت وأجمعتم على ترك القنوت وزعمتم أن القنوت بدعة وقد أمر الله تبارك وتعالى به فى كتابه ».

(١) آية ٢٢٨ وصدر آية ٢٢٩ من سورة البقرة.

(٢) للمصنف (ره) كلام فى الطلاق قد أفحم به فقهاء العامة وألزمهم على قولهم أمرا يعتقدون بخلافه فلا بأس بنقله هنا قال السيد الاجل علم الهدى (ره) فى الفصول المختارة ( ج ١ ؛ ص ١٣١ من الطبعة الاولى ) : « ومن حكايات الشيخ أدام الله عزه وكلامه فى الطلاق قال الشيخ ـ أيده الله ـ : وقد ألزم الفضل بن شاذان ـ رحمه‌الله ـ فقهاء العامة على قولهم فى الطلاق أن يحل للمرأة الحرة المسلمة ان يمكن من وطيها فى اليوم الواحد عشرة أنفس على سبيل النكاح وهذا شنيع فى الدين منكر فى الاسلام قال الشيخ ـ أيده الله ـ : وجه الزامه لهم ذلك بأن قال لهم : خبرونى عن رجل تزوج امرأة على الكتاب والسنة وساق إليها مهرها أليس قد حل له وطيها؟ فقالوا وقال المسلمون كلهم : بلى قال لهم : فان وطنها ثم كرهها عقيب الوطي أليس يحل له خلعها على مذهبكم فى تلك الحال؟ فقالت العامة خاصة : نعم ، قال لهم : فانه خلعها ثم بدا له بعد ساعة فى العود إليها أليس يحل لها أن يخطبها لنفسه ويحل لها أن ترغب فيه؟ قالوا : بلى فقال لهم : فانه قد عقد


مرّتين وبعد ذلك امساك بمعروف او تسريح باحسان؟! وأنتم تقولون : قد بانت منه فلا تحلّ له حتّى تنكح زوجا غيره أو ليس قد منعتموه حقّها من زوجها فى الرّجعة والله [ تعالى ] يقول : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ).

فان قلتم : انّ هذا اذا طلّق واحدة او اثنتين فله الرّجعة فاذا طلّق فى مجلس ثلاثا فقد عصى الله ورسوله وبانت منه امرأته فهكذا « فعل الّذين بدّلوا قولا غير الّذي قيل لهم فأنزل الله عليهم رجزا من السّماء بما كانوا يفسقون » (١) انّما قيل لاولئك : قولوا

__________________

عليها عقد النكاح أليس قد عادت الى ما كانت عليه من النكاح وسقط عنها عدة الخلع؟ قالوا : بلى قال لهم : فانه قد رجع الى نيته فى فراقها ففارقها عقيب العقد الثانى بالطلاق من غير أن يدخل بها ثانية أليس قد بانت منه ولا عدة عليها بنص القرآن من قوله : فان طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها؟ قالوا : نعم ولا بد لهم من ذلك مع التمسك بالدين قال لهم : أليس قد حلت من وقتها للازواج اذ ليس عليها عدة بنص القرآن؟ قالوا : بلى : قال لهم : فما تقولون ان صنع بها الثانى كصنع الاول أليس قد نكحها اثنان فى بعض يوم من غير خطر من ذلك على أصولكم فى الاحكام؟ قالوا ولا بد أن يقولوا : بلى ، قال لهم : وكذلك لو نكحها ثالث ورابع الى أن يتم ناكحوها عشرة أنفس وأكثر من ذلك الى آخر النهار أليس يكون ذلك جائزا طلقا حلالا؟! وهذه هى الشناعة التى لا تليق بأهل الاسلام.

قال الشيخ ـ أيده الله ـ : والموضع الّذي لزمت منه هذه الشناعة فقهاء العامة دون الشيعة الامامية أنهم يجيزون الخلع والطلاق والظهار فى الحيض وفى الطهر الذي قد حصل فيه جماع من غير استبانة حمل ، والامامية تمنع من ذلك وتقول : ان هذا أجمع لا يقع بالحاضرة التى تحيض وتطهر الا بعد أن تكون طاهرة من الحيض طهرا لم يحصل فيه جماع فلذلك سلمت مما وقع فيه المخالفون.

قال الشيخ ـ أدام الله عزه ـ وقد حيرت هذه المسألة ( الى آخر ما قال ).

__________________

(١) مأخوذ من قوله تعالى فى سورة البقرة : « فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ ( آية ٥٩ ) ».


حطّة ؛ وليس فيه فرج يستحلّ ولا مال يؤخذ ولا يترك ؛ فبدّلوا قولا غير الّذي قيل لهم فأنزل الله عليهم رجزا من السّماء وأخبر أنّ تبديلهم فسق وكذلك (١) أصحاب السّبت قيل لهم : لا تصطادوا السّمك يوم السّبت فجعلوا له الحظائر (٢) يوم السّبت حتّى دخلت فيها فلم تقدر أن تخرج [ منها (٣) ] ثمّ اصطادوها (٤) يوم الأحد فظنّوا أنّهم يغالطون ربّهم وقالوا : انّما أمرنا أن لا نصيد يوم السّبت وانّما اصطدنا يوم الأحد ؛ فأصبحوا وقد مسخوا قردة ؛ فنكاح الفروج بغير حلّها أعظم من صيد الحيتان ، ومن تبديل حطّة.

هذا ؛ وقد جمعتم الى تبديل هذا (٥) تبديل الحكم فى المواريث والدّماء وعتق ـ أمّهات الأولاد وما لا يحصى من فعلكم الّذي بدّلتم فيه كلام الله وحكمه وأنتم تزعمون أنّكم أهل السّنّة والجماعة ...!

وزعمتم أنّ رجلا لو غاب عن امرأته عشرين سنة ثمّ قدم وله أولاد صغار انّكم تلزمونه الولد ولا تقبلون قوله انّهم ليسوا منه وغيبته معروفة عند جماعة من المسلمين وقلتم : انّ الولد للفراش ، وانّما الولد للفراش اذا كان الرّجل شاهدا مع أهله فبغت (١) أهله فولدت فأنكر الزّوج ألزم الولد ، فان رماها بالزّنا ولم يأت بأربعة شهداء ضرب الحدّ او لا عن امرأته فأمّا أن يغيب عشرين سنة ثمّ يقدم وله أولاد صغار كيف يلزم الولد؟!

__________________

(١) « وكذلك » ليس فى ح.

(٢) قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : لا يلج حظيرة القدس مدمن خمر ؛ أراد بحظيرة القدس الجنة وهى فى الاصل الموضع الّذي يحاط عليه لتأوى إليه الغنم والابل تقيهما البرد والريح » فالحظائر جمعها.

(٣) فى ح فقط.

(٤) ح : « فاصطادوها ».

(٥) ح : « هذا الحكم ».

(٦) فى النسخ : « فبعث » قال ابن الاثير فى النهاية : « يقال : بغت المرأة تبغى بغاء بالكسر اذا زنت فهى بغى ؛ جعلوا البغاء على زنة العيوب كالحران والشراد لان الزنا عيب ».


هذا من أعاجيبكم وجرأتكم على الفتيا بالرّأى.

ثمّ رويتم عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وعن الصّحابة أنّ المهر ما تراضى (١)

عليه النّاس ثمّ أنتم تحكمون أنّ المهر (٢) لا يكون أقلّ من عشرة دراهم بلا كتاب ولا سنّة ولا اجماع من العامّة (٣) من الأمّة ثمّ أجريتموه حكما وصيّرتموه سنّة كلّما شئتم (٤) انتقلتم من حكم الى حكم فكأنّكم (٥) الّذين يفرضون الفرائض ويسنّون السّنن ويحلّون ويحرّمون (٦) دون الله ورسوله ثمّ تسمّون بالجماعة وأنتم المختلفون ، وتنسبون الى السّنّة وأنتم لها كارهون.

ثمّ رويتم أنّ أبا بكر أرقّ سبى اليمن فبيعوا (٧) ووطئت الفروج فلمّا استخلف عمر أعتق ذلك السّبى وقال : لا ملك على عربىّ (٨) فأعتقهنّ وهنّ حبالى وفرّق بينهنّ وبين من اشتراهنّ فمضين الى بلادهنّ.

__________________

(١) ح : « تراضيا » ( بصيغة التثنية ).

(٢) ق س ح : « أن الامر ».

(٣) غير م : « ولا اجتماع العامة ».

(٤) فى غالب النسخ : « سننتم ».

(٥) فى النسخ : « وكأنكم ».

(٦) ح وبعض النسخ الاخر : « تفرضون وتسنون وتحلون وتحرمون » ( بصيغة الخطاب فى جميعها أو بعضها دون بعض ) وقد تقدم الكلام منافى ذلك ( انظر ص ٤١ ـ ٤٢ من الكتاب الحاضر ).

(٧) غير ح : « وعيبوا ».

(٨) قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبرى الشيعى (ره) فى كتابه المسترشد عند ذكره شيئا مما تقم به على عمر ما نصه ( ص ١٤٢ من النسخة المطبوعة بالنجف ) : « ومما نقموا عليه قوله : ليس على عربى ملك ؛ وقد سبى رسول الله (ص) من


ورويتم أنّ عمر ردّ سبى تستر الى بلادهنّ الى أرض الشّرك وهنّ حبالى (١) وذلك أنّ أبا موسى ادّعى أنّه كان أعطاهم عهدا فلمّا سباهم عمّار بن ياسر وأصحابه وادّعى أبو موسى أنّهم كانوا منه فى عهد أحلف أبا موسى على ذلك وردّوا الى أرضهم وهنّ حبالى (٢) فمتى كان فى الحكم أن يحلف أبا موسى وهو مدّع على حقوق المسلمين ثمّ يخرج الحقوق من أيديهم بلا بيّنة ، فهذه من أعاجيبكم وما تروونها على الصّحابة (٣).

ثمّ رويتم أنّ عمر أوّل من دوّن الدّواوين (٤) ففرض للمهاجرين فى أربعة آلاف

__________________

قبائل العرب ما عتق واسترق وأطلق كما فعل بالعجم وفعل ذلك أبو بكر فيمن سبى من أهل ـ الردة فخالف عمر رسول الله وخالف صاحبه وأطلق ما كان أبو بكر سباه وقال : ليس على عربى ملك ؛ خلافا على رسول الله وخلافا على صاحبه » ؛ فمن أراد التفصيل فليراجع المفصلات.

__________________

(١) فى النسخ : « وهن حبالى الى أرض الشرك ».

(٢) عبارة النسخ كما فى المتن فكأنها باعتبار المعنى هكذا فالتذكير فى « أعطاهم » وفى « سباهم » وفى « انهم كانوا » وفى « ردوا الى أرضهم » باعتبار الذكور وفى « هن حبالى » باعتبار الاناث فان معنى السبى يعم الذكور والاناث قال ابن الأثير فى النهاية : « قد تكرر فى الحديث ذكر السبى والسبية والسبايا فالسبى النهب وأخذ الناس عبيدا وإماء ، والسبية المرأة المنهوبة فعيلة بمعنى مفعولة وجمعها السبايا ».

(٣) ح : « عن الصحابة ».

(٤) قال ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة عند ذكره ما فعله عمر من الاعمال ما نصه ( انظر المجلد الثالث من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ؛ ص ١١٣ ) :

« وهو أول من مصر الامصار وكوف الكوفة وبصر البصرة وأنزلها العرب ، وأول من


درهم ، وفرض للعرب فى ثلاثمائة ، وللموالى فى خمسين ومائتين ، وفرض للأنصار فى ألفين ؛ ففضّل المهاجرين على الأنصار (١) ، وفضّل الأنصار على العرب ، وفضّل

__________________

استقضى القضاة فى الامصار وأول من دون الدواوين وكتب الناس على قبائلهم وفرض لهم الاعطية ( الى آخر ما قال ) ».

قال ابن أبى جمهور الاحسائى فى كتاب المجلى عند ذكره ما طعن به على عمر : ( انظر ص ٤٣٨ من النسخة المطبوعة ) :

« ب ( اى الثانى مما طعن به ) تدوينه الدواوين فانه ابتدع كتابة ديوان أثبت فيه أسماء أهل العطاء من الجند ومن أهل العلم والرئاسات والولايات ، وأثبت لكل واحد ما يعطى من الخراج الّذي وضعه على الرعية ، ومعلوم أن ذلك لم يفعله النبي ولا أبو بكر فأبدعه هو وكتبه ووضعه على يدى شخص سماه صاحب الديوان وابتدع له أجرة من ذلك الخراج على حمله وحفظه ، وعلى هذه البدعة جرت سلاطين الجور وحكامهم وقضاتهم اقتداء بهذه البدعة التى أحدثها فى الدين وزادها فى أحكام المسلمين ».

__________________

(١) قال أبو جعفر الطبرى الشيعى فى المسترشد عند ذكره ما نقم به على عمر ما نصه ( ص ١٤٢ من النسخة المطبوعة بالنجف ) :

« ومما نقموا عليه تفضيله الناس بعضا على بعض فى القسمة وتفضيله المهاجرين على الانصار ، وتفضيله الانصار على غيرهم ، وتفضيله العرب على العجم وقد كان أشار على أبى بكر بذلك فلم يقبل منه وقال : لقد عهدنا رسول الله أمس فى هذه القسمة وقد كان معه المهاجرى والانصارى والعربى والعجمى فلم يفضل أحدا على أحد وان أنا عملت برأيك لم آمن أن ينكر الناس على لقرب عهدهم بسيرة رسول الله (ص) ، وانما هذه القسمة معاش الناس يحتاج الانصارى الى ما يحتاج إليه المهاجرى ، وانما المهاجرون والانصار فضلهم وشرفهم عند الله جل ذكره لا فى القسمة التى لا يجب أن يفضل فيها أحد على أحد


العرب على الموالى ؛ فلم تزل العصبيّة ثابتة فى النّاس منذ ذاك الى يومنا هذا ورسول الله

__________________

فلما أفضى الامر إليه فضل بعضهم على بعض خلافا على رسول الله (ص) وخلافا على صاحبه فى كثير من الاشياء ».

وقال مؤلف كتاب الاستغاثة عند ذكره ما طعن به على عمر ( ص ٣٦ من طبعة النجف ) بعد نقله ما كان عليه تقسيم الصدقات : « ثم ساوى ( أى الرسول ) بالاعطاء بين الاصناف الثمانية التى أوجبها الله تعالى لهم فلم يفضل فى ذلك قرشيا على عربى ولا عربيا على عجمى ولا أبيض على أسود ولا ذكرا على أثنى ، والثمانية أصناف فى قول الله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ ) ؛ الآية ، وكان الحال يجرى كذلك فى زمان الرسول (ص) الى أيام عمر بغير خلاف فى ذلك فأوجب عمر التفضيل بينهم فى الاعطاء ففضل المهاجرين على الانصار وقريشا على العرب والعرب على العجم ثم فضل بين أزواج النبي (ص) ففضل منهن عائشة وحفصة على جميعهن ( الى آخر ما ذكره من الكلام الطويل ؛ فمن أراده فليراجع الاستغاثة ص ٣٦ ـ ٤١ ).

وقال ابن أبى جمهور فى المجلى عند ذكره بعض ما طعن به على عمر ما نصه ( ص ٤٤٣ ) :

« ومما قدحوا عليه به تفضيله بعض الناس على بعض فى العطاء فانه لما دون الديوان وأثبت أسماء أهل العطاء فيه لم يجعل نصيبهم من العطاء متساويا بل فضل بعضهم على بعض فيه بحسب ما يقتضيه رأيه وطبعه وميله مع أن من المعلوم بين الكل أن النبي لم يفضل أحدا من الصحابة فى قسمة الغنيمة والزكاة ومال الجزية وغير ذلك على أحد بل كان يقسمه بينهم بالسوية لا على قدر بلائهم فى الاسلام ولا على جهادهم عن الدين لان فعلهم لم يكن لاجل العطاء بل كان حمية للدين ونصرة للحق واعزازا لكلمة ـ الاسلام تقربا الى الله تعالى وطلبا لمرضاته وعمر فضل بعض أهل الديوان على بعض فى عطائه فخالف بذلك فعل النبي (ص) فهو من جملة البدع التى ابتدعها والاحداث


صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : المسلمون اخوة تتكافأ دماؤهم ويسعى آخرهم بذمّة أوّلهم (١).

ثمّ رويتم أنّ عمر جعل أعطيات (٢) أمّهات المؤمنين عشرة آلاف درهم ؛ والدّرهم يومئذ مثاقيل ، ففضّل أزواج النّبيّ (ص) على المهاجرين والأنصار وعلى أولاد رسول الله (ص) ، وجعل لعائشة اثنى عشر ألف درهم ففضّلها على المهاجرين والأنصار وعلى سائر قريش والعرب وعلى أولاد رسول الله (ص) ، وفرض لاسامة بن زيد فى ثلاثة آلاف ، ولعبد الله بن عمر فى ألفين فقال له عبد الله : يا أمير المؤمنين لم فضّلت اسامة عليّ (٣) فو الله ما شهد مع رسول الله (ص) مشهدا الاّ وقد شهدته معه؟ ـ فقال :

__________________

التى أحدثها ( الى آخر ما قال ) ».

أقول : قد أطال البحث عن ذلك الامر العلامة المجلسى (ره) في ثامن البحار تحت عنوان « الطعن الخامس عشر من مطاعن عمر » فمن أراده فليراجع الكتاب ( ص ٣٠٣ ـ ٣٠٦ من طبعة أمين الضرب ).

__________________

(١) قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : المسلمون تتكافأ دماؤهم أى تتساوى فى القصاص والديات والكفؤ النظير والمساوى » وقال أيضا : « قد تكرر فى الحديث ذكر الذمة والذمام وهما بمعنى العهد والامان والضمان والحرمة والحق وسمى أهل ـ الذمة لدخولهم فى عهد المسلمين وأمانهم ومنه الحديث : يسعى بذمتهم أدناهم أى اذا أعطى أحد الجيش العدو أمانا جاز ذلك على جميع المسلمين وليس عليهم أن يخفروه ولا أن ينقضوا عليه عهده وقد أجاز عمر أمان عبد على جميع الجيش ».

(٢) ج : « عطيات » قال الفيروزآبادي فى القاموس : « العطاء ما يعطى كالعطية ج أعطية جج أعطيات ».

(٣) قال ابن عبد البر فى الاستيعاب فى ترجمة أسامة بن زيد ( ص ٣٠ من طبعة


لأنّه كان أحبّ الى رسول الله منك ، وكان أبوه أحبّ الى رسول الله من أبيك.

وأنتم تروون أنّ رسول الله (ص) سئل : من أحبّ النّاس أليك؟ ـ فقال :

__________________

حيدرآباد سنة ١٣٣٦ ).

« ولما فرض عمر بن الخطاب للناس فرض لاسامة بن زيد خمسة آلاف ولابن عمر ألفين فقال ابن عمر : فضلت على أسامة وقد شهدت ما لم يشهد ..! فقال : ان اسامة كان أحب الى رسول الله (ص) منك وكان أبوه أحب الى رسول الله (ص) من أبيك. حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا موسى بن اسماعيل قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : حدثنا موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر أن رسول الله (ص) قال : ان أحب الناس الى أسامة ما خلا فاطمة ولا غيرها ( وبه عن ) حماد بن سلمة قال : حدثنا هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله (ص) قال : ان اسامة بن زيد لاحب الناس الى او من أحب الناس الى وأنا أرجو أن أكون من صالحيكم فاستوصوا به خيرا.

( الى أن قال : )

أخبرنا خلف بن قاسم حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد حدثنا أحمد بن محمد بن البشرى حدثنا على بن خشرم قال : قلت لوكيع : من سلم من الفتنة؟ ـ قال : أما المعروفون من أصحاب النبي (ص) فأربعة سعد بن مالك وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة وأسامة بن زيد واختلط سائرهم. قال : ولم يشهد أمرهم من التابعين أربعة الربيع بن خثيم ومسروق بن الاجدع والاسود بن يزيد وأبو عبد الرحمن السلمى قال أبو عمر : أما أبو عبد الرحمن السلمى فالصحيح عنه أنه كان مع على بن أبى طالب ـ كرم الله وجهه ـ وأما مسروق فذكر عنه ابراهيم النخعى أنه ما مات حتى تاب الى الله تعالى من تخلفه عن على ـ كرم الله وجهه وصح عن عبد الله بن عمر ـ رضى الله عنهما ـ من وجوه أنه قال : ما آسى على شيء كما آسى أنى لم أقاتل الفئة الباغية مع على ـ رضى الله عنه ـ » أقول : تقدم تلك الوجوه فى ترجمة ابن عمر ( انظر ص ٧٣ من الكتاب الحاضر ).


عائشة ، فقالوا (١) : انّما نعنى من الرّجال فقال : أبوها ، فقالوا (٢) : ثمّ من؟ ـ فقال : عمر ، فكيف يكون هذا وعمر يقول لابنه : كان اسامة أحبّ الى رسول الله (ص) منك ، وكان أبوه أحبّ الى رسول الله (ص) من أبيك؟!

فلو كانت القسم (٣) انّما تقسم (٤) بين النّاس على محبّة النّبيّ (ص) لهم كان أولى النّاس بكثرة العطاء ولد رسول الله (ص) وولد ولده. وأنتم تروون في رواية أخرى أنّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ سئل : من أحبّ النّاس أليك؟ ـ قال : فاطمة ، قالوا (٥) : فمن الرّجال؟ ـ فقال : زوجها (٦).

__________________

(١ و ٢) فى بعض النسخ فى كلا الموضعين : « فقيل ».

(٣) القسم بكسر القاف وفتح السين جمع القسمة بكسر القاف وسكون السين ؛ قال الجوهرى : « قاسمه المال وتقاسماه واقتسماه بينهم والاسم القسمة مؤنثة وانما قال تعالى : ( فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ ) ؛ بعد قوله : واذا حضر القسمة لانها فى معنى الميراث والمال فذكر على ذلك ». وقال الفيومى : « واقتسموا المال بينهم والاسم القسمة ، وأطلقت على النصيب أيضا وجمعها قسم مثل سدرة وسدر ».

(٤) ح : « فلو كان القاسم انما يقسم » وأظن أن نسخة ح هنا قد تصرف فيها.

(٥) ح : « فقيل ».

(٦) قال المجلسى (ره) فى ثامن البحار فى باب أحوال عائشة بعد الجمل ( ص ٤٥١ من طبعة أمين الضرب ) :

« نقل الاربلى فى كشف الغمة من ربيع الابرار للزمخشرى قال : قال جميع بن عمير : دخلت على عائشة فقلت : من كان أحب الناس الى رسول الله (ص)؟ ـ فقالت : فاطمة ، قلت : انما أسألك عن الرجال قالت : زوجها ؛ وما يمنعه ..! فو الله ان كان لصواما قواما ولقد سالت نفس رسول الله (ص) فى يده فردها الى فيه ، فقلت : فما حملك على ما كان؟ ـ فأرسلت خمارها على وجهها وبكت وقالت : أمر قضى على.

وروى أنه قيل لها قبل موتها : أندفنك عند رسول الله (ص)؟ ـ قالت : لا ؛ انى أحدثت بعده ».


فهذه رواياتكم (١) ينقض (٢) بعضها بعضا.

ورويتم أنّ عثمان لمّا ولى نقص أمّهات المؤمنين ممّا (٣) كان يعطيهنّ عمر ؛ فان كان عثمان أصاب فقد أخطأ عمر ، وان كان عمر أصاب فقد أخطأ عثمان ؛ اذ نقصهنّ ممّا (٤) فرض لهنّ عمر ، وان كانا أصابا جميعا وقد اختلفا فمحال أن يكونا أصابا وقد اختلفا فى الفعلين.

وروى شريك (٥) بن عبد الله فى حديث رفعه :

__________________

(١) ج ق مج مث س : « روايتكم ».

(٢) مج مث س : « تنقض » ( بصيغة التأنيث ).

٣ و ٤ ـ كذا صريحا فى الموضعين.

(٥) ح : « بشر ». قال المحدث القمى فى سفينة البحار فى « أوس » ما نصه ( ج ١ ؛ ص ٥٣ ـ ٥٢ ) :

« أوس ـ ب ـ أوس بن الحدثان النضرى هو الّذي شهد مع المرأتين بأن رسول الله (ص) قال : لا أورث ؛ فمنعوا فاطمة (ع) ميراثها من أبيها وسز ٦٩٤ وح يا ٩٨ أقول :

قال الفضل بن شاذان فى كتاب الايضاح : وروى شريك بن عبد الله فى حديث رفعه : ان عائشة وحفصة ( فبعد أن ساق الحديث الى آخره كما فى المتن قال : ) قلت : وروى الطبرى والثقفى فى تاريخيهما ما يقرب من ذلك » أقول : الرمز ان اشارة الى حديث نقله المجلسى فى موضعين من البحار ؛ الاول فى المجلد السادس فى باب ما جرى بينه وبين أهل الكتاب ( ص ٦٩٥ من طبعة أمين الضرب ) والثانى فى المجلد الثامن فى باب نزول الآيات فى أمر فدك ( ص ٩٨ من طبعة أمين الضرب ) من كتاب قرب الاسناد للحميرى : « عنهما عن حنان قال : سأل صدقة بن مسلم أبا عبد الله (ع) وأنا عنده فقال : من الشاهد على فاطمة بأنها لا ترث أباها؟ فقال : شهدت عليها عائشة وحفصة ورجل من العرب يقال له : أوس بن الحدثان من بنى نصر ؛ شهدوا عند أبى بكر بأن رسول الله (ص)


انّ عائشة وحفصة أتتا عثمان حين نقص أمّهات المؤمنين ما كان يعطيهنّ عمر

__________________

قال : لا أورث ؛ فمنعوا فاطمة (ع) ميراثها من أبيها ».

وقال أيضا المحدث القمى (ره) فى كتابه الموسوم باسم « بيت الاحزان فى مصائب سيدة النسوان » ( انظر ص ٦٦ من طبعة الحاج سيد محمود كتابچى ) : « روى عن الطبرى والثقفى أنهما قالا فى تاريخيهما أنه جاءت عائشة الى عثمان » ( فذكر الحديث الى آخر ما يأتى نقله ). أقول : ما أشار إليه من أن الطبرى والثقفى نقلا فى تاريخيهما ما يقرب مما نقله شريك بن عبد الله فهو اشارة الى ما ذكره المجلسى (ره) فى المجلد الثامن من البحار فى أواخر باب مثالب عثمان وبدعه بهذه العبارة ( انظر ص ٣٤١ من طبعة أمين الضرب ) : « نكير عائشة وذكر الطبرى فى تاريخه والثقفى فى تاريخه قالا : جاءت عائشة الى عثمان فقالت : أعطنى ما كان يعطينى أبى وعمر قال : لا أجد له موضعا فى الكتاب ولا فى السنة ولكن كان أبوك وعمر يعطيانك عن طيبة أنفسهما وأنا لا أفعل ، قالت : فأعطنى ميراثى من رسول الله (ص) قال : أو لم تجيء فاطمة (ع) تطلب ميراثها من رسول الله (ص) فشهدت أنت ومالك بن أوس النصرى أن النبي (ص) لا يورث ، وأبطلت حق فاطمة وجئت تطلبينه؟ لا أفعل. وزاد الطبرى : وكان عثمان متكئا فاستوى جالسا وقال : ستعلم فاطمة أى ابن عم لها منى اليوم ؛ ألست وأعرابى يتوضأ ببوله شهدت عند أبيك. وقالا جميعا فى تاريخيهما : فكان اذا خرج عثمان الى الصلاة أخرجت قميص رسول الله (ص) وتنادى : انه قد خالف صاحب ـ هذا القميص. وزاد الطبرى : تقول : هذا قميص رسول الله لم تبل وقد غير عثمان سنته ؛ اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا » أقول : هذا الحديث لم أجده فى تاريخ الطبرى وأظن ظنا قويا أن هنا اشتباها فى ذكر اسم التاريخ فكأنه كان يريد ذكر اسم تاريخ آخر فجرى قلمه سهوا على ذكر اسم الطبرى ويؤيد هذا الظن أن المجلسى بعد نقل أخبار فى هذا المعنى قال ( انظر ص ٣٤٢ من طبعة أمين الصرب ) : « وأمثال هذه الاقوال وأضعافها المتضمّنة للنكير على عثمان من الصحابة او التابعين منقولة فى جميع التواريخ وانما


فسألتاه أن يعطيهما ما فرض لهما عمر فقال : لا والله ما ذاك لكما عندى ، فقالتا له : فآتنا

__________________

اقتصرنا على تاريخى الثقفى والواقدى لان لنا إليهما طريقا ولئلا يطول الكتاب وفيما ذكرناه كفاية ومن أراد العلم بمطابقة التواريخ لما أوردناه من هذين التاريخين فليتأملها يجدها موافقة ( الى آخر ما قال ) » ويؤيده أيضا أن المحدث القمى لم يشر هنا الى موضع نقل الحديث في البحار وقد جرت عادته بل بناء وضع كتابه الموسوم بسفينة البحار على ان يعين موضع نقل الحديث ويشير الى مورد ذكره فلعله راجع الطبرى ولم يجده فيه ورأى أن المجلسى ينقل عنه ولا يوجد فيه فلذا أعرض عن الاشارة الى موضعه ومع هذا كله يحتمل ان يكون الحديث مذكورا فى تاريخ الطبرى ونحن لم نظفر به لكنى أحتمل احتمالا قويا وأظن ظنا متاخما للعلم أن الطبرى اشتباه وكان المقصود « الواقدى » بقرينة تصريح المجلسى فى كلامه الّذي نقلناه بالنقل عنه وعن تاريخ الثقفى وكيف كان من أراد التحقيق فليخض فيه بنفسه. وأما أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبرى الشيعى الامامى فهو نقل الحديث فى كتابه الموسوم بالمسترشد ضمن كلام له بهذه العبارة ( ص ١٣٣ من طبعة النجف ) : « روى ذلك شريك أن عائشة وحفصة أتتا عثمان بن عفان تطلبان منه ما كان أبواهما يعطيانهما فقال لهما : لا ولا كرامة ما ذاك لكما عندى فألحتا وكان متكئا فجلس وقال : ستعلم فاطمة أى ابن عم لها أنا اليوم ثم قال لهما : ألستما اللتين شهدتما عند أبويكما ولفقتما معكما أعرابيا يتطهر ببوله مالك بن أوس بن الحدثان فشهدتما معه أن النبي (ص) قال : لا نورث ؛ ما تركناه صدقة ، فمرة تشهدون أن ما تركه رسول الله صدقة ، ومرة تطالبون ميراثه؟! فهذا من أعاجيبهم » وممن روى الحديث المفيد فانه قال فى أماليه فى المجلس الخامس عشر ( انظر ص ٦٧ من طبعة النجف سنة ١٣٦٧ ) : « قال : حدثنى ابو الحسن على بن محمد الكاتب قال : حدثنى الحسن بن على الزعفرانى قال : حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد الثقفى قال : حدثنا الحسن بن الحسين الانصارى قال : حدثنا سفيان عن فضيل بن الزبير قال : حدثنى فروة بن مجاشع


ميراثنا من رسول الله (ص) من حيطانه وكان عثمان متّكئا فجلس وكان عليّ بن أبى ـ طالب (ع) جالسا عنده فقال : ستعلم فاطمة (ع) أنّى ابن عمّ لها اليوم ثمّ قال : ألستما اللّتين شهدتما عند أبى بكر ولفّقتما معكما أعرابيّا يتطهّر ببوله مالك بن الحويرث بن الحدثان (١) فشهدتم أنّ النّبيّ (ص) قال : انّا معاشر الأنبياء لا نورّث ؛ ما تركناه

__________________

عن أبى جعفر محمد بن على ـ عليه‌السلام ـ قال : جاءت عائشة الى عثمان فقالت له : أعطنى ما كان يعطينى أبى وعمر بن الخطاب ( فساق الحديث قريبا مما مر الى هذه العبارة ) فتركته وانصرفت وكان عثمان اذا خرج الى الصلاة أخذت قميص رسول الله (ص) على قصبة فرفعته عليها ثم قالت : ان عثمان قد خالف صاحب هذا القميص » وسيذكر تمامه وممن روى الحديث ابن أبى جمهور الاحسائى فانه قال فى كتابه المجلى ضمن الاستدلال على مطلوبه ( ص ٤٤٤ من النسخة المطبوعة ) : « ويدل على ذلك ما رواه الثقات من أهل السيرة أن عليا ـ عليه‌السلام ـ حدث عن نفسه وقال : كنت قاعدا يوما عند عثمان وقد بويع له اذ أتته عائشة وحفصة تطلبان منه ما كان يعطيهما أبو بكر وعمر فى كل سنة من بيت المال ( فساق الحديث الى آخره مع زيادات على ما فى المتن ؛ فمن أراده فليطلبه من هناك ) ».

__________________

(١) فليعلم أن عبارة النسخ هكذا حتى عبارة سفينة البحار المنقولة من غير هذه النسخ أيضا لكن المشهور فى الكتب والمأثور فى الروايات أن الشاهد فى هذه القضية مالك بن أوس بن الحدثان النصرى ويشهد بذلك أن المحدث القمى قال : هو الّذي شهد مع المرأتين بأن رسول الله (ص) قال : لا أورث ويفصح عنه حديث قرب الاسناد كما مر نقلهما ضمن البحث عن سند الحديث ( انظر ص ٢٥٦ ) وهذا الرجل أعنى أوس بن الحدثان مذكور فى جميع كتب الرجال بل فى غيرها قال الفيروزآبادي : « أوس بن الحدثان محركة صحابى » وقال الزبيدى فى شرحه : « هو صحابى مشهور من هوازن نادى أيام منى أنها أيام أكل وشرب ؛ روى عنه ابنه مالك وقد قيل : ان لابنه هذا صحبة أيضا وهو منقول من


صدقة ، فان كنتما شهدتما بحقّ فقد أجزت شهادتكما على أنفسكما ، وان كنتما شهدتما بباطل فعلى من شهد بالباطل لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين (١) فقالتا له : يا نعثل والله

__________________

حدثان الدهر أى صروفه ونوائبه » أقول : يريد بقوله : « منقول » أن الحدثان من نوع العلم المنقول. وقال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « مالك بن أوس بن الحدثان بفتح المهملة والمثلثة النصرى بالنون أبو سعيد المدنى له رؤية وروى عن عمر مات سنة اثنين وتسعين وقيل سنة احدى / ع » ويريد برمز « ع » أن حديثه مذكور فى جميع الاصول الستة وذلك أنه قال فى مقدمة كتابه ( ص ٧ من الطبعة المحققة بتحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف « فان كان حديث الرجل فى أحد الاصول الستة اكتفى برقمه ولو أخرج له فى غيرها واذا اجتمعت فالرقم ع » فعلم أن مالك بن أوس بن الحدثان ممن أخرج حديثه ونقل خبره فى جميع الاصول الستة ومن ثم قال المجلسى (ره) فى ثامن البحار فى باب نزول الآيات فى أمر فدك ( ص ١٣٧ من طبعة أمين الضرب ) ما نصه :

« وانما المذكور فى رواية مالك بن أوس التى رووها فى صحاحهم أن عمر بن الخطاب لما تنازع عنده أمير المؤمنين (ع) والعباس استشهد نفرا فشهدوا بصدق الرواية ولنذكر ألفاظ صحاحهم فى رواية مالك بن أوس على اختلافها حتى يتضح حقيقة الحال » فمن أراد البحث عن الامر فليراجع محاله فان مجال البحث فيه واسع فمن موارده البحار وشرح نهج ـ البلاغة لابن أبى الحديد ولا سيما عند شرح قوله : « بلى كانت فى أيدينا فدك ( انظر ج ٤ من طبعة مصر ص ٨٢ ) وجميع كتب الكلام ومباحث الامامة وتشييد المطاعن ( الطعن الثانى عشر والثالث عشر ج ١ ص ١٨٣ ـ ٢٧٩ ) وغير ذلك مما يشبههما فان المقام لا يسع ذلك ولا يقتضيه.

__________________

(١) نظير ما احتج به عثمان على عائشة وحفصة احتجاج فضال بن الحسن على أبى حنيفة.

قال علم الهدى (ره) فى الفصول المختارة ما نصه ( ص ٤٧ من الجزء الاول )


__________________

« وأخبرنى الشيخ ( يريد به المفيد ـ قدس الله تربته ) ـ أدام الله عزه ـ أيضا مرسلا قال : مر فضال بن الحسن بن فضال الكوفى بأبى حنيفة وهو فى جمع كثير يملى عليهم شيئا من فقهه وحديثه فقال لصاحب كان معه : والله لا أبرح أو أخجل أبا حنيفة فقال صاحبه : ان أبا حنيفة ممن قد علمت حاله ومنزلته وظهرت حجته فقال : مه هل رأيت حجة كافر علت على مؤمن؟! ثم دنا منه فسلم عليه فرد ورد القوم بأجمعهم السلام فقال : يا أبا حنيفة رحمك الله ان لى أخا يقول : ان خير الناس بعد رسول الله (ص) على بن أبى طالب وأنا أقول : ان أبا بكر خير الناس بعد رسول الله (ص) وبعده عمر ؛ فما تقول أنت؟ ـ رحمك الله ـ فأطرق مليا ثم رفع رأسه فقال : كفى بمكانهما من رسول الله كرما وفخرا أما علمت أنهما ضجيعاه فى قبره؟! فأى حجة أوضح لك من هذه؟ فقال له فضال : انى قد قلت ذلك لاخى فقال : والله لئن كان الموضع لرسول الله (ص) دونهما فقد ظلما بدفنهما فى موضع ليس لهما فيه حق ، وان كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله (ص) لقد أساء او ما أحسنا إليه اذ رجعا فى هبتهما ونكثا عهدهما ، فأطرق أبو حنيفة ساعة ثم قال : قل له : لم يكن لهما ولا له خاصة ولكنهما نظرا فى حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن فى ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما فقال له فضال : قد قلت له ذلك فقال : أنت تعلم أن النبي (ص) مات عن تسع حشايا فنظرنا فاذا لكل واحدة منهن تسع الثمن ثم نظرنا فى تسع الثمن فاذا هو شبر فى شبر فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك؟ وبعد فما بال عائشة وحفصة ترثان رسول الله (ص) وفاطمة ابنته تمنع الميراث؟! فقال أبو حنيفة : يا قوم نحوه عنى فانه والله رافضى خبيث ».

ونقله المجلسى (ره) فى رابع البحار فى باب احتجاجات أصحاب الصادق عليه‌السلام بهذه العبارة ( ص ٥٤٥ من طبعة أمين الضرب ) : « وقال السيد فى كتاب الفصول أخبرنى الشيخ ( الى آخر الحكاية ) فما قال فى ثامن البحار فى آخر الطعن التاسع عشر من مطاعن عمر ( ص ٣١١ من طبعة أمين الضرب ) : « وقد روى الشيخ المفيد ـ قدس الله


لقد شبّهك رسول الله (ص) بنعثل اليهودىّ (١) فقال لهما : ضرب الله مثلا [ للّذين كفروا ] امرأة نوح وامرأة لوط ؛ فخرجتا من عنده.

__________________

روحه ـ فى مجالسه أن فضال بن الحسن بن فضال الكوفى مر بأبى حنيفة وهو فى جمع كثير ( الى آخر الحكاية ) سهو قلم واشتباه منه لان الحكاية لم تذكر فى مجالس المفيد فان شئت فراجع ، والى خلاصة هذا الاستدلال يؤول ما قيل فى ذلك خطابا لعائشة :

« تجملت تبغلت وان عشت تفيلت

لك التسع من الثمن وبالكل تملكت »

__________________

(١) قال المفيد (ره) فى أماليه المعروف بمجالس المفيد فى المجلس الخامس عشر ( ص ٦٧ من طبعة النجف ) : « قال : حدثنى أبو الحسن على بن محمد الكاتب قال : حدثنى الحسن بن على الزعفرانى قال : حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد الثقفى قال : حدثنا الحسن بن الحسين الانصارى قال : حدثنا سفيان عن فضل بن الزبير قال : حدثنى فروة بن مجاشع عن أبى جعفر محمد بن على (ع) قال : جاءت عائشة الى عثمان فقالت له : أعطنى ما كان يعطينى أبى وعمر بن الخطاب فقال لها : لم أجد له موضعا فى الكتاب ولا فى السنة وانما كان أبوك وعمر بن الخطاب يعطيانك بطيبة أنفسهما وأنا لا أفعل ، قالت له : فأعطنى ميراثى من رسول الله (ص) فقال لها : أولم تجيئى أنت ومالك بن أوس النصرى فشهدتما أن رسول الله (ص) لا يورث حتى منعتما فاطمة ميراثها وأبطلتما حقها ؛ فكيف تطلبين اليوم ميراثا من النبي (ص) فتركته وانصرفت وكان عثمان اذا خرج الى الصلاة أخذت قميص رسول الله (ص) على قصبة فرفعته عليها ثم قالت : ان عثمان قد خالف صاحب هذا القميص وترك سنته » قال المجلسى (ره) بعد نقله فى ثامن البحار فى باب كيفية قتل عثمان ( ص ٣٧٤ ـ ٣٧٣ ) : « أقول : روى فى كشف الغمة نحوا من ذلك وزاد فى آخره : فلما آذته صعد المنبر فقال : ان هذه المرأة عدوة الله ضرب الله مثلها ومثل صاحبتها حفصة فى الكتاب : امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين


وروى من روى منكم أنّ النّاس لمّا نقموا على عثمان ما نقموا كان ذات يوم يخطب النّاس على منبر رسول الله (ص) اذ رفعت عائشة قميصا لرسول الله (ص) على

__________________

فخانتاهما ( الى قوله ) وقيل ادخلا النار مع الداخلين فقالت له : يا نعثل يا عدو الله انما سماك رسول الله باسم نعثل اليهودى الّذي باليمن فلا عنته ولا عنها وحلفت ان لا تسكن بمصر ابدا وخرجت الى مكة. ثم قال : قد نقل ابن أعثم صاحب الفتوح أنها قالت : اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا فلقد أبلى سنة رسول الله وهذه ثيابه لم تبل وخرجت الى مكة » وقال المجلسى أيضا فى ذلك المجلد لكن فى باب بيعة أمير المؤمنين ( ص ٤٢١ من طبعة أمين الضرب ) : « قال ابن أبى الحديد فى شرح النهج : قال كل صنف من أهل السير والاخبار أن عائشة كانت من أشد الناس على عثمان حتى أنها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله (ص) فنصبته فى منزلها وكانت تقول للداخلين إليها : هذا ثوب رسول الله (ص) لم يبل وعثمان قد أبلى سنته قالوا : أول من سمى عثمان نعثلا عائشة والنعثل الكثير الشعر اللحية والجسد وكانت تقول : اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا ».

وقال ابن الاثير فى النهاية « فى مقتل عثمان : لا يمنعنك مكان ابن سلام أن تسب نعثلا ؛ كان أعداء عثمان يسمونه نعثلا تشبيها برجل من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل ، النعثل الشيخ الاحمق وذكر الضباع ومنه حديث عائشة : اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا ؛ تعنى عثمان ، وهذا كان منها لما غاضبته وذهبت الى مكة » وقال الجوهرى : « النعثل الذكر من الضباع ونعثل اسم رجل كان طويل اللحية وكان عثمان ـ رضى الله عنه ـ اذا نيل منه وعيب شبه بذلك الرجل » وقال الفيروزآبادي : « النعثل كجعفر الذكر من الضباع والشيخ الاحمق ويهودى كان بالمدينة ورجل لحيانى كان يشبه به عثمان ـ رضى الله تعالى عنه ـ اذا نيل منه » وذكر الزبيدى فى شرحه ما ذكره الجوهرى وابن الاثير نعم زاد عليه فى شرح قول الفيروزآبادي : « ويهودى كان بالمدينة » : « قيل : به شبه عثمان ـ رضى الله تعالى عنه ـ كما فى التبصير ».


قصبة أو جريدة من جرائد النّخل فقالت : يا عثمان قميص رسول الله (ص) لم يبل وقد غيّرت سنّته.

ورويتم أن عثمان لمّا حصر وقد تهيّأت تريد الحجّ فأتاها مروان بن الحكم فقال : يا أمّ المؤمنين لو أقمت فلم تحجّى ودفعت عن هذا الرّجل فقالت : يا مروان لعلّك ترى أنّى فى شكّ من صاحبك والله لوددت أنّه فى بعض غرائرى فقذفته فى البحر. ثمّ خرجت الى مكّة فلمّا قتل عثمان وبايع النّاس عليّ بن أبى طالب قالت : قتل عثمان مظلوما ثمّ خرجت تطلب بدمه (١).

__________________

(١) قال المجلسى (ره) فى ثامن البحار فى باب مثالب عثمان ( ص ٣٤١ ) من طبعة أمين الضرب ) :

« وذكر ( اى الثقفى ) فى تاريخه من عدة طرق قال : لما اشتد الحصار على عثمان تجهزت عائشة للحج فجاءها مروان وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد فسألاها الاقامة والدفع عنه فقالت : قد غررت غرائرى وأدنيت ركابى وفرضت على نفسى الحج فلست بالتى أقيم فنهضا ومروان يتمثل :

حرق قيس على البلاد

حتى اذا اشتعلت أجذما

فقالت : أيها المتمثل بالشعر ارجع فرجع فقالت : لعلك ترى أنى انما قلت هذا الّذي قلته شكا فى صاحبك فو الله لوددت أن عثمان مخيط عليه فى بعض غرائرى حتى اكون أقذفه فى اليم. ثم ارتحلت حتى نزلت بعض الطريق فلحقها ابن عباس أميرا على الحج فقالت له : يا ابن عباس ان الله قد أعطاك لسانا وعلما فأنشدك الله أن تخذل عن قتل هذا الطاغية غدا ثم انطلقت فلما قضت نسكها بلغها أن عثمان قتل فقالت : أبعده الله بما قدمت يداه الحمد لله الّذي قتله » وذكر له نظائر فى هذا المورد فمن أرادها فليطلبها من هناك.

وذكر أيضا فى ثامن البحار لكن فى باب كيفية قتل عثمان ( ص ٣٧٣ ) :

« ب ( يريد به قرب الاسناد للحميرى ) محمد بن عيسى عن القداح عن جعفر عن أبيه


ثمّ رويتم على عمر أنّه قال : لو اجتمع أهل صنعاء (١) على قتل رجل (٢) لقتلتهم [ به (٣) ]

__________________

عليهما‌السلام قال : لما حصر الناس عثمان جاء مروان بن الحكم الى عائشة وقد تجهزت للحج فقال : يا أم المؤمنين ان عثمان قد حصره الناس فلو تركت الحج وأصلحت أمره كان الناس يستمعون منك فقالت : قد أوجبت الحج وشددت غرائرى فولى مروان وهو يقول :

حرق قيس على البلاد

حتى اذا اضطرمت أجذما

فسمعته عائشة فقالت : تعال لعلك تظن أنى فى شك من صاحبك والله لوددت أنك وهو فى غرارتين من غرائرى مخيط عليكما تغطان فى البحر حتى تموتا.

بيان ـ قال الجوهرى : الاجذام الاقلاع عن الشيء قال الربيع بن زياد :

حرق قيس على البلاد

حتى اذا اضطرمت أجذما

أقول : وروى ذلك الاعثم فى الفتوح وفيه مكان أجذما أجحما اى نكص وتأخر ، والغرارة بالكسر الجوالق وقال الجوهري : واحدة الغرائر التى للتبن وأظنه معربا ».

__________________

(١) فى النسخ « أهل منى » وقرينة التصحيح كتب الحديث التى ذكر فيها الحديث.

(٢) ق ج : « على رجل ».

(٣) « به » ليس فى النسخ.

أما الحديث ففى منتخب كنز العمال ( انظر حاشية ص ١٢٨ من ج ٦ مسند أحمد ) « عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل نفرا خمسة أو سبعة برجل قتلوه قتل غيلة وقال : لو تمالا عليه أهل صنعاء لقتلتهم به جميعا ؛ مالك والشافعى وعبد ( أى عبد ـ الرزاق فى الجامع ) وهق ( أى البيهقى فى السنن ) فلنذكر تفصيل الاجمال أما الموطأ ففى تنوير الحوالك ( ج ٢ ؛ ص ١٩٢ ) : « وحدثنى يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل نفرا خمسة أو سبعة برجل واحد قتلوه قتل غيلة فقال عمر : لو تمالا عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا » وفى كتاب الام للشافعى « قال الشافعى ـ رحمه‌الله تعالى ـ أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب


__________________

أن عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ قتل ( فساق نحو ما ذكره مالك فى الموطأ ؛ انظر ج ٦ ص ٢٢ ) » وقال البيهقى فى السنن ( ج ٨ ؛ ص ٤٠ ـ ٤١ ) « أخبرنا أبو زكريا بن أبى اسحاق حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ الربيع بن سليمان أنبأ الشافعى أنبأ مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب ( فساق الحديث نحو ما قدمنا نقله ) قال البخارى فى ترجمة الباب : قال لى ابن بشار حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن ـ عمر أن غلاما قتل غيلة فقال عمر ـ رضى الله عنه ـ : لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمى أنبأ أبو الحسن الكارزى أنبأ عبد العزيز عن أبى عبيد حدثنى يحيى بن سعيد فذكره غير أنه قال : ان صبيا قتل بصنعاء غيلة فقتل عمر ـ رضى الله عنه ـ به سبعة فقال : لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ( الى ان قال ) : ان عمر قتل سبعة من أهل صنعاء اشتركوا فى دم غلام فقال : لو تمالا ( الحديث ) وساق طريقا آخر له ثم قال : أخبرنا ابو زكريا ( الى ان قال ) : ان المغيرة بن حكيم الصنعانى حدثنى عن أبيه أن امرأة بصنعاء غاب عنها زوجها وترك فى حجرها ابنا له من غيرها غلام يقال له أصيل فاتخذت المرأة بعد زوجها خليلا فقالت لخليلها : ان هذا الغلام يفضحنا فاقتله فأبى فامتنعت منه فطاوعها واجتمع على قتله الرجل ورجل آخر والمرأة وخادمها فقتلوه ثم قطعوه أعضاء وجعلوه فى عيبة من أدم وطرحوه فى ركية فى ناحية القرية وليس فيها ماء ثم صاحت المرأة واجتمع الناس فخرجوا يطلبون الغلام قال : فمر رجل بالركية التى فيها الغلام فخرج منها الذباب الاخضر فقلنا : والله ان فى هذه لجيفة ومعنا خليلها فأخذته رعدة فذهبنا به فحبسناه وأرسلنا رجلا فأخرج الغلام فأخذنا الرجل فاعترف فأخبرنا الخبر فاعترفت المرأة والرجل الاخر وخادمها فكتب يعلى وهو يومئذ أمير بشأنهم فكتب إليه عمر ـ رضى الله عنه ـ : تقتلهم جميعا وقال : والله لو أن أهل صنعاء شركوا فى قتله لقتلتهم أجمعين » أقول : ذكر هنا أيضا حديثا نسبه الى أمير المؤمنين على (ع) ومضمونه أن قوما قتلوا واحدا فبعد تفريق على (ع) بين الشهود واعترافهم


والله يقول : ( النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) (١) ( الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى ) (٢).

__________________

بالقتل أمر بهم على ـ رضى الله عنه ـ فقتلوا ؛ فمن أراده فليطلبه من هناك.

وقال ابن الاثير فى النهاية : « وفى حديث عمر : لو تمالا عليه أهل صنعاء لاقدتهم به أى تساعدوا واجتمعوا وتعاونوا » وقال فى « ق ود » : « فيه : من قتل عمدا فهو قود ؛ القود القصاص وقتل القاتل بدل القتيل ، وقد أقدته به أقيده اقادة ، واستقدت الحاكم سألته أن يقيدنى ».

__________________

(١) قال الله تعالى فى سورة المائدة : « وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ( انظر آية ٤٥ ) ».

(٢) من آية ١٧٨ سورة البقرة.

بقى هنا شيء وهو ان اعتراض المصنف (ره) على حكم الخليفة بقتل خمسة نفر أو سبعة نفر وعلى قوله : « لو اجتمع عليه أهل صنعاء لقتلتهم به » بقوله : والله يقول : النفس بالنفس ظاهر بل صريح فى أن هذا الحكم حكم على خلاف ما أمر الله به ونظيره اعتراض أبى جعفر محمد بن على بن النعمان الكوفى المعروف بمؤمن الطاق على أبى حنيفة النعمان بن ثابت المشتهر بالامام الاعظم على ما نقله المفيد (ره) فى الاختصاص ونص عبارة المناظرة بينهما هذه ( انظر ص ١١١ من طبعة مكتبة نشريات الصدوق ) : « وانه ( اى عمر ) قتل سبعة نفر من أهل اليمن برجل واحد وقال : لو ما لا عليه أهل صنعاء لقتلتهم به والامة على خلافه ».

وقد قال شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسى ـ قدس الله روحه القدوسى ـ فى كتاب الجنايات من الخلاف ( انظر مسألة ١٤ من مسائل الجنايات ص ١٣٥ ـ ١٣٦ من الطبعة الاولى سنة ١٣٧٠ ، أو ص ٣٤٥ ـ ٣٤٦ ج ٢ من الطبعة الثانية سنة ١٣٨٢ بنفقة الحاج محمد حسين كوشان پور ) :

« مسألة ـ اذا قتل جماعة واحدا قتلوا به أجمعين بشرطين أحدهما ان


ثمّ روايتكم أنّه يقتل المسلم بالذّمّىّ وأنّ دية الذّمّىّ والمسلم واحدة.

__________________

يكون كل واحد منهم مكافئا له أعنى اذا انفرد كل واحد منهم بقتله قتل وهو ان لا يكون فيهم مسلم مشارك للكفار فى قتل كافر ولا والد شارك غيره فى قتل ولده والثانى أن يكون جناية كل واحد منهم لو انفرد بها كان منها التلف فاذا حصل هذا فى الجناة والجناية قتلوا كلهم به وبه قال فى الصحابة على ـ (ع) ـ وعمر بن الخطاب والمغيرة بن شعبة وابن عباس وفى التابعين سعيد بن المسيب والحسن البصرى وعطاء وفى الفقهاء مالك والاوزاعى والثورى وأبو حنيفة وأصحابه والشافعى وأحمد واسحاق الا أن عندنا أنهم لا يقتلون بواحد الا اذا رد أولياؤه ما زاد على دية صاحبهم ومتى أراد أولياء المقتول قتل كل واحد منهم كان لهم ذلك ورد الباقون على أولياء هذا المقاد منه ما يزيد على حصة صاحبهم ولم يعتبر ذلك أحد من الفقهاء وقال محمد بن الحسن : القياس أن لا يقتل جماعة بواحد ولا تقطع أيد بيد الا أنا تركنا القياس فى القتل للاثر وتركنا الاثر فى القطع على القياس وذهبت طائفة الى أن الجماعة لا تقتل بالواحد لكن ولى المقتول يقتل منهم واحدا ويسقط من الدية بحصته ويأخذ من الباقين الباقى من الدية على عدد الجناة ذهب إليه فى الصحابة عبد الله بن الزبير ومعاذ وفى التابعين ابن سيرين والزهرى وذهبت طائفة الى أن الجماعة لا تقتل بالواحد ولا واحد منهم ذهب إليه ربيعة بن أبى عبد الرحمن وأهل الظاهر داود وأصحابه.

دليلنا اجماع الفرقة وأخبارهم وأيضا قوله تعالى : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ ) ومعناه أنه اذا علم أنه اذا قتل قتل لا يقتل فيبقى الحياة فلو كانت الشركة تسقط القصاص لبطل حفظ الدم بالقصاص لان كل من أراد قتل غيره شاركه آخر فى قتله فبطل القصاص وقال الله تعالى : ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ) ، ومن قتله ألف أو واحد فقتل مظلوما فوجب ان يكون لوليه سلطان فى القود به. وروى أبو شريح الكعبى أن النبي (ص) قال : ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم


وأنتم تروون عن عمر أنّه جعل دية أهل الذّمّة ثمانمائة (١) ثمّ أنتم تحكمون فى عبد قيمته عشرون ألفا اذا قتله مسلم أخذ من القاتل ديته مثل قيمته وهى فضل على دية الحرّ المسلم وان كانت دية العبد مائة ألف أخذ القاتل بها وان كان القاتل قرشيّا هاشميّا فدية العبد أكثر من ديته.

ثمّ روايتكم على النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه شرب المسكر وأمر بشربه وأنّه رفع إليه اناء من شراب فقرّبه من فيه فقطّب منه فدعا بماء فصبّه عليه وشربه ثمّ قال : اذا رايتكم أشربتكم فاكسروها بالماء (٢).

__________________

هذا القتل من هذيل وأنا والله عاقلته فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين ؛ ان أحبوا قتلوا ، وان أحبوا أخذوا الدية ولم يفصل بين الواحد والجماعة وهو اجماع الصحابة روى عن على ـ عليه‌السلام ـ وعمرو ابن عباس والمغيرة.

وروى سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل نفرا خمسا أو سبعا برجل قتلوه قتل غيلة وقال عمر : لو تمالا عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا. وروى عن على (ع) أنه قتل ثلاثة قتلوا واحدا ، وعن المغيرة بن شعبة أنه قتل سبعة بواحد ، وعن ابن عباس أنه اذا قتل جماعة واحدا قتلوا به ولو كانوا مائة ».

فمن أراد التحقيق فى المسألة فليخض فيه فان المقام لا يسع أكثر من ذلك.

__________________

(١) كذا فى ح لكن فى سائر النسخ : « ثمانمائة ثمانمائة » مكررة.

(٢) يظهر أن أمثال هذه الروايات انما هى من دس الوضاعين وافتراء المختلقين نظير ما تقدم من حديث خلق الله تعالى نفسه من عرق الخيل ( انظر ص ١١ و ١٢ من الكتاب الحاضر ) والا فكيف يمكن ان يتفوه مسلم بأمثال هذه الاباطيل فضلا عن أن يرويها ويصدقها ؛ على أنا لم نظفر بهذا فيما بأيدينا من المراجع فكأن المصنف رضوان الله عليه ـ قد أخذه من بعض ما كان بيده من المآخذ.


ورويتم على عمر بن الخطّاب أنّه كان يشربه وكان أحبّ الشّراب إليه النّبيذ

__________________

ثم لا يخفى عليك أنى أظن ظنا قويا أن عبارة المتن كانت منسوبة الى عمر فاشتبه الامر على المصنف (ره) أو على صاحب المأخذ الّذي أخذها المصنف (ره) منه فان نظير العبارة منقولة منه ومذكورة فى حقه فى كتب أهل السنة والجماعة فلا بأس بالاشارة الى شيء من موارد نقلها.

قال الامينى (ره) فى الجزء السادس من كتاب الغدير ضمن بحث طويل تحت عنوان « اجتهاد الخليفة فى الخمر وآياتها » ما نصه ( ص ٢٥٧ ـ ٢٥٨ من الطبعة الثانية ) :

« ولاعتياده بها منذ مدة غير قصيرة الى نزول آية المائدة فى حجة الوداع طفق يشرب النبيذ الشديد بعد نزول ذلك الوعيد وبعد قوله : انتهينا انتهينا وكان يقول : انا نشرب هذا الشراب الشديد لنقطع به لحوم الابل فى بطوننا أن تؤذينا فمن رابه من شرابه شيء فليمزجه بالماء ( السنن الكبرى ج ٨ ، ص ٢٩٩ ، محاضرات الراغب ج ١ ؛ ص ٣١٩ ، كنز العمال ج ٢ ؛ ص ١٠٩ نقلا عن ابن أبى شيبة ).

وقال : انى رجل معجار البطن أو مسعار البطن وأشرب هذا النبيذ الشديد فيسهل بطنى ( أخرجه ابن أبى شيبة كما فى كنز العمال ج ٣ ؛ ص ١٠٩ ).

وقال : لا يقطع لحوم هذه الابل فى بطوننا الا النبيذ الشديد ( جامع مسانيد أبى حنيفة ج ٢ ؛ ص ١٩٠ ، ٢١٥ ).

م ـ وكان يشرب النبيذ الشديد الى آخر نفس لفظه قال عمرو بن ميمون : شهدت عمر حين طعن أتى بنبيذ شديد فشربه ( طب ٦ ص ١٥٦ ).

وكان حدة شرابه وشدته بحيث لو شرب غيره منه لسكر ، وكان يقيم عليه الحد غير أن الخليفة كان لم يتأثر منه لاعتياده ، او كان يكسره ويشربه ؛ قال الشعبى : شرب أعرابى من اداوة عمر فأغشى فحده عمر ثم قال : وانما حده للسكر لا للشرب ( العقد الفريد ج ٣ ؛ ص ٤١٦ ).


__________________

وفى لفظ الجصاص فى أحكام القرآن ( ج ٢ ص ٥٦٥ ) ان اعرابيا شرب من شراب عمر فجلده عمر الحد فقال الاعرابى : انما شربت من شرابك فدعا عمر شرابه فكسره بالماء ثم شرب منه وقال : من رابه [ من ] شرابه شيء فليكسره بالماء ثم قال الجصاص : ورواه ابراهيم النخعى عن عمر نحوه وقال فيه : انه شرب منه بعد ما ضرب الاعرابى.

وفى جامع مسانيد أبى حنيفة ( ج ٢ ص ١٩٢ ) قال : هكذا فاكسروه بالماء اذا غلبكم شيطانه وكان يحب الشراب الشديد. وعن أبى جريج أن رجلا عب فى شراب نبذ لعمر بن الخطاب بطريق المدينة فسكر فتركه عمر حتى أفاق فحده ثم أوجعه عمر بالماء فشرب منه ( حاشية سنن البيهقى لابن التركمانى ج ٨ ؛ ص ٣٠٦ ، كنز العمال ج ٣ ؛ ص ١١٠ ) وعن أبى رافع : أن عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ قال : اذا خشيتم من نبيذ شدته فاكسروه بالماء ( أخرجه النسائى فى سننه ج ٨ ؛ ص ٣٢٦ ) وعده مما احتج به من أباح شرب المسكر ».

وقال الحاكم فى المستدرك فى كتاب معرفة الصحابة تحت عنوان « ذكر الروايات الصحيحة عن الصحابة ـ رضى الله عنهم ـ باجماعهم فى مخاطبتهم اياه بيا خليفة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » ما نصه ( ج ٣ ؛ ص ٨٢ ) :

« وأخبرنا أبو بكر ، أنا أبو المثنى ، حدثنا مسدد ، حدثنا أبو الاحوص ، حدثنا مسلم الاعور ، عن أبى وائل قال : غزوت مع عمر ـ رضى الله عنه ـ الشام فنزلنا منزلا فجاء دهقان يستدل على أمير المؤمنين حتى أتاه فلما رأى الدهقان عمر سجد فقال عمر : ما هذا السجود؟ ـ فقال : هكذا تفعل بالملوك فقال عمر : اسجد لربك الّذي خلقك ، فقال : يا أمير المؤمنين الى قد صنعت لك طعاما فأتنى قال : فقال عمر : هل فى بيتك من تصاوير العجم؟ قال : نعم قال : لا حاجة لنا فى بيتك ولكن انطلق فابعث لنابلون من الطعام ولا تزدنا عليه قال : فانطلق فبعث إليه بطعام فأكل منه ثم قال عمر لغلامه : هل فى اداوتك شيء من ذلك النبيذ؟ قال : نعم ، قال : فابعث لنا فأتاه فصبه فى اناء ثم شمه فوجده


ثمّ رويتم عليه أنّه شربه عند موته فخرج من جرحه (١).

__________________

منكر الريح فصب عليه ماء ثم شمه فوجده منكر الريح فصب عليه الماء ثلاث مرات ثم شربه ثم قال : اذا رابكم من شرابكم شيء فافعلوا به هكذا ، ثم قال : سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : لا تلبسوا الديباج والحرير ولا تشربوا فى آنية الفضة والذهب فانها لهم فى الدنيا ولنا فى الآخرة ؛ صحيح الاستاد ولم يخرجاه ».

أقول : من أراد الخوض فى ذلك فليراجع المفصلات فان المقام لا يسع أكثر من ذلك مضافا الى أنى لا أحب البحث عنه ولو لا أن بيان ما فى المتن وتوضيحه كان يستدعى ذلك المقدار لما تكلمت فيه بشيء فضلا عن ذلك المقدار.

__________________

(١) كأن المراد بالشراب هنا النبيذ وذلك لما يستشم من استدلال المصنف (ره) « وكان أحب الشراب إليه النبيذ » ولما صرح به المورخون وعلماء السير فقال ابن عبد البر فى الاستيعاب عند البحث عن مقتل عمر ( ص ٤١٩ من طبعة حيدرآباد ) ما نصه : « وقال : ادعوا لى الطبيب فدعا الطبيب فقال : أى الشراب أحب أليك؟ ـ قال : النبيذ فسقى نبيذا فخرج من بعض طعناته فقال الناس : هذا دم ، هذا صديد ، قال : اسقونى لبنا ، فسقى لبنا ؛ فخرج من الطعنة فقال له الطبيب : لا أرى أن تمسى فما كنت فاعلا فافعل ». وقال الطبرى ضمن ذكره مقتل عمر ما نصه ( ص ٢٣ ج ٥ ) : « قال : فقيل له : يا أمير المؤمنين لو دعوت الطبيب قال : فدعا طبيب من بنى الحارث بن كعب فسقاه نبيذا فخرج النبيذ مشكلا قال : فاسقوه لبنا ؛ قال : فخرج اللبن أبيض ، فقيل له : يا أمير المؤمنين اعهد ؛ قال : قد فرغت ». وقال ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة ضمن الكلام فى مقتل عمر تحت عنوان « فأما تاريخ موته » ( ج ٣ من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ص ١٤٤ ) : « فقال : أرسلوا الى طبيب ينظر جرحى ، فأرسلوا الى طبيب من العرب فسقاه


ثمّ روى بعضكم على النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّ كلّ مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام ثمّ رويتم عن عمر أنّه ضرب ابنه الحدّ فى شرب المسكر (١)

__________________

نبيذا فخرج من الجرح فاشتبه عليهم الدم بالنبيذ ثم دعوا طبيبا آخر فسقاه لبنا فخرج اللبن من الطعنة صلدا أبيض فقال الطبيب : اعهد يا أمير المؤمنين عهدك فقال : لقد صدقنى ولو قال غير ذلك لكذب ؛ فبكى عليه القوم ». وقال أيضا : ( ص ١٤٥ ) : « فاحتمل الى بيته وانطلقنا معه وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ فقائل يقول : لا بأس عليه ، وقائل يقول : أخاف عليه ؛ فأتى بنبيذ فشربه فخرج من جوفه ثم أتى بلبن فشربه فخرج من جوفه فعلموا أنه ميت » ويقرب مما ذكر عبارات غيرهم.

فليعلم أن لابن عبد ربه تحقيقا نفيسا فى العقد الفريد تحت عنوان « الفرق بين الخمر والنبيذ » فقال : « اوّل ذلك أن تحريم الخمر مجمع عليه لا اختلاف فيه بين اثنين من الائمة والعلماء وتحريم النبيذ مختلف فيه بين الاكابر من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتابعين حتى لقد اضطر محمد بن سيرين مع علمه وورعه ان يسأل عبيدة السلمانى عن النبيذ ( الى آخر بحثه الطويل الدقيق المفيد الجامع للاطراف ) فان شئت ان تراجعه فراجع أواخر الكتاب أعنى أواخر فرش كتاب الفريدة الثانية فان المبحث موضوع لبيان الطعام والشراب فانجر الكلام الى الخمر المحرمة فى الكتاب فخاض فى التحقيق بما لا مزيد عليه.

وأنت خبير بأن ما أشرنا إليه للاطلاع على من أراد الوقوف على مذاهب المسلمين فى هذا المطلب والا فحكم النبيذ والخمر وغيرهما عند الشيعة فليطلب من كتب فقهاء الشيعة الاخذين بأحاديث الائمة المعصومين عليهم‌السلام فان المعتمد والمتبع عندهم ما ذهبت إليه أئمتهم المعصومون وهو معلوم عندهم ومذكور فى كتبهم فلا حاجة بنا الى الخوض فى ذلك.

__________________

(١) هذه القضية رواها جمهور المورخين وأرباب السير لكن مع اختلاف فى بعض خصوصياتها فقال الطبرى فى تاريخه ضمن ذكره حوادث السنة الرابعة عشر ما نصه :


فبعضكم يأخذ بهذه الرّواية وبعضكم يأخذ بتلك الرّواية وبعضكم لا يأخذ بهذه الرّواية

__________________

« وفيها أعنى سنة أربعة عشر ضرب عمر ابنه عبيد الله وأصحابه فى شراب شربوه وأبا محجن » ونقل العبارة بعينها ابن الاثير فى تاريخه ضمن حوادث السنة المشار إليها وقال ابن كثير فى البداية والنهاية ضمن حوادث سنة ١٤ : « وفى هذه السنة ضرب عمر بن الخطاب ابنه عبيد الله فى الشراب هو وجماعة معه » وقال ابن عبد ربه فى العقد الفريد تحت عنوان « من حد فى شرب الخمر وشهر بها » ( ج ٤ ؛ ص ٣٤١ من طبعة مصر سنة ١٣٥٤ ) : « ومنهم عبيد الله بن عمر بن الخطاب ، شرب بمصر فحده هناك عمرو بن العاص سرا فلما قدم على عمر جلده حدا آخر علانية » وحذا حذوهم جماعة يطول ذكر أساميهم.

وصرح جماعة من العلماء بأن المحدود من ولد عمر أبو شحمة عبد الرحمن بن عمر فلنشر الى كلمات بعضهم فقال ابن عبد البر فى الاستيعاب : « عبد الرحمن بن عمر الاوسط هو أبو شحمة وهو الّذي ضربه عمرو بن العاص بمصر فى الخمر ثم حمله الى المدينة فضربه أبوه أدب الوالد ثم مرض ومات بعد شهر هكذا يرويه معمر عن الزهرى عن سالم عن أبيه وأما أهل العراق فيقولون : انه مات تحت سياط عمر وذلك غلط وقال الزبير : أقام عليه عمر حد الشرب فمرض ومات » وذكر مثله ابن الاثير فى أسد الغابة ونقل ابن حجر فى الاصابة كلام ابن عبد البر وصححه وقواه ( انظر ج ٣ ؛ ص ٧٥ ) وقال المسعودى فى مروج الذهب عند ذكره ولد عمر : « وعبد الرحمن الاصغر وهو المحدود فى الشراب وهو المعروف بأبى شحمة » وقال ابن قتيبة فى المعارف عند ذكره أولاد عمر « وأما أبو شحمة بن عمر بن الخطاب فضربه عمر الحد فى الشراب وفى أمر آخر فمات ولا عقب له » أقول : الامر الاخر المذكور فى كلام ابن قتيبة هو الزنا كما صرح به الديار بكرى فى تاريخ الخميس عند ذكره أولاد عمر وذكر القصة مبسوطة ومفصلة ( انظر ص ٢٥٢ و ٢٥٣ من الجزء الثانى من النسخة المطبوعة


ولا بتلك الرّواية ويقول : لا أحلّه ولا أحرّمه ولكن أكرهه لاختلاف النّاس فيه.

__________________

بالمطبعة الوهبية بمصر سنة ١٢٨٣ ) وكذا أوردها الشبلنجى فى نور الابصار وكلاهما نقلاها عن الرياض النضرة لمحب الدين الطبرى وهى مذكورة فى الرياض فى ج ٢ ص ٣٢ كما أشار إليها الامينى (ره) فى سادس الغدير ( ص ٣١٧ ) وذكر الخطيب البغدادى القصة ناسبا اياها الى عبد الرحمن بن عمر فى تاريخ بغداد ( ج ٥ ؛ ص ٤٥٥ ـ ٤٥٦ ) وأورد القصة ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة عند ذكره افعالا تدل على محاسن سياسة عمر ( انظر اواسط الجزء الثانى عشر المنطبق على ص ١٢٣ من المجلد الثالث المطبوع بمصر سنة ١٣٢٩ ) الى غير ذلك ممن ذكر نظير كلامهم وقال الدميرى فى حياة الحيوان فى باب الدال المهملة عند البحث عن الديك تحت عنوان « فائدة » ترجع الى ذكر شيء من أحوال عمر ما نصه ( وكان اى عمر قد حد ابنه عبيد الله على الشراب فقال له وهو يحده : قتلتنى يا أبتاه فقال له : يا بنى اذا لقيت ربك فأخبره أن أباك يقيم الحدود ، والّذي فى السير أن المحدود فى الشراب ابنه الاوسط أبو شحمة واسمه عبد الرحمن وأمه أم ولد يقال لها لهيبة » وصرح الزبيدى فى تاج العروس فى شرح هذه العبارة من القاموس : « وأبو شحمة عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنهما » بأنه الّذي جلده أبوه.

أقول : قد علم مما ذكرنا وجود الخلاف فى المحدود من ابنى عمر وهما عبيد الله وعبد الرحمن فلا حاجة بنا الى الاطالة الا أن محمد بن حبيب البغدادى المتوفى سنة ٢٤٥ صرح فى كتابه المنمق بأن كليهما قد حدا ونص عبارته فى الكتاب المذكور تحت عنوان « أسماء من حد من قريش » ضمن من ذكر ( انظر ص ٤٩٦ من طبعة الكتاب بحيدرآباد ) : « وحد عمر أيضا ابنه أبا شحمة بن عمر وكان زنى بربيبة لعمر فضربه حدا فقال له وهو يضربه : يا أبتاه قتلتنى فقال له عمر : يا بنى اذا لقيت ربك فأعلمه أن أباك يقيم الحدود ، وحد عمر أيضا ابنه عبيد الله المقتول بصفين فى الخمر فحلف عبيد الله بعد ذلك أن لا يأكل عنبا ولا شيئا يخرج من العنب ، ولا تمرا ولا شيئا يخرج من التمر » فيستفاد منه صريحا


فمن يحرّمه منكم يروى الحديث ويأخذه عمّن يحلّله ويشربه ، ومن يحلّله منكم ويشربه يروى الحديث ويأخذه عمّن يحرّمه ؛ فاذا قيل لكم : كيف هذا؟ ـ

__________________

أن المحدود بسبب الزنا هو أبو شحمة والمحدود بسبب الخمر هو عبيد الله.

فليعلم أن الخوض فى هذا المطلب يقتضي تأليف كتاب فمن أراد البسط فى ذلك فليخض فيه فان المقام لا يسع أكثر من ذلك الا أن الاشارة الى أمر من المهم هنا وهو أن الامينى (ره) قد عنون هذه القضية في المجلد السادس من كتاب الغدير واعترض على فعل خليفة هذا بأنه لم يكن له ان يحد ابنه بعد ما حده عمرو بن العاص بمصر فمن أراده فليراجع الكتاب المذكور ( ج ٦ ؛ ص ٣١٦ ـ ٣٢٠ من الطبعة الثانية ) وقد صرح فى الكتاب المذكور بأن البيهقى أوردها فى السنن الكبرى ( ج ٨ ص ٣١٢ ) وابن الجوزى فى سيرة عمر ( ص ١٧٠ ) وفى ط ص ٢٠٧ والقسطلانى فى ارشاد السارى ج ٩ ؛ ص ٤٣٩ وصححه.

وممن اعترض على كيفية عمل الخليفة فى هذا المورد السيد مرتضى الرازى فى تبصرة العوام فانه ذكر فى الباب الثالث والعشرين الّذي عقده لتزييف أحاديث نقلتها العامة فى كتبهم ضمن البحث عن الحديث الثالث عشر ونص عبارته هكذا « حديث سيزدهم ـ گويند : شيطان در زمان عمر خلق را بفواحش نخواند ( فخاض فى تزييفه وبيان وجه بطلانه الى ان قال ) وشيعه عمر روايت كنند كه أبو شحمه پسر عمر بر زن يهوديه عاشق شد وخمر خورد وبا او فساد كرد وعمر او را حد زد وچون نود ونه دره بزد پسرش بمرد ودر موت او تازيانه ديگر بزد تا صد تمام شد. ودر اين حكايت سه مثال است كه در حق عمر پيدا كرده اند اوّل آنكه شك نيست كه پسر به پدر نزديكتر از أحباست چون شيطان در فساد كردن از عمر ترسيدى چگونه جانب او فروگذاشت وپسرش را اضلال كرد دوم آنكه ابو شحمه را دو حد واجب بود يكى حد خمر وديگر حد زنا وعمر يك حد براى او تعيين كرده وآن دو را داخل يكديگر ساخت واين جهل


قلتم : انّه متأوّل الحديث تحسّنون أمره وروايته وتصدّقونه وهو مروىّ عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه قال : ما أسكر كثيره فقليله حرام (١) وكلّ مسكر حرام (٢) وكلّ مسكر خمر (٣).

__________________

است زيرا كه حد خمر جدا زنند وتداخلشان روا نباشد وسوم آنكه گويند : بعد از مرگ پسر تازيانه ديگر بزد ، واين نسبت جهل است بعمر زيرا كه حدود از تكليف شرعى است وچون مرگ آمد تكليف منقطع شد وبعد از رفع تكليف اقامه حدود جهل است.

أقول : قد تصدى صاحب كتاب الاستغاثة لتزييف الرواية المشار إليها وهى : « روايتهم ان الشيطان كان لا يأمر بالمعاصي ايام عمر » ( انظر ص ١٤٩ ـ ١٥٠ ).

__________________

(١) قال السيوطى فى الجامع الصغير : « رواه أحمد فى مسنده وأبو داود فى سننه والترمذي فى سننه وابن حبان فى صحيحه عن جابر وأحمد فى مسنده والنسائى وابن ماجة فى سننهما عن ابن عمرو ».

(٢) قال السيوطى فى الجامع الصغير : « نقله أحمد فى مسنده والبخارى ومسلم فى صحيحيهما وأبو داود والنسائى وابن ماجة فى سننهم عن أبى موسى وأحمد فى مسنده والنسائى فى سننه عن أنس وأحمد فى مسنده وابن داود والنسائى وابن ماجة فى سننهم عن ابن عمر وأحمد فى مسنده والنسائى وابن ماجة فى سننهما عن أبى هريرة وابن ماجة عن ابن مسعود ».

(٣) قال السيوطى فى الجامع الصغير : « كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ومن شرب الخمر فى الدنيا فمات وهو يد منها لم يتب لم يشربها فى الآخرة ؛ أورده أحمد فى مسنده ومسلم فى صحيحه والاربعة أصحاب السنن عن ابن عمر بسند صحيح ».

فليعلم أن هذه الاحاديث قد رويت فى كتب الشيعة بطرقهم الصحيحة الموثوق بها فمن أراد الاطلاع عليها فليراجع مواردها التى منها المجلد الرابع عشر من البحار ( انظر باب الانبذة والمسكرات ؛ ص ٩١١ ـ ٩١٥ من طبعة أمين الضرب ) وكتاب وسائل الشيعة ( انظر باب تحريم كل مسكر وباب أن ما أسكر كثيره فقليله حرام ( ج ٣ من طبعة امير بهادر ص ٣١٨ ـ ٣١٧ ) ومستدرك الوسائل ؛ الى غير ذلك.


ثمّ يروى من يخالفه أنّ النّبيّ (ص) شربه (١) ، وأنّ عليّا (ع) شربه ، (٢) وأنّ ابن مسعود شربه ، ولا يكون كفر أعظم من تحليل ما حرّم الله وتحريم ما أحلّ الله.

__________________

(١) ذكرنا فيما تقدم أن أمثال هذه النسبة الى النبي (ص) من دس الوضاعين والمختلقين ( انظر ص ٢٦٩ ).

(٢) يشير به الى أمثال ما ذكره السيوطى فى الدر المنثور فى تفسير قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) ( آية ٤٣ من سورة النساء ) بهذه العبارة ( انظر ص ١٦٥ ج ٢ من النسخة المطبوعة ) : « أخرج عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائى وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم والنحاس والحاكم وصححه عن على بن أبى طالب قال : صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعانا وسقانا من الخمر فأخذت الخمر منا وحضرت الصلاة فقدمونى فقرأت ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ) ونحن نعبد ما تعبدون ، فأنزل الله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ). وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن على أنه كان هو وعبد الرحمن ورجل آخر شربوا الخمر فصلى بهم عبد الرحمن فقرأ ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) فخلط فيها فنزلت : ( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ). وأخرج ابن المنذر عن عكرمة فى الآية قال : نزلت فى أبى ـ بكر وعمر وعلى وعبد الرحمن بن عوف وسعد : صنع على لهم طعاما وشرابا فأكلوا وشربوا ثم صلى على بهم المغرب فقرأ ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) حتى خاتمتها فقال : ليس لى دين وليس لكم دين ، فنزلت : ( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ). وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والنسائى والنحاس والبيهقى فى سننه عن ابن عباس فى قوله : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) قال : نسخها انما الخمر والميسر ؛ الآية » ( الى غير ذلك فمن أرادها فليطلبها من ذلك الكتاب ) ».

أقول : لا يوجد مما نسب فى أمثال هذه الروايات المنفردة بروايتها العامة اثر فى كتب الشيعة كيف لا وهم قائلون بعصمة الائمة عليهم‌السلام كالانبياء عليهم الصلاة فلا يمكن أن يتفوه بمثلها شيعى فضلا عن ان يرويها ويصدقها فهى موضوعة ومختلفة قطعا اذ لا يمكن أن يرتكب أمير المؤمنين على ـ عليه‌السلام ـ شرب الخمر فى أى زمان كان.


ثمّ أنتم توثّقون الفريقين جميعا وتقبلون منهم الاحاديث لأنّ هذا ممّا تهوونه (١) فاذا أتاكم عن بعض من (٢) تروون عنه خلاف لهواكم فيما (٣) يشاكل (٤) هذا الباب ممّا (٥) يحلّله بعضكم ويحرّمه بعضكم نظرتم الى هواكم ؛ فان كان هواكم مائلا الى التّحريم حرّمتموه وزيّفتم من حلّله ، وان كان هواكم مائلا الى التّحليل حلّلتموه وزيّفتم من حرّمه ، فأنتم فقهاء أنفسكم انّما تأخذون من الفقهاء ما تهوون وتدعون من فقههم ما تكرهون فهذا أيضا من أعاجيبكم الّتي لا تنقضى كثرة (٦).

ثمّ قلتم فى السّارق : انّه لا يقطع فى أقلّ من عشرة دراهم ، وهذه الدّراهم انّما حدثت فى زمن الحجّاج ، وانّما كانت قبل ذلك وعلى عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مثاقيل ، ثمّ تروون عن النّبيّ (ص) أنّه قطع فى مجنّ قيمته ثلاثة دراهم فأنتم تحكمون برأيكم بلا كتاب ولا سنّة الاّ بما قبلتم من قول الخرّاصين.

وأجمعتم (٧) على أنّ قطع اليدين من الرّسغ (٨) بلا كتاب ولا سنّة وكان عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ يقطع السّارق من وسط الكفّ ويترك الزّاحة والابهام ، وكذلك أجمعتم (٩) على قطع الرّجل من المفصل وكان عليّ (ع) يقطع من وسطها و

__________________

(١) هو من هويه ( كعلم ) ويهواه اذا أحبه ومنه قول العباس بن الاحنف :

« أسرب القطا هل من يعير جناحه

لعلى الى من قد هويت أطير »

ومنه قول ابن أبى الحديد فى عينيته المشهورة فى وصف أمير المؤمنين عليه‌السلام :

« ورأيت دين الاعتزال واننى

أهوى لاجلك كل من يتشيع »

(٢) غير ح : « عن بعض ما ».

(٣) غير ح : « ما ».

(٤) ح : « شاكل ».

(٥) غير ح : « عما ».

(٦) ح : « كثرتها ».

(٧) فى النسخ : « واجتمعتم ».

(٨) س مج مث : « من الرصغ » ( بالصاد المهملة ) قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : ان كمه كان الى رصغه ؛ هى لغة فى الرسغ وهو مفصل ما بين الكف والساعد ».

(٩) فى النسخ : « اجتمعتم ».


يترك العقب يمشى عليها [ وكان يروى ذلك عن النّبيّ (ص) (١) ] فقلتم : انّ النّبيّ قال : الاختلاف (٢) رحمة وقد قال الله تعالى : ( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ * وَما تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ) (٣) فأخبر تبارك وتعالى أنّه كبر على المشركين أن دعاهم أن يقيموا الدّين ولا يتفرّقوا فيه فنهى عن التّفرّق فنسبتم ذلك الى النّبيّ (ص) وزعمتم أنّه قال : الاختلاف (٤) رحمة.

ثمّ رويتم على عمر أنّه نهى أن يتزوّج العجم فى العرب وقال : لأمنعنّ فروجهنّ الاّ من الاكفاء (٥) ؛ وقد زوّج رسول الله (ص) العربيّات من الموالى وقد قال الله تبارك

__________________

(١) ما بين الحاصرتين فى مث ق س فقط.

(٢) كذا فى النسخ والوارد فى الحديث : « اختلاف أمتى ».

(٣) آية ١٣ وصدر آية ١٤ سورة الشورى.

(٤) كذا فى النسخ والحديث المشهور الوارد : « اختلاف أمتى ».

(٥) قال الطبرى فى المسترشد ضمن تعداده ما نقم المسلمون على عمر ما نصه ( ص ١٤٢ من طبعة النجف ) : « ومما نقموا عليه ما أحدث فى الفروج وقوله : لا أمتعن فروج ذوات الاحساب الا من الاكفاء ، فمضت السنة بذلك الى اليوم وجرى الحكم بالحكمية والعصبية والكتاب ينطق بخلاف ذلك والسنة جاءت باجماع الامة على أن رسول الله عمل فى ذلك بخلاف ما عمله الثانى وسنه ». وقال مصنف كتاب الاستغاثة فى بدع الثلاثة ما نصه ( ص ٥٣ ـ ٥٤ من طبعة النجف ) : « ومن بدعه ( أى عمر ) فى النكاح أن رسول الله (ص) جعل المسلمين أكفاء بعضهم لبعض فى النكاح من غير أن يميز فى ذلك قرشيا ولا عربيا ولا عجميا ولا مولى وقال فيما نقل عنه باجماع : من جاءكم خاطبا ترضون دينه وأمانته فزوجوه ان لا تفعلوا تكن فتنة فى الارض وفساد كبير


وتعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ

__________________

وقال فى حجة الوداع : المؤمنون اخوة تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد واحدة على من سواهم ، وقوله هذا عليه‌السلام موافق لقول الله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ) ولم يميز الله ورسوله (ص) بين المؤمنين فى حال من الاحوال بوجه من الوجوه وسبب من الاسباب ، فميزهم عمر فأطلق تزويج قريش فى سائر العرب والعجم ؛ وتزويج العرب فى سائر العجم ، ومنع العرب من التزويج فى قريش ، ومنع العجم من التزويج فى العرب ؛ فأنزل العرب فى قريش منزلة اليهود والنصارى ، وأنزل العجم فى سائر العرب كذلك اذ أطلق الله تعالى للمسلمين التزويج فى أهل الكتاب ولم يطلق تزويج أهل الكتاب فى المسلمين وقد زوج رسول الله (ص) ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب من المقداد بن الاسود الكندى وكان مولى لبنى كندة ثم قال (ص) : أتعلمون لم زوجت ضباعة بنت عمى من المقداد؟ ـ قالوا : لا ، قال (ص) : ليتضع النكاح فيناله كل مسلم ولتعلموا أن أكرمكم عند الله أتقاكم فمن يرغب بعد هذا عن فعل الرسول فقد رغب عن سنة الرسول ، وقال (ص) : من رغب عن سنتى فليس منى. وقيل لامير المؤمنين عليه‌السلام : أيجوز تزويج الموالى بالعربيات؟ ـ فقال : تتكافأ دماؤكم ولا نتكافأ فروجكم؟! » ونظيره ما قال المجلسى فى ثامن البحار ضمن ما عده من بدع عمر تحت عنوان « الطعن الرابع من مطاعنه » ما نصه ( ص ٣٠٢ من طبعة أمين الضرب ) : « ومنها ـ ما روى أن عمر أطلق تزويج قريش فى سائر العرب والعجم ، وتزويج العرب فى سائر العجم ، ومنع العرب من التزويج فى قريش ، ومنع العجم من التزويج فى العرب فأنزل العرب. مع قريش والعجم مع العرب منزلة اليهود والنصارى ؛ اذ اطلق تعالى للمسلمين التزويج فى أهل الكتاب ( فساق الكلام نحو ما نقلناه عن مصنف كتاب الاستغاثة حرفا بحرف ) وقال ابن أبى جمهور الاحسائى فى كتاب المجلى عند ذكره الامور التى بدعها الثانى بعد النبي ( ص ٤٤٠ من النسخة المطبوعة ) : « السابع والثامن أنه منع الناس من التزويج فى قريش ، وأنه منع العجم


حِلٌّ لَهُمْ ) ، ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ

__________________

من التزويج فى العرب ، وذلك شيء اخترعه وبدعه ... لم ينقله عن النبي (ص) وانما هو رأى اخترعه واستحسان سنح له وأجرى الناس عليه مع أنه من المعلوم من الدين المحمدى خلاف ذلك فانه يقول : المسلمون أكفاء بعضهم من بعضهم فليس لاحد حينئذ على أحد فضل ولا مزية الا بزيادة الصلاح والتقوى لان الله سبحانه يقول : ان اكرمكم عند الله أتقاكم ، وفى الحديث القدسى : الجنة لمن أطاعنى وان كان عبدا حبشيا ، والنار لمن عصانى وان كان سيدا قرشيا ؛ فلا مزية لاحد على أحد من أهل الاسلام العربى والمولى والقرشى وغيره ، والهاشمى ومن ليس بهاشمى ؛ فلا يصح منع أحد من المسلمين من نكاح المسلمة فانه كفؤ لها بنص النبي (ص) ففعل عمر ذلك ردا لما جاءت به الشريعة الاحمدية ».

وقال المحدث النورى فى نفس الرحمن فى أوائل الباب الثانى نقلا عن الاختصاص للمفيد « قال : بلغنى أن سلمان الفارسى (رض) دخل مسجد رسول الله (ص) ذات يوم فعظموه وقدموه وصدروه اجلالا لحقه واعظاما لشيبته واختصاصه بالمصطفى وآله (ع) فدخل عمر ونظر إليه فقال : من هذا العجمى المتصدر فيما بين العرب؟! فصعد رسول الله (ص) المنبر فخطب فقال : ان الناس من عهد آدم الى يومنا هذا مثل أسنان المشط لا فضل للعربى على العجمى ولا الاحمر على الاسود الا بالتقوى ؛ سلمان بحر لا ينزف وكنز لا ينفد ، سلمان منا أهل البيت ، سلسل يمنح الحكمة ويؤتى البرهان ( انتهى الحديث وقال المحدث النورى : ) يظهر من هذا الخبر ومما يأتى فى باب تزويجه أن عمر كان ببغض سلمان بل كل عجمى ويتجاهر بعداوتهم ويمنع من تزويجهم من العرب كما يأتى ويتعدى عليهم بما كان يمكنه من الجور والاذى ففى بعض الاخبار المعتبرة أنه منعهم من بيت المال الا قليلا فشكوا الى أمير المؤمنين (ع) فأمرهم بالتجارة ودعا لهم بالبركة فيها وفى بعضها كما يأتى أنه سن ديتهم على النصف من دية العرب ، وان يرثهم العرب ولا يرثونهم ، ولا يؤم أحد منهم العرب فى صلاة ( الى آخر ما قال ) » أقول : يريد


إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ ، وَمَنْ يَكْفُرْ

__________________

ببعض الاخبار المعتبرة المشار إليه ما رواه الكلينى فى الكافى فى آخر باب النوادر من كتاب المعيشة ( وهو آخر حديث من كتاب المعيشة ؛ انظر ج ٥ طبع دار الكتب الاسلامية ص ٣١٨ ـ ٣١٩ ) : « أحمد بن محمد العاصمى عن محمد بن أحمد النهدى عن محمد بن على عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبى قرة عن أبى عبد الله (ع) قال : أتت الموالى أمير المؤمنين فقالوا : نشكو أليك هؤلاء العرب ان رسول الله (ص) كان يعطينا معهم العطايا بالسوية ، وزوج سلمان وبلالا وصهيبا وأبوا علينا هؤلاء وقالوا : لا نفعل ، فذهب إليهم أمير المؤمنين (ع) فكلمهم فيهم فصاح الاعاريب : أبينا ذلك يا أبا الحسن أبينا ذلك ، فخرج وهو مغضب يجر رداءه وهو يقول : يا معشر الموالى ان هؤلاء قد صيروكم بمنزلة اليهود والنصارى يتزوجون إليكم ولا يزوجونكم ولا يعطونكم مثل ما يأخذون فاتجروا بارك الله لكم فانى قد سمعت رسول الله (ص) يقول : الرزق عشرة أجزاء تسعة أجزاء فى التجارة وواحدة فى غيرها » ونقل المجلسى الحديث فى تاسع البحار فى باب أحوال سائر أصحابه ( ص ٦٣٨ من طبعة أمين الضرب ) ولم يورد له بيانا لكنه قال فى مرآة العقول فى شرح الحديث ما نصه : « وقال المطرزى فى المغرب : ان الموالى بمعنى العتقاء لما كانت غير عرب فى الاكثر غلبت على العجم حتى قالوا : الموالى أكفاء بعضها لبعض والعرب أكفاء بعضها لبعض ، وقال عبد الملك فى الحسن البصرى : أمولى هو أم عربى فاستعملوهما استعمال الاسمين المتقابلين ( انتهى ) ».

وقال سليم بن قيس الهلالى فى كتابه ضمن كتاب كتبه معاوية الى زياد بن سمية ما نصه ( ص ١٠٢ ـ ١٠٤ من النسخة المطبوعة بالنجف ) : « وانظر الى الموالى ومن أسلم من الاعاجم فخذهم بسنة عمر بن الخطاب فان فى ذلك خزيهم وذلهم أن تنكح العرب فيهم ولا ينكحونهم ، وأن يرثوهم العرب ولا يرثوا هم العرب ، وأن تقصر بهم فى عطائهم وأرزاقهم ، وأن يقدموا فى المغازى يصلحون الطريق ويقطعون


بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ ) (١) فكلّ ما أحلّه (٢) الله وأمر به فهو

__________________

(١) من آية ٥ سورة المائدة.

(٢) ح : « أحل ».

__________________

الشجر ، ولا يؤم أحد منهم العرب فى صلاة ، ولا يتقدم أحد منهم فى الصف الاول اذا حضرت العرب الا ان يتموا الصف ، ولا تول أحدا منهم ثغرا من ثغور المسلمين ولا مصرا من أمصارهم ، ولا يلى أحد منهم قضاء المسلمين ولا أحكامهم فان هذه سنة عمر فيهم وسيرته ( الى ان قال ) وفى رواية أخرى يا أخى لو لا أن عمر سن دية الموالى على النصف من دية العرب وذلك أقرب للتقوى لما كان للعرب فضل على العجم فاذا جاءك كتابى هذا فأذل العجم وأهنهم وأقصهم ولا تستعن بأحد منهم ولا تقض لهم حاجة فو الله انك لابن أبى سفيان خرجت من صلبه ( الى آخر الكتاب ) ». أقول : نقله المجلسى فى ثامن البحار فى باب نوادر الاحتجاج على معاوية ( انظر ص ٥٨١ من طبعة أمين الضرب ) ونقل المحدث القمى فى سفينة البحار فى « عجم » ما نقلناه هنا ( انظر ص ١٦٥ من ج ٢ ) ونقله المحدث النورى فى نفس الرحمن فى الباب الرابع عشر بعد أن ذكر أن ما أفتى به المخالفون بأن العجمى ليس بكفو للعربية قد أخذوه من عمر ، وقد نقل هناك أيضا أن العلامة قال فى التذكرة « اعتبر كثير من الشافعية النسب على ما تقدم فالعجمى ليس كفوا للعربية والعربية بعضهم أكفاء بعض فلا تكافئهم الموالى وبه قال أبو حنيفة لقوله (ع) : ان الله اختار العرب من سائر الامم واختار من العرب قريشا ؛ الحديث ، ورووا عنه (ع) أنه قال : قريش بعضهم أكفاء لبعض قبيلة لقبيلة والموالى بعضهم أكفاء لبعض لرجل رجل اى يعتبر نسبهم ثم قال (ره) : وعندنا نحن ان النسب لا اعتبار به بل يجوز لوضيع النسب ان يزوج بشريفه حتى ان العبد يجوز ان يتزوج بالعلوية الشريفة وهو أحد قولى الشافعى لعموم قوله تعالى ( فَانْكِحُوا ) الآية ( الى آخر ما ذكره ) » وذكر المحدث النورى فى الباب المشار إليه فوائد اخر لم نذكرها فمن أرادها فليراجع الكتاب


من الايمان. فرويتم على عمر أنّه نهى عمّا أحلّه الله وقد قال الله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ ) ( الى قوله ) ( إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً ) (١). ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ ) (٢) فأحلّ الله ما وراء ذلك ممّا سمّاه (٣) أنّه حرمة فاعترضتم أمره فنهيتم النّاس عمّا أحلّ الله ثمّ نسبتموه الى عمر فقلتم : هى سنّة عمر وما سنّه عمر فهو (٤) حقّ وان خالف (٥) قول الله وسنّة رسول الله (ص) ، فصرتم

__________________

وهذا هو المراد بما ذكره : « ومما يأتى فى باب تزويجه » كما نقلناه فيما مر من كلامه.

أقول : أما سيرة أمير المؤمنين على ـ عليه‌السلام ـ كانت على خلاف سيرة عمر فى قسمة العطايا وذلك يطلب من محله من أحوال أمير المؤمنين وترجمته ويدل عليه ما نقله المفيد ـ قدس الله روحه فى مجالسه بهذه العبارة « قال : حدثنى أبو الحسن على بن بلال المهلبى ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن راشد الاصفهانى ، قال : حدثنا ابراهيم بن محمد الثقفى ، قال : حدثنا على بن عبد الله بن عثمان ، قال : حدثنى على بن سيف ، عن على بن أبى حباب ، عن ربيعة وعمارة وغيرهما ، أن طائفة من أصحاب أمير المؤمنين على بن أبى طالب (ع) مشوا إليه عند تفرق الناس عنه وفرار كثير منهم الى معاوية طلبا لما فى يديه من الدنيا فقالوا له : يا أمير المؤمنين أعط هذه الاموال وفضل هؤلاء الاشراف من العرب وقريش على الموالى والعجم ومن يخاف خلافه عليك من الناس وفراره الى معاوية فقال لهم أمير المؤمنين (ع) : أتأمروني أن أطلب النصر بالجور؟! لا والله لا أفعل ما طلعت شمس ولا ح فى السماء نجم ( الى آخر ما قال فمن أراده فليراجع الكتاب المذكور ص ٩٥ من طبعة النجف سنة ١٣٥١ ه‍. ) »

__________________

(١) آية ٢٣ سورة النساء.

(٢) صدر آية ٢٤ سورة النساء.

(٣) ح مث مج س : « سمى ».

(٤) س : « فهى ».

(٥) ح : « وان خالفت ».


تفرّقون بين العربيّة والموالى بلا كتاب وسنّة وقلتم : انّ عمر قال : تزوّجوا فيهم ولا تزوّجوهم ؛ فصيّرتم الموالى بمنزلة أهل الكتاب من اليهود والنّصارى الّذين (١) يحلّ لنا أن نتزوّج فيهم ولا يتهيّأ لنا أن نزوّجهم ، ونسبتم ذلك الى عمر فأىّ وقيعة أشدّ من وقيعتكم على عمر وما تروون عليه؟!

ثمّ زعمتم فى بعض أقاويلكم وأحكامكم أنّ القاضى اذا فرّق بين امرأة وزوجها بشهادة شاهدين ثمّ رجع الشّاهدان عن شهادتهما وتابا وأقرّا أنّهما شهدا بزور أنّ المرأة لا تردّ الى زوجها وأنّ تلك الفرقة جائزة عليهما أبدا ولها أن تنكح الأزواج وأن يتزوّجها (٢) أحد الشّاهدين الّذين شهدا بالزّور فنكاحه حلال جائز له فزعمتم أنّ الّذي يكون به الفرقة لا يكون به الاجتماع فأبطلتموه من وجه وأثبتّموه من الجهة (٣) الّتي بها أبطلتموه ليس (٤) عندكم بذلك حجّة من كتاب الله ولا سنّة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وزعمتم فى حكمكم أنّ المملوكة المتزوّجة لا يحلّ لمولاها أن يفرّق بينها وبين زوجها ولا يخرجها من ملك الزّوج الاّ بموت (٥) أو طلاق الزّوج والله تبارك وتعالى يقول فى كتابه : ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ ) (٦) فاستثنى جلّ ثناؤه الاّ ما ملكت أيمانكم فلم تجيزوا ما استثنى الله ولا ما أحلّ كأنّكم الحكّام عليه فحرّمتم الأمة على مولاها وجعلتم الزّوج أملك ببضعها الاّ أن يطلّق او يموت. وزعمتم أنّه ان باعها لم يكن للمشترى أن يطأها وبضعها محرّم عليه والله تعالى يقول بعد الاستثناء : ( يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) (٧) فلم تقبلوا ما بيّن لكم ولا ما استثنى فما

__________________

(١) غير ج : « الّذي ».

(٢) غير ح : « تزوجها ».

(٣) ح : « وأجزتموه من جهته ».

(٤) ح : « وليس ».

(٥) كذا.

(٦) من آية ٢٤ سورة النساء.

(٧) آية ٢٦ سورة النساء.


الّذي يعاب به قوم (١) أكثر من أنّ الله بعث إليهم رسولا وأنزل معه عليهم كتابا وأمرهم أن يتّبعوه وأمر نبيّه أن يحكم بينهم بما أنزل الله فى كتابه فأحلّ لهم المحصنات ممّا ملكت أيمانهم فلم يقبلوا منه وزعموا أنّ ما أحلّ (٢) من ذلك لهم غير حلال (٣) ولو وجدتم مثلها من الشّنعة على الشّيعة لقمتم بها وقعدتم.

وزعمتم فيما رويتم أنّ ما دون الشّرك مغفور لكم وأنّ الشّرك لا يكون الاّ أن يدعوا مع الله إلها آخر فاذا لم يفعلوا فما دون ذلك مغفور لهم (٤) وأنتم تروون عن النّبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه قال : (٥) الشّرك أخفى [ فى أمّتى ] من دبيب النّمل فى ليلة ظلماء على صفاة سوداء. وتروون أنّه قال : أيسر الرّياء شرك فانظروا ما كتب الله تبارك وتعالى على من يقول بهذا القول فى قوله : فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون : سيغفر لنا ، وان يأتهم عرض مثله يأخذوه ( أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) (٦) ( وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ) (٧) انظروا ؛ من الّذين يمسّكون بالكتاب؟ الّذين يقولون : انّ الحكم فيه وبه؟ أو الّذين يقولون : انّ الحكم ليس فيه ولا به؟!

__________________

(١) ليس فى ج.

(٢) مج مث س ق : « وزعموا أنه أحل ».

(٣) ح : « غير ما هو حلال ».

(٤) فى النسخ : « لكم » ولا يستقيم الكلام مع ضمير الخطاب الا ان يغير صيغة : « ان يدعوا » و « لم يفعلوا » الى صيغة الخطاب.

(٥) فى الجامع الصغير نقلا عن مستدرك الحاكم وحلية أبى نعيم : « الشرك أخفى فى أمتى من دبيب النمل على الصفا فى الليلة الظلماء وأدناه أن تحب على شيء من الجور او تبغض على شيء من العدل ، وهل الدين الا الحب فى الله والبغض فى الله قال الله تعالى : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ».

(٦ و ٧) آيتا ١٦٩ و ١٧٠ من سورة الاعراف.


ثمّ انظروا الى إباحتكم المعاصى وزعمكم (١) أنّها مغفورة اذا لم نعبد (٢) مع الله إلها آخر ، والى تزكيتكم أنفسكم والله يقول : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ) (٣) ( انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً ) (٤) وانظروا كيف وكّد الله على الحكّام فقال : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً ) (٥) وانّما أمر الله أن يحكم (٦) بالعدل قوما يحسنون أن يحكموا به وهم لا يعرفونه فاذا كان أحدكم يحلّ شيئا يحرّمه صاحبه وكلا الأمرين عندكم حقّ فأين المنهىّ عنه؟! وأين المحرّم منه؟! وأين الّذي يردّ الى الله والى رسوله والى اولى الأمر؟! ولو جهد جاهد على أن يأتى باطلا فى اختلافكم ما قدر عليه اذا كان كلّه عندكم حقّا ولو لا أنّ الحقّ مخالف للباطل والعدل مخالف للجور ما عرف أحدهما من صاحبه ، وكذلك الأشياء كلّها انّما عرفت بمباينة بعضها لبعض ولو لا ذلك ما عرف حقّ من باطل ، ولا حسن من قبيح ، ولا إنسان من إنسان ولا ذكر من انثى ولا شيء من شيء.

وزعمتم أنّه لا يذكر رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لا عند الذّبيحة ولا عند الجماع (٧) [ قيل لكم : فما بال الجماع؟ (٨) فلم يكن عندكم الاّ قبول قول الخرّاصين وقلتم : هكذا روينا عمّن كان قبلنا (٩) ] قيل لكم : فانّ الوضوء والأذان والصّلاة والمناسك وكلّ ما يتقرّب به الى الله خالصا لا يقبل منه الاّ ما كان خالصا فقد بان منكم فى قياس قولكم أن لا يذكر فى الوضوء ولا فى الأذان ولا فى الصّلاة ولا فى شيء يتقرّب به

__________________

(١) ج : « وزعمتم ».

(٢) س : « لم تعبد » ح : « لم يعبد ».

(٣ و ٤) هما آيتان ( ٤٩ و ٥٠ ) من سورة النساء.

(٥) آية ٥٨ سورة النساء.

(٦) هاتان الكلمتان لم تذكرا فى ج.

(٧) ح : « الجماعة ».

(٨) كذا ولعل الاصل قد كان : « فما بال الذبيحة والجماع؟! ».

(٩) ما بين المعقفتين ليس فى ح ج مث.


الى الله وأنّ كلّ ما يذكر فيه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ [ غير خالص لله وأنّه شرك وأىّ شرك أشرك أو كفر أكفر ولا أشنع من قول قائل : انّ كلّ ما ذكر فيه رسول الله (ص) (١) ] [ فصلّى عليه (٢) ] فهو شرك وليس هو لله خالصا ، فانظروا الى صدّكم النّاس عن ذكر رسول الله (ص) والصّلاة عليه والله يقول : ( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) (٣) ففسّره المفسّرون أنّه عنى ان لا أذكر فى موطن الاّ ذكرت معى ؛ فزعمتم أنّ ذكر رسول الله (ص) مع الله شرك (٤).

[ ذكر القنوت

وأجمعتم على ترك القنوت (٥) ] وزعمتم أنّ القنوت بدعة (٦) وقد أمر الله تبارك وتعالى به فى كتابه فقال عزّ وجلّ : ( وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) (٧) وقال : ( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (٨) وقال : ( يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ) (٩) [ فزعمتم أنّ ما أمر الله به (١٠) من القنوت الطّاعة انّما قال : قوموا لله مطيعين ، وانّ ابراهيم كان أمّة مطيعا لله ، ويا مريم أطيعى الله (١١) واسجدى ، وأنتم

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس فى ح.

(٢) « فصلى عليه » ليس فى النسخ ولكنه لازم حتى يستقيم المعنى.

(٣) آية ٤ سورة الانشراح.

(٤) هنا تم ما لم يكن فى م وكان فى نسخ ج ح س ق مج مث فقط.

(٥) ما بين الحاصرتين فى م فقط.

(٦) هذه الجملة ليست فى م.

(٧) ذيل آية ٢٣٨ من سورة البقرة وصدرها : « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ».

(٨) آية ١٢٠ سورة النحل.

(٩) آية ٤٣ سورة آل عمران.

(١٠) ح : « أنما أراد به الله ».

(١١) س ق ج مج مث : « لله ».


تروون أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قد قنت فى صلاته ودعا على المشركين وتروون أنّ أبا بكر وعمر قد قنتا ، وأنّ عليّا ـ صلوات الله عليه ـ قنت فلعن (١) معاوية وأصحابه ؛ فالقنوت فى الصّلاة معروف غير مجهول (٢) ] وانّما القنوت دعاء قال الله تعالى : ( وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ ) (٣) [ وقال : ( قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ ) (٤) وقد كذبتم ] فمن المكذّب (٥) بالدّعاء (٦)؟! القانت الدّاعى أو من [ ترك الدّعاء؟! وقد صيّره الله عزّ وجلّ (٧) ] عبادة فنهيتم النّاس عنها وقلتم : من قنت فهو صاحب بدعة وهوى ...!

[ وروى جرير عن يزيد بن أبى زياد (٨) عن عبد الرّحمن بن أبى ليلى قال :

__________________

(١) غير ح جميعا : « وأن عليا (ص) يلعن ».

(٢) ما بين المعقفتين ليس فى م.

(٣) آية ٦٠ سورة المؤمن.

(٤) صدر آخر آية سورة الفرقان ؛ وليعلم أن ما بين المعقفتين ليس فى م.

(٥) م : « فمن الكاذب ».

(٦) كلمة « بالدعاء » فى م فقط.

(٧) غير م : ( بدل ما فى المتن ) : « ترك ذلك فقد صير الله الدعاء ».

(٨) فى الاصل : « بريد ( بالياء الموحدة والراء المهملة ) بن أبى زياد » وهو مصحف قطعا ؛ قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « يزيد بن أبى زياد القرشى الهاشمى أبو عبد الله مولاهم الكوفى رأى أنسا وروى عن مولاه عبد الله بن الحارث بن نوفل وابراهيم النخعى وعبد الرحمن بن أبى ليلى ( الى ان قال ) وعنه اسماعيل بن أبى ـ خالد ( الى ان قال ) والسفيانان وجرير بن عبد الحميد وعلى بن مسهر ومحمد بن فضيل وآخرون قال النضر بن شميل عن شعبة كان رفاعا وقال على بن المنذر عن ابن فضيل : كان من أئمة الشيعة الكبار ( الى آخر ما ذكره من ترجمته المبسوطة فمن أرادها فليراجع تهذيب التهذيب ) فعلم أن المراد من جرير المذكور فى صدر السند هو جرير بن عبد الحميد المشار إليه فى كلام ابن حجر.


صلّيت خلف عمر الفجر فقرأ فى الرّكعة الاولى سورة (١) يوسف ثمّ قام فقرأ فى الرّكعة الثّانية اذا زلزلت فقنت ؛ فسمعت منه ما بين السّجدتين (٢) : اللهمّ انّا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ، القنوت ؛ الى آخره (٣) ].

__________________

(١) فى الاصل : « بسورة ».

(٢) كذا صريحا فى الاصل.

(٣) هذه الرواية المذكورة بين المعقوفتين فى م فقط وليس فى سائر النسخ منها أثر. ثم ليعلم أن قول المصنف (ره) : « الى آخره » اشارة الى أن هذا المطلب معروف مشهور معلوم عند الناظرين فى الكتاب ولذا لم يذكره الى آخره وهو كذلك فلنشر الى بعض ما يدل على ذلك ؛ قال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب فى أوائل الدليل الثامن ( انظر ص ١٧٣ ) ما نصه :

« و ـ السيوطى فى الاتقان أخرج الطبرانى فى الدعاء من طريق عباد بن يعقوب الاسدى عن يحيى بن يعلى الاسلمى عن ابن لهيعة عن أبى هبيرة عن عبد الله بن رزين الغافقى قال : قال لى عبد الملك بن مروان : لقد علمت ما حملك على حب أبى تراب الا أنك أعرابى جاف فقلت : والله لقد جمعت القرآن من قبل ان يجتمع أبواك ولقد علمنى منه على بن أبى طالب عليه‌السلام سورتين علمهما اياه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ما علمتهما أنت ولا أبوك [١] اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونثنى عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك [٢] اللهم اياك نعبد ، ولك نصلى ونسجد ، وأليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك الحد ، ان عذابك بالكفار ملحق. ز ـ وفيه : أخرج البيهقى من طريق سفيان الثورى عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال : بسم الله الرحمن الرحيم اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونثنى عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك بسم الله الرحمن الرحيم اللهم اياك نعبد ، ولك نصلى ونسجد ، وأليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى نقمتك ، ان عذابك بالكافرين ملحق. قال ابن جريج : حكمة البسملة أنها سورتان فى مصحف بعض الصحابة. ح ـ وفيه وفى مجمع الزوائد : وأخرج الطبرانى بسند صحيح عن أبى اسحاق قال : أنبأنا أمية بن عبد الله بن


[ و (١) الله تبارك وتعالى يقول : ( إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ

__________________

(١) من هنا أعنى « والله تبارك وتعالى يقول : ( إِنَّ الَّذِينَ ) » الى ما يأتى من قوله تعالى : ( كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) ليس فى م لكنه موجود فى سائر النسخ الست جميعا.

__________________

خالد بن أسيد بخراسان فقرأ بهاتين السورتين : انا نستعينك ونستغفرك. ط ـ وفيه : وأخرج البيهقى وأبو داود فى المراسيل عن خالد بن أبى عمران أن جبرئيل نزل بذلك على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مع قوله تعالى : ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ). ى ـ السيوطى فى الدر المنثور على ما نقل عنه : أخرج ابن الضريس عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن أبيه قال : صليت خلف عمر بن الخطاب فلما فرغ من السورة الثانية قال : اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونثنى عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم اياك نعبد ولك نصلى ونسجد ، وأليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، ان عذابك بالكفار ملحق. وفى مصحف ابن عباس : قراءة أبى وأبى موسى : بسم الله الرحمن الرحيم اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونثنى عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. يا ـ الراغب فى المحاضرات : أثبت زيد سورتى القنوت فى القرآن ».

وقال أيضا المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب فى أوائل الدليل السادس الّذي هو فى بيان أن هذا المصحف الموجود غير شامل لتمام ما فى مصحف أبى بن كعب فيكون غير شامل لتمام ما نزل اعجازا لصحة ما فى مصحف أبى واعتباره ضمن ذكره أدلته على مدعاه ما نصه ( انظر ص ١٤٦ ) : « يب ـ السيوطى فى الاتقان : وفى مصحف ابن مسعود : مائة واثنتا عشرة سورة لانه لم يكتب المعوذتين وفى مصحف أبى ست عشرة لانه كتب فى آخره سورتى الحفد والخلع ( فذكر أحاديث فى هذا المضمون ثم قال : ) قلت : ويأتى لهاتين السورتين طرق أخر » فمن أرادها فليراجع الكتاب.

أقول : ذكر السيوطى أحاديث هاتين السورتين فى آخر تفسيره الدر المنثور


إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (١) فأىّ

__________________

(١) آية ٥٦ سورة المؤمن.

__________________

بعد سورتى المعوذتين والاحاديث المشار إليها كثيرة جدا بحيث لا يسعها المقام فمن أرادها فليراجع الكتاب المذكور تحت عنوان « ذكر ما ورد فى سورة الخلع وسورة الحفد » ( انظر ج ٦ ؛ ص ٤٢٠ ـ ٤٢٢ ) وعبارة الراغب فى المحاضرات تحت عنوان « ومما جاء فى مبدأ القرآن ونزوله » ( راجع ج ٢ ؛ ص ٢٥ من طبعة مصر سنة ١٢٨٧ ) وتصدى الشيخ جواد البلاغى (ره) فى تفسير آلاء الرحمن تحت عنوان « الامر الرابع مما ألصقوه بكرامة القرآن المجيد ما رواه فى الاتقان والدر المنثور » لرد هذه الاخبار وتزييفها ( فان أردت أن تلاحظ كلامه فراجع ج ١ ؛ ص ٢٣ ـ ٢٤ ).

وأيضا قال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب ضمن ما قال تحت عنوان « الدليل السابع » : « وأما الاخبار فهى كثيرة » فخاض فى ذكرها الى أن قال ( ص ١٥٥ ) ما نصه : د ـ العلامة رحمه الله فى بحث القنوت من التذكرة : روى واحد من الصحابة سورتين احداهما ـ اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونستهديك ونستنصرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثنى عليك الخير كله ونشكرك ولا نكفرك ونخلع من يفجرك والثانية ـ اللهم اياك نعبد ، ولك نصلى ونسجد ، وأليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ان عذابك بالكفار ملحق ، فقال عثمان : اجعلوهما فى القنوت ولم يثبتهما فى المصحف لانفراد الواحد وكان عمر يقنت بذلك ؛ ولم ينقل ذلك من طريق أهل البيت عليهم‌السلام فلو قنت بذلك جاز لاشتماله على الدعاء ( انتهى ) قلت : قال الشيخ محمد المشهدى المقدم على العلامة فى المزار الكبير : أخبرنى الشيخ الجليل مسلم بن نجم البزاز الكوفى عن أحمد بن محمد المقرى عن عبد الله بن حمدان المعدل عن محمد بن اسماعيل عن أبى نعيم حمزة الزيات عن حبيب بن أبى ثابت عن عبد الرحمن


سلطان ( أتاكم ) فأخبركم أنّه ليس فى كتاب الله ولا فى سنّة رسول الله (ص) ما يحتاج

__________________

بن الاسود الكاهلى وأخبرنى الفقيه الجليل العالم أبو المكارم حمزة بن زهرة الحسينى الحلبى املاء من لفظه وأرانى المسجد وروى لى هذا الخبر عن رجاله عن الكاهلى قال : قال : ألا تذهب بنا الى مسجد أمير المؤمنين عليه‌السلام فنصلى فيه؟ قلت : وأى المساجد هذا؟ قال : مسجد بنى كاهل وانه لم يبق منه سوى أسه وأس ميذنته قلت : حدثنى بحديثه قال : صلى بنا على بن أبى طالب عليه‌السلام فى مسجد بنى كاهل الفجر فقنت بنا فقال : اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونستهديك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثنى عليك الخير كله تشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من ينكرك ، اللهم اياك نعبد ، ولك نصلى ونسجد ، وأليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، ان عذابك بالكفار ملحق ، اللهم اهدنا فيمن هديت ؛ الدعاء. ورواه فى البحار عن مزار الشهيد عن حبيب بن أبى ثابت مثله والسيد عبد الكريم بن طاوس المعاصر للعلامة نقله فى كتابه فرحة الغرى عن المزار المتقدم فقوله (ره) : لم ينقل من طريق أهل البيت عليهم‌السلام ، لعله فى غير محله ».

ونقله أيضا فى مستدرك الوسائل فى كتاب الصلاة فى باب استحباب الدعاء فى القنوت بالمأثور عن مزار ابن المشهدى ومزار الشهيد ثم قال : قلت : قال العلامة فى التذكرة فنقل كلامه ثم قال : « وفيه ما عرفت ويأتى » ويشير به الى اشتباه العلامة فى نفيه كونه مرويا بطريق أهل البيت عليهم‌السلام والمراد بما يأتى ما أشار إليه من كونه مذكورا فى دعائم الاسلام ونص عبارته هناك : « دعائم الاسلام روينا عن أهل البيت عليهم‌السلام فى الدعاء فى قنوت الفجر وجوها كثيرة ومن أحسن ما فيها وكلها حسن أن تقول : اللهم انا نستعينك ( فذكر قريبا مما مر نقله ) ».

ونظيره ما ذكره الحاج الشيخ محمد باقر البيرجندى (ره) فى مفتاح الفردوس فى أواخر القصر الثالث ( انظر ص ٧٥ ) ونص عبارته : « وراغب در محاضرات


النّاس إليه فى أمر دينهم وأنّ رسول الله نهى أمّته عن القنوت فى الصّلاة؟!

وأنتم تروون أنّه قد قنت ؛ وقنت الخلفاء بعده ، وأنتم تزعمون أنّ من قنت فهو مبتدع وقد قال الله تعالى : ( وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) ؛ فزعمتم أنّه عنى وقوموا لله مطيعين فانّما أمرهم أن يطيعوا الله وهم قيام ولا يطيعونه اذا كانوا جلوسا ولا اذا ناموا ، ولا اذا اتّكئوا ؛ انّما امروا [ على ما (١) ] زعمتم بالطّاعة وهم قيام ؛ [ ذلك ليعلموا (٢) أنّ

__________________

(١) « على ما » فى هامش نسخة ج فقط وأضاف إليه قوله « ظ » يريد به أنه كان كذلك ظاهرا.

(٢) مج : « ليعلم ».

__________________

گفته كه : زيد در قرآن ثابت گذاشته دو سوره قنوت را » فبعد أن ذكر فى الهامش سورتى ـ القنوت وذكر ترجمة كلام العلامة عن التذكرة قال : « أحقر گويد : آن را از طريق شيعه محمد بن المشهدى در مزار كبير ودر بحار از مزار شهيد آورده اند كه أمير المؤمنين عليه‌السلام آن را در قنوت در مسجد بنى كاهل خواندند ».

أقول : قال ابن قتيبة فى أوائل كتاب تأويل مختلف الحديث فى جوابه عما طعن به النظام على عبد الله بن مسعود بأنه جحد من كتاب الله تعالى سورتين فهبه لم يشهد قراءة النبي (ص) بهما فهلا استدل بعجيب تأليفهما وأنهما على نظم سائر القرآن المعجز للبلغاء ان ينظموا نظمه وان يحسنوا مثل تأليفه ( انظر ص ٢٦ و ٣١ ـ ٣٢ من طبعة مصر سنة ١٣٢٦ ه‍ ، أو ص ٢١ و ٢٥ ـ ٢٦ من طبعة مصر سنة ١٣٨٦ ه‍ ) : « وطعنه عليه لجحده سورتين من القرآن العظيم يعنى المعوذتين فان لابن مسعود فى ذلك سببا والناس قد يظنون ويزلون واذا كان هذا جائزا على النبيين والمرسلين فهو على غيرهم أجوز ، وسببه فى تركه اثباتهما فى مصحفه أنه كان يرى النبي (ص) يعوذ بهما الحسن والحسين ويعوذ غيرهما كما كان يعوذهما بأعوذ بكلمات الله التامة فظن أنهما ليستا من القرآن فلم يثبتهما فى مصحفه وبنحو هذا السبب أثبت أبى بن كعب فى مصحفه افتتاح دعاء القنوت وجعله سورتين لانه كان يرى رسول الله (ص) يدعو بهما فى الصلاة دعاء دائما فظن أنه من القرآن ».


النّاس يقنتون وهم قيام (١) ] فمن قال : قوموا لله قانتين فأنتم (٢) تجادلون فى آيات الله بغير سلطان وقد قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) (٣) ].

ذكر أحكام شتى (٤)

وأجمعتم على أنّ الرّعاف [ والحجامة والقىء (٥) ] تنقض (٦) الوضوء وجوّزتم لأهل الحجاز (٧) أن يصلّوا وهم فى الحالات الّتي أوجبتم فيها نقض الوضوء وصلّيتم خلفهم وقبلتم شهادتهم وزكّيتموهم ورويتم الحديث عنهم وهم يقولون : المسح على الخفّين طول سفرك وان سافرت سنة ؛ وأنتم تقولون : من زاد على ثلاثة أيّام انتقض وضوؤه ، وهم يقولون : انّ نكاح النّساء فى أدبارهنّ حلال وأنتم تقولون : هو حرام وتلعنون من يفعله أو يزعم أنّه حلال ، ويرون الوضوء ممّا غيّرت النّار ، والوضوء من مسّ الذّكر ؛ وأنتم تنكرون ذلك ، ولا يرون طلاقا الاّ بعد نكاح حتّى يقولون : لو وضع يده على رأسها فقال : يوم أتزوّجها فهى طالق ؛ لم يلزمه (٨) الطلاق (٩) وكذلك العتق [ وأنتم تلزمونه (١٠) الطّلاق والعتق (١١) ] فقبلتموهم على هذا الخلاف وقلتم : هم أهل ـ

__________________

(١) ما بين المعقفتين فى س ح مج مث فقط.

(٢) مج مث ج س ق : « وأنتم ».

(٣) آية ٣٥ سورة المؤمن.

(٤) العنوان فى م فقط.

(٥) « والحجامة والقىء » فى غير م.

(٦) م : « ينقض ».

(٧) فليعلم أن هذه المطالب قد تقدمت فى الكتاب تحت عنوان « أقاويل أهل الحجاز وأهل العراق » ( انظر ص ٥٠ ـ ٥١ ) واستفدنا فى تصحيح عبارة المتن هنا مما تقدم.

(٨) ح : « لم يلزمها ».

(٩) م ( بدل الجملة ) : « لم يكن بشيء ».

(١٠) ح : « تلزمونها ».

(١١) ما بين المعقفتين ليس فى م.


الجماعة والسّنّة [ و (١) ليس من الخلاف شيء الاّ وهو بينكم وبينهم الاّ أنّهم لمّا وافقوكم على تفضيل أبى بكر وعمر على عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ لم يضرّهم خلافهم عندكم وصار تفضيلهما على عليّ (ع) عندكم سنّة (٢) الدّين ؛ لا الصّلاة بغير وضوء ولا شيء ممّا خالفوكم فيه يضرّهم اذا قدّموهما على عليّ (ع) فلزمكم أنّ

__________________

(١) بدل ما بين المعقفتين الّذي هو عبارة م عبارة سائر النسخ هكذا : « ولا يكون من الخلاف شيء أشد ولا أشنع من أنكم تقولون : انهم يصلون على غير وضوء ، وانهم يستحلون ما حرم الله الا أنهم وافقوكم على تفضيل أبى بكر وعمر على على ـ عليه‌السلام ـ فقبلتموهم على ذلك ولم يضرهم خلافهم عندكم فصار تفضيلهما على على (ع) عندكم محنة ( او محبة ) الدين ؛ فمن فضلهما على على (ع) فهو على دين الله وان صلى على غير وضوء وأتى كل ما نهى الله عنه اذا فضلهما فهو من أهل السنة والجماعة لا يضره ما صنع ( فى النسخ « لا يضرهم ما صنعوا » ) فقد أبحتم المعاصى لهم وقلتم : اذا قدمتموهما فاعملوا ما شئتم وأنتم تنحلون الشيعة أنهم ( فى بعض النسخ : « الى أنهم » ) يقولون ذاك فى على (ع) فكيف تقول الشيعة هذا وهم يقولون : لا يزنى الزانى وهو مؤمن ، ولا يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن ، ولا يقتل النفس الحرام وهو مؤمن ؛ وأنتم تقولون : ان هذا الفعل لا يخرجه من الايمان فمن ذا الّذي يقول : اعرف واعمل ما شئت؟ أنتم أم الشيعة؟

وقد قال الله تبارك وتعالى : ( وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً ).

ولم تخالفكم الشيعة الا فى مثل ما خالفكم فيه أهل الحجاز فلم تقبلوا للشيعة صرفا ولا عدلا فو الله ما استوحشوا لفراقكم اياهم ولا لكثرتكم وقلتهم بل زادهم بصيرة وتمسكا بالكتاب والسنة ».

(٢) فى م : « محبة » ( من حب ) وفى مج : « تحية » ( من حيى ) وفى غيرهما : « محنة » ( من محن ) والصحيح ما وضعناه فى المتن والتصحيح نظرى مع التوجه الى المعنى وقرائن السياق.


من قدّمهما على عليّ (ع) لم يضرّه عمل كائنا ما كان فهناك أبحتم المعاصى وقلتم : اعرفوا تقديمهما واعملوا ما شئتم وأنتم تنحلون الشّيعة أنّهم يقولون ذلك القول فى عليّ (ع) وهم يقولون : لا يزنى الزّانى وهو مؤمن ، ولا يسرق السّارق وهو مؤمن ، ولا يقتل القاتل وهو مؤمن ، وقلتم ردّا عليهم وخلافا : لا تخرج هذه الأفاعيل أحدا من الايمان اذا عرف تقديم أبى بكر وعمر على عليّ (ع).

فمن القائل بالأشنع؟ من يقول : اعرفوا تقديمها واعملوا ما شئتم؟ أو من يقول كما قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ واتّبع قول الله عزّ وجلّ حيث قال : ( وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً ) (١) ولم تخالفكم الشّيعة الاّ فى مثل ما خالفكم أهل الحجاز فى عامّة الأحكام فقبلتم شهادتهم وسمّيتموهم أهل السّنّة والجماعة للعلّة الّتي ذكرناها (٢)

__________________

(١) آية ١١٢ من سورة النساء.

(٢) يريد بالعلة تقديم على (ع) على أبى بكر وعمر. أقول : للشيخ المفيد كلام يشبه كلام الفضل بن شاذان مصنف الكتاب أحب الاشارة إليه هنا وذلك أنه نقل عنه علم الهدى فى الفصول المختارة ضمن كلام له فى المتعة ( انظر ص ١١٨ ـ ١١٩ من الجزء الاول من طبعة النجف ) : « فلو كنا على ضلالة فيها لكنا فى ذلك على شبهة تمنع ما يعتقده المخالف فينا من الضلال والبراءة منا وليس فيمن خالفنا الا من يقول فى النكاح وغيره بضد القرآن وخلاف الاجماع ونقض شرع الاسلام والمنكر فى الطباع وعند ذوى المروات ولا يرجع فى ذلك الى شبهة تسوغ له قوله وهم معه يتولى بعضهم بعضا ويعظم بعضهم بعضا وليس ذلك الا لاختصاص قولنا بآل محمد عليهم‌السلام فلعداوتهم لهم رمونا عن قوس واحد ؛ هذا ابو حنيفة النعمان بن ثابت يقول : لو أن رجلا عقد على أمه عقدة النكاح وهو يعلم أنها أمه ثم وطئها سقط عنه الحد ولحق به الولد وكذلك قوله فى الاخت والبنت وكذلك سائر المحرمات ويزعم أن هذا نكاح شبهة أوجبت سقوط الحد ، ويقول : لو أن رجلا استأجر غسالة او خياطة أو خبازة أو غير ذلك من أصحاب الصناعات ثم وثب


ولم تقبلوا للشّيعة صرفا ولا عدلا (١) لتقديمهم أهل بيت رسول الله ـ عليهم‌السلام ـ والله ما استوحشوا لفراقكم ايّاهم ولا لقلّتهم وكثرتكم بل زادهم ذلك بصيرة وتمسّكا بالكتاب والسّنّة. (٢) ]

__________________

عليها فوطئها وحملت منه سقط عنه الحد ولحق به الولد ، ويقول : اذا لف الرجل على احليله حريرة ثم أولجه فى قبل امرأة ليست له بمحرم حتى ينزل لم يكن زانيا ولا وجب عليه الحد ، ويقول : ان الرجل اذا يلوط بغلام فأوقب لم يجب عليه الحد ولكن يردع بالكلام الغليظ والادب بالخفقة بالنعل والخفقتين وما أشبه ذلك ، ويقول : ان شرب النبيذ الصلب المسكر حلال طلق وهو سنة وتحريمه بدعة ( الى ان قال بعد نقل ما يقرب مما ذكر عن الشافعى وداود بن على الاصفهانى ما نصه ) : فاقتسم هؤلاء الفجور وكل منكر بينهم واستحلوه ولم ينكر بعضهم على بعض مع أن الكتاب والسنة والاجماع تشهد بضلالهم فى ذلك ثم عظموا أمر المتعة والقرآن شاهد بتحليلها والسنة والاجماع يشهدان بذلك فيعلم أنهم ليسوا من أهل الدين ولكنهم من أهل العصبية والعداوة لآل الرسول عليهم‌السلام ».

__________________

(١) هذا التعبير مأخوذ من الاحاديث ؛ قال ابن الاثير فى النهاية ضمن بيانه معانى « عدل » ما نصه : « وفيه : لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ؛ قد تكرر هذا القول فى الحديث ، والعدل الفدية وقيل الفريضة ، والصرف التوبة وقيل النافلة » وقال الطريحى فى مجمع البحرين فى « ع د ل » ما نصه : « وفى الحديث : لم يقبل الله منه عدلا ولا صرفا اى فدية ولا توبة فالعدل الفداء والصرف التوبة » أقول : وقيل : المراد بهما فى بعض الموارد الصدق والكذب وفى بعضها الخير والشر ؛ وأنت خبير بأن المراد بهما عدم الاعتناء بمن يقال فى حقه تلك العبارة فكل من المعانى المشار إليها يكون صحيحا ومناسبا فى مورده.

(٢) هذا آخر العبارة التى نقلناها من نسخة م فقط كما أشرنا إليها فى موضعه ( وهو ص ٢٩٧ ) فيما مضى أعنى عند أولها وهو : « وليس من الخلاف شيء » وذكرنا ما كان فى سائر النسخ مكانها فى ذيل عبارة المتن.


[ و (١) أجمعتم (٢) [ على (٣) ] انّ الصّلاة جائزة خلف كلّ برّ وفاجر ، ولو أنّ الفاجر شهد عندكم على درهم ما أجزتم شهادته وأجزتم للفاجر أن يؤمّكم فى فرض الصّلاة الّتي جعلها الله تعالى عماد الدّين؟! وأنتم لا تدرون لعلّ الفاجر يصلّى بكم على غير وضوء ، أو لعلّه جنب من حرام ، أو لعلّه سكران من خمر ، أو لعلّه يغنّى فى الصّلاة (٤) استخفافا بالصّلاة ، وأنتم تروون أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أمر أبا بكر بالصّلاة فلمّا قبض النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قلتم : الصّلاة عماد الدّين وقد رضيه رسول الله (ص) ـ لديننا فنحن نرضاه لدنيانا فكيف رضيه رسول الله (ص) ـ للصّلاة وأنتم تروون أنّه قال : الصّلاة خلف كلّ برّ وفاجر فأىّ فضل هاهنا لأبى بكر فى الصّلاة اذا جازت خلف الحجّاج بن يوسف كما تجوز خلف أبى بكر وأنتم تروون عن الأعمش أنّه قال : لقيت أبا وائل (٥) فى إمارة الحجّاج [ صلّى ]

__________________

(١) ما بين المعقفتين أعنى من قوله « وأجمعتم على أن الصلاة جائزة » الى قوله : « عن أبى يوسف القاضى عن مجالد بن سعيد » ليس فى م لكنه موجود فى جميع النسخ الست الاخر أعنى نسخ ج ح س ق مج مث ونشير عند انقضاء ما بين المعقفتين الى ان الناقص من نسخة م كان الى هنا.

(٢) فى النسخ : « اجتمعتم ».

(٣) حرف الجر أعنى « على » فى ج س ح فقط الا أن حذف حرف الجر مع أن قياسى اذا لم يكن مجال للبس كما حقق فى النحو.

(٤) ح : « فى الصلاة بكم ».

(٥) المراد بأبى وائل شقيق بن سلمة الاسدى ففى خلاصة تذهيب الكمال : « شقيق بن سلمة الاسدى أبو وائل الكوفى أحد سادة التابعين مخضرم عن أبى بكر ( الى آخر ما قال ) » ويروى عنه الاعمش ففى الخلاصة : « سليمان بن مهران الكاهلى مولاهم أبو محمد الكوفى الاعمش أحد الاعلام الحفاظ ( الى ان قال ) وروى عن أبى وائل ( الترجمة ) » فمن أراد التفصيل فليراجع تهذيب التهذيب أو سائر المفصلات.


وهو يريد الجمعة فقلت له : رحمك الله ؛ صلّيت قبل أن تروح (١)؟ فقال : من أنت؟ فقلت : أنا رجل من المسلمين فقال : مرحبا بالمسلمين ؛ نعم ، ورويتم أنّ عامّة العلماء والفقهاء كانوا يصلّون الظّهر والعصر (٢) فى منازلهم ثمّ يأتون الجمعة فيصلّون مع الحجّاج فزعمتم أنّهم انّما فعلوا ذلك لأنّ الحجّاج كان يؤخّر الصّلاة فاذا صلّى الفاجر الصّلاة فى وقتها فلا بأس بالصّلاة خلفه. وأنتم تروون أنّ عبد الله بن مسعود بالكوفة صلّى الظّهر فى بيته بالأسود وعلقمة أربعا وقال : صلاتنا هذه هى الفريضة وصلاتنا معهم سبحة (٣). وذلك فى زمن عثمان والوليد بن عقبة والى عثمان على الكوفة.

ثمّ رويتم عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه قال لعلىّ ـ صلوات الله عليه ـ : إنّه يأتى من بعدى [ قوم لهم نبز (٤) يقال لهم الرّافضة ] فاذا لقيتهم فاقتلهم فانّهم

__________________

(١) ق : « تتروح » ح مج مث : « تتزوج » ( بالزاى المعجمة والجيم ) والمتن من : « راح يروح » ففى النهاية : « وفيه : من راح الى الجمعة فى الساعة الاولى فكأنما قرب بدنة أى مشى إليها وذهب إليها ولم يرد رواح آخر النهار ( الى آخر ما قال ) ».

(٢) س ح مث : « العصر والظهر ».

(٣) قال ابن الاثير فى النهاية : « ويقال أيضا للذكر ولصلاة النافلة سبحة يقال : قضيت سبحتى ، والسبحة من التسبيح كالسخرة من التسخير وانما خصت النافلة بالسبحة وان شاركتها الفريضة فى معنى التسبيح لان التسبيحات فى الفرائض نوافل فقيل لصلاة النافلة : سبحة ، لانها نافلة كالتسبيحات والاذكار فى أنها غير واجبة ، وقد تكرر ذكر السبحة فى الحديث كثيرا فمنها الحديث ( الّذي ذكره الهروى فى غريب الحديث ) : اجعلوا صلاتكم معهم سبحة اى نافلة ( الى آخر ما قال ) ».

(٤) قال ابن حجر الهيتمى المكى فى المقدمة الاولى من الصواعق المحرقة ضمن ما قال : ( ص ٣ من طبعة القاهرة ) وأخرج الدار قطنى عن على عن النبي (ص) قال : سيأتى من بعدى قوم لهم نبز يقال لهم الرافضة فان أدركتهم فاقتلهم فانهم


مشركون ؛ وآية ذلك أنّهم يشتمون أبا بكر وعمر ، فوصفتم رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه حكم بغير ما أنزل الله وانّما على من قذف رجلا مسلما جلد ثمانين فزعمتم أنّ على من سبّه القتل ، جرأة منكم على الله وكذبا (١) على رسوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأنتم تروون عنه أنّه قال : من كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار (٢)

__________________

مشركون. قال : قلت يا رسول الله ما العلامة فيهم؟ قال : يقرظونك بما ليس فيك ويطعنون على السلف. وأخرجه عنه من طريق أخرى نحوه وكذلك من طريق أخرى وزاد عنه : ينتحلون حبنا أهل البيت وليسوا كذلك وآية ذلك أنهم يسبون أبا بكر وعمر رضى الله عنهما. وأخرج أيضا من طرق عن فاطمة الزهراء وعن أم سلمة رضى الله عنهما نحوه قال : ولهذا الحديث عندنا طرق كثيرة ».

أقول : ونظيره فى سائر كتب أهل السنة ، ونقل ترجمة الحديث مؤلف « بعض فضائح الروافض » واستدل به على أن النبي قد أمر عليا (ع) بأن يقتل الرافضة كما يستفاد منه هذا المعنى على تسليم صدوره وأجاب عنه صاحب « بعض مثالب النواصب » فى أوائل الكتاب فمن أرادهما فليراجع الكتاب ( ص ٨ ).

__________________

(١) كذا فى ح وهو الاصح فالعطف على « جرأة » وأما مج مث س ق ج ففيها جميع « والكذب » فهو عطف على لفظة « الله ».

(٢) قال المامقانيّ فى مقباس الهداية فى آخر المبحث المربوط بالمتواتر ( ص ٣١ ) من النسخة المنضمة فى الطبع بتنقيح المقال ) ما نصه : « تذييل ـ لا شبهة فى تحقق التواتر كثيرا فى أخبار الاصول والفروع كوجوب الصلاة اليومية وأعداد ركعاتها والزكاة والحج ونحو ذلك الا أن مرجع ذلك الى التواتر المعنوى دون اللفظى وأما تحقق التواتر اللفظى فى الاحاديث الخاصة المنقولة بألفاظ مخصوصة فقد قيل : انه قليل لعدم اتفاق الطرفين والوسط فيها وان تواتر مدلولها فى بعض الموارد بل عن ابن الصلاح وهو من العامة أن


وأنتم تزعمون أنّ من شهد أن لا إله الاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله ؛ مؤمن كامل ـ الايمان لا يخرجه من ايمانه ذنب صغير ولا كبير ثمّ زعمتم أنّ من شتم رجلا مسلما من أصحاب رسول الله (ص) كان مشركا حلال الدّم وانّما رأينا الشّيعة الّذين تسمّونهم أنتم الرّافضة انّما خالفوكم فى تفضيل عليّ ـ صلوات الله عليه ـ على أبى بكر وعمر ولم يقولوا : انّ أبا بكر وعمر تركا الصّلاة ولا زنيا ولا لاطا ولا شربا الخمر ولا استحلاّ (١) الحرام ولا الظّلم ؛ انّما قالوا : عليّ ـ عليه‌السلام ـ أفضل منهما ومن غيرهما بسابقته وقرابته وصهره (٢) ونكايته فى المشركين وعلمه بكتاب الله وسنن

__________________

من سئل عن ابراز مثال للمتواتر اللفظى فيها أعياه طلبه وان أكثر ما ادعى تواتره من قبيل متواتر الاخير والوسط دون الاول والمدعى للتواتر ينظر الى تحققه فى زمانه او هو قبله من غير استقصاء جميع الازمنة فى ذلك وادعى وجود المتواتر بكثرة وهو غريب ؛ نعم حديث : من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار يمكن ادعاء تواتره فقد نقله عن النبي (ص) اثنان وستون صحابيا ولم يزل العدد الراوى له فى ازدياد وظاهر أن التواتر يتحقق بهذا العدد بل بما دونه ».

أقول : قد صرح غير واحد من علماء الفريقين بثبوت تواتر هذا الحديث فمنهم الشهيد الثانى ومنهم ابن الجوزى فى أوائل كتاب الموضوعات فانه عقد بابا لبيان ذلك الحديث بعنوان « الباب الثانى فى قوله ـ عليه‌السلام ـ من كذب على متعمدا » فمن أراده فليراجع الكتاب ( ج ١ ص ٥٥ ـ ٩٢ ) وبحث عنه بما يفيد أهل التحقيق فى ذيله ( ص ٩٢ ـ ٩٨ من المجلد المذكور ) وقد أشرنا الى بعض ما يتعلق بهذا الحديث فيما تقدم ( ص ٢٠٠ ـ ٢٠٣ ) فراجع ان شئت.

__________________

(١) ج س مث مج : « ولا يستحلان ».

(٢) ح : « وجهده » قال ابن الاثير فى النهاية : « يقال : صهره وأصهره اذا قربه


رسوله (ص) فاذا تفضيل عليّ (ع) على أبى بكر وعمر عندكم أعظم من نكاح ـ الأمّهات والأخوات والبنات والزّنا واللّواط وشرب الخمر (١) وأكل الرّبا (٢) فاذا (٣) تفضيل عليّ (ع) عليهما عندكم (٤) شرك يقتل من قال به كما يقتل المرتدّ عن الاسلام أو من قتل مؤمنا فيقتل به ورسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقول : لا يحلّ دم امرئ مسلم الاّ فى احدى (٥) ثلاث ؛ المرتدّ عن الاسلام ، أو من قتل مؤمنا فيقتل به ، أو محصن زنى بعد إحصانه ؛ فأنتم تزيدون على ما قال رسول الله (ص) فهذه صفتكم الّتي اخترتموها ؛ فلا عدمتموها.

ورويتم أنّ أبا كنف العبدىّ (٦) طلّق امرأته وهو عنها غائب وأشهد على طلاقها وكتب بذلك إليها لتعلم ثمّ بدا له فراجعها وأشهد على رجعتها وكتب إليها يعلمها ذلك فوصل إليها كتاب الطّلاق ولم يصل إليها كتاب الرّجعة حتّى تزوّجت فأتى عمر فأخبره بذلك فقال : ان كان الزّوج الثّاني دخل بها فهو أملك بها ، وان لم يكن دخل بها

__________________

وأدناه ومنه حديث على قال له ربيعة بن الحارث : نلت صهر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم فلم نحسدك عليه ، الصهر حرمة التزويج والفرق بينه وبين النسب أن النسب ما رجع الى ولادة قريبة من جهة الاباء والصهر ما كان من خلطة تشبه القرابة يحدثها التزويج » فيستشم أن السماوى (ره) بدل لفظة « وصهره » بكلمة « وجهده » لتصوره أن الصهر بمعنى الزوج فقط فلا يناسب المقام لوقوعه بين كلمات تدل على اسم المعنى لا اسم العين كالزوج فبقرينة السياق يحمل على معنى ذكره ابن الاثير.

__________________

(١) قد تقدم الاشارة منا الى هذه العبارة فيما تقدم ( انظر ص ١٠٢ ).

(٢) « وأكل الربا » ليس فى ح مث.

(٣) غير ح : « واذا ».

(٤) غير ح : « عندهم ».

(٥) غير ح : « الا فى أحد ».

(٦) هذا الرجل لم أجد ذكره فى كتاب من كتب الرجال والصحابة والتابعين نعم


خيّر أبو كنف بين امرأته والصّداق فأىّ ذلك اختار دفع إليه.

وأنتم اليوم منكرون لهذا لا تأخذون به.

__________________

ذكر أبو سعد فى الطبقات رجلا بهذه الكنية ونص عبارته : « أبو كنف روى عن عبد الله » فكأن المراد بعبد الله هو ابن مسعود وذلك لكثرة اطلاق علماء العامة هذه اللفظة مجردة عن القرائن عليه ، وكيف كان ؛ لا يستفاد من العبارة معنى يعبؤ به ( فان شئت العبارة فراجع المجلد السادس من طبعة بيروت ؛ ص ٢٠١ ) وصرح غيرى أيضا بعدم ظفره بذكره فى كتب الرجال وسيأتى كلامه وأما حديثه هذا مصدرا بكنيته هذه فهو مذكور فى كتب العامة والخاصة ؛ أما الاول فقد قال قاضى القضاة أبو المؤيد محمد بن محمود بن محمد الخوارزمى المتوفى سنة خمس وستين وستمائة فى جامع مسانيد الامام الاعظم أبى حنيفة النعمان بن ثابت فى الباب الرابع والعشرين ( ج ٢ ؛ ص ١٥٨ ) :

« أبو حنيفة عن حماد عن ابراهيم أن أبا كنف طلق امرأته تطليقة ثم غاب عنها وأشهد على رجعتها فلم يبلغها ذلك حتى تزوجت فجاء وقد هيئت لتزف الى زوجها ؛ فأتى عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فكتب الى عامله أن أدركها فان وجدتها ولم يدخل بها فهو أحق بها ، وان وجدتها وقد دخل بها فى امرأته.

قال : فوجدها ليلة البناء فوقع عليها ، فغدا الى عامل عمر ـ رضى الله عنه ـ فأخبره فعلم أنه جاء بأمر بين ؛ أخرجه الامام محمد بن الحسن فى الآثار فرواه عن أبى حنيفة ».

وقال مصحح الكتاب فى ذيل الصفحة بالنسبة الى أبى كنف الّذي طلق امرأته ما نصه : « كذا فى الاصل وقد راجعنا فى القاموس والخلاصة والميزان والتجريد والتقريب فما وجدناه » وأما الثانى فقد قال المفيد (ره) فى الاختصاص تحت عنوان « مناظرة مؤمن الطاق مع أبى حنيفة فى الطلاق » ما نصه ( ص ١٠٩ ـ ١١١ من النسخة المطبوعة بطهران سنة ١٣٧٩ وهى من انتشارات مكتبة الصدوق ) : « يعقوب بن يزيد البغدادى عن


ورويتم أنّ عمر قضى بالمفقود أن تربّص امرأته أربع سنين فان جاء زوجها والاّ تزوّجت ، فان قدم الزّوج الأوّل وقد تزوّجت خيّر بين امرأته وبين الصّداق.

وهذا عندكم مأخوذ فهل تكون الوقيعة فى الرّجل بأكثر من أن ترغبوا عن قوله

__________________

محمد بن أبى عمير قال أبو حنيفة لابى جعفر مؤمن الطاق : ما تقول فى الطلاق الثلاث؟ قال أعلى خلاف الكتاب والسنة؟ ـ قال : نعم ( فساق المناظرة الى ان قال : )

قال أبو جعفر : ان عمر كان لا يعرف أحكام الدين قال أبو حنيفة : وكيف ذلك؟ ـ قال أبو جعفر : ما أقول فيه ما تنكره ؛ أما أول ذلك فانه قال : لا يصلى الجنب حتى يجد الماء ولو سنة ؛ والامة على خلاف ذلك.

وأتاه أبو كيف العائذى ( فى بعض النسخ أبو كنف العابدى ) فقال : يا أمير المؤمنين انى غبت فقدمت وقد تزوجت امرأتى؟ فقال : ان كان قد دخل بها فهو أحق بها ، وان لم يكن دخل بها فأنت أولى بها.

وهذا حكم لا يعرف ؛ والامة على خلافه.

وقضى فى رجل غاب عن أهله أربع سنين أنها تتزوج ان شاءت.

والامة على خلاف ذلك ؛ انها لا تتزوج أبدا حتى تقوم البينة أنه مات أو كفر أو طلقها » ونقله المجلسى (ره) فى رابع البحار فى باب احتجاجات أصحاب الصادق أبى عبد الله جعفر بن محمد ـ عليه‌السلام ـ عن اختصاص المفيد كما نقلناه هنا ( فمن أراده فليراجع ص ٥٤٥ من طبعة أمين الضرب ) وذكر هناك بدل « العائذى » فى الهامش : « المعاندى » ونقله المحدث النورى (ره) فى مستدرك الوسائل فى كتاب الطلاق فى باب حكم طلاق زوجة المفقود وعدتها وتزويجها ( انظر ج ٣ ؛ ص ١٦ ) ونص عبارته : « الشيخ المفيد فى كتاب الاختصاص عن يعقوب بن زيد عن ابن أبى عمير قال : قال مؤمن الطاق فيما ناظر به أبا حنيفة : ان عمر كان لا يعرف أحكام الدين أتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين انى غبت ( الحديث الى قوله : أو طلقها » ) ونسب الحكم فى كنز العمال ( ج ٩ ؛ ص ٤١٣ ـ ٤١٦ ) وفى سنن البيهقى ( ج ٧ ؛ ص ٤٤٤ ـ ٤٤٦ ) الى عمر فراجع ان شئت.


وأنتم تروون أنّه لمّا مات ذهب تسعة أعشار العلم معه (١) ؛ وتروون عن ابن مسعود أنّه قال : ما كنّا نبعّد أصحاب محمّد أنّ السّكينة تنطق على لسان عمر (٢) وكان ملك

__________________

(١) قال ابن حجر الهيتمى فى الصواعق المحرقة تحت عنوان « ثناء الصحابة والسلف على عمر » ( انظر الفصل الخامس من الفصول المرتبة لترجمة عمر وخلافته ؛ ص ٩٦ من طبعة مصر سنة ١٣٧٥ ) : « أخرج الطبرانى والحاكم عن ابن مسعود قال : لو أن علم عمر يوضع فى كفة ميزان ووضع علم أحياء الارض فى كفة لرجح علم عمر بعلمهم ولقد كانوا يرون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم ».

(٢) قال ابن الاثير فى النهاية : « وحديث ابن مسعود : السكينة مغنم وتركها مغرم ، وقيل : أراد بها هاهنا الرحمة ومنه حديثه الاخر : ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر وفى رواية : كنا أصحاب محمد لا نشك أن السكينة تتكلم على لسان عمر ، قيل : هو من الوقار والسكون ، وقيل : الرحمة ، وقيل : أراد السكينة التى ذكرها الله فى كتابه العزيز قيل فى تفسيرها : انها حيوان له وجه كوجه الانسان مجتمع وسائرها خلق رقيق كالريح والهواء ؛ وقيل : هى صورة كالهرة كانت معهم فى جيوشهم فاذا ظهرت انهزم أعداؤهم ، وقيل : هى ما كانوا يسكنون إليه من الآيات التى أعطيها موسى عليه‌السلام ـ والاشبه بحديث عمر أن يكون من الصورة المذكورة » وقال ابن حجر فى الصواعق المحرقة فى ترجمة عمر فى الفصل الرابع الّذي عقده لذكر فضائله ( ص ٩٥ من طبعة مصر سنة ١٣٧٥ ) : « الحديث الثامن والاربعون أخرج ابن ماجة والحاكم عن أبى ذر قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : ان الله وضع الحق على لسان عمر يقول به ، الحديث التاسع والاربعون أخرج أحمد والبزار عن أبى هريرة قال : قال رسول الله (ص) : ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه وأخرجه الطبرانى من حديث عمر بن الخطاب وبلال ومعاوية أبى سفيان وعائشة ، وأخرج ابن منيع فى مسنده عن على قال : كنا أصحاب محمد لا نشك أن السكينة تنطق على لسان عمر » ونقله السيوطى فى تاريخ الخلفاء فى الفصل الّذي عقده لذكر الاحاديث الواردة فى فضل


__________________

عمر » وكذا نقله على المتقى الهندى فى كنز العمال ( ج ١٤ ؛ ص ٢٣٦ عدد ٤٤٢ ) وقال بعد نقله ما نصه : « مسدد وابن منيع والبغوى فى الجعديات وحلية أبى نعيم والبيهقى فى الدلائل » وقال أيضا السيوطى فى تاريخ الخلفاء فى الفصل المذكور وعلى المتقى فى كنز العمال ( ج ١٤ ؛ ص ٢٤٧ ؛ عدد ٥٣٤ ) : « وقال على رضى الله عنه ـ اذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر ، ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر ( أخرجه الطبرانى فى الاوسط ) » الى غير ذلك من موارد نقله.

أقول : يستفاد من كلمات علماء العامة ومراجعة كتبهم أن الرواية مسلمة عندهم فلا حاجة بنا الى استقصاء موارد نقلها بعد كونها مقبولة لديهم.

أما علماء الشيعة فلا يقبلونها بل يزيفونها ويكذبونها ويستدلون على بطلانها بدلائل عقلية وشواهد نقلية فقال السيد المرتضى فى الشافى ضمن رده على قاضى القضاة ما نصه : « وأما ما رواه من قوله : ان الحق ينطق على لسان عمر فهو مقتض ان كان صحيحا عصمة عمر والقطع على أن أقواله كلها حجة وليس هذا مذهب أحد فى عمر لانه لا خلاف فى أنه ليس بمعصوم وأن خلافه سائغ وكيف يكون الحق ناطقا على لسان من يرجع فى الاحكام من قول الى قول ويشهد على نفسه فى الخطاء ويخالف فى الشيء ثم يعود الى قول من خالفه فيوافقه عليه ويقول : لو لا على لهلك عمر ولو لا معاذ لهلك عمر؟! وكيف لم يحتج بهذا الخبر هو لنفسه فى المقامات التى احتاج الى الاحتجاج فيها؟! وكيف لم يقل أبو بكر لطلحة لما قال له : ما تقول لربك اذ وليت علينا فظا غليظا؟ أقول له : وليت من شهد الرسول بأن الحق ينطق على لسانه ( الى آخر ما قال فمن أراده فليراجع الشافى ؛ ص ١٧٩ ـ ١٨٠ ) وسلك مسلكه شيخ الطائفة فى تلخيص الشافى ( ص ٢٤٧ من الجزء الثانى من طبعة النجف ) وقال صاحب الاستغاثة بعد تكذيبه حديثا نقله العامة فى كتبهم من « أن الشيطان كان يهرب من عمر ويهاب منه ويخاف من حسه » ما نصه : « ومثله فى الكذب والمحال روايتهم أن السكينة تنطق على


بين عينيه يوفّقه ويسدّده (١).

[ ذكر ما لم يوجد فى كتاب الله عزّ وجلّ

رويتم عن بشر المريسىّ (٢) عن أبى يوسف القاضى (٣) ] عن مجالد بن سعيد عن

__________________

لسان عمر فهل يظن ذو فهم من كانت السكينة تنطق على لسانه يخطئ ويزل حتى ينادى على نفسه لو لا فلان لهلك فلان ( الى آخر ما قال ؛ فمن أراده فليراجع ص ١٤٧ ـ ١٤٩ من طبعة النجف ) » وأيضا تصدى لتزييفها السيد المرتضى الرازى فى تبصرة العوام فى الباب الثالث والعشرين ( انظر الحديث الثانى عشر ) » الى غير ذلك ممن يفضى ذكر أساميهم الى طول لا يسعه المقام.

__________________

(١) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب قوة عمر فى ولايته ( ج ٩ ؛ ص ٧٢ ) :

« وعن أبى وائل قال : ما رأيت عمر قط الا وبين عينيه ملك يسدده ؛ رواه الطبرانى بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح ؛ ويأتى قول ابن مسعود كذلك فى وفاة عمر » وقال فى باب وفاة عمر بعد نقل كلام عن عبد الله بن مسعود ما نصه ( ص ٧٨ ) : وعن عبد الله أيضا قال : كان اذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر ان اسلام عمر كان نصرا ؛ وان إمارته كان فتحا ، وأيم الله ما أعلم على وجه الارض أحدا الا وجد فقد عمر حتى العضاة ، وأيم الله انى لا حسب بين عينيه ملكا يسدده ( الى آخر الحديث ) ».

(٢) قال الفيروزآبادي : « ومريسة كسكينة بلدة منها بشر بن غياث المريسى »

__________________

(٣) غير م ( بدل ما بين المعقفتين ) : « وروى أبو يوسف » فليعلم أن هنا تم ما لم يكن فى نسخة م كما صرحنا به آنفا عند هذه الفقرة من عبارة المتن : « وأجمعتم على أن الصلاة جائزة خلف كل بر وفاجر ( انظر ص ٣٠٠ من الكتاب ) » ؛ فمن هنا عبارة المتن مذكورة فى جميع النسخ.


عامر الشّعبىّ أنّ عمر بن الخطّاب أتى النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ومعه صحيفة قد كتب فيها التّوراة بالعربيّة وقرأها على رسول الله (ص) فغضب النّبيّ (ص) حتّى

__________________

قال الزبيدى فى شرحه : « هو من المتكلمين ؛ هكذا ضبطه الصاغانى وضبطه غيره فقال : مريس كأمير من بلدان الصعيد وقال أبو حنيفة ـ رحمه‌الله تعالى ـ : مريس أدنى بلاد النوبة التى تلى أرض اسوان هكذا حكاه مصروفا وخالفه الصاغانى فقال : المريسة جزيرة ببلاد التوبة يجلب منها الرقيق والصواب ما قاله أبو حنيفة وهى التى منها بشر بن غياث على الصحيح فتأمل » وقال ابن خلكان فى وفيات الاعيان : « ابو عبد ـ الرحمن بشر بن غياث بن ابى كريمة المريسى الفقيه الحنفى المتكلم هو من موالى زيد بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ أخذ الفقه عن القاضى أبى يوسف الحنفى الا أنه اشتغل بالكلام وجرد القول بتجريد القرآن وحكى عنه فى ذلك أقوال شنيعة وكان مرجئا ؛ وإليه تنسب الطائفة المريسية من المرجئة ( الى ان قال ) وروى الحديث عن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة وأبى يوسف القاضى وغيرهم ـ رحمهم‌الله تعالى ـ والمريسى بفتح الميم وكسر الراء وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها سين مهملة ؛ هذه النسبة الى مريس وهى قرية بمصر هكذا ذكره الوزير أبو سعد فى كتاب النتف والطرف وسمعت أهل مصر يقولون : ان المريس جنس من السودان ( الى آخر ما قال ) » وقال ابن حجر العسقلانى فى لسان الميزان فى آخر ترجمته المبسوطة : « والمريسى نسبة الى المريس بفتح الميم وو كسر الراء بعدها تحتانية ساكنة ثم مهملة نسبة الى مريسة بالصعيد وللمشهور بالخفة وضبطها الصغانى بتثقيل الراء » وقال فى أثناء ترجمته : « وقد سرد أبو بكر الخطيب ترجمة بشر فى ست ورقات فلم أنشط لا يرادها بكمالها وكان من أبناء سبعين سنة » أقول : يريد به أن الخطيب البغدادى أورد ترجمته فى تاريخ بغداد مبسوطة وهو كذلك فمن أرادها فليراجع الكتاب ( ج ٧ ؛ ص ٥٦ ـ ٦٧ ) وقال ياقوت فى معجم البلدان : « مريسة بالفتح ثم الكسر والتشديد وياء ساكنة وسين مهملة قرية بمصر وولاية بالصعيد ( الى أن قال : ) ينسب إليها بشرين غياث المريسى صاحب الكلام مولى زيد بن الخطاب


عرف الغضب فى وجهه فقال عمر : أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ثمّ صعد (ص) المنبر فخطب النّاس فقال : أيّها النّاس لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فانّهم لن يهدوكم وقد أضلّوا أنفسهم ، وعسى أن يحدّثوكم بباطل فتصدّقوهم ، أو بحقّ فتكذّبوهم ، ولو كان موسى ـ عليه‌السلام ـ حاضرا بين أظهركم ما حلّ له الاّ أن يتّبعنى (١).

[ و (٢) رويتم عن وكيع عن ابن مسعود بن كرام (٣) عن أبى اسحاق عن الحارث

__________________

( الى آخر ما قال ) » وقال ابن الاثير فى اللباب : « المريسى بفتح الميم وكسر الراء وسكون الياء تحتها نقطتان وفى آخرها سين مهملة هذه النسبة الى مريس وهى قرية بمصر هكذا ذكره أبو سعد الابى الوزير فى كتاب النتف والطرف ، قال السمعاني : وإليها ينسب بشر المريسى وهو أبو عبد الرحمن بشر بن غياث المريسى مولى زيد بن الخطاب ( الى آخر ما قال ) » أقول : ترجمته مذكورة فى كتب الملل والنحل أيضا فمن أرادها فليراجعها هناك أيضا ، وكذلك فى غالب كتب تراجم الحال وردت ترجمته مبسوطة.

__________________

(١) قال ابن كثير فى البداية والنهاية فى باب بيان الاذن فى الرواية والتحديث عن بنى اسرائيل ( ج ٢ ؛ ص ١٣٣ ) : « قال الامام أحمد : حدثنا شريح بن النعمان حدثنا هشيم أنبأنا مجالد عن الشعبى عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب أتى النبي ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي (ص) قال : فغضب وقال : أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب والّذي نفسى به لقد جئتكم به بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به او بباطل فتصدقوا به ، والّذي نفسى به لو أن موسى كان حيا ما وسعه الا ان يتبعنى ( تفرد به أحمد واسناده على شرط مسلم ) » أقول : له نظائر من أرادها فليراجع مظانها.

(٢) ما بين المعقفتين أعنى من هنا الى قوله : « ذى تجاوز وتفاقم فليس عنى » فى م فقط وليس فى سائر النسخ.

(٣) كذا صريحا فى الاصل.


عن عليّ ـ عليه‌السلام ـ قال قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : يا أيّها النّاس لا تمسّكوا عليّ بشيء يخالف القرآن فانّى لا أحلّ الاّ ما أحلّ الله ولا أحرّم الاّ ما حرّم الله وكيف أقول بخلافه وبه هدانى الله عزّ وجلّ؟!

ورويتم عن بشر أيضا عن سليمان العامرىّ عن عمرو بن دينار عن محمّد بن عليّ عن النّبيّ (ص) : قال : اذا جاءكم الحديث عنّى فرأيتموه مضيّا (١) ليس بذى تجاوز ولا تفاقم فهو عنّى ، واذا رأيتموه ليس بذى مضىّ (٢) ذى تجاوز وتفاقم فليس عنّى (٣) ].

ورويتم عن أصحابكم عن عليّ ـ عليه‌السلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : انّ الحديث سيفشو عنّى فاعرضوه على القرآن فما ليس يوافق القرآن فليس عنّى (٤).

[ رجعنا الى ذكر المواريث (٥) ]

ومن أعجب العجب تسميتكم (٦) المواريث فرائض وأنتم فيها مختلفون فان كان الله فرضها فلا يجوز أن تتقدّموا (٧) فرض الله عزّ وجلّ ، وان كنتم أنتم (٨) تفرضون فقد صيّرتم

__________________

(١ و ٢) الكلمتان فى الاصل كما فى المتن صريحا ؛ فليعلم أن عبارة الحديث مشوشة وحيث لم أتمكن من تصحيحها صورتها فى المتن كما كان فى الاصل.

(٣) هنا تم ما كان فى م فقط.

(٤) عبارة المتن عبارة نسخة م وعبارة سائر النسخ بدلها هكذا : « ورويتم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : ما أتاكم عنى من حديث فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فهو عنى وما خالف كتاب الله فليس عنى وصدق ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ما يخالف حديثه كتاب الله ».

(٥) اكتفى من العنوان فى غير م بكلمة : « المواريث ».

(٦) م : « قسمتكم ».

(٧) غير م : « ان تتعدوا ما ».

(٨) غير م : « أنتم الذين ».


لكلّ من قال برأيه فرضا أوجبتموه على عباد الله تنتقلون فيه من حكم الى حكم والله عزّ وجلّ يقول : ( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ) (١) فقد أخبرنا الله أنّه قد فرض المواريث وبيّنها فقال : نصيبا مفروضا ؛ فمن أحلّ لكم أن تجيزوا (٢) اختلاف الصّحابة والتّابعين من بعدهم فيما قد جعله (٣) الله نصيبا مفروضا ؛ والنّصيب المفروض لا يزاد فيه ولا ينقص [ (٤) منه لأنّه قد قال الله عزّ وجلّ : ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) (٥) فهل يجوز أن يتقدّم ما جعل الله له وسمّاه (٦) ] [ الاّ بتقدّمكم بين يدى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وتجاوزكم أمره والله تعالى يقول : ( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) (٧) فو الله ما جوّزتموه (٨) له من قبل ولا من بعد حتّى اعترضتم لنقض ما وكّد (٩) الله عزّ وجلّ فيه فنقضتموه عروة عروة سنفسّر لكم من ذلك ما لا يخفى على ذى لبّ بعون الله وقوّته والله الموفّق وايّاه نستعين على أرشد الأمور فأوّل ما ننقم عليكم من ذلك ما رويتموه عن علمائكم (١٠) ] أنّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : انّ

__________________

(١) آية ٧ من سورة النساء.

(٢) غير م : « أن تجوزوا ».

(٣) م ح : « فيما جعله ».

(٤) ما بين المعقفتين فى م فقط.

(٥) صدر آية ٣٣ من سورة النساء.

(٦) فى الاصل : « جعل الله له رسما ».

(٧) من آية ٤ سورة الروم.

(٨) فى الاصل : « جوزتموهم » وكان الاولى ان يعبر المصنف (ره) عن مقصوده بلفظ « تركتموه » فكأنه (ره) تساهل فى التعبير.

(٩) فى الاصل : « وكل ».

(١٠) غير م بدل ما بين المعقفتين هكذا : « فلما جهلتم ما فرض الله تعالى من ذلك تقدمتم بين يدى الله ورسوله فقلتم بآرائكم وأمرتم الناس بأمر دون أمر الله وتجاوزتم ما قال فى كتابه اذ يقول واذا قيل لهم : تعالوا الى ما أنزل الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ، فهل يصد عنه الا من ترك أمره ورضى بغيره وزعمتم ».


زيدا (١) أفرضكم وعليّ (٢) أقضاكم وأبىّ أقرؤكم (٣) ومعاذ أعلمكم بالحلال والحرام وقد علمتم أنّ القاضى لا يكون قاضيا حتّى يعرف هذه الخلال كلّها لا شكّ فيه [ اذ ] [ لا يكون أقضاهم حتّى يعرف الفرائض فيكون عالما بما أمر الله به (٤) ] منها فى كتابه وسنّة نبيّه (ص) ، ولا يكون أعلمهم بالحلال والحرام حتّى يعرف الفرائض لأنّها هى من الحلال والحرام (٥) [ فلا قراءة ابىّ قبلتم ولا فرائض زيد ، ولا قضاء عليّ ، ولا علم معاذ بالحلال والحرام (٦) ] فأمّا القضاء [ فقد رددتم قول عليّ (ع) فى رقّ أمّهات

__________________

(١) غير م : « زيد » ( من دون « ان » ).

(٢) هكذا فى جميع النسخ فعلى العطف على زيدا بناء على وجود « ان » كما فى نسخة م أيضا يجوز الرفع فى المعطوف بعد مضى الخبر كما قال ابن مالك :

« وجائز رفعك معطوفا على

منصوب ان بعد ان تستكملا »

(٣) فليعلم ان لهذا الحديث صدرا وذيلا وطرقا كثيرة فى كتب العامة قال ابن عبد البر فى الاستيعاب فى ترجمة أبى ( ص ٢٧ من طبعة حيدرآباد سنة ١٣٣٧ ) : « وروى من حديث أبى قلابة عن أنس ومنه من يرويه مرسلا وهو الاكثر من رسول الله (ص) قال : أرحم أمتى بأمتى أبو بكر ، وأقواهم فى دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأقضاهم على بن أبى طالب ، وأقرأهم أبى بن كعب ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغيراء على ذى لهجة أصدق من أبى ذر ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الامة أبو عبيدة بن الجراح ، وقد ذكرنا لهذا الحديث طرقا فيما تقدم من هذا الكتاب وقد روى من حديث أبى محجن الثقفى مثله سواء مسندا وروى أيضا من وجه ثالث وروينا عن عمر من وجوه أنه قال : أقضانا على وأقرأنا أبى وانا لنترك أشياء من قراءة أبى ».

(٤) غير م : « ولا يكون يعرف الفرائض حتى يعرف ما أمر الله به ».

(٥) م هنا « وقال : ابى أقرأكم ».

(٦) ما بين المعقفتين فى م فقط.


الأولاد وغير ذلك (١) ] [ و (٢) أمّا معاذ فلا نراكم تروون عنه حلالا ولا حراما الاّ الحرف والحرفين (٣) ] ، وأمّا فرائض زيد فلم يبق أحد من الصّحابة الاّ وقد اعترض عليه فيما (٤) فرض ، وأمّا أبىّ بن كعب فقد نبذتم قراءته ؛ وكذلك قراءة ابن مسعود (٥)

[ فيما (٦) تروون منها (٧) عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فلئن كان الّذي رويتموه عن رسول الله حقّا لقد خالفتم النّبيّ فيما قال فى هؤلاء النّفر ، ولئن كان باطلا لقد كذب من رواه عن رسول الله وقد قال (ص) ـ : من كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار (٨) ].

ثمّ (٩) زعمتم أنّ زيد بن ثابت قال فى ابنة وأخت : للابنة (١٠) النّصف وللأخت النّصف ، فقيل لكم : لم أعطيتم الأخت النّصف مع الابنة؟ ـ فقلتم : لأنّ الله ـ تعالى ـ قال فى كتابه : ( وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ) ، فقلنا لكم : اتلوا الآية من أوّلها

__________________

(١) غير م بدل ما بين الحاصرتين : « فقد رويتم قول على فى أمهات الاولاد وغير ذلك فقد خالفتموه فيما قضى فيهن ».

(٢) ما بين المعقفتين ليس فى م.

(٣) كذا فى جميع النسخ غير م.

(٤) غير م : « له فيما ».

(٥) قال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب فى ضمن الدليل السادس الّذي فى ذكر أن هذا المصحف الموجود غير شامل لتمام ما كان فى مصحف أبى بن كعب ( انظر ص ١٤٨ ) : « ومما يؤيد صحة قراءته مخالفته لزيد بن ثابت وطعنه عليه فى قراءته وهجر القوم قراءته قال فضل بن شاذان فى الايضاح : وأما أبى فقد نبذتم قراءته وكذلك قراءة ابن مسعود فيما تروون منهما ( فساق الكلام الى قوله : ) فى هؤلاء النفر ».

(٦) ق ج س مج : « وفيما ».

(٧) فى فصل الخطاب : « منهما ».

(٨) ما بين الحاصرتين ليس فى م ؛ فليعلم أنه قد تقدم الكلام منا فى هذا الحديث ( انظر ص ٢٠٠ ـ ٢٠٣ ).

(٩) فى غير م : « و ».

(١٠) م : « فللابنة ».


قال الله : [ (١) ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ ) (٢) فهذه الابنة ولد أم غير ولد؟

قلتم : وهى ولد ولكن هذه سنّة الصّحابة ، قلنا : فسنّة الصّحابة خلاف قول الله تعالى؟ ـ قلتم : ليس لنا [ أن ] نردّ على الصّحابة ، قلنا لكم : بل أن تردّوا على الله.

قلنا : وان كان مكان الأخت أخ؟ ـ قلتم : فله النّصف ، قلنا : قسم الله للأخت النّصف اذا لم يكن [ له ] ولد وقسمتم لها النّصف كملا (٣) مع الولد وكان يجب فى قياس قولكم أن تعطوا الأخ المال (٤) كلّه كملا لأنّه قال : وهو يرثها ان لم يكن لها ولد ؛

__________________

(١) فليعلم أن هنا نقصا فى غير م فى جميع النسخ الا ان فى نسخ مث ج س بياضا على قدر صفحة ونصف ورقة فى كل واحدة منها حتى يكون علامة للنقص لكن البياض لم يوضع فى نسخ ج ق مج الا أن كاتب نسخة ج قد التفت الى عدم تلائم العبارة هنا وكتب فوق هذه العبارة « قال الله لها : ثلث ما ذا أعطيتموها » كلمة : « كذا » حتى يتوجه القارى الى أن النسخة المكتوب منها قد كانت مشوشة ولا يتوجه الطعن إليه بأنه قد ارتكب خطاء واشتباها فى كتابة النسخة ، وأما نسختا ق مج فالعبارة فيهما جارية على حالها من دون اشارة الى النقص والتفطن له ، فعبارة المتن مطابقة لنسخة م فقط الى موضع نشير فيه الى تمام النقص وانقضاء ما هو فى م فقط.

(٢) صدر آخر آية من سورة النساء وهى آية ١٧٦.

(٣) قال الفيروزآبادى : « وأعطاه المال كملا محركة أى كاملا » وقال الزبيدى فى شرحه : « هكذا يتكلم به فى الجمع والوحدان سواء ، ولا يثنى ولا يجمع قال : وليس بمصدر ولا نعت انما هو كقولك أعطيته كله ». قال البستانى فى محيط المحيط يقال : أعطيته المال كملا اى كاملا وافيا ؛ قال الليث هكذا يتكلم به وهو سواء فى الجمع والوحدان وليس بمصدر ولا نعت انما هو كقولك : أعطيته المال الجميع ».

(٤) يشبهه ما نقله الشيخ المفيد (ره) باسناده الى مولانا محمد الباقر ـ عليه‌السلام ـ


فلا بكتاب الله رضيتم ، ولا القياس استعملتم.

__________________

فلا بأس بنقله وذلك أنه قال السيد المرتضى (ره) فى الفصول المختارة ( انظر الجزء الاول ص ١٣٣ ـ ١٣٤ من الطبعة الاولى ) ما نصه : « ومن حكايات الشيخ ـ أدام الله عزه ـ أيضا فى الميراث وحديثه : حدثنى الشيخ ـ أيده الله تعالى ـ قال : أخبرنى أبو الحسن أحمد بن محمد بن الوليد عن أبيه ـ رحمه‌الله ـ عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبى عمير عن عمر بن اذينة عن بكير بن أعين قال : جاء رجل الى أبى جعفر محمد بن على الباقر ـ عليه‌السلام ـ فقال له : يا أبا جعفر ما تقول فى امرأة تركت زوجها وأخويها لامها وأختا لابيها؟ ـ فقال أبو جعفر ـ عليه‌السلام ـ : للزوج النصف ثلاثة أسهم من ستة أسهم وللاخوة من الام الثلث سهمان من ستة وللاخت من الأب ما بقى وهو السدس سهم من ستة ، فقال له الرجل : فان فرائض زيد وفرائض العامة والقضاة على غير ذلك يا أبا جعفر ، يقولون : للاخت من الأب ثلاثة أسهم من ستة تعول الى ثمانية فقال له أبو جعفر ـ عليه‌السلام ـ : ولم قالوا ذلك؟ ـ قال : لان الله تعالى يقول : ( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ) قال أبو جعفر ـ عليه‌السلام ـ : فان كانت الاخت أخا؟ ـ قال : ليس له الا السدس فقال أبو جعفر ـ عليه‌السلام ـ : فما لكم نقصتم الاخ ان كنتم تحتجون فى النصف للاخت بأن الله تعالى قد سمى لها النصف فان الله تعالى قد سمى للاخ أيضا الكل والكل أكثر من النصف ؛ قال الله سبحانه : ( فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ ) ، فلا تعطون الّذي جعل الله له الجميع فى بعض فرائضكم شيئا وتعطونه السدس فى موضع ، وتعطون الّذي جعل الله له النصف ذلك تاما ، فقال له الرجل : فكيف تعطى الاخت ـ أصلحك الله ـ النصف ولا يعطى الاخ شيئا؟ فقال أبو جعفر ـ عليه‌السلام ـ يقولون فى أم وزوج واخوة لام وأخت لاب ؛ فيعطون الزوج النصف ثلاثة أسهم من ستة تعول الى تسعة ، والام السدس ، والاخوة


وزعمتم أنّ زيدا قال فى الأكدريّة (١) امرأة ماتت وتركت زوجا وأختا

__________________

من الام الثلث ، والاخت من الأب النصف ثلاثة يرتفع من ستة الى تسعة قال : كذلك يقولون قال : فان كانت الاخت أخا لاب؟ ـ قال : ليس له شيء فقال الرجل لابى جعفر عليه‌السلام ـ فما تقول أنت؟ ـ رحمك الله ـ فقال : ليس للاخوة من الأب والام ولا للاخوة من الام ولا للاخوة من الأب مع الام شيء ».

__________________

(١) قال الجوهرى فى الصحاح وابن منظور فى لسان العرب : « والاكدرية مسألة فى الفرائض وهى زوج وأم وجد وأخت لاب وأم » وقال الفيومى فى المصباح المنير : « والاكدرية من مسائل الجد ؛ قيل : سميت بذلك لان عبد الملك ألقاها على فقيه اسمه او لقبه أكدر ، وقيل غير ذلك » وقال صاحب معيار اللغة : « والاكدرية كأحمر بياء النسبة وهاء مسألة فى الفرائض وهى زوج وأم وجد وأخت لاب وأم لقبت بها لانها سئل رجل عنها اسمه او لقبه أكدر فلم يعرفها وقيل غير ذلك » وقال البستانى فى محيط المحيط : « والاكدرية مسألة فى الفرائض وهى زوج وأم وجد وأخت لاب وأم ؛ لقبت بها لان عبد الملك بن مروان سأل عنها رجلا يقال له : أكدر فلم يعرفها ، أو كانت الميتة تسمى أكدرية ، أو لانها كدرت على زيد ».

أقول : أخذه البستانى من القاموس بعين عبارة الفيروزآبادي وقال الزبيدى فى تاج العروس مازجا شرحه بالمتن ما نصه :

« ( والاكدرية فى الفرائض ) مسألة مشهورة وهى ( زوج وأم وجد وأخت لاب وأم ) وأصلها من ستة وتعول لتسعة وتصح من سبعة وعشرين ؛ قاله شيخنا ( لقبت بها لان عبد الملك بن مروان سأل عنها رجلا يقال له أكدر فلم يعرفها ، أو كانت الميتة تسمى أكدرية ، أو لانها كدرت على زيد ) بن ثابت مذهبه لصعوبتها وقد استفتيت فيها شيخنا الفقيه المحدث أبا الحسن على بن موسى بن شمس الدين بن النقيب حفظه الله تعالى فأجاب


__________________

ما نصه : للزوج النصف ثلاثة ، وللام الثلث اثنان ، وللجد واحد ، وأصلها من ستة والقياس سقوط الاخت بالجد لانها عصبة بالغير ولكن فرض لها النصف ثلاثا لنص الله تعالى وبالنص يترك القياس فتصير المسألة من تسعة ثم يعود الجد والشقيقة الى المقاسمة أثلاثا للذكر مثل حظ الانثيين فانكسرت السهام الاربعة على ثلاثة مخرج الثلث ثلاثة من تسعة فى ثلاثة بتسعة وللام الثلث عائلا اثنان فى ثلاثة بستة والباقى اثنا عشر للجد ثمانية تعصيبا بالجد ومن هنا حصل التكدير على الاخت لكون فرضها عاد تعصيبا وحصل أيضا للجد لكونه كالاب يحجب الاخوة والاخوات فعاد انفراده بالتعصيب الى المقاسمة فشاركته الاخت فى التعصيب له الثلثان ولها الثلث ؛ فهذا وجه تلقيبها بالاكدرية ( انتهى ) ».

وفى هامش الكتاب :

« قوله : مخرج الثلث ثلاثة من تسعة ( الى آخره ) كذا بخطه وهى عبارة غير محررة والصواب ان يقول : فانكسرت سهامهما الاربعة على ثلاثة عدد رءوسهما فيضرب ثلاثة عدد رءوسهما فى أصل المسألة وعولها وهو تسعة يحصل سبعة وعشرون ومنها تصح للزوج من أصل المسألة وعولها ثلاثة تضرب فى جزء السهم الّذي هو ثلاثة عدد رءوس الجد والاخت يحصل تسعة فهى له وللام الثلث عائلا اثنان ( الى آخره ) ».

وقال أبو عبد الله موفق الدين محمد بن على الرحبى فى بغية الباحث عن جمل الموارث وهو اسم أرجوزة فى الفرائض ؛ قال مؤلف إيضاح المكنون : هذه الارجوزة منظومة لابى عبد الله محمد بن على بن محمد الرحبى المعروف بابن المتفننة المتوفى سنة ٥٧٧ سبع وسبعين وخمسمائة » ( انظر مجموع المتون العربية ص من النسخة المطبوعة سنة ) :

باب الاكدرية :

« والاخت لا فرض مع الجد لها

فيما عدا مسألة كملها »

« زوج وأم وهما تمامها

فاعلم فخير أمة علامها »


وأمّا (١) وجدّا : انّها من تسعة أسهم ؛ [ للزّوج ثلاثة أسهم (٢) ] وللأمّ سهمان ، وللأخت ثلاثة أسهم ، وللجدّ سهم. قال زيد (٣) : ثمّ تردّ الأخت نصيبها فيضاف الى نصيب الجدّ ثمّ يقسم بينهما للذّكر مثل حظّ الأنثيين. قلنا : هذه الفريضة خلاف قول الله عزّ وجلّ فى محكم كتابه لأنّ الله جعل للزّوج النّصف من جميع تركة امرأته ألا تراه يقول لمّا استثنى بالولد : ( وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ) (٤) فلم جعلتم له ثلاثة أسهم من تسعة وانّما هى الثّلث فأين النّصف الّذي فرض الله

__________________

« تعرف يا صاح بالاكدرية

وهى بأن تعرفها حرية »

« فيفرض النصف لها والسدس له

حتى تعول بالفروض المجملة »

« ثم يعودان الى المقاسمة

كما مضى فاحفظه واشكر ناظمه »

أقول : قد علم مما ذكرنا أن المسألة معروفة جدا بين علماء العامة بل معركة للآراء فمن أرادها فليطلبها من مظانها من كتبهم وأما عندنا معشر الخاصة فلا مورد للبحث عنها لانه لا يجوز أن ترث الاخت التى من الطبقة الثانية مع وجود من ذكر وفرض وجوده وهو من الطبقة الاولى فى المسألة وانما ذكرنا شيئا مما ذكرناه هنا ليصير القارئ لهذا الكتاب مطلعا على هذا الامر بما يكفى فى هذا المقام.

__________________

(١) فى الاصل : « ابنا » وهو غلط قطعا بدليل تصريح علماء اللغة وغيرهم بأن المفروض فى المسألة الام لا الابن.

(٢) ما بين المعقفتين من اضافاتنا لما يدل عليه قرينة السياق صدرا وذيلا ..

(٣) فى الاصل : « قال زيد ثم زيد ».

(٤) صدر آية ١٢ سورة النساء وما بعده : « فان كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ، ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد فان كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين ( الآية الى آخرها ).


تعالى له؟! فزعمتم أنّ الحساب لا يقوّم (١) [ الاّ (٢) ] بأن ينقص الزّوج ممّا حكم الله من فرضه. قلنا : ويحكم صرتم اذا الحكّام (٣) على الله لا على خلقه تنقصون من فرض الله ليستقيم حسابكم فدلّونا على هذا الحساب الملعون (٤) الّذي ينقص ما فرض الله و [ وقّفونا (٥) ] عليه. قلتم : الأسهم ستّة للزّوج النّصف ؛ ثلاثة أسهم ، وللأمّ الثّلث ؛ سهمان ، وللجدّ السّدس ؛ سهم ، وللأخت ثلاثة أسهم.

قلنا لكم : هذا يعدّ من تسعة وسمّيتموها النّصف.

قالوا : انّما هى نصف السّتّة.

قلنا : وما لنا وللسّتّة؟ وانّما قال الله عزّ وجلّ : ( وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ) ؛ فما بال ذكر التّسعة؟! فقد تركت المرأة تسعة آلاف ؛ للزّوج النّصف ؛ أربعة آلاف وخمسمائة ، فأعطيتم الزّوج ثلاثة آلاف وهو ثلث المال؟!

قلتم : وقع فى الحساب كسر لأنّ الحساب لا يقوّم الاّ بأن ينقص الزّوج ممّا فرض الله ، فاذا صرتم الحكّام (٦) على الله تنقصون ما فرض الله ليستقيم ما فرضتم دونه وعملتم

__________________

(١) هو اما من قام الامر اى اعتدل كاستقام واستوى ، او من قوم : قال البستانى فى محيط المحيط : « قوم الشيء تقويما عدله ومنه تقويم البلدان لبيان طولها وعرضها وربما سمى حساب الاوقات بالتقويم ج تقاويم ».

(٢) « الا » من اضافاتنا لدلالة قرينة السياق عليه.

(٣) كذا بلام التعريف.

(٤) فى الاصل : « المعلون » ( بتقديم العين على اللام ).

(٥) فى الاصل : « قفونا » ، قال الزمخشرى فى أساس البلاغة : « ومن المجاز وقفته ( من باب التفعيل ) على ذنبه وعلى سوء صنيعه » وفى القاموس : « وقف ( من باب التفعيل ) فلانا على ذنبه ـ أطلعه وقال الزبيدى فى شرحه : « ومن المجاز وقف فلانا على ذنبه وسوء صنيعه اذا أطلعه عليه وأعلمه به ».

(٦) كذا معرفا باللام فى الاصل.


فى ذلك عمل نقص ما فرض الله ووكّدتم فرض هذا النّاقص بفرض (١) الله عزّ وجلّ فكأنّكم أعلم بما يصلح النّاس من خالقهم وكنتم عند أنفسكم أعلم بالحساب من خالق الحساب وأشدّ احتياطا للورثة من خالقهم.

قلتم : لا إله الاّ الله.! اذ (٢) ما نحن أعلم من الله ولكن هكذا (٣) جرت السّنّة من السّلف.

قلنا : فناظرونا فى فريضة الأمّ فانّ الله عزّ وجلّ يقول : ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ) (٤) ولم يسمّ الاّ للولد ولم يسمّ للإخوة ميراثا فانّه قال : ( فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ) (٥) لا أنّه جعل للإخوة شيئا فهلاّ (٦) الثّلث أعطيتموها.

فان قلتم ، أعطيناها سهمين ثلث السّنّة. قلنا : انّما اعطيتموها سهمين من تسعة وقلتم : هذا الثّلث ، قلنا لكم : (٧) ] ثلث ما (٨) أعطيتموها؟ ـ قلتم : ثلث ستّة. قلنا : ما معنى ذكر ستّة (٩) وقد تركت المرأة ستّة آلاف فأعطيتم الأمّ ألفين فما معنى الثّلث؟ قلتم : لم يتمّ (١٠) الحساب الاّ على ما فرضه زيد لا على ما فرضه الله.

فى ذكر الأخت والجدّ

قلنا : فكم فرضتم للأخت؟ ـ قلتم : النّصف ؛ ثلاثة.

__________________

(١) فى الاصل : « لفرض ».

(٢) فى الاصل : « اذا ».

(٣) فى الاصل : « هذا ».

(٤) من آية ١١ سورة النساء.

(٥) من آية ١١ سورة النساء.

(٦) فى الاصل : « فلا ».

(٧) فليعلم أن النقص الّذي كان فى نسخ ج ح س ق مج مث وكان يبتدأ من « يستفتونك قل الله » كما أشرنا إليه فيما سبق ( انظر ص ٣١٦ من الكتاب ) انتهى هنا فمن قوله « ثلث ما » جميع النسخ متحدة فى عبارة المتن الا ما نشير إليه.

(٨) ج ح : « ثلث ما ذا » لكن فى مث مج س ق : « ثلث ماذى ».

(٩) غير م : « قلنا لكم : فما بال ذكر الستة؟ ».

(١٠) غير م : « فقلتم : لم يقم ».


قلنا : ويحكم لم تسمّونه النّصف انّما أعطيتموها ثلاثة من تسعة؟ ـ فعدتم الى الكلام الأوّل فى ذكر السّتّة. قلنا : ويحكم لم ير للسّتّة ذكر (١) فكيف تقولون : من ستّة؟!

قلنا : فناظرونا فى فريضة الجدّ (٢)

كيف جعلتم (٣) للجدّ سهما من تسعة أسهم وسمّيتموها سدسا ولا خلاف بين الأمّة فى أنّه لا يكون (٤) المال أكثر من نصفين ولم نر للجدّ والأخت فرضا [ مع الولد فى الكتاب ولا مع الأمّ أيضا لأنّ الله عزّ وجلّ يقول : (٥) ] ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ، وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ ) (٦) فأخبر أنّ الكلالة [ من لا يرث من الصّلب شيئا مع الولد (٧) ] فأعطيتم الأخت مع الأمّ [ وقد رويتم عن أبى بكر أنّه سئل عن الكلالة فقال : اللهمّ انّى لا أعلمه الاّ أن يكون الوالدان والولد (٨) ؛ فأعطيتم الاخت مع الامّ (٩) ] طعنا على أبى بكر

__________________

(١) كذا فى الاصل ولعله كان : « لم نر للستة ذكرا ».

(٢) هذا العنوان فى م فقط.

(٣) غير م : « وجعلتم ».

(٤) م « ولا خلاف بين الامة أن يكون ».

(٥) غير م : « مع الولد والابن فى الكتاب لان الله قال ».

(٦) صدر آخر آية من سورة النساء ( آية ١٧٦ ).

(٧) غير م ( بدلها ) : « اذا لم يكن ولد ».

(٨) قال السيوطى فى الدر المنثور فى ذيل آية « يستفتونك عن الكلالة » ضمن ما نقل من الاخبار ما نصه ( ج ٢ ؛ ص ٢٥٠ ) : « وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبى شيبة والدارسى وابن جرير وابن المنذر والبيهقى فى سننه عن الشعبى قال : سئل أبو بكر عن الكلالة فقال : انى سأقول فيها برأيى فان كان صوابا فمن الله وحده لا شريك له ، وان كان


ولم تقوموا (١) على حدّ الكلالة [ (٢) وقد تركت الميتة امّا. ثمّ لمّا أعطيتم (٣) الاخت ثلاثة أسهم لما زعمتم من تسمية الله لها النّصف ، وأعطيتم الجدّ سهما قلنا لكم : لم صرتم تجمعون نصيبها ونصيب الجدّ ثمّ يكون للذّكر مثل حظّ الانثيين وانّما فرض الله الفريضة من أصل المال لا من نصيب الاخت لأنّ الله تعالى يقول : ( فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ) ؛ فلم جعلتم للجدّ من يغلب الاخت (٤) فان كنتم أنزلتم الجدّ منزلة الأخ ليكون للذّكر مثل حظّ الانثيين فقد كان ينبغى أن يكون للأخ (٥) من صلب المال مثل ما أعطيتم الأخت ، ولو أعطيتموه (٦) مثل ما للأخت (٧) لكان المال مستغرقا بينهما وبقيت الأمّ والزّوج لا شيء

__________________

خطأ فمنى ومن الشيطان والله منه بريء أراه ما خلا الوالد والولد ، فلما استخلف عمر قال : الكلالة ما عدا الولد ، فلما طعن عمر قال : انى لاستحيى من الله ان اخالف أبا بكر رضى الله عنه ».

قال المحقق الطوسى ـ قدس الله روحه القدوسى ـ فى تجريد العقائد عند ذكره مطاعن أبى بكر : « ولم يكن عارفا بالاحكام حتى قطع يسار سارق ( الى ان قال ) ولم يعرف الكلالة ولا ميراث الجدة ( الى آخر ما قال ) وقال القوشچى فى شرحه : « أجيب عنه بأنه ان أريد أنه ما كان جميع أحكام الشرع حاضرة عنده على سبيل التفصيل فهو مسلم ( الى آخر ما قال ) » وبسط المسألة يحتاج الى مجال وسيع فمن أراد البسط فليراجع مظانه.

(٩) ما بين المعقفتين ليس فى م.

(١) فى غالب النسخ : « ولم يقوموا » ( بصيغة الغائب ) وفى ح : « ولم تقدموا » ( من قدم بالدال ).

(٢) من هنا أعنى « وقد تركت الميتة أما » الى ما يأتى وهو « ترككم قوله » ليس فى م.

(٣) ح : « ثم أعطيتم ».

(٤) « الاخت » ليست فى ح مث.

(٥) ح س مج مث : « الاخ ».

(٦) غير ح : « أعطيتموهم ».

(٧) مث مج س : « مثل مال الاخت ».


لهما فى قول زيد لو كان مكان الأخت أخ لم تعطوه شيئا وانّما هو فى قولكم بمنزلة الأخ فافهموا انتقاض قولكم. فان كان الأخ لا يعطى شيئا أو ان صيّرتم الجدّ أبا كما صيّره أبو بكر ولا ترث الاخت معه شيئا فهذا ما يدلّ من الطّعن عليكم على أبى بكر وترككم قوله (١) ].

ورويتم عن عمر بن الخطّاب أنّه سأل النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عن الكلالة فقال له قولا لم يفهمه ؛ فوجّه إليه ابنته حفصة (٢) فسألته عنها فقال : ان سألك أبوك (٣) فقولى له : ما أراك تفهمها أبدا ؛ فكان عمر يقول : لا أفهمها أبدا لقول النّبيّ (ص) : ما أراك تفهمها أبدا. (٤)

__________________

(١) ما بين المعقفتين أعنى من قوله : وقد تركت الميتة أما » الى هنا أعنى « ترككم قوله » ليس فى م كما أشرنا إليه فى صدر الكلام أيضا ( انظر ص ٣٢٤ ).

(٢) غير م : « فبعث إليه حفصة ».

(٣) غير م : « فقال لها : لو بعثك أبوك ».

(٤) قال السيوطى فى الدر المنثور فى ذيل آية : ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ ) ( ج ٢ ، ص ٢٤٩ ) ما نصه : « وأخرج ابن راهويه وابن مردويه عن عمر أنه سأل رسول الله (ص) كيف تورث الكلالة؟ ـ فأنزل الله ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ ) فى الكلالة الى آخرها فكأن عمر لم يفهم فقال لحفصة : اذا رأيت من رسول الله (ص) طيب نفس فسليه عنها ؛ فرأت منه طيب نفس فسألته فقال : أبوك ذكر لك هذا ؛ ما أرى أباك يعلمها فكان عمر يقول : ما أرانى أعلمها وقد قال رسول الله ما قال : وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن مردويه عن طاوس أن عمر أمر حفصة أن تسأل النبي (ص) عن الكلالة فسألته فأملاها عليها فى كتف وقال : من أمرك بهذا؟ أعمر؟ ما أراه يقيمها أو ما تكفيه آية الصيف؟! قال سفيان : وآية الصيف التى فى النساء : وان كان رجل يورث كلالة أو امرأة فلما سألوا رسول الله (ص) نزلت الآية التى فى خاتمة النساء. وأخرج مالك ومسلم وابن جرير


[ ورويتم عن عمر (١) أيضا أنّه قال : ثلاث وددت أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه

__________________

والبيهقى عن عمر قال : ما سألت النبي (ص) عن شيء اكثر ما سألته عن الكلالة حتى طعن باصبعه فى صدرى وقال : تكفيك آية الصيف التى فى آخر سورة النساء ( وساق أحاديث من هذا القبيل وقال ) وأخرج ابن جرير عن عمر قال : لان أكون أعلم الكلالة أحب الى من أن يكون لى جزية قصور الشام. وأخرج ابن جرير عن الحسن بن مسروق عن أبيه قال : سألت عمر وهو يخطب الناس عن ذى قرابة لى ورث كلالة فقال : الكلالة الكلالة الكلالة وأخذ بلحيته ثم قال : والله لان أعلمها أحب الى من ان يكون لى ما على الارض من شيء ، سألت عنها رسول الله (ص) فقال : ألم تسمع الآية التى أنزلت فى الصيف فأعادها ثلاث مرات ».

أقول : الخوض فى تحقيق القضية بل نقل أخبارها يفضى الى طول لا يسعه المقام فمن أراد البسط فليراجع الدر المنثور واحقاق الحق وتشييد المطاعن وكتاب الغدير وشروح التجريد وبحار الانوار وسائر مظان البحث.

__________________

(١) ما بين المعقفتين أعنى من قوله : « ورويتم عن عمر » الى ما يأتى من قوله « وعن ذبائح أهل الكتاب » فى م فقط. قال المجلسى (ره) فى ثامن البحار عند ذكره الطعن السابع من مطاعن أبى بكر ما نصه ( انظر ص ٢٧١ من طبعة أمين الضرب ) : « قال الفخر الرازى اختار أبو بكر أن الكلالة عبارة عن سوى الوالدين والولد ؛ وهذا هو المختار ، وأما عمر فانه كان يقول : الكلالة ما سوى الولد وروى أنه لما طعن قال : كنت أرى الكلالة من لا ولد له وأنا أستحيي أن أخالف أبا بكر وعن عمر فى رواية أخرى وكان يقول : ثلاثة لان يكون بينها الرسول لنا أحب الى من الدنيا وما فيها ؛ الكلالة والخلافة والربا ( انتهى ) ».

وقال السيوطى فى الدر المنثور عند تفسيره آخر آية من سورة النساء وهى قوله تعالى : « يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ ؛ الآية » ما نصه ( ج ٢ ؛ ص ٢٤٩ و ٢٥٠ ) : واخرج عبد الرزاق والبخارى ومسلم وابن جرير وابن المنذر عن عمر قال : ثلاث وددت


وآله ـ بيّنها لنا ؛ الكلالة والخلافة وأبواب من أبواب الرّبا.

__________________

أن رسول الله (ص) كان عهد إلينا فيهن عهدا تنتهى إليه ؛ الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا. واخرج الطيالسى وعبد الرزاق والعدنى وابن ماجة والساجى وابن جرير والحاكم والبيهقى عن عمر قال : ثلاث لان يكون النبي (ص) بينهن لنا أحب الى من الدنيا وما فيها ؛ الخلافة والكلالة والربا ».

أقول : ساق السيوطى فى تفسير الآية المشار إليها أحاديث كثيرة من هذا القبيل ، والمسألة من المسائل التى صارت مورد بحث عظيم فى كتب الكلام والحديث والفقه بحيث يفضى الخوض فيه والاشارة الى موارده الى اطناب لا يسعه الكتاب فالاولى أن نشير هنا الى تحقيق لصاحب كتاب الغدير أعنى الأميني (ره) وهو أنه قال فى المجلد السابع من الغدير تحت عنوان « الكلالة » ما نصه ( ص ١٠٤ من الطبعة الثانية ) : « وتجد الخليفة على شاكلة صنوه فى عدم العلم بالكلالة النازلة فى آية الصيف آخر سورة النساء ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ ) فى الكلالة ان امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك ؛ الآية ، أخرج ائمة الحديث باسناد صحيح رجاله ثقات عن الشعبى قال : سئل أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ عن الكلالة فقال : انى سأقول فيها برأيى فان يك صوابا فمن الله ، وان يك خطاء فمنى ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه أراه ما خلا الولد والوالد فلما استخلف عمر ـ رضى الله عنه ـ قال : انى لاستحيى الله أن أرد شيئا قاله أبو بكر أخرجه سعد ابن منصور ، عبد الرزاق ، ابن أبى شيبه ، الدارمى فى سننه ٢ ص ٣٦٥ ، وابن جرير الطبرى فى تفسيره ٦ ص ٣٠ ، ابن المنذر ، البيهقى فى السنن الكبرى ٦ ص ٢٢٣ ، وحكى عنهم السيوطى فى الجامع الكبير كما فى ترتيبه ٦ ص ٢٠ ، وذكره ابن كثير فى تفسيره ١ ص ٢٦٠ ، والخازن فى تفسيره ١ ص ٣٦٧ ، وابن القيم فى أعلام الموقعين ص ٢٩.

قال الامينى : هذا رأيه الثانى وكان أولا يرى أن الكلالة من لا ولد له خاصة ، وكان يشاركه فى رأيه هذا عمر بن الخطاب ثم رجعا عنه الى ما سمعت ثم اختلفا فيها قال ابن عباس : كنت آخر الناس عهدا بعمر بن الخطاب قال : اختلفت أنا وأبو بكر فى الكلالة والقول ما قلت وفى صحيحة البيهقى والحاكم والذهبى وابن كثير عن ابن عباس قال : كنت


ورويتم عن أبى بكر أنّه قال (١) : ندمت أن لا أكون سألت رسول الله ـ صلّى الله

__________________

آخر الناس عهدا بعمر فسمعته يقول : القول ما قلت. قلت : وما قلت؟ قال : قلت : الكلالة ما لا ولد له.

هذا القول كان من عمر لما طعن بعد قوله لما استخلف انى لاستحيى أن أخالف فيه أبا بكر كما مر وبعد قوله أتى على زمان لا أدرى ما الكلالة واذا الكلالة من لا أب له ولا ولد وبعد هذه كلها قال ما قال وهو على ما يقول بصير ( فخاض فى الاعتراض على ما يترتب على اجتهادهما فى ذلك الامر فمن اراده فليراجع الكتاب ( ص ١٠٥ ـ ١٠٨ ).

__________________

(١) هذا جزء من حديث تقدم فيما سبق ( انظر ص ١٦٠ ـ ١٦١ من الكتاب ) وأشرنا هناك فى ذيل الصفحتين الى شيء من موارد نقله الا أنى اطلعت بعد ذلك التذييل وتلك التحشية على كلام للسيد الجليل السيد محمدقلى ـ قدس الله تربته ـ يشتمل على ذكر موارد نقله اكثر مما أشرنا إليه هناك فأحببت أن أذكره هنا تكثيرا للفائده وذلك انه قال فى تشييد المطاعن ضمن كلام له ( ج ١ ؛ ص ٣٤٠ ) : الطبرى فى التاريخ والمبرد فى الكامل وأحمد بن عبد العزيز الجوهرى فى كتاب السقيفة وابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة ناقلا عن المبرد والجوهرى وابن قتيبة فى كتاب الامامة والسياسة وأبو عبيدة فى كتاب الاموال وخيثمة بن سليمان الاطرابلسى فى فضائل الصحابة والطبرانى فى المعجم فى الكبير وابن عساكر فى التاريخ والضياء المقدسى فى المختارة وجلال الدين السيوطى فى جمع الجوامع وسبط ابن الجوزى فى كتاب مرآة الزمان وعلى المتقى فى كنز العمال وفى منتخب كنز العمال ففى كنز العمال عن عبد الرحمن بن عوف عن أبى بكر الصديق قال فى مرض موته : انى لا آسى على شيء الا على ثلاث ( الحديث الى آخره ) ونقله الامينى ـ رفع الله درجته ـ فى سابع الغدير تحت عنوان « ثلاثة وثلاثة وثلاثة » وقال بعد ذكر الحديث : « أخرجه أبو عبيد فى الاموال ص ١٣١ ، والطبرى فى تاريخه ج ٤ ؛ ص ٥٢ ، وابن قتيبة فى الامامة والسياسة ج ١ ؛ ص ١٨ ، والمسعودى فى مروج الذهب


عليه وآله ـ عن ثلاث ؛ عن الأمر الّذي نحن فيه لمن هو بعده؟ وعن الجدّ وعن ذبائح أهل الكتاب (١). ]

[ (٢) وقال (٣) زيد فى امرأة تركت زوجها وأمّها واختا لأبيها وأمّها واحد (٤) وأنتم تقضون بها اليوم قال : للزّوج النّصف ثلاثة أسهم ، وللامّ السّدس لأنّ الإخوة من الأمّ فى قولكم حجبوها من الثّلث ، وللاخوة من الأمّ الثّلث ، وللأخت من الأب والأمّ النّصف ؛ فصارت تسعة على ما قسمتم الفريضة الاولى فلزمكم فى هذا المثل مثل ما لزمكم فى تلك وكان جوابكم ان قلتم سنّة أصحاب رسول الله (ص) ولم تقيموا (٥) الحساب زعمتم الاّ ما أخرجتموه. قلنا لكم : فما بال الإخوة من الأمّ حجبوا الأمّ من ثلثها الّذي سمّاه الله لها فصيّرتم لها السّدس ولهم الثّلث وانّما يرثون بحقّها ورحمها فما بالكم منعتموها حقّها ـ وهى حيّة وأعطيتم الإخوة من الأمّ ثلثها من صلب المال؟

والكتاب ينطق بغير ما فعلتم فلأىّ سبب فعلتم ذلك؟ فقلتم : لأنّ الله تبارك وتعالى قال فى كتابه : ( وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا

__________________

ج ١ ؛ ص ٤١٤ ، وابن عبد ربه فى العقد الفريد ج ٢ ؛ ص ٢٥٤ والاسناد صحيح رجاله كلهم ثقات أربعة منهم من رجال الصحاح الست » فخاض فى تحقيق ما استفاد من الحديث ونقد مطالبه فمن أراده فليراجع الكتاب المذكور ( ج ٧ ص ١٧٠ ـ ١٧٨ ).

__________________

(١) ما بين المعقفتين أعنى مما تقدم من قوله « ورويتم عن عمره ( راجع ص ٣٢٦ ) الى هنا أعنى قوله « ذبائح أهل الكتاب » فى م فقط.

(٢) من هنا أعنى من قوله : « وقال زيد فى امرأة تركت زوجها » الى ما يأتى من قول المصنف (ره) : « فأى عيب أعيب من هذا أن تصفوا رجلا بالعلم » ( انظر ص ٣٤٢ ) ليس فى نسخة م بل هو فى سائر النسخ الست أعنى ج ح س ق مج مث.

(٣) غير ح : « فقال ».

(٤) كذا.

(٥) ح : « ولم يقيموا » لكن مج ق ج : « ولم تقسموا » ( من القسمة ).


السُّدُسُ ؛ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ ) (١) قلنا لكم فمتى أخبركم أنّ الميّت اذا ترك أمّا كان يورث كلالة فلم يكن عندكم الاّ التّسليم لما سبقكم إليه أولئكم الّذين شهدتم عليهم أنّهم لا يعرفون الكلالة وتركتم الكتاب ولا يجوز لأحد قول فيما يخالف الكتاب وبطل تسليمكم لغير الكتاب.

وقلنا لكم : فاذا أعطيتم الإخوة من الأمّ الثّلث فمن (٢) أمركم أن تنقصوا الأمّ من الثّلث اذا كان معها إخوة لامّ لا لأب وليس معها ولد ولا أب فلم يكن عندكم أكثر من ان قلتم (٣) : الجماعة على هذا فصيّرتم قول جماعة أجمعوا (٤) على الطّعن والوقيعة فى الصّحابة والرّغبة (٥) عن قولهم فيما تركتم منه.

قلنا لكم : فلم أعطيتم الاخت من الأب والامّ النّصف قلتم : قال الله تعالى : ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ، وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ ) (٦) قلنا : فان كان مكانها أخ لأب وأمّ؟ قلتم : فلا شيء له ، قلنا : ولم؟ وقد قال الله : وهو يرثها ان لم يكن لها ولد ففرض له الكلّ فلم تعطوه شيئا ، وفرض لها النّصف فأعطيتموها ايّاه كملا مع أنّكم إنّما أعطيتموها النّصف فى التّسمية لا النّصف من المال؟

فكان جوابكم أن قلتم : على هذا أهل السّنّة والجماعة فلم ترضوا بخطائكم (٧) حتّى كذبتم على أهل السّنّة وذلك أنّ أهل السّنّة لا يخالفون حكم الكتاب وفرضه ؛ فانظروا الى أعاجيبكم الّتي لا تنقضى كثرة.

وأجمعتم (٨) على أن قلتم فى رجل ترك ابنته واخته : للبنت (٩) النّصف وللأخت النّصف. قلنا لكم : لم أعطيتم الأخت النّصف وانّما ميراثها فى الكتاب اذا لم يكن

__________________

(١) من آية ١٢ سورة النساء.

(٢) غير ح : « أين ».

(٣) ح : « قلتم لنا ».

(٤) فى النسخ « اجتمعوا ».

(٥) مج مث ق س ج : « بالرغبة ».

(٦) صدر آية ١٧٦ من سورة النساء.

(٧) ج : « لحظائكم ».

(٨) فى النسخ : « فاجتمعتم ». الا فى ح ففيها : « واجتمعتم ».

(٩) ج ق س مج مث : « للابنة ».


ولد وقد ترك الميّت ابنة؟ فقلتم : جعلنا الأخت عصبة قلنا لكم ؛ ولكم (١) أن تجعلوا دون ما قال الله عصبة؟! ومتى سمّى الله العصبة فى الفرض او جعل لها ميراثا مع الولد؟ فكان جوابكم أن قلتم : هذا قول الجماعة والسّنّة ؛ وهذا لا مخرج لكم منه اذ تزعمون أنّ جماعتكم فى هذه الفريضة على غير ما قال الله ومتى وجب عليكم أنّ جماعتكم يقولون غير ما قال الله بطل اجتماعكم (٢) فلقد جسرتم على تقلّد (٣) قبيح من القول.

وقال زيد فى زوج وأمّ وإخوة وأخوات لأب وأمّ وإخوة وأخوات للأمّ (٤) : للزّوج النّصف ، ثلاثة أسهم ، وللامّ السّدس ، وهو سهم ، وللإخوة من الأمّ الثّلث : وسقط الإخوة والأخوات من الأب والأمّ فتحاكموا الى عمر بن الخطّاب فقال الإخوة والأخوات لعمر : يا أمير المؤمنين هب أنّ أبانا كان حمارا ألسنا إخوة الميّت لأمّه؟! ـ فقال : صدقتم ؛ انطلقوا فشاركوا (٥) الإخوة والأخوات من الأمّ فى الثّلث الّذي فى أيديهم للذّكر مثل ما للأنثى (٦). وانّما ورّثهم لقرابة أمّهم فلذلك سوّى بينهم للذّكر مثل ما للأنثى لأنّ الأب زادهم قرابة فى قول عمر.

__________________

(١) ح : « الكم ».

(٢) كذا صريحا ولعلها : « اجماعكم ».

(٣) ح : « تقليد ».

(٤) ح : « لام ».

(٥) ح مث : « فتشاركوا » وحيث كانت نسخة مث متعلقة للمحدث النورى (ره) كما سنوضحه فى مقدمة الكتاب ان شاء الله تعالى نقل الكلمة بلفظة « فتشاركوا » عند نقله الكلام فى المستدرك كما سنشير إليه.

(٦) قال المحدث النورى (ره) فى مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل فى كتاب الفرائض والمواريث فى باب نوادر ما يتعلق بأبواب ميراث الاخوة والاجداد ما نصه ( انظر ج ٣ ؛ ص ١٦٣ ) : « الفضل بن شاذان فى كتاب الايضاح وقال زيد فى زوج وأم واخوة وأخوات لاب وأم واخوة وأخوات للام » ( فساق الكلام الى قوله « للذكر مثل ما للانثى » ثم قال مشيرا به الى باقى كلام الفضل فى الايضاح ما نصه : « ثم شنع عليهم بما لا مزيد عليه ».


قلنا لكم : فما بالكم ان كانت أختا (١) واحدة لأب وأمّ أعطيتموها النّصف ثلاثة أسهم ولمّا كانوا (٢) إخوة وأخوات أسقطهم زيد جميعا وتابعتموه على ذلك ، وأمرهم عمر أن يشاركوا الإخوة من الامّ فى ثلثهم ، فلئن كنتم تعقلون ما تصنعون إنّكم لتقصدون الى شنيع القول وقبيحه ، ولئن كنتم لا تعقلون إنّكم لتخبطون العشواء (٣) ولا تعلمون حقّ ما تأتون به من باطله ، هذا وأنتم تروون أنّ أبا بكر سئل عن الكلالة فقال : اللهمّ انّى

__________________

أقول : قد نقل المحدث النورى (ره) فى المستدرك بعد نقل كلام الفضل المشار إليه عبارة هى نظير كلام المتن فأوردها هنا بتلك العبارة حتى تكون مؤيدة لما ذكره الفضل فى كتابه هذا وهى هكذا : « دعائم الاسلام ـ وبلغنا أنه يعنى عمر ارتفع إليه نفر فى امرأة تركت أمها وزوجها واخوتها لابيها واخوتها لامها ؛ فقال عمر : للام السدس سهم ، وللزوجة النصف ثلاثة أسهم ؛ فذهبت أربعة من ستة وبقى سهمان وهو الثلث فقال : هذا الثلث للاخوة من الام لان لهم فى القرآن فريضة وقال : للاخوة للاب والام : ولا أرى لكم شيئا ، فقالوا : يا أمير المؤمنين كأن قرابة أبينا زادتنا سوء فهب أن أبانا كان حمارا ؛ ألسنا فى قرابة الام سواء؟! قال : قد رزقتم فأشرك بينهم فسميت هذه الفريضة المشتركة » أقول : يظهر من آخر القضية ان تلك الفريضة مسماة عند العامة بالمشتركة فمن أراد الخوض فى تفصيلها فليراجع مظان ذكرها فى كتبهم فان المقام لا يسع البحث عنها أكثر من ذلك.

__________________

(١) ح : « أخت ».

(٢) ح : « ولما كانت ».

(٣) قال الجوهرى : « العشواء الناقة التى لا تبصر أمامها فهي تخبط بيديها كل شيء ، وركب فلان العشواء اذا خبط أمره على غير بصيرة ، وفلان خابط خبط عشواء » وقال ابن الاثير فى النهاية ضمن ذكره معنى خبط : « ومنه حديث على خباط عشوات اى يخبط فى الظلام وهو الّذي يمشى فى الليل بلا مصباح فيتحير ويضل وربما تردى فى بئر او سقط على سبع وهو كقولهم : يخبط فى عمياء اذا ركب أمرا بجهالة » ونقل فى « عشا » ما يقرب منه. أقول ومنه قول زهير فى معلقته المشهورة :

« رأيت المنا يا خبط عشواء من تصب

تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم »


لا أعلمها الاّ أن يكون الوالدان والولد وتروون عن عمر أنّه قال : ما أرانى أعلمها أبدا ، فقد خالف عمر زيدا وخالفهما أبو بكر فى الكلالة وأنتم تروون عن النّبيّ (ص) أنّه قال : زيد أفرضكم ، فلقد طعنتم على أبى بكر وعمر فى خلافهما زيدا ان كان النّبيّ (ص) قال ما رويتم فى زيد والله يقول : ( وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) (١) ولو أصبتم مثل هذا على الشّيعة لقمتم به وقعدتم وقد أخبركم الله أنّ الاختلاف انّما يكون من عند غير الله فأمّا حكم الكتاب فليس فيه اختلاف.

وقال زيد فى امرأة تركت زوجها وأمّها واختها لأبيها وأمّها ؛ للزّوج النّصف ثلاثة أسهم ، وللأمّ الثّلث سهمان ، وللأخت من الأب والامّ النّصف ثلاثة أسهم ، يكون من ثمانية.

قلنا : فان كان مكان الأخت أخ؟ ـ قلتم : فله سهم تمام السّنّة. قلنا لكم : فأين وجدتم فى كتاب الله أنّ حظّ الانثيين أكثر من حظّ الذّكر فى الميراث؟! والميّت فى قولكم لو ترك أخا واختا لأب وأمّ كان المال بينهما للذّكر مثل حظّ الانثيين فاذا الزّوج والامّ انّما نقصوا الأخ ولم يضرّوا الأخت اذا لم يكن معها أخ (٢) فيا من لا يعرف ثلثا من نصف ، ولا يعرف سدسا من سبع ولا ثمنا من تسع ثمّ صار يدّعى الفقه والحكومة

__________________

(١) من آية ٨٢ سورة النساء.

(٢) مما يناسب نقله فى المقام اذ ينخرط فى سلك ما فى المتن من الكلام من جهة الالزام والافحام ما نقله المفيد عن المصنف (ره) وذلك أن السيد المرتضى علم الهدى (ره) قال فى الفصول المختارة ( ج ١ ؛ ص ١٣٤ ـ ١٣٥ من الطبعة الاولى ) ما نصه :

« ومن حكايات الشيخ ـ أدام الله عزه ـ قال : وقد ألزم الفضل بن شاذان ـ رحمه‌الله ـ فقهاء العامة فى قولهم فى الميراث أن يكون نصيب بنى العم أكثر من نصيب الابن واضطرهم الى الاعتراف بذلك قال لهم : خبرونى عن رجل توفى وخلف ثلاثين ألف درهم وخلف ثمانية وعشرين بنتا وخلف ابنا واحدا كيف يقسم ميراثه؟ فقالوا : يعطى الولد الذكر ألفى درهم وتعطى كل ابنة ألف درهم فيكون للبنات ثمانية وعشرون ألف درهم على عددهم ويحصل


فيه ألا يدع الفقه والعلم لأهله؟! (١) ومن يقول فى الحكم بقول الله وقول رسول الله؟!

وأنتم تروون عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه قال : قد خلّفت فيكم ما ان تمسّكتم به لن تضلّوا ، كتاب الله وعترتى أهل بيتى ، فانّ اللّطيف الخبير أنبأنى (٢) أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض (٣) وقد أخبركم أنّ العترة مع الكتاب والكتاب معهم لا يفترقان إلى يوم القيامة ، فتركتم حكم العترة والكتاب واقتديتم بسواهما فلا يبعد الله الاّ من ظلم (٤).

وقال زيد فى امرأة وأبوين : للمرأة الرّبع ؛ ثلاثة أسهم من اثنى عشر ، وللأمّ

__________________

للولد الذكر ألفا درهم فيكون ما قسمه الله تعالى وأوجبه فى كتابه ( للذكر مثل حظ الانثيين ) قال لهم : فما تقولون ان كان موضع الابن ابن عم كيف تقسم الفريضة؟ فقالوا : يعطى ابن العم عشرة آلاف درهم وتعطى البنات كلهن عشرين ألف درهم قال لهم الفضل بن شاذان : فقد صار ابن العم أوفر حظا من الابن للصلب والابن مسمى فى التنزيل متقرب بنفسه وبنو ـ العم لا تسمية لهم انما يتقربون بأبيهم وأبوهم يتقرب بجده والجد يتقرب بابنه وهذا نقض الشريعة.

قال الشيخ ـ أدام الله عزه ـ : وانما لزمت هذه الشناعة فقهاء العامة خاصة لقولهم بان ما عدا الزوج والزوجة والابوين يرثون مع الولد على خلاف مسطور الكتاب والسنة وانما أعطوا ابن العم عشرة آلاف درهم فى هذه الفريضة من حيث تعلقوا بقوله تعالى ( فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ ) فلما بقى الثلث أعطوه لابن العم فلحقتهم الشناعة المخرجة لهم عن الدين ونجت الشيعة من ذلك ».

__________________

(١) ح : « فانظروا من » والمتن يشبه مضمون البيت المعروف الجارى مجرى المثل :

« قل للذى يدعى بالعلم معرفة

حفظت شيئا وغابت عنك أشياء »

(٢) كذا فى ح لكن فى سائر النسخ : « نبأنى » وقد ورد بكلتا الكلمتين فى الروايات.

(٣) هذا الحديث متواتر بين الفريقين فمن أراد طرفا من طرقه من الخاصة والعامة فليراجع غاية المرام للسيد هاشم البحرانى او البحار أو نظائرهما.

(٤) ح : « ضل ».


ثلث ما بقى ، وما بقى للأب. وقال ابن عبّاس : للامّ ثلث المال كملا وقول ابن عبّاس موافق للقرآن وانّما جعل الله للامّ الثّلث من أصل المال فقال : ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ) (١) وقد قال الله تعالى : ( أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) (٢) فأىّ تفرّق أكثر من مخالفة القرآن فى قسمين مختلفين ان أعطى هذا حرم هذا ، وقال ابن عبّاس : لها ثلث المال كملا (٣).

وقال زيد فى ثلاث أخوات متفرّقات : للاخت من الأب والأمّ النّصف ؛ ثلاثة أسهم (٤) ، وللاخت من الأمّ السّدس ؛ سهم ، وللأخت من الأب سهم ، وللعصبة السّهم الباقى. وقال عليّ بن أبى طالب ـ صلوات الله عليه ـ : السّهم الّذي جعله (٥) للعصبة مردود على الأخت من الأب والامّ وعلى الاخت من الأب ، ويخرج منه الأخت من الأمّ وبذلك ينطق القرآن لأنّه لم يجعل فى القرآن للأخت من الامّ أكثر من السّدس ولم يجعل للعصبة فى القرآن شيء وقد خالف عليّ وابن عبّاس زيدا وخالفه أيضا أبو بكر وعمر ؛ ولو

__________________

(١) من آية ١١ سورة النساء.

(٢) من آية ١٣ سورة الشورى.

(٣) ح : « كاملا ».

(٤) قال المحدث النورى (ره) فى مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل فى كتاب الفرائض والمواريث فى باب ميراث الاخوة والاخوات المتفرقين وحكم ما لو جاء معهم زوج أو زوجة ما نصه ( ج ٣ ؛ ص ١٦٣ ) : « الثقة الجليل فضل بن شاذان في الايضاح ـ وقال زيد فى ثلاث أخوات متفرقات : للاخت من الأب والام النصف ثلاثة أسهم ( فساق الكلام الى قوله ) « وخالفه أيضا أبو بكر وعمر ( الى آخر ما قال ) » فقال : قلت : ظاهر الخبر أن الاخت من الأب ترث مع وجود الاخت من الابوين وهو خلاف ما تقدم وعليه اتفاق الامامية ولا يمكن الحمل على التقية لوجود ما ينافيها فيه ، ويمكن أن يكون الاصل : أو على الاخت من الأب يعنى اذا لم يكن الاخت من الابوين فقامت مقامها ؛ فلا تنافى ما تقدم » ( انتهى قول المحدث النورى ).

(٥) مج : « جعله الله » ولفظ الجلالة فى تلك النسخة من طغيان قلم الكاتب من دون شك.


قال النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : خالفوا زيدا ؛ ما قدروا على أكثر ممّا صنعوا ، ولا يخلو هذا الحديث من أن يكون حقّا فتقعوا (١) فى الّذين خالفوا زيدا ، أو يكون (٢) باطلا فتكونوا قد كذبتم على رسول الله (ص) ، وما فى واحدة من الخلّتين لكم راحة وأنتم تنسبون الى أهل (٣) السّنة والجماعة فأىّ وقيعة فى الصّحابة أكثر من قولكم ، أو تكونوا (٤) قد كذبتم فى روايتكم على النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وقال زيد فى أختين لأب وأخت لأب وأمّ وجدّ : للأخت من الأب والأمّ النّصف ؛ ثلاثة أسهم ، وللأختين من الأب السّدس تكملة الثّلثين ، وما بقى فللجدّ ، فلئن صيّرتم الجدّ كما قال أبو بكر أبا ؛ فما (٥) للأخوات معه شيء ، وان لم تصيّروه أبا فقد طعنتم على أبى بكر اذ لم ترضوا قوله ، ولئن (٥) كان بمنزلة ا [ لأخ كا ] ن للذّكر مثل حظّ الأنثيين فلا أبا جعلتموه ؛ ولا أخا ، فاعقلوا طعنكم على الصّحابة.

وقال ابن عبّاس : المال بينهم ؛ للذّكر مثل حظّ الأنثيين ، ثم يردّ للأخت من الأب والأمّ سهم (٦) حتّى يستوفى النّصف وقال : أبو بكر : يقاسم الجدّ ما كان الثّلث خيرا له ، ومن أعطى واحدا منهم بقول واحد من الثلاثة نقص الآخرين ولا يكون الفرض من الله فى قسمة مختلفة لا حجّة لكم فى هذا بكتاب ولا سنّة من الرّسول ، فان آثرتم زيدا فقد طعنتم على الرّجلين ولم تعرفوا حقّ ذلك من باطله وكنتم قد كذبتم على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فيما رويتم أنّ زيدا أفرضكم ، ولا مخرج لكم من هذا وأنتم تزعمون أن الشّيعة تقع فى الصّحابة.

وقال زيد فى ثلاث أخوات لأب وأمّ واخت لأمّ وجدّ : المال بين الأخوات من الأب والامّ والجدّ وقد سقطت الأخت من الأمّ لا ترث مع الجدّ وقال ابن عبّاس :

__________________

(١) ح : « فيقع ».

(٢) ح : « أو أن يكون ».

(٣) كلمة « أهل » مذكورة فى النسخ ومع ذلك لا يستبعد كونها من اضافات الناسخين.

(٤) ح : « او تكونون ».

(٥) ج ق س مج مث « ما ».

(٦) مج مث س ق ج : « ثم ترد الاخت من الأب والام سهما ».


للجدّ الثّلث من جميع المال ، وللأخوات من قبل الأب والأمّ ثلثان ؛ وهذا خلاف ، وقد نهى الله عن الاختلاف والتّفرّق وفى ذلك من قولكم وقيعة من بعضكم (١) فى بعض.

وقال زيد فى جدّ وأخ : المال بينهما ؛ فصيّر الجدّ هاهنا بمنزلة الأخ وقد قال فى اخت لأب وأمّ واختين لأب وجدّ وهى فيما كتبنا قبل هذا فقال : للأخت من الأب والامّ النّصف ، وللأختين من الأب السّدس تكلمة الثّلثين ، وما بقى فللجدّ ، فصيّره مرّة بمنزلة الأخ فكأنّه قال : أخ واخت لأب وأمّ وأخت لأب فصيّر للأخت (٢) من الأب السّدس فينبغى أن يكون ما بقى للأخ والاخت للذّكر مثل حظّ الأنثيين فهو مرّة بمنزلة الأخ وهو مرّة بمنزلة الأمّ ، وهذا لا فى كتاب الله ولا فى سنّة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وقال زيد فى ابنة وجدّ : للابنة النّصف ، وما بقى فللجدّ ، وكذلك أخت لأب وأمّ وجدّ ، واختان (٣) لأب وأمّ وجدّ ، وثلاث أخوات لأب وأمّ وجدّ فان كان أربع أخوات فللجدّ الثّلث ، وما بقى فللأخوات ، وأنتم مقرّون أنّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لم يسمّ للجدّ شيئا فلم تقدّمتم بين يدى الله ورسوله؟! وقد رويتم عن عمر أنّه قال : أجرأكم على الجدّ أجرأكم على النّار (٤). ثمّ رويتم عنه أنّه قضى فى الجدّ

__________________

(١) ح : « وقيعة بعضكم فى بعض ».

(٢) ج ق س مج مث : « فاصبر الاخت » فكأنها كانت : « فأصير للاخت ».

(٣) فى النسخ : « أختين ».

(٤) فى كنز العمال ( ج ١١ ؛ ص ٥١ ) فى كتاب الفرائض فى باب الجد والجدة عن ابن سيرين أن عمر قال : أشهدكم أنى لم أقض فى الجد قضاء ( عب ) عن نافع قال : قال ابن عمر : أجرأكم على جراثيم جهنم أجرأكم على الجد » ( وفى الاصلين : عمر ) » وفى سنن البيهقى : ( ج ٦ ؛ ص ٢٤٥ ) : « عن سعيد بن جبير عن رجل من مراد أنه سمع عليا ـ رضى الله عنه ـ يقول : من سره أن يقتحم جراثيم جهنم فليقض بين الجد والاخوة ». وفى منتخب


مائة قضيّة يخالف بعضها بعضا فأىّ وقيعة فى عمر أعظم من هذه؟!. وأنتم تزعمون

__________________

كنز العمال ( انظر حاشية مسند أحمد ج ٤ ؛ ص ٢١٩ ) ( نقلا من عب ) : « عن سعيد بن المسيب : أجرأكم على قسم الجد أجرأكم على النار » وأيضا ( عب عن نافع ) « أجرأكم على جراثيم جهنم أجرأكم على الجد » وأيضا ( عب ص ه‍ ق ) عن على قال : من سره أن يقتحم جراثيم جهنم فليقض بين الجد والاخوة » وفى مجمع الزوائد فى كتاب الفرائض فى باب ما جاء فى الجد ( ج ٤ ؛ ص ٢٢٧ ) : « عن عمر أنه سأل النبي (ص) : كيف قسم الجد؟ـ قال : ما سؤالك عن ذلك يا عمر انى أظنك تموت قبل ان تعلم ذلك ؛ فمات قبل أن يعلم ذلك. رواه الطبرانى فى الاوسط ورجاله رجال الصحيح الا ان سعيد بن المسيب اختلف فى سماعه من عمر » وقال الحافظ أبو نعيم فى حلية الاولياء فى ترجمة سعيد بن جبير ( ج ٤ ؛ ص ٢٨٩ ) : « حدثنا محمد ، حدثنا بشر ، حدثنا خلاد بن يحيى ، حدثنا اسماعيل بن عبد الملك قال : سألت سعيد بن جبير عن فريضة من فرائض الجد فقال : يا ابن أخى انه كان يقال : من أحب أن يتجرأ على جراثيم جهنم فليتجرأ على فرائض الجد » وروى المناوى فى كنوز الحقائق فى حديث خير الخلائق عن النبي نقلا عن شهاب القاضى القضاعى ( ص ٤ ) : « أجرأكم على قسم الجد أجرأكم على النار » ونقل السيوطى فى الجامع الصغير عن سنن سعيد ابن منصور عن النبي (ص) : « أجرؤكم على قسم الجد اجرؤكم على النار » الى غير ذلك.

قال ابن قتيبة فى تأويل مختلف الحديث نقلا عن النظام فيما اعترض به على عمر ما نصه ( انظر ص ٢٠ من طبعة مصر سنة ٣٨٦ ) : « وذكر قول عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ : لو كان هذا الدين بالقياس لكان باطن الرجل أولى بالمسح من ظاهره ؛ فقال : كان الواجب على عمر العمل بمثل ما قال فى الاحكام كلها ، وليس ذلك بأعجب من قوله : أجرؤكم على الجد أجرؤكم على النار ثم قضى فى الجد بمائة قضية مختلفة » وأجاب عنه ابن قتيبة بعيد ذلك بما نصه ( انظر ص ٢٤ من الطبعة المشار إليها ) : « قال أبو محمد : ولا شيء أعجب عندى من ادعائه على عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ أنه قضى فى الجد بمائة قضية مختلفة وهو من أهل النظر وأهل القياس فهلا اعتبر هذا ونظر فيه ليعلم أنه يستحيل أن يقضى عمر فى أمر واحد بمائة قضية مختلفة؟! فأين هذه القضايا؟ وأين عشرها


انّ الشّيعة تقع فيه وأنتم تروون عليه (١) ما تروون ثمّ تقولون : انّ الله ترك فريضة لم يبيّنها لنبيّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فقلتم أنتم فيها برأيكم فاذا أنتم الّذين تفرضون الفرائض دون الله وتنتحلون (٢) التّفريض فى الأمر بما تحتاجون إليه من أمر الدّين إذا (٣) ادّعيتم علم ما لم يأت به النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ من ذلك بزعمكم.

وقال زيد فى ابن ابن وجدّ : للجدّ السّدس ، وما بقى فلابن الابن ، فجعل الجدّ هاهنا بمنزلة الأب و [ قد ] صيّره قبل هذه الفريضة بمنزلة الأخ ولو كان فى الفريضة الاولى الّتي هى أخ وجدّ بمنزلة الأب كما جعله فى هذه لم يكن للأخ معه شيء فهو (٤) مرّة بمنزلة الأخ ، ومرّة بمنزلة الامّ ، ومرّة بمنزلة الأب كلّ هذا قوله عندكم جائز وبه تأخذون مع خلاف عليّ وابن عبّاس وأبى بكر وعمر ايّاه ، فو الله لئن كانوا ردّوا حقّا لقد ارتكبوا (٥) عظيما وبطلت تزكيتهم ، ولئن كانوا ردّوا باطلا لقد كذبتم على

__________________

ونصف عشرها؟ أما كان فى حملة الحديث من يحفظ منها خمسا أو ستا؟ ولو اجتهد مجتهد أن يأتى من القضاء فى الجد بجميع ما يمكن فيه من قول ومن حيلة ما كان يتيسر له أن يأتى فيه بعشرين قضية ، وكيف لم يجعل هذا الحديث اذ كان مستحيلا مما ينكر من الحديث ويدفع مما قد أتى به الثقات وما ذاك الا لضغن يحتمله على عمر ـ رضى الله عنه ـ وعداوة » وذلك بعد أن سبه فى أوائل الكتاب وذكره بسوء ونص عبارته فى حق النظام هذا ( انظر ص ١٧ من النسخة المشار إليها ) : « فاذا نحن أتينا اصحاب الكلام ( الى ان قال ) وجدنا النظام شاطرا من الشطار يغدو على سكر ويروح على سكر ويبيت على جرائرها ويدخل فى الادناس ويرتكب الفواحش والشائنات وهو القائل ( فذكر كلماته التى منها ما نقلناه ؛ فان شئت فراجع تأويل مختلف الحديث ) ».

__________________

(١) ج ق : « تروون فيه » ح : « تروون عنه ».

ـ كذا فى الاصل ولعل الصحيح : « التفويض ».

(٢) غير ح : « تنحلون ».

(٣) ح : « اذن ».

(٤) غير ح : « وهو ».

(٥) ج س مج مث ق : « ركبوا ».


رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وركب زيد بقوله الباطل أمرا عظيما ؛ فما نرى لكم مخرجا من الوقيعة فى الصّحابة.

وقال زيد فى خنثى وأبوين : للخنثى نصف ميراث الابن ونصف ميراث الابنة ، وللامّ ثلث ما بقى ، وما بقى فللأب. وقال ابن عبّاس : للأمّ ثلث المال كلّه. وقال عليّ ـ صلوات الله عليه ـ يورث الخنثى من المال وللأبوين السّدسان ، ويردّ عليهم بقيّة المال فيقسمون على هذا الحساب فأمّا ثلث ما بقى فمن أىّ وجه قلتموه [ للأب والولد ] (١) قد حضر على الأمّ مع الولد ، فأمّا قول عليّ (ع) فقد علمنا انّه عندكم منبوذ ولكن أحببنا أن نوضح الحجّة اذ كان الكتاب مصدّقا لقوله عليه‌السلام.

وقال زيد فى خنثى وأخ واخت : للخنثى نصف ميراث الابن ونصف ميراث الابنة ، وما بقى فللأخ والاخت للذّكر مثل حظّ الأنثيين ، ولم نجد كتاب الله جعل للإخوة شيئا من الميراث الاّ أن يكون المستورث كلالة وقد قال الله تعالى : ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ) (٢) والخنثى لا يخلو من أن يكون ولدا ولم يسمّ الله فى الآية [ اذ ذكر الولد انثى ولا ذكرا ولا خنثى (٣) ] فمن أين جاء للاخ ميراث مع الولد وفى الآية الأخرى من النّساء فى الكلالة : ( وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ، فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ ) (٤) فانّما جعل لهم نصيبا فى الميراث من يورث كلالة وقد بيّن فى الآية الّتي فى آخر النّساء فقال : ان امرؤ هلك ليس له ولد وله اخت فلها نصف ما ترك ؛ فتفهّموا لما (٥) تسمّيتم له بالجماعة وانتسبتم به الى السّنّة.

__________________

(١) ج مج مث ق س : ( بدل ما بين المعقفتين ) : « والأب والبلد ».

(٢) صدر آية ١٧٦ من سورة النساء.

(٣) ح : « اذ ذكر الخنثى فهى لا ولد ولا انثى ».

(٤) من آية ١٢ سورة النساء.

(٥) ح « لم ».


ثمّ انظروا من أولى بهذا الاسم؟ ؛ الآخذ بكتاب الله؟ أو التّارك له الآخذ برأى الرّجال؟! ثمّ افهموا (١) الى تناقض رواياتكم (٢).

[ روى ] هشيم عن المغيرة عن ابن بدر عن شعبة بن الثّوم (٣) قال : توفّى أخ لنا على عهد عمر بن الخطّاب فترك جدّه (٤) وإخوته فأتينا (٥) ابن مسعود فجعل للجدّ مع الاخوة السّدس ثمّ توفّى أخ لنا آخر على عهد عثمان وترك جدّه وإخوته فأتينا (٦) ابن مسعود فجعل له مع الإخوة الثّلث فقلنا له : انّك جعلت لجدّنا فى أخينا الاوّل السّدس ، وجعلت له الآن الثّلث؟ ـ فقال عبد الله : انّما نقضى بقضاء أئمّتنا.

وقد سمّيتموها فرائض فأىّ القولين كان الفرض؟ وانّما الفرض على لسان النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فان كان الاوّل فرضا فقد قال فى الأخير بخلاف الفرض ، وان كان الأخير هو الفرض فقد قال الأوّل بخلافه وهكذا تكون الوقيعة القبيحة منكم فى الصّحابة وتدخلون فيما تعيبون به غيركم (٧).

هشيم (٨) عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمّد بن أبى بكر أن أبا بكر اتى برجل مات وترك جدّتيه ، أمّ أمّه وأمّ أبيه ، فجعل السّدس لامّ الأمّ ، ولم يورث أمّ أبيه فقال له رجل من الأنصار : لقد ورّثت امرأة لو كانت هى الميتة ما ورثت منها شيئا (٩) وتركت امرأة لو كانت هى الميتة ورثت مالها كلّه ، فأشرك بينهما فى السّدس ، فهذه مثل الاولى.

__________________

(١) كذا فى النسخ والظاهر أن الكلمة كانت : « ثم انظروا ».

(٢) ج س ف مج مث : « روايتكم ».

(٣) ح « بالثوم ».

(٤) ج : « جدة ».

(٥) مج : « فأتيا ».

(٦) مج : « فأتيا ».

(٧) ح : « فيما تقعون به غيركم ».

(٨) كذا.

(٩) ح : « شيء ».


وروى أنّ عمر كتب الى ابن مسعود لا أرانا الاّ وقد أجحفنا بالجدّ فى إعطائه السّدس فأعطه الثّلث.

كلّ هذا انتقال من حكم الى حكم فأىّ عيب أعيب (١) من هذا ان تصفوا رجلا بالعلم (٢) ].

[ (٣) ورويتم عن الشّعبىّ أنّ الحجّاج بن يوسف سأله عن أمّ [ و ] اخت وجدّ؟

__________________

(١) ج ح مث : « أعجب ».

(٢) فليعلم أن النقص الّذي أشرنا إليه فيما سبق أعنى عند هذه العبارة من قول المصنف (ره) : « وقال زيد فى امرأة تركت زوجها وأمها وأختا لابيها وأمها » ( انظر ص ٣٢٩ من الكتاب ) ينتهى الى هنا فيتم عند قوله : « فأى عيب أعيب من هذا ان تصفوا رجلا بالعلم » فكلمة « بالعلم » آخر ما ليس فى نسخة م وكان موجودا فى النسخ الست الاخر.

الا أن من اللازم ان نشير هنا الى نكتة

وهى أن العبارة فى نسخ ج مج ق متصلة بما بعدها وهو : « توجه الى الشام فقتل من قتل » لكن فى نسخ ح س مث بياض على قدر صفحة أو ورقة حتى يكون علامة صريحة وأمارة واضحة لما سقط من العبارة وذهب من المتن ومن العجب أن كلمة « توجه » فى تلك النسخ جزء القسمة الاولى وصارت هكذا « بالعلم توجه » وأنت خبير بان « توجه » من القسمة الثانية فاشتبه الامر على الكتاب والمنتسخين وأظن ظنا متاخما للعلم أن منشأه أن « توجه » كان رمزا لاول الموجود من القسمة الثانية فلذا كتب فى آخر القسمة الاولى وكان من حقه ان يكتب أيضا فى أول القسمة الثانية حتى يكون وسيلة لارتباط القسمتين وهذا كان دأب الاتصال والارتباط بين الصفحتين فى الكتب فى الازمنة القديمة كالعدد على رءوس الصفحات فى زماننا هذا ؛ والسلام على من اتبع الهدى.

(٣) ما بين المعقفتين أعنى من قوله : « ورويتم عن الشعبى أن الحجاج بن يوسف سأله » الى ما يأتى من قوله : « فنفق حمار رجل منهم فسألوه أن ينطلق معهم ولا يتخلف فأبى » ونشير إليه عند انقضاء ما بين المعقفتين فى نسخة م فقط وليس فى سائر النسخ الا ما نصرح به فى اثناء ذلك فهو خارج من هذا الكلى.

قال الحافظ أبو نعيم الاصبهانى فى حلية الاولياء فى ترجمة عامر بن شراحيل


__________________

الشعبى ( ج ٤ ؛ ص ٣٢٥ ـ ٣٢٧ ) ما نصه :

« حدثنا أبو سعيد محمد بن على بن محارب النيسابورى : حدثنا ، محمد بن ابراهيم بن سعيد البوشنجى ، حدثنا : يعقوب بن كعب الحلبى ح وحدثنا محمد بن على بن حبيش ، حدثنا : أبو العباس زنجويه ، حدثنا اسماعيل بن عبد الله الرقى ، ح وحدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أحمد بن المعلى ، حدثنا هشام قالوا : حدثنا عيسى بن يونس عن عبادة بن موسى عن الشعبى قال : أتى بى الحجاج موثقا فلما انتهيت الى باب القصر لقينى يزيد بن أبى مسلم فقال : انا لله يا شعبى لما بين دفتيك من العلم وليس بيوم شفاعة بوء للامير بالشرك والنفاق على نفسك ، فبالحرى أن تنجو ثم لقينى محمد بن الحجاج فقال لى مثل مقالة يزيد فلما دخلت عليه قال : وأنت يا شعبى فيمن خرج علينا وكثر؟ قلت : أصلح الله الامير أحزن بنا المنزل ، وأجدب الجناب ، وضاق المسلك ، واكتحلنى السهر ، واستحلسنا الخوف ، ودفعنا فى خربة خربة ، لم نكن فيها بررة أتقياء ، ولا فجرة أقوياء ؛ قال : صدق والله ما بروا فى خروجهم علينا ، ولا قووا علينا حيث فجروا ؛ فأطلقنا عنه.

قال : فأحتاج الى فريضة فقال :

ما تقول فى أخت وأم وجد؟ قلت اختلف فيها خمسة من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ عثمان بن عفان ، وزيد بن ثابت ، وعبد الله بن مسعود ، وعلى ، وابن ـ عباس ـ رضى الله تعالى عنهم ـ قال : فما قال فيها ابن عباس ؛ ان كان لمتقيا؟ ـ قلت : جعل الجد أبا ، وأعطى الام الثلث ، ولم يعط الاخت شيئا ، قال : فما قال فيها أمير المؤمنين يعنى عثمان؟ ـ قلت : جعلها أثلاثا ، قال : فما قال فيها زيد بن ثابت؟ ـ قلت : جعلها من تسعة ؛ فأعطى الام ثلاثا ؛ وأعطى الجد أربعا ؛ وأعطى الاخت سهمين ، قال : فما قال فيها ابن ـ مسعود؟ قلت : جعلها من ستة ؛ أعطى الاخت ثلاثا ، وأعطى الام سهما ، وأعطى الجد سهمين ، قال : فما قال فيها أبو تراب؟ ـ قلت : جعلها من ستة ؛ أعطى الاخت ثلاثا ، وأعطى الجد سهما ، وأعطى الام سهمين ، قال : مر القاضى فليمضها على ما أمضاها عليه أمير المؤمنين عثمان.

( فساق كلاما آخر الى ان قال : ) حدثنا أبو حامد بن جبلة ، حدثنا أبو العباس السراج حدثنا محمد بن عباد بن موسى العكلى ، حدثنى أبى عباد بن موسى قال : أخبرنى أبو بكر الهذلى قال :


__________________

قال لى الشعبى : ألا أحدثك حديثا تحفظه فى مجلس واحد ان كنت حافظا كما حفظت؟ : انه لما أتى بى الحجاج بن يوسف وأنا مقيد فخرج الى يزيد بن أبى مسلم فقال : انا لله وما بين دفتيك من العلم يا شعبى ؛ فذكر نحوه ».

وقال ابن عساكر فى تاريخه ضمن ترجمة الشعبى بعد نقل حكاية تقرب مما نقله الحافظ أبو نعيم كما نقلناه هنا عنه ما نصه ( ج ٧ ؛ ص ١٥١ ) :

« وروى أبو بكر الهذلى تلك الحكاية بنحو ما تقدم ثم قال :

قال الحجاج للشعبى : تعهدنى وكن منى قريبا ؛ فأرسل الى يوما نصف النهار وليس عنده أحد فقال : ما تقول فى أم وجد وأخت؟ فقلت : اختلف فيها خمسة من أصحاب محمد ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ـ قال : من؟ ـ قلت : على وابن مسعود وابن عباس وعثمان وزيد بن ثابت قال : فما قال على؟ ـ قلت : جعلها من ستة ؛ فأعطى الاخت النصف ؛ ثلاثة ، وأعطى الام الثلث ؛ سهمين ، وأعطى الجد السدس سهما واحدا : قال : فما قال ابن مسعود؟ ـ فقلت : جعلها أيضا من ستّة وكان لا يفضل اما على جد ؛ فأعطى الاخت النصف ثلاثة ، وأعطى الام ثلث ما بقى ، وأعطى الجد ما بقى سهمين ، فقال : وما قال ابن عباس؟ والله لقد كان فقيها ـ فقلت : جعل الجد أبا ، ولم يعط الاخت شيئا ، وأعطى الجد الثلثين ، قال : فما قال عثمان؟ ـ قلت : جعلها أثلاثا ، فأعطى الام ثلثا ، والجد ثلثا ، والاخت ثلثا ، قال : فما قال زيد بن ثابت؟ ـ قلت : جعلها من تسعة ؛ فأعطى الام ثلاثة ، وأعطى الاخت سهمين ، وأعطى الجد أربعة ؛ جعله معها بمنزلة الاخ ، قال : يا غلام أمضها على ما قال أمير المؤمنين عثمان ».

وقال الحافظ نور الدين على بن أبى بكر الهيثمى فى مجمع الزوائد فى كتاب الفرائض ما نصه :

( انظر ج ٤ ؛ ص ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ).

« باب فى أم وأخت وجد عن الشعبى قال أتى بى الحجاج موثقاً فذكر الحديث قريبا مما ذكره أبو نعيم وابن عساكر وقال بعده : « رواه البزار والراوى عن الشعبى عباد بن موسى وليس هو الختلى الّذي احتج به الشيخان وانما هو العكلى وذكر الذهبى فى الميزان انه تفرد عنه ابنه محمد بن عباد بن موسى بن راشد الملقب سنذولا وقد رواه البيهقى فى سننه من رواية ابنه محمد بن عباد عنه ( الى آخر ما قال فمن أراده فليطلبه من الكتاب ).


فقال : اختلف فيه خمسة من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عليّ وعثمان وابن مسعود وابن عبّاس وزيد ، فقال الحجّاج : ما قال فيها ابن عبّاس؟ ـ قال : جعل الجدّ أبا وأعطى الأمّ الثّلث ؛ ولم يعط الاخت شيئا ، قال : فما قال [ فيها ] أمير المؤمنين يعنى عثمان بن عفّان؟ ـ قلت : جعلها أثلاثا ، قال فما قال فيها زيد؟ قلت : جعلها من تسعة فأعطى الأمّ ثلاثا ، وأعطى الأخت اثنين ، وأعطى الجدّ أربعا ، قال : فما قال فيها ابن مسعود؟ قلت : جعلها من ستّة ؛ أعطى الاخت ثلاثا ، والأمّ واحدا والجدّ اثنيين ، قال : فما قال فيها أبو تراب؟ قلت : جعلها من ستّة ؛ أعطى الأخت ثلاثا ، والأمّ اثنين ، والجدّ واحدا ، قال الحجّاج ـ ورّم الله أنفه (١) ـ : فانّه المرء (٢) ويرغب عن قوله.

وليس هكذا يقول عليّ ـ عليه‌السلام ـ فى هذه الفريضة ولكن نسبت إليه ونحل غير ما قال.

فاذا كان الاختلاف فى فريضة واحدة بين خمسة من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فبأيّهم تقتدون؟ فلا حقّا تعرفون ، ولا باطلا تنكرون ، فهذا ما انتسبتم [ به ] الى السّنّة ، وتسمّيتم له بالجماعة (٣).

وبعد هذا

فاذا رأينا أهل المدينة يشهدون أنّ أهل العراق يسعى منهم مائة رجل وأكثر وأقلّ فى تزويج امرأة فى عصمة رجل فى مسجدهم الأعظم والعامّة يرونهم مجتمعين (٤)

__________________

(١) قال البستانى فى محيط المحيط : « ورم الله أنفه ـ أغضبه ».

(٢) كذا بلام التعريف فى الاصل.

(٣) فى الاصل : « بالخلافة ».

(٤) فى الاصل : « مجتمعون ».


على تجويز ذلك فيما بينهم ثمّ ينصرفون الى الوليمة لا ينكر بعضهم على بعض فيتناسلان ويتوارثان (١) وهما عند أهل الحجاز على سفاح ولا يحلّ للرّجل أن يراها حاسرة ولا يحلّ لها عندكم أن تبدى له زينتها (٢) فيتناسلان على فساد ما بقيا ؛ وزوجها الّذي هى منه فى عصمة ممنوع منها محول (٣) بينه وبينها ؛ ان رامها قتلوه ، وكذلك أهل العراق فى شهادتهم على أهل الحجاز وذلك أنّ أهل العراق قالوا : لا طلاق بعد نكاح ، ولا يقع بينهما طلاق اذا تزوّجها ولا يفرّق بينهما.

ذكر صلاة أبى بكر بالنّاس

وأمّا ما احتجّوا به لأبى بكر من قول النّبيّ (ص) : يا أبا بكر صلّ بالنّاس : فقد احتججنا عليهم بروايتهم أنّ ذلك من عائشة لبلال قل لأبى بكر : يصلّى بالنّاس ، فلمّا أفاق (ص) وقد سمع مقالتها قال : انّكنّ صويحبات [ يوسف (٤) ] ثمّ خرج (ص)

__________________

(١) فى الاصل : « فيتناسلون ويتراسلان ويتوارثان ».

(٢) فى الاصل : « ولا يحل له عندكم أن تبدى لهم زينتهم ».

(٣) « محول بينه وبينها » هذا الاستعمال نظير ما فى قوله تعالى : ( وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ ) من آية ٥٤ سورة سبأ ، وقال الطبرسى فى جوامع الجامع فى معنى الآية : « أى فرق بينهم وبين مشتهياتهم ».

(٤) قال المجلسى (ره) فى ثامن البحار ضمن كلام له يشتمل على نقد وتحقيق فى هذا الموضوع ما نصه ( ص ٢٨ من طبعة أمين الضرب ) : « تبيين وتتميم ـ اعلم أنه لما كان أمر الصلاة عمدة ما يصول به المخالفون فى خلافة أبى بكر وظهر من تلك الاخبار أنه حجة عليهم لا لهم أردت أن أوضح ذلك بنقل أخبارهم والاشارة الى بطلان حججهم فمن جملة الاخبار التى رووه فى هذا ما أسندوه فى صحاحهم الى عائشة روى فى جامع الاصول عنها أن رسول الله (ص) قال فى مرضه مروا أبا بكر يصلى بالناس قالت عائشة : قلت : ان أبا بكر اذا قام فى مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل فقال :


__________________

مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت عائشة : فقلت لحفصة : قولى له : ان أبا بكر اذا قام فى مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل بالناس ففعلت حفصة فقال رسول الله (ص) : انكن لانتن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت حفصة لعائشة : ما كنت لا صيب منك خيرا » أقول : فخاض المجلسى (ره) فى نقل الاخبار وبيان ما يترتب عليها ويستفاد منها الى أن قال ( ص ٣٢ ) :

« وقد روى ابن أبى الحديد عن شيخه أبى يعقوب يوسف بن اسماعيل اللمعانى أن عليا (ع) كان ينسب عائشة الى أنها أمرت بلا لا أن يأمر أبا بكر بأن يصلى بالناس وان رسول الله (ص) قال : ليصل بهم رجل ولم يعين أحدا فقالت : مر أبا بكر يصلى بالناس وكان (ع) يذكر ذلك لاصحابه فى خلواته كثيرا ويقول : انه لم يقل (ص) : انكن كصويحبات يوسف ؛ الا انكارا لهذه الحال وغضبا منه لانها وحفصة تبادرنا الى تعيين أبيهما وانه استدركها رسول الله (ص) بخروجه وصرفه عن المحراب ( انتهى ) فاتضح لك ضعف التمسك بهذه الاخبار سيما فى أركان الدين وقال السيد الاجل ـ رضى الله عنه ـ فى موضع من الشافى ذكر فيه تمسك قاضى القضاة بحكاية الصلاة : ان خبر الصلاة خبر واحد والاذن فيها ورد من جهة عائشة وليس بمنكر أن يكون الاذن صدر من جهتها لا من جهة الرسول (ص) وقد استدل أصحابنا على ذلك بشيئين أحدهما بقول النبي (ص) على ما أتت به الرواية لما عرف تقدم أبى بكر فى الصلاة وسمع قراءته فى المحراب : انكن كصويحبات يوسف وبخروجه متحاملا من الضعف معتمدا على أمير المؤمنين والفضل ـ ابن العباس الى المسجد وعزله لابى بكر عن المقام واقامة الصلاة بنفسه وهذا يدل دلالة واضحة على أن الاذن فى الصلاة لم يكن منه (ص).

وقال بعض المخالفين : ان السبب فى قوله : انكن صويحبات يوسف أنه (ص) لما أذن بالصلاة وقال : مروا أبا بكر ليصلى بالناس فقالت له عائشة : أن أبا بكر رجل أسيف لا يحتمل قلبه أن يقوم مقامك بالصلاة ولكن تأمر عمر أن يصلى بالناس فقال عند ذلك : انكن صويحبات يوسف وهذا ليس بشيء لا يجوز أن يكون أمثاله الا وفقا لاغراضه وقد علمنا أن صويحبات يوسف لم يكن منهن خلاف على يوسف ولا مراجعة له فى شيء على أمرهن به وانما افتتن بأسرهن بحبه وأرادت كل واحدة منهن مثل ما أرادت صاحبتها فأشبهت حالهن


متوكّئا على عليّ (ع) والفضل بن عبّاس حتّى أخذ بعنقه فأخرجه وتقدّم فصلّى بالنّاس.

ولو كان (ص) أمره بذلك كما زعمتم لم يكن له بذلك ما يوجب الخلافة لأنّهم رووا أنّ النّبيّ (ص) قال : إنّ الصّلاة خلف كلّ برّ وفاجر ، فلو كان كما تقولون لكان انّما أمره بما يجوز لكلّ فاجر أن يكون مكانه فى الصّلاة بالنّاس فأىّ فضيلة لرجل يدخل فيها البرّ والفاجر؟! مع استخلاف النّبيّ (ص) من استخلف فى مغازيه على الصّلاة فلم يوجب لهم ذلك الخلافة ولقد اضطرّكم ما فيه أئمّتكم من الخطل والحكم بالرّأى ومخالفة بعضكم لبعض [ و ] ما نهيتم عنه من تجويز ذلك لهم أن جوّرتم الله فى حكمه ؛ فزعمتم أنّه تعبّد خلقه بما لم يبيّنه لهم وأنّه وكلهم فيما افترض عليهم من الحلال والحرام الى رأيهم (١) ثمّ جهّلتم رسول الله (ص) واستصغرتم دلالاته (٢) واستحقرتم هدايته

__________________

حال عائشة فى تقديمها أباها للصلاة للتجمل والشرف بمقام رسول الله (ص) ولما يعود بذلك عليها وعلى أبيها من الفخر وجميل الذكر.

ولا عبرة بمن حمل نفسه من المخالفين على أن يدعى على أن الرسول (ص) لما خرج الى المسجد لم يعزل أبا بكر عن الصلاة وأقره فى مقامه لان هذا من قائله غلط فظيع من حيث يستحيل أن يكون النبي (ص) وهو الامام المتبع فى سائر الدين متبعا مأموما فى حال من الاحوال وكيف يجوز أن يتقدم على النبي غيره فى الصلاة وقد دلت الاخبار على أنه لا يتقدم فيها الا الافضل على الترتيب والتنزيل المعروف.

وأقول : ذلك من مذهب أصحابنا معلوم لا يحتاج الى بيان وقد ورد في صحاح الاخبار عند المخالفين ما يدل عليه روى مسلم فى صحيحه ( الى آخر ما قال ) فان المقام لا يسع اكثر من ذلك فمن أراده فليراجع البحار.

__________________

(١) فى الاصل : « الى رأيكم ».

(٢) كذا صريحا بلفظ الجمع.


[ حتّى لو أنّكم ان قلتم : لا يعرف الطّاعة من المعصية وادّعيتم على ذلك دونه (١) ] ونسبتموه الى القول بخلاف ما وصفه الله به بقوله (٢) : ( قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) (٣) وحتّى نسبتموه الى المعاصى وألزمتموه ذنوبا لم يأتها.

وحتّى نحلتم إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ الكذب فى قوله : ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا ) (٤) ؛ وما فعل (٥) شيئا فزعمتم أنّ هذا كذب والله عزّ وجلّ يقول : ( وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ ) (٦) فزعمتم أنّ حجّة الله كذب وقلتم : انّه قال : ( إِنِّي سَقِيمٌ ) (٧) ؛ ولم يكن سقيما ؛ فزعمتم أنّ هذا القول منه كذب وانّه كان منه طاعة.

__________________

(١) العبارة هكذا فى الاصل فهى مشوشة مغلوطة ؛ ولعل الاصل كان هكذا : « حتى لو أنكم قلتم : لا يعرف الطاعة من المعصية وادعيتم عليه ذلك لكان ذلك دونه » اى لكانت نسبة عدم المعرفة بالطاعة من المعصية إليه أهون وأيسر من استصغاركم لدلالاته واستحقاركم لهدايته.

(٢) فى الاصل : « فيه به بقوله ».

(٣) ذيل آية ٢٠٣ سورة الاعراف وصدرها : « واذا لم تأتهم بآية قالوا : لو لا اجتبيتها ».

(٤) من آية ٦٣ سورة الأنبياء وتمامها هكذا : « قال : ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ) ».

(٥) فى الاصل : « وما فعلوا ».

(٦) صدر آية ٨٣ سورة الانعام وذيلها : ( إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ).

(٧) من آية ٨٩ سورة الصافات وتمامها : ( فَقالَ : إِنِّي سَقِيمٌ ).

أقول : قد تقدم منا فى ذيل قول المصنف (ره) : « ورووا أن ابراهيم الخليل ـ عليه‌السلام ـ كذب ثلاث كذبات » نقل ما يدل على ذلك صريحا عن العرائس للثعلبى والتفسير لابى الفتوح الرازى ممّا يكفى فى صحة هذه النسبة منهم الى ابراهيم الخليل عليه‌السلام وتقدم أيضا هناك الاشارة الى الجواب ( انظر ص ٣١ من الكتاب الحاضر ).

وأنت خبير يا أخى ـ سقاك الله رحيق التوفيق وأذاقك حلاوة النقد والتحقيق بأنه اذا


__________________

كان الامر دائرا على أمثال هذه الخرافات والاقاويل الواهية لا يبقى من أساس الدين المبين وأركان الشرع المتين حجر على حجر بل يصير الصراط المستقيم الّذي لا ترى فيه أمتا ولا عوجا مفازة يتيه فيها الخريت فالاولى هنا الاشارة الى ما ذكر السيد الاجل علم الهدى ـ رفع الله درجته ـ فى الجواب عن نسبة أمثال هذا الاقوال الى الأنبياء ـ عليهم‌السلام ـ فى كتاب تنزيه الأنبياء ونظيره فى هذا الباب سائر الكتب التى كتبها علماؤنا فى تراجم الأنبياء أو ذكروها فى كتب التفاسير فما أحسن ما قال الناقد البصير والمتكلم النحرير الشيخ عبد الجليل الرازى القزويني فى كتاب بعض مثالب النواصب فى نقض بعض فضائح الروافض ونص عبارته بالفارسية هكذا ( ص ٦ ) : « مذهب خواجه وهمه مجبران چنانست كه آدم در خداى تعالى عصيان كرد ، ونوح از براى پسر كافر از خدا طلب أمان كرد ، وموسى عمران عمل شيطان كرد ، ويوسف صديق همت به زناى نسوان كرد ، وداود با زن اوريا همچنان كرد ، وأيوب نعمت خداى را كفران كرد تا بارى عز وجل نفس او را طعمه كرمان كرد ، وبارى تعالى صخر جنى را بصورت سليمان كرد پس اگر اين مصنف انبيا را از ماننده اين تهمت مسلم داشتى وزبان بر زبان رفتگان در حق رسولان خداى تعالى به خطا نجنبانيدى اولى تر بودى از آنكه بر ايشان درود وحدثنا به دروغ فرستادى وبر مسلمانان نيز تلبيس نكردى.

واگر در اين دعاوى تقيه وانكار كند از خوف شمشير سلطان بود كه كتابى بزرگ كه آن را « زلة الأنبياء » خوانند أبو الفضائل مشاط كرده است رد بر كتاب تنزيه الأنبياء كه سيد علم الهدى مرتضى ـ رضى الله عنه ـ كرده است تا معلوم ومصور شود.

وبه قيامت ندانم كه بهره از شفاعت انبيا آن را باشد كه كتابش « تنزيه الأنبياء » باشد يا آن را كه تصنيفش « زلة الأنبياء » بود پس يا دست از آن دعاوى بى حجت ببايد داشتن وانبيا را معصوم گفتن ؛ مرحبا بالوفاق واگرنه درود به دروغ در باقى نهادن ».

وقال أيضا فى ذلك الكتاب ( ص ٢٦٤ ) :

« وعجب است كه خواجه نوسنى را لقب بد عمر از مفيد سختش آمده است ولقبهائى كه مجبران گمراه انبيا را ومصطفاى مجتبى را نهاده اند سختش نمى آيد تا آدم را ظالم خوانند ، وسليمان را بخيل ، ويوسف را متهم ، ويعقوب را كور ، وداود را فاسق ، وموسى را عاصى ومصطفى را عاشق ودل از كفر بشسته وكافربچه ومانند اين كه بوالفضائل مشاط


وقلتم : انّ يوسف الصّدّيق ـ عليه‌السلام ـ كذب حين قال : ( إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ ) (١) وما سرقوا ؛ فسمّيتم هذا كذبا والله عزّ وجلّ يقول فى كتابه : ( كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) (٢). فزعمتم أنّ الله عزّ وجلّ كاد بالكذب. وادّعيتم نبوّة أحد عشر نبيّا من ولد يعقوب لم ينطق الكتاب بنبوّتهم وقلتم : انّ الأنبياء ـ عليهم‌السلام ـ قد كذبوا وسرقوا وخانوا أماناتهم وعقّوا آباءهم.

ونسبتم نوحا ـ عليه‌السلام ـ أنّه كذب فى قوله : ( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ) (٣) ؛ وكان ابن ـ امرأته فقال : ابنى ؛ على ذلك المعنى كما تبنّى النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ زيد بن حارثة قال الله عزّ وجلّ : ( ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ ـ النَّبِيِّينَ ) (٤) ثمّ قال : ( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ ) (٥).

ورويتم أنّ موسى بن عمران ـ عليه‌السلام ـ لطم ملك الموت فأعوره (٦) ، وأنّ

__________________

در كتاب زلة الأنبياء بيان كرده است وبر سر كرسيها بكورى رافضيان ميگويند ونعره ميزنند وبر مصطفاى عاشق كافر بچه صلوات ميفرستند ».

فاذا كان الامر كذلك فالاولى أن يعمل فى حقهم بقوله تعالى : ( قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ).

__________________

(١) ذيل آية ٧٠ من سورة يوسف.

(٢) آية ٧٦ من سورة يوسف.

(٣) من آية ٤٥ من سورة هود وتمام الآية هكذا : ( وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ : رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ ).

(٤) صدر آية ٤٠ من سورة الاحزاب وذيلها : ( وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ).

(٥) صدر آية ٥ من سورة الاحزاب.

(٦) قال شرف الدين العاملى (ره) فى كتاب أبى هريرة تحت عنوان « لطم


__________________

موسى عين ملك الموت فأعوره » ( انظر ص ٨٣ ـ ٨٧ من طبعة مطبعة العرفان بصيدا سنة ١٣٦٥ ).

« أخرج الشيخان ( أى البخارى ومسلم ) فى صحيحيهما بالاسناد الى أبى هريرة قال : جاء ملك الموت الى موسى عليهما‌السلام فقال له : أجب ربك قال : فلطم موسى عين ملك ـ الموت ففقأها ، قال : فرجع الملك الى الله تعالى فقال : انك أرسلتنى الى عبد لك لا يريد الموت ففقأ عينى قال : فرد الله إليه عينه وقال : ارجع الى عبدى فقل له : الحياة تريد؟ فان كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت بيدك من شعرة فانك تعيش بها سنة ؛ الحديث ، وأخرجه أحمد من حديث أبى هريرة فى مسنده ( فمن أراد موارد ذكره فى الصحيحين فليراجع كتاب أبى هريرة ) وفيه : أن ملك الموت كان يأتى الناس عيانا قال : فأتى موسى فلطمه ففقأ عينه الحديث وأخرجه ابن جرير الطبرى فى الجزء الاول من تاريخه عن أبى هريرة ولفظه عنده : ان ملك الموت كان يأتى الناس عيانا حتى أتى موسى فلطمه ففقأ عينه وفى آخره : ان ملك الموت جاء الى الناس خفيا بعد موت موسى.

وأنت ترى ما فيه مما لا يجوز على الله تعالى ولا على أنبيائه ولا على ملائكته أيليق بالحق تبارك وتعالى أن يصطفى من عباده من يبطش على الغضب بطش الجبارين؟! ويوقع بأسه حتى فى ملائكة الله المقربين؟! ويعمل عمل المتمردين؟! ويكره الموت كراهة الجاهلين؟! وكيف يجوز ذلك على موسى؟! وقد اختاره الله لرسالته ، وائتمنه على وحيه ، وآثره بمناجاته ، وجعله من سادة رسله ، وكيف يكره الموت هذا الكره مع شرف مقامه؟! ورغبته فى القرب من الله تعالى والفوز بلقائه؟! وما ذنب ملك الموت عليه‌السلام؟! وانما هو رسول الله إليه؟! وبما استحق الضرب والمثلة فيه بقلع عينه؟! وما جاء الا عن الله وما قال له سوى : أجب ربك ، أيجوز على أولى العزم من الرسل اهانة الكروبيين من الملائكة وضربهم حين يبلغونهم رسالات الله وأوامره عز وجل؟! تعالى الله وتعالت أنبياؤه وملائكته عن ذلك علوا كبيرا.

ونحن لم برئنا من أصحاب الرس وفرعون موسى وأبى جهل وأمثالهم ولعناهم بكرة وأصيلا؟

أليس ذلك لانهم آذوا رسل الله حين جاءوهم بأوامره؟ فكيف نجوز مثل فعلهم على أنبياء الله وصفوته من عباده؟! حاشا لله ان هذا لبهتان عظيم.

ثم ان من المعلوم أن قوة البشر بأسرهم بل قوة جميع الحيوانات منذ خلقها الله تعالى الى يوم القيامة لا تثبت أمام قوة ملك الموت فكيف والحال هذه تمكن موسى (ع) من الوقيعة


يوسف الصّدّيق ـ عليه‌السلام ـ قعد من امرأة العزيز مقعد الخائن (١) ، وأنّ داود ـ

__________________

(١) قد تقدم ما يتعلق بذلك ( انظر ص ٣٢ ـ ٣٣ ).

__________________

فيه؟ وهلا دفعه الملك عن نفسه؟ مع قدرته على ازهاق روحه ، وكونه مأمورا من الله تعالى بذلك ، ومتى كان للملك عين يجوز أن تفقأ؟!

ولا تنس تضييع حق الملك وذهاب عينه ولطمته هدرا ، اذ لم يؤمر الملك من الله بأن يقتص من موسى صاحب التوراة التى كتب الله فيها ( أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ ) ( اشارة الى آية ٤٥ من سورة المائدة ) ولم يعاتب الله موسى على فعله هذا بل أكرمه اذ خيره بسببه بين الموت والحياة سنين كثيرة بقدر ما تواريه يده من شعر الثور ، وما أدرى والله ما الحكمة فى ذكره شعر الثور بالخصوص؟!

وأما وعزة الحق وشرف الصدق وعلوهما على الباطل والافك لقد حمل هذا الرجل ( أى أبو هريرة ) أولياءه ما لا طاقة لهم به وكلفهم بأحاديثه هذه بما لا تحتمله عقولهم أبدا ولا سيما قوله فى هذا الحديث : ان ملك الموت قبل وفاة موسى كان يأتى الناس عيانا وانما جاءهم خفيا بعد موت موسى ، نعوذ بالله من سبات العقل وخطل القول والفعل ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ».

وقال فى ذيل الصفحة :

« لو أن ملك الموت كان يأتى الناس عيانا قبل وفاة موسى لطفحت به الاخبار واشتهر اشتهار الشمس فى رابعة النهار فما بال المحدثين والمورخين وأهل الاخبار من جميع الامم أغفلوا هذا الخبر لو كان له أثر وما بال القصاصين والمخرفين ما حام خيالهم حوله ، فهل تركوا الامتياز به لابى هريرة؟! »


عليه‌السلام ـ قدّم اوريا أمام التّابوت ليقتل فيتزوّج امرأته (١) ، وأنّ الشيطان قعد فى مجلس سليمان ـ عليه‌السلام ـ وكان يأتى نساءه وهنّ حيّض (٢).

فزعمتم أنّ الله جلّ ثناؤه بعث الى خلقه أنبياء كذّابين ومخطئين ؛ وأمرهم

__________________

(١) ذكرنا فيما مر بيانات حول ذلك ( راجع ص ٣٣ ـ ٣٥ ).

(٢) أشرنا الى عقيدة الشيعة فى ذلك ( انظر ص ٣٥ ـ ٣٧ ).

__________________

وقال الثعالبى فى ثمار القلوب فى المضاف والمنسوب ما نصه :

( انظر ص ٥٣ من طبع دار نهضة مصر للطبع والنشر سنة ١٣٨٤ )

« لطمة موسى تضرب مثلا لما يسوء أثره ؛ وفى أساطير الاولين أن موسى سأل ربه أن يعلمه بوقت موته ليستعد لذلك ، فلما كتب الله له سعادة المحتضر أرسل إليه ملك الموت وأمره بقبض روحه بعد أن يخبره بذلك ؛ فأتاه فى صورة آدمى وأخبره بالامر ، فما زال يحاجه ويلاجه ، وحين رآه نافذ العزيمة فى ذلك لطمه لطمة فذهبت منها احدى عينيه ، فهو الى الآن أعور وفيه قيل :

يا ملك الموت لقيت منكرا

لطمة موسى تركتك أعورا

وأنا بريء من عهدة هذه الحكاية »

وقال محمود أبو رية فى كتاب شيخ المضيرة بعد نقل شيء من الاخبار ونقل شيء من كلام الثعالبى ونقل براءته من عهدة الحكاية ( انظر ص ٢١٨ من الطبعة الثانية من الكتاب ) :

« ومن العجيب أن يصف الثعالبى هذا الحديث بأنه من أساطير الاولين بعد أن رواه البخارى ومسلم ، وهذا مما يدل على أن هذين الكتابين لم يكن لهما فى القرون الاولى الاسلامية تلك القداسة التى جعلت لهما بعد ذلك والثعالبى كما هو معروف قد مات فى سنة ٤٣٠ ه‍ ».

أقول : تقدم فيما سبق ما يؤيد هذه البيانات ( انظر ص ٢٩ ـ ٣١ ).


بطاعتهم ، كلّ هذه الشّنعة محتملة عندكم فرارا بأئمّتكم أن تقرّوا عليهم بالخطإ ولينجوا بما فعلوا حتّى قلتم : لهم بالأنبياء أسوة فى خطأهم وكذبهم وقد برّأ الله الأنبياء من الخطأ والكذب.

ثمّ صرتم مع هذا القول الى الوقيعة فى أئمّتكم الّذين طلبتم تحسين خطأهم بترككم أقاويلهم وتصديقكم لروايات يطعن [ فيها ] بعضهم على بعض ، وبزعمكم أن تفضّلوا قول واحد منهم على آخر.

ورويتم عن أبى يوسف القاضى رواه محمّد بن سعيد فقيه أهل الحجاز وأهل ـ قزوين عن بعض أصحابه عن أبى الضّحى (١) عن مسروق قال :

اختلف عليّ وعمر فى امرأة تزوّجت فى عدّتها [ قال عمر : ] يفرّق بينهما ويعاقبان والمهر فى بيت المال وقال عليّ ـ عليه‌السلام ـ : يفرّق بينهما ولا يعاقبان ولها المهر يلزم الزّوج بما استحلّ من فرجها ، قال مسروق : فأفتينا بقول عمر زمانا ثمّ قدمنا عليه فوجدناه قد رجع الى قول عليّ (٢) عليه‌السلام.

__________________

(١) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب فى حرف الضاد المعجمة من باب الكنى : « أبو الضحى هو مسلم بن صبيح تقدم » ويشير بما تقدم الى هذه العبارة : « مسلم ابن صبيح بالتصغير الهمدانى أبو الضحى الكوفى العطار مشهور بكنيته ثقة فاضل من الرابعة مات سنة مائة / ع » ويشير برمز « ع » الى أن حديثه فى جميع الاصول الستة كما صرح بذلك عند ذكره الرموز فى أول كتابه ، وقال فى تهذيب التهذيب فى ترجمة أبى ـ الضحى المذكور : « روى عن النعمان بن بشير وابن عباس وابن عمر وشتير بن شكل ومسروق بن الاجدع ( الى آخر ما قال ) وقال فى ترجمة مسروق بن الاجدع بن مالك ابن أمية الهمدانى الوداعى الكوفى العابد ما نصه ( ج ١٠ ص ١١٠ ) : « روى عنه ابن أخيه محمد بن المنتشر بن الاجدع وأبو وائل وأبو الضحى والشعبى وابراهيم النخعى ( الى آخر ما قال ) ».

(٢) قال الامينى ـ رحمه‌الله تعالى ـ فى سادس الغدير فى النادرة التاسعة عشر


ورويتم عن عمر بن هارون عن عبد الله بن زيد السّبيعي قال : سمعت سعيد بن المسيّب يقول : قال عمر بن الخطّاب : أجرأكم على الجدّ أجرأكم على النّار فانّه

__________________

من نوادر الاثر فى علم عمر تحت عنوان « جهل الخليفة بالسنة » ما نص عبارته ( ص ١١٣ ـ ١١٤ من الطبعة الثانية بطهران سنة ١٣٧٢ ) : « م ـ أخرج ابن المبارك قال : حدثنا أشعث عن الشعبى عن مسروق قال : بلغ عمر : أن امرأة من قريش تزوجها رجل من ثقيف فى عدتها فأرسل إليهما ففرق بينهما وعاقبهما وقال : لا ينكحها أبدا وجعل الصداق فى بيت المال وفشا ذلك بين الناس ، فبلغ عليا كرم الله وجهه فقال : رحم الله أمير المؤمنين ما بال الصداق وبيت المال؟! انهما جهلا فينبغى للامام أن يردهما الى السنة. قيل : فما تقول أنت فيها؟ قال : لها الصداق بما استحل من فرجها ، ويفرق بينهما ، ولا جلد عليهما ، وتكمل عدتها من الاول ثم تكمل العدة من الاخر ، ثم يكون خاطبا ، فبلغ ذلك عمر فقال : يا أيها الناس ردوا الجهالات الى السنة. وروى ابن أبى زائدة عن أشعث مثله وقال فيه : فرجع عمر الى قول على ( أحكام القرآن للجصاص ج ١ ؛ ص ٥٠٤ ) وفى لفظ عن مسروق : أتى عمر بامرأة قد نكحت فى عدتها ففرق بينهما وجعل مهرها فى بيت المال ؛ وقال : لا يجتمعان أبدا ، فبلغ عليا فقال : ان كان جهلا فلها المهر بما استحل من فرجها ، ويفرق بينهما ، فاذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب فخطب عمر وقال : ردوا الجهالات الى السنة فرجع الى قول على. وفى لفظ الخوارزمى : ردوا قول عمر الى على. وفى التذكرة : فقال عمر : لو لا على لهلك عمر. وأخرج البيهقى فى سننه عن مسروق قال : قال عمر ـ رضى الله عنه ـ فى امرأة تزوجت فى عدتها : النكاح حرام ، والصداق حرام ، وجعل الصداق فى بيت المال وقال لا يجتمعان ما عاشا. وأخرج عن عبيد بن نضلة [ نضيلة ] قال : رفع الى عمر بن الخطاب رضى الله عنه ـ امرأة تزوجت فى عدتها فقال لها : هل علمت أنك تزوجت فى العدة؟ ـ


يلزمكم أن تقولوا : انّ الله عزّ وجلّ بعث محمّدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأيّده بالملائكة وأمره بقتال المشركين وتأليف (١) من تألّف من المنافقين والمؤلّفة قلوبهم بانفاذ أحكام المختلفين ممّا لم يبعث الله عزّ وجلّ به نبيّه (ص) يعلمه فيما رآه (٢) النّعمان بن ثابت أبو حنيفة ومحمّد بن الحسن من بعده والمريسىّ ، ومن قبلهم ابن ـ أبى ليلى وابن شبرمة وزفر ، ومن بعدهم ممّن قال بالرّأي ثمّ يلزمكم أن تقولوا : انّ النّبيّ (ص) انّما بعث دالاّ على الحقّ والصّواب لا بما لم يبعث الله نبيّه به ولم يكن النّبيّ (ص) يعلمه فى حكم هؤلاء من رأيهم فاذا انتم جعلتم النّبيّ (ص) والملائكة وما فرض الله من الجهاد (٣) الى يوم القيامة هو الدّعاء (٤) الى طاعة المختلفين الحاكمين

__________________

(١) فى الاصل : « وألف ».

(٢) فى الاصل : « فيما رواه ».

(٣) فى الاصل : « من الجهال ».

(٤) فى الاصل : « انما هو دعاء ».

__________________

قالت : لا ، فقال لزوجها : هل علمت؟ قال : لا ، قال : لو علمتما لرجمتكما فجلدهما أسياطا وأخذ المهر فجعله صدقة فى سبيل الله. قال : لا أجيز مهرا ، لا أجيز نكاحه. وقال : لا تحل لك أبدا. صورة أخرى للبيهقى : أتى عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ بامرأة تزوجت فى عدتها فأخذ مهرها فجعله فى بيت المال وفرق بينهما ؛ وقال : لا يجتمعان وعاقبهما. فقال على ـ رضى الله عنه ـ : ليس هكذا ولكن هذه الجهالة من الناس ، ولكن يفرق بينهما ثم تستكمل بقية العدة من الاول ، ثم تستقبل عدة اخرى ، وجعل لها على ـ رضى الله عنه ـ المهر بما استحل من فرجها ، قال : فحمد الله عمر ـ رضى الله عنه ـ وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس ردوا الجهالات الى السنة ( السنن الكبرى للبيهقى ٧ ص ٤٤١ ـ ٤٤٢ ، الموافقات لابن السمان ، كتاب العلم لابى عمر ٢ ص ١٨٧ ، الرياض النضرة ٢ ص ١٩٦ ، ذخائر ـ العقبى ص ٨١ ، مناقب الخوارزمى ص ٥٧ ، تذكرة السبط ص ٨٧ ) ». فخاض الامينى (ره) فى البحث والتحقيق فمن أراده فليراجع ذلك الكتاب.


اليوم بشيء وغدا بغيره ، وأنّ كمال الدّين هو بهم وبرأيهم لا بالنّبي (ص) ولا بما أوحى الله إليه فكأنّ النّبيّ (ص) قال لهم : هؤلاء الادلاّء من (١) دين الله على ما لم يبعثنى به الى خلقه وبما لا أعلمه ممّا يحتاج النّاس إليه.

وكان (ص) اذا سئل انتظر الوحى ؛ وهؤلاء يقولون ولا يحتاجون الى وحى فاذا طاعة هؤلاء فيما (٢) لم يأمرهم الله به كطاعة النّبيّ (ص) فيما أمره الله به وانّ آراءهم فيما لم ينزل الله تعالى فيه (٣) كتابا ولم يبيّن فيه رسول الله (ص) سنّة تقوم مقام ما نزل فيه (٤) الكتاب وما سنّه النّبيّ (ص) ، وكفى به شنعة ان كنتم تتّقون الشّنعة.

ويلزمكم أن تقولوا : انّ الله عزّ وجلّ انّما بعث محمّدا (ص) أن يدعو الى طاعتنا وأمره فى جهاده الى قبول ما نقول برأينا بلا حكم وانّه انّما أيّده بالملائكة ليأمرهم (٥) أن يتّبعونا فيما لم يأمر الله به ولم ينه عنه ، وان تقولوا ذلك فقد أوجبتم أنّ لهم طاعة عليه (٦) فاذا ادّعيتم على من (٧) خالفكم مثل ما يلزمكم من هذا القول فانّهم قالوا أيضا : انّ الفرض فى طاعة اولى الأمر فيما قد أمر الله به نبيّه (ص) ونهاه عنه لأنّهم يقولون : انّ رسول الله (ص) قد جاء من عند الله عزّ وجلّ بجميع ما يحتاج إليه عباده من أمر دينهم ثمّ أودعه النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ اولى الأمر الّذين أمر الله بطاعتهم لأنّهم لا يرتابون فى حلال وحرام ولكن يؤدّونهما كما (٨) أدّاه رسول الله إليهم ؛ فهذه غير مقالتكم يا أهل السّنّة والجماعة.

__________________

(١) كذا فى الاصل ولعله مصحف « فى ».

(٢) فى الاصل : « بما ».

(٣ و ٤) فى كلا الموردين فى الاصل : « به ».

(٥) فى الاصل : « وأمرهم ».

(٦) فى الاصل : « فقد أوجبتم أنه طاعة لهم عليه ».

(٧) فى الاصل : « على ما ».

(٨) فى الاصل : « ولكن باذنه لما » ولعل الاصل الصحيح كان : « بل يؤدونه ».


حدّثني الحميدىّ (١) قال : حدّثني سفيان بن عيينة قال : حدّثنا سليمان الاحول عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس انّه قال : يوم الخميس وما يوم الخميس؟ ثمّ بكى حتّى بلّ الحصى بدموعه فقال : اشتدّ برسول الله (ص) وجعه الّذي مات فيه فقال : ايتونى بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعدى ، قال : فتنازعوا ولا ينبغى عند نبىّ التّنازع فقال عمر : هجر هجر استفهموه ، فسمع النّبيّ (ص) ذلك فاشتدّ عليه فرفع رأسه فقال : دعونى وما بي (٢) ؛ فما أنا فيه خير ممّا تدعوننى إليه ، وعليكم

__________________

(١) قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال : « عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبد الله الاسدى الحميدى المكى أحد الائمة صحب ابن عيينة تسع عشرة سنة وصحب الشافعى وتفقه ، به عن مسلم بن خالد وفضيل بن عياض وعنه البخارى وأحمد بن الازهر وسلمة بن شبيب وأبو حاتم وقال : ثقة امام أثبت الناس فى ابن عيينة ، قال أحمد : الحميدى امام ، قال البخارى : مات سنة تسع عشرة ومائتين » وقال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشى الحميدى المكى أبو بكر ثقة حافظ فقيه أجل أصحاب ابن عيينة من العاشرة مات سنة تسع عشرة وقيل : بعدها ، قال الحاكم : كان البخارى اذا وجد الحديث عند الحميدى لا يعدوه الى غيره / خ مق دت س فق » وقال فى باب الكنى من الكتاب : « الحميدى عبد الله بن الزبير بن عيسى » وقال ابن الأثير فى اللباب : « الحميدى بضم الحاء وفتح الميم وسكون الياء المثناة من تحتها وفى آخرها دال مهملة هذه النسبة الى حميد وهو بطن من أسد بن عبد العزى بن قصى منهم عبد الله بن الزبير بن عيسى الحميدى القرشى صاحب الشافعى روى عن ابن عيينة وفضيل بن عياض ، روى عنه البخارى وغيره مات بمكة سنة تسع عشرة ومائتين وأما أبو عبد الله محمد بن أبى نصر بن عبد الله بن حميد الحميدى الاندلسى صاحب الجمع بين الصحيحين وغيره من التصانيف فانه نسب الى جده حميد ( الى آخر ما قال ) » ومن أراد التفصيل فليراجع المفصلات.

(٢) فى الاصل : « وربى » الا أنه بقلم تصحيحى بعدى صار كذلك.


بهذه الثّلاثة الأشياء أنفذوها بعدى ؛ أنفذوا جيش أسامة بن زيد ، وأجيزوا الوفد كما كنت اجيزهم ، وانفوا المشركين من جزيرة العرب حتّى لا يكون فى جزيرة العرب الاّ دين واحد (١) ؛ فأبوا أمره (٢).

__________________

(١) قال العلامة المجلسى (ره) فى ثامن البحار فى باب تفصيل مثالب عمرو الاحتجاج بها على المخالفين بايراد الاخبار من صحاحهم : « الطعن الاول ـ ما روته العامة والخاصة أنه أراد النبي (ص) فى مرضه أن يكتب لامته كتابا لئلا يضلوا بعده ولا يختلفوا فطلب دواة وكتفا او نحو ذلك فمنع عمر من احضار ذلك وقال : انه ليهجر او ما يؤدى هذا المعنى وقد وصفه الله سبحانه بأنه لا ينطق عن الهوى ( الى ان قال ) فأما الروايات العامية فروى البخارى فى باب اخراج اليهود من جزيرة العرب من كتاب الجهاد والسير ومسلم فى كتاب الوصايا عن سفيان عن سليمان الاحول عن سعيد بن جبير أنه سمع ابن عباس يقول : يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى قلت : يا ابن ـ عباس ما يوم الخميس؟ ـ قال : اشتد برسول الله (ص) وجعه فقال : ايتونى بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغى عند نبى تنازع فقالوا : ماله؟ أهجر؟ استفهموه فقال : ذرونى فالذى أنا فيه خير مما تدعونى إليه فأمرهم بثلاث قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، والثالثة اما ان سكت عنها واما ان قالها فنسيتها ، قال : قال سفيان هذا من قول سفيان وفى باب جوائز الوفد من الكتاب المذكور عن سليمان الاحول عن جبير عن ابن عباس انه قال : يوم الخميس وما يوم الخميس ؛ الى آخر ما نقله من الاخبار وخاض فى بيان ما يستفاد منه والاحتجاج به على المخالفين فمن أراده فليراجع الكتاب أعنى ثامن البحار ( ص ٢٧٣ ـ ٢٨٣ من طبعة امين الضرب ) ومن أراد البحث عن ذلك بأكثر منه تفصيلا فليراجع تشييد المطاعن وكشف الضغائن ؛ المجلد الاول الطعن الاول من مطاعن عمر ؛ ص ٣٥٥ ـ ٤٣٠ فان فيه كفاية للمكتفى.

(٢) فى الاصل : « فيأبى وأمره ».


ولقد همّه (١) جيش اسامة لأمر قد علمه فكان يوصى (ص) باخراج جيش أسامة ونفسه تغرغر (٢) لقد تكلّم به لشأن يكون به عظيما ولقد كان ابو بكر وعمر فى ذلك الجيش فكيف لم يخرجا ولم ينفذا أمر رسول الله (٣) (ص) وقد جرى بينهما وبين اسامة [ كلام ] فقال : وأمّا أنا فقد أمّرنى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عليكما فمن أمّركما عليّ؟!

[ و (٤) رويتم عن جرير بن عبد الحميد (٥) عن اسماعيل بن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم قال : عرض فرس على أبى بكر [ فقال : هلاّ فارس أحمله عليه؟ (٦) ] فقام إليه رجل (٧) من الأنصار فقال : يا خليفة رسول الله احملنى عليه قال : لا والله لأن

__________________

(١) قال الفيومى فى المصباح المنير : « الهم الحزن وأهمنى الامر بالالف أقلقنى ، وهمنى هما من باب قتل مثله ».

(٢) قال ابن الاثير فى النهاية : « ه‍ س فيه : ان الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر أى ما لم تبلغ روحه حلقومه فيكون بمنزلة الشيء الّذي يتغرغر به المريض ، والغرغرة أن يجعل المشروب فى الفم ويردد الى أصل الحلق ولا يبلع ، ( ومنه الحديث ) لا تحدثهم بما يغرغرهم ، أى لا تحدثهم بما لا يقدرون على فهمه فيبقى فى أنفسهم لا يدخلها كما يبقى الماء فى الحلق عند الغرغرة ».

(٣) فى الاصل : « ولم يقعدا بأمر رسول الله ».

(٤) ما بين المعقفتين أعنى من قوله : « ورويتم عن جرير بن عبد الحميد » الى آخر هذه الرواية أعنى الى قوله : « لهو أقرب الى من أن أقيدهم منه » ( ص ٣٦٣ ) موجود فى جميع النسخ الا أنها ذكرت فى غير م فى أواخر الكتاب ، فتفطن.

(٥) ج ح س ق مج مث ( بدلها ) : « ثم تروون على أبى بكر من الشنعة مثل ما رواه عيسى بن يونس بن أبى اسحاق الهمدانى ».

(٦) عبارة « هلا فارس أحمله عليه » ليست فى م.

(٧) ج ح س ق مج مث : « فقال فتى من الانصار » ( بدل ما فى المتن ).


أحمل عليه رجلا (١) قد ركب الخيل على غرلته (٢) أحبّ إليّ من أن أحملك عليه فقال : لم ؛ والله إنّى لأفرس منك أبا وامّا (٣) فقام إليه المغيرة بن شعبة فركله برجله (٤) فدقّ أنفه (٥) فسالت الدّماء كأنّها عزالى السّماء (٦) فقالت الأنصار : السّلاح

__________________

(١) غير م : « غلاما ».

(٢) « على غرلته » ليس فى م قال ابن الاثير فى النهاية : « والغرلة القلفة ومنه حديث أبى بكر : لان أحمل عليه غلاما قد ركب الخيل على غرلته أحب الى من أن أحملك عليه ؛ يريد : ركبها فى صغره واعتادها قبل أن يختن » أقول : من العجيب أن الطريحى (ره) قرأ الكلمة « العزلة » ( بالعين المهملة والزاى المعجمة ) وصرح بأن معناها القلفة فان شئت فراجع.

(٣) غير م ( بدلها ) : « فو الله لانا أفرس منك ومن أبيك ».

(٤) فى م فقط قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : فركله برجله ؛ أى رفسه ومنه حديث عبد الملك : أنه كتب الى الحجاج لاركلتك ركلة » وقال الطريحى فى مجمع البحرين فى مادة « ركل » : « فى الحديث : قضى فى امرأة ركلها زوجها ، الركل الضرب برجل واحدة وقد ركله يركله ركلا أى رفسه ».

(٥) غير م : « فركب على أنفه » قال ابن الاثير فى النهاية : « وفى حديث المغيرة مع الصديق : ثم ركبت أنفه بركبتى يقال : ركبته أركبه بالضم : اذا ضربته بركبتك ».

(٦) ج س ق مج مث : « فكأنها كانت عزلى مزادة » لكن فى ح : « فكأنها عزب مزادة » قال ابن الاثير فى النهاية : « وفى حديث الاستسقاء دفاق العزائل جم البعاق العزائل أصله العزالى مثل الشائك والشاكى ، والعزالى جمع العزلاء وهو فم المزادة الاسفل فشبه اتساع المطر واندفاقه بالذى يخرج من فم المزادة ومنه الحديث : فأرسلت السماء عزاليها » وقال الطريحى فى مجمع البحرين : « وفى الحديث فأرسلت السماء عزاليها أى أفواهها ، والعزالى بفتح اللام وكسرها جمع العزلاء مثل الحمراء وهو فم المزادة فقوله : أرسلت السماء عزاليها ؛ يريد شدة وقع المطر على التشبيه بنزوله من أفواه المزادة ومثله : ان الدنيا بعد ذلك أرخت عزاليها ».


السّلاح (١) ، لنقتله او ليقيدنا منه (٢) فبلغ ذلك أبا بكر فخطبهم وقال : ما بال أقوام يزعمون أنّى اقيدهم من المغيرة والله لأن اجليهم من ديارهم لهو أقرب إليّ من أن أقيدهم منه (٣) ]

فانظروا (٤) الى الّذي تروون فأىّ وقيعة وأىّ شنعة أشد ممّا ترمون به أبا بكر أنّه منع المغيرة أن يقتصّ منه ما صنع بالأنصار وتوعّد (٥) الأنصار أن يجليهم عن ديارهم

__________________

(١) قوله : « السلاح السلاح » الاول منصوب على الاغراء والثانى تأكيد له نظير قول الشاعر :

« أخاك أخاك ان من لا أخاله

كساع الى الهيجا بغير سلاح »

(٢) غير م ( بدل العبارة من « فقالت الانصار » الى هنا ) : « فأرادت الانصار أن يقيدوا منه ». قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : من قتل عمدا فهو قود ؛ القود القصاص وقتل القاتل بدل القتيل ؛ وقد أقدته به أقيده اقادة ؛ واستقدت الحاكم سألته أن يقيدنى واقتدت منه اقتاد ».

(٣) م ( بدل العبارة من « فخطبهم » الى هنا ) : « فقال أبو بكر : والله لتزعجن عن دياركم قبل أن أقيدكم ».

(٤) من هنا اى من قوله : « فانظروا » الى آخر العبارة أعنى الى قوله : « جرأة على الله وقلة حياء » ( انظر ص ٣٦٥ ) ليس فى م.

(٥) ج س ق مج مث : « وتواعد ».

فليعلم أن الحديث مذكور فى مجمع الزوائد ومنبع الفوائد فى باب ما جاء فى المغيرة بن شعبة ( انظر المجلد التاسع ؛ ص ٣٦١ ) بهذه العبارة :

« وعن المغيرة بن شعبة قال : كنت عند أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ فعرض عليه فرس فقال رجل : احملنى على هذا فقال : لان أحمل عليه غلاما قد ركب الخيل على غرلته أحب الى من أن أحملك عليه ، فغضب الرجل وقال : أنا والله خير منك ومن أبيك


وكفّ عن المغيرة فلم يعاقبه ولم يعاتبه على ما صنع وأنتم تزعمون أنّ الشّيعة يقعون فى

__________________

فارسا ، فغضبت حين قال ذلك لخليفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقمت إليه فأخذت برأسه فسحبته على أنفه فكأنما كان على أنفه عزلاء مزادة ، فأرادت الانصار أن يستقيدوا منى ، فبلغ ذلك أبا بكر ـ رضى الله عنه ـ فقال : ان أناسا يزعمون أنى مقيدهم من المغيرة بن شعبة ، ولان أخرجهم من ديارهم أقرب من أن أقيدهم من وزعة الله الذين يزعون عباد الله ( فقال مؤلف الكتاب ) قلت : هذا الكلام الاخير لم أعرف معناه ؛ والله أعلم ، رواه الطبرانى ورجاله رجال الصحيح » وقال مصحح الكتاب بالنسبة الى قوله : « لم أعرف » ما نصه : « بعد تصحيحه من النهاية ظهر معناه أنه لا يقيد ممن يكف الناس عن الشر » أقول : يريد بتصحيحه من النهاية ما ذكره ابن الاثير فى النهاية فى مادة « وزع » بقوله : « فيه : من يزع السلطان أكثر ممن يزع القرآن ؛ أى من يكف عن ارتكاب العظائم مخافة السلطان أكثر ممن يكفه مخافة القرآن والله تعالى ، يقال : وزعه يزعه وزعا فهو وازع اذا كفه ومنعه ومنه الحديث : ان ابليس رأى جبريل (ع) يوم بدر يزع الملائكة أى يرتبهم ويسويهم ويصفهم للحرب فكأنه يكفهم عن التفرق والانتشار ومنه حديث أبى بكر : أن المغيرة رجل وازع يريد أنه صالح للتقدم على الجيش وتدبير أمرهم وترتيبهم فى قتالهم ، ومنه حديث أبى بكر أنه شكا إليه بعض عماله ليقتص منه فقال : أقيد من وزعة الله؟

الوزعة جمع وازع وهو الّذي يكف الناس ويحبس أولهم على آخرهم أراد : أقيد من الذين يكفون الناس عن الاقدام على الشر؟ وفى رواية أن عمر قال لابى بكر : أقص هذا من هذا بأنفه فقال : أنا لا أقص من وزعة الله ؛ فأمسك ومنه حديث الحسن لما ولى القضاء قال : لا بد للناس من وزعة اى من يكف بعضهم عن بعض يعنى السلطان وأصحابه »

اذا عرفت ذلك فاعلم أن ليس هذا بأول قارورة كسرت فى الاسلام فان لهذا العمل الصادر من أبى بكر نظائر منها ما أشار إليه الامينى ـ رحمه‌الله تعالى ـ فى سادس


الصّحابة جرأة على الله وقلّة حياء.

__________________

الغدير لكن كلها فى حق الخليفة الثانى ونص عبارته فى نوادر الاثر فى علم عمر هكذا ( ص ١٣٢ ـ ١٣٤ من الطبعة الثانية بطهران سنة ١٣٧٢ ه‍ ) :

« رأى الخليفة فى القود ـ عن ابن أبى حسين أن رجلا شج رجلا من أهل الذمة فهم عمر بن الخطاب أن يقيده منه فقال معاذ بن جبل : قد علمت أن ليس ذلك لك وأثر ذلك عن النبي (ص) فأعطاه عمر بن الخطاب فى شجته دينارا فرضى به ( أخرجه الحافظ السيوطى فى جمع الجوامع كما فى ترتيبه ٧ ص ٣٠٤ ). وعن مكحول ان عبادة بن الصامت دعا نبطيا يمسك له دابته عند بيت المقدس فأبى فضربه فشجه فاستعدى عليه عمر بن الخطاب فقال له : ما دعاك الى ما صنعت بهذا؟ فقال : يا أمير المؤمنين أمرته أن يمسك دابتى فأبى وأنا رجل فى حدة فضربته فقال : اجلس للقصاص فقال زيد بن ثابت : أتقيد عبدك من أخيك فترك عمر عنه القود وقضى عليه بالدية ( أخرجه البيهقى فى السنن الكبرى ٨ ص ٣٢ ) وذكره السيوطى فى جمع الجوامع كما فى الكنز ٧ ص ٣٠٣ ). رأى الخليفة فى ذمى مقتول عن مجاهد قال : قدم عمر بن الخطاب الشام فوجد رجلا من المسلمين قتل رجلا من أهل الذمة فهم أن يقيده فقال له زيد بن ثابت : أتقيد عبدك من أخيك؟ فجعله عمر دية. ( أخرجه عبد الرزاق وابن جرير الطبرى كما فى كنز العمال ٧ ص ٣٠٤ ) قصة أخرى فى ذمى مقتول عن عمر بن عبد العزيز أن رجلا من أهل الذمة قتل بالشام عمدا وعمر ابن الخطاب اذ ذاك بالشام فلما بلغه ذلك قال عمر : قد ولعتم بأهل الذمة لأقتلنّه به قال ابو عبيدة بن الجراح : ليس ذلك لك فصلى ثم دعا أبا عبيدة فقال : لم زعمت لا أقتله به فقال أبو عبيدة : أرأيت لو قتل عبدا له أكنت قاتله به؟ فصمت عمر ثم قضى عليه بالدية بألف دينار تغليظا عليه ( أخرجه البيهقى فى السنن الكبرى ٨ ص ٣٢ ) وذكره السيوطى فى جمع الجوامع كما فى ترتيبه ( ٧ ص ٣٠٣ ) رأى الخليفة فى قاتل معفو عنه عن ابراهيم النخعى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أتى برجل قد قتل عمدا فأمر بقتله فعفا بعض


وحدّثنا ابن أبى شريح (١) قال : حدّثنا عليّ بن عياطى الحريرىّ (٢) عن أبى ـ نضرة (٣) عن أبى سعيد قال قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : اذا بايعت أمّتي

__________________

الاولياء فأمر بقتله فقال ابن مسعود : كانت النفس لهم جميعا فلما عفا هذا أحيا النفس فلا يستطيع أن يأخذ حقه حتى يأخذ غيره قال : فما ترى؟ قال أرى أن تجعل الدية عليه فى ماله وترفع حصة الّذي عفا فقال عمر ـ رضى الله عنه ـ وأنا أرى ذلك. ( كتاب الامام للشافعى ٧ ص ٢٩٥ ، سنن البيهقى ٨ ص ٦٠ ) قال الامينى : ان كان الحكم فى هذه القضايا هو ما ارتآه الخليفة أولا فلما ذا عدل عنه؟ وان كان ما لفتوا نظره إليه أخيرا فلما ذا هم أن ينوء بالاول؟ وهل من المستطاع أن نقول : ان الحكم كان عازبا عن فكرة خليفة المسلمين فى كل هذه الموارد؟ أو أن تلكم الاقضية كانت مجرد رأى وتحكم؟ أو هذه هى سيرة أعلم الامة؟! ».

__________________

(١) كذا فى الاصل ( بالشين المعجمة والحاء المهملة ) ولعل الاصل قد كان « ابن أبى سريج » ( بالسين المهملة والجيم ) قال ابن حجر فى باب الكنى من تقريب التهذيب : « ابن أبى سريج هو أحمد بن الصباح » وقال فى ترجمته : « أحمد بن صباح النهشلى أبو جعفر بن أبى سريج الرازى المقرى ثقة حافظ له غرائب من العاشرة مات سنة أربعين / خ د س » ويريد بالرموز البخارى وأبا داود والنسائى وصرح فى تهذيب التهذيب فى ترجمته ( ج ١ ؛ ص ٤٤ ) بهذا المعنى ولفظه « وعنه البخارى وأبو داود والنسائى » وقال هناك : « ومن خط الذهبى : مات بعد الاربعين ومائتين وكذا كتب ابن سيد الناس على حاشية الكمال » فيمكن أن يدركه المصنف (ره) ويحدث عنه.

(٢) كذا فى الاصل صريحا فليطلب من مظانه.

(٣) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب فى باب الكنى : « أبو نضرة العبدى هو المنذر بن مالك بن قطعة » وقال فى تهذيب التهذيب ضمن ترجمته : « روى عن على بن أبى طالب وأبى موسى الاشعرى وأبى ذر الغفارى وأبى هريرة وأبى سعيد ( الى آخر ما قال ) ».


رجلين فاقتلوا الثّاني كائنا من كان.

ورويتم عن اسحاق بن ابراهيم عن سلمة بن الفضل عن محمّد بن اسحاق عن عبد الملك بن أعين (١) عن أبى حرب بن [ أبى (٢) ] الأسود قال : بعثنى (٣) أبى الى جرير (٤) بن عبد الله البجليّ أسأله عن أمر ما حضر (٥) عن أبى بكر وعمر وعليّ ـ عليه‌السلام ـ حين دعواه (٦) الى البيعة فقال : غلباه وأخذا منه حقّه فكتب إليه أبى (٧) : لست أسألك عن رأيك ؛ اكتب إليّ بما حضرت وشهدت ، قال : بعث الى [ عليّ ] فجيء به متلبّبا (٨) فلمّا حضر قالا له : بايع فقال : ان لم أفعل فما ذا تصنعون؟ ـ قالوا : نقتلك

__________________

(١) عبد الملك هذا أخو زرارة بن أعين الشيبانى فلذا تحامل عليه علماء السنة فقالوا فيه ما قالوا ومما أورده ابن حجر فى تهذيب التهذيب فى ترجمته ما نصه : « وقال الحميدى عن سفيان : حدثنا عبد الملك بن أعين شيعى كان عندنا رافضى صاحب ـ رأى وقال الدورى عن ابن معين : ليس بشيء ، وقال حامد عن سفيان : هم ثلاثة اخوة عبد الملك وزرارة وحمران روافض كلهم أخبثهم قولا عبد الملك ( الى آخر ما قال ) ».

(٢) كلمة « أبى » من اضافاتنا وذلك لما يأتى من التصريح بوجود الكلمة فى سند ـ الحديث هنا بناء على ما نقله الطبرى فى المسترشد مضافا الى تصريح علماء الرجال بذلك قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « أبو حرب بن أبى الاسود الدؤلي البصرى ثقة قيل اسمه محجن وقيل عطاء من الثالثة مات سنة ثمان ومائة / ت ص ق ».

(٣) فى الاصل : « بعث ».

(٤) فى المسترشد : « جندب ».

(٥) كذا صريحا فى الاصل وفى المسترشد : « أسأله عما حضر ».

(٦) فى الاصل : « دعاه ».

(٧) فى الاصل : « انى » فلعله قد كان : « أبى : انى ».

(٨) كذا فى الاصل لكن فى غالب الروايات « ملبيا » أورد المجلسى (ره) فى ثامن البحار فى باب ما قد وقع وجرى فى أمر الخلافة نقلا عن العياشى ضمن حديث


ولؤما لك (١) قال : اذا أكون عبد الله وأخا رسوله (ص) ، قالوا له : أمّا عبد الله ؛ فنعم ، وأمّا أخو رسوله (ص) فلا (٢) ، فرجع يومئذ ولم يبايع (٣).

__________________

هذه العبارة ( ص ٤٥ من طبعة أمين الضرب ) : « فأخرجوا عليا ـ عليه‌السلام ـ ملببا » وأيضا فيه : « فأخرجوه من منزله ملببا » وقد ذكر نظيرها فيما تقدم أيضا ولذا قال فى بيان لمشكلات أحاديث ذكرها فيما سبق ما نصه ( ص ٤٣ ) : « قال الجوهرى : لببت الرجل تلبيبا اذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره فى الخصومة ثم جررته » وكذا بصيغة المفعول من باب التفعيل فى المسترشد كما يأتى وكيف كان قال ابن الاثير فى النهاية : « وفيه : انه صلى فى ثوب واحد متلببا به اى متحزما به عند صدره يقال : تلبب بثوبه اذا جمعه عليه ومنه الحديث : ان رجلا خاصم أباه عنده فأمر به فلب له يقال : لببت الرجل ولببته ( اى من باب التفعيل ) اذا جعلت فى عنقه ثوبا أو غيره وجررته به ، وأخذت بتلبيب فلان اذا جمعت عليه ثوبه الّذي هو لابسه وقبضت عليه تجره ، والتلبيب مجمع ما فى موضع اللبب من ثياب الرجل ، ومنه الحديث : انه أمر باخراج المنافقين من المسجد فقام أبو أيوب الى رافع بن وديعة فلببه بردائه ثم نتره نترا شديدا ؛ وقد تكرر فى الحديث » فعلم أن الاولى أن تقرأ « ملببا ».

__________________

(١) فى الاصل : « ولو مالك ».

(٢) أورد المجلسى (ره) فى ثامن البحار نقلا عن تفسير العياشى والاختصاص للمفيد ما يرتبط من الحديث بهذا المطلب هكذا ( ص ٤٥ طبعة أمين الضرب ) : « وجلس أبو بكر فى سقيفة بنى ساعدة وقدم على (ع) فقال له عمر : بايع ، فقال له على (ع) : فان أنا لم أفعل فمه؟ فقال له عمر : اذا أضرب والله عنقك ، فقال له على (ع) : اذا والله أكون عبد الله المقتول وأخا رسول الله (ص) ، فقال عمر : أما عبد الله المقتول ؛ فنعم ، وأما أخو رسول الله (ص) فلا ؛ حتى قالها ثلاثا ، فبلغ ذلك العباس بن عبد المطلب فأقبل مسرعا يهرول فسمعته يقول : ارفقوا بابن أخى ( الحديث ) » ونظيره فى موارد أخر فليطلب من مظانه.

(٣) أورد أبو جعفر الطبرى ـ طيب الله مضجعه ـ فى المسترشد فى باب الرد على من


ورويتم عن الفضل بن دكين (١) عن عبد العزيز بن سياه (٢) عن حبيب بن أبى ثابت قال : شهدت ابن عمر فى مرضه الّذي مات فيه فسمعته يقول : ما آسى على شيء الاّ ان أكون قاتلت الفئة الباغية ، قلت : يا أبا عبد الرّحمن مع من؟ ـ قال : مع عليّ بن أبى طالب عليه‌السلام (٣).

__________________

قال : لم قعد على بن أبى طالب عن حقه؟ هكذا ( ص ٨٢ من طبعة النجف ) :

« قال : وأخبرنى اسحاق بن ابراهيم ، قال : أخبرنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن اسحاق ، عن عبد الله بن أعين ، عن حرب بن أبى الاسود الدؤلي ، قال : بعثنى أبى الى جندب بن عبد الله البجلي ؛ أسأله عما حضر من أبى بكر وعمر مع على حيث دعواه الى البيعة قال : أخذاها من على ، قال : فكتب إليه : لست أسألك عن رأيك ؛ اكتب لى بما حضرت وشاهدت ، فكتب : بعثا الى على فجىء به ملببا فلما حضر قالا له : بايع ، قال : فان لم أفعل؟ قالا : اذا تقتل ، قال : اذا تقتلون عبد الله وأخا رسول الله ، قالا : أما عبد الله ؛ فنعم ، وأما أخو رسول الله ؛ فلا ، ثم قالا له : بايع ، قال : فان لم أفعل؟ قالا : اذا تقتل وصغرا لك ، قال : اذا تقتلون عبد الله وأخا رسول الله ، قالا : أما عبد الله ؛ فنعم ، وأما أخو رسول الله ؛ فلا ، قال : فرجع يومئذ ولم يبايع ».

__________________

(١) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « الفضل بن دكين الكوفى واسم دكين عمرو بن حماد بن زهير التيمى مولاهم الاحول أبو نعيم الملائى بضم الميم مشهور بكنيته ثقة ثبت من التاسعة مات سنة ثمان عشرة وقيل : تسع عشرة وكان مولده سنة ثلاثين وهو من كبار شيوخ البخارى / ع » ويريد بالرمز أن أصحاب الصحاح الست أخرجوا جميعا أحاديثه.

(٢) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « عبد العزيز بن سياه بكسر المهملة بعدها تحتانية خفيفة الاسدى الكوفى صدوق يتشيع من السابعة / خ م ت س ق » وصرح فى تهذيب التهذيب فى ترجمته بأنه « روى عن أبيه سياه وحبيب بن أبى ثابت ، وروى عنه أبو نعيم » ويريد بأبى نعيم الفضل بن دكين.

(٣) تقدمت الاشارة منا الى طرف من طرق هذا الحديث عند ذكر المصنف (ره) ترجمة عبد الله بن عمر ( انظر ص ٧٣ ـ ٧٤ ).


ورويتم عن الفضل بن دكين عن سفيان بن عينية عن اسماعيل بن قيس قال : قال عبد الله بن مسعود لعثمان : وددت (١) أنّى وايّاك برمل عالج (٢) يحثوا حدنا على صاحبه حتّى يموت الا عجل (٤) منّا فيريح الله المسلمين منه.

__________________

(١) قال أبو جعفر الطبرى الشيعى (ره) فى كتاب المسترشد ( ص ١٣ من طبعة النجف ) : « ومن جلة فقهائكم عبد الله بن مسعود الّذي أمر به عثمان فدق ضلعه ومنه مات ، وهو يقول : وددت أنى وعثمان برسل عالج يحثو أحدنا على صاحبه حتى يموت الاعجز منا فيريح الله المسلمين منه ». أقول : أشرنا الى طرف من طرقه عند ذكر المصنف (ره) عبد الله ابن مسعود فراجع ان شئت ص ٥٦.

(٢) قال الجوهرى : « عالج موضع بالبادية بها رمل » قال ابن الاثير في النهاية : « وفى حديث الدعاء وما تحويه عوالج الرمال هى جمع عالج وهو ما تراكم من الرمل ودخل بعضه فى بعض » وقال الطريحى فى المجمع بعد ذكر عبارة ابن الاثير : « ونقل أن رمل عالم؟؟؟ جبال مواصلة؟؟؟ يتصل أعلاها بقرب يمامة وأسفلها بنجد وفى كلام البعض : رمل عالج محيط بأكثر أرض العرب ».

(٣) فى الاصل : « يجثو » ( بالجيم ) ؛ فليعلم أن الكلمة بناء على ما فى النسخ وسائر موارد نقل الحديث فى الكتب المعتبرة من كونها من « حثا » تستدعى مفعولا لها اى التراب وقد ورد فى الاحاديث ما يؤيده قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : احثوا فى وجوه المداحين التراب اى ارموا ؛ يقال : حثا يحثو حثوا ويحثى حثيا ، يريد به الخيبة وأن لا يعطوا عليه شيئا ، ومنهم من يجريه على ظاهره فيرمى فيها التراب ( الى آخر ما قال ) » فاللفظة كما توصل بحرف جر « فى » توصل بحرف جر « على » فيقال : حثا التراب عليه وفى وجهه قال الطريحى فى مجمع البحرين : « ومنه حديث الميت : فحثا عليه التراب أى رفعه بيده وألقاه عليه » فالمراد يحثو أحدنا التراب على صاحبه.

(٤) كذا صريحا فى الاصل وليعلم أن الحديث قد تقدم نقله فى الكتاب فى ترجمة عبد الله ابن مسعود وأشرنا هنا فى ذيل الصفحة أن العبارة فيه « حتى يموت الاعجز » ( راجع ص ٥٦ ) الا أن الميدانى نقل فى مجمع الامثال مثلا يؤيد كون اللفظة « الاعجل » فلننقل


ورويتم عن ابن عبد القدّوس عن زيد بن وهب قال : كنت عند حذيفة بن اليمان اذ نظر الى ابن مسعود وأبى موسى الاشعرىّ اذ دخلا المسجد فقال حذيفة : والله الّذي لا إله الاّ هو إنّ أحدهما المنافق. ثمّ قال حذيفة : من سرّه أن ينظر الى رسول الله (ص) هديا وسمتا من [ حين ] يخرج من بيته الى أن يرجع فلينظر الى ابن مسعود (١).

__________________

عبارته وهى هذه ( انظر ص ٥٨٩ من طبعة طهران سنة ١٢٩٠ ) : « ليتنى وفلانا يفعل بنا كذا حتى يموت الاعجل ؛ هذا من قول الاغلب العجلى فى شعر له وهو : ضربا وطعنا أو يموت الاعجل » فرعاية لهذه النكتة لم نتصرف فى نقل الكلمة بوجه من الوجوه فتفطن.

__________________

(١) قال ابن سعد في الطبقات فى ترجمة عبد الله بن مسعود ( ج ٣ من طبعة مصر ؛ ص ١٥٤ ) :

« قال : أخبرنا أبو معاوية الضرير قال : أخبرنا الاعمش عن ابراهيم عن علقمة قال : كان عبد الله يشبه بالنبى ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ـ فى هديه ودله وسمته وكان علقمة يشبه بعبد الله. قال : أخبرنا محمد بن عبيد قال : أخبرنا الاعمش عن شقيق سمعت حذيفة يقول : ان أشبه الناس هديا ودلا وسمتا بمحمد (ص) عبد الله بن مسعود من حين يخرج الى أن يرجع لا أدرى ما يصنع فى بيته. قال أخبرنا هشام ابو الوليد الطيالسى قال : أخبرنا شعبة عن أبى اسحاق سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول : قلنا لحذيفة : أخبرنا برجل قريب السمت والهدى من رسول الله (ص) نأخذ عنه ، فقال : ما أعرف أحدا أقرب سمتا وهديا ودلا برسول الله (ص) من ابن أم عبد حتى يواريه جدار بيت. قال : ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن ابن أم عبد من أقربهم الى الله وسيلة. قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : أخبرنا حفص بن غياث عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن أبى عبيدة : قال كان عبد الله اذا دخل الدار استأنس ورفع كلامه كى يستأنسوا ».

وقال ابن الجوزى فى صفة الصفوة فى ترجمة عبد الله بن مسعود ما نصه ( انظر ص ١٥٦ ج ١ ) : « وكان يشبه بالنبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى هديه ودله وسمته » وقال أيضاً ( انظر ج ١ ؛ ص ١٥٨ ) : « وعن شقيق قال : انى كنت قاعدا مع حذيفة فأقبل عبد الله


ورويتم عن سلمة عن المفضّل عن أبى اسحاق عن محمّد بن جعفر بن الزّبير قال : كان عروة بن الزّبير ينال من عليّ ـ عليه‌السلام ـ ويكثر (١) ؛ فإذا ظنّ أنّه قد بلغ قال : أما انّه لم يقل قولا قطّ مخالفا الى غيره.

__________________

ابن مسعود فقال حذيفة : ان أشبه الناس هديا ودلا برسول الله من حين يخرج من بيته الى أن يرجع ولا أدرى ما يصنع فى أهله لعبد الله بن مسعود ، والله لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد (ص) أنه من أقربهم عند الله وسيلة يوم القيامة ».

وقال الحاكم فى المستدرك فى كتاب معرفة الصحابة تحت عنوان « ذكر مناقب عبد الله بن مسعود » ( ج ٣ ؛ ص ٣١٥ ) : « حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن شقيق قال : سمعت حذيفة يقول : ان أشبه الناس هديا وسمتا ودلا بمحمد (ص) عبد الله بن مسعود من حين يخرج الى حين يرجع فما أدرى ما فى بيته؟! ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد (ص) أن ابن أم عبد من أقربهم وسيلة عند الله يوم القيامة.

وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » الى غير ذلك من موارد نقله.

وأما تصريح حذيفة بنفاق أبى موسى فقد تقدم فى الكتاب عند ذكر المصنف (ره) ترجمة أبى ـ موسى الاشعرى ( انظر ص ٦١ ).

__________________

(١) قال العلامة المجلسى (ره) فى أواخر ثامن البحار فى « باب فيه ذكر أصحاب النبي (ص) وأمير المؤمنين (ع) الذين كانوا على الحق ولم يفارقوا أمير المؤمنين » ( ص ٧٢٩ ـ ٧٣٠ من طبعة أمين الضرب ) :

« قال ابن أبى الحديد : « ومن المنحرفين عنه ( أى على ) عليه‌السلام أبو عبد الرحمن السلمى ومنهم قيس بن أبى حازم وسعيد بن المسيب والزهرى وعروة بن الزبير وكان زيد بن ثابت عثمانيا يحرض الناس على سبه (ع) وكان المكحول من المبغضين له (ع) وكذا حماد بن زيد أقول : قد بسط الكلام فى كتاب الغارات فى عد هؤلاء الاشقياء وبيان أحوالهم


وحدّثنا اسحاق عن سلمة عن ابن اسحاق عن عمرو بن عبيد (١) عن الحسن بن عمر العوفىّ قال : دخلت مسجد النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فاذا أنا برجل قد سجّى وحوله قوم فسألته عن شيء فجبهونى (٢) [ فقلت : يا أصحاب محمّد تضنّون بالعلم؟! قال : فكشف الرّجل المسجّى الثّوب عن وجهه فاذا (٣) ] شيخ أبيض الرّأس واللحية (٤).

__________________

( الى ان قال : ) ثم ذكر رواية تدل على أن عروة بن الزبير والزهرى كانا ينالان من على ـ عليه‌السلام ـ فنها هما عنه على بن الحسين عليهما‌السلام » أقول : قوله : « ينال من على (ع) » أى كان يقع فيه ويسبه ويقول فيه ما لا ينبغى ؛ قال ابن الاثير فى النهاية : « وفى الحديث أن رجلا كان ينال من الصحابة يعنى الوقيعة فيهم يقال منه : نال ينال نيلا اذا أصاب فهو نائل » وقال الفيروزآبادى : « نال من عرضه سبه » وقال الزبيدى فى شرحه : « ومن المجاز : نال فلان من عرضه اذا سبه ومنه الحديث : ان رجلا كان ينال من الصحابة يعنى الوقيعة فيهم » وقال ابن منظور فى لسان العرب : « وفلان ينال من عرض فلان اذا سبه وهو ينال من ماله وينال من عدوه اذا وتره فى مال او شيء كل ذلك من نلت أنال أى أصبت » وفى القرآن المجيد : « ولا ينالون من عدو نيلا » وقال أبو فراس فى ميميته المشهورة المعروفة بالمذهبة خطابا لبنى العباس :

« ما نال منهم بنو حرب وان عظمت

تلك الجرائم الا دون نيلكم »

الا أنه يمكن ان يقال : ان الآية وشعر أبى فراس لعل الاستعمال فيهما ليس من هذا السنخ.

(١) عبارة السند فى الاصل الى هنا هكذا : « وحدثنا إسحاق بن سلمة عن أبى إسحاق عن عمر بن عبيد » والتصحيح من كتاب المسترشد وستأتى عبارته فى الذيل.

(٢) قال الفيومى فى المصباح المنير : « جبهته أجبهه بفتحتين ـ أصبت جبهته » وقال الجوهرى : « جبهته ـ صككت جبهته وجبهته بالمكروه اذا استقبلته به ».

(٣) ما بين المعقفتين مأخوذ من كتاب المسترشد للطبرى الشيعى.


__________________

(٤) قال ابن سعد فى الطبقات فى ترجمة أبى بن كعب ( ج ٣ من طبع بيروت ص ٤٩٩ ) :

« أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنى أبى بن عباس بن سهل بن سعد الساعدى عن أبيه قال : كان أبى بن كعب أبيض الرأس واللحية لا يغير شيبه. أخبرنا اسماعيل بن أبى ابراهيم الاسدى عن الجريرى عن أبى نضرة قال : قال رجل منا يقال له جابر او جويبر : طلبت حاجة الى عمر فى خلافته والى جنبه رجل أبيض الشعر أبيض الثياب فقال : ان الدنيا فيها بلاغنا وزادنا الى الآخرة وفيها أعمالنا التى نجازى بها فى الآخرة قلت : من هذا يا أمير المؤمنين؟ قال : هذا سيد المسلمين أبى بن كعب. أخبرنا روح بن عبادة قال : أخبرنا عوف عن الحسن عن عتى بن ضمرة قال : رأيت أبى بن كعب. أبيض الرأس واللحية » وذكر أيضا ذلك المضمون بطريق آخر وقال الجزرى فى أسد الغابة فى ترجمته : « وكان أبيض الرأس واللحية لا يغير شيبه ؛ أخرجه ثلاثتهم » وقال الحاكم فى المستدرك فى كتاب معرفة الصحابة ضمن ذكره مناقب أبى ـ ابن كعب ما نصه ( ج ٣ ؛ ص ٣٠٢ ) : « حدثنى على بن حمشاذ ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثنى أبى ، حدثنا هشيم عن يونس بن عبد ومبارك عن الحسن ، حدثنا غنى السدى قال : رأيت أبى بن كعب أبيض الرأس واللحية لا يخضب ».

فليعلم أن المعنى؟؟؟ الّذي اشتمل عليه قول أبى بن كعب فى هذا المبحث الّذي نحن فيه مما ترتعد منه الفرائض ويمكن أن يستغربه بعض الاوهام الفاقدة للبصائر الناقدة فينكره؟؟؟ نا أن نخوض؟؟؟ فى تحقيق هذا المطلب فها أنا أنقل طرفا من كلمات علماء الفريقين فى؟؟؟ حتى يتضح الامر ويتبين المراد ولا يبقى مجال للانكار بمحض الاستغراب والاستبعاد.

قال أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبرى الشيعى فى كتاب المسترشد بعد أن ذكر مثالب جماعة ممن اعتمد عليه العامة معترضا عليهم بما هذا نصه ( ص ٢٨ ـ ٢٩ من النسخة المطبوعة بالنجف ) :

« فكيف قبلتم هذه الروايات عن هؤلاء القوم الذين طعنتم عليهم فى حالة وقبلتم عنهم فى حالة أخرى ؛ مع اختلافهم فى الدين كله ، وهذا أبى بن كعب الّذي له الدين والسابقة


__________________

ومعه القرآن يقول فى الامة ما ذكره اسحاق بن ابراهيم قال : أخبرنى سلمة بن الفضل عن محمد بن اسحاق عن عمرو بن عبيد عن الحسن العونى قال : دخلت مسجد رسول الله (ص) فاذا أنا برجل قد تسجى بثوبه وحوله جماعة فسألتهم عن شيء فجبهونى فقلت : يا أصحاب محمد تضنون بالعلم؟ ـ قال : فكشف الرجل المسجى الثوب عن وجهه فاذا شيخ أبيض الرأس واللحية فقال : عن أى هذه الامة تسأل؟! فو الله ما زالت هذه الامة مكبوبة على وجهها منذ قبض رسول الله (ص) ، وأيم الله لئن بقيت الى يوم الجمعة لاقومن مقاما أقتل فيه.

قال : وسمعته يقول مثل ذلك : ألا هلك أهل العقدة ، ألا أبعدهم الله ، والله ما آسى عليهم انما آسى على الذين يهلكون من أمة محمد (ص) قال : فلما كان يوم الاربعاء رأيت الناس يموجون فقلت : ما لكم؟ ـ قالوا : مات سيد المسلمين أبى بن كعب قال : فقلت : ستر الله على هذا المسلم حيث لم يقم ذلك المقام.

فهذا أبى بن كعب يقول فى الامة : انها مكبوبة على وجهها منذ قبض الله نبيه (ص) فكيف تصح هذه الاخبار ومع أصحاب رسول الله هذا الاختلاف؟! ».

وقال المجلسى فى ثامن البحار ضمن ذكره مطاعن عثمان ( ص ٣٣٦ من طبعة أمين الضرب ) : « نكير أبى بن كعب ـ وذكر الثقفى فى تاريخه باسناده قال : جاء رجل الى أبى بن كعب فقال : يا أبا المنذر ان عثمان قد كتب [ صكا ] لرجل من آل أبى معيط بخمسين ألف درهم الى بيت المال فقال أبى : فلا تزالون تأتونى بشيء ما أدرى ما هو فيه فبينا هو كذلك اذ مر به الصك فقام فدخل على عثمان فقال : يا ابن الهاوية يا ابن النار الحامية أتكتب لبعض آل أبى معيط الى بيت مال المسلمين بصك بخمسين ألف درهم فغضب عثمان وقال : لو لا أنى قد كفيتك لفعلت بك كذا وكذا.

الثقفى فى تاريخه قال : فقام رجل الى أبى بن كعب فقال : يا أبا المنذر ألا تخبرنى عن عثمان ؛ ما قولك فيه؟ ـ فأمسك عنه فقال له الرجل : جزاكم الله شرا يا أصحاب محمد شهدتم الوحى وعاينتموه ثم نسألكم التفقه فى الدين فلا تعلمونا ، فقال أبى عند ذلك : هلك أصحاب العقدة ورب الكعبة ، أما والله ما عليهم آسى ؛ ولكن آسى على من أهلكوا ، والله لئن أبقانى الله الى يوم الجمعة لأقومنّ مقاما أتكلم فيه بما أعلم ؛ قتلت أو استحييت ، فمات (ره) يوم الخميس ».

أقول : هذه بعض أحاديث الشيعة فى هذا الباب ومنها ما يأتى نقله عن بعض الزيدية.


فقال : عن أىّ هذه الأمّة تسأل؟! فو الله ما زالت هذه الأمّة مكبوبة على وجهها (١) منذ يوم قبض رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأيم الله لئن بقيت الى يوم الجمعة

__________________

(١) قال بعض الزيدية فى كلام له نفيس جدا بل هو رسالة نفيسة مفيدة ممتعة بحيث استحسنه النقيب أبو جعفر يحيى بن محمد العلوى البصرى استاذ ابن أبى الحديد المعتزلى البغدادى شارح نهج البلاغة غاية الاستحسان وكذا ابن أبى الحديد نفسه وجعلاه جوابا عن اعتراض من قال : لا يجوز اللعن على أصحاب النبي (ص) فانه استدل فى ذلك الكلام المفيد المتين على أنه يجوز اللعن على من ثبت فسقه من أصحاب النبي (ص) ولمتانة الكلام نقلناه بطوله فى بعض آثارنا وننقله ان شاء الله تعالى فى تعليقاتنا على الايضاح بتمامه بعد تمام الكتاب فقال الزيدى المشار إليه فى أثناء كلامه المزبور ( انظر شرح نهج البلاغة ج ٤ من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ؛ ص ٤٥٩ ) :

« وكلمة أبى بن كعب مشهورة منقولة : ما زالت هذه الامة مكبوبة على وجهها منذ فقدوا نبيهم ، وقوله : ألا هلك أهل العقدة والله ما آسى عليهم انما آسى على من يضلون من الناس ».

قال ابن سعد فى الطبقات فى ترجمة أبى بن كعب :

( ج ٣ من طبع بيروت سنة ١٣٧٧ ؛ ص ٥٠٠ ـ ٥٠٢ )

« أخبرنا روح بن عبادة وهوذة بن خليفة قالا : أخبرنا عوف عن المحسن قال : أخبرنا عتى بن ضمرة قال : قلت لابى بن كعب : ما لكم أصحاب رسول الله (ص) نأتيكم من البعد ، نرجو عندكم الخير أن تعلمونا فاذا أتيناكم استخففتم أمرنا كأنا نهون عليكم؟ فقال : والله لئن عشت الى هذه الجمعة لاقولن فيها قولا لا أبالى استحييتمونى عليه أو قتلتمونى ، فلما كان يوم الجمعة من بين الايام أتيت المدينة فاذا أهلها يموجون بعضهم فى بعض فى سككهم ، فقلت : ما شأن هؤلاء الناس؟ قال بعضهم : أما أنت من أهل هذا البلد؟ قلت : لا ، قال : فانه قد مات سيد المسلمين اليوم أبى بن كعب قلت : والله ان رأيت كاليوم فى الستر أشد مما ستر هذا الرجل.

أخبرنا محمد بن عبد الله الانصارى قال أخبرنا عوف عن الحسن عن عتى السعدى


__________________

قال : قدمت المدينة فى يوم ريح وغبرة واذا الناس يموج بعضهم فى بعض فقلت : ما لى أرى الناس يموج بعضهم فى بعض؟! فقالوا : أما أنت من أهل هذا البلد؟ فقلت : لا ، قالوا : مات اليوم سيد المسلمين أبى بن كعب.

أخبرنا عفان بن مسلم قال : أخبرنا جعفر بن سليمان قال أخبرنا أبو عمران الجونى عن جندب بن عبد الله البجلي قال : أتيت المدينة ابتغاء العلم فدخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا الناس فيه حلق يتحدثون فجعلت أمضى الحلق حتى أتيت حلقة فيها رجل شاحب عليه ثوبان كأنما قدم من سفر قال فسمعته يقول : هلك أصحاب العقدة ورب الكعبة ولا آسى عليهم ؛ أحسبه قال مرارا ، قال : فجلست إليه فتحدث بما قضى له ثم قام قال : فسألت عنه بعد ما قام قلت : من هذا؟ قالوا : هذا سيد المسلمين أبى بن كعب قال : فتبعته حتى أتى منزله فاذا هو رث ـ المنزل رث الهيئة فاذا رجل زاهد منقطع يشبه أمره بعضه بعضا فسلمت عليه فرد على السلام ثم سألنى ممن أنت؟ قلت : من أهل العراق قال : أكثر منى سؤالا قال لما قال ذلك غضبت قال : فجثوت على ركبتى ورفعت يدى هكذا وصف حيال وجهه فاستقبلت القبلة قال قلت : اللهم نشكوهم أليك انا ننفق نفقاتنا وننصب أبداننا ونرحل مطايانا ابتغاء العلم فاذا لقيناهم تجهموا لنا وقالوا لنا ، قال : فبكى أبى وجعل يترضانى ويقول : ويحك لم أذهب هناك لم أذهب هناك قال ثم قال : اللهم انى أعاهدك لئن أبقيتنى الى يوم الجمعة لا تكلمن بما سمعت من رسول الله لا أخاف فيه لومة لائم قال لما قال ذلك انصرفت عنه وجعلت انتظر الجمعة فلما كان يوم الخميس خرجت لبعض حاجتى فاذا السكك غاصة من الناس لا أجد سكة إلا يلقاني فيها الناس قال قلت : ما شأن ـ الناس؟ قالوا انا نحسبك غريبا قال قلت : أجل ، قالوا : مات سيد المسلمين أبى بن كعب قال جندب فلقيت أبا موسى بالعراق فحدثته حديث أبى ، قال : والهفاه لو بقى حتى تبلغنا مقالته ».

قال الحاكم فى المستدرك فى كتاب التفسير ( ج ٢ ص ٢٢٦ ـ ٢٢٧ ) : « أخبرنا ابراهيم بن عصمة بن ابراهيم العدل حدثنا السرى بن خزيمة حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشى حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا أبو عمران الجونى عن جندب قال : أتيت المدينة لا تعلم العلم فلما دخلت مسجد رسول الله اذا الناس فيه حلق أقول : فساق الحديث الاخير الّذي نقله ابن سعد فى الطبقات الى آخره قريبا منه وقال بعده : « هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ».


لأقومن مقاما (١) أقتل فيه.

قال : وسمعته قبل ذلك وهو خارج دار الفضل وهو يقول : ألا هلك أهل العقدة (٢) ـ أبعدهم الله ـ والله ما آسى [ عليهم انّما آسى على الّذين (٣) ] يهلكون من أمّة محمّد (ص). فلمّا كان يوم الأربعاء (٤) رأيت النّاس يموجون فقلت : ما الخبر؟ ـ فقالوا : مات سيّد المسلمين (٥) أبىّ بن كعب فقلت : ستر الله على المسلمين حيث لم يقم الشيخ ذلك المقام (٦).

__________________

وقال الحاكم أيضا فى المستدرك فى كتاب معرفة الصحابة

( ج ٣ : ص ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ) :

« أخبرنى أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد حدثنا أبو قلابة قال : حدثنى أبى قال : حدثنى جعفر بن سليمان عن أبى عمران الجونى عن جندب قال : قدمت المدينة لا طلب العلم فدخلت المسجد فاذا رجل والناس مجتمعون عليه فقلت : من هذا؟ ـ قالوا : هذا أبى بن كعب فتبعته فدخل منزله فضربت عليه الباب فخرج فزبرنى وكهرنى فاستقبلت القبلة فقلت : اللهم انا نشكوهم أليك ننفق نفقاتنا ونتعب أبداننا ونرحل مطايانا ابتغاء العلم فاذا لقيناهم كرهونا فقال : لئن أخرتنى الى يوم الجمعة لا تكلمن بما سمعت من رسول الله (ص) لا أخاف فيه لومة لائم فلما كان يوم الخميس غدوت فاذا الطرق غاصة فقلت : ما شأن الناس اليوم؟ ـ قالوا : كأنك غريب؟ قلت : أجل قالوا : مات سيد المسلمين أبى بن كعب ».

__________________

(١) فى الاصل : « قياما » وقرينة التصحيح تأتى فى آخر قصة أبى بن كعب.

(٢) فى الاصل : « أهل العقد ».

(٣) ما بين المعقفتين مأخوذ من كتاب المسترشد.

(٤) فى الاصل : « يوم الجمعة الاربعاء ».

(٥) قال ابن الجوزى فى صفة الصفوة فى ترجمة أبى بن كعب ( ج ١ ؛ ص ١٨٩ ) :

« قال عمر بن الخطاب فى حقه : هذا سيد المسلمين ؛ ومات فى سنة ثلاثين ». وقال ابن ـ


__________________

حجر فى تهذيب التهذيب : قال عمر بن الخطاب : سيد المسلمين أبى بن كعب » وقال الحاكم فى المستدرك فى كتاب معرفة الصحابة ضمن ذكره مناقب أبى بن كعب ( ج ٣ ؛ ص ٣٠٢ ) :

« حدثنى محمد بن مظفر ، حدثنا أبو الجهم ، حدثنا ابراهيم بن يعقوب قال : سمعت أبا مسهر يقول : أبى بن كعب سماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيد الانصار ؛ فلم يمت حتى قالوا : سيد المسلمين » وقال الجزرى فى أسد الغابة فى ترجمة أبى : ( ج ١ ؛ ص ٤٩ ) : « وكان عمر يقول : أبى سيد المسلمين ». أقول : قد نقلنا قبيل ذلك عن طبقات ابن سعد ما يدل على ذلك ( انظر ص ٣٧٤ و ٣٧٥ ).

(٦) هذه اللفظة تدل على أن ما كان فى أصل النسخة من العبارة من قوله : « لاقومن قياما » مصحف وصحيحه فليكن : « لاقومن مقاما » كما ذكرنا العبارة صحيحة فى المتن وأيدناها بكونها هكذا فى كتاب المسترشد ( انظر ص ٣٧٦ ).

ومما يناسب ذكره هنا ما نقله ابن الاثير فى أسد الغابة بعد نقل رواية عن الترمذي باسناده ( انظر ترجمة أبى ؛ ج ١ ص ٤٩ ) : « قال الترمذي : وبالاسناد المذكور : حدثنا ابن وكيع حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن داود العطار عن معمر عن قتادة عن أنس أن النبي (ص) قال : أرحم أمتى بأمتى أبو بكر ، وأشدهم فى دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأقرؤهم أبى بن كعب ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الامة أبو عبيدة بن الجراح ، وقد رواه أبو قلابة عن أنس نحوه وزاد فيه : وأقضاهم على » وقال ابن عبد البر فى الاستيعاب بعد نقله فى ترجمة أبى : « وقد ذكرنا لهذا الحديث طرقا فيما تقدم من هذا الكتاب » أقول : فليتأمل العاقل الفطن فى هذه الرواية كيف يلوح أثر الوضع من سياق عبارتها.

فلنعد الى ما كنا فيه مما يوضح ما فى المتن قال الحافظ أبو نعيم فى حلية الاولياء فى ترجمة أبى بن كعب ضمن ما قال ( ج ١ ؛ ص ٢٥٢ ) :


__________________

« حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا شعبة أخبرنى أبو حمزة قال : سمعت أياس بن قتادة يحدث عن قيس بن عباد قال : قدمت المدينة للقاء أصحاب محمد (ص) فلم يكن فيهم أحد أحب الى لقاء من أبى بن كعب فقمت فى الصف الاول فخرج فلما صلى حدث فما رأيت الرجال متحت أعناقها الى شيء متوجها إليه فسمعته يقول : هلك أهل العقدة ورب الكعبة ؛ قالها ثلاثا ، هلكوا وأهلكوا أما انى لا آسى عليهم ولكنى آسى على من يهلكون من المسلمين. رواه أبو مجاز عن قيس بن عباد مثله.

حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد حدثنا أحمد بن عصام حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا سليمان التيمى عن أبى مجلز عن قيس بن عباد قال : بينما أنا أصلي فى مسجد المدينة فى الصف المقدم اذ جاء رجل من خلفى فجذبنى جذبة فنحانى وقام مقامى فلما سلم التفت الى فاذا هو أبى بن كعب فقال : يا فتى لا يسؤك الله ان هذا عهد من النبي (ص) إلينا ثم استقبل القبلة فقال : هلك أهل العقدة ورب الكعبة ؛ لا آسى عليهم ـ ثلاث مرار ـ أما والله ما عليهم آسى ولكن آسى على من أضلوا ».

قال ابن الأثير فى النهاية : « وفى حديث عمر : هلك أهل العقد ورب الكعبة يعنى أصحاب الولايات على الامصار من عقد الالوية للامراء ؛ ومنه حديث أبى : هلك أهل ـ العقدة ورب الكعبة ؛ يريد البيعة المعقودة للولاة ».

أقول : انما تستقيم هذه القضية بناء على أن يكون وفاة أبى بن كعب فى زمان خلافة عثمان كما يستفاد صريحا من مضمون ما سبقها فى المتن فلنشر الى شيء من ذلك قال ابن ـ سعد فى الطبقات بالنسبة الى وفاته ضمن نقل الاقوال : « وقد سمعت من يقول : مات فى خلافة عثمان بن عفان ـ رضى الله عنه ـ سنة ثلاثين وهو أثبت الاقاويل عندنا وذلك أن عثمان بن عفان أمره أن يجمع القرآن » وقال الحاكم فى المستدرك فى ترجمة أبى : « حدثنا أبو عبد الله الاصبهانى ، حدثنا محمد بن عبد الله بن رستة ، حدثنا سليمان بن داود ، حدثنا محمد بن عمر ( الى ان قال ) : وقد اختلف فى وقت وفاته فقيل : انه مات فى خلافة عمر سنة اثنتين وعشرين ، وقيل : مات فى خلافة عثمان سنة ثلاثين ، وهذا أثبت الاقاويل بأن عثمان أمره بأن يجمع القرآن » وقال الجزرى فى أسد الغابة : « قال أبو نعيم : اختلف فى وقت


ذكر الرّجعة (١)

ورأيناكم عبتم عليهم شيئا تروونه من وجوه كثيرة عن علمائكم وتؤمنون به وتصدّقونه ؛ ونحن مفسّرون ذلك لكم من أحاديثكم بما لا يمكنكم دفعه ولا جحوده.

__________________

وفاة أبى فقيل : توفى سنة اثنتين وعشرين فى خلافة عمر وقيل : سنة ثلاثين فى خلافة عثمان قال : وهو الصحيح لان زر بن حبيش لقيه فى خلافة عثمان ( الى آخر ما قال ) » وأما بناء على ما قال ابن عبد البر فى الاستيعاب فى ترجمة أبى : « قال أبو عمر : مات أبى بن كعب فى خلافة عمر بن الخطاب قيل : سنة تسع عشر وقيل : سنة عشرين وقيل : سنة اثنتين وعشرين وقال على بن المدينى : مات العباس وأبو سفيان بن حرب وأبى بن كعب قريبا بعضهم من بعض فى صدر خلافة عثمان والاكثر على أنه مات فى خلافة عمر » فلا تستقيم الا بتكلف وتجشم لان أواخر خلافة عثمان كانت زمان اعتراض أمثال أبى على عثمان وأما زمان عمر فلم يكن الوضع مقتضيا لامثال هذه الاعتراضات مع مؤيدات أخرى لذلك لا يسع المقام ذكرها.

__________________

(١) قال الطريحى (ره) فى مجمع البحرين : « والرجعة بالفتح هى المرة فى الرجوع بعد الموت بعد ظهور المهدى ـ عليه‌السلام ـ وهى من ضروريات مذهب الامامية وعليها من الشواهد القرآنية وأحاديث أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ ما هو أشهر من أن يذكر حتى أنه ورد عنهم ـ عليهم‌السلام : من لم يؤمن برجعتنا ولم يقر بمتعتنا فليس منا ؛ وقد أنكرها الجمهور حتى قال فى النهاية : الرجعة مذهب قوم من العرب فى الجاهلية وطائفة من فرق المسلمين وأهل البدع والاهواء ومن جملتهم طائفة من الرافضة. وفلان يؤمن بالرجعة اى بالرجوع الى الدنيا بعد الموت وأما الرجعة بعد الطلاق فتقرأ بالفتح والكسر على المرة والحالة ، وبعضهم يقتصر فيها على الفتح قال فى المصباح : وهو الاصح ».

فليعلم أن الرجعة من العقائد الثابتة الحقة عند الفرقة الناجية أعنى الشيعة الامامية الاثنى عشرية كما صرح بها الطريحى (ره) فيما نقلنا من كلامه ولعلمائهم رضوان الله عليهم


من ذلك ما رويتم عن ابراهيم بن موسى الفرّاء (١) عن ابن المبارك (٢) عن اسماعيل

__________________

فى ذلك رسائل وكتب لا يسع المقام ذكر أساميها فمن أراد البحث عن ذلك فيطلبها وليراجعها الا أن فى المراجعة لباب الرجعة من المجلد الثالث عشر للبحار أو رسالة الرجعة للمجلسى (ره) او كتاب حق اليقين له او كتاب الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملى (ره) كفاية للمكتفى وحسبك فى الدلالة على أهمية هذا الموضوع عند الشيعة الامامية أن للمصنف (ره) وهو أحد علمائهم كتابين فى ذلك الامر واثباته بل ثلاثة كتب قال الشيخ الحر العاملي (ره) فى كتاب الايقاظ من ـ الهجعة بالبرهان على الرجعة فى الباب الثانى الّذي هو فى الاستدلال على صحة الرجعة وامكانها ووقوعها ( انظر ص ٦٢ ـ ٦٣ من طبعة قم سنة ١٣٨١ ) : « وقال النجاشى أيضا : الفضل بن شاذان كان ثقة أجل أصحابنا الفقهاء والمتكلمين وله جلالة فى هذه الطائفة وهو فى فضله أشهر من أن نصفه وذكر الكجّيّ أنه صنف مائة وثمانين كتابا وقع إلينا منها كتاب النقض على الاسكافى ( الى ان قال ) كتاب اثبات الرجعة ، كتاب الرجعة ، كتاب حذو النعل بالنعل ( الظاهر أنه فى مشابهة أحوال هذه الامة لاحوال بنى اسرائيل فى الرجعة وغيرها وقد ألف الراوندى كتابا مختصرا فى ذلك وجعله ملحقا بكتاب الخرائج والجرائح منه رحمه‌الله ( انتهى ) ». وقال الشيخ الطوسى فى الفهرست : « الفضل بن شاذان متكلم جليل القدر له كتب منها كتاب الفرائض ( الى ان قال ) كتاب فى اثبات ـ الرجعة ( انتهى ) » وروى الكشى فى مدحه وجلالته أحاديث بليغة تدل على صحة اعتقاداته والاعتماد على مؤلفاته فانظر الى هذا الشيخ الّذي هو أجل علماء الشيعة ومصنفيهم قد صنف كتابين فى اثبات الرجعة بل ثلاثة فكيف اذا انضم إليه غيره؟! ( انتهى ما أردنا نقله من كلام الشيخ الحر العاملى رحمه‌الله تعالى ) ».

أقول : لى أيضا تأسيا بعلمائنا ـ رضى الله عنهم وأرضاهم وجعل الجنة مسكنهم ومأواهم ـ فى موضوع الرجعة كتاب ممتع يسمى بالايمان والرجعة الا أنه لم يتم ، وفقنا الله لاتمامه بحوله وقوته وفضله ورحمته.

__________________

(١) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « ابراهيم بن موسى بن يزيد التميمى أبو اسحاق


[ (١) بن أبى خالد قال : جاء يزيد بن النّعمان بن بشير الى حلقة القاسم بن عبد الرّحمن بكتاب أبيه النّعمان بن بشير الى أمّ عبد الله بنت أبى هاشم ـ يعنى الى أمّه ـ بسم الله الرّحمن الرّحيم من النّعمان بن بشير الى أمّ عبد الله بنت أبى هاشم سلام عليك فانّى أحمد أليك الله الّذي لا إله الاّ هو ( أمّا بعد (٢) ) فانّك كتبت إليّ لأكتب أليك بشأن زيد بن خارجة (٣) ] وأنّه كان من أمره (٤) أنّه أخذه وجع فى كتفه (٥) وهو يومئذ من أصحّ (٦) أهل

__________________

الفراء الرازى يلقب بالصغير ثقة حافظ من العاشرة مات بعد العشرين ومائتين / ع » ويريد برمز « ع » أنه ممن أخرج حديثه فى جميع الاصول الستة.

(٢) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب فى باب الكنى : « ابن المبارك هو عبد الله مشهور » وقال فى ترجمته : « عبد الله بن المبارك المروزى مولى بنى حنظلة ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير من الثامنة مات سنة احدى وثمانين وله ثلاث وستون / ع » يريد بالرمز أنه ممن أخرج حديثه فى الاصول الستة.

__________________

(١) ما بين المعقفتين من البداية والنهاية لابن كثير وبدله فى الاصل : « عن ... قال : كتب النعمان بن بشير الى عبد الله بن رواحة فكتب إليه أما بعد فانك كتبت الى تذكر شأن زيد بن حارثة » وبدل التقاط بياض على قدر كلمة.

(٢) « أما بعد » ليس فى تاريخ ابن كثير.

(٣) فى الاصل : « حارثة ».

(٤) فى تاريخ ابن كثير : « من شأنه ».

(٥) فى تاريخ ابن كثير : « فى حلقه ».

أما القصة فقال ابن عبد البر فى الاستيعاب ( ص ١٩٢ من طبعة حيدرآباد ) : « زيد بن خارجة بن أبى زهير بن مالك من بنى الحارث بن الخزرج روى عن النبي (ص) فى الصلاة عليه (ص) وهو الّذي تكلم بعد الموت لا يختلفون فى ذلك وذلك أنه غشى عليه قبل موته وأسرى بروحه فسجى عليه بثوبه ثم راجعته نفسه فتكلم بكلام


__________________

حفظ عنه فى أبى بكر وعمر وعثمان ـ رضى الله عنهم ـ ثم مات من حينه ، روى حديثه هذا ثقات الشاميين عن النعمان بن بشير ورواه ثقات الكوفيين عن يزيد بن النعمان بن بشير عن أبيه ، ورواه يحيى بن سعيد الانصارى عن سعيد بن المسيب.

أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال : أخبرنا اسماعيل بن محمد قال : أخبرنا اسماعيل بن اسحاق قال : أخبرنا على بن المدينى قال : أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال : أخبرنا سليمان بن بلال عن يحيى عن سعيد بن المسيب أن زيد بن خارجة الانصارى ثم من بنى الحارث بن الخزرج توفى زمن عثمان بن عفان ـ رضى الله عنه ـ فسجى بثوب ثم انهم سمعوا جلجلة فى صدره ثم تكلم فقال : أحمد أحمد فى الكتاب الاول ، صدق صدق أبو بكر الصديق الضعيف فى نفسه القوى فى أمر الله كان ذلك فى الكتاب الاول ، صدق صدق عمر بن الخطاب القوى الامين فى الكتاب الاول ، صدق صدق عثمان بن عفان على منهاجهم مضت أربع سنين وبقيت اثنتان ، أتت الفتن ، وأكل الشديد الضعيف ، وقامت الساعة وسيأتيكم خبر بئر أريس وما بئر أريس. قال يحيى بن سعيد : ثم هلك رجل من بنى خطمة فسجى بثوب فسمعوا جلجلة فى صدره ثم تكلم فقال : ان أخا بنى الحارث بن الخزرج صدق صدق. وكانت وفاته فى خلافة عثمان ـ رضى الله عنه ـ وقد عرض مثل قصته لاخى ربعى بن حراش أيضا ».

وقال ابن كثير فى البداية والنهاية تحت عنوان « قصة زيد بن خارجة وكلامه بعد الموت وشهادته بالرسالة لمحمد (ص) وبالخلافة لابى بكر الصديق ثم لعمر ثم لعثمان رضى الله عنهم » : ما نصه ( ج ٦ ؛ ص ١٥٦ ) :

« قال الحافظ أبو بكر البيهقى : أنا أبو صالح بن أبى طاهر العنبرى ، أنا جدى يحيى بن منصور القاضى ، حدثنا أبو على بن محمد بن عمرو بن كشمرد ، أنا القعنبى ، أنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن زيد بن خارجة الانصارى ثم من بنى الحارث بن الخزرج توفى زمن عثمان ( فذكر القصة الى آخرها أعنى الى قوله : ان أخا بنى الحارث بن الخزرج صدق صدق ) وقال : ثم رواه البيهقى عن الحاكم عن أبى بكر بن اسحاق عن موسى بن الحسن عن القعنبى فذكره وقال : هذا اسناد صحيح وله شواهد ».


المدينة حالا فى نفسه فمات فأتانى آت وأنا أسبّح بعد المغرب فقال لى : انّ زيدا تكلّم بعد وفاته ؛ فجئته وقد حضره ناس وهو يقول :

الأوسط أجلد القوم كان يمنع النّاس أن يأكل قويّهم ضعيفهم عبد الله عمر أمير المؤمنين صدق صدق كان ذلك فى الكتاب الأوّل.

ثمّ قال :

عثمان أمير المؤمنين تعانى النّاس ديون كثيرة (١) خلت اثنتان وبقيت أربعة فانّكم على منهاج عثمان ؛ من تولاّه فلا يهدرنّ دما كان أمر الله قدرا مقدورا ، وهذه الجنّة وهذه

__________________

وقال ابن الاثير فى أسد الغابة ضمن ترجمة زيد بن خارجة :

« وهذا زيد هو الّذي تكلم بعد الموت فى أكثر الروايات وهو الصحيح ، وقيل : ان الّذي تكلم بعد الموت أبوه خارجة ؛ وليس بصحيح فان المشهور فى أبيه أنه قتل يوم أحد وقد ذكرناه. وأما كلام زيد فانه أغمى عليه قبل موته فظنوه ميتا فسجوا عليه ثوبه ثم راجعته نفسه فتكلم بكلام حفظ عنه فى أبى بكر وعمر وعثمان ـ رضى الله عنهم ـ ثم مات ».

(٦) فى الاصل : « أصلح ».

__________________

(١) كذا في الاصل صريحا وفى تاريخ ابن كثير كما يأتى : « وهو يعافى الناس من ذنوب كثيرة » فلو كانت العبارة : « تعانى الناس ديونا كثيرة » لكان المعنى مستقيما بلا تكلف من قولهم : « هو يعانى الشدائد » أى يقاسيها ويكابدها ويعالجها والعبارة فى حديث آخر « يعفو عن ذنوب كثيرة » فلننقل الحديث ، قال السيوطى فى شرح الصدور بشرح حال ـ الموتى والقبور فى باب « زيارة القبور وعلم الموتى بزوارهم ورؤيتهم لهم » ضمن نقله القصة بما وجدها فى الكتب المعتبرة بعباراتها المختلفة ما نصه ( ص ١٤٩ من طبعة الهند ) : « وقال الطبرانى فى الكبير : حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقى ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عمر بن هانى ان النعمان بن بشير حدثه


__________________

قال : مات رجل منا يقال له زيد بن خارجة بن زيد فسجيناه بثوب وقمت أصلي اذ سمعت ضوضاة فانصرفت فاذا أنا به يتحرك فقال : أجلد القوم أوسطهم عبد الله عمر أمير المؤمنين القوى فى جسمه القوى فى أمر الله ، عثمان أمير المؤمنين العفيف المتعفف الّذي يعفو عن ذنوب كثيرة خلت ليلتان وبقيت أربع واختلف الناس فلا نظام لهم ، يا أيها ـ الناس أقبلوا على إمامكم واسمعوا له وأطيعوا ، هذا رسول الله وابن رواحة ثم قال : وما فعل زيد بن خارجة؟ يعنى أباه ثم قال : أخذت بئر أريس ظلما ثم خفت الصوت ، أخرجه ابن عساكر ».

وقال الحافظ نور الدين على بن أبى بكر الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب الخلفاء الاربعة من كتاب الخلافة ( ج ٥ ؛ ص ١٧٩ ـ ١٨٠ ) ما نصه :

« وعن النعمان بن بشير قال : بينما زيد بن خارجة يمشى فى بعض طرق المدنية اذخر ميتا بين الظهر والعصر فنقل الى أهله وسجى بين ثوبين وكساء فلما كان بين المغرب والعشاء اجتمعن نسوة من الانصار فصرخوا حوله اذ سمعوا صوتا من تحت الكساء يقول : أنصتوا أيها الناس ؛ مرتين ، فحسر عن وجهه وصدره فقال : محمد رسول الله (ص) النبي الامين كان ذلك فى الكتاب ثم قيل على لسانه : صدق صدق أبو بكر الصديق خليفة رسول الله (ص) القوى الامين كان ضعيفا فى بدنه قويا فى أمر الله ؛ كان ذلك فى الكتاب الاول ، ثم قيل على لسانه : صدق صدق ثلاثا ، والاوسط عبد الله أمير المؤمنين رضى الله عنه الّذي كان لا يخاف فى الله لومة لائم ؛ وكان يمنع الناس أن يأكل قويهم ضعيفهم ؛ كان ذلك فى الكتاب الاول ، ثم قيل على لسانه : صدق صدق ثم قال : عثمان أمير المؤمنين رحيم بالمؤمنين خلت اثنتان وبقى أربع واختلف الناس فلا نظام لهم وانتحبت الاجماء يعنى تنتهك المحارم ودنت الساعة وأكل الناس بعضهم بعضا.

وفى رواية عن النعمان بن بشير قال :

لما توفى زيد بن خارجة انتظرت خروج عثمان فقلت : يصلى ركعتين فكشف الثوب عن وجهه فقال : السلام عليكم ، السلام عليكم ، وأهل البيت يتكلمون قال : فقلت وأنا فى الصلاة : سبحان الله ، سبحان الله ، فقال : أنصتوا أنصتوا.

والباقى بنحوه ؛ رواه كله الطبرانى فى الكبير والاوسط باختصار كثير باسنادين ورجال أحدهما فى الكبير ثقات ».


النّار يقول النّبيّون والصّدّيقون : يا عبد الله بن عمر ما فعل سعد وخارجة؟ وكانا قتلا يوم احد ( كَلاَّ إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى ) (١) ثمّ خفت الصّوت.

__________________

(١) آيتان من سورة المعارج ( آية ١٥ ـ ١٦ ).

حيث ان القصة نقلت بعبارات مختلفة ومن أحسن موارد نقلها من جهة الجامعية للفوائد تاريخ ابن كثير فالاولى أن ننقل القصة بعبارة نقلها هو فى تاريخه حتى يتبن معنى ما فى المتن كما هو حقه فنقول :

قال ابن كثير فى البداية والنهاية ( ج ٦ ؛ ص ١٥٦ ـ ١٥٨ )

بعد ذكره ما نقلناه عنه آنفا ( ص ٣٨٤ من هذا الكتاب )

من نقل قول البيهقى : « وهذا اسناد صحيح وله شواهد » ما نصه :

« ثم ساقه ( ى البيهقى ) من طريق أبى بكر عبد الله بن أبى الدنيا فى كتاب من عاش بعد الموت :

حدثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس حدثنا عبد الله بن ادريس عن اسماعيل بن أبى ـ خالد قال : جاء يزيد بن النعمان بن بشير الى حلقة القاسم بن عبد الرحمن بكتاب أبيه النعمان بن بشير ـ يعنى الى أمه ـ :

بسم الله الرحمن الرحيم من النعمان بن بشير الى أم عبد الله بنت أبى هاشم سلام عليك فانى أحمد أليك الله الّذي لا إله هو فانك كتبت الى لاكتب أليك بشأن زيد بن خارجة وأنه كان من شأنه أنه أخذه وجع فى حلقه وهو يومئذ من أصح الناس أو أهل المدينة ـ فتوفى بين صلاة الاولى وصلاة العصر فأضجعناه لظهره وغشيناه ببردين وكساء فأتانى آت فى مقامى وأنا أسبح بعد المغرب فقال : ان زيدا قد تكلم بعد وفاته فانصرفت إليه مسرعا وقد حضره قوم من الانصار وهو يقول او يقال على لسانه : الاوسط أجلد الثلاثة الّذي كان لا يبالى فى الله لومة لائم ، كان لا يأمر الناس ان يأكل قويهم ضعيفهم ، عبد الله أمير المؤمنين صدق صدق كان ذلك فى الكتاب الاول ، ثم قال : عثمان أمير المؤمنين وهو يعافى الناس من ذنوب كثيرة ؛ خلت اثنتان وبقى أربع ، ثم اختلف الناس وأكل بعضهم بعضا فلا نظام وانتجت الا كما ، ثم ارعوى المؤمنين ( فى الهامش : كذا بالاصول التى بأيدينا ولعلها : المؤمنون )


فسألت القوم عمّا سبق من كلامه قبل أن ألحقه.

قالوا : انّه مات فغمضناه فاستوى جالسا فقال :

محمّد رسول الله ؛ السّلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته وقال : أبو بكر

__________________

وقال : كتاب الله وقدره ، أيها الناس أقبلوا على أميركم واسمعوا وأطيعوا ، فمن تولى فلا يعهدن دما وكان أمر الله قدرا مقدورا ، الله أكبر هذه الجنة وهذه النار ، ويقول النبيون والصديقون : سلام عليكم ، يا عبد الله بن رواحة هل أحسست لى خارجة لابيه وسعدا الذين قتلا يوم أحد ( كلا انها لظى نزاعة للشوى تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى ) ثم خفت صوته.

فسألت الرهط عما سبقنى من كلامه فقالوا :

سمعناه يقول : أنصتوا أنصتوا ، فنظر بعضنا الى بعض فاذا الصوت من تحت الثياب ، قال : فكشفنا عن وجهه فقال : هذا أحمد رسول الله سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ثم قال : أبو بكر الصديق الامين خليفة رسول الله كان ضعيفا فى جسمه قويا فى أمر الله صدق صدق وكان فى الكتاب الاول.

ثم رواه الحافظ البيهقى عن أبى نصر بن قتادة عن أبى عمرو بن بجير عن على بن الحسين عن المعافى بن سليمان عن زهير بن معاوية عن اسماعيل بن أبى خالد فذكره وقال هذا اسناد صحيح. [ وقد روى هشام بن عمار فى كتاب البعث عن الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : حدثنى عمير بن هانى حدثنى النعمان بن بشير قال : توفى رجل منا يقال له خارجة بن زيد فسجينا عليه ثوبا فذكر نحو ما تقدم ].

قال البيهقى : وروى ذلك عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير وذكر بئر أريس كما ذكرنا فى رواية ابن المسيب. قال البيهقى : والامر فيها أن النبي ( صلعم ) اتخذ خاتما فكان فى يده ثم كان فى يد أبى بكر من بعده ثم كان فى يد عمر ثم كان فى يد عثمان حتى وقع منه فى بئر أريس بعد ما مضى من خلافته ست ستين فعند ذلك تغيرت عماله وظهرت أسباب الفتن كما قيل على لسان زيد بن خارجة.

قلت : وهى المرادة من قوله : مضت اثنتان وبقى أربع ، أو مضت أربع وبقى اثنتان ؛


الصّدّيق كان ضعيفا فى جسمه قويّا فى [ أمر ] الله ؛ صدق صدق كان ذلك فى الكتاب الاوّل.

ورويتم عن يزيد بن الحباب (١) عن يحيى بن سعيد الأنصارىّ عن أنس بن مالك : قال : لمّا مات زيد بن خارجة (٢) نافست (٣) الأنصار فى غسله حتّى كان بينهم منازعة ثمّ

__________________

على اختلاف الرواية والله أعلم.

وقد قال البخارى فى التاريخ : زيد بن خارجة الخزرجى الانصارى شهد بدرا ، توفى زمن عثمان وهو الّذي تكلم بعد الموت. قال البيهقى : وقد روى فى التكلم بعد الموت عن جماعة بأسانيد صحيحة ؛ والله أعلم.

قال ابن أبى الدنيا : حدثنا خلف بن هشام البزار ، حدثنا خالد الطحان عن حصين عن عبد الله بن عبيد الانصارى أن رجلا من بنى سلمة تكلم فقال : محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق ، عثمان اللين الرحيم ، قال : ولا أدرى ايش قال فى عمر ، كذا رواه ابن أبى الدنيا فى كتابه.

وقد قال الحافظ البيهقى : أخبرنا أبو سعيد بن أبى عمرو ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا يحيى بن أبى طالب أنبأنا على بن عاصم أنبأنا حصين بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عبيد الانصارى قال : بينما هم يثورون القتلى يوم صفين او يوم الجمل اذ تكلم رجل من الانصار من القتلى فقال : محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق ، عمر الشهيد ، عثمان الرحيم ثم سكت.

[ وقال هشام بن عمار فى كتاب البعث ... ] ».

أقول : نقل السيوطى فى شرح الصدور فى « باب زيارة القبور وعلم الموتى بزوارهم ورؤيتهم لهم » أمثال ما نقله ابن كثير فى تاريخه فمن أراد البحث عن المطلب أكثر مما خضنا فيه فليراجع مظان التفصيل فان المقام لا يسع أكثر من ذلك.

__________________

(١) كذا فى الاصل صريحا ولم أجده فيما عندى من كتب الرجال.


استقام رأيهم على أن يغسّله الغسلتين الأوّلتين الّذين كانوا يلون (١) غسله ثمّ يدخل عليه من كلّ فخذ سيّدها فيصبّون [ عليه ] الماء صبّة واحدة يعنى فى الغسلة الثّالثة قال أنس : فأدخلت فيمن دخل فلمّا ذهبنا لنصبّ عليه الماء تكلّم فقال : مضت اثنتان (٢) وبقيت أربع يأكل غنيّهم فقيرهم فارضوا لرضاهم لكم (٣) أبو بكر الصّدّيق ليّن رحيم بالمؤمنين ، عمر شديد على الكفّار لا يأخذه فى الله لومة لائم ، عثمان ليّن رحيم فاسمعوا له وأطيعوا فانّكم على منهاج عثمان.

ثمّ خمد صوته فاذا اللّسان يتحرّك والجسد ميّت (٤).

_________________

٢ ـ فى الاصل : « زيد بن حارثة » ولا يستقيم بوجه فان زيد بن حارثة قد استشهد فى غزوة موتة باتفاق من أهل التاريخ والسير مضافا الى أن آخر القصة يشهد أن المراد زيد بن خارجة المتكلم بعد الموت على زعمهم.

ويؤيد ذلك بل يعينه ما نقله السيوطى فى شرح الصدور فى أواخر باب زيارة القبور وعلم الموتى بزوارهم ورؤيتهم لهم ( ص ١٤٩ من طبعة الهند ) بهذه العبارة :

« وأخرج ابن عساكر عن أنس قال : لما مات زيد بن خارجة دخلنا عليه نغسله فلما ذهبنا نصب عليه تكلم فقال : مضت ثنتان وغير أربع فأكل غنيهم فقيرهم فانفضوا لا نظام لهم ، أبو بكر لين رحيم بالمؤمنين ، وعمر شديد على الكفار لا يخاف فى الله لومة لائم ، وعثمان لين رحيم بالمؤمنين وأنتم على منهاج عثمان فاسمعوا وأطيعوا ؛ ثم خفت صوته فاذا اللسان يتحرك واذا الجسد ميت ».

٣ ـ فى الاصل : « نفست ».

__________________

(١) فى الاصل : « يكون » ؛ يقال : « ولى الامر اذا قام به ».

(٢) فى الاصل : « اثنان ».

(٣) فى الاصل : « فارضوا لارضائهن لكم ».

(٤) فى الاصل : « فاذا الجسد واللسان ميت ».


[ (١) ورويتم عن اسماعيل بن أبى خالد عن عبد الملك بن عمير عن ربعى بن حراش (٢) قال : كنّا أربع (٣) إخوة ] [ وكان الرّبيع أخونا أصومنا فى اليوم (٤) الحارّ وأطولنا صلاة (٥) فخرجت فقيل لى : انّه قد مات ؛ فاسترجعت (٦) ثمّ رجعت حتّى دخلت عليه

__________________

(١) فليعلم أن هذه العبارة التى بين المعقفتين أعنى : « ورويتم عن اسماعيل بن أبى خالد عن عبد الملك بن عمير عن ربعى بن حراش قال : كنا أربع اخوة » من اضافاتنا على الكتاب وذلك لما ستعلم أن هذا صدر الحديث المنقول فى المتن بشهادة الكتب التى روى فيها الحديث.

(٢) قال الجوهرى فى الصحاح فى فصل الحاء المهملة من باب الشين : « والحرش الاثر والجمع الحراش ومنه ربعى بن حراش ولا تقل خراش ( اى بالخاء المعجمة ) » وقال الفيروزآبادى فى القاموس : « والحرش الاثر والجماعة ج حراش وربعى والربيع ومسعود بنو حراش ككتاب تابعيون » وقال ابن حجر فى التقريب : « ربعى بن حراش بكسر المهملة وآخره معجمة أبو مريم العبسى الكوفى ثقة عابد مخضرم من الثانية مات سنة مائة وقيل : غير ذلك / ع ( أى هو ممن أخرج حديثه فى جميع الاصول الستة ) ».

(٣) هذا التعبير بناء على ما فى غالب الروايات وفى بعضها « ثلاث » كما يتضح لك ذلك بنقلنا هنا طرفا منها.

(٤) ح : « فى النهار ».

(٥) فليعلم أنا قد ذكرنا فيما تقدم من تعليقات الكتاب ( انظر ص ١٧٩ ) أن بعد قول المصنف (ره) : « ورويتم أنه رأى أن يجعل الخمس الّذي أمر الله به فى » فى نسخ ج ح س ق مج مث ضياعا وسقطا ولذا تركت الكتاب والمنتسخون هنا بياضا حتى يكون أمارة لهذا السقط والضياع وعلامة لذلك التلف الموجب للاسف حتى أن بعضهم ككاتب نسخة مكتبة المشهد المقدس الرضوى التى جعلنا حرف « ق » رمزا لها صرح فى هامش الورقة بهذا المطلب بهذه العبارة « قد سقط شيء هناك لم نعرف قدره » فبعد البياض فى النسخ المشار إليها هذه العبارة : « وكان أصومنا فى اليوم الحار وأطولنا صلاة » الى آخر ما يأتى فى المتن فما ذكرناه فى خلال ذلك أى أثناء القسمتين الموجودتين من تلك النسخ فهو مأخوذ من الموارد المختلفة


__________________

من هذه النسخ وقد جعلنا الملاك فى التصحيح نسخة م لعدم سقوط شيء منها فى هذا الموضع وفى جميع هذه الموارد قد أشرنا الى الاختلاف فتفطن.

فينبغى أن نشير هنا الى أمرين ؛ أحدهما ـ أن ما بين المعقفتين أعنى من قوله « وأصومنا فى اليوم الحار وأطولنا صلاة » الى ما يأتى بعد ذلك من قوله : « وأنتم تنحلون الشيعة ذلك جرأة على الله وقلة رعة وقلة حياء لا تبالون ما قلتم » ليس فى نسخة م بل هو فى نسخ ج ح س ق مج مث. وثانيهما ـ ينبغى أن نذكر ما يدل على أن ما أضفنا على المتن أعنى « ورويتم عن اسماعيل » الى « وكنا أربع اخوة » فهو صحيح قد ضاع وسقط من الكتاب فنقول قال الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهانى فى حلية الاولياء

( ج ٤ من النسخة المطبوعة بمصر سنة ١٣٥٤ ؛ ص ٣٦٧ ـ ٣٦٨ ) :

« ربعى بن خراش ـ قال الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ : ومنهم المفارق للبزة والرياش ، المهاجر للوطاء والفراش ، العابد العبسى ربعى بن خراش ؛ حدثنا القاضى أبو أحمد محمد بن أحمد بن ابراهيم ، حدثنا على بن العباس البجلي ، حدثنا جعفر بن محمد بن رباح الاشجعى حدثنى أبى عن عبيدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعى بن خراش قال : كنا أربع اخوة وكان الربيع أخونا أكثرنا صلاة وأكثرنا صياما فى الهواجر وأنه توفى فبينا نحن حوله وقد بعثنا من يبتاع لنا كفتا اذ كشف الثوب عن وجهه فقال : السلام عليكم ، فقال القوم : وعليكم السلام يا أخا بنى عبس أبعد الموت؟ قال : نعم انى لقيت ربى عز وجل بعدكم فلقيت ربا غير غضبان واستقبلنى بروح وريحان واستبرق ، ألا وان أبا القاسم ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ينتظر الصلاة على فعجلونى ولا تؤخرونى ، ثم كان بمنزلة حصاة رمى بها فى طست فنمى الحديث الى عائشة ـ رضى الله عنها ـ فقالت : أما انى سمعت رسول الله (ص) يقول : يتكلم رجل من أمتى بعد الموت.

قال على : وكان محمد بن عمر بن على الانصارى حدّثنا به عن جعفر ثم سمعناه من جعفر هذا حديث مشهور رواه عن عبد الملك جماعة منهم اسماعيل بن أبى خالد وزيد بن أبى أنيسة والثورى وابن عيينة وحفص بن عمرو ، والمسعودى [ ولم يرفعه أحد الا عبيدة بن حميد عن عبد الملك ورواه المسعودى نحوه ( هذه الزيادة فى مغ ) ] نحوه فى الرفع.


__________________

حدثناه أبو على محمد بن أحمد بن الحسن قال : حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان قال : حدثنا عاصم بن على قال : حدثنا المسعودى عن عبد الملك بن عمير عن ربعى بن خراش قال : مات أخ لى فسجيناه ؛ فذهبت فى التماس كفنه فرجعت وقد كشف الثوب عن وجهه وهو يقول : ألا انى لقيت ربى بعدكم فتلقانى بروح وريحان ورب غير غضبان وانه كسانى ثيابا خضرا من سندس واستبرق ، وان الامر أيسر مما فى أنفسكم فلا تغتروا ، ووعدنى رسول الله (ص) أن لا يذهب حتى أدركه ؛ قال : فما شبهت خروج نفسه الا كحصاة ألقيت فى ماء فرسبت.

فذكر ذلك لعائشة فصدقت بذلك وقالت : قد كنا نتحدث أن رجلا من هذه الامة يتكلم بعد موته. قال : وكان أقومنا فى الليلة الباردة وأصومنا فى اليوم الحار.

حدثنا عثمان بن محمد العثمانى ، حدثنا محمد بن الحسين بن مكرم ، حدثنا محمد بن بكار ( فى مغ : محمد بن بكر بن الريان ؛ وهو خطأ ) بن الريان ، حدثنا حفص بن عمر عن عبد الملك بن عمير عن ربعى بن خراش قال : كنا اخوة ثلاثة وكان أعبدنا وأصومنا وأفضلنا الاوسط منا فغبت عنه الى السواد ثم قدمت فقالوا : أدرك أخاك فانه فى الموت ؛ فذكر نحوه ».

وقال أيضا الحافظ أبو نعيم الاصبهانى فى آخر الفصل الثانى والثلاثين من كتابه دلائل النبوة والفصل المذكور فى ذكر ما جرى على يدى أصحاب النبي (ص) بعده كعبور جيش سعد دجلة المدائن وكلام من تكلم بعد موته مما يدخل فى هذا الباب ونص عبارته ( انظر ص ٢١٣ من الطبعة الاولى فى حيدرآباد الدكن سنة ١٣٢٠ ، أو ص ٥١١ من الطبعة الثانية من الكتاب أيضا بحيدرآباد سنة ١٣٦٩ ) هكذا : « قصة ربيع أخى ربعى بن حراش ـ حدثنا القاضى أبو أحمد محمد بن أحمد بن ابراهيم ( فساق القصة وأسنادها فمن أرادها منه فليراجع الكتاب المذكور ).

وقال ابن سعد فى الطبقات فى ترجمة ربعى بن حراش بعد ذكر اسمه واسم أخيه مسعود بن حراش ما نصه ( ج ٦ من طبعة بيروت ؛ ص ١٢٧ ) : « وأخوهما ربيع بن حراش الّذي تكلم بعد موته ».


__________________

وقال فى ترجمة الربيع ما نصه ( ج ٦ طبعة بيروت ص ١٥٠ ) :

« الربيع بن حراش الّذي تكلم بعد موته ومات قبل ربعى بن حراش.

قال : أخبرنا محمد بن عبيد قال : حدثنا اسماعيل بن أبى خالد عن عبد الملك بن عمير قال : أتى ربعى بن حراش فقيل له : قد مات أخوك ؛ فذهب مستعجلا حتى جلس عند رأسه يدعو له ويستغفر له فكشف عن وجهه ثم قال : السلام عليكم ، انى قدمت على ربى بعدكم فتلقيت بروح وريحان ورب غير غضبان وكسانى ثياب سندس واستبرق وانى وجدت الامر أهون مما تظنون ، ولكن لا تتكلموا احملونى فانى قد واعدت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن لا يبرح حتى ألقاه.

أخبرنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسى قال : حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن ربعى بن حراش أن أخاه الربيع مرض مرضا شديدا فثقل ، قال : وقمت الى حاجة لى ثم رجعت فقلت : ما فعل أخى؟ ـ قالوا : قد قبض أخوك ، فقلت : انا لله وانا إليه راجعون ، قال : فدخلت فاذا هو قد سجى بثوب وأنيم على ظهره كما يصنع بالميت ، فأمرت بحنوطه وكفنه فبينما أنا كذلك اذ قال بالثوب هكذا ، فكشف عن وجهه ثم عاد كأصح ما كان وقد مرض قبل ذلك مرضا شديدا فقال : السلام عليكم قال : قلت : وعليك ورحمة الله. قال : قلت : سبحان الله أبعد الموت يا أخى؟ ـ فقال : انى لقيت ربى بعدكم فتلقانى بروح وريحان ورب غير غضبان وكسانى أثوابا خضرا من سندس واستبرق ووجدت الامر أيسر مما فى أنفسكم ، ولا تغتروا فانى استأذنت ربى لا بشركم فاحملونى الى رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ـ فانه وعدنى ان لا يسبقنى حتى أدركه فو الله ما شبهت موته بعد كلامه الا [ ب ] حصاة قذفتها فى ماء فتغيبت ».

أقول : الى مفاد هذه العبارات يشير كلام ابن عبد البر فى الاستيعاب فى آخر ترجمة زيد بن خارجة الانصارى بعد ذكر كلامه بعد الموت ما نصه : « وقد عرض مثل قصته لاخى ربعى بن حراش أيضا ».

وقال ابن الجوزى فى صفة الصفوة ( ج ٣ ؛ ص ١٩ ) : « أخو ربعى بن حراش ولم يسم لنا ـ عن عبد الملك بن عمير عن ربعى بن حراش قال : كنا اخوة ثلاثة وكان أعبدنا


فاذا هو مسجّى عليه (١) واذا أهله عنده وهم يذكرون الحنوط ؛ فجلست ، فما أدرى أجلوسي كان أسرع أم كشف الثّوب عن وجهه ثمّ قال : السّلام عليك فأخذنى ما تقدّم وما تأخّر من الذّعر ثمّ قلت : وعليك السّلام ورحمة الله وبركاته أبعد الموت؟! قال : نعم ؛ انّى لقيت ربّى بعدكم فتلقّانى بروح وريحان وربّ غير غضبان فكسانى ثياب السّندس والاستبرق وانّ الأمر أيسر ممّا فى أنفسكم (٢) ولا تغترّوا (٣) ، وانّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أقسم عليّ أن (٤) لا يسبقنى حتّى أدركه فاحملونى الى رسول الله (ص).

فما شبّهت موته الاّ بحصاة رمى بها فى ماء ثمّ ذكرت ذلك لعائشة فقالت : ما سمعت (٥) بمثل حديث صاحبكم فى هذه الامّة ؛ ولقد صدقكم.

__________________

وأصومنا وأفضلنا الاوسط ( فساق القصة الى آخرها قريبا مما مر ) » وقال الزبيدى فى تاج العروس فى شرح قول الفيروزآبادي : « وربعى بالكسر بن حراش تابعى » ما نصه : « يقال : أدرك الجاهلية وأكثر الصحابة تقدم ذكره فى ح ر ش وكذا ذكر أخويه مسعود والربيع وروى مسعود عن أبى حذيفة وأخوه ربيع هو الّذي تكلم بعد الموت فكان الاولى ذكره عند أخيه والتنويه بشأنه لاجل هذه النكتة وهو أولى من ذكر مربع بأنه كان منافقا ؛ فتأمل ».

أقول : نقل أقوال علماء الرجال فى هذه القضية يفضى الى طول لا يسعه المجال فمن أرادها فيطلبها من مظانها.

(٦) قال الطريحى (ره) فى مجمع البحرين : « استرجعت منه الشيء اذا أخذت منه ما دفعت إليه ، واسترجعت عند المصيبة قلت : انا لله وانا إليه راجعون فقولك : انا لله ، اقرار منك بالملك ، وقولك : انا إليه راجعون ، اقرار منك بالهلك ، والاسترجاع أيضا ترديد الصوت فى البكاء ».

(١) كلمة « عليه » ليست فى ح.

(٢) ح : « نفوسكم ».

(٣) ق : « ولا تفتروا » ( بالفاء ).

(٤) كلمة « أن » فى ح فقط.

(٥) كذا فى النسخ.


وروى جرير بن عبد الحميد قال : أخبرنى من كان يحرس شجرة زيد بن عليّ قال :

كنّا أربعين رجلا نحرسه فلمّا ذهب من اللّيل ثلثه أو نحوه جاء النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فأنزل زيدا عن الخشبة ثمّ قال : يا زيد ، قال : لبّيك بأبى وأمّى ، قال : خذلوك وقتلوك وصلبوك؟ قال : نعم ، قال : ليخذلنّهم الله وليقتّلنّهم (١) وليصلّبنّهم (٢) ، فحدّثه طويلا ثمّ سقاه ضياحا (٣) من لبن ثمّ قال : اصعد الخشبة فلمّا كانت القابلة قال لرجل من أصحابه ممّن فى الحرس (٤) : لا تنم ؛ فلم ينم حتّى كانت تلك السّاعة ، فرأى (٥) مثل ذلك ، فلما كانت الثّالثة (٦) قال لآخر : لا تنم ؛ فلم ينم ؛ فرأى مثل ذلك ؛ حتّى

__________________

(١ و ٢) انما ضبطنا الكلمتين هنا بالتشديد تبعا للقرآن المجيد فان الله تعالى نقل فى موارد فيه قول فرعون للسحرة الذين آمنوا بالتشديد فقال تعالى فى سورة الاعراف : ( لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ) ( آية ١٢٤ ) ونظيرها آية ٧١ سورة طه وآية ٤٩ سورة الشعراء وصرحت علماء الادب والتفسير بأن التشديد فى « قطع » و « صلب » للتكثير وهو احد معانى باب التفعيل ونظيرها قوله تعالى فى آخر آية ٦١ من سورة الاحزاب : ( وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً ).

(٣) قال ابن الاثير فى النهاية : « فى حديث عمار : ان آخر شربة تشربها ضياح ؛ الضياح والضيح بالفتح اللبن الخاثر يصب فيه الماء ثم يخلط ؛ رواه يوم قتل بصفين وقد جيء بلبن ليشربه » وقال الجوهرى : « الضيح والضياح اللبن الرقيق الممزوج ».

(٤) قال الفيومى فى المصباح المنير : « حرسه يحرسه من باب قتل حفظه والاسم الحراسة فهو حارس والجمع حرس وحراس مثل خادم وخدم وخدام ، وحرس السلطان أعوانه جعل علما على الجمع لهذه الحالة المخصوصة ولا يستعمل له واحد من لفظه ولهذا نسب الى الجمع فقيل : حرسى ، ولو جعل الحرس هنا جمع حارس لقيل : حارسى ، قالوا : ولا يقال : حارسى الا اذا ذهب به الى معنى الحراسة دون الجنس ».

(٥) ح : « فرأيا » وكذا الكلمة فى تلك النسخة فى المورد الآتي.

(٦) غير ح : « فلما كان فى الثالث ».


شاع ذلك فى النّاس ، فبلغ يوسف بن عمر (١) فأمر صاحب شرطته (٢) حراش بن حوشب (٣)

__________________

(١) قال اليافعى فى مرآة الجنان ضمن ذكره حوادث سنة احدى وعشرين ومائة ( ج ١ ؛ ص ٢٥٧ ) : « وفيها قتل زيد بن على بن الحسين بن على بالكوفة وكان قد بايعه خلق كثير وحارب متولى العراق يومئذ الامير يوسف بن عمر الثقفى فقتله يوسف المذكور وصلبه.

قلت : وقد يتوهم بعض الناس أن يوسف بن عمر الثقفى هذا أبو الحجاج وليس كذلك بل الحجاج بن يوسف عم أبيه فانه يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف هكذا ذكر بعض المورخين نسبه ».

(٢) ج ق س : « صاحب شرطه » قال الفيومى فى المصباح المنير : « والشرط بفتحتين العلامة والجمع أشراط مثل سبب وأسباب ومنه أشراط الساعة والشرطة وزان غرفة وفتح الراء مثال رطبة لغة قليلة وصاحب الشرطة يعنى الحاكم ؛ والشرطة بالسكون والفتح أيضا الجند والجمع شرط مثل رطب والشرط على لفظ الجمع أعوان السلطان لأنهم جعلوا لانفسهم علامات يعرفون بها للأعداء ؛ الواحد شرطة مثل غرف جمع غرفة ، واذا نسب الى هذا قيل : شرطى بالسكون ؛ ردا الى واحده ، وشرط المعزى بفتحتين رذالها ؛ قال بعضهم : واشتقاق الشرط من هذا لانهم رذال ».

(٣) قال الطبرى وابن الاثير فى تاريخيهما ضمن ذكرهما مقتل زيد بن على فى حوادث سنة اثنتين وعشرين ومائة :

« وقيل : كان خراش بن حوشب بن يزيد الشيبانى على شرط يوسف بن عمر فهو الّذي نبش زيدا وصلبه ؛ فقال السيد الحميرى :

بتّ ليلى مسهّدا

ساهر الطّرف مقصدا

ولقد قلت قولة

وأطلت التّبلّدا

لعن الله حوشبا

وخراشا ومزيدا

ويزيدا فانّه

كان أعتى وأعندا


أخا (١) العوّام بن حوشب (٢) فأنزله وجمع قصبا (٣) فأحرقه ثمّ ذرى فى الفرات رماده (٤).

قال جرير (٥) : شهدته (٦) حين أحرق.

__________________

ألف ألف وألف ألف

من اللّعن سرمدا

إنّهم حاربوا الإل

ه وآذوا محمّدا

شركوا فى دم المطهّ

ر زيد تعنّدا

ثمّ عالوه فوق جذ

ع صريعا مجرّدا

يا خراش بن حوشب

أنت أشقى الورى غدا

__________________

(١) غير ج : « أخو » فالرفع بناء على أنه خبر مبتدأ كما هو القاعدة عند القطع عن الوصفية ؛ قال ابن مالك :

« وارفع او انصب ان قطعت مضمرا

مبتدأ او ناصبا لن يظهرا »

(٢) قال ابن الاثير فى الكامل ضمن ذكره حوادث سنة ثمان وأربعين ومائة : « وفيها توفى عوام بن حوشب بن يزيد بن رويم الشيبانى الواسطى » وقال ابن العماد فى شذرات الذهب : « وفيها ( اى سنة ١٤٨ ) توفى العوام بن حوشب شيخ واسط روى عن ابراهيم النخعى وجماعة قال يزيد بن هارون : كان صاحب أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ».

(٣) هذا عبارة ح وأما فى غيرها فكذا : « فجمع قريش » ولم أجد له معنى.

(٤) كلمة « رماده » فى ح فقط.

(٥) « قال جرير » ليس فى ح.

(٦) ح : « فشهدته ».

أما قصة الاحراق فذكرها جمهور المورخين وأرباب السير فقال الطبرى بعد ذكره استخراجهم اياه من قبره ما نصه ( ج ٨ ؛ ص ٢٧٧ ) : « فقطعوا رأسه وصلبوا جسده ثم أمروا بحراسته لئلا ينزل فمكث يحرس زمانا وقيل : انه كان فيمن يحرسه زهير بن معاوية


__________________

أبو خيثمة وبعث برأسه الى هشام فأمر به فنصب على باب مدينة دمشق ثم أرسل به الى الى المدينة ومكث البدن مصلوبا حتى مات هشام ثم أمر به الوليد فأنزل وأحرق ».

وقال ابن الاثير فى الكامل بعد أن ذكر قصة دفن زيد واجراء أصحابه الماء على مدفنه حتى لا يظفر بجسده أعداؤه ما نصه ( ج ٥ ؛ ص ٩٠ ) : « ثم ان يوسف بن عمر تتبع الجرحى فى الدور فدله السندى مولى زيد يوم الجمعة على زيد فاستخرجه من قبره وقطع رأسه وسير الى يوسف بن عمر وهو بالحيرة سيره الحكم بن الصلت فأمر يوسف أن يصلب زيد بالكناسة هو ونصر بن خزيمة ومعاوية بن اسحاق وزياد النهدى وأمر بحراستهم وبعث الرأس الى هشام فصلب على باب مدينة دمشق ثم أرسل الى المدينة وبقى البدن مصلوبا الى أن مات هشام وولى الوليد فأمر بانزاله واحراقه ».

وقال ابن كثير فى البداية والنهاية ( ج ٩ ؛ ص ٣٣١ ) :

« وتتبع يوسف بن عمر الجرحى هل يجد زيدا بينهم وجاء مولى لزيد سندى قد شهد دفنه فدل على قبره فأخذ من قبره فأمر يوسف بن عمر بصلبه على خشبة بالكناسة ومعه نصر بن خزيمة ومعاوية بن اسحاق بن زيد بن حارثة الانصارى وزياد النهدى ويقال : ان زيدا مكث مصلوبا أربع سنين ثم أنزل بعد ذلك وأحرق فالله أعلم ( ثم ذكر كلاما عن الطبرى وقال فى آخره ) : فلما ظهر على قبره حز رأسه وبعثه الى الشام وقام من بعده الوليد بن يزيد فأمر به فأنزل وحرق فى أيامه قبح الله الوليد بن يزيد ».

وقال أبو الفرج الاصبهانى فى مقاتل الطالبيين : « قال أبو مخنف : حدثنى موسى بن أبى حبيب : انه مكث مصلوبا الى أيام الوليد بن يزيد فلما ظهر يحيى بن زيد كتب الوليد الى يوسف : أما بعد فاذا أتاك كتابى هذا فانظر عجل أهل العراق فأحرقه وانسفه فى اليم نسفا والسلام. فأمر به يوسف ـ لعنه الله ـ عند ذلك خراش بن حوشب فأنزله من جذعه فأحرقه بالنار ثم جعله فى قواصر ثم حمله فى سفينة ثم ذراه فى الفرات ».

وقال اليعقوبى فى تاريخه ضمن ذكره حوادث أيام هشام بن عبد الملك بن مروان ( ج ٣ ؛ ص ٦٦ من طبعة مطبعة الغرى سنة ١٣٥٨ ) :


__________________

« ثم قتل زيد بن على وحمل على حمار فأدخل الكوفة ونصب رأسه على قصبة ثم جمع فأحرق وذرى نصفه فى الفرات ونصفه فى الزرع وقال ( أى يوسف بن عمر ) : والله يا أهل الكوفة لادعنكم تأكلونه فى طعامكم وتشربونه فى مائكم ، وكان مقتل زيد سنة ١٢١ ».

أما وقوع القضية المذكورة فى المتن أى مجىء النبي (ص) وانزاله زيدا عن الخشبة فى اليقظة كما هو صريح عبارة المصنف (ره) نقلا عن كتب العامة فلم أجدها فى كتاب نعم وقوعها فى المنام فنقلها جماعة من أعلام الفريقين منهم ابن عساكر فانه قال فى تاريخه فى ترجمة زيد ما نصه ( ج ٧ ؛ ص ٢٣ ) : « وبعث هشام إليه قوما فقتلوه وصلبوه على خشبة فقال الموكل بخشبته : رأيت النبي (ص) فى النوم وقد وقف على الخشبة وقال : هكذا تصنعون بولدى من بعدى؟! يا بنى يا زيد قتلوك قتلهم الله ، صلبوك صلبهم الله ، فخرج هذا فى الناس وكتب يوسف بن عمر الى هشام : أن عجل أهل العراق قد فتنهم فكتب إليه : أحرقه بالنار ؛ فأحرقه رحمة الله عليه ». ومنهم أبو الفرج الاصفهانى فانه قال فى مقاتل الطالبيين فى أواخر ترجمة زيد ( ص ٥٨ من طبعة ايران سنة ١٣٠٧ ) ما نصه : « حدثنا على بن الحسين قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عفير قال : حدثنا أبو حاتم الرازى قال : حدثنا عبد الله بن أبى بكر العتكى عن جرير بن حازم قال : رأيت النبي (ص) فى المنام وهو متساند الى جذع زيد بن على (ع) وهو مصلوب وهو يقول للناس : أهكذا تفعلون بولدى » ومنهم السيد عليخان المدنى (ره) فانه قال فى أوائل رياض ـ السالكين ضمن ذكره مقتل زيد بن على ما نصه : « وعن حريز بن أبى حازم قال : رأيت النبي (ص) فى المنام كان مستندا الى خشبة زيد بن على وهو يقول : هكذا تفعلون بولدى؟! » ومنهم الفاضل المامقانيّ (ره) فانه قال فى تنقيح المقال ضمن ترجمة زيد ما نصه ( ج ١ ؛ ص ٤٦٩ ) « ووجدت عن بعضهم أنه قال : لما قتل زيد بن على وصلب رأيت رسول الله (ص) تلك الليلة مستندا الى خشبته ويقول : انا لله وانا إليه راجعون ؛ أيفعلون هذا بولدى؟! وقال أيضاً ( لكن فى ص ٤٧٠ ) : « وروى الناصر الكبير الطبرستانى وأبو الفرج فى كتاب المقاتل عن رجاله عن جرير بن حازم قال : رأيت ( فذكر ما نقلناه عن مقاتل الطالبيين ) ».

أقول : لا يسع المقام أكثر من هذا مضافا الى أن فيما ذكرناه كفاية للمكتفى.


وروى عبيد بن اسحاق العطّار عن عاصم بن محمّد العمرىّ قال : حدّثني زيد بن أسلم عن أبيه قال : بينا عمر بن الخطّاب بعرض (١) اذ هو برجل معه ابنه فقال له عمر : ما رأيت غرابا بغراب أشبه (٢) من هذا بك فقال : يا أمير المؤمنين والله ما ولدته أمّه الاّ ميتة ؛ فاستوى عمر جالسا فقال : ويحك حدّثني ، قال : خرجت فى غزاة وأمّه حامل به فقالت : تخرج وتدعنى على هذه الحال حاملا مثقلا!؟ قلت : أستودع الله ما فى بطنك ؛ فغبت ، ثمّ قدمت فاذا بابى مغلق ، قلت : ما فعلت فلانة؟ ـ قيل لى (٣) : ماتت قلت : ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) (٤) فذهبت (٥) الى قبرها فبكيت عنده فلمّا كان من اللّيل جلست مع بنى عمّى نتحدّث (٦) وليس يسترنا من البقيع شيء (٧) فرفعت لى نار بين القبور فقلت لبنى عمّى : ما هذه النّار؟ فتفرّقوا عنّى ، فأتيت أقربهم منّى فسألته فقال : يرى قبر فلانة كلّ ليلة نارا ، قلت : ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) (٨) أما والله لقد كانت صوّامة قوّامة عفيفة مسلمة انطلق بنا إليه وأخذت فأسا فاذا القبر منفرج واذا هى جالسة وهذا يدبّ حولها ، فنادانى مناد : أيّها المستودع ربّه خذ وديعتك أما لو استودعته أمّه لوجدتها كما وجدت هذا ؛ فأخذته وعاد القبر كما كان ، فهو والله هذا يا أمير المؤمنين.

قال عبيد بن اسحاق : فحدّثت بهذا الحديث محمّد بن ابراهيم العمرىّ فقال :

__________________

(١) كذا والظاهر أنه اسم موضع قال الفيروزآبادي : « عرض بالضم بلد بالشام » وقال الزبيدى فى شرحه « بين تدمر والرقة قبل الرصافة بعد من أعمال حلب نسب إليه جماعة من أهل المعرفة ( فخاض فى ذكر أسمائهم ) ».

(٢) غير ح : « بأشبه ».

(٣) غير ح : « قال ».

(٤) ذيل آية ١٥٦ سورة البقرة.

(٥) ح : « فمضيت ».

(٦) س مج ق : « أتحدث » ج مث : « أحدث ».

(٧) فى ح فقط.

(٨) ذيل آية ١٥٦ سورة البقرة.


هذا والله حق وقد (١) سمعت عمّى أبا عاصم يذكره (٢) ورأيت ابن ابن هذا الرّجل بالكوفة وقال لى مولانا : هو هذا الّذي (٣) ولدته أمّه ميتة (٤).

__________________

(١) ج ق « حق قد ».

(٢) غير ح : « يذكر ».

(٣) ح : « هو الّذي ».

(٤) أقول : الى أمثال هذه القصص المذكورة فى كتب العامة أشار السيد السند الجليل رضى الدين أبو القاسم على بن موسى بن طاوس (ره) فى كتاب سعد السعود فى ذيل كلام له استدل به على الرجعة ( انظر ص ٦٥ ـ ٦٦ من طبعة النجف سنة ١٣٦٩ ) :

« أقول : ورأيت أيضا فى كتب أخبار المخالفين عن جماعة من المسلمين أنهم رجعوا بعد الممات قبل الدفن وبعد الدفن وتكلموا وتحدثوا ثم ماتوا ؛ فمن الروايات عنهم فيمن عاش بعد الدفن ما ذكره الحاكم النيسابورى فى تاريخه فى المجلد الثانى منه فى حديث حسام بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده وكان قاضى نيسابور دخل عليه رجل فقيل له : ان عند هذا حديثا عجبا ، فقال : يا هذا ما هو؟ ـ فقال : اعلم أنى كنت رجلا نباشا أنبش القبور فماتت امرأة فذهبت لاعرف قبرها فصليت عليها فلما جن الليل قال : ذهبت لا نبش عنها وضربت يدى الى كفنها لا سلبها فقالت : سبحان الله رجل من أهل الجنة تسلب امرأة من أهل الجنة؟! ألم تعلم أنك ممن صليت على وأن الله عز وجل قد غفر لمن صلى على.

أقول أنا : فاذا كان هذا قد رووه ودونوه عن نباش القبور فهلا كان لعلماء أهل ـ البيت أسوة به؟! ولاى حال تقابل روايتهم ـ عليهم‌السلام ـ بالنفور؟! وهذه المرأة المذكورة دون الذين يرجعون لمهمات الامور ولو ذكرت كلما وقفت من رواياتهم عليه خرج كتابنا عن الغرض الّذي قصدنا إليه ، والرجعة التى تعتقدها علماؤنا وأهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ وشيعتهم تكون من جملة آيات النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ و


__________________

معجزاته ، ولاى حال تكون منزلته عند الجمهور دون موسى وعيسى ودانيال وقد أحيا الله جل جلاله على أيديهم أمواتا كثيرة بغير خلاف عند العلماء بهذه الامور ».

أقول : نقل المجلسى (ره) هذا الكلام فى المجلد الثالث عشر من البحار فى آخر باب الرجعة ضمن ما نقله عن سعد السعود ( فان أردت أن تلاحظه فراجع ص ٢٣٦ من طبعة أمين الضرب ).

ونظيرها ما نقله الشهيد الثانى (ره) فى كتاب مسكن الفؤاد عند فقد الاحبة والاولاد ( انظر ص ٦٨ ـ ٦٩ من طبعة سنة ١٣١٠ بطهران ) :

« فى دلائل النبوة عن أنس بن مالك قال : دخلنا على رجل من الانصار وهو مريض فلم نبرح حتى قضى فبسطنا عليه ثوبا وأم له عجوز كبيرة عند رأسه فقلنا له : يا هذه احتسبى مصيبتك عند الله عز وجل فقالت : مات ابنى؟ ـ قلنا : نعم ، قالت : حقا تقولون؟

قلنا : نعم ، قال : فمدت يدها وقالت : اللهم انك تعلم أنى أسلمت لك وهاجرت الى رسول الله (ص) رجاء أن تعيننى عند كل شدة ورخاء فلا تحمل على هذه المصيبة اليوم فكشف الثوب عن وجهه بيده ثم ما برحنا حتى طعمنا معه.

وهذا الدعاء من المرأة ادلال على الله واستيناس به يقع على المحبين كثيرا فيقبل دعاؤهم وان كان فى التذكير بنحو ذلك ما يقع منه قلة الادب لو وقع من غيرهم ولذلك بحث طويل وشواهد من الكتاب والسنة يخرج ذكره عن مناسبة المقام ».

ونقل الشيخ الحر العاملى (ره) هذه القصة فى كتاب الايقاظ من الهجعة فى الباب السابع وهو فى اثبات أن الرجعة قد وقعت فى هذه الامة فى الجملة ليزول بها استبعاد الرجعة الموعود بها فى آخر الزمان ويدل على ذلك أحاديث ( فساق الاحاديث الى أن قال ؛ انظر ص ١٩٨ ) : « الثانى عشر ـ ما رواه الشهيد الثانى فى كتاب مسكن الفؤاد نقلا من كتاب دلائل النبوة عن أنس بن مالك قال : دخلنا على رجل ؛ فنقل القصة الى آخرها أعنى قوله « حتى طعمنا معه ».

أقول : من أراد نظائر هذه الحكايات والقصص فليراجع شرح الصدور بشرح حال الموتى فى القبور للسيوطى وروض الرياحين لليافعى والرسالة القشيرية لابى القاسم القشيرى وما يشبهها من الكتب فان من راجعها يجد فيها من أمثال الحكايات شيئا كثيرا.


وروى عبد الله بن المبارك (١) عن السّرىّ بن يحيى (٢) عن عمرو بن دينار (٣) قال : أقبلت مع سالم بن عبد الله بن عمر من مكّة حتّى أتينا على (٤) مقبرة بين مكّة والمدينة فقال سالم : أخبرنى أبى (٥) أنّه أتى على هذه المقبرة وهو جاء من مكّة وقد علّق

__________________

(١) ح : « مبارك ».

(٢) فى خلاصة تذهيب الكمال للخزرجى « السرى بن يحيى بن اياس بن حرملة الشيبانى ابو الهيثم البصرى عن ثابت وعمرو بن دينار ( الى آخر الترجمة ) ».

(٣) فى خلاصة تذهيب الكمال : « عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير بن شعيب أبو يحيى البصرى عن سالم ( الى آخر الترجمة ).

(٤) ح : « الى ».

(٥) فى مختصر تذكرة القرطبى للشيخ عبد الله الشعرانى فى باب ما ورد فى عذاب القبر ( ص ٣٩ طبعة مصر سنة ١٣١٠ ) :

« وروى الحافظ الوائلى ـ رحمه‌الله ـ عن ابن عمر قال : بينا نحن نسير بجبانات بدر اذ خرج رجل من الارض فى عنقه سلسلة يمسك طرفها أسود فقال : يا عبد الله اسقنى فقال ابن عمر : لا أدرى أعرف اسمى او كما يقول الانسان لاخيه : يا عبد الله ؛ فقال لى الاسود : لا تسقه فانه كافر ثم اجتذبه فدخل الارض. قال ابن عمر : فأتيت رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : فأخبرته فقال : أو قد رأيته؟ ذاك عدو الله أبو جهل بن هشام وهو عذابه الى يوم القيامة »

وذكره أيضا الشيخ حسن العدوى الحمزاوى فى مشارق الانوار فى فوز أهل الاعتبار فى الفصل الثالث فيما يتعلق بالميت فى القبر من نعيم وتعذيب ( انظر ص ٣٢ من طبعة مصر سنة ١٣١٨ ).

قال السيوطى فى شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور فى باب عذاب القبر ( ص ٨ ـ ١٠٧ من طبعة مطبعة المحمدى فى لاهور ) :


اداوتين من ماء على النّاقة فاذا رجل قد خرج من قبره يشتعل نارا من قرنه الى قدمه

__________________

« وأخرج الطبرانى فى الاوسط وابن أبى الدنيا فى كتاب القبور واللالكائى فى السنة وابن مندة عن ابن عمر قال : بينا أنا أسير بجنبات بدر اذ خرج رجل من حفرة فى عنقه سلسلة فنادانى : يا عبد الله اسقنى فلا أدرى أعرف اسمى او دعانى بدعاية العرب وخرج رجل من تلك الحفرة فى يده سوط فنادانى : يا عبد الله لا تسقه فانه كافر ثم ضربه بالسوط حتى عاد الى حفرته فأتيت النبي ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم فأخبرته فقال لى : أو قد رأيته؟ ـ قلت : نعم ؛ قال : ذاك عدو الله أبو جهل وذلك عذابه الى يوم القيامة.

وأخرج ابن أبى الدنيا فى كتاب من عاش بعد الموت والخلال فى السنة وابن البراء فى الروضة عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ قال : خرجت مرة بسفر فمررت بقبر من قبور الجاهلية فاذا رجل قد خرج من القبر يتأجج نارا فى عنقه سلسلة من نار ومعى اداوة من ماء فلما رآنى قال : يا عبد الله اسقنى اذ خرج على أثره رجل من القبر فقال : يا عبد الله لا تسقه فانه كافر ثم أخذ بالسلسلة واجتذبه فأدخله القبر.

قال : ثم أضافنى الليل الى بيت عجوز الى جانب بيتها قبر فسمعت من القبر صوتا يقول : بول وما بول شن وما شن ، فقلت للعجوز : ما هذا؟ ـ قالت : هذا كان زوجا لى وكان اذا بال لم يتق البول وكنت أقول له : ويحك ان الجمل اذا بال تفاج فكان يأبى وهو ينادى منذ يوم مات يقول : بول وما بول ، قلت : فما الشن؟ ـ قالت : جاءه رجل عطشان فقال : اسقنى فقال : دونك الشن فاذا ليس فيه شيء فخر الرجل ميتا فهو ينادى منذ يوم مات : شن وما شن ، فلما قدمت على رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم أخبرته فنهى ان يسافر الرجل وحده. وأخرج ابن أبى الدنيا فى القبور عن الحويرث بن الرباب قال : بينا أنا بالاثابة اذ خرج علينا انسان من قبر يلتهب وجهه ورأسه نارا فى جامعة من حديد فقال : اسقنى اسقنى ، وخرج


وفى (١) عنقه سلسلة تشتعل نارا وهو والسّلسلة يخرج من القبر فجعلت النّاقة تحيد ممّا ترى وجعلت أكفّها وأنظر الى العجب فجعل يقول : يا عبد الله صبّ عليّ من هذا الماء فما أدرى قوله : يا عبد الله يدعونى باسمى أو كقول الرّجل للرّجل : يا عبد الله ؛ فخرج رجل آخر (٢) من القبر وأخذ بطرف السّلسلة فقال لى : لا تصبّ عليه ولا كرامة ثمّ جذب السّلسلة حتّى رجع الى القبر وضربه بسوط يشتعل نارا حتّى دخل القبر (٣).

__________________

فى أثره انسان يقول : لا تسق الكافر فأدركه وأخذ بطرف السلسلة فكبه ثم جره حتى دخلا القبر جميعا.

قال الحويرث : فصارت الناقة لا أقدر منها على شيء حتى التوت بعرق الظبية فبركت فنزلت فصليت المغرب والعشاء ثم ركبت حتى أصبحت بالمدينة فأتيت عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ فأخبرته قال : يا حويرث والله ما أتهمك ولقد أخبرتنى خبرا شديدا فأرسل عمر الى مشيخة من كنفى الصفراء قد أدركوا الجاهلية ثم دعا الحويرث فقال : ان هذا قد أخبرنى حديثا ولست أتهمه ؛ حدثهم يا حويرث بما حدثتني ، فحدثهم فقالوا : قد عرفنا هذا يا أمير المؤمنين ؛ هذا رجل من بنى غفار مات فى الجاهلية ولم يكن يرى الضيف حقا.

وأخرج أيضا عن هشام بن عروة عن أبيه قال :

بينما راكب يسير بين مكة والمدينة اذ مر بمقبرة فاذا برجل قد خرج من قبره يلتهب نارا مصفدا فى الحديد فقال : يا عبد الله انضح يا عبد الله انضح ، وخرج آخر يتلوه : يا عبد الله لا تنضح يا عبد الله لا تنضح وغشى على الراكب فأصبح وقد ابيض شعره فأخبر عثمان بذلك فنهى ان يسافر الرجل وحده ».

أقول : لعل المتصفح فى الكتاب يجد للقضية نظائر الا ان فيما ذكرنا كفاية للمكتفى.

__________________

(١) غير ح : « فى » ( بلا واو ).

(٢) لفظة « آخر » فى ح فقط.

(٣) فليعلم أن تخطئة المصنف (ره) للمخالفين ليست راجعة الى أن القضية ليست


فقال مالك بن دينار لعمرو بن دينار : وأنت (١) سمعت هذا من سالم؟ ـ قال : نعم قال : أشهد أنّك لم تكذب على سالم ، وأنّ سالما لم يكذب على أبيه ، وأنّ أباه لم يكذب.

__________________

بقابلة للقبول فانها أمر ممكن لا ينبغى أن ينكر بل هى ناظرة الى أنهم يقبلونها لانها واردة بطرقهم فلذا لا ينكرونها وأما اذا روت الشيعة مثلها بطرقهم وينسبونها الى من يوثق بحديثه من رواتهم أو أئمتهم فلا يقبلونها وينسبون من يرويها الى أنه يروى أمرا غير معقول وكيف لا وقد وردت فى أحاديثنا نظيرها ونقلت فى الكتب المعتمدة بطرق معتبرة قال السيد هاشم البحرانى فى معالم الزلفى نقلا عن الراوندى وبصائر الدرجات للصفار باسناد عن أبى جعفر الباقر (ع) قال : كنت خلف أبى وهو على بغلته فنفرت فاذا رجل فى عنقه سلسلة ورجل يتبعه فقال لابى : يا على بن الحسين اسقنى فقال الرجل الّذي خلفه وكأنه موكل به : لا تسقه لا سقاه الله ( الحديث ) فان شئت أن تلاحظه وتلاحظ أمثاله فراجع الباب التاسع والعشرين من أبواب الجملة الثالثة من معالم البرزخ من الكتاب المذكور أعنى معالم الزلفى ( ص ١٢٩ من النسخة المطبوعة ) وكذا نقل المجلسى (ره) فى ثالث البحار فى باب أحوال البرزخ عن اختصاص المفيد بعد سوق السند ما متنه : « سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : بينا أنا وأبى متوجهين الى مكة وأبى قد تقدمنى فى موضع يقال له ضجنان اذ جاء رجل فى عنقه سلسلة يجرها فأقبل على فقال : اسقنى اسقنى ؛ فصاح بى أبى : لا تسقه لا سقاه الله قال : وفى طلبه رجل يتبعه فجذب سلسلته جذبة طرحه بها فى أسفل درك من النار » ونقل الشيخ الحر العاملى (ره) فى كتاب الايقاظ من الهجعة هذا الحديث والّذي قبله وحديثا آخر يفيد معناهما فى الباب السابع تحت عنوان « الحديث التاسع عشر والعشرون والحادى والعشرون ( انظر ص ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ) وان أردت أن تلاحظ الحديث ونظائره فى البحار فراجع المجلد الثالث ص ١٦١ من طبعة أمين الضرب.

(١) ح : « أنت » ( بلا واو ).


وروى اسماعيل بن أبى عبيد الله عن هشام (١) الكلبىّ قال : مرّ أبو الخيبرىّ (٢) و

__________________

(١) ح ودار السلام للمحدث النورى (ره) : « اسماعيل بن أبى عبد الله هشام ».

(٢) قال الناقد البصير المحدث النورى (ره) فى دار السلام ما نصه ( ص ٦٢ من المجلد الاول ) : « رؤيا صادقة لعدى بن حاتم طى ـ الثقة الجليل فضل بن شاذان صاحب الرضا (ع) فى كتاب الايضاح عن اسماعيل بن أبى عبد الله هشام الكلبى قال : مر أبو الخيبرى ومعه أناس بقبر حاتم بن طى ( فذكر الحكاية الى آخرها ) » أقول : الى هذه الحكاية يشير شيخنا الجليل الشيخ آغا بزرگ الطهرانى (ره) فى ذيل تعريف الايضاح فى الذريعة بما نصه ( ج ٢ ؛ ص ٤٩١ ) « ونقل عنه شيخنا العلامة النورى فى دار السلام حكاية ضيافة حاتم للوافدين على قبره برؤيا ابنه عدى بن حاتم ».

وأما الحكاية فمشهورة جدا قد نقلها الجاحظ فى المحاسن والاضداد تحت عنوان « محاسن السخاء » ( انظر ص ٨٢ ـ ٨٣ من النسخة المطبوعة فى ليدن سنة ١٨٩٨ م ، أو ص ٥٣ ـ ٥٤ من طبعة مصر سنة ١٣٢٤ ، او ص ٦٣ ـ ٦٤ من طبعة مصر سنة ١٣٣٠ ) والتنوخى فى كتاب المستجاد من فعلات الاجواد ( ص ٧٢ ـ ٧٤ من النسخة المطبوعة بمطبعة الترقى بدمشق سنة ١٣٦٥ ه‍ ـ المصححة بتصحيح الاستاذ محمد كرد على ) وشارح ديوان حاتم فى شرح الديوان ( ص ١١٢ من النسخة المنضمة فى الطبع سنة ١٢٩٣ لاربعة دواوين من سائر شعراء العرب ) وابن قتيبة فى الشعر والشعراء عند ذكره حاتما ( انظر ج ١ ص ١٧٠ طبعة دار الثقافة بيروت وص ١٢٩ ـ ١٣٠ طبعة ليدن ) وابن عبد ربه فى العقد الفريد عند ذكره أجواد أهل الجاهلية ( انظر ص ١٩٩ من المجلد الاول من النسخة المطبوعة بتحقيق محمد سعيد العريان ، أو ص ٢٨٩ ـ ٢٩٠ من الجزء الاول المصحح بتصحيح أحمد أمين وأحمد الزين وابراهيم الابيارى من الطبعة الثانية بالقاهرة سنة ١٣٦٧ ه‍ ) وأبو الفرج الاصبهانى فى الاغانى عند ذكره أخبار حاتم ونسبه ( انظر ج ١٦ ص ١٠١ وص ١٠٨ من طبعة بولاق وص ٩٧ و ١٠٤ من طبعة ساسى ) والشريشى فى شرح مقامات الحريرى عند شرحه عبارة


ومعه أناس بقبر حاتم بن طيئ أيّام دفن قبل أن يعلم موته فقال : والله لأخبرنّ العرب

__________________

« وأريحية حاتمية » من المقامة الرابعة والاربعين المعروفة بالشتوية ( أنظر ص ٣٦٢ ـ ٣٦٣ من المجلد الثانى من طبعة بولاق ) والقالى فى ذيل الامالى والنوادر ( ص ١٥٥ ) وابن كثير فى البداية والنهاية عند ذكره ترجمة حاتم ( انظر الجلد الثانى ص ٢١٧ ) ومحيى الدين بن العربى الحاتمى الطائى فى محاضرة الابرار ومسامرة الاخبار ( ج ١ ؛ ص ٢٥٩ ـ ٢٦٠ من طبعة مصر سنة ١٣٢٥ ) والبيهقى فى المحاسن والمساوى عند ذكره محاسن السخاء ( ج ١ ؛ ص ١٤٦ ـ ١٤٧ من طبعة مصر سنة ١٣٢٥ ) والمسعودى فى مروج الذهب عند ذكره قول العرب فى الهواتف والجان ( ج ١ ؛ ص ٣٣٠ ـ ٣٣١ من طبعة مصر سنة ١٣٤٦ ، أو هامش ص ١٢٣ ـ ١٢٥ من المجلد الرابع من تأريخ الكامل لابن الاثير الّذي طبع مروج الذهب فى هامشه ) وقد أشار المسعودى الى الحكاية قبيل ذلك عند ذكره ما ذهب إليه العرب فى النفوس وإلهام والصفر وغير ذلك من مذاهب الجاهلية ( انظر ص ٣٢٦ من ج ١ من الطبعة المشار إليها ، أو هامش ص ١١٣ من ج ٤ من كامل ابن الاثير الّذي طبع المروج فى حاشيته ) وابن عساكر فى تاريخه ( ج ٣ ؛ ص ٤٢٨ ـ ٤٢٩ ) والسيوطى فى شرح شواهد المغنى الموسوم بفتح القريب فى شرح شواهد مغنى اللبيب فى شرح هذا البيت :

« أما والّذي لا يعلم الغيب غيره

ويحيى العظام البيض وهى رميم »

( انظر ص ٩٦ من طبعة ايران سنة ١٢٧١ ) والقزوينى فى آثار البلاد تحت عنوان « أجأ وسلمى ( انظر ص ٧٦ ـ ٧٧ من طبعة بيروت سنة ١٣٨٠ ) والبغدادى فى خزانة الادب فى شرح الشاهد التاسع والسبعين بعد المائة وهو من شواهد سيبويه والبحث فى باب المفعول له ( انظر ج ٢ ؛ ص ٤٩٤ ـ ٤٩٥ ) ومحمود شكرى الآلوسى فى بلوغ الارب عند ذكره الاسخياء والاجواد من عرب الجاهلية ( ج ١ ؛ ص ٧٥ ـ ٧٦ من الطبعة الاولى ببغداد ).


أنّا مررنا بحاتم فلم يقرنا فجعل يقول :

عجّل أبا سفّانة (١) قراكا

فسوف انبى سائلى نثاكا (٢)

__________________

والبستانى فى دائرة المعارف ( ج ٦ ؛ ص ٦٣٧ ) ومؤلف كتاب الكرماء ( ص ٨٥ ـ ٨٦ ) ونقلها الأبشيهي فى المستطرف لكنه نسبها الى بعض أسخياء العرب ولم يصرح باسم حاتم ( انظر الباب الثالث والثلاثين من الجزء الاول من كتابه ص ١٤٩ من طبعة مصر سنة ١٣٠٨ ) ومؤلف ألف ليلة وليلة ضمن ذكره شيئا من أخبار الكرام والاسخياء ( انظر حكاية الليلة التاسعة والستين بعد المائتين ) والكاشفى السبزوارى فى رسالته الحاتمية المعروفة بتاريخ حاتم ( انظر ص ٤٩ ـ ٥٣ من النسخة المطبوعة بتصحيح سيد محمد رضا الجلالى النائينى ) وفزونى الأسترآبادي فى تاريخ بحيرة فى الفصل الثالث من الباب السادس عشر ( ص ٢٢٩ ) وعلى اكبر دهخدا فى كتاب « لغت نامه » الى غير ذلك ممن يفضى ذكر أساميهم الى طول لا يسعه المقام. وقد نظمتها الشعراء بأبيات غراء ومضامين لطيفة يأتى ذكر بعضها فى مجلد تعليقاتنا على الايضاح.

فليعلم أن شرح شواهد المغنى المطبوع المذيل بتصحيحات العلامة الشيخ محمد محمود ابن التلاميذ التركزى الشنقيطى وتعليقاته لم يذكر هذه القصة فيه ولم أدر لم حذفها ولم لم يذكر سبب حذفها ؛ والكتاب من مطبوعات لجنة التراث العربى ، وهذا الامر وأمثاله ينفى الاعتماد على اللجنة ويحطها عن درجة الاعتبار فان التصرف فى أمانات العلماء المودوعة فى كتبهم خيانة فوق سائر أنواع الخيانة ( فان شئت حقيقة الامر راجع ص ٢٠٧ من القسم الاول من الطبع المذكور وص ٩٦ من طبع ايران سنة ١٢٧١ ).

__________________

(١) قال الجوهرى : « سفانة بنت حاتم الطائى وبها يكنى » وقال الفيروزآبادي « والسفانة مشددة اللؤلؤة وبنت حاتم طيئ وبها يكنى » وزاد الزبيدى على العبارة قوله : « ويقال : هو أجود من أبى سفانة ».

(٢) قال الجوهرى : « النثى مقصور مثل الثناء الا أنه فى الخير والشر جميعا والثناء فى الخير خاصة » فليعلم أن النسخ كانت مشوشة مندمجة فصححنا البيت بمعونة سائر الكتب.


فأكثر من هذا القول ثمّ ناموا ؛ فانتبه أبو الخيبرىّ فى بعض اللّيل واذا ناقته معترضة لا تتحرّك فجعل يصيح : وا راحلتاه ؛ فانتبه أصحابه فقالوا له : مالك؟ أصبت (١)

فقال : لا والله ؛ الاّ أنّى رأيت حاتما خرج من قبره ومعه حربة حتّى وجأ بها لبّة (٢) ناقتى وهو يقول وأنا أسمعه :

أبا الخيبرىّ (٣) وأنت امرؤ

ظلوم العشيرة شتّامها

تريد أذاها واعسارها (٤)

وحولى عوف وأنعامها

فما ذا أردت الى رمّة (٥)

بداويّة (٦) صخب (٧) هامها

وانّا لنطعم أضيافنا

من الكوم (٨) بالسّيف نعتامها (٩)

فقال له أصحابه : قد قراك حيّا وميّتا ؛ فدونك فكل من لحم ناقتك ، فلمّا

__________________

(١) هذه الكلمة فى ح فقط.

(٢) فى القاموس : « اللب المنحر كاللبة » ووجأه أى ضربه.

(٣) مج مث س ق ودار السلام كعدة من سائر الكتب : « أبا خيبرى » وفى عدة من الكتب المشار إليها آنفا « أبا البخترى ».

(٤) س مث ودار السلام وبعض الكتب التى نقلت فيها القصة : « اعشارها ».

(٥) غير ح ودار السلام : « ذمة ».

(٦) فى بعض النسخ والكتب : « بدوية ».

(٧) مج مث س دار السلام : « صحب » وفى سائر الكتب بصور أخرى.

(٨) فى النسخ وفى دار السلام : « من اللؤم » قال ابن الاثير فى النهاية : « وفيه انه رأى فى ابل الصدقة ناقة كوماء أى مشرفة السنام عاليته ومنه الحديث فيأتى منه بناقتين كوماوين قلبت الهمزة فى التثنية واوا » وقال الفيومى فى المصباح : « وناقة كوماء ضخمة السنام وبعير أكوم والجمع كوم من باب أحمر ».

(٩) اى نختارها قال الزمخشرى فى الاساس : « اعتامه ـ اختاره وهو شيء معتام ».


أصبحوا أردفه بعضهم ؛ فبيناهم يسيرون اذاهم براكب ومعه ناقته واذا هو عدىّ بن حاتم وهو يقول : أيّكم ابو الخيبرىّ؟ قالوا : هذا ، فقال له : انّى رأيت أبى البارحة فى النّوم فأخبرنى ما كان منك وأمرنى أن أحملك على ناقة فدونك فاركب هذه ، ففيه يقول ابن دارة العبسى (١) :

أبوك أبو سفّانة الخير لم يزل

لدن شبّ حتّى مات فى الخير (٢) راغبا

به تضرب الأمثال فى الجود ميّتا

وكان له اذ كان حيّا مصاحبا

قرى قبره الأضياف اذ نزلوا به

ولم يقر قبر قبله قطّ راكبا (٣)

__________________

(١) فى بعض النسخ : « العسى » ( بلا نقطة ) وفى دار السلام : « العنسى ».

(٢) فى بعض النسخ وكذا فى دار السلام : « إذا شب » وفى بعضها : « اذا شئت ».

(٣) فليعلم أنا راعينا فى نقل القصة ضبط نسخ الكتاب وأما سائر الكتب المنقولة فيها القصة كما أشرنا الى اسامى بعضها آنفا فلم نتعرض لما فيها من اختلاف النسخ فى كلمات القصة وغيره لما يلزمه من الطول والخروج عما نحن فى صدده نعم جمعتها لنفسى وصارت رسالة كبيرة ونذكر صور القصة واختلاف كلماتها فى تعليقاتنا على الايضاح ان شاء الله تعالى الا أنى أحببت أن أنقل عبارة تاريخ ابن عساكر هنا للفوائد الكثيرة التى اشتملت عليها وهى بنص عبارته ( ج ٣ ؛ ص ٤٢٨ ـ ٤٢٩ ) :

« ومر نفر من عبد القيس بقبر حاتم فنزلوا قريبا منه فقام إليه بعضهم فجعل يركض قبره برجله ويقول : يا أبا الجعراء أقرنا ، فقال له بعض أصحابه : ما تخاطب من رمة قد بليت وأجنهم الليل فناموا ، فقام صاحب القول فزعا وقال : يا قوم عليكم مطيكم فان حاتما أتانى فى النوم وأنشدنى شعرا وقد حفظته وهو :

أبا البخترى وأنت امرؤ

ظلوم العشيرة شتامها

أتيت بصحبك تبغى القرى

لدى حفرة ضحيت هامها

تبغى لى الذنب عند المبيت

وحولك طيئ وأنعامها

فانا سنشبع أضيافنا

ويأتى المطى فيعتامها


فهذه رواياتكم (١) وروايات (٢) فقهائكم فى الرّجعة بعد الموت (٣) وأنتم تنحلون الشّيعة ذلك جرأة على الله وقلّة رعة (٤) وقلّة حياء لا تبالون ما قلتم (٥) ].

__________________

وفى رواية ثانية : انهم بعد ان انتبهوا وجدوا ناقة صاحب هذا القول تكوس عقيرا فنحروها وباتوا يشتوون ويأكلون فقالوا : والله لقد أضافنا حاتم حيا وميتا.

وأتى ابن دارة القطفانى عدى بن حاتم ليمتدحه فقال له : أخبرك بمالى فان رضيت فقل ؛ قال : فما مالك؟ فقال : مائتا سائبة وعبد وأمة وفرس وسلاح فذلك كله لك الا الفرس والسلاح فانهما فى سبيل الله فقال : قد رضيت فقال : فقل ، فقال ابن دارة أبوك ؛ وساق الاشعار كما فى المتن ( الا انه ذكر مكان « لدن » : « لدى » ومكان « الجود » : « الشعر » ومكان « قط » الدهر ) ثم قال : وهذا يحقق الحديث الّذي مر آنفا.

وفى رواية اخرى ان القوم لما وجدوا ناقة صاحبهم عقيرا أردفوه وساروا ؛ فاذا رجل يتبعهم راكبا على جمل ويقود آخر فقال : أيكم أبو البخترى؟ فقال : أنا ، فقال : ان حاتما أتانى فى النوم فأخبرنى أنه قرى أصحابك ناقتك وأمرنى أن أحملك وهذا بعير فخذه ؛ فدفعه إليه ».

(١) غير ح : « روايتكم ».

(٢) فى النسخ : « ورواية ».

(٣) يستفاد من هذا التعبير صريحا أن المصنف (ره) قد استفاد من قصة حاتم أن عقر حاتم ناقة أبى الخيبرى قد كان فى اليقظة والحال أن المستفاد من القصة صريحا على ما نقله المصنف (ره) فى الكتاب وعلى ما نقله غيره هو أن الامر قد وقع فى النوم والامر لا يخرج من وجهين ؛ اما أن القصة قد كانت مذكورة فى الكتاب أولا بغير العبارة الموجودة فى النسخ الآن فبدلت وحرفت ، واما ان الامر قد اشتبه على المصنف رحمه‌الله تعالى.

(٤) « الرعة » اسم من « ورعه اذا جانب الاثم وكف عن المعاصى والشبهات يقال : فلان سيئ الرعة أى قليل الورع ».

(٥) فليعلم أن عبارة الكتاب مما تقدم آنفا من هذه الفقرة : « وكان أصومنا فى


[ ورويتم عن مطرّف (١) الواسطى (٢) عن سعيد عن عبد الرّحمن عن أبى سلمة الحارثىّ (٣) قال : بينا أنا فى منزلى اذ دخل عليّ رجل فقال لى : انّ رجلا منّا هلك فان رأيت أن تأمر له بكفن ؛ فبلغ من ثنائهم عليه ما أحببت أن أحوز كفنه فأمرت أن يشترى له كفن بخمسة ... (٤) فبينا أنا أنتظر أن يجاء بالكفن اذ رأيته جلس و ... (٥) اللبة (٦) على بطنه

__________________

اليوم الحار وأطولنا صلاة » الواقعة فى قصة ربيع بن حراش المنسوب إليه أنه قد تكلم بعد الموت ( انظر ص ٣٩١ من الكتاب ) الى هذه الفقرة أعنى « لا تبالون ما قلتم » ليست فى م بل هى فى نسخ ج ح س ق مج مث فلذا جعلناها بين المعقفتين وأشرنا فى صدر العبارة وذيلها الى ذلك لئلا يشتبه الامر على الناظر فى الكتاب.

__________________

(١) كذا فى الاصل : قال الفيروزآبادي : « طرف تطريفا قاتل حول العسكر لانه يحمل على طرف منهم وبه سمى الرجل مطرفا » فمن أراد التفصيل فليراجع تاج العروس.

(٢) فليعلم أن العبارة من قوله : « ورويتم عن مطرف الواسطى » الى آخر القصة أعنى الى قوله : « ثم عاد ميتا كما كان » فى نسخة م فقط وليس فى سائر النسخ منها أثر.

(٣) كذا السند صريحا فى الاصل فلينقح.

(٤) ضاعت وامحت هنا كلمة فى الاصل ولعلها كانت : « آلاف » أى بخمسة آلاف.

(٥) ضاعت وامحت كلمة هنا فى الاصل ولم يبق منها الا هذه الصورة : « وبرزد » ولعلها : « برزت ».

(٦) كذا فى الاصل ولعلها : « اللبنة » على ان تكون واحدة اللبن أى المضروب من الطين مربعا للبناء قال أبو نصر الفراهى فى نصاب الصبيان : « لبن خشت خام است وآجر چه پخته » وذلك أنهم كانوا يضعون شيئا ثقيلا كاللبنة مثلا على بطن الميت لئلا ينتفح جسده فلعل العبارة كانت كذا فى الاصل « اذ رأيته جلس وبرزت اللبنة التى كانت على بطنه » أى كشف الثوب عن وجهه وجلس وظهرت اللبنة التى كانت على بطنه وسقطت » ويؤيد هذا الاحتمال ما فى القصة التى تأتى فى تعليقتنا هذه نقلا عن شرح الصدور للسيوطى.


ثمّ قال : وا ويلاه وا ويلاه عرّونى (١) وكفّنونى ؛ النّار النّار ، قلت : يا أبا عبد الله قل : لا إله إلاّ الله قال : انّ لا إله الاّ الله لا تغنى عنّى شيئا ؛ قد عرفت مقعدى من النّار ، ثمّ عاد ميّتا كما كان (٢) ].

و (٣) روى عليّ بن اخت يعلى الطّنافسىّ ومحمّد بن الحسين بن المختار كلاهما (٤)

__________________

(١) يقال : عراه الثوب ومنه تعرية أى نزعه عنه ».

(٢) ما بين المعقفتين أعنى من قوله : « ورويتم عن مطرف الواسطى » الى هنا فى م فقط.

ثم ليعلم أنى لم أجد القصة بعينها فى كتاب حتى أصحح أغلاطها منه ، نعم ذكر السيوطى فى شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور فى باب من يحضر الميت من الملائكة وغيرهم وما يراه المحتضر وما يقال له وما يبشر به المؤمن وينذر به الكافر ما يقرب من هذه القصة من بعض الجهات وهى هذه ( انظر ص ٤٧ من طبعة الهند ) :

« وأخرج ( اى ابن أبى الدنيا ) من طريق آخر عن عبد الملك بن عمير وعن أبى الخطيب بشير ولفظه : دخلت على ميت بالمدائن وعلى بطنه لبنة فبينا نحن كذلك اذ وثب وثبة فندرت اللبنة عن بطنه وهو ينادى بالويل والثبور فلما رأى ذلك أصحابه تصدعوا ؛ فدنوت منه وقلت : ما رأيت؟ وما حالك؟ قال : صحبت مشيخة من أهل الكوفة فأدخلونى فى رأيهم على سب أبى بكر وعمر والبراءة عنهما قلت : فاستغفر الله ولا تعد قال : وما ينفعنى وقد انطلقوا بى الى مدخلى من النار فأريته ثم قيل لى : انك سترجع الى أصحابك فتحدثهم بما رأيت ثم تعود الى حالك الاولى فما أدرى انقضت كلمته أم عاد ميتا على حالته الاولى ».

(٣) من هنا الى ما سيأتى من قول المصنف (ره) : « فسألوه أن ينطلق معهم ولا يتخلف فأبى » وهو يأتى فى أوائل القصة الآتية التالية لهذه القصة موجود فى النسخ جميعها.

(٤) المتن موافق لغير م لكن العبارة فيها هكذا : « ورويتم عن محمد بن الفضل رواه على بن محمد بن أخت الطنافسى ».


عن محمّد بن الفضيل (١) عن اسماعيل بن أبى خالد عن فراس (٢) عن الشّعبىّ قال : اغمى على (٣) رجل من جهينة (٤) فى بدء الاسلام كان اسمه المفضّل (٥) فبينا نحن كذلك عنده وقد حفر له (٦) اذ مرّ بهم رجل يقال له المفضّل (٧) فأفاق الرّجل فكشف (٨) عن

__________________

(١) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « محمد بن فضيل بن غزوان بفتح المعجمة وسكون الزاى الضبى مولاهم أبو عبد الرحمن الكوفى صدوق عارف رمى بالتشيع من التاسعة مات سنة خمس وتسعين / ع » أى روى عنه فى الاصول الستة جميعها. وقال فى تهذيب التهذيب فى ترجمته : « روى عن أبيه واسماعيل بن أبى خالد ( الى آخر ما قال ) ».

أقول : كلمة « الفضيل » فى المتن معرف باللام كما نقلناه فى المتن بخلاف ما فى كتابى ابن حجر ؛ فتفطن.

(٢) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « فراس بكسر أوله وبمهملة ابن يحيى الهمدانى الخارفى بمعجمة وفاء أبو يحيى الكوفى المكتب صدوق ربما وهم من السادسة مات سنة تسع وعشرين / ع » أى أخرج حديثه في جميع الاصول الستة » وقال فى تهذيب ـ التهذيب فى ترجمته : « روى عن الشعبى وعطية العوفى ( الى آخر ما قال ) ».

(٣) هاتان الكلمتان ضاعتا فى نسخة م فالمتن مطابق لجميع سائر النسخ.

(٤) قال الجوهرى : جهينة قبيلة قال الشاعر : فقلنا أحسنى ملا جهينا ؛ وفى المثل وعند جهينة الخبر اليقين ؛ ابن الاعرابى : وعند جفينة والاصمعى مثله ».

(٥) فى النسخ : « الفضل » الا أن السجعات الآتية فى القصة تقتضى كون الكلمة : « المفضل » ( بصيغة اسم المفعول من التفضيل ) وكيف كان ؛ الكلمة هنا وفى جميع الموارد الآتية فى جميع النسخ « الفضل » وانما صححناها بقرينة السجع.

(٦) غير م : « وقد حفروا » الا ح ففيها : « وقد حفروا له قبرا ».

(٧) فى النسخ : « الفضل ».

(٨) غير م : « وكشف ».


وجهه وقال (١) : هل مرّ بكم المفضّل؟ ـ (٢) قالوا : نعم ؛ مرّ بنا السّاعة ، فقال : ويحكم كاد أن يغلط بى (٣) ؛ أتانى حين رأيتمونى اغمى عليّ آت فقال (٤) : لامّك الهبل (٥) أما ترى حفرتك تنثل (٦) وقد كادت أمّك أن تثكل أرأيت ان حوّلناها عنك بمحوّل (٧) وجعلنا (٨)

__________________

(١) غير م : « فقال ».

(٢) فى النسخ : « الفضل ».

(٣) من « ويحكم » الى هنا ليس فى م.

(٤) ج س ق مج مث ( بدلها ) : « فقال : حين رأيتمونى أغمى على فقعد الى وقال » أما نسخة ح ففيها : « حين رأيتمونى أغمى على فقصد الى رجل وقال ».

(٥) قال الجوهرى : « الهبل بالتحريك مصدر قولك : هبلته أمه اى ثكلته » وقال الزمخشرى فى الاساس : « لامه الهبل الثكل ؛ وهبلته أمه ». وقال الطريحى فى المجمع : « فى حديث على (ع) : لامك الهبل ؛ الهبل بالتحريك مصدر قولك : هبلته أمه اى ثكلته » وقال ابن الاثير فى النهاية : « يقال : هبلته أمه تهبله هبلا بالتحريك ثكلته ؛ هذا هو الاصل ثم يستعمل فى معنى المدح والاعجاب ( الى ان قال : ) ومنه حديثه ( أى حديث عمر ) الاخر : لامك هبل أى ثكل وحديث الشعبى فقيل لى : لامك الهبل ؛ ومنه حديث أم حارثة بن سراقة : ويحك أو هبلت ( هو بفتح الهاء وكسر الباء ) وقد استعاره هنا لفقد الميز والعقل مما أصابها من الثكل بولدها كأنه قال : أفقدت عقلك بفقد ابنك حتى جعلت الجنان جنة واحدة ، ومنه حديث على : هبلتهم الهبول أى ثكلتهم الثكول وهى بفتح الهاء من النساء التى لا يبقى لها ولد ».

(٦) قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فينتثل ما فيها؟ أى يستخرج ويؤخذ ومنه حديث الشعبى : أما ترى حفرتك تنثل؟ أى يستخرج ترابها ؛ يريد القبر » أقول : يستفاد من هذه العبارة أن القصة معروفة مذكورة فى الكتب المشهورة الا أنى راجعت بعض ما عندى من كتب التراجم كطبقات ابن سعد وحلية الاولياء ووفيات الاعيان ولم أظفر بها ، وأما كتب الحديث فلم أراجعها فمن أراد أن يلاحظها فى كتب القوم فليراجع مظانها.

(٧) هذه الكلمة فى غير م.

(٨) غير م : « ودفنا ».


فى حفرتك (١) المفضّل (٢) الّذي مشى (٣) فاجتذل (٤) انّه لم يؤدّ ولم يفعل (٥) ثمّ ملأنا عليه الجندل (٦) أتشكر لربّك وتصلّ (٧) وتدع (٨) سبيل من أشرك وأضلّ؟ قال : قلت : أجل (٩) قال :

__________________

(١) غير م : « فيها ».

(٢) فى النسخ : « الفضل ».

(٣) كذا فى النسخ فكأنه بمعنى صار ذا ماشية كثيرة قال فى القاموس : « مشى يمشى مر كمشى تمشية وكثرت ماشيته » وقال الزبيدى فى شرح الفقرة الاخيرة « يقال : مشى على آل فلان مال اذا تناتج وكثر وهو مجاز » وعبارة الشرح مأخوذة من الاساس للزمخشرى فيمكن أن يكون المعنى : المفضل الّذي كثر ماله فبطر وطغى كقوله تعالى : ( إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى ) ، ويمكن أن يكون المعنى : المفضل الّذي مر بقبرك وسر بموتك ويؤيده ما فى نسخة م من قوله : « مشى بحفرتك » فان معنى : « فاجتذل » اى ابتهج وانبسط كما هو معناه وهذا أى سرور الانسان بموت عدوه وابتهاجه له من الامور الطبيعية وكيف كان ؛ هذا ما عندى وعبارة المتن بمرأى منك ومسمع فاختر لمعناه ما شئت بذهنك الوقاد.

(٤) عبارة م : « الّذي مشى بحفرتك » وعبارة ح مث : « فأخبرك » ( بضمير الخطاب في آخر الفعل من « أخبر » من الخبر من باب الافعال وباقى النسخ : « الّذي مشى فأجزل » من الاجزال باللام فى الاخر ؛ فالتصحيح نظرى قال الجوهرى : « والجذل بالتحريك الفرح وقد جذل بالكسر يجذل فهو جذلان وأجذله غيره أى أفرحه واجتذل اى ابتهج ».

(٥) غير م : « انه ظن أن لن يفعل » فكأن العبارة مأخوذة من قول الله تعالى : ( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ ) ( آية ٢٤ و ٢٥ سورة القيامة » قال الطريحى فى المجمع : « قوله تعالى : ( تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ ) ؛ الفاقرة هى الداهية يقال : فقرته الفاقرة أى كسرت فقار ظهره ».

(٦) غير م : « ثم ملاناها عليه من الجندل » ويشبه أن تكون عبارة المتن من قبيل ما ذكره البستانى فى محيط المحيط : « وملا عليه الارض أى ضيقها عليه ».

ثم ان عبارة غير م من النسخ هكذا : « أرأيت ان حولناها عنك بمحول ثم دفنا فيها الفضل ثم ملاناها عليه من الجندل الّذي مشى فأجزل ( أو : فأخبرك كما فى ح مث ) انه ظن ان لن يفعل ».


فأطلق عنّى (١) ؛ فعاش هو ودفن المفضّل (٢) مكانه (٣). ]

__________________

٧ ـ كذا فى النسخ وهو صحيح أى تصلى ؛ نظيره قول لبيد قال الجوهرى فى الصحاح : « وجلى ببصره تجلية اذا رمى به كما ينظر الصقر الى الصيد قال لبيد :

فانتضلنا وابن سلمى قاعد

كعتيق الطير يغضى ويجل

أى ويجلى » وقال الفيروزآبادي : « وجلى ببصره تجلية رمى » فذكر الزبيدى فى شرح العبارة قول الجوهرى وغيره.

٨ ـ م : « وتترك ».

٩ ـ فى غير ح : « نعم ».

__________________

(١) فى م فقط.

(٢) فى النسخ : « الفضل » وعبارة غير م هكذا : « فعاش هو ومات الفضل ودفن فيها ».

(٣) هنا تم ما أشرنا إليه فى أول القصة بأن ما بين المعقوفتين ( وهو تمام القصة ) موجود فى جميع النسخ.

فليعلم أن أمثال هذه السجعات كثيرة ونقل بعضها فى كتب الادب والحديث منها ما ورد : « كيف أغرم يا رسول الله من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل؟! » ( انظر مختصر كنز العمال المطبوع على هامش مسند أحمد ؛ ج ٦ ص ١٥٠ ) ونظيره ما نقله المحدث النورى (ره) فى باب نوادر ما يتعلق بأبواب العاقلة وغيرها من كتاب الديات فى مستدرك الوسائل ( انظر ج ٣ ؛ ص ٢٨٩ ) : « عوالى اللئالى ـ وروى أبو هريرة قال : اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت احداهما الاخرى بحجر فقتلتها فاختصموا الى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فقضى فى دية جنينها غرة عبد او أمة وفى رواية أو وليدة فقال حمل بن مالك النابغة الهذلى : يا رسول الله دية من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل؟ فقال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : هذا من اخوان الكهان من أجل سجعه الّذي


[ فلم ترضوا بالرّجعة حتّى نسبتم ملك الموت الى الغلط جرأة منكم بروايتكم (١)

تروونها من رطب ويابس (٢) ] ثمّ لم ترضوا أن تحيوا الموتى (٣) من النّاس (٤) برواياتكم (٥) حتّى أحييتم البهائم من الحمر (٦) وغير ذلك.

من ذلك ما رواه [ عدّة من فقهائكم منهم (٧) ] محمّد بن عبيد الطّنافسيّ عن (٨) اسماعيل بن أبى خالد عن عامر الشّعبىّ انّ قوما أقبلوا من الدّفينة (٩) متطوّعين أو قال : مجاهدين فنفق (١٠) حمار رجل منهم فسألوه أن ينطلق معهم ولا يتخلّف (١١) ؛ فأبى (١٢) فقام فتوضّأ

__________________

سجعه وفى رواية : أسجع كسجع الجاهلية!؟ هذا كلام شاعر وروى مثل ذلك فى أخبار أهل ـ البيت عليهم‌السلام » ويأتى نظير القصة من جهة الاشتمال على سجعات لطيفة فى تعليقاتنا هذه عن قريب نقلا عن الرسالة القشيرية ان شاء الله تعالى.

__________________

(١) كذا فى الاصل ولعلها : « برواياتكم ».

(٢) ما بين المعقفتين فى م فقط.

(٣) غير م : « أن أحييتم ».

(٤) « من الناس » ليس فى م.

(٥) فى الاصل : « بروايتكم ».

(٦) غير م : « حتى أحييتم الحمر ».

(٧) ما بين المعقفتين فى م فقط.

(٨) غير م : « قال : حدثنا ».

(٩) م : « من موضع » وغير م : « من دفينة » قال ياقوت فى معجم البلدان : « الدفينة بفتح أوله وكسر ثانيه وياء مثناة من تحت ونون مكان لبنى سليم ويروى بالقاف وقال السكرى فى شرح قول جرير « ورعت ركبى بالدفينة بعد ما * ناقلن من وسط الكراع نقيلا » : الدفينة بالفاء ماء لبنى سليم على خمس مراحل من مكة الى البصرة نقلته من خط ـ ابن أخى الشافعى وكان فيه يوم من أيامهم ( الى آخر ما قال ) ».

(١٠) قال ابن الاثير فى النهاية : « وفى حديث ابن عباس : الجزور نافقة أى ميتة ؛ يقال : نفقت الدابة اذا ماتت ».


ثمّ صلّى ثمّ قال : اللهمّ انّك تعلم أنّى قد أقبلت من الدّفينة (١) مجاهدا فى سبيلك ابتغاء مرضاتك وانّى أسألك أن لا تجعل لأحد عليّ منّة ؛ وأن تبعث لى حمارى ، ثمّ قام

__________________

١١ ـ المتن موافق لنسخة م لكن بدلها فى ح : « مترجلا » وفى سائر النسخ : « مترجلين » ولعل الاصل كان كذا : « أن ينطلق مهم مترجلا ولا يتخلف عنهم ».

١٢ ـ فليعلم أن نسخة م تمت هنا فكلمة « فأبى » آخر الموجود من تلك النسخة وسقطت بقية أوراق النسخة فما يذكر من هنا الى آخر الكتاب فهو من النسخ الست الباقية أعنى ج ح س ق مج مث.

__________________

(١) ح : « مردفا » وغيرها : « من دفينة » والظاهر أن الدفينة اسم موضع قال الفيروزآبادي فى القاموس : « والدفينة كسفينة منزل لبنى سليم : وقال الزبيدى فى شرح العبارة : « وهى الدثينة التى أشرنا إليها قريبا وتقدم ذكرها فى د ث ن » وقال فى د ث ن فى شرح قول الفيروزآبادي : والدثينة كجهينة او كسفينة موضع وشرحه بقوله : « لبنى سليم على طريق حاج البصرة بين الضجيج وقبا قاله نصر وهى الدفينة أيضا حكاه يعقوب فى المبدل وأنشد :

ونحن تركنا بالدثينة حاضرا

لآل سليم هامة غير نائم

وتردد الفيروزآبادي فى قوله السابق وذيله بهذه الفقرة « أو ماء لبنى ـ سيار بن عمرو » وشرحه الزبيدى بقوله وأنشد الجوهرى للنابغة الذبيانى :

وعلى الرميثة من سكين حاضر

وعلى الدثينة من بنى سيار

ويقال : انه « كان يدعى » فى الجاهلية « الدفينة » ( بالفاء ) فتطيروا « فغيروا » فقالوا : الدثينة » وقال ابن الاثير فى النهاية : « وفيه ذكر الدثينة وهى بكسر الثاء وسكون الياء ناحية قرب عدن لها ذكر فى حديث أبى سبرة النخعى » أقول : مراده بحديث أبى سبرة هذا الحديث فانه ورد بنقل أبى سبرة أيضا كما ذكره ابن كثير فى البداية والنهاية ( انظر ص ١٥٣ من ج ٦ ) ويأتى نقله أيضا فى تعليقتنا هذه.


فضربه برجله ؛ فقام الحمار ينفض اذنيه فأسرجه وألجمه ثمّ ركب حتّى لحق أصحابه ، فقالوا له : ما شأنك؟ ـ قال : شأنى أنّ الله بعث لى حمارى.

قال محمّد بن عبيد : قال اسماعيل بن أبى خالد (١) : قال الشّعبىّ : فأنا رأيت حماره بيع بالكناسة (٢).

__________________

(١) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب « اسماعيل بن أبى خالد الاحمسى وهو بفتح الهمزة وسكون الحاء وفتح الميم ينسب الى أحمس طائفة من بجيلة مولاهم البجلي ثقة ثبت من الرابعة مات سنة ست واربعين » وصرح فى تهذيب التهذيب فى ترجمته بأنه روى عن الشعبى وقال هناك : « قال ابن المبارك عن الثورى : حفاظ الناس ثلاثة اسماعيل وعبد ـ الملك بن أبى سليمان ويحيى بن سعيد الانصارى وهو يعنى اسماعيل أعلم الناس بالشعبى وأثبتهم فيه وقال مروان بن معاوية : كان اسماعيل يسمى الميزان وقال على : قلت ليحيى ابن سعيد : ما حملت عن اسماعيل عن الشعبى صحاح؟ ـ قال : نعم وقال البخارى عن على له نحو ثلاثمائة وقال أحمد : أصح الناس حديثا عن الشعبى ابن أبى خالد » ( الى آخر الترجمة ).

(٢) قال ابن كثير فى البداية والنهاية ضمن ذكره معجزات النبي (ص) ما نصه ( انظر ج ٦ ؛ ص ١٥٣ من النسخة المطبوعة ) :

« حديث فيه كرامة لولى من هذه الامة وهى معدودة من المعجزات لان كل ما يثبت لولى فهو معجزة لنبيه

قال الحسن بن عروة : حدثنا عبد الله بن ادريس عن اسماعيل بن أبى خالد عن أبى ـ سيرة النخعى قال : أقبل رجل من اليمن فلما كان ببعض الطريق نفق حماره فقام وتوضأ ثم صلى ركعتين ثم قال : اللهم انى جئت من الدفينة مجاهدا فى سبيلك وابتغاء مرضاتك وأنا أشهد أنك تحيى الموتى وتبعث من فى القبور لا تجعل لاحد على اليوم منة ، أطلب أليك اليوم ان تبعث حمارى ، فقام الحمار ينفض أذنيه.


__________________

قال البيهقى : هذا اسناد صحيح ومثل هذا يكون كرامة لصاحب الشريعة قال البيهقى : وكذلك رواه محمد بن يحيى الذهلى وغيره عن محمد بن عبيد عن اسماعيل بن أبى خالد عن الشعبى وكأنه عند اسماعيل عنهما والله أعلم.

طريق اخرى

قال أبو بكر بن أبى الدنيا فى كتاب « من عاش بعد الموت » : حدثنا اسحاق بن اسماعيل وأحمد بن بجير وغيرهما قالوا : حدثنا محمد بن عبيد عن اسماعيل بن أبى خالد عن الشعبى ان قوما أقبلوا من اليمن متطوعين فى سبيل الله فنفق حمار رجل منهم فأرادوا ان ينطلق معهم فأبى فقام فتوضأ وصلى ثم قال : اللهم انى جئت من الدفينة مجاهدا فى سبيلك وابتغاء مرضاتك وانى أشهد أنك تحيى الموتى وتبعث من فى القبور لا تجعل لاحد على منة فانى أطلب أليك ان تبعث لى حمارى ثم قام الى الحمار فقام الحمار ينفض أذنيه فأسرجه وألجمه ثم ركبه وأجراه فلحق بأصحابه فقالوا له : ما شأنك؟ ـ فقال : شأنى أن الله بعث حمارى.

قال الشعبى : فأنا رأيت الحمار بيع او يباع فى الكناسة يعنى بالكوفة ، قال ابن أبى ـ الدنيا : وأخبرنى العباس بن هشام عن أبيه عن جده عن مسلم عن عبد الله بن شريك النخعى أن صاحب الحمار رجل من النخع يقال له نباتة بن يزيد خرج فى زمن عمر غازيا حتى اذا كان يلقى عميرة نفق حماره فذكر القصة غير أنه قال : فباعه بعد بالكناسة فقيل له : تبيع حمارك وقد أحياه الله لك؟! قال : فكيف أصنع؟! وقد قال رجل من رهطه ثلاثة أبيات فحفظت هذا البيت :

ومنا الّذي أحيا الاله حماره

وقد مات منه كل عضو ومفصل »

أقول : قال الدميرى فى حياة الحيوان فى باب الحاء المهملة تحت عنوان « الحمار الاهلى » ما نصه :

« فائدة ـ روى البيهقى فى دلائل النبوة بسنده الى أبى سيرة النخعى قال : أقبل رجل من اليمن وقال بعد أن ذكر الحديث الى آخره ) :


__________________

قال البيهقى : هذا اسناد صحيح ومثل هذا يكون معجزة لصاحب الشريعة حيث يكون فى أمته من يحيى الله له الموتى كما سبق ويأتى ، والرجل المذكور اسمه نباتة بن يزيد النخعى قال الشعبى : أنا رأيت ذلك الحمار يباع بعد ذلك فى السوق فقيل للرجل : أتبيع حمارا قد أحياه الله لك!؟ ـ قال : فكيف أصنع!؟ فقال رجل من رهطه ثلاثة أبيات حفظت منها هذا البيت :

ومنا الّذي أحيا الاله حماره

وقد مات منه كل عضو ومفصل »

وقال عفيف الدين اليافعى فى روض الرياحين فى حكايات الصالحين ما نصه :

« الحكاية السابعة والعشرون بعد الاربعمائة ، ـ روى عن الشعبى ـ رضى الله عنه ـ قال : أقبل قوم من اليمن ( فساق القصة الى أن قال ) قال الشعبى : فرأيت ذلك الحمار يباع فى الكناسة فذهب رجل من جلساء الشعبى الى محلته فروى هذا عن الشعبى فكذبوه وقالوا : يحيى حمار بعد الموت؟! انه يكذب على الشعبى ؛ قم معنا إليه ، فذهب معهم الى الشعبى فقال : يا أبا عمرو ألست حدثتني بهذا الحديث؟ فقال : متى كان ذلك؟

فقال القوم : قد علمنا أنه يكذب على أبى عمرو ، فلما رجعوا قال له الرجل : يا أبا عمرو أليس قد حدثتني به؟! فقال الشعبى : ويحك ؛ هل تباع الابل فى سوق الدجاج؟! رضى الله عنه.

قلت : أنكر الامام الشعبى ـ رضى الله عنه ـ على هذا الرجل لكونه حكى كرامة عظيمة لقوم لا تقبلها عقولهم ولا تبلغ إليها أفهامهم ، ومثل رأس مالهم فى العلم برأس مال التجار فى الدجاج ، ومثل رأس مال من يعقلها ويقبلها فى العلم برأس مال التجار فى الابل وهذا تساهل منه فى التمثيل بالابل ذلك أعز وأرفع وأعلى وأغلى من الجواهر النفاس ، ومثل رأس مال المنكرين أقل وأصغر وأدنى وأحقر من فلوس النحاس ، والى الفريقين أشار النبي المختار بقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : لا تعطوا الحكمة غير أهلها فتظلموها ، ولا تمنعوها عن أهلها فتظلموهم » ( انتهى كلام اليافعى ) أقول : من الاحاديث المعتبرة


فهذا من عجائبكم ورواياتكم ولسنا ننكر لله قدرة أن يحيى الموتى ولكنّا نعجب (١)

__________________

المشهورة : « نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن تكلم الناس على قدر عقولهم ».

ونظير القصة ما ذكره القشيرى فى رسالته فى أواخر باب كرامات الاولياء ( ص ١٧٤ من طبعة مصر سنة ١٣٦٧ بما نصه :

« سمعت حمزة بن يوسف السهمى الجرجانى يقول : سمعت أبا أحمد بن عدى الحافظ يقول : سمعت أحمد بن حمزة بمصر يقول : حدثنى عبد الوهاب وكان من الصالحين قال : قال محمد بن سعيد البصرى : بينا أنا أمشى فى بعض طرق البصرة اذ رأيت أعرابيا يسوق جملا فالتفت فاذا الجمل قد وقع ميتا ووقع الرحل والقتب فمشيت ثم التفت فاذا الاعرابى يقول : يا مسبب كل سبب ويا مؤمل كل من طلب رد على ما ذهب من جمل يحمل الرحل والقتب ، فاذا الجمل قائم والرحل والقتب فوقه ».

قال الدميرى فى حياة الحيوان فى باب الجيم تحت عنوان « الجمل » فى ذيل فائدة ( ص ٢٥١ ج ١ من طبعة مصر سنة ١٢٧٥ ) ما نصه :

« وحكى القشيرى فى رسالته عن محمد بن سعيد البصرى أنه قال : بينما أنا أمشى فى بعض طرق البصرة ( فبعد أن ساق القصة الى آخرها قال : ) واحياء الموتى كرامة فهو وان كان عظيما الا أنه جائز على القول الصحيح المختار عند المحققين المعتمدين من أئمة الاصول اذ ما جاز أن يكون معجزة لنبى جاز ان يكون كرامة لولى بشرط ان لا يدعى التحدى كالنبوة ، واحياء الموتى كرامة للاولياء كثير لا ينحصر وسيأتى ان شاء الله تعالى ذكر طرف من ذلك فى أماكنه من هذا الكتاب ».

أقول : لو أردنا أن نذكر ما ذكره علماء أهل السنة من هذا القبيل لصار المجموع كتابا كبيرا وانما ذكرنا هذا المقدار تشييدا لاساس ما نقله المصنف (ره) حتى لا ينكره من ليس له اطلاع على حقيقة الامر والسلام على من اتبع الهدى.

__________________

(١) قال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب فى الامر الثالث من الامور


أنّكم اذا بلغكم عن الشّيعة قول عظّمتموه وشنّعتموه وأنتم تقولون بأكثر منه والشّيعة لا تروى حديثا واحدا عن آل محمّد أنّ ميّتا رجع الى الدّنيا كما تروون أنتم عن علمائكم ، انّما يروون عن آل محمّد أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال لامّته : أنتم أشبه شيء ببنى اسرائيل والله ليكوننّ فيكم ما كان فيهم حذوا النّعل بالنّعل والقذّة بالقذة (١) حتّى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه (٢). وهذه الرّواية أنتم تروونها أيضا وقد علمتم أنّ بنى اسرائيل قد كان فيهم من عاش بعد الموت ورجعوا الى الدّنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا النّساء وولد لهم الأولاد (٣) ولا ننكر لله قدرة أن يحيى الموتى ؛ فان شاء أن يردّ من مات من هذه الأمّة كما ردّ بنى اسرائيل فعل ، وان شاء لم يفعل.

__________________

المذكورة فى الباب الاول ( والامر المشار إليه فى ذكر الموارد المخصوصة التى شبه فيها بعض هذه الامة بنظيره فى الامم السابقة مدحا أو قدحا ) فخاض فى بيان مقصوده الى أن قال ( انظر ص ٩١ ) : « قلت : والاخبار والآثار فى هذا المعنى كثيرة لو أردنا استقصاءها لخرجنا عن المقصود وفيما ذكرنا كفاية للناظر البصير وقال الشيخ فضل بن شاذان صاحب الرضا عليه السلام فى كتاب الايضاح فى مسألة الرجعة بعد كلام طويل : ولسنا ننكر لله قدرة أن يحيى الموتى ولكنا نعجب ( فساق الكلام الى قوله ) وقد علمتم أن بنى اسرائيل قد كان فيهم من عاش بعد الموت ورجعوا الى الدنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء ( الى آخر ما قال ) ».

__________________

(١) قال ابن الاثير فى النهاية : « فى حديث الخوارج : فينظر فى قذذه فلا يرى شيئا ؛ القذذ ريش السهم واحدتها قذة ومنه الحديث : لتركبن سنن من كان قبلكم حذو ـ القذة بالقذة ؛ اى كما تقدر كل واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع ، يضرب مثلا للشيئين


فهذا قول الشّيعة (١) وأنتم تروون أنّ قوما قد رجعوا بعد الموت ثمّ ماتوا بعد ثمّ تنكرون أمرا أنتم تروونه وتقولون به ظلما وبهتانا ؛ فالحمد لله الّذي أظهر مساويكم على ألسنتكم.

__________________

يستويان ولا يتفاوتان ، وقد تكرر ذكرها فى الحديث مفردة ومجموعة ».

(٢) هذه الرواية من الشهرة والاعتبار والقبول عند الفريقين بمكان لا يحتاج معه الى بيان.

(٣) ح : « وولدوا الاولاد ».

__________________

(١) نظير هذا المقال وعديل هذا الاستدلال ما ذكر الشيخ الاجل عبد ـ الجليل القزوينى الرازى ـ تغمده الله برحمته ورضوانه وأسكنه بحبوحة جنانه فى كتابه الموسوم ببعض مثالب النواصب المعروف بالنقض وهو كتاب لم يعمل مثله فى بابه فى جواب ما نسبه الى الشيعة صاحب كتاب بعض فضائح الروافض وهو بنص عبارته هذا ( انظر ص ٣٠٦ من الكتاب المطبوع بتحقيقنا ) : « وأما آنچه گفته است كه « پيش از قيامت يزيد وابن زياد وخوارج را زنده كنند وبكشند » أصلي ندارد واز جمله خرافات وترهات باشد وبا أصول راست نيست بلكه به قيامت زنده شوند وجزاء أعمال بد خود بستانند وبا فرعون وقارون تا أبد در عقوبت دوزخ بمانند أما اين خبر قياس بايست كرد با آن خبر دروغ كه ناصبيان مجبر از منصور عمار روايت كرده اند كه : راهبى گفت : هر شبى مرغى بزرگ به كنار درياى عمان آيد وبولؤلؤ را زنده كند وجگرش از حلق برآرد وبمنقار پاره پاره كند وبخايد وبه گلو فروبرد وتا به قيامت هر شب چنين كند كه او كشنده عمرست ، پس حسين على (ع) بهتر است از عمر ، وبولؤلؤ بهتر است از كشنده حسين (ع) ، اگر آن رواست اين نيز روا بايد داشتن وگر نه دست از هر دو بداشتن وعقوبت عصاة را حوالت به قيامت كردن تا موافق عقل وشرع باشد كه كار دين وشريعت بدست مجبران نيست تا چنانكه خواهند بگردانند والحمد لله رب العالمين » وليس قوله (ره) « أصلي ندارد واز جمله خرافات است


__________________

( الى آخره ) انكارا للرجعة كيف لا وهو كسائر علمائنا من المعتقدين بالرجعة ومثبتيها وقد قال فى الكتاب قبيل ذلك ( انظر ص ٢٩٥ ) : « وما بحمد الله انكار نمى كنيم كه چون مهدى (ع) خروج كند وعيسى (ع) نزول كند بارى تعالى به دعاى ايشان جماعتى از هر امتى زنده كند چنانچه بيان كرده است وگفته : « ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا » واين آن حشر باشد كه پيش از قيامت باشد كه اجماع است كه بارى تعالى روز قيامت همه خلايق را زنده كند چنانكه گفته است : يوم يبعثهم الله جميعا ( الى آخر عبارته ) » فليحمل انكاره على قيد الخصوصية المذكورة فى العبارة المشار إليها فان المتلقى بالقبول عند الفحول هو الاقرار بالرجعة والاعتقاد بها على سبيل الاجمال وأما الخصوصيات المذكورة فى الاخبار فلا ؛ وصرح بهذا جماعة منهم العلامة المجلسى فى رسالة الاعتقادات وغيرها وأشرنا الى هذا المطلب فى كتابنا الموسوم بمقدمة النقض وتعليقاته ( فان شئت فراجع ص ٦٩ ).

وأما القضية المشار إليها فى كلام الشيخ عبد الجليل (ره) فلم أر أحدا عدها فى فضائل عمر وعقوبة أبى لؤلؤ ، نعم ذكرها عدة من العلماء فى مناقب على ـ عليه‌السلام ـ وأن المعاقب بتلك العقوبة هو عبد الرحمن بن ملجم المرادى فلا بأس بالاشارة الى ما ذكروه فقال الحافظ أبو المؤيد الموفق بن أحمد بن محمد البكرى المكى الحنفى المعروف بأخطب خطباء خوارزم فى كتابه الموسوم بالمناقب فى الفصل السادس والعشرين الّذي هو فى بيان مقتله ( اى على ) صلوات الله وسلامه عليه ما نصه ( انظر ص ٢٨١ ـ ٢٨٢ من طبعة مطبعة الحيدرية فى النجف ) : « وأخبرنى الامام سيد الحفاظ أبو ـ منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمى الهمدانى فيما كتب الى من همدان أخبرنى أبى شيرويه بن شهردار أخبرنى أبو الحسن على بن أحمد الميدانى أخبرنى أبو عمر ومحمد بن يحيى أخبرنى أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد بن عمر قال : سمعت أبا القاسم الحسن بن محمد المعروف بابن الرفاء بالكوفة يقول : كنت بالمسجد الحرام فرأيت الناس مجتمعين حول مقام ابراهيم (ع) فقلت : ما هذا؟ قالوا : راهب أسلم فأشرفت ؛ فاذا بشيخ كبير عليه جبة ـ


__________________

صوف وقلنسوة صوف عظيم الخلق وهو قائم بحذاء مقام ابراهيم فسمعته يقول : كنت قاعدا فى صومعتى فأشرفت منها فاذا طائر كالنسر قد وقع على صخرة على شاطئ البحر فتقيا بربع انسان ثم طار ثم جاء فتقيأ بربع انسان ثم طار ثم جاء فتقيأ بربع انسان ثم طار فدنت الارباع فقامت رجلا وأنا أتعجب منه حتى انحدر الطير فضربه فأخذ ربعه وطار ثم رجع فأخذ الربع الاخر ثم رجع فأخذ الربع الثالث ثم رجع فأخذ الربع الرابع فبقيت أتفكر وتحسرت أن لا أكون لحقته فسألته من هو ، فبقيت أتفقد الصخرة حتى رأيت الطير قد أقبل فتقيا بربع انسان فنزلت فقمت بإزائه فلم أزل حتى جاء الربع الرابع ثم طار فالتأم رجلا فقام قائما فدنوت منه فسألته فقلت : من أنت؟ فسكت عنى فقلت : بحق من خلقك من أنت؟ فقال : أنا عبد الرحمن بن ملجم فقلت : وأيش عملت؟ قال : قتلت على بن أبى طالب فوكل بى هذا الطير يقتلنى كل يوم أربعين قتلة فهوى وانقض الطير فأخذ ربعه كالاول وطار فسألت عن على بن أبى طالب فقالوا : هو ابن عم رسول الله ووصيه فأسلمت ».

قال على بن عيسى الاربلى فى كشف الغمة ضمن ذكر قتل على (ع) ومدة خلافته ( ص ١٣٠ من الطبعة الاولى سنة ١٢٩٤ بطهران ) : « وذكر أبو المؤيد فى مناقبه : قال أبو القاسم الحسن بن محمد المعروف بابن الرفاء بالكوفة قال : كنت بالمسجد الحرام فرأيت الناس مجتمعين حول مقام ابراهيم فقلت : ما هذا؟ قالوا : راهب أسلم فأشرفت عليه فاذا شيخ كبير عليه جبة صوف وقلنسوة صوف عظيم الخلق وهو قاعد بحذاء مقام ابراهيم فسمعته يقول : كنت قاعدا فى صومعتى فأشرفت منها فاذا طائر كالنسر قد سقط على صخرة على شاطئ البحر فتقيأ فرمى بربع انسان ( فساق القصة الى آخرها ملخصة وقال ) قلت : قد اختصرت بعض ألفاظ هذه القصة لما فيها من تكرار فأثبت معناها وهى تناسب قول النبي (ص) حين سأله (ع) : من أشقى الناس؟ قال : عاقر الناقة وضار بك على يافوخك هذا ».

قال القطب الراوندى فى أوائل كتاب الخرائج والجرائح فى الباب الثانى الّذي فى معجزات أمير المؤمنين على بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ ما نصه ( انظر ص ١٨ ـ ١٩


__________________

من طبعة بمبئي سنة ١٣٠١ ، أو ص ٢٩٠ من طبعة ايران بطهران سنة ١٣٠١ وقد انضمت فى الطبع بأربعين المجلسى ) : « ومنها [ أى من معجزاته (ع) ] ما أخبرنا به أبو منصور ابن شهريار بن شيرويه بن شهريار الديلمى قال : حدثنا أبى قال : حدثنا أبو الحسن على بن أحمد بن محمد بن عمرو قال : سمعت أبا القاسم الحسن بن محمد المعروف بابن الرفاء بالكوفة يقول : كنت بالمسجد الحرام ( فساق القصة الى آخرها باختلاف يسير فى بعض الفقرات ) » قال العلامة المجلسى فى تاسع البحار فى باب ما وقع بعد شهادته ( أى أمير المؤمنين على ـ عليه‌السلام ـ ) وأحوال قاتله ـ لعنه الله ـ » ما نصه ( ص ٦٧٨ من طبعة أمين الضرب ) : « يج ( يريد به الخرائج والجرائح للقطب الراوندى ) أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمى فساق القصة الى آخرها نحو ما مر وقال : كشف ـ من مناقب الخوارزمى عن الرفاء مثله » ونقل الشيخ الحر العاملى (ره) هذه القصة فى كتاب الايقاظ من الهجعة فى الباب السابع الّذي هو فى بيان اثبات أن الرجعة قد وقعت فى هذه الامة فى الجملة ليزول بها استبعاد الرجعة الموعود بها فى آخر الزمان ويدل على ذلك أحاديث فخاض فى نقل الاحاديث الى ان قال ( انظر ص ١٩٩ ) : « الثالث عشر ما رواه الشيخ الجليل قطب الدين الراوندى فى كتاب الخرائج والجرائح فى معجزات أمير المؤمنين (ع) قال : أخبرنا أبو منصور شهريار ( فساق الحديث والسند نحو ما مر الى آخره ).

وقال السيد هاشم البحرانى فى مدينة المعاجز فى أواخر الباب الاول الّذي فى معاجز الامام أمير المؤمنين على بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ : « التاسع والاربعون وخمسمائة خبر طائر ابن ملجم ـ الراوندى قال : أخبرنا أبو منصور بن شهريار بن شيرويه بن شهريار الديلمى ( فساق السند ومتن القصة الى آخرها ) » فان أردت ان تراجع الكتاب فراجع ص ٢٠٠ ـ ٢٠١.

وقال السيوطى فى شرح الصدور بشرح حال الموتى فى القبور فى باب عذاب القبر ما نصه ( انظر ص ١١٧ ـ ١١٨ من طبعة الهند ) :


__________________

« وأخرج تمام بن محمد الرازى فى كتاب الرهبان له وابن عساكر أيضا من طريق تمام الحافظ عن أبى محمد بن هارون الانصارى عن عصمة بن أبى عصمة البخارى عن أحمد ابن خالد التمار عن عصمة العبادانى قال : كنت أجول فى بعض الفلوات اذ أبصرت ديرا واذا فى الدير صومعة وفى الصومعة راهب فقلت له : حدثنى بأعجب ما رأيت فى هذا الموضع فقال : نعم بينا أنا ذات يوم اذا رأيت طائرا أبيض مثل النعامة قد وقع على تلك الصخرة فتقيأ رأسا ثم رجلا واذا هو كلما تقيأ عضوا من تلك الاعضاء التأمت بعضها الى بعض أسرع من البرق حتى اذا استوى رجلا جالسا فاذا هم بالنهوض نقره الطائر نقرة قطعه أعضاء ثم يرجع فيبتلعه فلم يزل على ذلك أياما فكثر تعجبى منه وازددت يقينا لعظمة الله تعالى وعلمت أن لهذه الاجساد حياة بعد الموت فالتفت إليه يوما فقلت : أيها الطائر سألتك بحق الله الّذي خلقك وبرأك الا أمسكت عنه حتى أسأله فيخبرنى بقصته فأجابنى الطائر بصوت عربى طلق : لربى الملك وله البقاء الّذي يفنى كل شيء ويبقى ؛ أنا ملك من ملائكة الله موكل بهذا الجسد لما أجرم فالتفت إليه فقلت : يا هذا الرجل المسمى الى نفسه ما قصتك؟ ومن أنت؟ قال : أنا عبد الرحمن بن ملجم قاتل على ـ رضى الله عنه ـ وانى لما قتلته وصارت روحى بين يدى الله ناولنى صحيفة مكتوب فيها ما عملته من الخير والشر منذ يوم ولدتنى أمى الى أن قتلت عليا وأمر الله هذا الملك بعذابى الى يوم القيامة فهو يفعل بى ما ترى ثم سكت فنقره ذلك الطائر نقرة نثر أعضاءه بها ثم جعل يبتلعه عضوا عضوا ثم مضى.

قلت : هذا الاسناد ليس فيه من تكلم فيه سوى أبى على شيخ تمام فقد قال الذهبى فى الميزان : انه كان يتهم ، وقال ابن رجب : قد رويت هذه الحكاية من وجه آخر أخرجها ابن النجار فى تاريخه من طريق السلفى باسناده الى الحسن بن محمد بن عبيد العسكرى حدثنا اسماعيل بن أحمد بن على بن أحمد بن يحيى بن المنجم سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة انه حضر مع يوسف بن أبى التاح فأحضر راهب فحدث فذكر شبيها بالحكاية.


[ ذكر نهى عمر عن متعة النّساء (١) ]

ثمّ ما تعيبون الشّيعة من قولكم انّهم يستحلّون متعة النّساء (٢) والمتعة زعمتم زنا (٣)

__________________

ورويت من وجه آخر من طريق أبى عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن ابراهيم الرازى صاحب السداسيات المشهورة عن على بن بقاء بن محمد الوراق حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر البزاز سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن أبى الاصبغ قال : قدم علينا شيخ غريب فذكر أنه كان نصرانيا سنين وأنه تعبد فى صومعته فبينما هو ذات يوم جالس اذ جاء طائر كالنسر فذكر شبيها بالحكاية مختصرا » ( انتهى ما أردنا نقله من شرح الصدور ).

أقول : انما أطنبنا هذا الكلام بذكر القصة لانها من الدلائل على الحياة بعد الموت عند من يقبلها ، وعلم من عبارة الشيخ عبد الجليل فى ما نقلنا من كتاب النقض أن القصة مسلمة عند مخالفيه ؛ ولذا استدل به على امكان القضية بطريق الجدل على ما بين فى علم المنطق وكتب الكلام ، والا لا نريد باطالة الكلام اثبات صحتها بل نجعله فى بقعة الامكان كما قال أبو على ابن سينا فى كلامه المشهور : كلما قرع سمعك فذره فى بقعة الامكان ما لم يذدك عنه قائم البرهان ، والسلام على من اتبع الهدى.

ومما ينبغى ان يذكر هنا ما حدثنى به السيد الجليل السيد كاظم الاراكى الجرفاذقانى وهو من أجلاء المعاصرين ومع تخصصه فى الفقه والاصول وتبحره فى هذين العلمين له يد طولى فى تتبع السير والاخبار وتصفح الآثار المروية عن الائمة الاطهار سلام الله عليهم من أن المعجزة المشار إليها قد نظمت بالفارسية وكانت تدرس فى المكاتب والمدارس للاطفال ليتعلموها وهو ممن تدرس تلك القصة فى زمان صباوته الا أن أبيات المعجزة واسم ـ ناظمها لم تكن فى ذكرها حتى يذكرها لنا فأطال الله أيام بقائه.

__________________

(١) العنوان منا وأضفناه بقرينة ما سبق من وجود عناوين موضوعات المباحث فى رءوس


وأنتم تروون فى المتعة عن فقهائكم وعلمائكم من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ومن التّابعين أنّهم عملوا (١) بها واستحلّوها على عهد رسول الله ـ صلّى الله عليه

__________________

الابواب فى نسخة م التى هى الاصل الاصيل والركن الركين فى أساس تصحيح الكتاب وليعلم أن المصنف ـ رضوان الله عليه ـ رعى الترتيب فى البحث عن أمر الرجعة وأمر المتعة فى كتابه هذا عملا بالترتيب الواقع فى الحديث المسلم الثابت المقطوع به عند الشيعة من قول أئمتهم المعصومين ـ عليهم‌السلام ـ : من لم يؤمن برجعتنا ولم يقر بمتعتنا فليس منا.

ثم ليعلم أن البحث عن المتعتين أعنى متعة النساء ومتعة الحج قد وقع مشروحا ومبسوطا ومستوفى ومستقصى فى كتب السير والاخبار والفقه والكلام فلا نشير الى ما ذكر فى هذا المطلب فضلا عن الخوض فيه والبحث عنه فمن أراد البحث عن ذلك المطلب فليراجع كتاب تشييد المطاعن وكشف الضغائن للسيد السند الجليل والحبر المعتمد النبيل السيد محمدقلى ـ أكرم الله مآبه وأجزل أجره وثوابه ـ فانه كتاب لم يعمل مثله فى بابه فذلك العالم قد جعل نهى عمر عن المتعتين الطعن الحادي عشر من مطاعن عمر فخاض فى البحث عن نهيه ونقل ما فيه من النقض والابرام من علماء الفريقين فمن أراده فليراجع الكتاب المذكور ( ج ٢ ؛ ص ١٠٠٤ ـ ١٥٠٦ ) نعم نذكر هنا بعض ما لا بد منه فى إيضاح ما أورده المصنف (ره) فى المتن وما زاد عليه فليطلب من مظانه.

(٢) قال المحدث النورى (ره) فى مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل فى كتاب النكاح فى باب نوادر ما يتعلق بأبواب المتعة ( انظر ج ٢ ؛ ص ٥٩٤ ـ ٥٩٣ ) ما نصه : « الشيخ فضل بن شاذان فى كتاب الايضاح فى كلام له : ثم ما تعيبون الشيعة من قولكم انهم يستحلون متعة النساء ( فساق الكلام الى آخر ما ذكر تحت عنوان متعة النساء أعنى الى قول المصنف (ره) : فهذا تخليط الدين ينكره أولو الالباب ) ».

(٣) فى المستدرك زيد قبل الكلمة : « أنها ».

(١) ق مج س مث : « علموا » ( بتقديم اللام على الميم ).


وآله ـ وبعده حتّى نهى عنها (١) عمر بن الخطّاب فى خلافته.

من ذلك ما روى (٢) هشام بن يوسف الصّنعانىّ (٣) عن ابن جريج (٤) قال : أخبرنى أبو الزّبير (٥) أنّه سمع أبا واقد البكرىّ بكر قريش يقول : استمتعنا أصحاب (٦) النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) ح والمستدرك : « عنه ».

(٢) « ما روى » فى ح فقط.

(٣) قال ابن الاثير فى اللباب : « الصنعانى بفتح الصاد وسكون النون وفتح العين المهملة وفى آخرها نون ؛ هذه النسبة الى صنعاء وهى مدينة باليمن مشهورة ينسب إليها خلق كثير » وقال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « هشام بن يوسف الصنعانى أبو عبد الرحمن الابناوى قاضى صنعاء روى عن معمر وابن جريج ( الى آخر ما قال ) ».

(٤) قال الزبيدى فى تاج العروس فى « ج ر ج » : « جريج مصغرا اسم رجل وعبد ـ الملك بن جريج تابعى » وقال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « عبد الملك بن عبد ـ العزيز بن جريج الاموى مولاهم أبو الوليد وأبو خالد المكى أصله رومى روى عن حكيمة بنت رقيقة ( الى أن قال ) وسعيد بن الحويرث وأبى الزبير ومحمد بن المنكدر ( الى آخر ما قال ) ».

(٥) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : فى حرف الزاى من باب الكنى : « أبو ـ الزبير المكى هو محمد بن مسلم » وقال فى تهذيب التهذيب : « محمد بن مسلم بن تدرس الاسدى مولاهم أبو الزبير المكى ( الى ان قال ) روى عنه عطاء وهو من شيوخه والزهرى وأيوب وأيمن بن نابل وابن عون والاعمش وسلمة بن كهل وابن جريج ( الى آخر ما قال ) ».

(٦) كتب المحدث النورى (ره) فى ذيل كلمة « أصحاب » : « كذا » وقال فى الهامش : « لعله سقطت هنا كلمة وهى مع أو نحن » أقول : كلمة « أصحاب » هنا منصوب على الاختصاص فلا حاجة الى مع او نحن مضافا الى أن أبا واقد من أصحاب النبي (ص) فلا يستقيم معنى ـ الكلام اذا كانت هنا لفظة مع أو نحن كما هو واضح.


وأخبرنى أبو الزّبير أنّه سمع أبا واقد وهو يقول : قسم النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بيننا غنما فأصابتنى شاتان فاستمتعت بهما.

وروى هشام بن يوسف عن ابن جريج قال : أخبرنى أبو الزّبير قال : سمعت طاوسا يقول : انّ ابن فلان يقول : انّ ابن عبّاس يفتى بالزّنا فبلغ ابن عبّاس فعدّد ابن عبّاس رجالا كانوا من المتعة فلم أذكر ممّن عدّد منهم غير معبد بن أميّة.

وروى هشام عن ابن جريج قال : أخبرنى أبو الزّبير أنّه سمع جابر بن عبد الله الأنصارىّ يقول (١) : كنّا نستمتع (٢) بالقبضة من التّمر والدّقيق الأيّام على عهد النّبيّ (٣) ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأبى بكر حتّى نهى عنها عمر بن الخطّاب فى شأن عمرو بن حريث قال : من أشهدت (٤)؟ ـ قال : أمّى وأختى أو أمّى وأخى فأرسل عمر الى عمرو

__________________

(١) قال المجلسى (ره) فى ثامن البحار فى باب مطاعن عمر ضمن ما ذكره تحت عنوان « الطعن الرابع أنه حرم المتعتين » ( ص ٢٨٦ من طبعة أمين الضرب ) : « وروى مسلم فى صحيحه عن عطاء قال : قدم جابر بن عبد الله معتمرا فجئناه فى منزله فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال : نعم استمتعنا على عهد رسول الله ( صلعم ) وأبى بكر وعمر وروى مسلم أيضا وذكره فى جامع الاصول عن أبى الزبير قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الايام على عهد رسول الله (ص) وأبى بكر وعمر حتى نهى عنه عمر فى شأن عمرو بن حريث ( الى ان قال ) وروى الترمذي فى صحيحه على ما حكاه الشهيد الثانى والعلامة ـ رحمهما الله ـ أن رجلا من أهل الشام سأل ابن عمر عن متعة ـ النساء فقال : هى حلال فقال : ان أباك قد نهى عنها فقال ابن عمر : أرأيت ان كان أبى نهى عنها ووضعها رسول الله (ص) أتترك السنة وتتبع قول أبى!؟ ».

(٢) فى المستدرك : « نتمتع ».

(٣) ج ح والمستدرك : « على عهد رسول الله ».


بن حريث فسأله فأخبره ذلك أمرا ظاهرا فقال عمر : الاّ غيرهما ، فذلك حين نهى عنها.

وروى (١) هشام عن ابن جريج قال : أخبرنى ابن خثيم قال : كانت بمكّة امرأة وكان سعيد بن جبير يكثر الدّخول عليها فقلت : يا با عبد الله (٢) ما أكثر ما تدخل على هذه

__________________

٤ ـ قال المحدث النورى (ره) فى المستدرك فى هامش الحديث : « هنا نقص وخلل ».

أقول : الجزء الاول من الحديث المذكور هنا رواه مسلم فى صحيحه فى باب نكاح المتعة ( ج ١ من طبعة كراجى ص ٤٥١ ، أو ج ٩ من الطبعة المشتملة على شرح النووى ص ١٨٣ ) :

« حدثنى محمد بن رافع قال : حدثنا عبد الرزاق قال : حدثنا ابن جريج قال : أخبرنى أبو الزبير قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الايام على عهد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ وأبى بكر حتى نهى عنه عمر فى شأن عمرو بن حريث » ونقله مؤلف كتاب تشييد المطاعن ضمن ما ذكره من الاحاديث من صحيح مسلم ( انظر ج ٢ ؛ ص ١١٠٢ ) فقول المحدث النورى (ره) فى أن هنا نقصا وخللا راجع الى الجزء الثانى أعنى من قوله : من أشهدت الى آخر الجزء المذكور فمن أراد تصحيحه فليراجع مظانه.

__________________

(١) فى ح فقط.

(٢) هو مخفف « يا أبا عبد الله » والتخفيف باسقاط الهمزة فى نظائر المورد مطرد فى لسان العرب فيقولون : « يا با بصير » و « يا با دلف » أما تكنية سعيد هنا بكنية أبى عبد الله فهو بناء على كون كنيته أبا عبد الله كما هو أحد القولين فى ذلك قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « سعيد بن جبير بن هشام الاسدى الوالبى مولاهم أبو محمد ويقال : أبو


المرأة.! قال : انّا (١) قد (٢) نكحناها متعة.

قال : وأخبرنى أنّ سعيد بن جبير قال : المتعة أحلّ من شرب الماء.

وروى (٣) ابن أبى زائدة (٤) قال أخبرنا اسماعيل بن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم عن ابن مسعود قال (٥) : كنّا نغزو مع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وليس لنا نساء

__________________

عبد الله الكوفى روى عن ابن عباس ( الى ان قال ) وعنه ابناه عبد الملك وعبد الله ( الى ان قال ) والاعمش وابن خثيم ( الى آخر ما قال ) ». وقال أيضا ابن حجر لكن فى تقريب التهذيب فى حرف الخاء المعجمة من باب الكنى : « ابن خثيم هو عبد الله بن عثمان بن خثيم » وقال فى ترجمته : « عبد الله بن عثمان بن خثيم بالمعجمة والمثلثة مصغرا القارى المكى أبو عثمان صدوق من الخامسة مات سنة اثنتين وثلاثين ( خت م عم ) » وقال فى تهذيب التهذيب فى ترجمته : « عبد الله بن عثمان بن خثيم القارى المكى أبو عثمان حليف بنى زهرة روى عن أبى الطفيل وصفية بنت شيبة وقيلة أم بنى أنمار ولها صحبة وعطاء وسعيد بن جبير وأبى الزبير وشهر بن حوشب ومجاهد ( الى آخر ما قال ) ».

__________________

(١) كلمة « انا » لم تذكر فى المستدرك.

(٢) كلمة « قد » لم تذكر فى ح س مث.

(٣) فى جميع النسخ الخمس ( أعنى ج س ق مج مث ) هكذا الا فى ح ففيها « روى ».

(٤) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب فى حرف الزاى المعجمة من باب الكنى : « ابن أبى زائدة هو زكريا وولده يحيى » وقال فى تهذيب التهذيب : « يحيى بن زكريا بن أبى زائدة واسمه خالد بن ميمون بن فيروز الهمدانى الوادعى مولاهم أبو سعيد الكوفى روى عن أبيه والاعمش وابن عون وعاصم الاحول ( الى أن قال ) واسماعيل بن أبى خالد ( الى آخر ما قال ) ».

(٥) فى ثامن البحار فى باب تفصيل مثالب عمر ضمن ما ذكر تحت عنوان « الطعن


فقلنا : ألا نستخصى؟ ـ فنهانا عن ذلك ثمّ رخّص لنا أن ننكح المرأة الى أجل بالثّوب ثمّ قرأ [ عبد الله (١) ] : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (٢).

وروى (٣) هشام عن ابن جريج قال : قال عطاء : سمعت ابن عبّاس يقول : يرحم الله عمر (٤) ما كانت المتعة الاّ رحمة من الله رحم بها أمّة محمّد ـ صلّى الله عليه

__________________

الرابع » ( ص ٢٨٦ من طبعة أمين الضرب ) : « وروى مسلم فى صحيحه وابن الاثير فى جامع الاصول عن قيس قال : سمعت عبد الله يقول : كنا نغز ومع رسول الله (ص) ليس لنا نساء فقلنا ألا نستخصى؟ فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن نستمتع فكان أحدنا ينكح المرأة بالثوب الى أجل ثم قرأ عبد الله : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) ؛ وقد روى هذا الخبر فى المشكاة وعده من المتفق عليه ». وقال السيوطى فى الدر المنثور فى تفسير آية « وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً ؛ آية ٢٤ سورة النساء ( انظر ج ٢ ؛ ص ١٤٠ ) : « وأخرج عبد الرزاق وابن شيبة والبخارى ومسلم عن ابن مسعود قال : كنا نغزو مع رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم وليس معنا نساؤنا فقلنا : ألا نستخصى؟ فنهانا عن ذلك ورخص لنا أن نتزوج المرأة بالثوب الى أجل ثم قرأ عبد الله : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ ».

__________________

(١) « عبد الله » لم يذكر فى النسخ وانما أضفناها لكونها فى الروايتين اللتين نقلناهما عن البحار والدر المنثور.

(٢) آية ٨٧ من سورة المائدة.

(٣) فى ح فقط.


وآله ـ ولو لا نهيه عنها ما احتاج أحد الى الزّنا الاّ شفى (١) قال عطاء : والله لكأنّى أسمع

__________________

٤ ـ قال السيوطى فى الدر المنثور فى تفسير قوله تعالى « فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ( من آية ٢٤ سورة النساء ) ما نصه ( انظر ص ١٤١ من ج ٢ ) : « واخرج عبد الرزاق وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس قال : برحم الله عمر ما كانت المتعة الا رحمة من الله رحم بها أمة محمد ولو لا نهيه عنها ما احتاج الى الزنا الا شفى. قال : وهى التى فى سورة النساء فما استمعتم به منهن الى كذا وكذا من الاجل على كذا كذا قال : وليس بينهما وراثة فان بدا لهما أن يتراضيا بعد الاجل فنعم وان تفرقا فنعم وليس بينهما نكاح ، وأخبر أنه سمع ابن عباس يراها الآن حلالا ».

٥ ـ فى غير ح : « رحم الله ».

(١) ق مج مث والمستدرك : « شقى » ( بالقاف ) قال ابن الأثير فى النهاية : « وفى حديث ابن عباس : ما كانت المتعة الا رحمة رحم الله بها أمة محمد (ص) لو لا نهيه عنها ما احتاج الى الزنا الا شفى أى الا قليل من الناس من قولهم : غابت الشمس إلا شفى أى الا قليلا من ضوئها عند غروبها وقال الازهرى : قوله : الا شفى ؛ اى الا أن يشفى ، أى يشرف على الزنا ولا يواقعه فأقام الاسم وهو الشفى مقام المصدر الحقيقى وهو الاشفاء على الشيء ، وحرف كل شيء شفاه ». وقال الطريحى فى مجمع البحرين : « وفى حديث على ـ عليه‌السلام ـ : لو لا ما سبقنى إليه ابن الخطاب ما زنى من الناس الا شفى ؛ أى الا قليل من قولهم : غابت الشمس الا شفى اى الا قليل من ضوئها لم يغب والمراد بما سبقه هنا تحريم المتعة فانه هو الّذي حرمها بعد رسول الله (ص) ولم تكن محرمة فى زمانه (ص) ولا فى زمان الاول من الخلفاء ، ومثله حديث ابن عباس : ما كانت المتعة الا رحمة رحم الله بها أمة محمد (ص) فلو لا نهيه عنها ما احتاج الى الزنا الا شفى » أقول : مع ذلك قد قرأ الكلمة بعض الناس « شقى » بفتح الشين وكسر القاف وتشديد الياء وأنت خبير بأنه مما لا يعبؤ به بعد تصريح أهل الفن بكون الكلمة بالفاء.


قوله : الآن الاّ شفى.

قال عطاء : فهى الّتي فى سورة النّساء (١) ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ ) قال : الى كذا وكذا من الأجل على كذا وكذا. [ قال (٢) : ] وليس بينهما (٣) وراثة ، فان بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل فنعم ، وان تفرّقا فنعم وليس بنكاح.

قال عطاء : وسمعت ابن عبّاس يراها الآن حلالا (٤).

وأخبرنى أنّه كان يقرأ : فما استمتعتم به منهنّ الى أجل مسمّى [ فآتوهنّ أجورهنّ قال ابن عبّاس : قد حرّف ابىّ (٥) : فما استمتعتم به منهنّ الى أجل مسمّى (٦) ].

__________________

(١) انظر آية ٢٤ من تلك السورة الشريفة.

(٢) هذه الكلمة من اضافاتنا لوجودها فى سائر الكتب المعتبرة كما أشرنا إليها فى الذيل.

(٣) ق مج مث س ج : « بيننا » ولعل وجود هذا التصحيف فى النسخ دعا المحدث النورى (ره) الى ان ذكر فى هامش المستدرك أن « هنا نقص » والا فلا نقص فى الحديث.

(٤) قال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب عند خوضه فى اقامة الدليل الثامن الّذي فى ذكر الاخبار الكثيرة التى رواها المخالفون زيادة على ما مر فى المواضع السابقة ( فساق الاخبار الى أن قال فى ص ١٧٦ ) : « لح ـ الشيخ فضل بن شاذان فى الايضاح من طريق العامة عن هشام عن ابن جريج عن عطاء فى حديث : قال : سمعت ابن عباس يراها ( أى المتعة ) حلالا وأخبرنى أنه كان يقرأ : فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى ».

(٥) كتب المحدث النورى (ره) تحت كلمة « أبى » لفظة : « كذا » وقال فى الهامش : « هنا خلل ». أقول : لا يرى فيه خلل فكأنه (ره) قرأ كلمة « أبى » على غير لفظ العلمية وذلك أن المراد بالكلمة أبى بن كعب قال السيوطى فى الدر المنثور فى تفسير آية : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ ) ( آية ٢٤ سورة النساء ) ما نصه ( انظر ج ٢ ؛ ص ١٤٠ ) : « وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الانبارى فى المصاحف والحاكم وصححه من طرق عن أبى ـ


وروى (١) هشام عن ابن جريج قال : أخبرنى أبو الزّبير قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : استمتعنا أصحاب النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ حتّى نهى عمر فى شأن عمرو بن حريث وقال جابر : اذا انقضى الأجل فبدا لهما أن يتعاودا فليمهرها مهرا آخر.

قال : وسأله بعضنا : كم تعتدّ؟

قال : حيضة واحدة كى تعتدّ بها المستمتع بهنّ.

وروى (٢) بشر بن المفضّل (٣) قال : حدّثنا داود بن أبى هند (٤) عن أبى نضرة (٥) قال :

__________________

نضرة قال : قرأت على ابن عباس : فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى فقلت : ما نقرؤها كذلك فقال ابن عباس : والله لا نزلها الله كذلك. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال فى قراءة أبى بن كعب : فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى. وأخرج ابن أبى داود فى المصاحف عن سعيد بن جبير قال : فى قراءة أبى بن كعب : فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى. وأخرج عبد الرزاق عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرؤها : فما استمتعتم به منهن الى أجل فآتوهن أجورهن وقال ابن عباس فى حرف ابى الى أجل مسمى. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد : فما استمتعتم به منهن قال : يعنى نكاح المتعة ».

(٦) ما بين المعقوفتين ليس فى ق فكأنه قد سقط من قلم الكاتب اشتباها.

__________________

(١) فى ح فقط.

(٢) فى النسخ : « ورواه » بخلاف المستدرك وفصل الخطاب ففيهما كالمتن.

(٣) قال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب ضمن ذكره الدليل الثامن على مدعاه ( ص ١٧٦ ).

« له ـ الشيخ فضل بن شاذان فى الايضاح عن بشر بن المفضل قال : حدثنا داود بن أبى هند عن أبى نضرة قال : سألت ابن عباس عن متعة النساء ( فذكر الحديث الى قوله : فانها كذلك فقال : ) له ـ وفيه عن وكيع قال : حدثنا عيسى القارى عن عمر بن


سألت ابن عبّاس عن متعة النّساء فقال : أو ما تقرأ (١) سورة النّساء قلت : بلى ، قال : وما تقرأ (٢) فيها : فما استمتعتم به منهنّ الى أجل مسمّى؟ ـ قال : لو (٣) قرأتها هكذا لم أسألك عنها قال : فانّها كذلك.

وروى (٤) وكيع قال : حدّثنا عيسى (٥) القارى عن عمر بن مرّة عن سعيد بن جبير أنّه قرأ : فما استمتعتم به منهنّ الى أجل مسمّى.

وروى (٦) أبو ثور (٧) وهشام بن يوسف (٨) عن معمر (٩) عن الأعمش (١٠) قال : ما يختلف

__________________

مرة عن سعيد بن جبير أنه قرأ : فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى ».

أما بشر المذكور فقال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال : « بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشى بالقاف مولاهم أبو اسماعيل البصرى العابد أحد الحفاظ الاعلام عن يحيى بن سعيد وحميد وسهيل وداود بن أبى هند وخلق ».

(٤) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « داود بن أبى هند القشيرى مولاهم أبو بكر أو أبو محمد البصرى ثقة متقن ( الى آخر ما قال ) ».

(٥) قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « أبو نضرة العبدى اسمه المنذر بن مالك بن قطعة العوفى البصرى » وصرح الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال بأنه يروى عن ابن عباس.

__________________

(١) فى المستدرك : « أما قرأت ».

(٢) كأنها قد كانت : « أو ما تقرأ ».

(٣) كذا فى المستدرك لكن فى النسخ وفى فصل الخطاب : « لو لا » وما فى المستدرك أنسب للمقام.

(٤) فى ح فقط.

(٥) سقطت عن القلم فى المستدرك.

(٦) فى ح فقط.


اثنان (١) عن عليّ ـ صلوات الله عليه ـ أنّه قال : لو لا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى فتيانكم هؤلاء.

وروى (٢) بشر بن المفضّل عن أبى قلابة قال : قال عمر : متعتان كانتا على عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنا (٣) أنهى عنهما ؛ وأعاقب عليهما ؛ متعة النّساء ومتعة الحجّ.

[ وروى (٤) بشر بن المفضّل قال : حدّثنا داود بن أبى هند عن سعيد بن المسيّب أنّ عمر نهى عن متعة النّساء ومتعة الحجّ (٥) ].

وروى (٦) عبد الوهّاب عن أيّوب عن أبى قلابة أنّ عمر قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنا أنهى عنهما وأضرب فيهما.

__________________

٧ ـ صرح ابن حجر بأن « أبا ثور » كنية رجلين أحدهما حبيب بن مليكة والاخر ابراهيم ابن خالد.

٨ ـ فى المستدرك : « هشام بن أبى يوسف » فكلمة « أبى » زيدت اشتباها.

٩ ـ معمر بفتح الاول وسكون الثانى وعلى ما ببالى قد أشرت الى ترجمته فيما سبق.

١٠ ـ الاعمش لقب سليمان بن مهران الاسدى الشيعى المعروف بالوثاقة والجلالة عند الفريقين.

__________________

(١) « اثنان » قد سقطت من قلم النورى (ره) فى المستدرك.

(٢) فى ح فقط.

(٣) كلمة « أنا » فى ق ج فقط.

(٤) فى ح فقط.

(٥) هذا الحديث الواقع بين المعقوفتين لم يذكر فى المستدرك فسقط عن قلم مؤلفه الشريف اشتباها لوجوده فى جميع النسخ الست ( أعنى ج ح س ق مج مث ).

(٦) فى ح فقط.


وروى (١) يزيد (٢) بن هارون عن يحيى بن سعيد [ عن نافع (٣) ] عن ابن عمر قال : قال عمر : لو تقدّمت فى متعة النّساء لرجمت فيها (٤).

فهذه رواياتكم (٥) عن علمائكم فى المتعة انّها كانت حلالا على عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وعهد أبى بكر وصدر من إمارة عمر ثمّ نهى عنها عمر برواياتكم (٦).

__________________

(١) فى ح فقط.

(٢) كتب المحدث النورى (ره) فى المستدرك فوق كلمة « يزيد » : « خ ل : بريد » يريد به أن فى نسخة بدل « يزيد » ( بالياء والزاى حتى يكون علما منقولا من يزيد مضارع زاد ) : « بريد » ( بضم الباء وفتح الراء وسكون الياء ) أقول : لا يعبؤ بهذه النسخة لتصريح علماء الرجال بأن يزيد ممن ينقل عن يحيى بن سعيد ولا يرى فيمن نقل عنه رجل آخر يكون اسمه « بريد » حتى يصح تعدد الراويين ويحتمل صحة هذه النسخة أيضا قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب فى حرف الياء المثناة ( ج ١١ ، ص ٣٦٦ ) : « يزيد بن هارون بن وادى ويقال : زاذان بن ثابت السلمى مولاهم ابو خالد الواسطى أحد الاعلام الحفاظ المشاهير قيل : أصله من بخارا روى عن سليمان التيمى وحميد الطويل وعاصم الاحول واسماعيل بن أبى خالد وأبى مالك الاشجعى ويحيى بن سعيد الانصارى ( الى آخر ما قال ) » مضافا الى أنه ليس فى رواة العامة من يكون اسمه بريد مع كونه ابن هارون فتعين كون الكلمة « يزيد » بالياء والزاى.

(٣) كلمتا « عن نافع » لم تذكرا فى المستدرك مع كونهما فى جميع النسخ.

(٤) نقله السيوطى فى الدر المنثور فى ذيل آية المتعة ( ج ٢ ؛ ص ١٤١ ) هكذا : « وأخرج مالك وعبد الرحمن عن عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت : ان ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة فحملت منه فخرج عمر بن الخطاب يجر رداءه فزعا فقال : هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت ».

(٥) كذا فى المستدرك لكن فى جميع النسخ الست ( ج ح س ق مج مث ) : « روايتكم ».

(٦) كذا فى المستدرك لكن فى النسخ الموجودة عندى : « بروايتكم ».


ثمّ أنتم تروون بعد هذا أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ نهى عنها يوم خيبر وتروون أنّه أمر الصّحابة بها يوم الفتح ثمّ نهاهم عنها والفتح كان بعد خيبر فهذا تناقض (١) رواياتكم (٢) واختلافها.

ثمّ تروون أنّ ابن عبّاس نهى عنها وأنّ عليّا ـ صلوات الله عليه ـ قال لابن ـ عبّاس : انّك امرؤ تائه (٣) وابن عبّاس قد كان يفتى بها بعد عليّ ـ صلوات الله عليه ـ وأصحاب ابن عبّاس عطاء وسعيد بن جبير وطاوس وقول عليّ ـ عليه‌السلام ـ : لو لا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى فتيانكم (٤) واقرار عمر على نفسه فى (٥) قوله : متعتان

__________________

(١) فى المستدرك : « يناقض » وكذا فى بعض النسخ.

(٢) فى النسخ والمستدرك : « روايتكم ».

(٣) فى المستدرك : « أمرته » وكتب المحدث النورى (ره) تحت الكلمة : « كذا » أقول : هو مصحف والصحيح ما فى المتن بدليل كون العبارة كما فى المتن فى النسخ مضافا الى كون العبارة منقولة هكذا فى سائر الكتب ؛ قال السيوطى فى الدر المنثور فى تفسير قوله تعالى : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ ) ؛ الآية ( ج ٢ ؛ ص ١٤١ ) : « وأخرج النحاس عن على بن أبى طالب أنه قال لابن عباس : انك رجل تائه ؛ ان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن المتعة » وقال الحافظ نور الدين على بن أبى بكر الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب نكاح المتعة ( ج ٤ ؛ ص ٢٦٥ ) : « وعن محمد بن الحنفية قال : تكلم على وابن عباس فى متعة النساء فقال له على : انك امرؤ تائه ان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن متعة النساء فى حجة الوداع. قلت : فى الصحيح النهى عنها يوم خيبر رواه الطبرانى فى الاوسط ورجاله رجال الصحيح » والى هذا يشير ابن الاثير فى النهاية : « فيه : انك امرؤ تائه أى متكبر أو ضال متحير ومنه الحديث : فتاهت به سفينته وقد تاه يتيه تيها اذا تحير وضل واذا تكبر وقد تكرر فى الحديث ».

(٤) مث س مج والمستدرك : « فتياتكم » وهو تصحيف قطعا.

(٥) هذه الكلمة أعنى « فى » فى ح فقط ؛ ولا بد منها أو من حرف الباء أعنى كون الكلمة « بقوله » حتى يستقيم المعنى.


كانتا على عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنا (١) أنهى عنهما وأعاقب عليهما فلو كان النّبيّ (ص) نهى عنهما لقال : متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) ثمّ نهى عنهما فأنا أنهى عمّا نهى عنه رسول الله (ص). وحديث جابر بن عبد الله : كنّا نستمتع على عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأبى بكر حتّى نهى عنها عمر بن الخطّاب ، فلئن زعمتم أنّ عمر بن الخطّاب نهى عمّا أمر الله به فى كتابه وأمر رسول الله به النّاس لقد (٢) نسبتم عمر الى الخلاف على الله وعلى رسوله بروايتكم هذه ، ولئن كان عمر نهى عمّا نهى عنه رسول الله (ص) لآية نسخت آية المتعة ثمّ لم يعرف ذلك عليّ ـ صلوات الله عليه ـ وابن عبّاس وجابر بن عبد الله الأنصارىّ وابن مسعود والتّابعون مثل عطاء وسعيد بن جبير وطاوس (٣) وعرفتموه أنتم بعد مائتي سنة ؛ انّ هذا لهو العجب.

وان زعمتم أنّكم قد رويتموه عن هؤلاء الرّاوين (٤) [ جميعا فى التّحليل والتّحريم (٥) ] فانّما يكون التّحليل والتّحريم على لسان النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ليس لأحد

__________________

(١) فى المستدرك : « ثم أنا ».

(٢) ح : « فقد » أقول : هذا الاختلاف ناش عما ذكره النحاة ؛ قال ابن مالك :

« واحذف لدى اجتماع شرط وقسم

جواب ما أخرت فهو ملتزم »

« وان تواليا وقبل ذو خبر

فالشرط رجح مطلقا بلا حذر »

« وربما رجح بعد قسم

شرط بلا ذى خبر مقدم »

(٣) مج س ق « طاوس » ( بواوين ) وهو أيضا نظرا الى ما ذكره علماء الادب واللغة فى ضبط الكلمة اذا كان اسما للطائر المعروف أو علما للاشخاص وليطلب الفرق عن موضعه وجرينا هنا فى ضبطها على ما هو المشهور بينهم من كتابتها بواو واحدة.

(٤) ضبط المحدث النورى (ره) هذه الكلمة « الراويين » ( بياءين ) وكتب تحتها « هكذا » ولم أعرف وجهه.

(٥) ما بين المعقوفتين ليس فى المستدرك.


من النّاس أن يحلّ ولا يحرّم (١) بعد النّبيّ (ص) فكيف جاز لهؤلاء ان يحلّلوا بعد النّبيّ (ص) ما حرّم (٢) النّبيّ فى حياته (٣)؟!

فان قلتم : انّهم قد (٤) سمعوا من النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ التّحليل ولم يسمعوا التّحريم ؛ (٥) فكيف يكون ذلك وأنتم تروون عنهم أنّهم حلّلوا (٦) ذلك بعد النّبيّ (ص) وتروون عنهم أنّهم حرّموا ذلك بعد النّبيّ (ص) فهذا (٧) تخليط فى الدّين (٨) ينكره (٩) أولو الألباب (١٠).

ذكر متعة الحجّ (١١)

وأخبرونا عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه كان حرّم متعة النّساء ونهى

__________________

(١) ح : « ولا ان يحرم ».

(٢) كذا فى ح لكن فى غيرها من النسخ وفى المستدرك : « حرمه ».

(٣) هاتان الكلمتان سقطتا من قلم المحدث النورى (ره) فى المستدرك.

(٤) فى ح فقط.

(٥) كأنه قد سقط من هنا كلمة « قلنا » الا أن المعنى مفهوم.

(٦) فى المستدرك : « حرموا ».

(٧) فى المستدرك : « فهذه ».

(٨) كذا فى ح لكن فى غيرها وفى المستدرك : « تخليط الدين ».

(٩) كذا فى المستدرك لكن فى النسخ : « لا ينكره » وعلى ما فى النسخ أيضا يصح المعنى بأن يكون المراد لا ينكر أولو الالباب كون ذلك الامر تخليطا فى الدين.

(١٠) هذا آخر الباب الّذي قلنا فى صدره : ان المحدث النورى (ره) نقل هذا الباب بتمامه اى من قوله « ثم ما تعيبون الشيعة » ( انظر ص ٤٣٣ ) الى هنا أعنى « ينكره أولو ـ الالباب » فى المستدرك فى كتاب النكاح فى باب نوادر ما يتعلق بأبواب المتعة ( ج ٤٢ ص ٥٩٤ ـ ٥٩٣ ).


عنها فهل تروون عنه أنّه نهى عن متعة الحجّ [ وما معنى نهى عمر عن متعة الحجّ (١) ] وقد قال الله تعالى : ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٢) وتروون عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه حجّ حجّة الوداع وأفرد الحجّ وساق الهدى فلمّا دخل مكّة وطاف بالبيت وخرج الى الصّفا فصعد عليه أتاه جبرئيل وهو على الصّفا قائم فقال له : مر أصحابك : من لم يسق منهم الهدى أن يحلّ ويجعلها متعة ؛ فقال رسول الله (ص) لأصحابه : هذا جبرئيل يخبرنى (٣) أن آمركم : من لم يسق الهدى فليحلّ وليجعلها متعة ؛ فأحلّ كلّ من لم يسق الهدى فقال (٤) رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : لو أنّى استقبلت من أمرى ما استدبرت لفعلت مثل ما فعلتم ولكن قد سقت [ الهدى (٥) ] ولا يجوز لى ان احلّ حتّى يبلغ الهدى محلّه ، فقام إليه رجل فقال له : يا رسول الله ألعامنا هذا او للابد؟ ـ فقال : للأبد (٦) ثمّ شبّك بين أصابعه ثمّ قال : دخلت العمرة فى الحجّ هكذا الى يوم القيامة.

__________________

١١ ـ فليعلم أن المصنف ـ رضوان الله عليه ـ قد ذكر متعة الحج بعد متعة النساء جريا على أن المتعتين قد ذكرتا كذلك فى الكتب التى ورد البحث عنها فيها كما أن النهى عنهما من عمر أيضا قد كان كذلك فى قوله المعروف المشهور المسلم بين الفريقين : « متعتان كانتا ؛ الى آخره » وحيث طال بنا الكلام فى الباب السابق بحيث أفضى الى طول كاد أن يوجب الملال فلا نخوض فى باب متعة الحج فى شرح ولا بيان لما فى المتن بل نكتفى بذكر المتن فمن أراد ان يطلع على ما هو المهم فى الباب فليراجع كتاب تشييد المطاعن وكشف الضغائن ( ج ٢ ؛ ص ١٢٦٠ ـ ١٥٠٦ ) فان فيه كفاية للمكتفى.

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس فى ح.

(٢) من آية ١٩٦ سورة البقرة.

(٣) مج ق ج : « يأمرنى ».

(٤) مج مث ج ق : « وقال ».

(٥) ليس فى ح.

(٦) قال ابن الاثير فى النهاية : « وفى حديث الحج قال له سراقة بن مالك : أرأيت متعتنا هذه ألعامنا أم للابد؟ ـ فقال : بل هى للابد ، وفى رواية : ألعامنا هذا أم لا بد؟ ـ فقال : بل لا بد أبد ، وفى أخرى : لا بد الابد ؛ والابد الدهر أى هى لآخر الدهر ».


فهذه الرّواية لا تنكرونها قد روتها الفقهاء والعلماء ؛ فلئن صحّحتم الرّواية وصحّحتم على عمر أنّه نهى عمّا أمر به رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لقد رميتموه بالعظيم ، وان أنتم لم تصحّحوا الرّواية عن النّبيّ (ص) أنّه أمر بمتعة الحجّ لقد رميتم (١) فقهاءكم وعلماءكم (٢) بالكذب على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بروايتكم (٣).

... الى الشّام (٤) فقتل من قتل ثمّ توجّه الى الخوارج فقتلهم ؛ فان كان تعمّد قتل هؤلاء بلا عهد من رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لقد أوجبتم له النّار وغضب الله عليه ولعنه ، فهذه وقيعتكم فى أصحاب محمد (ص).

هذا ؛ وقد روى قبيصة بن عقبة (٥) أبو عامر وهو من فرسان أصحابكم قال : حدّثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت عن الحسن أنّ (٦) قيس بن عبادة (٧) وحارثة بن قدامة أتيا عليّا

__________________

(١) ح : « لقد رويتم ».

(٢) غير ح : « علماءكم وفقهاءكم ».

(٣) فليعلم أن بعد هذه الكلمة فى نسخ ج ح س ق مج مث هذه العبارة : « ورويتم أن النبي (ص) قال لاصحابه : « لترجعن بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض » الى آخر ما نقلناه سابقا على ترتيب نسخة م وأشرنا هناك أيضا الى ذلك ( راجع ص ٢٣٥ ).

(٤) قد سقط من هنا شطر من الكتاب ولا يعرف مقداره الا أن فى جميع النسخ بياضا بمقادير مختلفة وأول الموجود من القسمة الثانية فيها : « الى الشام » وآخر الموجود من القسمة الاولى : « توجه » وما بينهما سقط فلذا وضعنا نقاطا فى المتن حتى يكون علامة للساقط والضائع من مطلب الكتاب.

(٥) فى النسخ : « قبيصة عن علقمة » قال ابن حجر فى التقريب : « قبيصة ( بفتح أوله وكسر الموحدة ) بن عقبة بن محمد بن سفيان السوائى ( بضم المهملة وتخفيف الواو ) أبو عامر الكوفى صدوق ربما خالف من التاسعة مات سنة خمس عشرة على الصحيح / ع » ( أى أخرج حديثه مؤلفوا الاصول الستة ) وصرح فى تهذيب التهذيب فى ترجمته بأنه روى عن حماد بن سلمة وفى ترجمة حماد بأنه روى عن ثابت البنانى.

(٦) كذا فى ح لكن فى غيرها : « عن ».

(٧) كذا فى النسخ والظاهر أن الصحيح : « قيس بن عباد » قال فى التقريب


ـ عليه‌السلام ـ فقالا : هذا الّذي تدعو إليه أشيء (١) عهده أليك رسول الله (ص) أو رأى رأيته؟ ـ فقال : ما لكما ولهذا ؛ أعرضا عن هذا ، قالا : لا نعرض حتّى تخبرنا ، قال : ما عهد إليّ رسول الله (ص) شيئا اخبر النّاس به الاّ كتابا (٢) فى قراب سيفى ثمّ سلّه (٣).

وروى (٤) شبابة بن سوّار المدائنيّ (٥) من أعدى النّاس لعلىّ قال : حدّثنا أبو بكر الهذلىّ عن الحسن قال : لمّا قدم عليّ البصرة قام إليه ابن الكوّاء وقيس بن عبادة فقالا : ألا تحدّثنا عن مسيرك هذا الّذي سرت إليه (٦) تستولى فيه الامر وتضرب النّاس بعضهم ببعض أعهد من رسول الله (ص) عهده أليك؟ ـ فحدّثنا فأنت الموثوق به (٧) المأمون على ما سمعت أو رأى رأيته حين تفرّقت الامم واختلفت الأهواء؟ ـ فقال : أمّا أن يكون عهد من رسول الله (ص) إليّ ؛ فلا ( فى حديث طويل ) يخبره فيه أنّ رسول الله ـ (ص) لم يعهد إليه فى قتال من قاتل ؛ والحديثان جميعا يسند ان الى الحسن البصرىّ حديث قبيصة وحديث شبابة وقد اختلفا (٨) فى الحديثين عن عليّ واختلفا فى

__________________

« قيس بن عباد بضم المهملة وتخفيف الموحدة الضبعى بضم المعجمة وفتح الموحدة أبو ـ عبد الله البصرى ثقة ( الى آخره ) » وصرح فى تهذيب التهذيب بأنه روى عن عمر وعن على وروى عنه الحسن فراجع مظان تحقيقه وأسهل منه أن تجد الحديث بهذا السند فى كتاب معتبر من الاخبار والسير.

__________________

(١) ح : « هذا الّذي تدعو إليه عهد ».

(٢) فى الاصل : « كتاب ».

(٣) هذه الكلمة فى ح فقط.

(٤) فى ح فقط وفى غيرها : « ثم روى ».

(٥) ح : « المدينى » ففى التقريب : « شبابة بن سوار المدائنيّ اصله من خراسان يقال : كان اسمه مروان مولى بنى فزارة ( الى آخر ما قال ) ».

(٦) غير ح : « له ».

(٧) غير ح : « الموثق به ».

(٨) ح : « وقد اختلفوا ».


الرّجلين اللّذين سألاه فهذا ما يستدلّ به على كذبكم وتخليطكم.

وروى محمّد بن أبى الفضل عن سالم بن أبى حفصة عن مازن العائدىّ (١) قال سمعت عليّا صلوات الله عليه يقول : ما وجدت الاّ السّيف او الكفر بما أنزل على محمّد ـ (ص) ـ وروى محمّد بن الفضل وأبو زهير عبد الرّحمن بن المغراء (٢) قالا : حدّثنا الأجلح عن قيس بن مسلم وأبى كلثوم عن ربعى بن حراش قال : سمعت عليّا صلوات الله عليه بالمدائن يقول : جاء سهيل بن عمرو الى رسول الله : ـ (ص) ـ فقال : يا محمّد انّ رجالا من أبنائنا وأقربائنا خرجوا معك ليس بهم الدّين فارجعهم إلينا (٣) فقال ابو بكر : صدق يا رسول الله ، فقال رسول الله ـ (ص) : لن تنتهوا يا معاشر قريش حتّى يبعث الله عليكم رجلا قد امتحن الله قلبه للايمان يضرب رقابكم على الدّين وانتم تجفلون عنه اجفال النّعم فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله؟ ـ فقال (ص) : لا ، فقال عمر : أنا هو يا رسول الله؟ ـ فقال : لا ولكنّه خاصف النّعل (٤) وفى يدى نعل أخصفها

__________________

(١) كذا فى النسخ.

(٢) ح : « المعراب ».

(٣) غير ح : « علينا ».

(٤) فليعلم أن هذا الحديث معروف بهذا العنوان اى بعنوان خاصف النعل ومذكور فى كتب كثيرة فمن أراد مواضعه فلينظر غاية المرام وبحار الانوار وغيرهما قال المحدث القمى فى سفينة البحار فى خصف « حديث خاصف النعل وقد رواه جماعة من الشيعة والسنة فمن الروايات فى ذلك أن النبي (ص) قال يوم الحديبية لسهل بن عمرو وقد سأله رد جماعة : يا معشر قريش لتنتهن او ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين وقد امتحن الله قلبه بالايمان فقال بعض من حضر : يا رسول الله أبو بكر ذلك الرجل؟ ـ قال : لا ، قال : فعمر؟ ـ قال : لا ، ولكنه خاصف النعل وكان قد أعطى عليا نعله يخصفها. وفى رواية أخرى عن أبى سعيد الخدرى قال : قال النبي (ص) : ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله؟ ـ قال : لا ، قال عمر : أنا هو يا رسول الله؟ ـ قال : لا ، ولكنه خاصف النعل فابتدرنا ننظر فاذا هو على يخصف نعل رسول الله (ص) الى غير ذلك ح م ٤٥٦ وح لز ٤٤١ وو ن ٥٦٠ شا ٥٦٣ وط سه ٣١٩ ».


لرسول الله ـ (ص) ـ.

وروى اسحاق بن اسماعيل عن عمرو بن أبى قيس عن ميسرة النّهدىّ عن المنهال بن عمرو الأسدىّ قال : أخبرنى رجل من بنى تميم قال : نزلنا مع عليّ صلوات الله عليه ـ ذاقار ونحن نرى أنّا سنختطف من يومنا ، فقال : والله لتظهرنّ على هذه القرية ولتقتلنّ هذين الرّجلين يعنى طلحة والزّبير ولتستبيحنّ عسكرهما فقال التّميمىّ : فأتيت ابن عبّاس فقلت : أما ترى ابن عمّك ما يقول ...؟! والله ما نرى أن نبرح حتّى نختطف من يومنا : فقال ابن عبّاس : لا تعجل حتّى ننظر ما يكون فلمّا كان من أمر البصرة ما كان أتيته فقلت : لا أرى ابن عمّك الاّ قد صدق فقال : ويحك انّا كنّا نتحدّث أصحاب محمّد أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عهد إليه ثمانين عهدا ولعلّ هذا ممّا عهد إليه فهذا [ هو ] الدّليل على أنّه لم يقتل من قتل ولم يجرّد السّيف فى المسلمين الاّ بعهد عهده إليه رسول الله ـ (ص) ـ الاّ أنّكم أردتم أن تلزموه الخطأ فى الأمر العظيم وتصرفون ذلك عن غيره تعدّيا وظلما وجرأة على الله فبعدا للقوم الظّالمين.

وروى إسحاق بن إسماعيل ، عن هيثم بن بشير (١) عن اسماعيل بن سالم عن أبى ـ ادريس عن عليّ بن أبى طالب ـ صلوات الله عليه ـ أنّه قال : فيما عهد إليّ النبىّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ انّ الأمة ستغدر بك بعدى. وروى (٢) عن حمّاد الابحّ (٣) عن ابن ـ عوف (٤) عن ابن سيرين عن عبيدة (٥) السّلمانى قال : لمّا قتل عليّ ـ صلوات الله عليه ـ

__________________

(١) فى النسخ : « وهشيم بن بشير ».

(٢) ج س مج مث ق : « ورواه ».

(٣) فى باب اللقب من تقريب التهذيب : « الابح حماد بن يحيى » وفى ترجمته تحت عنوان اسمه « حماد بن يحيى الابح بالموحدة المفتوحة بعدها مهملة أبو بكر السلمى البصرى ( الترجمة ) ».

(٤) ج ق مج : « عن ابن عون ».

(٥) فى النسخ « أبو عبيدة » او « ابن عبيدة » ؛ قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب ـ


أهل النّهروان قال : انظروا هل تجدون رجلا مخدج اليد (١) فطلبوه فلم يقدروا عليه ، ففتّشوه فوجدوه فى القتلى فى حفرة فأخرجوه فاذا عضده كأنّها ثدى امرأة فقال عليّ (ع) : صدق الله ورسوله لو لا أن تبطروا (٢) لأخبرتكم بما وعد الله من يقتل هؤلاء

__________________

الكمال : « عبيدة بن عمرو السلمانى باسكان اللام قبيلة من مراد مات النبي (ص) وهو فى الطريق عن على وابن مسعود وعنه الشعبى والنخعى وابن سيرين ( الترجمة ) ».

__________________

(١) فى النسخ : « مجذع اليد ، او معذن ، او موذن ، او معدن ، او مودن » ؛ قال ابن الاثير فى النهاية ( فى خ د ج ) : « وخديج فعيل بمعنى مفعل اى مخدج ومنه حديث سعد : أنه أتى النبي (ص) بمخدج سقيم اى ناقص الخلق ومنه حديث ذى الثدية انه مخدج اليد » وقال ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة ضمن نقله قتل ذى الثدية ( ج ١ طبعة مصر ص ٢٠٥ ) :

« وروى جميع أهل السير كافة أن عليا ـ عليه‌السلام ـ لما طحن القوم طلب ذا الثدية طلبا شديدا وقلب القتلى ظهرا لبطن فلم يقدر عليه فساءه ذلك وجعل يقول : والله ما كذبت ولا كذبت اطلبوا الرجل وانه لفى القوم ، فلم يزل يتطلبه حتى وجده وهو رجل مخدج اليد كأنها ثدى فى صدره ».

(٢) قال ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة ضمن ذكره أخبار الخوارج ؛ ضمن شرحه ما نقله السيد من خطبة لامير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ فى تخويف أهل نهروان ( ج ١ من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ؛ ص ٢٠٢ ) :

« وفى كتاب صفين للواقدى عن على ـ عليه‌السلام ـ : لو لا ان تبطروا فتدعوا العمل لحدثتكم بما سبق على لسان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لمن قتل هؤلاء » ونقله المجلسى (ره) فى ثامن البحار فى باب اخبار النبي (ص) بقتل الخوارج ص ٥٩٩ ) وأيضا فى الباب نقلا عن الشرح نقلا عن الغارات للثقفى بسنده عن زر بن حبيش قال : سمعت عليا (ع) يقول : أنا فقأت عين الفتنة ولو لا أنا ما قوتل أصحاب أهل النهروان ولا أصحاب الجمل ولو لا أنى


على لسان نبيّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فقال له أبو عبيدة السّلمانىّ : أنت سمعت هذا من رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى وربّ الكعبة.

وروى يحيى بن يعلى الحاشرىّ (١) عن يونس بن خبّاب (٢) عن أنس بن مالك قال : خرجت أنا وعليّ بن أبى طالب مع النّبيّ ـ (ص) ـ فى حيطان المدينة فمررنا بحديقة فقال عليّ : ما أحسن هذه الحديقة يا رسول الله! فقال : حديقتك فى الجنّة أحسن منها ؛ حتّى عدّ سبع حدائق ، ثمّ وضع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ رأسه هاهنا من عليّ ـ صلوات الله عليه ـ وأومى بيده الى منكبيه ثمّ بكى رسول الله ـ (ص) فقال عليّ : ما يبكيك يا رسول الله؟ ـ فقال : ضغائن (٣) فى صدور أقوام (٤) لن يبدوها حتّى يفقدونى أو يفارقونى (٥).

__________________

أخشى أن تتكلموا فتدعوا العمل لاخبرتكم بالذى قضى الله على لسان نبيكم لمن قاتلهم مبصرا بضلالهم عارفا للهدى الّذي نحن عليه » وأيضا فى الباب ( ص ٦٠٦ ) نقلا عن الغارات : « وأيم الله لو لا أن تتكلموا وتدعوا العمل لحدثتكم بما قضى الله على لسان نبيكم لمن قاتلهم مبصرا لضلالتهم عارفا للهدى الّذي نحن عليه » الى غير ذلك مما فى مضمونه.

__________________

(١) ج س ق مج مث : « ورواه عن يحيى بن يعلى الحارى » والمظنون بالظن المتاخم للعلم أنه يحيى بن يعلى الاسلمى القطوانى أبو زكريا الكوفى وهو ممن روى عن يونس بن خباب كما صرح به العسقلانى فى تهذيب التهذيب فراجع ان شئت.

(٢) فى تقريب التهذيب : « يونس بن خباب بمعجمتين وموحدتين الاسدى مولاهم الكوفى ( الترجمة ) » وفى تهذيب التهذيب فى ترجمته : « ويروى عنه يحيى بن يعلى الاسلمى ».

(٣) فى النسخ : « لضغائن ».

(٤) ح : « قوم ».

(٥) فليعلم أن هذا الحديث معروف ومشهور جدا ونقله علماء الفريقين فى كتبهم قال


وروى عبد الرّزّاق عن أبيه عن مينا (١) مولى عبد الرّحمن بن عوف قال : سمع عليّ بن أبى طالب صلوات الله عليه ـ ضوضاة (٢) فى عسكره فقال : ما هذا؟ ـ فقيل :

__________________

العلامة الحلى فى نهج الحق وكشف الصدق بعد نقله من كتاب المناقب لابى بكر أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ من الجمهور باسناده الى ابن عباس ( انظر احقاق الحق ص ٢٧٩ ) « فاذا كان علماؤهم قد رووا مثل هذه الرواية لم يخل اما أن يصدقوا فيجب العدول عنهم واما ان يكذبوا فلا يجوز التعويل على شيء من رواياتهم البتة » واشار المحدث القمى الى موارد نقله فى سفينة البحار فى لفظ ح د ق بهذه العبارة : « خبر الحدائق السبع التى رآها أمير المؤمنين (ع) فى المدينة وقال فى كل منها : ما أحسنها من حديقة وقال له النبي (ص) : ولك فى الجنة أحسن منها ثم اعتنقه النبي (ص) ثم أجهش باكيا وقال : بأبى الوحيد الشهيد فعن أمير المؤمنين (ع) قال : قلت : يا رسول الله ما يبكيك؟ ـ فقال : ضغائن فى صدور أقوام لا يبدونها لك الا من بعدى أحقاد بدر وترات أحد ، قلت : فى سلامة من دينى؟ ـ قال : فى سلامة من دينك ح ب ١٢ الى ١٧ وح ٧٣٧ وط سح ٥٠٨ » ( يريد بالرموز المجلد الثامن ، الباب الثانى ، ص ١٢ ـ ١٧ ، وأيضا المجلد الثامن ص ٧٢٧ والمجلد التاسع ص ٥٠٨ والصفحات كلها من طبعة أمين الضرب ) ونقله السيد هاشم البحرانى فى غاية المرام فى الباب الثالث والستين عن ابن أبى الحديد ( ص ٥٧٠ ) وكذا فى الباب الخامس والستين ( ص ٥٧٢ ) وسنده هكذا : « قال : روى يونس بن خباب عن أنس بن مالك ( الحديث ) والحديث المذكور فى المتن ملخص فمن أراده كما ورد فليراجع الموارد المشار إليها.

__________________

(١) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « مينا بكسر الميم وسكون التحتانية ثم نون ابن أبى مينا الخزاز مولى عبد الرحمن بن عوف ( الترجمة ) ».

(٢) قال الزمخشرى فى الاساس : « وسمعت ضوضأة الجيش جلبته ، وضوضأ


قتل معاوية ، فقال : كلاّ وربّ الكعبة لا يقتل حتّى تجتمع الأمّة عليه فقيل له : يا أمير المؤمنين فبم تقاتله؟ ـ قال : ألتمس العذر فيما بينى وبين الله.

فهذه أحاديث يرويها فقهاؤكم الّذين تثقون بهم على أنّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قد عهد الى عليّ ـ صلوات الله عليه ـ امورا وأسرّها إليه وأخبره بما يلقاه بعده وعهد إليه فى ذلك عهودا وأنتم تكذّبونه وتدفعونه بجهدكم (١) بغضا له وحسدا فان كذّبتم بها فانّما تكذّبون أصحابكم وفقهاءكم.

ثمّ روايتكم على عبد الله بن عمر أنّ رجلا سأله عن مسألة وعنده رجل من اليهود يقال له : يوسف ، فقال ابن عمر : سل يوسف ؛ فانّ الله يقول : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ ـ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (٢) فزعمتم أنّ ابن عمر قال : انّ أهل الذّكر الّذين أمر الله أن نسألهم هم اليهود والنّصارى (٣) ، ولو سألنا اليهود والنصارى عن ديننا لدعونا الى ما فى

__________________

وضوضأت » وقال الجوهرى : « الضوضاة أصوات الناس وجلبتهم يقال : ضوضو بلا همز وضوضيت أبدلوا من الواو ياء » وقال ابن الاثير : « الضوضاة أصوات الناس وجلبتهم وهى مصدر ».

__________________

(١) ح : « جهدكم ».

(٢) ذيل آيتين ؛ احداهما آية ٤٣ سورة النحل وثانيتهما آية ٧ سورة الأنبياء.

(٣) كأن مورد السؤال عن ابن عمر كان من أمور تنطبق على ما رووه فى كتبهم أن السؤال عن اليهود والنصارى فى تلك الامور مورد الامر فى الآية ؛ ويستفاد ذلك مما رووه فى تفسير الآية قال السيوطى فى الدر المنثور فى تفسير الآية ( آية ٤٣ ) من سورة النحل : « وما أرسلنا قبلك ؛ الآية أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن عباس قال : لما بعث الله محمدا رسولا أنكرت العرب ذلك ومن أنكر منهم قالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد فأنزل الله : أكان للناس عجبا أن أوحينا الى رجل منهم وقال : وما


أيديهم ، فهذا من عجائبكم وكذبكم وروايتكم الباطل على اصحاب رسول الله ـ (ص) ـ.

ثمّ روايتكم عن ابن عمر أنّه قال : لمّا بايع النّاس أبا بكر : سمعت سلمان الفارسى ـ رضى الله عنه ـ يقول : كرديد ونكرديد (١) أما والله لقد فعلتم فعلة أطمعتم فيها

__________________

أرسلنا من قبلك الا رجالا نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون يعنى فاسألوا أهل الذكر والكتب الماضية أبشرا كانت الرسل الذين أتتهم أم ملائكة فان كانوا ملائكة أتتكم ، وان كانوا بشرا فلا تنكروا ان يكون رسولا ثم قال : وما أرسلنا من قبلك الا رجالا نوحى إليهم من أهل القرى أى ليسوا من أهل السماء كما قلتم. وأخرج ابن أبى ـ حاتم عن السدى فى قوله : وما أرسلنا من قبلك الا رجالا قال : قالت العرب : لو لا أنزلت علينا الملائكة؟ قال الله : ما أرسلت الرسل الا بشرا فاسألوا يا معشر العرب أهل ـ الذكر وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين جاءتهم قبلكم ان كنتم لا تعلمون أن الرسل الذين كانوا قبل محمد كانوا بشرا مثله فانهم سيخبرونكم أنهم كانوا بشرا مثله. وأخرج الفريابى وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن ـ ابى حاتم وابن مردويه عن ابن عباس فاسألوا أهل الذكر يعنى مشركى قريش أن محمدا رسول الله فى التوراة والإنجيل. وأخرج ابن أبى حاتم عن سعيد بن جبير فى قوله : فاسألوا أهل الذكر قال : نزلت فى عبد الله بن سلام ونفر من أهل التوراة كانوا أهل كتب يقول : فاسألوهم ان كنتم لا تعلمون أن الرجل ليصلى ويصوم ويحج ويعتمر وانه لمنافق قيل : يا رسول الله بما ذا دخل عليه النفاق؟ ـ قال : يطعن على امامه وامامه من قال الله فى كتابه : فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ».

أقول : أما أصل الحكاية التى أشار إليها المصنف (ره) فى المتن فلم أجدها في كتاب.

__________________

(١) نقل الطبرسى فى الاحتجاج تحت عنوان « ذكر طرف مما جرى بعد وفاة رسول الله (ص) من اللجاج والحجاج فى أمر الخلافة » ضمن حديث طويل ( ص ٤٢ من طبعة ايران


الطّلقاء ولعناء رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ابن عمر : فلمّا سمعت سلمان يقول ذلك أبغضته وقلت : لم يقل هذا الاّ بغضا منه لأبى بكر.

قال ابن عمر : فأبقانى الله حتّى رأيت مروان بن الحكم يخطب على منبر ـ رسول الله ـ (ص) ـ : فقلت : ـ رحم الله أبا عبد الله ـ لقد قال ما قال بعلم كان عنده.

فلئن كان ما رويتم من قول سلمان حقّا لقد خطّأ سلمان أصحاب محمد ـ (ص) ـ فى بيعة أبى بكر ، ولئن كان باطلا لقد كذبتم على سلمان وهو من خيار أصحاب محمّد ـ (ص) ـ ومن اشتاقت إليه الجنّة بروايتكم فلستم تنجون من احدى الخلّتين.

وزعمتم عن ابن عمر أنّ رجلا سأله عن مسألة فلم يدر ما يجيبه فقال له : اذهب الى ذلك الغلام فاسأله وأعلمنى ما يجيبك وأشار له الى أبى جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليهم فأتاه (١) الرّجل فأجابه فرجع الى ابن عمر فأخبره فقال ابن عمر : انّهم قوم مفهمون (٢).

ثمّ تروون عن عليّ بن أبى طالب ـ صلوات الله عليه ـ أنّه قال لأبى جحيفة (٣)

__________________

سنة ١٣٤٢ ) ما نصه : ثم قام سلمان الفارسى وقال : كرديد ونكرديد أى فعلتم ولم تفعلوا وقد كان امتنع من البيعة قبل ذلك حتى وجئ عنقه ( الحديث ) » ونقل المجلسى الحديث بهذه العبارة فى ثامن البحار ( انظر ص ٣٩ من طبعة أمين الضرب ) ونقل فى هامشه أن العبارة فى نسخة بدل ما نقل هكذا : « فقال : كرديد ونكرديد وندانيد كه چه كرديد اى فعلتم ولم تفعلوا وما علمتم ما فعلتم » والعبارة من الشهرة عند أهل الرد والقبول بمكان لا ينتطح فيه عنزان فمن أراد الاطلاع عليها فليراجع مظانها أما عبارات النسخ ففى س مث : « كردند ونكردند » وج مج ق : « كردند وناكردند » وح كما فى المتن.

__________________

(١) فى الاصل : « فأتى ».

(٢) فى الصحاح : « استفهمنى الشيء فأفهمته وفهمته تفهيما ».

(٣) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب فى باب الكنى : « أبو جحيفة بالتصغير


وقد سأله : هل عندكم شيء سوى الوحى؟ ـ فقال : لا والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة الاّ أن يعطى الله فهما فى كتابه أو ما (١) فى الصّحيفة ، قلت : وما فى الصّحيفة؟ (٢) قال : العقل ، وفكاك الأسير ، وأن لا يقتل المسلم (٣) بكافر.

__________________

اسم وهب بن عبد الله ، تقدموا » وقال فى موضعه من حرف الواو : « وهب بن عبد الله السوائى بضم المهملة والمد ويقال اسم أبيه وهب أيضا أبو جحيفة مشهور بكنيته ويقال له وهب الخير صحابى معروف وصحب عليا ومات سنة أربع وسبعين / ع » ويريد برمز العين أنه ممن أخرج حديثه أصحاب الاصول الستة جميعا وقال المحدث القمى فى سفينة البحار : « أبو جحيفة كجهينة وهب بن عبد الله الصحابى عده الشيخ من أصحاب على عليه‌السلام والبرقى من أصحابه عليه‌السلام من مصر وعن اسد الغابة أنه من صغار الصحابة ذكروا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مات وأبو جحيفة لم يبلغ الحلم ولكنه سمع من رسول الله (ص) وروى عنه وجعله على بن أبى طالب على بيت المال بالكوفة وشهد معه مشاهده كلها وكان يحبه ويثق إليه ويسميه وهب الخير ووهب الله أيضا الى ان قال : وروى عنه عون أنه أكل ثريدة بلحم وأتى رسول الله (ص) وهو يتجشأ فقال : اكفف عليك جشاءك أبا جحيفة فان أكثرهم شبعا فى الدنيا أكثرهم جوعا يوم القيامة قال : فما أكل أبو جحيفة ملء بطنه حتى فارق الدنيا كان اذا تعشى لا يتغدى واذا تغدى لا يتعشى وتوفى فى إمارة بشير بن مروان بالبصرة سنة ٧٢ عب وقال أيضا : انه كان على شرطة على بن أبى طالب عليه‌السلام وكان يقوم تحت منبره وكان يسميه وهب الخير ».

__________________

(١) فيما يأتى من صحيح البخارى « وما ».

(٢) س ق مج مث : « وأى صحيفة » ج : « وأى الصحيفة » ح : « وما فى الصحيفة » كما فى المتن وهكذا فى صحيح البخارى كما يأتى.

(٣) كذا معرفا باللام فى جميع النسخ لكن فى صحيح البخارى وسائر كتب : « مسلم » منكرا كما يأتى اما الحديث فهو من الاحاديث المعتبرة فقد رواه البخارى فى


وأنتم تزعمون أنّ الشّيعة يقولون (١) : انّ آل محمّد يلهمون العلم الهاما بغير تعليم فأنتم الّذين تروون ذلك اذ (٢) رويتم أنّ ابن عمر قال : انّهم قوم مفهّمون وأنّ عليّا قال : ما عندى سوى الوحى الاّ أن يعطى الله فهما (٣) فهل الفهم الاّ إلهام يلهمه الله

__________________

صحيحه فى أربعة مواضع ؛ الاول فى كتاب العلم ( ص ٢٠ ـ ٢١ ج ١ من طبعة مصر سنة ١٣٢١ ه‍ ) والثانى فى كتاب الجهاد فى باب فكاك الاسير ( انظر ج ٢ ص ١١٥ من الطبعة المشار إليها ) والثالث فى كتاب الديات فى باب العاقلة ( انظر ج ٤ من الطبعة المذكورة ؛ ص ١١٧ ) والرابع أيضا فى كتاب الديات لكن فى « باب لا يقتل المسلم بالكافر » ( راجع ص ١١٨ من الجزء الرابع من الطبعة المشار إليها ) ونص عبارته فى كتاب الجهاد هكذا : « حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زهير ، حدثنا مطرف ، أن عامرا حدثهم عن أبى جحيفة ـ رضى الله عنه ـ قال : قلت لعلى ـ رضى الله عنه ـ : هل عندكم شيء من الوحى الا ما فى كتاب الله؟ ـ قال : لا والّذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه الا فهما يعطيه الله رجلا فى القرآن وما فى هذه الصحيفة قلت : وما فى الصحيفة؟ ـ قال : العقل وفكاك الاسير وأن لا يقتل مسلم بكافر ». وفى سائر الموارد المشار إليها ذكره بألفاظ متفاوتة وأسناد مختلفة لكن المعنى فى جميعها محفوظ لا يتغير. ونقله أحمد بن حنبل فى مسنده هكذا ( ج ١ ص ٧٩ طبعة دار صادر بيروت ) : حدثنا عبد الله ، حدثنى أبى ، حدثنا سفيان ، عن مطرف عن الشعبى عن أبى جحيفة قال : سألنا عليا ـ رضى الله عنه ـ هل عندكم من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم شيء بعد القرآن؟ ـ قال : لا والّذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهم يؤتيه الله عز وجل رجلا فى القرآن أو ما فى الصحيفة قلت : وما فى الصحيفة؟ ـ قال : العقل وفكاك الاسير ولا يقتل مسلم بكافر ». ونقله النسائى فى سننه فى كتاب القسامة والترمذي والدارمى أيضا لكنها فى كتاب الديات الى غير ذلك من موارد نقله.

__________________

(١) ج مج ق : « تقول ».

(٢) فى النسخ : « ورويتم ».

(٣) غير ح : « عبدا فهما ».


العبد (١)؟ وأنتم تزعمون أنّ الرّأى مباح لكم اذا ورد عليكم ما لا تجدونه فى الكتاب ولا ـ فى السّنّة فهل الرّأى الاّ إلهام يلقيه الله فى قلب الرّجل فيقول به؟! وكذلك الالهام يلهمه الله الرّجل فيقول به.

مع أنّ الشّيعة لا تقول بذلك (٢) ولا تؤمن بما تقولون به (٣) من الرّأى والالهام والدّليل على ذلك قول عليّ بن أبى طالب ـ صلوات الله عليه ـ ؛ ما عندنا الاّ ما فى كتاب الله أو (٤) ما فى الصّحيفة وصدق عليّ ـ عليه‌السلام ـ ما كان عنده الاّ ما فى كتاب الله لأنّ كتاب الله يجمع العلم كلّه الّذي يحتاج إليه النّاس فى أمر دينهم فكلّ ما كان فى الصّحيفة فهو تفسير لما فى كتاب الله.

وأنتم تنفرون (٥) أن يقال : عند آل محمّد صحيفة فيها علم الحلال والحرام بخطّ عليّ واملاء رسول الله (٦) ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فان كان ما رووه عنهم حقّا انّهم قالوا

__________________

(١) قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : أسألك رحمة من عندك تلهمنى بها رشدى ؛ الالهام أن يلقى الله فى النفس أمرا يبعثه على الفعل او الترك وهو نوع من الوحى يخص الله به من يشاء من عباده وقد تكرر فى الحديث ».

(٢) غير ح : « ذلك ».

(٣) فى النسخ : « بما تقولونه ».

(٤) كذا صريحا بلفظة « أو » وتقدم أن بدلها فى رواية صحيح البخارى « و ».

(٥) ح : « تتنفرون ».

(٦) يستفاد من هذه العبارة صريحا أن ليس مراد الفضل بن شاذان من الصحيفة هنا صحيفة كانت فى قراب سيف أمير المؤمنين (ع) وكانت مشتملة على أحكام قليلة أو وصايا معدودة بل مراده صحيفة ورد ذكرها فى أخبار كثيرة وتشتمل على جميع ما يحتاج إليه الناس حتى أرش الخدش فالاولى أن نذكر طرفا مما يدل على ذلك فنقول والله المستعان :

قال الطريحى (ره) فى مجمع البحرين : « والصحيفة قطعة من جلد أو قرطاس كتب فيه ومنه صحيفة فاطمة ـ عليها‌السلام ـ روى أن طولها سبعون ذراعا فى عرض الاديم فيها كل ما يحتاج الناس إليه حتى أرش الخدش سئل ـ عليه‌السلام ـ : وما مصحف فاطمة؟ قال : ان فاطمة مكثت بعد رسول الله خمسة وأربعين يوما وكان دخلها حزن شديد على أبيها


ذلك فليس بعظيم ولا منكر أن يكون عليّ بن أبى طالب ـ صلوات الله عليه ـ

__________________

فكان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه ويخبرها بما يكون بعدها فى ذريتها وكان على (ع) يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة ، وفى رواية أخرى عن الصادق (ع) : مصحف فاطمة فيه مثل قرآنكم هذا ؛ ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد وليس فيه من حلال ولا حرام ولكن فيه علم ما يكون ».

قال العلامة المجلسى ـ رفع الله درجته ـ فى سابع البحار فى باب جهات علومهم عليهم‌السلام وما عندهم من الكتب ( ص ٢٧٩ ـ ٢٨٠ من طبعة أمين الضرب ) ما نصه :

« ير ( يريد به بصائر الدرجات للصفار ) الحسن بن على بن النعمان عن أبيه على بن النعمان عن بكر بن كرب قال : كنا عند أبى عبد الله عليه‌السلام فسمعناه يقول : أما والله ان عندنا ما لا نحتاج الى الناس ، وان الناس ليحتاجون إلينا ، ان عندنا الصحيفة سبعون ذراعا بخط على (ع) واملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على أولادهما فيها من كل حلال وحرام ، انكم لتأتوننا فتدخلون علينا فنعرف خياركم من شراركم. ير ـ محمد بن الحسين عن ابن محبوب عن على بن رئاب عن أبى عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن الجامعة قال : تلك صحيفة سبعون ذراعا فى عرض الاديم مثل فخذ الفالج فيها كل ما يحتاج الناس إليه وليس من قضية الا هى فيها حتى أرش الخدش بيان ـ الاديم الجلد أو أحمر أو مدبوغه ، والفالج الجمل الضخم ذو السنامين يحمل من السند للفحل. ير ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن ابن أبى عمير عن محمد بن حمران عن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان عندنا لصحيفة سبعون ذراعا املاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخط على بيده ؛ ما من حلال والا حرام الا وهو فيها حتى أرش الخدش ير ـ أحمد بن محمد عن الاهوازى عن بعض رجاله عن أحمد بن عمر الحلبى عن أبى بصير قال : قال أبو عبد الله (ع) : يا با محمد ان عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة قال : قلت : جعلت فداك وما الجامعة؟ ـ قال : صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله (ص) أملا من فلق فيه وخطه على (ع) بيمينه


كتب ما سمع من رسول الله فأثبته وورّث العلم ولده وأنتم الفقيه منكم يورث ولده المائة

__________________

فيها كل حلال وحرام وكل شيء يحتاج إليه الناس حتى الارض فى الخدش بيان ـ قال الجوهرى : كلمنى من فلق فيه بالكسر ويفتح أى من شقه. ير ـ ابن يزيد عن ابن أبى عمير عن ابراهيم بن عبد الحميد وأبى المعزى عن حمران بن أعين عن أبى جعفر (ع) قال : أشار الى بيت كبير وقال : يا حمران ان فى هذا البيت صحيفة طولها سبعون ذراعا بخط على عليه‌السلام واملاء رسول الله (ص) لو ولينا الناس لحكمنا بما أنزل الله لم نعد ما فى هذه الصحيفة. ير ـ ابن يزيد عن الوشاء عن ابن سنان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ان عندنا صحيفة من كتب على عليه‌السلام طولها سبعون ذراعا فنحن نتبع ما فيها لا نعدوها. وسألته عن ميراث العلم ما بلغ أجوامع هو من العلم أم فيه تفسير كل شيء من هذه الأمور التى يتكلم فيه الناس مثل الطلاق والفرائض؟ فقال : ان عليا (ع) كتب العلم كله القضاء والفرائض فلو ظهر أمرنا لم يكن شيء الا فيه سنة نمضيها. ير ـ ابن يزيد عن محمد بن أبى ـ عمير عن محمد بن حمران عن سليمان بن خالد قال : سمعته يقول : ان عندنا لصحيفة يقال لها الجامعة ما من حلال ولا حرام الا وهو فيها حتى أرش الخدش. ير ـ أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن على بن أبى حمزة عن أبى بصير عن أبى جعفر (ع) قال : أخرج الى أبو جعفر عليه‌السلام صحيفة فيها الحلال والحرام والفرائض قلت : ما هذه؟ قال : هذه املاء رسول الله (ص) وخطه على عليه‌السلام بيده قال : قلت : فما تبلى؟ قال : فما يبليها؟! قلت : وما تدرس؟ قال : وما يدرسها؟! قال : هى الجامعة أو من الجامعة. بيان ـ قوله (ع) : فما يبليها؟! أى أى شيء يقدر على ابلائها والله حافظها لنا ، أو لا تقع عليها الايدى كثيرا حتى تبلى أو تدرس وتمحى. ير ـ يعقوب بن اسحاق الرازى الحريرى عن أبى ـ عمران الارمنى عن عبد الله بن الحكم عن منصور بن حازم وعبد الله بن أبى يعفور قالا : قال أبو عبد الله (ع) : ان عندنا صحيفة طولها سبعون ذراعا فيها ما يحتاج إليه حتى أن فيها أرش الخدش. ير ـ أحمد بن الحسن عن أبيه عن ابن بكير عن محمد بن عبد الملك قال : كنا


جلد أو أكثر أو أقلّ (١) ممّا قد سمع وكتب فلا ينكر ذلك بعضكم على بعض ، وتنكرون

__________________

(١) س ق مج مث : « وأكثر وأقل » ج : « أو أكثر وأقل » ح : « والاكثر والاقل ».

__________________

عند أبى عبد الله عليه‌السلام نحوا من ستين رجلا قال : فسمعته يقول : عندنا والله صحيفة طولها سبعون ذراعا ما خلق الله من حلال أو حرام الا وهو فيها حتى أن فيها أرش الخدش. ير ـ محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن المنخل بن جميل عن جابر بن يزيد عن أبى جعفر (ع) قال : قال أبو جعفر (ع) : ان عندى لصحيفة فيها تسعة عشر صحيفة قد حباها رسول الله (ص). ير ـ محمد بن عيسى عن صفوان عن عبد الله بن مسكان عن زرارة قال : دخلت عليه وفى يده صحيفة فغطاها منى بطيلسانه ثم أخرجها فقرأها على ان ما يحدث بها المرسلون كصوت السلسلة أو كمناجاة الرجل صاحبه. بيان ـ قوله : ان ما يحدث ؛ الى آخرها ، هو الّذي قرأه عليه‌السلام من تلك الصحيفة. ير ـ محمد بن عبد الحميد عن يعقوب بن يونس عن معتب قال : أخرج أبو عبد الله (ع) صحيفة عتيقة من صحف على (ع) فاذا فيها ما نقول اذا جلسنا لنتشهد. ير ـ ابراهيم بن هاشم عن يحيى بن أبى عمران عن يونس عن حماد بن عثمان عن عمرو بن أبى المقدام عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول وذكر ابن شبرمة فقال أبو عبد الله (ع) : أين هو من الجامعة املاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخط على عليه‌السلام فيها الحلال والحرام حتى أرش الخدش. ير ـ عبد الله بن محمد بن الوليد أو عمن رواه عن محمد بن الوليد عن يونس بن يعقوب عن منصور بن حازم قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : ان عندنا صحيفة فيها ما يحتاج إليه حتى أن فيها أرش الخدش. ير ـ على بن اسماعيل عن على بن النعمان عن سويد عن أبى أيوب عن أبى بصير عن أبى جعفر (ع) قال : كنت عنده فدعا بالجامعة فنظر فيها جعفر فاذا هو فيها : المرأة تموت وتترك زوجها ليس لها وارث غيره؟ قال : فله المال كله. ير ـ محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن أبان عن عبد الرحمن بن أبى عبد الله عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ان فى البيت صحيفة طولها سبعون ذراعا [ فيها ] ما خلق الله من حلال ولا حرام


على أن يكون عليّ ـ صلوات الله عليه ـ كتب عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ

__________________

حتى أرش الخدش. ير ـ ابن معروف عن القاسم بن عروة وعبد الله بن جعفر عن محمد بن عيسى عن القاسم بن عروة عن أبى العباس عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : والله ان عندنا لصحيفة طولها سبعون ذراعا فيها جميع ما يحتاج إليه الناس حتى أرش الخدش أملى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وكتبها على بيده صلوات الله عليه ».

وقال فى تاسع البحار فى باب جوامع الاخبار الدالة على إمامته من طرق الخاصة والعامة ( انظر ص ٢٩١ من طبعة أمين الظرب ) : « ير ( أى بصائر الدرجات للصفار ) عمران بن موسى عن محمد بن الحسين عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن عيسى بن عبيد الله عن أبيه عن جده عن عمر بن أبى سلمة عن أمه عن أم سلمة قال : قالت : أقعد رسول الله (ص) عليا فى بيتى ثم دعا بجلد شاة فكتب فيه حتى ملا كارعه ثم دفعه الى وقال : من جاءك بعدى بآية كذا وكذا فادفعيه إليه فأقامت أم سلمة حتى توفى رسول الله (ص) وولى أبو بكر أمر الناس بعثتنى فقالت : اذهب وانظر ما صنع هذا الرجل فجئت فجلست فى الناس حتى خطب أبو بكر ثم نزل فدخل بيته فجئت فأخبرتها فأقامت حتى اذا ولى عمر بعثتنى فصنع مثل ما صنع صاحبه فجئت فأخبرتها ثم أقامت حتى ولى عثمان فبعثتنى فصنع كما صنع صاحباه فأخبرتها ثم أقامت حتى ولى على فأرسلتنى فقالت : انظر ما يصنع هذا الرجل فجئت فجلست فى المسجد فلما خطب على (ع) نزل فرآنى فى الناس فقال : اذهب فاستأذن على أمك قال : فخرجت حتى جئتها فأخبرتها وقلت : قال لى : استأذن على أمك وهو خلفى يريدك قالت : وأنا والله أريده فاستأذن على فدخل فقال : أعطينى الكتاب الّذي دفع أليك بآية كذا وكذا كأنى أنظر الى أمى حتى قامت الى تابوت لها فى جوفه تابوت لها صغير فاستخرجت من جوفه كتابا فدفعته الى على ثم قالت لى أمى : يا بنى الزمه فلا والله ما رأيت بعد نبيك إماما غيره أقول : قد مضى مثله بأسانيد فى باب جهات علومهم عليهم‌السلام ».

أقول : هذا طرف يسير من الاخبار فمن أراد الكثير منها فليراجع الباب المذكور من


ما سمع منه ويعظم ذلك عندكم وأنتم تروون عنه أنّه كان يقول : كنت والله أسأل فأعطى ،

__________________

سابع البحار بل سائر كتب الاخبار أيضا ولا سيما الكافى للكلينى ـ قدس الله تربته ـ فانه عقد بابا فى أصول الكافى لنقل أخبار تلك الصحيفة وعنون الباب بقوله « باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها‌السلام » فيستفاد من تسميته الباب بهذا الاسم أن الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة كلها من سنخ واحد ومن جهة واحدة ويستفاد ذلك أيضا مما تقدم فى الاخبار المذكورة فان الامام عليه‌السلام أطلق فى بعضها الجامعة على الصحيفة فالاولى أن نذكر شيئا من طرف الباب فنقول : من أراد أن يلاحظ أخبار الكافى فى بيان هذا الامر فليراجع الباب المشار إليه ( انظر المجلد الاول من مرآة العقول ص ١٧٥ ـ ١٧٦ ).

فممّن صرح بهذا المطلب المحقق الشريف الجرجانى فانه قال فى مبحث العلم من شرح المواقف عند ذكر الماتن أعنى القاضى عضد الدين الايجى الجفر والجامعة ( انظر ص ٢٧٦ من طبعة بولاق سنة ١٣٦٦ ) ما نصه :

« وهما كتابان لعلى ـ رضى الله عنه ـ قد ذكر فيهما على طريقة علم الحروف الحوادث التى تحدث الى انقراض العالم ، وكانت الائمة المعروفون من أولاده يعرفونهما ويحكمون بهما وفى كتاب قبول العهد الّذي كتبه على بن موسى ـ رضى الله عنهما ـ الى المأمون : انك قد عرفت من حقوقنا ما لم يعرفه آباؤك وقبلت منك عهدك الا أن الجفر والجامعة يدلان على أنه لا يتم.

ولمشايخ المغاربة نصيب من علم الحروف ينتسبون فيه الى أهل البيت ورأيت أنا بالشام نظما أشير فيه بالرموز الى أحوال ملوك مصر وسمعت أنه مستخرج من ذينك الكتابين ».

وقال الشيخ الاجل بهاء الملة والدين محمد بن الحسين العاملى (ره) فى شرح الاربعين حديثا عند شرحه الحديث الحادى والعشرين ما نصه :


وأسكت فأبتدى وبين الجوانح منّى علم جمّ فاسألونى (١).

__________________

(١) لا مجال لى الآن للمراجعة الى مظان هذا الحديث الا أن ما ذكره السيد الرضى (ره) فى نهج البلاغة بهذه العبارة : « ها ان هاهنا لعلما جما لو أصبت له حملة » ( انظر حديث كميل فى الكلم القصار من الكتاب ( ص ٢٧٨ طبعة تبريز سنة ١٢٦٧ ) ونظيره قوله (ع) ضمن خطبة فى باب الخطب من نهج البلاغة : « وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه فعلمنيه ودعا لي بأن يعيه صدرى وتضطم عليه جوانحى » ( انظر ص ١٠٦ من طبعة المشار إليها ) ومن أراد الحديث بعين عبارته فليراجع مظانه.

__________________

« وقد تظافرت الاخبار بأن النبي (ص) أملى لعلى (ع) كتابى الجفر والجامعة وأن فيهما علم ما كان وما يكون الى يوم القيامة ونقل الشيخ الجليل عماد الاسلام محمد بن يعقوب الكلينى فى كتاب الكافى عن الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) أحاديث كثيرة فى أن ذينك الكتابين كانا عنده وأنهما لا يزالان عند الائمة عليهم‌السلام يتوارثونه واحدا بعد واحد وقال المحقق الشريف فى شرح المواقف فى مبحث العلم الواحد بمعلومين : ان الجفر والجامعة ( فنقل ما نقلناه الى آخره وقال : ) الى هنا كلام الشريف ».

وقال الدميرى فى حياة الحيوان فى باب الجيم تحت عنوان « الجفرة » ما نصه :

« فائدة ـ قال ابن قتيبة فى كتابه أدب الكاتب : وكتاب الجفر جلد جفر كتب فيه الامام جعفر بن محمد الصادق عليهما‌السلام لآل البيت كل ما يحتاجون الى علمه وكل ما يكون الى يوم القيامة والى هذا الجفر أشار أبو العلاء المعرى بقوله :

لقد عجبوا لاهل البيت لما

أتاهم علمهم فى مسك جفر

ومرآة المنجم وهى صغرى

أرته كل عامرة وقفر

والمسك الجلد وقيل : ان ابن تومرت المعروف بالمهدى ظفر بكتاب الجفر فرأى فيه ما يكون على يد عبد المؤمن صاحب المغرب وقصته وحليته واسمه فأقام ابن تومرت مدة يتطلبه حتى وجده وصحبه وكان يكرمه ويقدمه على سائر أصحابه وينشد اذا أبصره :


ثمّ تروون عن الحسن والحسين ـ صلوات الله عليهما ـ أنّهما كانا يكتبان علم

__________________

تكاملت فيك أوصاف خصصت بها

فكلنا بك مسرور ومغتبط

السن ضاحكة والكف مانحة

والنفس واسعة والوجه منبسط

ولم يصح أن ابن تومرت استخلف عبد المؤمن عند موته وانما راعى أصحابه اشارته فى تقديمه واكرامه فتم له الامر ( الى آخر ما قال ) ».

وقال الشبلنجى فى نور الابصار فى ترجمة مولانا أبى عبد الله جعفر الصادق (ع) ما نصه :

« وفى حياة الحيوان الكبرى : فائدة ـ قال ابن قتيبة فنقل كلامه الى آخر البيتين لابى ـ العلاء المعرى وقال : وفى الفصول المهمة نقل بعض أهل العلم أن كتاب الجفر الّذي بالغرب يتوارثه بنو عبد المؤمن بن على من كلام جعفر الصادق وله فيه المنقبة السنية والدرجة التى فى مقام الفضل علية » والمراد من الفصول المهمة تأليف ابن الصباغ والعبارة مذكورة فى ترجمة الصادق عليه‌السلام ( راجع الفصل السادس من الكتاب ص ٢٣٥ من النسخة المطبوعة بايران سنة ١٣٠٣ ) ونقل عبارة الشبلنجى بتمامها المحدث القمى فى سفينة البحار فى مادة « ص د ق » ( راجع ج ٢ ص ٢٠ ).

أقول : ذكر ابن خلكان هذه الحكاية فى ترجمة أبى محمد عبد المؤمن بن على القيسى الكومى الّذي قام بأمره محمد بن تومرت المعروف بالمهدى ونص عبارته هناك هذه ( راجع ج ١ من طبعة بولاق سنة ١٢٩٩ ) :

« ورأيت فى بعض تواريخ المغرب أن ابن تومرت قد كان ظفر بكتاب يقال له الجفر وفيه ما يكون على يده وقصة عبد المؤمن وحليته واسمه ( الى ان قال ) وأما كتاب الجفر فقد ذكره ابن قتيبة فى أوائل كتاب اختلاف الحديث فقال بعد كلام طويل : وأعجب من هذا التفسير تفسير الروافض للقرآن الكريم وما يدعونه من علم باطنه بما وقع إليهم من الجفر الّذي ذكره سعد بن هارون العجلى وكان رأس الزيدية ثم قال :


عليّ (ع) عن (١) الحارث الأعور ؛ فو الله لئن كان عليّ يبذل علمه للنّاس ويبخل به عن ولده فلقد رميتموه بالعظيم وما لا يمكن أنّه كان يخصّ النّاس بعلمه ويكتمه (٢) ولده وهم رجال قد بلغوا وولد لهم وشهدوا معه حروبه.

وأخرى أنّكم تروون (٣) عن الشّعبىّ أنّه كان يقول اذا حدّث عن الحارث

__________________

ألم تر أن الرافضين تفرقوا

فكلهم فى جعفر قال منكرا

فطائفة قالوا امام ومنهم

طوائف سمته النبي المطهرا

ومن عجب لم أقضه جلد جفرهم

برئت الى الرحمن ممن تجفرا

والابيات أكثر من هذا فاقتصرت منها على هذا لانه المقصود بذكر الجفر ثم قال ابن ـ قتيبة بعد الفراغ من الابيات : وهو جلد جفر ادعوا أنه كتب لهم فيه الامام كل ما يحتاجون إليه وكل ما يكون الى يوم القيامة والله أعلم قلت : وقولهم : الامام يريدون به جعفر الصادق ـ رضى الله عنه ـ وقد تقدم ذكره والى هذا الجفر أشار ابو العلاء المعرى بقوله من جملة أبيات ( فذكر البيتين وقال ) وقوله : فى مسك جفر المسك بفتح الميم ( الى آخر ما قال ) ».

أقول : البيتان من لزوميات أبى العلاء وما قبلهما ثلاثة أبيات فمجموع القطعة خمسة أبيات فان أردت أن تلاحظها فراجع ج ٢ من طبعة مكتبة صادر بيروت ص ٢٤٩ وأما الكتاب المنقول عنه الكلام فالصحيح أنه تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة كما صرح به ابن خلكان واشتبه الامر على الدميرى فانا راجعنا ادب الكاتب لابن قتيبة فلم نجد هذا المطلب فيه وأما تأويل مختلف الحديث فالقصة مذكورة فيها ( انظر ص ٨٥ ) وأما ما ذكره السيد الجرجانى فيما تقدم من كلامه عن الرضا عليه‌السلام : « الا ان الجفر والجامعة يدلان على أنه لا يتم » فهو مأخوذ من كتاب الفخرى لابن الطقطقى فان شئت فراجع الكتاب المشار إليه.

(١) فى النسخ : « على ».

(٢) غير ح : « كتمه ».

(٣) س ح مث : « تزعمون ».


الأعور : حدّثني الحارث الأعور ، وكان والله كذّابا ؛ فلئن صدق الشّعبىّ عن الحارث أنّه كان كذّابا لقد نسبتم ابنى رسول الله وسيّدى شباب أهل الجنّة أنّهما كانا يأخذ ان العلم عن الكذّاب ، ولئن كان الشّعبىّ كذب على الحارث انّكم لتأخذون علمكم عنه وهو كذّاب يكذب على العلماء ، ولئن كان ما رويتم عن الشّعبىّ باطلا ولم يقله (١) لقد كذبتم عليه ورميتموه بالكذب والزّور فلستم تخلصون من إحدى (٢) هذه الثلاث ؛ وأنتم تزعمون أنّكم أهل السّنّة والجماعة.

ثمّ تروون أنّ عليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليه ـ وكان من أعلم آل رسول الله فى زمانه وأشدّهم (٣) عبادة واجتهادا أنّه سأل رجلا من أهل العراق فقال : ما فعل سعيد بن جبير؟ قال : قلت : صالح قال : ذلك رجل كان يمرّ بنا فنسأله عن أشياء من أمر ديننا (٤).

__________________

(١) س ق مج مث : « باطلا لم يقله » ( من دون عاطف ).

(٢) غير ح : « من أحد ».

(٣) فى بعض النسخ : « من أسدهم » ( بالسين المهملة ).

(٤) هذه الحكاية نقلها ابن سعد فى الطبقات فى ترجمة سعيد بن جبير هكذا ( ج ٦ من طبعة بيروت ؛ دار صادر سنة ١٣٧٧ ه‍ و ١٩٥٧ م ؛ ص ٢٥٨ ) فقال ما نصه :

« قال : أخبرنا معاوية الضرير قال : حدثنا الاعمش عن مسعود بن مالك قال قال لى على بن الحسين : ما فعل سعيد بن جبير؟ ـ قال : قلت : صالح ، قال : ذاك رجل كان يمر بنا فنسائله عن الفرائض وأشياء مما ينفعنا الله بها ، انه ليس عندنا ما يرمينا به هؤلاء وأشار بيده الى العراق » ويقرب منه ما نقله الحافظ أبو نعيم فى حلية الاولياء فى ترجمة مولانا زين العابدين على بن الحسين بهذه العبارة ( انظر ج ٣ ص ١٣٧ ـ ١٣٨ ) : « حدثنا عمر بن أحمد بن عثمان قال : حدثنا الحسين بن محمد بن سعيد قال : حدثنا الربيع بن سليمان قال : حدثنا بشر بن بكر والخصيب بن ناصح قالا : حدثنا عبد الله بن جعفر عن عبد الرحمن بن


فزعمتم أنّ عليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليه ـ [ كان ] يحتاج أن يسأل سعيد ابن جبير (١) وأنتم تروون عن سعيد بن جبير أنّه كان يفتى النّاس بمتعة النّساء ويقول : هى

__________________

حبيب بن أزدك قال : سمعت نافع بن جبير يقول لعلى بن الحسين : غفر الله لك أنت سيد ـ الناس وأفضلهم تذهب الى هذا العبد فتجلس معه يعنى زيد بن أسلم؟! فقال : انه ينبغى للعلم أن يتبع حيثما كان ، حدثنا أبو حامد بن جبلة قال : حدثنا محمد بن اسحاق قال : حدثنا أبو يحيى صاعقة قال : حدثنا سعيد بن سليمان قال : حدثنا هشيم عن محمد بن عبد الرحمن المدينى قال : كان على بن الحسين يتخطى حلق قومه حتى يأتى زيد بن أسلم فيجلس عنده [ سقط من هنا شيء فكأن مفاده : فاعترض عليه ] فقال : انما يجلس الرجل الى من ينفعه فى دينه ».

__________________

(١) يقرب من هذا على زعم العامة ما ذكره أبو جعفر الطبرى الشيعى فى أوائل كتاب المسترشد طاعنا به على أهل السنة ( ص ١١ من طبعة النجف ) :

« ومن رواتكم وجلة فقهائكم سعيد بن المسيب الّذي زعمتم أنه لم يقم للوليد بن عبد الملك وهو أشد بنى أمية تجبرا حتى جاء ووقف عليه وسلم وعددتم ذلك فضيلة له ويموت على بن الحسين (ع) ولا يصلى عليه ويقول : ركعتين أصليهما أحب الى من حضور ابن ـ رسول الله (ص) رواه الواقدى قال : حدثنا أبو معشر عن سعد المقرى قال : لما وضعت جنازة على بن الحسين ـ عليه‌السلام ـ ليصلى عليه اتسع الناس الى جنازته داخل المسجد فقال حسوم مولى النخع لسعيد بن المسيب : ألا نشهد هذا الرجل فى البيت الصالح؟ وسعيد لم يخرج قال سعيد : ركعتين أصليهما فى بيتى أحب الى من أن أشهد هذا الرجل الصالح فى البيت الصالح فهذا سعيد بن المسيب فقيه أهل الحجاز يمتنع أن يشهد ابن ـ رسول الله (ص) فليت شعرى أى دين هذا؟! ابن ناقل هذا الدين يموت فلا يشهده؟! وعلى بن الحسين عليه‌السلام عند جميع الامة من جملة العباد وهذا فعل سعيد به والله المستعان ».


أحلّ من شرب الماء وأنتم تروون أنّ المتعة الزّنا وقد نهى عنها رسول الله (ص) فتزعمون أنّ عليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليه ـ كان يسأل رجلا عن دينه والرّجل مستحلّ للزّنا عندكم تعالى الله عمّا تقولون علوّا كبيرا.

__________________

أقول : أكبر من هذا وأمثاله بمراتب ما صدر من البخارى فى حق مولانا أبى عبد الله جعفر بن محمد الصادق ـ عليه‌السلام ـ وهو مذكور فى كثير من الكتب ونحن نكتفى هنا بما ذكره السيد محمد العلوى فى كتاب النصائح الكافية لمن يتولى معاوية فانه قال بعد ذكره جماعة ممن عده أصحاب الاصول الستة من العدول وليسوا منهم ما نصه ( ص ٩٢ من الطبعة الثانية ببغداد سنة ١٣٦٧ ) :

« وأكبر من هذا كله جرح بعضهم الامام جعفر الصادق على آبائه وعليه أفضل الصلاة والسلام وتسورهم على سمى مقامه.

أرادت عرارا بالهوان ومن يرد

عرارا لعمرى بالهوان فقد ظلم

وأليك بعض ما ذكروا عنه قال فى تهذيب التهذيب : قال ابن المدينى : سئل يحيى بن سعيد القطان عن جعفر الصادق فقال : فى نفسى منه شيء ومجالد أحب الى منه ، وقال سعيد بن أبى مريم : قيل لابى بكر بن عياش : ما لك لم تسمع من جعفر وقد أدركته؟ قال : سألته عما يحدث به من الاحاديث أشيء سمعته؟ ـ قال : لا ؛ ولكنها رواية رويناها عن آبائنا. وقال ابن سعد : كان جعفر كثير الحديث ولا يحتج ويستضعف ؛ سئل مرة : هل سمعت هذه الاحاديث عن أبيك؟ ـ قال : نعم ، وسئل مرة فقال : انما وجدتها فى كتبه. قال الحافظ ابن حجر : يحتمل أن يكون السؤالان وقعا عن احاديث مختلفة فذكر فيما سمعه : أنه سمعه ، وفيما لم يسمعه : أنه وجده ، وهذا يدل على تثبته ( انتهى ).

قلت : احتج الستة فى صحاحهم بجعفر الصادق الا البخارى فكأنه اغتر بما بلغه عن ابن سعد وابن عياش وابن القطان فى حقه على أنه احتج بمن قدمنا ذكرهم وهنا يتحير


ثمّ ما رواه وكيع عن الفضيل بن مرزوق (١) عن الحسن بن الحسن بن عليّ (٢) أنّه قال : مرقت علينا الرّافضة كما مرقت الخوارج على عليّ ـ صلوات الله عليه ـ وان أمكننا (٣) الله منهم لا نقبل منهم توبة ، وذلك أنّهم ادخلوا باب التّقيّة (٤) فاذا شاءوا أن يكونوا ؛ كانوا ، وانّما التّقيّة باب رخصة للمسلم يدرأ بها عن نفسه اذا خاف ، والفضل فى القيام بأمر الله.

فانظروا ما تروون وما تنسبون إليه ولد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأنّهم

__________________

العاقل ولا يدرى بما ذا يعتذر عن البخارى ـ رحمه‌الله ـ وقد قيل فى هذا المعنى شعرا :

قضية أشبه بالمرزئة

هذا البخارى امام الفئة

بالصادق الصديق ما احتج فى

صحيحه واحتج بالمرجئة

ومثل عمران بن حطان أو

مروان وابن المرأة المخطئة

مشكلة ذات عوار الى

حيرة أرباب النهى ملجئه

وحق بيت يممته الورى

مغذة فى السير أو مبطئه

ان الامام الصادق المجتبى

بفضله الآي أتت منبئه

أجل من فى عصره رتبة

لم يقترف فى عمره سيئه

قلامة من ظفر ابهامه

تعدل من مثل البخارى مائة »

( انتهى ما أردنا نقله )

(١) قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « فضيل بن مرزوق الاغر الرقاشى ويقال الرواسى الكوفى أبو عبد الرحمن مولى بنى عنزة ( الى ان قال ) وروى عنه زهير بن معاوية ووكيع ».

(٢) « ابن على » فى غير ح ومث.

(٣) فى النسخ : « أمكن ».

(٤) كذا ولم أتبين معناه.


يخالفون الله ورسوله ويزعمون أنّهم لا يقبلون توبة ممّن تاب والله يقول : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ ) (١) فى آيات كثيرة فى كتاب الله يخبر عباده أنّه يقبل توبتهم اذا تابوا من الشّرك ومن الذّنوب.

وقد قبل عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ توبة الخوارج يوم خرجوا عليه بحر وراء (٢) ورئيسهم يومئذ ابن الكوّاء فلمّا كلّمهم وحاجّهم رجعوا وتابوا ؛ فقبل منهم. ثمّ قد رويتم عنه ـ صلوات الله عليه ـ أنّه كان يخطب النّاس على منبر الكوفة فحكمت عليه الخوارج من نواحى المسجد يقولون : لا حكم الاّ لله ؛ فقطع خطبته ثمّ أقبل عليهم فقال : حكم الله أنتظر فيكم كلمة حقّ يلتمس بها باطل (٣) أما انّ لكم عندنا يا معشر (٤) الخوارج ثلاثا لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا ، ولن نقاتلكم حتّى تبدءونا ، ثمّ خرجوا عليه يوم النّهروان فخرج إليهم فحاجّهم فرجع منهم أقوام وتابوا ؛ فقبل توبتهم وكفّ عنهم ، وأبى الآخرون أن يتوبوا ؛ فقاتلوه ؛ فقتلهم أجمعين الاّ نفرا منهم يسيرا أصابهم جراحات فأتوه فتابوا ؛ فقبل منهم وخلّى سبيلهم.

فزعمتم فى روايتكم عن الحسن بن الحسن أنّه قال : إن أظفرنى (٥) الله بمن يخالفنى

__________________

(١) آية ٢٥ سورة الشورى.

(٢) قال ياقوت فى معجم البلدان : « حروراء بفتحتين وسكون الواو وراء أخرى والف ممدودة قرية بظاهر الكوفة وقيل : موضع على ميلين منها نزل به الخوارج الذين خالفوا على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ فنسبوا إليها. وقال ابن الانبارى : حروراء كورة. وقال أبو منصور : الحرورية منسوبة الى موضع بظاهر الكوفة نسبت إليه الحرورية من الخوارج وبها كان أول تحكيمهم واجتماعهم حين خالفوا عليه قال : ورأيت بالدهناء رملة وعثة يقال لها : رملة حروراء ».

(٣) كذا فى النسخ منكرا.

(٤) ح : « يا معاشر ».

(٥) مج : « ان ظفرنى ».


فتاب من مخالفته قتلته ولم أقبل توبته ، والرّافضة عند الحسن بن الحسن ان كان قال هذا القول هم الّذين لا يرون قتال أحد من المسلمين الاّ مع إمام عدل عالم بما يأتى ويذر ؛ فان كان لا يقبل التّوبة من هؤلاء فهو والله منكم ومن توبتكم ان ظفر بكم أجدر أن لا يقبل لأنّكم الطّاعنون عليه والرّادّون لقوله وهو يرى سفك دمائكم ودماء أئمّتكم قربة الى الله واستباحة (١) أموالكم ، أما تسمعون الى قوله : وانّما الفضل فى القيام بأمر الله أى تجريد السّيف وقتل من خالفه ، ولو جعلتم للّذين تسمّونهم الرّافضة ما فى الارض من ذهب أو فضّة على أن يستحلّوا قتل رجل مسلم أو أخذ ماله ما استحلّوا ذلك الاّ مع امام مثل عليّ ـ صلوات الله عليه ـ فى علمه بما يأتى وما يذر ، وهو المهدىّ الّذي تروون أنّه يعدل بين النّاس ، فان كذبتم على الحسن أنّه قال : لا أقبل من مذنب توبة ؛ فقد كذبتم على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وكذبتم على أصحابه ، وإن كنتم صدقتم عليه فانّ الحسن بن الحسن رجل من أهل بيت رسول الله ـ (ص) ـ يخطئ ويصيب ليس هو بنبىّ ولا وصىّ نبىّ انّما هو رجل غضب فتكلّم فى غضبه بكلمة قد علم حين رضى أنّه قد أخطأ.

ثمّ ما رويتم عن أبى جعفر محمّد بن عليّ ـ صلوات الله عليه ـ أنّه قال : لو (٢) قد قام قائمنا بدأ بالّذين ينتحلون حبّنا ؛ فيضرب أعناقهم فانّما عناكم أبو جعفر بذلك لانّكم تنتحلون حبّهم وتزعمون أنّكم أنتم شيعتهم.

وانّما المنتحل الّذي ينتحل الشّيء وليس هو عليه وينسب نفسه إليه وليس هو منه ، فأمّا من خلصت مودّته لآل محمّد ـ عليهم‌السلام ـ ونيّته فصار بذلك عند العامّة مهجورا لا تقبل له شهادة ، ولا يزوّج إن خطب ، ولا يصلّى خلفه ، ولا يعاد إن مرض ، ولا يصلّى عليه إن مات ، وهو عند السّلطان مضروب ومحبوس ومقتول (٣) فاذا

__________________

(١) ج س ق مج مث : « واستباح ».

(٢) ج مج ق س : « انه لو ».

(٣) ح : « مضروب محبوس مقتول » ( من دون حرف عطف ).


قام القائم (ع) [ على ما ] زعمتم بدأ بهم فقتلهم فهذا غير حكم الله وحكم رسوله فهذا ما تنسبون إليه آل رسول الله ـ عليهم‌السلام ـ وانّما تريدون بذلك عيبهم وتهجينهم وأنتم تروون أنّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال لعلىّ ـ عليه‌السلام ـ : يا عليّ أنت وشيعتك فى الجنّة ، وتروون عن أمّ سلمة زوج النّبيّ ـ رضى الله عنها ـ أنّها قالت : سمعت رسول الله ـ (ص) ـ يقول : شيعة عليّ هم الفائزون فالويل لمن كفر بالله ، أما ـ تعقلون ما تروون (١) وما تحكمون؟ هل يكون شيعة عليّ الاّ من تولاّه ، وعادى من عاداه ، وأطاع أمره ، ورضى بحكمه ، وتولّى صالح ولده ...!؟

فان زعمتم أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال له : إنّ قوما ينتحلون حبّك يقال لهم الرّافضة فان لقيتهم فاقتلهم فانّهم مشركون ؛ وآية ذلك أنّهم يسبّون أبا بكر وعمر (٢) فالويل لمن كفر بالله وكذب على رسول الله ، هل يشرك أحد بسبّ أحد أو يقتل أحد بسبّ أحد الاّ من سبّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ.

__________________

(١) س مج مث : « ترون ».

(٢) قال ابن حجر الهيتمى المكى فى الصواعق المحرقة فى المقدمة الاولى فيما قال :

« وأخرج الذهبى عن ابن عباس مرفوعا : يكون فى آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الاسلام فاقتلوهم فانهم مشركون. وأخرجه أيضا عن ابراهيم بن حسن بن حسين ابن على عن أبيه عن جده ـ رضى الله عنهم ـ : قال على بن أبى طالب : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : يظهر فى أمتى فى آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الاسلام. وأخرج الدارقطنى عن على عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال سيأتى من بعدى قوم لهم نبز يقال لهم الرافضة فان أدركتهم فاقتلهم فانهم مشركون قال : قلت : يا رسول الله ما العلامة فيهم؟ قال يقرظونك بما ليس فيك ويطعنون على السلف. وأخرجه عنه من طريق أخرى نحوه وكذلك من طريق اخرى وزاد عنه : ينتحلون حبنا أهل البيت وليسوا كذا وآية ذلك أنهم يسبون أبا بكر وعمر رضى الله عنهما. وأخرج أيضا من طرق عن فاطمة الزهراء وعن أم سلمة ـ رضى الله عنهما ـ نحوه قال : ولهذا الحديث عندنا طرق كثيرة.


وتروون أنّ عبد الله بن سبأ اتى به الى عليّ بن أبى طالب (١) وشهدوا عليه أنّه يشتم أبا بكر وعمر فلم يقتله وسيّره الى المدائن ؛ فلو كان النّبيّ يقتل من سبّ أبا بكر وعمر هذا الّذي نسبتموه الى رسول الله خلاف حكم الله وأنتم تروون أنّه لا يقتل أحد (٢).

وروى شريك (٣) وغيره أن عمر أراد بيع أهل السّواد (٤) فقال عليّ ـ صلوات الله

__________________

(١) ج مج ق : « اتى به على ابن أبى طالب ».

(٢) فليعلم أن هنا سقطا ونقصا فى جميع النسخ الست وجعل فى ح ق س ج بياض حتى يكون علامة لذلك الا أن عبارة الكتاب حيث كانت مستقيمة مربوطا بعضها ببعض بحيث لم يكن مجال لاحتمال السقط والنقص فى نسخة م بنينا الامر على تلك النسخة وجرينا فى أمر التصحيح على ذلك وأول الموجود من تلك القسمة التى كانت فى تلك النسخ بعد النقص هذه العبارة « ويتوب الله على من تاب ولقد نزلت علينا سورة كنا نشبهها بالمسبحات » وهى التى أشار إليها المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب فى أوائل الدليل الثامن ( انظر ص ١٧٣ ) : « ه‍ ـ الشيخ الجليل فضل بن شاذان فى الايضاح فيما رواه عنهم وقد سقط من نسختى سطور وهذا لفظ الباقى : ويتوب الله على من تاب ولقد نزلت علينا سورة كنا نشبهها بالمسبحات ( فساق العبارة الى قوله ) فتسألون عنها يوم القيامة » ( انظر فى الكتاب مبحث القرآن ؛ ص ٢٢٨ ) وآخر الموجود من تلك القسمة المشار إليها المتصل بسقط آخر ونقص آخر هو « فلا طعن على رجل » وقد أشرنا إليه فى موضعه من ـ الكتاب هدانا الله واياكم الى الصواب.

(٣) ما قبل العبارة قد نقلناه فيما سبق لكونه فى نسخة م فى ذلك الموضع ( انظر ص ١٩٨ ).

(٤) قال الطريحى فى مجمع البحرين : « سواد الكوفة نخيلها وأشجارها ومثله سواد العراق سمى بذلك لخضرة أشجاره وزروعه ، حد طولا من حديثة الموصل الى


عليه ـ انّ هذا مال أصبتموه ولم تصيبوا مثله فان بعتهم بقى من يدخل فى دين الله لا شيء له قال : فما أصنع؟ ـ قال : دعهم سكرة (١) للمسلمين فتركهم على أنّه عبيد.

__________________

عبادان وعرضا من العذيب الى حلوان وهو الّذي فتح على عهد عمر وهو أطول من العراق بخمسة وثلاثين فرسخا ؛ كذا نقلا عن المغرب وفى الحديث : سئل عن السواد ما منزلته؟ فقال : هو لجميع المسلمين » وقال ياقوت فى معجم البلدان : « السواد موضعان أحدهما ـ نواحى قرب البلقاء سميت بذلك لسواد حجارتها فيما أحسب. والثانى ـ يراد به رستاق العراق وضياعها التى افتتحها المسلمون على عهد عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ سمى بذلك لسواده بالزروع والنخيل والاشجار لانه حين تاخم جزيرة العرب التى لا زرع فيها ولا شجر كانوا اذا خرجوا من أرضهم ظهرت لهم خضرة الزرع والاشجار فيسمونه سوادا كما اذا رأيت شيئا من بعد قلت : ما ذلك السواد؟ وهم يسمون الاخضر سوادا والسواد أخضر ( الى أن قال ) وحد السواد من حديثة الموصل طولا الى عبادان ومن العذيب بالقادسية الى حلوان عرضا فيكون طوله مائة وستين فرسخا وأما العراق فى العرف فطوله يقصر عن طول السواد وعرضه مستوعب لعرض السواد لان أول العراق ( فخاض فى بيانه الى ان قال ) وقال الاصمعى : السواد سوادان سواد البصرة دستميسان والاهواز وفارس ، وسواد الكوفة كسكر الى الزاب وحلوان الى القادسية ... ( الى آخر ما ذكره فمن أراده فليراجع كتابه ».

__________________

(١) كذا ولم أظفر بالحديث فى مورد آخر حتى أصححه فيمكن أن تكون الكلمة مما ذكره ابن منظور فى لسان العرب بما نصه : « وسكر النهر يسكره سكرا سدّ فاه وكل شق سد فقد سكر ، والسكر ما سد به والسكر سد الشق ومنفجر الماء ، والسكر اسم ذلك السداد الّذي يجعل سدا للشيء ونحوه وفى الحديث انه قال للمستحاضة لما شكت إليه كثرة الدم : اسكريه اى سديه بخرقة وشديه بعصابة تشبيها بسكر الماء » فيراد منه دعهم حتى يكونوا سكرة للمسلمين أى وسيلة تسد خللهم وتزيح علتهم وأنت خبير بأن القلب لا يطمئن بهذا المعنى


ثمّ قال ـ صلوات الله عليه ـ : فمن أسلم منهم فنصيبى منه حرام.

__________________

الا أن العلماء قد نقلوا هنا أحاديث يستفاد منها معنى الكلمة تقريبا فقال البلاذرى فى فتوح البلدان تحت عنوان « يوم جلولاء الوقيعة » ضمن ما نقله : « حدثنى الحسين بن الاسود قال : حدثنا يحيى بن آدم عن اسرائيل عن أبى اسحاق عن حارثة بن مضرب أن عمر بن الخطاب أراد قسمة السواد بين المسلمين فأمر أن يحصوا فوجد الرجل منهم نصيبه ثلاثة من الفلاحين فشاور أصحاب رسول الله (ص) فى ذلك فقال على : دعهم يكونوا مادة للمسلمين ، فبعث عثمان بن حنيف الانصارى فوضع عليه ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين واثنى عشر ». وقال ياقوت فى معجم البلدان تحت عنوان « السواد » ضمن ما قال : « وقيل : أراد عمر قسمة السواد بين المسلمين فأمر أن يحصوا فوجدوا الرجل يصيبه ثلاثة من الفلاحين فشاور أصحاب رسول الله (ص) فى ذلك فقال على (رض) : دعهم يكونوا مادة للمسلمين ، فبعث عثمان بن حنيف الانصارى فمسح الارض ووضع الخراج ووضع على رءوسهم ما بين ثمانية وأربعين درهما وأربعة وعشرين درهما واثنى عشر درهما ، وشرط عليهم ضيافة المسلمين وشيئا من بر وعسل ووجد السواد ستة وثلاثين ألف ألف جريب فوضع على كل جريب درهما وقفيزا » وقال البلاذرى فى فتوح البلدان تحت عنوان « جلولاء الوقيعة » ما نصه : « حدثنى الحسين بن الاسود قال : حدثنى يحيى بن آدم قال : أخبرنا ابن المبارك عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبى ـ حبيب قال : كتب عمر بن الخطاب الى سعد بن أبى وقاص حين فتح السواد أما بعد فقد بلغنى كتابك تذكر أن الناس سألوك أن تقسم بينهم ما أفاء الله عليهم فاذا أتاك كتابى فانظر ما أجلب عليه أهل العسكر بخيلهم أو ركابهم من مال أو كراع فاقسمه بينهم بعد الخمس واترك الارض والانهار لعمالها ليكون ذلك فى أعطيات المسلمين فانك ان قسمتها بين من حضر لم يكن لمن يبقى بعدهم شيء » وقال ياقوت فى معجم البلدان : « قالوا : وكتب عمر بن الخطاب الى سعد بن الوقاص ( فذكر الحديث مثله ) ». وقال ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة ضمن ذكره الطعن العاشر من المطاعن التى طعن بها على عمر وهو


و (١) أنتم اليوم تدعون لهم المواشى وتقولون : لا صدقة عليها وانّما مال المملوك لمولاه ؛ وله من الغنم والبقر والطّعام والحمير ما ليس للمسلمين لا ترون (٢) عليهم أكثر من

__________________

(١) حرف العطف فى ح فقط.

(٢) غير ح : « لا تردون » ( بالدال مضارعا من رد المضاعف ).

__________________

قولهم انه أبدع فى الدين ما لا يجوز كالتراويح وما عمله فى الخراج الّذي وضعه على السواد وفى ترتيب الجزية ( انظر آخر الجزء الثاني عشر المنطبق على ص ١٨٠ من المجلد الثالث من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ) : « فأما حديث الخراج فقد ذكره أرباب علم الخراج والكتاب وذكره الفقهاء أيضا فى كتبهم وذكره أرباب السيرة وأصحاب التاريخ قال قدامة ابن جعفر فى كتاب الخراج : اختلف الفقهاء فى أرض العنوة فقال بعضهم : تخمس ثم تقسم أربعة أخماس على الذين افتتحوها ، وقال بعضهم : ذلك الى الامام ان رأى ان يجعلها غنيمة ليخمسها ويقسم الباقى كما فعل رسول الله (ص) بخيبر فذلك إليه ، وان رأى أن يجعلها فيئا فلا يخمسها ولا يقسمها بل تكون موقوفة على سائر المسلمين كما فعل عمر بأرض السواد وأرض مصر وغيرهما مما افتتحوا عنوة ( الى آخر كلامه الطويل الذيل فمن أراده فليراجع الكتاب المذكور ) ».

أقول : البسط فى المطلب والخوض فى بيانه على سبيل الاستيفاء يقتضي تأليف كتاب مستقل لان المسألة من المسائل التى هى معركة للآراء فمن أراد البحث عنه فليراجع كتاب المغنى للقاضى عبد الجبار فان علم الهدى (ره) قال فى الشافى ( ص ٢٦١ من النسخة المطبوعة ) : « قال صاحب الكتاب ( ويريد به القاضى المذكور ) : شبهة اخرى لهم وربما قالوا : انه أبدع فى الدين ما لا يجوز كالتراويح وما عمله فى الخراج الّذي وضعه على السواد وفى ترتيب الجزية وكل ذلك مخالف للقرآن والسنة ( الى آخر الكلام ) وخاض القاضى والسيد كل فى اثبات مدعاه ونقض خلافه وكذا خاض فى البحث عنه شيخ الطائفة فى تلخيص الشافى ( انظر آخر مطاعن


__________________

عمر ص ٥٠ ـ ٥٣ من الجزء الرابع من طبعة النجف ) والعلامة الحلى فى كشف الحق ونهج الصدوق والفاضل روزبهان فى ابطال الباطل والقاضى التسترى فى احقاق الحق ( انظر ص ٤٩٣ من النسخة المطبوعة ، والبحث عن المطلب ضمن ذكرهم مطاعن عمر ) وابن أبى جمهور الاحسائى فى كتاب المجلى تحت عنوان « وضع الخراج على المسلمين وأن عمر أول من وضع الخراج ( ص ٣٨ ـ ٣٩ من النسخة المطبوعة ) الى غير ذلك ممن خاض فى البحث عنه ومن مظانه القوية تجريد العقائد للخواجة نصير الدين وشروح التجريد والاحكام السلطانية للماوردى ونظائرها وحيث نقلنا فتاوى علماء العامة فى المطلب فلنذكر هنا ما ذكره المجلسى فى ثامن البحار ضمن ذكره الطعن الرابع عشر من مطاعن عمر ، وهو فى أنه أبدع فى الدين بدعا كثيرة فقال ضمن تعداده البدع المشار إليها ما نصه ( انظر ص ٣٠٠ ـ ٣٠١ من طبعة أمين الضرب ) :

« ومنها أنه وضع الخراج على أرض السواد ولم يعط أرباب الخمس منها خمسهم وجعلها موقوفة على كافة المسلمين وقد اعترف بجميع ذلك المخالفون وقد صرح بها ابن أبى الحديد وغيره وكل ذلك مخالف للكتاب والسنة وبدعة فى الدين وقال العلامة (ره) فى منتهى المطلب :

أرض السواد هى الارض المفتوحة من الفرس التى فتحها عمر بن الخطاب وهى سواد العراق وحده فى العرض من منقطع الجبال بحلوان الى طرق القادسية المتصل بعذيب من أرض العرب ومن تخوم الموصل طولا الى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقى دجلة ، فأما الغربى الّذي يليه البصرة فاسلامى مثل شط عثمان بن أبى العاص وما والاها كانت سباخا ومواتا فأحياها ابن أبى العاص ، وسميت هذه الارض سواداً لان الجيش لما خرجوا من البادية رأوا هذه الارض والتفاف أشجارها فسموها السواد لذلك ، وهذه الارض فتحت عنوة فتحها عمر بن الخطاب ثم بعث إليها بعد فتحه ثلاث أنفس ؛ عمار ابن ياسر على صلاتهم أميرا ، وابن مسعود قاضيا ووليا على بيت المال ، وعثمان بن حنيف


__________________

على مساحة الارض ، وفرض لهم فى كل يوم شاة شطرها مع السواقط لعمار وشطرها للآخرين ، ومسح عثمان بن حنيف أرض الخراج واختلفوا فى مبلغها ؛ فقال الساجى : اثنان وثلاثون ألف ألف جريب ، وقال أبو عبيدة : ستة وثلاثون ألف ألف جريب ، ثم ضرب على كل جريب نخل عشرة دراهم ، وعلى الكرم ثمانية دراهم ، وعلى جريب الشجر والرطبة ستة دراهم ، وعلى الحنطة أربعة دراهم وعلى الشعير درهمين ثم كتب بذلك الى عمر فأمضاه. وروى أن ارتفاعها كان فى عهد عمر مائة وستين ألف ألف درهم فلما كان زمن الحجاج رجع الى ـ ثمانية عشر ألف ألف درهم ، فلما ولى عمر بن عبد العزيز رجع الى ثلاثين ألف ألف درهم فى أول سنة ، وفى الثانية بلغ ستين ألف ألف درهم ، فقال : لو عشت سنة أخرى لرددتها الى ما كان فى أيام عمر فمات فى تلك السنة. فلما أفضى الامر الى أمير المؤمنين أمضى ذلك لانه لم يمكنه أن يخالف ويحكم بما يجب عنده فيه.

قال الشيخ (ره) : والّذي يقتضيه المذهب أن هذه الاراضى وغيرها من بلاد خرج ويخرج خمسها لارباب الخمس وأربعة الاخماس الباقية تكون للمسلمين قاطبة ، الغانمون وغيرهم سواء فى ذلك ويكون للامام النظر فيها ويقبلها ويضمنها بما شاء ويأخذ ارتفاعها ويصرفه فى مصالح المسلمين وما ينوبهم من سد الثغور وتقوية المجاهدين وبناء القناطر وغير ذلك من المصالح وليس للغانمين فى هذه الارضين على وجه التخصيص شيء بل هم والمسلمون فيه سواء ولا يصح بيع شيء من هذه الارضين ولا هبته ولا معاوضته ولا تملكه ولا وقفه ولا رهنه ولا اجارته ولا إرثه ، ولا يصح أن يبنى دورا ومنازل ومساجد ومسقايات ، ولا غير ذلك من أنواع التصرف الّذي يتبع الملك ، ومتى فعل شيء من ذلك كان التصرف باطلا وهو باق على الاصل.

ثم قال (ره) : وعلى الرواية التى رواها أصحابنا أن كل عسكر او فرقة غزت بغير أمر الامام فغنمت تكون الغنيمة للامام خاصة تكون هذه الارضون وغيرها مما فتحت بعد الرسول (ص) إلا ما فتح فى أيام أمير المؤمنين (ع) ان صح شيء من ذلك


__________________

للامام خاصة وتكون من جملة الانفال التى له خاصة لا يشركه فيها غيره. ( انتهى كلامه رفع الله مقامه ).

أقول : فالبدعة فيها من وجوه :

أحدها ـ منع أرباب الخمس حقهم وهو مخالف لصريح آية الخمس وللسنة أيضا حيث ذكر ابن أبى الحديد أن رسول الله (ص) قسم خيبر وصيرها غنيمة وأخرج خمسها لاهل الخمس وكان الباعث على ذلك اضعاف جانب بنى هاشم والحذر من أن يميل الناس إليهم لنيل الحطام فتنتقل إليهم الخلافة فينهدم ما أسسوه يوم السقيفة وشيدوه بكتابة الصحيفة.

وثانيها ـ منع الغانمين بعض حقوقهم من أرض الخراج وجعلها موقوفة على مصالح المسلمين وهذا الزامى عليهم لما اعترفوا به من أن رسول الله (ص) قسم الارض المفتوحة عنوة بين الغانمين وبه أفتى الشافعى وأنس بن مالك والزبير وبلال كما ذكره المخالفون وما ذكروه من أنه عوض الغانمين ووقفها فهو دعوى بلا ثبت بل يظهر من كلام الاكثر خلافه كما يستفاد من كلام ابن أبى الحديد وغيره.

وثالثها ـ أن سيرة الرسول (ص) فى الاراضى المفتوحة عنوة كانت أخذ حصته (ع) من غلتها دون الدراهم المعينة وسيأتى بعض القول فى ذلك فى باب العلة التى لم يغير ـ عليه‌السلام ـ بعض البدع فى زمانه ».

أقول : يريد بالباب المشار إليه الباب الّذي ذكره فى أواخر ذلك المجلد أعنى ثامن البحار وعنونه بقوله : « باب علة عدم تغيير أمير المؤمنين (ع) بعض البدع فى زمانه ( انظر ص ٧٠٤ ـ ٧٠٦ من طبعة أمين الضرب ) فمن أراد أن يلاحظ ما ذكره المجلسى (ره) فى الباب المذكور فليراجعه فان المقام لا يسع أكثر من ذلك ولو لا أن فهم متن الكتاب اقتضى نقل هذا المقدار لما نقلته أيضا.

ثم ليعلم أن من أراد ان يلاحظ ما ذكره الطبرى فى تاريخه فى بيان هذا المطلب فليراجع ما ذكره فى أواخر ما وقع من القضايا التاريخية فى السنة الرابعة عشر من الهجرة تحت عنوان « ذكر أهل السواد » ( انظر الجزء الثالث من الطبعة الاولى ص ١٤٣ ـ ١٤٨ ).


اثنى عشر وأربعة وعشرين وثمانية وأربعين (١).

__________________

(١) هذه المراتب من الاعداد اشارة الى اختلاف مراتب الجزية كما ذكر فى كتب الفريقين فلنشر الى شيء منها أما أحاديث العامة فمنها ما تقدم نقله عن معجم ـ البلدان قبيل ذلك عند البحث عن لفظة « السواد » ( انظر ص ٢٣٦ من الكتاب الحاضر ) ومنها ما ذكره هناك أيضا تحت عنوان السواد بهذه العبارة « أمر عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ بمسح السواد الّذي تقدم حده ( الى أن قال ) : وحتم الجزية على ستمائة ألف انسان وجعلها طبقات الطبقة العالية ثمانية وأربعون درهما ، والوسطى أربعة وعشرون درهما ، والسفلى اثنا عشر درهما ، فجبى السواد مائة ألف ألف وثمانية وعشرين ألف ألف درهم » وقال أيضا هناك : « وقال محمد بن عبد الله الثقفى : وضع عمر ـ رضى الله عنه ـ على كل جريب من السواد عامرا كان أو غامرا يبلغه الماء درهما وقفيزا ، وعلى جريب الرطبة خمسة دراهم وخمسة أقفزة ، وعلى جريب الكرم عشرة دراهم وعشرة أقفزة ولم يذكر النخل وعلى رءوس الرجال ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين واثنى عشر درهما ». وقال البلاذرى فى فتوح البلدان تحت عنوان « يوم جلولاء الوقيعة » ( ص ٢١٧ طبعة مصر سنة ١٩٥٩ م ) : « وحدثنى الوليد بن صالح قال : حدثنا يونس بن أرقم المالكى قال : حدثنى يحيى بن أبى الاشعث الكندى عن مصعب بن يزيد عن أبى زيد الانصارى عن أبيه قال : بعثنى على بن أبى طالب على ما سقى للفرات فذكر رساتيق وقرى فسمى نهر الملك وكوثى وبهر سير والرومقان ونهر جوبر ونهر درقيط والبهقباذات ( الى ان قال ) وأمرنى أن أضع على الدهاقين الذين يركبون البراذين ويتختمون بالذهب على الرجل ثمانية وأربعين درهما وعلى أوسطهم من التجار على رأس كل رجل أربعة وعشرين درهما فى السنة وأن أضع على الاكرة وسائر من بقى منهم على الرجل اثنى عشر درهما » الى غير ذلك مما هو بهذا المضمون.

وأما أحاديث الخاصة فقد روى الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملى فى وسائل الشيعة فى باب تقدير الجزية وما توضع عليه وقدر الخراج نقلا عن فروع الكافى


فلئن كانوا عندكم أحرارا فقد طعنتم على عمر فيما أراد من بيعهم.

وروى أسد (١) بن عمر القاضى أنّ عمر قال : من كان منكم عليه دين ولم يجد « بقية الحاشية فى الصفحة الماضية »

__________________

للكلينى فى حديث ذكره باسناد له عن مصعب بن يزيد الانصارى قال : استعملنى أمير المؤمنين على بن أبى طالب على أربعة رساتيق المدائن ؛ البهقباذات ونهر شيريا ونهر جوير ونهر الملك وأمرنى أن أضع على كل جريب ( الى أن قال ) وأمرنى ان أضع على الدهاقين الذين يركبون البراذين ويتختمون بالذهب على كل رجل منهم ثمانية وأربعين درهما ، وعلى اوساطهم والتجار منهم على كل رجل منهم أربعة وعشرين درهما ، وعلى سفلتهم وفقرائهم اثني عشر درهما على كل انسان منهم قال : فجبيتها ثمانية عشر ألف ألف درهم فى كل سنة ورواه الصدوق باسناده عن مصعب بن يزيد ورواه المفيد فى المقنعة عن يونس بن ابراهيم؟؟؟ ب : « محمد بن محمد المفيد فى المقنعة : وعن أمير المؤمنين أنه جعل على اغنيائهم ثمانية وأربعين درهما ، وعلى أوساطهم أربعة وعشرين درهما وجعل على فقرائهم اثنى عشر درهما وكذلك صنع عمر بن الخطاب قبله وانما صنعه بمشورته؟؟؟ فان أردت أن تلاحظ الباب فراجع كتاب الجهاد من المجلد الثانى من طبعة أمير بهادر ( ص ٤٦٧ ـ ٤٦٨ ) » وقال المحدث النورى فى مستدرك الوسائل فى مستدرك الباب المذكور ( انظر ج ٢ ص ٢٦٧ ) : « دعائم الاسلام عن على ـ عليه‌السلام قال : الجزية على أحرار أهل الذمة الرجال البالغين وليس على العبيد ولا على النساء ولا على الاطفال جزية ، يؤخذ من الدهاقين وأمثالهم من أهل السعة فى المال على كل رجل منهم ثمانية وأربعون درهما كل عام ، ومن أهل الطبقة الوسطى أربعة وعشرون درهما ، ومن أهل الطبقة السفلى اثنا عشر درهما ، وعليهم مع ذلك الخراج لمن كانت له الارض منهم من كبير أو صغير أو رجل او امرأة فالخراج على الارض ومن أسلم منهم وضعت عنه الجزية ولم يوضع عنه الخراج على الارض ».

__________________

(١) ج : « أسيد ».


ما يقضى دينه وله جار من أهل السّواد فليبع جاره ويقض (١) دينه فأوجب أنّهم عبيد ولم يوافقه عليه أحد من الصّحابة (٢).

__________________

(١) فى النسخ : « ويقضى ».

(٢) فى النسخ : « من أصحابه ».

فليعلم أنى لم أجد فيما عندى من الكتب هذه العبارة بهذا اللفظ نعم قد ذكر أبو الفضل أحمد بن طاهر الكاتب المعروف بابن طيفور المتوفى سنة ٢٨٠ فى أوائل كتاب بغداد ما نصه ( انظر ص ٤٣ ـ ٤٥ من طبعة السيد عزت العطار الحسينى سنة ١٣٦٨ ه‍ ، أو ص ٣٨ ـ ٤٠ من النسخة المطبوعة سنة ١٣٨٨ ه‍ ) :

« وذكر لى أن رجلين تنازعا بباب الجسر أحدهما من العظماء والاخر من السوقة فقنع الّذي من الخاصة الّذي من العامة فصاح العامى : وا عمراه ذهب العدل مذ ذهب ؛ فأخذ الرجل ، وكتب ابراهيم السندى بخبره فدعا به المأمون فقال : ما كانت حالك؟ فأخبره ، فأحضر خصمه فقال له : لم قنعت هذا الرجل؟ قال : يا أمير المؤمنين ان هذا الرجل يعاملنى وكان سيئ المعاملة فلما كان فى هذا اليوم مررت بباب الجسر فأخذ بلجامى ثم قال : لا أفارقك حتى تخرج لى من حقى وغرمه ؛ انى كنت صبورا على سوء معاملته لى ، فقلت له : انى أريد دار اسحاق بن ابراهيم فقال : والله لو جاء اسحاق بن ابراهيم ما فارقتك ، ولو جاء من ولى اسحاق وعنف بى فما صبرت حين عرض بالخلافة ووهن من ذكرها أن قنعته فصاح : وا عمراه ؛ ذهب العدل مذ ذهبت ، فقال للرجل : ما تقول فيما قال خصمك؟ فقال : كذب على وقال الباطل ، فقال خصمه : لى جماعة يا أمير المؤمنين تشهد على مقالته ؛ وان أذن لى أمير المؤمنين أحضرتهم قال : فقال المأمون للرجل : ممن أنت؟ فقال : من أهل فامية فقال : أما ان عمر بن الخطاب ـ رحمه‌الله ـ كان يقول : من كان جاره نبطيا واحتاج الى ثمنه فليبعه فان كنت انما طلبت سيرة عمر فهذا حكمه فى أهل فامية ثم أمر له بألف درهم وأطلقه.

فقال لى الّذي حدثنى بهذا الحديث : فحدثت هذا الحديث بعض مشايخنا


فان كان قال حقّا فقد خالفوه ، وان كان قال باطلا فقد نسبتم إليه الباطل فقد

__________________

فقال : أما الّذي عندنا فخلاف هذا :

انما مر بعض الزهاد فى زورق فلما نظر الى بناء المأمون وأبوابه صاح : وا عمراه فسمعه المأمون فأمر باحضاره ثم دعا به فلما صار بين يديه قال : ما أحرجك الى أن قلت ما قلت؟ قال : رأيت آثار الاكاسرة وبناء الجبابرة فقال له المأمون : أفرأيت ان تحولت من هذه المدينة فنزلت إيوان كسرى بالمدائن كان لك أن تعيب نزولى هناك؟ قال : لا ، قال : فأراك انما عبت اسرافى فى النفقة؟ قال : نعم ، قال : فلو وهبت قيمة هذا البناء أكنت تعيب ذاك؟ قال : لا ، قال : فلو بنى ذلك الرجل بما كنت أهب له بناء أكنت تصيح به كما صحت بى؟ قال : لا ، قال : فأراك انما قصدتنى لخاص نفسى لا لعلة هى غيرى قال : واسحاق بن ابراهيم حاضر قال : فقال : يا أمير المؤمنين مثل هذا لا يقومه القول دون السوط أو السيف ، قال : هما أرش جنايته. ثم قال له : يا هذا ان هذا أول ما بنيناه وآخره ، وانما بلغت النفقة عليه ثلاثة آلاف ألف وهو ضرب من مكايدتنا الاعداء من ملوك الامم كما ترانا نتخذ السلاح والادراع والجيوش والجموع وما بنا الى أكثرها حاجة الساعة.

وأما ذكرك سيرة عمر ـ رحمه‌الله ـ فانه كان يسوس أقواما كراما قد شهدوا نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونحن انما نسوس أهل بزوفر وفامية ودستميسان ومن أشبه هؤلاء الذين ان جاعوا أكلوك ، وان شبعوا قهروك ، وان ولوا عليك استعبدوك ، وكان عمر يسوس قوما قد تأدبوا بأخلاق نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ الطاهرة ، وصانوا أحسابهم الشريفة ، وما أثله لهم آباؤهم فى الجاهلية والاسلام من الافعال الرضية والشيم الكريمة ونحن نسوس من ذكرنا لك من هؤلاء الاقوام الخبيثة.

قال : ثم أمر بصلته فقال : لا تعودن الى مثل هذا فتمسك عقوبتى فان الحفظة ربما صرفت رأى ذى الرأى الى هواه فاستعمله وخلى سبيل الحلم ».


رجعت الوقيعة منكم ومنهم فيه (١).

ورويتم أنّه قضى فى المفقود أن تربّص امرأته أربعة (٢) سنين فان قدم والاّ تزوّجت ؛

__________________

وقال ياقوت فى معجم البلدان بعد أن ذكر أن فامية مدينة كبيرة وكورة من سواحل حمس وذكر ما يرجع الى تعريفها ما نصه :

« وفامية أيضا قرية من قرى واسط بناحية فم الصلح ( الى أن قال ) وذكر أحمد بن أبى طاهر أنه رفع الى المأمون أن رجلا من الرعية لزم بلجام رجل من الجند يطالبه بحق له فقنعه بالسوط فصاح الفامى : وا عمراه ذهب العدل منذ ذهبت ؛ فرفع ذلك الى المأمون فأمر باحضارهما ، فقال للجندى : ما لك وله؟ ـ فقال : ان هذا رجل كنت أعامله وفضل له على شيء من النفقة فلقينى على الجسر فطالبنى فقلت : انى أريد دار السلطان فاذا رجعت وفيتك فقال : لو جاء السلطان ما تركتك فلما ذكر الخلافة يا أمير المؤمنين لم أتما لك فعلت ما فعلت ، فقال للرجل : ما تقول فيما يقول؟ ـ فقال : كذب على وقال الباطل ، فقال الجندى : ان لى جماعة يشهدون ان أمر أمير المؤمنين باحضارهم أحضرتهم فقال المأمون : ممن أنت؟ ـ قال : من أهل فامية قال : أما عمر بن الخطاب كان يقول : من كان جاره نبطيا واحتاج الى ثمنه فليبعه فان كنت انما طلبت سيرة عمر فهذا حكمه فى أهل فامية ، ثم أمر له بألف درهم وأطلقه.

وهذه فامية التى عند واسط بغير شك ».

أقول : حكم ياقوت بكون الرجل من أهل فامية هذه على سبيل القطع لما ذكره أهل ـ الفن فى معنى النبط قال الفيومى فى المصباح المنير : « النبط جيل من الناس كانوا ينزلون سواد العراق ثم استعمل فى أخلاط الناس وعوامهم والجمع أنباط مثل سبب وأسباب الواحد نباطى بزيادة ألف ؛ والنون تضم وتفتح قال الليث : ورجل نبطى ومنعه ابن الاعرابى ».

(١) ح : « فيهم » وهو اشتباه من طغيان القلم من دون شك.

(٢) ج : « أربع ».


فان قدم الزّوج الأوّل بعد فيخيّر بين (١) امرأته والصّداق ؛ فأيّهما اختار دفع إليه والأمّة.لا مجمعة على خلاف هذا (٢).

فلا طعن على رجل (٣)

__________________

(١) كلمة « بين » فى ج وق فقط ولم تذكر فى سائر النسخ.

(٢) قال أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الشيعى الطبرى (ره) فى كتاب المسترشد بالنسبة الى هذا المطلب وما سبقه من حكم عمر فى أهل السواد وجزيتهم ضمن ذكره ما نقموا على عمر وطعنوا عليه به ما نصه ( انظر ص ١٤٤ من طبعة النجف ) :

« ومما نقموا عليه ما عمل به فى أمر السواد بالشام والعراق من اقراره ما أقر من غير قسمة فى أيدى أهله ووضعه الخراج على ما فعله المسلمون ومساحته العامر والغامر بدرهم وقفيز حنطة فعل الاكاسرة رغبة عن دين الله تعالى ودين رسوله (ص).

ومما نقموا عليه وضعه عن جماجم أهل العهد على أقدارهم فى اليسار من اثنى عشر درهما الى ثمانية واربعين درهما ؛ والفقهاء مجمعون على أن رسول الله (ص) أخذ عن كل حالم دينارا ومضت به السنة ، فاطرح عمر قول رسول الله (ص) وعمل برأيه.

ومما نقموا عليه حكمه فى امرأة المفقود أن تتربص بنفسها أربع سنين.

أترى لا يمكن أن يغيب الرجل فى موضع لا يقدر على الخروج أربعين سنة فضلا عن أربع سنين حتى أطلق التزويج لامرأة متزوجة فأباح الفروج حتى أن المرأة كانت تتزوج فى أيامه فيقدم الزوج الاول فيخير بين المرأة والصداق خلافا على الله وعلى رسوله وجرأة على أحكام الله عز وجل اقتحاما على حدود الله ثم لا مغير يغير ولا منكر ينكر ثم يزعمون أنه لم يغير ولم يبدل وهذا حكمه.

ثم أورد طامة هى أعظم من هذا نحن نحكيها هنا ( فذكر قضية أخرى فمن أرادها فليراجع المسترشد ) ».

(٣) فليعلم أن هنا سقطا ونقصا فى جميع النسخ الست التى عندى أعنى


عير الى ثور (١) فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة

__________________

ج ح س ق مج مث ولم يكتف فيها بانقطاع الربط بين السابق واللاحق مما هو موجود فى النسخ من العبارة فى الدلالة على وجود النقص بل جعل بياض هنا فى النسخ حتى يكون أمارة للسقط والنقص وزيد عليها فى بعضها بان كتب فى هامش البياض كنسخة المشهد المقدس الرضوى هذه العبارة : « قد سقط من هنا شيء لم نعرف مقداره » ويتصل هذا الكلام الموجود هنا « فلا طعن على رجل » بما يأتى بعد البياض من قوله : « عير الى ثور » رزقنا الله نسخة كاملة من الكتاب حتى يرتفع النقص منه ببركته.

__________________

(١) فليعلم أن صدر الرواية مع ذيل عبارة « فلا طعن على رجل » اى ما بين العبارتين المذكورتين سقط من جميع النسخ الست التى هى عندى الا أن صدر الرواية معلوم لما ذكر فى الكتب المعتبرة قال ابن الاثير فى النهاية بعد ان ذكر الجبل الّذي بالمدينة اسمه عير : « ومنه الحديث : « انه حرم ما بين عير الى ثور أى جبلين بالمدينة وقيل ثور بمكة ولعل الحديث ما بين عير الى أحد وقيل بمكة جبل يقال له عير أيضا » وقال فى ثور : « وفيه أنه (ص) حرم المدينة ما بين عير الى ثور هما جبلان أما عير فجبل معروف بالمدينة وأما ثور فالمعروف أنه بمكة وفيه الغار الّذي بات به النبي (ص) لما هاجر وفى رواية قليلة ما بين عير وأحد وأحد بالمدينة فيكون ثور غلطا من الراوى وان كان هو الاشهر فى الرواية والاكثر وقيل : ان عيرا جبل بمكة ويكون المراد أنه (ص) حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة ، أو حرم المدينة تحريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة على حذف المضاف ووصف المصدر المحذوف » وقال ياقوت فى معجم البلدان فى « عير » : وفى الحديث ان النبي (ص) حرم ما بين عير الى ثور وهما جبلان عير بالمدينة وثور بمكة وهذه رواية لا معنى لها لان ذلك باجماعهم غير محرم وقد ذكر فى ثور وقال بعض أهل الحديث : انما الرواية الصحيحة أنه (ع) حرم ما بين عير الى أحد وهما بالمدينة »


والنّاس أجمعين (١) وأشهد أنّ عليّا قد أحدث فيها فقال له رجل : كذب

__________________

وقال فى ثور ضمن ما ذكر : « وفى حديث المدينة أنه (ص) حرم ما بين عير الى ثور قال أبو عبيد : أهل المدينة لا يعرفون بالمدينة جبلا يقال له ثور وانما ثور بمكة قال : فيرى أهل الحديث أنه حرم ما بين عير الى أحد وقال غيره : الى بمعنى مع كأنه جعل المدينة مضافة الى مكة فى التحريم ، وقد ترك بعض الرواة موضع ثور بياضا ليبين الوهم وضرب آخرون عليه وقال بعض الرواة : من عير الى كدى وفى رواية ابن سلام : من عير الى احد والاول أشهر وأشد ، وقد قيل : ان بمكة أيضا جبلا اسمه عير ويشهد بذلك بيت أبى طالب المذكور آنفا فانه ذكر جبال مكة وذكر فيها عيرا فيكون المعنى أن حرم المدينة مقدار ما بين عير الى ثور اللذين بمكة ، أو حرم المدينة تحريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة بحذف المضاف واقامة المضاف إليه مقامه ووصف المصدر المحذوف ولا يجوز أن يعتقد أنه حرم ما بين عير الجبل الّذي بالمدينة وثور الجبل الّذي بمكة فان ذلك بالاجماع مباح » فمن أراد التفصيل فليراجع وفاء الوفاء او خلاصة الوفاء للسمهودى أو سائر المفصلات.

__________________

(١) الحديث الى هنا وارد فى الصحيحين عن أبى هريرة قال البيهقى فى السنن فى باب ما جاء فى حرم المدينة ما نصه ( انظر ج ٥ ؛ ص ١٩٦ ) : « وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن القاسم الغضائرى ببغداد ، حدثنا أبو عمر وعثمان بن أحمد بن السماك حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطارى حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة قال قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : المدينة حرم ما بين عير الى ثور فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبى عمرو قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار فذكره باسناده مثله وزاد : لا يقبل منه صرف ولا عدل ، أخرجه البخارى ومسلم في


__________________

الصحيح من حديث زائدة وغيره عن الاعمش ».

قال ابن الاثير فى النهاية : « وفى حديث المدينة : من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا ؛ الحدث الامر الحادث المنكر الّذي ليس بمعتاد ولا معروف فى السنة والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول فمعنى الكسر من نصر جانيا او آواه وأجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يقتص منه والفتح هو الامر المبتدع نفسه ويكون معنى الايواء فيه الرضا به والصبر عليه فانه اذا رضى بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواه ».

قال السمهودى فى خلاصة الوفاء فى الفصل الثالث من الباب الاول ما نصه :

وفى الصحيحين فى أحاديث تحريم المدينة : فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا ، ولفظ البخارى : لا يقبل منه صرف ولا عدل ، والجمهور على أن الصرف الفريضة والعدل النافلة وقيل عكسه وقيل : الصرف التوبة والعدل الفدية أى أتى فيها اثما او آوى من أتاه وحماه فلا يقبل منه فريضة ولا نافلة قبول رضا ولا يجد فى القيامة ما يفتدى به من كافر وقيل غير ذلك ، ولعنه ابعاده عن رحمة الله وطرده عن الجنة أولا لا كلعن الكفار وفيه دلالة على أن ذلك من الكبائر مطلقا اذا للعن خاص بها فيستفاد منها أن الصغيرة بها كالكبيرة بغيرها تعظيما للحضرة النبوية ».

أقول : عقد المجلسى (ره) فى سابع البحار بعد باب وجوب موالاة أولياء الائمة ومعاداة أعدائهم بابا بعنوان « باب آخر فى عقاب من تولى غير مواليه ومعناه » وذكر أخبارا تشتمل على مثل ما تقدم نقله من الصحيحين للبخاري ومسلم ومنها هذا الحديث : « ب ـ ( يريد به قرب الاسناد للحميرى ) ابن طريف عن ابن علوان عن جعفر عن أبيه قال : وجد فى غمد سيف رسول الله (ص) صحيفة مختومة ففتحوها فوجدوا فيها : ان أعتى الناس


__________________

على الله القاتل غير قاتله والضارب غير ضاربه ومن أحدث حدثا او آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، ومن تولى الى غير مواليه فقد كفر بما أنزل على محمد (ص) ». فبعد أن أورد من الاخبار ما أراد نقله نقل ما نقلناه من نهاية ابن الاثير بقوله : وقال الجزرى : فى حديث المدينة فساق كلامه الى آخر ما نقلناه وختمه بقوله : « انتهى » قال ( راجع ج ٧ ؛ ص ٣٧١ من طبعة أمين الضرب ) ونص عبارته هكذا : « أقول : ظاهر أنه أراد ما علم أنهم يبتدعونه فى المدينة من غصب الخلافة وما لحقه من سائر البدع التى عم شؤمها الاسلام أقول : فما رواه الصدوق فى العلل باسناده عن جميل عن أبى عبد الله عليه‌السلام أنه قال : لعن رسول الله (ص) من أحدث فى المدينة حدثا أو آوى محدثا قلت : وما ذلك الحدث؟ ـ قال : القتل ، لعله خص به تقية لاشتهار هذا التفسير بينهم وروى الصدوق أيضا باسناده عن المخالفين الى أمية بن زيد القرشى قال : قال رسول الله (ص) : من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل منه صرف ولا عدل يوم القيامة فقيل : يا رسول الله ما الحدث؟ قال : من قتل نفسا بغير نفس أو مثل مثلة بغير قود او ابتدع بدعة بغير سنة او انتهب نهبة ذات شرق قال : فقيل : ما العدل يا رسول الله؟ قال : الفدية قال : فقيل : فما الصرف يا رسول الله؟ قال : التوبة ».

ومن الموارد التى عبر فيها بهذا التعبير الحديث المتواتر بين الفريقين عن النبي (ص) « يرد على الحوض يوم القيامة رهط من أصحابى فيحلئون عن الحوض فأقول : يا رب أصحابى فيقال : انه لا علم لك بما أحدثوا بعدك ؛ انهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى » ونظير هذا التعبير ما ورد عن عائشة وذلك قال ابن عبد ربه فى العقد الفريد فى آخر ما ذكره تحت عنوان « قولهم فى أصحاب الجمل » ضمن ذكره وقائع زمان خلافة أمير المؤمنين على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ ما نصه ( انظر ص ١٠٨ ج ٣ من طبعة مصر سنة ١٣٥٣ ) :


أبو هريرة (١).

فو الله لئن كان أبو هريرة صادقا لقد صارت لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين

__________________

« وماتت عائشة فى أيام معاوية وقد قاربت السبعين وقيل لها : تدفنين مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قالت : لا ؛ انى أحدثت بعده حدثا فادفنونى مع اخوتى بالبقيع ، وقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لها : يا حميراء كأنى بك تنبحك كلاب الحوأب تقاتلين عليا وأنت له ظالمة والحوأب قرية فى طريق المدينة الى البصرة وبعض الناس يسمونها الحوب بضم الهاء وتثقيل الواو ، وقد زعموا أن الحوأب ماء فى طريق البصرة قال فى ذلك بعض الشيعة :

انى أدين بحب آل محمد

وبنى الوصى شهودهم والغيب

وأنا البريء من الزبير وطلحة

ومن التى نبحت كلاب الحوأب »

__________________

(١) قال ابن أبى الحديد عند ذكره من وضع أحاديث فى مذمة على عليه‌السلام ما نصه : ( وقوله هذا فى شرح كلام له (ع) مبدو بهذه العبارة : اما انه سيظهر عليكم بعدى رجل رحب البلعوم مندحق البطن ؛ انظر ص ٣٥٨ ـ ٣٦٠ من المجلد الاول من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ).

« وذكر شيخنا أبو جعفر الاسكافى ـ رحمه‌الله تعالى وكان من المتحققين بموالاة على ـ عليه‌السلام ـ والمبالغين فى تفضيله وان كان القول بالتفضيل عاما شائعا فى البغداديين من أصحابنا كافة الا أن أبا جعفر أشدهم فى ذلك قولا وأخلصهم فيه اعتقادا أن معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة فى على عليه‌السلام تقتضى الطعن فيه والبراءة منه وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب فى مثله ما اختلقوا ما أرضاه منهم أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ومن التابعين عروة بن الزبير ( الى ان قال : )


على معاوية بن أبى سفيان وبطلت الرّوايات الّتي رويت من مناقب أمير المؤمنين عليّ بن أبى طالب صلوات الله عليه عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وكذب من روى فيه

__________________

وروى الاعمش قال : لما قدم أبو هريرة العراق عام جماعة جاء الى مسجد الكوفة فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مرارا وقال : يا أهل ـ العراق أتزعمون أنى أكذب على الله وعلى رسوله وأحرق نفسى بالنار والله لقد سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقول : ان لكل نبى حرما وان حرمى بالمدينة ما بين عير الى ثور فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وأشهد بالله ان عليا احدث فيها فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه أمارة المدينة.

قلت : أما قوله : ما بين عير الى ثور ؛ فالظاهر أنه غلط من الراوى لان ثورا بمكة وهو جبل يقال له : ثور أطحل ؛ وفيه الغار الّذي دخله النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأبو بكر ، وانما قيل : أطحل ؛ لان أطحل بن عبد مناف بن اد بن طابخة بن الياس ابن مضر بن نزار بن معد بن عدنان كان يسكنه وقيل : اسم الجبل أطحل فأضيف ثور إليه وهو ثور بن عبد مناف والصواب : ما بين عير الى أحد.

فأما قول أبى هريرة : ان عليا ـ عليه‌السلام ـ أحدث بالمدينة فحاش لله كان على ـ عليه‌السلام ـ أتقى لله من ذلك والله لقد نصر عثمان نصرا لو كان المحصور جعفر بن أبى طالب لم يبذل له إلا مثله.

قال أبو جعفر : وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضى الرواية ضربه عمر بالدرة وقال : قد أكثرت من الرواية وأحربك ان تكون كاذبا على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وروى سفيان الثورى عن منصور عن ابراهيم التيمى قال : كانوا لا يأخذون عن أبى ـ هريرة الا ما كان من ذكر جنة او نار وروى ابو أسامة عن الاعمش قال : كان ابراهيم صحيح الحديث فكنت اذا سمعت الحديث أتيته فعرضته عليه فأتيته يوما بأحاديث من حديث


تلك المناقب ، ولئن كان أبو هريرة كذب فى قوله وكذّب لقد هلك من يروى عنه الحديث لأنّ الرّجل اذا استحلّ كذبه فقد هلك فى كذبه.

فلمّا بلغ معاوية قوله فى عليّ ـ عليه‌السلام ـ أكرمه وأجازه وولاّه المدينة

__________________

أبى صالح عن أبى هريرة فقال : دعنى من أبى هريرة انهم كانوا يتركون كثيرا من حديثه.

وقد روى عن على ـ عليه‌السلام ـ انه قال : ألا ان أكذب الناس أو قال : أكذب الاحياء على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله أبو هريرة الدوسى.

وروى أبو يوسف قال : قلت لابى حنيفة : الخبر يجيء عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخالف قياسنا فما نصنع به؟ ـ قال : اذا جاءت به الرواة الثقات عملنا به وتركنا الرأى فقلت : ما تقول فى رواية أبى بكر وعمر؟ ـ فقال : ناهيك بهما ، فقلت : على وعثمان؟ ـ قال : كذلك فلما رآنى أعد الصحابة قال : والصحابة كلهم عدول ما عدا رجالا ثم عد منهم أبا هريرة وأنس بن مالك وروى سفيان الثورى عن عبد الرحمن بن القاسم عن عمر بن عبد الغفار أن أبا هريرة لما قدم الكوفة مع معاوية كان يجلس بالعشيات بباب كندة ويجلس الناس إليه فجاء شاب من الكوفة فجلس إليه فقال : يا أبا هريرة أنشدك الله أسمعت من رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقول لعلى بن أبى طالب : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقال : اللهم نعم قال : فأشهد بالله لقد واليت عدوه وعاديت وليه ثم قام عنه وروت الرواة أن أبا هريرة كان يؤاكل الصبيان فى الطريق ويلعب معهم وكان يخطب وهو أمير المدينة فيقول : الحمد لله الذي جعل الدين قياما وأبا هريرة إماما يضحك الناس بذلك ، وكان يمشى وهو أمير المدينة فى السوق فاذا انتهى الى رجل يمشى امامه ضرب برجليه الارض ويقول : الطريق الطريق قد جاء الامير يعنى نفسه.

قلت : قد ذكر ابن قتيبة هذا كله فى كتاب المعارف فى ترجمة أبى هريرة وقوله فيه حجة لانه غير متهم عليه ».


فهذا من كذبكم على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فامّا أن تكونوا قد صدّقتم أبا هريرة وصدق فى قوله فتكونوا قد طعنتم على عليّ (ع) ورميتموه بالعجب ، وامّا أن تكونوا قد كذّبتم عليه وكذب هو فى قوله فقد كذّبتم رجلا من أصحاب رسول الله (ص) تروون عنه الحلال والحرام فلستم تنجون من إحدى الخصلتين.

ثمّ ما رواه يزيد بن هارون عن أبى المعلّى الجريرىّ (١) قال : حدّثنا ميمون بن مهران (٢) قال : قلت لعبد الله بن عمر : حدّثني عن مقتل عمر فقال : لمّا طعن عمر دعا الحارث بن كلدة الثّقفىّ وكان طبيبا فقال : اسقوه لبنا (٣) فأسقوه لبنا فخرج من جراحته محضا فقال له الحارث : اعهد ايّها الرّجل فلست خلوا من أصحاب القبور ، فقال له النّاس : استخلف علينا ، فقال : ما أنا بالذّي أتحمّلها حيّا وميّتا قالوا : فانّ المسلمين يرضون بعبد الله بن عمر فقال : حسب آل عمر منها تحمّل رجل منهم الخلافة (٤) فقالوا : ألا تشير علينا؟! فقال : لا أبالي أن أفضّل (٥) رءوس قريش ومن سمّى رسول الله (ص) من أهل الجنّة سبعة نفر ؛ عليّ بن أبى طالب ، وعثمان بن عفّان ، وطلحة ،

__________________

(١) ح مث مج س : « الجزرى » ج ق : « الحريرى » قال ابن حجر فى تقريب ـ التهذيب فى باب الانساب : « الجريرى بالتصغير سعيد ابن اياس » وقال فى باب الاسماء : سعيد بن اياس الجريرى ، بضم الجيم ، أبو مسعود البصرى ( الترجمة ) وصرح فى تهذيب ـ التهذيب بأنه ممن يروى عنه يزيد بن هارون » ونقل مصحح التهذيب فى ذيل كلمة الجريرى عن المغنى ما نصه : « والجريرى بضم الجيم وفتح راء اولى وكسر الثانية وسكون ياء بينهما نسبة الى جرير بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة ».

(٢) صرح ابن حجر بروايته عن ابن عمر ؛ فمن أراد كلامه فليراجع تهذيب التهذيب ( ج ١٠ ؛ ص ٣٩٠ ).

(٣) هذه القصة قد تقدمت ( راجع ص ١٦٣ ـ ١٦٦ و ٢٧٢ ).

(٤) عبارة النسخ مشوشة والتصحيح من رواية ابن قتيبة فى الامامة والسياسة.

(٥) فى بعض النسخ بالصاد المهملة.


والزّبير ، وسعد ، وعبد الرّحمن بن عوف ، وسعيد بن زيد ؛ وليس من الأمر فى شيء. قالوا : يا أمير المؤمنين قل فيهم فقال : لا يمنعنى من عثمان إلاّ عصبيّته (١) وحبّه لقومه ، ولا يمنعنى من (٢) عليّ بن أبى طالب إلاّ حرصه عليها وأنّه رجل تلعابة (٣) ولا يمنعنى من

__________________

(١) قال ابن الاثير فى النهاية : « وفيه : العصبى من يعين قومه على الظلم ، العصبى هو الّذي يغضب لعصبته ويحامى عنهم ؛ والعصبة الاقارب من جهة الأب لانهم يعصبونه ويعتصب بهم أى يحيطون به ويشتد بهم ، ومنه الحديث : ليس منا من دعا الى عصبية أو قاتل عصبية ، العصبية والتعصب المحاماة والمدافعة وقد تكرر فى الحديث ذكر العصبية والعصبة ».

(٢) فى بعض النسخ : « عن » وكذا فى الموارد الآتية الا أن « منعه منه وعنه » بمعنى وكلاهما واردان فى اللغة.

(٣) قد تكرر نقل المصنف (ره) هذا الكلام المسلم صدوره من عمر فى حق على ـ عليه‌السلام ـ ( منها ما مر فى ص ١٦٣ ـ ١٦٦ ) ولم نذكر شيئا فى بيانه فالاولى ان نذكر هنا ما ذكر ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة عند شرحه قوله (ع) : « عجبا لابن ـ النابغة يزعم لاهل الشام أن فى دعابة وأنى امرؤ تلعابة أعافس وأمارس » فانه قد أطال الكلام هنا فى ترجمة عمرو بن العاص وأجاب عن هذا الامر وقال بالنسبة الى ما نحن بصدده ما نصه ( انظر المجلد الثانى من طبعة دار الكتب العربية بمصر سنة ١٣٢٩ ؛ ص ١١٤ ) : فأما ما كان يقوله عمرو بن العاص فى على ـ عليه‌السلام ـ لاهل الشام أن فيه دعابة يروم أن يعيبه بذلك عندهم فأصل ذلك كلمة قالها عمر فتلقفها منه من تلقفها حتى جعلها أعداؤه عيبا له وطعنا عليه قال أبو العباس يحيى ثعلب فى كتاب الامالى : كان عبد الله بن عباس عند عمر فتنفس عمر نفسا عاليا قال ابن عباس : حتى ظننت أن أضلاعه قد انفرجت فقلت له : ما أخرج منك هذا النفس يا أمير المؤمنين الاهم شديد قال : اى والله يا ابن عباس انى فكرت فلم أدر فيمن أجعل هذا الامر بعدى ثم قال : علك ترى صاحبك لها أهلا؟ قلت : وما يمنعه من ذلك؟ مع جهاده وسابقته وقرابته وعلمه قال : صدقت ولكنه امرؤ فيه دعابة قلت : فأين أنت من طلحة؟ قال : هو ذو البأو


__________________

باصبعه المقطوعة قلت : فعبد الرحمن؟ قال : رجل ضعيف لو صار الامر إليه لوضع خاتمه فى يد امرأته ، قلت : فالزبير؟ قال : شكس لقس يلاطم فى البقيع فى صاع من بر ، قلت : فسعد بن أبى وقاص؟ قال : صاحب مقنب وسلاح ، قلت : فعثمان قال : أوه أوه ؛ مرارا ، ثم قال : والله لئن وليها ليحملن بنى أبى معيط على رقاب الناس ثم لتنهضن إليه العرب فتقتله ثم قال : يا ابن عباس : انه لا يصلح لهذا الامر الا خصيف العقدة قليل الغرة ، لا تأخذه فى الله لومة لائم ، يكون شديدا من غير عنف لينا من غير ضعف ، جوادا من غير سرف ، ممسكا من غير وكف ، قال ابن عباس : وكانت هذه صفات عمر ثم أقبل على فقال : ان أحراهم أن يحملهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم لصاحبك ، والله لئن وليها ليحملنهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم.

واعلم أن الرجل ذا الخلق المخصوص لا يرى الفضيلة الا فى ذلك الخلق ألا ترى أن الرجل يبخل فيعتقد أن الفضيلة فى الامساك ، والبخيل يعيب أهل السماح والجود وينسبهم الى التبذير واضاعة الحزم ، وكذلك الرجل الجواد يعيب البخلاء وينسبهم الى ضيق النفس وسوء الظن وحب المال ، والجبان يعتقد أن الفضيلة فى الجبن ويعيب الشجاعة ويعتقد كونها خرقا وتغريرا بالنفس كما قال المتنبى : يرى الجبناء أن الجبن حزم ؛ والشجاع يعيب الجبان وينسبه الى الضعف ويعتقد أن الجبن ذل ومهانة وهكذا القول فى جميع الاخلاق والسجايا المقتسمة بين نوع الانسان ولما كان عمر شديد الغلظة وعر الجانب خشن الملمس دائم العبوس كان يعتقد أن ذلك هو الفضيلة وأن خلافة نقص حتى لو قدرنا أن خلقه حاصل لعلى ـ عليه‌السلام ـ وخلق على حاصل له لقال فى على : لو لا شراسة فيه فهو غير ملوم عندى فيما قاله ولا منسوب الى أنه أراد الغض من على والقدح فيه ولكنه أخبر عن خلقه ظانا أن الخلافة لا تصلح الا للشديد الشكيمة العظيم الوعورة ( الى أن قال ) ومن تأمل كتب السير عرف صدق هذا القول وعرف أن عمرو بن العاص أخذ كلمة عمر اذ لم يقصد بها العيب فجعلها عيبا وزاد عليها أنه كثير اللعب يعافس النساء ويمارسهن وانه صاحب هزل ، ولعمر الله لقد كان أبعد الناس


الزّبير إلاّ أنّه مؤمن الرّضا كافر الغضب ، ولا يمنعنى من طلحة إلاّ نخوته وكبره ، ولا يمنعنى من سعد إلاّ فظاظته وعنفه ، ولا يمنعنى من عبد الرّحمن بن عوف إلاّ أنّه قارون هذه الأمّة ، يجمعون فى البيت ثلاثا ، ويصلّى بالنّاس صهيب ، ويحضر عبد الله ابن عمر مشيرا ووزيرا وليس له (١) من الامر شيء فاذا استقام رأى خمسة وأبى واحد فاجلدوا عنقه ، وإن (٢) استقام رأى أربعة وأبى اثنان ؛ فاجلدوا أعناقهما ، وإن استقام ثلاثة (٣) وأبى ثلاثة (٤) فتحاكموا الى عبد الله بن عمر فأىّ الفريقين قضى لهم فاقتلوا الباقين ( فى حديث طويل ).

وفى رواية أخرى : فان مضت ثلاثة أيّام ولم يبايعوا رجلا منهم فاقتلوهم جميعا.

__________________

من ذلك وأى وقت كان يتسع لعلى ـ عليه‌السلام حتى يكون فيه على هذه الصفات فان أزمانه كلها فى العبادة والصلاة والذكر والفتوى والعلم واختلاف الناس إليه فى الاحكام وتفسير القرآن ، ونهاره كله أو معظمه مشغول بالصوم وليله كله أو معظمه مشغول بالصلاة ، هذا فى أيام سلمه فأما أيام حربه فبالسيف الشهير والسنان الطرير وركوب الخيل وقود الجيوش ومباشرة الحروب ولقد صدق ـ عليه‌السلام ـ فى قوله : اننى ليمنعنى من اللعب ذكر الموت ولكن الرجل الشريف النبيل الّذي لا يستطيع أعداؤه أن يذكروا له عيبا أو يعدوا عليه وصمة لا بد أن يحتالوا ويبذلوا جهدهم فى تحصيل أمر ما وان ضعف يجعلونه عذرا لانفسهم فى ذمه ويتوسلون به الى أتباعهم فى تحسينهم لهم مفارقته والانحراف عنه ( الى آخر ما قال فمن أراده فليراجع ذلك الكتاب ) ».

__________________

(١) كذا فى ح لكن فى غيرها : « إليه ».

(٢) ح : « واذا » وكذا فيما يأتى من نظائره فى الحديث.

(٣ و ٤) اى استقام رأى ثلاثة ولم يستقم رأى ثلاثة.


فانظروا الى روايتكم عن عمر (١) وما نسبتموه إليه ان كنتم صادقين عليه فى قوله [ على ما ] زعمتم : حسب آل عمر منها ؛ فو الله ان كانت (٢) لله رضى ما كان ينبغى له أن يخرج آل عمر منها ، وان كانت لله سخطا ما كان ينبغى له أن يصرف عنها ولده ويلقى (٣) فيها (٤) أصحاب رسول الله الّذين شهد لهم رسول الله (ص) أنّهم من أهل الجنّة.

ثمّ زعمتم أنّه اختار لهم قوما من أهل الجنّة ثمّ ذكرهم بما ذكرهم (٥) من التّنقّص (٦) انّ عثمان صاحب عصبيّة ، وعليّا (٧) تلعابة حريص عليها ، والزّبير مؤمن الرّضا كافر الغضب ، وطلحة صاحب نخوة وكبر ، وسعدا (٨) صاحب فظاظة وعنف ، وعبد الرّحمن قارون هذه الأمّة ؛ فهل يعاب أحد بأشدّ ممّا عابهم به وزعم أنّه اختارهم لأمّة محمّد (ص) وهم بهذه الصّفة الّتي وصف ، فلئن كنتم صادقين عليه أنّه فعل ذلك وتكلّم [ به ] وأمر بقتلهم فلقد نسبتموه الى ما تنسب إليه الصّعاليك (٩) الّذين لا يخافون الله ، ولئن كنتم كذبتم عليه لقد تحمّلتم بكذبكم عليه وزرا وإثما عظيما.

فهذه وقيعتكم فى خيار أصحاب رسول الله (ص) وأنتم ترمون الشّيعة بذلك وهم

__________________

(١) ج ق س مج مث : « على عمر ».

(٢) فى النسخ : « كان ».

(٣) ح : « يبقى ».

(٤) « فيها » فى مج وق فقط.

(٥) غير ح : « بما ذكر ».

(٦) ح : « من النقص ».

(٧ و ٨) غير ح : « على وسعد » كلاهما بالرفع وذلك مبنى على ما هو المقرر فى النحو من أن المعطوف على اسم ان بعد مضى الخبر جائز رفعه ونصبه ؛ قال ابن مالك :

« وجائز رفعك معطوفا على

منصوب ان بعد ان تستكملا »

« وألحقت بان لكن وأن

من دون ليت ولعل وكان ».

(٩) ج س ق مج مث : « السعاليك » ( بالسين ) ؛ وفى الصحاح والقاموس : « صعاليك العرب ذؤبانها ». وقال ابن الاثير فى النهاية فى ذوب : « وفى حديث الغار فيصبح فى ذوبان الناس يقال لصعاليك العرب ولصوصها ذوبان لانهم كالذئاب والذوبان جمع ذئب والاصل فيه الهمز ولكنه خفف فانقلب واوا ، وذكرناه هاهنا حملا على لفظه ».


أتقى النّاس ممّا ترمونهم به فى روايات (١) كثيرة تروونها على أبى بكر وعمر وعثمان من (٢) أشنع ما يكون من الرّواية عن قوم تزكّونهم وتأخذون الحديث عنهم لو كتبناها كلّها لاحتجنا الى أجلاد (٣) كثيرة وفيما كتبنا وبيّنا بلاغ لقوم يعقلون.

ثمّ إقراركم على الصّحابة أنّهم اختلفوا ؛ فان زعمتم أنّهم فى اختلافهم مطيعون ؛ فقد زعمتم أنّ الله نهاهم عن الطّاعة لانّ الله قال : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (٤) ، وقال : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) (٥) ، وان زعمتم أنّهم عاصون فى اختلافهم ؛ فقد وقعتم فيهم وزعمتم أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أمرنا بالاقتداء بالعصاة ، فهذا ما لا مخرج لكم منه.

فوجدناكم أخذتم عن قوم رددتم أقاويلهم فى بعض وقبلتموها فى بعض وكنتم أنتم المختارين ممّا قالوا ؛ فما استحسنتم أخذتموه وقبلتموه ، وما كرهتم تركتموه ، وطعنتم على من زكّيتموه ، وزكّيتم من طعنتم عليه ، فكنتم أئمّة أنفسكم فيما نقلوا إليكم واتّبعتم فى ذلك ظنّكم وهواكم ، وتركتم شيئا ارتضاه بعضكم ، ورضيتم شيئا كرهه بعضكم ، ولا يخلو ما اختلفتم فيه من أن يكون بعضه سخطا لله أو كلّه ، أو يكون رضى (٦) بعضه وكرها (٧) بعضه فترضون ما يزعم بعضكم أنّ الله كرهه ، وتكرهون ما يزعم بعضكم أنّ الله رضيه فلا حقّا (٨) تعرفون ولا باطلا (٩) تنكرون فكلّكم راض عمّن خالفكم

__________________

(١) غير ح : « فى رواية ».

(٢) ح : « ومن ».

(٣) الاجلاد جمع الجلد كالجلود قال الفيومى فى المصباح المنير : « قال الازهرى : لجلد غشاء جسد الحيوان والجمع جلود وقد يجمع على أجلاد مثل حمل وحمول وأحمال ».

(٤) صدر آية ١٠٣ من سورة آل عمران.

(٥) آية ١٠٥ من سورة آل عمران.

(٦ و ٧) فى بعض النسخ كلاهما بصورة الفعل فيكون المعنى : « رضى الله بعضه وكره بعضه ».

(٨ و ٩) فى النسخ : « فلا حق » « ولا باطل ».


طاعن عليه.

ومن (١) جهة أخرى تروون عن المرجئة ويروون عنكم ، وتروون عن القدريّة ويروون عنكم ، وتروون عن الجهميّة ويروون عنكم ، فتقبلون منهم بعض أقاويلهم وتردّون عليهم بعضها ؛ فلا الحقّ أنتم منه على ثقة ، ولا الباطل أنتم منه على يقين ، وأنتم عند أنفسكم أهل السّنّة والجماعة فهذه صفتكم الّتي تعرفونها من أنفسكم وتنطق بها عليكم ألسنتكم فالحمد لله الّذي بصّرنا ما جهلتم [ به ] وعرّفنا ما جحدتم به (٢) وله المزيد بذلك [ والحمد لله كثيرا وصلواته (٣) على سيّد الأوّلين والآخرين محمّد النّبيّ وآله الطّاهرين (٤) ].

عبارات خواتم النّسخ

عبارة آخر نسخة ق : « تمّ الكتاب بتوفيق من الله فى شهر رمضان سنة اثنى وسبعين بعد ألف وكتب من نسخة كتب فيها : بلغ عرضا فصحّ بقدر الجهد وذلك بأصله المنقول منه ووقع الفراغ من التّنميق فى محرّم سنة خمس وستّمائة.

الخطّ يبقى زمانا بعد كاتبه

وصاحب الخطّ تحت الأرض مدفون ».

عبارة آخر نسخة ق : « تمّ الكتاب بتوفيق من الله تعالى بقلم الفقير عبد آل محمّد أحمد بن شرف الدّين عليهم الصّلاة والسّلام ».

وفى هامشها بخطّ المتن :

« بلغ قبالا من الفاتحة الى الخاتمة والّذي فيه من الأوراق البيض قد سقط من نسخة الأصل يسّر الله نسخه من نسخة أخرى وكان ذلك فى عدّة مجالس آخرها ليلة الخميس

__________________

(١) انما جعلناها صدر الجملة لكونها مصدرة بالواو فلا تكون صلة لما قبلها.

(٢) لم تذكر فى ح.

(٣) مج : « وصلاة » ق : « وصلاته ».

(٤) ح ( بدل ما بين الحاصرتين ) : « والصلاة على نبيه وآله المعصومين ».


ثامن عشر من شهر صفر ختم بالخير والظّفر من شهور سنة تسعين وتسعمائة ؛ حرّره فقير ربّه الولىّ محمّد عليّ عفى عنه بمحمّد وعليّ ».

وعبارة آخر نسخة مث :

« وفى المنتسخ منه : بلغ قبالا من الفاتحة الى الخاتمة ؛ والّذي فيه من الأوراق البيض قد سقط من نسخة الأصل يسّر الله نسخه من نسخة أخرى وكان ذلك فى عدّة مجالس آخرها ليلة الخميس ثامن عشر من شهر صفر ختم بالخير والظّفر سنة تسعين وتسعمائة ( انتهى ). »

وعبارة آخر نسخة مج : « تمّ الكتاب بتوفيق من الله تعالى ».

وعبارة آخر نسخة ح :

« تمّ كتابة على نسخة مغلوطة كتبت على نسخة تأريخها تسعمائة وتسعون ، كانت ناقصة من أواسطها أوراق مقدّرة بالبياض ؛ وانتهى على يد محمّد السّماوىّ بالنّجف لثمان بقين من ربيع ا [ لا ] وّل سنة ١٢٣٥ حامدا مصلّيا مسلّما ».

وعبارة آخر نسخة ج :

« تمّ فى الثّاني والعشرين من جمادى الثّانية من شهور سنة ١١١٨ ».

تأريخ فراغى من التّصحيح البدوىّ والنّهائىّ :

تمّ تحرير ذلك بيد العبد الآثم جلال الدّين بن القاسم الحسينىّ منتصف ليلة الجمعة وكانت اللّيلة السابعة من شهر رمضان المبارك من سنة ١٣٩٠.

ومن الاتّفاق كان تصحيحة النهائىّ بعد ترتيب الحروف ليلة الاربعاء وكانت اللّيلة السابعة من شهر رمضان المبارك من سنة ١٣٩١.

فكانت الفاصلة بين التصحيحين سنة كاملة قمريّة ؛ والحمد لله ربّ العالمين.


تعليقات الكتاب

لمّا كان ما ذكره ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة فى شرح هذه العبارة من أصل الكتاب : « وقال ـ عليه‌السلام ـ لعمّار بن ياسر ـ رحمه‌الله تعالى ـ وقد سمعه يراجع المغيرة بن شعبة كلاما : دعه يا عمّار فانّه لم يأخذ من الدّين الاّ ما قاربه من الدّنيا وعلى عمد لبّس على نفسه ليجعل الشبهات عاذرا لسقطاته » مشتملا على مطالب مهمّة مرتبطة بما فى كتاب الايضاح للفضل بن شاذان غاية الارتباط وقد أشرنا فى ذيل بعض صفحات الكتاب الى ذلك ( انظر ص ٦٥ و ٣٧٦ ) رأينا من المهمّ أن ننقله هنا حتّى ينتفع به الناظرون فى ذلك الكتاب والله المستعان وعليه التّكلان

قال ابن أبى الحديد فى شرح الكلام المذكور ما نصّه :

( راجع ج ٤ ؛ ص ٤٥٣ ـ ٤٦٣ من النسخة المطبوعة بمصر سنة ١٣٢٩ )

« الشّرح ـ أصحابنا غير متّفقين على السّكوت على المغيرة بل أكثر البغداديّين يفسّقونه ويقولون فيه ما يقال فى الفاسق ، ولمّا جاء عروة بن مسعود الثّقفىّ الى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عام الحديبية نظر إليه قائما على رأس رسول الله مقلّدا سيفا فقال : من هذا؟ ـ قيل : ابن أخيك المغيرة قال : وأنت هاهنا يا غدر والله انّى الى الآن ما غسلت سوأتك وكان اسلام المغيرة من غير اعتقاد صحيح ولا إنابة ولا نيّة جميلة كان قد صحب قوما فى بعض الطّرق فاستغفلهم وهم نيام فقتلهم وأخذ أموالهم وهرب خوفا ان يلحق فيقتل أو يؤخذ ما فاز به من أموالهم فقدم المدينة فأظهر الاسلام وكان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لا يردّ على أحد اسلامه أسلم عن علّة او عن اخلاص ، فامتنع بالاسلام واعتصم وحمى جانبه.


ذكر حديثه أبو الفرج عليّ بن الحسين الاصفهانىّ فى كتاب الاغانى

قال : كان المغيرة يحدّث حديث اسلامه قال : خرجت مع قوم من بنى مالك ونحن على دين الجاهليّة الى المقوقس ملك مصر فدخلنا الى الاسكندريّة وأهدينا للملك هدايا كانت معنا فكنت أهون أصحابى عليه وقبض هدايا القوم وأمر لهم بجوائز وفضّل بعضهم على بعض وقصّر بى فأعطانى شيئا قليلا لا ذكر له وخرجنا فأقبلت بنو ـ مالك يشترون هدايا لأهلهم وهم مسرورون ولم يعرض أحد منهم على مواساة فلمّا خرجوا حملوا معهم خمرا فكانوا يشربون منها فأشرب معهم ونفسى تأبى ان تدعنى معهم وقلت : ينصرفون الى الطّائف بما أصابوا وما حباهم به الملك ويخبرون قومى بتقصيره بى وازدرائه ايّاى فأجمعت على قتلهم فقلت : انّى أجد صداعا فوضعوا شرابهم ودعونى فقلت : رأسى يصدع ولكن اجلسوا فأسقيكم فلم ينكروا من أمرى شيئا فجلست أسقيهم وأشرب القدح بعد القدح فلمّا دبّت الكأس فيهم اشتهوا الشّراب فجعلت أصرف لهم وأترع الكأس فأهمدتهم الخمر حتّى ناموا ما يعقلون فوثبت إليهم فقتلتهم جميعا وأخذت جميع ما كان معهم وقدمت المدينة فوجدت النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بالمسجد وعنده أبو بكر وكان بى عارفا فلمّا رآنى قال : ابن أخى عروة؟ ـ قلت : نعم قد جئت أشهد أن لا إله الاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله ، فقال أبو بكر : من مصر أقبلت؟ ـ قلت : عم قال : فما فعل المالكيّون الّذين كانوا معك؟ ـ قلت : كان بينى وبينهم بعض ما يكون بين العرب ونحن على دين الشّرك فقتلتهم وأخذت أسلابهم وجئت بها الى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ليخمّسها فانّها غنيمة من المشركين فقال رسول الله : أمّا اسلامك فقد قبلته ولا نأخذ من أموالهم شيئا ولا نخمّسها لأنّ هذا غدر والغدر لا خير فيه فأخذنى ما قرب وما بعد فقلت : يا رسول الله انّما قتلتهم وأنا على دين قومى ثمّ أسلمت حين دخلت أليك السّاعة فقال ـ عليه‌السلام ـ : الاسلام يجبّ ما قبله.

قال : وكان قتل منهم ثلاثة عشر انسانا واحتوى على ما معهم فبلغ ذلك ثقيفا


بالطّائف فتداعوا للقتال ثمّ اصطلحوا على ان حمل عمّى عروة بن مسعود ثلاث عشرة دية.

قال : فذلك معنى قول عروة يوم الحديبية : يا غدر أنا الى الامس أغسل سوأتك فلا أستطيع أن أغسلها.

فلهذا قال أصحابنا البغداديّون : من كان اسلامه على هذا الوجه وكانت خاتمته ما قد تواتر الخبر به من لعن عليّ ـ عليه‌السلام ـ على المنابر الى ان مات على هذا الفعل وكان المتوسّط من عمره الفسق والفجور واعطاء البطن والفرج سؤالهما وممالأة الفاسقين وصرف الوقت الى غير طاعة الله كيف نتولاّه؟! وأىّ عذر لنا فى الامساك عنه؟! وأن لا نكشف للنّاس فسقه؟!

وحضرت عند النّقيب أبى جعفر يحيى بن محمّد العلوىّ البصرىّ فى سنة احدى عشرة وستّمائة ببغداد وعنده جماعة وأحدهم يقرأ فى الاغانى لأبى الفرج فمن ذكر المغيرة بن شعبة وخاض القوم فذمّه بعضهم وأثنى عليه بعضهم وأمسك عنه آخرون فقال بعض فقهاء الشّيعة ممّن كان يشتغل بطرف من علم الكلام على رأى الأشعرىّ : لواجب الكفّ والامساك عن الصّحابة وعمّا شجر بينهم فقد قال أبو المعالى الجوينىّ : نّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ نهى عن ذلك وقال : ايّاكم وما شجر بين صحابتى. وقال : دعوا لى أصحابى فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا لما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه. وقال : أصحابى كالنّجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم. وقال : خيركم القرن الّذي أنا فيه ثمّ الّذي يليه ثمّ الّذي يليه ثمّ الّذي يليه. وقد ورد فى القرآن الثّناء على الصّحابة وعلى التّابعين وقال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : وما يدريك لعلّ الله اطّلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

وقد روى عن الحسن البصرىّ أنّه ذكر عنده الجمل وصفّين فقال : تلك دماء طهّر الله منها أسيافنا فلا نلطّخ بها ألسنتنا ثمّ انّ تلك الاحوال قد غابت عنّا وبعدت أخبارها على حقائقها فلا يليق بنا ان نخوض فيها ولو كان واحد من هؤلاء قد أخطأ لوجب


ان يحفظ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فيه ومن المروءة أن يحفظ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى عائشة زوجته وفى الزّبير ابن عمّته وفى طلحة الّذي وقاه بيده ، ثمّ ما الّذي ألزمنا وأوجب علينا ان نلعن أحدا من المسلمين او نبرأ منه وأىّ ثواب فى اللّعنة والبراءة؟! انّ الله تعالى لا يقول يوم القيامة للمكلّف : لم لم تلعن؟ بل قد يقول له : لم لعنت؟ ولو أنّ انسانا عاش عمره كلّه لم يلعن ابليس لم يكن عاصيا ولا آثما ، واذا جعل الانسان عوض اللّعنة : أستغفر الله ؛ كان خيرا له.

ثمّ كيف يجوز للعامّة ان تدخل أنفسها فى امور الخاصّة واولئك قوم كانوا أمراء هذه الأمّة وقادتها ونحن اليوم فى طبقة سافلة جدّا عنهم فكيف يحسن بنا التّعرّض لذكرهم؟! أليس يقبح من الرّعيّة ان تخوض فى دقائق امور الملك وأحواله وشئونه الّتي تجرى بينه وبين أهله وبنى عمّه ونسائه وسراريه وقد كان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ صهرا لمعاوية وأخته أمّ حبيبة تحته فالأدب ان تحفظ أمّ حبيبة وهى أمّ ـ المؤمنين فى أخيها وكيف يجوز ان يلعن من جعل الله تعالى بينه وبين رسوله مودّة أليس المفسّرون كلّهم قالوا : هذه الآية أنزلت فى أبى سفيان وآله وهى قوله تعالى : ( عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً ) ؛ فكان ذلك مصاهرة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أبا سفيان وتزويجه ابنته على أنّ جميع ما تنقله الشّيعة من الاختلاف بينهم والمشاجرة لم يثبت وما كان القوم الاّ كبنى أمّ واحدة ولم يتكدّر باطن احد منهم على صاحبه قطّ ولا وقع بينهم اختلاف ونزاع.

فقال أبو جعفر رحمه‌الله :

قد كنت منذ أيّام علّقت بخطّى كلاما وجدته لبعض الزّيديّة فى هذا المعنى نقضا وردّا على أبى المعالى الجوينىّ فيما اختاره لنفسه من هذا الرّأى وأنا أخرجه إليكم لأستغنى بتأمّله عن الحديث على ما قاله هذا الفقيه فانّى أجد ألما يمنعنى من الاطالة فى الحديث لا سيّما اذا خرج مخرج الجدل ومقاومة الخصوم ثمّ أخرج من بين كتبه كرّاسا قرأناه فى ذلك المجلس واستحسنه الحاضرون وأنا أذكر هاهنا خلاصته.


قال : لو لا أنّ الله تعالى أوجب معاداة أعدائه كما أوجب موالاة أوليائه وضيّق على المسلمين تركها اذا دلّ العقل عليها او صحّ الخبر عنها بقوله سبحانه : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم او أبناءهم او اخوانهم او عشيرتهم وبقوله تعالى : ( وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ ) وبقوله سبحانه : ( لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) ، ولاجماع المسلمين على أنّ الله تعالى فرض عداوة أعدائه وولاية أوليائه ، وعلى انّ البغض فى الله واجب والحبّ فى الله واجب لما تعرّضنا لمعاداة أحد من النّاس فى الدّين ولا البراءة منه ولكانت عداوتنا للقوم تكلّفا ولو ظننّا أنّ الله عزّ وجلّ يعذرنا اذا قلنا : يا ربّ غاب أمرهم عنّا فلم يكن لخوضنا فى أمر قد غاب عنّا معنى لاعتمدنا على هذا القدر وواليناهم ولكنّا نخاف ان يقول سبحانه لنا : ان كان أمرهم قد غاب عن أبصاركم فلم يغب عن قلوبكم وأسماعكم قد أتتكم به الأخبار الصّحيحة الّتي بمثلها ألزمتم أنفسكم الاقرار بالنّبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وموالاة من صدّقه ومعاداة من عصاه وجحده وأمرتم بتدبّر القرآن وما جاء به الرّسول فهلاّ حذرتم من ان تكونوا من أهل هذه الآية غدا : ( رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ).

فأمّا لفظة اللّعن فقد أمرنا الله تعالى بها وأوجبها ألا ترى الى قوله : ( أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ ) فهو اخبار معناه الأمر كقوله : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) وقد لعن الله تعالى العاصين بقوله : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ ) ، وقوله : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) ، وقوله : ( مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً ) ، وقال الله تعالى لإبليس : ( وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ ) وقال : ( إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً ).

فأمّا قول من يقول : أىّ ثواب فى اللّعن وانّ الله تعالى لا يقول للمكلّف : لم لم تلعن بل قد يقول له : لم لعنت وانّه لو جعل مكان : لعن الله فلانا ؛ اللهمّ اغفر لى ، لكان خيرا له ، ولو أنّ انسانا عاش عمره كلّه لم يلعن ابليس لم يؤاخذ بذلك ؛ فكلام


جاهل لا يدرى ما يقول : اللّعن طاعة ويستحقّ عليها الثّواب اذا فعلت على وجهها وهو ان يلعن مستحقّ اللّعن لله وفى الله لا فى العصبيّة والهوى ألا ترى أنّ الشّرع قد ورد بها فى نفى الولد ونطق بها القرآن وهو ان يقول الزّوج فى الخامسة : أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين فلو لم يكن الله تعالى يريد ان يتلفّظ عباده بهذه اللّفظة وانّه قد تعبّدهم بها لما جعلها من معالم الشّرع ولما كرّرها فى كثير من كتابه العزيز ولما قال فى حقّ القائل : وغضب الله عليه ولعنه وليس المراد من قوله : ولعنه ؛ الاّ الأمر لنا بأن نلعنه ولو لم يكن المراد بها ذلك لكان لنا ان نلعنه لأنّ الله تعالى قد لعنه أفيلعن الله تعالى انسانا ولا يكون لنا أن نلعنه ، هذا ما لا يسوغ فى العقل كما لا يجوز أن يمدح الله انسانا الاّ ولنا ان نمدحه ولا يذمّه الاّ ولنا أن نذمّه وقال تعالى : ( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ ) ، وقال : ( رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ) ، وقال عزّ وجلّ : ( وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا ).

وكيف يقول القائل : انّ الله تعالى لا يقول للمكلّف : لم لم تلعن؟! ألا يعلم هذا القائل أنّ الله تعالى أمر بولاية أوليائه وأمر بعداوة أعدائه فكما يسأل عن التّولّى يسأل عن التّبرّى ألا ترى أنّ اليهودىّ اذا أسلم يطالب بأن يقال له تلفّظ بكلمة الشّهادتين ثمّ قل : برئت من كلّ دين يخالف دين الاسلام فلا بدّ من البراءة لانّ بها يتمّ العمل ألم يسمع هذا القائل قول الشّاعر :

تودّ عدوّى ثمّ تزعم أنّنى

صديقك انّ الرّأى عنك لعازب

فمودّة العدوّ خروج عن ولاية الولىّ واذا بطلت المودّة لم يبق الاّ البراءة لأنّه لا يجوز ان يكون الانسان فى درجة متوسّطة مع أعداء الله تعالى وعصاته بأن لا يودّهم ولا يبرأ منهم باجماع المسلمين على نفى هذه الواسطة.

وأمّا قوله : لو جعل عوض اللّعنة أستغفر الله لكان خيرا له فانّه لو استغفر من غير أن يلعن أو يعتقد وجوب اللّعن لما نفعه استغفاره ولا قبل منه لأنّه يكون عاصيا لله تعالى مخالفا أمره فى امساكه عمّن أوجب الله تعالى عليه البراءة منه واظهار البراءة ،


والمصرّ على بعض المعاصى لا تقبل توبته واستغفاره عن البعض الآخر وأمّا من يعيش عمره ولا يلعن ابليس فان كان لا يعتقد وجوب لعنه فهو كافر ، وان كان يعتقد وجوب لعنه ولا يلعنه فهو مخطئ على أنّ الفرق بينه وبين ترك لعنه رءوس الضّلال فى هذه الامّة كمعاوية والمغيرة وأمثالهما انّ احدا من المسلمين لا يورث عنده الامساك عن لعن ابليس شبهة فى أمر ابليس والامساك عن لعن هؤلاء وأضرابهم يثير شبهة عند كثير من المسلمين فى أمرهم ؛ وتجنّب ما يورث الشّبهة فى الدّين واجب ، فلهذا لم يكن الامساك عن لعن ابليس نظيرا للامساك عن أمر هؤلاء.

قال : ثمّ يقال للمخالفين :

أرأيتم لو قال قائل : قد غاب عنّا أمر يزيد بن معاوية والحجّاج بن يوسف فليس ينبغى أن نخوض فى قصّتهما ولا ان نلعنهما ونعاديهما ونبرأ منهما هل كان هذا الاّ كقولكم : قد غاب عنّا أمر معاوية والمغيرة بن شعبة وأضرابهما فليس لخوضنا فى قصّتهم معنى.

وبعد كيف أدخلتم أيّها العامّة والحشويّة وأهل الحديث أنفسكم فى أمر عثمان وخضتم فيه وقد غاب عنكم وبرئتم من قتلته ولعنتموهم وكيف لم تحفظوا أبا بكر الصّدّيق فى محمّد ابنه فانّكم لعنتموه وفسّقتموه ولا حفظتم عائشة أمّ المؤمنين فى أخيها محمّد المذكور ومنعتمونا ان نخوض وندخل أنفسنا فى أمر عليّ والحسن والحسين ومعاوية الظّالم له ولهما المتغلّب على حقّه وحقوقهما ، وكيف صار لعن ظالم عثمان من السّنّة عندكم ولعن ظالم عليّ والحسن والحسين تكلّفا؟! وكيف أدخلت العامّة أنفسها فى أمر عائشة وبرئت ممّن نظر إليها ومن القائل لها : يا حميراء أو انّما هى حميراء ولعنته بكشفه سترها ومنعتنا نحن عن الحديث فى أمر فاطمة وما جرى لها بعد وفاة أبيها.

فان قلتم : انّ بيت فاطمة انّما دخل وسترها انّما كشف حفظا لنظام الاسلام وكيلا ينتشر الأمر ويخرج قوم من المسلمين أعناقهم من ربقة الطّاعة ولزوم الجماعة قيل لكم : وكذلك ستر عائشة انّما كشف وهودجها انّما هتك لأنّها نشرت حبل الطّاعة


وشقّت عصا المسلمين وأراقت دماء المسلمين من قبل وصول عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ الى البصرة وجرى لها مع عثمان بن حنيف وحكم بن جبلة ومن كان معهما من المسلمين الصّالحين من القتل وسفك الدّماء ما ينطق به كتب التّواريخ والسّير فاذا جاز دخول بيت فاطمة لأمر لم يقع بعد جاز كشف ستر عائشة على ما قد وقع وتحقّق ، فكيف صار هتك ستر عائشة من الكبائر الّتي يجب معها التّخليد فى النّار والبراءة من فاعله ومن أوكد عرى الايمان وصار كشف بيت فاطمة والدّخول عليها منزلها وجمع حطب ببابها وتهدّدها بالتّحريق من أوكد عرى الدّين وأثبت دعائم الاسلام وممّا أعزّ الله به الدّين وأطفأ به نائرة الفتنة والحرمتان واحدة والسّتران واحد؟!

وما نحبّ ان نقول لكم : انّ حرمة فاطمة أعظم ومكانها أرفع وصيانتها لأجل رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أولى فانّها بضعة منه وجزء من لحمه ودمه وليست كالزّوجة الأجنبيّة الّتي لا نسب بينها وبين الزّوج وانّما هى وصلة مستعارة وعقد يجرى مجرى اجارة المنفعة وكما يملك رقّ الامة بالبيع والشّراء ولهذا قال الفرضيّون : أسباب التّوارث ثلاثة ؛ سبب ونسب وولاء ، والنّسب القرابة والسّبب النّكاح والولاء ولاء العتق ، فجعلوا النّكاح خارجا عن النّسب ولو كانت الزّوجة ذات نسب لجعلوا الأقسام الثّلاثة قسمين وكيف تكون عائشة أو غيرها في منزلة فاطمة وقد أجمع المسلمون كلّهم من يحبّها ومن لا يحبّها منهم انّها سيّدة نساء العالمين.

قال : وكيف يلزمنا اليوم حفظ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى زوجته وحفظ أمّ حبيبة فى أخيها ولم تلزم الصّحابة أنفسها حفظ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى أهل بيته ولا ألزمت الصّحابة أنفسها حفظ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى صهره وابن عمّه عثمان بن عفّان وقد قتلوهم ولعنوهم وقد كان كثير من الصّحابة يلعن عثمان وهو خليفة منهم عائشة كانت تقول : اقتلوا نعثلا لعن الله نعثلا ، ومنهم عبد الله بن مسعود ، وقد لعن معاوية عليّ بن أبى طالب وابنيه حسنا وحسينا وهم أحياء يرزقون بالعراق وهو يلعنهم بالشّام على المنابر ويقنت عليهم فى الصّلوات وقد لعن أبو بكر وعمر سعد بن


عبادة وهو حىّ وبرئا منه وأخرجاه من المدينة الى الشّام ، ولعن عمر خالد بن الوليد لمّا قتل مالك بن نويرة ، وما زال اللّعن فاشيا فى المسلمين اذا عرفوا من الانسان معصية تقتضى اللّعن والبراءة.

قال :

ولو كان هذا معتبرا وهو ان يحفظ زيد لأجل عمرو فلا يلعن لوجب ان تحفظ الصّحابة فى أولادهم فلا يلعنوا لأجل آبائهم فكان يجب ان يحفظ سعد بن أبى وقّاص فلا يلعن عمر بن سعد قاتل الحسين ، وان يحفظ معاوية فلا يلعن يزيد صاحب وقعة ـ الحرّة وقاتل الحسين ومخيف المسجد الحرام بمكّة ، وان يحفظ عمر بن الخطّاب فى عبيد الله ابنه قاتل الهرمزان والمحارب عليّا ـ عليه‌السلام ـ فى صفّين.

قال :

على أنّه لو كان الامساك عن عداوة من عادى الله من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ من حفظ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى أصحابه ورعاية عهده وعقده لم نعادهم ولو ضربت رقابنا بالسّيوف ولكن محبّة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لأصحابه ليست كمحبّة الجهّال الّذين يضع أحدهم محبّته لصاحبه موضع العصبيّة وانّما أوجب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ محبّة أصحابه لطاعتهم لله فاذا عصوا الله وتركوا ما أوجب محبّتهم فليس عند رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ محاباة فى ترك لزوم ما كان عليه من محبّتهم ولا تغطرس فى العدول عن التّمسّك بموالاتهم فلقد كان ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يحبّ أن يعادى أعداء الله ولو كانوا عترته كما يحبّ ان يوالى أولياء الله ولو كانوا أبعد الخلق نسبا منه ، والشّاهد على ذلك اجماع الامّة على أنّ الله تعالى قد أوجب عداوة من ارتدّ بعد الاسلام وعداوة من نافق وان كان من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وانّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قد أوجب قطع السّارق وضرب القاذف وجلد البكر اذا زنى وان كان من المهاجرين او الأنصار ألا ترى أنّه (ص) قال : لو سرقت فاطمة لقطعتها ؛ فهذه ابنته الجارية مجرى نفسه


لم يحابها فى دين الله ولا راقبها فى حدود الله وقد جلد أصحاب الإفك ومنهم مسطح بن اثاثة وكان من أهل بدر.

قال :

وبعد فلو كان محلّ أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ محلّ من لا يعادى اذا عصى الله سبحانه ولا يذكر بالقبيح بل يجب ان يراقب لأجل اسم الصّحبة ويغضى عن عيوبه وذنوبه لكان كذلك صاحب موسى المسطور ثناؤه فى القرآن لمّا اتّبع هواه فانسلخ ممّا اوتى من الآيات وغوى قال سبحانه : واتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشّيطان فكان من الغاوين ، ولكان ينبغى ان يكون محلّ عبدة العجل من أصحاب موسى هذا المحلّ لأنّ هؤلاء كلّهم قد صحبوا رسولا جليلا من رسل الله سبحانه.

قال :

ولو كانت الصّحابة عند أنفسها بهذه المنزلة لعلمت ذلك من حال أنفسهم لأنّهم أعرف بمحلّهم من عوامّ أهل دهرنا واذا قدّرت أفعال بعضهم ببعض دلّتك على أنّ القصّة كانت على خلاف ما قد سبق الى قلوب النّاس اليوم ، هذا عليّ وعمّار وأبو الهيثم ابن التّيهان وخزيمة بن ثابت وجميع من كان مع عليّ ـ عليه‌السلام ـ من المهاجرين والأنصار لم يروا ان يتغافلوا عن طلحة والزّبير حتّى فعلوا بهما وبمن معهما ما يفعل بالشّراة فى عصرنا ، وهذا طلحة والزّبير وعائشة ومن كان معهم وفى جانبهم لم يروا ان يمسكوا عن عليّ حتّى قصدوا كما يقصد للمتغلّبين فى زماننا ، وهذا معاوية وعمرو لم ير يا عليا ـ عليه‌السلام بالعين الّتي يرى بها العامّى صديقه أو جاره ولم يقصّرا دون ضرب وجهه بالسّيف ولعنه ولعن أولاده و [ قتل ] كلّ من كان حيّا من أهله وقتل ـ أصحابه وقد لعنهما هو أيضا فى الصّلاة المفروضات ولعن معهما أبا الاعور الاسلمىّ وأبا ـ موسى الاشعرىّ وكلاهما من الصّحابة ، وهذا سعد بن أبى وقّاص ومحمّد بن مسلمة وأسامة بن زيد وسعد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الله بن عمرو حسّان بن ثابت


وأنس بن مالك لم يروا ان يقلّدوا عليّا فى حرب طلحة ولا طلحة فى حرب عليّ ـ وطلحة والزّبير باجماع المسلمين أفضل من هؤلاء المعدودين لأنّهم زعموا أنّهم قد خافوا ان يكون عليّ قد غلط وزلّ فى حربهما ، وخافوا ان يكونا قد غلطا وزلاّ فى حرب عليّ ، وهذا عثمان قد نفى أبا ذرّ الى الرّبذة كما يفعل بأهل الخنا والرّيب ، وهذا عمّار وابن ـ مسعود تلقّيا عثمان بما تلقّيا به لمّا ظهر لهما بزعمهما منه ما وعظاه لأجله ، ثمّ فعل بهما عثمان ما تناهى إليكم ، ثمّ فعل القوم بعثمان ما قد علمتم وعلم النّاس كلّهم ، وهذا عمر يقول فى قصّة الزّبير بن العوامّ لمّا استأذنه فى الغزو : ها انّى ممسك بباب هذا الشّعب ان تتفرّق أصحاب محمّد فى النّاس فيضلّوهم ، وزعم أنّه وأبا بكر كانا يقولان : انّ عليّا والعبّاس فى قصّة الميراث زعماهما كاذبين ظالمين فاجرين وما رأينا عليّا والعبّاس اعتذرا ولا تنصّلا ولا نقل أحد من أصحاب الحديث ذلك ولا رأينا أصحاب ـ رسول الله أنكروا عليهما ما حكاه عمر عنهما ونسبه إليهما ، ولا أنكروا أيضا على عمر قوله فى أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّهم يريدون اضلال النّاس ويهمّون به ، ولا أنكروا على عثمان دوس بطن عمّار ولا كسر ضلع ابن مسعود ولا على عمّار وابن ـ مسعود ما تلقّيا به عثمان كانكار العامّة اليوم الخوض فى حديث الصّحابة ، ولا اعتقدت الصّحابة فى أنفسها ما يعتقده العامّة فيها اللهمّ الاّ ان يزعموا أنّهم أعرف بحقّ القوم منهم ، وهذا عليّ وفاطمة والعبّاس ما زالوا على كلمة واحدة يكذّبون الرّواية : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ويقولون : انّها مختلفة ، قالوا : وكيف كان النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يعرّف هذا الحكم غيرنا ويكتمه عنّا ونحن الورثة ونحن أولى النّاس بأن يؤدّى هذا الحكم إليه ، وهذا عمر بن الخطّاب يشهد لأهل الشّورى أنّهم النّفر الّذين توفّى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وهو عنهم راض ثمّ يأمر بضرب أعناقهم ان أخّروا فصل حال الامامة ؛ هذا بعد أن ثلبهم وقال فى حقّهم ما لو سمعه العامّة اليوم من قائل لوضعت ثوبه فى عنقه سحبا الى السّلطان ثمّ شهدت عليه بالرّفض واستحلّت دمه ، فان


كان الطّعن على بعض الصّحابة رفضا فعمر بن الخطّاب أرفض النّاس وامام الرّوافض كلّهم.

ثمّ ما شاع واشتهر من قول عمر : كانت بيعة أبى بكر فلتة وقى الله شرّها فمن عاد الى مثلها فاقتلوه ، وهذا طعن فى العقد وقدح فى البيعة الأصليّة ثمّ ما نقل عنه من ذكر أبى بكر فى صلاته وقوله عن عبد الرّحمن : ابنه دويبّة ولهو خير من أبيه. ثمّ عمر القائل فى سعد بن عبادة وهو رئيس الأنصار وسيّدها : اقتلوا سعدا قتل الله سعدا ؛ اقتلوه فانّه منافق. وقد شتم أبا هريرة وطعن فى روايته وشتم خالد بن الوليد وطعن فى دينه وحكم بفسقه وبوجوب قتله ، وخوّن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبى سفيان ونسبهما الى سرقة مال الفيء واقتطاعه وكان سريعا الى المساءة كثير الجبه والشّتم والسّبّ لكلّ أحد وقلّ أن يكون فى الصّحابة من سلم من معرّة لسانه أو يده ولذلك أبغضوه وملّوا أيّامه مع كثرة الفتوح فيها فهلاّ احترم عمر الصّحابة كما تحترمهم العامّة امّا ان يكون عمر مخطئا وامّا ان تكون العامّة على الخطأ ، فان قالوا : عمر ما شتم ولا ضرب ولا أساء الاّ الى عاص مستحقّ لذلك قيل لهم : فكأنّا نحن نقول : نّا نريد أن نبرأ ونعادى من لا يستحقّ البراءة والمعاداة ؛ كلاّ ما قلنا هذا ولا يقول هذا مسلم ولا عاقل وانّما غرضنا الّذي إليه نجرى بكلامنا هذا ان نوضح أنّ الصّحابة قوم من النّاس لهم ما للنّاس وعليهم ما عليهم ؛ من أساء منهم ذممناه ومن أحسن منهم حمدناه ، وليس لهم على غيرهم من المسلمين كبير فضل الاّ بمشاهدة الرّسول ومعاصرته لا غير ، بل ربّما كانت ذنوبهم أفحش من ذنوب غيرهم لأنّهم شاهدوا الاعلام والمعجزات فقربت اعتقاداتهم من الضّرورة ونحن لم نشاهد ذلك فكانت عقائدنا محض النّظر والفكر وبعرضيّة الشّبه والشّكوك فمعاصينا أخفّ لأنّا أعذر.

ثمّ نعود الى ما كنّا فيه فنقول :

وهذه عائشة أمّ المؤمنين خرجت بقميص رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فقالت للنّاس : هذا قميص رسول الله لم يبل وعثمان قد أبلى سنّته. ثمّ تقول : اقتلوا


نعثلا قتل الله ثمّ لم ترض بذلك حتّى قالت : أشهد أنّ عثمان جيفة على الصّراط غدا ، فمن النّاس من يقول : روت في ذلك خبرا ومن النّاس من يقول : هو موقوف عليها وبدون هذا لو قاله انسان اليوم يكون عند العامّة زنديقا ، ثمّ قد حصر عثمان حصرته أعيان الصّحابة فما كان أحد ينكر ذلك ولا يعظمه ولا يسعى فى ازالته وانّما أنكروا على المحاصرين له وهو رجل كما علمتم من وجوه أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ثمّ من أشرافهم ثمّ هو أقرب إليه من أبى بكر وعمر وهو مع ذلك امام المسلمين والمختار منهم للخلافة وللامام حقّ على رعيّته عظيم فان كان القوم قد أصابوا فاذا ليست الصّحابة فى الموضع الّذي وضعتها به العامّة وان كانوا ما أصابوا فهذا هو الّذي نقول من أن الخطأ جائز على آحاد الصّحابة كما يجوز على آحادنا اليوم ، ولسنا نقدح فى الاجماع ولا ندّعى اجماعا حقيقيّا على قتل عثمان وانّما نقول : انّ كثيرا من المسلمين فعلوا ذلك والخصم يسلّم أنّ ذلك كان خطأ ومعصية فقد سلّم أنّ الصّحابىّ يجوز ان يخطئ ويعصى وهو المطلوب.

وهذا المغيرة بن شعبة وهو من الصّحابة ادّعى عليه الزّنا وشهد عليه قوم بذلك فلم ينكر ذلك عمر ولا قال : هذا محال ولا باطل لأنّ هذا صحابىّ من صحابة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لا يجوز عليه الزّنا وهلاّ أنكر عمر على الشّهود وقال لهم : ويحكم هلاّ تغافلتم عنه لمّا رأيتموه يفعل ذلك فانّ الله تعالى قد أوجب الامساك عن مساوى أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأوجب السّتر عليهم وهلاّ تركتموه لرسول الله فى قوله : دعوا لى أصحابى ، ما رأينا عمر الاّ قد انتصب لسماع الدّعوى واقامة الشّهادة وأقبل يقول للمغيرة : يا مغيرة ذهب ثلاثة أرباعك حتّى اضطرب الرّابع فجلد الثّلاثة ، وهلاّ قال المغيرة لعمر : كيف تسمع فىّ قول هؤلاء وليسوا من الصّحابة وأنا من الصّحابة ورسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قد قال : أصحابى كالنّجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم ؛ ما رأيناه قال ذلك بل استسلم لحكم الله تعالى.

وهاهنا من أمثل من المغيرة وأفضل قدامة بن مظعون لمّا شرب الخمر فى أيّام


عمر فأقام عليه الحدّ وهو رجل من علّيّة الصّحابة ومن أهل بدر المشهود لهم بالجنّة فلم يردّ عمر الشّهادة ولا درأ عنه الحدّ لعلّة أنّه بدرىّ ولا قال : قد نهى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عن ذكر مساوى الصّحابة وقد ضرب عمر أيضا ابنه حدّا فمات وكان ممّن عاصر رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ولم تمنعه معاصرته له من اقامة الحدّ عليه.

وهذا عليّ ـ عليه‌السلام ـ يقول ما حدّثني أحد بحديث عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ الاّ استخلفته عليه ، أليس هذا اتّهاما لهم بالكذب ؛ وما استثنى أحدا من المسلمين الاّ أبا بكر على ما ورد فى الخبر. وقد صرّح غير مرّة بتكذيب أبى هريرة وقال : لا أحد أكذب من هذا الدّوسىّ على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وقال أبو بكر فى مرضه الّذي مات فيه : وددت أنّى لم أكشف بيت فاطمة ولو كان أغلق على حرب ، فندم والنّدم لا يكون الاّ عن ذنب.

ثمّ ينبغى للعاقل أن يفكّر فى تأخّر عليّ ـ عليه‌السلام ـ عن بيعة أبى بكر ستّة أشهر الى ان ماتت فاطمة فان كان مصيبا فأبو بكر على الخطأ فى انتصابه فى الخلافة وان كان أبو بكر مصيبا فعلىّ على الخطأ فى تأخّره عن البيعة وحضور المسجد ، ثمّ قال أبو بكر فى مرض موته أيضا للصّحابة فلمّا استخلفت عليكم خيركم يعنى عمر فكلّكم ورم لذلك أنفه يريد أن يكون الأمر له لما رأيتم الدّنيا قد جاءت اما والله لتتّخذنّ ستائر الدّيباج ونضائد الحرير ؛ أليس هذا طعنا فى الصّحابة وتصريحا بأنّه قد نسبهم الى الحسد لعمر لمّا نصّ عليه بالعهد ولقد قال له طلحة لمّا ذكر عمر للأمر : ما ذا تقول لربّك اذا سألك عن عباده وقد ولّيت عليهم فظّا غليظا؟ فقال أبو بكر : أجلسونى بالله تخوّفنى؟! اذا سألنى قلت : ولّيت عليهم خير أهلك ثمّ شتمه بكلام كثير منقول ، فهل قول طلحة الاّ طعن فى عمر؟! وهل قول أبى بكر الاّ طعن فى طلحة؟!

ثمّ الّذي كان بين أبىّ بن كعب وعبد الله بن مسعود من السّباب حتّى نفى كلّ واحد منهما الآخر عن أبيه وكلمة أبىّ بن كعب مشهورة منقولة : ما زالت هذه الأمّة


مكبوبة على وجهها منذ فقدوا نبيّهم. وقوله : ألا هلك أهل العقدة والله ما آسى عليهم انّما آسى على من يضلّون من النّاس. ثمّ قول عبد الرّحمن بن عوف : ما كنت أرى أن أعيش حتّى يقول لى عثمان : يا منافق. وقوله : لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما ولّيت عثمان شسع نعلى. وقوله : اللهمّ انّ عثمان قد أبى ان يقيم كتابك فافعل به وافعل. وقال عثمان لعلىّ ـ عليه‌السلام ـ فى كلام دار بينهما : أبو بكر وعمر خير منك فقال عليّ : كذبت أنا خير منك ومنهما عبدت الله قبلهما وعبدته بعدهما. وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال : كنت عند عروة بن الزّبير فتذاكرنا : كم أقام النّبيّ (ص) بمكّة بعد الوحى؟ فقال عروة : أقام عشرا فقلت : كان ابن عبّاس يقول : ثلاث عشرة فقال : كذب ابن عبّاس. وقال ابن عبّاس : المتعة حلال فقال له جبير بن مطعم : كان عمر ينهى عنها فقال : يا عدوّ نفسه من هاهنا ضللتم ؛ أحدّثكم عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وتحدّثنى عن عمر ..! وجاء فى الخبر عن عليّ ـ عليه‌السلام ـ : لو لا ما فعل عمر بن الخطّاب فى المتعة ما زنى الاّ شقىّ وقيل : ما زنى الا شفى أى قليلا.

فأمّا سبّ بعضهم بعضا وقدح بعضهم فى بعض فى المسائل الفقهيّة فأكثر من ان يحصى مثل قول ابن عبّاس وهو يردّ على زيد مذهبه العول فى الفرائض : ان شاء أو قال : من شاء باهلته ؛ انّ الّذي أحصى رمل عالج عددا أعدل من ان يجعل فى مال نصفا ونصفا وثلثا ؛ هذان النّصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثّلث؟! ومثل قول أبىّ ابن كعب فى القرآن : لقد قرأت القرآن وزيد هذا غلام ذو ذؤابتين يلعب بين صبيان اليهود فى المكتب. وقال عليّ ـ عليه‌السلام ـ فى أمّهات الاولاد وهو على المنبر : ان رأيى ورأى عمر ان لا يبعن وأنا أرى الآن بيعهنّ فقام إليه عبيدة السّلمانىّ فقال : أيك فى الجماعة أحبّ إلينا من رأيك فى الفرقة.

وكان أبو بكر يرى التّسوية فى قسم الغنائم وخالفه عمر وأنكر فعله ، وأنكرت عائشة على أبى سلمة بن عبد الرّحمن خلافه على ابن عبّاس فى عدّة المتوفّى عنها زوجها وهى


حامل وقالت : فروح يصقع مع الدّيكة ، وأنكرت الصّحابة على ابن عبّاس قوله فى الصّرف وسفّهوا رأيه حتّى قيل : انّه تاب من ذلك عند موته ، واختلفوا فى حدّ شارب الخمر حتّى خطّأ بعضهم بعضا وروى بعض الصّحابة عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه قال : الشّؤم فى ثلاثة ؛ المرأة والدّار والفرس ؛ فأنكرت عائشة ذلك وكذّبت الرّاوى وقالت : انّما قال عليه‌السلام ذلك حكاية عن غيره. وروى بعض الصّحابة عنه ـ عليه‌السلام ـ أنّه قال : التّاجر فاجر ؛ فأنكرت عائشة ذلك وكذّبت الرّاوى وقالت : نّما قال عليه‌السلام ذلك فى تاجر دلّس. وأنكر قوم من الأنصار رواية أبى بكر : لائمّة من قريش ؛ ونسبوه الى افتعال هذه الكلمة وكان أبو بكر يقضى بالقضاء فينقضه عليه أصاغر الصّحابة كبلال وصهيب ونحوهما ؛ قد روى ذلك فى عدّة قضايا. وقيل لابن عبّاس : انّ عبد الله بن الزّبير يزعم أنّ موسى صاحب الخضر ليس موسى بنى ـ اسرائيل فقال : كذب عدوّ الله أخبرنى أبىّ بن كعب قال خطبنا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وذكر كلاما يدلّ على أنّ موسى صاحب الخضر هو موسى بنى اسرائيل ، وباع معاوية أوانى ذهب وفضّة بأكثر من وزنها فقال له أبو الدّرداء : سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ينهى عن ذلك فقال معاوية : أمّا أنا فلا أرى به بأسا فقال أبو الدّرداء : ن عذيرى من معاوية ؛ اخبره عن الرّسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وهو يخبرنى عن رأيه والله لا اساكنك بأرض أبدا. وطعن ابن عبّاس فى خبر أبى هريرة عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ اذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخلنّ يده فى الاناء حتّى يتوضّأ وقال : فما نصنع بالمهراس؟! وقال عليّ ـ عليه‌السلام ـ لعمر وقد أفتاه الصّحابة فى مسألة وأجمعوا عليها : ان كانوا راقبوك فقد غشّوك ، وان كان هذا جهد رأيهم فقد أخطئوا. وقال ابن عبّاس : ألا يتّقى الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أب الأب أبا؟! وقالت عائشة : أخبروا زيد بن أرقم أنّه قد أحبط جهاده مع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأنكرت الصّحابة على أبى موسى قوله : انّ النّوم لا ينقض الوضوء ، ونسبته الى الغفلة وقلّة التّحصيل. وكذلك أنكرت على أبى طلحة الأنصارىّ قوله : انّ


أكل البرد لا يفطر الصّائم وهزئت به ونسبته الى الجهل. وسمع عمر أنّ عبد الله بن مسعود وأبىّ بن كعب يختلفان فى صلاة الرّجل فى الثّوب الواحد فصعد المنبر وقال : اذا اختلف اثنان من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فعن أىّ فتياكم يصدر المسلمون لا أسمع رجلين يختلفان بعد مقامى هذا الاّ فعلت وصنعت. وقال جرير بن كليب : رأيت عمر ينهى عن المتعة وعليّ ـ عليه‌السلام ـ يأمر بها فقلت : انّ بينكما لشرّا ، فقال عليّ ـ عليه‌السلام ـ ليس بيننا الاّ الخير ولكن خيرنا أتبعنا لهذا الدّين.

قال هذا المتكلّم :

وكيف يصحّ ان يقول رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أصحابى كالنّجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم ؛ لا شبهة أنّ هذا يوجب أن يكون أهل الشّام فى صفّين على هدى وان يكون أهل العراق أيضا على هدى ، وأن يكون قاتل عمّار بن ياسر مهتديا وقد صحّ الخبر الصّحيح انّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال له : تقتلك الفئة الباغية ، وقال فى القرآن : فقاتلوا الّتي تبغى حتّى تفيء الى أمر الله ، فدلّ على أنّها ما دامت موصوفة بالمقام على البغى مفارقة لأمر الله ؛ ومن يفارق أمر الله لا يكون مهتديا ، وكان يجب ان يكون بسر بن أرطاة الّذي ذبح ولدى عبيد الله بن عبّاس الصّغيرين مهتديا ؛ لأنّ بسرا من الصّحابة أيضا ، وكان يجب أن يكون عمرو بن العاص ومعاوية اللّذان كانا يلعنان عليّا أدبار الصّلاة وولديه مهتديين ، وقد كان فى الصّحابة من يزنى ومن يشرب الخمر كأبي محجن الثّقفىّ ومن يرتدّ عن الاسلام كطليحة بن خويلد فيجب ان يكون كلّ من اقتدى بهؤلاء فى أفعالهم مهتديا.

قال :

وانّما هذا من موضوعات متعصّبة الأمويّة فانّ لهم من ينصرهم بلسانه وبوضعه الأحاديث اذا عجز عن نصرهم بالسّيف وكذا القول فى الحديث الآخر وهو قوله : القرن الّذي أنا فيه ، وممّا يدلّ على بطلانه أنّ القرن الّذي جاء بعده بخمسين سنة شرّ


قرون الدّنيا وهو أحد القرون الّتي ذكرها فى النّصّ وكان ذلك القرن هو القرن الّذي قتل فيه الحسين واوقع بالمدينة وحوصرت مكّة ونقضت الكعبة وشربت خلفاؤه والقائمون مقامه والمنتصبون فى منصب النّبوّة الخمور وارتكبوا الفجور كما جرى ليزيد ابن معاوية وليزيد بن عاتكة وللوليد بن يزيد وأريقت الدّماء الحرام وقتل المسلمون وسى الحريم واستعبد أبناء المهاجرين والأنصار ونقش على أيديهم كما ينقش على أيدى الرّوم وذلك فى خلافة عبد الملك وإمرة الحجّاج ، واذا تأمّلت كتب التّواريخ وجدت الخمسين الثّانية شرّا كلّها لا خير فيها ولا فى رؤسائها وأمرائها والنّاس برؤسائهم وأمرائهم ؛ والقرن خمسون سنة فكيف يصحّ هذا الخبر؟!

قال :

فأمّا ما ورد فى القرآن من قوله تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ) ، وقوله : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) ، وقول النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : انّ الله اطّلع على أهل بدر ان كان الخبر صحيحا فكلّه مشروط بسلامة العاقبة ولا يجوز ان يخبر الحكيم مكلّفا غير معصوم بأنّه لا عقاب عليه فليفعل ما شاء.

قال هذا المتكلّم :

من أنصف وتأمّل أحوال الصّحابة وجدهم مثلنا يجوز عليهم ما يجوز علينا ولا فرق بيننا وبينهم الاّ بالصّحبة لا غير ؛ فانّ لها منزلة وشرفا ولكن لا الى حدّ يمتنع على كلّ من رأى الرّسول أو صحبه يوما او شهرا او أكثر من ذلك ان يخطئ ويزلّ ، ولو كان هذا صحيحا ما احتاجت عائشة الى نزول براءتها من السّماء بل كان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ من أوّل يوم يعلم كذب أهل الإفك لأنّها زوجته وصحبتها له آكد من صحبة غيرها. وصفوان بن المعطّل أيضا كان من الصّحابة فكان ينبغى أن لا يضيق صدر رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ولا يحمل ذلك الهمّ والغمّ الشّديدين الّذين حملهما ، ويقول : صفوان وعائشة من الصّحابة والمعصية عليهما ممتنعة ، وأمثال هذا كثير وأكثر من الكثير لمن أراد أن يستقرئ أحوال القوم وقد كان التّابعون يسلكون بالصّحابة


هذا المسك ويقولون فى العصاة منهم مثل هذا القول وانّما اتّخذهم العامّة أربابا بعد ذلك.

قال :

ومن الّذي يجترئ على القول بأنّ أصحاب محمّد لا تجوز البراءة من أحد منهم وان أساء وعصى بعد قول الله تعالى للّذي شرّفوا برؤيته : لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين ، وبعد قوله : قل انّى أخاف ان عصيت ربّى عذاب يوم عظيم ، وبعد قوله : فاحكم بين النّاس بالحقّ ولا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل الله انّ الّذين يضلّون عن سبيل الله لهم عذاب شديد ؛ الاّ من لا فهم له ولا نظر معه ولا تمييز عنده.

قال :

ومن أحبّ أن ينظر الى اختلاف الصّحابة وطعن بعضهم فى بعض وردّ بعضهم على بعض وما ردّ به التّابعون عليهم واعترضوا به أقوالهم واختلاف التّابعين أيضا فيما بينهم وقدح بعضهم فى بعض فلينظر فى كتاب النّظّام ؛ قال الجاحظ : كان النّظام أشدّ النّاس انكارا على الرّافضة لطعنهم على الصّحابة حتّى اذا ذكر الفتيا وتنقّل الصّحابة فيها وقضاياهم بالأمور المختلفة وقول من استعمل الرّأى فى دين الله انتظم مطاعن الرّافضة وغيرها وزاد عليها وقال فى الصّحابة أضعاف قولها.

قال :

وقال بعض رؤساء المعتزلة : غلط أبى حنيفة فى الأحكام عظيم لأنّه أضلّ خلقا ، وغلط حمّاد أعظم من غلط أبى حنيفة لأنّ حمّادا أصل أبى حنيفة الّذي منه تفرّع ، وغلط ابراهيم أغلظ وأعظم من غلط حمّاد لأنّه أصل حمّاد ، وغلط علقمة والأسود أعظم من غلط ابراهيم لأنّهما أصله الّذي عليه اعتمد ، وغلط ابن مسعود أعظم من غلط هؤلاء جميعا لأنّه أوّل من بدر الى وضع الأديان برأيه وهو الّذي قال : أقول فيها برأيى ؛ فان يكن صوابا فمن الله وان يكن خطأ فمنّى.


قال :

واستأذن أصحاب الحديث على ثمامة بخراسان حيث كان مع الرّشيد بن المهدىّ فسألوه كتابه الّذي صنّفه على أبى حنيفة فى اجتهاد الرّأى فقال : لست على أبى حنيفة كتبت ذلك الكتاب وانّما كتبته على علقمة والأسود وعبد الله بن مسعود لأنّهم الّذين قالوا بالرّأى قبل أبى حنيفة.

قال :

وكان بعض المعتزلة أيضا اذا ذكر ابن عبّاس استصغره وقال صاحب الذّؤابة يقول فى دين الله برأيه. وذكر الجاحظ فى كتابه المعروف بكتاب التّوحيد أنّ أبا هريرة ليس بثقة فى الرّواية عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : ولم يكن عليّ ـ عليه‌السلام ـ يوثّقه فى الرّواية بل يتّهمه ويقدح فيه وكذلك عمر وعائشة. وكان الجاحظ يفسّق عمر بن عبد العزيز ويستهزئ به ويكفّره وعمر بن عبد العزيز وان لم يكن من الصّحابة فأكثر العامّة يرى له من الفضل ما يراه لواحد من الصّحابة وكيف يجوز ان نحكم حكما جزما أنّ كلّ واحد من الصّحابة عدل ومن جملة الصّحابة الحكم بن أبى العاص وكفاك به عدوّا مبغضا لرسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ومن الصّحابة الوليد بن عقبة الفاسق بنصّ الكتاب ، ومنهم حبيب بن مسلمة الّذي فعل ما فعل بالمسلمين فى دولة معاوية وبسر بن أرطاة عدوّ الله وعدوّ رسوله ، وفى الصّحابة كثير من المنافقين لا يعرفهم النّاس وقال كثير من المسلمين : مات رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ولم يعرّفه الله سبحانه كلّ المنافقين بأعيانهم وانّما كان يعرف قوما منهم ولم يعلم بهم أحدا الاّ حذيفة فيما زعموا ؛ فكيف يجوز ان نحكم حكما جزما أنّ كلّ واحد ممّن صحب رسول الله أو رآه أو عاصره عدل مأمون لا يقع منه خطأ ولا معصية ؛ ومن الّذي يمكنه ان يتحجّر واسعا كهذا التّحجّر أو يحكم هذا الحكم؟!

قال :

والعجب من الحشويّة وأصحاب الحديث اذ يجادلون على معاصى الأنبياء ويثبتون


أنّهم عصوا الله تعالى وينكرون على من ينكر ذلك ويطعنون فيه ويقولون : قدرىّ معتزلىّ وربّما قالوا : ملحد مخالف لنصّ الكتاب وقد رأينا منهم الواحد والمائة والألف يجادل فى هذا الباب فتارة يقولون : انّ يوسف قعد من امرأة العزيز مقعد الرّجل من المرأة ، وتارة يقولون : انّ داود قتل اوريا لينكح امرأته ، وتارة يقولون : انّ رسول الله (ص) كان كافرا ضالاّ قبل النّبوّة وربّما ذكروا زينب بنت جحش وقصّة الفداء يوم بدر فأمّا قدحهم فى آدم ـ عليه‌السلام ـ واثباتهم معصيته ومناظرتهم من ينكر ذلك فهو دأبهم وديدنهم ، فاذا تكلّم واحد فى عمرو بن العاص أو فى معاوية وأمثالهما ونسبهم الى المعصية وفعل القبيح احمرّت وجوههم وطالت أعناقهم وتخازرت أعينهم وقالوا : مبتدع رافضىّ يسبّ الصّحابة ويشتم السّلف ، فان قالوا : انّما اتّبعنا فى ذكر معاصى الأنبياء نصوص الكتاب.

قيل لهم : فاتّبعوا فى جميع العصاة نصوص الكتاب فانّه تعالى قال : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ) ، وقال : ( فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) ، وقال : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ).

ثمّ يسألون عن بيعة عليّ ـ عليه‌السلام ـ هل هى صحيحة لازمة لكلّ النّاس فلا بدّ من : بلى ؛ فيقال لهم : فاذا خرج على الامام الحقّ خارج أليس يجب على المسلمين قتاله حتّى يعود الى الطّاعة فهل يكون هذا القتال الاّ البراءة الّتي نذكرها لأنّه لا فرق بين الأمرين وانّما برئنا منهم لأنّا لسنا فى زمانهم فيمكننا ان نقاتل بأيدينا فقصارى أمرنا الآن أن نبرأ منهم ونلعنهم ويكون ذلك عوضا عن القتال الّذي لا سبيل لنا إليه.

قال هذا المتكلّم :

على أنّ النّظام وأصحابه ذهبوا الى انّه لا حجّة فى الاجماع وانّه يجوز أن تجتمع الأمّة على الخطأ والمعصية وعلى الفسق بل على الرّدّة وله كتاب موضوع فى الاجماع يطعن فيه فى أدلّة الفقهاء ويقول : انّها الفاظ غير صريحة فى كون الاجماع


حجّة نحو قوله : جعلناكم أمّة وسطا. وقوله : كنتم خير أمّة ، وقوله : يتّبع غير سبيل ـ المؤمنين. وأما الخبر الّذي صورته : لا تجتمع أمّتي على الخطأ ؛ فخبر واحد وأمثل دليل للفقهاء قولهم : انّ الهمم المختلفة والآراء المتباينة اذا كان أربابها كثيرة عظيمة فانّه يستحيل اجتماعهم على الخطأ وهذا باطل باليهود والنّصارى وغيرهم من فرق الضّلال.

هذه خلاصة ما كان النّقيب أبو جعفر علّقه بخطّه من الجزء الّذي أقرأناه.

ونحن نقول :

أمّا اجماع المسلمين فحجّة ولسنا نرتضى ما ذكره عنّا من أنّه أمثل دليل لنا أنّ الهمم المختلفة والآراء المتباينة يستحيل أن تتّفق على غير الصّواب ومن نظر فى كتبنا الأصوليّة علم وثاقة أدلّتنا على صحّة الاجماع وكونه صوابا وحجّة تحرم مخالفته وقد تكلّمت فى اعتبار الذّريعة للمرتضى على ما طعن به المرتضى فى أدلّة الاجماع.

وأمّا ما ذكره من الهجوم على دار فاطمة وجمع الحطب لتحريقها فهو خبر واحد غير موثوق به ولا معمول عليه فى حقّ الصّحابة بل ولا فى حقّ أحد من المسلمين ممّن ظهرت عدالته وأمّا عائشة والزّبير وطلحة فمذهبنا أنّهم أخطئوا ثمّ تابوا وأنّهم من أهل ـ الجنّة وأنّ عليّا ـ عليه‌السلام ـ شهد لهم بالجنّة بعد حرب الجمل.

وأمّا طعن الصّحابة بعضهم فى بعض فانّ الخلاف الّذي كان بينهم فى مسائل الاجتهاد لا يوجب اثما لأنّ كلّ مجتهد مصيب وهذا أمر مذكور فى كتب أصول الفقه وما كان من الخلاف خارجا عن ذلك فالكثير من الاخبار الواردة فيه غير موثوق بها وما جاء من جهة صحيحة نظر فيه ورجّح جانب أحد الصّحابيّين على قدر منزلته فى الاسلام كما يروى عن عمر وأبى هريرة.

فأمّا عليّ ـ عليه‌السلام ـ فانّه عندنا بمنزلة الرّسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى تصويب قوله والاحتجاج بفعله ووجوب طاعته ومتى صحّ عنه أنّه برئ من أحد من النّاس برئنا منه كائنا من كان ولكنّ الشّأن فى تصحيح ما يروى عنه ـ عليه‌السلام ـ


فقد أكثر الكذب عليه وولدت العصبيّة أحاديث لا أصل لها.

وأمّا براءته ـ عليه‌السلام ـ من المغيرة وعمرو بن العاص ومعاوية فهو عندنا معلوم جار مجرى الأخبار المتواترة فلذلك لا يتولاّهم أصحابنا ولا يثنون عليهم وهم عند المعتزلة فى مقام غير محمود وحاش لله أن يكون ـ عليه‌السلام ـ ذكر من سلف من شيوخ المهاجرين الاّ بالجميل والذكر الحسن بموجب ما تقتضيه رئاسته فى الدّين واخلاصه فى طاعة ربّ العالمين ومن أحبّ تتبّع ما روى عنه ممّا يوهم فى الظاهر خلاف ذلك فليراجع هذا الكتاب أعنى شرح نهج البلاغة فانّا لم نترك موضعا يوهم خلاف مذهبنا الاّ وأوضحناه وفسّرناه على وجه يوافق الحقّ وبالله التّوفيق.

فأمّا عمّار بن ياسر ـ رحمه‌الله ـ فنحن نذكر نسبه وطرفا من حاله ممّا ذكره ابن عبد البرّ فى كتاب الاستيعاب.

قال أبو عمرو بن عبد البرّ ـ رحمه‌الله ـ :

( فخاض فى نقل ما ذكره ابن عبد البرّ فى ترجمة عمّار فمن أراده فليطلبه من هناك او من الاستيعاب ) ».

أقول : قال المحقّق الجليل السّيّد محمّد محمّدقلى ـ أعلى الله درجته ـ فى أواخر المجلّد الثّاني من كتاب تشييد المطاعن وكشف الضّغائن ما نصّه ( انظر ص ٤٢٩ ) :

« وابن أبى الحديد از أستاد خود نقيب أبو جعفر در مذمّت وطعن صحابه رساله لطيفى نقل كرده كه أكثر آن كلام صحيح وغير ممكن الجواب است لهذا بنقل آن پرداخته ميشود پس بدان كه بعد نبذى از كلام در وجوب لعن ومعادات اعداء الله گفته :

وبعد فلو كان محلّ أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ محلّ من لا يعادى اذا عصى الله سبحانه ( فنقل الرّسالة الى آخره وهو قوله : وهذه خلاصة ما كان النّقيب أبو جعفر ـ رحمه‌الله ـ علّقه بخطّه من الجزء الّذي أقرأناه ».

( فمن اراد ان يراجع الكتاب فلينظر ص ٤٢٩ ـ ٤٣٩ ).


نبذة من سائر تعليقات الكتاب

قال المصنّف (ره) ضمن ذكر عقائد أهل الحديث

( ص ١١ ؛ س ٢ ) :

« ويروون أنّ الله خلق الملائكة من شعر ذراعيه وصدره ، ويروون أنّ الله خلق نفسه من عرق الخيل ».

قد أشرنا فى ذيل الصّفحة الى بعض ما يزيّف مضمون ما رووه ونشير هنا الى شيء ممّا فاتنى ذكره هناك بعنوان استدراك ما فات وهو :

قال ابن قتيبة فى تأويل مختلف الحديث ضمن كلام له :

( ص ٩٠ من طبعة مصر سنة ١٣٢٦ ه‍ )

وقال ابن المبارك فى أحاديث أبىّ بن كعب « من قرأ سورة كذا فله كذا ، ومن قرأ سورة كذا فله كذا » : أظنّ أنّ الزّنادقة وضعته وكذلك هذه الاحاديث الّتي يشنع بها عليهم من عرق الخيل وزغب الصّدر وقفص الذّهب وعيادة الملائكة كلّها باطل ؛ لا طرق لها ولا رواة ، ولا نشكّ فى وضع الزّنادقة لها ».

قال المصنّف (ره) عند ذكره أقاويل أصحاب الحديث ما نصّه :

( انظر ص ١٧ ؛ س ١ )

« ورووا أنّ الله عزّ وجلّ فوق العرش له أطيط كأطيط الرّحل بالرّاكب »

قال الجزرى فى النّهاية : « فيه : أطّت السّماء وحقّ لها أن تئطّ ؛ الأطيط صوت الأقتاب ، وأطيط الابل أصواتها وحنينها ؛ أى أنّ كثرة ما فيها من الملائكة


قد أثقلها حتّى أطّت ، وهذا مثل وايذان بكثرة الملائكة وان لم يكن ثمّ أطيط ؛ وانّما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالى. ه‍ ومنه الحديث الآخر : العرش على منكب اسرافيل وانّه ليئطّ أطيط الرّحل الجديد يعنى كور النّاقة أى انّه ليعجز عن حمله وعظمته اذ كان معلوما أنّ أطيط الرّحل بالرّاكب انّما يكون لقوّة ما فوقه وعجزه عن احتماله. ه‍ ومنه حديث أمّ زرع : فجعلنى فى أهل أطيط وصهيل أى فى أهل ـ ابل وخيل ؛ ومنه حديث الاستسقاء : لقد أتيناك وما لنا بعير يئطّ ؛ أى يحنّ ويصيح ؛ يريد ما لنا بعير أصلا لأنّ البعير لا بدّ أن يئطّ ، ومنه المثل : لا آتيك ما أطّت الابل ، ومنه حديث عتبة بن غزوان : ليأتينّ على باب الجنّة وقت يكون له فيه أطيط أى صوت بالزّحام ».

قال المصنّف (ره) عند ذكره أقاويل أهل الحديث ما نصّه :

( انظر ص ٤٤ ؛ س ٤ ـ ٥ ) :

« ورووا أنّ الفأرة يهوديّة ، وفى بعض الأمثال : انّ فأرة قالت لصاحبتها : يزعمون أنّنا يهود قالت لها صاحبتها : بيننا وبينهم السّبت وأكل الجرّىّ ولحم الجمل وذبائح المسلمين ، قالت لها صاحبتها : هذه حجّة بيّنة يقطع بها العذر ».

قال الدّميرىّ فى حياة الحيوان فى باب الهمزة

تحت عنوان « الابل » :

« الحكم ـ يحلّ أكل الابل بالنّصّ والاجماع قال الله تعالى : ( أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ ) وأمّا تحريم اسرائيل وهو يعقوب ـ عليه‌السلام ـ على نفسه أكل لحوم ـ الابل وشرب ألبانها فكان ذلك باجتهاد منه على الصّحيح والسّبب فى ذلك أنّه كان يسكن البدو فاشتكى عرق النّساء فلم يجد شيئا يؤلمه الاّ لحوم الابل وألبانها فلذلك


حرّمها ( واسرائيل لفظة عبرانيّة ) ». وأشار فى باب الجيم من الكتاب تحت عنوان « الجمل » الى ذلك الكلام بقوله :

« وحكمه وخواصّه قد تقدّما فى الابل ».

وقال أيضا الدّميرىّ في حياة الحيوان فى باب الهمزة

تحت عنوان « الانكليس » :

« الانكليس بفتح الهمزة والكاف وكسرهما معا سمك شبيه بالحيّات ردئ الغذاء وهو الّذي يسمّى الجرّىّ الآتى فى باب الجيم ان شاء الله تعالى ويسمّى المارماهى وسيأتى ان شاء الله تعالى فى باب الصّاد فى لفظ الصّيد فانّ البخارىّ ذكره فى حديثه ( الى آخر ما قال ) ».

وقال فى باب الصّاد تحت عنوان « الصيد » ما نصّه :

« الصّيد مصدر عومل معاملة الأسماء فأوقع على الحيوان المصيد قال الله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) ، وقال أبو طلحة الأنصارىّ رضى الله عنه :

أنا أبو طلحة واسمى زيد

وكلّ يوم فى سلاحى صيد

وبوّب البخارىّ فى أوّل الرّبع الرّابع من كتابه فقال : باب قول الله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ ) ، وقال عمر : صيده ما اصطيد وطعامه ما رمى به ، وقال أبو بكر الطّافى حلال وقال ابن عبّاس : طعامه ميتة الاّ ما قذرت منها ، والجرّىّ لا تأكله اليهود ونحن نأكله ( الى آخر ما قال ) ».

وقال فى باب الجيم تحت عنوان « الجرّيث » ما نصّه :

« الجرّيث بكسر الجيم وبالرّاء المهملة والثّاء المثلّثة وهو هذا السّمك الّذي يشبه الثّعبان وجمعه جراثىّ ويقال له أيضا الجرّىّ بالكسر والتّشديد وهو نوع من


السّمك يشبه الحيّة ويسمّى بالفارسيّة مارماهى ؛ وقد تقدّم فى باب الهمزة أنّه الانكليس قال الجاحظ : انّه يأكل الجرذان وهو حيّة الماء وحكمه الحلّ ، قال البغوىّ عند قوله تعالى ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ ) : انّ الجرّيث حلال بالاتّفاق وهو قول أبى بكر وعمرو ابن عبّاس وزيد بن ثابت وأبى هريرة وبه قال شريح والحسن وعطاء وهو مذهب مالك وظاهر مذهب الشّافعىّ والمراد هذه الثّعابين الّتي لا تعيش الاّ فى الماء وأما الحيّات التى تعيش فى البرّ والبحر فتلك من ذوات السّموم وأكلها حرام وسئل ابن عبّاس عن الجرّىّ فقال : هو شيء حرّمته اليهود ونحن لا نحرّمه ».

وقال أيضا الدّميرىّ فى حياة الحيوان فى باب الفاء ضمن ما ذكره تحت عنوان « الفأر » :

« وفى البخارىّ ومسلم عن أبى هريرة أن النّبيّ ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم قال : فقدت أمّة من بنى اسرائيل ولا يدرى ما فعلت ولا أراها الاّ الفأر ألا تراها اذا وضع لها لبن الابل لم تشربه ؛ واذا وضع لها لبن الشّاء شربته ، قال النّووىّ وغيره : ومعنى هذا أنّ لحوم الابل وألبانها حرّمت على بنى إسرائيل دون لحوم الغنم وألبانها ، فدلّ امتناع الفأرة من لبن الابل دون لبن الغنم على أنّها مسخ من بنى اسرائيل ».

أقول : هذا ما ذهبت إليه علماء العامّة وأمّا قول فقهاء الخاصّة فى كلّ من الامور المشار إليها فيطلب من كتبهم فانّا لسنا فى مقام نقل قولهم فمن أراده فليطلبه من موضعه ، ونختم الكلام على هذا الموضوع بنقل كلام يرتبط بهذا المقام وغيره من المطالب الكثيرة المعنونة فى إيضاح الفضل بن شاذان (ره) وهو هذا :


قال ابن قتيبة فى أوائل كتاب تأويل مختلف الحديث ضمن ذكره

وجوه اعتراض النّاس بعضهم على بعض وأنّ فى أقوال أصحاب

الحديث أشياء تنكر ما نصّه :

( انظر ص ٧ ـ ٩ من طبعة مصر سنة ١٣٨٦ ه‍ )

« هذا مع روايات كثيرة فى الأحكام اختلف لها الفقهاء فى الفتيا حتّى افترق الحجازيّون والعراقيّون فى أكثر أبواب الفقه وكلّ يبنى على أصل من روايتهم.

قالوا : ومع افترائهم على الله تعالى فى أحاديث التّشبيه كحديث « عرق الخيل » و « زغب الصّدر » و « نور الذّراعين » و « عيادة الملائكة » و « قفص الذّهب على جمل ـ أورق عشيّة العرفة » و « الشّابّ القطط » ودونه « فراش الذّهب » و « كشف السّاق يوم القيامة اذا كانوا يباطشونه » و « خلق آدم على صورته » و « وضع يده بين كتفيّ حتّى وجدت برد أنامله بين ثندوتى » و « قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الله تعالى ».

ومع روايتهم كلّ سخافة تبعث على الاسلام الطّاعنين وتضحك منه الملحدين وتزهّد من الدّخول فيه المرتادين وتزيد فى شكوك المرتابين كروايتهم فى عجيزة الحوراء « انّها ميل فى ميل » وفيمن قرأ سورة كذا وكذا أسكن من الجنّة سبعين ألف قصر ، فى كلّ قصر سبعون ألف مقصورة ، فى كلّ مقصورة سبعون ألف مهاد ، على كلّ مهاد سبعون ألف كذا.

وكروايتهم فى الفأرة انّها يهوديّة وانّها لا تشرب ألبان الابل كما أنّ اليهود لا تشربها ، وفى الغراب انّه فاسق ، وفى السّنّور انّها عطسة الأسد ، والخنزير انّه عطسة الفيل ، وفى الاربيانة انّها كانت خيّاطة تسرق الخيوط فمسخت ، وأنّ الضّبّ كان يهوديّا عاقّا فمسخ ، وأنّ سهيلا كان عشّارا باليمن ، وأنّ الزّهرة كانت بغيّا عرجت الى السّماء باسم الله الاكبر فمسخها الله شهابا ، وأنّ الوزغة كانت تنفخ


النّار على ابراهيم ، وأن العظاية تمجّ الماء عليه ، وأنّ الغول كانت تأتى مشربة أبى ـ أيّوب كلّ ليلة ، وأنّ عمر ـ رضى الله عنه ـ صارع الجنّىّ فصرعه ، وأنّ الأرض على ظهر حوت ؛ وأنّ أهل الجنّة يأكلون من كبده أوّل ما يدخلون ، وأنّ ذئبا دخل الجنّة لأنّه أكل عشّارا ، واذا وقع الذّباب فى الاناء فامقلوه ، فانّ فى أحد جناحيه سمّا وفى الآخر شفاء ، وأنّ الابل خلقت من الشّيطان مع أشياء كثيرة يطول استقصاؤها ».

استدراك لما فى الكتاب

الاّ أنّى ليس ببالى مورد نقله حتّى أشير إليه

قال عبد الوهّاب الشّعرانىّ فى أوائل كتاب الميزان تحت عنوان « فصول فى بيان ما ورد فى ذمّ الرّأى عن الشّارع وعن أصحابه والتّابعين وتابع التّابعين لهم باحسان الى يوم الدّين » ( انظر ص ٥٣ من الجزء الأوّل من طبعة مصر سنة ١٣٥١ ه‍ ) : « وكان عمر بن الخطّاب رضى الله عنه اذا أفتى النّاس يقول : هذا رأى عمر فان كان صوابا فمن الله ، وان كان خطأ فمن عمر ، وروى البيهقىّ عن مجاهد وعطاء أنّهما كانا يقولان : ما من أحد الاّ ومأخوذ من كلامه ومردود عليه الاّ رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم ـ قلت : وكذلك كان مالك بن أنس ـ رحمه‌الله تعالى ـ يقول كما سيأتى فى الفصل الّذي بعده ان شاء الله تعالى » وقال فى الفصل المشار إليه : ( انظر ص ٥٦ من الجزء المذكور ) « وكان ( اى مالك ) ـ رضى الله عنه ـ اذا استنبط حكما يقول لأصحابه : انظروا فيه فانّه دين وما من أحد الاّ ومأخوذ من كلامه ومردود عليه الاّ صاحب ـ هذه الرّوضة يعنى به رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم ».


قال المصنّف (ره) فى ترجمة حذيفة عند ذكره تناقض

أخبارهم ما نصّه :

( انظر ص ٥٨ ؛ س ٢ )

« انّ النّبيّ (ص) مال الى سباطة قوم فبال قائما ( الى آخر ما قال ) ».

أقول : قد ذكر أبو جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطّبرى الشّيعيّ هذا التناقض فى كتابه المسترشد كما ذكره الفضل بن شاذان وفاتنا الاشارة الى ذلك فى ذيل الصّفحة فاستدركناه هنا فنقول :

قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطّبرىّ الشّيعيّ فى أوائل كتاب

المسترشد معترضا بقوله هذا على العامّة ما نصّه :

( انظر ص ١٤ من طبعة النجف ) :

« وروى عن حذيفة قال : قام رسول الله (ص) الى سباطة قوم فبال قائما ففجّ حتّى شفقت عليه أن يقع ؛ فدنوت من عقبه فصببت الماء من خلفه فاستنجى ، رواه هشام بن عبد الله عن محمّد بن جابر عن الأعمش عن حذيفة ، وقد روى أنّ رسول الله (ص) قال : لا يرى أحد عورتى الاّ عمى ، وأنّ عليّ بن أبى طالب (ع) أراد أن يخلع منه القميص نودى من جانب البيت : لا تكشفوا عورة نبيّكم (ص) ».

وقال ابن قتيبة فى تأويل مختلف الحديث ما نصّه :

( انظر ص ١١٠ من الطبعة الأولى بمصر سنة ١٣٢٦ ه‍ )

« قالوا : حديثان متناقضان ؛ قالوا : رويتم عن عائشة أنّها قالت : ما بال رسول الله (ص) قائما قطّ ثمّ رويتم عن حذيفة أنّه بال قائما وهذا خلاف ذاك!؟


قال أبو محمّد : ونحن نقول : ليس هاهنا بحمد الله اختلاف ولم يبل قائما قطّ فى منزله والموضع الّذي كانت تحضره فيه عائشة ـ رضى الله عنها ـ وبال قائما في المواضع الّتي لا يمكن ان يطمئنّ فيها امّا للثق فى الأرض وطين أو قذر وكذلك الموضع الّذي رأى فيه رسول الله (ص) حذيفة يبول قائما كان مزبلة لقوم فلم يمكنه القعود فيه ولا الطّمأنينة ، وحكم الضّرورة خلاف حكم الاختيار.

قال أبو محمّد : حدّثني محمّد بن زياد الزّيادىّ قال : أنا عيسى بن يونس قال : أنا الأعمش عن أبى وائل عن حذيفة قال : رأيت رسول الله (ص) أتى سباطة قوم قبال قائما فذهبت أتنحّى فقال : ادن منّى فدنوت منه حتّى قمت عند عقبه فتوضّأ ومسح على خفيّه ؛ والسّباطة المزبلة وكذلك الكساحة والقمامة ».

قلنا فى ذيل قول المصنّف (ره) : « ذكر أبى هريرة الدّوسىّ »

( ص ٦٠ ؛ س ١ )

قد نقلنا ترجمته فى تعليقاتنا فى آخر الايضاح وهى قولنا :

ممّن قدح فى أبى هريرة وطعن عليه وقال : انّه ساقط عن درجة الاعتبار عند المعتزلة ابن أبى الحديد ونقلنا قوله فيما مرّ من تعليقاتنا على الكتاب ( انظر ص ٤٩٥ ـ ٤٩٦ ).

نقل العلامة المجلسى (ره) فى ثامن البحار فى آخر باب عقده فيه لذكر أصحاب ـ النّبيّ (ص) وأمير المؤمنين (ع) ولذكر بعض المخالفين والمنافقين ( ص ٧٣٥ من طبعة أمين الضرب ) نقلا عن كتاب الغارات لابراهيم بن هلال الثّقفىّ بعد نقل تراجم جماعة من المنحرفين عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ما نصّه :

« وقال : لما دخل معاوية الكوفة دخل أبو هريرة المسجد فكان يحدّث ويقول : قال رسول الله ، وقال أبو القاسم ، وقال خليلى فجاءه شابّ من الأنصار يتخطّأ النّاس حتّى دنا منه فقال : يا أبا هريرة حديث أسألك عنه فان كنت سمعته من النّبيّ حدّثتنيه ،


أنشدك بالله سمعت النّبيّ (ص) يقول لعلىّ : من كنت مولاه فعلىّ مولاه ؛ اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه؟ ـ قال أبو هريرة : نعم ؛ والّذي لا إله الاّ هو لسمعت من النّبيّ (ص) يقول لعلىّ (ع) : من كنت مولاه فعلىّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ، فقال له الفتى : لقد والله واليت عدوّه وعاديت وليّه فتناول بعض النّاس الشّابّ بالحصى وخرج أبو هريرة فلم يعد الى المسجد حتّى خرج من الكوفة ».

قال ابن شهرآشوب فى المناقب فى ترجمة أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام فى الفصل الّذي عنونه بعنوان « فصل فى المسابقة بالاسلام » ( انظر ص ٢٤١ من المجلّد الاوّل من طبعة طهران سنة ١٣١٧ ) ضمن كلام له فى الرّدّ والقبول ما نصّه :

« وأمّا رواية أبى هريرة فهو من الخاذلين وقد ضربه عمر بالدّرّة لكثرة روايته وقال : انّه كذوب » ونقله العلاّمة المجلسىّ فى تاسع البحار فى باب أنّه ـ صلوات الله عليه سبق الناس فى الاسلام والايمان والبيعة ( انظر ص ٣١٥ من طبعة امين الضرب ) عن المناقب.

قال المحدّث الجليل الخبير الحاجّ الشيخ عباس القمى ـ طيّب الله مضجعه فى سفينة البحار فى ترجمة أبى هريرة ( انظر مادة هرّج ٢ ؛ ص ٧١٢ ـ ٧١٣ ) بعد الاشارة الى ما ذكره المجلسى فى البحار بالنسبة الى أبى هريرة ما نصّه :

« أقول : كان أبو هريرة يلعب بالشّطرنج قال الدّميرىّ : والمروىّ عن أبى هريرة من اللّعب به مشهور فى كتب الفقه ، وقال الجزرىّ فى النّهاية فى سدر : وفى حديث بعضهم : قال : رأيت أبا هريرة يلعب السّدر والسّدر لعبة يقامر بها وتكسر سينها وتضمّ وهى فارسيّة معرّبة عن سه در يعنى ثلاثة أبواب ( انتهى ) وكانت عائشة تتّهم أبا هريرة بوضع الحديث وتردّ ما رواها ومن أراد الاطّلاع على ذلك فعليه بكتاب عين الاصابة فيما استدركته عائشة على الصّحابة ، ولمّا بلغ عمر أنّ أبا هريرة يروى بعض ما لا يعرف قال : لتتركنّ الحديث عن رسول الله أو لألحقنّك بجبال دوس فروى عن أبى هريرة قال : ما كنّا نستطيع ان نقول : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه


وآله ـ حتّى قبض عمر ، وعن الفائق للزمخشرىّ وغيره قال : أبو هريرة استعمله على البحرين فلمّا قدم عليه قال : يا عدوّ الله وعدوّ رسوله سرقت من مال الله؟! فقال : لست بعدوّ الله وعدوّ رسوله ولكنّى عدوّ من عاداهما ، ما سرقت ولكنّها سهام اجتمعت ونتاج خيل فأخذ منه عشرة آلاف درهم فألقاها فى بيت المال ( الى آخره ) وعن شعبة قال : كان أبو هريرة يدلّس. وعن ربيع الأبرار للزّمخشرىّ قال : وكان يعجبه أى أبا هريرة المضيرة جدّا فيأكلها مع معاوية واذا حضرت الصّلاة صلّى خلف عليّ فاذا قيل له قال : مضيرة معاوية أدسم وأطيب والصّلاة خلف عليّ أفضل فكان يقال له شيخ ـ المضيرة وقال أيضا : كان أبو هريرة يقول : اللهمّ ارزقنى ضرسا طحونا ، ومعدة هضوما ، ودبرا نثورا. وحكى عن أبى حنيفة أنّه سئل فقيل له : اذا قلت قولا وكتاب الله تعالى يخالف قولك؟ ـ قال : أترك قولى بكتاب الله ، فقيل له : اذا كان الصّحابىّ يخالف قولك؟ ـ قال : أترك قولى بجميع الصّحابىّ الاّ ثلاثة منهم ؛ أبو هريرة وأنس بن مالك وسمرة بن جندب. وروى أنّه سأله أصبغ بن نباتة فى محضر معاوية فقال : يا صاحب رسول الله انّى أحلفك بالله الّذي لا إله الاّ هو عالم الغيب والشّهادة وبحقّ حبيبه محمّد المصطفى ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ الاّ أخبرتنى ؛ أشهدت غدير خمّ؟ ـ قال : بلى شهدته ، قلت : فما سمعته يقول فى عليّ؟ ـ قال : سمعته يقول : من كنت مولاه فعلىّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ، قلت له : فأنت اذا واليت عدوّه وعاديت وليّه ؛ فتنفّس أبو هريرة صعداء وقال : ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) ، الى غير ذلك »

وقال المحدّث القمّى ـ قدس‌سره ـ أيضا لكن فى الكنى والالقاب « أبو هريرة صحابىّ معروف أسلم بعد الهجرة بسبع سنين قال الفيروزآبادي فى القاموس : وعبد الرّحمن بن صخر رأى النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى كمّه هرّة فقال : يا أبا هريرة فاشتهر به ؛ واختلف فى اسمه على نيّف وثلاثين قولا انتهى وذكر ابن أبى الحديد فى الجزء الرّابع من شرحه على النهج عن شيخه أبى جعفر الاسكافى أنّ


معاوية وضع قوما من الصّحابة وقوما من التّابعين على رواية أخبار قبيحة ( فنقل شيئا ممّا نقلناه وأحال باقيه الى شرحه بقوله : الى آخره ؛ فساق نحو ما أورده فى سفينة البحار وزاد فى آخره ) وخبر ضرب عمر بين ثدييه ( يعنى أبا هريرة ) ضربة خرّ لاسته حيث جاء بنعلى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يبشّر بالجنة من لقيه يشهد ان لا إله الاّ الله مشهور ».

أقول : مراده بالخبر المذكور ما أشار إليه فى سفينة البحار فى ترجمة أبى هريرة بهذه العبارة « ضرب عمر بين ثديى أبى هريرة ضربة خرّ لاسته حيث جاء بنعلى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يبشّر بالجنة من لقيه يشهد ان لا إله الاّ الله مستيقنا بها قلبه ح كج ٢٨١ ».

والرّموز اشارة الى ثامن البحار باب مطاعن عمر ( ص ٢٨١ من طبعة امين الضرب وعبارة المجلسىّ فيه هكذا :

« واعلم أنّهم عدوّا من فضائل عمر بن الخطّاب أنّه كان يردّ على رسول الله (ص) فى كثير من المواطن ويرجع الى قوله ويترك ما حكم به فمن ذلك ما رواه ابن ـ أبى الحديد فى أخبار عمر فى الجزء الثّاني عشر ورواه مسلم فى صحيحه فى كتاب الايمان عن أبى هريرة قال :

كنّا قعودا حول النّبيّ (ص) ومعنا أبو بكر وعمر فى نفر فقام رسول الله (ص) من بين أظهرنا فأبطأ علينا فخشينا ان يقطع دوننا وفزعنا وقمنا وكنت أوّل من فزع فخرجت أبتغى رسول الله (ص) حتّى أتيت حائطا للأنصار لقوم من بنى النجّار فلم أجد له بابا فاذا ربيع يدخل فى جوف حائط من بئر خارجة والرّبيع الجدول فاحتفزت فدخلت على رسول الله (ص) فقال : أبو هريرة؟ فقلت : نعم يا رسول الله (ص) فقال : أبو هريرة؟ فقلت : نعم يا رسول الله (ص) فقال : ما شأنك؟ ـ قلت : كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا فخشينا ان نقطع دوننا ففزعنا فكنت أوّل من فزع فأتيت هذا الحائط فاحتفرت كما تحتفر الثّعلب وهؤلاء النّاس ورائى فقال : يا أبا هريرة وأعطانى نعليه


قال : اذهب بنعلىّ هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد ان لا إله الاّ الله مستيقنا بها قلبه فبشّره بالجنّة فكان أوّل من لقيت عمر فقال : ما هاتان النّعلان يا أبا هريرة؟ ـ قلت : هاتان نعلا رسول الله (ص) بعثنى بهما من لقيت يشهد ان لا إله الا الله مستيقنا بها قلبه بشّرته بالجنّة فضرب عمر بيده بين ثديىّ فخررت لاستي فقال : ارجع يا أبا هريرة فرجعت الى رسول الله (ص) فأجهشت بكاء وركبنى عمر فاذا هو على أثرى فقال رسول الله (ص) : ما لك يا أبا هريرة؟ ـ قلت : لقيت عمر فأخبرته بالذّي بعثتنى به فضرب بين يدىّ ضربة خررت لاستي قال : ارجع ، فقال رسول الله (ص) : ما حملك على ما فعلت؟ ـ فقال : يا رسول الله (ص) بأبى أنت وأمّى أبعثت أبا هريرة بنعليك من لقى يشهد أن لا إله الاّ الله مستيقنا بها قلبه بشّره بالجنّة؟ ـ قال : نعم ، قال : فلا تفعل فانّى أخشى ان يتّكل النّاس عليها فخلّهم يعملون قال رسول الله (ص) : فخلّهم.

قوله : « من بين أظهرنا » اى من بيننا ، و « يقطع دوننا » اى يصاب بمكروه من عدوّ وغيره ، و « بئر خارجة » على التّوصيف اى قليب خارجة عن البستان ، وقيل : البئر هو البستان كقولهم : بئر أريس وبئر بضاعة ، وقيل : الخارجة اسم رجل فيكون على الاضافة و « احتفزت » بالزاى اى تضاممت ليسعنى المدخل كما يفعل الثّعلب وقيل : بالرّأي.

وروى البخارىّ فى تفسير سورة براءة ( فنقل الحديث وتكلّم فيه بما تكلّم وقال : )

ولا يذهب عليك أنّ الرّواية الاولى مع أنّ راويها أبو هريرة الكذّاب ينادى ببطلانها سخافة اسلوبها وبعث أبى هريرة مبشّرا للنّاس وجعل النّعلين علامة لصدقه وقد أرسل الله تعالى رسوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مبشّرا ونذيرا للنّاس وأمره ان يبلّغ ما أنزل إليه من ربّه ولم يجعل أبا هريرة نائبا له فى ذلك ولم يكن القوم المبعوث إليهم أبو هريرة غائبين عنه حتّى يتعذّر عليه ان يبشّرهم بنفسه وكان الأحرى تبليغ تلك البشارة فى المسجد وعند اجتماع النّاس لا بعد قيامه من بين القوم وغيبته عنهم واستتاره


بالحائط ، ولم تكن هذه البشارة ممّا يفوت وقته بالتّأخير الى حضور الصّلاة واجتماع النّاس او رجوعه (ع) عن الحائط وكيف جعل النّعلين علامة لصدق أبى هريرة مع أنّه يتوقّف على العلم بأنّهما نعلا رسول الله (ص) وقد جاز ان لا يعلم ذلك من يلقاه أبو ـ هريرة فيبشّره واذا كان ممّن يظنّ الكذب بأبى هريرة أمكن ان يظنّ أنّه سرق نعلى رسول الله (ص) فلا يعتمد على قوله ( الى آخر ما قال فى الطّعن على الخبر فمن أراده فليطلبه من هناك ) ومن أراد ملاحظة الحديث فى شرح ابن الحديد فليراجع اوائل الجزء الثّاني عشر فانّ هذا الجزء بأسره فى ترجمة عمر لانّ الجزء مصدّر بكلام لأمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام وهو « لله بلاد فلان فقد قوّم الاود وداوى العمد وأقام السّنّة وخلّف الفتنة ، ذهب نقىّ الثّوب قليل العيب أصاب خيرها وسبق شرّها ، ادّى الى الله طاعته واتّقاه بحقّه ، رحل وتركهم فى طرق متشعبة لا يهتدى بها الضّالّ ولا يستيقن المهتدى » والجزء الثّاني عشر بتمامه شرح الكلام وذلك أنّ ابن أبى الحديد صرّح بأنّه وجد تصريح الرّضى جامع نهج البلاغة بانّ المراد بالموصوف فى الكلام عمر بن الخطّاب فجعل الجزء فى شرحه وخاض فى ترجمة هذا الخليفة بما فى وسعه فصار الجزء ترجمة له فمن أراد ترجمته بأحسن وجه فليراجع هناك والحديث المشار إليه فى أوائل الجزء ( انظر ص ١٠٨ من المجلّد الثالث من الشرح من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ).

أقول : قد أشرنا فى أوّل البحث عن ترجمة أبى هريرة الى انّا نكتفى بما ذكره ابن أبى الحديد والمحدّث القمى فلنكتف به الاّ انّا نشير الى شيء ممّا ذكره العالم الجليل الحاجّ الشيخ عبد الله المامقانيّ (ره) فى تنقيح المقال فانّه أيضا خاض فى ترجمة الرجل وقال بعد ان عنون الرجل فى حرف العين بعنوان « عبد الله أبو هريرة الدّوسىّ » ونقل شيئا من كلمات علماء الرجال فى حقّه ما نصّه ( ج ٢ ص ١٦٥ من المجلّد الثانى ) :

« وبالجملة فالاعتماد على روايته خطأ وكيف يمكن الاعتماد على رواية من هو المشهور بالكذب على الله تعالى ورسوله عند أصحابنا والعامّة أمّا عند أصحابنا


فواضح لبلوغ حاله عندنا الى حدّ يضرب بأخباره المثل وقد روى فى الخصال عن محمّد بن ابراهيم بن إسحاق الطّالقانى عن عبد العزيز بن يحيى عن محمّد بن زكريّا عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال : سمعت جعفر بن محمّد عليهما‌السلام يقول : ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله (ص) أبو هريرة وأنس بن مالك وامرأة وأقول : المراد بالمرأة ظاهر ولم يسمّها تقيّة وأمّا عند العامّة فقد قال ابن أبى الحديد فى شرح النّهج انّ أبا حنيفة كان لا يعمل بأحاديث أبى هريرة والا يعتمدها ، ونقل أيضا فى الشرح عن أبى جعفر الاسكافى منهم أنّ أبا هريرة مدخول عند شيوخنا ( فنقل ما نقلناه او قريبا منه وقال ).

وعن الجاحظ فى كتابه المعروف بكتاب التّوحيد أنّ أبا هريرة ليس بثقة فى الرّواية عن رسول الله (ص) قال : ولم يكن عليّ يوثّقه فى الرّواية بل يتّهمه ويقدح فيه وكذلك عمر وعائشة ( انتهى ) فنقل أشياء ثمّ قال :

وفى شرح النّهج عند ذكر من كان منحرفا عن عليّ ويبغضه ويتقوّل عليه : وأمّا أبو هريرة فروى عنه الحديث الّذي معناه : انّ عليّا (ع) خطب ابنة أبى جهل فى حياة رسول الله (ص) فأسخطه فخطب على المنبر فقال : لاها الله لا تجتمع ابنة ولىّ الله وابنة عدوّ الله ، انّ فاطمة بضعة منّى يؤذينى ما يؤذيها فان كان عليّ يريد ابنة أبى جهل فليفارق ابنتى وليفعل ما يريد ، والحديث مشهور من رواية الكرابيسىّ قلت : الحديث أيضا مخرج فى صحيحى مسلم والبخارىّ عن المسور بن مخرمة عن الزّهرىّ.

فذكر حديثا قد نقلناه وخاض فى تزييف الرّجل وقدحه والطّعن عليه والتّحذير عن السكون الى روايته فمن أراده فليراجع هناك.

أقول : قد ألّف السّيّد شرف الدّين العاملىّ (ره) كتابا فى ترجمته وشرح حاله فمن أراد ان يراجعه فليطلبه فان نسخته ليست موجودة عندى.


قد ذكر المصنّف (ره) فى آخر ترجمة سمرة بن جندب

( ص ٦٩ ) ما نصّه :

« قال : هذا عمل أخيك زياد وهو أمرنى بذلك ، قال : أنت وأخى فى النّار » وقلنا فى حاشية الصّفحة :

« انّ قوله : هذا عمل أخيك زياد ؛ اشارة الى أنّ سمرة قد عمل هذا العمل بأمر زياد بن أبيه وهو أخو أبى بكرة فالاولى أن نحيل هذا البحث الى تعليقات آخر الكتاب فانّ الخوض فيه يفضى الى طول فلا يسعه المقام فسنذكر ان شاء الله هناك ترجمته ببيان مبسوط يكشف عن حقيقة حاله وسوء منقلبه ومآله ».

فالحرىّ بالمقام أن ننجز ما وعدناه فنذكر قبل الخوض فى انجاز ما وعدناه شيئا من ترجمته وسوانحه الحياتيّة حتّى يعرفه النّاظرون فى هذا الكتاب فنقول :

قال المحدّث القمّى (ره) فى سفينة البحار فى « سمر » ( ج ١ ؛ ص ٦٥٤ ) :

« سمرة بفتح السين وضمّ الميم ابن جندب من أصحاب النّبيّ (ص) وكان منافقا لأنّه كان يبغض عليّا ـ عليه‌السلام ـ وكان بخيلا وهو الّذي ضرب ناقة رسول الله (ص) القصوى بعنزة كانت له على رأسها فشجّها فخرجت الى النّبيّ فشكته ( راجع سادس البحار ص ١٢٧ من طبعة امين الضّرب ) وروى فى الكافى عن زرارة عن أبى جعفر ـ عليه‌السلام ـ أنّ سمرة بن جندب كان له عذق فى حائط لرجل من الانصار وكان منزل الأنصارىّ بباب البستان فكان يمرّ به الى نخلته ولا يستأذن فكلّمه الأنصارىّ ان يستأذن اذا جاء فأبى سمرة فلمّا تأبّى جاء الانصارىّ الى رسول الله (ص) فشكا إليه وخبّره الخبر فأرسل إليه رسول الله وخبّره بقول الأنصارىّ وما شكا وقال : اذا أردت الدّخول فاستأذن فأبى فلمّا أبى ساومه حتّى بلغ من الثّمن ما شاء الله فأبى أن يبيع ، فقال : لك بها عذق مذلّل فى الجنّة فأبى ان يقبل ، فقال رسول الله (ص) للانصارىّ :


اذهب فاقلعها وارم بها إليه فانّه لا ضرر ولا ضرار ( الى ان قال ) قال ابن أبى الحديد : وكان سمرة أيّام مسير الحسين عليه‌السلام الى الكوفة على شرطة ابن زياد وكان يحرّض النّاس على الخروج الى الحسين عليه‌السلام وقتاله ( انظر ثامن البحار ص ٧٢٨ ) أقول : لمّا هلك المغيرة بن شعبة وكان واليا على الكوفة استعمل معاوية زيادا عليها فلمّا وليها سار إليها واستخلف على البصرة سمرة بن جندب وكان زياد يقيم بالكوفة ستّة أشهر وبالبصرة ستّة أشهر فلمّا استخلف سمرة على البصرة أكثر القتل فيها فقال ابن ـ سيرين : قتل سمرة فى غيبة زياد هذه ثمانية آلاف فقال له زياد : أما تخاف ان تكون قتلت بريئا؟ ـ فقال : لو قتلت معهم مثلهم ما خشيت ، وقال أبو السوار العدوىّ : قتل سمرة من قومى فى غداة واحدة سبعة وأربعين كلّهم قد جمع القرآن ؛ كذا فى كامل ابن الأثير »

أقول : قال الفاضل المامقانيّ (ره) فى تنقيح المقال بعد نقل نظير ما نقله المحدّث القمىّ عن كامل التّواريخ لابن الاثير عن تاريخ الطبرى ما نصّه ( ج ٢ ؛ ص ٦٩ ) :

« فقد روى الطّبرىّ أيضا فى أحداث السّنة المذكورة اى فى أحداث سنة الخمسين باسناده عن عوف قال : أقبل سمرة من المدينة فلمّا كان عند دور بنى أسد خرج رجل من بعض أزقّتهم ففاجأه أوّل الخيل فحمل عليه رجل من القوم فأوجره الحربة قال : ثمّ مضت الخيل فأتى عليه سمرة بن جندب وهو متشحّط بدمه فقال : ما هذا؟ ـ قيل : أصابته أوائل خيل الأمير فقال : اذا سمعتم بنا ركبنا فاتّقوا أسنّتنا ( انتهى ).

وفى كتب التّاريخ أيضا أنّه كان فى زمن ولايته البصرة يخرج من داره مع خاصّته ركبانا بغارة فلا يمرّ بحيوان ولا طفل ولا عاجز ولا غافل الاّ سحقه هو وأصحابه بخيلهم ، وهكذا اذا رجع ، ولا يمرّ عليه يوم يخرج به الاّ وغادر به قتيلا أو أكثر ؛ وهذا لا يفعله الاّ كلّ طاغ متكبّر قد نزعت الرّحمة من قلبه بعد خلع ربقة الاسلام من عنقه. ونقل الطّبرىّ وابن الاثير : انّ معاوية أقرّ سمرة بعد زياد ستّة أشهر ثمّ عزله فقال سمرة : لعن الله معاوية والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذّبنى أبدا.

وروى عن سلمان بن مسلم العجلىّ قال : شهدت سمرة وأتى بناس كثير وأناس بين


يديه فيقول للرّجل : ما دينك؟ ـ فيقول : أشهد أن لا إله الاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدا عبده ورسوله وانّى بريء من الحروريّة فيقدّم فتضرب عنقه حتّى مرّ بضعة وعشرون ».

أقول : ترجمته على سبيل التّفصيل تحتاج الى بسط ولا يقتضي المقام أكثر من ذلك ومن قضاياه المعروفة أنّه تعهّد لمعاوية ان يضع ويختلق فى شأن نزول آية « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ » وآية « مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ » حديثا فى ازاء أن يبذل له معاوية أربعمائة دينار فبذله له واختلق الحديث ».

أقول : لا يسع المقام أكثر من ذلك فمن أراد التّفصيل فى ذلك فليراجع مظانّه.

أمّا ما أشرنا إليه من أنّ أبا بكرة كان أخا زياد بن أبيه فيكشف عن ذلك ما يقرع سمعك وهو :

قال ابن خلّكان فى وفيات الأعيان فى ترجمة أبى عثمان يزيد بن زياد بن ربيعة بن مفرّغ وهو من شعراء الحماسة وممّن لجّ فى هجاء بنى زياد حتّى تغنّى أهل البصرة بأشعاره بعد أن خاض فى ترجمته ونقل أشعارا من صاحب التّرجمة فيهم ما نصّة :

( انظر ص ٣٨٨ ج ٢ من طبعة بولاق سنة ١٢٩٩ )

« قلت : وقد تكرّر فى هذه التّرجمة حديث زياد وبنيه وسميّة وأبى سفيان ومعاوية وهذه الاشعار الّتي قالها يزيد بن مفرّغ فيهم ومن لا يعرف هذه الأسباب قد يتشوّف الى الاطّلاع عليها فنورد منها شيئا مختصرا فأقول :

انّ أبا الجبر الملك الّذي ذكره أبو بكر بن دريد فى المقصورة المشهورة فى البيت الّذي يقوله فيها وهو :

وخامرت نفس أبى الجبر جوى

حتّى حواه الحتف فيمن قد حوى

كان أحد ملوك اليمن واسمه كنيته وقيل : هو أبو الجبر يزيد بن شراحيل الكندىّ ، وقيل : أبو الجبر بن عمرو تغلّب عليه قومه فخرج الى بلاد فارس يستجيش عليهم كسرى فبعث معه جيشا


من الأساورة فلمّا ساروا الى كاظمة ونظروا وحشة بلاد المغرب وقلّة خيرها قالوا : الى أين نمضى مع هذا!؟ فعمدوا إلى سمّ فدفعوه الى طبّاخه ووعدوه بالاحسان إليه ان ألقى ذلك السّمّ فى طعام الملك ، ففعل ذلك فما استقرّ الطّعام فى جوفه حتّى اشتدّ وجعه فلمّا علم الأساورة ذلك دخلوا عليه فقالوا له : إنّك قد بلغت الى هذه الحالة فاكتب لنا الى الملك كسرى انّك قد أذنت لنا فى الرّجوع فكتب لهم بذلك ثمّ انّ أبا الجبر خفّ ما به فخرج الى الطّائف البليدة الّتي بقرب مكّة وكان بها الحارث بن كلدة طبيب ـ العرب الثّقفىّ فعالجه فأبرأه فأعطاه سميّة ( بضمّ السّين المهملة وفتح الميم وتشديد ـ الياء المثنّاة من تحتها وفى آخره هاء ) وعبيدا ( بضمّ العين المهملة تصغير عبد ) وكان كسرى قد أعطاهما أبا الجبر فى جملة ما أعطاه ، ثمّ ارتحل أبو الجبر يريد اليمن فانتقضت عليه العلّة فمات فى الطّريق ثمّ انّ الحارث بن كلدة الثّقفىّ زوّج عبيدا المذكور سميّة المذكورة فولدت سميّة زيادا على فراش عبيد وكان يقال : زياد بن عبيد وزياد بن سميّة وزياد بن أبيه وزياد بن أمّه وذلك قبل أن يستلحقه معاوية كما سيأتى ان شاء الله تعالى. وولدت سميّة أيضا أبا بكرة نفيع بن الحارث بن كلدة المذكور ويقال : نفيع بن مشروح وهو الصّحابىّ المشهور بكنيته رضى الله عنه ، وولدت أيضا شبل بن معبد ونافع بن الحارث وهؤلاء الإخوة الأربعة هم الّذين شهدوا على المغيرة بن شعبة ـ رضى الله عنه ـ بالزّنا وسيأتى خبر ذلك بعد الفراغ من حديث زياد ان شاء الله تعالى.

وكان أبو سفيان صخر بن حرب الاموىّ والد معاوية بن أبى سفيان يتّهم فى الجاهليّة بالتّرداد الى سميّة المذكورة فولدت سميّة زيادا فى تلك المدّة ولكنّها ولدته على فراش زوجها عبيد ، ثمّ انّ زيادا كبر وظهرت منه النّجابة والبلاغة وهو أحد ـ الخطباء المشهورين فى العرب بالفصاحة والدّهاء والعقل الكثير حتّى أنّ عمر بن الخطّاب ـ رضى الله عنه ـ كان قد استعمل أبا موسى الاشعرىّ رضى الله عنه على البصرة فاستكتب زيادا ابن أبيه ثمّ انّ زيادا قدم على عمر ـ رضى الله عنه ـ من عند أبى موسى فأعجب به عمر ـ رضى الله عنه ـ فأمر له بألف درهم ثمّ تذكّرها بعد ما مضى فقال :


لقد ضاع ألف أخذها زياد فلمّا قدم عليه بعد ذلك قال له : ما فعل ألفك يا زياد؟ قال : اشتريت بها عبيدا فأعتقته يعنى أباه فقال : ما ضاع ألفك يا زياد ، هل أنت حامل كتابى الى أبى موسى الاشعرىّ فى عزلك عن كتابته؟ ـ قال : نعم يا أمير المؤمنين ان لم يكن ذلك على سخطة قال : ليس عن سخطة قال : فلم تأمره بذلك؟ قال : كرهت أن أحمل النّاس على فضل عقلك واستكتب أبو موسى بعد زياد أبا الحصين بن أبى ـ الحرّ العنبرىّ فكتب الى عمر ـ رضى الله عنه ـ كتابا فلحن فى حرف منه فكتب إليه أن قنع كاتبك سوطا وكان عمر ـ رضى الله عنه ـ اذا وفد عليه من البصرة رجل أحبّ أن يكون زيادا ليشفيه من الخبر ، وكان عمر ـ رضى الله عنه ـ قد استعمله على بعض ـ أعمال البصرة ثمّ عزله فقال : ما عزلتك لجريمة ولكن كرهت أن أحمل النّاس على فضل عقلك ، وكان عمر ـ رضى الله عنه ـ قد بعثه فى اصلاح فساد وقع باليمن فرجع من وجهه وخطب خطبة لم يسمع النّاس مثلها فقال عمرو بن العاص : أما والله لو كان هذا الغلام من قريش لساق العرب بعصاه فقال أبو سفيان : انّى لأعرف الّذي وضعه فى رحم أمّه فقال له عليّ بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ : ومن هو يا أبا سفيان؟ ـ قال : أنا ، قال : مهلا أبا سفيان ، فقال أبو سفيان :

أما والله لو لا خوف شخص

يرانى يا عليّ من الأعادى

لأظهر سرّه صخر بن حرب

وان تكن المقالة عن زياد

وقد طالت مجاملتى ثقيفا

وتركى فيهم ثمر الفؤاد

فلمّا صار الأمر الى عليّ رضى الله عنه وجّه زيادا الى فارس فضبيط البلاد وحمى وجبى وأصلح الفساد فكاتبه معاوية يروم افساده على عليّ ـ رضى الله عنه ـ وفيه شعر تركته فكتب إليه عليّ : انّى ما ولّيتك الاّ وأنت أهل لذلك عندى ولن تدرك ما تريده ممّا أنت فيه الاّ بالصّبر واليقين وانّما كانت من أبى سفيان فلتة زمن عمر رضى الله عنه لا يستحقّ بها نسبا ولا ميراثا ، وانّ معاوية يأتى المرء من بين يديه ومن خلفه فاحذره ثمّ احذره والسّلام.


فلمّا قرأ زياد الكتاب قال : شهد لي أبو الحسن وربّ الكعبة ، فذلك الّذي جرّأ يزيد بن معاوية على ما صنع ، فلمّا قتل عليّ رضى الله عنه وتولّى ولده الحسن رضى الله عنه ثمّ فوّض الأمر الى معاوية كما هو مشهور أراد معاوية استمالة زياد إليه وقصد تأليف ـ قلبه ليكون معه كما كان مع عليّ رضى الله عنه فتعلّق بذلك القول الّذي صدر من أبيه بحضرة عليّ وعمرو بن العاص فاستلحق زيادا فى سنة أربع وأربعين للهجرة فصار يقال له : زياد بن أبى سفيان ، فلمّا بلغ أخاه أبا بكرة أنّ معاوية استلحقه وانّه رضى بذلك حلف يمينا أن لا يكلّمه أبدا وقال : هذا زنى أمّه وانتفى من أبيه والله ما علمت سميّة رأت أبا سفيان قطّ ويله ما يصنع بأمّ حبيبة بنت أبى سفيان زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أيريد أن يراها فان حجبته فضحته وان رآها فيا لها من مصيبة يهتك من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حرمة عظيمة ، وحجّ زياد فى زمن معاوية ودخل المدينة فأراد الدّخول على أمّ حبيبة لأنّها اخته على زعمه وزعم معاوية ثمّ ذكر قول أخيه أبى بكرة فانصرف عن ذلك ، وقيل : إنّ أمّ حبيبة حجبته ولم تأذن له فى الدّخول عليها ، وقيل : إنّه حجّ ولم يزر من أجل قول أبى بكرة وقال : جزى الله أبا بكرة خيرا فما يدع النّصيحة على كلّ حال. وقدم زياد على معاوية وهو نائب عنه وحمل معه هدايا جليلة من جملتها عقد نفيس فأعجب به معاوية فقال زياد : يا أمير المؤمنين دوّخت لك العراق وجبيت لك برّها وبحرها وحملت أليك لبّها وقشرها ، وكان يزيد بن معاوية جالسا فقال له : أما انّك اذ فعلت ذلك فانّا نقلناك من ثقيف الى قريش ، ومن عبيد الى أبى سفيان ، ومن القلم الى المنابر ، فقال له معاوية : حسبك ورّيت بك زنادى ، وقال أبو الحسن المدائنى : أخبرنا أبو الزّبير الكاتب عن ابن اسحاق قال : اشترى زياد أباه عبيدا فقدم زياد على عمر رضى الله عنه فقال له : ما صنعت بأوّل شيء أخذت من عطائك؟ قال : اشتريت به أبى ، قال : فأعجب ذلك عمر رضى الله عنه وهذا ينافى استلحاق معاوية ايّاه ، ولمّا ادّعى معاوية زيادا دخل عليه بنو اميّة وفيهم عبد الرّحمن بن الحكم أخو مروان بن الحكم الأموىّ فقال له : يا معاوية لو لم تجد الاّ


الزّنج لاستكثرت بهم علينا قلّة وذلّة فأقبل معاوية على أخيه مروان بن الحكم وقال : أخرج عنّا هذا الخليع فقال مروان : والله انّه لخليع ما يطاق قال معاوية : والله لو لا حلمى وتجاوزى لعلمت أنّه يطاق ألم يبلغنى شعره فىّ وفى زياد ثمّ قال لمروان أسمعنيه فقال :

ألا أبلغ معاوية بن صخر

لقد ضاقت بما يأتى اليدان

أتغضب أن يقال أبوك عفّ

وترضى أن يقال أبوك زان

وقد تقدّم ذكر بقيّه هذه الأبيات منسوبة الى يزيد بن مفرّغ وفيها خلاف هل هى ليزيد بن مفرّغ أم لعبد الرّحمن بن الحكم فمن رواها لابن مفرّغ روى البيت الاوّل على تلك الصّورة ، ومن رواها لعبد الرّحمن رواها على هذه الصورة.

ولمّا استلحق معاوية زيادا وقرّبه وأحسن إليه وولاّه صار من أكبر الأعوان على بنى عليّ بن أبى طالب رضى الله عنه حتّى قيل : انّه لمّا كان أمير العراقين طلب رجلا يعرف بابن سرح من أصحاب الحسن بن عليّ بن أبى طالب رضى الله عنه وكان فى الأمان الّذي كتب لأصحاب الحسن رضى الله عنه لمّا نزل عن الخلافة لمعاوية فكتب الحسن الى زياد : من الحسن الى زياد ؛ أمّا بعد فقد علمت ما كنّا أخذنا لأصحابنا من الأمان وقد ذكر لى ابن سرح أنّك عرضت له فأحبّ ان لا تعرض له الاّ بخبر والسّلام فلمّا أتاه الكتاب وقد بدأ فيه بنفسه ولم ينسبه الى أبى سفيان غضب وكتب إليه : من زياد بن أبى سفيان الى الحسن أمّا بعد فانّه أتانى كتابك فى فاسق تأويه الفسّاق من شيعتك وشيعة أبيك وأيم الله لأطلبنّه ولو كان بين جلدك ولحمك وانّ أحبّ النّاس إليّ لحما أن آكله للحم أنت منه ، فلمّا قرأه الحسن رضى الله عنه بعث به الى معاوية فلمّا قرأه غضب وكتب الى زياد : من معاوية بن أبى سفيان الى زياد ؛ أمّا بعد فانّ الحسن بن عليّ بعث إليّ بكتابك إليه جواب كتاب كان كتبه أليك فى ابن سرح فأكثرت التّعجّب منه وقد علمت أنّ لك رأيين رأيا من أبى سفيان ورأيا من سميّة فأمّا رأيك من أبى سفيان فحلم وحزم ، وأمّا رأيك من سميّة فكما يكون رأى مثلها


ومن ذلك كتابك الى الحسن تسبّه وتعرض له بالفسق ولعمرى لأنت أولى بذلك منه فان كان الحسن ابتدأ بنفسه ارتفاعا عنك فانّ ذلك لن يضعك وأمّا تركك تشفيعه فيما شفع فيه أليك فحظّ دفعته عن نفسك الى من هو أولى به منك فاذا أتاك كتابى فخلّ ما بيدك لابن سرح ولا تعرض له فيه فقد كتبت الى الحسن بخبره ان شاء اقام عنده وان شاء رجع الى بلده ، وانّه ليس لك عليه سبيل بيد ولا لسان ، وأمّا كتابك الى الحسن باسمه ولا تنسبه الى أبيه فانّ الحسن ويحك ممّن لا يرمى به الرّجوان أفاستصغرت أباه وهو عليّ بن أبى طالب رضى الله عنه أم الى أمّه وكلته وهى فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذلك أفخر له ان كنت عقلت والسّلام ( قوله : لا يرمى به الرّجوان ) بفتح الرّاء والجيم وهو لفظ مثنّى ومعناه المهالك.

قلت : وقد رويت هذه الحكاية على صورة اخرى وهى :

كان سعيد بن سرح مولى كريز بن حبيب بن عبد شمس من شيعة عليّ بن أبى ـ طالب رضى الله عنه فلمّا قدم زياد بن أبيه الكوفة واليا عليها أضافه وطلبه فأتى المدينة فنزل على الحسن بن عليّ رضى الله عنه فقال له الحسن : ما السّبب الّذي أشخصك وأزعجك؟ فذكر له قصّته وصنيع زياد به فكتب إليه الحسن : أمّا بعد فانّك عمدت الى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم فهدمت عليه داره وأخذت ماله وعياله فاذا أتاك كتابى هذا فابن له داره واردد عليه ماله وعياله فانّى قد أجرته فشفّعنى فيه ، فكتب إليه زياد : من زياد بن أبى سفيان الى الحسن بن فاطمة ؛ امّا بعد فقد أتانى كتابك تبدأ فيه باسمك قبل اسمى وأنت طالب للحاجة وأنا سلطان وأنت سوقة وكتابك إليّ فى فاسق لا يأويه الاّ فاسق مثله وشرّ من ذلك تولّيه أباك وقد آويته اقامة منك على سوء الرّأى ورضى بذلك وأيم الله لا نسبقنى إليه ولو كان بين جلدك ولحمك فانّ أحبّ لحم إليّ أن آكله للحم أنت منه فأسلمه بجريرته الى من هو أولى به منك فان عفوت عنه لم أكن شفعتك وان قتلته لم أقتله الاّ بحبّه أباك ، فلمّا قرأ الحسن رضى الله عنه الكتاب كتب الى معاوية يذكر له حال ابن سرح وكتابه الى زياد


فيه واجابة زياد ايّاه ولفّ كتابه فى كتابه وبعث به إليه وكتب الحسن الى زياد : من الحسن بن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الى زياد بن سميّة عبد بنى ثقيف الولد للفراش وللعاهر الحجر ، فلمّا قرأ معاوية كتاب الحسن رضى الله عنه ضاقت به الشّام وكتب الى زياد : أمّا بعد فانّ الحسن بن عليّ بن أبى طالب رضى الله عنهما بعث إليّ بكتابك جواب كتابه أليك فى ابن سرح فأكثرت التّعجّب منه وعلمت أنّ لك رأيين أحدهما من أبى سفيان وآخر من سميّة ؛ فأمّا الّذي من أبى سفيان فحلم وحزم ، وأمّا الّذي من سميّة فكما يكون رأى مثلها ومن ذلك كتابك الى الحسن تشتم أباه وتعرض له بالفسق ، ولعمرى لأنت أولى بالفسق من الحسن ولأبوك اذ كنت تنسب الى عبيد أولى بالفسق من أبيه ، فان كان الحسن بدأ بنفسه ارتفاعا عنك فانّ ذلك لم يضعك وأمّا تشفيعه فيما شفع أليك فيه فحظّ دفعته عن نفسك الى من هو أولى به منك ، فاذا قدم عليك كتابى هذا فخلّ ما فى يدك لسعيد بن سرح وابن له داره ولا تغدر به واردد عليه ماله فقد كتبت الى الحسن أن يخبر صاحبه بذلك فان شاء أقام عنده وان شاء رجع الى بلده ، فليس لك عليه سلطان بيد ولا لسان ، وأمّا كتابك الى الحسن باسمه واسم أمّه ولا تنسبه الى أبيه فانّ الحسن ويلك ممّن لا يرمى به الرّجوان أفاستصغرت أباه وهو عليّ بن أبى طالب أم الى أمّه وكلته لا أمّ لك فهى فاطمة بنت رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم فتلك أفخر له ان كنت تعقل والسّلام.

وقال عبيد الله بن زياد : ما هجيت بشيء أشدّ عليّ من قول ابن مفرّغ :

فكّر ففى ذاك ان فكّرت معتبر

هل نلت مكرمة الاّ بتأمير

عاشت سميّة ما عاشت وما علمت

أنّ ابنها من قريش فى الجماهير

وقال قتادة : قال زياد لبنيه وقد احتضر : ليت أباكم كان راعيا فى أدناها وأقصاها ولم يقع بالذّي وقع فيه. قلت : فبهذا الطّريق كان ينظم ابن مفرّغ هذه الأشعار فى زياد وبنيه ويقول : انّهم أدعياء حتّى قال فى زياد وأبى بكرة ونافع أولاد سميّة :

انّ زيادا ونافعا وأبا ـ

بكرة عندى من أعجب العجب


هم رجال ثلاثة خلقوا

فى رحم انثى وكلّهم لأب

ذا قرشىّ كما يقول وذا

مولى وهذا ابن عمّه عربى

وهذه الأبيات تحتاج الى زيادة إيضاح فأقول :

قال أهل العلم بالأخبار : انّ الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبى سلمة بن عبد العزّى بن غيرة بن عوف بن قسىّ وهو ثقيف هكذا ساق النّسب ابن الكلبىّ فى كتاب الجمهرة وهو طبيب العرب المشهور ومات فى أوّل الاسلام وليس يصحّ اسلامه وروى أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر سعد بن أبى وقّاص أن يأتى الحارث بن كلدة يستوصفه فى مرض نزل به فدلّ ذلك على أنّه جائز أن يشاور أهل الكفر فى الطّبّ اذا كانوا من أهله وكان ولده الحارث بن الحارث من المؤلّفة قلوبهم وهو معدود فى جملة الصّحابة رضى الله تعالى عنهم ويقال : انّ الحارث بن كلدة كان رجلا عقيما لا يولد له وانّه مات فى خلافة عمر رضى الله عنه ولمّا حاصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الطّائف قال : أيّما عبد تدلّى إليّ فهو حرّ فنزل أبو بكرة رضى الله عنه من الحصن فى بكرة ( قلت : وهى بفتح الباء الموحّدة وسكون الكاف وبعدها راء ثمّ هاء وهى الّتي تكون على البئر وفيها الحبل يستقى به والنّاس يسمّونها بكرة بفتح الكاف وهو غلط الاّ أنّ صاحب كتاب العين حكاها بالفتح أيضا وهى لغة ضعيفة لم يحكها غيره ) قال : فكنّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا بكرة لذلك وكان يقول : أنا مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأراد أخوه نافع أن يدلّى نفسه فى البكرة أيضا فقال له الحارث بن كلدة : أنت ابنى فأقم ؛ فأقام ونسب الى الحارث ، وكان أبو بكرة قبل أن يحسن اسلامه ينسب الى الحارث أيضا فلمّا حسن اسلامه ترك الانتساب إليه ولمّا هلك الحارث بن كلدة لم يقبض أبو بكرة من ميراثه شيئا تورّعا ، هذا عند من يقول : انّ الحارث أسلم والاّ فهو محروم من الميراث لاختلاف الدّين فلهذا قال ابن مفرّغ الأبيات الثلاثة البائيّة لأنّ زيادا ادّعى أنّه قرشىّ باستلحاق معاوية له ، وأبو بكرة اعترف بولاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ونافع كان يقول : انّه ابن الحارث بن كلدة الثّقفىّ وأمّهم واحدة


وهى سميّة المذكورة وهذا سبب نظم البيتين فى آل أبى بكرة كما تقدّم ذكره ، وعلاج جدّ الحارث بن كلدة كما ذكرته ؛ هذه قصّة زياد وأولاده ذكرتها مختصرة.

قلت : الاّ انّ قول ابن مفرّغ فى البيت الثانى « وكلّهم لاب » ليس بجيّد فانّ زيادا ما نسبه أحد الى الحارث بن كلدة بل هو ولد عبيد لأنّه ولد على فراشه ، وأمّا أبو بكرة ونافع فقد نسبا الى الحارث فكيف يقول : « وكلّهم لأب » فتأمّله. وذكر ابن النديم فى كتابه الّذي سمّاه الفهرست : انّ أوّل من ألّف كتابا فى المثالب زياد بن أبيه فانّه لمّا طعن عليه وعلى نسبه عمل ذلك لولده وقال لهم : استظهروا به على العرب فانّهم يكفّون عنكم وأمّا حديث المغيرة بن شعبة الثّقفىّ والشّهادة عليه فانّ عمر بن الخطّاب ـ رضى الله عنه ـ كان قد رتّب المغيرة أميرا على البصرة وكان يخرج من دار الامارة نصف النّهار وكان أبو بكرة يلقاه فيقول : أين يذهب الأمير؟ ـ فيقول : فى حاجة فيقول : انّ الامير يزار ولا يزور ، قالوا : وكان يذهب الى امرأة يقال لها أمّ ـ جميل بنت عمرو وزوجها الحجّاج بن عتيك بن الحارث بن وهب الجشمىّ وقال ابن الكلبىّ فى كتاب جمهرة النّسب : هى أمّ جميل بنت الأفقم بن محجن بن أبى ـ عمرو بن شعبة بن الهرم وعدادهم فى الانصار وزاد غير ابن الكلبىّ فقال : الهرم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن والله أعلم قال الرّاوى : فبينما أبو بكرة فى غرفة مع اخوته وهم نافع وزياد المذكوران وشبل بن ـ معبد والجميع أولاد سميّة المذكورة فهم اخوة لامّ وكانت أمّ جميل المذكورة فى غرفة اخرى قبالة هذه الغرفة فضربت الرّيح باب غرفة أمّ جميل ففتحته ونظر القوم فاذا هم بالمغيرة مع المرأة على هيئة الجماع فقال أبو بكرة : هذه بليّة قد ابتليتم بها فانظروا فنظروا حتّى أثبتوا فنزل أبو بكرة فجلس حتّى خرج عليه المغيرة فقال له : انّه كان من أمرك ما قد علمت فاعتزلنا قال : وذهب المغيرة ليصلّى بالنّاس الظّهر ومضى أبو بكرة فقال أبو بكرة : لا والله لا تصلّ بنا وقد فعلت ما فعلت ، فقال النّاس : دعوه فليصلّ فانّه الأمير واكتبوا بذلك الى عمر ـ رضى الله عنه ـ فكتبوا إليه فأمرهم أن يقدموا عليه


جميعا ؛ المغيرة والشّهود ، فلمّا قدموا عليه جلس عمر رضى الله عنه فدعا بالشّهود والمغيرة فتقدّم أبو بكرة فقال له : رأيته بين فخذيها؟ قال : نعم والله لكأنّى أنظر الى تشريم جدرى بفخذيها ، فقال له المغيرة : لقد ألطفت فى النّظر فقال أبو بكرة : لم آل أن أثبت ما يحزنك الله به ، فقال عمر رضى الله عنه : لا والله حتّى تشهد لقد رأيته يلج فيها ولوج المرود فى المكحلة فقال : نعم أشهد على ذلك ، فقال : اذهب مغيرة ؛ ذهب ربعك ، ثمّ دعا نافعا فقال له : علام تشهد؟ قال : على مثل شهادة ابى بكرة قال : لا حتّى تشهد أنّه ولج فيها ولوج الميل فى المكحلة ، قال : نعم حتّى بلغ قذذة ( قلت : القذذ بالقاف المضمومة وبعدها ذالان معجمتان وهى ريش السّهم ) قال الرّاوى : فقال له عمر رضى الله عنه : اذهب مغيرة قد ذهب نصفك ، ثمّ دعا الثّالث فقال له : علام تشهد؟ ـ فقال : على مثل شهادة صاحبىّ ، فقال له عمر رضى الله عنه : اذهب مغيرة ذهب ثلاثة أرباعك ، ثمّ كتب الى زياد وكان غائبا وقدم فلمّا رآه جلس له فى المسجد واجتمع عنده رءوس المهاجرين والانصار فلمّا رآه مقبلا قال : انّى أرى رجلا لا يخزى الله على لسانه رجلا من المهاجرين ثمّ انّ عمر رضى الله عنه رفع رأسه إليه فقال : ما عندك يا سلح الحبارى فقيل : انّ المغيرة قام الى زياد فقال : لا مخبأ لعطر بعد عروس قلت : وهذا مثل للعرب لا حاجة الى الكلام عليه فقد طالت هذه التّرجمة كثيرا ( قال الرّاوى ) فقال له المغيرة : يا زياد اذكر الله تعالى واذكر موقف يوم القيامة فانّ الله تعالى وكتابه ورسوله وأمير المؤمنين قد حقنوا دمى الاّ ان تتجاوز إليّ ما لم تر ممّا رأيت فلا يحملنّك سوء منظر رأيته على أن تتجاوز الى ما لم تر فو الله لو كنت بين بطنى وبطنها ما رأيت ان يسلك ذكرى فيها قال : فدمعت عينا زياد واحمرّ وجهه وقال : يا أمير المؤمنين أمّا أن أحقّ ما حقّ القوم فليس عندى ولكن رأيت مجلسا وسمعت نفسا حثيثا وانتهازا ورأيته مستبطنها فقال له عمر رضى الله عنه : رأيته يدخل كالميل فى المكحلة؟ ـ فقال : لا ، وقيل : قال زياد : رأيته رافعا رجليها فرأيت خصيته تتردّد الى ما بين فخذيها ورأيت حفزا شديدا وسمعت نفسا عاليا ، فقال عمر رضى الله عنه : رأيته يدخله ويخرجه كالميل


فى المكحلة؟ ـ فقال : لا ؛ فقال عمر رضى الله عنه : الله اكبر قم يا مغيرة إليهم فاضربهم ، فقام الى أبى بكرة فضربه ثمانين وضرب الباقين وأعجبه قول زياد ودرأ الحدّ عن المغيرة فقال أبو بكرة بعد ان ضرب : أشهد أنّ المغيرة فعل كذا وكذا ، فهّم عمر رضى الله عنه أن يضربه حدّا ثانيا فقال له عليّ بن أبى طالب رضى الله عنه : ان ضربته فأرجم صاحبك فتركه واستتاب عمر أبا بكرة فقال : انّما تستتيبنى لتقبل شهادتى؟ ـ فقال : أجل ، فقال : لا أشهد بين اثنين ما بقيت فى الدّنيا فلمّا ضربوا الحدّ قال المغيرة : الله أكبر الحمد لله الّذي أخزاكم ، فقال عمر : بل أخزى الله مكانا رأوك فيه. وذكر عمر بن شبّة فى كتاب أخبار البصرة أنّ أبا بكرة لمّا جلد أمرت أمّه بشاة فذبحت وجعلت جلدها على ظهره فكان يقال : ما ذاك الاّ من ضرب شديد وحكى عبد الرّحمن بن أبى بكرة أنّ أباه حلف لا يكلّم زيادا ما عاش فلمّا مات أبو بكرة كان قد أوصى أن لا يصلّى عليه الاّ أبو برزة الاسلمىّ وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم آخى بينهما وبلغ ذلك زيادا فخرج الى الكوفة وحفظ المغيرة بن شعبة ذلك لزياد وشكره ثمّ انّ أمّ جميل وافت عمر بن الخطّاب بالموسم والمغيرة هناك فقال له عمر : أتعرف هذه المرأة يا مغيرة؟ فقال : نعم ، هذه أمّ كلثوم بنت عليّ فقال عمر : أتتجاهل عليّ والله ما أظنّ أبا بكرة كذب عليك وما رأيتك الاّ خفت أن أرمى بحجارة من السّماء.

قلت : ذكر الشيخ أبو اسحاق الشّيرازىّ فى أوّل باب عدد الشّهود فى كتاب المهذّب : وشهد على المغيرة ثلاثة ؛ أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد وقال زياد : رأيت استا تنبو ونفسا يعلو ، ورجلين كأنّهما اذنا حمار ولا أدرى ما وراء ذلك ، فجلد عمر الثّلاثة ولم يحدّ المغيرة قلت : وقد تكلّم الفقهاء على قول عليّ ـ رضى الله عنه ـ لعمر : ان ضربته فأرجم صاحبك ، فقال أبو نصر بن الصّبّاغ المقدّم ذكره وهو صاحب كتاب الشّامل فى المذهب : يريد أنّ هذا القول ان كان شهادة اخرى فقد تمّ العدد ، وان كان هو الأوّل فقد جلدته عليه ، والله أعلم : وذكر عمر بن شبة فى أخبار البصرة انّ العبّاس بن عبد المطّلب ـ رضى الله عنه ـ قال لعمر رضى الله عنه : انّ رسول الله صلّى الله


عليه وسلّم أقطعنى البحرين فقال : ومن يشهد لك بذلك؟ ـ قال المغيرة بن شعبة ، فأبى أن يجيز شهادته.

قلت : وقد طالت هذه التّرجمة وسببه أنّها اشتملت على عدّة وقائع فدعت الحاجة الى الكلام على كلّ واحدة منها فانتشر القول لأجل ذلك وما خلا عن فوائد ».

قال المصنّف (ره) فى ترجمة عائشة

( ص ٧٧ ؛ س ١ ) :

« ورويتم عن عبد الله بن مسعود عن اسرائيل بن سباط عن عروة »

وذكرت فى ذيل الصّفحة ( س ٢٠ ) ما نصّه :

« السّند هكذا فى الأصل وهو مشوّش قطعا ونقل الحديث ابن طاوس فى كتاب سعد السّعود بهذا السند ( الى آخر ما نقلناه ) ».

فبعد طبع الكرّاسة المشار إليها اطّلعت على موضع من مواضع نقل الحديث وهو :

قال الحافظ نور الدّين عليّ أبى بكر الهيثمىّ فى مجمع الزوائد ومنبع الفوائد فى باب فيما كان فى الجمل وصفّين وغيرهما

( ج ٧ ؛ ص ٢٣٧ ) :

« وعن سعيد بن كوز قال : كنت مع مولاى يوم الجمل فأقبل فارس فقال : يا أمّ المؤمنين فقالت عائشة : سلوه من هو؟ قيل : من أنت؟ ـ قال : أنا عمّار بن ياسر قالت : قولوا له : ما تريد؟ ـ قال : أنشدك بالله الّذي أنزل الكتاب على رسول الله ( صلعم ) فى بيتك أتعلمين أنّ رسول الله (ص) جعل عليّا وصيّا على أهله وفى أهله؟ ـ قالت : اللهمّ نعم ، قال : فمالك؟ ـ قال : أطلب بدم عثمان أمير المؤمنين ، قال : فتكلّم.


ثمّ جاء فوارس أربعة فهتف بهم رجل منهم قال : تقول عائشة : ابن أبى طالب وربّ الكعبة سلوه : ما يريد؟ ـ قالوا : ما تريد؟ ـ قال : أنشدك بالله الّذي أنزل الكتاب على رسول الله ( صلعم ) فى بيتك ؛ أتعملين أنّ رسول الله (ص) جعلنى وصيّا على أهله وفى أهله؟ ـ قالت : اللهمّ نعم ، قال : فمالك؟ ـ قالت : أطلب بدم أمير المؤمنين عثمان قال : أرينى قتلة عثمان ثمّ انصرف والتحم القتال ، قال : فرأيت هلال بن وكيع رأس بنى تميم معه غلام له حبشىّ مثل الجانّ وهو يقاتل بين يدى عائشة وهو يقول :

أضربهم بذكر القطاط

اذ فرّ عون وأبو حماط

ونكّب النّاس عن الصّراط

فحانت منّى التفاتة فاذا هو قد شدخ وغلامه.

رواه الطّبرانىّ وسعيد بن كوز وأسباط بن عمرو الرّاوى عنه لم أعرفهما ؛ وبقيّة رجاله ثقات ».

قال المصنّف (ره) فى ترجمة أمّ المؤمنين عائشة

( ص ٧٩ ؛ س ١٠ و ١٤ ) :

« والله لترحلنّ أو لأبعثنّ أليك بالكلمات »

وقلنا فى ذيل صفحة ٨٠ :

« أقول : يأتى الكلام فى ذلك الباب فى مجلّد تعليقاتنا على الكتاب ان شاء الله تعالى » فنقول :

« قال المجلسى (ره) فى ثامن البحار فى باب ورود البصرة ووقعة الجمل ؛ ص ٤٣٦ ما نصّه :

« ج ـ ( يريد به الاحتجاج للطبرسىّ ) : روى عن الباقر (ع) أنّه قال : لمّا كان يوم الجمل وقد رشق هودج عائشة بالنّبل قال عليّ (ع) : والله ما أرانى الاّ مطلّقها فأنشد الله رجلا سمع من رسول الله (ص) يقول : يا عليّ أمر نسائى بيدك من بعدى؟ قال : فبكت


عائشة عند ذلك حتّى سمعوا بكاءها فقال عليّ : لقد أنبأنى رسول الله (ص) بنبإ وقال : يا عليّ انّ الله يمدّك بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين.

بيان ـ رشقه ـ رماه بالسّهام ، والنّبل السّهام العربيّة ولا واحد لها من لفظها فلا يقال نبلة ، ذكرهما فى النّهاية ».

أقول : وخبر سعد بن عبد الله القمى (ره) فى هذا الأمر معروف وهو الّذي أشار إليه المحدّث القمّى (ره) فيما نقلناه من كلامه فى تعليقة الصّحيفة المشار إليها.

قد قلنا فى ذيل قصّة ضيافة حاتم للوافدين على قبره بعد الاشارة

الى شيء من موارد نقلها

( انظر ص ٤١٠ ؛ س ١٢ ـ ١٣ ) :

« وقد نظمتها الشّعراء بأبيات غرّاء ومضامين لطيفة يأتى ذكر بعضها فى مجلّد تعليقاتنا على الإيضاح ».

وحيث كان ذكر جميع ما دوّنته وجمعته فى ذلك الموضوع هنا ممّا يفضى الى طول مملّ فانّه قد صار رسالة كبيرة كما ذكرنا فى ص ٤١٢ ؛ س ١٣ فلنقتصر على ذكر منظومة هنا لكونها فى مورد لا تصل إليه أيدى جمهور الفضلاء وذلك أنّها مذكورة فى سفينة مخطوطة فى مكتبة مجلس الشّورى بطهران مضبوطة تحت رقم ٥٩٩٦ من فهرست المكتبة ( انظر ص ٤١ ـ ٤٣ منها ) ونصّ العبارة فيها هكذا :

« از محمدقلى سليم طهرانى

طوطى كلكم كه به مرغ چمن

تازگى آموخت ز طرز سخن

گفت كه : روزى پى سامان كار

قافله اى جمع شد از هر ديار

قافله اى مردمِ او با صواب

گشته جهان را همه چون آفتاب

نقد خرد مايه بازارشان

جنسِ هنر بود همه بارِشان


از رخِشان نورِ سعادت عيان

بر سرِشان بالِ هما سايه بان

شاد وشكفته همه با يكدگر

خنده هريك چو گل از روىِ زر

خيمه زده هركه سزاوار خود

همچو شكو [ فه ] بسرِ بارِ خود

غير جرس هيچ دلى در جهان

ناله نمى كرد در آن كاروان

مهر چو سر بر سرِ كهسار برد

قافله دستى ز پىِ بار برد

گشت روان از پى هم كاروان

همچو سرشك از مژه عاشقان

هر جرسى زمزمه آغاز كرد

گم شدگان را بره آواز كرد

كف بلب از مستى بسيار داشت

ناقه ندانم كه چه در بار داشت

رفت بتعجيل ز آرامگاه

قافله چون يك دو سه فرسنگ راه

دهر شد از ظلمتِ شب ناگهان

سرمه كشِ ديده سيّارگان

تيره شبى همچو سرِ زلف يار

گم شده در ظلمتِ او روزگار

رفته خود از عالم واز مرگ او

گشته سيه پوش جهانِ دو رو

چرخ سيه دل همه دم از شهاب

تير فكنده ز پىِ آفتاب

گشته ز بس ظلمتِ شب روى ماه

همچو رخِ كاغذِ مشقى سياه

در طلبِ راه ز نزديك ودور

گشته سراسيمه تر از خيل مور

دست ودل جمله چو از كار شد

آتشى از دور نمودار شد

روى نهادند دوان بى قرار

جانبِ آتش همه پروانه وار

بر اثرِ شعله در آن روى دشت

يك دو سه فرسنگ چو پيموده گشت

روضه اى آمد بنظر همچو نور

سنگ بنايش همه از كوه طور

ديده ز بس فيض بهر منظرش

كعبه شده حلقه به گوش درش

شمع درو گشته علم در سخا

داده به دشمن سر خود بارها

جمله قناديلِ وى وشمعدان

چون دلِ عاشق همه وقف كسان


فيض ز كثرت شده ظاهر درو

جود وسخا گشته مجاور درو

جانبِ آن روضه كسى در زمان

رفت كه پرسد خبرى زان مكان

گفت به او شخصى از آن سرزمين

مقبره حاتم طائيست اين

روى ازين مژده سوىِ راه كرد

قافله را زين سخن آگاه كرد

بار گشودند در آن خوش مكان

بر درِ او حلقه شده كاروان

بيهده گوئى ز ميانِ گروه

گفت كه : اى حاتم دريا شكوه

قافله ما شده مهمانِ تو

چشم نهاده همه بر خوانِ تو

زود پس مائدة تدبير كن

قافله گرسنه را سير كن

بود هنوز اين سخنش بر زبان

كز پى سر گريه كنان ساربان

گفت : كه خورد آن شتر برق تاز

مهره بدل از فلك حقّه باز

اين سخنش كرد چه در گوش راه

جست سراسيمه چو از سينه آه

گفت ببرّيد سرش را ز تن

تا كه شود مائده انجمن

گفت كه : اى حاتم صاحب كرم

خواستم از جود تو فيضى برم

طوفِ مزار تو مرا شوم شد

همّتِ تو بر همه معلوم شد

يافتم اكنون كه چه سان بوده است

جودِ تو از خوانِ كسان بوده است

حيف زنى لافِ كرم چون حباب

به كه ببخشى وگر از بجر آب

او شده در طعنه زدن بى قرار

روح كرم پيشه ازو شرمسار

گشته خوى افشان ز خجالت براه

همچو تهيدست برِ قرضخواه

صبح كه اين ناقه گيتى نورد

از طرفِ دشت برانگيخت گرد

صاحب جمّازه پى كارِ خود

گشت فرومانده تر از بار خود

بود سراسيمه كه از يك كنار

خاست غبارى چو خط از روى يار

اندكى آن گرد چو شد جلوه گر

ناقه سوارى شد ازو جلوه گر

بار شتر اطعمه بيكران

ناقه ديگر به رديفش روان


ناقه صرصر روشى خوش تكى

كوه به پشت وى وكوهان يكى

از اثر تندى آن خوش نشان

خاك به رفتار چو ريگ روان

گفتى از آن سان كه سبك تاز بود

همچو شترمرغ به پرواز بود

سالكى آزاده ز سامان راه

سينه خود در بغلش نان راه

از خورش مائده روزگار

شعله صفت كرده قناعت بخار

كف بلب آورده ز مستى وهوش

بر صفتِ صوفىِ پشمينه پوش

بيم وى از دورى منزل نبود

گرده شتر بود شتر دل نبود

كرد نمايان جل رنگين بناز

همچو عروسى كه نمايد جهاز

راند بسرعت شتر آن نوجوان

گشت چو نزديك بآن خوش مكان

رفت سوى روضه نخستين چو باد

كرد طوافى ز سرِ اعتقاد

پس بسرِ قافله بى شمار

بار فكن گشت چو ابرِ بهار

مردم آن قافله را جابجا

داد سوىِ تربت حاتم صلا

سفره اى از مائدة ترتيب داد

جانبِ آن قافله برد وگشاد

سفره اى از مائدة آراسته

يافته دل هرچه درو خواسته

سفره چو برداشته شد از ميان

عذر طلب كرد ازيشان جوان

قاعده مهر وكرم تازه كرد

رو به سوى صاحب جمّازه كرد

گفت : گلى از چمن حاتمم

همچو زبان بر سخن حاتمم

دوش ز انديشه چو خوابم ربود

شعله صفت گرم به چشمم نمود

گفت كه : امشب ز قضا ناگهان

قافله اى گشت مرا ميهمان

مقدمشان گرچه خوش آهنگ بود

وقت چو دست ودلِ من تنگ بود

يك شتر اكنون ز همان كاروان

قرض گرفتم پىِ ترتيب خوان

خيز كه هنگام خور وخواب نيست

در لحدم از غم اين خواب نيست

مائده اى در خورِ احسان من

آنچه تو ديدى بسرِ خوان من


همرهِ يك ناقه رهوار زود

جانبِ آن قافله بر همچو دود

چون رسى آنجا كه بود كاروان

پيش رو ومائدة را بگذران

معذرتِ من همه را تازه ده

ناقه بآن صاحبِ جمّازه ده

مردمِ آن قافله را اين سخن

شور بر آورد ز جان وز تن

هركسى از بهرِ مرادى چو باد

رو به سوىِ تربتِ حاتم نهاد

صاحبِ جمّازه هم آواز كرد

پيشِ كسان معذرت آغاز كرد

گفت كه : اى شمع شبستانِ جود

وى كفِ تو ابرِ گلستانِ جود

بى ادبى كرده ام از حد بدر

تو ز ادب كردنِ من درگذر

چون ز دمت دست به دامن چو خار

دامنِ خود جمع مكن غنچه وار

همچو دلت روحِ تو مسرور باد

همچو رخت خاكِ تو پرنور باد

اى چو گل افكنده هوسهاىِ تو

بر سرِ زر لرزه هر اعضاىِ تو

دارى اگر اصل چو درّ يتيم

روى مگردان ز كرم چون سليم

تمّت ».

قال المصنّف (ره) : « ورويتم عن الشّعبىّ أنّ الحجّاج بن

يوسف سأله عن أمّ وأخت وجدّ »

( انظر ص ٣٤٢ ـ ٣٤٥ ) :

ونقلنا فى ذيل الصّفحة ما اطّلعنا عليه الاّ أنّى وقفت بعد ذلك على مورد آخر ينبغى أن نذكره هنا وهو هذا : قال المسعودىّ فى مروج الذّهب تحت عنوان « ذكر طرف من أخبار الحجّاج وخطبه وما كان منه فى بعض أفعاله » ضمن ما ذكر ( انظر ج ٣ من النسخة المصحّحة بتصحيح محمّد محيى الدّين عبد الحميد ) ما نصّه :

« حدّثنا المنقرىّ عن جعفر بن عمرو الحرصىّ عن مجدى بن رجاء قال : سمعت


عمران بن مسلم بن أبى بكر الهذلىّ يقول : سمعت الشّعبىّ يقول :

أتى بى الحجّاج موثقا ، فلمّا دخلت عليه استقبلنى يزيد بن مسلم فقال : انا لله يا شعبىّ على ما بين دفّتيك من العلم ؛ وليس بيوم شفاعة ، بؤ للأمير بالشّرك وبالنّفاق على نفسك ؛ فبالحرى أن تنجو منه ؛ فلمّا دخلت عليه استقبلنى محمّد بن الحجّاج فقال لى مثل مقالة يزيد ، فلمّا مثلت بين يدى الحجّاج قال : وأنت يا شعبىّ فيمن خرج علينا وكثر؟ قلت : نعم ؛ أصلح الله الأمير ، أحزن بنا المبرك وأجدب بنا الجناب وضاق المسلك واكتحلنا السّهاد واستحلسنا الخوف ووقعنا فى فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء ، قال : صدق والله ما برّوا بخروجهم علينا ولا قووا اذ فجروا ؛ أطلقوا عنه.

قال الشّعبىّ : ثمّ احتاج الى فريضة فقال :

ما تقول فى اخت وأمّ وجدّ؟ قلت : اختلف فيها خمسة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ؛ عبد الله وزيد وعليّ وعثمان وابن عبّاس ، قال : فما ذا قال فيها ابن عبّاس؟ فلقد كان متّقيا ، قلت : جعل الجدّ أبا وأعطى الأمّ الثّلث ولم يعط الاخت شيئا ، قال : فما ذا قال فيها عبد الله؟ قلت : جعلها من ستّة ؛ فأعطى الاخت النّصف ، وأعطى الامّ السّدس ، وأعطى الجدّ الثّلث ، قال : فما قال فيها زيد؟ قلت : جعلها من تسعة ؛ فأعطى الامّ ثلاثة ، وأعطى الاخت سهمين ، وأعطى الجدّ أربعة ، قال : فما قال فيها أمير المؤمنين عثمان؟ قلت : جعلها أثلاثا ، قال : فما قال فيها أبو تراب؟ ـ قلت : جعلها من ستّة ؛ أعطى الاخت النّصف ، وأعطى الامّ الثّلث ، وأعطى الجدّ السّدس ، قال : فضرب بيده على أنفه وقال : انّه المرء لا يرغب عن قوله ، ثمّ قال للقاضى : أمرها على مذهب أمير المؤمنين عثمان ».

أقول : انّما استدركنا هذا المطلب هنا لبعض ما فيه من اختلاف اللّفظ مع ما نقلناه فى ذيل الصّفحة آنفا.


قال المصنّف (ره) فى سند حديث خاصف النّعل ما نصّه :

( راجع ص ٤٥١ ؛ س ٤ )

« وروى محمّد بن الفضل وأبو زهير عبد الرّحمن بن المغراء قالا ( الى آخر ما قال ) ».

أقول : كانت كلمة « المغراء » فى النّسخ مشوّشة جدّا بحيث كانت الاشارة إليها فى ذيل الصّفحة غير ممكنة رأينا أن نبحث عنها هنا فنقول :

قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال : « عبد الرّحمن بن مغراء بفتح الميم أوّله واسكان المعجمة آخره راء الدّوسىّ أبو زهير الكوفىّ نزيل الرّىّ عن ابن اسحاق واسماعيل بن أبى خالد وعنه يوسف بن موسى وسهل بن زنجلة وثّقه أبو خالد الأحمر وابن حبان وقال أبو زرعة : صدوق ، وقال ابن عدى : يكتب حديثه ، له عن الأعمش أحاديث لا يتابعه عليها أحد ».

قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « عبد الرّحمن بن معن صوابه ابن مغراء وهو الّذي بعده » ويريد بقوله : « وهو الّذي بعده » ما ذكره بعده بلا فاصلة بقوله :

« عبد الرّحمن بن مغراء بفتح الميم وسكون المعجمة ثمّ راء مقصورا الدّوسىّ أبو نصير الكوفىّ نزيل الرّىّ صدوق تكلّم فى حديثه عن الأعمش من كبار التّاسعة مات سنة بضع وستّين / بخ ع ».

وقال فى تهذيب التّهذيب : « عبد الرّحمن بن معن عن الأعمش صوابه بن مغراء وهو الآتي ».

وقال بعده بلا فاصلة ما نصّه :

« عبد الرّحمن بن مغراء بن عياض بن الحارث بن عبد الله بن وهب الدّوسىّ أبو زهير الكوفىّ سكن الرّىّ وولى قضاء الأردن روى عن أخيه خالد وأبى بردة بن عبد الله بن أبى بردة بن أبى موسى والأعمش وابن اسحاق والفضل بن مبشر وعبيد الله


بن عمر وحجّاج بن أبى عثمان ومجالد بن سعيد ومحمد بن عمرو بن علقمة ومحمد ابن سوقة ويحيى بن سعيد الأنصارىّ وصالح بن صالح بن حىّ وغيرهم ، وعنه ابراهيم بن موسى الفرّاء وابراهيم بن مخلد الطالقانى والحسين بن منصور بن جعفر وسهل بن زنجلة ومحمد بن حميد والفضل بن غانم واسحاق بن الفيض الاصبهانى ويوسف بن موسى القطّان وأبو جعفر مخلد بن مالك ومحمد بن عبد الله بن حماد القطّان وموسى بن نصر بن دينار الرّازىّ خاتمة أصحابه قال عيسى بن يوسف : كان طلابة وقال عثمان بن أبى شيبة : رأيت أبا خالد الأحمر يحسن الثّناء عليه وقال : طلب الحديث قبلنا وبعدنا وكذا قال وكيع ، وقال أبو زرعة : صدوق وقال أبو خالد الاحمر أيضا ثقة وقال عليّ بن المدينىّ : ليس بشيء كان يروى عن الأعمش ستّمائة حديث تركناه لم يكن بذاك ، قال ابن عدىّ : وهو كما قال عليّ : انّما أنكرت على أبى زهير هذا أحاديث يرويها عن الأعمش لا يتابعه عليها الثّقات وله عن غير الأعمش وهو من جملة الضعفاء الّذين يكتب حديثهم وقال أبو جعفر محمد بن مهران : كان صاحب ـ سمر وقال الحاكم أبو أحمد : حدّث بأحاديث لم يتابع عليها وذكره ابن حبان فى الثقات ، قلت : ووثّقه الخليلىّ وقال السّاجى : من أهل الصّدق فيه ضعف ».

أقول : يحتمل أن يكون كنية حميد بن المثنى العجلى أبى المعزى الكوفى الّذي هو من رواة الشيعة أيضا « أبا مغرى » فلا بأس بالاشارة الى شيء من أقوال علمائنا فى ضبط الكلمة فنقول : قال المامقانيّ (ره) فى تنقيح المقال فى باب الميم من فصل الكنى :

« أبو المعزى هو حميد بن المثنى العجلىّ الكوفىّ الصّيرفىّ الثّقة وعن الخليل انّ المعزى بضمّ الميم وسكون المعجمة والمهملة والمدّ أبو المغراء الخصاف ( الى آخر ما قال ) ».

وقال فى ترجمة حميد المشار إليه ما نصّه :

« حميد بن المثنى العجلىّ ابو المعزى الكوفى الضبط المثنى بالميم المضمومة و


الثّاء المثلثة المفتوحة والنّون المشدّدة والياء المقلوبة ألفا مقصورة والمعزى بكسر الميم وسكون العين وفتح الزاى بعدها الف بمعنى المعز وهو خلاف الضأن وقد جعلها العلاّمة (ره) فى إيضاح الاشتباه بالقصر وابن طاوس وتلميذه ابن داود والسّيّد الدّاماد بالمدّ والفرق بينهما أن الممدود يكتب بالالف كصفراء والمقصور يكتب بالياء كحبلى وظاهر القاموس وغيره أن القياس هو القصر لانه ذكره بالياء ثم قال : ويمدّ وبالجملة فالموجود ثبتا فى كتب اللغة بالقصر وثبت كتب الرّجال لا عبرة به وليس فيها ما هو خط مصنّفه ولو وجد فالغالب على المصنّفين فى غير اللغة عدم مطابقة كتابتهم لقواعد الكتابة وعدم موافقتها للغة كما لا يخفى ( الى آخر ما قال ) ».

أقول : من أراد التّحقيق فليخض فيه فانّ المقام لا يقتضي أكثر من ذلك وما ذكرناه احتمال محض والسّلام على من اتّبع الهدى.

قال المصنّف (ره) فى أواخر كتابه

( ص ٤٧٧ ؛ س ٦ )

« وروى شريك وغيره أنّ عمر أراد بيع أهل السّواد ( الى آخر ما قال ) ».

أقول : قد ذكرت فى ذيل العبارة ما هو شاف واف لايضاح المطلب وكاف فى بيان المقصود الاّ أنّى اطّلعت بعد ذلك على تحقيق فى ذلك الموضوع أحببت أن أشير إليه هنا وهو :

قال فضل الله بن روزبهان الاصبهانىّ فى كتاب سلوك الملوك

ما نصّه بالفارسيّة

( انظر الباب السادس ؛ الفصل الثانى من النسخة المطبوعة ؛ ص ٢٧٧ ) :

« بدان أيّدك الله تعالى كه اختلافست ميان أصحاب مذهبين در تعيين أراضى عشرى وخراجى ؛ أمّا در مذهب حنفيّه در محيط گويد : خراج أراضى دو نوع است


خراج وظيفه وخراج مقاسمه :

خراج مقاسمه صورتش آنست كه امام فتح كند بعضى از بلاد أهل حرب را بقهر وزور ومنّت نهد بر ايشان به آنكه گردنهاى ايشان را وزمينهاى ايشان را ببخشد ومقاسمت كند با ايشان در زراعتهاى زمينهاى ايشان وميوه هاى تاكهاى ايشان بر نصف يا ثلث يا ربع ، واين نوع از خراج بفعل پيغمبر ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ثابت شده كه چون آن حضرت فتح خيبر فرمود بعضى از زمينها را ميان غانمان قسمت كرد ومنّت نهاد به بعضى برايشان مناصفه كرد با ايشان در زروع آنچه منّت نهاده بود بر آن تا رزق ايشان گردد.

وخراج وظيفه صورت آن چنانست كه فتح كند امام بلده را از بلاد حرب به عنوه وزور ، ومنّت نهد بر ايشان برقاب وأراضى ايشان وتوظيف كند بر اراضى مقدارى معلوم از دراهم ودنانير يا قفيزى چند معلوم از طعام ، واين نوع از خراج به قضاى أمير المؤمنين عمر ـ رضى الله عنه ـ معلوم شده ؛ زيرا كه او چون فتح سواد عراق كرد خواست كه اين نوع خراج بر سواد عراق نهد صحابه بر آن راضى شدند وانقياد كردند مگر اندكى از ايشان وايشان هم آخر برأى او بازگشتند أمير المؤمنين عمر ـ رضى الله عنه ـ حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف را فرستاد تا زمين را مساحت كردند وامر كرد ايشان را كه وظيفه كنند بر هر جريبى از جريبهاى زراعت يك درهم ، وبر هر جريبى از جريبهاى زمين تاك ده درهم ، وبر هر جريبى از زمين اسپست پنج درهم ، ايشان مساحت كردند وبه دستورى كه أمير المؤمنين عمر فرموده بود عمل كردند ، چون بازگشتند أمير المؤمنين عمر گفت با ايشان : شايد كه شما حمل كرده باشيد زمين را آن چيزى كه طاقت آن نداشته باشد آن زمين؟ پس ايشان گفتند : بلكه ما زمين را چيزى بار كرده ايم كه طاقت آن دارد واگر زيادت مى كرديم هم طاقت داشت ، پس أمير المؤمنين عمر ساكت شد وبر آن قرارداد در زمان صحابه وحضور ايشان.

وروايت كرده اند كه أمير المؤمنين عمر از آن پشيمان شد وخواست كه زيادت


گرداند ايشان را نوبتى ديگر فرستاد كه در هر جريبى از زمين زراعت با درهمى قفيزى از گندم زيادت كنند ودر روايتى آمده كه قفيزى از زرع آن زمين زيادت كنند ، ونيز امر كرد كه بر هر زمينى از زمين تاك با ده درهم ده قفيز گندم بنهند واين از باب مقادير است ومقادير بقياس ثابت نمى گردد وثبوت او بسماع مى تواند بود وآن با امير المؤمنين عمر رسيده از حديث ابو هريره ـ رضى الله عنه ـ اينست سخن محيط.

واز آنجا مستفاد شد كه خراج بدو نوع مى باشد خراج مقاسمه وخراج وظيفه

( الى ان قال فى ص ٢٨٤ )

وأمّا زمين وآب خراجى وعشرى در مذهب شافعى ؛ در انوار شافعيّه گويد كه :

هر مملكتى كه امام آن را فتح كرده بقهر وزور أملاك وعمارات آن تمامى غنيمت مسلمانانست وملك ايشان مى گردد بعد از قسمت ، وسواد عراق مفتوح شده عنوة وقسمت كرده شده ميان غانمان ؛ بعد از آن أمير المؤمنين عمر ـ رضى الله عنه ـ غانمان را استطابه خاطر كرد وايشان را از ملكيّت فروآورد ووقف ساخت سواد عراق را بر مسلمانان وبه ساكنان آنجا اجارت داد وخراجى كه بر سواد عراق ختم كرده اند اجرتيست منجّمه كه هر ساله ادا كنند وصرف كنند در مصالح مسلمانان آنچه أهمّ باشد ؛ وجائز است صرف كردن آن به فقرا واغنيا از أهل فيء وغير ايشان.

وسواد عراق از عبّادان است تا به حديثه موصل بطول ، واز قادسيّه است تا بحلوان بعرض ، وبغداد ونواحى آن از جمله سواد عراق است ، وطول او صد وشش فرسخ است وعرض او هشتاد فرسخ است ، وگاهى كه وقف كند واقف قريه را بر قومى جائز است در آنجا ساختن مسجد ومقبره وسقايه ، اينست حكم سواد عراق واو تمامى خراجيست ».

أقول : من أراد جميع ما ذكره الفاضل المذكور من تحقيقه النّفيس فى هذا الموضوع فليراجع الفصل الثّاني من الباب السّادس من الكتاب المشار إليه أعنى سلوك الملوك


( انظر ص ٢٧٧ ـ ٢٨٧ من الطبعة الاولى بحيدرآباد دكن سنة ١٣٨٦ ه‍ ق ).

مطلب مهمّ

فليعلم أنّ مطاوى الكتاب كانت تقتضى أن نشير الى مطالب نفيسة قد حقّقت ونقّحت فى كتب علمائنا الأعلام ـ رضى الله عنهم وأرضاهم وجعل الجنّة مسكنهم ومثواهم ـ وذلك ككتب حامل لواء الشّيعة وحافظ ناموس الشّريعة السّيّد السّند الجليل والحبر المعتمد النّبيل مير حامد حسين النّيسابورىّ الهندىّ ـ قدّس الله تربته ـ فانّه قد حقّق المباحث المربوطة بأمر الامامة فى كتابيه عبقات الأنوار فى اثبات إمامة الائمّة الاطهار ، واستقصاء الافحام واستيفاء الانتقام فى نقض منتهى الكلام ؛ بما لا مزيد عليه مع أنّا لم نشر الى تلك المباحث ، وكذا الحال فى سائر كتب علمائنا وذلك لنكات لا يسع المقام ذكرها ؛ وقد أشرت الى نكتة منها عند الاعتذار من عدم النّقل فى هذه التّعليقات عن كتاب بعض مثالب النّواصب فى نقض بعض فضائح الرّوافض المعروف بكتاب النّقض للشّيخ المتكلّم المتبحّر الجليل عبد الجليل الرّازى القزوينىّ ـ طيّب الله مضجعه ـ ( انظر ص ٨ ) فمن أراد التّحقيق فى هذه المطالب فليراجع مظانّها فانّا قد اكتفينا فى هذه التّعليقات بما هو المهمّ بل الأهمّ.

هذا آخر ما وفّقنا الله له من تدوين تعليقات الكتاب وقد بقى منها شيء كثير لم نوفّق له مع أنّا قد أشرنا فى ذيل الصّفحات كرارا الى أنّا سوف نذكره فى تعليقات آخر الكتاب الاّ أنّ العوائق عاقتنا والشّواغل منعتنا أن نخوض فى البحث عنها وننجز ما وعدنا للقارئين لهذا الكتاب ؛ والسّلام على من اتّبع الهدى.

وكان الفراغ من هذه التّعليقات ليلة السّبت من غرّة شهر شوّال المكرّم ( أعنى ليلة عيد الفطر ) من السّنة الحادية والتّسعين بعد ألف وثلاثمائة من الهجرة النّبويّة ـ ( ٢٩ آبان سنة ١٣٥٠ بالتّاريخ الهجرىّ الشّمسىّ )

مير جلال الدّين الحسنىّ الارموىّ

المحدّث


كلمة

ثناء ودعاء

تشتمل

على ذكر جميل وشكر جزيل

لمّا كان تصحيح بعض كراريس الكتاب وأجزائه ، واستخراج فهارسه التّسعة كلّها وتنظيمها وترتيبها باهتمام ولدى الأعزّ النّبيه عليّ المحدّث ـ لا زال كجدّه وأبيه خادما للعلم وبنيه ومحبّا للفضل وذويه ـ أحببت أن أذكر اسمه هنا حتّى يكون ذلك جزاء لخدمته وثناء على همّته ، وذريعة لتحريضه على معالى الامور ووسيلة الى ترغيبه فى مصالح الجمهور ؛ الّتي تخلّد ذكر الانسان فى صفحة الدّهر الى يوم النّشور.

اللهمّ اشكر سعيه وأحسن رعيه ، واشرح صدره وارفع قدره ، وانظر إليه نظر من ناديته فأجابك واستعملته بمعونتك فأطاعك ، واجعله متجرّدا لطلب العلم وتحصيله وجاهدا فى اتّباع الدّين مجاهدا فى سبيله ، ووفّقه للعمل فى يومه لغده من قبل أن يخرج الأمر من يده ، وثبّت له قدم صدق عندك فيما تحبّ وترضى ، وأحيه حياة محمّد وذرّيّته وأمته على دينه وملّته ومنهاج الأئمّة الأوصياء من عترته.

اللهمّ أجب دعوتى وأنجح منيتى ، واسمع ندائى وتقبّل دعائى ، وحقّق بفضلك أملى ورجائى ؛ انّك على كلّ شيء قدير وبالاجابة جدير.

مير جلال الدّين الحسنىّ الارموىّ

المحدّث


فهرس الفهارس

١ ـ فهرس الموضوعات

٢ ـ فهرس الآيات

٣ ـ فهرس الأحاديث وكلمات الأكابر

٤ ـ فهرس الأشعار

٥ ـ فهرس أعلام الأشخاص

٦ ـ فهرس القبائل والمذاهب والفرق

٧ ـ فهرس الامكنة والبقاع

٨ ـ فهرس الأزمنة والأيّام

٩ ـ فهرس كتب المتن ومصادر الهوامش ومراجع التّحقيق


الفهارس

١ ـ فهرس الموضوعات

الموضوع

الصّفحة

الموضوع

الصّفحة

خطبة الكتاب

١

ومنهم أبو موسى الأشعرىّ

٦١

النّظر فى اختلاف الامّة

٣

ومنهم المغيرة بن شعبة

٦٤

أقاويل الجهميّة

٤

ومنهم سمرة بن جندب

٦٦

أقاويل المعتزلة

٥

ومنهم خالد بن عرفطة

٦٩

أقاويل الجبريّة

٦

ومنهم عبد الله بن عمر

٧١

أقاويل أصحاب الحديث

٧

ذكر عائشة أُمّ المؤمنين

٧٥

أقاويل المرجئة

٤٤

ذكر عمرو بن العاص

٨٤

أقاويل الخوارج

٤٨

ذكر الحكم بن أبى العاص

٨٨

أقاويل أهل الحجاز والعراق

٥٠

ذكر بعض علمائهم وفقهائهم

٩١

القول فى الحسين وزيد ومن قتلهما

٥٣

منهم المنصور بن المعتمر وسعيد بن جبير

٩١

القول فى عليّ ومعاوية

٥٣

فى فتاوى عجيبة منها : لو أنّ رجلا لفّ ذكره بحريرة ثمّ أدخله فرج امرأة لم يكن زانيا ( ونظيره فى ص ٢٩٩ ؛ س ٥ ) وفى يزيد بن هارون الواسطىّ

٩٢

القول فى عليّ وطلحة والزّبير

٥٤

الاحتجاج عليهم من عوامهم

٩٣

القول فى عليّ وعثمان

٥٤

( احتجاجات جرت بين الشّيعة والمرجئة )

ذكر العلماء من أصحاب الحديث

٥٦

منهم عبد الله بن مسعود الصّحابىّ

٥٦

ومنهم حذيفة بن اليمان

٥٧

ومنهم أبو هريرة الدّوسىّ

٦٠


الموضوع

الصّفحة

الموضوع

الصّفحة

الاحتجاج على الكثرة والجماعة

١٢٥

من ولد اسماعيل

١٧٥

فى أنّ الامّة لم يكن الله ليجمعها على ضلال

١٢٦

قطع أبى بكر يسار الأقطع

١٧٧

خطبة أبى بكر حين ولى النّاس

١٢٩

نقل أبى بكر سهم ذى القربى من الخمس الى الكراع

١٧٩

فى قوله : لا اوثر فى أشعاركم وأبشاركم

١٣٠

فى قول عمر : لا يدرى عمر أصاب أم أخطأ؟

١٨١

قتال أهل الرّدّة وقتل خالد مالك بن نويرة

١٣٢

فى قول أبى بكر : لو منعونى عقالا

١٨٣

فى أنّه : كانت بيعة أبى بكر فلتة

١٣٤

سؤال نجدة الحرورىّ ابن عبّاس عن أشياء

١٨٥

فيما نقل من عمر فى أبى بكر

١٣٥

ما صنع عمر فى الخلافة غير ما صنع رسول الله وأبو بكر

١٨٩

فيما نقل من عزم خالد على قتل عليّ

١٥٥

رجوع عمر الى قول عليّ فى الأحكام

١٩٠

ندامة أبى بكر على أشياء عند وفاته

١٥٩

فى قول عمر : كل أحد أفقه من عمر

١٩٥

رجوعه عن حكمه السّابق فى حقّ قوم

١٦٢

تعليم عليّ عمر كيف يحدّ قدامة

١٩٦

زفرة عمر للشّفقة على الامّة

١٦٣

زعموا أنّ عمر زاد فى صاع رسول الله ومدّه

١٩٨

قدح عمر فى أهل الشّورى

١٦٥

فى اجماعهم على أنّ النّبيّ لم يوص

١٩٩

سؤاله عن ابن عبّاس : من أشعر الشّعراء

١٦٧

الاذان وما طرح منه عمر

٢٠١

فيما جرى من المشاجرة بينهما

١٦٩

فى غسل الرّجلين والمسح على الخفّين

٢٠٤

فى كلام آخر جرى بينهما

١٧١

فى اجماعهم على السّجدات فى الفرائض

٢٠٥

فى قول عمر بأنّ عليّا أحقّ بالخلافة من غيره

١٧٣

فى الصّلاة على النّبي (ص) فى الصّلاة

٢٠٦

جواب عمر لمن نذر أن يعتق نسمة

فى قراءة الجنب القرآن فى الحمّام

٢٠٦


الموضوع

الصّفحة

الموضوع

الصّفحة

فى ذبائح أهل الكتاب

٢٠٧

الصّحابة

٢٣٤

فى أنّ الحبوب من الطّعام

٢٠٩

فى قول النّبيّ : الأئمّة من قريش

٢٣٥

ذكر ما ذهب من القرآن

٢٠٩

فى قدح عمر فى أصحاب الشّورى

٢٣٦

فيما قيل فى كيفيّة جمع القرآن

٢١٠

بحث مفصّل فى أمر الطلاق

٢٣٨

فيما قيل : انّ شاة أكلت صحيفة من القرآن

٢١١

تناقض أحكام الشّيخين

٢٤٩

فيما قيل بالنّسبة الى صدر سورة براءة

٢١٣

فى أنّ عمر أوّل من دوّن الدّواوين

٢٥٠

فيما نقل عن عمر حين قتل جماعة من القرّاء باليمامة

٢١٥

تفضيله بعض النّاس على بعض فى الأعطيات

٢٥١

ما قيل فى « الشّيخ والشّيخة اذا زنيا »

٢١٨

مشاجرة وقعت بين عائشة وحفصة وعثمان

٢٥٧

ما قيل فى « لو كان لابن آدم واديان »

٢٢١

أوّل من سمّى عثمان نعثلا عائشة

٢٦٣

ما قيل فى سورة الاحزاب وسورة لم يكن

٢٢١

خروج عائشة الى مكّة وهى غضبى على عثمان

٢٦٥

بعض ما ورد عن النّبيّ فى أبىّ وابن مسعود

٢٢٣

فى قول عمر : لو اجتمع أهل صنعاء

٢٦٦

ما قيل فى وجه أخذ النّاس بقراءة زيد

٢٢٦

فى أنّ النّبيّ لم يشرب المسكر قطّ

٢٦٩

ما قيل فى سورتى المعوّذتين

٢٢٩

فى أنّ عمر كان يحبّ النّبيذ ويشربه

٢٧١

فى مخالفة عمر لسائر أصحاب الرّسول

٢٢٩

فى حدّ عمر ابنه فى شرب المسكر

٢٧٣

اخبار النّبيّ عن ارتداد قوم من الصّحابة

٢٣٢

فى أنّ المحدود من أبناء عمر اثنان

٢٧٥

شيء ممّا وقع من القتل واللّعن بين

فى أنّ النّبيّ وعليّا لم يشربا الخمر قطّ

٢٧٨

اعتراض المصنّف على بعض الفتاوى

٢٧٩

نهى عمر أن يتزوّج العجم فى العرب

٢٨١


الموضوع

الصّفحة

الموضوع

الصّفحة

تفضيل عمر العرب على العجم

٢٨٣

بيان المسألة الأكدريّة

٣١٨

تسوية عليّ بين العرب والعجم

٢٨٥

ما قال به زيد فى ذكر الأخت والجدّ

٣٢٢

بعض أحكام الطّلاق والمملوكة المتزوّجة

٢٨٦

فى أنّ عمر ما كان يعرف الكلالة

٣٢٥

ذكر القنوت وبيان أنّه ليس ببدعة

٢٨٩

فى امرأة تركت زوجها وأمّها واختا لأبيها وأمّها

٣٢٩

فى الاعتراض على أحكام شتّى

٢٩٦

فى زوج وأمّ واخوة وأخوات لاب وأم واخوة وأخوات للامّ

٣٣١

تكذيب ما نسب الى النّبيّ من الحكم بقتل الرّافضة

٣٠١

فى امرأة تركت زوجها وأمّها واختا لأبيها وأمّها

٣٣٣

تفضيل عليّ على الشيخين لا يوجب الشّرك

٣٠٣

ما قال به زيد فى امرأة وأبوين

٣٣٤

فى البحث عن طلاق أبى كنف لامرأته

٣٠٤

ما قال به زيد فى ثلاث أخوات متفرّقات

٣٣٥

فى أنّ السّكينة تنطق على لسان عمر

٣٠٧

ما قال به زيد فى اختين لأب واخت لأب وأمّ وجدّ

٢٣٦

ذكر ما لم يوجد فى كتاب الله

٣٠٩

ما قال به زيد فى ثلاث أخوات لأب وأمّ واخت لامّ وجدّ

٢٣٦

لا يجوز للمسلم أن يسأل أهل الكتاب عن شيء

٣١١

ما قال زيد فى جدّ وأخ

٢٣٧

أمر النّبيّ بعرض الحديث على القرآن

٣١٢

ما قال زيد فى ابنة وجدّ

٢٣٧

ذكر المواريث

٣١٢

ما قال زيد فى ابن ابن وجدّ

٣٣٩

فى أنّ « زيد أفرضكم ، وعليّ أقضاكم ، وابىّ أقرؤكم ، ومعاذ أعلمكم » وفى البحث عن معناه

٣١٤

ما قال زيد فى خنثى وأبوين

٣٤٠

ما قال به زيد فى ابنة واخت

٣١٥

ما قال زيد فى خنثى وأخ واخت

٣٤٠


الموضوع

الصّفحة

الموضوع

الصّفحة

الاعتراض على المخالفين فى تسمية هذه المواريث فرائض

٣٤١

فيما يترتّب من الفساد على قول من يصوّب الرّأى والقياس

٣٥٧

ما جرى بين الحجّاج والشّعبىّ فى ميراث اخت وأمّ وجدّ

٣٤٣

فى قول عمر : انّ الرّسول قد هجر

٣٥٩

الاختلاف بين الصّحابة فى ميراث اخت وأمّ وجدّ

٣٤٥

فى تخلّف أبى بكر وعمر عن جيش اسامة

٣٦١

الاختلاف بين أهل العراق وأهل الحجاز فى بعض صور الطّلاق

٣٤٦

جناية المغيرة ومنع أبى بكر الأنصار من أن يقتصّوا منه

٣٦٣

ذكر صلاة أبى بكر بالنّاس

٣٤٧

كيفيّة أخذ البيعة من عليّ لأبى بكر

٣٦٧

هل صلاة أبى بكر بالنّاس دليل على الخلافة أم لا؟

٣٤٨

ندامة عبد الله بن عمر فى مرض موته على تركه قتال الفئة الباغية

٣٦٩

فى تخطئة العامّة ابراهيم (ع)

٣٤٩

براءة عبد الله بن مسعود بن عثمان

٣٧٠

فى تخطئتهم يوسف ونوحا ـ عليهما‌السلام

٣٥١

بعض ما نقل فى فضيلة عبد الله بن مسعود

٣٧١

فى قولهم : انّ موسى لطم ملك الموت فأعوره

٣٥٢

فى انّ عروة بن الزّبير كان ينال من عليّ

٣٧٢

فى قولهم : انّ يوسف قعد من امرأة العزيز مقعد الخائن

٣٥٣

بعض ما نقل فى ترجمة أبىّ بن كعب

٣٧٣

فى قولهم : انّ الشيطان قعد فى مجلس سليمان

٣٥٤

ما نقل عن أبىّ بن كعب

٣٧٦

فى قول العامّة : انّ للخلفاء فى خطأهم اسوة بالأنبياء

٣٥٥

نكير ابىّ بن كعب على عثمان

٣٧٧

فى موت أبىّ بن كعب وأنّه كان يسمّى سيّد المسلمين

٣٧٨

فى ذكر الرّجعة وأنّها من عقائد الاماميّة

٣٨١


الموضوع

الصّفحة

الموضوع

الصّفحة

فى تكلّم زيد بن خارجة بعد موته

٣٨٣

فيما نقل من العذاب فى حقّ أبى لؤلؤ وابن ملجم

٤٢٧

فى تكلّم ربيع بن حراش بعد الموت

٣٩١

ذكر نهى عمر عن متعة النّساء

٤٣٢

فى مجيء النّبيّ (ص) الى خشبة كان زيد مصلوبا عليها

٣٩٧

البحث عن متعة النّساء على سبيل التّفصيل

٤٣٥

قصّة عجيبة وحكاية غريبة

٤٠١

ذكر متعة الحجّ ( سقط معظم المبحث من الكتاب )

٤٤٧

رؤية عبد الله بن عمر خروج رجل من قبره

٤٠٤

فى أنّه هل كان قتال عليّ بعهد من الرّسول

٤٤٩

فيما جرى بين عبد الله بن عمر وبين من خرج من القبر

٤٠٧

فى حديث خاصف النّعل

٤٥١

ضيافة حاتم الطّائىّ للوافدين على قبره

٤٠٩

فى الاشارة الى قتل ذى الثّدية

٤٥٣

أشعار حاتم فى أبى الخيبرىّ

٤١١

فى خبر الحدائق السّبع الّتي رآها عليّ (ع) فى المدينة

٤٥٤

أشعار ابن دارة فى مدح عدىّ بن حاتم

٤١٢

فيما نقل عن سلمان حين بويع أبو بكر من قوله : « كرديد ونكرديد »

٤٥٧

حياة رجل بعد موته واخباره عمّا جرى عليه

٤١٤

هل عند أهل البيت شيء سوى الوحى؟

٤٥٩

فيما نقل عن الشّعبىّ من تحويل الموت عن رجل الى آخر

٤١٦

فى الصّحيفة الّتي عند آل محمّد عليهم‌السلام

٤٦١

فيما نقل من حياة حمار بعد موته بدعاء رجل

٤٢٠

فى أنّ عليّا (ع) كان عنده علم جمّ

٤٦٥

فى اخبار النّبيّ (ص) عن وقوع الرّجعة فى هذه الامّة

٤٢٦

تزييف ما نقل من أنّ الحسنين كانا يأخذ ان العلم عن الحارث الأعور

٤٦٩

تزييف أنّ عليّ بن الحسين كان يأخذ


الموضوع

الصّفحة

الموضوع

الصّفحة

العلم عن سعيد بن جبير

٤٧٠

لطعنه فى عليّ

٤٩٦

تزييف ما قيل : انّ توبة الرّافضىّ لا تقبل

٤٧٣

تعييب عمر رءوس قريش ومن عدّه النّبيّ (ص) من أهل الجنّة

٤٩٧

فى إرادة عمر قسمة السّواد وبيع أهله

٤٧٧

وقيعة المخالفين فى خيار أصحاب الرّسول ورميهم الشّيعة بذلك

٥٠١

فى وضع عمر الخراج على أهل السّواد

٤٨١

خاتمة الكتاب وعبارات أواخر النّسخ

٥٠٣

فى البحث عن حكم عمر فى أهل السّواد

٤٨٣

تعليقات الكتاب

٥٠٥

مقادير الجزية على حسب اختلاف الطّبقات

٤٨٥

نقل كلام عن ابن أبى الحديد فى ترجمة المغيرة

٥٠٦

فى قول عمر : من كان عليه دين وله جار من أهل السّواد فليبعه

٤٨٧

كلام نفيس لبعض الزّيديّة فى حقّ الصّحابة

٥٠٧

فى بحث مختصر عن الطّلاق وأمر نقم به على عمر

٤٨٨

ما قال صاحب تشييد المطاعن فى حقّ هذا الكلام

٥٢٧

فى قول النّبيّ : المدينة حرم ما بين عير الى ثور

٤٩٠

تزييف ما روى : انّ الله خلق الملائكة من شعر ذراعيه وصدره

٥٢٨

فى قول أبى هريرة : وأشهد أنّ عليّا قد أحدث فيها

٤٩١

تزييف ما رووا أنّ الفأرة يهوديّة وما يشبهها

٥٢٩

فى بيان جزاء من أحدث حدثا فى المدينة او آوى محدثا فيها

٤٩٣

تشييد مبنى ما قيل : ما من أحد الاّ ومأخوذ من كلامه ومردود عليه ( الى آخره )

٥٣٣

فى تزييف ما قال أبو هريرة : انّ عليّا أحدث بالمدينة

٤٩٥

فيما نقل من أنّ النّبيّ (ص) مال الى سباطة قوم فبال قائما

٥٣٤

اكرام معاوية أبا هريرة وتوليته المدينة


الموضوع

الصّفحة

الموضوع

الصّفحة

فى شيء ممّا يستطرف من قدح أبى هريرة

٥٣٥

ضيافة حاتم للوافدين على قبره

٥٥٧

نبذة من ترجمة سمرة بن جندب

٥٤٢

ما جرى بين الشّعبىّ والحجّاج فى مسئلة ميراث أمّ واخت وجدّ

٥٦١

ترجمة زياد بن أبيه واخوته

٥٤٤

فى ترجمة عبد الرّحمن بن مغراء الرّاوى

٥٦٣

قصّة زنا المغيرة وشهادة زياد واخوته عليه

٥٥٣

فى نقل كلام عن سلوك الملوك فى خراج المقاسمة

٥٦٥

ما جرى بين عليّ وعائشة يوم الجمل

٥٥٥

فى أنّ المصحّح قد اكتفى فى التّعليقات بالمهمّ بل الأهمّ

٥٦٨

نظم سليم الطّهرانىّ بالفارسيّة قصّة


٢ ـ فهرس الآيات القرآنيّة (١)

اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ٢٠٤

أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ ٢

ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ ٣٥١

انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ ٢٨٨

إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا ٩٨

إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً ٢٨٩

أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ٩٥

إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ٣٥١

أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ٢ ، ١١٠

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَ ٩٨

أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ ١٠١

إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ ٢٩٢

أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا ١٢١

إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ ١٢٦

أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ٣٣٥

إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ ٩٥ ، ٢٨٨

أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ ٩٧

إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ ٢ ، ١١٠ ، ١١٧

أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ ١١٠

إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا ١

أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ١١٠

إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ٤٠١

الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ٩٨

إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ ٣٥١

الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ ٢٩٦

إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا ١٢٢ ، ٢٤١

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ٢٨٨

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ١٩٩

اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي ٩٧ ، ٢٠٥

إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا ٥

الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ٢٨١

إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ٥

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ١٠٥ ، ١١٨

إِنِّي أَنَا رَبُّكَ ٥

إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ٣٤٠

إِنِّي سَقِيمٌ ٣٤٩

__________________

(١) حيث انا ذكرنا أعداد الآيات وأسماء السور فى ذيل الصفحات لذا اكتفينا هنا بذكر الصفحات فقط.


إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٢٠٥

وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا ١٢١

أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا ١٠٦

فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ ١١٠

أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ ٢

فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ ١٢١

أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ ٩٧

فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ ٢٤٣

أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً ٢٤١

فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ ٣٢٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ١ ، ٢٠٦ ، ٢١٣ ، ٣٨٣

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ ٣٢٢ ، ٣٣٥

بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ ٩٨

فَبَشِّرْ عِبادِ [ ى ] الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٢٠٥

بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا ٣٤٩

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ١١٦ ، ٢٨٧

ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ٩٧

فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا ١١٥

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ ٢٨٥

فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ٤٣

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ ١

فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ ٣٧

دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ١٠٠

فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ ١٤

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ ١٦٩

فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ٣٢٤

ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ ٩٧

فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ ٤٤٢

ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ ٢٤٤

فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ ٢٠٠

ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ ١١٤

فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ ٤٤٨

ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ ٢٤٣

فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً ٢٠٠

رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ١

فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا ١١٧

شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ ٢٨٠

فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ ٩٧

صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ٩٧

قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ ١٢٧

ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ ٢٦٢

قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَ ٢٠٥

الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ ٢٤٦

قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُ ١١٦

فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَ ٢٣٨

قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ ١١٦ ، ٣٤٩

فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا ٢٤٢

قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ١١٥

فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ ٩٥ ، ١٠١ ،

قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ٢


قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ١١٩

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ ٢٤٤

قُلْ : ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا .. ٢٩٠

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ٣٧

كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً ١١٢

وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ ١١٠

كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ١٩٩

وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ ٩٥

كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ ٩٧

وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ ٩٨

كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ ٣٥١

وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا ٢٤٢ ، ٢٤٣

كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً ١٢٦

وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ ١٠٦

لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ ٢٠٥

وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ١٢١

لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ ٢٤٥

وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ ٩٨

لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ١

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ ٩٧

لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ ٩٨

وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا ٩٧ ، ٢٠٥

لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ١٠٠

وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ ١١٠

لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً ٢٠٧

وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ٢٤٢

لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ ٣١٣

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً ٥٠٢

لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ٣١٣

وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ١٧٩

لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ١١٠

وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ ١١٦ ، ٢٨٧

لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا ١٩٦

وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ٢ ، ١٠٩ ، ١١٦

لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ٥

وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ ١٩٤

ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ١٢١

وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ ١٠٦

ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ ٣٥١

وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً ٣٢٩ ، ٣٤٠

ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ ١٢١

وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا ١١٩

مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ١١٥ ، ١٢٧

وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا ١٢١

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ٩٧

وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ ١٢٥

النَّفْسَ بِالنَّفْسِ و الْحُرُّ بِالْحُرِّ ٢٦٧

وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي ١٢٦

هذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ ٢

وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ ٢٠٥

هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ ١٨٢

وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ ٣٤٩

هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ١٠١

وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ ٢٤٣


وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً ١٠٨

وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ ٣٣٣

وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ ١٩١

وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ١٢٦

وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ ١١٥

وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ ٢ ، ١١٠

وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ ١

وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ ٢

وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ٢٨٩

وَما تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ ٢٨٠

وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ٢٠٧ ، ٢٠٩

وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ ١٢٥

وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَ ٩٧

وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ١١١

وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ ٢٩٠

وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ٢٨٥ ، ٢٨٦

وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ ١١٩

وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ ٢٤٥

وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ١٢٦

وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ ٩٨

وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ٢٨٩ ، ٢٩٥

وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً ١١٤ ، ١٢١

وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ ١

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ ١١١

وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ ٢٠٧

وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ١١٤

وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ ١١٠

وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ١١٤

وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ ١٢٦

وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ١١٤

وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ١١٥ ، ١٢٧

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ ٩٧

وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا ٤٠ ، ٥٠٢

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً ٩٧

وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ ١١٢

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَ ٩٧

وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ١١٠

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ ٩٧

وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا ٣١٣

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ ٩٨

وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ ٣٢٠ ، ٣٢١

وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ ٤٠

وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ١٢٦

وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَ ٢٤٧

وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا ١٢٦


وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا ٩٧

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ ١٠١

وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَ ٩٨

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ ٢٤٢

وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ ٢٤٤

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ ١٩٩

وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ ٢٤٤

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ ٩٨

وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ١٩٩

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ ١٢٧

وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ ١٢٢ ، ٢٤١

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ ١٢٠

وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ ٢٩٨

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ ١٩٩

وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ ٤٧٤

يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً ١١٥ ـ ١١٦

وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها ٣٣٠

يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي ٢٨٩

وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَ ١٩١

يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا ٩٧

وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ ٢٣

يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ ٢٨٦

وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ ١٢١ ، ٢٤١

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ ٣١٦ ، ٣٢٣ ، ٣٣٠ ، ٣٤٠

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ ١١٨ ، ٢٤٢

يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ ٢٥

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ٢٣٨


٣ ـ فهرس الاحاديث النّبويّة

وكلمات أكابر الصحابة

آخركم موتا فى النار ٦٦

اذا رايتكم أشربتكم فاكسروها بالماء ٢٦٩

الائمة من قريش ٢٣٥

أفأترك أمة محمد كالنعل الخلق؟ ( قول أبى بكر ) ١٩٠

ابى بن كعب أقرؤكم ( وأقرؤكم أبى ) ٢٢٣ ، ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٣١٤

أكذب الاحياء على رسول الله (ص) ابو هريرة الدوسى ( قول على ) ٦٠

أتانى ربى الليلة فوضع يده بين كتفى حتى وجدت برد أنامله على صدرى ... ٢٦

ألا بعدا ألا سحقا لمن بدل بعدى ٢٣٣

اجرأكم على الجد اجرأكم على النار ( قول عمر ) ٣٣٧ ، ٣٥٦

ألا لا أعلم رجلا تزوج على أكثر من أربعمائة درهم الا أنهكته عقوبة ( قول عمر ) ١٩٤

اخترت لكم ستة نفر مضى رسول الله (ص) وهو عنهم راض ( قول عمر ) ٢٣٦

اللهم العن معاوية بادئا وعمرو بن العاص ثانيا وأبا الاعور السلمى ثالثا وأبا موسى الاشعرى رابعا ( قول على ) ٦٣ ـ ٦٤

اختلاف اصحابى رحمة ٣٩

اللهم ان كان ما جاء محمد حقا فاخسف بى وبفرسى ( قول عمرو بن العاص ) ٨٥

اختلاف امتى رحمة ... ٣٩ ، ١٠٤

اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك .. ( قول عمر ) ٢٩١

الاختلاف رحمة ٢٨٠

اما ان لكم عندنا يا معشر الخوارج ثلاثا لا نمنعكم مساجد الله ... ( قول على ) ٤٧٤

اذا أنا فرغت من صلاة الفجر وسلمت فاضرب عنق على ( قول ابى بكر ) ١٥٥ ـ ١٥٦

أمرنا أن نقاتل الناس حتى يقولوا « لا إله الا الله » ٤٦

اذا بايعت امتى رجلين فاقتلوا الثانى كائنا من كان ٣٦٦

اذا جاءكم الحديث عنى فرأيتموه مضيا ليس بذى تجاوز ولا تفاقم فهو عنى ٣١٢


انا فرطكم على الحوض وليرفعن الى قوم من أصحابى ... ٢٣٢

ان الحديث سيفشو عني فاعرضوه على القرآن فما ليس يوافق القرآن فليس عنى ٣١٢

انتم أشبه شيء ببنى اسرائيل والله ليكونن فيكم ما كان فيهم ٤٢٦

ان داود (ع) قدم اوريا بن حنان امام التابوت ليقتل فيتزوج امرأته ٣٣ ، ٣٥٣

انا معاشر الأنبياء لا نورث ... ٢٥٩

ان زيدا أفرضكم ، وعلى أقضاكم ٣١٣ ـ ٣١٤

ان آدم كلم موسى فى القدر فحجه ٢٨

ان الزهرة مسخت وانها كانت امرأة فزنت ٤٠

ان آدم وحواء كفرا بالله وأشركا ٣٧

ان سهيلا كان عشارا باليمن فمسخ كوكبا ٤٠

ان أبا بكر كلم عمر فى القدر فحجه ٢٨

ان الشارب اذا شرب سكر ، واذا سكر هذا .. ( قول على ) ١٩٦

ان ابراهيم الخليل (ع) كذب ثلاث كذبات ٣١

ان الشيطان قعد فى مجلس سليمان بن داود وكان يأتى نساءه ... ٣٥ ، ٣٥٤

ان اصحاب الجمل ملعونون على لسان النبي .. ( قول أمّ هانى ) ٨٤

ان الفأرة يهودية ٤٤

ان الله اختارنى واختار لى منهم اصحابا و ... ٢٣٤

انكن صويحبات يوسف ٣٤٦

ان الله تبارك وتعالى هكذا يجلس ( قول كعب الاحبار ) ٢٦

انما مثل أصحابى فيكم مثل النجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ١٠٤ ، ١٢٢

ان الله عز وجل يجيء عشية عرفة على جمل أحمر عليه رداء هش ١٥ ـ ١٦

ان الملائكة تحمل ربها وانها تعرف غضبه من رضاه وتعرف غضبه بثقله على كواهلها ٢٦

ان الله عز وجل فوق العرش له أطيط كأطيط الرحل بالراكب ١٧

ان موسى بن عمران لطم ملك الموت فأعوره ٢٩ ، ٣٥١

ان الله خلق الملائكة من شعر ذراعيه ١١

ان النار لما استعرت وضع الله قدمه فيها فقالت : قطى قطى ١٣

ان الله خلق نفسه من عرق الخيل ١١

ان بنى اسرائيل افترقوا حتى بعثوا حكمين ضالين مضلين وسيكون ذلك فى أمتى ٦٣

ان جبرئيل كلم ميكائيل فى القدر فحجه ٢٨


ان النبي (ص) حلل أشياء بعينها بغير ناسخ ومنسوخ ٣٨

الكلالة والخلافة و ... ( قول عمر ) ٣٢٦

ان النبي (ص) لعن الزائد فى القرآن ٥٧

حسب آل عمر منها تحمل رجل منهم الخلافة ( قول عمر ) ٤٩٧

انه يأتى من بعدى قوم لهم نبز يقال لهم الرافضة فاذا لقيتهم فاقتلهم فانهم مشركون ... ٣٠١ ـ ٣٠٢

الحمد لله الّذي وفق رسول رسول الله لما يجب ١٠٤

ان الولد للفراش ٢٤٨

دخلت العمرة فى الحج هكذا الى يوم القيامة ٤٤٨

ان يوسف الصديق حل تكته وقعد من امرأة العزيز مقعد الخائن ٣٢ ، ٣٥٣

رأيت رب العالمين فى قبة حمراء ورأيته مرجلا ١٥

ايتونى بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لا ـ تضلوا بعدى ... ٣٥٩

رأيت ربى فى روضة خضراء فرأيته جعدا قططا ١٩

أيسر الرياء شرك ٢٨٧

رأيت ربى وفى رجليه نعلان من ذهب ٢١

ايها الناس ألستم تعلمون أنى أولى بكم من أنفسكم ... ٩٩

رضيت لامتى بما رضى لها ابن أمّ عبد ٥٧ ، ٢٢٤

ايها الناس قد وليتكم ولست بخيركم فاذا ... ( قول ابى بكر ) ١٢٩

رفع القلم عن ثلاث ؛ عن النائم حتى يستيقظ ١٩٤

ايها الناس لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فانهم لن يهدوكم ... ٣١١

زيد بن ثابت أفرضكم ٢٣٠ ، ٣١٤ ، ٣٣٣ ، ٣٣٦

ايها الناعى خالد بن عرفطة كذبت والله ما مات خالد ... ( قول على ) ٧٠

ستعلم فاطمة (ع) أنى ابن عم لها اليوم ( قول عثمان ) ٢٥٩

بل هو ( ابو بكر ) كان أغش وأظلم ... ( قول عمر ) ١٤٨

ستفترق امتى على ثلاث فرق ... ٦٢

بم تقضى يا معاذ؟ ... ١٠٤

سيخرج منكم قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الاسلام ٤٨ ـ ٥٠

بنى الاسلام على خمس ؛ شهادة أن لا إله الا الله ٤٧

الشرك أخفى فى امتى من دبيب النمل فى ليلة ظلماء على صفاة سوداء ٢٨٧

ثلاث وددت أن رسول الله (ص) بينها لنا ؛


الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة ..

أطمعتم فيها الطلقاء ( قول سلمان ) ٤٥٧

( نقلها عمر بعنوان أنها قد كانت آية من القرآن ) ٢١٨

كل أحد أفقه من عمر ( قول عمر ) ١٩٥

شيعة على هم الفائزون .. ٤٧٦

كل مسكر حرام .. ٢٧٣ ، ٢٧٧

الصلاة جائزة خلف كل بر وفاجر ٣٠٠ ، ٣٤٨

كل مسكر خمر ٢٧٧

الصلاة عماد الدين ٣٠٠

كنت والله أسأل فأعطى وأسكت فأبتدى وبين الجوانح منى علم جم فاسألونى (قول على) ٤٦٦

صنفان من أمتى ليس لهما فى الاسلام نصيب ؛ القدرية والمرجئة ٤٥

لا أفهمها ابدا لقول النبي (ص) : ما أراك تفهمها ابدا ( قول عمر ) ٣٢٥

عبد الرحمن بن عوف قارون هذه الامة ( قول عمر ) ٥٠٠ ، ٥٠١

لا تأذنوا للوزغ لعنة الله عليه .. ٨٩

على أقضاكم ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٣١٤

لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف ٢٣٥

عليكم بهذه الثلاثة الاشياء أنفذوها بعدى أنفذوا جيش أسامة .. ٣٥٩ ـ ٣٦٠

لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر ٩ ، ١٨٢

فو الله ما زالت هذه الامة مكبوبة على وجهها منذ يوم قبض رسول الله (ص) ... ( قول ابى بن كعب ) ٣٧٦

لا تسبوا الريح فانها من نفس الرحمن ١٤

قتل عثمان مظلوما ( قول عائشة ) ٢٦٤

لا حكم الا لله ( قول الخوارج ) ٤٧٤

قد خلفت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا ؛ كتاب الله وعترتى اهل بيتى .. ٣٣٤

لامنعن فروجهن الا من الاكفاء ( قول عمر ) ٢٨٠

كان أسامة أحب الى رسول الله منك .. ( قول عمر ) وكذا قول على (ع) بلفظ : « لانه كان » ٢٥٤ ، ٢٥٥

لئن لم ينته المغيرة لاعودن عليه بالحجارة ( قول عمر ) ٦٦

كان ( ابو بكر ) والله أحسد قريش كلها .. ( قول عمر ) ١٤٨

لا يحل دم امرئ مسلم الا فى احدى ثلاث ، المرتد عن الاسلام .. ٣٠٤

كرديد ونكرديد أما والله لقد فعلتم فعلة

لا يخرج احدا من الايمان الا الجحود بالله وبرسوله .. ١٨٢

لا يزنى الزانى وهو مؤمن ٢٩٨

لا يسرق السارق وهو مؤمن ٢٩٨

لا يقتل القاتل وهو مؤمن ٢٩٨


لست للمؤمنين بأمير ، هو ذاك وأنا والله أحق بها منه ( قول العباس ) ١٧٣

لو كنت مستخلفا أحدا عن غير مشورة لاستخلفت ابن أمّ عبد ٢٢٣

لعن رسول الله (ص) الحكم وما ولد الى يوم القيامة ( قول أبى هريرة ) ٨٨

لو لا أن تبطروا لاخبرتكم بما وعد الله من يقتل هؤلاء .. ( قول على ) ٤٥٣

لعن الله سمرة بن جندب .. ( قول عمر ) ٦٧

لو لا ان عمر نهى عن المتعة ما زنى فتيانكم هؤلاء ( قول على ) ٤٤٣ ، ٤٤٥

لعن الله عمرو بن العاص ما أكذبه .. ( قول عائشة ) ٨٦

لو لا على لهلك عمر ( قول عمر ) ١٩١ ، ١٩٢

لعن الله من سب أصحابى ٢٣٤

لو ولوها الاجلح لاقامهم على كتاب الله وسنة نبيه ( قول عمر ) ٢٣٦

لقد قتل باليمامة قوم يقرءون قرآنا كثيرا لا يقرؤه غيرهم .. ( قول عمر ) ٢١٥ ـ ٢١٦

لو ولوها الاجلح لاقامهم على المحجة ( قول عمر ) ٢٣٧

لما مات عمر ذهب تسعة أعشار العلم معه ٣٠٧

ليت شعرى ايتكن صاحبة الجمل الادبب فتنبحها كلاب الحوأب .. ٧٥ ـ ٧٦

لن تنتهوا يا معاشر قريش حتى يبعث الله عليكم رجلا .. ٤٥١

ما آسى على شيء الا أن أكون قاتلت الفئة الباغية .. ( قول ابن عمر ) ٣٦٩

لن يرى احد عورتى الاعمى ٥٨

ما أبالى اياه مسست أو أنفى ٥١

لو اجتمع اهل صنعاء على قتل رجل لقتلتهم به ( قول عمر ) ٢٦٥

ما أحسن هذه الحديقة يا رسول الله ( قول على ) ٤٥٤

لو ان سالما مولى أبى حذيفة وأبا عبيدة حيين لما تخالجنى فيهما شك ( قول عمر ) ٢٣٦

ما أسكر كثيره فقليله حرام ٢٧٧

لو تقدمت فى متعة النساء لرجمت فيها ( قول عمر ) ٤٤٤

ما بال أقوام يزعمون أنى أقيدهم من المغيرة ( قول ابى بكر ) ٣٦٣

لو قد قام قائمنا بدأ بالذى ينتحلون حبنا فيضرب أعناقهم ( قول أبى جعفر ) ٤٧٥

ما رأيت مصارع شيوخ أضيع من يومنا هذا ( قول طلحة ) ٨٤

لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا .. ٢٢١

ما عندنا الا ما فى كتاب الله أو ما فى الصحيفة ( قول على ) ٤٦١

ما عهد الى رسول الله (ص) شيئا اخبر الناس


به الا كتابا فى قراب سيفى ( قول على ) ٤٥٠

٢٠٠ ، ٣٠٢ ، ٣١٥

ما كنا نبعد اصحاب محمد أن السكينة تنطق على لسان عمر .. ( قول ابن مسعود ) ٣٠٧ ـ ٣٠٩

من كنت مولاه فعلى مولاه ، اللهم وال من والاه ٩٩

ما وجدت الا السيف او الكفر بما أنزل على محمد (ص) ( قول على ) ٤٥١

من مات وليس عليه امام فميتته جاهلية ٧٥

المؤمن اذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق ١٣١

ندمت على أن سألت رسول الله (ص) عن ثلاث .. ( قول أبى بكر ) ٤٢٨ ، ٤٢٩

متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما .. ( قول عمر ) ٤٤٣ ، ٤٤٥

ندمت أن لا أكون سألت رسول الله عن ثلاث ( قول أبى بكر ) ١٥٩

المرجئة يهود هذه الامة ( قول سعيد بن جبير ) ٤٧

هامان هذه الامة المغيرة بن شعبة ٦٦

المسلمون اخوة تتكافأ دماؤهم ويسعى آخرهم بذمة أولهم ٢٥٣

هذا جبرئيل يخبرنى أن آمركم : من لم يسق الهدى .. ٤٤٨

معاوية فرعون هذه الامة وعمرو بن العاص هامانها ( قول على ) ٨٧

هو ( على بن ابى طالب ) ابن عمى ١٧٧

من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أمّ عبد ٢٢٣ ، ٢٣٢

والله لتظهرن على هذه القرية ولتقتلن هذين الرجلين .. ( قول على ) ٤٥٢

منا امير ومنكم امير ( قول الانصار ) ٢٣٦

والله لو منعونى عقالا أو عناقا لقاتلتهم عليه ( قول ابى بكر ) ١٨٣

من جحد آية من كتاب الله عز وجل فهو كافر بالله ٢٢٩

وأما أنا فقد أمرنى رسول الله (ص) عليكما فمن أمركما على؟ ( قول أسامة ) ٣٦١

من كان منكم عليه دين ولم يجد ما يقضى دينه وله جار من اهل السواد .. ( قول عمر ) ٤٨٥

وددت انى وعثمان ( واياك ) برمل عالج يحثو أحدنا .. ( قول ابن مسعود ) ٥٧ ، ٣٧٠

من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار

وما يدريكم؟ فو الله ما يدرى عمر أصاب أم أخطأ ( قول عمر ) ١٨١

يا أبا بكر صل بالناس ٣٤٦

يا اصحاب رسول الله أنشدكم الله هل سمعتم النبي .. ( قول ابن مسعود ) ٥٧

يا ايها الناس ان بيعة أبى بكر كانت فلتة وقى الله


شرها .. ( قول عمر ) ١٣٨

يا على أنت وشيعتك فى الجنة ٤٧٦

يا ايها الناس لا تمسكوا على بشيء يخالف القرآن .. ٣١٢

يا نعثل والله لقد شبهك رسول الله بنعثل اليهودى ( قول عائشة وحفصة ) ٢٦٠ ـ ٢٦٢

يا رسول الله لو وليت علينا أبا بكر ( قول أصحاب النبي ) ٢٣٧

يرحم الله عمر ما كانت المتعة الا رحمة من الله رحم بها امة محمد .. ( قول ابن عباس ) ٤٣٨

يا زيد ... خذلوك وقتلوك وصلبوك؟ ... ليخذلنهم الله و .. ٣٩٦

يطلع عليكم رجل من أهل النار ٨٨

يا عثمان قميص رسول الله لم يبل وقد غيرت سنته ( قول عائشة ) ٢٦٤

يوم الخميس وما يوم الخميس؟ .. ( قول ابن عباس ) ٣٥٩


٤ ـ فهرس الابيات

أبا الخيبرىّ وأنت امرؤ

ظلوم العشيرة شتّامها ٤١١

( مع ثلاث ابيات اخر )

« لحاتم الطّائى »

ابوك أبو سفّانة الخير لم يزل

لدن شبّ حتى مات فى الخير راغبا ٤١٢

( مع بيتين آخرين )

« لابن دارة العبسى »

عجّل أبا سفّانة قراكا

فسوف أنبى سائلى نثاكا ٤١٠

« لابى الخييرىّ »

لا تفش سرّك الاّ عند ذى ثقة

أولا فأفضل ما استودعت اسرارا ١٤٦

( مع بيت آخر )

« لكعب بن زهير »

لو كان يقعد فوق الشمس من كرم

قوم بأوّلهم او مجدهم قعدوا ١٦٨

( مع ثلاث ابيات اخر )

« لزهير بن أبى سلمى »


٥ ـ فهرس أعلام الأشخاص

الألف

آدم (ع) ٢٨ ، ٣٧ ، ١٧٠

ابراهيم (ع) ١ ، ٩٥ ، ٢٠٥ ، ٢٨٠ ، ٢٨٩ ، ٣٤٩

ابراهيم بن داود ١٧٨

ابراهيم بن موسى الفراء ٣٨٢

ابراهيم بن يزيد التيمى ٤٤ ، ١٧١

ابراهيم النخعى ٤٤ ، ١٩٠

ابن أبى زائدة ٤٣٧

ابن أبى شريح ٣٦٦

ابن أبى ليلى ٣٥٧

ابن اسحاق ٣٧٣

ابن أمّ عبد ـ عبد الله بن مسعود ٢٢٣ ، ٢٣٢

ابن بدر ٣٤١

ابن بريدة ٨٥

ابن تيم بن مرة ١٣٧

ابن جرنج ٤٣٤ ، ٤٣٥ ، ٤٣٦ ، ٤٣٨ ، ٤٤١

ابن حي ١٥٧

ابن خالد ٦٦

ابن خثيم ٤٣٦

ابن دارة العبسى ٤١٢

ابن سيرين ٢٠٨ ، ٤٥٢

ابن شبرمة ٣٥٧

ابن عباس ـ عبد الله بن عباس

ابن عبد القدوس ٣٧١

ابن عمر ـ عبد الله بن عمر

ابن عوف ٤٥٢

ابن عيينة ٨٧

ابن قيس ـ ابو موسى الاشعرى ١٤٤

ابن الكواء ٤٥٠ ، ٤٧٤

ابن المبارك ٤٥ ، ٣٨٢

ابن مسعود ـ عبد الله بن مسعود

ابن مسعود بن كرام ٣١١

ابو ادريس ٤٥٢

ابو اسحاق ٣١١ ، ٣٧٢

ابو الاعور السلمى ٦٤ ، ٢٣٤

ابو البخترى الطائى ٨١

ابو بكر بن أبى قحافة ٢٨ ، ٩٣ ، ٩٦ ، ١٢٩ ، ١٣١ ، ١٣٢ ، ١٣٣ ، ١٣٤ ، ١٣٥ ، ١٣٨ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٥١ ، ١٥٣ ، ١٥٥ ، ١٥٨ ، ١٥٩ ،


١٦١ ، ١٦٢ ، ١٧٧ ، ١٧٨ ، ١٨٢ ، ١٨٣ ، ١٨٤ ، ١٨٩ ، ١٩٠ ، ٢٠١ ، ٢٠٤ ، ٢٠٦ ، ٢٠٨ ، ٢٠٩ ، ٢٢٢ ، ٢٣١ ، ٢٣٧ ، ٢٤٩ ، ٢٥٩ ، ٢٩٠ ، ٢٩٧ ، ٢٩٨ ، ٣٠٠ ، ٣٠٢ ، ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، ٣٢٣ ، ٣٢٥ ، ٣٢٨ ، ٣٣٢ ، ٣٣٣ ، ٣٣٥ ، ٣٣٦ ، ٣٣٩ ، ٣٤١ ، ٣٤٦ ، ٣٦١ ، ٣٦٣ ، ٣٦٧ ، ٣٨٨ ، ٣٩٠ ، ٤٣٥ ، ٤٤٤ ، ٤٤٦ ، ٤٥١ ، ٤٥٧ ، ٤٥٨ ، ٤٧٦ ، ٤٧٧ ، ٥٠٢

ابو بكر بن عياش ١٥٥ ، ١٧٧

ابو بكرة ٦٤ ، ٦٨

ابو بكر الهذلى ٤٥٠

ابو تراب ـ على (ع)

ابو ثور ٤٤٢

ابو جحيفة ٤٥٨

ابو جعفر ٦٦ ، ٨٧

ابو حرب بن ابى الاسود ٣٦٧

ابو الحسن ـ على (ع)

ابو حنيفة ٢٠١ ، ٢٦١ ، ٣٥٧

ابو خالد الاحمر ٨٦

ابو خالد الوائلى ٦٠

ابو الخيبرى ٤٠٨ ، ٤١١ ، ٤١٢

ابو الدرداء ٢٦

أبو ذر ٦٦

ابو الزبير ٤٣٤ ، ٤٣٥ ، ٤٤١

ابو الزبير المكى ١٨٥

ابو سعيد ٣٦٦

ابو سفانة ـ حاتم بن طى

ابو سلمة الحارثى ٤١٤

ابو صالح ١٦ ، ٨٧

ابو الضحى ٣٥٥

ابو عاصم ٤٠٢

ابو عبد الرحمن ـ عبد الله بن عمر

ابو عبد الله ٤١٥

ابو عبيدة ٢٣٦ ، ٢٣٧

ابو عبيدة السلمانى ٤٥٤

ابو العجلان ٦٨

ابو على ١٧٨

أبو عمر ٦٧

ابو الفضيل ٨٢

ابو قحافة ١٥٢

ابو قلابة ٤٤٣

ابو كلثوم ٤٥١

ابو كنف العبدى ٣٠٤

ابو معاوية ٨١ ، ٨٧

ابو المعلى الجريرى ٤٩٧

ابو المفضل ٦٣

ابو موسى الاشعرى ٦١ ، ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ١٤٠ ، ١٤١ ، ١٤٣ ، ١٤٧ ، ٢١٩ ، ٢٣٤ ، ٢٥٠ ، ٣٧١

ابو المهزم ٨٨

ابو نضرة ٣٦٦ ، ٤٤١

ابو نعيم ٦٠ ، ٨٤


ابو نعيم الاحول ٧٥

ابو هريرة ١٦ ، ١٨ ، ٦٠ ، ٦٦ ، ٦٧ ، ٨٨ ، ٤٩٤ ، ٤٩٦ ، ٤٩٧

ابو وائل ـ شقيق بن سلمة ٣٠٠

ابو واقد البكرى ٤٣٤ ، ٤٣٥

ابو يوسف القاضى ١٥٨ ، ٢٠١ ، ٣٠٩ ، ٣٥٥

أبى بن كعب ٢٠ ، ٦٤ ، ٢٢٣ ، ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٣٣٢ ، ٣١٤ ، ٣١٥ ، ٣٧٤ ، ٤٧٥ ، ٣٧٧ ، ٣٧٨ ، ٣٧٩ ، ٣٨٠ ، ٤٤٠

الاجلح ٤٥١

أسامة ١٦١ ، ٢٥٣ ، ٢٥٥ ، ٣٦٠ ، ٣٦١

اسحاق (ع) ١

اسحاق ٣٧٣

اسحاق بن ابراهيم ٣٦٧

اسحاق بن اسماعيل ٤٥٢

اسد بن عمر القاضى ٤٨٥

اسرائيل بن سباط ٧٧

أسماء بنت عميس ١٧٨

اسماعيل (ع) ١

اسماعيل بن أبى خالد ٣٦١ ، ٣٨٢ ، ٣٩١ ، ٤١٦ ، ٤٢٠ ، ٤٢٢ ، ٤٣٧

اسماعيل بن أبى عبيد الله ٤٠٨

اسماعيل بن أمية ١٧٩

اسماعيل بن سالم ٤٥٢

اسماعيل بن قيس ٣٧٠

الاسود ٣٠١

الاشعث ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٦١ ، ١٩٢

الاعمش ٥٨ ، ٦١ ، ٦٤ ، ٨١ ، ٨٧ ، ١٣٣ ، ٣٠٠ ، ٤٤٢

امرأة العزيز ٣٢ ، ٣٥٣

أم حكيم بنت عمرو الخولية ٦٩

أمّ سلمة ( زوج النبي ) ٤٧٦

أم الطفيل امرأة ابى بن كعب ٢٠

أمّ عبد الله بنت ابى هاشم ٣٨٣

أم فروة بنت ابى قحافة ١٥٢

أمّ هانى بنت ابى طالب ٨٢

أنس بن مالك ٦٠ ، ٣٨٩ ، ٣٩٠ ، ٤٥٤

اوريا بن حنان ٣٣ ، ٣٥٤

اياس بن قبيصة الاسدى ١٥٩

أيوب (ع) ١

أيوب ٤٤٣

أيوب السختيانى ١٧٩

ب

بريدة ٨٥

بشر ٣١٢

بشر بن المفضل ٤٤١ ، ٤٤٣

بشر المريسى ٣٠٩

بلال ٣٤٦

ث

ثابت ٤٤٩

ج

جابر بن عبد الله الانصارى ٤٣٥ ، ٤٤١ ، ٤٤٦


جبرئيل ( ملك الوحى ) ٢٨ ، ٤٦ ، ٤٤٨

جرير ٨٤ ، ٢٩٠

جرير بن عبد الحميد ٣٩٦ ، ٣٩٨

جرير بن عبد الحميد الضبى ٦١ ، ١٣٣ ، ١٨٢ ، ٣٦١

جرير بن عبد الله ٨

جرير بن عبد الله البجلي ٢٥ ، ٣٦٧

جرير بن عبد الله الضبى ٥٧

جرير بن المغيرة ١٩٠

ح

حاتم بن طى ٤٠٩ ، ٤١٠ ، ٤١١

الحارث الاعور ٣١١ ، ٤٦٩ ، ٤٧٠

الحارث بن كلدة الثقفى ٤٩٧

حارثة بن قدامة ٤٤٩

حبيب بن ابى ثابت ٣٦٩

الحجاج بن يوسف ٧٣ ، ٩١ ، ٣٠٠ ، ٣٠١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٥

حذيفة بن اليمان ٥٧ ، ٥٨ ، ٥٩ ، ٦١ ، ٨١ ، ٣٧١

حراش بن حوشب ٣٩٧

حريز بن عثمان ١٧٤

الحسن البصرى ٦٦ ، ٨٤ ، ١٣٤ ، ٤٤٩ ، ٤٥٠

الحسن بن الحسن بن على ٤٧٣ ، ٤٧٤ ، ٤٧٥

الحسن بن دينار ٨٤

الحسن بن صالح بن حي ١٥٥

الحسن بن على (ع) ٧٩ ، ١٧٥ ، ١٩٢ ، ٤٦٨

الحسن بن عمر العوفى ٣٧٣

الحسن بن قحطبة ٩٢

الحسن الحريرى ٨٨

الحسن اللؤلؤى ١٧٧ ، ١٧٨

الحسين بن على (ع) ٥٣ ، ٥٥ ، ٧٩ ، ٨٧ ، ٩١ ، ١٠٦ ، ١٧٥ ، ٤٦٨

الحسين بن واقد ٨٥

الحطيئة الشاعر ١٣٦

حفصة بنت عمر بن الخطاب ٢٢٣ ، ٢٥٧ ، ٣٢٥

الحكم بن أبى العاص ٨٨

حماد الابح ٤٥٢

حماد بن زيد

حماد بن سلمة ٦٦ ، ٦٨ ، ٨٨ ، ٤٤٩

حماد بن العوام ٦٣

حميد الطويل ٦٠

الحميدى ٣٥٩

حواء ٣٧

خ

خارجة ٣٨٧

خالد بن عبد الله الواسطى ٢٠٨

خالد بن عرفطة ٦٩ ، ٧٠

خالد بن الوليد ١٣٣ ، ١٥٥ ، ١٥٦ ، ١٥٧ ، ١٥٨ ، ١٥٩ ، ١٦١ ، ١٨٢ ، ١٨٣ ، ١٨٤

خضر (ع) ١٨٥

خضير بن عبد الرحمن ٦٣

خلف بن خليفة ٨٦

خيثمة ١٣٣


د

داود (ع) ١ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ١١٥ ، ١١٦ ، ٣٥٣

داود بن ابى هند ٤٤١ ، ٤٤٣

ذ

ذو الثدية ٥٠ ، ٨٦

ر

ربعى بن حراش ٣٩١ ، ٣٩٣ ، ٤٥١

ربعى بن خراش ٣٩٢

ربيع بن حراش ٣٩١ ، ٣٩٣ ، ٣٩٤

ز

الزبرقان بن بدر السعدى ١٥٣

الزبير ٥٤ ، ٥٥ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٦٥ ، ١٦٦ ، ١٨٢ ، ٢٣٤ ، ٤٥٢ ، ٤٩٨ ، ٥٠٠ ، ٥٠١

زفر ٣٥٧

الزهرة ٤٠ ، ٤١ ، ٤٣

زهير بن ابى سلمى ١٦٧

زياد ٦٤ ، ٦٩

زياد البكائى ١٥٩ ، ١٦٢

زيد بن أسلم ٤٠١

زيد بن ثابت ١٢٩ ، ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، ٢٣٠ ، ٣١٤ ، ٣١٥ ، ٣١٨ ، ٣٢٠ ، ٣٢٥ ، ٣٢٩ ، ٣٣١ ، ٣٣٣ ، ٣٣٤ ، ٣٣٥ ، ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ٣٤٥

زيد بن حارثة ٣٥١

زيد بن خارجة ٣٨٣ ، ٣٨٤ ، ٣٨٥ ، ٣٨٦ ، ٣٨٩

زيد بن الخطاب ١٤٨

زيد بن على ٥٣ ، ٥٥ ، ٣٩٦ ، ٣٩٩ ، ٤٠٠

زيد بن وهب ٣٧١

زيلا بن بويه ٦١

س سالم ( مولى ابى حذيفة ) ٢٣٦ ، ٢٣٧

سالم بن ابى الجعد ٦٦

سالم بن ابى حفصة ٤٥١

سالم بن عبد الله بن عمر ٤٠٤ ، ٤٠٧

السرى بن يحيى ٤٠٤

سعد بن ابى وقاص ١٦٦ ، ٣٨٧ ، ٤٩٨ ، ٥٠٠ ، ٥٠١

سعد بن عبادة ٢٣٦

سعيد ٤١٤

سعيد بن جبير ٤٧ ، ٩١ ، ١٣٥ ، ٣٥٩ ، ٤٣٦ ، ٤٣٧ ، ٤٤٢ ، ٤٤٥ ، ٤٤٦ ، ٤٧٠ ، ٤٧١

سعيد بن زيد ٨٨ ، ٤٩٨

سعيد بن قتادة ١٩٤

سعيد بن المسيب ٣٥٦ ، ٤٤٣

سفيان ١٥٧

سفيان بن عبد الله الثقفى ١٨١

سفيان بن عيينة ٦٦ ، ٨٧ ، ١٥٥ ، ٣٥٩ ، ٣٧٠

سفيان الثورى ٧ ، ٤٥

سلمان الفارسى ٦١ ، ٤٥٧ ، ٤٥٨

سلمة ٣٧٢ ، ٣٧٣

سلمة بن الفضل ٣٦٧


سليمان (ع) ١ ، ٣٥ ، ١١٥ ، ٣٥٤

سليمان الاحول ٣٥٩

سليمان العامرى ٣١٢

سمرة بن جندب ٦٦ ، ٦٧ ، ٦٨ ، ٦٩

سهيل ٤٠ ، ٤١ ، ٤٤

سهيل بن عمرو ٤٥١

سويد بن غفلة ٦٢

ش

شبابة بن سوار المدائنيّ ٤٥٠

شريك ٨٧ ، ٨٨ ، ١٨٥ ، ٤٧٧

شريك بن عبد الله النخعى ١٤٠ ، ١٥٥ ، ٢٥٦

شعبة بن الثوم ٣٤١

الشعبى ( ـ عامر ) ٦٧ ، ٨٦ ، ١٣٩ ، ١٨٢ ، ٣٤٢ ، ٣٤٣ ، ٣٤٤ ، ٤١٦ ، ٤٢٢ ، ٤٦٩ ، ٤٧٠

شقيق بن سلمة ٥٨ ، ٦١ ، ٣٠

الشيطان ٣٥

ص

صاحب الحوت ١٢١

صالح بن كيسان ١٥٩ ، ١٦٢

صهيب ٥٠٠

ط

طاوس ٨٧ ، ٤٣٥ ، ٤٤٥ ، ٤٤٦

طلحة ٥٤ ، ٥٥ ، ٨٤ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٤٧ ، ١٦٥ ، ١٦٦ ، ١٧٨ ، ١٨٢ ، ٢٣٤ ، ٤٥٢ ، ٤٩٧ ، ٥٠٠ ، ٥٠١

طلحة بن خويلد ١٦١

ع

عائشة ( أمّ المؤمنين ) ٧٥ ، ٧٧ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٣ ، ٨٤ ، ٨٦ ، ٢٥٣ ، ٢٥٥ ، ٢٥٧ ، ٢٦٣ ، ٣٤٦ ، ٣٩٥

عاصم بن محمد العمرى ٤٠١

عامر ـ الشعبى ١٤٠ ، ٣١٠ ، ٤٢٠

عبد الاعلى ١٩٤

عبد الحميد بن أبى الخنساء ٦١

عبد الرحمن ٤١٤

عبد الرحمن بن ابى بكر ١٣٥ ، ١٣٦ ، ١٣٧

عبد الرحمن بن ابى ليلى ٢٩٠

عبد الرحمن بن عوف ١٦٦ ، ٢١١ ، ٤٩٨ ، ٥٠٠ ، ٥٠١

عبد الرحمن بن المغراء ٤٥١

عبد الرزاق ٤٥٥

عبد العزيز بن سياه ٣٦٩

عبد العزيز بن رفيع ١٨٢

عبد الله بن ابى قتادة ١٨٢

عبد الله بن الحارث ٨٢

عبد الله بن الزبير ٨٤ ، ١٢٣

عبد الله بن زيد السبيعى ٣٥٦

عبد الله بن سبأ ٤٧٧

عبد الله بن سلمة ١٤٠

عبد الله بن عباس ١٥ ، ٧٥ ، ١٢٩ ، ١٣٩ ، ١٦٢ ، ١٦٦ ، ١٦٧ ، ١٦٩ ، ١٧٠ ، ١٧١ ، ١٧٣ ، ١٨٥ ، ٣٣٥ ، ٣٣٦ ، ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ٣٤٥ ،


٣٥٩ ، ٤٣٥ ، ٤٣٨ ، ٤٤٠ ، ٤٤٢ ، ٤٤٥ ، ٤٤٦ ، ٤٥٢

عبد الله بن عباس الهمدانى ١٣٥

عبد الله بن عبد القدوس ٧٩

عبد الله بن عمر ٧١ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٣٥ ، ١٣٨ ، ٢٣٧ ، ٢٥٣ ، ٣٦٩ ، ٣٨٧ ، ٤٠٦ ، ٤٤٤ ، ٤٥٦ ، ٤٥٧ ، ٤٥٨ ، ٤٦٠ ، ٤٩٧ ، ٥٠٠

عبد الله بن قيس ٦٢

عبد الله بن المبارك ٤٠٤

عبد الله بن مسعود ٢١ ، ٥٦ ، ٥٧ ، ٧٧ ، ١٣٩ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، ٢٢٧ ، ٢٢٩ ، ٢٣٢ ، ٢٧٨ ، ٣٠١ ، ٣٠٧ ، ٣١٥ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٥ ، ٣٧٠ ، ٣٧١ ، ٤٣٧ ، ٤٣٨ ، ٤٤٦

عبد الله بن موسى ٨٤

عبد الملك بن أعين ٣٦٧

عبد الملك بن عمير ٣٩١

عبد الملك بن مروان ٧٤

عبد الوهاب ٤٤٣

عبيد بن اسحاق العطار ٤٠١

عبيدة ٥٤

عبيدة السلمانى ٤٥٢

عثمان بن عفان ٤٨ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٥٦ ، ٥٧ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ١٢٤ ، ١٦٤ ، ٢١١ ، ٢٢٢ ، ٢٢٤ ، ٢٥٦ ، ٢٥٧ ، ٢٥٩ ، ٢٦٣ ،

٢٦٤ ، ٣٠١ ، ٣٤١ ، ٣٤٥ ، ٣٧٠ ، ٣٨٥ ، ٣٩٠ ، ٤٩٧ ، ٤٩٨ ، ٥٠١ ، ٥٠٢

عدى بن ثابت ٨٤

عدى بن حاتم ٤١٢

عروة ٧٧

عروة بن الزبير ١٦٢ ، ٣٧٢

عصام بن قدامة ٧٥

عطاء ٤٣٨ ، ٤٣٩ ، ٤٤٠ ، ٤٤٥ ، ٤٤٦

عكرمة ١٥ ، ٥٧

عكرمة بن خالد المخزومى ١٨٠

على بن ابى طالب (ع) ٤٨ ، ٥٠ ، ٥٣ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٥٧ ، ٥٨ ، ٦٠ ، ٦٣ ، ٦٦ ، ٦٩ ، ٧١ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٧ ، ٩٢ ، ٩٩ ، ١٠٠ ، ١٠١ ، ١٠٢ ، ١٠٣ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٥٦ ، ١٥٧ ، ١٥٨ ، ١٥٩ ، ١٤٦ ، ١٦٦ ، ١٧٢ ، ١٧٣ ، ١٧٤ ، ١٧٦ ، ١٨٣ ، ١٩٠ ، ١٩١ ، ١٩٢ ، ١٩٣ ، ١٩٤ ، ١٩٦ ، ١٩٩ ، ٢٢٢ ، ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٤ ، ٢٣٧ ، ٢٥٩ ، ٢٦٧ ، ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، ٢٩٠ ، ٢٩٧ ، ٢٩٨ ، ٣٠١ ، ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، ٣١٢ ، ٣١٤ ، ٣٣٥ ، ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ٣٤٥ ، ٣٤٧ ، ٣٥٥ ، ٣٦٧ ، ٣٦٩ ، ٣٧٢ ، ٤٤٣ ، ٤٤٥ ، ٤٤٦ ، ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، ٤٥١ ، ٤٥٢ ، ٤٥٤ ، ٤٥٨ ،


٤٦٠ ، ٤٦١ ، ٤٦٢ ، ٤٦٥ ، ٤٦٩ ، ٤٧٣ ، ٤٧٤ ، ٤٧٥ ، ٤٧٦ ، ٤٧٧ ، ٤٩١ ، ٤٩٥ ، ٤٩٦ ، ٤٩٧ ، ٤٩٨ ، ٥٠١

على بن اخت يعلى الطنافسى ٤١٥

على بن الحسين (ع) ٤٧٠ ، ٤٧١ ، ٤٧٢

على بن حفص ٧٩

على بن الحكم اليمانى ٨٨

على بن زيد ٦٦

على بن عاصم ٤٥

على بن عياطى الحريرى ٣٦٦

عمار بن ياسر ٧٨ ، ١٢٣ ، ٢٥٠

عمر بن الخطاب ٢٨ ، ٦٠ ، ٦٤ ، ٦٦ ، ٦٧ ، ٩٣ ، ٩٦ ، ١٢٩ ، ١٣٣ ، ١٣٤ ، ١٣٥ ، ١٣٦ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٥ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٥٠ ، ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٥٤ ، ١٦٢ ، ١٦٦ ، ١٦٧ ، ١٦٨ ، ١٦٩ ، ١٧٠ ، ١٧٢ ، ١٧٣ ، ١٧٤ ، ١٨١ ، ١٨٣ ، ١٨٤ ، ١٨٩ ، ١٩٠ ، ١٩١ ، ١٩٢ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ١٩٦ ، ١٩٨ ، ٢٠٢ ، ٢٠٣ ، ٢٠٤ ، ٢٠٥ ، ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، ٢٠٩ ، ٢١٥ ، ٢١٦ ، ٢٢٠ ، ٢٢٥ ، ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، ٢٥٣ ، ٢٥٥ ، ٢٥٦ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ٢٦٥ ، ٢٦٩ ، ٦٧٠ ،

٢٨٠ ، ٢٨٥ ، ٢٨٦ ، ٢٩٠ ، ٢٩١ ، ٢٩٧ ، ٢٩٨ ، ٣٠٢ ، ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، ٣٠٦ ، ٣٠٧ ، ٣١٠ ، ٣١١ ، ٣٢٥ ، ٣٢٦ ، ٣٣١ ، ٣٣٢ ، ٣٣٣ ، ٣٣٥ ، ٣٣٧ ، ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٩ ، ٣٦١ ، ٣٦٧ ، ٣٨٥ ، ٣٩٠ ، ٤٠١ ، ٤٣٢ ، ٤٣٤ ، ٤٣٥ ، ٤٣٦ ، ٤٣٨ ، ٤٤١ ، ٤٤٣ ، ٤٤٤ ، ٤٤٥ ، ٤٤٦ ، ٤٤٨ ، ٤٤٩ ، ٤٧٦ ، ٤٧٧ ، ٤٨٥ ، ٤٩٧ ، ٥٠٢

عمر بن مرة ٤٤٢

عمر بن هارون ٣٥٦

عمرو بن ابى قيس ٤٥٢

عمرو بن حريث ٤٣٥ ، ٤٤١

عمرو بن دينار ٦٦ ، ٨٧ ، ٣١٢ ، ٤٠٤ ، ٤٠٧

عمرو بن العاص ٦٤ ، ٨٤ ، ٨٥ ، ٨٦ ، ٨٧ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ٢٣٤

عمرو بن عبيد ٣٧٣

عمرو بن مرة ٨١ ، ٨٨

العوام بن حوشب ١٧١ ، ٣٩٨

عوف بن مالك الزبالى ١٧٤

عيسى (ع) ١ ، ٢٠٧ ، ٢٠٩ ، ٢٨٠

عيسى بن عبد الرحمن ٨٤

عيسى القارى ٤٤٢

عيينة بن حصين ١٦١

ف

فاطمة (ع) ١٦١ ، ٢٥٥ ، ٢٥٩


فراس ٤١٦

فرعون ٨٧

فضال بن الحسن ٢٦١

الفضل ٣٧٨

الفضل بن دكين ٣٦٩ ، ٣٧٠

الفضل بن عباس ٣٤٨

الفضل بن موسى الشيبانى ٨٥

الفضيل بن مرزوق ٤٧٣

فطر بن خليفة ٦٠

ق

القائم (ع) ٤٧٦

قارون ٥٠٠ ، ٥٠١

القاسم بن عبد الرحمن ٣٨٣

القاسم بن محمد بن ابى بكر ٣٤١

قبيصة بن عقبة ٤٤٩ ، ٤٥٠

قدامة بن مظعون ١٩٥

قيس بن ابى حازم ٣٦١ ، ٤٣٧

قيس بن عبادة ٤٤٩ ، ٤٥٠

قيس بن مسلم ٤٥١

ك

كعب الاحبار ٢٥ ، ٨٧

كعب بن زهير ١٤٥

ل

لوط (ع) ٢٦٢

م

مازن العائدى ٤٥١

مالك بن أوس بن الحدثان ١٨٠

مالك بن الحويرث بن الحدثان ٢٥٩

مالك بن دينار ٤٠٧

مالك بن نويرة ١٣٣ ، ١٦١

مجالد ٨٦ ، ١٤٠

مجالد بن سعيد ١٣٩ ، ٣٠٩

مجالد بن عمر ٨٤

محمد ( رسول الله ) ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فى أكثر الصفحات

محمد بن ابراهيم العمرى ٤٠١

محمد بن ابى الفضل ٤٥١

محمد بن اسحاق ٣٦٧

محمد بن جابر ٥٧

محمد بن جعفر بن الزبير ٣٧٢

محمد بن الحسن ٢٠١ ، ٢٥٧

محمد بن الحسين بن المختار ٤١٥

محمد بن سعيد ٣٥٥

محمد بن عبيد الطنافسى ٤٢٠ ، ٤٢٢

محمد بن على ٣١٢

محمد بن على بن الحسين (ع) ٤٥٨ ، ٤٧٥

محمد بن عمر بن مرة ١٤٠

محمد بن الفضل ٤٦ ، ٤٥١

محمد بن الفضيل ٤١٦

محمد بن قيس الاسدى ٦٧

محمد السماوى ٥٠٤

مروان بن الحكم ٥٤ ، ٨٤ ، ٢٦٤ ، ٤٥٨

مروان بن زحيل ٨٧


المريسى ٣٥٧

مريم (ع) ٢٨٩

مسروق ٨٦ ، ٣٥٥

المسيح ـ عيسى بن مريم

مطرف الواسطى ٤١٤

معاذ بن جبل ١٠٤ ، ١٠٩ ، ١١٠ ، ١١١ ، ١١٣ ، ١١٤ ، ١١٥ ، ١١٦ ، ١٢٩ ، ٣١٤ ، ٣١٥

معاوية ٥٣ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٦٣ ، ٨٧ ، ٨٨ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٨٣ ، ٢٣٤ ، ٢٩٠ ، ٤٩٥ ، ٤٩٦

سعيد بن امية ٤٣٥

المعتمر بن سليمان ١٣٤

معمر ٤٤٢

المغيرة بن سعيد ٤٦

المغيرة بن شعبة ٦٤ ، ٦٥ ، ٦٦ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٤٨ ، ١٤٩ ، ١٥٠ ، ٣٤١ ، ٣٦٢ ، ٣٦٣ ، ٣٦٤

المفضل ٣٧٢ ، ٤١٦ ، ٤١٧ ، ٤١٨ ، ٤١٩

مقاتل بن حيان ٧٩

مقسم ٤٧

ملك الموت ٤٢٠

منصور بن زادان ٨٧

منصور بن المعتمر ٦٦ ، ٩١

منكر ( ملك ) ٥

المنهال بن عمرو الاسدى ٤٥٢

موسى (ع) ١ ، ٥ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٢٨٠ ، ٣١١ ، ٣٥١ ، ٣٥٢

ميسرة النهدى ٤٥٢

ميكائيل ( ملك ) ٢٨ ، ٤٦

ميمون بن مهران ٤٩٧

مينا ٤٥٥

ن

نافع ٤٤٤

نجدة الحرورى ١٨٥

نعثل ٢٦٠ ، ٢٦٢

النعمان بن بشير ٣٨٣

نكير ( ملك ) ٥

نوح (ع) ١ ، ٢٦٢ ، ٢٨٠ ، ٣٤١

هـ

هارون (ع) ١

هامان ٦٦ ، ٨٧

هشام ٤٥ ، ٤٣٥ ، ٤٣٦ ، ٤٣٨ ، ٤٤١

هشام بن عبد الله ٥٧

هشام بن عبد الملك ٩١

هشام بن عروة ١٦٢

هشام بن يوسف الصنعانى ٤٣٤ ، ٤٣٥ ، ٤٤٢

هشام الكلبى ٤٠٨

هشيم ١٧٧ ، ٣٤١

هيثم بن بشير ٤٥٢

الهيثم بن عدى ١٣٥ ، ١٣٩


و

وكيع ٤٥ ، ١٥٧ ، ٣١١ ، ٤٤٢ ، ٤٧٣

وكيع بن الجراح ٨

الوليد بن عقبة ٣٠١

ى

يحيى بن سعيد ٣٤١ ، ٣٨٩ ، ٤٤٤

يحيى بن يعلى الحاشرى ٤٥٤

يزيد بن ابى داود ٨٤

يزيد بن ابى زياد ٨٢ ، ٢٩٠

يزيد بن الحباب ٣٨٩

يزيد بن معاوية ٩١ ، ١٠٥ ، ١٠٦

يزيد بن النعمان بن بشير ٣٨٣

يزيد بن هارون ٨ ، ٦٠ ، ٩٢ ، ١٧١ ، ١٧٤ ، ١٩٢ ، ٢٠٨ ، ٤٤٤ ، ٤٩٧

يعقوب (ع) ١ ، ٣٥١

يعلى بن منية ١٦٢ ، ١٧٨

يوسف (ع) ٣٢ ، ٢٩١ ، ٣٥١ ، ٣٥٣

يوسف ( رجل من اليهود ) ٤٥٦

يوسف بن عمر ٣٩٧

يونس (ع) ١

يونس ١٣٤

يونس بن أرقم ٦١

يونس بن خباب ٤٥٤

يونس بن النعمان ٦٩


٦ ـ القبائل والمذاهب والفرق

الألف

آل أبى معيط ١٦٤

آل عمر ٢٣٨ ، ٤٩٧ ، ٥٠١

آل محمد (ص) ٤٢٦ ، ٤٦٠ ، ٤٦١ ، ٤٧٠ ، ٤٧٥ ، ٤٧٦

ائمة الشيعة (ع) ٩٣ ، ١٠٨

الاسباط ١

اصحاب ابن عباس ٤٤٥

اصحاب ابى الخيبرى ٤١١

اصحاب الجمل ٨٤

اصحاب الحديث ٧ ، ٤٢ ، ٤٣ ، ٥٦ ، ٢٢٩

اصحاب السبت ٢٤٨

اصحاب السنة ٢٠٣

اصحاب طلحة والزبير ١٢٤

اصحاب العقبة ٥٩

اصحاب على (ع) ١٢٤ ، ١٣٤

اصحاب عمار بن ياسر ٢٥٠

اصحاب القبور ٤٩٧

اصحاب محمد (ص) ـ الصحابة

اصحاب معاوية ٢٩٠

الاعراب ٩٨

امة محمد (ص) ٢٤ ، ٣٩ ، ٤٥ ، ٦٢ ، ٦٣ ،

١٠٤ ، ٣٧٨ ، ٤٢٦ ، ٤٣٨ ، ٥٠١

امهات المؤمنين ٢٥٣ ، ٢٥٦ ، ٢٥٧

الأنبياء ٢ ، ١١٢ ، ٢٥٩ ، ٣٥١ ، ٣٥٥ ، ٣٨٧

انس ١٦٨

الانصار ١٤٠ ، ٢٢٢ ، ٢٣٤ ، ٢٣٦ ، ٢٥١ ، ٢٥٣ ، ٣٤١ ، ٣٦١ ، ٣٦٢ ، ٣٦٣ ، ٣٨٩

اهل الاصنام ٢٢

اهل الاوثان ٢٢

اهل الباطل ١٢٦

اهل بدر ٢٣٤

اهل بيت محمد (ص) ٦٢ ، ٩٢ ، ٩٣ ، ١٢٨ ، ٢٩٩ ، ٣٣٤ ، ٤٧٥

اهل الجماعة ١٢٥

اهل الجنة ٤٧٠ ، ٤٩٧ ، ٥٠١

اهل الحجاز ٥٠ ، ٥١ ، ٥٢ ، ٢٩٦ ، ٢٩٨ ، ٣٤٦ ، ٣٥٥

اهل حضرموت ١٦٢

اهل الحق ٢٠٥

اهل الخلاف ٢٣١

اهل الذمة ٢٦٩


اهل الرأى ٢٢٩

اهل الردة ١٣٢ ، ١٣٤ ، ١٨٣

اهل السنة ٩٣ ، ١٢١ ، ٢٠٤ ، ٢٠٦ ، ٢٤٨ ، ٢٩٦ ، ٢٩٨ ، ٣٣٠ ، ٣٣٦ ، ٣٥٨ ، ٤٧٠ ، ٥٠٣

اهل السواد ٤٧٧ ، ٤٨٦

اهل الشام ١٧٣

اهل صنعاء ٢٦٥

اهل العراق ٥٠ ، ٥١ ، ٥٢ ، ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، ٤٧٠

اهل القبلة ٣

اهل قزوين ٣٥٥

اهل الكتاب ٢٠٧ ، ٢٠٨ ، ٣١١ ، ٣٢٩

اهل الكوفة ٩٢

اهل المدينة ٩٢ ، ٩٨ ، ١٥٨ ، ٣٤٥ ، ٣٨٣

اهل مكة ٩٢

اهل النهروان ٤٥٣

اهل اليمامة ١٣٢ ، ١٨٣

اهل اليمن ١٦٢

اولاد رسول الله ٢٥٣

أولو الامر ٩٥ ، ٢٨٨ ، ٣٥٨

ب

البشر ٢٦

بنى اسرائيل ٤٣ ، ٦٣ ، ٤٢٦

بنى امية ٥٢

بنى تميم ٤٥٢

بنى تيم بن مرة ١٤٨

بنى عبد الله بن غطفان ١٦٧

بنى هاشم ١٦٨ ، ١٧٠

ت

التابعين ٤ ، ٥١ ، ٩٤ ، ١١٤ ، ١١٧ ، ١٢٨ ، ٢٣٤ ، ٣١٣ ، ٤٣٣ ، ٤٤٦

ج

الجبرية ٦

جن ١٦٨

الجهمية ٤ ، ٦ ، ٥٠٣

جهينة ٤١٦

جيش اسامة بن زيد ٣٦٠ ، ٣٦١

ح

الحشوية ٣٦ ، ٤٢

خ

الخاصة ٩٥

الخلفاء ٢٢٢ ، ٢٩٥

الخوارج ٤٨ ، ٤٤٩ ، ٤٧٣ ، ٤٧٤

ر

الرافضة ٣٠١ ، ٣٠٣ ، ٤٧٣ ، ٤٧٥ ، ٤٧٦

الروم ٩١

ش

الشعراء ١٦٧

الشياطين ٣٦ ، ٢٠٧

الشيعة ٣ ، ٩٢ ، ٩٣ ، ١٠١ ، ١٠٣ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ، ١٠٩ ، ١٢٩ ، ١٥٩ ، ١٦١ ، ١٧٩ ، ١٨٤ ، ١٨٦ ، ١٩٧ ، ٢٠٠ ،


٢٠٣ ، ٢٠٤ ، ٢٠٩ ، ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٧ ، ٢٨٧ ، ٢٩٨ ، ٢٩٩ ، ٣٠٣ ، ٣٣٣ ، ٣٣٦ ، ٣٣٩ ، ٣٦٤ ، ٤١٣ ، ٤٢٦ ، ٤٢٧ ، ٤٣٢ ، ٤٦٠ ، ٤٦١ ، ٥٠١

شيعة على (ع) ٤٧٦

ص

الصحابة ٤ ، ٣٨ ، ٣٩ ، ٥١ ، ٥٥ ، ٦١ ، ٦٤ ، ٨٤ ، ٩٤ ، ٩٦ ، ١٠٠ ، ١٠١ ، ١٠٤ ، ١٠٥ ، ١١٤ ، ١١٥ ، ١١٦ ، ١١٧ ، ١٢٢ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٢٨ ، ١٧٩ ، ١٨٤ ، ٢٠٠ ، ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٧ ، ٢٣٨ ، ٢٤٩ ، ٣٠٣ ، ٣٠٧ ، ٣١٣ ، ٣١٥ ، ٣١٦ ، ٣٢٩ ، ٣٣٠ ، ٣٣٦ ، ٣٤٠ ، ٣٤١ ، ٣٤٥ ، ٣٦٥ ، ٣٧٣ ، ٤٣٣ ، ٤٣٤ ، ٤٤١ ، ٤٤٥ ، ٤٤٨ ، ٤٤٩ ، ٤٥٢ ، ٤٥٧ ، ٤٥٨ ، ٤٧٥ ، ٤٨٦ ، ٤٩٧ ، ٥٠١ ، ٥٠٢

صويحبات يوسف ٣٤٦

ط

الطلقاء ٤٥٨

ع

العامة ٩٥ ، ٤٧٥

العجم ٢٨٠

عذرة ١٦٦

العرب ١٦٤ ، ١٨٤ ، ٢٥١ ، ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، ٢٨٠ ، ٤٠٩

عسكر على بن ابى طالب ٤٥٥

العلماء ٨ ، ٣٠١ ، ٤٤٩ ، ٤٧٠

علماء اهل السنة ١٩٠ ، ٣١٣ ، ٣٨١ ، ٤٢٦ ، ٤٣٣ ، ٤٤٤ ، ٤٤٩

علماء الشيعة ٩٣

عوف ٤١١

العامة ٩٥ ، ٤٧٥

ف

الفئة الباغية ٣٦٩

الفقهاء ١٠٤ ، ٢٧٩ ، ٣٠١ ، ٤٤٩

فقهاء اهل السنة ١٥٥ ، ٤١٣ ، ٤٢٠ ، ٤٣٣ ، ٤٤٩ ، ٤٥٦

فقهاء اهل المدينة ١٦٦

ق

القدرية ٤٥ ، ٥٠٣

قريش ٨٧ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٦٦ ، ١٦٩ ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٥٣ ، ٤٣٤ ، ٤٥١ ، ٤٩٧

م

المؤلفة قلوبهم ١٨٩ ، ٣٥٧

المجوس ٦ ، ١٢٤

المرجئة ٤٤ ، ٤٥ ، ٥٧ ، ٩٣ ، ٩٤ ، ١٠١ ، ١٠٣ ، ١٠٧ ، ١٠٩ ، ١١٣ ، ١٢٨ ، ٥٠٣

المسلمون ٤٤ ، ٤٨ ، ٥٧ ، ٧٩ ، ١٨٩ ، ١٩٥ ، ٢٠٥ ، ٣٠١

المعتزلة ٥

المفسرون ٢٨٩

الملا الاعلى ٢٦


الملائكة ١١ ، ٢٢ ، ٢٦ ، ٢٣٤ ، ٢٦٠ ، ٣٥٧ ، ٣٥٨ ، ٤٩٠ ، ٤٩٤

الملحدون ١١٥ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٩٠

المهاجرون ١٤٠ ، ١٨٣ ، ٢٣٤ ، ٢٥٠ ، ٢٥١ ، ٢٥٣

الموالى ٢٥١ ، ٢٥٢ ، ٢٨٠ ، ٢٨٦

ن

نساء محمد (ص) ٧٥

النبيون ـ الأنبياء

نساء النبيين ٣٦

النصارى ١١ ، ١٠٦ ، ١٢٤ ، ٢٠٧ ، ٢٠٩ ، ٢٨٦ ، ٤٥٦

و

ولد اسماعيل ١٧٤

ى

اليهود ١٠ ، ١٠٦ ، ١٢٤ ، ٢٠٧ ، ٢٠٩ ، ٢٨٦ ، ٤٥٦


٧ ـ فهرس الامكنة والبقاع

الألف

احد ٣٨٧

ارض بناك ٧٠

ارض الشرك ٢٥٠

ب

باب الفيل ٧٠

بدر ٢٣٤

البصرة ٨٤ ، ١٨٢ ، ٢٢٠ ، ٢٢١ ، ٤٥٠ ، ٤٥٢

بغداد ١٥٨

البقيع ( بقيع الغرقد ) ١٦٥ ، ٤٠١

بناك ـ ارض بناك ٧٠

البيت ( بيت الله ) ١٤٢ ، ٤٤٨

بيت فاطمة ١٦١

ت

تستر ٢٥٠

ث

ثور ٤٩٠

ج

الجابية ١٧١

جزيرة العرب ٣٦٠

جهنم ١١٢ ، ٢٩٠

ح

حروراء ٤٧٤

حضرموت ١٦٢

الحوأب ٧٦

د

دار الفضل ٣٧٨

الدفينة ٤٢٠ ، ٤٢١

ذ

ذو قار ٤٥٢

س

السقيفة ١٤٩

ش

الشام ٦٠ ، ١٧٣ ، ١٨٣ ، ٤٤٩

ص

الصفا ٤٤٨

صنعاء ٢٦٥

ع

العراق ٤١ ، ٥٠ ، ٥١ ، ٥٢ ، ٣٤٥ ، ٣٤٦

العرش ١٧ ، ٢٢

عرض ٤٠١

عير ٤٩٠

غ

غدير خم ٩٩


ف

الفرات ٣٩٨

ق

القادسية ١٥٩

قبر حاتم بن طيئ ٤٠٩ ، ٤١١

قزوين ٣٥٥

ك

الكعبة ٤٦ ، ٧٨ ، ١٠٢ ، ٤٥٤ ، ٤٥٦

الكناسة ٤٢٢

الكوفة ٩٢ ، ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، ٣٠١ ، ٤٠٢ ، ٤٧٤

م

مجلس سليمان (ع) ٣٥ ، ٣٥٤

المدائن ٤٥١ ، ٤٧٧

المدينة ٦٠ ، ٧٩ ، ٩٢ ، ٩٨ ، ١٢٣ ، ١٣٣ ، ١٥٢ ، ١٥٨ ، ١٦٢ ، ١٦٦ ، ١٧٣ ، ٣٤٥ ، ٣٨٥ ، ٤٠٤ ، ٤٥٤ ، ٤٩٦

مسجد حية ١٣٩

مسجد النبي ٣٧٣

مصر ٨٦

مكة ١٤١ ، ٤٠٤ ، ٤٣٦ ، ٤٤٨

ن

النهروان ٥٠ ، ٤٥٣ ، ٤٧٤

ى

اليمامة ١٣٢ ، ١٨٢ ، ١٨٣ ، ٢١٥

اليمن ٤٠ ، ١٠٤ ، ١٦٢ ، ١٧٨


٨ ـ فهرس الأزمنة والأيّام

ز

زمن ابى بكر ٢٠٤

زمن الحجاج ٩١ ، ٢٧٩

زمن عمر ٢٠٤

ش

شهر رمضان ٤٧

ع

عهد ابى بكر ٢٠١ ، ٤٣٥ ، ٤٤٤ ، ٤٤٦

عهد رسول الله (ص) ٢٠١ ، ٢١٨ ، ٢٢١ ، ٢٧٩ ، ٤٣٥ ، ٤٤٣ ، ٤٤٤ ، ٤٤٦

ى

يوم أحد ٣٨٧

يوم الاربعاء ٣٨٧

يوم الجمعة ٢٤٤ ، ٣٧٦

يوم الجمل ٧٧ ، ٨٤

يوم الحساب ١١٦

يوم الخميس ٣٥٩

يوم خيبر ٤٤٥

يوم الدار ٥٥

يوم السبت ٢٤٨

يوم السقيفة ١٤٩ ، ٢٣٦

يوم الشورى ٢٣٦ ، ٢٣٧

يوم غدير خم ٩٩

يوم الفتح ٤٤٥

يوم القيامة ٢٢ ، ٨٨ ، ٩٧ ، ١٠٦ ، ٢٣٤ ، ٤٤٨

يوم النهروان ٥٠ ، ٤٧٤


٩ ـ فهرس الكتب الواردة فى المتن ومصادر الهوامش ومراجع التّحقيق (١)

الألف

آثار البلاد ٤٠٩

آلاء الرحمن ٢٠٠ ، ٢٩٣

ابطال الباطل ١٩٧ ، ٤٨١

( كتاب ) ابى هريرة ٦٠ ، ٣٥١ ، ٣٥٢

الاتقان ٢١٨ ، ٢٩١

اثبات الرجعة ٣٨٢

أحاديث أمّ المؤمنين عائشة ٢١٧

الاحتجاج ٨٦ ، ٨٧ ، ١٥٦ ، ٤٥٧ ، ٥٥٦

احقاق الحق ١٧ ، ١٥٧ ، ١٦٦ ، ١٩٧ ، ٢٣١ ، ٣٢٦ ، ٤٥٥ ، ٤٨١

احكام القرآن ٢٧١ ، ٣٥٦

الاحكام السلطانية ٤٨١

اخبار البصرة ٥٥٤

الاختصاص ٧٠ ، ٧١ ، ٢٦٧ ، ٢٨٢ ، ٣٠٥ ، ٣٠٦ ، ٣٦٨ ، ٤٠٧

اختلاف الحديث ٤٦٨

ادب الكاتب ٤٦٧ ، ٤٦٩

الارشاد ٧٠ ، ٧١

ارشاد السارى ٢٧٦

ارشاد القلوب ١٥٨ ، ١٥٩

اساس البلاغة ١٣٤ ، ٣٢١ ، ٤١١ ، ٤١٧ ، ٤١٨ ، ٤٥٥

الاستغاثة ١٥٧ ، ١٥٨ ، ١٦١ ، ١٦٦ ، ٢٣٠ ، ٢٥٢ ، ٢٧٧ ، ٢٨٠ ، ٣٠٨

استقصاء الافحام ٥٦٨

الاستيعاب ٦٦ ، ٦٧ ، ٧٢ ، ٨٧ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ، ١٨١ ، ١٩٤ ، ٢٢٢ ، ٢٣٦ ، ٢٥٣ ، ٢٧٢ ، ٢٧٤ ، ٣١٤ ، ٣٧٩ ، ٣٨١ ، ٣٨٣ ، ٣٩٤ ، ٥٢٧

اسد الغابة ٢١ ، ٦٦ ، ٦٧ ، ٧٣ ، ١٨١ ، ١٩٥ ، ٢٧٤ ، ٣٧٤ ، ٣٧٩ ، ٣٨٠ ، ٣٨٥ ، ٤٥٩

الاصابة ٢٧٤

الاصول الاصيلة ٣ ، ٤ ، ١٠٣ ، ١٠٩ ، ١١٣ ، ١٢٢

__________________

(١) بما أننا ذكرنا المصادر والمدارك وأعوام طبعها ومحاله وأسماء المؤلفين فى مواضعها من التعليقات مفصلة اكتفينا هنا بذكر أسماء الكتب فقط.


الاصول الستة ٢٦٠ ، ٣٥٥ ، ٣٨٣ ، ٣٩١ ، ٤١٦ ، ٤٤٦ ، ٤٥٩ ، ٤٧٢

الاعتقادات ٤٢٨

اعلام الموقعين ٣٢٧

اعلام الورى ٧٠

الاغانى ١٦٧ ، ٤٠٨ ، ٥٠٦ ، ٥٠٧

الافراد ٢٣

الاكمال ١٧٦

ألف ليلة وليلة ٤١٠

ألفية ابن مالك ٤٠ ، ٢٠٠

الامالى ( لثعلب ) ٤٩٨

أمالى المرتضى ـ غرر الفرائد

أمالى المفيد ـ المجالس ٦١ ، ٦٢ ، ٢٥٨ ، ٢٦٢ ، ٢٨٥

الامالى والنوادر ٤٠٩

الامامة والسياسة ١٣٠ ، ١٦٠ ، ١٦١ ، ٣٢٨ ، ٤٩٧

الام ٢٦٥ ، ٣٦٦

الاموال ١٨٧ ، ٣٢٨

الانوار الشافعية ٥٦٧

الاوسط ٢٩ ، ٣٨٦ ، ٤٠٥

الايضاح ٣ ، ٢٠ ، ٦٠ ، ١١٣ ، ١٤٥ ، ٢٠٩ ، ٢١٠ ، ٢١١ ، ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، ٢٢٨ ، ٢٥٦ ، ٣١٥ ، ٣٣١ ، ٣٣٥ ، ٤٠٨ ، ٤٢٦ ، ٤٣٣ ، ٤٤٠ ، ٤٤١ ، ٤٧٧ ، ٥٠٥ ، ٥٣١

إيضاح الاشتباه ٥٦٥

إيضاح المكنون ٣١٩

الايقاظ من الهجعة ٣٨٢ ، ٤٠٣ ، ٤٠٧ ، ٤٣٠

الايمان والرجعة ٣٨٢

ب

بحار الانوار ١٣ ، ٢٠ ، ٢١ ، ٢٨ ، ٣٧ ، ٤٠ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٥٠ ، ٥٦ ، ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٥ ، ٦٧ ، ٧١ ، ٧٦ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٢ ، ٨٦ ، ٩٦ ، ٩٩ ، ١٣١ ، ١٣٥ ، ١٣٦ ، ١٣٧ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٤٩ ، ١٥٠ ، ١٥١ ، ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٥٤ ، ١٥٥ ، ١٥٦ ، ١٥٨ ، ١٥٩ ، ١٦٠ ، ١٦٣ ، ١٦٥ ، ١٦٦ ، ١٦٩ ، ١٧٣ ، ١٧٤ ، ١٨٨ ، ١٨٩ ، ١٩١ ، ١٩٢ ، ١٩٣ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ١٩٦ ، ١٩٧ ، ١٩٨ ، ٢٠٣ ، ٢٠٨ ، ٢٣٠ ، ٢٣٣ ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٥٣ ، ٢٥٥ ، ٢٥٦ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ٢٦٠ ، ٢٦١ ، ٢٦٢ ، ٢٦٤ ، ٢٧٧ ، ٢٨١ ، ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥ ، ٣٠٦ ، ٣٢٦ ، ٣٣٤ ، ٣٤٦ ، ٣٤٨ ، ٣٦٠ ، ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٧٢ ، ٣٧٥ ، ٣٨٢ ، ٤٠٣ ، ٤٠٧ ، ٤٣٠ ، ٤٣٥ ، ٤٣٧ ، ٤٣٨ ، ٤٥١ ، ٤٥٣ ، ٤٥٨ ، ٤٦٢ ، ٤٦٥ ، ٤٦٦ ، ٤٨١ ، ٤٩٢ ، ٥٣٥ ، ٥٣٦ ، ٥٣٨ ، ٥٥٦


البداية ( للشهيد الثانى ) ٢٠١

البداية والنهاية ١٣٠ ، ٢٧٤ ، ٢١١ ، ٣٨٣ ، ٣٨٤ ، ٣٨٧ ، ٣٩٩ ، ٤٠٩ ، ٤٢١ ، ٤٢٢

بشارة المصطفى ١٩١ ، ١٩٢ ، ١٩٣ ، ١٩٦ ، ٢٣٠

بصائر الدرجات ٧١ ، ٤٠٧ ، ٤٦٢ ، ٤٦٥

البعث ٢٥ ، ٣٨٨ ، ٣٨٩

بعض فضائح الروافض ٢١٧ ، ٣٠٢ ، ٤٢٧

بعض مثالب النواصب ٢١٧ ، ٣٠٢ ، ٣٥٠ ٤٢٧

( كتاب ) بغداد ٤٨٦

بغية الباحث ٣١٩

بلوغ الارب ٤٠٩

البيان ١٢

بيت الاحزان ٢٥٧

ت

التاج ٥٠

تاج العروس ١٣٤ ، ١٥٩ ، ١٦٥ ، ١٦٦ ، ٢٠٤ ، ٢٧٥ ، ٣١٨ ، ٣٩٥ ، ٤١٤ ، ٤٣٤

تاريخ ابن الاثير ٢٧٤ ، ٣٩٧

تاريخ ابن عساكر ٣٢٨ ، ٣٤٤ ، ٤٠٠ ، ٤٠٩ ، ٤١٢

تاريخ ابن كثير ٣٨٣ ، ٣٨٥ ، ٣٨٧ ، ٣٨٩

تاريخ ابن النجار ٤٣١

تاريخ بحيرة ٤١٠

تاريخ البخارى ٤٥ ، ٢٢١ ، ٣٨٩

تاريخ بغداد ٢٧٥ ، ٣١٠

تاريخ البلاذرى ٢٣٦

تاريخ الثقفى ٢٥٦ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ٢٦٤ ، ٣٧٥

تاريخ الحاكم النيسابورى ٤٠٢

تاريخ الخطيب ١٦

تاريخ الخلفاء ١٣٠ ، ٣٠٧ ، ٣٠٨

تاريخ الخميس ٢٧٤

تاريخ الطبرى ٦٨ ، ٩١ ، ١٦٩ ، ٢٥٦ ، ٢٥٧ ٢٧٣ ، ٣٢٨ ، ٣٩٧ ، ٤٨٣ ، ٥٤٣

تاريخ الواقدى ٢٥٨

تاريخ اليعقوبى ٣٩٩

تأويل مختلف الحديث ٢١٣ ، ٢٩٥ ، ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، ٤٦٩ ، ٥٢٨ ، ٥٣٢ ، ٥٣٤

تبصرة العوام ٧ ، ١١ ، ١٤ ، ٢٠ ، ٢٦ ، ٣١ ، ٣٢ ، ٣٧ ، ٤٠ ، ٢٧٦ ، ٣٠٩

التبصير ٢٦٣

تبيين المفترى ١٢

التجريد ٣٠٥

تجريد العقائد ٢٣١ ، ٣٢٤ ، ٤٨١

التذكرة ( لسبط ابن الجوزى ) ٢٥٦ ، ٢٥٧

التذكرة ( للعلامة ) ٢٨٤ ، ٢٩٣ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥

ترجمة الباب ٢٦٦

تسهيل المنافع ٥٩

تشييد المطاعن وكشف الضغائن ٦٥ ، ١٣١ ،


١٣٨ ، ١٥٧ ، ١٦٦ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ١٩٧ ، ١٩٨ ، ٢٦٠ ، ٣٢٦ ، ٣٢٨ ، ٣٦٠ ، ٤٣٣ ، ٤٣٦ ، ٤٤٨ ، ٥٢٧

تعليقات الايضاح ٦٠ ، ٦٥ ، ٦٧ ، ٨٠ ، ٨٤ ، ٨٦ ، ٨٧ ، ٩٦ ، ١٣٦ ، ١٥٦ ، ١٦٦ ، ١٧٢ ، ١٨١ ، ٣٧٦ ، ٤١٠ ، ٤١٢ ، ٥٥٧

تفسير ابن كثير ٣٢٧

تفسير ابى الفتوح الرازى ٨ ، ١٢ ، ٣٠ ، ٣٢ ، ٣٤ ، ٣٧ ، ٣٨ ، ٤٣ ، ٣٤٩

تفسير البرهان ١٨٩

تفسير الثعلبى ٩

تفسير الجرجانى ـ جلاء الاذهان ٩ ، ٣٧

تفسير الخازن ٣٢٧

تفسير الطبرى ٣٢٧

تفسير على بن ابراهيم ٢٨ ، ١٥٦

تفسير العياشى ١٣ ، ٣٩ ، ١٨٨ ، ١٨٩ ، ٣٦٨

تفسير منهج الصادقين ٣٧

تقريب التهذيب ٦٩ ، ٨١ ، ١٥٩ ، ١٦٢ ، ١٧٨ ، ١٨٠ ، ١٨١ ، ١٨٢ ، ١٨٥ ، ٢٠٨ ، ٢٦٠ ، ٣٠٥ ، ٣٥٥ ، ٣٥٩ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٣٦٩ ، ٣٨٢ ، ٣٨٣ ، ٣٩١ ، ٤١٦ ، ٤٢٢ ، ٤٣٤ ، ٤٣٧ ، ٤٤٢ ، ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، ٤٥٣ ، ٤٥٤ ، ٤٥٥ ، ٤٥٨ ، ٤٩٧ ، ٥٦٣

تلخيص الشافى ١٣٠ ، ١٣٥ ، ١٣٧ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ،

١٤٧ ، ١٤٩ ، ١٥٠ ، ١٥١ ، ١٥٢ ، ١٥٤ ، ١٥٥ ، ١٨٩ ، ٣٠٨ ، ٤٨٠

تنزيه الأنبياء ٣٥ ، ٣٨ ، ٤٢ ، ٣٥٠

تنقيح المقال ٦٠ ، ٦٩ ، ٧٥ ، ٣٠٢ ، ٤٠٠ ، ٥٤٠ ، ٥٤٣ ، ٥٦٤

تنوير الحوالك ٢٦٥

تهذيب التهذيب ٤٧ ، ٦٦ ، ٦٩ ، ٨١ ، ٨٨ ، ٨٩ ، ١٣٣ ، ١٧١ ، ١٨٠ ، ١٨١ ، ١٨٢ ، ٢٩٠ ، ٣٠٠ ، ٣٥٥ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٣٦٩ ، ٣٧٩ ، ٤١٦ ، ٤٢٢ ، ٤٣٤ ، ٤٣٦ ، ٤٣٧ ، ٤٤٢ ، ٤٤٤ ، ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، ٤٥٤ ، ٤٧٢ ، ٤٧٣ ، ٤٩٧ ، ٥٦٣

التوحيد ( للجاحظ ) ٥٢٤ ، ٥٤١

التوحيد ( للصدوق ) ٢١

التوراة ٢٨ ، ٣٥٣

ث

ثمار القلوب ٣٥٤

ثواب الاعمال ١٧٧

ج

الجامع ( لسعيد بن جبير ) ٩٢

الجامع ( لعبد الرزاق ) ٢٦٥

جامع الاصول ٤٩ ، ٢٠٣ ، ٢٣٣ ، ٣٤٦ ، ٤٣٥ ، ٤٣٨

الجامعة ٤٦٦ ، ٤٦٧ ، ٤٦٩

جامع الترمذي ٤٧


الجامع الصغير ٩ ، ٤٥ ، ٤٧ ، ٤٨ ، ٥١ ، ٢٠٢ ، ٢٢١ ، ٢٣٥ ، ٢٧٧ ، ٢٨٧ ، ٣٣٨

الجامع الكبير ٣٢٧

جامع مسانيد ابى حنيفة ٢٧٠ ، ٢٧١ ، ٣٠٥

الجعديات ٣٠٨

الجفر ٤٦٦ ، ٤٦٧ ، ٤٦٨ ، ٤٦٩

جلاء الاذهان ٩ ، ٣٧

الجمع بين الصحيحين ٣٥٩

جمع الجوامع ( للسيوطى ) ٣٢٨ ، ٣٦٥

الجمل ٧٥

جمهرة أنساب العرب ١٧٦

جمهرة النسب ٥٥٢

الجهاد والسير ٣٦٠

جوامع الجامع ( للطبرسى ) ٣٤٦

ح

حياة الحيوان ٨٢ ، ٩٠ ، ١٥٠ ، ٢١٢ ، ٢٧٥ ، ٤٢٣ ، ٤٢٥ ، ٤٦٧ ، ٥٢٩ ، ٥٣٠ ، ٥٣١

حياة الحيوان الكبرى ٤٦٨

حياة القلوب ٣٧

حذو النعل بالنعل ٣٨٢

حق اليقين ٣٨٢

حلية الاولياء ٢٧٨ ، ٣٠٨ ، ٣٣٨ ، ٣٤٢ ، ٣٧٩ ، ٣٩٢ ، ٤١٧ ، ٤٧٠

خ

الخرائج والجرائح ٣٨٢ ، ٤٢٩ ، ٤٣٠

الخراج ٤٨٠

خزانة الادب ٤٠٩

الخصائص ٧٠

الخصال ٢٧ ، ١٨٦ ، ١٨٨

خلاصة تذهيب الكمال ٤٥ ، ٤٦ ، ٤٧ ، ٦٠ ، ٦١ ، ٨١ ، ٨٨ ، ١٣٣ ، ١٦٢ ، ١٧١ ، ١٨٠ ، ٣٠٠ ، ٣٠٥ ، ٣٥٩ ، ٤٠٤ ، ٤٤٢ ، ٤٥٢ ، ٥٦٣

خلاصة الوفاء ٤٩١ ، ٤٩٢

الخلاف ٢٦٧

د

دائرة المعارف ( للبستانى ) ٤١٠

دار السلام ٤٠٨ ، ٤١١ ، ٤١٢

الدر المنثور ١٣ ، ١٤ ، ٢٣ ، ٢٥ ، ٢٧ ، ٤٠ ، ١٨٦ ، ٢١٢ ، ٢٢٠ ، ٢٧٨ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٣٢٣ ، ٣٢٥ ، ٣٢٦ ، ٤٣٨ ، ٤٣٩ ، ٤٤٠ ، ٤٤٤ ، ٤٤٥ ، ٤٥٦

الدعاء ٢٩١

دعائم الاسلام ٢٩٤ ، ٣٣٢ ، ٤٨٥

الدلائل ٣٠٨

دلائل النبوة ٣٩٣ ، ٤٠٣ ، ٤٢٣

ذ

ذخائر العقبى ٣٥٧

الذريعة ( للشيخ آقا بزرگ ) ٤٠٨

الذريعة ( للمرتضى ) ٥٢٦

ر

( كتاب ) الرؤية ١٤ ، ٢٥


ربيع الابرار ٢٥٥ ، ٥٣٧

رجال الشيخ الطوسى ٦٩

الرجعة ( للفضل بن شاذان ) ٣٨٢

كتاب الرحمة ٥٩

الرسالة ( للشافعى ) ٢٠٢

رسالة الرجعة ( للمجلسى ) ٣٨٢

الرسالة الحاتمية ٤١٠

الرسالة العزيزة ٢٠١

الرسالة القشيرية ٤٠٣ ، ٤٢٠ ، ٤٢٥

كتاب الرهبان ٤٣١

الروضة ٤٠٥

روض الرياحين ٤٠٣ ، ٤٢٤

رياض السالكين ٤٠٠

الرياض النضرة ٢٧٥ ، ٣٥٧

ز

زبور ١

زلة الأنبياء ٣٥٠ ، ٣٥١

س

السرائر ٧٧

سعد السعود ٧٧ ، ٧٨ ، ٤٠٢ ، ٤٠٣ ، ٥٥٥

سفينة البحار ٧٤ ، ٨٠ ، ٢٥٦ ، ٢٥٨ ، ٢٥٩ ، ٢٨٤ ، ٤٥١ ، ٤٥٥ ، ٤٥٩ ، ٤٦٨ ، ٥٣٦ ، ٥٣٨ ، ٥٤٢

سفينة النجاة ٣ ، ٤ ، ١٠٩ ، ١١٣

كتاب السقيفة ٣٢٨

سلوك الملوك ٥٦٥ ، ٥٦٧

السنة ١٤ ، ٢٢

السنة ( للاكائى ) ٤٠٥

سنن ابن ماجة ٤٥ ، ٥١ ، ٢١٢ ، ٢٧٧

سنن ابى داود ١٩ ، ٥١ ، ٢٧٧

السنن الاربعة ٢١٢

سنن البيهقى ١٨٦ ، ٢٦٥ ، ٢٦٦ ، ٣٠٦ ، ٣٢٣ ، ٣٣٧ ، ٣٤٤ ، ٣٥٦ ، ٣٦٦

سنن الترمذي ٤٥ ، ٤٨ ، ٢٢١ ، ٢٧٧

سنن سعيد بن منصور ٣٣٨

سنن الدارمى ٣٢٧

السنن الكبرى ٢٧٠ ، ٢٧٦ ، ٣٢٧ ، ٣٥٧ ، ٣٦٥

سنن النسائى ٤٨ ، ٥١ ، ٢٧١ ، ٢٧٧ ، ٤٦٠

سيرة عمر ٢٧٦

ش

الشافى ٥٦ ، ٦٥ ، ١٣٠ ، ١٣٥ ، ١٣٧ ، ١٣٨ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٤٩ ، ١٥٠ ، ١٥١ ، ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٥٤ ، ١٥٥ ، ١٨٩ ، ١٩٧ ، ٢٣٦ ، ٣٠٨ ، ٣٤٧ ، ٤٨٠

شذرات الذهب ٣٩٨

شرح الاربعين ٤٦٦

شرح التصريف ١٣٥

شرح تجريد العقائد ( للعلامة الحلى ) ٢٣١

شرح تجريد الاعتقاد ( للفاضل القوشچى ) ٣٢٤

شرح ديوان حاتم ٤٠٨


شرح ديوان زهير بن ابى سلمى ١٦٧ ، ١٦٨

شرح ديوان كعب بن زهير ١٤٦

شرح الشفاء للشهاب ( ـ شرح شفاء القاضى عياض لشهاب الدين احمد الخفاجى ) ١٨٠

شرح شواهد المغنى ١٦٧ ، ٤٠٩

شرح الصدور ٣٨٥ ، ٣٨٩ ، ٣٩٠ ، ٤٠٣ ، ٤٠٤ ، ٤١٤ ، ٤١٥ ، ٤٣٠ ، ٤٣٢

شرح قصيدة الحميرى ٨٢

شرح الكافية ١٩٢

شرح المائة كلمة لامير المؤمنين ٧١

شرح مقامات الحريرى ٤٠٨

شرح المواقف ٤٦٦ ، ٤٦٧

شرح النووى ( على صحيح مسلم ) ٤٣٦

شرح نهج البلاغة ( لابن ابى الحديد ) ٥٠ ، ٦٠ ، ٦٣ ، ٦٥ ، ٧١ ، ٨٤ ، ٨٦ ، ١٣١ ، ١٣٥ ، ١٣٦ ، ١٣٧ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٤٩ ، ١٥٠ ، ١٥١ ، ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٥٤ ، ١٥٥ ، ١٦٠ ، ١٦٧ ، ١٦٩ ، ١٧٤ ، ١٨٩ ، ١٩٧ ، ٢٥٠ ، ٢٦٠ ، ٢٦٣ ، ٢٧٢ ، ٢٧٥ ، ٣٢٨ ، ٣٧٦ ، ٤٥٣ ، ٤٧٩ ، ٤٩٤ ، ٤٩٨ ، ٥٠٥ ، ٥٣٧ ، ٥٤٠ ، ٥٤١

شرح وجيزة الشيخ البهائى ٢٠١

شروح التجريد ٣٢٦ ، ٤٨١

الشريعة ٢٥

الشعر والشعراء ٤٠٨

شفاء الصدور ٩٠

شمع اليقين ١٣٥

الشهاب ( للقاضى القضاعى ) ٣٣٨

شيخ المضيرة ابو هريرة ٦٠ ، ٣٥٤

ص

الصافى ٢٧ ، ٢٠٧

الصحاح ( للجوهرى ) ١٦٢ ، ٣١٨ ، ٣٩١ ، ٤١٩ ، ٤٥٨ ، ٥٠١

الصحاح الست ٣٢٩ ، ٣٦٩

صحيح ابن حبان ٥١ ، ٢٧٧

صحيح البخارى ٤٧ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ١٩٤ ، ٢٢١ ، ٢٣٣ ، ٢٣٥ ، ٢٧٧ ، ٤٥٩ ، ٤٦١

صحيح الترمذي ( السنن للترمذى ) ٤٣٥

صحيح مسلم ٩ ، ٤٨ ، ١٨٧ ، ٢١٢ ، ٢٢١ ، ٢٣٣ ، ٢٣٥ ، ٢٧٧ ، ٣٤٨ ، ٤٣٥ ، ٤٣٦ ، ٤٣٨ ، ٥٣٨

الصحيحين ٢٢٠ ، ٣٥٢ ، ٤٩١ ، ٤٩٢

صحيفة آل محمد ٤٥٩ ، ٤٦١ ، ٤٦٢ ، ٤٦٣ ، ٤٦٤ ، ٤٦٥ ، ٤٦٦

الصراط المستقيم ١٣٥

صفة الصفوة ٢٢٣ ، ٣٧١ ، ٣٧٨ ، ٣٩٤

( كتاب ) صفين ٨٦ ، ٤٥٣

كتاب الصلاة ٢٧

الصواعق المحرقة ٢٣٤ ، ٣٠١ ، ٣٠٧ ، ٤٧٦


ط

الطبقات ٣٠٥ ، ٣٧١ ، ٣٧٤ ، ٣٧٦ ، ٣٧٧ ، ٣٧٩ ، ٣٨٠ ، ٣٩٣ ، ٤١٧ ، ٤٧٠

الطرائف ٢٨ ، ١٦٦

ع

عبقات الانوار ٩٩ ، ٥٦٨

العدد القوية ١٦٣

العرائس ٨ ، ٩ ، ٢٩ ، ٣١ ، ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٤٩

العقد الفريد ١٦٧ ، ٢٧٠ ، ٢٧٣ ، ٢٧٤ ، ٣٢٩ ، ٤٠٨ ، ٤٩٣

علل الشرائع ٣٩ ، ٤١ ، ١٥٦ ، ٤٩٣

كتاب العلم ٣٥٧

عمدة القارى ٢٠٢

العواصم من القواصم ٨٢ ، ٨٣

عوالى اللئالى ٤١٩

عينية ابن ابى الحديد ٢٧٩

غ

الغارات ٧١ ، ٣٧٢ ، ٤٥٣

غاية المرام ٩٩ ، ١٣٥ ، ١٣٧ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ، ١٥٦ ، ٣٣٤ ، ٤٥١ ، ٤٥٥

الغدير ٩٩ ، ٢٧٠ ، ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، ٣٢٦ ، ٣٢٧ ، ٣٢٨ ، ٣٥٥ ، ٣٦٥

غرر الخصائص الواضحة ١٤٦

غرر الفرائد ـ الامالى للسيد المرتضى ٩ ، ٣٩

غريب الحديث ٥١

الغريبين ٧٧

ف

الفائق ١٦٣ ، ١٦٦ ، ٢٣٧ ، ٥٣٧

الفتح ٢٠٢

الفتوح ٢٦٣ ، ٢٦٥

فتوح البلدان ٤٧٩ ، ٤٨٤

الفخرى ٤٦٩

الفرائض ( للفضل بن شاذان ) ٣٨٢

فرحة الغرى ٢٩٤

فصل الخطاب ٢٠٩ ، ٢١١ ، ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، ٢٢٨ ، ٢٩١ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٣١٥ ، ٤٢٥ ، ٤٤٠ ، ٤٤١ ، ٤٤٢ ، ٤٧٧

الفصول المختارة ٢٤٦ ، ٢٦٠ ، ٢٦١ ، ٢٩٨ ، ٣١٧ ، ٣٣٣

الفصول المهمة ٤٦٨

فضائل الصحابة ٣٢٨

الفقيه ٨٢

الفهرست ( لابن النديم ) ٥٥٢

الفهرست ( للشيخ الطوسى ) ٣٨٢

فهرست كتابخانه مجلس شوراى ملى ٥٥٧

فيض القدير ٢٠٢

ق

القاموس ٤٨ ، ٦٩ ، ١٥٩ ، ٢٠٠ ، ٢٠٤ ، ٢٥٣ ، ٢٧٥ ، ٣٠٥ ، ٣١٨ ، ٣٢١ ، ٣٩١ ، ٤١١ ، ٤١٨ ، ٤٢١ ، ٥٠١ ، ٥٣٧

كتاب القبور ٤٠٥


القراءات ٢١٠

القرآن ـ كتاب الله المجيد فى كثير من الصفحات

قرب الاسناد ٢٥٦ ، ٢٦٤ ، ٤٩٢

قصص العلماء ٧ ، ١١

قواعد التحديث ٢٠٢ ، ٢٠٣

ك

الكافى ١٩٦ ، ٢٠٨ ، ٢٨٣ ، ٤٦٦ ، ٤٦٧ ، ٤٨٤

الكافية ٧٦

الكامل ( لابن الاثير ) ١٦٩ ، ٣٩٨ ، ٣٩٩ ، ٥٤٣

الكامل ( لابن عدى ) ١٤

الكامل ( للمبرد ) ١٦٠ ، ٣٢٨

الكبير ٢٢٠ ، ٣٢٨ ، ٣٨٥ ، ٣٨٦

كتاب أحمد بن مردويه ٦٢

كتاب أخطب خوارزم ٦٢

كتاب سليم بن قيس ١٥٦ ، ٢٨٣

الكرماء ٤١٠

الكشاف ٢١٦

كشف الحق ١٧ ، ٤٨١

كشف الغمة ٤٨ ، ٤٩ ، ٢٥٥ ، ٢٦٢ ، ٤٢٩

كشف الكربة ٢٣١

كشف اليقين ٦٢ ، ١٧٣

الكشكول فيما جرى على آل الرسول ١٥٤

كفاية المتحفظ ٥٩

الكنى والالقاب ٦٠ ، ٧٤ ، ٥٣٧

كنز العمال ٢٧٠ ، ٣٠٦ ، ٣٠٨ ، ٣٢٨ ،

٢٣٧ ، ٣٦٥

كنوز الحقائق ٣٣٨

گ

گلزار قدس ٧٤

ل

اللئالئ المصنوعة ١١ ، ١٢ ، ١٤ ، ١٥ ، ١٦ ، ٢٢

اللباب ١٨٠ ، ٣١١ ، ٣٥٩ ، ٤٣٤

لزوميات أبى العلاء المعرى ٤٦٩

لسان العرب ٦٩ ، ٢٣٩ ، ٣١٨ ، ٣٧٣ ، ٤٧٨

لسان الميزان ٣١٠

لغت نامه دهخدا ٤١٠

م

المجالس ( للصدوق ) ٤١

المجالس ( للمفيد ) ـ الامالى

المجلى ١٥٦ ، ٢٥١ ، ٢٥٢ ، ٢٥٩ ، ٢٨١ ، ٤٨١

مجمع الامثال ١٥٠ ، ٣٧٠

مجمع البحرين ١٣٧ ، ١٦٢ ، ١٨٦ ، ١٩٦ ، ٢٠٠ ، ٢٩٩ ، ٣٦٢ ، ٣٧٠ ، ٣٨١ ، ٣٩٥ ، ٤١٧ ، ٤١٨ ، ٤٣٩ ، ٤٦١ ، ٤٧٧

مجمع البيان ٢٧ ، ٣٦ ، ٣٨

مجمع الزوائد ٢٨ ، ٥١ ، ١٧٦ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٩١ ، ٣٠٩ ، ٣٣٨ ، ٣٤٤ ، ٣٦٣ ، ٣٨٦ ، ٤٤٥ ، ٥٥٥


مجمل اللغة ٧٧

مجموع المتون العربية ٣١٩

المحاسن والاضداد ٤٠٨

المحاسن والمساوى ٤٠٩

المحاضرات ٢١٢ ، ٢٧٠ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٢٩٤

محاضرة الابرار ٤٠٩

المحكم ١٦٥

المحيط ٥٦٥

محيط المحيط ١١١ ، ٢٠٤ ، ٣١٦ ، ٣١٨ ، ٣٢١ ، ٣٤٥ ، ٤١٨

المختارة ٣٢٨

مختصر تذكرة القرطبى ٤٠٤

مختصر كنز العمال ٤١٩

مدينة المعاجز ٧٢ ، ٤٣٠

مرآة الجنان ٣٩٧

مرآة الزمان ٣٢٨

مرآة العقول ٢٨٣ ، ٤٦٦

مراصد الاطلاع ٧٠

مروج الذهب ٧٤ ، ٢٧٤ ، ٣٢٨ ، ٤٠٩ ، ٥٦١

المزار ( للشهيد ) ٢٩٤

المزار الكبير ٢٩٣ ، ٢٩٤

المستجاد ٤٠٨

المستدرك ( للحاكم ) ٨٩ ، ٩٠ ، ٢١٩ ، ٢٢٠ ، ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، ٢٧١ ، ٢٨٧ ، ٣٧٢ ، ٣٧٤ ، ٣٧٧ ، ٣٧٨ ، ٣٧٩ ، ٣٨٠

مستدرك الوسائل ٢٧٧ ، ٢٩٤ ، ٣٠٦ ، ٣٣١ ، ٣٣٢ ، ٣٣٥ ، ٤١٩ ، ٤٣٣ ، ٤٣٥ ، ٤٣٦ ، ٤٣٩ ، ٤٤٠ ، ٤٤١ ، ٤٤٢ ، ٤٤٣ ، ٤٤٤ ، ٤٤٥ ، ٤٤٦ ، ٤٤٧ ، ٤٨٥

المسترشد ٥٣ ، ٦١ ، ٧٤ ، ٩٠ ، ٩٢ ، ١٣٥ ، ١٣٧ ، ١٣٨ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ، ١٤١ ، ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٥٦ ، ١٧١ ، ١٧٣ ، ١٧٥ ، ١٧٩ ، ٢٤٩ ، ٢٥١ ، ٢٥٨ ، ٢٨٠ ، ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٧٠ ، ٣٧٣ ، ٣٧٤ ، ٣٧٨ ، ٤٧١ ، ٤٨٩ ، ٥٣٤

المستطرف ٤١٠

مسكن الفؤاد ٤٠٣

مسند ابى داود ٥١

مسند احمد بن حنبل ٤٧ ، ٥١ ، ١٧٦ ، ٢١٢ ، ٢٢١ ، ٢٣٥ ، ٢٦٥ ، ٢٧٧ ، ٣٣٨ ، ٤١٩ ، ٤٦٠

مسند اسحاق بن راهويه ٢٥

مسند الترمذي ٥١

مشارق الانوار ٤٠٤

المشكاة ٤٣٨

المصاحف ( لابن ابى داود ) ٤٤١

المصاحف ( لابن الانبارى ) ٤٠٠

المصباح المنير ٢٣٩ ، ٣١٨ ، ٣٦١ ، ٣٧٣ ، ٣٩٦ ، ٣٩٧ ، ٤١١ ، ٤٨٨ ، ٥٠٢

مصحف فاطمة ٤٦٦


المصنف ١٨٦

المطول ٤١

المعارف ٢٧٤ ، ٤٩٦

معالم الزلفى ٤٠٧

معانى الاخبار ٢٦ ، ٢٧ ، ٣٩ ، ٧٦

معجم البلدان ٨٣ ، ١٧١ ، ٣١٠ ، ٤٢٠ ، ٤٧٤ ، ٤٧٨ ، ٤٧٩ ، ٤٨٤ ، ٤٨٨ ، ٤٩٠

معلقة زهير ( قصيدة ) ٣٣٢

معلقة عنترة بن شداد ( قصيدة ) ١٠٠

معيار اللغة ٣١٨

المغرب ١٣٧ ، ٢٨٣

المغنى ٦٩ ، ٤٩٧

المغنى ( للقاضى عبد الجبار ) ٦٥ ، ١٩٧ ، ٤٨٠

مغنى اللبيب ١٣ ، ٢٤٠

المفاخرات ٨٥

مفتاح الفردوس ٢٩٤

مقاتل الطالبيين ٧٢ ، ٣٩٩ ، ٤٠٠

مقالات الاسلاميين ١٨ ، ٢٦

مقياس الهداية ٢٠١ ، ٣٠٢

مقدمة النقض ٤٢٨

الملل والنحل ٧ ، ١٩ ، ١٨٥

المناقب ( لابن شهرآشوب ) ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٧ ، ٧١ ، ٧٦ ، ٧٩ ، ١٧٦ ، ١٩٢ ، ١٩٣ ، ١٩٦ ، ٥٣٦

المناقب ( لاحمد بن مردويه ) ١٧٣

المناقب ( لاحمد بن موسى ) ٤٥٥

المناقب ( للخوارزمى ) ٣٥٧ ، ٤٢٨ ، ٤٣٠

منتخب كنز العمال ١٧٦ ، ٢٦٥ ، ٣٢٨ ، ٣٣٧

منتهى المطلب ٤٨١

من عاش بعد الموت ٣٨٧ ، ٤٠٥

المنمق ٢٧٥

منهاج الكرامة ١٧ ، ١٩٧

المهذب ٥٥٤

الموافقات ٣٥٧

موافقة صريح المعقول ١٩

الموضوعات ٢٠٣ ، ٣٠٣

الموطأ ٢٠٣ ، ٢٦٥ ، ٢٦٦

الميزان ( للذهبى ) ١٢ ، ٢٢ ، ٣٠٥ ، ٣٤٤ ، ٤٣١

الميزان ( للشعرانى ) ٥٣٣

ن

ناسخ التواريخ ١٣٥

الناسخ والمنسوخ ٢٢٠

نزهة النظر ٢٠٢

نصاب الصبيان ٤١٤

النصائح الكافية ٤٧٢

نفس الرحمن ٢٨٢ ، ٢٨٤

النقض ( لعبد الجليل ) ٨ ، ٤٤ ، ٢١٧ ، ٤٣٢ ، ٥٦٨

النقض على الاسكافى ٣٨٢

النهاية ١٣ ، ١٥ ، ٢٦ ، ٢٨ ، ٤٩ ، ٥١ ، ٥٨ ، ٧٦ ، ٧٧ ، ٨٤ ، ٨٦ ، ٨٩ ، ١٣٢ ، ١٣٣ ،


١٣٤ ، ٢٤١ ، ١٦٥ ، ١٧٩ ، ١٨٣ ، ١٨٤ ، ١٨٥ ، ١٨٦ ، ١٩٢ ، ٢٠٠ ، ٢٠٣ ، ٢٢٤ ، ٢٣٢ ، ٢٣٦ ، ٢٣٩ ، ٢٤٨ ، ٢٥٠ ، ٢٥٣ ، ٢٦٣ ، ٢٦٧ ، ٢٧٩ ، ٢٩٩ ، ٣٠١ ، ٣٠٣ ، ٣٠٧ ، ٣٣٢ ، ٣٦١ ، ٣٦٢ ، ٣٦٣ ، ٣٦٤ ، ٣٦٨ ، ٣٧٠ ، ٣٧٣ ، ٣٨٠ ، ٣٨١ ، ٣٩٦ ، ٤١١ ، ٤١٧ ، ٤٢٠ ، ٤٢١ ، ٤٢٦ ، ٤٣٩ ، ٤٤٥ ، ٤٤٨ ، ٤٥٣ ، ٤٦١ ، ٤٩٠ ، ٤٩٢ ، ٤٩٨ ، ٥٠١ ، ٥٢٨ ، ٥٣٦

نهج البلاغة ٣٧٦ ، ٤٦٧ ، ٥٤٠

نهج الحق وكشف الصدق ١٩٧ ، ٤٥٥

نور الابصار ٢٧٥ ، ٤٦٨

ووسائل الشيعة ٢٧٧ ، ٤٨٤

وصول الاخيار ٢٠١

وفاء الوفاء ٤٩١

وفيات الاعيان ٣١٠ ، ٤١٧ ، ٥٤٤

ى

يواقيت التيجان ٨

وافق الفراغ من تصحيح هذه الفهارس التسعة يوم الاحد

١٣ جمادى الاولى من شهور سنة ١٣٩٢ ه‍

٤ تير ١٣٥١ ه‍ ش


فهرس اجمالىّ لما انطوت عليه المقدّمة

١ ـ تعريف المؤلف والكتاب والغرض منه.

١ ـ ترجمة الفضل عن ريحانة الادب.

٢ ـ ترجمة الفضل عن مجالس المؤمنين.

٧ ـ ترجمة الفضل عن گنج دانش.

٨ ـ ترجمة الفضل عن تحفة الاحباب.

٩ ـ ادراك الفضل أربعة من الائمة عليهم‌السلام

٩ ـ فى أن الفضل أزدى نسبا.

١٠ ـ فى أن « المسترشد » مأخوذ من « الايضاح ».

١٠ ـ فى أن روايات الكتاب من كتب العامة فقط.

١١ ـ ظن أن الفضل مترجم حاله فى تأريخ الحاكم.

١١ ـ هل الفضل سمى كتابه بالايضاح أم الناس؟

١١ ـ احتمال التصحيف بين « الايضاح » و « الديباج ».

١٤ ـ تبين جلالة الفضل من كتب الشيعة.

١٦ ـ ترجمة الفضل نقلا عن رجال الكشى.

٢٠ ـ ترجمة الفضل نقلا عن فهرست الطوسى.

٢٢ ـ ترجمة الفضل نقلا عن رجال النجاشى.

٢٣ ـ ترجمة الفضل نقلا عن الخلاصة للعلامة الحلى.

٢٣ ـ ترجمة الفضل نقلا عن رجال ابن داود.

٢٤ ـ الجواب عما نقل من الذم فى حق الفضل.

٢٨ ـ ترجمة الفضل نقلا عن تأسيس الشيعة.

٢٩ ـ ما قال ابن النديم فى الفهرست فى حق الفضل.

٣٠ ـ رواية الفضل عن على بن موسى الرضا (ع).

٣٢ ـ جلالة قدر الفضل عند الشيعة الامامية.

٣٤ ـ نقل ترجمة الفضل عن كتب الميرزا محمد الاخبارى.

٣٧ ـ ترجمة الفضل نقلا عن كتب الفيض القاسانى.

٣٩ ـ ترجمة الفضل نقلا عن كتب المحدث النورى.

٤٠ ـ ترجمة الفضل نقلا عن كتب المحدث القمى.

٤٢ ـ ترجمة إيضاح الفضل نقلا عن الذريعة.


٤٣ ـ التنبيه على اشتباه وقع فى كلام صاحب الذريعة.

٤٤ ـ فى أن « شاذان » هل هو لقب الخليل أم اسم ابنه؟

٤٨ ـ قبر الفضل بن شاذان وما يتعلق به.

٥٢ ـ الاعتراض على كلام قاله دهخدا (ره) فى لغت نامه.

٥٣ ـ فى أن « المسترشد » مأخوذ من « الايضاح ».

٥٣ ـ فى أن روايات « الايضاح » من كتب العامة فقط.

٥٤ ـ هل الفضل سمى الكتاب بالايضاح أم الناس؟.

٥٥ ـ فى أن الفضل أزدى نسبا.

٥٦ ـ فى أن « الازد » من شيعة على (ع).

٥٧ ـ الاعتذار عما وقع فى طبع الكتاب من الخطأ.

٥٨ ـ حدس أن الفضل مشروح حاله فى تأريخ نيسابور.

٥٨ ـ تشابه الاسلوب بين عبارات الكتاب وكلمات الرضا (ع).

٦١ ـ تعريف النسخ الموجودة من الكتاب.

٦٢ ـ كيفية نسخة المكتبة الرضوية فى المشهد.

٦٣ ـ كيفية نسخة مكتبة آية الله الحكيم فى النجف.

٦٤ ـ كيفية نسخة مكتبة مجلس الشورى بطهران.

٦٤ ـ كيفية نسخة مكتبة مدرسة اسبهسالار بطهران.

٦٧ ـ كيفية نسخة مكتبة الحاج سيد جوادى بقزوين.

٦٧ ـ كيفية نسخة مكتبة مصحح الكتاب.

٦٨ ـ كيفية نسخة اخرى تتعلق بمكتبة المصحح.

٦٩ ـ سبب طبع الكتاب.

٧٠ ـ نقل مكتوب يشتمل على فوائد مهمة شتى.

٨٤ ـ فى أن القول بتحريف القرآن غير صحيح.

٨٤ ـ استدراك لبعض ما فات.

٨٦ ـ نقل كلام عن صاحب الذريعة فى حق الفضل.

٨٨ ـ نقل كلام آخر أيضا له فى حق الفضل.

٨٩ ـ رواية المصحح الايضاح عن صاحب الذريعة.

٩٠ ـ بيان موضوع يرجع الى كيفية التحقيق فيما يتعلق بالكتاب وتعليق الحواشى عليه.

٩١ ـ تصوير صفحات من نسخ الكتاب.

١٠٣ ـ منظر بقعة الفضل وقبة مدفنه.

الايضاح

المؤلف:
الصفحات: 623