بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله على ما أنعم به علينا من البصيرة في الدين ، وفضلنا على كثير من العالمين ، حمد المستبصرين العارفين ، الذين علت بهم في رتبتهم المنازل ، وتجملت بهم المجالس والمحافل ، وكانوا للحق أعوانا وأنصارا ، ولإيضاح المشكلات أصلا وفرعا ومقرا ومنارا (١).

وصلى الله على محمد وآله سيماء الأنبياء وتاج الرسل والأصفياء ، وعلى وصيه : على بن ابى طالب (ع) أشرف الأوصياء والأولياء ، والأئمة من ذريتهما الأتقياء النجباء ، ما نطق ناطق وذر شارق ، وسلم تسليما.

اما بعد فإنه لما كانت أيادي حضرة القضاة (٢) الأغرية الجلالية الفخرية ، ثبت الله وطأها ومجدها وادام (٣) قدرتها وسعدها ، علينا ممتدة الأظلال (٤) ، مسبلة الأذيال ، شاملة الإحسان والأنعام ، غامرة بكل فضل وإكرام ، وجب في حق ذلك ، الشكر لها علينا ، والخدمة منا لها ، واما الشكر وان كان هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من التعظيم ، فقد عرفه منا ، كل انسان عرفنا ، وعاقل خالطنا. واما الخدمة لها ، فجارية في العلم لها مجرى ما تقدم من العلم بالشكر ، غير

__________________

(١) وفي نسخة : ومفازا.

(٢) وفي نسخة : القضاء.

(٣) وفي نسخة : ما دام والظاهر انه تصحيف.

(٤) وفي نسخة : ممتدة للظلال.


ان الخدم لما كانت تتفاضل ، وكان أفضل ما يخدم به مثلي متلها ، ما يرجع الى الديانات ويتعلق بالمتعبدات ، ويعود نفعه على ذوي الألباب ، ويبقى ذكره في الأعقاب ، رأيت خدمتها ببعض ما يتعلق بذلك ، فوضعت هذا الكتاب لما ذكرته ، وسميته بـ « كتاب جواهر الفقه » لأننى اعتمدت فيه ذكر المسائل المستحسنة والأجوبة الموجزة المنتخبة ، فالناظر فيه ، يرتع خاطره في حدائقه المؤنقة ، وينزه فكره في رياضة المشرقة ، ويسلم الحافظ للأجوبة عن المسائل الثابتة فيه من الخطاء في الإجابة عنها والزلل فيما يعتمد عليه في ذلك منها. والله سبحانه ولى المعونة على ما يرضيه ويزلف لديه (١) بجوده وكرمه ، انه القادر على ما يشاء.

__________________

(١) يزلف لديه : يقرب لديه قال تعالى « ما نَعْبُدُهُمْ إِلّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى » الزمر : ٣.


باب في مسائل ما يتعلق بالطهارة :

١ ـ مسألة : إذا كان الماء نجسا وهو أقل من كر ، وتمم بطاهر حتى صار كرا ، هل يكون طاهرا أو نجسا؟

الجواب : هذا الماء يكون طاهرا ، لما روى عنهم صلوات الله عليهم من قولهم. « إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا » (١). وهذا ماء قد بلغ ذلك فوجب الحكم فيه بما ذكرناه ، وقد ذهب بعض أصحابنا إلى انه نجس (٢) ، وظنوا ان الوجه في الحكم بنجاسته ، ان النجس ما ينقص عن الكر وقد لاقى ماء ينقص أيضا عن كر. وقالوا : لا خلاف بيننا ان الماء إذا نقص عن ذلك ، ولاقته نجاسة ، انا نحكم بنجاسته.

وهذا غير مستقيم ، لأن الماء الذي ذكرناه إذا أتممناه بماء طاهر ، فالنجاسة انما لاقت الماء الذي حكمنا بنجاسته [ من الماء الذي لاقته النجاسة ] (٣) وهو أقل من كر ، فإذا أتممناه بالماء الطاهر وصار كرا فلم يلاقه الا ما كنا نحكم بنجاسته من الماء الذي لاقته النجاسة ، وهو أقل من كر ، ولا خلاف بيننا في ان الماء الطاهر إذا كان كرا ، وليس هو من مياه الأبار ، ووقعت فيه قطرة من نجاسة ، ولم يتغير بها أحد أوصافه ، فإن هذه النجاسة لم تلاق جميع اجزائه ، وانما لاقت البعض

__________________

(١) المستدرك ج ١ ص ٢٧ ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٦ ( الا انه عن النبي (ص) ).

(٢) هو خيرة الشيخ لاحظ المبسوط ج ١ ص ٧.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في نسخة ـ د.


منه ، ولا خلاف بيننا في ان هذا البعض لو كان منفصلا من باقي ماء الكر لحكمنا بنجاسته ، وإذا كان متصلا به لم نحكم بنجاسته.

وإذا كان هكذا ، فلا فرق حينئذ بين ان يكون الماء الذي ذكرناه انه نجس متصلا به ، وبين ان يكون منفصلا عنه ثم يتصل ، في انه يجب ان لا يحكم له بنجاسته مع الاتصال بما ذكرناه.

فان قيل : أليس الفرق بين ذلك : ان البعض الذي خالطته نجاسة وهو من جملة الكر ، لم نحكم له بالنجاسة ، والمنفصل منه ، قد حكمنا بنجاسته ، فيجب ان يبقى على ما كان عليه مع الاتصال بباقي الكر؟

قلنا : هذا ليس بشي‌ء ، لأنه لو وجب في هذا الماء ان يبقى على حكم النجاسة من حيث حكمنا بنجاسته وإن اتصل بباقي ماء الكر ، لوجب في البعض الذي لاقته النجاسة ، وهو من جملة ماء الكر ، ان يبقى على حكم الطهارة ، من حيث حكمنا بطهارته وان انفصل وتميز لنا بالنجاسة من باقي ماء الكر ، وهذا لا يقوله منا احد.

فكما انا مع الاتصال لا نحكم بنجاسته ، ومع الانفصال والتمييز بالنجاسة نحكم بنجاسته فكذلك ما ذكرناه. على انه لو لم تكن الفائدة في ذلك ما ذكرناه ، لم يكن لقولهم (ع) : « إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا » (١) معنى يعول عليه.

وقد كان الشيخ الإمام أبو جعفر : محمد بن الحسن الطوسي « ره » يذهب إلى نجاسة هذا الماء ، وربما مال في بعض الأوقات إلى القول بطهارته (٢) لأنه كان يقول : القول بطهارته قوي ، لأن الفائدة في قولهم (ع) : « إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا » ان لم يكن متى صار كرا لم يحكم بنجاسته ، على الانفراد ، وكذلك البعضان إذا كانا نجسين ، وأحدهما منفصل من الأخر ، حتى إذا جمع بينهما

__________________

(١) المستدرك ج ١ ص ٢٧ ب ٩ أبواب الماء المطلق ح ٦ ( غير انه عن النبي (ص) ).

(٢) لاحظ المبسوط ج ١ ص ٧.


صار كرا ، انهما ماءآن ، محكوم بنجاستهما على الانفراد. فمن ادعى طهارة أحدهما أو طهارتهما مع الاجتماع ، فعليه الدلالة. وقد دللنا نحن على ما ذكرناه بما فيه كفاية ، بحسب ما يحتمله هذا الموضع.

فبطل ما عول عليه ثم يقال له : وهذا الماء انما حكم بنجاسته مع انفصال بعضه من بعض ، فمن اين لك ، انه إذا كان متصلا ، وغير متصل انه يبقى كذلك؟

فان قال : إذا كان محكوما بنجاسته ، وجب ان يحكم فيه بذلك وان كان متصلا ، قيل له : ما زدت على ما ادعيته ، وهو الذي سئلت عنه. ثم يلزمك على ذلك ان يكون البعض الذي لاقته نجاسة لو انفصل وتميز بالنجاسة عن الباقي ، ان يحكم بطهارته ، ولا يحكم بنجاسته ، لأنا نقول لك : وهذا ماء قد بلغ كرا محكوم بطهارته. فمن ادعى نجاسته ، فعليه الدليل.

فان قلت : الدليل عليه ، انه ماء نقص عن كر ، وقد لاقته نجاسة ، فيجب كونه نجسا. قلنا لك : وهذا ماء قد بلغ كرا ، فان كان قد لاقته نجاسة ، فيجب كونه طاهرا ، لا سيما ومن قولك الذي تركناك عليه ، وما علمنا رجوعك عنه ، ان النجاسة إذا وقعت في كر من ماء لم يتغير بها أحد أوصافه لا تنجسه ، لأنها تكون مستهلكة. وعلى هذا أيضا يلزمك ما ذكرناه في البعضين من الماء ، إذا كان أحدهما نجسا ، والأخر طاهرا واجتمعا فصارا كرا. وفيهما إذا كانا نجسين وجمعا حتى صارا كذلك. ولو لا ان سائلا سأل في ان نبسط الكلام في هذه المسألة بعض البسط ، لما انتهينا فيه الى هذا الحد ، لأن المقصود في هذا الكتاب غيره.

٢ ـ المسألة : إذا كان مع المكلف اناآن ، ووقع في أحدهما نجاسة ولم يعلمه بعينه ، أيجوز له الطهارة بشي‌ء منهما أم لا؟

الجواب : لا يجوز استعمال واحد منهما ، لأنه لا يأمن ان يكون النجس هو الذي استعمله أولا ، فيكون مؤديا للطهارة بالماء النجس ، وهذا لا يجوز.

وان كان هو المستعمل ثانيا ، كان قد صلى وعلى جسده نجاسة لم يزلها. وهذا أيضا لا يجوز. وعلى الوجهين جميعا يكون مؤديا للصلاة بغير يقين من برأيه


ذمته بما لزمه منها ، وهو مأخوذ بأدائها بيقين.

٣ ـ مسألة : إذا كان الماء مستعملا في الطهارة الصغرى ، هل يجوز استعماله فيها أو في غيرها بعد ذلك أم لا؟

الجواب : يجوز ذلك ، لأنه على حكم الطهارة ما لم تلاقه نجاسة.

٤ ـ مسألة : إذا كان الماء مستعملا في الطهارة من الجنابة ، هل يجوز استعماله بعد ذلك في الطهارة أم لا؟

الجواب : لا يجوز استعماله ، لأن الأظهر بين الطائفة ذلك. وقد كان شيخنا المرتضى « ره » وقوم من أصحابنا يجيزون ذلك ، إذا جمع ولم تخالطه نجاسة (١).

٥ ـ مسألة : إذا كانت رائحة ماء الورد قد زالت عنه ، هل يجوز استعماله في الطهارة أم لا؟

الجواب : لا يجوز استعماله في ذلك ، وفي أصحابنا من جوز استعماله (٢) ، لأنه عنده ، بزوال الرائحة عنه ، يخرج عن كونه مضافا. وهذا غير صحيح ، لأنه ماء ورد ، زالت رائحته أو لم تزل ، وليس زوال هذه الرائحة بمخرج له من كونه مستخرجا من الورد ، ومعنى الإضافة ثابت في ذلك.

٦ ـ مسألة : إذا كان مع المكلف إناآن أو أكثر منهما ، وواحد منهما ماء ورد منقطع الرائحة ، والثاني ماء مطهر ، ولم يعلم أحدهما من الأخر. هل يجوز له الاقتصار في الطهارة على واحد منهما أم لا؟

الجواب : لا يجوز له ذلك ، لأنه لا يأمن ان يكون الذي تطهر به أولا هو ماء الورد ، فلا يرتفع بذلك حدثه. وعلى هذا يجب ان يتطهر بالاثنين ، لأنه ان جوز في الأول بما ذكرناه ، فهو آمن من كونه نجسا ومتيقن لرفع الحدث بالأخر ، وان كان الذي تطهر به أولا هو المطهر ، فقد ارتفع به حدثه ، وإذا استعمل الثاني ، لم تزل به طهارته ، وإذا صلى كان مؤديا لصلاته بيقين.

__________________

(١) المسائل الناصريات للسيد المرتضى « ره » : المسألة السادسة.

(٢) هو الشيخ الصدوق (ره) في كتابه الهداية حيث قال : ولا بأس ان يتوضأ بماء الورد للصلاة ويغتسل به من الجنابة.


٧ ـ مسألة : إذا كان معه إناآن ، وفي أحدهما نجاسة ، ولا يعلمه بعينه ، وأخبره عدل : ان النجس واحد منهما ذكره ، هل يجوز له استعمال شي‌ء منهما ، وقبول شهادة هذا الشاهد في ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز له استعمال ذلك ، ولا واحد منهما أيضا ، ولا قبول قول هذا الشاهد ، فيما شهد به من ذلك ، لأنه لا دليل عليه ، والمعلوم نجاسة أحدهما من غير تعيين ، وأيضا فإنه لا يحصل له بقول الشاهد الا غلبة الظن ، وذلك لا يعول على مثله مع العلم.

٨ ـ مسألة : إذا كان الماء في موضع ، وقصد المكلف إلى الطهارة منه ، فأخبره إنسان بأنه نجس ، هل يجوز له استعماله في ذلك ، أو قبول قول الغير المخبر له بنجاسته ، أو لا يجوز له ذلك؟

الجواب : يجوز له استعماله ، ولا يلزمه قبول قول المخبر له بنجاسته ، لأن المعلوم ، كون الماء على أصل الطهارة ، الا ان يعلم ان فيه نجاسة ، وبقول هذا المخبر لا يحصل العلم ، ولا دليل أيضا يفضى الى العلم بقبول قوله.

٩ ـ مسألة : إذا كان معه إناآن يعلم طهارتهما ، فشهد شاهدان بأن أحدهما نجس أو جميعهما ، هل يجب عليه قبول قولهما في ذلك أو لا؟

الجواب : لا يجب عليه قبول قولهما ، لمثل ما تقدم.

١٠ ـ مسألة : إذا كان معه إناءان طاهران ، فشهد شاهدان بأن النجاسة ، وقعت في واحد منهما بعينه ، وشهد آخران : بأن النجاسة وقعت في الأخر ، هل يلزمه قبول قولهما فيما شهدا به أو لا؟

الجواب : لا يلزمه قبول شهادتهما فيما شهدا به ، لأن الماء عنده على أصل الطهارة ، على ما قدمناه.

١١ ـ مسألة : إذا كان معه مقدار من الماء ، لا يكفيه لطهارته ، ومعه ماء ورد فزاد منه عليه ، حتى صار مقدارا يكفيه للطهارة ، أيجوز له استعماله في ذلك أم لا؟

الجواب : يجوز له استعماله ان لم يكن سلبه إطلاق اسم الماء ، وان كان


قد سلبه ذلك ، لم يجز له استعماله ، وكان عليه التيمم للصلاة ان كان قد تضيق وقتها.

١٢ ـ مسألة : إذا تظهر لوضوء أو غسل بماء مطهر ، من آنية ذهب أو فضة ، هل تكون الطهارة صحيحة أو لا؟

الجواب : طهارته صحيحة ، وان كان محظورا عليه استعمال هذه الأنية ، لأن النهي عام في استعمالها في أكل وشرب وطيب وغير ذلك ، فكما لا يتعدى النهي في استعمالها إلى المأكول والمشروب ، فكذلك لا يتعدى الى الطهارة.

١٣ ـ مسألة : إذا كان له يدان على مفصل واحد أو ذراع واحد ، أو كانت له أصابع زائدة ، وكان ذلك ، من المرفق إلى أطراف الأصابع ، هل يجب عليه غسل ذلك أو لا؟

الجواب : يجب عليه ذلك ، الا ان يكون فوق المرفق ، فإنه لا يجب عليه ، لأن الله تعالى أوجب عليه الغسل من المرفق إلى أطراف الأصابع.

١٤ ـ مسألة : إذا قطع بعض رجله ، هل يجب عليه المسح على الباقي أم لا؟

الجواب : يجب عليه ذلك ، لأنه إنما أمر بالمسح عليهما الى الكعبين ، فان كانت مستأصلة بالقطع من الكعبين ، فقد سقط عنه هذا الفرض.

١٥ ـ مسألة : إذا كان المتوضي امرأة ، وكان لها لحية ، هل يجب عليها إيصال الماء في الوضوء الى ما تحتها أو لا؟

الجواب : لا يجب عليها ذلك ، لأنه لا فرق بينها وبين الرجل في ذلك ، فكما لا يجب عليه إيصال الماء الى ما تحتها ، فكذلك لا يجب على المرأة.

١٦ ـ مسألة : إذا توضأ وصلى الظهر ولم يحدث بعد ذلك ، ثم توضأ وصلى العصر ، ثم ذكر انه ترك عضوا من أعضاء الطهارة ، ولم يعلم من اى الطهارتين هو ، هل يكون جميع الصلاتين صحيحا أم لا؟ أو تكون إحداهما صحيحة والأخرى غير صحيحة؟

الجواب : صلاة العصر صحيحة على كل حال ، وعليه اعادة الظهر بطهارة


مجددة ، لأن العضو المتروك ان كان من الطهارة الأولى ، فطهارة الثانية صحيحة ، وبصحتها صحت صلاة العصر ، وان كان من الطهارة الثانية ، فطهارة الأولى صحيحة ، وبصحتها صحت الصلاتان جميعا ، وانما عليه اعادة الظهر بطهارة مجددة ، ليكون مؤديا لها بيقين.

١٧ ـ مسألة : إذا توضأ وصلى الظهر [ ولم يحدث بعد ذلك ] (١) ، ثم توضأ وصلى العصر ، ثم ذكر انه كان قد أحدث عقيب احدى الطهارتين من قبل ان يصلى ، هل تكون طهارته وصلاته صحيحة أم لا؟

الجواب : ليس ذلك صحيحا ، وعليه ان يتوضأ ويعيد الصلاتين جميعا ، لأنه يجب عليه أداء ذلك بيقين ، وإذا فعل ما ذكرناه ، كان متيقنا لذلك ، ومع الأول ، لا يكون متيقنا له (٢).

١٨ ـ مسألة : إذا كان محدثا وتوضأ وصلى الظهر ، ثم أحدث وتوضأ وصلى العصر ، ثم علم انه ترك عضوا من أعضاء الطهارة ، ما الجواب عن ذلك؟

الجواب : هذه المسألة جارية مجرى المسألة التي تقدمتها ، والجواب عنها كالجواب عنها.

١٩ ـ مسألة : إذا توضأ وصلى الظهر ، ثم توضأ وصلى العصر ، ثم توضأ وصلى المغرب ، وفعل هكذا بعد ذلك في كل صلاة إلى صلاة الغداة ، ثم ذكر بعد ذلك انه أحدث عقيب واحدة من هذه الطهارات قبل ان يصلى ، ما حكمه؟

الجواب : إذا كان هذا حكمه ، كان عليه الوضوء واعادة جميع هذه الصلوات ، لأنه لم يؤد واحدة منهن بيقين ، لأن حدثه ان كان عقيب وضوء الظهر ، كانت صلاة الظهر غير صحيحة ، وباقي الصلوات صحيحة. وان كان عقيب وضوء العصر ، كانت صلاة العصر غير صحيحة ، وما قبلها وما بعدها من الصلاة

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في نسخة ـ د.

(٢) لذلك ، فلا يحتاج إلى إعادتهما جميعا نعم يجب عليه اعادة الجميع ان اختلفتا في العدد كالمغرب والعشاء.


صحيح ، وهكذا القول الى آخرها ، فليست منها واحدة إلا وهو مؤدها بغير يقين ، وذلك لا يجوز. (١)

٢٠ ـ مسألة : إذا توضأ وهو مسلم ، ثم ارتد وعاد بعد ذلك الى الإسلام ، قبل ان يحدث ما ينقض الوضوء ، هل يكون وضوءه صحيحا أم لا؟

الجواب : وضوءه صحيح ، وصلاته به ماضية ، لأن الارتداد ليس من نواقض الطهارة.

٢١ ـ مسألة : إذا توضأ وخرج منه بول أو غائط من الطهارة ، من موضع من جسده غير السبيلين ، هل ينقض ذلك وضوءه أم لا؟

الجواب : إذا كان ذلك من دون المعدة ، انتقض الوضوء بذلك ، وان كان فوق المعدة لم ينقض به ، لأن قوله تعالى « أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ » (٢) عام في ذلك ، وكذلك الأخبار الواردة في ان الغائط ينقض الوضوء (٣) ، ولا يوجب مثل ذلك فيما يكون من فوق المعدة ، لأنه لا يسمى غائطا.

٢٢ ـ مسألة : إذا كان جنبا وغسل رأسه ، ثم أحدث حدثا ينقض الوضوء ، هل يعيد غسل رأسه أم يبنى عليه؟

الجواب : يبنى على غسل رأسه ، ولا يحتاج مع ذلك الى وضوء ، لأن في أصحابنا من ذهب الى انه يعيد غسل رأسه ، ولا يبنى عليه (٤). وفيهم من ذهب الى انه يبنى ويتوضأ للصلاة (٥) ، وهذان القولان غير صحيحين ، أما إيجاب الإعادة لغسل الرأس ، فيبطل ، لأنه لا شبهة في إنما ينقض الطهارة الصغرى ،

__________________

(١) ولا يخفى ما فيه لأنه إن توضأ وأتى بالصبح والمغرب واربع ركعات بقصد ما في الذمة مرددة بين الظهر والعصر والعشاء مخيرا فيها بين الجهر والإخفات لكان مؤديا جميعها بيقين.

(٢) النساء : ٤٣

(٣) الوسائل ج ١ ص ١٧٧ ب ٢ أبواب نواقض الوضوء احاديث الباب.

(٤) هو مختار الشيخ في المبسوط ج ١ ص ٢٩ ـ ٣٠. وكذا في النهاية حيث قال في الأخر : وإن أحدث وجب عليه اعادة جميع الغسل.

(٥) هو خيرة المرتضى نقله عنه المحقق في المعتبر ج ١ ص ١٩٦.


لا ينقض الطهارة الكبرى ، ولا ينقض بعض الطهارة الكبرى ، وغسل الرأس ها هنا من الطهارة الكبرى ، فلا ينتقض هنا بما ينقض الصغرى.

واما القول : بأنه يبنى على ذلك ويتوضأ للصلاة. فيبطل أيضا ، لأن الغسل من الجنابة ، كاف في استباحة الصلاة به ، ولا يفتقر معه الى وضوء يستبيحها به. (١)

٢٣ ـ مسألة : إذا كان كافرا وتيمم أو توضأ ، ثم أسلم ، هل يكون تيممه صحيحا وكذلك وضوءه أم لا؟

الجواب : تيمم هذا ووضوءه غير صحيحين ، لأن ذلك عبادة يفتقر في صحتها إلى النية ، وذلك لا يصح ممن هو كافر.

٢٤ ـ مسألة : إذا تيمم وهو مسلم ، ثم ارتد وعاد إلى الإسلام ، هل يكون تيممه صحيحا أو فاسدا؟

الجواب : إذا عاد إلى الإسلام قبل ان يحدث ما ينقض الطهارة كان التيمم صحيحا ، على ما قلناه فيما مضى في الوضوء.

٢٥ ـ مسألة : إذا كان جنبا ووجب عليه التيمم لاستباحة الصلاة ، فتيمم ، ثم أحدث ما ينقض الوضوء ، ووجد من الماء ما يكفيه لوضوئه دون غسله ، ولم يتوضأ ، هل يجب عليه اعادة التيمم أم لا؟

الجواب : عليه اعادة التيمم ، لأن حكم الجنابة باق على ما كان عليه.

٢٦ ـ مسألة : إذا أراد التيمم فنوى به رفع الحدث ، هل يكون التيمم صحيحا أم لا؟

الجواب : لا يكون هذا التيمم صحيحا ، لأنه يجب عليه ان ينوى به استباحة الصلاة ، وهذا لم يفعله ، ولأن التيمم لا يرفع حدثا كان ذلك الحدث ناقضا للطهارة الصغرى أو الكبرى.

٢٧ ـ مسألة : إذا تيمم ونوى ان تيمم بدلا من الوضوء ، وكذلك ان كان جنبا فنوى ان تيمم بدلا من الغسل ، هل يصح ذلك ، ويجوز له استباحة

__________________

(١) في المسألة أقوال مختلفة من أراد الاطلاع عليها مع أدلتها فليرجع إلى المجموعة المسماة برسائل الشهيد الثاني ص ٣٤.


الصلاة به أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، ولا تستبيح به الصلاة ، لأن النية الواجبة عليه ما حصلت ، وهي ان ينوي استباحة الصلاة به على ما تقدم ذكره.

٢٨ ـ مسألة : إذا كان مصلوبا ، أو في أرض نجسة ، ولا يقدر على تراب طاهر تيمم به ، ما حكمه في الصلاة؟

الجواب : حكمه ان يؤخر الصلاة ، الى ان يقدر على ما يتيمم به أو يتطهر به ، وفي أصحابنا من قال : يصلى ، فإذا قدر على ذلك ، أعاد الصلاة (١).

والأول أظهر ، لأن الصلاة أوجبت (٢) عليه بشرط كونه متطهرا ، فمن لا يقدر على هذا الشرط ، فينبغي ان يؤخرها الى ان يقدر عليه ، وان صلى وأعاد الصلاة إذا تمكن من ذلك ، كان ذلك جائزا. وكذلك القول في المحبوس والمقيد والمشدود بالرباط.

٢٩ ـ مسألة : إذا كان مقطوع اليدين من الذراعين ، هل يجب عليه تيمم أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه ، لأن الأمر بالتيمم ، يتعلق بما قد عدمه هذا المكلف ، فقد سقط الفرض عنه ، فان مسح ما بقي بعد القطع استحبابا ، كان جائزا.

٣٠ ـ مسألة : إذا أزال عن بدنه أو ثوبه شيئا من النجاسات ، بمائع غير الماء المطهر ، هل يزول حكم النجاسة عما كان عليه ، أم لا؟

الجواب : لا يزول حكم النجاسة عما كان عليه ، ولا يجوز له الصلاة أيضا ، وهو كذلك ، وقد كان شيخنا المرتضى « ره » يذهب الى جواز ذلك (٣). وهذا غير صحيح ، لأن إجماع الطائفة على خلافه في ذلك.

٣١ ـ مسألة : إذا كان معه ثوبان ، فعلم ان أحدهما طاهر والأخر نجس

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ج ١ ص ٣١.

(٢) بصيغة المجهول.

(٣) الناصريات للسيد المرتضى المسألة الثانية والعشرون ـ واستدل عليه بعموم قوله تعالى « وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ » المدثر : ٤.


ولا يعلم الطاهر من النجس على التعيين ، هل يجوز له استباحة الصلاة في شي‌ء منهما أم لا؟

الجواب : يصلى هذا الإنسان الصلاة في كل واحد منهما. وفي الناس من ذهب الى انه لا يصلى في واحد منهما ، وإذا لم يقدر على غيرهما ، صلى عريانا (١).

وهذا غير صحيح ، لأنه إذا صلى الصلاة في كل واحد منهما ، فقد تيقن براءة ذمته من الصلاة في واحد منهما ، وليس في الأخر نجاسة فيقال : انها تتعدى الى جسده ، حتى يجرى القول في ذلك مجرى الإنائين الذين قدمنا ذكرهما.

٣٢ ـ مسألة : إذا اغتسل من الجنابة وهو كافر ، ثم أسلم ، هل عليه اعادة الغسل أم لا؟

الجواب : عليه اعادة الغسل ، لأن ذلك طهارة تفتقر في صحتها إلى النية ، وذلك لا يصح مع الكفر.

٣٣ ـ مسألة : إذا اغتسلت المرأة الكافرة من الحيض أو الاستحاضة أو النفاس ، ثم أسلمت ، هل تجب عليها إعادة ذلك الغسل أم لا؟

الجواب : الجواب عن هذه المسألة كالجواب عن المسألة المتقدمة لها سواء.

٣٤ ـ مسألة : إذا عمل الكافر ـ سواء كان كفره أصليا أو ارتدادا ، أو كان كافرا ملة ـ ثوبا أو صبغه أو غسله ، هل تجوز الصلاة فيه أم لا؟

الجواب : هذا الثوب يكون نجسا فلا تجوز الصلاة فيه حتى يغسل ، لأن الكافر نجس.

٣٥ ـ مسألة : إذا رأت المرأة الدم ثلاثة أيام متفرقة من جملة العشرة أيام ، ما الحكم في ذلك ، وهل هي حيض أم لا؟

الجواب : انها بحكم الحيض ، وفي أصحابنا من يقول : بأنها غير حيض ، لأنها غير متوالية (٢). والأول أظهر ، لأنه لا خلاف بيننا في ان كل دم تراه المرأة

__________________

(١) حكى ابن القدامة في المغني ج ١ ص ٧٥ عن المزني وأبى ثور ، القول بعدم جواز الصلاة في شي‌ء منهما. وقواه الحلي في السرائر وافتى به على ما حكى عنه في هامش المبسوط ج ١ ص ٣٩ فلاحظ.

(٢) هو خيرة الشيخ في المبسوط لاحظ ج ١ ص ٤٢.


في العشرة أيام ـ وان كان ذلك في أيام متفرقة بعد الثلاثة الأيام المتوالية ـ فهو حيض لأنه من جملة العشرة ، وإذا كانت هذه حيضا مع تفرقها ـ لأنها من جملة العشرة ـ فكذلك يجب فيما قلناه.

فان قيل : هذا يلزم عليه ان يكون اليوم أو اليومان حيضا وان انقطع الدم بعد ذلك فلم تره الى تمام العشرة. قلنا : هذا قد دل الدليل على انه غير حيض ، فقلنا به لذلك ، لأنه لا خلاف فيه ، فما أخرجناه من تلك الجملة إلا بدليل ، ولولاه لقلناه به ، وان قيل بالثاني ـ لأن الاحتياط يقتضيه ـ كان جائزا.

٣٦ ـ مسألة : إذا رأت المرأة الدم ثلاثة أيام ، وانقطع سبعة أيام ، ثم رأته ثلاثة أيام ، هل يكون الأول حيضا أم لا؟ وكذلك الثاني؟

الجواب : الثلاثة أيام الأولى حيض ، لأنها من جملة العشرة ، والثانية غير حيض ، لأن الدم حدث فيها بعد تمام العشرة.

٣٧ ـ مسألة : إذا رأت المرأة الدم أقل من ثلاثة أيام ، ورأت الطهر الى تمام العشرة ، هل يكون ذلك حيضا أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك حيضا ، لأن الحيض لا يكون أقل من ثلاثة أيام.

٣٨ ـ مسألة : إذا رأت المرأة الدم أقل من ثلاثة أيام ، ثم رأته بعد ذلك يوما فيوما الى تمام العشرة ، ما الذي هو حيض من ذلك؟

الجواب : يكون الجميع حيضا ، وقد تقدم ذكر الوجه في الأيام المتفرقة.

وعلى مذهب من قال من أصحابنا : بأن الثلاثة أيام يجب كونها متوالية ، لا يكون حيضا. (١)

٣٩ ـ مسألة : إذا كانت عادة المرأة في مجي‌ء الحيض خمسة أيام في كل شهر ، فرأته فيها ، ورأته قبل ذلك خمسة أيام وانقطع ، ورأته خمسة أيام بعدها وانقطع ، ما الحيض من ذلك؟

الجواب : الحيض من ذلك هو الأيام التي هي أيام العادة ، والباقي غير حيض ، لأن إضافة الخمسة الأولى الى العشرة ، ليس بأولى من إضافة الخمسة

__________________

(١) هو خيرة الشيخ في المبسوط لاحظ ج ١ ص ٤٢. واختار في النهاية ص ٢٦ ـ عدم اشتراط التتابع ـ كما في المتن.


الأخيرة إليها ، وإذا لم يكن على ذلك دليل ، وجب القضاء بالعادة ، لأنه المجمع عليه ، دون ما لا دليل عليه.

٤٠ ـ مسألة : إذا كانت عادة المرأة خمسة أيام ، فرأت الدم خمسة أيام قبلها ، أو رأته خمسة أيام بعدها وانقطع ، ما الحيض من ذلك؟

الجواب : هذه العشرة ، أيام حيض ، لأن أكثر مدة الحيض ، عشرة أيام.

٤١ ـ مسألة : إذا رأت المرأة الدم عقيب الولادة ساعة ، وانقطع ولم تر منه شيئا الى تمام العشرة ، ما حكمها؟

الجواب : هذا الدم يكون نفاسا ، لأنه ليس لقليل النفاس حد.

٤٢ ـ مسألة : إذا رأت المرأة الدم عقيب الولادة ، ثم انقطع ، ورأته أيضا دفعة أخرى ، أو أكثر منها قبل خروج العشرة أيام ، ما حكم ذلك؟

الجواب : جميع ذلك يكون نفاسا ، لأنه حادث في العشرة أيام ، وهي أكثر أيام النفاس كهي في الحيض.

٤٣ ـ مسألة : إذا كانت المرأة حاملا بولدين فولدتهما ، وخرج الدم عقيب الولادة بكل واحد منهما ، هل يكون الاعتبار في أول النفاس بالولد الأول أو الثاني وكذلك في أكثر النفاس؟

الجواب : الاعتبار في أول النفاس بالولد الأول ، ويستوفى أكثر النفاس من وقت الولادة للثاني ، لأن اسم النفاس يتناول ذلك.

٤٤ ـ مسألة : إذا ولدت المرأة ولم يخرج منها دم بالجملة ، هل يجب عليها الغسل أم لا؟

الجواب : لا غسل عليها ، لأن الإجماع حاصل على وجوب الغسل عليها إذا خرج منها الدم ، وفي وجوب ذلك عليها إذا لم يخرج الدم عند الولادة ، يحتاج فيه الى دليل ، ولا دليل عليه ، ولأن الأصل براءة الذمة ، وإيجاب الغسل فيه يحتاج الى دليل ، وأيضا فالنفاس مأخوذ من النفس ، وهو الدم وإذا لم يخرج دم ، لم يصح القول بحصول النفاس.

٤٥ ـ مسألة : إذا خرج من المرأة عقيب الولادة ماء بغير دم أصلا ، هل


يجب عليها غسل أم لا؟

الجواب : القول في جواب هذه المسألة ، كالقول في المسألة التي تقدمتها.

٤٦ ـ مسألة : إذا خرج من المرأة الدم قبل خروج الولد ، هل يكون ذلك نفاسا أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك نفاسا بغير خلاف.

٤٧ ـ مسألة : إذا استشهد انسان وهو جنب ، هل يجب غسله أم لا؟

الجواب : لا يجب غسله ، لأنه لا دليل على ذلك.

٤٨ ـ مسألة : إذا وجبت عليه الطهارة ، وهو متمكن من فعلها بنفسه ، هل يجوز ان يتولاها غيره أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، ولا يجزيه الا مع التولية لها بنفسه ، لقوله تعالى : « إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ الآية » (١) فأمرنا بأن نكون غاسلين وماسحين ، والظاهر يقتضي تولى الفعل حتى يستحق التسمية ، لان من طهر غيره. لا يسمى غاسلا ولا ماسحا في الحقيقة ، ولأن إجماع الطائفة على ما ذكرناه ، ولأن الحدث متيقن وإذا تولى ازالته بنفسه ، فقد تيقن برأيه ذمته ، وليس كذلك إذا تولاه غيره مع تمكنه من فعله بنفسه.

٤٩ ـ مسألة : إذا كان على وضوء ، ثم راى مذيا أو وذيا ، هل ينتقض وضوءه بذلك أم لا؟

الجواب : لا ينتقض وضوءه بذلك ، لأن الأصل براءة الذمة ، ويفتقر في إثبات ذلك من نواقض الطهارة إلى دليل شرعي ولا دليل عليه ، ولأن إجماع الطائفة أيضا عليه.

__________________

(١) المائدة : ٦


باب مسائل تتعلق بالصلاة :

٥٠ ـ مسألة : صلاة الصبح من صلاة الليل أو النهار؟

الجواب : هذه الصلاة من صلاة النهار ، لقوله تعالى « وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ » (١) ولا خلاف في ان المراد بذلك ، صلاة الفجر والعصر ، ولما كانت صلاة الفجر تقام بعد طلوع الفجر الى قبل طلوع الشمس ، وكان ذلك دالا على ان هذا الوقت طرف النهار ، ولأن إجماع الطائفة عليه أيضا.

٥١ ـ مسألة : الصلاة الوسطى ما هي؟

الجواب : الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر ، لأن إجماع الطائفة حاصل عليه ، وإجماعها حجة. واستدلال من يذهب إلى انها غير صلاة الظهر بقوله تعالى : « وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ » (٢) لا يتوجه علينا منه فساد ، لأن القنوت عندنا جائز في كل صلاة.

٥٢ ـ مسألة : هل تجوز الصلاة في المكان المغصوب أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، سواء كان المصلى هو الغاصب أو غيره ، لأن الأصل في المنع من ذلك ، كونه مغصوبا وهو كذلك على الوجهين جميعا.

٥٣ ـ مسألة : إذا أمر مالك الموضع غيره بالدخول الى ملكه ، ثم نهاه عن المقام فيه ، فأقام فيه ولم يخرج وصلى ، هل صلاته صحيحة أم لا؟

__________________

(١) هود : ١١٤.

(٢) البقرة : ٢٣٨


الجواب : هذه الصلاة غير صحيحة ، لأنها تصرف في الملك الذي يعلم ان صاحبه يكره تصرف غيره فيه ، ولا يختاره. (١) والصلاة تصرف فيه بغير شبهة.

ولا يلزمنا على هذا فساد الصلاة في أراضي القرى والبساتين وما أشبه ذلك ، لأن العادة جارية بأن مالك ذلك لا يكره من أحد الصلاة فيه. فان قيل : فلو نهاه عن الصلاة في موضع معين ، أو في الجميع ، ما يكون حكمه؟

قلنا : إذا كان الأمر على ذلك ، فالأصل يقتضي انه ان صلى بعد نهيه ، ولم يكن الوقت يضيق عليه ، لم تصح صلاته ، الا انه يبعد ان ينهى مالك الحقوق أو أراضي الضيعة غيره عن ذلك.

٥٤ ـ مسألة : إذا كان محبوسا في مكان مغصوب ، ولا يمكنه الخروج منه ، هل تجوز صلاته فيه أم لا؟

الجواب : صلاته فيه جائزة ، لأنه مضطر الى ذلك بفقد التمكن من الخروج منه.

٥٥ ـ مسألة : إذا نهاه المالك عن المقام في ملكه ، وتشاغل بالخروج في طريقه وصلى ، هل تصح هذه الصلاة أم لا؟

الجواب : هذه الصلاة لا تصح إذا كان الوقت متسعا ، فان كان قد تضيق كانت جائزة ، لأنه إنما قدم فرض الله تعالى على فرضه ، مع تشاغله بالخروج ، لأنه مضطر الى ذلك مع تضيق الوقت ، ومع اتساعه فهو غير مضطر ، فلا تصح صلاته ، ويجب عليه تقديم الخروج ثم يصلى بعده.

٥٦ ـ مسألة : إذا اضطر إلى الصلاة فوق الكعبة ، هل تكون صلاته صحيحة أم لا؟

الجواب : إذا اضطر إلى الصلاة ، كانت صلاته صحيحة ، بان يصلى مستلقيا على ظهره ، ليكون مستقبل للبيت المعمور الذي في السماء (٢).

٥٧ ـ مسألة : إذا صلى واقفا على طرف الحائط بحيث لا يبقى مقابله جزء

__________________

(١) في نسخة : ولا يجتازه.

(٢) الوسائل ج ٣ ص ٢٤٨ ب ١٩ أبواب القبلة ج ٢.


من البيت ، هل تصح صلاته أم لا؟

الجواب : هذه الصلاة لا تصح ، لأن المصلي لها على هذا الوجه ، يكون مستدبر القبلة ، وذلك لا يجوز.

٥٨ ـ مسألة : إذا انهدمت الكعبة ، هل تجوز الصلاة إليها أم لا؟

الجواب : الصلاة الى ذلك جائزة ، لأن المكلف متعبد بالصلاة إلى جهتها.

٥٩ ـ مسألة : إذا كانت جماعة في سفينة ، وهم مزدحمون فيها ، فكان لواحد منهم موضع يتمكن فيه من الصلاة قائما ، وليس للباقي ذلك ، ما حكمهم في الصلاة؟

الجواب : يصلى الواحد في موضعه ، ثم يجلس بعد ذلك مجتمعا فيه ثم يصلى بعده آخر ، وبعد الأخر آخر ، كذلك الى آخرهم ان كان الوقت متسعا ، فان كان قد تضيق ، صلوا جلوسا في مواضعهم ، ولا ينظر احد منهم صلاة الأخر قائما ، ثم يصلى. فان لم يكن فيهم احد له موضع يتمكن فيه من الصلاة قائما ، صلوا كلهم جلوسا.

٦٠ ـ مسألة : الجماعة إذا كانوا كلهم عراة ، ولواحد منهم ثوب ، ما حكمهم في الصلاة؟

الجواب : إذا كان الوقت متسعا ، صلى صاحب الثوب فيه ، وإعارة الأخر فصلى فيه ، ودفعه الأخر إلى غيره ليصلي فيه ، ثم كذلك الى آخرهم. فإذا كان الوقت قد تضيق صلوا عراة.

٦١ ـ مسألة : إذا كان مع المكلف ثياب كثيرة ، يعلم ان فيها واحدا طاهر ، والباقي نجس ، ولا يعلم الطاهر على التعيين ، ما حكمه في الصلاة فيها؟

الجواب : ان كان الوقت متسعا صلى في كل واحد منها الصلاة بعينها ، فان كان متضيقا صلى عريانا ، لأن ذلك ها هنا فرضه.

٦٢ ـ مسألة : إذا كان معه ثوبان ، يعلم ان أحدهما طاهر ، والأخر نجس ، ولا يتميز له الطاهر منهما ، ما حكمه في الصلاة فيهما؟

الجواب : يصلى في كل واحد منهما الصلاة بعينها ، لأنه إذا فعل ذلك


كان مؤديا لها بيقين. وقد تقدم ذكر هذه المسألة. (١)

٦٣ ـ مسألة : إذا أراد الصلاة وعلى قلنسوته أو تكته نجاسة ، هل يجوز له ذلك أم لا؟

الجواب : يجوز له ذلك ، لأنه مما لا تتم الصلاة به منفردا. ولأن إجماع الطائفة عليه.

٦٤ ـ مسألة : إذا كانت معه قارورة مشدودة الرأس برصاص أو غيره ، وفيها نجاسة ، ثم صلى وهي في كمه ، أو في جيبه ، هل تصح صلاته أم لا؟

الجواب : لا تصح صلاته ، لأنه يكون حاملا للنجاسة وهو في الصلاة ، وذلك لا يجوز ، ولا يلزم ذلك على القلنسوة والتكة إذا كانت فيهما نجاسة ، لأنا إنما أجزنا الصلاة في ذلك ، لأنه الظاهر من الطائفة.

٦٥ ـ مسألة : إذا كانت له عمامة ، على طرفها الواحد نجاسة ، فجعل الطرف الأخر على رأسه ، والقى الطرف الأخر وباقيها على الأرض وصلى ، هل تصح صلاته كذلك أم لا؟

الجواب : صلاته كذلك صحيحة ، لأنه ليس بحامل لما فيه نجاسة.

٦٦ ـ مسألة : إذا سلم المكلف في الصلاة بعد الركعتين الأولتين ناسيا ، ثم تكلم متعمدا ، وذكر انه صلى ركعتين ، هل يبنى على ما تقدم من الركعتين ، أو يعيد الصلاة؟

الجواب : يبنى على ما تقدم من صلاته. وفي أصحابنا من قال (٢) : يعيدها. والبناء على ما قدمناه هو الصحيح ، لأن الاحتياط يقتضيه.

٦٧ ـ مسألة : إذا قطع الإنسان اذن غيره ، فألصقها المجني عليه بالدم فالتصقت في الحال ، هل تصح صلاته ، وهي كذلك أم لا؟

الجواب : لا تصح صلاته ، لأنه يكون قد صلى وعليه نجاسة ، لأن القطعة

__________________

(١) في رقم المسألة التاسعة والعشرين.

(٢) نسبه في الحدائق ج ٩ ص ١٢٧ الى ابى الصلاح الحلبي والى الشيخ في النهاية ولم نجده في الثاني وإليك عبارة الحلبي في الكافي ص ١٢٠ « فمتى تعمد المصلى فعل شي‌ء من هذه فسدت صلاته ».


التي ألصقها هي بعد الإبانة ميتة ، والميتة نجسة ، فتجب إزالتها ثم يصلى.

٦٨ ـ مسألة : أي الأوقات أفضل للصلاة؟

الجواب : أفضل الأوقات للصلاة أولها لقوله (ص) لأم فروة : أفضل الأعمال عند الله تعالى الصلاة في أول وقتها (١). ولقوله (ع) أيضا لابن مسعود وقد سأله عن أفضل الأعمال ، فقال (ع) : الصلاة في أول وقتها (٢) ولأن إجماع الطائفة على ذلك.

٦٩ ـ مسألة : وهل تنعقد الصلاة بغير « الله أكبر » من ألفاظ التكبير أم لا؟

الجواب : لا تنعقد الا بلفظ « الله أكبر » دون غيره من ألفاظ التكبير ، لأن الصلاة قد ثبتت في ذمة المكلف ، وإذا عقدها بالذي ذكرناه ، فقد تيقن براءة ذمته مما لزمها من ذلك. وليس كذلك إذا عقدها بغير ما ذكرناه ، ولأن إجماع الطائفة عليه أيضا. وأيضا قوله (ص) لرفاعة بن مالك : لا يقبل الله صلاة امرء حتى يضع الوضوء مواضعه ثم يستقبل القبلة ، ويقول : « الله أكبر » (٣) وهذا نص فيما ذكرناه.

٧٠ ـ مسألة : إذا سجد على كور العمامة (٤) ، هل تصح صلاته أم لا؟

الجواب : لا تصح صلاته إذا سجد على ذلك ، لأنها لا تصح الا بسجوده على سبعة أعظم ، وهي : الكفان ، والركبتان ، وإبهاما الرجلين ، والجبهة. وانما قلنا ذلك ، لما رواه ابن عباس « ض » من قوله : أمر رسول الله (ص) ان يسجد على سبعة أعظم : اليدين ، والركبتين ، والقدمين ، والجبهة (٥). ومن سجد على كور العمامة ، فلم يسجد على الجبهة. ولأن إجماع الطائفة أيضا على ما ذكرناه.

__________________

(١) سنن ابى داود ج ١ ص ١١٥ ح ٤٢٦ ـ كتاب الصلاة.

(٢) صحيح مسلم ج ١ كتاب الأيمان ص ٦٣.

(٣) فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج ٢ ص ١٧٢ والمغني لابن قدامة ج ١ ص ٤٠٥.

(٤) الكور : دور العمامة. مجمع البحرين.

(٥) سنن الدارمي ج ١ ص ٣٠٢ كتاب الصلاة باب السجود على سبعة أعظم ( مع اختلاف قليل ).


٧١ ـ مسألة : إذا رعف (١) ، وهو في الصلاة ، فأصاب الدم موضعا من جسده أو ثوبه ، فغسل ذلك ، هل يكون ذلك قاطعا لصلاته بما فعله أم لا؟

الجواب : ان كان انحرف عن القبلة ، أو التفت يمينا أو شمالا أو تكلم بما يفسد الصلاة ، كان قاطعا لها ، وعليه الإعادة ، وان لم يكن منه شي‌ء من ذلك ، يبنى على ما تقدم ، ولا يعيد.

٧٢ ـ مسألة : إذا سلم عليه غيره ، وهو في الصلاة ، فرد عليه ، هل يكون قاطعا لصلاته أم لا؟

الجواب : ان كان قال في الرد عليه : « وعليكم السلام » فقد قطع الصلاة ، لأنه يكون متكلما بما ليس من الصلاة. وان كان قال : « سلام عليكم » لم يقطع ذلك الصلاة ، لأنه يكون متكلما بما هو من الصلاة ، وهو لفظ القرآن. (٢)

٧٣ ـ مسألة : إذا صلى اربع ركعات ، ثم ذكر انه ترك اربع سجدات : عن كل ركعة سجدة ، هل تجب عليه إعادة الصلاة أم لا؟

الجواب : عليه إعادة الصلاة ، لأن كل سهو يعرض في الركعتين الأولتين ، تجب منه اعادة الصلاة.

٧٤ ـ مسألة : إذا ترك اربع سجدات ، ولا يعلم موضعها ، هل تجب عليه إعادة الصلاة أم لا؟

الجواب : عليه الإعادة ، لمثل ما قدمناه في المسألة المتقدمة ، لأنه لا يأمن من ان يكون ما ترك منها من الركعتين الأولتين.

٧٥ ـ مسألة : إذا ترك ثلاث سجدات ، ولا يعلم موضعها ، هل تجب عليه إعادة الصلاة أم لا؟

الجواب : عليه الإعادة ، لمثل ما تقدم في المسألة المتقدمة على هذه المسألة.

__________________

(١) الرعاف : خروج الدم من الأنف.

(٢) قال في العروة الوثقى : لو قال المسلم : عليكم السلام ، فالأحوط في الجواب ان يقول : سلام عليكم بقصد القرآنية أو بقصد الدعاء. المسألة : ١٨ من مسائل مبطلات الصلاة. انتهى. والمسألة اختلافية من أراد تفصيلها فليرجع إلى جواهر الكلام ج ١١ ص ١٠٠ وفي مستمسك العروة ج ٦ ص ٥٥٨ استدل على تعين الجواب ب « عليكم السلام » من جهتين فلاحظ.


٧٦ ـ مسألة : إذا ترك سجدتين من ركعتين ولا يعلم من أيتهما هي ، هل تجب عليه الإعادة أم لا؟

الجواب : عليه الإعادة بمثل ما قدمناه ، لأنه لا يأمن من ان تكونا من الركعتين الأولتين ، أو الثالثة ، أو الرابعة.

٧٧ ـ مسألة : إذا ترك سجدة واحدة ، ولا يعلم من اى الركعات هي ، هل تجب عليه الإعادة أم لا؟

الجواب : عليه الإعادة ، لمثل ما قدمناه ، لأنه لا يأمن أن تكون من الركعتين الأولتين.

٧٨ ـ مسألة : الموضع الذي يختص بسجدتي السهو ، هل هو قبل التسليم أو بعده؟

الجواب : موضع ذلك بعد التسليم ، وذهب بعض أصحابنا إلى انهما ، ان كانت لنقصان ، كانتا قبل التسليم ، وان كانتا لزيادة ، كانتا بعد التسليم (١). والذي ذكرناه أولى ، لأنه الأظهر والأكثر بين الطائفة.

٧٩ ـ مسألة : المسافر إذا أحرم في السفينة بصلاة مقيم ، ثم سارت السفينة ، هل يجب عليه التقصير أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه التقصير ، لأنه لم يخف عليه أذان مصره ، ولم يتوار عنه جدران مدينته ، لأن كل واحد منهما ، أو هما شرط في ذلك.

٨٠ ـ مسألة : المسافر إذا سافر الى بلد ، وللبلد طريقان ، أحدهما أقرب إليه من الطريق الأخر ، والأقرب لا يجب فيه التقصير ، فسار في الأبعد منهما. لغرض له من ذلك ، أو لغير غرض ، هل يلزمه التقصير أم لا؟

الجواب : يلزمه التقصير ، لأن الذي يدل على التقصير ، عام فيه ذلك.

٨١ ـ مسألة : إذا سهى المسافر ، فصلى أربعا ، هل تجب عليه الإعادة أم لا؟

__________________

(١) والقائل بهذا التفصيل هو أبو على لاحظ جواهر الكلام ج ١٢ ص ٤٤١. ونقل كلام ابى على في هامش المبسوط ج ١ ص ١٢٥ ونقل العلامة ( قد ) هذا التفصيل عن ابن الجنيد لاحظ المختلف ص ١٤٢.


الجواب : عليه الإعادة ، لأن صلاة المسافر إذا عرض فيها السهو ، كانت باطلة ، وإذا بطلت كانت عليه الإعادة. وفي أصحابنا من يقول : بان السهو في صلاة السفر لا يوجب الإعادة والأول هو الأظهر والأكثر بين أصحابنا ، وعليه العمل. وهؤلاء وان ذهبوا الى ما ذكرناه عنهم ، فإنهم يقولون في هذه المسألة : ان عليه الإعادة ، لأنه قد زاد في الصلاة. والإعادة واجبة عليه على المذهبين جميعا.

٨٢ ـ مسألة : إذا جلس الإمام يوم الجمعة على المنبر ، وباع من تجب عليه الجمعة ، في هذا الوقت شيئا ، هل ينعقد البيع أم لا؟

الجواب : لا ينعقد البيع ، لأنه منهي عنه ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه (١).

٨٣ ـ مسألة : إذا صلى رجلان ، وصلى خلفهما آخر ونوى الايتمام بهما ، هل تصح صلاته أم لا؟

الجواب : لا تصح صلاته ، لأن الايتمام والاقتداء باثنين لا يجوز.

٨٤ ـ مسألة : إذا نوى ان يقتدى بواحد من اثنين بين يديه بغير تعيين له ، هل تجوز صلاته أم لا؟

الجواب : لا تصح صلاته ، لأنه إذا لم يعرف امامه لم يمكنه الاقتداء به.

٨٥ ـ مسألة : إذا اجتمع جنازة صبي وامرأة وخنثى ورجل ، كيف يترتبون للصلاة ، إذا أريدت الصلاة عليهم مرة واحدة؟

الجواب : إذا كان الصبي ممن تجب الصلاة عليه ، قدمت المرأة إلى القبلة ، ثم الخنثى ، ثم الصبي ، ثم الرجل ، وان كان الصبي ممن لا تجب الصلاة عليه ، قدم هو أولا إلى القبلة ثم بعد ذلك على الترتيب الذي ذكرناه ، لأن عليه إجماع الطائفة ، لأنه هو السنة ، على ما ورد الخبر به بتقديمها أولا. (٢)

٨٦ ـ مسألة : إذا شد المصلى كلبا بحبل ، وكان طرف الحبل معه ، أو

__________________

(١) ان النهي في المعاملات انما يقتضي الفساد إذا تعلق بذات المعاملة كالنهي عن البيع الغرري والربوي ، واما إذا تعلق بعنوان خارج عنها واتحد ذلك العنوان مع بعض مصاديقها فلا يقتضي الفساد فلا تكون المعاملة باطلة فظهر ان ما في المتن من هذا القبيل فلا يكون فاسدا.

(٢) الوسائل ج ٢ ص ٨٠٨ ب ٣٢ من أبواب صلاة الجنازة.


وقف عليه ، هل تصح صلاته أم لا؟

الجواب : صلاته صحيحة ، لأن ما يقطع الصلاة ، ليس هذا من جملته.

٨٧ ـ مسألة : إذا سهى المصلى في صلاة الكسوف ، هل تجب عليه إعادتها أم لا؟

الجواب : هذه المسألة ، لا نص لأصحابنا فيها ، الا انها وان كانت كذلك ، فتجب عليه إعادتها ، لأن هذه الصلاة قد تعلقت بذمة المكلف ، فيجب عليه ان يؤديها بيقين. وإذا أعادها ، فقد تيقن براءة ذمته منها ، وإذا لم يعدها عند سهوه منها ، لم يكن على يقين من أدائها.


باب مسائل تتعلق بالزكاة :

٨٨ ـ مسألة : إذا كان عند انسان من الإبل ست وعشرون ، ومضت ثلاث سنين ، ما الذي يجب عليه؟

الجواب : يجب عليه بنت مخاض للسنة الأولى ، ثم ينقص (١) النصاب الذي يجب فيه بنت مخاض ، فيجب عليه في السنة الثانية خمس شياه ، ثم ينقص النصاب عما يجب عليه في ذلك ، فيجب عليه اربع شياه ، فيجتمع عليه في ذلك بنت مخاض وتسع شياه.

٨٩ ـ مسألة : إذا كان عنده خمس من الإبل ، ومضت عليه ثلاث سنين ، هل يجب عليه أكثر من شاة واحدة أولا؟

الجواب : لا يجب عليه أكثر من شاة واحدة ، لأن الشاة استحقت بها فبقي أقل من خمسة ، فلا يجب عليه شي‌ء منها.

٩٠ ـ مسألة : إذا كانت البقرة معلوفة ، أو عاملة (٢) في بعض الحول وسائمة في البعض الأخر ، هل تجب عليه فيها زكاة أم لا؟

الجواب : الحكم في ذلك بالأغلب ، فإن كان الأغلب هو السوم ، حكم فيه بذلك ، وان لم يكن هو الأغلب ، لم يحكم بذلك فيها.

٩١ ـ مسألة : إذا كانت البقرة معلوفة ، أو عاملة في بعض الحول ، وسائمة

__________________

(١) عاملة : هي التي يستقى عليها ويحرث ـ مجمع البحرين.

(٢) وفي نسخة : ينقض وكذا فيما بعد.


في البعض الأخر ، وكان ذلك فيها متساويا ، هل تجب فيها زكاة أم لا؟

الجواب : فيها الزكاة ، لأن الاحتياط يقتضي ذلك. فان قيل : بأنه ليس فيها زكاة ، كان قويا ، لأن الأصل براءة الذمة ، والقول بذلك يفتقر فيه الى دليل ، ولأن الشرط فيما يجب فيه الزكاة من ذلك ، حول الحول عليه مع كونه سائما ، وهذا غير حاصل في ذلك.

٩٢ ـ مسألة : إذا كان عنده من الغنم أو غيرها ما يبلغ النصاب ، وذكر انه وديعة عنده ، هل يقبل قوله أم لا؟ وهل يجب عليه في ذلك يمين أم لا؟

الجواب : قوله في ذلك مقبول ، ولا يلزمه على ذلك يمين ، لأن أمير المؤمنين عليه‌السلام أمر ساعيه في الصدقات : بان يجعل الأمر في ذلك الى أربابها ، ولم يأمره بيمين في ذلك. (١)

٩٣ ـ مسألة : إذا كان عنده أربعون شاة ، فلما حال عليها الحول ، ولدت واحدة ، ولما حال عليها الحول الثاني ، ولدت واحدة ، ولما حال عليها الحول الثالث ، ولدت واحدة ، ما الذي يجب عليه في ذلك؟

الجواب : الذي يجب عليه في ذلك ثلاث شياه ، لأن الحول الأول حال عليها ، وهي أربعون شاة ، فوجبت فيها شاة ، فلما ولدت الواحدة تمت من الرأس أربعين شاة ، فلما حال عليها الحول الثاني ، كان قد حال على الأمهات والسخل الحول ، وهي أربعون ، وجبت فيها شاة أخرى ، فلما ولدت تمت أربعين ، فلما حال عليها الحول وجب عليه فيها ثلاث شياه.

٩٤ ـ مسألة : إذا كان عنده مأتا شاة وواحدة ، ومضت ثلاث سنين ، ما الذي يجب عليه في ذلك؟

الجواب : الذي يجب عليه في ذلك ، سبع شياه ، لأنه يجب عليه في السنة الأولى ثلاث شياه ، وفي كل سنة شاتان ، لأن المال الثاني والثالث قد نقص عن المأتين وواحدة ، فلم يجب عليه أكثر من شاتين أيضا. وينبغي أيضا ان يحكم فيه

__________________

(١) الوسائل ج ٦ ص ٨٨ ب ١٤ من أبواب زكاة الأنعام أحاديث الباب ومستدرك الوسائل ج ١ ص ٥١٦ ب ١٢ من أبواب زكاة الأنعام أحاديث الباب.


كذلك بالغا ما بلغ المال وبقي منه ما بقي.

٩٥ ـ مسألة : إذا كان عنده من المواشي ما يبلغ النصاب ، فغضب ذلك ، ثم عاد اليه قبل حول الحول ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ذلك ، استأنف بها الحول ، سواء كانت عنده سائمة وعند الغاصب معلوفة ، أو كانت عنده معلوفة وعند الغاصب سائمة ، لأنه يراعى في المال إمكان التصرف فيه طول مدة الحول ، وهذا غير متمكن من ذلك.

٩٦ ـ مسألة : إذا كان المكلف في بلاد الشرك ، وله مال في بلاد الإسلام ، هل تجب عليه زكاة أم لا؟

الجواب : لا تجب عليه زكاة ، فان زكاة سنة واحدة استحبابا ، كان جائزا وان مرت عليه سنون ، لأن إمكان التصرف فيه غير حاصل له. ولقولهم (ع) :

لا زكاة في المال الغائب. (١)

٩٧ ـ مسألة : إذا وجبت عليه زكاة ، وتمكن من الأداء ، وكان في بلده مستحق لها ، فحملها الى بلد آخر وهلكت ، هل يجب عليه ضمانها أم لا؟

الجواب : عليه ضمانها ، لأن إجماع الطائفة عليه ، ولأنه بالتمكن من الأداء وحصول المستحق به يلزمه الضمان.

٩٨ ـ مسألة : إذا وجبت عليه زكاة ، وتمكن من الأداء ، ولم يكن في بلده من يستحقها ، وحملها الى بلد آخر وهلكت ، هل يجب عليه ضمان أم لا؟

الجواب : لا ضمان عليه ، لأن إجماع الطائفة عليه ، ولأنه مع عدم المستحق غير متمكن من الأداء.

٩٩ ـ مسألة : ما يتولد من الغنم والظبي ، هل فيه زكاة أم لا؟

الجواب : إذا كان ما يتولد من ذلك يسمى غنما كانت فيه الزكاة ، لأن رسول الله (ص) قال : في سائمة الغنم الزكاة (٢) ، وهذا الاسم يتناول ذلك

__________________

(١) الوسائل ج ٦ ص ٦١ ب ٥ من أبواب من تجب عليه الزكاة أحاديث الباب.

(٢) سنن البيهقي ج ٤ كتاب الزكاة ص ١٠٠.


فتجب فيه الزكاة.

١٠٠ ـ مسألة : إذا كان عنده أربعون شاة ، واستأجر بها أجيرا بشاة ، هل تجب عليه فيها زكاة أم لا؟

الجواب : لا زكاة عليه في ذلك ، لأن النصاب قد نقص بدفع الشاة إلى الأجير.

١٠١ ـ مسألة : المكاتب إذا كان عنده مال ، هل تجب عليه زكاة أم لا؟

الجواب : إذا كان مشروطا عليه ، وكان معه نصاب ، لم تكن عليه زكاة ، لأنه يعد بحكم الرق لا يملك شيئا ، ولا بد من مراعاة الملك في ذلك ، فان كان غير مشروط عليه ، وتحرر منه بمقدار ما ادى ، وكان معه نصاب بحصته من الحرية ، كانت عليه فيه الزكاة ، لأنه مالك له على كل حال.

١٠٢ ـ مسألة : إذا كان عنده نصاب ، ومات في بعض الحول ، وانتقال هذا النصاب الى وارثه ، هل تجب عليه فيه الزكاة أم لا؟

الجواب : لا يلزم الوارث الزكاة عن ذلك ، لأنه لم يحل الحول عليه في ملكه ، وعليه ان يستأنف الحول ، فإذا حال الحول على هذا النصاب كانت عليه الزكاة.

١٠٣ ـ مسألة : إذا دفع من وجبت عليه الزكاة ، ذلك الى مستحقها ، ولم ينو بها في حال الدفع الزكاة ، هل يكون ذلك مجزيا عنه أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك مجزيا عنه ، وعليه إخراجها بهذه النية ، لأن الأعمال بالنيات ، كما قال رسول الله (ص) (١). وأيضا قوله تعالى « وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ » (٢). والإخلاص لا يكون إلا بالنية ، وأيضا فإنه إذا نوى فلا خلاف في ان ذلك يجزى عنه ، وليس كذلك إذا لم ينو.

١٠٤ ـ مسألة : إذا كان معه مأتا درهم أو غيره من النصب فقال : لله على ان أتصدق بمأة من المأتين ، أو بالنصف من نصاب غيرها ، وحال الحول ،

__________________

(١) الوسائل ج ١ ص ٣٤ ـ ب ٥ أبواب مقدمة العبادات ح ٦ و ١٠.

(٢) البينة : ٥.


هل عليه في ذلك زكاة أم لا؟

الجواب : لا زكاة عليه في ذلك ، لأنه بالنذر قد خرج بعض النصاب بذلك قبل ان يحول الحول عليه من ملكه ، ولما حال الحول عليه ، لم يحل وهو مالك لجميع النصاب.

١٠٥ ـ مسألة : إذا كان عنده مأتان ، وحال الحول عليهما ، ووجبت الزكاة عليه فيهما ، فتصدق بجميعهما ، هل سقط عنه فرض الزكاة أم لا؟

الجواب : لا يسقط ذلك عنه فرض الزكاة عليه فيهما ، لأن إخراج الزكاة عبادة وقربة ، ويفتقر في إخراجها كذلك إلى نية الوجوب ، وإخراجها على وجه المقدم ذكره متعر من نية الوجوب ، فلا يكون ذلك مجزيا عنه.

١٠٦ ـ مسألة : إذا كان للإنسان مملوك غائب يعلمه حيا ، هل تجب عليه فطرته أم لا؟

الجواب : الفطرة عنه تلزم سيده ، لأنه الخبر وارد عن النبي (ص) بإخراجها عن نفسه وعن مملوكه (١) والخبر يتناول ذلك.

١٠٧ ـ مسألة : إذا كان العبد لاثنين ، هل تجب عليهما جميعا الفطرة عنه أم لا؟

الجواب : يجب عليهما ذلك بحصة ما لكل واحد منهما منه ، لأن الأخبار الواردة في ذلك تتضمن بإخراج الإنسان عن عبده ، وهي عامة في ذلك (٢) ، وأيضا فالاحتياط يقتضيه.

__________________

(١) الوسائل ج ٦ ص ٢٢٧ باب ٥ من أبواب زكاة الفطرة أحاديث الباب.

(٢) الوسائل ج ٦ ص ٢٢٨ باب ٥ من أبواب زكاة الفطرة أحاديث الباب. وقال المحقق في المعتبر ج ٢ ص ٦٠٠ : لو كان عبد بين اثنين فزكاته عليهما وبه قال الشافعي واحمد. لنا ما رووه عن ابن عمر قال فرض رسول الله (ص) الصدقة على كل حر وعبد ممن يمونون.


باب مسائل تتعلق بالصوم

١٠٨ ـ مسألة : إذا صام الإنسان يوم الشك بنية انه من شهر رمضان ، هل يجزيه ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجزيه ذلك ، لأنه مما نهى عن صومه على هذا الوجه ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه.

١٠٩ ـ مسألة : إذا كان محبوسا أو أسيرا ، وهو بحيث لا يعلم شهر رمضان من جملة شهور السنة على التعيين ، ما الذي يجب عليه؟

الجواب : يصوم شهرا ، فان وافق ذلك شهر رمضان ، أجزأه ، وان كان بعد شهر رمضان ، كان مجزيا عنه ، وان كان قبله ، كانت عليه الإعادة ، لأن صومه بعده يقع موقع القضاء ، وهذا لا يجوز قبله مطلقا.

١١٠ ـ مسألة : إذا جامع قبل طلوع الفجر ، ثم طلع الفجر وهو مخالط ، ما حكمه؟

الجواب : يجب عليه التخلص مما هو فيه ، ويغتسل ويتمم صومه ، ولا شي‌ء عليه ، لأنه لم يتعمد ذلك في زمان الصوم.

١١١ ـ مسألة : إذا قلد غيره في ان الفجر لم يطلع ، وكان قد طلع ، ثم تناول ما يفطره ، ما حكمه؟

الجواب : يجب عليه القضاء ، لأنه مكلف لمراعاة ذلك ، وكشفه بنفسه إذا كان متمكنا من ذلك.


١١٢ ـ مسألة : إذا طعنه غيره ، فوصل السنان الى جوفه ، هل يفطر بذلك أم لا؟

الجواب : لا يفطر ، لأن ذلك حدث به من غير قصد منه اليه ، وهو الاختيار ، ولا اختيار له في ذلك.

١١٣ ـ مسألة : إذا طعن بنفسه ، فوصل ما طعنها به الى جوفه ، هل يفطر أم لا؟

الجواب : يفطر ، لأن ذلك حدث عن قصده وتعمده.

١١٤ ـ مسألة : من أقدم على فعل ما يوجب عليه الكفارة في أول النهار ، ثم تجدد له السفر ، أو حدث به مرض يجوز له معه الإفطار ، هل تجب عليه كفارة عن ذلك أم لا؟

الجواب : تجب الكفارة عليه ، لأنه أقدم على ذلك ، وتعمده في الزمان الذي ليس له ان يقدم عليه ، ولا ان يتعمده في مثله.

١١٥ ـ مسألة : إذا أفطر متعمدا في نهار شهر رمضان ، من غير عذر يبيح له ذلك ، وسئل : هل عليه في ذلك حرج أم لا؟ فقال : ( لا ) (١) ما الذي يجب عليه؟

الجواب : إذا سئل عن ذلك ، فقال : لا حرج على في ذلك ، كان عليه القتل ، وان قال : على فيه حرج ، عزره الإمام بغليظ العقوبة ، فإن أقدم على ذلك ثلاث مرات أو أكثر ، عزر فيها دفعتين ، وقتل بعد ذلك.

١١٦ ـ مسألة : إذا أكره زوجته على الجماع ، هل تجب عليها الكفارة أم لا؟

الجواب : إذا أكرهها على ذلك ، لم تجب الكفارة عليها ، بل يجب ذلك على الزوج ، فتكون عليه كفارتان : الواحدة عنه ، والأخرى عنها ، لأن ذلك حدث عن قصده واختياره له.

__________________

(١) « لا » غير موجودة في النسخ التي بأيدينا ووضعناها لأن السياق يقتضيها.


١١٧ ـ مسألة : إذا أكره من لا يحل له وطؤها على الجماع هل تلزمه كفارتها ، لكما لزمته في وطئه لزوجته أم لا؟

الجواب : هذه المسألة فيها خلاف بين أصحابنا ، والأظهر انه تلزمه كفارتها ، لأن الاحتياط يقتضيها.

١١٨ ـ مسألة : إذا نذر صوم يوم معين ، ووافق ذلك شهر رمضان ، هل يجوز صومه بنية النذر أم لا؟

الجواب : لا يصح صومه له نذرا ، إذا كان حاضرا أو في حكم الحاضر.

لأن صوم شهر رمضان ممن هذا حكمه ، لا يصح عن غيره ، ولا يصح الا عنه.

١١٩ ـ مسألة : إذا نذر صوم يوم معين ، ووافق ذلك شهر رمضان ، وكان مسافرا ، فصامه بنية النذر ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : يصح له ذلك ، لأن صوم شهر رمضان لا يجب عليه ، فجاز وقوع صوم هذا اليوم عن غير شهر رمضان ، وقد وردت الرواية بأنه لا يجوز الصوم الواجب في السفر (١) ، وعلى ذلك ، لا يصح هذا الصوم جملة ، والاحتياط يقتضي ما ذكرناه أولا.

١٢٠ ـ مسألة : إذا نذر انه ان تمكن عن وطى من لا يحل له وطؤها ، أو قتل من لا يحل له قتله ، كان عليه صوم ، هل يلزمه هذا الصوم إذا تمكن من ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه هذا الصوم ، لأنه قبيح ، من حيث انه نذر في معصيته ، والصوم انما يقع صحيحا بان يتقرب به الى الله تعالى ، والقبيح لا يتقرب به الى الله سبحانه.

١٢١ ـ مسألة : إذا نذر صوم يوم معين ، فوافق ذلك اليوم ، يوم عيد ، هل يجب عليه القضاء أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه ذلك ، وذهب بعض أصحابنا الى ان القضاء يجب

__________________

(١) الوسائل ج ٧ ص ١٤٢ ب ١١ من أبواب من يصح منه الصوم ح ١ و ٤.


عليه ، وكان يقول : ان علق النذر بيوم العيد فقط فلا قضاء عليه ، وان علقه بغير ذلك ، ووافق يوم العيد ، كان عليه القضاء (١).

وعندي انه لا فرق بين الموضعين ، لأن يوم العيد عندنا جميعا ، ليس بزمان يصح انعقاد النذر عليه ، وإذا كان كذلك ، فلو كان القضاء يجب عن إفطاره لهذا اليوم ، لكان مما يصح صومه ، وقد علمناه خلافه ، وأيضا فإن القضاء يتبع وجوبه في وجوب المقضي ، فإذا كان كذلك ، وكان يوم العيد لا يصح صومه ، لم يجب القضاء عنه. فان قيل : فالحائض والمسافر يجب عليهما قضاء اليوم الذي تخيض فيه الحائض ، ويسافر فيه المسافر ، وان كان لا يصح صومه. قلنا : الفرق بين الأمرين ، ان اليوم الذي ذكرته كان يصح صومه : بان لا تكون الحائض حاضت فيه ، وكذلك المسافر ، وليس كذلك يوم العيد ، لأنه لا يصح صومه على كل حال ، فافتراق الأمران.

١٢٢ ـ مسألة : إذا نذر ان يصوم يوم يقدم انسان ذكره من سفره ، فقدم هذا الإنسان ليلا ، هل يجب عليه هذا الصوم أم لا؟

الجواب : لا يلزمه ذلك ، لأنه شرط صوم يوم ، وإذا قدم ليلا ، فالشرط لم يحصل ، وإذا لم يحصل شرطه ، لم يلزمه الصوم.

١٢٣ ـ مسألة : إذا نذر ان يصوم يوم يقدم انسان عينه من سفره ، فقدم في بعض نهار ذلك اليوم ، هل يجب عليه الصوم أم لا؟

الجواب : ان كان قدوم الإنسان حصل قبل الزوال ، ولم يكن الناذر تناول ما يفطر ، كان عليه الصوم ، وان كان قدم بعد الزوال ، لم يجب عليه صومه ولا قضاؤه ، لأن بعض النهار لا يكون صوما.

١٢٤ ـ مسألة : إذا كان كافرا وأسلم في بعض شهر ، أو في بعض يوم من أيامه ، هل يجب عليه القضاء لما فاته أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه القضاء لما فاته ، لأنه لا خلاف في ان الكافر

__________________

(١) وهو خيرة الشيخ في المبسوط لاحظ ج ١ ص ٢٨١ من كتاب الصوم.


لا يجب عليه قضاء ما فرط فيه في أيام كفره ، واما بعض اليوم ، فإنه يمسك في باقي نهاره عن تناول ما يفطر عليه ، على وجه التأديب.

١٢٥ ـ مسألة : إذا كان معتكفا ، وزوجته كذلك وجامعها ، ما حكمها في ذلك؟

الجواب : ان وطأها ساهيا أو ناسيا ، لم يكن عليه شي‌ء ، وكذلك المرأة ، فإن كان هو ساهيا أو ناسيا ، وليست المرأة كذلك ، لم تجب عليه الكفارة ، وكانت عليها الكفارة عن نفسها ، فان تعمدا جميعا الجماع في نهار الصوم ، كانت على كل واحد منهما كفارتان : كفارة للصوم ، وكفارة للاعتكاف.

فإن أكرهها على ذلك ، وكان اعتكافها بامره ، لم تلزمها كفارة ، بل تنتقل كفارتها بالإكراه اليه ، فتكون عليه اربع كفارات. وان كانت معتكفة بغير اذنه ، لم يلزمه غير كفارتين عن نفسه ، وان كان الوطي ليلا ، كانت عليه كفارة واحدة للاعتكاف ، فان طاوعته المرأة الى ذلك ، كانت عليها أيضا كفارة واحدة ، فإن أكرهها على ذلك ، وكان اعتكافها باذنه ، كانت عليه كفارتان ، ولم يلزمها شي‌ء.

١٢٦ ـ مسألة : إذا كان معتكفا وباع شيئا أو اشتراه ، هل يصح بيعه أو شراؤه ، أو لا يصح؟

الجواب : لا يصح بيعه ولا شراؤه ، لأنه منهي عن ذلك ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه (١).

١٢٧ ـ مسألة : إذا كانت مأذنة المسجد خارجة منه ، وبينها وبينه فسحة وفضاء ، هل يجوز للمعتكف الخروج من المسجد إليها ليؤذن فيها ، أم لا يجوز له الخروج منه؟

الجواب : يجوز له ذلك ، ولا يبطل اعتكافه ، لأن الأخبار عندنا ، واردة بالحث على الأذان (٢) ، وليست متضمنة لتفصيل ذلك من غيره ، فوجب حملها

__________________

(١) وقد ذكرنا فيما سبق تعليقة في هامش المسألة رقم ٨٢ فراجع.

(٢) الوسائل ج ٤ ص ٦٣٩ ب ١٦ من أبواب الأذان والإقامة أحاديث الباب.


على عمومها.

١٢٨ ـ مسألة : إذا كان ممن تتعين عليه إقامة الشهادة ، وخرج من المسجد ليقيمها ، هل يبطل بذلك اعتكافه أم لا؟

الجواب : لا يبطل اعتكافه بذلك ، لأن الأصل جوازه ، ولا دليل يفضى الى العلم بالمنع منه فيقال به ، وأيضا قوله سبحانه « وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا » (١) ولم يتضمن تفصيلا للمعتكف من غيره.

١٢٩ ـ مسألة : إذا كان معتكفا ثم ارتد ، هل يبطل اعتكافه أم لا؟

الجواب : إذا كان إسلامه عن كفر أصلي ثم ارتد ، فقد صار بالارتداد كافرا ، وحكم بنجاسته ، ولا يجوز له المقام في المسجد ، ولا تصح العبادة منه ، وذلك مناف للاعتكاف. وان كان إسلامه أصليا ثم ارتد ، فهذا يقتل على كل حال ، ولا يصح اعتكافه ، مع كونه أيضا محكوما بنجاسته ، لأجل كفره. على انه ينبغي على أصولنا ـ في ان الكفر لا يتعقب الإيمان ـ ان نحكم بأن إسلامه المتقدم على الارتداد ، لم يكن صحيحا ، وإذا لم يكن صحيحا لم يصح اعتكافه على كل حال.

١٣٠ ـ مسألة : إذا سكر وهو معتكف ، هل يبطل اعتكافه أم لا؟

الجواب : يبطل اعتكافه ، لأن الاعتكاف هو اللبث المتطاول لعبادة مخصوصة ، فإذا سكر ، فقد فسق ، وخرج بسكره عن كونه لابثا معتكفا في المدة المذكورة للعبادة ومستمرا عليها ، وذلك ينقض الحقيقة في كونه معتكفا.

__________________

(١) البقرة : ٢٨٢.


باب مسائل تتعلق بالحج :

١٣١ ـ مسألة : إذا أحرم المستأجر في الحج عمن استأجره ، ثم أراد نقل الإحرام إلى نفسه ، هل يجوز له ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح هذا النقل ، فان مضى على هذه النية لم يقع حجة إلا عمن بدأ بنيته ، لأن صحة نقل ذلك يفتقر فيه الى دليل ، ولا دليل يقتضي علما بذلك.

١٣٢ ـ مسألة : إذا ارتد عن الإسلام ، وقد كان حج قبل ارتداده ، ثم عاد إلى الإسلام بعد ذلك ، هل يجب عليه الحج أم لا؟

الجواب : يجب عليه الحج ، لأن إسلامه الأول ، لم يكن عندنا صحيحا ، لأنه لو كان صحيحا لما جاز تعقب الكفر له ، على ما قدمناه ، فيلزمه من اعادة الحج ما ذكرناه.

١٣٣ ـ مسألة : إذا عقد على امرأة النكاح ، ولم يعلم هل كان العقد في حال الإحرام أو الإحلال ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الاحتياط يقتضي تجديد العقد ، لأنه لا يأمن ان يكون قد وقع في حال الإحرام ، وذلك لا يجوز.

١٣٤ ـ مسألة : إذا اختلف الرجل والمرأة في العقد ، فقال الرجل : عقدت وانا محل ، وقالت المرأة : بل كنت محرما ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول في ذلك ، قول الرجل ، لأنه أعلم بنفسه ، والمرأة مدعية


لكونه محرما ، فعليها البينة. ولا يجب عليه ذلك ، لأنها مقرة بالعقد له ، وادعت عليه ما يبطله ، وهي مفتقرة في دعواها إلى البينة ، ومتى ادعت المرأة انها كانت محرمة ، وأنكر الرجل ذلك ، كان الحكم ما تقدم ، فان قال الرجل : كنت محرما ، وقالت المرأة : بل كنت محلا ، كانت على الرجل البينة ، لأنه مقر لها بالعقد ، ومدع لما يفسده ، ليسقط عن نفسه صداق النكاح ، وغيره من مستحقات العقد.

١٣٥ ـ مسألة : إذا استأجر اثنان رجلا ليحج عنهما ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجزى ذلك عنهما جميعا ، ولا عن واحد منهما ، لأن حجة واحدة لا تجوز عن اثنين ، فان حج عن أحدهما ، فليس الواحد اولى بها من الأخر ، لأنهما جميعا استأجراه ليحج عنهما ، فإن أفرد أحدهما بالحجة لم تصح ، لما ذكرناه ، فإن أراد الأجير نقلها الى نفسه لم يصح ، لأنه ما نواها عن نفسه ، ونقلها لا دليل عليه.

١٣٦ ـ مسألة : إذا أحرم قبل الميقات ، وأصاب صيدا ، هل يجب عليه جزاء أو قيمته ، أو لا يجب عليه شي‌ء؟

الجواب : لا يجب عليه شي‌ء ، لأن إحرامه وقع من غير الميقات ، ومن شرط صحته ان يقع من الميقات.

١٣٧ ـ مسألة : إذا استأجر وهو صحيح ، متمكن من ينوب عنه في حجة الإسلام ، هل تكون هذه مجزئة عنه أم لا؟

الجواب : لا تجزى هذه الحجة عنه ، لأن الإجماع حاصل على ذلك.

١٣٨ ـ مسألة : إذا مات وكانت حجة الإسلام قد وجبت عليه ، وعليه دين ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : ان كان ما خلفه فيه الكفاية للجميع ، حج عنه ، وقضى عنه الدين أيضا ، فإن فضل بعد ذلك شي‌ء كان ميراثا ، وان لم يفضل من ذلك شي‌ء ، فلا ميراث ، وان كان ما خلفه لا يتسع لذلك ، قسم بينهما ، لأنهما دينان قد وجبا عليه ، وليس أحدهما أولى من الأخر ، وان قلنا : بتقديم الحج ، لأن حق الله سبحانه اولى من حق غيره ، كان جائزا.


١٣٩ ـ مسألة : إذا كانت عليه حجتان : حجة الإسلام ، وحجة بالنذر ، وحج واحدة ، هل تكون مجزئة عن الأخرى أم لا؟

الجواب : لا يجزى عنهما ، لأنهما فرضان قد وجبا عليه ، أحدهما غير الأخر ، ويجب عليه أداء كل واحد منهما بنية تخصه ، وأيضا فإن القول ها هنا بالاجزاء شرع ، ويفتقر في إثباته إلى دليل ، ولا دليل عليه.

١٤٠ ـ مسألة : هل يجوز ان ينعقد الإحرام بالحج أو عمرة متمتع بها الى الحج ، في غير أشهر الحج (١) ، أم لا يجوز ذلك الا فيها؟

الجواب : لا يجوز ذلك الا فيها ، لأنه لا خلاف في اذن ذلك ، ينعقد في هذه الأشهر ، وليس لمن ادعى انعقاده في غيرها دليل ، ولأن إجماع الطائفة حاصل على ذلك.

١٤١ ـ مسألة : كيف يجوز القول : بأن أشهر الحج هي ما ذكرتموه ، وهذه اللفظة لا تقع الا على ثلاثة أو أكثر ، وعندكم انها ليست أكثر من شهرين وعشرة أيام؟

الجواب : ان الحج لا يصح انعقاده إلا في هذين الشهرين والعشرة أيام من الشهر الثالث ، فإذا كمل فيها فما وقع إلا في ثلاثة أشهر.

١٤٢ ـ مسألة : إذا وجب عليه الهدى ، هل يجوز له إخراجه قبل يوم النهر أم لا؟

الجواب : لا يجوز له ذلك ، لأن الإجماع حاصل على انه إذا أخرجه يوم النهر كان مجزيا عنه ، وليس على جواز إخراجه قبل ذلك دليل.

١٤٣ ـ مسألة : هل ينعقد الإحرام بمجرد النية أم لا؟

الجواب : لا ينعقد الإحرام بمجرد النية ، ولا بد في انعقاده من ان يضاف الى مجرد النية التلبية أو التقليد أو الإشعار أو سياق الهدي ، لأن ما ذكرناه مجمع على صحته ، وليس على ما خالفه دليل ، وعليه أيضا إجماع الطائفة.

__________________

(١) وفي نسخة : في غير أشهر الحرم. وكذا فيما يأتي.


١٤٤ ـ مسألة : إذا حكم على المحرم العاقد للنكاح ببطلان العقد ، هل يحتاج في التفرقة بين الزوج والزوجة إلى طلاق أم لا؟

الجواب : لا يفتقر في التفرقة بينهما الى طلاق ، بل التفرقة كافية في ذلك ، لأن صحة الطلاق فرع على ثبوت العقد ، وإذا لم يثبت ، لم يصح ان يطرأ الطلاق عليه ، وأيضا فالنهي قد ورد بذلك ، وهو دال على فساد المنهي عنه (١) ، وأيضا فإجماع الطائفة حاصل على ذلك.

١٤٥ ـ مسألة : إذا جعل البيت في طوافه على يمينه ، هل يكون مجزيا له أم لا؟

الجواب : لا يجزيه ذلك ، لأنه خلاف لما فعله رسول الله (ص) فإنه قال :

خذوا عنى مناسككم (٢) وأيضا فطريقة الاحتياط تقتضي ما ذكرناه ، وإجماع الطائفة أيضا عليه.

١٤٦ ـ مسألة : هل ركعتا الطواف واجبتان أم لا؟

الجواب : ركعتا الطواف واجبتان لقوله سبحانه « وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى » (٣) فأمر بالصلاة عند مقام إبراهيم ، والأمر الشرعي يقتضي الوجوب ، وتقتضيه أيضا طريقة الاحتياط.

١٤٧ ـ مسألة : إذ سعى ، هل يجوز له ترك الصعود على الصفا والمروة أم لا؟

الجواب : يجوز له ذلك ، وان كان الأفضل الصعود عليها لقوله سبحانه : « فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما » (٤) وقد ورد عن كافة المفسرين انه تعالى أراد الطواف بينهما ، ومن انتهى في طوافه إليهما ، فقد طاف بينهما ، وأيضا فعلى ذلك

__________________

(١) لأن في النكاح شائبة العبادة وقد اشتهر ذلك في ألسنة الفقهاء ( ض ) والظاهر ان المراد منه انه قد تصرف الشارع في مسألة الزواج إثباتا ونفيا بحيث قد صار بمنزلة المخترعات شرعية كالعبادات لا انه عمل عبادي يحتاج فيه الى قصد القربة.

(٢) عوالي اللئالى ج ٤ ص ٣٤ ح ١١٨ من طبعة الحديثة.

(٣) البقرة : ١٢٥.

(٤) البقرة : ١٥٨.


إجماع الطائفة.

١٤٨ ـ مسألة : إذا سعى بين الصفا والمروة سبعا ، وكان في الشوط السابع عند الصفا ، هل تجب عليه الإعادة أم لا؟

الجواب : عليه إعادة السعي من أوله ، لأنه إذا كان في السابع عند الصفا.

فقد بدأ بالمروة ، والابتداء بذلك لا يجوز ، ولأن الاحتياط يقتضي ما ذكرناه ، لأنه إذا استأنفه من اوله ، تيقن براءة ذمته ، وعلى ذلك إجماع الطائفة أيضا.

١٤٩ ـ مسألة : إذا كان أصلع أو أقرع ، ليس على رأسه شعر ، هل يجب عليه إمرار الموسى على رأسه بدلا من الحلق أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه ذلك ، وانما هو مستحب له ، ولأن الأصل برأيه الذمة ، وإيجاب ذلك عليه ، يفتقر الى دليل ، ولا دليل في الشرع عليه ، ولأن إجماع الطائفة على ما ذكرناه.

١٥٠ ـ مسألة : إذا فاته الوقوف بعرفات ، ووقف بالمشعر ، هل يكون ذلك مجزيا له أم لا؟

الجواب : يكون ذلك مجزيا له في صحة حجته ، لأن إجماع الطائفة حاصل عليه.

١٥١ ـ مسألة : إذا كانت الحصاة قد رمى هو بها أو غيره ، هل يجوز له ان يرمى بها أم لا؟

الجواب : لا يجوز له ذلك ، وعليه الرمي بغير هذه الحصاة ، لأن طريقة الاحتياط تقتضي ذلك ، وإجماع الطائفة عليه.

١٥٢ ـ مسألة : هل يجوز الرمي أيام التشريق قبل الزوال ، أو لا يجوز الا بعد الزوال؟

الجواب : الرمي في الأيام المذكورة ، لا يجوز الا بعد الزوال ، لأن الاحتياط يقتضي ذلك ، من حيث انه إذا فعل ذلك ، فلا خلاف في اجزائه ، وليس كذلك إذا فعله قبل الزوال ، ولأن إجماع الطائفة عليه.

١٥٣ ـ مسألة : إذا نسي واحدة من الحصاة ، ولم يعلم من اى الجمار


هي ، ما حكمه في ذلك؟

الجواب : إذا نسي ذلك على الوجه المذكور ، كان عليه ان يرمى كل واحدة من الجمار الثلاثة بحصاة ، لأن الاحتياط يقتضي ما ذكرناه ، وأيضا إجماع الطائفة عليه.

١٥٤ ـ مسألة : إذا رمى الجمرة الواحدة بسبع حصيات في دفعة واحدة ، هل يجزيه ذلك عن الرمي بها مفترقا ، أو يعتد بواحدة ، أو لا يعتد بشي‌ء؟

الجواب : عليه ان يعتد بواحدة ، لأن الاحتياط يقتضي ذلك ، ولأن إجماع الطائفة أيضا عليه.

١٥٥ ـ مسألة : إذا رمى ما فاته بنية يومه ، قبل رميه بالأمس ، هل يجزى عن يومه ، أو عن أمسه ، أو لا يجزى عن واحد منهما؟

الجواب : لا يجزى ذلك عن واحد منهما ، لأنه يجب عليه الترتيب في ذلك ، والاحتياط يقتضي ما ذكرناه ، وإجماع الطائفة أيضا عليه.

١٥٦ ـ مسألة : إذا كان وليا لصبي ، فأحرم بالصبي ، فهل نفقته الزائدة على نفقته بالحضر ، واجبة على الولي دون مال الصبي ، أو تجب في مال الصبي دون مال الولي؟

الجواب : هذه الزائدة تجب على الولي دون مال الصبي ، لأن الولي هو المدخل له في ذلك ، وهو مما لا يجب عليه ، والقول : بأنها تجب في مال الصبي يفتقر فيه الى دليل ، ولا دليل عليه.

١٥٧ ـ مسألة : إذا وطأ في الفرج قبل الوقوف بعرفات ، هل يفسد حجه بذلك أم لا؟

الجواب : هذا يفسد حجه بلا خلاف ، وعليه المضي في حجه ، واعادة الحج من قابل ، وتلزمه مع اعادة الحج بدنة ، لأن الاحتياط يقتضيه ، وعليه إجماع الطائفة.

١٥٨ ـ مسألة : إذا وطأ ، وهو صبي ، عامدا ، في الفرج قبل الوقوف بعرفات ، هل يفسد بذلك حجه ، وتتعلق به كفارة ، ويلزمه الحج من قابل ، أم لا


يفسد حجه ، ولا يلزمه ذلك؟

الجواب : هذه المسألة فيها وجهان : أحدهما ان نقول : متى حملنا ذلك على ان عمد الصبي وخطأه سواء ، لم يفسد بذلك حجه ، ولا تتعلق به كفارة. وان لم نقل بذلك ، وقلنا : بأنه عمد ، حملناه على عموم الأخبار (١) في من وطأ عامدا ، فسد حجه ، ولا يلزمه القضاء ، لأنه غير مكلف ، ووجوب القضاء ، لا يتوجه الا الى المكلف. وهذا الوجه الثاني أقوى من الأول.

١٥٩ ـ مسألة : إذا وطأ قبل الوقوف بالمشعر أو بعده في الفرج ، هل يجب عليه شي‌ء أم لا؟

الجواب : إذا وطأ قبل الوقوف بالمشعر ، كان حكمه حكم من وطأ قبل الوقوف بعرفات. وقد تقدم ذلك ، واما وطأه بعد الوقوف بالمشعر ، فلا يجب عليه في ذلك شي‌ء غير البدنة ، لأن كل من قال : بان الوقوف بالمشعر من أركان الحج ، قال بما ذكرناه ، وإجماع الطائفة أيضا عليه.

١٦٠ ـ مسألة : إذا نحر ما يجب عليه في الحل ، وفرق اللحم في الحرم ، هل يجزيه ذلك ، أو لا يجزيه؟

الجواب : لا يجزيه ذلك ، لقوله تعالى « ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ » (٢) ، وأيضا فطريقة الاحتياط تتناول ما ذكرناه ، وأيضا عليه إجماع الطائفة.

١٦١ ـ مسألة : إذا نحر ما يجب عليه نحره في الحرم ، وفرق لحمه في الحل ، هل يجزيه أم لا؟

الجواب : لا يجزيه ذلك ، لأنه إذا نحره في الحرم ، وفرق اللحم في الحرم ، فلا خلاف في اجزائه ، وليس كذلك إذا نحره في الحرم وفرق اللحم في الحل ، والاحتياط يتناول ما ذكرناه.

١٦٢ ـ مسألة : المستأجر في الحج ، إذا أحصر ، أو مات قبل الإحرام ، هل يستحق أجرة أم لا؟

__________________

(١) الوسائل ج ٩ ص ٢٥٥ ب ٣ من أبواب كفارات الاستمتاع احاديث الباب.

(٢) الحج : ٣٣.


الجواب : يستحق من الأجرة بحساب ما قطع من المسافة ، لأنه إذا كان مستأجرا في أفعال الحج ، وكان ذلك لا يمكنه الا بقطع المسافة ، فهو مستأجر على ذلك ، فله من الأجرة بحساب ما ذكرناه.

١٦٣ ـ مسألة : إذا استأجر غيره ليحج عنه متمتعا ، فحج عنه قارنا أو مفردا ، هل يعتد بذلك للأجير أم لا؟

الجواب : لا يعتد بذلك ، وحجة التمتع باقية في ذمته ، لأنه إذا حج قارنا أو مفردا ، فلم يأت بما استوجر عليه ، وإذا لم يأت به واتى بغيره ، لم يعتد له به ، ولأن الاحتساب والاعتداد له بذلك ، يفتقر الى دليل ، ولا دليل في الشرع عليه.

١٦٤ ـ مسألة : إذا استأجره على ان يحج عنه قارنا أو مفردا ، فحج عنه متمتعا ، هل يعتد له بذلك أم لا؟

الجواب : هذا صحيح ، ويعتد له بذلك ، لأنه اتى بالنيابة عنه بالأفضل.

١٦٥ ـ مسألة : إذا قال : من يحج عنى فله عشرة ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ، فمن حج عنه كانت العشرة له ، لأن قوله بما ذكرناه ، شرط وجزاء محض ، ولا يمنع من ذلك مانع ، فوجب القول بصحته.

١٦٦ ـ مسألة : إذا أصاب المحرم صيدا وغاب عنه فلم يعلم له حالا ، هل يلزمه جزاء أم لا؟

الجواب : يلزمه الجزاء ، لأن الاحتياط يقتضي ذلك ، وعليه أيضا إجماع الطائفة.

١٦٧ ـ مسألة : إذا ذبح صيدا وهو محرم ، هل يجوز للمحل أكله أم لا؟

الجواب : لا يجوز أكله لأحد من الناس ، وهو بحكم الميتة ، لأن الاحتياط يتناول ذلك ، وعليه أيضا إجماع الطائفة.

١٦٨ ـ مسألة : إذا أصاب طائرا وهو على غصن من شجرة ، وأصلها في الحرم ، والغصن في الحل ، هل عليه الضمان أم لا؟

الجواب : عليه الضمان ، لأن الاحتياط يقتضي ذلك ، وعليه أيضا إجماع الطائفة.


١٦٩ ـ مسألة : إذا أحرم ومعه صيد ، هل يزول ملكه عنه أم لا؟

الجواب : ما معه من الصيد ، يزول ملكه بالإحرام عنه ، وما هو من ذلك في بلده أو منزله ، لا يزول ملكه عنه ، اما الأول ، فلأن إجماع الطائفة عليه ، واما الثاني فيفتقر في زوال الملك عنه الى دليل ، ولا دليل في الشرع عليه.

١٧٠ ـ مسألة : ما يتوالد بين ما يجب فيه الجزاء وبين ما لا يجب ذلك فيه مثل حمار الوحش والحمار الأهلي والضبع والذئب ، هل يجب فيه الجزاء أم لا؟

الجواب : لا يجب ذلك فيه ، لأن الأصل براءة الذمة ، والقول بوجوب الجزاء في ذلك ، يفتقر في صحته الى دليل ، ولا دليل عليه في الشرع.

١٧١ ـ مسألة : إذا نذر هديا بعينه ، هل يزول ملكه عنه أم لا؟ أو يجوز له بيعه وإخراج بدله أم لا؟

الجواب : إذا نذر هديا بعينه ، زال ملكه عنه ، ولم يصح تصرفه فيه ببيع ولا غيره ، ولا إخراج بدله ، لأن الاحتياط يقتضي ما ذكرناه ، وثبوت شي‌ء مما ذكرناه فيه ، يحتاج الى دليل ، ولا دليل على ذلك.

١٧٢ ـ مسألة : إذا رمى وهو محل في الحل صيدا ، رأسه في الحرم ، وقوائمه في الحل ، فقتله ، هل عليه الجزاء أم لا؟

الجواب : عليه الجزاء ، لأن طريقة الاحتياط تقتضي ذلك ، وعليه إجماع الطائفة أيضا.

١٧٣ ـ مسألة : إذا ضرب صيدا حاملا ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا ضرب صيدا حاملا ، فلا يخلو من ان يكون لم يؤثر بضربته فيه ولا في الجنين قتلا ولا جرحا ، أو يكون اثر فيه شيئا من ذلك ، فان لم يؤثر فيه ولا في الجنين ، فليس عليه شي‌ء ، وان كان اثر فيه شيئا من ذلك ، فان لم يؤثر فيه ولا في الجنين ، فليس عليه شي‌ء ، وان كان اثر فيه وفي الجنين : بان تكون الأم ألقت الجنين حيا ومات ، وماتت الأم بعد ذلك ، كان عليه جزاء المثل عن الأم ، وجزاء المثل عن الجنين صغيرا ، وإن ألقت الأم الجنين وعاشت ، ومات الجنين ، كان عليه الجزاء عن الجنين دون الأم ، وان عاش الجنين وماتت الأم ، كان عليه


الجزاء عن الأم دون الجنين ، وان ألقت الأم الجنين ميتا ، كان عليه ما ينقص من قيمة الأم ، فينظر في قيمتها حاملا وبين قيمتها غير حامل بعد الأسقاط ، ويلزمه ذلك في المثل. هذا كله إذا لم يكن اثر بضربه في الأم شيئا ، فان كان قد اثر فيها جرحا ، كان عليه بحساب ذلك. كل ذلك لقوله تعالى « فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ » (١) ، ولأنه بالجرح ضامن الأرش.

١٧٤ ـ مسألة : إذا بات عن منى ، ما حكمه؟

الجواب : ان بات عنها ليلة ، كان عليه دم ، فان بات عنها ليلتين ، كان عليه دمان ، فان بات عنها الليلة الثالثة ، لم يكن عليه بها شي‌ء ، لأن له النفر الأول ، والنفر الأول يكون في اليوم الثاني من أيام التشريق بغير خلاف.

١٧٥ ـ مسألة : إذا تكرر منه الوطأ في الفرج ، هل تتكرر عليه الكفارة بتكرره أم لا؟

الجواب : إذا تكرر منه ذلك تكررت الكفارة عليه ، لأن الاحتياط يقتضي ذلك ، فان قيل : ان الجماع الأول قد أفسد الحج به ، وما بعده لم يفسده ، قلنا : الحج وان كان قد فسد بالأول ، فحرمته باقية ، ولهذا وجب المضي في الحج ، وصح تعلق الكفارة به فيما يستقبل (٢) من ذلك.

__________________

(١) المائدة : ٩٥.

(٢) وفي نسخة : « يستقل » بدل « يستقبل ».


باب مسائل تتعلق بالجهاد :

١٧٦ ـ مسألة : إذا كان عليه دين ، هل يجوز له الخروج الى الجهاد أم لا؟

الجواب : إذا كان عليه دين فليس يخلو من ان يكون حالا أو مؤجلا ، فإن كان حالا لم يجز له الخروج حتى يقتضيه ، لأنه حق قد وجب عليه التخلص منه ، فان خرج كان مغررا بالحق ، لأنه يطلب الشهادة بالخروج الى الجهاد (١) ، فان اذن له صاحب الحق جاز له ذلك. وان كان مؤجلا جاز له الخروج ، لأنه قبل الأجل ، ممن لم يجب عليه حتى يلزمه التخلص منه ، وقد قيل : ان لصاحب الحق منعه ، والظاهر ، الأول. هذا إذا لم يتعين الجهاد ، فان تعين وأحاط العدو بالبلد أو بالمكان ، وجب على الكل الجهاد والدفع ، ولم يكن لأحد المنع من ذلك في هذه الحال.

١٧٧ ـ مسألة : إذا كان له أبوان ، هل يجوز لهما منعه من الجهاد أم لا؟

الجواب : يجوز لهما منعه من ذلك ما لم يتعين الجهاد ، على ما قلناه ، والأصل في ان لهما ما ذكرناه ما روى عن الرسول (ص) من ان رجلا جائه فقال له : يا رسول الله أجاهد فقال له : ألك أبوان؟ فقال : نعم ، فقال : ففيهما فجاهد (٢).

__________________

(١) وفي نسخة : بطلت الشهادة. والظاهر انه تصحيف.

(٢) الوسائل ج ١١ ص ١٢ ب ١٢ أبواب جهاد العدو ح ١ ( مع تفاوت ) وعوالي اللئالى ج ٢ ص ٢٣٨.


١٧٨ ـ مسألة : إذا نزل الإمام بالجيش في الغزو على بلد ، هل له حصره ، والمنع لمن يريد الخروج منه من الكفار ، أو دخوله إليه (١) أم لا؟

الجواب : له ذلك ، لقوله تعالى « وَاحْصُرُوهُمْ » (٢) ، وكما فعل رسول الله (ص) فإنه حاصر أهل الطائف.

١٧٩ ـ مسألة : إذا تترس المشركون بالأطفال ، هل يجوز قتلهم ، بالرمي أو غيره ، أو لا يجوز ذلك؟

الجواب : إذا كانت الحرب ملتحمة (٣) جاز رمى المشركين وقتلهم وضربهم ، من غير قصد الى قتل الأطفال ، بل يكون القصد الى من خلفهم ، فإن أدى ذلك الى قتل الأطفال ، لم يكن على القاتل لهم شي‌ء ، لأنه لو لم يفعل ذلك لبطل الجهاد. وان لم تكن الحرب قائمة ، لم يجز رميهم ولا قتلهم بغير الرمي ، لأنهم غير مكلفين.

١٨٠ ـ مسألة : إذا أمنت المرأة لأحد من الكفار ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ، لأن رسول الله (ص) قال لأم هاني بنت ابى طالب ، وقد أجارت (٤) رجلا من المشركين يوم « فتح مكة » : أجرنا من أجرت ، وأمنا من أمنت. (٥)

١٨١ ـ مسألة : هل يجوز أمان الصبي لأحد من الكفار أم لا؟

الجواب : أمان الصبيان للكفار لا يصح ، لأنهم غير مكلفين.

١٨٢ ـ مسألة : إذا اغتر كافر بصبي غير مراهق ، فأمنه ، ما حكمه؟

الجواب : إذا أمنه من هذه صفته ، كان الأمان غير صحيح ، لأنه أمان من غير مكلف ، الا انه لا يعرض للكافر بسوء ، حتى يرد إلى مأمنه ، ثم يصير حربا ، لأنه حصل مع المسلمين بشبهة ، وإذا كان حصوله كذلك ، لم يجز التعرض له بغدر

__________________

(١) وفي نسخة ـ د : والمنع لمن يريد الخروج منهم من الكفار أو دخولهم اليه.

(٢) التوبة : ٥.

(٣) الملتحمة : الوقعة العظيمة في الفتنة والمراد قيام الحرب.

(٤) أجاره : أنقذ من هرب اليه وأمنه.

(٥) بحار الأنوار ج ٢١ ص ١٣١.


ولا غيره.

١٨٣ ـ مسألة : إذا تجسس انسان لأهل الحرب ، وحمل إليهم أخبار المسلمين ، هل يجوز قتله بذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز قتله بذلك ، لأن « حاطب بن أبي بلتعة » كاتب أهل « مكة » بأخبار المسلمين ، فلم ير رسول الله (ص) قتله بذلك (١). غير ان الإمام يعزره على ذلك ، وله العفو عنه.

١٨٤ ـ مسألة : إذا تزوج حربي بحربية ، وماتت بعد دخوله بها ، ثم أسلم الزوج بعد ذلك ، ودخل إلينا ، ثم لحقه وارثها وطالبه بالمهر ، هل يجب على الزوج دفعه إليه أم لا؟

الجواب : لا يجب على هذا الزوج دفع هذا المهر الى الوارث ، لأن الوارث من أهل الحرب ، ولا أمان لهم على أهل الحرب الذين الوارث منهم على هذا المهر.

١٨٥ ـ مسألة : إذا كانت الحرب قائمة ، فاهدى حربي من صفه شيئا الى مسلم ، هل يكون هدية أو غنيمة؟

الجواب : هذا يكون غنيمة ، لأن الحربي إنما فعل ذلك خوفا من أهل الصف.

١٨٦ ـ مسألة : إذا ملك الذمي عرصة ، وأراد ان يبنى فيها دارا ، هل يجوز له رفع بنائه على بناء المسلمين أم لا؟

الجواب : لا يجوز له رفع بنائه ذلك على بناء المسلمين ، وان ساوى بينه وبين بناء المسلمين كان عليه ان ينقصهم عن ذلك ، لقول رسول الله (ص) : « الإسلام يعلو ولا يعلى عليه » (٢) ، ولأن إجماع الطائفة على ذلك أيضا ، وكذلك إذا كانت الدار قديمة فانهدمت ثم أراد بناءها.

١٨٧ ـ مسألة : إذا أنفذ الإمام جيشين مختلفين الى موضعين ، وأمر على

__________________

(١) بحار الأنوار ج ٢١ ص ٩٣.

(٢) الوسائل ج ١٧ ص ٣٧٦ ب ١ أبواب موانع الإرث ح ١١.


كل واحد منهما أميرا ، وغنم كل واحد من الجيش غنيمة ، هل يشترك الجيشان في ذلك أم لا؟

الجواب : هذان الجيشان لا يشتركان في ذلك ، بل يكون لكل جيش ما غنمه ، لأنهما جيشان مختلفان ، وجهة كل واحدة منهما غير جهة الأخرى ، فإن اتفقا ان يجتمعا في موضع واحد ، وتقاتلا في جهة واحدة معا ويغنما ، فان الغنيمة يشتركان فيها ، لأنهما قد صارا على هذه الصفقة جيشا واحدا.

١٨٨ ـ مسألة : إذا سير الإمام جيشا إلى جهة ، وجعل عليه أميرا ، ثم رأى الأمير من الصلاح إنفاذ سريته ، فأنفذها ، وغنمت ، هل تكون الغنيمة للسرية وحدها ، أو يشاركها الجيش في ذلك؟

الجواب : هذه الغنيمة للسرية وللجيش جميعا يشتركان فيها ، لأنهما جيش واحد ، وكذلك القول ، لو أنفذ سريتين في جهتين وغنمت السريتان ، ان الكل يشتركان في ذلك ، لأنهم جيش واحد.


باب مسائل تتعلق بالبيوع :

١٨٩ ـ مسألة : إذا باع الإنسان شيئا ، كان المشتري قد رآه قبل العقد ، ولم يره في حال العقد ، وكان مما يتلف أو لا يتلف ، هل يصح بيعه أم لا؟

الجواب : هذا البيع ماض إذا وجده المشتري كما رآه. فان خالف ذلك ، كان مخيرا بين إمضاء البيع وفسخه ، لقول الله سبحانه « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا » (١) ، فأباح ما يتناوله اسم البيع ، وهذا بيع ، والمنع منه يحتاج الى دليل ، ولا دليل في الشرع عليه.

١٩٠ ـ مسألة : إذا باع شيئا على ان يسلمه إلى ستة أشهر ، هل يصح هذا البيع أم لا؟

الجواب : هذا البيع صحيح ، للآية التي تقدم ذكرها ، ولأن المنع منه ، يفتقر الى دليل.

١٩١ ـ مسألة : إذا ملك الشفيع المبيع ، وانتزعه من يد المشتري ، هل له خيار المجلس أم لا؟

الجواب : ليس له خيار المجلس ، لأن هذا الخيار انما يثبت بالبيع (٢) والشفيع انما يأخذ ذلك بالشفعة ، لا بالبيع ، وإلحاق ذلك بالبيع ، يفتقر الى دليل ، ولا دليل شرعي عليه.

__________________

(١) البقرة : ٢٧٥.

(٢) وفي نسخة : في البيع.


١٩٢ ـ مسألة : إذا باع شيئا بشرط ، مثل ان يقول : بعتك إلى سنة أو شهر ، فان رددت على الثمن ، والا فالمبيع لي ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا صحيح ، فإذا رد عليه المال ، وجب عليه رد الملك ، فان جازت المدة ، ملك بالعقد الأول ، وانما كان كذلك لقوله (ص) : الشرط جائز بين المسلمين ما لم يمنع منه كتاب أو سنة (١). ومن ادعى المنع من ذلك ، فعليه الدليل ، ولا دليل عليه ، ولأن إجماع الطائفة عليه أيضا.

١٩٣ ـ مسألة : إذا باع شيئا غير معين بثمن معين ، ولم يقبضه ، ولا قبض الثمن ، وفارق البائع والمشتري ، من يستحقه منهما؟

الجواب : المشتري أحق بهذا البيع الى ان يمضي ثلاثة أيام ، فإن مضت ولم يحضر الثمن ، كان البائع أحق به بعد ذلك ، وهو مخير بين فسخ البيع ، وبين المطالبة بالثمن ، لأن إجماع الطائفة على ذلك.

١٩٤ ـ مسألة : إذا باع غيره شيئا بشرط الخيار ، ولم يعين أجلا ولا وقتا ، بل أطلق ذلك إطلاقا ، هل يصح له الخيار أم لا؟

الجواب : الخيار يصح ثلاثة أيام ، فإذا مضت الثلاثة ، لم يكن له خيار ، لأن إجماع الطائفة عليه.

١٩٥ ـ مسألة : إذا شرط البائع على المشتري قبل العقد ان لا يثبت بينهما خيار بعد العقد ، هل يصح ذلك الشرط أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ، ويلزم العقد بنفس الإيجاب والقبول ، لأن الأصل جواز هذا الشرط ، ولا مانع يمنع منه ، وعموم الأخبار يتناوله (٢) ، ومن ادعى المنع منه ، فعليه الدليل.

١٩٦ ـ مسألة : إذا اشترى مملوكا ثم أعتقه في مدة الخيار ، ومضت هذه المدة ، وتم البيع ، هل يصح هذا العتق أم لا؟

__________________

(١) ذكره ابن زهرة في الغنية ص ٣٩ والجوامع الفقهية ص ٥٨٧ ونقله الشيخ الأعظم الأنصاري عنه لاحظ مكاسب الشيخ ص ٢٧٧ ـ في مبحث الشروط في ضمن العقد ـ

(٢) المؤمنون عند شروطهم الوسائل ج ١٥ ص ٣٠ ب ٢٠ أبواب المهور ح ٤.


الجواب : عتق هذا المملوك صحيح ، لما روى عنهم صلوات الله عليهم من ان المشتري إذا تصرف في المبيع بطل خياره (١) وهذا المشتري قد تصرف في المبيع بالعتق ، فيجب لزوم البيع له ، وإذا لزمه ، فقد تم عتقه عند تمام البيع.

١٩٧ ـ مسألة : إذا أكره المتبايعان ، أو واحد منهما على التفرق بالأبدان ، على وجه يتمكنان أو أحدهما من الفسخ والخيار ، فلم يفعلا ذلك ولا أحدهما ، هل يبطل بذلك خيارهما أم لا؟

الجواب : يبطل خيارهما أو خيار أحدهما ، لأنه إذا كان متمكنا من الفسخ والإمضاء ، فلم يفعل حتى حصل الافتراق ، دل ذلك على الإمضاء.

١٩٨ ـ مسألة : إذا باع مملوكين ، وشرط مدة الخيار (٢) في واحد منهما ، من غير تعيين ، ما الحكم فيه؟

الجواب : الحكم في ذلك ، انه إذا لم يتعين من شرط الخيار فيه منهما ، وأبهم ذلك ، كان البيع فاسدا ، لأنه مجهول بغير خلاف ، فان عين ذلك في أحدهما ، ثبت الخيار فيما عين فيه ، وبطل فيما لم يعينه ، لأن قوله ص : المؤمنون عند شروطهم ، (٣) يتناول ذلك ، لأنه شرط ، ومن ادعى بطلان ذلك ، فعليه الدليل.

١٩٩ ـ مسألة : إذا هلك المبيع في مدة الخيار بعد القبض ، هل ينقطع الخيار أم لا؟

الجواب : لا ينقطع الخيار ، لأن الأصل ثبوته ، والقول بانقطاعه ، يفتقر الى دليل ، ولا دليل في الشرع عليه.

٢٠٠ ـ مسألة : إذا قال المشتري للبائع : بعني بكذا ، فقال البائع : بعتك هذا ، هل ينعقد البيع أم لا؟

الجواب : لا ينعقد البيع بذلك ، وانما ينعقد بان يقول له المشتري بعد

__________________

(١) لاحظ الوسائل ج ١٢ ص ٣٥٠ باب ٤ من أبواب الخيار احاديث الباب.

(٢) وفي نسخة : مدة من الخيار.

(٣) الوسائل ج ١٥ ص ٣٠ ب ٢٠ أبواب المهور ح ٤.


ذلك : قبلت أو اشتريت ، لأن ما ذكرناه مجمع على ثبوت العقد ، وصحته به ، وليس كذلك ما خالفه ، ومن ادعى ثبوته وصحته بغير ما ذكرناه ، فعليه الدليل ، وأيضا فالأصل عدم العقد ، وعلى من يدعى ثبوته الدليل.

٢٠١ ـ مسألة : إذا دفع قطعة الى بقلى أو سقاء ، وقال له : أعطني بقلا أو ماء ، فأعطاه ، هل يكون ذلك بيعا في الحقيقة أم لا؟

الجواب : هذا ليس ببيع في الحقيقة ، لأنه ليس فيه إيجاب ولا قبول ، وانما هو اباحة ، ولأن العقد حكم شرعي ، ولا دليل يدل على ثبوت العقد ها هنا ، وعلى من يدعى ذلك الدليل.

٢٠٢ ـ مسألة : إذا باع ثمرة ، وتسلمها المشتري ، ثم هلكت ، أو هلك بعضها بحاجة ، هل ينفسخ البيع أم لا؟

الجواب : لا ينفسخ العقد بذلك ، لأن العقد قد ثبت ، وعلى من يدعى الفسخ في جميع المبيع أو في بعضه ، الدلالة ، ولا دلالة عليه.

٢٠٣ ـ مسألة : إذا قال البائع لاثنين : بعتكما هذا العبد بمأة أو بألف ، فقال أحدهما : قبلت نصفه بخمسين ، أو بخمس مأة ، هل يصح العقد أم لا؟

الجواب : هذا العقد غير صحيح ، لأنه لا دليل على صحة ثبوته في حصة هذا القابل ، وأيضا فإن قبوله لما ذكر في المسألة غير مطابق للإيجاب.

٢٠٤ ـ مسألة : إذا اشترى جارية على انها بكر ، فوجدت ثيبا ، هل له ردها أم لا؟

الجواب : ليس له ردها ، لأن الأصل صحة العقد ، وإثبات ذلك عيبا يفتقر فيه الى دليل شرعي ، ولا دليل في الشرع عليه. (١)

٢٠٥ ـ مسألة : إذا اشترى مملوكا ، فكان المملوك يبول في الفراش ، صغيرا كان أو كبيرا ، هل يجوز له الخيار فيه أم لا؟

الجواب : لا خيار له في ذلك ، لأن الأصل صحة العقد ، وإثبات ذلك

__________________

(١) نعم لو اشترط البكارة فالتخلف يوجب خيار تخلف الوصف ولعل عبارة المصنف ناظرة إذا لم يذكر الشرط في متن العقد بل كان في نية المشتري لاحظ الوسائل ج ١٢ ص ٤١٨ ب ٦ أبواب أحكام العيوب.


عيبا ، يفتقر الى دليل شرعي ، ولا دليل عليه في الشرع.

٢٠٦ ـ مسألة : إذا اشترى جارية ، فوجدها مغنية ، أو عبدا فوجده كذلك هل له الخيار فيه أم لا؟

الجواب : لا خيار له فيه ، لأن الأصل صحة العقد ، وعلى من يدعى على ان ذلك عيب يقتضي الرد ، الدليل ، ولا دليل ، وأيضا فإن العلم بالغناء غير محرم ، وانما المحرم ، إظهار صنعته واستعماله ، وبالعلم لا يجب الرد.

٢٠٧ ـ مسألة : إذا ابتاع مملوكا ثم قتله ، وعلم انه كان معيبا ، هل له الرجوع على البائع بالأرش أم لا؟

الجواب : إذا كان ذلك العيب يوجب الرد ، كان له الأرش ، ومن ادعى سقوطه ، كان عليه الدليل ، ولا دليل في الشرع عليه.

٢٠٨ ـ مسألة : إذا كان له مملوك ، فجنى المملوك على غيره ، وباعه مولاه بغير اذن من المجني عليه ، هل يصح بيعه أم لا؟

الجواب : إذا كانت هذه الجناية توجب القود ، لم يصح بيعه ، لأنه قد باع منه ما لا يملكه ، لأن ذلك حق للمجني عليه ، وان كانت توجب الأرش ، صح بيعه ، لأن رقبته سليمة من العيب ، وإذا التزم سيده الأرش عن الجناية ، صح بيعه ، لأنه لا وجه بعد ذلك يفسده ، ومن ادعى فساده ، فعليه الدليل ، ولا دليل على ذلك.

٢٠٩ ـ مسألة : إذا اختلف البائع والمشتري في قدر الثمن ، فقال البائع : بعتك بمأة ، وقال المشتري : بخمسين ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : ان كان المبيع قد تلف ، كان القول ، قول المشتري مع يمينه ، وان كان سالما ، كان القول ، قول البائع مع يمينه ، لأن إجماع الطائفة على ذلك. وأيضا قوله (ص) : البينة على المدعى واليمين على من أنكر (١) ، والمشتري مدعى عليه وهو المنكر ، لأنهما قد اتفقا على العقد وانتقال الملك ، والمشتري معترف بذلك ويذكر : ان الثمن خمسون ، والبائع يدعى عليه مأة ، فيجب ان يكون القول

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ٣ ص ١٩٩ ب ٣ أبواب كيفية القضاء ح ٤


قول المشتري ، وليس يلزمنا مثل ذلك مع بقاء المبيع ، لأن القول حينئذ قول البائع ، لأنه لو تركنا وظاهر الخبر ، لقلنا به. لكن المروي عن الأئمة صلوات الله عليهم : ان القول قول البائع (١) ، فحملناه على انه إذا كان مع بقاء السلعة ، وما يرويه المخالف مما يقتضي الخلاف لما ذكرناه ، اخبار آحاد لا تقتضي علما.

٢١٠ ـ مسألة : إذا باع انسان (٢) غيره شيئا بثمن في الذمة ، فقال البائع : لا أدفع المبيع حتى اقبض الثمن ، وقال المشتري : لا أدفع الثمن ، حتى اقبض المبيع ، ما حكمهما في ذلك؟

الجواب : إذا جرى الأمر بين المتبايعين على ذلك ، وجب على الحاكم ان يجبر البائع على دفع المبيع إلى المشتري ، ويسلمه اليه. ثم يأمر المشتري (٣) بعد ذلك ، بدفع الثمن إلى البائع ، لأن الثمن انما يستحق على المبيع ، فيجب تسليمه أولا ، ليستحق الثمن عليه.

٢١١ ـ مسألة : إذا باع عبدا مطلقا ، فخرج خصيا ، هل له الخيار أم لا؟

الجواب : إذا خرج العبد المذكور خصيا ، كان للمشترى الخيار ، لأن مطلق العبد يقتضي سلامة الأعضاء والأطراف ، والخصى ليس كذلك ، فللمشتري الخيار كما ذكرناه.

٢١٢ ـ مسألة : إذا ادعى « عمرو » عبدا في يد « زيد » ، واقام البينة بأنه له اشتراه من « زيد ». واقام زيد البينة انه له وانه هو الذي اشتراه من « عمرو ». ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان البينة بينة الخارج ، وهو « عمرو » ، لقولهم (ع) : البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (٤) والمدعى عليه ها هنا هو « زيد » ، لأن العبد في يده.

__________________

(١) الوسائل ج ١٢ ص ٣٨٣ ب ١١ أبواب أحكام العقود ح ١ ـ ٢

(٢) وفي نسخة : من غيره.

(٣) وفي نسخة : ثم يأمن المشتري بعد ذلك يدفع به الثمن إلى البائع ـ وما في المتن هو أصح.

(٤) الوسائل ج ١٨ ص ١٧١ ب ٣ أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ح ٢ و ٥


٢١٣ ـ مسألة : إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن ، فقال المشتري : بعني هذين العبدين بمأة ، وقال البائع : بل هذا العبد بمأة. ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان القول في ذلك ، قول البائع مع يمينه ، لقولهم (ع) : إذا اختلف المتبايعان ، فالقول قول البائع (١).

٢١٤ ـ مسألة : إذا ابتاع عبدا ، وعلم بعد ذلك انه مأذون له في التجارة ، وعليه دين ، هل يكون له خيار في رده أم لا؟

الجواب : ليس له خيار في ذلك ، لأن دين التجارة ، يكون في ذمته ، ولا يتعلق برقبته ولا يباع فيه ، وانما يطالب به إذا أعتق ، وملك مالا ، وإذا كان كذلك ، لم تلحق المشتري منه مضرة ، وإذا لم يلحقه ذلك ، لم يكن فيه له خيار.

٢١٥ ـ مسألة : إذا اشترى انسان من آخر ، مملوكين ، ووجد بهما عيبا ، غير ان أحدهما مات ، هل يجوز له الرد أو الأرش ، وما الحكم في ذلك؟

الجواب : لا يجوز له رد الباقي ، فاما الأرش فإنه يستحق ذلك ، لأن رد جميع ذلك لا يمكنه.

٢١٦ ـ مسألة : إذا باع من غيره شيئا ، وقبض ثمنه ، ثم ادعى على المشتري فيما قبضه منه زيفا (٢) ، وأنكر المشتري ذلك ، ما حكمه؟

الجواب : إذا ادعى البائع ذلك ، كان القول ، قول المشتري مع يمينه ، وكانت على المدعى (٣) البينة ، لأنه يدعى عليه انه قبضه منه زيفا ، فعليه البينة في ذلك ، والأصل انه قبضه جيادا.

٢١٧ ـ مسألة : إذا اشترى انسان مملوكا ، وقطع عنده طرف من أطرافه ، ثم وجد به عيبا قديما ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : يجب لهذا المشتري الأرش ، فإما رده فلا يصح ، لأن حكم الرد ها هنا يسقط بالإجماع.

__________________

(١) صحيح الترمذي ج ٣ ص ٥٧٠ كتاب البيوع باب ما جاء إذا اختلف البيعان ح ١٢٧٠

(٢) درهم زيف : ردى ـ مجمع البحرين ـ

(٣) وفي نسخة : على البائع.


٢١٨ ـ مسألة : هل يجوز بيع الحمل في بطن امه أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأنه لا يعلم هل هو ذكر أو أنثى ، ولا يقدر على تسليمه الى المشتري ، ولا يعلم إمكانه.

٢١٩ ـ مسألة : هل يجوز بيع الدابة ، على انها تحمل ، أم لا؟

الجواب : لا يجوز بيعها بهذا الشرط ، لأنه مما لا يعلمه.

٢٢٠ ـ مسألة : إذا باع الدابة على انها تحمل ، فوافق ذلك ، هل يكون البيع ماضيا أم لا؟ وهل يكون للمشترى الخيار أم لا؟

الجواب : إذا وافق ذلك ، كان البيع ماضيا ، ولم يكن للمشترى خيار ، لأن الشرط قد حصل ، فان لم تحمل كان مخيرا بين الإمضاء والفسخ.

٢٢١ ـ مسألة : هل يجوز أن يبيع جارية أو بهيمة حاملة ، ثم يستثنى الحمل لنفسه أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن الحمل يجرى مجرى عضو من أعضائها ، وكما لا يجوز ان يبيعها ثم يستثنى عضوا منها ، فكذلك الحمل.

٢٢٢ ـ مسألة : إذا كان كافرا ، وله أب مسلم ، فاشترى أباه المسلم ، هل ينعتق عليه أم لا؟

الجواب : لا ينعتق عليه ، لأن الكافر لا يملك المسلم ، والعتق لا يكون الا فيما يملك.

٢٢٣ ـ مسألة : إذا اشترى شيئا ولم يقبضه ، ثم رهنه ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ، لأنه ما لك له بالعقد.

٢٢٤ ـ مسألة : إذا اشترى انسان من غيره مملوكا بقميص ، وقبض المملوك ولم يسلم القميص وتلف ، وباع المملوك ، هل يصح له ذلك أم لا؟

الجواب : يصح بيعه ، لأنه قد قبضه وانتقل ضمانه اليه ، وإذا باعه وسلمه الى المشتري ، وتلف القميص الذي في يد البائع ، انفسخ البيع ، ووجبت عليه قيمة المملوك لبائعه ، لأنه غير قادر على اعادته بعينه ، فجرى مجرى المستهلك.


٢٢٥ ـ مسألة : هل يجوز أن يسلم في ثوب على صفة خرقة أحضرها أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأنه يجوز في الخرقة ان يهلك ، فيصير مجهولا. (١)

٢٢٦ ـ مسألة : إذا أسلف في مخيض ، هل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن فيه ماء ، لأن الزبد (٢) لا يخرج الا بالماء ، فلا يمكن المعرفة بمقدار اللبن.

٢٢٧ ـ مسألة : هل يجوز ان يسلف به في القز أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن دودة فيه ، وهو غير مقصود. ولا فيه مصلحة ، لأنه ان ترك فيه أفسده ، لأنه يقرضه ويخرج منه ، وان كان يابسا ومات الدود فيه ، لم يجز بيعه أيضا ، لأنه ميتة.

٢٢٨ ـ مسألة : هل يجوز بيع الترياق أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن فيه لحم الأفاعي ، وإذا قتلت كانت نجسة بلا خلاف ، وبيع ذلك والسلف فيه أيضا لا يجوز.

٢٢٩ ـ مسألة : إذا أسلف في شي‌ء ، فقال له غيره قبل قبضه : شاركني في نصفه بنصف الثمن ، أو ولني جميعه بجميع ذلك ، أو نصفه بنصف الثمن ، هل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب : الشركة والتولية إذا كانت على الوجه المذكور قبل القبض للمتسلف فيه غير جائزة ، لأن رسول الله (ص) نهى عن بيع ما لم يقبض وقال :

من أسلف في شي‌ء فلا يصرفه الى غيره (٣). وأراد قبل القبض ، لأنه إذا قبضه ، صح ذلك فيه بغير إشكال.

٢٣٠ ـ مسألة : إذا قال المسلم اليه لمن أسلم : زدني شيئا حتى أقدم لك ذلك ، هل يجوز أم لا؟

__________________

(١) ربما الصحيح ان تهلك بالتأنيث لا التذكير وكذلك تصير بالتأنيث أيضا.

(٢) الزبد : زبد السمن. وهو ما خلص من اللبن إذا مخض ـ لسان العرب.

(٣) سنن ابى داود ج ٣ ص ٢٧٦ كتاب البيوع ج ٣٤٦٨


الجواب : لا يجوز ذلك بغير خلاف.

٢٣١ ـ مسألة : هل يجوز السلف في الجوهر مثل : اللؤلؤ والياقوت والزبرجد والفيروزج والعقيق وما يجرى مجرى ذلك ، أم لا يجوز؟

الجواب : لا يجوز السلف في ذلك ، لأنه ممن يتباين تباينا شديدا في صغر وكبر وصفاء وتدوير وغير ذلك ، ولا ينضبط بصفة ، وما كان كذلك فلا يجوز السلف فيه.

٢٣٢ ـ مسألة : هل يجوز السلف في النبل المعمول (١) أم لا؟

الجواب : لا يجوز السلف في ذلك ، لأنه من الآلات المجموعة من خشب وحديد وريش وما يلف عليه أيضا ، ولا يمكن ضبط ذلك بصفة ، وما كان كذلك ، فلا يجوز السلف فيه.

٢٣٣ ـ مسألة : هل يجوز السلف في قصب السكر ، خرما (٢) أو عددا ، أو لا يجوز ذلك؟

الجواب : لا يجوز السلف فيه على هذا الوجه ، لأنه يتباين في كبره وصغره ، ولا ينضبط بصفة ، ولا يجوز السلف فيه الا وزنا.

٢٣٤ ـ مسألة : إذا اختلف المسلم والمسلم إليه في قدر الثمن ، أو قدر المبيع ، أو في الأجل ، أو في مقداره ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان القول في جميعه الا الثمن ، قول البائع مع يمينه ، وفي الثمن ، قول المشتري مع يمينه ، ان لم تحضر لهما بينة ، لأن البائع مدع على المشتري في ذلك ، والمشتري مدعى عليه في الثمن ، فان اتفقا على الأجل وقدره واختلفا في انقضائه : فقال المشتري : قد انقضى الأجل ، ووجب لي ما أسلفت فيه ، وقال البائع : لم ينقض ذلك ، ولا وجب لك ما ذكرته ، كان القول ، قول البائع مع يمينه ان لم يحضر بينة ، لأن الأصل بقاء الأجل ، وعلى من يدعى انقضائه البينة.

__________________

(١) النبل : السهام العربية مجمع البحرين.

(٢) اي مجموعا ومشدودا بعضه الى بعض.


٢٣٥ ـ مسألة : إذا أمر إنسان مملوكا لغيره بان يبتاع نفسه له من سيده ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأنه لا يملك من نفسه شيئا فيكون وكيلا في ذلك ولا غيره.

٢٣٦ ـ مسألة : إذا قال : اشتريت منك احد هذه المماليك بكذا ، أو أحدا من هذين المملوكين بكذا ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأنه مجهول.

٢٣٧ ـ مسألة : إذا باع من انسان ثوبا أو عبدا وهرب المشتري قبل دفع الثمن إلى البائع ، ما حكمه؟

الجواب : إذا هرب هذا المشتري فلا يخلو من ان يكون هربه بعد حجر عليه وتفليس ، أو لا يكون كذلك ، فان كان بعد الحجر ، كان البائع مخيرا في عين ماله بفسخ البيع ، وإذا لم يكن هربه بعد حجر ، اثبت البائع ذلك عند الحاكم ، ثم ينظر الحاكم ، فان وجد لهذا المشتري مالا غير المبيع ، وفاه منه ، وان لم يجد ذلك ، باع المبيع ووفاة في ثمنه ، وان كان الثمن مساويا لما له برأ المشتري من ثمن ما اشتراه ، وان كان أقل من ذلك ، بقي الباقي عليه ، إذا رجع طالبه به ، وان كان أكثر ، يقدم الحاكم ، ويحفظه له ، فإذا عاد دفع إليه.

٢٣٨ ـ مسألة : إذا كان لرجلين مملوكان ، لكل واحد منهما واحد بانفراده ، فباعاهما من انسان بثمن واحد ، هل يصح ذلك البيع أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن هذا العقد بمنزلة عقدين ، لأنهما العاقدان ، وثمن كل واحد منهما مجهول ، لأنه ينقسط على قدر قيمتهما ، وذلك مجهول ، والثمن إذا كان مجهولا ، بطل العقد ، وليس يرجع علينا مثل ذلك في المملوكين إذا كانا لواحد ، وباعهما بثمن معلوم ، لأن ذلك يصح عندنا ، لأنه يكون عقدا واحدا ، وانما لم يصح الأول من حيث كانا عقدين ، فافترق الموضعان.


باب مسائل تتعلق بالرهن :

٢٣٩ ـ مسألة : هل يجوز أخذ الرهن على مال الكتابة أم لا يجوز؟

الجواب : الكتابة ان كانت مشروطا فيها ، فلا يجوز أخذ الرهن على المال المتعلق بها ، لأن للعبد الامتناع ، وإذا امتنع من هذا المال ، كان لسيده رده الى الرق ، وعلى هذا لا يحتاج الى الرهن ، وأيضا فللعبد إسقاطه عن نفسه متى شاء ، فهو غير ثابت في الذمة ، وإذا لم يكن ثابتا لم يصح أخذ الرهن عليه.

٢٤٠ ـ مسألة : إذا استأجر إنسانا اجارة متعلقة بعينه : مثل ان يستأجره ليعمل له بنفسه عملا ، أو يخدمه ، هل يجوز له أخذ الرهن على ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن الرهن إنما يؤخذ على حق ثابت في الذمة ، وهذا غير ثابت في ذمة الأجير ، وانما هو متعلق بعينه ، ولا يقوم عمل غيره مقام فعله.

٢٤١ ـ مسألة : إذا استأجر إنسانا على عمل في ذمته : مثل أن يخيط له خياطة ، أو غير ذلك مما يجرى هذا المجرى ، هل يجوز له أخذ الرهن عليه أم لا؟

الجواب : يجوز ذلك ، لأنه ثابت في ذمته ، لا يتعلق بعينه فله ان يخيط بنفسه أو بغيره ، وإذا هرب جاز بيع الرهن ، واستيجار غيره بذلك ، ليحصل له العمل.

٢٤٢ ـ مسألة : إذا قال لغيره : رهنتك كذا على ان تقرضنى دينارا أو درهما في غد ، هل ينعقد الرهن أم لا؟


الجواب : لا ينعقد ذلك الرهن ، لأن الرهن انما ينعقد بعد لزوم الحق ، وهذا قبل لزومه ، فلا يصح انعقاده.

٢٤٣ ـ مسألة : إذا كان في سفينة ، فقال لإنسان : الق متاعك في البحر ، وعلى ضمان قيمته ، هل يصح ذلك ، ويلزمه الضمان أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ويلزمه الضمان ، لأنه يكون بدل ما له ، ويكون غرضه التخفيف ، وسلامة النفوس.

٢٤٤ ـ مسألة : إذا اذن الراهن للمرتهن بقبض الرهن ، ثم جن ، أو أغمي عليه ، هل يجوز للمرتهن قبض الرهن أم لا يجوز؟

الجواب : يجوز له قبضه ، لأن ذلك لزمه بالإيجاب والقبول.

٢٤٥ ـ مسألة : إذا اذن الراهن للمرتهن في قبض الرهن ، هل يجوز له الرجوع عن هذا الأذن ، ومنعه من قبضه أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن الإيجاب والقبول ، أوجب قبض الرهن ، فله قبضه على كل حال ، ولا يجوز للراهن ذلك.

٢٤٦ ـ مسألة : إذا رهنه شيئا ثم خرس الراهن ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم فيه ، انه إذا كان هذا الراهن يحسن الكتابة ، أو يعقل الإشارة ، فكتب أو أشار بالأذن جاز ، لأن ذلك يقوم مقام النطق ، وان كان لا يحسن الكتابة ، ولا يعقل الإشارة ، لم يجز للمرتهن قبض الرهن ، لأنه يفتقر في ذلك الى رضاه ، ولا سبيل له الى ذلك ، وكان على وليه تسليم الرهن الى المرتهن ، لأن بالعقد قد وجب ذلك.

٢٤٧ ـ مسألة : إذ آجر الرهن من صاحبه ، أو اعاره ، فكان ذلك قبل قبض الرهن أو بعده ، فهل ينفسخ الرهن أم لا؟

الجواب : ليس للمرتهن التصرف في الرهن ، فلا يجوز له ان يوجره ولا يعيره ، فان فعل ذلك لم ينفسخ الرهن ، لأن استدامة القبض ليست شرطا في الرهن. وان استحقت اجرة بذلك ، فهي للراهن ، وليس للمرتهن فيها شي‌ء.

٢٤٨ ـ مسألة : إذا رهن جارية ، وأقر بأنه وطأها ، فظهر بها حمل ، أو لم


يظهر ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا ظهر بهذه الجارية حمل ، وولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الوطأ ، فان الولد مملوك ، ولا يلحق به ، لأنه لا يجوز ان يكون من الوطأ الذي أقربه ، ونسب ولد هذه الجارية لا يثبت الا من وطأ يقر به ، من غير خلاف ، فان ولدته لستة أشهر ، أو أكثر ، إلى تسعة أشهر ، كان الولد حرا ، وثبت نسبه منه ، ورهن الجارية ثابت ، لا يخرج بذلك عنه عندنا.

٢٤٩ ـ مسألة : إذا رهن عند غيره مملوكا ، فضربه المرتهن فمات ، هل تجب عليه قيمته أم لا؟

الجواب : ان كان الراهن اذن له في ضربه ، لم تجب عليه قيمته ، لأنه أتلفه باذنه ، وان لم يكن الراهن اذن له في ضربه ، كانت عليه القيمة.

٢٥٠ ـ مسألة : إذا رهن جارية ، وقبضها المرتهن ، هل له وطأها أم لا؟

الجواب : لا يجوز له ذلك بغير خلاف ، لأنه ربما أحبلها ، فنقصت قيمتها ، أو ماتت عند الولادة.

٢٥١ ـ مسألة : إذا كان الخمر مما لا يصح تملكها بغير خلاف ، فما القول فيها ان رهنها فانقلبت في يد المرتهن خلا ، هل يصح مع ذلك رهنها أو لا يصح فان لم يصح ، فهل يكون ملكا للراهن أو للمرتهن أولهما جميعا؟

الجواب : إذا رهن خمرا لم يصح ذلك ، لأن صحة الرهن تتبع الملك ، والخمر ليست مملوكة ، ولا يصح رهنها ، فان رهنها وانقلبت خلا في يد المرتهن ، كانت ملكا للذي انقلبت في يده خلا ، ولم يجز ان يكون ملكا للراهن ، ولا ان يكون شريكا للآخر فيها ، لأنه لما رهنها ، لم يرهن ما هو ملك له ، فلا يصح عودها الى ملكه لما انقلبت خلا.

٢٥٢ ـ مسألة : إذا رهنه عصيرا فانقلب في يد المرتهن خمرا ، هل يصح بقائها رهنا أم لا؟ فان قلت : يصح بقائها رهنا ، قيل لك : كيف يصح ثبوت الرهن في الخمر ، وقد خرجت عن الملك ، وان قلت : لا يصح ، قيل لك : فما القول ان عادت خلا؟


الجواب : إذا رهنه عصيرا ، فقد رهنه ما يتملك ، بغير خلاف ، وإذا انقلب في يد المرتهن خمرا ، فقد خرج بذلك عن ملكه ، وإذا عادت خلا عاد ملكه كما كان في حال الارتهان ، وثبت كونه رهنا ، لأن الرهن يتبع الملك.

والفرق بين هذه المسألة ، والمسألة التي تقدمتها ، انه لما كان رهنها خمرا ، كان راهنا لما ليس ملكا له على حال من الأحوال ، فإذا عادت خلا لم يعد بذلك الى ملك ، كان له على حال ، فإذا رهن العصير فقد رهن ما هو ملك له ، فإذا عاد خمرا ثم عادت خلا ، فقد عادت على (١) ما كان عليه من الملك ، وثبت كونه رهنا.

٢٥٣ ـ مسألة : إذا اختلف المتراهنان : فقال المرتهن : أرسلت رسولك برهن عندي بمأة ، وقد فعل ، وقال الراهن : ما أذنت إلا في خمسين ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول في ذلك ، قول الراهن مع يمينه ، لأن الأصل انه لم يرهن ، فان شهد (٢) الرسول لأحدهما ، لم تقبل شهادته ، لأنه شهد على فعل نفسه ، وإذا شهد كذلك ، لم تقبل شهادته.

٢٥٤ ـ مسألة : إذا كان في يده قميص ، فقال : هو رهن عندي رهنته ، أو رهنه رسولك بإذنك ، وقال الأخر : ما رهنته ، ولم اذن في رهنه ، وانما رهنت العبد ، أو أذنت في رهنه ، وقد قتلته وعليك قيمته ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول قول الراهن مع يمينه بالله في القميص ، والقول قول المرتهن في العبد ، لأن الأصل في القميص انه غير مرهون ، والأصل براءة ذمة المرتهن مما يدعيه الراهن من قيمة العبد.

٢٥٥ ـ مسألة : إذا اختلفا في عبد وقميص : فقال الراهن : العبد رهن عندك ، والقميص وديعة ، وأنا مطالب لك برد القميص. وقال المرتهن : بل القميص رهن عندي ، والعبد وديعة ، وليس لك مطالبتي برد القميص ، ما

__________________

(١) وفي نسخة : عادت الى ما كان.

(٢) وفي نسخة : وإذا شهد.


الحكم بينهما في ذلك؟

الجواب : الحكم بينهما في ذلك ، ان العبد بجحود المرتهن لكونه رهنا ، قد خرج من الرهن ، واما القميص فهو يدعى رهنه ، وصاحبه ينكر ذلك ، والقول قول الراهن مع يمينه ، لأن الأصل انه غير رهن ، وعلى المرتهن البينة فيما ادعاه.

٢٥٦ ـ مسألة : إذا كان له على غيره مال الى أجل ، فرهنه رهنا على ان يزيده في الأجل ، هل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، والحق ثابت إلى الأجل المضروب له كما كان ، والزيادة في الأجل لا تصح ، لأنه لا دليل على ذلك ، فيقال بصحته.

٢٥٧ ـ مسألة : إذا اختلفا في الرهن ، أو اتفقا فيه واختلفا في مقدار الحق : فقال المرتهن : رهنتني عبدين. وقال الراهن : رهنتك أحدهما ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على ما ذكر ، كان القول قول الراهن مع يمينه ، لأن الأصل انه لم يرهنه العبد الثاني. وان اتفقا في الرهن ، فقال المرتهن : رهنتهما عندي على مأة ، وقال الراهن : بل رهنتهما على خمسين ، كان القول قول الراهن أيضا مع يمينه ، لأن الأصل انه لم يرهنه فيما زاد على ما أقر به.

٢٥٨ ـ مسألة : إذا كان له على غيره دين فرهنه بذلك داره ، وجعلت في يد المرتهن ، ثم اختلفا ، فقال الراهن : ما سلمتها إليك رهنا ، وانما استأجرتها ، أو غصبتها مني ، أو استأجرها منى انسان وأنزلك فيها ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم فيه ، ان القول قول الراهن مع يمينه ، لأن الأصل عدم الأذن والرضا بتسليم ذلك رهنا.

٢٥٩ ـ مسألة : إذا قال انسان لآخر : من رد مملوكي فله دينار ، هل يجوز له أخذ الرهن على ذلك أم لا؟

الجواب : اما بعد رد المملوك ، فيجوز أخذ الرهن عليه ، لأنه يأخذه على ما قد استحقه ، واما قبل الرد فلا يجوز ، لأن الراهن إنما يؤخذ على ما يستحقه المرتهن ، وقبل الرد لم يستحق شيئا ، ولا يجوز أخذ الرهن على ذلك.


٢٦٠ ـ مسألة : إذا جنى المملوك جناية ، عمدا أو خطأ ، هل يصح رهنه أم لا؟

الجواب : لا يصح رهنه ، لأنه جنايته ان كانت عمدا ، فقد استحقه المجني عليه بها ، وان كانت خطأ تعلق الأرش برقبته.

٢٦١ ـ مسألة : إذا اتفق المتراهنان على ان يكون الرهن على يد عدل ، ووكل الراهن العدل في بيعه عند حلول الحق ، ثم جنى انسان على الرهن جناية ، أوجبت أخذ القيمة منه ، وجعلت عند العدل عوضا عن الرهن ، وحل أجل الحق ، هل يجوز للعدل بيع القيمة المذكورة أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن الراهن انما وكله في بيع نفس الرهن ، ولم يوكله في بيع غيره ، وأيضا فبيع هذه القيمة يفتقر فيه الى دليل ، ولا دليل على ذلك.


باب مسائل تتعلق بالضمان :

٢٦٢ ـ مسألة : إذا كان عليه دين مؤجل ، فضمنه عنه انسان بامره ، ثم مات هذا الضامن في الحال ، أو قبل حلول الأجل ، فهل يحل المال في تركة الضامن ، أو يصير به الى الأجل؟

الجواب : إذا مات هذا الضامن حل هذا الدين في تركته ، وكان لصاحب الحق مطالبة وارثه بذلك ، وليس لهذا الوارث الرجوع على المضمون عنه بذلك ، حتى يحل الأجل ، لأن الدين مؤجل عليه ، ولا تجوز مطالبته به قبل حلوله.

٢٦٣ ـ مسألة : إذا اشترى انسان من غيره أرضا ، وضمن البائع للمشتري قيمة ما يحدثه ، في هذه الأرض من غرس وبناء وقال : بالغا ما بلغ ، أو قال : من درهم الى ألف ، أو من دينار الى مأة. هل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأنه مجهول وضمان ما لم يجب ، وما كان من الضمان كذلك ، فهو غير صحيح ، وهذا متى شرطه في نفس البيع أو مدة الخيار ، بطل البيع. وان شرطه بعد انقطاع الخيار لم يؤثر في البيع.

٢٦٤ ـ مسألة : إذا قال لغيره : تكفل بفلان ، فان له خصما بلا ذمة (١) ، فتكفل به ، فهل تكون الكفالة على المأمور بها ، أو على الأمر؟

الجواب : الكفالة ها هنا على المأمور بها ، لأن الأمر غير مكره للمأمور ، وإذا

__________________

(١) وفي نسخة : يلازمه.


كان كذلك ، فما تكفل به الا باختياره ، فكانت عليه لا على الأمر.

٢٦٥ ـ مسألة : إذا تكفل بدين رجل ، ثم ادعى الكفيل ان المكفول له قد ابرأ المكفول به من الدين ، وانه قد برأ من الكفالة ، وأنكر المكفول له ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : الحكم فيه ، ان القول قول المكفول له مع يمينه ، وعلى الكفيل البينة ، لأنه مدع ، والأصل بقاء كفالته ، فان حلف ثبتت كفالته على الكفيل ، وان نكل عن اليمين ، ردت على الكفيل ، فإذا حلف برأ من الكفالة ولم يبرأ المكفول به ، لأنه لا يصح ان يتبرأ بيمين غيره ، وانما يحلف الكفيل على ما يدعى عليه من الكفالة.

٢٦٦ ـ مسألة : إذا كان له على رجلين مأة درهم ، على كل واحد منهما خمسون درهما ، فقال له انسان آخر : تكفلت لك ببدن أحدهما ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن ذلك مجهول.

٢٦٧ ـ مسألة : إذا كان له على رجلين مأة درهم ، على كل واحد منهما خمسون درهما ، فقال له انسان آخر : تكفلت لك ببدن « زيد » على اننى إن جئت به ، والا فأنا كفيل بـ « عمرو » هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأنه لم يلتزم إحضار « زيد » ولم يقطع به ، والكفالة توجب الإحضار والتسليم من غير تخيير ، فلم تصح الكفالة بـ « زيد » ولا تصح بـ « عمرو » أيضا فإنه علقها بشرط ، وهو ان لم يأت بـ « زيد » والكفالة لا تجوز أن تتعلق بشرط.

٢٦٨ ـ مسألة : إذا قال الكفيل للمكفول له : تكفلت ببدنه ولا حق لك عليه ، وأنكر المكفول له ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : القول ، قول المكفول له مع يمينه ، لأن الظاهر صحة الكفالة ، والكفيل مدع لما يبطلها.

٢٦٩ ـ مسألة : إذا تكفل اثنان لأخر ببدن انسان ، وسلمه الواحد منهما


الى المكفول له ، هل تبرأ ذمة الأخر من الكفالة أم لا؟

الجواب : لا تبرأ ذمة الأخر عن ذلك ، لأنه لا دليل عليه.

٢٧٠ ـ مسألة : إذا تكفل انسان ببدن آخر لاثنين ، وسلمه الكفيل إلى أحدهما ، هل تبرأ ذمته من حق الآخر أم لا تبرأ ذمته؟

الجواب : لا تبرأ ذمته من حق الأخر ، وبرائته من ذلك ، يحتاج فيها الى دليل ، ولا دليل على ذلك.

٢٧١ ـ مسألة : إذا تكفل انسان لغيره بآخر ، ثم تكفل آخر ببدن الكفيل ، ثم تكفل ببدن الثالث رابع ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ، لأن الكفيل الأول تكفل ببدن من عليه الحق ، وتكفل الثاني ببدن الكفيل وعليه حق للمكفول له من حق الكفالة ، فصح التكفيل به ، وبالجملة فإن من تكفل ببدن من يجب عليه حق مستقر لآدمي ، فان كفالته صحيحة.

٢٧٢ ـ مسألة : إذا ضمن انسان لغيره عن آخر ، مأة درهم ، وضمن المضمون عنه عن الضامن ذلك ، هل يصح هذا الضمان أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لانه ليست فيه فائدة ، وأيضا فإن المضمون عنه أصل للضامن ، والضامن فرع ، ولا يجوز ان يصير الأصل فرعا ، والفرع أصلا.


باب مسائل تتعلق بالشركة :

٢٧٣ ـ مسألة : إذا أراد اثنان الشركة واخرج أحدهما دراهم ، واخرج الأخر دنانير ، هل تصح الشركة في ذلك أم لا؟

الجواب : لا تصح الشركة في ذلك ، لأنهما مالان متميزان ولا يختلطان ، ومن حق الشركة اختلاط المالين ، وأيضا فإن المال الذي يصح اختلاطه ، فإنه لا خلاف في صحة الشركة فيه ، وليس كذلك ما لا يختلط.

٢٧٤ ـ مسألة : إذا كان مال الشركة متساويا ، هل يجوز للشريكين التفاضل في الربح أم لا؟ وإذا كان مال الشركة متفاضلا ، هل يجوز ان يتساويا في الربح أم لا؟

الجواب : لا يجوز شي‌ء من ذلك ، لأنه إذا كان المال متساويا ، كان الربح بينهما كذلك ، وإذا كان متفاضلا ، كان الربح بينهما بحسبه ، وانما قلنا ذلك ، لأنه لا خلاف في صحة الشركة مع ذلك ، وليس كذلك خلافه.

٢٧٥ ـ مسألة : إذا كان بينهما شي‌ء ، فباعاه بثمن معين ، وكانت لكل واحد منهما مطالبة المشتري بحقه ، فإذا أخذ حقه منه ، فهل تكون للشريك الأخر شركة فيه أم لا؟

الجواب : للشريك الأخر مشاركة شريكه فيما قبضه من حقه ، لأن المال الذي في ذمة المشتري ، غير متميز ، فكل جزء يحصل منه ، فهو بين الشريكين.

٢٧٦ ـ مسألة : إذا كانت الدار وقفا على قوم ، وأرادوا قسمتها ، هل يجوز


لهم ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن الحق لهم وللذي بعدهم ، ولا يجوز لهم تميز حقوق غيرهم ، والتصرف فيها بأنفسهم.

٢٧٧ ـ مسألة : إذا شارك اثنان لسقاء على ان يكون من أحدهما جمل ومن الأخر راوية (١) ، واستقى (٢) فيها ، على ان ما يرتفع يكون بينهم ، هل يصح ذلك أم لا ، وما الحكم فيه؟

الجواب : هذه الشركة غير صحيحة ، لأن من شرط صحة الشركة اختلاط المال ، وهذا المال لم يختلط ، فلم تصح الشركة فيه ، ولا يصح أيضا ان يكون إجارة ، لأن الأجرة فيهما غير معلومة ، فإذا كان كذلك ، كان ذلك معاملة فاسدة ، واستقى السقاء وباع الماء وحصل الكسب في يده ، كان ذلك للسقاء ، ورجع صاحب الجمل والراوية عليه بأجرة المثل.

٢٧٨ ـ مسألة : إذا أمر إنسان غيره بان يصطاد له صيدا ، فاصطاده بنية أنه للأمر ، هل يكون لمن اصطاده ، أو للأمر؟

الجواب : هذا الصيد لمن اصطاده دون الأمر ، لأنه المنفرد بحيازته ، وجرى مجرى الماء المباح في انه يملكه بالحيازة ، وفي الناس من اعتبر النية في ذلك ، والصحيح ما ذكرناه.

٢٧٩ ـ مسألة : إذا كان بين اثنين ألفا درهم ، لكل واحد منهما ألف ، فأذن أحدهما للآخر في التصرف في المال على ان يكون الربح بينهما نصفين ، هل يكون ذلك شركة في الحقيقة أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك شركة ، ولا قراضا أيضا ، لأنه لم يشترط على نفسه العمل ، فمن ها هنا امتنع ان يكون شركة ، ولم يشترط له جزء من الربح ، فلهذا امتنع ان يكون قراضا ، وليس بعد ذلك الا ان يكون ذلك ، بضاعة سأل أحدهما الأخر التصرف فيها. ويكون الربح فيها له.

__________________

(١) الراوية : الإبل الحامل للماء مجمع البحرين.

(٢) وفي نسخة : واستقر فيها وما في المتن هو الصحيح والمراد : قام بعمل السقي.


٢٨٠ ـ مسألة : إذا كان بين رجلين ثلاث مأة مشتركة بينهما ، لأحدهما مأة ، وللآخر مأتان ، واذن صاحب المأتين للآخر في التصرف في المال ، على ان يكون الربح بينهما نصفين ، وان يعمل هو أيضا معه ، هل تكون الشركة صحيحة أم لا؟

الجواب : هذه الشركة لا تصح ، لأنهما شرطا بينهما التساوي في الربح مع التفاضل في المال ، وهذا لا يجوز ، فان لم يشترط العمل على نفسه ، كانت هذه الشركة ، شركة قراض ، فيكون قد قارضه على مأتين له ، على ان يكون له من ربحه الربع ، فينقسم الثلاث مأة ستة أسهم ، يكون لصاحب المأة منهما سهمان بحق ماله ، ويكون له سدس بشرط صاحب المأتين ، وهو سهم واحد ، وذلك السدس هو ربع ثلثي جميع الربح ، فيكون الربح بينهما نصفين على هذا الوجه ، وليس فيه بعد ما ذكرناه أكثر من ان تكون هذه الشركة قراضا بمال مشاع مختلط بمال المقارض.

٢٨١ ـ مسألة : إذا ادعى واحد من الشريكين على صاحبه خيانة معلومة ، مثل ان يقول له : خنتني في درهم ، أو دينار ، أو خمسة ، أو أقل من ذلك أو أكثر ، وبين الخيانة ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا ادعى احد الشريكين ذلك ، سمعت دعواه ، وكان القول قول المدعى عليه الخيانة ، في انه لم يخنه بذلك مع يمينه ، لأنه أمين ، والأصل انه لم يخن ، وانه على أمانته ، وعلى المدعى ، البينة على ما ادعاه.

٢٨٢ ـ مسألة : إذا ادعى احد الشريكين هلاك مال الشركة أو بعضه ، وأنكر شريكه ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : القول قول المدعى في هلاك المال مع يمينه ، لأنه أمين.

٢٨٣ ـ مسألة : إذا اشترك أربعة نفر في زراعة أرض ، وكانت الأرض لواحد منهم ، وللآخر الفدان (١) ، وللآخر البذر (٢) وللآخر العمل. واشترطوا

__________________

(١) الفدان بالتخفيف : الإله التي يحرث بها ـ لسان العرب.

(٢) وفي نسخة : البر ـ وكذا فيما يأتي ـ


على ان يكون الزرع فيما بينهم ، هل تصح هذه الشركة أم لا؟

الجواب : هذه الشركة غير صحيحة ، لأن الشركة انما تصح في الأموال التي تختلط ولا تتميز بعد الاختلاط ، وهي أيضا وان لم تكن شركة صحيحة فليست إجارة ، لأن مدتها وأجرتها مجهولتان ، ولا هي أيضا مضاربة ، لأن المضاربة انما تصح على رأس مال ، يرجع اليه عند المفاضلة ، وإذا لم تكن صحيحة في شي‌ء مما عددناه ، كانت معاملة فاسدة ، وإذا كانت كذلك ، كان الزرع لصاحب البذر ، لأنه عين ماله ، الا انه نمى وزاد ، ولصاحب الأرض ، عليه اجرة مثل أرضه ، وكذلك لصاحب الفدان الرجوع عليه بمثل اجرة فدانه ، وللعامل أيضا الرجوع عليه بمثل اجرة عمله.

٢٨٤ ـ مسألة : هل يصح الغصب في الشي‌ء إذا كان مشاعا ، أو يمتنع ذلك ، لأجل أنه مشاع؟

الجواب : ليس يمتنع كون هذا الشي‌ء مشاعا من الغصب ، لأنه لا يمتنع ان يغصب انسان ذلك ، بان يمنع صاحب هذا الشي‌ء من التصرف فيه ، وان لم يمنع الشريك الأخر من التصرف في الباقي.


باب مسائل تتعلق بالوكالات

٢٨٥ ـ مسألة : إذا ادعى الوصي الإنفاق على اليتيم ، ما الحكم فيه؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان القول ، قول الوصي مع يمينه ، لأنه تتعذر عليه ها هنا إقامة البينة على سائر ما ينفقه. من قليل وكثير.

٢٨٦ ـ مسألة : إذا ادعى الوصي تسليم المال الى اليتيم بعد بلوغه ، وأنكر اليتيم ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان القول ، قول اليتيم مع يمينه ، وعلى الوصي البينة على ما ادعاه ، من تسليم المال ، لأن الله سبحانه قال « فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ » (١) ، فأمرنا بالإشهاد ، ولو كان الوصي مقبول القول ، لما أمر بالإشهاد ، ولأطلق الدفع ، كما قال [ سبحانه ] في رد الوديعة « فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ » (٢). ومفارقة هذه المسألة ، المسألة التي تقدمتها ، انما هو من حيث ان تلك تتعذر على الوصي إقامة البينة على جميع ما ينفقه في كل حال ، لأن ذلك يكثر ويقل ويتكرر في حال دون حال ، وليس مثل ذلك في هذه المسألة ، لأن تسليم جميع المال في دفعة واحدة ، لا تتعذر فيه اقامة البينة عليه.

٢٨٧ ـ مسألة : إذا ادعى الوكيل تلف المال ، وأنكر الموكل ذلك ، ما

__________________

(١) النساء : ٦

(٢) البقرة : ٢٨٣


الحكم فيه؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان القول ، قول الوكيل مع يمينه إذا كان وكيلا بغير جعل ، لأنه أمين ، وقد تلف ظاهرا وباطنا ، وتتعذر عليه إقامة البينة على ذلك.

٢٨٨ ـ مسألة : إذا ادعى الوكيل رد المال الذي تسلمه من الموكل ، وأنكر الموكل ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا ادعى الوكيل ذلك ، وكان وكيلا بغير جعل ، كان القول ، قوله مع يمينه ، لأنه تسليم المال لمنفعة غيره لا لمنفعة نفسه ، وجرى في ذلك مجرى من يدعى رد الوديعة ، على صاحبها ، وان كان هذا الوكيل وكيلا بجعل ، كان القول قول الموكل ، لان الوكيل قبض المال للانتفاع بالجعل ، ويجرى هذا مجرى المرتهن إذا ادعى رد الرهن على صاحبه ، وقد ذكر في ذلك ، ان القول ، قول الوكيل ، والذي ذكرناه أقوى.

٢٨٩ ـ مسألة : إذا ادعى الحاكم أو أمينه تلف الأمانة ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : ان القول ، قولهما مع يمينهما ، لأن ذلك قد يتلف ظاهرا وباطنا وتتعذر عليهما إقامة البينة عليه.

٢٩٠ ـ مسألة : إذا ادعى الحاكم أو أمينه رد الأمانة إلى اليتيم بعد بلوغه ، وأنكر اليتيم ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : الحكم فيه ان القول ، قول اليتيم مع يمينه ، وعليهما البينة ، لأنهما ادعيا أداء الأمانة الى من لم يأتمنهما فيها ، ويجرى هذا مجرى من يدعى رد الوديعة على ورثة المودع ، ومن يدعى رد ثوب طارت به الريح الى داره ، الى صاحبه ، فإنه لا يقبل قولهم في ذلك ، لأنهم يدعون رد امانة ، لم يأتمنهم صاحبها عليها.

٢٩١ ـ مسألة : إذا كان للإنسان على آخر مال ، وطالبه بتسليمه إليه ، فقال : لا أسلمه إليك الا بان تشهد على نفسك بالتسليم ، هل يجب ذلك أم لا؟

الجواب : إذا كان الذي عليه المال ممن يقبل قوله في التلف والرد مثل


الوكيل بلا جعل والمودع مع من هو أمين له ، فليس له الامتناع من الرد ولا المطالبة بالإشهاد ، ومتى أخر الرد وهذه صفته ، كان عليه الضمان ، لأنه غير محتاج إلى الإشهاد ، لأن أكثر ما فيه ، ان يدعى عليه المال ، وإذا ادعى هو الرد ، كان القول قوله مع يمينه ، فسقط دعواه عن نفسه بقوله ، وإذا لم يكن محتاجا إلى الشهادة ، فليس له ان يمتنع من رد المال. وان كان ممن لا يقبل قوله في الرد ، مثل الوكيل بجعل ، والمرتهن ، فإنه ان لم تكن عليه شهادة بتسليم المال ، لم تكن له المطالبة بالإشهاد ، وكان عليه التسليم ، لأن أكثر ما فيه ، ان يدعى عليه المال ، وإذا كان كذلك ، كان له ان يقول : ليس لك عندي شي‌ء ، فيكون القول ، قوله مع يمينه ، فسقط دعواه بقوله. وان كانت له عليه بالتسليم شهادة ، كان له الامتناع من الرد ، والمطالبة بالإشهاد.

٢٩٢ ـ مسألة : إذا ادعى الموكل على وكيله انه طالبه برد المال الذي له في يده ، وامتنع من الرد مع تمكنه منه ، فهو ضامن ، وأنكر الوكيل ذلك وقال :

ما طالبتني برده ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول في ذلك ، قول الوكيل مع يمينه ، لأن الخيانة ادعيت عليه ، والأصل أمانته ، فإن حلف كان على أمانته ، وان كان المال قد هلك فلا ضمان عليه ، وان نكل عن اليمين ، ردت على الموكل ، فان حلف انه طالبه به فامتنع من الرد مع التمكن منه ، كان عليه الضمان ، وهكذا الحكم ان أقام عليه البينة بذلك ، فان الضمان أيضا يلزمه.

٢٩٣ ـ مسألة : إذا سلم الموكل الى وكيله مالا ، وامره بأن يقضي به دين « زيد » عليه ، فادعى الوكيل انه قضاه ، وأنكر صاحب الحق ذلك ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا كان الأمر على ذلك ، كان القول ، قوله مع يمينه ، لأن الأمين يدعي رد الأمانة على من لم يأتمنه ، فلم يقبل قوله ، كالوصي إذا ادعى تسليم مال اليتيم إليه ، فإن حلف صاحب الحق ، سقطت دعوى الوكيل ، وكانت له مطالبة الموكل بالمال ، وبعد ذلك ينظر في مطالبة الموكل للوكيل بالمال ، فان


كان الوكيل قضاه بحضرته ، لم يكن له الرجوع اليه به ، لأنه هو المفرط في ذلك دون الوكيل ، وان كان قضاه مع غيبته ، كان له الرجوع على الوكيل به ، لأنه فرط في تركه الأشهاد عليه بذلك ، سواء صدقه الموكل أو كذبه ، لأنه يقول مع التصديق : انما أمرتك بأن تقضى ذلك قضاء مبرأ ولم تفعل ، فعليك الضمان.

فاما إذا صدق صاحب الحق الوكيل في القضاء ، ثبت القضاء وبرأ الموكل من الدين ، ولم تجز له مطالبة الوكيل به ، لأنه أمره بأن يقضى عنه قضاء مبرأ ، وقد فعل ذلك.

٢٩٤ ـ مسألة : إذا وكل انسان غيره ، فقال له : وكلتك في كل كثير وقليل ، هل يصح هذا التوكيل أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن فيه ضررا عظيما ، لأنه ربما لزم الموكل بالعقود ما لا يمكنه الوفاء به ، فيؤدي إلى ذهاب ماله ، مثل ان يعقد له النكاح في حال على أربعة نسوة ، ويطلقهن عليه قبل الدخول بهن ، فيجب عليه ان يغرم لكل واحدة منهن نصف المهر ، ثم تزوجه بأربعة نسوة أخر ، ويفعل مثل الأول ، ثم كذلك حتى يستأصل ماله ، ومثل ان يشترى ما لا حاجة به اليه ، من أراض وعقار ، وغير ذلك من أنواع التصرف ، لأنه أطلق ذلك في التوكيل ، فيتناول الأذن سائر ما يضره وما ينفعه ، وإذا تضمن العقد مثل هذا الغرر ، كان فاسدا ، ولم يصح ثبوته على حال.

٢٩٥ ـ مسألة : إذا اذن السيد لعبده في التصرف في ماله ، ثم أعتقه ، أو باعه ، هل يبطل هذا التوكيل (١) أم لا؟

الجواب : ليس هذا توكيلا في الحقيقة ، وانما هو استخدام في حق الملك ، فإذا أعتقه أو باعه ، زال الملك ، وإذا زال الملك ، بطل الاستخدام المتعلق به.

٢٩٦ ـ مسألة : إذا وكل الرجل زوجته في بيع أو غيره مما عدا النكاح ، ثم طلقها ، هل تبطل الوكالة أم لا؟

الجواب : لا تبطل وكالة هذه المرأة بالطلاق ، لأن الطلاق ليس يمنع من

__________________

(١) وفي نسخة : التصرف بدل « التوكيل ».


ابتداء الوكالة ، ولا يمنع استدامتها ، وإذا لم يمنع من ذلك ، كانت وكالتها ثابتة وان طلقت.

٢٩٧ ـ مسألة : إذا وكل انسان غيره في المطالبة بحق له على « زيد » فمات « زيد » ، هل للوكيل مطالبة ورثته بالمال أم لا؟

الجواب : ان كان الموكل قال لهذا الوكيل : وكلتك في قبض حقي من « زيد » ، لم تكن له مطالبة الورثة بذلك ، وان كان قال له : وكلتك في قبض حقي الذي على « زيد » كانت له مطالبة الورثة ، لأن ذلك من المطالبة بحقه الذي كان على « زيد » الميت.

٢٩٨ ـ مسألة : إذ وكله في ابتياع سلعة بمأة ، كان ابتياعه صحيحا إذا ابتاعها بالمأة ، فما القول ان ابتاعها بأقل أو أكثر من ذلك؟

الجواب : إذا ابتاعها بالمأة ، كان ابتياعه صحيحا ، لأنه فعل ما أمر به ، فان ابتاعها بأكثر ، لم يصح ، لأنه خالفه على وجه يضر به ، وهذا لا يجوز ، وان ابتاعها بأقل من ذلك ، كان الابتياع صحيحا ، لأنه زاده نفعا ، ولأن الأذن في الابتياع بالمأة ، يتضمن الأذن بالابتياع بأقل منها ، لأنه أنفع له ، وأعود عليه ، وان امره بأن يبتاعها بمأة ونهاه عن ابتياعها بخمسين ، فان ابتاعها بمأة ، كان صحيحا ، وان ابتاعها بأقل من المأة ، وأكثر من الخمسين ، كان جائزا ، لأن الأمر في المأة يتضمن الأمر فيما دونها ، وان ابتاعها بخمسين ، لم يصح ذلك ، لأنه خالف صريح لفظه ، وابتاع ما نهى عن ابتياعه به ، وان ابتاعها بأقل من خمسين وقد ذكرت صحة ذلك ، لأنه دون المأة ، وصريح النهي يتناول الخمسين ، دون ما هو أقل منها. والذي ذكرناه هو الصحيح.

٢٩٩ ـ مسألة : إذا وكل غيره في بيع مملوك بمأة ، فباعه بمأة وقميص ، ما القول في ذلك؟

الجواب : البيع صحيح ، لأنه زاده نفعا ، كما انه لو باعه بمأتين ، وقد ذكر ان ذلك لا يصح ، لأنه باعه بجنسين مختلفين ، والأمر له يتضمن بيعه بجنس واحد.


والذي قدمناه هو الصحيح.

٣٠٠ ـ مسألة : إذا وكل غيره بأن ) يبتاع له مملوكا بثوب ، فابتاعه بنصف الثوب ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ، لأنه زاده نفعا وخيرا ، كما لو أمره بأن يبتاعه بعشرة دنانير ، فابتاعه بخمسة دنانير.

٣٠١ ـ مسألة : إذا وكل غيره في ابتياع مملوكين ، وأطلق ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا وكل بذلك فابتاعهما صفقة واحدة ، كان ذلك صحيحا ، وان ابتاعهما صفقتين ، كل واحد منهما صفقة ، صح ذلك أيضا ، لأنه لم يعين وأطلق.

٣٠٢ ـ مسألة : إذا وكل غيره في ابتياع مملوك ، فابتاعه صفقتين ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأنه إذا ابتاع بصفقتين ، حصلت له الشركة ، وهذا عيب.

٣٠٣ ـ مسألة : إذا ذكر إنسان انه وكيل لـ « زيد » الغائب. واقام على ذلك شاهدا واحدا ، فهل يصح ذلك ، بان حلف مع الشاهد ، أو ان أقام مع الشاهد امرأتين ، فشهدوا له بذلك ، هل يصح أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن اليمين مع الشاهد ، لا يقبل في الوكالات مثل الوصية ، وانما يقبل في الأموال ، ولا يقبل فيها أيضا الشاهد مع امرأتين ، لمثل ما ذكرناه ، ولأنه لا دليل عليه.

٣٠٤ ـ مسألة : إذا ادعى إنسان انه وكيل لـ « زيد » الغائب ، واقام على ما ادعاه شاهدين ، فشهد أحدهما بأنه وكله ، وشهد الأخر بأنه وكله الا انه عزله ، هل يحكم له بصحة الوكالة أم لا؟

الجواب : لا يحكم له بذلك ، لأن الشاهد الواحد لم تثبت له وكالة ثابتة

__________________

(١) وفي نسخة : في ان يبتاع


في الحال ، وكان وجود شهادته كعدمها في انه لا تأثير لها.

٣٠٥ ـ مسألة : إذا ادعى انه وكيل لـ « زيد » الغائب ، وشهد له بذلك شاهدان ، وحكم الحاكم له بصحة الوكالة ، ثم ان الشاهد الواحد قال : بأنه عزله بعد ان وكله ، هل تثبت له الوكالة أو تبطل؟

الجواب : لا تبطل وكالته ، بل هي ماضية ، ولا يقبل ما قاله هذا الشاهد ، لأنه ابتدأ الرجوع عن الشهادة بعد حكم الحاكم بها ، ولو قال ذلك قبل حكم الحاكم ، لم يحكم له ، لأنه رجع قبل الحكم ، ولا يجوز للحاكم ان يحكم بعد الرجوع عن ذلك.

٣٠٦ ـ مسألة : المسألة المتقدمة ، إذا شهد احد الشاهدين انه وكله يوم السبت ، وشهد الأخر انه وكله يوم الأحد ، هل تثبت الوكالة أم لا؟

الجواب : لا يجوز الحكم بالوكالة بهذه الشهادة ، لأنها شهادة على عقد ، ولم يتفقا على عقد واحد ، ولا يجرى هذا ، مجرى شهادتهما إذا شهد أحدهما انه أقر بأنه وكله يوم السبت ، وشهد الأخر بأنه أقر بأنه وكله يوم الأحد ، لأن هذه الشهادة صحيحة من حيث انها شهادة على إقراره ، والشهادة على الإقرار لا تكون إلا متفرقة ، لأن المشهود عليه ، لا يكلف الحضور الى الشهود ، فيقر بين أيديهم دفعة واحدة.

٣٠٧ ـ مسألة : المسألة المتقدمة ، إذا شهد أحدهما انه وكله في التصرف ، وشهد الأخر انه اذن له أو سلطة في التصرف في ماله ، هل تثبت الوكالة بذلك أم لا؟

الجواب : الوكالة لا تثبت بذلك ، لأن الشاهدين لم يحكيا لفظ العقد ، واختلافهما في الأداء في اللفظ غير مؤثر في الشهادة.

٣٠٨ ـ مسألة : إذا ادعى إنسان انه وكيل « زيد » الغائب في استيفاء حقه من « عمرو » ، فقال « عمرو » : قد عزلك موكلك ، وأنكر الوكيل ذلك ، هل تسمع هذه الدعوى من « عمرو »؟ وهل يلزمه يمين أم لا؟

الجواب : لا تسمع هذه الدعوى على الوكيل ، ولا يمين عليه في ذلك ، لأن


الذي عليه الحق ، يدعى عليه العزل على الموكل ، والنيابة في اليمين لا تجوز ، ولا تجري في ذلك مجرى قوله : أنت تعلم ان موكلك عزلك ، لأنه إذا قال له ذلك ، فتجب له مطالبته باليمين ، لأن ذلك دعوى عليه ، وليست دعوى على الموكل ، وتفارق دعوى العزل ، لأنها دعوى على الموكل دون الوكيل ، كما قدمناه.

٣٠٩ ـ مسألة : إذا ثبتت عند الحاكم وكالة وكيل في استيفاء حق موكله من « عمرو ». وكان الموكل له غائبا ، فادعى من عليه الحق : ان الموكل أبرأه ، أو قضاه الحق ، وأنكر الوكيل ذلك ، هل تسمع هذه الدعوى على الوكيل ، وهل يلزمه يمين ان طالبه من عليه الحق بها أم لا؟

الجواب : لا تسمع هذه الدعوى على الوكيل ، لأن سماعها يقتضي بطلان الوكالة في استيفاء الحقوق ، لغيبة الموكل ، فما من خصم يطالبه الوكيل بالمال الا ويدعى مثل ذلك ، حتى يسقط المطالبة بالحق عن نفسه ، ولا يلزم الوكيل اليمين ان طالبه من عليه الحق بها ، لأنه لو أقر بالقضاء أو الإبراء لم يثبت إقراره ، فإن ادعى انه يعلم ذلك ، وأنكر توجهه ، توجهت اليمين عليه ، وتكون واقعة منه على نفى العلم بما ادعاه عليه.


باب مسائل تتعلق بالإقرار :

٣١٠ ـ مسألة : إذا قال « زيد » « لعمرو » : أليس لي عليك مأة دينار ، أو ألف درهم؟ فقال له : نعم ، هل يكون ذلك إقرارا له بالمال أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك إقرارا بالمال ، لأن الجواب في هذا الموضع وما يجرى مجراه ، لا يكون الا ببلى ، لقوله سبحانه « أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى » (١) ، و « نعم » ها هنا يكون إنكارا ، لأن تقدير ذلك ، لست بربنا ، فتقدير قول « عمرو » في جوابه ما سئل عنه ، ليس ذلك على شي‌ء.

٣١١ ـ مسألة : إذا أقر إقرارا مبهما ، مثل ان يقول لغيره : لك على شي‌ء ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أقر على هذه الوجه ، كان إقراره صحيحا ، ويرجع في تفسير ذلك اليه ، فمهما فسره به الزم القيام به لخصمه ، وان لم يفسر ، قلنا له : ان فسرت ، والا جعلناك ناكلا ووردنا اليمين على خصمك ، فان حلف الزمناك القيام بما حلف عليه ، وان لم يفسر رددنا اليمين على خصمه ، فان حلف ألزمناه ، وان نكل عن اليمين صرفا جميعا.

٣١٢ ـ مسألة : المسألة بعينها ، ان فسر ـ لا يصح تملكه ، مثل الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير ، وما جرى مجرى ذلك ، هل يقبل منه ذلك أم لا؟

__________________

(١) الأعراف : ١٧٢


الجواب : لا يقبل منه هذا التفسير ، ويطالب بتفسير ما يصح تملكه ، لأن لفظ الإقرار لفظ التزام ، والخمر وما جرى مجراها مما لا يلتزمه احد لغيره.

٣١٣ ـ مسألة : المسألة بعينها ، ان فسر ذلك بما لا يتمول في العادة ، مثل قشر جوزة أو لوزة ، أو ما أشبه ذلك ، هل يقبل تفسيره أم لا؟

الجواب : لا يقبل منه ذلك ، لأنه أقر بلفظ الالتزام ، والمذكور مما لا يتمول في العادة ، ولا يجب لأحد على غيره.

٣١٤ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا فسر بما يتملك ، واختلفا في المقدار أو الجنس ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا فسر ذلك بمقدار ، مثل ان يقر بدينار ، وكذبه المقر له ، ويقول له : أكثر من ذلك ، فالقول ، قول المقر مع يمينه ، فان حلف سقطت الدعوى ، وان لم يحلف ، ردت اليمين على المقر له ، فان حلف حكم له بذلك.

واما الجنس فإنه إذا فسر ذلك مثل ان يقول : لك على دراهم ، وكذبه المقر له ويقول : بلى لي عليك دنانير ، فإنه يبطل إقراره بالدراهم ، لأنه أقر بما لا يدعيه ، وهو مدع للدنانير عليه ، فيكون القول ، قوله مع يمينه ، فإذا حلف سقطت الدعوى ، وان لم يحلف ، ردت اليمين على المدعى ، فإذا حلف ثبت له ما يدعيه.

٣١٥ ـ مسألة : إذا قال : « لزيد » على مال ، وفسر ذلك بجلود الميتة ، أو السرجين ، أو ما جرى مجرى ذلك ، هل يصح الإقرار بالمال المبهم وما فسره به أم لا؟

الجواب : إذا قال : له على مال ، كان إقراره صحيحا ، وقبل تفسيره له بالقليل والكثير من المال بغير خلاف ، فان فسره بما ذكر في المسألة ، لم يقبل منه هذا التفسير ، لأن ذلك لا يتناوله اسم المال ، ولا يسمى به ، ولا يجرى مجرى قوله : له على شي‌ء ، لأن اسم شي‌ء ، يشتمل على المال وغيره ، واسم المال لا يتناول الا بما يتمول دون ما لا يتمول.

٣١٦ ـ مسألة : إذا أقر لغيره فقال : له على أكثر من مال « زيد » ، ما الحكم في ذلك؟


الجواب : الحكم في ذلك ان ينظر مال « زيد » فيلزم هذا المقر بمبلغه ، ويرجع في تفسير ذلك إليه ، فإن فسره بمثله لم يقبل منه ذلك ، لأن لفظ أكثر في اللغة ، يقتضي الزيادة على ذلك.

٣١٧ ـ مسألة : إذا أقر لغيره فقال : له على أكثر من مال « زيد » عددا ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : ان أقر بأنه عرف مال « زيد » ، وانه ألف في العدد ، وجب عليه ذلك المبلغ وزيادة ، ويقبل قوله في تفسير هذه الزيادة ولو فسرها بحبة واحدة ، بغير خلاف ، وان كان مال « زيد » ألفا وقال : ما كان عندي بأنه ألف ، وانما اعتقدت أنه عشرة وأردت بالزيادة درهما واحدا ، كان القول في ذلك ، قوله ، فان ادعى المقر له : ان المال ألف ، واقام بذلك بينة ، لم يجب عليه أكثر من غير واحد عشر درهما ، حسب ما فسره ، لأن مبلغ مال « زيد » لم يعرف حقيقته ، لأن المال ظاهر وباطن ، وقد تملك الإنسان مالا كثيرا في الباطن ، ويعتقد فيه انه قليل المال ، فدعواه وشهادة البينة تجريان مجرى واحدة في جواز ان يكونا صادقين أو كاذبين ، أو يكونا صادقين ، ويكون كاذبا ، لأن حقيقة مبلغ المال لا يعرفها الا صاحبه ، وربما خفي على غيره ، فلذلك لا يحكم الا بما أقر به ، من المقدار الذي اعتقده ، ويكون القول قوله مع يمينه في الزيادة ، متى ادعاها المقر له.

٣١٨ ـ مسألة : إذا أقر إنسان لغيره بألف مبهم ، فقال : له على ألف ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا أقر كذلك ، لزمه لمن أقر له ألف ، ويرجع في تفسير ذلك اليه ، فمهما فسره به مما يتملك ، قبل فيه قوله ، ولو كان تفسيره بالحبوب.

٣١٩ ـ مسألة : إذا قال : له على ألف درهم ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أقر بذلك ، كان عليه ألف درهم ، لأنه فسر ألفا بالإضافة إلى الدرهم ، وكذلك يجري الأمر إذا قال : له على مأة درهم ، أو عشرة دنانير (١) ، وما أشبه ذلك.

__________________

(١) وفي نسخة : أو عشرة دراهم.


٣٢٠ ـ مسألة : إذا أقر فقال : له على مأة وخمسون درهما ، هل يكون عليه مأة وخمسون درهما؟ أو يكون عليه خمسون درهما ، ويرجع في تفسير المأة اليه؟

الجواب : إذا أقر كذلك ، لزمه مأة وخمسون درهما ، لأنه قد ميز العددين معا بقوله : « درهما » ، فقول من يقول : « درهما » ، يكون تفسيرا لخمسين دون المأة وان المأة مبهمة ، ليس بصحيح ، لأنا لو قلنا بان ذلك يكون تفسيرا للثاني الذي هو الخمسون ، لبقي الأول بلا تفسير ، وذلك لا يجوز ، ولا يجرى ذلك مجرى قوله :

له على ألف ودرهم ، لأن قوله : « ودرهم » ، معه حرف عطف وهو « الواو » ولا يجوز ان يكون تفسيرا للألف ، لأن المفسر لا يكون هكذا.

٣٢١ ـ مسألة : إذا أقر وقال : له على ألف ودرهمان ، هل يلزمه الكل من الدراهم أو لا؟

الجواب : إذا قال ذلك لم يلزمه من الدراهم غير درهمين ، ويرجع في تفسير الألف اليه ، وجرى ذلك مجرى ما قدمناه من قوله : ألف ودرهم ، لأنه يفيد مع حرف العطف زيادة في العدد ، ولا يقبل التفسير.

٣٢٢ ـ مسألة : إذا قال : له على درهم وألف ، ما الذي يجب عليه؟

الجواب : إذا قال ذلك ، وجب عليه درهم وألف ، ويرجع في تفسيره لألف ، اليه ، على ما قدمناه ، كما لو قال : له على ألف ودرهم ، لا فرق بين ان يقدم المعلوم على المجهول ، أو يقدم المجهول على المعلوم.

٣٢٣ ـ مسألة : إذا قال : له على درهم ودرهم الا درهما ، ما الذي يلزمه من ذلك؟

الجواب : الذي يلزمه من ذلك ، درهم واحد ، لأن الاستثناء إذا تعقب جملا معطوفا بعضها على بعض بالواو ، فإنه يرجع الى الجميع ، وإذا رجع الى الجميع الذي هو درهم ودرهم خرج بالاستثناء درهم ، فكان مقرا بدرهم ، ومن لا يقول بالذي ذكرناه ، يوجب عليه درهمين.

٣٢٤ ـ مسألة : إذا قال : له على مأة الا درهمان ، أو قال : له على مأة الا درهمين ، هل يجب عليه ذلك من الوجهين جميعا ثمانية وتسعون درهما أم لا؟


الجواب : لا يجب عليه ذلك من الوجهين جميعا ، وانما يجب عليه ذلك من الوجه الأول ، لأنه إذا قال : له على مأة الا درهمان ، كان إقرارا بمأة درهم ودرهمين ، لأن « إلا » بمعنى واو العطف ، وإذا قال : مأة الا درهمين ، كان إقرارا بثمانية وتسعين ، لأن المعنى : له على مأة غير درهمين.

٣٢٥ ـ مسألة : إذا قال : له عندي قميص في منديل ، أو قال : له عندي تمر في جراب (١) هل يكون ذلك إقرارا منه بالمنديل والجراب أم لا؟

الجواب : إذا قال ذلك ، كان إقرارا بالقميص والتمر دون المنديل والجراب ، لأنه يحتمل في منديل أو جراب لي وإذا احتمل ذلك لم يلزم من إقراره إلا ما هو اليقين دون ما يشك فيه ، لأن الأصل براءة الذمة الا ان يتبين فيقول : منديل وجراب له.

٣٢٦ ـ مسألة : إذا قال : غصبتك طائرا في شبكة أو قفص (٢) هل يكون غاصبا في الشبكة أو القفص أم لا؟

الجواب : جواب هذه المسألة مثل المسألة المتقدمة لها ، وكذلك كل ما يجرى هذا المجرى.

٣٢٧ ـ مسألة : إذا قال : لك على كذا ، هل يلزمه شي‌ء أم لا؟

الجواب : إذا قال ذلك وأطلق ، كان عليه كما لو قال : له على شي‌ء ، ويرجع في تفسير ذلك اليه فبما فسره به مما يتملك قبل منه (٣) دون ما لا يتملك ولا ينتفع به ، وان لم يطلق بل قيده بالدراهم ، ونصب فقال : كذا درهما ، كان عليه درهم واحد ، لأنه أخرجه مخرج التفسير ، كأنه لما قال « كذا » قيل له : فسر ، قال : اعنى درهما ، فكان تفسيرا لكذا ، فان رفع فقال : [ درهم. كان عليه ] (٤) درهم واحد ، يكون معناه كذا هو درهم ، أي الذي أقررت به درهما ، وان كسر فقال : درهم ، كان عليه دون الدرهم ، وبأي شي‌ء فسره قبل

__________________

(١) الجراب بالكسر : وعاء من إهاب شاة يوعى فيه الحب والدقيق ونحوهما مجمع البحرين.

(٢) القفص : شي‌ء يتخذ من قصب أو خشب للطير. لاحظ لسان العرب ج ٧ ص ٧٩.

(٣) وفي نسخة : فمهما فسره مما يتملك فيلزمه دون.

(٤) ما بين المعقوفتين من نسخة أخرى.


منه ، لأنه يحتمل ان يريد بعض درهم كان عليه ، لأن « كذا » عبارة عن البعض وعن الجملة ، وذهب بعض الناس الى انه يجب عليه درهم واحد ، والصحيح ما قدمناه ، للاحتمال الذي ذكرناه.

٣٢٨ ـ مسألة : إذا أقر لغيره بعشرة مماليك الا واحدا ، هل يكون ذلك إقرارا بالتسعة أم لا؟

الجواب : إذا أقر بذلك فقال : هؤلاء المماليك لفلان الا واحدا ، صح الإقرار بالتسعة ، لأن جهالة الاستثناء لا تمنع من ذلك ، وعليه تعيين المقر بهم ، لأن حق الغير تعلق بهم ، وهو مخير بين ان يعين التسعة ، أو يعين الواحد الذي هو له ، لأنه إذا عين أحدهما أو ميزه ، تعين الأخر وتميزوا.

٣٢٩ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا عين واحدا لنفسه ، وصدقه المقر له أو كذبه ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا صدقه في ذلك فلا كلام ، وان كذبه كان القول ، قول المقر مع يمينه ، لأنه اعلم بما أقر به وبما استثناه ، لأنه في يده ، فيجب ان يكون القول ، قوله مع يمينه.

٣٣٠ ـ مسألة : إذا قال : غصبت هذه الدار من « زيد » وملكتها « لعمرو » ما الواجب عليه؟

الجواب : الواجب عليه تسليم الدار الى المغصوب منه ، لأنه أقر له باليد ، وللآخر بالملك ، وقد يكون في يده حقا وان كان ملكها لغيره ، مثل ان يكون في يده رهنا أو إجارة.

٣٣١ ـ مسألة : إذا قال : له عندي ألف درهم عارية ، هل يقبل منه ذلك أم لا؟

الجواب : يقبل منه ذلك ، ويكون ذلك مضمونا ، لأن الدراهم والدنانير مضمونة في العارية بغير شرط. [ انما قلنا : بغير شرط ، لأن الإمامية لا ترى العارية مضمونة في غير الذهب والفضة الا ان يشرط ضمانها ] (١).

__________________

(١) ما بين المعقوفتين منقول من النسخة الرضوية.


٣٣٢ ـ مسألة : إذا قال : لك عندي (١) ألف درهم ان شئت ، هل يكون ذلك إقرارا لا؟

الجواب : لا يكون ذلك إقرارا ، لأن الإقرار اخبار عن حق واجب ، وما كان واجبا عليه قبل إقراره ، لا يجوز ان يعلق وجوبه بشرط مستقبل.

٣٣٣ ـ مسألة : إذا قال : لك على ألف درهم ، ان شهد لك شاهدان ، هل يكون ذلك إقرارا أم لا؟

الجواب : جواب هذه المسألة ، مثل جواب المسألة المتقدمة.

٣٣٤ ـ مسألة : إذا قال : ان شهد لك شاهدان على بالألف ، فهما صادقان ، هل يلزمه الإقرار بألف أم لا؟

الجواب : إذا قال ذلك لزمه الإقرار بالألف في الحال ، لأن الشاهدين إذا صدقا في شهادتهما عليه بالألف ، فالحق واجب عليه ، شهدا أو لم يشهدا.

٣٣٥ ـ مسألة : إذا كان في يده مملوك فأقر به « لزيد » ، وصدقه « زيد » على إقراره. وأقر العبد بنفسه « لعمرو » ، وصدقه « عمرو » على إقراره ، هل الصحيح إقرار السيد أو إقرار العبد؟

الجواب : إقرار السيد هو الصحيح دون إقرار العبد ، لأن يد السيد ثابتة على العبد ، لأنه ملكه ، ويد العبد ليست ثابتة على نفسه ، لأنه لا يملك لنفسه ، ولأن إقرار العبد إقرار بمال السيد عليه ، ولا يقبل هذا الا إذا صدق السيد المقر له.

فاما ان كذبه ، انعتق العبد ، لأن الذي كان في يده أقر بأنه ليس له ، والذي أقر له به قد أنكر ، وإقرار العبد لم يصح ، فما ثبت عليه ملك لأحد ، فينبغي ان يكون معتقا ، وقد ذكر انه يبقى رقا ، والصحيح ما ذكرناه.

٣٣٦ ـ مسألة : إذا ادعى انسان على غيره بأنه مملوكه ، وأنكر المدعى عليه ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا كان الأمر على ذلك ، كان القول ، قول المدعى عليه مع

__________________

(١) وفي نسخة : على. بدل « عندي ».


يمينه ، لأن الظاهر من حاله ، الحرية ، فان لم ينكر ذلك وأقر بما ادعاه من الرق ، ثم ادعى انه أعتقه ، وأنكر السيد ذلك ، كان القول ، قول السيد مع يمينه ، لأن الأصل انه لم يعتقه.

٣٣٧ ـ مسألة : إذا التقط انسان لقيطا ورباه ، ثم أقر الملتقط بأنه مملوك « لزيد » ، هل يقبل هذا الإقرار منه أم لا؟

الجواب : لا يقبل هذا الإقرار منه ، لأن الظاهر من اللقيط الحرية.

٣٣٨ ـ مسألة : إذا قال : له عندي درهم ودرهم. أو قال : درهم ودرهم ودرهم. أو قال : درهم ثم درهم. أو قال : درهم ثم درهم ثم درهم ، فما الذي يجب عليه من ذلك؟

الجواب : اما قوله : له عندي درهم ودرهم ، فإنه يلزمه درهمان ، لأن الثاني معطوف على الأول بواو ، وكذلك القول في الثلاثة.

والقول في قوله : درهم ثم درهم ، كالقول في درهم ودرهم ، وان كانت لفظة « ثم » تقتضي المهلة ، لكن لا معنى لها ها هنا. والقول في الثلاثة مع لفظة « ثم » ، مثل القول في الثلاثة مع لفظ العطف بالواو ، ويجرى هذا المجرى القول بان له على درهم ، فدرهم للتعقيب ، ولا معنى له ها هنا. وفي الناس من قال يلزمه درهم واحد ، والذي قلناه هو الظاهر الأصح.

٣٣٩ ـ مسألة : إذا قال : له على درهم لا بل درهمان ، أو قال : قفيز حنطة لا بل قفيزان ، ما الذي يلزمه من ذلك؟

الجواب : الذي يلزمه من ذلك درهمان ، ومن الحنطة قفيزان. لأن « لا بل » للإضراب عن الأول والاقتصار على الثاني.

٣٤٠ ـ مسألة : إذا قال : له على قفيز حنطة لا بل قفيز شعير ، ما الذي يلزمه من ذلك؟

الجواب : الذي يلزمه ها هنا ، قفيز حنطة وقفيز شعير ، لأنه أقر بجنس آخر ، ولا يقبل منه نفى الأول.

٣٤١ ـ مسألة : إذا كانت بين يديه جملتان حاضرتان من دراهم ، فقال


مشيرا إليهما : « لزيد » على إحداهما ، أو عينها ثم قال : لا بل هذه الأخرى ، ما الذي يلزمه من ذلك؟

الجواب : إذا قال ذلك لزمته الجملتان معا ، ولم يصح رجوعه ، لأن إحدى الجملتين لا تدخل في الأخرى ، ولا يلزم على ذلك لو قال : له على عشرة لا بل عشرون ، لأن العشرة داخلة في العشرين إذا لم تكن معينة.

٣٤٢ ـ مسألة : إذا قال يوم الخميس : « لزيد » على درهم من ثمن مملوك ، وقال يوم الجمعة : له على درهم من ثمن قميص ، ما الذي يلزمه من ذلك؟

الجواب : الذي يلزمه درهمان ، لأن ثمن المملوك ، غير ثمن القميص ، وليس يجرى ذلك مجرى قوله إذا أطلق ذلك من غير اضافة الى السبب ، لأن ذلك يحتمل التكرار ، وهذا لا يحتمل التكرار ، وكذلك إذا أضاف لكل واحد من الإقرارين إلى سبب ، غير السبب الذي أضاف الأخر إليه.

٣٤٣ ـ مسألة : إذا قال : « لزيد » على درهم لا بل درهم ، ما الذي يلزمه؟

الجواب : الذي يلزمه درهم واحد ، لأنه أمسك ليستدرك ، ثم تذكر انه ليس عليه الا ذلك.

٣٤٤ ـ مسألة : إذا قال : له على عشرة لا بل تسعة ، ما الذي يلزمه؟

الجواب : الذي يلزمه عشرة ، لأنه نفى درهما من العشرة ، على غير وجه الاستثناء ، ولم يقبل منه ذلك ، ولا يجرى هذا مجرى قوله لو قال : له على عشرة إلا درهما ، في انه يقبل منه ، لأن للتسعة عبارتين : إحداهما بلفظ التسعة والأخرى بلفظ العشرة واستثناء الواحد ، فبأيهما اتى فقد اتى بعبارة التسعة ، وليس كذلك قوله : على عشرة لا بل تسعة ، لأنه أقر بالعشرة ثم رجع عن بعضها فلم يصح رجوعه ، يوضح ما ذكرناه ، انه لو قال : على دينار الا درهم ، صح ذلك واستثنى قدر الدرهم ، ولو قال : له على دينار لا بل درهم ، لزمه الدرهم والدينار جميعا.

٣٤٤ ـ مسألة : إذا قال : « لزيد » على من الدرهم إلى العشرة ، ما الذي


يجب عليه من ذلك؟

الجواب : الذي يجب عليه تسعة ، لأن الأول داخل فيه ، لأن « من » لابتداء الغاية ، والغاية لا تدخل فيه ، وفي الناس من قال : تلزمه ثمانية ، والذي ذكرناه أصح من ذلك.

٣٤٥ ـ مسألة : إذا قال لغيره : هذه الدار أو هذا البيت لك هبة أو عارية ، أو هبة سكنى ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا قال له ذلك ، كان له إخراجه منها من اى وقت أراد ، لأن ذلك إقرار بعارية وهبة ، منفعتها ما سكنه فقد قبضه ، وما لم يسكنه ، لم يقبضه ، فله الرجوع اى وقت أراد ، كما قدمناه.

٣٤٦ ـ مسألة : إذا قال : « لزيد » على من مالي ألف أو مأة ، هل يكون ذلك إقرارا أم لا؟ وهل له تفسيره لما أراد أم لا؟

الجواب : إذا قال ذلك لم يكن هذا الإطلاق إقرارا ، لأنه أضاف هذا المال الى نفسه ، وجعل له منه ألفا أو مأة ، وهذا يقتضي ان يكون هبة ، لأن ماله لا يكون لغيره الا على هذا الوجه. وله تفسيره بالهبة.

٣٤٧ ـ مسألة : إذا قال : « لزيد » الميت على حق ، وهذا ولده وهذه امرأته ، وأوجبتم عليه دفع الحق إليهما ، من حيث أقر بأنه لا يستحقه غيرهما ، فما جوابكم إذا قال : « لزيد » الميت على حق وهذا الطفل ولده ، وهذا وصيه ، هل ترون (١) دفعه إليهما أم لا؟ ما الجواب عن ذلك؟

الجواب : اما الأول فلا شبهة في صحة تسليم ما أقر به الى ولد الميت وزوجته ، لإقراره بأنه لا يستحق له غيرهما ، واما الثاني ، فلا يجوز التسليم الى الوصي ، لأنه لا يأمن من إنكار الطفل عند بلوغه لكونه وصيا له ، فإذا أنكر ذلك سمع منه ، ويجوز تسليمه الى الحاكم ، لأن له على الطفل ولاية ، لا يمكنه إنكارها ، وولاية الوصي لا تثبت إلا ببينة.

٣٤٨ ـ مسألة : إذا كانت لإنسان مملوكة ، فوطأها رجل ، واختلفا ، فقال

__________________

(١) وفي نسخة : هل توجبون وفي الأخرى : هل ترجعون.


سيدها للرجل : بعتكها والجارية مملوكة لك ، وعليك ثمنها. وقال الرجل : زوجتنيها والجارية لك ، وعلى مهرها ، ما الحكم بينهما في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على الوجه المذكور ، كان كل واحد منهما مدعيا على الأخر عقدا ينكر دعواه عليه ، ولكل واحد منهما ان يحلف وينفى بيمينه ما يدعيه الأخر عليه ، فان حلف السيد انه ما زوجها ، وحلف الواطى انه ما اشتراها ، عادت الجارية إلى سيدها ، لأن الواطئ إذا حلف انه ما اشتراها ، فسقط الابتياع ، وإذا حلف السيد انه ما زوجها سقط النكاح ، فان حلف سيدها انه ما زوجها ونكل الواطى عن اليمين ، ردت اليمين على السيد فيحلف انه باعها منه ، فإذا حلف على ذلك ثبتت الجارية في الحكم ملكا للواطى ، ولزمه الثمن لسيدها ، لأنه قد اثبت بيمينه انه ابتاعها منه. وان حلف الواطى انه ما ابتاعها ونكل سيدها عن اليمين ردت اليمين على الواطى ، فيحلف انه تزوجها فتثبت الزوجية فترجع الى سيدها بالملك لرقبتها ، فإذا زال النكاح بينها وبين الواطى ، جاز حينئذ لسيدها وطأها. هذا فالحكم بالظاهر. واما في الباطن فهو على ما يعلمه من نفسه ، فان كان صادقا في دعواه لم يجز له وطأها أيضا الا على الوجه الذي يحل معه وطأ مثلها.

٣٤٩ ـ مسألة : إذا ادعى « زيد » على « عمرو » مالا في مجلس الحكم ، فقال « عمرو » : لا أقر ولا أنكر ، أو قال : لا ادرى ما يقول. أو قال : انا مقر أو منكر ، هل يكون ذلك جوابا صحيحا أم لا؟ وما الحكم فيه؟

الجواب : إذا ذكر ذلك بين يدي الحاكم ، لم يكن جوابا صحيحا ، وكان على الحاكم ان يقوله له : ان أجبت بجواب صحيح ، والا جعلتك ناكلا ، ورددت اليمين على خصمك ، فان لم يجب بجواب صحيح ، وهو ان يقول : انا مقر ـ أو أنا منكر ، جعله الحاكم ناكلا ، ورد اليمين على خصمه. وانما جعل ناكلا ، لأنه لو أجاب بجواب صحيح ، وامتنع من اليمين لجعل ناكلا ، وإذا امتنع من الجواب واليمين ، فأولى ان يكون ناكلا. وانما لم يكن قوله : « ولا أقر ولا أنكر » جوابا صحيحا ، لاحتماله ان يريد أقر فيما بعد ، أو أقر بوحدانية الله تعالى ، وكذلك


قوله : « لا أنكر » يحتمل لا أنكر وحدانية الله تعالى ، أو لا أنكر فضلك. وإذا كان ذلك محتملا لم يصح الجواب به حتى يجيب بما يزول معه الاحتمال مما قدمنا ذكره.

وقوله : « لا ادرى ما يقول ». انما لم يكن جوابا صحيحا ، لأنه اعلم بما يقول خصمه ، وكيف يقول لا ادرى به.

وقوله : « انا مقر أو منكر » انما يجرى مجرى ما تقدم ، في انه ليس بجواب صحيح ، لمثل ما ذكرناه في الوحدانية وغيرها.

٣٥٠ ـ مسألة : إذا قال : « لزيد » على مأة ، ثم سكت ثم قال : من ثمن مبيع لم أقبضه. أو قال : له على مأة من ثمن مبيع ، ثم سكت ثم قال : لم اقبضه ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا قال الأول لم يقبل منه ما ادعاه من المبيع ، لأنه أقر بالمأة وفسر ذلك بما يسقط إقراره. واما الثاني فلا يجرى مجرى الأول ، لأنه إذا قال : له على مأة من ثمن المبيع ، ثم سكت ثم قال : لم اقبضه ، قبل ذلك منه ، لأن قوله بعد السكوت : « لم اقبضه » غير مناف للإقرار الأول ، لأنه قد تكون عليه مأة دينار ثمنا ، ولا يلزمه تسليمها حتى يقبض المبيع ، ولأن الأصل عدم القبض.

٣٥١ ـ مسألة : إذا شهد على انسان شهود بإقراره ، ولم يقولوا : هو صحيح العقل ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : تصح الشهادة بذلك ، لأن الظاهر صحة إقراره ، ولأن الظاهر أيضا ان الشهود لا يتحملون الشهادة على من ليس بعاقل ، فان ادعى المشهود عليه بالإقرار ، انه أقر وهو مجنون ، وأنكر المقر له ذلك ، كان القول ، قوله مع يمينه ، لأن الأصل عدم الجنون ، ولأن الشهود يشهدون على ظاهر الحال ، فيجوز ان يخفى جنونه ، ويكون المقر له عالما بذلك.

٣٥٢ ـ مسألة : إذا قال : له على درهم في عشرة ، كم يكون للمقر له؟

الجواب : ان أراد بما ذكره ضرب الحساب ، وجبت عليه عشرة دراهم ، لأن واحدا في عشرة ، عشرة ، وان لم يرد ضرب الحساب ، لم يلزمه غير درهم


واحد ، لأنه يكون معناه له درهم في عشرة دراهم لي ، ويجرى ذلك مجرى ما قدمناه في القول له قميص في منديل.

٣٥٣ ـ مسألة : إذا قال : له عندي درهم ودرهمان ، كم يجب عليه؟

الجواب : تجب عليه ثلاثة دراهم ، لأن الدرهمين معطوفان على الدرهم ، فإذا كان قد عطف الدرهمين على الدرهم ، وكان من حق المعطوف ، ان يكون غير معطوف عليه ، لزمه ما ذكرناه.

٣٥٤ ـ مسألة : إذا ادعى على صبي البلوغ ، وأنكر الصبي ذلك ما حكمه؟

الجواب : على المدعى لبلوغ الصبي ، البينة بما ادعاه ، فان لم تكن له بينة ، لم يلزم الصبي يمين ، وكان القول في ذلك ، قوله ، لأن إلزامه اليمين يؤدى الى نفيها وإسقاطها عنه ، لأنه إذا حلف أنه صبي ، وحكم له بالصبي ، بطلت يمينه ، لأن يمين الصبي غير صحيحة ، وكلما أدى إثباته إلى نفى لم يكن لإثباته معنى يعول عليه.

٣٥٥ ـ مسألة : إذا أقر إنسان لمملوك غيره بمال ، هل يصح ذلك الإقرار أم لا؟ وان صح فهل يكون إقرار للمملوك أو لسيده؟

الجواب : هذا الإقرار صحيح ، وهو إقرار لسيد المملوك ، لأن المملوك لا يصح ان يكون له مال بالاكتساب أو غيره ، فإذا ثبت ذلك ، كان لسيده.

٣٥٦ ـ مسألة : إذا هلك انسان وخلف ابنا ، فأقر هذا الابن بأخ له من أبيه ، ثم اقرا جميعا بثالث ، ثم ان الثالث أنكر نسب الثاني ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أقرا جميعا بثالث ثبت نسب الثالث ، وإذا أنكر الثالث الثاني ، لم يثبت نسبه ، لأنه لم يشهد له اثنان بذلك ، والثالث قد شهد له اثنان ، فيصح بذلك نسبه ، ولم يصح للثاني ، والمال الموروث يكون بين الأول والثالث ، ويأخذ الثاني من الأول الذي أورثه (١) ، ثلث ما بقي في يده ، لأنه مقر به وبغيره.

__________________

(١) وفي نسخة : الذي أقر به.


٣٥٠ ـ مسألة : إذا هلك وترك أخا وزوجة ، فأقرت الزوجة بابن لزوجها المتوفى ، وأنكر الأخ ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أقرت الزوجة بهذا الابن ، وأنكره الأخ لم يثبت نسبه ، واما المال الموروث ، فإنه ان كان في يد الأخ لم تأخذ الزوجة منه الا الثمن ، لأنه القدر الذي تدعيه ، وان كان في يدها لم يأخذ الأخ إلا ثلاثة أرباعه. لأنه القدر الذي يدعيه ، لأنه يقول : انه ليس لزوجها ابن ، فيبقى في يدها الربع ، وهي مدعية لنصفه ، لأنها تقول : ان لزوجها ابنا ، فيكون نصف هذا الربع وهو الثمن ، لها ، والباقي ترده على الذي ادعت انه ابن زوجها.

٣٥١ ـ مسألة : إذا هلك الإنسان وخلف ابنين ، وأقر الواحد منهما بأخ ، وأنكره الأخر ، هل يثبت نسبه أم لا؟ فان قلتم : يثبت ، قيل لكم : هذا خلاف مذهبكم ، لأن عندكم ، لا يثبت نسبه إلا بشهادة اثنين ، فان قلتم : لا يثبت ، قيل لكم : فان مات المنكر وورث اخوه جميع المال ، هل تجب عليه مقاسمة الذي أقر به أم لا؟ وان خلف المنكر ابنا فوافق عمه فيما أقر به ، من أخيه الذي أنكره أبوه ، هل يثبت نسبه أم لا؟

الجواب : إذا ورث الأخ جميع ما خلفه اخوه وجبت عليه المقاسمة لمن أقر به وليس له جحده بعد ذلك ، فإذا لم يكن له جحده بعد إقراره به كما ذكرناه ، لزمه ان يقاسمه المال ، فاما (١) ثبوت نسبه لموافقة ابن المنكر له فصحيح ، لأن الأخ إذا كان قد أقر به ، وشهد ابن أخيه له بمثل ذلك ، فلا بد من ثبوت النسب والميراث له ، لأنهما اثنان ، وقد شهدا له بذلك.

٣٥٩ ـ مسألة : إذا هلك وترك ابنين أحدهما قاتل ، ما الحكم فيه وفي الأخر ان أقر بأخ وأنكره الأخر؟

الجواب : إذا ترك ابنين أحدهما قاتل ، كان المال كله للذي ليس بقاتل ، وان أقر الذي صار له الميراث بأخ له آخر غير القاتل ، كان عليه ان يقاسمه المال ، لأنه مقر بنسبه ، وان أنكره القاتل لم يكن لإنكاره ها هنا تأثير ، وان أقر به لم يثبت

__________________

(١) وفي نسخة : واما.


نسبه ، لأنه لا يجوز ان يرث من هذا الميراث شيئا.

٣٦٠ ـ مسألة : إذا هلك انسان وترك ابنين ، أحدهما كافر والأخر مسلم ، ما الحكم فيه وفيه الأخر ان أقر بأخ وأنكره الأخر؟

الجواب : إذا ترك ابنين أحدهما كافر والأخر مسلم ، كان المال للمسلم دون الكافر. فإن أقر أحدهما بأخ آخر وكان المقر هو المسلم ، كانت عليه مقاسمة المال ، لأنه أقر به ، وان كان المقر به هو الكافر ، لا يثبت نسبه ، لأنه لا يجوز ان يرث من هذا الميراث شيئا ، وان أنكره لم يكن لإنكاره ها هنا تأثير.

٣٦١ ـ مسألة : إذا أقر الوارث بوارث آخر هو اولى منه ، كيف حكمه؟

الجواب : إذا أقر الوارث بوارث آخر هو اولى منه ، كان عليه ان يدفع جميع المال إليه ، لأنه أقر به.

٣٦٢ ـ مسألة : إذا أقر بوارث آخر يكون ثالثا له وللذي أقر به ، كيف يكون حكمه؟

الجواب : إذا أقر بذلك ، كان عليه ان يغرم له مثل الميراث ، لأنه أقر به.

٣٦٣ ـ مسألة : المسألة بعينها إذا أقر بهذا الذي هو ثالث له وللذي أقر به وجحده المقر له أولا ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان كذلك ، كان عليه ان يغرم له الميراث ، كما قدمناه ، واما جحده للذي أقر به أولا ، فلا يصح جحده له بعد الإقرار به.

٣٦٤ ـ مسألة : إذا أقر للميت بزوج ، كيف حكمه؟

الجواب : إذا أقر بذلك كان عليه ان يدفع اليه مقدار ما كان يجب له من سهمه.

٣٦٥ ـ مسألة : المسألة بعينها إذا أقر بزوج آخر ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا أقر بذلك كان إقراره باطلا ، لأن الزوجين ها هنا لا يتعددان ، فان كذب نفسه في الإقرار الأول ، كان عليه ان يغرم للثاني سهمه ، ولا سبيل له على الأول.

٣٦٦ ـ مسألة : إذا أقر الولد بزوجة للميت ، كيف الحكم في ذلك؟


الجواب : إذا أقر بذلك كان عليه ان يدفع إليها ثمن ما كان في يده.

٣٦٧ ـ مسألة : المسألة بعينها وأقر بعد ذلك بزوجة ثانية ، هل يجب عليه ان يدفع إليها شيئا أم لا؟

الجواب : يجب عليه ان يدفع إليها نصف ثمن ما في يده.

٣٦٨ ـ مسألة : المسألة بعينها ، وأقر بعد ذلك بزوجة ثالثة وبعد الثالثة أقر برابعة وبعد الرابعة أقر بخامسة ، ما الحكم فيهن؟

الجواب : إذا أقر بعد ذلك بثالثة ، كان عليه ان يدفع إليها ثلث ثمن ما في يده ، فإذا أقر بعد ذلك برابعة ، كان عليه ان يدفع إليها ربع ثمن ما في يده ، فإذا أقر بعد ذلك بخامسة ، كان إقراره بها باطلا ، وان أنكر واحدة ممن كان أقر بها منهن ، كان إنكاره باطلا ، ووجب عليه ان يغرم للتي أقر بها بعد ذلك ما يجب لها ، وان لم ينكر واحدة منهن ، وكان إقراره ، بالخامسة باطلا ، على ما قدمناه.

٣٦٩ ـ مسألة : إذا أقر بأربع زوجات في وقت واحد ، ما الحكم فيهن؟

الجواب : إذا كان كذلك ، كان لجميعهن عليه الثمن ، ويكون بينهن بالسوية.


باب مسائل تتعلق بالعارية :

٣٧٠ ـ مسألة : إذا استعار انسان بهيمة أو سيفا أو ما أشبه ذلك ، وضمنه ، ثم رده الى ملك صاحبه ، مثل اعادة البهيمة الى الإصطبل ، أو السيف الى بيته ، ولم يسلم ذلك الى صاحبه ولا الى وكيله ، هل يبرأ من الضمان بإعادة ذلك الى ملكه كما ذكرناه أم لا؟

الجواب : لا يبرأه ذلك من الضمان ، لأن الضمان انعقد بينه وبين صاحب ذلك ، فليس يبرأ منه الا بتسليمه اليه أو الى وكيله ، وأيضا فإن الأصل شغل الذمة بالعارية ، وبرائته من ذلك تفتقر الى دليل.

٣٧١ ـ مسألة : إذا كان راكبا بهيمة ، واختلف هو ومالكها : فقال الراكب لصاحبها : أنت أعرتنيها عارية مضمونة. وقال صاحبها : بل أكريتها منى ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على ما ذكر ، كان القول ، قول الراكب مع يمينه ، وعلى صاحبها البينة ، لأنه يدعي أجرة الركوب ، فان حلف راكبها أسقط الدعوى عن نفسه ، وان نكل عن اليمين ردت على صاحبها ، فان حلف قضى له بالأجرة ، لأن اليمين مع النكول بمنزلة الإقرار والبينة ، وفي الناس من ذهب الى ان القول ، قول صاحبها مع يمينه (١). فان لم يحلف سقط حقه ، ولا ترد على الراكب اليمين.

__________________

(١) وهو مختار الشافعي في أحد قوليه لاحظ خلاف الشيخ الطوسي ج ٢ ص ١٦٤.


٣٧٢ ـ مسألة : إذا استعار انسان من غيره شيئا ، فآجره أو اعاره لأخر ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا تصح إجارة العارية ولا إعارتها ، فاما الإجارة ، فإن المستعير لا يملك منافعها بعقد الإجارة ، واما إعارتها فلأنه انما اذن له صاحبها في الانتفاع بها ، على وجه مخصوص ، فليس له غير ذلك.

٣٧٣ ـ مسألة : إذا كانت لإنسان جارية ، هل يصح له ان يعيرها للاستمتاع بها أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن البضع لا يستباح بالاستعارة وانما يستباح بعقد أو ملك ، فان قيل : فعندكم انه يجوز بلفظة الإباحة ، قلنا : هذا وان كان عندنا كذلك ، فالمراد به العقد ، ومتى عرى من العقد لم يصح.

٣٧٤ ـ مسألة : إذا كانت في يده مزارعة ارض لغيره ، واختلفا : فقال صاحب الأرض : أكريتكها ، وقال الزارع : بل أعرتنيها ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا كذلك ، كان القول ، قول الزارع مع يمينه ، وعلى صاحب الأرض البينة ، لأنه يدعي الكرى.

٣٧٥ ـ مسألة : إذا كان انسان ، راكب بهيمة لغيره ، واختلف هو ومالكها ، فقال المالك : غصبتنيها ، وقال الراكب : أعرتنيها ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم فيه ، ان القول ، قول الراكب مع يمينه ، لأن الأصل برأيه الذمة ، وعلى المالك البينة على ما ادعاه من الغصب ، لأن دعواه لذلك (١) ، تتضمن دعوى الضمان للبهيمة ، ولزوم الأجرة لراكبها بركوبه لها.

__________________

(١) وفي نسخة : لأن ادعائه ذلك يتضمن.


باب مسائل تتعلق بالوديعة :

٣٧٦ ـ مسألة : إذا تعدى المودع في الوديعة ضمنها ، فإذا ردها الى حرزها ، هل زال عنه بذلك الضمان أم لا؟

الجواب : لا يزول الضمان عن المودع بذلك ، لأنه قد ضمن بالتعدي ، واشتغلت ذمته بالضمان ، وزوال الضمان بردها الى الحرز ، دون ردها الى صاحبها أو وكيله ، يفتقر فيه الى دليل ، ولا دليل.

٣٧٧ ـ مسألة : إذا شرط المودع على المودع ان تكون الوديعة مضمونة ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : إذا شرط المودع ذلك ، كان الشرط باطلا ، ولا يثبت ضمانها بهذا الشرط ، لقول رسول الله (ص) : ليس على المستودع ضمان (١) ، ولم يفصل ، ولأنه لا خلاف فيما ذكرناه الا من العنبري (٢) وخلافه غير معتد به ، لا سيما على أصلنا في الإجماع.

٣٧٨ ـ مسألة : هل للمستودع ان يسافر بالوديعة من غير عذر أم لا؟

الجواب : ليس له ان يسافر بها ، لأن عليه حفظها. وإذا سافر بها فإنه

__________________

(١) المستدرك ج ٢ ص ٥٠٦ ب ٤ كتاب الوديعة ح ١ وسنن البيهقي ج ٦ ص ٢٨٩ كتاب الوديعة.

(٢) هو : عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبري من تميم قاض من الفقهاء العلماء بالحديث من أهل البصرة. قال ابن حيان : من ساداتها فقها وعلما. ولى قضاءها سنة ١٥٧ ه‍ وعزل سنة ١٦٦ وتوفي فيها. لاحظ الأعلام تأليف خير الدين الزركلي ج ٤ ص ١٩٢.


يحفظها في موضع لم تجر العادة بحفظ الودائع فيه ، لأن الطريق يحدث فيه الخوف ، فإذا هلكت مع ذلك كان عليه ضمانها ، وأيضا فقد لزمه حفظها على الوجه الذي جرت العادة بحفظ الودائع عليه ، والقول بجواز السفر بها ، يفتقر في صحته الى دليل ، ولا دليل. وأيضا فإن الطريق إذا كان يحدث فيه الخوف والخطر ، فالاحتياط يقتضي ترك السفر بها ، فان لم يحتط عليها بترك ذلك وهلكت ، كان عليه الضمان.

٣٧٩ ـ مسألة : إذا أودع انسان عند غيره حيوانا ولم يأمره بسقيه ولا إطعامه ، ولا نهاه ، هل يجب عليه إطعامه وسقيه أم لا؟

الجواب : يجب عليه ذلك ، لأن من المعلوم بالعادة ، ان الحيوان متى منع من ذلك تلف ، وإذا أدى منعه من ذلك الى هلاكه ، كان الاحتياط يقتضي أن ينفق على ذلك. ولأن نفقة المودع عليها ليست ضائعة ، لأنه يرجع بها على مالك الوديعة.

٣٨٠ ـ مسألة : إذا أودع عند غيره صندوقا ، عليه قفل ، وامره بان لا ينام عليه ، ولا يزيده قفلا آخر مع القفل الذي هو عليه ، ففعل ذلك أو شيئا منه ، هل يلزمه ضمان ذلك أم لا؟

الجواب : إذا فعل المودع ذلك أو شيئا منه ، لم يجب عليه ضمان ، لأنه أضاف إليه حرزا آخر ، وزاد في التحرز عليه تحرزا ، وبالغ في ذلك ، وهذا يجرى مجرى قوله إذا أودعه وديعة ، وامره أن يضعها في قاعدة داره (١) فوضعها في بيت وأغلق عليها بابه ، وجعل عليه قفلا ، في انه لا ضمان عليه لو هلكت.

٣٨١ ـ مسألة : إذا أودعه حنطة أو شعيرا أو دراهم أو دنانير ، فخلطها بما لا يتميز منه ، مثل ان خلط الحنطة بحنطة والشعير بشعير والدراهم والدنانير بدراهم ودنانير مثلها ، هل عليه ضمانها أم لا؟

الجواب : عليه ضمانها ، لأنه تعدى فيها بخلطها بما لا يتميز منه ، ولا يمكن أخذ المال بعينه منه.

__________________

(١) قاعدة الدار : ساحتها ، مجمع البحرين ـ


٣٨٢ ـ مسألة : إذا أودع عند غيره دنانير أو دراهم ، فأنفقها المودع ولزمه بذلك الضمان ، فرد مكانها عوضها ، هل يزول عنه الضمان أم لا؟

الجواب : لا يزول عنه الضمان ، لأن ذمته قد اشتغلت به في حال إنفاقه للمال بغير خلاف ، وزواله برد العوض الى مكانه يفتقر فيه الى دليل ، ولا دليل.

٣٨٣ ـ مسألة : إذا كانت الوديعة عند انسان ، وادعاها اثنان ، فقال المودع : لست اعلم صاحبها بعينه ، وادعى كل واحد منهما انه عالم بذلك ، هل يجب عليه يمين واحدة بأنه لا يعلم لأيهما هي ، أو لكل واحد يمين؟

الجواب : ليس يلزمه غير يمين واحدة بأنه لا يعلم لأيهما هي ، لأن في ضمن هذه اليمين ، انه لا يعلم أيهما صاحبها ، ولا وجه ليمين اخرى ، ولأن الأصل برأيه الذمة وإيجاب يمين اخرى يفتقر في صحته الى دليل ، ولا دليل.

٣٨٤ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا حلف المودع وأخرجت الوديعة من يده ، وبذل كل واحد من الاثنين المدعيين لها اليمين بأنها له ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ذلك ، استعملت القرعة بينهما ، فمن خرج اسمه سلمت اليه ، أو تقسم بينهما نصفين.

٣٨٥ ـ مسألة : إذا أودع وديعة في شي‌ء مشدود ، أو كيس مختوم ، فقطع المودع الخيط ، أو كسر الختم ، أو خرق الكيس ، أو الشد ، هل يلزمه الضمان أم لا؟

الجواب : يلزمه ضمان جميع الوديعة ، لأنه بما فعله قد هتك الحرز. وان كان التخريق فوق الشد لم يلزمه غير الأرش لما نقص من خرقة الكيس أو الشد ، وان كان تحت الشد ، كان عليه ضمان جميع الوديعة ، سواء أخذها أو لم يأخذها.

٣٨٦ ـ مسألة : إذا أودع عند غيره وديعة غير محرزة ، مثل ان يناوله من يده دنانير أو دراهم ، أو تكون في صينية (١) ، أو ما جرى مجرى ذلك ، فأخذ المودع منها دينارا أو درهما ، هل يلزمه ضمان الجميع أم لا؟

الجواب : ليس يلزمه ها هنا غير ضمان ما أخذه دون غيره ، لأنه لم يتعد في

__________________

(١) وفي نسخة : صلبة.


الباقي ، ولا هتك له حرزا ، بل هو على ما كان عليه ، فلا يلزمه ضمانه.

٣٨٧ ـ مسألة : إذا كان المودع لا يلزمه ضمان الوديعة في ذهب ولا حريق ولا غريق ولا ما يجرى مجرى ذلك ، فما القول فيه ان هلكت ، وادعى هو ان هلاكها كان بشي‌ء من ذلك ، وهل يقبل قوله فيما ادعاه من ذلك أم لا؟

الجواب : لا يقبل قوله فيما ادعاه ، بل تلزمه إقامة البينة على هلاكها بما ذكره ، لأن الوجوه التي ادعى هلاك الوديعة بها لا تخفى ، ويمكن إقامة البينة عليها.

وكلما لا يخفى ويمكن ان تقام عليه البينة ، تلزمه إقامة البينة عليه ، وانما يكون القول ، قوله مع يمينه في الموضع الذي تتعذر عليه إقامة البينة ، مثل ان يدعى انه غصب ذلك أو سرق ، أو تلف من يده.

٣٨٨ ـ مسألة : إذا كانت عنده وديعة ، فادعى ردها على صاحبها ، وأنكر صاحبها ذلك ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول ، قول المودع مع يمينه له ، لأنه أمينه.


باب مسائل تتعلق بالغصب :

٣٨٩ ـ مسألة : إذا جنى انسان على حمار القاضي ، جناية لا تسرى الى نفسه ، هل يستوي هو وحمار الحطاب أو الزبال ، أو ما جرى مجرى ذلك ، في أرش العيب أم لا؟

الجواب : الحماران في ذلك سواء ، وليس لحمار القاضي في ذلك مزية على حمار غيره ، لأن الأصل براءة الذمة ، والقدر الذي ذكرناه متفق على لزومه ، وعلى من يدعى الزيادة على ذلك ، الدليل.

٣٩٠ ـ مسألة : إذا غصب إنسان جارية لغيره ، فزادت في يده ، بصنعة أو سمن أو تعلم قرآن ، وازداد بذلك ثمنها ، ثم ذهب ذلك في يده ، مثل ان تكون نسيت الصنعة أو القرآن ، أو هزلت بعد السمن حتى عادت على ما كانت عليه وقت الغصب ، هل عليه ضمان ذلك أم لا؟

الجواب : على الغاصب ضمان هذه الزيادة ، لأنها حدثت في يده مضمونة ، وإذا زالت وهي في يده ، كان عليه الضمان.

٣٩١ ـ مسألة : إذا غصب جارية حاملا فأسقطت ، أو حائلا فحملت عنده ، ونقص ذلك من ثمنها ، هل عليه ضمان ذلك أم لا؟

الجواب : عليه ضمان ما نقص ، لأن ذلك حدث عنده مضمونا ، كما قلناه في المسألة المتقدمة على هذه المسألة سواء.

٣٩٢ ـ مسألة : إذا غصب جارية تساوى مأة ، وسمنت فصارت تساوى


ألفا ، وتعلمت القرآن ، أو صنعة ، فصارت تساوى ألفين ، ثم هزلت فعادت الى ما كانت ، ما الذي يجب عليه؟

الجواب : الذي يجب على الغاصب ، ردها الى مالكها مع ألف وتسع مأة ، لأن ذلك زيادتان ، يضمن كل واحدة منهما على الانفراد فإذا اجتمعتا ضمنتا.

٣٩٣ ـ مسألة : إذا غصب جارية سمينة قيمتها لفرط سمنها مأة ، فهزلت وحسنت ، فصارت تساوى ألفا (١) ، ولم ينقص من قيمتها شي‌ء ، ما الذي يجب عليه؟

الجواب : الذي يجب عليه ردها الى مالكها على ما هي عليه ، ولا يلزمه غير ذلك ، لأنه لم ينقص منها شي‌ء له قيمة فيضمن ذلك.

٣٩٤ ـ مسألة : إذا غصب جارية قيمتها ألف ، فسمنت فعادت الى مأة ، ثم هزلت فصارت تساوى الألف ، ما الواجب عليه؟

الجواب : الواجب عليه ردها الى مالكها بحالها ، ولا يلزمه غير ذلك ، لأنه لم ينقص منها ما له قيمة فيضمنها ، كما قلناه في المسألة المتقدمة.

٣٩٥ ـ مسألة : إذا غصب مملوكا يساوى مأة ، فخصاه فصار يساوي ألفين ، ما الحكم فيه؟

الجواب : عليه رده الى مالكه ، ويرد معه قيمة الخصيتين ، لأنه ضمان مقدر.

٣٩٦ ـ مسألة : إذا غصب جارية بكرا أو ثيبا ووطأها ، وأتت بولد ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا وطأها وهما جاهلان بالتحريم ، مثل ان يكونا قريبي عهد بالإسلام ، أو لبعدهما عن ديار الإسلام ويعتقدان الملك بالغصب ، فإنه لا حد عليهما لقول النبي (ص) : ادرؤا الحدود بالشبهات (٢) والمهر واجب على الواطى ، لأنه وطأ بشبهة ، فإن كانت بكرا ، كان عليه عشر قيمتها. وان كانت ثيبا ، لم

__________________

(١) وفي نسخة : ألفين.

(٢) عوالي اللئالى ج ٣ ص ٥٤٥ باب الحدود ح ١


يلزمه غير المهر ، وعليه اجرة مثلها من وقت القبض الى وقت الرد ، لأن المنافع تضمن بالغصب ، فاما الولد ، فيلحق نسبه (١) بالواطى ، لأنه أحبلها بوطأ شبهة ، فيكون الولد حرا ، وإذا وضعته كان عليه ما نقصت بالوضع ، لأنها مضمونة باليد الغاصبة ، ولأن سبب النقص منه ، فلزمه ضمان ذلك ، وإذا وضعته ، كانت عليه قيمته ، لأنه كان من حقه ان يكون مملوكا لسيدها ، فإذا حررناه كانت عليه قيمته ووقت التقويم ، يوم يسقط فيه حيا ، لأنه الوقت الذي حال بين السيد وبين التصرف فيه ، لأنه قبل ذلك لم يملك التصرف فيه.

وان وضعته ميتا ، لم يكن عليه ضمان ، لأنه لا يعلم حيا قبل هذا ، ولأنه ما حال بينه وبين سيده في وقت التصرف.

وان كانا عالمين بالتحريم ، كان عليهما الحد ، لأن ذلك منهما زنا ، فان كانت بكرا ، كان عليه عشر قيمتها وهو أرش البكارة ، لأنه أتلف عليه جزءا ، وعليه اجرة مثلها من وقت القبض الى وقت الرد.

وان أكرهها ، كان عليه المهر ، لأن المكرهة لها المهر عندنا ، وان كانت طاوعته ، لم يكن لها مهر ، لأنها زانية ، وان حملت وأتت بولد ، لم يلحق به النسب ، لأنه عاهر ، لقول النبي (ص) : وللعاهر الحجر (٢) ، ولأنها حملت من زنا ، وإذا وضعت الولد ، كان عليه ما نقصت بالولادة ، وان وضعته حيا كان مملوكا مغصوبا في يده مضمونا ، وان كان قائما رده ، وان كان تالفا ، كانت عليه قيمته أكثر مما كانت من وقت قيمته الوضع الى وقت التلف (٣) ، وان وضعته ميتا ، لم تلزمه قيمته.

وان كانت هي عالمة بالتحريم وهو جاهل وأكرهها على ذلك ، الحكم فيه كما لو كانا جاهلين وقد تقدم ذلك ، وان طاوعته فالحكم فيه كالحكم في كونهما جاهلين إلا في الحد وسقوطه عنها ولزوم المهر ، فان كانت جاهلة وهو عالم ، فالحكم فيه كما لو كانا عالمين إلا في سقوط الحد عنها ولزوم المهر.

__________________

(١) وفي نسخة : فيلحق بشبهة بالواطى

(٢) عوالي اللئالى ج ٢ ص ١٣٢ ح ٣٥٩

(٣) وفي نسخة : كانت عليه قيمته أكثر ما كانت قيمته من وقت الوضع الى وقت التلف.


٣٩٧ ـ مسألة : إذا غصب انسان ثوبا ، وشقه نصفين ، وتلف أحدهما ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا فعل الغاصب ذلك ، كان عليه رد ما بقي من الثوب ، وقيمة التالف أكثر ما كانت قيمته الى وقت التلف ، لأنه لو أتلف جميعه ، كانت قيمته عليه أكثر ما كانت قيمته الى وقت التلف ، فان كان الثوب مما لا ينقص بالشق ، كالثياب الغليظة ، رد الباقي وقيمة التالف ، فان كان الثوب مما ينقص بذلك كالديبقى والمسرب وما أشبه ذلك ، كان عليه رد الباقي وقيمة التالف أكثر ما كانت قيمته الى وقت الشق وما ينقص بالشق ، لأن نقصانه بذلك كان بجنايته عليه ، ولذلك يضمن كلا الأمرين.

٣٩٨ ـ مسألة : إذا غصب عصيرا ، فصار خمرا ، ثم عاد بعد ذلك خلا ، ما الذي يلزمه؟

الجواب : الذي يلزمه رد ذلك ، ولا يلزمه غيره ، لأنه عين المال المغصوب.

٣٩٩ ـ مسألة : إذا غصب غيره خفين ، قيمتهما عشرة ، وتلف أحدهما ، فصارت قيمة الباقي ثلاثة ، ما الذي يجب عليه؟

الجواب : الذي يجب على الغاصب رد الخف الباقي الى المالك ، ويرد معه سبعة : منها قيمة التالف خمسة ، ومنها اثنان لنقصان التفرقة.

٤٠٠ ـ مسألة : إذا غصب أرضا لغيره وغرس فيها ، ما الذي يجب عليه من ذلك؟

الجواب : يلزمه نقل ما غرسه في الأرض منها ، وردها الى مالكها فارغة ، لقول النبي (ص) : ليس لعرق ظالم حق (١) ، وتلزمه اجرة مثلها من وقت قبضها الى وقت ردها الى مالكها ، لأن المنافع تضمن بالغصب ، ويلزمه ما ينقص الأرض بقلع ما ابنته فيها ، وتسويتها كما كانت ، لأن ما يفسده منها بذلك انما فسد بجنايته.

__________________

(١) عوالي اللئالى ج ٢ ص ٢٥٧ باب الديون ح ٦.


٤٠١ ـ مسألة : إذا غصب جارية وهلكت في يده ، واختلف هو ومالكها في قيمتها ، وقال سيدها : مأة ، وقال الغاصب : خمسون ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول في ذلك ، قول الغاصب مع يمينه ، لأن الأصل برأيه الذمة ، ولقول النبي (ص) : البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (١) ، والغاصب منكر ، والقول قوله مع يمينه ، وعلى سيدها البينة ، لما ذكرناه.

٤٠٢ ـ مسألة : إذا غصب غيره شيئا واختلفا ، فقال المالك : غصبتنى عبدا أو جارية ، وقال الغاصب : بل غصبتك ثوبا ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول ، قول الغاصب مع يمينه ، لمثل ما قدمناه قبل هذه المسألة ، ولأن الغاصب معترف بما لا يدعيه المدعى ، وهو الثوب ، وهو ينكر ما ادعى عليه به من العبد أو الجارية ، فالقول قوله ، كما ذكرناه ، وعلى المدعى ، البينة على ما يدعيه من العبد أو الجارية.

٤٠٣ ـ مسألة : إذا غصب غيره جارية وهلكت في يده ، واختلف هو ومالكها ، فقال الغاصب : كانت جذماء أو برصاء ، وقال المالك : بل كانت سليمة من العيوب ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول في ذلك ، قول المالك مع يمينه ، لأن الأصل السلامة ، والغاصب مدع الخلاف الظاهر ، فعليه البينة.

٤٠٤ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا اختلفا فيها ، فقال المالك : كانت تقرأ القرآن ، أو كانت صانعة ، وأنكر الغاصب ذلك ، ما الحكم فيه.

الجواب : القول قول الغاصب مع يمينه ، لأن الأصل ، ان لا قراءة ولا صنعة ، وعلى مالكها البينة ، لأنه مدع لذلك.

٤٠٥ ـ مسألة : إذا غصب غيره مالا « بطرابلس الشام » واجتمع به في « مكة » ، هل تجوز له مطالبته به أم لا؟

الجواب : إذا كان هذا المال مما لا مؤنة في نقله ، كالدنانير والدراهم ، فإنه لا مؤنة بمجرى العادة في نقلها ، كانت له مطالبته بالمال ، وان كان مما في

__________________

(١) الوسائل ج ١٨ ص ١٧١ ب ٣ أبواب كيفية الحكم ح ٥


نقله مؤنة ، وله مثل كالحبوب والأدهان ، وكانت القيمتان في البلدين سواء ، كانت له مطالبته بذلك بالنقل ، لأنه لا مضرة عليه في ذلك ، وان كانت القيمتان مختلفتين ، فالحكم فيما له مثل وفيما لا مثل له سواء. فللمغصوب منه اما ان يأخذ من الغاصب « بمكة » قيمته « بطرابلس » واما ان يترك ذلك حتى يستوفيه منه « بطرابلس » من الغاصب ، لأن في النقل مؤنة والقيمة مختلفة ، وليست له ، المطالبة بالفضل.

٤٠٦ ـ مسألة : إذا غصب من غيره ثوبا وزعفرانا ، وصبغ الثوب بذلك الزعفران ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا فعل الغاصب ذلك ، كان المغصوب منه مخيرا ، بين ان يأخذه كذلك ، وبين ان يعتبر فيه التقويم ، وان أراد أخذه على ما هو عليه ، كان له ذلك ، لأنه رضى به ، نقص أو لم ينقص ، فان اعتبر التقويم ، فقوم ، فلم يزد ولم ينقص ، مثل ان تكون قيمة الثوب عشرة ، وقيمة الزعفران عشرة ، وكان الثوب بعد الصبغ يساوى عشرين ، لم يكن للمغصوب منه شي‌ء غير ذلك ، وان نقص فصار ذلك مثلا يساوي خمسة عشر ، فعليه ضمان ما ينقص ، لأنه نقص بفعله.

وان زاد فصارت قيمته ثلاثين ، كانت الزيادة للمالك ، وليس للغاصب منها شي‌ء ، لأنها آثار أفعاله لا أعيان أمواله.

٤٠٧ ـ مسألة : إذا غصب غيره عسلا وشيرجا (١) ، أو سمنا ودقيقا ، وعقد ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : القول في هذه المسألة ، كالقول في المتقدمة لها سواء.

٤٠٨ ـ مسألة : إذا غصب غيره نقرة فضربها دراهم ، أو حنطة فطحنها ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا فعل الغاصب ذلك ، كان عليه رد ذلك الى المالك ، لأنها عين ما له ، ولا يلزمه رد ما نقص.

٤٠٩ ـ مسألة : إذا غصب غيره خشبة ، فنشرها ألواحا ، ما الذي يجب

__________________

(١) الشيرج : معرب شيرة وهو دهن السمسم.


عليه في ذلك؟

الجواب : إذا فعل ذلك ، كان عليه رد الألواح إلى المالك ، لأنها عين ماله ، وان نقصت قيمة الخشب بذلك ، كان عليه أرش النقص ، وان لم ينقص لم يكن عليه شي‌ء ، وإذا زادت القيمة كانت للمالك.

٤١٠ ـ مسألة : إذا غصب من غيره شاة ، وأمر غيره بذبحها ، فذبحها ، هل له مطالبة الأمر بها ، أو الذبح ، أو بهما جميعا؟

الجواب : ان شاء مالك الشاة أخذها مذبوحة ، كان له ذلك (١) ، وله ما بين قيمتها حية ومذبوحة ، ويطالب بذلك من شاء منهما ، وان طالب الغاصب ، كان له ذلك ، لأنه سبب الذبح ، وان طالب الذابح ، كان ذلك أيضا له ، لأنه باشر الذبح بنفسه ، وان طالب الغاصب ، لم يكن له رجوع على الذابح بشي‌ء ، لأن الذابح انما ذبحها له ، وان طالب الذابح ، كانت للذابح مطالبة الغاصب بذلك ، لأنه ناب في ذلك عنه ، وكانت يده يد نيابة عنه في ذلك.

٤١١ ـ مسألة : إذا غصب غيره طعاما ، واطعمه غيره ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا كان الأكل له مالكه ، وهو عالم به ، برأت ذمة الغاصب منه ، وان كان الأكل له غير مالكه ، كان للمالك ان يضمن من شاء منهما ، وان ضمن الغاصب ، كان له ذلك ، لأنه حال بينه وبين ماله ، وان طالب الأكل ، كان له ذلك ، لأنه أكل مال غيره بغير حق ، ولأنه أيضا قبضه من يد ضامنة.

٤١٢ ـ مسألة : إذا غصب غيره حطبا ، وقال له المغصوب منه : اسجر به التنور (٢) ، واخبز الخبز به ، هل يزول الضمان عن الغاصب له أم لا؟

الجواب : ضمان ذلك لازم له ، ولا يزول الضمان عنه بلا خلاف.

٤١٣ ـ مسألة : إذا فتح انسان مراح الغنم (٣) فخرجت منه ودخلت زرعا فأفسدته ، هل ضمان الزرع على الذي فتح المراح ، أو على مالك الغنم؟

الجواب : ضمان ذلك على فاتح المراح بلا خلاف.

__________________

(١) وفي نسخة : ان شاء مالك الشاة أخذها مذبوحة ، أخذها وكان له ذلك.

(٢) اسجر التنور : اوقده.

(٣) المراح بالضم : مأوى الغنم والبقر والإبل ، من الراحة.


٤١٤ ـ مسألة : إذا حل راوية ، أو رأس زق (١) فانهرق ما فيه ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الذي في الراوية أو في الزق مائعا كالدهن والخل وما أشبه ذلك ، وكان خروجه بحله ، مثل ان يكون قد القى على الأرض ، وليس يمسكه غير الشد ، وكان عليه الضمان بغير خلاف ، لأنه خرج بفعله ، وان جرى بعد الحل بسبب كان منه ، مثل ان يكون مشتدا (٢) معتدلا ، فلما حل جرى بعضه ، فخف هذا الجانب وثقل جانب الأخر ، فوقع واندفق ، أو نزل ما جرى إلى تحته ، فلانت الأرض (٣) ، ومال الزق فوقع ، فاندفق ما فيه ، كان عليه الضمان أيضا ، لأنه بسببه.

وان اندفق بعد حله بفعل ، حدث ، مثل ان يكون مشتدا فحله ، فبقي كذلك محلولا على ما كان عليه ، وحدث ما حركه ، من زلزلة أو ريح ، فوقع فاندفق ، فان السبب يسقط حكمه ، لأنه قد حصلت مباشرة وسبب غير ملج (٤) ، فسقط حكم ذلك بغير خلاف.

وان كان ما فيه جامدا ، كالعسل والسمن والدقيق ، وكان الزق أو الراوية على صفة ، لو كان ما فيه مائعا لم يخرج وبقي بحاله ، فذاب ما فيه واندفق بسبب آخر ، لم يكن عليه ضمان ، وان كان على صفة لو كان ما فيه مائعا خرج ثم ذاب بحرارة الشمس ، وخرج ، كان عليه الضمان ، لأن خروجه بسبب كان منه ، لأنه حل الزق أو الراوية ، ولم تحدث بعد الحل مباشرة من غيره ، وانما ذاب بحرارة الشمس ، وإذا لم يحدث فعل بعد حله ، كان خروجه بسبب فعله.

٤١٥ ـ مسألة : إذا أدخلت شاة رأسها في قدر باقلائي ، ولم يمكن إخراجه منه ، هل يقطع رأسها أم لا؟

الجواب : إذا كانت يد صاحب هذه الشاة عليها ، ذبحت ولم يكسر القدر ،

__________________

(١) الراوية : هي المزادة من جلد فيها الماء وكذا الزق ، مع تفاوت بينهما.

(٢) في بعض النسخ : مستندا وكذا فيما يأتي.

(٣) لأن : ضد غلظ

(٤) مخفف ملجئ ، والسبب الملجئ ما يترتب عليه المسبب لا محالة.


لأن التفريط في ذلك من صاحبها ، ويجرى ذلك مجرى مباشرته هو لإدخال رأسها في القدر في انه يجب ما ذكرناه ، لأن التفريط منه. وان لم تكن يده عليها ، وكان الباقلائى مفرطا ، مثل ان وضع القدر في الطريق ، فان القدر يكسر ، ولا ضمان على صاحب الشاة في كسره ، لأن التفريط من جهته.

وان لم يكن واحد منهما مفرطا ، مثل ان تكون الشاة سائرة لنفسها في الطريق ، وقد ترك الباقلائى القدر في ملكه ، ومرت الشاة بالقدر ، فأدخلت رأسها فيه ، فان القدر ليكسر ، والضمان على صاحب الشاة ، لأنه كسر لاستصلاح ما له (١).

٤١٦ ـ مسألة : إذا كان للإنسان فصيل ، فدخل دارا ، وبقي فيها حتى كبر ، وصار لا يمكن خروجه من باب هذه الدار الا بهدمه ، ما الحكم فيه؟

الجواب : ان كان التفريط في ذلك من صاحب الدار مثل ان غصبه ، وادخله داره ، وبقي فيها حتى صار كبيرا ، وجب هدم الباب وإخراجه (٢) ، وكان ضمان الهدم على صاحب الدار ، لأن التفريط من جهته. وان كان التفريط من صاحب الفصيل ، مثل ان يكون هو ادخله فيها ، فضمان هدم الباب عليه ، لأن التفريط منه ، ولأن هدم الباب لمصلحة ملكه.

وان لم يكن واحد منهما مفرطا ، كان الضمان في هدم الباب على صاحب الفصيل ، لأن هدمه يكون لمصلحة ملكه.

٤١٧ ـ مسألة : إذا حصل في محبرة (٣) أسنان دينار لغيره ، ولم يمكن إخراجه إلا بكسرها ، ما الحكم فيه؟

الجواب : جواب هذه المسألة ، كالجواب عما تقدمها ، في التفريط وغيره سواء.

٤١٨ ـ مسألة : إذا دخل سارق حرزا ، فذبح به شاة ، قيمتها دينار (٤) ،

__________________

(١) وفي نسخة : شاته.

(٢) وفي نسخة : لإخراجه.

(٣) المحبرة : موضع الحبر الذي يكتب به.

(٤) وفي نسخة : دراهم.


فلما ذبحها صارت تساوى درهمين ، ثم أخرجها ، ما حكمه في القطع وغيره؟

الجواب : إذا أخرجها وهي تساوى درهمين ، لم يكن عليه قطع ، لأن القطع ، انما يجب بإخراج نصاب ، أو قيمة ذلك ، وهذا أخرج (١) ما قيمته أقل من النصاب ، فلا قطع عليه ، واما الباقي ففي ذمته ، ولا تقطع أيضا بما يكون في ذمته.

٤١٩ ـ مسألة : إذا غصب فحلا من الضأن ، فأنزاه (٢) على شاة لنفسه ، ما الحكم في الولد ، وفي نقص الفحل ان لحقه نقص بذلك ، وهل يستحق على ذلك أجرة أم لا؟

الجواب : إذا فعل الغاصب ذلك ، كان الولد لصاحب الشاة ، لأن الولد يتبع الأم ، فأما نقص الفحل ان لحقه نقص من الضراب ، فضمان ذلك على الغاصب ، لأنه حدث بتعديته ، فاما الأجرة ، فساقطة ، لأن النبي (ص) نهى عن كسب الفحل (٣).

٤٢٠ ـ مسألة : إذا غصب شاة ، فأنزى عليها فحلا لنفسه ، وأتت بولد ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا فعل ذلك ، كان الولد لصاحب الشاة ، على ما قلناه قبل هذه المسألة. وان كان الفحل قد لحقه بالضراب نقص ، لم يكن على مالك الشاة من ذلك شي‌ء ، لأنه حدث بتعدي نفسه (٤) ، وما كان كذلك فلا يصح ان يرجع به على غيره.

٤٢١ ـ مسألة : إذا ادعى انسان دارا في يد غيره ، فاعترف ذلك الغير له بدار مبهمة ولم يعينها ، ومات قبل ان يعينها ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا ادعى ذلك ، واعترف له المدعى عليه بدار مبهمة ، ومات قبل ان يعينها ، قيل لوارثه : بيان أنت الدار ، فإذا امتنع ولم يبين ، قيل للمدعى :

__________________

(١) وفي نسخة : إخراج ما

(٢) نزى الفحل على الأنثى : وثب عليها وركبها.

(٣) الوسائل ج ١٢ ص ٧٧ ـ ب ١٢ ـ أبواب ما يكتسب به ح ٣ : نهى رسول الله (ص) عن عسيب الفحل.

(٤) وفي نسخة : بتعدية صاحبه.


بين أنت الدار ، فان عين دارا ، وقال : هذه هي التي ادعيتها ، وهي التي أقر لي بها المتوفى. سئل الوارث عن ذلك ، فان صدقه ، سلمت الدار اليه ، وان لم يصدقه ، كان القول قول الوارث مع يمينه ، فإذا حلف سقط تعيين المدعى في الدار التي عينها ، وقيل للوارث : إن أنت بينت الدار التي أقر بها أبوك ، والا حبست حتى يتبين ذلك.

٤٢٢ ـ مسألة : إذا غصب غيره مملوكا ، ثم أعاد إلى مالكه وهو أعور ، واختلفا ، فقال مالك العبد : أصيبت عينه عندك. وقال الغاصب. بل عندك. وكان العبد حيا ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا كذلك ، كان القول قول الغاصب مع يمينه ، لأنه غارم ، وان كان ميتا وقد دفن ، كان القول قول سيده مع يمينه انه لم يكن أعور. والفرق بين الوجهين ، انه إذا مات ودفن ، الأصل السلامة ، حتى يعرف عيب ، وكان القول قول سيده مع يمينه ، وليس كذلك إذا كان حيا ، لأن العور حاصل مشاهد ، والظاهر انه لم يزل (١) حتى يعرف حدوثه عند الغاصب.

٤٢٣ ـ مسألة : إذا غصب غيره مملوكا ومات المملوك ، ثم اختلفا ، فقال الغاصب : رددته حيا ومات في يدك. وقال سيده للغاصب : بل مات في يدك. واقام كل واحد منهما بينة ، وتقابلت البينتان ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا تقابلت البينتان سقطتا وبقيتا على الأصل وهو بقاء المملوك عنده حتى يعلم انه رده الى مالكه.

٤٢٤ ـ مسألة : إذا غصب غيره عبدا قيمته ألف ، فزاد في يده ، فصار يساوي ألفين ، ثم قتله انسان آخر ، وهو في يد الغاصب ، هل لسيد العبد الرجوع بالألفين ـ اللذين هما قيمة العبد ـ على الغاصب ، أو على القاتل ، أو عليهما ، أو لا يرجع على احد منهما؟

الجواب : للسيد الرجوع بقيمة العبد على من شاء منهما ، فان رجع على الغاصب ، رجع الغاصب على القاتل ، لأن الضمان استقر عليه أيضا.

__________________

(١) لعل معناه : لم يزل موجودا قبل الغصب.


٤٢٥ ـ مسألة : إذا غصب غيره عبدا أمرد ، فنبتت لحيته ، فنقص ثمنه ، أو كان رجلا شابا فابيضت لحيته ، أو جارية ناهدا (١) فسقطت ثدياها ، هل عليه ضمان ما نقص من ذلك أم لا؟

الجواب : عليه ضمان ذلك ، لأن نقصان حصل في يده ، وأيضا فإن بالتزام ذلك تبرأ ذمته بيقين ، فالاحتياط يقتضي إلزامه ذلك.

٤٢٦ ـ مسألة : إذا غصب لثلاثة رجال ثلاثة أجناس : عسل وشيرج ودقيق ، وطبخ الجميع خبيصا (٢) ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا فعل ذلك ، وجب ان يقوم كل واحد من هذه الأجناس ، ويباع ويدفع ثمنه الى صاحبه ، فإن أراد الكل ذلك ، أخذ كل واحد منهم من هذا الخبيص بقيمة ماله.

__________________

(١) نهدت الجارية : ارتفع وكعب ثدياها.

(٢) الخبيص : الطعام المعروف.


باب مسائل تتعلق بالشفعة :

٤٢٧ ـ مسألة : إذا كانت الشفعة (١) قد وجبت للشفيع ، ولم يعلم بها حتى تقايلا ، هل للشفيع إبطال الإقالة ، ورد المبيع إلى المشتري ، وأخذ ذلك بالشفعة أم لا؟

الجواب : للشفيع ذلك لأن حق الشفعة ، ثبت على وجه لا يملك المتعاقدان إسقاطه.

٤٢٨ ـ مسألة : إذا باع احد الشريكين شقصا له (٢) بشرط الخيار ، وعلم الشفيع بذلك ، ثم باع نصيبه بعد العلم بما ذكرناه ، هل تبطل شفعته أم لا؟

الجواب : إذا كان كذلك ، فشفعة المذكورة تسقط ها هنا ، لأنه انما استحقها بالملك ، وإذا كان الملك الذي استحقها به قد زال بعد العلم بالبيع المذكور ، لم تكن له شفعة.

٤٢٩ ـ مسألة : إذا ادعى البائع البيع ، وأنكر المشتري وحلف ، هل تثبت للشفيع شفعة أم لا؟

الجواب : الشفعة ثابتة ها هنا ، وللشفيع أخذها من البائع ، لأن البائع معترف بحقين : الواحد منهما عليه ، وهو حق الشفعة ، والأخر على المشتري ، فلا يقبل قوله على المشتري ، لأنه الحق له. وقبلنا قوله للشفيع ، لأنه حق عليه.

__________________

(١) وفي نسخة : السلعة.

(٢) الشقص : النصيب في العين المشتركة من كل شي‌ء. مجمع البحرين.


٤٣٠ ـ مسألة : إذا كان الشفيع وكيلا في البيع للبائع ، ووكيلا في الشراء للمشترى ، هل تسقط شفعته لذلك أم لا؟

الجواب : لا تسقط شفعته لكونه وكيلا في ذلك ، لأنه لا مانع من وكالته لهما ، ولا دليل في الشرع يدل على سقوط حقه من الشفعة بذلك.

٤٣١ ـ مسألة : إذا اشترى شقصا فيه عيب ولم يعلم به ، وقبضه الشفيع منه بالشفعة ، وهو عالم بالعيب ، هل للمشترى رده على البائع بالعيب ، أو مطالبته بالأرش أم لا؟

الجواب : ليس للمشتري شي‌ء من ذلك ، بعد قبض الشفيع للشقص بالشفعة ، لأنه قد خرج عن ملكه ، وليس للشفيع الرد ، لأنه دخل على العلم بالعيب.

٤٣٢ ـ مسألة : إذا اشترى شقصا ، وقبض منه بالشفعة ، فظهر بعد ذلك ، ان الدنانير التي دفعها المشتري الى البائع ثمنا للشقص ، ليست للمشترى ، بل هي لغيره ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر في هذه المسألة ، فليس يخلو الشراء من ان يكون بثمن معين ، أو بثمن في الذمة ، فإن كان بثمن معين ، مثل ان يقول المشتري للبائع : بعني بهذه الدنانير ، فالشراء لا يصح ، لأن الأثمان عندنا كالثياب في أنها تعين بالعقد ، وإذا كان الشراء لا يصح ، بطلت الشفعة ، لأن الشفيع انما يملك من المشتري ما يملك بعد صحة العقد ولم يملك ها هنا شيئا ، لأن البيع لم يصح.

وان كان الشراء بثمن في ذمة المشتري ، فهو والشفعة صحيحان ماضيان ، ويأخذ المستحق الثمن ، ويطالب البائع المشتري بالثمن ، لأن الثمن في ذمته ، فإذا دفع اليه ما لا يملكه ، لم تبرأ ذمته ، وكان البائع يطالبه بالثمن.

٤٣٣ ـ مسألة : إذا أسقط البائع عن المشتري بعض الثمن ، وانحط ذلك عنه ، هل ينحط عن الشفيع أم لا؟


الجواب : إذا أسقط البائع عن المشتري ذلك (١) ، لا يخلو من ان يكون قبل لزوم العقد ، أو بعده ، فان كان قبل لزومه ، مثل ان حطه عنه في مدة خيار المجلس أو الشرط ، كان ذلك حطا من حق المشتري والشفيع ، لأن الشفيع يأخذ الشقص (٢) بالثمن الذي استقر عليه العقد ، وهذا هو الذي استقر العقد عليه.

وان كان هذا الحط ، بعد انقضاء مدة الخيار ولزوم العقد وثبوته ، لم يلحق بالعقد ويكون هبة مجددة من البائع للمشترى ، ولا فرق في ذلك ، بين حط بعض الثمن أو جميعه ، ولا ينحط من الشفيع.

٤٣٤ ـ مسألة : إذا اختلف شريكان في دار ، ويدهما عليها ، فقال الواحد منهما للآخر : ملكي فيها قديم ، وأنت مبتاع لما في يدك الآن منها ، وأنا استحقه عليك بالشفعة ، وأنكر الأخر ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أنكر هذا الخصم ما ادعى عليه به ، كان القول ، قوله مع يمينه ، ولا يستحلف الا على انه لا يستحق ذلك عليه بالشفعة ، ولا يستحلف على انه ما ابتاعه ، لأنه يمكن ان يكون اشتراه ، فقد استطعت الشفعة بعد ذلك بعقد أو غير عقد ، فلا يجب ان يستحلف الا على ما ذكرناه.

ولو أجاب ، بأن قال : ما اشتريته ، لم يحلف الا على ما قدمناه ، ولا يحلف على انه ما اشتراه (٣).

٤٣٥ ـ مسألة : إذا قبض الشفيع الشقص بألف ، وثبتت للبائع بينة بان المشتري اشتراه منه بألفين. وقبضها منه ، هل للمشترى الرجوع على الشفيع بالألف الأخر ، أم لا؟

الجواب : ليس للمشترى الرجوع على الشفيع بشي‌ء ، لأنه اما ان يقول : اننى اشتريتها بألف والأمر على ما قلت ، أو يقول : نسيت اننى ابتعتها بألفين. فإن قال بالأول ، لم يكن له الرجوع عليه ، لأنه يقول : البائع ظلمني بألف ، ولا ارجع بذلك على الغير. وان قال : ما اشتريت إلا بألفين الا اننى نسيت ، فأخبرت بأني

__________________

(١) وفي نسخة : إسقاط البائع.

(٢) وفي نسخة : يأخذ من حق الشقص.

(٣) وفي نسخة : ولا يحلف الا على ما اشتراه.


اشتريت بألف ، لم يقبل ذلك منه ، لأنه يدعى على غيره ، كما إذا أقر بألفين ، ثم قال : ما كان له على الا ألف وانما نسيت فقلت : ألفين ، لم يقبل قوله على المقر له ، لأنه يريد إسقاط حق غيره بهذا القول ، فلا يقبل منه ذلك.

٤٣٦ ـ مسألة : إذا كانت الدار لاثنين ، ويد كل واحد منهما على نصفها ، فادعى انسان آخر على أحدهما بما هو في يده ، وقال : النصف الذي في يدك ، لي فصالحت عليه بألف ، هل تجب الشفعة للآخر أم لا؟

الجواب : لا تثبت عندنا ها ها شفعة ، لأن الصلح ، عندنا ليس ببيع ، ومن يقول : انه بيع يجيز ذلك (١) ، ولا غرض لنا في ذكر مذهب المخالف.

٤٣٧ ـ مسألة : إذا اشترى انسان شقصا ، ووجد به عيبا وارد رده على البائع ، هل للشفيع منعه من ذلك ، أم لا؟

الجواب : إذا كان كذلك ، فللشفيع منع المشتري من الرد بالعيب ، لأن حق الشفيع أسبق ، لأنه وجب بالعقد ، وحق الرد بالعيب بعده ، لأنه وجب في وقت العلم بالعيب ، فان لم يعلم الشفيع بذلك حتى رده المشتري بالعيب ، كان له ابطال الرد ، والمنع من الفسخ ، لأنه تصرف فيما فيه إبطال الشفعة ، كما قدمناه ، وإذا تقايلا ، ثم علم بالعيب ، ان له إبطال الإقالة ، فرده الى المشتري.

٤٣٨ ـ مسألة : إذا كانت الدار بين شريكين ، فقال الشفيع للمشترى : اشتر نصيب شريكي ، فقد نزلت عن الشفعة وتركتها لك. ثم اشترى المشتري ذلك على هذا الشرط ، هل تسقط شفعة الشفيع بذلك أم لا؟

الجواب : لا تسقط شفعة الشفيع بذلك ، وله المطالبة بها ، لأنه انما يستحق الشفعة بعد العقد ، فإذا عفا قبل ذلك لم يصح ، لأنه يكون قد عفا عما لم يجب له ، ولا يملكه ، فلا يسقط حقه حين وجوبه بذلك.

٤٣٩ ـ مسألة : الدار إذا كان نصفها طلقا ، ونصفها وقفا ، فباع مالك الطلق ذلك ، هل لأهل الوقف ، الشفعة في ذلك أم لا؟

الجواب : ليست لأهل الوقف في هذا المبيع شفعة بلا خلاف.

__________________

(١) نسبه في الجواهر الى الشيخ لاحظ جواهر الكلام ج ٢٦ ص ٢١٢.


٤٤٠ ـ مسألة : إذا كان ثمن الشقص خمسين ، فاشتراه بمأة ، ثم اعطى البائع بدل المأة ما قيمته خمسون ، وباعه إياه بمأة ، هل تثبت للشفيع بذلك شفعة أم لا؟

الجواب : لا تثبت ها هنا للشفيع شفعة ، لأنه انما يأخذ بثمن الشقص لا ببدل منه (١).

٤٤١ ـ مسألة : إذا كان الثمن جزافا مشارا اليه ، وحلف المشتري انه لا يعلم مبلغه ، هل تصح الشفعة بذلك أم لا؟

الجواب : لا تثبت الشفعة ها هنا ، لأن الثمن شي‌ء لا يعلم مبلغه ، وليس يمكن أخذ الشفعة بشي‌ء مجهول.

٤٤٢ ـ مسألة : إذا اشترى انسان من غيره شقصا ، من أرض أو دار بمملوك ، وقبض الشقص ، ولم يسلم المملوك [ هل للشفيع أن يأخذه منه بقيمة أو بغير قيمة ] (٢) كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان للشفيع الأخذ بقيمة المملوك ، فان قبضه ثم هلك المملوك في يده ، بطل البيع ، ولم تبطل الشفعة في الشقص ، ولزمت البائع قيمة الشقص وقت قبضه ، ووجبت على الشفيع قيمة المملوك في الوقت الذي كان فيه بيعه ، لأن ثمن الشقص إذا لم يكن له مثل ، وجبت القيمة فيه في وقت البيع.

__________________

(١) وفي نسخة : لا ببدل ثمنه.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.


باب مسائل تتعلق بالمضاربة :

٤٤٣ ـ مسألة : إذا دفع إنسان إلى حائك (١) غزلا ، فقال له : انسج ثوبا أو إزارا على ان يكون الفضل بيننا ، هل يكون ذلك مضاربة صحيحة أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك مضاربة صحيحة ، لأن المضاربة لا تكون إلا بالأثمان التي هي الدنانير والدراهم ، ويختلط المالان. وانما قلنا هذا ، لأنه لا خلاف في ان ما ذكرناه مضاربة صحيحة ، وليس كذلك ما يخالفه ، وإذا دفع هذا الإنسان إلى الحائك ما تضمنت هذه المسألة ذكره ، كانت له اجرة مثله على ما عمله ، ويكون الثوب أو الإزار لصاحب الغزل ، لأنه عين ماله.

٤٤٤ ـ مسألة : إذا دفع الى غيره ثوبا ، وقال له : بعه ، فإذا قبضت ثمنه ، فقد قارضتك عليه ، هل يكون قراضا صحيحا أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك قراضا صحيحا ، لأنه بمال مجهول ، وانما قلنا ذلك ، لأنه لا يعرف كم قيمته في وقت العقد.

٤٤٥ ـ مسألة : إذا دفع « زيد » الى « عمرو » ألفين منفردين ، فقال : أحدهما قراض على ان يكون الربح من هذا الألف لي ، وربح الأخر لك ، هل يكون ذلك قراضا صحيحا أم لا؟

الجواب : هذا قراض غير صحيح ، لأن من حق القراض الصحيح ، ان

__________________

(١) من الحياكة وهي النسج.


يكون ربح كل جزء من المال بينهما ، وليس هذا كذلك.

٤٤٦ ـ مسألة : إذا خلط ألفين وقال : ما رزق الله من فضل ، كان لي ربح الألف ، ولك ربح الألف ، فهل يكون ذلك ، صحيحا أم لا؟

الجواب : هذا صحيح ، لأنه يكون قد شرط له نصف الربح ، لأن الألف الذي شرط ربحه غير متميز ، وانما يبطل ، لو كان متميزا ، وليس كذلك.

٤٤٧ ـ مسألة : إذا قارض العامل غيره ، باذن صاحب المال ، وشرط هذا العامل على العامل الثاني ، ان يكون الربح بينهم أثلاثا : ثلث له ، ولصاحب المال الثلث ، وللعامل الثاني الثلث ، هل يصح هذا الشرط أم لا؟

الجواب : إذا اذن صاحب المال للعامل ان يقارض غيره ، كان ذلك جائزا ، ويكون وكيلا له في عقد ذلك مع العامل الثاني ، ولا يكون له في الربح شي‌ء ، بل يكون لصاحب المال وللعامل الثاني ، فاما إذا اشترط الشرط المذكور في المسألة ، لم يصح ، وكان ذلك قراضا فاسدا ، لأن العامل الأول ، شرط لنفسه من الربح قسطا بغير زيادة مال ولا عمل ، والربح في القراض ، لا يستحق الا بمال أو عمل ، وليس للعامل الأول واحد منهما ، فيصير جميع الربح بصاحب المال ، وللعامل الثاني أجرة مثله ، لأنه عمل في قراض فاسد ، ولا يكون للعامل الأول شي‌ء ، لأنه لا عمل له في ذلك.

٤٤٨ ـ مسألة : إذا دفع الى غيره مالا ، وقال له : خذ هذا قراضا على ان ما يرزق الله تعالى من ربح ، كان لك منه ما يشترطه « زيد » لعامله ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا يصح إذا كان هذان المتقارضان يعلمان مبلغ ما شرطه « زيد » لعامله ، فاما إذا كان لا يعلمان ذلك ، فهو فاسد ، لأنه لا يصح حتى يكون نصيب كل واحد منهما من الربح معلوما عندهما.

٤٤٩ ـ مسألة : إذا قال له : خذ هذا المال قراضا ، على ان يكون لك من الربح ثلث منه وثلثا ما بقي ، والباقي لي ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا صحيح ، لأن صاحب المال ، إذا شرط ما ذكرناه ، كان قد


شرط للعامل سبعة اتساع الربح ، وشرط لنفسه تسعين ، لأن أقل ماله ثلث وثلثا ما بقي من غير كسر ، تسعة ، فيكون للعامل الثلث منها ، وهو ثلاثة ، وتبقى ستة ، له أيضا ثلثاها : أربعة ، فتصير سبعة ويبقى تسعان لصاحب المال.

٤٥٠ ـ مسألة : إذا دفع إليه ألفا للقراض بالنصف ، فقال العامل : ربحت ألفا ، ثم ادعى بعد هذا انه غلط ، أو خسر ، أو تلف المال ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا اعترف بالربح ، لزمه ما أقربه من ذلك ، ولم يقبل رجوعه ، لأنه إذا اعترف بربح ، فقد اعترف بخمس مأة للغير ، وحق الآدمي إذا ثبت بالإقرار ، فلا يسقط بالرجوع ، كسائر الإقرارات ، فأما قوله : خسرت أو تلف المال ، فإنه إذا ادعى ذلك ، كان القول قوله مع يمينه ، بالرجوع ، لأنه بادعائه ذلك لم يكذب نفسه ، ولا يرجع في إقرار أقر به ، وانما أخبر بتلف الأمانة في يده ، وكان القول قوله ، كما قدمناه.

٤٥١ ـ مسألة : إذا ابتاع العامل ـ مسلما كان أو ذميا ـ بالقراض خمرا أو خنزيرا ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح هذا الابتياع من العامل ، مسلما كان أو ذميا ، لأنه ابتاع بالمال ما ليس بمال ، كما لو ابتاع الدم أو الميتة ، أو غير ذلك من المحرمات.

٤٥٢ ـ مسألة : المسألة المتقدمة بعينها ، إذا كان الابتياع المذكور باطلا ، وانقد العامل الثمن ، هل يكون عليه ضمان ذلك أم لا؟

الجواب : إذا انقد العامل ثمن ذلك ، كان ضامنا له ، لأن ابتياعه باطل ، فلا يجوز له دفع الثمن بغير حق ، وإذا فعل ذلك ، كان متعديا ولزمه الضمان ، كما قدمناه.

٤٥٣ ـ مسألة : إذا دفع إليه ألفا للقراض ، وقال له : الربح في هذا المال بيننا ، هل يصح ذلك أو لا يصح؟ لأن قوله : الربح بيننا ، مجهول.

الجواب : هذا صحيح ، ولا يكون ذلك مجهولا ، لأنه إذا قال له : الربح بيننا ، فقد تساويا في إضافة الربح إليهما ، وذلك يفيد انه نصفان ، لكل واحد منهما


النصف ، ويجرى هذا مجرى قوله إذا قال : الدار الفلانية بينى وبين « زيد » في انه يفيد ان لكل واحد منهما النصف منها.

٤٥٤ ـ مسألة : إذا أحضر صاحب المال مأة دينار ومأة درهم ، أو ألف درهم ومأة ثوب. وقال لغيره : خذ أيهما شئت قراضا بالنصف ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأنه ليس فيه تعيين لرأس المال ، وتعيين ذلك ، شرط في صحة القراض ، وهذا يجري في الفساد ، مجرى قوله في البيع إذا قال : بعتك هذا المملوك ، أو ما يجرى مجراه ، بأحد هذين الجنسين.

٤٥٥ ـ مسألة : إذا ابتاع العامل ابنه أو أباه بمال القراض ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا ابتاع العامل ابنه أو أباه بمال القراض ، انعتق منه بمقدار نصيبه من الربح ، ان كان للمال ربح ، واستسعى المعتق بالباقي منه لصاحب المال ، وينفسخ القراض. هذا ان كان العامل معسرا ، فان كان موسرا قوم عليه الباقي لصاحب المال ، فان لم يكن للمال ربح ، لم يصح ابتياعه ، وعلى هذا إجماع الطائفة.


باب مسائل تتعلق بالمساقاة :

٤٥٦ ـ مسألة : إذا ساقى انسان غيره بالنصف ، واشترط عمل صاحب المال مع المساقى ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذه المساقاة عندنا باطلة ، لأنها موضوعة على ان المال من صاحب المال ، ومن العامل العمل ، فإذا شرط العامل على صاحب المال العمل معه ، كان ذلك باطلا.

٤٥٧ ـ مسألة : إذا ساقى غيره مساقاة صحيحة ، ثم هرب العامل ، هل تبطل المساقاة أم لا؟

الجواب : إذا هرب هذا العامل ، لم تبطل المساقاة ، لأنها عقد لازم ، وكلما كان عقدا لازما كالإجارات والبيوع كلها ، فإنها لا تبطل بالهرب.

٤٥٨ ـ مسألة : إذا ساقاه على انه ان سقى بماء السماء ، أو بسيج (١) ، كان له الثلث ، وان سقى بالقرب والنواضح (٢) كان له النصف ، هل تصح هذه المساقاة أم لا؟

الجواب : هذه المساقاة باطلة ، لأن هذا العمل مجهول. غير معين ، وأيضا فإن نصيبه من الثمرة سهم غير معين ، لأنه ما قطع عليه ، والثمرة ها هنا ، كلها لمالك النخل ، وللعامل اجرة مثله ، لأنه لم يسلم له ما شرط له.

__________________

(١) السيح : الماء الجاري. مجمع البحرين.

(٢) الناضح : البعير أو الثور أو الحمار الذي يستقى عليه الماء. وجمعه النواضح لسان العرب.


٤٥٩ ـ مسألة : إذا ساقاه على ودى وهو صغار النخل على انه إذا كبر وحمل ، كان له نصفها ونصف الثمرة ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذه المساقاة باطلة ، لأن موضوع المساقاة على اشتراك صاحب المال والعامل في الفائدة ، لا على ان يشتركا في الأصول ، فإذا شرط الاشتراك في الأصول ، بطل ذلك.

٤٦٠ ـ مسألة : إذا كان صاحب المال اثنين ، والعامل واحد ، ثم اختلفوا وقت القسمة ، فقال العامل : شرطتما لي النصف ، فصدقه الواحد ، وأنكر الأخر ذلك وقال له : بل الثلث. ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفوا على الوجه المذكور ، كان للعامل من نصيب الذي صدقه النصف (١) ، فان كان المصدق له عدلا ، وشهد له بذلك ، قبلت شهادته في ذلك. وكان عليه مع الشاهد اليمين ، ويحكم له بذلك. وان لم يشهد له بذلك ، أو لم يكن عدلا ، كانت على العامل البينة ، وعلى المالك الذي خالفه اليمين.

٤٦١ ـ مسألة : إذا كان المالك اثنين والعامل واحد ، وشرط العامل النصف من نصيب الواحد منهما ، والثلث من نصيب الأخر ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا يصح إذا كان العامل عالما بقدر نصيب كل واحد منهما ، وإذا لم يكن عالما بذلك لم يصح ، لأن علمه بما ذكرناه شرط في صحة هذا العقد.

٤٦٢ ـ مسألة : إذا اختلف المالك والعامل ، فقال المالك : شرطت لك الثلث ، وقال العامل : بل النصف ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلف المالك والعامل ، على الوجه المذكور في المسألة ، كان القول ، قول المالك مع يمينه ، وعلى العامل البينة ، لأن الثمرة كلها لمالك النخل ، لأنها نماء أصله ، وانما يثبت للعامل في هذه الثمرة شي‌ء بالشرط ، فإذا ادعى شرطا ، كانت عليه إقامة البينة فيما ادعاه ، فان عدم ذلك ، كان على

__________________

(١) وفي نسخة : كان للعامل من نصيب المصدق له النصف.


المالك اليمين.

٤٦٣ ـ مسألة : المسألة بعينها إذا اختلفا على ما تقدم ذكره ، واقام كل واحد منهما البينة على ما يدعيه ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا قامت البينة لكل واحد منهما فيما يدعيه ، كانت بينة العامل هي المتقدمة على بينة المالك ، لأن العامل هو المدعى ، فبينته يجب ان تقدم ، لقول النبي (ص) : البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (١) ، والمالك هو المدعى عليه ، فعليه اليمين.

__________________

(١) الوسائل ج ١٨ ص ١٧١ ب ٣ من أبواب كيفية الحكم ح ٢ و ٦.


باب مسائل تتعلق بالإجارات وضمان الأجير :

٤٦٤ ـ مسألة : إذا قال الإنسان لغيره : أستأجرك اليوم لتخيط ثوبي هذا ، هل تكون هذه الإجارة صحيحة أم لا؟

الجواب : هذه الإجارة غير صحيحة ، لأنه ربما خاط قبل مضى النهار ، فيبقى بعض المدة بلا عمل ، وربما لا يتم ذلك العمل بيوم ، ويحتاج إلى مدة أخرى ، ولا يصح العمل بلا مدة ، وهذا باطل بلا خلاف.

٤٦٥ ـ مسألة : إذا استأجره على ان يقلع له ضرسا ، ثم بدا له في ذلك ، هل تصح هذه الإجارة أم لا؟ وما الحكم في ذلك؟

الجواب : الاستيجار في ذلك جائز ، لأنه لا مانع منه ، فإذا استأجره في قلع ضرسه ثم بدا له ، فالقول فيه ، ان كان الألم باقيا ، فالإجارة باقية ، ولا سبيل له الى فسخها. وينبغي ان يقال له : قد استأجرته على استيفاء منفعة ، وأنت متمكن منها ، فاما ان تستوفى منه ذلك ، والا كانت الأجرة عليك ، وإذا مضت مدة لا يمكنه فيها قلع ذلك. وكان الألم قد زال ، فإنه قد تعذر استيفاء المنفعة من جهة الله سبحانه ، لأنه لو أراد قلع ذلك لم يجز ، والشرع يمنع من قلع السن الصحيح ، وإذا كان كذلك ، فقد انفسخت الإجارة.

٤٦٦ ـ مسألة : إذا استأجر إنسان غيره في تحصيل خياطة خمسة أيام بعد شهر ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن العمل يختلف بحسب اختلاف العامل ، في


نهضته وبطشه ، وبلادته ، وتقصيره فإذا قدر المدة من غير ان تكون المدة معينة ، كان في ذلك تفاوت شديدة ولم يصح ذلك كما ذكرناه.

٤٦٧ ـ مسألة : إذا غصب الإنسان الدابة المستأجرة ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الغاصب لها هو المكترى ، وهي في يد المكري ، كان المكترى ، كالقابض للمعقود عليه ، وان كان الغاصب لها ، هو المكري ، وهي في يد المكتري فأمسكها حتى انقضت المدة ، كان كالمتلف للمعقود عليه ، وانفسخ العقد ، وان كان الغاصب لها غيرهما ، كان المكترى بالخيار بين فسخ العقد ، والرجوع على المكري ، وبين ان لا يفسخه ، ويرجع على الغاصب بأجرة المثل. وقد ذكر في ذلك وجه آخر (١) ، وهو ان العقد ينفسخ ويرجع على المكري بالمسمى ، والأول أقوى.

٤٦٨ ـ مسألة : إذا استأجر مملوكا ، فأبق ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أبق هذا المملوك ، ثبت الخيار ، ولم يبطل العقد ، لأنه يرجع برجوعه ، فان فسخ العقد ، كان ذلك له ، وان لم يفسخه وعاد المملوك قبل انقضاء المدة ، ينفسخ العقد فيما مضى من وقت الإباق ، ولم ينفسخ فيما بقي ، وان كانت المدة قد انقضت قبل رجوع المملوك ، فقد انفسخ العقد فيما فات من المنافع من وقت إباقه إلى وقت انقضائها.

٤٦٩ ـ مسألة : إذا استأجر جملا لحمل محمل ، ثم اختلف هو والمكري : فقال له صاحب الجمل : وسع قيد المحمل المقدم ، وضيق قيده المؤخر ، حتى ينحط مقدمه ، ويرتفع مؤخره ، لأنه أخف على جملي. وقال الراكب : بل وسع أنت قيده المؤخر ، وضيق قيده المقدم فان ذلك أسهل لي ، وأخف على نفسي ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على الوجه المذكور ، لم يلتفت الى قول واحد منهما ، وجعل القيد ان متساويين ، فلا يكون المحمل مكبوبا ، ولا مستلقيا الى الخلف ،

__________________

(١) لاحظ المبسوط ج ٣ ص ٢٣٢.


لأنه إذا جعل كذلك ، لم تثبت المضرة التي أرادها كل واحد منهما من الأخر.

٤٧٠ ـ مسألة : إذا استأجر بهيمة من غيره ، فاختلفا : فقال المستأجر : أسير نهارا لأنه أصون للمتاع ، وقال الموجر : بل تسير ليلا ، لأنه أخف على بهيمتى ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على الوجه المذكور ، وكان قد استقر بينهما شرط في السير ، اما في الليل أو النهار ، وجب حمله على الشرط الذي استقر بينهما ، وان لم يكن بينهما شرط في ذلك ، وكانا قد أطلقا ذلك ، نظر فيه ، فان كان السير في تلك المسافة عادة في الليل أو النهار ، كان الإطلاق عائدا الى ذلك ، وان لم تكن في ذلك عادة ، كان العقد فاسدا ، ويجري في ذلك مجرى من أطلق الثمن ، وكانت النقود مختلفة.

٤٧١ ـ مسألة : إذا أخرج انسان روشنا (١) الى الطريق من داره ، وهلك به شي‌ء ، أو تلف ، هل فيه ضمان أم لا؟

الجواب : إذا هلك شي‌ء أو تلف ، بما ذكر في المسألة ، كان على من اخرج ذلك ، ضمان ما يهلك أو يتلف بغير خلاف في ذلك.

٤٧٢ ـ مسألة : إذا ضرب الرائض (٢) دابة ، فهلكت من الضرب ، هل عليه ضمانها أم لا؟

الجواب : إذا كان ضرب هذا الرائض الدابة المذكورة ، بخلاف عادة الرواض في ضرب البهائم التي يروضونها ـ فان لهم في ذلك عادة يروضونها في الركوب والحمل عليها لا تطاوع الا (٣) بها ـ فعليه الضمان ، لأنه متعد في ذلك. وان كان ضربه لها لا عن خارج العادة التي ذكرناها ، فلا ضمان عليه.

٤٧٣ ـ مسألة : إذا ضرب المؤدب ، الصبي للتأديب ، فمات ، ما الحكم في ذلك؟

__________________

(١) الروشن : الكوة. لسان العرب.

(٢) رضت الدابة رياضا : ذللتها فالفاعل الرائض. المصباح المنير.

(٣) وفي نسخة : فإن لهم في ذلك عادة لا تطاوع في الركوب والحمل الا بها.


الجواب : إذا ضرب المؤدب ، الصبي للتأديب الضرب المعتاد بعودة (١) فهلك الصبي ، كانت عليه الدية في ماله مغلظة والكفارة ، لأن ذلك ، قتل شبيه العمد. وفي أصحابنا من قال : ان الدية على عاقلته ، والأول هو الأظهر والأقوى.

٤٧٤ ـ مسألة : إذا كانت لإنسان صبرتان من الطعام ، الواحدة منها مشاهدة ، والأخرى غير مشاهدة ، فقال لغيره : استأجرتك لتحمل هذه الصبرة [ كل قفيز ] منه بدرهم ، فما زاد على الصبرة (٢) فبحساب ذلك ، هل يصح هذا العقد أم لا؟

الجواب : إذا استأجر على الوجه المذكور في المسألة ، كان العقد ماضيا في الصبرة المشاهدة دون الأخرى التي ليست مشاهدة ، لأن شرط صحة العقد قد حصل في الواحدة منهما ، وهي المشاهدة لها ، ولم يحصل في الأخرى ، فصح في تلك المشاهدة ، وبطل في الغائبة.

٤٧٥ ـ مسألة : إذا استأجر من غيره قميصا ليلبسه ، فاتزر به ، هل عليه فيه ضمان أم لا؟

الجواب : إذا استأجر القميص ليلبسه فاتزر به ، كان عليه الضمان ، لأن الاتزار أشد وأبلغ في بلاه وتخريقه من لبسه ولم يشترط الاتزار به.

٤٧٦ ـ مسألة : إذا استأجر دابة ليركبها ، أو ليحمل عليها مسافة معينة من « طرابلس » ، مثل ان تكون المسافة إلى ناحية « مصر » فسافر بها الى جانب « حلب » هل يصح عليه ضمانها أم لا؟

الجواب : إذا فعل ذلك كان عليه ضمان الدابة ، لأنه قد تعدى ما وقع الشرط عليه ، وقد قيل (٣) : ان المسافتين إن كانتا متساويتين في السهولة والحزونة لم يكن عليه ضمان ، والأول أصح.

٤٧٧ ـ مسألة : إذا استأجر غيره لينقل ميتة ، على ان يكون جلودها له ،

__________________

(١) العود من الخشب ـ مجمع البحرين ـ والعودان : منبر النبي (ص) وعصاه ـ لسان العرب.

(٢) هكذا في النسخة الرضوية من دون ما بين المعقوفتين وفي المبسوط ج ٣ ص ٢٤٥ : « كل قفيز منها بدرهم » ولكن في المطبوع من النسخة هكذا : لتحمل هذه الصبرة وما حملت فبحساب ذلك. والظاهر سقوطه من الأصل.

(٣) هو قول أصحاب الشافعي ـ لاحظ المغني لابن قدامة ج ٥ ص ٣٩٥.


هل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن جلود الميتة لا يجوز بيعها بغير خلاف.

٤٧٨ ـ مسألة : إذا حبس انسان غيره ، حرا كان المحبوس أو مملوكا ، فسرقت ثيابه ، هل عليه ضمان ذلك أم لا؟

الجواب : عليه ضمان ذلك ، لأن الحبس سبب السرقة ، وإذا كان كذلك ، كان عليه الضمان ، كما ذكرناه.

٤٧٩ ـ مسألة : إذا قال بخياط : ان خطت لي هذا الثوب اليوم فلك درهمان ، وان خطته في غد ، كان لك درهم ، هل يصح هذا العقد أم لا؟

الجواب : هذا العقد صحيح ، لقول النبي (ص) : المؤمنون (١) عند شروطهم (٢) ، ولأن الأصل جواز ذلك ، والمنع منه يفتقر فيه الى دليل شرعي ، ولا دليل في الشرع عليه.

٤٨٠ ـ مسألة : إذا استأجر راعيا ليرعى له غنما معينة ، وهلكت ، أو هلك بعضها ، هل ينفسخ العقد بذلك أم لا؟ وان لم ينفسخ العقد ، هل له إبدالها بغيرها أم لا؟

الجواب : إذا هلكت الغنم كلها ، انفسخ العقد ولم يكن له إبدالها ، لأن العقد وقع على ما هو معين وهو الهالك ، فان هلك بعضها ، انفسخ العقد في الهالك وبقي فيما لم يهلك منها ولم يبدل الهالك بغيره ، لمثل ما قدمناه ، من ان العقد وقع على معين ، واختص به ، ولم يشرط فيه بدل ولا غيره.

٤٨١ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا أنتجت هذه الغنم ، هل يجب على الراعي رعى نتاجها أم لا؟

الجواب : لا يجب على الراعي رعى نتاجها أيضا ، لمثل ما قدمناه أيضا ، من ان العقد قد وقع على غنم بأعيانها ، واختص بها دون غيرها ، ونتاجها غيرها ، فلا يلزمه ذلك.

__________________

(١) وفي نسخة : المسلمون. عوالي اللئالى ج ٢ ص ٢٥٨ ـ والوسائل ج ١٢ ص ٣٥٣ ب ٦ من أبواب الخيار ح ١ و ٢ و ٥

(٢) الوسائل ج ١٥ ـ ص ٣٠ ـ ب ٢٠ ـ أبواب المهور ح. ٤


٤٨٢ ـ مسألة : إذا استأجره ليرعى له غنما ، وأطلق ، ثم هلكت أو [ هلك ] بعضها ، أو نتجت ، هل له ان يبدل ما هلك منها أم لا؟ وهل يجب على الراعي رعى ما نتجته أم لا؟

الجواب : إذا استأجره كذلك ، وأطلق ولم يعين ، كان على الراعي أن يرعى له ما جرت العادة بأن يرعاه الواحد ، فان كانت العادة مأة ، كان كذلك ، وان كانت أقل أو أكثر كان ذلك ، وان هلكت أو هلك شي‌ء منها ، كان لصاحبها إبدالها ، فان نتجت كان على الراعي رعى نتاجها معها ، لأن العادة جارية بان لا يفصل في الرعي بين السخال وأمهاتها.

٤٨٣ ـ مسألة : إذا استأجر كحالا ليداوي عينه ، هل يجب الدواء عليه أم على الكحال؟

الجواب : إذا استأجر كحالا لذلك ، كان الدواء على المستأجر ، فإن شرط على الكحال ذلك ، كان صحيحا ، لأن العادة به جارية ، وقد ذكر ان ذلك لا يجوز مع الشرط (١) ، والأول أصح.

٤٨٤ ـ مسألة : إذا استأجر إنسان من غيره « حماما » ، هل يجوز لصاحب « الحمام » ان يشرط على المستأجر النفقة على ما يتشعث (٢) منه أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأنه متى شرط عليه هذه النفقة كان قد شرط عليه نفقة مجهولة ، وهذا لا يصح.

٤٨٥ ـ مسألة : المسألة بعينها ، ان اتفق ان يفعلا ذلك ، ثم اختلفا في مقدار النفقة ، ما يكون الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا في ذلك ، كان القول ، قول المستأجر مع يمينه ، لأنه أمين.

٤٨٦ ـ مسألة : إذا استأجر انسان دارا ، هل يجب عليه تنظيف الخلاء إذا امتلأ ، والبالوعة إذا انسدت ، أو على مالك الدار؟

__________________

(١) لاحظ المغني لابن قدامة ج ٥ ص ٤٤٣ كتاب الإجارة.

(٢) تشعث : حدث فيه خلل راجع لسان العرب.


الجواب : إذا استأجر الدار وكان الخلأ مملوا والبالوعة مسدودة ، كان تنظيف ذلك وإصلاحه على المالك ، وان كان الخلأ امتلأ وانسدت البالوعة بعد استيجار المستأجر لها ، كان عليه تنظيف ذلك وإزالته ، لأنه حصل بسبب من جهته ، لا من جهة غيره.

٤٨٧ ـ مسألة : إذا استأجر دارا فانهدمت ، أو انهدم بعضها ، أو احترقت ، أو احترق بعضها ، هل يلزم المالك بنائها أو إصلاح ما فسد منها أم لا؟

الجواب : إذا حدث في الدار شي‌ء مما ذكر ، لم يجبر مالكها على إصلاحه أو بنائه ، بل يكون حينئذ الخيار للمستأجر في فسخ الإجارة أو إمضائها ، لأن عقد الإجارة تناول عين الدار المستأجرة ، فإذا بطلت لم يجز ان يطالب المالك ببدلها.


باب مسائل تتعلق بالوقف والصدقة والهبة وما يلحق بذلك :

٤٨٨ ـ مسألة : إذا وقف غلاما وشرط ان تكون نفقته من كسبه ، أو في شي‌ء آخر وأطلق ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : إذا شرط ذلك كان صحيحا ، وتكون نفقة الغلام في كسبه أو في غيره حسب ما يشترطه ، وان أطلق كانت في كسبه ، لأن الغرض بالوقف انتفاع الموقوف عليه ، وانما يمكنه ذلك ببقاء عين الوقف ، وعينه انما تبقى بالنفقة ، فيصير كأنه قد شرطها في كسبه.

٤٨٩ ـ مسألة : إذا كان المملوك وقفا ، وجنى ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا جنى هذا المملوك جناية ، وكانت جنايته جناية عمد يوجب القصاص ، أو خطأ يوجب المال. فان كانت جناية عمد ، وجب عليه القصاص ، وان كانت قتلا ، قتل به وبطل الوقف فيه ، وان كانت قطعا قطع ، وبقي الباقي وقفا كما كان ، وان كانت جناية خطاء توجب المال ، كان المال غير متعلق برقبته ، لأنه انما تعلق برقبة من يباع فيه ، فاما من لا يباع ، فالأرش لا يتعلق بها ، ويكون المال على بيت المال وقد قيل غير ذلك ، وهذا أقوى.

٤٩٠ ـ مسألة : إذا كانت المملوكة وقفا ، هل يجوز تزويجها أم لا؟ وان كان جائزا فما الذي يفعل بمهرها؟

الجواب : تزويج هذه المملوكة جائز ، لأنه عقد معاوضة على منفعتها ، وهو يجرى مجرى إعارتها ، واما مهرها فهو للذي هي وقف عليه ، لأن ذلك من كسبها ،


وكسبها للموقوف عليه.

٤٩١ ـ مسألة : إذا قال : تصدقت بكذا ، هل يفيد ذلك ، الوقف أم لا؟

الجواب : لا يفيد ذلك الوقف ، لأنه يحتمل صدقة التمليك المطوع بها ، كما يحتمل صدقة الوقف ، ويحتمل أيضا الصدقة المفروضة ، فإذا اقترن بقرينة تدل على الوقف صح ذلك ، والقرينة أن يقول : وقفت ، وهذا صريح في الوقف ، أو يقول : حبست أو تصدقت صدقة موقوفة أو محبسة أو مسبلة أو مؤبدة أو محرمة ، أو يقول : صدقة لا تباع ولا تورث ولا توهب ، فمع هذه الألفاظ كلها تنصرف الى الوقف.

٤٩٢ ـ مسألة : إذا وقف المسلم وقفا على كنيسة أو بيعة (١) هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا الوقف لا يجوز بغير خلاف ، لأن هذه المواضع مدارس الكفر ، وسب الأنبياء (ع) والمسلمين والوقف عليهما وقف على معصية ، وذلك لا يجوز.

٤٩٣ ـ مسألة : إذا وقف وقفا ، وشرط ان يبيعه الواقف متى أراد ، هل يصح الوقوف أم لا؟

الجواب : لا يصح هذا الوقف ، لأنه خلاف مقتضاه ، لأن الوقف لا يباع ، وهذا قد شرط بيعه ، وذلك لا يجوز.

٤٩٤ ـ مسألة : إذا وهب انسان شيئا لغيره ، ومات الواهب قبل قبضه ، هل تبطل الهبة أم لا؟

الجواب : لا يبطل هذا العقد بموت الواهب قبل قبضه ، كالبيع في انه لا يبطل في مدة الخيار.

٤٩٥ ـ مسألة : إذا قال لغيره في العمرى : هذه الدار لك عمرك ولعقبك ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا صحيح ، لقول النبي (ص) : أيما رجل أعمر عمري له ولعقبه فإنها هي للذي يعطاها ، لا ترجع إلى الذي أعطاها ، فإنه أعطى عطاء

__________________

(١) وهي : معبد النصارى. والجمع : بيع في قوله تعالى « لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ » الحج : ٤٠.


وقعت فيه المواريث (١).

٤٩٦ ـ مسألة : إذا أطلق أيضا في العمرى ولم يذكر العقب ، فقال : هذه الدار لك عمرك ، فإذا مت ، رجعت الى ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : إذا أعمر ذلك ، كان صحيحا ، وتكون الدار للمعمر حياته ، فإذا مات عادت الى المعمر أو الى ورثته ان كان قد مات. وقد قال بعض الناس (٢) ، بخلاف ذلك ، والصحيح ما ذهبنا إليه ، لأن العمل بين الطائفة به ، وعليه الحجة.

__________________

(١) سنن ابى داود ج ٣ ص ٢٩٤ كتاب البيوع ح ٣٥٥٣ وعوالي اللئالى ج ٣ ص ٢٦٣ باب الوقف ح ١٥.

(٢) وهو الشافعي حيث اختار في أحد قوليه البطلان ـ لاحظ كتاب الخلاف ج ٢ ص ٢٣٥.


باب مسائل تتعلق باللقطة :

٤٩٧ ـ مسألة : إذا أخذ لقطة ، هل يجب عليه الضمان أم لا؟

الجواب : عليه ضمان ذلك ، لأنه أخذ مال الغير بغير حق.

٤٩٨ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا أخذها ولزمه الضمان ، ثم نسيها ، هل يزول عنه الضمان أم لا؟

الجواب : لا يزول عنه الضمان بذلك ، لأن ذمته قد اشتغلت به ، ويحتاج في زواله الى دليل ، ولا دليل عليه ، وأيضا فهو يجرى مجرى إذا سرق من غيره شيئا ، ثم ألقاه في منزله ، في انه لا ينفك عنه ضمانه ، نسيه أو لم ينسه.

٤٩٩ ـ مسألة : إذا وجد انسان لقطة ، ثم أخذها ، ثم ضاعت منه ، ثم وجدها آخر فأخذها ، هل يكون الأول أولى بها ، أم الثاني؟

الجواب : الأول أولى بها من الثاني ، لأن الأول لما أخذها استحق التعريف باليد ، والثاني أخذها بغير استحقاق.

٥٠٠ ـ مسألة : إذا وجد انسان لقطة ، وحضر آخر فوصفها ، هل يجب على الملتقط تسليمها إليه أم لا؟

الجواب : لا يجب على الملتقط تسليمها اليه الا ببينة : شاهدين أو شاهد ويمين. واما مع خلاف ذلك ، فلا يجب عليه التسليم ، ويجوز تسليمها عند الوصف لها ، إذا قام في قلبه ان الواصف لها صادق الا ان ذلك ، لا يجب عليه ، ولا يلزمه ، من حيث ان وجوب ذلك عليه ، ولزومه له انما يكون مع البينة ، وانما


قلنا : انه لا يجب عليه تسليمها إلا ببينة ، لأنه لا دليل يدل على وجوب ذلك عليه ولزومه له بغير البينة.

٥٠١ ـ مسألة : إذا سلم اللقطة الى من يدعيها بالبينة ، وحضر آخر وادعاها ، واقام بذلك البينة ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان يقرع بينهما ، فمن خرج اسمه أخذها ، لأن على ذلك ، العمل بين الطائفة ، وفيها الحجة كما قدمناه.

٥٠٢ ـ مسألة : انسان (١) ضاع له عبد بـ « الشام » فوجده « بمصر » وحضر سيده عند قاضي « مكة » فقال له : ضاع لي عبد من صفته كذا ، وحاله كذا ، وذكر صفته ، واقام بذلك شاهدين يشهدان بأنه ضاع منه عبد ، هذه صفته ، ولم يعلم انه زال عن ملكه إلى الآن ، فلما ثبتت له هذه البينة عند قاضي « مكة » ، سأله ان يكتب له كتابا بذلك ، إلى قاضي « مصر » ، يعرفه فيه بما ثبت عنده ، فكتب له بذلك كتابا حكميا ، وأوصل الكتاب إلى قاضي « مصر » ، هل يجوز تسليم العبد اليه بهذا الكتاب أم لا؟

الجواب : لا يجوز تسليم العبد اليه بذلك ، لأن الصفة قد تتفق وتشتبه ، وتطابق أيضا الصفة الصفة ، فيجوز ان يكون ذلك عبدا آخر ، ووافقت صفته لصفة هذا الأخر ، فإذا حضر الشاهدان اللذان شهدا « بمكة » عند قاضى « مصر » ، وحضر العبد فشهدا بان قالا : نشهد بان هذا العبد لهذا الرجل ، فيجب تسليمه إليه ، لأن الشاهدين شهدا على عين ، وشهادتهما في الأول على صفة ، والصفة قد ذكرنا ما فيها.

٥٠٣ ـ مسألة : هل يجوز لمن ضاع (٢) له متاع أو شي‌ء من الضوال ان يجعل لمن جاء به جعلا أم لا؟

الجواب : هذا جائز لقول الله تعالى : « وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ » (٣).

__________________

(١) وفي نسخة : إذا ضاع له.

(٢) وفي نسخة : هل يجوز له ان ضاع له متاع.

(٣) يوسف : ٧٢


٥٠٤ ـ مسألة : إذا أبق عبد لإنسان ، فأحضره له انسان آخر ، واختلفا ، وقال الذي جاء به : شارطتني على جعل ، وانا استحقه عليك ، وقال الأخر : لم أشارطك على جعل. ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا كذلك ، كان القول ، قول صاحبه مع يمينه ، لأن الذي أحضر يدعى احداث شرط ، والأصل ان لا شرط ، وعليه في ذلك البينة ، والا كان القول قول الأخر مع ما قدمناه.

٥٠٥ ـ مسألة : إذا كان لإنسان مملوكان آبقان ، فقال لغيره : ان جئتني بمملوكى الفلاني كان لك على كذا. فجاء بأحد المملوكين ، واختلفا ، فقال المالك : لم أشارطك على هذا ، وانما شارطتك على الأخر. وقال الذي جاء به :

ما شارطتني الا على هذا دون ذلك ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا كذلك ، كان القول ، قول المالك مع يمينه ، لأن الأصل ان لا شرط ، كما قدمناه في المسألة المتقدمة على هذه.

٥٠٦ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا اختلفا ، فقال المالك : شرطت لك نصف دينار ، وقال الذي جاء بالمملوك : بل شرطت لي دينارا ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا في القدر المشروط على ما ذكر في المسألة ، كان للذي جاء بالمملوك ، اجرة المثل ، مع يمين المالك ، لأنه المدعى عليه.

٥٠٧ ـ مسألة : إذا قال انسان : من جاء بمملوكى الآبق فله دينار ، فمن قولكم : انه ان جاء به واحد فله الدينار ، وان جاء به اثنان فلهما الدينار ، وان جاء به الثلاثة فلهم الدينار ، فما القول فيه إذا قال : من دخل دارى فله دينار ، وقد دخلها واحد أو أكثر ، وهل يجرى ذلك مجرى ما تقدم في الدينار المجهول لمن احضر الآبق أم لا؟

الجواب : انما قوله في المملوك الآبق بما ذكر ، وان عندنا ان الدينار يكون لمن جاء به ، سواء كان الذي يجي‌ء به واحدا أو أكثر ، وهو صحيح. واما قوله في الدار بما ذكره ، انه يلزمه لكل واحد دخل الدار دينار ، بخلاف الرد في المملوك.


والفرق بين المسألتين ، ان مسألة الدار علق الاستحقاق فيها بالدخول ، والدخول قد وجد من كل واحد منهم ، وها هنا علق الأجرة بالرد وانما يرده جميعهم فاستحق جميعهم الأجرة ، لأن السبب المطلوب ، والغرض المقصود ، حصل من جميعهم لا من كل واحد منهم على الانفراد ، وليس مثل ذلك في مسألة الدار ، لأن السبب المطلوب والغرض المقصود ، حصل من كل واحد منهم على الانفراد ، فبان الفرق بين ما ذكرناه.

٥٠٨ ـ مسألة : إذا قال لغيره : ان جئتني بمملوكى الآبق ، فلك عشرة دراهم ، وقال للآخر : ان جئتني به فلك عشرون درهما ، وقال للآخر : ان جئتني به فلك ثلاثون درهما ، فوجده الثلاثة في دفعة واحدة ، وجاؤا به في دفعة واحدة ، هل يجب لكل واحد منهم عليه ما سماه له أم لا؟

الجواب : إذا جاؤا به في دفعة واحدة على الوجه المذكور ، كان لكل واحد منهم ثلث ما سماه له ، لأنه عمل له ثلث العمل ،

فيكون لمن سمى له عشرة ثلاثة وثلث ، ولمن سمى له عشرين ، ستة وثلثان ، ولمن سمى له ثلاثين عشرة ، لأنهم جاؤا به في دفعة واحدة ، على ما ذكرناه في المسألة المتقدمة ، وانما كان كل واحد منهم يستحق الأخذ بما سمى له لو جاء به كل واحد منهم على الانفراد.

٥٠٩ ـ مسألة : إذا قال : من أحصر مملوكي الآبق ، كانت له دابة أو قميص ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا لا يصح ، لأنه مجهول ، فإن أحضره كانت له اجرة المثل ، لأن هذا العقد فاسد.

٥١٠ ـ مسألة : إذا قال لغيره : ان أحضرت مملوكي الآبق ، كان لك على قميص ، وقال لآخر : ان احضرته كان لك عشرون درهما ، [ وقال لآخر : ان احضرته كان لك عشرة دراهم ، ] (١) فأحضره جميعهم في دفعة واحدة ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر في المسألة ، كان لمن سمى له قميصا

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية ، وهو الصواب.


ثلث اجرة مثله ، لأن المسمى له مجهول ، ولكل واحد من الآخرين ثلث ما سمى له ، على ما قدمناه في المسألة المتقدمة ، لأنهم جاؤا به في دفعة واحدة ، ولأنه عمل ثلث العمل.

٥١١ ـ مسألة : إذا قال لغيره : إذا أحضرت مملوكي الآبق ، كان لك على دينار : فأحضره هو وغيره ، هل يستحق الدينار الذي سمى له ، أو يشاركه الأخر فيه ، أو لا يستحق الذي سمى له شيئا؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر في المسألة ، كان للذي سمى له الدينار نصف دينار ، لأن غيره أحضره معه في دفعة واحدة ، ولأنه عمل نصف العمل ، واما الأخر فلا يستحق شيئا ، لأنه تطوع بذلك ، فان طلب شيئا ، كان له نصف اجرة المثل.

٥١٢ ـ مسألة : إذا وجد اثنان لقيطا واختلفا في أخذه ، وتشاحا عليه ، كيف الحكم بينهما؟

الجواب : إذا تشاحا في ذلك ، أقرع بينهما فيه ، فمن خرج اسمه ، دفع إليه ، لأن القرعة تستعمل عندنا في كل أمر مشكل ، ولا فرق في هذين الاثنين بين ان يكونا رجلين ، أو امرأتين ، أو رجلا وامرأة ، وان كانا غير متساويين (١) مع كونهما مسلمين مقيمين ، دفع الى الأفضل منهما ، وان كان أحدهما كافرا ، والأخر مسلما ، وكان اللقيط أبواه كافرين. سلم الى الكافر ، وان كان أحد أبويه مسلما أسلم إلى المسلم ، فان كان أحدهما مقيما والأخر يريد السفر ، سلم الى المقيم ، اللهم الا ان يكون هذا المسافر يريد السفر به الى موضع له فيه حلة (٢) مرتبة أو أهل أو مصلحة تزيد على مصلحته مع المقيم ، فإنه يسلم إليه.

٥١٣ ـ مسألة : إذا جنى اللقيط على غيره جناية وكان مسلما ، صغيرا أو كبيرا جناية خطأ ، ما الذي يحكم به في ذلك؟ (٣)

__________________

(١) اى وان كان المتشاحان غير متساويين في الحرية والعبودية كأن كان أحدهما حرا والآخر عبدا.

(٢) الحلة : جماعة بيوت الناس والمنزل ـ لاحظ لسان العرب ـ

(٣) وفي نسخة : كيف الحكم في الدية؟


الجواب : إذا جنى على غيره وكان مسلما ، صغيرا أو كبيرا ، جناية خطأ ، كانت الدية على عاقلته ، وهي بيت المال ، لأنه لا عاقلة له سواه ، ولأن نفقته في بيت المال ، ولأنه لو كان له مال ومات ، لكان لبيت المال ، وأيضا فإنه لا خلاف فيما ذكرناه. وان كانت الجناية عمدا وكان صغيرا فعمدة وخطاؤه سواء فالدية في بيت المال ، وان كان كبيرا فالذي جنى عليه مخير بين ان يعفو منه أو يقتص منه.


باب مسائل تتعلق بالوصايا :

٥١٤ ـ مسألة : إذا كانت لإنسان بنت واحدة ، فقال : أوصيت « لزيد » بمثل نصيب بنتي ، ما الذي يجب « لزيد »؟

الجواب : إذا اوصى بذلك ، كان « لزيد » النصف عندنا إن اجازه الوارث ، وان لم يجز ذلك ، كان له الثلث ، لأن المال كله للبنت لو انفردت.

٥١٥ ـ مسألة : إذا كان له ابنان ، فقال : أوصيت « لزيد » بمثل نصيب أحد ابني ، ما الذي يجب له؟

الجواب : إذا اوصى على ما ذكر ، كان للموصى له الثلث ، ويكون المال بينهم أثلاثا ، لأن الموصى له مضاف الى الابنين. (١)

٥١٦ ـ مسألة : إذا كانت له تسعة بنين ، فقال : أوصيت « لزيد » بمثل نصيب أحد بنى ، كم يكون للموصى له؟

الجواب : يكون للموصى له العشر ، لأن البنين مع الموصى له عشرة ، فيكون لكل واحد منهم العشر.

٥١٧ ـ مسألة : انسان ترك ابنة وبنت ابنة واوصى بأن قال : أوصيت « لزيد » مثل نصيب ولدي ، ما الذي يجب له؟

الجواب : إذا اوصى كذلك ، وكان المال كله عندنا للبنت ، النصف بالتسمية والباقي بالرد ، كان له مثل نصيبها ، فصار لها النصف ، وللموصى له

__________________

(١) وفي نسخة : إلى الاثنين.


النصف ، فإن أجازت البنت الوصية أخذه ، وان لم تجزها كان له الثلث ، لأن الوصية بأكثر من الثلث لا تجوز الا بان تجيزها الورثة.

٥١٨ ـ مسألة : انسان ترك بنتا وبنت ابن واربع زوجات ، وقال : أوصيت « لزيد » بمثل نصيب أقل وراثى ، ما الذي يجب للموصى له؟

الجواب : للموصى له سهم مما نذكره ، هذه المسألة تصح من اثنين وثلاثين ، للزوجات الثمن من ذلك : أربعة ، لكل واحدة منهم سهم ، وللموصى له سهم ، لأن أقل نصيبه هنا نصيب الزوجة ، وهو ربع الثمن : سهم واحد ، وبقيت سبعة وعشرون للبنت ، ولا شي‌ء لبنت الابن ، لأنها محجوبة بولد الصلب.

٥١٩ ـ مسألة : إذا كان له ابن فقال : أوصيت « لزيد » بنصيب ابني ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا لا يصح ، لأن قوله : نصيب ابني ، كأنه قال : ما يستحق ابني ، وما يستحقه ابنه لا يصح ان يستحقه غيره.

٥٢٠ ـ مسألة : إذا كان لإنسان مملوك لا مال له سواه ، فأعتقه في مرضه الذي مات فيه ، ما حكمه؟

الجواب : الحكم فيه ان الورثة ان أجازت عتقه مضى ، وان لم تجزه بطل العتق في ثلثيه وصح في الثلث الباقي ، ويكون الولاء في الثلث للمعتق ، وينتقل الى عصبته.

٥٢١ ـ مسألة : إذا اوصى لوارث بثلث ماله ، واوصى لأجنبي بثلث آخر من ماله ، ثم قال : ان أجازت الورثة ذلك ، فهو لكما ، وان لم تجزه فنصيب الوارث لهذا الأجنبي ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أجازت الورثة ، الوصية للوارث والأجنبي ، كان ذلك لهما ، وان لم تجيزوها ، كان للأجنبي الثلث ، لأنه قد جعل الثلث له مطلق ، وجعل نصيب الأخر ثلثه.


٥٢٢ ـ مسألة : إذا اوصى انسان بحمل (١) امرأة فقال : ان كان الذي في بطنها ذكرا فله ديناران ، وان كان أنثى فلها دينار ، فولدت ولدين : أحدهما ذكر ، والأخر أنثى ، هل يكون لهما ما وصى به أم لا؟

الجواب : إذا وصى بما ذكر في المسألة ، فولدت المرأة ذكرا ، كان له ديناران ، وان أتت بأنثى كان لها دينار ، وان أتت بذكر وأنثى ، لم يكن لهما شي‌ء من ذلك ، لأنه لما قال : ان كان الذي في بطنها كذا أراد كلما في بطنها ذكرا ، وكلما في بطنها أنثى ، فإذا كان كلما في بطنها ذكرا وأنثى ، كان بخلاف ما أراد وشرطه ، لأنه لم يكن كلما في بطنها أنثى [ أو ذكرا ] (٢) فوجب فيه ما ذكرناه. (٣).

٥٢٣ ـ مسألة : المسألة بعينها إذا وصى بحمل هذه المرأة فقال : ان كان في بطنها ذكر فله ديناران ، وان كان في بطنها أنثى فلها دينار ، فأتت بذكر وأنثى ، هل يجب لهما ذلك أم لا؟

الجواب : إذا وصى لها بذلك ، وأتت المرأة بذكر وأنثى ، كان لهما كلما وصى به ، من الدينارين للذكر والدينار للأنثى ، لأنه قال : ان كان في بطنها ذكر ، كان له كذا ، وان كان أنثى ، فلها كذا ، وقد كان ذكر وأنثى ، فوجب لهما ذلك ، والفرق بين هذه المسألة والمسألة المتقدمة ، ان في تلك حيث قال : ان كان الذي في بطنها ذكرا ، أراد كلما في بطنها ، على ما ذكرناه هناك ، وفي هذه المسألة أراد ان كان ذكرا ، فله كذا ، وأنثى فلها كذا ، وقد كان ذلك ، فبان ما ذكرناه.

٥٢٤ ـ مسألة : إذا اوصى فقال : « لزيد » شطر مالي ، ما الذي يجب له؟

الجواب : ان اوصى بذلك ، كان للموصى له نصف المال ، لأن لهذه اللفظة في العرف ، معنيين : أحدهما النصف ، والأخر الجهة ، قال الله تبارك

__________________

(١) وفي نسخة : لحمل امرأة.

(٢) الإضافة منا ولا توجد في الأصول التي عندنا وكتبناها لتستقيم العبارة.

(٣) وفي نسخة : يوجب مثل ما ذكرناه.


وتعالى : « فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ » (١) ، والجهة في الوصية لا يصح ان تراد ، فلم يبق الا النصف كما ذكرناه.

٥٢٥ ـ مسألة : إذا اوصى فقال : « لزيد » من ماله بشي‌ء ، أو بجزء ، أو بسهم ، أو ببعض ، ولم يعين ما سمى ، ما الذي يجب للموصى له؟

الجواب : الذي يقتضيه الظاهر ، انه متى أخرج الوصي للموصى له اى قدر كان ، فقد أنجز الوصية ، لأن ذلك القدر المخرج ، يتناوله في اللغة العربية والعرف الشرعي ، اسم شي‌ء وجزء وسهم وبعض. لكن قد روى أصحابنا روايات (٢) بأنه ان اوصى بشي‌ء من ماله ولم يعين ، كان ذلك السدس لقوله سبحانه « وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ » الآية (٣) فخلق الله تعالى الإنسان من ستة أشياء ، فالشي‌ء واحد من ستة ، وإذا اوصى بجزء من ماله ، كان ذلك السبع ، لقوله سبحانه « لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ » (٤) ، وإذا اوصى بسهم من ماله ، كان الثمن لقوله تعالى « إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ » (٥) حتى ذكر أصناف الثمانية ، فمن عمل بذلك ، لم يكن به بأس.

٥٢٦ ـ مسألة : إذا اوصى فقال لهم : اعطو « زيدا » شاة من غنمي ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : ان لم يكن لهذا الموصى غنم ، كانت هذه الوصية باطلة ، لأنه علقها بصفة ليست حاصلة ، وإذا كانت له غنم دفع اليه منها شاة.

٥٢٧ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا اوصى فقال : أعطوه شاة من مالي ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اوصى بذلك ، وكانت له ماشية ، دفع اليه منها شاة ، وان

__________________

(١) البقرة : ١٤٤.

(٢) الوسائل ج ١٣ ص ٤٤٣ ـ ٤٥٠ ب ٥٤ و ٥٥ و ٥٦ من أبواب أحكام الوصايا أحاديث الأبواب.

(٣) المؤمنون : ١٢.

(٤) الحجر : ٤٤.

(٥) التوبة : ٦٠.


لم يكن له ذلك اشترى له من ماله شاة ودفعت اليه ، ولم تبطل الوصية ها هنا لأجل ان ليس له غنم كما بطلت في المسألة الأولى ، لأنه في الأولى علق الوصية بنفس الغنم ، فإذا لم يكن له ذلك ، كانت باطلة ، وفي هذه علقها بالمال ، والمال حاصل ، فصح ما ذكرناه.

٥٢٨ ـ مسألة : إذا اوصى فقال : ادفعوا الى « زيد » كلبا من مالي ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كانت له كلاب يصح الانتفاع بها ، مثل كلاب الصيد أو الماشية ، دفع اليه من ذلك ، وان كان من غير ذلك ، كانت الوصية باطلة ، لأن غير ذلك لا ينتفع به ، وان لم يكن له ما ذكرناه كانت الوصية أيضا باطلة. ولا يجوز ان علق ذلك بماله ان يشترى له كلب من ماله ، لأن ابتياع الكلب محظور.

٥٢٩ ـ مسألة : إذا اوصى بثلث ماله لأجنبي ، وبثلث آخر لوارث ، ولم تجز الورثة ذلك ، لمن يكون الثلث منهما؟

الجواب : إذا لم تجز الورثة ذلك ، كان الثلث للذي ابتدء به أولا ، فإن كان الأجنبي الأول ، كان الثلث له ، وبطل الثلث للوارث ، وان كان الأول هو الوارث ، كان الثلث له ، وبطل الثلث للأجنبي ، ولأن الوصية عندنا للوارث جائزة.

٥٣٠ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا اوصى لهما بما ذكرناه ، ولم يتعين الأول منهما من الثاني ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا لم يتعين الأول منهما من الثاني ، استعملت القرعة فيهما ، فمن خرج اسمه انه الأول ، دفع الثلث اليه ، ولم يدفع الى الأخر شي‌ء لأن القرعة تستعمل عندنا في كل أمر ملتبس.

٥٣١ ـ مسألة : إذا قال : أعتقوا بثلث مالي رقابا ، كم يجب ان يعتق من المماليك؟

الجواب : إذا اوصى بذلك وجب ان يشترى بالثلث ثلاثة ، ويعتقوا ، لأن الثلاثة أقل الجمع ، وان كان في الثلث ثمن أكثر من ثلاثة ، اشتروا به وعتقوا.


٥٣٢ ـ مسألة : المسألة بعينها ، ان كان في الثلث ثمن ثلاثة وزيادة لا تفي بثمن رابع ، كيف يفعل في ذلك؟

الجواب : إذا لم يكن في الثلث ثمن رابعة ، فكان فيه ثمن ثلاثة وزيادة لا تفي بثمن رابع ، جعل الثمن في الاثنين أكثر ، ولم يفضل من المال شي‌ء.

٥٣٣ ـ مسألة : إذا اوصى فقال لوارثه : أعتق عنى عبدا ، ومات ، واشترى الوارث عبدا من التركة وأعتقه ، فلما أعتقه ثبت على الموصى دين يحيط بتركته ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان العبد اشتراه الموصى إليه بثمن في الذمة ، كان شراؤه صحيحا وعتقه ، ويكون الثمن في ذمة الذي اشتراه ، فإن أخذ في ذلك شيئا من نفس التركة ، كان عليه ضمانه ، وان كان اشتراه بعين التركة ، كان الشراء والعتق باطلا ، لأنه لما مات انتقل حق الغرماء المستحقين للدين في ذمته الى تركته ، وتعلق حقهم بها ، واشترى العبد بشي‌ء ، قد تعلق به حق الغير كان الشراء باطلا ، وبطل العتق بذلك.

٥٣٤ ـ مسألة : إذا اوصى بأن يحج عنه بعشرة دنانير من ثلث ماله ، واوصى بما يبقى من الثلث لإنسان ، واوصى لإنسان آخر بثلث ماله ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اوصى بذلك ، كانت الوصية بأن يحج عنه بالعشرة الدنانير ـ وما وصى به مما يبقى من الثلث ، صحيحين ماضيين لأن الوصية بالثلث جائزة ، وقد وصى بذلك. وان كان قد وصى به من وجهين (١) ، لم تصح الوصية (٢) بثلث آخر ، لأن الوصية بأكثر من الثلث لا تصح الا على الوجه الذي تثبت معه اجازة الورثة له.

٥٣٥ ـ مسألة : المسألة بعينها ، ولم تجز الورثة الوصية بالثلث الأخر ، والتبست الحال في الذي وصى له ببقية الثلث والذي وصى له بالثلث ولم يعين

__________________

(١) وفي نسخة : في وجهين.

(٢) وفي نسخة : ولم تصح الوصية.


أحدهما من الآخر ، ما الذي يحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ذلك ، أقرع بينهما ، فمن خرج اسمه له الباقي من الثلث ، دفعناه إليه.

٥٣٦ ـ مسألة : إذا جمع بين عطية منجزة وعطية مؤخرة دفعة واحدة ، ولم تخرجا من الثلث ، كيف يفعل فيهما؟

الجواب : إذا جمع بين ذلك ، ولم تخرجا من الثلث ، قدمت العطية المنجزة ، لأنها سابقه ، وتلزمه في حق المعطى ، فيجب فيهما ما ذكرناه من التقديم على المؤخرة التي لم تلزمه.

٥٣٧ ـ مسألة : إذا اوصى انسان بثلث ماله ، هل المعتبر في ذلك ، حال الوصية أو حال الموت؟

الجواب : المعتبر في ذلك حال الموت لا حال الوصية ، لأن الوصية تلزم بالموت دون حال الوصية ، فيجب ان يكون المعتبر ها هنا بما ذكرناه.


باب مسائل تتعلق بالفرائض :

٥٣٨ ـ مسألة : ما الذي يستحق به الميراث؟

الجواب : الذي يستحق به الميراث ، نسب وسبب ، فالنسب نسب الوالدين ومن يتقرب بهما ونسب الولد ومن يتقرب به ، والسبب الزوجية والولاء.

٥٣٩ ـ مسألة : كم سهام المواريث؟

الجواب : سهام المواريث ستة وهي : النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس.

٥٤٠ ـ مسألة : من المستحق للنصف؟

الجواب : الذي يستحق النصف أربعة ، وهم : البنت مع انفرادها ، والأخت من جهة الأب والأم ، والأخت من جهة الأب مع عدم الأخت من جهة الأب والأم ، والزوج مع عدم الولد وولد الولد ، ذكورا كانوا أو إناثا وان نزلوا.

٥٤١ ـ مسألة : من الذي يستحق الربع؟

الجواب : الذي يستحق الربع ، الزوج مع وجود الولد أو ولد الولد ، ذكرا كان أو أنثى ، والزوجة مع عدم الولد أو ولد الولد.

٥٤٢ ـ مسألة : من الذي يستحق الثمن؟

الجواب : الذي يستحق الثمن ، الزوجة مع وجود الولد أو ولد الولد ، ذكرا كان أو أنثى.


٥٤٣ ـ مسألة : من يستحق الثلثين؟

الجواب : الذي يستحق الثلثين ثلاثة : البنتان أو ما زاد عليهما من البنات ، والأختان من جهة الأب والأم ، والأختان من جهة الأب إذا لم تكن اختان ولا واحدة ولا أخ من جهة الأب والأم.

٥٤٤ ـ مسألة : من يستحق الثلث؟

الجواب : الذي يستحق الثلث الأم مع عدم الولد ، أو ولد الولد ، ومن يحجبها ، من أخوين أو أخ وأختين أو أربع أخوات من قبل الأب ، أو من قبل الأب والأم ، والابنان أو ما زاد عليهما من كلالة الأم.

٥٤٥ ـ مسألة : من يستحق السدس؟

الجواب : الذي يستحق السدس ، الأبوان وان عليا مع وجود الولد وولد الولد ، والأم مع وجود من يحجبها ، من الأخوة والأخوات ، الذين قدمنا ذكرهم ، والواحد من كلالة الأم ، ذكرا كان أو أنثى.

٥٤٦ ـ مسألة : هل يصح اجتماع النصف مع النصف في هذه السهام؟

الجواب : يصح ذلك ، بان يكون الوارث زوجا وأختا من قبل الأم والأب ، أو من قبل الأب ، فيأخذ الزوج النصف ، وتأخذ الأخت النصف.

٥٤٧ ـ مسألة : ـ هل يصح ان يجتمع النصف مع الربع؟

الجواب : يصح ذلك ، بان يكون الوارث بنتا وزوجا ، فيكون فرض البنت النصف ، وللزوج الربع ، وان يكون الوارث أيضا أختا لأب وأم أو لأب مع زوجته (١) ، فيكون فرض الأخت النصف وللزوجة الربع.

٥٤٨ ـ مسألة : هل يصح ان يجتمع النصف مع الثمن؟

الجواب : يصح ذلك ، بان يكون الوارث بنتا وزوجة ، فيكون فرض البنت النصف وللزوجة الثمن.

٥٤٩ ـ مسألة : هل يصح اجتماع ربع مع ربع؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأنه فرض الزوجين ، ولا يصح اجتماعهما.

__________________

(١) وفي نسخة : مع زوجة.


٥٥٠ ـ مسألة : هل يصح اجتماع ربع مع ثمن؟

الجواب : هذه المسألة كالتي قبلها في انها فرض للزوجين ، ولا يصح اجتماعهما.

٥٥١ ـ مسألة : هل يصح اجتماع الثلثين مع الثلثين؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن من يستحق ذلك من الأخوات للأب والأم ، أو للأب ، لا يصح اجتماعهن في الميراث بمن يستحق ذلك من البنات لأن البنات أحق بالميراث من الأخوات ، ولأنهن لو اجتمعن معهن ، لكانت المسألة تعول ، والعول (١) عندنا باطل.

٥٥٢ ـ مسألة : هل يصح اجتماع الثلثين مع الثلث؟

الجواب : يصح ذلك ، بان تجتمع أختان أو ما زاد عليهما من قبل الأب والأم ، أو من قبل الأب ، مع اثنين أو ما زاد عليهما من كلالة الأم ، فيكون للأختين من قبل الأب والأم ، أو من قبل الأب ، أو ما زاد عليهما ، الثلثان ، والثلث للاثنين ، أو ما زاد عليهما من كلالة الأم.

٥٥٣ ـ مسألة : هل يصح اجتماع الثلثين مع السدس؟

الجواب : يصح ذلك ، مثل ان تجتمع أختان أو ما زاد عليهما من قبل الأب والأم ، أو من قبل الأب ، مع الواحد من كلالة الأم ، فيكون للأختين أو ما زاد عليهما من قبل الأب والأم ، أو من قبل الأب ، الثلثان ، وللواحد من كلالة الأم السدس ، والباقي يرد على الأختين أو ما زاد عليهما من قبل الأب والأم.

٥٥٤ ـ مسألة : هل يصح اجتماع الثلث مع الثلث؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن الثلث فرض الأم مع عدم الولد وولد الولد ، وعدم من يحجبها ، وفرض الاثنين أو ما زاد عليهما من كلالة الأم ، وقد قدمنا القول بأنه لا يصح اجتماع احد من هذه الكلالة مع الأم في الميراث ، لأنها أحق به منها.

__________________

(١) العول : عبارة عن قصور التركة عن سهام ذوي الفروض ولن تقصر الا بدخول الزوج والزوجة وهو في الشرع ضد التعصيب الذي هو توريث العصبة ما فضل عن ذوي السهام. وهو عند الإمامية على الأب والبنت والبنات والأخوات للأب والأم أو الأب. مجمع البحرين.

أقول : من أراد الاطلاع على بطلان العقول والتفصيل في ذلك فليرجع إلى روضة المتقين ج ١١ ص ١٩٣.


٥٥٥ ـ مسألة : هل يصح اجتماع الثلث مع السدس؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأنهما قد يكونان فرضين للأم أعلى وأدنى ، فالأعلى الذي هو الثلث ، تستحقه مع عدم الولد وولد الولد ، وعدم من يحجبها من الأخوة والأخوات ، والأدنى الذي هو السدس تستحقه مع وجود من ذكرناه ، فان فرضت عدمهم ، كان فرضها الثلث دون السدس ، وان فرضت وجودهم ، كان فرضها السدس دون الثلث ، وعلى هذا لا يصح لها اجتماع هذين الفرضين.

وقد يكون السدس فرضها وفرض الأب ، مع وجود الأولاد الذين ذكرناهم ، وفرضها (١) مع عدم الأولاد ووجود من يحجبها وليس يصح اجتماع السدس الذي هو فرض الأب مع الثلث الذي هو فرضها ، لأن الأب انما يستحق السدس مع وجود الولد أو ولد الولد ، ومع وجود هؤلاء ، تنتقل هي من الثلث الى السدس ، وانما تستحق هي الثلث ، مع عدم الأولاد ، أو عدم من يحجبها من الأخوة والأخوات ، ومع ذلك لا يكون فرض الأب السدس ، فلا يصح أيضا اجتماع الثلث مع السدس ، لأن الثلث وان كان يستحقه الاثنان ، أو ما زاد عليهما من كلالة الأم ، والسدس يستحقه الواحد من هذه الكلالة ، فإنك إن فرضت وجود الأم مع وجود هذه الكلالة ، كانت هي أحق بالميراث منهم ، وان فرضت وجود من يستحق الثلث من كلالة الأم مع استحقاق الأب للسدس لم يصح اجتماع ذلك ، لأن الأب انما يستحق السدس مع وجود الأولاد ، والكلالة لا يصح اجتماعها في الميراث مع الأولاد.

٥٥٦ ـ مسألة : هل يصح اجتماع النصف مع الثلثين؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن هذه المسألة تعول ، والعول باطل عندنا ، والواجب ان يأخذ من فرضه النصف ، وهو الزوج النصف ، وتأخذ الأختان أو ما زاد عليهما من الأب والأم ، أو الأب ، والباقي. والنصف أيضا قد يكون فرضا للبنت ، فلو فرض وجودها مع الأخوات الاتى ذكرناهن ، لما صح اجتماع ذلك ، لأن المسألة تكون قد عالت ، ولأن البنت أحق بالميراث من الأخوات والأخوة

__________________

(١) وفي نسخة : وفرضها هي مع عدم الأولاد.


أيضا من أي كلالة كانوا.

٥٥٧ ـ مسألة : هل يصح اجتماع النصف مع الثلث؟

الجواب : يصح ذلك ، مثل ان يجتمع اثنان أو أكثر منهما من كلالة الأم مع زوج ، فيكون للزوج فرضه ، وهو النصف ، وللاثنين أو ما زاد عليهما من هذه الكلالة فرضهم : الثلث ، والباقي يرد عليهم دون الزوج. ومثل ان يجتمع أب وأم وزوج ، فيكون للزوج النصف ، وللأم الثلث مع عدم من يحجبها ، والباقي للأب.

ومثل ان تجتمع أخت من قبل الأب والأم ، أو من قبل الأب مع اثنين أو ما زاد عليهما من كلالة الأم ، فيكون للأخت من قبل الأب والأم ، أو من قبل الأب النصف بالتسمية ، وللاثنين أو ما زاد عليهما من كلالة الأم الثلث بالتسمية أيضا ، والباقي يرد على الأخت من قبل الأب والأم ، أو من قبل الأب. ومثل ان يجتمع أم وزوج ، فيكون للزوج النصف ، وللأم الثلث ، والباقي يرد على الأم.

٥٥٨ ـ مسألة : هل يصح اجتماع النصف مع السدس؟

الجواب : يصح ذلك ، مثل ان يجتمع أب وأم وزوج ، فيكون للزوج النصف ، وللأم السدس مع وجود من يحجبها من الأخوة والأخوات ، والباقي للأب. ومثل ان يجتمع واحد من كلالة الأم مع زوج ، فيكون لهذا الواحد السدس بالتسمية ، وللزوج النصف ، والباقي يرد على الواحد من هذه الكلالة. ومثل ان تجتمع أخت لأب وأم أو لأب مع واحد من كلالة الأم ، فيكون للأخت من قبل الأب والأم أو من قبل الأب النصف ، وللواحد من كلالة الأم السدس ، ويرد الباقي على من كان من قبل الأب والأم ، أو من قبل الأب.

٥٥٩ ـ مسألة : هل يصح اجتماع الربع مع الثلثين؟

الجواب : يصح ذلك ، مثل ان تجتمع البنتان أو ما زاد عليهما من البنات مع زوج ، فيكون للبنتين أو البنات الثلثان ، وللزوج الربع ، والباقي يرد على البنتين أو البنات. ومثل ان تجتمع الأختان أو أكثر منهما من الأخوات من قبل الأب والأم ، أو من قبل الأب مع زوجة ، فيكون للأخوات المذكورات الثلثان ، ويكون للزوجة الربع.


٥٦٠ ـ مسألة : هل يصح اجتماع الربع مع الثلث؟

الجواب : يصح ذلك ، مثل ان يجتمع أب وأم وزوجة ، فيكون للزوجة الربع ، وللأم مع عدم من يحجبها من الأخوات والأخوة الثلث ، والباقي يرد على الأب. ومثل ان تجتمع أم وزوجة ، فيكون للزوجة الربع ، وللأم الثلث ، والباقي يرد على الأم. ومثل ان يجتمع اثنان أو ما زاد عليهما من كلالة الأم وزوجة ، فيكون للزوجة الربع ، وللاثنين أو ما زاد عليهما من هذه الكلالة الثلث ، والباقي يرد على الذي هو من هذه الكلالة.

٥٦١ ـ مسألة : هل يصح اجتماع الربع مع السدس؟

الجواب : يصح ذلك ، مثل ان يجتمع أبوان ، أو أحدهما مع ولد أو أكثر منه من الأولاد وزوج ، فيكون لكل واحد منهما السدس ، وان انفرد أحدهما ، كان له السدس ، وللزوج الربع ، والباقي للأولاد ان كانوا ذكورا ، أو ذكروا وإناثا ، وان كان بنتا واحدة كان لها النصف وللأب والأم (١) السدس ، وللزوج الربع ، والباقي يرد على البنت والأبوين أو أحدهما. ومثل ان يجتمع ، أب وأم وزوجة ، فيكون للأم السدس مع وجود من يحجبها من الأخوة والأخوات ، وللزوجة الربع ، والباقي للأب. ومثل ان تجتمع أم وزوجة ، فيكون للزوجة الربع ، وللأم الثلث والباقي يرد على الأم. ومثل ان يجتمع واحد من كلالة الأم مع زوجة ، فيكون للزوجة الربع ، وللواحد المذكور السدس ، والباقي يرد عليه ، دون الزوجة.

٥٦٢ ـ مسألة : هل يصح اجتماع الثمن مع الثلثين؟

الجواب : يصح ذلك ، بان تجتمع البنتان أو أكثر منهما من البنات ، مع زوجة ، فيكون للزوجة الثمن ، وللبنتان الثلثان ، والباقي يرد على البنات.

٥٦٣ ـ مسألة : هل يصح اجتماع الثمن مع الثلث؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن الثمن ، انما يستحق مع وجود الأولاد ، ومع وجودهم لا يثبت استحقاق الثلث ، لأنك إن فرضت استحقاق الأم ، فذلك لا يكون الا مع عدم الأولاد ، وكذلك ان فرضت استحقاقها له مع عدم من

__________________

(١) وفي نسخة : أو الأم.


يحجبها من الأخوة والأخوات. وان فرضت استحقاق الاثنين أو ما زاد عليهما من كلالة الأم ، فذلك أيضا لا يصح الا مع عدم الأولاد.

٥٦٤ ـ مسألة : هل يصح اجتماع الثمن مع السدس؟

الجواب : يصح ذلك ، مثل ان يجتمع الأبوان أو أحدهما مع الولد ، أو ولد الولد ، وزوجة ، فيكون لأحد الأبوين السدس ، وللزوجة الثمن! ، والباقي للأولاد ، فإن كان الأولاد ذكورا ، أو ذكورا وإناثا ، كان كذلك ، وان كان واحدا أنثى ، كان لها النصف بالتسمية ، وللزوجة الثمن ، ولكل واحد من الأبوين السدس ، والباقي يرد على البنت والأبوين أو أحدهما.

٥٦٥ ـ مسألة : هل يمنع من الإرث شي‌ء أم لا؟

الجواب : يمنع من الإرث الكفر والرق والقتل عمدا بغير استحقاق.

٥٦٦ ـ مسألة : إذا مات انسان ، وخلف ابن بنت وبنت ابن ، ما الذي يستحقه كل واحد منهما من الميراث؟

الجواب : الذي يستحقه ابن البنت الثلث ، والذي تستحقه بنت الابن الثلثان ، لأن كل واحد منهما يأخذ سهم من يتقرب به ، والذي يتقرب به ابن البنت ، امه. والذي تتقرب به بنت الابن ، أبوها ، فلهذه الأم إذا اجتمعت مع أخيها الذي هو أبو هذه البنت ، الثلث ، وله الثلثان.

٥٦٧ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا اجتمع معهما زوج أو زوجة ، كيف يستحق الميراث؟

الجواب : إذا اجتمع معهما زوج أو زوجة ، كان للزوج الربع ، أو للزوجة الثمن ، ولبنت الابن ثلثا الباقي ، ولابن البنت ثلث الباقي ، وكذلك القول إذا أخذت الزوجة الثمن.

٥٦٨ ـ مسألة : إذا مات وخلف بنت بنت ، أو بنتي بنتين ، كيف تستحق الميراث (١)؟

الجواب : إذا خلف بنت بنت ، كان لها فرض أمها ، وهو النصف ،

__________________

(١) وفي نسخة : كيف تستحقان الميراث.


والباقي يرد عليها ، فان كان المخلف بنتي بنتين ، كان لهما فرض من تتقربان به ، وهو الثلثان.

٥٦٩ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا اجتمعت بنت البنت أو بنتي البنتين ، وزوج أو زوجة ، كيف يكون الحكم فيهم في الميراث؟

الجواب : إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع بنت البنت ، كان له فرضه الربع ان كان زوجا ، والثمن ان كانت زوجة ، ولبنت البنت النصف فرض أمها ، والباقي يرد عليها دون الزوج والزوجة.

وان اجتمع الزوج أو الزوجة مع بنتي البنتين ، كان للزوج الربع ، أو للزوجة الثمن ، ولبنتي البنتين الثلثان فرض أمهما ، والباقي يرد عليهما ، دون الزوج أو الزوجة.

٥٧٠ ـ مسألة : إذا مات وخلف أخا لأب وأم ، وأخا لأب ، هل يكون الميراث لهما أو لأحدهما؟

الجواب : الميراث للأخ من الأب والأم ، دون الأخ للأب ، بغير خلاف بيننا.

٥٧١ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا اجتمع معهما أخ لأم ، أو أكثر منه ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : للأخ من الأم السدس ، ذكرا كان أو أنثى ، والباقي للأخ من الأب والأم ، لأنه أقوى بسببين ، ويسقط الأخ من الأب بغير خلاف أيضا. وان كان المخلف من الأم أكثر من واحد ، كان لهم الثلث ، والباقي للأخ من الأب والأم.

٥٧٢ ـ مسألة : إذا مات وخلف جده وجدته من أبيه ، أو من امه ، أو من أبيه وامه ، أو أحدهم مع اخوة وأخوات ، هل للأجداد والجدات ، أو أحدهم ، أن يقاسموا الأخوة أو الأخوات ، أو أحدهم أو لا؟

الجواب : الأجداد والجدات إذا اجتمعوا ، أو أحدهم مع الأخوة والأخوات ، أو أحدهم ، قاسموهم المال ، وجروا مجرى الأخوة والأخوات في


المقاسمة ، لأن درجتهم متساوية.

٥٧٣ ـ مسألة : إذا اجتمع جد أب الميت وجدته من قبل أبيه ، وجده وجدته من قبل امه ، وجد أم الميت ، وجدتها من قبل أبيها ، وجدها وجدتها من قبل أمها مع جد الميت وجدته من أبيه ، وجدتها من قبل أمها ، واخوة وأخوات ، من يقاسم الأخوة والأخوات منهم؟

الجواب : الذي يقاسم الأخوة والأخوات من هؤلاء الأجداد والجدات ، جد الميت. وجدته من أبيه ، وجده وجدته من امه ، ويسقط الباقون ، لأن الأدنى والأقرب الى الميت يحجب الأبعد عن الميراث ، ويمنعه منه.

٥٧٤ ـ مسألة : إذا كان له اربع زوجات مع الولد لم يدخل بهن ، وطلق واحدة منهن ، وتزوج أخرى ، أو كان قد دخل بهن ، ومرض وطلق الواحدة طلاقا رجعيا ، وانقضت عدتها ، وتزوج بالمذكورة ومات بينه وبين سنة (١) ، ولم يتعين المطلقة من غيرها ، ولا تزوجت في مرضه ، كيف حكمهن في الميراث؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر في هذه المسألة ، كان للتي تزوجها ، ربع الثمن مع الولد وثلاثة أرباع الثمن بين الثلاثة الباقيات والمطلقة التي لم تتميز من غيرها.

٥٧٥ ـ مسألة : إذا مات وخلف عم أبيه وعمته ، وعم امه وعمتها ، وخال أبيه وخالته ، وخالة امه وخالها ، كيف الحكم في الميراث بينهم؟

الجواب : لعم الأب وعمته وخاله وخالته الثلثان : يكون (٢) ثلثا الثلثين لهذا العم والعمة بينهم ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، وثلث الثلثين لهذا الخال والخالة بينهم بالسوية ، فيكون ثلث الباقي من أصل المال لعم الأم وعمتها وخالها وخالتها : لهذا العم والعمة النصف منهم (٣) ، وهو سدس الأصل بينهما بالسوية ، والنصف الأخر ، وهو سدس الأصل أيضا بين هذا الخال والخالة بالسوية أيضا.

__________________

(١) وفي نسخة : ما بينه وبين سنة.

(٢) وفي نسخة : ان يكون.

(٣) وفي بعض النسخ « منهما » والظاهر ان الصحيح : « منه » ومرجعه ثلث الباقي من أصل المال.


٥٧٦ ـ مسألة : إذا مات وخلف خال ابن عمه ، وعم ابن خاله ، كيف الحكم في ميراثهما؟

الجواب : لخال ابن العم نصيب ابن العم : الثلثان ، ولعم ابن الخال نصيب ابن الخال : الثلث ، لأن كل واحد منهما يأخذ سهم من يتقرب به ، وهو ما ذكرناه.

٥٧٧ ـ مسألة : إذا مات وخلف ولدا خنثى ، ما الحكم فيه؟

الجواب : ان كان له ما للرجال وما للنساء ، كان الاعتبار فيه بالمبال ، فان سبق من الذكر ، ورث ميراث الرجال ، وان سبق من الفرج ، ورث ميراث النساء ، فان خرج البول منهما جميعا في حال واحدة ، اعتبر بانقطاعه منهما ، فما انقطع منه أولا حكم له به. فان كان انقطاعه في حال واحدة ، ورث نصف ميراث الرجل ونصف ميراث المرأة ، وقد ذكر انه تعد أضلاعه (١) ، فإن نقص احد الجانبين عن الأخر ، حكم بأنه ذكر ، وان تساويا حكم بأنه أنثى.

وان لم يكن له ما للرجال وما للنساء ، اعتبر حاله بالقرعة ، فما خرج ، ورث عليه.

٥٧٨ ـ مسألة : إذا مات مسلم ، وكان له أولاد ، بعضهم أسارى ، وبعضهم غير أسارى ، كم يكون ميراثه؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر في المسألة ، كان ميراثه لجميع الأولاد بغير خلاف ، الا من النخعي (٢) وشريح (٣) ، وخلافهما غير معتد به ، لا سيما على ما يقتضيه أصلنا في الإجماع.

٥٧٩ ـ مسألة : إذا أسلم إنسان ، وكنا نحكم بإسلام الولد تبعا للأب ، وان مات الأب وأسلم الجد حكمنا بإسلامه لإسلام الجد ، فما القول في ذلك ان كان الأب حيا وأسلم الجد ، هل يحكم بإسلام الولد تبعا له أم لا؟

__________________

(١) الوسائل ج ١٧ ص ٥٧٤ ب ٢ من أبواب ميراث الخنثى.

(٢) والظاهر هو : إبراهيم بن يزيد الفقيه المتوفى ٩٦ لاحظ الأعلام ج ٨ ص ١٥ تأليف : خير الدين ـ الزركلى.

(٣) هو شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي المتوفى ٧٨ ولى قضاء الكوفة وعمر طويلا لاحظ الأعلام ج ٣ ص ١٦١ تأليف خير الدين الزركلى.


الجواب : إذا أسلم الجد كما ذكر في المسألة ، حكمنا بإسلام الولد تبعا له ، لأنه لو ملكه لا ينعتق عليه.

٥٨٠ ـ مسألة : إذا كانت الأم تحجب عن الثلث الى السدس بأخوين ، أو أخ وأختين ، أو أربع أخوات من قبل الأب والأم ، أو من قبل الأب ، ولا يحجبها عندكم غير هؤلاء من الأخوة والأخوات ، فهل يحجبها أولادهم أولا؟

الجواب : لا يحجب الأم أولاد الأخوة والأخوات بغير خلاف.

٥٨١ ـ مسألة : إذا كانت لإنسان مملوكة فزوجها عبدا ، ثم أعتقها ، فجائت بولد ، هل يكون الولد حرا أم لا؟

الجواب : هذا الولد حر ، لأنه لاحق بالحرية بغير خلاف.

٥٨٢ ـ مسألة : هل يستوي الجد والأخ في الولاء حتى يتقاسمان الميراث كذلك أم لا؟

الجواب : الجد والأخ يستويان في ذلك ، لقول رسول الله (ص) : الولاء لحمة كلحمة النسب (١) ، وأيضا فإنهما يدليان (٢) بالأب فيجب ان يستويا في ذلك ، وأيضا فان في النسب يقاسم الجد والأخ فيجب في الولاء مثله.

٥٨٣ ـ مسألة : إذا مات مولى (٣) ، وخلف ثلاثة بنين ، مات احد البنين وترك ابنين ، ومات الثاني وترك ثلاثة بنين ، ومات الثالث وترك ثمانية بنين ، ثم مات المعتق ، كيف الحكم بينهم في الولاء؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر ، كان الولاء بينهم أثلاثا ، يأخذ كل واحد منهم من البنين نصيب أبيه وهو الثلث ، للخبر المقدم ذكره. ولو مات المولى لكان ولد كل ابن يأخذ نصيب أبيه بلا خلاف ، فإذا كان حكم الولاء حكم النسب ، كان ها هنا مثله.

٥٨٤ ـ مسألة : إذا تزوج حر بامة ، فجائت بولد بستة أشهر أو أكثر ، هل

__________________

(١) عوالي اللئالى ج ٣ ص ٥٠٧

(٢) كذا في النسخة الرضوية والمراد منه يتقربان.

(٣) وفي نسخة : مولاه


يثبت له الولاء أم لا؟

الجواب : لا يثبت له الولاء ، لأن الولاء لمن أعتق ، وهذا لم يعتق ، ولأن الأصل أن لا ولاء ، وإثباته يفتقر فيه الى ولا دليل.

٥٨٥ ـ مسألة : انسان زوج مملوكته من عبد ، ثم أعتقها ، فجائت بولد وكان الولد حرا بغير خلاف ، وكان ولاء ولدها لمن أعتقها ، فإن أعتق العبد ، هل يجر الولاء الى مولى نفسه أم لا؟

الجواب : إذا أعتق العبد جر الولاء الى مولى نفسه ، لأن إجماع الصحابة عليه ، وأيضا فإجماعنا عليه ، وفيه الحجة.

٥٨٦ ـ مسألة : إذا مات انسان ، وخلف ورثة وامرأة حاملا ، كيف الحكم في الميراث؟

الجواب : يورث ميراث ذكرين ، ويقسم الباقي في الوارث ، ويضمنون ، لأن العادة جارية بأن أكثر ما تحمله المرأة اثنان ، وما زاد على ذلك شاذ خارج عن العادة ، ولتجويز ما ذكرناه قلنا بالضمان.

٥٨٧ ـ مسألة : إذا أعتق إنسان من غيره مملوكا ، هل يكون ولاؤه للمعتق عنه ، أو للمعتق؟

الجواب : إذا كان المعتق أعتق المملوك بأمر المعتق عنه ، فالولاء للآمر له بالعتق ، وان كان عتقه بغير امره فالولاء له دون المعتق عنه ، لقول رسول الله (ص) : الولاء لمن أعتق (١) ، والأمر بالعتق معتق ، كما ان الأمر بالطلاق والبيع وغير ذلك من العقود عاقد له.

٥٨٨ ـ مسألة : إذا ماتت امرأة ، وخلفت ابني عم لها ، أحدهما زوج ، كيف الحكم في الميراث؟

الجواب : لابن العم الذي هو الزوج النصف بالزوجية ، والنصف الآخر يقسم بينهما ، فيكون لهذا الزوج بالزوجية وبالنسب نصف وربع ، ويكون لأخيه

__________________

(١) كنز العمال ج ١٠ ص ٣٤٠ ـ ٣٤١ ح ٢٩٧١٣ وح ٢٩٧١٨ وعوالي اللئالى ج ٣ ص ٥٠٧ والكافي ج ٦ ص ١٩٧.


الذي ليس بزوج الربع الباقي.

٥٨٩ ـ مسألة : إذا مات رجل وخلف ابنتي عم ، إحداهما زوجته ، كيف حكم الميراث بينهما؟

الجواب : لبنت العم الربع بالزوجية ، والباقي يقسم بينها وبين بنت العم الأخرى ، فيكون لهذه الزوجة النصف والثمن ، وللأخرى الربع والثمن الباقي.

٥٩٠ ـ مسألة : إذا مات وخلف ابني خالة ، أحدهما أخ للأب ، كيف حكم الميراث ها هنا؟

الجواب : حكم الميراث ها هنا ، ان المال لابن الخالة الذي هو الأخ ، بسبب الأخوة ، لا بسبب انه ابن الخالة ، ويسقط ابن الخالة الأخر.

٥٩١ ـ مسألة : إذا مات انسان ، رجلا كان أو امرأة ، وخلف زوجا وجده وجدته من قبل أبيه أو جده وجدته من قبل امه ، كيف ينقسم المال بينهم؟

الجواب : النصف للزوج أو الربع للزوجة ، والثلث للجد والجدة أو لأحدهما من قبل الأم ، والباقي للجد والجدة ، أو لأحدهما من قبل الأب.

٥٩٢ ـ مسألة : إذا مات وخلف عمته لأب هي خالته لأم ، وعمة أخرى لأب ، وخالة لأب وأم ، كيف يكون حكم قسمة الميراث ها هنا؟

الجواب : للعمتين من قبل الأب الثلثان ، وللخالة من قبل الأم التي هي إحدى العمتين من الأب السدس من الثلث ، وللخالة الأخرى التي هي من قبل الأب والأم الباقي ، وفي هذه المسألة انما يتصور فيها ما ذكرناه ، بان ينقسم سهاما نفرضها من ثمانية عشر سهما ، للعمتين من الأب الثلثان : اثنا عشر سهما ، لكل واحدة منهما ستة أسهم ، وللخالة من الأم التي هي إحدى العمتين من الأب ، سدس الثلث : سهم واحد ، فيصير لها سبعة أسهم ، وللخالة الأخرى التي هي من الأم والأب الباقي ، وهو خمسة أسهم.

٥٩٣ ـ مسألة : إذا كان الكافر لا يرث المسلم ، فما القول ان مات الكافر وخلف وراثا بعضهم مسلم ، وبعضهم كافر ، ثم أسلم الكافر؟


الجواب : إذا مات الكافر وخلف ذلك ، وأسلم من كان كافرا ، كان له حقه من الميراث ان كان قد أسلم قبل القسمة ، فإن أسلم بعد القسمة ، لم يكن له شي‌ء.

٥٩٤ ـ مسألة : إذا مات الكافر ، وخلف أولادا صغارا ، واخوة من قبل الأم ، واخوة من قبل الأب ، كيف الحكم في الميراث؟

الجواب : إذا مات الكافر ، وخلف المذكورين ، دفع الى الأخوة من الأم الثلث ، والى الأخوة من قبل الأب الثلثان ، وأمر الحاكم الأخوة بان ينفقوا على الصغار بحسب ما ذكروه ، فيكون على الأخوة من الأم ثلث النفقة ، وعلى الأخوة من الأب ثلثا ذلك ، فإذا بلغ الصغار وأسلموا ، دفع الأخوة إليهم ما بقي بعد النفقة عليهم من المال ، وان لم يسلموا ، تصرف الأخوة ما بقي من المال في أيديهم لنفوسهم كيف شاؤا.

٥٩٥ ـ مسألة : إذا كان المملوك ما دام مملوكا لا يرث حرا ، فما القول في حرمات وخلف مالا وولدا مملوكا ، أو ولدا أو اخوة أو أحدا من ذوي أرحامه كذلك ، ولا وارث له غير هذا المملوك ، فكيف يفعل بالميراث؟

الجواب : إذا كان هذا الميت قد خلف من ذكر في المسألة ، وجب ان يبتاع المملوك من تركته ، ويعتق ، ويدفع باقي من المال إليه ، فإن امتنع سيده من بيعه ، اجبر على ذلك ، ولم يكن لامتناعه تأثير ، هذا إذا كان المال يزيد على ثمن المملوك ، فان لم يزد عليه وكان يفي بثمنه ، ابتيع به وأعتق أيضا ، وان كان ينقص عن ثمنه ولا يفي به ، لم يجب ابتياعه ، وكان المال لبيت المال. وقد ذكر انه يبتاع به ويستسعى (١) في الباقي ، فمن عمل بذلك لم يكن بذلك بأس.

٥٩٦ ـ مسألة : إذا مات الحر وخلف وارثين مملوكين ، يرث أحدهما مع الأخر ، مثل الولدين ، أو الوالدين أو ما جرى مجرى ذلك من ذوي الأرحام ، ولم يخلف هذا الميت من الميراث الا ما يبتاع به واحد ، هل يجب ابتياع واحد دون الباقين ويعتق أم لا؟

__________________

(١) وفي بعض النسخ : ويتسع في الباقي.


الجواب : لا يجوز ذلك ، ولا يشترى منهم أحد ، لأن القدر الذي يستحق ينقص من الثمن (١) ، ويكون المال لبيت مال المسلمين.

٥٩٧ ـ مسألة : من يستحق لدية المقتول؟

الجواب : الذي يستحق هو الأب والأم والأولاد والأخوة والأخوات ممن يتقرب الى المقتول من جهة الأب خاصة ، ولا يستحقها أخ ولا أخت من جهة امه ، ولا احد من ذوي أرحامها. والزوج والزوجة إذا لم يقتل أحدهما الأخر ، والمطلقة طلاقا رجعيا ترث زوجها إذا قتل من ديته ، كما ترث من تركته ما لم تخرج من عدتها ، وكذلك الزوج إذا قتلت زوجته وهي في عدتها ، ورث من ديتها ، كما يرث من تركتها.

٥٩٨ ـ مسألة : إذا وقع على جماعة ، يرث بعضهم بعضا ، حائط أو دار أو غرقوا أو احترقوا في وقت واحد ، ولم يعلم تقدم موت أحدهم على الأخر ، كيف الحكم في توريثهم؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر في هذه المسألة ، وجب توريث بعضهم من بعض من نفس تركته ، لا مما يرثه الأخر ، يقدم الأضعف في استحقاق الميراث ، ويؤخر الأقوى في ذلك ، مثال ما ذكرناه : أب وابن ، فنفرض ان الابن مات أولا ، فيورث الأب منه سهمه : السدس مع الولد ، والباقي للابن ، وهو أضعف منه ، ويعطى ورثته الباقي. ثم نفرض أن الأب مات ، فيعطى الابن حقه منه ، ولورثته الباقي.

ومثاله أيضا زوج وزوجة ، فيفرض موت الزوج أولا ، تورث الزوجة منه ، لأن سهمها في الاستحقاق (٢) أقل من سهم الزوج ، لأن أكثر ما تستحقه المرأة الربع ، وأكثر ما يستحقه الرجل النصف ، وهو أقوى حظا منها ، ودفع الى الزوجة حقها منه ، ولورثته ما بقي ، ثم يفرض انها ماتت ، فيعطى الزوج منها حقه من نفس تركتها ، لا مما ورثته منه ، ويدفع الى ورثتها الباقي.

__________________

(١) وفي نسخة : من المثمن.

(٢) في بعض النسخ : في استحقاقها.


فان فرضنا في هذه المسألة : في الأب الذي قدمناه ذكره ، ان له وارثا ، الا ان الولد المذكور اولى منه ، وفرضنا ان للولد وارثا له ، الا ان أباه أولى منه ، فإنه يصير ميراث الابن لورثه الأب ، وميراث الأب لورثة الابن.

٥٩٩ ـ مسألة : إذا مات انسان وخلف شخصا له رأسان ، أو بدنان ، على حقو واحد ، هل يورث ميراث اثنين ، أو ميراث واحد؟ فان قلتم : يورث ميراث واحد ، قيل لكم : كيف يورث ذلك ، والشخص اثنان ، وان قلتم : يورث ميراث اثنين ، قيل لكم : كيف يورث ذلك ، والبدن الذي عليه الرأسان ، أو الحقو الذي عليه البدنان ، واحد ، وبعد كيف يعلم بأنه واحد أو اثنان ، حتى يورث على ما ذكرتموه؟

الجواب : هذا الشخص لا يورث ميراث اثنين ، ولا ميراث واحد الا بعد ان يعلم هل هو حيان ، أو حي واحد ، فان علم انه حيان ، ورث ميراث اثنين ، وان علم انه حي واحد ، ورث ميراث حي واحد. والطريق إلى المعرفة بما ذكرناه هو : ان يترك هذا الشخص حتى ينام ، ثم ينبه أحدهما ، فإن انتبه الاثنان ، كان حيا واحدا ، ورث ميراث واحد ، وان انتبه أحدهما ولم ينتبه الأخر ، كان حيين ، ورث ميراث اثنين.


باب مسائل تتعلق بالنكاح :

٦٠٠ ـ مسألة : إذا كان للمرأة وليان ، أذنت لكل واحد منهما في تزويجها ، فزوجاها ، ثم ادعى كل واحد منهما ان عقده مقدم على عقد الأخر ، وانها عالمة بذلك ، وأنكرت ما ادعيا عليها من العلم ، ولم تكن لأحد الوليين بينة على ما ادعاه ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر ، وادعى كل واحد منهما عليها العلم بما ادعاه وأنكرت ، كان القول ، قولها مع يمينها انها لا تعلم ذلك ، لأن الأصل ان لا علم لها بذلك.

٦٠١ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا أنكرت أنها عالمة بذلك ، ووجبت عليها اليمين بأنها لا تعلم ذلك ، ونكلت عن اليمين ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا نكلت عن اليمين ردت اليمين على الوليين ، فان نكلا جميعا عن اليمين ، أو حلفا جميعا ، بطل العقدان ، فان حلف الواحد دون الأخر ، كان الحكم للذي حلف ، لأنه قد أثبت الحجة بما ادعاه.

٦٠٢ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا ادعى الوليان عليها بذلك ، واعترفت لكل واحد منهما بما ادعاه ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اعترفت لكل واحد منهما بما ادعاه ، بطل العقدان ، لأن الجمع بينهما لا يصح.

٦٠٣ ـ مسألة : إذا زوج الرجل أخته من رجل ، ومات الزوج ،


واختلف الوارث والزوجة ، فادعى الوارث عليها ، بأن أخاها زوجها بغير أمرها ، فلا حق لها مع ذلك في الميراث ، لأن نكاحها فاسد ، وادعت هي ، ان أخاها زوجها بأمرها ، وانها تستحق الميراث من الزوج ، لأن نكاحها صحيح ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على الوجه المذكور ، كان القول ، قولها مع يمينها ، لأن الوارث مدع لخلاف الظاهر ، لأن الظاهر في النكاح ، انه على الصحة.

٦٠٤ ـ مسألة : إذا كان الزوج مجنونا ، وادعت زوجته انه عنين ، هل يصح ضرب أجل العنة له أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن هذا الأجل ، انما يصح بعد ان ثبتت العنة ، وليس تثبت الا بقول الزوج ، لأنها مما لا تقوم البينة عليه ، وإذا كان هكذا ، فثبوت عنته من جهته لا تصح ، وان كان كذلك لم يصح ضرب هذه المدة له.

٦٠٥ ـ مسألة : إذا كان الزوج عاقلا ، واعترف بأنه عنين ، وضرب له الأجل ، وانتهى الأجل ، وهو مجنون ، هل تصح من زوجته الدعوى عليه ، والمطالبة بالفرقة له أم لا؟

الجواب : لا تقبل دعواها ، ولا تجوز الفرقة بينهما ، لأنها ان كانت ثيبا ، وادعت انه لم يطأها في مدة الأجل ، كان القول ، قول الزوج مع يمينه ، ومع كونه مجنونا لا يمكن التوصل الى ما عنده فيما تدعيه. وإذا كانت بكرا وأنكر الزوج وادعى انها تمنعه من نفسها ، ولا يتمكن من وطئها ، ويمكن ان يدعى انه افتضها ، ورجعت عذرتها ، وهذا مع إمكانه لا يصح من المجنون ، فلم يكن إلى التفرقة بينهما سبيل.

٦٠٦ ـ مسألة : إذا كانت لإنسان ابنتان ، اسم الواحدة منهما « نعم » (١) وهي الكبيرة ، واسم الأخرى « صفية » وهي الصغيرة ، فقال لمن يريد التزويج بإحداهما : زوجتك بنتي الكبيرة « صفية » أو قال : زوجتك بنتي الصغيرة « نعم » ، هل يصح النكاح أم لا؟

__________________

(١) وفي نسخة : نعمة وكذا فيما يأتي.


الجواب : إذا قال ذلك ، صح النكاح ، لأن الكبيرة صفة لازمة ، والاسم غير لازم ، وكذلك القول في الصغيرة ، لأن الصغيرة صفة لازمة ، والاسم غير لازم.

٦٠٧ ـ مسألة : إذا كانت له بنت واحدة ، وقال له : زوجتك بنتي « صفية » واسمها « نعم » ، هل يصح ذلك النكاح أم لا؟

الجواب : إذا قال ذلك صح النكاح ، لأن بنتي صفة لازمة ، والاسم غير لازم.

٦٠٨ ـ مسألة : إذا قال له : زوجتك بنتي ، وله بنات ، أو قال : إحدى ابنتي ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن العقد لم يتناول واحدة منها بعينها ، ومن شرط صحته التناول لذلك.

٦٠٩ ـ مسألة : إذا كانت له ابنتان صغيرة وكبيرة ، واسم الكبيرة « نعم » واسم الصغيرة « صفية » فقال : زوجتك بنتي « نعم » ونوى الصغيرة ، فقال الزوج : قبلت نكاح « نعم » ونوى الكبيرة ، هل يلزم النكاح أم لا؟

الجواب : إذا قال ذلك ، لزم العقد في الظاهر ، لاتفاقهما في الاسم ، فكان الظاهر نكاح الكبيرة ، الا انه في الباطن فاسد ، لأن الولي أوجب الصغيرة ، والزوج قبل نكاح الكبيرة ، فقد قبل غير التي أوجبها الولي ، هذا ان صدقه ، فان لم يصدقه فالنكاح في الظاهر لازم.

٦١٠ ـ مسألة : إذا تزوج الرجل امرأة ، وأصدقها مملوكا ، فدبرته ورجعت في تدبيره ، فطلقها الزوج قبل الدخول بها ، ما الذي يحكم له فيه؟

الجواب : إذا كان الأمر على ذلك ، كان له نصفه ، لأن الرجوع في التدبير يصح ، فالمملوك عين ماله.

٦١١ ـ مسألة : المسألة بعينها ، وطلقها قبل الدخول بها ، والمملوك مدبر لم ترجع في تدبيره ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا كان كذلك ، كان له الرجوع على المرأة بنصف قيمة


المملوك ، لأنه ليس له أخذ نصفه مع بقاء التدبير.

٦١٢ ـ مسألة : المسألة بعينها ، وطلقها قبل الدخول بها ، والمملوك مدبر لم ترجع في تدبيره ، ولم يأخذ الرجل النصف من القيمة الى ان رجعت في التدبير ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان كذلك ، كان له نصف عين المملوك ، وقد قيل : انه يكون مخيرا بين أخذ نصف عينه ، وبين أخذ نصف قيمته (١) ، والأول عندي أقوى ، لأنه عين ماله.

٦١٣ ـ مسألة : إذا أصدقها مملوكا ، فبان له انه حر ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر ، كانت لها قيمة هذا الإنسان ، لو كان مملوكا ، لأنه أصدقها شخصا معينا ، فلما منعتها حريته من التصرف فيه كانت لها قيمته.

٦١٤ ـ مسألة : إذا قال : أصدقتك هذا الخل ، فظهر خمرا ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان كذلك ، كانت عليه قيمة الخمر عند مستحليه ، لأنه سمى لها الخل فبان انه خمر ، فأوجبنا القيمة.

٦١٥ ـ مسألة : إذا قال لها : أصدقتك هذا الخمر ، كيف يكون الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا سمى له الخمر وعينها ، كان لها مهر المثل ، لأنه سمى لها ما لا يجوز ان يكون مهرا ، فلم نوجب القيمة فيه ، وأوجبنا مهر المثل.

٦١٦ ـ مسألة : إذا اختلف الزوج والزوجة ، فقال الزوج : تزوجتك بألف دينار ، وقالت الزوجة بل تزوجتنى بألفي دينار ، بما ذا يحكم في المهر من ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا كذلك ، وكانت لأحدهما بينة ، حكم البينة ، فإن

__________________

(١) وهو خيرة الشيخ في المبسوط ج ٤ ص ٢٩٠.


لم تكن لأحدهما بينة ، كان القول ، قول الزوج مع يمينه ، لأنهما قد اتفقا على الألف ، وادعت الزوجة عليه الزيادة على ذلك ، فكانت عليها البينة ، فإذا لم يكن لها ذلك ، كان القول قول الزوج كما ذكرناه.

٦١٧ ـ مسألة : إذا شرط الزوجان خيار الثلاث في النكاح (١) ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : إذا كانا شرطا ذلك في أصل العقد ، بطل النكاح ، لأنه عقد يلزم بنفسه ، فخيار الشرط لا يصح فيه ، فان كان ذلك في المهر ، لم يبطل النكاح ، وكان العقد صحيحا ، والخيار ثابتا ، والمهر لازما ، لقول رسول الله (ص) : المؤمنون عند شروطهم (٢).

٦١٨ ـ مسألة : إذا تزوج امرأة ، على صداق عينه ، ثم انها قالت : لا أسلم نفسي حتى اقبض صداقي ، هل يصح لها ذلك أم لا؟

الجواب : إذا كان الصداق مؤجلا لم يكن لها منع نفسها من التسليم ، لأن برضاها بتأجيل الصداق قد دخلت على الرضا بتسليم نفسها الى الزوج قبل قبضه ، فليس لها الامتناع حتى تقبض الصداق ، وكذلك ان كان قد دخل بها ولم يطأها وامتنعت (٣) ، كان لها ذلك (٤) ، فان كان وطأها ، لم يكن لها الامتناع ، ولها المطالبة بالمهر ، وقد ذكر (٥) ان لها الامتناع ها هنا أيضا ، وهو الأقوى.

٦١٩ ـ مسألة : إذا وطأ الرجل زوجته فأفضاها ، ثم أراد جماعها بعد ذلك ، هل يجوز له جماعها أم لا؟

الجواب : إذا كان الموضع قد اندمل بعد الإفضاء وبرء ، كان له جماعها ، وليس لها منعه ، وان لم يكن اندمل ، لم يجز له جماعها ، وكان لها منعه الى ان

__________________

(١) اى ثلاثة أيام ، كما صرح بذلك ، الشيخ في الخلاف في مسألة الخيار في الصداق وقد حكى فيه أيضا في مسألة شرط خيار الثلاث في النكاح عن أبي حنيفة انه يبطل الشرط ويصح النكاح. لاحظ الخلاف ج ٢ ص ٣٧٥ وص ٤١٤.

(٢) الوسائل ج ١٥ ص ٣٠ ب ٢٠ ـ أبواب المهور ج ٤.

(٣) وفي نسخة : وامتنعته.

(٤) في العبادة غموض والظاهر سقوط « ما » من النسخ قبل « كان » فتكون العبارة : ما كان لها ذلك.

(٥) نسبه الشيخ في الخلاف ج ٢ كتاب الصداق المسألة ٣٩ الى ابى حنيفة ، واختاره في المبسوط ج ٤ ص ٣١٣.


تندمل وتبرء ، لأنه لو مكن من ذلك ، لم يؤمن على الموضع التلف ، وان ينفتق (١) ان كان لم يتم اندماله وبرؤه.

٦٢٠ ـ مسألة : المسألة بعينها ، واختلفا ، فقال الرجل : قد اندمل الموضع وبرء ولا خوف عليه ، وقالت المرأة : لم يندمل ولم يبرء ، وأنا أخاف الضرر ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على الوجه المذكور ، كان القول ، قولها مع يمينها فيما ذكرته ، لأنه مما لا سبيل إلى إقامة البينة عليه.

٦٢١ ـ مسألة : هل يجوز للرجل ان يتزوج المرأة ، على ان يكون صداقها عتقه أباها أم لا؟

الجواب : يجوز ذلك ، إذا كان عن اختيارها ، وينعتق الأب عليها عقيب العقد ، لأنها ملكته بالعقد.

٦٢٢ ـ مسألة : إذا كانت المرأة محجورا عليها ، وتزوجها الرجل بصداق ، هو أبوها ، وقبل وليها ذلك ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن الولي إنما يتصرف فيما للمولى عليه فيه منفعة ، وهذا لا نفع لها فيه ، فلا يصح الصداق.

٦٢٣ ـ مسألة : إذا أصدقها الزوج أمها ، وكان وليها أبوها ، وقبل أبوها ذلك ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا فرق بين هذه المسألة وبين المتقدمة لها في ان يكون الولي أباها أو غيره ، والقول فيهما واحد.

٦٢٤ ـ مسألة : إذا اصدق الرجل المرأة إنائين ، فانكسر الواحد منهما ، وطلقها قبل دخوله بها ، وكان للمطلق قبل الدخول بها ، الرجوع عليها بنصف الصداق ، فبأي شي‌ء يرجع عليها في ذلك؟

الجواب : إذا كان كذلك ، يرجع عليها بنصف قيمة الموجود ، ونصف قيمة المكسور ، لأن جميعهما هو الصداق ، وله الرجوع بنصف الصداق ، فوجب له

__________________

(١) في بعض النسخ لم ينعتق والصحيح ما أثبتناه.


ذلك.

٦٢٥ ـ مسألة : إذا تزوج الرجل امرأة على انها مسلمة ، فظهرت كافرة ، كتابية كانت أو غير كتابية ، هل يصح العقد أم لا؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر ، كان العقد باطلا ، لأن نكاح الكفار عندنا باطل :

٦٢٦ ـ مسألة : إذا تزوج أربع نسوة ، فعن (١) عن واحدة منهن ولم يعن عن الباقي منهن ، هل يكون لها خيار في المقام معه والمفارقة له ، وهل يضرب له أجل أم لا؟

الجواب : ليس لهذه خيار في ذلك ، ولا يضرب له أجل ، لأن العقد صحيح ثابت بالاتفاق ، وتخييرها يفتقر في صحته الى دليل ولا دليل عليه.

٦٢٧ ـ مسألة : إذا تزوج الرجل امرأة بمهر في السر ، وعقد عليها في العلانية بمهر آخر مخالف للأول ، ما الذي يلزمه منهما ، وما الصحيح منهما؟

الجواب : العقد الصحيح والمهر الثابت اللازم هو العقد والمهر الأول ، الذي عقده في السر ، لأن العقد والمهر قد ثبت به ، والثاني ليس بعقد صحيح لبطلان عقد لم ينفسخ في النكاح ، وإذا كان هذا العقد باطلا فالمهر المعلق به كذلك.

٦٢٨ ـ مسألة : إذا اختلف الرجل والمرأة في قبض المهر ، فقال الرجل : قد أقبضتك صداقك ، وقالت المرأة : ما قبضته ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا ، كان القول قولها مع يمينها ، لقول رسول الله (ص) : البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (٢) ، والزوج معترف بالمهر ومدع ، لأنه قد اقبضه ، فعليه البينة ، فان لم تكن له بينة ، كان عليها اليمين كما قدمناه.

٦٢٩ ـ مسألة : إذا أصدقها مأة ، ودفع إليها مأة ، ثم اختلفا ، فقالت الزوجة : قلت : خذيها هبة ، أو قالت : هدية ، وقال الزوج : بل قلت : خذيها

__________________

(١) من العنين.

(٢) الوسائل ج ١٨ ص ١٧١ ب ٣ ـ أبواب كيفية الحكم ح ٥.


صداقا ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا كذلك ، كان القول قول الزوج مع يمينه ، وان لم تكن بينة ، لأنهما متفقان على ان المأة ملك الزوج ، واختلفا في صفة انتقالهما الى يدها ، فكان القول ، قول المالك ، وعلى من يدعى انتقالها اليه بسبب ، البينة ، فإذا لم تكن بينة ، كان القول قوله ، على ما قدمناه.

٦٣٠ ـ مسألة : إذا أصدقها مملوكا أو نصفه ، فوهبت له المملوك أو النصف المذكور ، وطلقها قبل دخوله بها ، هل يصح له الرجوع عليها بشي‌ء من ذلك أم لا؟

الجواب : إذا طلقها قبل الدخول بها ، كان له الرجوع عليها بالنصف مما أصدقها ، فإن كان المملوك ، كان نصفه ، وان كان نصف المملوك ، كان نصفه وهو الربع ، لأن الذي استحقته من العبد أو نصفه ، فقد وهبته ، فإذا وهبته ، فقد قبضته ، وإذا كانت ها هنا قابضة ، وطلقها قبل دخوله بها ، كان عليها الرد مما قبضته.


باب مسائل تتعلق بالخلع :

٦٣١ ـ مسألة : إذا أصدقها مأة ، ثم خالعها قبل دخوله بها ، فهل يسقط جميع الصداق أو نصفه؟

الجواب : إذا خالعها كما ذكر في المسألة ، سقط جميع الصداق ، على ما نبينه ، وذلك ان الخلع عندنا ، لا يكون الا بطلاق ، وإذا كان كذلك ، كان لقد طلقها قبل دخوله بها ، وإذا كان مطلقا لها كذلك ، وجب الرجوع بنصف الصداق ، وإذا رجع عليها بذلك ، استقر لها النصف و[ إذا استقر لها النصف ] (١) وسقط بالخلع ، فلم يكن لها شي‌ء ، وبان بذلك سقوط الجميع.

٦٣٢ ـ مسألة : إذا تخالعا واختلفا في النقد أو القدر أو الجنس ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا في شي‌ء من ذلك ، كان القول ، قول الزوجة مع يمينها ، لقول رسول الله (ص) : البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (٢) ، والزوج ها هنا هو المدعى ، لأنه يدعي ما تنكره الزوجة ، فكانت عليه البينة ، فإذا لم تكن بينة ، كان القول قول الزوجة ، كما قدمناه.

٦٣٣ ـ مسألة : إذا تخالعا على الشرط ، مثل ان يقول الزوج : ان أعطيتني

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية ونسخة ـ د.

(٢) الوسائل ج ١٨ ص ١٧١ ب ٣ ـ أبواب كيفية الحكم ح ٥


كذا فأنت طالق ، هل يصح الخلع على ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن الخلع عندنا طلاق ، والطلاق لا يقع عندنا بشرط.

٦٣٤ ـ مسألة : إذا كانت عنده جارية وهي حامل ، فقال لزوجته : خالعتك على حمل هذه الجارية ، هل يصح الخلع والطلاق أم لا؟

الجواب : لا يصح الخلع ولا يقع الطلاق بذلك ، لأن العوض الذي هو الحمل مجهول ، والمجهول لا يصح الخلع ولا وقوع الطلاق به ، والقول بمهر المثل ووقوع الطلاق لا يصح ، لأن الأصل ثبوت العقد وبراءة الذمة ، وعلى من يدعى خلاف ذلك ، الدليل ، ولا دليل عليه.

٦٣٥ ـ مسألة : إذا اختلعت الزوجة في مرضها بأكثر من مهر مثلها ، هل يصح ذلك أم لا؟ فان صح فهل يكون ذلك من صلب مالها أم لا؟

الجواب : الخلع بما ذكر في هذه المسألة صحيح ، لأن المرض لا يبطل المخالعة بمهر المثل أو أكثر منه ، ويكون ذلك من صلب مالها ، لقوله سبحانه : « فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ » (١) ، ولم يفرق بين حال المرض وغيره ، فوجب حمله على عمومه الا ان يدل دليل.

٦٣٦ ـ مسألة : إذا قالت المرأة لزوجها : طلقني طلقة بمأة ، فقال : أنت طالق ثلاثا بمأة ، هل يقع بذلك طلاق أم لا؟

الجواب : إذا قال الزوج ذلك ، طلقت المرأة بواحدة ، وكانت عليها المأة ، لأن التلفظ بالطلاق الثلاث عندنا لا يقع منه الا طلقة واحدة ، والزوجة لم تطلب منه الثلاث ، فلا يلزم ذلك لو كان الثلاث يصح ، وكيف وهو عندنا لا يصح.

٦٣٧ ـ مسألة : إذا قالت له : طلقني طلقة بمأة ، فقال : أنت طالق بمأة ، وطالق وطالق ، ما الذي يقع من ذلك؟

الجواب : الذي يقع من ذلك ، هو الأولى ، لأن العوض حصل في مقابلتها ،

__________________

(١) البقرة : ٢٢٩


والثانية والثالثة لم يقع منها شي‌ء ، لأنه طلقها بعد ان بانت الزوجة بالأولى ، وطلاق البائن باطل. (١)

٦٣٨ ـ مسألة : إذا قالت له : طلقني بمأة ، فقال لها : أنت طالق وطالق ، ولم يذكر المأة ، كيف القول في ذلك؟

الجواب : القول في ذلك ان نقول ، انها طلقت بالمأة ، فان المأة في مقابلة الأولى ، وكانت المرأة بائنا بها ، ولم تقع الثانية ولا الثالثة ، لمثل ما ذكرناه أولا في المسألة المتقدمة ، وان قال في مقابلة الثانية ، كانت الأولى رجعية ، ولم تقع الثانية ولا الثالثة ، وان قال في مقابلة الثالثة ، كانت هذه التطليقة واقعة وبطلت الثانية والثالثة.

٦٣٩ ـ مسألة : إذا قال لها : خالعتك على ما في هذا الظرف من الخل ، فخرج خمرا ، هل وقع الخلع أم لا ، فان وقع ، فهل تقبض الخمر أم لا؟

الجواب : إذا قال لها ذلك ، صح الخلع ، لأنه في مقابلة ما يصح تملكه وبذله في ذلك ، فاما إذا ظهر ان الخل خمر ، فان الواجب ، قبض بدل الخمر خلا ، لأن الخل له مثل فيجب فيه ذلك.

٦٤٠ ـ مسألة : إذا كانت له زوجتان ، فقالتا له : طلقنا بمأة ، فطلقهما على الفور ، ثم ارتدتا بعد ذلك ، هل يصح ذلك أم لا؟ فان صح ، كيف القول في كيفية قبض المأة منهما؟

الجواب : إذا طلقهما على ما ذكرنا ، كان الطلاق صحيحا ، ووقع بائنا ، والردة غير مؤثرة في ذلك ، لأنها حدثت بعد ثبوت عقد الخلع ، واما كيفية قبض المأة ، فإنه يجب عندنا ان يقبض من كل واحدة منهما النصف من ذلك.

٦٤١ ـ مسألة : إذا قال لزوجته : طلقتك بمأة وأنت ضامنة لذلك ، وأنكرت الزوجة ما ادعى به عليها ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم فيه ، ان البينونة صحيحة ، لاعتراف الزوج وإقراره بذلك ، واما ما ادعى به على الزوجة ، فالقول قولها مع يمينها ، لأنه يدعي عليها

__________________

(١) وفي نسخة : وطلاق الثانية والثالثة باطل.


عقد معاوضة ، والأصل ان لا عقد ، هذا إذا لم تثبت له بينة على دعواه ، فان (١) ثبتت له على ذلك بينة ، حكم له بها.

__________________

(١) وفي نسخة : فاما ان ثبتت.


باب مسائل تتعلق بالطلاق :

٦٤٢ ـ مسألة : إذا قال الزوج لزوجته : أنت طالق ، ولم ينو الفرقة والبينونة ، هل يقع الطلاق أم لا؟

الجواب : الطلاق عندنا لا يقع إلا بنية ، فمتى تعرى من ذلك لم يقع ، لقول رسول الله (ص) : إنما الأعمال بالنيات (١).

٦٤٣ ـ مسألة : إذا قال لها : أنت طالق ان قام « زيد » أو ان دخل « عمرو » الدار ، هل يقع الطلاق أم لا؟

الجواب : إذا قال لها ذلك ، لم يقع طلاقه ، لأنه علقه بشرط ، وكل طلاق علق بشرط ، فإنه عندنا لا يصح ولا يقع.

٦٤٤ ـ مسألة : إذا قال لها : أنت طالق ملأ البلد ، أو ملأ الدنيا ، هل يقع الطلاق أم لا؟

الجواب : إذا كان على الشرائط ، وقصد (٢) نية الفرقة ، وقعت طلقة رجعية ، وان لم يكن على ذلك لم يقع شي‌ء ، وكذلك لو قال لها : بألف طالق ، أو بمأة طالق ، لأن الباب في ذلك كله ، واحد.

٦٤٥ ـ مسألة : إذا قال لها : ان بدئتك بكلام فأنت طالق ، فقاله : له : ان بدئتك بكلام فعبدي حر ، هل يقع طلاق وعتق ان بدء أحدهما بصاحبه

__________________

(١) الوسائل ج ١ ص ٣٤ ب ٥ أبواب مقدمة العبادات ح ١٠.

(٢) وفي النسخة الرضوية : وحصلت نية الفرقة.


أم لا؟

الجواب : لا يقع ها هنا طلاق ولا عتق ، لأنهما جميعا عندنا لا يقعان بشرط ، وذلك مشروط.

٦٤٦ ـ مسألة : إذا قال لها : أنت طالق طلاق الجرح والسنة ، أو طلاق الجرح ، أو لرضى فلان ، هل يقع طلاق أم لا؟

الجواب : اما قوله : أنت طالق طلاق الجرح والسنة أو طلاق الجرح أو لرضى فلان ، فإنه ان كانت النية حاصلة والشروط وقعت طلقة واحدة رجعية ، وان لم يكن ذلك حاصلا ، لم يقع شي‌ء ، فان قال : أردت بقولي لرضى فلان ، ان رضى فلان كان الطلاق أيضا غير واقع ، لأنه يكون بشرط ، والطلاق عندنا لا يقع بذلك كما ذكرناه في غير موضع.

٦٤٧ ـ مسألة : إذا قال لزوجته : أنت طالق ، وقال : أردت أن أقول : أنت طاهر ، أو قال لها : طلقتك ، وقال : أردت أقول : أمسكتك ، فسبق لساني بذلك ، هل يقع (١) طلاق أم لا؟

الجواب : إذا قال ما ذكر في المسألة ، قبل قوله في الحكم ، والباطن فيما بينه وبين الله تعالى ، لقول النبي (ص) : الأعمال بالنيات (٢). وأيضا فاللفظ لا يكون مفيدا لما وضع له في اللغة إلا بالنية والقصد ، فإذا قال : ما نويت ، قبل قوله.

٦٤٨ ـ مسألة : هل يصح ان ينوي الرجل بقوله : أنت طالق ، أكثر من طلقة واحدة أم لا؟

الجواب : لا يصح ان ينوي بذلك أكثر من طلقة واحدة ، وان نوى أكثر منها لم يقع غير الواحدة ، لأن الأصل ، بقاء العقد ، ووقوع الواحدة بصريح الطلاق مع النية مجمع عليه ، وما زاد على ذلك بغير الصريح ، ليس عليه دليل (٣) ، فصح

__________________

(١) وفي النسخة الرضوية هل يصح طلاق

(٢) الوسائل ج ١ ـ ص ٣٤ ب ٥ ـ أبواب مقدمة العبادات ح ٥

(٣) وفي نسخة : وما زاد على ذلك وبغير الصريح ليس له عليه دليل.


ما ذكرناه.

٦٤٩ ـ مسألة : رجل طلق زوجته طلقة رجعية ، وارتجعها قبل انقضاء عدتها ، ولم تعلم بالرجعة ، فقضت عدتها وتزوجت رجلا آخر ، ثم حضر الزوج ، وادعى انه ارتجعها في عدتها ، وثبت ذلك له ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا ثبت له ارتجاعها قبل انقضاء عدتها ، بطل نكاحها من الزوج الثاني ، دخل بها أو لم يدخل ، لأنه تزوج بامرأة لها زوج ، وذلك لا يجوز ، وأيضا فلا خلاف انه لو لم يدخل الثاني بها لردت على الأول ، وإذا ثبت له الرجعة ثبتت الزوجية ، وبطل النكاح الثاني ، كما قدمناه.

٦٥٠ ـ مسألة : هل يصح الإيلاء من الذمي أم لا؟

الجواب : يصح ذلك منه لقول الله تعالى وتبارك « لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ » (١) ، وهذا عام في الذمي والمسلم.

٦٥١ ـ مسألة : إذا قال له رجل : فارقت زوجتك ، قال : نعم ، هل يقع طلاق أم لا؟

الجواب : إذا قال لك حكم بطلقة واحدة ، لإقراره بإيقاعه بها ، فان قال : إنما أردت بقولي « نعم » الإقرار بطلاق تقدم منى قبل هذه الزوجية ، وصدقته المرأة ، فالأمر على ما ذكره ، وان كذبته ، كانت عليه البينة ، لأن ذلك غير متعذر ، وان لم تكن له بينة ، كان القول قوله مع يمينه.

٦٥٢ ـ مسألة : إذا كانت له زوجة ، فقال له آخر : ألك زوجة؟ فقال : لا ، هل يقع بذلك طلاق أم لا؟

الجواب : لا يقع بذلك طلاق ، لأنه كاذب.

٦٥٣ ـ مسألة : إذا قال لزوجته : أنت طالق واحدة في اثنين ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا قال ذلك ، ونوى الطلاق ، وقعت واحدة رجعية ، كان عارفا بالحساب والضرب ، أولا يكون عارفا بذلك.

__________________

(١) البقرة : ٢٢٦


٦٥٤ ـ مسألة : إذا قال لها : أنت طالق واحدة لا تقع عليك ، هل يقع طلاق أم لا؟

الجواب : إذا قال ذلك لم يقع طلاق ، لعدم النية منه لذلك.

٦٥٥ ـ مسألة : إذا قال لها : أنت طالق لا ، هل يقع طلاق أم لا؟

الجواب : إذا نوى الإيقاع مع هذا القول ، وقعت واحدة ، وان قال : إنما أردت بقولي : « لا » انه لا يقع ، قبل قوله.

٦٥٦ ـ مسألة : إذا قال لها : أنت طالق طلقة ، قبلها طلقة ، هل يقع بذلك طلاق أم لا؟

الجواب : إذا قال ذلك ، وقعت طلقة واحدة رجعية مع النية لذلك ، وقوله « قبلها طلقة » عندنا لغو لا تأثير له.

٦٥٧ ـ مسألة : إذا قال لها : أنت طالق نصف طلقة ، أو ربع طلقة ، أو ثلث طلقة ، أو ما أشبه ذلك ، هل يقع من ذلك طلاق أم لا؟

الجواب : لا يقع من ذلك شي‌ء ، لأن الطلقة لا تتبعض ، ولأنه بقوله ذلك غير منو للطلاق ، لما ذكرناه ، وهو مذهب شيخنا « المرتضى » رحمه‌الله. وذهب الشيخ « أبو جعفر الطوسي » إلى وقوع واحدة مع النية (١).

٦٥٨ ـ مسألة : إذا قال لها : أنت طالق ثلاثا إلا طلقة ، هل يقع من ذلك طلاق أم لا؟

الجواب : إذا قال ذلك ، وقعت واحدة مع النية ، لأن الاستثناء بغير مشية الله تعالى لا يدخل عندنا في الطلاق ، مشية الله تعالى إذا دخلته فإنها تحله كما تحل الإقرار والأيمان والعتق.

٦٥٩ ـ مسألة : إذا قال لها : أنت طالق طلقة لا بل طلقتين ، ما الذي يقع من ذلك؟

__________________

(١) لم نجد في كتب الشيخ ما حكاه عنه ، نعم قال الشيخ في المبسوط ج ٥ ص ٥٨ « فان قال : أنت طالق نصفا وثلثا وسدسا ولم يزد على هذا ونوى بالأول الإيقاع وقعت واحدة » والعبارة ترمى الى ما إذا كانت الكسور وافية بالطلاق الواحد وهو غير ما ذكره المصنف حيث ان الكسور فيه جزء من الواحد وليست تمامه.


الجواب : إذا قال ذلك ، وكانت الشروط حاصلة ، وقعت طلقة واحدة رجعية ، فإن قيل : أليس لو قال : لفلان على درهم لا بل درهمان ، لزمه درهمان؟

فما أنكرتم من مثل ذلك فيما ذكره في الطلاق ، والا فما الفرق بينهما؟ قلنا : الفرق بين ذلك ، ان إيقاع الطلقتين في وقت واحد عندنا لا يصح ، ويصح ذلك في الإقرار.

٦٦٠ ـ مسألة : رجل له زوجتان ، الواحدة اسمها « هند » ، والأخرى اسمها « نعم » فقال : يا « هند » ، وقالت له « نعم » : لبيك ، فقال : أنت طالق ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر ، سئل هذا الرجل عمن نواه ، فان قال : علمت ان « نعما » اجابتنى ، الا اننى وجهت الطلاق الى « هند » دون « نعم » ، قبل قوله ، وطلقت « هند » ولم تطلق « نعم » ، فان قال : لم اعلم ان التي اجابتنى « نعم » ، وظننت انها « هند » ، فطلقت التي اجابتنى ظنا منى بأنها « هند » ، وقع الطلاق على « هند » ولم تطلق « نعم » ، لأن المدعى والقصد والنية منه الى من عينه ، والتي عينها وقصد ونوى طلاقها « هند » ، فوقع طلاقها دون أخرى.


باب مسائل تتعلق بالظهار واللعان :

٦٦١ ـ مسألة : هل يصح من الكافر الظهار أم لا؟

الجواب : لا يصح منه ذلك ، ولا التكفير أيضا ، لأن الظهار حكم شرعي ، والجاحد للشرع لا يصح ذلك منه ، ولا يصح منه الكفارة عن ذلك أيضا ، لأنها عبادة تفتقر فيها إلى نية القربة ، والكافر لا يصح منه مع كفره التقرب الى الله تعالى ، وإذا لم تصح الكفارة منه ، لم يصح الظهار منه ، لأنه لم يفرق بينهما أحد.

٦٦٢ ـ مسألة : هل يصح الظهار بالمملوكة أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ، لقول الله تبارك وتعالى « وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ » (١) ، ولم يفرق بين مملوكه وغيرها.

٦٦٣ ـ مسألة : إذا قال الرجل لزوجته : أنت على كظهر أمي ، ونوى بذلك الطلاق ، هل يكون ذلك ظهارا أو طلاقا؟

الجواب : لا يكون ذلك ظهارا ولا طلاقا ، لأن الطلاق عندنا ، لا يقع بشي‌ء من الكنايات ، والظهار أيضا لا يقع الا بالقصد اليه دون القصد الى غيره.

٦٦٤ ـ مسألة : إذا كان زوج المرأة صبيا ، فقال لها : يا زانية ، هل يكون ذلك منه قذفا لها أم لا؟ فان لم يكن قذفا ، فهل له ان يلاعن إذا بلغ أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك قذفا ، ولا يجب عليه به حد ، لقول رسول

__________________

(١) المجادلة : ٣


الله (ص) : رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم (١). واما اللعان عند بلوغه إذا أراده ، فليس له ذلك ، لأن اللعان انما يكون لتحقيق القذف ، وقد بينا القول بأنه لا قذف له.

٦٦٥ ـ مسألة : إذا اتى الملاعن بلفظ الحلف بدلا من لفظ الشهادة في اللعان فقال : اقسم بالله ، أو احلف بالله ، هل يكون ذلك مجزيا له أم لا؟

الجواب : إذا اتى بذلك على ما ذكر ، لم يكن مجزيا له ، لأنه خلاف النص وذلك لا يجوز.

٦٦٦ ـ مسألة : إذا كان المتلاعنان يعرفان الكلام بالعربية والعجمية فبأيهما يوقعان اللعان؟

الجواب : إذا كانا يعرفان ذلك ، أوقعا اللعان بالعربية دون العجمية ، لأنها لفظ القرآن ، ولا ينبغي مع الاختيار العدول عن ذلك ، وان كانا لا يعرفان العربية ، أو أحدهما جاز حينئذ ان يوقعه (٢) من لا يعرفها با العجمية.

٦٦٧ ـ مسألة : إذا ولدت المرأة ولدين توأمين ، اما في دفعة واحدة ، أو ولدت أحدهما بعد الأخر ، فهل لزوجها ، ان ينفى عنه أحدهما دون الأخر أم لا؟

الجواب : إذا كان الأمر على ذلك ، وأراد نفى أحدهما لم يصح ، بل إذا أقر بالواحد لحقه الأخر ، ولم يجز له ان ينفيه عن نفسه ، لأنهما حمل واحد ، والحمل الواحد لا يكون من اثنين ، وإذا لم يكن من اثنين ، وأقر بأحدهما لحق الأخر به ، وان أراد نفى الحمل جملة من غير إقرار بأحدهما دون الأخر ، كان ذلك جائزا.

٦٦٨ ـ مسألة : إذا تزوج رجل أمة ، وأتت بولد ، فقذفها ولا عنها ، وبانت باللعان منه ، ثم عادت اليه بالملك ، هل يجوز له وطأها أم لا؟

الجواب : لا يجوز له وطأها بملك اليمين ، لقول رسول الله (ص) : المتلاعنان لا يجتمعان ابدا (٣).

__________________

(١) الوسائل ج ١ ـ ص ٣٢ ـ ب ٤ ـ أبواب مقدمة العبادات ح ١٠ ( روى عن على (ع) وبحار الأنوار ج ٥ ص ٣٠٣ من طبع الحديث وهو أيضا عن علي (ع)

(٢) وفي نسخة : ان يوقعها

(٣) عوالي اللئالى ج ٣ ص ٣٣٥


٦٦٩ ـ مسألة : إذا قال رجل لزوجته : يا زانية ، فقالت له : زنيت بك ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا قال لزوجته ما ذكر في المسألة ، كان الزوج قاذفا للزوجة ، لأن قوله : يا زانية ، صريح في القذف ، ولا يحتمل سواه ، واما قول الزوجة : زنيت بك ، فليس بصريح في القذف ، ولأنه يحتمل ثلاثة أوجه :

منها : القذف ، ومعناه أنها أرادت : أنك زنيت بي قبل عقدك النكاح على ، فأنت زان فانا زانية.

ومنها : ان تكون أقرت على نفسها بالزنا ، من غير قذف لزوجها ، ويكون مرادها بذلك ، انك وطئتني ، وأنت ظان بأنني زوجتك ، مع علمي بأنك أجنبي ، فكنت انا زانية ، وأنت غير زان.

ومنها : ان لا تكون أقرت بالزنا ، ولا قذفته ، بل أرادت الجحود والنفي ، كأنها قالت في مقابلة قوله لها : يا زانية : زنيت بك ، تريد ما زنيت انا ولا أنت ، مثل ان يقول القائل لغيره : تعديت ، فيقول في مقابلة ذلك : تعديت معك ، ويقول لغيره : يا سارق ، فيقول في مقابلة ذلك : معك سرقت ، ومع احتمال القول لما ذكرناه ، لا يكون صريحا في القذف ، وعلى هذا يكون الزوج كما قدمناه قاذفا دون الزوجة ، ويجب الحد عليه بذلك ، ويرجع الى الزوجة فيما قالته.

فان قالت : أردت الوجه الأول ، كانت مقرة بالزنا على نفسها ، وقذفت بالزنا ، فيسقط عن الزوج حد القذف ، ويلزمها بإقرارها حد الزنا ، ويجب عليها حد القذف للزوج بقذفها له بذلك.

وان قالت : أردت الوجه الثاني ، وهو : أن زنيت انا ولم تزن أنت ، كانت مقرة على نفسها بالزنا ، ولم تقذف زوجها ، فيسقط عن الزوج حد الزنا بإقرارها ، ولا يلزمها حد القذف ، لأنها ما قذفته ، فان ادعى زوجها أنها أرادت قذفه ، كان القول قولها مع يمينها ، لأنها اعلم بما إرادته في نفسها ، فان حلفت سقطت دعواه ، وان نكلت عن اليمين ، ردت على الزوج ، فان حلف تحقق القذف عليها ، ووجب عليها الحد.


فان قالت : أردت الوجه الثالث ، الذي هو الجحود والنفي ، فالحد قد وجب على الزوج بقذفه الا ان يسقط بالبينة أو باللعان ، والمرأة ما أقرت بالزنا ولا بقذف ، فلا يجب عليها حد زان ولا حد قذف ، فان صدقها زوجها على ذلك ، كان عليه الحد الا ان يسقطه بالبينة ، وان أكذبها وقال : انها أرادت القذف ، كان القول قولها مع يمينها ، فإذا حلفت سقطت دعواه ، وان نكلت عن اليمين رددناها عليه ، فان حلف تحقق عليها بيمينه الإقرار بالزنا ، وقذفها له ، ويسقط عنه حد القذف ، ويجب عليها حد القذف الا انه لا يلزمها حد الزنا ، لأنه لا يجب بالنكول أو اليمين.

٦٧٠ ـ مسألة : إذا كان لرجل اربع زوجات ، فقذفهن ، ووجب عليه الحد ، وكان له ان يسقطه باللعان ، فهل يلاعن جميعهن في حال واحدة ، أو يلاعنهن مفردات؟

الجواب : إذا قذف الأربع ، لم يجز له ان يلاعنهن دفعة واحدة ، بلا يلاعن كل واحدة منهن مفردة ، لأن اللعان بيمين ، واليمين لا يصح في حق جماعة ان يتداخل ، بغير خلاف.

٦٧١ ـ مسألة : المسألة بعينها ، ولم يقع منهن رضا بأن يبتدأ بواحدة منهن في اللعان ، وتشاححن في ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا لم يحصل الرضا ممن يتقدم في اللعان ، وحصلت المشاحة في ذلك ، أقرع بينهن فمن خرج اسمه منهن ابتدأ بملاعنتها.

٦٧٢ ـ مسألة : إذا قذف الرجل زوجته بالزنا ، ولم يلاعن ، وحد على ذلك ، ثم قذفها بذلك الزنا ، فهل يجب عليه حد آخر أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه حد آخر ، لأن كذبه قد ثبت بالعجز عن البينة ، والقذف انما يكون بان يحتمل الصدق والكذب ، وهذا قد حكم بكذبه.

٦٧٣ ـ مسألة : المسألة إذا قذفها بذلك ولاعنها ، ثم قذفها ثانيا بذلك الزنا ، هل يجب عليه حد أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه حد ، لأنه باللعان قد حكم بصدقه ، والقذف انما


يكون ، كما قدمناه ، بان يحتمل الصدق والكذب.

٦٧٤ ـ مسألة : إذا قذف الرجل امرأة ، واختلفا ، فقال الرجل للمرأة :

قذفتك وأنت صغيرة ، فعلى التعزير ، وقالت المرأة : بل قذفتني وانا كبيرة ، فعليك الحد ، ولم تكن لأحدهما بينة ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا لم تكن لأحدهما بينة ، كان القول قول الرجل مع يمينه ، لأن الأصل الصغر ، فإذا حلف لم يحد بل يعزر ، ويعاد الى اللعان ، فينظر فيه ، فان كان القذف وقع منه وهي من الصغر في حد لا يوطؤ مثلها معه ، كان تعزيره تعزيرا ادبيا ، ولم يجز له ان يسقطه باللعان ، وان كانت في حد يوطؤ مثلها معه ، كان عليه التعزير ، وعليه ان يلاعن ليسقطه به.

٦٧٥ ـ مسألة : المسألة بعينها ، وشهد للمرأة شاهدان : بأنه قد قذفها وهي كبيرة ، وشهد للرجل شاهدان : بأنه قذفها وهي صغيرة ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كانت البينتان مورختين تاريخا مطلقا ، كان الحكم لبينة المرأة ، لأنها أثبتت ما أثبتت البينة الأخرى وزيادة ، فوجب تقدمها ، لزيادتها ، وان كان التاريخ تاريخا واحدا ، كانتا متعارضتين ، وحكم في ذلك بالقرعة.


باب مسائل تتعلق بالعدد :

٦٧٦ ـ مسألة : إذا لزمت الزوجة العدة بالطلاق ، واستحقت السكنى لذلك ، فهل تستحقه في منزل الزوج أو غيره؟

الجواب : إذا استحقت ذلك بالطلاق الذي تستحق به السكنى ، استحقت في منزل الزوج ، لقول الله سبحانه « لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ » (١) ، يعني بذلك البيت الذي تسكنه المرأة ، وليس بملك لها ، بدليل انه تعالى نهى عن إخراجها منه الا مع إتيانها « بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ » ، والذي يكون ملكا لها لا يجوز أن تخرج منه على حال.

٦٧٧ ـ مسألة : المسألة وباع الزوج المنزل ، ما حكمها في تكميل عدتها فيه ، وفي بيعه؟

الجواب : إذا كانت الزوجة معتدة بالأقراء أو بالحمل ، وباع زوجها المنزل لم يصح بيعه لذلك ، لأن مدة استحقاق البائع مجهولة ، واستثناء منفعة مجهولة في بيع لا يصح. وان كانت معتدة بالشهور ، فالبيع يصح ويجرى مجرى البيع مع الإجارة في انه لا يفسدها عندنا ، فكما للمستأجر تكميل المدة ، فكذلك يكمل المدة مع المعتدة.

٦٧٨ ـ مسألة : المسألة وباع الزوج وعليه دين ، ما الحكم في ذلك؟

__________________

(١) الطلاق : ١.


الجواب : إذا كان عليه دين وباع المنزل ، وكانت المطلقة قد استحقت السكنى وما حجر عليه ، فهي أحق بالسكنى (١) من صاحب الدين ، لأن حقها يختص بعين المنزل ، وحقوقهم لا يختص به.

وان كان قد حجر عليه ثم طلقت الزوجة واستحقت السكنى كانت هي كالغرماء ، ولم تقدم عليهم ، لأن حقهم مقدم على حقها ، فيسوى بينهم وبينها لذلك.

٦٧٩ ـ مسألة : إذا طلق الرجل زوجته ، واستحقت السكنى في منزله المملوك ، ومات المطلق قبل انقضاء عدتها ، وورث الميت جماعة ، وأرادوا قسمة المنزل ، هل يصح ذلك لهم أم لا؟

الجواب : لا يصح لهؤلاء الوراث قسمة ذلك الا بعد ان تقضى العدة ، لأن المرأة استحقت السكنى في الدار على الصفة التي هي عليها ، فليس لهم تغيير ذلك عما هو عليه الا بعد زوال استحقاقها بتقضي مدة عدتها.

٦٨٠ ـ مسألة : إذا أمر الرجل زوجته بالخروج الى بعض الأمصار ، وأطلق ذلك فخرجت ، ثم اختلفا فقالت الزوجة : نقلتني ، وقال الزوج : لا انقلك ، كيف القول في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على ما ذكر ، كان القول قول الزوج ، ووجب عليها الرجوع الى المنزل فتعتد فيه ، لأن الاختلاف الحادث بينهما اختلاف في نية الزوج ، وهو اعلم بما اراده من ذلك.

٦٨١ ـ مسألة : المسألة بعينها ، ومات الزوج ، واختلفت الزوجة مع الوارث ، ما الجواب؟

الجواب : إذا كان الأمر على ذلك ، كان القول قول الزوجة ، لأنها والوارث قد تساويا في فقد العلم بما اراده الزوج ، وظاهر قوله موافق لدعوى الزوجة ، لأن قوله لها : أخرجي الى المصر الفلاني ، ظاهره النقل (٢) ، فوجب ما

__________________

(١) وفي نسخة : فهي أحق ما تسكن من صاحب الدين.

(٢) وفي نسخة : ظاهره النقلة.


ذكرناه.

٦٨٢ ـ مسألة : إذا ابتاع العبد المأذون له في التجارة بالدين جارية واستبرأت ، هل يجوز لسيده وطؤها أم لا؟

الجواب : إذا كان على العبد دين لم يجز له وطؤها ، لحق الغرماء ، فان قضى الدين ، جاز له ذلك ، وان لم يكن على العبد دين ، كان له وطؤها ، لأنها مملوكة ، ولم يتعلق بها حق الغير.

٦٨٣ ـ مسألة : إذا باع الرجل جارية ، ثم بان بها حمل ، وادعى انه منه ، هل تقبل دعواه ، ويلحق به الولد أم لا؟

الجواب : ان صدقه المشتري فيما ادعاه ، الحق به الولد ، وانفسخ البيع ، وان كذبه ، وكان قد أقره في وقت البيع بوطأها ، وأتت بالولد بعد الاستبراء لأقل من ستة أشهر ، لحق الولد به وصارت الجارية أم ولده ، وانفسخ البيع ، وان أتت به ، لأكثر من ستة أشهر من وقت الاستبراء ، لم يلحق الولد به ، بل يكون مملوكا له ، ثم يتأمل حاله ، فان كان المشتري لم يطأها وأتت بالولد لأقل من ستة أشهر من وقت الوطأ ، لم يلحق به ، وان أتت به لستة أشهر أو أكثر من ذلك ، كان لاحقا به ، فتكون الجارية أم ولده ، وان كان البائع والمشتري وطئاها جميعا ، من غير ان يستبرء بها واحد منهما ، يستخرج واحد منهما بالقرعة ، فمن خرج ، الحق الولد به ، وان كذب المشتري البائع ، ولم يكن البائع أقر في وقت البيع بأنه قد وطأها ، لم يقبل إقراره ، لأن الملك قد انتقل إلى المشتري في الظاهر ، فلم يقبل قوله في إقراره فيما هو ملك لغيره.


باب مسائل تتعلق بالرضاع :

٦٨٤ ـ مسألة : إذا كانت لرجل زوجة طفلة ، لم تبلغ سنتين ، وأرضعتها امه في هذه المدة ، هل ينفسخ العقد ويحرم على الزوج نكاحها أم لا؟

الجواب : إذا أرضعتها أمه الرضاع المعتبر في التحريم في هذه المدة انفسخ العقد وحرم على الزوج نكاحها ، لأن أمه إذا أرضعته بلبن أبيه ، فكانت هي أخته من أبيه وامه ، وان أرضعتها من غير لبن أبيه ، كانت أخته لأمه ، ولا يجوز ان يثبت كونها زوجة له ، ولا يحل له نكاحها مع ذلك ، لأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، ولا إشكال في ان من كان بمنزلة من ذكرناه من النسب انه يحرم نكاحه.

٦٨٥ ـ مسألة : المسألة ، وأرضعتها زوجة ولده ، هل ينفسخ نكاحها ، ويحرم وطأها أم لا؟

الجواب : إذا أرضعتها بلبن ولده ، انفسخ نكاحها ، وحرم عليه وطؤها ، لأنه يصير جدها ، وتصير هي ابنة ابنه ، وذلك محرم من الرضاع ، لأن مثله يحرم من النسب ، وان أرضعتها من لبن غير ولده ، كانت ربيبة ولده ، وكان النكاح ثابتا بحاله ، لأن له ان يتزوج بربيبة ولده.

٦٨٦ ـ مسألة : المسألة ، وأرضعتها جدته ، هل ينفسخ النكاح [ أم لا؟ ] (١) ويحل له وطؤها أم لا؟

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.


الجواب : إذا أرضعتها جدته انفسخ النكاح ، وحرم وطؤها عليه ، لأنها حينئذ تكون خالته ، والخالة لا يجوز ذلك عليها.

٦٨٧ ـ مسألة : المسألة ، وأرضعتها أخته ، هل ينفسخ نكاحها ويحرم وطؤها عليه أم لا؟

الجواب : إذا أرضعتها أخته ، حرم عليه وطؤها ، وانفسخ نكاحها ، لأنها تصير بنت أخته ، ويصير هو خالها ، وهو أيضا مما لا يثبت معه عقد ، ولا يصح فيه وطؤ.

٦٨٨ ـ مسألة : المسألة ، وأرضعتها زوجة أخيه ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : ان كانت أرضعتها بلبن أخيه ، صار هو عمها وانفسخ النكاح وحرم الوطؤ ، لأن العم لا يصح فيه ذلك مع بنت أخيه ، وان كانت أرضعتها بغير لبن أخيه ، لم ينفسخ النكاح ولم يحرم الوطؤ ، لأنها حينئذ تصير ربيبة أخيه ، وله ان يعقد على من كان كذلك.

٦٨٩ ـ مسألة : المسألة ، وأرضعتها زوجة أبيه ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كانت أرضعتها بلبن أبيه انفسخ النكاح وحرم الوطؤ ، لأنها تصير أخته ، ونكاح الأخت لا يجوز ، وان كانت أرضعتها بلبن غير أبيه ، لم ينفسخ النكاح ولا يحرم الوطؤ ، لأنها تصير ربيبة أبيه ، وله ان يعقد النكاح على من كان كذلك.

٦٩٠ ـ مسألة : المسألة ، وأرضعتها زوجة خاله ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أرضعتها زوجة خاله ، لم ينفسخ النكاح ولا يحرم الوطؤ ، لأن ذلك جائز له مع بنت الخال.

٦٩١ ـ مسألة : المسألة ، إذا أرضعتها زوجة عمه ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أرضعتها زوجة عمه لم ينفسخ النكاح ولا يحرم الوطؤ ، لأنها تصير بذلك بنت عمه ، وذلك جائز له مع بنت العم.

٦٩٢ ـ مسألة : المسألة ، وأرضعتها خالته ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أرضعتها خالته لم يحرم الوطؤ ولم ينفسخ النكاح ، لأنها تصير


بذلك بنت خالته ، وتزويج بنت الخالة جائز.

٦٩٣ ـ مسألة : المسألة ، وأرضعتها عمته ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أرضعتها عمته لم ينفسخ النكاح ولم يحرم الوطؤ ، لأنها حينئذ تكون بنت عمته ونكاحه لمن كان كذلك جائز.

٦٩٤ ـ مسألة : إذا كانت له زوجتان : طفلة وكبيرة ، فأرضعت الكبيرة الطفلة ، ما الحكم في ذلك (١)؟

الجواب : فان كان كذلك ، انفسخ نكاح الزوجتين جميعا ، لأنه يكون قد جمع بين الأم وبنتها ، وذلك لا يجوز ، ولا يجوز له ان يعقد على الكبيرة ابدا عقد النكاح ، لأنها بذلك قد صارت من أمهات أزواجه ، والصغيرة يحرم (٢) عليه العقد عليها ابدا ، وان كان (٣) قد دخل بالكبيرة [ والا ] (٤) فله ان يعاود العقد عليها في المستأنف.

٦٩٥ ـ مسألة : إذا كانت لرجل زوجتان ، الواحدة منهما كبيرة ، والأخرى صغيرة لم تتم سنتين ، والكبيرة لها لبن من غيره ، وطلقهما جميعا ، وتزوج بهما رجل آخر ، ثم أرضعت الكبيرة الصغيرة ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : حكم هؤلاء ان ينفسخ نكاحهما ، لأن الزوج يصير بذلك جامعا في النكاح بين امرأة وبنتها ، وذلك لا يجوز ، وتحرم الكبيرة على الأول والثاني ابدا ، اما الأول ، فلأنها تصير أم من كانت زوجته ، واما الثاني فلأنها تصير أم من هي زوجته ، وذلك لا يجوز في النكاح.

وان كان الزوجان جميعا دخل كل واحد منهما بالكبيرة ، حرمت الصغيرة عليهما أبدا ، لأنها بنت زوجته وذلك لا يجوز وان كان قد دخل بها أحدهما دون الأخر ، حرمت ابدا على الذي دخل بها دون الذي لم يدخل بها ، وان كان لم

__________________

(١) وفي نسخة : ما الحكم فيها.

(٢) في المطبوع : « لا يحرم » وهو تصحيف.

(٣) هكذا في جميع النسخ والظاهر زيادة « الواو ».

(٤) ما بين المعقوفتين منا ولا بد منه كما هو ظاهر لمن لاحظ المبسوط ج ٥ ص ٢٩٨.


يدخل بها واحد منهما ، لم تحرم على واحد منهما ، وجاز لهما ان يستأنفا العقد عليها. (١)

٦٩٦ ـ مسألة : إذا كانت لرجل زوجة صغيرة لم تكمل سنتين ، ولرجل آخر زوجة كبيرة ، وطلق كل واحد منهما زوجته ، وتزوج كل واحد منهما بزوجة الأخر ، وأرضعت الكبيرة الصغيرة ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك ان الكبيرة تحرم على كل واحد من هذين الزوجين ابدا ، اما انها تحرم على زوج الصغرى ، فلأنها بذلك تصير أم زوجته ، واما على زوج الكبرى ، فإنها أم من كانت زوجته ، وذلك في النكاح لا يجوز ، واما الصغيرة ، فالقول في تحريمها عليهما ، أو على واحد منهما ، ان كانا جميعا أو واحدا منهما دخل بالكبيرة ، وفي فسخ نكاحها على من هي الآن زوجته على ما قدمناه في المسألة المتقدمة على هذه المسألة.

٦٩٧ ـ مسألة : إذا ولدت المرأة من زنا ، وأرضعت بلبنها مولودا لغيرها ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أرضعت هذه المرأة بهذا اللبن مولودا لغيرها ، لم يثبت ها هنا حكم للرضاع ، لأن النسب إذا لم يثبت لم يثبت الرضاع ، وهذه المرأة لا تكون أما للذي ولدته شرعا ، ولا ترثه بحال ، واما الزاني بها فليس أبا له شرعيا أيضا ، فلم يثبت بالرضاع حكم كما ذكرناه.

٦٩٨ ـ مسألة : رجل جرى في ثدييه لبن فارضع به مولودا لغيره العدد المعتبر في التحريم ، هل يكون لرضاعه هذا حكم أم لا؟

الجواب : لا حكم لهذا الرضاع ، لأنه لا ينشر الحرمة ، ولا خلق غذاء للمولود ، فلم يثبت له حكم ، وجرى مجرى لبن البهائم في ذلك.

٦٩٩ ـ مسألة : إذا ظهر من ثدي خنثى ، أو من هو مشكل ، لبن ، فارضع به مولودا ، هل يكون له حكم أم لا؟

الجواب : لا حكم لذلك ، لأن اللبن انما تكون له حرمة بأن يكون لبن

__________________

(١) وفي نسخة : وجاز له ان يستأنف العقد عليها.


ولادةٍ ، واما ان كان على غير ذلك ، فلا ينشر الحرمة ، فلم يثبت للرضاع حكم.


باب مسائل تتعلق بالعتق والمكاتبة :

٧٠٠ ـ مسألة : إذا اوصى إنسان إلى غيره فقال : ضع عن مكاتبى أكثر ما بقي عليه من مال المكاتبة ، فكم يجب وضعه عنه من هذا المال؟

الجواب : إذا اوصى بذلك ، وجب ان يضع عنه نصف ما عليه من مال المكاتبة (١) وزيادة على ذلك ، لأن أكثر الشي‌ء نصفه وزيادة عليه.

٧٠١ ـ مسألة : المسألة بعينها ، ان قال : ضع عنه أكثر ما بقي عليه ، ومثل نصفه ، كم يجب ان يضع عنه؟

الجواب : الذي يجب وضعه عنه نصف وربع ما بقي وزيادة ، ونصف ذلك هو الربع وزيادة.

٧٠٢ ـ مسألة : المسألة ، إذا اوصى فقال : ضعوا عنه أكثر ما بقي عليه ومثله ، كيف يكون الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اوصى بذلك ، كان قد أوصى بزيادة على مال الكتابة ، فيجب ان يسقط عنه جميع الباقي ، لأن الباقي هو النصف وزيادة ، وتبطل وصيته بالزائد على ذلك ، لأنه قد اوصى بما لا يملك ، وذلك لا يجوز.

٧٠٣ ـ مسألة : إذا قال : أسقطوا عن مكاتبتي من كتابته ما شاء ، فشاء إسقاط الكل ، هل يجوز له ذلك أم لا؟

__________________

(١) في نسخة : من مال الكتابة.


الجواب : إذا شاء إسقاط الكل لم يصح ، وله ان يسقط منها ما دام يبقى منها شي‌ء كائنا ما كان ، واما إسقاط الكل فلا يصح ، لأن لفظة « من » تقتضي التبعيض ، فلا يصح مع ذلك الا ما ذكرناه.

٧٠٤ ـ مسألة : إذا قال : أسقطوا عنه أوسط نجومه ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : قوله « أوسط » يقع على الأوسط في العدد ، والأوسط في القدر ، والأوسط في الأجل. والأوسط في العدد هو ان يكون النجوم ثلاثة ، فيكون الثاني هو الأوسط. والأوسط في القدر ، هو ان يكاتبه على نجم الى مأة ونجم الى مأتين ونجم الى ثلاث مأة ، فيكون الثاني الذي هو المائتان ، والأوسط. والأوسط في الأجل ، ان يكاتبه على نجم الى شهر ، ونجم الى شهرين ، ونجم إلى ثلاثة أشهر ، فيكون النجم الذي إلى شهرين ، الأوسط ، فالعمل إذا كان القول على ما يتعلق بالعدد أو القدر أو الأجل ، على ما ذكرناه.

٧٠٥ ـ مسألة : المسألة ، ان اجتمع في ذلك أوسط في العدد وفي القدر وفي الأجل ، فعلى اى ذلك يكون العمل ان لم يحصل فيه تعيين؟

الجواب : إذا فرض ذلك ، كان العمل بالقرعة ، فما خرج ، حكم له به.

٧٠٦ ـ مسألة : إذا اتفق ان يكون في العدد ما يكون زوجا ، مثل ان يكون أربعة أو ستة ، ما يكون الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اتفق ذلك ، كان الثاني والثالث هو الأوسط ، وان كان ستة ، فالثالث والرابع هو الأوسط.

٧٠٧ ـ مسألة : إذا قال لمملوكة : ان قتلت فأنت حر لوجه الله ، وهلك ، ثم اختلف المملوك والوارث ، فادعى المملوك ان سيده هلك مقتولا واحضر بينة شهدت له بذلك. وادعى الوارث ، انه مات حتف انفه ، واحضر بينة وشهدت بذلك ، كيف الحكم بينهما في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان تستعمل القرعة ، فمن خرج اسمه حكم ببينته.

٧٠٨ ـ مسألة : إذا قال لمملوكه : ان مت في شهر « رمضان » فأنت حر ،


وقال لأخر : ان مت في « شوال » فأنت حر ، ومات السيد ، واختلف المملوكان ، فاثبت صاحب شهر « رمضان » بينة بان سيده مات في ذلك ، واثبت صاحب « شوال » بينة بان السيد مات في شهره ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك ان يقرع بينهما ، فمن خرج اسمه حكم ببينته.


باب مسائل تتعلق باليمين والحنث منها :

٧٠٩ ـ مسألة : إذا كان انسان ساكنا في مسكن لغيره ، وهما جميعا فيه ، فحلف فقال في يمينه : لا ساكنته ، ثم اقام بعد هذا اليمين في المسكن ، هل يحنث أم لا؟

الجواب : ان مضى من هذا الزمان مدة يمكنه الخروج من المنزل فيها ولم يخرج ، فقد حنث ، لأن الاستدامة كالابتداء ، فكأنه ابتدء المقام بعد يمينه وذلك مقتضى للحنث.

٧١٠ ـ مسألة : إذا كان الإنسان وغيره يسكنان في « خان » أو غيره ، وكل واحد منهما في بيت مفرد (١) ، فحلف أحدهما لا ساكنته ، هل يحنث أم لا؟

الجواب : هذا لا يحنث ، لأن سكناهما في « الخان » على الوجه المذكور ، ليس بمساكنة ، فان كانا في بيت واحد ، أو بيتين لا باب لواحد منهما ، لزم الحنث إذا لم يفعل.

٧١١ ـ مسألة : إذا حلف وقال : لا دخلت هذه الدار ، ثم جلس في سفينة ، أو على ماء ، فحمله الماء فجرى به الماء حتى دخل الدار ، أو القى نفسه على الماء وجرى الماء حتى صار في الدار ، هل يلزمه الحنث على ذلك أم لا؟

الجواب : هذا يحنث ، لأنه دخلها باختياره ، ويجرى مجرى من ركب دابة وأرسلها ، فدخلت به الدار ، فإنه يحنث ، لأنه دخلها باختياره.

__________________

(١) في نسخة : في بيت متعدد.


٧١٢ ـ مسألة : إذا كان لإنسان ثوب هو رداء ، فحلف ان لا يلبسه ، ثم جعله قميصا فلبسه ، هل يحنث أم لا؟

الجواب : إذا حلف على هذا الثوب ان لا يلبسه ، فلا يخلو من ان يكون حلف على ذلك وهو رداء ، أو حلف عليه بالإطلاق؟

فإن كان حلف لا يلبسه وهو رداء ، ثم خاطه قميصا ثم لبسه ، لم يحنث ، لأنه ليس باقيا على الصفة التي حلف على انه لا يلبسه وهو عليها. وان كان حلف عليه بالإطلاق ، ثم لبسه بعد ان خاطه قميصا حنث.

٧١٣ ـ مسألة : إذا حلف ان لا يدخل بيتا على « زيد » فدخل « زيد » عليه ، ولم يخرج الحالف من البيت بل استدام المقام فيه بعد دخول « زيد » عليه ، هل يكون حانثا أم لا؟

الجواب : لا يكون حانثا ، لأن استدامة مقامه في البيت بعد دخول « زيد » عليه ، لا يجرى مجرى الابتداء ، لأنه لم يستدم ذلك عن دخول تعلق « بزيد ».

٧١٤ ـ مسألة : إذا حلف انه ان لا يدخل على « زيد » بيتا ، فدخل المسجد وهو فيه ، هل يحنث أم لا؟

الجواب : لا يحنث ، لأن إطلاق البيت يتضمن بيتا فيسكن ، والمسجد لا يسكن ، فلا يحنث ، على ما ذكرناه.

٧١٥ ـ مسألة : إذا حلف : لا كلمت « زيدا » و « عمروا » فكلم واحد منهما ، هل يحنث بذلك أم لا؟

الجواب : هذا يحنث ، لأن ذلك منه يمينان ، لأنه حلف ان لا يكلم « زيدا » ، ولا يكلم « عمروا » ، وكانت « الواو » ها هنا نائبة مناب تكرار الفعل ، كأنه أراد ان يقول : والله لا كلمت « زيدا » ، ولا كلمت « عمروا » فقال :

و « عمروا ».

٧١٦ ـ مسألة : إذا حلف لا يأكل خبزا ، فمزجه في الماء فشربه ، هل يحنث بذلك أم لا؟

الجواب : لا يحنث بذلك ، لأن اسم الأكل الحقيقي الذي هو مضغه ،


ولوكه له (١) ، وازدراده (٢) مع ذلك لم يتناوله.

٧١٧ ـ مسألة : إذا حلف لا يأكل لحما ، فأكل القلب ، هل يحنث أم لا؟

الجواب : لا يحنث ، لأن اسم اللحم لا يقع عليه ، فلا يحنث بذلك.

٧١٨ ـ مسألة : إذا حلف لا يأكل رطبا ، فأكل منصفا ، هل يحنث بذلك أم لا؟

الجواب : إذا أكل جميع التمرة (٣) التي نصفها رطب ونصفها بسر ، حنث ، لأنه يكون قد أكل رطبا وهو النصف من الرطب ، وان أكل النصف الذي هو بسر ، لم يحنث ، لأنه لم يأكل رطبا.

٧١٩ ـ مسألة : إذا حلف لا يأكل بسرا ، فأكل منصفا ، هل يحنث أم لا؟

الجواب : القول في الجواب عن هذه المسألة ، كالقول في الجواب عن المسألة المتقدمة عليها سواء.

__________________

(١) اللوك : أهون المضغ ـ لسان العرب ـ

(٢) الازدراد : البلع. وفي بعض النسخ : ازدواده.

(٣) وفي نسخة : الثمرة.


باب مسائل تتعلق بالصيد :

٧٢٠ ـ مسألة : إذا أرسل انسان سهمه نحو صيد ، وكانت الريح شديدة ، فحملت الريح السهم ، فوقع في الصيد فقتله ، ولو لا الريح لما وصل اليه ، هل يجوز أكله أم لا؟

الجواب : يجوز أكله ، لأن الإرسال الأول ، له حكم الإباحة ، فلا يعتبر الريح ، لأن الاحتراز ليس بممكن فيه.

٧٢١ ـ مسألة : المسألة ، وأرسل السهم ثم وقع على الأرض فطار فأصاب الصيد فقتله ، هل يجوز أكله أم لا؟

الجواب : يجوز أكله ، لأن حكم الإباحة للأول ، على ما قدمناه.

٧٢٢ ـ مسألة : إذا علم المسلم كلبا ، فاصطاد به كافر ، هل يحل أكل الصيد أم لا؟

الجواب : لا يحل أكله ، لأن الاعتبار بالمرسل للكلب ، والإرسال يفتقر إلى التسمية ، وهي لا تصح من الكافر.

٧٢٣ ـ مسألة : إذا علم الكافر كلبا ، فاصطاد به المسلم ، هل يجوز أكل ذلك الصيد أم لا؟

الجواب : إذا كان الاعتبار بالمرسل على ما ذكرناه في المسألة المتقدمة على


هذه ، حل أكله.

٧٢٤ ـ مسألة : إذا راى الإنسان في الليل شيئا ، فظنه حجرا أو إنسانا أو خنزيرا وأرسل كلبه ، فبان بعد ذلك له ، انه صيد يؤكل ، وقد قتله ، هل يحل أكله أم لا؟

الجواب : لا يحل أكل ذلك ، لأنه ما أرسله على صيد ، وإذا لم يرسله على ذلك ، لم يحل اكله ، على ما ذكرناه.

٧٢٥ ـ مسألة : إذا اصطاد الكافر سمكا ، هل يحل أكله أم لا؟

الجواب : لا يحل (١) أكل ذلك ، لأن صيد السمك ، لا تراعى فيه التسمية ، وانما تراعى في الذبح ، وإذا لم تراع التسمية في ذلك ، جاز ما ذكرناه.

__________________

(١) هكذا في النسخ التي بأيدينا والصحيح بالنظر الى الذيل : « يحل ».


باب مسائل تتعلق بالأطعمة :

٧٢٦ ـ مسألة : إذا لم يجد المضطر ميتة فيأكل منها ، ووجد طعاما لغيره ، ولم يقدر على ثمن ابتياعه منه ، أو قدر على ذلك ، وقال صاحب الطعام : لا أبيعه منه شيئا ، ولا ادفع اليه شيئا منه ببذل ولا غيره ، هل للمضطر ، قتاله على ذلك ، أم لا؟

الجواب : له قتاله على ذلك ، لأن رفع المضار واجب بالفعل ، ولقوله تعالى « وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ » (١) ، وقوله سبحانه « وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ » (٢) [ لا سيما ] (٣) وقد روى عن النبي (ص) قال : من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله (٤). وهذا أولى في الإعانة على قتله.

٧٢٧ ـ مسألة : المسألة فإن قاتل المضطر صاحب الطعام فقتله المضطر ، ما حكمه في ذلك؟

الجواب : إذا قتل المضطر صاحب الطعام ، لم يلزم المضطر شي‌ء ، وكان دمه هدرا ، لأنه قتله بحق.

__________________

(١) البقرة : ١٦٥

(٢) النساء : ٢٩

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في نسخة ـ د

(٤) مستدرك الوسائل ج ٣ ـ ص ٢٥٠ ـ ب ٢ ـ أبواب القصاص في النفس ج ٤ وعوالي اللئالى ج ٢ ص ٣٣٣ وسنن ابن ماجه ج ٢ ص ١٣٤.


٧٢٨ ـ مسألة : المسألة ، تقاتلا وقتل صاحب الطعام المضطر ، ما حكمه في ذلك؟

الجواب : إذا قتل صاحب الطعام المضطر ، كان عليه ضمانه ، لأنه مقتول ظلما.

٧٢٩ ـ مسألة : المسألة لم يقدر المضطر على قتال صاحب الطعام ، ولا على طعام للغير بابتياع ، ولا غير ذلك ، وخاف تلف نفسه ، هل يجوز له قطع بعض منه ، ليأكله أم لا؟

الجواب : لا يجوز له ذلك ، لأن الخوف مع قطع بعضه حاصل ، والخوف لا يزول بالخوف.

٧٣٠ ـ مسألة : إذا وجد المضطر ، وهو محرم ، ميتة وصيدا حيا ، ما الذي يأكله منهما؟

الجواب : يأكل الميتة ، ولا يأكل الصيد ، لأنه ان ذبحه ، كان حكمه حكم الميتة ، فيأكل الميتة ، ويترك الصيد.

٧٣١ ـ مسألة : المسألة ، ووجد صيدا مذبوحا ، هل يأكله أو يأكل الميتة؟

الجواب : يأكل الصيد ويفديه ، ولا يأكل الميتة ، لأنه بوجود الصيد وضمانه للفداء ، لا تحل له الميتة.

٧٣٢ ـ مسألة : إذا وجد المضطر بالعطش بولا وخمرا ، ما الذي يجوز ان يشربه منهما؟

الجواب : إذا وجد ذلك ، شرب البول ، لأنه لا يسكر ، ولا يلزمه فيه حد ، فكان شربه لذلك اولى من الخمر.

٧٣٣ ـ مسألة : إذا رمى إنسان طائرا بسهم ، فأصابه وأصاب معه فرخا لم ينهض بعد ، فقتلهما ، هل يجوز أكلهما أو واحد منهما أم لا؟

الجواب : يجوز أكل الطائر منهما ، لأنه صيد على كل حال ، واما الفرخ فلا يجوز أكله ، لأنه ليس بصيد ، وانما قلنا هذا ، لأنه انما يكون صيدا إذا نهض


بنفسه ، وملك جناحه ، وهذه صفة لم تحصل للفرخ المذكور ، فلا يجوز اكله على كل حال.


باب مسائل تتعلق بالسبق والرمي :

٧٣٤ ـ مسألة : إذا اجتمع الراميان ، فقال أحدهما للآخر : ان نضلتني (١) فلك عشرة وتدفع الى قفيز حنطة أو شعير أو غيرهما ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن موضوع النضال على ان الناضل يأخذ ، ولا يعطى شيئا ، وهذا قد شرط عليه إذا نضل ان يدفع ذلك ، وهو باطل.

٧٣٥ ـ مسألة : إذا قال أحدهما للآخر : ان سبقتك عشرة ، على انك ان نضلتني فلك العشرة ، ولا أرمي شهرا ، ولا أرمي سنة ، أولا أرمي ابدا أراد بذلك انفة هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأنه شرط نفى ما ندب ورغب فيه (٢) ، فكان فيه باطلا ، وإذا بطل الشرط بطل النضال.

٧٣٦ ـ مسألة : إذا قال : ان نضلتني فلك عشرة إلا دانقا ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا صحيح ، لأنه استثناء معلوم من معلوم ، وذلك يصح.

٧٣٧ ـ مسألة : إذا قال : لك على عشرة إلا قفيز حنطة ، هل يصح ذلك

__________________

(١) قال الشيخ في المبسوط ج ٦ ص ٢٩٦ : النضال اسم يشتمل على المسابقة بالخيل والرمي معا ولكل واحد منهما اسم ينفرد به.

(٢) في نسخة : لأنه شرط نفى أمر مندوب مرغب فيه.


أم لا؟

الجواب : هذا لا يصح ، لأن قيمة القفز الحنطة مجهولة ، وإذا حذف من المعلوم كان مجهولا ، وإذا كان كذلك بطل النضال.

٧٣٨ ـ مسألة : إذا اتفق لأحد المتناضلين من العوارض ما يضطرب رميه له ، مثل كسر القوس ، أو قطع الوتر ، أو يكون قد أغرق في النزع (١) فخرج السهم من اليمين الى اليسار ، أو عرض في الطريق عارض ، من طائر أو إنسان أو استلبت الريح السهم ، هل يعتد بذلك السهم في المناضلة أم لا؟

الجواب : لا يعتد بذلك ، لأن الخطأ لا يكون لسوء رميه ، فاما ان كان الاتفاق عارضا مما ذكرناه ، فليس هو بسوء رميه.

٧٣٩ ـ مسألة : إذا كان الرشق (٢) عشرين ، والإصابة خمسة ، فرمى الواحد منهما عشرة فأصاب سهمين [ ورمى الأخر بعشرة فأصاب سهمين ] (٣) ثم قال الواحد منهما للآخر : ارم سهمك فإن أصبت ، فقد نضلتني ، هل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن موضوع النضال والمراد به ان يعرف الأحذق منهما ، فإذا فعلا ذلك لم يصح ، لأنه ربما نضل من ليس بحاذق الاحذق ، ويؤدى أيضا الى ان يكون الناضل منضولا ، والمنضول ناضلا ، وهذا لا يجوز ، مثال ذلك :

ان يكون الواحد منهما له إصابة أربعة ، وللآخر اصابة واحدة ، فيقول صاحب الأربعة لصاحب الواحد ما قدمناه ويرمى فيصيب ، فإذا أصاب ، فقد نضل صاحب الأربعة ، وهو أكثر منه ، ويكون هو ناضلا وهو صاحب الأقل فهذا فاسد.

٧٤٠ ـ مسألة : إذا اقتسم المتناضلون حزبين (٤) ووقف عندهم في وقت القسمة رجل غريب ، فذكر انه من أهل الرماية ، فقسموه فيهم ، وهم لا يعرفونه ، ثم

__________________

(١) وفي نسخة : النزع

(٢) الرشق بالفتح : الرمي وبكسر الراء : عدد الرمي.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.

(٤) اي كان المتناضلون طرفين للنضال وهو الرمي بالسهام وعبارات النسخ مختلفة وكل ما بين أيدينا منها لا يصح الاعتماد عليه مثل حريفا وحزين وحرس.


ظهر انه ليس من أهلها ولا يحسنها ، هل يجوز العقد فيه أم لا؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر في الرجل الغريب ، كان العقد فيه باطلا ، لأنه إنما عقد عليه ، وقسم فيهم على انه من أهل الرمي ، فإن أبان انه ليس من أهلها ، بطل ذلك فيه ، وإذا بطل فيه ، بطل في الذي كان في مقابله ، لأن القسمة رجل ورجل ، وإذا بطل فيهما بقي الباقون على ما هم عليه ، ولم يبطل ذلك فيهم ببطلانه في هذين الرجلين.

٧٤١ ـ مسألة : المسألة ، وكان الرجل الغريب من أهل الرمي وأكثر من الإصابة ، فقال الحزب الأخر : لا نرضى يكون هذا معكم ، لأننا ظننا انه مثل واحد منا ، هل لهم خيار في ذلك أم لا؟

الجواب : لا خيار لهم في ذلك ، لأن الشرط ان يكون من أهل الرماية ، وهو من أهلها ، فإذا كان من أهلها ، لم يعتبر في ذلك الاحذق ، فلا خيار لهم في ذلك ، لما ذكرناه ، ولأنه لو كانت أصابته قليلة ، لم يكن لحزبه خيار للشرط الذي ذكرناه.

٧٤٢ ـ مسألة : إذا فضل احد المتناضلين (١) على الأخر بزيادة ، فقال له الأخر : اطرح الفضل بدينار ، أو أكثر أو أقل حتى يتساوى في عدد الإصابة ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن موضع النضال على ان ينضل أحدهما الأخر بحذقه لا لغيره ، وهذا إذا فعل ربما فضله الأخر لا لحذقه ، وذلك لا يجوز.

__________________

(١) المناضلة : المراماة يقال ناضله إذا راماه. مجمع البحرين.


باب مسائل تتعلق بالقتل والقصاص وغيرهما :

٧٤٣ ـ مسألة : إذا أرسل مسلم إلى نصراني سهما ، فأسلم قبل اصابة السهم له ، ثم اصابه فقتله ، أو على مرتد ، فأسلم قبل وصوله ، ثم اصابه فقتله ، أو على عبد فأعتق قبل وصوله ، ثم اصابه فقتله ، هل في ذلك قود أم لا؟

الجواب : لا قود في شي‌ء من ذلك ، لأن المعتبر في القود ، انما هو بالقصد الى تناول نفس متكافية في وقت الجناية ، ووقت الجناية هو حال إرسال السهم ، والتكافى في هذه الحال ليس بموجود ، فلا قصاص في ذلك ، بل فيه دية مسلم ، لأن الإصابة حصلت ، وهو مسلم محقون الدم ، فكان مضمونا بالدية ، وكذلك القول ، فيمن أرسل السهم اليه ، وهو حربي وأسلم ، ثم اصابه فقتله.

٧٤٤ ـ مسألة : إذا أكره الإنسان ـ خليفة الإمام كان أو غيره ـ مراهقا على قتل انسان ، فقتله المراهق ، هل عليه القود أم على المكره له؟

الجواب : القتل عندنا لا يستباح بالإكراه له ، فمن قتل غيره بإكراه مكره له على ذلك ، أو أمر آمر له به ، كان على القاتل القود ، دون المكره والآمر ، فإذا كان كذلك ، قلنا ها هنا : ان القود على المراهق ، لأنه إذا جاز عشر سنين ، كان عمده عمدا ، ووجب عليه القود ، فان لم يكن بلغ عشر سنين ، كان عمده وخطأه سواء ، ووجبت الدية على عاقلته.

٧٤٥ ـ مسألة : انسان يجني عليه بقطع يده ، فقطع يده ، فقطع هو يد الجاني ، ثم سرى القطع إلى الجاني ، ثم سرى القطع إلى المجني عليه ، فهلك الجاني


قبل موت المجني عليه ، فهل تكون نفسه قصاصا من نفس المجني عليه أم لا؟

الجواب : لا تكون نفسه قصاصا عن نفس المجني عليه ، بل تكون هدرا ، لأن السراية حصلت قبل وجوب القصاص عليها ، ثم لو قلنا بأنها تكون قصاصا ، لكان هذا سلفا في القصاص ، والسلف في ذلك لا يجوز.

٧٤٦ ـ مسألة : إذا جرح رجل رجلا ، ثم ان المجروح قطع من مكان الجرح لحما ، ثم سرى الى نفسه فمات ، هل يجب فيه القود أم لا؟

الجواب : لا يجب في ذلك القود ولا يقطع بقطع اللحم من مكان الجرح لأن المجروح هلك من عمدين : الواحد منهما مضمون ، وهو الأول ، والآخر هدر ، وهو قطع اللحم ، وهذا يجرى مجرى مشاركة الإنسان في قتل غيره أو من جرحه غيره وجرح نفسه.

٧٤٧ ـ مسألة : إذا قطع رجل يد رجل ، وكان في هذه اليد ثلاث أصابع سالمة ، واثنان شلاوين ، وكانت يد القاطع وأصابعه كلها سالمة من الشلل ، هل يجب في ذلك قود أم لا؟

الجواب : لا قود في ذلك على القاطع ، لأن المعتبر عندنا في القود ، بالتكافؤ في الأطراف ، وما فيه شلل من ذلك لا يكافئ الصحيح السالم منها ، ولو اختار القاطع قطع يده ، بدلا من اليد التي قطعها ، لم يجز قطعها بها ، لأن القود إذا لم يجب في الأصل ، لم يجز استيفاؤه بالبدل ، ألا ترى ان الحر لو قتل عبدا ، ثم اختار هذا القاتل ومولاه ان يقتل به ، لما جاز قتله به ، وليس بعد ما ذكرناه الا ثبوت القصاص في الأصابع السليمة ، فإن عفا عن القصاص ، كان له ان يأخذ عن السليمة ثلاثين من الإبل ، ويأخذ من الشلاوين ثلث ديتهما صحيحتين.

٧٤٨ ـ مسألة : إذا قطع رجل لرجل آخر يدا كاملة الأصابع ، ويد هذا القاطع ينقص إصبعين ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختار المجني عليه العفو وأخذ دية اليد بكمالها ، كان له ذلك ، لأنه انما يأخذ دية يده ، ويده كاملة. وان أراد القصاص ، كان له ذلك في الموجود ، ويأخذ دية المفقود ، وهو الإصبعان ، وفيهما عشرون من الإبل ، الا ان


يكون الإصبعان معدومين خلقة ، أو يكون ذهابهما بآفة من قبل الله تعالى ، فلا يأخذ ذلك.

٧٤٩ ـ مسألة : إذا قطع رجل اذن آخر ، فأخذها المجني عليه وألصقها ، فالتصقت بمكانها في الحال ، هل له قصاص مع ذلك أم لا؟

الجواب : له القصاص ، لأن القصاص وجب بالإبانة ، والإبانة قد حصلت ، وليس لألصاقها تأثير في إسقاط القصاص ، لأنها ميتة قد ألصقها بنفسه ، وذلك مما تلزم ازالته عن نفسه ، قد ذكرنا ذلك فيما يتعلق بالصلاة من المسائل. (١)

٧٥٠ ـ مسألة : المسألة ، وقال الجاني : ان أريد القصاص منى فازيلوا القطعة التي ألصقها ، هل له ذلك أم لا؟ وهل يمنع من القصاص حتى يزال ذلك أم لا؟

الجواب : قد بينا ان هذه القطعة تجب إزالتها قهرا ، أراد ذلك الجاني أم لم يرده ، واما المنع بذلك من القصاص ، فلا يصح ، لأنا قد بينا ان القصاص قد وجب بالإبانة ، والإبانة قد حصلت.

٧٥١ ـ مسألة : إذا كان الإنسان على سطح ، أو شفير بئر ، أو ما جرى مجرى ذلك ، فصرخ به غيره ، صرخة شديدة ، فسقط في ذلك الموضع ، فمات ، فهل على الصارخ في ذلك شي‌ء أم لا؟

الجواب : إذا كان الذي سقط رجلا عاقلا ، لم يكن عليه شي‌ء ، لأنه ما سقط من صرخته ، وانما وافقت صرخته سقوطه ، لأن مثل الرجل الكامل العقل ، لا يسقط من صيحة أو صرخة ، فان كان الذي سقط صبيا أو مختل العقل ، كانت على الصارخ الدية والكفارة ، لأن مثل هذا ، يسقط من الصيحة الشديدة ، وهذه الدية على العاقلة والكفارة في ماله.

٧٥٢ ـ مسألة : إذا أنفذ الإمام أو خليفته ، الى امرأة ذكرت عنده بسوء ليحضرها اليه ، فخافت من ذلك وماتت ، هل على الإمام أو خليفته في ذلك

__________________

(١) قد مر تحت رقم المسألة : ٦٧ من مسائل الصلاة.


شي‌ء أم لا؟ وكذلك ان كانت حاملة فأسقطت ، هل عليهما في ذلك شي‌ء أم لا؟

الجواب : ان لحقها موت وليست حاملا ، فليس على الإمام أو خليفته في ذلك شي‌ء ، فان كانت حاملا فأسقطت ، كان عليهما الضمان ، لإجماع الصحابة على ذلك.

٧٥٣ ـ مسألة : إذا أشهر انسان سيفه يطالب غيره ، فهرب ذلك الغير من بين يديه ، حتى القى نفسه في موضع عال ، أو في نار أو بئر فهلك ، هل على طالبه ضمان أم لا؟

الجواب : ليس على الذي طلبه ضمان ، لأنه فعل شيئا ملجئا إلى الهرب ولم يلجئه إلى الموقع في البئر أو النار ، بل المطلوب القى نفسه باختياره في مهلكة فإن كان المطلوب اعمى فوقع فيها وإذا كان ذلك تعلق الضمان بصاحب السيف ، كما لو حفر بئرا فوقع فيها أعمى في انه يكون عليه الضمان ، والفرق بين المسألتين ، ان هذا الأعمى لم يعلم ما وقع فيه ، ولا اختار إيقاع نفسه فيما فيه هلاكه ، وليس كذلك البصير.

٧٥٤ ـ مسألة : إذا كان الإنسان جالسا في طريق ، فعثر به انسان آخر عثرة فهلك الجالس. فماتا جميعا ، ما الحكم فيهما؟

الجواب : إذا ماتا على الوجه المذكور ، كان على عاقلة كل واحد منهما كمال الدية ، لأن كل واحد منهما ، مات بسبب انفرد به الأخر ، لأن الجالس قتله العاثر مباشرة ، والعاثر مات بسبب كان من الجالس ويجرى ذلك مجرى من حفر بئرا في غير ملكه فجاء آخر فجرح الحافر وسقط الجارح في البئر ، في ان الجارح قتل الحافر مباشرة ، والحافر قتل الجارح بسبب.

٧٥٥ ـ مسألة : إذا تصادم اثنان عن قصد منهما الى ذلك ، فماتا جميعا ، ما الحكم فيهما؟

الجواب : إذا كان الأمر على ذلك ، كان في تركة كل واحد منهما نصف دية الأخر ، وليس يلزم في هذه المسألة ان يكون ما ذكرناه من الدية على عاقلتهما ،


كما ذكرناه في الجالس في الطريق ، لأن الفرق بينهما ، ان الجالس في الطريق والعاثر به ، مات لكل واحد منهما بسبب انفرد به صاحبه ، وليس كذلك المتصادمان ، لأنهما ماتا جميعا من سبب اشتركا فيه ، فلا تجرى هذه المسألة مجرى الأولى.

٧٥٦ ـ مسألة : إذا كان رجل واقفا ، فجاء آخر فصدمه ، فماتا جميعا ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان هذا الرجل واقفا فجائه آخر فصدمه ، وماتا جميعا ، كانت دية الواقف على عاقلة الذي صدمه إذا لم يكن له مال ، فان كان له مال كانت هذه الدية في ماله ، وان كان المصدوم واقفا في ملكه أو في موضع آخر واسع كالصحراء أو الطريق الواسع ، فدية الصادم هدر ، لأنه ان كان في ملكه ، فقد فرط الصادم بدخوله الى ملكه ، وان كان واقفا في الموضع الواسع ، فله الوقوف فيه ، فإذا كان له ذلك ، كانت دية الصادم هدرا ، فان كان انحرف الواقف ، فوافق انحرافه الصدم ، ووقع الصدم والانحراف معا فماتا جميعا ، كان على كل واحد منهما نصف دية الأخر ، لأنه مات من جنايته على نفسه ، فجناية الأخر عليه ، لأن الانحراف فعل منه ، وان كان الواقف وقفا في طريق المسلمين ـ ضيق ـ فصدمه الأخر فيه ، فماتا معا ، كانت دية الصادم مضمونة ، لأنه تلف بسبب فرط فيه الواقف ، لأنه وقف في موضع ليس له الوقوف فيه.

٧٥٧ ـ مسألة : إذا كان قوم في سفينة ، فخافوا الغرق والهلاك ، فألقوا بعض ما فيها للتخفيف وطلب السلامة ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان بعض من في السفينة ألقى متاع نفسه ، فلا ضمان على احد في ذلك ، الا ان يكون أحدهم أو جميعهم قالوا له : الق متاعك وعلينا ضمانه ، فان الضمان عليهم في ذلك ، وان كان القى مال غيره في البحر بغير أمر صاحبه ، فعليه ضمانه ، لأنه متلف به لمال غيره بغير اذنه ، فان كان واحد منهم قال لبعض أصحاب المال : الق متاعك لتخف علينا السفينة ، فقبل منه والقى متاعه في البحر


فلا ضمان على من سأله في ذلك ، سلموا أو هلكوا ، لأنه لم يسأله ذلك بضمان ، ولا استدعى منه ذلك على ذلك الوجه.

٧٥٨ ـ مسألة : إذا سلم انسان ولده ، وهو صبي صغير ، الى السابح ليعلمه السباحة فغرق الصغير ، هل على السابح ضمانه عليه أم لا؟

الجواب : كان على السابح ضمانه ، لأنه تلف بالتعليم ، ولأنه فرط فيه ، لأنه كان يجب عليه ان يحتاط في حفظه وملازمته ، فإذا لم يفعل ذلك ، كان له مفرطا ، ولزمه الضمان ، وان كان المتعلم للسباحة كبيرا ، فإنه لا ضمان فيه ، لأن البالغ العاقل إذا غرق بتعلم السباحة ، فهو الذي ترك الاحتياط في حق نفسه ، فلا ضمان على احد في ذلك.

٧٥٩ ـ مسألة : إذا رمى عشرة بحجر عراد (١) أو منجنيق إنسانا غيرهم ، فمات ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كانوا قصدوا هذا الإنسان بعينه ، وكان ذلك منهم على وجه العمد له ، أوجب ذلك القود ، وان كان خطأ ، كانت الدية عليهم في مالهم.

٧٦٠ ـ مسألة : إذا رمى هؤلاء العشرة بهذا الحجر ، فوقع على واحد منهم فقتله ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر في هذه المسألة ، قسمت الدية أعشارا (٢) ، ويهدر العشر منها ، لأنه هو المقابل لجناية هذا المقتول على نفسه ، وجناية الباقين تجب فيها تسعة أعشار الدية ، فيكون ذلك لأولياء المقتول على عاقلة التسعة المذكورين.

٧٦١ ـ مسألة : إذا وضع الإنسان في غير ملكه حجرا ، واحفر آخر بئرا عند الحجر ، فاجتاز انسان آخر بالحجر ، فعثر به أو تعلق ، فسقط في البئر فمات ، هل الدية على واضع الحجر أو على حافر البئر؟

__________________

(١) شي‌ء عرد اى صلب.

(٢) وفي نسخة : قسمت الدية تسعة أعشار.


الجواب : الدية على واضع الحجر ، وليس على حافر البئر شي‌ء ، لأن واضع الحجر كالدافع للواقع في البئر.

٧٦٢ ـ مسألة : وضع انسان حجرا في ملكه ، وحفر أجنبي عند هذا الحجر بئرا ، فعثر انسان فتعلق بالحجر فسقط في البئر فمات ، هل الدية على واضع الحجر أو على حافر البئر؟

الجواب : الدية ها هنا على حافر البئر دون واضع الحجر ، لأن واضع الحجر ، وضعه في ماله ، وحافر البئر [ حفر فيما ليس له ان يحفر فيه فكان الحافر ] (١) هو المتعدي بذلك. فكانت الدية عليه ، دون الأخر.

٧٦٣ ـ مسألة : إذا وضع الإنسان حجرا في ملكه ، وحفر عنده بئرا ، واجتاز آخر فتعلق بالحجر فسقط في البئر فمات ، هل يلزم لصاحب الملك الضمان أم لا؟

الجواب : لا يلزم هذا المالك شي‌ء ، لأنه فعل في ملكه ما له فعله ، فاما الهالك فدمه هدر ، لأنه تعدى بدخوله الى ملك غيره.

٧٦٤ ـ مسألة : إذا حفر البئر في طريق المسلمين ، وكان ذلك الطريق واسعا أو ضيقا ، وكان قصده بحفر البئر منفعة المسلمين ، فوقع فيه انسان فهلك ، هل على حافر البئر شي‌ء أم لا؟

الجواب : لا شي‌ء على حافر البئر ، لأنه قصد بذلك الثواب ومنفعة المسلمين ، ولأن النبي (ص) قال : والبئر جبار (٢).

٧٦٥ ـ مسألة : إذا حمل انسان صبيا ، ومشى به عند هدف الرماة ، ودنا به من طريق السهم ، فأصابه السهم فقتله ، هل ضمانه على رامى السهم أو على الذي دنا به الى طريق السهم؟

الجواب : ضمان دية الصبي على الذي دنا به الى طريق السهم ، لأنه هو

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.

(٢) أكثر النسخ هنا إما بياض أو غير مقروء والظاهر ان المراد ما أثبتناه في المتن والمراد من « جبار » الهدرى الذي لا يغرم.

لاحظ « الفقيه » ج ٤ ص ١١٥ ، في أحكام الديات.


الذي عرضه لذلك بدنوه الى طريق السهم ، وهو الذي أتلفه بذلك ، وليس على الرامي شي‌ء ، لأنه لم يقصد بذلك.

٧٦٦ ـ مسألة : إذا أخرج الإنسان على حائط له جناحا الى طريق المسلمين ، فسقطت خشبة من هذا الجناح على انسان فقتلته ، هل على صاحب الجناح ضمان ذلك أم لا؟

الجواب : إذا كانت هذه الخشبة سقطت بجملتها فقتلت هذا الإنسان ، كان عليه نصف الدية ، لأن المقتول هلك من فعلين : مباح ومحظور ، فلزمه ذلك لما ذكرناه. وان كانت الخشبة انقصفت (١) فسقط ما كان منها على الحائط على الإنسان فقتله ، فليس عليه ضمان ، وإذا كانت انقصفت ، فسقط البعض الخارج منها على الحائط على الإنسان فقتله ، كان ضامنا للدية ، والفرق بين الأول في قصف الخشبة وهذا الوجه الأخر ، انه وضع ذلك البعض في ملكه ، وذلك مما له وضعه ، فلا يلزمه شي‌ء ، والثاني انه وضع الخارج من الخشبة ، فيما ليس له وضعه فيه.

٧٦٧ ـ مسألة : إذا وضع انسان على حائط له جرة (٢) فيها ماء ، فسقطت على انسان ، فقتلته ، هل على واضعها على الحائط شي‌ء أم لا؟

الجواب : ليس على واضع الجرة على الحائط شي‌ء ، لأنه فعله في ملكه ما له فعله ، فلا يلزمه لذلك شي‌ء.

٧٦٨ ـ مسألة : إذا وقف جماعة على زبية (٣) فيها اسد ينظرونه ، فسقط فيها منهم واحد ، فجذب هذا الواحد ثانيا ، وجذب الثاني ثالث ، وجذب الثالث رابعا ، فسقطوا كلهم ، فقتلهم الأسد ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا هلك جميعهم على هذا الوجه ، كان الأول فريسة الأسد ، وكان دمه هدرا ، لأنه لم يجن عليه احد ، وعليه ثلث الدية للثاني ، وعلى الثاني ثلثا

__________________

(١) القصف : الكسر.

(٢) الجرة : إناء فخارى.

(٣) الزبية : حفره في موضع عال يصاد فيها الأسد ونحوه. المصباح المنير.


دية الثالث ، وعلى الثالث الدية كلها بكمالها للرابع ، لأنه لم يجن على احد ، وانما هلك بجناية من تقدمه عليه ، فان ازدحموا على الزبية فسقط هذا الواحد بتدافعهم وازدحامهم ، كانت الدية على جميع من حضر ، لأنهم قد اشتركوا في دفع من سقط ، للأول ربع الدية لأنه سقط من فوقه ثلاثة ، وللثاني ثلث الدية ، لأنه سقط من فوقه اثنان ، وللثالث نصف الدية ، لأنه سقط من فوقه واحد ، وللرابع الدية الكاملة.

٧٦٩ ـ مسألة : إذا ضرب انسان بطن ذمية حامل ، فأسلمت بعد الضربة ، ثم أسقطت جنينا ميتا. وكان الضرب ، وهي وجنينها ذميتان ، وكان الأسقاط ، وهي وجنينها مسلمان ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أسقطت الجنين كذلك وجبت ديته على الضارب مأة دينار ، لأن الجناية إذا وقعت وهي مضمونة ، ثم سرت الى النفس ، كان الاعتبار في الدية بحالة الاستقرار ، ويجرى ذلك مجرى عبد (١) قطع انسان يده ، ثم أعتق بعد القطع وسرى الى نفسه ، وتكون فيه دية حر ، لأن الاعتبار في ذلك بحال الاستقرار.

٧٧٠ ـ مسألة : إذا ضرب انسان بطن مملوكة حامل ، واعتقت بعد الضرب ، ثم القت الجنين ميتا ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : عن هذه المسألة ، مثل الجواب عن المسألة المتقدمة لها سواء ، في انه يجب في الجنين مأة دينار ، لأن الاعتبار بحال الاستقرار ، وقد قدمناه.

٧٧١ ـ مسألة : إذا قطع إنسان يدي مملوك ، وأعتق بعد القطع ، ثم اندمل حال الحرية ، ما الذي يجب فيه؟

الجواب : الذي يجب فيه ديته وهو مملوك (٢) ، لأن الاعتبار ها هنا بحال الجناية ، لأنها لا تسرى الى النفس ولا غيرها ، ولهذا لم يعتد بحال الاندمال ، وأيضا فإنها إذا اندملت لم تزد على ما وجب بالجناية شيئا ، وانما يستقر الاندمال ما كان وجب بالجناية ، فلذلك كان الاعتبار بحال الجناية كما ذكرناه.

__________________

(١) وفي نسخة : يجري مجرى عبد غير.

(٢) وفي نسخة : قيمته بدل « ديته ».


٧٧٢ ـ مسألة : إذا ضرب انسان بطن امرأة ، فألقت جنينا ، وادعت أنها ألقته من ضربة لها ، وأنكر هو ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان القول قوله مع يمينه ، لأن الأصل انه ما ضربها ، وعليها البينة في ذلك ، لأنها هي المدعية للضرب.

٧٧٣ ـ مسألة : المسألة بعينها ، واعترف بالضرب ، وأنكر ان هذا الجنين أسقطته ، وادعى انها التقطته ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول (١) في ذلك قوله مع يمينه ، لأن الأصل براءة الذمة ، وعليها البينة ، لأن ذلك مما لا تتعذر اقامته فيما ادعته.

٧٧٤ ـ مسألة : المسألة ، واعترف بالضرب والأسقاط ، واختلفا ، فقالت :

أسقطت من ضربك ، وقال هو : بل كان الإسقاط من غير ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا كانت المرأة أسقطت الجنين عقيب الضرب ، كان المقبول قولها ، وكان عليه الضمان ، لأن الظاهر ، ان الجنين سقط من ضربه ، وكذلك القول فيه ، إذا كان الأسقاط بعد أيام ، وثبتت لها بينة بأنها لم تكن تزل عليلة متألمة عن الضرب حتى أسقطته ، وان لم تكن لها بذلك بينة ، كان القول قوله مع يمينه ، لأنه يحتمل ان يكون الأسقاط من الضرب ومن غيره ، والأصل برأيه الذمة.

٧٧٥ ـ مسألة : إذا أسقطت المرأة الجنين ، فقال الوارث له للجاني : أنه استهل فعليك الدية ، وقال الجاني : لم يستهل ، فليس على فيه الا ديته ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا كما ذكر ، كان القول قول الجاني مع يمينه ، لأن الأصل انه ما استهل ، والأصل براءة ذمته.

٧٧٦ ـ مسألة : المسألة ، واختلفا كذلك ، ثم أقام الجاني البينة على انه خرج ميتا ، وأقامها الوارث على انه استهل ، أى البينتين تقدم ، وعلى أيتهما يعول؟

__________________

(١) وفي نسخة : المقبول في ذلك.


الجواب : إذا اختلفا كذلك ، كان المقدم والمعول عليه بينة الوارث ، لأنها تضمنت زيادة ، خفيت على بينة الجاني ، ويجرى ذلك مجرى من مات وخلف ولدين : أحدهما مسلم والأخر نصراني [ فأقام المسلم البينة بأنه مات مسلما ، واقام النصراني البينة بأنه مات نصرانيا ] (١) فان بينة المسلم هي المعول عليها ، لأنها تضمنت زيادة ، وهي حدوث الإسلام منه.

٧٧٧ ـ مسألة : إذا ادعى انسان على آخر ، بأنه قتل له وليا ، وان له بذلك شاهدين ، فلما حضر الشاهدان ، شهد أحدهما بأنه قتله بالغداة ، وشهد الأخر بأنه قتله عشية ، أو شهد الواحد بأنه قتله بحجر ، وشهد الأخر بأنه قتله بسيف ، هل يثبت بذلك القتل أم لا؟

الجواب : لا يثبت بذلك القتل ، لأن هذه الشهادة لم تكمل على فعل واحد ، لأن قتله بكرة ، غير قتله عشية ، وقتله بالحجر ، غير قتله بالسيف.

٧٧٨ ـ مسألة : إذا كان الإنسان ملففا بكساء أو إزار أو ما جرى مجرى ذلك ، فشهد شاهدان على آخر ، بأنه ضربه فقطعه نصفين ، ولم يشهدا في وقت ضربه له ، بأنه كان حيا ، ثم اختلف وليه والجاني ، فقال الولي : كان حيا في وقت ضربه له ، وقد قتله ، وقال الجاني : ما كان حيا في ذلك الوقت ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر في المسألة على ما ذكر ، واختلف الولي والجاني على الوجه المذكور ، كان القول ، قول الجاني مع يمينه ، لأن الأصل براءة الذمة.

٧٧٩ ـ مسألة : إذا ادعى انسان على غيره ، بأنه جرحه ، وقطع يده أو رجله ، واقام المدعى شاهدين ، هما أخواه أو عماه بذلك ، هل تقبل شهادتهما في ذلك أم لا.

الجواب : ان كان هذان الشاهدان شهدا بذلك بعد اندمال الجرح ، قبلت شهادتهما ، وحكم للمشهود له ، لأن شهادة الأخ لأخيه مقبولة ، وهذه شهادة ليس فيها جر نفع ، ولا دفع ضرر ، وان كانت شهادتهما قبل الاندمال لم تقبل ، لأنهما

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.


متهمان ، لأن الجرح قد يسري في النفس (١) فتجب الدية على القاتل ، ويستحقها الشاهدان.

__________________

(١) وفي نسخة ـ د : لأن الجرح قد يصير تعسا. وما في المتن هو الصحيح.


باب مسائل تتعلق بالحدود :

٧٨٠ ـ مسألة : إذا وطأ الرجل امرأة ، وحضر أربعة من الشهود ، فشهد منهم اثنان بان الرجل أكرهها ، وشهد اثنان بأنها طاوعته ، هل يجب عليهما ، أو على أحدهما حد أم لا؟

الجواب : ليس على المرأة حد ، لأن الشهادة بالزنا في حقها لم تكمل. واما الرجل فعليه الحد ، لأن الشهادة في حقه بالزنا قد كملت ، لأنه في الحالين جميعا زان.

٧٨١ ـ مسألة : إذا حضر أربعة شهود ، فشهدوا بالزنا ، ثم ماتوا ، أو غابوا قبل ان يحكم الحاكم في ذلك ، هل يجوز له الحكم بشهادتهم ويقيم الحد أم لا؟

الجواب : لا يجوز له ذلك ، [ إذا كان الزاني محصنا ، ] (١) لأن البينة هي التي يجب ان تبتدء برجمه ، فان كان ما يوجب الحد ، جاز له الحكم بشهادتهم ، واقامة الحد على المشهود عليه.

٧٨٢ ـ مسألة : إذا شهد الأربعة على رجل بالزنا ورجع منهم واحد ، هل عليهم أو على واحد منهم الحد أم لا؟

الجواب : ليس على الثلاثة الحد ، وقد ذكر ان عليهم الحد ، والأول أقوى. فأما الراجع (٢) فعليه الحد ، لأنه اما ان يقول : تعمدت أو أخطأت ، وهو

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.

(٢) وفي نسخة : واما الراجع.


على الحالين جميعا قاذف ، فوجب ذلك عليه على كل حال.

٧٨٣ ـ مسألة : إذا وجد في دار انسان قتيل ، فادعى صاحب الدار انه قتله ، لأجل انه وجده يزني بزوجته ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كانت مع صاحب الدار بينة شهدوا له بما ادعاه ، لم يكن عليه قود ، وان لم تكن عليه بينة بذلك ، كان القول قول ولى المقتول ، ويقتل القاتل.

٧٨٤ ـ مسألة : إذا نقب (١) اثنان موضعا ودخل الواحد منهما فأخذ السرقة ووضعها في نفس النقب ، وأخذها الخارج ، هل عليهما أو على أحدهما قطع أم لا؟

الجواب : لا قطع على واحد منهما ، لأن كل واحد منهما ، ما أخرج السرقة من كمال الحرز ، فهو مثل ان يضعها الداخل في النقب ويجتاز مجتاز من خارج فيأخذها ، في انه لا قطع على واحد منهما.

٧٨٥ ـ مسألة : إذا نقب انسان موضعا ، ودخل آخر فاخرج نصابا ، هل عليهما أو على أحدهما قطع أم لا؟

الجواب : لا قطع عليهما ولا على أحدهما ، لمثل ما قدمناه ، من انه لم يتكامل إخراج ذلك من الحرز.

٧٨٦ ـ مسألة : إذا نقب انسان موضعا ، وشد النصاب في حبل ، وخرج ، ثم جره اليه وأخرجه بخشبة معوجة ، هل عليه قطع أم لا؟

الجواب : عليه القطع ، لأنه هو الذي أخرجه من الحرز وان كان بآلة ، فلا فرق في وجوب القطع عليه ، بين ان يخرجه بآلة أو بغير آلة.

٧٨٧ ـ مسألة : إذا نقب انسان موضعا ، وكان في الموضع ماء جار ، فوضع النصاب على الماء ، وجرى الماء به ، فأخرجه من المكان ، ثم خرج هو فأخذه ، هل عليه قطع أم لا؟

الجواب : عليه القطع ، لأنه بوضعه له على الماء ، قد أخرجه بآلة ، ولا فرق

__________________

(١) وفي نسخة : ثقب.


بين ان يخرج ذلك بآلة ، هي ماء أو غيره.

٧٨٨ ـ مسألة : إذا دخل انسان حرزا ، وأخذ جوهرة وابتلعها ، وخرج ، هل عليه قطع أم لا؟

الجواب : عليه القطع ، لأنه بفعله ذلك ، كأنه قد أخرجها في جيب أو جوراب (١) ، ولأنه لم يقصد بما فعله إلا إخراجها كذلك ، فكأنه مخرج لها بآلة.

٧٨٩ ـ مسألة : إذا دخل سارق حرزا ، فوجد فيه شاة ، قيمتها ربع دينار ، وهو النصاب الذي يجب به القطع ، فذبحها ، فنقصت قيمتها بالذبح ، ثم أخرجها بعد ذلك ، هل عليه قطع أم لا؟

الجواب : ليس عليه قطع ، لأنه انما يجب القطع عليه بإخراج النصاب المذكور من الحرز ، وإذا كانت قيمة هذه الشاة قد نقصت بذبحه لها ، فلم يخرجها وقيمتها النصاب ، بل أخرجها وقيمتها أقل من النصاب ، وذلك مما لا يجب به القطع.

٧٩٠ ـ مسألة : إذا نقب انسان حرزا ، ودخله ، ثم اخرج منه ما قيمته ثمن دينار ، ثم رجع اليه من ليلته واخرج منه ثمن دينار آخر ، ويكمل ذلك النصاب ، هل يجب عليه القطع أم لا؟

الجواب : عليه القطع ، لأنه قد اخرج نصابا من حرز هتكه هو ، ولم يهتك غيره.

٧٩١ ـ مسألة : إذا سرق انسان ما يجب عليه فيه القطع ، وملكه قبل ان يقطع ، وقبل ان يحكم الحاكم به ، هل يجب عليه القطع أم لا؟

الجواب : هذا لا يقطع ، لأن وجوب القطع سقط عنه ، بل وجوب القطع لازم له لكن لأنه لما ملك ذلك ، لم يكن له مطالب به.

٧٩٢ ـ مسألة : إذا غصب انسان لغيره مالا ، فجعله في حرز ، فنقب المغصوب منه الحرز ، وأخذ مالا ، هل عليه القطع أم لا؟

الجواب : إذا كان المغصوب منه أخذ عين ماله بغير زيادة عليه ، لم يكن

__________________

(١) وفي نسخة ـ د. أو جراب بدل « جوراب ».


عليه قطع ، لأن الإنسان أخذ حقه إذا قدر عليه ، الا ان يكون وديعة ، وهذا ليس بوديعة. وان كان أخذ مع ماله شيئا من مال الغاصب ، ولم يكن متميزا ، فلا قطع عليه ، لأنه مال مشترك ، ولا قطع في مال مشترك ، وان كان مال الغاصب متميزا وهو أقل من النصاب ، فلا قطع عليه ، لأنه ما سرق نصابا يقتضي القطع ، وان كان نصابا ، كان عليه القطع ، لأنه سرق ذلك مع مال نفسه ، كان الظاهر انه نقب للسرقة.

٧٩٣ ـ مسألة : إذ وجد رجل مع امرأة ، فادعى انه زوجها ، وأنكرت هي ذلك ، وحلفت على ذلك ، هل يجب على الرجل حد أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه حد ، لأنه صار متنازعا فيه ، فكان ذلك شبهة في سقوط الحد ، لأن الحد يسقط مع الشبهة.

٧٩٤ ـ مسألة : إذا نبش انسان قبرا ، واخرج شيئا مما هو على الميت ، زائدا على الكفن المفروض والمسنون الذي جميع ذلك خمسة أثواب ، هل عليه القطع أم لا؟

الجواب : لا قطع عليه ، لأن القبر انما هو حرز الكفن ، والكفن هو الخمسة الأثواب التي هي : قميص ومئزر وثلاثة أزر ولفائف وما زاد على ذلك ليس من الكفن ، فإذا أخرجه من القبر ، لم يقطع عليه ، لأنه ما أخرجه من حرز.

٧٩٥ ـ مسألة : إذا شهد شاهدان على قوم ، فقالا : هؤلاء قطعوا الطريق علينا وعلى القافلة ، هل تقبل هذه الشهادة أم لا؟

الجواب : لا تقبل هذه الشهادة في حق الشاهدين ، لأنهما شهدا لأنفسهما ، وشهادة الإنسان لنفسه غير مقبولة ، وأيضا لأنهما بشهادتهما قد أبانا العداوة ، وشهادة العدو على عدوه غير مقبولة.

٧٩٦ ـ مسألة : إذا ارتد انسان ثم رآه آخر من المسلمين مخلى ، فقتله ، وهو يعتقد انه مرتد ، فظهر انه كان أسلم ، هل على القاتل القود أم لا؟

الجواب : عليه القود ، لظاهر القرآن ، ولأن الظاهر من حال المرتد إذا


أطلق ، انما يطلق بعد ثبوت [ توبته ] (١) ويسلم.

٧٩٧ ـ مسألة : إذا دخل انسان دار غيره ، ولصاحب هذه الدار كلب عقور ، فعقره الكلب ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان هذا الرجل دخل هذه الدار باذن صاحبها ، فعليه ضمانه ، وان كان دخلها بغير اذنه ، لم يكن على صاحب الدار ضمان ، لأنه مفرط في دخولها بغير إذنه.

٧٩٨ ـ مسألة : إذا وقف انسان دابته في طريق المسلمين ، فجنت على شي‌ء فاتلفته ، هل ضمان ذلك عليه أم لا؟

الجواب : عليه الضمان ، لأنه إنما يجوز له الانتفاع بهذه المرافق بشرط السلامة فاما إذا لم تجعل السلامة فعليه الضمان :

٧٩٩ ـ مسألة : إذا اشترك أربعة رجال في بعير ، فكان لكل واحد ربعه ، فعقل أحدهم يده ، وتركه الباقون ، فتخطى البعير (٢) إلى بئر فوقع فيها فاندق (٣) الحكم في ذلك؟

الجواب : على الثلاثة الباقين ان يغرموا للواحد قيمة ربعه ، لأنه لم يفرط فيه ، بل حفظه بعقل يده ، وفرط الباقون فيه.

٨٠٠ ـ مسألة : إذا ركب إنسان دابة ، أو كان يقودها ، أو يسوقها ، فجنت على شي‌ء ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا ركب الإنسان الدابة ، فجنت على شي‌ء ، كان عليه ضمان ما يتلفه بيديها أو بفيها ، وكذلك إذا كان يقودها ، فان كان يسوقها ، كان عليه ضمان ما يتلفه بيديها ورجليها وفيها.

__________________

(١) وفي نسخة : فيخطر.

(٢) « توبته » لا توجد فيما بين أيدينا من النسخ وانما وضعناها لتستقيم العبارة وتتضح.

(٣) اندق : يقصد ان رقبته قد اندقت وكسرت وتمزقت بما قد سبت هلاك البعير.


باب مسائل تتعلق بالشهادات والدعاوي والبينات :

٨٠١ ـ مسألة : إذا تحمل الشاهد للشهادة ، هل يكون الأداء لما تحمله من ذلك فرضا أم لا؟

الجواب : أداء الشهادة فرض لقول الله تبارك وتعالى : « وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ » (١) وقوله تعالى : « وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا » (٢).

٨٠٢ ـ مسألة : إذا كان أداء الشهادة فرضا ، فهل هو من فروض الأعيان أو من فروض الكفايات؟

الجواب : قد يكون متعينا ، وقد يكون من فروض الكفايات ، اما المتعين فمثل ان يشهد بالشهادة اثنان فقط فيما لا يثبت الا بشاهدين ، أو واحد منهما فيما يصح ثبوته بشاهد ويمين ، أو يتحمل الشهادة جمع كثير ، ويشهد بها خلق كثير ، ولا يبقى منهم الى وقت الأداء إلا مثل الاثنين ، أو الواحد على الوجه الذي قدمناه ، فإنه يتعين الفرض على الاثنين أو الواحد ، واما انه قد يكون من فروض الكفايات ، فمثل ان يعرف بحق ، جمع كثير وخلق كثير ، ويصيروا شاهدين به ، فإذا أقام بأداء ذلك من يثبت بشهادته منهم ذلك ، سقط الفرض عن الباقين ، كالصلاة على الميت ، وغيره من فروض الكفايات التي إذا قام بها البعض سقط

__________________

(١) البقرة : ٢٨٣

(٢) البقرة : ٢٨٢


عمن بقي.

٨٠٣ ـ مسألة : إذا كان في يد انسان مملوك ، فادعى آخر انه له ، وشهد له شاهد بأنه غصبه ، وشهد آخر انه أقر له بالغصب ، هل يحكم بهذه الشهادة أم لا؟ وكيف الحكم في ذلك؟

الجواب : هذه الشهادة لا يحكم بمجردها ، لأنها لم تتفق على فعل واحد ، لأن الشهادة بالإقرار ، مخالفة للشهادة بالغصب ، فاما وجه الحكم بها فهو ان للمدعى ان يحلف مع اى الشاهدين أراد ، فإذا حلف مع ذلك الشاهد حكم له به.

٨٠٤ ـ مسألة : إذا شهد الشاهدان على « زيد » بأنه سرق حمارا ، فقال أحدهما : سرقه بكرة يوم عينه ، وقال الأخر : سرقه عشية ذلك اليوم ، هل يجب القطع بذلك؟ وكيف الحكم ان لم يلزم القطع؟

الجواب : اما القطع فلا يجب ، لأن الشهادة لم تكمل على سرقة واحدة ، واما الحكم بعد (١) ذلك ، فإن لمدعي الحمار ان يحلف مع اى الشاهدين أراد ، ويستحقه.

٨٠٥ ـ مسألة : إذا شهد شاهدان بأن إنسانا سرق الحمار غدوة يوم عينه ، وشهد آخران بأنه سرقه عشية ذلك اليوم ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا شهد بذلك على ما وصف في هذه المسألة ، كان الحكم بالقرعة.

٨٠٦ ـ مسألة : إذا شهد شاهدان على إنسان بأنه سرق حمارا ، وأطلقا الشهادة ولم يعينا زمانا ولا يوما ، وشهد آخران بان ذلك الإنسان بعينه سرق حمارا ، وكانت شهادتهما مطلقة مثل شهادة الأولين ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا شهد هؤلاء الشهود بما ذكر ، وجب القطع ، لأن الشهادتين لم تتعارضا ، بل استعمالهما يمكن ، لأن ظاهر الإطلاق يقتضي أنها سرقتان.

٨٠٧ ـ مسألة : إذا شهد شاهدان بان « زيدا » باع « عمروا » مملوكا وقت

__________________

(١) وفي نسخة : بغير ذلك.


زوال الشمس من يوم بعينه بمأة دينار ، وشهد آخران بأنه باعه ذلك المملوك في ذلك الوقت ، بمأتين ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك بالقرعة ، لأنه لا يصح ثبوت عقدين في عين واحدة في زمان واحد.

٨٠٨ ـ مسألة : إذا شهد شاهد بأنه باع المملوك بمأة ، وشهد آخر بأنه باعة بمأتين في وقت واحد ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان كذلك ، لم يثبت العقد بمأتين في العقد الواحد (١) وكان للمبتاع ان يحلف مع اى الشاهدين أراد ، ويستحق المملوك.

٨٠٩ ـ مسألة : إذا شهد شاهدان عدلان عند الحاكم بشي‌ء من الحقوق ، ثم فسقا قبل الحكم بما شهدا به ، هل يحكم بتلك الشهادة أم لا؟

الجواب : يحكم بتلك الشهادة ، ولا يمنع من الحكم بها فسقهما بعد ذلك وقبل حكم الحاكم بها ، لأن المراعى في العدالة أو الفسق وقت الأداء ، لا وقت الحكم.

٨١٠ ـ مسألة : إذا شهد شاهدان على إنسان بأنه أعتق عبده « زيدا » في مرضه ، وهو الثلث من ماله ، وشهد آخران بأنه أعتق « عمروا » في مرضه ، وهو الثلث من ماله ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا شهد المذكوران بذلك أعتق السابق وبقي الأخر مملوكا.

وهذا قول من يقول من أصحابنا : بأنه إذا فعل ذلك حال المرض ، كان من الثلث ، وعلى قول من يقول : بان ذلك من أصل المال ، يقول : يعتقان جميعا. (٢)

٨١١ ـ مسألة : إذا ادعى انسان دارا ، وهي في يد غيره ، فقال الذي هي في يده : ليست لك خصومتي ، لأنها ملك « لزيد » ، فقال « زيد » : ليست لي ، ما الحكم في ذلك؟

__________________

(١) وفي نسخة : ـ بثمنين ـ بدل « بمأتين » ـ في وقت واحد ـ بدل « في العقد الواحد ».

(٢) قال العلامة في المختلف ص ٦٦ من كتاب الوصية في منجزات المريض : عطاء المريض المنجزة كالعتق والهبة. إذا وقعت في مرض الموت لعلمائنا قولان : أحدهما انه يصح من الأصل اختاره الشيخ في النهاية والمفيد في المقنعة.

للشيخ قول آخر في المبسوط انها من الثلث.


الجواب : إذا كانت لمدعي هذه الدار بينة ، سلمت اليه ، وان لم تكن له بينة ، احتاط عليها الحاكم لصاحبها ، فإذا احضر وأثبت البينة بأنها له ، سلمها اليه ، ولا يجوز ان يترك في يد الذي أقر بها « لزيد » ، لأنه لا يدعيها لنفسه ، ولا يترك أيضا في يد المقر له بها ، لأنه أنكرها ولم يقبلها وردها ، ولا يجوز ان يترك في يد الذي ادعاها بمجرد دعواه ، لأنه لا بينة له بها ، ولأنه لو سلمت اليه بغير بينة ، لكان تسليما للحق الى من ادعاه بمجرد دعواه من غير بينة ، وهذا باطل بغير شبهة.

٨١٢ ـ مسألة : المسألة بعينها ، وأقر ان الدار لمن لا يعرف ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أقر بها لمن لا يعرف ، لم يلتفت الى إقراره بذلك ، وقيل له :

ان أقررت بها لمعروف ، كانت الخصومة معه فيها دونك ، فان لم يفعل ، حلف المدعى لها مع بينة بها واستحقها ، فان عاد وأقر بها لنفسه ، لم يلتفت الى هذا الإقرار ، لأنه قد تقدم منه نفيها عن نفسه بإقراره بها لغيره.

٨١٣ ـ مسألة : إذا كانت في يد انسان دار ، نازعها (١) اثنان : « زيد » و « عمرو » ، فقال « زيد » لمن هي في يده : هذه الدار التي هي في يدك ، لي وملكي ، أودعتكها. وقال « عمرو » لمن هي في يده : هذه الدار التي في يدك لي وملكي آجرتكها. واثبت كل واحد من « زيد » و « عمرو » بينة بما ادعاه ، ما الجواب في ذلك؟

الجواب : إذا أثبت كل واحد من « زيد » و « عمرو » بينة بما ادعاه من ذلك ، أقرع بينهما ، فمن ظهرت القرعة له سلمت اليه الدار.

٨١٤ ـ مسألة : إذا كانت في يد انسان دار ، فقال له آخر : هذه الدار لي غصبتنيها (٢) وقال له آخر : هذه الدار التي في يدك هي لي ، أقررت لي بها ، واثبت كل واحد منهما بينة بما ادعاه ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : هذه الدار يحكم بها للمغصوب منه ، لأن البينة شهدت له

__________________

(١) وفي نسخة : فادعاها بدل « نازعها ».

(٢) وفي نسخة : غصبتنى عليها.


بالملك ، وانما في يد من هي في يده غصب ، والبينة التي شهدت بالإقرار شهدت بإقراره بما قد ثبت انه غصب ، فكان إقراره بما هذه صفته باطلا.

٨١٥ ـ مسألة : إذا كانت في يد انسان دار ، فادعاها آخر ، وأنكر الذي هي في يده ذلك ، وأثبت المدعى بينة بأنها كانت في يده منذ شهر ، أو منذ خمسة أيام ، أو من يوم ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : لا يحكم بهذه البينة ، لأنها محتملة ، ويكون القول ، قول المدعى عليه في ذلك مع يمينه ، هذا إذا لم تشهد البينة بسبب يد المدعى عليه ، فان شهدت بذلك ، مثل ان قالت : انها كانت في يده ، وانه غصبه إياها ، أو حال بينه وبينها ، وجب ان يحكم بالدار للذي ادعاها ، لأن البينة شهدت بالملك وسبب يد المدعى عليه ، فوجب الحكم بما ذكرناه.

٨١٦ ـ مسألة : ثلاثة رجال كفار ، اثنان منهم ابنا للثالث ، أسلم أحد الابنين في مستهل « المحرم » ، وأسلم أخوه في مستهل « صفر » ، وأسلم أبوهما ومات ، ولم يختلفا في وقت إسلامهما ، بل اختلفا في أبيهما ، فقال الذي أسلم في « المحرم » لأخيه : مات أبونا في « المحرم » قبل اسلامك يا أخي ، والميراث كله لي ، وقال الأخر : بل مات أبونا في « صفر » فالميراث بيننا ، ما الجواب عن ذلك والحكم فيه؟

الجواب : إذا اختلف الابنان على ما ذكر في هذه المسألة ، ولم تكن لأحدهما بينة بما ادعاه ، كان القول ، قول من ادعى موت الأب في « صفر » ، ويكون الميراث بينهما نصفين ، لأن الأصل الحياة ، فلا يرجع عن ذلك الا بان يعلم ارتفاعها.

٨١٧ ـ مسألة : رجل مات وهو مسلم ، وخلف ابنين وتركة ، فقال أحدهما لأخيه : كنت أنا في الوقت الذي مات ابى فيه مسلما ، فقال له اخوة : صدقت وانا كنت أيضا في ذلك الوقت مسلما ، فقال له الأخر : بل كان اسلامك بعد موته ، فالميراث كله لي دونك ، فقال الأخر : بل مات ابى وأنا مسلم ، فالميراث بيننا ، ما الحكم في ذلك؟


الجواب : إذا اختلف الابنان على ما ذكر ، كان القول قول المتفق على إسلامه ، لأن الأصل ها هنا الكفر ، حتى يعلم زواله ، فإذا ثبت زواله في وقت موت الأب عن هذا الابن ، كان الميراث بينه وبين أخيه نصفين ، وان لم يثبت له ذلك ، كان القول قول المتفق على إسلامه ، كما ذكرناه.

٨١٨ ـ مسألة : رجل حر مات ، وخلف ابنين ، فقال أحدهما لأخيه : كنت أنا حرا حين مات ابى ، فالميراث لي دونك. وقال الأخر : صدقت ، وانا أعتقت قبل موت أبينا ، فالميراث بيننا ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلف الابنان على الوجه المذكور ، كان القول قول المتفق على حريته ، لأن الأصل ها هنا في الأخر الرق حتى يثبت زواله ، فان ثبت ، شارك أخاه في الميراث ، وان لم يثبت ، كان له الأمر ، على ما قدمناه.


باب في أعيان المسائل من العويص :

٨١٩ ـ مسألة : انسان دخل عليه وقت الصلاة ، وتوضأ لها ، فأحسن الوضوء ، ثم صلى ولم يفرط في شي‌ء من صلاته ، فلما فرغ ، وجبت عليه اعادتها ، ما الجواب عن ذلك؟

الجواب : هذا انسان كانت على بدنه أو قميصه نجاسة ، لم يعلم بها`حتى فرغ من صلاته والوقت باق ، فوجبت عليه الإعادة ، ويحتمل أيضا ان يكون جنبا ونسي ذلك وتوضأ وصلى ثم ذكر ذلك ، فوجبت عليه إعادة الصلاة بعد الاغتسال.

٨٢٠ ـ مسألة : انسان دخل عليه وقت الصلاة ، فتطهر لها ولم يخل بشي‌ء من طهارته ، وأراد استباحة الصلاة بتلك الطهارة ، فلم يصح له ذلك ، ما الجواب؟

الجواب : هذا انسان تطهر بماء نجس أو مغصوب ، ولم يعلم بذلك منه حين التطهر به ، ثم علم وقت قيامه للصلاة ، فلم يجز ان تسبيح الصلاة بتلك الطهارة.

٨٢١ ـ مسألة : جماعة مسلمون سالمون من الأمراض ، دخل عليهم وقت الصلاة ، وبحضرتهم ماء في أواني ، فقال بعض منهم لبعض : تطهروا وأدوا الصلاة ، فقد دخل وقتها ، فقال واحد منهم : أنتم قد وجب ذلك عليكم ، فافعلوه ، فأما أنا فليس تجب على الآن طهارة ولا صلاة ، ما صورة هذه المسألة؟


الجواب : القائل بأنه لم تجب عليه طهارة ولا صلاة ، لم يكن مالكا لشي‌ء من الماء الذي بحضرتهم ، بل كان لهم دونه ، وكان عالما منهم بأنهم يمنعونه من استعمال شي‌ء منه ، ولا يجيبونه الى ابتياعه ، فكان حينئذ غير قادر على الماء ، ووجب عليه بعد ذلك ، الطلب له ، والصبر الى آخر الوقت ، فان تمكن منه ، والا كان فرضه التيمم.

٨٢٢ ـ مسألة : مسلم وجب عليه إخراج الزكاة من ماله ، لسنة معينة ، فلما أخرجها ، وجب عليه إخراجها دفعة أخرى عن السنة بعينها؟

الجواب : هذا انسان كان في بلده من يعلم استحقاقه لأخذ الزكاة ، فلم يدفعها اليه ، فأنفذها الى بلد آخر ، ليدفعها الى من يستحقها في ذلك البلد ، فهلكت ، فكان عليه الضمان لإعادتها.

٨٢٣ ـ مسألة : امرأة مسلمة خطبها رجلان مسلمان في وقت واحد ، وليس بينها وبين احد منهما رحم ولا عبودية يمنع من ذلك ، فحل لأحدهما العقد عليها ، وحرم ذلك على الأخر في ذلك الوقت؟

الجواب : الذي حرم عليه العقد على هذه المرأة في هذه الوقت المذكور ، كان له اربع زوجات ، فلم يحل له العقد على خامسة.

٨٢٤ ـ مسألة : امرأة مسلمة ، صح الخمس رجال من المسلمين ان يعقد كل واحد منهم عليها عقد النكاح ، ويدخل بها ويطلقها ، ثم يفعل الأخر معها مثل ذلك ، كلهم في يوم واحد؟

الجواب : هذه المرأة كبيرة السن آيسة من الحيض ، والآئسة كذلك ليست عليها عدة الطلاق فيمنعها تكميلها لها من التزويج ، فصح من تزويج الخمسة بها على ما ذكرناه ، وهذا على مذهب أصحابنا ، إلا ما كان يختاره السيد المرتضى (ره) أخيرا من ان على هذه المرأة العدة (١) ، وعلى هذا لا تصح هذه المسألة.

٨٢٥ ـ مسألة : هذه مسألة سيدنا أبو جعفر محمد بن على بن موسى (ع) ،

__________________

(١) لاحظ الانتصار ص ١٤٦ ـ مسائل العدة ـ


التي سأل عنها « يحيى بن أكثم » القاضي بحضرة « المأمون » ، فانقطع ، ولم يجب عنها بشي‌ء ، وهي ما تقول في رجل انظر الى امرأة أول النهار ، فحرم ذلك عليه ، فلما ارتفع النهار حلت له ، فلما زالت الشمس حرمت عليه ، فلما كان العصر حلت له ، فلما غربت الشمس حرمت عليه ، فلما حضرت وقت العشاء الآخرة حلت له ، فلما انتصف الليل حرمت عليه ، فلما كان الفجر حلت له ، فلما ارتفع النهار حرمت عليه ، فلما كان الظهر حلت له؟

الجواب : هذا رجل نظر الى امة قوم أول النهار بغير إذنهم نظر تعمد بشهوة ، فكان ذلك محرما عليه ، فلما ارتفع النهار اشتراها عن مالكها فحلت له ، فلما زالت الشمس أعتقها فحرمت عليه ، فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له ، فلما كان المغرب ، ظاهر منها ، فحرمت عليه ، فلما كان العشاء الآخرة كفر عن الظهار ، فحلت له ، فلما كان نصف الليل ، ارتد عن الإسلام فحرمت عليه ، فلما كان الفجر عاد إلى الإسلام فحلت له ، فلما ارتفع النهار خلعها من نفسه ، فحرمت عليه ، فلما كان الظهر ، جدد معها عقد النكاح فحلت له. (١)

٨٢٦ ـ مسألة : امرأة عصت الله سبحانه وتعالى فحلت لبعلها ما يحرم عنه من طاعة الله في وطأها؟

الجواب : هذه المرأة كانت صائمة قضاء من شهر رمضان ، أو كانت حائضا ، فكتمت ذلك عن زوجها فوطأها ، وهو غير عالم بباطن حالها.

٨٢٧ ـ مسألة : امرأة مسلمة عقد عليها مسلم عقد النكاح فحلت له ساعة من النهار بالعقد ، ثم حرمت عليه بعد ذلك ابدا ، ولم يحدث هو ولا هي كفرا ولا ما يقتضي ذلك؟

الجواب : هذه امرأة كانت بنتها زوجة هذا الرجل فعقد عليها وهو غير عالم بأنها أمها ، فحلت له ساعة من النهار بظاهر العقد ، ثم بعد ذلك علم صحة النسبة بينهما ، فحرمت عليه أبدا.

٨٢٨ ـ مسألة : رجلان كانا يمشيان تحت حائط ، فسقط الحائط على

__________________

(١) الاحتجاج للطبرسي ج ٢ ص ٢٤٤ وبحار الأنوار ج ٥٠ ص ٧٨.


أحدهما فقتله ، فحرمت زوجة الأخر عليه في هذا الحال؟

الجواب : هذا رجل زوج ابنته من مملوكه. وخرجا يمشيان ، فسقط الحائط على سيد المملوك ، فصار المملوك ميراثا للبنت ، فحرمت بذلك عليه (١).

٨٢٩ ـ مسألة : امرأة أطاعت الله ، ففارقت زوجها للطاعة؟

الجواب : هذه المرأة وزوجها كانا مشركين ، فأسلمت هي ، وبقي زوجها على الشرك ، فوجبت مفارقتها له لذلك.

٨٣٠ ـ مسألة : رجل غاب عن امرأته ثلاثة أيام ، فأنفذت إليه إنني قد تزوجت بعدك برجل ، وقد احتجت الى نفقته ، فأنفذ الى ما أنفقه على وعلى زوجي. ووجب ذلك عليه؟

الجواب : هذه المرأة ، زوجها أبوها بعبده ودفع اليه مالا واذن له في السفر والتجارة بذلك ، فسافر العبد قبل دخوله بهذه المرأة ، فلما مضى عليه من وقت خروجه يومان ، مات سيده ، فصار العبد ميراثا لهذه المرأة ، وحرمت عليه بذلك ، وحلت للأزواج في الحال ، فتزوجت رجلا ، وأنفذت الى العبد ، تسأله أن ينفذ إليها من تركة أبيها ما تصرفه في أحوالها ، فوجب عليه ذلك.

٨٣١ ـ مسألة : رجل تزوج امرأة على صداق ، مبلغه ألف درهم ، فلما طلقها وجب عليه ألف وخمس مأة درهم؟

الجواب : هذه المرأة قبضت هذا الصداق من زوجها ، ثم استشهدت على نفسها بأنها قد تصدقت عليه به ، فلما علم بذلك طلقها قبل دخوله بها ، فكان عليه الألف درهم بالصدقة ، وخمس مأة وهي نصف ما فرضه لها من الصداق ، يجب له رجوعه عليها بذلك قبل الدخول بها.

٨٣٢ ـ مسألة : رجل وجب عليه في يوم واحد حدان وعشر حد؟

الجواب : هذا عبد قذف حرا ، وزنى وسكر ، فوجب عليه للقذف والسكر ، مأة وستون سوطا ، وللزنا خمسون جلدة ، فذلك حدان وعشر حد.

٨٣٣ ـ مسألة : رجل حر وجب عليه في يوم حد كامل ، ونصف حد

__________________

(١) وفي نسخة : فوجبت مفارقتها له لذلك.


وبعض حد وربع حد وثمن حد؟

الجواب : هذا رجل تكرر منه زنا في يوم من شهر « رمضان » ، وتزوج فيه بعد ساعة ، واكره امرأته فيه على الجماع ، ثم وطأ بهيمة ، ثم عاد الى زوجته ، وقد حاضت فوطأها ، فوجب عليه للزنا مأة جلدة ، ولحرمة شهر « رمضان » تعزير بعض الحد ، ولإكراهه زوجته على الجماع في هذا الشهر نصف الحد ، ولوطئه البهيمة خمسة وعشرون جلدة وهو ربع الحد ، ولوطئه امرأته وهي حائض ، اثنا عشر سوطا ونصف ، وهو ثمن الحد.

٨٣٤ ـ مسألة : رجل وجب عليه في يوم واحد خمس مأة جلدة ، وقطع يده ورجليه ، والقتل والحرق بالنار؟

الجواب : هذا رجل يكرر زنا ثلاث مرات ، وشرب الخمر ، وقذف حرا ، وقطع يدي مسلم ورجليه ، ووطأ بهيمة ، وقتل امام المسلمين ، واستمنى بيده ، فوجب عليه للزنا ثلاث مرات ثلاث مأة جلدة ، ولشرب الخمر ثمانون جلدة ، وللقذف ثمانون جلدة ، ولوطأ البهيمة عشرون جلدة ، وللاستمناء عشرون جلدة ، فذلك خمس مأة جلدة. وقطع يديه ورجليه للقصاص ، ولقتل امام المسلمين ، القتل والحرق بالنار.

٨٣٥ ـ مسألة : امرأة ولدت على فراش زوجها « ببغداد » فلحق نسبه برجل « بالبصرة » فلزمه دون صاحب الفراش ، من غير ان يكون شاهدا لامرأة ولا عرفها ولا عقد عليها ولا وطأها حراما ولا حلالا؟

الجواب : هذه المرأة بكر ، ساحقتها أخرى ثيبا ، كانت قد قامت في حال مجامعة زوجها لها ، فسقطت نطفة الرجل من الثيب الى فرجها ، فحملت ، فمضى عليها تسعة أشهر فتزوجت في آخر الشهر التاسع ودخل زوجها بها ، فولدت ليلة دخوله بها ، على فراشه ، ولدا كاملا ، فأنكر الزوج ذلك ، فقررها على ذلك ، فأقرت بما تقدم ذكره ، وأقرت الفاعلة أيضا ، فلحق المولود بصاحب النطفة. وهذه حكومة الحسن بن على عليهما‌السلام ، على ما ورد به الخبر في ذلك (١).

__________________

(١) كنز الفوائد للكراجكي ص ١٣٩.


٨٣٦ ـ مسألة : امرأة هلكت وخلفت ابني عم لها وتركة ، فاستحق أحدهما من الميراث النصف والربع ، واستحق الأخر الربع؟

الجواب : كان أحد ابني عمها زوجها ، فأخذ بحق الزوجية النصف ، وبقي النصف الأخر ، فلما قاسم أخاه عليه ، كان له نصفه وهو الربع من الأصل ، فصار له بذلك النصف والربع ، وللآخر الربع.

٨٣٧ ـ مسألة : رجل هلك وخلف زوجته وأخاه لأبيه وامه ، فورثته زوجته وأخ لها ، ولم يرث اخوه من أبيه وامه من الميراث شيئا على حال؟

الجواب : هذا رجل تزوج امرأة ، وزوج ابنه أمها ، فولدت الأم لابنه ولدا ذكرا ، ثم مات ابنه ، فورثه ، ومات هو بعده ، فكانت تركته بين زوجته وأخيها ، لأنه ابنه ولا يرث اخوه شيئا منه.

٨٣٨ ـ مسألة : رجل مات ، فورثه سبعة اخوة وأخت لهم ، فكان الميراث بينهم ، لكل واحد منهم الثمن؟

الجواب : هذا رجل تزوج أم امرأة أبيه ، فولدت منه سبعة بنين ، فصار بنوه هؤلاء (١) ، اخوة امرأة أبيه ، ثم مات الرجل ، وبقي أبوه ومات الأب بعده ، فورثت امرأته الثمن ، وورث بنو أبيه ، الباقي ، كل واحد منهم الثمن بينهم بالسوية ، فحصل لهم من المال سبعة أثمان وهو الباقي بعد حق الزوجة التي هي أختهم من قبل الأم.

٨٣٩ ـ مسألة : رجل قيد عبده بقيد حديد ، وحلف ان لا ينزعه من قدميه حتى يتصدق بوزنه ، كيف يفعل في ذلك؟

الجواب : ورد الخبر بان الجواب في ذلك ، قضية أمير المؤمنين على بن ابى طالب (ع) ، وورد الخبر في ذلك على وجهين :

أحدهما ان رجلا قيد عبده بقيد حديد ، وحلف ان لا ينزعه من رجليه حتى يتصدق بوزنه ، وان أحدا لم يحسن الجواب. عن ذلك غيره.

والوجه الأخر : ان رجلين في عهد عمر بن الخطاب ، شاهدا عبدا مقيدا ،

__________________

(١) في نسخة : فصار أبناء هؤلاء.


فقال أحدهما : ان لم يكن في قيده كذا ، فامرأته طالق ثلاثا ، فقال الأخر : ان كان في قيده ما قلت ، فامرأته طالق ثلاثا ، وذهبا الى سيد العبد فقالا له : انا قد حلفنا على كذا وكذا ، فحل قيد عبدك حتى نراه. فقال السيد : امرأته طالق ثلاثا ان أحله عنه حتى يتصدق بوزنه ، فارتفعوا الى عمر بن الخطاب ، فقصوا عليه القصة ، فأمرهم عمر فقال : مولاه أحق به ، وقال : فاذهبوا فاعتزلوا نسائكم.

فقالوا : اذهبوا بنا الى على بن ابى طالب عليه‌السلام ، لعل ان يكون عنده في هذا شي‌ء. فأتوه وقصوا عليه القصة ، وقال على عليه‌السلام : ما أهون هذا ، ثم أمر بإحضار جفنة (١) وشد القيد بخيط ، ووقف العبد في الجفنة ، والقيد مرسل أسفلها ، ثم صب الماء عليه حتى امتلأت ، ثم أمر برفع القيد ، فرفع حتى خرج من الماء ، فلما خرج نقص ، ثم دعا ببرادة الحديد (٢) ، فألقيت في الماء حتى ارتفع وعاد الى حده الأول ، ثم قال (ع) : اوزنوا هذا ففيه وزن العبد (٣).

وهذا من أحسن استخراجه صلوات الله عليه وعلى الأئمة الأبرار من عترته. والحمد لله رب العالمين ، والصلاة على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا.

__________________

(١) الجفنة : القصعة الكبيرة.

(٢) برادة الحديد : ما سقط منه.

(٣) الوسائل ج ١٨ ص ٢١٠ ب ٢١ من أبواب كيفية الحكم ح ٨ ـ والبحار ج ٤٠ ص ٢٨٠ ـ مع اختلاف قليل.


رسالة

العقائد الجعفرية

« خمسون مسألة اعتقادية »

للشيخ الطوسي

٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ. ج

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين.

والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، وآله المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وجعل كل واحد منهم على الخلق بعد الرسول أميرا.

قال الامام شيخ الطائفة أبو جعفر محمد ، الطوسي مولدا والنجفي مدفنا :

( مسألة ١ ) معرفة الله واجبة على كل مكلف ، بدليل انه منعم ، فيجب معرفته.

( مسألة ٢ ) الله تعالى موجود ، بدليل انه صنع العالم ، وأعطاه الوجود ، وكل من كان كذلك فهو موجود.


( مسألة ٣ ) الله تعالى واجب الوجود لذاته ، بمعنى انه لا يفتقر في وجوده الى غيره ، ولا يجوز عليه العدم ، بدليل انه لو كان ممكنا لافتقر الى صانع ، كافتقار هذا العالم ، وذلك محال على المنعم المعبود.

( مسألة ٤ ) الله تعالى قديم أزلي ، بمعنى ان وجوده لم يسبقه العدم. باق أبدى ، بمعنى ان وجوده لن يلحقه العدم.

( مسألة ٥ ) الله تعالى قادر مختار ، بمعنى انه ان شاء ان يفعل فعل ، وان شاء ان يترك ترك ، بدليل انه صنع العالم في وقت دون آخر.

( مسألة ٦ ) الله تعالى قادر على كل مقدور ، وعالم بكل معلوم ، بدليل ان نسبة جميع المقدورات والمعلومات الى ذاته المقدسة المنزهة على السوية ، فاختصاص قدرته تعالى وعلمه ببعض دون بعض ترجيح بلا مرجح ، وهو محال.

( مسألة ٧ ) الله تعالى عالم ، بمعنى ان الأشياء منكشفة واضحة له ، حاضرة عنده غير غائبة عنه ، بدليل انه تعالى فعل الأفعال المحكمة المتقنة ، وكل من فعل ذلك فهو عالم بالضرورة.

( مسألة ٨ ) الله تعالى يدرك لا بجارحة ، بل بمعنى انه يعلم ما يدرك بالحواس ، لانه منزه عن الجسم ولوازمه ، بدليل قوله تعالى « لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١) » ، فمعنى قوله تعالى « إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢) » انه عالم بالمسموعات لا بأذن ، وبالمبصرات لا بعين.

( مسألة ٩ ) الله تعالى حي ، بمعنى انه يصح منه ان يقدر ويعلم ، بدليل انه ثبتت له القدرة والعلم ، وكل من ثبتت له ذلك فهو حي بالضرورة.

( مسألة ١٠ ) الله تعالى متكلم لا بجارحة ، بل بمعنى أنه أوجد الكلام في جرم من الأجرام ، أو جسم من الأجسام ، لإيصال عظمته الى الخلق ، بدليل قوله تعالى « وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً » (٣) ، ولانه قادر ، فالكلام ممكن.

( مسألة ١١ ) الله تعالى صادق ، بمعنى انه لا يقول الا الحق الواقع ، بدليل ان كل كذب قبيح ، والله تعالى منزه عن القبيح.

( مسألة ١٢ ) الله تعالى مريد ، بمعنى انه رجح الفعل إذا علم المصلحة

__________________

(١) الأنعام : ١٠٣.

(٢) غافر : ٥٦.

(٣) النساء : ١٦٤


( يعني انه غير مضطر وان إرادته غير واقعة تحت ارادة اخرى ، بل هي الإرادة العليا التي ان رأى صلاحا فعل ، وان رأى فسادا لم يفعل ، باختيار منه تعالى ) بدليل انه ترك إيجاد بعض الموجودات في وقت دون وقت ، مع علمه وقدرته ـ على كل حال ـ بالسوية. ولأنه نهى وهو يدل على الكراهة.

( مسألة ١٣ ) انه تعالى واحد ، بمعنى انه لا شريك له في الألوهية ، بدليل قوله « قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) » ، ولانه لو كان له شريك لوقع التمانع ، ففسد النظام ، كما قال « لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا (٢) ».

( مسألة ١٤ ) الله تعالى غير مركب من شي‌ء ، بدليل انه لو كان مركبا لكان مفتقرا الى الأجزاء ، والمفتقر ممكن.

( مسألة ١٥ ) الله تعالى ليس بجسم ، ولا عرض ، ولا جوهر ، بدليل انه لو كان احد هذه الأشياء لكان ممكنا مفتقرا الى صانع ، وهو محال.

( مسألة ١٦ ) الله تعالى ليس بمرئي بحاسة البصر في الدنيا والآخرة ، بدليل انه تعالى مجرد ، ولأن كل مرئي لا بد ان يكون له الجسم والجهة ، والله تعالى منزه عنهما ولانه تعالى قال : « لَنْ تَرانِي (٣) » وقال « لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ».

( مسألة ١٧ ) الله تعالى ليس محلا للحوادث ، والا لكان حادثا ، وحدوثه محال.

( مسألة ١٨ ) الله تعالى لا يتصف بالحلول ، بدليل انه يلزم قيام الواجب بالممكن وذلك محال.

( مسألة ١٩ ) الله تعالى لا يتحد بغيره ، لان الاتحاد صيرورة الشي‌ء واحدا من غير زيادة ونقصان ، وذلك محال ، والله لا يتصف بالمحال.

( مسألة ٢٠ ) الله تعالى منفي عنه المعاني والصفات الزائدة ، بمعنى انه ليس عالما بالعلم ، ولا قادرا بالقدرة ( بل علم كله ، وقدرة كلها ) ، بدليل انه لو كان كذلك لزم كونه محلا للحوادث لو كانت حادثة ، وتعدد القدماء لو كانت قديمة ، وهما محالان ، وأيضا لزم افتقار الواجب الى صفاته المغايرة له ، فيصير ممكنا ، وهو ممتنع.

__________________

(١) الإخلاص : ١١٢

(٢) الأنبياء : ٢٢

(٣) الأعراف : ١٤٣


( مسألة ٢١ ) الله تعالى غني ، بمعنى انه غير محتاج الى ما عداه ، والدليل عليه انه واجب الوجود لذاته ، فلا يكون مفتقرا.

( مسألة ٢٢ ) الله تعالى ليس في جهة ، ولا مكان ، بدليل ان كل ما في الجهة والمكان مفتقر إليهما ، وأيضا قد ثبت انه تعالى ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ، فلا يكون في المكان والجهة.

( مسألة ٢٣ ) الله تعالى ليس له ولد ولا صاحبة ، بدليل انه قد ثبت عدم افتقاره الى غيره ، ولأن كل ما سواه تعالى ممكن ، فكيف يصير الممكن واجبا بالذات ، ولقوله تعالى « لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‌ءٌ (١) » و « مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ (٢) ».

( مسألة ٢٤ ) الله تعالى عدل حكيم ، بمعنى انه لا يفعل قبيحا ولا يخل بالواجب بدليل ان فعل القبيح قبيح ، والإخلال بالواجب نقص عليه ، فالله تعالى منزه عن كل قبيح وإخلال بالواجب.

( مسألة ٢٥ ) الرضا بالقضاء والقدر واجب ، وكل ما كان أو يكون فهو بالقضاء والقدر ولا يلزم بهما الجبر والظلم ، لان القدر والقضاء ها هنا بمعنى العلم والبيان ، والمعنى انه تعالى يعلم كل ما هو.

( مسألة ٢٦ ) كل ما فعله الله تعالى فهو أصلح ، والا لزم العبث ، وليس تعالى بعابث ، لقوله : « أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً (٣) ».

( مسألة ٢٧ ) اللطف على الله واجب ، لانه خلق الخلق ، وجعل فيهم الشهوة ، فلو لم يفعل اللطف لزم الإغراء ، وذلك قبيح ، ( والله لا يفعل القبيح ) فاللطف هو نصب الأدلة ، وإكمال العقل ، وإرسال الرسل في زمانهم ، وبعد انقطاعهم إبقاء الامام ، لئلا ينقطع خيط غرضه.

( مسألة ٢٨ ) نبينا « محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف » رسول الله (ص) حقا صدقا. بدليل انه ادعى النبوة ، وأظهر المعجزات على يده ، فثبت انه رسول حقا ، وأكبر المعجزات « القرآن الحميد » والفرقان المجيد الفارق بين الحق والباطل ، باق الى يوم القيامة ، حجة على كافة النسمة.

__________________

(١) الشورى : ١١

(٢) آل عمران : ٥٩

(٣) المؤمنون : ١١٥


ووجه كونه معجزا : فرط فصاحته وبلاغته ، بحيث ما تمكن احد من أهل الفصاحة والبلاغة حيث تحدوا به ، ان يأتوا ولو بسورة صغيرة ، أو آية تامة مثله.

( مسألة ٢٩ ) كان نبينا نبيا على نفسه قبل البعثة ، وبعده رسول إلى كافة النسمة لأنه قال « كنت نبيا وآدم بين الماء والطين » (١) ، والا لزم تفضيل المفضول ، وهو قبيح.

( مسألة ٣٠ ) جميع الأنبياء كانوا معصومين ، مطهرين عن العيوب والذنوب كلها ، وعن السهو والنسيان في الافعال والأقوال ، من أول الإعمار إلى اللحد ، بدليل انهم لو فعلوا المعصية أو يطرأ عليهم السهو لسقط محلهم من القلوب ، فارتفع الوثوق والاعتماد على أقوالهم وأفعالهم ، فتبطل فائدة النبوة ، فما ورد في الكتاب ( القرآن ) فيهم فهو واجب التأويل.

( مسألة ٣١ ) يجب ان يكون الأنبياء أعلم وأفضل أهل زمانهم ، لان تفضيل المفضول قبيح.

( مسألة ٣٢ ) نبينا خاتم النبيين والمرسلين ، بمعنى انه لا نبي بعده الى يوم القيامة ، يقول تعالى « ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ (٢) ».

( مسألة ٣٣ ) نبينا أشرف الأنبياء والمرسلين ، لانه ثبتت نبوته ، وأخبر بأفضليته فهو أفضل ، لما قال لفاطمة (ع) : « أبوك خير الأنبياء ، وبعلك خير الأوصياء ، وأنت سيدة نساء العالمين ، وولدك الحسن والحسين (ع) سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما ». (٣).

( مسألة ٣٤ ) معراج الرسول بالجسم العنصري علانية ، في غير منام ، حق ، والاخبار عليه بالتواتر ناطقة ، صريحة ، فمنكره خارج عن الإسلام ، وانه مر بالأفلاك من أبوابها من دون حاجة الى الخرق والالتئام ، وهذه الشبهة الواهية مدفوعة مسطورة بمحالها.

( مسألة ٣٥ ) دين نبينا ناسخ للأديان السابقة ، لأن المصالح تتبدل حسب

__________________

(١) بحار الأنوار ج ١٦ ص ٤٠٢

(٢) الأحزاب : ٣٣

(٣) بحار الأنوار ج ٤٣ ص ٩٨ و ٣٠٢.


الزمان والأشخاص كما تتبدل المعالجات لمريض بحسب تبدل المزاج والمرض.

( مسألة ٣٦ ) الإمام بعد نبينا علي بن ابى طالب (ع) بدليل قوله (ص) :

« يا علي أنت أخي ووارث علمي ، وأنت الخليفة من بعدي ، وأنت قاضي ديني ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي » (١) ، وقوله : « سلموا على علي بإمرة المؤمنين ، واسمعوا له وأطيعوا له ، وتعلموا منه ولا تعلموه » ، (٢) ، وقوله : من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ». (٣)

( مسألة ٣٧ ) الأئمة بعد علي (ع) احد عشر من ذريته الأول منهم ولده الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم جعفر بن محمد الصادق ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى ، ثم محمد بن علي ، ثم علي بن محمد ، ثم الحسن بن علي ، ثم الخلف الحجة القائم المهدي الهادي بن الحسن صاحب الزمان ، فكلهم ائمة الناس واحد بعد واحد ، حقا ، بدليل ان كل امام منهم نص على من بعده نصا متواترا بالخلافة ، وقوله : « الحسين امام ، ابن إمام ، أخو الإمام ، أبو الأئمة التسعة ، تاسعهم قائمهم ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ».

( مسألة ٣٨ ) يجب ان يكون الأئمة معصومين مطهرين من الذنوب كلها ، صغيرة وكبيرة عمدا وسهوا ، ومن السهو في الافعال والأقوال ، بدليل انهم لو فعلوا المعصية لسقط محلهم من القلوب ، وارتفع الوثوق ، وكيف يهدون بالضالين المضلين ، ولا معصوم غير الأئمة الاثنى عشر إجماعا ، فثبت إمامتهم.

( مسألة ٣٩ ) يجب ان يكون الأئمة أفضل واعلم ، ولو لم يكونوا كذلك للزم تفضيل المفضول ، أو الترجيح بلا مرجح ، ولا يحصل الانقياد به ، وذلك قبيح عقلا ونقلا ، وفضل أئمتنا وعلمهم مشهور ، بل أفضليتهم أظهر من الشمس وأبين من الأمس.

( مسألة ٤٠ ) يجب ان نعتقد ان آباء نبينا وأئمتنا مسلمون ابدا ، بل أكثرهم كانوا أوصياء ، فالأخبار عند أهل البيت على إسلام أبي طالب مقطوعة وسيرته أدلة عليه ، ومثله مثل مؤمن آل فرعون. (٤).

__________________

(١) الغدير ج ٣ ص ٢٧٧ و ٢٧٦ وص ١٥ ص ٢٢٣.

(٢) إحقاق الحق ج ٣ ص ٢٧٧ و ٢٧٦ وج ١٥ ص ٢٢٣.

(٣) الغدير ج ١ ص ٢١٩

(٤) الغدير ج ٧ ص ٣٩٥ وبحار الأنوار ج ٣٥ ص ٧٢ و ١٣٨ و ١٣٩.


( مسألة ٤١ ) الإمام المهدي المنتظر محمد بن الحسن قد تولد في زمان أبيه ، وهو غائب حي باق الى بقاء الدنيا ، لان كل زمان لا بد فيه من امام معصوم ، لما انعقد عليه إجماع الأمة على انه لا يخلو زمان من حجة ظاهرة مشهورة ، أو خافية مستورة ، ولان اللطف في كل زمان واجب ، والامام لطف ، فوجوده واجب.

( مسألة ٤٢ ) لا استبعاد في طول عمرة ، لأن غيره من الأمم السابقة قد عاش ثلاثة آلاف سنة فصاعدا ، كشعيب ونوح ولقمان وخضر وعيسى ـ عليهم‌السلام ـ وإبليس والدجال ولأن الأمر ممكن ، والله قادر على جميع الممكنات.

( مسألة ٤٣ ) غيبة المهدي لا تكون من قبل نفسه ، لانه معصوم ، فلا يخل بواجب ، ولا من قبل الله تعالى ، لانه عدل حكيم فلا يفعل القبيح ، لان الإخفاء عن الانظار وحرمان العباد عن الافادات قبيحان. فغيبته لكثرة العدو والكافر ، ولقلة الناصر.

( مسألة ٤٤ ) لا بد من ظهور المهدي ، بدليل قول النبي (ص) : « لو لم يبق من الدنيا إلا ساعة واحدة لطول الله تلك الساعة حتى يخرج رجل من ذريتي ، اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا » (١). ويجب على كل مخلوق متابعته.

( مسألة ٤٥ ) في غيبة الإمام فائدة ، كما تنير الشمس تحت السحاب ، والمشكاة من وراء الحجاب.

( مسألة ٤٦ ) يرجع نبينا وأئمتنا المعصومون في زمان المهدي مع جماعة من الأمم السابقة واللاحقة ، لإظهار دولتهم وحقهم ، وبه قطعت المتواترات من الروايات والآيات لقوله تعالى : « وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً (٢) » ، فالاعتقاد به واجب.

( مسألة ٤٧ ) ان الله يعيد الأجسام الفانية كما هي في الدنيا ، ليوصل كل حق الى المستحقين ، وذلك أمر ممكن ، والأنبياء أخبروا به ، لا سيما القرآن المجيد مشحون به ولا مجال للتأويل ، فالاعتقاد بالمعاد الجسماني واجب.

( مسألة ٤٨ ) كل ما أخبر به النبي أو الإمام فاعتقاده واجب ، كاخبار

__________________

(١) عوالي اللئالي ج ٤ ص ٩١ وسنن أبي داود ج ٤ رقم الحديث : ٤٢٨٢ ـ ٤٢٨٣.

(٢) النمل : ٨٣


هم عن نبوة الأنبياء السابقين ، والكتب المنزلة ، ووجود الملائكة ، وأحوال القبر وعذابه ، وثوابه وسؤال المنكر ونكير ، والاحياء فيه ، وأحوال القيامة ، وأهوالها ، والنشور ، والحساب والميزان ، والصراط ، وانطاق الجوارح ، ووجود الجنة والنار.

والحوض الذي يسقي منه أمير المؤمنين العطاشى يوم القيامة ، وشفاعة النبي والأئمة لأهل الكبائر من محبيه الى غير ذلك ، بدليل انه أخبر بذلك المعصومون.

( مسألة ٤٩ ) التوبة ـ وهي الندم على القبيح في الماضي ، والترك في الحال ، والعزم على عدم المعاودة إليه في الاستقبال ـ واجبة ، لدلالة السمع على وجوبها ، ولان دفع الضرر واجب عقلا.

( مسألة ٥٠ ) الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، واجبان ، بشرط تجويز التأثير والأمن من الضرر.



بسم الله الرحمن الرحيم

مسائل مبافارقيات (١)

للسيد المرتضى علم الهدى ( قد )

المسألة الأولى : الصلاة الجامعة (٢) والفضل فيها وهل يجوز مع عدم الوثوق بدينه أم لا؟

الجواب : صلاه الجماعة فيها فضل كثيرا أداء وقضاء باعتقاد المؤتم به ، لان اعتقاد الفاسق عند أهل البيت (ع) لا يجوز.

المسألة الثانية : صلاة الجمعة هل يجوز ان تصلى خلف المخالف والمؤالف جميعا ، وهل هي أربع ركعات جميعا مع الخطبتين ، أم ركعتان مع الخطبة تقوم مقام الأربعة؟

الجواب : صلاة الجمعة ركعتان ، ولا جمعة الا مع امام أو من ينصبه الإمام العادل ، فان عدم ذلك ، صليت الظهر أربع ركعات ، ومن اضطر إلى أن يصليها مع من لا يجوز إمامته تقية ، وجب عليه أن يصلى بعد ذلك ظهرا أربعا.

المسألة الثالثة : صلاة العيدين بخطبة أو غير خطبة ، أربع ركعات أو

__________________

١ ـ المبا فارقي بفتح الميم وتشديد الباء الموحدة والفاء بين الألفين وفي اخرها الراء والقاف وياء النسبة إلى مبافارقي وهي مدينة كبيرة عند ايل من بلاد الجزيرة.

وفي الذريعة ج ٥ ص ٢٣٨ :

( جوابات المسائل المبافارقيات ) للسيد الشريف المرتضى علم الهدى المتوفى ٤٣٦ هي ست وستون مسألة ، اقتصر في جواباتها على الفتوى ، لان السائل قال : ( نؤثر نحن أطال الله بقاء سيدنا الشريف ، ان نرى خط الشريف لنقمده ونعول عليه ، وما نلتمس الفتوى بغير دليل ) فأجابهم على ما طلبوه فيما يقرب من ثلاث مأة بيت.

وفي معالم العلماء ص ٧٠ : مسائل ميافارقين وهي خمس وستون مسألة.

٢ ـ جامعة ( خ ل )


ركعتان بتسليمة واحدة أو اثنين ، هل يقع التكبير في الاثنتين الأولتين أو في الأربع ، وإذا عدم الموافق ، هل يجوز خلف المخالف؟

الجواب : صلاة كل عيد ركعتان ، ولابد من الخطبة في العيدين ، يكبر في الأولى خمس تكبيرات زائدات إذا أضاف إليهن تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع كن سبعا ، ويكبر في الثانية ثلاث تكبيرات زائدات مع تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع كن خمسا ، والقراءة في الركعتين قبل التكبير.

المسألة الرابعة : صلاة الظهرين هل يجوز أن يصليهما عند زوال الشمس من غير أن يفصل بينهما بغير السجدة والسنة التي هي ثمان ركعات ، وهل يجوز بينهما اذان واحد وإقامتان أم لا يجوز ذلك الا بأذانين وإقامتين ، فإن كان وجههما واحد ، فما السبب الموجب لما ان فاتت لمولانا أمير المؤمنين (ع) العصر حتى ردت له الشمس؟

الجواب : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر خاصة ، فإذا مضى مقدار ما يؤدى فيه أربع ركعات اشترك الوقتان بين الظهر والعصر إلى أن يبقى من النهار ما يؤدى فيه أربع ركعات ، فخرج وقت الظهر ، ويختص ذلك الوقت للعصر ، فمن صلى الظهر في أول الوقت ، ثم صلى عقيبها بلا فصل ، كان مؤديا للفرضين معافى وقتهما ، ومن أراد الفضيلة أو زيادة الثواب صلى بين الظهر والعصر النوافل المسنونة ، واما الأذان والإقامة ، فليسا بفرضين على تحقيق المذهب ، بل هما مسنونان ، وإن كانت الإقامة من الاذان أشد استحبابا ، فمن أراد الفضيلة اذن وأقام لكل واحدة من الصلاتين ، ويجوز ان يأذن ويقيم دفعة واحدة لهما ، كما يجوز ان يترك الأذان والإقامة فيهما. فاما أمير المؤمنين (ع) فلا يجوز ان يكون فاتته صلاة العصر لخروج وقتها ، لان ذلك لا يجوز ، لكماله صلوات الله عليه ، وانما فاتته فضيلة أول الوقت ، فردت عليه الشمس ليدرك الفضيلة ، ولايجوز غير ذلك (١).

__________________

١ ـ الأحاديث في رد الشمس له (ع) كثيرة. وما ذكره قدس سره من التوجيه أحد الوجوه فمن أراد تفصيل ذلك فليرجع إلى بحار الأنوار ج ٤١ ص ١٦٦ ـ ١٩١.


المسألة الخامسة : هل بين المغرب والعشاء الآخرة فرق غير الأربع ركعات النافلة ، وأول صلاة المغرب سقوط القرص ، أم إذا بدت ثلاثة أنجم لا ترى بالنهار؟

الجواب : إذا غربت الشمس دخل وقت صلاة المغرب ، من غير مراعاة لطلوع النجم ، فإذا مضى من الوقت مقدار ما يؤدي فيه ثلاث ركعات اشترك الوقت بين صلاة المغرب وبين صلاة العشاء الآخرة ، فإذا بقى إلى انتصاف الليل مقدار ما يؤدي فيه أربع ركعات مضى وقت المغرب ، وخلص ذلك الوقت لعشاء الآخرة ، فإذا انتصف فاتت العشاء الآخرة ، والأفضل لمن يريد الفضيلة ومزيد الثواب ، ان يصلى نوافل المغرب بين صلاة المغرب وفرض العشاء الآخرة ، لأنها من السنن المؤكدة.

المسألة السادسة : المعرفة بصلاة الوسطى ، والدليل عليها؟

الجواب : الصلاة الوسطى عند أهل البيت عليهم السلام ، هي صلاة العصر (١). والحجة على ذلك اجماع الشيعة الإمامية على ذلك (٢). وقد روى في رواية ابن مسعود حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر (٣) وسميت صلاة الوسطى لأنها بين صلاتين من صلاة النهار تقدمتا عليها ، وصلاتين من صلاة الليل تأخرتا عنها.

المسألة السابعة : على أي شئ يجوز السجود ، وأي شئ يتوقى السجود عليه؟

الجواب : لا يجوز السجود الا على الأرض نفسها إذا كانت طاهرة ، أو على ما أنبتته الا أن يكون مأكولا ، كالثمار ، أو يكون ملبوسا كالقطن والكتان وما اتخذ منهما ، ولا بأس بالسجود على القرطاس الخالي من الكتابة ، ويكره على المكتوب ، لشغل القلب بقرائته.

__________________

١ ـ ذكر الطبرسي ( قد ) في مجمع البيان في تفسير الصلاة الوسطى ستة أقوال فلاحظ مجمع البيان ج ١ ص ٣٤٣.

٢ ـ ليست المسألة اجماعية.

٣ ـ مجمع البيان ج ١ ص ٣٤٣ وبحار الأنوار ج ٧٩ ص ٢٨٨.


المسألة الثامنة : التسليم هل هو واحد تجاه القبلة أم اثنان عن يمين وشمال؟

الجواب : التسليم عندنا واجب ، ويسلم المصلى واحدة يستقبل بها القبلة وينحرف بوجهه قليلا إلى جهة يمينه إن كان منفردا أو إماما ، وإن كان مأموما يسلم عن يمينه أو شماله ، الا ان يكون شماله خاليا ، فيقتصر حينئذ على يمينه.

المسألة التاسعة : القنوت في جميع الفرائض أم في صلاة معلومة ، وهل هو قبل الركوع أو بعده؟

الجواب : القنوت مستحب غير مفروض ، وإن كان في المفروض أشد استحبابا ، وهو في صلاة الجهرية بالقراءة أشد تأكيدا واستحبابا ، ولا اثم على من تركه. ومكانه قبل الركوع من الركعة الثانية ، ويرفع يديه بالقنوت تكبيرا مفردا.

المسألة العاشرة : التكبيرات السبع عند التوجه في الفرض خاصة ، أم الفرض والنوافل؟

الجواب : التكبيرات للدخول في الصلاة انما تستعمل في الفرائض دون النوافل ، وهي مسنونات غير مفروضات ، ويكفي للدخول في الصلاة ـ فرضا كانت أو سنة ـ تكبيرة واحدة ، وهي التحريمة التي عقدها ما لم يكن محرما من الأقوال والأحوال.

المسألة الحادية عشر : الركعتان من جلوس بعد الفريضة العتمة ، بتربع أو تورك؟

الجواب : قد روى في فعل هاتين الركعتين التربع ، وروى أن يفعلا جميعا فعلا مطلقا ، لم يشترط فيه تربع ولا تورك. فالمصلي مخير فيهما بين التربع والتورك ، وأي الامرين فعل جاز.

المسألة الثانية عشر : غسل الوجه باليدين جميعا ، أم باليد اليمنى؟

الجواب : المفروض ايصال الماء على الوجه على سبيل الغسل ، والظاهر من القرآن ، يدخل فيه غسل الوجه باليدين معا واليد الواحدة ، الا ان السنة وردت


بان يغسل الوجه باليد اليمنى دون اليسرى ، وفعل المسنون أولي من غيره (١).

المسألة الثالثة عشر : المسح على الرأس والرجلين بفاضل ماء يد اليسرى ، أم بماء مجدد؟

الجواب : المفروض في مسح الرأس والرجلين ان يكون ببلة اليد ، من غير استيناف ماء جديد ، فمن استأنف ماء مجددا لم يجزيه ذلك ، ووجب عليه الإعادة. وان لم يجد في يده بلة يمسح برأسه ورجله. فقد روى أنه يأخذ من بلة شعر لحيته أو حاجبيه ، فإن لم يجد ذلك ، استأنف الوضوء (٢).

المسألة الرابعة عشر : ما يشكل علينا من الفقه نأخذه من رسالة علي بن موسى بن بابويه القمي (ره) ، أم من كتاب الشلمغاني ، أم من كتاب عبيد الله الحلبي؟

الجواب : الرجوع إلى رسالة ابن بابويه ، وكتاب الحلبي أولي من الرجوع إلى كتاب الشلمغاني على كل حال.

المسألة الخامسة عشر : هل يجب في الاذان ـ بعد قول ( حي على خير العمل ) ـ محمد وعلي خير البشر؟

الجواب : ان قال : محمد وعلى خير البشر على أن ذلك من قوله خارج من لفظ الاذان ، جاز ، فان الشهادة بذلك صحيحة ، وان لم يكن فلا شئ عليه.

المسألة السادسة عشر : من لفظ اذان المخالفين ، يقولون في اذان الفجر : الصلاة خير من النوم ، هل يجوز لنا ان نقوم ذلك أم لا؟

الجواب : ذلك في اذان الفجر قد أبدع وخالف السنة ، لاجماع أهل البيت عليهم السلام على ذلك.

المسألة السابعة عشر : مولانا أمير المؤمنين (ع) حي يشاهدنا ، ويسمع كلامنا ، أم هو ميت؟

الجواب : الأئمة الماضون والمؤمنون في جنات الله تعالى ، يتنعمون ويرزقون ،

__________________

١ ـ الوسائل ج ١ ص ٢٧١ ب ١٥ من أبواب الوضوء.

٢ ـ الوسائل ج ١ ص ٢٨٧ ب ٢١ من أبواب الوضوء.


فإذا زيرت قبورهم ، وصلى عليهم أبلغهم الله تعالى ذلك إذا علمهم به وكانوا بالابلاغ كأنهم له سامعون وله شاهدون.

المسألة الثامنة عشر : قد روى أن سيدنا رسول الله (ص) ومولانا أمير المؤمنين (ع) يحضران عند كل ميت وقت قبض روحه في شرق الأرض وغربها ، ونرجو ان يكون ذلك على يقين إن شاء الله تعالى.

الجواب : قد روى ذلك ، والمعنى فيه ان الله سبحانه يعلم المحتضر إذا كان من أهل الايمان ، بما له من الحظ والنفع لموالاته بمحمد وعلى عليهما السلام ، فكأنه يراهما ، وكأنهما (ع) حاضران عنده لأجل هذا الاعلام. وكذلك إذا كان من أهل العداوة ، فإنه يعلم بما عليه من الضرر بعداوتهما والعدول عنهما ، كيف يجوز أن يكون شخصان يحضران على سبيل المجاز والحلول في الشرق والغرب عند كل محتضر ، وذلك محال.

المسألة التاسعة عشر : الأئمة (ع) في الفضل سواء بعد مولانا أمير المؤمنين (ع) ، أم يتفاضل بعضهم على بعض؟

الجواب : الفضل في الدين لا يقطع عليه الا بالسمع القاطع ، وقد روى أن الأئمة (ع) متساوون في الفضل ، وروى أن كل امام أفضل ممن يليه سوى القائم عليه السلام ، فإنه أفضل من المتقدمين عليه. والأولى التوقف في ذلك ، فلا دليل قاطعا عليه.

المسألة العشرون : هل بين السيدين : الحسن والحسين (ع) فرق في الفضل ، إما هما سواءان؟

الجواب : الصحيح تساويهما في الفضل ، فلا يفضل أحدهما على صاحبه بلا دليل عليه. ولا طرق إليه ، فلا تعلق لذلك بتكليفنا فننصب دليلا عليه.

المسألة الحادي والعشرون : كل الأئمة (ع) يخبرون عن الشئ قبل كونه أم لا؟

الجواب : ليس من شرط الإمامة الاخبار عن الشئ قبل كونه ، لان ذلك معجز ، وقد جوز اظهار المعجزات على أيدي الأئمة (ع) ، وقد يجوز ان لا يظهر


على أيديهم ، الا انا قد علمنا بالاخبار البالغة انهم (ع) أخبرونا بالمغيبات ، فعلمنا ان الله تعالى قد أطلعهم على ذلك.

المسألة الثانية والعشرون : لصاحب الزمان (ع) يوم معلوم يظهر فيه ، وهل يشاهدنا أم لا؟

الجواب : ليس يمكن نعت الوقت الذي يظهر فيه صاحب الزمان (ع) ، وانما يعلم على سبيل الجملة انه (ع) يظهر في الوقت الذي يأمن فيه المخافة ، وتزول فيه التقية. وهو عليه السلام مشاهد لنا ويحتاط لنا ، وغير خاف عليه شئ من أحوالنا.

المسألة الثالثة والعشرون : مباحث جيش البصرة والاعتقاد فيه وبين غيره ، وكيف كانوا على عهد رسول الله (ص)؟

الجواب : قتال أمير المؤمنين (ع) بغى وكفر جار مجرى قتال النبي (ص) لقوله (ص) : حربك يا علي حربي وسلمك سلمى (١). وانما يريد صلى الله عليه وآله وسلم ان احكام حروبنا واحدة ، فمن حاربه عليه حاربه ومات من غير توبة قطعتها على أنه كان في وقت مؤمنا على الحقيقة وفي الباطن لا يجوز ان الأدلة ليس هذا موضع ذكرها.

المسألة الرابعة والعشرون : أيما أفضل ، الأنبياء (ع) أو الملائكة (ع)؟

الجواب : الأنبياء (ع) أفضل من الملائكة ، والدليل على ذلك اجماع الشيعة الإمامية عليه ، واجماعهم حجة ، لأنه لا يخلو هذا الاجماع في كل زمان من امام معصوم (ع) يكون فيهم.

المسألة الخامسة والعشرون : القول في أن الله تعالى لو لم يخلق محمدا وأهل بيته (ص) لم يخلق سماء ولا أرضا ولا جنة ولا نارا ولا الخلق؟

الجواب : قد وردت رواية في ذلك ، والمعنى فيها ان الله سبحان إذا علم المصلحة لسائر المكلفين في نبوة النبي (ص) وابلاغه لهم الشرائع ، وان أحدا لا يقوم في ذلك مقامه ، وان أمير المؤمنين (ع) وصيه ، والامام بعده المعلوم هؤلاء

__________________

١ ـ عوالي اللئالي ج ٤ ص ٨٧ والمناقب لابن المغازلي ص ٥٠.


عليهم السلام ، لما كان خلق لا حد ولا تكليف لبشر (١).

المسألة السادسة والعشرون : المعنى الذي من عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك ، ومن عبد المعنى بحقيقة المعرفة فهو مؤمن حقا؟

الجواب : لا شبهة ان عابد غير الله سبحانه وتعالى كافر ، والاسم غير المسمى ، فمن عبد الاسم دون المسمى كان كافرا لعبادته لله سبحانه وحده خالصة وهو المسمى.

المسألة السابعة والعشرون : وروى أن الناس في التوحيد على ثلاثة أقسام : مشبه وناف ومثبت ، فالمشبه مشرك ، والنافي مبطل ، والمثبت مؤمن ، [ ما ] تفسير ذلك؟

الجواب : المراد هاهنا بالمثبت من أثبت الشئ على ما هو عليه ، وأعتقده على ما هو به ، والنافي مبطل لأنه بالعكس من ذلك ، فاما المشبه فهو من اعتقد ان الله سبحانه شبها ، وذلك مشرك لا شبهة في شركه.

المسألة الثامنة والعشرون : الأخ من الأب يرث مع الأخ من الام ، وكذلك مع الأخ من الأب والام؟

الجواب : إذا اجتمع اخوة من الأب أو اخوة من الأب والام مع اخوة من أم كان للاخوة من الام الثلث ، والباقي للاخوة من الأب ، فإن كان أخا واحدا وأختا واحدة من أم معها أخ لأب أو أخت لأب ، للأخ من الام أو للأخت ، السدس ، والباقي للأخ من الأب أو الأخت ، وإذا اجتمع اخوة لأب مع اخوة لأب وأم كان كله للاخوة من الأب والام ، ولاحظ لولد الأب خاصة فيه.

المسألة التاسعة والعشرون : الثوب إذا اصابته النجاسة ، ولم يعرف المكان تجوز الصلاة أم لا؟

الجواب : إذا عرف مكان النجاسة من الثوب ، غسل ذلك الموضع ، وان

__________________

(١) الغدير ج ٢ ص ٣٠٠ وبحار الأنوار ج ٣٦ ص ٣٣٧.


لم يعرف بعينه غسل الثوب جميعا ، لا تجوز الصلاة فيه قبل الغسل.

المسألة الثلاثون : إذا أصاب الثوب كلب ناشف يصلى فيه أم لا؟

الجواب : لا تتعدى نجاسة الكلب مع نشافة جلده إلى ما يماسه من ثوب أو بدن ، وانما تتعدى مع النداوة والبلل في أحدهما وانما مع نشافتهما معا لا يعد ذلك في النجاسة.

المسألة الحادية والثلاثون : فمن جامع أهله في شهر رمضان بالنهار ما يجب عليه ، وما كفارته؟

الجواب : يجب على المجامع في شهر رمضان بالنهار القضاء والكفارة جميعا بلا خلاف ، والكفارة هي : عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا ، لكل مسكين مد من الطعام. وهو مخير عندنا بين الثلاث ، أي شئ شاء فعل.

المسألة الثانية والثلاثون : الثوب يصيبه الخمر ( ... ) (١) أغلظ من ساير النجاسات ، لان الدم وإن كان نجسا ، فقد أبيح لنا ان نصلي في الثوب إذا كان فيه دون الدرهم من الدم والبول قد عفى عنه فيهما عند الاستنجاء كرؤس الإبر ، والخمر ما عفى عنه في موضع من المواضع عن الشئ منه.

المسألة الثلاثة والثلاثون : القول في رجل تزوج بامرأة دخل بها ثم غاب عنها سنين ، ثم وضعت ولدا وادعت انه عنه ، هل يصدق قولها ويلحق الولد بالزوج أم لا؟ وما يجب عليها في ذلك؟

الجواب : لا يلحق الولد بالزوج الغائب ، لان الفراش الذي عناه النبي (ص) بقوله : الولد للفراش (٢) يعدم هاهنا ، لان الفراش عبارة عن امكان الوطأ والوطئ هاهنا متعذر للفراش ، فالولد غير لاحق ، هذا إذا كانت غيبة رأسه على الحال.

المسألة الرابعة والثلاثون : هل يجوز للمؤمن الاستغفار لأبيه وامه وأقاربه

__________________

١ ـ هاهنا بياض في المصدر ويمكن أن يكون المحذوف بقرنية السياق هكذا : هل يصلى فيه أم لا؟ الجواب ، لا يصلى فيه لأنه ...

٢ ـ عوالي اللئالي ج ٢ ص ١٣٢.


إذا كانوا مخالفين؟

الجواب : لا يجوز الاستغفار ولا الترحم على الكفار وان كانوا أقارب ، لان الله سبحانه قد قطع على عقاب الكفار وانه لا شفاعة فيهم ، ولا يجوز ان يسئل فعل ما علمنا وقطعنا على أنه لا يفعله.

المسألة الخامسة والثلاثون : الفطرة والزكاة لضعفاء المؤمنين خاصة ، أم لسائر الضعفاء عامة؟

الجواب : لا يجوز اخراج الفطرة ولا زكاة ولا صدقة إلى مخالف يبلغ به خلافه إلى الكفر ، فمن اخرج زكاة الفطرة إلى من هذه صفته وجبت عليه الإعادة. وقد تجاوز أصحابنا ذلك فحرموا اخراج الزكاة إلى الفاسق ، وإن كان مؤمنا.

المسألة السادسة والثلاثون : فيمن حلف عن معصية الله بالمصحف من ترك وما شاكله ( ... ) (١) فامكنه ذلك فقوله فدعا من الله ان يفعل شيئا من المعاصي لم ينعقد يمينه ولا تجب عليه الكفارة إذا لم يفعل ذلك ، لان في الحنث لها يلزم مع انعقاد اليمين ولا يجب مع ما لزم انعقادها.

المسألة السابعة والثلاثون : القول في تزويج أمير المؤمنين (ع) ابنته وما الحجة؟ وكذلك بنات سيدنا رسول الله (ص)؟

الجواب : ما تزوج أمير المؤمنين (ع) بمن أشير إليه الا سبيل التقية والاكراه دون الاختيار ، وقد روى في ذلك ما هو مشهور ، فالتقية تبيح ما لولاها لم يكن مباحا ، فاما النبي (ص) فإنما تزوج بمن أشير إليه في حال كان فيها مظهرا للايمان ، وانما تجدد بعد ذلك.

فان قيل : أليس عند أكثركم ان مات على كفره فإنه لا يجوز أن يكون قد سبق منه ايمان؟

قلنا : هكذا القول ، ويجوز ان النبي (ص) نكح من وقعت الإشارة إليه قبل ان يعلمه الله سبحانه وتعالى بما يكون في المستقبل من حدثه ، فانا غير عالمين بتاريخ هذا الاعلام وتقدمه وتأخره.

__________________

١ ـ هاهنا بياض في المصدر.


المسألة الثامنة والثلاثون : ما روى عن الثواب في الزيارة :

الجواب : ان في زيارة قبور الأئمة عليهم السلام ، فضلا كبيرا ، تشهد به الروايات وأجمعت عليه الطائفة ، والروايات لا تحصى.

وروى أن من زار عليا عليه السلام فله الجنة (١).

وروى أن من زار الحسين عليه السلام محصت ذنوبه كما يمحص الثوب في الماء ويكتب له بكل خطوة حجة وكلما رفع قدمه عمرة (٢).

المسألة التاسعة والثلاثون : التقصير في الصلاة والصيام واجب لمن يسافر في طاعة الله تعالى ، مثل الحج والجهاد والزيارة وغير ذلك ، أم خاص للتاجر والجندي (٣) وكل مسافر؟

الجواب : التقصير انما يجب على من كان سفره ليس بمعصية ، سواء كان مباحا أو طاعة ومن كان سفره أكثر من حضره فلا تقصير عليه ، ولا تقصير على المتصيد.

المسألة الأربعون : التختم في اليدين أم في اليمين وحدها؟

الجواب : المسنون في الخاتم أن يكون في اليمين ، مع الاختيار وعدم التقية ، وان أضاف إلى اليمين اليسار جاز. ولا يجوز الاقتصار على اليسار من غير تقية.

المسألة الحادية والأربعون : الهلال يغم في بلادنا كثيرا أو يخفى علينا ، فهل له حساب يعول عليه غير رأي العين ، واليوم الذي يرى فيه هو منه ، أو من الشهر المتقدم؟

الجواب : المعول في معرفة أوائل الشهور وأواخرها على رؤية الهلال دون الحساب ، فإذا رأى الهلال ليلة ثلاثين فهو أول الشهر. فان غم فالشهر ثلاثون.

ولا تعويل إلا على ذلك ، دون ما يدعيه أصحاب العدد ، فإذا رأى الهلال في نهار يوم ، فذلك اليوم من الشهر الماضي دون المستقبل.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٠ / ٢٩٦ ، الحديث ١٠

٢ ـ وسائل الشيعة ١٠ / ٣١٨ ـ وقد ورد في المقام روايات كثيرة.

٣ ـ كذا في النسخة.


المسألة الثانية والأربعون : لحم الأرنب حلال أو حرام؟

الجواب : لحم الأرنب حرام عند أهل البيت عليهم السلام وقد وردت روايات (١) كثيرة بذلك ، ولا خلاف بين الشيعة والامامية فيه ، والأرنب عندهم نجس لا يستباح صوفه.

المسألة الثالثة والأربعون : شرب الفقاع [ حلال أو حرام؟ ].

الجواب : عند الشيعة الإمامية حرام ، يجري في التحريم مجرى الأشربة المحرمة وان لم يكن في نفسه مسكرا ، فليس التحريم واقعا على الاسكار.

ومن شرب الفقاع وجب عليه عندهم الحد ، كما يجب على من شرب سائر الأشربة المسكرة.

المسألة الرابعة والأربعون : المتعة هل تجوز في وقتنا هذا أم لا؟ وبمن تكون؟ وما شروطها بمؤالف أو مخالف وذمي ، وهل للولد ميراث غيره من الأولاد أم لا؟

الجواب : المتعة مباحة من زمن رسول الله صلى الله عليه وآله إلى وقتنا هذا ، وما تغيرت إباحتها إلى حظر.

ويجب أن يتمتع بالمؤمنات دون المخالفات ، وقد يجوز عند عدم المؤمنات أن يتمتع بالمستضعفات اللواتي لسن بمعاندات ، وقد يجوز عند الضرورة التمتع بالذمية.

ومن شروطها الذي لابد منه : تعيين الاجل والمهر من غير ابهام لهما.

والولد لاحق ، وهو يرث أباه ، كما يرثه أولاده من غير متعة. فأما المتمتع بها فلا ميراث لها ان شرط في العقد ذلك ، وان لم يشرطه كان لها الميراث.

المسألة الخامسة والأربعون : لعب الشطرنج والنرد.

الجواب : اللعب الشطرنج والنرد محرم محظور ، واللعب بالنرد أغلظ وأعظم عقابا. ولا قبحة عند الشيعة الإمامية في اللعب بشئ منها على وجه ولا شيب (٢).

المسألة السادسة والأربعون : ليس وبر الثعلب والأرانب وما يجري مجراه ، وهل يجوز الصلاة فيه أم لا؟

__________________

١ ـ راجع وسائل الشيعة : ج ١٦ الباب ٢ من أبواب الأطعمة المحرمة.

٢ ـ هذه العبارة كذا في النسخة ، وهي مجملة.


الجواب : لا يجوز لبس جلود الثعالب والأرانب وما اتخذ من أوبارهما ، لا قبل الذبح ولا بعده.

والحجة على ذلك : اجماع الشيعة الإمامية خاصة عليه.

المسألة السابعة والأربعون : ما يلبس من الفرو والفراء الحمراء؟

الجواب : ما اتخذ من جلود الغنم فروا بعد الذكوة بالذبح يجوز لبسه قبل الدباغ إذا كان خاليا من نجاسة الدم وبعد الدباغ ، ولا خلاف في ذلك بين المسلمين.

المسألة الثامنة والأربعون : لبس القز والخز.

الجواب : أما القز والإبريسم محرم لبسهما على الذكور دون الإناث ، إذا كان الثوب منسوجا بالقز خالصا من غير أن يخالطه شئ من القطن والكتان.

فأما الخز فيجوز لبسه بعد الذكاة للذكور والإناث على كل حال.

المسألة التاسعة والأربعون : القول في المحلل والمحللة موجود في كتاب التكليف ، وهو أن يكون للرجل والمرأة أمة فتحلها بغير مدة معلومة واسترجعها منه (١) ، هل ذلك جائز أم لا؟

الجواب : قد روي ذلك (٢). والمعنى في هذا التحليل الذي وردت به الرواية : أن تعقد المرأة على أمتها والرجل على جاريته عقد متعة ، لان إباحة المرأة لا تكون الا في عقد المتعة. وقد يجوز نكاح المتعة بلفظ الإباحة والتحليل ، كما يجوز بلفظ الاستمتاع والنكاح.

المسألة الخمسون : أمهات الأولاد يقسمن في الميراث أم لا؟

الجواب : أمهات الأولاد عندنا على جملة الرق ما خرجن عنه بالولد ، ويقسمن في الميراث ، ويجعلن في نصب أولادهن ، فيعتقن عليهن ، ويجوز عندنا بيع أم الولد بعد موت ولدها.

المسألة الحادية والخمسون : المسبيات في هذا العصر يجوز استملاكهن ونكاحهن أم لا؟

الجواب : يجوز تملك السبايا ونكاحهن وإن كان سباهن غير الامام المحق ، لان

__________________

١ ـ كذا في النسخة والظاهر : وهو أن يكون للرجل أو المرأة أمة فيحلها بغير مدة معلومة ويسترجعها منه.

٢ ـ راجع وسائل الشيعة : ١٤ / ٥٣٢ الباب ٣١ من أبواب نكاح العبيد والإماء.


أئمتنا عليهم السلام قد رخصوا لشيعتهم في ذلك ، ارفاقا بهم وتسهيلا عليهم ، لان المحنة يخطر (١) ذلك فلا يكادون ينفكون منها في أكثر الزمان ، فيكون غليظة شديدة.

المسألة الثانية والخمسون : الزكاة في الغلة هي بعد حاصل السلطان ومؤنة القرية أم لا في الأصل؟

الجواب : تجب الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، إذا بلغ ما يحصل لمالك الأرض في خاصته خمسة أوسق ، والوسق ستون صاعا ، والصاع تسعة أرطال.

ففي ذلك إذا بلغه العشران كان يسقى سيحا ، وإن كان يسقى بالدوالي والنواضح ففيه نصف العشر وما زاد على الخمسة أوسق فبحساب ذلك ، وليس فيما دون الخمسة أوسق زكاة.

المسألة الثالثة والخمسون : ما يجب على من حلف ألا يشرب الخمر ، أو يركب معصية ثم فعل؟

الجواب : يجب على من فعل ذلك كفارة اليمين : إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، أو عتق رقبة.

وهو مخير بين هذه الكفارات الثلاث ، فمن لم يجد منها شيئا كان عليه صيام ثلاثة أيام.

المسألة الرابعة والخمسون : المرأة الذمية تكون تحت الذمي ، فيسلم الرجل ، هل تنفك بالاسلام أم تبقى على حالها في حاله؟

الجواب : ما ينفسخ النكاح بين الذمي وزوجته الذمية باسلام الزوج ، بل النكاح بينهما باق على حاله ، بلا خلاف بين الأمة.

المسألة الخامسة والخمسون : ما يجب على المؤمن إذا كان عربي النسب وتزوج امرأة علوية هاشمية؟

الجواب : إذا كان العربي من قبيل غير مرذول من القبائل ، ولا مستنقص فان في بعض القبائل من العرب من هذه صفته ، فليس بمحظور عليه نكاح الهاشميات.

وانما يكره ذلك سياسة وعادة وان لم يكن محظورا في الدين.

__________________

١ ـ ظ : تختطر.


المسألة السادسة والخمسون : هل يؤخذ بما يروى عن مالك في النساء ومن (١) لم يطابقه في ذلك من الشيعة؟

الجواب : مباح للزوج أن يطأ زوجته في كل واحد من مخرجيها ، وليس في ذلك شئ من الحظر والكراهة.

والحجة في ذلك : اجماع الامامية عليه ، وقوله تعالى « فأتوا حرثكم أنى شئتم » (٢) ، وأن الشرع يقتضي التمتع بالزوجة مطلقا من غير استثناء لموضع دون آخر.

المسألة السابعة والخمسون : القرآن منزل أو مخلوق؟

الجواب : القرآن كلام الله تعالى أنزله وأحدثه تصديقا للنبي صلى الله عليه وآله ، فهو مفعول.

ولا يقال : إنه مخلوق ، لأن هذه اللفظة إذا أطلقت على الكلام أو همت أنه مكذوب ، ولهذا يقولون : هذا كلام مخلوق ، فقال الله تعالى ( ان هذا الا اختلاق ) (٣) يريد الكذب لا محالة.

المسألة الثامنة والخمسون : أي الأعمال أفضل؟

الجواب : معنى قولنا في العمل أنه أفضل ، أنه أكثر ثوابا من غيره. وليس يعلم أي الأعمال أكثر ثوابا من غيره على التحقيق ، الا علام الغيوب تعالى ، أو من أطلعه على ذلك.

وما يروى في ذلك من أخبار الآحاد لا يعول عليه.

المسألة التاسعة والخمسون : الاعتقاد أفضل بغير عمل ، أو العمل بغير اعتقاد؟

الجواب : أما العمل بغير اعتقاد فلا ثواب عليه ولا فائدة فيه ، لان من صلى ولايعتقد وجوب الصلاة والقربى بها إلى الله تعالى ، فلا صلاة له ولا خير فيما فعله. والجمع بين الاعتقاد والعمل هو النافع المقصود.

وانفراد الاعتقاد عن عمل ، خير على كل حال ، وان خلا من عمل ، وليس

__________________

١ ـ لعل ( من ) استفهامية.

٢ ـ سوره البقرة : ٢٢٣.

٣ ـ سورة ص : ٧.


كذلك العمل إذا خلا من الاعتقاد.

المسألة الستون : الاعتقاد في الرجعة عند ظهور القائم عليه السلام وما في (١) الرجعة؟

الجواب : معنى الرجعة أن الله تعالى يحيي قوما ممن توفى قبل ظهور القائم عليه السلام من مواليه وشيعته ، ليفوز بمباشرة نصرته وطاعته وقتال أعدائه ، ولا يفوتهم ثواب هذه المنزلة الجليلة التي لم يدركها ، حتى لا يستبدل عليهم بهذه المنزلة غيرهم ، والله تعالى قادر على احياء الموتى ، فلا معنى لتعجب المخالفين واستبعادهم.

المسألة الحادية والستون : المسلم يرث النصراني إذا كان من أولي الأرحام؟

الجواب : عندنا أن المسلم يرث الكافر ، وانما الكافر لا يرث المسلم ، وليس في الخبر الذي يروونه من أهل الملتين ألا يتوارثون (٢) حجة ، لان التوراث تفاعل وإذا ورثناهم ولم يرثونا فما توارثنا.

المسألة الثانية والستون : هل العمة ترث مع العم؟

الجواب : عند الشيعة الإمامية أن العمة ترث مع العم ، ولها نصف نصفه (٣) ، لا خلاف بين الشيعة الإمامية في ذلك ، لأنها تشارك العم في قرابته ودرجته فما يقول المخالف من ذكر العصبة لا محصول له.

المسألة الثالثة والستون : الخال والخالة لهما نصيب مع الأعمام من الميراث؟

الجواب : يرث الخال والخالة مع الأعمام نصيب الام ، وهو الثلث لان قرابتهما من جهة الام ، وللخالة نصف سهم الخال.

والأعمام يرثون نصيب الام (٤) ، وهو الثلث (٥) ، لان قرابتهم من جهة الأب.

المسألة الرابعة والستون : أولاد الأخت يرثون إذا كانوا أقرب الأهل؟

الجواب : أولاد الأخت يرثون إذا لم يكن معهم في الميراث من هو أحق منهم ومن

__________________

١ ـ في بعض النسخ : ما هي.

٢ ـ ظ : يروونه من أن أهل الملتين لا يتوارثون.

٣ ـ ظ : نصيبه.

٤ ـ ظ : الأب.

٥ ـ ظ : الثلثان.


هو أعلى درجة.

ويجري أولاد الأخت إذا انفردوا بالميراث مجرى أولاد الأخ إذا انفردوا به.

المسألة الخامسة والستون : الحائض إذا مضت سبعة أيام وطهر الموضع من أذى ، هل يجوز للرجل وطئها قبل غسل رأسها وبدنها أم لا؟

الجواب : إذا انقطع دم الحائض ونقي الموضع من الصفرة والكدرة ، جاز لزوجها أن يطأها وان لم تغسل.

ولا فرق في ذلك بين أن يكون انقطاعه لأكثر الحيض أو لأقله ، بخلاف ما يقول أبو حنيفة ، لأنه يوافقنا في جواز الوطي عند انقطاع الدم وان لم يقع الغسل ، الا أنه يفرق بين انقطاعه لأكثر الحيض أو لأقله ، فيجوز الوطي إذا كان الانقطاع في أكثر الحيض ، ولا يجوز إذا كان لأقله.

المسألة السادسة والستون : الخمس مفروض لآل الرسول وعليهم (١) في الغنيمة في بلاد الشرك ، أم في جميع المكاسب والتجارة والعقار والزرع ، أو لم يجب ذلك منهم (٢) في هذا العصر؟

الجواب : الخمس واجب في كل الغنائم المستفادة بالغزو من أموال أهل الشرك. وهو أيضا واجب فيما يستفاد من المعادن والكنوز ويستخرج من البحار. ويجب أيضا في كل ما فضل من أرباح التجارات والزراعات والصناعات عن المؤنة والكفاية من طول سنة على الاقتصاد.

وسهم الله تعالى الذي أضافه إلى نفسه ، وسهم الرسول صلى الله عليه وآله وهذان السهمان بعد الرسول للامام القائم مقامه ، مضافا إلى سهم الامام الذي يستحقه بالقربى وباقي السهام ليتامى آل محمد عليهم السلام ولمساكينهم وأبناء سبيلهم.

فكأنه يقسم على ستة أسهم : ثلاثة منها للإمام عليه السلام ، وثلاثة منها لآل الرسول عليه وعليهم السلام. وهذا الحق انما جعل لهم عوضا عن الصدقة ، فإذا منعوه في بعض الأزمان حلت لهم الصدقة مع المنع من هذا الحق والله الموفق للصواب.

تمت المسائل وأجوبتها والله ولي الحمد والتوفيق.

__________________

١ ـ ظ : عليهم السلام.

٢ ـ ظ : لهم.



الفهارس

١ ـ فهرس حواشي الآيات والأحاديث الواردة في الرسالة الجعفرية

٢ ـ فهرس محتويات جواهر الفقه

٣ ـ فهرس مسائل الرسالة الجعفرية

٤ ـ فهرس مسائل المبّارفاقيات


فهرس

الآيات الواردة في الرسالة الجعفرية

التسلسل

السورة

رقمها

رقم الآية

(١)

الأنعام

٦

١٠٣

(٢)

غافر

٤٠

٥٦

(٣)

النساء

٤

١٦٤

(٤)

الاخلاص

١١٢

١

(٥)

الانبياء

٢١

٢٢

(٦)

الاعراف

٧

١٤٣

(٧)

الشورى

٤٢

١١

(٨)

آل عمران

٣

٥٩

(٩)

المؤمنون

٢٣

١١٥

(١٠)

الأحزاب

٣٣

٤٠

(١١)

النمل

٢٧

٨٣

و

الأحاديث الواردة في الرسالة الجعفرية

١ _ بحار الأنوار ج ١٦ ص ٤٠٢.

٢ _ بحار الأنوار ج ٤٣ ص ٩٨ و ٣٠٢.

٣ _ الغدير ج ٣ ص ١١٥ وبحار الأنوار ج ٣٨ ص ٣٣٤.

٤ _ احقاق الحق ج ٤ ص ٢٧٧ و ٢٧٦ و ج ١٥ ص ٢٢٣.

٥ _ الغدير ج ١ ص ٢١٩.

٦ _ الغدير ج ٧ ص ٣٩٥ وبحار الأنوار ج ٣٥ ص ٧٢ و ١٣٨ و ١٣٩.

٧ _ عوالي اللّثالى ج ٤ ص ٩١ وسنن ابي داود ج ٤ رقم الحديث : ٤٢٨٢ ـ ٤٢٨٣.


فهرس جواهر الفقه

 باب في مسائل تتعلق بالطهارة

الماء النجس الذي أقل من الكر إذا تمم بطاهر وصار كرا هل يكون طاهرا ...؟........ ٥

إذا كان معه إناء ان ووقع في أحدهما نجاسة ولم يعلمه بعينه أيجوز له الطهارة .......... ٧

إذا كان الماء مستعملا في الطهارة الصغرى هل يجوز استعماله فيها أو ...؟............ ٨

إذا كان مستعملا في الطهارة من الجنابة هل يجوز استعماله ...؟...................... ٨

إذا كانت رائحة ماء الورد قد زالت عنه هل يجوز استعماله ...؟..................... ٨

إذا كان معه إناء ان أو أكثر وواحد منهما ماء ورد منقطع الرائحة.................... ٨

إذا كان معه إناءان وفي أحدهما نجاسة ... وأخبره عدل أن النجس ................... ٩

إذا كان معه مقدار من الماء لا يكفيه ومعه ماء ورد فزاد ............................ ٩

إذا تطهر بماء مطهر من آنية ذهب هل تكون الطهارة صحيحة ...؟................. ١٠

إذا كان يدان على مفصل واحد أوله أصابع زائدة هل يجب ...؟................... ١٠

إذا قطع بعض رجله هل يجب عليه المسح على الباقي؟............................. ١٠

إذا توضأ وصلى الظهر ولم يحدث ثم توضأ وصلى العصر ثم ذكر ................... ١٠

إذا توضأ وصلى الظهر ولم يحدث ثم توضأ وصلى العصر ثم ذكر ................... ١١

إذا توضأ وصلى الظهر ثم توضأ وصلى العصر ثم توضأ وصلى المغرب ... ثم ذكر .... ١١

إذا توضأ وهو مسلم ثم ارتد وعاد هل يكون وضوؤه ...؟......................... ١٢

إذا كان جنبا وغسل رأسه ثم أحدث............................................ ١٢

إذا كان جنبا ووجب عليه التيمم فتيمم ثم أحدث................................. ١٣


إذا أراد التيمم فنوى به رفع الحدث هل يكون صحيحا؟........................... ١٣

إذا كان مقطوع اليدين هل يجب عليه التيمم؟.................................... ١٤

إذا كان معه ثوبان فعلم أن أحدهما طاهر والاخر ................................. ١٤

إذا رأت الدم ثلاثة أيام متفرقة من جملة العشرة................................... ١٥

إذا رأت الدم ثلاثة أيام وانقطع سبعة أيام ثم رأته ثلاثة أيام......................... ١٦

إذا رأت الدم أقل من ثلاثة أيام ورأت الطهر إلى تمام العشرة....................... ١٦

إذا كانت عادتها خمسة أيام فرأت الدم خمسة أيام قبلها .... انقطع ................ ١٧

إذا رأت الدم عقيب الولادة ساعة وانقطع ولم تر إلى تمام العشرة.................... ١٧

باب مسائل تتعلق بالصلاة

صلاة الصبح من صلاة الليل أو ................................................. ١٩

الصلاة الوسطى ما هي؟....................................................... ١٩

هل تجوز الصلاة في المكان المغصوب ...؟........................................ ١٩

إذا كان محبوسا في مكان مغصوب ... هل تجوز صلاته............................ ٢٠

إذا نهاه المالك عن المقام في ملكه ... وصلى فيه................................... ٢٠

إذا اضطر إلى الصلاة فوق الكعبة ............................................... ٢٠

إذا صلى واقفا على طرف الحائط .............................................. ٢٠

إذا كانت جماعة في سفينة ..................................................... ٢١

إذا كان مع المكلف ثياب كثيرة ويعلم أن واحد منها طاهر......................... ٢١

إذا كان معه ثوبان ............................................................ ٢١

الصلاة مع قلنسوة أو تكة نجسة................................................. ٢٢

التسليم بعد الركعتين الأولتين ناسيا............................................. ٢٢

أي الأوقات أفضل للصلاة؟.................................................... ٢٣

هل تنعقد الصلاة بغير « الله أكبر »؟............................................ ٢٣

إذا سجد على كور العمامة..................................................... ٢٣

إذا رعف وهو في الصلاة....................................................... ٢٤


إذا سلم عليه غيره وهو في الصلاة .............................................. ٢٤

إذا ترك أربع سجدات......................................................... ٢٤

إذا ترك سجدتين من ركعتين................................................... ٢٥

المسافر إذا أحرم في السفينة بصلاة مقيم.......................................... ٢٥

إذا سافر إلى بلد وللبلد طريقان................................................. ٢٥

إذا جلس الامام يوم الجمعة على المنبر و ......................................... ٢٦

إذا صلى خلفهما ونوى الائتمام بهما............................................. ٢٦

إذا سها المصلى في صلاة الكسوف.............................................. ٢٧

باب مسائل تتعلق بالزكاة

إذا كان عنده من الإبل ست وعشرون و ........................................ ٢٨

إذا كانت البقرة معلوفة أو ..................................................... ٢٨

إذا كانت عنده ما يبلغ النصاب و .............................................. ٢٩

إذا كان عنده مأتا شاة وواحدة و ............................................... ٢٩

إذا كان في بلاد الشرك وله مال في بلاد الاسلام.................................. ٣٠

إذا وجبت عليه زكاة ... وحملها إلى بلد آخر.................................... ٣٠

إذا وجبت عليه زكاة ... ولم يكن في بلده مستحق............................... ٣٠

إذا لم ينو الزكاة حين الدفع.................................................... ٣١

إذا كان العبد لاثنين كيف تكون فطرته......................................... ٣٢

باب مسائل تتعلق بالصوم

إذا صام يوم الشك بنية شهر رمضان............................................ ٣٣

إذا جامع قبل طلوع الفجر ثم طلع وهو مخالط.................................... ٣٣

إذا قلد غيره في أن الفجر لم يطلع وتناول المفطر................................... ٣٣

إذا أفطر متعمدا في نهار شهر رمضان............................................ ٣٤

إذا أكره زوجته على الجماع................................................... ٣٤

إذا أكره من لا يحل له وطؤها على الجماع....................................... ٣٥


إذا نذر صوم يوم معين فوافق ذلك اليوم يوم عيد.................................. ٣٥

إذا كان كافرا واسلم في بعض شهر............................................. ٣٦

إذا كان معتكفا وزوجته كذلك وجامعها........................................ ٣٧

إذا كان معتكفا وباع شيئا أو .................................................. ٣٧

إذا تتعين على المعتكف ، إقامة الشهادة وخرج من المسجد ........................ ٣٨

إذا كان معتكفا ثم ارتد........................................................ ٣٨

باب مسائل تتعلق بالحج

إذا أحرم المستأجر ... ثم أراد نقل الاحرام إلى نفسه.............................. ٣٩

إذا اختلفا في العقد فقال الرجل : عقدت وأنا محل و .............................. ٣٩

إذا استأجر اثنان رجلا ليحج عنهما............................................. ٤٠

إذا أحرم قبل الميقات وأصاب صيدا.............................................. ٤٠

إذا مات وكانت حجة الاسلام قد وجبت عليه وعليه دين......................... ٤٠

إذا كان عليه حجتان حجة الاسلام وحجة بالنذر................................. ٤١

هل ينعقد الاحرام بمجرد النية؟.................................................. ٤١

إذا جعل البيت في طوافه على يمينه.............................................. ٤٢

هل يجوز ترك الصعود على الصفا والمروة؟....................................... ٤٢

إذا سعى سبعا وكان في الشوط السابع عند الصفا................................. ٤٣

إذا فاته الوقوف بعرفات وقف بالمشعر........................................... ٤٣

هل يجوز الرمي أيام التشريق قبل الزوال؟........................................ ٤٣

إذا رمى الجمرة الواحدة بسبع في دفعة واحدة..................................... ٤٤

إذا وطأ قبل الوقوف بالمشعر أو بعده في الفرج.................................... ٤٤

المستأجر في الحج إذا احصر أو مات قبل الاحرام.................................. ٤٥

إذا استأجره للمتمتع فحج عنه قارنا............................................. ٤٦

إذا ضرب صيدا حاملا ........................................................ ٤٧

إذا بات عن منى .............................................................. ٤٨


باب مسائل تتعلق بالجهاد

هل يجوز للدائن أن يخرج إلى الجهاد؟............................................ ٤٩

إذا كان له أبوان هل يجوز لهما منعه من الجهاد؟.................................. ٤٩

إذا تترس المشركون بالأطفال هل يجوز قتلهم؟.................................... ٥٠

إذا تجسس حربي لأهل الحرب ... هل يجوز قتله؟................................. ٥١

إذا تزوج حربي بحربية وماتت .................................................. ٥١

إذا ملك الذمي عرصة ... هل يجوز رفع بنائه ...؟............................... ٥١

باب مسائل تتعلق بالبيوع

إذا باع شيئا والمشتري قد رآه قبل العقد ولم يره في حاله........................... ٥٣

إذا ملك الشفيع المبيع وانتزاعه من يد المشتري.................................... ٥٣

إذا باع بشرط الخيار ولم يعين أجلا ولا وقتا..................................... ٥٤

إذا أكره المتبايعان ... على التفرق بالأبدان....................................... ٥٥

إذا هلك المبيع في مدة الخيار بعد القبض.......................................... ٥٥

إذا قال لاثنين : بعتكما هذا العبد بمائة أو ....................................... ٥٦

إذا اختلف البايع والمشترى في قدر الثمن ........................................ ٥٧

إذا باع شيئا بثمن في الذمة فقال ............................................... ٥٨

إذا باع شيئا وقبض ثمنه ثم ادعى أن فيما قبضه زيفا .............................. ٥٩

هل يجوز بيع الحمل في بطن أمه؟................................................ ٦٠

هل يجوز بيع الدابة على انها تحمل ...؟.......................................... ٦٠

إذا كان كافرا وله أب مسلم فاشترى أباه المسلم.................................. ٦٠

هل يجوز بيع الترياق؟.......................................................... ٦١

إذا اختلف المسلم والمسلم إليه في قدر الثمن أو ................................... ٦٢

إذا قال اشتريت منك أحد هذه المماليك بكذا.................................... ٦٣

إذا باع ثوبا وهرب المشتري قبل دفع الثمن إليه................................... ٦٣


باب مسائل تتعلق بالرهن

هل يجوز أخذ الرهن عن مال الكتابة؟........................................... ٦٤

إذا قال : رهنتك كذا على أن تقرضني........................................... ٦٤

إذا قال : الق متاعك في البحر وعلي ضمان قيمته................................. ٦٥

إذا أذن الراهن للمرتهن في قبض الرهن هل يجوز الرجوع ...؟..................... ٦٥

إذا رهنه عصيرا فانقلب في يده خمرا............................................. ٦٦

إذا اختلف المتراهنان فقال المرتهن ............................................... ٦٧

إذا اختلفا في الرهن أو اتفقا فيه واختلفا في مقدار ................................. ٦٨

باب مسائل تتعلق بالضمان

إذا كان عليه دين مؤجل فضمنه عنه انسان...................................... ٧٠

إذا تكفل بدين رجل ثم ادعى الكفيل أن المكفول له .............................. ٧١

إذا ضمن لغيره عن آخر مائة درهم وضمن ...................................... ٧٢

باب مسائل تتعلق بالشركة

إذا أراد اثنان الشركة وأخرج أحدهما دراهم والاخر دنانير........................ ٧٣

إذا كانت الدار وقفا على قوم وأرادوا قسمتها.................................... ٧٣

إذا أمر غيره بأن يصطاد له صيدا فاصطاده....................................... ٧٤

إذا ادعى أحدهما هلاك مال الشركة أو بعضه وأنكر شريكه....................... ٧٥

هل يصح الغصب في الشئ إذا كان مشاعا؟...................................... ٧٦

باب مسائل تتعلق بالوكالات

إذا ادعى الوصي الانفاق على اليتيم............................................. ٧٧

إذا ادعى الوكيل تلف المال وأنكر الموكل........................................ ٧٧

إذا ادعى الوكيل رد المال....................................................... ٧٨

إذا ادعى الحاكم رد الأمانة إلى اليتيم............................................ ٧٨

إذا سلم الموكل إلى وكيله مالا ... فادعى الوكيل ................................ ٧٩

إذا وكل غيره فقال له : وكلتك في كل كثير وقليل ، هل يصح؟................... ٨٠


إذا أذن لعبده التصرف في ماله ثم أعتقه.......................................... ٨٠

إذا وكل زوجته في بيع ثم طلقها................................................. ٨٠

إذا وكله في ابتياع سلعة بمائة فاشتراها بأقل أو ................................... ٨١

إذا ادعى أنه وكيل لزيد الغائب وأقام عليه شاهدا واحدا........................... ٨٢

باب مسائل تتعلق بالإقرار

إذا قال لعمرو : أليس لي عليك مائة دينار؟ فقال : نعم هل يكون ...؟............. ٨٥

إذا أقر لغيره فقال : له علي أكثر من مال زيد.................................... ٨٦

إذا قال : له علي درهم ودرهم إلا درهما........................................ ٨٨

إذا قال : له عندي ألف درهم عارية ، هل يقبل منه؟............................. ٩٠

إذا ادعى على غيره بأنه مملوكه وأنكر المدعى عليه................................ ٩١

إذا التقط لقيطا ورباه ثم أقر الملتقط بأنه.......................................... ٩٢

إذا قال : له علي درهم لابل درهمان أو قال ..................................... ٩٢

إذا قال : له علي درهم في عشرة كم يكون ...؟................................. ٩٦

إذا هلك وخلف ابنا فاقر هذا الابن بأخ له....................................... ٩٧

إذا هلك وترك ابنين أحدهما قاتل ............................................... ٩٨

باب مسائل تتعلق بالعارية

إذا كان راكبا بهيمة واختلفا فقال لصاحبها : أعرتنيها عارية مضمونه وقال الصاحب : أكريتها ١٠١

إذا استعار شيئا من غيره فاجره لاخر .......................................... ١٠٢

باب مسائل تتعلق بالوديعة

إذا تعدى المودع في الوديعة ضمنها فإذا ردها .................................. ١٠٣

هل للمستودع أن يسافر بالوديعة من غير عذر؟................................ ١٠٣

إذا أودعه حنطة أو دراهم فخلطها بما لا يتميز.................................. ١٠٤

إذا كانت عنده وديعة ، فادعي ردها.......................................... ١٠٦


باب مسائل تتعلق بالغصب

إذا غصب ثوبا وشقه نصفين.................................................. ١١٠

إذا غصب عصيرا فصار خمرا................................................. ١١٠

إذا غصب خفين ، قيمتها عشرة وتلف أحدهما................................. ١١٠

إذا غصب مالا بطرابلس الشام واجتمع به في مكة............................... ١١١

إذا غضب ثوبا وزعفرانا وصبغ الثوب بالزعفران................................ ١١٢

إذا غصب خشبة فنشرها ألواحا............................................... ١١٢

إذا غصب شاة وآمر غيره بذبحها.............................................. ١١٣

إذا كان له فصيل فدخل دارا وبقي فيها حتى كبر............................... ١١٥

إذا غصب شاة فأنزى عليها فحلا لنفسه....................................... ١١٦

إذا غصب لثلاثة رجال ثلاثة أجناس........................................... ١١٨

باب مسائل تتعلق بالشفعة

إذا كانت الشفعة قد وجبت للشفيع ولم يعلم بها حتى تقايلا...................... ١١٩

إذا ادعى البيع وأنكر المشتري وحلف ، هل تثبت الشفعة؟....................... ١١٩

إذا كان الشفيع وكيلا لهما للبيع والشراء....................................... ١٢٠

إذا اختلف شريكان في دار ويدهما عليها ....................................... ١٢١

إذا اشترى شقصا ووجد به عيبا وأراد رده هل للشفيع ...؟...................... ١٢٢

باب مسائل تتعلق بالمضاربة

إذا دفع إلى حائك غزلا فقال له : انسج ثوبا هل يكون مضاربة؟................. ١٢٤

إذا دفع إليه ألفا للقراض بالنصف فقال ربحت ................................. ١٢٦

إذا أحضر ألف درهم و ... وقال خذ أيهما شئت قراضا بالنصف................ ١٢٧

باب مسائل تتعلق بالمساقاة

إذا ساقى غيره بالنصف واشترط عمل صاحب المال مع المساقي هل .............. ١٢٨

إذا اختلف المالك والعامل في النصف والثلث.................................... ١٢٩

إذا اختلف المالك والعامل فيهما وأقاما بينة...................................... ١٣٠


باب مسائل تتعلق بالإجارات وضمان الأجير

إذا قال لغيره : استأجرك اليوم لتخيط ثوبي هذا................................. ١٣١

إذا استأجر غيره في تحصيل خياطة خمسة أيام بعد شهر........................... ١٣١

إذا غصب الدابة المستأجرة................................................... ١٣٢

إذا ضرب الرائض دابة فهلكت من الضرب.................................... ١٣٣

إذا استأجر القميص ليلبسه فاتزر به ........................................... ١٣٤

إذا استأجره ليرعى له غنما وأطلق ثم هلكت أو ................................ ١٣٦

إذا استأجر دارا فانهدمت هل يلزم المالك ...؟.................................. ١٣٧

باب مسائل تتعلق بالوقف والصدقة والهبة وما يلحق بذلك

إذا كان المملوك وقفا وجنى .................................................. ١٣٨

إذا كانت المملوكة وقفا هل يجوز تزويجها ...؟................................. ١٣٨

إذا وقف وشرط أن يبيعه الواقف متى أراد ..................................... ١٣٩

باب مسائل تتعلق باللقطة

إذا أخذ لقطة هل يجب الضمان ...؟.......................................... ١٤١

إذا سلم اللقطة إلى من يدعيها بالبينة وحضر آخر ............................... ١٤٢

إذا وجد اثنان لقيطا واختلفا في أخذه .......................................... ١٤٥

إذا جنى اللقيط على غيره جناية ............................................... ١٤٥

باب مسائل تتعلق بالوصايا

إذا ترك ابنة وبنت ابنة وأوصى لزيد .......................................... ١٤٧

إذا كان له ابن فقال : أوصيت لزيد .......................................... ١٤٨

إذا أوصى لزيد شطر ماله..................................................... ١٤٩

إذا أوصى ثلث ماله لأجنبي وثلثا آخر لوارث و ................................ ١٥١

إذا أوصى بأن يحج عنه بعشرة دنانير من ثلث ماله............................... ١٥٢

هل المعتبر في الثلث حال الوصية أو حال الموت؟................................. ١٥٣


باب مسائل تتعلق بالفرائض

ما الذي يستحق به الميراث؟................................................... ١٥٤

كم سهام المواريث؟.......................................................... ١٥٤

هل يصح أن يجتمع النصف مع الربع أو الثمن؟................................. ١٥٥

هل يصح اجتماع ربع مع ربع؟............................................... ١٥٥

هل يصح اجتماع الثلثين مع الثلثين؟........................................... ١٥٦

هل يصح اجتماع الثلث مع السدس؟.......................................... ١٥٧

هل يصح اجتماع النصف مع الثلثين؟.......................................... ١٥٧

إذا خلف ابن بنت وبنت ابن ما الذي يستحقه ...؟............................. ١٦٠

إذا خلف أخا لأب وأم وأخا لأب هل يكون ...؟.............................. ١٦١

من يستحق لدية المقتول؟..................................................... ١٦٨

إذا وقع على جماعة ـ يرث بعضهم بعضا ـ حائط أو ......................... ١٦٨

باب مسائل تتعلق بالنكاح

إذا كان الزوج مجنونا وادعت أنه عنين ........................................ ١٧٠

إذا قال : زوجتك بنتي ( وله بنات )........................................... ١٧٢

إذا اختلفا في المهر فقال الزوج ................................................ ١٧٣

إذا شرط الزوجان خيار الثلاث في النكاح...................................... ١٧٤

إذا كانت محجورا عليها وتزوجها الرجل بصداق ، هو أبوها ..................... ١٧٥

إذا تزوج على انها مسلمة فظهرت كافرة....................................... ١٧٦

إذا تزوج أربع نسوة فعن عن واحدة .......................................... ١٧٦

باب مسائل تتعلق بالخلع

إذا أصدقها مائة ثم خالعها قبل دخوله بها....................................... ١٧٨

إذا قالت له : طلقني بمائة فقال لها : أنت طالق و ............................... ١٨٠

إذا قال : طلقتك بمائة وأنت ضامنة وأنكرت ................................... ١٨٠


باب مسائل تتعلق بالطلاق

إذا قال : أنت طالق ولم ينو الفرقة............................................. ١٨٢

هل يصح الايلاء من الذمي؟.................................................. ١٨٤

باب مسائل تتعلق بالظهار واللعان

هل يصح من الكافر الظهار؟.................................................. ١٨٧

إذا قال لزوجته : يا زانية فقالت : زنيت بك................................... ١٨٩

إذا قذف زوجته بالزنا ولم يلاعن.............................................. ١٩٠

باب مسائل تتعلق بالعدد

إذا لزمت الزوجة العدة بالطلاق واستحقت .................................... ١٩٢

إذا طلق زوجته واستحقت السكنى ومات المطلق قبل ............................ ١٩٣

إذا باع جارية ثم بان بها حمل ................................................. ١٩٤

باب مسائل تتعلق بالرضاع

إذا كانت لرجل زوجة طفلة ... وأرضعتها أمه................................. ١٩٥

إذا كانت له زوجتان ـ كبيرة وصغيرة والكبيرة لها لبن من غيره.................. ١٩٧

إذا ولدت المرأة من زنا وأرضعت مولودا لغيرها................................. ١٩٨

باب مسائل تتعلق بالعتق والمكاتبة

إذا قال : أسقطوا عن مكاتبتي من كتابته ما شاء ................................ ٢٠٠

باب مسائل تتعلق باليمين والحنث منها

إذا كان له ثوب ردائي فحلف أن لا يلبسه ثم جعله قميصا....................... ٢٠٣

إذا حلف أن لا يدخل على زيد بيتا فدخل المسجد و ........................... ٢٠٤

إذا حلف : لا كلمت « زيدا » و « عمرا » فكلم واحدا....................... ٢٠٤

إذا حلف أن لا يأكل لحما فأكل القلب........................................ ٢٠٥

باب مسائل تتعلق بالصيد

إذا رأى في الليل شيئا فظنه خنزيرا وأرسل كلبه فبان ............................ ٢٠٧


باب مسائل تتعلق بالأطعمة

إذا قال صاحب الطعام للمضطر لا أبيعه ولا ... هل القتال معه ..؟............... ٢٠٨

إذا وجد المضطر وهو محرم ميتة وصيدا حيا..................................... ٢٠٩

باب مسائل تتعلق بالسبق والرمي

إذا اجتمع الراميان فقال أحدهما للاخر ........................................ ٢١١

باب مسائل تتعلق بالقتل والقصاص وغيرهما

إذا أرسل مسلم إلى نصراني سهما فأسلم قبل .................................. ٢١٤

إذا قطع يد رجل وفيها ثلاث أصابع سالمة واثنان ............................... ٢١٥

إذا قطع اذن آخر فأخذها المجني عليه وألصقها في الحال........................... ٢١٦

إذا كان واقفا فجاء آخر فصدمه فماتا جميعا.................................... ٢١٨

إذا حفر البئر في طريق المسلمين ... فوقع فيه................................... ٢٢٠

إذا أسقطت المرأة الجنين فقال الوارث ......................................... ٢٢٣

باب مسائل تتعلق بالحدود

إذا شهد الأربعة على رجل بالزنا ورجع واحد منهم............................. ٢٢٦

إذا نقب اثنان موضعا ودخل الواحد منهما فأخذ السرقة......................... ٢٢٧

إذا وجد رجل مع امرأة فادعى انها زوجته ..................................... ٢٢٩

إذا دخل دار غيره فعقره كلب صاحب الدار ................................... ٢٣٠

باب مسائل تتعلق بالشهادات والدعاوي والبينات

إذا تحمل الشاهد الشهادة هل يكون الأداء فرضا ............................... ٢٣١

إذا كان في يده دار نازعها اثنان فقال زيد انها لي و ............................. ٢٣٤

رجل حر مات وخلف ابنين فقال أحد هما لأخيه ............................... ٢٣٦

باب في أعيان المسائل من العويص

إذا دخل وقت الصلاة وتوضأ لها فأحسن ثم صلى ولم يفرط...................... ٢٣٧

يجب عليه إخراج الزكاة لسنة معينه فلما أخرجها ، وجب عليه دفعة أخرى........ ٢٣٨

في رجل نظر إلى امرأة أول النهار فحرم ذلك عليه فلما ارتفع ، حلت له........... ٢٣٨


امرأة مسلمة عقد عليها مسلم عقد النكاح فحلت له ساعة من النهار ثم حرمت عليه ... ٢٣٩

امرأة أطاعت الله ففارقت زوجها للطاعة....................................... ٢٤٠

رجل وجب عليه في يوم واحد حدان وعشر حد؟............................... ٢٤٠

رجل وجب عليه في يوم واحد خمس مائة جلدة وقطع يده ورجليه والقتل والحرق بالنار؟ ٢٤١

امرأة ولدت على فراش زوجها ببغداد فلحق نسبه برجل بالبصرة ................. ٢٤١

امرأة خلفت ابني عم لها وتركة فاستحق أحدهما النصف والربع والاخر الربع....... ٢٤٢

رجل قيد عبده بقيد حديد وحلف أن لا ينزعه من قدميه حتى يتصدق بوزنه........ ٢٤٢


فهرس الرسالة الجعفرية

المسألة

الموضوع

المسألة

الموضوع

١

في وجوب معرفة الله

٢٦

في ان فعله هو الأصلح

٢

في انه موجود

٢٧

في وجوب اللطف

٣

في انه واجب الوجود

٢٨

في نبوة محمد (ص)

٤

في انه سرمدى

٢٩

في دين النبي قبل النبوة

٥

في انه قادر مختار

٣٠

في عصمة الأنبياء

٦

في انه قادر على كل شيء

٣١

في افضليتهم على الخلق

٧

في انه عالم محيط

٣٢

في ان نبينا خاتم الأنبياء

٨

في انه يسمع ويبصر

٣٣

في انه اشرف الأنبياء

٩

في انه حي

٣٤

في ان المعراج بالبدن

١٠

في انه متكلم

٣٥

في ناسخية الاسلام للأديان

١١

في انه صادق

٣٦

في ان الامام بعد النبي علي (ع)

١٢

في انه مريد

٣٧

في الأئمة بعد علي

١٣

في انه واحد

٣٨

في عصمة الأئمة

١٤

في انه غير مركب

٣٩

في ان الأئمة افضل من الناس

١٥

في انه ليس بجسم

٤٠

في ان اباء النبي والأئمة مسلمون

١٦

في انه ليس بمرئي

٤١

في المهدي المنتظر (ع)

١٧

في انه ليس محلا للحوادث

٤٢

في طول عمره


١٨

في انه لا يحل في شيء

٤٣

في علة غيبة المهدي

١٩

في انه لا يتحد بشيء

٤٤

في ظهور المهدي

٢٠

في توحيد الصفات والذات

٤٥

في فائدة المهدي حال الغيبة

٢١

في انه غني

٤٦

في الرجعة

٢٢

في انه ليس في جهة ولا مكان

٤٧

في اعادة الأجسام في القيامة

٢٣

في انه ليس له ولد

٤٨

في جملة من المعتقدات الغيبية

٢٤

في انه عدل حكيم

٤٩

في التوبة

٢٥

في الرضا بالقضاء والقدر

٥٠

في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


فهرس مسائل المبّافارقيات

المسألة الاولى : في عدالة إمام الجماعة.

المسألة الثانية : في احكام صلاة الجمعة.

المسألة الثالثة : في احكام صلاة العيدين.

المسألة الرابعة : في وقت صلاة الظهر والعصر.

المسألة الخامسة : في وقت صلاة المغرب والعشاء.

المسألة السادسة : في تعيين صلاة الوسطى.

المسألة السابعة : في بيان ما يجوز عليه السجود.

المسألة الثمانة : في حكم التسليم في الصلاة.

المسألة التاسعة : في استحباب القنوت في الصلاة.

المسألة العاشرة : في التكبيرات السبع في مفتتح الصلاة.

المسألة الحادي عشر : في صلاة الوتيرة.

المسألة الثانية عشر : في كيفية غسل الوجه في الوضوء.

المسألة الثالثة عشر : في وجوب المسح ببلة اليد.

المسألة الرابعة عشر : في السؤال عن الرجوع إلى الكتب الثلاثة.


المسألة الخامسة عشر : في عدم وجوب ( محمد وعليّ خير البشر ) في الأذان.

المسألة السادسة عشر : في ان ( الصلاة خيرٌ من النوم ) في الأذان بدعة.

المسألة السابعة عشر : في انّ الائمة عليهم السّلام احياء يشاهدوننا.

المسألة الثامنة عشر : في ان الرسول والوصي (ع) يحضران عند الاحتضار.

المسألة التاسعة عشر : في تفاضل بعض الائمة عليهم السّلام على البعض.

المسألة العشرون : في تساوي الحسن والحسين (ع) في الفضل.

المسألة الحادية والعشرون : الائمة عليهم السّلام عالمون بالغيب.

المسألة الثانية والعشرون : متى يظهر الحجة عليه السّلام.

المسألة الثالثة والعشرون : المحارب لعليّ عليه السّلام كافر.

المسألة الرابعة والعشرون : في تفضيل الأنبياء على الملائكة.

المسألة الخامسة والعشرون : لو لا النبيّ والائمة لما خلق السماء والأرض.

المسألة السادسة والعشرون : في حقيقة الكفر والشرك والإيمان.

المسألة السابعة والعشرون : في حقيقة التوحيد.

المسألة الثامنة والعشرون : في ارث الأخوان.

المسألة التاسعة والعشرون : في عدم جواز الصلاة في الثوب الذي اصابه المني.

المسألة الثلاثون : في حكم الثوب الذي اصابه كلب ناشف.

المسألة الحادية والثلاثون : في كفارة المجامع اهله في نهار رمضان.

المسألة الثانية والثلاثون : عدم جواز الصلاة في ثوب أصابه خمر.

المسألة الثالثة والثلاثون : في حكم من غاب عن أهله سنتين.

المسألة الرابعة والثلاثون : عدم جواز الترحم للأقارب الكفار.


المسألة الخامسة والثلاثون : عدم جواز إعطاء الفطرة والزكاة للمخالفين.

المسألة السادسة والثلاثون : عدم انعقاد اليمين على المعصية.

المسألة السابعة والثلاثون : هل زوّج عليّ عليه السّلام أبنته لفلان.

المسألة الثامنة والثلاثون : في ثواب زيارة قبور الائمة عليهم السّلام.

المسألة التاسعة والثلاثون : من يجب عليه التقصير.

المسألة الأربعون : استحباب التختم باليد اليمنى.

المسألة الحادية والأربعون : ما المعوّل في معرفة اوائل الشّهور.

المسألة الثانية والأربعون : في حرمة لحم الارنب.

المسألة الثالثة والأربعون : في حرمة شرب الفقاع.

المسألة الرابعة والأربعون : في حلية المتعة.

المسألة الخامسة والأربعون : في حرمة اللعب بالشطرنج.

المسألة السادسة والأربعون : ما يحرم ويحلّ لبسه من الجلود.

المسألة السابعة والأربعون : في حكم لبس ما يتخذ من جلود الغنم.

المسألة الثامنة والأربعون : في حكم لبس القز والخز.

المسألة التاسعة والأربعون : تحليل المولى امته للغير.

المسألة الخمسون : في توريث امّ الولد.

المسألة الحادية والخمسون : في جواز تملك السبايا ونكاحهّن.

المسألة الثانية والخمسون : في حكم زكاة الغلاة.

المسألة الثالثة والخمسون : فيمن حلف على ترك العصية.

المسألة الرابعة والخمسون : اذا اسلم الذمّي وله زوجة ذمّية.


المسألة الخامسة والخمسون : في حكم تزويج الهاشمية.

المسألة السادسة والخمسون : في حلية الوطء دبراً وقبلاً.

المسألة السابعة والخمسون : القرآن منزل او مخلوق؟

المسألة الثامنة والخمسون : أيّ الأعمال أفضل؟

المسألة التاسعة والخمسون : في لزوم العمل مع الإعتقاد.

المسألة الستون : في الرجعة ومعناها.

المسألة الحادية والستون : المسلم هل يرث الكافر؟

المسألة الثانية والستون : هل العمة ترث مه العّم.

المسألة الثالثة والستون : في ارث الخال والخالة مع الأعمام.

المسألة الرابعة والستون : في ارث اولاد الأخت.

المسألة الخامسة والستون : في جواز الوطء قبل غسل الحيض.

المسألة السادسة والستون : في حكم الخمس.

جواهر الفقه

المؤلف:
الصفحات: 291