

دليل الجزء الثاني
المبحث الثالث : في مشتركات الكتاب والسنّة.................................. ٥٩١
الباب الأوّل في الأمر والنهي.................................................. ٥٩٣
الباب الثاني في العامّ والخاصّ................................................. ٦٩٩
الباب الثالث في المطلق والمقيّد................................................ ٨٢٢
الباب الرابع في المجمل والمبيّن................................................. ٨٢٩
الباب الخامس في الظاهر والمؤوّل.............................................. ٨٤٧
الباب السادس في المنطوق والمفهوم............................................ ٨٥١
الباب السابع في النسخ...................................................... ٨٧٢
المبحث الرابع : في الاجتهاد والتقليد........................................... ٨٩٧
الباب الأوّل في الاجتهاد..................................................... ٨٩٩
الباب الثاني في التقليد....................................................... ٩٥٧
المبحث الخامس : في التعادل والترجيح......................................... ٩٧٣
الفهارس العامّة.............................................................. ٩٩١
المبحث الثالث في مشتركات الكتاب والسنّة
وفيه أبواب :
الباب الأوّل في الأمر والنهي
لفظ الأمر حقيقة ـ
وفاقا ـ في القول المخصوص ، أي الدالّ بالوضع على طلب الفعل استعلاء. وما يصرف منه
ـ كـ « أمرته » و « أمرني » و « مر » وغيرها ـ حقيقة فيه مع النسبة المخصوصة.
والحقّ أنّه حقيقة
فيه فقط ، وليس حقيقة في غيره وفاقا للأكثر.
وقيل : مشترك بينه
وبين الفعل ، وإليه ذهب المرتضى من أصحابنا .
وقيل : متواطئ
فيهما ، أي هو القدر المشترك بينهما ، أعني مفهوم
أحدهما ، أو مطلق الفعل ، أعمّ من أن يكون باللسان أو بغيره.
وقال البصري :
مشترك بينهما وبين الشيء ، والصفة ، والشأن ، والطريقة .
لنا : تبادر القول
المخصوص فقط منه عند إطلاقه ، ولو كان مشتركا بينه وبين غيره لتبادر الغير أيضا
على الاجتماع أو البدليّة ، وليس كذلك ، فيبطل الاشتراك مطلقا.
وأيضا : هو خلاف
الأصل ؛ لأنّه يخلّ بالتفاهم ، ولو كان متواطئا بينهما لكان أعمّ منهما ، فلم يفهم
القول المخصوص منه عند إطلاقه فضلا عن أن يتبادر منه ؛ لأنّ الأخصّ لا يفهم من
الأعمّ عند إطلاقه ، كما لا يفهم الإنسان من الحيوان.
__________________
وقد استدلّ عليه
بوجوه غير تامّة :
منها : عدم
اطّراده في الفعل ؛ لأنّه لا يسمّى بعض الأفعال ـ كالأكل والشرب وأمثالهما ـ أمرا
، فلا يكون حقيقة فيه ؛ إذ الاطّراد لازمها.
ويرد عليه : منع
عدم التسمية.
ومنها : صحّة
السلب ؛ لأنّه يقال : ما أمر بل فعل.
ويرد عليه : منعه
على الإطلاق.
ومنها : عدم
الاشتقاق من الأمر بمعنى الفعل ، فلا يشتقّ منه اسم الفاعل والمفعول ، والأمر
والنهي وغيرها ، فلا يسمّى الأكل أمرا والمأكول مأمورا به ، وهكذا ، وهو دليل عدم
الحقيقة ؛ للزوم الاشتقاق فيها.
ويرد عليه : منع
اللزوم ، كمنع عدمه في المجاز ، ولذا لا يدلّ جمع الأمر الفعلي على امور على كونه
حقيقة. وبهذا يظهر فساد الاحتجاج به على كونه حقيقة فيه ؛ لأنّه اشتقاق ، وهو دليل
الحقيقة.
ومنها : أنّ الأمر
يستلزم متعلّقا هو المأمور ، وهو لم يتحقّق في الفعل ، وانتفاء اللازم يوجب انتفاء
الملزوم.
ويرد عليه : منع
لزومه لمطلق الأمر.
ومنها : انتفاء
لوازم الأمر عن الفعل ، ككونه قسما من الكلام ، وضدّا للنهي ، واتّصاف من تعلّق به
بالمطيع والعاصي.
ويرد عليه : أنّها
من لوازم القولي دون الفعلي.
احتجّ القائل
باشتراكه بينه وبين الفعل بصحّة استعماله فيه ، كما في قوله تعالى : ( حَتَّى
إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ )
، والمراد الأفعال العجيبة. وقوله تعالى : ( أَتَعْجَبِينَ مِنْ
أَمْرِ اللهِ )
أي فعله ، ( وَما أَمْرُنا إِلاَّ
واحِدَةٌ )
، ( وَما أَمْرُ
__________________
فِرْعَوْنَ
بِرَشِيدٍ )
، ( لِتَجْرِيَ فِي
الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ )
. وكما يقال : « هذا أمر عظيم » ، والأصل في الاستعمال
الحقيقة .
وقد بالغ المرتضى
في مواضع من الذريعة وسائر كتبه في أنّ الأصل في مطلق الاستعمال الحقيقة ، وبنى
عليه الحكم في جميع ما يتفرّع عليه من المسائل.
وقد بيّنّا فيما
تقدّم أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة ، فيمكن أن يكون الاستعمال
فيما ذكر مجازا ، بل هو متعيّن ؛ لأنّه أولى من الاشتراك. على أنّه لو سلّم دلالة
الاستعمال على الحقيقة ؛ فإنّما هو إذا تجرّد عن القرينة ، والقرينة على إرادة
الفعل فيما ذكر موجودة. ولو منعت ، منع كون الفعل فيه مرادا ، بل يدّعى إرادة غير
الفعل من القول أو غيره.
واحتجّ القائل
بالتواطؤ بأنّه يستعمل فيهما ، فيجب جعله للقدر المشترك بينهما ؛ دفعا للاشتراك
والمجاز ؛ فإنّ كليهما لإخلالهما بالتفاهم محذوران ، مخالفان للأصل .
والجواب : أنّ ذلك
لو لم يدلّ دليل على خلافه ، وإلاّ لزم رفع الاشتراك والمجاز رأسا ، وهنا دلّ
الدليل على خلافه ، حيث بيّنّا أنّه يفهم القول المخصوص منه عند إطلاقه ، والعامّ
لا يدلّ على الخاصّ.
واجيب عنه أيضا
بأنّه قول حادث يرفع المجمع عليه ، وهو كونه حقيقة في القول المخصوص بخصوصه ، فيجب
ردّه.
والظاهر أنّ
المجمع عليه هو كونه حقيقة في القول المخصوص ، أعمّ من أن يكون بخصوصه ، أو في ضمن
القدر المشترك بينه وبين غيره .
واحتجّ البصري
بأنّه كما يطلق على القول والفعل ، يطلق على الشيء والصفة ، والطريقة
__________________
والشأن ، كما في
قولهم : « رأيت أمرا هالني » و « لأمر ما جدع قصير أنفه » و « أمر فلان مستقيم » و
« لأمر ما يسود من يسود ». وقد عرفت جوابه .
وبأنّه لو قيل : «
أمر فلان » تردّدنا بين الأشياء المذكورة والقول والفعل وهو آية الاشتراك .
والجواب : منع
التردّد بل يتبادر القول. هذا.
ويظهر لك فائدة
الخلاف في الأيمان ، والنذور ، والتعليقات. وكيفيّة التفريع ظاهرة.
وعلى ما اخترناه
يمكن الاستدلال بالآيات الدالّة على وجوب اتّباع الأمر ـ كقوله تعالى : (
فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ) ـ على وجوب
اتّباع أفعاله صلىاللهعليهوآله.
فصل [١]
لمّا عرفت أنّ
الأمر حقيقة في القول الدالّ وضعا على طلب الفعل استعلاء ، فاعلم أنّه حدّه ، والقول جنس يخرج الإشارة والقرائن ، فالطلب بهما لا
يسمّى أمرا .
وقولنا : « الدالّ
على الطلب » يخرج ما لا يدلّ عليه ، كالخبر ، والتهديد ، وأمثالهما.
واحترز « بالوضع »
عن الدالّ على الطلب لا بالوضع ، كقولنا : « أوجبت عليك » أو « أنا أطلب منك كذا »
أو « إن تركته عاقبتك » ؛ فإنّه في الأصل خبر عن الطلب وليس به ، وإن دلّ عليه
عرفا.
وإضافة « الطلب »
إلى « الفعل » تخرج النهي. « والاستعلاء » يخرج ما على جهة التسفّل ، وهو الدعاء ،
وما على سبيل التساوي وهو الالتماس.
والحقّ اشتراط
الاستعلاء كما هو رأي المحقّقين ، وعدم اشتراط العلوّ ، كما هو رأي
__________________
المعتزلة ، والأمرين كما هو رأي جماعة ؛ لعدّ العقلاء أمر الأدنى الأعلى سفها ، فلو اشترط العلوّ لما كان هذا أمرا ، ولو
لا أنّ فيه الاستعلاء لما عدّ سفها. ويدلّ على عدم اشتراط العلوّ قوله تعالى حكاية
عن فرعون : ( فَما ذا تَأْمُرُونَ ) .
فإن قيل : هذا
يدلّ على عدم اشتراط الاستعلاء أيضا.
قلنا : ممنوع ؛ لأنّا
نلتزم تحقّق الاستعلاء فيه ؛ لأنّ افتقار فرعون إليهم في علمهم اضطرّه إلى التخضّع
لهم ، وترخّصهم في التكلّم معه على جهة الاستعلاء تعظيما لعلمهم ، وقس عليه
أمثاله.
ولو قطع النظر عنه
نقول : لمّا علم بالدلالة اعتبار الاستعلاء ، يتعيّن إرادة المعنى المجازي من
مثله.
ويدخل في إطلاق
الطلب الإيجاب والندب ، ولا يلزم منه كون مطلقه أمرا ؛ لأنّ الأمر هو القول الدالّ
بالوضع على الطلب. ولو جعل نفس الطلب ـ كما هو رأي جماعة ، وإن لم يكن صحيحا عندنا ، كما يأتي ـ فليس مطلق
الطلب ، بل الطلب بالقول الدالّ بالوضع عليه.
وعلى التقدير
الأوّل ينحصر بصيغة « افعل » وما بمعناها في لغة العرب كالمضارع
المقرون باللام ، واسم الفعل ، مثل « رويد » و « صه » أو غيرهما ؛ لأنّ غيرهما ـ ممّا يدلّ على الطلب مطلقا كـ « أمرتك » أو مقيّدا في وجوب كـ « أوجبت » و
« حتّمت » ، أو ندب مثل « ندبت » و « سننت » ـ لا يدلّ عليه وضعا.
__________________
وعلى التقدير
الثاني بالطلب المستفاد منهما ، فلو كانا حقيقتين في الوجوب ـ كما
هو الحقّ ـ انحصر الأمر في الإيجاب أو ما يفيده ، والمأمور به في الواجب ، فلا
يكون المندوب مأمورا به ، كما تقدّم وإن كان مطلوبا ،
فبطل ما اورد على الحدّ ، بأنّه يصدق على ما يفيد الندب مع عدم كون المندوب مأمورا
به.
وبما ذكر يظهر أنّ
التعبير عن الخلاف في أنّ الإيجاب هل له صيغة تخصّه أم لا؟ ـ أي صيغة « افعل » وما
بمعناها حقيقة في الوجوب أم لا ـ بالخلاف في أنّ الأمر هل له صيغة تخصّه أم لا؟ ـ كما
ارتكبه جماعة ـ صحيح ، فتخطئة هذه الترجمة ـ نظرا إلى عدم الخلاف في
إمكان التعبير عن مطلق الطلب بمثل « أمرتك » و « أنت مأمور » ومقيّده بمثل « أوجبت
» و « ندبت » ـ خطأ ؛ لأنّ مرادهم أنّ الطلب هل له صيغة تدلّ عليه وضعا بهيئتها ،
بحيث لا تدلّ على غيره؟ ومثل « أمرتك » ليس كذلك ؛ لأنّ حقيقته الإخبار.
بقي الكلام في سبب
التعبير عن الإيجاب بلفظ الأمر ، والظاهر أنّ سببه كون الإيجاب آكد من الندب في
كونه أمرا. والمراد من الدلالة في الحدّ هو المطابقة لا الالتزاميّة ، فلا ينتقض
طردا بمثل « لا تستقرّ » و « لا تسكت » ، وعكسا بمثل « اجتنب » و « اسكت ».
اعلم أنّ الأمر
لمّا كان من جنس الكلام ـ وهو على التحقيق ينحصر باللفظي المركّب من الحروف
والأصوات ، ولا يصحّ النفسي الذي أثبته الأشاعرة وهو المعنى القائم بالنفس ، المغاير لجنس الحروف والأصوات ، كما ثبت في محلّه ـ فيجب أن يحدّ الأمر بما حقيقته الحروف والأصوات ،
كالقول واللفظ والصيغة بشرائطه ، كما حدّدناه به ، لا بما حقيقته
المعنى القائم بالنفس كالطلب ومثله ؛ فإنّ المقصود بالذات إظهاره وإلقاؤه إلى
المخاطب
__________________
وإن كان هو الطلب
والصيغة المخصوصة وسيلة إليه ، إلاّ أنّ الأمر هو الوسيلة ؛ لما ذكر ، والمقصود
مدلوله.
والحقّ أنّه عين
الإرادة ؛ لعدم تعقّل الزائد عليها منه ، ولا يعقل وضع اللفظ الظاهر لمعنى غير
معقول .
فما ذهب إليه
الأشعري من أنّ الطلب مغاير للإرادة باطل.
واحتجاجه عليه
بأنّه تعالى أمر الكافر الذي علم منه عدم الطاعة بها ولم يردها منه ؛ نظرا إلى
استحالة صدورها عنه ؛ لامتناع انقلاب علمه جهلا ، والطلب إمّا نفس الأمر ، أو لازم
له. وبأنّه قد يطلب ما لا يراد امتحانا .
مندفع بمنع عدم
الإرادة في الأوّل. وتعليله عليل ؛ لأنّ العلم ليس علّة. ومنع الطلب في الثاني ؛
فإنّ الصيغة الشخصيّة إذا تجرّدت عن الإرادة لا تدلّ على الطلب ، ولا تكون حينئذ
أمرا حقيقة ، بل تكون مستعملة في غير ما وضعت له ، كما إذا استعملت في الخبر أو
غيره ، بل يتوقّف كونها أمرا على إرادة المأمور به منها.
ويظهر من هذا أنّ
ما قيل : إنّ إرادة المأمور به مؤثّرة في كون الصيغة أمرا صحيح ، والمراد به ما قلناه.
والتحقيق ، أنّ
وضع الصيغة للطلب يكفي في دلالتها عليه ، كسائر الألفاظ الموضوعة لمعانيها ، ولا
يفتقر إلى إرادة اخرى كما قيل ، وإلاّ لزم الافتقار إليها فيها أيضا ، وهو باطل.
واحتجّ الخصم
بأنّها تدلّ على التهديد كما تدلّ على الطلب ، فلا بدّ من مميّز ، ولا مميّز غير
الإرادة .
والجواب : أنّه
يستقيم لو كانت حقيقة في التهديد وليس كذلك ، بل دلالتها عليه
__________________
مجازيّة ، فتوجد معها
القرينة ، فبدونها تحمل على الطلب من غير افتقار إلى مميّز.
هذا. وللأمر حدود
أخر في كتب المعتزلة والأشاعرة كلّها رديّة
مزيّفة ، والمتمكّن من أخذ حدود الأشياء وحقائقها كما هي يعلم أنّ الصحيح من حدوده
ما ذكرناه ، أو ما في معناه ، وغيره ظاهر الفساد ، ولذا أعرضنا عن
إيراده وردّه.
فصل [٢]
إذ عرفت أنّ حقيقة الأمر صيغة « افعل » وما بمعناها ، فاعلم أنّها ترد لثمانية عشر
معنى :
الإيجاب : ( أَقِيمُوا
الصَّلاةَ )
.
الندب : (
فَكاتِبُوهُمْ )
وهو لتحصيل ثواب الآخرة.
التأديب : « كل
ممّا يليك » ، وهو لتحصيل تهذيب الأخلاق ، ولإفادته ملكة يصدر عنها ما يوجب
الثواب. عدّه بعضهم من الندب .
الإرشاد : (
فَاسْتَشْهِدُوا )
، وهو لجلب المنفعة الدنيويّة.
الإباحة : ( كُلُوا
وَاشْرَبُوا )
، وهو يفيد جواز ما كان المخاطب توهّم عدم جوازه.
التسوية : ( فَاصْبِرُوا
أَوْ لا تَصْبِرُوا )
، وهو يفيد التسوية بين أمرين كان المخاطب توهّم رجحان
أحدهما.
التهديد : ( قُلْ
تَمَتَّعُوا )
، ومنه الإنذار.
__________________
الدعاء : « اللهمّ
اغفر لي ».
التمنّي : « ألا
أيّها الليل الطويل ، ألا انجلي » .
العجز : ( فَأْتُوا
بِسُورَةٍ )
.
التكوين : ( كُنْ
فَيَكُونُ )
، وفيه يقصد إيجاد المعدوم.
التسخير : ( كُونُوا
قِرَدَةً ) ، وفيه يقصد انتقال الموجود من صورة أو صفة إلى اخرى.
الامتنان : ( كُلُوا
مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ ).
الإكرام : ( ادْخُلُوها
بِسَلامٍ ).
الإذلال : ( ذُقْ ) ، يقصد به ذلّة المخاطب ومسكنته.
الإهانة : ( كُونُوا
حِجارَةً أَوْ حَدِيداً ) ، ويقصد فيه عدم الاعتناء بشأنه بفعل أو ترك ، عزيزا كان أو ذليلا.
الاحتقار : بل ( أَلْقُوا
ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ ) ، ويقصد فيه عدم الاعتناء به بفعل أو ترك ، أو بمجرّد الاعتقاد ، ومنه عدم
مبالاة الآمر بفعله ، واستحقاره في مقابلة فعله.
الإخبار : « إذا
لم تستحي فاصنع ما شئت ».
ولا خلاف في
ورودها بهذه المعاني ، ولا في أنّها ليست حقيقة في جميعها ، إنّما الخلاف في تعيين
ما هي حقيقة فيه.
وقد اختلف فيه على
أقوال تبلغ سبعة عشر ، بعضها شاذّ ظاهر الفساد ، غير ملتفت إليه في المصنّفات. وما
يصلح للضبط والالتفات إليه عشرة :
الأوّل : أنّها حقيقة في الوجوب فقط ، وإليه ذهب الأكثر.
__________________
الثاني : في الندب فقط .
الثالث : فيهما بالاشتراك .
الرابع : في القدر المشترك بينهما ، وهو الطلب .
الخامس : فيهما وفي الإباحة بالاشتراك .
السادس : في القدر المشترك بينهما ، وهو الإذن .
السابع : فيها وفي التهديد .
الثامن : في الطلب لغة ، وفي الوجوب فقط شرعا .
التاسع : فيهما بالاشتراك لغة ، وفي الوجوب فقط شرعا ، وإليه ذهب
المرتضى رضى الله عنه .
العاشر : الوقف .
والحقّ ، أنّها
حقيقة في الوجوب فقط لغة وشرعا وعرفا.
لنا وجوه :
منها : ما شاع
وذاع من احتجاج الصحابة والتابعين ومن تأخّر عنهم من العلماء الراشدين بمطلقها على الوجوب من غير نكير ، كالعمل بالأخبار من دون تفاوت .
__________________
فما اورد عليه في
بحث العمل بالأخبار يمكن أن يورد عليه هنا أيضا. والجواب الجواب ، على أنّ المرتضى
نقل إجماع الإماميّة على أنّها للوجوب شرعا .
ومنها : ذمّ
العقلاء العبد بترك الامتثال بعد قول سيّده : « افعل » مع فقد قرائن الوجوب. والأوّل وإن لم
يثبت سوى الحقيقة الشرعيّة ، والثاني سوى العرفيّة ، إلاّ أنّ كلاّ منهما إذا ضمّ
إليه أصالة عدم النقل ، ينتهض بإثبات الحقائق الثلاث .
وما قيل : إنّها
لا تثبت الحقيقة اللغويّة ؛ لجواز أن يكون الصيغة في اللغة حقيقة في الطلب أو
الندب ، واستعملت في الوجوب مجازا حتّى اشتهرت فيه عند الشرع والعرف ، فصارت حقيقة
شرعيّة وعرفيّة فيه ، فأصالة عدم النقل باقية بحالها مع عدم الوضع .
يرد عليه : أنّ
هذا أيضا نوع نقل ، فالأصل عدمه ، سواء كان المستعمل هو الواضع
أو غيره من الشرع والعرف ؛ لأنّ استعمال لفظ في معنى مجازا مع القرينة أو بدونها إلى أن
يصير حقيقة فيه ، يستلزم انتقاله من المعنى الحقيقي إليه وإن لم يصرّح بالنقل ،
فأصالة عدم النقل تدفعه أيضا.
ولا يفتقر إلى التمسّك بأصالة عدم التجوّز ، مع أنّه غير صحيح ؛ لأنّه إنّما يصحّ في
موضع اطلق لفظ له معنى حقيقي ومجازي ، ولم يعلم أنّ المستعمل أيّهما أراد ، فيحمل
على الحقيقي لأصالة عدم التجوّز. وأمّا إذا استعمل لفظ في معنى لم يعلم كونه حقيقة
فيه أو مجازا ، بل احتملهما ، فلا يحكم بكونه حقيقة فيه لأصالة الحقيقة وعدم التجوّز ، بل يجب التوقّف حينئذ ، كما تقدّم من أنّه الحقّ المشهور ، والمخالف فيه السيّد .
__________________
ولا ريب أنّ ما
نحن فيه ليس من الأوّل ، بل من الثاني لو كان المستعمل هو اللغويّ ، واستعمل
الصيغة في الوجوب مطلقا ، أو مع قرينة احتمل معها كونها حقيقة فيه. ولو استعملها
فيه بقرينة المجاز بحيث لم يحتمل معها كونها حقيقة فيه ، لم يكن من الثاني أيضا ،
بل لا يكون حينئذ حقيقة فيه قطعا ، واستعماله عندنا مردّد بينهما.
وكيف كان ، لا يمكن الحمل على الحقيقة لأصالة عدم التجوّز.
ولو كان المستعمل
هو الشرع أو العرف ، فحكمه كاللغوي ، مع أنّه لو سلّم هنا أنّ الأصل في الاستعمال
الحقيقة لا يثبت منه الحقيقة اللغويّة ، بل حقيقتهما ؛ لأنّ استعمال كلّ شخص لو
أثبت الحقيقة فإنّما يثبت حقيقته لا حقيقة غيره. فكيف كان ، لا يصحّ التمسّك في
إثبات الحقيقة اللغويّة بأصالة الحقيقة ، بل يتوقّف على التمسّك بأصالة عدم النقل.
هذا.
وأجاب بعضهم عن
الدليل الثاني بمنع الذمّ. ومع التسليم فإنّما هو لترك المندوب ، أو الأمر الدائر
بين الواجب والمندوب ؛ فإنّ تارك كلّ منهما يستحقّ الذمّ عقلا .
ولا يخفى أنّه مكابرة
؛ فإنّ تعلّق ذمّ العقلاء بعبد ترك امتثال أمر مولاه وحكمهم بعصيانه بديهيّ ،
إنكاره سفسطة ، وبديهة العقل حاكمة بأنّ مثل هذا الذمّ لا يتوجّه على ترك المندوب
وما يحتمل الوجوب ؛ فإنّ الفرق ظاهر بين « اسقني » و « ندبتك إلى أن تسقيني » أو «
طلبت منك السقي » ، أمّا وجوبا أو ندبا من غير التعيين.
ومنها : تبادر الوجوب عنها إذا اطلقت عند أهل الشرع والعرف واللغة ، وإنكاره مكابرة
، وهو آية الحقائق الثلاث .
ومنها : أنّ
الاشتراك خلاف الأصل ، فيبطل الأقوال المبنيّة عليه ، وتكون حقيقة لأحد المعاني
المتقدّمة فقط مجازا في الباقي. وعدم كونها حقيقة لواحد منها فقط غير الوجوب
والندب والإباحة ظاهر ؛ لأنّه لم يقل به أحد ، ولو قيل به لكان ظاهر البطلان ،
فبقي احتمال كونها حقيقة لأحد الثلاثة فقط.
__________________
ثمّ إنّها ليست
حقيقة في الإباحة فقط ؛ لبداهة اقتضائها ترجيح الفعل ، وليست للندب فقط أيضا ؛
لضرورة الفرق بينها وبين ما يفيد الندب كما ذكرنا ؛ وللزوم عدم كون الواجب حينئذ مأمورا به ، وهو باطل ضرورة ، مع أنّ القول
بأنّها للندب فقط بعيد ؛ لضعف أدلّته ، وندور قائله ، فإذا كانت الصيغة
مردّدة بين كونها للوجوب فقط والندب فقط ، فلا يكاد أن يختار الثاني عاقل.
وما قيل : إنّه
ينتهض حجّة على القائل بالاشتراك اللفظي دون المعنوي ؛ لأنّه ليس خلاف الأصل ، ضعيف ؛ لأنّ مخالفة الاشتراك للأصل لإخلاله بالتفاهم وهو حاصل هنا ؛ فإنّ الصيغة لو كانت حقيقة في الطلب وأحد أفراده الوجوب ، والآخر الندب
وهما متغايران ـ ولا يعلم المخاطب أنّ المراد الأوّل حتّى لو لم يمتثل كان عاصيا ،
أو الثاني حتّى لو لم يمتثل لم يكن عاصيا ـ فيحصل الإخلال بالتفاهم ، والتكليف بما
لا يعلم.
ولا يمكن أن يقال
هنا بجواز إرادة القدر المشترك ، وهو مطلق الطلب في ضمن أيّ
منهما كان ؛ لأنّ تخيير المكلّف بين كون الشيء واجبا عليه أو مندوبا عليه لا معنى
له ، فالاشتراك المعنوي الذي ليس خلاف الأصل هو ما ليس بهذه المثابة ، بل ما كان
بحيث أمكن إرادة القدر المشترك منه من غير لزوم فساد. وهذا وإن لم يثبت سوى الحقيقة اللغويّة إلاّ أنّ المطلوب يتمّ به بالضميمة المذكورة .
ومنها : قوله
تعالى : ( ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ) ؛ إذ المراد به ( اسْجُدُوا ) في قوله : ( وَإِذْ
قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا ... ) الآية ، دلّ ـ لكونه في معرض الإنكار والاعتراض _
__________________
على الذمّ ، ولو
لا أنّ صيغة « ( اسْجُدُوا ) » للوجوب لما كان
متوجّها ، وكان له أن يقول : « لم تذمّني على ترك ما لم توجبه عليّ؟
» ، وسوق الآية وأصالة العدم يفيدان ترتّب الذمّ على مجرّد مخالفة الأمر من غير
مدخليّة خصوصيّة المادّة والامور الخارجيّة ، فلا يرد جواز إفادة صيغة الأمر
للوجوب في هذه المادّة دون غيرها ، أو في تلك اللغة دون لغتنا ، ولا منع دلالته
على العموم ؛ نظرا إلى أنّه حكاية حال وهي لا تفيد العموم. على أنّه لو ثبت كون
هذه الصيغة حقيقة في الوجوب ، ثبت كون جميع صيغ الأمر كذلك ؛ لعدم القول بالفصل.
ولا جواز ترتّب الذمّ على المخالفة مع الاستكبار.
ومنها : قوله : (
فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ
يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) أمر مخالف الأمر بالحذر ، وهذا الأمر للوجوب قطعا ؛ إذ لا معنى لندب الحذر أو
إباحته. على أنّ سوق الآية ـ لورودها في معرض الوعيد ـ دلّ على وجوب الحذر ،
وإيجاب الحذر عليه تهديد على مخالفة الأمر ، وهو يدلّ على أنّ الأمر للوجوب ؛ إذ
لا تهديد على غير الواجب. ومع التنزّل فلا أقلّ من دلالته على حسن الحذر ، وهو
دليل قيام المقتضي للعذاب ؛ إذ بدونه لا يحسن الحذر ، ولذا يلام من يحذر عن سقوط
جدار محكم لا يريد أن ينقضّ ، ومعه يثبت أنّ الأمر للوجوب ؛ إذ المقتضي للعذاب هو
ترك الواجب لا المندوب.
وعلى التقادير
يندفع ما يقال : لا نسلّم دلالة الصيغة على وجوب الحذر إلاّ إذا ثبت أنّ الأمر
للوجوب ، وهو عين المتنازع فيه .
ثمّ المتبادر من
مخالفة الأمر هو ترك المأمور به ، سواء اعتبرت متضمّنة معنى الإعراض أو غيره ممّا
يناسب التعدية بـ « عن » ، فلا يرد أنّ المراد بها حمله على ما يخالفه ـ بأن يكون للوجوب أو الندب ، فيحمل على غيره ـ أو اعتقاد فساده ؛ لأنّها
__________________
ضدّ الموافقة وهي
اعتقاد حقّيّته ، فلا يتمّ الاحتجاج .
فإن قيل : يمكن أن
يكون الفاعل ضميرا مرجعه ( الَّذِينَ
يَتَسَلَّلُونَ ) فلا يثبت به المطلوب.
قلت : هم
المخالفون ، فكيف يؤمرون بالحذر عن أنفسهم. ولو سلّم بقي قوله : ( أَنْ
تُصِيبَهُمْ ... ) الآية ، ضائعا. هذا ، مع أنّ الإضمار خلاف الأصل.
فإن قيل : قوله : ( عَنْ
أَمْرِهِ ) مطلق لا يعمّ ، والمطلوب إفادته الوجوب في جميع الأوامر.
قلنا : المصدر
المضاف عامّ عند عدم العهد ؛ لجواز الاستثناء عنه ؛ مع أنّ الإطلاق كاف في المقصود
؛ إذ التهديد على مخالفة مطلق الأمر ينافي كون بعض أفراده حقيقة في غير الوجوب ؛
على أنّ كون صيغة ما منه للوجوب يكفي لإثبات المطلوب ؛ لعدم القائل بالفصل.
ومنها : قوله تعالى
: ( وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ
) ، ذمّهم على
مخالفتهم الأمر ، ولو لا أنّه للوجوب لما توجّه.
واعترض عليه
بوجهين :
أحدهما : أنّ
الذمّ على التكذيب لا على الترك ، بدليل قوله تعالى : ( وَيْلٌ
يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ).
والجواب : الظاهر
من السوق أنّه للترك ، والويل للتكذيب ، سواء اتّحد أهل الترك والتكذيب ، أم
تغايرا.
وثانيهما : أنّ
القرينة هنا دلّت على إفادته الوجوب ، وهي علم المخاطبين من الخارج بوجوب الصلاة
على كلّ أحد.
وجوابه : أنّه
تعالى رتّب الذمّ على مجرّد ترك الركوع ، فالاعتبار به لا بالقرينة.
__________________
ومنها : قوله تعالى
: ( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا
قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
) نفى عنهم التخيير
بعد توجّه الأمر عليهم ، فيبقى إمّا الوجوب أو الحظر. والثاني باطل إجماعا ، فتعيّن الأوّل .
وأنت خبير بأنّ
قضاء الأمر إلزامه ، لا مجرّد توجّهه ، فلا يثبت منه المطلوب.
ومنها : أنّ تارك
المأمور به عاص ؛ لقوله تعالى : ( أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي
) ، وقوله : ( لا يَعْصُونَ اللهَ
ما أَمَرَهُمْ ) ، وكلّ عاص يستحقّ النار ؛ لقوله تعالى : ( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ
وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ) ، .
واعترض عليه
بوجهين :
أحدهما : أنّه لو
كان العصيان ترك الأمر ، لتكرّر قوله تعالى : ( وَيَفْعَلُونَ ).
وثانيهما : أنّ
المراد من ( مَنْ يَعْصِ اللهَ ) الكفّار دون تارك
الأمر بقرينة الخلود.
والجواب عن الأوّل
: أنّ الأوّل للنفي في الماضي أو الحال ، والثاني للإثبات في المستقبل.
وعن الثاني : أنّ
الخلود ، المكث الطويل. هذا.
وتعليل الصغرى
بأنّ امتثال الأمر طاعة ؛ إذ الطاعة الانقياد ـ كما صرّح به أهل اللغة ـ وترك الطاعة عصيان ؛ لتصريحهم بأنّ العصيان خلاف الطاعة يرد عليه أنّ كلّ عصيان خلاف الطاعة ، ولا ينعكس كلّيّا ؛ لأنّ امتثال
المندوب طاعة وليس تركه عصيانا ، فترك الطاعة الواجبة عصيان دون المندوبة.
__________________
ومنها : قوله
تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) مع ما دلّ على ذمّ ترك الطاعة ، كقوله : ( مَنْ يُطِعِ
الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ
حَفِيظاً ) حيث دلّ الأوّل على أنّ امتثال مطلق الأمر طاعة ، والثاني على أنّ ترك الطاعة
مذموم ، فثبت منهما وجوب امتثال الأمر ، والتولّي يتناول مجرّد الترك أيضا ، فيدلّ
على الذمّ عليه وإن لم يكن استخفافا وجحودا.
فلا يرد أنّ الذمّ
لأجل التولّي ، وهو الترك جحودا واستكبارا.
نعم ، يرد عليه
أنّ ترك مطلق الطاعة ليس مذموما كما تقدّم ، فالذمّ هنا على
ترك الطاعة المفترضة.
ومنها : قوله عليهالسلام : « لو لا أن أشقّ على امّتي ، لأمرتهم بالسواك » نفى الأمر ؛ لاقتضائه المشقّة مع ثبوت الندبيّة ، فيدلّ بوجهين على أنّ الأمر للوجوب.
ومنها : قوله عليهالسلام لبريرة ـ وقد عتقت وزوجها عبد ففارقته ـ : « راجعيه » فقالت : أتأمرني بذلك؟
فقال : « لا ، إنّما أنا شافع » نفى الأمر وأثبت الندب بإثبات الشفاعة ؛ فإنّه لا ريب في
استحباب قبول شفاعة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا يكون المندوب مأمورا به .
ومنها : احتجاجه عليهالسلام لذمّ أبي سعيد الخدري على ترك استجابته حين دعاه وهو يصلّي بقوله تعالى : (
اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ ) فلو لم يكن الأمر للوجوب ، لما توجّه الذمّ .
وقد اعترض على
الروايات بوجوه ظاهرة الدفع ، بيّنة الوهن ، فلم نر جدوى في التعرّض لنقلها وردّها
.
__________________
واعلم أنّ ما يثبت
من الآيات والأخبار هو الحقيقة الشرعيّة فقط ، فإثبات تمام المطلوب بها يتوقّف على الضميمة المذكورة . هذا.
وقد تعلّق بعض من
وافقنا بوجوه اعتباريّة غير تامّة ضعيفة ، لم يكن في ذكرها فائدة.
احتجّ القائل
بأنّها للندب بقوله صلىاللهعليهوآله : « إذا أمرتكم بشيء ، فأتوا منه ما استطعتم » حيث ردّ الإتيان بالمأمور به إلى مشيّتنا ، وهو معنى الندب .
وجوابه : أنّه
ردّه إلى استطاعتنا ، وهو معنى الوجوب.
وبأنّ أهل اللغة
صرّحوا بأنّه لا فرق بين الأمر والسؤال إلاّ بالرتبة ،
والسؤال إنّما يدلّ على الندب ، فيلزم أن يكون الأمر أيضا كذلك ، وإلاّ
لكان بينهما فرق آخر .
والجواب : منع
وقوع التصريح المذكور عنهم ، بل صرّح بعضهم بخلافه . ولا يمكن أن يقال : الفرق بالوجوب والندب متفرّع على الفرق الأوّل ؛ إذ
دلالة قول أحد على الإيجاب لا تتوقّف على تفوّقه على المأمور علوّا أو استعلاء ،
ولذا أجاب بعضهم بأنّ السؤال للإيجاب من طرف السائل وإن لم يتحقّق من طرف المسئول .
واحتجّ القائل
بالاشتراك بينهما بأنّ الصيغة اطلقت عليهما ، والأصل في الإطلاق الحقيقة .
وجوابه : منع
أصالة الحقيقة في الإطلاق ، كما عرفت مرارا ، وأولويّة
المجاز على الاشتراك إذا تعارضا.
__________________
واحتجّ القائل
بأنّها لمطلق الطلب بأربعة وجوه :
[
الوجه ] الأوّل : أنّ المفهوم المتبادر منها لغة عند الإطلاق ليس إلاّ مطلق الطلب من دون أن يخطر
بالبال فصل الوجوب أو الندب ، فتكون حقيقة فيه .
والجواب : منع
التبادر ، بل المتبادر منها الوجوب ، كما تقدّم .
[
الوجه ] الثاني : ثبت من اللغة مطلق الرجحان ولم يصرّح أحد من أهل اللغة بأنّها للوجوب أو
الندب ، فجعلها لأحدهما تقييد بلا دليل ، فلا يصار إليه .
والجواب : أنّ
جعلها للوجوب ليس تقييدا بلا دليل ، بل ثبت وجوبه من الأدلّة ، كما عرفتها .
وأيضا أنّه إثبات
اللغة بلوازم الماهيّات ؛ لأنّ الرجحان لازم للوجوب والندب اللذين كلّ منهما من
أفراده ، والصيغة موضوعة له ، وجعلتموها باعتباره لهما ، وهو باطل
؛ لاحتمال أن يكون الصيغة لهما ولغيرهما أيضا ؛ لجواز أن يكون اللازم أعمّ منهما.
وأن يكون للمقيّد بأحدهما. وأن يكون مشتركا لفظيّا بينهما. وأصالة عدم التقييد
والغير لا تنتهض حجّة لإثبات مدلولات الألفاظ ، ولم يعتبروا الظنّ الحاصل من مثله
، ولذا صرّحوا بأنّ طريق إثبات الوضع إنّما هو النقل بطريق التنصيص ، أو تتبّع
موارد الاستعمال .
[
الوجه ] الثالث : قد كثر ورود أوامر مطلقة بامور واجبة ، وآخر بالمندوبة من دون نصب قرينة ،
وكذا كثر ورود أمر واحد بامور بعضها واجب وبعضها مندوب من دون قرينة ، ولا يجوز
ذلك لو كان حقيقة في أحدهما فقط ، فيكون للقدر المشترك .
__________________
وجوابه : أنّ هذا
يرد عليكم أيضا ؛ لأنّ الصيغة إذا كانت حقيقة للقدر المشترك ، فلا يجوز استعمالها
في الوجوب ، أو الندب بدون القرينة.
فإن أجبتم بأنّ
الصيغة مستعملة في معناها الحقيقي ـ وهو مطلق الطلب ـ ويعلم كونها للوجوب أو الندب
من مواضع أخر ، أجبنا بأنّها مستعملة في معناها الحقيقي ـ وهو الوجوب ـ ويعلم
كونها للندب من مواضع أخر.
وإن أجبتم بأنّ
القرائن الخارجيّة دلّت على أنّ المراد منها الطلب الخاصّ ، أجبنا بأنّها دلّت على
أنّ المراد منها الندب.
[
الوجه ] الرابع : أنّ الصيغة استعملت في كلّ من الوجوب والندب ، والاشتراك والمجاز خلاف الأصل
، فتكون حقيقة في القدر المشترك ؛ دفعا لهما.
وجوابه : أنّ
المجاز قد يصار إليه ـ وإن كان خلاف الأصل ـ إذا ثبت الدلالة عليه ، وقد تثبت بأدلّتنا على الوجوب ؛ على أنّا بيّنّا أنّ كونها للقدر المشترك أيضا خلاف
الأصل .
وأيضا المجاز لازم
إذا كانت له أيضا ؛ لأنّ كلاّ من الوجوب والندب يشتمل على خصوصيّة
زائدة عليه ، فاستعمالها فيهما استعمال في غير ما وضعت له ، فعدم لزوم المجاز
ينحصر بصورة الاشتراك. على أنّ التجوّز اللازم في صورة وضعها له أكثر منه في صورة
الحقيقة والمجاز ؛ لأنّه يلزم على الأوّل فيهما ، وعلى الثاني في أحدهما فقط ؛
لعدم وقوع الاستعمال في القدر المشترك ، أو ندوره.
واحتجّ القائل
بأنّها مشتركة بين الثلاثة كما احتجّ به القائل باشتراكها بينهما .
والجواب الجواب.
والقائل بأنّها للقدر المشترك بينها كالقائل بأنّها للقدر المشترك بينهما .
__________________
وجوابه كجوابه.
والقائل باشتراكها بين الأربعة ، كالقائل باشتراكها بين الاثنين أو الثلاثة .
وجوابه مثل جوابه.
والقائل بأنّها حقيقة في الطلب لغة ، وفي الوجوب شرعا ، على الجزء الأوّل كالقائل بأنّها حقيقة فيه مطلقا ، وعلى الثاني بما دلّ على
أنّها حقيقة في الوجوب من الآيات وإجماع السلف ، والمرتضى على الجزء الأوّل كالقائل بأنّها للقدر المشترك مطلقا ، وعلى الثاني بحمل السلف كلّ أمر ورد على الوجوب .
ولا يخفى أنّ
الجزء الثاني من مذهبهما حقّ ، نحن نقول به ، واحتجاجهما عليه صحيح كما بيّنّاه . وأمّا احتجاجهما على الجزء الأوّل ، فقد عرفت جوابه .
واحتجّ المتوقّف
بأنّ تعرّف مفهومها إمّا بالعقل ولا مدخل له. أو بالنقل ، ومتواتره لم يوجد وإلاّ
لم يختلف فيه ، وآحاده لا تفيد القطع .
والجواب أمّا
أوّلا : فمنع الحصر لوجود قسم آخر وهو تعرّفه بالأدلّة الاستقرائيّة التي تقدّمت ، ومرجعها تتبّع مظانّ استعمال اللفظ ، والأمارات الدالّة على المراد منه عند
إطلاقه. أو بتركيب عقلي من مقدّمات نقليّة.
وأمّا ثانيا :
فتسليم كفاية الظنّ في المسألة ؛ لأنّها وسيلة إلى العمل بالشرعيّات ويكفيها
الظنّ.
__________________
ثمّ لا يخفى عليك
أنّ الصيغة في كلام أئمّتنا ليست مستعملة إلاّ فيما استعملت فيه في كلام الله
ورسوله ، ولا يخالف عرفهم عرف الشرع. وكيف يتصوّر عنهم نقل اللفظ عن معناه الحقيقي لغة وشرعا من دون بيان وإعلام؟!
فما قيل : «
المستفاد من تضاعيف أحاديث الأئمّة شيوع استعمالها في عرفهم في الندب بحيث صار من
المجازات الراجحة ، المساوية للحقيقة عند فقد المرجّح ؛ فيشكل التعلّق في إثبات وجوب حكم بمجرّد ورود الأمر به منهم عليهمالسلام » ، في غاية الضعف. وكيف يسمع منه دعوى هذه الاستفادة من غير
بيّنة وبرهان؟! وأنّى له إثبات ذلك بمجرّد استعمالهم الصيغة في الندب في مواضع أكثرها
مع القرينة؟!
إذا تقرّر ذلك
فاعلم أنّ فروع هذه المسألة أكثر من أن تحصى. وكيفيّة التفريع ظاهرة.
وممّا يتفرّع على
كونها حقيقة في الوجوب عرفا أنّه لو قال رجل لمن يجب عليه إطاعته ـ كالمولى لعبده
ـ : افعل كذا ، يجب عليه الامتثال.
فصل [٣]
لمّا كان الأمر ما
دلّ على طلب الفعل ، والخبر ما دلّ على وجوده ، فتشابها من وجه
، والمشابهة مصحّحة للتجوّز ، فجاز أن يتجوّز لكلّ منهما
عن الآخر ، كقوله عليهالسلام : « إذا لم تستحي فاصنع ما شئت » ، وقوله تعالى : ( وَالْوالِداتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَ ) ، ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ ).
__________________
وكذا الحال في
النهي والنفي ، كما يقال : « من لا جناح له فلا يطير » ، وكقوله تعالى : ( لا
يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ).
وإذا ورد الخبر
بمعنى الأمر أو النفي بمعنى النهي ، فثبت لهما ما ثبت لهما من دلالتهما على الوجوب
والحرمة لو لم يقم قرينة دالّة على خلافهما على ما اخترناه ، وغيرها من أحكامهما ، وإلاّ ضاع فائدة إرادتهما منهما. وكونهما مجازين فيهما لا يقدح
في ذلك بعد كونهما مرادين.
وقس عليهما
عكسهما. وكيفيّة التفريع ظاهرة.
ويتفرّع عليه حرمة
مسّ المصحف للآية المذكورة وعدم الالتفات إلى منع دلالة النفي المراد منه النهي
على الحرمة.
فصل [٤]
لا خلاف في أنّ
صيغة الأمر بعد الحظر أو الكراهة ، أو في مقام مظنّتهما أو تجويزهما ـ كقول السيّد
لعبده : « افعل » بعد أن يقول له : « هل أخرج ، أو أنام؟ » أو نحوهما ـ تستلزم رفع
ذلك المنع المحقّق أو المحتمل ، لزوما عقليّا. إنّما الخلاف فيما هي حقيقة فيه عند
فقد القرينة ، فجماعة من المحقّقين على أنّها للوجوب . وقيل : للإباحة . وقيل : للندب .
احتجّ الأوّلون
بأنّ المقتضي موجود والمانع معدوم. أمّا الأوّل ، فلأنّها تفيد الوجوب للأدلّة
المتقدّمة. وأمّا الثاني ، فلأنّ ورودها بعد الحظر أو الكراهة لا يدفعه ؛ لأنّ رفعه أعمّ من الوجوب ، والعامّ لا ينافي الخاصّ.
__________________
فما قيل : « إنّ
إجراء أدلّة الوجوب فيها إذا وردت بعد الحظر غير ممكن ؛ لأنّه فرع فهم الطلب منها
وفرديّتها لمفهوم الأمر وليس كذلك » ، فاسد ؛ لعدم ما
يخرجها عن الدلالة على الطلب ، والفرديّة لمفهوم الأمر. وأيضا أنّها بعد الحظر
العقلي للوجوب فكذا بعد الحظر الشرعي ؛ لعدم الفرق ، بل العقلي آكد.
احتجّ القائل
بأنّها للإباحة بغلبتها في الإباحة في عرف الشارع بحيث تتبادر منها عند الإطلاق ،
فتكون حقيقة فيها في عرفه ، فتتقدّم على الوجوب الذي هي حقيقة لغويّة فيه ؛ لتقدّم
عرفه على اللغة في الشرعيّات ، بل مجازيّتها في عرفه .
والجواب : منع
الغلبة ؛ فإنّ المسلّم أنّ الشرع استعملها في مواضع في الإباحة ، كقوله تعالى : ( وَإِذا
حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا ) و ( فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا ) ، وقوله صلىاللهعليهوآله : « كنت نهيتكم عن ادّخار لحوم الأضاحيّ ... ألا فادّخروها
» ، وهي ـ مع استفادة الإباحة منها بالقرائن ـ معارضة بقوله
تعالى : ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) ، وقوله : ( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ
الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) ، فإنّ حلق الرأس بعد بلوغ الهدي محلّه واجب ، مع أنّه مأمور به بعد النهي
عنه ، وبأمر الحائض والنفساء بالعبادة بعد تحريمها عليهما.
واحتجّ القائل
بأنّها للندب باستعمالها فيه في كلام الشارع ، كقوله تعالى : ( فَإِذا
تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ). وجوابه ظاهر.
واعلم أنّه قيل :
« إنّها بعد الحظر أو الكراهة لا تدلّ إلاّ على رفع المنع وهو كالإذن في الفعل
مشترك بين الوجوب والندب والإباحة للتبادر » .
__________________
والظاهر أنّها
مجاز فيه ، والتبادر للقرينة ، وهي مسبوقيّتها بالمنع.
وما ذكره أخيرا
دلّ على أنّ رفع المنع ليس مدلولها ليكون للقدر المشترك بين الثلاثة ، بل لازمها
العقليّ. وقد عرفت أنّه لا كلام فيه ، إنّما الكلام في مدلوله الحقيقي ، وهذا
القائل سكت عنه. هذا.
ولا يبعد عندي أن
يقال : إنّ صيغة الأمر بعد الحظر تدلّ شرعا وعرفا على ما كان ثابتا قبل ورود النهي
، سواء علّقت بزوال علّة عروض النهي ، كقوله تعالى : ( وَإِذا حَلَلْتُمْ
فَاصْطادُوا ) ، أو لا ، كقوله عليهالسلام : « كنت نهيتكم ... ». والحكم الثابت قبل النهي إمّا
الوجوب ، أو الندب ، أو الإباحة ، فتكون مشتركة بينها ، ولا ينفكّ في كلّ موضع عن القرينة الدالّة على الحكم الذي يدلّ عليه ، وهي سبقه على
النهي ، فهي حقيقة شرعيّة وعرفيّة فيه ، وإن لم تكن موضوعة له.
والسرّ فيه أنّ
الشرع والعرف استعملاها فيه مع القرينة حتّى حصل التبادر وسبقه منها إلى الفهم عند
الإطلاق ، فكأنّهما نقلاها عن معناها الأصلي إليه. أمّا الاستعمال فيه ، فظاهر من
الأمثلة الشرعيّة والعرفيّة ؛ فإنّ جميع الأوامر الشرعيّة الواردة بعد الحظر يفهم
منها ثبوت الحكم كما كان قبل النهي واستعملت فيه كذلك ، وكذا الحال في الأوامر
العرفيّة. والمتتبّع لما ورد في ذلك من الشرعيّات والعرفيّات يجزم بذلك.
وأمّا التبادر
وكونه سابقا منها إلى الفهم ، فبيّن بحيث لا يمكن إنكاره.
وعلى هذا ، فيخرج
هذا القسم عن مطلق الأمر بدليل من خارج ، فلا يجري فيه أدلّة الوجوب.
ثمّ لمّا كان كلّ
ما اتّفق عليه من الأوامر الواردة بعد الحظر بأنّها مستعملة في الوجوب أو الندب أو
الإباحة ـ كالأوامر المتقدّمة ـ ينطبق على ذلك ، فينبغي أن يكون ما شكّ فيه أيضا
__________________
كذلك ، كما هو
التحقيق ، إلاّ فيما ثبت فيه الدلالة الخارجيّة على خلافه ، وهو نادر ، كقوله عليهالسلام : « انظر إليهنّ » أي إلى النساء التي تعزم على نكاحهنّ فإنّه وارد بعد الحظر ، ولا ريب أنّ الوجوب منتف ، فيبقى إمّا الإباحة أو
الاستحباب ، والمتبادر هو الأوّل ، فينطبق على ما ذكرناه ؛ لأنّ النظر قبل النهي
كان مباحا.
وقوله تعالى : (
فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) ، وهو وارد بعد الحظر ـ على ما ذكره بعضهم ـ من حيث إنّ
الكتابة بيع مال الشخص بماله ، وهو منهيّ عنه . وحمل الأمر على
الوجوب باطل قطعا ، فينبغي حمله على الإباحة الثابتة قبل النهي لو لم يقم دليل
خارجي على الاستحباب.
وكالأمر بقتل
الحيّة والعقرب في الصلاة ، وهو وارد بعد النهي التحريمي عن الأفعال الكثيرة ،
والنهي التنزيهي عن القليلة فيها ، وهو ـ كيف كان ـ يكون لما كان قبل النهي.
وكالأمر برجوع
المأموم إذا سبق الإمام بركن ، وهو محمول عند الأصحاب على الوجوب بدليل من خارج ، وإن
انتفى الوجوب قبل النهي .
وممّا ذكر ظهر
كيفيّة التفريع.
فصل [٥]
الأمر المطلق لطلب
الماهيّة لا للمرّة والتكرار ؛ وفاقا للمحقّقين . وقيل : لها . وقيل : له .
__________________
وقيل بالتوقّف ؛
لاشتراكه بينهما ، أو عدم العلم بالوضع .
لنا : أنّ مدلوله
طلب حقيقة الفعل ؛ لتبادره منه ، وهما خارجان عن حقيقته ، كالزمان والمكان وغيرهما
من المتعلّقات ، فيكون للقدر المشترك بينهما ، وهو ماهيّة الفعل الحاصلة في ضمن
كلّ منهما ، ويحصل الامتثال بحصولها مع أيّهما كان ، ولا يتقيّد بأحدهما دون الآخر.
نعم ، لمّا كان
المرّة أقلّ ما يحصل به الحقيقة ويمتثل به الأمر ، دلّ عليها لذلك ، لا من حيث
الخصوصيّة والوضع.
ولنا أيضا : أنّه
يتقيّد بهما من غير تكرير ونقض ، فهما من صفات الفعل ، كالقليل
والكثير ، ولا دلالة للموصوف على خصوصيّة شيء من صفاته المتقابلة ، فيكون المفهوم
من « اضرب » ـ مثلا ـ طلب ضرب ما من غير أن يفهم منه صفة الضرب من تكرار ، أو مرّة
، أو غيرهما.
وما قيل : إنّ
الدليلين يفيدان عدم دلالته عليهما بالمادّة ـ أي لا يدلّ عليهما المصدر الذي هو
من أجزائه المادّيّة ـ فلم لا يدلّ عليهما بالصيغة ، بأن يكون الظاهر منها أحدهما وإن احتملت الآخر؟ فيقيّد بالظاهر لدفع
الاحتمال ، فلا تكرار ، وبالمحتمل للدلالة على صرفها عن الظاهر ، فلا تناقض.
ففيه : أنّ مدلول
الصيغة إذا كان بحكم التبادر مطلق الطلب المتحقّق في ضمن أيّهما كان ، فكيف يكون
الظاهر منها أحدهما؟! وأيضا التقييد لدفع الاحتمال تأكيد والتأسيس أظهر منه.
والتقييد بالمحتمل للدلالة على صرفها عن الظاهر يقتضي حمل اللفظ على خلاف الظاهر ،
والأصل عدمه ، فلا يكون علّة التقييدين هذين التعليلين بل خروجهما عن مدلول
الصيغة.
__________________
فإن قيل : دلالة
الأمر بالمادّة على الطبيعة المطلقة مخالفة لما ذهب إليه بعض الادباء من أنّ اسم
الجنس موضوع للطبيعة المقيّدة بالوحدة المطلقة .
قلت : الخلاف الذي
وقع في كون اسم الجنس موضوعا للطبيعة من حيث هي ، أو من حيث تقيّدها بالوحدة
المطلقة ، إنّما هو اسم الجنس الذي كان مصدرا منوّنا ، وأمّا المصدر غير المنوّن
في ضمن المشتقّات ، فلا خلاف في كونه للطبيعة من حيث هي ، كما صرّح به بعض
المحقّقين منهم .
ولنا أيضا :
استعماله فيهما شرعا وعرفا ، كالأمر بالحجّ ، والأمر بالصوم والصلاة ، وأمر السيّد
عبده باشتراء اللحم ، وأمره بحفظ الدابّة. والاشتراك والمجاز خلاف الأصل ، فيكون
للقدر المشترك. وكونه له هاهنا لا يخالف الأصل ، كما يخالفه كونه للقدر المشترك
بين الوجوب والندب ، وقد ظهر وجهه ممّا تقدّم .
وأيضا لو كان
للتكرار لعمّ الأوقات ؛ لعدم الأولويّة ، وهو باطل ؛ للإجماع ، ولزوم التكليف بما
لا يطاق ، وكون كلّ تكليف يرد بعده ولا يجتمع معه ناسخا له.
وأيضا نصّ أهل
اللغة على عدم الفرق بين « تفعل » و « افعل » إلاّ في كون الأوّل خبرا والثاني
طلبا ، ومقتضى الأوّل ليس إلاّ ماهيّة الفعل مع أيّهما حصلت ،
فكذا مقتضى الثاني ، وإلاّ كان بينهما فرق آخر.
احتجّ القائل
بالمرّة بأنّ المولى إذا أمر عبده بدخول الدار فدخل مرّة عدّ ممتثلا عرفا ، ولو
كان للتكرار لما عدّ .
والجواب : أمّا
أوّلا : فبالمعارضة بأمره إيّاه بحفظ الدابّة ، فإنّه لو حفظها مرّة لا يعدّ
ممتثلا.
وأمّا ثانيا :
فبأنّ حصول الامتثال لحصول الماهيّة في ضمن المرّة لا لأنّ الأمر ظاهر فيها.
__________________
واحتجّ القائل
بالتكرار بأنّ النهي يقتضيه ، فكذا الأمر قياسا عليه بجامع دلالتهما على الطلب.
وبأنّه لو لم يكن
له لما تكرّر الصوم والصلاة وغيرهما وقد تكرّرت.
وبأنّه لو لم
يتكرّر لم يرد عليه النسخ ؛ لأنّ وروده على المرّة يوهم الندامة ، وهو محال على
الشارع.
وبأنّ الأمر
بالشيء يستلزم النهي عن ضدّه ، والنهي يقتضي دوام المنع عن المنهيّ عنه ، فيلزم
التكرار في المأمور به ؛ لأنّ تكرار اللازم يوجب تكرار الملزوم. وإن منع لجواز
ارتفاع الضدّين يفرض الكلام في ضدّين لا ثالث لهما ، كالحركة والسكون ؛ أو يقال :
المراد من ضدّ المأمور ضدّه العامّ الذي هو الكفّ عنه ، كما هو الظاهر ، وترك
الكفّ عن شيء إنّما يكون بفعله عند التذكّر ؛ أو يقال : المراد منه جميع أضداده ،
وترك الجميع لا يمكن إلاّ بفعل المأمور .
والجواب
عن الأوّل : أنّه قياس في
اللغة وهو باطل ، مع أنّ الفارق قائم من وجهين :
أحدهما : أنّ
الأمر يقتضي إيجاد الحقيقة ، وهو يحصل بالمرّة ، والنهي يقتضي انتفاءها ، وهو يحصل
بانتفائها في جميع الأوقات ، ولو لا ذلك ، لما صحّ التكاذب عرفا بين المطلقتين مع
أنّه صحيح.
وثانيهما : أنّ
ترك كلّ فعل أبدا ممكن ؛ إذ التروك تجتمع وتجامع كلّ فعل ، بخلاف امتثاله ؛ إذ هو
يمنع من فعل باقي المأمورات.
وعن
الثاني : أنّ فهم
التكرار من خارج كسنّة أو إجماع ، أو تعليقه على موجب متكرّر ، كالوقت والسنة.
وأيضا : لا يمكن
أن يكون التكرار الموجود في الصوم والصلاة مدلول صيغة الأمر بمجرّدها ، وهو ظاهر.
وأيضا : ينتقض بما
لا يتكرّر ، كالحجّ وغيره. وقد أشرنا إلى أنّ استعماله
تارة في
__________________
التكرار واخرى في
المرّة آية كونه للقدر المشترك ؛ دفعا للاشتراك والمجاز.
وعن
الثالث بأنّ ورود النسخ
قرينة التكرار.
وعن
الرابع بأنّه لو سلّم
كون الأمر بالشيء نهيا عن ضدّه ، فالنهي بحسب الأمر في التكرار وعدمه ؛ لترتّبه
عليه ، فإن أفاده أفاده ، وإلاّ فلا.
وحجّة القائل
بالاشتراك : حسن الاستفسار ، وهو دليل الاشتراك .
وجوابه : أنّه قد
يستفسر عن أفراد المتواطئ.
وظاهر الاستعمال ، وهو آية الحقيقة.
وقد عرفت أنّه يدلّ على وضعه للقدر المشترك.
وحجّة الجاهل
بالوضع وجوابها كما مرّ سابقا.
إذا عرفت ذلك ،
فاعلم أنّ كيفيّة اختلاف الفروع باختلاف الأقوال هنا تتوقّف على كشف الحجاب عن
حقيقة كلّ من الأقوال الثلاثة الاول ، ومقصود قائله منه.
فنقول : القائل
بالتكرار يقول : يتوقّف الامتثال على الإتيان بجميع الأفراد الممكنة عقلا وشرعا ،
ويرى الإثم في تركه والاكتفاء بالمرّة ، فمدلول الأمر عنده هو الطلب المتعلّق
بجميع هذه الأفراد .
والقائل بالمرّة ،
قيل : يمنع من الزيادة ويرى الإثم فيها ، فمدلوله الطلب المتعلّق بأوّل فرد يوجد
بشرط عدم الزيادة .
وقيل : لا يمنع
عنها ولا يرى عليها إثما ولا ثوابا ، لأنّ الامتثال عنده بالمرّة الاولى خاصّة ،
والزيادة ليست امتثالا ولا مخالفة ، فمدلوله عنده الطلب المذكور بإلغاء شرطه.
والقائل بأنّه
لطلب الماهيّة ، قيل : يقول بالسكوت عن الزيادة نفيا وإثباتا ، فالإتيان بها لا
يكون امتثالا ولا مخالفة ، فمدلوله عنده الطلب المتعلّق بالماهيّة الحاصلة
__________________
أوّلا ، سواء حصلت
في ضمن فرد أو أفراد .
وقيل : يقول
بتحقّق الامتثال وحصول الثواب بها وإن لم يكن في تركها إثم .
وأنت خبير بأنّ
هذا التقرير يضعّف القول بأنّه لطلب الماهيّة ؛ لأنّ مدلوله حينئذ إن كان طلب
الماهيّة ـ سواء حصلت في ضمن فرد أو أفراد ـ على أن يكون التعميم مطلوبا ، فيرجع إلى الوجوب التخييريّ ، أي طلب أحد الأمرين تخييرا ، لا طلب الماهيّة
من حيث هي ، كالتخيير بين التسبيحة الواحدة والثلاث ، فإنّ المطلوب ماهيّة التسبيح
، سواء حصلت في ضمن الواحدة أو الثلاث ، وكما يتعلّق الوجوب ويحصل الامتثال بكلّ
من الواحدة والثلاث تخييرا ـ أي لو ذكر الواحدة فقط ، كانت هي متعلّقة الوجوب وما
حصل به الامتثال ، ولو زاد عليهما الاثنتين ، كانت الثلاث ما تعلّق به الوجوب ،
وحصل به الامتثال ، فإنّ هذا هو معنى التخيير بين الأقلّ والأكثر ـ فكذلك الحال في
تعلّق الوجوب وحصول الامتثال بكلّ من المرّة والتكرار. وهذا وإن كان في نفسه صحيحا ، إلاّ أنّ صيغة الأمر لا تدلّ عليه ، والقائل
بالماهيّة يأبى عنه.
وإن كان طلب
الماهيّة الحاصلة أوّلا وثانيا وثالثا وهكذا ، بمعنى أنّها مطلوبة في ضمن أيّ فرد
كان ، لا من حيث التخيير ، بل من حيث إنّ المطلوب إذا كان طبيعة صادقة على أشياء ،
لا يدلّ الدالّ عليه على اختصاص الطلب ببعضها أو جميعها ، بل يتعلّق بكلّ منهما ،
ويحصل الامتثال بهما. فيرد عليه أنّه إذا حصل الامتثال بفرد واحد وبرئ الذمّة به ،
فلا يترتّب أثر على غيره ، ولا معنى للامتثال بعد الامتثال .
ولو قطع النظر عنه
نقول : إذا تحقّق الماهيّة بالفرد الأوّل وحصل الامتثال به ، فإمّا أن يبقى الطلب
بالنسبة إلى تحقّق ثان للماهيّة ـ وهو الموجود في ضمن فرد آخر ـ أو لا ، فعلى
الثاني لا يعقل حصول الامتثال بالفرد الثاني. وعلى الأوّل إمّا أن يبقى الطلب
بالنسبة إليه
__________________
بالوجوب ، فلا
يحصل الامتثال بالفرد الأوّل ، فيكون قولا بالتكرار ، أو بالاستحباب ، فيكون قولا
بدلالة صيغة واحدة على الوجوب والاستحباب ، ومذهبا جديدا لم يقل به أحد.
فالصواب على القول
بأنّه لطلب الماهيّة هو التقدير الأوّل ، أي السكوت عن الزائد نفيا وإثباتا ؛
لأنّه بعد ما علم بالأدلّة أنّ المطلوب بالأمر هو الماهيّة الكلّيّة يعلم أنّ
الواجب الإتيان بما يتحقّق به ويحصل به الامتثال ، ويشهد العقل والعرف بتحقّق
الماهيّة وحصول الامتثال بالمرّة ، وعدم مدخليّة الامتثال للزائد . ولو حصل به لزم أن يحصل به إذا كانت الصيغة للمرّة ؛ إذ المراد بالمرّة
الطبيعة المقيّدة بالوحدة المطلقة ، ولا ريب في كون المرّة الثانية مثلا فردا لها
، كما أنّها فرد للطبيعة من حيث هي ، وفي تساويهما في التحقّق في ضمنها ، وكفاية
المرّة الاولى لتحقّقهما ، فلو حصل الامتثال بالمرّة الثانية إذا كانت للطبيعة
المطلقة ، حصل بها إذا كانت للمقيّدة ، فالفرق بحصوله على الأوّل دون الثاني تحكّم
، مع أنّه لم يقل به على الثاني أحد ، فالزائد مسكوت عنه ، كسائر ما سكت الشارع
عنه ، فلو فعل باعتقاد الشرعيّة ، كان تشريعا وإدخالا لما ليس من الشرع فيه.
وحينئذ فالفرق
وفائدة الخلاف بينه وبين القول بالتكرار ظاهر.
وبينه وبين القول
بالمرّة ـ مع ثبوت الإثم على الزائد ـ أنّ الزائد على هذا القول مسكوت عنه نفيا
وإثباتا ، وليس أحد الطرفين مدلول الأمر ليترتّب على خلافه الإثم مطلقا ، بل
الترتّب لو كان فإنّما يكون في صورة اعتقاد الشرعيّة ، كما في سائر ما سكت عنه
نفيا وإثباتا. وعلى القول بالمرّة منفي بالأمر ؛ لكونه جزء مدلوله ، فيترتّب الإثم
على فعله مطلقا ، أي باعتقاد الشرعيّة وغيره.
وبينه وبين القول
بالمرّة ـ مع السكوت عن الزائد ـ أنّ المطلوب في الأوّل هو الماهيّة من حيث هي ،
فكما أنّ المتعدّد على هذا القول مسكوت عنه ، فكذلك الواحد من حيث هو واحد ، فلو
فرضنا إمكان إيجادها من حيث هي من غير أن تكون في ضمن الواحد والكثير واوجدت كذلك
، لحصل الامتثال والإتيان بالمأمور به ، وفي الثاني هو الطبيعة المقيّدة بالوحدة.
__________________
وعلى هذا ، فلو
أتى بأفراد متعدّدة دفعة ، يحصل الامتثال بالجميع من غير تخصيص لفرد منها على
الأوّل ؛ لأنّ أوّل تحقّق للماهيّة حصل به ، ولا يحصل بالجميع على الثاني ؛ إذ
المطلوب عليه لمّا كان فردا واحدا ، فتحقّق الامتثال به لا بالجميع.
ثمّ لا يخفى أنّه
على القول بالمرّة على التقديرين يكون المطلوب في
هذه الصورة مشتبها ، فلا بدّ للقائل به إمّا أن يقول بكونه معيّنا في
الواقع مشتبها عندنا ، فيستخرج بالقرعة إن جوّز اجتماع الأمر والنهي باعتبارين
مختلفين ، أو بالبطلان إن لم يجوّز ذلك.
ولو أتى بفرد واحد
أو أفراد على التعاقب ، فلا يكاد أن يتحقّق فائدة الخلاف ؛ إذ على القولين يحصل
الامتثال بأوّل فرد يوجد ، ولا معنى للامتثال بعده. والفرق بمجرّد أنّ المطلوب في
أحدهما الماهيّة من حيث هي ، وفي الثاني الماهيّة المقيّدة بالوحدة ليس ممّا يختلف
به الأحكام ويتفاوت به تفريع الفروع بعد تسليم أنّ امتثال طلب الماهيّة من حيث هي
، والمقيّدة بالوحدة يحصل بالمرّة فقط ، إلاّ أنّ عدم فائدة الخلاف في صورة واحدة
ـ مع ثبوتها في صورة اخرى ، ووجود الفرق بينهما من حيث الذات ، وثبوت الدلالة على
حقّيّة أحدهما ، وبطلان الآخر ـ لا يصير منشأ لاتّحادهما ، أو لبطلان الحقّ وصحّة
الباطل.
وإذا ظهر ذلك ،
فاعلم أنّ ما يتفرّع عليه كثير. وممّا فرّع عليه أنّه إذا سمع مؤذّنا بعد مؤذّن ،
فهل يستحبّ إجابة الثاني لقوله عليهالسلام : « إذا سمعتم المؤذّن ، فقولوا كما يقول » ، أم يسقط الاستحباب بالأوّل؟ وعلى ما اخترناه وإن لزم سقوطه به إلاّ أنّ
الأقوى بقاء الاستحباب هنا ؛ نظرا إلى تعليق الحكم على الوصف المناسب الدالّ على
التعليل ، فيتكرّر بتكرّره ، كما تقدّم .
ولا يخفى كيفيّة
التفريع وحقيقة الحال لو سمع مؤذّنين دفعة.
وممّا فرّع عليه
ما لو قال لوكيله : « بع هذا العبد » فباعه ، فردّ عليه بعيب أو خيار ، أو قال
__________________
لوصيّه : « استأجر
عنّي الحجّ » فاستأجر ، ثمّ فسخ الأجير لأمر مجوّز للفسخ ، فهل يجوز لهما البيع
والاستيجار ثانيا؟ ويتأتّى على ما اخترناه عدم الجواز ، ولا ريب فيه في الأوّل.
وأمّا الثاني ،
فالظاهر دلالة القرائن على إرادة التكرار ، وقس عليهما غيرهما.
فصل [٦]
لا خلاف في أنّ
الأمر المعلّق على شرط أو صفة يثبت علّيّتهما أو
كلّيّتهما ـ مثل ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) ، و ( وَالسَّارِقُ
وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا ) ، و « كلّما جاءك زيد فأكرمه » و « كلّ وارد عليه ألزمه » ـ يتكرّر بتكرّرهما
؛ لوجوب وجود المعلول كلّما وجدت العلّة ، فالعلّيّة تفيد العموم ، والعامّ يتناول
جميع أفراده ، والتكرار لذلك ، لا لكونه مستفادا من الأمر.
وأمّا المعلّق
عليهما بدون القيدين ـ مثل « إذا دخل الشهر ، فأعتق عبدا من عبيدي » و « أعتق
السخيّ من عبيدي » ـ فقد اختلف في تكرّره بتكرّرهما على أقوال : أصحّها عدم
التكرّر من جهة اللفظ ـ أي لم يوضع اللفظ له ، وحاصله أنّهما لا يدلاّن عليه لغة
ـ والتكرّر من جهة العقل والقياس ؛ نظرا إلى أنّ ترتّب الحكم على الشرط والوصف يشعر
بالعلّيّة ، وإذا ثبت العلّيّة ثبت العموم ؛ لعدم تخلّف المعلول عن العلّة.
وقيل : يفيد
التكرّر بلفظه .
وقيل : لا يفيد
التكرّر مطلقا .
لنا على الجزء
الأوّل : أنّه مع قطع النظر عن العلّيّة والكلّيّة تصير القضيّة
مهملة ، وفي
__________________
الشرطيّة المصاحبة
اتّفاقيّة ، والشرط قيد للجزاء ، فيصير المثال الأوّل في قوّة « أعتق عبدا وقت
دخول الشهر » ، والثاني في قوّة « أعتق سخيّا من عبيدي » ، فلا يفهم منهما التكرار
، إلاّ إذا جعل الأمر دالاّ عليه.
وأيضا ثبوت الحكم
مع الشرط أو الصفة ليس إلاّ التعليق المطلق ، وهو أعمّ من المقيّد بالوحدة أو
التكرار ، ولا يدلّ العامّ على الخاصّ.
وأيضا ليس في
أدوات الشرط إشعار بالتكرار عرفا ، ولذا لو قال السيّد لعبده : « إن دخلت السوق
فاشتر اللحم » عدّ ممتثلا بالمرّة ، ولا يذمّ بترك الشراء في المعاودة. ولو قال
الزوج لوكيله : « طلّق زوجتي إن دخلت الدار » لم يتكرّر. وكذا لو قال الناذر : «
إن ردّ عليّ مالي ، فله عليّ أن أفعل كذا » ، وإذا لم يدلّ عليه عرفا لم يدلّ عليه
لغة ؛ لأصالة عدم النقل.
وللمانع أن يقول :
عدم فهم التكرار هنا بالقرينة ، ولا يمكن أن يستدلّ عليه بأنّ الشرط ما يلزم من
عدمه عدم المشروط ، ولا يلزم من وجوده وجوده ، فلا يدلّ على التكرار ؛ لأنّ هذا هو
الشرط الشرعي دون اللغوي ، وهو ما يدخل عليه أداة الشرط ، وإلاّ لزم عدم دلالته
على المرّة أيضا.
و [ لنا ] على
الجزء الثاني : أمّا على إفادة التعليق الشرطي للعلّيّة ، فما تقدّم من أنّ بعض الحروف ظاهر في التعليل منها حروف الشرط كـ « إن » ومثلها ،
فالشرط يفيد العلّيّة بنفسه وإن لم تعلم من طريق آخر . وأمّا على إفادة التعليق الوصفي لها ، فشهادة العرف ، ولزوم كون ذكر الوصف
عبثا لو لم يفدها.
فإن قيل : لو كان
الشرط والوصف مناسبين للحكم ، لكانا ممّا يثبت علّيّته ، وهو غير المبحث. وإن لم
يكونا مناسبين ، لزم أن لا يكون علّة الشيء مناسبة له ، وهو باطل.
قلنا : العلّة
إمّا معرّفة أو باعثة ، والاولى لا يشترط مناسبتها للمعلول ، ولا فساد فيه ؛
لأنّها مجرّد أمارة نصبها الشارع لتعريف الحكم ، وتحقّق المناسبة في مثلها غير
لازم.
__________________
وأمّا الثانية ،
فلا ريب في لزوم مناسبتها للمعلول في الواقع. وأمّا ظهورها عندنا ، فليس بلازم.
فلمّا علمنا بالدلالة إفادتهما للعلّيّة بنفسهما ، فإن كانا من العلل المعرّفة ،
فلا حاجة إلى مناسبة أصلا ، وإن كانا من العلل الباعثة ، فيحكم بمناسبتهما للحكم
وإن لم يكن المناسبة معلومة لنا ، وثبوت المناسبة الواقعيّة بدون ظهورها لنا لا
يدخلهما فيما يثبت علّيّته ؛ لأنّ العلّة الثابتة ما يثبت علّيّته لنا.
والحاصل : أنّا
ندّعي أنّهما يفيدان العلّيّة بنفسهما من غير أن يعلم علّيّتهما من طريق آخر من
مناسبة أو نصّ أو عقل أو غيرها ، ولا ينكر اتّصافهما بما يشترط في العلّة ، فلم
يخرج عن المبحث. هذا ، مع أنّ ثبوت العلّيّة بمجرّد المناسبة غير مسلّم ،
فالمناسبة لا تستلزم العلّيّة وإن كانت العلّيّة تستلزمها ، فلو قطع النظر عن
إفادتهما للعلّيّة بالترتّب لم تكن علّيّتهما ثابتة وإن كانا مناسبين.
وممّا يدلّ على
علّيّتهما ـ وإن لم يعلم المناسبة ـ أنّه لو قيل : « إن كان عالما ، فأهنه ، وإن
كان جاهلا ، فأكرمه » أو « أهن العالم » و « أكرم الجاهل » قبح ، وليس ذلك لمنافاة
مطلق العلم للإهانة ، ومطلق الجهل للإكرام ؛ لأنّه قد تقدّم المنافاة لأسباب أخر ،
فهو لسبق فهم التعليل ، ودلالتهما على العلّيّة في هذه الصورة تستلزم دلالتهما
عليها في سائر الصور ؛ دفعا للاشتراك والمجاز ، وإذا ثبت علّيّتهما يثبت دلالتهما على التكرار ؛ لعدم انفكاك المعلول عن العلّة ـ وإن كانت العلّة
أمارة محضة ـ لأنّها علامة منصوبة من الشرع لتعريف الحكم ، فيجب كلّيّتها ، وإلاّ
لزم الإغراء بالجهل ، فلا فرق بين العلل الباعثة والمعرّفة في وجوب وجود الحكم
معهما كلّما وجدتا وإن كان بينهما فرق من جهات أخر ، فما لا يدلّ على التكرار كما
في الأمثلة المتقدّمة ، فالسبب فيه عدم اعتبار تعليله بالقرينة.
وبما ذكر ظهر أنّه
يصحّ أن يقال : إنّهما يفيدان العموم عرفا وشرعا ، أي من حيث إنّ الشرع والعرف
يفهمان منهما العلّيّة. وهذا هو السرّ في تكرّر حلّ الأوامر الشرعيّة المعلّقة
عليهما بتكرّرهما.
__________________
هذا. ولا يبعد أن
يقال : إنّهما يفيدان العموم شرعا وإن قطع النظر عن إفادتهما للعلّيّة ، وإلاّ لزم
الإبهام المنافي للحكمة.
احتجّ القائل
بالتكرّر بلفظه بوجهين :
أحدهما : أنّه قد
ثبت تكرّر الأوامر الشرعيّة المعلّقة بتكرّر ما علّقت عليه ، كقوله تعالى : ( الزَّانِيَةُ
وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا ) ، و ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ) ، وكالآيتين المتقدّمتين ، والاستقراء يدلّ على أنّه فهم التكرار من نفس التعليق دون العلّيّة .
والجواب : أنّه لو
فهم من مجرّد التعليق ، لفهم من جميع التعليقات مع أنّه لا يفهم من أكثرها ، كما
في الأمثلة المذكورة وآية الحجّ . والإيراد بأنّ عدم فهم التكرار فيها بالقرينة مشترك ، فما
فهم فيه التكرار إنّما فهم من العلّيّة لا من التعليق ، وما لم يفهم فيه التكرار
فلقيام القرينة على عدم اعتبار التعليل ، والاستقراء يدلّ عليه.
نعم ، يمكن ادّعاء
فهم التكرار في التعاليق الشرعيّة في غير العلّة ؛ لما ذكرناه .
وثانيهما : أنّ
الحكم لو تكرّر بتكرّر العلّة ، فيتكرّر بتكرّر الشرط بالطريق الأولى ؛ إذ الشرط
أقوى من العلّة ، لانتفاء الحكم بانتفائه ، بخلاف العلّة ؛ لجواز أن يخلفها علّة
اخرى .
والجواب : أنّ
تكرّر شيء بتكرّر آخر لا يترتّب على اقتضاء عدمه لعدمه ، كما في الشرط ، بل على
اقتضاء وجوده لوجوده ، كما في العلّة.
واحتجّ القائل
بعدم التكرّر مطلقا بما لا يفهم منه التكرار من الأمثلة المحقّقة في العرفيّات .
__________________
وقد عرفت أنّ السبب فيه قيام القرينة في بعض التعاليق العرفيّة على عدم اعتبار
التعليل.
إذا تقرّر ذلك ،
فكيفيّة التفريع أنّه قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « بعد من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ » ، وهو في قوّة الأمر بالصلاة عند ذكره صلىاللهعليهوآله ، فيتأتّى وجوب تكرّر الصلاة عليه صلىاللهعليهوآله بتكرير ذكره ولو ذكر مرّات متتالية ؛ من جهة استفادة علّيّة ذكره صلىاللهعليهوآله لوجوب الصلاة عليه منه على ما اخترناه ، ومن جهة دلالة اللفظ على العموم على
القول بفهم التكرار من جهة اللفظ ، والاكتفاء بالمرّة الواحدة على القول بعدم
التكرّر مطلقا. هذا إذا حملنا الأوامر الدالّة على الصلاة عليه عند ذكره على
الوجوب ، كما ذهب إليه الصدوق من أصحابنا والزمخشري من العامّة. ولو حملناها
على الاستحباب ، كما ذهب إليه أكثر الفريقين ، يسقط الوجوب بالمرّة. ويظهر فائدة
الخلاف في استحباب التكرير كلّما ذكر ، وسقوطه بالمرّة.
فائدة
قد صرّح جماعة
بأنّ محلّ الخلاف إنّما هو تعليق الأمر ، فتعليق غيره من
الإنشاء ـ كقول الرجل لزوجته : « إن خرجت من الدار ، فأنت عليّ كظهر امّي » ـ أو
الخبر ـ كقولنا : « إن جاء زيد ، جاء عمرو » ـ لا يفيد
التكرار وفاقا ، وما إذا وقع الفعل الثاني في محلّ الأوّل.
وأمّا إذا وقع في
غير محلّه ، فتكراره يقتضي تكراره اتّفاقا ، كقوله : « إن دخل زيد داري ،
__________________
فله درهم » فدخل
دارا له ثمّ دارا اخرى له ، فإنّه يستحقّ درهمين.
ووجه الأوّل : قيام القرينة في الأكثر على عدم اعتبار التعليل والتكرير في الأخبار وغير
الأمر من الإنشاءات المعلّقة ، واستمرار ذلك إلى أن صار عدم فهم التكرار منها
متبادرا عند العرف.
ووجه الثاني :
تعدّد الفعل بحيث لا يحتمل الاتّحاد.
فصل [٧]
الحقّ أنّ الأمر
لطلب مطلق الفعل من غير دلالة على فور أو تراخ ؛ وفاقا للأكثر.
وقيل : يفيد الفور
. وإليه ذهب كلّ من قال بالتكرار ، وبعض من لم يقل به.
وقيل : مشترك
بينهما .
وقيل : إنّه لطلب
مطلق الفعل إلاّ أنّه يدلّ على الفور ، لا لأنّه حقيقة فيه شرعا أو عرفا ، بل
لقيام الأدلّة الخارجيّة على وجوب التعجيل بعد الأمر المجرّد .
وقيل باشتراكه
بينهما لغة ، وإفادته الفور شرعا ، وإليه ذهب المرتضى .
وقيل بالوقف . ونقل فيه مذاهب آخر فاسدة المأخذ ، تركناها لظهور فسادها .
لنا : جميع ما
تقدّم في التكرار ، ولا فرق إلاّ أنّ الغالب في الأوامر قيام القرائن
العرفيّة أو العاديّة على إرادة الفور ، وهو غير قادح في المطلوب ؛ لأنّ الكلام في
الأمر المجرّد عن جميع القرائن ، فما يفهم منه الفور لا ينفكّ عن القرائن ، ويكون
الدالّ عليه هي القرائن دون
__________________
الأمر ، والمجرّد
عنها لا يفهم منه الفور. والدليل عليه اختلاف الفوريّة باختلاف الآمر والمأمور
والمأمور به وغير ذلك من القرائن ؛ فإنّ الفور الذي يقتضيه الأمر بالسقي غير الفور
الذي يقتضيه الأمر بالمسافرة إلى البلاد النائية ، ولو كان الدالّ عليه مجرّد
الأمر ، لما اختلف باختلاف القرائن ، بل كان مقتضاه واحدا ؛ لأنّ الموضوع له يجب
أن يكون مضبوطا معيّنا.
احتجّ القائل
بالفور بوجوه :
منها : أنّ السيّد
لو قال لعبده : « اسقني ماء » فأخّر ، عدّ عاصيا.
والجواب : أنّ ذلك
إنّما فهم بالقرينة ، وهو ظاهر.
ومنها : [ أنّه ] لو قال له : « قم » ، ثمّ قال له قبل القيام : « اضطجع إلى المساء » سبق إلى
الفهم تغيير الأمر الأوّل إلى الثاني دون إرادة الجمع مع التراخي.
والجواب كما تقدّم
.
ومنها : أنّ النهي
يفيد الفور فكذا الأمر ، وأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن تركه ، وهو يفيد الفور
، فكذا الأمر.
وقد تقدّم تقريرهما مع الجواب عنهما ، فلا حاجة إلى الإعادة.
ومنها : أنّ كلّ
خبر وإنشاء ، مثل « زيد قائم » و « أنت طالق » يقصد منه الزمان الحاضر ، فكذلك
الأمر ؛ إلحاقا له بالأعمّ الأغلب.
والجواب أوّلا :
أنّ طريق إثبات اللغة إمّا النقل أو الاستقراء ، والإلحاق بالأعمّ ليس من النقل
وهو ظاهر ، ولا من الاستقراء ؛ لأنّه استدلال من حال جميع الجزئيّات على حال
الكلّي ، وهنا حال بعضها محلّ النزاع ، فلا يتمّ الاستقراء.
وثانيا : منع
دلالة كلّ خبر وإنشاء على الزمان الحاضر وضعا ، فقد صرّح بعض الادباء بأنّ قولنا «
زيد منطلق » لا يدلّ على أكثر من ثبوت الانطلاق فعلا له ، وقال : العدول عن
__________________
الجملة الفعليّة
إلى الاسميّة للدلالة على الدوام ؛ لأنّ الاسميّة لا تدلّ على زمان معيّن ،
والفعليّة تدلّ عليه.
وثالثا بالفرق بين
الأمر وما قيس عليه ، بأنّ الأمر فيه دلالة على الاستقبال ؛ نظرا إلى دلالته على
الطلب ، وهو مردّد بين مطلق الاستقبال وأقرب زمان إلى الحال وهو الأجزاء المتعاقبة
من أواخر الماضي وأوائل المستقبل. والزمان الحاضر الذي يدلّ عليه المقيس عليه
مردّد بين الآن الحاضر الذي لا ينقسم والأجزاء المذكورة. فإن اريد بالزمان الحاضر
المعنى الأوّل ، فلا يمكن توجّه الأمر إليه ؛ لأنّ الحاصل لا يطلب. وإن اريد به
المعنى الثاني ، فلا يخلو إمّا أن يراد بالاستقبال مطلقة ، فلا يتعيّن توجّهه إليه
؛ أو مقيّده فنطالب الحجّة على تعيّن إرادته ؛ لأنّ المطلق محتمل أيضا ، ولا يصار
إلى أحد المحتملين إلاّ لدليل.
ومنها : أنّ
التأخير لو جاز ، لم يكن له غاية مبهمة ؛ للزوم التكليف بالمحال ، ولا معيّنة ؛
لعدم إشعار به في الأمر ، ولو استفيدت من الخارج خرج عن محلّ النزاع ، فيلزم جوازه
دائما ، فيخرج الواجب عن كونه واجبا.
والجواب : النقض
بالنذر المطلق وقضاء الواجب ، وبما لو صرّح بجواز التأخير.
والحلّ كما قيل ـ مع
تتميم وتنقيح ـ أنّ جواز التأخير إلى غاية مبهمة وهي آخر أزمنة الإمكان في الواقع
على أن ينقطع في أوّل جزء منه ، ويقع الفعل فيه ، لا على أن يكون طرفا للتأخير
ويقع الفعل مؤخّرا عنه ؛ للزوم جواز التأخير حينئذ عن جميع أزمنة الإمكان ، وهو
يوجب السفه والمنافاة للغرض وخروج الواجب عن كونه واجبا ، والتأخير إليها يقتضي
التكليف بالمحال إذا كان متعيّنا ؛ إذ يلزم حينئذ تعريف وقته الذي يؤخّر إليه ؛
لئلاّ يلزم التكليف بما لا يعلم ، وأمّا إذا لم يتعيّن ، بل جاز عن أوّل زمان
التكليف والتمكّن إلى ثانيه ، وهكذا بحيث لو أتى به في أيّ جزء من مجموع الأزمنة
الواقعة بينهما كان ممتثلا ، فلا يقتضي التكليف بالمحال ؛ لتمكّنه من الامتثال
بالمبادرة .
وفيه نظر ؛ لأنّه
لو قيل حينئذ بوجوب البدار ، كان التزاما ، لإفادة الصيغة الفور ، ولو لم
__________________
يقل به فأخّر
المكلّف الفعل إلى انقضاء أزمنة الإمكان ، فإمّا أن يكون آثما ، أو لا ، فعلى
الأوّل يلزم التكليف بالمحال ؛ إذ يجب عليه حينئذ عدم تأخيره عن آخر أزمنة الإمكان
، مع أنّه لا يعرفه.
وعلى الثاني يلزم
خروج الواجب عن كونه واجبا.
فالحلّ الصحيح أنّ
جواز التأخير إلى غاية معيّنة ، وهو آخر أزمنة الإمكان بظنّ المكلّف بل بشكّه أيضا
على التحقيق ، فكلّ زمان لم يظهر فيه عدم الإمكان بعد ذلك يجوز له التأخير ، وكلّ
وقت ظنّ فيه ذلك يتضيّق عليه ، وهذا الوقت غير مجهول ؛ لأنّ المكلّف يتمكّن في كلّ
وقت أن يتميّز بأنّه هل حصل له الظنّ بأنّه لا يعيش بعد ذلك أم لا؟ ثمّ
الوقت الذي يتضيّق عليه يختلف باختلاف الفعل المأمور به كثرة وقلّة ، وصعوبة
وسهولة ، فربّما كان كثيرا يقتضي أمدا بعيدا ، وربّما كان قليلا لا يقتضي إلاّ
زمانا قصيرا ، وربّما كان صعبا لم يمكن ، أو أنّه عند الهرم وسقوط القوّة ، وربّما
كان سهلا أمكن إيقاعه عندهما ، فكلّ زمان ظنّ المكلّف أنّه لم يبق من عمره أو
قوّته إلاّ بقدر ما أدّى فيه ما يجب عليه يتضيّق عليه ، وما لم يظنّ ذلك يجوز له
التأخير.
والدليل عليه : قد
تقدّم فيما ذكر أنّ من ظنّ الموت في جزء من وقت الواجب الموسّع ـ سواء كان ممّا
وقته العمر أو لا ـ يعصي بتركه قبله إن مات فجأة ، ومن ظنّ السلامة فيه لا يعصي
بتركه قبله لو مات كذلك.
بقي الكلام في
الجواب عمّا ذكر في الدليل من أنّه لا إشعار في الأمر بالتأخير إلى غاية معيّنة.
والجواب عنه : أنّ
فيه إشعارا بجواز التأخير إلى الغاية المعيّنة التي ذكرناها ، وعدم جواز التأخير
عنها ؛ لأنّه لمّا فهم منه وجوب الفعل من غير دلالة على زمان معيّن ، فهم منه عدم
لزوم إيقاعه فيما قبل آخر أزمنة الإمكان ، وعدم جواز تأخيره عنه.
وممّا ذكرنا يظهر
أنّ ما قيل : إنّه قلّما يحصل هذا الظنّ ؛ لأنّه لا بدّ له من أمارة ، وليست إلاّ
كبر السنّ أو مرضا شديدا وهما لا يفيدان شيئا ؛ إذ كم من شابّ صحيح يموت فجأة ،
وكم
__________________
من شيخ سقيم يعيش
مدّة. وعلى تقدير حصوله لا دليل على اعتباره شرعا حتّى يحكم به بتضيّق عبادة ثبتت
من الشرع توسعتها. ولو سلّم ، فحصوله لمّا كان عند الهرم والمرض الشديد ، فبعده لا
يمكن إيقاع شيء من التكاليف ، في غاية الفساد.
أمّا الأوّل ، فلأنّ الغالب إفادة الأمارتين ظنّا للمكلّف بآخر أزمنة الإمكان وإن لم تفدا
القطع به ، فتدلاّن على آخر أزمنة الإمكان بظنّه وإن لم تدلاّ على آخر أزمنة
الإمكان في الواقع. ولو سلّم عدم إفادتهما له كلّيا ، فلا ريب في إفادة بعض
أفرادهما أو أمارة ما ـ وإن كانت غيرهما ـ له وهو يكفي لإثبات المطلوب ؛ لأنّا
نقول : الغاية زمان حصول هذا الظنّ بأيّ أمارة كانت ، وبأيّ نحو اتّفق ، أي اتّفق
غالبا أو نادرا.
وأمّا الثاني ، فلما بيّنّا فيما تقدّم اعتباره .
وأمّا الثالث ، فلما عرفت من أنّ الوقت المضيّق بظنّ المكلّف يختلف باختلاف ما يجب
عليه ، فالظنّ بتضيّق الوقت لو حصل في المرض ، فإنّما يحصل لو كان ما يجب عليه
ممّا أمكن إيقاعه فيه ، وإلاّ فيحصل قبله.
وإذا أحطت خبرا
بما ذكر ، تعرف أنّه لو عرضناه على قواعد الميزان يصير الدليل هكذا : هذا الواجب
لا يتعيّن آخره ، وكلّ ما لا يتعيّن آخره يجوز الإخلال به ، فهذا الواجب يجوز
الإخلال به. وإذا جعلت النتيجة صغرى لقياس آخر ، ينتج أنّ هذا الواجب ليس بواجب ،
وهو خلف.
والجواب على الحلّ
الأوّل : منع الصغرى إن اريد عدم التعيّن عند الشارع ؛ لأنّ آخره ـ وهو آخر أزمنة
التمكّن في الواقع ـ متعيّن عنده ، ومنع الكبرى إن اريد عدم التعيّن عند المكلّف ؛
لأنّ عدم التعيّن عنده لا يقتضي الترخّص له في الإخلال به في جميع الأزمنة.
__________________
وعلى الحلّ الذي
ذكرناه : منع الصغرى ، سواء اريد عدم التعيّن عند الشارع ، أو المكلّف ؛ لأنّ آخره
ـ وهو آخر أزمنة التمكّن بظنّ المكلّف ـ متعيّن عندهما.
ومنها : قوله
تعالى : ( ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ) ذمّ إبليس على ترك البدار ، ولو لم يقتض الفور ، لما
استحقّ الذمّ وكان له أن يقول : ما أمرتني بالبدار .
والجواب : أنّ هذا
الأمر كان مقيّدا بوقت معيّن ، وهو وقت التسوية والنفخ بدليل قوله تعالى : ( فَإِذا
سَوَّيْتُهُ ) ، فلمّا لم يأت بالفعل فيه استحقّ الذمّ.
ومنها : قوله
تعالى : ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ ) ، وفعل المأمور به منها ، فيجب الاستباق إليه. وقوله : (
وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) ، والمراد سببها بالاتّفاق ، وليس المراد منه سببا خاصّا
كالتوبة ؛ للزوم الترجيح بلا مرجّح ، فالمراد منه فعل المأمور به مطلقا ، فيجب
المسارعة إليه ، ولا يتحقّق الاستباق والمسارعة إلاّ بإيقاعه فورا .
واجيب عنه بأنّ
الأمر بالاستباق والمسارعة محمول على الأفضليّة دون الوجوب ؛ لأنّهما إنّما
يتصوّران في الموسّع دون المضيّق ، ولا يجبان فيه.
أمّا الثاني ؛ فللإجماع.
وأمّا الأوّل ؛ فلأنّ الإتيان بالمأمور به في الوقت الذي لا يجوز التأخير عنه لا
يسمّى استباقا ومسارعة عرفا ، فلو حمل على الوجوب ، يلزم أن يكون ما يقتضيه الصورة
فيهما منافيا لما يقتضيه المادّة ؛ لأنّ الصورة تقتضي
المنع عن التأخير ، والمادّة ـ وهي المصدر ـ تقتضي جوازه .
__________________
واورد عليه بأنّ
الأمر إمّا موقّت مضيّق ، كالأمر بالصوم في يوم معيّن. أو موقّت موسّع ، كالأمر
بصلاة الظهر مثلا. أو مطلق ، كالأمر بإزالة النجاسة عن المسجد ، وقضاء الصلوات
اليوميّة على المشهور ، والحجّ.
والأوّل يفيد
الفور ، بمعنى وجوب الشروع في الفعل في أوّل وقته بحيث لو اخّر حتّى خرج بعض وقته
ترتّب عليه الإثم وصار قضاء.
والثاني يفيد جواز
التأخير عن أوّل وقته ، ولكن لو أخّره عن مجموع الوقت يترتّب عليه الإثم ويصير
قضاء.
والثالث ـ وهو ما
نحن بصدده ـ يفيد الفور ، بمعنى أنّه لو لم يبادر ترتّب عليه الإثم ، إلاّ أنّه لا
يصير قضاء ، بل إذا أتى به في أيّ وقت كان ، يكون أداء وصحيحا. وهذا وإن كان
مضيّقا إلاّ أنّه ليس موقّتا ، فيتصوّر فيه الاستباق والمسارعة ؛ لأنّهما إنّما لا
يتصوّران في الموقّت المضيّق. فمفاد الآيتين أنّه يجب الاستباق والمسارعة فيما
يصحّ فعله في الزمان المتراخي ، ويعصي المكلّف بترك البدار إليه .
فما ذكره المجيب
مبنيّ على اشتباه الموقّت بغيره ، ولا يلزم حينئذ المنافاة المذكورة ؛ إذ المادّة
لا تقتضي إلاّ كون الفعل أداء وصحيحا على تقدير التأخير ، ولا تقتضي مشروعيّة
التأخير وعدم ترتّب الإثم ، والصيغة أيضا تقتضي ذلك.
أقول : ما ذكره
المورد مبنيّ على أنّ المراد باقتضاء الأمر للفور ترتّب الإثم على التأخير ، لا
عدم صحّة الفعل في الزمان المتراخي.
وقد قيل : إنّه
المراد لأكثر القائلين بالفور منه ، بل يظهر من
كلام جماعة أنّه لا خلاف في كون الفعل أداء وصحيحا في الزمان المتراخي ؛ لأنّ أكثر أدلّتهم المذكورة على فرض تمامها إنّما يدلّ على العصيان
بالتأخير لا عدم الصحّة ، وقد يأتي أنّ الظاهر من أكثر الأدلّة ، ومن كلام معظم
القائلين بالفور ؛ أنّه مدلول الأمر وهو بنفسه يدلّ عليه ، وحينئذ يتعيّن
__________________
الحكم بسقوط وجوب
المأمور به ، وعدم صحّته حيث يمضي أوّل أوقات الإمكان.
وعلى هذا يندفع
هذا الإيراد ؛ لأنّه لو دلّ وضعا أو شرعا على الفور لدلّ على عدم صحّة الفعل بترك
الفوريّة ؛ لأنّ مدلوله حينئذ هو الإتيان بالفعل في أوّل أوقات الإمكان ، ولا
يتصوّر فرق بينه وبين ما إذا قيل : يجب عليك فعل كذا في هذه الساعة. ولو سلّم
التزامهم صحّة الفعل في الزمان المتراخي ، اندفع الجواب المذكور بهذا الإيراد.
فنقول في الجواب :
إنّه لا ريب في كون المندوب والواجب الموسّع من الخيرات وأسباب المغفرة ،
فتخصيصهما بالأفعال الواجبة ترجيح بلا مرجّح ، فتعيّن إرادة جميع
الخيرات وأسباب المغفرة. وحينئذ لا يمكن أن يدلّ الصيغتان على وجوب جميعهما ، فإمّا أن تدلاّ على استحباب الجميع ، أو وجوب البعض
واستحباب البعض ، والثاني باطل ؛ إذ هو يوجب استعمال لفظ واحد في معناه الحقيقي
والمجازي ، وقد تقدّم فساده.
احتجّ القائل
بالاشتراك كما احتجّ به القائل باشتراكه بين الوحدة والتكرار . والجواب الجواب.
واحتجّ القائل بأنّه للقدر المشترك ـ إلاّ أنّه يفهم منه الفور
بالدلالة الخارجيّة ـ على الجزء الأوّل ببعض أدلّة القائلين بأنّه للقدر المشترك
من دون تقييد . وهو حقّ نحن نقول بمقتضاه. وعلى [ الجزء ] الثاني ببعض حجج أصحاب الفور.
وقد عرفت جوابها. على أنّ الدالّ على الفوريّة إن كان هو النقل لثبت به الحقيقة ؛ لأنّ
تحقّق الوضع الشرعي إمّا بتصريح الشارع ، أو بنصبه قرينة متّصلة أو منفصلة على أنّ
مراده عند الإطلاق هو المعنى الموضوع له ، والتخصيص بالمتّصلة ترجيح بلا مرجّح ،
والنقل إن لم يكن تصريحا بالوضع الشرعي فلا أقلّ من أن يكون قرينة منفصلة دالّة
عليه.
__________________
وإن كان هو العقل
، فإن لم يعلم منه أنّ الفوريّة مقصودة الشارع فلا يفيد ، وإن علم منه ذلك فيثبت
منه أيضا الوضع الشرعي ؛ لأنّه أيضا من القرائن المنصوبة ، مع أنّه يبعد من الشارع
أن يريد من عامّة المكلّفين شيئا ولا ينصب لهم قرينة على مطلوبه ، بل يكل استنباطه
إلى عقولهم الناقصة حتّى يختلفوا فيه هذا الاختلاف.
واحتجّ المرتضى على الجزء الأوّل ، كما احتجّ به القائل بالاشتراك
مطلقا. وعلى الجزء الثاني بحمل الصحابة والتابعين كلّ ما ورد في الكتاب أو السنّة
على الفور .
والجواب : المنع ؛
لتفرّده بنقل الحمل ، بل المسلّم وجوده فيما وجد فيه قرائن الفور.
اعلم أنّ السيّد
لم يصرّح بالجزء الثاني في بحث الفور والتراخي من الذريعة ، بل اقتصر فيه على كون
الأمر مشتركا بينهما ، وصرّح به في بحث تحقيق الموضوع له ، هل هو الوجوب أو
غيره؟ ونقل فيه إجماع الإماميّة على كونه للوجوب والفور شرعا ، محتجّا بما ذكر . وقد ذكرنا الإجماع المنقول منه على كون الأمر للوجوب في تضاعيف أدلّته.
وعلى هذا ، فربّما
يعترض بأنّ ردّ إجماعه المنقول هنا ، وقبوله هناك لا يجتمعان ؛ لاتّحاد طريق نقله
فيهما ، كما في الخبر المشتمل على جزءين : أحدهما : مردود ؛ فإنّه لا ينتهض حجّة
لإثبات الجزء الآخر.
ودفعه أنّ ردّ أحد
جزءي المنقول ـ إجماعا كان أو خبرا ـ لمعارض لا يقتضي ردّ الآخر بعد ثبوت حجّيّته.
ولو سلّم وردّ مطلقا ، فلا يقدح في كون الأمر للوجوب ؛ لكفاية سائر الأدلّة
لإثباته.
وحجّة المتوقّف
وجوابها كما تقدّم .
إذا عرفت ذلك
فكيفيّة التفريع أنّه إذا قيل لرجل : « بع هذه السلعة » ، فقبضها وأخّر بيعها مع
القدرة عليه فتلفت ، فعلى ما اخترناه لا يضمن ، وعلى الفور يضمن ؛ لتقصيره.
وقد علم وجوب
الفور في بعض الأوامر للدلالة الخارجيّة ، كالأمر بدفع الزكاة والخمس
__________________
عند المطالبة لأنّ تأخيرهما يوجب الإضرار بأهلهما وجواز تأخير الزكاة شهرا وشهرين ، والخمس
إلى تمام حوله للنصّ والاحتياط للمئونة.
وأداء الدين
والأمانة مع المطالبة أو كونهما لمن لا يعلم بهما ، فيجب المبادرة إلى الوفاء ؛ أو
إعلام مستحقّهما بالحال ؛ لأنّ تأخيرهما يوجب تضييع مال الغير ، والإضرار به.
وإيقاع الحجّ ؛
للنصوص .
والجهاد وقتال
البغاة ؛ لئلاّ يكثر الفساد.
والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ؛ لأنّ تأخيرهما كالتقرير على المعصية.
وردّ السلام ؛
لفاء التعقيب في قوله تعالى : ( فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ
مِنْها ).
والكفّارات عند
جماعة ؛ لأنّها كالتوبة الواجبة على الفور من العاصي.
وإقامة الحدود
والتعزيرات ؛ للأخبار ، ولأنّ تأخيرها يوجب تقليل الزجر عن المفاسد المترتّبة
عليها .
والحكم بين
الخصمين ؛ لأنّ المتعدّي منهما ظالم ، فيجب المبادرة إلى كفّه عن ظلمه.
فصل [٨]
الأمر بالموقّت ـ موسّعا
كان أو مضيّقا ـ لا يقتضي فعله فيما بعد ذلك الوقت ، لا أداء ولا قضاء ؛ وفاقا
للأكثر ؛ لبداهة عدم دلالة « صم يوم الخميس » على صوم غيره بوجه.
واحتمال اختصاص
جهة الحكمة به ؛ لاختلاف الأوقات في وجوه المصالح ، كالكيفيّات.
ولأنّ الأمر قد
يكون مستتبعا للقضاء ، كالأمر بالفرائض الخمس ، وقد يكون غير مستتبع له ، كالأمر
بصلاة العيد والجمعة ، فمطلق الموقّت أعمّ منهما ، فلا يدلّ على أحدهما
__________________
بخصوصه ؛ لعدم
دلالة العامّ على الخاصّ.
ولأنّه لو اقتضاه
، لكان المثال المذكور بمثابة « صوم يوم الخميس أو غيره » ، وهو متخيّر بينهما ، فيكون الصوم في غيره أداء لا قضاء للأوّل ، فيلزم أن يكون التقييد
لغوا. وأيضا يلزم أن يكونا سواء ، فلا عصيان بالتأخير.
لا يقال : لو
اقتضاه أمر جديد ، لكان أيضا أداء ؛ لأنّه أمر بالفعل بعد هذا الوقت ، فوقته بعده
، فإذا أتى به بعده ، وقع في وقته لا بعده ، وهو الأداء.
لأنّا نقول :
يشترط في الأداء أن لا يكون استدراكا لفائت ؛ إذ هو ما فعل في وقته المقدّر له
أوّلا ، وهذا استدراك لمصلحة ما فات ، فيكون قضاء.
وما قيل : « إنّه
للخصم أن يقول : إنّي أدّعي أنّه أمر بالصوم وبإيقاعه في يوم الخميس ، فلمّا فات
إيقاعه فيه ، الذي به كمال المأمور به ، بقي الوجوب مع نقص فيه ، فلا يلزم اقتضاء خصوص غيره ، ولا كونه أداء ، ولا كونهما سواء » ، فاسد ؛ لأنّه لو بقي الوجوب في غيره ، لكان الأمر
مقتضيا له وإن لم يقتضه بخصوصه ، وقد ادّعينا البداهة في أنّه لا يقتضيه بوجه. ولو سلّم اقتضاؤه له ـ ولو بوجه ـ كان إيقاع الفعل
فيه أداء ؛ لأنّ المعتبر فيه كون متعلّقه متناول الأمر الأوّل ولو بالتخيير ، ولا
يعتبر فيه كونه متناولا له بخصوصه.
وممّا ذكر يظهر
ثبوت التسوية ؛ لأنّ المراد منها كونهما سواء في تعلّق الأمر بهما ، ووجوب الفعل
فيهما ، بحيث لا يلزم في تأخيره إلى الثاني عصيان ، وهو كذلك ؛ لأنّ النقص لرفع
الكمال لا يوجب العصيان.
احتجّ الخصم بأنّ الوقت للمأمور به كالأجل للدين ، فكما لا يسقط
الدين بانقضاء الأجل ، فكذا لا يسقط المأمور به بانقضاء الوقت.
وبأنّ الزمان
لكونه ظرفا للمأمور به غير داخل فيه ، فلا يؤثّر اختلاله في سقوطه.
__________________
وبأنّ هنا مطلوبين
: الفعل ، وإيقاعه في وقت معيّن ، فبفوت الثاني لا يفوت الأوّل .
والجواب عن الأوّل
: أنّه قياس لا نقول به. ومع التسليم نقول : إنّ وجوب أداء الدين بعد الأجل قد علم
من خارج ، وهو اشتغال الذمّة وتعلّق الغرض بإحقاق حقوق الناس من غير مدخليّة
خصوصيّة الوقت فيه ، ولذا جاز التقديم.
وعن الثاني : أنّ
الكلام في مقيّد لو قدّم على وقته لم يعتدّ به ، والوقت في مثله قيد للمأمور به
وداخل فيه ، وإلاّ لجاز التقديم.
وعن الثالث : منع
تعدّد المطلوب ، بل هو أمر واحد مقيّد.
وتنقيح ذلك : أنّه
وقع الخلاف في أنّ المقيّد هل هو شيئان في الخارج ، هما : المطلق والمقيّد ، كما
في التعقّل والتلفّظ. أو شيء واحد ، هو ما صدقا عليه ، ويعبّر عنه باللفظ المركّب
، وبالمفهوم المركّب الذي هو مدلوله؟ فمن قال بالأوّل ، جعل القضاء بالأمر الأوّل
؛ لأنّ المأمور به حينئذ شيئان ، فإذا انتفى أحدهما بقي الآخر. ومن قال بالثاني ،
جعله بأمر جديد ؛ لأنّه ليس حينئذ في الخارج إلاّ شيء واحد ، فإذا انتفى سقط
المأمور به.
ولمّا كان هذا
الخلاف مبنيّا على الخلاف في أنّ تركّب الماهيّة من الجنس والفصل ، وتمايزهما هل
هو في الخارج ، أو العقل؟ لأنّ المطلق والمقيّد بمنزلة الجنس والفصل. فإن صحّ
الأوّل هنا ، صحّ الأوّل هناك. وإنّ صحّ الثاني هنا ، صحّ الثاني هناك. ولمّا كان
الحقّ هنا هو الثاني ـ وإلاّ لم يصحّ الحمل ، كما تقرّر في محلّه ـ يكون الحقّ
هناك أيضا هو الثاني ، فيبطل كون المطلوب متعدّدا ، ويثبت اتّحاده.
وأنت خبير بأنّ
حقيقة الثاني مبنيّة على عدم كون التركيب العقلي بحذاء التركيب الخارجي ، كتركيب
البياض من « اللون » و « مفرّق البصر » ولو كان بحذائه ـ بأن يكون الجنس مأخوذا من
المادّة ومتّحدا معها ، والفصل مأخوذا من الصورة ومتّحدا معها ـ كان للجنس وجود ممتاز عن وجود الفصل ؛ لأنّ المادّة ممتازة في الوجود
__________________
عن الصورة ،
فالجنس الموجود في ضمنها ممتاز في الوجود عن الفصل الموجود في ضمنها ، فانتفاء
أحدهما لا يستلزم انتفاء الآخر.
ثمّ لا يخفى أنّ
حكم مطلق طلب الموقّت ـ سواء كان بعنوان الوجوب أو الاستحباب ، وسواء كان بصيغة
الأمر أو غيرها ، من الشارع أو غيره ـ ما ذكر اختلافا واختيارا ، وسؤالا وجوابا.
إذا عرفت ذلك ،
فتعلم أنّ القضاء لا يجب إلاّ بأمر جديد.
ويتفرّع عليه عدم
وجوب قضاء الفرائض الموقّتة ، وعدم استحباب النوافل الموقّتة إلاّ بدلالة خارجيّة
، كقوله عليهالسلام : « من نام عن صلاة أو نسيها ، فليصلّها إذا ذكرها » .
وممّا فرّع عليه
عدم وجوب إخراج الفطرة ، وذبح الأضحية بعد خروج وقتهما على وكيله لو أمره بإخراجها
، وذبحها قبله.
ومثله ـ وإن لم
يوصف بالأداء والقضاء ـ إذا قال « بع هذه السلعة » ، أو « أعتق هذا العبد » ، أو «
طلّق زوجتي هذه في هذا الشهر » ولم يتّفق البيع ، والعتق ، والطلاق فيه.
تذنيب
إذا ورد الأمر
المطلق ولم يأت بالمأمور به في أوّل أوقات الإمكان ، فعلى ما اخترناه من أنّه لا
يقتضي الفور ، لا يسقط التكليف ، بل يجب الإتيان به فيما بعد. وعلى مذهب الفور فما
يلوح من كلام معظم القائلين به ، ويقتضيه أكثر أدلّتهم ـ من أنّه مدلول الصيغة ،
وهي بنفسها تدلّ عليه ـ سقوط الوجوب فيما بعد ؛ لأنّ إرادة
الوقت الأوّل حينئذ جزء مدلولها ، فيكون « اضرب » بمنزلة « يجب عليك الفعل في أوّل
أوقات الإمكان » ، ويصير من قبيل الموقّت فيقضى الفعل بانقضاء وقته ، كما تقدّم .
نعم ، على ما يظهر
من كلام بعضهم ، ويقتضيه بعض أدلّتهم ـ وهو الآيات المأمور فيها
__________________
بالمسارعة والاستباق من أنّه يجب البدار إلى امتثال الأمر ، وإن لم يكن مقتضيا
له بنفسه ـ وجوب الإتيان بالمأمور به فيما بعد ؛ لأنّه يدلّ بنفسه حينئذ على وجوب
الإتيان به في أيّ وقت كان. والآيات المذكورة لم تجعله موقّتا ، بل اقتضت وجوب
المبادرة. والظاهر منه عصيان المكلّف بتركه ، وبقاء مفاد الأمر بحاله .
وتوضيحه : أنّه لم
يعلم من الآيات تقييد المأمور به في الأمر المطلق ؛ ليكون الفور مرادا منه أيضا
وإن لم يكن بالوضع ، ويتحقّق طلب واحد متعلّق بمطلوب مقيّد ، بل القدر المعلوم
منها طلب المبادرة من غير أن تكون مقيّدة له ، كما إذا قال بعد الأمر المطلق : «
عجّل واستبق » ، فيتحقّق طلبان متعلّقان بمطلوبين مطلقين : أحدهما : طلب إيجاد
الماهيّة ، وهو المفهوم من الأمر. وثانيهما : طلب المبادرة ، وهو المفهوم من
الآيات. فإذا أخلّ المكلّف بالطلب الثاني ، عصى من حيث مخالفته ، ولم يعص من جهة
الطلب الأوّل ؛ لأنّ عصيانه بترك الإتيان بالفعل مطلقا ، فهو يبقى بحاله. كيف؟
وارتفاع أحد الأمرين لا يستلزم ارتفاع الآخر إذا لم يتقيّد به.
ويظهر من هذا أنّ
الدالّ على الفور لو كان مقيّدا للأمر المطلق ـ سواء كان منفصلا عنه ، كأن يرد
بعده خطاب آخر يعلم منه إرادة الفور منه ، أو متّصلا به ، كأن يقول : افعل معجّلا
، أو بسرعة ـ يسقط الوجوب حيث يمضي أوّل أوقات الإمكان ؛ لأنّ الفوريّة لمّا كانت
مرادة من الأمر ـ وإن لم يكن للوضع مدخل فيها ، بل علمت إرادتها منه بدليل من خارج
ـ يتحقّق طلب واحد مقيّد ، والتكليف المقيّد يفوت بفوات القيد ؛ إذ ما علم أنّه
مطلوب ـ وهو المقيّد ـ لم يحصل ، وما يمكن حصوله ـ وهو المطلق ـ لم يعلم كونه
مطلوبا ، فلا وجه للإتيان به.
وقد تلخّص ممّا
ذكرناه أنّ الموقّت ثلاثة أقسام :
الأوّل : ما صرّح
فيه بالتوقيت.
الثاني : ما ورد
به أمر مطلق. وقيل بأنّه يفيد الفور وضعا .
__________________
الثالث : ما دلّ
على تقييده دليل من خارج متّصلا كان أو منفصلا.
ويسقط الوجوب في
الجميع بمضيّ أوّل أوقات الإمكان.
والفرق بأنّه يجري في المقيّد إذا كان مدلولا للّفظ بحسب الوضع ، أو دلّ على تقييده دليل
متّصل ، ولا يجري فيما دلّ على تقييده دليل منفصل ، تحكّم ؛ إذ المناط حصول
التقييد ، وهو حاصل في الصور الثلاث ، ولا دلالة للاوليين على زائد. ويبقى المطلق
منحصرا بما ورد به أمر مطلق ، ولم يقل بأنّه يفيد الفور ـ كما هو المختار ـ أو
مطلق آخر ، ولم يدلّ دليل على وجوب المبادرة أصلا ، أو دلّ عليه ولم يدلّ على
التقييد. هذا.
وكيفيّة التفريع
في الجميع وحقيقة الحال فيه على ما اخترناه ظاهرة.
فصل [٩]
لا خلاف في تغاير
مفهومي الأمر بالشيء والنهي عن ضدّه ؛ لاختلاف الإضافة قطعا ، وإنّما الخلاف في
أنّ الأمر بالشيء المعيّن نهي عن ضدّه ، أو لا؟
فقيل : هو عينه .
وقيل : يستلزمه .
وقيل بنفي
العينيّة والاستلزام .
وقيل : هو عين
النهي عن الضدّ العامّ بمعناه المشهور ـ أي الترك ـ دون الخاصّ ، ودون المعنى
الآخر للعامّ ، وهو أحد الأضداد الوجوديّة لا بعينه ؛ لأنّه راجع إلى الخاصّ .
بل قيل : هو عينه
حقيقة ؛ لأنّ من قال باستلزام الأمر بالشيء للنهي عن الضدّ الخاصّ ، لم يقل بأنّه
مستلزم للنهي عن ضدّ خاصّ معيّن من حيث هو معيّن ، بل قال : إنّه يستلزم
__________________
النهي عنه من حيث
هو داخل تحت هذا العنوان ـ أعني ضدّا خاصّا ـ والعنوان بعينه أحد الأضداد
الوجوديّة لا بعينه ، فيسمّى عامّا ؛ لانتشاره وعدم تعيّنه ، كما يسمّى الترك
عامّا ؛ لتحقّقه في ضمن جميع الأضداد الوجوديّة .
وقيل : هو يستلزمه
دون الخاصّ .
وقيل : الأمر
المضيّق نهي عن ضدّه دون الموسّع .
ثمّ اقتصر قوم على
الأمر. وزاد جماعة وقالوا : النهي عن الشيء أمر بضدّه ، فقال بعضهم : إنّه نفسه . وقال آخرون : إنّه يستلزمه .
ثمّ القائلون
بالاقتضاء ـ بأيّ نحو كان ـ بين من خصّص القول بأمر الإيجاب ، فجعله نفس النهي عن
ضدّه المطلق أو العامّ ، أو مستلزما لأحدهما على الخلاف تحريما ، ومن عمّم القول في أمر الإيجاب والندب ، فجعله مقتضيا لأحد الضدّين بأحد
الاعتبارين ، تحريما أو تنزيها . وكذا الأمر في التخصيص والتعميم في النهي.
والقائلون
بالاستلزام بين قائل به بطريق التضمّن ، وقائل به بطريق
الالتزام .
__________________
والقائلون
بالالتزام بين مطلق له. وبين مصرّح بثبوت الالتزام اللفظي ، بمعنى أنّه لازم بيّن له يلزم من تصوّر الأمر تصوّره. ومصرّح بثبوت
الالتزام المعنوي دون اللفظي ، بمعنى أنّ العقل يحكم به ولو بوسائط كثيرة ، وقد تخفى
على غير ذوي الأنظار الدقيقة.
وبعضهم جعل القول
بالالتزام منحصرا بالمعنوي وقال : التحقيق أنّ من قال : الأمر بالشيء يستلزم النهي
عن ضدّه ، لا يقول بأنّه لازم عقلي له ، بمعنى أنّه لا بدّ عند الأمر من تصوّره
وتعقّله ، بل المراد باللزوم العقلي مقابل الشرعي ، يعني أنّ العقل يحكم بذلك
اللزوم لا الشرع .
وأنت تعلم أنّ هذا
الكلام لا يلائم ما صرّح به القوم ؛ لأنّ أكثرهم مصرّحون بثبوت الاستلزام اللفظي
وإن لم يكن حقّا.
وكما اختلفوا في
أصل المسألة ، اختلفوا في تحرير محلّ النزاع فيها.
فمنهم : من قال :
إنّ النزاع إنّما هو في الضدّ الخاصّ ، وأمّا العامّ بمعنى الترك ، فلا خلاف في
كون الأمر مقتضيا للنهي عنه .
ومنهم : من قال :
إنّ الخلاف في الضدّين ، وجعل الخلاف في العامّ باعتبار أنّ الأمر هل هو عين النهي
عنه أو يستلزمه؟ لا في أصل الاقتضاء ؛ لاستلزام نفيه خروج الواجب عن كونه واجبا .
__________________
ومنهم : من جعل
النزاع في العامّ وسكت عن الخاصّ .
ومنهم : من أطلق
لفظ الضدّ ولم يبيّن المراد منه ، كالقائل بالأقوال الثلاثة الاول .
والحقّ عندي ، أنّ
شيئا من الأمر ليس عين النهي عن شيء من ضدّه ، [ أو شيئا من النهي ليس عين النهي
عن شيء من ضدّه ] أو شيئا من النهي ليس عين الأمر بضدّه. والموسّع من الأمر
لا يستلزم النهي عن الضدّ أيضا بوجه.
وأمّا المضيّق منه
، فالدالّ منه على الوجوب من غير تقييد بوقت خلوّ المأمور عن الضدّ ، فيتضمّن النهي التحريمي عن الضدّ العامّ ، ويدلّ بالالتزام المعنوي على النهي عن كلّ
واحد من الأضداد الخاصّة الوجوديّة ، سواء كان المأمور مشتغلا بالضدّ أم لا ، بشرط
أن لا يكون الضدّ أيضا واجبا مضيّقا ، بل كان مباحا أو ندبا ، أو واجبا موسّعا ،
فإن كان للمأمور [ به ] ضدّ واحد وجودي كالحركة استلزم الأمر به النهي عنه فقط ،
وإن كان له أضداد كثيرة استلزم النهي عن جميعها ، لا من حيث إنّ خصوصيّة الضدّ
الواحد أو الأضداد الجزئيّة ملحوظة للآمر ، بل من حيث دخولهما تحت ما يضادّ
المأمور به ، فإنّ ملحوظ الآمر النهي عمّا يضادّه إجمالا ، بل ربّما لم يشعر به
أصلا ، ولكنّه يلزم النهي عنه من كلامه.
أمّا لو كان الضدّ
الخاصّ للمأمور به واجبا مضيّقا وأمكن ذلك ، فلا يلزم من الأمر به النهي عنه ،
ويلزم منه عدم لزوم النهي عن الضدّ العامّ أيضا.
والنهي التحريمي
عن الشيء يستلزم معنى الأمر بأحد أضداده من غير تعيين.
وأمر الندب ونهي
الكراهة يستلزمان كراهة الضدّ العامّ وندبه.
ونهي الكراهة
يقتضي استحباب أحد الأضداد الخاصّة أيضا.
وأمر الندب لا
يقتضي كراهة الضدّ الخاصّ أصلا.
__________________
فهنا مقامات :
[
المقام ] الأوّل : في أنّ الأمر مطلقا ليس نفس النهي عن ضدّه مطلقا ، لا لفظا ولا حقيقة.
أمّا الأوّل ،
فلأنّ صيغة الأمر « افعل » وصيغة النهي « لا تفعل ».
وأمّا الثاني ،
فلأنّ الأمر هو القول الدالّ على طلب الفعل ، والنهي هو القول الدالّ على طلب
الترك ، أو الكفّ ، فأين العينيّة؟ وكيف يقول به عاقل ، فضلا عن الفضلاء؟!
والظاهر ـ كما قيل
ـ أنّه ليس مراد من قال من الأوائل : إنّ الأمر بالشيء بعينه نهي عن ضدّه أنّ الأمر نفسه هو النهي ، بل مراده أنّهما حصلا بجعل واحد كما في قولهم :
الأمر بالشيء أمر بمقدّمته ، أي جعلاهما واحد لم يحصل كلّ منهما بأمر على حدة ،
فرجع إلى التضمّن أو الالتزام ؛ إذ القائل بهما يقول باتّحاد جعلهما ؛ إذ الفرض
عدم صريح النهي ، واستنباطه من الأمر. وعلى هذا يرجع ضمير « بعينه » إلى الشيء لا
إلى الأمر.
وممّا ذكر يعلم
أنّ النهي عن الشيء ليس أمرا بشيء من ضدّه.
ثمّ القول
بالعينيّة قد نسب إلى بعض القائلين بالكلام النفسي ؛ نظرا إلى أنّ كلّ واحد من
الأمر والنهي ليس عندهم هو الصيغة ، بل عندهم أنّ الأمر طلب الفعل القائم بالنفس ،
والنهي طلب تركه ، وحكموا باتّحاد الطلبين .
واحتجّوا عليه
بوجهين :
أحدهما : أنّ
الأمر لو لم يكن نفس النهي عن ضدّه ، لكان إمّا مثله ، أو ضدّه ، أو خلافه ؛
لأنّهما إن تساويا في الصفات النفسيّة ـ وهي ما لا يفتقر
الوصف به إلى تعقّل أمر زائد على ذات الموصوف ، أي لا يعتبر فيه إضافة إلى غير
الموصوف كالإنسانيّة للإنسان ، والحقيقة والشيئيّة له ، ويقابلها المعنويّة
المفتقرة إلى تعقّل أمر زائد ، كالتحيّز الثابت للجسم بالإضافة إلى الحيّز ،
والحدوث الثابت لغير الله بالإضافة إلى الوجود ـ فمثلان كبياضين أو سوادين ،
__________________
وإلاّ فإن تنافيا
بأنفسهما ، فضدّان ، كالسواد والبياض ، وإلاّ فخلافان ، كالبياض والحلاوة.
فإن كانا ضدّين أو
مثلين ، لم يجتمعا في محلّ واحد ، بأن يتحقّقا في شخص واحد ، بأن يكون آمرا وناهيا
عن ضدّ ما أمر به إن جعلا مبنيّين للفاعل أو مأمورا ومنهيّا عن ضدّ ما أمر به إن
جعلا مبنيّين للمفعول ، أو في فعل واحد بأن يكون
مأمورا به ومنهيّا عن ضدّه ، مع أنّهما يجتمعان فيه بأيّ معنى اخذ.
ولو كانا خلافين ،
لجاز اجتماع كلّ منهما مع ضدّ الآخر ؛ لأنّ ذلك حكم الخلافين ، كما يجتمع البياض ـ
وهو خلاف الحلاوة ـ مع الحموضة ، فيلزم جواز اجتماع الأمر مع ضدّ النهي عن ضدّه ،
وهو الأمر بضدّه وهو محال ؛ لأنّه اجتماع النقيضين ، والتكليف بما لا يطاق .
والجواب : تسليم
كونهما خلافين ، ومنع ما زعم أنّه لازم لهما ، وهو اجتماع كلّ مع ضدّ الآخر.
أمّا أوّلا ،
فلأنّه لا يشترط فيهما جواز الانفكاك ، فيجوز أن يكونا متلازمين ، فيمتنع فيهما ذلك ؛ إذ اجتماع أحد المتلازمين مع الشيء يوجب اجتماع الآخر
معه ، فاجتماع كلّ مع ضدّ الآخر يوجب اجتماع كلّ مع ضدّه ، وهو محال.
وأمّا ثانيا ،
فلأنّهما قد يكونان ضدّين لأمر واحد ، كالعلم والقدرة للنوم ، فيكون كلّ منهما ضدّ
ضدّ الآخر ، فاجتماع كلّ منهما مع ضدّ الآخر يوجب اجتماعه مع ضدّه ، ولا يستبعدنّ
كون الشيء ضدّا لشيء ولخلافه ؛ لأنّه يجوز أن يكون الشيء ضدّ الأمر ولضدّه ،
كالعلم للظنّ والشكّ ، والسواد للبياض والحمرة ، مع أنّه أبعد.
ثمّ لو سلّم كونه
لازما ، فلا نمنع اجتماع كلّ منهما مع كلّ ما يضادّ الآخر ؛ إذ السواد خلاف
الحرارة ، ولا يجامع الجوهريّة التي هي ضدّها ؛ لكونها ضدّا له أيضا ، بل المسلّم
__________________
اجتماعه مع ضدّ
الآخر في الجملة ، وحينئذ نقول : الضدّ العامّ للنهي عن الضدّ عدم النهي ، وتحقّقه
إمّا في ضمن الأمر به ، أو في السكوت عن كلّ من الأمر به
والنهي عنه ، والأمر بالشيء يجوز اجتماعه مع الثاني ، وبه يتمّ المطلوب ، فلا حاجة
إلى اجتماعه مع الأوّل.
وعلى الثاني ما
يفهم من الذمّ على فعل الضدّ من جهة أنّه متضمّن لترك المأمور به ، لا لأنّه فعل
مخصوص.
وثانيهما : أنّ
فعل السكون عين ترك الحركة ؛ إذ البقاء في الحيّز الأوّل هو بعينه عدم الانتقال
إلى الحيّز الثاني ، وإنّما يختلف التعبير ، فيكون طلب فعل السكون عين طلب ترك
الحركة .
والجواب : أنّ طلب
ترك الحركة هو طلب الكفّ عنها ، والسكون طلب الفعل ، ولا
يكون الكفّ عن شيء عين فعل شيء آخر ، وإن لزمه.
نعم ، إن اريد
بطلب ترك الضدّ فعل ضدّ ضدّ المأمور به ـ وهو عين فعل المأمور به بمجرّد الاصطلاح
ـ صار النزاع لفظيّا في تسمية الفعل المأمور به تركا لضدّه ، وفي تسمية طلبه نهيا
، إلاّ أنّه لا بدّ من ثبوته من اللغة ولم يثبت ، ولو ثبت يرجع إلى أنّ الأمر
بالشيء له عبارة اخرى كاللاحجيّة ، مثل « أنت وابن اخت خالتك » ولا يلتفت إلى مثله
في المباحث الكلّية. هذا.
مع أنّ ما ذكر
مثال جزئي لا يصحّ أن يجعل دليلا لأصل كلّي. على أنّ هذا يصحّ على رأي الفلاسفة
حيث جعلوا السكون عدم الحركة ، ولا يصحّ على رأي المتكلّمين ؛ لأنّهما عندهم وجوديّان ،
وليس أحدهما عدما للآخر .
__________________
المقام
الثاني : في أنّ الأمر
بالموسّع ليس عين النهي عن ضدّه العامّ والخاصّ ، ولا يستلزم شيئا منهما أيضا
بوجه.
بيانه : أنّ الأمر
الموسّع ـ سواء تعلّق بموقّت موسّع ، أو مطلق موسّع ، وسواء قيّد بوقت خلوّ
المأمور عن الضدّ أو لا ـ لا يدلّ بوجه على لزوم إيقاع مدلوله قبل حين التضيّق ،
فلا وجه لدلالته بوجه على النهي عمّا يضادّه ، وكيف يحكم بالنهي عن ضدّ ما لا يجب
فعله؟! وأدلّة الاستلزام في المضيّق مبنيّة على تسليم تحتّم إيقاع المأمور به؟
وأيضا لو دلّ على
النهي ، لزم من إيجاب واجب موسّع تحريم كلّ ما هو ضدّ له من الواجبات والمستحبّات
والمباحات في وقته ، وليس كذلك.
ثمّ لمّا كان كلّ
من الموسّع والمضيّق على قسمين : الموقّت ، والمطلق. أمّا الموسّع الموقّت ، فكالظهر ،
وغير الموقّت ، فكالنذر المطلق وما وقته العمر. والمضيّق الموقّت ، كالصوم ، وغير
الموقّت ، كإزالة النجاسة عن المسجد ، وأداء الدين ، والحجّ ، فيحصل من جعل كلّ من
الأربعة مأمورا به وكلّ من البواقي ضدّا بحسب التركيب الثنائي عشرة أقسام : كلّ مع
مثله ، وهو أربعة. ومع غيره وهو ستّة. فإذا كان المأمور به أحد الموسّعين والضدّ
أحد الأربعة ، يحصل من التركيب الثنائي سبعة أقسام. وكذا إذا كان المأمور به أحد
المضيّقين والضدّ أحد الأربعة ، وتداخل أربعة أقسام في الصورتين. ولا يلزم من
الأمر النهي عن الضدّ في شيء من الأقسام السبعة للصورة الاولى ؛ لما ذكر. كيف؟ ولو
لزم ذلك لزم تحريم أداء الدين ، وإغاثة المظلومين بعد زوال الشمس ، وكذا النوافل
والأكل والشرب ؛ لأنّ القول يوجب تحريم كلّ ما هو ضدّ للمأمور به ، سواء كان واجبا
، أو مستحبّا ، أو مباحا.
__________________
ويتفرّع عليه صحّة
جميع الامور الواجبة والمستحبّة والمباحة من أوّل وقت كلّ من الصلوات اليوميّة إلى
أن يبقى منه بقدر ما يفعل فيه ، وقس عليه غيره ممّا يشابهه.
المقام
الثالث : في أنّ الأمر
الإيجابيّ بالمضيّق ـ سواء كان موقّتا أو مطلقا ـ يتضمّن النهي عن الضدّ العامّ ،
وذلك لأنّ الأمر يدلّ على الوجوب ، وهو ماهيّة مركّبة من أمرين :
أحدهما : طلب
الفعل.
وثانيهما : المنع
من الترك ، فالأمر يدلّ على النهي عن الترك بالتضمّن. واحتجّ من أنكر تضمّنه له
بأنّه لو كان متضمّنا له لحصل تعقّله وتعقّل الكفّ عنه عنده ، مع أنّه يحصل طلب
الفعل مع الذهول عن الترك والكفّ عنه .
واجيب بأنّ تعقّل
الترك والكفّ عنه حاصل عند الآمر ، وما يذهل عنه هو الأضداد الجزئيّة الخاصّة ؛ لأنّ المأمور لو كان متلبّسا بالفعل ، لم يطلبه الآمر منه ؛ لأنّه تحصيل
الحاصل ، بل الطلب عند تلبّسه بضدّه وهو الترك ، وحينئذ يستلزم الأمر تعقّل ضدّه.
وأنت تعلم ممّا
ذكر من حقيقة الإيجاب أنّه يستلزم تعقّل الضدّ والكفّ عنه وإن كان طلب الفعل عند
تلبّس المأمور به بأن يطلب منه الفعل في المستقبل ، أي يطلب منه أن يوجده في
ثاني الحال كما يوجده في الحال.
نعم ، يمكن أن
يقال : الإيجاب حاصل للآمر ، ولا يلزم تصوّره أصلا ؛ لثبوت الفرق بين حصول الشيء
وتصوّره ، على أنّه يمكن أن يقال : لا يلزم الشعور بالمدلول الضمني
، فمن أمر غيره بفعل معيّن ، يلزم أن يعقل ما هو مطلوبه قصدا وصريحا ، ولا يلزم أن
يتعقّل المطلوب الضمني والتبعي ، فيمكن أن لا يتصوّر الآمر حين الأمر ضدّه الخاصّ
، ولا العامّ ،
__________________
ولا الكفّ عنهما ؛
لأنّ النهي عنهما ليس خطابا أصليّا حتّى يلزم تعقّله ، بل هو خطاب تبعي ، كالأمر
بمقدّمة الواجب اللازم من الأمر ؛ فإنّ الآمر قد لا يشعر بها أصلا ، مع أنّها
واجبة ومطلوبة ، وكثيرا ما يلزم من الكلام معان ليست مقصودة للمتكلّم ، ويسمّى
دلالة إشارة ، كما تقدّمت الإشارة إليها .
ثمّ هذا في أوامر
غيره تعالى ، وأمّا في أوامره ، فكلّ ما يلزمها يعلم به ، فلا حاجة فيها إلى هذه
التوجيهات. هذا.
وكيفيّة التفريع
هنا ظاهرة.
المقام
الرابع : في أنّ الأمر
المذكور من غير تقييد بوقت خلوّ المأمور عن الضدّ الخاصّ ـ سواء كان المأمور
مشتغلا به أم لا ـ يدلّ بالالتزام المعنوي على النهي عنه بشرط أن لا يكون الضدّ
أيضا واجبا مضيّقا.
ويدلّ عليه وجوه :
منها : أنّ فعل
المأمور به لا يتمّ إلاّ بترك ضدّه ، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب.
واجيب عنه بأنّه
لا مدخل لترك الضدّ في فعل المأمور به ، بل العلّة فيه ليست إلاّ وجود الداعي إليه
، وانتفاء الصارف عنه. نعم ، ترك الضدّ غير منفكّ عنه في الخارج ، وذلك لا يستلزم
توقّفه عليه. وحاصله ، أنّه ليس عينه ، ولا مقدّمة له ، بل هو مقارن له ؛ لأنّ
مقدّمة الشيء ما يتوقّف عليه وجود هذا الشيء ، فوجوب مقدّمة الواجب مسلّم ، وكون
ترك الضدّ منها ممنوع. وعلى هذا لو كان الضدّ واجبا موسّعا فترك المكلّف المأمور
به وأتى بالواجب الموسّع كان مؤدّيا له ، خارجا عن عهدة
التكليف ، إلاّ أنّه يأثم بترك المأمور به. ومن هنا يظهر أنّه لا تلازم بين القول
بوجوب مقدّمة الواجب واقتضاء الأمر النهي عن الضدّ الخاصّ ، بل يصحّ أن يقال
بالأوّل وإن لم يقل بالثاني .
__________________
وهذا الجواب فاسد
؛ لأنّ توقّف أداء الدين المضيّق على ترك الصلاة في غاية الظهور ، وكيف يمكن أداؤه
مع الاشتغال بها؟! فهو من الصوارف عنه ، فيلزم انتفاؤه ، ولو كان الصارف مجرّد عدم
إرادة المأمور به ، أو إرادة ضدّه ـ حتّى يكون الداعي وانتفاء الصارف إرادة
المأمور به وكراهة ضدّه ، واختصّ ما يتوقّف عليه المأمور به بهما ، ولم يكن ترك
الضدّ واجبا ، بل جائزا ـ لكانت الإرادة والكراهة واجبتين من حيث يتوقّف عليهما
أداء الدين ، وجائزتين من حيث يتوقّف عليهما ترك الواجب الموسّع ؛ لأنّه لا ريب في
أنّ تركه يتوقّف عليهما ، ومقدّمة المباح مباحة ، فيلزم اجتماع الوجوب والإباحة في
واحد شخصي ، وهو باطل.
ومنها : أنّ ترك
المأمور به محرّم ، وهو لا يتمّ إلاّ بفعل ضدّه ، وما لا يتمّ المحرّم إلاّ به فهو
محرّم.
وبتقرير آخر :
الأمر يتضمّن النهي عن الضدّ العامّ ، كما تقدّم ، وهو إمّا الترك أو الكفّ ، وأيّا ما كان فهو ماهيّة كلّية لا توجد إلاّ في
ضمن أفراد هي التروك الخاصّة ، فتحقّقها يتوقّف على تحقّقها ، بل عين تحقّقها ،
والتروك الخاصّة لا تتحقّق إلاّ في ضمن الأضداد الخاصّة الجزئيّة ، ولمّا كان مطلق
الترك كلّيا بالنسبة إلى التروك الخاصّة ، فيوجد في ضمن كلّ واحد منها ، فالنهي
عنه والخروج عن عهدة هذا النهي ، يتوقّف على ترك جميعها المتوقّف على ترك جميع
الأضداد الوجوديّة الخاصّة.
واعترض عليه بأنّه
لا مدخل لفعل الضدّ في ترك المأمور به ، بل العلّة فيه وجود الصارف عنه وانتفاء
الداعي إليه ، ومعهما لا يفتقر الترك إلى شيء من هذه الأفعال ، وإنّما هي من لوازم
الوجود الخارجي إن قيل بعدم بقاء الأكوان ، واحتياج الباقي
إلى المؤثّر. وإن قيل بالبقاء والاستغناء ، جاز خلوّ المكلّف عن كلّ فعل ، فلا
يكون هناك إلاّ الترك.
وعلى الأوّل يستمرّ هذه الأضداد الخاصّة مع وجود الصارف وانتفاء الداعي ، فلو انتفى
الصارف ووجد الداعي ، فلا يتصوّر صدورها ممّن جمع شرائط التكليف إلاّ
__________________
على سبيل الإلجاء
والتكليف معه ساقط .
ويرد عليه مثل ما
تقدّم ؛ فإنّه لو لم يتوقّف ترك المأمور به على فعل ضدّ من
أضداده ـ بل على مجرّد وجود الصارف عنه ، وانتفاء الداعي إليه ، ولذا لم يكن الضدّ
منهيّا عنه ، وصحّ فعله ـ لزم ـ إذا كان الضدّ واجبا موسّعا ـ أن يكون الصارف
واجبا من حيث إنّ فعله يتوقّف عليه ، فإنّ فعله بدون الصارف عن المأمور به غير
ممكن ، وحراما من حيث إنّ ترك المأمور به يتوقّف عليه ، فيلزم اجتماع
الوجوب والتحريم في واحد شخصي. ويظهر من هذا أنّ ترك كلّ شيء يتوقّف على فعل ضدّ
من أضداده ، فإن كان الترك حراما ـ كما نحن بصدده ـ كان فعل ضدّه أيضا حراما ، وإن
كان واجبا كان واجبا ، وهذا يدلّ على صحّة ما يأتي من أنّ النهي عن الشيء أمر بأحد
أضداده .
ومنها : أنّ فعل
الضدّ الخاصّ ملزوم للحرام ـ الذي هو ترك المأمور به ـ وملزوم الحرام حرام ، ففعل
الضدّ حرام.
واعترض عليه بأنّ
الملزوم إذا كان مقتضيا وعلّة للاّزم ، أو كانا معلولين
لعلّة واحدة ، فتحريم اللازم يستلزم تحريم الملزوم.
أمّا الأوّل ،
فلأنّه يستبعد تحريم المعلول من دون تحريم علّته.
وأمّا الثاني ،
فلأنّه لو انتفى التحريم في أحد المعلولين ، واختصّ بالآخر ، فإمّا أن يكون العلّة
محرّمة أو لا ، وكلاهما باطل. وأمّا إذا انتفت العلّيّة بينهما والاشتراك في
العلّة ، فلا يلزم أن يستلزم تحريم اللازم تحريم الملزوم ؛ لجواز تحريم أحد
المتلازمين من دون تحريم الآخر ؛ فإنّ تضادّ الأحكام يمنع من اجتماع حكمين
متضادّين في موضع واحد ، لا في أمرين متلازمين . وإذا ثبت ذلك ،
فالمراد باللزوم في الدليل إن كان عدم الانفكاك في
__________________
الخارج ، منعنا
الكبرى. وإن كان العلّيّة والتوقّف ، منعنا الصغرى ؛ لأنّ العلّة في الترك إنّما
هي وجود الصارف عن فعل المأمور به ، وعدم الداعي إليه ، وذلك يستمرّ مع فعل
الأضداد الخاصّة في الخارج من دون أن يكون متوقّفا عليها.
وكذا القول إن
اريد باللزوم اشتراكهما في العلّة ، فإنّه أيضا ممنوع ؛ لأنّ الصارف ـ الذي هو
العلّة في الترك ـ ليس علّة لفعل الضدّ ، بل العلّة فيه ليست إلاّ وجود الداعي
إليه وانتفاء الصارف عنه ، ولا مدخل للصارف عن المأمور به في فعله أصلا ، وإن لم
ينفكّ عنه في الخارج ؛ نظرا إلى أنّ فعل الضدّ إذا لم يكن مع الصارف عن المأمور به
لكان مع الداعي إليه ، والداعي إليه علّة لفعله ، فيلزم الاشتغال بالضدّين في حال
واحد ، وهو محال. ويظهر من هذا أنّ امتناع الانفكاك أيضا ليس بالذات ، فكيف يكون
لأحدهما مدخل في وجود الآخر؟
وأنت خبير بأنّ
هذا الدليل وسابقه متقاربان تقريرا واعتراضا ، فيرد عليه أيضا ما تقدّم ، وهو لزوم اجتماع الوجوب والحرمة في واحد شخصي ؛ فإنّه لا ريب في توقّف فعل
الضدّ على وجود الصارف عن المأمور به ، فيكون مقدّمة لفعل الضدّ ، فإذا كان واجبا
، للزم وجوبه من هذه الجهة ، كما يلزم حرمتها من حيث توقّف ترك المأمور به عليه.
فإن قيل : وجوب
مقدّمة الواجب ليس على حدّ غيره من الواجبات ؛ لأنّ الوجوب فيها إنّما هو للتوصّل
بها إلى الواجب ، فإذا فرض حصول التوصّل بمباح أو محرّم حصل الامتثال ، وكان
المكلّف مؤدّيا للواجب ، ولذا إذا وجب الحجّ على النائي فقطع المسافة على وجه
منهيّ عنه ، حصل الامتثال وصحّ حجّه ، ولا يجب عليه إعادة السعي بوجه سائغ ،
وحينئذ نقول : غاية ما في الباب أن يكون ما يتوقّف عليه الواجب الموسّع ـ أعني
الصارف عن المأمور به ، وانتفاء الداعي إليه ، أي إرادة الواجب الموسّع ، وكراهة
المأمور به ـ واجبا من حيث إنّه وصلة ووسيلة إلى الواجب ، ولو لم يكن هذا الوجوب
توصّليا لم يجز أن يتعلّق الكراهة بالمأمور به ؛ لأنّ كراهته محرّمة ، فيجتمع
الوجوب والحرمة في واحد شخصي ، إلاّ أنّه لمّا كان الوجوب توصّليا ، فلا ضير أن
يتعلّق بواجب ، ويتّصف بالحرمة لذلك ؛ لأنّه إذا
__________________
فرض أنّ المكلّف
عصى وكره المأمور به ، وأراد الواجب الموسّع ، وحصل له التوصّل إلى المطلوب ، سقط
ذلك الوجوب التوصّلي عن المقدّمة ؛ لفوات الغرض منه.
قلت : سقوط الواجب
حينئذ لا ينفع لدفع ما ذكر ؛ إذ يلزم اجتماع الوجوب والحرمة قبل فعل المقدّمة وحين
فعلها وإن سقط بعد فعلها. وقد ظهر ممّا ذكر أنّه بعد التزام وجوب مقدّمة الواجب ،
وحرمة مقدّمة الحرام وملزومه ، لا بدّ من التزام كون الأمر المضيّق بالشيء نهيا عن
ضدّه الخاصّ ، وبدون منعهما لا يمكن إبطاله ، وهو بعد ما عرفت من إثباتهما
بالأدلّة القاطعة [ دونه ] خرط القتاد .
وبعضهم منع
استحالة اجتماع الحرمة مع الوجوب التبعي وقال : المحال اجتماعها مع الوجوب الأصلي .
ويدفعه عموم
الأدلّة.
وبعض آخر منع
الاستحالة إذا اختلف الموضوع ، وقال : هنا كذلك ؛ لأنّ وجوب المأمور به في وقت معيّن إنّما يقتضي تحريم الصارف عنه من حيث
وقوعه في ذلك الوقت ، أي تحريم إيقاعه فيه ، لا تحريم ذاته وماهيّته من حيث هي ،
ووجوب الضدّ موسّعا يقتضي وجوب ماهيّة الصارف الذي [ تركه ] مقدّمة له ، لتوسّع ما يتوقّف عليه ، فمتعلّق الحرمة خصوصيّة إيقاعه في
الزمان المخصوص ، ومتعلّق الوجوب ماهيّته من حيث هي ، من دون ملاحظة خصوصيّة
الزمان معه ، فلا يتواردان على موضوع واحد.
وعموم الأدلّة
أيضا يدفعه ؛ لأنّ تغيير الحيثيّات لا يغيّر الموضوع ، ومعه يصدق أنّ الاجتماع في
واحد شخصي .
فإن قيل : يلزم من
كلّ من أصل المطلوب وأدلّته تحريم الواجب وانتفاء المباح ؛ إذ لو كان
__________________
الأمر بالشيء نهيا
عن ضدّه ، أو وجب مقدّمة الفعل المأمور به ، أو حرم مقدّمة الحرام وملزومه ، لحرمت
الصلاة من حيث إنّها ترك الحجّ وأداء الدين ، ومن حيث إنّ تركها يتوقّف عليه
فعلهما ، وإنّ فعلها يستلزم تركهما ، وحرم الأكل والشرب والنوم وغيرها من المباحات
من حيث إنّ فعلها ترك لضدّها المأمور به ، وإنّ تركها يتوقّف عليه فعله ، وإنّ
فعلها يستلزم تركه.
قلت : نحن نلتزم
حرمة الواجب الموسّع أو المباح إذا كان ضدّا للواجب المضيّق ، وكان تركه ممّا
يتوقّف عليه فعله ، وفعله مستلزما لتركه ، وهل الكلام إلاّ في ذلك؟ وأيّ استبعاد
فيه بعد قيام الحجّة عليه؟ ولا يلزم منه حرمة كلّ واجب موسّع في كلّ وقت ، بل حرمة
بعض أفراده في وقت كون ضدّه مأمورا به لا في كلّ وقت ، ولا حرمة كلّ مباح ؛ ليلزم
مثل شبهة الكعبي ، بل حرمة بعض أفراده في الوقت المذكور.
ومنها : أنّه لو
لم يكن الضدّ منهيّا عنه ، لجاز فعله ، فيفرض فعله والاتّصاف به ، ونقول في هذا
الوقت : إمّا يجب امتثال ذلك الأمر المضيّق أم لا.
فعلى الأوّل :
يلزم الأمر بإيجاد ضدّ في الأمر بإيجاد ضدّ في وقت وجود ضدّه ، وهو تكليف بالجمع
بين الضدّين ، وهو محال.
وعلى الثاني :
يلزم خروج الواجب المضيّق عن كونه واجبا مضيّقا ، فالأمر بالحركة فورا لو لم
يستلزم النهي عن السكون ، لزم إمّا التكليف بإيجاد الحركة والسكون في وقت واحد ،
أو عدم كون الحركة مأمورا بها ، وكلاهما باطل.
وعلى هذا لو كان
الضدّ عبادة ، لزم بطلانها لو فعلت في الوقت المأمور به ؛ لأنّ النهي يقتضي
البطلان ، وإلاّ لزم كون شيء واحد واجبا وحراما ، أو ندبا وحراما ، وهو باطل. هذا.
وممّا يؤيّد
المطلوب من السمعيات قوله تعالى : ( إِنَّما يَتَقَبَّلُ
اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) وما ورد من الأخبار في موارد جزئيّة من الحكم ببطلان عبادة مضادّة للمأمور به
، كبطلان صلاة من لم يترك في سعة الوقت ، وغير ذلك.
__________________
وأنت خبير بأنّ
هذه الأدلّة إنّما تنتهض حجّة إذا كان المأمور به واجبا مضيّقا ، والضدّ واجبا
موسّعا ، أو مستحبّا ، أو مباحا ، وأمّا إذا كان واجبا مضيّقا ، فلا ؛ لأنّ كليهما
حينئذ واجبان مضيّقان قد امر بهما ، فمن أين يقدّم أحدهما؟ فالنهي عن الضدّ
بالأمر المضيّق ينحصر بما إذا كان الضدّ مباحا ، أو مستحبّا ، أو واجبا موسّعا دون
ما إذا كان مضيّقا.
وقد عرفت سابقا أنّ المأمور به إذا كان أحد المضيّقين يحصل بحسب التركيب الثنائي سبعة
أقسام :
أربعة منها ما
يكون الضدّ فيه واجبا موسّعا ، فيلزم فيها من الأمر النهي عنه ؛ لأنّ الوقت
المضيّق لمّا تعيّن لإيقاع الواجب المضيّق فيه ، خرج عن أن يكون وقتا للواجب
الموسّع ، وإلاّ لما كان فائدة في جعل هذا الوقت المضيّق ـ الذي ليس إلاّ بقدر ما
يفعل فيه الواجب المضيّق ـ وقتا له على التعيين ، فلو فعل الموسّع فيه كان باطلا ،
فمنع خروجه عن وقته الموسّع ، وادّعاء وجود الفائدة ـ نظرا إلى أنّ الفائدة عصيان
المكلّف بترك الواجب المضيّق فيه ، وإن كان مؤدّيا للواجب الموسّع لو أتى به ـ فيه
مكابرة.
وثلاثة منها يكون
الضدّ فيها واجبا مضيّقا :
الأوّل : أن يكون
المأمور به والضدّ واجبين مضيّقين ، موقّتين.
الثاني : أن يكونا
مضيّقين مطلقين .
الثالث : أن يكون
أحدهما مطلقا والآخر موقّتا.
ولا يلزم في شيء
منها من الأمر النهي عن الضدّ.
وتوضيح ذلك : أنّه
لو كانا مضيّقين موقّتين ـ كما إذا أخّر المكلّف الواجبين الموسّعين إلى أن يبقى
من الوقت مقدار ما يفعل فيه أحدهما ولا يتصوّران في الشرعيّات فيما عدا ذلك ؛ إذ
لم يرد في الشرع من هذا القبيل غيره ـ لم يمكن الاحتجاج على بطلان أحدهما ؛ لتعلّق
الأمر بكلّ منهما من غير أن يكون أحدهما أهمّ من الآخر ، بل ما يقتضيه القواعد
__________________
حينئذ وجوب كلّ
منهما ، إلاّ أنّ المكلّف يتخيّر في إيقاع أيّهما شاء ؛ لاستحالة إيقاعهما في وقت
لا يسعهما ، ويلحقه الإثم إن كان التأخير لتقصيره ، وليس وجوب كلّ منهما فيه
تكليفا بالمحال ؛ لأنّه لم يكلّف ابتداء بإيقاعهما فيه ، بل ذلك إنّما لزم من
تأخيرهما إليه ؛ لأنّه لمّا كلّف بأن يقدّم واحدا منهما عليه ، ولا يؤخّرهما إليه
، وتركهما معا فيما تقدّم ، فلا بدّ أن يأتي بهما فيه لا للإيجاب الابتدائي ، بل
لسوء اختياره ، ولذا لو عوقب حينئذ على ترك واحد منهما ، لما عدّ قبيحا.
والحاصل أنّ نسبة
آخر الوقت إلى الواجبين كنسبة أوّله ووسطه إليهما ، فكما أنّهما متّصفان بالوجوب
فيهما من غير لزوم محال ؛ لكون الوجوب راجعا إلى التخييري بحسب أجزاء الوقت ، فكذا
في آخره ، إلاّ أنّ التخيير في أوّل الوقت إنّما هو بالنظر إلى ما بعده ـ أي إن
شاء المكلّف أتى به فيه ، وإن شاء أتى به فيما بعده ، أي في الوسط ، أو آخره ـ وفي
وسطه بالنسبة إلى ما قبله وما بعده ، وفي آخره بالنظر إلى ما قبله لا إلى ما بعده
، بل يجب أن لا يؤخّر عنه ، فالتخيير بالنظر إلى ما قبله ، والتحتّم بالنظر إلى ما
بعده ، فلا منافاة ، ولمّا كان إيجابهما في هذا الوقت بالإيجاب السابق الذي نسبته
إلى أوّل الوقت ووسطه وآخره نسبة واحدة بالنحو المذكور ، فلا يرد أنّ وجوب كلّ
منهما فيه تكليف بالمحال ، ولا يجدي إمكان إيقاعهما قبله ؛ لأنّ الفرض أنّه قد
فات.
وأمّا لو كانا
مضيّقين مطلقين ـ كأداء الدين ، وإزالة النجاسة عن المسجد ـ فلا يمكن الاحتجاج على
النهي عن أحدهما بتعلّق الأمر بالآخر ؛ لتساويهما فيه ، فكلّ منهما من أوّل وقت
وجوبهما إلى أن يمضي قدر ما يفعل فيه أحدهما من الزمان يجب تخييرا لا عينا ، ولا
يعصي المكلّف باختيار أحدهما ؛ لأنّ وجوبهما فيه ابتدائي لا يمكن أن يكونا معا
متحتّمين فيه ، وإلاّ لزم التكليف بالمحال ، وإذا مضى من أوّل وقت وجوبهما ما يفعل
فيه أحدهما ، فيصير حكمهما كحكم الموقّتين من دون تفاوت ، إلاّ أنّه لمّا كان هنا
مأمورا بامتثال أحدهما في الجزء الأوّل من الوقت ، والآخر في الثاني ، فأخّر
الأوّل إلى الثاني ، والثاني إلى الثالث ، فيلحقه إثمان.
وممّا ذكر يعلم
حال ما لو كان أحدهما مضيّقا مطلقا ، والآخر مضيّقا مقيّدا. هذا.
واحتجّ من أنكر استلزامه له بما احتجّ به المنكر لتضمّنه للنهي عن
الضدّ العامّ من ذهول الآمر عن الأضداد الخاصّة والكفّ عنها ، مع أنّ دلالته على
النهي تستلزم تعقّلها وتعقّل الكفّ عنها .
وقد عرفت هناك جوابا يصلح أن يكون جوابا هنا. على أنّ هذا الاحتجاج هنا على ما اخترناه ـ من
أنّ دلالته عليه بالالتزام المعنوي ـ ساقط من أصله ؛ فإنّه يتوجّه على القائل
بالالتزام اللفظي وهو عندنا باطل ؛ لأنّ شرطه اللزوم العقلي أو العرفي ، ونحن نقطع
بأنّ تصوّر معنى الأمر لا يحصل منه الانتقال إلى تصوّر الضدّ الخاصّ والكفّ عنه.
واحتجّ هذا القائل
بأنّ أمر الإيجاب طلب فعل يذمّ على تركه ، فالذمّ بالترك من معقول الإيجاب فلا ينفكّ عنه تعقّلا ، ولا ذمّ إلاّ على فعل ؛ لأنّه المقدور ، وما هو هاهنا
إلاّ الكفّ عن الفعل أو فعل ضدّه ، وكلاهما ضدّ للفعل ، والذمّ بأيّهما كان فهو
يستلزم النهي عنه ؛ إذ لا ذمّ بما لم ينه عنه ؛ إذ هو معناه .
والجواب : أنّ ما
لا ينفكّ عن الإيجاب ـ على فرض تسليمه ـ هو الذمّ على الترك ، أعني عدم الفعل ـ أي
استمراره وعدم قطعه ـ فلا يرد أنّه لا ذمّ عليه ؛ لكونه أزليّا غير مقدور عليه. أو
الكفّ ، لا الذمّ على فعل الضدّ ، فيلزم منه استلزامه لفظا للنهي
عن الضدّ العامّ لا الخاصّ ، بل استلزامه له معنوي ، كما ذكرناه .
فإن قلت : لو كان
الذمّ على نفي الفعل ، أو الكفّ ، لكان النفي أو الكفّ منهيّا عنه ، والنهي هو طلب النفي
أو الكفّ ؛ فالنهي عن النفي طلب النفي عن النفي ، والنهي عن الكفّ طلب الكفّ عن
الكفّ ؛ فيلزم وجوب تصوّر النفي عن النفي ، أو الكفّ عن الكفّ لكلّ آمر بشيء ،
__________________
وهو باطل ؛ لأنّه
لا يخطر ذلك بباله أصلا.
قلت : منع الخطور
ممنوع ، مع أنّه قد تقدّم أنّ التضمّن هو اللزوم بحسب الواقع ، وتصوّر المدلول
التضمّني غير لازم على الآمر. هذا.
وقد عرفت فيما
تقدّم أنّ المطلوب من النهي ما ذا على التحقيق.
إذا عرفت ذلك ،
فيتفرّع على كون الأمر المضيّق مستلزما للنهي عن ضدّه إذا كان واجبا موسّعا على ما
اخترناه بطلان العبادات الواجبة الموسّعة عند الأمر بردّ الوديعة ، وأداء الدين ،
وإزالة النجاسة عن المسجد ، وبطلان الصلاة بترك جواب السلام ، وبعدم تحذير الأعمى
لو أشرف على السقوط في بئر ، أو نحوه مع انحصار التحذير به.
والقائل بعدم
الاستلزام حكم بعدم البطلان في جميع الصور المذكورة.
وبعضهم فرّق في
الصورتين الأخيرتين بين ما لو سكت المصلّي عن القراءة وقت الردّ والتحذير ، وما لم
يسكت ، فأبطل الصلاة بالثاني دون الأوّل ؛ لأنّه ليس في تلك الحال منهيّا عن جزء
الصلاة ، ولا عن شرطها .
ولقائل أن يقول :
إنّه منهيّ حينئذ عن شرطها ، وهي الاستدامة الحكميّة. وكيف كان ، هذا العرف مبنيّ
على القول بالاستلزام.
ثمّ على ما
أصّلناه واخترناه يقتضي البطلان في جميع الصور المذكورة ، ولو لم نحكم به في بعضها
، فإنّما هو بدليل من خارج.
ويتفرّع على
الاستلزام إذا كان الضدّ مباحا حرمة الأكل والشرب والنوم وغير ذلك من المباحات عند
أمر فوري إذا كانت أضدادا له ، وحرمة السفر إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة بمن يجب عليه.
ويتفرّع على
الاستلزام إذا كان الضدّ ندبا بطلان صلاة النافلة في وقت الكسوف
__________________
بشرط أن يفوته
الفرض بسبب الاشتغال بها.
وممّا قدّمناه
يعلم فساد قول من حكم بصحّتها حينئذ ؛ نظرا إلى أنّه لا تناقض في إيجاب عبادة في وقت
خاصّ ، واستحباب اخرى فيه. ولذا يصحّ التصريح بذلك. وكيف يصحّ مع أنّها لا تنفكّ
عن الإثم ، ويصحّ من الشارع أن يطلب من العباد ما يوجب العصيان؟!
وما قيل : إنّ
موجب العصيان هو إرادة ترك الواجب ، واستحبابها على تقدير هذه الإرادة ، فكأنّه قال : إن أردت الواجب فلا أطلب منك غيره ، وإن لم ترده فقد عصيت ،
ولكن حينئذ أطلب منك هذا المندوب ، ظاهر الفساد ؛ لأنّ إرادة الواجب مطلوبة حتما ،
فترك ما ينافيها أيضا مطلوب.
ويظهر من هذا عدم
صحّة ما يقع في وقت يكون بعض هذا الوقت وقتا لواجب مضيّق.
وممّا يتفرّع على
هذا الأصل حنث من حلف أن لا ينهى زيدا عن شيء فأمره بشيء ، ووقوع الظهار لو علّقه
على مخالفة نهيه ، ثمّ قال لها : « قومي » فقعدت.
ويتفرّع على ثبوت
التخيير مع العصيان إذا كان المأمور به والضدّ واجبين مضيّقين ، أو مطلقين ، أو
موقّتين ، أو أحدهما مطلقا والآخر موقّتا تخيير المكلّف بين أداء الصلاة اليوميّة
، والكسوف في وقت لا يسع إلاّ أحدهما ، وتخييره بين أداء الدين عند طلبه ، وإزالة
النجاسة من المسجد ، وتخييره بين قضاء الحجّ وأداء المهر إلى الزوجة مع اليسار
ومطالبتها إيّاه في وقت لا يسعهما معا ، وتخييره بين أداء الدين وقضاء صلاة يوميّة
إذا تعارضا في وقت لا يسع أكثر من أحدهما.
وربما رجّح أحد
المضيّقين في بعض الصور بجهات خارجيّة ، وينتفي التخيير حينئذ ، كما إذا وقع
التعارض بين الصلاة في وقتها المضيّق ، وحفظ النفس بحيث لو اشتغل بالصلاة خاف على
نفسه الهلاك ، فيجب حينئذ محافظة النفس وترك الصلاة ، ولو أتى والحالة هذه لم تكن
صحيحة.
__________________
المقام
الخامس : في أنّ النهي عن
الشيء يستلزم معنى الأمر بأحد أضداده.
والحجّة على ذلك
أنّ المطلوب من النهي إن كان فعل ضدّ المنهيّ عنه حتّى يكون معنى « لا تتحرّك »
اسكن ـ كما ذهب إليه جماعة على ما تقدّم ـ فيكون النهي عن
الشيء عين الأمر بضدّه ، فضلا عن أن يكون مستلزما له ؛ وإن كان المراد منه الكفّ ،
وتوطين النفس عليه ، أو نفي الفعل ـ على ما اخترناه ـ فلا ريب في أنّ تحقّقه في
الخارج يتوقّف على فعل أحد أضداده ، فيكون واجبا من باب المقدّمة.
وأيضا فعل المنهيّ
عنه حرام ، وهو يتوقّف على ترك جميع أضداده ، فيكون حراما ؛ لأنّ مقدّمة الحرام
حرام.
وأيضا ترك جميع
أضداده ملزوم لفعله ، فيكون حراما ؛ لأنّ مستلزم الحرام حرام.
وممّا يؤيّد ذلك
أنّ ترك كلّ شيء حراما كان أو واجبا يحصل بترك أيّ مقدّمة من مقدّمات وجود هذا
الشيء ـ أي تركها علّة لترك هذا الشيء ، وإن كان فعلها شرطا لوجوده ـ لأنّ عدم كلّ
جزء من أجزاء العلّة التامّة علّة تامّة لعدم المعلول ، وعلى ما تقدّم في المقام
السابق ترك ضدّ المنهيّ عنه شرط لفعله ، ففعل ضدّه علّة وسبب لتركه ، ووجوب
المعلول يستلزم وجوب علّته.
ثمّ الأدلّة المذكورة
هنا لمّا كانت كالأدلّة المتقدّمة في المقام السابق تقريرا ، فهي مثلها اعتراضا
وجوابا ، وكما اورد عليها هناك لزوم حرمة الواجب والمباح ، يورد عليها هنا لزوم
وجوب المحرّم ، وقول الكعبي ، وهو وجوب كلّ مباح ؛ لأنّه يلزم حينئذ وجوب اللواط من حيث إنّه ترك للزنا ، وبالعكس ، ووجوب
الأكل والشرب ، أو غيرهما من المباحات من حيث إنّ ترك الحرام لا بدّ وأن يتحقّق في
ضمن فعل من الأفعال ؛ ولا ريب في وجوب ذلك
__________________
الترك ، فلا يجوز
أن يكون الفعل المتحقّق في ضمنه مباحا ؛ لأنّه لازم للترك ، ويمتنع اختلاف
المتلازمين في الحكم. وقد علمت الجواب هناك .
والجواب هنا أمّا
عن الأوّل : فبأنّ الواجب هنا [ من ] أضداد المنهيّ
عنه ، أحدها الذي لم يكن حراما ، كما أنّ المحرّم من أضداد المأمور به ، هو الذي
لم يكن واجبا مضيّقا.
و [ الجواب ] أمّا
عن الثاني : فقد يظهر ممّا تقدّم في دفع شبهة الكعبي .
وقد ظهر ممّا
ذكرناه أنّ استلزام الأمر للنهي عن جميع أضداده يتقوّى بوجوب مقدّمة الواجب ،
وحرمة مقدّمة الحرام وملزومه. ويضعّف بلزوم تحريم الواجب والمباح ، كما يضعّف ما
يقوّيه أيضا به ، وإن كان الضعيف ضعيفا ، واستلزام النهي عن الشيء أمرا بأحد
أضداده يتقوّى بهما أيضا ، ويضعّف بلزوم وجوب المحرّم والمباح ، كما يضعّفان أيضا
به ، وإن كان مندفعا. هذا.
والحجّة على عدم
كون النهي عن الشيء عين الأمر بأحد أضداده ما تقدّم في نفي العينيّة في الأمر.
واحتجّ القائل به
بما احتجّ به القائل بالعينيّة في الأمر ، والجواب الجواب.
وبأنّ النهي طلب
ترك الفعل ولا يتعلّق الطلب بغير الفعل ؛ لأنّه المقدور دون غيره ، فيكون الترك
فعلا ، وليس فعل غير الضدّ ، فهو فعل أحد الأضداد ، فيكون مطلوبا ، وهو معنى كونه
مأمورا به .
والجواب : أنّ
المطلوب في النهي عدم الفعل وهو مقدور ، كما عرفت ، أو الكفّ. ولا يلزم كونه نفس الأمر بأحد الأضداد الجزئيّة ، نعم ، هو
يستلزمه عقلا ، كما ذكرناه .
__________________
واحتجّ من أنكر
العينيّة والاستلزام أيضا بلزوم وجوب المحرّم والمباح ، وقد عرفت جوابه .
وبأنّ النهي طلب
كفّ عن فعل يذمّ فاعله ، والأمر طلب فعل غير كفّ ، وطلب فعل هو كفّ لا يستلزم طلب
فعل غير كفّ .
والجواب : ما
عرفته من استلزام الكفّ لفعل أحد الأضداد الوجوديّة.
فإن قيل : لو كان
الأمر بالشيء نهيا عن جميع أضداده ، والنهي عن الشيء أمرا بأحد أضداده ، كما اخترت
، فإذا فرض أضداده ثلاثة وما فوقها ، فالأمر بأحدها يستلزم النهي عن كلّ واحد من
الباقين ، والنهي عن كلّ واحد منها يستلزم الأمر بالآخر ، والأمر به يستلزم النهي
عن جميع ما يضادّه ، ومن جملته الضدّ الأوّل الذي كان مأمورا به ، فمن استلزام
النهي عن أحدهما للأمر بالآخر ، يلزم أن يكون الآخر منهيّا عنه ومأمورا به ، ومن
استلزام الأمر بالآخر النهي عن جميع ما يضادّه يلزم كون الضدّ الأوّل مأمورا به
ومنهيّا عنه ، وهو باطل.
والجواب : أنّ
استلزام النهي عن كلّ واحد منهما للأمر بالآخر غير مسلّم ؛ لأنّ النهي عن الشيء
يقتضي الأمر بأحد أضداده على سبيل التخيير ، فإذا انحصر أضداده بفردين واحد منهما
منهيّ عنه مثله ، يتعلّق الأمر بضدّه الآخر ، وهو الذي كان مأمورا به صريحا أيضا.
وإذا عرفت ذلك ،
فكيفيّة التفريع أنّه إذا ورد النهي عن فعل خاصّ ، كالزنا ، أو شرب الخمر يجب
تخييرا أن يرتكب المنهي لتحقّق الترك فعلا ينافي المنهيّ عنه.
المقام
السادس : في أنّ أمر
الندب يستلزم كراهة الضدّ العامّ ، ونهي الكراهة يستلزم استحباب الضدّ العامّ ،
وأحد الأضداد الخاصّة.
والحجّة على
الأوّل : توقّف فعل المندوب على الكفّ عن تركه ، فيكون الكفّ عن تركه راجحا ؛ لأنّ
ما يتوقّف عليه الراجح راجح ، فيكون نقيضه أعني تركه مرجوحا ، وهو المكروه.
__________________
والحجّة على
الثاني : أنّ فعل المكروه يتوقّف على الكفّ عن تركه وترك الأضداد الخاصّة وما
يتوقّف عليه المرجوح مرجوح ، فيكون نقيضاهما ـ أعني تركه ، وفعل أحد أضداده
الخاصّة ـ راجحين ؛ نظرا إلى تعريف المكروه ، وهو الاستحباب.
وأيضا فعل ضدّه
الخاصّ ملزوم لتركه ، وهو راجح ؛ نظرا إلى تعريفه ، وملزوم الراجح راجح.
وأيضا يلزم من
تعريفه ندبيّة ضدّه العامّ ، وهو يتوقّف على فعل أحد أضداده الوجوديّة الخاصّة ؛
فيكون مندوبا ؛ لأنّ ما يتوقّف عليه المندوب مندوب.
وهذه الأدلّة وإن
أمكن أن يورد عليها مثل المناقشات المتقدّمة إلاّ أنّها
مندفعة بمثل ما ذكر من الجواب.
هذا ما يقتضيه
النظر ، والظاهر من كلام القوم أنّ ترك كلّ مندوب ليس مكروها ، وكذا العكس ، بل اتّصاف ترك كلّ منهما بالآخر في بعض الموادّ دون بعضها الآخر.
وربّما ظهر من
كلام بعض ثبوت الاتّصاف في جميع الموادّ .
وقال جماعة : إنّ
الترك لا يكون حكما من الأحكام الخمسة ؛ لكونه عدميّا ، وردّوه فيما جعل حكما إلى الوجودي ، كالاستمرار ، أو الكفّ ، أو فعل الضدّ . وقد تقدّم سابقا بيان ذلك مفصّلا ، وذكرنا هناك أنّ كلام القوم هنا
غير منقّح.
وممّا ذكر تعلم
أنّ كلّ ما يجري في أمر الإيجاب ونهي التحريم ـ من الحجج والاعتراضات والأجوبة ـ يجري
في أمر الندب ، ونهي الكراهة ، فتخصيص الحكم بالأوّلين تحكّم إلاّ فيما نذكره من
عدم اقتضاء أمر الندب للنهي عن ضدّه الخاصّ ؛ لدليل من خارج.
واحتجّ من خصّ
النهي عن الضدّ الخاصّ والعامّ أيضا بأمر الإيجاب دون الندب بأنّ أمر
__________________
الوجوب لمّا كان
مستلزما للذمّ على الترك ، فاستلزم النهي التحريميّ عن الضدّ ، وأمّا أمر الندب ،
فلا يقتضي إلاّ رجحان الفعل ، ولا يستلزم ما يصير سببا للنهي التنزيهي .
والجواب عنه : ما
عرفته من وجود ما يستلزم كراهة الضدّ.
إذا عرفت ذلك ،
فكيفيّة التفريع أنّه يكون ترك كلّ مستحبّ مكروها ، وترك كلّ مكروه مستحبّا ، وما
يفعل من الأضداد الخاصّة للمكروه يكون مستحبّا.
المقام
السابع : في أنّ أمر
الندب لا يستلزم كراهة الضدّ الخاصّ ، وذلك لأنّ مثل الأدلّة التي تدلّ على أنّ
أمر الإيجاب يستلزم حرمة الضدّ الخاصّ ، ونهي الكراهة يستلزم استحباب أحد أضداده ،
وإن دلّت على أنّه أيضا يستلزم كراهة الضدّ ـ بأن يقال : فعل ضدّه الخاصّ ملزوم
لتركه ، وهو مرجوح بالنسبة إلى فعله ، وملزوم المرجوح مرجوح. أو يقال : تركه مرجوح
، وهو يتوقّف على فعل الأضداد الخاصّة ، فيكون مرجوحا ؛ لأنّ ما يتوقّف عليه
المرجوح مرجوح. أو يقال : فعل المندوب يتوقّف على ترك كلّ من الأضداد الخاصّة ،
فيكون تركها راجحا ؛ لأنّ ما يتوقّف عليه الراجح راجح ، فيكون نقيضه أعني فعلها
مرجوحا ، فيثبت كراهته ـ إلاّ أنّ هنا قاطعا يدلّ على خلافه ، وهو لزوم انتفاء
المباح رأسا ، إذ ما من وقت إلاّ ويندب فيه فعل ؛ فإنّ استغراق الأوقات بالمندوبات
مندوب ، بخلاف الواجب ، فإنّه لا يستغرق الأوقات ، فيكون الفعل في غير وقت لزوم
أداء الواجب مباحا ، فلا يلزم انتفاء المباح رأسا.
فإن قيل : ترك
الحرام واجب ، وترك المكروه مستحبّ ، وهما يستغرقان الأوقات ، فيرد عليهما ما يرد
عليه.
قلت : الترك لمّا
كان أمرا عدميّا ممكن التحقّق في ضمن ضدّ واحد ، فغير متّصف بحقيقة الوجوب ، أو
الكراهة في جميع الأوقات ، بل إذا كان مسبوقا بإرادة
الفعل ، أو مقارنا
__________________
للشعور والقدرة ،
لا في كلّ وقت ثبوته وإن لم يخطر بالبال ، فلا يرد عليهما لزوم انتفاء المباح ؛
لإمكان دفعه بأحد الجوابين اللذين ذكرناهما لدفع شبهة الكعبي ، ولا يمكن دفعه عن اقتضاء المندوب كراهة الضدّ ؛ لأنّ القول به يقتضي كراهة
جميع الأضداد في جميع الأوقات من غير اختصاص بوقت دون وقت ، أو ضدّ دون ضدّ ،
ووجهه ظاهر ، فيلزم انتفاء المباح رأسا.
إذا عرفت ذلك ،
فكيفيّة التفريع ظاهرة عليك.
تتمّة
اعلم أنّ بعضهم
عدل عن قولهم : الأمر بالشيء يقتضي النهي عن الضدّ ، إلى قوله : الأمر بالشيء
يقتضي عدم الأمر بالضدّ ، معتذرا بأنّ إثبات الأوّل مشكل بخلاف إثبات الثاني ، ولا يختلف به التفريع في العبادات ؛ لأنّ ما ليس منها بمأمور به يكون
محرّما باطلا ، والمنهيّ منها كذلك. وأمّا في غيرها ، فيختلف به التفريع ؛ لأنّه
إذا كان منهيّا عنه يكون محرّما ، وأمّا إذا لم يكن منهيّا عنه ولا مأمورا به ،
فيبقى على إباحته الأصليّة.
وأنت خبير بعدم
الفرق بين الترجمتين من حيث الإثبات بالأدلّة وعدمه ؛ فإنّ التفصيل الذي ذكرناه في
الترجمة الاولى جار في الثانية من غير فرق ؛ لأنّ المأمور به لو كان واجبا موسّعا
، فكما لا يستلزم الأمر به النهي عن ضدّه ، فكذا لا يستلزم عدم الأمر به ، وإن كان
واجبا مضيّقا ، فكما يستلزم الأمر به النهي عن ضدّه إذا لم يكن واجبا مضيّقا ،
فكذا يستلزم عدم الأمر به ، غاية الأمر أنّه بطريق أولى. وإن
كان الضدّ أيضا واجبا مضيّقا ـ كما إذا أخّر واجبين موسّعين إلى آخر وقتهما ـ فكما
لا يستلزم الأمر بأحدهما النهي عن الآخر ، فكذا لا يستلزم عدم الأمر به ؛ لما ذكر.
ولا يجوز فيما عدا ذلك اجتماع واجبين مضيّقين ؛ لأنّ
__________________
التكليف الابتدائي
بهما تكليف بالمحال. وإنّما أطنبنا في المقام ليكون تفصيلا لما أجملوه ، وتوضيحا
لما أهملوه.
فصل [١٠]
الأمر بالأمر
بالشيء ليس أمرا بذلك الشيء ، فقول السيّد لعبده غانم : « مر سالما ببيع هذه
السلعة » ليس أمرا منه لسالم ببيعها ؛ لأنّه لو كان لكان ، قولك للغير : « مر عبدك
بكذا » تعدّيا ؛ لأنّه أمر لعبد الغير ، وقول المولى لأحد عبديه : « مر الآخر بكذا
» مناقضا لقوله للآخر : « لا تطعه » وليس كذلك ، ولزم كون الرجل آمرا لنفسه إذا
أمر غيره أن يأمره بفعل ، ويؤيّده قوله عليهالسلام لأولياء الأطفال : « مروهم بالصلاة لسبع » للقطع بأنّ الطفل ليس مأمورا بالصلاة من قبل الشارع.
احتجّ الخصم بأنّ
ذلك مفهوم من أمر الله رسوله أن يأمرنا ، وأمر الملك وزيره أن يأمر فلانا بكذا .
والجواب : أنّ
محلّ النزاع أمر الآمر غيره بالأمر من قبل نفسه ، لا من قبل الآمر بأن يكون مبلّغا
، والرسول والوزير مبلّغان لأمر الله وأمر الملك. ويعلم من ذلك أنّه لو قامت
القرينة على أنّ المراد من الأمر بالأمر التبليغ ، أو علم أنّ الآمر الأوّل أوجب
إطاعة الأمر الثاني ، كان الأمر بالأمر بالشيء أمرا بذلك الشيء ، وإلاّ
فلا ؛ لعدم ما يقتضيه ، بل القدر اليقيني حينئذ كونه أمرا من قبل الثاني ؛ إذ كونه
تبليغا شيء زائد يحتاج إلى دليل.
وكيفيّة التفريع
أنّه لو قال الموكّل لوكيله زيد : « وكلّ عمرا عنّي » فيكون عمرو وكيلا عن الموكّل
، وينفذ تصرّفه قبل إذن زيد له.
ولو قال له : «
وكّله عنك » يكون وكيل زيد ، ولا ينفذ تصرّفه إلاّ بعد إذن زيد له على
__________________
المختار ، لكن
للموكّل المالك عزله على الأصحّ ؛ لأنّه يسوغ له عزل الأصل فالفرع أولى.
ولو قال له : «
وكّله » من دون تقييد ، فعلى ما ذكرناه يكون حكمه حكم الثاني.
وقيل : حكمه حكم
الأوّل ؛ لأنّ الظاهر هنا كون الوكيل مبلّغا.
ولا يخلو عن وجه.
وممّا يتفرّع عليه
استلزام قوله تعالى : ( خُذْ مِنْ
أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) وجوب الإعطاء ؛ نظرا إلى كون النبيّ صلىاللهعليهوآله مبلّغا ، ووجوب طاعته ، ولولاهما لم يكن الإعطاء واجبا بمجرّد الأمر بالأخذ.
لا يقال : وجوب
الأخذ يتوقّف على الإعطاء ، وما يتوقّف عليه الواجب واجب ، فيجب الإعطاء عليهم ،
ولو قطع النظر عمّا ذكر.
لأنّا نقول :
الأمر إن كان بالطلب لم يتوقّف على الإعطاء ، وإن كان بالأخذ فيتوقّف عليه ، إلاّ
أنّه ليس واجبا على الناس ؛ لأنّ الأخذ لا يجب عليهم ، ومن يجب عليه الأخذ لا يقدر
على فعل الغير ، ومقدّمة الواجب إنّما تكون واجبة إذا كانت مقدورة.
فصل [١١]
الحقّ أنّ المطلوب
من الأمر بفعل مطلق ـ نحو « اضرب » ـ الماهيّة من حيث هي ، لا الفعل الجزئي
المعيّن المطابق لها ، فلا يدلّ على خصوصيّة الضرب من كونه بسيف ،
أو خشب ، أو غير ذلك ، بل مدلوله ليس إلاّ طلب طبيعة الضرب بأيّ نحو كان.
لنا : خروج
الخصوصيّة عن حقيقة الفعل ، فلا يدلّ عليه بشيء من الدلالات ، وإجماع الادباء على
أنّ المصادر التي ليست منويّة ـ أي التي في ضمن المشتقّات ـ موضوعة للطبيعة من حيث هي ،
وما اختلف فيه بأنّه للطبيعة أو الفرد المنتشر ، فإنّما هو اسم الجنس ،
__________________
وهذا يدفع كونه
لجزئي غير معيّن أيضا وإن استلزم طلب الطبيعة طلب أحد الجزئيّات لا بعينه ؛ لأنّ
الماهيّة لا توجد إلاّ في ضمن أحد أشخاصها ، إلاّ أنّ دلالته على طلبها وضعيّة ،
وعلى طلبه عقليّة ، فلا يتحقّق بيننا وبين من قال بأنّه لفرد لا بعينه نزاع يختلف به الأحكام ؛ لاختصاصه بنحو الدلالة.
احتجّ الخصم بأنّ الماهيّة الكلّية يستحيل وجودها في الأعيان ؛
لأنّها لو وجدت لزم تعدّدها كلّية في ضمن الأشخاص ، فمن حيث إنّها موجودة ، تكون
مشخّصة جزئيّة ، ومن حيث إنّها الماهيّة الكلّية تكون كلّية ، وهو محال .
والجواب : أنّ
المطلوب الماهيّة لا بشرط شيء ، أي الكلّي الطبيعي ، والحقّ وجوده في الأعيان لا
بنفسه ، بل في ضمن الجزئيّات ، وإلاّ انتفت الحقائق ، إلاّ أنّ شيئا من المقارنة
والتجرّد لمّا لم يكن جزءا أو شرطا له ، فيصدق عليه الكلّية حال المقارنة ، ولا
يخرج بها عنها ، ولا ينافي كلّيّته الوجود العيني ، ولا يدخل لأجله في الجزئيّة.
ولزيادة التحقيق فيه فنّ آخر. هذا.
وبعض من قال : إنّ
الأمر المطلق لا يفيد المرّة والتكرار ، بل هي الطبيعة من حيث هي ، قال هنا : إنّ
المطلوب منه الفعل الجزئي الممكن المطابق للماهيّة ، لا الماهيّة . وأحد القولين بظاهره يناقض الآخر. ويمكن أن يحمل كلامه هنا على أنّ المطلوب
الفرد المنتشر التزاما.
إذا عرفت ذلك ،
فكيفيّة التفريع أنّ المأمور بفعل مطلق ـ عبادة كان أو معاملة ـ يجوز له إيقاع ما
يصدق عليه هذا المطلق وإن كان أنقص أفراده ، إلاّ ما علم بقرينة أنّه غير مراد
الآمر.
ثمّ الفعل إن كان
معيّنا من جهة ، مطلقا من جهة اخرى ، فلا بدّ من الإتيان بالقدر المعيّن.
__________________
فصل [١٢]
الأمران
المتعاقبان إن تضادّا أو تخالفا ولم يمكن الجمع بينهما ، كان الثاني ناسخا للأوّل ، وإلاّ وجبا معا. ووجهه
ظاهر.
وإن تماثلا فإمّا
أن لا يكون الثاني معطوفا على الأوّل ، أو يكون معطوفا عليه.
وعلى الأوّل يجب
حمل الثاني على التأكيد إن امتنع التكرير عقلا ، نحو : « اقتل زيدا ، اقتل زيدا »
، أو شرعا مثل : « أعتق سالما ، أعتق سالما » ، أو عادة مثل : « اسقني ماء ، اسقني
ماء » فإنّ العادة تمنع من تكرار السقي ؛ لرفع الحاجة بمرّة واحدة غالبا ، أو كان
الثاني معرّفا بلام العهد ، مثل « صلّ ركعتين ، صلّ الركعتين » وإلاّ فإن فهم
التغاير من قرينة ، فيعمل بهما ، وإلاّ فالأقرب عندي أنّ الثاني تأكيد ، فلا يجب
إلاّ المرّة.
وقيل : يلزم العمل
بهما ، فيجب التكرار .
وقيل بالوقف .
لنا : أصالة براءة
الذمّة عن الزائد ، وأكثريّة التكرير في التأكيد منه بالتأسيس ، والمشكوك يلحق
بالأعمّ الأغلب.
احتجّ القائل بوجوب العمل بهما بأنّ التأسيس في المحاورات أكثر ،
فيجب حمله عليه ؛ إلحاقا للفرد بالأكثر الأغلب ، وبأنّ فائدته ـ وهو إيجاب آخر ـ أولى وأظهر من فائدة التأكيد ، وهو نفي وهم التجوّز ، والحمل على الأولى الأظهر أولى وأظهر. وبأنّ الأمر ظاهر في
الوجوب أو الندب أو القدر المشترك ، ولو حمل على التأكيد لم يستعمل في شيء منها .
__________________
والجواب عن الأوّل
: أنّ أكثريّة التأسيس في المحاورات إنّما هي في صورة عدم التكرير ، وأمّا عنده
فالتأكيد أكثر ، كما اشير إليه .
وعن الثاني : أنّ
أولويّة فائدة زائدة في صورة لم يلزم فيها زيادة تكليف ، ومع لزومها فهي منفيّة.
ولو سلّمت فهي تعارض بأحد الوجهين اللذين ذكرناهما ، ويبقى الآخر سالما.
وعن الثالث : أنّ
حمل اللفظ على التأكيد ، لا يخرجه عن معناه الأصلي ، فالأمر الثاني أيضا مستعمل في
أحد الثلاثة ، إلاّ أنّ المأمور به هو الأوّل.
وعلى الثاني يجب العمل بهما ؛ لأنّ العطف دليل التغاير ، ولم يعهد ورود التأكيد بواو
العطف ، أو يقل ، فإن اقترن بالثاني مع العطف أحد موانع التكرير ، وقع
التعارض بين مقتضي التكرير ومانعة ، فيصار إلى الترجيح ، فيقدّم الأرجح ، ومع فقده
يجب الوقف. فلو كان الثاني مع العطف معرّفا باللام ، فإن احتمل كونه لتعريف
الطبيعة ـ كما يحتمل تعريف المعهود ـ فيكون التكرير أرجح ؛ لأنّ مقتضيه يقيني ،
والمانع محتمل. وإن تعيّن كونه لتعريف المعهود وجب الوقف ؛ لتعادلهما. هذا.
ويظهر فائدة
الخلاف في مواضع متكثّرة : منها : إذا كرّر الأمر بالطلاق وكان له زوجتان أو أكثر
، أو كرّر الأمر بالعتق وكان له عبيد.
وعلى ما اخترناه
لا يخفى حقيقة الحال.
ثمّ لو كان أحدهما
عامّا والآخر خاصّا ، مثل « صم كلّ يوم ، صم يوم الخميس » ، فإن لم يكن الثاني
معطوفا على الأوّل ، كان تأكيدا ؛ لأنّ الثاني كان داخلا في الأوّل ، فلا معنى
للتأسيس ، ولا ينافي عموم الأوّل حتّى يخصّص به.
وإن كان معطوفا
عليه ، فقيل : لا يكون حينئذ داخلا تحت الأوّل ، وإلاّ لم يصحّ العطف ؛ لأنّه دليل
التغاير .
__________________
وقيل : يكون داخلا
تحته ؛ لظاهر العموم .
وقيل بالوقف ؛
لتعارض ظاهر العموم والعطف .
وأنت تعلم أنّ [
مقتضى ] قطعيّة العموم ، وجواز تأتّي التأكيد بالعطف ـ وإن كان
نادرا ـ ترجيح الثاني.
ويتفرّع عليه
مسائل كثيرة : منها : ما لو قال : « أوصيت لزيد وللفقراء بثلث مالي » سواء وصف
زيدا بالفقر أو لا ، وسواء قدّمه على الفقراء أو لا. وفيه أقوال متعدّدة مذكورة في
كتب الفروع .
وعلى ما اخترناه
لا يخفى حقيقة الحال فيه ، وفي نظائره.
ثمّ لا يخفى عليك
أنّ ما ذكرناه في الأمرين المتعاقبين يجري في جميع ما يثبت أحد الأحكام من خبرين
متعاقبين ، أو أمر وخبر.
فصل [١٣]
الأمر بالعلم بشيء
لا يستلزم حصول هذا الشيء ، فإذا قال : « اعلم أنّ زيدا قائم » ، فلا يدلّ على
حصول قيامه ؛ لأنّ الأمر لطلب ماهيّة في المستقبل ، فإذا كانت علما بشيء فربّما
يكون هذا الشيء موجودا ؛ فيكون المراد الأمر بالعلم بوقوعه ، وربّما لم يوجد بعد
فيكون الأمر بالعلم به إذا وقع ، فهو أعمّ منهما ، ولذا يصحّ تقسيمه إليهما ،
والعامّ لا يدلّ على الخاصّ.
ويتفرّع عليه أن
لا يكون قول الرجل لآخر : « اعلم أنّي طلّقت زوجتي » إقرارا.
ولكنّ الأقوى أنّه
إقرار ؛ لدلالة العرف عليه.
فصل [١٤
المخبر بأمر غيره
بالشيء يدخل فيه إن تناوله ، سواء أخبر عنه بكلام نفسه ، كقوله « فلان
__________________
يأمرنا بكذا » أو
بكلام ذلك الغير ، كقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : « قال الله تعالى : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ
اعْبُدُوا ) » ، وإلاّ فلا يدخل فيه على الشقّين ، كقوله : « فلان يأمركم بكذا » ، وقول
النبيّ صلىاللهعليهوآله : « قال الله : ( وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ ) » ، والوجه في الجميع ظاهر.
ويتفرّع عليه دخول
المخبر عن الوصيّة لطائفة مخصوصة ، أو الوقف عليهم في الموصى لهم ، والموقوف عليهم
إن كان منهم ، وعدم دخوله فيهما إن لم يكن منهم.
فصل [١٥]
الإجزاء قد يفسّر
بحصول الامتثال ، وقد يفسّر بسقوط القضاء.
فعلى الأوّل لا
ريب في أنّ الأمر يوجبه ، بمعنى أنّ الإتيان بالمأمور به على وجهه ـ أي كما أمر به
الشارع ـ يوجب حصول الامتثال ، وهو متّفق عليه.
وعلى الثاني فقد
اختلف فيه ، فقيل : يقتضيه . وقيل : لا .
واستدلّ للأوّل
بأنّه لو لم يوجبه ، لم يعلم امتثال أبدا ؛ لجواز أن يأتي بالمأمور به ولا يسقط
عنه ، بل وجب عليه فعله مرّة اخرى قضاء ، وكذلك الحكم في القضاء إذا فعله ؛ وبأنّ
القضاء عبارة عن استدراك ما قد فات من مصلحة الأداء ، والفرض أنّه قد أتى بالمأمور
به على وجهه ، ولم يفت شيء منه .
واستدلّ للثاني
بأنّ القضاء يتوقّف على أمر جديد ، فلا يترتّب على الأداء ، ولو اقتضى الإتيان
بالمأمور به سقوطه ، لثبت ترتّبه عليه .
وفيه : أنّ المراد
من كون القضاء فرضا جديدا متوقّفا على أمر جديد ، أنّ عدم الإتيان بالمأمور به في
وقته لا يستلزم وجوب فعله بعد ذلك ، لا أنّ الإتيان به لا يستلزم سقوطه.
__________________
وبأنّه لا يسقط عن
المصلّي بظنّ الطهارة إذا تبيّن كونه محدثا وفاقا ، مع ثبوت الإتيان بالمأمور به
على وجهه.
وهو معارض بسقوطه
عنه بظنّ طهارة ثوبه إذا تبيّن نجاسته.
وبأنّه لا يسقط عن
متمّم الحجّ الفاسد وفاقا ، مع أنّ إتمامه إتيان بالمأمور به على وجهه.
وفيه : أنّ ما وجب
في الحجّ إنّما هو قضاء ما فسد ، والإتمام فعل آخر وجب بأمر ، وهو لم يجب قضاؤه ،
فما فعل سقط قضاؤه ، والذي يجب قضاؤه لم يفعل.
وإذا عرفت ذلك
فاعلم أنّ الحقّ أنّه إن اريد من قولنا : « على وجهه » ما وافق مراد الآمر في
الواقع ، فلا ريب أنّ الإتيان بالمأمور به على وجهه يوجب سقوط القضاء ، والخروج عن
العهدة ؛ لما ذكرناه أوّلا .
وإن اريد منه ما
وفق مراده بظنّ المكلّف ، فهو قد يوجبه وقد لا يوجبه ؛ لورود الأمرين في الشريعة ،
كما ذكرناه .
فصل [١٦]
لمّا عرفت أنّ المطلوب بالنهي هو عدم الفعل ، فيعلم أنّ حدّه هو القول الدالّ بالوضع
على طلب الترك استعلاء ، وهذا هو مقابل حدّ الأمر على ما ذكرناه ، فهو الصحيح من
حدوده على ما اخترناه. وما قيل في حدّ الأمر من الحدود المزيّفة قيل مقابلها في
حدّ النهي أيضا.
وبعد الإحاطة بما
تقدّم في حدّ الأمر تعلم صحّة هذا الحدّ ، وشرحه وفائدة قيوده ، وبطلان ما سواه.
ومن قال : المطلوب بالنهي الكفّ عن الفعل عرّفه بأنّه القول الدالّ على اقتضاء كفّ
عن فعل استعلاء ، كما عرّف الأمر بمقابله وهو القول الدالّ على اقتضاء فعل غير كفّ
.
__________________
فإن قيل : يرد على
عكس حدّك « لا تترك » ؛ فإنّه نهي مع أنّه يدلّ على طلب ترك الترك لا الترك ، وعلى
طرده « اترك » ؛ فإنّه أمر مع أنّه يدلّ على الترك ، كما يرد كلّ منهما على مقابله
الذي اخترته في حدّ الأمر ، إلاّ أنّ الوارد هنا على الطرد ، يرد هناك على العكس ،
وبالعكس.
قلت : المراد من
الترك في حدّ النهي ترك مأخذ الاشتقاق ، فإنّ المراد من « لا تضرب » ترك الضرب ،
وكذا المراد من الفعل في حدّ الأمر فعل مأخذ الاشتقاق ، فإنّ المراد من « اضرب »
فعل الضرب ، و « اترك » لا يدلّ على فعل مأخذ الاشتقاق بل على فعله ، فيخرج عن
النهي ويدخل في الأمر ، و « لا تترك » لا يدلّ على فعل مأخذ الاشتقاق بل على تركه
، فيخرج عن الأمر ويدخل في النهي.
ويمكن أن يجاب
باعتبار اختلاف الحيثيّة ، بأن يقال : مثل « اترك الزنا » يدلّ على طلب الترك من
حيث إنّ الترك ملحوظ لذاته ، ومطلوب في نفسه ، كالصوم والصلاة في « صم » و « صلّ »
، فهو بالاعتبار الأصلي المقصود لذاته مضاف إلى الترك ، فبهذا الاعتبار يكون أمرا
، وإن كان بالاعتبار التبعي وهو إضافته إلى الزنا نهيا. وأمّا مثل « لا تزن »
فدلالته على الترك من حيث تعلّقه بالزنا ، لا من حيث إنّه ملحوظ بذاته ، ومقصود في
نفسه ، فالغرض الأصلي منه عدم الزنا. فالترك في الأوّل مستقلّ بالمفهوميّة ، وفي
الثاني غير مستقلّ بها.
ثمّ بمثل هذين
الجوابين يمكن دفع ما اورد على حدّي الأمر والنهي للقائل بالكفّ ، وهو أنّهما
ينتقضان عكسا وطردا بـ « كفّ ولا تكفّ » فلا ينتقضان من
هذه الجهة وإن لم يكونا صحيحين عندنا من حيث اعتبار الكفّ.
ثمّ تحديدهما بنفس
اقتضاء الكفّ ، أو فعل غير كفّ دون القول الدالّ عليه ـ كما فعله ابن الحاجب ـ فلا ريب في فساده عندنا ؛ لما اشير إليه في حدّ الأمر .
__________________
فصل [١٧]
صيغة النهي ـ وهي
« لا تفعل » وما بمعناه ـ ترد لتسعة معان :
التحريم : ( لا
تَأْكُلُوا الرِّبَوا ).
الكراهة : ( وَلا
تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا ).
التحقير : ( لا
تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ).
بيان العاقبة : ( وَلا
تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً ).
الدعاء : ( لا
تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا ).
اليأس : ( لا
تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ ).
الإرشاد : ( لا
تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ).
التسلية : ( وَلا
تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ).
الشفقة : « لا
تتّخذوا الدوابّ كرامتي ».
ولا خلاف في أنّها
ترد لهذه المعاني ، ولا في أنّها ليست حقيقة في الجميع ، بل الخلاف فيما هي حقيقة
فيه على نحو الخلاف في الأمر.
فقيل : إنّه
للتحريم . وقيل : الكراهة . وقيل : القدر
المشترك بينهما . وقيل : القدر المشترك بينهما . وقيل : مشتركة بينهما . وقيل فيه أقوال أخر .
__________________
والحقّ ـ هنا أيضا
نظير ما تقدّم في الأمر من ـ أنّها للتحريم لغة ، وشرعا ، وعرفا.
لنا : تبادره عرفا
عند الإطلاق ، ولذا يذمّ العبد بفعل ما نهاه المولى عنه ، والأصل عدم النقل. وسائر
ما تقدّم في الأمر سوى الآيات وإن أمكن أن يقال بجريانها أيضا فيه ؛ لعدم الفرق
بينهما إلاّ في متعلّق الطلب.
ولنا قوله تعالى :
( وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) ، أوجب الانتهاء عمّا نهى النبيّ صلىاللهعليهوآله عنه ؛ لما ثبت من كون الأمر للوجوب ، وما يجب عنه الانتهاء فقد حرم فعله ،
وتحريم ما نهى النبيّ صلىاللهعليهوآله عنه يدلّ بالفحوى على تحريم ما نهى الله سبحانه عنه. فلا
يرد أنّ موضع النزاع أعمّ ممّا يدلّ عليه الآية.
وقوله تعالى : ( فَلَمَّا
عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ) ، ووجه دلالته على المطلوب ظاهر.
وقوله تعالى : ( وَلَوْ
رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ ).
وقوله : ( أَلَمْ
تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا ). ووجه دلالتهما أنّهما وردا في معرض الإنكار والذمّ على
الرجوع إلى المنهيّ عنه ، ولو لم يكن الرجوع إليه محرّما ، لما توجّه الذمّ ،
والقول باحتمال توجّه الذمّ على ترك الأولى خلاف الظاهر.
ثمّ بعد دلالة
الآيات على التحريم يثبت عموم المطلوب بأصالة عدم النقل.
لا يقال : المسلّم
دلالة الآيات على حرمة ما نهى النبيّ صلىاللهعليهوآله عنه ، لا على دلالة صيغة « لا تفعل » على التحريم ، فمن
أين يعلم أنّ ما نهى به النبيّ صلىاللهعليهوآله هو هذه الصيغة؟ فلعلّ ما يتحقّق به النهي التحريمي غير هذه
الصيغة ، أو هي مع ضمّ القرائن الدالّة على التحريم ، وكان الصادر عنه صلىاللهعليهوآله في مقام النهي أحدهما دون مجرّد الصيغة.
لأنّا نقول : إنّ
حقيقة النهي ـ كما عرفت ـ هو القول الدالّ على طلب الترك وضعا ، وهو
__________________
ليس إلاّ صيغة «
لا تفعل » وما بمعناها ؛ لما تقدّم ، فما ذا يمنعها
من كونها نهيا بعد انحصار حقيقته بها؟ وأنت بعد الإحاطة بما تقدّم في الأمر ، تتمكّن من دفع أمثال ما ذكر.
وإذا عرفت ذلك ،
فاعلم أنّ الفروع له كثيرة ، وكيفيّة التفريع ظاهرة.
وممّا يتفرّع عليه
تحريم مباحات على العبد بعد ما قال المولى له : « لا تفعلها » ، وكذا تحريم كلّ
تصرّف في مال الغير إذا أذنه فيه ثمّ نهاه عنه.
فصل [١٨]
الحقّ أنّ النهي
المطلق للتكرار والدوام ، خلافا لشرذمة قليلة .
لنا : أنّه لمنع
إدخال الحقيقة في الوجود ، فيعمّ جميع الأوقات ، وأنّ تخصيص وقت دون آخر به من غير
مرجّح تحكّم ، واستدلال السلف بمطلقه على عموم التحريم شائعا ذائعا من غير نكير ،
وإذا أفاد التكرار أفاد الفور ؛ لتوقّفه عليه.
احتجّ الخصم بأنّه يصحّ تقييده بالدوام ونقيضه من غير تكرار
ونقض.
وبأنّه ورد
للتكرار كقوله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا
الزِّنى ) ، ولخلافه كنهي الحائض عن الصلاة والصوم ، وقول الطبيب « لا تشرب اللبن ، ولا
تأكل اللحم » والاشتراك والمجاز خلاف الأصل ، فيكون للقدر المشترك.
والجواب عن الأوّل
: أنّ التقييد بالدوام للتأكيد ، وبخلافه للتجوّز.
وعن الثاني : أنّ
المبحث ، النهي المطلق من دون قرينة ، ونهي الحائض مقيّد ، وقول الطبيب مقرون
بالقرينة.
وكيفيّة التفريع
واضحة.
__________________
فصل [١٩]
من قال إنّ الأمر
بعد الحظر للوجوب قال : النهي بعد الوجوب للحظر ؛ طردا لبابي الأمر والنهي. ومن
قال بأنّه بعد الحظر للجواز ، اختلفوا في أنّ النهي بعد الوجوب للجواز أو الحظر ،
فقال بعضهم بالأوّل ؛ طردا لبابيهما. وقال بعضهم بالثاني ؛ لأنّ النهي لدفع المفسدة والأمر لجلب المنفعة ، واعتناء الشارع بالأوّل
أشدّ.
والحقّ أنّ اطّراد
بابيهما لازم ؛ لعدم الفرق دلالة ، فعلى ما اخترناه هناك لا يخفى جليّة الحال هنا
اختيارا ، وإيرادا ، وجوابا ، وتفريعا.
تتمّة : قال بعضهم : الأمر بعد الاستئذان كالأمر بعد الحظر . وعلى هذا يكون النهي ـ أيضا ـ بعد الاستئذان كالنهي بعد الوجوب.
ويظهر الفائدة
فيما لو أوصى في مرض الموت بأكثر من الثلث ؛ فإنّه قد نهى النبيّ صلىاللهعليهوآله عنه في قضيّة سعد بن أبي وقّاص ، مع أنّ التصرّف
فيه قبل مرض الموت كان مأذونا فيه.
فصل [٢٠]
النهي عن الشيء
إمّا أن يكون لعينه ، أو جزئه ، أو وصفه اللازم ، أو المفارق. وعلى التقادير إمّا
أن يكون في العبادات ، أو المعاملات. والدلالة على الفساد إمّا تكون بحسب الشرع ،
أو اللغة ، أو كليهما. فمن ملاحظة هذه الاحتمالات بعضها مع بعض يتصوّر أقسام كثيرة
، إلاّ أنّ كلّ واحد منها لم يجعل مذهبا ، بل ما جعل منها مذهبا خمس :
__________________
الأوّل : دلالته
على الفساد مطلقا.
الثاني : عدم
دلالته عليه مطلقا. نقله بعض العامّة عن أكثر الفقهاء .
الثالث : دلالته
عليه مطلقا شرعا لا لغة. اختاره المرتضى منّا ، والحاجبي منهم .
الرابع : دلالته
عليه شرعا بشرط أن لا يرجع النهي إلى وصف غير لازم ، بل إلى عين المنهيّ عنه ، أو
جزئه ، أو وصفه اللازم ؛ اختاره بعض أصحابنا ، وأكثر
الشافعيّة ، وفخر الدين الرازي .
الخامس : دلالته
عليه مطلقا في العبادات دون المعاملات. اختاره أكثر المتأخّرين من أصحابنا ،
وجماعة من العامّة ، وهو الحقّ.
وقبل الخوض في
الاستدلال لا بدّ لنا من تمهيد مقدّمتين :
[
المقدّمة ] الاولى : النهي عن الشيء لعينه هو أن يتعلّق بنفسه لا بما ينسب إليه ، كأن يقال : «
لا تفعل هذا الكلّ » سواء كان عبادة ، أو معاملة.
ومنه : ما إذا رجع
النهي إلى نفس العقد ، كبيع الملامسة والمنابذة. ومن
المنابذة بيع الحصاة ، مثل أن يقول : « بعتك من هذه الأثواب ما يقع عليه هذه
الحصاة إذا رميتها » ، فيجعل نفس الرمي بيعا ، وهو باطل ؛ لاختلال أصل العقد
باختلال الصيغة.
ومنه : النكاح
الواقع بلفظ التحليل ، والطلاق الواقع بالكنايات.
والنهي عنه لجزئه
أن يتعلّق بأحد مقوّماته وذاتيّاته ، كالنهي عن قراءة العزائم في
__________________
اليوميّة ، بناء
على جزئيّة السورة. وعن بيع الملاقيح ؛ نظرا إلى
انتفاء صفة معتبرة في المبيع ـ الذي هو جزء للبيع ـ وهو كونه مقدورا للتسليم.
ومنه : النهي عن
بيع الميتة والخمر ، ونكاح المحرّمات.
والنهي عنه لوصفه
اللازم أن يتعلّق بصفة من صفاته الداخلة فيه ، وهو إمّا لازم مساو ، أو أعمّ ، أو
أخصّ ، كالنهي عن الجهر في الفرائض النهاريّة ، وعن عقد الربا ؛ فإنّ المنهيّ عنه
هو الزيادة ، وهو أمر لازم للعقد.
ومنه : النهي عن
نكاح الشغار .
والنهي عنه لوصفه
الخارج أن يتعلّق بتشخّص عارض له ، أو لسائر مقارناته من المكان والزمان ، كالنهي عن الصلاة في المكان المغصوب ، وعن البيع وقت
نداء الجمعة.
وقد يتعلّق بأمر
عارض له ليس من صفاته ولا من هيئاته التي تتوقّف عليه ، كالنهي عن « آمين » بعد
الحمد.
وقد يخصّ النهي عن
الشيء لوصفه اللازم باسم النهي لوصفه ، ويطلق على النهي عنه
لمقارنة النهي عن الشيء لغيره.
ثمّ فيما عدا
الأوّل يحصل للنهي جهتان :
إحداهما : النهي
عن الشيء لجزئه ، أو لازمه ، أو مقارنه.
والثانية : النهي
عنه لعينه ؛ لأنّ كلاّ من الجزء واللازم والمقارن منهيّ عنه بعينه ، فالجهة
الثانية تستتبع حكم الأوّل من كلّ جهة.
__________________
[
المقدّمة ] الثانية : الفساد مقابل الصحّة ، وهي في العبادات ـ ويقال لها : « الصحّة العباديّة »
ـ إمّا موافقة الأمر ، كما قال به المتكلّمون . أو كون الفعل
بحيث يسقط به القضاء ، كما قال به الفقهاء . فالفساد فيها
إمّا عدم موافقة الأمر ، أو كون الفعل بحيث لا يسقط به القضاء ، ويقال له : «
الفساد العبادتي » . وقد عرفت أنّ الحقّ قول
المتكلّمين.
وأمّا الصحّة في
العقود والمعاملات ـ ويقال لها : « الصحّة السببيّة » ـ فهي ترتّب الأثر الشرعي
وفاقا ، فالفساد فيها عدم ترتّبه ، ويقال له : « الفساد السببي ».
إذا عرفت ذلك ،
فاعلم أنّ ما اخترناه يشتمل على دعويين :
إحداهما : أنّ
النهي عن الشيء لعينه ، أو جزئه ، أو وصفه المطلق في العبادات يدلّ على الفساد لغة
وشرعا.
واخراهما : أنّه
لا يدلّ عليه في المعاملات مطلقا.
لنا على الاولى
وجوه :
[ الوجه ] الأوّل
: أنّ العبادة المنهيّ عنها لعينها ، أو جزئها ، أو شرطها لا توافق أمر الشارع ؛
إذ لو وافقته ، لكانت مأمورا بها أيضا وهو باطل ؛ لاستحالة اجتماع الأمر والنهي
على شيء واحد ؛ للإجماع ، ولأنّ النهي يكشف عن كون المأتي به مفسدة قبيحة ، والأمر يقتضي كونه مصلحة حسنة وهما
متضادّتان ، فلا تجتمعان في محلّ واحد.
وعدم الموافقة هو
الفساد في العبادات ، كما عرفت . وقد تبيّن فيما تقدّم بيان استحالة
__________________
كون شيء واحد
مأمورا به ومنهيّا عنه من جهة ، أو جهتين مفصّلا ، ويلزم منه ثبوت جميع ما نحن بصدده.
بيانه : أنّه إذا
بيّن استحالة اجتماع الأمر والنهي ، أو بعض الأحكام مع بعضها الآخر من جهة واحدة ،
يثبت منه فساد المنهيّ عنه لعينه وجزئه ؛ لأنّه لولاه لزم كون الكلّ أو الجزء مأمورا به ومنهيّا عنه.
وإذا بيّن استحالة
اجتماعهما من جهتين متلازمتين ، يثبت منه فساد المنهيّ عنه لوصفه اللازم المساوي.
وإذا بيّن استحالة
اجتماعهما من جهتين ينفكّ إحداهما عن الاخرى حتّى يتحقّق بين متعلّق الأمر والنهي
عموم وخصوص مطلقا يثبت منه فساد المنهيّ عنه لوصفه اللازم الأخصّ ـ الذي يلزمه
شرعا أو عقلا [ ولا ينفكّ ] عن بعض أفراده وإن انفكّ عن بعضها الآخر ـ والأعمّ الذي
يلزمه وإن وجد في غيره أيضا ، ولوصفه المفارق الأخصّ ـ أي الذي يعرض لبعض أفراده
وإن لم يعرض لبعض آخر ـ والأعمّ ، أي الذي يعرض لجميع أفراده وإن عرض لغيره أيضا ؛
لأنّ تحقّق العموم والخصوص مطلقا إمّا بأن يكون المأمور به
طبيعة كلّيّة والمنهيّ عنه فردها ، أو جزءه ، أو لازمه ، أو مفارقه. وهذا اللازم أو المفارق بالنسبة إلى طبيعة المأمور
به وإن لم يكن عارضا أو لازما البتّة ؛ إذ عروضه لبعض أفراده ، إلاّ أنّه بالنسبة إلى الفرد لازم أو عارض البتّة.
مثال الأوّل :
النهي عن الجهر في قراءة الصلوات النهاريّة مع الأمر بمطلق القراءة ؛
__________________
فإنّ الجهر لازم
لبعض أفراد القراءة .
ومثال الثاني :
النهي عن الصلاة في المكان المغصوب مع الأمر بمطلق الصلاة ، والنهي عن صوم يوم
العيد مع الأمر بمطلق الصوم ؛ فإنّ المكان المغصوب ويوم العيد وإن لم يتعلّقا
بمطلق الصلاة والصوم إلاّ أنّهما تعلّقا بالنسبة إلى بعض الأفراد وهو الصلاة
الواقعة في المكان الغصبي والصوم الواقع في يوم العيد ، وليسا بالنسبة إلى هذا
البعض لازمين كالجهر ؛ لعدم مدخليّتهما في هيئته.
وإذا لم يجز اجتماع مثل هذا الأمر والنهي ، فإذا تعلّق
النهي بالجهر والصلاة في المكان المغصوب ، والصوم يوم العيد ، دلّ على فسادها.
وإمّا بأن يكون المنهيّ عنه طبيعة كلّيّة ، والمأمور به فردها ، أو جزءه ، أو
ملزومه ، أو معروضه. وهي وإن كانت لازمة أو عارضة لهذا الملزوم أو المعروض ، إلاّ
أنّها تكون لازمة أو عارضة لغيرهما أيضا.
مثال الأوّل : أن
يقدّر ورود النهي عن مطلق الجماعة مع الأمر بصلاة الجمعة ؛ فإنّ الجمعة لا تنفكّ
عن الجماعة شرعا ، والجماعة توجد في غيرها أيضا.
ومثال الثاني :
النهي عن التصرّف في المكان المغصوب مع الأمر بالصلاة فيه.
فإذا لم يجز ذلك
دلّ النهي على بطلان صلاة الجمعة والصلاة في المكان المغصوب.
وإذا بيّن استحالة اجتماعهما من جهتين ينفكّ كلّ منهما عن الاخرى ـ حتّى يتحقّق بين
المأمور به والمنهيّ عنه عموم وخصوص من وجه ـ يثبت فساد المنهيّ عنه لوصفه المفارق
؛ لأنّ تحقّق العموم من وجه يتوقّف على أن يكون كلّ من المأمور به والمنهيّ عنه
__________________
طبيعة كلّيّة
يجتمعان في شيء هو فرد لكلّ منهما. ولا شكّ أنّ طبيعة المنهيّ عنه حينئذ عرض مفارق
بالنسبة إلى طبيعة المأمور به وإلى هذا الفرد.
مثاله ورد الأمر
بمطلق الصلاة ، وتعلّق النهي بمطلق التصرّف في المكان المغصوب ، وهما قد اجتمعا في
الصلاة في المكان المغصوب. والتصرّف في المكان عرض مفارق بالنسبة إلى مطلق الصلاة
وإلى هذا الفرد.
وإذا لم يجز
اجتماع مثل هذا الأمر والنهي ، دلّ النهي على فساد مثل هذه الصلاة. هذا.
وإذا تعلّق النهي
بشيء لعينه ، أو جزئه ، أو وصفه اللازم ، أو المفارق من غير أن يكون مأمورا به ،
أي لم يتعلّق به أمر يدلّ على الوجوب ، أو الندب ، أو الإباحة عموما ، أو خصوصا ،
كالإمساك في يوم وليلة بقصد التقرّب فلا ريب في دلالته على فساده ، ولا يكون عبادة
موافقة لأمر الشارع ، ولا معاملة يترتّب عليها الأثر الشرعي ، بل يكون بدعة
وضلالة.
وإن كان مأمورا به
بأحد الوجوه المذكورة ، فلا بدّ في الأوّل من الجمع إن أمكن
، وإلاّ فالطرح. وكذا في الثاني. وفي الثالث لا بدّ من حمل العامّ على الخاصّ. وفي
الرابع من تخصيص أحدهما بالمؤيّدات الخارجيّة ؛ لئلاّ يلزم الاجتماع بوجه ، كما
تقدّم مفصّلا .
فإن قيل : إذا لزم
من امتناع اجتماع الأمر والنهي دلالة النهي على الفساد ، فأيّ حاجة إلى عقد
المسألتين؟
قلت : لا يلزم منه
إلاّ دلالة النهي على الفساد في العبادات لا المعاملات ؛ لأنّه اقتضى استحالة
اجتماع الوجوب والحرمة بل الإباحة والحرمة حرمة المنهيّ عنه ، وهو عين فساده إذا
كان عبادة ، أو مستلزم له لزوما بيّنا ؛ لأنّ فساده عدم كونه مراد الشارع وهو عين
الحرمة أو لازمها.
وأمّا المعاملة ،
فحرمتها ليست عين فسادها ولا مستلزمة له ؛ لإمكان أن لا تكون مطلوبة للشرع ولكن
يترتّب عليها آثارها ، فمطلوب القوم من هذه المسألة بيان دلالة النهي على الفساد
السببي ، أو عدم دلالته عليه.
__________________
وقد ظهر من ذلك
أنّ الدليل المذكور لا يجري في غير العبادات.
والقول بإجرائه
فيه ـ إذ التجارة مثلا قد تكون واجبة وقد تكون مستحبّة ، وعلى تقدير أن لا تكون
إلاّ مباحة يلزم أيضا من النهي عنها مع القول بصحّتها اجتماع حكمين فيها وهو غير
جائز ؛ لأنّ الأحكام كلّها متضادّة لا يمكن اجتماعها ؛ إذ قد اعتبر في كلّ منها
نقيض ما اعتبر في الآخر ـ ظاهر الفساد ؛ لأنّ التجارة من حيث إنّها واجبة أو
مستحبّة من العبادة ، فرفعهما بالنهي فساد عبادتي ، ولا ريب في تحقّقه بالنهي وعدم اجتماع وجوبها أو استحبابها معه ، وليس
الكلام فيه ؛ لأنّها من هذه الجهة داخلة في قولنا : « النهي عن العبادة يستلزم
فسادها ». إنّما الكلام في الفساد السببي وهو غير لازم من النهي ؛ لأنّ مقابله ـ وهو
الصحّة بمعنى استتباع الآثار ـ يجتمع مع مدلول النهي ـ أي الحرمة ـ ولا يلزم من
اجتماعهما اجتماع الأحكام المتضادّة ؛ لأنّها هي الخمسة المعروفة ، والصحّة
السببيّة ليست أحد الأربعة غير الحرمة لتضادّها .
وحاصله : أنّه ليس
بين السببيّة التي هي من الأحكام الوضعيّة والحكم التكليفي تقابل حتّى يمتنع
اجتماعهما.
فإن قيل : المسلّم
عدم جواز تعلّق الأمر بنفس ما تعلّق به النهي ذاتا واعتبارا أو من جهتين لا يمكن الانفكاك بينهما ، فثبت منه فساد المنهيّ عنه لعينه ، أو
لجزئه ، أو للازمه المساوي. وأمّا عدم جوازه من جهتين يمكن الانفكاك بينهما ، فغير
مسلّم ؛ للتغاير حينئذ بين المأمور به والمنهيّ عنه ؛ فإنّ النهي عن الصلاة في
المغصوبة متعلّق بخصوص هذا الفرد الواقع فيها ، والواجب هو ماهيّة الصلاة لا هذا
الكون المخصوص الذي يجوز أن لا يفعل ، فالنهي بالحقيقة يرجع إلى وصف الغصب.
__________________
قلت ـ مضافا إلى
ما عرفت من عدم جواز اجتماعهما بوجه ـ : إنّ ما يجري فيه حديث الجهتين إن كان
منهيّا عنه لوصفه اللازم ، فلا يمكن تعلّق النهي فيه بمجرّد مثل هذا الوصف لو كان
الموصوف عبادة ؛ لأنّه لا يمكن الامتثال فيه ، فيلزم التكليف بالمحال.
وإن كان منهيّا
عنه بوصفه المفارق وإن احتمل أن يرجع النهي إلى الوصف إلاّ أنّه يحتمل أن يرجع
حقيقة إلى الذات أيضا ، ويكون رجوعه ظاهرا إلى الوصف لنصب القرينة على إرادة باقي
الأفراد ـ غير الموصوفة بالوصف المذكور ـ من الكلّي ، وعدم إرادة الكلّي من حيث
هو.
فعلى الثاني يرجع
النهي إلى عين الكلّي في هذا الفرد ، فلا يكون عبادة صحيحة.
وعلى الأوّل وإن
كان المطلوب هو الكلّيّ من حيث هو ولا يلزم فساد هذا الكلّي الذي هو نفس العبادة ،
إلاّ أنّه يلزم عدم صلاحية الفرد المخصوص من حيث الخصوص للعبادة ؛ لأنّه من حيث
الخصوص منهيّ عنه لعينه ، فيلزم فساده ويثبت منه المطلوب.
[ الوجه ] الثاني : أنّها لو لم تفسد ، لزم من نفيها حكمة يدلّ عليها
النهي ، ومن ثبوتها حكمة تدلّ عليها الصحّة ،
ويمتنع النهي مع تساوي الحكمتين ؛ لخلوّه عن الحكمة حينئذ ، أو مرجوحيّة حكمته ؛
لتفويته الزائد من مصلحة الصحّة ، ويمتنع الصحّة مع رجحان حكمة النهي ؛ لخلوّها عن
المصلحة ، بل لفوات الزائد من مصلحة النهي.
[ الوجه ] الثالث
: أنّ السلف لم يزالوا يستدلّون على الفساد بالنهي في أبوابه ، وبانضمام أصالة عدم النقل يثبت الدلالة اللغويّة.
وربما اورد عليه
بأنّه لا حجّيّة في قول السلف ما لم يبلغ حدّ الإجماع ، وثبوته في محلّ طال فيه
النزاع والتشاجر ممنوع.
والحقّ ، أنّ هذا
الإيراد ساقط في النهي عن العبادات ؛ لثبوت الاحتجاج به على فسادها
__________________
من الصحابة
والأتباع ومن تأخّر عنهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار ، وإنكاره مكابرة ، ولو
سلّم وجود مخالف فيه فلم يبلغ حدّا يقدح مخالفته في الإجماع. نعم ، وروده على
النهي في المعاملات لا يخلو عن وجه.
[ الوجه ] الرابع
: أنّ الأمر يقتضي الصحّة ؛ لدلالته على الإجزاء بكلا تفسيريه ، كما عرفت ، والنهي نقيضه فيدلّ على الفساد ؛ لتناقض مقتضيات المتناقضات.
وفيه أمّا أوّلا :
فمنع وجوب تقابل أحكام المتقابلات ؛ لجواز اشتراكهما في لازم واحد ، فضلا عن تناقض أحكامهما .
وأمّا ثانيا : أنّ
نقيض قولنا : « يقتضي الصحّة » أنّه لا يقتضي الصحّة ، ولا يلزم منه أن يقتضي
الفساد ، وحينئذ فالنهي لا يدلّ على صحّة المنهيّ عنه ولا على فساده ، ويتوقّف فهم
أحدهما على دليل آخر.
وغير خفيّ أنّ هذه
الأدلّة ـ على فرض تمامها ـ تدلّ على دلالة النهي عن الشيء لعينه ، أو جزئه ، أو
وصفه اللازم ، أو المفارق ، ووجهه ظاهر. هذا.
وبقي الكلام فيما
أشرنا إليه أخيرا ، أي النهي عن الامور الخارجة التي ليست من صفات العبادات
أصلا ولا من هيئاته ، ولا يتوقّف وجودها عليها بوجه ، كالنهي عن « آمين » بعد
الحمد.
وقد اختلف في
أنّها تفسد العبادة الواقعة هي فيها ، أم لا. فقيل بالثاني ؛ نظرا إلى أنّها امور خارجة مغايرة للعبادة ولا يتوقّف تحقّق العبادة عليها
، فلا يلزم من تعلّق النهي بها فسادها ، مع كون الأمر دالاّ على الإجزاء وفاقا.
وقيل بالأوّل ، نظرا إلى أنّ المفهوم من النهي كون وجود المنهيّ عنه مانعا لتحقّق العبادة
، وعدمه شرطا له.
__________________
والحقّ أنّ ماهيّة
الصلاة بأجزائها وشرائطها وموانعها إن كانت معلومة من خارج ولم يكن عدم هذه الامور
شيئا من الأوّلين ، ولا وجودها من
الآخر ، فالنهي عنها لا يدلّ على فسادها ؛ لأنّ تعلّق النهي بشيء مغاير لآخر لا
يقتضي تعلّقه بهذا الآخر ، وإلاّ فالنهي عنها يدلّ
على فسادها ؛ لأنّه إمّا يعلم حينئذ كون عدمها من الشرائط ووجودها من الموانع ، أو
يشكّ فيه.
فعلى الأوّل لا
إشكال. وعلى الثاني نقول : لا ريب في ورود النهي عنها ، وظاهره يفيد مانعيّة
المنهيّ عنه ، كما أنّ ظاهر الأمر يفيد الجزئيّة أو الشرطيّة ؛ لأنّ الأمر بإيقاع
فعل في عبادة مركّبة عند بيان حقيقته يدلّ على جزئيّته لها التزاما.
وبهذا يظهر ضعف ما
قيل : إنّ الجزئيّة أو الشرطيّة أو المانعيّة إن كانت مشكوكا فيها كان حكمه حكم الأوّل ؛ لأنّ الأصل عدمها ، ومجرّد الأمر أو النهي لا يدلّ عليها ؛ لعدم
دلالتهما عليها لا مطابقة ولا تضمّنا ولا التزاما.
ثمّ الاختلاف
إنّما فيما تعلّق به النهي لأجل العبادة لا لذاته ، وأمّا فيما علم أنّ النهي عنه
في العبادة لأجل حرمته مطلقا ، كالنظر إلى الأجنبيّة في الصلاة ، فلا يقتضي فساد
العبادة قولا واحدا.
فإن قيل : يلزم
على ما ذكرت في الشقّ الأوّل أن لا يدلّ النهي عن الصلاة في الدار المغصوبة أيضا على
فساد الصلاة ؛ لأنّ النهي فيه أيضا متعلّق بشيء خارج عن حقيقة الصلاة ، مغاير لها.
قلت : لمّا فرض
أنّ ماهيّة الصلاة بتمامها معلومة ، والمنهيّ عنه ليس من شرائطها ولا أوصافها ولا
موانعها ، والنهي تعلّق بمجرّد المنهيّ عنه من غير مدخليّة له بطبيعة العبادة أو
الفرد الخاصّ ، والأمر تعلّق بأحدهما ، فيكون المنهيّ عنه والمأمور به متباينين ،
ويكون
__________________
الكلّي أو الفرد
الخاصّ مطلوبا ، وإن قارنه المنهيّ عنه.
وأمّا في مثل : «
الصلاة في المغصوبة » فالفرد الخاصّ بعينه ليس مرادا ، سواء كان جهة النهي نفسه ،
أو وصفه المفارق ؛ لأنّ المنهيّ عنه في الأوّل ذات المعروض بنفسها ، وفي الثاني
ذاته مع تحقّق الوصف حين تحقّقه ، والمأمور به الطبيعة المطلقة أو الفرد من حيث
الذات إذا انفكّ عن الوصف الذي تعلّق به النهي لأجله. فالظاهر في مثله تقييد النهي
للأمر ، وإفادته أنّ المأمور به هو الطبيعة بشرط عدم تحقّقها في ضمن هذا الفرد
الخاصّ ، فإذا أتى المكلّف بهذا الفرد لم يأت بشرط المأمور به وأتى بنفسه في ضمنه.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون النهي خاصّا بالفرد الخاصّ ، بأن يقول : « لا تصلّ في
الدار المغصوبة » ليتحقّق بين المأمور به والمنهيّ عنه عموم وخصوص مطلقا ، أو
عامّا يشمله وغيره ، كأن يقول : « لا تتصرّف في المغصوبة » لأنّ المناط تعلّق
النهي به ، سواء كان عامّا أو خاصّا.
ولنا على الثانية : أنّ النهي لا يدلّ إلاّ على الحرمة ، وهي لا تستلزم الفساد السببي ، أي عدم
ترتّب الآثار ؛ لأنّ ترتّبها وهو الصحّة لا ينافيها ، ولذا يترتّب على الوطء في الحيض آثاره الشرعيّة وهي لزوم المهر كملا ،
والعدّة ، وصحّة النسب مع كونه حراما. ويترتّب على ارتداد الزوج المسلم آثاره ، أي
بينونة زوجته ، وقسمة أمواله بين ورّاثه مع كونه محرّما ، ويحصل التطهير إذا وقع
إزالة النجاسة بالماء المغصوب ، وغير ذلك.
وأيضا لو دلّ عليه
، لكانت إحدى الثلاث وكلّها منتفية. أمّا المطابقة والتضمّن ،
فظاهر.
وأمّا الالتزام ،
فلأنّ شرطه اللزوم العقلي أو العرفي ، وكلاهما مفقود ، ولذا يجوز النهي عن معاملة
ـ والتصريح بترتّب آثارها عليها ـ لو وقعت من دون حصول تناف بين الكلامين.
ثمّ إنّ النهي في
المعاملة كما لا يدلّ على الفساد فلا يدلّ على الصحّة أيضا ، فالحكم المنهيّ عنه
لو لم يدلّ دليل على صحّته بعمومه أو خصوصه يحكم بفساده وإن قطع النظر عن النهي ؛
لأصالة بقاء الحكم السابق ؛ ولأنّ الصحّة السببيّة ـ وهي ترتّب الآثار ـ حكم شرعي
__________________
يفتقر ثبوته إلى
دليل شرعي ، فالحكم بالصحّة يتوقّف على دلالة شرعيّة عامّة أو خاصّة ، وحينئذ لا
يكون النهي مانعا عنها ؛ لعدم التنافي ، بخلاف العبادات ؛ لأنّ الحرمة فيها لمّا
كانت منافية لصحّتها فلا يجوز اجتماع الأمر والنهي فيها ، فالنهي يدلّ على فسادها
، وإن دلّ عامّ أو خاصّ على صحّتها ، فيقع بينهما التعارض. هذا.
واحتجّ من قال
بدلالته على الفساد في المعاملة أيضا بوجوه :
منها : أنّ العرف
يفهم منه الفساد ، والأصل عدم النقل .
وجوابه : منع فهم
العرف الفساد السببي ، بل لا يخطر ذلك ببالهم.
ومنها : الدليل
الثاني .
والجواب عنه :
أنّه إن اريد بالحكمة حالة ملائمة لكون الفعل مطلوبا للشارع ، فلا نسلّم دلالة
الصحّة السببيّة على وجودها ؛ إذ من الجائز عقلا انتفاء الحالة الملاءمة في الطلاق
وعقد البيع وقت النداء مع ترتّب البينونة وانتقال الملك عليهما.
نعم ، هذا في
العبادات معقول ؛ لأنّ الصحّة فيها لمّا كانت عبارة عن حصول الامتثال وموافقة
الأمر ، فالنهي فيها يدلّ على وجود الحالة الملاءمة.
وإن اريد بها حالة
مطلقة أعمّ من أن تكون ملائمة ، أو مستتبعة للآثار ، فاقتضاء الصحّة لها مسلّم
إلاّ أنّه لا معنى للترديد حينئذ ؛ لأنّ الحالة المستتبعة للآثار لا تعارض حكمة
النهي حتّى يقال : إنّها مساوية لها ، أو راجحة عليها ، أو مرجوحة عنها ؛ لعدم
التضادّ بينهما.
ومنها : الدليل
الثالث .
وقد عرفت جوابه .
ومنها : أنّ ترتّب
الآثار على المعاملات ليس أمرا عقليّا ، بل هو بمجرّد جعل الشارع ووضعه ، فهو من
قبيل الأحكام الوضعيّة الناقلة عن الأصل ، فلا يحكم به إلاّ مع العلم أو الظنّ
الشرعي ، ومع تعلّق النهي لا يحصل شيء منهما.
__________________
نعم ، إن علم جعل
الشارع معاملة معرّفة لشيء من الأحكام ، أمكن الحكم بترتّب آثارها عليها وإن تعلّق
النهي بعينها أو جزئها أو وصفها .
وأنت خبير بأنّ
هذا اعتراف بعدم دلالة النهي على الفساد ، فهو حجّة لنا.
ومنها : ما ورد في
بعض الأخبار من استدلال الأئمّة على حرمة بعض العقود والإيقاعات
بالمناهي المجرّدة عن القرائن ، مع كونها فاسدة في الواقع ، فيظهر منه أنّ مرادهم
من الحرمة الفساد .
والجواب : أنّهم عليهمالسلام لم يستدلّوا بها إلاّ على الحرمة. وكونها فاسدة للدلالة الخارجيّة لا يقتضي
أن يكون المراد من الحرمة الفساد.
ومنها : قول
الباقر عليهالسلام : « من طلّق ثلاثا في مجلس على غير طهر لم يكن شيئا ،
إنّما الطلاق الذي أمره الله عزّ وجلّ ، ومن خالف لم يكن له طلاق » ، ووجه دلالته أنّه عليهالسلام نفى حقيقة الطلاق إذا كان منهيّا عنه ، وأقرب المجازات إلى
نفي الحقيقة الفساد.
وقوله في حسنة
زرارة ـ بعد ما حكم بصحّة تزويج العبد إذا وقع بدون إذن سيّده ثمّ أجازه ، وقيل له
: إنّ بعض أهل الخلاف يقول بفساد أصله فلا يحلّه الإجازة ـ : « إنّه لم يعص الله ،
إنّما عصى سيّده ، فإذا أجازه فهو جائز له » .
وجه الدلالة أنّه
يدلّ على فساد النكاح إذا كان معصية لله تعالى ، وفعل المنهيّ عنه معصية .
والجواب : أنّهما
لا يدلاّن إلاّ على فساد ما لم يؤمر به بوجه وكان منهيّا عنه أو معصية ، ولذا حكم
بصحّة تزويج العبد بعد الإجازة ؛ لأنّه كان مأمورا به أوّلا ؛ نظرا إلى جواز إيقاع
الفضولي. وبطلان ما لم يؤمر به أصلا ممّا نقول به ، كما تقدّم .
__________________
واحتجّ القائل
بالدلالة مطلقا بحسب الشرع لا اللغة أمّا على الجزء الإثباتي : فبما تقدّم من عمل
السلف ، وقد عرفت أنّه ثبت به المطلوب في العبادات دون المعاملات. وأمّا على الجزء السلبي : فبأنّ فساد الشيء عبارة
عن سلب أحكامه ، وليس في لفظ النهي ما يدلّ عليه لغة .
والجواب عن الثاني
: أنّه إن اريد بالأحكام الآثار التابعة للعقود والإيقاعات ، فعدم دلالة النهي
عليه لغة مسلّم نحن نقول به ، إلاّ أنّه كذلك أيضا بحسب الشرع كما تقدّم .
وإن اريد بها ما
يشمل عدم موافقة الأمر ، فعدم دلالته عليه ممنوع ، فإنّ النهي يدلّ عليه لغة كما
يدلّ عليه شرعا ، ولا فرق في هذه الدلالة بين اللغة والشرع ؛ لأنّه ليس مدلولا
مطابقيّا ولا تضمّنيا لشيء منهما ، ولازم عقلي لكلّ منهما ؛ لأنّه لازم للتحريم
الذي يدلّ عليه النهي لغة وشرعا. هذا.
وممّا ذكرناه فيما
تقدّم قد ظهر حجّة القائل بالدلالة إذا تعلّق النهي بعين الشيء ،
أو جزئه ، أو وصفه اللازم ؛ وعدمها إذا تعلّق بوصفه المفارق مع جوابها.
إذا عرفت ذلك ،
فيتفرّع عليه بطلان الطهارة بالماء المغصوب ، والصلاة في المكان المغصوب ، والصوم
سفرا عدا ما استثني ، والحجّ المندوب بدون إذن الزوج والمولى ، وبطلان الوضوء إذا
ترك غسل الرجلين أو مسح الخفّين في موضع التقيّة ، وصحّة البيع وقت النداء ، وقس
عليها أمثالها.
وممّا يتفرّع عليه
ذبح الأضحية ، أو الهدي بآلة مغصوبة ، وإيقاع الصلاة مع كون المصلّي مستصحبا لشيء
مغصوب.
وبعد الإحاطة بما
ذكر لا يخفى حقيقة الحال فيهما.
__________________
تذنيب
عدم دلالة النهي
على الصحّة ممّا لا ينبغي الريب فيه بعد الإحاطة بما تقدّم. وبالغ أبو حنيفة
والشيباني في دلالته عليها ، وهو من المباحث المشهورة عند الحنفيّة ، واستدلّوا عليه
بخيالات فاسدة لا ينبغي تدوينها في المصنّفات والتعرّض لها في المحاورات ؛ ولذا
أعرض عنها الجماهير ، وأجمعوا على خلافهما .
فصل [٢١]
الأمر والنهي
متعلّقهما إمّا مطلق ، أو معيّن متجزّئ ، أو معيّن غير متجزّئ.
فعلى الأوّل يحصل
الامتثال في الأمر بإيقاع جزئي من جزئيّاته ، ولا يحصل في النهي إلاّ بترك جميع
أفراده ؛ لأنّ المطلق في جانب النهي كالنكرة المنفيّة في العموم ، فلو حلف على أكل
رمّان تبرأ ذمّته بأكل واحد ، ولو حلف على تركه لم تبرأ إلاّ بترك جميع أفراده.
وعلى الثاني يشترط
في امتثال الأمر الاستيعاب ، ويحصل الامتثال في النهي بالانتهاء عن البعض ؛ لأنّ
الماهيّة المركّبة تنفى بانتفاء جزء منها ، فلو حلف على الصدقة بعشرة ، فلا يكفي
البعض ، ولو حلف أن لا يأكل رغيفا ، أو علّق الظهار به لم يحنث بأكل بعضه ، بل
الحنث والظهار يتوقّفان على الاستيعاب.
وعلى الثالث فلا
فرق فيه بين الأمر والنهي ؛ لتوقّف امتثال الأمر على فعل هذا
المعيّن ، والنهي على تركه ، كما لو حلف على فعل القتل أو تركه.
__________________
الباب الثاني
في العامّ والخاصّ
اعلم أنّ العامّ
قد حدّ بحدود ، أشهرها وأصوبها عندي أنّه : « اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له
بوضع واحد » ويخرج بقيد : « المستغرق لجميع ما يصلح له » جميع النكرات ـ مفردة
كانت ، أو تثنية ، أو جمعا ـ وقيد الأخير ؛ لإدخال المشترك إذا استغرق جميع أفراد
معنى واحد ، كلفظ « العين » إذا استغرق جميع أفراد الباصرة ، ولولاه للزم أن يشترط
في عمومه استغراقه لجميع أفراد معانيه المتعدّدة ، وإدخال اللفظ الذي له معنى حقيقي
ومجازي إذا استغرق جميع أفراد أحدهما ، ولولاه لزم أن يشترط في عمومه استغراقه
لجميع أفراد مفهوميه معا.
وقيل : إنّه
لإخراج المشترك والحقيقة والمجاز أيضا ، إذا اريد من
الأوّل جميع معانيه عند من يجوّزه ، ومن الثاني المعنى الحقيقي والمجازي عند من
جوّز إرادتهما من اللفظ الواحد.
وفيه : أنّهما
يخرجان بالقيد الأوّل ؛ لأنّ الأوّل يصلح لجميع أفراد جميع معانيه ، والثاني يصلح
لجميع أفراد معنييه ، فإذا اريد من كلّ منهما بعض أفراد جميع معانيه لم يكن
مستغرقا لجميع ما يصلح له.
واورد عليه بأنّه
ينتقض عكسا بالجموع المعرّفة إن اريد من الموصول الجزئيّات ؛ لأنّها من صيغ العموم مع أنّها لا تستغرق جزئيّاتها ـ أي كلّ جمع
جمع ـ بل تستغرق
__________________
أجزاءها ، أي كلّ واحد واحد كما هو الحقّ. وب « الرجل » و « لا رجل » إن اريد منه الأجزاء ؛ لأنّهما يفيدان العموم مع أنّ ما يصلحان له من جزئيّاتهما لا من
أجزائهما. وبالبسائط العامّة ، كـ « النقطة » و « الوحدة » باعتبار تناولها
الجزئيّات إن اريد منه كلاهما ؛ فتعيّن إرادة الأعمّ ـ أي أحدهما لا بعينه ـ فينتقض طردا بالجمل والمثنّى والمجموع المنكّر ، كزيدين وزيدين ، والعشرة والمائة ، وغيرهما من أسماء الأعداد ؛ لأنّ الجمل
مستغرقة لما يصلح لها من أجزائها من الفعل والفاعل والمفعول ، والبواقي أيضا
مستغرقة لما يصلح لها من الأجزاء ، أي الاثنين والثلاثة والعشرة وغيرها .
وجوابه : أنّ
المراد منه الجزئيّات ، ولا يرد النقض بالجموع المعرّفة ، لا لمنع كون
عمومها باعتبار كلّ فرد بل لكلّ جمع كما قيل ؛ لأنّ ذلك خلاف التحقيق ؛ للزوم
التكرار ، وانتقال أهل اللسان منها ابتداء إلى كلّ فرد فرد من دون خطور الجمع
ببالهم ، بل لأنّ اللام يبطل الجمعيّة كما اشتهر بينهم ، فيكون جزئيّات مفهومها كلّ فرد فرد لا كلّ جمع.
وقيل : هو اللفظ
الموضوع للدلالة على استغراق أجزائه أو جزئيّاته .
وينتقض طردا
بالمثنّى ، والمجموع المنكّر ، والعشرة كما تقدّم .
وقيل : هو اللفظ
الواحد الدالّ من جهة واحدة على شيئين فصاعدا .
__________________
واعترض عليه بوجوه
يمكن دفعها بتكلّفات ، وما لا يندفع عنه أنّه ينتقض عكسا بالمثنّى والجمع المنكّر .
وللمتكلّف أن يقول
: المراد من « الشيئين فصاعدا » الجزئيّات ، فيسلم من النقض.
وقيل : هو ما دلّ
على مسمّيات باعتبار أمر اشتركت فيه مطلقا ضربة .
ويخرج بـ «
مسمّيات » مثل : زيد ، وب « اشتركت » نحو : عشرة ، وب « مطلق » المعهود ، فإنّه
يدلّ على مسمّيات باعتبار ما اشتركت فيه مع قيد خصّصه بالمعهودين ، وب « ضربة » ما
يدلّ على مسمّيات على البدل ، كرجل .
وينتقض طردا
بالجموع المنكّرة ، وعكسا بالجموع المضافة ، كعلماء البلد ؛ فإنّها تدلّ على
مسمّيات مع قيد التخصيص.
وقيل : هو اللفظ
الواحد المتناول بالفعل لما هو صالح بالقوّة مع تعدّد موارده .
واورد عليه بأنّه
ينتقض عكسا بمثل « علماء البلد » ، والموصولات ، كـ « الذي يأتي » وأسماء الشرط ، كـ « مهما يضرب » ؛ لتناولها قوّة ما لا يتناوله فعلا .
فصل [١]
العامّ أخصّ مطلقا
من المطلق ؛ لأنّ مدلوله الماهيّة المقيّدة بالكثرة الشاملة غير المحصورة ، ومدلول
المطلق ـ كما هو الظاهر من عبارات القوم ـ الماهيّة من حيث هي.
وتوضيح ذلك : أنّ
لكلّ شيء حقيقة هو بها هو ، وهي من حيث هي ليست واحدة ولا كثيرة ، ولا عامّة ولا
خاصّة ، ولا مسلوبا عنها شيء من ذلك ؛ لأنّها قابلة للاتّصاف بكلّ منها على البدل
، فإن اخذت مع الوحدة تكون واحدة ، ومع الكثرة تكون كثيرة ، وهكذا بالقياس إلى
باقي العوارض.
__________________
وإذا تقرّر ذلك ،
فنقول : اللفظ الدالّ عليها من حيث هي « المطلق ». وعليها مع كلّ جزئيّاتها «
العامّ ». ومع وحدات محصورة « العدد ». ومع واحدة معيّنة « المعرفة ». وغير معيّنة
« النكرة ».
وأنت خبير بأنّ
كون المطلق ما اريد به الحقيقة من حيث هي ينافي تعليق الأحكام بالأفراد دون
الماهيّات ، ولذا قيل : « إنّه ما دلّ على شائع في جنسه » . أي على حصّة ممكنة الصدق على حصص كثيرة من الحصص المندرجة تحت مفهوم كلّي ،
فيخرج ما ليس لحصّة محتملة ، كالمعارف بأسرها ؛ لأنّها إمّا أن تدلّ على فرد معيّن
، نحو : « زيد » و « هذا » ، أو على الحقيقة من حيث هي ، نحو : « الرجل » و «
اسامة » ، أو على حصّة معيّنة ، مثل : ( فَعَصى فِرْعَوْنُ
الرَّسُولَ ) أو على استغراق الأفراد وعمومها ، نحو : « الرجال » و « كلّ رجل » و « لا رجل
» ، فالمطلق لا تعيين فيه بوجه. والمعارف فيها التعيين إمّا شخصا ، أو حقيقة ، أو
حصّة ، أو استغراقا. هذا.
ويمكن توجيه ما هو
الظاهر من كلام القوم بأنّ الأحكام لا يلزم أن تجري أوّلا على الأفراد ، بل اللازم
أعمّ من ذلك ، فيمكن أن تجري عليها أوّلا وعلى الكلّيات باعتبارها ، فأيّ مانع أن
يكون مدلول المطلق الماهيّة من حيث هي باعتبار وجودها.
فصل [٢]
لا خلاف في عروض
العموم للألفاظ حقيقة ، وإنّما اختلفوا في عروضه للمعاني على أقوال : ثالثها :
عروضه لها مجازا لا حقيقة .
والحقّ ، أنّه إن
اريد بالعموم استغراق اللفظ لمسمّياته ـ كما هو اصطلاح الاصوليّين ـ فهو من عوارض الألفاظ خاصّة ، وإن اريد به شمول مفهوم لأفراده ـ كما هو
اصطلاح أهل النظر ـ فهو من عوارض المعاني خاصّة ، وإن اريد به شمول أمر
لمتعدّد ، فهو من عوارضهما معا لغة وعقلا.
__________________
أمّا كونه عارضا
للألفاظ بحسبهما ، فلا ريب فيه.
وأمّا كونه عارضا
للمعاني لغة ، فظاهر من إطلاق الادباء واستعمال الفصحاء إطلاقا شائعا ، واستعمالا
ذائعا ، كقولهم : « عمّ العطاء » و « عمّ البلاء » و « عمّ الخصب » و « عمّ الجدب
» و « عمّ المطر » و « عمّ الخير » وغير ذلك .
وأمّا كونه عارضا
لها عقلا ؛ فلأنّه كما يصحّ في الألفاظ أن يوجد لفظ واحد شامل لألفاظ كثيرة متعلّق
بها تعلّق الصدق والحمل لا تعلّق الحلول ، فكذلك يصحّ أن يوجد معنى ذهني يشمل
أفرادا كثيرة يحمل عليها بالحمل الإيجابي. وإنكار ذلك مكابرة. والظاهر أنّ من
أنكره من الاصوليّين ممّن أنكر وجود المعاني الذهنيّة.
وظهر من ذلك أنّ
الأمر العامّ إذا لم يكن من الألفاظ لا بدّ أن يكون من المعقولات الذهنيّة لا
الأعيان الخارجيّة ؛ لأنّه لا يمكن أن يوجد في الخارج ما يتّصف بالعموم ـ أي يكون
صادقا ومحمولا على كثيرين ـ إلاّ أن يثبت وجود الكلّي الطبيعي في الخارج.
فصل [٣]
ما يفيد العموم
إمّا يفيده عرفا ، كقوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ
أُمَّهاتُكُمْ ) ، فإنّه يوجب عرفا حرمة جميع الاستمتاعات.
أو عقلا ، وهو
إمّا ترتّب الحكم على الوصف بإحدى الطرق المثبتة للعلّيّة ؛ لأنّه إذا ثبتت
العلّيّة ، يحكم العقل بعمومها ، أي ثبوت الحكم أينما وجدت ، كقوله : (
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا ) ، ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا ).
أو دليل الخطاب
عند من يقول به ، كقوله عليهالسلام : « في سائمة الغنم زكاة » فإنّه يفيد انتفاء الزكاة عن جميع ما عدا السائمة. أو اشتمال السؤال على ما
يحكم العقل لأجله بعموم الحكم
__________________
الذي يشتمل عليه
الجواب ، كأن يسأل عن كلّ من أفطر في نهار رمضان ، فيقال : عليه الكفّارة ، فيعلم
شمول هذا الحكم لكلّ من أفطر.
أو لغة ، وهو
الصيغ المخصوصة التي يثبت بعد ذلك إفادتها العموم ، ومنه يثبت أنّ للعموم في لغة
العرب صيغا تخصّه ، كما ذهب إليه أهل التحقيق .
وقال جماعة : إنّ
جميع الصيغ التي يدّعى وضعها للعموم حقيقة في الخصوص وإنّما تستعمل في العموم
مجازا .
وذهب طائفة ، منهم
المرتضى إلى أنّها مشتركة بين الخصوص والعموم لغة ، إلاّ أنّه جزم بأنّها نقلت في
عرف الشرع إلى العموم .
وقيل بالوقف مطلقا
.
وقيل به في
الأخبار دون الأمر والنهي .
واحتجّ القائل
بأنّها حقيقة في الخصوص بأنّ الخصوص متيقّن ؛ لأنّها إن كانت للخصوص فمراد ، وإن
كانت للعموم فهو داخل في المراد ، والعموم مشكوك فيه ، فجعلها للمتيقّن أولى من
جعلها للمشكوك فيه.
وبأنّه اشتهر في
الألسن ـ حتّى صار مثلا ـ : « أنّه ما من عامّ إلاّ وقد خصّ منه » وهو ليس محمولا
على ظاهره وإلاّ لزم من صدقه كذبه ؛ فهو أيضا مخصّص بمثل قوله تعالى : ( أَنَّ
اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ). والمراد منه المبالغة في تخصيص العمومات وإلحاق القليل ـ وهو العموم ـ بالمعدوم.
والظاهر يقتضي كون ما يدّعى عمومه حقيقة في الأغلب وهو
__________________
الخصوص ، مجازا في الأقلّ وهو العموم ؛ تقليلا للمجاز .
والجواب عن الأوّل
: أنّه بعد قيام الأدلّة القاطعة التي منها الإجماع على أنّها للعموم ـ كما يأتي ـ لا معنى للتمسّك بمثل هذه الأولويّة لإثبات خلافه.
وعن الثاني : أمّا
أوّلا ، فبأنّ التمسّك في أمثال المقام بمثل هذه الشهرة في غاية الركاكة.
وأمّا ثانيا ،
فبأنّ ظهور كونها حقيقة في الأغلب إنّما يكون عند عدم الدليل على أنّها حقيقة في
الأقلّ ، وهو قائم ، كما يأتي .
وأمّا ثالثا ،
فبأنّ احتياج خروج البعض منها إلى التخصيص بمخصّص يدلّ على أنّها للعموم.
والقول بأنّه لا
يدلّ على أنّ استعمالها للخصوص يحتاج إلى مخصّص خارج بل المسلّم دلالته على أنّها
تستعمل في الأكثر للخصوص ، ساقط ؛ لأنّ الجاري على الألسن ، والمفهوم صريحا من
المثل ، والمتلقّى بالقبول عند الجميع أنّها مستعملة في عمومات مخصّصة بمخصّصات.
احتجّ القائل
بالاشتراك بأنّها اطلقت على العموم والخصوص ، والأصل في الإطلاق الحقيقة ، فتكون
حقيقة فيهما ، وهو معنى الاشتراك .
وقد مرّ جواب مثله
مرارا .
وبأنّ ما يعلم به
كونها للعموم ، إمّا العقل أو النقل ، والأوّل لا مدخليّة له في الوضع. والثاني
متواتره لم يوجد وإلاّ لم يختلف فيه ، وآحاده لا تفيد .
وجوابه : أمّا
أوّلا ، فبمنع عدم إفادة الآحاد في إثبات مدلولات الألفاظ.
وأمّا ثانيا ،
فبمنع الحصر ؛ لأنّ التبادر دليل الوضع ، وليس شيئا منهما.
__________________
وأمّا ثالثا ،
فبتسليم وجود التواتر في بعضها. هذا.
وحجّة القائل
بالوقف مع جوابها ظاهرة.
واحتجّ من قال
بعمومها في الأمر والنهي وتوقّف في الأخبار بأنّ الإجماع منعقد على أنّ التكليف
لعامّة المكلّفين ، والتكليف إنّما يتحقّق بالأمر والنهي ، فلو لا أنّ صيغتهما
للعموم لما كان التكليف عامّا .
وجوابه : أنّ
الإجماع منعقد أيضا على ورود الأخبار في حقّ عامّة المكلّفين .
فصل [٤]
صيغ العموم على
نوعين :
الأوّل : ما لا خلاف بين
القائلين بأنّ للعموم صيغة تخصّه في إفادته للعموم.
والثاني : ما وقع بينهم الخلاف فيه في إفادته له.
و [ النوع ]
الأوّل : « كلّ » و « جميع » وما يصرف منه كـ « أجمع » و « أجمعين » و « جمعاء » و
« جمع » وغير ذلك ، وتوابعها المشهورة كـ « أكتع » وأخواته و « معشر » و « معاشر » و « عامّة » و « كافّة » و « قاطبة » و « سائر »
شاملة إمّا لجميع ما بقي ، أو للجميع على الإطلاق.
وأسماء الاستفهام
، نحو : « من » و « ما » و « أين » و « متى » و « أيّ ».
وأسماء الشرط ،
مثل : « من » و « ما » و « أيّ » و « أيّما » و « مهما » و « أينما » و « متى » و
« إذ » و « كيفما » و « أنّى » و « حيث » و « حيثما » ، وكذا « أيّان ».
والنكرة المنفيّة
، والأسماء الموصولة ، كـ « الذي » و « التي » وتثنيتهما وجمعهما.
وأسماء الإشارة
المجموعة ، مثل : ( وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ) ، ( ثُمَّ أَنْتُمْ
هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ ).
__________________
وإذا اكّد الكلام
بـ « الأبد » أو « الدوام » أو « الاستمرار » أو « السرمد » أو « دهر الداهرين »
أو « عوض » أو « قطّ » في النفي أفاد العموم في الزمان.
وممّا يفيد العموم
أمر جمع بصيغة جمع كأن يقول السيّد لعبيده : « قوموا » ، والجمع المعرّف
باللام ، أو الإضافة ، وحكم اسم الجمع كالجمع ، مثل : « الناس » و « القوم » و «
الرهط ».
والنوع الثاني : «
كم » الاستفهاميّة و « من » و « ما » الموصولة و « ما » الزمانيّة ـ وإن كانت حرفا
، مثل : ( إِلاَّ ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ) ـ و « ما » المصدريّة إذا وصلت بفعل مستقبل ، مثل : « ما
يعجبني ما يصنع ».
والنكرة في سياق
الشرط ، كأن يقول : « إن ولدت ولدا فأنت عليّ كظهر امّي » ، فيحصل الظهار بتوليد
واحد ، أو اثنين ، أو أكثر. ومنه : ( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ
لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ) ، ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
اسْتَجارَكَ ).
والنكرة في سياق
الاستفهام الإنكاري ، نحو : ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ
سَمِيًّا ) ، ( هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ ). وفي سياق الإثبات إذا كانت للامتنان ، نحو : ( فِيهِما
فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ). وفي سياق الأمر ، نحو : « أعتق رقبة ».
وأسماء القبائل
بالنسبة إلى القبيلة ، مثل : « ربيعة » و « مضر » و « أوس » و « خزرج ». والمفرد
المحلّى بلام الجنس ، والمضاف ، والجمع المنكّر ، ونفي الاستواء .
فهذه جملة الصيغ.
ونحن نشير إليها مفصّلا ، فنذكر ما يوجب دلالة مجموع النوع
__________________
الأوّل على العموم
، ثمّ ما يختصّ به بعض منه ثمّ تبيّن حقيقة الحال في
كلّ واحد من أقسام النوع الثاني.
فصل [٥]
ممّا يدلّ على كون
جميع أقسام النوع الأوّل للعموم تبادره عنها عند الإطلاق وهو دليل الحقيقة ، وجواز
الاستثناء منها وهو معيار العموم ، وتصريح أكثر أهل اللغة وقولهم في المقام حجّة ، واستدلال السلف بها عليه شائعا ذائعا من غير نكير . وبأصالة عدم النقل يثبت العموم لغة.
وممّا يدلّ على
أنّ لفظ « كلّ » و « جميع » وما يصرف منه ، وأخواته ومرادفاته للعموم ـ سواء كانت
للتأكيد أو غيره ـ أنّ قولنا : « قام كلّ إنسان » يناقض « ما قام كلّ إنسان »
بالاتّفاق ، ولو لم يكن الكلّ للعموم كانت القضيّة الاولى مهملة ، وهي في قوّة الجزئيّة ، والثانية أيضا جزئيّة ، والجزئيّتان
لا تتناقضان ؛ لأنّ النفي عن الكلّ لا يناقض الإثبات في البعض.
ولا يرد أنّه إذا
كان سور إيجاب جزئي ، يكون سلبه سور سلب كلّي ، كما في قولنا :
« واحد من الناس كاتب » « ليس واحد من الناس كاتبا » ؛ لأنّ « ليس كلّ » لا يفيد
العموم وفاقا ، ويرشد إليه قولهم : « ما كلّ بيضاء شحمة ، ولا كلّ سوداء تمرة ».
وأيضا الجزء نقيض
الكلّ ، ولو لم يكن الكلّ مستغرقا ، لم يكن الجزء نقيضه.
وأيضا لو كان «
كلّ » و « جميع » وما بمعناهما للعموم والخصوص على الاشتراك ، لكان قول القائل : «
رأيت الناس كلّهم أجمعين » مؤكّدا للاشتباه ؛ لأنّ مدلول اللفظ يتأكّد بتكريره ،
مع أنّا نعلم أنّ مقصود أهل اللغة إزالة الاشتباه بتكرار هذه الألفاظ.
ولقائل أن يقول :
قصد إزالة الاشتباه قرينة على إرادة العموم منها ، فيخرج عن المبحث.
__________________
وقس على « كلّ »
غيره من أخواته ومرادفاته.
ثمّ لفظ « الكلّ »
يدلّ غالبا على التفصيل ، وقد يراد منه الهيئة الاجتماعيّة ، ويلزم عند الإطلاق
إرادة الغالب.
ويتفرّع عليه أنّه
لو قال لجماعة : « كلّ من سبق منكم فله دينار » ، فسبق ثلاثة ـ مثلا ـ أن يستحقّ
كلّ منهم دينارا ، بخلاف ما لو قال : « من سبق منكم ». ولو قال : « والله لا اجامع
كلّ واحدة منكنّ » يثبت حكم الإيلاء من ضرب المدّة ، أو المطالبة لكلّ واحدة منهنّ
على انفرادها حتّى لو طلّق بعضهنّ كان للباقيات المطالبة.
وممّا يدلّ على
كون أسماء الاستفهام للعموم أنّ قول القائل : « من دخل داري؟ » ـ مثلا ـ لو كان
للخصوص لما حسن الجواب بالعموم بأن يقال في جوابه : « كلّ القوم » ، ولو كان
للاشتراك لما صحّ الجواب قبل الاستفهام عن كلّ محتمل مع أنّه صحيح.
فإن قيل : تناول «
من » في القول المذكور لزيد وعمرو وبكر وغيرهم من الأفراد ليس دفعة وبحسب الدلالة
، بل على البدل والاحتمال ، فلا فرق بينه وبين النكرة في سياق الإثبات في قولنا :
« ادخل سوقا ».
قلت : تناول «
سوقا » لسوق الأمير أو الوزير أو غيرهما على البدل والاحتمال ، وتناول « من » لزيد
وعمرو وغيرهما دفعة وبحسب الدلالة ، إلاّ أنّه بحسب التردّد دون الجزم لا على
البدل والاحتمال ، وشتّان ما بينهما.
وقس على « من »
غيره من أسماء الاستفهام.
وممّا يدلّ على
كون أسماء الشرط للعموم أنّ لفظ « من » مثلا في قولنا : « من دخل داري اكرمه » لو
كان للاشتراك لما صحّ الامتثال قبل السؤال ، ولو كان للخصوص لما صحّ الاستثناء ؛
لأنّه دليل التناول للنقل ، ولأنّه مشتقّ من الثني ، وهو المنع والصرف ، فيكون
للإخراج ، فلو لم يتناول اللفظ الأوّل ذلك المخرج لما كان إخراجا. وأيضا انعقد
الإجماع على أنّه إذا قال : « من دخل داري فهو حرّ » أو « طالق » يعمّ العبيد
والنساء. وقس على « من » غيره من أسماء الشرط.
واعلم أنّه صرّح
جماعة بأنّ لفظة « أيّ » ليست للتكرار ، بخلاف « كلّ »
ونحوه . وفرّعوا عليه بأنّه لو قال لوكيله : « أيّ رجل دخل المسجد فأعطه درهما » لزم
عليه الاقتصار على إعطاء واحد ، بخلاف ما لو قال : « كلّ رجل » ، ويظهر من ذلك أنّ
عمومها للبدل لا للشمول ، فتأمّل.
وممّا يدلّ على
أنّ النكرة المنفيّة للعموم أنّه لو قال المولى لعبده : « لا تضرب أحدا » فضرب
واحدا ذمّه العقلاء ، ولو لا فهم العموم لما توجّه الذمّ. وبأصالة عدم النقل يثبت
المطلوب .
وأيضا انعقد
الإجماع على أنّ كلمة التوحيد تفيد نفي الالوهيّة عن جميع ما سوى الله ، وأنّ
الحنث يحصل بضرب واحد لو قال : « لا أضرب أحدا » ، والتكذيب يتحقّق بموجبة جزئيّة
لو قال : « ما ضربت أحدا ».
وأيضا أجمع
العلماء على التمسّك بتحريم « كلّ عمّة » و « كلّ خالة » بقوله عليهالسلام : « لا تنكح المرأة على عمّتها ولا على خالتها » .
اعلم أنّ النكرة
المنفيّة إمّا يباشرها حرف النفي ، نحو : « ما أحد قائما » ، أو يباشر عاملها نحو
: « ما قام أحد ».
وحرف النفي إمّا «
لا » أو « ليس » أو « ما » أو « إن » أو « لم » أو « لن ».
ولا خلاف في أنّ
النكرة المنفيّة الواقعة بعد « لا » لنفي الجنس ، أو « من » للاستغراق ، نحو : « ما جاء من رجل » ، والصادقة على القليل والكثير كـ : « شيء » ومثله تفيد العموم.
وأمّا غيرها ، نحو
: « ما في الدار رجل » و « لا رجل قائما » بنصب الخبر ، ففيه مذهبان : أشهرهما
وأصحّهما ذلك. ويدلّ عليه جميع ما تقدّم.
ويستثنى ممّا ذكر
سلب الحكم عن العموم ، كقولنا : « ما كلّ عدد زوجا » إبطالا لقول من
__________________
قال : « كلّ عدد
زوج » فإنّه ليس من باب عموم السلب ، أي ليس حكما بالسلب على كلّ فرد.
وإذا عرفت ذلك ،
فكيفيّة التفريع أنّه لو قال المدّعي : « لا بيّنة لي » ، فحلف المدّعى عليه ثمّ
جاء ببيّنة ، فإنّها لا تسمع. وقيل : تسمع ؛ لأنّه قد لا
يعرفها أو ساهاها.
ولو حلف أن « لا
أتكلّم أحدهما أو أحدهم » ولم يقصد واحدا بعينه ، فإذا كلّم واحدا ، حنث وانحلّت
اليمين ، فلا يحنث إذا كلّم الآخر. ولو كان له زوجات ، فقال : « والله لا أطأ
واحدة منكنّ » فإن أراد الامتناع عن كلّ واحدة منهنّ ، أو واحدة معيّنة أو مبهمة ،
تعيّنت ، ويقبل قوله في ذلك ، وإن أطلق يحمل على التعميم عملا بظاهر الصيغة.
وحجّة العموم في
مثل : « الذي » و « التي » وأسماء الإشارة المجموعة هي الحجج المشتركة ، ولم نعثر
على ما يختصّ به.
والحجّة على أنّ «
الأبد » ومرادفاته يدلّ على العموم الزماني أنّ العموم مدلولها الوضعي ، كما يظهر
من اللغة .
وممّا يدلّ على
أنّ الجمع بصيغة الأمر يدلّ على العموم أنّه لو قال السيّد لعبيده : « قوموا »
فتخلّف واحد ، استحقّ الذمّ.
وممّا يدلّ على
أنّ الجمع المعرّف باللام ـ مشتقّا كان أو غيره ـ للعموم أنّه يؤكّد بما يقتضي
العموم ، كقولهم : « قام القوم كلّهم » و « رأيت المشركين كلّهم » ، وهو دليل
العموم.
وأيضا الجمع
المنكّر يفيد معنى الجمعيّة ، فلو أفاد المعرّف أيضا مجرّد الجمعيّة من دون
استغراق ، لعرت اللام عن الفائدة.
وأيضا احتجّ أبو
بكر على الأنصار بعد ادّعائهم الإمامة لأنفسهم بقوله عليهالسلام : « الأئمّة من قريش » .
واعلم أنّه وإن
ذهب أبو هاشم إلى أنّ الجمع المعرّف باللام لا يفيد العموم ، وعلى هذا
__________________
كان اللازم أن
يعدّ من النوع الثاني ، إلاّ أنّه لمّا لم يشاركه أحد ، ولم يلتفتوا إلى قوله ،
وعدّوه من الشواذّ ، جعلناه من النوع الأوّل.
وممّا يدلّ على
أنّ الجمع المضاف للعموم احتجاج فاطمة عليهاالسلام على أبي بكر ـ حيث منعها من توريثها عن أبيها ـ بقوله
تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ) ولم ينكر عليها أحد من الصحابة ، بل عدل أبو بكر إلى رواية
رواها عن النبيّ صلىاللهعليهوآله . وفهم الخليل إيّاه من قوله تعالى : ( إِنَّا
مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ ) ؛ حيث قال : إنّ فيها لوطا وقرّره الملائكة.
وممّا يدلّ عليه
وعلى سابقه احتجاج عمر على أبي بكر في قضيّة قتال مانعي الزكاة بقوله عليهالسلام : « امرت أن اقاتل الناس حتّى يقولوا : أن لا إله إلاّ الله ، فإذا قالوه فقد
حقنوا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّه » أي حقّ هذا القول
وهو كلمة التوحيد ، فقرّره الصحابة ، وعدل أبو بكر إلى قوله : « إلاّ بحقّه »
والزكاة من حقّه ، فدلّ على أنّهم فهموا منه عموم لفظ « الناس » في وجوب قتالهم
قبل تلفّظهم بكلمة التوحيد ، وعموم ضميره في عدم جواز قتالهم بعده ، وعموم الجمع
المضاف وهو « الدماء » و « الأموال » .
واعلم أنّ كلّ
واحد من المعرّف باللام والإضافة إلى معرفة والموصول ، يجري فيه الاستغراق وتعريف
الجنس والعهد الخارجي والعهد الذهني.
فعلى التقدير
الأوّل يفيد العموم نصّا ، بخلاف التقادير الأخر ، فلا بدّ في فهم العموم منه إلى
قرينة ، ولذا قيل : العموم إمّا يثبته اللفظ بنفسه من غير قرينة ، كأسماء
الاستفهام والشرط ، أو مع قرينة في الإثبات ، كالجمع المحلّى
باللام ، والمضاف جمعا ، أو اسم جنس مفرد أو الموصول أو مع قرينة في النفي كالنكرة
في سياقه ؛ لأنّها تدلّ على نفي الفرد المنتشر ، أو الطبيعة من حيث هي. ويلزم على
الأخير نفي جميع الأفراد ، الذي هو العموم.
__________________
ثمّ لا كلام في
أنّه إذا لم يوجد قرينة العهد وجب حمله على الاستغراق.
ويتفرّع عليه عدم
وقوع الظهار ، لو قال : « إن كان الله يعذّب الموحّدين فأنت عليّ كظهر امّي » إلاّ
أن يقصد تعذيب بعضهم ؛ لأنّ التعذيب يختصّ بالبعض.
ولو وجدت قرينة
العهد ، قيل : يلزم حمله على العهد ، وإن احتمل
العموم أو الجنس ؛ لأصالة البراءة من الزائد ، فلو حلف أن لا يشرب المياه ، وجب
حمله على المعهود حتّى يحنث بالبعض. ولو حمل على العموم ، لم يحنث.
ولو حلف أن لا
يأكل الجوزات ، لحمل على غير الهندي ؛ لأنّه المتعارف ، إلاّ في بلد يكون متعارفا
فيه بحيث يطلق عليه اللفظ من غير تقييد.
ولو أوصى للفقراء
أو نحوهم ، صرف إلى فقراء البلد ، أو أقلّ الجمع
فصاعدا ؛ لقيام القرينة الحاليّة على أنّ العموم غير مراد.
ثمّ في هذا المقام
تفصيل وتحقيق يأتي في المفرد المعرّف .
هذا بيان أقسام
النوع الأوّل. ولبيان تحقيق الحال في أقسام النوع الثاني نقول :
الحقّ أنّ « كم »
الاستفهاميّة تفيد العموم كسائر أسماء الاستفهام. والحجّة عليه ما تقدّم فيها .
وأمّا « من » و «
ما » الموصولة ، نحو : « مررت بمن قام » أو « ما قام » ، أي بالذي قام ،
فالحقّ أنّهما كسائر الأسماء الموصولة في إفادة العموم. والدليل الدليل.
وممّا يدلّ على
إفادة خصوص « ما » للعموم قصّة ابن الزبعرى وهي مشهورة .
وقد يكون كلّ من «
من » و « ما » نكرة موصوفة ، نحو : « مررت بمن » أو « بما معجب لك » أي شخص معجب
لك. وقد تكون « ما » نكرة غير موصوفة وهي « ما » التعجّبية ، وحينئذ لا تفيدان
العموم وفاقا.
__________________
وإذا كانتا
موصولتين ، فإفادتهما للعموم تتوقّف على أن لا تكونا للعهد ، فما يرد عليك من لفظة
« من » أو « ما » فلا بدّ لك أن تتأمّل في أنّهما شرطيّتان ، أو استفهاميّتان ، أو
موصولتان ، أو موصوفتان ، فتحكم على الأوّلين بعمومهما مطلقا ،
وعلى الثالث بعمومهما إذا لم يكن ثمّة عهد ، وعلى الرابع لا تحكم بعمومهما أصلا ،
وكذا لو حصل الاشتباه ؛ لأصالة البراءة.
ويتفرّع على ما
ذكر أنّه لو قال رجل بعنوان النذر : « من يدخل الدار من عبيدي فهو حرّ » وجب أن
ينظر ، فإن أتى بالفعل مجزوما ، فيعمّ العتق جميع الداخلين ؛ لأنّ « من » حينئذ
تكون شرطيّة ، وكذا إن أتى به مرفوعا على ما اخترناه من أنّ الموصولة للعموم لعدم تقدّم عهد ، وعلى ما ذهب إليه جماعة من أنّ الموصولة للعموم لعدم تقدّم عهد . وعلى ما ذهب إليه جماعة ـ من أنّ الموصولة لا تفيد العموم ـ يلزم عتق واحد ، وكذا لو أمكن أن تحمل على الموصوفة.
ولو أقام متصرّف
عين بيّنة على أنّ فلانا وهبها ، وأقام ورثة الواهب بيّنة اخرى بأنّ الواهب رجع
فيما وهبه ، فالحقّ أنّ العين لا تنزع من يده ؛ لاحتمال أن لا يكون هذا العين من
المرجوع فيه ؛ لجواز أن تكون « ما » نكرة موصوفة ،
ولو تعيّن كونها موصولة ، لزم النزع ؛ لكونها عامّة على ما اخترناه. وقس عليه
أمثاله.
وأمّا « ما »
الزمانيّة والمصدريّة ، فالحقّ أنّها لا تفيد العموم ؛ لعدم المقتضي وشذوذ القائل
بالعموم . وكيفيّة التفريع ظاهرة.
وأمّا النكرة في
سياق الشرط ، فالحقّ أنّ حكمها كأسماء الاستفهام في إفادة العموم ، ويجري فيها من
الأدلّة ما يجري فيها.
__________________
ولو قيل : إنّها
لا تدلّ إلاّ على العموم البدلي دون الاستغراقي ؛ لأنّ قوله : « إن ولدت ولدا » لا
يدلّ إلاّ على الطبيعة المرسلة ، سواء تحقّقت في ضمن ولد أو ولدين أو أكثر ، فيكون
كالنكرة المطلقة.
قلت : دلالتها
عليها ليست على البدل ، بل على الاستغراق إلاّ أنّها على سبيل التردّد دون الجزم ،
كما تقدّم في أسماء الاستفهام ، فلو أوصى بأنّها : « إن ولدت ذكرا فله ألف ، وإن ولدت انثى فله مائة » فولدت ذكرين أو انثيين أو أكثر ، فللجميع الألف أو
المائة.
وأنت خبير بأنّ
الحكم كذلك لو لم تكن للعموم الاستغراقي ، بل البدلي فلا يختلف به التفريع.
وأمّا النكرة في
سياق الاستفهام الإنكاري ، فالظاهر أنّ حكمها حكم النكرة في سياق النفي ، ووجهه
ظاهر.
وأمّا النكرة في
سياق الإثبات ـ إذا كانت للامتنان ـ ، فلا يبعد أن يدّعى حصول الظنّ بإفادتها للعموم
؛ نظرا إلى أنّ الامتنان مع العموم أكثر.
وقيل : إن كان
الكلام إنشاء ، يفيد العموم ، وإن كان إخبارا ، فلا بدّ من المطابقة بين الواقع
ومدلول اللفظ إن عامّا فعامّا ، وإن خاصّا فخاصّا .
وممّا فرّع على
عمومها طهوريّة كلّ ماء ، سواء نزل من السماء أو نبع من الأرض ؛ لقوله تعالى : (
وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ).
وأمّا النكرة في
سياق الأمر ، فالحقّ أنّها لا تقتضي عموم الشمول ، لأنّ قول القائل : « أعتق رقبة » لا يدلّ إلاّ على إعتاق رقبة واحدة من أيّ
صنف كانت على البدل ، ولا يفهم منها لغة وعرفا أكثر من ذلك ، وحينئذ فالفرق بينها
وبين النكرة المثبتة في سياق الخبر
__________________
أنّ الواقعة في
سياق الخبر واحدة في الواقع ، إلاّ أنّها التبست علينا ، بخلاف الواقعة في سياق
الأمر.
وأمّا اسم القبيلة
، فالظاهر أنّه يفيد العموم بالنسبة إلى تلك القبيلة ؛ لأنّ « ربيعة » ـ مثلا ـ وضع
لكلّ هذه القبيلة ، فلو اطلقت على بعضها ، يكون مجازا.
وأمّا المفرد
المعرّف بلام الجنس ، فالحقّ أنّه لا يفيد العموم لغة ويفيده شرعا. وقبل الخوض في
الاستدلال لا بدّ لنا من تمهيد مقدّمة ، وهي أنّ « اللام » إذا دخلت على اسم الجنس
فإن اشير بها إلى حصّة معيّنة منه ـ فردا كانت ، أو أفرادا ـ سمّيت لام العهد
الخارجي ، وإن اشير بها إلى الجنس نفسه من حيث هو ـ كما في الحدود ـ سمّيت لام
الحقيقة والطبيعة ، وإن اشير بها إلى الجنس من حيث وجوده في ضمن جميع الأفراد
سمّيت لام الاستغراق ، أو في ضمن بعضها سمّيت لام العهد الذهني.
وإذ ثبت استعمالها في هذه المعاني فإمّا أن تكون مشتركة بين الجميع ، كما يظهر من
بعض ، أو بين اثنين منها أو ثلاثة مجازا في الباقي ، أو حقيقة
في أحدها فقط مجازا في البواقي.
فعلى الأوّل إن
وردت مع قرينة دالّة على إرادة أحدها تعيّن إرادته ، كما هو
شأن المشتركات ، وإن وردت مطلقة فإمّا يقال بإجمالها ووجوب التوقّف ـ كما هو الحال
في بواقي المشتركات ـ أو يقال بإرادة الجنسيّة من حيث هي ؛ لأنّها يقينيّة
والبواقي مشكوك فيها ؛ لأنّ الاستغراق والعهد يفتقران إلى إرادة الزائد المنفيّ
بالأصل.
وعلى الثاني إن
استعملت بقرينة في البعض الأوّل يكون حقيقة فيه ، وإن
استعملت بقرينة في البعض الثاني يكون مجازا فيه. وإن
وردت مطلقة ، يجب أن لا تحمل على
__________________
البعض الثاني بل
الأوّل ، إلاّ أنّها تكون محتملة بالنسبة إلى أفراده.
ولو قيل : يتعيّن
كون الحقيقة حينئذ من المعاني الحقيقيّة دون المجازيّة. وعدم القول بكونها حقيقة
في غير الحقيقة مجازا فيها ، لتأتّى القول بإرادة الجنسيّة المطلقة حينئذ ، كما
ذكرنا في الأوّل.
وعلى الثالث إن
قامت قرينة على إرادة أحد المعاني المجازيّة ، فتستعمل فيه مجازا ، وإلاّ فيراد
الحقيقي وتكون حقيقة فيه. وعلى القول المذكور ينحصر الحقيقي في الحقيقة دون غيرها.
والحقّ أنّ
الحقيقة والطبيعة لا يمكن أن تكون من المعاني المجازيّة ؛ لأنّ وضع هذه « اللام »
للجنسيّة ، وحينئذ إن لم تكن حقيقة في غيرها ، فلا خفاء في تعيّن إرادتها عند
الإطلاق ، وكذا إن كانت حقيقة في غيرها أيضا من العهد أو الاستغراق ؛ لأصالة عدم
الزائد.
إذا عرفت ذلك
فاعلم أنّه إذا قامت القرينة على أنّ اللام الداخلة على اسم الجنس للاستغراق ، فلا
خلاف في إفادتها العموم ، وإن دلّت القرينة على أنّها للعهد الخارجي أو الذهني ،
فلا خلاف في عدم إفادتها العموم ، وإن تعيّن كونها للطبيعة من حيث هي ـ إمّا لقيام
قرينة على ذلك ، أو لوقوعها في مقام الإطلاق ؛ لأنّها عند الإطلاق ظاهرة في
الحقيقة وحملها على غيرها يحتاج إلى دليل ، كما تقدّم ـ فهي التي اختلف في أنّها تفيد العموم أم لا.
والحقّ ـ كما
قدّمناه ـ أنّها لا تفيد العموم لغة وتفيده شرعا .
لنا على الأوّل
أنّ الطبيعة من حيث هي لا تنافي الوحدة والكثرة ، وتتحقّق في ضمن كلّ منهما ،
والدالّ على العامّ لا يدلّ على الخاصّ.
ولنا أيضا أنّه لا يؤكّد ولا يوصف بما يؤكّد ويوصف به الجمع.
والإيراد عليه
بأنّ ذلك لعدم التشاكل اللفظي ، مندفع بأنّ التأكيد والتوصيف يتبعان المعنى لا اللفظ.
__________________
والاستدلال عليه
بعدم تبادر العموم منه ، وعدم جواز الاستثناء منه مطّردا ضعيف ، كما لا يخفى.
واحتجّ الخصم
بصحّة وصفه بالجمع ، كما حكي من قولهم : « أهلك الناس الدرهم البيض والدينار الصفر
» ، وقوله تعالى : ( أَوِ الطِّفْلِ
الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ ) ، وجواز الاستثناء منه ، كما في قوله تعالى : ( إِنَّ
الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا ) و .
والجواب : أنّ «
اللام » في أمثالهما للاستغراق ؛ فإنّه لا مجال لإنكار إفادة المفرد المعرّف له
في بعض الموارد حقيقة أو مجازا كما تقدّم ، مع أنّ الطفل
يطلق على الواحد والجمع ، صرّح به الجوهري .
ولنا على الثاني
أنّه لو لم يفد العموم شرعا ، لكان المراد منه إمّا الماهيّة من حيث هي ، أو البعض
المبهم ؛ لأنّ الفرض عدم العهد الخارجي ، وإرادة الماهيّة ممتنعة في الأحكام
الشرعيّة ؛ لأنّها تجري على الكلّيّات باعتبار وجودها ، وإرادة البعض المبهم تنافي
الحكمة وتوجب الإغراء بالجهل والتكلّف بما لا يعلم ، ولا يصدر مثله عن الحكيم
ومقنّن القوانين ، فتعيّن أن يكون المراد منه العموم في الأحكام الشرعيّة.
إذا عرفت ذلك
فيتفرّع على الأوّل عدم دخول غير السبت الأوّل لو قال لوكيله : « بع هذا يوم السبت
لا غير » وتحقّق الاستحقاق بقراءة بعض القرآن لو قال : « إذا قرأت القرآن فلك كذا
» وعدم توقّفه على قراءة جميعه.
وربما حمل على عرف
الشرع ؛ لتقدّمه على اللغة ، وإن كان في كلام الناس.
وعلى الثاني جواز
بيع كلّ ما ينتفع به ؛ لقوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللهُ
الْبَيْعَ ) ، وعدم انفعال
__________________
كلّ ماء بلغ كرّا
بمجرّد ملاقاة النجاسة ؛ لقوله عليهالسلام : « إذا بلغ الماء كرّا لم ينجّسه شيء » ، وطهوريّة كلّ ماء ؛ لقوله عليهالسلام : « خلق الله الماء طهورا » .
تذنيب
ما ذكرناه ـ من
أنّ المفرد المعرّف لا يدلّ إلاّ على الماهيّة من حيث هي لغة ، ويدلّ على العموم
شرعا ـ إنّما إذا لم تتقدّم قرينة العهد ، ومع وجودها فإن كانت قرينة معيّنة له ،
فيحمل عليه وفاقا كما تقدّم . وإن كانت قرينة مصحّحة له ـ أي احتمل معها إرادة الجنس
أيضا ـ فإن كان أحد المحتملين ـ أي العهد والجنس ـ أرجح ، يجب حمله عليه ، وإن
تساويا ، فالحقّ وجوب التوقّف ؛ لأنّ الحمل على أحدهما حينئذ يوجب الترجيح بلا
مرجّح.
وقيل : يقدّم
العهد ؛ لأصالة البراءة من الزائد ، ولأنّ تقدّم
العهد قرينة مرشدة إليه.
وأنت خبير بأنّ
الأصالة إنّما تفيد إذا دار اللفظ بين العهد والاستغراق لا بينه وبين الجنس ؛ لأنّ
الجنس لا يلزم وجوده في ضمن جميع الأفراد ، بل يوجد في ضمن بعضها أيضا أيّ بعض كان
، وتقدّم العهد إذا كان قرينة مصحّحة لا معيّنة لا يرجّح إرادته ، مع كون اللفظ
ظاهرا في الجنس ، وأصالة عدم التعيّن المعتبر في العهد.
وقد علم ممّا ذكر
حقيقة الحال إذا دار بين الاستغراق والجنس ، أو بين أحدهما أو كليهما والعهد.
ثمّ جميع ما ذكر
جار في الجمع المعرّف إذا دار بين العهد والاستغراق. هذا.
وقرينة العهد إمّا
حاليّة أو مقاليّة ، ومن الثانية أن يذكر الاسم مرّتين معرّفا فيهما ، كقوله تعالى
: ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ) ثمّ ( إِنَّ
مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ) ، أو منكّرا في الاولى ، معرّفا في
__________________
الثانية ، كقوله
تعالى : ( كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً*
فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ) ، ولو كانا معا نكرتين ، أو كان الأوّل معرّفا والثاني منكّرا ، لم يكن
أحدهما هو الآخر.
إذا عرفت ذلك ،
فيظهر الفائدة في مواضع متكثّرة :
منها : لو قال
لوكيله : « إن جاء فلان فبعه بمائة » ، ثمّ قال : « إن جاء الرجل فبعه بخمسين » ،
أو قال : « هند طالق » ، ثمّ قال : « والزوجة طالق » وكان له عدّة زوجات. هذا.
وأمّا المفرد
المضاف ، كـ : « ضرب زيد » و « أكل عمرو » فحكمه حكم المعرّف باللام بعينه من دون
تفاوت.
فائدة
ما ذكرنا في
المفرد المعرّف باللام ـ من أنّه لا يفيد العموم لغة ويفيده شرعا ـ يجري في « إذا » ، فإنّها وإن لم تفد العموم لغة ؛ لكونها سورا للجزئيّة
إلاّ أنّها تفيده شرعا بعين الدليل الذي ذكرناه فيه.
وأمّا الجمع
المنكّر ، فالحقّ أنّه لا يفيد العموم ؛ وفاقا لجمهور الاصوليين والفقهاء والنحاة ، ويحمل عند إطلاقه على أقلّ مراتبه ـ وهو الثلاثة ـ على الصحيح كما يأتي . ولا فرق في ذلك بين جمع القلّة والكثرة على طريقة أرباب الاصول والفقه ،
بخلاف طريقة النحاة.
لنا أنّه إمّا
حقيقة في كلّ مرتبة من مراتب الجموع بخصوصه ، أو في القدر المشترك بينها. وعلى
التقديرين يكون أقلّ المراتب محقّق الدخول ، ويبقى البواقي على حكم الشكّ.
لا يقال : على
الأوّل يجب التوقّف ؛ لما هو التحقيق من أنّ المشترك لا يحمل على شيء من معانيه
إلاّ بالقرينة.
__________________
لأنّا نقول : هذا
إذا لم يكن بعض أفراده داخلا في كلّ واحد من الأفراد الأخر ، وإلاّ فهو مراد قطعا
، وما نحن فيه من هذا القبيل.
واحتجّ الخصم
بأنّه ثبت إطلاقه على كلّ مرتبة من مراتب الجموع ، فإذا حملناه على الجميع فقد
حملناه على جميع حقائقه ، فكان أولى .
وجوابه : منع
أولويّة حمل المشترك عند الإطلاق على جميع حقائقه ، بل يجب إمّا الحمل على ما هو
محقّق الدخول إن كان ، أو التوقّف إن لم يكن.
واعلم أنّ الشيخ
من أصحابنا ذهب إلى أنّه يفيد العموم شرعا ، واستدلّ عليه
بمثل ما استدللنا به على إفادة المفرد المعرّف للعموم شرعا .
وأنت خبير بأنّ
هذا يصحّ في مقام لا يقتضي الإبهام ، ولا يكون الحكم على ماهيّة الجماعة من حيث هي
، ولا عليها من حيث وجودها في ضمن الثلاثة فما فوقها ، ولا على جماعة ما ؛ لأنّه
ربما كان الحكم على المنكّر مفيدا.
إذا عرفت ذلك
فاعلم أنّه يتخرّج عليه فروع كثيرة في أبواب الأقارير والوصايا والنذور والعتق وغيرها.
وكيفيّة التفريع
ظاهرة.
تتمّة
الحقّ أنّ أقلّ
مراتب صيغ الجمع ثلاثة لا اثنان ، خلافا لجماعة . والنزاع في نحو : « المسلمين » و « رجال » و « ضربوا » و « اضربوا » ، وفي
الإطلاق الحقيقي لا في لفظ « ج م ع » فإنّه يطلق على الاثنين حقيقة وفاقا ، ولا في
الإطلاق المجازي ؛ فإنّه ممّا لا ينبغي النزاع فيه.
__________________
لنا : فرق أهل
اللغة بين صيغتي الجمع والتثنية ، وامتناع اتّصاف أحدهما بما يدلّ على الآخر ، واختلافهما
في الضمائر والموصولات وأسماء الإشارات.
والاستدلال عليه
بتبادر الزائد عن الاثنين عنها ، ضعيف ؛ لأنّه للخصم منعه.
واحتجّ الخصم
بآيات أطلقت صيغ الجمع فيها على الاثنين ، وبقوله صلىاللهعليهوآله : « الاثنان فما فوقهما جماعة » و .
والجواب عن الأوّل
: أنّ الإطلاق أعمّ من الحقيقة ، سيّما إذا ثبت الدلالة على عدمها ؛ مع أنّه يمكن
ردّ الصيغ فيها إلى ما فوقهما.
وعن الثاني : أنّ
المراد منه انعقاد الجماعة وحصول فضيلتها بالاثنين لا إطلاق الجماعة عليهما ؛ لأنّ
دأبه بيان الشرعيّات لا تعليم اللغات ؛ على أنّه لو تمّ ليس من محلّ النزاع في شيء
؛ إذ الخلاف ـ كما تقدّم ـ في صيغ الجموع لا في لفظة « ج م ع ».
وفائدة الخلاف في
الأقارير والأيمان والنذور والوصايا والتعليقات غير خفيّة ، وحقيقة الحال عليك في
الجميع على ما اخترناه جليّة. هذا.
وأمّا نفي
المساواة ، كقوله تعالى : ( لا يَسْتَوِي
أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ ) ، فقيل : يقتضي العموم ، أي يدلّ على عدم جميع وجوه المساواة ، وكذلك غير
المساواة من الأفعال ، فـ « لا أضرب » عامّ في وجوه الضرب ، و « لا آكل » عامّ في
وجوه الأكل.
وقيل : لا يقتضيه .
والتحقيق : أنّ
النفي يتفرّع على الإثبات ، فالمساواة الواقعة في الإثبات ، نحو : « يستوي
__________________
هذا وذاك » إن
أفادت العموم حتّى لا يصدق على الشيئين إلاّ مع تساويهما من كلّ الوجوه ، فـ « لا
يستوي » لا يفيده ؛ لأنّ نقيض الموجبة الكلّية سالبة جزئيّة. وإن لم تفده حتّى
يصدق عليهما باعتبار تساويهما من بعض الوجوه ، كان النفي عامّا ؛ لأنّ نقيض
الموجبة الجزئيّة سالبة كلّيّة.
والحقّ الثاني ؛ لأنّ الجملتين نكرتان باتّفاق النحاة ، ولذا يوصف بهما النكرة دون المعرفة
، سواء كان اتّصافهما بالتنكير باعتبار نفس الجملة ، كما هو الظاهر من كلامهم ، أو
باعتبار المفرد الذي يسأل منها ، على ما ذهب إليه أهل التحقيق من أنّ التعريف
والتنكير من خواصّ الاسم ، وذلك المفرد هو المصدر الواقع فيهما أعني الاستواء ،
إلاّ أنّه في « يستوي » وقع في سياق الإثبات ، فهو إثبات على نكرة فلا يقتضي
العموم ، وفي « لا يستوي » وقع في سياق النفي ، فهو نفي على نكرة فيقتضي العموم ،
كسائر النكرات المنفيّة.
فإن قيل :
المساواة المفهومة من « يستوي » ـ وهي المساواة مطلقا أي في الجملة ـ أعمّ من
المساواة من كلّ وجه ، والعامّ لا إشعار له بالخاصّ بوجه من الوجوه ، فلا يلزم من
نفيه نفيه.
قلت : عدم دلالة
العامّ على الخاصّ من طرف الإثبات مسلّم ، فوجود الاستواء في الجملة لا يستلزم
وجوده من جميع الوجوه. وأمّا من طرف النفي فغير مسلّم ، بل خلافه ثابت ؛ فإنّ نفي
الأعمّ يستلزم نفي الأخصّ ، فنفي الاستواء في الجملة يستلزم نفي الاستواء من كلّ
وجه ، ولو لا ذلك ، لجاء مثله في كلّ نفي ، فلا يعمّ نفي أبدا. هذا.
واحتجّ الخصم بوجوه لا يخفى اندفاعها بعد الإحاطة بما ذكرناه.
إذا عرفت ذلك ،
فيتفرّع عليه عدم جواز قتل المسلم بالكافر ولو كان ذمّيّا ؛ لقوله تعالى : ( لا
يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ ) ، وعدم مساواة الزوجة الكافرة للمسلمة في القسم ؛ للآية .
__________________
وفرّع عليه بعض
العامّة عدم جواز تزويج الفاسق لغيره ؛ لقوله تعالى : ( أَفَمَنْ
كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) ، وعلى القاعدة ـ وإن كان التفريع صحيحا ـ [ إلاّ ] أنّ الجواز عندنا منصوص .
فصل [٦]
العامّ لا يخرج عن
عمومه إذا تضمّن معنى المدح أو الذمّ ، كقوله تعالى : ( إِنَّ
الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ* وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) ؛ لأنّه عامّ بصيغته ، ولا منافاة بين التعميم والمدح
والذمّ ، فيثبت به الحكم في جميع متناولاته.
وذهب الشافعي إلى
خروجه بهما عن العموم ؛ لأنّه سيق حينئذ لقصد المبالغة في الحثّ أو الزجر ، فلا
يلزم التعميم ، ولذا أحال بعض الشافعيّة التمسّك بقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ
يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ ... ) ، في وجوب الزكاة في الحليّ ؛ لأنّ ذكر
العامّ هنا للمبالغة والإغراق في إلحاق الذمّ لمن يكنز الذهب والفضّة
لا للتعميم .
والجواب : أنّ
التعميم لا ينافي المدح والذمّ بل هو أبلغ فيهما.
وكيفيّة التفريع :
أنّه إذا قال لعبيده أو زوجاته : « والله من يعمل منكم كذا ضربته » أو « إن فعلتم كذا ضربتكم » لم يبرأ ذمّته ـ لو فعل الجميع ـ إلاّ بضربهم.
__________________
فصل [٧]
إذا حكى الصحابي
حالا بلفظ ظاهره العموم ـ كقوله : « نهى عن بيع الغرر » ، و « قضى بالشاهد واليمين » و « قضى بالشفعة
للجار » ـ فالحقّ أنّه لا يفيد العموم على تقدير دلالة المفرد المعرّف
عليه ، فلا يعمّ « الغرر » و « الجار » و « الشاهد » و « اليمين » ؛ لأنّ الحجّة
في المحكيّ لا في الحكاية ، والعموم فيها لا فيه ، أو ربما كان المحكيّ خاصّا
فيوهمه عامّا ، أو يظنّ العموم باجتهاده.
واحتجّ الخصم
بأنّه عدل عارف باللغة وبالمعنى ، فلا ينقل العموم إلاّ بعد ظهوره .
وجوابه : أنّ
تأتّي الاحتمالات المذكورة لا ينافي العدالة والمعرفة.
وكيفيّة التفريع :
أنّه لا يمكن حينئذ الاحتجاج بعموم أخبار وردت بهذه الصيغ.
فصل [٨]
الفعل المتعدّي
إذا وقع في سياق النفي ولم يذكر مفعوله ، نحو : « لا آكل » وما في معناه ، كالنكرة
في سياق الشرط ، مثل : « إن أكلت فأنت طالق » يفيد العموم ، أي يعمّ مفعولاته ،
سواء كان مفعوله منسيّا وصار الفعل بمنزلة اللازم ، أو مقدّرا.
أمّا على الأوّل ،
فلأنّه حينئذ لنفي الطبيعة ونفيها إنّما يتحقّق بنفي جميع الأفراد.
وأمّا على الثاني
، فلأنّ عدم ذكر المفعول مع كونه مرادا دليل على إرادة جميع ما يصلح للمفعوليّة.
والظاهر أنّه لا
خلاف في ذلك ـ أي إفادته للعموم ـ ولذا يقع الحنث بأيّ فرد اتّفق ، اتّفاقا.
__________________
إنّما الخلاف في أنّه
هل هو عامّ لفظي يقبل التخصيص ـ حتّى لو قال : « أردت مأكولا خاصّا » يقبل منه ـ أو
عقلي لا يقبله؟ فذهب الأكثر إلى الأوّل ، والحنفيّة إلى الثاني .
وتحرير محلّ
النزاع : أنّ مفعول « لا آكل » مثلا عند الحنفي محذوف غير ملحوظ عند الذكر أصلا ،
بل هو منسيّ والفعل بمنزلة اللازم ، فيكون قضيّة طبيعيّة يكون المراد منها نفي
الماهيّة من حيث هي ، لا نفي الأفراد وإن كان مستلزما ، فلا يقبل التخصيص ؛ لأنّه
فرع التعميم في الأفراد ، وعند الأكثر مقدّر مراد ، وهو كلّ ما يقع مأكولا ، فيكون
قضيّة محصورة يكون المراد منها نفي الأكل بالنسبة إلى كلّ مأكول ، فيقع التعميم في
الأفراد ، فيقبل التخصيص. ولا كلام للحنفي والأكثر في ثبوت الاحتمالين في فصيح
الكلام ، إنّما كلامهما في الظهور.
إذا عرفت ذلك ،
فاعلم أنّ الحقّ أنّه يقبل التخصيص وإن كان ظاهرا في الإنشاء ؛ لأنّ الظهور لا
يمنع التصريح بالخلاف ، فيكون التخصيص قرينة صارفة عمّا هو ظاهر فيه.
وأيضا لا يشترط في
التخصيص التعميم في نفي الأفراد صريحا ، بل يكفي التعميم فيه وإن كان لازما لنفي
الماهيّة.
احتجّ الحنفي
بأنّه نفي فعل مطلق ، فلا يصحّ تفسيره بمخصّص ؛ لتنافيهما ؛ إذ لا شيء من المطلق
بمشخّص ، وبالعكس ؛ لأنّ الإطلاق عدم القيد ، والتشخّص
وجوده.
وجوابه : أنّه إن
أراد بالمطلق ما يكون قيد الإطلاق مأخوذا فيه ، يمنع أنّه نفي فعل مطلق بهذا
المعنى ؛ لقرينة التخصيص ، ولاستحالة وجود هذا المطلق في الخارج ؛ لأنّ الكلّي
المبهم لا يوجد إلاّ في الذهن. كيف؟ ولو كان للمطلق لم يحنث بالمقيّد. وإن أراد به
المقيّد المطابق للمطلق ، فنمنع المنافاة.
__________________
فصل [٩]
الفعل المثبت لا
يكون عامّا في أقسامه وجهاته ، فإذا قال الراوي : « قد صلّى النبيّ داخل الكعبة »
لا يعمّ الفرض والنفل ، فلا يعيّن إلاّ بدلالة.
وإذا قال : « صلّى
بعد الشفق » فلا يعمّ الصلاة بعد الشفقين ؛ لأنّ المشترك لا يحمل عند إطلاقه على
معانيه جميعا ـ كما عرفت ـ فيتوقّف التعيّن على دليل.
وإذا قال : « كان
يجمع بين الصلاتين » فلا يعمّ جمعهما بالتقديم في وقت الاولى والتأخير في وقت
الثانية ، ولا الأزمان ، ليفيد التكرار لغة ، إلاّ أنّ الإنصاف أنّه يفيده عرفا.
وقد ظهرت كيفيّة
التفريع من الأمثلة المذكورة.
فصل [١٠]
الحقّ أنّ العطف
على العامّ لا يقتضي عموم المعطوف ؛ لأنّه لا يدلّ إلاّ على الجمع الصادق في
العامّ والخاصّ. فإن فهم استغراقه من صيغة ، أو العقل ، أو العرف يحكم بالعموم ،
وإلاّ فلا. وقد مثّل ذلك بقوله تعالى : ( وَالْمُطَلَّقاتُ
يَتَرَبَّصْنَ ) العامّ في كلّ مطلّقة ، مع قوله : ( وَبُعُولَتُهُنَّ
أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ ) الخاصّ بالرجعيّة.
وأنت خبير بأنّ
هذا المثال غير مطابق ، أمّا أوّلا ، فلأنّ المعطوف هنا يفيد العموم بصيغته ،
فعدمه إنّما علم من خارج.
وأمّا ثانيا ،
فلأنّه يحتمل أن يكون من باب عطف جملة على اخرى ، لا مفرد على آخر. فمثاله المطابق
قول القائل : « عليّ أن اكرم العلماء وفقراء » على القول بعدم إفادة الجمع المنكّر
للعموم ، كما هو التحقيق.
ويظهر منه كيفيّة
التفريع في أبواب الأيمان ، والنذور ، والوصايا ، وغيرها.
__________________
وقد ظهر ممّا ذكر
أنّ عطف الخاصّ على العامّ لا يقتضي تخصيص العامّ أيضا ، وبالعكس لا يقتضي تخصّص
العامّ ولا تعميم الخاصّ. وأمثلة الكلّ مع كيفيّة التفريع ظاهرة.
فصل [١١]
الحكم على المعطوف
بحكم حكم به على المعطوف عليه العامّ لا يقتضي عدم دخول
الأوّل في الثاني وخروجه عن عمومه بالنسبة إليه إذا كان فردا. وهذا مع ظهوره صرّح
به أكثر الادباء . مثاله : قوله تعالى : ( حافِظُوا عَلَى
الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ). وهكذا الحال إذا كان المعطوف عليه فردا والمعطوف عامّا ، كأن يوصي لزيد
وللفقراء بثلث ماله.
ومنه يظهر كيفيّة
التفريع. وفي مقدار استحقاق زيد أقوال منضبطة في
مصنّفات الفقه ، بعضها مبنيّ على القاعدة.
فصل [١٢]
المأمور به إذا كان اسم جنس مجموعا مجرورا بـ : « من » فإن كان ممّا يفيد العموم بصيغته
، كالمعرّف باللام أو الإضافة ، كقوله تعالى : ( خُذْ مِنْ
أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) فمقتضاه الإيجاب من كلّ فرد إلاّ أن يثبت دلالته على أنّ الأفراد ليست مرادة
، وحينئذ فمقتضاه الإيجاب من كلّ نوع ، وهكذا.
وتنقيح ذلك أنّ
الجمع لتضعيف المفرد ، والمفرد قد يراد به الفرد فيراد بالجمع حينئذ جميع الأفراد.
وقد يراد به الجنس فيراد بالجمع حينئذ جميع الأنواع ، والتعويل في استنباط المراد
على القرائن والأمارات.
__________________
وبالجملة ، قضيّة
العموم تقتضي الإيجاب من كلّ فرد إلاّ أن يعارض العامّ معارض من إجماع ، أو عقل ،
أو عرف في بعض متناولاته ، فيبقى حجّة فيما عدا ذلك ، وإلاّ فمقتضاه الإيجاب من
أقلّ أنواع الجمع.
أمّا الثاني ،
فظاهر.
وأمّا الأوّل ،
فلأنّ المأمور به حينئذ يفيد الاستغراق ، و « من » يفيد البعضيّة ، فحاصل الآية :
أنّه يجب الأخذ من كلّ فرد من أفراد كلّ نوع من أنواع الأموال ، إلاّ أنّه لمّا
دلّ الإجماع والعرف على أنّه لا يجب الصدقة في كلّ فرد ـ ولذا لا يجب في كلّ دينار
وكلّ درهم ـ خصّ الأموال بكلّ نوع منها ، فيفيد وجوب أخذ الصدقة من كلّ نوع من
أنواعها. نعم ، خرج بعض أنواعها بدليل من خارج.
فإن قيل : معنى
الجمع العامّ هو المجموع من حيث هو ، أو كلّ واحد من المجموع لا من الآحاد ، كما صرّح به جماعة وبنوا عليه أنّ
استغراق المفرد أشمل من استغراق الجمع.
قلت : هذا خلاف التحقيق
، وما أوقعهم فيه أنّه قد يوجد قرينة على أنّ المراد من الجمع العامّ المجموع من
حيث هو ، لا كلّ الأفراد ، مثل : « هذه الدار لا تسع الرجال » أو نفس الحقيقة ،
مثل : « يا هند ، لا تحدّثي الرجال » ، فظنّوا أنّه مدلوله ، وليس كذلك ، بل هذا
الحمل خلاف ظاهره ، إلاّ أنّه يصار إليه للقرينة ، كما في غيره ، ولذا يفرّق بين «
للرجال عندي درهم » و « لكلّ رجل عندي درهم » ، ولا يفرّق بين ( وَاللهُ
يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) و « يحبّ كلّ محسن » ، ولا بين ( وَمَا اللهُ يُرِيدُ
ظُلْماً لِلْعِبادِ ) و « لأحد من العباد » ؛ لأنّ البراءة الأصليّة في مقام الإقرار قرينة على حمل
العموم على خلاف ظاهره ، بخلاف غير مقام الإقرار ؛ لعدم هذه القرينة فيه.
__________________
وكيفيّة التفريع :
أنّه يجوز الاستدلال بالآية على وجوب الزكاة فيما اختلف في وجوبها فيه ، كالحليّ
ونحوه.
فصل [١٣]
« المقتضي » ـ وهو
الكلام الذي لا يستقيم عقلا ، أو شرعا ، أو عرفا إلاّ بتقدير ـ إن احتمل تقديرات
متعدّدة يستقيم الكلام بكلّ واحد منها ، فإن ثبت دلالة أو أمارة على تعيين مقتضاه
، فهو المقدّر لا غير ، كقوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ
أُمَّهاتُكُمْ ) و « حرّم عليكم لحم الخنزير » ممّا يضاف فيه التحريم إلى الأعيان ؛ فإنّه
يتبادر الذهن في مثله إلى مقدّر معيّن ، كالأكل في المأكول ، والشرب في المشروب ،
واللبس في الملبوس ، والوطء في الموطوء.
ومنه ما ينفى فيه
الفعل ، كقوله عليهالسلام : « لا صلاة إلاّ بطهور » ، و « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » ، و « لا نكاح
إلاّ بوليّ » إذا ثبت كون الصلاة والنكاح وأمثالهما حقائق شرعيّة في
الصحيحة ؛ فإنّ المتبادر منه حينئذ نفي الصحّة اللازم منه نفي المسمّى شرعا ؛ لأنّ
الصحّة إمّا جزؤه أو شرطه. وكيف كان ، يلزم من نفيها نفيه. أو حقائق عرفيّة في
المفيدة ؛ فإنّ المتبادر منه حينئذ نفي الفائدة والجدوى ، نحو : « لا علم إلاّ ما
نفع » و « لا كلام إلاّ ما يفيد ».
ومن الأمارات
الدالّة على تعيين المقدّر أن يدلّ المقتضي على نفي ذات شيء ولم يمكن حمله على
الحقيقة ؛ لعدم ارتفاعه رأسا ، فتعيّن حمله على المجاز ، وكان مقدّر معيّن أقرب
المجازات إلى الحقيقة ، فإنّه يتعيّن حينئذ تقديره ؛ للاتّفاق على أنّه إذا تعذّرت
الحقيقة وتعدّد المجاز حمل على الأقرب إليها ، كأن يقال : تقدير الصحّة في الأخبار
المذكورة متعيّن ؛ لأنّها تدلّ على نفي أصل الصلاة والنكاح ، وليس كذلك لو اطلقا
على الفاسدة أيضا ،
__________________
فيجب أن يقدّر ما
تدلّ لأجله على أقرب المجازات إلى الحقيقة ، وهو الصحّة ، فإنّ نفيها أقربها إلى
نفي المسمّى بخلاف نفي الكمال ومثله.
وقد يكون أقرب
المجازات لفظا عامّا فيجب تقديره ، ولا يلزمه عموم المقتضي ـ بالكسر ـ أي عموم
التقدير وهو المبحث ، بل عموم المقتضى ـ بالفتح ـ أي عموم المقدّر ، مثاله : قوله صلىاللهعليهوآله : « رفع عن امّتي الخطأ والنسيان » ولا يستقيم بلا
تقدير ، ويحتمل تقديرات متعدّدة : كالعقوبة والضمان والذمّ والملامة في الدنيا ،
والحساب والعقاب والحسرة والندامة في العقبى ، ويمكن أن يقدّر ما يعمّها ،
كالمؤاخذة والحكم ومثلهما ، كالأثر ، وهو أقربها إلى الحقيقة ، وهو نفي الخطأ
والنسيان ، فتعيّن تقديره.
وإن لم يثبت دلالة أو أمارة على التعيين ، فالحقّ أنّه مجمل محتمل للكلّ ، وكلّ واحد وفاقا للأكثر.
وقيل : إنّه عامّ
في جميع ما يصلح أن يقدّر فيه .
لنا : أنّ الإضمار
خلاف الأصل ، ومع الضرورة يجب أن يقدّر بقدرها وهي تندفع بالبعض دون الآخر.
وأيضا أنّه كما
يحتمل إضمار الكلّ يحتمل إضمار البعض ، والمراد غير معلوم. والتعيين بالترجيح
لو جاز يتوقّف على وجود مرجّح مقبول ، وهو مفقود.
احتجّ الخصم بأنّ
أقرب مجاز إلى نفي الصلاة والنكاح ، وكذا إلى نفي الخطأ والنسيان نفي جميع أحكامها
؛ لأنّ نفي جميع الأحكام يجعلها كالعدم ، فكأنّ الذات قد ارتفعت ، بخلاف نفي البعض
، فيجب الحمل عليه ، وهو معنى إضمار الجميع .
والجواب : أنّ
إضمار الجميع وإن كان راجحا ممّا ذكرتم إلاّ أنّه مرجوح من حيث إنّ
__________________
الإضمار خلاف
الأصل ، فكلّما كان أقلّ كان مخالفة الأصل أقلّ ، فإضمار البعض أولى. وإذا
تعارضت الحيثيّتان وتساقطتا ، يبقى ما ذكرنا من الدليل سالما.
وكيفيّة التفريع
أنّه إذا تمضمض الصائم عابثا فابتلع شيئا من الماء من غير قصد ، فعلى القول بعموم
المقتضى لا شيء عليه ؛ لقوله : « رفع عن امّتي الخطأ والنسيان » ، وعلى القول بعدمه يمكن القول بوجوب القضاء عليه إلحاقا له بالمتبرّد ؛
لأنّه يمكن أن يكون الحكم المرفوع حينئذ هو العقوبة الدنيويّة ، أو غير ذلك من
المذكورات.
فصل [١٤]
قيل : ترك
الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال يفيد العموم ، كقوله عليهالسلام لابن غيلان ـ حين أسلم على عشرة نسوة ـ : « أمسك أربعا ،
وفارق سائرهنّ » من غير سؤال الجمع والترتيب ، فدلّ على عدم الفرق وثبوت
الحكم على الاحتمالين.
وقيل : بل حكايات
الأحوال إذا تطرّق عليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال ، وسقط بها الاستدلال .
والحقّ أن يقال :
إنّ السؤال إمّا عن واقعة وقعت في الوجود وهي محتملة لأن تقع على وجوه مختلفة
يختلف الحكم باختلافها ، أو عن واقعة لم تقع بعد ، بل يسأل عنها على تقدير وقوعها
، ولها وجوه كذلك.
فعلى الأوّل ، إن
علم اطّلاع المسئول عليهالسلام على الواقعة بالوجه الذي وقعت ، فالحقّ أنّه لا يفيد
العموم ، سواء كان الوجوه المحتملة متساوية ، أو بعضها ـ وهو ما وقع عليه الواقعة
ـ راجحا من الوجوه الأخر ، أو مرجوحا عنها ؛ لأنّ حكمه ينصرف حينئذ إلى الجهة
الخاصّة للواقعة المخصوصة ولا يتناول غيرها.
__________________
وإن علم عدم
اطّلاعه عليها ، فإن كان بعض الوجوه المحتملة أرجح من حيث الوقوع ، فيحمل عليه ،
وإلاّ فيقتضي العموم والاسترسال على جميع الأقسام التي ينقسم إليها ؛ إذ لو كان
الحكم خاصّا لاستفصل ، كما اتّفق منه عليهالسلام في مواضع .
والسرّ فيه أنّ
إطلاق السؤال ، وإبهام الجواب ، وإرسال الحكم من غير تفصيل يقتضي استواء الأحوال
في غرض المجيب عرفا ، فلو كان في قصده الاختصاص بالبعض ولم يبيّنه لزم الإغراء
بالجهل ، وهو ينافي الحكمة. وكذا الحكم إن لم يعلم اطّلاعه وعدم اطّلاعه ؛ لأنّ
الأصل عدم الاطّلاع ؛ لما تقدّم من أصالة عدم الحادث إلى أن يعلم الوجود.
وعلى الثاني فإن
كان بعض الوجوه أرجح من الباقي في عصر المجيب ، وكان شائعا فيه بحيث يقع الواقعة
غالبا عليه ، يحمل عليه ؛ لظهور انصراف الجواب إلى الغالب الراجح ، وإلاّ فيفيد
العموم ؛ لما تقدّم . اللهمّ إلاّ في مقام يقتضي الإجمال والإبهام ، فيمكن فيه
اختصاص الحكم ببعض ، وإنّما أخّر البيان لمصلحة.
إذا عرفت ذلك ،
فاعلم أنّ فروعه كثيرة. وممّا فرّع عليه تقديم التمييز على العادة ، كما ذهب إليه
بعض الأصحاب ؛ لقوله صلىاللهعليهوآله لفاطمة بنت خنيس ـ وقد ذكرت أنّها تستحاض ـ :
« إنّ دم الحيض
أسود يعرف ، فإذا كان ذلك ، فأمسكي عن الصلاة ، وإذا كان الآخر ، فاغتسلي وصلّي » ولم يستفصل هل لها قبل ذلك عادة ، أم لا. وقس عليه أمثاله.
تذنيب
ترك الاستفصال
لمّا كان إرسال الحكم من غير استفصال عن الكيفيّة بعد السؤال عن قضيّة يحتمل
وقوعها عن وجوه متعدّدة ، ففيه لفظ وحكم من المسئول عليهالسلام ، فيفيد العموم كما ذكر.
__________________
وأمّا قضايا
الأعيان وحكايات الأحوال ـ وهي الوقائع الفعليّة التي حكاها الصحابي ـ فليس فيها
سوى مجرّد فعله عليهالسلام ، أو فعل الذي يترتّب الحكم عليه.
ويحتمل وقوعه على
وجوه متعدّدة ، فلا يعمّ جميعها ؛ لعدم المقتضي ، فيكفي حمله على صورة منها.
ومن أمثلتها ترديد
النبيّ صلىاللهعليهوآله ما عزا أربع مرّات في أربع مجالس ، فيحتمل أن يكون قد وقع ذلك اتّفاقا لا أنّه شرط ، فيكفي فيه حمله على أقلّ
مراتبه.
وقوله عليهالسلام لأبي بكر : « زادك الله حرصا » لمّا ركع ومشى
حتّى دخل في الصفّ ، فيحتمل أن يكون مشيه غير كثير ، فيحمل عليه ، فلا يبقى حجّة
على جواز المشي في الصلاة مطلقا.
وصلاة النبيّ صلىاللهعليهوآله على النجاشي إن حملت على غير الدعاء ، فيحتمل أن يكون ذلك لأنّه لم
يصلّ عليه ، أو لأجل خصوصيّة للنجاشي ، أو لرفع سريره حتّى شاهده النبيّ ، فلا
يبقى حجّة على جواز الصلاة على الغائب مطلقا.
فصل [١٥]
ما وضع لخطاب
المشافهة ـ نحو : « يا أَيُّهَا النَّاسُ » [ و ]
« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا » ـ وما فيه الأمر ، وكاف الخطاب وتاؤه ، يطلق على الموجودين
الحاضرين في مجلس التخاطب حقيقة بالإجماع.
وأمّا إطلاقه على
المعدومين فقط ، أو الموجودين الغائبين عن مجلس التخاطب فقط ، أو كليهما ، أو الأوّل وأحد الثلاثة ، ففيه أقوال ، ثالثها ـ وهو الحقّ ـ الجواز على سبيل
المجاز دون الحقيقة.
__________________
لنا على الأوّل وجوه :
منها : أنّه لو
تناول أحد الثلاثة الاول يكون من باب مجاز المشارفة وما يؤول إليه ، وهو آت في
فصيح الكلام ومستعمل عند الخاصّ والعامّ. ولو عمّ الحاضرين والغائبين والمعدومين أو أحدهما يكون تغليبا ، والتغليب مجاز شائع عند أهل اللسان وأرباب البيان ،
ومنه قولهم : « أنت وزيد تفعلان كذا ».
والتوضيح ، أنّ
الوجدان والاستعمال شاهدان على أنّه يجوز أن يلاحظ أفراد في عنوان ، فإن كان فيها
موجود حاضر ، يجعل مخاطبا ومصحّحا لأن يخاطب بتوسّطه من يتّصف حين الوجود بالعنوان
بالإمكان أو بالفعل ، على اختلاف الرأيين وإن لم يكن وقت
الخطاب موجودا ، كما إذا أردنا أن نخاطب أمّة النبيّ صلىاللهعليهوآله بأنّ زادنا مباح لمن أكل ، ودارنا مباح لمن نزل ، نقول
للحاضرين : أيّها المسلمون إنّ زادنا كذا ودارنا كذا ، فيجعل المسلم عنوانا
لملاحظة جميع أفراده.
ومنه : أكثر
خطابات الملوك والحكّام ، والوصيّة بالأوامر والنواهي إلى من انتسب إلى الموصي
بعدّة بطون ـ وقد وقع ذلك في وصيّة عليّ عليهالسلام ـ أو إلى كلّ من وصل إليه الوصيّة ، كما وقع من الأولياء
والحكماء.
وإن لم يكن فيها
موجود حاضر ، يخاطب جميع من لوحظ في ضمن العنوان بواسطته ، كما يفعله المصنّفون من
الأمر بالتأمّل والتدبّر وغير ذلك من الخطابات.
ومنها : بعض
الآيات ، كقوله تعالى : ( كُنْ فَيَكُونُ ) وقوله : ( لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ
وَمَنْ بَلَغَ ).
ومنها : الأخبار ،
وهي كثيرة واردة في موارد مختلفة كلّها يدلّ على المطلوب ، كالدالّة
__________________
على نزول بعض
الخطابات القرآنيّة فيمن وجد بعد النبيّ ، والدالّة على
نداء بعض الأنبياء ، كإبراهيم وموسى من لم يوجد ، والدالّة على قول « لبّيك » عند قراءة بعض الخطابات ، وغير ذلك ممّا ورد في مطالب جزئيّة مختلفة ، وانتشر في مصنّفات الأخبار.
ومنها : احتجاج
العلماء ـ حتّى الأئمّة عليهمالسلام ـ على أهل الأعصار ممّن بعد الصحابة بتلك الخطابات من غير
ذكر إجماع أو نصّ أو قياس .
ولنا على الثاني : تصريح أرباب اللغة بوضع تلك الخطابات للموجودين الحاضرين. كيف؟ وحقيقة خطاب
المشافهة ليست إلاّ توجيه اللفظ إلى الغير للإفهام ، فلا يتوجّه إلى الجماد
الموجود فضلا عن المعدوم ، ومجرّد استعمال أهل اللغة أو الشرع لا يثبت الحقيقة
اللغويّة أو الشرعيّة ؛ لأنّه أعمّ من الحقيقة.
احتجّ القائل بعدم
الجواز مطلقا بأنّه لا يقال للمعدومين : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ
) ونحوه ، وإنكاره مكابرة .
والجواب : أنّ
السبب في عدم القول إن كان عقليّا ـ وهو عدم صدق العنوان ، كـ : « الناس » و «
الإنسان » و « المسلم » وأمثالها على المعدوم ـ فهو ممنوع ، ووجهه ظاهر.
وإن كان لغويّا أو
عرفيّا ـ وهو تحاشي أرباب اللغة والعرف عن ذلك ـ فهو مسلّم في الإطلاق الحقيقي دون
المجازي ، كما يشهد به محاوراتهم. ثمّ لو سلّم ذلك فهو في الخطاب التخييري دون التعليقي.
فإن قيل : فإذن
يكون الخطاب في الموجود الحاضر منجّزا ، وفي المعدوم معلّقا ، فإذا استعمل فيهما
يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز.
__________________
قلت : جميع
الخطابات معلّقة على شرائط التكليف ، وهي مختلفة في الكيفيّة والكمّيّة بالنسبة
إلى آحاد المكلّفين ، فمن حصلت له يدخل تحته ، وهذا أمر واحد لا تعدّد فيه ليلزم
ما ذكر.
ثمّ إنّه لمّا
اورد على هذا القائل اشتراك المعدومين للموجودين ، واللاحقين للماضين في الأحكام
المستفادة من خطابات المشافهة ، أجاب بأنّ الاشتراك قد علم بالإجماع ، بل بالضرورة
من الدين ، لا لتناول الخطاب بصيغته لهم .
ويدفعه ما ذكرنا
من احتجاج السلف حتّى الأئمّة عليهمالسلام بها من غير ذكر إجماع أو دليل آخر ؛ لأنّه لو كان تناولها
لهم للإجماع ، لكان هو الدليل ، لا هي.
واحتجّ القائل
بالجواز مطلقا بالدليل الرابع ، وبأنّه لو لم يكن الرسول صلىاللهعليهوآله مخاطبا لمن بعده لم يكن مرسلا إليه ؛ لأنّ المرسل هو
المبلّغ ، ولا تبليغ إلاّ بهذه العمومات .
والجواب عنهما :
أنّ الشمول المجازي يصحّح الاحتجاج والتبليغ ، ولا يتوقّفان على التناول حقيقة.
إذا عرفت ذلك ،
فاعلم أنّه يظهر فائدة الخلاف في مسائل كثيرة ، فإنّه إذا تناول الخطاب للمعدومين
والغائبين حقيقة أو مجازا ، لكان تكليفهم على ما يفهمونه من الخطاب ، لا على نحو
ما كلّف به الحاضرون ؛ لأنّ تكليف الحكيم بما لا يفهمه المخاطب قبيح. ولو لم
يتناولهم ويثبت الاشتراك بالإجماع أو دليل آخر لكان تكليفهم على نحو ما كلّف به
المخاطبون ، فيلزم عليهم الفحص ليعلموا كيفيّة تكليفهم ، مثلا ، يصحّ الاحتجاج
بالوجوب العيني بصلاة الجمعة في زمن الغيبة بالآية على الأوّل ؛ لإطلاق الأمر بحضورها ، فيتناول زمان الغيبة ، ولا يصحّ على
الثاني ؛ لأنّه للخصم أن يقول : هذا خطاب مشافهة ، والأمر لهم إنّما هو بحضور صلاة
النبيّ صلىاللهعليهوآله. والإجماع على اشتراك جميع المكلّفين للمخاطبين إنّما هو
على
__________________
نحو ما كلّف به
المخاطبون ، فإذا كان صلاتهم مشروطة بإمامة النبيّ أو نائبه ، فكذا صلاتهم ، فلا
يثبت منها وجوبها على نحو آخر ، وقس عليه أمثالها.
وعلى ما اخترناه
قد ظهر جليّة الحال في الجميع. وبما ذكر يظهر ما في كلام بعض المتأخّرين حيث قال ـ
بعد اعتراف القائل بعدم التناول بالاشتراك بالإجماع أو غيره
ـ :
لا يبقى نزاع ولا
يظهر فائدة لهذا الخلاف .
فصل [١٦]
لا نزاع في عدم
دخول النساء في نحو : « الرجال » ممّا يختصّ بالمذكّر ، ولا في دخولهنّ في نحو : «
الناس » و « من » و « ما » ممّا يشترك فيه المذكّر والمؤنّث ، ولا في عدم دخول
الرجال في صيغة الاناث كـ : « المسلمات » ونحوه ، وقد وقع النزاع في دخولهنّ في
نحو : « المسلمين » و « فعلوا » ممّا ميّز فيه بين صيغة المذكّر والمؤنّث بعلامة ،
ويغلّب فيه المذكّر إذا اريد الجمع بينه وبين المؤنّث ، فيطلق صيغة المذكّر ويراد
بها الطائفتان ، ولا يفرد المؤنّث بالمذكّر كما هو دأبهم في تغليب العقلاء على
غيرهم ، والمتكلّم على الحاضر ، والحاضر على الغائب. وبالجملة ، الأشرف والأعرف
على غيرهما.
فقيل : يدخلن فيه
عند الإطلاق كما يدخلن عند التغليب .
وقال الأكثر : لا
يدخلن فيه عند الإطلاق ، بل قد يدخلن فيه تبعا وتغليبا ، فيكون تناوله لهنّ مجازا لا حقيقة وهو الحقّ.
لنا إجماع أهل
اللغة على أنّ هذه الصيغ جمع المذكّر ، والجمع تكرير الواحد ، والواحد مذكّر.
وأصالة عدم
الاشتراك.
__________________
ولزوم صحّة
استعماله في المؤنّث خاصّة لو كان موضوعا له وحده ، أو للقدر المشترك ، وهو باطل
وفاقا.
وقوله تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ
يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ ) ، بعد قوله : ( لِلْمُؤْمِنِينَ
يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ).
وقوله : ( إِنَّ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ) ، فإنّ مدلول : « المؤمنات » و « المسلمات » لو كان داخلا
في « المؤمنين » و « المسلمين » لما حسن هذا العطف ، ولا مزيّة للخاصّ ، حتّى يقال
: إنّه للاهتمام به كما في عطف « جبرئيل » على « الملائكة ».
والقول بأنّ
فائدته كونه نصّا في النساء فلا يقبل التخصيص فهو مذكور للتأكيد ، يدفعه أولويّة التأسيس على التأكيد ، على أنّه قد روي عن أمّ سلمة أنّها
قالت : يا رسول الله ، إنّ النساء قلن : ما نرى الله ذكر إلاّ الرجال ، فأنزل الله : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ
وَالْمُسْلِماتِ ) ، ولو كنّ داخلات لما صحّ تقريره النفي.
احتجّ الخصم بنصّ
أهل اللغة على تغليب المذكّر على المؤنّث لو اجتمعا. ومنه قوله تعالى : (
وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً ) و ( اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) ، وبأنّه لو لم يدخلن في هذه الصيغ ، لما شاركن في الأحكام
؛ لثبوت أكثرها بها ، كما في أحكام الصلاة والصوم والزكاة .
والجواب عن الأوّل
: أنّ التغليب مجاز ، ولا كلام في الإطلاق المجازي ، إنّما الكلام في الإطلاق
الحقيقي.
__________________
وعن الثاني : أنّ
الاشتراك قد علم بدليل من خارج ، ولولاه لم يثبت الاشتراك بمجرّد هذه الصيغ ، كما
في الجهاد والجمعة.
إذا عرفت ذلك ،
فيظهر الفائدة في مواضع متكثّرة ، كما لو وقف على « بني زيد » مثلا ، أو خاطب
ذكورا وإناثا ببيع أو وقف ، فقال : « بعتكم » أو « وقفتكم » ، أو خاطب رقيقه
الكفّار فقال : « لله عليّ أن اعتق من آمن منكم » ، ولا ريب في دخول الإناث مع
القصد ، ولذا لو وقف على بني هاشم دخلت الإناث ؛ لأنّ القصد حينئذ الجهة عرفا.
ويظهر الفائدة
أيضا في الدعاء في خطبة الجمعة ؛ فإنّه واجب للمؤمنين والمؤمنات إذا اقتصر على « المؤمنين » ، وفي دعاء الاستفتاح إذا صلّت المرأة ، فهل يجوز لها
أن تقول : « وما أنا من المشركين وأنا من المسلمين »؟ والوجه هنا الجواز ، وقد روي
أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لقّن فاطمة بهذا النحو في ذبح الأضحية وقال لها : « قومي ،
وقولي : إنّ صلاتي ... » .
فصل [١٧]
الحقّ أنّ العموم
الوارد من الشرع نحو : « المسلمين » و « المؤمنين » ونحوهما يتناول العبيد مطلقا ،
كما أنّ نحو : « المسلمات » يتناول الإماء ، و « الناس » يتناولهما.
وقيل : يتناولهم
إن كان الخطاب بحقّ الله دون حقوق الناس .
لنا : أنّ العبد
من « المسلمين » والأمة من « المسلمات » وكليهما من « الناس ».
احتجّ الخصم بثبوت
صرف منافع العبد إلى سيّده عموما ، فلو كلّف بالخطاب ، لكان صرفا لمنافعه إلى غيره
، فيلزم التناقض .
والجواب : منع
ثبوت الصرف عموما ؛ لعدمه وقت تضايق العبادات ، فلا تناقض.
وبخروجه عن خطاب
الحجّ ، والجهاد ، والأقارير ، والتبرّعات ونحوها.
__________________
والجواب : أنّه
بدليل من خارج ، كخروج الحائض والمريض والمسافر من بعض العمومات.
ويتفرّع عليه وجوب
الجمعة ، والإحرام بالحجّ أو العمرة عليه إذا أذن له السيّد ؛ لأنّ المانع كان من
جهته وقد زال.
فصل [١٨]
المتكلّم يدخل في
عموم متعلّق خطابه ، خبرا كان ، نحو : ( وَهُوَ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ، أو أمرا ، مثل : « من أحسن إليك فأكرمه » ، أو نهيا ، مثل : « من أكرمك فلا
تهنه » ؛ لتناوله له لغة ، وعدم صلاحية كونه متكلّما
للمانعيّة. وعدم التناول في مثل قوله تعالى : ( اللهُ خالِقُ كُلِّ
شَيْءٍ ) بدليل خارجي ، فهو مخصّص.
ويتفرّع عليه طلاق
زوجته لو قال : « نساء المسلمين ، أو العالمين طوالق » ، ودخوله في الموقوف عليهم
لو وقف على الفقراء وكان فقيرا.
ويظهر ممّا ذكر
أنّ العمومات الواردة من لسان الرسول صلىاللهعليهوآله ، مثل : « يا أَيُّهَا
النَّاسُ » و «
يا عِبادِيَ » تتناوله صلىاللهعليهوآله ، وكلّ مخاطب ـ بالفتح ـ يدخل في العمومات التي القيت إليه.
ويتفرّع عليه
استحباب حكاية الأذان للمؤذّن ، وجواز تطليق الزوجة نفسها إذا قال لها زوجها : «
طلّقي من نسائي من شئت » ، وجواز بيع الوكيل من نفسه إذا قال الموكّل له : « بع
هذا » ، وجواز إبراء الوكيل نفسه إذا وكّله في إبراء غرمائه وكان منهم ، وجواز
تزويج الرجل المرأة التي وكّلته في تزويجها لمن شاء لنفسه.
وقد وقع الخلاف
بين الأصحاب في بعض هذه الفروع بأدلّة خارجة عن القاعدة .
__________________
فصل [١٩]
خطاب الشارع لواحد
من الامّة لا يعمّ جميع الامّة ، والخطاب الخاصّ بالرسول صلىاللهعليهوآله ، مثل : ( يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ) ، ( يا أَيُّهَا
الْمُدَّثِّرُ ) ، ليس بعامّ للامّة ، ووجهه ظاهر.
وقد وقع الخلاف في
الموضعين من شرذمة قليلة لا اعتداد بهم وبما احتجّوا به عليه ، ولذا أعرضنا عن
إيراده ونقضه.
فصل [٢٠]
الحقّ أنّ « الفرد
النادر » يدخل في العموم ، خلافا لبعض .
لنا : تناول
الصيغة له ، وعدم مدخليّة ندوره لخروجه إلاّ أن يبلغ الندور حدّا يخصّصه العرف
بغير النادر ، كما يأتي .
ومن فروعه : دخول
الاكتساب النادر ـ كالهبة ، واللقطة ـ في المهايأة .
فصل [٢١]
الذين قالوا
بحجّيّة المفهوم اختلفوا في أنّه عامّ أم لا ، فالأكثر على الأوّل ، والغزالي على
الثاني .
والحقّ أنّه بعد
ثبوت حجّيّته لا تأمّل في عمومه ، بمعنى أنّ الحكم يثبت بمفهوم الموافقة في جميع
ما عدا المنطوق من الصور ، وينتفي بمفهوم المخالفة عن جميع ما عداه ؛ للفهم العرفي
، ولزوم التحكّم لولاه.
__________________
والظاهر أنّ
الغزالي لا ينكر ذلك ، بل لا يطلق العموم على هذا المعنى ، إمّا لأنّ العموم عنده
من عوارض الألفاظ والمفهوم ليس بلفظ ، فيكون النزاع لفظيّا. أو لأنّ العامّ ما
يقبل التخصيص والمفهوم لا يقبله ؛ لأنّ القابل له يجب أن يكون ملفوظا حقيقة أو
تقديرا ، والمفهوم ليس بملفوظ مطلقا ؛ لأنّه لازم عقلي يثبت تبعا لملزومه ، فلا
يتجزأ في الإرادة ولا يحتمل إرادة البعض.
وللأكثر أن يقولوا
: إنّ المفهوم ملفوظ تقديرا ، فيقبل التخصيص.
وكيفيّة التفريع
ظاهرة.
فصل [٢٢]
الحقّ أنّ تعليق
الحكم على العلّة يفيد العموم ، بمعنى أنّه يوجد الحكم في جميع صور وجود العلّة ،
ويكون العموم بالشرع قياسا لا باللغة صيغة.
وقيل : لا يفيد
العموم .
وقيل : يفيده صيغة
.
لنا : أنّ التعليق
ظاهر في استقلال العلّة بالعلّيّة ، وتخلّف المعلول عن العلّة المستقلّة غير جائز
، فوجب أن يثبت الحكم حيث يثبت العلّة ، فيثبت العموم بالاستدلال ، ولا إشعار به
في اللفظ بوجه ولذا لا يقتضي قول القائل : « أعتقت غانما لسواده » عتق جميع
السودان ؛ لأنّه لو دلّ بصيغته على العموم ، لكان بمثابة : « أعتقت كلّ أسود »
فليس عمومه بالصيغة لغة.
احتجّ القائل بعدم
إفادته العموم بأنّ التعليق لا يفيد استقلال العلّة بالعلّيّة ؛ لجواز أن تكون جزء
العلّة المستقلّة ، والجزء الآخر منها خصوصيّة المحلّ .
والجواب : أنّه
خلاف الظاهر على أنّ المفروض عندنا العلّة التي علمت علّيّتها بإحدى الطرق
المعتبرة من غير مدخليّة شيء آخر.
__________________
واحتجّ القائل
بإفادته العموم صيغة بعدم الفرق بين « حرّمت الخمر لإسكاره » و « حرّمت كلّ مسكر »
.
والجواب : منع عدم
الفرق ، فإنّ الثاني عامّ لكلّ مسكر بصيغته ، بخلاف الأوّل ؛ فإنّ إثبات عمومه
يتوقّف على الاستدلال.
فصل [٢٣]
« التخصيص » قصر
العامّ على بعض مسمّياته ، والقصر يعمّ القصر باعتبار الدلالة والحكم ، وباعتبار
الحكم فقط ، فيتناول ما لم يرد به إلاّ بعض مسمّياته ابتداء كما في غير الاستثناء
، وما اريد به جميع مسمّياته ثمّ اخرج بعض ، كما في الاستثناء. وقيل : هو إخراج
بعض ما يتناوله الخطاب عنه .
وقيل : هو تعريف
أنّ العموم للخصوص .
وفيه دور ، إلاّ
أن يخصّص « الخصوص » باللغوي.
وقد يطلق التخصيص
على قصر غير العامّ على بعض مسمّياته ، مثاله لفظ : «
العشرة » ليس عامّا ، ومع ذلك إذا قصر على خمسة بالاستثناء عنه ، يقال : قد خصّص ،
وكذلك : « المسلمون » للمعهودين .
واعلم أنّ الضابط
في التخصيص أنّه كلّ ما يصحّ تأكيده بـ « كلّ » ويدلّ على الكثرة حقيقة أو حكما يصحّ تخصيصه ، وما لا ، فلا.
والإيراد عليه
بنحو : « ما رأيت أحدا » ، فإنّه يخصّص ولا يؤكّد ، ونحو : « أكلت
__________________
الرغيف » فإنّه
يؤكّد ولا يخصّص ، مندفع بأنّ المراد التلازم بين التأكيد والتخصيص بأحد
الإطلاقين لا بكلّ منهما.
ثمّ الدالّ على
الكثرة إمّا من جهة اللفظ ، كألفاظ العموم ، أو من جهة المعنى وهو العلّة الشرعيّة
، ومفهوم الموافقة ، ومفهوم المخالفة.
وقد عرفت جواز
تخصيص العلّة المنصوصة في بحث النقض . ومنه جواز بيع
العرايا مع النهي عن بيع الرطب بالتمر ؛ لعلّة النقصان عند الجفاف
مع وجود تلك العلّة بعينها في العرايا.
وأمّا مفهوم
الموافقة ـ كدلالة تحريم التأفيف على تحريم الضرب وغيره من أنواع الأذى ـ فيجوز
تخصيصه ؛ لكونه دليلا عامّا دالاّ على الكثرة المعنويّة.
ويتفرّع عليه جواز
قتل الوالد إذا ارتدّ ، وضرب الامّ إذا زنت ، وجواز حبس الوالد لحقّ الولد.
وقس عليه مفهوم
المخالفة ؛ فإنّه يدلّ على انتفاء الحكم في جميع صور المسكوت عنه ، فيقبل التخصيص
؛ لكونه دليلا عامّا ؛ فقوله عليهالسلام : « إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا » يدلّ بمفهومه على أنّ ما دونه ينجس بمجرّد ملاقاة النجاسة ، فيجوز تخصيصه بما
عدا ما لا يدركه الطرف من الدم ، كما ذهب إليه الشيخ وجماعة استنادا إلى رواية عليّ بن جعفر عن أخيه عليهالسلام .
فائدة
الفرق بين التخصيص
والنسخ من وجوه :
منها : أنّ النسخ
يخصّص الحكم بزمان معيّن ، فهو أخصّ من التخصيص بهذا الاعتبار.
__________________
ومنها : أنّ
التخصيص لا يصحّ إلاّ في الألفاظ ، والنسخ قد يكون لما علم بدليل شرعي لفظا كان أو
غيره ، فينعكس النسبة بهذا الاعتبار.
ومنها : أنّ
التخصيص مقارن أو متقدّم ، والنسخ متراخ.
ومنها : أنّ
المخصوص غير مراد عند الخطاب ، والمنسوخ مراد عنده.
فصل [٢٤]
إذا خصّ العامّ
فالحقّ أنّه حقيقة مطلقا في الباقي.
والأكثر على أنّه
مجاز فيه كذلك.
وقيل : حقيقة إن
كان الباقي غير منحصر ـ بمعنى أنّ له كثرة يعسر العلم بعددها ـ وإلاّ فمجاز .
وقيل : حقيقة فيه
إن خصّص بما لا يستقلّ بنفسه ـ من شرط أو صفة أو استثناء أو غاية ـ وإن خصّص بما
يستقلّ ـ من سمع أو عقل ـ فمجاز .
وقيل : حقيقة فيه
إن خصّ بشرط أو استثناء ، ومجاز فيه إن خصّ بصفة وغيرها .
وقيل : حقيقة فيه
إن خصّص بشرط أو صفة ، ومجاز فيه إن خصّص باستثناء وغيره .
وقيل : حقيقة إن
خصّ بدليل لفظي متّصل أو منفصل ، ومجاز فيه إن خصّ بغيره .
وقيل : حقيقة في
تناوله ، مجاز في الاقتصار عليه .
لنا أنّ اللفظ كان
متناولا له حقيقة بالاتّفاق ، والتناول باق على ما كان لم يتغيّر ، وإنّما طرأ عدم إرادة المخرج بالمخصّص.
__________________
والجواب عنه بأنّه
كان متناولا له مع غيره ، والآن يتناوله وحده ، وهما
متغايران ، فقد استعمل في غير ما وضع له ، مندفع بمنع عدم تناوله للغير في ذاته ، فإنّه يتناوله في نفسه وإن حكم بالخروج بسبب آخر. هذا.
وما قيل في دفعه :
أنّ عدم تناوله للغير ، أو تناوله له لا يغيّر صفة تناوله لما يتناوله ، لا يخفى
ضعفه ؛ لأنّه إذا لم يتناول الغير وتناول الباقي وحده ، لا معنى لكونه حقيقة فيه ؛
لأنّه إنّما يكون من حيث استعماله فيما يكون ذلك الباقي بعضا منه ، لا من حيث
استعماله في الباقي وحده.
احتجّ الأكثر بأنّ
« الباقي » و « الكلّ » مفهومان متغايران ، فلو كان حقيقة في الأوّل كما في الثاني
لزم كونه مشتركا بينهما ، مع أنّ الفرض قد وقع في الألفاظ التي ثبت وضعها للعموم
خاصّة.
والجواب عنه : أنّ
إرادة الاستغراق منه باقية ، وإنّما يخرج ما يخرج بالمخصّص ، ثمّ يسند الحكم إلى
الباقي ، وعلى هذا لا يراد الباقي وحده منه ، بل يراد في ضمن الكلّ.
ولا ريب أنّ ما وضع
للكلّ حقيقة في البعض إذا لم يرد خاصّة ، بل اريد في ضمن الكلّ ؛ لأنّه لم يرد
حينئذ بوضع واستعمال ثان ، بل الوضع والاستعمال الأوّل ، والمجاز بخلاف ذلك.
ولزيادة التوضيح
نقول : إنّ العامّ يراد به العموم ، والخاصّ يراد به الخصوص ، والباقي وحده إنّما
يراد من مجموع العامّ مع مخصّصه لا من العامّ فقط ليلزم الاشتراك ، وهذا لا ينافي
كونه وحده مستعملا في العموم ؛ لأنّ وضع المطلق غير وضع المقيّد ؛ فقولنا : « أكرم
بني تميم الطوال » بمنزلة « أكرم بني تميم من قد علمت من صفتهم أنّهم الطوال » ،
ويرجع المعنى إلى أنّه : « أكرم من جميع بني تميم طوالهم » ولهذا يصحّ أن يقال : «
وأمّا القصار منهم ، فلا تكرمهم » فيرجع الضمير إلى جميع بني تميم. وقس عليه
المخصّص بشرط ، أو استثناء ، أو غاية.
ويعلم من ذلك أنّ
الحقّ ـ كما يأتي ـ أنّ العامّ المخصوص ، مثل : « له عشرة إلاّ ثلاثة »
__________________
مستعمل في معناه
الحقيقي ، فيتناول السبعة والثلاثة معا ، ثمّ أخرج المخصّص منه ثلاثة ، وبقي سبعة
واسند إليه بعد الإخراج لا أنّه مستعمل في الباقي ، أي السبعة كما ذهب إليه الأكثر
، ويأتي أنّ قول القاضي ـ وهو أنّ المجموع المركّب بإزاء السبعة
حتّى كان له اسمان : مفرد وهو سبعة ، ومركّب وهو عشرة إلاّ ثلاثة ـ يرجع إلى المذهب الحقّ.
وممّا ذكر ـ من
أنّ الحكم إنّما يسند إلى الباقي ـ يندفع ما قيل : إنّ المتكلّم حال إطلاق لفظ
العامّ إن لم يرد البعض المدلول عليه بالمخصّص ، وأراد الموضوع الأصلي للعامّ ،
لزم إرادة تعلّق الحكم بجميع الأفراد أوّلا ، ثمّ إخراج بعضها ثانيا ، وذلك نسخ لا
تخصيص .
فإن قلت : إذا كان
لفظ العامّ باقيا على عمومه ، فلا يراد منه الباقي ولا يكون عامّا مخصّصا مع أنّ
البحث في العامّ المخصّص الذي اريد منه الباقي ، ولذا جعل الترجمة عن البحث بما
ذكر. وعلى ما ذكرت ـ من بقائه على عمومه ، وإخراج المخصّص ما أخرج ، وإرادة الباقي
من مجموعهما ـ لا يصحّ الترجمة عنه به.
قلت : لمّا اريد
منه الكلّ ، وأخرج المخصّص منه ما أخرج ، وبقي الباقي على ما كان ، فمن حيث ورود
المخصّص يصدق عليه أنّه عامّ مخصّص ، ومن حيث إرادة الباقي منه مع المخصّص يصدق
أنّ العامّ المخصوص اريد منه الباقي ، ومن حيث إنّ إرادة الباقي منه لأجل أنّه في
ضمن الكلّ وبالوضع الأوّل يصدق أنّه حقيقة فيه. هذا.
واحتجّ كلّ من المفصّلين باعتبارات واهية لا يخفى ردّها بعد الإحاطة بما ذكرناه.
فصل [٢٥]
الحقّ جواز تخصيص
العامّ إلى أيّ مرتبة كانت حتّى إلى الواحد ؛ وفاقا لجمع من المحقّقين .
__________________
وقيل : يجوز إلى
أقلّ المراتب ، فيجوز في الجمع إلى ثلاثة ، وفي غيره إلى الواحد .
وقيل : لا بدّ من
بقاء اثنين .
وقيل : ثلاثة .
والأكثر على أنّه
لا بدّ من بقاء جمع يقرب من مدلول العامّ إلاّ أن يستعمل في حقّ الواحد على سبيل
التعظيم.
وقيل : التخصيص
بالبدل والاستثناء يجوز إلى واحد ، نحو : « اشتريت العشرة أحدها » و « عشرة إلاّ
تسعة » ، وبغيرهما إن كان متّصلا كالصفة والشرط يجوز إلى اثنين ، نحو : « أهن
الناس الجهّال » أو « إن كانوا جهّالا ».
وإن كان منفصلا
ففي المحصور القليل يجوز إلى اثنين ، مثل : « قتلت كلّ زنديق » وهم ثلاثة أو أربعة
وقد قتل اثنين أو ثلاثة ، وفي غير المحصور الواقعي أو العادي لا بدّ من بقاء جمع
يقرب من مدلول العامّ .
والظاهر ـ كما قيل
ـ : إنّ الخلاف في غير ألفاظ المجازات والاستفهام ؛ إذ فيهما يجوز الانتهاء إلى الواحد وفاقا.
لنا : ما تقدّم من أنّ العامّ المخصّص مستعمل في معناه الحقيقي ، وأخرج المخصّص غير الباقي ،
ثمّ وقع الإسناد.
ولا يتصوّر فرق
بين الواحد وما فوقه ممّا يبقى بعد الإخراج إلاّ أن يقال : إنّه يستهجن إرادة جميع
أفراد العامّ ثمّ إخراج مجموعها حتّى يكون المحكوم عليه واحدا ؛ إذ العدول عمّا
يدلّ على الواحد مع إيجازه إلى كلام طويل مبهم قبيح.
وهو مدفوع بأنّ
العدول إنّما يكون لنكتة ، ومثله قوله تعالى : ( أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ
خَمْسِينَ عاماً )
__________________
مع كون « تسعمائة
وخمسين » أخصر وأصرح.
ولنا : أنّ
المفروض بعد ورود مخصّص جامع لشرائط جواز العمل مخصّصا للعامّ إلى الواحد ، فهو حجّة للجواز. ولا يجوز طرح مثله ببعض الاعتبارات
الواهية التي احتجّ بها الخصم.
وأيضا لو امتنع
ذلك ، لكان لتخصيصه وإخراج اللفظ عن موضوعه إلى غيره ، وهذا يوجب
امتناع كلّ تخصيص.
والجواب بمنع كون
الامتناع لمطلق التخصيص ، بل لتخصيص خاصّ وهو المنتهى إلى الواحد ؛ لقبحه لغة
وعرفا مدفوع بعدم قبحه ، كما يأتي .
ولنا أيضا أنّ
العامّ إذا استعمل في غير الاستغراق ، فليس بعض الأفراد أولى من بعض ، فيجوز
استعماله في كلّ مرتبة من المراتب إلى أن ينتهي إلى الواحد.
والجواب بأنّ
الأكثر أولى ؛ لقربه إلى الجمع يصحّح أرجحيّة إرادة الأكثر ، لا امتناع إرادة
الأقلّ ، وهو المدّعى.
وقد اجيب عنه بأنّ
استعمال العامّ في الخصوص مجاز كما هو الحقّ ، ولا بدّ في جواز مثله من وجود
العلاقة المصحّحة للتجوّز ، ولا يتصوّر هنا علاقة سوى المشابهة ـ أعني الاشتراك في
صفة ـ وهي هاهنا الكثرة ، فلا بدّ من تحقّق كثرة تقرب مدلول العامّ ليتحقّق
المشابهة المعتبرة .
وعلى ما اخترناه
من أنّ العامّ المخصّص حقيقة في الباقي يندفع هذا الجواب.
وقيل : إنّ
العلاقة هنا هي الجزئيّة ؛ فإنّ بعض الأفراد بعض مدلول العامّ ، فهو جزؤه ، فإذا
استعمل في الواحد ، يكون استعمالا للّفظ الموضوع للكلّ في الجزء .
والحقّ ، أنّ هذا
الجواب فاسد ؛ لأنّ كلّ بعض من أفراد العامّ بعض مدلوله ، إلاّ أنّ الأفراد
__________________
ليست أجزاء له ؛
لأنّ مدلوله كلّ فرد ـ وهو العامّ الاصولي ـ لا مجموع الأفراد ، وإنّما يتصوّر
تحقّق الكلّ والجزء في مدلول هو المجموع لا كلّ فرد.
والحاصل أنّ
العلاقة المتصوّرة هاهنا لا تخلو من أحد امور أربعة :
[
الأمر الأوّل ] : المشابهة ، وهي مفقودة وفاقا.
و [ الأمر الثاني ] : علاقة الجزء والكلّ ، وهي أيضا مفقودة هنا ؛ إذ ليس
الخاصّ الاصولي جزء العامّ ؛ لأنّها تتصوّر في الكلّ المجموعي وليس هو عامّا
اصوليّا ؛ فإنّ العامّ الاصولي هو كلّ واحد ، ولا ريب أنّ نسبة الواحد إلى كلّ
واحد ليست نسبة الجزء إلى كلّه.
نعم ، ربما ظنّ
أنّ نسبة الواحد إلى العشرة ـ وهو المنزّل منزلة العامّ ـ نسبة الجزئيّة ، إلاّ
أنّ التصفّح يعطي أنّ إطلاق اسم الكلّ إنّما يكون على جزء يكون المقصود منه بالذات
كونه جزءا مع عروض هيئة اجتماعيّة وحدانيّة ، كالأنامل والأصابع ، لا الجزء
المنفصل المستقلّ في الوجود ، فلا يتحقّق العلاقة المصحّحة.
والقول بأنّ
إطلاقه على الجزء المستقلّ في الوجود وإن لم يثبت صحّته لغة ، ولم يرد في فصيح
الكلام إلاّ أنّه لمّا جاز عقلا فيمكن القول به ؛ لأنّ عدم الاطّلاع على نوع علاقة
ليس مانعا عقليّا من القول به ، ضعيف ؛ لأنّ ثبوت مثله من اللغة لا من العقل.
فإن قيل : ما قال
الفقهاء من أنّ من قال : « له عشرة إلاّ تسعة » يلزمه واحد يدلّ على إرادة الواحد
من العشرة ، وما ذلك إلاّ لتحقّق العلاقة.
قلت : يجوز أن
يكون بناء ذلك على أنّ المراد من العشرة معناها الحقيقي ، والاستثناء أخرج التسعة
، والإسناد وقع بعد الإخراج كما اخترناه.
و [ الأمر الثالث ] : علاقة الكلّي والجزئي ، وهي التي تكون بين العامّ
والخاصّ المنطقيّين ، وهي أيضا مفقودة هنا ؛ لأنّ الكلّي يحمل على الجزئي ، ولا
يحمل على فرد واحد من الإنسان أنّه كلّ إنسان ، بل يحمل عليه ماهيّة الإنسان من
حيث هي ، وهي كلّي منطقي .
__________________
و [ الأمر الرابع ] : علاقة العموم والخصوص ، وهي التي تتصوّر بين العامّ
والخاصّ الاصوليّين ـ أي بعض الأفراد [ و ] كلّ واحد منهما ـ ولم يصرّح أحد بتجويز نوعها ، ولم تستعمل في كلام فصيح.
وما ورد في كلام
بعض الفضلاء من إطلاق « العلماء » على زيد ؛ لادّعاء أنّه اشتمل على كلّ عالم ؛
لاتّصافه بجميع علومهم ـ مع أنّه غير المبحث ؛ إذ لم يستعمل العامّ في الواحد ،
بل جعل الواحد عامّا واطلق لفظه عليه ـ ليس حجّة.
وقد ظهر ممّا ذكر
أنّه لا يمكن وجود العلاقة المصحّحة بين العامّ والواحد ، وهو من الشواهد على ما
اخترناه من كونه حقيقة في الباقي ؛ إذ وقوع استعماله في الواحد في كلام القوم ممّا
لا يمكن إنكاره. هذا.
واحتجّ القائل
بجواز التخصيص إلى أقلّ المراتب بصحّة إطلاق كلّ لفظ على أقلّ مراتبه .
والجواب : أنّ
الكلام في أقلّ مرتبة يخصّص إليها العامّ ، لا في أقلّ مرتبة يطلق عليه اللفظ ولا
تلازم بينهما.
واحتجّ القائل
بجوازه إلى اثنين أو ثلاثة بما قيل في الجمع ، وأنّ أقلّه اثنان أو ثلاثة .
وجوابه : ما عرفته
؛ فإنّ الجمع ليس بعامّ ، فلا يكون المثبت لأحدهما مثبتا للآخر ، مع أنّ ذلك لا
يتأتّى في غير الجمع من العمومات.
واحتجّ الأكثر
بأنّه يقبح قول القائل : « أكلت كلّ رمّانة في البستان » وفيه آلاف ، وقد أكل
واحدة أو اثنتين أو ثلاثا ، وقوله : « أخذت كلّ ما في الصندوق » وفيه ألف ، وقد
أخذ دينارا أو دينارين ، وقس عليهما أمثالهما من الأمثلة.
__________________
والجواب : منع
القبح بعد نصب القرينة ، أمّا عقلا وشرعا ، فظاهر. وأمّا عرفا ولغة ، فلما يظهر
على المتتبّع في موارد الاستعمال ؛ فإنّ العامّ ـ كما ذكرنا ـ لا يستعمل في الواحد
المخصوص أوّلا ، بل يستعمل في معناه الحقيقي ، ثمّ بعد الإخراج يتعلّق الحكم به ،
ولو لا ذلك لم يصحّ قول القائل : « أكلت كلّ رمّانة في البستان إلاّ الحامض » إذا
كان الحلو واحدا ، سواء كان الحامض كثيرا أو قليلا ، مع أنّه صحيح. هذا.
وحجّة القائل
الأخير على كلّ من دعاويه تظهر من حجج الأقوال المتقدّمة عليه ، وما نخالفه فيه قد
ظهر جوابه ، وما نوافقه فيه لا يفتقر إلى جواب.
إذا عرفت ذلك ،
فكيفيّة التفريع أنّه لو قال : « والله لا اكلّم أحدا » ونوى زيدا ، أو « لا آكل
طعاما » ونوى معيّنا ، ففي قبوله وجهان. وعلى ما اخترناه يتأتّى القبول ، وكذا لو
قال : « نسائي طوالق » وكان له أربع زوجات ، ثمّ قال : « نويت واحدة ».
تذنيب
: تقييد المطلق
كتخصيص العامّ خلافا ، واختيارا ، واحتجاجا ، وجوابا ، وتفريعا. فعلى ما اخترناه
يجوز تقييده إلى واحد.
فصل [٢٦]
العامّ المخصّص
بمجمل ، نحو : « هذا العامّ مخصوص » أو « لم يرد به كلّ ما تناوله » ليس بحجّة ،
ولا يمكن الاستدلال به وفاقا ؛ إذ ما من فرد إلاّ ويجوز أن يكون هو المخرج ، ومنه
قوله تعالى : ( أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ
إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ).
وأمّا المخصّص
بمبيّن ، مثل أن يقول : « اقتلوا المشركين » ثمّ ظهر أنّ الذمّيّ غير مراد ، فقد
اختلف في كونه حجّة في الباقي على أقوال :
ثالثها : أنّه
حجّة في أقلّ الجمع من اثنين ، أو ثلاثة على الرأيين .
ورابعها : أنّه
حجّة فيما بقي إن خصّ بمتّصل ، وليس بحجّة فيه إن خصّ بمنفصل .
__________________
وخامسها : أنّه إن
لم يحتجّ قبل التخصيص إلى بيان ، فحجّة فيه ، وإلاّ فلا .
وسادسها : أنّه إن
كان منبئا عنه قبل التخصيص فحجّة وإلاّ فلا ، مثاله : « اقتلوا المشركين » ، فإنّه ينبئ عن الحربي وهو الباقي إنباؤه عن الذمّي ؛ لأنّهما قسمان أوّليّان للفظ « المشركين » ينتقل الذهن منه إليهما.
ويدلّ على كلّ منهما بالتضمّن ، بخلاف ( وَالسَّارِقُ
وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ) فإنّه لا ينبئ عن كون المال مخرجا من حرز ، وفي نصاب السرقة ـ وهو الربع ـ ؛
لأنّ لفظ ( السَّارِقُ ) لا يدلّ عليهما
بشيء من الدلالات ، ولا ينتقل الذهن منه إلى خصوصهما ، فإذا بطل العمل به في صورة
انتفائهما ، لم يعمل به في صورة وجودهما.
والحقّ أنّه حجّة
فيما بقي مطلقا ؛ وفاقا للأكثر.
لنا : تناوله
للباقي أوّلا ، والأصل بقاء ما كان ، واحتجاج السلف به عليه شائعا ذائعا من غير
نكير ، وذمّ العقلاء للعبد بإهمال الكلّ إذا أخرج المولى من المأمور به بعض
الأفراد ، وكون أكثر العمومات أو جميعها كذلك ، فلو لم يكن حجّة ، لزم إبطالها
جميعا ، وعدم توقّف حجّيّته في بعض الموارد على حجّيّته في البعض الآخر ، وإلاّ
لزم الدور أو التحكّم.
واورد عليه
بالتزام توقّف كلّ من الطرفين على الآخر ، إلاّ أنّه ليس توقّف تقدّم ليلزم الدور
المحال ، بل توقّف معيّة ، فيلزم دور المعيّة وهو جائز .
ولا يرد أنّه لو
كان توقّف معيّة ـ كما في المتضايفين ـ لما أمكن تعقّل أحدهما بدون الآخر مع أنّه
ممكن ؛ لأنّ توقّف المعيّة في الوجود لا يستلزم توقّفها في التعقّل كما في العلّة
المستقلّة ومعلولها ، وفي معلولي علّة واحدة لجهتين متلازمتين.
__________________
احتجّ من أنكر
الحجّيّة مطلقا بأنّ حقيقة اللفظ العموم ، وسائر ما تحته من المراتب مجازاته ،
والباقي أحدها ، فلمّا لم يرد الحقيقة وتعدّدت المجازات ، يكون اللفظ مجملا فيها ،
فلا يحمل على شيء منها فيبقى متردّدا بينها ولا يكون حجّة في شيء منها .
والجواب : أنّ ذلك
لو كانت المجازات متساوية ولا دلالة على تعيين أحدها ، وأمّا إذا كان بعضها أقرب
إلى الحقيقة ، أو وجد الدليل على التعيين ، فلا إجمال ، وفيما نحن فيه وجد الأمران
؛ لأنّ الباقي أقرب إلى العموم ، وما قدّمناه من الأدلّة دلّت على حمله عليه. هذا.
وعلى ما اخترناه ـ
من أنّ العامّ حقيقة في الباقي ـ لا يخفى كيفيّة الجواب.
واحتجّ القائل
بأنّه حجّة في أقلّ الجمع بأنّه المتحقّق ، والباقي مشكوك فيه ، فلا يصار إليه .
والجواب : منع
كونه مشكوكا فيه بعد ثبوت الدلالة على وجوب الحمل عليه. هذا.
واحتجّ كلّ من
أصحاب المذاهب الأخر باعتبارات ضعيفة لا ينبغي ضبطها في المصنّفات ؛ لظهور فسادها ، فلذا
أعرضنا عن إيرادها وردّها.
وكيفيّة التفريع
ظاهرة.
فصل [٢٧]
الجواب إن لم يكن
مستقلاّ ، يتبع السؤال في عمومه وخصوصه وفاقا ، مثل أن يسأل : « هل يتوضّأ بماء
البحر؟ » فيقال : « نعم ».
وإن كان مستقلاّ
فإن كان مساويا ، فأمره واضح. وإن كان أعمّ ، فالحقّ أنّ العبرة بعموم لفظه لا
بخصوصيّة السبب ، فالسبب الخاصّ لا يخصّص العامّ المستقلّ سواء كان السبب سؤالا ـ كسؤالهم
عنه عليهالسلام عن بئر بضاعة وجوابه عليهالسلام بقوله : « خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء إلاّ ما
غيّر طعمه أو لونه أو ريحه » ، وسؤالهم عنه عليهالسلام عمّن اشترى عبدا فاستعمله ، ثمّ
__________________
وجد به عيبا فردّه
هل يعزم اجرته؟ وجوابه بأنّ الخراج بالضمان ـ أو لا ، كما
روي أنّه مرّ بشاة ميمونة فقال : « أيّما إهاب دبغ فقد طهر » فيحكم بطهارة كلّ ما لم يتغيّر أحد أوصافه ، وكلّ إهاب مدبوغ.
لنا : أنّ المقتضي
ـ وهو عموم اللفظ ـ موجود ، والمانع مفقود ؛ لأنّه ليس ثمّة غير خصوص السبب وهو لا
يعارضه ؛ لعدم المنافاة ، وأنّ الصحابة عمّمت العمومات المبيّنة على أسباب خاصّة
كآية السرقة ، وآية الظهار ، وآية اللعان .
ويؤيّده ما روى
عمر بن يزيد عن الصادق عليهالسلام قال : قلت له : ( وَالَّذِينَ
يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ )؟ قال : « نزلت في رحم آل محمّد [ صلىاللهعليهوآله ] ، وقد تكون في قرابتك » ، ثمّ قال : « فلا تكوننّ ممّن يقول للشيء : إنّه
في شيء واحد » .
احتجّ الخصم بأنّ
الجواب لو عمّ لم يكن مطابقا للسؤال ، ولم يكن لذكر السبب فائدة ، وما كان ينبغي
أن يبالغوا في بيانه وضبطه وتدوينه ، وجاز تخصّص السبب عنه بالاجتهاد وبطلانه قطعي
، وكان حكما بأحد المجازات من غير مرجّح ؛ لفوات الظهور بالنصوصيّة في صورة السبب
حيث تناولها بخصوصها بعد أن لم يكن ، فصار مصروفا عمّا وضع له إلى غيره ، فالسبب
خاصّة مع سائر الخصوصيّات ، ومع بعضها ودونها مجازات له ، فالحمل على السبب خاصّة
مع سائر الخصوصيّات على التعيين تحكّم.
وبأنّه لو قال : «
تغدّ عندي » فقال : « والله لا تغدّيت » ، لم يعمّ قوله هذا كلّ تغدّ بل حمل على
التغدّي عنده حتّى لو تغدّى عند غيره لم يحنث .
__________________
والجواب عن الأوّل
: منع الملازمة ؛ إذ طابق وزاد ، والزيادة غير مخرجة عن المطابقة.
وعن الثاني : أنّ
معرفة الأسباب من الفوائد.
وعن الثالث : منع
الملازمة ؛ للقطع بدخول السبب ، ولا استبعاد في اختصاص شيء خاصّ من بين ما يتناوله
العموم بالمنع من إخراجه بدلالة ، فيصير كالنصّ فيه والظاهر في غيره ، فيمكن إخراج
غيره دونه.
وعن الرابع : منع
فوات الظهور بالنصوصيّة ، بل هو باق على ظاهره ، والنصّ قد علم بقرينة خارجيّة ،
وهي وروده فيه.
وعن الخامس : أنّه
خرج من عموم الدليل لعرف خاصّ ، والتخلّف لمانع غير قادح.
وقد ظهر كيفيّة
التفريع من الأمثلة.
وممّا فرّع عليه
أنّه هل يختصّ العرايا بالفقراء ؛ لأنّ اللفظ الوارد في جوازه عامّ ، وإن ورد في سبب خاصّ وهو الحاجة إلى شرائه وليس عندهم ما يشترون به إلاّ التمر ؟ وعلى ما اخترناه لا تختصّ. على أنّ السبب هنا مشكوك فيه.
وقد ظهر ممّا ذكر
أنّ السبب لو كان عامّا والجواب خاصّا ، كان العبرة بخصوص لفظ الجواب لا بعموم
السبب.
وكيفيّة التفريع :
أنّه إذا حلف أن لا يشرب ماءه من عطش ؛ فإنّه لا يحنث بالأكل والشرب من غير عطش
وإن كان السبب ـ وهو المخاصمة بينهما ـ يقتضي العموم.
والحقّ أنّه يحنث
؛ لما تقدّم من أنّه من المجازات الراجحة و إن اقتضت هذه القاعدة الحنث.
__________________
فصل [٢٨]
اختلفوا في جواز
العمل بالعموم قبل البحث عن طلب المخصّص ، فقيل : يجوز .
وقيل : لا يجوز .
ويشترط حصول الظنّ
بعدمه بالفحص عنه ، لا بأصالة عدمه.
وقيل : بل يشترط
حصول القطع بعدمه . وخير الأقوال أوسطها.
لنا على اشتراط
الظنّ أنّ الاجتهاد بذل الجهد واستفراغ الوسع ، فيجب على المجتهد البحث عن الأدلّة
وكيفيّة دلالتها ؛ والنظر في وجوه التراجيح والتخصّص كيفيّة في الدلالة.
وأيضا شيوع المثل
المشهور لو لم يوجب الظنّ بوجوده ، فلا ريب في إيجابه الشكّ في
وجوده ، فلو عمل به قبل الفحص ، لزم العمل بالشكّ ، مع أنّ توقّف حصول امتثال أمر
الشارع على القطع أو الظنّ بمراده في غاية الظهور.
وعلى هذا لا يحصل
الظنّ بشيء من أفراد العامّ قبل الفحص أنّه المراد ، أو داخل فيه بطريق التعيين ؛
لأنّه مع احتمال المخصّص يمكن في كلّ فرد أن يكون هو المخرج من غير ترجيح لفرد على
الآخر ، فحصل الإجمال ، وينسدّ طريق الاستدلال به.
فإن قيل : يلزم
على ما ذكرت أن يكون نسبة صيغ العموم إلى العموم والخصوص متساوية ، فلا معنى
لتبادر العموم منها.
قلت : التبادر
إنّما هو بالنسبة إلى نفس الصيغة مع قطع النظر عن الامور الخارجة كالمثل ، كما هو الشأن في حقائق المجازات الراجحة.
فإن قيل : إذا
كانت الصيغة حقيقة في العموم ، والتخصيص خلاف الأصل ،
فيجب العمل
__________________
بالعموم من غير
توقّف على شيء آخر ، كما هو الشأن في سائر الحقائق.
قلت : هذا أيضا
بالنظر إلى نفس الصيغة مع قطع النظر عمّا يدلّ على وجوب البحث عن المخصّص
والمعارض.
كيف؟ ولو لم يلزم
استقصاء البحث عن الأدلّة وكيفيّة دلالتها ، والفحص عن المعارض والمخصّص ، بل جاز
العمل بما يظفر به من دليل عامّ أو خاصّ من غير توقّف على سعي آخر ، لزم بطلان
الاجتهاد ، أو كون كلّ واحد مجتهدا.
وبهذا يظهر عدم
كفاية الظنّ الحاصل من أصالة عدم المخصّص.
ولنا على عدم
اشتراط القطع : أنّه ممّا لا سبيل إليه غالبا ؛ إذ غاية الأمر عدم الوجدان ، وهو
لا يدلّ على عدم الوجود في الواقع ، فلو اشترط ، لزم إبطال العمل بجلّ العمومات.
احتجّ القائل بعدم
اشتراط الفحص مطلقا بوجوه :
منها : احتجاج
السلف بالعمومات شائعا ذائعا من دون ضمّ نفي المخصّص ، وقبول الخصم منه من دون أن
يقول : لا علم لي ببحثك عن المخصّص.
ويؤكّده عمل أصحاب
الأئمّة ومن قاربهم بأخبار بعض الاصول الأربعمائة ؛ لعدم تمكّن أحد منهم بجمع
الكلّ ، والأئمّة عليهمالسلام كانوا عالمين بذلك وقرّروهم عليه ، فلو كان الفحص لازما ،
لأمروهم بتحصيل جميعها ، ونهوهم عن العمل ببعضها ؛ إذ جلّ أحكامها من العمومات
والمطلقات.
والجواب : منع
الاحتجاج المذكور ، بل وقوع تسليم كلّ احتجاج العامّ على فرد من أفراده إنّما كان
بعد حصول ظنّ الخصم بعدم المخصّص ، كيف؟ ولو ثبت الاحتجاج المذكور ، لثبت الإجماع
على عدم لزوم الفحص عن المخصّص ، مع أنّ لزوم فحصه ممّا ذهب إليه المعظم ونقل عليه
الإجماع .
وعمل أصحاب
الأئمّة بأخبار بعض الاصول إنّما كان بعد علمهم ، أو ظنّهم بتعيّن العمل به ،
فإنّهم كانوا متمكّنين من استنباط ذلك ، أو بعد فحصهم عمّا تمكّنوا من فحصه ، فإنّ
__________________
القائل بالفحص لا
يشترط أزيد من فحص ممكن بسهولة ، ولم يكن أحد من أصحاب الأئمّة متمكّنا من جمع
جميع الاصول.
ومنها : أنّه لو
وجب في التمسّك بالعامّ طلب المخصّص ، لوجب في التمسّك بالحقيقة طلب المجاز ؛ لأنّ
إيجاب الطلب للتحرّز عن الخطأ ، وهو مشترك بينهما ، واللازم منتف وفاقا.
والجواب : الفرق
بين العامّ والحقيقة بأنّ أكثر العمومات مخصوصة ، فيصير إرادة العموم مرجوحة ، أو
مشكوكة ، فيجب الفحص ، بخلاف المجاز.
وما قيل من أنّ
أكثر اللغة مجازات يكذبه التتبّع. على أنّا نقول في الحقائق المحتملة لإرادة
المعاني المجازيّة منها بالاحتمال الراجح ، أو المساوي : إذا وردت في الأحكام
الشرعيّة ، يجب البحث عن المعاني المجازيّة لتحقّق البحث عن كيفيّة دلالة الأدلّة.
ومنها : آية
التثبّت ؛ حيث نفت بالمفهوم التثبّت عن مجيء العدل ، والبحث عن
المخصّص تثبّت وأيّ تثبّت.
والجواب : أنّ
اللازم من منطوق الآية ـ كما يدلّ سوقها ـ وجوب التثبّت في خبر الفاسق ؛ لاحتمال
كذبه ، فاللازم من مفهومها عدم وجوبه في خبر العدل من هذه الجهة ، ولولاه لزم عدم
لزوم التثبّت في الخبر المجمل إذا جاء به العدل ، وهو باطل وفاقا.
اعلم أنّ هذه
الدلائل لو تمّ دلالتها على عدم وجوب الفحص عن المخصّص ، لدلّت على عدم لزوم الفحص
عن المعارض أيضا ، ويخرج منه أصل فاسد وهو جواز العمل بكلّ ما وصل إلينا من دون
الافتقار إلى جمع الأدلّة ونضدها والنظر في وجوه
التراجيح والعمل بالأرجح ، بل يلزم منها جواز العمل بأيّ خبر رأيناه في باب من
أبواب أحد الكتب المعتبرة من دون احتياج إلى الأبواب الأخر والكتب الأخر وملاحظة
أقوال العلماء ، فيبطل
__________________
الاجتهاد ، ويختلّ
أمر الفقاهة. وليت شعري من قال بصحّة الاجتهاد كيف يقول بهذا؟! وأنّى يجمع بين ذاك
وذا هذا.
وحجّة من اشترط
القطع واهية ركيكة جدّا ، فلا فائدة في إيرادها ودفعها.
واعلم أنّه على ما
اخترناه ـ من اشتراط الظنّ دون القطع في فحص المخصّص والمعارض ـ لا بدّ لمن أراد
أن يستنبط مسألة أن ينظر فيما يتعلّق بها من الآيات والأدلّة الاصوليّة المدوّنة
في بعض الكتب الاصوليّة للإماميّة ، ولا افتقار إلى ملاحظة جميعها وتلاحظ الأخبار
المتعلّقة بها ، المضبوطة في الكتب الأربعة ؛ ولا يشترط ملاحظة غيرها كـ العيون
والعلل والخصال والأمالي وأمثالها ؛ لعدم تفرّدها غالبا بما يصلح أن يكون مؤسّسا
لحكم ، بل لا يبعد أن يقال بكفاية ملاحظة الكافي والتهذيب ، بل ملاحظة التهذيب فقط
؛ لندرة مخصّص أو معارض وجد في الكافي دون التهذيب ، فيحصل الظنّ من ملاحظته فقط
أيضا. ويلزم في فحص مخصّص ، أو معارض متعلّق بمسألة الطهارة ـ مثلا ـ ملاحظة كلّ
واحد من أبوابها وأبواب الكتب المناسبة لها ، ككتاب الصلاة والصوم والحجّ وغيرها
من كتب العبادات ، وقس على الطهارة غيرها.
فصل [٢٩]
« المخصّص » إمّا
متّصل ، أو منفصل.
والأوّل خمسة :
الاستثناء المتّصل ، والشرط ، والصفة ، والغاية ، وبدل البعض.
ثمّ منها : ما
يخرج المذكور ، كالاستثناء والغاية.
ومنها : ما يخرج
غير المذكور ، كالشرط والصفة والبدل. هذا.
وغير خفيّ أنّه
يحصل التخصيص بالحال أيضا ؛ لأنّه وصف من جهة المعنى ، بل يحصل بأشياء أخر من
المقيّدات ، كالتمييز وظرفي الزمان ، كما يأتي .
والثاني سبعة :
العقل ، والحسّ ، والعرف الاستعمالي ، والعرف الشرعي ، والنيّة ،
__________________
وفعله صلىاللهعليهوآله ، وتقريره ، والإجماع ، والدليل السمعي من الآيات والأخبار.
وها هي نذكرها
بأقسامها ، وشروطها ، وأحكامها ، وما يتعلّق بها في فصول.
فصل [٣٠]
المستثنى إن كان
من جنس المستثنى منه فالاستثناء متّصل ، وإلاّ فمنقطع. والثاني لا مدخل له في
التخصيص وفاقا ؛ لأنّ قوله : « جاءني القوم إلاّ حمارا » لا يخرج بعض المسمّى.
ولا بدّ في صحّة
المنقطع من مخالفة المستثنى للمستثنى منه ، والمخالفة إمّا في نفس الحكم ، كالمثال
المذكور ، أو في أنّ المستثنى نفسه حكم آخر مخالف للمستثنى منه بوجه ، مثل : « ما
زاد إلاّ ما نقص » ، و « ما نفع إلاّ ما ضرّ » ، فإنّ « النقصان » و « الضرّ »
حكمان مخالفان للزيادة والنفع.
وبالجملة ، فإنّه
يقدّر بـ « لكن » ، فكما يجب فيه مخالفة ـ إمّا تحقيقا ، مثل : « ما جاءني زيد لكن
جاءني عمرو » أو تقديرا ، مثل : « ما جاءني لكن أهانني » ـ فكذا هاهنا ، ولذا لا
يصحّ أن يقال : « ما جاءني زيد إلاّ أنّ حدوث العالم حقّ ».
فصل [٣١]
الحقّ أنّ لفظ «
الاستثناء » حقيقة في المتّصل ، مجاز في المنقطع ، وليس مشتركا لفظيّا ولا معنويّا
بينهما ؛ لأنّ المجاز خير من الاشتراك ؛ ولأنّ المتّصل أظهر وأعرف وهو المتبادر من
الاستثناء عند إطلاقه.
وكذا الحقّ أنّ
صيغته أيضا حقيقة في المتّصل ، مجاز في المنفصل ؛ لتبادر الأوّل منها دون الثاني ،
ولذا لم يحملها العلماء على المنقطع إلاّ عند تعذّر المتّصل ، حتّى قالوا في قول
القائل : « له عندي مائة درهم إلاّ ثوبا » و « له عليّ إبل إلاّ شاة » : معناه
إلاّ قيمة ثوب ، أو قيمة شاة ، فعدلوا للحمل على المتّصل عن الظاهر ، وارتكبوا
الإضمار المخالف له .
__________________
احتجّ الخصم بورود
الاستثناء من غير الجنس في القرآن ، كقوله : ( إِلاَّ أَنْ تَكُونَ
تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) ، و ( إِلاَّ إِبْلِيسَ ) ، و ( إِلاَّ اتِّباعَ
الظَّنِ ) ، و ( إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً ) ، و ( إِلاَّ خَطَأً ) ، وغير ذلك ،
والأصل في الاستعمال الحقيقة .
والجواب ـ كما
عرفت مرارا ـ : أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة ، وورود المجاز في القرآن غير عزيز.
فصل [٣٢]
الاستثناء إن كان
متواطئا في المتّصل والمنفصل ـ أي كان مشتركا معنويّا بينهما ـ أمكن أن يحدّ
المتّصل والمنفصل بحدّ واحد باعتبار المعنى المشترك بينهما ، وهو مجرّد المخالفة
الأعمّ من الإخراج وعدمه ، فيقال : هو ما دلّ على مخالفة بحرف وضعت له غير الصفة.
وإن كان مشتركا
بينهما ، أو حقيقة في المتّصل ، مجازا في المنقطع ، فلا يمكن تحديدهما بحدّ واحد ؛
لتغاير حقيقتهما حينئذ ، بل يحدّ المنقطع حينئذ بأنّه : ما دلّ على مخالفة بحرف
وضعت له من غير إخراج.
وحاصله ما لم يدخل
المستثنى فيه في المستثنى منه. وتفسيره بكونه من غير جنس المستثنى منه ، فاسد ،
كما نبّه عليه جماعة من النحاة ؛ لأنّ قول القائل : « جاء بنوك إلاّ بني زيد »
منقطع مع أنّه من جنس الأوّل . فكلّ ما كان من غير جنس المستثنى منه منقطع ، ولا عكس
كلّيا.
ويحدّ المتّصل
بأنّه الإخراج بحرف وضعت له غير الصفة. ويخرج بقولنا : « حرف
__________________
وضعت له » ما عدا
الألفاظ المشهورة ممّا يدلّ على الإخراج ، مثل : الغاية و « لا » في نحو : « جاء القوم لا زيد » ؛ لأنّ وضعه ليس للإخراج وإن فهم الإخراج منه
في بعض التراكيب.
وما قيل ـ من أنّه
الإخراج بـ « إلاّ » وأخواتها ، أو بـ « ما كان » نحو : «
إلاّ » ـ يرد عليهما مثل الغاية ، و « جاء القوم لا زيد » إن اريد
بأخواتها ونحوها ما يدلّ على الإخراج ، وإن اريد بهما ما وضع للإخراج ، أو الألفاظ
المشهورة ، فيؤول إلى ما ذكرناه.
فعلى الحدّ الذي
ذكرناه إذا قال : « هذه الدار لزيد ، وهذا البيت منها لي » أو « هذا الخاتم له ،
وفصّه لي » أو « له عليّ ألف أحطّ منها مائة » لم يقبل ؛ لأنّه ليس استثناء وإن
كان إخراجا لبعض ما يتناوله اللفظ.
ويمكن أن يقال
بالقبول وإن لم يقل بكونه استثناء ؛ لأنّه كلام واحد يتمّ أوّله بآخره ، وليس فيه
إنكار لما أقرّ به ؛ لأنّ المقرّ [ به ] هو ما عدا البيت.
وعلى الحدّين
الآخرين يقبل ؛ لأنّه استثناء ، نظرا إلى أنّه الإخراج بما يدلّ عليه ، إلاّ أن
يراد بأخواتها ونحوها : الألفاظ المشهورة ، فلا يكون استثناء.
ويخرج بقولنا : «
غير الصفة » ما يكون فيه الحرف الموضوع للإخراج للصفة ، مثل قوله : ( لَوْ كانَ
فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا ) ، وضابطه أن يكون تابعا لجمع منكور غير محصور ، وبعضهم لا يشترط ذلك فيه .
ويظهر الفائدة في
قول القائل : « له عليّ ألف إلاّ مائة » يرفع المائة ، فعلى الأوّل يكون إقرارا
بتسعمائة ، وعلى الثاني يكون إقرارا بالألف. هذا.
وقد حدّ الاستثناء
المتّصل بحدود أخر كلّها مزيّفة منقوضة ، ولم نر جدوى في إيرادها ودفعها.
__________________
فصل [٣٣]
الحقّ ـ كما اشير
إليه ـ أنّ المراد بالعشرة في : «
له عشرة إلاّ ثلاثة » معناها ، ثمّ اخرجت منها ثلاثة ، واسند الحكم إلى الباقي بعد
الإخراج ، فالاستثناء على هذا يحتمل أن يقال : إنّه تخصيص ؛ نظرا إلى الحكم ؛
لأنّه للعامّ في الظاهر ، والمراد الخصوص. وحينئذ يمكن أن يقال : إنّه إخراج بعد الحكم ؛ نظرا إلى الحكم المسند في الظاهر إلى
العامّ. ويمكن أن يقال : إنّه إخراج قبل الحكم ؛ نظرا إلى الحكم المسند إلى
الباقي.
ويحتمل أن يقال :
إنّه ليس بتخصيص ؛ نظرا إلى لفظ العشرة ؛ إذ لم يرد به إلاّ العموم كما كان عند
الانفراد.
وقال الأكثر :
المراد من العشرة السبعة و « إلاّ » قرينة التجوّز.
وقال القاضي :
المجموع ـ وهو عشرة إلاّ ثلاثة ـ بإزاء سبعة ، كأنّه وضع لها
اسمان : مفرد ومركّب ، و [ الاستثناء ] على هذا تخصيص ؛
لأنّه قصر للعامّ على بعض مسمّياته ، وإخراج بعد الحكم.
والحقّ أنّ قوله
راجع إلى المذهب المختار ، ومن لم يحصّل مراده جعل الاختلاف هنا على ثلاثة أقوال ،
مع أنّه لا يزيد على قولين.
بيان ذلك : أنّ
لفظ « العشرة » حقيقة في العشرة من الأفراد ـ سواء كان مطلقا أو مقيّدا بـ « إلاّ
ثلاثة » ـ لا في سبعة أفراد ؛ إذ لا شيء من السبعة عشرة ؛ لأنّ الأعداد أنواع
متباينة لا يصدق بعضها على بعض سواء وردت مطلقة أو مقيّدة ؛ لعدم تغاير مفهوماتها
__________________
في الحالتين ،
فيثبت الثلاثة في ضمن العشرة.
ثمّ لا ريب أنّ
السبعة مرادة في هذا التركيب ، فينفى الثلاثة فيه ، ففيه إثبات الثلاثة في ضمن العشرة ، ونفي لها صريحا ، وهو التناقض . ولدفعه ذهب الأكثر إلى أنّ المعنى الحقيقيّ لهذا التركيب هو العشرة الموصوفة
بإخراج الثلاثة منها ، فيكون مجازا في السبعة من باب التخصيص.
وقال القاضي :
إنّه الباقي من العشرة بعد إخراج الثلاثة ، فيكون حقيقة في
السبعة ، لا على أنّ هذا التركيب وضع لها وضعا واحدا ـ بمعنى أن
يكون كلمة موضوعة بإزائها ـ بل بمعنى أنّ مفرداتها مستعملة في معانيها الحقيقيّة ،
ومحصّل المجموع معنى مركّب لازم للسبعة ، فيصدق عليها ولا يتبادر منه إلى الفهم
غيرها ؛ لأنّ الشيء قد يعبّر عنه باسمه الخاصّ ، وقد يعبّر عنه بمركّب يدلّ على
بعض لوازمه ، كما يعبّر عن الخفّاش بالطائر الولود ، وعن عدد خاصّ بنقصان بعض
الأعداد عن بعض ، أو ضمّ بعضها إلى بعض ، كما يقال : بنت
سبع وأربع وثلاث ، والمراد بنت أربع عشرة.
وإذا حمل مذهب
القاضي على ذلك ، كان عين المذهب المختار ؛ لأنّ المراد منه ـ كما اشير إليه ـ أنّ « العشرة » في التركيب حقيقة في كمال معناها ، ووقع الإسناد إلى السبعة
بعد الإخراج.
وحاصله أنّ كلّ
واحد من مفرداته مستعمل في معناه ، والمركّب حقيقة في المعنى الذي وقع فيه الإسناد
إليه ، أي السبعة. ومذهب القاضي ـ على ما قرّرناه ـ ليس إلاّ هذا ؛
__________________
فإنّ المطلوب من
كلّ منهما أنّ المركّب حقيقة في السبعة ، ومفرداته مستعملة في معانيها الحقيقيّة.
وأمّا مذهب الأكثر
، فلا يرجع إلى المذهب المختار كما توهّم ؛ لأنّه على المشهور استعمل العشرة
المقيّدة بإخراج الثلاثة ـ على أن يكون القيد خارجا ـ في السبعة ، فالعشرة مستعملة
في السبعة وليست مستعملة في معناها. وعلى المختار يكون العشرة مستعملة حقيقة في
معناها.
وإذا رجع قول
القاضي إلى ما اخترناه وصارت المسألة ذات قولين ، فمن إبطال قول الأكثر يثبت ما
اخترناه ؛ لعدم محمل صحيح آخر ، ولذا لو لم يحمل قول القاضي عليه لم يكن له معنى محصّل.
ويدلّ على بطلان
قول الأكثر وجوه :
منها : أنّه لا
يمكن تصوّر العشرة المقيّدة بإخراج الثلاثة منها ، على أن يكون القيد خارجا عنها ؛
لأنّ تقييدها بإخراج الثلاثة منها كتقييد الأربعة بكونها ليست بزوج ، وتصوّر ذات
الشيء مع عدم ما يلزم ذاته لذاته يقتضي قلب حقيقته وكونه غير ذاته ، وإذا لم يبيّن
كونها حقيقة العشرة ، فلا يمكن أن تكون مجازا في السبعة ؛ لأنّ تحقّق المعنى
الحقيقي وتصوّره لازم في تحقّق التجوّز وإن لم يلزم استعمال اللفظ فيه.
ولو جعل العشرة مع
القيد دالّة على السبعة ، لرجع إلى المذهب المختار ، ولا معنى حينئذ لكونها مجازا
في السبعة ، بل تكون حقيقة فيها.
ومنها : أنّه لو
اريد من الجارية في قولنا : « اشتريت الجارية إلاّ نصفها » نصفها ، لزم الاستغراق
إن كان ضمير « إلاّ نصفها » للجارية بكمالها ، وهو ظاهر. والتسلسل إن كان للجارية المراد بها النصف ؛ لأنّ المراد بالنصف المستثنى منه هو الربع
؛ لأنّه الباقي من الباقي من النصف بعد إخراج نصفه عنه ، ثمّ يلزم أن يكون المراد
به الثمن ؛ لأنّه الباقي
__________________
من الربع بعد
إخراج نصفه عنه ، وهلمّ جرّا.
ومنها : أنّا نقطع
بالتبادر أنّ الضمير عائد إلى الجارية بكمالها ؛ إذ المراد نصف كمالها قطعا.
ومنها : أنّ أهل
العربيّة أجمعت على أنّ الاستثناء المتّصل إخراج بعض من كلّ ، ولو اريد من الجارية نصفها لم يكن ثمّة كلّ وبعض وإخراج.
ومنها : أنّه يبطل
النصوص كلّها ؛ إذ ما من لفظ له أجزاء أو جزئيّات إلاّ ويمكن الاستثناء لبعض
مدلوله ، فيكون المراد هو الباقي ، فلا يبقى نصّا في الكلّ ، مع أنّا نقطع بأنّ
بعض الألفاظ نصّ في مدلوله. هذا.
وقد أجاب الأكثر
عن هذه الوجوه بأنّ المراد بالمستثنى منه هو المجموع من حيث الظاهر وبالنظر إلى
إفراد اللفظ ، والباقي من حيث الحكم وبالنظر إلى التركيب ، فلا يلزم شيء منها.
وغير خفيّ أنّ هذا
رجوع إلى المذهب المختار.
وقد اعترض بعض من وافقنا على مذهب القاضي بوجوه ؛ لعدم تحصيل مرامه ، وبعد حمله على المذهب
المختار لا مدخليّة لشيء منها في إبطاله ، بل ربما أيّدت صحّته. هذا.
واحتجّ الأكثر ـ لإبطال
ما اخترناه ليثبت ما اختاروه ـ بأنّ « العشرة » في هذا التركيب ليست مهملة ، فلا
بدّ أن يراد منها كمالها أو سبعة. والأوّل باطل ؛ لأنّا نقطع أنّه لم يقع الإقرار
إلاّ بسبعة ، فتعيّن الثاني ، وهو المطلوب.
وبأنّه لو اريد
منها كمالها ، لزم كذب ما هو صدق قطعا ، كقوله تعالى : ( فَلَبِثَ
فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً ) ؛ لما يلزم من إثبات لبث الخمسين ونفيه ، وهو تناقض.
وجوابهما ـ كما
عرفت ـ : أنّ الحكم بالإقرار واللبث إنّما هو بعد الإخراج ،
ولذا نحكم بهما على الباقي لا لأنّه المراد من العشرة والألف.
__________________
إذا عرفت ذلك ،
ففائدة الخلاف تظهر في التعارض ؛ لأنّا إذا قلنا : إنّ الاستثناء قبل الحكم ، فلا
يقع بين المستثنى منه والاستثناء تعارض ؛ لأنّ الثاني يدلّ على إخراج المستثنى من
المستثنى منه ، والأوّل لا يدلّ على إدخاله فيه.
وإن قلنا : إنّه
بعده ، يقع بينهما التعارض ؛ لأنّ الأوّل حينئذ يدلّ على إدخاله فيه ، فإذا عارض
الاستثناء أو المستثنى منه دليل آخر قدّمناهما ؛ لأنّ كثرة الأدلّة من المرجّحات.
فصل [٣٤]
اشتراط الاتّصال
العادي في الاستثناء ممّا لا ينبغي الريب فيه ، وإلاّ لم يستقرّ شيء من الإيقاعات
والأقارير ، ولم يتحقّق الحنث في الأيمان والنذور ، ولم يعلم صدق ولا كذب ؛ لجواز
أن يرد عليها استثناء بعد مدّة فيغيّر حكمها.
وما روي عن ابن
عبّاس ـ أنّه يصحّ الاستثناء وإن طال الزمان شهرا ـ لم يثبت عندنا ، ولو ثبت وكان قوله حجّة يحمل على أنّه أراد إظهار ما نوى
أوّلا في الأيمان.
وما روي من قضيّة
سؤال اليهود عن مدّة لبث أصحاب الكهف لو سلّم فيها
ثبوت الجزء الذي احتجّ به الخصم ، فلا دلالة له على مطلوبه.
وما روي أنّه عليهالسلام قال : « والله لأغزونّ قريشا » ، ثمّ سكت ، ثمّ قال : « إن شاء الله » لو ثبت ، فيحمل على السكوت الذي لا يخرج عن الاتّصال عادة من تنفّس أو سعال ،
جمعا بين الأدلّة.
ويعلم ممّا ذكر
فساد ما قيل : إنّه لا يشترط الاتّصال لفظا ، بل يجوز الاتّصال بالنيّة مطلقا ، وإن لم يتلفّظ به أصلا ، وما قيل : إنّه يجوز الانفصال في القرآن خاصّة ؛ لما روي أنّه نزل قوله تعالى : ( غَيْرُ أُولِي
الضَّرَرِ ) بعد قوله تعالى : ( لا يَسْتَوِي
الْقاعِدُونَ ... ) ، بزمان .
__________________
والسرّ فيه أنّ
القرآن نزل منجّما بحسب المصالح ، فيجوز أن يكون الاستثناء غير مصلحة في زمان
مصلحة في زمان آخر ، فيقع فيه التأخير إليه ؛ لأنّ الأدلّة المذكورة تدفعهما ، والرواية لم تثبت ، وتغيّر المصلحة بحسب الزمان
مشترك بين القرآن وغيره.
ويتفرّع عليه فروع
كثيرة :
ومنها : ما لو قال
: « له عليّ ألف ـ أستغفر الله أو يا فلان ـ إلاّ مائة ». ولا يخفى عليك جليّة
الحال على ما ذكرناه.
وفي حكمه لو وقع
مثل هذا الفصل بين الشرط والمشروط ، كقوله : « أنت عليّ كظهر امّي ـ أستغفر الله ـ
إن دخلت الدار ».
فصل [٣٥]
الاستثناء
المستغرق ـ سواء كان مثل المستثنى منه أو أكثر ـ لغو وفاقا.
والحقّ جواز
الأكثر من الباقي حتّى يبقى أقلّ من النصف ، فضلا عن مساويه حتّى يبقى النصف ،
وفاقا للأكثر.
وقيل : بمنعهما
مطلقا .
وقيل : بمنعهما في
العدد خاصّة ، فلا يجوز : « عشرة إلاّ ستّة أو خمسة » ويجوز : « أكرم
القوم إلاّ الجهّال » وهم ألف والعالم فيهم واحد.
لنا : قوله تعالى
: ( إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ ) ، استثنى الغاوين وهم أكثر من غيرهم ؛ لقوله : ( وَما
أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) ، وكلّ من ليس بمؤمن غاو ، على أنّ بعض المؤمنين بل أكثرهم
غاوون ؛ لأنّ الغاوي من يتّبع إبليس ولو في بعض الأفعال ، فيصير الغاوون أكثر
بكثير من غيرهم ، وإذا ثبت جواز الأكثر ، يثبت جواز المساوي بطريق أولى.
__________________
والحديث القدسي : « كلّكم جائع إلاّ من أطعمته » ، استثنى
المطعمين ، وهم أكثر من غيرهم ، وإجماع فقهاء الأمصار على ثبوت الواحد إذا قال : «
له عليّ عشرة إلاّ تسعة » .
فإن قيل : لا يلزم
من عدم صحّة تلك العبارة لغة عدم كونه ظاهر الدلالة على استثناء التسعة ، كما لا
يلزم من عدم صحّة قولنا : « جاءني أحمد » عدم دلالته على
مجيء أحمد.
قلت : ظهور
الدلالة مع عدم الصحّة لغة وعرفا ، لا يصير سببا لثبوت المدلول والأخذ به ، بل
السبب له هو الموافقة للّغة أو العرف ، ولذا لو قال : « له عليّ عشرة إلاّ عشرة »
يلزم عليه العشرة ويلغو الاستثناء ، وما هو إلاّ لعدم الصحّة لغة لثبوت ظهور
الدلالة ، ولو لم يكن ذلك الاستثناء أيضا صحيحا لصار قليل ـ لا أقلّ ـ إلى لزوم
العشرة.
احتجّ الخصم بأنّ
مطلق الاستثناء على خلاف الأصل ؛ لأنّه إنكار بعد إقرار ، فيقتصر فيه على الأقلّ ؛
لأنّه قد ينسى. وبأنّه يستقبح أن يقال : « له عليّ عشرة إلاّ تسعة وثلثين وربعا »
وما هو إلاّ لأنّه استثناء الأكثر .
والجواب عن الأوّل
: أنّ الكلام جملة واحدة ، فلا إنكار بعد إقرار.
وعن الثاني : أنّ
استقباحه لا يوجب عدم صحّته ، كاستقباح : « له عليّ واحد وواحد » إلى عشرة أو : «
له عليّ عشرة إلاّ دانقا ودانقا » إلى عشرين دانقا والمجموع ثلث العشرة ؛ فإنّهما
يستقبحان ؛ للتطويل ، مع صحّتهما وفاقا.
وفروع هذه القاعدة
كثيرة في أبواب الأقارير والوصايا.
وممّا يتفرّع
عليها من غيرهما أنّه لو قال : « كلّ امرأة لي طالق إلاّ هندا ـ أو ـ إلاّ
أنت » ولم يكن له امرأة غيرها ، يقع عليها الطلاق بمقتضاها .
__________________
فصل [٣٦]
كلّ واحد من أدوات
الاستثناء كما يصلح له يصلح لأن يقع صفة ، فالامتياز يتوقّف على الإعراب ، ومع
الإبهام وعدم ظهور الإعراب ، أو صدورها عن غير العارف يحمل على الاستثناء ؛ لأنّه
المتبادر منها ، اللهمّ إلاّ في بعضها مثل : « غير » فإنّ أصله الصفة كما يأتي .
ويتفرّع على هذه
الضابطة مسائل كثيرة ، مثلا لو قال : « له عشرة سوى درهم » أو « حاشا » أو « ليس »
أو « خلا » أو « ما خلا » أو « عدا » أو « ما عدا » أو « لا يكون » ، أو « غير
درهم » بالنصب ، لزمه تسعة. ولو رفعه وكان عارفا لزمه عشرة ؛ لأنّه وصف حينئذ ،
ولو لم يكن عارفا ، لزمه تسعة ، إلاّ أن يقال : المتبادر من « غير » كونه صفة.
ولو قال : « كلّ
امرأة لي غيرك طالق » أو « طالق غيرك » بنصب الغير ، ولم يكن له امرأة غيرها ، وقع
الطلاق. ولو رفعه لم يقع. ولو كان القائل غير عارف ، فحكمه ما ذكر.
ولو قال : « له
عشرة إلاّ درهما » ، لزمه تسعة. ولو رفع الدرهم لزمه العشرة ؛ نظرا إلى ما ذكره
ابن هشام من أنّه : لا يشترط في كون « إلاّ » صفة وقوعها بعد جمع . ولو اشترط ذلك ـ كما ذكره جماعة ـ لزمه تسعة ،
لكونها للاستثناء حينئذ.
تذنيبات
الأوّل
: أدوات الاستثناء
منحصرة على التحقيق بما ذكر إلاّ أنّه يقال في « حاشا » حاش وحشا ، وزاد بعض
النحاة « ما » النافية ؛ محتجّا بقول بعض العرب : « كلّ شيء مهه ما النساء
وذكرهنّ » . يعني إلاّ النساء.
__________________
والحقّ ـ كما ذهب
إليه الأكثر ـ أنّها ليست للاستثناء.
وما ورد منصوب
بإضمار « عدا ».
فعلى ما ذهب إليه
بعض النحاة لو قال : « له عليّ عشرة ما ثلاثة » يقبل قوله ، وعلى المشهور يحتمل القبول ؛ نظرا إلى إضمار « عدا ». ويحتمل عدمه ؛ لأنّ
الإضمار خلاف الأصل. ولا ريب في قبوله ممّن يعرف الخلاف ويدّعي إرادة الاستثناء ،
دون غيره.
الثاني
: اتّفق النحاة على
أنّ أصل « غير » هو الصفة ، والاستثناء بها عارض. و « إلاّ » عكسه .
ويشترط في « غير »
أن يطلق ما قبلها على ما بعدها مثل : « مررت برجل غير طويل » أو «
بطويل غير عاقل ». ولا يجوز : « مررت برجل غير امرأة » أو « بطويل غير قصير » و «
لا » النافية عكسها. هذا إذا لم يكونا علمين ، ولو كانا
علمين ، جاز العطف بـ « لا » و « غير ».
وكيفيّة التفريع
أنّه لو قال : « عليّ ألف غنم غير ثوب » لزمه الألف ، ولم يقبل قوله : « غير ثوب »
لعدم حصول شرطه ، فهو لحن. ولو حصل شرطه ، فينظر إلى الإعراب ، فيحمل على ما
يقتضيه ، ومع الإبهام يحمل على الصفة. ومثاله قد ظهر ممّا تقدّم.
الثالث
: الاستثناء بـ «
إلاّ » إمّا في كلام موجب أو منفيّ. والأوّل يقتضي نصب المستثنى مطلقا بلا خلاف.
والثاني إمّا تامّ
، وهو الذي يذكر فيه المستثنى منه. أو غير تامّ ، وهو خلافه.
والثاني لا عمل
فيه لـ « إلاّ » بل الحكم عند وجودها مثله عند فقدها ، مثل : « ما رأيت إلاّ زيدا
» و « ما جاءني إلاّ عمرو ».
__________________
والأوّل إمّا
متّصل نحو : ( ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ) و ( وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ
رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ ) ، أو منقطع.
والأوّل يجوز فيه
النصب واتباع المستثنى للمستثنى منه ، كما في الآيتين وهو الأرجح.
والتابعيّة إمّا
البدليّة كما ذهب إليه البصريّون ؛ فإنّهم قالوا : إنّه بدل « بعض » حينئذ . أو العطفيّة كما ذهب إليه الكوفيون ؛ فإنّهم قالوا : إنّه عطف النسق حينئذ .
والثاني إن أمكن
فيه تسلّط العامل على المستثنى ، مثل : ( ما لَهُمْ بِهِ مِنْ
عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِ ) ، و: ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ ) ، فأهل الحجاز على نصب المستثنى ، وبنو تميم على اتباعه .
وإن لم يمكن
تسلّطه عليه ، فالنصب وفاقا ، نحو : « ما زاد هذا المال إلاّ ما نقص » إذ لا يقال
« زاد النقص ».
وكيفيّة التفريع
أنّه لو قال : « عليّ عشرة إلاّ درهما » بالنصب يلزمه تسعة ؛ لكون « إلاّ »
للاستثناء حينئذ ، ولو قال « إلاّ درهم » ـ بالرفع ـ يلزمه عشرة ؛ لكونها للصفة
حينئذ.
ولو قال : « ما له
عليّ إلاّ عشرة » لزمه ما بعد « إلاّ » خاصّة ؛ لأنّه مستثنى من النفي الناقص ،
ولو نصب المستثنى كان لحنا. وفي كونه إقرارا بالمستثنى حينئذ وجهان ؛ نظرا إلى
ظهوره في الاستثناء من المنفيّ وإن كان لحنا ، وعدم موافقته لمحاورات أرباب اللسان
، ومعاضدته بأصالة البراءة.
ولو قال : « ما له
عليّ عشرة إلاّ درهم » ـ بالرفع ـ فهو إقرار بدرهم. ولو قال : « إلاّ درهما » ـ بالنصب
ـ يحتمل كونه إقرارا بالدرهم ؛ لجواز نصبه على الاستثناء ، وإن كان مرجوحا. وعدمه
؛ لمخالفته لما هو الأرجح مع معاضدته بأصالة البراءة. وهذا هو المشهور.
__________________
ولو قال : « ما له
خمسة أثواب إلاّ درهم » بالرفع ، فهو إقرار بالدرهم على رأي أهل الحجاز دون بني تميم . وينعكس إذا قال : « إلاّ درهما » بالنصب.
فصل [٣٧]
الجهل في
الاستثناء إمّا لجهل المستثنى منه والمستثنى معا ، كقوله : « له صبرة إلاّ جزءا
منها ». أو لجهل أحدهما ، كقوله : « له صبرة إلاّ منّين منها » و: « له عشرة دراهم
إلاّ شيئا منها ».
ولا ريب أنّ
الاستثناء المجهول بأقسامه باطل في العقود ، ويبطل العقود المشتملة عليه بشرط
تعلّق العقد ـ من البيع أو الإجارة ـ بالمستثنى منه ، كقوله : « بعتك صبرة إلاّ
جزءا منها » و « آجرتك بيتا » أو « هذا البيت إلاّ بعضا منه ».
ولو تعلّق
بالمستثنى ، فإن كان مجهولا بطل العقد ، سواء كان المستثنى منه مجهولا أو معيّنا ،
مثل : « ما بعتك إلاّ بيتا » أو « هذا البيت إلاّ جزءا منها ».
وإن كان معيّنا فالعقد صحيح ، وإن كان المستثنى منه مجهولا ، مثل : « ما بعتك من
هذه الصبرة إلاّ منّان منها » أو « ما آجرتك من هذه الدار إلاّ هذا البيت منها ».
ويتفرّع عليه جواز
بيع قدر معيّن من أثمار بستان وأوراقه.
وأمّا في الأقارير
فيكلّف بالتفسير ، ويقبل قوله إن فسّر بغير المستوعب ، وإلاّ فقيل : يبطل تفسيره
ويصحّ الاستثناء ؛ لسبق الحكم بصحّته ، وعدم اقتضاء بطلان التفسير لبطلانه
، فيكلّف بالتفسير ثانيا وثالثا إلى أن يفسّر بغير المستوعب ، ويقبل قوله حينئذ.
وقيل : يبطل
الاستثناء أيضا ، وهو الصحيح ؛ لانحصار مراده بالاستثناء فيما بيّنه. فلو
قال : « له ألف إلاّ شيئا » أو « إلاّ درهما » كلّف بتفسيرهما على الأوّل ، وتفسير
الثاني على الثاني. فإن فسّر بغير المستوعب قبل قوله. ولو فسّر بالمستوعب ، فعلى
ما اخترناه يلزمه الألف المفسّر ويبطل الاستثناء ؛ لأنّه بيّن ما أراد من اللفظ ،
فجرى مجرى ما لو تلفّظ به أوّلا.
__________________
هذا على ما هو
الصحيح من جواز الاستثناء المنقطع ، وإلاّ فيتعيّن حمل « الألف » على الثاني على
الدراهم ، فيلزمه من الدراهم ما يبقى بعد إخراج درهم واحد من ألف درهم.
فصل [٣٨]
قد عرفت أنّ
الاستثناء المنقطع صحيح ، إلاّ أنّ إطلاق الاستثناء عليه مجاز ، فمع قيام الصارف
عن الحقيقة يحمل على المنقطع ويكون صحيحا ، مثل : « له عليّ ألف غنم إلاّ ثوبا »
أو « عبدا » ، فإنّه يصحّ ويحمل على المجاز. ثمّ عليه أن يبيّن ثوبا لا يستغرق
قيمته الألف.
ومع احتمال
الاتّصال والانفصال فيحمل على الحقيقة ؛ لعدم جواز الحمل على المجاز مع إمكان
الحمل على الحقيقة ، لكنّ هذه الضابطة قد خولفت في باب الإقرار ، كما إذا قال : «
عليّ ألف إلاّ أربعة دراهم » فله أن يفسّر « الألف » بما أراد وفاقا ، ولا يكون
تفسير المستثنى تفسيرا للمستثنى منه ، والسرّ فيه قيام الاحتمال فيما خالف الأصل ؛
إذ الأصل براءة الذمّة ، فيقبل تفسير المعاضد بالأصل وإن كان مع قطع النظر عنه
مرجوحا.
فصل [٣٩]
لا يجوز تقديم
المستثنى في أوّل الكلام ، مثل : « إلاّ زيدا جاء القوم » ، كما لا يجوز تقديم حرف
العطف ؛ لأنّ معنى « إلاّ زيدا » : لا زيد.
ولو تقدّمه ناف ،
فإن كان النافي حرفا ، فالمنع بحاله ، مثل : « ما إلاّ زيد جاءني أحد ». وإن كان
فعلا فيجوز ، نحو : « ليس » أو « لم يكن إلاّ زيد في الدار أحد ». فلو قال : «
إلاّ درهما عليّ عشرة » لم يكن الاستثناء صحيحا ولزمه العشرة. ولو قال : « ما إلاّ
درهم عليّ دراهم » لم يصحّ الاستثناء أيضا. ولو قال : « ليس إلاّ » ، صحّ ولزمه درهم.
__________________
ويجوز توسّط
المستثنى بين المستثنى منه والمحكوم به ، وما في معناه ، نحو : « جاء إلاّ زيدا
القوم » و: « القوم إلاّ زيدا جاءوا » و: « في البلد
إلاّ زيدا أصدقاؤك » و: « ضربت إلاّ زيدا أعداءك ».
وقيل : إن وقع
التوسّط بحيث تقدّم المستثنى على المستثنى منه والعامل ، فلا يجوز مطلقا .
وقيل : يجوز إن
كان العامل متصرّفا ، نحو : « القوم إلاّ زيدا جاءوا » ، وإن كان غير متصرّف لم يجز ، نحو : « القوم إلاّ عمرا في الدار » .
وكيفيّة التفريع
أنّه لو قال : « له عليّ إلاّ عشرة دراهم مائة درهم » صحّ الاستثناء ولزمه تسعون.
وقس عليه أمثاله من الفروع.
فصل [٤٠]
الاستثناء من
الإثبات نفي وفاقا ، وبالعكس على الحقّ المشهور ، خلافا للحنفيّة ؛ حيث قالوا : المستثنى مسكوت عن إثباته و نفيه .
__________________
لنا النقل من أهل
اللغة ، وكلمة التوحيد . وما قالوا إنّ إفادتها له شرعيّة لا لغويّة ، مكابرة.
احتجّ الخصم بمثل
: « لا صلاة إلاّ بطهور » ؛ حيث دلّ على أنّ المستثنى منه مشروط بالمستثنى لا
يتحقّق بدونه ، وأمّا أنّه يتحقّق معه فلا. ولو كان الاستثناء من النفي إثباتا ،
لزم ثبوته معه البتّة ، فيثبت الصلاة بمجرّد الطهور ، وأنّه باطل .
والجواب : أنّ
قولنا : « إلاّ بطهور » ليس إخراج الطهور من الصلاة ليثبت بثبوته ، فإنّه إنّما يكون إذا قلنا : « لا صلاة إلاّ الطهور » ، فقولنا : «
بطهور » ليس بالمستثنى هنا حقيقة ، فلا بدّ من تقدير متعلّق هو المستثنى بالحقيقة
، وهو إمّا « صلاة بطهور » أو « باقترانها بطهور » وذلك المتعلّق هو المستثنى
بالحقيقة.
فعلى الأوّل يكون الاستثناء تامّا ؛ لأنّ المستثنى منه هو النكرة المنفيّة المذكورة ، أي
« لا صلاة » ويكون المتعلّق المستثنى مستثنى منها ،
ويكون قولنا : « بطهور » ظرفا مستقرّا صفة للمستثنى ، والتقدير « لا صلاة إلاّ
صلاة بطهور ».
وعلى الثاني يكون
الاستثناء مفرّغا ؛ لأنّ المستثنى منه حينئذ قولنا : « بوجه من الوجوه » المقدّر ،
ويكون المتعلّق المستثنى مستثنى منه ، ويكون قولنا : « بطهور » ظرفا لغوا صلة
للمستثنى ، والتقدير « لا صلاة بوجه من الوجوه إلاّ باقترانها بالطهور ».
ثمّ لمّا كان
المراد من نفي الصلاة نفي صحّتها ، فيرجع الحاصل ـ على التقدير الأوّل ـ [ إلى ] أنّه « لا صلاة صحيحة إلاّ صلاة بطهور » ، وعلى الثاني إلى أنّه « لا صلاة
صحيحة بوجه من الوجوه إلاّ بالاقتران بالطهور ». ويلزم على التقديرين أن لا يصحّ
كلّ صلاة لا يكون
__________________
مع الطهور ، وهو
كذلك ؛ لكون الطهور شرطا لصحّتها ، وأن يكون كلّ صلاة مع الطهور صلاة صحيحة.
وربما يستشكل ذلك
بأنّه قد توجد صلاة مع الطهور من دون سائر شرائطها ، فلا تكون صحيحة.
ويدفع بأنّ المراد
كلّ صلاة مع الطهور صلاة صحيحة في الجملة ، فلا إشكال.
وما قيل : إذا قيل
بصحّة الصلاة المتّصفة بالطهور لزم عموم الحكم في كلّ صلاة كذلك ؛ لعموم النكرة
الموصوفة بصفة عامّة ، مثل : « لا اجالس إلاّ رجلا عالما » ؛ ولدلالة الكلام على
أنّ علّة الصحّة هي الوصف المذكور ، ضعيف ؛ لأنّ الأوّل ممنوع ، والثاني مسلّم إذا
كان الوصف علّة مستقلّة ولم يعارضه قاطع.
هذا هو التحقيق
اللائق بالمقام. وللقوم فيه كلمات مشوّشة مختلّة النظام لا ترجع إلى طائل.
وإذا عرفت ذلك ،
فكيفيّة التفريع لا تخفى عليك. وممّا فرّع عليه قول القائل : « والله لا اجامعك في
السنة إلاّ مرّة » ، فمضت السنة ولم يجامعها أصلا ، فعلى
القاعدة يلزم الحنث ؛ لأنّها تقتضي إثبات المرّة ، فيجب الجماع مرّة ، وقيل : لا يحنث
؛ لأنّ المطلوب بالذات من اليمين أن لا يزيد على المرّة
وليس في قصده إثباتها.
وكذا في قوله : «
لا ألبس ثوبا إلاّ الكتّان » فقعد عاريا ؛ فإنّ مقصوده بالذات عدم لبس غير الكتّان
لا أن لا يكون عاريا أيضا ، ويفهم ذلك عرفا. وعلى هذا يكون « إلاّ » للصفة بمعنى «
غير » ، فتأمّل.
فصل [٤١]
صرّح جمع من
الادباء بأنّه إذا قصد بالمنفيّ المشتمل على الاستثناء ردّ الكلام
على من
__________________
أوجب ، لم يكن
إثباتا للمستثنى ؛ لأنّ المقصود النفي المحض ، لا النفي والإثبات.
وفرّعوا عليه بقاء
النصب على حاله وإن كان بعد نفي ، فلو قال المدّعي : « لي عليه مائة إلاّ عشرة » ،
فقال المدّعى عليه : « ما له عليّ مائة إلاّ عشرة » لم يكن إقرارا بالعشرة. وقس
على ذلك ما شئت.
فصل [٤٢]
قد يتّحد كلّ واحد
من المستثنى منه والاستثناء ، وقد يتعدّد أحدهما خاصّة ، وقد يتعدّد كلّ منهما.
والأوّل مثاله مع حكمه ظاهر. والآخر يظهر حكمه بعد ظهور حكم الباقيين .
الأوّل
: أن يتعدّد الاستثناء خاصّة ، وهو لا يخلو من أن يكون
معطوفا على سابقه ، أو لا.
فإن كان الأوّل ،
كان الجميع راجعا إلى المستثنى منه ؛ لأنّ المعطوف والمعطوف عليه كالجملة الواحدة
، سواء تكرّر حرف الاستثناء ، مثل : « مائة إلاّ عشرة وإلاّ خمسة وإلاّ أربعة » ،
أو لا ، مثل : « مائة إلاّ عشرة وخمسة وثلاثة ».
هذا إذا كان
الراجع إلى المستثنى منه ما لا يستغرقه ، فيبطل ما يحصل به الاستغراق خاصّة ، فلو
قال : « عليّ عشرة إلاّ خمسة وإلاّ ستّة » بطل استثناء الستّة ويكون إقرارا بخمسة.
وإن كان الثاني ،
فإمّا لا يمكن عود كلّ لاحق إلى سابقه ـ إمّا لكونه مساويا له ، مثل : « عشرة إلاّ
ثلاثة إلاّ ثلاثة » ، أو لزيادته عليه ، مثل : « عشرة إلاّ ثلاثة إلاّ أربعة » ـ أو
يمكن عوده إليه ، مثل « عشرة إلاّ أربعة إلاّ ثلاثة إلاّ اثنين ».
وعلى الأوّل إن
أمكن عود الجميع إلى المستثنى منه كالمثالين ، يجب عوده إليه ؛ صونا للكلام عن
اللغو. وإن لم يمكن عوده إليه ، مثل : « عشرة إلاّ اثنين إلاّ ثلاثة إلاّ أربعة
إلاّ
__________________
خمسة » بطل ما
يحصل به الاستغراق وهو استثناء « الخمسة » ، فيلزمه واحد ، ووجهه ظاهر.
وعلى الثاني يجب
عود كلّ تال إلى متلوّه ، لا إلى المستثنى منه ، وإلاّ لزم ترجيح العود إلى الأبعد
على ترجيحه إلى الأقرب الصالح للعود إليه.
ولا إليه وإلى
المستثنى السابق ، وإلاّ لزم التناقض ؛ لأنّ أحدهما إثبات والآخر نفي.
فلو رجع إليهما ،
لكان مثبتا من حيث العود إلى أحدهما ، ومنفيّا من حيث العود إلى الآخر.
ويلزم منه وممّا سبق ـ من قاعدة النفي والإثبات ـ أنّه إذا قال :
« عليّ عشرة إلاّ تسعة إلاّ ثمانية إلاّ سبعة » إلى الواحد ، أن يكون إقرارا بخمسة ، ولو أنّه لمّا وصل إلى الواحد ، رجع وقال : « إلاّ اثنين
إلاّ ثلاثة » إلى التسعة ، يكون إقرارا بواحد ؛ لأنّه مقتضى كون الاستثناء من
الإثبات نفيا وبالعكس ، وعود كلّ تال إلى متلوّه.
وضابطه أن يجمع
الأعداد المثبتة ـ وهي الأزواج ـ على حدّ ، والمنفيّة ـ وهي الأفراد ـ على حدّ ،
ويسقط المنفيّة من المثبتة ، فالباقي هو المقرّ به ، والمثبتة في الأوّل ثلاثون ،
والمنفيّة خمسة وعشرون ، والمثبتة في الثاني خمسون ، والمنفيّة تسعة وأربعون.
وقس عليه سائر ما
يرد عليك في هذا الباب ، كما لو لم يصل إلى الواحد ، أو بدأ بالمنفيّ.
الثاني
: أن يتعدّد المستثنى منه خاصّة ، بأن يتعقّب الاستثناء جملا
متعاطفة ، أو مفردات كذلك ، وصحّ عوده إلى كلّ واحد. وقد اختلفوا فيه.
ولا نزاع في إمكان
رجوعه إلى الجميع وإلى الأخيرة خاصّة ، ولا في كون الأخيرة مخصوصة به على كلّ حال
، ولا عند وجود القرينة.
إنّما الخلاف في
الظهور ، وفي كون الباقي مخصوصا أيضا وعند فقد القرينة. فالشيخ
__________________
من أصحابنا ،
والشافعي من العامّة على أنّه ظاهر في العود إلى الجميع ، أي كلّ واحد.
والحنفيّة على أنّه
ظاهر في العود إلى الأخيرة خاصّة .
وقال المرتضى :
إنّه مشترك لفظا بين الأمرين ، والتعيين يتوقّف على ظهور القرينة .
وقيل بالوقف ،
يعني لا يعلم أنّه حقيقة في أيّهما .
وذهب بعض متأخّري
أصحابنا إلى أنّ اللفظ محتمل لكلّ من الأمرين لا يتعيّن إلاّ بالقرينة ، وليس ذلك لعدم العلم بما هو حقيقة فيه كمذهب الوقف ، ولا لكونه مشتركا
بينهما مطلقا ، بل لأنّ أدوات الاستثناء موضوعة بالوضع العامّ لخصوصيّات الإخراج ،
فأيّ الأمرين اريد من الاستثناء كان استعماله فيه حقيقة واحتيج في فهم المراد منه
إلى القرينة ؛ لأنّ إفادة المعنى المراد من الموضوع بالوضع العامّ إنّما هي
بالقرينة. وليس ذلك من الاشتراك في شيء ؛ لاتّحاد الوضع فيه وتعدّده في الاشتراك
وإن كان في حكمه باعتبار الافتقار إلى القرينة ، ولاحتياج المشترك إلى القرينة
لتعيين المراد ؛ لكونه موضوعا لمسمّيات متناهية ، فحيث يطلق يدلّ على تلك
المسمّيات إذا كان العلم بالوضع حاصلا ، ويحتاج في تعيين المراد منها إلى القرينة
بخلاف الموضوع بالوضع العامّ ، فإنّ مسمّياته غير متناهية ولا يمكن حصول جميعها في
الذهن ، ولا البعض دون البعض ؛ لاستواء نسبة الوضع إليها ، فلا افتقار فيه إلى
القرينة لتعيين المراد ، بل الافتقار إليها لأصل الإفادة.
وقيل : إن تبيّن
الإضراب عن الاولى فللأخيرة ، وإلاّ للجميع .
وهو يرجع إلى
الاعتماد على القرينة في الأمرين ، فيخرج عن محلّ النزاع ؛ لما ذكرناه في تحريره .
__________________
وقيل : إن كان
العطف بالواو ولم يتخلّل بين الجملتين كلام طويل عاد إلى الجميع ، وإلاّ عاد إلى
الأخيرة خاصّة .
وهذا أيضا يرجع
حاصله إلى اعتماد القرينة ، إلاّ أنّ كون الشرط الأوّل من القرائن غير مسلّم.
ثمّ على القول
الأوّل يكون استعمال الاستثناء في الإخراج من الجميع حقيقة ، وفي الإخراج عن
الأخير خاصّة مجازا.
وعلى القول الثاني
بعكس ذلك. وعلى الثالث والرابع حقيقة فيهما. وعلى الخامس حقيقة في أحدهما لا على
التعيين ، مجاز في الآخر. وحكم الآخرين على ما ذكرناه حكم الأوّل.
إذا عرفت ذلك ،
فاعلم أنّ الحقّ عندي أنّ اللفظ محتمل لكلّ من الأمرين بالاشتراك ؛ لأنّ أدوات
الاستثناء موضوعة بالوضع العامّ لخصوصيّات الإخراج ـ كما ذهب إليه بعض المتأخّرين ـ إلاّ أنّ تعيين كلّ منهما لا يتوقّف على القرينة ، وعند الإطلاق لا يوقف
كما ذهب إليه المرتضى ، بل الأظهر منه عوده إلى الجميع وعند الإطلاق يحمل عليه ،
ولا منع في أن يكون لفظ موضوعا لمعنيين إذا استعمل في كلّ منهما كان حقيقة فيه
إلاّ أنّه كان أحدهما ظاهرا متبادرا منه عند الإطلاق ؛ فإنّه إذا أمكن أن يصير
المجاز راجحا والحقيقة مرجوحة بحيث يتبادر المعنى المجازي من اللفظ عند الإطلاق ،
فيمكن بطريق أولى أن يصير أحد المعاني الحقيقيّة راجحا والآخر مرجوحا.
ولا ريب في أنّ
اللازم حينئذ عند الإطلاق حمله على الحقيقي الراجح دون المرجوح.
ثمّ تنقيح ما
ذهبنا إليه يتوقّف على إثبات ثلاث دعاو :
[
الدعوى ] الاولى : كون اللفظ حقيقة في كلّ منهما.
ويدلّ عليه تصريح
القوم بأنّ أدوات الاستثناء موضوعة لمطلق الإخراج ، فيشمل
__________________
الإخراج من متعدّد
وواحد ، فالتخصيص تحكّم. وبذلك يظهر فساد القولين الأوّلين ؛ لأنّه إذا كان الوضع
في الأصل للأعمّ من دون ثبوت خلافه لا معنى لكونه حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر .
[
الدعوى ] الثانية : عدم كون ذلك بالوضع العامّ ليظهر صحّة الاشتراك.
ويدلّ عليه أنّ
العموم الذي هو مقتضى عموم الوضع هو عدم الاختصاص بمادّة دون مادّة من أفراد
الكلّي الذي لوحظ في حال الوضع لا بالنسبة إلى كلّ شيء وكلّ حال.
فلو قيل : إنّ
الاستثناء حقيقة في رجوعه إلى الجملة الأخيرة ، لا يكون عموم وضع أدواته إلاّ بالنسبة إلى أفراد هذا المعنى ، سواء قلنا بوضعها لنفس
هذا الكلّي أو أفراده ، ولا ينفع في عمومها بالنسبة إلى رجوعه إلى الجملة السابقة
، ولا يقتضي كونه حقيقة فيه. وقس عليه عكسه.
وأمّا على القول
بالاشتراك ، فعمومه بالنسبة إلى الأمرين ليس بعموم الوضع ، بل بالوضعين المعتبرين
في الاشتراك.
نعم ، عمومه
بالنسبة إلى أفراد كلّ منهما على البدل يمكن أن يتحقّق بعموم الوضع وهو خارج عن
محلّ النزاع. وادّعاء أنّ عموم وضعه ـ باعتبار ملاحظة معنى أعمّ من الأمرين يكون
حقيقة فيهما ـ عين المتنازع فيه.
وبذلك يظهر بطلان
قول بعض المتأخّرين ، ويثبت منه بضمّ الدعوى الاولى صحّة القول بالاشتراك.
ثمّ إنّ هذا البعض
قد أطال الكلام في إثبات مرامه بما لا يرجع إلى طائل ، فلا بدّ من ذكره والإشارة
إلى ما يرد عليه ليظهر جليّة الحال ، فنقول : قد مهّد أوّلا مقدّمة وهي أنّ كلاّ
من
__________________
الوضع والموضوع له
إمّا خاصّ أو عامّ ، أو الوضع عامّ والموضوع له خاصّ :
|
لأنّ الواضع لا
بدّ له من تصوّر معنى في الوضع ، فإن تصوّر معنى جزئيّا ، وعيّن بإزائه لفظا
مخصوصا ، أو ألفاظا مخصوصة ، متصوّرة إجمالا أو تفصيلا ، كان الوضع خاصّا ؛
لخصوص التصوّر المعتبر فيه أعني تصوّر المعنى ، والموضوع له أيضا خاصّا ومثاله
ظاهر.
وإن تصوّر معنى
عامّا في تحته جزئيّات إضافيّة أو حقيقيّة.
فإن عيّن له
لفظا معلوما أو ألفاظا معلومة بالتفصيل أو الإجمال ، كان الوضع عامّا ؛ لعموم
التصوّر المعتبر فيه ، والموضوع له عامّا أيضا كالمشتقّات ؛ فإنّ الواضع وضع
صيغة « فاعل » مثلا من كلّ مصدر لمن قام به مدلوله ، وصيغة « مفعول » منه لمن
وقع عليه. ومنه أسماء النكرات والأجناس ؛ فإنّ الواضع وضع لفظ « رجل » مثلا لكلّ
من قام به معنى الرجوليّة. وكذا الكلام في البواقي.
وإن عيّن اللفظ
أو الألفاظ بإزاء خصوصيّات الجزئيّات المندرجة تحت العامّ ؛ لكونها معلومة
إجمالا إذا توجّه العقل بذلك العامّ نحوها والعلم الإجمالي كاف في الوضع ، كان
الوضع عامّا ؛ لعموم التصوّر المعتبر فيه ، والموضوع له خاصّا ؛ لخصوصه ،
كالمبهمات مثل : أسماء الإشارات ؛ فإنّ الواضع وضع لفظ « هذا » مثلا لخصوص كلّ
فرد ممّا يشار به إليه ، لكن باعتبار تصوّره للمفهوم العامّ وهو كلّ مشار إليه
مفرد مذكّر ، ولم يضع اللفظ بإزاء هذا المعنى العامّ ، بل لخصوصيّات تلك
الجزئيّات المندرجة تحته ؛ فإنّ لفظ « هذا » مثلا لا يطلق إلاّ عليها ، فلا يقال
:
« هذا » ويراد
به واحد ممّا يشار إليه ، بل لا بدّ في إطلاقه من القصد إلى خصوصيّة معيّنة. وقس
عليه البواقي.
ومن هذا القبيل
وضع الحروف ، فإنّها موضوعة باعتبار معنى عامّ ـ وهو نوع من النسبة ـ لكلّ واحدة
من خصوصيّاته ؛ فإنّ الواضع وضع لفظة « من » مثلا لخصوص كلّ ابتداء باعتبار
تصوّره لمطلق الابتداء. وقس عليها البواقي.
|
__________________
|
ومثلها الأفعال
الناقصة ، فإنّها موضوعة باعتبار نوع من النسبة لكلّ واحد من خصوصيّاتها.
وأمّا التامّة ،
فلها جهتان : وضعها من إحداهما عامّ ، ومن الاخرى خاصّ ، فالعامّ بالقياس إلى ما
اعتبر فيها من النسب الجزئيّة ؛ فإنّها في حكم المعاني الحرفيّة ، فكما أنّ لفظة
« من » موضوعة باعتبار المعنى العامّ ـ وهو مطلق الابتداء ـ لخصوص كلّ ابتداء ،
كذلك لفظة « ضرب » موضوعة باعتبار المعنى العامّ ـ وهو نوع النسبة ، أي نسبة
الحدث الذي دلّت عليه إلى فاعل ـ لخصوصيّاتها.
وأمّا الخاصّ ،
فبالنسبة إلى الحدث [ وهو واضح ] .
|
وبعد تمهيد هذه
المقدّمة قال :
|
إنّ أدوات
الاستثناء كلّها موضوعة بالوضع العامّ لخصوصيّات الإخراج.
أمّا الحرف منها
، فظاهر. وأمّا الفعل فلأنّ الإخراج به إنّما هو باعتبار النسبة ، وقد ظهر أنّ
الوضع بالإضافة إليها عامّ. وأمّا الاسم ، فلأنّه من قبيل المشتقّ .
|
وقد علمت أنّ
الوضع بالنسبة إليه عامّ ، ولا ريب أنّ كلاّ من العود إلى الجميع وإلى الأخيرة
خاصّة إخراج خاصّ فأيّهما اريد من الاستثناء كان حقيقة فيه ، وليس ذلك من الاشتراك
في شيء. وبيّنه بنحو ما ذكرناه في تحرير مذهبه.
ثمّ قال :
|
واتّضح منه
بطلان القول بالاشتراك ؛ لأنّه لا تعدّد في وضع المفردات ، ولا دليل على كون
الهيئة التركيبيّة موضوعة وضعا متعدّدا لكلّ من الأمرين .
|
وأنت تعلم أنّ ما
به مناط تحقّق مطلبه عموم الوضع ، ولا خلاف في ثبوته في أدوات
__________________
الاستثناء ، فكفى
له أن يقول : إنّها موضوعة بالوضع العامّ لخصوصيّات الإخراج من دون حاجة إلى
التمهيد الذي مهّده ، والتطويل الذي ارتكبه. ويرد عليه ما تقدّم .
ولو قال : إنّ
عموم الوضع محتمل ، فمن ادّعى أحد الأمرين أو الاشتراك فعليه البيان ، ليرجع إلى
القول بالتوقّف مع توسّع دائرة الاحتمال. هذا.
وما ذكره من أنّ «
وضع الأفعال التامّة بالنسبة إلى الحدث خاصّ » ظاهر الفساد ؛ إذ
الحدث ـ كالضرب مثلا ـ أمر كلّي يندرج تحته جزئيّات ، فكلّ من الوضع والموضوع له
فيه عامّ.
[
الدعوى ] الثالثة : كون العود إلى الجميع أظهر وأرجح عند الإطلاق.
ويدلّ عليه وجوه :
منها : أنّ الأصل
اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في المتعلّقات ؛ إذ العطف يصيّر المتعدّد كالواحد ،
فلا فرق بين قولنا : « رأيت زيد بن عمرو ، ورأيت زيد بن بكر » وبين قولنا : « رأيت
الزيدين ». فإذا كان الاستثناء أو غيره من المتعلّقات عقيب الجملة الواحدة راجعا إليها
، فكذلك ما في حكمها . وليس هذا قياسا في اللغة ، بل استدلال من قواعد أهل اللغة
وموارد استعمالهم.
ومنها : أنّه قد
علم بالاستقراء أنّ الاشتراك بينهما في المتعلّقات كلّها ـ كالحال والشرط وغيرهما
سوى الاستثناء ـ ثابت ، فيلزم أن يكون الأمر فيه أيضا كذلك ؛ إلحاقا للفرد بالأعمّ
الأغلب.
ومنها : أنّ
التعلّق بالمشيّة إذا تعقّب جملا يعود إلى جميعها بإجماع الامّة . وهو إمّا استثناء ، أو شرط وهو في معناه ؛ لأنّ قوله تعالى في آية القذف : ( إِلاَّ
مَنْ تابَ ) جار
__________________
مجرى قوله : « إن
لم يتوبوا » على أنّه لا يمكن كونه شرطا على الحقيقة ، وإلاّ لما صحّ دخوله على
الماضي ، مع أنّه قد يذكر فيه ، كما يقال : « حججت وزرت إن شاء الله » فتعيّن كونه
استثناء خاصّا ، فإذا عاد إلى الجميع البتّة ، فكذلك غيره ؛ لعدم فرق سوى أنّه
استثناء بالمشيّة ، والآخر استثناء بغيره ، وهو لا يصلح لأن يكون سببا لاختلاف
الأحكام.
والقول بأنّه ليس
شرطا ولا استثناء وإنّما يذكر ليقف الكلام عن النفوذ والمضيّ لا لغير ذلك ، كلام خال عن التحصيل.
ثمّ إنّه لو فرض
أنّ كلّ واحد من هذه الأدلّة لا يفيد الظنّ بالمطلوب ، فلا ريب في إفادة المجموع
له ، فجميعها يصلح لأن ينتهض حجّة لكون الاستثناء ظاهرا في العود إلى الجميع ، وإن
كان حقيقة في العود إلى الأخيرة أيضا ، وقد ذكرنا أوّلا أنّه لا منافاة بين أن
يكون لفظ حقيقة في معنيين ويكون ظاهرا في أحدهما ، فتذكّر .
وإذ ثبت ذلك فقد
اتّضح منه بطلان قول المرتضى ، وهو الاشتراك مع توقّف التعيين على القرينة ، بل قول بعض المتأخّرين أيضا ؛ لأنّه أيضا قال بتوقّفه على القرينة ، فثبت من
إثبات الدعاوي الثلاث بطلان المذاهب الأربعة الاول ، وكذا القول بالتوقّف.
والقولان الآخران قد عرفت أنّهما خارجان عن محلّ النزاع.
احتجّ القائل الأوّل
ـ وهو من ذهب إلى أنّه حقيقة في العود إلى الجميع ، مجاز في العود إلى الأخيرة ـ ببعض ما ذكرناه في الدعوى الثالثة . وهو لا يفيد
إلاّ ظهوره في الجميع ونحن نقول به ، ولا ينفي كونه حقيقة في الأخيرة ليثبت
مطلوبه.
__________________
واحتجّ المخصّص
بالأخيرة بوجوه :
منها : أنّ
الاستثناء خلاف الأصل ؛ لأنّه موجب للتجوّز في لفظ العامّ والأصل الحقيقة ، ولأنّ
الظاهر من المتكلّم بلفظ العامّ إرادة العموم ، والاستثناء مخالف لهذه القاعدة ،
ولاستصحاب هذه الإرادة ، خولف في الأخيرة
للضرورة ، فبقي الباقي على أصله .
والجواب عنه : أنّ
الاستثناء لا يوجب التجوّز في لفظ العامّ ـ كما هو الحقّ المختار على ما عرفته ـ ولا يخالف القاعدة والاستصحاب ؛ للاتّفاق على أنّ للمتكلّم ما دام متشاغلا
بالكلام أن يلحق به ما شاء من اللواحق ، وهذا يقتضي وجوب توقّف المخاطب عن الحكم
بإرادة المتكلّم عن ظاهر لفظه حتّى يتحقّق الفراغ ، ولو كان مجرّد صدور اللفظ
موجبا للحمل على الحقيقة ، لكان التصريح بخلافه قبل فوات وقته منافيا له ، ولزم
ردّه ؛ على أنّ الدليل منقوض بالشرط والصفة.
وقيل : على القول
بأنّ المراد بالمستثنى منه ما بقي بعد الاستثناء مجازا والاستثناء قرينة التجوّز ،
لا يلزم التجوّز في العامّ أيضا ؛ لأنّ الحكم حينئذ لم يتعلّق بالأصالة إلاّ
بالباقي ، فلا مخالفة بحسب الحقيقة .
وهو كما ترى.
ومنها : قوله
تعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ
لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا
تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ* إِلاَّ
الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ ) الآية ؛ حيث وقع الاستثناء فيه بعد ثلاث جمل ، ولو رجع إلى الجميع لوجب أن
يسقط الجلد بالتوبة ، ولا يسقط به اتّفاقا.
والجواب : أنّ
الظهور في العود إلى الجميع لا ينافي الصرف عنه لدليل ، وهنا كذلك.
__________________
ومنها : أنّ
الظاهر من حال المتكلّم أنّه لا ينتقل إلى الجملة
الثانية إلاّ بعد استيفاء غرضه من الاولى ، فكان الثانية حائلة بينها وبين
الاستثناء ، فكانت كالسكوت المانع من تعلّق الاستثناء بها.
والجواب : أنّه
مصادرة ، وكيف يسلّم كون الثانية حائلة مع أنّ المجموع بمنزلة جملة واحدة.
ومنها : أنّ
المقتضي لرجوع الاستثناء إلى ما قبله الضرورة ، وهو عدم استقلاله ، وما يقتضيه
الضرورة يقدّر بقدرها ، فيكتفى بالعود إلى ما يعود إليه قطعا وهو الجملة الأخيرة.
والجواب عنه : أنّ
حصول الاستقلال بالأخيرة لا ينافي العود إلى غيرها سيّما إذا ثبت الدلالة عليه.
ومنها : أنّه لو
عاد إلى الجميع فإن اضمر مع كلّ جملة استثناء لزم مخالفة الأصل ، وإن لم يضمر كان العامل فيما بعد الاستثناء أكثر من واحد ، ولا يجوز تعدّد
العامل على معمول واحد في إعراب واحد ؛ لنصّ سيبويه عليه ، ولئلاّ يلزم اجتماع المؤثّرين على أثر واحد .
والجواب : اختيار
الشقّ الثاني ، ومنع لزوم تعدّد العامل فيما بعد الاستثناء ؛ لأنّ ذلك لو كان العامل في المستثنى هو العامل في المستثنى منه ، وهو ممنوع ، بل
العامل فيه « إلاّ » لقيام معنى الاستثناء بها كما ذهب إليه جماعة من النحاة .
ولو سلّم فلا
نسلّم عدم جواز اجتماع العاملين على معمول واحد ؛ لعدم حجّة يعتدّ بها عليه.
ونصّ سيبويه لا
حجّة فيه ؛ على أنّه معارض بنصّ الكسائي على الجواز مطلقا ، وقول الفرّاء ؛ حيث ذهب إلى التشريك بينهما إن كان مقتضاهما واحدا .
__________________
وحكاية عدم اجتماع
العلل الإعرابيّة على معمول واحد ، واهية.
ويدلّ على الجواز
قولهم : « قام زيد وذهب عمرو الظريفان » ؛ لأنّ العامل في الصفة هو العامل في
الموصوف. وقد جوّزه سيبويه ، وهو مخالف للحكم المنقول عنه.
ويدلّ عليه أيضا
إخبارهم عن الشيء الواحد بأمرين متضادّين ، نحو : « هذا حلو حامض » ؛ إذ لا يجوز
خلوّهما عن الضمير إجماعا ، فهو إمّا في كلّ منهما بخصوصه وهو باطل ؛ إذ يلزم منه
كون كلّ منهما محكوما به على المبتدأ ، وهو جمع بين الضدّين ، أو في أحدهما بعينه
دون الآخر ، فيلزم استقلال ما فيه الضمير بالخبريّة ، وانتفاؤها عن الخالي منه وهو
خلاف المفروض ، أو فيهما ضمير واحد بالاشتراك ، فيلزم منه المطلوب.
ومنها : أنّه في
الاستثناء من الاستثناء ـ كما لو قال : « عليّ عشرة إلاّ ستّة إلاّ ثلاثة » ـ يرجع
الأخير إلى ما يليه دون ما تقدّمه ، فكذا في غيره ، دفعا للاشتراك .
والجواب : أنّ
الكلام في المتعدّد المعطوف بعضه على بعض ، وأين العطف هنا؟
واحتجّ المرتضى
بصحّة الإطلاق ، والأصل فيه الحقيقة.
وهو لا ينافي ما
اخترناه ، بل يؤكّده إلاّ أنّ كون الأصل في الاستعمال حقيقة ممنوع ، كما عرفت
مرارا.
وبحسن الاستفهام . وهو أيضا لا ينافيه ؛ لأنّ اللفظ لمّا كان حقيقة في
الأمرين ، فيصحّ الاستفهام وإن كان ظاهرا في أحدهما ؛ لأنّ مجرّد الاحتمال يكفي
لحسن الاستفهام.
ثمّ اعلم أنّ جميع
ما ذكرناه من الخلاف ، والاختيار ، والأسئلة ، والأجوبة آت في كلّ استثناء متعقّب
للمتعدّد إذا صحّ عوده إليه ، سواء كان المتعدّد جملا أو مفردات ، وسواء كان
العامل فيها واحدا ، مثل : « اهجر بني فلان وبني فلان إلاّ الصالح منهم » أو كان
مختلفا
__________________
مع اختلاف المعمول
أيضا ، مثل : « اكس الفقراء وأطعم المساكين إلاّ الفسقة » وبدونه ، مثل « اضربوهم
واشتموهم إلاّ فلانا ». وقد صرّح بعض النحاة بالعود إلى الأخير في الأخيرين .
هذا إذا صحّ العود
إلى الجميع.
وأمّا إذا تأخّر
عن مفردين أو أكثر يحتمل عوده إلى كلّ واحد ولا يمكن عوده إلى الجميع ، فعوده إلى
الثاني أولى ، فاعلا كان أو مفعولا ؛ لأنّ الأصل فيه الاتّصال ،
مثل « قتلت مائة مؤمن مائة كافر إلاّ اثنين ».
وإن تقدّم عليهما
فالعود إلى الأوّل أولى ؛ لما ذكر ، نحو « استبدلت إلاّ زيدا أصحابنا بأصحابكم » و
« ضرب إلاّ زيدا أصحابنا أصحابكم ».
وإذ عرفت ذلك ،
فلا يخفى عليك تنزيل الفروع عليه في باب الأقارير ، كما إذا قال : « عليّ ألف درهم
ومائة دينار إلاّ خمسين » و « عليّ عشرة وسبعة وخمسة إلاّ السبعة » ، وفي هذا المثال
يرجع الأخير إلى الجميع دون ما قبله قطعا ؛ لاستغراقه له دونه.
تذنيب
قد عرفت أنّ محلّ النزاع ما لم يوجد فيه قرينة على إرادة العود إلى أحد الأمرين ، فلو وجدت ، يجب العمل بها بلا خلاف ، وهي كثيرة ، كبعض الضمائر ،
والموصولات ، والإشارات في الاستثناء ؛ فإنّه قد يعلم منها اختصاصه بالأخيرة ، أو
شموله للجميع.
ومن القرائن
الدالّة على الرجوع إلى الأخيرة أن يتخلّل بينها وبين سابقها كلام طويل ، كما لو
قال في صيغة الوقف : « وقفت على أولادي على أنّ من مات منهم وعقّب فنصيبه بين
__________________
أولاده للذكر مثل
حظّ الانثيين ، وإن لم يعقّب ، فنصيبه للذين في درجته. فإذا انقرضوا فهو مصروف إلى
إخوتي إلاّ أن يفسق أحدهم » ، فالاستثناء يختصّ بـ « إخوتي ».
ومنها : ظهور
الإضراب عن الاولى. والظاهر أنّه إنّما يتحقّق بأحد الأدوات الدالّة عليه ، أو بأن
تختلفا نوعا بشرط عدم ضمير اسم الاولى في الثانية ، وعدم اشتراكهما في الغرض ،
سواء اتّحدت القضيّة ، مثل « أكرموهم ، وهؤلاء علماء إلاّ زيدا » فإنّ الاولى
أمر والثانية خبر ، ومنه الجملة الأخيرة في آية القذف مع سابقها. أو لا ، مثل : « أكرم ربيعة ، والفقهاء هم الحجازيّون إلاّ زيدا ».
أو يختلفا اسما
وحكما ، أو في أحدهما بالشرطين المذكورين وإن اتّحدتا نوعا ، مثل « أكرم ربيعة
وأطعم مضر إلاّ الطوال » و « أكرم ربيعة وأكرم مضر إلاّ زيدا » و « أكرم ربيعة
وأطعم ربيعة إلاّ زيدا ».
ثمّ اشتراط
الاختلافات الثلاثة على سبيل منع الخلوّ لا منع الجمع ؛ فقد يجتمع الثلاثة وكلّ
اثنين منها معا ، وتفصيل الأمثلة غير خفيّ.
وعلى ما ذكر
يتحقّق عدم ظهور الإضراب إمّا بانتفاء الاختلافات الثلاثة ، سواء وجد الشرطان أو
أحدهما ، أو لم يوجد شيء منهما ؛ لعدم تأثير الشرط بدون المشروط. وذلك بأن يتّحد
الاسم الذي يصلح أن يكون مستثنى منه فيهما ، وكذا الحكم بمعنى المحكوم به ، ويختلف
الاسم المحكوم عليه ؛ فإنّه يتعدّد الجملتان حينئذ مع عدم الاختلافات الثلاثة ،
مثل « ضرب زيد ربيعة » و « ضرب عمرو ربيعة ».
أو بانتفاء الشرط
الأوّل ، سواء اتّحدتا نوعا وحكما ، أو اختلفتا فيهما ، أو في أحدهما ، وسواء وجد
الشرط الآخر أم لا ؛ لأنّ المشروط لا يؤثّر بدون شرطه ، نحو « أكرم ربيعة
واستأجرهم ، وأكرم ربيعة وهم طوال ».
أو بانتفاء الشرط
الثاني كذلك ، مثل « أكرم ربيعة ، واخلع عليهم » أو « وهم مقرّبون » فإنّ الغرض ـ وهو
التعظيم ـ فيها متّحد.
__________________
فصل [٤٣]
قد عرفت أنّ من
المخصّصات المتّصلة الشرط ، وقد علم حدّه والفرق بينه وبين السبب فيما سبق .
وقد قسّموه إلى
عقلي كالحياة للعلم ، وشرعي كالطهارة للصلاة ، ولغوي ، مثل « إن دخلت الدار فأنت
طالق » فإنّ أهل اللغة وضعوا هذا التركيب وغيره ممّا يدخل فيه أحد أدوات الشرط
المتقدّمة ؛ ليدلّ على أنّ ما دخلت عليه الأداة هو الشرط ، والآخر المعلّق به هو
الجزاء .
وأنت خبير بأنّ
الشرط اللغوي ـ أي الشرط باصطلاح النحاة ـ لا يدخل في الشرط المعرّف في الاصول ـ وهو
ما يلزم من عدمه عدم المشروط ، ولا يلزم من وجوده وجوده ـ بل يدخل في السبب
المعرّف في الاصول ـ وهو ما يلزم من وجوده الوجود ـ لأنّ المراد من التركيب
المذكور أنّ الدخول سبب للطلاق يستلزم وجوده وجوده ، لا مجرّد كون عدمه مستلزما
لعدمه من غير سببيّة ، فتقسيم الشرط المعرّف في الاصول إلى الأقسام الثلاثة خلط
بين الاصطلاحين ، اللهمّ إلاّ أن يجعل المقسم ما يسمّى شرطا في الجملة.
فصل [٤٤]
الشرط اللغوي
والجزاء إمّا يتّحدان أو يتعدّدان ، أو يتّحد أحدهما ويتعدّد الآخر. والمتعدّد
إمّا على الجمع ، بأن يتوقّف المشروط على حصول الشرطين
جميعا ، ويلزم من الشرط حصول المشروطين معا. أو على
البدل ، بأن يحصل المشروط بحصول أيّ الشرطين كان ، ويلزم من الشرط حصول أحد
المشروطين مبهما. فالأقسام تسعة . وأمثلة الكلّ واضحة.
__________________
تفريع : إذا قال : « إن دخلتما الدار ، فأنتما طالقان » فدخلت
إحداهما ، فقيل : تطلّق هي ؛ إذ العرف يحكم بأنّ كلاّ من الشرط والجزاء أحدهما .
وقيل : بل لا
يطلّق شيء منهما ؛ إذ الشرط دخولهما معا .
وقيل : بل تطلّقان
معا ؛ لأنّ الشرط دخولهما بدلا .
وممّا يتفرّع عليه
أنّه لو قال : « إن كان زانيا ومحصنا فارجم » افتقر الرجم إليهما. وكذا لو قال : «
إن شفيت ، فسالم وغانم حرّ » ـ وشفي ـ عتقا. ولو قال : « إن كان سارقا ، أو نبّاشا
فاقطع » يكفي في القطع أحدهما. وكذا لو قال : « إن شفيت ، فسالم ، أو غانم [ حرّ ]
» فشفي يعتق أحدهما فيعيّن أيّهما شاء.
تذنيب
الشرط إن وجد دفعة
، مثل « إن دخلت الدار ، فأنت طالق » فيتمّ المشروط عنده ، وإن وجد تدريجا ، مثل « إن قرأت هذه القصيدة ، فأنت طالق » فيوجد المشروط
عند تكامل أجزائه ، وعند ارتفاع جزء إن شرط عدمه .
فائدة
قيل : حكم الشرط
حكم الاستثناء فيما ذكر من وجوب الاتّصال ، ورجوعه إلى الجميع ، أو الأخير .
__________________
والظاهر من كلام
بعض دعوى الإجماع على عوده إلى الجميع .
وصرّح أبو حنيفة
بالفرق بينهما ؛ حيث جعل الشرط للجميع ، والاستثناء للأخير . وهو تحكّم.
وكيفيّة التفريع
واضحة.
فصل [٤٥]
ومن المخصّصات
المتّصلة ـ كما عرفت ـ الصفة ، وقصرها العامّ على بعض أفراده ظاهر من اللغة والعرف ، سواء كانت أخصّ منه مطلقا ، مثل : « أكرم قريشا الهاشميين » أو من
وجه ، مثل : « أكرم بني تميم الطوال » ، وهي كالشرط في العود على متعدّد خلافا ،
واختيارا.
ومن فروعه ما لو
قال : « وقفت على أولادي وأولاد أولادي المحتاجين ». وجليّة الحال واضحة على ما
اخترناه. وكذا لو تقدّمت الصفة عليهما ، كأن يقول : « وقفت على المحتاجين من كذا
وكذا ».
فصل [٤٦]
ومنها ـ كما عرفت ـ : « الغاية » وألفاظها : « حتّى » و « إلى » مثل : ( وَلا
تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ). فالغاية ، وهي ( حَتَّى يَطْهُرْنَ ) قصرت العامّ ،
وهو ( النِّساءَ ) على بعض أفراده ،
وهو غير الطاهرات.
و « حتّى » كما
تكون مخصّصة للعموم فقد تكون مؤكّدة له ، مثل : « أعتق عبيدي حتّى الأصاغر ».
__________________
وكلّ واحد من
الغاية وما قيّد بها قد يكون متّحدا ومتعدّدا على الجمع أو البدل ، فتأتى الأقسام
التسعة كما في الشرط.
ومنع جماعة من
تعدّد الغاية ؛ لأنّ الشيء الواحد لا يعقل له نهايتان ، فالأشياء
المتعدّدة التي يتوهّم كون كلّ منها غاية إن ترتّبت في الوقوع ، كان الأخير غاية ،
وإن اتّفقت فيه ، فالمجموع هو الغاية. ثمّ الغاية كالصفة في العود على المتعدّد.
ومنها ـ كما عرفت ـ : « بدل البعض » مثل : « أكرم الناس ، العلماء منهم » ، ووجه كونه مخصّصا
ظاهر. وحكمه في الرجوع على المتعدّد حكم سابقه.
فصل [٤٧]
قد أشرنا ـ فيما
سبق ـ أنّ ممّا يصلح لأن يخصّص به « الحال » ؛ لأنّه وصف من
جهة المعنى ، والتقييد به لو لم يفد لكان لغوا ، ولم يأت في فصيح الكلام ، فيفهم من
قول القائل :
« أكرم زيدا صالحا
» توقّف الإكرام على صلاحه ، ولو قال : « أنت طالق مريضة » لم تطلّق إلاّ في حال
المرض.
وعلى هذا في قول
القائل : « أكرم ربيعة صالحين » قصر الحال ـ وهو « صالحين » ـ العامّ ـ وهو «
ربيعة » ـ على بعض أفراده وهو « الصلحاء ». وحكمه في الرجوع إلى متعدّد حكم سابقه.
تذنيب
التمييز وظرفا
الزمان والمكان كما يمكن أن يحصل بها تقييد المطلقات ـ مثل : « أكرم زيدا تكلّما »
أو « في هذا اليوم » أو « في هذا المكان » فإنّها قيّدت الإكرام بالإكرام اللساني
، وفي هذا الوقت الخاصّ والمكان الخاصّ ـ يمكن أن يحصل بها تخصيص العمومات أيضا ،
__________________
مثل : « ضرب زيد
قوّة » أو « في هذا اليوم » أو « المكان خير من ضرب عمرو » فإنّها خصّصت العامّ وهو « ضرب زيد » ببعض أفراده. وحكمها في الرجوع على المتعدّد حكم
الحال.
فصل [٤٨]
قد أشرنا فيما
تقدّم أنّ المخصّصات المنفصلة تسعة :
الأوّل : العقل
والحقّ جواز
التخصيص به خلافا لطائفة .
لنا : قوله تعالى
: ( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) ، وقوله : ( وَهُوَ عَلى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ؛ فإنّ العقل يحكم بامتناع خلقه لذاته ، وعدم قدرته على إيجاد مثله من كلّ
جهة.
ولنا أيضا : قوله
تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) لحكم العقل بخروج من لا يفهم الخطاب ، كالصبيّ والمجنون.
واحتجّوا بأنّ
المخصّص متأخّر ؛ لأنّ التخصيص بيان ، والبيان متأخّر عن المبيّن ، والعقل مقدّم
على الخطاب ؛ وبالقياس على النسخ بجامع كونهما بيانا ؛ وبأنّ مثله لو كان تخصيصا
لصحّت إرادة العموم لغة ؛ إذ التخصيص فرع كون المخصّص والباقي مسمّيات اللفظ ،
وإطلاق اللفظ على مسمّياته صحيح قطعا مع أنّه لو اريد من العمومات المذكورة ما
أخرجتم يخطأ لغة .
والجواب عن الأوّل
: أنّه إن اريد بتأخّر المخصّص تأخّر ذاته ، منعنا الصغرى ، وإن اريد به تأخّر وصفه
ـ أعني كونه مبيّنا ـ منعنا الكبرى.
__________________
وعن الثاني بالفرق
أوّلا ؛ لأنّ النسخ إمّا بيان انتهاء مدّة الحكم أو رفع الحكم ، وكلاهما ما لا
يطّلع عليه عقول البشر بخلاف التخصيص ؛ فإنّ خروج البعض عن الخطاب قد يدركه العقل.
وثانيا : بمنع
علّيّة الجامع.
وثالثا : بإبطال
أصل القياس بمقطوع اليد ، فإنّ غسلها كان واجبا ، وارتفع الوجوب بقطعها عقلا ، فهو
نسخ مستفاد من العقل.
وعن الثالث :
بصحّة إرادة الجميع لغة من غير لزوم تخطئة لغة ، وإنّما يلزم الكذب في المعنى ،
والحاكم بأنّه كذب يجب الاحتراز عنه بالتخصيص هو العقل دون اللغة ، والخطأ لغة غير
الكذب عقلا.
الثاني : الحسّ
مثل : (
وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) ، فإنّه عامّ يتناول السماء والشمس والقمر والعرش والكرسي. والحسّ يخصّصه ؛
إذ يعلم حسّا أنّه لم تؤت من هذه المذكورات شيئا.
وبعضهم لم يعدّه
مخصّصا برأسه ؛ لأنّ الحاكم في الحقيقة هو العقل ، وهو آلة له.
الثالث : العادة والعرف الاستعمالي ، وهو على قسمين :
أحدهما : أن يغلب
استعمال اسم العامّ في بعض أفراده حتّى صار حقيقة عرفيّة. ولا خلاف في تخصيص
العموم به ؛ لأنّ بناء المحاورات على الفهم العرفي ، والمفروض تخصيص الاسم بذلك المسمّى
عرفا ، كتخصيص « الدابّة » بذوات الأربع بعد كونها في اللغة لكلّ ما يدبّ ، و « الشواء » باللحم المشويّ بعد كونه في اللغة لكلّ ما يشوى من البيض
وغيره ، و « الدار » و « السقف » و « الشمس » و « السراج » و «
الوتد » بالمعاني المتعارفة ،
__________________
دون سائر ما يسمّى
بها أيضا ، كالشعريّ والآدمي والسماء والجبل .
وكيفيّة التفريع غير
خفيّة في أبواب الأيمان والنذور.
وثانيهما : أن
يطلق اسم العامّ عليه ، إلاّ أنّ الغالب أن لا يذكر معه إلاّ بقرينة ، أو قيد ،
وكان المعتاد عند المخاطبين غيره ، ولا يكادون يفهمون عند الإطلاق دخوله فيه.
والحقّ أنّ هذا ـ أيضا
ـ يخصّ به العامّ ، كتخصيص « أكل الرءوس » بغير رءوس العصافير ونحوها ، و « الأكل
من الشجرة » بثمرها ؛ لأنّهما تنصرفان عادة إلى ما ذكر ، ولا يفهم العرف عند
إطلاقهما إلاّ ذلك.
ويدلّ على ما
اخترناه أنّه لو قال : « اشتر خبزا أو لحما » والمعتاد في البلد تناول خبز البرّ
ولحم الضأن لم يفهم سواهما. فغلبة العادة تستلزم غلبة الاسم ، وهي تقتضي تخصّص
الحكم بالغالب واعتبار خصوص العادة ، دون عموم العبارة.
ثمّ في اعتبار
البلد أو المتكلّم وجهان.
وكيفية التفريع
ظاهرة.
واحتجّ الخصم ـ وهو
الأكثر ـ بأنّ اللفظ عامّ لغة ؛ لأنّه المفروض ، فيجب العمل به حتّى يثبت تخصّصه
بدليل ، ولا دليل بالأصل ؛ لأنّه لم يوجد سوى العادة وليست بدليل .
والجواب : منع عدم
كونها دليلا فيما نحن فيه ، لما عرفت مرارا أنّ بناء التخاطب غالبا على ما يفهمه الناس في عرفهم.
الرابع : العرف الشرعي ، وتخصيص العامّ به ظاهر ، كتخصيص الصلاة
بالأفعال المخصوصة بعد كونها لغة لمطلق الدعاء .
__________________
الخامس : النيّة ، والحقّ جواز تخصيص العامّ وتعميم الخاصّ به ما لم يقم دلالة على خلافه ؛ لأنّ النيّة مؤثّرة في الأفعال ؛ لاعتبارها في
العبادات ومعظمها أفعال.
مثال الأوّل : أن
يقول : « نسائي طوالق » ويستثني بقلبه واحدة ، أو يقول : « إن لبست الثوب الفلانيّ
فأنت عليّ كظهر امّي » ونوى به وقتا مخصوصا ؛ فإنّه يختصّ به ، ويقبل قوله في نيّة
ذلك ، أو يحلف أن لا يسلّم على زيد ، فسلّم على جماعة هو فيهم واستثناه بقلبه ،
بخلاف ما لو حلف على أن لا يدخل عليه فدخل على قوم هو فيهم واستثناه بقلبه ؛ لأنّ
الدخول فعل واحد في نفسه فلا يقبل التخصيص.
ومثال الثاني : أن
يحلف أن لا يضربه ، ونوى أن لا يؤلمه ، حنث بكلّ ما يؤلمه من خنق وعضّ وغيرهما ،
أو يحلف أن لا يدخل هذا البيت ، وأراد به هجران قوم ساكنين فيه ، فدخل عليهم في
بيت آخر ، حنث على ما قيل ، أو حلفت المرأة أن لا تخرج في تهنئة وتعزية ونوت أن لا
تخرج أصلا ، حنثت بخروجها لغيرهما.
السادس : فعله صلىاللهعليهوآله ، كأن يقول : « الوصال في الصوم » أو « استقبال القبلة عند
قضاء الحاجة حرام » ، ثمّ يفعل ذلك. وقد صرّح أكثر المسلمين كالإماميّة والحنفيّة
والشافعيّة والحنابلة على أنّ العموم يخصّص به ، إلاّ أنّ فيه إجمالا .
والتفصيل أن يقال
: إنّ حكم الخطاب إمّا يخصّه ، أو يخصّ الامّة ، أو يتناولهما. وعلى التقادير إمّا
يقال بوجوب التأسّي مطلقا ، أو في تلك الواقعة ، أو لا.
فإن اختصّ به كأن
يقول : « الوصال حرام عليّ دائما » ثمّ واصل كان ذلك تخصيصا في حقّه ، سواء قيل
بوجوب التأسّي أم لا ، وهو في الحقيقة نسخ لتحريمه ؛ لارتفاع حكم العامّ بالكلّيّة.
__________________
وإن اختصّ بالامّة
، أو تناولهما كأن يقول : « استقبال القبلة للحاجة حرام عليكم » أو « على كلّ
مكلّف » ثمّ استقبل ، فعلى القول بعدم وجوب التأسّي لا يكون تخصيصا ولا نسخا على
الأوّل لا بالنسبة إليه ولا إلينا ، ووجهه ظاهر ، ويكون نسخا في
حقّه دون الامّة على الثاني ، وسرّه واضح.
وعلى القول بوجوبه
لا يكون تخصيصا ولا نسخا في حقّه صلىاللهعليهوآله على الأوّل ؛ لعدم اندراجه تحت الخطاب. إنّما الكلام في
كونه تخصيصا ، أو نسخا في حقّ الامّة فقط على الأوّل ، وفي حقّه وحقّ الامّة على
الثاني ، فذهب جماعة إلى أنّه تخصيص للحكم في حقّ الامّة على الأوّل وفي حقّ الجميع
على الثاني ، ويجب عليهم العمل بالفعل سواء ثبت التأسّي في ذلك الفعل
بدليل خاصّ ، أو في جميع أفعاله بدليل عامّ.
واحتجّوا عليه
بأنّ الفعل خاصّ والحكم عامّ ، والعمل بالخاصّ متعيّن .
وأنت خبير بأنّ
لزوم العمل بالفعل للجميع نسخ للحكم لا تخصيص له ؛ إذ لا يبقى التحريم حينئذ لا في
حقّه ولا في حقّ الغير ، ويرتفع الحكم العامّ بالكلّيّة ، ولا يبقى معمولا به في
مادّة ، فلا يكون تخصيصا ، بل نسخا ، فالقائل بوجوب الاتّباع ولزوم العمل بالفعل
على الجميع يلزمه القول بكون الفعل ناسخا لا مخصّصا.
ومن قال : إنّه
مخصّص فقد غفل ، أو أراد من التخصيص النسخ. وحينئذ يلزم من قول هذه الجماعة إلغاء
القول الدالّ على الحكم بالكلّيّة.
وذهب طائفة إلى
أنّه إن ثبت الاتّباع في ذلك الفعل بدليل خاصّ فهو نسخ لتحريمه ، وإن ثبت بدليل
عامّ في جميع أفعاله ، صار هذا الدليل العامّ مخصّصا بالحكم العامّ ؛ لأنّ الأوّل أعمّ من الثاني ؛ لدلالته على وجوب متابعته في جميع الأفعال ،
واختصاص الثاني ببعضها ، فيخرج هو عن الحكم العامّ دون امّته ، فيجب عليهم مقتضى
دليل الاتّباع ، ولا يلزم عليهم
__________________
التأسّي في ذلك
الفعل ، فلو قال : « كشف الفخذ حرام على كلّ مكلّف » ثمّ كشف ، وثبت وجوب اتّباعه
بمثل قوله تعالى : ( فَاتَّبِعُوهُ ) لصارت الآية مخصّصة بقوله صلىاللهعليهوآله : حتّى يحرم على الامّة كشف الفخذ ، ولا يلزم عليهم
اتّباعه في فعله المخالف له. وهذا هو الحقّ ؛ لأنّ فيه عملا بالعمومين ، أعني قوله
الدالّ على الحكم العامّ ؛ حيث ثبت منه حرمة الكشف علينا ، والدليل العامّ على
الاتّباع ؛ حيث خصّص بغير ذلك الفعل ، فيثبت منه وجوب التأسّي في غيره ، بخلاف ما
لو ابقي الثاني على عمومه وجوّز الكشف للامّة أيضا ؛ فإنّه يلزم إلغاء الأوّل
بالكلّيّة.
ولا ريب أنّ الجمع
مهما أمكن أولى من إلغاء أحدهما رأسا. وحاصله أنّ ما اخترناه قول بالتخصيص ، وما
ذهب إليه من خالفنا قول بالنسخ ، والتخصيص راجح على النسخ.
وعلى ما قرّرناه
يظهر أنّ جواب المخالف بأنّ المخصّص مجموع دليل الاتّباع والفعل وهو أخصّ من الحكم
العامّ فلا يلزم ما ذكر ، فاسد ؛ لأنّ المجموع يرفع حكم القول العامّ بالكلّيّة
فلا يبقى معمولا به في مادّة ليكون مخصّصا بالمجموع ويكون المجموع أخصّ منه ، بل
يكون منسوخا ، فيلزم ما ذكر من إلغائه رأسا.
وكيفيّة التفريع
أنّ الزاني المحصن يرجم مع أنّ مقتضى عموم قوله تعالى : (
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا ) أن يجلد ؛ لتخصيصه برجمه الماعز .
السابع : تقريره صلىاللهعليهوآله ، فلو فعل أحد بحضرته ما ينافي العامّ ولم ينكره ، كان
مخصّصا للفاعل ؛ لأنّ سكوته دليل جواز الفعل ؛ إذ علم من عادته صلىاللهعليهوآله أنّه لو لم يكن جائزا لما سكت ، وإذا كان تقريره دليل جواز الفعل لزم التخصيص
به ؛ جمعا بين الدليلين.
ثمّ لو تبيّن معنى
هو العلّة لتقريره ، حمل على الفاعل من توافقه فيه ، وإلاّ اختصّ به.
والتفريع عليه
ظاهر.
__________________
الثامن : الإجماع ، والحجّة على كونه مخصّصا للعموم ـ مضافا إلى
الإجماع ـ : أنّه دليل معتبر قطعي يجب العمل بمقتضاه ، فيجب التخصيص به جمعا بين
الدليلين ، وقد وقع التخصيص به ، كتخصيص آية القذف ؛ فإنّها تدلّ على وجوب ثمانين جلدة للحرّ والعبد ، وأوجبوا على العبد نصف
الثمانين ، فخصّوها بالحرّ ، والمخصّص ليس إلاّ الإجماع ؛ لأنّ قوله تعالى : (
فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ ) إنّما ورد في حقّ الإماء ، وقياس العبيد عليها باطل ، ولو
سلّم صحّته لم يصلح ناسخا. غاية الأمر أن يكون سندا للإجماع. هذا.
وقد صرّح جماعة
بأنّ التخصيص بالإجماع عند التحقيق يكون لتضمّنه نصّا مخصّصا ، فعمل المجمعين على خلاف العامّ مبنيّ على تضمّنه النصّ المخصّص ، حتّى لو
أجمعوا على العمل بخلاف ما هو نصّ من غير عموم ، كان إجماعهم متضمّنا لنصّ ناسخ لذلك
النصّ ؛ لامتناع عملهم على خلاف النصّ من غير عثورهم على ناسخ له ، ولذا قالوا : إنّ
الإجماع لا يكون ناسخا ، وإنّما الناسخ ما يتضمّنه من النصّ. فما قالوا من أنّ
الإجماع يكون مخصّصا ولا يكون ناسخا ، مجرّد اصطلاح ،
مبنيّ على أنّ النسخ لا يكون إلاّ بخطاب الشرع ، والتخصيص قد يكون بغيره من العقل
والعرف وغيرهما. وعند التحقيق لا فرق ؛ إذ كلّ من النسخ والتخصيص في الظاهر
بالإجماع ، وفي الواقع بما يتضمّنه من النصّ. وعلى هذا ينبغي أن لا يعدّ الإجماع
مخصّصا برأسه.
التاسع : الدليل السمعي من الآيات والأخبار. وفي تخصيص كلّ منهما
به أو بالآخر يتصوّر أقسام :
[
القسم ] الأوّل : تخصيص الكتاب بالكتاب. والحقّ جوازه مطلقا.
__________________
ومنعه بعض مطلقا .
وفصّل جماعة من
العامّة بأنّه إن علم التاريخ فإن كان الخاصّ متأخّرا خصّص العامّ ، وإن كان
متقدّما فلا ، بل كان العامّ ناسخا له. وإن جهل التاريخ ، تساقطا ويتوقّف في مورد
الخاصّ ويطلب فيه دليل . وإن علم المقارنة ، فبعضهم على أنّ الحكم فيه كالحكم عند
العلم بتأخّر الخاصّ . وبعضهم على أنّ الحكم فيه كالحكم عند جهل التاريخ .
لنا : أنّ العامّ
والخاصّ دليلان متعارضان ويمتنع العمل بكلّ منهما مطلقا ؛ للزوم التناقض ،
وإهمالهما ؛ لما فيه من إلغاء الدليل الخالي عن المعارض ، والعمل
بالعامّ في جميع الصور ؛ للزوم إلغاء الخاصّ بالكلّيّة وهو إبطال للقاطع بالمحتمل
؛ لأنّ دلالة الخاصّ على مدلوله قطعيّة ، ودلالة العامّ على العموم محتملة. فتعيّن
العمل بالعامّ في غير مورد الخاصّ ، وبه في مورده.
ولنا أيضا : أنّه
لو لم يجز لم يقع وقد وقع كثيرا ، كتخصيص قوله تعالى : (
وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) ، وقوله : ( وَالَّذِينَ
يُتَوَفَّوْنَ ) إلى ( أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
وَعَشْراً ) بقوله : ( وَأُولاتُ
الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ ) وتخصيص قوله : ( وَلا تَنْكِحُوا
الْمُشْرِكاتِ ) بقوله : ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتابَ ).
وأنت خبير بأنّ
الآيات إنّما تنتهض حجّة على المفصّل لو ثبت تأخّر العامّة منها عن الخاصّتين.
احتجّ المانع
مطلقا بأنّ التخصيص بيان ، والبيان لا يحصل إلاّ بقول النبيّ صلىاللهعليهوآله ،
__________________
لقوله تعالى : (
لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) و .
والجواب ، أمّا
أوّلا : فبالمعارضة بقوله تعالى في صفة القرآن : ( تِبْياناً لِكُلِّ
شَيْءٍ ).
وأمّا ثانيا :
فبأنّه يختصّ بالمشتبه.
وأمّا ثالثا :
فبأنّ تلاوته بيان ؛ فإنّ كلّ واحد من الكتاب والسنّة ورد على لسانه ، فكان هو
المبيّن تارة به وتارة بها .
واحتجّ المفصّل
بأنّه إذا قال : « اقتل زيدا المشرك » ثمّ قال : « لا تقتلوا المشركين » فكأنّه
قال : « لا تقتلوا زيدا ولا عمرا » إلى أن يأتي على جميع الأفراد. ولا ريب أنّه لو
قال : « لا تقتل زيدا » لكان ناسخا لقوله : « اقتل زيدا » فكذا ما هو بمنزلته .
والجواب : أنّ
خصوصيّة « زيد » إذا كان مركوزا بنصوصيّة ، لا يمكن التخصيص ، فيصار إلى النسخ ،
بخلاف ما لو كان مركوزا في العموم ؛ فإنّ تخصيصه ممكن فيصار إليه دون النسخ ؛
لرجحانه عليه بغلبته ، وكونه دفعا وكون النسخ رفعا ، والدفع أهون من الرفع.
وفي الثاني نظر يأتي .
[
القسم ] الثاني : تخصيص الخبر المتواتر بمثله ، كتخصيص قوله عليهالسلام : « فيما سقت السماء العشر » بقوله عليهالسلام : « ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة » .
[
القسم ] الثالث : تخصيص الخبر الواحد بمثله ، ومثاله ظاهر.
وهذان القسمان
كالقسم الأوّل اختيارا ، واستدلالا ، وإيرادا ، وجوابا.
[
القسم ] الرابع : تخصيص الخبر بقسميه بالكتاب ؛ وجوازه ممّا لا ينبغي الريب فيه ؛
__________________
لبعض ما تقدّم ، ولقوله تعالى : ( تِبْياناً لِكُلِّ
شَيْءٍ ).
واحتجّ الخصم :
بما احتجّ به المانع مطلقا في القسم الأوّل. والجواب الجواب .
[
القسم ] الخامس : تخصيص الخبر الواحد بالمتواتر ؛ وجوازه ضروري.
[
القسم ] السادس : تخصيص الكتاب بالخبر المتواتر. ويدلّ على جوازه ـ مضافا إلى الإجماع ـ بعض ما
تقدّم ، ووقوعه ، كتخصيص قوله تعالى : (
يُوصِيكُمُ اللهُ ) الآية ، بقوله : « القاتل لا يرث » ولو لم يجز ، لم
يقع.
[
القسم ] السابع : تخصيص الكتاب بالخبر الواحد.
والحقّ جوازه
مطلقا وفاقا لأكثر المحقّقين.
وأنكره جماعة
مطلقا ، منهم المرتضى والشيخ من أصحابنا.
وفصّل ثالث
بالجواز إن كان العامّ قد خصّ من قبل بقاطع متّصلا كان أو منفصلا ، وعدمه إن لم
يخصّ من قبل مطلقا ، أو خصّ بدليل ظنّي .
ورابع بالجواز إن
كان قد خصّ من قبل بدليل منفصل ، قطعيّا كان أو ظنّيّا ، وعدمه إن لم يخصّ به ،
خصّ بغيره أم لا .
وتوقّف جماعة .
لنا : ما تقدّم من أنّهما دليلان تعارضا ، وإعمالهما ولو من وجه أولى من طرح الواحد
__________________
رأسا ، وشيوعه من
الصحابة والتابعين من غير نكير .
ومنه : تخصيص قوله
: ( وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ ) بقوله عليهالسلام : « لا تنكح المرأة على عمّتها ولا على خالتها » وليس المخصّص في مثله هو الإجماع ؛ لأنّهم أجمعوا على التخصيص بخبر الواحد ،
فالتخصيص بالخبر ، والإجماع دليله .
احتجّ المانع بأنّ
الكتاب قطعي والخبر ظنّي ، والظنّي لا يعارض القطعي ؛ وبأنّه لو خصّص لنسخ ؛ إذ
النسخ تخصيص في الأزمان ؛ وبقوله عليهالسلام : « إذا روي عنّي حديث فأعرضوه على كتاب الله ، فإن وافقه
فاقبلوه ، وإن خالفه فردّوه » ؛ فإنّه يدلّ على أنّ كلّ خبر مخالف للكتاب مردود ، وخبر
الواحد الخاصّ مخالف لعموم الكتاب ؛ فيكون مردودا .
والجواب عن الأوّل
: أنّ الكتاب وإن كان مقطوع المتن إلاّ أنّه مظنون الدلالة ، والخاصّ عكسه ، فتساويا
وتعارضا ، فجمع بينهما.
وعن الثاني : أنّ
عدم النسخ للإجماع على أنّ التخصيص أهون من النسخ ، ولا يلزم من تأثير الشيء في
الضعيف تأثيره في القويّ.
وعن الثالث :
النقض بالمتواتر. والحلّ بأنّ المراد من الخبر المخالف المردود ما لا يحصل الظنّ
الغالب بصدقه ؛ لعدم الوثوق براويه ، ولذا لا يمكن أن يقاوم الكتاب.
احتجّ المفصّلان
بأنّ الخاصّ لظنّيته لا يعارض العامّ لقطعيّته إلاّ أن يضعف ، وذلك عند كلّ منهما بما ذكرناه .
__________________
والجواب : منع
لزوم الضعف بالتخصيص ، وقطعيّة العامّ من كلّ وجه كما تقدّم .
احتجّ المتوقّف
بأنّ لكلّ منهما قوّة من وجه ، فتكافئا ، فيلزم التوقّف .
والجواب : أنّ
الترجيح للخاصّ ؛ إذ في اعتباره جمع بين الدليلين ، وهو أولى من إبطال أحدهما أو
كليهما.
وإذ عرفت ذلك ،
فلا يخفى عليك كيفيّة التفريع.
[
القسم ] الثامن : تخصيص الخبر المتواتر بخبر الواحد ، وهو كسابقه خلافا ، واختيارا ، واحتجاجا
، وإيرادا ودفعا.
فصل [٤٩]
الأكثر على جواز
تخصيص المنطوق بالمفهوم ، سواء فيه مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة ، كتخصيص قوله عليهالسلام : « في الغنم زكاة » بمفهوم قوله : « في الغنم السائمة زكاة » . والحجّة عليه أنّه دليل شرعي عارض مثله ، وفي اعتباره جمع بين الدليلين وهو
أولى من إهمال أحدهما أو كليهما بالكلّيّة.
احتجّ الخصم بأنّ
المفهوم أضعف من المنطوق ، فلا يعارضه .
والجواب : منع كون
دلالة المفهوم أضعف من دلالة العامّ بالنسبة إلى خصوصيّة الخاصّ ، بل أكثر صور
المفهوم ـ التي هي حجّة ـ لا يقصر في القوّة عن دلالة العامّ على خصوصيّات الأفراد
؛ لشيوع تخصيص العمومات. ولو سلّم فنقول : إنّ ضعفه بالنسبة إليه لم يبلغ حدّا
ينمحي معه ، فلا يعارضه فطرح وترك الجمع الأولى.
ويتفرّع عليه وجوب
تخصيص قوله عليهالسلام : « خلق الله
الماء طهورا لا ينجّسه شيء إلاّ ما
__________________
غيّر طعمه أو لونه
أو ريحه » بمفهوم « إذا بلغ الماء قلّتين لم يحمل خبثا » .
فصل [٥٠]
الحقّ أنّ مذهب
الراوي لعامّ على خلاف العموم ليس مخصّصا له ، سواء كان الراوي صحابيّا أو
غيره ؛ لأنّ العموم دليل ، ومذهبه ليس بدليل.
واحتجاج الخصم
بأنّ مخالفته تستدعي دليلا وإلاّ انقدحت روايته ، مندفع بأنّه ربما ظنّه دليلا ولم يكن.
ومثاله : رواية
أبي هريرة وعمله في الولوغ ، فإنّه روى : « غسل الإناء منه سبعا » ، وعمله أنّه يجب الغسل ثلاثا من ولوغ الكلب . ورواية ابن عبّاس عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « من بدّل دينه فاقتلوه » مع أنّ مذهبه أنّ المرتدّة لا تقتل ، بل تحبس ، وهو قول الأصحاب ؛ لأخبار وردت عن الأئمّة عليهمالسلام فهي المخصّصة عندنا.
فصل [٥١]
قد اختلف العامّة
في جواز التخصيص بالقياس على أقوال متكثّرة لا فائدة في إيرادها ، وما يقتضيه
النظر أنّ ما ثبت حجّيّته يجوز أن يكون مخصّصا ؛ لما تقدّم من أنّ إعمال الدليلين ولو من وجه أولى من طرح واحد أو كليهما ، دون غيره ، ووجهه ظاهر ، فعندنا لا يمكن أن
__________________
يكون المستنبطة
مخصّصة ، كأن يخصّ من قوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ
صَدَقَةً ) المتناول للمديون وغيره ، المديون قياسا على الفقير.
والمنصوص على
علّته يجوز أن يكون مخصّصا ، كتخصيص : ( وَأَحَلَّ اللهُ
الْبَيْعَ ) بما عدا بيع الزبيب بالعنب بقياسه على [ بيع ] التمر بالرطب ، المعلّل منعه بالنقصان عند الجفاف.
فصل [٥٢]
إفراد بعض ما
تناوله العامّ لا يخصّص ؛ لأنّ التخصيص مشروط بالتنافي ولا تنافي هنا ، مثاله قوله
صلىاللهعليهوآله : « أيّما إهاب دبغ فقد طهر » مع قوله في شاة ميمونة : « دباغها طهورها » .
فإن قيل : المفهوم
مناف.
قلنا : المفهوم
المنافي هنا هو مفهوم اللقب ، وهو مردود. نعم ، إن كان أحد المفاهيم التي ثبتت
حجّيّته فلا ريب في كونه مخصّصا ، كما تقدّم .
وكيفيّة التفريع :
أنّ الإذن لواحد معيّن في البيع أو التزويج أو غيرهما بعد الإذن فيها لجماعة هو
منهم لا يكون منعا لغيره من هذه الجماعة. هذا.
وفي حكم ما ذكر
بعين الدليل إفراد بعض بحكم أخصّ ممّا حكم به على العامّ ، سواء افرد بالذكر بعد
العامّ أو قبله ، فلو أوصى لزيد بخمسة ، وللفقراء بثلاثة وكان زيد فقيرا ، لم يمنع
الوصيّة الاولى من دخوله في الثانية . وقس عليه أمثاله
في أبواب الوصايا والأوقاف.
__________________
فصل [٥٣]
العامّ إذا تعقّبه
ضمير يعود إلى بعض ما يتناوله ، فالحقّ أنّه لا يخصّصه ، وفاقا للشيخ وأكثر المحقّقين.
وقيل : يخصّصه .
وقيل بالوقف . وإليه ذهب المرتضى .
مثاله قوله تعالى
: ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ
بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) مع قوله : ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ ) فإنّ الضمير في «
بردّهنّ » للرجعيات.
فعلى ما اخترناه
يعمّ الحكم بالتربّص للرجعيّات والبائنات ، وعلى الثاني يختصّ بالرجعيّات ، وعلى
الثالث يتوقّف.
لنا : أنّهما
لفظان ، وخروج أحدهما عن ظاهره وصيرورته مجازا ـ إذ تخصيص الضمير مع بقاء المرجع
على عمومه يجعله مجازا ؛ لأنّ وضعه على المطابقة للمرجع ـ لا يستلزم خروج الآخر عن الظاهر.
احتجّ القائل
بالتخصيص بأنّ تخصيص الضمير مع بقاء العامّ على عمومه يستلزم مخالفة الضمير للمرجع
، وأنّه باطل .
والجواب : منع
البطلان ؛ فإنّ الاستخدام شائع ، وباب المجاز واسع ؛ على أنّ الإضمار لا يزيد على
إعادة المظهر ، وهو لا يوجب التخصيص.
__________________
احتجّ المتوقّف
بأنّ تخصيص العامّ بما يصحّ عود الضمير إليه يستلزم التجوّز ؛ لأنّ العامّ حقيقة
في العموم فاستعماله في الخصوص مجاز ، وإبقاؤه على العموم يقتضي التجوّز في
الكناية ؛ لما تقدّم من أنّ وضع الضمير على المطابقة للمرجع ، فإذا خالفه ، كان من باب الاستخدام وهو مجاز ، وإذا تعارض المجازان وجب
الوقف .
والجواب : أنّ
تخصيص العامّ كما يستلزم التجوّز فيه ، يستلزم التجوّز في الضمير أيضا ؛ لإيجاب
تخصيص العامّ تخصيصه ؛ لأنّه حقيقة في المرجع الظاهر فيه وهو العامّ لا فيما يراد
به ، فإذا رجع إليه لزم التجوّز فيه أيضا ، بخلاف التخصيص في الضمير ؛ فإنّه لا
يقتضي مجازيّة العامّ. ولا ريب أنّ التجوّز مهما كان أقلّ كان أرجح.
والقول بأنّ وضعه
لما يراد بالمرجع فإذا اريد بالعامّ الخصوص لم يكن الضمير عامّا ليلزم تخصيصه
والتجوّز فيه ، خلاف المتبادر ، سيّما لو علم تخصيص العامّ بدليل منفصل.
هذا.
مع أنّ التجوّز في
الضمير أولى ؛ لأنّ دلالته أضعف من دلالة المظهر.
وأيضا دلالته
تابعة ودلالة العامّ أصليّة متبوعة ، ومخالفة الأضعف التابع أولى من مخالفة الأقوى
المتبوع.
فإن قيل : لو خصّص
العامّ لا يلزم سوى التخصيص ، ولو لم يخصّص يلزم الإضمار ؛ إذ التقدير في الآية
حينئذ : « وبعولة بعضهنّ أحقّ » ، وقد تقرّر أنّ التخصيص خير من الإضمار .
قلت : لا حاجة في
الثاني إلى الإضمار ، بل يتجوّز في الضمير بالتخصيص ، فيلزم فيه تخصيص واحد ، وفي
الأوّل تخصيصان.
وإذ عرفت ذلك ،
فاعلم أنّه لا فرق في تعقيب العامّ بالضمير المقيّد أن يكون تقييده بحكم عائد إلى
البعض ، كما تقدّم مثاله.
__________________
أو بالاستثناء ،
كقوله تعالى : ( لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ
النِّساءَ ) إلى قوله : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ
تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ
أَنْ يَعْفُونَ ) ، فإنّ المراد بالمستثنى ـ وهو « من يعفو منهنّ » ـ الكاملات
المالكات لامورهنّ ، وقد تعقّب العامّ وهو النساء مطلقا.
أو بصفة ، مثل : ( يا
أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ) إلى قوله : ( لَعَلَّ اللهَ
يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً ) يعني الرغبة في الرجعة ، وذلك إنّما يتأتّى في الرجعيّات
دون البائنات ، وقد تعقّب العامّ ، أي مطلق النساء.
فصل [٥٤]
إذا ورد عامّ
وخاصّ ، فإن لم يتنافيا فالحكم فيهما ظاهر. وإن تنافيا فالعموم والخصوص بينهما
إمّا أن يكون من وجه ، فيجب اعتبار المرجّحات الخارجة منهما ، فيختلف
الحكم باعتبار الموارد.
أو يكون مطلقا ، وحينئذ إمّا أن يكونا من الكتاب ، أو الخبر ، أو أحدهما من الكتاب
والآخر من الخبر. والخبر إمّا من النبيّ ، أو العترة عليهمالسلام.
وعلى التقادير
إمّا يتحقّق التنافي بين منطوقيهما ، أو مفهوميهما ، أو منطوق أحدهما ومفهوم
الآخر.
وما كان من الخبر
يحتمل أن يكون قطعيّا ، أو ظنّيّا في النقل والدلالة ، أو قطعيّا في أحدهما ظنّيّا
في الآخر.
وما كان من الكتاب
يحتمل أن يكون قطعيّا أو ظنّيّا في الدلالة ؛ لأنّه قطعيّ النقل البتّة.
وإذا لوحظت هذه
الأقسام مع التقديرات الاول يتخرّج احتمالات كثيرة. وعلى كلّ منها إمّا يعلم
تاريخهما ، أو لا. وعلى الأوّل إمّا أن يكونا مقترنين ، أو أحدهما مقدّما
__________________
والآخر مؤخّرا.
وفي صورة تأخّر الخاصّ إمّا أن يكون وروده بعد حضور وقت العمل بالعامّ ، أو قبله.
وإذ عرفت ذلك ،
فاعلم أنّ بعض هذه التقديرات غير متحقّق الوقوع في الخارج ، وهو كلّ قطعيّين
يتنافى صورة عدم تأخّر الخاصّ عن
وقت العمل ؛ فإنّهما لا يتصوّران ؛ إذ حينئذ يكون الخاصّ بيانا ـ كما يأتي ـ فيلزم من فرض قطعيّتهما في هذه الصورة التناقض ؛ إذ مقتضى العامّ القطعي هو
الحكم على جميع الأفراد في الواقع ، ومنها الخاصّ ، ومقتضى الخاصّ القطعي الذي فرض
بيانا خروجه عن الحكم في الواقع ، فيخرج هذا البعض. ولبيان حقيقة الحال في البواقي
نقول :
إن كانا مقترنين ـ
بأن يكونا في كلام يعدّ واحدا عرفا ، سواء كان الخاصّ متّصلا أو منفصلا ـ يلزم
بناء العامّ على الخاصّ ، أي كون الخاصّ بيانا له في أيّ تقدير كان من التقديرات المتقدّمة
، ووجهه ظاهر. والظاهر عدم خلاف يعتدّ به فيه.
ولا يتأتّى إمكان
القول بالنسخ هنا وإن جوّزناه قبل حضور وقت العمل ؛ لأنّ المصلحة في النسخ بعد
حضور وقت العمل تحقّق العمل بالمنسوخ في الزمان ، وقبله ـ لو جوّز ـ مجرّد اعتقاد
استمرار التكليف ليثاب عليه ظاهرا ، ولا يوجد شيء من المصلحتين في بيان حكم العامّ
ثمّ رفعه دفعة من دون فاصلة.
أمّا الاولى ،
فلفرض الاقتران ، وأمّا الثانية ، فلفرض كونهما كلاما واحدا عرفا والمخاطب لا
يعتقد شيئا إلاّ بعد تمام الكلام.
وإن تقدّم العامّ
، فإن كان ورود الخاصّ بعد حضور [ وقت ] العمل بالعامّ
كان نسخا له في أيّ تقدير كان ؛ لقبح تأخير البيان عن وقت الحاجة.
نعم ، لو علم
المتكلّم أنّ المكلّف لا يعمل بالعامّ عند وقت العمل مطلقا أو في مورد الخاصّ ؛
لتعذّره بالنسبة إليه بسبب خارجي ، وعلم المكلّف أنّ المتكلّم أخّر البيان لعلمه
__________________
بتعذّر حكم العامّ
في مورد الخاصّ ، فالظاهر حينئذ كون الخاصّ بيانا ، إلاّ أنّ الظاهر عدم وجود عامّ
وخاصّ بهذه الخصوصيّات. ولو لم يعلم المكلّف ذلك فالراجح كونه بيانا وإن احتمل في
الواقع أن يكون التأخير بسبب علم المتكلّم بالتعذير ؛ لأنّ الأصل عدم هذا الاحتمال
النادر.
وإن كان قبله ، فالحقّ أنّه مخصّص ومبيّن له ؛ لأولويّة التخصيص على النسخ ، ولا يتصوّر
مانع إلاّ تأخير بيان العامّ والحقّ جوازه.
ومن لم يجوّزه بين
قائل بكونه ناسخا وهو من لا يشترط في جواز النسخ حضور وقت العمل.
وبين قائل بعدم
كونه ناسخا ومبيّنا ، وجاعلهما كالخاصّين المتعارضين في افتقارهما إلى الجمع ، أو
الترجيح بمرجّح من خارج ، وهو من يشترط في جواز النسخ حضور وقت العمل.
وإن تقدّم الخاصّ .
فالحقّ أنّه مبيّن
أيضا وفاقا للأكثر.
وقال المرتضى
والشيخ وجماعة : إنّه ناسخ .
لنا : أنّ عدم
بناء العامّ على الخاصّ يوجب إلغاء الخاصّ إن كان وروده قبل حضور [ وقت ] العمل ، ونسخه إن كان بعده. وبناءه عليه لا يوجب إلاّ التجوّز عند من جعل
العامّ المخصّص مجازا فيما عدا المخرج ، وخلاف الظاهر عندنا ، وهو أهون من كلّ من
الإلغاء ـ وهو ظاهر ـ ومن النسخ ؛ لأنّه شاذّ نادر والتخصيص غالب شائع ، وإلحاق
الشيء بالأعمّ الأغلب ذائع ؛ ولأنّ النسخ رفع ، والتخصيص دفع ، والدفع أهون من
الرفع ؛ لأنّ الرفع إبطال استدامة الشيء وبقائه ، والبقاء قويّ ؛ لاستغنائه عن
العلّة ، فإبطاله مشكل ، والدفع منع
__________________
إحداث الشيء ،
والحدوث ضعيف ؛ لاحتياجه إلى العلّة ، فمنعه هيّن.
وفيه : أنّ الرفع
الحقيقيّ غير متصوّر بالنسبة إلى الشارع ، بأن يكلّف على الاستدامة ثمّ ظهر عليه
مصلحة لم يكن يعلمها فرفع الاستدامة ؛ إذ ليس لعلمه تجدّد وتغيّر ، فالنسخ إظهار
انتهاء التكليف وهو ليس رفعا حقيقة ، بل رفع بحسب الظاهر عندنا.
وأيضا الحقّ
افتقار الباقي إلى المؤثّر وخلافه فاسد ، فلا فرق بين البقاء والحدوث في القوّة
والضعف ، فالمناط في كون التخصيص أهون ما ذكر أوّلا .
احتجّ الخصم بأنّه
إذا قال : « اقتل زيدا [ المشرك ] » ثمّ قال : « لا تقتلوا
المشركين ... » كما ذكر في بحث تخصيص الكتاب بالكتاب .
وجوابه : ما تقدّم
هناك .
وبأنّ المخصّص
بيان للعامّ ، فلا يجوز تقدّمه عليه .
والجواب : أنّ
المتقدّم ذاته ، وأمّا وصف كونه بيانا ، فمتأخّر.
وبقول ابن عبّاس :
« كنّا نأخذ بالأحدث فالأحدث » .
والجواب : أنّه ـ على
فرض ثبوته وحجّيّته ـ محمول على الخاصّ المتأخّر ؛ جمعا بين الدليلين ؛ على أنّ
الأخذ بالعامّ على تقدير كونه أحدث أعمّ من العمل في جميع موارده أو بعضها ، فيجب
حمله على الثاني جمعا.
ثمّ الفرق بين
الخاصّ المتأخّر والعامّ المتأخّر في صورة ورودهما بعد حضور [ وقت ] العمل ؛ حيث حكم في الأوّل بكونه ناسخا دون الثاني ؛ لأنّه لو كان مخصّصا في
الأوّل يلزم
__________________
تأخير البيان ولا
يلزم ذلك في الثاني. وأيضا الحكم بالنسخ في الثاني يستلزم إلغاء الخاصّ بالكلّيّة
، والحكم به في الأوّل لا يستلزم إلغاء العامّ بالكلّيّة.
وإن جهل التاريخ ، فالحقّ أنّه يكون مخصّصا أيضا ؛ لأنّ العلماء لم يزالوا يخصّصون
العامّ بالخاصّ مع عدم علمهم بالتاريخ ؛ ولأنّه لا يخرج
في الواقع عن أحد الأقسام المتقدّمة وقد حكم بالتخصيص في الجميع ، إلاّ إذا تأخّر
الخاصّ وكان وروده بعد حضور وقت العمل بالعامّ ، وفي صورة الجهل ينفى هذا الاحتمال
بالأصل. ولو قطع النظر عنه ؛ لأصالة تأخّر الحادث ، نقول : لا ريب في وقوع التردّد
بين التخصيص والنسخ ، وقد بيّنّا رجحان الأوّل على الثاني عند احتمالهما ؛ على أنّ في صورة الجهل احتمالات ، واحد منها يحتمل النسخ والبواقي لا تحتمل
إلاّ التخصيص ، ويلحق الشيء بالأكثر الغالب ، فذلك أيضا يرجّح التخصيص. هذا.
وقيل : أثر هذا
الإشكال ـ على تقدير ثبوته ـ عند الإماميّة سهل ؛ لأنّ جهل التاريخ لا يكون إلاّ
في الأخبار ، ولا يكاد أن يوجد في القرآن ؛ لأنّ تاريخ [ نزول آيات القرآن ] مضبوط ، واحتمال النسخ لا يتصوّر في أخبار العترة ؛ لعدم تصوّره بعد انقطاع
الوحي ، فينحصر في خبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو قليل .
ويشكل ذلك بوجود
الخاصّ كثيرا في كلام العترة ، والعامّ في الكتاب أو خبر النبيّ صلىاللهعليهوآله.
ولا ريب أنّ
الخاصّ وروده حينئذ بعد حضور وقت العمل بالعامّ ، فلقائل أن يقول : إنّ ابتداء
النسخ لا يتصوّر منهم ، لا إبداؤه وإظهاره ؛ لأنّهم عليهمالسلام كانوا حملة جميع الأحكام ، وخزنة مسائل الحلال والحرام ،
وقد أودعهم النبيّ صلىاللهعليهوآله جميعها ، فيمكن أن يكون انتهاء بعض الأحكام ونسخه بعد زمان
النبيّ صلىاللهعليهوآله وقد أسرّ صلىاللهعليهوآله ذلك إليهم ولم يظهر لجميع الامّة ؛ لمصلحة رآها ، فإذا حضر
هذا الزمان بيّن وصيّه فيه حكم النسخ.
__________________
وعلى هذا نقول :
إذا ورد العامّ والخاصّ من المعصومين عليهمالسلام لا ريب في إمكان العلم بتقدّم أحدهما من جهة تقدّم الراوي
أو المرويّ عنه ، فإن علم تقدّم الخاصّ ، يحكم بالتخصيص مطلقا ؛ لما تقدّم .
وإن علم تأخّره
فإن كان بينهما زمان قصير أمكن أن لا يحتاج أحد في مثله إلى العمل بالعامّ ـ سيّما
إذا كان الحكم ممّا لا يعمّ به البلوى ـ لجاز في مثله ورود الخاصّ قبل حضور وقت
العمل بالعامّ ، فيحكم حينئذ بكونه مخصّصا أيضا ، مثاله : أن يكونا معا صادرين من
معصوم واحد ، أو العامّ من الصادق عليهالسلام مثلا والخاصّ من الكاظم عليهالسلام.
وإن كان بينهما
زمان طويل يبعد أن لا يحتاج فيه أحد إلى العمل بالعامّ كأن يرد العامّ من النبيّ صلىاللهعليهوآله أو عليّ عليهالسلام ، والخاصّ من الصادق أو الكاظم عليهماالسلام ، لاستحال عادة في مثله ورود الخاصّ قبل حضور [ وقت ] العمل بالعامّ ، سيّما إذا كان الحكم ممّا يعمّ به البلوى ، فيحكم حينئذ
بكونه ناسخا.
تذنيب
ما ذكرناه من
العمل بالخاصّ عند التعارض إنّما هو من حيث النظر إلى خصوصيّة العموم والخصوص من
غير نظر إلى قوّة كلّ منهما بنفسه وبمرجّحات خارجيّة ، وإلاّ فيختلف حكم الترجيح
بالنظر إلى القوّة وانضمام المرجّحات الخارجة إلى أحد الطرفين ، ويكثر الاحتمالات
في كلّ من الأقسام.
فلو كان العامّ
والخاصّ متكافئين من حيث القوّة في نفسه ، والتأييد بمرجّحات خارجيّة وجودا وعدما
، فلا ريب في وجوب العمل بالخاصّ ـ كما ذكرناه ـ وأولى منه لو
كان الخاصّ أقوى في نفسه بأن يكون قطعيّا والعامّ ظنّيّا. أو من حيث تأييده
بمرجّحات خارجيّة ، بأن يكون مخالفا لمذهب العامّة مثلا ، أو موافقا للقرآن.
__________________
ولو كان العامّ
أقوى في نفسه بأن يكون قطعيّا من كلّ وجه ـ وإن كان بعيد التصوّر ؛ نظرا إلى أنّه
لا يمكن أن يكون قطعيّ الدلالة على جميع موارده لتناول مورد الخاصّ ؛ لشيوع تخصيص العمومات ؛ على أنّ القطع بإفادة صيغ العموم له
مشكل ؛ لكثرة الاختلاف الواقع فيها حتّى ذهب بعضهم إلى أنّه لم يوضع للعموم صيغة
أصلا ـ ويكون الخاصّ ظنّيّا ، فإن لم يبلغ قوّة العامّ وضعف
الخاصّ حدّا يضمحلّ في جنبه بحيث لا يمكنه التقاوم ، فيمكن العمل بالخاصّ أيضا ،
ومجرّد قطعيّة العامّ وظنّيّة الخاصّ لا يوجب طرح الخاصّ ؛ لأنّ الظنّي المعتبر
شرعا يجب العمل به ، ويجوز أن يتعارض القطعيّ إذا كان الدالّ على حجّيّته قطعا.
وإن بلغا حدّا
اضمحلّ الخاصّ وفقد التقاوم ، فاللازم العمل بالعامّ وطرح الخاصّ ، ووجهه ظاهر.
وكذا الحكم إذا
كان العامّ أقوى من حيث تأييده بمرجّحات خارجة ، فما ورد في بعض الأخبار من وجوب
الأخذ عند التعارض بموافق القرآن ، أو مخالف
العامّة ، أو غير ذلك لا يخالف ما ذهب إليه القوم من بناء العامّ
على الخاصّ ؛ نظرا إلى إمكان كون العامّ موافق القرآن أو مخالف
العامّة ؛ لأنّهم قالوا به عند فقد مرجّحات أخر.
ويمكن أن يدفع
التخالف بحمل التعارض في الروايات على ما لا يمكن الجمع بينهما بوجه ويجب طرح
أحدهما ، فيطرح المخالف للقرآن أو الموافق للعامّة ، وفيما نحن فيه يمكن الجمع
بحمل العامّ على الخاصّ إلاّ أنّ ذلك لو لم يترجّح العامّ بحيث يفقد التقاوم بينه
وبين الخاصّ.
وإذ عرفت ذلك ،
فاعلم أنّ الفروع له أكثر من أن تحصى ، كتخصيص قوله عليهالسلام : « في الرقّة
__________________
ربع العشر » بقوله : « ليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة » . وتخصيص قوله تعالى : ( قُلْ لا أَجِدُ فِي
ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ... ) الآية ، بأشياء كثيرة دلّت على تحريمها السنّة ، كالجرّي ، والمارماهي ،
والخمر ، وغيره من الأنبذة وما أشبهها ، وتخصيص ما دلّ عليه
الكتاب ـ من إباحة نكاح الأربع ، وكون العدّة للمتوفّى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا ، وقسمة جميع تركة الميّت بين جميع الورثة ، وتسويغ النكاح من سوى المعدودات بالحرّ ، والحرّة ، وغير ما يحبى به الولد
الأكبر وغير القاتل والكافر والرقّ ، وما عدا المنكوحة في العدّة ، والمطلّقة تسعا
للعدّة.
__________________
الباب الثالث
في المطلق والمقيّد
قد عرفت أنّ
المطلق ما دلّ على الماهيّة من حيث هي لا بقيد وحدة ولا
تعدّد ، أو على شائع في جنسه ، فالمقيّد خلافه ، وهو ما يدلّ لا على الماهيّة ، أو
لا على شائع في جنسه ، فيدخل فيه العمومات والمعارف كلّها.
وقد يطلق المقيّد
على معنى آخر هو المراد هاهنا ، المناسب لتعريف الخاصّ ، وهو ما اخرج عن شائع بوجه
من الوجوه ، نحو : « رقبة مؤمنة » فإنّ الرقبة كانت شائعة بين المؤمنة وغير
المؤمنة ، فازيل هذا الشياع بتقييدها بالمؤمنة .
فصل
إذا ورد مطلق
ومقيّد ، فإن اختلف حكمهما ، فلا يحمل أحدهما على الآخر بوجه من الوجوه وفاقا ؛ لعدم
المنافاة سواء كان الخطابان المتضمّنان لهما أمرين ، مثل : « أكرم رجلا » [ و ] « أطعم رجلا عالما » أو نهيين ، مثل : « لا تضرب الرجل » [ و ] « لا تشتم الرجل الصالح » ـ حيث لا يقصد الاستغراق ، وإلاّ كان من تخصيص
__________________
العامّ لا تقييد
المطلق ـ أو مختلفين ، نحو : « لا تضرب الهاشمي » و « أكرم الهاشمي العارف ».
وسواء اتّحد
سببهما ، كأن يقول : « إن أدّبت رجلا فاضربه » و « إن أدّبت رجلا مؤمنا ، فلا
تشتمه ». ومنه : قوله تعالى : ( فَامْسَحُوا
بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ) مع قوله في آية الوضوء : ( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى
الْمَرافِقِ ) ، فإنّ السبب ـ وهو التطهير ـ فيهما واحد ، والحكم مختلف فيهما بالمسح والغسل
، أو اختلف كأن يبدّل الثاني بقوله : « إن لاقيت رجلا مؤمنا فلا تشتمه » ومنه :
قوله تعالى : ( فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ) ، مع قوله ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ
عَدْلٍ مِنْكُمْ ) ، فلا يقتضي تقييد المساكين بالعدالة.
إلاّ في مثل أن يقول : « إن ظاهرت فأعتق رقبة » و « لا يملك رقبة كافرة » فإنّه
يقيّد المطلق بنفي الكفر مع كون الإعتاق والملك حكمين مختلفين ؛ لتوقّف الإعتاق
على الملك ، وهو ظاهر.
وإن اتّحد حكمهما
، فإمّا أن يتّحد سببهما ، أو يختلف ، وعلى التقديرين إمّا أن يكونا مثبتين ، أو
منفيّين ، أو مختلفين ، فهذه ستّة أقسام :
[
القسم ] الأوّل : أن يتّحد سببهما ويكونا مثبتين ، مثل « إن ظاهرت فأعتق رقبة » [ و ] « إن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة » ، وقوله تعالى : ( وَمَنْ يَكْفُرْ
بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) ، مع قوله : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ
فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ ) ، وقوله : ( وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ) ، مع قوله : ( مِمَّنْ تَرْضَوْنَ
مِنَ الشُّهَداءِ ) ، وقوله صلىاللهعليهوآله : « الحمّى من فيح جهنّم ، فابردوها
__________________
بالماء » مع قوله في خبر آخر : « فابردوها من ماء زمزم » ، وقوله صلىاللهعليهوآله : « خمس فواسق يقتلن في الحلّ والحرم » ومنها : الغراب ، وتقييد الغراب في خبر آخر بالأبقع . ويجب فيه حمل المطلق على المقيّد إجماعا تقارنا أو تقدّم أحدهما ؛ لأنّ فيه
إعمال الدليلين ؛ لأنّ العمل بالمقيّد يلزم منه العمل بالمطلق بخلاف العكس ؛
لحصوله في ضمن غير ذلك المقيّد.
ولا ريب أنّ الجمع
أولى من طرح واحد رأسا ؛ ولأنّه يقتضي تيقّن البراءة والخروج عن العهدة بخلاف
العكس ؛ لإمكان أن يكون مكلّفا بالمقيّد وعمل بالمطلق في ضمن غير المقيّد ، فلا
يبرأ.
واورد عليهما بأنّ
طرح أحد الدليلين ، وعدم الخروج عن عهدة التكليف في صورة العمل بالمطلق فرع انتفاء
احتمال التجوّز في لفظ المقيّد ، واليقين باشتغال الذمّة بالتكليف ، وهنا يحتمل أن يراد
من المقيّد التأكيد ، أو الاستحباب ـ بمعنى كونه أفضل الأفراد ـ أو الوجوب
التخييري ، أو غير ذلك ممّا يناسب كلّ موضع ، فلا يلزم حينئذ من العمل بالمطلق طرح
أحد الدليلين ، ولا عدم الخروج عن عهدة التكليف ؛ لأنّ التكليف اليقيني يحتاج إلى
تحصيل اليقين بالخروج عن العهدة .
نعم ، إذا انتفى
هذه الاحتمالات تعيّن العمل بالمقيّد ؛ لما ذكر.
والجواب عنه :
أنّه يلزم منه التجوّز وهو خلاف الأصل.
فإن قيل : إرادة
المقيّد من المطلق تجوّز أيضا ، فيحصل التعارض المقتضي للتساقط أو التوقّف ، ويبقى
المطلق سالما عن المعارض.
__________________
قلنا : لا نسلّم
أنّ إرادة المقيّد من المطلق تجوّز ؛ لأنّ شمول الماهيّة أو الحصّة منها لكلّ من
أفرادها على سبيل الحقيقة وإن اريد هذا الفرد خاصّة منها ؛ لما تقدّم في العامّ
المخصوص .
ولو سلّم فنقول :
لا ريب في أنّ المجاز اللازم من إرادة المقيّد من المطلق راجح بالنسبة إلى المجاز
اللازم من إرادة التأكيد ، أو الاستحباب ، أو الوجوب التخييري من المقيّد ؛ لبعد
هذه الاحتمالات وندورها ، وهو ظاهر. هذا.
والحقّ ، أنّ
المقيّد المعمول به بيان للمطلق لا نسخ له ، سواء تقدّم عليه أو تأخّر عنه.
وقيل : نسخ له إن
تأخّر عن المطلق .
لنا : أنّ الإطلاق
نوع من العموم ؛ لأنّ المراد من « الرقبة » مثلا أيّ فرد كان من أفراد الرقبة ،
فيصير عامّا إلاّ أنّه على البدل ، فالتقييد نوع من التخصيص ، فيكون المقيّد
المتأخّر عن المطلق ـ بعين الدليل الدالّ على أنّ الخاصّ المتأخّر مبيّن لا ناسخ ـ
مبيّنا لا ناسخا.
احتجّ الخصم بأنّ
المقيّد لو كان بيانا للمطلق ، لكان المراد من المطلق هو المقيّد ، فيكون مجازا
فيه ، وهو فرع دلالته عليه وهي منتفية ؛ إذ لا دلالة للمطلق على مقيّد خاصّ .
وهو مندفع بما
ذكرنا من أنّ التقييد نوع من التخصيص ؛ على أنّ ذلك
لازم على الخصم إذا تقدّم المقيّد ، وفي تقييده ببعض
الصفات اللازمة كتقييد الرقبة بالسليمة مثلا.
[
القسم ] الثاني : أن يتّحد سببهما ويكونا منفيّين ، مثل أن يقول في كفّارة الظهار : « لا يعتق
المكاتب » [ و ] « لا يعتق المكاتب الكافر » ـ حيث لا يقصد الاستغراق ـ ولا
خلاف في وجوب العمل بكلّ منهما وعدم جواز حمل المطلق على المقيّد ؛ لعدم
__________________
المنافاة بينهما ،
فلا يجزي إعتاق المكاتب أصلا ؛ لأنّ نفي الماهيّة إنّما يتحقّق بنفي كلّ فرد منها.
[
القسم ] الثالث : أن يتّحد سببهما ويكونا مختلفين ، كأن يقول في كفّارة الظهار : « أعتق المكاتب » و « لا يعتق المكاتب الكافر » ، ويجب
فيه حمل المطلق على المقيّد ؛ لما ذكرنا من أولويّة الجمع
على طرح واحد رأسا.
[
القسم ] الرابع : أن يختلف سببهما ويكونا مثبتين ، كأن يقول : « إن ظاهرت أعتق رقبة » و « إن
قتلت أعتق رقبة مؤمنة ».
[
القسم ] الخامس : أن يختلف سببهما وكانا منفيّين ، كأن يقول : « إن ظاهرت لا تعتق المكاتب » و
« إن قتلت لا تعتق المكاتب الكافر ».
[
القسم ] السادس : أن يختلف سببهما وكانا مختلفين ، كأن يقول : « إن ظاهرت أعتق رقبة » و « إن
قتلت لا تعتق رقبة كافرة ».
وفي هذه الأقسام
الثلاثة لا يحمل المطلق على المقيّد ، بل يعمل بهما ؛ لعدم المقتضي للحمل ، وعدم
المنافاة للعمل بهما.
وذهب جماعة من
العامّة إلى تقييد المطلق فيها إن اقتضى القياس تقييده .
وبطلانه ظاهر
عندنا.
وكيفيّة التفريع
أنّه ورد في بعض الأخبار في كيفيّة الاستنجاء بالأحجار بأنّه بثلاث مسحات مطلقة ، وفي بعضها : بأنّه بثلاث أحجار ومثلها ، فعلى ما ذكرنا
يجب حمل المطلق ـ وهو المسحات ـ على المقيّد ـ وهو الأحجار ـ فيحكم بتعدّد الأحجار
، ولا يكفي ذو الجهات الثلاث.
وأيضا ورد في بعض
الأخبار النهي عن إجارة الأرض للزراعة بالحنطة والشعير مطلقا ،
__________________
وورد في بعضها
النهي عنها مقيّدا بما يخرج منها ، وحمل الأكثر
المطلق منها على المقيّد. وهو غير جيّد ؛ لأنّهما ناهيتان ، فلا افتقار إلى الجمع ؛
لعدم المنافاة ، كما عرفت .
ومثله قوله صلىاللهعليهوآله : « لا تبيعوا الذهب بالذهب إلاّ مثلا بمثل » مع قوله في خبر آخر : « إلاّ يدا بيد » . وليس تقييد قوله
عليهالسلام : « في كلّ أربعين شاة شاة » بقوله : « في الغنم السائمة زكاة » من حمل المطلق على المقيّد ، بل من تخصيص العامّ بالمفهوم.
تذنيب
إذا ورد حكم مطلقا
ومقيّدا بقيدين متضادّين تساقطا وبقي المطلق على إطلاقه ، وإلاّ لزم التناقض أو
التحكّم.
نعم ، إن ثبت
الدلالة على اعتبار أحد المقيّدين دون الآخر ، أو رجحانه ، تعيّن العمل به.
مثاله : قد ورد
الأمر ببعض الصيام مطلقا ، كالأمر بقضاء رمضان في قوله تعالى : ( فَعِدَّةٌ
مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ، وببعضها مقيّدا بالتفريق ، كالأمر بقضاء صوم المتمتّع في قوله تعالى : ( فَصِيامُ ثَلاثَةِ
أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ ) ، وببعضها مقيّدا بالتتابع ، كالأمر بصوم كفّارة الظهار في
قوله : ( فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ ) ، فعلى ما ذكر يتساقط القيدان ويبقى المطلق سليما ، فكلّ
صوم لم يثبت فيه التفريق أو التتابع بدلالة من خارج لا يحكم باشتراط أحدهما فيه.
وأيضا ورد : «
أنّه إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا : إحداهنّ بالتراب » ،
__________________
وروي : « اخراهنّ
بالتراب » ، وروي « أولاهنّ بالتراب » . فعلى القاعدة ينبغي إسقاط قيدي الأوّلية والآخريّة ، وجعل المرّة الترابيّة
إحدى السبع في أيّ مرتبة كانت ، لكنّ رواية « اولاهنّ » عندنا أشهر ، فترجّحت بهذا
الاعتبار.
تنبيه
اعلم أنّ جميع ما
ذكر في تخصيص العامّ ـ من المتّفق عليه ، والمختلف فيه ، والمختار ، والمزيّف ـ يجري
في تقييد المطلق ، فتذكّر.
__________________
الباب الرابع في المجمل والمبيّن
المجمل لغة :
المجموع ، وجملة الشيء مجموعه ، ومنه : أجملت الحساب ، أي جمعته.
واصطلاحا : ما دلّ على أحد محتملاته دلالة مساوية ، أو ما لا يستقلّ بنفسه في
معرفة المراد به ، أو ما لم يتّضح دلالته. وقد حدّ بحدود أخر كلّها مزيّفة ، لم نر
جدوى في إيرادها.
فصل [١]
المجمل إمّا فعل ،
أو لفظ مفرد ، أو مركّب.
والفعل المجمل ما
لا يقترن به ما ينبئ عن وجه وقوعه.
والمفرد المجمل ما
يكون متردّدا بين معانيه بالأصالة أو بالإعلال ؛ والثاني كـ « المختار » المتردّد
بين الفاعل والمفعول ؛ إذ لو لا الإعلال ، انتفى الإجمال ؛ والأوّل إمّا أن يكون
متردّدا بين حقائقه وهو المشترك كـ « العين » أو أفراد حقيقة واحدة ، مثل : ( أَنْ
تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) و ( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) أو مجازاته إذا انتفت الحقيقة وتساوت المجازات ، فإن ترجّح
واحد لكونه أقرب إلى الحقيقة ، أو أعظم مقصودا ، كتحريم الأكل من ( حُرِّمَتْ
عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) ، حمل عليه.
__________________
والمركّب المجمل
إمّا أن يكون مجملا بجملته إمّا لهيئته ، مثل : ( أَوْ يَعْفُوَا
الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) ؛ لتردّده بين الزوج والوليّ ، أو لتخصيصه بمخصّص مجهول ، مثل : ( أُحِلَّتْ
لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ) ، و ( وَأُحِلَّ لَكُمْ ما
وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ ) ؛ فإنّ تقييد الحلّ بالإحصان مع الجهل به أوجب الإجمال
فيما احلّ ، أو يكون مجملا باعتبار مرجع الضمير حيث يتقدّمه أمران يصلح لكلّ واحد
منهما ، نحو : « ضرب زيد عمرا فضربته » أو مرجع الصفة ، مثل : « زيد طبيب ماهر »
لتردّده بين المهارة مطلقا ، أو المهارة في الطبّ .
فصل [٢]
التحريم والتحليل
المضافان إلى الأعيان ـ نحو : « حرّم عليكم لحم الخنزير أو الخمر ، أو الخنزير ،
أو امّهاتكم » و « احلّ لكم بهيمة الأنعام أو القطن والكتّان ، أو ما ينزل من
السماء من الماء ، أو غير المحارم من النساء » ـ ينصرفان إلى المنفعة المطلوبة من
تلك العين عرفا ، فلا إجمال فيهما خلافا للبصري .
لنا : أنّ تصفّح
كلام العرب يعطي أنّ مرادهم ممّا أطلقوه منهما تحريم الفعل المقصود من تلك العين ،
أو تحليله ، كالأكل من المأكول ، والشرب من المشروب ، واللبس من الملبوس ، والوطء
من الموطوء. والذهن أيضا يسبق إلى ذلك حين الإطلاق وهو دليل الحقيقة ، فلا إجمال.
احتجّ المخالف
بأنّ تحريم العين أو تحليله غير متصوّر ، فلا بدّ من إضمار فعل يصحّ متعلّقا لهما ،
والأفعال كثيرة ولا يمكن إضمار جميعها ؛ لأنّ ما يقدّر للضرورة إنّما يقدّر
__________________
بقدرها ، فتعيّن
إضمار البعض وهو مبهم ؛ لعدم دليل على التعيين ، فلا يتّضح دلالته على البعض
المراد ، وهو المراد من الإجمال .
والجواب : أنّ هذا
البعض المراد قد اتّضح وتعيّن بالأولويّة البادئة بقضيّة العرف والتبادر.
وكيفيّة التفريع
ظاهرة.
فصل [٣]
ذهب المرتضى رحمهالله من أصحابنا ، وبعض العامّة إلى أنّ آية السرقة مجملة ؛ لأنّ اليد تحتمل جملة العضو إلى المنكب ، وبعضه ، والقطع يحتمل
الإبانة والجرح ، يقال لمن جرح يده بالسكّين : قطع يده ، فجاء الإجمال .
والحقّ أنّ اليد
حقيقة في الكلّ ؛ لظهورها فيه ، وسبق الذهن منها إليه ، وتطلق على البعض مجازا.
والقطع حقيقة في إبانة الشيء عمّا كان متّصلا به ؛ لما ذكر ، والجرح إبانة ، ولو
منع ذلك ، كان إطلاقه عليه مجازا ، فلا إجمال.
فصل [٤]
ما ينفى فيه الفعل
ظاهرا ـ والمراد نفي صفته لا حقيقته ، مثل : « لا صلاة إلاّ بطهور » و « لا صيام لمن لا يبيّت الصيام من الليل » و « لا نكاح إلاّ بوليّ » ـ لا إجمال فيه مطلقا ، وفاقا للأكثر.
وقيل بإجماله
مطلقا .
__________________
وقيل بالإجمال إن
كان الفعل المنفيّ لغويّا له أكثر من حكم واحد ، وعدمه إن كان
شرعيّا ، كما في الأمثلة المذكورة ، أو لغويّا ذا حكم واحد.
لنا : أنّ النفي
قد ورد على ذوات هذه الأفعال ، فإن ثبت كونها حقائق شرعيّة في الصحيحة منها ـ حتّى
كان المعنى : « لا صلاة صحيحة » و « لا صيام صحيحا » ـ كان نفي المسمّى حينئذ
ممكنا باعتبار فوات الجزء أو الشرط ، فيحمل عليه ؛ لأنّه إذا أمكن الحمل على
الحقيقة لا يحمل على غيرها ، وحينئذ لا إجمال.
وإن لم يثبت ذلك ،
فإن ثبت حقيقة عرفيّة في الفعل المنفيّ ـ وهو أنّ مثله يقصد منه نفي الفائدة
والجدوى ، نحو : « لا علم إلاّ ما نفع » و « لا كلام إلاّ ما أفاد » ـ كان متعيّن
الحمل عليه ولا إجمال أيضا.
وإن لم يثبت ذلك ،
يجب حمله على المجاز ، والمجازات كثيرة ، مثل نفي الصحّة ، ونفي الكمال وغيرهما ،
إلاّ أنّ الحمل على نفي الصحّة أولى ؛ لأنّه أقرب إلى نفي الذات ـ التي هي الحقيقة
ـ من البواقي ، وقد تقدّم أنّه إذا انتفت الحقيقة وتعدّدت المجازات وترجّح واحد ـ لكونه أقرب إلى
الحقيقة ـ تعيّن الحمل عليه.
احتجّ القائل
بإجماله مطلقا بأنّ مثله يمكن أن يراد منه نفي الصحّة ونفي الكمال ونفي الفائدة
على السواء ، من دون ترجيح لأحدها ، فلزم الإجمال.
والجواب : منع
التساوي ؛ لأنّ نفي الصحّة راجح ؛ لما ذكر.
واحتجّ المفصّل
بأنّ الفعل إن كان شرعيّا يمكن انتفاؤه بانتفاء شرطه أو جزئه ، فيجري النفي فيه
على ظاهره ، ولا يكون هناك إجمال ، وإن كان لغويّا ذا حكم واحد ، انصرف النفي إليه
وانتفى الإجمال.
وأمّا إذا كان
لغويّا له حكمان أو أكثر ، كالإجزاء ، والفضيلة وغيرهما ، فليس أحدهما أرجح من
الآخر ، فيحصل الإجمال.
وجوابه : قد ظهر
ممّا تقدّم.
__________________
فصل [٥]
ذهب الحنفيّة إلى
أنّ نحو ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) مجمل ؛ لأنّه يحتمل مسح الكلّ والبعض ، وهو معنى الإجمال ، ومسح
النبيّ صلىاللهعليهوآله ناصيته بيان له .
والأكثر على أنّه
لا إجمال فيه ، وهم بين قائلين بأنّ « الباء » للتبعيض ؛ لأنّه إذا دخل على اللازم
كان للتعدية ، وإذا دخل على المتعدّي كان للتبعيض ، وإلاّ لم يكن لدخوله فائدة ،
وهنا دخل على المتعدّي. وهم أكثر الإماميّة. وقد ورد به النصّ عن الصادق عليهالسلام ، وإذا أفاد التبعيض انتفى الإجمال.
وذاهبين إلى أنّ «
الباء » للإلصاق ، كما يقول : « امسح يدك بالمنديل » ، فإنّه يفيد إلصاق يده بالمنديل.
وهم بين قائل بأنّه يقتضي حينئذ مسح الكلّ ؛ لأنّه أفاد مسح الرأس ، والرأس حقيقة
في المجموع. وهو مالك ومن تبعه .
وقائل بأنّه يقتضي
مسح البعض ؛ لأنّ العرف يفهم من مثله البعض ، كما في مثال المسح بالمنديل ، فإنّه
يتبادر البعض إلى الفهم عند إطلاقه .
وربما اجيب عنه
بأنّ « الباء » فيه للاستعانة ، والمنديل آلة ، والعرف في الآلة يقتضي التبعيض
بخلاف غيره .
وقائل بأنّه حقيقة
فيما ينطلق عليه اسم المسح ـ أي في القدر المشترك بين الكلّ والبعض ـ دفعا
للاشتراك والمجاز .
وأنت خبير بأنّ
حمله على التبعيض هنا ، والحكم بمسح البعض متعيّن عندنا ، سواء
__________________
ثبت مجيء الباء للتبعيض
في اللغة أم لا ؛ لنصّ الصادق عليهالسلام وحكمه بأنّه للتبعيض هنا . وأمّا عند غيرنا ، فإن ثبت مجيئه له في اللغة ، فالحكم كذلك ، وإلاّ فالظاهر
حمله على القدر المشترك ، ووجهه ظاهر. وعلى التقادير لا إجمال.
فصل [٦]
إذا رفع صفة
والمراد نفي لازم من لوازمه ، نحو « رفع عن امّتي الخطأ والنسيان » .
فالحقّ أنّه لا
إجمال فيه ؛ لأنّ المتبادر من مثله رفع المؤاخذة والعقاب. ولذا لو قال المولى
لعبده : « رفعت عنك الخطأ » كان المفهوم منه عرفا أنّي لا أؤاخذك به ، ولا اعاقبك
عليه.
لا يقال : يلزم
منه سقوط الضمان إذا أتلف مال الغير خطأ ؛ لأنّ إلزامه بالضمان من المؤاخذات والعقوبات وقد رفعت.
والجواب : أنّه
مخصّص بدليل من خارج.
ويمكن أن يقال :
إنّ المؤاخذة ما يقصد به الزجر والإيذاء ، وهما لا يقصدان بالضمان ، بل يقصد به
جبر إتلاف مال الغير.
احتجّ المخالف
بأنّ الخطأ نفسه لم يرفع ، فلا بدّ من إضمار لمتعلّق الرفع وهو متعدّد ، ولا يمكن
إضمار الكلّ ؛ لأنّ ما يقدّر للضرورة يقدّر بقدرها ، فلا بدّ من إضمار البعض ولا
دليل على تعيينه ، فتأتى الإجمال .
والجواب : أنّه
معيّن من التبادر العرفي.
فصل [٧]
كلّ لفظ يطلق على
معنى واحد تارة وعلى معنيين اخرى ، كالدابّة تطلق على الفرس تارة واخرى عليه وعلى
الحمار معا.
__________________
فالحقّ أنّه مجمل
إن لم يكن ظاهرا في أحدهما خلافا للأكثر ؛ حيث قالوا : يجب حمله على المعنيين.
لنا : أنّه متردّد
بينهما من غير ترجيح ، ولا نعني من المجمل إلاّ ذاك.
احتجّ الأكثر بأنّ
وضع الكلام للإفادة ، وما يفيد معنيين أكثر فائدة ، فيتعيّن حمله عليه ؛ لتكثّر
الفائدة.
وجوابه : أنّه
إثبات اللغة بالترجيح ، مع أنّه معارض بأنّ أكثر الألفاظ موضوعة لمعنى واحد ،
والمظنون إلحاق الشيء بالأعمّ الأغلب.
فصل [٨]
إذا ورد لفظ من
الشرع له محمل لغوي ، ومحمل في حكم شرعي ، فالحقّ أنّه ليس مجملا ، بل ظاهر في
المجمل الشرعي ؛ لأنّ دأب الشارع تعريف الأحكام الشرعيّة دون الموضوعات اللغويّة.
مثاله قوله : «
الطواف بالبيت صلاة » فإنّه يحتمل أن يكون المراد به أنّ الطواف يسمّى صلاة في
اللغة ، وأنّه كالصلاة في بعض الشرائط والأحكام ، وقوله عليهالسلام : « الاثنان فما فوقهما جماعة » فإنّه يحتمل أن
يكون المراد به أنّ « الاثنان » يسمّى جماعة لغة ، وأنّه يحصل به فضيلة الجماعة.
احتجّ المخالف ،
باحتمال اللفظ للمحملين.
وجوابه ظاهر ممّا
تقدّم.
ويظهر منه أنّ كلّ
لفظ له مسمّى لغوي ومسمّى شرعي ، كالمنقولات الشرعيّة ـ من الصلاة ، والصوم ،
والزكاة ، وغيرها ـ إذا ورد مطلقا في كلام الشارع ، يحمل على الشرعي ولا يكون
مجملا ، سواء وقع في الإثبات أو النهي .
__________________
وخلاف جماعة بأنّه
مجمل مطلقا ، وآخرين بأنّه مجمل في النهي دون الإثبات ؛ إذ فيه يحمل على الشرعي ، وآخرين بعدم إجماله مطلقا إلاّ أنّه في الإثبات للشرعي ، وفي النهي للّغوي ، لا اعتداد به ، وحججهم
واهية.
فصل [٩]
الحقّ جواز
التكليف بالمجمل ؛ فإنّه واقع ؛ لما ظهر من الآيات المتقدّمة ، والأخبار المشهورة ، ولما ثبت من وقوع المشترك في خطابات الشرع ، والوقوع
دليل الجواز.
واحتجّ من لم
يجوّزه بأنّه إن لم يقصد به الإفهام كان عبثا غير لائق بالحكيم ، وإن قصد به ، فإن
قرنه بالبيان كان تطويلا بلا فائدة ؛ إذ التنصيص عليه أسهل وأبلغ ، وإن لم يقرنه
كان تكليفا بالمحال .
والجواب : أنّه
قصد به الإفهام أمّا في صورة الاقتران بالبيان ، فمن كلّ وجه. ونمنع عدم الفائدة فيه
؛ إذ يجوز اشتماله على مصلحة لم نطّلع عليها ؛ لأنّ درك جميع حكم الشرع ليس في
مقدرة البشر.
وأمّا في صورة عدم
اقترانه به فمن بعض الوجوه ، وهو إفهامه بأنّه قد كلّف بشيء فيستعدّ للامتثال ،
فيثاب عليه ، أو لعدمه فيعاقب به.
وتوضيح ذلك : أنّ
الغرض الأصلي من التكليف الابتلاء وحصول ملكة الانقياد أو
الطغيان ليتفرّع عليه الثواب والعقاب ، ويحدث في النفس النوريّة والصفاء ، أو
الكدرة والظلمة ، وهو كما يحصل بالعمل يحصل بالاستعداد وتوطين النفس عليه.
__________________
فصل [١٠]
« البيان » من «
بان » إذا ظهر وهو يطلق على فعل المبيّن ـ وهو التبيين ـ كالكلام للتكليم ،
والسلام للتسليم ، وبهذا الاعتبار قيل : إنّه الدلالة أو الإخراج من حيّز الإشكال
إلى حيّز التجلّي والظهور .
وعلى ما يحصل به
التبيين ، وبهذا الإطلاق قيل : إنّه الدليل .
وعلى متعلّق
التبيين ومحلّه ـ وهو المدلول ـ وبالنظر إليه قيل : إنّه العلم الحاصل عن الدليل .
والمبيّن نقيض
المجمل فهو المتّضح الدلالة ، سواء كان بنفسه ـ نحو ( وَاللهُ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ؛ إذ إفادته شمول علمه لجميع الأشياء ليس إلاّ بنفس اللغة أو بغيره ، نحو ( وَسْئَلِ
الْقَرْيَةَ ) ؛ فإنّ دلالته على المراد تتوقّف على قرينة العقل ، وذلك الغير يسمّى مبيّنا.
هذا.
وفي معنى المبيّن
، المفسّر. والظاهر عدم الفرق بين المبيّن بنفسه والنصّ. لأنّ النصّ ـ كما تقدّم ـ ما لا يحتمل غير ما يفهم منه لغة.
فصل [١١]
البيان يقع بأشياء
:
« القول » كقوله
تعالى : ( صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها ) ؛ فإنّه بيان لقوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ
يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) ، وقوله عليهالسلام : « فيما سقت السماء العشر » ؛ فإنّه بيان لمقدار الزكاة.
__________________
و « الكتابة » كما
بيّن الله سبحانه لملائكته بما كتبه في اللوح ، والنبيّ صلىاللهعليهوآله بما كتبه لعمّاله والأئمّة من بعده.
و « الإشارة » كما
قال عليهالسلام : « الشهر هكذا وهكذا وهكذا » بأصابعه العشر ، ثمّ أعاد وحبس إصبعه في الثالثة. وهو لا يصحّ في حقّ
الله ؛ لافتقاره إلى الأعضاء.
و « فعل النبيّ » صلىاللهعليهوآله كما بيّن صلىاللهعليهوآله الصلاة والوضوء والحجّ بفعله ، ويعلم كون الفعل بيانا
بالضرورة من قصده أو بنصّه ، كقوله عليهالسلام : « صلّوا كما رأيتموني » و « خذوا عنّي مناسككم » أو بالفعل ، كما لو ذكره مجملا وفعل وقت الحاجة إلى العمل
فعلا يصلح بيانا له ولم يصدر عنه غيره.
ثمّ من الناس من
قال : إنّ الفعل لا يصلح لأن يكون بيانا ، وهو ضعيف غير
ملتفت إليه.
فصل [١٢]
إذا ورد بعد مجمل
قول وفعل كلّ منهما يصلح لأن يكون بيانا له ، فإن اتّفقا وعلم تقدّم أحدهما ـ كأن
يطوف بعد نزول آية الحجّ طوافا واحدا ويأمر بطواف واحد ـ فالمتقدّم هو « البيان »
والثاني تأكيد ، وإن جهل فالبيان أحدهما من غير تعيين.
وقيل : القول ؛
لأنّه يدلّ بنفسه بخلاف الفعل .
وإن اختلفا كأن
يطوف بطوافين ويأمر بطواف واحد ، فالحقّ أنّ البيان هو « القول » ، سواء كان
متقدّما أو متأخّرا ، والفعل محمول على الندب ، أو الوجوب عليه ، أو الرخصة له ؛
لأنّ القول يدلّ بنفسه ، ولأنّ جعله بيانا جمع بين الدليلين ، وهو أولى من طرح
واحد.
__________________
فصل [١٣]
قد عرفت أنّ العامّ أو المطلق إذا كان أقوى من الخاصّ أو المقيّد لا يجوز التخصيص
والتقييد به ؛ للزوم إبطال الراجح بالمرجوح ، وإلغاء الأقوى بالأدنى ، وهو ترجيح
المرجوح ، وإذا تساويا فالحقّ جوازهما ؛ لأولويّة الجمع على الطرح.
والقول بعدم
جوازهما حينئذ أيضا للزوم التحكّم ، تحكّم ؛ ووجهه
ظاهر.
وأمّا المجمل
فيكفي في بيانه المساوي والمرجوح ؛ إذ لا تعارض ليلزم ترجيح المرجوح ، أو التحكّم.
فصل [١٤]
تأخير البيان عن
وقت الحاجة غير جائز ، وفاقا للعدليّة وسائر الامّة ـ سوى بعض الأشاعرة ـ لأنّه تكليف بما لا يطاق.
وفروعه كثيرة.
وممّا يتفرّع عليه وجوب التفسير فورا على من أقرّ بمبهم ابتداء أو عقيب دعوى بعد
المطالبة ، فلو امتنع من البيان فورا يحبس حتّى يجيب ، وكذا لو طلّق مبهمة.
وأمّا عن وقت
الخطاب إلى وقت الحاجة ، فالمختار جوازه مطلقا وفاقا للأكثر.
ومنعه قوم مطلقا .
وقيل : يجوز فيما
ليس له ظاهر كالمجمل ، ويمتنع فيما له ظاهر واريد به غير ظاهره ، كالعامّ والمطلق
والمنسوخ .
وقيل : يجوز في
الأوّل ، ويمتنع في الثاني ؛ لكنّه في البيان الإجمالي . وأمّا التفصيلي
__________________
فيجوز تأخيره ،
فيجب أن يقول : هذا العامّ مخصوص وهذا المطلق مقيّد ، وهذا الحكم سينسخ ، ولا يجب
تفصيل ما خصّ عنه ، وذكر الصفة التي قيّد بها ، وتعيين وقت النسخ.
وقيل بمثل ذلك في
غير النسخ ، وأمّا فيه ، فحكمه حكم المجمل ، فلا يلزم بيانه تفصيلا
ولا إجمالا.
لنا : عدم مانع من
التأخير وإمكان مصلحة فيه يحسن لأجلها ، كالعزم وتوطين النفس على الفعل إلى وقت الحاجة ؛
لما عرفت من ترتّب الثواب عليه . ويؤكّده أنّ البيان إنّما يراد ليتمكّن المكلّف من
الإتيان بما كلّف به ، فلا حاجة إليه قبل الوقت.
وأيضا لا خلاف في
عدم اشتراط قدرة المكلّف على الفعل حال الخطاب ، وإذا جاز تأخير إقداره على الفعل
، فتأخير علمه بتفاصيل بعض صفات الفعل أولى بالجواز.
ولنا أيضا : أنّه
لو لم يجز تأخيره زمانا طويلا ، لم يجوز زمانا قصيرا مع أنّه جائز ؛ للإجماع على
جواز تأخير القرينة عن وقت التلفّظ بالمجاز بحيث لا يخرج الكلام عن كونه واحدا
عرفا. وأنت خبير بإمكان إبداء الفرق بينهما .
ولنا : قوله تعالى
: ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ ).
وجه الاستدلال به
أنّ « ثمّ » للتراخي ، فيدلّ على جواز تأخير البيان عن المبيّن.
ولنا : أنّه وقع ،
والوقوع دليل الجواز.
أمّا الثاني ،
فظاهر.
وأمّا الأوّل ،
فلأنّه تعالى قال أوّلا في المغنم : ( فَأَنَّ لِلَّهِ
خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) ، ثمّ بيّن أنّ السلب للقاتل. و « ذي القربى » بنو هاشم
دون بني اميّة وبني نوفل ، وهذا عامّ تأخّر عنه بيانه ؛ إذ لم يكن معه بيان تفصيلي
ـ وهو ظاهر ـ ولا إجمالي ؛ لأنّ الأصل عدمه ، ولأنّه لو اقترن به لنقل ؛ لتوفّر
الدواعي عليه.
__________________
وقال : (
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ) ثمّ بيّن تفاصيلهما من الركعات ، والأركان ، والأجناس ، والنصاب ، والأوقات ،
والشرائط ، والأحكام بالتدريج.
وقال : (
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ) ثمّ بيّن اشتراط الحرز والنصاب بتدريج.
وقال : (
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا ) ثمّ بيّن أنّ المحصن يرجم. ونهى النبيّ عن بيع المزابنة ، ثمّ رخّص في العرايا .
وقال الله : ( إِنَّ
اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) وهي كانت معيّنة في الواقع ؛ لما سألوا عن التعيين ، ولو
لم تكن معيّنة ، لما سألوا عنه بقولهم : ( ادْعُ لَنا رَبَّكَ
يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ ) ، و ( ما لَوْنُها ) ، ثمّ بيّنها بقوله : ( إِنَّها بَقَرَةٌ لا
فارِضٌ ) إلى قوله : ( فاقِعٌ لَوْنُها ).
واورد عليه بمنع
كونها معيّنة بدليل قوله : ( أَنْ تَذْبَحُوا
بَقَرَةً ) وهو ظاهر في غير معيّنة ، وقوله : ( وَما
كادُوا يَفْعَلُونَ ) ، لدلالته على قدرتهم على الفعل ، ووقوع السؤال عن التعيين كان تعنّتا.
وبدليل قول ابن
عبّاس : لو ذبحوا أيّة بقرة لأجزأتهم ، ولكنّهم شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله
عليهم .
وفساده ظاهر ؛
لأنّها لو كانت غير معيّنة ، لما أطال الله الكلام بحصر أوصافها. وذمّهم وتعنيفهم
بقوله : ( وَما كادُوا يَفْعَلُونَ ) ليس لعدم التعيين
، بل لتوانيهم بعد البيان.
وقول ابن عبّاس لم
يثبت ، ولو ثبت لم يكن حجّة ؛ لمعارضته بالكتاب وقول سائر المفسّرين.
وقال : ( إِنَّكُمْ
وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ) ، فنقض ابن الزبعري بالمسيح
__________________
والملائكة ، فنزل ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ ... ) ، فتأخّر البيان.
فإن قيل : « ما »
لما لا يعقل ، فلا يتناولهم. وإن سلّم فنقول : خصّوا بالعقل ، وقوله : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ ) ليس بيانا ؛ لظهور
خروجهم ، بل زيادة توضيح احتيج إليه ؛ لجهل الناقض.
قلنا : « ما »
يعمّ ما يعقل وغيره ؛ لقوله تعالى : ( وَالسَّماءِ وَما
بَناها ).
وما روي أنّ
النبيّ قال له : « ما أجهلك بلغة قومك ، ألم تعلم أنّ « ما » لما لا يعقل » ، لم يثبت عندنا.
فإن قيل : النزاع
في الأحكام لا في الأخبار.
قلنا : الفرق غير
معقول.
احتجّ المانع
مطلقا بأنّ التكليف بما ليس له ظاهر ، أو له ظاهر غير مراد من غير بيان في الحال ،
خطاب بما لا يفهم ، وهو قبيح ، ولو جاز ذلك ، لجاز خطاب الزنجي بالعربيّة من غير
بيان المراد في الحال ؛ لعدم الفرق بينهما .
والجواب : منع
كونه خطابا بما لا يفهم من كلّ وجه ، فإنّه يعلم أنّ المراد بعض المدلولات
المعروفة عنده ، ويبيّن له وقت الحاجة إلى العمل ، فيثاب ويعاقب بالعزم على الفعل
أو الترك وليس فيه قبح أصلا ، ولو قبح مثله ، لقبح أن يولّي الملك رجلا على بلد ويقول
له : اخرج إليه في غد ، وسأكتب لك كتابا فيه تفصيل ما يلزم عليك أن تعمل به ،
وانفذه إليك عند استقرارك في عملك مع أنّه لا يقبح بالضرورة.
احتجّ المفصّل
الأوّل : أمّا على جواز تأخير بيان المجمل ، فبنحو ما ذكرناه ، ولا نزاع لنا معه
فيه.
وأمّا على منع
تأخير بيان العامّ المخصوص والمطلق المقيّد ولفظ المنسوخ ، فبأنّها
__________________
ألفاظ موضوعة
لحقائق مفهومة منها عند إطلاقها وهي الاستغراق ، والشياع ، والدوام يحملها عليها
كلّ مخاطب ، ولا يعدل عنها إلاّ بقرينة التجوّز ، فيقبح من الحكيم أن يراد بها في حال الخطاب غيرها من غير دلالة ، بخلاف المجمل ؛ فإنّه ليس له معنى
حقيقي مفهوم عند إطلاقه حتّى يلزم من تأخير بيانه العدول عمّا وضع.
وبأنّ الخطاب وضع
للإفادة ومن سمع عامّا أو مطلقا أو حكما ، وجوّز أن يكون مخصوصا أو مقيّدا أو
منسوخا ، ويبيّن له في المستقبل ، لم يستفد في هذه الحال شيئا ، ويكون وجوده كعدمه
، وهو ينافي وضع الخطاب.
وبأنّه لو جاز
التأخير ، فإمّا إلى مدّة معيّنة ـ وهو تحكّم ، ولم يقل به أحد ـ أو إلى الأبد ،
فيلزم التكليف بما لا يفهم .
والجواب عن الأوّل
: أنّه لا ريب في افتقار استعمال اللفظ في غير الموضوع له إلى القرينة عند الحاجة
؛ لئلاّ يلزم الإغواء ، وأمّا افتقاره إليها عند وقت التكلّم من دون بلوغ وقت
الحاجة ، فلا دليل عليه ولا يلزم منه الإغواء ؛ لأنّه فيما انتفى احتمال التجوّز ،
وانتفاؤه فيما قبل وقت الحاجة يتوقّف على ثبوت منع التأخير مطلقا ، وقد فرضنا
عدمه.
وقولهم : « الأصل
في الكلام الحقيقة » معناه أنّ اللفظ مع فوات وقت القرينة يحمل على الحقيقة لا
مطلقا.
وممّا يؤكّده
اتّفاقهم على جواز إسماع العامّ المخصوص بالعقل وإن لم يعلم المخاطب تخصيصه به ،
واتّفاق أجلّة المحقّقين على إسماع العامّ المخصوص بالدليل السمعي من دون إسماع
المخصّص ؛ لأنّه لو ثبت لزوم الإغواء هنا ، ثبت لزومه هناك أيضا ، لأنّ السامع
للعامّ مجرّدا عن القرينة يحمله على الحقيقة.
فإن قالوا : لا
يجوز الحمل عليها إلاّ بعد الفحص عن المخصّص.
قلنا : فيما نحن
فيه لا يجوز الحمل على شيء حتّى يحضر وقت الحاجة ، ويوجد القرينة ويطّلع عليها ،
فيعمل بمقتضاها.
__________________
وبما ذكر ظهر
الجواب عن الثاني من غير افتقار إلى بيان.
والجواب عن الثالث
: أنّ التأخير إلى مدّة معيّنة عند الله وهو الوقت الذي يعلم أنّه مكلّف فيه
، فلا تحكّم. هذا.
ومن العجب اللازم
لهذا القول وجوب اقتران بيان المنسوخ به ، مع أنّ جماعة
نقلوا الإجماع على حسن تأخير الناسخ ، بل المعروف بين
القوم اشتراطه حتّى أنّهم عدّوه شرطا للنسخ. وممّن عدّه شرطا بعض القائلين بهذا
القول ، وهو غريب.
واحتجّ المفصّل
الثاني على جواز تأخير بيان المجمل مطلقا بنحو ما ذكرناه . ولا مخالفة لنا معه فيه. وعلى امتناع تأخير بيان غيره ـ ممّا له ظاهر ـ في
البيان الإجمالي دون التفصيلي بأنّه لو ارتفعا معا ، يلزم الإغراء بالجهل وهو باطل
؛ لأنّ المكلّف يحمل حينئذ على ظاهره ويعمل به.
وأمّا لو وجد
البيان الإجمالي وإن لم يوجد التفصيلي ، فيعلم المكلّف أنّ ظاهره غير مراد ، فيثبت
إلى أن
يحضر الوقت ،
ويطّلع على البيان التفصيلي.
وجوابه : قد ظهر
ممّا تقدّم ، فلا نطيل الكلام بإعادته.
واحتجّ المفصّل
الثالث أمّا على جواز تأخير بيان المجمل بنحو ما ذكرناه .
وأمّا على امتناع
تأخير بيان ما له ظاهر سوى النسخ بأنّ تأخير بيان العامّ ، أو المطلق يوجب الشكّ
في كلّ واحد واحد من أفرادهما ، هل هو مراد للمتكلّم أم لا؟ فلا يعلم تكليف واحد
بعينه ، ويلزم منه انتفاء أصل التكليف الذي هو غرض الخطاب بخلاف النسخ ؛ فإنّ
الكلّ داخلون إلى أن ينسخ .
والجواب : أنّ
الشكّ مشترك ، إلاّ أنّه في العامّ والمطلق في أفرادهما ، وفي النسخ في أفراد
الزمان ، بل هو أولى بالشكّ ؛ لأنّ الشكّ في كلّ واحد من أفرادهما على البدل ،
وفيه
__________________
يلزم الشكّ في
الجميع ؛ إذ يجوز في كلّ زمان النسخ من الجميع ، وارتفاع التكليف. هذا.
وقد ظهر كيفيّة
التفريع من الأمثلة.
فصل [١٥]
الحقّ جواز تأخير
تبليغ الرسول الحكم إلى وقت الحاجة ؛ لأنّه ليس فيه محال لذاته ، ولذا لا يمتنع
التصريح به ، ولا لغيره ؛ لأصالة العدم ؛ ولأنّ التبليغ تابع للمصلحة وهي تختلف
بالنسبة إلى الأزمنة ، فربما وجدت في التأخير.
احتجّ المخالف
بقوله تعالى : ( بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) والأمر للوجوب والفور .
والجواب : أنّ
الأمر لا يوجب الفور كما تقدّم . ولو سلّم نقول : إنّ المنزل هو القرآن ؛ لانصراف إطلاق
التنزيل إليه ؛ على أنّ نزوله عندنا في قضيّة خاصّة.
فصل [١٦]
اختلفوا في جواز
إسماع العامّ من لا يعرف المخصّص الموجود إذا كان شرعيّا ، بعد اتّفاقهم على جوازه
إن كان المخصّص عقليّا ، والأكثر على جوازه ، وهو المختار.
لنا : أنّه إذا
جاز مع كون المخصّص عقليّا ، فيجوز إذا كان شرعيّا ؛ لعدم الفرق.
ولنا : أنّه لو لم
يجز لم يقع وقد وقع ؛ فإنّ الصحابة سمعوا قوله تعالى : (
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) ، وهو عامّ ، ولم يسمعوا إخراج أهل الذمّة والعبد والمرأة إلاّ بعد حين. وكذا
الحكم في آية السرقة ، والميراث ، وغيرهما.
احتجّ الخصم بأنّ
جوازه يوجب الإغراء بالجهل والخطاب بما لا يفهم ، وبأنّه يقتضي
__________________
عدم جواز العمل
بالعمومات إلاّ بعد العلم بانتفاء المخصّص ، ويلزم منه سدّ باب العمل بها .
والجواب عن الأوّل
: أنّ السامع ـ لتجويزه التخصيص ـ يسعى في طلب المخصّص ، فلا يلزم الإغراء بالجهل
والخطاب بما لا يعلم.
وعن الثاني : أنّ
غلبة الظنّ بانتفاء المخصّص كافية في جواز العمل بالعامّ.
ويظهر ممّا ذكر
جواز ذكر بعض المخصّصات دون بعض وقد وقع ، فإنّه بيّن إخراج أهل الذمّة من آية قتل
المشركين أوّلا ، ثمّ إخراج العبد ، ثمّ المرأة بتدريج ، وبيّن في آية
السرقة إخراج ما لم يبلغ حدّ النصاب ، ثمّ ما وقع فيه شبهة وهكذا
، وكذا الحكم في آية الحجّ ، والميراث ، وغيرهما.
__________________
الباب الخامس
في الظاهر والمؤوّل
اعلم أنّ « الظاهر
» في اللغة : الواضح .
وفي الاصطلاح :
قيل : ما دلّ على معنى دلالة ظنّيّة .
وقيل : دلالة
واضحة .
وعلى الأوّل يكون
النصّ ـ وهو ما دلّ دلالة قطعيّة ـ قسيما منه ، وعلى الثاني يكون قسما منه.
وظهور الدلالة
إمّا بالوضع ، كدلالة « الأسد » على الحيوان المفترس ؛ فإنّ كونها ظاهرة فيه مستفاد من وضع الواضع ، فدلالته على الرجل الشجاع خلاف الظاهر من الوضع. ومنه
: دلالة اللفظ على مدلوله من غير تقدير وإضمار ؛ فالإضمار خلاف الظاهر من الوضع ،
ودلالة العامّ على الاستغراق ، والمطلق على الشياع ؛ فالتخصيص والتقييد خلاف
الظاهر. وقس عليها أمثالها.
أو بعرف الاستعمال ، كدلالة « الغائط » على الخارج المتقذّر ، فإنّه غلب فيه بعد أن
كان لغة للمطمئنّ من الأرض ؛ فدلالته عليه خلاف الظاهر من
العرف.
__________________
و « التأويل » في
اللغة : الإرجاع ، من آل يؤول : إذا رجع .
وفي الاصطلاح :
حمل الظاهر على المحتمل المرجوح ، وهذا يتناول التأويل الصحيح والفاسد ، وإن اريد
تعريف الصحيح منه ، يجب أن يزاد عليه : « بدليل يصيّره راجحا » وإن اريد تعريف
الفاسد منه ، يزاد عليه : « بلا دليل » أو « بدليل مساو » أو « مرجوح ».
فصل
« التأويل » على
ثلاثة أقسام :
الأوّل : القريب ؛ فرجّح لقربه بأدنى مرجّح.
الثاني : البعيد ؛ فيحتاج لبعده إلى مرجّح أقوى.
والثالث : المتعذّر ، أي ما لا يحتمله اللفظ ؛ فلا يكون مقبولا ،
بل يجب ردّه وإن كان عليه دليل.
وبالجملة ، يشترط
في قبول التأويل أن يكون الدالّ عليه بحيث يترجّح لأجله الاحتمال المرجوح على
الراجح الظاهر ، ولا ضابط له ، بل يختلف باختلاف مشارب أهل العلم ، فربّ تأويل كان
مقبولا عند بعض ، مردودا عند آخر ، إلاّ أنّه لا خلاف في قبوله في الجملة.
ثمّ الدالّ عليه
إمّا عقل ، أو نقل ، أو إجماع ، أو قياس منصوص العلّة على سبيل منع الخلوّ دون
الجمع ، مثلا قوله عليهالسلام : « إنّما الربا في النسيئة » لا يجوز حمله على ظاهره ، وهو حصر الربا في النسيئة ؛ لثبوت الربا في بيع
الربوي بمثله نقدا بالإجماع والنصّ ، وهو قوله عليهالسلام : « لا تبيعوا البرّ بالبرّ سواء بسواء » ؛ فيجب أن يحمل على مختلف الجنس. وهذا وإن كان من التأويلات البعيدة إلاّ
أنّه يتعيّن ؛ لوجود المرجّح القويّ.
__________________
ومن التأويلات
البعيدة الفاسدة تأويل الحنفيّة قوله عليهالسلام لغيلان ـ وقد أسلم على عشر نسوة ـ : « أمسك أربعا وفارق
سائرهنّ » إمّا بأنّ المراد من الإمساك ابتداء النكاح ، والمراد من
المفارقة عدم النكاح. فالمعنى : انكح أربعا منهنّ ، ولا تنكح سائرهنّ. وإمّا بأنّ
المراد من إمساك الأربع إمساك الأربع الأوائل منهنّ ، فقوله : « أمسك أربعا » أي
الأوائل منهنّ ، وفارق سائرهنّ ، أي الأواخر منهنّ.
ولذا يرى الحنفيّة
وجوب تجديد النكاح إن تزوّجهنّ معا ، وإمساك الأربع
الأوائل إن تزوّجهنّ مرتّبا.
أمّا بعده ، فلأنّ
المتبادر من الإمساك الدوام والتخيّر دون الابتداء
والترتيب ، مع أنّ المخاطب كان متجدّد الإسلام لا يعرف شيئا من الأحكام حتّى يخاطب
بغير ظاهر ؛ فيبعد خطاب مثله بمثله ، مع أنّه لم ينقل تجديد ولا تعيين الأوائل
مطلقا لا منه ولا من غيره ممّن أسلم من الكفّار المتزوّجين مع كثرتهم.
وأمّا فساده ،
فلأنّه لا دليل عليه يترجّح لأجله على ما هو الظاهر من أنّ الكافر إذا أسلم على
أزيد من أربع ، يمسك أيّ أربع شاء ، سواء ترتّب عقدهنّ أو لا ، كما قال به أصحابنا
والشافعيّة .
ومن التأويلات
القريبة : تأويل قوله عليهالسلام : « أيّما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليّها فنكاحها باطل
، باطل ، باطل » بأنّ المراد بـ « أيّما امرأة » : الصغيرة ، والأمة ، و المكاتبة ، وب « البطلان » : رجوعه إليه غالبا ؛ لاعتراض
الوليّ عليهما .
__________________
ووجه قربه شيوع
التخصيص ومجاز المشاورة في المحاورات ، مع دلالة الإجماع والنصّ على استقلال
الثيّب البالغة في النكاح . هذا.
وللحنفيّة تأويلات
فاسدة في بعض الآيات والأخبار ، مذكورة في بعض كتب الاصول لم نر جدوى في إيرادها.
__________________
الباب السادس
في المنطوق والمفهوم
« المنطوق » : ما
دلّ عليه اللفظ في محلّ النطق ، أي يكون حكما شرعيّا للمذكور ، أو حالا من أحواله
، سواء كان نفسه مذكورا أو لا. والتعميم لدخول المنطوق غير الصريح ؛ لأنّه ليس
مذكورا بنفسه ، والمراد بالنطق معناه اللغوي ، فلا دور.
و « المفهوم » :
ما يدلّ عليه اللفظ لا في محلّ النطق ، أي يكون حكما أو حالا للمسكوت عنه.
ثمّ المنطوق إمّا
صريح ، وهو ما وضع اللفظ له ؛ فيدلّ عليه إمّا بالمطابقة أو بالتضمّن . أو غير صريح ، وهو بخلافه ، أي ما لم يوضع اللفظ له ، بل لزم ممّا وضع له ؛
فيدلّ عليه بالالتزام ، وهو على ثلاثة أقسام :
الأوّل : دلالة « الاقتضاء » وهو ما كان مقصودا للمتكلّم ، وتوقّف الصدق أو الصحّة العقليّة الشرعيّة عليه ،
نحو « رفع عن امّتي الخطأ والنسيان » و ( سْئَلِ
الْقَرْيَةَ ) ، و « أعتق عبدك عنّي على مائة » ؛ فإنّه لو لم يقدّر « المؤاخذة » أو نحوها
في الأوّل ، كان كاذبا ، ولو لم يقدّر « أهل » في الثاني ، لم يصحّ عقلا ، ولو لم
يقدّر « الملك » في الثالثة ـ أي مملّكا لي على مائة ـ لم يصحّ شرعا ؛ لتوقّف
العتق على الملك شرعا.
__________________
الثاني : دلالة « الإيماء والتنبيه » وقد تقدّم في باب القياس بحدّه وأقسامه.
الثالث : دلالة « الإشارة » وهو ما لا يكون مقصودا للمتكلّم ، كدلالة قوله تعالى :
( وَحَمْلُهُ
وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) ، مع قوله : ( وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ ) على أنّ أقلّ مدّة الحمل ستّة أشهر ؛ فإنّه ليس مقصودا
للمتكلّم إلاّ أنّه لزم منه. ودلالة قوله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ
لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ ) الآية ، وقوله : ( فَالْآنَ
بَاشِرُوهُنَ ) إلى قوله : ( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ
الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) على جواز الإصباح جنبا ؛ فإنّه وإن لم يقصد من الآيات ،
لكنّه لزم من جواز استغراق الليل بالرفث.
وقد تقدّم مثال
آخر له فيما تقدّم . هذا هو التقسيم المشهور بين القوم.
والظاهر ـ كما قيل
ـ أنّ المنطوق والمفهوم في تقسيمهم من أقسام المدلول ، وأرادوا من الدلالة في
قولهم : « دلالة الاقتضاء » ونحوه المدلول مسامحة .
وقال بعضهم :
إنّهما من أقسام الدلالة ، وتعسّف لتطبيق تحديدهما
عليها.
ثمّ أنت خبير
بأنّه لا بدّ من لزوم ما بين المنطوق والمفهوم ؛ إذ لولاه لم يدلّ عليه ، وانسدّ
طريق الفهم ، فالمفهوم أيضا مدلول التزامي.
فالظاهر أنّ غرض
القوم أنّ اللزوم بين المعنى الموضوع [ له ] والمنطوق غير
الصريح لزوم بيّن بالمعنى الأخصّ ، وهو ما يلزم فيه تصوّر المدلول الالتزامي من
تصوّر الملزوم ، أي الموضوع له لزوما عقليّا ، أو عرفيّا ، أو الأعمّ ، وهو ما
يحكم فيه العقل باللزوم بعد تصوّرهما.
__________________
وبين المنطوق
والمفهوم لزوم غير بيّن.
وغير خفيّ أنّ
المدلول الالتزامي الذي جعلوه مقسما للمنطوق غير الصريح لا ينحصر في اللازم الأخصّ
والأعمّ ، بل هو أعمّ من ذلك ؛ فإنّ التتبّع يشهد بأنّ المراد به ما يكون للمعنى
الموضوع [ له ] مدخل ما في فهمه بأيّ نحو كان ؛ فربما يفهمه بعض العلماء
بمعونة مقدّمات عقليّة قطعيّة أو ظنّيّة جليّة أو خفيّة ، ولا يفهمه أهل اللغة
والعرف من حيث إنّهم كذلك ، وقد لا يجتمع إرادته مع إرادة الموضوع له ، مثلا رفع
المؤاخذة عن الخطأ والنسيان الموجودين في الخارج ليس لازما لرفعهما في الخارج لا
بالمعنى الأخصّ ولا الأعمّ ، ولذا ليس يفهمه اللغوي من حيث [ إنّه ] لغوي ، ولا أهل العرف ، وإنّما يفهمه من كان عارفا بأنّ المتكلّم الصادق يصدق
كلامه في الواقع. ولا يصدق هنا المعنى المطابقي ، وإلاّ لزم كذبه ، فكيف يجعل مثل
هذا المعنى مدلولا التزاميّا ، ومنطوقا غير صريح ، ويخرج مفهوم الموافقة والمخالفة
من المنطوق غير الصريح ، ويجعل مقابلا له مع أنّ مطلق المفهوم ممّا يفهم من المعنى
المطابقي ، وله مدخليّة في فهمه ، ولذا يفهمه أهل العرف واللغة؟!
على أنّ بعضهم
ادّعى اللزوم البيّن بين المنطوق والمفهوم ، وحينئذ يصير
حكاية التقابل أشنع.
ثمّ لا ريب في
حجّيّة دلالة الالتزام ـ وإن لم تكن من قبيل المفاهيم ـ إذا علم توقّف دلالة اللفظ
على اللازم في دلالة الاقتضاء ، وعلم العلّيّة وعدم مدخليّة خصوص الواقعة في دلالة
التنبيه والإيماء ، وقطع بكون المدلول الالتزامي لازما في الواقع في دلالة الإشارة
، كأقلّ مدّة الحمل اللازم للآيتين ، وكذا إذا حصل
الظنّ المعتبر بالتوقّف والعلّيّة واللزوم بحيث صار المدلول الالتزامي متبادرا إلى
أذهان أهل اللغة والعرف ، وأمّا إذا لم يحصل مثل هذا الظنّ فالحكم بالحجّيّة مشكل.
وقد تقدّم تفصيل القول في دلالة الإيماء في القياس .
ويتفرّع على ذلك
أنّه إذا قال : « أبرأتك في الدنيا دون الاخرى » ثبتت براءته فيهما ؛ لأنّ
__________________
البراءة في الدنيا
ملزومة للبراءة في الاخرى ، وإذا باع السقف لا يدخل الحائط وإن دلّ عليه بالالتزام
؛ لأنّ التوقّف القطعي أو الظنّي المعتبر غير ثابت. وفي دخول ما يتناوله المبيع
بالالتزام فيه وعدمه يتخرّج فروع كثيرة لا يخفى جليّة الحال فيها بعد الإحاطة بما
ذكرناه. هذا.
وبعضهم خصّ
المنطوق بالصريح وعرّفه بأنّه : ما دلّ عليه اللفظ بصريحه دلالة أوّليّة ، وقسّم غير المنطوق إلى الثلاثة المذكورة والمفهوم.
ويلزم على هذا أن
لا يكون الأقسام الثلاثة من المنطوق ولا من المفهوم ، وهو كما ترى.
والأولى أن يقسّم
المدلول أوّلا إلى المنطوق والمفهوم ، ويجعل المنطوق منحصرا في الصريح ، ويقسّم
المفهوم إلى الأقسام الثلاثة ومفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة ؛ ليكون الثلاثة من
أقسام المفهوم.
ثمّ المفهوم على
قسمين :
[
القسم ] الأوّل : « مفهوم الموافقة » وهو أن يكون حكم غير المذكور فيه موافقا لحكم المذكور
إثباتا ونفيا ، ويسمّى فحوى الخطاب ولحن الخطاب ، وأصله التنبيه بالأدنى على
الأعلى. وقد تقدّم في باب القياس أنّه لا خلاف في
حجّيّته وثبوت التعدية به ، وأنّ الخلاف في وجه التعدية ، وقد أشرنا إلى أنّ الحقّ أنّه دلالة مفهومه وفحواه ، لا كونه قياسا جليّا ، أو منقولا عن
موضوعه اللغوي ـ وهو الأدنى ـ إلى الأعلى كما قال به جماعة .
وقد تقدّم أيضا
أنّه إمّا قطعي ، إذا كان التعليل بالمعنى وكونه أشدّ مناسبة للفرع قطعيّين. أو
ظنّي إذا كان أحدهما ظنّيّا .
__________________
وبعضهم اشترط فيه
أن يكون المسكوت عنه أولى بالحكم من المذكور .
وبعضهم اكتفى
بالمساواة ، مثل قوله تعالى : ( الَّذِينَ
يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ... ) ؛ حيث دلّ بالمفهوم على تحريم الأخذ ، وهو مساو للأكل في
الإتلاف .
[
القسم ] الثاني : « مفهوم المخالفة » وهو أن يكون المسكوت عنه مخالفا للمذكور في الحكم إثباتا
ونفيا ، ويسمّى دليل الخطاب ، وله أقسام :
مفهوم الشرط ، نحو
: « إن دخل فأكرمه » يفهم منه عدم إكرامه إن لم يدخل.
ومفهوم الصفة ،
مثل : « في الغنم السائمة زكاة » يفهم منه أن ليس في المعلوفة زكاة.
ومفهوم العدد
الخاصّ ، مثل : ( فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ) ، مفهومه أنّ الزائد على الثمانين غير واجب.
ومفهوم الغاية ،
مثل : ( فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى
تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) ، يفهم منه أنّها إذا نكحت زوجا غيره تحلّ ، ومثله : ( وَلا
تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ).
ومفهوم الاستثناء
، مثل : « لا إله إلاّ الله » ، يفهم منه نفي الالوهيّة عن غير الله.
ومفهوم إنّما ،
نحو : « إنّما الأعمال بالنيّات » . يفهم منه عدم
صحّة الأعمال بدون النيّة.
ومفهوم الحصر ،
نحو : « العالم زيد » ، مفهومه نفي العلم عن غيره.
ومفهوم الزمان
والمكان ، مثل : « افعله في هذا اليوم » أو « في هذا المكان » مفهومه نفي الفعل في
غير ذلك الزمان والمكان.
ومفهوم اللقب ،
وهو نفي الحكم عمّا لم يتناوله الاسم ، وهو أضعف المفاهيم ، ولذا لم يقل
__________________
بحجّيّته محقّق.
مثاله : « في الغنم زكاة » ، مفهومه على القول بحجّيّته نفي الزكاة عن غير الغنم.
ومنه مفهوم الاسم
المشتقّ الدالّ على الجنس ، كقوله : « لا تبيعوا الطعام بالطعام » .
هذه أقسام
المفاهيم ، وها هي نذكرها بشروطها وتفصيلها في فصول.
فصل [١]
يشترط في مفهوم
المخالفة بأقسامه امور :
الأوّل : أن لا
يظهر أولويّة غير المذكور بالحكم ، أو مساواته فيه ، وإلاّ استلزم ثبوت الحكم في غير المذكور وكان مفهوم موافقة ، كأن يقول السيّد لعبده في
مقام الإغراء على إكرام الداخلين في بيته : « إن جاء أرذل الناس فأكرمه ».
الثاني : أن لا
يكون قد خرج مخرج الأغلب ، نحو : ( وَرَبائِبُكُمُ
اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ ) ؛ فإنّ الغالب كون الربائب في الحجور ، فالتقييد لذلك ، فلا يدلّ على نفي
الحكم عن اللاتي لسن في الحجور.
الثالث : أن لا
يكون سؤال سائله عن المذكور ، فيجاب على طبقه ، بأن لا يحتاج السامع إلى بيانه ،
مثل أن يسأل : في الغنم السائمة زكاة؟ فيجاب بأنّ : « في الغنم السائمة زكاة » ولا
لشدّة الاهتمام ببيان حكمه ، بأنّ المطلوب بيان ذلك لمن له السائمة دون المعلوفة.
الرابع : أن لا
يكون لدفع توهّم عدم تناول الحكم له ، كما في قوله تعالى : ( وَلا
تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ) ، فلو لا التصريح بالخشية لأمكن توهّم جواز القتل معها ،
فدلّ بذكرها على ثبوت الحرمة عندها أيضا.
الخامس : أن لا يكون
لاقتضاء الحكمة لإعلام حكم المذكور بالنصّ ، وما عداه بالفحص.
السادس : أن لا
يظهر للتقييد فائدة اخرى سوى انتفاء الحكم في غير المسكوت عنه ؛ لأنّ وجه دلالته
على انتفاء الحكم فيه أنّ للتقييد فائدة وغير التخصيص بالحكم منتف ،
__________________
فيدلّ عليه ، فإذا
ظهرت فائدة اخرى بطل وجه الدلالة.
ثمّ ظهور فائدة
اخرى يقتضي تخصيصه بالذكر إمّا يكون لأجل خوف يمنع عن ذكر حال غير
المذكور ، أو لتقدّم بيان حكم الغير بنحو هذا من قبل ، أو لجهالة بحاله فلا يعلم
ما حاله ، فيترك التعرّض له. وغير ذلك ممّا يقتضي التخصيص.
وبعضهم عبّر عن
جميع الشروط المذكورة بالسادس وأدرج كلّها فيه. ولا بأس به ؛ لأنّه يصدق على كلّ منها
أنّه فائدة.
وإذ عرفت ذلك
فيتفرّع عليه فروع كثيرة :
منها : جواز إعتاق
رقبة مؤمنة أو سليمة إذا قال : « عليّ أن اعتق رقبة كافرة أو معيبة » ، وجواز
التصدّق بحنطة جيّدة إذا نذر « أن يتصدّق حنطة رديّة » لظهور أولويّة غير المذكور.
هذا إذا كان المنذور مطلقا ، ولو كان معيّنا فلا يجزئ غيره وفاقا.
ومنها : جواز أن
يفتدي الزوجة بعوض الطلاق عند الأمن من إقامة الحدود ، مع أنّ الله تعالى قال : ( فَإِنْ
خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ
بِهِ ) ؛ لأنّ الغالب
أنّ الخلع لا يقع إلاّ عند الخوف ، فلا يدلّ على المنع عند انتفائه.
وقس عليه التفريع
في باقي الشروط.
فصل [٢]
مفهوم الشرط حجّة
، بمعنى أنّ تعليق مطلق الحكم ـ أمرا كان أو غيره ـ على شرط يدلّ
على انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط ما لم يظهر للتقييد به فائدة اخرى ، وفاقا
للأكثر.
وقال جماعة منهم
المرتضى رحمهالله : إنّه ليس بحجّة .
__________________
لنا : أنّ الشرط
لغة ما ينتفي المشروط بانتفائه ، فإذا ثبت كونه شرطا يلزمه ذلك.
وأيضا قولنا : «
إن دخل فأكرمه » بمثابة قولنا : « الشرط في إكرامه الدخول » عرفا. ولا ريب أنّ
المتبادر منه انتفاء « الإكرام » عند انتفاء « الدخول » فكذا ما هو بمثابته ، وإذا
كان كذلك عرفا يكون كذلك لغة ؛ لأصالة عدم النقل ، فيندفع القول بأنّ تسمية « إن »
حرف شرط اصطلاح طار ، كالرفع والنصب.
والقول بأنّ
الغالب في أداة الشرط في الأحكام استعمالها في السببيّة فلا يلزمه ما ذكر ، مندفع بأنّ ترتّبه على السبب أجدر ؛ لأنّ المسبّب ينتفي بانتفاء السبب.
وإمكان تعدّد السبب مدفوع بأصالة العدم. ولو علم التعدّد ـ كما [ إذا ] علم إثبات الحقّ المالي بشاهد وامرأتين ، وشاهد ويمين ، وشاهدين ـ فالتعليق
على أحدها ـ كما في قوله تعالى : ( وَاسْتَشْهِدُوا
شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ ) ـ لا يمنع من ثبوت الحكم بغيره ؛ لأنّ السبب حينئذ « أحدها » فانتفاء المسبّب يتوقّف على انتفاء جميعها ؛ لأنّ مفهوم « أحدها »
لا يعدم إلاّ بعدم الجميع.
ولنا أيضا : أنّه
لو لم يدلّ على مخالفة المسكوت عنه المذكور ، لم يكن لتخصيص الشرط بالذكر فائدة
وكان بمثابة قولنا : « الإنسان إذا كان أبيض لا يعلم الغيب » و « إذا كان أسود لا
يبصر إذا نام » مع أنّ ظاهر التخصيص يستدعي فائدة. وغير فائدة تخصيص الحكم بالشرط
منتف بالفرض أو الأصل ، فيلزم الحكم بدلالته عليه ؛ صونا لكلام البلغاء عن
اللغو.
وهذا الدليل يجري
في سائر المفاهيم المتقدّمة سوى مفهوم اللقب ؛ لأنّ اللقب لو اسقط اختلّ الكلام
ولم يكن مفيدا أصلا ، فذكر لذلك. وأمّا غيره ، فلو اسقط انتظم الكلام وأفاد ،
__________________
فلا بدّ في ذكره
من فائدة ، والفرض عدم فائدة سوى مخالفة المسكوت [ عنه ] للمذكور.
واعترض عليه :
بأنّه إثبات للوضع بما فيه من الفائدة ، وأنّه باطل ؛ لأنّ طريق ثبوته النقل .
والجواب : منع
أنّه إثبات الوضع بالفائدة ، بل إثبات له بالاستقراء عنهم أنّه إذا لم يكن للّفظ
فائدة سوى واحدة تعيّنت.
ويؤكّده أنّه ثبت
دلالة التنبيه والإيماء ، وهو الاقتران بحكم لو لم يرد به التعليل ، لكان بعيدا ،
فيحكم بالعلّيّة ؛ دفعا للبعد.
ولا ريب أنّ البعد
أقلّ محذورا من عدم الإفادة ، فإذا أثبتنا العلّيّة حذرا عن البعد ، فإثبات
المفهوم حذرا عن لزوم كون الكلام غير مفيد أولى. ولا يرد عليه مفهوم اللقب ؛ لما
تقدّم .
ثمّ بعض من أنكر
حجّيّة المفهوم ادّعى أنّه لا يوجد صورة لا تحتمل فائدة من الفوائد المتقدّمة ، وذلك كاف لصون الكلام عن اللغو . وأنت خبير بأنّ
هذا مجرّد دعوى يكذبه التتبّع والتصفّح.
وقد اعترض عليه أيضا بوجوه واهية لا فائدة في إيرادها والتعرّض لدفعها ؛ لظهور اندفاعها.
ولنا أيضا : ما
روي أنّ بعض الصحابة قال للنبيّ : ما بالنا نقصر من الصلاة وقد أمنّا ، وقد قال
الله تعالى : ( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا
مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ )
؟ فقال صلىاللهعليهوآله : « صدقة تصدّق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته » .
__________________
وجه الاستدلال به
أنّه فهم من تقييد قصر الصلاة بحال الخوف عدم قصرها عند عدم الخوف ، وأقرّه النبيّ
صلىاللهعليهوآله عليه ، ولو لم يدلّ عليه لما فهمه منه ، ولما أقرّه النبيّ
عليه.
والقول بأنّ الفهم
والتقرير مستندان إلى استصحاب وجوب الإتمام لا إلى دلالة المفهوم ، خلاف المتبادر ؛ على أنّ الأصل هو القصر دون الإتمام ؛ لما روي أنّ الصلاة
كانت ركعتين سفرا وحضرا ، فاقرّت صلاة السفر وزيدت في الحضر .
احتجّ المخالف
بقوله تعالى : ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ
إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ) ، فإنّ مفهوم الشرط ـ لو كان حجّة ـ دلّ على عدم تحريم الإكراه حيث لم يردن
التحصّن مع أنّه حرام مطلقا.
والجواب عنه أوّلا
: أنّه يدلّ على عدم حرمة الإكراه عند عدم إرادة التحصّن ، ولا يلزم منه الإباحة ؛
لأنّ انتفاء الحرمة قد يكون بطريان الحلّ ، وقد يكون لامتناع وجود متعلّقها عقلا ؛
لأنّ السالبة تصدق بانتفاء كلّ من الموضوع والمحمول ، وهنا قد انتفى الموضوع ؛
لأنّه مع عدم إرادة التحصّن يتحقّق إرادة البغاء ، ومعه يمتنع الإكراه ، لأنّه
إلزام الغير على فعل يكرهه ، وإذا ارتفع الكراهة ارتفع الإكراه ، فلا يتعلّق به
الحرمة.
وثانيا : أنّه
ممّا خرج مخرج الأغلب ؛ إذ الغالب أنّ الإكراه يكون عند إرادة التحصّن ؛ ويؤيّده
أنّ الآية نزلت فيمن يردن التحصّن ويكرههنّ المولى على الزنى.
وثالثا : أنّ
حجّيّة المفهوم ـ كما عرفت ـ إذا لم يظهر للتخصيص فائدة سوى تخصيص الحكم ، وهنا يجوز
أن يكون الفائدة المبالغة في النهي عن الإكراه ، يعني : أنّهنّ إذا أردن التحصّن ،
فالمولى أحقّ به.
ورابعا : أنّ
المفهوم وإن اقتضى ذلك إلاّ أنّه انتفى ؛ لتعارض ما هو أقوى منه وهو الإجماع.
__________________
ثمّ الجواب الثاني
هو الجواب عن الاحتجاج بمثل قوله تعالى : ( وَلَمْ تَجِدُوا
كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ ) [ و ] ( وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ
إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ).
وكيفيّة التفريع
أنّه يلزم الحكم بدلالة قوله صلىاللهعليهوآله : « إذا بلغ الماء قدر قلّتين لم يحمل خبثا » ، وقول الصادق عليهالسلام : « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » على تنجيس ما دون الكرّ بمجرّد الملاقاة ، وعدم دخول الأغنياء من أولاد الواقف في الموقوف عليهم لو قال : « وقفت على أولادي
إن كانوا فقراء ».
وقس عليه الحكم في
الأيمان ، والنذور ، والوصايا.
فصل [٣]
الحقّ أنّ مفهوم
الصفة حجّة ، فيقتضي التعليق بها انتفاء الحكم عند انتفائها ، وفاقا للشيخ من أصحابنا ، والشافعي من العامّة ، وكثير من علماء الفريقين.
ونفاه المرتضى والحنفيّة والمعتزلة مطلقا.
وقيل : حجّة في
ثلاث صور دون غيرها :
الاولى : أن يرد
بيانا ، كقوله « في الغنم السائمة زكاة » ، فإنّ ذكره كان
بيانا لقوله عليهالسلام « خذ من غنمهم صدقة » .
__________________
الثانية : أن يرد
للتعليم وتمهيد القاعدة ، كقوله عليهالسلام : « إن تخالف المتبايعان في القدر أو الصفة ، فليتحالفا
وليترادّا » .
الثالثة : أن يكون
ما عدا الصفة داخلا تحتها ، كالحكم بالشاهدين ، فإنّه يدلّ على نفيه عن الشاهد
الواحد ؛ لدخوله في الشاهدين .
لنا : أنّه
المتبادر من نحو قوله : « الميّت اليهودي لا يبصر » ولذا يذمّ قائله عرفا بأنّ
الميّت المسلم أيضا لا يبصر.
ولنا أيضا بعض ما
تقدّم من الأدلّة في مفهوم الشرط ، وما تقدّم في
باب القياس من أنّ الترتّب على الوصف يشعر
بالعلّيّة ، والأصل نفي علّة اخرى ، فينتفي الحكم بانتفائه.
وما نقل أنّ أبا
عبيدة لمّا سمع قوله عليهالسلام : « ليّ الواجد يحلّ عقوبته وعرضه » و « مطل الغنيّ ظلم » ، قال : هذا يدلّ على أنّ ليّ غير الواجد لا يحلّ عقوبته
وعرضه ، ومطل غير الغنيّ ليس بظلم ، وقول مثله حجّة
في أمثال المقام ؛ لأنّ أكثر اللغة إنّما يثبت بقول أمثاله من الادباء .
وما نقل من إنكار
أخفش لم يثبت.
احتجّ النافي
مطلقا بوجوه :
منها : أنّه لو
دلّ على انتفاء الحكم عن غير محلّ الوصف لكانت إحدى الثلاث ،
وهي بأسرها منتفية.
__________________
أمّا المطابقة
والتضمّن ، فظاهر ؛ إذ نفي الحكم عن غير محلّ الوصف ليس عين إثباته فيه ولا جزأه ،
على أنّه لو كان كذلك ، لكانت الدلالة بالمنطوق لا بالمفهوم ولم يقل به أحد.
وأمّا الالتزام ،
فلانتفاء اللزوم الذهني والعرفي بين ثبوت الحكم عند صفته وانتفائه عند اخرى .
وجوابه : أنّ
إنكار ثبوت اللزوم العرفي في مثله مكابرة.
ومنها : أنّه لو
دلّ عليه لدلّ عليه في الخبر ، واللازم باطل ؛ لأنّ قولنا : « في بلدنا رجال علماء
» لا يدلّ على عدم الجهّال فيها ، وهو ظاهر من اللغة والعرف.
والجواب : منع
بطلان اللازم ؛ فإنّا نلتزم أنّ الخبر فيه مثل الأمر لغة وعرفا ، وإنّما يختلف في
بعض الأمثلة كالمثال المذكور ومثله بقرائن خارجيّة.
ومنها : أنّه لو
صحّ لما صحّ أداء الزكاة السائمة والمعلوفة ، كما لا يصحّ « لا تقل له افّ واضربه
» ؛ للزوم التناقض.
والجواب : أنّ صرف
الظواهر عن معانيها لدليل لا يوجب التناقض ، وإنّما يوجبه الصرف في القطعيّات ،
ولذا لا يجوز في مفهوم الموافقة.
ومنها : أنّه لو
ثبت المفهوم لزم التعارض عند المخالفة ، كما في قوله تعالى : ( لا
تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً ) ؛ إذ مفهومه عدم النهي عن القليل منه ، والنهي ثابت في
الكثير والقليل ، والتعارض خلاف الأصل ، وإذا لم يثبت لم يلزم ذلك ، وما يوجب خلاف الأصل مرجوح.
والجواب : أنّ
خلاف الأصل يجب المصير إليه إذا ثبت عليه الدلالة.
وممّا ذكرنا يظهر
فساد القول بالتفصيل.
وكيفيّة التفريع
أنّ المفلّس لو زرع في الأرض التي اشتراها ولم يدفع ثمنها وأراد بائعها أخذها ، لا
يقلع زرعه مجّانا ولا بأرش ، بل عليه إبقاؤه إلى إبّان جذاذ الزرع ؛ لقوله عليهالسلام :
__________________
« ليس لعرق ظالم
حقّ » ، فإنّه يدلّ بالمفهوم على أنّ عرق غير الظالم ، له حقّ ،
والمفلّس ليس بظالم. وكذا لو أخذ الشفيع الأرض بالشفعة بعد زرع المشتري أو انقطعت
مدّة المزارعة والزرع باق ولم يؤخّره عن المدّة المشروطة وقت العقد.
فصل [٤]
قيل : مفهوم العدد
حجّة مطلقا .
وقيل : لا حجّيّة
فيه مطلقا .
حجّة الأوّل : بعض
الأدلّة المذكورة في مفهوم الصفة ، وقوله صلىاللهعليهوآله : « لأزيدنّ على السبعين » بعد نزول قوله تعالى : ( إِنْ تَسْتَغْفِرْ
لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ) ؛ فإنّه يدلّ على أنّه صلىاللهعليهوآله فهم منه أنّ حكم ما زاد على السبعين خلاف حكمه ، وهو مفهوم
العدد.
وفيه : أنّ سوق
الآية يدلّ على أنّ ذكر السبعين للتأكيد والمبالغة ، فما زاد على السبعين مثله في
الحكم ، ولعلّه صلىاللهعليهوآله علم أنّه غير مراد بخصوصه ، أو أبقاه على أصله من الجواز ؛
إذ لم يتعرّض له بنفي وإثبات ، والأصل جواز الاستغفار للرسول وكونه مظنّة للإجابة
، ففهم من حيث إنّه الأصل لا من التخصيص بالذكر.
وبأنّه لو لم يدلّ تعليق حكم على عدد [ على ] مخالفة غيره له
في الحكم لزم أن لا يحصل الحكم به ؛ لاستلزامه تحصيل الحاصل ، ففي نحو قوله صلىاللهعليهوآله : « طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبعا إحداهنّ بالتراب » يلزم أن لا يكون السبع مطهّرة ؛ لأنّ
__________________
الطهارة حينئذ تحصل بدون السبع ومعه لا تحصل بالسبع ؛ لأنّه تحصيل الحاصل ، وهو محال. وكذا
في قوله : « خمس رضعات يحرّمن » يلزم أن لا يكون الخمس محرّمة ؛ لما ذكر . وهو يدلّ على مخالفة الناقص له دون الزائد .
وحجّة الثاني عدم
ما يدلّ على المخالفة.
والحقّ أن يقال :
إنّ تعليق شيء على عدد خاصّ إمّا يكون لكونه علّة لوجوده ، أو عدمه ، أو بدون ذلك.
فإن كان علّة
لوجوده ، كقوله : « طهور إناء » دلّ على انتفائه في الناقص ؛ لانتفاء ما هو العلّة ،
وثبوته في الزائد ؛ لوجود العلّة فيه.
وإن كان علّة
لعدمه دلّ على وجوده في الأقلّ ؛ لانتفاء ما هو العلّة ، وعدمه في الأكثر ؛ لوجود
العلّة فيه ، كحديث القلّتين ؛ حيث يفهم منه أنّ الأقلّ يحمل الخبث دون الأكثر.
وإن لم يكن علّة ،
فالشيء المعلّق عليه إمّا يكون ثبوتيّا أو عدميّا ، فإن كان ثبوتيّا فإمّا يكون
حكما شرعيّا أو لا ، فإن كان حكما شرعيّا فإمّا يكون تحريما أو غيره.
فإن كان تحريما دلّ
على ثبوته في الزائد دون الناقص من حيث اعتباره فقط ؛ فإنّ تحريم ضرب المائة يدلّ
على تحريم ضرب المائتين ، لوجود المحرّم فيه ، ولا يدلّ في الناقص فقط على نفي ولا
على إثبات.
نعم ، يدلّ على
تحريمه من حيث إنّه في ضمن المحرّم ، وربما دلّ على تحريمه وإن اعتبر فقط ، كتحريم
استعمال نصف الكرّ مع وقوع النجاسة فيه ؛ فإنّه يستلزم تحريم الأقلّ إذا وقع فيه
النجاسة.
وإن كان غير تحريم
من إيجاب أو ندب أو إباحة ، دلّ على ثبوته في الناقص
__________________
من حيث إنّه في
ضمنه ، ولا دلالة فيه عليه من حيث اعتباره فقط وعلى الزائد بشيء ، وسرّه ظاهر.
وإن لم يكن حكما
شرعيّا ، بل كان غيره كالبيع والإجارة وأمثالهما ، مثل قوله لوكيله : « بع هذا أو
اشتره ، أو آجره أو استأجره بمائة » لم يدلّ على شيء من النفي والإثبات في الناقص
والزائد ؛ لانتفاء الدلالة اللغويّة والعرفيّة والعقليّة.
ولذلك لو باع أو
اشترى بأقلّ أو أكثر ، وأجاز الموكّل ، صحّ ؛ ولزوم تحصيل الحاصل في الناقص إنّما
يكون فيما هو علّة ؛ وفهم الانتفاء أو الثبوت في الناقص أو الزائد في بعضها إنّما
هو بقرائن خارجيّة ، ولذا يفهم في بعض آخر خلافه.
وإن كان عدميّا
نحو : « لا تبع أو لا تشتر هذا بمائة » فحكمه حكم السابق ، من عدم دلالته على شيء
من النفي والإثبات ، والناقص والزائد .
فصل [٥]
مفهوم الغاية أقوى
من مفهوم الشرط ، فالتقييد بها يدلّ على مخالفة ما بعدها لما قبلها ؛ وفاقا لكلّ
من قال بحجّيّة مفهوم الشرط ، وبعض من لم يقل بها .
وخالف في ذلك
المرتضى من أصحابنا ، وبعض العامّة .
لنا : أنّ التعليق
على الغاية يجب أن يكون لفائدة ، والفائدة هي مخالفة ما بعدها لما قبلها في الحكم
؛ لأنّ الأصل أو الفرض عدم غيرها من الفوائد. وقد أشرنا إلى أنّ مثل ذلك يجري في جميع التراكيب التعليقيّة.
والقول بأنّ جميع
الفوائد متساوية في الافتقار إلى القرينة ، وليس للمخالفة المذكورة
__________________
أولويّة على غيرها
من الفوائد المتقدّمة ليحمل عليها عند عدم القرينة ، ضعيف ؛ لأنّها
هي المتبادرة عند عدم القرينة.
والظاهر أنّ
المنكر للتبادر ، والقائل بأنّ نسبة هذه التراكيب إلى هذه الفائدة وغيرها من الفوائد
كنسبة المشترك إلى معانيه ، مكابر.
وقد تقدّم ـ أيضا
ـ في مفهوم الشرط بعض أدلّة أخر يدلّ عليه.
وأيضا « صم إلى
الليل » معناه : أنّ آخر وجوب الصوم مجيء الليل ، فلو فرض ثبوت الوجوب بعد مجيئه ،
لم يكن الليل آخر وقت الوجوب ، وهو خلاف المنطوق.
والإيراد عليه :
بأنّ المستفاد منه أنّ الصوم الواجب بهذا الخطاب انتهاؤه أوّل الليل وهو لا يستلزم
عدم وجوبه بعده ، بل يجوز أن يكون مطلوبا موسّعا بعده أيضا لكن سكت عنه لمصلحة ، خلاف التبادر ، سيّما إذا كان الآمر هو الشارع.
لا يقال : لو كان
فرض ثبوت الوجوب بعد مجيء الليل خلاف المنطوق ، كان هذا المفهوم من جملة المنطوق ؛
لأنّه لو اريد بآخر وجوب الصوم ما ينتهي إليه وينقطع عنده ، فقد صار المفهوم
منطوقا ، مع أنّه يلزم كون الكلام حينئذ مجازيا مع التصريح بعدم المفهوم ، ولم يقل
به أحد ، وإن اريد به ما ينتهي إليه سواء انقطع أم لا ، فلا يلزم خلاف المنطوق.
لأنّا نقول :
المراد به ، المنتهى لا بشرط شيء ، من دون ملاحظة أنّ نفسه أو ما بعده حكمه خلاف
حكم ما قبله ، ومن دون ملاحظة أنّه أو ما بعده أعمّ من أن يكون موافقا أو مخالفا ،
بل لوحظ من غير تخصيص وتعميم. ويدّعى أنّ كون الشيء منتهى يستلزم أن يكون نفسه أو
ما بعده مخالفا لما قبله في الحكم ، ولذا لو ارتفع هذا اللازم ارتفع الملزوم الذي
هو المنطوق ، فلا يلزم صيرورة المفهوم منطوقا ، ولا كون الكلام مجازيا مع التصريح
بعدم المفهوم.
ثمّ إنّ كون حكم
نفس الغاية مثل حكم ما بعدها أو ما قبلها قد ظهر ممّا تقدّم ، فلا نعيده.
وكيفيّة التفريع
ظاهرة.
__________________
فصل [٦]
لا ريب في أنّ «
إلاّ » و « إنّما » يفيدان الحصر ، إلاّ أنّ « إلاّ » يفيده بالمنطوق ، و « إنّما
» يفيده بالمفهوم.
ويدلّ على الأوّل
استعمال الفصحاء ، والنقل عن أئمّة النحو والتفسير .
وعلى الثاني عدم
جواز : « ما زيد إلاّ قائم لا قاعد » وجواز « إنّما زيد قائم لا قاعد » ، واستعمال
صريح النفي والاستثناء عند إصرار المخاطب على الإنكار وعدم استعمال « إنّما »
عنده.
ومن الناس من قال
: إنّ « إنّما » لا يفيد الحصر ؛ لعدم الفرق بين « إنّ زيدا قائم » و « إنّما زيد
قائم » ، فإنّ « ما » هاهنا زائدة لمجرّد التأكيد .
ومنهم من قال :
إنّه يفيده بالمنطوق دون المفهوم ؛ لعدم الفرق بين « إنّما إلهكم الله » وبين « لا
إله لكم إلاّ الله » .
وكلاهما مصادرة
على المدّعى ، يدفعه ما ذكرناه.
ويتخرّج عليه فروع
كثيرة من الأخبار والأقارير والوصايا وغيرها.
فصل [٧]
صرّح علماء
المعاني بأنّ تقديم ما حقّه التأخير يفيد الحصر . وهو إمّا يحصل من تقديم المبتدأ على الخبر ، نحو : « تميميّ أنا » ، أو من
تقديم متعلّقات الفعل عليه ، كالحال والمفعول والتمييز ، أو من تقديم الفاعل
المعنوي ، نحو : « أنا عرفت » و « رجل عرف ».
ولم يلتفت إلى هذه
الأقسام في كتب الاصول ؛ لمجيئها في مواضع كثيرة لغير الحصر ، بل الملتفت إليه
فيها قسمان آخران :
__________________
أحدهما : أن يعرّف المبتدأ ـ سواء كان صفة أو اسم جنس ـ ويجعل
الخبر ما هو أخصّ منه مفهوما ، سواء كان علما أو غير علم ، مثل : « العالم زيد » و
« صديقي عمرو » و « الرجل خالد » و « الكرم في العرب » و « الأئمّة من قريش ».
وثانيهما : عكسه ، مثل : « زيد العالم ».
والحقّ ، أنّهما
يفيدان الحصر بالمفهوم دون المنطوق ؛ وفاقا لأئمّة المعاني ، ومحقّقي الاصوليّين .
أمّا الأوّل ،
فلأنّ المعرّف لمّا كان ظاهرا في العموم والجنسيّة ـ على ما هو قانون الخطابيّات ـ
أفاد اتّحاد الجنس مع الموصوف بحسب الوجود ، وهو المعنيّ من الحصر. كيف؟ ولو لم
يفده ، لزم الإخبار بالأخصّ عن الأعمّ ـ لظهوره في العموم ؛ نظرا إلى عدم كونه
للعهد والجنس ؛ لعدم القرينة الصارفة إلى العهد ، وعدم جواز الإخبار عن الحقيقة
الكلّيّة بأنّها زيد الجزئي ـ وهو غير جائز ، كما
لا يجوز : « الحيوان إنسان » و « اللون سواد » ؛ لأنّ الثابت للعامّ ثابت
لجزئيّاته ، فيلزم ثبوت زيد لعمرو ، وثبوت
الإنسانيّة للفرس.
وأمّا إن لم يجعل
ظاهرا في العموم ـ على ما هو قانون الاستدلال ـ فلا يفيد الحصر ، بل يؤخذ الأقلّ
المتيقّن ، ولذا يجعله أهل المنطق في قوّة الجزئيّة ، أي بعض العالم زيد.
وأمّا الثاني ،
فلأنّه لا تعلّق له بالنفي أصلا ، فلا معنى لدلالته عليه. هذا.
ومن الناس من قال
: إنّهما لا يفيدان الحصر .
ومنهم من قال :
يفيده بالمنطوق دون المفهوم . وتمسّكوا بشبهة
واهية أعرضنا عن التعرّض لإيرادها ودفعها ؛ لظهور فسادها.
والتفريع غير
خفيّ.
__________________
فصل [٨]
مقتضى بعض الأدلّة
السابقة حجّيّة مفهوم الزمان والمكان ، فتقييد الحكم بزمان أو مكان يدلّ على
مخالفة غير ذلك الزمان والمكان لهما فيه ، فلو قال لوكيله : « افعله » ، ثمّ قال
له :
« افعله في هذا
اليوم » أو « هذا المكان » كان منعا له فيما عدا ذلك ، فلو خالف الوكيل وفعل فيما
عدا ذلك ، لم يصحّ ، فلو كان فعله واحدا من العقود أو الإيقاعات بطل.
ولو قال المدّعى
عليه : « لا يلزمني تسليم هذا المال اليوم » ، فقيل : لا يكون إقرارا ؛ لأنّ الإقرار لا يثبت بالمفهوم ، ومقتضى المفهوم لزومه في غير ذلك اليوم ،
فيكون إقرارا بالمؤجّل ، أو بثبوته قبل ذلك ، فيلزمه إثبات الردّ ، فلو لم يثبته
لزمه الأداء.
تنبيه
لا يخفى عليك أنّ
فائدة الخلاف في حجّيّة المفهوم وعدمها إنّما تظهر إذا كان المفهوم مخالفا للأصل ،
نحو « ليس في الغنم المعلوفة زكاة » أو « ليس في الغنم إذا كانت معلوفة زكاة » أو
« ليس في الغنم زكاة إلى أن تسوم » و « إنّما ليس في الغنم زكاة ». أو « لا تبع في
هذا الزمان » أو « المكان ».
وأمّا إذا كان
موافقا للأصل ، نحو « في الغنم السائمة زكاة » ومثله ، فلا يظهر للخلاف فيه ثمرة ؛
لثبوت المفهوم بالبراءة الأصليّة وإن لم يقل بحجّيّته.
فصل [٩]
مفهوم اللقب ليس
حجّة ؛ خلافا لمن لا يعتدّ به ، فتعليق الحكم بالاسم ـ طلبا كان أم خبرا ـ لا يدلّ على
نفي الحكم عمّا لم يتناوله الاسم ؛ لأنّه قد تقدّم أنّ المقتضي لاعتبار المفهوم اشتمال الكلام على اللغو لولاه ، واللقب قد
انتفى فيه هذا المقتضي ؛ إذ لو طرح اختلّ الكلام.
__________________
وأيضا لو كان حجّة
لزم الكفر من قولنا : « زيد موجود ، أو « عالم » ،
أو « قادر » و « عيسى رسول الله ».
احتجّ الخصم بأنّ
التخصيص لا بدّ له من فائدة.
وقد ظهر جوابه.
وبأنّ قول القائل
لمن يخاصمه : « ليست امّي بزانية » يتبادر منه نسبة الزنى إلى أمّ الخصم ، ولو لا
ثبوت مفهوم اللقب لم يتبادر ذلك .
وجوابه : أنّ ذلك
مفهوم من القرائن الحاليّة ـ وهي الخصومة وإرادة الإيذاء ـ لا من اللقب.
وكيفيّة التفريع
أنّ تخصيص واحد من الجماعة الذين وكّلهم في بيع ونحوه بالإذن ليس رجوعا عن غيره.
وقس عليه أمثاله.
تذنيب
الحكم المعلّق على
اسم يكفي فيه الاقتصار على ما يتحقّق معه في أقلّ مراتبه. ووجهه ظاهر.
والقول بأنّه لا
بدّ من آخره احتياطا ، لا وجه له ؛ فلو لزم على رجل بعقد السلم أو غيره تسليم شيء
إلى غيره في البلد الفلاني ، يكفيه تسليمه في أوّل جزء من البلد. وقس عليه أمثاله.
__________________
الباب السابع
في النسخ
اعلم أنّ « النسخ
» لغة : الإزالة ، يقال : « نسخت الشمس الظلّ » و « نسخت الريح آثار القدم
» أي أزالته. وقد يطلق على النقل ، يقال : « نسخت الكتاب » أي نقلت ما فيه إلى آخر
، ومنه التناسخ في الأرواح ، والمناسخات في المواريث.
والحقّ أنّه حقيقة
في الأوّل ، مجاز في الثاني ؛ لأولويّة المجاز على الاشتراك ، وتبادر الأوّل منه
دون الثاني عند الإطلاق ، ولأنّ الأوّل ـ وهو الإعدام مطلقا ـ أعمّ من الثاني وهو
إعدام صفة وإحداث اخرى ، ووضع اللفظ للأعمّ أولى.
وأمّا في الاصطلاح
، فلمّا اختلفوا في أنّه هل هو رفع الحكم ، أو بيان انتهاء مدّة الحكم؟ فعرّفه
الذاهب إلى الأوّل بـ « أنّه رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخّر » .
وعرّفه القائل
بالثاني بـ « أنّه بيان انتهاء حكم شرعي بطريق شرعي متأخّر » .
واحتجّ الأوّل :
بأنّ الخطاب تعلّق بالفعل ، فلا يعدم لذاته وإلاّ لما وجد ، فعدمه يتوقّف على
مقدّم وهو الناسخ.
واحتجّ الثاني :
بأنّه تعالى إن علم الدوام فلا نسخ ، وإلاّ انتهى الحكم لذاته ، وبأنّ الباقي ضدّ
الحادث ، فليس رفع الباقي بطريان الحادث أولى من دفع الحادث ببقاء الباقي.
والحقّ أنّه إذا
وقع تكليف بفعل ثمّ نسخ بعد ذلك ، فلا ريب في أنّ ثبوته بالنسبة إلى الله
__________________
تعالى وفي الواقع
إنّما كان إلى ذلك الوقت ؛ لعلمه تعالى بأنّه يبقى إلى هذا الوقت وينقطع بعده ،
فلو قدّر عدم ورود الناسخ لكان منقطعا عنده تعالى ، فهو بالنسبة إليه وفي الواقع
بيان انتهاء الحكم ، والناسخ مبيّن له.
والقول بأنّه يجوز
تعلّق علمه برفع الناسخ إيّاه ، يدفعه أنّ الأحكام تتبع المصالح ، فتغيّر بتغيّرها ، وتغيّرها إنّما هو بحسب الأوقات والأشخاص والأعراض المختلفة.
فالنسخ هو ثبوت
حكم في زمان دون آخر ، أو الأشخاص دون آخرين ، أو عند وجود صفة دون اخرى ، فهو
ينقطع بانقطاعها وانتهائها ، فبعدها لا يكون ثابتا حتّى يكون الناسخ رافعا له ، بل
هو مبيّن لعدمه فيه.
نعم ، هو بالنسبة
إلينا دفع ؛ لعدم علمنا بأنّ ثبوته إلى وقت خاصّ ، بل المعلوم عندنا أنّه باق في
كلّ وقت ولذا لو لم يطرأ الناسخ لبقي في حقّنا.
ويظهر من ذلك أنّ
لكلّ من التعريفين وجها إلاّ أنّ الثاني أولى ؛ لأنّ طريان الناسخ يكشف لنا عدم
ثبوته بعد ذلك ، فيعلم أنّه مبيّن لا رافع.
ثمّ إنّ تقييد
الحكم بالشرعي ؛ لإخراج المباح بحكم الأصل إذا رفع بدليل شرعي ، فإنّه ليس نسخا.
ويندرج في الحكم الشرعي ما استفيد من خطاب الشرع منطوقه ومفهومه ، وصريحه وفحواه ،
أو من فعل النبيّ صلىاللهعليهوآله.
وتقييد الدليل
بالشرعي ؛ ليخرج رفعه بالعجز والموت والنوم والغفلة والجنون ، فإنّ رفعه بها وإن
اقتضاه دليل إلاّ أنّ الدالّ هو العقل ، بمعنى أنّه يحكم برفعه بها ، ومجرّد ذلك
يخرجه عن النسخ وإن انضمّ إليه دلالة شرعيّة أيضا ، فلا يرد أنّ دلالة العقل عليه
لا تمنع من دلالة الشرع عليه أيضا .
ثمّ هذا مبنيّ على
عدم جواز النسخ بالعقل ، فمن جوّز النسخ بالعقل لا يحتاج إلى هذا التقييد.
__________________
وتقييده بالمتأخّر
؛ لإخراج الحكم المرتفع بالامور المتّصلة به ، من الاستثناء والشرط والصفة والغاية.
والمراد بالمتأخّر ما يعدّ متأخّرا عرفا ، فيرادف المتراخي ، وقد قيّد به بعضهم ، وهو الأظهر.
لا يقال : إنّ
الحكم في الكلام المشتمل على أحد هذه التقييدات لم يثبت قبل مجيئه ؛ لأنّ الكلام
بالتمام ، فلا يحصل به رفع.
لأنّا نقول : رفع
التوهّم ، والتصريح ممّا يقصد في الحدود. هذا.
وللنسخ حدود
مزيّفة مذكورة في بعض مصنّفات الاصول لم نر جدوى في
إيرادها.
فصل [١]
لا ريب في جواز
النسخ ووقوعه ، وقد أجمع عليهما أرباب الأديان إلاّ اليهود فيهما ، والأصفهاني في الثاني ، سيّما في القرآن .
لنا على اليهود :
أنّ الأحكام إن كانت تابعة للمصالح فتتغيّر بتغيّرها بحسب الأوقات والأشخاص ،
وإلاّ فله أن يحكم ما يشاء.
وأنّ آدم زوّج
بناته من بنيه ـ كما في التوراة ـ والآن محرّم وفاقا.
وأنّ نوحا احلّ له
كلّ دابّة ، ثمّ حرّم كثير من الحيوان على لسان موسى.
وأنّ بني إسرائيل
امروا بتقريب خروفين كلّ يوم بكرة وعشيّا ـ كما جاء في السفر الثاني من التوراة ـ ثمّ نسخ عنهم.
وأنّ نبوّة نبيّنا
صلىاللهعليهوآله ثبتت بالقاطع وجواز النسخ من ضروريّات دينه.
وممّا يكذبهم ـ وإن
لم يقل به أهل ملّة ـ ما هو مذكور في توراتهم الموجودة الآن
__________________
أنّ لوطا شرب
الخمر ووطئ بناته .
واحتجّوا بأنّ
الفعل الواحد لا يحسّن ولا يقبح .
والجواب : أنّه
مبنيّ على كون الحسن والقبح من ذاتيّات الفعل وقد تقدّم فساده وبأنّه لو جاز النسخ ـ وهو ارتفاع الحكم ـ فإمّا قبل وجوده ، أو بعده ، أو
معه. والكلّ باطل.
أمّا الأوّل ،
فلأنّ ما لم يوجد لا معنى لارتفاعه.
وأمّا الأخيران ،
فلأنّ ما وجد قد حصل به الامتثال ، فلا معنى لنسخه.
والجواب : أنّ هذا
يدلّ على أنّ الفعل لا يرتفع ، ولا نزاع فيه ، إنّما النزاع في ارتفاع التكليف
الذي كان متعلّقا به ، بمعنى زوال تعلّقه واستمراره وهو ممكن ، كما يزول بالموت ؛
فإنّه لم يبق بعد الموت مكلّفا بعد أن كان مكلّفا ، وهو معنى الارتفاع في النسخ لا
أنّ الفعل نفسه يرتفع.
فإن قيل : نردّد في التكليف.
قلنا : معنى
ارتفاعه انقطاع تعلّقه ، لا انعدامه بعينه.
فإن قيل : نردّد
في التعلّق.
قلنا : معنى
ارتفاعه : أنّه وجد في وقت دون وقت آخر ، فانقطع الاستمرار الذي كان يتحقّق لو لا
الناسخ.
وبأنّ موسى قال
لقومه : هذه شريعة مؤبّدة عليكم ما دامت السماوات والأرض .
والجواب : أنّه
فرية ، ولو كان صحيحا لقضت العادة باحتجاجهم به على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقد قيل : إنّما
اختلقه ابن الراوندي ، أو المراد من الأبد الزمان الطويل كما وقع في
__________________
التوراة في عتق
العبد : بأنّه يستخدم ستّ سنين ، ويعتق في السابعة ، فإن أباه ، فليثقب اذنه
ويستخدم أبدا .
ولهم شبه آخر
ظاهرة الدفع ولذا لم نتعرّض لإيرادها.
ولنا على
الأصفهاني : آية القبلة والعدّة ، والثبات ، والصدقة ، ووجوب الوصيّة للأقربين ، وإجماع المسلمين على أنّ شريعتنا ناسخة لما يخالفها من
الأحكام.
واحتجّ بقوله تعالى : ( لا يَأْتِيهِ
الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ).
وجوابه ظاهر.
فصل [٢]
لا خلاف في جواز
النسخ بعد حضور وقت الفعل وإن لم يفعله ؛ لجواز كون الفعل مصلحة في وقت فيؤمر به ،
ومفسدة في آخر فينهى عنه ، والعاصي والكافر مخاطبان بالناسخ والمنسوخ.
إنّما الخلاف في
جوازه قبل حضور وقت الفعل ، كأن يقول : « حجّوا هذه السنة » ثمّ يقول ـ قبل دخول
عرفة ، أو بعد دخولها قبل مضيّ زمان يسع المناسك ـ : « لا تحجّوا » ، أو يأمر
بصلاة الظهر ، وينسخها قبل دخول الظهر ، أو بعد دخوله قبل مضيّ زمان يسع فيه أربع
ركعات ؛ فالمرتضى والشيخ وأكثر المحقّقين من أصحابنا وجمهور المعتزلة على عدم الجواز.
والمفيد وأكثر العامّة على الجواز.
__________________
والحقّ الأوّل ؛
لأنّ الفعل في الوقت الذي عدم فيه الوجوب إن لم يكن واجبا ، فلا يكون نفي الوجوب
فيه نسخا ، وإن كان واجبا لزم توارد الأمر والنهي على محلّ واحد وهو محال ؛ لأنّ
الأمر يقتضي حسنه. والنهي يقتضي قبحه ، وهما لا يجتمعان فيه ، ولأنّه إن كان حسنا
يقبح النهي عنه ، وإن كان قبيحا يقبح الأمر به .
واجيب عنه باختيار
عدم وجوبه في هذا الوقت ـ أي الوقت الذي قبل التمكّن ـ ومنع عدم النسخ حينئذ ؛
لأنّ هذا الوقت ذو أجزاء ، فالإثبات في بعضها والنفي في بعض آخر ، فأمر بالفعل في
وقت ، ثمّ نهى عنه في وقت آخر هو وقت النسخ ، وكلا الوقتين من قبل وقت التمكّن ،
فالتكليف وعدمه قبل وقت التمكّن في زمانين ، فلا تناقض إلاّ أنّ متعلّقهما هو
الفعل في وقت واحد هو وقت التمكّن ، فالأمر بفعل بعد الزوال
مثلا يكون مأمورا به عند الطلوع ومنهيّا عنه في الضحى ، إلاّ أنّ متعلّق الأمر
والنهي هو الفعل بعد الزوال ، وذلك جائز ، وهو محلّ النزاع.
وأنت تعلم أنّ
حاصله أنّ الأمر والنهي تعلّقا في زمانين بشيء غير مراد ، فالأمر به في هذا الزمان
حسن من حيث هو ، والنهي عنه في ذلك الزمان قبيح من حيث هو .
وفيه : أنّ الأمر
والنهي يتبعان متعلّقهما في الحسن والقبح ، إن حسنا فحسنان ، وإن قبيحا فقبيحان ،
فمتعلّقهما ـ وهو الفعل في وقت التمكّن ـ إن كان غير مراد لم يكن مأمورا به ، فلا
معنى لحسن الأمر به في وقت ، فينتفي النسخ ، وإن كان مرادا فلا معنى للنهي عنه.
وبذلك يندفع ما
قيل : أنّ الأمر كما يحسن لمصلحة تنشأ من المأمور به ، كذلك يحسن لمصلحة تنشأ من
نفس الأمر ، من توطين نفسه على الامتثال فيصير مطيعا ، أو عزمه على الترك فيصير
عاصيا ، على أنّ ذلك لو صحّ فإنّما يصحّ ممّن لا يعلم العواقب
دون من يعلمها ؛ لاقتضائه السخريّة والإغراء بالجهل.
فإن قيل : هذا
الدليل ينفي النسخ مطلقا ، فلا يصحّ أن يتمسّك به القائل به.
__________________
قلنا : إذا فعل
بعض أفراد المأمور به لم يلزم التوارد ؛ لتعلّق الأمر بما فعل والنهي بما نسخ.
فإن قيل : نردّد في الفرد الذي لم يفعل وقد نسخ.
قلنا : نختار عدم
وجوبه ونقول : لا نسخ فيه ، إنّما النسخ في التكليف الذي تعلّق بماهيّة الفعل ووجد
منها بعض الأفراد.
فإن قيل : فكذلك
إذا لم يوجد.
قلت : إذا وجد فرد
يحصل للأمر متعلّق حسن ، فيحسن لأجله ، وإذا لم يوجد لم يوجد له متعلّق حسن ، فلا
معنى لحسنه كما ذكرناه . هذا.
ويدلّ على ما
اخترناه أنّه لو جاز خلافه لزم البداء ، وهو ظهور حال الشيء بعد خفائه على الله ؛
إذ شروطه
التي هي اتّحاد
الفعل ووقته ووجهه والمكلّف ، حاصلة.
والإيراد عليه :
بأنّ من شروطه اتّحاد المصلحة وهو منتف فيما نحن فيه ، مندفع بعدم تصوّر اختلاف المصلحة بعد اتّحاد الامور المذكورة.
احتجّ المخالف
بوجوه :
منها : أنّه يجوز
ثبوت التكليف قبل وقت الفعل ؛ لصحّة التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه ،
فوجب جواز رفعه بالنسخ ، كما يرتفع بالموت ؛ لأنّهما سواء في انقطاع التكليف بهما.
والجواب : منع
صحّة التكليف مع علم الآمر بانتفاء شرطه ، كما تقدّم ، فلا يثبت التكليف على من يعلم الله أنّه يموت قبل التمكّن.
ومنها : أنّ كلّ
نسخ قبل وقت الفعل ؛ لأنّ الفعل بعد وقته وفي وقته يمتنع نسخه ؛ لأنّه إن
__________________
فعل في الأوّل أطاع ، وإن ترك عصى ؛ فلا نسخ ، وفعل وأطاع في الثاني ، ولا معنى لإخراجه عن
الطاعة بعد تحقّقها.
والجواب : أنّ
النزاع في الوقت المقدّر شرعا ، والذي ذكر في الدليل وقت مباشرة الفعل ، فأين
أحدهما عن الآخر؟
ومنها : أنّ
إبراهيم امر بذبح ولده ؛ لقوله تعالى : ( افْعَلْ ما تُؤْمَرُ ) و ( إِنَّ هذا لَهُوَ
الْبَلاءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) ، ثمّ نسخ قبله.
والجواب : أنّه لم
يكن مأمورا بالذبح ، بل بمقدّماته من الإضجاع ، وأخذ المدية ، كما يدلّ عليه قوله
تعالى : ( قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا ) ؛ إذ لو كان ما فعله بعض المأمور به ، لكان مصدّقا لبعض
الرؤيا.
ولو سلّم نقول :
إنّه امتثل وذبح لكنّه كلّما قطع عضوا أوصله الله ، كما ورد في الآثار ، ولا ينافيه الفداء ؛ لأنّه ليس عن نفس الذبح ، بل
عن إزهاق الروح المترتّب عليه.
ومنها : قوله
تعالى : ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ ) فإنّه يتناول بعمومه موضع النزاع.
والجواب : منع
تناوله له ؛ لأنّ المحو والإثبات متعلّقان على المشيّة ، ولا نسلّم أنّه يشاء مثل
ذلك ممّا يمتنع عقلا.
ومنها : ما روي
أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله امر ليلة المعراج بخمسين صلاة ، ثمّ راجع إلى أن عادت إلى
خمس ، وذلك نسخ قبل حضور وقت الفعل.
والجواب عنه أوّلا
: بمنع صحّته ؛ لأنّ فيها طعنا على الأنبياء بالإقدام على المراجعة في الأوامر
المطلقة.
__________________
وثانيا : بأنّه
خبر واحد لا يثبت به أصل.
فصل [٣]
الحكم المقيّد
بالتأييد ، مثل : « صوموا أبدا » يجوز نسخه ؛ لأنّه كالعامّ القابل للتخصيص ،
ولأنّ النسخ مشروط بالدوام ولا تعاند بين الشيء وشرطه ، ويتخرّج من ذلك جواب عمّا
احتجّوا به اليهود على عدم جواز النسخ بما نقلوه عن موسى من
الأوامر المقيّدة بالتأييد .
ثمّ هذا إذا كان
التأييد قيدا للفعل. وأمّا إذا كان قيدا للوجوب وبيانا لمدّة بقائه واستمراره وكان
نصّا في ذلك ؛ مثل : « الصوم واجب مستمرّ أبدا » فلم يقبل النسخ ؛ لأنّه يصير
حينئذ دلالته على جزئيّات الزمان ، مثل دلالة « صم غدا » على صوم غد ، وقد بيّنّا
أنّه لا يتأتّى فيه النسخ ، فكذا ما هو مثله.
وحاصله كما أنّ
الدالّ على أفراد الأحكام بالنصوصيّة لا يقبل التخصيص ، فكذا الدالّ على أفراد
الأزمان بالنصوصيّة لا يقبل النسخ.
فصل [٤]
الحقّ جواز النسخ
بلا بدل أو ببدل أثقل ؛ لأنّ المصلحة قد تكون في ذلك ، ولأنّه لو لم يجز ، لم يقع
وقد وقع ، كنسخ وجوب تقديم الصدقة عند النجوى ، ووجوب الإمساك
بعد الفطر ، وتحريم ادّخار لحوم الأضاحيّ ، ونسخ التخيير بين الصوم والفدية بتعيّن الصوم ، وصوم عاشوراء برمضان ، والحبس في البيوت لعقوبة الزاني بالجلد والرجم .
احتجّ المخالف
بقوله تعالى : ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ
بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ) ،
__________________
ولا يتصوّر كون
العدم أو الأثقل خيرا أو مثلا .
وجوابه : أنّه
يجوز أن يكون كلّ منهما خيرا أو مثلا لمصلحة علمت ؛ إذ المراد الخيريّة والمثليّة
في صلاح حال المكلّف.
فصل [٥]
النسخ إمّا للحكم
دون التلاوة ، كنسخ الاعتداد بالحول في الوفاة ، أو بالعكس ،
كما روي أنّه كان فيما نزل : « الشيخ والشيخة إذا زنتا فارجموهما نكالا من الله » فنسخ تلاوته ، وحكمه ثابت. أو لهما ، كما روى العامّة أنّه
كان فيما انزل : « عشر رضعات محرّمات » فنسخ تلاوته
وحكمه.
والحقّ أنّ
الثلاثة جائزة. وخالف بعض المعتزلة في الأوّلين.
ويدلّ على جوازهما
ـ مضافا إلى الوقوع ـ أنّ الحكم والتلاوة عبادتان لا تلازم بينهما ، ويمكن أن
يختلف المصلحة باختلاف الأوقات بالنسبة إلى عبادة معيّنة ، فيكون مصلحة في وقت ،
مفسدة في آخر ، فجاز أن يكون هاتان العبادتان مصلحتين في وقت ، مفسدتين في آخر ،
أو يكون إحداهما مصلحة في كلّ وقت ، والاخرى في بعض الأوقات ، أو يكون إحداهما
مصلحة في وقت ، والاخرى في آخر ، فيتأتّى نسخهما معا ، أو نسخ إحداهما.
احتجّ المخالف :
بأنّ التلاوة وحكمها مثل العلم والعالميّة ، والمنطوق والمفهوم ، فلا ينفكّان ؛
ولأنّ بقاء التلاوة دون الحكم يوجب خلوّ القرآن عن الفائدة ، وتوهّم بقاء الحكم
وأنّه إيقاع في الجهل وهو قبيح من الحكيم. وبقاء الحكم دون التلاوة
__________________
يشعر بزوال الحكم
، وهو أيضا إيقاع في الجهل .
والجواب عن الأوّل
: منع التماثل ؛ لأنّ التلاوة لو سلّم كونها أمارة الحكم فإنّما هي أمارته ابتداء
لا دواما ، أي يدلّ ثبوتها على ثبوته ، ولا يدلّ دوامها على دوامه ، فإذا نسخ
أحدهما خاصّة فهو نسخ لدوامه لا لأصله حتّى يلزم نسخ الدليل دون مدلوله أو بالعكس
، ويحصل الانفكاك بين الدليل والمدلول ، بخلاف العلم مع العالميّة ، والمنطوق مع
المفهوم ؛ فإنّ تلازمهما ثابت ابتداء ودواما.
وعن الأخيرين :
منع كونهما إيقاعا في الجهل ؛ لأنّه إنّما يكون كذلك لو لم ينصب عليه دليل أو
قرينة ، ولا يلزم عند بقاء التلاوة فقط خلوّ القرآن عن الفائدة ؛ لما عرفت من
كونها عبادة مستقلّة يمكن أن يترتّب عليها حكمة خفيّة أو ثواب.
ثمّ إنّ ما نسخ
حكمه دون تلاوته قرآن إجماعا ، وعكسه ليس قرآنا إجماعا ، فلا يجوز للمحدث والجنب
مسّ الأوّل ، ويجوز لهما مسّ الثاني.
فصل [٦]
النسخ في الخبر
يتصوّر على وجهين :
أحدهما : النسخ في إيقاع الخبر بأن يكلّف الشارع أحدا بأن يخبر
بشيء عقلي أو عادي أو شرعي ، كـ « حدوث العالم » و « إحراق النار » و « إيمان زيد
» ، ثمّ ينسخه بأن يزيل عنه التكليف بالإخبار ، وهذا جائز ، وإن كان الخبر ممّا لا
يتغيّر مدلوله ، كالخبر عن التوحيد ؛ لأنّه لا استبعاد في رفع وجوب الإخبار عن
مثله لمصلحة ، وصدق الخبر لا يمنع من زوال التعبّد به إذا اشتمل على مفسدة.
وأمّا نسخه بنقيضه
بأن يكلّفه بالإخبار بنقيضه ، فقيل : يجوز مطلقا ؛ لجواز تجدّد مصلحة فيه .
__________________
وقيل : لا يجوز
مطلقا ؛ لأنّ أحدهما كذب ، فالتكليف به قبيح .
وقيل : يجوز فيما
يتغيّر ؛ لإمكان اختلافه في المصلحة والمفسدة باختلاف الزمان ، ولا يجوز فيما لا
يتغيّر ؛ لكونه مصلحة لا تتغيّر .
والحقّ الثاني ؛
لأنّه لا ينفكّ عن البداء أو الكذب ؛ لاتّحاد وقت مدلول الخبرين ؛ إذ لولاه لم
يتصوّر نسخ وإن اختلف وقت الإخبار ، والكذب قبيح على الله مطلقا ، وجوازه إذا
اشتمل على مصلحة إنّما هو للعباد. ثمّ كون ذلك نسخا لأجل أنّ الإخبار الأوّل كان واجبا أو ندبا ، فرفعه بأحد الوجهين رفع حكم شرعي.
وثانيهما : النسخ في مدلول الخبر ، كأن يقول : « عمّرت نوحا ألف سنة
» ثمّ ظهر أنّه عمّر ألف سنة إلاّ خمسين عاما ، فإن كان مدلوله ممّا لا يتغيّر ، كوجود
الصانع ، فلا يجوز نسخه وفاقا.
وإن كان ممّا
يتغيّر ، فإن كان الخبر خبرا عن الأمر ، كما إذا قال : « هم مأمورون بصوم رمضان » ، ثمّ قال : « لا تصوموا رمضان » فيجوز نسخه ، إلاّ أنّه ليس في الحقيقة نسخ
الخبر ، بل نسخ الأمر.
وإن كان خبرا محضا
، فإن احتمل كون ما يرد ثانيا بيانا لإرادة المجاز ، كان
تخصيصا لا نسخا ، سواء كان المدلول حكما شرعيّا كأن يقول : « لاعاقبنّ الزاني أبدا
» ، ثمّ يقول : « أردت سنة » أو لا ، كما إذا قال : « اعمّر زيدا أبدا » ، ثمّ قال
: « أردت ألف سنة » ، ولا فرق بين أن يعلم البيان بقول المخبر ، أو العقل ، أو
الحسّ.
وإن لم يحتمل أن
يكون بيانا ، بل تعيّن كونه نسخا ـ كأن يقول : « لاعطينّك كذا » أو يقول : «
لأجعلنّك خليفة على الأرض » ، ثمّ قال : « لا أفعل ذلك » ـ لم يجز ؛ لاستلزامه
الكذب ، وهو قبيح.
__________________
فصل [٧]
يجوز نسخ كلّ من
الكتاب والسنّة المتواترة والآحاد بمثله ، كنسخ « الاعتداد بالحول » بأربعة أشهر
وعشرا ، ونسخ « النهي عن ادّخار لحوم الأضاحيّ » بجوازه.
وكذا يجوز نسخ
الثالث بكلّ من الأوّلين ، ونسخ الأوّل بالثاني ، كنسخ « الجلد » في حقّ المحصن
برجمه ماعزا ، وبالعكس ، كنسخ « القبلة » ونسخ « المباشرة » بقوله تعالى : ( فَالْآنَ
بَاشِرُوهُنَ ). ولا ريب في جميع ذلك ، ووجهه ظاهر.
وهل يجوز نسخ
الكتاب والسنّة المتواترة بالآحاد؟ الأكثر على عدم جوازه ، والأقلّ على جوازه .
احتجّ الأكثر بأنّ
القاطع لا يدفع بالظنّ ، وبأنّ الصحابة أجمعوا على ترك خبر الواحد إذا رفع حكم
الكتاب أو السنّة المتواترة ، قال عليّ عليهالسلام : « لا ندع كتاب ربّنا ولا سنّة نبيّنا بقول أعرابيّ بوّال
على عقبيه » ، وقال عمر : « لا ندع كتاب ربّنا ولا سنّة نبيّنا بقول
امرأة لا ندري صدقت أم كذبت » .
احتجّ الأقلّ بأنّ
النسخ تخصيص ، وقد جاز تخصيصهما به فليجز نسخهما به ، وبأنّ خبر الواحد دليل
متأخّر عارض غيره ، فوجب تقديمه ، وبأنّه واقع فيكون جائزا ؛ فإنّ قوله تعالى : ( قُلْ لا
أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ ... ) نسخ بما روي أنّه عليهالسلام « نهى عن أكل كلّ ذي ناب » ، وهو
__________________
خبر واحد ؛ وإنّ
قوله تعالى : ( وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ ) نسخ بقوله عليهالسلام : « لا تنكح المرأة على عمّتها ، ولا على خالتها » ؛ وإنّ التوجّه إلى بيت المقدس كان متواترا ونسخ بخبر الواحد ؛ لأنّ أهل مسجد
قبا سمعوا مناديه صلىاللهعليهوآله يقول : « ألا إنّ القبلة قد حوّلت » فاستداروا وتوجّهوا إلى الكعبة ، ولم ينكر عليهم ؛ وإنّ النبيّ كان يبعث
الآحاد لتبليغ الأحكام إلى أهل القبائل ، وكان المبعوث إليهم متعبّدين بقبولها
منهم ، وربما كان في تلك الأحكام ما ينسخ متواترا ؛ لأنّه لم ينقل الفرق بين
الأحكام المبتدأة والناسخة للواحد والمتواتر .
وأجاب الأكثر عن
الأوّل : بأنّ التخصيص بيان وجمع للدليلين ، والنسخ إبطال ورفع.
وربما أجاب بعضهم
: بأنّ إجماع الصحابة فرّق بينهما .
وعن الثاني : بأنّ
الظنّ لا يساوي القطع ، فلا يعارضه.
وعن الثالث :
بالمنع من النسخ المدّعى فيما ذكرتم ؛ لأنّ الآية الاولى لحكاية الحال ، فالمعنى :
لا أجد الآن ، والتحريم في المستقبل لا ينافيه حتّى يلزم نسخه.
وأيضا لا يلزم من
عدم وجدان التحريم الإباحة الشرعيّة ، بل جاز أن يكون مباحا عقليّا ؛ فالخبر قد
حرّم حلال الأصل ولم يرفع حكما شرعيّا حتّى يلزم النسخ.
والآية الثانية
ليست منسوخة بالخبر ، بل مخصّصة به ؛ على أنّ التخصيص لم يقع بمجرّد الخبر ، بل
لأنّ الامّة تلقّته بالقبول.
وأهل قبا إنّما
قبلوا نسخ القبلة بخبر الواحد ؛ لانضمامه بالقرائن المفيدة للقطع ؛ لأنّ منادي
الرسول بحضرته على رءوس الأشهاد ، واستماعهم الصياح وارتفاع الأصوات من مسجده ـ لأنّهم
كانوا في قربه ـ قرينة صدق عادة. وربما انضمّ إلى ذلك سماعهم من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل ذلك ما يدلّ على تحويل القبلة.
__________________
وقبول القبائل
أخبار الآحاد إنّما كان فيما عدا ما ينسخ المتواتر. ولو سلّم فربما كان لحصول
العلم بها بالقرائن الحاليّة.
وأنت إذا تأمّلت
في أدلّة الفريقين ، تعلم أنّ المعترض على كلّ منهما مستظهر. ولقلّة الفائدة في
تلك المسألة نحن لا نبالي بترك الاشتغال عن تحقيقه.
فصل [٨]
الجمهور وأكثر
أصحابنا على أنّ الإجماع لا ينسخ ولا ينسخ به غيره.
واحتجّوا على
الأوّل بوجوه :
منها : الإجماع ،
نقله المرتضى من أصحابنا ، وبعض العامّة .
وهو في حيّز المنع
؛ فإنّ بعض محقّقي أصحابنا على خلافه .
ومنها : أنّ
الإجماع لا يستقرّ إلاّ بعد انقطاع الوحي ، فالكتاب والسنّة متقدّمان عليه ؛ فلا
ينسخ بهما ؛ لوجوب تأخّر الناسخ.
وهو أيضا ممنوع ؛
لإمكان استقراره قبله عند الفريقين.
أمّا عندهم ،
فلأنّه اتّفاق المجتهدين من هذه الامّة في عصر على أمر ، ويمكن أن يثبت مثل هذا
الاتّفاق في عصر النبيّ قبل انقطاع الوحي ، ثمّ ينسخ بآية أو خبر.
وأمّا عندنا ،
فلأنّه انضمام أقوال إلى قول لو انفرد لكانت الحجّة فيه ، ولا ريب في حصول مثله في
زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله ثمّ نسخه بدلالة شرعيّة متراخية.
ومنها : أنّه لو
نسخ فإمّا بنصّ قاطع ، أو بإجماع قاطع ، أو بغيرهما ، والكلّ باطل.
أمّا الأوّل ،
فلأنّه يلزم أن يكون الإجماع على الخطأ ؛ لأنّه على خلاف القاطع ، وهو محال.
__________________
وأمّا الثاني ،
فلأنّه يلزم أن يكون كلّ من الإجماعين على الخطأ ؛ لمخالفته للقاطع.
وأمّا الثالث ،
فلأنّه يلزم تقديم غير القاطع على القاطع ، وهو باطل ؛ للعلم بوجوب تقديم الأقوى
على الأضعف.
وفيه : أنّه يجري
في سائر القطعيّات من آية قطعيّة ، أو سنّة متواترة.
والحلّ أنّه لا
فساد في تعارض قطعيّين في حكم مع اختصاص كلّ منهما بزمان ، فالإجماع ما دام ثابتا
ليس على الخطأ ؛ لعدم ورود القاطع حتّى يكون مخالفا له ، وبعد وروده يزول ثبوته ،
فلا معنى لمخالفته له حينئذ ؛ على أنّ كلّ إجماع ليس قاطعا بل قد يكون ظنّيّا ،
وأنّ تقديم القاطع على غيره مطلقا محلّ النزاع ، كما تقدّم .
و [ احتجّوا ] على
الثاني أيضا بوجوه :
منها : الإجماع.
وحاله كما عرفت هناك .
ومنها : أنّ
الإجماع دليل عقلي ، والنسخ لا يكون إلاّ بدليل شرعي.
وفيه : أنّ
الإجماع دلالة شرعيّة. أمّا عندهم ، فلأنّ كونه دليلا وحجّة إنّما ثبت من الشرع.
وأمّا عندنا ، فلأنّ كونه دليلا باعتبار دخول قول المعصوم فيه.
ومنها : أنّ
المنسوخ بالإجماع إن كان قاطعا ، لزم أن يكون على الخطأ ؛ لمخالفته للإجماع ، وإن
كان مظنونا ، لزم جواز تقاوم الظنّي وتعارضه للقاطع ، وهو باطل ؛ لأنّ الظنّ بحكم
لا يبقى مع القطع على خلافه دليلا يمكنه التعارض والتقاوم معه ، بل انتفى واضمحلّ
فلا يثبت به حكم حتّى يتصوّر فيه دفع ونسخ.
وهذا قد ظهر جوابه
ممّا تقدّم .
وإذ عرفت ذلك ،
تعلم أنّه لا استبعاد في ثبوت إجماع في عصر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ثمّ نسخه بآية أو نصّ منه عليهالسلام ، ولا في ثبوت حكم من القرآن أو السنّة ، ثمّ نسخه
بالإجماع.
__________________
ويؤيّده ما روي من
طريق العامّة أنّ ابن عبّاس قال لبعض الصحابة : كيف
تحجب الامّ بالأخوين وقد قال تعالى : ( فَإِنْ كانَ لَهُ
إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ) والأخوان ليسا إخوة؟! فقال : حجبها قومك يا غلام . وهو دالّ على رفع حكم الكتاب بالإجماع.
فصل [٩]
القياس إن كان
منصوص العلّة ، أو كان الحكم فيه في الفرع أقوى منه في الأصل ، جاز أن يكون ناسخا
؛ لكونه دليلا شرعيّا ، ومنسوخا في حياة النبيّ صلىاللهعليهوآله بنصّ منه ، وأمّا بعده فلا ينسخ ؛ إذ لا ولاية للامّة
للنسخ. نعم ، ربما ظهر بعده أنّه كان منسوخا.
وإن كان مستنبط
العلّة لم يمكن أن يكون ناسخا. ووجهه ظاهر. وربما أمكن أن يكون منسوخا عند
القائلين به. وأمّا عندنا ، فأصله ساقط.
تذنيب
نسخ القياس إمّا
بالنصّ على نسخ حكم الفرع ـ كما إذا ثبت حرمة النبيذ قياسا على حرمة الخمر بجامع
الإسكار ، فنصّ الشارع على زوال حرمة النبيذ ـ أو بالنصّ على نسخ حكم الأصل ،
فيقاس عليه. وفي تسمية ذلك نسخا لحكم الفرع نزاع لفظي.
مثاله : أن ينصّ
الشارع على زوال حرمة الخمر ، فيحكم على زوال حرمة النبيذ أيضا ؛ لأنّ نسخ الأصل
يستلزم خروج علّيّته عن الاعتبار شرعا ؛ إذ علم عدم ترتّب الحكم عليها في الأصل ،
والحكم في الفرع إنّما يثبت بالعلّة ، فإذا انتفت انتفى ، وإلاّ لزم ثبوت الحكم
بلا دليل.
وقيل : نسخ حكم
الأصل لا يوجب نسخ حكم الفرع ؛ لأنّ الفرع تابع للدلالة لا للحكم ، فلا يلزم من
انتفاء الحكم انتفاء الدلالة ، فالدلالة الثابتة على حكم الفرع باقية وإن
__________________
انتفى حكم الأصل ،
فيبقى حكم الفرع .
وجوابه : أنّه
لمّا زالت العلّيّة المعتبرة بزوال حكم الأصل زال الحكم مطلقا ؛ لزوال حكمته.
فصل [١٠]
المفهوم ـ سواء
كان مفهوم موافقة ، أو مفهوم مخالفة ـ يمكن أن يكون ناسخا ومنسوخا ؛ لأنّه دليل
شرعي يثبت به الأحكام ، فلا ريب في جواز نسخه ونسخ الأصل معا.
وقد اختلفوا في
جواز نسخ أحدهما دون الآخر على أقوال ، ثالثها : جواز نسخ الأصل دون المفهوم ،
وامتناع العكس.
والحقّ أنّ نسخ
كلّ منهما يستلزم نفي الآخر ، ولا يمكن نسخ واحد منهما بدون نسخ الآخر ؛ لأنّ
المفهوم لازم للأصل وتابع له ، ونفي اللازم يستلزم نفي الملزوم ، فلا يمكن نسخ
المفهوم بدون نسخ الأصل ، ونفي الأصل يستلزم نفي التابع وإلاّ خرج عن كونه تابعا.
والإيراد على
الأخير بأنّ دلالة اللفظ على المفهوم تابعة لدلالته على الأصل وليس حكمه تابعا
لحكمه ، ولم يحدث شيء إلاّ انتفاء حكم الأصل ، والدلالة الثابتة باقية فيبقى حكم
المفهوم ؛ لأنّ متبوعه باق مندفع بأنّ حكم المفهوم إنّما ثبت من الدلالة على حكم
الأصل ، وهي قد انتفت بانتفاء حكم الأصل ، فينتفي الحكم مطلقا.
احتجّ القائل
بجواز نسخ كلّ منهما بدون الآخر بأنّ إفادة اللفظ لهما دلالتان متغايرتان ، فجاز
رفع كلّ منهما بدون الاخرى .
وجوابه : أنّ
التغاير إنّما يدلّ على جواز رفع كلّ من المتغايرين بدون الآخر إذا لم يكن أحدهما
مستلزما للآخر ومتبوعا له.
__________________
احتجّ المفصّل
بأنّ رفع اللازم يستلزم رفع الملزوم بخلاف العكس ؛ إذ قد يرتفع الملزوم واللازم
باق .
وجوابه كما عرفت من أنّ اللازم هنا تابع في الثبوت للمتبوع ، فينتفي بانتفائه.
فصل [١١]
زيادة العبادة
المستقلّة على العبادات ليست نسخا للمزيد عليه ـ صلاة كانت تلك
العبادة أو غيرها ـ لأنّ النسخ كما عرفته زوال الحكم
الشرعي بدليل شرعي ، وهنا لم يرتفع حكم شرعي ؛ وهو قول علماء الفريقين.
ويعزى إلى بعض
العراقيين القول بأنّ زيادة صلاة سادسة نسخ ؛ لأنّها تخرج
الوسطى عن كونها وسطى ، فيبطل وجوب المحافظة عليها ، وأنّه حكم شرعي وهو النسخ.
ويرد عليه النقض
بزيادة كلّ عبادة مستقلّة ؛ لأنّها تخرج الأخيرة عن كونها أخيرة.
والحلّ أنّه لم
يبطل وجوب [ المحافظة على ] ما صدق عليه أنّها وسطى ، وإنّما يبطل كونها وسطى ، وهو
ليس حكما شرعيّا ، فلا نسخ.
وأمّا العبادة غير
المستقلّة ، فقد اختلف في أنّ زيادتها هل هي نسخ أم لا؟ فالحنفيّة على أنّها نسخ
مطلقا .
والشافعيّة
والحنابلة على أنّها ليست بنسخ مطلقا .
وذهب المرتضى والشيخ من أصحابنا ، وبعض العامّة إلى أنّ الزيادة إن غيّرت حكم
__________________
الأصل تغييرا
شرعيّا ـ حتّى لو وقع بدونها لم يعتدّ به وصار وجوده كالعدم ووجب استئنافه ـ كانت
نسخا ، وإلاّ فلا ، وذكروا أمثلة :
منها : زيادة ركعة
أو ركعتين على ركعتي الفجر ؛ لأنّهما لا تجزيان بعد الزيادة لو فعلهما على ما كان
يفعلهما عليه أوّلا ؛ لتغيّر التشهّد والتسليم.
ومنها : زيادة
التغريب على الجلد ؛ فإنّه لا يحصل الحدّ بالجلد دونه.
ومنها : زيادة
عشرين جلدة على حدّ القذف ؛ فإنّه لا يحصل الحدّ بدون العشرين.
ومنها : تخيير
المكلّف في امور ثلاثة بعد تخييره في اثنين منها ؛ فإنّ ترك الأوّلين ـ مع فعل
الثالث قبل التخيير فيه ـ كان محرّما وبعده غير محرّم ، فهو ـ أي ترك الأوّلين ـ كالعدم
في انتفاء الحرمة عنهما ، فالزيادة نسخ لتحريم تركهما.
وأنت تعلم أنّ
المثال الأوّل ينطبق على هذا المذهب ، ولا ينطبق عليه البواقي ؛ إذ لا يجب فيها
الاستئناف ، بل يجب ضمّ التغريب إلى الجلد في الثاني ، وضمّ العشرين إلى الثمانين
في الثالث ، وفعل واحد من الاثنين في الرابع ؛ لحصول الامتثال به.
وذهب بعضهم إلى
أنّ الزيادة إن اتّصلت بالأصل زيادة اتّحاد فهو نسخ ، وإلاّ فلا ، فزيادة ركعة على صلاة الفجر نسخ ؛ لأنّها لو عدمت لو يكن
للركعتين أثر أصلا ، وكانت الثلاث واجبة ، وزيادة العشرين على حدّ القذف ليست بنسخ
؛ لأنّها لو عدمت كان للباقي أثر ولا يجب إلاّ العشرون.
وقال قوم : إنّ
الزيادة إن رفعت مفهوم المخالفة للاولى ، مثل إيجاب الزكاة في المعلوفة بعد قوله :
« في الغنم السائمة زكاة » كانت نسخا.
وإن كانت شرطا في
صحّتها وكان الشرط والمشروط جزءين لعبادة ـ بحيث يحصل من مجموعهما عبادة واحدة
تكون الزيادة بالنسبة إليها جزءا ، وبالنسبة إلى المزيد عليه شرطا بحيث لم يعتدّ
به إذا افرد ولم يضمّ إليه الزيادة ، كزيادة ركعة في الفجر ـ أو كانت شرطا في
صحّتها ولم يكونا جزءين لعبادة ـ بحيث يحصل من مجموعهما عبادة
__________________
واحدة كالطهارة ،
في الطواف ـ لم تكن نسخا .
والحقّ ـ كما ذهب
إليه أهل التحقيق ـ أنّها إن رفعت حكما شرعيّا مستفادا من دليل شرعي ، كانت نسخا ،
وإلاّ فلا ؛ لأنّ حقيقة النسخ ذلك.
وعلى هذا فزيادة
ركعة على ركعتين نسخ ؛ لأنّها إن زيدت عليهما قبل التشهّد بحيث لم يكن تشهّد بعد
الثانية ، كان ذلك نسخا لوجوب التشهّد في الثانية وتحريم الزيادة عليهما ، وكلاهما
حكم شرعي. وإن زيدت عليهما بعد التشهّد قبل التحلّل بالتسليم بأن يكون بعد الثانية
تشهّد ، كان ذلك نسخا لوجوب التسليم في الثانية وتحريم الزيادة عليهما ، وكلاهما
حكم شرعي. وعلى التقديرين لا يلزم نسخ الركعتين ؛ لأنّ وجوبهما باق ، إلاّ أنّ وجوبهما
كان منفردا فصار منضمّا والشيء لا ينسخ بمجرّد انضياف غيره إليه ، كما لا ينسخ
وجوب فريضة إذا وجبت بعدها اخرى.
وزيادة التغريب
على الجلد ، والعشرين على حدّ القذف يمكن أن تكون نسخا من حيث إنّها تنفي ما ثبت
شرعا من تحريم الزيادة وإن لم تكن نسخا من حيث رفعها لنفي التغريب والزائد على
الثمانين ؛ إذ هو حكم الأصل ورفعه ليس نسخا.
وإيجاب الزكاة في
المعلوفة بعد قوله : « في الغنم السائمة زكاة » نسخ للمفهوم ، بعد ثبوته وكونه
مرادا.
وإيجاب فعل معيّن
ثمّ التخيير بينه وبين فعل آخر ليس نسخا ؛ لأنّ التخيير رافع لحكم عقلي وهو أصالة
عدم إيجاب فعل آخر.
ولقائل أن يقول :
إيجاب فعل يستلزم المنع من تركه ، وإقامة غيره مقامه يرفع ذلك ، وهو حكم شرعي ،
فلو أوجب غسل الرجلين معيّنا ، ثمّ خيّر بينه وبين المسح ، فهو نسخ ؛ لأنّه رفع
الوجوب عينا بوجوب أحد الأمرين مخيّرا ، وهو غيره ، وقد ثبتا بدليل شرعي. هذا.
__________________
ولو نصّ على عدم
قيام غيره مقامه ، ثمّ أثبت التخيير ، كان نسخا بلا ريب.
وزيادة التخيير ـ كالحكم بجواز الحكم بشاهد ويمين بعد ثبوت التخيير بين الحكم بشاهدين وشاهد
وامرأتين ، الثابت من قوله تعالى : ( وَاسْتَشْهِدُوا
شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ
وَامْرَأَتانِ ) ـ ليست نسخا ؛ لأنّ ما رفع به ـ وهو عدم جواز الحكم بشاهد ويمين ـ حكم عقلي
لا دلالة للآية عليه.
فإن قيل : مفهوم
الآية يمنع الحكم بالشاهد واليمين ؛ لأنّهما غير شهيدين من الرجال وغير رجل
وامرأتين ، فالنصّ قد نفى الغير بالمفهوم.
قلنا : إنّه دلّ
على طلب الاستشهاد لرجلين ، أو رجل وامرأتين ، فإن سلّم مفهومهما فهو أنّ غيرهما
غير مطلوب. وأمّا أنّه لا يحكم بغيرهما إذا حصل ، فلا يدلّ عليه بمنطوق ولا مفهوم.
وتقييد الرقبة
بالإيمان إن تأخّر كان نسخا لعموم الكتاب الدالّ على جواز عتق الكافر ، وإن قارن
كان تخصيصا.
وإباحة قطع رجل
السارق إذا سرق مرّة ثانية ليست نسخا ؛ لأنّها ترفع حظره الثابت بالعقل.
وزيادة غسل عضو في
الطهارة ليست بنسخ ؛ لأنّها رفعت نفي وجوب هذا العضو وهو مباح الأصل.
ولقائل أن يقول :
إنّها نسخ ؛ لأنّ الطهارة المزيد عليها كانت رافعة ومبيحة للدخول في الصلاة وصارت
غير رافعة وغير مبيحة.
وزيادة ركن في
الصلاة نسخ إن كان محرّما قبل ؛ لكونها رفعا لحرمته ، وليست بنسخ إن لم يكن محرّما قبل ؛ لكونها رفعا لحكم الأصل.
وإيجاب الصوم بعد
الليل نسخ لكون الليل طرفا وغاية ؛ لرفعه له وهو حكم شرعي.
__________________
أمّا لو قال : «
صوموا النهار » ثمّ أوجب بعض الليل لم يكن نسخا ؛ لأنّه رفع مباح الأصل.
وإثبات بدل الشرط
ـ كأن يقول : « صلّوا إن كنتم متطهّرين » ـ ثمّ أمر بالصلاة عند حصول أمر آخر ، لم
يكن نسخا ؛ لأنّه رفع نفي كون البدل شرطا وهو حكم عقلي.
وإنّما أطلنا
الكلام في ذكر الأمثلة ؛ ليحصل المهارة في استعلام أنّ أيّ صورة تقتضي رفع حكم
شرعي ، وأيّها لا تقتضيه حتّى يكون الموافق لنا في هذه المسألة على بصيرة.
ثمّ أثر الاختلاف
فيها إنّما يظهر في إثبات الزيادة بخبر الواحد بناء على أنّه لا ينسخ به الدليل
القطعي ، فكلّ ما كان ناسخا لحكم ثبت بالقاطع لا يجوز
إثباته به ، وما لم يكن ناسخا أو كان ناسخا لحكم غير مقطوع به يجوز إثباته به ،
وجليّة الحال على ما اخترناه غير خفيّة.
فصل [١٢]
نقص جزء أو شرط من
عبادة ـ كنقص ركعتين من الظهر ، أو إبطال اشتراط الطهارة فيه ـ نسخ للمنقوص وفاقا.
وهل هو نسخ لتلك العبادة؟ المختار أنّه ليس بنسخ.
وقيل : نسخ .
وقيل : إن كان
المنقوص جزءا ، فنسخ وإن كان شرطا ، فلا .
وقال المرتضى :
|
إن كانت العبادة
المنقوص منها بعد النقصان ممّا لو فعل بتمامه لم يعتدّ به شرعا ولم يجر مجرى
فعله قبل النقصان ـ كنقص الركعتين من الأربع ؛ فإنّ الصلاة لو فعلت بعد النقص
على الحدّ الذي كانت تفعل قبله ، لم تكن مجزئة وكان وجودها كالعدم ـ كان نسخا ، وإلاّ فلا ، كنقص عشرين من الحدّ ؛ فإنّ الحدّ لو اجري بعد النقص
على الحدّ الذي يجري قبله ، كان مجزئا واعتدّ به شرعا إلاّ أنّه وقع فيه زيادة
محرّمة .
|
__________________
وعلى هذا ، فنسخ
الوضوء ليس نسخا للصلاة ؛ لأنّ حكمها باق على ما كان ، ونسخ القبلة بالتوجّه إلى
غيرها نسخ للصلاة ؛ لأنّها لو وقعت بعد النسخ إلى القبلة الاولى لم تكن مجزئة ،
وبالتخيير بين جميع الجهات ليس نسخا لها ؛ لأنّه لو صلّى إلى ما كان
أوّلا أجزأه.
لنا : أنّ نقص جزء
أو شرط وإن كان نسخا لوجوب الكلّ من حيث هو كلّ ؛ نظرا إلى انتفاء جزئه ولكنّه ليس
نسخا لأصل العبادة بمعنى ارتفاع جميع أجزائها ؛ لأنّ النزاع فيه ؛ لأنّه لو كان
نسخا لها ، لكان نسخا للباقي ، فيفتقر الباقي في وجوبه إلى أمر جديد وهو باطل
بالإجماع. وأيضا دليل الكلّ متناول للجزءين فخروج أحدهما لا يوجب خروج الآخر ،
كسائر التخصيصات.
احتجّ القائل
بكونه نسخا بأنّه ثبت تحريم العبادة بدون المنقوص ، ثمّ ثبت جوازها ، أو وجوبها
بدونه ، فارتفع حكم شرعي بحكم آخر ، ولا معنى للنسخ سوى هذا.
والجواب : أنّه لا
معنى لتحريم العبادة بدون المنقوص سوى وجوبه ، وارتفاعه نسخ نحن نقول به ، إنّما
الكلام في ارتفاع الباقي ولم يثبت دلالة عليه.
احتجّ المرتضى
بأنّ نقص جزء عبادة ـ يوجب عدم إجزاء العبادة بتمامها لو فعلت بعد النقصان ـ يستلزم
عدم كون الباقي جزءا من كلّ العبادة ، بل عبادة اخرى ، وإلاّ كان من صلّى الصبح
ثلاثا آتيا لواجب وزيادة ، ولا يخفى فساده وهو يقتضي نسخ أصل العبادة.
والجواب : منع
الاستلزام ، وإلاّ افتقر الباقي في وجوبه إلى دليل غير الأوّل ، وإنّه باطل
إجماعا.
ثمّ فائدة
الاختلاف هنا أيضا إنّما تظهر في إثبات النقصان بخبر الواحد ، كما عرفت في سابقه .
__________________
فصل [١٣]
لا ريب في جواز
نسخ جميع التكاليف بإعدام العقل ، وبدونه موضع خلاف ، فقيل بالجواز ؛ لأنّها أحكام
فجاز نسخها كغيرها من الأحكام .
وقيل بعدم الجواز
؛ لأنّه يتوقّف على معرفة النسخ والناسخ ، وهذا تكليف ،
فيلزم خلاف الفرض.
وقد اختلف العامّة
في جواز نسخ وجوب المعرفة وتحريم الكفر والظلم والكذب وأمثالها .
وأنت تعلم أنّ نسخ
ما حسنه أو قبحه ذاتي غير جائز وفاقا ؛ لما هو الحقّ من ثبوت الحسن والقبح
العقليّين.
فصل [١٤]
يعرف النسخ
بالتضادّ مع العلم بالمتأخّر بضبط التاريخ ، وبالإجماع ، وبالتنصيص عليه أو بذكر
ما في معناه ، نحو « كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، ألا فزوروها » ، وأمثاله.
ولو قال الراوي :
« هذا ناسخ » أو « منسوخ » لم يقبل ؛ لجواز أن يقول عن اجتهاد ولا نراه ، ولو قال
: « هذا سابق » قبل ؛ ووجهه ظاهر.
وإذا تعارض
قطعيّان وصرّح الراوي بأنّ أحدهما ناسخ للآخر ففي قبوله نظر ، من حيث إنّه نسخ
للمتواتر بالآحاد أو بالمتواتر والآحاد. ثمّ إذا لم يعرف النسخ بإحدى الطرق
المذكورة ، فالواجب التوقّف لا التخيير ؛ ووجهه ظاهر.
__________________
المبحث الرابع
في الاجتهاد والتقليد
وفيه بابان :
الباب الأوّل
في الاجتهاد
الاجتهاد في اللغة
: تحمّل الجهد ، وهو المشقّة.
وفي الاصطلاح قيل
: « استفراغ الوسع في طلب الظنّ بشيء من الأحكام الشرعيّة بحيث ينتفي عنه اللوم
بالتقصير » .
ويقاربه ما قيل :
« إنّه استفراغ الجهد في درك الأحكام الشرعيّة » .
والمراد باستفراغ
الوسع بذل تمام المجهود بحيث يحسّ من نفسه العجز عن المزيد عليه.
وينتقضان طردا
باستفراغ العاجز عن الاستنباط ، وبالاستفراغ في الشرعيّات الأصليّة.
وقيل : « هو
استفراغ الفقيه الوسع في تحصيل الظنّ بحكم شرعي » .
والمراد بـ «
الفقيه » من مارس الفنّ ، وقد عرّف فيما تقدّم ، فيخرج استفراغ غير الفقيه وسعه.
واحترز « بتحصيل
الظنّ » عن القطعيّات ؛ إذ لا اجتهاد فيها.
و « بحكم شرعي »
عن الحسّيّات والعقليّات.
وأنت تعلم أنّه
يخرج منه القطعيّات النظريّة مع تأتّي الاجتهاد فيها ، ويدخل فيه الشرعيّات
الأصليّة مع عدم تأتّيه فيها.
__________________
وقيل : « هو صرف
العالم بالمدارك وأحكامها نظره في ترجيح الأحكام الشرعيّة الفرعيّة » .
والمراد من «
المدارك » ظاهر ، ومن « أحكامها » أحوال التعادل والترجيح ، ويدخل في عموم الأحكام
القطعيّات النظريّة ولا يدخل فيه الضروريّة ؛ لعدم صرف نظر فيها فتخرج به. ويخرج
بـ « الفرعيّة » الشرعيّة الأصليّة.
وقيل : « ملكة
يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعي من الأصل ، فعلا أو قوّة قريبة » ، وهو لا ينتقض طردا باستحصال القطعيّات البديهيّة ؛ إذ لا يصدق عليه الاستنباط عرفا. ولو سلّم فليس استنباطا من الأصل.
وهذا التعريف أصحّ
التعريفات وإن سلم سابقه وما في معناه عن النقوض الظاهرة ؛ لأنّ حقيقة الاجتهاد
وذاته صفة ثابتة لنفس المجتهد ، ودرك الأحكام وتحصيلها باستفراغ الوسع اجتهاد فعلي
يترتّب عليها ، لازم لها ، وهي مبدؤه ومصدره.
فتعريفه بـ «
الملكة » تعريف لماهيّة الاجتهاد وذاته ، وتعريفه بغيرها تعريف لما هو لازم لها
ومتفرّع عليها ، أعني الاجتهاد الفعلي. والأوّل أولى.
فصل [١]
اعلم أنّ ما وصل
إلينا من أدلّة الأحكام من صاحب الشرع منحصر ببعض الآيات وطرف من الأخبار ، وكثير
من الأحكام المحتاج إليها غير مستنبطة منهما ، ويمكن استنباطها من إجماع منقول ، أو
استنباطي ، أو بالردّ إلى قواعد عقليّة من استصحاب ، أو أصل براءة ، أو تلازم ، أو
بعض أقسام القياس وإن أمكن أن يقال بأدنى عناية : إنّ استنباطها منها يرجع حقيقة إلى
الاستنباط من الأخبار.
__________________
وما يستنبط منهما يتوقّف استنباطه على العلم بمقدّمات لغويّة ومنطقيّة واصوليّة ورجاليّة.
ووجه توقّفه على
الاولى أنّ الكتاب والسنّة وردا بلسان العرب ، فلا بدّ من فهم معاني مفردات
ألفاظهم ، المتوقّف على اللغة ، وامتياز معاني صيغهم المختلفة ، المتوقّف على
الصرف ، ودرك معاني مركّبات ألفاظهم ، المتوقّف على النحو.
ووجه توقّفه على
الثانية أنّ استنباط المسائل الخلافيّة ، وتصحيحها منهما يحتاج إلى الاستدلال ، وهو لا يتمّ بدون المنطق.
والإيراد بأنّ
الفكر والاستدلال غريزيّان للإنسان لا يحتاج فيهما إلى البيان ، والمذكور في
المنطق إمّا بديهيّ كالشكل الأوّل ، والقياس الاستثنائي ، وأكثر التصديقات ، أو لا
فائدة فيه كغيرها ضعيف يكذبه التأمّل والتتبّع وموازنة استدلال العارف
بالمنطق لاستدلال غيره.
وما قيل : إنّ
المنطق لو كان مميّزا لما صدر الخطأ عن أهله ، مندفع بأنّه
ناش عن عدم الرعاية.
والقول بأنّه لو
كان عاصما فإنّما يعصم عن الخطأ الواقع من جهة الصورة لا المادّة ، لو سلّم فلا يضرّنا ؛ لأنّه يثبت الاحتياج إليه في الجملة ، وهو كاف
للمطلوب.
ووجه توقّفه على
الثالثة أنّ فيهما حقيقة ومجازا ، أو أمرا ونهيا ، وعامّا وخاصّا ، ومطلقا ومقيّدا
، ومجملا ومبيّنا ، ومنطوقا ومفهوما ، وفي السنّة قولا وفعلا وتقريرا ، وفي «
القول » أخبار آحاد وأخبار متواترة.
وقد أشرنا إلى أنّ كثيرا من المسائل لا يمكن استنباطها إلاّ من الإجماع أو القواعد
العقليّة. والأكثر يقع بين الآيات والأخبار ، أو بينهما ، أو بين واحد منهما
والإجماع ، أو سائر الأدلّة تعارض محتاج إلى الترجيح ، فلا بدّ للمستنبط من معرفة
هذه الامور بأقسامها
__________________
وأحوالها
وتفاصيلها ممّا يختلف باختلافه الفروع ، كأقسام الحقيقة والمجاز ، وثبوت الحقيقة
الشرعيّة أو عدمه ، وكون الأمر للوجوب أو غيره ، وللوحدة أو التكرار ، وللفور أو
التراخي ، واقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه أو عدمه ، ووجوب مقدّمة المأمور به
أو عدمه ، وكون النهي للحرمة أو غيره ، وعدم جواز اجتماع الأمر والنهي في الشيء
الواحد أو جوازه ، وألفاظ العموم وحجّيّة العامّ المخصوص أو عدم حجّيّته ، وجواز
العمل بالعامّ قبل الفحص أو عدم جوازه ، وأقسام العامّ والمخصّص ، وسائر ما يتعلّق
بهما وما يتعلّق بالإطلاق والتقييد والإجمال والبيان ، وحجّيّة بعض المفهومات وعدم
حجّيّة بعض آخر منها ، وما يتعلّق بالقول والفعل والتقرير ، وكون خبر الواحد حجّة
أو لا ، وكون الإجماع أو غيره من الأدلّة العقليّة حجّة أم لا ، وكيفيّة الترجيح
والخلاص عند التعارض ؛ لتوقّف الاستنباط على معرفة هذه التفاصيل واختلاف الأحكام
باختلافها ، والضابط لها هو علم الاصول.
والقول بعدم توقّف
استنباطها عليها ، واه ؛ لأنّ المستنبط ما لم يثبت عنده أنّ الأمر يفيد
الوجوب أو غيره كيف يستنبط الحكم منه؟! وما لم يرجّح بوجه في مقام التعارض كيف
يحصل له مخلص ويستنبط حكما عنده؟! وقس عليهما غيرهما.
وهل يقال ببطلان
الاصول ؛ لأنّ حقيقة الحال في مسائله غير ما ذكر فيه؟ فما ذا يقال لمن حصر
المسائل المذكورة بين النفي والإثبات بأن يقول : هل الأمر يفيد الوجوب أم لا؟ وهل
مقدّمة الواجب واجبة أم لا؟ فإن اختير في الجواب أحد الشقّين واثبت ، ثبت حقّيّة
مسائل الاصول ، وإن سكت أو قيل له : لست مستحقّا للجواب ، لزم السفسطة والخروج عن
ربقة العقل؟
وأمّا وجه توقّفه
على الرابعة ، فظاهر ؛ لأنّ في الأخبار مقبولا ومردودا ، ومعرفة كلّ منهما تتوقّف
على معرفة رواته وناقليه. وليس غرضنا الآن بيان تفاصيل علوم ينبغي للمجتهد على
الوجوب أو الأولويّة معرفتها ؛ فإنّه يأتي بعد ذلك ، بل غرضنا الآن
__________________
تمهيد مقدّمة لما
نحن بصدده من بيان حقيقة الاجتهاد وحقّيّته ، وتزييف أقوال خرجت مخالفة له.
فنقول : إذ ثبت
ذلك وثبت فيما تقدّم أيضا أنّه لا طريق إلى تحصيل القطع بالحكم من الأدلّة الشرعيّة
، بل الغالب حصول الظنّ به منها ، فالمستنبط إذا أراد استنباط حكم ، فلا بدّ له أن
ينظر إلى أنّه من أيّ دليل يستخرج : من كتاب أو سنّة أو منهما أو من إجماع أو
دلالة عقليّة؟ فإن استخرج من كتاب أو سنّة أو منهما ، فلا بدّ أن يلاحظ أنّ
استنباطه منهما يتوقّف على أيّ مقدّمات ، فيفعل على ما أدّى نظره فيها إليه؟ وإن
لم يكن فيهما ما يمكن استنباطه منه ويتوقّف على ردّه إلى
إجماع أو دلالة عقليّة ، فلا بدّ أن يردّه إليها ويفعل على مقتضى ما يوجبه رأيه
فيهما ، وإن تعارضت فيه الأدلّة ، فينظر في وجوه التراجيح ويفعل ما يقتضيه نظره
فيه.
هذا هو حقيقة
الاجتهاد ، ومن حصل له هذه المرتبة فهو المجتهد ، ووظيفته استنباط الأحكام عن
أدلّتها التفصيليّة ، وغيره المقلّد ووظيفته الرجوع إليه. وهذا معنى قول المتشرّعة
: الناس صنفان : مجتهد ، ومقلّد.
ثمّ إثبات حقّيّة
الاجتهاد وتوقّف الاستنباط عليه يتوقّف على بيان امور :
[
الأمر ] الأوّل : لا ريب في ثبوت التكليف وبقائه.
[
الأمر ] الثاني : لا شبهة في وجوب إطاعة الله وإطاعة حججه ، وهي لا تتحقّق إلاّ بالإتيان
بمرادهم ؛ لأنّ الأصل كون كلّ أحد مكلّفا بفهم مرادهم والعمل به.
ويدلّ عليه ورود
النهي عن التقليد ، ولمّا كان فيه حرج عظيم وتعطيل
امور المعاش ، سقط وجوبه العيني بالكفائي ، فيجب على طائفة تحصيل ما يصلون به
إليه.
ويدلّ عليه ورود
الأمر بالتفقّه ، كقوله تعالى : ( فَلَوْ لا نَفَرَ ) الآية ، وقوله تعالى :
__________________
( فَسْئَلُوا أَهْلَ
الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ؛ حيث دلّ على إيجاب السؤال عن أهل الذكر وهو لا يتمّ بدون وجود أهل الذكر ،
وإيجاب الجواب عليهم ، ولا يمكنهم الجواب بدون الفقاهة ، فيلزم وجوب تحصيله على
طائفة ، وقول الصادق عليهالسلام : « تفقّهوا في الدين ، فإنّه من لم يتفقّه منكم في الدين
فهو أعرابي » .
ويدلّ عليه أيضا :
ورود الأمر عموما أو خصوصا بالإفتاء وإظهار الأحكام للناس ، ورجوع العوامّ إلى
العلماء ، كقول الصادق عليهالسلام لأبان : « اجلس في مسجد المدينة وأفت ، فإنّي احبّ أن أرى
من شيعتي مثلك » ، وغير ذلك.
[
الأمر ] الثالث : قد ثبت بالعقل والنقل والإجماع أنّ شغل الذمّة اليقينيّ محتاج إلى البراءة
اليقينيّة.
[
الأمر ] الرابع : قد ورد النهي عن القول والفتوى بغير علم ، والحكم بغير ما أنزل الله حتّى
عدّ الله الحاكم به كافرا وفاسقا وظالما ، وقال : ( وَأَنْ تَقُولُوا
عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ) ، و ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) ، وحسبك في ذلك
قوله تعالى في شأن نبيّه : ( وَلَوْ تَقَوَّلَ
عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ).
وقد ورد عن الصادق
عليهالسلام : « حقّ الله على العباد أن يقولوا ما يعلمون ، ويكفّوا
عمّا لا يعلمون » .
وعنه : « لا يسعكم
فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلاّ الكفّ والتثبّت » .
وعنه : « من خاف ،
تثبّت على التوغّل فيما لا يعلم ، ومن هجم على أمر بغير علم ، جدع أنف نفسه » .
__________________
وقال الباقر عليهالسلام لزيد بن عليّ : « إنّ الله أحلّ حلالا وحرّم حراما وفرض فرائض وضرب أمثالا ـ إلى
أن قال ـ : فإن كنت على بيّنة من ربّك وتبيّن من أمرك وتبيان
من شأنك ، فشأنك ، وإلاّ فلا ترد من أمر أنت منه في شكّ وشبهة » .
وعن الصادق عليهالسلام : « إيّاك وخصلتين هلك بهما من هلك : أن تفتي الناس برأيك ، أو تدين بما لا
تعلم » .
وعن الباقر عليهالسلام : « من أفتى الناس برأيه ، فقد دان الله بما لا يعلم ، ومن دان الله بما لا
يعلم [ فقد ضادّ الله ] حيث أحلّ وحرّم فيما لا يعلم » .
وعن عليّ عليهالسلام : « أيّها الناس ، اتّقوا الله ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون » .
[
الأمر ] الخامس : قد تظافرت الأخبار بأنّ الفتوى أمر خطير ، والمفتي على شفير السعير ، وقد
صحّ عنهم أنّ : « أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على الله » .
وعن الصادق عليهالسلام : « إنّ القضاة أربعة ، ثلاثة في النار وواحد في الجنّة ... » .
وعنه : « من حكم
بدرهمين بغير ما أنزل الله ، فقد كفر بالله » .
وعن عليّ عليهالسلام : « تبكي منه المواريث ، وتصرخ منه الدماء ، وتولول منه الفتيا ، ويستحلّ
بقضائه الفرج الحرام ، ويحرّم بقضائه الفرج الحلال ، ويأخذ المال من أهله فيدفعه
إلى غير أهله » .
__________________
[
الأمر ] السادس : استنباط الأحكام وفهمها من كلام الله وكلام حججه في أمثال زماننا ليس شريعة
لكلّ وارد ، ولا يطّلع عليه إلاّ واحد بعد واحد ؛ لتوقّفه على جميع ما ذكر وامور
أخر ، مع أنّ حجّيّة أكثر الطرق الموصلة مختلف فيها بحيث صارت معركة لآراء الامّة
، والاستنباط من الأخبار في غاية الصعوبة ؛ لأنّها متدافعة ، والتأويلات من
الجانبين متعارضة ، وأقوال الطائفة مختلفة ، ووجوه الدلالات متفاوتة ، وأمواج
الشبهات متلاطمة ، وأفواج الظلمات متراكمة.
كيف؟ وقد اختلط
الصحيح بالسقيم ، وامتزج الاصطلاحات الجديدة بالقديمة بحيث يصعب الامتياز ،
ويتوقّف دلالة أكثر الأخبار على المراد على الاستعانة بغيرها بحيث لولاه فهم منها
خلاف المراد.
ومن ذلك الأوامر
الواردة بعد الحظر الثابت بأدلّة أخر ، والنواهي الواردة بعد الوجوب الثابت بأدلّة
أخر ؛ فإنّ دلالتها على الرخصة تتوقّف على العلم بأدلّة الحظر والوجوب ؛ إذ لولاه
فهم منهما معانيهما الحقيقيّة ، ويتوقّف دلالة أكثرها على التمسّك بقول أهل اللغة
وأصالة العدم أو البقاء وغير ذلك.
ويتوقّف فهم كثير
من الاصطلاحات ومعاني الألفاظ على الممارسة التامّة في الأخبار والألسن بها ، ولا تعرف بمجرّد ملاحظتها.
وأيضا جلّ الأحكام
الشرعيّة والكيفيّات الدينيّة ذوات آداب وحدود وشعب وفروع يتوقّف بعضها على بعض ،
ولا يهتدي إلى واحد إلاّ بعد الإحاطة بالكلّ ، وهو يتوقّف على العلم بمجموع
الأدلّة المتلاحقة ، ولا يقدر على مثله غير المحقّق المتبحّر ، ومع ذلك احتمال
التقيّة في كثير من الأخبار قائم ، فلا بدّ من التثبّت عند كلّ خبر ليعلم أنّه هل
خرج مخرج التقيّة أم لا؟
وقد كان أصحاب
الأئمّة عليهمالسلام يثبتون عند سماع الأحاديث لذلك حتّى أنّهم لو كانوا يشمّون
من خبر رائحة التقيّة ، يقولون لناقله : أعطاك من جراب النورة ، وكثيرا ما كان نقلة
__________________
الأخبار يروونها
بالمعنى ، فربما نقلوها بعبارات قاصرة عن إفادة المرام أو مفيدة لخلافه. وهذا ظاهر
من المحاورات العرفيّة ، وربما صدر خلافه منهم غفلة ، كما إذا أرادوا أن يقولوا : «
إن خرج الدم من الأيسر فهو حيض ، وإن خرج من الأيمن فهو قرحة » ، فيقولوا عكسه غفلة ، ويمكن أن يكون الاختلاف في هذه الرواية لذلك ، ومن
تأمّل في الأخبار يجد أنّ ما يصعب لأجله الاستنباط فيها كثير.
وناهيك في ذلك قول
عليّ عليهالسلام في الحديث المشهور الوارد في سبب الاختلاف : « إنّ في أيدي
الناس حقّا وباطلا ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وعامّا وخاصّا ، ومحكما
ومتشابها ، وحفظا ووهما ، وقد كذب على رسول الله ... » .
وقول الصادق عليهالسلام : « إنّ في حديثنا محكما كمحكم القرآن ، ومتشابها كمتشابه القرآن ، فردّوا
متشابهها دون محكمها ، ولا تأخذوا بمتشابهها ؛ فتضلّوا » .
وقوله عليهالسلام : « خبر تدريه خير من عشرين خبرا ترويه ـ إلى أن قال ـ : والله لا نعدّ الرجل
من شيعتنا فقيها حتّى يلحن له ، فيعرب اللحن » .
وإذا كان الأمر
كذلك ، فالجمع والتوفيق ودرك الحقّ يحتاج إلى قوّة ربّانيّة ، وملكة قدسيّة ، وذوق
سليم ، وطبع مستقيم ، كما دلّت عليه أخبارهم.
[
الأمر ] السابع : أكثر الطرق الموصلة إلى الأحكام لا يفيد العلم ؛ لما ذكرنا هنا ، ولما تقدّم في أوائل الكتاب . نعم ، يحصل
العلم عن قليل منها.
وإذا عرفت هذه
الامور ، فنقول : يستفاد منها لزوم بذل الجهد وصرف الهمّة في تحصيل العلم أو الظنّ
بالأحكام الشرعيّة من أدلّة متعارضة يصعب الاستنباط منها ، ويتوقّف على مقدّمات
عقليّة ونقليّة ولغويّة ، ولا يمكن بدون ذلك ، وهذا هو الاجتهاد ، فثبت منها
حقّيّته.
__________________
ويؤكّده ما ثبت
عندنا ـ كما يأتي ـ أنّ لله في كلّ واقعة حكما واحدا واقعيّا ؛ إذ يلزم
السعي حينئذ لتحصيله مهما أمكن ، وهو لا يتمّ بدون التمسّك بطريقة أهل الاجتهاد ،
وأنّى يمكن بدونه مع ظهور التوقّف وعدم إمكان درك حكم بدون تفريع الفروع وردّها
إلى ما أسّسه المجتهدون من الاصول؟
وكيف لا يكون طريق
الاجتهاد حقّا ، مع أنّه ليس إلاّ استنباط الحكم ممّا يثبت حجّيّته من الشريعة من
الآيات والأخبار ، أو الإجماع الذي علم دخول قول المعصوم فيه ، أو الدلالة
العقليّة التي ثبت حجّيّتها بالشرع ، أو العقل الذي هو حجّة من عند الله ـ كما
دلّت عليه الآثار ، ونطقت به الشواهد الواردة من الحجج الأخيار ـ أو القياس المنصوص العلّة مع العلم بعدم مدخليّة خصوص محلّ الأصل ، وهل
التمسّك به بعد ذلك ليس تمسّكا بقول المعصوم عليهالسلام؟
ثمّ التمسّك في
مقام الاستدلال ببعض المسائل الاصوليّة ، والمقدّمات اللغويّة ، والشواهد العرفيّة
لأجل توقّفه عليها وعدم إمكان استخراج المسائل بدونها. وقل لي ما لم يثبت أنّ
الأمر حقيقة في الوجوب كيف يحكم بأنّ ما يفهم منه يلزم علينا ولا يمكن تركه؟! وما
لم يثبت أنّ الجمع المعرّف باللام موضوع للعموم كيف يحكم بأنّه يفيد الاستغراق
والشمول؟! وقس عليهما غيرهما ، ففعل المجتهد ليس إلاّ السعي في درك الأحكام من قول
الله وقول حججه وإن كان ذلك بمعونة مقدّمات يتوقّف دركه عليها.
فالفرق بين
المجتهد من الخاصّة والمجتهد من العامّة أنّ الأوّل يفتي بما فهم من قول المعصوم
وإن احتاج فهمه إلى الفكر والنظر ، والثاني يفتي بما يستنبطه من أصل قرّره هو
بنفسه.
والتأمّل يعطي
أنّها ليست قاعدة اصوليّة عند الشيعة إلاّ وهي في الحقيقة ملقاة
إليهم من
__________________
الأئمّة عليهمالسلام وليس فعل مجتهديهم إلاّ التفريع ، فانطبقت طريقتهم على قولهم عليهمالسلام : « علينا أن نلقي إليكم الاصول ، وعليكم أن تفرّعوا » .
وأيضا لمّا ثبت أنّه
لا طريق إلى العلم بالأحكام غالبا ، فتعيّن الاكتفاء بالظنّ بقضاء الضرورة ، وعدم
لزوم التكليف بالمحال ، وانعقد الإجماع على أنّ المعتبر ظنّ المجتهدين الحاصل من
الطريقة المتعارفة بينهم دون ظنّ غيرهم ، فثبت بالإجماع حقّيّة طريقتهم ، وفساد
طريقة غيرهم.
لا يقال : قضاء
الضرورة وسدّ باب العلم يقتضي حجّيّة ظنّ غيرهم أيضا.
لأنّا نقول : بعد
رفع الضرورة بحجّيّة ظنّ المجتهد وانعقاد الإجماع على عدم اعتبار ظنّ غيره ، يندفع
هذا الكلام.
كيف؟ ولو جاز
العمل بكلّ ظنّ ، لكان مثل ظنّ الأطفال والنساء والجهّال حجّة ؛ لعدم الفرق بين
الظنون بعد التعدّي عن ظنّ المجتهد.
وأيضا لمّا كان
التكليف اليقيني محتاجا إلى البراءة اليقينيّة ، فإذا بذلنا جهدنا واستفرغنا وسعنا
ـ على ما هو طريقة المجتهدين ـ وحصّلنا ما هو أقرب إلى الحقّ ، وأحرى بالصواب عند
ظنّنا ، كان هو حكم الله في حقّنا ، وقطعنا بالبراءة من العمل به ؛ لأنّ الشارع لا
يريد منّا أزيد من ذلك ؛ لأنّه فوق وسعنا.
وأمّا إذا كان دون
ذلك فلا يحصل من العمل به اليقين بالبراءة ؛ لاحتمال أن يريد الشارع منّا أزيد من
ذلك ؛ لتمكّننا منه.
ثمّ المخالفة مع
المجتهدين في طريقهم هذه في موضعين :
الأوّل : في جواز العمل بالظنّ ؛ فإنّ جلّ الأخباريّين ذهبوا إلى
عدم جواز العمل به في أحكام الله ، وقالوا : لا بدّ من العلم بها ، وصرّحوا بأنّ
الأخبار المدوّنة في الكتب الأربعة تفيد العلم ، وقد تقدّم
تفصيل مذهبهم في ذلك مع إبطاله في أوائل الكتاب .
__________________
الثاني : في توقّف الاستنباط على الملكة ـ كاملة كانت أو متجزّئة
ـ وعلى ما ذكر من المقدّمات الاصوليّة والرجاليّة وغيرهما ؛ فإنّ أكثر الأخباريّين
ذهبوا إلى أنّه لا يتوقّف على شيء من ذلك ، بل قالوا : إنّ الثابت وجوب إطاعة الله
وإطاعة اولي الأمر ، فمن سمع آية أو حديثا وفهم مرادهم منهما كما يفهم مراد غيرهم
من كلامه ، يجب عليه العمل بمقتضى فهمه ، ولا يتوقّف هذا الفهم على ما ذكره
المجتهدون من المقدّمات العقليّة والنقليّة واللغويّة ، ولا يلزم عليه العلم بسائر
الآيات والأخبار ، والتفحّص في أنّه هل له معارض أو مخصّص أم لا؟ بل لو انحصر
اقتداره على فهم آية واحدة أو حديث واحد ، لجاز له العمل ، بل لو أنّ أعجميّا علم
معنى خبر معلوم النسبة إلى المعصوم بترجمة الثقة المأمون ، جاز له العمل به وإن لم
يقدر على فهمه لو لم يترجمه ، فلا يجب على من ليس ماهرا في علم الحديث ، محيطا
بعامّه وخاصّه ، مطلقة ومقيّده ، ما له معارض وما ليس له معارض ، ما صدر تقيّة وما
لم يصدر تقيّة ، ما هو مطابق للواقع وما ليس كذلك ، ولا عارفا بوجوه التراجيح
الاجتهاديّة والمنقولة ، ولا مقتدرا على الترجيح عند التعارض أن يرجع إلى من هو
كذلك ، بل كلّ ما يفهمه يعمل به من غير لزوم تقليد لغيره ، وما لا يفهمه يسأله عن
غيره .
واحتجّوا على ذلك
بوجوه :
منها : الطريقة
المستمرّة بين أصحاب النبيّ والأئمّة عليهمالسلام ، فإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يحدّث أصحابه ، فيفهمون من قوله حكم الله ويعملون به
من غير توقّف لاحتمال المعارض أو المخصّص أو غيرهما.
وربما يرسل بعضهم
بالأخبار ، إلى أهل البلاد والقفار ، وبمجرّد النقل والسماع يعملون بما يفهمونه ،
فيعملون بالعامّ إلى مجيء المخصّص ، وبالمطلق إلى مجيء المقيّد ، وبالذي سينسخ إلى
ورود الناسخ ، ولم يكونوا يتوقّفون لاحتمال ورود المعارض أو المخصّص أو الناسخ أو
توقّف الفهم على مقدّمات لم يكونوا يعلمونها.
وهكذا كان الأمر
إلى زمان الصادق عليهالسلام فجمع بعض أصحابه بعض الأخبار المتعلّقة ببعض الأحكام ،
وكان هو ومن عنده هذا الأصل يعملون به ، مع أنّه لم يستقص فيه مخصّص
__________________
كلّ عامّ فيه ،
ومقيّد كلّ مطلق فيه ، ومعارض كلّ خبر فيه ، ولم يكونوا يتوقّفون فيما يفهمون منه
حتّى يتأمّلوا في أنّ استنباطهم يتوقّف على أيّ مقدّمات وأيّ علوم ، ولا في العمل
حتّى ينظروا في أصل آخر هل فيه مخصّص ، أو معارض ، أم لا؟ مع أنّهم لو نظروا إلى
الاصول الأربعمائة ، لأمكن أن لا يظفروا بشيء من ذلك ؛ إذ قد يكون العامّ في كلام
الصادق عليهالسلام والمخصّص في كلام القائم عليهالسلام ، وكذا الحال في المعارض ؛ على أنّه لم تكن الأخبار
الدالّة في وجوه التراجيح في أكثر الاصول ، وربما كان في أصل خبر ومعارضه ، ومع
ذلك يعملون بأحدهما من غير سعي للترجيح ، وكان الأئمّة عليهمالسلام عالمين بأنّهم هكذا يفعلون ولم ينقل من واحد منهم منعهم عن ذلك.
وهكذا كان الأمر
إلى زمان تأليف الكافي ، فكان من عنده يكتفي به إلى
زمان تأليف الفقيه فكان من عنده أحدهما يكتفي به ، وقد صرّح الشيخان بجواز العمل
بما في كتابيهما .
وإذا كان الأمر كذلك
، فنقول : التكليف المستمرّ لم يتغيّر ، فمن كان عنده أحد الكتب الأربعة ، يجوز له
الاكتفاء بما يفهمه من أخباره من المناطيق والمفاهيم ، ولا يجب عليه جمع جميعها ،
والإحاطة بجميع ما فيها ، ثمّ إن ظهر له مخصّص أو مقيّد ، يعمل بمقتضاهما ، وإن
ظهر له معارض ، فإن بلغه وجه واحد من وجوه التراجيح يجري فيه ، وإن بلغه أكثر من
واحد يعمل بمقتضاه ، ومع تعارض وجوه التراجيح لا بدّ له من ترجيح واحد أو التخيير
، وإن لم يبلغه شيء من وجوه التراجيح ، فليسأل من الأعلم حتّى يظفر به.
وهكذا حال من
اجتمع عنده جميع الكتب الأربعة أو أزيد ، ولا يصحّ له منع من عنده بعضها عن العمل
به ، وإيجاب الإحاطة بما لديه ، أو التزامه قبول ما فهمه.
ومنها : الطريقة
المستمرّة في المحاورات العرفيّة ، وخطاب الشارع إنّما هو على نحو الخطابات
العرفيّة ، ولا ريب أنّه إذا خوطب العارف بلغة بخطاب يراه يعمل بمقتضى ما
__________________
فهمه وإن كان
مستلزما لمتاعب كثيرة ومشاقّ شديدة ، ولا ينتظر أن يحصل له القطع بمراد المتكلّم ،
بل يعمل به وإن كان من المحتمل عنده أن يكون غرض المتكلّم خلاف ما فهمه ، ولذا لو
أمر السلطان بأحد خدّامه بحمل كلّ دينار عنده ، واستصحاب عبد يشتريه ، والمسافرة
إلى بلد في وقت معيّن ـ يفهم من خطابه ثبات رأيه ، وعموم الدينار ، وإطلاق العبد بحيث
يشمل المؤمن والكافر ـ فاشترى كافرا ، وحمل جميع ما عنده من الدنانير ، وسافر
معهما عند الوقت المذكور ، لم يذمّ ولم ينسب إلى تقصير باحتمال
ندامة الآمر عن أمره ونسخه ولم يبلغه الناسخ ، وإخراج بعض الدنانير ، وتقييد العبد
بالمؤمن ولم يصل إليه المخصّص والمقيّد ، وكذا الحال في خطابات الشارع.
ومنها : ما دلّ
على أنّ الله تعالى لم يدع شيئا ممّا يحتاج إليه الناس إلاّ أنزله في كتابه ، أو
بيّنه نبيّه صلىاللهعليهوآله في سنّته ، فلم يبق شيء من العلوم الاعتقاديّة والعمليّة
إلاّ ورد في كتاب أو سنّة حتّى أرش الخدش ، والجلدة ونصف الجلدة ، كقوله تعالى : ( ما
فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ).
وقوله : ( وَلا
رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ ).
وقول عليّ عليهالسلام : « أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه ، أم كانوا شركاء له
ولهم أن يقولوا وعليه أن يرضى ، أم أنزل الله سبحانه دينا تامّا فقصّر الرسول صلىاللهعليهوآله عن تبليغه وأدائه ، والله سبحانه يقول : ( ما فَرَّطْنا فِي
الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ )؟ ».
وقول الباقر عليهالسلام : « إنّ الله لم يدع شيئا يحتاج إليه الامّة إلاّ أنزله في كتابه وبيّنه
لرسوله ، وجعل لكلّ شيء حدّا ، وجعل عليه دليلا يدلّ عليه ، وجعل على من تعدّى ذلك
الحدّ حدّا » .
وقول الصادق عليهالسلام : « ما من شيء إلاّ وفيه كتاب أو سنّة » .
__________________
وقوله : « ما من
أمر يختلف فيه اثنان إلاّ وله أصل في كتاب الله » .
وقول الكاظم عليهالسلام : « كلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه » .
وقوله ـ بعد
السؤال عنه : هل أتى رسول الله بما يكتفون به؟ ـ : « نعم ، وما يحتاجون إليه إلى
يوم القيامة » .
وقوله ـ بعد
السؤال عنه : هل ضاع من ذلك شيء؟ ـ : « لا ، هو عند أهله » .
وقول الرضا عليهالسلام : « إنّ الله لم يقبض نبيّه صلىاللهعليهوآله حتّى أكمل الدين ، وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كلّ شيء
وبيّن فيه الحلال والحرام ، والحدود والأحكام ، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملا ،
فقال عزّ وجلّ : ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) وأنزل في حجّة الوداع ـ وهي آخر عمره ـ صلىاللهعليهوآله : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) وأمر الإمامة من تمام الدين ولم يمض حتّى بيّن لامّته
معالم دينهم ، وأوضح لهم سبيله ، وتركهم على قصد الحقّ ، وأقام لهم عليّا علما
وإماما ، وما ترك شيئا يحتاج إليه الامّة إلاّ بيّنه ... » . الحديث.
وغير ذلك من
الأخبار الواردة في هذا المعنى ، وهي كثيرة تكاد تبلغ حدّ التواتر.
ولا ريب أنّ القول
بالرأي والاجتهاد ينافي ذلك ، ولذا بسط الكلام في إثبات هذا المرام فضل بن شاذان
في كتابه المسمّى بـ : الإيضاح ردّا على العامّة في قولهم بالاجتهاد والرأي ، وهو من قدماء الطائفة وأجلّتهم ، وقد ترحّم عليه
أبو محمّد عليهالسلام مرّات ، وصنّف مائة وثمانين كتابا .
__________________
ومنها : الأخبار
الدالّة على المنع عن أخذ الأحكام ومعالم الدين عن غير الأئمّة وحجج الله ، كقول الصادق
عليهالسلام : « إيّاك أن تنصب رجلا دون الحجّة ، فتصدّقه في كلّ ما
قال » .
وقوله عليهالسلام ـ بعد سؤاله عن قول الله تعالى : ( اتَّخَذُوا
أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ) ـ : « أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ، ولو دعوهم ما
أجابوهم ، ولكن أحلّوا لهم حراما ، وحرّموا عليهم حلالا ، فعبدوهم من حيث لا
يشعرون » .
وقوله عليهالسلام : « من أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان الناطق عن الله ، فقد عبد الله ،
وإن كان عن الشيطان ، فقد عبد الشيطان » .
وقوله : « ما جعل
الله لأحد خيرا في خلاف أمرنا » .
وقوله عليهالسلام : « من دان الله بغير سماع عن صادق ، ألزمه الله البتّة إلى الفناء ، ومن ادّعى سماعا عن غير الباب الذي فتحه الله لخلقه ، فهو مشرك ، والباب
المأمون على وحي الله محمّد صلىاللهعليهوآله وآله » .
وقوله : « كذب من
زعم أنّه يعرفنا وهو متمسّك بعروة غيرنا » ، إلى غير ذلك.
ولا ريب أنّ أخذ
الحكم بالاجتهاد والرأي أخذ من غير الأئمّة ومن قوله حجّة.
ومنها : الأخبار
الدالّة على وجوب العمل بأحاديث الحجج ، والرجوع إلى رواة الأحاديث من غير اشتراط
شيء آخر ، كقول الصادق عليهالسلام : « فمن أخذ بشيء منها ، فقد أخذ حظّا وافرا » ؛ إذ ليس المراد بالأخذ الأخذ للقراءة أو للنقل إلى المجتهد ، بل الأخذ للعمل
به.
__________________
وقوله عليهالسلام : « إن أخذتم بها رشدتم ونجوتم ، وإن تركتموها ضللتم وهلكتم ، فخذوا بها وأنا
بنجاتكم زعيم » .
وما روي من الحثّ
على حفظ الأربعين حديثا ممّا ينتفع به الناس في أمر دينهم . ولا ريب أنّ الأربعين لا يشتمل على ما يحصل به المهارة والإحاطة.
وقول الصادق عليهالسلام : « اعرفوا منازل الرجال على قدر روايتهم عنّا » .
وما ورد من
التوقيع بخطّ القائم عليهالسلام : « أمّا الحوادث الواقعة ، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا
؛ فإنّهم حجّتي عليكم » .
وقول العسكري عليهالسلام : « خذوا بما رووا » .
وقولهم : « لا عذر
لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا » .
وقول الهادي عليهالسلام لرجلين سألاه عمّن يأخذان معالم دينهما : « اعمدا في دينكما إلى كلّ مسنّ في حبّنا
و [ كلّ ] كثير القدم في أمرنا » .
وما روي من الحثّ
على رواية الحديث ، وكتابته ، والتحديث بما في الكتب .
ولا ريب أنّ الحثّ
على الرواية والكتابة ، والمدح عليهما ليسا على مجرّدهما ، بل على ما يؤدّيان إليه
من العمل.
وبالجملة ، ليس في
هذا الباب من الأخبار إلاّ ما يدلّ على الرجوع إلى الرواة بسماع
__________________
الرواية والعمل
بمقتضاها ، وليس فيها ما يدلّ على لزوم الرجوع إلى فتاوى الفقهاء ، ولزوم الملكة
للمستنبط العاقل.
وكذا ليس في باب
وجوب الجمع بين الأحاديث إلاّ ما يدلّ على لزوم الترجيح إذا اتّفق العثور على خبر
ومعارضه ، ومع العجز عنه حكمه التخيير. ولا يحتاج الجمع والترجيح الواردان في
الأخبار إلى كثير قوّة ، بل ربما فهم من اختلاف
الأخبار الواردة لبيان وجوه التراجيح أنّ العاجز عن الترجيح حين سماع المتعارضين
حكمه التخيير ابتداء ، وليس فيها ما يدلّ على لزوم الفحص عن المعارض ، ولا على
لزوم التربّص للعاجز وتحصيل ما يتوقّف عليه الترجيح ، ثمّ إن رجّح فذاك ، وإلاّ
فله التخيير.
ثمّ قالوا : إنّ
التفريع الذي يلزم علينا وامرنا به في قولهم عليهمالسلام : « علينا أن نلقي إليكم الاصول ، وعليكم أن تفرّعوا » ليس إلاّ ضمّ الصغريات في مثل قولهم : « كلّ ماء طاهر حتّى يعلم أنّه قذر » ، و « كلّ ذي عمل مؤتمن في عمله » ، و « اليقين لا
ينتقض بالشكّ » ، و « لا حرج في الدين » ، وغير ذلك ، وهو لا يتوقّف على تحصيل الملكة ، وليس
مرادهم من الاصول المسائل المدوّنة في كتب اصول الفقه.
كيف؟ وإنّهم وعدوا
الإلقاء ولم يسمع أنّ أحدا منهم ألقى إلى واحد من أصحابه أنّ مقدّمة الواجب واجبة
، أو أنّ الأمر والنهي لا يجتمعان في شيء واحد ، أو أنّ الأمر يفيد الفور أو
التراخي ، أو أنّ العامّ المخصوص حجّة في الباقي ، أو أنّ بعض المفهومات حجّة
وبعضها ليس بحجّة ، وغير ذلك.
__________________
فإن قيل : إنّ
أصحاب الأئمّة عليهمالسلام كانوا يعرفون هذه المسائل بسليقتهم والأئمّة عليهمالسلام يعرفون حالهم ، ولذا انسدّ بينهما باب الإفادة والاستفادة فيها.
قلنا : إنّ علم
الاصول قد ظهر في أواخر عصر الباقر عليهالسلام ، ثمّ طال التشاجر والتنازع في مسائله بين أهله إلى زماننا
هذا ، فما الذي غيّر سليقة غير أصحابنا ولم يغيّر سليقتهم إلى زمان الغيبة الكبرى
، ثمّ غيّر سليقتهم؟ فلو توقّف الأحكام على هذه المسائل ، لوقع الكلام فيها بين
أصحاب الأئمّة وبيّنوا به لهم ما هو الحقّ فيها.
فإن قيل : أكثر
فروع تلك المسائل ليست بديهيّة وليس لها مدارك من الكتاب والسنّة ، فلا بدّ من
العمل بها ، وردّ الفروع إليها واستنباطها منها ؛ لئلاّ يلزم سدّ باب الأحكام.
قلنا : لا يوجد
فروع لم يمكن استنباطها إلاّ من هذه الاصول المخترعة ولم يكن لها شواهد من الكتاب
والسنّة ، ولذا هاهنا قوم لا يعملون بها وليسوا متحيّرين فيما فرّعوا عليها من
الفروع.
هذا غاية كلامهم
في المقام ، لم آل في تحريره وتوضيحه جهدا ، ولم ادّخر فيه نصحا ، وخرجنا فيه عن
طور الكلام ؛ ليطّلع الناظرون على جميع احتجاجاتهم وكلماتهم ، ثمّ يعلموا ممّا
تقدّم وممّا يأتي ما فيها من الوهن
والضعف.
فنقول : إنّك وإن
أمكنك أن تعلم فساد هذه الشبهات واندفاعها ممّا سبق منّا ، إلاّ أنّا نقول هنا لزيادة الإيضاح :
إنّ ما تمسّكوا به
من الطريقة المستمرّة في خطابات النبيّ والأئمّة عليهمالسلام لأصحابهم ، وفي المحاورات العرفيّة ـ إن سلّم ـ فإنّما ذلك
لأجل أنّ خطاباتهم شفاهيّة حضوريّة يظهر المراد منها بأدنى توجّه لكلّ عارف بها ،
ولو وقع فيه خفاء ، يمكن أن يسأل عنه.
ولا يمكن أن يقع
فيها قطع أو إضمار أو إرسال أو تقطيع أو تصحيف أو تشكيك بأنّها هل هي حجّة أم لا؟
وعلى فرض الحجّيّة هل هي صحيحة أو ضعيفة؟
__________________
ولا يوجد لها
أسانيد يقع التشكيك في بعض رواتها بأنّه ثقة أم لا بتعارض الجارح والمعدّل.
ولا يوجد لها
معارض بالفعل يقع الاحتياج لأجله إلى الجمع والترجيح وبتعارض وجوه التراجيح لزم
الافتقار إلى إمعان الفكر وجولان النظر للظفر بما يقع لأجله الخلاص.
ولا يوجد لها
بالفعل مخصّص أو مقيّد يقع الاحتياج إلى التخصيص والتقييد ، ولم يشتبه فيها اصطلاح
المتكلّم ليحتاج إلى الفحص عنه. وغير ذلك من وجوه الاختلالات ، وأسباب الاشتباهات
التي يحتاج لأجلها إلى بذل المجهود ، لتحصيل المقصود ، بخلاف خطابات الشارع
بالنسبة إلينا ، فإنّه لمّا كان جميعها بعلاوة الافتقار إلى غيرها ـ من المقدّمات
اللغويّة والاصوليّة والرجاليّة والعقليّة ـ موجودا فيها ، لم يجز قياسها على
الخطابات العرفيّة ، وخطابات النبيّ والأئمّة بالنسبة إلى أصحابهم ؛ لأنّ فهم
المراد منها ـ والحال هذه ـ بدون الظنون الاجتهاديّة ممتنع ، والمنكر مكابر.
ولذا لو أرسل
السيّد إلى عبده كتابا فيه أوامر ، وعلم أو ظنّ أنّ بعضها ليس على ظاهره ، بل
المراد منه التهديد ـ مثلا ـ ولم يعرفه بخصوصه ، وكان متمكّنا من معرفته بالمراجعة
إلى عبد آخر له ، أو كتاب آخر عنده ، لزم عليه المراجعة ، ولو لم يرجع وعمل
بالظاهر ، ثمّ عاتبه السيّد لمسامحته في تحقيق مراده ، لكان العتاب بمكانه ولم
يذمّه العقلاء وذمّوا العبد.
وكيف يقول عاقل
بصحّة العمل بخبر بمجرّد ملاحظته ، مع أنّا نعلم إجمالا أنّه لا يكاد يوجد خبر لم
يكن مدلوله مختلفا فيه ، ولم يوجد له معارض من آية أو خبر آخر أو غيرهما من
الأدلّة المعتبرة؟ وهل إذا علمنا به من دون فحص ، ثمّ عثرنا بأدنى توجّه على معارض
أقوى منه لم يتوجّه ملامة مع أنّ توجّهه حينئذ لا يمكن أن ينكر؟
ثمّ على ما ذهبوا
إليه ـ من جواز العمل بكلّ خبر وعدم جواز العمل بدليل آخر ـ لا أدري ما يقولون في
خبر لم يقل بمدلوله أحد ، وخلافه متّفق عليه بين الطائفة ، وفي حكم إجماعي لا يدلّ
عليه خبر أصلا ؛ فإنّ وجودهما ممّا لا يمكن أن ينكر.
وأمّا الأخبار
الدالّة على أنّ كلّ حكم في كتاب الله ، أو سنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله فهي حجّة لنا ، لا
__________________
لهم ؛ لأنّه لا
ريب في أنّ جميع الأحكام المحتاج إليها ـ التي ما زبر في كتاب الفروع تذر منها ـ ليست ظاهرة من ظواهر القرآن والسنّة ، والمنكر لذلك مكابر.
فالمراد من
الأخبار أنّ الجميع ممّا يمكن أن يستنبطه الماهرون منهما بمعونة المقدّمات
العقليّة والنقليّة ، وبوجوه الدلالات من الصريحة والفحوائيّة ، والمطابقيّة
والتضمّنيّة والالتزاميّة ، والإيماء والإشارة ، والمنطوق والمفهوم ، أو بالنصّ
على العلّة ، أو اتّحاد طريق المسألتين ، أو تنقيح المناط ، أو بالإجماع الذي علم
دخول قول المعصوم فيه ؛ لأنّ الحكم المعلوم منه علم في الحقيقة من قول المعصوم ،
إلى غير ذلك.
ولا ريب أنّ
الاستنباط على هذا النحو هو عين الاجتهاد ، ولو كان استنباط الحكم منحصرا بما ذكره
الأخباريّون ، لزم طرح هذه الأخبار رأسا ؛ على أنّ وجود كلّ حكم في السنّة لا
يقتضي وصوله إلينا ؛ لأنّ أئمّتنا لم يتمكّنوا من إظهار الجميع.
وطعن قدماء
أصحابنا ـ كالفضل وغيره ـ على العامّة لقولهم بالرأي والاجتهاد ، واحتجاجهم بها
عليهم إنّما هو على ما ذهبوا إليه من العمل بالأقيسة الفاسدة ، والاستحسانات
العقليّة ، والمصالح المرسلة. ومرادهم من الرأي والاجتهاد اللذين نسبوهما إليهم
ذلك ، لا ما عداه ممّا يتوقّف فهم الأدلّة الشرعيّة عليه ، وذهب الفرقة المحقّة
إلى حجّيّته ، ودوّنه رؤساء الشيعة وعظماؤهم كالمفيد والمرتضى والشيخ في مصنّفاتهم
.
وأمّا الأخبار
الدالّة على المنع من أخذ الأحكام من غير حجج الله ، والدالّة على وجوب العمل
بأحاديثهم ، والرجوع إلى رواة أخبارهم ، فلا ريب فيها
ونحن لا ننكرها ، بل نقول : أخذ الأحكام من كلامهم يتوقّف على العلم بمقدّمات ،
وبذل الجهد واستفراغ الوسع ؛ لأنّ أحاديث آل محمّد صلىاللهعليهوآله صعبة مستصعبة لا يحملها كلّ أحد ، وفيها عامّ وخاصّ ،
ومطلق ومقيّد ، ومحكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ كما مرّ مفصّلا ، فلا بدّ من بذل المجهود ،
__________________
ليستنبط منها
المقصود ، وهل يقول المجتهدون بصحّة أخذ الأحكام من غير حجج الله؟ وهل يدلّ هذه
الأحاديث على أنّ استنباط الأحكام من أقوالهم لا يتوقّف على شيء ممّا ذكره أهل
الاجتهاد ، وأنّ كلّ أحد يفهم حديثهم؟ فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا؟
وما قالوا أخيرا
من أنّ هذه المسائل الاصوليّة لو كانت محتاجا إليها ، لبيّنها الأئمّة لأصحابهم ، وكان من لم يعمل بها من أصحابنا وطرحها خلف قاف متحيّرا.
ففيه أنّ أصحاب
الأئمّة ؛ لتمكّنهم من أخذ كلّ حكم مشافهة منهم ، لم يكونوا محتاجين إلى هذه
المسائل ليبيّنها لهم الأئمّة عليهمالسلام ، والاحتياج إليها إنّما نشأ في زمان الحيرة وعدم التمكّن
من أخذ كلّ حكم من صريح أقوالهم ، وعدم عمل من لا يعمل بها من أصحابنا الأخباريّين
فإنّما هو باللسان ، وأمّا عند العمل فهو عامل بها ، كما يرشدك إلى ذلك كتبهم.
ولهم بعض شبهات في
الاحتياج إلى علم الاصول ، والرجال ، وغيرهما ـ ممّا يتوقّف عليه الاجتهاد ـ يأتي
في موضعه .
فصل [٢]
اختلفوا في تجزّي
الاجتهاد بمعنى جريانه في بعض المسائل دون بعض. وتصويره أنّه هل يمكن أن يحصل
للعالم ما هو مناط الاجتهاد من الأدلّة في بعض المسائل فقط أو لا؟ وإذا حصل ، فهل
له أن يجتهد فيها ، ولا يتوقّف على أن يكون مجتهدا مطلقا عنده ما هو مناط الاجتهاد من
الأدلّة في جميع المسائل أو لا ، بل يتوقّف على كونه مجتهدا مطلقا؟
وبعبارة اخرى هل
يمكن تجزّي الملكة ـ بمعنى حصولها بالنسبة إلى بعض الأحكام دون بعض لا بمعنى تجزّي
نفس الملكة ؛ لأنّه غير معقول ـ أو لا؟ ومع إمكانه هل يجوز له أن يجتهد في هذا
البعض أم لا؟
__________________
فهنا مقامان :
[
المقام ] الأوّل : في إمكان حصول الملكة بالنسبة إلى بعض المسائل دون بعض ، بمعنى اقتداره على
استنباطه على وجه يساوي استنباط المجتهد المطلق.
والحقّ ، أنّ ذلك
ممكن ، بل واقع ، فإنّه قد يحصل الاقتدار على نوع خاصّ أو صنف خاصّ من الأحكام ؛
للانس بمداركه والاطّلاع على مآخذه دون نوع أو صنف آخر.
ويرشدك إلى ذلك
تجزّي الاقتدار والاستعداد في العلوم الآليّة والعربيّة والطبيعيّة والإلهيّة
والشعر والإنشاء والترسّل وغيرها من الصناعات ، والفرق تحكّم. ولعلّ المنكر أخذ
التجزّي بمعنى تجزّي نفس القوّة ، لا بمعنى حصولها بالنسبة إلى بعض الأحكام ، ولا
بمعنى تجزّي الاجتهاد الفعلي. وسقوطه يعلم ممّا حرّرناه.
فإن قيل : كلّ ما
يقدّر جهله ـ من معاضد ، أو معارض ، أو مخصّص ، أو مقيّد ـ يجوز تعلّقه بالحكم
المفروض ، فلا يحصل له ظنّ عدم المانع ممّا يعلمه من الدليل.
قلت : المفروض
حصول جميع ما يتعلّق بهذا الحكم ـ من الأدلّة بحسب ظنّه نفيا وإثباتا بالأخذ عن
مجتهد ، أو تحرير أهل الاجتهاد ـ وضمّ كلّ إلى جنسه ، فيحصل له الظنّ بعدم المانع.
فإن قلت : هذا
الفرض في المتجزّي محال ؛ لأنّه لا ينفكّ عن العلم بجميع المدارك ؛ لأنّه قد يكون
معارض ما في كتاب الطهارة أو الصلاة مثلا ، أو مخصّصه في كتاب الديات وأمثاله ،
فينبغي للمتجزّي أن ينظر إلى جميع الأخبار ، ويمكن أن يكون ما ينافيه من الأدلّة
الاصوليّة في كلّ واحد من أبواب كتب الاصول ، فلا بدّ له أن يلاحظ جميع الأبواب ،
وعلى هذا يكون محيطا بمدارك كلّ الأحكام.
قلت : الظاهر حصول
العلم العادي أو الظنّ بعدم المعارض والمخصّص للمتجزّي بمجرّد الإحاطة بما في
الكتب الاستدلاليّة من أدلّة هذا الحكم ؛ إذ أصحابها أهل الاجتهاد على الإطلاق ،
ولا يشترط في المتجزّي أزيد من مساواته للمطلق ، ويبعد أن يعثروا على معارض قويّ
يمكن أن يختلف لأجله الحكم ولم يذكروه في كتبهم حين الاستدلال. هذا.
ولا يذهب عليك أنّ
من يتمكّن من الإحاطة بأدلّة حكم واحد بالأخذ من كتب الاستدلال أو بالسماع من
المجتهد ، يتمكّن من أخذ كثير من المسائل والأحكام بأحد هذين الطريقين ؛ إذ ما من
حكم سهل المأخذ إلاّ وله نظائر كثيرة.
نعم ، ربما لم
يتمكّن من أخذ أحكام صعبة المأخذ ، أي التي تعارضت فيها الأدلّة الكثيرة التي
احتاج دركها وترجيح بعضها إلى قوّة قويّة ، أو كانت ذات شعب وفروع متشابكة ، ولها
أدلّة متعانقة يتوقّف الامتياز ورفع الالتباس إلى كثير قوّة.
وعلى هذا ، فلا
يمكن حصول التجزّي بالنسبة إلى حكم أو حكمين مثلا دون غيرها ، بل الممكن حصوله
بالنسبة إلى طائفة كثيرة من المسائل ـ لها نوع ارتباط في السهولة أو غيرها ـ دون
غيرها.
المقام
الثاني : في جواز
الاجتهاد في بعض المسائل فقط على تقدير حصول العلم بما هو مناط الاجتهاد فيه.
والحقّ جوازه ؛
وفاقا للأكثر.
وذهب جماعة إلى
المنع .
لنا : أنّه إذا
اطّلع على أمارات حكم بالاستقصاء ـ كما هو الفرض ـ فقد ساوى المجتهد المطلق فيه ،
وعدم علمه بأمارات غيره لا مدخل فيه ، فكما يجوز للمطلق الاجتهاد فيه ، فكذا له.
واورد عليه بأنّ
الاعتماد عليه بمساواته للمطلق قياس لا نقول به ؛ لعدم النصّ على علّة في الأصل
تكون موجودة في الفرع ، وما جعلوه علّة ـ من الاطّلاع على أمارات الحكم بالاستقصاء
ـ فلعلّه لم يكن علّة في الأصل ؛ لفقد النصّ عليها.
ومن الجائز أن
يكون العلّة فيه هي اقتداره على استنباط الأحكام كلّها ، بل هذا أقرب
__________________
إلى الاعتبار ؛ إذ
عموم القدرة إنّما هو لكمال القوّة ، والقوّة الكاملة أبعد من الخطأ من الناقصة.
ولذا ترى ذا الملكة في العلوم العقليّة إذا حصلت له الملكة الفقهيّة ، يكون
اجتهاده أبعد من الخطأ من اجتهاد من لم يحصل له إلاّ الملكة الفقهيّة فقط ، وإذا
اختلف الاجتهاد في الصواب والخطأ لوجود القوّة العقليّة وعدمها ، فاختلافه فيهما
بالقوّة الفقهيّة الكاملة وغير الكاملة أولى .
واجيب عنه ، بأنّ
العلّة في اعتماد المجتهد لمطلق على ظنّه إنّما هو قضاء الضرورة ، وأنّه مشترك
بينه وبين المتجزّئ ، ولا مدخليّة لكمال القوّة ـ بمعنى عمومها ـ في العلّيّة ؛ إذ
العلّة يجب أن تكون مناسبة ، ولا ريب أنّ الظنّ بمسألة من الطهارة ـ مثلا ـ لا دخل
له في الاعتماد على الظنّ بمسألة من النكاح ، أو الميراث .
وردّ بأنّ التعويل
على الظنّ لمّا كان خلاف الأصل ، وقضاء الضرورة اقتضى التعويل عليه ، فأجمعوا على
التعويل على ظنّ يقضى به الوطر ، وله مزيّة على سائر الظنون بكونه أبعد عن الخطأ ، وهو
ظنّ المجتهد المطلق ، فيبقى الباقي على أصله. وإنكار عدم مناسبة القوّة الكاملة
للبعد عن الخطأ سفه ؛ لما ذكرناه .
أقول : الظاهر كون
العلّة هي الاطّلاع على أمارات الحكم دون استنباط الأحكام كلّها ؛ لأنّ جعل الثاني
علّة يقتضي العمل بالتقليد والظنّ كليهما ، وكلاهما مخالف للأصل ، وجعل الأوّل
علّة لا يوجب إلاّ العمل بالظنّ ، وارتكاب خلاف الأصل مهما كان أقلّ كان أولى.
ويؤكّده ثبوت
الشهرة بصحّة التجزّي ؛ فإنّه يشعر بأنّ الإجماع المنعقد على حجّيّة ظنّ المجتهد
يتناول ظنّ المتجزّئ أيضا.
ولنا أيضا : أنّ
المتجزّئ لو لم يعوّل على ظنّه في المسألة التي اجتهد فيها ، بل قلّد غيره فيها ،
مع تحصيله الظنّ ، يلزم أن يعمل بالمرجوح ويترك الراجح مع أنّ العمل بالراجح واجب
ضرورة.
__________________
واجيب عنه بالنقض
بظنّ العامّيّ الصرف ، والحلّ بأنّ العمومات دلّت على المنع من العمل بالظنّ ، خرج
ظنّ المجتهد ؛ للضرورة ، وبقي الباقي ؛ على أنّه ربما كان اعتماد المتجزّئ على ظنّ
المجتهد المطلق أكثر منه على ظنّه .
ودفعه يعلم ممّا
ذكرناه .
ولنا أيضا : أنّ
التقليد خلاف الأصل ؛ لأنّ الأصل عدم وجوب اتّباع غير الحجّة ، خرج العامّيّ الصرف
بالدليل ، بقي الباقي ؛ لعدم المخرج.
وليس للخصم أن
يقلبه ويقول : اتّباع الظنّ مذموم وخلاف الأصل ، خرج عنه ظنّ المجتهد المطلق
بالدليل ، فبقي ظنّ المتجزّئ على أصله ؛ لعدم المخرج ؛ لأنّ المخرج فيه متحقّق ، لأنّه لا بدّ له من اتّباع الظنّ ، إمّا الظنّ الحاصل من
الاجتهاد ، أو الحاصل من التقليد ، فلا يكون منهيّا عنه على الإطلاق ، بخلاف
التقليد.
ويمكن أن يقرّر
الدليل بوجهين آخرين :
أحدهما : أنّ جواز التقليد مشروط بعدم جواز العمل بالدليل ـ أي
الاجتهاد ـ فما لم يحصل القطع أو الظنّ المعتبر بعدم جواز الاجتهاد ، لم يحصل
القطع أو الظنّ بجواز التقليد ، ولم يثبت دلالة على عدم جواز الاجتهاد للمتجزّئ
ليحصل القطع أو الظنّ بالشرط ، فينتفي المشروط وهو جواز تقليده.
وإذا كان هناك
أمران : أحدهما : الأصل ، والآخر الفرع ، وترتّب الفرع على عدم الأصل ، فلا يعدل
من الأصل إلى الفرع إلاّ بالقطع أو الظنّ.
وثانيهما : الأمر بوجوب العمل بأوامر الله ، وأوامر اولي الأمر عامّ
خرج عنه العامّيّ الصرف بالإجماع ، بقي المطلق والمتجزّئ.
والقلب فيهما
وجوابه كما عرفته .
__________________
واستدلّ على
المختار بوجوه أخر :
منها : نصّ الصادق
عليهالسلام في مشهورة أبي خديجة بقوله : « انظروا إلى رجل منكم يعلم
شيئا من قضايانا ... » .
وفيه : أنّ المنكر
للتجزّي لا يدّعي وجوب العلم بكلّ الأحكام ، وإنّما يدّعي وجوب الإحاطة بكلّ
المدارك والمآخذ ليحصل له الظنّ القويّ بعدم المعارض ، فزعمه أنّ العلم بشيء من
الأحكام لا ينفكّ عن الإحاطة بكلّ الأدلّة ، فالعالم بشيء من القضايا مجتهد مطلق
عنده.
ومنها : أنّه لو
لم يتجزّأ الاجتهاد لزم علم المجتهد بجميع المدارك ، ويلزمه العلم بجميع الأحكام ،
واللازم منتف ؛ لشيوع « لا أدري » من المجتهدين ، وتوقّف كثير منهم في كثير من
الأحكام في مصنّفاتهم.
وفيه : أنّ العلم
بجميع المدارك لا يستلزم العلم بجميع الأحكام ؛ لجواز عدم العلم ببعضها ؛ لتعارض
الأدلّة الكثيرة وتراكمها بحيث لم يقدر على الترجيح ، أو للعجز في الحال عن الجهد
التامّ ؛ لمانع يشوّش الفكر ، أو لاستدعائه زمانا طويلا ، أو لتوقّفه على كتاب غير
حاضر.
ومنها : أنّ حصول
ملكة العلم بكلّ الأحكام الواقعيّة ممتنع عندنا ؛ لأنّ جميعها كانت مودعة عند
أئمّتنا عليهمالسلام ولم يتمكّنوا إلاّ من إظهار بعضها ؛ لتقيّة أو غيرها.
وفيه : أنّ النزاع
ليس في حصول العلم بالأحكام الواقعيّة ، بل بالأحكام الظاهريّة ، وحصول ملكة العلم
بالنسبة إلى جميعها ممكن.
احتجّ المانعون بأنّه لو صحّ
التجزّي لزم الدور. وقد قرّر لزوم الدور بوجوه :
[
الوجه ] الأوّل : أنّ صحّة اجتهاد المتجزّئ في مسألة فقهيّة ـ كوجوب السورة مثلا ـ موقوفة على
صحّة اجتهاده في مسألة تجزّي الاجتهاد ؛ إذ ما لم يترجّح صحّة التجزّي ، لم يصحّ
له الاجتهاد في الفروع ، وصحّة اجتهاده في هذه المسألة موقوفة على صحّة هذه
__________________
المسألة نفسها ؛
لأنّه ما لم يصحّ مطلق التجزّي ، لم يصحّ اجتهاد المتجزّئ في مسألة اصوليّة هي
مسألة التجزّي ، مع أنّ صحّة مطلق التجزّي تتوقّف على اجتهاده في هذه المسألة ،
فاعتماد المتجزّئ على صحّة مسألة التجزّي ـ أي مساواته للمجتهد المطلق ـ تجزّ في
مسألة التجزّي.
ويرد عليه : أنّ
صحّة اجتهاد المتجزّئ في الفروع تتوقّف على مسألة اصوليّة هي صحّة اجتهاده في
مسألة تجزّي الاجتهاد وهي تثبت بدليل ظنّي ، فلا معنى لتوقّفها على صحّتها في
نفسها ؛ لأنّ صحّتها في نفسها ليست إلاّ كونها مطابقة للواقع ، ومطابقة الشيء
للواقع إنّما تعلم بالدلالة ، والدلالة الظنّيّة هنا موجودة.
فإن قيل : ترجيح
هذه المسألة الاصوليّة وإثباتها للمتجزّئ بالأدلّة الظنّيّة فرع ثبوت التجزّي ؛ إذ
لو لم يجز لم يصحّ له أن يثبتها.
قلت : التجزّي
المتنازع فيه هو التجزّي في الفروع. وأمّا التجزّي في الاصول ، فجائز إجماعا ؛
فإنّهم أجمعوا على أنّه يجوز لمن حصل له الظنّ بمسألة أن يعمل بمقتضاه ، وبهذا
يندفع ما قيل : إنّ صحّة التجزّي توجب التعلّق بالظنّ في العمل بالظنّ ، وجعل هذا مرجع الدور.
بيانه أنّ جواز
عمل المتجزّئ بظنّه الحاصل من اجتهاده في الفروع يتوقّف على جواز عمله بظنّه
الحاصل من اجتهاده في الاصول ، فيتوقّف الظنّ على الظنّ وهو الدور.
ووجه الاندفاع أنّ
جواز العمل بالظنّ في الاصول يثبت بالإجماع القطعي ، فأحد الظنّين يتوقّف على
الآخر ، والآخر لا يتوقّف عليه.
والحاصل أنّ جواز
عمل المتجزّئ باجتهاده في مسألة فرعيّة خاصّة يتوقّف على جواز عمله باجتهاده ،
وهذه مسألة اصوليّة ، فإن اكتفي في مسائل الاصول بالظنّ ثبت المطلوب ، وإلاّ نقول
: دلّ القطع على الاكتفاء بالظنّ في هذه المسألة ؛ لأنّ المتجزّئ لا بدّ له إمّا
من الاجتهاد أو التقليد ، وإلاّ لزم التكليف بالمحال ، فإن اشترط القطع لم يجز شيء
منهما ؛ لعدم القاطع أصلا ، فيعود الإشكال.
__________________
فإن قيل : القاطع
دلّ على اعتماد المجتهد المطلق على ظنّه ، وتقليد غيره له ، فالمتجزّئ يقلّده
مطلقا أو في هذه المسألة ، ثمّ يجتهد في غيرها.
قلت : لا قاطع على
جواز تقليد المتجزّئ له ، بل القاطع دلّ على جواز تقليد العامّيّ الصرف له ،
فالمتجزّئ يندرج تحت ما دلّ على ذمّ التقليد في الاصول ، مع أنّه يلزم على الشقّ
الأخير ثبوت الواسطة بين أخذ الحكم بالاستنباط والرجوع فيه إلى التقليد.
وبعبارة اخرى
تركّب الاجتهاد والتقليد ، وهو أمر مستبعد غير معروف ، على أنّه
يلزم عليه جواز العمل في الفروع بظنّه بعد أن يقلّد غيره في جواز اعتماده فيها
عليه ، فيثبت صحّة التجزّي.
فإن قيل : على ما
ذكر من انحصار دلالة الإجماع على حجّيّة ظنّ المجتهد لمطلق ، وتقليد العامّيّ
الصرف له ، يلزم تردّد المتجزّئ بين كونه مجتهدا ومقلّدا ، فما وجه الترجيح
لإلحاقه بالمجتهد مع أنّ الظاهر حينئذ ثبوت التخيير؟
قلت : وجهه لزوم
التقليد والعمل بالظنّ في صورة إلحاقه بالمقلّد وفي الأوّل لا يلزم إلاّ العمل
بالظنّ ، مع أنّ مجرّد التقليد مرجوح بالنسبة إلى العمل بالظنّ إذا تعارضا ، على
أنّ هذا على فرض التنزّل ؛ لأنّ الحقّ المشهور جواز العمل بالظنّ في الاصول.
[
الوجه ] الثاني : حصول علم المتجزّئ بأنّ ظنونه في الفروع متّبعة يتوقّف على حصول علمه بأنّ
ظنّه في مسألة التجزّي متّبع وبالعكس ، فيلزم الدور.
وفيه : أنّ تعليل
الثاني بالأوّل غير صحيح ، فلا يتوقّف عليه ، بل على حجّة تثبته وهي موجودة ، أعني
الإجماع على جواز العمل بالظنّ في الاصول ، فإذا علّل الثاني بالإجماع ، اندفع
الدور.
[
الوجه ] الثالث : أنّ جواز الاجتهاد في الفروع مسألة اصوليّة وليست ضروريّة ، فلا بدّ لها من
دليل ، وليس عليها قاطع ـ كما هو الفرض ـ بل دليل ظنّي ، وجواز الاعتماد على مثل
هذا الظنّ أيضا يحتاج إلى دليل ، وهو أيضا ظنّي ؛ لعدم القاطع بالفرض ، فحجّيّته
أيضا تحتاج إلى دليل آخر وهكذا. وعلى هذا التقرير يلزم التسلسل لا الدور.
__________________
وجوابه : ما عرفت من أنّ القطع دلّ على جواز الاعتماد على الظنّ في الاصول ، فينقطع التوقّف.
فصل [٣]
شرط الاجتهاد أن
يعرف جميع ما يتوقّف عليه إقامة الأدلّة على المسائل الشرعيّة الفرعيّة ، ويتمّ
ذلك بامور :
[
الأمر ] الأوّل : معرفة اللغة ، ومعاني الألفاظ الشرعيّة والعرفيّة قدر ما يتوقّف عليه
الاستدلال ولو بالرجوع إلى أصل مصحّح عنده من الكتب المعتمدة ، ويدخل في ذلك معرفة
الصرف والنحو.
وقد تقدّم وجه
الاحتياج إليه ، والظاهر عدم خلاف في ذلك.
وقال بعضهم :
العربي القحّ إذا تتبّع الأخبار واطّلع على عرف القرآن والأحاديث ، كان
مستغنيا عن اللغة والصرف والنحو ، وكذا غيره إذا عاشر العرب وتعلّم لغتهم .
ولا يخفى أنّ
المطلوب توقّف الاستنباط على العلوم الثلاثة بأيّ طريق حصلت ، ولم يدّع اشتراط
تحصيلها من الكتب.
نعم ، نقول : حصول
ما توقّف عليه استدلال المجتهد من مجرّد كون الرجل من العرب ، أو المعاشرة معهم
وتتبّع الأحاديث ، غير ممكن ، ويرشدك إلى ذلك صيرورة الرجل عالما بالعربيّة ،
عارفا بعرف القرآن والأخبار ، ومع ذلك كثيرا ما يضطرّ عند الاستدلال إلى الرجوع
إلى الكتب العربيّة.
[
الأمر ] الثاني : معرفة الكتاب قدر ما يتعلّق بالأحكام ، وهو خمسمائة آية ،
__________________
ولا يشترط حفظها ،
بل يكفي العلم بمواقعها بحيث يتمكّن من الرجوع إليها عند الحاجة ولو في كتب
الاستدلال.
ووجه الاحتياج
إليها أنّ استنباط الأحكام منها يتوقّف على العلم بها ، وهو ظاهر.
فإن قيل : ما ذهب
إليه أكثر الأخباريّين ـ من أنّه لا يجوز تفسير القرآن بالرأي ، ولا يعلمه إلاّ من
خوطب به ـ يقتضي عدم جواز التمسّك به في الأحكام الشرعيّة ما لم يكن هناك نصّ ،
ومعه يحصل العناية ، فلا يتوقّف الاجتهاد على العلم بالقرآن.
قلت : الاقتضاء
مسلّم ، ولكنّك عرفت فساد مذهبهم في ذلك سابقا .
[
الأمر ] الثالث : معرفة اصول الفقه قدر ما يتوقّف عليه الاستنباط. والتحقيق أنّ جلّ مطالبه
ممّا يتوقّف عليه الاجتهاد المطلق ، ولا بدّ للمجتهد من معرفتها ، فهو أهمّ العلوم
للمجتهد ، كما صرّح بعض المحقّقين .
ولا بدّ أن يكون
ذلك بطريق الاستدلال على كلّ أصل منها ؛ لما فيها من الاختلاف ، ولا يكفي أخذها
بطريق التقليد عن مجتهد ، أو حسن اعتقاد عن أحد الكتب المعتبرة عنده.
وقد عرفت وجه
الاحتياج إليه فيما سبق .
والقول بأنّه لا
حاجة إليه ؛ لأنّ تدوينه بعد عصر الأئمّة عليهمالسلام ولم يكن متعارفا بين رواة أحاديثهم وقدماء الأصحاب ، مع
كونهم عاملين بالأخبار ومستنبطين للأحكام منها وكان ذلك مستمرّا إلى زمان القديمين
؛ ولأنّ من كان عالما بالعربيّة يتمكّن من فهم الأوامر
والنواهي ، فالحكم عليه بالتقليد ـ مع كونه مكلّفا بفهم الأحكام منها والعمل بها ـ
خلاف الأصل ، فلو عمل بالتقليد مع ذلك ، كان مثله كمثل من عهد إليه السلطان بأنّه
متى أخبره ثقة بأنّ السلطان أمرك بكذا ، أو نهاك عن كذا ، فعليك بالطاعة ، وبيّن
له المخلص عند تعارض الأخبار ، فترك العمل بأخبار الثقات معلّلا بجهله بمسائل
الاصول أو المنطق ، ولا ريب في
__________________
استحقاقه الذمّ
حينئذ ، لا يخفى ضعفه. وقد عرفت
فساده ، ونزيدك هنا بيانا ونقول :
إنّ كثيرا من
القواعد الاصوليّة مستنبطة من الكتاب والسنّة ، كالاستصحاب المستنبط من قاعدة عدم
نقض اليقين بالشكّ ، وأصل البراءة ، وعدم جواز التكليف فوق الوسع ، وغير ذلك.
وكثير منها يثبت مدلولها ببراهين قاطعة تلقّتها العقول بالقبول ولا يمكن إنكارها ،
كالقياس بالطريق الأولى وأمثاله. وما ليس بهذه المثابة إمّا تعلّق بتحقيق معاني
الألفاظ ، مثل ثبوت الحقيقة الشرعيّة وعدمه ، وكون الأمر للوجوب أو غيره ، وللمرّة
أو التكرار ، وللفور أو التراخي ، وغير ذلك.
أو لا يتعلّق به ،
مثل الأمر بالشيء هل يقتضي وجوب مقدّمة المأمور به ، والنهي عن ضدّه أو لا ، وغير
ذلك.
فما كان من القسم
الأوّل لم يكن محتاجا إليه عند الرواة والقدماء ؛ لأنّ معاني الألفاظ وحقائقها
كانت معلومة عندهم ؛ لعدم تغيّر العرف في زمانهم.
وما كان من القسم
الثاني فبعضه أيضا كان لهم غنى عن تحقيقه ؛ لظهوره لهم بالقرائن والأمارات
والتواتر وأمثال ذلك ، كحجّيّة خبر الواحد وما يتعلّق به.
وبعضه ممّا صدر
حكمه من الأئمّة وعلموه من كلامهم ، كما يظهر من الأخبار ، كحكم ما لا نصّ فيه ،
وتعارض الأدلّة ، والاستصحاب ، والناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، والعامّ
والخاصّ ، والإفتاء والتقليد ، والقياس والاستحسان ، والشبهة في نفس الحكم الشرعي
أو موضوعه ، وجواز الرواية بالمعنى ، وأصالة الحقيقة وغير ذلك ؛ فإنّ جميع ذلك قد
كان في عصرهم وكان الرواة والأصحاب عاملين بحكمه إلاّ أنّهم لقطعهم به لم يكونوا
محتاجين إلى زيادة بحث وتنازع. وبعضه لم يخطر ببالهم حتّى يسألوا عنه.
وأمّا في أمثال
زماننا فالاحتياج إلى القسمين ظاهر ؛ لتغيّر العرف ، وفقد
القرائن والأمارات ، وعدم إمكان الاستنباط بدون التمسّك بهما ؛ فإنّا ما لم نتحقّق
أنّ تعلّق الأمر
__________________
والنهي بشيء واحد
جائز أم لا ، لم يمكننا العلم بأنّ الصلاة في المغصوبة ، أو في أوّل الوقت ـ مع شغل
الذمّة بحقّ مضيّق ـ جائزة أم لا ؛ لعدم نصّ على أكثر الفروع المتفرّعة عليه وعلى
غيره من المطالب الاصوليّة.
فإن قيل : نحن
مكلّفون بما نفهم من الكتاب والسنّة ، فإذا لم نقطع بتغيّر عرفنا من عرف الشارع فلا بأس علينا بالعمل بما نفهمه ؛ إذ
الحجّة علينا أحاديثهم وما كلّفنا بأزيد ممّا نفهمه ؛ على أنّه لو قطعنا بتغيّر
عرفه فمن أيّ طريق نثبته؟ أمن الكتاب ، أو السنّة ، أو الإجماع ، أو من تلك الاصول
المبتدعة؟
قلت : لمّا كان
المناط عرف زمان المعصوم عليهالسلام ، فيجب السعي مهما أمكن ليحصل عرفه ، ولا يكفي مجرّد عدم
العلم بالتغيير ، ثمّ بعد السعي وبذل الجهد إن عرف عرفه قطعا أو ظنّا فذاك ، وإلاّ
فاللازم التوقّف ، ثمّ يحصل عرفه عليهالسلام ـ إذا علم تغييره عندنا ـ بأصالة
البقاء ، أو أصالة العدم ، أو التتبّع والممارسة في الأخبار ، أو كلام الفقهاء
الماهرين وغير ذلك.
فإن قيل : الفروع
التي تستنبط منها إمّا يمكن استنباطها من عموم أو إطلاق ، أو لا ، فعلى الأوّل لا
حاجة إلى التمسّك بالاصول المخترعة. وعلى الثاني يمكن المناص عنها من طريق
الاحتياط والتوقّف عند الشبهات ، أو رفع الحرج ، أو استحالة التكليف بالمحال ، أو
إطلاق كلّ شيء حتّى يرد فيه نهي ، فنحتاط في الصلاة في المغصوبة من حيث العمل فلا
نصلّي فيها ، بل نخرج إلى غيرها مع التمكّن. ونتوقّف في الإفتاء ، فنقول للمستفتي
: لا ندري حقيقة الحكم ؛ لعدم النصّ فيه ، فلا تصلّ فيه واعمل بالاحتياط.
وإذا كان [ حكم ] فعل دائرا بين الوجوب والحرمة ولم يوجد نصّ على أحدهما فإمّا نتركه ؛ لما ورد
من الأمر بالوقوف في الشبهات ، أو نفعله ؛ لقوله عليهالسلام : « كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي » . وقس عليهما أمثالهما.
__________________
وعند التعارض نعمل
بالمرجّحات المنصوصة ، وعلى هذا لا يقع الاحتياج في مسألة
إلى التمسّك بهذه الاصول العاميّة.
قلت : أكثر الفروع
التي يقع الاحتياج إليها ويقع الخلاص منها بها ممّا لا يقع المناص عنها بما ذكرت ،
فإنّ كثيرا من القضايا ممّا لا يتأتّى فيه الاحتياط سيّما في التنازع في الحقوق
الماليّة ، وإلزام الصلح ممّا لم يأمر به الشارع ، على أنّ الاحتياط في هذه المواضع
إن كان على سبيل الوجوب ، فهو خلاف التحقيق ، ونطالب المدّعي بالدليل. وإن كان على
سبيل الندب ، فيلزم جواز غيره ، فلا بدّ حينئذ من التمسّك بالمسائل الاصوليّة.
والخلاص من التعارض بمجرّد المرجّحات المنصوصة غير ممكن ؛ لعدم إمكان التمسّك بها
في بعض المواضع ؛ ولما تقدّم من وقوع التعارض بينها .
[
الأمر ] الرابع : علم الميزان ؛ ليعرف شرائط البرهان.
وقد تقدّم وجه
الاحتياج إليه .
[
الأمر ] الخامس : معرفة الكلام قدر ما يتوقّف عليه العلم بالشارع ، وصفاته الثبوتيّة
والسلبيّة ، وبأنّه باعث الأنبياء ومصدّقهم بالمعجزات ، وأنّه لا يخاطب بما لا
يفهم معناه ، ولا بما يريد به خلاف ظاهره من غير بيان ، وهو إنّما يتمّ إذا عرف
أنّه حكيم مستغن عن القبيح.
ولا يخفى أنّ هذه
المعرفة لا تختصّ بالمجتهد ، بل تجب على كلّ أحد ؛ إذ هي شرط الإيمان ، إلاّ أنّه
لا ينافي توقّف الاجتهاد عليه.
[
الأمر ] السادس : معرفة مواقع الإجماع ؛ ليتحرّز عن مخالفته.
__________________
[
الأمر ] السابع : معرفة الأحاديث المتعلّقة بالأحكام ،
ولا يشترط حفظها ،
بل يكفي أن يكون عنده من الاصول المصحّحة ما يجمعها ، ويعرف موقع كلّ باب بحيث
يتمكّن من الرجوع إليها.
[
الأمر ] الثامن : معرفة أحوال الرواة في الجرح والتعديل ولو بالمراجعة إلى كتب الرجال.
ووجه الاحتياج
إليه أنّ الاجتهاد بدون التمسّك بالأخبار غير متصوّر ، ولا يمكن العمل بكلّ خبر ؛
إذ الأخبار المعتلّة التي لا يجوز العمل بها كثيرة ؛ لما كثرت عليهم الكذّابة ، فلا بدّ من تمييز الصحاح التي يجوز العمل بها عنها ، وهو يتوقّف على معرفة
أحوال الرواة.
وذهب أكثر
الأخباريّين إلى أنّ العلم بأحوال الرواة غير محتاج إليه. واحتجّوا عليه بوجوه :
[
الوجه ] الأوّل : أنّ أحاديثنا كلّها قطعيّة الصدور عن المعصوم ؛ لأنّها محفوفة بقرائن مفيدة
للقطع بصدورها عنه.
فمن القرائن أنّه
كثيرا ما نقطع بالأمارات أنّ الراوي ثقة في الرواية وإن كان فاسد المذهب ، فاسقا
بجوارحه.
ومنها : تعاضد
بعضها ببعض.
ومنها : نقل الثقة
العالم الورع في كتابه الذي ألّفه لهداية الناس أصل رجل أو روايته ، مع تمكّنه من
استعلام حال ذلك الأصل ، وتلك الرواية ، وأخذ الأحكام بطريق القطع عنهم صلىاللهعليهوآله.
ومنها : تمسّكه
بذلك الأصل ، أو تلك الرواية مع تمكّنه من التمسّك بروايات أخر صحيحة.
ومنها : أن يكون
راويه أحدا من الجماعة التي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم.
ومنها : أن يكون
راويه ممّن ورد في شأنه من الأئمّة مدح يفيد الوثاقة.
__________________
ومنها : وجوده في
أحد الكتب الأربعة ؛ لشهادة مؤلّفيها بصحّة أحاديثها. ولا يكاد يوجد خبر لم يوجد
فيه إحدى تلك القرائن ، فلا حاجة إلى علم الرجال وملاحظة السند.
اعلم أنّا قد
أشرنا فيما سبق إلى أنّ الأخباريّين لمّا منعوا عن العمل بالظنّ في
الأحكام الشرعيّة اضطرّوا إلى القول بأنّ الأخبار المرويّة عن الأئمّة عليهمالسلام تفيد القطع ، واحتجّوا عليه بهذه القرائن.
وليت شعري أنّها
كيف تدلّ على القطع بالصدور وليس في واحدة منها دلالة عليه بوجه؟!
أمّا الاولى ؛
فلأنّ وجود أمارات تفيد لنا القطع بأنّ الراوي يتحرّز عن رواية غير المقطوع به
عنده في حيّز المنع ، ولا بدّ للمدّعي من إثباته. غاية الأمر وجود أمارات تفيد لنا
الظنّ بأنّ الراوي لا يروي إلاّ ما يحصل الظنّ القويّ بصدقه. ولو سلّم نقول : ربما
قطع بقرائن لم تفد القطع لنا ، على أنّه لا يكاد يوجد خبر يكون جميع رجال سنده
ممّن يحصل العلم بعدم افترائهم وكذبهم وسهوهم وغلطهم.
نعم ، إن كان
المراد بالراوي صاحب الأصل ، لم يقع احتياج إلى العلم بحال باقي السند ، فيندفع
الأخير ، إلاّ أنّه يتوجّه عليه ما تقدّم ، مع احتمال وقوع الخطأ على الناقل عن
الأصل.
وأمّا الثانية ؛
فلأنّ تعاضد البعض بالبعض لا يوجب حصول القطع بالصدور ؛ لاحتمال اعتماد كلّ من
رواة الأحاديث المتعاضدة على الظنّ إلاّ أن يبلغ عددهم في جميع الطبقات حدّ
التواتر ، وهو غير محلّ النزاع.
وأمّا الثالثة ؛
فلأنّ نقل الثقة وتأليفه لهداية الناس لا يقتضي القطع بالرواية ؛ فإنّ مؤلّفي كتب
الفقه ثقات متورّعون مع أنّهم يعملون بالظنّ.
والتمكّن من
استعلام حال الأصل أو الرواية ـ لو سلّم ـ لا يدلّ على أنّ نقله
حينئذ بدون الاستعلام يفيد القطع ؛ لأنّ الخبر إذا كان حجّة وجاز العمل به ، يجوز
نقله بدون الاستعلام وإن لم يفد إلاّ الظنّ ، ولو لم يجز حينئذ ، لم يجز إذا أفاد
القطع أيضا.
وقوله : « مع
تمكّنه أخذ الأحكام عنهم بطريق القطع » ممنوع ؛ فإنّ أكثر مصنّفي كتب
__________________
الأخبار ـ كالمحمّدين
الثلاثة وغيرهم ـ لم يكونوا متمكّنين من أخذها بطريق القطع. ولو
سلّم تمكّنهم من أخذ بعضها بطريق القطع ، فهو لا يوجب اقتصارهم على إيراد
القطعيّات وترك غيرها مع كونه حجّة ، على أنّه لو سلّم أنّ ما ألّفه مقطوع به عنده
، فهو لا يوجب كونه مقطوعا عندنا أو في الواقع.
وأمّا الرابعة ؛
فلأنّ تمكّنه من التمسّك بروايات صحيحة أخر ممنوع ، ولو سلّم فأيّ حاجة إليه بعد
فرض كون الأصل والرواية صحيحتين ، أو محفوفتين بقرائن تفيد
الظنّ بجواز العمل به.
وأمّا الخامسة ؛
فلأنّ الإجماع المدّعى لا يفيد القطع بصحّة أحاديثهم ؛ لأنّه منقول بطريق الآحاد ،
بل لا يفيده ولو كان متواترا أيضا ؛ لأنّه فرع عدم جواز العمل بالظنّي ؛ على أنّه
لا يوجد خبر يكون جميع سنده ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ منهم.
وقس عليها
السادسة.
وأمّا السابعة ؛
فلأنّ شهادة المشايخ الثلاثة بصحّة أخبار كتبهم لا تستلزم قطعيّتها عندهم ، فضلا
عن قطعيّتها عندنا ؛ لأنّ صحّة الخبر عندهم إمّا ما هو المتعارف عند المتأخّرين ،
أو ما هو المصطلح عند القدماء من اقترانه بامور توجب الاعتماد عليه والركون إليه ،
كما ذكره بعض أصحابنا .
وقد سبقت الإشارة
إلى هذه الامور في بحث الأخبار والاتّصاف بالصحّة على كلا الاصطلاحين لا يوجب القطعيّة.
أمّا على الأوّل ،
فظاهر ، ولذا لم يدّع أحد من المتأخّرين الذاهبين إليه قطعيّة حديث متّصف به.
وأمّا على الثاني
، فلأنّ شيئا من الامور المذكورة لا يصلح لأن يفيد القطع ، كما لا يخفى على الناظر
فيها ، ولو كانت أخبار كتبهم قطعيّة عندهم ، لم يتعرّضوا لذكر المشيخة ؛ لكونه
__________________
عبثا. وكيف يمكن
الحكم مع وقوع التعارض فيها ولا بدّ فيه من الطرح أو الجمع ، ولا يناسب شيء منهما
للقطعيّة؟!
وأيضا كثيرا ما
يطرح الصدوق روايات الكافي ويقول : « لست افتي بها » ، والمفيد والشيخ والمرتضى وغيرهم من القدماء روايات الكافي والفقيه ، كما
طرحوا الأخبار الدالّة على أنّ شهر رمضان لا ينقص أبدا ، وأخبار سهو النبيّ . وربما يقدح الصدوق بعض الأخبار بالقطع أو الإرسال ، أو
يذكر فيه ما يدلّ على عدم قطعيّته ثمّ يفتي به . وكثير من
الأخبار يخالف القواعد العقليّة بحيث لا يرضى العقل بانتسابها إلى مهابط الوحي.
وعلى هذا لا يمكن
الحكم بصحّة جميعها بأحد المعنيين فضلا عن قطعيّتها ، فالظاهر أنّ إخبارهم بصحّتها
ليس من حيث علمهم بصحّة كلّ خبر منها ، بل من حيث أخذها من الاصول المعتمد عليها
عند الفرقة.
وكيف يحكم عاقل
بقطعيّة أخبار في سلسلة أسانيد بعضها رجال نسبهم أهل المهارة والفحص إلى الكذب ،
أو الضعف ، أو الاضطراب والتشويش وأمثالها أو قالوا فيهم : لا يعمل بما يتفرّدون
به ، أو أحاديثهم تعرف وتنكر ، أو ليست نقيّة ، أو ورد فيهم من الأئمّة لعن وذمّ
شديد؟!
وبعضها مأخوذ من اصول جماعة ، أو كتب طائفة صرّح أهل العدل والورع بأنّهم كذّابون ، أو
وضّاعون ، كعليّ بن أبي حمزة ، والسكوني ، ووهب بن وهب
القريشي ،
__________________
ومحمّد بن موسى
الهمداني ، وعبد الله بن محمّد البلوي ، ويونس بن ظبيان ، ومحمّد بن عليّ الصيرفي ، ومحمّد بن سنان وغيرهم.
وبعضها مأخوذ من
اصول جماعة صرّح المشايخ بترك ما يختصّون بروايته ، كحسن بن صالح بن حيّ وأمثاله. على أنّه قد كثرت على أئمّتنا الكذّابة ، ووضعوا أحاديث كثيرة ،
وأدرجوها في أحاديثهم.
قال هشام بن الحكم
: سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « لا تقبلوا علينا حديثا إلاّ ما وافق القرآن
والسنّة ، أو تجدوا معه شاهدا من أحاديثنا المتقدّمة ؛ فإنّ المغيرة بن سعيد دسّ
في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها ».
قال : وأتيت
العراق فوجدت فيها قطعة من أصحاب أبي جعفر عليهالسلام ووجدت أصحاب أبي عبد الله متوافرين ، فسمعت منهم أحاديث
فعرضت على الرضا عليهالسلام ، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبد الله
عليهالسلام ، وقال لي : « إنّ أبا الخطّاب قد كذب على أبي عبد الله عليهالسلام » .
ومع هذا الاحتمال
كيف يحصل القطع بأنّ جميع أخبار الشيعة قطعيّة الصدور؟!
ويدلّ على عدم
قطعيّتها جميع ما ذكرناه فيما تقدّم ؛ لعدم إفادة أخبار الآحاد ما عدا الظنّ.
ثمّ لو سلّم
قطعيّة الصدور عند أصحاب الاصول والكتب ، فلا نسلّم القطعيّة عندنا وفي الواقع.
ولو سلّم ذلك أيضا
، نقول : الاحتياج إلى علم الرجال باق بحاله ؛ لوجود التعارض
__________________
المحوج إليه على
كلّ حال ، فإنّ الأمر بالأخذ بقول الأعدل عند التعارض يتناول التعارض في الظنّيّات
والقطعيّات.
والحاصل أنّ إثبات
مطلوبهم موقوف على ثلاث مقدّمات كلّها غير مسلّمة.
فإن قلت : ما ذكرت
ـ من حديث التعارض ، وطرح المشايخ بعض الأخبار ، وتضعيفها ـ إنّما ينافي العمل
بجميعها ، ولا ينافي قطعيّة صدورها ، بمعنى العلم باتّصالها بالمعصوم ؛ لأنّه يجوز
صدور الجميع عن المعصوم ، إلاّ أنّ بعضها خرج للتقيّة أو لمصالح أخر ، فإذا وقع
التعارض ، يرجّح أحد المتعارضين بمخالفته لمذهب العامّة ، أو بتكرّره في الاصول
واتّصال سنده ، أو لكون رواته أعدل ، أو أكثر ، معتقدين أنّ المعارض المطروح لا
يجوز العمل به ، لا لأنّه لم يصدر عن المعصوم عليهالسلام ، بل لأنّه صدر لمصلحة تنافي العمل.
قلت : ما يطرح كما
يجوز خروجه مخرج التقيّة يجوز خروجه مخرج الكذب ؛ فإنّ احتمال الكذب في بعض
الأخبار ممّا لا يمكن دفعه.
ويدلّ عليه أمرهم عليهمالسلام عند التعارض بالأخذ بالأصحّ سندا ، أو ما راويه
أعدل ، ومع ذلك لا يحصل القطع بالصدور.
فإن قلت : قد ذكر
الشيخ في أوّل الاستبصار ما حاصله أنّ الخبر إمّا متواتر ، أو غير متواتر ؛ وغير
المتواتر إمّا محفوف بالقرائن المفيدة للقطع ، أو غير محفوف بها ؛ وغير المحفوف
إمّا لا يعارضه خبر آخر ، أو يعارضه ؛ وعلى الثاني إمّا لا يتحقّق إجماع على صحّة
الخبرين ، أو إبطالهما ، أو صحّة أحدهما ، أو إبطاله ، أو يتحقّق على واحد منها ،
وجعل الأقسام كلّها قطعيّة إلاّ ما ثبت الإجماع على إبطاله.
أمّا الأوّل
والثاني ، فالوجه فيهما ظاهر.
وأمّا الثالث ـ وهو
ما لا يعارضه خبر آخر ـ فلأنّه قال فيه : « إنّه من الباب الذي عليه
__________________
الإجماع في النقل
، إلاّ أن تعرف فتاواهم بخلافه » ويفهم منه أنّ
نقل هذا القسم من المعصوم عليهالسلام مجمع عليه.
وأمّا الرابع ـ وهو
ما عارضه خبر آخر مع السكوت عن الصحّة والإبطال ـ فلأنّه قال : « إذا ورد الخبران
المتعارضان وليس بين الطائفة إجماع على صحّة أحدهما ، ولا على إبطال الآخر ، فكأنّه
إجماع على صحّتهما. وإذا كان الإجماع على صحّتهما ، كان العمل بهما جائزا سائغا » .
فعلم أنّ كلّ خبر
لا يعلم الإجماع على خلافه ، فهو عنده صحيح ، ويعلم منه بالطريق الأولى صحّة
الخبرين إذا انعقد الإجماع على صحّتهما ، فيبقى غير الصحيح عنده ما انعقد الإجماع
على بطلانه.
وهذا الكلام من
الشيخ ـ كما ترى ـ شهادة منه بالدليل على صحّة جلّ الأخبار ، بل كلّها ؛ إذ القسم
الأخير في غاية الندرة.
قلت : غاية ما
يستفاد من كلام الشيخ شهادته على صحّة ما عدا القسم الأخير من الأخبار ، كما
يستفاد من كلام الكليني والصدوق ، وقد ذكرنا أنّ الصحّة لا تستلزم قطعيّة الصدور ؛ على أنّ في كلامه مواضع للأنظار ؛ لأنّ الخبر إذا لم يكن له معارض كيف يكون
من الباب الذي عليه الإجماع في النقل مع احتمال الكذب فيه؟! وكيف يسمع ذلك منه
بمجرّد الدعوى؟!
وأيضا إذا كان له
معارض ولم ينعقد إجماع على صحّة أحدهما أو بطلانه ، كيف يكون ذلك إجماعا على
صحّتهما وجواز العمل بهما؟! ولا أدري ما السبب فيه مع احتمال الكذب في كليهما ،
فضلا عن احتماله في أحدهما؟
وأيضا تحقّق
الإجماع على صحّة خبرين متعارضين ـ بمعنى جواز العمل بهما ـ نادر ، وبمعنى قطعيّة
صدورهما في غاية البعد. هذا.
__________________
مع أنّ الاحتياج
في صورة التعارض إلى علم الرجال ثابت على أيّ تقدير ، والشيخ لم ينكره.
ثمّ بعض
الأخباريّين لمّا تفطّن بما يرد على ما ذهبوا إليه ، قال :
|
مرادنا بالعلم ـ
حيث نقول : إنّ أخبارنا معلومة الصدور ، وأنّ مدلولاتها معلومة لنا ـ هو ما
يطمئنّ إليه النفس ويقضي العادة بصدقه ـ وهو الذي اعتبره الشارع في ثبوت الأحكام
، كما يرشد إليه موضوع الشريعة السمحة. ويحصل بخبر الثقة الضابط ، وبالقرائن
الحاليّة والمقاليّة ـ لا الاعتقاد الثابت الجازم المطابق للواقع ، فإنّ حصوله
غير ممكن .
|
والظاهر أنّ مراده
بـ « ما يطمئنّ إليه النفس » هو الظنّ الغالب ، فإن كان مراده أنّ مثل هذا الظنّ
يحصل في بعض الأخبار ، فهو مسلّم ورجوع إلى مذهب المجتهدين ، وإن كان مراده أنّه
حاصل في جميعها فهو باطل ؛ لعدم إمكانه في المتعارضين وأخبار الضعفاء وأهل الكذب.
والظاهر أنّ مراده الأوّل.
وإذ ظهر أنّ
الأحاديث ليست قطعيّة الصدور ، والقرائن المذكورة لا تدلّ عليها ، بل هي ظنّيّة
الصدور ، فثبت جواز العمل بالظنّ ؛ إذ لولاه لزم سدّ أبواب الأحكام ، فبطل مذهب
الأخباريّين.
ثمّ نقول : كلّ
ظنّ لا يجوز التعويل عليه ؛ لعموم النهي عن اتّباع الظنّ ، وآية التثبّت ، فيجب الفحص عن أسانيدها ؛ ليتميّز ما يفيد الظنّ المعمول
به عن غيره.
فإن قيل : يكفي في
ذلك ملاحظة القرائن ، بل يتعيّن ذلك ؛ لأنّ الظنّ الحاصل منها أرجح من الظنّ
الحاصل من ملاحظة السند في علم الرجال ، والعمل بالراجح متعيّن.
قلت : التمييز
بالقرائن المعمولة عند القدماء غير ممكن في أمثال زماننا ؛ لعدم تمكّننا عن
تحصيلها ، والتمكّن عن قليل منها غير مغن ؛ على أنّا امرنا بالأخذ بقول الأعدل عند
التعارض ، ومعرفة الأعدل والأصدق تتوقّف على علم الرجال. هذا.
__________________
مع أنّ تحصيل أكثر
القرائن يتوقّف على علم الرجال ، وكيف يمكن أن يحصل القرينة الاولى والخامسة
والسادسة من دون النظر في أحوال الرجال؟!
[
الوجه ] الثاني : قد ثبت لنا من طريقة العلماء في الأعصار أنّهم يعتبرون
مطلق الظنّ ، ويعملون بكلّ ما يفيد الظنّ ، سواء كان خبرا صحيحا أو ضعيفا أو غير
ذلك ، وعلى هذا ، لا حاجة إلى علم الرجال ؛ لأنّ المناط حينئذ حصول الظنّ ، فما
يفيده يصحّ العمل به وإن كان خبرا ضعيفا ، وما لا يفيده لا يصحّ العمل به وإن كان
خبرا صحيحا.
والجواب : منع عمل
العلماء بكلّ ظنّ ؛ لأنّهم صرّحوا بعدم جواز العمل بالظنّ إلاّ ما ثبت حجّيّته
شرعا ، كالظنّ الحاصل من الكتاب ، أو الأخبار الصحيحة.
[
الوجه ] الثالث : لا بدّ في اعتبار الظنّ الحاصل من علم الرجال من دلالة ، ولم تثبت ؛ مع أنّ
فيه شبهات واختلالات ، ويرد على الضوابط المقرّرة فيه إشكالات لا يمكن أن يحصل
معها ظنّ ، ولو حصل في بعض المواضع ، فهو ظنّ ضعيف لا يمكن اعتباره قطعا.
منها : أنّه قد وقع
الاختلاف فيما يعلم به العدالة ، وفيما يزيلها ـ أعني الكبائر ـ وليس مذهب
المعدّلين والجارحين من علماء الرجال في ذلك معلوما لنا ، ولا يعلم اتّفاقهم على
مذهب واحد ، فربما كان مذهب بعضهم في ذلك مخالفا لمذهب بعض آخر ، ومع ذلك يقبل كلّ
متأخّر قول المتقدّم عليه في التعديل والجرح ، ويبني جرحه وتعديله على قوله ، ونحن
نقبل من الجميع ، مع أنّه لا بدّ لمن يريد العمل من العلم بموافقة مذهبه في ذلك
لمذهب المعدّل والجارح. وأيضا العدالة ـ أعني الملكة المخصوصة ـ صفة نفسيّة خفيّة
لا يطّلع عليها إلاّ صاحبها ، ولا يجوز إثباتها بالشهادة وبالخبر الواحد ؛ لأنّهما
لا يجريان إلاّ في المحسوسات.
ومنها : أنّه قد
ثبت في محلّه أنّ شهادة فرع الفرع لا تسمع ، مع أنّ شهادة علماء الرجال على أكثر
الرواة بالجرح والتعديل من هذا القبيل.
ومنها : أنّ أكثر
الأسماء مشتركة بين الثقات وغيرهم ، والتمييز في كثير منها غير ممكن ،
__________________
ومهما يمكن إنّما
يحصل من ملاحظة الطبقات ، والتمييز الحاصل من مثله إنّما هو من ظنّ ضعيف لا يمكن
اعتباره.
ومنها : أنّ بعض
الرواة كان على خلاف الحقّ ، ثمّ رجع إليه ، وبعضهم كان عليه ، فرجع إلى خلافه ،
وما وصل إلينا من رواياتهم لا يعلم أنّها صدرت عنهم في أيّ الحالين حتّى نقبلها أو
نردّها.
ومنها : أنّ قبول
خبر جميع رجال سنده الثقات يتوقّف على العلم بعدم سقوط واسطة من البين ، وهو غير
ممكن في بعض الأخبار.
ومنها : أنّه
كثيرا ما يذكر جماعة من الرواة بعطف بعضها على بعض ، وبعد التتبّع يعلم أنّ العطف
سهو ، والصواب نقل البعض عن بعض ، وكذا الحال في عكس ذلك.
ومنها : أنّه يحكم
بالجرح والتعديل بشهادة الميّت ، وهو غلط.
وأنت خبير بإمكان
دفع كلّ واحدة من هذه الشبهات بطريق على حدة.
وربما ظهر لك
الجواب عن بعضها فيما سبق ، ونجيب هنا بما يندفع به جميعها ، وهو أنّها تشكيكات في
مقابلة الضرورة ؛ لأنّا نعلم في كثير من الأخبار أنّها لم يروها إلاّ جماعة حصل
لنا العلم أو الظنّ المعتبر شرعا بالتتبّع وأقوال أرباب الرجال باتّصافهم بصفة
العدالة أو الصدق الذي هو المناط في قبول الخبر ، ونعلم في كثير منها أنّ من
رواتها من حصل لنا العلم أو الظنّ بالطريق المذكور باتّصافه بالفسق والكذب. هذا.
واعتبار الظنّ
الحاصل من علم الرجال يعلم ممّا تقدّم ، من ثبوت حجّيّة الخبر الصحيح والموثّق ، وقبول
خبر الواحد في الجرح والتعديل وغير ذلك.
[
الأمر ] التاسع : ممّا يتوقّف عليه الاجتهاد أن يكون له ملكة قويّة وقريحة
مستقيمة يقتدر بها على ردّ الجزئيّات إلى الكلّيّات ، واقتناص الفروع من الاصول ،
والترجيح في مقام التعارض.
ولا يخفى عليك أنّ
جعل هذه الملكة من شرائط الاجتهاد إنّما يتأتّى إذا جعل الاجتهاد
__________________
المعرّف هو
الاجتهاد الفعليّ ، وعرّف بأنّه : « استفراغ الوسع ... » فإنّه يتوقّف عليها ؛
لكونها مبدأه ومصدره.
وأمّا إذا جعل
المعرّف هو حقيقة الاجتهاد وذاته ، فهو نفس تلك الملكة ، كما تبيّن لك ، وهي لا تنفكّ عن المقدّمات والشرائط المذكورة ، ولا يمكن وجودها بدون
وجودها ، بل حصولها مسبوق على حصولها.
وأمّا المقدّمات ،
فلا تستلزمها كلّيا ؛ لأنّ نسبتها إليها ليست نسبة إيجابيّة بمعنى وجوب حصولها عند
تحصيلها ، بل نسبة إعداديّة ، فإن كان للنفس استعداد ذاتي وصفاء غريزي يفاض عليها
تلك الملكة بعد تحصيل تلك المقدّمات من المبادئ الفيّاضة ، وإلاّ فلا ، فمن حصلت
له هذه الملكة ، فقد حصل له جميع ما يتوقّف عليه استنباط الأحكام ، فهو مجتهد على
الإطلاق ، ومن لم تحصل له فليس مجتهدا مطلقا وإن بلغ في تحصيل المقدّمات ما بلغ.
ثمّ لا بدّ لنا
هنا من بيان أمرين :
أحدهما : الوجه في توقّف استنباط الأحكام عليها.
وثانيهما : طريق معرفتها.
وبيان الأوّل :
أنّ الأدلّة التي لها معارضات لا بدّ فيها من الترجيح ، والتي لها لوازم غير بيّنة
لا بدّ فيها من العلم بها ، والحكم بها على ما يقتضيه ذو المقدّمة ، كما إذا كان
واجبا يحكم بوجوب ما يتوقّف عليه وحرمة ضدّه ، وإن كان حراما يحكم بحرمة ما يتوقّف
عليه ووجوب ضدّه ، وكذا يحكم بما يقتضيه مفهومه ، وغير ذلك. والتي لها أفراد غير
بيّنة الفرديّة لا بدّ فيها من الحكم بفرديّتها للكلّيّات المذكورة فيها.
وربما كان
لمعارضاتها أو مقدّماتها أو أضدادها أفراد غير بيّنة الفرديّة ، فلا بدّ من الحكم
بفرديّتها أيضا. وربما وجدت أشياء ظنّ فرديّتها لها ولم تكن أفرادا ، فلا بدّ من
الحكم بإخراجها ، مثلا في قوله صلىاللهعليهوآله : « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » ، لا بدّ من العلم بأنّ
__________________
الكرّ الملفّق من
نصفين نجسين مع عدم التغيير هل هو فرد له ويندرج تحته حتّى يحكم بطهارته ، أو لا
يندرج فيه حتّى يحكم ببقائه على النجاسة؟ وكذا الحكم في اندراج الماء الممزوج
بالورد في قوله : « كلّ ماء طاهر حتّى يعلم أنّه قذر » ، واندراج الخارج من بيته قبل بلوغه حدّ الترخّص في الحاضر أو المسافر. وقس
عليها أمثالها ، وهي في الكثرة بحيث لا تحصى.
ولا ريب أنّ
الترجيح والعلم بالملازمة والحكم بالفرديّة أو عدمها بدون حصول هذه الملكة ممتنع ،
والتجربة شاهدة عليه ، ولذا ترى كثيرا ممّن صرف عمره في الفقه وبلغ منه الغاية لا
يقدر عند التعارض من الترجيح والخلاص ، ولا يتعلّق ظنّه بما يحصل له الاطمئنان ،
ولا يتنبّه على اللوازم والأفراد الخفيّة ، وربما تنبّه بعضهم ببعضها بعد نصب
ولغوب ، وصاحب الملكة تنبّه بسهولة.
وربما ردّ بعضهم
الجزئي إلى غير قاعدته ، ويقتنص الفرع من غير أصله ، ويحكم بلزوم ما ليس بلازم
وخروج ما هو لازم ، وبفرديّة ما ليس بفرد ، وبعدم فرديّة ما هو فرد ، ومثله تشبّه
ذا الملكة كتشبّه السوفسطائي بالحكيم.
وترى جماعة ممّن
انقضى عمره في تحصيل المنطق وعلم قواعده وبلغ منه الغاية و لا يقدر على ترتيب الأقيسة من عند نفسه ، وترى طائفة ممّن وجّه همّته في
تحصيل النجوم وعلم قواعده وضوابطه و لا يتمكّن من
استخراج حكم من النظرات والعلامات التي أحكامها متناقضة ، ولا يقدر على التخريج.
وترى جمّا غفيرا
ممّن بيّض لمّة لحيته في الطبّ يعجز عند العمل ، وإذا تعارض علامات الأمراض ، لا
يقدر على معرفة المرض ، ولا يقدر في بعض الأمراض الخفيّة عن معرفة أسبابها.
ففي جميع هذه
العلوم يتوقّف الخلاص عن مضيق التعارض وأخذ النفس ما يحصل لها
__________________
الاطمئنان على
الملكة القدسيّة ، وقد صرّح بذلك عظماء سائر العلوم حتّى قال بطليموس في الثمرة : « إنّ استنباط الأحكام من علم النجوم لا يتيسّر إلاّ لمن حصلت له
الملكة القدسيّة » .
ولا ينبغي أن
يلتفت إلى قول من قال : إنّه لا حاجة إليها ويمكن الاستنباط بدونها ؛ فإنّ غاية الأمر أن يمكن الاستنباط بدونها من دليل كان ظاهرا ،
أو نصّا في معناه ولم يكن له معارض ، ولا لازم غير بيّن ، ولا فرد خفيّ ، كاستنباط
عدم نجاسة الكرّ بملاقاة النجاسة من قوله صلىاللهعليهوآله : « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » ، وهذا قليل في المباحث الفقهيّة ، كما لا يخفى على المتتبّع.
وأمّا بيان الثاني
، فهو أن يعرض استدلالات من يراد اختباره ، وترجيحاته المخترعة ، على استدلالات
ذوي الملكات وترجيحاتهم ، فإن شابهتها فقد حصلت له الملكة ، وإلاّ فلا ، ومن لا
يتمكّن من العرض والفهم من عند نفسه ، فطريق معرفته إمّا التواتر ، أو إخبار جماعة
من العلماء باستقامة طبيعته ، وصفاء قريحته بحيث يحصل القطع بقلّة كبوته ، وندور
سقطته ، وعدم اعوجاجه في الغالب.
والقول بأنّ
الظاهر أنّ المراد بتلك الملكة ملكة استنباط جميع الأحكام بحيث لا يشذّ عنها شيء ،
ولا ريب في أنّ حصول مثلها يتوقّف على غاية استعداد للنفس ، وتأييد من عند الله ؛
فلا يفوز بها إلاّ أوحديّ من الأذكياء ، وعلى هذا لا يعلم ذو ملكة حتّى يعرض فتاوى
من يراد اختباره على فتاويه ، شبهة مصادفة للضرورة ؛ فإنّا نعلم بديهة أنّ المعارف من
الفقهاء كانوا ذوي ملكات قويّة.
وما قيل : إنّه
يلزم على ما ذكر أن يكون تلك الملكة أمرا وجدانيا مقتضاه الإصابة في كلّ
__________________
المسائل والصواب
من طرفي النقيض لا يكون إلاّ واحدا ؛ مع أنّا نرى اختلافها وعدم انضباطها ، ولذا
لا يكاد أن يتّفق اثنان في الاستنباط ؛ فلا يوجد هنا مرتبة معيّنة حتّى يقال : من
وصل إليها فهو مجتهد ، ومن لم يصل إليها ليس مجتهدا .
يرد عليه : أنّ
الملكة أمر واحد وهو حالة يتمكّن بها من ردّ الفروع إلى الاصول. نعم ، لها مراتب
مختلفة ؛ لأنّها تزيد وتنقص ، وتشتدّ وتضعف ، ويختلف لذلك سرعة الاستنباط وبطؤه ،
وإصابة الحقّ وعدمها ، ولا يوجب ذلك عدم انضباط أصل الملكة ، وعدم العلم بها.
تذنيب
اعلم أنّ هاهنا
علوما أخر لها مدخليّة في الاجتهاد من حيث التكميل دون الشرطيّة. وربما عدّ بعضهم
بعضا من الشرائط :
الأوّل
والثاني : علم المعاني ،
والبيان. والأكثر على أنّهما من مكمّلات الاجتهاد ؛ لأنّ أحوال الإسناد الخبري
إنّما تعلم في الأوّل ، وهو من مكمّلات العلوم العربيّة ، وأحوال الحقيقة والمجاز
وتفاصيلهما تعرف من الثاني ، وهو من مكمّلات المبادئ اللغويّة.
وذهب المرتضى وجماعة إلى أنّهما من الشرائط ؛ نظرا إلى ظهور
الاحتياج في معرفة الأحكام إلى بعض مباحث القصر والإنشاء الثابت في المعاني ، وإلى
أحكام الحقيقة والمجاز الثابتة في البيان.
وهو لا يخلو عن
قوّة. وذكر القدر المحتاج إليه منهما في كتب الاصول ـ لو سلّم ـ لا يدفع صدق
الاحتياج إليهما.
الثالث : علم البديع. والأكثر على أنّ الاجتهاد لا يتوقّف عليه ؛
لأنّه علم يعرف به وجوه محسّنات الكلام ، والفقه لا يتوقّف على ذلك. نعم ، له
مدخليّة في التكميل ؛ لكونه من
__________________
مكمّلات العربيّة.
وبعض المتأخّرين
عدّ العلوم الثلاثة من الشرائط ؛ لأنّ الفصاحة والأفصحيّة ممّا تعلم في هذه الأزمان منها
وقد ثبت في باب التراجيح تقديم الأفصح على الفصيح ، وهو على غيره.
وكذا معرفة
التأكيد والمبالغة في الكلام تتوقّف عليها ، والكلام المشتمل عليهما يقدّم على غيره.
وهو أيضا لا يخلو
عن قوّة ؛ لأنّ الحقّ ـ كما يأتي ـ أنّ الفصيح
يقدّم على غيره ، ومعرفته في أمثال زماننا لا تمكن بدون العلوم الثلاثة.
الرابع : بعض مباحث علم الحساب ، كالضرب والقسمة والأربعة
المتناسبة ، والخطأين والجبر والمقابلة.
الخامس : بعض مباحث الهيئة ، مثل ما يتعلّق بالقبلة ، وما يتعلّق
برؤية الأهلّة وأحوالها لمعرفة الشهور والخسوفات ، وما يتعلّق بكرويّة الأرض
لمعرفة تقارب مطالع بعض البلاد مع بعض ، وتباعد مطالع بعضها عن بعض.
السادس : بعض مسائل الهندسة ، كما لو باع بشكل معيّن من أشكالها ،
كشكل العروس مثلا .
السابع : بعض مسائل الطبّ ، مثل ما يتعلّق بمعرفة الجنون ، وتمييز
الدوريّ منه عن المطبق ، وما يتوقّف بمعرفة العفل والقرن وغير ذلك.
ولا ريب في أنّ
هذه العلوم الأربعة ممّا له مدخليّة في الاجتهاد من حيث التكميل ، ووجهه ظاهر.
__________________
والحقّ أنّها ليست
من الشرائط ؛ لأنّ شأن الفقيه بيان نفس الأحكام الشرعيّة ، والحكم باتّصال
الشرطيّات ، وليس عليه بيان موضوعاتها وتحقيق أطراف الشرطيّة ؛ فليس عليه في قول
القائل : « لزيد عليّ ستّة إلاّ نصف ما لعمرو » و « لعمرو عليّ ستّة إلاّ نصف ما
لزيد » إلاّ الحكم بأنّه إقرار ، وأمّا بيان كميّة المقرّ به ، فليس من وظيفته.
وكذا ليس عليه
إلاّ الحكم بأنّ البلاد المتقاربة في المطالع حكمها في رؤية الهلال واحد ، وأنّ
البيع بشكل العروس جائز ، وأنّ الجنون والقرن ممّا يجوز أن ينفسخ به النكاح ،
وأمّا بيان أنّ أيّ البلاد متقاربة ، وشكل العروس ما ذا ، والجنون أو القرن ما ذا
، فليس وظيفته.
الثامن : فروع الفقه ، ولا ريب في أنّ ممارستها ممّا يعين على
الاستنباط ، ولكنّه لا يتوقّف عليها. ووجهه ظاهر.
فصل [٤]
أجمع الإماميّة
على أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يكن متعبّدا بالاجتهاد ، وأحكامه كانت قطعيّة صادرة عن
الوحي لا عن الاجتهاد ، وهذا يعمّ عندهم سائر المعصومين عليهمالسلام.
وذهب أكثر العامّة
إلى أنّه كان متعبّدا بالاجتهاد فيما لا نصّ فيه.
لنا : قوله تعالى
في حقّه : ( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ
إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) ، وهو يدلّ على العموم وكون كلّ ما نطق به وحيا ، وتخصيصه بالقرآن لا دليل
عليه.
والقول بأنّ
الاجتهاد بالوحي قول بالوحي لا نطق عن الهوى ، مدفوع بأنّ
الوحي بالاجتهاد لا يحصل ما ينطق به وحيا ، كما لا يصير اجتهادنا لأمره تعالى به
في قوله : ( فَاعْتَبِرُوا ) وحيا.
ولنا : أيضا قوله
تعالى : ( قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ
تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى ) ،
__________________
وهو أيضا ظاهر في
العموم.
وأيضا مخالفة
المجتهد جائزة بالاتّفاق ، ومخالفته كفر بلا خلاف.
والقول بأنّ جواز
مخالفة المجتهد إذا لم يقترن بحكمه قاطع ، واجتهاده صلىاللهعليهوآله قد اقترن به قوله وهو قاطع ، ضعيف ؛ لأنّ قوله لو كان عن مجرّد الاجتهاد ولم يكن وحيا
، فمن أيّ سبب يكون قاطعا ، والوحي إليه بأن يجتهد لا يجعل قوله قاطعا ، كما لا
يجعل أمره تعالى لنا بالاجتهاد قولنا قاطعا.
وأيضا كان صلىاللهعليهوآله يتوقّف في الأحكام ، وهو ينافي تعبّده بالاجتهاد.
وما قيل : إنّه لاستفراغ الوسع ، أو جواز الوحي الذي عدمه شرط في الاجتهاد ؛ لأنّه إنّما
تعبّد به فيما لا نصّ فيه ، فلا بدّ من تحقّق عدم النصّ بعدم الوحي حتّى يجوز له
الاجتهاد ، لا يخفى وهنه.
احتجّ المخالف
بقوله تعالى : ( عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ) ، عاتبه على حكمه ، ومثل ذلك لا يكون فيما علم بالوحي.
وبقوله صلىاللهعليهوآله : « لو استقبلت من أمري ما استدبرت ، لما سقت الهدي » ، أي لو علمت أوّلا ما علمت آخرا لما سقت الهدي ، وسوق الهدي حكم شرعي ، ومثل
ذلك لا يستقيم إلاّ فيما علم بالاجتهاد والرأي .
والجواب عن الأوّل
: منع كون الإذن حكما شرعيّا.
وعن الثاني :
إمكان ثبوت التخيير في سوق الهدي أوّلا ، ثمّ إيحاء فضل التمتّع.
اعلم أنّ القائلين
بكونه مجتهدا اختلفوا في أنّه هل يجوز عليه الخطأ في اجتهاده ، أم لا؟
ونحن لمّا ذهبنا
إلى عدم جواز مطلق الخطأ عليه ، وعدم تعبّده بالاجتهاد ، فلنا مندوحة عن هذا
البحث.
__________________
فصل [٥]
للعامّة في جواز
الاجتهاد ، ووقوعه بحضرة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وفي عصره صلىاللهعليهوآله أقوال كثيرة.
والحقّ عدم جوازه
في عصر النبيّ والأئمّة عليهمالسلام إلاّ لمن غاب عنهم بحيث لم يتمكّن من السؤال عنهم.
لنا على الأوّل : أنّ العمل بالظنّ خلاف الأصل ، خرج العمل به عند فقد اليقين ؛ لقضاء
الضرورة ، فالقادر على اليقين لا يجوز له العمل به مطلقا ، وأنّ أصحابهم يرجعون
إليهم في القضايا والأحكام ، ولم ينقل عن أحد منهم ـ سيّما من أصحاب الأئمّة ـ أن
يجتهد.
وعلى الثاني : ما
دلّ على جوازه في زماننا.
احتجّ المجوّزون
باجتهاد بعض الصحابة في عصره صلىاللهعليهوآله ، وتقريره صلىاللهعليهوآله له . وهو لم يثبت عندنا.
ويتفرّع على هذا
الخلاف جواز الاجتهاد في الأحكام بالظنّ مع القدرة على اليقين ، كالاجتهاد في
الوقت مع القدرة على تحصيل اليقين بالصبر أو غيره ، وفي الثوبين مع وجود ثوب ظاهر
يقينا ، وغير ذلك. والأصل عدم الجواز إلاّ ما ثبت بدليل من خارج.
فصل [٦]
أجمع المسلمون ـ إلاّ
من شذّ ـ على أنّ المصيب من المجتهدين المختلفين في العقليّات
واحد ، وهو من طابق اعتقاده الواقع ، وغيره مخطئ آثم ؛ لأنّ الله كلّف فيها بالعلم
، ونصب عليه دليلا ، فالمخطئ مقصّر فيبقى في عهدة التكليف ؛ ولأنّ المسلمين أجمعوا
على قتال الكفّار من غير فرق بين معاند ومجتهد ، مع أنّ جلّ الكفّار بل كلّهم
يقطعون بأنّهم لا يعاندون الحقّ بعد ظهوره لهم ، بل يعتقدون دينهم الباطل عن
اجتهاد.
__________________
ويدلّ عليه أيضا
بعض الظواهر ، نحو قوله تعالى : ( ذلِكَ ظَنُّ
الَّذِينَ كَفَرُوا ... ) ، وغيره ، وتخصيصه بغير المجتهد منهم تحكّم.
احتجّ المخالف ـ وهو
القائل بأنّ كلّ مجتهد فيها مصيب لا على معنى مطابقة ما أدّى اجتهاده للواقع ؛
فإنّه غير معقول ، ولم يقل به أحد ، بل بمعنى زوال الإثم ـ بأنّ التكليف بخلاف ما
أدّى إليه النظر والاجتهاد تكليف بالمحال ؛ لأنّ حصوله بعدهما ضروري ، واعتقاد خلافه ممتنع .
والجواب : أنّ علم
الحجّة واضح لمريدها ، فمن لم يصلها فقد قصّر في النظر.
وأمّا الشرعيّات ، فإن بلغت حدّ القطع ، فالمصيب فيها أيضا واحد ـ وهو من أخذ بالمقطوع به ـ وغيره
آثم.
وإن لم تبلغ حدّ
القطع ، بل افتقرت إلى نظر واجتهاد ، وجب على المجتهد بذل المجهود فيها ، وبعد بذل
جهده ما تعلّق ظنّه به يجب عليه العمل به ، ولا إثم عليه حينئذ وإن أخطأ ؛ لما ثبت
بالتواتر من اختلاف الصحابة في المسائل من دون التأثيم من بعضهم لبعض معيّن أو
مبهم ، مع أنّا نقطع بأنّه لو كان إثم ، لقضت العادة بذكره .
والظاهر عدم
الخلاف في ذلك ، إنّما الخلاف في التخطئة والتصويب ، بمعنى أنّ المسألة التي لا
قاطع فيها هل فيها حكم معيّن لله تعالى ـ من أصابه فهو مصيب وغيره مخطئ معذور ـ أم
ليس فيها حكم معيّن لله ، بل حكم الله فيها تابع لظنّ المجتهد ، فما ظنّه كلّ
مجتهد فيها فهو حكم الله تعالى فيها؟ فذهب أصحابنا إلى الأوّل ، وأكثر العامّة إلى الثاني.
لنا : شيوع تخطئة
السلف بعضهم بعضا من غير نكير .
__________________
وما روي : « أنّ
للمصيب أجرين ، وللمخطئ واحد » .
ولزوم بطلان
التصويب من صحّته ؛ لأنّا اجتهدنا أنّه باطل ، وعلى القول به لمّا كان حكم الله
تعالى تابعا لظنّ المجتهد ، يلزم كون ما اجتهدناه ـ وهو بطلانه ـ حكم الله تعالى ،
فيثبت المطلوب.
ولزوم اجتماع
النقيضين لو صحّ التصويب ؛ لأنّ كلّ مجتهد لو كان مصيبا فإذا ظنّ حكما ، حصل له
القطع بأنّه الحكم في حقّه ، وبقاء هذا القطع مشروط ببقاء ظنّه ؛ إذ لو ظنّ غيره
لزمه الرجوع إلى ذلك الغير إجماعا ، وإذا كان الظنّ باقيا ، يلزم تعلّق الظنّ
والقطع بشيء واحد في زمان واحد ؛ لأنّه لا حكم على التصويب في الواقع إلاّ ما
استنبطه وقد ظنّ أنّه الحكم ، مع أنّه قاطع بأنّه حكم الله ، وتعلّق القطع والظنّ
بشيء واحد في زمان واحد اجتماع النقيضين وهو محال.
ولا يرد ذلك على
القول بالتخطئة ؛ لأنّ متعلّق القطع والظنّ على هذا القول ليس شيئا واحدا ؛ لأنّ
الظنّ تعلّق بأنّه حكم الله الواقعي ، والقطع بأنّه يجب العمل به ولا يجوز مخالفته
، أي أنّه حكم الله الظاهري ؛ فاختلف المتعلّقان ؛ فلا يلزم اجتماع النقيضين.
ولنا أيضا : قوله
تعالى : ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) ، و ( وَلا رَطْبٍ وَلا
يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) ، و « فيه تبيان كلّ شىء » ، و ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِما أَنْزَلَ اللهُ ... ) ، وتواتر الأخبار بأنّه ما من واقعة إلاّ ولها حكم أنزله الله في كتابه ، أو
بيّنه نبيّه في سنّته .
وما ورد من أنّ
حكم الله كذا ، أو من لم يحكم بحكم الله أو بما أنزل الله فهو كذا ، وقول
__________________
عليّ عليهالسلام في نهج البلاغة في ذمّ اختلاف الفتيا : « ترد على أحدهم القضيّة في حكم من
الأحكام ، فيحكم فيها برأيه ، ثمّ ترد تلك القضيّة بعينها على غيره ، فيحكم فيها
بخلاف قوله ، ثمّ يجتمع القضاة بذلك عند إمامهم الذي استقضاهم ، فيصوّب آراءهم
جميعا وإلههم واحد ، وكتابهم واحد ، ونبيّهم واحد » .
احتجّت المصوّبة
بقوله صلىاللهعليهوآله : « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم » ، ولو كان بعضهم مخطئا في اجتهاده ، لم يكن في متابعته هدى ؛ لأنّ العمل بغير
حكم الله ضلالة.
وبأنّه لو كان
المصيب واحدا ، والمخطئ يجب عليه العمل بمقتضى ظنّه ، فلا يخلو إمّا أن يجب عليه مع القول ببقاء حكم الله الواقعي في حقّه أو مع زواله ، والأوّل يوجب
ثبوت الحكمين في حقّه وهما نقيضان ، والثاني يوجب وجوب العمل بالخطإ وحرمة العمل
بالصواب وهو ممتنع .
والجواب عن الأوّل
: أنّه لو سلّم الخبر فلا نسلّم أنّ متابعة المخطئ في الاجتهاد ضلالة ، بل هو هدى
؛ لأنّ كلاّ من التابع والمتبوع قد فعل ما يجب عليه.
وعن الثاني : أنّا
نختار الثاني. وأداؤه إلى وجوب العمل بالخطإ في الواقع لا بأس به إذا لم يعلم أنّه
خطأ ، بدليل أنّه لو كان في مسألة نصّ أو إجماع ولم يطّلع عليه بعد الاجتهاد وجب
مخالفته ، فما نحن فيه مع الاختلاف أجدر بالمخالفة.
إذا عرفت ذلك ،
فيتفرّع عليه عدم جواز إنفاذ المجتهد حكم مجتهد آخر يخالفه ، وعلى التصويب يجوز.
وعدم جواز اقتداء
من يرى وجوب السورة أو التسليم أو غير ذلك بمن لا يراه ولم يفعله ، وعلى التصويب
يجوز.
ووجوب القضاء على
المجتهد في القبلة إذا ظهر خطأه ، وعلى التصويب لا يجب.
__________________
وفي المسألة تفصيل
ورد به النصّ وعمل به الأكثر من أصحابنا ، وفيه قول آخر عمل به بعضهم .
تذنيب
لمّا بطل التصويب
، فيترتّب عليه بطلان التفويض ، وهو أن يفوّض الحكم إلى المجتهد ، فيقال له : احكم
بما شئت.
وقد اختلف العامّة
في جوازه ، ومن قال بالجواز احتجّ بقوله تعالى : ( كُلُّ الطَّعامِ كانَ
حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاَّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ ) ، ولا يتصوّر تحريمه على نفسه إلاّ بتفويض التحريم إليه ،
وإلاّ كان المحرّم هو الله.
وقوله صلىاللهعليهوآله : « لو لا أن أشقّ على امّتي ، لأمرتهم بالسواك » ، وهو صريح في أنّ الأمر وعدمه إليه.
وقوله : « في [
قصّة ] مكّة لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها » ، فقال العبّاس : إلاّ الإذخر ، فقال صلىاللهعليهوآله : « إلاّ الإذخر » ، وهو يدلّ على
تفويض الحكم إليه حتّى أطلق أوّلا ، ثمّ استثنى بالتماس العبّاس .
والجواب عن الأوّل
: أنّ تحريم إسرائيل ما حرّم على نفسه إنّما كان بأمر الله ، وإسناد التحريم إلى
إسرائيل لأجل ميله إلى ذلك وطلبه له.
وعن الثاني : أنّه
يجوز أن يكون النبيّ صلىاللهعليهوآله قد خيّر في الأمر وعدمه.
وعن الثالث : أنّ
الإذخر ليس من الخلى ، فيكون الاستثناء منقطعا ، أو التخصيص كان
__________________
مرادا له صلىاللهعليهوآله وقد فهمه السائل ، فقرّره صلىاللهعليهوآله ؛ على أنّه يلزم من ثبوت التفويض في هذه الأمثلة كون
الأنبياء مجتهدين ، وقد مرّ بطلانه .
فصل [٧]
إذا وقعت على
المجتهد واقعة فاجتهد فيها وأفتى وعمل ، ثمّ تكرّرت ، ففي وجوب تكرير النظر أقوال
، ثالثها : الوجوب إن لم يكن ذاكرا لما مضى من طرق الاجتهاد ، وعدمه إن كان ذاكرا
له .
ورابعها : الوجوب
إن مضى زمان زادت فيه القوّة بكثرة الممارسة والاطّلاع .
والحقّ أنّه لا
يلزمه تكرار النظر مطلقا ؛ لأنّه اجتهد مرّة وطلب ما يحتاج إليه في المسألة ،
والأصل عدم وجود شيء آخر لم يطّلع عليه.
احتجّ القائل
بلزوم التكرار بأنّه يحتمل أن يتغيّر اجتهاده كما نراه كثيرا ، ومع هذا
الاحتمال لا يبقى ظنّه .
والجواب : أنّ
احتمال تغيّر اجتهاده لو اقتضى تكرير النظر ، لوجب التكرير أبدا.
ويتفرّع عليه أنّه
إذا اجتهد للقبلة وصلّى ثمّ حضر وقت صلاة اخرى ، فلا يجب الطلب ثانيا ، وإذا طلب
الماء ولم يجده فتيمّم وصلّى ثمّ دخل وقت صلاة اخرى ، لم يجب الطلب ثانيا.
فصل [٨]
لا يجوز للمجتهد
تقليد غيره بعد اجتهاده وفاقا ، وكذا قبله على الأصحّ. وفيه مذاهب آخر .
لنا أنّ التقليد
خلاف الأصل ، خرج ما أخرجه الإجماع ، فيبقى الباقي على أصله.
__________________
وأيضا التقليد حكم
شرعي لا بدّ له من دليل والأصل عدمه.
وأيضا التقليد بدل
الاجتهاد ، ولا يجوز الأخذ بالبدل مع التمكّن من المبدل.
احتجّ القائل
بالجواز بقوله تعالى : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ
الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ).
وبقوله صلىاللهعليهوآله : « أصحابي كالنجوم ... » .
وهما لا يدلاّن
على مطلوبه ، كما لا يخفى.
ويتفرّع عليه عدم
جواز تقليد العارف بأدلّة القبلة لغيره ، بل يجب عليه اعتبارها.
وعدم جواز تقليد
المؤذّن الثقة للعارف بالوقت مع عدم عذره ، وعدم جواز تقليد الأعمى إذا أمكنه
معرفة الكعبة بلمسها.
فصل [٩]
الحكم الصادر من
مجتهد إن كان مخالفا للقاطع ، يجوز له ولمجتهد آخر نقضه ، وإن لم يكن مخالفا له ،
بل كان من الاجتهاديّات ، فلا يجوز لكلّ واحد منهما نقضه ؛ إذ لو جاز ذلك ، جاز
نقض النقض ، وهكذا ، فيلزم التسلسل فيفوت مصلحة نصب الحاكم ، وهو رفع الخصومات. وعلى
هذا ، لو تزوّج مجتهد امرأة بغير إذن وليّها عند ظنّه صحّته ثمّ تغيّر اجتهاده
ورآه غير جائز ، حرم نقضه مطلقا ، ووجب إبقاء التزويج كما كان.
__________________
الباب الثاني
في التقليد
والبحث فيه عنه
وعن المفتي والمستفتي وما يستفتى فيه.
والتقليد في الأصل
: هو العمل بقول الغير من غير حجّة ، كأخذ العامّيّ
والمجتهد بقول مثله ، وعلى هذا لا يكون الرجوع إلى النبيّ والأئمّة عليهمالسلام تقليدا.
وكذا رجوع
العامّيّ إلى المفتي ، والقاضي إلى العدول في شهادتهم ؛ لقيام الحجّة فيها.
وفي العرف يطلق
على أخذ العامّيّ بقول المفتي أيضا ، وهو الغالب في أمثال زماننا.
والمفتي هو
الفقيه.
والمستفتي خلافه.
والمستفتى فيه ،
المسائل الاجتهاديّة.
فصل [١]
لا ريب في لزوم
التقليد على من لم يبلغ درجة الاجتهاد ـ سواء كان عامّيّا أو عالما بطرف من العلوم
ـ لورود الأمر في الآيات والأخبار بسؤال الجهّال عن أهل العلم ، وقد وقع التصريح به في مشهورة أبي خديجة ، وشيوع استفتاء
__________________
العوامّ من
العلماء في الأعصار والأمصار من غير نكير.
وقد نقل غير واحد
من الأصحاب إجماع العلماء على الإذن للعوامّ في الاستفتاء من غير تناكر .
ولأنّ العوامّ
مكلّفون بالعمل بالأحكام ، وهو يتوقّف على المعرفة بها ، وهي لا تتحقّق إلاّ
بالاستدلال أو التقليد. والأوّل باطل ؛ لأدائه إلى استيعاب أوقاتهم بالفكر والنظر
، فيختلّ أمر معاشهم المضطرّ إليه.
وبذلك يندفع ما
ذهب إليه الحلّيون من أصحابنا من وجوب الاستدلال على العوامّ .
وذهب بعض
البغداديّين إلى أنّ العالم بطرف صالح من العلم إذا لم يبلغ درجة
الاجتهاد وإن لزمه التقليد ، إلاّ أنّه مشروط بأن يتبيّن له صحّة اجتهاد المجتهد
بدليله.
ويدفعه شيوع
استفتاء أمثاله من أهل الاجتهاد واتّباعهم لهم من غير إبداء المستند من غير أن
ينكر عليهم.
وقوله تعالى : (
فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ، وهو عامّ في جميع من لا يعلم ، فيقول : هذا العالم لا يعلم هذه المسألة ، فيجب عليه فيها السؤال.
فصل [٢]
الحقّ وجوب النظر
في العقليّات من اصول العقائد ؛ لورود الذمّ على التقليد واتّباع الظنّ في الكتاب والسنّة ، خرجت الفروع بالإجماع ؛ فبقيت الاصول.
__________________
ولوجوب تحصيل
العلم بالاصول بالإجماع ، وقوله تعالى : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا
إِلهَ إِلاَّ اللهُ ). والتقليد لا يحصّله ، وقوله : قل انظروا أو لم يتفكّروا في خلق السماوات .
وما ورد من
الأخبار من أنّه يسأل في القبر عن الدليل على اصول العقائد .
احتجّ المخالف ـ وهو بين قائل بكفاية الوصول في الاصول إلى المطلوب سواء كان بنظر صحيح أو
فاسد أو بالتقليد ، وقائل بحرمة النظر ووجوب التقليد فيها ـ بوجوه :
منها : أنّ
الاستدلال صعب ، ومعرفة الاصول بالنظر والدلالة العقليّة لا يتمكّن منها كلّ أحد ؛
لتعذّرها في حقّ أكثر الناس ، كأغباء الترك ، وأجلاف العرب ، وأكثر النساء
والأطفال في أوائل البلوغ ، وأكثر من يتمكّن منها يتوقّف حصولها له على صرف برهة
من عمره في تحصيلها ، وربما أدّى في كثير منهم إلى استيعاب أوقاتهم ؛ لتوقّفه على
مقدّمات كثيرة ، فيختلّ أمر المعاش.
ومنها : أنّ
النبيّ والصحابة يكتفون في إسلام الكفّار من عوامّ العرب على كلمتي الشهادة من دون
تكليف استدلال ، بل يحكمون بمجرّدهما على إسلام الأمة الخرساء ، والبدوي الذي لم
يعرف الهرّ من البرّ من دون عرض الأدلّة عليهما.
ومنها : اتّفاق
علماء الأمصار على قبول شهادة العوامّ مع أنّا نقطع بأنّهم لا يعلمون تحرير
العقائد بالأدلّة.
والجواب عن هذه
الوجوه الثلاثة : أنّ تحرير الأدلّة بالعبارات المصطلح عليها ، ودفع الشبهة
الواردة عليها ليس بلازم ، بل اللازم معرفة دليل إجمالي يوجب الطمأنينة وإن كان
اتّفاق العقلاء ، أو قول من يوثق به من النبيّ ، أو الإمام ، وهذا يحصل بأيسر نظر
ويتمكّن منه كلّ أحد ، وقد كان النبيّ صلىاللهعليهوآله والصحابة يعلمون من عوامّ العرب علمهم بهذا القدر ، كما
إذا
__________________
قال الأعرابي : «
البعرة تدلّ على البعير ».
ومنها : أنّه صلىاللهعليهوآله نهى الصحابة عن الكلام في مسألة القدر.
والجواب : أنّ
نهيه إنّما كان عن الجدال ، مع أنّ مسألة القدر غير ما نحن بصدده.
ومنها : أنّه لو
كان النظر واجبا ، لوجب على الصحابة بطريق أولى ، ولو وجب عليهم ، لنقل عنهم مع
أنّه لم ينقل عن أحد منهم الاستدلال ، ولا أمر أحدهم أحدا به.
وجوابه : أنّ عدم
النقل والإلزام لوضوح الأمر عندهم وقلّة الشبه ؛ فإنّ من شاهد الوحي وصاحب صاحبه
أيّ حاجة له إلى الاستدلال في معرفة الله وصفاته؟ بل هو محتاج إليه في زمان انقطاع
الوحي ؛ لارتفاع صفاء الأذهان ، ومعارضة الوهم للعقل وإحداثه الشبهات بين الأنام.
ومنها : أنّ النظر
مظنّة الوقوع في الضلالة ؛ لإثارته الشكوك والشبهات بخلاف التقليد ؛ فإنّه طريق
سالم.
وجوابه : أنّ ذلك
يجري فيمن يقلّد ، فيحرم النظر عليه أيضا ، فيتسلسل ، أو ينتهي إلى ناظر ، فيلزم
المحذور مع زيادة احتمال كذبه.
ومنها : أنّه إن
وجب النظر لزم الدور ؛ لتوقّفه على العلم بصدق الرسول المتوقّف على النظر في
معجزته المتوقّف على وجوب النظر في معرفة الله.
وجوابه : أنّ وجوب
النظر في المعارف الواجبة عقلي عندنا.
ومنها : أنّ قول
من يوثق به أوقع في النفس ممّا يفيده هذه الدلائل الكلاميّة.
والجواب : منع
الأوقعيّة ، إلاّ إذا كان قول المعصوم عليهالسلام والرجوع إليه ليس تقليدا.
ومنها : أنّ قوله
تعالى : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ... ) مطلق غير مقيّد بالفروع.
والجواب : أنّه قد
علم تقييده بما تقدّم من الأدلّة .
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله : « عليكم بدين العجائز » .
__________________
والجواب : أنّه من
كلام الثوري ، مع أنّ دين العجائز ليس هو التقليد ، بل الرجوع إلى ما يفيد
الاطمئنان من الآيات الظاهرة ، ونحن نقول بكفايته.
فإن قلت : يلزم
على ما ذكرت الحكم بكفر أكثر عوامّ أهل الإسلام ؛ لأنّ معرفتهم ناشئة عن التقليد.
قلت : لا يلزم ذلك
؛ لأنّ الحقّ أنّ المقلّد للحقّ إذا كان جازما ولم يعلم وجوب النظر ، أو علمه ولم
يصرّ على تركه ، بل رجع إليه ، فهو مؤمن غير فاسق ، إلاّ أن يقال : الجاهل ليس
معذورا هنا ، فغير العالم بوجوب النظر مؤمن فاسق ، وإن علمه وأصرّ على تركه فهو
مؤمن فاسق ؛ لأنّ مناط الإيمان ثبوت الاعتقاد الثابت الجازم وليس صدوره عن النظر
شطرا أو شرطا له وإن كان واجبا ، وكان تركه فسقا محرّما إذا علم وجوبه إلاّ أنّ
حصول القطع من التقليد في غاية الندرة.
وإن كان ظانّا فهو
مؤمن على الظاهر ومرجى في الآخرة. وكونه فاسقا أو غير فاسق يعلم ممّا ذكر ، وأكثر
عوامّ المسلمين في أمثال زماننا من هذا القبيل ، فبقي المقلّد المحكوم بكفره من
قلّد الباطل ، أو الحقّ من غير جزم ولا ظنّ ، والأوّل ليس من فرق المسلمين ،
والثاني قليل.
فصل [٣]
يعتبر في المفتي ـ
الذي يرجع إليه المقلّد ـ مع الاجتهاد الإيمان والعدالة ، ولا يجوز له التعرّض
للفتوى حتّى يعلم اتّصافه بالشرائط من العلم والعدالة.
ولا يجوز للمستفتي
الرجوع إليه حتّى يعلم منه ذلك بالمخالطة المطلقة ، أو التواتر ، أو القرائن الكثيرة المتظاهرة ، أو بشهادة العدلين العارفين ، ولا يكتفى بمجرّد رؤيته له منتصبا للفتوى
بمشهد من الخلق ، متصدّرا ، داعيا إلى نفسه ، والعامّة مقبلون عليه ، متّفقون على
سؤاله وتعظيمه ؛ إذ قد يكون غالطا أو مغالطا. وإقبال العامّة لا حجّيّة فيه ؛
لأنّهم يميلون إلى
__________________
كلّ ناعق ،
فاكتفاء بعض أصحابنا به تبعا للعامّة غير صواب.
والاحتجاج عليه
بقوله تعالى : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا
تَعْلَمُونَ ) ، نظرا إلى شمول أهل الذكر لمثله ، ضعيف ؛ لأنّه لا بدّ من تخصيص أهل الذكر بمن
جمع شرائط الفتوى ؛ للإجماع على عدم جواز السؤال من غيره ، وحينئذ لا بدّ من العلم
بحصول الشرائط ، أو ما يقوم مقامه.
فصل [٤]
المتّصف بشرائط
الفتوى إن كان واحدا تعيّن للفتوى. وإن كان أكثر ، فإن تساووا في العلم والعدالة
تخيّر المستفتي في تقليد أيّهم شاء. وإن تفاضلوا ، فإن اختلفوا في الفتوى تعيّن
تقليد الأفضل ؛ لأنّ الظنّ بقوله أقوى ، ويجب اتّباع أقوى الظنّين عند التعارض ،
وإلاّ لزم ترجيح المرجوح ، والظاهر عدم الخلاف بين الأصحاب في ذلك.
وذهب بعض العامّة
إلى تخيير المستفتي هنا أيضا ، وجواز تقليده للمفضول .
واحتجّوا عليه
بشيوع الفتوى من المفضولين من الصحابة من غير نكير. وهو ممنوع.
ولو سلّم صدور بعض
المسائل عن بعض المفضولين ، فإنّما كان ذلك بعنوان النقل عن النبيّ صلىاللهعليهوآله لا الاستفتاء ؛ على أنّه لو سلّم ذلك ، فلا ينتهض حجّة لنا.
وبأنّ العامّيّ لا
يمكنه معرفة مراتب المجتهدين ، فتكليفه بالترجيح تكليف بالمحال.
وفيه : أنّه
يتمكّن من معرفة الأفضل بالتسامع وبمشاهدة رجوع العلماء إليه ، وعدم رجوعه إليهم ،
وتقديمهم له واعترافهم بفضله.
وفي كلام
المحقّقين إيماء إلى أنّ لزوم الرجوع إلى الأفضل مخصوص بما إذا كان المجتهدون
جميعا في بلد المستفتي ، أو قريبا منه بحيث يمكنه الرجوع إليهم.
وأمّا إذا كانوا
منتشرين في البلاد ، فلا يجب عليه أن يخرج إليهم ويتفحّص عن أحوالهم
__________________
حتّى يقلّد الأفضل
مع وجود المجتهد في بلده ؛ للزوم الحرج.
وإن اتّفقوا في الفتوى يحتمل التخيير ؛ لعدم الفرق حينئذ بين الأخذ من الأرجح والأخذ من
المرجوح ، وتعيّن الأفضل ؛ لأنّ الثقة بقوله أقرب وأوكد وإن علم الاتّفاق ؛ لأنّه
لا ينفي الخطأ ، واحتماله بالنسبة إلى المفضول أقرب. وهذا لا يخلو عن قوّة.
وإن ترجّح بعضهم
بالعلم وبعضهم بالعدالة ، فالحقّ تقديم الأعلم ؛ لأنّ الفتوى إنّما يستفاد من
العلم ، والقدر الذي عنده من العدالة يمنعه عن الكذب في الفتوى بما لا يعلم.
فصل [٥]
لا خلاف عند
الفريقين في عدم اشتراط مشافهة المفتي في العمل بقوله ، بل يجوز بالكتابة مع أمن
التزوير ؛ للإجماع على العمل بكتب النبيّ والأئمّة عليهمالسلام في أزمنتهم ، وبالحكاية عنه ما دام حيّا ؛ للزوم الحرج
بإلزام السماع عنه ، وللإجماع على جواز رجوع الحائض إلى الزوج العامّيّ إذا روى عن
المفتي.
ولا خلاف عندنا في
عدم جواز إفتاء غير المجتهد بمذهب مجتهد ، بأن يفتي من عند نفسه بمذهبه من غير أن
يحكيه عنه ؛ لأنّه قول بما لا يعلم ، فيكون حراما ، وقد اختلف العامّة فيه على
أقوال :
ثالثها : الجواز
عند عدم المجتهد ، وعدمه عند وجوده .
ورابعها : الجواز
لمن كان مطّلعا على المآخذ والنصوص أهلا للنظر ، وعدمه لغيره . وهذا هو المشهور بينهم ، ولذا ترى يفتي واحد منهم بمذهب أبي حنيفة ، والآخر
بمذهب الشافعي ، وهكذا.
واحتجّوا على ذلك
بوقوعه في الأعصار من غير نكير. ولا يخفى سقوطه عندنا.
__________________
فصل [٦]
إذا عمل العامّيّ
بقول مجتهد في مسألة من غير أن يلتزم مذهبه ، فلا يجوز له الرجوع عنه فيها إلى قول
غيره وفاقا ، إلاّ أن يظهر له ما ينافي اجتهاده.
وأمّا في حكم
مسألة اخرى فقد اختلف في جواز رجوعه فيه إلى غيره ، والظاهر الجواز ؛ للأصل وعدم
ما يصلح أن يكون مانعا.
واستدلّ عليه أيضا
بوقوعه في زمن الصحابة وغيره ؛ فإنّ الناس في كلّ عصر كانوا يستفتون من له أهليّة
الفتوى كيف اتّفق ، ولا يلتزمون السؤال عن مفت بعينه .
ولو التزم أحد
مذهب مفت بعينه وصار مقلّده في جميع المسائل ـ وإن لم يكن لازما عليه ـ ففي جواز
رجوعه إلى غيره أقوال : ثالثها : أنّه كالأوّل وهو من يلتزم ، ففي المسألة التي
عمل فيها بقوله لا يجوز له الرجوع إلى غيره ، وفي غيرها يجوز له أن يقلّد فيه من
شاء .
فصل [٧]
المشهور بين
العامّة جواز تقليد المجتهد الميّت ، ولذا يقلّد
واحد منهم أبا حنيفة ، والآخر الشافعيّ.
وأكثر أصحابنا على
المنع منه.
ومال بعض
المتأخّرين إلى جوازه .
والحقّ الأوّل ؛ لوجهين :
أحدهما
: أنّ التقليد خلاف
الأصل ، خرج تقليد الحيّ بالإجماع ، ولزوم الحرج بتكليف جميع الناس بالاجتهاد ،
فيبقى الباقي على أصله.
__________________
وليس لأحد أن يقول
: إنّهما يخرجان تقليد الميّت أيضا ؛ لأنّ صورة حكاية الإجماع صريحة في الاختصاص
بتقليد الأحياء ، والحرج يندفع بتسويغ تقليد الحيّ.
والقول بأنّ
انعقاد الإجماع غير مسلّم ، كيف؟ وكلام الكليني في أوّل الكافي ظاهر في المنع عن مطلق التقليد ، وصرّح ابن زهرة به وبوجوب الاجتهاد عينا ، وقد عزاهما بعض أصحابنا إلى قدماء الأصحاب وفقهاء حلب . والحرج كما يندفع بتقليد الحيّ يندفع بتقليد الميّت أيضا ، فالحكم بتعيّن
الأوّل تحكّم .
ضعيف ؛ لأنّه لو
قطع النظر عن الإجماع ، فلا ريب في أنّ لزوم الحرج ينتهض حجّة قطعيّة لصحّة
التقليد ، ولمّا كان التقليد مذموما ومخالفا للأصل ، فيجب أن يجوّز بقدر ما يندفع
[ به ] الحرج ؛ لأنّ ما يقدّر للضرورة فإنّما يقدّر بقدرها ، ولا
شكّ في أنّه يندفع بتقليد كلّ من الحيّ والميّت ، فيجب تقليد أحدهما فقط. وتقليد
الحيّ ممّا قال به كلّ من قال بصحّة التقليد ، فلا يمكن منهم منعه ، فيتعيّن منع
تقليد الميّت.
وممّا يؤكّد ذلك
أنّ الآيات والأخبار التي يمكن أن يستدلّ بها على صحّة التقليد إنّما تدلّ على
صحّة تقليد الحيّ دون الميّت ؛ لأنّها محصورة بين ما ورد فيه الأمر بالسؤال ،
كقوله تعالى : ( فَسْئَلُوا ).
وما ورد فيه الأمر
بالنظر إلى عارف الأحكام واستنباطها منه ، كمشهورة أبي خديجة .
وما ورد فيه الأمر
بالاستفتاء أو السماع أو غير ذلك ، ممّا يختصّ بالأحياء.
وثانيهما
: أنّ دلائل الفقه
لمّا كانت ظنّيّة ، لا يكون بينها وبين نتائجها لزوم عقلي ، كما تقرّر في محلّه ،
فلا تكون حجّة من حيث هي ، بل من حيث إفادتها الظنّ للمجتهد ، فالحجّة هو ظنّه وهو
يزول بموته ، فيبقى حكمه خاليا عن الدليل ، فكيف يمكن اتّباعه؟! ولا يمكن
__________________
القول حينئذ بلزوم
اتّباع ظنّه للاستصحاب ؛ لأنّ شرط الاستصحاب بقاء الموضوع. ودعوى كفاية ظنّه
السابق وعدم لزوم بقائه إلى حين عمل المقلّد ، شطط من القول ؛ لأنّ اتّباع قول أحد
بدون دليل على حجّيّته في غاية الفساد. هذا.
واستدلّ عليه
بوجوه أخر كلّها غير نقيّة :
منها : أنّ هذه
المسألة اجتهاديّة ، فالواجب فيها الرجوع إلى فتوى المجتهد ، وحينئذ فإن رجع فيها
إلى فتوى الميّت يلزم الدور ؛ وإن رجع فيها إلى فتوى الحيّ ، وفي غيرها إلى فتاوى
الموتى يلزم مخالفة الاعتبار وما ظهر من اتّفاق الأصحاب على المنع من الرجوع إلى
فتوى الميّت مع وجود الحيّ ؛ لأنّ جماعة نقلوا الإجماع عليه صريحا .
ويرد عليه : أنّا
نختار الشقّ الثاني ، وهو صواب غير مخالف للاعتبار ، وليس فيه فساد ، ولا بدّ
لنفيه من دليل.
والإجماع ـ لو سلّم
ـ فهو دليل مستقلّ ، ولا يحتاج إلى هذا التطويل.
وأيضا هذا الدليل
مبنيّ على عدم صحّة تجزّي الاجتهاد ، وقد عرفت صحّته ، وحينئذ فيجوز أن يجتهد أحد في هذه المسألة ورجع في غيرها من الأحكام إلى
فتاوى الأموات.
ومنها : أنّه إذا
تعدّد المجتهدون وتفاضلوا ، يجب الرجوع إلى الأعلم الأورع منهم ، كما تقدّم ، والوقوف لأمثالنا على الأعلم الأورع في الأعصار السابقة ممتنع.
ويرد عليه : أنّ
الاطّلاع على الأعلم الأورع ممكن بالشهرة والأخبار وملاحظة المصنّفات ؛ فإنّ
اللازم ليس إلاّ تحصيل الظنّ وهو في غاية السهولة.
فإن قلت : تحصيل
الظنّ بالأعلم ممكن ، وأمّا بالأورع فلا.
قلت : إذا حصل
الاطّلاع على الأعلم ، فإن كان واحدا ، يتعيّن العمل بقوله وإن كان الآخر أورع منه
؛ لما تقدّم من لزوم تقديم الأعلم ، فلا حاجة حينئذ
إلى معرفة الأورع ، وإن كان متعدّدا متساويين في العلم ، يجب حينئذ الرجوع إلى
الأورع منهم ، فيقع الاحتياج إلى
__________________
معرفته ، لكن لا
بدّ للخصم عن إثبات وقوع تعدّد الأعلم كذلك حتّى يثبت الاحتياج إلى معرفة الأورع ،
وأنّى له إثباته؟
ولو سلّم إمكان
إثباته ، نقول : معرفته ممكنة بالآثار والأخبار ؛ على أنّ وجوب تقليد الأعلم
الأورع إنّما هو عند إمكانه ، ومع التعذّر فالمقلّد مخيّر في تقليد من شاء ، كما
إذا تعدّد المجتهدون الأحياء وتساووا ، أو لم يتيسّر للمقلّد تمييز الأعلم الأورع.
ومنها : أنّه إذا
كان للمجتهد في مسألة قولان ، يجب على مقلّده الرجوع إلى قوله الأخير ، وكثير من
المسائل ممّا يختلف قول المجتهد الواحد فيه ، ولا يمكن في الميّت تمييز قوله
الأوّل عن الأخير .
وفيه : أنّ
التمييز من مصنّفاته في غاية السهولة ؛ فإنّ تواريخ تصنيف أكثر كتب الأعيان
المجتهدين مضبوطة ؛ على أنّه لو لم يمكن التمييز ، فالظاهر تخيير المقلّد في العمل
بأيّ القولين شاء ، كما في الأحياء. هذا.
مع أنّه لا يتمّ
إلاّ في ميّت كان له قولان في مسألة واحدة دون غيره ، وفي المسائل التي له قولان
فيها دون غيرها.
احتجّ الخصم بأنّ
فتاوى المجتهدين ليست إلاّ بيانات لأقوال الحجج عليهمالسلام ، فالعامل بفتاواهم عامل حقيقة بأقوالهم ، فيجوز له العمل
بها في كلّ وقت ، ولا مدخليّة لحياة المبيّن وموته في ذلك .
وفيه : أنّ
المجتهد يحتاج إلى تحصيل الظنّ من الجمع بين الأدلّة المتعارضة ، ومن استنباط أحد
محتملات الألفاظ المتشابهة ، واللوازم والأفراد غير البيّنة ، وما لم يحصل له ظنّ
لا يحكم بشيء ، فالمتّبع هو ظنّه ، وكيف يكون ذلك مجرّد بيان قول المعصوم عليهالسلام وظنّه ـ كما عرفت ـ ينعدم بموته؟
ثمّ جلّ الفتاوى
من الظنون الحاصلة من الترجيحات والاستنباطات الاجتهاديّة ، وما هو
__________________
من منطوقات النصوص
ومدلولاتها الصريحة من دون معارض في غاية القلّة ، حتّى أنّ الفقيه الذي لا يتعدّى
عن متون الأخبار ـ كالصدوق وأمثاله ـ لا يكون هذا القبيل من فتاويه إلاّ في غاية
الندرة ، ومع ذلك لا يوجد أكثر المسائل المحتاج إليها في فتاويه.
وبهذا ظهر ضعف ما
ذهب إليه بعض المتأخّرين من :
|
أنّ من علم من
حاله أنّه لا يفتي إلاّ بمحكمات الكتاب والسنّة ، ومنطوقات الأدلّة ، ومدلولاتها
الصريحة ـ كابني بابويه وغيرهما من القدماء ـ يجوز تقليده حيّا كان أو ميّتا.
ومن لم يعلم من حاله ذلك ـ كمن يعمل باللوازم والأفراد الخفيّة ، والمتشابهات
والاصول التي دوّنوها وفرّعوا عليها بالرأي والتظنّي ـ يشكل تقليده حيّا كان أو ميّتا .
|
تذنيب
إذا ثبت عدم جواز
تقليد الميّت ، يتفرّع عليه عدم جواز خلوّ الزمان عن مجتهد حيّ يرجع إليه ؛ لبقاء
التكليف ووجوب تحصيل شرائطه التي يتوقّف حصوله عليها ، ومن جملتها العلم به عن
الأدلّة ، فلو جاز خلوّ الزمان عنه ؛ لزم إمّا ارتفاع التكليف ، أو التكليف
بالمحال ، ولزم أيضا فسق جميع الامّة ؛ لإخلالهم بالواجب الكفائي ، وذلك يوجب رفع
الشرائع والأحكام ، وعدم الوثوق بأحد من الأنام ، مع أنّه قد ثبت من الآثار أنّ
الله قد أقام الحجّة على أهل كلّ عصر ، وقطع أعذارهم ، وبيّن لهم جميع ما يحتاجون
إليه ، وغير المجتهد ـ وإن علم طرفا من العلوم ـ لا يتمكّن من بيان جميع الأحكام.
وأيضا قد صحّ عن
النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أنّ الامّة لا تجتمع على الخطأ » و « لا تزال طائفة منهم على الحقّ حتّى يأتي أمر الله » أو « حتّى يأتي الدجّال » وهو ينافي فسق جميعهم.
فإن قلت : على ما
ذهب إليه الإماميّة من أنّ كلّ زمان لا يخلو عن معصوم عليهالسلام يلزم عدم
__________________
الاحتياج إلى
المجتهد ؛ لترتّب ما يترتّب على وجود المجتهد مع الزيادة على وجود المعصوم ، فلا يلزم شيء من المفاسد المترتّبة على عدم المجتهد.
قلت : إتمام
الحجّة وقطع عذر الامّة يتوقّف على وجود عارف بالأحكام يرجع إليه الناس ، ويسألونه
عمّا يحتاجون إليه ، وهو يتوقّف على أن يكون ظاهرا مشهورا ، فلا يكفي مجرّد وجود
المعصوم من دون ظهوره لعدم الاحتياج إلى المجتهد.
نعم ، إن كان
ظاهرا فلا كلام في عدم الاحتياج إليه.
فإن قلت : يلزم
على ما ذكرت تمكّن كلّ أحد من أخذ الأحكام من المجتهد ، ولا يخلو كلّ بلد وقرية
عنه ، وهو خلاف الوجدان والعيان.
قلت : بعد وجود
المجتهد ـ وإن كان واحدا ـ يتمكّن أكثر الناس من أخذ الأحكام عنه ولو بالكتابة
والتصنيف والواسطة ، ولو لم يتمكّن بعض الناس عنه للبعد المفرط ، أو اشتغاله بأمر
المعاش المضطرّ إليه ، فلا بأس به ؛ لأنّ المناط في التبليغ هو التبليغ إلى الغالب
، كما في تبليغ الأنبياء ، وليس على مثله حينئذ حرج ، واللازم عليه الأخذ
بالاحتياط ؛ لأنّه وظيفة من لم يكن مجتهدا ولم يتمكّن من أخذ الأحكام عنه ، ولا
حرج عليه حينئذ على التحقيق ؛ لأنّه لا تكليف فوق الوسع.
فصل [٨]
قد صحّ ممّا
ذكرناه انحصار طريق أخذ الأحكام بالاجتهاد ، أو بالتقليد من المجتهد الحيّ ،
فالفاقد للطريقين لا يخلو عن سبعة :
الأوّل : أن يكون جاهلا بالأحكام كلّها أو بعضها ، غير مؤدّ
للواجبات ، مرتكب للمحرّمات.
ولا ريب في كونه
معاقبا ؛ لما بيّنّا فيما تقدّم من عدم معذوريّة الجاهل .
__________________
الثاني : أن يعرفها بالسماع من العوامّ ، أو تقليد الآباء ـ سواء
كان معتقدا بصحّة الأخذ كذلك ، أو لا ـ ولم تكن مطابقة للواقع وموافقة لأمر الشرع. ولا ريب في بطلانها وكونه معاقبا ، ووجهه ظاهر.
الثالث : أن يعرفها بتقليد أحد الأموات من المجتهدين ، أو بملاحظة
كتب العلماء من غير تقليد لواحد معيّن ، وعلم أو ظنّ بالاستدلال أو تقليد من كان
معتقدا له من الفقهاء صحّة ذلك. والظاهر عدم كونه معاقبا ، وصحّة عباداته وإن لم
تكن مطابقة للواقع ؛ لأنّه بعد بذل جهده اعتقد صحّة
هذا الطريق ، فتكليفه غير ذلك تكليف بما فوق الطاقة.
الرابع : أن يعرفها بالنحو المذكور من غير علم أو ظنّ بصحّته ، بل
إمّا مع اعتقاد فساده أو لا ، ولم تكن مطابقة للواقع.
ولا ريب في كونه
معاقبا ، وبطلان عباداته ؛ لأنّه أوقع غير المأمور به على وجه غير مأمور به.
الخامس : أن يعرفها بالنحو المذكور من غير اعتقاد صحّته وكانت
مطابقة للواقع.
السادس : أن يعرفها بالأخذ من العوامّ وتقليد الآباء والأسلاف
وكانت مطابقة للواقع.
السابع : أن يحتاط فيها مع تمكّنه من أخذها من المجتهد الحيّ. وقد
اختلف في صحّة عبادات هؤلاء الثلاثة وبطلانها ، وكونهم معاقبين ، أم لا .
والحقّ أنّ
عباداتهم صحيحة ، وليسوا بتاركين لها وإن عوقبوا بترك الواجب.
أمّا
الثاني ، فلما ثبت من
أنّ الناس مكلّفون بأخذ الأحكام ، وطريقه منحصر في الاجتهاد أو التقليد ، والفرض
تمكّنهم من ذلك ، فتركه محرّم.
وقيل : الأصل عدم وجوب أخذها على هذا النحو ؛ لصعوبته ، سيّما بالنسبة إلى النساء
والأطفال في أوائل البلوغ ؛ لأنّهم لا يعرفون المجتهد وعدالته وعدالة الوسائط ، بل
لا يعرفون حقيقة العدالة ، وأخذهم عنهم فرع العلم بعدالتهم ، ومعرفة العدالة لا
تحصل غالبا
__________________
إلاّ بمعرفة
المحرّمات والواجبات ، وهم الآن ما حصّلوا شيئا ، ولا يمكن لهم أن يعلموا بالشياع
أنّ الفلان عدل ـ مع عدم معرفتهم حقيقة العدالة ـ ولا بالمعاشرة ، ولا بالعدلين ؛
لما ذكر ، بل أكثر جهّال الناس وعوامّهم من أهل القرى والصحاري تعلّموا شيئا من
العبادات والطاعات من آبائهم أو من هو أعلم منهم ، وظنّوا بل تحقّقوا أنّ هذا هو
الواجب عليهم لا غير ، ولم يسمعوا وجوب أخذ الأحكام من المجتهد ، فكيف يكونون
آثمين بترك الطلب وكثير منهم بلغوا في العبادة حدّا لو كلّفوا بأخذ الأحكام من
المجتهد الحيّ ، لزم التكليف بما لا يطاق؟!
والجواب : أنّ
الكلام فيمن علم مجملا وجوب أحكام عليه ، وعلم أنّها ممّن يسأل ، ويمكن من أخذها عنه ولو بوسائط كثيرة ، ولا ريب في كونه مأمورا
حينئذ بالسعي والطلب ، فلو تركهما كان معاقبا.
وأمّا من لا يعلم
وجوب شيء عليه أصلا ، ولم يسمع مجيء مبلّغ عن الله بالأوامر والنواهي ، فهو من
المستضعفين وخارج عمّا نحن بصدده.
وإن علم وجوبها
ولكن لم يكن في قوّته وقدرته فهمها ، بل كان بحيث لو كلّف بالأخذ عن المجتهد لزم
التكليف بما لا يطاق ، فهو أيضا خارج ويجب عليه السعي مهما أمكن ، وإن أمكنه الفهم
والتعليم إلاّ أنّه لم يتمكّن من الوصول إلى المجتهد ، فليس عليه أيضا حرج بعد
الأخذ بالاحتياط.
وأمّا الأوّل ، فلأنّ العبادة على التقديرات الثلاثة مطابقة للواقع وموافقة للمأمور به.
أمّا على الأوّلين
فبالفرض.
وأمّا على الثالث
؛ فلأنّ من صام بنيّة القربة ، وكفّ عن جميع ما يحتمل أن يكون مبطلا ، وأتى في
الصلاة بجميع ما يحتمل أن يكون تركه مبطلا ، وترك جميع ما يحتمل أن يكون فعله
مبطلا ، يحصل له القطع بموافقة صومه وصلاته للمأمور به على كلّ تقدير. وإذا ثبت
مطابقتها للواقع وموافقتها للمأمور به تكون صحيحة ؛ لأنّه لا معنى لصحّة العبادة
إلاّ إيقاعها
__________________
على الوجه المأمور
به مع نيّة القربة ، وليس النهي متعلّقا بنفس الصلاة أو شيء من أجزائها ولا صفاتها
اللازمة ، بل بتقليده لمن قلّده ، وأخذه على ما أخذه ، وهو أمر خارج عن حقيقة الصلاة
وشرائطها وصفاتها.
على أنّ أكثر
المحقّقين ذهبوا إلى أنّ نيّة القربة كافية في صحّة العبادات ، ولا حاجة إلى
التعرّض للوجه من الوجوب والندب ، وإذا لم يعتبر نيّة الوجه في أصل العبادات
وجملتها ، فلا تكون معتبرة في أفعالها وتفاصيل أجزائها بطريق أولى ، وإذا لم يعتبر
الوجه في أجزاء الصلاة وأفعالها ، ثمّ أتى بها بأفعالها وهيئاتها على الوجه
المعروف لم يتصوّر القول بالبطلان بوجه.
وأيضا من أوقع
العبادة على ما هي عليه في الواقع حصل للنفس كمالها بحسب القوّة العمليّة ، سيّما
وفي بعض التقديرات اعتقد أنّ الشارع وضعها كذلك ؛ فلا يقدح في حصول الكمال كون
المخبر ممّن لا يجوز تقليده.
وأيضا جلّ أهل
الإسلام من هؤلاء ، فلو كانت عبادتهم باطلة لم يكن فرق بينهم وبين تاركي الصلاة ؛
لعدم الفرق بين ترك الصلاة والصلاة الباطلة شرعا ، فجاءت الطامّة الكبرى ،
والداهية العظمى في كفر المسلمين.
وأيضا كما يجب على
العوامّ تعلّم الأحكام ، يجب على العلماء تعليمها ، فلو بطلت عبادة العوامّ بترك
تعلّمها ، بطلت عبادة العلماء بترك تعليمها إذا أوقعوها في الوقت الموسّع ؛ لأنّ
الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضدّه.
__________________
المبحث الخامس
في التعادل والترجيح
تعادل الأدلّة :
تساوي مدلولاتها في نظر المجتهد.
والترجيح لغة :
جعل الشيء راجحا . ويقال مجازا لاعتقاد الرجحان. وعرفا : تقديم أقوى
الأمارتين على الاخرى في العمل بمؤدّاه.
وقيل : تقوية إحدى
الأمارتين على الاخرى ليعمل بها .
وقيل : اقتران
الأمارة بما يقوى به على معارضها .
والأوّلان أظهران
؛ لأنّ حقيقة الترجيح هو فعل المجتهد فهو إمّا التقديم أو التقوية ، والاقتران سبب
لهما ، فالتعريف به تعريف الشيء بسببه.
فصل [١]
لا تعارض في
قطعيّين ؛ لاجتماع النقيضين ، ولا في قطعي وظنّي ؛ لانتفاء الظنّ بالقطع ،
فالتعارض إنّما يقع في الظنّيين.
وحينئذ إمّا يمكن
الجمع بينهما والعمل بهما ولو من وجه أو لا.
فعلى الأوّل يجب
العمل بهما ؛ لأنّه أولى من إسقاط أحدهما بالكلّيّة ؛ لأنّ الأصل في كلّ واحد
منهما هو الإعمال ، فيجمع بينهما مهما أمكن ، فقوله عليهالسلام : « ألا اخبركم بخير الشهود؟ »
__________________
فقيل : نعم ، فقال
: « أن يشهد الرجل قبل أن يستشهد » . يحمل على حقّ
الله ، وقوله عليهالسلام : « ثمّ يفشو الكذب حتّى يشهد الرجل قبل
أن يستشهد » على حقّ الناس.
وممّا فرّع عليه
الحكم بقسمة دار تعارضت فيها بيّنتان ولم تكن في يد واحد من المتداعيين ، أو كانت
في يدهما.
وعلى الثاني إمّا
يعلم تاريخهما أو يجهل.
فعلى الأوّل يحكم
بكون المتأخّر ناسخا للمتقدّم.
وعلى الثاني إمّا
يقترن أحدهما بما يتقوّى به فيمكن الترجيح ، أو يتعادلان فلا يمكن.
فعلى الأوّل يجب
الترجيح وتقديم أقوى الأمارتين ؛ لشيوع ذلك من الصحابة ومن بعدهم من السلف ،
وتكرّره في القضايا المختلفة من غير نكير ، ونقل الإجماع
صريحا على وجوب العمل بالراجح من الدليلين ، ولزوم ترجيح
المرجوح لو لم يعمل به ، فالقول بالتخيير حينئذ أو التساقط والرجوع إلى الأصل ساقط وفساده ظاهر.
وعلى الثاني
يتخيّر المجتهد في العمل بأحدهما وفاقا للمعظم من الفريقين.
وذهب بعض
الأخباريين [ إلى ] أنّه يجب التوقّف حينئذ في الفتوى ، والاحتياط في العمل .
وقيل : يتساقطان
ويرجع إلى البراءة الأصليّة .
لنا : استفاضة
الأخبار بثبوت التخيير بعد عدم شيء من المرجّحات المنصوصة ، وفي بعضها حكم به بعد كون كلّ من الراويين ثقة من دون الأمر بالرجوع إلى مرجّحات أخر.
__________________
احتجّ المتوقّف
بالأخبار الدالّة على الوقوف عند الشبهات ، والإرجاء حتّى يلقى
الإمام عليهالسلام .
والجواب : أنّها
محمولة على الاستحباب ، أو على ما إذا أمكن الوصول إلى الإمام والرجوع إليه ؛ جمعا
بين الأخبار ، كيف؟ ولو حملت على ظاهرها لزم طرح أخبار التخيير ؛ لعدم إمكان الجمع
حينئذ مع أنّها أكثر وأشهر وبمضمونها أفتى المعظم ، بل لم نعثر على مخالف معتدّ به
من الأصحاب ؛ فإنّ قدماءهم ، كالكليني والصدوق وأمثالهما ومتأخّريهم ، كالمحقّق
والعلاّمة وغيرهما تطابقوا على التصريح به.
حجّة القائل
بالتساقط أنّ تعادل الأمارتين يوجب ارتفاع كلّ منهما بالاخرى ، فوجودهما كعدمهما ،
فنرجع إلى ما يقتضيه الأصل .
وجوابه : أنّ ذلك
لو لم يقم دلالة على ثبوت التخيير ، وقد عرفت دلالة الأخبار
عليه .
تذنيب
الجمع يجري في
العامّ والخاصّ بالتخصيص ، وفي المطلق والمقيّد بالتقييد ، وفي عامّين أو مطلقين
متناقضين بالتوزيع ـ أي تخصيص أحدهما ببعض الأفراد ، والآخر ببضع آخر كما في خبري
الشهود ـ وفي أمر ونهي بينهما تناقض بحمل الأوّل على الندب
والثاني على الكراهة ، وغير ذلك.
والنسخ يجري في
نصّين متنافيين متساويين في القوّة والعموم ، مع العلم بالمتأخّر.
والترجيح يجري في
متباينين لم يكونا بعامّين أو مطلقين ، أو كانا بهما ولم يمكن التوزيع ؛ لعدم
القائل به.
__________________
وفي العامّ
والخاصّ من وجه ، كقوله : « من نام عن صلاة أو نسيها فليصلّها إذا ذكرها » مع نهيه عن الصلاة في الأوقات المكروهة ؛ فإنّ الأوّل
عامّ في الأوقات خاصّ ببعض الصلوات وهي المقضيّة ، والثاني عامّ في الصلاة خاصّ
ببعض الأوقات.
وقوله لبني عبد
مناف : « من ولي منكم أمر هذا البيت فلا يمنعنّ أحدا طاف أو صلّى أيّة ساعة شاء من
ليل أو نهار » مع نهيه عن الصلاة في الأوقات المكروهة.
وقوله : « أفضل
صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة » مع قوله : « صلاة
في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة فيما عداه إلاّ المسجد الحرام » ؛ فإنّ الأوّل عامّ في المواضع خاصّ بالنافلة ، والثاني عامّ في الصلاة خاصّ
بغير المسجد الحرام ، ففي أفضليّة النافلة في البيت أو في المسجد الحرام يحتاج إلى
مرجّح.
والتخيير يجري
فيما عدا ما يجري فيه النسخ من الأقسام المذكورة إذا فقد الترجيح وحصل التعادل.
فصل [٢]
لمّا ثبت أنّه لا
تعارض في القطعيّات ، ولا في قطعي وظنّي ، فلا يكاد أن يقع التعارض بين الإجماع أو
السنّة المتواترة ، ومثله أو غيره : فينحصر وقوع التعارض في كلّ من الكتاب أو
الخبر الواحد أو الإجماع الظنّي ، أو واحد من الأدلّة العقليّة كالاستصحاب ، أو
القياس المعتبر ، أو غيرهما مع مثله ، أو واحد من الثلاثة أو أكثر ، ويتخرّج
أقسام.
والمناط في ترجيح
أحد الطرفين في كلّ منها أن يحصل به الظنّ الأقوى ، وهو يتوقّف على كونه أقوى في
نفسه أو بالمرجّحات المنصوصة والاجتهاديّة ، والأوّل لا يتأتّى إلاّ فيما
__________________
لم يكن الطرف
الآخر فيه مثله ، والثاني يتأتّى فيما كان مثله أو غيره من الأدلّة.
فالأوّل كالكتاب
بالنسبة إلى الاستصحاب والقياس ، فإنّه أقوى في نفسه منهما ؛ للقطع بحجّيّته ،
ووقوع الخلاف في حجّيّتهما. وكذا حكم خبر الواحد بالنسبة إليهما.
وربما كان بعض
أقسام الاستصحاب أقوى من خبر الواحد ؛ لقطعيّة دليله ، كما لا يخفى على المطّلع
بما تقدّم في بحثه .
والإجماعات
الظنّيّة لمّا كانت مختلفة في مراتب الظنّ شدّة وضعفا ، فربما كان بعضها أقوى من
كلّ واحد من الأربعة ، وبعضها أضعف منها ، وبعضها أقوى من بعضها أضعف من بعض آخر ،
ومعرفة تفصيل ذلك موكولة إلى نظر المجتهد.
والثاني كأن
يترجّح أحد الخمسة إذا عارض مثله بوجه من وجوه التراجيح وهي كثيرة.
ولمّا كان المذكور
في أكثر كتب الاصول وجوه التراجيح بين الخبرين المتعارضين ، فنحن نذكرها أوّلا ،
ثمّ نشير إلى ما يعلم به حال البواقي.
فنقول : ترجيح أحد
الخبرين على خمسة أصناف :
[ الصنف ] الأوّل : ما يقع بحسب السند ـ أي طريق ثبوته ـ وهو على ثلاثة
أقسام :
[
القسم ] الأوّل : ما يكون بحسب الراوي نفسه وهو يحصل من وجوه :
الأوّل : أن يكون
رواته أكثر عددا من رواة الآخر ، فيرجّح لقوّة الظنّ ؛ إذ العدد الأكثر أبعد عن
الخطأ من الأقلّ ، ولأنّ كلّ واحد يفيد ظنّا ، فإذا انضمّ إلى غيره قوي حتّى ينتهي
إلى التواتر المفيد للقطع.
الثاني : أن يكون
راويه راجحا على راوي الآخر في صفة يغلب معها ظنّ الصدق ، كالثقة والعدالة والفطنة
والورع والعلم والضبط وحسن الاعتقاد. وقد صرّح الشيخ بأنّه يرجّح أحد الخبرين
بالضابط والأضبط ، والعالم والأعلم ؛ محتجّا بأنّ الطائفة قدّمت ما رواه محمّد بن
مسلم ، ويزيد بن معاوية ، والفضيل بن يسار وأمثالهم على من ليس له حالهم . والوجه في
__________________
الجميع أنّ ظنّ
الصدق بقول من كان راجحا في وصف يفيد ظنّ الصدق أغلب منه بقول من كان مرجوحا فيه.
الثالث : أن يكون
راويه راجحا على راوي الآخر في وصف يكون قوله معه أبعد من الخطأ ، وأنسب بنقل
الحديث على وجهه ، كالحفظ والجزم بالرواية ، والعلم بالعربيّة ، ومصاحبة المحدّثين
، والشهرة والمعروفيّة ؛ إذ الغالب أنّهما لا يكونان إلاّ عن مزيّة يكون قول
صاحبهما أبعد عن الخطأ من غيره.
الرابع : أن يكون
متّصفا بإحدى صفات يكون الاعتماد على قوله معها أقرب ولم يتّصف بها الآخر ، وهي
كثيرة :
منها : أن يكون
دائم العقل ، والآخر مختلطا في وقت ما ، ولم يعلم أنّه روى في حال عقله أو
اختلاطه.
ومنها : أن يعتمد
للرواية على حفظه للحديث وعلى تذكّره سماعه من الشيخ ، والآخر على نسخته وخطّه.
ولا ريب أنّ احتمال الاشتباه في النسخة والخطّ أقرب منه في الحفظ والذكر.
ومنها : أن يكون
مباشرا لما رواه دون الآخر ، كرواية أبي رافع : « أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله نكح ميمونة وهو حلال » فإنّه يرجّح على رواية ابن عبّاس : « أنّه نكح ميمونة وهو
حرام » ؛ لأنّ أبا رافع كان هو السفير بينهما.
ومنها : أن يكون
صاحب الواقعة دون الآخر ، كرواية ميمونة : « تزوّجني رسول الله صلىاللهعليهوآله ونحن حلالان » ، فإنّها ترجّح على رواية ابن عبّاس ، ورواية عائشة في : « وجوب الغسل بالتقاء الختانين » ، فإنّها ترجّح على رواية من روى : « إنّما الماء من الماء » .
__________________
ومنها : أن يكون
مشافها ، والآخر سامعا من وراء حجاب أو آخذا بالمكاتبة ؛ فإنّ السماع من وراء
الحجاب والمكاتبة يحتملان من الخلل ما لا يحتمله المشافهة.
ومنها : أن يكون
عند سماعه أقرب إلى المعصوم عليهالسلام.
ومنها : أن يعمل
بروايته ، والآخر لم يعمل بروايته ، أو لم يعلم أنّه عمل بها أم لا.
ومنها : أن يرسل
وعلم من حاله أنّه لا يرسل إلاّ عن ثقة ، بخلاف الآخر ، فمراسيل ابن أبي عمير
ونظرائه ـ ممّن شهد بعض المشايخ بأنّهم لا يرسلون إلاّ عن الثقات ـ ترجّح على مراسيل
غيرهم.
ومنها : أن يتحمّل
الرواية بالغا والآخر صبيّا.
ومنها : أن يكون
من أكابر الصحابة ، والآخر من أصاغرهم.
ومنها : أن لا
يلتبس اسمه بضعيف أو مجهول ، بخلاف الآخر.
ومنها : أن يكون
طريقه أقوى في الإدراك ، كأن يروي أنّه رأى زيدا بالعراق في يوم كذا ، والآخر يروي
أنّه رآه بالحجاز في ليلة.
ومنها : أن لا
يكون مدلّسا ، أي مخفيا للعيب ، بخلاف الآخر.
ومنها : أن يكون
معروف النسب والآخر مجهول النسب ؛ لأنّ احتراز الأوّل عن الكذب أكثر حفظا للمرتبة
؛ وللقدرة على معرفة عدالته بالفحص ، بخلاف الثاني.
ومنها : أن يكون
عالي المنصب ؛ فإنّ اهتمامه بالتصوّن والتحرّز وحفظ الجاه أكثر ، ولذا روي أنّ
عليّا عليهالسلام يحلّف الرواة من الأصحاب سوى أبي بكر .
القسم
الثاني : ما يكون بحسب
تزكية الراوي ، وهو من وجهين :
أحدهما : ما يعود
إلى المزكّي بأن يكون مزكّي راويه أكثر ، أو أوثق ، أو أعدل ، أو أكثر بحثا من
مزكّي راوي الآخر. وكذا الحكم في زيادته في إحدى الصفات المتقدّمة.
وثانيهما : ما
يعود إلى كيفيّة التزكية ، فيرجّح التزكية بصريح المقال على التزكية بالحكم
بشهادته ، وهي على التزكية بالعمل بروايته ؛ لأنّ الاحتياط في الشهادة أكثر.
__________________
القسم
الثالث : ما يكون باعتبار
كيفيّة الرواية ، فيرجّح المسند على المرسل ، ومرسل عظماء الأصحاب على مرسل غيرهم
، والمسند المعنعن على مسند إلى كتاب معروف ، وهو على مشهور ، غير مسند إلى كتاب ،
والمسند إلى كتاب مشهور عرف بالصحّة ـ كإحدى الكتب الأربعة ـ على المسند إلى كتاب
لم يعرف بالصحّة ، والمسند باتّفاق على ما اختلف في كونه مسندا أو مرسلا ،
والمسموع من الشيخ على المقروء عليه ، وهما على المأخوذ بالإجازة إلاّ أن يكون
أحاله على أصل مسموع أو مصنّف مشهور ؛ فإنّه مساو لهما حينئذ عند بعض ، والمتّفق على رفعه إلى المعصوم عليهالسلام على المختلف في رفعه إليه وفي كونه موقوفا على الراوي ،
وعالي السند ـ وهو ما يكون رواته أقلّ عددا ـ على غيره ؛ لأنّ احتمال الكذب والغلط
وغيرهما من وجوه الخلل فيه أقلّ.
الصنف
الثاني : ما يقع بحسب وقت
وروده وهو ينحصر بتقديم المتأخّر على المتقدّم ؛ لإمكان نسخه.
ويتفرّع عليه
ترجيح المدنيّات على المكّيّات ، وما ورد بعد قوّة الإسلام وعلوّ شأن النبيّ صلىاللهعليهوآله على غيره ؛ لأنّهما كانا في أواخر عصره ، وما فيه التشديد على غيره ؛ لأنّ
التشديدات متأخّرة ، وإنّما جازت حين غلبة شوكة الإسلام ، والمؤرّخ بتأريخ مضيّق ـ
نحو آخر الشهر الآخر من سنة كذا ـ على المؤرّخ بتأريخ موسّع آخره آخر الأوّل ، نحو
سنة كذا ؛ لاحتمال وروده قبل الأوّل.
الصنف
الثالث : ما يقع بحسب
المتن ـ أي اللفظ ـ من حيث هو ، أو باعتبار مرتبة دلالته ، وهو من وجوه :
أ. أن يكون حقيقة والآخر مجازا غير راجح ، فتقدّم الحقيقة
على المجاز ، والشرعيّة على العرفيّة ، وهي على اللغويّة.
__________________
ب. أن يكون مجازا يكون مصحّح تجوّزه ـ أعني العلاقة ـ فيه
أشهر أو أقوى منه في الآخر ، فيقدّم عليه ، وكذا إن كان دليل تجوّزه ـ من الامور
المتقدّمة في معرفة المجاز ، كنصّ الواضع ، وصحّة السلب ، وعدم الاطّراد ، وعدم
صحّة الاشتقاق ، وشهرة الاستعمال ـ راجحا على دليل تجوّز الآخر.
ج. أن يكون أقلّ احتمالا والآخر أكثر احتمالا ، فيقدّم غير
المشترك على المشترك بين معنيين ، وهو على المشترك بين ثلاثة معان.
د. تقدّم المجاز على المشترك ؛ لما تقدّم .
ه. تقدّم الأشهر مطلقا ـ أي في الشرع ، أو في العرف ، أو في
اللغة ـ على غيره.
و. ترجيح اللغوي المستعمل شرعا في معناه اللغوي على المنفرد
الشرعي ، أي المنقول شرعا من معناه اللغوي إلى غيره ؛ لعدم التغيير والخلاف.
ز. ترجيح المرويّ بلفظ المعصوم عليهالسلام على المرويّ بمعناه ؛ لأنّه أبعد من الزلل.
ح. ما فيه تعرّض للعلّة يرجّح على ما اقتصر فيه على مجرّد
الحكم ؛ لأنّ شدّة الاهتمام بمعرفة الحكم في الأوّل أكثر.
ط. ترجيح الفصيح على غيره ، لا الأفصح عليه. أمّا الأوّل ،
فلأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام فصحاء العرب ، فالفصيح أشبه بكلامهم. وأمّا الثاني ، فلأنّ
المتكلّم الفصيح لا يجب أن يكون كلّ كلامه أفصح.
ي. ما يؤكّد دلالته بأن يتعدّد جهات دلالته ، أو يكون أقوى
يرجّح على ما يتّحد جهات دلالته ، أو يكون أضعف ، ومن أمثلة متأكّد الدلالة قوله عليهالسلام : « فنكاحها باطل باطل باطل » ، وما ورد في بعض
أخبار التقصير للمسافر من قوله عليهالسلام : « قصّر وإن لم تفعل فقد ـ والله ـ خالفت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » .
يا. ما يدلّ بالمطابقة يرجّح على ما يدلّ بالالتزام ، ووجهه
ظاهر.
__________________
يب. ما كان دلالته على المراد منه غير محتاجة إلى توسّط أمر
آخر يرجّح على ما دلالته موقوفة عليه.
يج. يرجّح المستغني عن الإضمار على المفتقر إليه.
يد. يقدّم المنطوق على المفهوم ، والموافقة على المخالفة ،
والاقتضاء على الإشارة ، والإيماء ، والنصّ الدالّ بالاقتضاء لضرورة الصدق يرجّح
على الدالّ بالاقتضاء لضرورة وقوعه شرعا ؛ لأنّ الصدق أهمّ من وقوعه شرعا ،
والإيماء لانتفاء العبث أو الحشو يقدّم على الإيماء لترتيب الحكم على الوصف ؛ لأنّ
الأوّل أظهر دلالة من الثاني.
يه. يقدّم الخاصّ على العامّ ؛ لأنّه أقوى دلالة. وكذا الخاصّ
من وجه ، أو العامّ من وجه على العامّ من كلّ وجه. وكذا الحكم في المطلق والمقيّد.
يو. يقدّم العامّ الذي لم يخصّص ، والمطلق الذي لم يقيّد على
المخصّص والمقيّد ؛ لتطرّق الضعف إليهما بالخلاف في حجّيّتهما.
يز. تقدّم تخصيص العامّ على تأويل الخاصّ ؛ لكثرة الأوّل وندور
الثاني.
يح. إذا تعارضت صيغ العموم يقدّم أقوى دلالة على غيره ،
فالعامّ الشرطي يقدّم على النكرة الواقعة في سياق النفي ، والجمع المحلّى باللام ،
واسم الموصول ؛ لأنّ دلالته أقوى من حيث إفادته التعليل ، ويقدّم الثلاثة على اسم
الجنس المعرّف باللام ؛ لشيوع استعماله في المعهود ، فيصير دلالته على العموم
أضعف.
الصنف
الرابع : ما يقع بحسب الحكم المدلول من الحرمة والوجوب وغيرهما.
قيل : بهذا
الاعتبار يقدّم التحريم على الندب ؛ لأنّ التحريم لدفع المفسدة ، والندب لجلب
المنفعة ، والأوّل أهمّ من الثاني في نظر العقلاء. وعلى الإباحة
الشرعيّة ؛ للاحتياط ، ولقوله عليهالسلام : « ما اجتمع الحلال والحرام إلاّ وغلب الحرام على الحلال
» .
__________________
وقيل بالعكس ؛ لموافقته للأصل وعلى الكراهة ؛ للاحتياط. وعلى الوجوب ؛ للأخبار .
ويقدّم الوجوب على
الندب ؛ للاحتياط.
والإثبات على
النفي ؛ لأنّ غفلة الإنسان عن الفعل كثيرة ، والمتضمّن لدرء الحدّ على الموجب له ؛
لقوله عليهالسلام : « ادرءوا الحدود بالشبهات » .
ومثبت الطلاق
والعتاق على الموجب لعدمهما ؛ لأنّ الأصل عدم القيد.
والحكم التكليفي
على الوضعي ؛ لأنّه محصّل للثواب.
وقيل بالعكس ؛ لأنّ الوضعي لا يتوقّف على فهم.
والأخفّ على
الأثقل ؛ لنفي الحرج واليسر.
وقيل بالعكس ؛ إذ الثواب في الأثقل أكثر.
وأنت تعلم أنّ
الترجيح بموافقة الأصل ومثله ليس ترجيحا باعتبار المدلول من حيث هو ، بل بالأمر
الخارج ، فهو خارج عن المبحث.
ويمكن أن يقال :
إنّ موافقة الأصل أو الاحتياط أو نفي الحرج أو الخبر دلّت على أنّ هذا الحكم مقدّم
على ذاك ، والحكم من المدلول ، فيصدق أنّ التقدّم بحسب المدلول وإن صدق باعتبار
آخر أنّه بحسب الخارج.
الصنف
الخامس : ما يقع بحسب
الامور الخارجيّة ، وهي تسعة :
الأوّل
: اعتضاده بدليل
آخر من كتاب ، أو سنّة ، أو غيرهما ؛ فإنّه يقدّم على غير المعتضد به. ووجهه ظاهر.
الثاني
: اعتضاده بالشهرة
وعمل الأكثر به ؛ فإنّه يقدّم على غيره ؛ لأنّ الكثرة أمارة
__________________
الرجحان ، والعمل
بالراجح واجب ؛ وللأمر بأخذ المشهور عند الأصحاب في عدّة روايات .
الثالث
: كونه مخالفا
لمذهب العامّة ؛ فإنّه يقدّم على الموافق له ؛ لاحتمال التقيّة فيه ، بخلاف
المخالف ، فإنّه لا يحتمل إلاّ الفتوى ؛ وللأمر بأخذه في عدّة روايات .
ومنع عدم احتمال
المخالف إلاّ الفتوى ؛ لاحتماله الفتوى بما يحتمل التأويل لمصلحة رآها الإمام وإن
لم نعلمها ، ضعيف ؛ لأنّه لو سلّم تأتّي هذا الاحتمال ، فلا ريب أنّ احتمال
التقيّة أظهر وأقرب منه ، كما هو المعلوم من أحوال الأئمّة ، وهو كاف في الترجيح.
الرابع
: أن يكون مقرّرا ،
أي موافقا للأصل ؛ فإنّه يقدّم على الناقل أي المخالف له ، خلافا لبعض أصحابنا وأكثر العامّة.
لنا : أنّ الأصل
دليل ، فإذا انضمّ إلى الخبر يكون الظنّ الحاصل منهما أقوى من الظنّ الحاصل من
الخبر خاصّة ، سيّما مع معارضته للأصل.
واحتجّ المخالف
بأنّ الناقل يستفاد منه ما لا يعلم إلاّ منه ، والمقرّر حكمه معلوم بالعقل ، فكان
اعتبار الأوّل أولى ؛ لأنّ فائدة التأسيس أقوى من فائدة التأكيد ، وحمل كلام
الشارع على الأكثر فائدة أولى .
وجوابه ظاهر.
الخامس
: أن يكون دليل
تأويل أحد المؤوّلين المتعارضين راجحا على دليل تأويل الآخر ، فيقدّم الأوّل على
الثاني ، ووجهه ظاهر.
السادس
: أن يكون أحد
العامّين المتعارضين واردا على سبب خاصّ ، والآخر ليس كذلك ، ففي ذلك السبب يقدّم
العامّ الوارد عليه ؛ لقوّة دلالته فيه ، وفي غير ذلك السبب يقدّم العامّ الآخر ؛
للاختلاف في شمول الوارد على سبب لغيره.
السابع
: أن يكون أحد
العامّين المتعارضين خطاب مشافهة لبعض من يتناوله ، والعامّ الآخر ليس كذلك ،
فيقدّم عامّ المشافهة فيمن شوفهوا به ، وفي غيرهم يقدّم الآخر.
__________________
الثامن
: أن يكون أحد
العامّين ممّا لم يعمل به في صورة من الصور ، والآخر عمل به ولو في صورة.
فقيل : يقدّم
الأوّل على الثاني ليعمل به ، فيقع العمل بهما ، ولو قدّم على ما عمل به لزم إلغاء
الأوّل بالكلّيّة ، والجمع ولو بوجه أولى .
وقيل بالعكس ؛
لأنّ العمل من شواهد الاعتبار .
التاسع
: أن يكون أحد
العامّين أمسّ بالمقصود وأقرب إليه ، والآخر ليس كذلك ، فيقدّم الأوّل على الثاني
، فقوله : ( وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ) يقدّم في مسألة الجمع بينهما في وطء النكاح على قوله : ( أَوْ ما
مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) ؛ لأنّه أمسّ بمسألة الجمع.
تذنيب
بعض الترجيحات
المتقدّمة منصوصة في بعض أخبارنا ، كترجيح رواية الأوثق والأصدق والأفقه والأورع على رواية غيرهم ، وترجيح المشهور على غيره ،
والموافق للقرآن أو السنّة على غير الموافق لهما ، والمخالف لمذهب العامّة على الموافق له ، والأحدث على
غيره ، والموافق للاحتياط على المخالف له .
وقد وقع فيها
مخالفة الترتيب ، ففي البعض قدّمت الموافقة للكتاب ، وفي الآخر قدّم الشهرة ، وفي
الآخر المخالفة لمذهب العامّة ، وفي الآخر أصحّيّة السند .
وعلى هذا يلزم الإشكال
إذا كان أحدهما موافقا للقرآن ، والآخر مخالفا لمذهب العامّة ،
__________________
أو أصحّ سندا ؛
فالرجوع إلى هذه الروايات في الترجيح من غير التمسّك ينافي وجوه التراجيح ،
واعتبار الظنون الاجتهاديّة غير كاف لاستنباط الأحكام.
نعم ، الظاهر من
الأخبار والموافق للاعتبار أنّ العرض على كتاب الله مقدّم ، فإذا وافق أحدهما
الكتاب ، وخالف الآخر مذهب العامّة ، أو كان أصحّ سندا ، يؤخذ بموافق القرآن. والأخبار الدالّة
على أخذ الأوفق بالقرآن لا تحصى كثرة ، وكذا المستفاد منهما تقدّم الموافقة للسنّة
على غير الموافقة للقرآن من وجوه التراجيح.
ثمّ اعلم أنّ طرح
الخبر الموافق لمذهب العامّة ، وحمله على التقيّة إنّما يصحّ إذا كان موافقا لمذهب
جميعهم أو أكثرهم ، أو علم أنّ مدلوله كان معمولا به عندهم في زمان الإمام الذي
اسند إليه الخبر ، أو علم بقرائن خارجيّة أنّه خرج مخرج التقيّة ، فليس لأحد أن
يحمل الخبر على التقيّة بمجرّد موافقته لمذهب بعضهم ؛ فإنّ مذاهب العامّة في
الأحكام لم تكن منحصرة في عصر الصادقين بالمذاهب الأربعة ، ولم يكن أهل الاجتهاد
والفتوى فيهم منحصرا بأئمّتهم الأربعة ، بل كان مذاهبهم غير محصورة ، وأرباب
الاجتهاد والآراء فيهم كثيرين. وقد نقل في تواريخهم أنّ أهل الكوفة يعملون في عصر
الصادق عليهالسلام بفتاوى أبي حنيفة وسفيان الثوريّ ورجل آخر ، وأهل البصرة
بفتاوى عثمان وسوار وسعيد والربيع ، وأهل الشام بفتاوى الأوزاعي والوليد ، وأهل
مصر بفتاوى الخليل بن سعد ، وأهل خراسان بفتاوى عبد الله بن مبارك ، وكان فيهم من
أهل الفتاوى غير هؤلاء كثيرين ، كسعيد بن المسيّب ، والزهري ، وربيعة الراوي ، وسفيان بن
عيينة وغيرهم . وكلّ واحد من هؤلاء كان إمام قوم برأسه. وكان الرؤساء
الأربعة كغيرهم من أهل الآراء ، ومذاهبهم الأربعة كغيرها من المذاهب إلى أن مال
الرشيد إلى الحنفيّة ، وغيره إلى غيرها ، ولكن لم تترك المذاهب الأخر إلى أن
أجمعوا على حصرها في الأربعة في سنة خمس وستّين وستّمائة ، فصارت أشهر من غيرها .
ومن هنا يعلم أنّ
مخالفة العامّة أقلّ وجودا من سائر وجوه التراجيح المنصوصة.
__________________
فصل [٣]
لمّا عرفت وجوه التراجيح في الخبرين المتعارضين ، فاعلم أنّ الترجيح بين الآيتين
المتعارضتين إنّما يكون ببعض تلك الوجوه ، كالموافقة للأصل ، أو الإجماع ، أو
الشهرة ، أو الآية الاخرى ، أو السنّة ، أو غير ذلك. ومع عدم الظفر بواحد منها ،
وعدم إمكان جعل إحداهما ناسخة للاخرى ؛ لجهل التأريخ يتخيّر المجتهد في العمل
بأيّتهما شاء.
وأمّا الإجماعان
الظنّيان المتعارضان ، فإن كانا منقولين بأخبار الآحاد ، بأن يدّعي بعض الإجماع
على حكم ، والآخر على خلافه ، فحكمهما في الترجيح حكم الخبرين المتعارضين. وإن
كانا استنباطيّين ، بأن يعلم بالفحص اتّفاق جماعة من أهل الحلّ والعقد على حكم ،
واتّفاق آخرين على خلافه ـ وهذا في الحقيقة تعارض شهرتين ـ فيرجّح المتقدّمة منهما
على المتأخّرة ، كالصحابة على التابعين ، والتابعين على تبعهم ، وعلى هذا الترتيب
؛ لأنّهم أعلى رتبة وأقرب إلى المعصوم. ويمكن أيضا ترجيح إحداهما ببعض الوجوه المتقدّمة.
وأمّا الأصلان
المتعارضان ، فيمكن ترجيح أحدهما ببعض الوجوه المتقدّمة ، من الموافقة للكتاب ، أو
السنّة ، أو أصل آخر ، أو إجماع ، أو شهرة ، وقد يغلب بالاحتياط ، أو ببعض وجوه
واعتبارات أخر ، ومع فقد الترجيح فالحكم التخيير ، أو التوقّف والاحتياط.
فلو تيقّن الطهارة
والحدث وشكّ في اللاحق منهما ، فاستصحاب حكم كلّ واحد منهما يوجب تعارض
الاستصحابين إلاّ أنّ الأقوى البناء على الحدث ؛ للشهرة والاحتياط ، ولو صلّي
جمعتان فصاعدا في فرسخ فما دون ، واشتبه السبق والاقتران ، تعارض أصلا عدم تقدّم
كلّ منهما ولا يمكن الترجيح ، فيجب على الجميع إعادة الجمعة.
وقد تقدّم بعض
أمثلة تعارض الأصلين فيما تقدّم ، وتقدّم أيضا كيفيّة الترجيح والخلاص في تعارض الأصل
والظاهر .
__________________
وأمّا القياسان
المتعارضان ، فلمّا اشترطنا في حجّيّة القياس التنصيص على العلّة أو التنبيه عليها
، وحكم الأصل لا بدّ له من دليل ، فما دليل العلّة فيه قطعي أولى من غيره ، وكذا
ما حكم أصله قطعي أرجح من غيره ، ولو ارتفع القطع وصار القياسان ظنّيين فالتعارض
فيهما قريب من التعارض في الخبرين ؛ لرجوع النزاع إلى النصّ في العلّة والدليل
المثبت لحكم الأصل ، فيرجّح أحدهما ببعض الوجوه المتقدّمة.
وقد ذكر العامّة
أنّ أحد القياسين المتعارضين يرجّح على الآخر بوجوه :
الأوّل : بحسب أصله ؛ فيقدّم ما هو أصله قطعي على ما هو ظنّي ،
وفي الظنّي يقدّم ما هو دليله أقوى ، وما لم ينسخ باتّفاق على ما اختلف في كونه
منسوخا ، وما قام دليل خاصّ على تعليله وجواز القياس عليه على غيره ، وما على سنن
القياس باتّفاق على ما اختلف في كونه على سننه.
الثاني : بحسب علّته ؛ فيقدّم العلّة القطعيّة على الظنّيّة ،
والباعثة على الأمارة ، والوصف الحقيقي على الاعتباري ، والثبوتيّ على العدمي ،
والعلّة المنضبطة على المضطربة ، والظاهرة على الخفيّة ، والمتّحدة على المتعدّدة
، والمتعدّية في فروع أكثر على المتعدّية في الأقلّ ؛ لكثرة الفائدة ، والمطّردة
على المنقوصة ، والمنعكسة على غير المنعكسة ، والمطّردة غير المنعكسة على المنعكسة
غير المطّردة ، والجامعة المانعة للحكمة على ما ليس كذلك ، والمنقوصة التي كان
موجب التخلّف فيها قويّا على التي كان موجب التخلّف فيها ضعيفا ، والعلّة التي لا
مزاحم لها في الأصل ـ أي لا يكون معارضة ـ على التي تكون معارضة ، والمعارضة
الراجحة على المزاحم على المعارضة المرجوحة عنه ، والعلّة المقتضية للنفي على
المقتضية للثبوت ؛ لتأييدها بالنفي الأصلي ـ وقيل بالعكس ؛ لأنّ المثبتة تفيد حكما شرعيّا ـ والعامّة لجميع المكلّفين على الخاصّة
ببعضهم ؛ لكثرة الفائدة.
الثالث : بحسب دليل العلّة ؛ فيقدّم ما دليل علّيّتها قطعي على ما
دليل علّيّتها ظنّي ، وما
__________________
دليل علّيّتها يفيد
ظنّا أقوى على ما دليل علّيّتها يفيد ظنّا أضعف ، والنصّ والإجماع على غيرهما من
مسالك العلّيّة ، والتعليل باللام على التعليل بالباء ، و « إنّ » وهو على التعليل
بغيرهما من الحروف التي قد يستفاد منها التعليل ، والتنبيه على المناسبة ،
والمناسبة التي من الخمسة الضروريّة على غيرها من الحاجيّة والتحسينيّة ، والضرورة
الدينيّة على الدنيويّة ؛ لأنّها المقصود الأعظم ـ وقيل بالعكس ؛ لتقدّم حقّ
الآدمي على حقّ الله ـ والحاجيّة على التحسينيّة ، والتكميليّة من الخمسة
الضروريّة على أصل الحاجة ، ومطلق المناسبة على الدوران ، والدوران في محلّ على
الدوران في محلّين ، وهو على السبر ، وهو على الشبه ، وهو الطرد ، وإذا كان طريق
ثبوت العلّيّة في القياسين هو نفي الفارق ، يقدّم ما طريق نفي الفارق فيه أقوى.
الرابع : بحسب الفرع ؛ فيقدّم ما وجود العلّة في فرعه مقطوع به
على ما وجودها فيه مظنون ، وما ظنّ وجود العلّة فيه أغلب على غيره ، وما المشاركة
فيه في عين الحكم وعين العلّة على ما المشاركة فيه في جنس الحكم وعين العلّة ، أو
عين الحكم وجنس العلّة أو جنسها ، والأوّل من الثلاثة على الثاني منها ، والثاني
على الثالث ؛ لأنّ العمدة هي العلّة ، فكلّما كان التشابه فيهما أكثر كان أقوى.
وغير خفيّ أنّ بعض
هذه الترجيحات يتأتّى على ما ذهبنا إليه ، كما عرفت ، والبواقي متروكة عندنا.
تتميم
قد يتعارض
الترجيحات في الدلائل ومقدّماتها ، وتحصل من ملاحظة وحدة دليل كلّ من الطرفين
وتعدّده ، ووحدة ترجيح كلّ من الأدلّة وتعدّده صور غير متناهية ، ولا بدّ للمجتهد
عند تعارض الترجيحات من نظر آخر للترجيح بينها.
وبعد الإحاطة بما
ذكرناه لا يخفى جليّة الحال فيه.
__________________
قد تمّ كتاب أنيس
المجتهدين ، والحمد لله على إتمامه.
وقد فرغت عنه في
يوم الثامن من العشر الأول من الشهر الخامس من السنة السادسة من العشر التاسع من
المائة الثانية من الألف الثاني من الهجرة النبويّة ، على هاجرها ألف صلاة وتحيّة. [ ٨ جمادى الأولى سنة ١١٨٦ ]
أسأل الله أن يقيل
به بعض عثراتي ، ويكتبه في صحائف حسناتي ، ويجعله ممّا ينتفع به الأذكياء ، ويوصل
إليّ آخره في دار الجزاء.
__________________
الفهارس العامّة
|
١.
فهرس الآيات الكريمة
٢.
فهرس الأحاديث الشريفة
٣.
فهرس أسماء المعصومين عليهمالسلام
٤.
فهرس الأعلام
٥.
فهرس الاصطلاحات
٦.
فهرس الكتب الواردة في المتن
٧.
فهرس مصادر التحقيق
٨.
فهرس الموضوعات ( الجزء الثاني )
|
١. فهرس الآيات الكريمة
الفاتحة
(١)
( غَيْرِ
الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) (٧).................................. ١٩١
البقرة
(٢)
( يا أَيُّهَا
النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)
(٢١)........................................ ١٦٧
( يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا ) (٢١)............................................. ٦٧٧
( فَأْتُوا بِسُورَةٍ ) (٢٣).................................................... ٦٠١
( خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ) (٢٩)................................... ٣٨٧
( وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (٢٩)............................................ ٧٤١
( وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا ... ) (٣٤)................................... ٦٠٥
( إِلاَّ إِبْلِيسَ ) (٣٤)...................................................... ٧٦٣
( اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) (٣٦)...................................... ٧٣٩
( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ
فَتابَ عَلَيْهِ) (٣٧)............................... ٨٥
( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (٤٣)...................................... ٨٤١
( وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً ) (٥٨)........................................... ٧٣٩
( كُلُوا وَاشْرَبُوا ) (٦٠).................................................. ٦٠٠
( كُونُوا قِرَدَةً ) (٦٥).................................................... ٦٠١
( أَنْ
تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) (٦٧)................................................. ٨٢٩
( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا
بَقَرَةً) (٦٧).................................... ٨٣٧
( أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) (٦٧)................................................. ٨٤١
( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا
بَقَرَةً ) (٦٧)................................... ٨٤١
( ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ ) (٦٨)...................................... ٨٤١
( إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ ) (٦٨).............................................. ٨٤١
( ما لَوْنُها ) (٦٩)........................................................ ٨٤١
( فاقِعٌ لَوْنُها ) (٦٩)...................................................... ٨٤١
( صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها ) (٦٩)............................................... ٨٣٧
( وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) (٧١)................................................ ٨٤١
( ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ
أَنْفُسَكُمْ ) (٨٥).................................... ٧٠٦
( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ
بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ) (١٠٦)................ ٨٨٠
(كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ)
(١١٠)٣٤١
( كُنْ فَيَكُونُ ) (١١٧)............................................ ٦٠١
، ٧٣٥
( رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ) (١٢٨)....................................... ١٦٠
( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ
إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ) (١٣٠).................... ٣٣١
( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) (١٤٣)..................................... ٣٤١
( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ ) (١٤٨)............................................. ٦٣٦
( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا
مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى ) (١٥٩)................... ٢٣٦
( يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي
الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً ) (١٦٨)..................... ٣٨٨
( وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا
تَعْلَمُونَ ) (١٦٩)............................... ٩٠٤
( إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ) (١٧٣).................................... ٣٨٨
( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (١٨٤)............................................. ٨٢٧
( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ) (١٨٥)............................................ ٤٢٧
( أَتِمُّوا
الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (١٨٧)........................................... ٩٣
( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ ) (١٨٧).................................... ٨٥٢
( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ ) (١٨٧)................................................ ٨٥٢
( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ
الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (١٨٧)........ ٨٥٢
( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ ) (١٨٧)................................................ ٨٨٤
( وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا
تَعْلَمُونَ ) (١٩٦)............................... ٣٦٣
( فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ
وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ ) (١٩٦)..................... ٨٢٧
( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ
الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (١٩٦)...................... ٦١٦
( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي
الْحَجِّ ) (١٩٧)........................ ٢١٠
( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ
فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ ) (٢١٧)....................... ٨٢٣
( وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ) (٢١٧)........................................... ٨٢٣
( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ ) (٢٢١)........................................ ٨٠٥
( يَطْهُرْنَ ) (٢٢٢)....................................................... ١٩٢
( فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ
أَمَرَكُمُ اللهُ )
(٢٢٢)......................... ٦١٦
( وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) (٢٢٢)........................ ٤٤٩ ، ٧٩٦ ، ٨٥٥
( ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) (٢٢٨)..................................................... ٤٤
( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ ) (٢٢٨).................................... ٦١٤
، ٧٢٧
( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ ) (٢٢٨)................................... ٧٢٧ ،
٨١٢
( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ
بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) (٢٢٨).................. ٨٠٥ ، ٨١٢
( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ
فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) (٢٢٩)..... ٨٥٧
( فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ
بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) (٢٣٠)............... ٦٥
( فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى
تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) (٢٣٠)....................... ٨٥٥
( أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (٢٣١)......................................... ٧٠٤
( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ ) (٢٣٣).................................... ٦١٤
(
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ ) (٢٣٤)................................................ ٨٠٥
( أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) (٢٣٤)............................................ ٨٠٥
( لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ
النِّساءَ ) (٢٣٦)................................ ٨١٤
( فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ
) (٢٣٧)................................. ٤٥٠
( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ
النِّكاحِ ) (٢٣٧)................................ ٨٣٠
( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ
تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ
) (٢٣٧) ٨١٤
( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ
الْوُسْطى ) (٢٣٨)........................ ٧٢٨
( لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ
وَالْأَذى ) (٢٦٤)............................... ١٦٠
( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٢٧٥)................................. ٤٥٠ ،
٧١٨ ، ٨١١
( وَحَرَّمَ الرِّبا ) (٢٧٥)..................................................... ٧٦
( مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ ) (٢٨٢)...................................... ٨٢٣
( وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (٢٨٢)........................................... ٨٣٧
( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ ) (٢٨٢)................................ ٨٥٨
( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ
فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ ) (٢٨٢) ٨٩٣
( وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ
) (٢٨٣)................................. ٨٦١
( لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا ) (٢٨٦)........................................... ٦٨٠
آل
عمران (٣)
( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ
فَيَتَّبِعُونَ ... ) (٧).............................. ١٩٨
( فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) (٣١)............................................ ٣٠٨
( سَيِّداً وَحَصُوراً ) (٣٩)................................................. ٣٣٢
( إِلاَّ ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ) (٧٥)........................................... ٧٠٧
( كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي
إِسْرائِيلَ إِلاَّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ ) (٩٣).... ٩٥٤
( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) (٩٧)...................................... ١٦٧
( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً )
(٩٧).................. ٧٩٨
( اتَّقُوا
اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ ) (١٠٢)............................................. ٤٢٧
( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ) (١١٠)................................................. ١٩٣
( لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا ) (١٣٠)............................................... ٦٨٠
( لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً
) (١٣٠)................................. ٨٦٣
( وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) (١٣٣)................................... ٦٣٦
( وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (١٣٤).......................................... ٧٢٩
النساء
(٤)
( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي
الْيَتامى ) (٢).................................. ١٩٣
( أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) (٣)............................................. ٩٨٥
( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى
ظُلْماً ... )
(١٠)............................. ٨٥٥
( فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ
السُّدُسُ ) (١١).................................. ٨٨٨
( يُوصِيكُمُ اللهُ ) (١١).................................................... ٨٠٧
( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ) (١١)........................................ ٧١٢
( مَنْ يَعْصِ اللهَ ) (١٤)................................................... ٦٠٨
( فَاسْتَشْهِدُوا ) (١٥)..................................................... ٦٠٠
( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ ) (٢٢)............................ ٦٥ ، ٧٣ ، ٧٦
( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ) (٢٣)................................... ٧٠٣ ،
٧٣٠
( وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ) (٢٣)......................................... ٩٨٥
( وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ ) (٢٣)................................... ٨٥٦
( وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ ) (٢٤)................................. ٨٠٨ ،
٨٨٥
( وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ
تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ ) (٢٤).............. ٨٣٠
( فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ ) (٢٥)................................ ٨٠٤
( يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ ) (٢٨).............................................. ٤٢٧
( إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) (٢٩)................................... ٧٦٣
(
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ) (٤٣)..................................... ٨٢٣
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا
الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) (٤٣) ١٧١
( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) (٥٩)...................................... ٣١٠
( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٥٩)..................... ٦٠٩
( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ ) (٥٩)...................................... ٣٤١
( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ
إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ )
(٥٩).............. ١٩٧ ، ٣٦٣
( وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) (٥٩)................................................ ٦٧٧
( ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ) (٦٦)............................................... ٧٧٤
( مَنْ يُطِعِ
الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ
حَفِيظاً ) (٨٠)
٦٠٩
( لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ ) (٨٣).......................................... ١٩٨
( فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها ) (٨٦).............................................. ٦٤٠
( إِلاَّ خَطَأً ) (٩٢)........................................................ ٧٦٣
( فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ ) (٩٢)........................................... ٨٢٧
( غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) (٩٥)................................................ ٧٦٩
( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ ... ) (٩٥)......................................... ٧٦٩
( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا
مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ ) (١٠١).............. ٨٥٩
( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ ) (١١٥)........................................... ٣٤٠
( إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ ) (١٥٧)................................................ ٧٦٣
( ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ
الظَّنِّ )
(١٥٧)................................ ٧٧٤
( إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى
نُوحٍ ) (١٦٣)............................. ٣٣١
( إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا
إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ )
(١٦٣)...................... ٣٣١
( وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ ) (١٧١)............................................ ٣٩٠
( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ) (١٧٦)...................................... ٧٠٧
المائدة
(٥)
( أُحِلَّتْ
لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ) (١)......................... ٧٥٣
( وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا ) (٢)...................................... ٦١٦
، ٦١٧
( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) (٣)............................................. ٨٢٩
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) (٣) ٩١٣
( أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ) (٤)................................................ ٣٨٨
( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتابَ ) (٥)............................... ٨٠٥
( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ
عَمَلُهُ ) (٥).................................. ٨٢٣
( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ) (٦).............................. ٦٢٩ ، ٤٤٧
( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى
الْمَرافِقِ ) (٦)............................ ٣١٣
( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) (٦).......................................... ٨٨
، ٨٣٣
( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) (٦).................................... ٣٠٩
، ٦٢٦
( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ) (٦)............................................. ٨٢٣
( نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ ) (١٥)................................................ ١٩٨
( إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ
) (٢٧)................................. ١٦٠ ،
٦٥٩
( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ) (٣٨)........................................ ٨٠
، ٥٠٤
( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا ) (٣٨)........................ ٤٤٧ ، ٦٢٦ ، ٧٠٣
( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا
أَيْدِيَهُما ) (٣٨)................. ٣١٣ ، ٧٥٤ ، ٨٤١
( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً
وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ ) (٤٤).................. ٣٣١
( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ...
) (٤٤).................................. ٩٥٢
( هُدىً وَنُورٌ ) (٤٤)..................................................... ١٩٨
( وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ ) (٤٥)............................................... ٢١٠
( وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ
بِالنَّفْسِ ) (٤٥)............................... ٣٣٢
( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ
فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (٤٧).................. ٢٤٣
( ما
آتاكُمْ ) (٤٨)....................................................... ٣١١
( بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) (٦٧)............................................... ٨٤٥
( فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ) (٨٩)................................................ ١٩٢
( لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي
أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ ) (٨٩) ٤٥٠
( لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ
لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) (١٠١)......................... ٦٨٠
( وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (١٢٠)....................................... ٧٩٨
الأنعام
(٦)
( لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) (١٩)............................................ ٧٣٥
( وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ ) (٢٨)..................................... ٦٨١
( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) (٣٨)...................... ٩١٢ ، ٩١٣ ، ٩٥٢
( وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ
مُبِينٍ ) (٥٩)..................... ٩١٢ ، ٩٥٢
( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) (٧٢).................................................. ٦٠٠
( فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ) (٩٠).................................................. ٣٣٠
( وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ
اللهِ ) (١٢١)................................ ٥٥٦
( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) (١٤١)......................................... ٨٢٩
( كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ ) (١٤٢)........................................... ٦٠١
( لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ) (١٤٥)................................. ٣٨٨
( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ
مُحَرَّماً ... )
(١٤٥).......................... ٨٢١
( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ ... ) (١٤٥)................................ ٨٨٤
( قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ ) (١٥١)..................................... ٣٨٨
( فَاتَّبِعُوهُ ) (١٥٣)................................................ ٣٠٨
، ٨٠٣
الأعراف
(٧)
( أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ
هُمْ قائِلُونَ ) (٤)............................. ٨٦
( ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ) (١٢)............................. ٦٠٥ ، ٦٣٦
( قُلْ مَنْ
حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ
) (٣٢)......... ٣٨٨
( إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ) (٣٣)......................................... ٣٨٨
( ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ ) (٥٩).............................................. ٩٢
( فَما ذا تَأْمُرُونَ ) (١١٠)................................................. ٥٩٧
( وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها ) (١٤٥).................................... ٤٣١
( فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ
قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ) (١٦٦)............ ٦٨١
الأنفال
(٨)
( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً
لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ) (١١)......................... ٧١٥
( اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا
دَعاكُمْ ) (٢٤)................................ ٦٠٩
( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ) (٤١)..................................... ٣٢٧
( فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ
وَلِذِي الْقُرْبى ) (٤١)............................. ٨٤٠
( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ) (٤٢)......................................... ٣٨٩
التوبة
(٩)
( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا
الْمُشْرِكِينَ ) (٥)......................... ٦١٦
( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) (٥)........................................... ٨٠
، ٨٤٥
( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
اسْتَجارَكَ ) (٦).................................. ٧٠٧
( وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ) (٢٠)............................................ ٧٠٦
( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا
يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ ) (٢٨).................. ٤٦٠
( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ
أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ) (٣١)....................... ٩١٤
( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ ... ) (٣٤)...................................... ٧٢٤
( وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً ) (٣٦)........................................... ٧٣
( عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ) (٤٣)....................................... ٩٤٩
( إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً
فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ) (٨٠)....................... ٨٦٤
( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (٩١)...................................... ١٢٣
( خُذْ مِنْ
أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) (١٠٣)........................... ٦٧٢ ، ٧٢٨ ،
٨١١
( وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ
إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ ) (١١٥)...... ٣٨٩
( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ
مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا
رَجَعُوا ... ) (١٢٢) ٢٣٢
( وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا
كَافَّةً ) (١٢٢)................................. ٢٣٤
( فَلَوْ لا نَفَرَ ) (١٢٢).................................................... ٩٠٣
يونس
(١٠)
( قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ
تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى ) (١٥)....... ٩٤٨
( أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ ) (٨٠)............................................. ٦٠١
هود
(١١)
( حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ
) (٤٠).................................... ٥٩٤
( أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ ) (٧٣)............................................. ٥٩٤
( وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ) (٩٧)................................... ٥٩٤
ـ ٥٩٥
يوسف
(١٢)
( فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ) (٣٢)........................................... ٨٩
( وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا
بِهِ زَعِيمٌ )
(٧٢).............................. ٣٣٣
( وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ) (٨٢)....................................... ٧٥
، ٨٣٧ ، ٨٥١
( وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ
بِمُؤْمِنِينَ )
(١٠٣)............................ ٧٧٠
الرعد
(١٣)
( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) (١٦)....................................... ٧٤١
، ٧٩٨
( وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ
أَنْ يُوصَلَ ) (٢١)............................ ٧٥٦
( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ ) (٣٩)........................................ ٨٧٩
إبراهيم
(١٤)
( وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ
قَوْمِهِ ) (٤)..................... ٣٨ ، ٤٣ ، ٦٢
(
تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ
مُبِينٍ ) (١٠)......... ٣٩٨
( قُلْ تَمَتَّعُوا ) (٣٠)...................................................... ٦٠٠
( لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ) (٣٢).......................................... ٥٩٥
( وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً ) (٤٢)............................................ ٦٨٠
الحجر
(١٥)
( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا
لَهُ لَحافِظُونَ ) (٩)............................... ١٩٤
( فَإِذا سَوَّيْتُهُ ) (٢٩)..................................................... ٦٣٦
( إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ ) (٤٢)........................................ ٧٧٠
( ادْخُلُوها بِسَلامٍ ) (٤٦)................................................. ٦٠١
( وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ
الضَّالُّونَ ) (٥٦)............................. ٧٧٤
( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ) (٨٨)................................................. ٦٨٠
( وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ) (٨٨)................................................ ٦٨٠
النحل
(١٦)
( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا
تَعْلَمُونَ ) (٤٣) ٩٠٤
، ٩٥٦ ، ٩٥٨ ، ٩٦٠ ، ٩٦٢
( فَسْئَلُوا ) (٤٣)......................................................... ٩٦٥
( لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) (٤٤)........................................ ٨٠٦
( وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً
لِكُلِّ شَيْءٍ ) (٨٩)............................. ٣٦٣
( تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ ) (٨٩).......................................... ٨٠٦
، ٨٠٧
( وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ
إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ )
(١١٤)........................ ٨٦١
( ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ
مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ) (١٢٣)........................ ٣٣٠
الإسراء
(١٧)
( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ ) (١٥)................................................. ١٠٣
( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ
رَسُولاً ) (١٥)......................... ١٠١ ، ٣٨٨
( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ) (٢٣)............................................... ٤٥٥
( وَلا
تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ) (٣١)................................. ٨٥٦
( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى ) (٣٢)................................................. ٦٨٢
( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ ) (٣٦)......................................... ٣٩٠
( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٣٦)....................... ٢٢٦ ، ٢٣٧ ، ٩٠٤
( كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً ) (٥٠)......................................... ٦٠١
( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى
غَسَقِ اللَّيْلِ ) (٧٨)......................... ١٣٠
الكهف
(١٨)
( يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ ) (٣١)............................................ ٩٢
مريم
(١٩)
( إِلاَّ مَنْ تابَ ) (٦٠).................................................... ٧٨٧
( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) (٦٥)................................................ ٧٠٧
( هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ ) (٩٨)......................................... ٧٠٧
طه
(٢٠)
( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) (١٤)............................................ ٣٣٢
( أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ) (٩٣)................................................. ٦٠٨
الأنبياء
(٢١)
( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ
لَفَسَدَتا )
(٢٢)................................. ٧٦٤
( إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ
حَصَبُ جَهَنَّمَ )
(٩٨)....................... ٨٤١
( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ ... ) (١٠١)........................................... ٨٤٢
( وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً
لِلْعالَمِينَ ) (١٠٧)................................. ٤٨٥
الحجّ
(٢٢)
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ
فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) (١٨) ٥٠
( أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ
إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ) (٣٠)........................ ٨٣٠
( وَما
جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٧٨).............................. ٤٢٧
( جاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ ) (٧٨)....................................... ٤٢٧
المؤمنون
(٢٣)
( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا
وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) (٦٠).............................. ٤٢٧
النور
(٢٤)
( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ) (٢)..................................................... ٨٠
( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا ) (٢)...................... ٦٢٩
، ٧٠٣ ، ٨٠٣ ، ٨٤١
( فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ) (٤)........................................... ٨٥٥
( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ
لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ... ) (٤) ٧٨٩
( إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ ) (٥)....................................... ٧٨٩
( لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ) (٣٠).................................... ٧٣٩
( أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا
عَلى عَوْراتِ النِّساءِ ) (٣١).................... ٧١٨
( وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصارِهِنَّ ) (٣١)............................. ٧٣٩
( فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً
) (٣٣).............................. ٥٠ ، ٦١٨
( فَكاتِبُوهُمْ ) (٣٣)...................................................... ٦٠٠
( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ ) (٣٣)............................................. ٥٠٢
( وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ
إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً )
(٣٣).................... ٨٦٠
( وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ
بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ ) (٦١).............. ٨٨
( الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ ) (٦٣)................................................. ٦٠٧
( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ
أَمْرِهِ )
(٦٣).......................... ٣١٠
، ٥٩٦
( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ
أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) (٦٣) ٦٠٦
( عَنْ أَمْرِهِ ) (٦٣)....................................................... ٦٠٧
( أَنْ تُصِيبَهُمْ ... ) (٦٣)................................................. ٦٠٧
النمل
(٢٧)
(
وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) (٢٣)............................................ ٧٩٩
( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ ) (٦٥)................ ٧٧٤
القصص
(٢٨)
( وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا ) (٧٧)....................................... ٦٨٠
( فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ) (٧٩)......................................... ٨٩
العنكبوت
(٢٩)
( أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً ) (١٤)....................................... ٧٤٩
( فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ
خَمْسِينَ عاماً ) (١٤)............................. ٧٦٨
( إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ ) (٣١)....................................... ٧١٢
الروم
(٣٠)
( وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ ) (٢٢)............... ٣٩
لقمان
(٣١)
( وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ ) (١٤)........................................ ١٤١
، ٨٥٢
السجدة
(٣٢)
( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً
لا يَسْتَوُونَ ) (١٨)....................... ٧٢٤
الأحزاب
(٣٣)
( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ
حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ) (٢١) ٣٠٧
( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ
وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ) (٣٥)................... ٧٣٩
( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ) (٣٥)....................................... ٧٣٩
( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا
قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
) (٣٦) ٦٠٨
( فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً
زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ ... ) (٣٧) ٣١٠
( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ ) (٥٦)........................................... ٥٠
سبأ
(٣٤)
( أَفْتَرى
عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ ) (٨)..................................... ٢١٤
يس
(٣٦)
( وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ ) (٦١)................................. ١٦٧
الصّافّات
(٣٧)
( افْعَلْ ما تُؤْمَرُ ) (١٠٢).................................................. ٨٧٩
( قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا ) (١٠٥).............................................. ٨٧٩
( إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْناهُ
بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) ( ١٠٦ ـ ١٠٧)........... ٨٧٩
ص
(٣٨)
( ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ... ) (٢٧)....................................... ٩٥١
( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا
تَحْنَثْ ) (٤٤)............................ ٣٣٣
الزمر
(٣٩)
( فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) (١٨)................................................. ٤٣٠
( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ
مِنْ رَبِّكُمْ ) (٥٥)............................ ٤٣١
غافر
(٤٠)
( وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ ) (٣١)......................................... ٧٢٩
فصّلت
(٤١)
( وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ* الَّذِينَ لا
يُؤْتُونَ الزَّكاةَ ) ( ٦ ـ ٧ )..................... ١٦٨
( لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) (٤٢).......................... ٨٧٦
الشورى
(٤٢)
( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ
نُوحاً ) (١٣)............................. ٣٣١
الزخرف
(٤٣)
( إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ
وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ ) (٢٣).................. ٢٢١
الدخان
(٤٤)
( ذُقْ ) (٤٩)............................................................ ٦٠١
الأحقاف
(٤٦)
(
وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) (١٥).............................. ١٤١ ، ٨٥٢
( يَغْفِرْ
لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ) (٣١)............................................. ٩٢
محمّد
(٤٧)
( فَاعْلَمْ
أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ ) (١٩).......................................... ٩٥٩
الحجرات
(٤٩)
( إِنْ
جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ) (٦).............................................. ١٥٥
( إِنْ
جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ ) (٦)................... ٢٣٤
الطور
(٥٢)
(
فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا ) (١٦)........................................... ٦٠٠
النجم
(٥٣)
( وَما
يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ) (٣).............................................. ٣٢٩
( وَما
يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) (
٣ ـ ٤ )................ ٩٤٨
( إِنْ
يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ ) (٢٣).............................................. ٢٢٦
( إِنْ يَتَّبِعُونَ
إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ) (٢٨)................ ٢٣٧
القمر
(٥٤)
( وَلَقَدْ
يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) (١٧).......................... ١٨٧
( وَما
أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَةٌ ) (٥٠)............................................. ٥٩٤
الرحمن
(٥٥)
( فَبِأَيِّ
آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) (١٣)........................................ ١٨٧
( فِيهِما
فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ) (٦٨)........................................ ٧٠٧
الواقعة
(٥٦)
( إِلاَّ
قِيلاً سَلاماً سَلاماً ) (٢٦)............................................ ٧٦٣
( لا
يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) (٧٩).......................................... ٦١٥
المجادلة
(٥٨)
(
فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ) (٤).............................................. ٨٢٣
( أَلَمْ
تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا ) (٨)............... ٦٨١
الحشر
(٥٩)
(
يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ ) (٢)............................ ٥٠٧
(
فَاعْتَبِرُوا ) (٢)......................................................... ٩٤٨
( ذلِكَ
بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ ... ) (٤).................................. ٥٠٧
( وَما آتاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ) (٧)........................................ ٣١٠
( وَما
نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (٧)............................................. ٦٨١
( وَما
نَهاكُمْ ) (٧)....................................................... ٣١١
( لا
يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ ) (٢٠)................... ٧٢٢
، ٧٢٣
الجمعة
(٦٢)
(
فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ) (٩).................................... ٤٥٠
( فَإِذا
قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا ) (١٠)..................................... ٦١٦
المنافقون
(٦٣)
( نَشْهَدُ
إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ )
(١)............................................ ٢١٤
( وَاللهُ
يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ) (١)................................... ٢١٤
التغابن
(٦٤)
(
فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) (١٦)........................................... ٤٢٧
الطلاق
(٦٥)
( يا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ) (١)...................................... ٨١٤
( لَعَلَّ
اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً ) (١)..................................... ٨١٤
(
وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (٢)......................................... ٨٢٣
( وَأُولاتُ
الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) (٤).......................... ٨٠٥
( لا
يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها ) (٧)..................................... ٣٨٩
التحريم
(٦٦)
( لا
يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ ) (٦)........................................... ٦٠٨
( لا
تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ ) (٧).................................................. ٦٨٠
الحاقّة
(٦٩)
( وَلَوْ
تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ) (
٤٤ ـ ٤٥)........... ٩٠٤
الجنّ
(٧٢)
( وَمَنْ يَعْصِ
اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ) (٢٣)............ ٦٠٨
المزّمّل
(٧٣)
( يا
أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ )
(١).................................................... ٧٤٢
( كَما
أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً* فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ) (
١٥ ـ ١٦)...... ٧٢٠
( فَعَصى
فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ) (١٦).......................................... ٧٠٢
المدّثّر
(٧٤)
( يا
أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) (١).................................................... ٧٤٢
( ما
سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) ( ٤٢ ـ ٤٣)............. ١٦٨
القيامة
(٧٥)
( ثُمَّ
إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ )
(١٩)................................................ ٨٤٠
الإنسان
ـ الدهر (٧٦)
( وَلا
تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً ) (٢٤)...................................... ٨٧
المرسلات
(٧٧)
( وَيْلٌ
يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) (١٥)............................................ ١٨٧
( وَإِذا
قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ ) (٤٨).................................. ٦٠٧
( وَيْلٌ
يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) (٤٩)............................................ ٦٠٧
التكوير
(٨١)
( عَسْعَسَ ) (١٧)......................................................... ٤٤
الانفطار
(٨٢)
( إِنَّ
الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ* وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) (
١٣ ـ ١٤)............... ٧٢٤
الشمس
(٩١)
(
وَالسَّماءِ وَما بَناها ) (٥)................................................ ٨٤٢
الشرح
ـ الانشراح (٩٤)
( فَإِنَّ
مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ) (٥).............................................. ٧١٩
( إِنَّ
مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ) (٦)............................................... ٧١٩
العاديات
(١٠٠)
( وَإِنَّهُ
لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) (٨)............................................ ٩٠
العصر
(١٠٣)
( إِنَّ
الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا ) (
٢ ـ ٣)....................... ٧١٨
٢. فهرس الأحاديث الشريفة
الأئمّة من قريش............................................................ ٧١١
الاثنان فما فوقهما جماعة............................................. ٧٢٢
، ٨٣٥
اجتمع رأيي ورأي أبي بكر وعمر في أمّ الولد أن لاتباع ، وقد
رأيت الآن بيعهنّ..... ٤٦٣
أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على الله.......................................... ٩٠٥
اجلس في مسجد المدينة وأفت ، فإنّي احبّ أن أرى من شيعتي
مثلك.............. ٩٠٤
اخراهنّ بالتراب............................................................ ٨٢٨
ادرءوا الحدود بالشبهات..................................................... ٥٥٠
أدنى ما للإمام أن يفتي على سبعة وجوه........................................ ١٨٩
إذا اختلف المتبايعان فليتحالفا وليبرآ........................................... ٥٤٦
إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء..................... ٧١٩ ، ٨٦١ ، ٩٤٣ ،
٩٤٥
إذا بلغ الماء قلّتين لم يحمل خبثا........................................ ٨١٠ ، ٨٦١
إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا................................................. ٧٤٥
إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل............................................ ٣٠٩
إذا حدّثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدّثكم................................... ٢٧٣
إذا روي عنّي حديث فأعرضوه على كتاب الله ، فإن وافقه
فاقبلوه ، وإن خالفه فردّوه ٨٠٨
إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، فاجلدوه حدّ
المفتري........ ٥٥٠
إذا قصّرت أفطرت ، وإذا أفطرت قصّرت............................... ٤١٩ ، ٤٢٣
أ رأيت لو اشترك نفر في سرقة البيت تقطعهم؟.................................. ٤٦٢
أرأيت لو تمضمضت بماء ، ثمّ مججته أكنت شاربه؟.............................. ٤٦٥
أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته ، كان ينفعه ذلك؟........................ ٤٤٨
أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم........................................ ٩٥٣
أعتق رقبة ( واقعت أهلي في نهار رمضان )..................................... ٤٤٠
أعربوا كلامنا ؛ فنحن قوم فصحاء............................................ ٢٥٤
اعرفوا منازل الرجال على قدر روايتهم عنّا..................................... ٩١٥
اعمدا في دينكما إلى كلّ مسنّ في حبّنا و [ كلّ ] كثير
القدم في أمرنا.............. ٩١٥
إلاّ اخبركم بخير الشهود؟..................................................... ٩٧٤
إلاّ إنّ القبلة قد حوّلت...................................................... ٨٨٥
إلاّ يدا بيد................................................................. ٨٢٧
أمّا الحوادث الواقعة ، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ؛
فإنّهم حجّتي عليكم.......... ٩١٥
أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه ، أم كانوا
شركاء له................ ٩١٢
أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ، ولو دعوهم ما
أجابوهم ، ولكن أحلّوا لهم حراما ٩١٤
امرت أن اقاتل الناس حتّى يقولوا : أن لا إله إلاّ الله ،
فإذا قالوه فقد حقنوا منّي دماءهم ٧١٢
أمسك أربعا ، وفارق سائرهنّ......................................... ٧٣٢ ، ٨٤٩
إنّ أبا الخطّاب قد كذب على أبي عبد الله عليهالسلام................................. ٩٣٧
إن أخذتم بها رشدتم ونجوتم ، وإن تركتموها ضللتم وهلكتم ،
فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم ٩١٥
أنّ الله أجلّ من أن يخاطب مع قوم ، ويريد منهم خلاف ما هو
بلسانهم وما يفهمونه.. ٦٢
إنّ الله أحلّ حلالا وحرّم حراما وفرض فرائض وضرب........................... ٩٠٥
إنّ الله لم يدع شيئا يحتاج إليه الأمّة إلاّ أنزله في
كتابه وبيّنه لرسوله ،............... ٩١٢
إنّ الله لم يقبض نبيّه صلىاللهعليهوآله حتّى أكمل الدين ، وأنزل عليه القرآن فيه.............. ٩١٣
أنّ الأمّة لا تجتمع على الخطأ................................................. ٩٦٨
إن تخالف المتبايعان في القدر أو الصفة ، فليتحالفا
وليترادّا......................... ٨٦٢
إن خرج الدم من الأيسر فهو حيض ، وإن خرج من الأيمن فهو
قرحة.............. ٩٠٧
إنّ دم الحيض أسود يعرف ، فإذا كان ذلك ، فأمسكي عن الصلاة
،............. و ٧٣٣
انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا................................... ٩٢٥
إنّ في حديثنا محكما كمحكم القرآن ، ومتشابها كمتشابه
القرآن.................. ٩٠٧
إنّ في أيدي الناس حقّا و ... ومحكما ومتشابها ، وحفظا
ووهما ، وقد كذب على رسول الله ٩٠٧
أنّ القدر الذي يمتاز به الواجب هو سبعون درجة............................... ١٥٨
أنّ القرآن ذلول ذو وجوه ، فاحملوه على أحسن الوجوه.......................... ١٩٧
إنّ القضاة أربعة ، ثلاثة في النار وواحد في الجنّة................................. ٩٠٥
أنّ للقرآن ظهرا وبطنا....................................................... ١٩٧
إنّما الأعمال بالنيّات................................................. ٢٧٥
، ٨٥٥
إنّما الربا في النسيئة......................................................... ٨٤٨
أنّه إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا : إحداهنّ
بالتراب................ ٨٢٧
أنّها لمن شهد له بالنتاج...................................................... ٤٥٩
إنّها ليست بنجسة ، إنّها من الطوّافين عليكم................................... ٤٤٩
إنّه لم يعص الله ، إنّما عصى سيّده ، فإذا أجازه فهو جائز
له...................... ٦٩٦
إنّي أرجو أن أكون أخشاكم................................................. ٣١٠
إنّي تارك فيكم الثقلين....................................................... ١٩٧
أن يحدّثك الرجل بالحديث فتتركه وترويه عن الذي حدّثك....................... ٢٧٣
أن يشهد الرجل قبل أن يستشهد.............................................. ٩٧٤
أنّ اليقين بالطهارة لا ينقض بالشكّ في الحدث ، و.............................. ٤١١
أولاهنّ بالتراب............................................................. ٨٢٨
إيّاك أن تنصب رجلا دون الحجّة ، فتصدّقه في كلّ ما قال........................ ٩١٤
إيّاكم والكذب المفترع...................................................... ٢٧٣
إيّاك وخصلتين هلك بهما من هلك : أن تفتي الناس برأيك ، أو
تدين بما لا..... تعلم ٩٠٥
أيّما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليّها فنكاحها باطل ،
باطل ، باطل............ ٨٤٩
أيّما إهاب دبغ فقد طهر..................................................... ٨١١
أيّها الناس ، اتّقوا الله ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون.............................. ٩٠٥
بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ............................................ ٣٦٤
تبكي منه المواريث ، وتصرخ منه الدماء ، وتولول منه الفتيا
، ويستحلّ غير أهله.... ٩٠٥
ترد على أحدهم القضيّة في حكم من.......................................... ٩٥٣
تستدخل القطنة ثمّ تخرجها ، فإن كان مطوّقا في القطنة فهو
من العذرة ، وإن كان مستنقعا ٤٥٩
تعلّموا الفرائض وعلّموها ، فإنّها أوّل ما تنسى.................................. ٣٦٤
تعمل هذه برهة بالكتاب ، وبرهة بالسنّة ، وبرهة بالقياس ،
وإذا فعلوا ذلك فقد ضلّوا وأضلّوا ٤٦٢
تفقّهوا في الدين ، فإنّه من لم يتفقّه منكم في الدين فهو
أعرابي..................... ٩٠٤
حتّى يأتي الدجّال........................................................... ٩٦٨
حرّمت الخمر.............................................................. ٤٣٦
الحمّى من فيح جهنّم ، فابردوها بالماء......................................... ٨٢٣
الخال وارث من لا وارث له................................................. ٥٣٢
خبر تدريه خير من عشرين خبرا ترويه ... والله لا نعدّ الرجل
من شيعتنا فقيها...... ٩٠٧
خذ المجمع عليه بين أصحابك................................................ ٣٨١
خذوا بما رووا.............................................................. ٩١٥
خذوا عنّي مناسككم......................................... ٣٠٩
، ٣١٣ ، ٨٣٨
خذي لك ولولدك ما يكفيك بالمعروف........................................ ٣٢٧
خلق الله الماء طهورا......................................................... ٧١٩
خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء إلاّ ما غيّر طعمه أو
لونه أو ريحه ٧٥٥ ، ٨٠٩ ـ ٨١٠
خمس فواسق يقتلن في الحلّ والحرم............................................ ٨٢٤
خير القرون القرن الذي أنا فيه ، ثمّ الذي يليه................................... ٣٦٤
دباغها طهورها............................................................. ٨١١
دين الله أحقّ بالقضاء........................................................ ٤٦٥
رفع عن امّتي الخطأ والنسيان............................ ٧٣١ ، ٧٣٢ ، ٨٣٤ ، ٨٥١
رفع عن امّتي الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه............................. ١٧٦
زمّلوهم بكلومهم ودمائهم ، فإنّهم يحشرون وأوداجهم تشخب دما................ ٤٤٧
ستفترق امّتي على بضع وسبعين فرقة أعظمهم فتنة قوم يقيسون
الأمور برأيهم....... ٤٦١
الشهر هكذا وهكذا وهكذا.................................................. ٨٣٨
الشيخ والشيخة إذا زنتا فارجموهما نكالا من الله................................. ٨٨١
صدقة تصدّق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته.................................... ٨٥٩
صلّوا كما رأيتموني........................................... ٣٠٩
، ٣١٣ ، ٨٣٨
الطواف بالبيت صلاة......................................................... ٦٦
طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبعا إحداهنّ
بالتراب............. ٨٦٤
عليكم بدين العجائز........................................................ ٩٦٠
علينا أن نلقي إليكم الأصول ، وعليكم أن تفرّعوا........................ ٩٠٩ ، ٩١٦
فابردوها من ماء زمزم....................................................... ٨٢٤
فدين الله أحقّ بأن يقضى.................................................... ٤٤٨
فلا تكوننّ ممّن يقول للشيء : إنّه في شيء واحد................................ ٧٥٦
فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبدا................................... ٤١١
فمن أخذ بشيء منها ، فقد أخذ حظّا وافرا.................................... ٩١٤
في أربعين شاة شاة.......................................................... ٥٠٢
في خمس من الإبل شاة........................................................ ٧٦
في خمسة أوسق زكاة ، وفي خمس من الإبل شاة ، وفي أربعين شاة
شاة.............. ٨٩
في الرقّة ربع العشر.................................................. ٨٢٠
ـ ٨٢١
في سائمة الغنم زكاة........................................................ ٧٠٣
في الغنم زكاة.............................................................. ٨٠٩
في الغنم السائمة زكاة................................................ ٨٠٩
، ٨٢٧
في كلّ أربعين شاة شاة...................................................... ٨٢٧
فيما سقت السماء العشر............................................. ٨٠٦
، ٨٣٧
في النفس المؤمنة مائة من الإبل................................................. ٨٩
في [ قصّة ] مكّة لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها............................. ٩٥٤
القرآن واحد ، نزل من عند واحد على نبيّ واحد ، وإنّما
الاختلاف من جهة الرواة. ١٩٤
قضى بالشاهد واليمين....................................................... ٧٢٥
قضى بالشفعة للجار........................................................ ٧٢٥
كذّب من زعم أنّه يعرفنا وهو متمسّك بعروة غيرنا.............................. ٩١٤
كلّ ذي عمل مؤتمن في عمله................................................. ٩١٦
كلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه............................................. ٩١٣
كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي...................................... ١٠٣ ، ٩٣١
كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر........................................... ٤١٢
كلّكم جائع إلاّ من أطعمته.................................................. ٧٧١
كلّ ماء طاهر حتّى يعلم أنّه قذر....................................... ٩١٦ ، ٩٤٤
لا تبادروني بالركوع والسجود ... إنّي قد بدّنت............................... ٣١٤
لا تبيعوا البرّ بالبرّ سواء بسواء................................................ ٨٤٨
لا تبيعوا الذهب بالذهب إلاّ مثلا بمثل.......................................... ٨٢٧
لا تبيعوا الطعام بالطعام........................................ ٥٠٣
، ٥٠٤ ، ٥٦٥
لا تبيعوا الطعام بالطعام إلاّ يدا بيد سواء بسواء................................. ٥٤٣
لا تجتمع امّتي.............................................................. ٣٤٤
لا تجتمع امّتي على الخطأ..................................................... ٣٤٢
لا ترجعوا بعدي كفّارا...................................................... ٣٦٣
لا تزال طائفة.............................................................. ٣٤٤
لا تزال طائفة من امّتي متظاهرين على الحقّ..................................... ٣٤٣
لا تزال طائفة منهم على الحقّ حتّى يأتي أمر الله................................. ٩٦٨
لا تقبلوا علينا حديثا إلاّ ما وافق.............................................. ٩٣٧
لا تنكح المرأة على عمّتها ، ولا على خالتها...................... ٧١٠ ، ٨٠٨ ، ٨٨٥
لا حرج في الدين........................................................... ٩١٦
لأزيدنّ على السبعين........................................................ ٨٦٤
لا صلاة إلاّ بطهور............................................. ٦٦
، ٢٧٩ ، ٧٣٠
لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب.............................................. ٦٦ ، ٧٣٠
لا صيام لمن لم يبيّت الصيام.................................................... ٦٦
لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل............................................ ٧٧
لا ضرر ولا ضرار.......................................................... ٤١١
لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا........................ ٩١٥
لا قول إلاّ بعمل ، ولا عمل إلاّ بنيّة ، ولا نيّة إلاّ
بإصابة السنّة...................... ٦٦
لا ندع كتاب ربّنا ولا سنّة نبيّنا بقول أعرابيّ بوّال على
عقبيه..................... ٨٨٤
لا ندع كتاب ربّنا ولا سنّة نبيّنا بقول امرأة لا ندري............................ ٨٨٤
لا نكاح إلاّ بوليّ...................................................... ٦٦
، ٧٣٠
لا ، هو عند أهله........................................................... ٩١٣
لا يبولنّ أحدكم في الماء الراكد............................................... ٤٤٠
لا يسعكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلاّ الكفّ والتثبّت........................ ٩٠٤
لا يقضي القاضي وهو غضبان......................................... ٤٥٠
، ٤٥٢
لا يمين لولد مع والده......................................................... ٦٦
لو استقبلت من أمري ما استدبرت ، لما سقت الهدي............................ ٩٤٩
لو لا أن أشقّ على امّتي ، لأمرتهم بالسواك.............................. ١١٨ ، ٩٥٤
اللهمّ إنّ هذا المقام لخلفائك.................................................... ٩١
ليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة.................................... ٨٢١
ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة............................................ ٨٠٦
ليس لعرق ظالم حقّ......................................................... ٨٦٤
ليّ الواجد يحلّ عقوبته وعرضه................................................ ٨٦٢
ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أنزل إلاّ
كذّاب.................. ٢٠٠
ما جعل الله لأحد خيرا في خلاف أمرنا........................................ ٩١٤
ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن............................... ٣٤٣ ، ٤٣١
ما من أمر يختلف فيه اثنان إلاّ وله أصل في كتاب الله............................ ٩١٣
ما من شيء إلاّ وفيه كتاب أو سنّة............................................ ٩١٢
ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ، ظاهره
وباطنه غير الأوصياء... ٢٠٠
مطل الغنيّ ظلم............................................................. ٨٦٢
ملكت نفسك فاختاري..................................................... ٤٤٧
هذا مأوّل بذبح عبدة الأوثان ؛ لقوله صلىاللهعليهوآله :
اسم الله.................. ٥٥٦
من أحيا أرضا ميتة فهي له............................................ ٣٢٨
، ٤٤٧
من أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان الناطق عن الله ، فقد
عبد الله............. ٩١٤
من أفتى الناس برأيه ، فقد دان الله بما لا يعلم ، ومن دان
الله...................... ٩٠٥
من بدّل دينه فاقتلوه............................................ ٨٦
، ٥٦٥ ، ٨١٠
من بلغه عن الله فضيلة فأخذها وعمل بما فيها إيمانا بالله
ورجاء ثوابه ،..... ٢٦١ ـ ٢٦٢
من حكم بدرهمين بغير ما أنزل الله ، فقد كفر بالله.............................. ٩٠٥
من خاف ، تثبّت على التوغّل فيما لا يعلم ، ومن هجم على أمر
بغير علم ، جدع أنف نفسه ٩٠٤
من دان الله بغير سماع عن صادق ، ألزمه الله البتّة إلى
الفناء ، ومن ادّعى............ ٩١٤
من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه ، كان له أجره وإن لم
يكن على ما بلغه.. ٢٦٢
من طلّق ثلاثا في مجلس على غير طهر لم يكن شيئا ، إنّما
الطلاق الذي أمره الله عزّ وجلّ ٦٩٦
من فارق الجماعة قدر شبر فقد خلع ربقة الإسلام عن عنقه....................... ٣٤٣
من قاء أو رعف أو أمذى فليتوضّأ............................................. ٥٠٤
من قتل قتيلا فله سلبه....................................................... ٣٢٧
من كذب [ عليّ ] متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار............................... ٢٥٤
من نام عن صلاة أو نسيها ، فليصلّها إذا ذكرها................................. ٣٣٢
نحن نحكم بالظاهر................................................... ٢٤٩
، ٣٦٦
نزلت في رحم آل محمّد صلىاللهعليهوآله ، وقد تكون في
قرابتك.................. ٧٥٦
نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ، فأدّاها كما سمعها ،
فربّ حامل فقه ليس بفقيه ٢٥٤ ، ٢٩٣
نعم ، وما يحتاجون إليه إلى يوم القيامة......................................... ٩١٣
نهى عن أكل كلّ ذي ناب................................................... ٨٨٤
نهى عن بيع الغرر........................................................... ٧٢٥
واترك الشاذّ النادر.......................................................... ٣٨١
والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم
به البيّنة.............. ٤١١
والله لأغزونّ قريشا.......................................................... ٧٦٩
ولا ينقض اليقين أبدا بالشكّ ، ولكن ينقضه يقين آخر........................... ٤١١
ولا ينقض اليقين بالشكّ ولا يدخل الشكّ في اليقين ، ولا
يختلط أحدهما بالآخر...... ٤١١
وما تقرّب إليّ المتقرّبون بمثل أداء ما افترضت عليهم.............................. ١٥٨
ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار............................... ٢٤٦
هو رسول الله ، من رآه فقد رآه.............................................. ٣٣٥
اليقين لا يدخل فيه الشكّ.................................................... ٤١١
اليقين لا ينتقض بالشكّ..................................................... ٩١٦
٣. فهرس أسماء المعصومين عليهمالسلام
آدم عليهالسلام ٣٨ ، ٣٩ ، ٨٦ ، ١٠١ ، ٨٧٤
|
|
٣٣٧، ٣٦٣ ، ٣٦٤
، ٣٧٥ ، ٤٢٩ ، ٤٤٨،
|
إبراهيم عليهالسلام ٧٣٦ ، ٨٧٩
|
|
٤٦٤، ٦٠٩ ، ٦٣٠
، ٦٧٢ ، ٦٧٧ ، ٦٨١،
|
أبو جعفر عليهالسلام ٩٣٧
|
|
٦٨٣، ٧١٢ ، ٧٢٧
، ٧٣٤ ـ ٧٤٢ ، ٨٠٥ ،
|
أبو عبد الله عليهالسلام ٩٣٧
|
|
٨١٠، ٨١٤ ، ٨١٨
، ٨١٩ ، ٨٣٣ ، ٨٣٨،
|
أبو محمّد عليهالسلام ٢٥٣ ، ٩١٣
|
|
٨٤١، ٨٤٢ ، ٨٦٠
، ٨٧٣ ، ٨٧٥ ، ٨٧٩،
|
الباقر عليهالسلام ٢٥٦ ، ٢٦٨ ، ٦٩٦ ، ٩٠٥ ، ٩١٢ ، ٩١٧
|
|
٨٨٥ ـ ٨٨٨ ، ٩١٠
، ٩١٢ ـ ٩١٤ ، ٩١٧ ،
|
الجواد عليهالسلام ٣٠٥
|
|
٩١٨، ٩٣٦ ، ٩٤٨
، ٩٥٠ ، ٩٥٢ ، ٩٥٤،
|
رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ الرسول ـ محمّد ـ النبيّ ٥٦ ،
|
|
٩٥٧، ٩٥٩ ، ٩٦٢
، ٩٦٣ ، ٩٦٨ ، ٩٧٨،
|
٥٧ ، ١٠٠ ، ١٠١
، ١٢٨ ، ١٢٩ ،
|
|
٩٨٠ ، ٩٨١
|
١٥٩ ، ١٧٣ ـ ١٧٥
، ١٧٩ ، ١٨٠ ،
|
|
الرضا عليهالسلام ١٩٢ ، ٣٣٥ ، ٩١٣ ، ٩٣٧
|
١٨٦ ، ١٨٩ ، ١٩١
ـ ١٩٥ ، ١٩٧ ،
|
|
الصادق عليهالسلام ٨٨ ، ١٨٩ ، ٢٠٠ ، ٢٤٢ ،
|
١٩٨ ، ٢٠٠ ، ٢٠٢
، ٢٠٩ ، ٢١٤ ،
|
|
٢٤٦، ٢٦٢ ، ٢٦٤
، ٢٦٦ ، ٢٦٨ ، ٢٧٣،
|
٢١٥ ، ٢٢٢ ، ٢٢٣
، ٢٢٦ ، ٢٣٠ ،
|
|
٢٨٦ ،٢٩٩ ، ٣٠٣
، ٣٦٠ ، ٤١٢ ، ٧٥٦،
|
٢٣١ ، ٢٣٣ ـ ٢٣٧
، ٢٣٩ ، ٢٥٤ ،
|
|
٨١٩، ٨٣٣ ، ٨٣٤
، ٨٦١ ، ٩٠٤ ، ٩٠٥،
|
٢٦١ ، ٢٦٦ ـ ٢٦٨
، ٢٧٢ ، ٢٧٣ ،
|
|
٩٠٧ ، ٩١٠ ـ ٩١٢ ، ٩١٤ ، ٩١٥ ، ٩٢٥ ،
|
٢٧٥ ، ٢٧٧ ، ٢٧٨
، ٢٩٢ ، ٢٩٨ ،
|
|
٩٨٦
|
٣٠٤ ، ٣٠٦ ، ٣٠٧
، ٣٠٩ ـ ٣١١ ،
|
|
الصادقين عليهماالسلام ٥٧ ، ٦٢
|
٣١٥ ، ٣٢٣ ، ٣٣٠
، ٣٣٥ ،
|
|
العسكريّ عليهالسلام ٢٦٤ ، ٩١٥
|
عليّ عليهالسلام ـ عليّ بن أبي طالب ١٨٨ ،
|
|
القائم عليهالسلام ٩١١ ، ٩١٥
|
١٩١ ، ١٩٣ ، ٢٠٠
، ٢٢٢ ، ٢٢٣ ،
|
|
الكاظم عليهالسلام ٢٨٦ ، ٩١٣
|
٢٢٨ ، ٣٧٥ ، ٤٥٩
، ٤٦١ ـ ٤٦٤ ، ٥٤٩ ، ٧٣٥ ، ٨١٩ ، ٨٨٤ ، ٩٠٥ ،
|
|
موسى عليهالسلام ٢١٧ ، ٣٣٠ ، ٣٣٢ ، ٧٣٦ ، ٨٧٤ ، ٨٧٥ ، ٨٨٠
|
٩٠٧ ، ٩١٢ ، ٩٥٣
، ٩٧٩
|
|
نوح عليهالسلام ٣٣١ ، ٨٧٤ ، ٨٨٣
|
عيسى عليهالسلام ـ المسيح ٢١٧ ، ٨٤١
|
|
الهادي عليهالسلام ٩١٥
|
فاطمة عليهاالسلام ٧١٢
|
|
|
٤. فهرس الأعلام
أبان ٩٠٤
|
|
ابن الزبعري ٨٤١
|
أبان بن عثمان
٢٤٤ ، ٢٥٦ ، ٢٥٧
|
|
ابن زهرة ٩٦٥
|
إبراهيم ١٦٠
|
|
ابن سيرين ٣٦٨
|
إبراهيم بن هاشم
٢٥٧
|
|
ابن سينا ٧٩
|
إبليس ٧٧٠
|
|
ابن صدقة ٤١١
|
ابن أبي العزاقر
٢٤٤
|
|
ابن طاوس ١٩٠ ،
٢٦٥
|
ابن أبي عقيل
٣٥١ ، ٣٦٩
|
|
ابن عبّاس ١٨٨ ،
١٩٧ ، ٢٤٢ ، ٢٧٢ ،
|
ابن أبي عمير ٦٤
، ٢٥٦ ، ٢٥٩ ، ٢٧٠ ، ٩٧٩
|
|
٣٧٩ ، ٤٦١ ، ٤٦٣
، ٧٦٩ ، ٨١٠ ، ٨١٧ ، ٨٤١ ، ٨٨٨ ، ٩٧٨
|
ابن أبي يعفور
٢٤٦
|
|
ابن عمر ٤٦١
|
ابن بكير ٢٤٤
|
|
ابن الغضائري
٢٦٠ ، ٢٦٥ ، ٢٨٤
|
ابن جنيّ ٨٥
|
|
ابن غيلان ٧٣٢
|
ابن الجنيد ٣٥١
|
|
ابن فورك ٣٧٦
|
ابن الحاجب ـ
الحاجبي ٧٩ ، ١٢٠ ، ١٣٥ ، ١٤٢ ، ٣٣٧ ، ٣٣٨ ، ٣٧٠ ، ٣٧٢ ، ٦٧٩ ، ٦٨٤
|
|
ابن قبة ٢٢٩
|
ابن حذيفة ٣٥٣
|
|
ابن قولويه ٢٩٦
|
ابن حنظلة ٤٢٨
|
|
ابن مسعود ٤٦١
|
ابن الراوندي
٨٧٥
|
|
ابني بابويه ٩٦٨
|
ابني سعيد وعليّ
بن مهزيار ٢٦٤
|
|
١٩٨ ، ٢٠١ ، ٢٢٦
، ٢٣٠ ، ٢٦١ ، ٣٩٢ ، ٣٩٥ ، ٤٢٦ ، ٩٠٩ ، ٩١٠ ، ٩١٩ ، ٩٢٠ ، ٩٢٩ ، ٩٣٣ ، ٩٣٤ ، ٩٤٠
، ٩٧٤
|
أبو الأسود
الدؤلي ١٩١
|
|
الأخفش ٩٢ ، ٨٦٢
|
أبو بكر ١٩٢ ،
٤٦٣ ، ٧١١ ، ٧١٢ ، ٧٣٤ ، ٩٧٩
|
|
الادباء ٨٤ ،
١٩١ ، ٦٣٢ ، ٦٧٢ ، ٧٠٣ ،
|
أبو جعفر الطوسي
٢٣٠
|
|
٧٢٨ ، ٧٧٩ ، ٨٦٢
|
أبو حنيفة ٤٦١ ،
٦٩٨ ، ٧٩٦ ، ٩٦٣ ، ٩٦٤ ، ٩٨٦
|
|
إسحاق بن جرير
٢٨٦
|
أبو خديجة ٩٢٥ ،
٩٥٧ ، ٩٦٥
|
|
إسرائيل ٩٥٤
|
أبو الخطّاب ٣٣
، ٢٤٤ ، ٩٣٧
|
|
إسماعيل ١٦٠
|
أبو رافع ٩٧٨
|
|
إسماعيل بن عبد
الخالق ٢٥٨
|
أبو سفيان ٣٢٧
|
|
إسماعيل بن
مرّار ٢٦٠
|
أبو عبيدة ٨٦٢
|
|
الأشاعرة ٧٩ ،
١٠٠ ، ١٠١ ، ١٢٦ ، ١٢٧ ،
|
أبو عليّ
الفارسي ٨٤
|
|
١٤٧، ١٦٦ ، ١٧٢
، ١٧٤ ، ١٧٧ ، ٤٧٩،
|
أبو موسى ٤٦٣
|
|
٤٨٧ ، ٥٩٨ ، ٦٠٠
، ٨٣٩
|
أبو هاشم ٧١١
|
|
الأشعري ١٥١،١٥٢
، ١٥٤ ، ١٧٣ ، ٥٣٢،
|
أبو هريرة ٨١٠
|
|
٥٤٢ ، ٥٩٩
|
أحمد بن حنبل
٣٧٦
|
|
أصحاب الكهف ٧٦٩
|
أحمد بن عبد
الله بن جعفر الحميري ٢٥٦
|
|
أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ١٩٨ ، ٢٣٠ ، ٢٣٣
|
أحمد بن عمر
الحلاّل ٣٠٣
|
|
الأصفهاني ٨٧٤ ،
٨٧٦
|
أحمد بن محمّد
٢٦٩
|
|
الاصوليّون ٢٩ ،
٣١ ، ٢٣٠ ، ٣٣٩ ، ٣٩٢ ـ
|
أحمد بن محمّد
بن أبي نصر البزنطي ٢٥٩ ، ٢٧٠
|
|
٣٩٤، ٤٣٤ ، ٤٣٦
، ٤٣٧ ، ٤٤٨ ، ٧٠٢،
|
أحمد بن محمّد
بن الحسن بن الوليد ٢٩٦
|
|
٧٠٣ ، ٧٢٠ ، ٨٦٩
|
أحمد بن محمّد
بن عيسى ٢٥٩ ، ٢٧٦
|
|
الآمدي ٧٩
|
أحمد بن محمّد
بن يحيى العطّار ٢٩٥
|
|
الإماميّة ٢٣٠،
٢٣٨ ، ٢٦٤ ، ٣٣٦ ، ٣٣٧ ،
|
الأخباريّون ٣١
، ٣٢ ، ٣٣ ، ٦٢ ، ١٩٣ ، ١٩٥ ـ
|
|
٣٣٩ ، ٣٤٩ ، ٣٥٢
، ٣٧٣ ، ٣٧٧ ، ٣٨٤ ، ٤٥٤ ، ٤٩٠ ،
|
٥٤٩ ، ٦٠٣ ،
٦٣٩ ، ٧٦١ ، ٨٠١ ، ٨١٨ ، ٨٣٣ ، ٩٤٨ ، ٩٦٨
|
|
بني آدم ٢١٧ ،
٢٤٣
|
امرأة أبي سفيان
٣٢٧
|
|
بني إسرائيل ٨٧٤
|
أمّ سلمة ٣٠٩ ،
٧٣٩
|
|
بني اميّة ٨٤٠
|
أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله ٣٣٧
|
|
بني تميم ٧٤٧ ،
٧٧٥ ، ٧٩٦
|
أنس بن مالك ١٨٨
|
|
بني عبد مناف
٩٧٦
|
الأنصار ٤٦٣ ،
٧١١
|
|
بني عنزة ٢٧٧
|
الأوزاعي ٩٨٦
|
|
بني المطلق ٢٣٥
|
اويس القرني ٢٩٦
|
|
بني نوفل ٨٤٠
|
أهل الحجاز ٧٧٥
|
|
التابعين ٢٣٠ ،
٢٧٢ ، ٣٢٩ ، ٣٧٦ ، ٣٧٩ ، ٥٦٣ ، ٦٠٢ ، ٦٣٩ ، ٨٠٨ ، ٩٨٧
|
أهل الخلاف ١٩٠
، ٢٢٩
|
|
ثعلبة بن ميمون
٢٩٦
|
أهل الذمّة ٧٣ ،
٨٤٥ ، ٨٤٦
|
|
الثوري ٩٦١
|
أهل اللغة ٨٩ ،
١١٩
|
|
الجاحظ ٢١٣ ،
٢١٤ ، ٢١٥
|
أهل الهيئة ٣٤
|
|
جبرئيل ١٢٩ ،
١٩٣ ، ٢١٧ ، ٧٣٩
|
البخاري ٢٧٦ ،
٩٧٦
|
|
جعفر بن بشير
٢٥٩
|
بخت نصّر ٢١٨
|
|
جعفر بن سماعة
٣٥٣
|
البراهمة ٢١٦
|
|
جعفر بن محمّد
بن إبراهيم بن عبد الله الموسوي ٢٩٦
|
البصري ٤٠٢ ،
٥٩٣ ، ٥٩٥ ، ٨٣٠
|
|
الجمهور ٣٢٩ ،
٣٣٠
|
البصريّون ٩٢ ،
٧٧٤
|
|
جميل بن درّاج
٣٥٣
|
بطليموس ٩٤٥
|
|
حاتم ٢٢٣
|
البغداديّون ٩٥٨
|
|
حبيب بن المعلّى
٢٥٣
|
البغوي ٣٧٥
|
|
حبيب بن معلّى
الخثعمي ٢٥٣
|
بنو فضّال ٢٤٤
|
|
الحجازيّون ٧٩٣
|
بنو هاشم ٧٤٠ ،
٨٤٠
|
|
|
حريز ٢٦٤
|
|
ربيعة الراوي
٩٨٦
|
الحسن بن سماعة
٣٥٣
|
|
الرشيد ٩٨٦
|
حسن بن صالح بن
حيّ ٩٣٧
|
|
زرارة ٢٥٦ ، ٢٦٤
، ٢٦٨ ، ٢٧٨ ، ٤١١ ، ٦٩٦
|
الحسين بن الحسن
بن أبان ٢٩٦
|
|
الزهري ٩٨٦
|
الحسين بن سماعة
٣٥٣
|
|
زيد ٤٦٣
|
الحسين بن يسار
٢٨٧
|
|
زيد بن عليّ ٩٠٥
|
حفص بن غياث
القاضي ٢٦٤
|
|
السجستاني ٢٥٣
|
حمّاد ١٨٩
|
|
سعد بن أبي
وقّاص ٦٨٣
|
الحنابلة ٤٣٠ ،
٥٣٨ ، ٦٣١ ، ٨٠١ ،
|
|
سعيد بن المسيّب
٢٧١ ، ٩٨٦
|
٨٩٠
|
|
سفيان بن عيينة
٩٨٦
|
الحنفي ٥٢٢ ،
٥٣٠ ، ٥٤١ ، ٥٤٤ ،
|
|
سفيان الثوري
٩٨٦
|
٥٤٥ ، ٥٦٩ ، ٧٢٦
|
|
السكوني ٢٤٢ ،
٩٣٦
|
الحنفيّة ٩٦ ،
١٠٩ ، ١٣٠ ، ٢٧١ ،
|
|
سماعة ٢٤٤ ، ٣٥٣
، ٤٢٨
|
٣٤٩ ، ٤٠٢ ، ٤٣٠
، ٤٣٢ ، ٤٩٠ ،
|
|
سوار ٩٨٦
|
٤٩٥ ، ٥٣٧ ، ٥٤٩
، ٥٥٠ ، ٦٩٨ ،
|
|
السوفسطائيّة
٢١٨
|
٧٢٦ ، ٧٧٧ ، ٧٨٢
، ٨٠١ ، ٨٣٣ ،
|
|
سهل بن زياد ٢٤٤
|
٨٤٩ ، ٨٥٠ ، ٨٦١
، ٨٩٠ ، ٩٨٦
|
|
سيبويه ٨٤ ، ٨٨
، ٩٢ ، ٧٩٠ ، ٧٩١
|
خالد بن نجيح
٢٥٦
|
|
السيّد المرتضى
ـ السيّد ـ المرتضى ٦٧ ، ١٣١ ،
|
الخثعميّة ٤٦٥
|
|
١٣٤، ١٣٧ ، ١٣٨
، ١٤٧ ، ١٥٩ ، ١٦٠،
|
الخلفاء الأربعة
٣٨٥ ، ٤٦١
|
|
١٦٢، ١٩٣ ، ٢٠٩
، ٢١٩ ، ٢٢١ ، ٢٣٠،
|
الخليل ٧١٢
|
|
٢٣١ ، ٢٣٨ ـ ٢٤٠
، ٢٧٨ ، ٢٩٩،
|
الخليل بن سعد
٩٨٦
|
|
٣٠١ ، ٣٢٩ ، ٣٥٧
، ٤٠٢ ، ٤٤٨ ،
|
الخوارج ٢٤٣
|
|
٥٩٣، ٥٩٥ ، ٦٠٢
، ٦٠٣ ، ٦١٣ ، ٦٣١،
|
دحية الكلبي ٢١٧
|
|
٦٣٩ ، ٦٨٤ ، ٧٠٤
، ٧٨٢ ، ٧٨٣ ،
|
الربيع ٩٨٦
|
|
٧٨٨ ، ٧٩١ ، ٨٠٧
، ٨١٢ ، ٨١٦ ، ٨٣١
|
ربيعة ٧٩٣
|
|
، ٨٥٧ ، ٨٦١ ،
|
٨٦٦ ، ٨٧٦ ،
٨٨٦ ، ٨٩٠ ، ٨٩٤ ،
|
|
٢٤٢ ، ٣٥٧ ، ٣٦٨
، ٩٠٨ ، ٩١٩ ، ٩٣٧
|
٨٩٥ ، ٩١٩ ، ٩٣٦
، ٩٤٦
|
|
شينولة ٣٠٥
|
الشافعي ٢٧١ ،
٢٩٣ ، ٣٣٤ ، ٤٣٠ ،
|
|
صاحب البشرى ٢٧١
|
٤٦١ ، ٤٨١ ، ٥٠٨
، ٥٣١ ، ٥٣٣ ،
|
|
صاحب الكشّاف
١٩٠
|
٥٤١ ، ٥٤٤ ، ٥٤٥
، ٥٥٠ ، ٥٥٦ ،
|
|
صالح بن السندي
٢٦٠
|
٥٦٩ ، ٧٢٤ ، ٧٨٢
، ٨٦١ ، ٩٦٣ ، ٩٦٤
|
|
الصحابة ٨٣، ١٩٤
، ٢٤٢ ، ٢٥٤ ، ٢٧٢ ،
|
الشافعيّة ١٢٤ ،
١٣٠ ، ٣٤٩ ، ٤٣٢ ،
|
|
٢٧٥، ٢٧٨، ٣٠٩ ،
٣٢٩ ، ٣٧٥ ، ٣٧٦ ،
|
٤٦٧ ، ٥٣٧ ، ٥٤٩
، ٥٥٠ ، ٥٥١ ،
|
|
٣٧٩، ٣٨٠، ٤٢٩ ،
٤٦١ ، ٤٦٢ ، ٤٦٤ ،
|
٥٧١ ، ٥٧٤ ، ٦٨٤
، ٧٢٤ ، ٨٠١ ،
|
|
٥٤٩، ٥٦٣، ٦٠٢ ،
٦٣٩ ، ٦٩٢ ، ٧١٢ ،
|
٨٤٩ ، ٨٩٠
|
|
٧٣٦، ٧٥٦، ٨٠٨ ،
٨٤٥ ، ٨٥٩ ، ٨٨٤ ،
|
الشهيد ١٤٧ ،
١٦١ ، ٣١٣ ، ٦١١
|
|
٨٨٥، ٨٨٨، ٩٥٠ ،
٩٥١ ، ٩٥٩ ، ٩٦٠ ،
|
الشهيد الثاني
٣٠
|
|
٩٦٢ ، ٩٦٤ ، ٩٧٤
، ٩٧٩ ، ٩٨٧
|
الشيباني ٦٩٨
|
|
الصحابي ٢٠٩ ،
٢٦٦ ، ٢٧٣ ، ٢٧٨ ،
|
الشيخ ٣٤ ، ١٠٦
، ١٠٧ ، ١١٣ ،
|
|
٧٢٥ ، ٧٣٤
|
١٣١ ، ٢٣١ ، ٢٣٨
، ٢٣٩ ، ٢٤٠ ،
|
|
الصدوق ١٩٣، ٢٤٣
، ٢٥٣ ، ٢٦٩ ، ٢٩٦،
|
٢٤١ ، ٢٤٤ ، ٢٤٩
، ٢٥٦ ، ٢٥٩ ،
|
|
٦٣٠ ، ٩٣٦ ، ٩٣٩
، ٩٦٨ ، ٩٧٥
|
٢٦١ ، ٢٦٤ ، ٢٦٥
، ٢٦٨ ، ٢٦٩ ،
|
|
صفوان بن يحيى
٢٥٩ ، ٢٦٤ ، ٢٧٠
|
٢٧٠ ، ٢٧١ ، ٢٧٨
، ٢٨٤ ، ٢٩٨ ،
|
|
الطاطريّون ٢٤٤
|
٢٩٩ ، ٣٠٠ ، ٣٠٢
، ٣٠٣ ، ٣٠٤ ،
|
|
الطبرسي ١٩٣
|
٣٠٦ ، ٣٦١ ، ٣٧٣
، ٣٨٠ ، ٣٨١ ،
|
|
عائذ الأحمسي
٢٥٦
|
٥٦١ ، ٧٢١ ، ٧٤٥
، ٧٨١ ، ٨٠٧ ،
|
|
عائشة ٣٠٩ ، ٩٧٨
|
٨١٢ ، ٨١٦ ، ٨٧٦
، ٨٨١ ، ٨٩٠ ،
|
|
عاصم ١٩٢
|
٩١٩ ، ٩٣٦ ، ٩٣٨
، ٩٣٩ ، ٩٤٠ ،
|
|
العامّة ٣٣ ، ٤٠
، ١٠٨ ، ١٢٩ ، ١٦٨ ،
|
٩٧٧ ، ٩٧٨ ، ٩٨٠
|
|
١٨٧، ١٨٨، ١٩٠ ،
١٩٢ ، ٢٠٠ ، ٢٠٩ ،
|
الشيخ الرئيس ٣٤
|
|
٢٤٢، ٢٤٩، ٢٦١ ،
٢٦٣ ، ٢٧٨ ، ٢٨٠ ،
|
الشيخ الطبرسي
٢٠٠
|
|
٢٩٠، ٢٩٢، ٣٠١ ،
٣١٤ ، ٣٣٦ ، ٣٤٣ ،
|
الشيخين ٣٨٥ ،
٤٦١ ، ٩١١
|
|
٣٤٤ ، ٣٤٧ ، ٣٦٣
، ٣٦٨ ، ٣٧٠
|
الشيطان ١٨٨ ،
٣٣٥ ، ٩١٤
|
|
|
الشيعة ٣٢ ، ١٠١
، ١٦٠ ، ٢٠١ ، ٢٢٨ ، ٢٤١ ،
|
|
|
٣٧٤ ـ ٣٧٧،
٣٨٣ ـ ٣٨٥ ، ٤٦١ ، ٤٨٣ ،
|
|
عليّ بن الحسن
بن فضّال ٢٥٩
|
٤٩٢ ، ٥٠٢ ، ٥٠٥
، ٥٤٦ ، ٥٤٨ ،
|
|
عليّ بن الحسين
٣٥٣
|
٥٥٠ ، ٦٣٠ ، ٦٨٠
، ٧٢٤ ، ٧٨٢ ،
|
|
عليّ بن الحسين
[ الحسن ] الطاطري ٢٨٧
|
٨٠٥ ، ٨١٠ ، ٨١٩
، ٨٢٦ ، ٨٣١ ،
|
|
عليّ بن فضّال
٢٥٧
|
٨٦١ ، ٨٦٦ ، ٨٧٦
، ٨٨١ ، ٨٨٦ ،
|
|
عليّ بن محمّد
بن قتيبة ٢٦٠
|
٨٨٨ ، ٨٩٠ ، ٨٩٦
، ٩٠٨ ، ٩١٣ ،
|
|
عليّ بن مهزيار
٢٦٤ ، ٢٧٨
|
٩١٩ ، ٩٣٨ ، ٩٤٨
، ٩٥٠ ، ٩٥١ ،
|
|
عمّار ٤١٢
|
٩٥٤ ، ٩٦١ ـ ٩٦٤
، ٩٨٤ ـ ٩٨٦ ، ٩٨٨
|
|
عمّار الساباطي
٢٦٤
|
عبّاد بن سليمان
الصيمري ٣٧
|
|
عمر ١٩٤ ، ٣٠٩ ،
٣٢٩ ، ٣٧٥ ، ٣٧٩ ،
|
العبّاس ٢٧٨ ،
٩٥٤
|
|
٤٦٢ ، ٤٦٣ ، ٤٦٥
، ٧١٢
|
عبد الله بن
سنان ٢٩٩ ، ٣٠٣
|
|
عمر بن حنظلة
٢٧٤
|
عبد الله بن
مبارك ٩٨٦
|
|
عمر بن يزيد ٧٥٦
|
عبد الله بن
محمّد البلوي ٩٣٧
|
|
عنزة ٢٧٧
|
عبد الله بن
يحيى الكاهلي ٢٩٦
|
|
عيسى ٢١٧ ، ٢٢٨
، ٨٧١
|
عبيد الله بن
علي الحلبي ٢٦٤
|
|
الغزالي ٢١٩ ،
٣٣٧ ، ٣٣٨ ، ٧٤٢ ، ٧٤٣
|
العبيدي ٢٦٠
|
|
غيلان ٨٤٩
|
عثمان ١٩٤ ، ٤٦٣
، ٩٨٦
|
|
فاطمة بنت خنيس
٧٣٣
|
عثمان بن عيسى
٢٤٤
|
|
فخر الدين الرازي
٥٩ ، ٨٩ ، ٦٨٤
|
العراقيّون ٨٩٠
|
|
الفرّاء ٨٤ ، ٨٦
، ٧٩٠
|
العروض ٣٣٨
|
|
فرعون ٥٩٥ ، ٥٩٧
، ٧٠٢ ، ٧٢٠
|
العلاّمة ٢٣٠ ،
٢٤٤ ، ٢٦٠ ، ٢٦٥ ، ٢٧١ ، ٣٢٩ ، ٤٦١ ، ٩٧٥
|
|
الفضل بن شاذان
١٤٧ ، ٢٦٤ ، ٢٧٨ ، ٣٥٣ ، ٩١٣ ، ٩١٩
|
عليّ بن إبراهيم
بن هاشم ٣٥٣
|
|
الفضيل بن يسار
٢٧٨ ، ٩٧٧
|
عليّ بن أبي
حمزة ٢٨٦ ، ٩٣٦
|
|
الفطحيّة ٢٨٦
|
عليّ بن أسباط
٢٨٧ ، ٣٥٣
|
|
|
عليّ بن جعفر
٧٤٥
|
|
|
الفقهاء ٣٠ ، ٨٥
، ٩٧ ، ٩٩ ، ١٠٨ ،
|
|
٦٨٤ ، ٧٣٨ ، ٧٨٣
، ٧٨٤ ، ٧٨٨ ، ٩٣٥ ،
|
١٤٥ ، ١٤٨ ، ٢٥١
، ٢٦٣ ، ٢٨٦ ،
|
|
٩٤٧ ، ٩٦٤ ، ٩٦٨
|
٢٨٨ ، ٣٥٧ ، ٣٦٠
، ٣٦٢ ، ٣٧٠ ،
|
|
المتقدّمين ١٩١
، ٢٧٠ ، ٢٩٥ ، ٣٥٢ ، ٣٥٤ ، ٣٨١
|
٤٠٠ ، ٤٣٤ ، ٤٣٦
، ٤٣٧ ، ٤٨٢ ،
|
|
المتكلّمين ١٤٧
، ٤٣٦ ، ٤٩٤ ، ٥٤٢ ، ٦٥١ ، ٦٨٦
|
٥٠٥ ، ٥٠٦ ، ٦١٨
، ٦٨٤ ، ٦٨٦ ،
|
|
المجتهدون ٣١ ،
٣٢ ، ١٩٣ ، ٣٢٨ ، ٣٢٩ ،
|
٧٢٠ ، ٧٥١ ، ٧٩٣
، ٩١٦ ، ٩٣١ ، ٩٤٥ ، ٩٧٠
|
|
٣٣٦ ، ٣٣٧ ، ٣٣٨
، ٣٣٩ ، ٣٤٣ ، ٣٤٥ ،
|
الفلاسفة ٣٤٤ ،
٣٤٥ ، ٦٥١
|
|
٣٤٧ ، ٣٤٩ ، ٣٧٥
، ٣٧٩ ، ٣٨٠ ، ٤٢٦ ،
|
القاساني ٤١١
|
|
٤٢٧ ، ٤٣٠ ، ٨٨٦
، ٩٠٨ ، ٩٠٩ ، ٩١٠ ،
|
القاضي ١٤٧ ،
١٥٢ ، ٧٤٨ ، ٧٦٥ ،
|
|
٩٢٠ ، ٩٢٥ ، ٩٤٠
، ٩٥٠ ، ٩٥٥ ، ٩٦٢ ،
|
٧٦٦ ، ٧٦٧ ، ٧٦٨
|
|
٩٦٦ ، ٩٦٧ ، ٩٧٠
|
القدماء ٣٤، ١٣٦
، ٢٢٩ ، ٢٥٩ ، ٢٦١ ،
|
|
المجسّمة ٢٤٣
|
٢٦٤ ، ٢٦٥ ، ٣٥٢
، ٣٥٤ ، ٣٨١ ،
|
|
المحقّق ٢٤٠ ،
٢٧١ ، ٣٠٧ ـ ٣٠٩ ، ٣٨٩ ، ٩٧٥
|
٩٣٠ ، ٩٣٥ ، ٩٣٦
، ٩٤٠ ، ٩٦٨
|
|
محمّد بن أبي
عمير ٢٧٠
|
الكرخي ١٣٠
|
|
محمّد بن أحمد
بن يحيى ٢٥٩
|
الكسائي ٧٩٠
|
|
محمّد بن
إسماعيل بن ميمون ٢٥٩
|
الكشّي ٢٦٠ ، ٢٦٥ ، ٢٨٤
|
|
محمّد بن خالد
البرقي ٢٧١
|
الكعبي ١٢١ ، ١٤٠ ، ٦٥٩ ، ٦٦٥ ، ٦٦٦ ،
٦٧٠
|
|
محمّد بن سنان
٩٣٧
|
الكليني ١٤٧ ، ٢٧٤ ، ٢٩٦ ، ٩٣٩ ، ٩٦٥
، ٩٧٥
|
|
محمّد بن عبد
الله أبي المفضّل ٢٨٦
|
الكوفيّون ٧٧٤
|
|
محمّد بن عليّ
بن رباح ٢٨٦
|
لوط ٧١٢ ، ٨٧٥
|
|
محمّد بن عليّ
الشلمغاني ٢٨٦
|
ماعز ٧٣٤ ، ٨٠٣
، ٨٨٤
|
|
محمّد بن عليّ
الصيرفي ٩٣٧
|
المالكيّة ٢٧١
|
|
محمّد بن عيسى
٢٧٦
|
المتأخّرون ٣٢ ،
٣٤ ، ٦٢ ، ١٣٦ ، ٢٢١ ،
|
|
محمّد بن عيسى
اليقطيني ٢٤٣
|
٢٢٩ ، ٢٤٠ ، ٢٤٣
، ٢٤٤ ، ٢٦٥ ،
|
|
محمّد بن قيس
٢٧٦
|
٢٩٥ ، ٢٩٨ ، ٣٥٢
، ٣٥٤ ، ٣٨١ ، ٣٩١ ، ٣٩٦ ، ٤٠٢ ، ٤٠٤ ، ٥٧٣ ،
|
|
محمّد بن مسلم
٢٤٢ ، ٢٥٦ ، ٢٧٦ ، ٢٧٨ ، ٩٧٧
|
محمّد بن موسى
الهمداني ٩٣٧
|
|
نجم الأئمّة ١٩٠
|
محمّد بن يعقوب
٢٦٨ ، ٢٦٩
|
|
النحاة ٤١ ، ٨٦
، ٨٨ ، ٧٢٠ ، ٧٢٣ ، ٧٦٣ ،
|
معاذ ٣٣٠ ، ٣٦٣
، ٤٦٥
|
|
٧٧٢ ، ٧٧٣ ، ٧٩٠
، ٧٩٢ ، ٧٩٤
|
معاوية ١٩١
|
|
النصارى ٢١٧ ،
٢١٨ ، ٢٢٨ ، ٣٤٤ ، ٣٤٥
|
معاوية بن حكيم
٣٥٣
|
|
نصرانيّ ٥٦٥
|
معاوية بن ميسرة
٢٥٦
|
|
النظّام ٢١٣ ،
٢١٤ ، ٢١٥ ، ٣٣٨ ، ٤٣٧ ،
|
المعتزلة ٣٧ ،
٧٩ ، ١٠٠ ، ١٢٠ ، ١٢٦ ،
|
|
٤٩٨ ، ٧٧٩
|
١٢٧ ، ١٧٥ ، ١٧٦
، ١٧٧ ، ٢٧١ ،
|
|
نوح بن درّاج
٢٥٦
|
٤٧٩ ، ٥٩٧ ، ٦٠٠
، ٨٦١ ، ٨٧٦ ، ٨٨١
|
|
الواقفة ٢٨٦
|
المعتزلي ٥٣٢
|
|
وليد بن عقبة بن
أبي معيط ٢٣٤ ، ٢٣٥
|
معلّى بن خنيس
٢٩٦
|
|
وهب بن وهب
القريشي ٩٣٦
|
المغيرة بن سعيد
٣٣ ، ٩٣٧
|
|
الهاشميّون ٧٩٦
|
المفيد ٣١ ، ٢٢٥
، ٢٣٩ ، ٢٤٠ ، ٢٤١ ،
|
|
هشام بن الحكم
٩٣٧
|
٢٦٥ ، ٢٧٨ ، ٢٩٠
، ٢٩٨ ، ٣٤٧ ،
|
|
يزيد بن معاوية
٩٧٧
|
٣٥٢ ، ٣٥٥ ، ٣٦٧
، ٣٦٩ ، ٧٣٠ ،
|
|
يونس بن ظبيان
٩٣٧
|
٨٧٦ ، ٨٨٥ ، ٩٣٦
، ٩٣٨ ، ٩٧٧
|
|
يونس بن عبد
الرحمن ٢٤٣ ، ٢٦٠ ، ٢٦٤ ، ٣٥٣
|
الملائكة ٣٠ ،
١٨٥ ، ٢١٧ ، ٧١٢ ، ٧٣٩ ، ٨٤٢
|
|
اليهود ٢١٧ ،
٢١٨ ، ٣٤٤ ، ٣٤٥ ، ٧٦٩ ،
|
مهديّ بن أبي
ذرّ النراقي ٢٥
|
|
٨٦٢ ، ٨٧٤ ، ٨٨٠
|
ميمونة ٧٥٦ ،
٨١١ ، ٩٧٨
|
|
يهوديّ ٥٦٥
|
النجاشي ٢٥٨ ،
٢٦٥ ، ٢٨٤ ، ٧٣٤
|
|
|
٥. فهرس الاصطلاحات
آية الاسوة ٣٠٨
، ٣٠٩
|
|
٢٨٣ ، ٢٨٦ ، ٢٩٤
، ٣٢٥ ، ٣٧٦ ، ٣٨٥ ،
|
آية التثبّت ٢٤٣
، ٢٤٤ ، ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، ٢٦٣ ، ٢٨١ ، ٧٦٠ ، ٩٤٠
|
|
٤٦٤ ، ٤٦٥ ، ٥١٦
، ٧٥٦ ، ٧٥٨ ، ٧٥٩ ،
|
آية الكرسيّ ١٨٦
|
|
٧٦١ ، ٨٩٧ ، ٨٩٩
، ٩٠٠ ، ٩٠٣ ، ٩٠٧ ،
|
آية المباهلة
١٨٦
|
|
٩٠٨ ، ٩١٠ ، ٩١٣
، ٩١٤ ، ٩١٩ ـ ٩٢٩ ،
|
الإباحة ٨٧ ، ٩٧
، ١١٩ ، ١٢٠ ، ١٥٣ ،
|
|
٩٣٢ ، ٩٣٣ ، ٩٤٢
، ٩٤٣ ، ٩٤٦ ـ ٩٥١ ،
|
١٥٤، ١٦٣ ـ ١٦٦
، ١٧٩ ، ٢٥١ ، ٣٠٧،
|
|
٩٥٣ ، ٩٥٥ ـ ٩٥٨
، ٩٦١ ، ٩٦٤ ـ ٩٦٧ ، ٩٦٩ ، ٩٧٠ ، ٩٧٦ ، ٩٨٦
|
٣١٠، ٣٨٦ ـ ٣٨٨
، ٣٩٠ ـ ٣٩٤ ، ٣٩٦ ،
|
|
الاجتهاد الفعلي
٩٠٠ ، ٩٢١ ، ٩٤٣
|
٦٠٠، ٦٠٢ ، ٦٠٤
، ٦٠٥ ، ٦١٦ ـ ٦١٨،
|
|
الإجزاء ٢٩ ،
١٠٦ ، ١١٣ ، ١٥٨ـ ١٦٢ ، ٥٠٧
|
٦٥٥ ، ٦٨٩ ، ٨٦٠
، ٨٨٥ ، ٩٨٢
|
|
، ٥٣٦ ، ٦٣٣ ،
٦٧٧ ، ٦٩٢ ، ٧٠٠ ،٨٣٢
|
الإباحة
العقليّة الأصليّة ١٦٣ ، ١٦٤ ، ١٦٥
|
|
الإجماع ٣٢ ، ٣٤
، ٣٥ ، ٤٣ ، ٦٩ ، ١٢٤ ،
|
الإتمام ١٢٨ ،
١٥٧ ، ٣٦٩ ، ٣٧٥ ، ٦٧٨ ، ٨٦٠
|
|
١٢٦ ، ١٤٢ ، ١٧٧
، ١٨١ ، ١٨٧ ، ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، ٢٣٧ ـ ٢٤٠ ، ٢٤٣ ، ٢٤٥ ، ٢٦١ ،
|
الإجارة ٩٠ ، ٩٤
، ١٠٧ ، ٤٦٨ ، ٧٧٥ ، ٨٦٦
|
|
٢٧٢ ، ٢٧٧ ، ٢٩٢
، ٢٩٦ ، ٣٣٦ ـ ٣٥٢ ،٣٥٤ ـ ٣٦٨ ، ٣٧٠ ، ٣٧٣ ـ ٣٧٩ ، ٣٨٢ ـ
|
الإجازة ٢٥٨ ،
٢٧٤ ، ٢٩٦ ، ٣٠٠ ـ ٣٠٢ ، ٣٠٤ ، ٣٠٥ ، ٦٩٦
|
|
٣٨٤ ، ٣٨٥ ، ٣٨٩
، ٣٩١ ، ٤٠٣ ، ٤٠٤ ، ٤٠٨ ، ٤٠٩ ، ٤١٢ ، ٤١٨ ، ٤٢٦ ، ٤٤٠ ،
|
اجتماع النقيضين
٢٢٤
|
|
٤٤٣ ، ٤٤٦ ، ٤٥٣
، ٤٦٥ ، ٤٧٢ ـ ٤٧٥ ،
|
الاجتهاد ٢٥ ،
٣٢ ، ٣٥ ، ٢٢٤ ، ٢٢٦ ، ٢٣٣ ،
|
|
٤٧٧ ، ٤٧٨ ، ٤٨١
، ٤٨٤ ، ٤٨٥ ، ٤٨٧ ، ٤٩٢ ، ٤٩٦ ،
|
٥٣٠ ، ٥٤٠ ،
٥٤٦ ، ٥٥٠ ، ٥٥٦ ،
|
|
الأحكام
الشرعيّة ٣٢ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٥٥ ، ٦٢ ،
|
٥٥٧ ، ٥٦١ ، ٥٧٠
، ٦٢٠ ، ٦٨٦ ،
|
|
٧٥ ، ١٠٣ ، ١٢٠
، ١٣٨ ، ٢٨٠ ، ٣٣٣ ،
|
٦٩١ ، ٦٩٢ ، ٧٠٥
، ٧٠٦ ، ٧٠٩ ،
|
|
٣٣٨ ، ٣٣٩ ، ٣٨٣
، ٣٨٩ ، ٣٩٧ ، ٤٠٧ ،
|
٧١٠ ، ٧٢٩ ، ٧٣٤
، ٧٣٧ ، ٧٣٨ ،
|
|
٤١٣ ، ٤٢٣ ، ٤٥٦
، ٤٦٠ ، ٤٧٧ ، ٤٨٤ ،
|
٧٥٩ ، ٧٦٢ ، ٧٩٦
، ٨٠٤ ، ٨٠٧ ،
|
|
٥٢١ ، ٥٥٣ ، ٧١٨
، ٧٦٠ ، ٨٣٥ ، ٨٩٩ ،
|
٨٠٨ ، ٨٤٠ ، ٨٤٤
، ٨٤٨ ، ٨٥٠ ،
|
|
٩٠٠ ، ٩٠٦ ، ٩٢٩
، ٩٣٤ ، ٩٤٨
|
٨٦٠، ٨٨٦ ـ ٨٨٨
، ٨٩٥ ، ٨٩٦ ، ٩٠١،
|
|
الأحكام
الشرعيّة الفرعيّة ٣٠
|
٩٠٢ ، ٩٠٤ ، ٩٠٨
، ٩٠٩ ، ٩١٩ ،
|
|
الأحكام
الظاهريّة ٩٢٥
|
٩٢٣ ، ٩٢٤ ، ٩٢٦
، ٩٢٧ ، ٩٣١ ،
|
|
الأحكام
الفرعيّة ٢٥
|
٩٣٢ ، ٩٣٥ ، ٩٣٨
، ٩٣٩ ، ٩٥٥ ،
|
|
الأحكام
الواقعيّة ٩٢٥
|
٩٥٨ ، ٩٥٩ ، ٩٦٢ ـ ٩٦٦ ، ٩٧٤ ، ٩٧٦ ، ٩٨٧ ، ٩٨٩
|
|
الأحكام
الوضعيّة ١١٠ ، ١٧١ ، ٤٠٢ ، ٤١٣ ، ٦٩٠ ، ٦٩٥
|
إجماع بسيط ٣٧٣
|
|
أخبار الآحاد٣١
، ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٥ ، ٤٠ ، ٤٦ ،
|
الإجماع
السكوتيّ ٣٧٨ ، ٤٦٤
|
|
٤٧ ، ٤٨ ، ٥٩ ،
٦٠ ، ٩٦ ، ١٨٨ ، ١٩٢ ،
|
إجماع العترة
٤٦١
|
|
٢٠١ ، ٢١٦ ، ٢٣٠
، ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٢٣٧ ،
|
الإجماع المركّب
٣٦٧ ، ٣٦٩ ، ٣٧٣
|
|
٢٣٨ ، ٢٤٠ ، ٢٥٨
، ٢٦٥ ، ٢٧٦ ، ٢٧٨ ،
|
الإجماع المنقول
٣٥ ، ٣٥١ ، ٣٦٥ ، ٣٦٧ ، ٦٣٩ ، ٩٠٠
|
|
٢٩٢ ، ٣٤٣ ، ٣٤٥
، ٣٤٩ ، ٣٥٠ ، ٣٥٢ ،
|
الإجماعات
المنقولة ٣١ ، ٢٤١
|
|
٤٤٦ ، ٤٨٢ ، ٥٦١
، ٦١٣ ، ٧٠٥ ، ٧٢٩ ،
|
الإجمال ٧٦، ٤٧١
، ٥٥٥ ، ٥٦١ ، ٧٣٢ ، ٧٣٣ ، ٧٥٥ ، ٧٥٨ ، ٧٨٥ ، ٨٢٩ ـ ٨٣٤ ، ٩٠٢
|
|
٧٣٧ ، ٨٨٤ ، ٨٨٥
، ٨٨٦ ، ٨٩٦ ، ٩٠١ ، ٩٠٦ ، ٩١٤ ، ٩١٦ ، ٩٢٠ ، ٩٢٨ ، ٩٣٣ ، ٩٣٤ ، ٩٣٥ ، ٩٣٧ ، ٩٤٠
، ٩٨٧
|
الاحتياط٦٢ ،١٥٨
، ٢٣٨ ، ٢٤٣ ، ٢٦٣ ،
|
|
الأخبار الصحيحة
٩٤١
|
٢٨٠ ، ٣١٣ ، ٣١٤
، ٣١٥ ، ٣٧٣ ،
|
|
الأخبار الضعيفة
٢٦٣
|
٣٨٧ ، ٣٩١ ، ٣٩٥
، ٤٢٦ ، ٤٢٧ ،
|
|
الأخبار
المتظافرة ١٨٧
|
٤٢٨ ، ٤٦٩ ، ٦٤٠
، ٩٣١ ، ٩٣٢ ، ٩٧٤ ، ٩٧٩ ، ٩٨٣ ، ٩٨٧
|
|
الأخبار
المتواترة ٢٢٠
|
الأحكام الخمسة
٣٦ ، ١١٠ ، ١١٩ ، ١٤٥ ، ١٥٦ ، ١٦٣ ، ٣٩١ ، ٦٦٨
|
|
الأخبار
المستفيضة ٢٩٢
|
الأدلّة
الاصوليّة ٣١ ، ٣٢ ، ٧٦١ ، ٩٢١
|
|
الاستثناء
المنقطع ٧٧٦ ، ٩٥٤
|
الأدلّة
التفصيليّة ٣٠
|
|
الاستحاضة
الكثيرة ١١٢
|
الأدلّة
السمعيّة ٣٤٠ ، ٣٨٢
|
|
الاستحباب ٩٧ ،
١٥٣ ـ ١٥٥ ، ١٥٧ ، ١٦٦ ،
|
أدلّة السنن ٢٦١
، ٢٦٣
|
|
٢٦٣ ، ٣١١ ، ٣١٣
، ٣١٥ ، ٣٨٦ ، ٣٩١ ،
|
الأدلّة
الشرعيّة ٣٤ ، ٧٤ ، ١٨١ ، ٣٣٧ ، ٩٠٣ ، ٩١٩
|
|
٣٩٥ ، ٤٢٨ ، ٤٥٢
، ٦١٨ ، ٦٢٤ ، ٦٢٥ ، ٦٣٠ ، ٦٤٣ ، ٦٦٨ ، ٨٢٤ ، ٨٢٥ ، ٩٧٥
|
الأدلّة الضعيفة
٢٦٢
|
|
الاستحسان ١٠٠ ، ١٩٠ ، ٤٢٩ ـ ٤٣١ ، ٥٠٩ ، ٩٣٠
|
الأدلّة
الظنّيّة ٢٢٥
|
|
الاستحسانات
العقليّة ٩١٩
|
الأدلّة
العقليّة ٣٢ ، ١٨١ ، ٢٤١ ، ٣٤٥ ، ٣٨٦ ، ٤١٠ ، ٤١١ ، ٤٣٤ ، ٩٠٢ ، ٩٧٦
|
|
الاستصحاب ٣٢ ،
٣١٢ ، ٣٩٧ ، ٣٩٨ ، ٤٠٠ ـ ٤٠٥ ، ٤٠٧ ـ ٤١٠ ، ٤١٢ ـ ٤١٦ ، ٤٢٧ ، ٧٨٩ ، ٩٣٠ ، ٩٦٦ ،
٩٧٧
|
الأدلّة
العقليّة الاصوليّة ٣٢
|
|
استصحاب الحال
٥٨
|
أدلّة الفقه ٣٢
، ٣٣
|
|
الاستظهار ١٤٨
|
الأدلّة
المتعارضة ٩٦٧
|
|
الاستغراق ٤٠ ،
٣٤١ ، ٧١٢ ، ٧١٣ ، ٧١٥ ،
|
الأدلّة
المعتبرة ٩١٨
|
|
٧١٦ ، ٧١٧ ، ٧١٩
، ٧٢٩ ، ٧٤٧ ، ٧٥٠ ،
|
الارتداد ٨٧ ،
٥٦٧
|
|
٧٦٧ ، ٧٨٠ ، ٧٨١
، ٨٢٢ ، ٨٢٥ ، ٨٤٣ ،
|
الإرضاع ٥١٦
|
|
٨٤٧ ، ٩٠٨
|
الأسباب ١٠٩ ،
١١١ ، ١١٢ ، ١٧١ ، ٢١١ ، ٢٨٤ ، ٥٥١ ، ٥٥٢ ، ٧٥٧
|
|
الاستفهام
الإنكاري ٧٠٧ ، ٧١٥
|
الأسباب
الفعليّة ١١٤
|
|
الاستقراء ١٤٨ ،
١٦٧ ، ٢٤٣ ، ٢٧٠ ، ٤٠٧ ، ٤٢٣ ، ٤٢٥ ، ٤٣٥ ، ٤٨٦ ، ٤٨٧ ، ٦٢٩ ، ٦٣٢
|
الاستثناء ٤٠ ،
٨٥ ، ١٤١ ، ٤٥٠ ، ٥١١ ، ٦٠٧ ، ٧٠٨ ، ٧٠٩ ، ٧١٨ ، ٧٤٤ ، ٧٤٩ ، ٧٥١ ، ٧٦٢ ، ٧٦٣ ،
٧٦٥ ، ٧٦٨ ـ ٧٨٤ ، ٧٨٦ ـ ٧٨٩ ، ٧٩٠ ، ٧٩١ ـ
|
|
الاستنجاء ١١٧ ،
٨٢٦
|
٧٩٣ ، ٧٩٥ ، ٧٩٦
، ٨١٤ ، ٨٦٨ ، ٨٧٤
|
|
أسماء الاستفهام
٧٠٦ ، ٧٠٩ ، ٧١٢ ، ٧١٣ ، ٧١٤ ، ٧١٥
|
الاستثناء
المتّصل ٧٦١ ، ٧٦٤ ، ٧٦٨
|
|
أسماء الإشارة
٧٠٦
|
الاستثناء
المستغرق ٧٧٠
|
|
|
أسماء الشرط ٧٠١
، ٧٠٦ ، ٧٠٩ ، ٧١٢
|
|
الإضمار ٧٢ ، ٧٥
، ٧٦ ، ٧٧ ، ٢٧٨ ، ٦٠٧ ،
|
الأسماء
الموصولة ٧٠٦ ، ٧١٣ ، ٩٨٢
|
|
٧٣١ ، ٧٣٢ ، ٧٦٢
، ٧٧٣ ، ٨١٣ ، ٩٨٢
|
اسم جنس ٧١٢ ،
٧١٦ ، ٧٢٨ ، ٨٦٩
|
|
الاطّراد ٥٥ ،
١٨٥ ، ٢٢٥ ، ٤٨٢ ، ٤٨٣ ،
|
اسم العلم ٤٧ ،
٤٨
|
|
٤٨٨ ، ٤٨٩ ، ٥٢٦
، ٥٣٧ ، ٥٩٤ ، ٩٨١
|
الإسناد٦١ ، ٢٥٥
، ٢٥٦ ، ٢٦٦ ، ٢٦٩ ،
|
|
الإطلاق الحقيقي
٧٣٩
|
٢٧٠ ، ٢٧٤ ، ٢٧٧
، ٣٠٥ ، ٧٤٩ ،
|
|
الإطلاق المجازي
٧٢١ ، ٧٣٩
|
٧٥١ ، ٧٦٦ ، ٩٤٦
|
|
الإعادة ١٠٤ ،
١٠٥ ، ٦٣٢
|
الاشتراك٥٢ ، ٦٤
، ٦٨ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٧٥ ،
|
|
الاعتكاف ٤١٤ ،
٤٣٩ ، ٥٣٠ ، ٥٥١
|
٧٦ ، ٨٩ ، ٣١١ ،
٣٧٨ ، ٤٣٥ ، ٤٣٨ ،
|
|
الأعراض
الذاتيّة ٣٤ ، ٢٠٥
|
٤٧٧ ، ٥١٠ ، ٥١٥
، ٥٤٨ ، ٥٩٣ ،
|
|
الأعلام
الشخصيّة ١٨٥
|
٥٩٥ ، ٥٩٦ ، ٦٠٤
، ٦٠٥ ، ٦١٠ ،
|
|
الأعيان
الخارجيّة ٧٠٣
|
٦١٢ ، ٦٢٠ ، ٦٢٢
، ٦٢٨ ، ٦٥٦ ،
|
|
الإفتاء ٣٧٩ ،
٣٩٦ ، ٩٣٠ ، ٩٣١
|
٦٨٢ ، ٧٠٥ ، ٧٠٨
، ٧٠٩ ، ٧٣٧ ،
|
|
الأفعال
الاختياريّة ٣٨٧
|
٧٤٠ ، ٧٤٧ ، ٧٥٠
، ٧٦٢ ، ٧٨٢ ، ٧٨٤ ، ٧٨٦ ـ ٧٨٨ ، ٧٩١ ، ٨٣٣ ، ٨٧٢
|
|
أفعال
الاضطراريّة ٣٨٧
|
الأصاغر ٢٧٨
|
|
الإفك ٣٣٠
|
أصالة البقاء
٩٠٦ ، ٩٣١
|
|
الأقارير٦٠ ،٨٨
، ٧٢١ ، ٧٢٢ ، ٧٤٠ ، ٧٦٩ ،
|
أصالة الحقيقة
٩٣٠
|
|
٧٧١ ، ٧٧٥ ، ٧٩٢
، ٨٦٨
|
أصالة الحلّيّة
١٤٤
|
|
إقامة الحدود
٣٦٣ ، ٦٤٠ ، ٨٥٧
|
أصالة العدم ٤٨٨
، ٦٠٦ ، ٩٠٦ ، ٩٣١
|
|
الأكابر ٢٧٨
|
أصالة عدم
الاشتراك ٧٣٨
|
|
الإنشاء ٥٨ ،
٢٠٣ ، ٢٠٩ ـ ٢١٢ ، ٣٠٧ ،
|
أصالة عدم
التعدّد ٥٣
|
|
٦٣٠ ، ٦٣١ ، ٧٢٦
، ٩٢١ ، ٩٤٦
|
أصالة عدم
المخصّص ٧٥٩
|
|
الأوامر ١٣٠ ،
١٣١ ، ١٣٨ ، ١٦٧ ، ١٧٣ ،
|
أصل البراءة ٣١٣
، ٣٨٦ ، ٣٩٦ ـ ٤٠١ ، ٤١٦ ، ٤١٧ ، ٩٠٠ ، ٩٣٠
|
|
١٧٤ ، ١٧٩ ، ٢٦٣
، ٦١٧ ، ٦٢٨ ـ ٦٣١ ، ٦٣٩ ، ٧٣٥ ، ٨٧٩ ، ٨٨٠ ، ٩٢٩ ، ٩٧١
|
أصل العدم ٣٢ ،
٢٩٥ ، ٣٩٨
|
|
|
اصول الحديث ٢٦٦
|
|
|
الأوامر
الإلهيّة ١٧٣
|
|
البطلان ١٠٥ ،
١٠٧ ، ١٠٨ ، ٢٢٥ ، ٢٣٥ ،
|
الأوامر
الشرعيّة ١٠١
|
|
٤٠٧ ، ٤١٨ ، ٥٧٢
، ٦٥٩ ، ٦٦٣ ، ٨١٢ ، ٨٤٩
|
الأوامر العامّة
١٦٧
|
|
التابعيّة ٧٧٤
|
الأوامر الواردة
٩٠٦
|
|
التبادر٥١ ـ ٥٤ ، ٥٦ ، ٥٧ ، ٧٣ ، ٦١١ ، ٦١٧
|
الأوقاف ٣٠ ، ٧١
، ٧٩ ، ٢٥٢ ، ٨١١
|
|
، ٦١٩ ، ٧٠٥ ،
٧٥٨ ، ٧٦٨ ، ٨٣١ ، ٨٦٧
|
الإيجاب ١١٩ ،
١٤٤ ، ٣٧١ ، ٤١٣ ،
|
|
التبادر العرفي
٨٣٤
|
٥٩٧ ، ٥٩٨ ، ٦١٠
، ٦٤٦ ، ٦٥٣ ،
|
|
التبيين ٩٢ ،
٨٣٧
|
٦٦٢ ، ٦٦٨ ، ٦٦٩
، ٧٢٨ ، ٧٢٩
|
|
التجارة ٣٢٨ ،
٤٩٣ ، ٥٣٣ ، ٦٩٠
|
الإيجاب الكلّي
٣٧١
|
|
التحريف ١٩٣
|
الإيجاب والسلب
الجزئيّين ٣٧١
|
|
التحكّم ٥١٧ ،
٥١٨ ، ٥٢١ ، ٥٣٧ ، ٥٦٣ ، ٥٦٦ ، ٧٤٢ ، ٧٥٤ ، ٨٢٧ ، ٨٣٩
|
الإيقاعات ٤٤ ،
٨٥ ، ١٠٩ ، ١١٠ ، ١٦٢
|
|
التخصيص ٧٢ ـ ٧٧
، ١٤٨ ، ١٤٩ ، ١٩٨ ،
|
، ٦٩٦ ، ٦٩٧ ،
٧٦٩ ، ٨٧٠
|
|
٢٣٦ ، ٣١٧ ، ٣٦٦
، ٣٩٤ ، ٥٠٣ ، ٥٠٧ ،
|
الإيلاء ٥١٦ ،
٧٠٩
|
|
٥١١ ـ ٥١٣ ، ٥٢٣
، ٥٤٢ ، ٦٣٨ ، ٦٤٦ ،
|
الأيمان ٣٠ ، ٦٢
، ٦٣ ، ٧١ ، ٧٢ ، ٧٩ ،
|
|
٧٠١ ، ٧٠٥ ، ٧٢٦
، ٧٣٩ ، ٧٤٣ ، ٧٤٤ ـ
|
٨١ ، ٨٤ ، ١١٤ ،
١٢٠ ، ١٣٢ ، ١٣٣ ،
|
|
٧٤٦ ، ٧٤٩ ، ٧٥٠
، ٧٥٢ ، ٧٥٤ ، ٧٥٨ ،
|
١٦٢، ١٦٧ ، ١٨٥
، ٢١٥ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥
|
|
٧٦١ ، ٧٦٢ ، ٧٦٦
، ٧٨٤ ، ٧٩٨ ، ٧٩٩ ،
|
، ٢٤٧ ، ٢٥٢ ،
٢٨٦ ، ٣٠٢ ، ٣٠٧ ،
|
|
٨٠١ ـ ٨٠٦ ، ٨٠٨
ـ ٨١٣ ، ٨١٦ ـ ٨١٩ ،
|
٣٤٠، ٤٥٠ ، ٥٦٥
، ٥٩٦ ، ٧٢٢ ، ٧٢٧
|
|
٨٢٥ ، ٨٣٩ ، ٨٤٦
، ٨٥٠ ، ٨٥٦ ـ ٨٥٨ ،
|
، ٧٦٩ ، ٨٠٠ ،
٨٦١ ، ٩٣٢ ، ٩٦١
|
|
٨٦٤ ، ٨٧١ ، ٨٨٠
، ٨٨٥ ، ٩١٨ ، ٩٥٤ ، ٩٧٥
|
الإيماء ١٤١ ،
٤٤٠ ، ٤٤٣ ، ٤٤٧ ، ٤٥١ ، ٤٥٢ ، ٤٥٩ ، ٤٦٠ ، ٤٧٢ ، ٤٧٧ ، ٥٤٦ ، ٥٧٠ ، ٨٥٣ ، ٩١٩ ،
٩٨٢
|
|
التخيير ٤٦ ، ٨٧
، ٩٥ ، ١٢١ ، ١٢٦ ، ١٢٧ ، ١٢٨ ، ١٢٩ ، ١٣٠ ، ١٣١ ، ١٣٢ ، ١٦٦ ،
|
البراءة
الأصليّة ٤٢٦ ، ٤٢٧ ، ٧٢٩ ، ٨٧٠ ، ٩٧٤
|
|
١٩٢ ، ٣٧٣ ، ٦٠٨
، ٦٢٣ ، ٦٦١ ، ٦٦٤ ، ٦٦٧ ، ٨٨٠ ، ٨٩١ ، ٨٩٢ ، ٨٩٣ ، ٨٩٦ ،
|
البراءة
اليقينيّة ١٨٠ ، ٣٩١ ، ٤٠٠ ، ٤٠٥ ، ٩٠٤ ، ٩٠٩
|
|
٩١١ ، ٩١٦ ، ٩٢٧
، ٩٤٩ ، ٩٦٣ ، ٩٧٤ ، ٩٧٥ ، ٩٧٦ ، ٩٨٧
|
التراجيح ٣٥ ،
٢٥٥ ، ٣٦٦ ، ٧٥٨ ، ٧٦٠ ، ٩٠٣ ، ٩١٠ ، ٩١١ ، ٩١٦ ، ٩١٨ ، ٩٤٧ ، ٩٧٧ ، ٩٨٦ ، ٩٨٧
|
|
التضمّن ٢٢٣ ،
٦٤٦ ، ٦٤٩ ، ٦٦٣ ، ٦٩٤ ، ٨٦٣
|
التراخي٨٥ ، ٦٣٢
، ٦٣٩ ، ٨٤٠ ، ٩٠٢ ،
|
|
التضمّنيّة ٩١٩
|
٩١٦ ، ٩٣٠
|
|
التعادل
والترجيح ٣٦٧ ، ٩٠٠ ، ٩٧٣
|
الترجيح ٣١ ، ٣٣
، ٤٦ ، ٦٤ ، ٦٧ ، ٧٧ ،
|
|
التعارض ٣٣ ،
١٤٩ ، ١٥٥ ، ١٨٨ ، ١٩٦ ،
|
١٢٠، ١٤٤ ، ١٤٥
، ١٤٨ ، ١٩٠ ، ٢٤١
|
|
٢٥٧ ، ٢٨١ ، ٣١٧
، ٣١٨ ، ٣١٩ ، ٣٢٠ ،
|
، ٢٤٣ ، ٢٥٧ ،
٢٧٠ ، ٢٨٥ ، ٣٤٨ ،
|
|
٣٢٣ ، ٣٢٤ ، ٤٠٥
، ٤٠٧ ، ٤١٨ ، ٤٣١ ،
|
٣٥٠، ٣٥١ ، ٣٥٦
، ٣٦١ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧
|
|
٤٨٦ ، ٥٠٦ ، ٥١٩
، ٦٦٤ ، ٦٧٥ ، ٦٩٥ ،
|
،٣٧٣، ٣٨١ ، ٣٩٠
، ٣٩٤ ، ٤١٦
ـ ٤١٨
|
|
٧٦٩ ، ٨١٩ ، ٨٢٠
، ٨٢٤ ، ٨٦٣ ، ٨٨٧ ،
|
، ٤٢٦ ، ٤٣٢ ،
٤٧٩ ، ٤٨٢ ، ٤٨٦ ،
|
|
٩٠٢ ، ٩١٠ ، ٩٣٢
، ٩٣٦ ، ٩٣٧ ، ٩٣٨ ، ٩٤٠ ، ٩٤٢ ، ٩٤٤ ، ٩٦٢ ، ٩٧٦ ، ٩٨٨
|
٥٠٣، ٥١٧ ، ٥١٨
، ٥٤٣ ، ٥٥٦ ، ٥٥٧
|
|
التعزير ١١٢ ،
٦٤٠
|
، ٥٦٥ ، ٥٧٠ ،
٦٠٥ ، ٦٣٦ ، ٦٣٨ ،
|
|
التعليقات ٣٠ ،
٤٢ ، ٦٠ ، ٦٢ ، ٧١ ، ٧٢ ،
|
٦٧٥ ، ٦٧٦ ، ٧١٩
، ٧٥٨ ، ٧٨١ ،
|
|
٧٩ ، ٨٤ ، ٨٥ ،
٨٨ ، ١١٤ ، ١٢٠ ، ١٨٥ ،
|
٨٠٩ ، ٨١٦ ، ٨١٩
، ٨٣٢ ، ٨٣٥ ،
|
|
٢١١ ، ٢١٥ ، ٢٥٢
، ٥٩٦ ، ٦٢٩ ، ٧٢٢
|
٨٣٩ ، ٩٠٠ ، ٩٠١
، ٩٠٢ ، ٩١٠ ، ٩١١ ، ٩١٦ ، ٩١٨ ، ٩٢٢ ، ٩٢٥ ـ ٩٢٧ ، ٩٤٢ ـ ٩٤٤ ، ٩٦٢ ، ٩٧٣ ـ ٩٧٧
، ٩٨٠ ، ٩٨١ ، ٩٨٣ ـ ٩٨٧ ، ٩٨٩
|
|
التعليقي ٧٣٦
|
الترجيحات ٩٦٧ ،
٩٨٥ ، ٩٨٩
|
|
التقليد ٢٢١ ،
٢٣٣ ، ٢٨٣ ، ٨٩٧ ، ٩٠٣ ،
|
الترجيح بلا
مرجّح ١٩٠
|
|
٩٢٣ ، ٩٢٤ ، ٩٢٦
، ٩٢٧ ، ٩٢٩ ، ٩٣٠ ،
|
التسامح ٢٦١
|
|
٩٥٥ ، ٩٥٦ ، ٩٥٧
، ٩٥٨ ، ٩٥٩ ، ٩٦٠ ،
|
التسلسل ٥٨ ،
٢٧٥ ، ٤٢٢ ، ٤٨٤ ، ٥٠٠
|
|
٩٦١ ، ٩٦٤ ، ٩٦٥
، ٩٦٩ ، ٩٧٠
|
، ٧٦٧ ، ٩٥٦
|
|
التقيّة٣٣ ،
١١٧، ١٩٠ ، ٢٢٦ ، ٢٢٨ ، ٢٧٨ ،
|
تشبّه
السوفسطائي ٩٤٤
|
|
٣٧٨، ٤١٨، ٦٩٧،
٩٠٦، ٩٣٨، ٩٨٤ ، ٩٨٦
|
تصديقيّة ٣٦
|
|
التقييد ٦٣ ،
١٣٦ ، ١٣٨ ، ١٥١ ، ٢٥٥ ،
|
تصوّريّة ٣٦
|
|
٢٦٦ ، ٢٦٨ ، ٣٣٦
، ٤٠٣ ، ٦١١ ، ٦١٩ ،
|
التصويب ٣٧٨ ،
٣٩٨ ، ٩٥١ ، ٩٥٢ ، ٩٥٣ ، ٩٥٤
|
|
٦٤١ ، ٦٤٥ ، ٦٨٢
، ٧٩٧ ، ٨٢٥ ، ٨٣٩ ، ٨٤٧ ، ٨٧٣ ، ٨٧٤ ، ٩٠٢ ، ٩١٨ ، ٩٧٥
|
التكاليف
الشرعيّة ١٧٣ ، ٢٥٣
|
|
التناقض ٤٨ ،
١٤١ ، ٢٤٠ ، ٢٨١ ، ٥١٧ ، ٧٤٠ ، ٧٦٦ ، ٧٨١ ، ٨٠٥ ، ٨١٥ ، ٨٢٧ ، ٨٦٣
|
التكرار ٣٨ ،
٣١٨ ـ ٣٢١ ، ٣٢٣ ، ٣٨٨ ،
|
|
التنبيه
والإيماء ٤٤٠ ، ٤٤٧ ، ٨٥٣
|
٤٠٦، ٤١٣ ، ٥٥٧
، ٥٥٨ ، ٦١٨ ، ٦٢١
|
|
تنقيح المناط
٤٤٣ ، ٤٤٤ ، ٤٤٦ ، ٤٦٠ ، ٤٨٥ ، ٤٨٧ ، ٩١٩
|
ـ ٦٢٣، ٦٢٦ـ ٦٣١
، ٦٣٨ ، ٦٧٣ ، ٦٧٤،
|
|
التواتر ١٩٠ ،
٢١٧ ، ٢١٨ ، ٢٢٠ ، ٢٢١ ،
|
٦٨٢، ٧٠٠ ، ٧٢٧
، ٩٠٢ ، ٩٣٠ ، ٩٥٥
|
|
٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٢٦
ـ ٢٢٨ ، ٢٣٢ ، ٢٣٨ ،
|
التكليف ٣٣ ، ٤٦
، ٦٩ ، ٩٧ ، ١٠٣ ،
|
|
٢٤٧ ، ٣٤٧ ، ٣٤٩
، ٣٥٠ ، ٣٥٥ ، ٣٦٥ ،
|
١١٠، ١١٧ ، ١٢٧
، ١٣٠ ، ١٣٢ ، ١٣٦
|
|
٣٨٢ ، ٧٠٦ ، ٩١٣
، ٩٣٠ ، ٩٣٤ ، ٩٤٥ ،
|
،١٥١ ، ١٦١ ،
١٦٦ ـ ١٦٨ ، ١٧١ ـ ١٧٩
|
|
٩٦١ ، ٩٧٧
|
، ٢٣٨ ، ٢٥١ ،
٣٠٢ ، ٣٨٧ ، ٣٨٩ ،
|
|
التواتر السكوتي
٢٢٧
|
٣٩٠، ٣٩٢ ، ٣٩٥
، ٣٩٧ ، ٣٩٨ ، ٤٠٠
|
|
التواتر المعنوي
٣٤٢
|
، ٤٠٣ ، ٤٩٣ ،
٥١٢ ، ٦٠٥ ، ٦٣٣ ،
|
|
التوقّف ٣٨ ، ٤٥
، ٤٦ ، ٥٠ ، ٥٤ ، ٧٣ ،
|
٦٤٣، ٦٤٤ ، ٦٥٤
ـ ٦٥٦ ، ٦٥٩ ، ٦٧١،
|
|
١٣٣ ، ٢٠٥ ، ٢٢٠
، ٢٩٤ ، ٣١٢ ، ٣١٤ ،
|
٧٠٦ ، ٧٣٧ ، ٨١٥
، ٨١٧ ، ٨٢٤ ،
|
|
٣٢١ ، ٣٢٣ ، ٣٩١
، ٣٩٢ ، ٣٩٦ ، ٤٢٦ ،
|
٨٣٦، ٨٤٢ ـ ٨٤٥
، ٨٧٥ ، ٨٧٨ ، ٨٨٢،
|
|
٤٢٨ ، ٤٥٥ ، ٤٦٥
، ٥٠١ ، ٦٠٣ ، ٦٥٧ ،
|
٩٠٣، ٩١١ ، ٩٣٠
، ٩٥٠ ، ٩٥١ ، ٩٦٨
|
|
٧١٦ ، ٧١٩ ـ ٧٢١
، ٨٠٩ ، ٨٢٤ ، ٨٥٤ ،
|
التكليف بالمحال
١٤٦ ، ١٦٦ ، ٢٣٨ ، ٣٩٢ ، ٤٠٠ ، ٦٣٣ ، ٦٣٤ ، ٦٦١ ، ٦٩١ ، ٩٠٩ ، ٩٢٦ ، ٩٣١ ، ٩٦٨
|
|
٨٩٦ ، ٩٠٨ ، ٩٢٨
، ٩٣١ ، ٩٧٤ ، ٩٨٧
|
التكليف بما لايطاق١٢٩،
١٣٩، ١٤٠، ١٧٧
|
|
الجزاء ٢٣٦ ،
٤٥٥ ، ٧٩٤ ، ٧٩٥
|
، ١٧٩ ، ١٩٦ ،
٦٢٠ ، ٦٥٠ ، ٩٧١
|
|
الجزء ٤٩ ، ٦٤ ،
٦٥ ، ٧٠ ، ٧٣ ، ١٣١ ،
|
تكليف الجاهل
١٧٩
|
|
١٣٣ ، ١٣٤ ، ١٤٢
، ١٦٤ ، ١٨٩ ، ٢١٩ ،
|
التكليف اليقيني
٨٢٤ ، ٩٠٩
|
|
٢٩٣ ، ٤٩٤ ، ٤٩٥
، ٥٢٧ ، ٥٧٤ ، ٦١٣ ،
|
التكميلي ٤٦٨
|
|
٦٢٦ ، ٦٢٧ ، ٦٣٨
، ٦٣٩ ، ٦٦١ ، ٦٨٥ ،
|
التلازم ٩٩ ،
٢٤٦ ، ٤١٩ ، ٤٢٠ ، ٤٢١ ،
|
|
٦٨٧ ، ٦٩٧ ، ٧٠٨
، ٧٤٣ ، ٧٥٠ ، ٧٥١ ،
|
٤٢٢ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤
، ٥٧٤ ، ٧٤٥
|
|
٧٦٩ ، ٨٣٢
|
التمييز ١٨٥ ،
٣٤٥ ، ٤٣٧ ، ٧٣٣ ، ٧٩٧
|
|
الجعالة ٨٦ ،
٣٣٢ ، ٣٣٣
|
، ٨٦٨ ، ٩٤٠ ،
٩٤١ ، ٩٤٢ ، ٩٦٧
|
|
الجمع المحلّى
باللام ٩٨٢
|
الجمع المنكّر
٧٠١ ، ٧٠٧ ، ٧١١ ، ٧٢٠
|
|
حسنة ١٢٢ ، ٣٠٧
، ٣١٦ ، ٦٨٦ ، ٦٩٦
|
الجمع المنكّر
للعموم ٧٢٧
|
|
الحقائق
الخارجيّة ٤١
|
الجنس ٤٧ ، ٧٦ ،
١١٣ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ،
|
|
الحقائق
الشرعيّة ٥٩
|
٣٤١، ٤٣٨ ، ٤٣٩
، ٤٤٢ ، ٤٤٣ ، ٤٥٠
|
|
الحقائق
الكلّيّة ١٨٥
|
، ٤٧٢ ، ٤٧٤ ،
٤٧٦ـ ٤٧٨ ، ٤٨٠، ٥٤٨
|
|
حقوق الناس ٣٨٦
، ٣٩٦ ، ٧٤٠
|
، ٥٥٤، ٥٥٥ ،
٥٥٨ ، ٥٦٠، ٥٦٩، ٥٧١
|
|
الحقيقة
الشرعيّة ٥٦ ، ٥٧ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٠٣ ،
|
، ٥٧٢ ، ٦٢٠ ،
٦٤٢ ، ٦٧٢ ، ٧٠٧ ،
|
|
٦١٠ ، ٩٠٢ ، ٩٣٠
|
٧١٠ ، ٧١٢ ، ٧١٣
، ٧١٦ ، ٧١٧ ،٧١٩
|
|
الحقيقة
اللغويّة ٥٣ ، ٥٥ ، ٦٠٣ ، ٦٠٤ ، ٦٠٥
|
،٧٢٨ ،٧٦٣ ،٨٤٨
، ٨٥٦ ، ٨٦٩ ، ٩٨٢
|
|
، ٧٣٦
|
الحديث القدسي
٢٠٢ ، ٧٧١
|
|
الحقيقة
المتشرّعة ٥٥ ، ٥٧
|
الحرام الشرعي
١٠٢
|
|
حكم الأصل ٤٣٥ ،
٤٣٨ ، ٤٣٩ ، ٤٤٢ ،٤٧٨
|
الحرام العقلي
١٠٣
|
|
، ٤٩٢ ، ٥٠١ ،
٥٣٨ ـ ٥٤٨ ، ٥٥٤ ، ٥٥٨
|
الحرمة ٩٦ ، ١٠١
، ١٠٣ ، ١١٠ ، ١٢٩ ،
|
|
، ٥٦٢ ، ٥٦٨ ،
٥٧١ ، ٥٧٢ ، ٥٧٣ ، ٨٨٨ ،
|
١٣٨، ١٤٦ـ ١٤٩ ،
١٥٢ ، ١٥٤ ، ١٧٦ ،
|
|
٨٨٩ ، ٨٩٠ ، ٨٩٢
، ٩٨٨
|
٣١١، ٣٨٦ ، ٣٨٧
، ٣٨٩ ، ٣٩١ ، ٣٩٣
|
|
الحكم التكليفي
٦٩٠ ، ٩٨٣
|
،٣٩٤، ٤٢٤، ٤٢٨
، ٤٤٥ ، ٤٧٢ ، ٤٧٥
|
|
الحكم الشرعي٩٥
، ٩٦ ، ١١٠ ، ١١٨ ، ١٦٥ ،
|
،٥٣٣ ،٥٦٢ ،٦١٥
، ٦٥٧ ، ٦٥٨ ، ٦٨٩
|
|
١٨٠ ، ٢٥٧ ، ٣٧٧
، ٣٧٨ ، ٣٨٦ ، ٣٩٢ ،
|
، ٦٩٠ ، ٦٩٤ ـ ٦٩٦
، ٨٥٦ ، ٨٦٠ ،
|
|
٣٩٣ ، ٣٩٦ ، ٣٩٧
، ٤٠٠ ، ٤٠١ ، ٤٠٢ ،
|
٨٩١ ، ٩٣١ ، ٩٨٢
|
|
٤٠٤ ، ٤٠٥ ، ٤٠٧
، ٤٠٨ ، ٤١٤ ، ٤٨٣ ،
|
الحسن ١٢٣ ، ٢٥٦
، ٢٥٧ ، ٢٦٠ ، ٤٣٠
|
|
٥٣٧ ، ٨٧٣ ، ٨٩٠
، ٩٠٠ ، ٩٣٠
|
الحسن ٢٥٧ ، ٢٩٦
|
|
الحكم العقلي
١٦٥
|
الحسن والقبح ٩٩
، ١٠٢ ، ١٢٣ ، ١٣٨ ، ٨٧٥ ، ٨٧٧
|
|
حكم الفرع ٤٤٢ ،
٥٠٤ ، ٥٤٠ ، ٥٤١ ، ٥٤٣ ، ٥٤٧ ، ٥٧١ ، ٨٨٨ ، ٨٨٩
|
الحسن والقبح
الشرعيّين ١٠١ ، ١٠٢
|
|
الحكم المقيّد
٨٨٠
|
الحسن والقبح
العقليّين ١٠٠ ، ١٠١ ، ١٠٢ ، ٨٩٦
|
|
|
الحكم الوضعي ٩٥
، ١٠٥ ، ١١٠ ، ١١٦ ، ١٤٢ ، ١٧١ ، ٤٠٨
|
|
الخبريّة ٢١١
|
الحكمة ٣٣٨
|
|
الخصوص ٣٥ ، ١٤٦
، ١٥٥ ، ٣٢٤ ، ٤٢١ ،
|
الخاصّ المطلق
١٤٨
|
|
٦٨٧ ، ٦٩١ ، ٧٠٤
، ٧٠٥ ، ٧٠٨ ، ٧٤٤ ،
|
الخاصّ من وجه
٤٢٠ ، ٩٨٢
|
|
٧٤٧ ، ٧٥٠ ، ٧٥٢
، ٧٥٨ ، ٧٦٥ ، ٨١٣ ، ٨١٤ ، ٨١٩
|
الخاصّة ٥١ ، ٦٢
، ٢٠٥ ، ٢٦١ ، ٢٦٧ ،
|
|
الخطابات
العرفيّة ٩١١ ، ٩١٨
|
٢٨٠ ، ٣٤٠ ، ٣٤٣
، ٣٦٣ ، ٣٨٨ ،٤٣٠
|
|
الخطاب التخييري
٧٣٦
|
،٤٣٧ ، ٥٥٨، ٦٤٨
، ٦٥٣ ،٦٥٥ ، ٦٥٧
|
|
الخطاب التعليقي
٧٣٦
|
، ٦٦٢ ، ٦٦٧ ،
٦٦٨ ، ٦٦٩ ، ٧٣٢ ،
|
|
الدعاوي ٣٨٠ ،
٧٨٨
|
٩٠٨ ، ٩٨٨
|
|
دعاء الاستفتاح
٧٤٠
|
الخبر الخاصّ
٢٠٣
|
|
الدلائل
الكلاميّة ٩٦٠
|
الخبر الصحيح
٢٥٧ ، ٩٤٢
|
|
دلالة الإشارة
٨٥٢
|
الخبر الضعيف
٢٦١ ، ٢٦٩ ، ٢٧١
|
|
دلالة الاقتضاء
١٤١ ، ٨٥١ ، ٨٥٢
|
الخبر العقلي
٢٠٣
|
|
دلالة الإيماء
والتنبيه ٨٥٢
|
الخبر المتواتر
١٩٧ ، ٢١٦ ، ٢١٧ ، ٢٢٠ ، ٢٢١ ، ٨٠٦ ، ٨٠٩
|
|
دلالة التنبيه
والإيماء ٨٥٩
|
الخبر المجمل
٧٦٠
|
|
دلالة العرفيّة
٨٦٦
|
الخبر المركّب
٢٠٧
|
|
الدلالة العقليّة
٨٦٦ ، ٩٠٣
|
الخبر المشهور
٢٥٩
|
|
الدلالة
اللغويّة ٨٦٦
|
الخبر الواحد ـ خبر
الواحد ١٢٤ ، ٢٢٣ ،٢٢٤
|
|
الدليل المثبت
٩٨٨
|
، ٢٢٥ ، ٢٢٦ ،
٢٢٨ ، ٢٢٩ ، ٢٣٠ ،
|
|
الدور٩٠ ،٢٠٤ ،
٢٣١ ، ٣٣٩ ، ٣٤٦ ، ٤٨٣ ،
|
٢٣٢ ، ٢٣٣ ، ٢٣٤
، ٢٣٧ ، ٢٣٨ ،٢٣٩
|
|
٤٨٧ ، ٤٩٢ ، ٤٩٥
، ٥٠٥ ، ٥٣٨ ، ٧٥٤ ،
|
، ٢٤٠ ، ٢٤١ ،
٢٨١ ، ٣٥٨ ، ٣٦٦ ،
|
|
٩٢٥ ، ٩٢٦ ، ٩٢٧
، ٩٤٧ ، ٩٦٠ ، ٩٦٦
|
٣٦٧ ، ٣٧٧ ، ٥٥٠
، ٨٠٨ ، ٨٠٩ ،٨٨٠
|
|
الدوران ٤١ ، ٥٧
، ٤٢٤ ، ٤٤٥ ، ٤٨٢ ، ٤٨٣
|
، ٨٨٤ ، ٨٨٥ ،
٨٩٤ ، ٨٩٥ ،٩٠٢ ،
|
|
، ٤٨٥ ، ٤٨٧ ،
٤٨٨ ، ٤٨٩ ، ٩٨٩
|
٩٣٠ ، ٩٤١ ، ٩٤٢
، ٩٧٧
|
|
الرجعيّات ٨١٢ ،
٨١٤
|
الرخصة ١١٦ ،
١١٧ ، ٤١٨ ، ٤٢٦ ، ٨٣٨ ، ٩٠٦
|
|
الشاذّ والنادر
٢٧٥
|
رؤية الهلال ٢٨٨
، ٩٤٨
|
|
الشرط ٥٤ ، ١٠٥
، ١٠٦ ، ١٠٧ ، ١١٥ ،
|
سالبة جزئيّة
٧٢٣
|
|
١٣٥ ، ١٣٧ ، ١٣٨
، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ،
|
سالبة كلّيّة
٧٢٣
|
|
١٦٢ ، ١٦٧ ، ١٧٧
، ١٧٨ ، ٢٢١ ، ٢٢٧ ،
|
السبب ٣٥ ، ٦٤ ،
٦٥ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ،
|
|
٢٣٦ ، ٢٥٠ ، ٢٦٩
، ٢٨٠ ، ٤١٣ ، ٤٢٢ ،
|
١٠٧ ، ١٠٩ ، ١١١
، ١١٢ ، ١١٤ ،١١٥
|
|
٤٨٨ ، ٤٩٧ ، ٥٠٠
، ٥٠١ ، ٥٠٢ ، ٥٠٣ ،
|
، ١١٦ ، ١١٨ ،
١٢١ ، ١٢٢ ، ١٣٤ ،
|
|
٥٠٤ ، ٥٠٨ ، ٥١١
، ٥١٣ ، ٥٢٣ ، ٥٣٥ ،
|
١٣٥ ، ١٣٧ ، ١٣٨
، ١٤٢ ، ١٨٨ ،٢٠٧
|
|
٥٤٣ ، ٥٤٤ ، ٥٤٧
، ٥٤٨ ، ٦٢٦ ، ٦٢٧ ،
|
، ٢٢٨ ، ٢٣٥ ،
٢٥٧ ، ٢٦٠ ، ٢٦١ ،
|
|
٦٢٩ ، ٧٠٧ ، ٧١٤
، ٧٢٥ ، ٧٤٩ ، ٧٦١ ،
|
٢٧٧ ، ٢٨٢ ، ٢٨٣
، ٢٨٤ ، ٢٨٥ ،٢٩٠
|
|
٧٧٠ ، ٧٨٣ ، ٧٨٧
، ٧٩٣ ، ٧٩٤ ، ٧٩٥ ،
|
، ٣٩٣ ، ٣٩٤ ،
٤١٣ ، ٤١٤ ، ٤٨٨ ،
|
|
٧٩٦ ، ٧٩٧ ، ٨٣٢
، ٨٥٧ ، ٨٥٨ ، ٨٧٤ ،
|
٥٥١ ، ٥٥٢ ، ٥٥٩
، ٥٩٨ ، ٦٣٠ ،٦٦٥
|
|
٨٩١ ، ٨٩٤
|
، ٧٣٦ ، ٧٥٥ ،
٧٥٦ ، ٧٥٧ ، ٧٧١ ،
|
|
الشرط الشرعي
١٣٥ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ،
|
٧٩٤ ، ٨٢٣ ، ٨٥٨
، ٩٠٧ ، ٩٣٩ ،٩٤٩
|
|
١٦٦ ، ١٦٧ ، ٦٢٧
|
، ٩٧٣ ، ٩٨٤
|
|
الشرط العقلي
١٣٥ ، ١٤٢ ، ١٤٤
|
السبب الشرعي
١٣٥
|
|
الشرط اللغوي
٧٩٤
|
السبب العقلي
١٣٥
|
|
الشرطيّة
الشرعيّة ١٤٤
|
السلب الكلّي
٣٧١
|
|
الشرطيّة
العقليّة ١٤٤
|
السلب والإيجاب
الجزئيّين ٣٧١
|
|
الشرعيّات ٣٠٦ ،
٣٣١ ، ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، ٣٤٨ ،
|
السمنيّة ٢١٦
|
|
٤٢٥ ، ٤٣٢ ، ٦١٦
، ٦١٧ ، ٦٦٠ ، ٧٢٢ ،
|
السنّة ٣٤ ، ٦٦
، ٩٧ ، ١٦٣ ، ١٨١ ،١٩٨
|
|
٨٩٩ ، ٩٥١
|
، ٢٠١ ، ٢٠٢ ،
٢٦٤ ، ٢٦٧ ، ٢٩٨ ،
|
|
الشواهد
العرفيّة ٩٠٨
|
٣٠٥، ٣٤٢ ، ٣٦٣
، ٣٦٧ ، ٤١٠، ٤١٨،
|
|
الشهرة ١٩٠ ،
٣٥١ ، ٣٨٠ ، ٣٨١ ، ٧٠٥ ،
|
٤٢٩، ٤٦٥ ، ٥٦١
، ٦٣٩ ، ٨٠٦ ، ٨٢١
|
|
٩٢٣ ، ٩٧٨ ، ٩٨٥
، ٩٨٧
|
، ٨٧٦ ، ٨٨٦ ،
٨٨٧ ، ٩٠١ ، ٩١٧ ،
|
|
الصحّة السببيّة
٦٨٦ ، ٦٩٠ ، ٦٩٤ ، ٦٩٥
|
٩١٩، ٩٣٠ ، ٩٣١
، ٩٣٧ ، ٩٥٨ ، ٩٦٨
|
|
الصحّة
العباديّة ٦٨٦
|
، ٩٨٥ ، ٩٨٦ ،
٩٨٧
|
|
الصحيح ٣٠ ، ٣٣
، ٨٢ ، ٨٨ ، ٩٦ ، ١٠٣ ،
|
السنّة
المتواترة ٩٦ ، ٨٨٤ ، ٩٧٦
|
|
١٠٧ ،
|
١٢٥ ، ١٣١ ،
١٣٦ ، ١٤٢ ، ١٥٠ ،١٥٣
|
|
الضروري ٢١٩ ،
٤٦٨
|
، ٢٠٠ ، ٢٠٢ ،
٢٠٥ ، ٢٣٣ ، ٢٤٨ ،
|
|
الضعفاء ٢٥٩ ،
٢٧١ ، ٩٤٠
|
٢٥٥ ،٢٥٦ ، ٢٥٧،
٢٦١ ، ٢٦٢، ٢٦٥ ،
|
|
الضمائر ٧٢٢ ،
٧٩٢
|
٢٧٤، ٢٩٦ ، ٣٠٦
، ٥٠٩ ، ٥٤٦ ، ٥٩٨
|
|
الضمان ١٠٦ ،
١١٠ ، ١٢٣ ، ١٧٦ ، ٣٣٣ ،
|
٥٥٠، ٥٥٧ ،٥٥٩
،٥٦٦ ، ٥٦٨ ، ، ٥٩٩
|
|
٣٨٠ ، ٤٣٨ ، ٤٦٨
، ٧٣١ ، ٨٣٤
|
، ٦٠٠ ، ٦٠٣ ،
٦١٣ ، ٦٢١ ، ٦٣٤ ،
|
|
الضمير ٣٩ ، ٩٤
، ١٨٣ ، ٢٣٢ ، ٢٣٤ ، ٥٣٤
|
٦٣٤ ، ٧٠٩ ، ٧٢٠
، ٧٥٣ ، ٧٦٧ ،٧٧٥
|
|
، ٧٤٧ ، ٧٦٨ ،
٧٩١ ، ٨١٢ ، ٨١٣ ، ٨٣٠
|
، ٧٧٦ ، ٧٩٨ ،
٨٤٨ ، ٩٠٦ ، ٩٢٧ ،
|
|
الطبيعة المرسلة
٧١٥
|
٩٣٩ ، ٩٥٩ ، ٩٧٦
،
|
|
الطلاق الرجعي
١١٤
|
صحيحة١٠٣ ، ١٠٨
، ١٢٤ ، ١٨٥ ،٢٤٨
|
|
الطلب ١٤١ ، ٢٠٦
، ٢٠٧ ، ٢٣٢ ، ٥٩٦ ،
|
، ٢٥٦ ، ٢٩١ ،
٢٩٧ ، ٢٩٩ ، ٣٠٣ ،
|
|
٥٩٧ ، ٥٩٨ ، ٥٩٩
، ٦٠٠ ، ٦٠٢ ، ٦٠٣ ،
|
٣٦٢ ، ٤١١ ، ٤٥٢
، ٦٦٤ ، ٦٩١ ،٧٣٠
|
|
٦٠٥ ، ٦١١ ، ٦١٢
، ٦١٣ ، ٦١٦ ، ٦١٩ ،
|
، ٧٧٨ ، ٧٧٩ ،
٨٣٢ ، ٩١٧ ، ٩٣٣ ،
|
|
٦٢١ ، ٦٢٢ ، ٦٢٣
، ٦٣٣ ، ٦٤٤ ، ٦٥٣ ،
|
٩٣٥ ، ٩٧٠ ، ٩٧١
|
|
٦٦٦ ، ٦٨١ ، ٧٦٠
، ٩٥٥ ، ٩٧١
|
صلاة الاحتياط
١٥٨
|
|
الظرفيّة
المجازيّة ٨٩ ، ٩٠
|
صلاة الجمعة ٩١
، ١٢٨ ، ٦٨٨
|
|
الظنّ الشرعي
١٢٤ ، ٦٩٥
|
صلاة العيدين ٩١
|
|
الظنون
الاجتهاديّة ٣٣ ، ٤٢٨ ، ٩١٨ ، ٩٨٦
|
الصلاة اليوميّة
١١٣ ، ٦٦٤
|
|
الظواهر ١٣٣ ،
١٥٣ ، ١٦٠ ، ١٩٥ ، ١٩٦ ،
|
الصلوات الخمس
١٤٤
|
|
١٩٨ ، ١٩٩ ، ٨٦٣
، ٩٥١
|
الصلوات النهاريّة
٦٨٧
|
|
العاديّة ١٢١ ،
٢٠٢ ، ٣٥٤ ، ٦٣١
|
الصوم المستحبّ
١٥٨
|
|
عالي السند ٢٧٤
، ٩٨٠
|
صوم يوم الشكّ
١٥٨
|
|
عالي المنصب ٩٧٩
|
الضدّ ٨٠ ، ٨٣ ،
٩٧ ، ١٦٩ ، ٦٤٥ ،
|
|
العامّ الاصولي
٧٥١ ، ٧٥٢
|
٦٤٧ ، ٦٤٨ ، ٦٥١
، ٦٥٢ ، ٦٥٣ ،
|
|
العامّ المخصّص
٧٤٨ ، ٧٤٩ ، ٧٥٠ ، ٧٥٣ ،
|
٦٥٤ ، ٦٥٥ ، ٦٥٦
، ٦٥٧ ، ٦٥٨ ،
|
|
٨١٦
|
٦٥٩ ، ٦٦٠ ، ٦٦٢
، ٦٦٣ ، ٦٦٤ ،
|
|
العامّ المخصوص
٥٠٧ ، ٧٤٧ ، ٧٤٨ ، ٨٢٥ ،
|
٦٦٦ ، ٦٦٧ ، ٦٦٨
، ٦٦٩ ، ٦٧٠
|
|
٨٤٢ ، ٨٤٣ ، ٩٠٢
، ٩١٦
|
الضدّين ٣٧ ،
٦٢١ ، ٦٤٦ ، ٦٤٧ ، ٦٥٩ ، ٧٩١
|
|
|
العامّ المطلق
١٤٨
|
|
العرف الشرعي
٧٦١ ، ٨٠٠
|
العامّ من وجه
١٤٨ ، ٤٢٠ ، ٩٨٢
|
|
العرف العامّ ٣٠
، ٦٢ ، ٦٣
|
العبادة ١١٢ ،
١٤٨ ،١٥٤، ١٥٩ ، ١٦٠ ،
|
|
العرفيّة ٢٩ ،
٥١ ، ٥٦ ، ٥٩ ، ٦١ ، ٦٢ ، ٦٤
|
١٦١ ، ١٦٢ ، ١٦٥
، ١٦٨ ، ٢١٧ ،
|
|
، ٦٧ ، ٨١ ، ٥٣٧
، ٦٠٣ ، ٦١٧ ، ٦٣٠ ،
|
٢٩١ ، ٣١٣ ، ٣١٥
، ٣٢٥ ، ٣٣٢ ،
|
|
٦٣١ ، ٩٠٧ ، ٩١١
، ٩١٧ ، ٩٢٨ ، ٩٨٠
|
٣٩٧ ، ٥٣٩ ، ٥٤٠
، ٥٤٧ ، ٦٨٦ ،
|
|
العرفيّة
الخاصّة ٥١
|
٦٩٠ ، ٦٩١ ، ٦٩٢
، ٦٩٣ ، ٨٩٠ ،
|
|
العرفيّة
العامّة ٥١ ، ٦٢
|
٨٩٤ ، ٨٩٥ ، ٩٧١
، ٩٧٢
|
|
العزيمة ١١٦ ،
١١٧
|
العدالة ١٢٤ ،
٢٤٥ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ،
|
|
العقلي ٦١ ، ١٠٢
، ١٠٣ ، ١٠٦ ، ١٤١ ،
|
٢٤٨ ، ٢٤٩ ، ٢٥٠
، ٢٥١ ، ٢٥٢ ،
|
|
١٤٢ ، ١٧٣ ، ٣٣٧
، ٣٤٥ ، ٥٤١ ، ٦١٦ ،
|
٢٦٠ ، ٢٦١ ، ٢٧٢
، ٢٧٩ ، ٢٨١ ،
|
|
٦١٧ ، ٦٤٢ ، ٦٤٧
، ٦٦٢ ، ٦٩٤
|
٢٨٢ ، ٢٨٣ ، ٢٨٤
، ٢٨٥ ، ٢٨٦ ،
|
|
العقليّات ٢٢١ ،
٥٤٢ ، ٥٥٧ ، ٨٩٩ ، ٩٥٠ ،
|
٢٩٦ ، ٣٤١ ، ٤١٧
، ٤٦٩ ، ٧٢٥ ،
|
|
٩٥٨
|
٩٤١ ، ٩٤٢ ، ٩٦١
، ٩٦٢ ، ٩٦٣ ،
|
|
العقليّة ٣٢ ،
١٠١ ، ١٠٣ ، ١١١ ، ١٢١ ،
|
٩٧٠ ، ٩٧١ ، ٩٧٧
|
|
١٦٣ ، ١٨١ ، ٢٠٦
، ٢١٢ ، ٢٤١ ، ٣٤٠ ،
|
عدّة النساء ٣٥٣
|
|
٣٤٥ ، ٣٨٣ ، ٣٨٦
، ٤١٠ ، ٤١١ ، ٤١٩ ،
|
العرايا ٨٤١
|
|
٤٣٤ ، ٤٥٦ ، ٤٨٤
، ٤٨٦ ، ٥١٢ ، ٥١٥ ،
|
العرض الذاتي ٣٤
، ٢٠٥
|
|
٥٣٦ ، ٥٤٢ ، ٥٤٣
، ٨٥١ ، ٩٠١ ، ٩٠٢ ،
|
العرف٤٢ ، ٥١،
٦٢ ، ٦٣ ، ٦٦ ، ٨١ ،
|
|
٩٠٨ ، ٩١٠ ، ٩٢٣
، ٩٣٦ ، ٩٥٩ ، ٩٧٦
|
٨٦، ٩٣ ،١٣٠ ،
١٣٩ ، ١٤٨ ، ١٦٩ ، ٢٠٨ ، ٢٣٣ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٨ ،٢٦٦ ، ٣٠٨ ، ٣١٢ ، ٣٩٢ ، ٤١٥ ،
|
|
العقود ٤٠ ، ٤٤
، ٥٨ ، ٨٥ ، ١٠٩ ، ١١٠ ، ١٦٢ ، ٢١٠ ، ٢١١ ، ٢١٢ ، ٣٨٠ ، ٤٦٨ ،٤٩٣ ، ٦٨٦ ، ٦٩٦ ،
٧٧٥
|
٤١٧ ، ٤٤١ ، ٤٥٥
، ٥٠١ ، ٥١٥ ،
|
|
العقود الجائزة
٨٦
|
٦٠٣ ، ٦٠٤ ، ٦١٧
، ٦٢٤ ، ٦٢٧ ،
|
|
العقود المؤجّلة
٩٣
|
٦٢٨ ، ٦٣١ ، ٦٦٣
، ٦٧٦ ، ٦٩٥ ،
|
|
العلاقة ٤٩ ، ٥٥
، ٥٩ ، ٧٠ ، ٧٢ ، ٧٤ ،٧٥٠
|
٧٢٧ ، ٧٢٩ ، ٧٣٦
، ٧٤٢ ، ٧٧١ ،
|
|
، ٧٥١ ، ٧٥٢ ،
٩٨١
|
٧٩٥ ، ٧٩٦ ، ٨٠٠
، ٨٠٤ ، ٨٣١ ،
|
|
|
٨٣٣ ، ٨٤٧ ، ٨٥٣
، ٨٦٣ ، ٩٣٠ ،
|
|
|
٩٥٧ ، ٩٨١
|
|
|
العرف
الاستعمالي ٧٦١ ، ٧٩٩
|
|
|
العرف الخاصّ ٦٢
، ٦٣
|
|
|
علاقة الجزء
والكلّ ٤٩
|
|
العهد الخارجي
٧١٢ ، ٧١٦ ، ٧١٧ ، ٧١٨
|
العلل
الإيمائيّة ٤٦٤
|
|
العهد الذهني
٧١٢ ، ٧١٦ ، ٧١٧
|
العلل الشرعيّة
١١١ ، ٤٤٧ ، ٤٥٦ ، ٥١٥ ، ٥١٨
|
|
الغريب ٢٧٥ ،
٤٧٤ ، ٤٧٥ ، ٤٧٨ ، ٤٧٩
|
العلل العقليّة
١١١ ، ٤٥٦ ، ٤٨٤ ، ٥١٢ ، ٥١٥
|
|
الفاء الجزائيّة
٨٦
|
العلم الإجمالي
٧٨٥
|
|
الفاء العاطفة
٨٥
|
علم الاصول ٢٥ ،
٢٩ ، ٣٤ ، ٣٦ ، ٩٠٢ ، ٩١٧ ، ٩٢٠
|
|
الفساد السببي
٦٨٦ ، ٦٨٩ ، ٦٩٠ ، ٦٩٤ ، ٦٩٥
|
علم البديع ٩٤٦
|
|
الفعل المجمل
٨٢٩
|
علم الحساب ٩٤٧
|
|
الفور ٦٣١ ، ٦٣٢
، ٦٣٣ ، ٦٣٦ ، ٦٣٧ ، ٦٣٨ ، ٦٣٩ ، ٦٤٠ ، ٦٤٣ ، ٦٤٤ ، ٦٤٥ ، ٦٨٢ ، ٨٤٥ ، ٩٠٢ ، ٩١٦
، ٩٣٠
|
العلم الحصولي
٢٠٤
|
|
قاعدة عدم نقض
اليقين بالشكّ ٩٣٠
|
العلم الحضوري
٢٠٣
|
|
قاعدة النفي
والإثبات ٧٨١
|
علم الصرف ٣٣٨
|
|
القرائن
الحاليّة ٥٨ ، ١١٤ ، ٨٧١
|
علم المعاني ٩٤٦
|
|
القرائن
الخارجيّة ٨٤ ، ٩٣ ، ٢٤١ ، ٢٤٥ ، ٦١٢
|
العلّة التامّة
١٣٥ ، ٣٥٦ ، ٤٠٦ ، ٦٦٥
|
|
القرائن
المقاليّة ١١٤
|
العلّة الشرعيّة
٧٤٥
|
|
القراءات السبع
١٨٩ ، ١٩٠ ، ١٩٢
|
العلّة المنصوصة
٤٥٦ ، ٥٠٠ ، ٥٢٢ ، ٧٤٥
|
|
القضايا
الفعليّة ٨٢
|
العموم
الاستغراقي ٧١٥
|
|
القواعد
العربيّة ١٩٢
|
العموم البدلي
٧١٥
|
|
القياس ٣٢ ، ٣٥
، ٤٠ ، ١٠٠ ، ١٥٤ ، ١٨١ ،
|
العموم الزماني
٧١١
|
|
٢٣٨ ، ٢٨٠ ، ٣٥١
، ٣٧١ ، ٣٧٥ ، ٤١٩ ،
|
العموم والخصوص
مطلقا ١٥٥ ، ٣٢٤ ، ٦٨٧
|
|
٤٢٥ ، ٤٣٠ ، ٤٣١
، ٤٣٤ ـ ٤٣٨ ، ٤٤٠ ـ
|
العموم والخصوص
من وجه ١٥٥ ، ٣٢٤
|
|
٤٤٥ ، ٤٤٨ ، ٤٥٣
ـ ٤٥٦ ، ٤٥٨ ـ ٤٦٥ ،
|
العوارض
الذاتيّة ٣٤ ، ٣٥
|
|
٤٧٨ ، ٤٨٠ ، ٤٨١
، ٤٨٣ ، ٤٨٥ ، ٤٨٨ ،
|
العهد ١٦١ ، ١٦٢
، ٢٤٠ ، ٢٥١ ، ٦٠٧ ، ٦٧٤ ، ٦٧٨ ، ٧١٣ ، ٧١٦ ، ٧١٧ ، ٧١٩ ، ٨٢٤ ، ٨٦٩
|
|
٤٩٠ ، ٤٩١ ، ٤٩٦
، ٥٠٣ ـ ٥٠٥ ، ٥٣٧ ـ ٥٤٤ ، ٥٤٦ ـ ٥٥٨ ، ٥٦٠ ، ٥٦١ ، ٥٦٦ ،
|
٥٦٩، ٥٧٢ ،
٥٧٣ ، ٦٢٦ ، ٧٠١ ، ٧٨٦
|
|
المباحث
الفقهيّة ٣١ ، ٩٤٥
|
،٧٩٨ ، ٧٩٩، ٨١٠
، ٨٢٦ ، ٨٥٢ ـ ٨٥٤
|
|
مباحث الهيئة
٩٤٧
|
، ٨٦٢ ، ٨٨٨ ،
٩٠٠ ، ٩٠٨ ، ٩٣٠ ، ٩٧٧ ، ٩٨٨
|
|
المبادئ ٢٩ ، ٣٦
، ٩٤٣
|
القياس
الاستثنائي ٩٠١
|
|
المبادئ الأحكاميّة
٣٦ ، ٩٥ ، ٩٩ ، ١٦٦
|
قياس اقتراني
٤٣٥
|
|
المبادئ
التصديقيّة ٣٦
|
القياس الفقهي
٤٣٥
|
|
المبادئ
التصوّريّة ٣٦
|
القياس المعتبر
٩٧٦
|
|
المبادئ
اللغويّة ٣٦ ، ٣٧ ، ٩٤٦
|
القياس المنطقي
٤٣٥
|
|
مباين ١٩٥ ، ٢٦٨
، ٢٦٩
|
الكتابة ٣٠٠ ،
٣٠٤ ، ٦١٨ ، ٨٣٨ ، ٩١٥
|
|
المبهمات ٧٨٥
|
الكراهة ٩٧ ،
١١٤ ، ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٥٤ ، ١٦٣ ، ٣١١ ، ٣٨٦ ، ٦١٥ ،٦١٦،
|
|
المبيّن ٣٥ ،
١٨٦ ، ٣١٢ ، ٧٥٣ ، ٧٩٨ ، ٨٠٦ ، ٨٢٩ ، ٨٣٧ ، ٨٤٠ ، ٨٧٩ ، ٩٦٧
|
٦٤٨ ، ٦٥٥ ، ٦٥٧
، ٦٦٧ ، ٦٦٨ ، ٦٦٩ ، ٦٨٠ ، ٨٦٠ ، ٩٧٥ ، ٩٨٣
|
|
متباينين ٦٩٣ ،
٩٧٥
|
الكفائي ٩٦ ،
١٢٣ ، ١٢٥
|
|
المتجزّئ ٩٢١ ،
٩٢٣ ، ٩٢٤ ، ٩٢٥ ، ٩٢٦ ، ٩٢٧
|
الكفّارات٥٤٤
،٥٤٩ ،٥٥٠ ، ٥٥٧ ، ٦٤٠
|
|
المترادف ٤٣
|
الكفّارة ٩٤ ،
١١٢ ، ١٢٥ ، ١٢٨ ، ١٧٨ ، ٤٠٧ ، ٤٤٢ ، ٥٤٩ ، ٧٠٤
|
|
المتشابه ١٩٥ ،
١٩٧ ، ١٩٨ ، ٢٠٠ ، ٢٠١ ، ٢٩٢ ، ٩١٩ ، ٩٣٠
|
كفّارة الظهار
٨٢٦ ، ٨٢٧
|
|
المتشابهات ١٩٥
، ١٩٦ ، ٢١٥ ، ٩٦٨
|
كفّارة اليمين
١٩٢
|
|
المتّصل ٢٦٦ ،
٢٦٧ ، ٢٦٨ ، ٢٦٩ ، ٧٦٢ ، ٧٦٣
|
المأوّل ١٩٥
|
|
المتضايفين ٤٨٨
، ٤٨٩ ، ٤٩٦ ، ٧٥٤
|
المباح ١١٩ ،
١٢٠ ، ١٢١ ، ١٢٢ ، ١٢٣ ،
|
|
المتعارضان ٢١٨
، ٨١٦ ، ٩١٦ ، ٩٣٨ ، ٩٣٩ ، ٩٤٠ ، ٩٨٤ ، ٩٨٧ ، ٩٨٨
|
١٢٩ ، ١٥٣ ، ٢٣٣
، ٢٤٦ ، ٣٠٨ ،
|
|
المتقابلات ٦٩٢
|
٣١٦، ٤٢٤ ، ٦٥٥
، ٦٥٨ ، ٦٥٩ ، ٦٦٥
|
|
متلازمتين ١٤٦ ،
٦٨٧ ، ٧٥٤
|
، ٦٦٦ ، ٦٦٧ ،
٦٦٩ ، ٦٧٠ ، ٨٧٣
|
|
متماثلتين ٥٢١
|
المباحث
الشرعيّة ٢٥
|
|
المتناقضات ٦٩٢
|
المتناقضين ٢٢٤
|
|
المجمل الشرعي
٨٣٥
|
المتواتر ٩٦ ،
١٨٨ ، ١٨٩ ، ١٩٧ ، ٢١٥ ،
|
|
المحرّمات
العقليّة ١٠٣
|
٢١٦ ، ٢١٧ ، ٢١٨
، ٢٢٠ ، ٢٢١ ،٢٢٣ ، ٣٠٥ ، ٣٥٠ ، ٨٠٦ ، ٨٠٧ ، ٨٠٨ ،
|
|
المحكم ٣٥ ، ١٩٥
، ١٩٨ ، ٢٠١ ، ٢٩٢ ، ٩٣٠
|
٨٨٥ ، ٨٨٦ ، ٨٩٦
، ٩٣٨
|
|
المحكمات ١٩٥
|
المجاز ٣٩ ، ٤٢
، ٥١ ، ٥٢ ، ٥٣ ، ٥٤ ،
|
|
المخصّص ٧٤ ، ٧٦
، ٧٧ ، ١٧٦ ، ٢٣٥ ـ ٢٣٧
|
٥٥ ، ٥٦ ، ٥٧ ،
٥٨ ، ٥٩ ، ٦٠ ، ٦١ ،
|
|
، ٢٤٥ ، ٣١٨ ،
٣٢٤ ، ٤٠٣ ، ٤٩٧ ، ٥٠٧ ،
|
٦٤ ، ٦٥ ، ٦٦ ،
٦٧ ، ٦٨ ، ٦٩ ، ٧٠ ،
|
|
٥٥٦ ، ٧٠٤ ، ٧٠٥
، ٧٤١ ، ٧٤٧ ـ ٧٥٠ ،
|
٧١ ، ٧٢ ، ٧٣ ،
٧٤ ، ٧٥ ، ٧٦ ، ٧٩ ،
|
|
٧٥٣ ، ٧٥٨ ـ ٧٦٠
، ٧٦١ ، ٧٨٩ ، ٧٩٨ ،
|
٨٢ ، ٨٤ ، ٩٠ ،
٩١ ، ٩٤ ، ١٧٢ ، ٢٠٧
|
|
٨٠٢ ـ ٨٠٤ ، ٨٠٨
، ٨١٦ ، ٨١٧ ، ٨٣٤ ،
|
،٣٠٠ ،٣٠١ ، ٣٧٨
، ٥٩٤ ، ٥٩٥ ،٦٠٤
|
|
٨٤٣ ، ٨٤٥ ، ٨٤٦
، ٩٠٢ ، ٩١٠ ـ ٩١٢ ، ٩١٨ ، ٩٢١ ، ٩٨٢
|
، ٦١٠ ، ٦١٢ ،
٦٢٠ ، ٦٢٢ ، ٦٢٨ ،
|
|
المخصّصات
المتّصلة ٧٩٤ ، ٧٩٦
|
٦٨٢، ٦٩٩ ، ٧١٧
، ٧٣٠ ، ٧٣٤ ، ٧٣٦
|
|
المخصّصات
المنفصلة ٧٩٨
|
، ٧٤٧ ، ٧٦٠ ،
٧٦٢ ، ٧٦٣ ، ٧٧٦ ،
|
|
المداينة ١٨٦
|
٧٨٣ ، ٨١٢ ، ٨١٣
، ٨٢٥ ، ٨٣٢ ،٨٣٣
|
|
المدبّج ٢٧٨
|
،٨٧٢ ،٨٨٣ ،٩٠٢
، ٩٤٦ ، ٩٨٠ ، ٩٨١
|
|
المدرج ٢٧٦
|
المجاز الراجح
٥١ ، ٥٢ ، ٥٧ ، ٧١
|
|
مدلّسا ٢٦٩ ،
٢٨٣ ، ٩٧٩
|
المجاز العقلي
٦١
|
|
المراسيل ٢٥٩ ،
٢٧٠ ـ ٢٧٢ ، ٩٧٩
|
مجاز المشارفة
٧٣٥
|
|
المرتدّ ٨٧ ،
١٦٧ ، ١٧٦ ، ٣٥٣ ، ٤٩٨ ، ٤٩٩ ، ٥٢٩ ، ٥٦٥ ، ٥٦٧
|
المجازي ٣٩ ، ٥٣
، ٥٥ ، ٦٠ ، ٦٧ ، ٦٩ ، ٧٠ ، ٧١ ، ٧٢ ، ٦٣٨ ، ٦٩٩ ، ٧٣٦ ، ٧٣٧
|
|
المرتدّ الملّي
٨٧
|
المجتهد المطلق
٩٢١ ، ٩٢٢ ، ٩٢٣ ، ٩٢٤ ، ٩٢٦ ، ٩٢٧
|
|
المرتدّة ١٧٦ ،
٣٥٣ ، ٥٦٧ ، ٨١٠
|
المجمل ٣٥ ، ٤٥
، ٤٦ ، ٦٥ ، ٨٥ ، ١٩٥ ، ٢٠٠ ، ٢٠١ ، ٢٥٥ ، ٢٩٣ ، ٣١٢ ،
|
|
المرسل ١٨٧ ،
٢٦٩ ، ٢٧٠ ، ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، ٤٧٥ ، ٤٧٦ ، ٤٧٧ ، ٤٧٩ ، ٧٣٧ ، ٩٨٠
|
٣٤٣ ، ٣٦٦ ، ٧٣١
، ٧٥٥ ، ٨٢٩ ، ٨٣٠ ، ٨٣٣ ، ٨٣٥ ـ ٨٤٠ ، ٨٤٢ ، ٨٤٣ ، ٨٤٤ ، ٩٠١ ، ٩٧١
|
|
المرفوع ٢٦٦ ،
٢٦٧ ، ٢٦٨ ، ٢٦٩ ، ٧٣٢
|
المركّب ٢٩ ،٣٥
، ٤٠ ، ٧٠ ، ١٤١ ، ١٦٤
|
|
المستنبط العلّة
٤٤٠ ، ٤٦١ ، ٨٨٨
|
، ٣٦٩ ، ٣٧٠ ،
٤٤٥ ، ٤٨٨ ، ٤٩٠ ،
|
|
المسلسل ٢٧٤ ،
٢٧٥
|
٥٩٨ ، ٦٤٢ ، ٧٤٨
، ٧٦٦ ، ٧٦٧
|
|
المسند ٢٦٦ ،
٢٦٧ ، ٢٦٩ ، ٧٦٥ ، ٩٨٠
|
المركّبات
الناقصة ٢٠٨
|
|
المسند المعنعن
٩٨٠
|
المركّب الإضافي
٢٠٨
|
|
المشابهة ٦٤ ،
٤٨١ ، ٦١٤ ، ٧٥٠ ، ٧٥١
|
المركّب المجمل
٨٣٠
|
|
المشترك٤٤ ،٤٥ ،
٤٦ ، ٤٧ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٥٢ ،
|
المرّة ٦١٨ ،
٦٢٤ ، ٩٣٠
|
|
٥٣ ، ١٠٢ ، ١١١
، ١١٢ ، ١٢٦ ، ٢٢٣ ،
|
المزابنة ٨٤١
|
|
٢٣١ ، ٣١١ ، ٣٤٣
، ٣٧٨ ، ٤٥٤ ، ٥٤٨ ،
|
المسائل
الاجتهاديّة ٢٩١ ، ٣٢٥ ، ٩٥٧
|
|
٥٩٣ ، ٥٩٥ ، ٦٠٢
، ٦٠٥ ، ٦١١ ، ٦١٢ ،
|
المسائل الاصوليّة
٩٠٨ ، ٩٢٠ ، ٩٣٢
|
|
٦١٣ ، ٦١٧ ، ٦١٩
، ٦٢٠ ، ٦٢٢ ، ٦٣٨ ،
|
المسائل
الخلافيّة ٣٦٢ ، ٣٦٣ ، ٩٠١
|
|
٦٧٤ ، ٦٨٠ ، ٦٨٢
، ٦٩٩ ، ٧٢٠ ، ٧٢١ ، ٧٢٧ ، ٧٣٩ ، ٧٦٣ ، ٧٨٢ ، ٨٢٩ ، ٨٣٣ ، ٨٣٤ ، ٨٣٦ ، ٨٦٧ ، ٩٨١
|
مسائل الطبّ ٩٤٧
|
|
المشتقّ ٧٧ ، ٧٨
، ٧٩ ، ٨٠ ، ٢٠٥ ، ٧٨٦ ، ٨٥٦
|
مسائل علم
الاصول ٣٥
|
|
المصالح
المرسلة٤٣١ ،٤٧١ ، ٤٧٧ ، ٤٧٨ ، ٩١٩
|
المسائل
الفرعيّة ٢٥
|
|
المصحّف١٨٤ ،١٩٣
،٢٦٣ ،٢٧٧ ،٥٢٢، ٦١٥
|
المسائل
الفقهيّة ٢٥
|
|
المصوّبة ٥١٢ ،
٩٥٣
|
مسائل الهندسة
٩٤٧
|
|
المضطرب ٢٧٦
|
المسبّب ٦٤ ، ٦٥
، ١٠٩ ، ١١٢ ، ١١٨ ، ١٤٢ ، ٨٥٨
|
|
المضمر ٢٧٨
|
المسبّبات ١١٢
|
|
المطابقة ٢٠٤ ،
٢٠٥ ، ٢١٢ ، ٢١٤ ، ٤٧٤ ،
|
المستحبّ ٧٧ ،
٩٩ ، ١٠٢ ، ١٠٣ ، ١٢٣
|
|
٥٩٨ ، ٦٩٤ ، ٧١٥
، ٨١٢ ، ٨١٣ ، ٨٦٣
|
، ١٤٥ ، ١٥٧ ،
١٥٨ ، ١٥٩ ، ٢٠٢ ،
|
|
المطلق٣٥ ، ٨٢ ،
١٠٨ ، ١٣٦ ، ١٣٨ ، ١٤٨ ،
|
٢٦١ ، ٢٦٢ ، ٣٠٨
|
|
١٥١ ، ١٧٨ ، ٤٩٧
، ٥٣٥ ، ٦١٨ ، ٦٢٧ ،
|
المستحبّات ١٢٥
، ١٥٥ ، ٦٥٢
|
|
٦٣٣ ، ٦٤٢ ، ٦٤٣
، ٦٤٤ ، ٦٤٥ ، ٦٤٦ ،
|
المستفتي ٣٢٦ ،
٩٥٧ ، ٩٦٢
|
|
٦٥٢ ، ٦٧٣ ،
|
المستفتي فيه
٩٥٧
|
|
المستنبط العلّة
٤٤٠ ، ٤٦١ ، ٨٨٨
|
٦٨٦، ٦٩٨ ،
٧٠١ ، ٧٠٢ ، ٧٢٦ ، ٧٤٧
|
|
المعتبر ٧٠ ، ٧٨
، ٨١ ، ٢٥٧ ، ٢٥٩ ، ٢٦١ ،
|
، ٧٥٣ ، ٨٢٢ ،
٨٢٣ ، ٨٢٤ ، ٨٢٥ ،
|
|
٢٨٢ ، ٣٣٦ ، ٣٣٩
، ٣٦٣ ، ٣٨٢ ، ٤٠٥ ،
|
٨٢٦ ، ٨٢٧ ، ٨٢٨
، ٨٣٩ ، ٨٤٠ ،٨٤٢
|
|
٤٣٢ ، ٤٥١ ، ٤٧٦
، ٤٧٧ ، ٤٧٨ ، ٤٧٩ ،
|
، ٨٤٤ ، ٨٤٧ ،
٩١٠ ، ٩٢١ ، ٩٢٢ ،
|
|
٥٢٤ ، ٥٤٦ ، ٥٦٧
، ٦٤١ ، ٧١٩ ، ٧٨٤ ،
|
٩٢٤ ، ٩٢٩ ، ٩٧٥
، ٩٨٢
|
|
٧٨٥، ٨٢٠، ٨٥٣،
٨٥٤، ٩٠٩، ٩٢٤ ، ٩٤٢
|
المطلقة ٤٥ ، ٤٦
، ٨٢ ، ٩٠ ، ١٣٠ ، ١٣٨ ، ٣٠١ ، ٤٠٦ ، ٤١٦ ، ٤٢٤ ، ٦٢٠ ، ٦٢٤ ، ٦٩٤ ، ٧١٧ ، ٨٢١ ،
٨٧٩ ، ٩٦١
|
|
المعتبرة ٤٩ ،
٥٩ ، ٦٠ ، ٦٤ ، ٧٠ ، ١٣٦ ، ٢١٩ ، ٢٢٥ ، ٢٤١ ، ٢٨٦ ، ٤٢٩ ، ٤٣٠ ، ٤٣١ ، ٤٣٣ ، ٤٣٨
، ٤٦٥ ، ٤٧٨ ، ٧٤٣ ، ٧٥٠ ، ٧٦٠ ، ٨٨٩ ، ٩٢٩
|
المطلقة الموجبة
٨٢
|
|
المعقولات
الذهنيّة ٧٠٣
|
المعارض٢٣١ ،
٢٨٥ ، ٣٥٠ ، ٣٧٠ ، ٥٠١
|
|
المعلّل ٢٧٧ ،
٤٦٠ ، ٥٠٢ ، ٥٢٤ ، ٥٢٥ ،
|
، ٥١٠ ، ٥٢٥ ،
٥٥٤ ، ٥٦٤ ،٥٦٥ ،
|
|
٥٢٩، ٥٣٠،
٥٣١،٥٦١، ٥٦٥ ، ٧٥٧ ، ٨١١
|
٧٥٩ ، ٧٦٠ ، ٧٦١
، ٨٠٥ ، ٨٢٤ ،٩١٠
|
|
المعنعن ٢٧٤
|
، ٩١١ ، ٩١٦ ،
٩٢١ ، ٩٢٥ ، ٩٣٨
|
|
معنوي ٨٥ ، ٢٢٣
، ٢٧٧ ، ٤٣١ ، ٦٦٢
|
المعارف الواجبة
٩٦٠
|
|
المعنى الحقيقيّ
٥٢ ، ٥٤ ، ٦٧ ، ٦٨ ، ٦٩ ، ٧٠
|
معاضد ١٥٥ ، ٢٦٩
، ٣٥١ ، ٣٦١ ، ٣٩١ ، ٤٢٨ ، ٧٧٤ ، ٩٢١
|
|
، ٢٩٩ ، ٦٠٣ ،
٦٩٩ ، ٧٦٦ ، ٧٦٧
|
المعاني
الحقيقيّة ٥٤ ، ٧١ ، ٧١٧ ، ٧٨٣
|
|
المعنى المجازي
٦٥ ، ٧٠ ، ٢٩٩ ، ٥٩٧ ، ٧٨٣
|
المعاني
الذهنيّة ٤١ ، ٧٠٣
|
|
المفتي ٣٠ ، ٢٣١
، ٢٩١ ، ٣٢٦ ، ٣٧٩ ، ٣٩٦
|
المعاني
الشرعيّة ٥٦ ، ٥٧
|
|
المفرد٤٥ ، ٤٦ ،
٤٧ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٢٧٥ ، ٤٢٤
|
المعاني
اللغويّة ٥٦
|
|
، ٧٠٧ ، ٧١٣ ،
٧١٦ ، ٧١٨ ، ٧١٩ ، ٧٢٠
|
المعاني
المجازيّة ٥٤ ، ٧١٧ ، ٧٦٠
|
|
، ٧٢١ ، ٧٢٣ ،
٧٢٥ ، ٧٢٨ ، ٧٢٩
|
معانيها
الشرعيّة ٥٦ ، ٥٧
|
|
المفردات ٦١ ،
٧٨٦
|
معانيه العرفيّة
٦٣
|
|
المفردات
المتعاطفة ٤٦
|
معانيه اللغويّة
٦٣
|
|
المفرد المجمل
٨٢٩
|
المعاوضات ٤٦٨
|
|
|
المفرد المعرّف
باللام ٧٢٠
|
|
المقدّمات
الشرعيّة ١٢١ ، ٥٤١
|
مفهوم الاستثناء
٨٥٥
|
|
المقدّمات
العقليّة ٩١٨
|
مفهوم الحصر ٨٥٥
|
|
المقدّمات
العقليّة والنقليّة ٩١٩
|
مفهوم الزمان
والمكان ٨٥٥ ، ٨٧٠
|
|
المقدّمات
اللغويّة ٩٠٨ ، ٩١٨
|
مفهوم الشرط ٢٣٤
، ٢٣٦ ، ٤٥٥ ، ٨٥٥ ،
|
|
مقدّمات الواجب
١٣٧ ، ١٤٣ ، ١٤٤
|
٨٥٧ ، ٨٦٠ ، ٨٦٢
، ٨٦٦ ، ٨٦٧
|
|
مقدّمة
الحرام١٤٥ ، ٦٥٨ ، ٦٥٩ ، ٦٦٥ ، ٦٦٦
|
مفهوم الصفة ٢٣٦
، ٨٥٥ ، ٨٦١ ، ٨٦٤
|
|
المقدّمة
الشرعيّة ١٢١
|
مفهوم العدد ٨٦٤
|
|
مقدّمة الواجب
١٣٤ ، ١٣٥ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٤٥ ، ٦٥٤ ، ٦٥٧ ، ٦٥٨ ، ٦٦٦ ، ٦٧٢ ، ٩٠٢ ،
٩١٦
|
مفهوم العدد
الخاصّ ٨٥٥
|
|
المقلّد ٣٠ ،
٣٢٨ ، ٩٠٣ ، ٩٦١ ، ٩٦٦ ، ٩٦٧
|
مفهوم الغاية
٨٥٥ ، ٨٦٦
|
|
المقلوب ٢٧٦
|
مفهوم اللقب ٨١١
، ٨٥٥ ، ٨٥٨ ، ٨٧٠ ، ٨٧١
|
|
المقيّد ٣٥ ،
١٣٦ ، ١٣٨ ، ١٥١ ، ٢١٥ ، ٢٦٨ ، ٤٣٠ ، ٤٩٧ ، ٥٣٥ ، ٦٢٠ ، ٦٢٤ ، ٦٢٥ ، ٦٤٢ ، ٦٤٤ ،
٦٤٥ ، ٧٠١ ، ٧٢٦ ، ٧٤٧ ، ٧٦١ ، ٧٦٧ ، ٨١٣ ، ٨٢٢ ، ٨٢٤ ، ٨٢٥ ،
|
مفهوم المخالفة
٧٤٢ ، ٧٤٥ ، ٨٠٩ ، ٨٥٤ ، ٨٥٥ ، ٨٥٦ ، ٨٨٩ ، ٨٩١
|
|
٨٢٦ ، ٨٢٧ ، ٨٣٩
، ٨٤٢ ، ٨٨٠ ، ٩١٠ ، ٩١٢ ، ٩٧٥ ، ٩٨٢
|
مفهوم الموافقة
٧٤٢ ، ٧٤٥ ، ٨٠٩ ، ٨٥٣ ،
|
|
المكلّف ٩٦ ، ٩٧
، ١٢٦ ، ١٢٧ ، ١٢٨ ، ١٣٠ ، ١٣١ ، ١٣٢ ، ١٣٣ ، ١٤٩ ، ١٥٠ ،
|
٨٥٤ ، ٨٥٦ ، ٨٦٣
، ٨٨٩
|
|
١٥١ ، ١٦١ ، ١٦٦
، ١٦٨ ، ١٦٩ ، ١٧٠ ،
|
المقبول ٢٧٤ ،
٢٧٦
|
|
١٧١ ، ١٧٥ ، ١٧٧
، ١٧٨ ، ٤٤٨ ، ٦٠٥ ،
|
المقتضي ١٠٢ ،
١١٧ ، ١٦٤ ، ١٦٥ ، ٢٤٢ ، ٤٠٣ ، ٤١٥ ، ٤١٦ ، ٤٩٥ ، ٤٩٧ ، ٤٩٨ ، ٥٠١ ، ٥٠٤ ، ٥٠٧ ،
٥٣٣ ، ٥٣٥ ، ٥٤٤ ، ٦٠٦ ، ٦١٥ ، ٧١٤ ، ٧٣٠ ، ٧٣١ ، ٧٣٢ ، ٧٣٤ ، ٧٥٦ ، ٧٩٠ ، ٨٢٤ ،
٨٧٠
|
|
٦٣٤ ، ٦٣٥ ، ٦٣٦
، ٦٣٧ ، ٦٤٤ ، ٦٥٤ ،
|
المقدّمات
الاصوليّة ٩١٨
|
|
٦٥٥ ، ٦٥٧ ، ٦٥٨
، ٦٦٠ ، ٦٦١ ، ٦٦٤ ،
|
المقدّمات
الاصوليّة والرجاليّة ٩١٠
|
|
٦٧٨ ، ٦٩٤ ، ٨١٥
، ٨١٦ ، ٨٤٠ ، ٨٤٤ ،
|
المقدّمات
الرجاليّة ٩١٨
|
|
٨٧٨ ، ٨٨١ ، ٨٩١
|
الملك ٩١ ، ١٠٦
، ١٠٧ ، ١٣٥ ، ١٣٧ ،
|
|
الموثّق ٢٥٥ ،
٩٤٢
|
٤٠٧ ، ٤٢٤ ، ٤٩٣
، ٥٠٥ ، ٥٠٦ ،٥١١
|
|
موثّقة ٤١١ ،
٤١٢ ، ٤٢٨
|
، ٥١٤ ، ٦٧١ ،
٦٩٥ ، ٨٢٣ ، ٨٥١
|
|
الموجبة
الجزئيّة ٧٢٣
|
الملك ٤٧٦ ، ٥٢٦
، ٥٦٧ ، ٨٤٢
|
|
الموجبة الكلّية
٧٢٣
|
الملك الضمني
١١٨
|
|
الموسّع ١٢٥ ،
١٢٩ ، ١٣١ ، ١٣٣ ، ٦٣٦ ، ٦٤٦ ، ٦٤٨ ، ٦٥٢ ، ٦٥٤ ، ٦٦٠
|
المناولة ٣٠٠ ،
٣٠٢ ، ٣٠٣ ، ٣٠٤
|
|
الموصولات ٧٠١ ،
٧٢٢ ، ٧٩٢
|
المندوب ١١٨ ،
١١٩ ، ١٣٢ ، ١٤٣ ،٣٠٨
|
|
الموضوع ٣٥، ٤٦،
٤٨، ٤٩ ، ٥١ ، ٦٠ ، ٦١ ،
|
، ٥٩٨ ، ٦٠٤ ،
٦٠٦ ، ٦٠٨ ، ٦٠٩ ،
|
|
٧٠ ، ٩٤ ، ١٦٢ ،
٣٩٤ ، ٤٠٦ ، ٤١٥ ،
|
٦٣٨ ، ٦٦٤ ، ٦٦٧
، ٦٦٨ ، ٦٦٩ ،
|
|
٤٢٧ ، ٦٣٢ ، ٦٣٨
، ٦٣٩ ، ٦٥٨ ، ٧٠٠ ،
|
٦٧٠ ، ٦٩٧
|
|
٧٤٨ ، ٧٥٠ ، ٧٦٤
، ٧٨٢ ، ٧٨٥ ، ٧٨٧ ، ٨٤٣ ، ٨٥٢ ، ٨٥٣ ، ٨٦٠ ، ٩٦٦
|
المنسوخ ٢٧٧ ،
٥٣٨ ، ٧٤٦ ، ٨١٥ ، ٨٣٩ ، ٨٤٢ ، ٨٤٤ ، ٨٧٦ ، ٨٨٧ ، ٩٣٠
|
|
الموضوعات
اللغويّة ٨٣٥
|
منصوص العلّة
٤٣٩ ، ٤٤٠ ، ٤٤٣ ، ٤٥٥ ، ٤٦٠ ، ٤٦٤ ، ٤٧٨ ، ٨٤٨ ، ٨٨٨ ، ٩٠٨
|
|
الموضوع
والمختلق ٢٧٧
|
المنطوق٢٨١ ،
٧٤٢ ، ٨٠٩ ، ٨٥١ ، ٨٥٢ ، ٨٥٣ ، ٨٥٤ ، ٨٦٣ ، ٨٦٧ ، ٨٦٨ ، ٨٦٩ ، ٨٨١ ، ٨٨٢ ، ٩١٩ ،
٩٨٢
|
|
الموقوف ٢٦٦ ،
٢٦٧ ، ٢٦٨ ، ٢٦٩ ، ٤٩٦ ، ٥١١ ، ٦٧٧ ، ٧٤١ ، ٨٦١
|
المنفصل ٧٥١ ،
٧٦٢ ، ٧٦٣
|
|
الميراث ٣٣٠ ،
٣٥٣
|
المنقطع ٢٦٦ ،
٢٦٨ ، ٢٦٩ ، ٧٦٢ ، ٧٦٣ ، ٧٧٦
|
|
الناسخ ٣٥ ، ٣٢٠
، ٤٠٣ ، ٨٠٤ ، ٨٤٤ ، ٨٧٢ ، ٨٧٣ ، ٨٧٥ ، ٨٧٦ ، ٨٨٦ ، ٨٩٦ ، ٩١٠ ، ٩١٢
|
المنقولات
الشرعيّة ٨٣٥
|
|
الناسخ والمنسوخ
٢٧٧ ، ٩٣٠
|
المنقول الشرعي
٥١
|
|
النافلة ٩٨ ،
١٥٨ ، ٦٦٣ ، ٩٧٦
|
المنقول العرفي
٥١
|
|
النحو ٣٣٨
|
المنقول اللغوي
٥١
|
|
الندب ٩٦ ، ٩٧ ،
١١٨ ، ١١٩ ، ١٢٤ ، ١٢٨
|
المواطن الأربعة
١٢٨ ، ١٥٤ ، ١٥٥
|
|
، ١٤٩ ، ١٥٨ ،
٢٣٣ ، ٣٠٧ ، ٣٠٨ ، ٣١٠ ،
|
الموالاة ٣١٥
|
|
٣١٢ ، ٣١٣ ،
|
٣١٤ ، ٣١٦ ،
٥٩٧ ، ٥٩٨ ، ٦٠٠ ،٦٠٢
|
|
النفاس ١١٢ ،
٥٥٣
|
، ٦٠٣، ٦٠٤ ،
٦٠٥ ، ٦٠٦ ، ٦٠٩،٦١٠
|
|
النفل ٩٧ ، ٥٤١
، ٧٢٧
|
، ٦١١ ، ٦١٢ ،
٦١٤ ، ٦١٦ ، ٦١٧ ،
|
|
النقل ٤٠ ، ٥٦ ،
٥٨ ، ٥٩ ، ٧٢ ، ٧٥ ، ٧٦ ،
|
٦٢٠ ، ٦٤٦ ، ٦٤٨
، ٦٦٧ ، ٦٦٨ ،٦٦٩
|
|
٨٩ ، ١٠١ ، ١٤٤
، ١٨٤ ، ١٨٧ ، ١٨٨ ،
|
، ٦٧٤ ، ٦٨٩ ،
٨٣٨ ، ٩٣٢ ، ٩٧٢ ،
|
|
١٩٦ ، ١٩٩ ، ٢١٠
، ٢١٧ ، ٢٢٨ ، ٢٢٩ ،
|
٩٧٥ ، ٩٨٢ ، ٩٨٣
|
|
٢٤٠ ، ٢٨٧ ، ٢٩٣
، ٣٠٣ ، ٣٥٢ ، ٣٥٣ ،
|
النسخ ٧٧ ، ١٠٢
، ١٦٢ ، ٣١٧ ، ٣١٩ ،
|
|
٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٩
، ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ،
|
٣٢٠ ، ٣٢٤ ، ٣٣٠
، ٥٣٨ ، ٥٤٧ ،٦٢١
|
|
٤٠٢ ، ٤٦٤ ، ٦٠٣
، ٦٠٤ ، ٦١١ ، ٦٢٧ ،
|
، ٦٢٢ ، ٧٤٥ ،
٧٤٦ ، ٧٩٨ ، ٧٩٩ ،
|
|
٦٣٢ ، ٦٣٨ ، ٦٨١
، ٦٩١ ، ٦٩٥ ، ٧٠٥ ،
|
٨٠٢، ٨٠٣ ، ٨٠٤
، ٨٠٦ ، ٨٠٨ ، ٨١٥
|
|
٧٠٨ ، ٧١٠ ، ٧٧٨
، ٨١٤ ، ٨٥٨ ، ٨٥٩ ،
|
، ٨١٦ ، ٨١٧ ،
٨١٨ ، ٨٤٠ ، ٨٤٤ ،
|
|
٨٦٨، ٨٧٢، ٩٠٤،
٩١٠، ٩٣٩، ٩٦٠ ، ٩٦٢
|
٨٤٥، ٨٧٢ ، ٨٧٣
، ٨٧٤ ، ٨٧٥ ، ٨٧٦
|
|
النقل المحض ٤٠
|
، ٨٧٧ ، ٨٧٨ ،
٨٨٠ ، ٨٨١ ، ٨٨٢ ، ٨٨٣، ٨٨٤ ، ٨٨٥ ، ٨٨٧ ، ٨٩٠ ، ٨٩٢
|
|
النقيضين ٣٧ ،
١٠٢ ، ٢١٥ ، ٤٢٤ ، ٥٢١ ، ٦٥٠ ، ٩٥٢ ، ٩٧٣
|
، ٨٩٥ ، ٨٩٦ ،
٩٧٥ ، ٩٧٦
|
|
النكرة المطلقة
٧١٥
|
النصّ ٣٣ ، ٨٨ ،
١٧١ ، ١٩٥ ، ٢٠٠ ،
|
|
النكرة المنفيّة
٦٩٨ ، ٧٠٦ ، ٧١٠ ، ٧٧٨
|
٢٠١ ، ٢٥٥ ، ٢٥٨
، ٢٧٧ ، ٣٤٦ ،٣٥٨
|
|
النواهي ٧٣٥ ،
٩٢٩ ، ٩٧١
|
،٣٥٩ ،٣٦٨ ،٣٩٧
، ٤٠٣ ، ٤٠٤ ، ٤٠٨
|
|
النهي٩٢ ،١٢٩
،١٤٦ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٤٩ ،
|
،٤١٢ ،٤٢٣ ،٤٤٠
، ٤٤٦ ، ٤٤٧ ، ٤٥٧
|
|
١٥٠ ، ١٥١ ، ١٥٢
، ١٥٤ ، ١٥٥ ، ١٥٦ ،
|
،٤٥٨ ،٤٥٩ ، ٤٦٠
، ٤٦٤ ،٤٧٢ ، ٤٧٤
|
|
١٦٢ ، ١٦٨ ، ١٦٩
، ١٧٠ ، ١٧٤ ، ١٧٧ ،
|
، ٤٧٨ ، ٤٨١ ،
٤٨٢ ، ٤٩٢ ، ٤٩٣ ،
|
|
٢٣٧ ، ٢٩٧ ، ٣٢٤
، ٣٦٤ ، ٤١٣ ، ٤١٩ ،
|
٥٠٤ ، ٥٠٥ ، ٥٣٦
، ٥٣٧ ، ٥٣٨ ،٥٤٠
|
|
٤٥٠ ، ٤٥٥ ، ٤٥٦
، ٤٦٠ ، ٥٩٣ ، ٥٩٤ ،
|
، ٥٤٣ ، ٥٤٦ ،
٥٤٨ ، ٥٥١ ، ٥٥٦ ،
|
|
٥٩٦ ، ٦١٥ ، ٦١٦
، ٦١٧ ، ٦١٨ ، ٦٢١ ،
|
٥٥٧ ، ٥٦٥ ، ٥٦٦
، ٧٥٧ ، ٨٠٤، ٨٣٣
|
|
٦٢٥ ، ٦٣٢ ، ٦٤٥
، ٦٤٦ ، ٦٤٧ ، ٦٤٨ ،
|
، ٨٣٧ ، ٨٤٧ ،
٨٤٨ ، ٨٥٠ ، ٩٢٢ ،
|
|
٦٤٩ ، ٦٥٠ ، ٦٥١
، ٦٥٢ ، ٦٥٣ ، ٦٥٤ ،
|
٩٣١، ٩٤٩ ، ٩٥٤
، ٩٨٢ ، ٩٨٨ ، ٩٨٩
|
|
٦٥٥، ٦٥٦، ٦٥٩،
٦٦٠، ٦٦١، ٦٦٢، ٦٦٣،
|
النصوص ١٩٠ ،
١٩٢ ، ١٩٥ ، ٢٢٢ ،
|
|
|
٢٢٨ ، ٢٣٤ ، ٣١١
، ٣٥٨ ، ٤٩٥ ، ٥٥٦ ، ٧٦٨ ، ٩٦٣ ، ٩٦٨
|
|
|
٦٦٥ ، ٦٦٦ ،
٦٦٧ ، ٦٦٨ ، ٦٧٠ ،٦٧٨
|
|
الواجب التخييري
١٢٢ ، ١٢٥ ، ١٣٠ ، ١٥٧
|
،٦٧٩ ،٦٨٠ ،٦٨١
، ٦٨٣ ، ٦٨٤ ، ٦٨٥
|
|
الواجب الشرعي
١٠٢
|
، ٦٨٦ ، ٦٨٧ ،
٦٨٨ ، ٦٨٩ ، ٦٩٠ ،
|
|
الواجب العقلي
١٠٢ ، ١٠٣
|
٦٩١ ، ٦٩٢ ، ٦٩٣
، ٦٩٤ ، ٦٩٥ ،٦٩٦
|
|
الواجب العيني
١٢٣
|
، ٦٩٧ ، ٦٩٨ ،
٧٠٤ ، ٧٠٦ ، ٧٤٥ ،
|
|
الواجب الكفائي
٩٦٨
|
٨٢٦، ٨٢٧ ، ٨٣٥
، ٨٣٦ ، ٨٦٠ ، ٨٦٣
|
|
الواجب المخيّر
١٢٥ ، ١٢٧ ، ١٣٢ ، ١٣٣ ، ١٥٣ ، ١٥٥
|
، ٨٧٧ ، ٨٧٨ ،
٨٨٤ ، ٩٠٢ ، ٩٠٣ ،
|
|
الواجب المضيّق
١٢٩ ، ١٣٣ ، ٦٥٩ ، ٦٦٠
|
٩٠٤، ٩١٦ ، ٩٣٠
، ٩٣١ ، ٩٤٠ ، ٩٧٢
|
|
الواجب المطلق
١٣٦ ، ١٣٧ ، ١٣٨ ، ١٣٩ ، ١٦٧ ، ١٧٨
|
النهي التحريمي
١٥٤ ، ٦١٨ ، ٦٤٨ ، ٦٦٩ ، ٦٨١
|
|
الواجب المعيّن
١٢٥
|
نهي تنزيهي ١٥٤
|
|
الواجب المقيّد
١٣٦ ، ١٣٧ ، ١٧٨
|
النهي عن المنكر
٣٦٢ ، ٦٤٠
|
|
الواجب الموسّع
١٣٣ ، ٦٣٤ ، ٦٣٨ ، ٦٥٥ ،
|
النهي المطلق
٦٨٢
|
|
٦٥٧ ، ٦٥٨ ، ٦٥٩
|
الواجب ٧٧ ، ٩٩
، ١٠٣ ، ١١٣ ، ١٢٠ ،
|
|
الوجادة ٣٠٥
|
١٢١ ، ١٢٣ ، ١٢٦
، ١٢٧ ، ١٢٨ ،١٣٠
|
|
الوجوب٣٥ ، ٤٥ ،
٩٦ ، ١٠١ ، ١٠٣ ، ١٠٤ ،
|
، ١٣١ ، ١٣٢ ،
١٣٣ ، ١٣٤ ، ١٣٥ ،
|
|
١١٠ ، ١١٣ ، ١١٤
، ١١٨ ، ١٢٢ ، ١٢٤ ،
|
١٣٦ ، ١٣٧ ، ١٣٨
، ١٤٠ ، ١٤١ ،١٤٣
|
|
١٢٥ ، ١٢٦ ، ١٢٨
، ١٣٠ ، ١٣١ ، ١٣٢ ،
|
، ١٥٦ ، ١٥٧ ،
١٥٨ ، ١٥٩ ، ١٦٣ ،
|
|
١٣٤ ، ١٣٦ ، ١٣٧
، ١٣٨ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ،
|
١٧٠ ، ١٧٨ ، ٢٣٣
، ٢٦٢ ، ٣٠٧ ،٣٠٩
|
|
١٤١ ، ١٤٣ ، ١٤٦
، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٤٩ ،
|
، ٣١٥ ، ٣١٦ ،
٣٩٤ ، ٤٢٨ ، ٤٥٠ ،
|
|
١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٥٤
، ١٥٥ ، ١٥٨ ، ١٦٢ ،
|
٥٤١، ٥٤٢ ، ٥٩٨
، ٦٠٤ ، ٦٠٥ ، ٦٠٦
|
|
١٦٣ ، ١٦٤ ، ١٦٥
، ١٦٦ ، ١٦٨ ، ١٧٧ ،
|
، ٦٢٤ ، ٦٣٣ ،
٦٣٤ ، ٦٣٥ ، ٦٤٧ ،
|
|
٢٣٣ ، ٢٦٢ ، ٣٠٧
، ٣٠٩ ، ٣١٠ ، ٣١١ ،
|
٦٥٤ ، ٦٥٧ ، ٦٥٨
، ٦٦٤ ، ٦٦٥ ،٦٦٦
|
|
٣١٢ ، ٣١٣ ، ٣١٥
، ٣١٦ ، ٣١٩ ، ٣٨٦ ،
|
،٦٦٩ ،٦٧٢ ،٦٩٠
، ٨٦٧ ، ٩٧٠ ، ٩٧١
|
|
٣٨٩ ، ٣٩١ ، ٣٩٥
، ٤٢٧ ، ٤٣٩ ، ٥٠٢ ،
|
الواجبات ١٣٠ ،
١٣٣ ، ١٣٤ ، ١٥٥ ، ١٥٩ ، ١٧١ ، ٣١٢ ، ٦٥٢ ، ٦٥٧ ، ٩٧١
|
|
٥٣٠ ، ٥٣٣ ،
|
الواجبات
الموسّعة ١٣٣ ، ١٣٤
|
|
|
الواجب الأصلي ١٤٣
|
|
|
٥٩٨ ، ٦٠١ ،
٦٠٢ ، ٦٠٣ ، ٦٠٤ ،٦٠٥
|
|
الوحدة ١٨٣ ،
٩٠٢
|
، ٦٠٦ ، ٦٠٧ ،
٦٠٨ ، ٦١٠ ، ٦١١ ،
|
|
الوضع٣٨ ، ٤٩ ،
٥١ ، ٦٠ ، ٦١ ، ٧٢ ، ٧٥ ،
|
٦١٢، ٦١٣ ، ٦١٤
، ٦١٥ ، ٦١٦ ، ٦١٧
|
|
٩٠ ، ٩٥ ، ١٠٧ ،
١٠٨ ، ١١٧ ، ١٤٤ ،٢٠٧
|
، ٦١٨ ، ٦٢٠ ،
٦٢٣ ، ٦٢٤ ، ٦٣٠ ،
|
|
، ٢٠٨ ، ٢٦١ ، ٢٧٧
، ٥٥٧ ، ٥٥٨ ،٥٦٦ ،
|
٦٣٦ ، ٦٣٩ ، ٦٤١
، ٦٤٣ ، ٦٤٤ ،٦٤٥
|
|
٥٦٧ ، ٥٧٣ ، ٦٠٣
، ٦١١ ، ٦١٩ ، ٦٣٨ ،
|
، ٦٤٨ ، ٦٥٣ ،
٦٥٥ ، ٦٥٦ ، ٦٥٧ ،
|
|
٦٣٩ ، ٦٤٥ ، ٧٠٥
، ٧٤٧ ، ٧٨٢ ، ٧٨٤ ،
|
٦٥٨ ، ٦٦١ ، ٦٦٩
، ٦٧٤ ، ٦٨٣ ،٦٨٩
|
|
٧٨٥ ، ٧٨٦ ، ٧٨٧
، ٨٤٧ ، ٨٥٩
|
، ٧٩٩ ، ٨٢٥ ،
٨٣٨ ، ٨٦٧ ، ٨٧٧ ،
|
|
الوضع العامّ
٧٨٣ ، ٧٨٤ ، ٧٨٦ ، ٧٨٧
|
٨٩٢ ، ٩٠٢ ، ٩٠٦
، ٩٠٨ ، ٩٣١ ،
|
|
الوضعي ٦١ ، ٩٥
، ٩٦ ، ٣٢٣ ، ٤٠٥ ، ٤٠٧ ، ٩٨٣
|
٩٣٢ ، ٩٥٥ ، ٩٧٢
، ٩٨٢ ، ٩٨٣
|
|
الوقت الخاصّ
٧٩٧
|
الوجوب التخييري
١٢٩ ، ١٣١ ، ٥٠٢ ، ٦٢٣ ، ٨٢٤ ، ٨٢٥
|
|
الوقت الموسّع
٩٧٢
|
الوجوب الشرعي
١٣٧ ، ١٣٨ ، ١٤٣
|
|
الوقوع الإمكاني
٣٤٨
|
الوجوب العقلي
١٣٦ ، ١٣٧ ، ١٣٨ ، ١٣٩ ، ١٤٣
|
|
الوقوع العقلي
٣٤٨
|
الوجوب العيني
١٢١ ، ٧٣٧
|
|
الوكيل ٨٤ ، ٩٠
، ١٢٣ ، ٤٦٩ ، ٦٧٢ ، ٧٤١ ، ٨٧٠
|
الوجوب الكفائي
١٢٥
|
|
|
٦. فهرس الكتب الواردة في المتن
الاحتجاج ٣٣
|
|
العدّة ـ العدّة
في أصول الفقه ٢٣٩ ، ٢٦١ ، ٢٦٤ ، ٢٧٠
|
إحياء العلوم
١٠٠
|
|
العلل ٧٦١
|
الاستبصار ٢٣٩ ،
٢٤٠ ، ٩٣٨
|
|
العيون ٧٦١
|
الأمالي ٧٦١
|
|
الفقيه ٢٥٣ ،
٢٥٦ ، ٣٥٣ ، ٩١١ ، ٩٣٦
|
أنيس المجتهدين
٢٦ ، ٩٩٠
|
|
القرآن٣٣ ، ٤٤ ،
١٨٣ ، ١٨٤ ، ١٨٥ ، ١٨٦ ،
|
الإيضاح ٩١٣
|
|
١٨٧ ، ١٨٨ ، ١٨٩
، ١٩٠ ، ١٩٢ ، ١٩٣ ،
|
البشرى ٢٧١
|
|
١٩٤ ، ١٩٥ ، ١٩٦
، ١٩٧ ، ١٩٨ ، ١٩٩ ،
|
التمهيد ـ تمهيد
الاصول ـ تمهيد القواعد ٤٢ ، ٩٩
|
|
٢٠٠ ، ٢٠١ ، ٢٠٢
، ٢٢٩ ، ٢٣٦ ، ٢٦٣ ، ٢٩٢ ، ٧١٨ ، ٧٦٣ ، ٧٦٩ ، ٧٧٠ ، ٨٠٦ ،
|
التوراة ٣٢٩ ،
٣٣٠ ، ٣٣١ ، ٨٧٤ ، ٨٧٦
|
|
٨١٨ ، ٨٢٠ ، ٨٤٥
، ٨٧٤ ، ٨٨١ ، ٨٨٢ ، ٨٨٧ ، ٩٠٧ ، ٩١٣ ، ٩١٩ ، ٩٢٨ ، ٩٢٩ ، ٩٣٧ ، ٩٤٨ ، ٩٨٥ ، ٩٨٦
|
التهذيب ـ تهذيب
الأحكام ٢٤٠ ، ٢٤٤ ، ٢٧٦ ، ٣٥٣ ، ٧٦١
|
|
الكافي ١٤٧ ،
٢٦٢ ، ٣٥٣ ، ٧٦١ ، ٩١١ ، ٩٣٦ ، ٩٦٥
|
الثمرة ٩٤٥
|
|
كتاب سيبويه ٨٤
، ٨٨
|
جامعة الاصول
٤١٢
|
|
الكشّاف ١٩٠
|
الخصال ٧٦١
|
|
المحاسن ٢٦٢
|
الخلاصة ـ خلاصة
الأقوال ٢٤٤
|
|
النهاية ـ نهاية
الوصول إلى علم الأصول ٣٢٩
|
الذريعة ـ
الذريعة إلى أصول الشريعة ١٤٧ ، ٢٩٩ ، ٣٠١ ، ٥٩٥ ، ٦٣٩
|
|
نهج البلاغة ٩٥٣
|
الصحيفة ـ
الصحيفة السجّاديّة ٩١
|
|
|
٧. فهرس مصادر التحقيق
١.
الإبهاج في شرح المنهاج. للشيخ عليّ بن عبد الكافي السّبكي ( م ٧٥٦ ). وولده تاج الدين عبد الوهّاب
بن عليّ السّبكي ( م ٧٧١ ). تحقيق شعبان محمّد إسماعيل. الطبعة الأولى ، ٣ أجزاء
على مجلّد واحد ، القاهرة ، مكتبة الكلّيّات الأزهريّة ، ١٤٠١ ه / ١٩٨١ م.
٢.
الإتقان في علوم القرآن. لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ( ٨٤٩ ـ ٩١١ ). جزءان في مجلّد
واحد ، بيروت ، المكتبة الثقافيّة ، ١٩٧٣ م.
٣.
الاحتجاج على أهل اللجاج. لأبي منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسي ( ق ٦ ). تحقيق إبراهيم
البهادري ومحمّد هادي به. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، قم ، الأسوة ، ١٤١٣ ه.
٤.
إحكام الفصول في أحكام الأصول. لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي ( م ٤٧٤ ). تحقيق عبد الله محمّد الجبوري.
الطبعة الأولى ، بيروت ، مؤسّسة الرسالة ، ١٤٠٩ ه / ١٩٨٩ م.
٥.
الإحكام في أصول الأحكام. لأبي محمّد عليّ بن حزم الأندلسي الظاهري ( ٣٨٣ / ٣٨٤ ـ ٤٥٦ ). تحقيق لجنة
من العلماء. الطبعة الثانية ، ٨ أجزاء في مجلّدين ، بيروت ، دار الجيل ، ١٤٠٧ ه.
٦.
الإحكام في أصول الأحكام. لسيف الدين عليّ بن أبي عليّ بن محمّد الآمدي ( ٥٥١ ـ ٦٣١ ). تحقيق سيّد
الجميلي. الطبعة الثانية ، ٤ أجزاء في مجلّدين ، بيروت ، دار الكتاب العربي ، ١٤٠٦
ه / ١٩٨٦ م.
٧.
إحياء علوم الدين. لأبي حامد محمّد بن محمّد بن محمّد الغزّالي ( ٤٥٠ ـ ٥٠٥ ). الطبعة الثانية
، ٤ مجلّدات+ الملحق ، بيروت ، دار الفكر ، ١٤٠٩ ه / ١٩٨٩ م.
٨.
اختيار معرفة الرجال. لشيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ). إعداد حسن المصطفوي. [
الطبعة الأولى ] ، مشهد ، جامعة مشهد ، ١٣٤٨ ش.
٩.
الأربعون حديثا. للشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسين العاملي ( ٩٥٣ ـ ١٠٣٠ ). تصحيح عبد الرحيم
العقيقي البخشايشي. قم ، نويد إسلام.
١٠.
إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري. لأبي العبّاس أحمد بن محمّد الشافعي القسطلاني ( م ٩٢٣ ). بهامشه شرح النووي
على صحيح مسلم. ١٠ مجلّدات ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي.
١١.
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحقّ من علم الأصول. لأبي عبد الله محمّد بن عليّ الشوكاني ( ١١٧٣ ـ ١٢٥٠ ).
تحقيق أحمد عزّو عناية. الطبعة الثانية ، جزءان في مجلّد واحد ، بيروت ، دار
الكتاب العربي ، ١٤٢١ ه.
١٢.
أسباب النزول. لأبي الحسن عليّ
بن أحمد الواحدي النيسابوري ( م ٤٦٨ ). تحقيق طارق الطنطاوي. القاهرة ، مكتبة
القرآن.
١٣.
الاستبصار فيما اختلف من الأخبار. لشيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ). إعداد
السيّد حسن الموسوي الخرسان. الطبعة الثالثة ، ٤ مجلّدات ، طهران ، دار الكتب
الإسلاميّة ، ١٣٩٠ ه.
١٤.
الإصابة في تمييز الصحابة. لأحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني ( ٧٧٣ ـ ٨٥٢ ). تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد
الموجود وعليّ محمّد معوّض. الطبعة الأولى ، ٨ مجلّدات ، بيروت ، دار الكتب
العلميّة ، ١٤١٥ ه / ١٩٩٥ م.
١٥.
أصول السرخسي. لأبي بكر محمّد
بن أحمد بن أبي سهل السرخسي ( م ٤٩٠ ). تحقيق أبي الوفاء الأفغاني. بيروت ، دار
المعرفة ولجنة إحياء المعارف النعمانية.
١٦.
الإفصاح عن المعاني الصحاح. ليحيى بن محمّد بن هبيرة ( م ٥٦٠ ). تحقيق محمّد حسن إسماعيل الشافعي.
الطبعة الأولى ، مجلّدان ، بيروت ، دار الكتب العلميّة ، ١٤١٧ ه / ١٩٩٦ م.
١٧.
الأقطاب الفقهيّة على مذهب الإماميّة. لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم الأحسائي ( م ٨٧٨ ). تحقيق
محمّد الحسّون. قم ، مكتبة المرعشي النجفي ، ١٣٦٨ ش.
١٨.
الألفيّة في علم الحديث. لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ( ٨٤٩ ـ ٩١١ ). تحقيق أحمد محمّد
شاكر. بيروت ، دار المعرفة.
١٩.
أمالي الصدوق. للشيخ الصدوق
محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي ( م ٣٨١ ). تقديم الشيخ حسين الأعلمي. الطبعة
الخامسة ، بيروت ، مؤسّسة الأعلمي ، ١٤١٠ ه / ١٩٩٠ م.
٢٠.
الأمّ ( ومعه مختصر المزني ). لأبي عبد الله محمّد بن إدريس الشافعي ( ١٥٠ ـ ٢٠٤ ). ٩ مجلّدات+ الفهرس ،
بيروت ، دار المعرفة.
٢١.
الانتصار. للشريف المرتضى
عليّ بن الحسين الموسوي ( ٣٥٥ ـ ٤٣٦ ). تحقيق ونشر : مؤسّسة النشر الإسلامي.
الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٥ ه.
٢٢.
أنيس الموحّدين. للمولى محمّد مهدي بن أبي ذرّ النراقي الكاشاني ( م ١٢٠٩ ). تصحيح آية الله
الشهيد القاضي الطباطبائي مع مقدّمة العلاّمة حسن حسن زادة الآملي. طهران ،
الزهراء ، ١٤٠٣ ه / ١٣٦٣ ش.
٢٣.
إيضاح الفوائد في شرح إشكالات القواعد. لفخر المحقّقين محمّد بن الحسن بن يوسف الحلّي ( ٦٨٢ ـ ٧٧١
). إعداد عدّة من العلماء. الطبعة الثانية ، ٤ مجلّدات ، طهران وقم ، بنياد فرهنگ
إسلامى كوشان پور ( مؤسّسة الثقافة الإسلاميّة لكوشان پور ) وإسماعيليان ، ١٣٦٣ ش. [ بالأوفست عن طبعته الأولى ، ١٣٨٧ ـ ١٣٨٩ ه ].
٢٤.
الباب الحادي عشر. للعلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ). المطبوع ضمن شرحه
للفاضل المقداد. إعداد مهدي محقّق. الطبعة الأولى ، طهران ، مؤسّسة مطالعات إسلامي
دانشگاه مك گيل ( مؤسّسة الأبحاث الإسلاميّة لجامع مك گيل ) وجامعة طهران ، ١٣٦٥
ش.
٢٥.
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار عليهمالسلام. للعلاّمة محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي ( ١٠٣٧ ـ ١١١٠
). إعداد عدّة من العلماء. الطبعة الثالثة ، ١١٠ مجلّد ( إلاّ ٦ مجلّدات ، من
المجلّد ٢٩ ـ ٣٤ ) + المدخل ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، ١٤٠٣ ه / ١٩٨٣
م. [ بالأوفست عن طبعة إيران ].
٢٦.
البحر المحيط في أصول الفقه. لبدر الدين محمّد بن بهادر بن عبد الله الزركشي ( م ٧٩٤ ). تحقيق محمّد
محمّد تامر. الطبعة الأولى ، ٤ مجلّدات ، بيروت ، دار الكتب العلميّة ، ١٤٢١ ه /
٢٠٠٠ م.
٢٧.
بدائع الصنائع ( كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ). لعلاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني ، الملقّب بملك
العلماء ( م ٥٨٧ ). الطبعة الثانية ، ٧ مجلّدات ، بيروت ، دار الكتاب العربي ،
١٣٩٤ ه / ١٩٧٤ م.
_ البداية في علم الدراية ـ شرح البداية
٢٨.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد. لمحمّد بن أحمد بن رشد القرطبي ( ٥٢٠ ـ ٥٩٥ ). الطبعة السادسة ،
مجلّدان ، بيروت ،
دار المعرفة ، ١٤٠٢ ه / ١٩٨٢ م.
٢٩.
البرهان في تفسير القرآن. للسيّد هاشم الحسيني البحراني ( م ١١٠٧ ) تحقيق قسم الدراسات الإسلاميّة ـ مؤسّسة
البعثة. الطبعة الأولى ، ٥ مجلّدات ، قم ، مؤسّسة البعثة ، ١٤١٥ ه.
٣٠.
البهجة المرضية على ألفية ابن مالك. لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ( ٨٤٩ ـ ٩١١ ).
مع تعليق الشيخ مصطفى الدشتي. جزءان في مجلّد واحد ، الطبعة الخامسة ، قم ، مؤسّسة
إسماعيليان ، ١٤١٠ ه / ١٣٦٩ ش.
٣١.
البيان. للشهيد الأوّل
شمس الدين محمّد بن مكّي العاملي ( م ٧٨٦ ). إعداد محمّد الحسّون. الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٢ ه.
٣٢.
تاج العروس من جواهر القاموس. للسيّد محمّد بن محمّد مرتضى الحسيني الزبيدي ( ١١٤٥ ـ ١٢٠٥ ). تحقيق عليّ
شيري. ٢٠ مجلّدا ، بيروت ، دار الفكر ، ١٤١٤ ه / ١٩٩٤ م.
٣٣.
تاريخ بغداد أو مدينة السلام. لأبي بكر أحمد بن عليّ الخطيب البغدادي ( م ٤٦٣ ). ١٩ مجلّدا+ الفهرس ،
بيروت ، دار الكتب العلميّة.
٣٤.
تاريخ كاشان. عبد الرحيم
كلانتر ضرابي ( سهيل كاشاني ). الطبعة الثالثة ، طهران ، ١٣٥٦ ش.
٣٥.
تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام. لأبي محمّد السيّد حسن صدر الموسوي العاملي الكاظمي ( ١٢٧٢ ـ ١٣٥٤ ). طهران
، الأعلمي. [ بالأوفست عن طبعته السابقة ].
٣٦.
التبيان في تفسير القرآن. لشيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ). إعداد أحمد حبيب قصير
العاملي. ١٠ مجلّدات ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي. [ بالأوفست عن طبعة النجف
الأشرف ].
٣٧.
تجريد الأصول. للمولى محمّد
مهدي بن أبي ذرّ النراقي الكاشاني ( م ١٢٠٩ ). طهران ، الطبعة الحجرية ، ١٣١٧ ه.
٣٨.
تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة. للعلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ).
تحقيق إبراهيم البهادري. الطبعة الأولى ، ٥ مجلّدات+ الفهارس ، قم ، مؤسّسة الإمام
الصادق عليهالسلام ، ١٤٢٠ ـ ١٤٢٤ ه.
٣٩.
تحف العقول عن آل الرسول عليهمالسلام. لأبي محمّد الحسن بن عليّ بن الحسين بن شعبة الحرّاني ( ق
٤ ). تقديم الشيخ حسين الأعلمي. الطبعة السادسة ، بيروت ، مؤسّسة الأعلمي ، ١٤١٧ ه
/ ١٩٩٦ م.
٤٠.
تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي. لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ( ٨٤٩ ـ ٩١١ ).
تحقيق عبد الوهّاب عبد اللطيف. الطبعة الثالثة ، مجلّدان ، بيروت ، دار الكتب
العلميّة ، ١٤٠٩ ه / ١٩٨٩ م.
_ التذكرة بأصول الفقه ـ مصنّفات الشيخ المفيد / ج ٩
٤١.
تذكرة الفقهاء. للعلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ). تحقيق ونشر :
مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث. الطبعة الأولى ، صدر منه حتّى الآن ١٦ مجلّدا ، قم ، ١٤١٤ ـ ١٤٢٧
ه.
٤٢.
تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد. لأبي عبد الله جمال الدين محمّد بن مالك الطائي النحوي ( ٦٠٠ ـ ٦٧٢ ). تحقيق
محمّد كامل بركات. مصر ، دار الكاتب العربي ، ١٣٨٧ ه / ١٩٦٧ م.
_ تصحيح الاعتقاد ( شرح اعتقادات الصدوق ) ـ مصنّفات الشيخ
المفيد / ج ٥
٤٣.
التعريفات. لعليّ بن محمّد
بن عليّ الجرجاني ( ٧٤٠ ـ ٨١٦ ). تحقيق إبراهيم الأبياري. الطبعة الثالثة ، بيروت
، دار الكتاب العربي ، ١٤١٧ ه / ١٩٩٦ م.
_ تفسير ابن كثير ـ تفسير القرآن العظيم
٤٤.
تفسير البغوي ( المسمّى بمعالم التنزيل ). لأبي محمّد الحسين بن مسعود الفرّاء البغوي ( م ٥١٦ ). إعداد
خالد عبد الرحمن العك ومروان سوار. الطبعة الثانية ، ٤ مجلّدات ، بيروت ، دار
المعرفة ، ١٤٠٧ ه / ١٩٨٧ م.
_ تفسير الصافي ـ الصافي
٤٥.
تفسير الطبري. لأبي جعفر محمّد
بن جرير الطبري ( ٢٢٦ ـ ٣١٠ ). ٣٠ جزءا في ١٢ مجلّدا ، بيروت ، دار المعرفة ، ١٤٠٩
ه / ١٩٨٩ م.
_ تفسير عليّ بن إبراهيم ـ تفسير القمّي
٤٦.
تفسير العيّاشي. لأبي النضر محمّد بن مسعود بن عيّاش السلمي ( أواخر ق ٣ ). تحقيق السيّد
هاشم الرسولي المحلاّتي. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، مؤسّسة الأعلمي ، ١٤١١ ه /
١٩٩١ م.
٤٧.
تفسير القرآن العظيم. لأبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي ( ٧٠١ ـ ٧٧٤ ). تحقيق يوسف عبد الرحمن
المرعشلي. الطبعة الثانية ، ٥ مجلّدات ، بيروت ، دار المعرفة ، ١٤٠٧ ه / ١٩٨٧ م.
_ تفسير القرطبي ـ الجامع لأحكام القرآن
٤٨.
تفسير القمّي. لأبي الحسن عليّ
بن إبراهيم القمّي ( م ٣٠٧ ). تصحيح السيّد طيّب الموسوي الجزائري. الطبعة الثانية
، مجلّدان ، قم ، دار الكتاب ، ١٤٠٤ ه.
٤٩.
التفسير الكبير. لمحمّد بن عمر الخطيب فخر الدين الرازي ( ٥٤٤ ـ ٦٠٦ ). الطبعة الثالثة ، ٣٢
جزءا في ١٦ مجلّدا+ الفهارس ، بيروت ، دار الفكر.
٥٠.
التقريب والتيسير. لأبي زكريّا يحيى بن شرف النووي ( م ٧٧٦ ). المطبوع مع « تدريب الراوي ». الطبعة
الثالثة ، مجلّدان ، بيروت ، دار الكتب العلميّة ، ١٤٠٩ ه.
٥١.
التمهيد في تخريج الفروع على الأصول. لأبي محمّد عبد الرحيم بن الحسن الأسنوي ( ٧٠٤ ـ ٧٧٢ ).
تحقيق محمّد حسن هيتو. الطبعة الرابعة ، بيروت ، مؤسّسة الرسالة ، ١٤٠٧ ه / ١٩٨٧
م.
٥٢.
تمهيد القواعد الأصوليّة والعربيّة لتفريع قواعد الأحكام الشرعيّة. للشهيد الثاني زين الدين بن عليّ العاملي ( ٩١١ ـ ٩٦٥ ).
تحقيق ونشر : مكتب الإعلام الإسلامي ـ فرع خراسان. الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٦ ه /
١٣٧٤ ش.
٥٣.
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد. لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البرّ النمري الأندلسي (
م ٤٦٣ ). تحقيق مصطفى بن أحمد العلوي ومحمّد عبد الكبير البكري. الطبعة الأولى ،
٢٥ مجلّدا ، المغرب العربي ، ١٣٨٧ ه.
٥٤.
التوحيد. للشيخ الصدوق
محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي ( م ٣٨١ ). تحقيق السيّد هاشم الحسيني الطهراني.
قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٣٩٨ ه / ١٣٥٧ ش.
٥٥.
توضيح المقال في علم الرجال. للملاّ عليّ الكني ( ١٢٢٠ ـ ١٣٠٦ ). تحقيق محمّد حسين المولوي. الطبعة الأولى
، قم ، دار الحديث ، ١٣٧٩ ش.
٥٦.
تهذيب الأحكام. لشيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ). إعداد السيّد حسن
الموسوي الخراسان. الطبعة الثالثة ، ١٠ مجلّدات ، طهران ، دار الكتب الإسلاميّة ،
١٣٦٤ ش.
٥٧.
تهذيب الوصول إلى علم الأصول. للعلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ). تحقيق السيّد
محمّد حسين الرضوي الكشميري. الطبعة الأولى ، لندن ، مؤسّسة الإمام عليّ عليهالسلام ، ١٤٢١ ه / ٢٠٠١ م.
٥٨.
ثواب الأعمال وعقاب الأعمال. للشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي ( م ٣٨١ ). تصحيح الشيخ حسين
الأعلمي. الطبعة الثالثة ، قم ، طليعة النور ، ١٤٢٧ ه.
٥٩.
جامع الأصول في أحاديث الرسول صلىاللهعليهوآله. لأبي السعادات المبارك بن محمّد بن الأثير الجزري ( ٥٤٤ ـ
٦٠٦ ). تحقيق عبد القادر الأرناءوط. الطبعة الثانية ، ١٣ مجلّدا+ مجلّدان في معجم
جامع الأصول ، بيروت ، دار الفكر ، ١٤٠٣ ه / ١٩٨٣ م.
_ جامع البيان في تفسير القرآن ـ تفسير الطبري
٦٠.
جامع الرواة وإزاحة الاشتباهات عن الطرق والأسناد. لمحمّد بن عليّ الأردبيلي ( م ١١٠١ ). مجلّدان ، قم ،
المصطفوي.
_ الجامع الصحيح ـ سنن الترمذي
٦١.
الجامع لأحكام القرآن. لأبي عبد الله محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي ( ٥٨٠ ـ ٦٧١ ). ٢٠ جزءا في ١٠
مجلّدات ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي. [ بالاوفست عن طبعة القاهرة ، ١٣٨٦ ه
/ ١٩٦٧ م ].
٦٢.
جامع المقاصد في شرح القواعد. للمحقّق الثاني عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي ( ٨٦٨ ـ ٩٤٠ ). تحقيق
ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث. الطبعة الأولى ، ١٣ مجلّدا ، قم ، ١٤٠٨ ـ ١٤١١
ه.
_ جوابات المسائل التبّانيات ـ رسائل الشريف المرتضى / ج ١
_ جوابات المسائل الطرابلسيّات ـ رسائل الشريف المرتضى / ج
١
٦٣.
حاشية ردّ المختار. لمحمّد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن عابدين الدمشقي ( ١١٩٨ ـ ١٢٥٢ ). ٨
مجلّدات ، استانبول ، دار قهرمان للنشر ، ١٩٨٤ م.
٦٤.
حاشية على جمع الجوامع في الأصول. لحسن بن محمّد العطّار ( ١١٨٠ / ١١٩٠ ـ ١٢٥٠ ). بيروت ،
دار الكتب العلميّة.
٦٥.
حاشية القوانين. للسيّد عليّ بن إسماعيل الموسوي القزويني ( م ١٢٩٨ ). المطبوع ضمن كتاب
قوانين الأصول ، الطبعة الحجريّة ، مجلّدان ، طهران.
٦٦.
حاشية المعالم. للمولى محمّد صالح بن محمّد السروي المازندراني ( ١٠٨١ أو ١٠٨٦ ). المطبوع
في حاشية معالم الأصول. الطبعة الحجرية ، طهران ، المعارف الإسلاميّة.
٦٧.
الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة. للشيخ يوسف البحراني ( ١١٠٧ ـ ١١٨٦ ). الطبعة الأولى ، ٢٥
مجلّدا ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٤٠٩ ه.
٦٨.
حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء. لسيف الدين أبي بكر محمّد بن أحمد الشاشي القفّال ( ٤٢٩ ـ
٥٠٧ ). الطبعة الأولى ، ٨ مجلّدات ، عمّان ، مكتبة الرسالة الحديثة ، ١٩٨٨ م.
٦٩.
حياة المحقّق الكركي وآثاره. تأليف والتحقيق الشيخ محمّد الحسّون. الطبعة الأولى ، ١٢ مجلّدا ، طهران ،
احتجاج ، ١٤٢٣ ه.
٧٠.
الخصال. للشيخ الصدوق
محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي ( م ٣٨١ ه ). تحقيق علي أكبر الغفاري. الطبعة
الخامسة ، جزءان في مجلّد واحد ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٤١٦ ه.
٧١.
خلاصة الأقوال في معرفة الرجال. للعلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ). تحقيق الشيخ جواد
القيّومي. الطبعة الأولى ، قم ، مؤسّسة نشر الفقاهة ، ١٤١٧ ه.
٧٢.
الخلاف. لشيخ الطائفة
محمّد بن الحسن الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ). تحقيق عدّة من الفضلاء. الطبعة الأولى ، ٦
مجلّدات ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٤٠٧ ـ ١٤١٧ ه.
٧٣.
الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة. لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ( ٨٤٩ ـ ٩١١ ).
تحقيق محمّد عبد الرحيم. بيروت ، دار الفكر ، ١٤١٥ ه / ١٩٩٥ م.
٧٤.
الدرّ المنثور في التفسير المأثور. لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ( ٨٤٩ ـ ٩١١ ).
١٠ مجلّدات ، بيروت ، دار الفكر ، ١٤١٤ ه / ١٩٩٣ م.
٧٥.
الدروس الشرعيّة في فقه الإماميّة. للشهيد الأوّل شمس الدين محمّد بن مكّي العاملي ( م ٧٨٦ ).
إعداد ونشر : مؤسّسة النشر الإسلامي. الطبعة الأولى ، ٣ مجلّدات ، قم ، ١٤١٣ ـ ١٤١٤
ه.
٧٦.
دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام عن أهل بيت رسول الله ( عليه
وعليهم أفضل السلام ). لأبي حنيفة النعمان بن محمّد بن منصور التميمي المغربي ( م ٣٦٣ ). تحقيق آصف
عليّ أصغر فيضي. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، القاهرة ، دار المعارف ، ١٣٨٣ ه /
١٩٦٣ م.
٧٧.
ديوان امرئ القيس بن حجر الحارث الكندي ( ٨٠ ـ ١٣٠ ه ). بيروت ، دار بيروت للطباعة والنشر ، ١٤٠٦ ه / ١٩٨٦ م.
٧٨.
ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد. للمولى محمّد باقر بن محمّد مؤمن السبزواري ( ١٠١٧ ـ ١٠٩٠ ). قم ، مؤسّسة آل
البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، الطبعة الحجريّة.
٧٩.
الذريعة إلى أصول الشريعة. للشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي ( ٣٥٥ ـ ٤٣٦ ). تحقيق أبو القاسم
گرجي. الطبعة الثانية ، مجلّدان ، طهران ، جامعة طهران ، ١٣٦٣ ش.
٨٠.
الذريعة إلى تصانيف الشيعة. للشيخ محمّد محسن آقا بزرگ الطهراني ( ١٢٩٣ ـ ١٣٨٩ ). الطبعة الثانية ، ٢٦
جزءا في ٢٩ مجلّدا ( الجزء ٩ في ٤ مجلّدات ). بيروت ، دار الأضواء ، ١٤٤٠٦ ه /
١٩٨٦ م. [ بالأوفست عن طبعة النجف الأشرف وطهران ].
٨١.
ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة. للشهيد الأوّل شمس الدين محمّد بن مكّي العاملي ( م ٧٨٦ ). تحقيق ونشر :
مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث. الطبعة الأولى ، ٤ مجلّدات ، قم ، ١٤١٩ ه.
٨٢.
رجال الخاقاني. للشيخ عليّ الخاقاني ( م ١٣٣٤ ). ـ المطبوع معه فوائد الوحيد البهبهاني ـ تحقيق
السيّد محمّد صادق بحر العلوم. الطبعة الثانية ، قم ، مكتب الإعلام الإسلامي ،
١٤٠٤ ه.
٨٣.
رجال الطوسي. لشيخ الطائفة
محمّد بن الحسن الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ). الطبعة الأولى ، النجف الأشرف ، المطبعة
الحيدرية ، ١٣٨٠ ه / ١٩٦١ م. رجال الكشي ـ اختيار معرفة الرجال
٨٤.
رجال النجاشي ( فهرست أسماء مصنّفي الشيعة ). لأبي العبّاس أحمد بن عليّ بن أحمد النجاشي ( ٣٧٢ ـ ٤٥٠ ).
تحقيق السيّد موسى الشبيري الزنجاني. الطبعة الرابعة ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي
، ١٤١٣ ه.
_ الردّ على أهل العدد والرؤية ـ مصنّفات الشيخ المفيد / ج
٩
٨٥.
الرسائل الأصوليّة. للمولى محمّد باقر بن محمّد أكمل ، الوحيد البهبهاني ( ١١١٧ ـ ١٢٠٥ ). تحقيق
ونشر : مؤسّسة العلاّمة المجدّد الوحيد البهبهاني. الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٦ ه.
٨٦.
الرسائل الرجاليّة. لأبي المعالي محمّد بن محمّد إبراهيم الكلباسي ( ١٢٤٧ ـ ١٣١٥ ). تحقيق محمّد
حسين الدرايتي. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، قم ، دار الحديث ، ١٣٨٠ ش / ١٤٢٢ ه.
٨٧.
رسائل الشريف المرتضى. للشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي ( ٣٥٥ ـ ٤٣٦ ). إعداد السيّد مهدي
الرجائي. الطبعة الأولى ، ٤ مجلّدات ، قم ، دار القرآن الكريم ، ١٤٠٥ ه.
٨٨.
رسائل الشهيد الثاني. للشهيد الثاني زين الدين بن عليّ العاملي ( ٩١١ ـ ٩٦٥ ). تحقيق مركز الأبحاث
والدراسات الإسلاميّة. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، قم ، مكتب الإعلام الإسلامي ،
١٤٢١ ـ ١٤٢٢ ه.
رسالة الاجتهاد والأخبار ـ الرسائل الأصوليّة
رسالة عدم سهو النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ مصنّفات الشيخ المفيد / ج ١٠
٨٩.
الرسالة للشافعي. لمحمّد بن إدريس الشافعي ( ١٥٠ ـ ٢٠٤ ). تحقيق أحمد محمّد شاكر. بيروت ، دار
الفكر.
٩٠.
الرواشح السماويّة في شرح الأحاديث الإماميّة. للميرداماد السيّد محمّد باقر الحسيني الأسترآبادي ( م
١٠٤١ ). تحقيق غلام حسين قيصريه ها ونعمة الله الجليلي ، الطبعة الأولى ، قم ، دار
الحديث ، ١٤٢٢ ه / ١٣٨٠ ش.
٩١.
روضات الجنّات في أحوال العلماء والسادات. للسيّد محمّد باقر الخوانساري الأصفهاني ( ١٢٢٦ ـ ١٣١٣ ).
إعداد أسد الله إسماعيليان. ٨ مجلّدات ، قم ، إسماعيليان ، ١٣٩١ ه.
٩٢.
روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان. للشهيد الثاني زين الدين بن عليّ العاملي ( ٩١١ ـ ٩٦٥ ). تحقيق
مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، قم ، مكتب الإعلام
الإسلامي ، ١٤٢٢ ه / ١٣٨٠ ش.
٩٣.
روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن. لحسين بن عليّ بن محمّد الخزاعي المشهور بأبي الفتوح
الرازي ( م حوالي ٥٥٤ ). تحقيق محمّد جعفر الياحقي ومحمّد مهدي الناصح. الطبعة
الأولى ، ٢٠ مجلّدا ، مشهد ، مجمع البحوث الإسلاميّة ، ١٣٦٥ ـ ١٣٧٦ ش.
٩٤.
الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة. للشهيد الثاني زين الدين بن عليّ العامليّ ( ٩١١ ـ ٩٦٥ ).
تصحيح السيّد محمّد كلانتر. الطبعة الثانية ، ١٠ مجلّدات ، بيروت ، دار إحياء
التراث العربي ، ١٤٠٣ ه.
٩٥.
رياض المسائل في بيان أحكام الشرع بالدلائل. للسيّد عليّ بن محمّد عليّ الطباطبائي ( ١١٦١ ـ ١٢٣١ ).
تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث. الطبعة الأولى ، ١٦ مجلّدا ، قم ، ١٤١٨ ـ ١٤٢٣
ه.
٩٦.
ريحانة الأدب في تراجم المعروفين بالكنية أو اللقب. للميرزا محمّد عليّ المدرّس التبريزي ( ١٢٩٦ ـ ١٣٧٣ ).
الطبعة الثالثة ، ٨ مجلّدات ، تبريز ، مكتبة خيّام.
٩٧.
زبدة الأصول. للشيخ بهاء
الدين محمّد بن الحسين العاملي ( ٩٥٣ ـ ١٠٣١ ). تحقيق فارس حسّون كريم. الطبعة
الأولى ، قم ، مرصاد ، ١٣٨١ ش / ١٤٢٣ ه.
٩٨.
السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي. لمحمّد بن منصور بن أحمد بن إدريس العجلي الحلّي ( ٥٤٣ ـ ٥٩٨ ). إعداد ونشر
: مؤسّسة النشر الإسلامي. الطبعة الأولى ، ٣ مجلّدات ، قم ، ١٤١٠ ـ ١٤١١ ه.
٩٩.
سعد السعود للنفوس. لرضي الدين السيّد عليّ بن موسى بن طاوس الحسني الحلّي ( ٥٨٩ ـ ٦٦٤ ). تحقيق
مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة. الطبعة الأولى ، قم ، مكتب الإعلام الإسلامي ،
١٤٢٢ ه / ١٣٨٠ ش. سلّم الوصول لشرح نهاية السّول ( المطبوع في هامش نهاية السّول
) ـ نهاية السّول في شرح منهاج الأصول
١٠٠.
سنن ابن ماجة. لأبي عبد الله
محمّد بن يزيد بن ماجة القزويني ( ٢٠٧ / ٢٠٩ ـ ٢٧٣ / ٢٧٥ ). تحقيق محمّد فؤاد عبد
الباقي. مجلّدان ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، ١٣٩٥ ه / ١٩٧٥ م.
١٠١.
سنن أبي داود. لأبي داود
سليمان بن الأشعث السجستاني ( ٢٠٢ ـ ٢٧٥ ). تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد. ٤
أجزاء في مجلّدين ، دار الفكر.
١٠٢.
سنن الترمذي. لمحمّد بن عيسى
بن سورة الترمذي ( ٢٠٩ ـ ٢٧٩ ). تحقيق أحمد محمّد شاكر. ٥ مجلّدات ، بيروت ، دار
إحياء التراث العربي.
١٠٣.
سنن الدارقطني. لعليّ بن عمر الدارقطني ( ٣٠٦ ـ ٣٨٥ ). تحقيق السيّد عبد الله هاشم يماني
المدني. ٤ أجزاء في مجلّدين ، بيروت ، دار المعرفة.
١٠٤.
سنن الدارمي. لأبي محمّد عبد
الله بن بهرام الدارمي ( ١٨١ ـ ٢٥٥ ). مجلّدان ، [ بيروت ] ، دار الفكر ، ١٩٧٨ م.
١٠٥.
السنن الكبرى ( سنن البيهقي ). لأبي بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي ( ٣٨٤ ـ ٤٥٨ ). تحقيق محمّد عبد القادر
عطا. الطبعة الأولى ، ١٠ مجلّدات ، بيروت ، دار الكتب العلميّة ، ١٤٤١٤ ه / ١٩٩٤
م.
١٠٦.
سنن النسائي. لأبي عبد الرحمن
بن أحمد بن عليّ بن شعيب النسائي ( ٢١٥ ـ ٣٠٣ ). تحقيق صدقي جميل العطار. ٨ أجزاء
في ٤ مجلّدات ، بيروت ، دار الفكر ، ١٤١٥ ه / ١٩٩٥ م.
١٠٧.
السيرة النبويّة. لأبي محمّد عبد الملك بن هشام ( م ٢١٣ أو ٢١٨ ). تحقيق عمر عبد السلام
تدمري. الطبعة السابعة ، ٤ مجلّدات ، بيروت ، دار الكتاب العربي ، ١٤٢٠ ه / ١٩٩٩
م.
١٠٨.
شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام. للمحقّق الحلّي نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد
الهذلي ( ٦٠٢ ـ ٦٧٦ ). إعداد عبد الحسين محمّد عليّ البقّال. الطبعة الثالثة ، ٤
أجزاء في مجلّدين ، قم ، إسماعيليان ، ١٤٠٩ ه.
١٠٩.
شرح أحوال وآثار ملاّ مهدي نراقي وملاّ أحمد نراقي وخاندان ايشان. لشيخ رضا أستادي. الطبعة الأولى ، قم ، المؤتمر العالمي
لتكريم الفاضلين النراقيين ، ١٣٨٢ ش.
١١٠.
شرح البداية ( المطبوع باسم الرعاية لحال البداية في علم الدراية ). للشهيد الثاني زين الدين بن عليّ العاملي ( ٩١١ ـ ٩٦٥ ).
تحقيق قسم إحياء التراث الإسلامي ـ مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة. الطبعة
الأولى ، قم ، بوستان كتاب ، ١٤٢١ ه / ١٣٨١ ش.
١١١.
شرح تجريد الأصول. للمولى أحمد بن محمّد مهدي النراقي ( ١١٨٥ ـ ١٢٤٥ ). مخطوط.
١١٢.
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه. لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني ( م ٧٩٢ ). تحقيق
خيري سعيد. مجلّدان ، القاهرة ، المكتبة التوفيقيّة.
١١٣.
شرح الرضيّ على الكافية البديعيّة. تصحيح يوسف حسن عمر ، طهران ، مؤسّسة الصادق عليهالسلام ، ٤ مجلّدات ، ١٣٩٨ ه. [ بالأوفست عن طبعة جامعة قاريونس ].
١١٤.
الشرح الكبير. لأبي الفرج عبد
الرحمن بن محمّد بن أحمد بن قدامة المقدسي ( ٥٩٧ ـ ٦٨٢ ). ( المطبوع مع المغني.
لعبد الله بن أحمد بن قدامة ) ، الطبعة الأولى ، ١٤ مجلّدا ، بيروت ، دار الفكر ،
١٤٠٤ ه / ١٩٨٤ م.
١١٥.
شرح مختصر الأصول. أصله لابن الحاجب ( ٥٧١ ـ ٦٤٦ ). وشرحه لعضد الدين عبد الرحمن بن أحمد
الإيجي ( ٧٠٨ ـ ٧٥٦ ). اسلامبول ، مطبعة العالم ، ١٣٠٧ ه. شرح مختصر المنتهى ـ شرح
مختصر الأصول
١١٦.
شرح المنظومة. للحكيم
السبزواري الحاج ملاّ هادي السبزواري ( ١٢١٢ ـ ١٢٨٩ ). تحقيق مسعود الطالبي.
الطبعة الأولى ، مجلّدان ، نشر ناب ، ١٤١٣ ه / ١٩٩٢ م.
١١٧.
شرح المواقف. للسيّد الشريف
عليّ بن محمّد الجرجاني ( م ٨١٦ ). إعداد السيّد محمّد بدر الدين النعساني. الطبعة
الثانية ، قم ، ٨ أجزاء في ٤ مجلّدات ، الرضي ، ١٤١٥ ه. [ بالأوفست عن طبعة مصر ،
١٣٢٥ ه / ١٩٠٧ م ].
١١٨.
الشفاء. للشيخ الرئيس
أبي عليّ حسين بن عبد الله بن سينا ( ٣٧٠ ـ ٤٢٨ ). إعداد عدّة من الأساتذة. ١٠
مجلّدات ، قم ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، ١٤٠٤ ـ ١٤٠٦ ه.
١١٩.
الصافي. للمولى محمّد
محسن الفيض الكاشاني ( ١٠٠٧ ـ ١٠٩١ ). إعداد الشيخ حسين الأعلمي. الطبعة الثانية ،
٥ مجلّدات ، بيروت ، مؤسّسة الأعلمي ، ١٤٠٢ ه / ١٩٨٢ م.
١٢٠.
الصحاح ( تاج اللغة وصحاح العربية ). لإسماعيل بن حمّاد الجوهري ( م ٣٩٣ ). تحقيق أحمد عبد
الغفور عطّار. الطبعة الثانية ، ٦ مجلّدات+ المقدّمة ، بيروت ، دار العلم للملايين
، ١٣٩٩ ه / ١٩٧٩ م [ بالأوفست عن طبعته الأولى بالقاهرة ].
١٢١.
صحيح البخاري. لأبي عبد الله
محمّد بن إسماعيل البخاري ( ١٩٤ ـ ٢٥٦ ). تحقيق مصطفى ديب البغا. الطبعة الخامسة ،
٦ مجلّدات+ الفهرس ، دمشق وبيروت ، دار ابن كثير واليمامة ، ١٤١٤ ه / ١٩٩٣ م.
١٢٢.
صحيح مسلم. لأبي الحسين
مسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري ( ٢٠٦ ـ ٢٦١ ). تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي.
الطبعة الثانية ، ٥ مجلّدات ، بيروت ، دار الفكر ، ١٣٩٨ ه [ بالأوفست عن طبعته
السابقة ].
١٢٣.
الصحيفة السجّاديّة. للإمام زين العابدين عليهالسلام. تحقيق محمّد جواد الحسيني الجلالي. الطبعة الأولى ، قم ،
منشورات دليل ما ، ١٤٢٢ ه / ١٣٨٠ ش.
١٢٤.
العدّة في أصول الفقه. لشيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ). إعداد محمّد رضا
الأنصاري القمّي. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، قم ، ١٤١٧ ه / ١٣٧٦ ش.
١٢٥.
عدّة الداعي ونجاح الساعي. لأبي العبّاس أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي الأسدي ( ٧٥٧ ـ ٨٤١ ). تحقيق ونشر
: مؤسّسة المعارف الإسلاميّة. الطبعة الأولى ، قم ، ١٤٢٠ ه.
١٢٦.
عدّة الرجال. للسيّد محسن بن
الحسن الحسيني الأعرجي الكاظمي ( م ١٢٢٧ ه ). تحقيق مؤسّسة الهداية لإحياء
التراث. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، قم ، إسماعيليان ، ١٤١٥ ه.
١٢٧.
عوائد الأيّام. للمولى أحمد بن محمّد مهدي النراقي ( ١١٨٥ ـ ١٢٤٥ ). تحقيق مركز الأبحاث
والدراسات الإسلاميّة. الطبعة الأولى ، قم ، مكتب الإعلام الإسلامي ، ١٤١٧ ه /
١٣٧٥ ش.
١٢٨.
عون المعبود ( شرح سنن أبي داود ). لأبي الطيب محمّد شمس الحقّ العظيم آبادي. تحقيق محمّد
عثمان. الطبعة الثالثة ، ١٣ مجلّدا ، بيروت ، دار الفكر ، ١٣٩٩ ه / ١٩٧٩ م.
١٢٩.
عوالي اللآلي العزيزيّة في الأحاديث الدينيّة. للشيخ محمّد بن عليّ بن إبراهيم
الأحسائي المعروف بابن أبي جمهور ( م أوائل القرن العاشر ). تحقيق مجتبى العراقي. الطبعة الأولى ، ٤ مجلّدات ، قم ،
مطبعة سيّد الشهداء عليهالسلام ، ١٤٠٣ ـ ١٤٠٥ ه.
١٣٠.
عيون أخبار الرضا عليهالسلام. للشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي ( م ٣٨١ ).
تصحيح الشيخ حسين الأعلمي. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، بيروت ، مؤسّسة الأعلمي ،
١٤٠٤ ه / ١٩٨٤ م.
١٣١.
غاية المراد في شرح نكت الإرشاد. للشهيد الأوّل شمس الدين محمّد بن مكّي العاملي ( م ٧٨٦ ). تحقيق مركز
الأبحاث والدراسات الإسلاميّة. الطبعة الأولى ، ٤ مجلّدات ، قم ، مكتب الإعلام
الإسلامي ، ١٤١٤ ـ ١٤٢١ ه.
١٣٢.
غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع. لأبي المكارم السيّد حمزة بن عليّ بن زهرة الحسيني المعروف
بابن زهرة ( ٥١١ ـ ٥٨٥ ). تحقيق إبراهيم البهادري. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، قم ،
مؤسّسة الإمام الصادق عليهالسلام ، ١٤١٧ ـ ١٤١٨ ه.
١٣٣.
الغيبة. لشيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ). الطبعة الثانية ، قم ، مكتبة بصيرتي ، ١٤٠٨ ه.
١٣٤.
الغيبة. للشيخ ابن أبي زينب محمّد بن إبراهيم النعماني ( ق ٤ ). تحقيق عليّ أكبر الغفاري. طهران ، مكتبة الصدوق ، ١٣٩٧ ه.
١٣٥.
فائق المقال في الحديث والرجال. لأحمد بن عبد الرضا البصري ( ١٠٢٠ ـ ١٠٨٥ ). تحقيق غلام حسين قيصريّه ها.
الطبعة الأولى ، قم ، دار الحديث ، ١٣٨٠ ش / ١٤٢٢ ه.
١٣٦.
فتح الباري شرح صحيح البخاري. لأحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني ( ٧٧٣ ـ ٨٥٢ ). الطبعة الأولى ، ١٣ مجلّدا+
فهرس في مجلّدين مقدّمة ، بيروت ، دار الكتب العلميّة ، ١٤١٠ ه / ١٩٨٩ م.
١٣٧.
فتح العزيز في شرح الوجيز. لأبي القاسم عبد الكريم بن محمّد بن عبد الكريم الرافعي القزويني ( ٥٥٧ ـ ٦٢٣
). المطبوع مع « المجموع شرح المهذّب ». ٢٠ مجلّدا ، بيروت ، دار الفكر.
١٣٨.
الفردوس بمأثور الخطاب. لأبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي الهمداني ( ٤٤٥ ـ ٥٠٩ ).
تصحيح سعيد بن بسيوني زغلول. الطبعة الأولى ، ٥ مجلّدات ، بيروت ، دار الكتب
العلميّة ، ١٤٠٦ ه / ١٩٨٦ م.
١٣٩.
الفروق ، لشهاب الدين
أبي العبّاس الصنهاجي المشهور بالقرافي ( م ٦٨٤ ). ٤ أجزاء في ٣ مجلّدات ، بيروت ،
دار المعرفة.
١٤٠.
الفصول في الأصول. لأبي بكر أحمد بن عليّ الجصّاص الرازي ( ٣٠٥ ـ ٣٧٠ ). الطبعة الأولى ،
مجلّدان ، بيروت ، دار الكتب العلميّة ، ١٤٢٠ ه.
١٤١.
فقه الرضا ( الفقه المنسوب للإمام الرضا عليهالسلام ). لعليّ بن بابويه القمّي ( م ٣٢٩ ). تحقيق مؤسّسة آل
البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، الطبعة الأولى ، مشهد المقدّسة ، المؤتمر
العالمي للإمام الرضا عليهالسلام ، ١٤٠٦ ه.
١٤٢.
الفقيه ( كتاب من لا يحضره الفقيه ). للشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي ( م ٣٨١ ). تصحيح
عليّ أكبر الغفاري. الطبعة الثالثة ، ٤ مجلّدات ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ،
١٤١٤ ه.
١٤٣.
الفوائد الحائريّة. للشيخ محمّد باقر بن محمّد أكمل الوحيد البهبهاني ( ١١١٧ ـ ١٢٠٥ ). تحقيق
ونشر : مجمع الفكر الإسلامي. الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٥ ه.
١٤٤.
الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة. لأبي عبد الله محمّد بن عليّ الشوكاني ( ١١٧٣ ـ ١٢٥٠ ).
تحقيق محمّد عبد الرحمن عوض. بيروت ، دار الكتاب العربي ، ١٤٠٦ ه.
١٤٥.
الفوائد المدنيّة. لمحمّد أمين بن محمّد شريف الأسترآبادي ( م ١٠٣٣ ). تحقيق رحمة الله الرحمتي
الأراكي. الطبعة الأولى ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٤٢٤ ه.
_ فوائد الوحيد البهبهاني ـ رجال الخاقاني
١٤٦.
فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت. لعبد العليّ محمّد بن نظام الدين الأنصاري ـ المطبوع على هامش المستصفى ،
لأبي حامد محمّد بن محمّد الغزّالي ( ٤٥٠ ـ ٥٠٥ ) ـ الطبعة الأولى ، مصر ، المطبعة
الأميريّة ببولاق ، ١٣٢٢ ه.
١٤٧.
الفهرست. لشيخ الطائفة
محمّد بن الحسن الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ). إعداد السيّد محمّد صادق بحر العلوم. قم ،
الرضي. [ بالأوفست عن طبعة النجف الأشرف ، المكتبة المرتضويّة ].
١٤٨.
فهرست نسخه هاى خطى كتابخانه إمام صادق عليهالسلام قزوين. ( فهرس مخطوطات مكتبة الإمام الصادق عليهالسلام بقزوين ). تحقيق محمود طيّار المراغي. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، قزوين ، قسم
الدراسات والأبحاث في الحوزة العلميّة بقزوين ، ١٣٧٨ ش.
١٤٩.
فهرست نسخه هاى خطى كتابخانه عمومى آية الله العظمى مرعشى نجفى ( فهرس مخطوطات
مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي العامّة ). للسيّد أحمد الحسيني والسيّد محمود المرعشي النجفي ،
الطبعة الأولى ، صدر منه ٣٠ مجلّدا حتّى الآن+ الفهارس ، قم ، مكتبة آية الله
المرعشي النجفي ، ١٣٩٥ ـ ١٤٢٢ ه / ١٣٥٤ ـ ١٣٨٠ ش.
١٥٠.
فهرست نسخه هاى خطى كتابخانه غرب ـ مدرسه آخوند همدان. لجواد مقصود همداني. همدان ، ١٣٥٦ ش.
١٥١.
فهرست نسخه هاى خطى كتابخانه مسجد أعظم قم ( فهرس مخطوطات مكتبة المسجد الأعظم بقم
). للشيخ. رضا
الأستادي. الطبعة الأولى ، قم ، مكتبة المسجد الأعظم ، ١٣٦٥ ش.
١٥٢.
فيض القدير شرح الجامع الصغير. لمحمّد عبد الرءوف المناوي ( ٩٥٢ ـ ١٠٢٩ / ١٠٣١ ). الطبعة الثانية ، ٦
مجلّدات ، [ بيروت ] ، دار الفكر ، ١٣٩١ ه / ١٩٧٢ م.
١٥٣.
القاموس المحيط. لمجد الدين محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي ( ٧٢٩ ـ ٨١٧ ). تحقيق لجنة
التحقيق في دار
إحياء التراث. الطبعة الأولى ، ٤ مجلّدات ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ،
١٤١٢ ه / ١٩٩١ م.
١٥٤.
قرب الإسناد. لأبي العبّاس
عبد الله بن جعفر الحميري القمّي ( م بعد ٣٠٤ ). تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث. الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٣ ه / ١٩٩٣ م.
١٥٥.
قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام. للعلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ).
تحقيق ونشر : مؤسّسة النشر الإسلامي. الطبعة الأولى ، ٣ مجلّدات ، قم ، ١٤١٣ ـ ١٤١٩
ه.
١٥٦.
القواعد الجليّة في شرح الرسالة الشمسيّة. للعلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ).
تحقيق فارس حسّون تبريزيان. الطبعة الأولى ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم ، ١٤١٢ ه.
١٥٧.
القواعد والفوائد. للشهيد الأوّل شمس الدين محمّد بن مكّي العاملي ( م ٧٨٦ ). تحقيق عبد الهادي
الحكيم. الطبعة الثانية ، مجلّدان ، قم ، مكتبة المفيد. [ بالأوفست عن طبعة النجف
الأشرف ، مطبعة الآداب ، ١٩٨٠ م ].
١٥٨.
قوانين الاصول. للميرزا أبي القاسم بن الحسن الجيلاني ، المحقّق القمّي ( ١١٥١ ـ ١٢٣١ ). الطبعة
الحجرية ، مجلّدان ، طهران ، المكتبة العلميّة الإسلاميّة.
١٥٩.
الكاشف عن المحصول في علم الأصول. لأبي عبد الله محمّد بن محمود بن عبّاد العجلي الأصفهاني (
م ٦٥٣ ). تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ عليّ محمّد معوّض. الطبعة
الأولى ، ٦ مجلّدات ، بيروت ، دار الكتب العلميّة ، ١٤١٩ ه / ١٩٩٨ م.
١٦٠.
الكافي. لأبي جعفر ثقة
الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني الرازي ( م ٣٢٩ ). تحقيق عليّ أكبر الغفاري.
الطبعة الرابعة ، ٨ مجلّدات ، بيروت ، دار صعب ودار التعارف ، ١٤٠١ ه. [ بالأوفست
عن طبعة دار الكتب الإسلاميّة بطهران ].
١٦١.
الكافي في الفقه. لأبي الصلاح الحلبي تقيّ الدين بن نجم ( ٣٧٤ ـ ٤٤٧ ). تحقيق الشيخ رضا
الأستادي. [ الطبعة الأولى ] ، أصفهان ، مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، ١٤٠٣ ه.
١٦٢.
كتاب سيبويه. لأبي بشر عمرو
بن عثمان بن قنبر الملقّب بسيبويه ( ١٤٨ ـ ١٨٠ ). مجلّدان ، قم ، أدب الحوزة ،
١٤٠٤ ه. [ بالأوفست عن طبعة بيروت ١٣٨٧ ه / ١٩٦٧ م ].
١٦٣.
كتاب المقدّس ( أي كتب العهد القديم والعهد الجديد ). الطبعة الرابعة ، بيروت ، ١٨٧٥ م.
١٦٤.
الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل. لأبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري ( ٤٦٧ ـ ٥٣٨ ). تصحيح مصطفى
حسين أحمد. ٤ مجلّدات ، بيروت ، دار الكتاب العربي.
١٦٥.
كشف الخفاء ومزيل الإلباس عمّا اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس. لأبي الفداء إسماعيل بن محمّد الجرّاحي العجلوني الدمشقي (
١٠٨٧ ـ ١١٦٢ ). تحقيق أحمد القلاّش. الطبعة الخامسة ، مجلّدان ، بيروت ، مؤسّسة
الرسالة ، ١٤٠٨ ه.
١٦٦.
كشف الغطاء. للشيخ جعفر بن
خضر كاشف الغطاء ( ١١٥٤ ـ ١٢٢٨ ). تحقيق ونشر : مكتب الإعلام الإسلامي. الطبعة
الأولى ، ٤ مجلّدات ، قم ، ١٤٢٢ ه / ١٣٨٠ ش.
١٦٧.
كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد. للعلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ).
تحقيق حسن حسن زاده الآملي. الطبعة الأولى ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٤٠٧ ه.
١٦٨.
كفاية الأحكام ( كفاية الفقه ). للمولى محمّد باقر السبزواري ( م ١٠٩٠ ). تحقيق مرتضى الواعظي الأراكي.
الطبعة الأولى ، مجلّدان ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٤٢٣ ه.
١٦٩.
كفاية الطالبيين. للشيخ أحمد بن المتوّج البحراني ( م ٨٢٠ ). مخطوط.
١٧٠.
كمال الدين وتمام النعمة. للشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي ( م ٣٨١ ). تحقيق عليّ أكبر
الغفاري. قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٤٠٥ ه.
١٧١.
كنز العرفان في فقه القرآن. لجمال الدين المقداد بن عبد الله السيوري المعروف بالفاضل المقداد ( م ٨٢٦ ).
إعداد محمّد باقر البهبودي. الطبعة الثالثة ، جزءان في مجلّد واحد ، طهرا ،
المكتبة المرتضويّة ، ١٣٤٣ ش / ١٣٨٤ ه.
١٧٢.
كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال. لعلاء الدين عليّ المتّقي بن حسان الدين الهندي ( ٨٨٨ ـ ٩٧٥
). إعداد بكري حياني وصفوة السقا. الطبعة الخامسة ، ١٨ مجلّدا ، بيروت ، مؤسّسة
الرسالة ، ١٤٠٥ ه / ١٩٨٥ م.
١٧٣.
لباب الألقاب في ألقاب الأطياب. للمولى حبيب الله الشريف الكاشاني ( م ١٣٤٠ ). الطبعة الثانية ، قم ،
المطبعة العلميّة ، ١٣٧٢ ش / ١٤١٤ ه.
١٧٤.
لسان العرب. لجمال الدين
محمّد بن مكرم بن منظور المصري ( ٦٣٠ ـ ٧١١ ). ١٨ مجلّدا ، قم ، أدب الحوزة ، ١٤٠٥
ه. [ بالأوفست عن طبعة بيروت ، ١٣٧٦ ه ].
١٧٥.
مبادئ الوصول إلى علم الأصول. للعلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ). إعداد عبد الحسين
محمّد عليّ البقّال. الطبعة الثانية ، بيروت ، دار الأضواء ، ١٤٤٠٦ ه / ١٩٨٦ م.
١٧٦.
المبسوط. لشيخ الطائفة
محمّد بن الحسن الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ). إعداد السيّد محمّد تقي الكشفي ومحمّد باقر
البهبودي. الطبعة الثانية ، ٨ أجزاء في ٤ مجلّدات ، طهران ، المكتبة المرتضويّة ،
١٣٨٧ ـ ١٣٩٣ ه.
١٧٧.
مبسوط السرخسي. لشمس الدين السرخسي الحنفي محمّد بن أحمد بن أبي سهل ( م ٤٨٣ ). ٣٠ جزءا في
١٥ مجلّدا+ الفهرس ، بيروت ، دار المعرفة ، ١٤٠٦ ه / ١٩٨٦ م [ بالأوفست عن طبعته
السابقة ، ١٣٣١ ه ].
١٧٨.
مجمع البحرين ومطلع النيّرين. للشيخ فخر الدين بن محمّد الطريحي ( ٩٧٩ ـ ١٠٨٧ ). إعداد السيّد أحمد
الحسيني. ٦ مجلّدات ، طهران ، المكتبة المرتضوية ، ١٣٦٥ ش.
١٧٩.
مجمع البيان في تفسير القرآن. لأبي عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي ( حوالي ٤٧٠ ـ ٥٤٨ ). تحقيق لجنة من
العلماء. الطبعة الأولى ، ١٠ مجلّدات ، بيروت ، مؤسّسة الأعلمي ، ١٤٤١٥ ه / ١٩٩٥
م.
١٨٠.
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد. للحافظ نور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثمي ( م ٨٠٧ ). بتحرير العراقي وابن
حجر. الطبعة الثالثة ، ١٠ مجلّدات+ الفهرس في مجلّدين ، بيروت ، دار الكتاب العربي
، ١٤٠٢ ه / ١٩٨٢ م.
١٨١.
المجموع شرح المهذّب. لأبي زكريّا محي الدين بن شرف النووي الشافعي ( ٦٣١ ـ ٦٧٦ ). ٢٠ مجلّدا ،
بيروت ، دار الفكر.
١٨٢.
مجموعة فتاوى ابن تيميّة ( الفتاوى الكبرى ). لابن تيميّة تقي
الدين أحمد بن عبد الحكيم ( ٦٦١ ـ ٧٢٨ ). ٥ مجلّدات ، بغداد ، مطبعة المثنى. [
بالأوفست عن طبعة القاهرة ].
١٨٣.
المحاسن. لأبي جعفر أحمد
بن محمّد بن خالد البرقي ( م ٢٧٤ / ٢٨٠ ). تحقيق السيّد مهدي الرجائي. الطبعة
الثانية ، مجلّدان ، قم ، المجمع العالمي لأهل البيت عليهمالسلام ، ١٤١٦ ه.
١٨٤.
المحصول في علم الأصول. لأبي عبد الله محمّد بن عمر بن الحسين فخر الدين الرازي ( ٥٤٤ ـ ٦٠٦ ).
تحقيق طه جابر فيّاض العلواني. الطبعة الثانية ، ٦ مجلّدات ، بيروت ، مؤسّسة
الرسالة ، ١٤١٢ ه / ١٩٩٢ م.
_ مختصر المنتهى ـ شرح مختصر الأصول
١٨٥.
مختلف الشيعة في أحكام الشريعة. للعلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ). تحقيق مركز
الأبحاث والدراسات الإسلاميّة. الطبعة الأولى ، ٩ مجلّدات+ الفهرس ، قم ، مكتب
الإعلام الإسلامي ، ١٤١٢ ـ ١٤٢٠ ه.
١٨٦.
مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام. للسيّد محمّد بن عليّ الموسوي العاملي ( ٩٥٦ ـ ١٠٠٩ ).
تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث. الطبعة الأولى ، ٨ مجلّدات ، قم ، ١٤١٠ ه.
١٨٧.
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول. للعلاّمة محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي ( ١٠٣٧ ـ ١١١٠
). إعداد هاشم الرسولي ومحسن الحسيني الأميني. الطبعة الأولى ، ٢٦ مجلّدا ، طهران
، دار الكتب الإسلاميّة ، ١٤٠٤ ـ ١٤١١ ه / ١٣٦٣ ـ ١٣٦٩ ش.
١٨٨.
المراسم النبويّة والأحكام العلويّة. لحمزة بن عبد العزيز الديلمي الملقّب بسلاّر ( م ٤٤٨ /
٤٦٣ ). إعداد محمود البستاني. قم ، منشورات حرمين ، ١٤٠٦ ه. [ بالأوفست عن طبعته
السابقة ، ١٤٠٠ ه / ١٩٨٠ م ].
١٨٩.
مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام. للشهيد الثاني زين الدين بن عليّ العاملي ( ٩١١ ـ ٩٦٥ ). تحقيق
ونشر : مؤسّسة المعارف الإسلاميّة. الطبعة الأولى ، ١٥ مجلّدا ، قم ، ١٤١٣ ـ ١٤١٩
ه.
١٩٠.
المستدرك على الصحيحين. لأبي عبد الله محمّد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري ( ٣٢١ ـ ٤٠٣ /
٤٠٥ ). تحقيق أبو عبد الله عبد السلام بن محمّد بن عمر علّوش. الطبعة الأولى ، ٥
مجلّدات+ الفهارس ، بيروت ، دار المعرفة ، ١٤١٨ ه / ١٩٩٨ م.
_ المستدرك للحاكم ـ المستدرك على الصحيحين
١٩١.
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل. للحاج الميرزا حسين المحدّث النوري ( ١٢٥٤ ـ ١٣٢٠ ). إعداد ونشر : مؤسّسة آل
البيت عليهمالسلام لإحياء التراث. الطبعة الأولى ، ١٨ مجلّدا ، قم ، ١٤٠٧ ه.
١٩٢.
المستصفى في علم الأصول. لأبي حامد محمّد بن محمّد الغزّالي ( ٤٥٠ ـ ٥٠٥ ). إعداد محمّد عبد السّلام
عبد الشافي. الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الكتب العلميّة ، ١٤١٣ ه / ١٩٩٣ م.
١٩٣.
مشرق الشمس وإكسير السعادتين. للشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسين العاملي ( ٩٥٣ ـ ١٠٣٠ ). تحقيق السيّد
مهدي الرجائي. الطبعة الأولى ، مشهد ، مجمع البحوث الإسلاميّة ، ١٤١٤ ه.
١٩٤.
المصباح المنير ( في غريب الشرح الكبير للرافعي ). لأحمد بن محمّد المقري الفيّومي ( م حوالي ٧٧٠ ). جزءان في
مجلّد واحد ، قم ، دار الهجرة ، ١٤٠٥ ه. [ بالأوفست عن طبعة بيروت ].
١٩٥.
مصنّفات الشيخ المفيد. للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي ( ٣٣٦ ـ ٤١٣ ).
الطبعة الأولى ، ١٤ مجلّدا ، قم ، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ١٤١٣ ه.
١٩٦.
المطوّل في شرح تلخيص المفتاح. لسعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني ( ٧١٢ ـ ٧٩١ ). قم ، مكتبة
آية الله المرعشي النجفي ، ١٤٠٧ ه.
١٩٧.
معارج الأصول. للمحقّق الحلّي
نجم الدين جعفر بن حسن بن يحيى بن سعيد الهذلي ( ٦٠٢ ـ ٦٧٦ ). إعداد السيّد محمّد
حسين الرضوي. الطبعة الأولى ، قم ، مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، ١٤٠٣ ه.
_ معالم التنزيل ـ تفسير البغوي
١٩٨.
معالم الدين وملاذ المجتهدين. للشيخ الحسن بن زين الدين العاملي ( ٩٥٩ ـ ١٠١١ ). الطبعة الثانية عشرة ، قم
، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٤١٧ ه. وتصحيح الميرزا محسن. دار الطباعة حاجي
إبراهيم ، بخطّ عبد الرحيم.
١٩٩.
معاني الأخبار. للشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي ( م ٣٨١ ). تحقيق عليّ أكبر
الغفاري. قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٣٦١ ش.
٢٠٠.
معاني القرآن. لأبي زكريّا
يحيى بن زياد الفرّاء ( م ٢٠٧ ). تحقيق أحمد يوسف نجاتي ومحمّد عليّ النجّار.
الطبعة الأولى ، ٣ مجلّدات ، طهران ، انتشارات ناصر خسرو.
٢٠١.
المعتبر في شرح المختصر. للمحقّق الحلّي نجم الدين جعفر بن حسن بن يحيى بن سعيد الهذلي ( ٦٠٢ ـ ٦٧٦ ).
إعداد عدّة من الطلاّب. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، قم ، مؤسّسة سيّد الشهداء عليهالسلام ، ١٣٦٤ ش.
٢٠٢.
المعتمد في أصول الفقه. لأبي الحسين محمّد بن عليّ بن الطيّب البصري ( م ٤٣٦ ). تقديم الشيخ خليل
الميس. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، بيروت ، دار الكتب العلميّة ، ١٤٠٣ ه / ١٩٨٣ م.
٢٠٣.
معجم اللغة العربيّة. لعدّة من الأساتذة. الطبعة الأولى ، ١٠ مجلّدات ، بيروت ، دار المحيط ، ١٩٩٥
م.
_ معجم مقاييس اللغة ـ مقاييس اللغة
٢٠٤.
المعجم الوسيط. لعدّة من الأفاضل. الطبعة الخامسة ، طهران ، مكتب نشر الثقافة الإسلاميّة ،
١٤٤١٦ ه / ١٣٧٤ ش. [ بالأوفست عن طبعة مصر ].
٢٠٥.
معراج أهل الكمال. للشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي المعروف بالمحقّق البحراني ( م ١١٢١ ).
تحقيق السيّد مهدي الرجائي. الطبعة الأولى ، قم ، مطبعة سيّد الشهداء عليهالسلام ، ١٤١٢ ه.
٢٠٦.
المغني. لأبي محمّد عبد
الله بن أحمد بن محمّد بن قدامة المقدسي الحنبلي ( ٥٤١ ـ ٦٢٠ ). الطبعة الأولى ،
١٤ مجلّدا ، بيروت ، دار الفكر ، ١٤٠٤ ه / ١٩٨٤ م.
٢٠٧.
مغني اللبيب عن كتب الأعاريب. لأبي محمّد عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري المصري ( ٧٠٨ ـ ٧٦١ ). تحقيق
محمّد محيي الدين عبد الحميد. جزءان في مجلّد واحد ، بيروت ، دار الكتاب العربي.
٢٠٨.
مفاتيح الاصول. للسيّد محمّد بن آقا مير سيّد بن السيّد محمّد الطباطبائي ( ١١٨٠ ـ ١٢٤٢ ).
قم ، مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث. [ بالأوفست عن طبعته الحجرية ].
٢٠٩.
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة. للسيّد محمّد جواد الحسيني العاملي ( م حوالي ١٢٢٧ ). تحقيق
محمّد باقر الخالصي. الطبعة الأولى ، صدر حتّى الآن ٩ مجلّدات ، قم ، مؤسّسة النشر
الإسلامي ، ١٤١٩ ـ ١٤٢٢ ه. و ١٠ مجلّدات ، قم ، مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث [ بالأوفست عن طبعته السابقة ].
٢١٠.
المفردات في غريب القرآن. لأبي القاسم الحسين بن محمّد بن المفضّل المعروف بالراغب الأصفهاني ( م ٥٠٢
). تحقيق محمّد سيّد كيلاني ، بيروت ، دار المعرفة.
٢١١.
مقاييس اللغة. لأبي الحسين
أحمد بن فارس بن زكريّا ( م ٣٩٥ ). تحقيق عبد السلام محمّد هارون. ٦ مجلّدات ، قم
، مكتب الإعلام الإسلامي ، ١٤٠٤ ه. [ بالأوفست عن طبعته السابقة ].
٢١٢.
مقباس الهداية في علم الدراية. للعلاّمة الشيخ عبد الله المامقاني ( ١٢٩٠ ـ ١٣٥١ ). تحقيق الشيخ محمّد رضا
المامقاني. الطبعة الأولى ، ٣ مجلّدات ، بيروت ، مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، ١٤١١ ه.
٢١٣.
المقتضب. لأبي العبّاس
محمّد بن يزيد المبرّد ( ٢١٠ ـ ٢٨٥ ). تحقيق محمّد عبد الخالق عضيمة. ٤ مجلّدات ،
بيروت ، عالم الكتب.
٢١٤.
مقدّمة ابن الصّلاح في علوم الحديث. لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري المعروف بابن
الصلاح ( ٥٧٧ ـ ٦٤٣ ). تحقيق أبو عبد الرحمن صلاح بن محمّد بن عويضة. الطبعة
الأولى ، بيروت ، دار الكتب العلميّة ، ١٤١٦ ه / ١٩٩٥ م.
٢١٥.
المقنع. للشيخ الصدوق
محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي ( م ٣٨١ ). تحقيق ونشر : مؤسّسة الإمام الهادي عليهالسلام. الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٥ ه.
٢١٦.
المقنعة. للشيخ المفيد
محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي ( ٣٣٦ ـ ٤١٣ ). إعداد مؤسّسة النشر
الإسلامي. الطبعة الثانية ، قم ، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، ١٤١٣ ه.
٢١٧.
ملخّص إبطال القياس. لأبي محمّد عليّ بن أحمد المعروف بابن حزم الأندلسي ( ٣٨٤ ـ ٤٥٦ ). تحقيق
سعيد الأفغاني. الطبعة الثانية ، بيروت ، دار الفكر ، ١٣٨٩ ه / ١٩٦٩ م.
٢١٨.
مناهج اليقين. للعلاّمة الحسن
بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ). تحقيق محمّد رضا الأنصاري القمّي.
الطبعة الأولى ، قم ، مطبعة ياران ، ١٤١٦ ه / ١٣٧٤ ش.
٢١٩.
مناهل العرفان في علوم القرآن. لمحمّد عبد العظيم الزرقاني ( م ١٣٦٧ ). مجلّدان ، القاهرة ، دار إحياء
الكتب العربيّة ، ١٣٦٢ ه / ١٩٤٣ م.
٢٢٠.
المنتظم في تاريخ الأمم والملوك. لعبد الرحمن بن عليّ بن محمّد بن الجوزي ( م ٥٩٧ ).
تحقيق محمّد عبد
القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا. الطبعة الأولى ، ١٨ مجلّدا+ الفهارس ، بيروت ،
دار الكتب العلميّة ، ١٤١٢ ـ ١٤١٣ ه.
٢٢١.
منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان. لجمال الدين حسن بن زين الدين العاملي ( ٩٥٩ ـ ١٠١١ ).
تحقيق عليّ أكبر الغفاري. الطبعة الأولى ، ٣ مجلّدات ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي
، ١٤٠٤ ـ ١٤٠٧ ه.
٢٢٢.
المنتقى من أخبار المصطفى صلىاللهعليهوآله. لمجد الدين أبي البركات عبد السّلام بن تيميّة ( ٥٩٠ ـ ٦٥٣
). الطبعة الثانية ، مجلّدان ، بيروت ، دار الفكر ، ١٤٣٩٣ ه / ١٩٧٤ م.
٢٢٣.
منتهى المطلب في تحقيق المذهب. للعلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ). تحقيق ونشر : مجمع
البحوث الإسلاميّة. الطبعة الأولى ، صدر منه حتّى الآن ٨ مجلّدات ، مشهد ، ١٤١٢ ـ ١٤٢٣
ه.
٢٢٤.
منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل. لجمال الدين أبي عمر عثمان بن عمرو بن أبي بكر المقري
المعروف بابن الحاجب ( ٥٧١ ـ ٦٤٦ ). بيروت ، دار الكتب العلميّة.
٢٢٥.
المنخول من تعليقات الأصول. لأبي حامد محمّد بن محمّد الغزّالي ( ٤٥٠ ـ ٥٠٥ ). تحقيق محمّد حسن هيتو.
الطبعة الثانية ، دمشق ، ١٤٠٠ ه / ١٩٨٠ م.
٢٢٦.
منهاج الأصول. للقاضي ناصر
الدين عبد الله بن عمر البيضاوي ( م ٦٨٥ ). المطبوع ضمن « نهاية السئول في شرح
منهاج الأصول ». ٤ مجلّدات ، القاهرة ، عالم الكتب ، ١٤١٣ ه.
٢٢٧.
منية اللبيب في شرح التهذيب. للسيّد ضياء الدين عبد الله بن الأعرج الحسيني الحلّي ( ق ٨ ). الطبعة
الحجرية ، لكنهو ، ١٣١٦ ه.
٢٢٨.
منية المريد في أدب المفيد والمستفيد. للشهيد الثاني زين الدين بن عليّ العاملي ( ٩١١ ـ ٩٦٥ ). تحقيق
رضا المختاري. الطبعة الأولى ، قم ، مكتب الإعلام الإسلامي ، ١٤٠٩ ه / ١٣٦٨ ش.
٢٢٩.
المهذّب البارع في شرح المختصر النافع. لأبي العبّاس أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي الأسدي ( ٧٥٧ ـ
٨٤١ ). تحقيق مجتبى العراقي. الطبعة الأولى ، ٥ مجلّدات ، قم ، مؤسّسة النشر
الإسلامي ، ١٤٠٧ ـ ١٤١٣ ه.
٢٣٠.
المهذّب في فقه الشافعي. لأبي إسحاق إبراهيم بن عليّ بن يوسف الفيروزآبادي الشيرازي
( م ٤٧٦ ). الطبعة
الأولى ، مجلّدان ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، ١٤١٤ ه / ١٩٩٤ م.
٢٣١.
موسوعة العلاّمة البلاغي. الإعداد مركز إحياء التراث الإسلامي في مركز العلوم والثقافة الإسلاميّة.
الطبعة الأولى ، ٩ مجلّدات ، قم ، مركز العلوم والثقافة الإسلاميّة ، ١٤٢٨ ه.
٢٣٢.
موسوعة كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم. لمحمّد عليّ بن شيخ عليّ بن قاضي محمّد حامد بن محمّد
صابر التهانوي ( م بعد ١١٥٨ ). تحقيق عليّ دحروج. الطبعة الأولى ، مجلّدان ، بيروت
، مكتبة لبنان ناشرون ، ١٩٩٦ م.
٢٣٣.
الموطّأ. لأبي عبد الله مالك بن أنس ( ٩٣ ـ ١٧٩ ). تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي. الطبعة الأولى ، مجلّدان ،
بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، ١٤٠٦ ه / ١٩٨٥ م.
٢٣٤.
النحو الوافي. لعبّاس حسن. ٤
مجلّدات ، طهران ، ناصر خسرو ، ١٤٠٩ ه. [ بالأوفست عن طبعة القاهرة ، دار المعارف
بمصر ].
٢٣٥.
النشر في القراءات العشر. لابن الجزري محمّد بن محمّد الدمشقي ( ٧٥١ ـ ٨٣٣ ). إعداد عليّ محمّد الضباع
، مجلّدان ، طهران ، مكتبة الجعفري التبريزي. [ بالأوفست عن طبعة مصر ].
٢٣٦.
نضد القواعد الفقهيّة على مذهب الإماميّة. لجمال الدين المقداد بن عبد الله السيوري الحلّي المعروف
بالفاضل المقداد ( م ٨٢٦ ). إعداد عبد اللطيف الكوهكمري. [ الطبعة الأولى ] ، قم ،
مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، ١٤٠٣ ه.
٢٣٧.
النهاية. لشيخ الطائفة
محمّد بن الحسن الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ). قم ، قدس. [ بالأوفست عن طبعة بيروت ].
٢٣٨.
نهاية الإحكام في معرفة الأحكام. للعلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ). إعداد السيّد مهدي
الرجائي. الطبعة الثانية ، مجلّدان ، قم ، إسماعيليان ، ١٤١٠ ه.
٢٣٩.
نهاية الدراية ( في شرح الرسالة الموسومة بالوجيزة للبهائي ). للسيّد حسن الصدر العاملي الكاظمي ( ١٢٧٢ ـ ١٣٥٤ ). تحقيق
الشيخ ماجد الغرباوي. الطبعة الأولى ، قم ، المشعر ، ١٤١٣ ه.
٢٤٠.
نهاية السؤل في شرح منهاج الأصول. لأبي محمّد عبد الرحيم بن الحسن الأسنوي ( ٧٠٤ ـ ٧٧٢ ). ٤
مجلّدات ، القاهرة ، عالم الكتب ، ١٣٤٣ ه.
٢٤١.
النهاية في غريب الحديث والأثر. لأبي السعادات مجد الدين المبارك بن محمّد بن محمّد المعروف بابن الأثير
الجزري ( ٥٤٤ ـ ٦٠٦ ). تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمّد الطناحي. الطبعة
الرابعة ، ٥ مجلّدات ، قم ، إسماعيليان ، ١٣٦٣ ش [ بالأوفست عن طبعة بيروت ].
٢٤٢.
نهاية الوصول إلى علم الأصول. للعلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ). تحقيق الشيخ
إبراهيم البهادري. الطبعة الأولى ، ٥ مجلّدات ، مؤسّسة الإمام الصادق عليهالسلام ، ١٤٢٥ ـ ١٤٢٩ ه.
٢٤٣.
نهج البلاغة ( ما اختاره المؤلّف من كلام أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلّين
). لأبي الحسن الشريف
الرضيّ محمّد بن الحسين بن موسى الموسوي ( ٣٥٩ ـ ٤٠٦ ). تحقيق صبحي الصالح. الطبعة
الأولى ، طهران ، دار الأسوة ، ١٤١٥ ه.
٢٤٤.
النوادر لابن عيسى. لأبي جعفر أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري القمّي ( ق ٣ ). تحقيق ونشر : مؤسّسة
الإمام المهديّ عليهالسلام. الطبعة الأولى ، قم ، ١٤٠٨ ه.
٢٤٥.
الوافية في أصول الفقه. للفاضل التوني المولى عبد الله بن محمّد البشروي الخراساني ( م ١٠٧١ ).
تحقيق السيّد محمّد حسين الرضوي الكشميري. الطبعة الثانية ، قم ، مجمع الفكر
الإسلامي ، ١٤١٥ ه.
٢٤٦.
وسائل الشيعة ( تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ). للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي ( ١٠٣٣ ـ ١١٠٤ ).
تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث. الطبعة الأولى ، ٣٠ مجلّدا ، قم ، ١٤٠٩ ـ ١٤١٢
ه.
٢٤٧.
الوسيلة إلى نيل الفضيلة. لعماد الدين أبي جعفر محمّد بن عليّ بن حمزة الطوسي ( ق ٦ ). إعداد محمّد
الحسّون. الطبعة الأولى ، قم ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، ١٤٠٨ ه.
٢٤٨.
وصول الأخيار إلى أصول الأخبار. للشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي ( ٩١٨ ـ ٩٨٤ ). تحقيق السيّد عبد
اللطيف الكوهكمري. الطبعة الأولى ، قم ، مجمع الذخائر الإسلاميّة ، ١٤٠١ ه.
٨. فهرس الموضوعات
دليل الجزء الثاني............................................................. ٥٨٩
المبحث الثالث : في مشتركات الكتاب
والسنّة
الباب الأوّل : في الأمر والنهي
في معنى مادّة الأمر وصيغته................................................... ٥٩٣
ف ١ ـ في حقيقة الأمر.................................................... ٥٩٦
ف ٢ ـ في معاني صيغة الأمر وموارد
استعماله................................. ٦٠٠
ف ٣ ـ في تشابه الأمر والخبر والنهي
والنفي.................................. ٦١٤
ف ٤ ـ في معنى الأمر بعد الحظر أو الكراهة................................... ٦١٥
ف ٥ ـ في أنّ الأمر المطلق لطلب الماهيّة
لا للمرّة والتكرار....................... ٦١٨
ف ٦ ـ في أنّ الأمر المعلّق على شرط أو
صفة هل يتكرّر بتكرّرهما أم لا؟.......... ٦٢٦
فائدة
: في أنّ تعليق الإنشاء والخبر لا يفيد التكرار............................ ٦٣٠
ف ٧ ـ في عدم دلالة الأمر على الفور أو
التراخي.............................. ٦٣١
ف ٨ ـ في أنّ الأمر بالموقّت لا يقتضي
فعله في ما بعد ذلك الوقت............... ٦٤٠
تذنيب
: في عدم سقوط التكليف إذا لم يأت بالمأمور به المطلق أوّل أوقات الإمكان ٦٤٣
ف ٩ ـ في أنّ الأمر بالشيء المعيّن هل هو
نهي عن ضدّه أم لا؟................... ٦٤٥
تتمّة
: في عدول بعضهم إلى القول بأنّ الأمر بالشيء يقتضي عدم الأمر بالضدّ.... ٦٧٠
ف ١٠ ـ في أنّ الأمر بالأمر بالشيء ليس
أمرا بذلك الشيء..................... ٦٧١
ف ١١ ـ في أنّ المراد من الأمر الماهيّة
من حيث هي لا الفعل الجزئيّ.............. ٦٧٢
ف ١٢ ـ في الأمران المتعاقبان المتماثلان...................................... ٦٧٤
ف ١٣ ـ في أنّ الأمر بالعلم بشيء لا
يستلزم حصول هذا الشيء................. ٦٧٦
ف ١٤ ـ في أنّ المخبر بأمر غيره بالشيء
يدخل فيه إن تناوله.................... ٦٧٦
ف ١٥ ـ في الإجزاء....................................................... ٦٧٧
ف ١٦ ـ في أنّ حدّ النهي هو القول الدالّ
بالوضع على طلب الترك استعلاء....... ٦٧٨
ف ١٧ ـ في معاني صيغة النهي.............................................. ٦٨٠
ف ١٨ ـ في أنّ النهي المطلق للتكرار
والدوام.................................. ٦٨٢
ف ١٩ ـ في أنّ النهي بعد الوجوب هل هو
للجواز أو للحظر................... ٦٨٣
تتمّة
: في أنّ النهي بعد الاستئذان كالنهي بعد الوجوب....................... ٦٨٣
ف ٢٠ ـ في أنّ النهي عن الشيء إمّا أن
يكون لعينه أو جزئه أو وصفه........... ٦٨٣
ف ٢١ ـ في أنّ حصول الامتثال في الأمر
والنهي يتغيّر بتغيّر متعلّقهما............ ٦٩٨
الباب الثاني : في العامّ والخاصّ
في حدّ العام................................................................ ٦٩٩
ف ١ ـ في الفرق بين العامّ والمطلق........................................... ٧٠١
ف ٢ ـ في عروض العموم للمعاني........................................... ٧٠٢
ف ٣ ـ في ما يفيد العموم.................................................. ٧٠٣
ف ٤ ـ في صيغ العموم.................................................... ٧٠٦
ف ٥ ـ في الأدلّة الدالّة على أنّ للعموم
صيغة تخصّه في إفادته للعموم.............. ٧٠٨
تذنيب
: في دلالة المفرد المعرّف إذا تقدّمت قرينة العهد........................ ٧١٩
فائدة
: في أنّ « إذا » تفيد الماهيّة لغة والعموم شرعا.......................... ٧٢٠
تتمّة
: في أنّ أقلّ مراتب الجمع ثلاثة لا اثنان................................. ٧٢١
ف ٦ ـ في عدم خروج العامّ عن عمومه إذا
تضمّن معنى المدح أو الذمّ............ ٧٢٤
ف ٧ ـ في أنّ حكاية الصحابي حالا بلفظ
ظاهره العموم ، لا يفيد العموم......... ٧٢٥
ف ٨ ـ الفعل المتعدّي إذا وقع في سياق
النفي ولم يذكر مفعوله أفاد العموم........ ٧٢٥
ف ٩ ـ الفعل المثبت لا يفيد العموم في
أقسامه وجهاته......................... ٧٢٧
ف ١٠ ـ في أنّ العطف على العامّ لا يقتضي
عموم المعطوف.................... ٧٢٧
ف ١١ ـ الحكم على المعطوف بحكم المعطوف
عليه العامّ لا يقتضي عدم دخول الأوّل في الثاني ٧٢٨
ف ١٢ ـ المأمور به إذا كان اسم جنس مجرورا
بـ « من » فمقتضاه الإيجاب...... ٧٢٨
ف ١٣ ـ في المقتضي وتقديراته............................................. ٧٣٠
ف ١٤ ـ ترك الاستفصال في حكاية الحال مع
قيام الاحتمال يفيد العموم......... ٧٣٢
تذنيب
: في أنّ قضايا الأعيان وحكايات الأحوال لا يفيد العموم............... ٧٣٣
ف ١٥ ـ إطلاق ما وضع لخطاب المشافهة على
المعدومين جائز مجازا.............. ٧٣٤
ف ١٦ ـ في عدم دخول النساء في ما ميّز فيه
بين المذكّر والمؤنّث بعلامة.......... ٧٣٨
ف ١٧ ـ في أنّ العموم الوارد من الشرع
يتناول العبيد مطلقا.................... ٧٤٠
ف ١٨ ـ دخول المتكلّم في عموم تعلّق خطابه................................. ٧٤١
ف ١٩ ـ خطاب الشارع لواحد من الامّة لا
يعمّ جميع الامّة.................... ٧٤٢
ف ٢٠ ـ الفرد النادر يدخل في العموم....................................... ٧٤٢
ف ٢١ ـ في حجّيّة المفهوم وعمومه.......................................... ٧٤٢
ف ٢٢ ـ تعليق الحكم على العلّة يفيد
العموم................................. ٧٤٣
ف ٢٣ ـ في التخصيص.................................................... ٧٤٤
فائدة
: بيان الفرق بين التخصيص والنسخ................................... ٧٤٥
ف ٢٤ ـ العامّ بعد التخصيص حقيقة مطلقا في
الباقي.......................... ٧٤٦
ف ٢٥ ـ جواز تخصيص العامّ إلى أيّ مرتبة
كانت............................. ٧٤٨
تذنيب
: في جواز تقييد المطلق إلى واحد.................................... ٧٥٣
ف ٢٦ ـ في أنّ العامّ المخصّص بمبيّن هل
هو حجّة أم لا؟....................... ٧٥٣
ف ٢٧ ـ في تبعيّة الجواب للسؤال في عمومه
وخصوصه........................ ٧٥٥
ف ٢٨ ـ الخلاف في جواز العمل بالعموم قبل
البحث عن طلب المخصّص........ ٧٥٨
ف ٢٩ ـ في أقسام المخصّص................................................ ٧٦١
ف ٣٠ ـ عدم مدخليّة الاستثناء المنقطع في
التخصيص.......................... ٧٦٢
ف ٣١ ـ لفظ « الاستثناء » حقيقة في
المتّصل ، مجاز في المنقطع................. ٧٦٢
ف ٣٢ ـ إذا كان الاستثناء مشتركا بين
المتّصل والمنفصل ، لم يحدّا بحدّ واحد...... ٧٦٣
ف ٣٣ ـ في المراد من « العشرة » في « له
عشرة إلاّ ثلاثة »..................... ٧٦٥
ف ٣٤ ـ اشتراط الاتّصال العادي في
الاستثناء................................. ٧٦٩
ف ٣٥ ـ في الاستثناء المستغرق............................................. ٧٧٠
ف ٣٦ ـ صلاحيّة كلّ واحد من أدوات
الاستثناء لأن يقع صفة................. ٧٧٢
تذنيبات
الأوّل
: أدوات الاستثناء.................................................. ٧٧٢
الثاني
: اتّفاق النحاة على أنّ أصل « غير » هو الصفة......................... ٧٧٣
الثالث
: الاستثناء بـ « إلاّ » إمّا في كلام موجب أو منفي.................... ٧٧٣
ف ٣٧ ـ في أنّ الاستثناء المجهول بأقسامه
باطل في العقود....................... ٧٧٥
ف ٣٨ ـ في أنّ إطلاق الاستثناء على
الاستثناء المنقطع مجازف................... ٧٧٦
ف ٣٩ ـ في عدم جواز تقديم المستثنى في
أوّل الكلام........................... ٧٧٦
ف ٤٠ ـ في أنّ الاستثناء من الإثبات نفي.................................... ٧٧٧
ف ٤١ ـ في أنّ النفي المشتمل على
الاستثناء هو نفي محض..................... ٧٧٩
ف ٤٢ ـ في تعدّد المستثنى منه أو
الاستثناء خاصّة.............................. ٧٨٠
تذنيب
: قرائن اتّحاد أو تعدّد كل واحد من المستثنى منه والاستثناء............. ٧٩٢
ف ٤٣ ـ في أقسام الشرط.................................................. ٧٩٤
ف ٤٤ ـ في أنّ الشرط اللغوي والجزاء إمّا
يتّحدان أو يتعدّدان................... ٧٩٤
تذنيب
: في أنّ الشرط إن وجد دفعة يتمّ المشروط عنده....................... ٧٩٥
فائدة
: حكم الشرط كحكم الاستثناء في وجوب الاتّصال.................... ٧٩٥
ف ٤٥ ـ من المخصّصات المتّصلة : الصفة.................................... ٧٩٦
ف ٤٦ ـ من المخصّصات المتّصلة : الغاية..................................... ٧٩٦
ف ٤٧ ـ من مخصّصات العموم : الحال...................................... ٧٩٧
تذنيب
: في إمكان تخصيص العمومات بالتمييز وظرفا الزمان والمكان............ ٧٩٧
ف ٤٨ ـ في المخصّصات المنفصلة........................................... ٧٩٨
ف ٤٩ ـ في جواز تخصيص المنطوق بالمفهوم.................................. ٨٠٩
ف ٥٠ ـ في أنّ مذهب الراوي لعامّ على خلاف
العموم ليس مخصّصا له........... ٨١٠
ف ٥١ ـ في جواز تخصيص العموم بمنصوص
العلّة............................. ٨١٠
ف ٥٢ ـ في عدم جواز تخصيص العموم بإفراد
بعض ما تناوله العامّ............... ٨١١
ف ٥٣ ـ في عدم تخصيص العامّ إذا تعقّبه
ضمير يعود إلى بعض ما يتناوله.......... ٨١٢
ف ٥٤ ـ في تقديرات العامّ والخاصّ إن
تنافيا.................................. ٨١٤
تذنيب
: في تقديرات تكافؤ العامّ والخاصّ من حيث القوّة..................... ٨١٩
الباب الثالث : في المطلق والمقيّد
في تعريف المطلق والمقيّد..................................................... ٨٢٢
فصل ـ في اختلاف حكم المطلق والمقيّد وعدم
حمل أحدهما على الآخر............ ٨٢٢
تذنيب
: في بقاء الحكم المطلق المقيّد بقيدين متضادّين على إطلاقه.............. ٨٢٧
تنبيه
: ما ذكر في تخصيص العامّ يجري في تقييد المطلق......................... ٨٢٨
الباب الرابع : في المجمل والمبيّن
معنى المجمل لغة واصطلاحا................................................... ٨٢٩
ف ١ ـ في أنّ المجمل إمّا فعل أو لفظ مفرد
أو مركّب........................... ٨٢٩
ف ٢ ـ في أنّ التحريم والتحليل المضافان
إلى الأعيان لا إجمال فيهما.............. ٨٣٠
ف ٣ ـ في أنّ « اليد » في نحو آية السرقة
حقيقة في الكلّ....................... ٨٣١
ف ٤ ـ في أنّه لا إجمال في ما ينفى فيه
الفعل ظاهرا............................ ٨٣١
ف ٥ ـ في أنّه لا إجمال في آية ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ )....................... ٨٣٣
ف ٦ ـ في أنّه لا إجمال في ما إذا رفع صفة
والمراد نفي لازم من لوازمه............ ٨٣٤
ف ٧ ـ في إجمال كلّ لفظ يطلق مرّة على
معنى واحد واخرى على معنيين......... ٨٣٤
ف ٨ ـ في عدم إجمال اللفظ إذا كان له
محملين لغوي وشرعي................... ٨٣٥
ف ٩ ـ في جواز التكليف بالمجمل........................................... ٨٣٦
ف ١٠ ـ في معنى المبيّن.................................................... ٨٣٧
ف ١١ ـ في موارد وقوع البيان ٨٣............................................ ٧
ف ١٢ ـ إذا ورد قول وفعل بعد مجمل وكلّ
منهما يصلح لأن يكون بيانا له...... ٨٣٨
ف ١٣ ـ في جواز التخصيص بالعامّ والتقييد
بالمطلق إذا تساويا مع الخاصّ أو المقيّد. ٨٣٩
ف ١٤ ـ في عدم جواز تأخير البيان عن وقت
الحاجة........................... ٨٣٩
ف ١٥ ـ في جواز تأخير تبليغ الرسول الحكم
إلى وقت الحاجة................... ٨٤٥
ف ١٦ ـ في جواز إسماع العامّ من لا يعرف
المخصّص الشرعي................... ٨٤٥
الباب الخامس : في الظاهر والمؤوّل
في معنى الظاهر لغة واصطلاحا................................................ ٨٤٧
فصل : في أقسام التأويل..................................................... ٨٤٨
الباب السادس : في المنطوق والمفهوم
في معنى المنطوق والمفهوم.................................................... ٨٥١
ف ١ ـ شروط مفهوم المخالفة.............................................. ٨٥٦
ف ٢ ـ في أنّ مفهوم الشرط حجّة........................................... ٨٥٧
ف ٣ ـ في أنّ مفهوم الصفة حجّة........................................... ٨٦١
ف ٤ ـ الخلاف في حجّيّة مفهوم العدد....................................... ٨٦٤
ف ٥ ـ في أنّ مفهوم الغاية أقوى من مفهوم
الشرط............................ ٨٦٦
ف ٦ ـ في الفرق بين « إلاّ » و « إنّما »
في إفادتهما للحصر.................... ٨٦٨
ف ٧ ـ في أنّ تقديم ما حقّه التأخير يفيد
الحصر............................... ٨٦٨
ف ٨ ـ في حجّيّة مفهوم الزمان والمكان...................................... ٨٧٠
تنبيه
: ظهور فائدة الخلاف في حجّيّة المفهوم عند مخالفة المفهوم للأصل.......... ٨٧٠
ف ٩ ـ في عدم حجّيّة مفهوم اللقب......................................... ٨٧٠
تذنيب
: كفاية اقتصار تحقّق أقلّ مراتب الحكم المعلّق على اسم................. ٨٧١
الباب السابع : في النسخ
معنى النسخ لغة واصطلاحا................................................... ٨٧٢
ف ١ ـ جواز النسخ ووقوعه................................................ ٨٧٤
ف ٢ ـ الخلاف في جواز النسخ قبل حضور وقت
الفعل........................ ٨٧٦
ف ٣ ـ جواز نسخ الحكم المقيّد بالتأييد...................................... ٨٨٠
ف ٤ ـ جواز النسخ بلا بدل أو ببدل أثقل................................... ٨٨٠
ف ٥ ـ النسخ إمّا للحكم دون التلاوة أو
بالعكس أو لهما....................... ٨٨١
ف ٦ ـ النسخ في إيقاع الخبر والنسخ في
مدلوله................................ ٨٨٢
ف ٧ ـ وجوه نسخ كلّ من الكتاب والسنّة
المتواترة والآحاد بمثلها أو بغيرها....... ٨٨٤
ف ٨ ـ في جواز نسخ الإجماع بآية أو نصّ................................... ٨٨٦
ف ٩ ـ جواز النسخ بالقياس إن كان منصوص
العلّة........................... ٨٨٨
تذنيب
: نسخ القياس يتمّ بالنصّ على نسخ حكم الفرع أو حكم الأصل........ ٨٨٨
ف ١٠ ـ الخلاف في جواز نسخ المفهوم أو
الأصل بدون نسخ الآخر............. ٨٨٩
ف ١١ ـ في ناسخيّة زيادة العبادة المستقلّة
أو غير المستقلّة على العبادات........... ٨٩٠
ف ١٢ ـ في نسخ المنقوص عند نقص جزء أو شرط
من عبادة................... ٨٩٤
ف ١٣ ـ الخلاف في جواز نسخ جميع التكاليف
بدون إعدام العقل............... ٨٩٦
ف ١٤ ـ معرفة النسخ بالتضادّ مع العلم
بالمتأخّر............................... ٨٩٦
المبحث الرابع : في الاجتهاد والتقليد
الباب الأوّل : في الاجتهاد
معنى الاجتهاد في اللغة والاصطلاح............................................ ٨٩٩
ف ١ ـ في معرفة طرق استنباط الأحكام..................................... ٩٠٠
ف ٢ ـ في أنّه هل يمكن تجزّي ملكة
الاجتهاد؟................................ ٩٢٠
ف ٣ ـ في شروط الاجتهاد................................................. ٩٢٨
تذنيب
: في علوم اخرى لها مدخليّة في الاجتهاد.............................. ٩٤٦
ف ٤ ـ إجماع الإماميّة على أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يكن متعبّدا بالاجتهاد وكذا سائر
المعصومين عليهمالسلام ٩٤٨
ف ٥ ـ في عدم جواز الاجتهاد في عصر النبيّ
صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام................ ٩٥٠
ف ٦ ـ في بطلان القول بالتصويب.......................................... ٩٥٠
تذنيب
: في بطلان التفوض............................................... ٩٥٤
ف ٧ ـ في عدم وجوب تكرير النظر للمجتهد
إذا تكرّرت الواقعة عليه............ ٩٥٥
ف ٨ ـ في عدم جواز تقليد المجتهد غيره بعد
اجتهاده........................... ٩٥٥
ف ٩ ـ في جواز نقض الحكم الاجتهادي للقاطع
ولمجتهد آخر................... ٩٥٦
الباب الثاني : في التقليد
في معنى التقليد............................................................. ٩٥٧
ف ١ ـ في لزوم التقليد على من لم يبلغ
درجة الاجتهاد......................... ٩٥٧
ف ٢ ـ في عدم جواز التقليد في اصول
العقائد................................ ٩٥٨
ف ٣ ـ في اعتبار الإيمان والعدالة في
المفتي..................................... ٩٦١
ف ٤ ـ في الترجيح بين المتّصفين بشرائط
الفتوى............................... ٩٦٢
ف ٥ ـ في عدم اشتراط مشافهة المفتي في
العمل بقوله.......................... ٩٦٣
ف ٦ ـ عدم جواز رجوع العامّي إذا عمل بقول
مجتهد دون الالتزام بمذهبه........ ٩٦٤
ف ٧ ـ في تقليد المجتهد الميّت............................................... ٩٦٤
تذنيب
: في عدم جواز خلوّ الزمان عن مجتهد حيّ يرجع إليه................... ٩٦٨
ف ٨ ـ في بيان وظيفة الفاقد لأخذ الأحكام
بالاجتهاد أو بالتقليد................ ٩٦٩
المبحث الخامس : في التعادل والترجيح
معنى التعادل والترجيح....................................................... ٩٧٣
ف ١ ـ في وقوع التعارض بين الأدلّة الظنّيّة
فقط............................... ٩٧٣
تذنيب
: في موارد جريان الجمع والنسخ والترجيح والتخيير.................... ٩٧٥
ف ٢ ـ في انحصار وقوع التعارض في كلّ من
الكتاب أو الخبر الواحد أو.......... ٩٧٦
تذنيب
: في ترتيب الترجيحات في أخبارنا والاختلاف فيه..................... ٩٨٥
ف ٣ ـ في تخيير المجتهد في العمل بأحد
المتعارضين عند عدم وجود المرجّح......... ٩٨٧
تتميم
: في تعارض الترجيحات في الدلائل ومقدّماتها.......................... ٩٨٩
الفهارس العامّة.............................................................. ٩٩١
١. فهرس الآيات الكريمة.................................................... ٩٩٣
٢. فهرس الأحاديث الشريفة................................................ ١٠١٢
٣. فهرس أسماء المعصومين عليهمالسلام............................................ ١٠٢١
٤. فهرس الأعلام......................................................... ١٠٢٣
٥. فهرس الاصطلاحات................................................... ١٠٣١
٦. فهرس الكتب الواردة في المتن............................................ ١٠٥٣
٧. فهرس مصادر التحقيق.................................................. ١٠٥٤
٨. فهرس الموضوعات..................................................... ١٠٨٠
|