بادئ ذي بدء

الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

تولد الزهراء فاطمة 3 فيولد النور .. لأنّها قبله كانت في الأزل شمساً ساطعة بالخلود ، ولأنّه اقتفى خطاها المقدّسة ظلاًّ لألقها وطهرها ومجدها المضيء ..

والزهراء ـ بعد ـ خلاصة هذا الخلق الذي أحسن الله تكوينه وأفاض عليه من سيمائه .. ووهب له الكون ومخلوقاته .. كائناً قبل الأشياء يمدُّها ببقائها ويختطّ لها مداراتها وحركاتها وصلواتها اللاهثة حول العرش.

الزهراء ـ اذن ـ وآلها الأقدسون نفحة الخلد في هذه الأرض الموهوبة ، وخلاصة الخلافة الإلهية .. تنزّلوا إلى عوالم التراب حتى يصعدوا بها إلى المطلق .. وكان لهم ذلك لو لا بقية الظلام وأخدان الشيطان ومسوخ الخلائق ، ممّن ابت نفوسهم المنكوسة إلاّ عناداً واستكباراً وعداءً ..

فإذا النور البارق في جبين الرسالات مجدّل مسفوح قطيع الوتين ، وإذا الخير يغتاله الفحيح الشرير لظلام أهوج .. وإذا نحن شعراء الولاء الخضيب ننشد بحناجر منكسرة لكنّها واثقة النبرة جهيرة الانتماء للزهراء ومجدها وعنفوانها وطهرها وشذاها الأسنى الذي أنار برهان القلوب وسطع في خلجات الحروف ونمّت عنه الكلمات فرحةً وحزينة ،


حسبها في ذلك ولاؤها ومفاداتها على طول تاريخها الشاخص المرير.

فلك ـ يا زهراء ـ كل هذا الحداء المرّ من محبين شاخصين إلى يومك الموعود حيث تزدهر الفرحة في الوجوه والعيون والشفاه على الكوثر العذب.

وحيث تمرّ الذكرى السنويّة الاُولى لافتتاح مكتبتنا الأدبية المختصّة التابعة لمكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الكبير السيد السيستاني ـ دام ظلّه ـ حاولنا ـ في هذه الإضمامة العاجلة من شعر الولاء للزهراء 3 ـ أن نلمّ شتات أصوات غائرة في عمق التاريخ إلى اُخرى جديدة الأصداء طريّة النبرات من شعراء اقتسموا بينهم مدارات المديح والرثاء في آفاق الولاء لأهل بيت الحق والبراءة من أعدائهم .. كلُّ يطير به جناحه الناهض إلى حيث يشاء إلاّ أنّنا أفردنا للماضين الراحلين منهم صدارة الطواف حول الذكرى احتفاءً بسبقهم السابق ، أمّا المعاصرون فما برحت أغلب قصائدهم أبكاراً لم تُجمَع في ديوانٍ أو خلال مطبوعةٍ ممّا سجّل لنا السبق ( اللاحق ) في نشرها .. كانت هذه المجموعة الشعرية ( للزهراء شذى الكلمات ) المهداة إلى اُمّ الحسنين في يوم مولدها العظيم. على أمل ان تسنح الفرص ـ عاجلاً ـ لإدراج كل ما تطاله أيدينا من شعرٍ حولها وحول آلها : في أعمالً قادمة أوسع وأثرى .. عسى أن نوفّق لذلك .. والسلام على الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسرّ المستودَع فيها ، وعليكم ورحمة الله وبركاته.

مدير المكتبة الأدبية المختصة

فرات الأسدي

جمادى الثانية / ١٤١٩


الصدّيقة

سفيان ابن مصعب العبدي

صدّيقة خُلقت لصدّيق

شريفٍ في المناسبْ

اختاره واختارها

طهرين‌ من دنس المعايب

اسماهما قرناً على

سطر بظل العرش راتب

كان الإله وليّها

وأمينه جبريل ‌خاطب

والمهر خمس الأرض موهوباً

وغالت في المواهب

ونهابها من حمل طوبى

طيّبت تلك المواهب

المشهد الأعلى

السيد الحميري

والله زوّجه الزكية فاطماً

في ظل طوبى مشهدا محضورا

كان الملائك ثم في عدد الحصى

جبريل يخطبهم بها مسرورا

يدعو له ولها وكان دعاؤه

لهما بخير دائماً مذكورا

حتى إذا فرغ الخطيب تتابعت

طوبى تُساقط‌‌‌‌‌‌‌‌‌ لؤلؤاً منثورا

وتهيل ياقوتاً ‌عليهم مرَّة

وتهيل درّاً تارة ‌وشذورا

فترى نساء الحور ينتهبونه

حوراً بذلك يهتدين الحورا


فيكم ودادي

مهيار الديلمي

لئن نام دهري دون‌ المنى

واصبح عن نيلها ‌مقعدي

فملتم بها حسد الفضل عنه

ومن يك خير الورى يُحسدِ

وقلتم بذاك قضى الاجتماع

ألا انما‌ الحق للمفرد

وإرث عليّ لأولاده

إذا آية الإرث لم ‌تفسد

فمن قاعد ‌منهم خائف

ومن ثائر ‌قام لم يسعد

سيعلم من فاطم خصمه

بأي نكال غداً يرتدي

ومَن ساء أحمد يا سبطه

فباء بقتلك ماذا ‌يدي

فداؤك نفسي ومَن لي فدا

ك لو ان مولى بعبد فدي

أنا العبد والاكم عقده

إذا القول بالقلب‌ ‌لم يعقد

وفيكم ودادي‌ وديني‌ معا

وإن‌ كان في فارس مولدي

خصمت ضلالي بكم فاهتديت

ولولاكم لم أكن‌ أهتدي

وجردتموني وقد كنتُ في

يد الشرك كالصارم ‌المغمد

وما زال شعري من نائحٍ

ينقّل فيكم إلى منشد

وما فاتني ‌نصركم باللسان

إذا فاتني‌ نصركم باليد

الحكم والخصم

الصاحب بن عبّاد

سوف تأتي الزهراء تلتمس الحكم

إذا حان معشر التعديلِ

وأبوها وبعلها وبنوها

حولها والخصام غير قليلِ

وتنادي يا رب ذبّح أولادي

لماذا وأنتَ انتَ مديلي


فينادي بمالكٍ ألهبِ النار

وأجّج وخذ بأهل الغلولِ

ويجازي كلِّ بما كان منه

من عقاب التخليد والتنكيل

سبطا محمّد

محمد بن منصور السرخسي

وأراد ربّ العرش أن يلقي بها

شجراً كريم العرق والأغصانِ

فقضى فزوّجها عليّاً انّه

كان الكفي لها بلا نقصانِ

وقضى الإله بان تولّد منهما

ولدان كالقمرين يلتقيانِ

سبطا محمّد الرسول وفلذّتا

كبد البتول كذلك يعتلقانِ

فبني الإمامة والخلافة والهدى

بعد الرسالة ذانك الولدانِ

المم بقبرها

الهبل اليمني

غرسٌ نما في المجد ؛ أورق غصنه

بوداد أبناء النبي ، وأثمرا ..!

شرفي العظيم ، ومفخري ، أنّي لهم

عبدٌ ، وحُقّ بمثل ذا .. أن أفخرا !

لن يعتريني في اقتفاء طريقهم

ريبٌ يصدُّ عن اليقين ولا امترى ..

هذي عقيدتي التي ألقى بها

ربَّ الأنام إذا أتيتُ المحشرا !

إنّي رجوت رضى الإله بحبّهم ،

وجعلتُه لي عندهم أقوى العُرى

يا أيّها الغادي المجدّ بجسرةٍ

يطوي السباسب رائحاً ومبكّرا ؛

جُز بالغريّ ؛ مُسلّماً متواضعاً ،

ولِحُرّ وجهك في ثراه معفّرا ؛

حيث الإمامة ، والوصاية ، والوزارة ، والهدى ، لا شك فيه ولا مرا ؛


والمم بقبر فيه سيدة النساء

بأبي واُمي ؛ ما أبرَّ وأطهرا !

قبّل ثراها عن محب قلبه ..

ما انفكّ جاحم حزنه مُتسعّرا ؛

مُتلهّفٌ غضبان مما نالها ؛

لا يستطيع تجلّداً ، وتصبّرا

حزن البتول

الشيخ صالح الكوّاز

الواثبين لظلم آل محمّد

ومحمّد ملقى بلا تكفينِ

والقائلين لفاطم آذيتنا

في طول نوحٍ دائم وحنين

والقاطعين إراكةً كيما تقيل

بظل أوراق لها وغصون

ومجمّعي حطبٍ على البيت الذي

لم يجتمع لولاه شمل الدين

والداخلين على البتولة بيتها

والمسقطين لها أعزّ جنين

والقائدين إمامهم بنجاده

والطهر تدعو خلفهم برنين

خلّوا ابن عمّي أو لأكشف للدعا

رأسي وأشكو للإله شجوني

ما كان ناقة صالح وفصيلها

بالفضل عندالله إلاّ دوني

ورنت إلى القبر الشريف بمقلة

عبرى وقلب مكمد محزون

قالت وأظفار المصاب بقلبها

ابتاه قلّ على العداة معيني

أبتاه هذا السامري وصحبه

تُبعاً ومال الناس عن هارون

أيّ الرزايا اتقي بتجلّد

هو في النوائب ما حييت قريني

فقدي أبي أم غصب بعلي حقّه

أم كسر ضلعي أم سقوط جنيني

أم أخذهم إرثي وفاضل نحلتي

أم جهلهم قدري وقد عرفوني

قهروا يتيميك الحسين وصنوه

وسألتهم حقّي وقد نهروني

باعوا بضائع مكرهم وبزعمهم

ربحوا وما بالقوم غير غبينِ


البغي الزاحف

السيد حيدر الحلي

وأقسم ما سنَّ الضلال سوى الألى

على اُمّة المختار بغياً تخلّفوا

فيوم غدوا بغياً على دار فاطمٍ

أتت جندهم بالغاضرية تزحف

وقتل ابنها من يوم رضّت ضلوعها

ومن هتكها هتك الفواطم يُعرف

ومن يوم قادوا حيدر الطهر قد غدوا

بهنَّ اُسارى شأنهنّ التلهّف

نقضوا عهد أحمد

الشيخ كاظم الأزري

نقضوا عهد أحمد في أخيه

وأذاقوا البتول ما أشجاها

وهي العروة التي ليس ينجو

غير مستعصم بحبل ولاها

لم يرَ الله للنبوة أجراً

غير حفظ الوداد في قرباها

لستُ أدري إذ روّعت وهي حسرى

عاند القوم بعلها وأباها

يوم جاءت إلى عديّ وتيمٍ

ومن الوجد ما أطال بكاها

فدعت واشتكت إلى الله شجواً

والرّواسي تهتز من شكواها

فاطمأنّت لها القلوب وكادت

أن تزول الأحقاد ممّن حواها

تعظ القوم في أتمِّ خطابٍ

حكت المصطفى به وحكاها

أيها الناس أيّ بنت نبي

عن مواريثه أبوها زواها

كيف يزوي عني تراثي عتيقٌ

باحاديث من لدنه افتراها

أيدي الحوادث

الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء

لكِ الله من قلبٍ بأيدي الحوادثِ

لعبن به الأشجانُ لعبة عابثِ


تمرّ به الأفراح مرّة مسرعٍ

وتوقفه الأتراح وقفة ماكث

تذكّر من أرزاء آل محمّد

مصائب جلّت من قديم وحادث

عشيّة خان المصطفى كل غادر

وبزّ حقوق المرتضى كلّ ناكث

وهاجت على الزهراء بعد محمّد

دفائن أضغان رموها بنابث

فألمها في سوطه كل ظالم

ودافعها عن حقّها كل رافث

وردّ الهدى والدين في الأرض دولة

تداول فيما بينهم كالموارث

فأدلى إلى ( الثاني ) بها شرّ ( أوّل )

ودسّ بها الثاني إلى شرّ ( ثالث )

وما ذاك إلاّ انّهم ما تمسّكوا

من الدين حتى بالحبال الرثايث

إلى ان دبت تسري بسمّ نفاقهم

إلى كربلا رقش الأفاعي النوافث

فاحنت على آل النبيّ بوقعة

بها عاث في شمل الهدى كل عايث

العبرات السخينة

الشيخ سليمان البلادي البحراني

إلى كم ولوع القلب بالغادة الحسنا

وذكرى ليالي وصل بثنةَ أو لبنى

ولو انّها ساوت جناح بعوضة

لما اتخذتها الأولياء لهم سجنا

وفي غدرها بالمصطفى وباله

سلاطينها برهان مقدارها الادنى

لهم سددت من أقوس البغي اسهما

أصمّت وأصمت للهدى القلب والاُذنا

فكم كابد المختار من قومه أذى

يهيج اسى يستغرق السهل والحزنا

قضى نحبه بالسم وهو معالج

على رغم أنف الدين سقماً له أضنى

وقد قلبت ظهر المجنّ لحيدر

فكم زفرة أبدى وكم غصة جنا

ومخدومة الأملاك سيدة النسا

سليلة خير الخلق والدرة الحسنا

أتاحت لها كهف العدى غصص الردى

وذاقت لها سمّاً من الحقد والشحنا


بضرب وضغط واهتضام ولوعةٍ

وكان حماها العز والأمن والحصنا

على دارها داروا بجزلٍ لحرقها

وكانت بها الأملاك تلتمس الاُذنا

وفي بعلها الهادي استحلوا محرماً

كما حرموها نحلة المصطفى ضغنا

وما برحت من بعد حامي ذمارها

معصبة رأساً ومنهدة ركنا

عليلة جسم للنحول ملازم

لفرط الضنا حتى حكى قلبها المضنا

إذا ذكرت حالاتها في حيوته

تؤجج نار الفقد في قلبها حزنا

فتبكيه والحيطان تبكي لصوتها

فما بقعة إلاّ وعبرتها سخنا

إلى أن أرادت روحها العالم الذي

بدت منه واشتقات لموردها الأسنى

ففارقت الدنيا كراهة لبثها

ورافقت الاُخرى ونعمتها الحسنى

سل أربعاً

الشيخ حسن الحلّي

سل أربعاً فطمت أكنافها السحبُ

عن ساكنيها متى عن اُفقها غربوا

وقائلٍ لي رفّه عن حشاك ولي

وجدٌ إذا ما نزا بالقلب يضطرب

فقلت لم يشجني نأي الخليط ولا

ربع محت رسمه الأعوام والحقب

لكن أذاب فؤادي حادث جللٌ

تُنمى إليه الرزايا حيت تنتسب

يوم قضى المصطفى في صحبه وعلى الأعقاب من بعده أصحابه انقلبوا

قادوا أخاه ورضّوا ضلع بضعتهِ

بجورهم ولها البغضاء قد نصبوا

لم أنسها وهي تنعاه وتندبه

وقلبها بيد الأزراء ملتهب

تقول : يا والدي ضاق الفضاء بنا

لمّا مضيت وحالت دونك الترب

( قد كان بعدك أنباء وهنبثة

لو كنتَ شاهد هالم تكثر الخطب )

( إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها

واختلّ قومك فاشهدهم فقد نكبوا )


نفوا أخاك علياً عن خلافته

وشيخ تيم عناداً منهم نصبوا

ويل لهم نبذوا القرآن خلفهم

ومزّقوه عناداً بئس ما ارتكبوا

ما راقبوا غضب الجبّار حين إلى المختار أحمد قول الهجر قد نسبوا

الغوا وصاياه في أهليه وانتهبوا

ميراثه وإلى حرمانهم وثبوا

جاروا على ابنته من بعده فغدت

عبرى النواظر حزناً دمعها سرب

وجرّعوها خطوباً لو وقعن على

صم الجبال لأضحت وهي تضطرب

أبضعة الطهر طه نصب أعينهم

بالباب يعصرها الطاغي وما غضبوا

رضّوا أضالعها أجروا مدامعها

أدموا نواظرها ميراثها غصبوا

يا باب فاطم لا طُرقتَ بخيفة

الشيخ محمّد حسن آل سميسم

مَن مبلّع عنّي الزمان عتاباً

ومُقرِّع منّي له أبوابا

يا ويح دهري راح ينزع للأسى

من بعد ما ذقتُ النعيم شرابا

دهرٌ تعامى عن هداهُ كأنّه

أصحاب أحمد أشركوا مُذ غابا

نكصوا على الأعقاب بعد مماته

سيرون في هذا النكوص عقابا

يا باب فاطم لا طُرقت بخيفةٍ

ويدُ الهدى سدلت عليه حجابا

أوَلست أنت بكل آنٍ مهبط

الأملاك فيك تقبِّل الأعتابا

أوْهاً عليك فما استطعت تصدَّهم

لما أتوك بنو الضلال غضابا

نفسي فداك أما علمتَ بفاطمٍ

وقفت وراك توبّخ الأصحابا

أوَ ما رققتَ لضلعها لما انحنى

كسراً وعنه تزجر الخطّابا

أوَ ما درى المسمار حين أصابها

من قبلها قلب النبي أصابا

عتبي على الأعتاب فيها محسن

مُلقىً وما انهالت عليه ترابا


حتى تواريه لأن لا تستحق ال‍

أقدام منه أضلعاً واِهابا

هو أوّل الشهداء بعد محمّدٍ

ويرى المصاب على الصواب صوابا

ما اسطاع يدفع عن أبيه واُمّه

فمضى لأحمدَ يشتكي الأصحابا

لما عدوا للبيت عدوةَ آمنٍ

من ليث غابٍ حين داسوا الغابا

لو ينظرون ذُباب صارم حيدر

لرأيتهم يتطايرون ذُبابا

لكنّهم علِموا الوصية أنّها

صارت لصارمه الصقيل قِرابا

فهناك قد جعلوا النّجاد بعُنق مَن

مدّوا له يوم « الغدير » رِقابا

سحبوه والزهراء تعدو خلفه

والدمع أجرته عليه سحابا

فدعتْهم خلوا ابن عمي حيدرٍ

أو أكشفنَّ إلى الدعاء نِقابا

حاربتم الباري وآل نبيّه

وعصيتُم الأعواد والمحرابا

ونكثتُم كثمود ، هذا صالحٌ

لِمَ تسحبون الصالح الأوّابا

رجعوا إليها بالسياط ليُخمدوا

نور النّبي الساطع الثقّابا

فتهافتوا مثل الفراش ونوره

قد صار دونهم لها جلبابا

رمتها سهام الدهر

الشيخ حبيب شعبان

سقاك الحيال الهطّال يا معهد الألف

ويا جنّة الفردوس دانية القطفِ

أيا منزل الأحباب ما لكَ موحشاً

بزهوتك الأرياح أودت بما تسفي

تعفّيت يا ربع الأحبّة بعدهم

فذكّرتني قبر البتولة إذ عفّي

رمتها سهام الدهر وهي صوائب

بشجوٍ إلى ان جرَّعت غصص الحتف

شجاها فراق المصطفى واهتضامها

لدى كلّ رجس من صحابته جلف

لقد بالغوا في هضمها وتحالفوا

عليها وخانوا الله في محكم الصحف


فآبت وزند الغيظ يقدح في الحشا

تعثَّرُ بالأذيال مثنية العطف

وجاءت إلى الكرار تشكو اهتضامها

ومدّت إليه الطرف خاشعة الطرف

أبا حسن يا راسخ الحلم والحجا

إذا فرّت الأبطال رعباً من الزحف

ويا واحداً أفنى الجموع ولم يزل

بصيحته في الروع يأتي على الألف

أراك تراني وابن تيم وصحبه

يسومونني ما لا أطيق من الخسف

ويلطم عيني نصب عينيك ناصبُ

العداوة لي بالضرب منّيَ يستشفي

فتغضي ولا تنضي حسامك آخذاً

بحقيّ ومنه اليوم قد صفرت كفّي

لِمَن اشتكي إلاّ إليك ومَن به

ألوذُ وهل لي بعد بيتك من كهف

وقد أضرموا النيران فيه واسقطوا

جنيني فواويلاه منهم ويا لهفي

وما برحت مهضومة ذات علّة

تؤرقها البلوى وظالمها مُغفي

إلى ان قضت مكسورة الضلع مسقَطاً

جنينٌ لها بالضرب مسودّة الكتف

المناقب الغر

الشيخ حبيب شعبان

هي الغيد تسقى من لواحظها خمرا

لذلك لا تنفك عشاقها سكرى

واصفي ودادي للديار وأهلها

فيسلو فؤادي ودّ فاطمة الزهرا

وقد فرض الرحمان في الذكر ودّها

وللمصطفى كانت مودتها أجرا

وزوّجها فوق السما من أمينه

عليٍ فزادت فوق مفخرها فخرا

وكان شهود العقد سكّان عرشه

وكان جنان الخلد منه لها مهرا

فلم ترض إلاّ ان يشفّعها بمَن

تحب فأعطاها الشفاعة في الأخرى

حبيبة خير الرسل ما بين أهله

يقبّلها شوقاً ويوسعها بشرا

ومهما لريح الجنة اشتاق شمّها

فينشق منها ذلك العطر والبشرا


إذا هي في المحراب قامت فنورها

بزهرته يحكي لأهل السما الزهرا

وانسية حوراء فالحورُ كلّها

وصائفها يعددن خدمتها فخرا

وان نساء العالمين إماءَ‌ها

بها شرفت منهنّ من شرفت قدرا

فلم يكُ لولاها نصيبٌ من العلا

لاُنثى ولا كانت خديجة بالكبرى

لقد خصّها الباري بغرّ مناقبٍ

تجلّت وجلّت ان نطيق لها حصرا

وكيف تحيط اللسن وصفاً بكنهِ من

أحاطت بما يأتي وما قد مضى خبرا

وما خفيت فضلاً على كل مسلمٍ

فياليت شعري كيف قد خفيت قبرا

وما شيّع الأصحاب سامي نعشها

وما ضرّهم ان يغنموا الفضل والأجرا

لها الله من مظلومة كم ظلامة

لديك لها لا تستطيع لها حصرا

وأفجع ما قاسته منك وكلها

فجائع ان ارقيت صدر ابنها شمرا

النجم المشرق

الدكتور محمد اقبال اللاهوري

نسب المسيح بنى لمريم سيرةً

بقيت على طول المدى ذكراها

والنجم يشرق من ثلاث مطالع

في مهد فاطمة فما أعلاها

هي بنت مَن، هي زوج مَن، هي اُمّ مَن ؟

مَن ذا يداني في الفخار أباها

هي ومضة من نور عين المصطفى

هادي الشعوب إذا تروم هداها

هي رحمة للعالمين وكعبة الآمال

في الدنيا وفي اُخراها

مَن أيقظ الفطر النيام بروحه

وكأنّه بعد البلى أحياها

وأعاد تاريخ الحياة جديدة

مثل العرائس في جديد حلاها

ولزوج فاطمة بسورة هل أتى

تاجٌ يفوق الشمس عند ضحاها


ما بال عينيك

السيد مهدي الأعرجي

ما بال عينيك دماً تنسكب

ونار أحشاك اسى تلتهبُ

يوم قضى فيه النبي نحبه

فضلَّت الدنيا له تنتحبُ

وانقلب الناس على أعقابهم

ولن يضرَّ الله مَن ينقلبُ

وأقبلوا إلى ( البتول ) عنوة

وحول دارها أُدير الحطبُ

فاستقبلتهم ( فاطم ) وظنّها

إن كلّمتهم رجعوا وانقلبوا

حتى إذا خلت عن الباب وقد

لاذت وراها منهمُ تحتجبُ

فكسّروا أضلاعها واغتصبوا

ميراثها وللشهور كذّبوا

وأخرجوا ( الكرار ) من منزله

وهو ببند سيفه ملببُ

يصيح أين اليوم منّي ( حمزة )

ينصرني و ( جعفر ) فيغضبُ

وخلفهم ( فاطمة ) تعثر في

أذيالها وقلبها منشعبُ

تصيح خلّوا عن ( علي ) قبل أن

أدعو وفيكم أرضكم تنقلبُ

فأقبل العبد لها يضربها

بالسوط وهي بالنبيّ تندبُ

يا والدي هذا ( علي ) بعد

عينيك على اغتصابه تألّبوا

واعتزلوا جانباً وأمّروا ضئيل تيم بعده ونصّبوا

تجاهلوا مقامه وهو الذي

بسيفه في الحرب قُدّ ( مرحبُ )

ولو تراني والعدى تحالفوا

عليّ لمّا غيّبتك التربُ

وجرّعوني صحبك الصاب وقد

تراكمت منهم عليّ الكربُ

ولم تزل تجرع منهم غصصاً

تندكّ منها الراسيات الهضبُ

حتى قضت بحسرة مهضومة

حقوقها وفيئها مستلبُ

وأخرج الكرار ليلاً نعشها

و ( زينب ) خلفهم تنتحبُ


من الأنوار القدسية

الشيخ محمد حسين الاصفهاني

جوهرةُ القدس من الكنز الخفي

بدت فابدت عاليات الأحرفِ

وقد تجلّى من سماء العظمه

من عالم الأسماء اسمى كَلِمَهْ

بل هي اُمّ الكلمات المحكمه

في غيب ذاتها نكات مبهمه

اُمّ الأئمة العقول الغرَّ بلْ

اُمّ أبيها وهو علة العللْ

روحُ النبيّ في عظيم المنزلةْ

وفي الكفاء كفو من لا كفوَ لهْ

هي البتول الطهر والعذراء

كمريم الطهر ولا سواء

فانّها سيدة النساء

ومريم الكبرى بلا خفاء

وحبها من الصفات العالية

عليه دارت القرون الخالية

تبتّلت عن دنس الطبيعة

فيا لها من رتبةٍ رفيعة

في اُفق المجد هي الزهراء

للشمس من زهرتها الضياء

بل هي نورُ عالم الأنوارِ

ومطلع الشموس والاقمارِ

رضيعة الوحي من الجليل

حليفة المحكم والتنزيل

مفطومة من زلل الأهواء

معصومة عن وصمة الأخطاء

زكية من وصمة القيود

فهي غنية من الحدود

يا قبلة الأرواح والعقول

وكعبة الشهود والوصول

لهفي لها لقد اُضيع قدرُها

حتى توارى بالحجاب بدرها

تجرّعت من غصص الزمان

ما جاوز الحدَّ من البيانِ

إنّ حديث الباب ذو شجون

ممّا جنت به يد الخؤنِ

أيضرم النار بباب دارها

وآية النور على منارِها

وبابها باب نبي الرحمة

وباب أبواب نجاة الاُمّة

بل بابها باب العليّ الأعلى

فثم وجه الله قد تجلّى

ما اكتسبوا بالنار غير العار

ومن ورائه عذاب النار


ما أجهل القوم فانّ النار لا

تطفيء نور الله جلَّ وعلا

لكنّ كسر الضلع ليس ينجبرْ

إلاّ بصمصام عزيزٍ مقتدر

إذ رضّ تلك الأضلع الزكية

رزية لا مثلها رزيهْ

ومن نبوع الدم من ثدييها

يعرف عُظم ما جرى عليها

وجاوزوا الحدّ بلطمِ الخدِّ

شُلّت يد الطغيان والتعدي

فأجرت العين وعينُ المعرفة

تذرفُ بالدمع على تلك الصفة

ولا يزيلُ حمرة العينِ سوى

بيضُ السيوف يومَ يُنشرُ اللوى

ومن سواد متنها اسودّ الفضا

يا ساعدَ الله الإمام المرتضى

ووكز نعل السيف في جنبيها

أتى بكلّ ما أتى عليها

ولست أدري خبر المسمار

سلْ صدرها خُزانة الأسرار

وفي جنين المجد ما يُدمي الحشا

وهل لهم إخفاء أمرٍ قد فشى

والبابُ والجدار والدماءُ

شهود صدقٍ ما به خفاءُ

لقد جنى الجاني على جنينها

فاندكّت الجبال من حنينها

أهكذا يُصنع بابنة النبي

حرصاً على المُلك فيا للعجب

أتُمنع المكروبةُ المقروحة

عن البكا خوفاً من الفضيحة

تاللهِ ينبغي لها تبكي دما

ما دامت الأرض ودارتِ السما

لفقد عزِّها أبيها السامي

ولاهتضامها وذلَِّ الحام

قل للبتول

الشيخ عبد الحسين صادق العاملي

خذ في مديحك للبتول

حظّين من عرضٍ وطولِ

قل للقريحة في مهذب

مدحة فيضي وسيلي

ولفيك قل : فه في حديثك

غير محسور كَليلِ


قل : للبتول عظيم فضل

لم يُدنَّس بالفضولِ

هي قبل كلّ مكوّنٍ

قنديل عرش للجليلِ

هي صفوة للخلق سيدة

النسا في كلّ جيلِ

هي للقبيل عقيلة

ومليكة هي للعقولِ

هي للنبي وللوصي

وللزكي وللقتيلِ

مقرونة في عصمة

عن كلّ مذموم وبيلِ

هي لبوة نبويّة

محجوبة في خير غيلِ

سكن لحيدرة وحيدرة

هزبرٌ للرسولِ

الشكوى والدموع

السيد كاظم الأمين

يا صاحبي كن من الدنيا على وجلِ

وخالف النفس واحذر كاذب الأملِ

فما أرى هذه الدنيا وان عطفت

سوى عدو بثوب الغدر مشتمل

وقد أعود على نفسي بتسلية

فيما نعانيه من أيامنا الفصل

بأهل بيت الهدى كم كابدوا محنا

تزول شمّ الرواسي وهي لم تزل

وكم دماء لهم عند العدى هدر

يحول صبغ الليالي وهي لم تحل

اليّةً برة بالبيت والحرم الشريف والقبر مثوى خاتم الرسل

لقد تزلزلت السبع الطباق وما

على البسيطة من سهل ومن جبل

غداة اجهشت الزهراء معلنة الشكوى بدمع من الأحشاء منهمل

وربّ دمع لها من بعد ذاك جرى

على قتيل بأرض الطف منجدل

الله يعلم ما تلك الدماء جرت

بالطف إلاّ بتمهيد من الأول

فسوف يعلم أقوام منازلهم

وما أعدّ لهم فيها من النزل


يعزّ على الرسول

الشيخ محمّد علي اليعقوبي

ترك الصبا لك والصبابه

صبّ كفاه ما أصابه

ولقد يعزّ على رسول

الله ما جنت الصحابه

قد مات فانتقلبوا على

الأعقاب لم يخشوا عقابه

منعوا البتولة ان تنوح

عليه أو تبكي مصابه

نعش النبي أمامهم

ووراءهم نبذوا كتابه

لم يحفظوا للمرتضى

رحم النبوة والقرابه

لو لم يكن خير الورى

بعد النبي لما استنابه

قد أطفأوا نور الهدى

مذ أضرموا بالنار بابه

أسد الإله فكيف قد

ولجت ذئاب القوم بابه

في أيّ حكم قد أباحوا

ارث فاطم واغتصابه

بيت النبوة بيتها

شادت يد الباري قبابه

أذِنَ الإله برفعه

والقوم قد هتكوا حجابه

بأبي وديعة أحمد

جرعاً سقاها الظلم صابه

عاشت معصّبة الجبين

تئنّ من تلك ( العصابة )

حتى قضت وعيونها

عبرى ومهجتها مذابه

وأمضّ خطب في حشا الا

سلام قد أورى التهابه

بالليل واراها الوصيّ

وقبرها عفّى ترابه

مولد الزهراء

السيد محمّد جمال الهاشمي

مولدُ الزهراء للإيمان عيدُ

كلّ شيعي بذكراه سعيدُ

ذكرياتُ الفجر في مطلعه

تتجلّى ، ولنا فيه عَهودُ


مولد الزهراء في موكبه

يتهادى ، وبه الماضي يعودُ

يهزم الأوهامَ في ألطافه

فالفيافي من معانيه ورودُ

ورمال البيد سالت عسجداً

والحصى فيه لئالٍ وعقودُ

واستطالتْ قمم المجد بها

فهي في الشرق روابٍ ونجودُ

وُلِدَ الإنسان في أكنافها

فهي اُمّ للكرامات ولودُ

لم يكن من قبلها في ظلّها

للهدى عينٌ ، وللحقّ وجودُ

مولد الزهراء هذا فابسمي

أيّها الشيعةُ ، فالموسم عيدُ

ودعي عنكِ الأسى واحتفلي

فيه ، فالعيد به الحزنُ يبيدُ

سوف ينجابُ الدجى منهزماً

من سنا الفجر ، فللفجر جنودُ

فاذا وجّهها الله إلى

اُفق بادَ به الليل المبيد

بنت الخلود

السيد محمّد جمال الهاشمي

شعَّت فلا الشمس تحكيها ولا القمرُ

زهراءُ من نورها الأكوانُ تزدهرُ

بنت الخلود لها الأجيال خاشعةٌ

اُمّ الزمان إليها تنتمي العُصُرُ

روحُ الحياة ، فلو لا لطفُ عنصرها

لم تأتلف بيننا الأرواحُ والصورُ

سمت عن الاُفق ، لا روح ولا ملَكٌ

وفاقت الأرض ، لا جنٌّ ولا بشرُ

مجبولةٌ من جلال الله طينتُها

يرفُّ لُطفاً عليها الصونُ والخَفرُ

ما عابَ مفخَرها التأنيث أنَّ بها

على الرجال نساءُ الأرض تفتخرُ

خِصالها الغرُّ جلّت ان تلوكَ بها

منّا المقاولُ أو تدنو لها الفكرُ

معنى النبوة ، سرُّ الوحي ، قد نزلتْ

في بيتِ عصمتها الآياتُ والسورُ

حوت خِلال رسول الله أجمعَها

لولا الرسالةُ ساوى أصله الثمرُ

تدرّجت في مراقي الحقِّ عارجةً

لمشرق النور حيث السرُّ مستترُ


ثم انثنت تملأ الدنيا معارفُها

تطوى القرون عياءً وهي تنتشرُ

قل للذي راح يُخفي فضلها حسداً

وجه الحقيقة عنّا كيف ينسترُ

أتقرن النورَ بالظلماء من سفهٍ ؟

ما أنتَ في القول إلاّ كاذب أشِرُ

بنتُ النبي الذي لولا هدايتُه

ما كان للحقّ ، لا عينٌ ولا أثرُ

هي التي ورثت حقاً مفاخره

والعطر فيه الذي في الورد مدَّخرُ

في عيد ميلادها الأملاكُ حافلةٌ

والحور في الجنة العليا لها سمرُ

تزوجتْ في السماء بالمرتضى شرفاً

والشمس يقرُنها في الرتبة القمرُ

على النبوّة أضفت في مراتبها

فضل الولاية لا تبقى ولا تذرُ

اُمّ الأئمة مَن طوعاً لرغبتهم

يعلو القضاءُ بنا أو ينزل القدرُ

قف يا يراعي عن مدح البتول ففي

مديحها تهتف الألواحُ والزبرُ

وارجع لنستخبر التأريخ عن نبأٍ

قد فاجأتنا به الأنباء والسيرُ

هل أسقط القوم ضرباً حملَها فهوت

تأنُّ ممّا بها والضلعُ منكسرُ

وهل كما قيل قادوا بعلَها فعدت

وراه نادبةً والدمع منهمرُ

إن كان حقاً فإنّ القوم قد مرقوا

عن دينهم وبشرع المصطفى كفروا

الصديقة الزهراء

الشيخ عبد المنعم الفرطوسي

شجونٌ تستهل لها الدموعُ

وتحرق من لواعجها الضلوعُ

وقفتُ على البقيع فسال طرفي

وقلبي فالدموع هي النجيع

كأنّ مصيبة الزهراء بيتٌ

بقلبي للأسى وهو البقيع

أمثلُ البضعة الزهراء تُجفى

ويعفا قبرها وهو الرفيع

ويغصب حقها جهراً وتؤذى

بحيث وصية الهادي تضيع

تُصدّ عن البكاء على أبيها

فتحبس في محاجرها الدموع


وتقتطع الاراكة حين تأوي

لظل غصونها كفٌ قطيع

ويحرق بيتها بالنار حقداً

ويُهتك سترها وهو المنيع

ويُكسر ضلعها بالباب عصراً

فيسقط حملها وهو الشفيع

ويدمي صدرها المسمار كسراً

فينبغ بين ثدييها النجيع

وحمرة عينها للحشر تبقى

بها من كفّ لاطمها تشيع

تنوح فتسمع الشكوى وتدعو

وما في المسلمين لها سميع

مصائب بالفظاعة قد تناهت

وكل مصيبة خطب فظيع

قضت ألماً من الزهراء فيها

حشاشة قلبها وهو المروع

دموع خلف الابتسام

الاستاذ عبود الأحمد

توارتْ خلف بسمتي الدموعُ

وخلف صداي يختبئُ الخشوعُ

وما ضحكي أمامَ الناس إلاّ

مداراةٌ وأحشائي تلوع

يُعمّقُ في جراح القلب نزفاً

بكاءٌ صامتٌ وأسىً مروع

فيخفي لحنَ اُغنيتي نشيجي

ولكنّ الأنينَ به يذيع

تكاد من العذاب تذوب روحٌ

محمّلة بما لا تستطيع

أنام على لظىً بين الحنايا

وأصحو والهموم هي الضجيع

شببتُ على الجراح فكلّ عمري

جراحٌ والمسيل دمٌ نجيع

تطوف على شغاف القلب وجداً

فتحضنه المواجع والضلوع

وشابت كلّ آمالي وماتت

وجُرحي في تأجّجه رضيع

ويغمرني إلى الأعماق حزنٌ

تفيضُ على جوانبه الدموع

فخذ يا حزن ما ابقيت منّي

كياناً قد تولاه الخضوع

أنا السهرُ المؤرّق في المنافي

ويأبى أن يمرّ به الهجوع


أنا الوجد المضيّع عن بلادي

وقد أودى به الزمن الوضيع

بأرض الرافدين له قبابٌ

وأضرحةٌ معطرة تضوع

وما أحلامه إلاّ سرابٌ

يراود شوقها أملٌ خدوع

لأنّ فراته ما عاد عذباً

وخالط ماءه السم النقيع

وقد غدت النخيل بلا حياةٍ

تعرَّت عن ظفائرها الجذوع

الا يا قاصد الزهراء شوقاً

تعطّركَ المدينة والبقيع

فطأطئ عند مرأى القبر جيداً

ففي أحشائه الطهر الوديع

وقبّل تربةَ الزهراء وابثُث

رزايا قد تناستها الجموع

وقل بنت النبي إليكِ نشكو

عذاباً ما له يوماً نزوع

فيا زهراء هل عاينتِ شعباً

وأبناءً له ظلماً اريعوا

وبلّغها سلاماً عن بقايا

نفوسٍ في محبّتها تضيع

تولّتْها يدٌّ ما كان منها

سوى ظلمٍ يشيبُ له الرضيع

سلامٌ يا ابنةَ الطهر المفدّى

سلامٌ أيّها المجد الرفيع

تودّع فيكِ سرُّ الله حقاً

وفي ميلادك السرُّ الودوع

فيا اُمّ الحسين فدتكِ دنيا

وما ضمّت عوالمنا الجميع

أيا قدساً أفاضته سماءٌ

تكلّله المهابةُ والخشوع

ويا غصناً تفرّع من سموٍ

لطه أثمرت منه الفروع

ويا نبعاً من الإيمان محضاً

تدفّق واليقين له تبوع

وجوهرةً تشع بها الليالي

ونور الله مزدهرٌ نصوع

تجلّت قدرة الباري بخلقٍ

وجلَّ الله بارئكِ البديع

ويا حصناً أحاط بنا أماناً

إذا ما يُفقد الحصن المنيع

سأسألكِ الشفاعة رغم ذنبي

يؤرّقني به فزع مروع

إذا ما ضمّني قبرٌ ولحدٌ

وأوحدني به العمل المضيع

واُغلقَ دون أحبابي رتاجٌ

وضاق بقبري الكون الوسيع


وانّي إن دعوتِكِ يوم حشري

فأنتِ لي المُطَمْئنُ والشفيع

فإنّ شفَّعتِ في عبدٍ ذليلٍ

تولاني برحمته السميع

امتداد السنا

الشيخ ابراهيم النصيراوي

جدّد العهد يا نشيد الولاءِ

هاتفاً بالوليدة الزهراءِ

هي نبع من المكارم يزهو

خُصّ للأرض من عيون السماء

تتباهى بها السماوات فخراً

وتغنّت بها ربى الغبراء

لا كيوم الزهراء يوم بهيّ

دائم العطر من أريج الثناء

والأهازيج باسمها تتعالى

وهي فوق المديح والإطراء

فكأنّي بكل قلب ينادي

ولدت بنت سيد الأنبياء

* * *

جدّد العهد يا نشيد الولاءِ

فهي حسبي وغايتي ورجائي

كل عرق جرى بجسميَ حيٌّ

حبُّها فيه لا مسيل الدماء

إنّ قلباً خلا من الحب يوماً

ليس يُنمى لهذه الأحياء

كلما جلتُ خاطراً تهتُ فيها

بسناها يغيب كل سناء

حشدت نفسها الملائك زحفاً

خلف بيتٍ بلهفةٍ وانحناء

علّها ان ترى سناء وجوهٍ

خُلقت قبل خلق هذا الفضاء

تتمنّى بأن تظلّ عكوفاً

ولتحظى بحملِ فضل الرداء

هكذا البضعة الزكية كانت

منبت اليُمن منبت الآلاء

غطتِ الشمس شمسها فأنارت

هذه الأرض من سنى الزهراء

هي انثى وخلفها ألف معنى

كل معنى به مدى للخفاء

انّها المرأة التي قيل فيها

ما على الأرض مثلها في النساء


هي سرٌّ وحسبها انّ فيها

نزل الوحي هاتفاً بالثناء

ليس يرقى لفضلها أي فضلٍ

من أبينا واُمّنا حواء

الزهراء 3

الدكتور الشيخ أحمد الوائلي

كيف يدنو إلى حشأي الدّاءُ

وبقلبي الصديقة الزهراءُ

من أبوها وبعلها وبنوها

صفوة ما لمثلهم قرناء

اُفق ينتمي إلى اُفق الله

وناهيك ذلك الانتماء

وكيان بناه أحمد خُلقاً

ورعته خديجة الغرّاء

وعليّ ضجيعه يالروح

صنعته وباركته السماء

أيّ دهماء جلّلت اُفق الإسلام

حتى تنكَّر الخلصاء

أطعموك الهوان من بعد عزٍّ

وعن الحبّ نابت البغضاء

اَاُضيعت آلآء أحمد فيهم

وضلال أن تجحد الآلاء

أو لم يعلموا بأنّك حبّ

المصطفى حين تُحفظ الآباء

أفأجر الرسول هذا ، وهذا

لمزيد من العطاء الجزاء

أيّها الموسع البتولة هضما

وَيكَ ما هكذا يكون الوفاء

بلغة خصّها النبي لذي القربى

كما صرَّحت به الأنباء

لا تساوي جزءاً لما في سبيل الله أعطته اُمّك السمحاء

ثم فيها إلى مودة ذي القربى سبيل

يمشي به الأتقياء

لو بها أكرموكِ سُرَّ رسول الله

يا ويح مَن إليه أساءُوا

أيذاد السبطان عن بلغة العيش

ويُعطى تراثه البُعداء

وتبيت الزهراء غرثى ويُغذى

من جناها مروان والبُغضاء

أتروح الزهراء تطلب قوتاً

والذي استرفدوا بها أغنياء


يا لوَجد الهدى ، أجل وعلى الدنيا وما أوعبت عليه العفاء

نهنهي يا ابنةَ النبي عن الوجد

فلا برَّحت بكِ البُرحاء

وأريحي عيناً وإن أذبلتها

دمعة عند جفنها خرساء

وانطوي فوق أضلع كسروها

فهي من بعد كسرهم أنضاء

وتناسي ذاك الجنين المدمَّى

وإن استوحشت له الأحشاء

وجبين محمّد كان يرتاح إليه مبارك وضّاء

لطمته كفّ عن المجد والنخوة فيما عهدتها شلاء

وسوار على ذراعيك من سوط تمطّت بضربه اللُّؤماء

في حشايا الظلام في مخدع الزهراء آهٌ ولوعةٌ وبكاء

وهي فوق الفراش نضوٌ من الأسقام كالغصن جفَّ عنه الماء

ألرَّزايا السوداء لم تُبق منها

غير روح ألوى بها الإعياء

ومسجّى من جسمها وسمته

بالندوب السياط كيف تشأء

وكسير من الضلوع تحامت

أن يراه ابن عمّها فيُساء

فاستجارت بالموت والموت للروح التي أدّها العذاب شفاء

وبجفن الزهراء طيف تبدّى

فيه وجهُ الحبيب والسّيماء

وذراعا خديجة وابتهالُ

الاُمّ تشتاق فرخها ودعاء

فتمشّت بجسمها خلجاتٌ

ومشى في جفونها إغماء

وبدت في شفاهها همهماتٌ

لعليٍّ في بعضها إيصاء

بيتيمَين وابنتين ويا للامَّ

نبض بقلبها الأبناء

ووصايا نمّت عن الهضم والعتب روتها من بعدها أسماء

ثم ماتت ولهى فما أقبح الخضراء ممّا جنوه والغبراء

سُجّيت في فراشها وعليّ

وبنوه على الفراش انحناء

وتلاقت دموعهم فوق صدرٍ

كان للمصطفى عليه ارتماء

وعليّ بمدمعٍ يقتضيه الحزنُ سكباً وتمنعُ الكبرياء


فاحتوى فاطماً إليه ونادى

عزّ يا بَضعة النبيّ العزاء

وتولّى تجهيزها مثل ما أوصته من حين مدّت الظلماء

وعلى القبر ذاب حزناً وندّت

دمعة من عيونه وكفاء

ثم نادى وديعةٌ يا رسول الله رُدّت وعينها حمراء

الكوثر النبوي

الاستاذ بدر الشبيب

أيا سائلاً عني إذا شئت أن تقرا

فقلب كتاب المجد لا تتركَنْ سطرا

ستعلم أني في عيون سطوره

اُزيّنها كحلاً وأمنحها سحرا

وأنّي الذي والى النبي وآله

هم قدوتي دنياهم عدتي اُخرى

رجالهم خير الرجال مكانةً كفاني بهم

عزاً كفاني به فخرا

وإن عدَّ غيري في المفاخر نسوة

كفاني إذا ما قلت فاطمة الزهراء

لئن سادت العذراء نسوة عصرها

فقد سادت الزهراء في قدرها العُصرا

تعجبت للتاريخ يكتم أمرها

فساءلته يوماً فأبدي لي العذرا

وأعرض عني قائلاً إنّ في فمي

فقلتُ اقذف الماء الذي يورث القهرا

وحدّث عن الزهراء بضعة أحمدٍ

ومَن كانت الآيات في حقّها تترى

ألم تكُ اُمّاً للنبي وكوثراً وكان

رسول الله يوصي بها خيرا

فهل حفظوا بعد النبي مقامها

فصانوا لها ودّاً وكانت لهم ذكرى

فقال لي التاريخ والدمع هاطل

أحلت فؤادي منذ ساءلتني جمرا

لقد بدأتْ كل الرزايا برزئها

ومن فدكٍ كانت رزيتنا الكبرى

وكان الذي قد كان من أمر دارها

فظُنّ به خيراً ولا تكشفنْ سترا

فقلت إذا أحسنت ظناً بما جرى

فما بال بنت المصطفى ووريت سرّا

فقال كفى لا تستزد من عنائها

فقد زدتني همّاً وأرهقتني عَسرا


ولا تطلب التفصيل عمّا جرى لها

ورفقاً بحالي إن لي كبداً حرى

تكلّفني الأيام ما لا أطيقه

أرى صفوة الأخيار مغبونة جهرا

اُم أبيها

الاستاذ بشار كامل الزين

بدار الوحي يا خير النساءِ

حظيتِ بكل آيات الثناءِ

تجمّعتِ الفضائل فيك حتى

كسَتكِ بنفسها مثل الرداءِ

فإنّك بنتُ خير نساء أرض

توّلت دينها قبل النساءِ

ومن بيتِ النبوة بيت طه

نشأتِ على ابتهالات الدعاء

حباكِ الله نعمتَهُ وساماً

به قدْ صرتِ من أهل الكساءِ

فنلت الحبّ والتقديس منّا

لأنّ الله خصّك بالنداءِ

وعطفُ أبيك ما جاراه عطفٌ

عليك مع المحبّة والرجاءِ

أاُمُّ أبيك من سمّاك هذا

سوى من كان يحنث في حِراءِ

أطعتِ أباً ومبعوثاً رسولاً

لينعمَ بالسعادة والهناءِ

وينشر دعوةَ الإسلام حتّى

تعمَّ العالمين على السواءِ

وزوّجك النبيّ إلى عليٍّ

ربيب المصطفى بطلِ الفداءِ

فكنتِ المرأةَ المثلى لزوجٍ

كريمِ الخلق مشهودِ الولاءِ

وكنت الاُمّ للحسنين اُمّاً

سقتْ أبناءها وحي السماءِ

وربّتهم على نورٍ وتقوى

وإيمانٍ وخلقٍ مستضاءِ

أبنت الأكرمينَ وأهل بيتٍ

لهمْ في الدّهر مأثرة العطاءِ

ولادتكِ الضياء أليس يعني

ضياءً للاُمومةِ والوفاءِ

أبا الزهراء يا روحاً مفدّى

بفاطمةٍ هنيئاً للنساءِ

وترفعُ زينبُ الحوراء صوتاً

يهزّ قواعدَ البغي المُرائي


وها هي كلّ امرأةٍ تراها

تساهمُ في الصمود وفي البقاءِ

لتُعطيَ من حضارتها مثالاً

يقوم على الطهارة والصفاءِ

وترجع صورةَ الإسلام عنها

بصدقِ أمانةٍ وعُرى انتماءِ

وتجعل يومَ فاطمةٍ مناراً

لدنيا العالمين بلا ادّعاءِ

وعذراً أهل بيت الحقّ عذراً

إذا القلب اشتكى بعض العناءِ

ويا زهراء اُمّتنا هنيئاً

لمن انجبتِ من أهل الفداءِ

لقد دار الزمان وعادَ يحدو

بثورات النبوّة والسماءِ

شمس المحبوب

الاستاذ ثامر الوندي

أنا من ثلة عشاق خضر فقراء

ينتظرون وينتظرون وينتظرون

اقدام الليل على أجنحتي

ما أثقل هذا الليل الجاثم فوق طراوتها

كفّرت دمي ورجمت فمي

ونظرتُ بعين الكاره لهشيم الأصنام المتروكة في كعبة قلبي فازداد

قلبي فرقاً ساعتها

ما أطول هذا الليل على ثانيةٍ من وقتك يا عمري المحروق

على سجادة عشقٍ لم تبلغ بعد صلاة الصبح

أاُؤذّن وحدي في جرة هجري المشروخة من فمها

واُصلّي وحدي واُنادي يا شمس المحبوب اقتربي

عندي لكِ مثل ولاء العتق وطاعات الأذناب

اقتربي من أجنحتي اقتربي من قافيتي اقتربي من خاتمتي

شمس المحبوب تلوح امام العشّاق الخضر الفقراء


تلوح رغيف شعير يُطعم مسكيناً ويتيماً وأسيرا

شمس المحبوب تحدّق في الكون كثيرا

وترج سنابلنا المنقوعة بالليل الراقد فوق رماد الأشياء

يا قافيتي اشتدي وتلاشي

لا وقت لقافية تتوكّأ أو تتلكّأ

اني استقبل شمس المحبوب على أرضي

لترفرف سنبلة العشاق المطرودين معي

اني احمي قافيتي ليلوح دخان الوصل

شمس المحبوب تلوح وليل الهجر يعدّ تذاكره المخبوءة ليغادر أرصفتي

ما أثقل هذا الليل الليل

كورتُ قناديل الحب المطفأ في الزاوية المنحرفة

لأصب دمي فوق النيران المرتجفة

يا لين كرياتي ما أثقل هذا الليل الليل الليل وشمس المحبوب تلوح تلوح

ترج نوافذي التسع

تفتحها تكشفني بعرائي للألق الشاهق

شمس المحبوب تلوح تلوح تلوح وتصعق هذا الليل الجاثم فوق طراوة اجنحتي

اسحب أعضائي عضواً عضواً منه

فأرى اجنحتي تتفتت في المابين

أنوح أنوح وتختلط الدمعةُ برماد قناديلي

فأصب دمي فوق لهيب الوجد

الأرض الحرة ابريق وضوئي

أضربها بيدي فيرتجف الليل الجاثم

امسح جبهتي المسودة من هول المطّلع الشاخص


اتذكر كيف استلقى طوفان بنيٌّ

فوق سرير الأرض فمرت شمس المحبوب

مرّت شمس المحبوب على غرقي

نادتني يا وندي اركب معنا

فركبتُ

وللآن بقلبي نبض يشهق

يا زهراء ويا زهراء ويا زهراء

ثمالة الأمل

الاستاذ جاسم محمّد الصحيّح

وهج القباب أم المصير المُتعبُ

ذاك الذي لكِ شدّني يا يثربُ

فأتيت أرفل في الشقاء يزفّني

ما بين أشباح المتاهة موكب

تتسكع الآهات بين جوانحي

والأبجدية في دمائي تنحب

وأجنّة الأحلام حين تهزّها

نجواك يرعش روحها المتكهرِب

أترى النخيل اليثربية لم تزل

تلك التي تلد الشموخ وتُنجب

أم شكَّها سهم الزمان فأينعت

جرحاً به المستضعفون تخضَّبوا

وأتوكِ من حيث الرجولة لم يزل

تأريخها بدم الكرامة يشخب

يتلمسون ثمالة الأمل الذي

كانت على يده الجراحة تُخصِب

يا طيبة النصر المنوَّر ما لوى

أبطاله عبر المجاهل غيهب

فإذا السماء تصبُّ في خلجاتهم

حُلُم النبوة جامحاً يتلَهَّب

حتى إذا صقلوا تُرابك وازدهت

ممّا تناثر من سناه الأحقب

وقفوا على حدّ الرماح منائراً

تمتدّ في اُفق الحياة فيُعشب

يا طيبة النصر الذي في شوطه

أفنى فُتوته النضال الأشيب

وتنفَّست عبق الفتوح رسالة

فيها تصاهرت السماء ويعربُ

وافتْكِ يرتجل الصلابة ساعد

منها ويبتكر العزيمة منكبُ


ومُذ اقتحمت بها الحياةَ على خطى

طه يشدُّكِ للفلاح ويجذب

شحذ الفداء يراعَهُ بكِ وانبرى

يسقيه من حبر الخلود ويكتبُ

حتى إذا يوم الاخاء تفصَّمت

حلقاته وسطت عليه العقرب

نسيَتْ جوامحك العتاق نفيرها

وانهار في دمكِ الصهيل الأشهب

وبقيت للأجيال نبعَ صبابة

ما عاد كوثره يفور ويغضب

ورَنت تطالعُك الدهور فراعها

فتح بماضيك المجيد مُعلَّب

هرّبتهِ طيفاً بذاكرة المُنى

يزهو وهيهات الفتوح تُهَرَّب

نسل الغبار عليه ألفَ قبيلة

راحت تنازعه البريق وتسلب

ويداك لا شمس تغالب فيهما

عصف الشتاء الجاهلي فتغلب

مُدِّيهما نحو الوراء وسلسلي

يومَ الاخاء ولملمي ما يسكب

وتحضّني أرواحنا بصفائه

يهتزّ نبض حياتنا المُتَخَشِّب

فسنصهر الاُفق البعيد على لظى

عزماتنا حتى يذوب الكوكب

وسنكنس التاريخ ممّا اسندت

فيه الذئاب وما رواه الثعلب

ونُقشِّر الحق المُغَلَّف بالدجى

حتى يشعّ لُبابه المُتَلَهِّب

ونعود نفترع النجوم وحسبنا

فيما نؤمل ان متنك مركب

غصص كاللّيل

الشيخ جعفر الهلالي

وبفاطمةٍ ما خصّ سِوا

ك لدى التزويج ( محمّدُه )

كم رَدَّ صحابته عنها

في قول راح يُردِّدُه

فغدَوْتَ له صهراً وأخاً

وبذاك الصهر تخلِّدُه

فلك ( السبطان ) وفرعهما

بهما للنسل تعدِّدُه

( حججٌ ) أبناؤك رتّبها

للنصِّ هنالك مسنَدُه


وختام الصفوة ( مُنتَظَر )

من وُلدك وهو يُجدِّدُه

فلسوف يعُمُ الأرض به

عدلٌ للجور سيطرُدُه

وصبرتَ على عظم البلوى

ولقلبك بان تجلُّدُه

تتجرّعها غُصَصاً غُصَصاً

كالليل تراكم مُلْبِدُه

ماذا ساُعدِّدُ من نبأٍ

قد كُنتَ تراه وتشهدُه

( يوم ) ( المختار ) و ( حادثُه )

أم ( حقّك ) خصمك يجحدُه

أم ( إرثُ ) حليلتك ( الزهرا

ء ) وذا القُرآن يُؤَكِّدُه

دفع الأقوام به ( نصّاً )

مذ أضحتْ عنها تُبعِدُه

أم ( ردُّكَ ) حين شهدتَ لها

بحديث النِّحلة توردُهُ

أم تلك ( النار ) وقد لهبت

بالباب لبيتكَ تعبُدُه

أم كسر الضلع لفاطمةٍ

أم ذاك ( المحسن ) تفقدهُ

لتبايع ( أوّلهم ) فأبيتَ

وحقَّك رحت تؤكِّدُهُ

ووراءك بنت نبيهم

تعدو والصوتُ تُرَدِّدُه

وتصيح ألا خلُّوا الكرّا

رَ وذاك الصوت تُصعِّدُه

أو لا فسأدعو الله على

قومٍ تعصيه وتجحدُه

وأتتْ للمسجد مُعوِلَةً

ولذاك الجمع تُهَدِّدُه

فهنالك كفّوا غيَّهم

مُذ لاح السخط وموعده

ورجعتَ وعادت مثقلةً

والهم يزيد توقُّدُه

وغدت تشكو المختار لِما

قد نالته وتُعَدِّدُه

وبكت ألماً لمُصيبتها

والحزن تفجَّر مُكْمَدُه

ليلاً ونهاراً ما فتئتْ

ببكاها وهي تُشدِّدُه

فأراد القوم لها منعاً

عمّا تأتيه وتقصدُه

قالوا آذتنا فاطمة

ببكاءٍ منها توجدُه

فلتبك نهاراً والدها

أو لا فبليلٍ موعدُه


فأبت وغدت ل‍ ( بقيع الغر

قد ) ثم نهاراً تشهدُه

وهناك بظلِّ ( أراكتها )

تخذت مأوىً تتعهَّدُه

وتعود الليل تؤُمُّ الدّا

رَ لذاك النَّدب تُجَدِّدُه

فسعوا في قطع أراكتها

شُلّتْ لمعاديها يَدُه

فبنى الكرار لها ( بيتاً )

للحُزن اُقيم مُشَيَّدُه

وكذاك تواصل منها الحز

نُ وزاد القلبُ توقُّدُه

وتضاعف منها السقم وقد

أودى بالجسم تشدُّدُه

فقضت والقلب به شجنٌ

تبديه وطوراً تَكْمِدُه

وبليل قد دُفِنَتْ سرّاً

وبذا للسُخط تؤكِّدُه

محن ما غيرك يجرعها

في هذا العالم نعهَدُه

أسرار الحزن

السيد حسين الشامي

قلبي يذوب أسىً على الزهراءِ

ومدامعي تجري دماً بسخاءِ

حزناً على الطهر البتولةِ أنّها

رحلت بقلب غصّ بالبلواء

رحلت بحسرتها وظل وراءها

سرُّ الجوى والجمر في الأحشاء

ومضت إلى الرحمن تشكو اُمّة

نقضتْ عهود الشرعة الغراء

تدعو أباها وهي تعلم أنّه

أدرى بما فعلت يدُ الطلقاء

أبتي أتُسلبُ نحلتي مني وفي

بيتي تشبُّ مواقد البغضاء

ابتي ألا تدري بما فعل العِدى

فينا وقد جاروا على أبنائي

من بعد أن حملوا الإمام مبايعاً

وهو الوصي وأول الخلفاء

ونسوا وصاياك التي وصيّتهم

فيها بخمٍ في غدير الماء

أولم تقل هذا علي فيكمُ

خلفي ومَن عاداه من أعدائي

أبتي أضاعوا العهد ثم تكشّفت

أحقادهم بالشر والضراء


صعدوا على باب النبي كأنّهم

يحيون ثاراتٍ لدى الآباء

قد قيل فيه فاطم قالوا وإن

فاليوم نحرقُها على الزهراء

أبتاه غاضبة أظل عليهمُ

ويظلّ حتى الحشر صوتُ بُكائي

سرٌّ يضيء

الاستاذ حسين الصالح

سيدي ومليكي

ان تلك السفينة

مضلّلةٌ في المساء البعيد

ومطفئة في المدينة مصابيحها ، بانتظار القلوعْ.

هائم يا مليكي المفدّى

والصحاري التي اكلتني تجوعْ.

ليت سيدة العالمين تفكّر بي في ظلامي

( وفاطمة في المساءات تنزل نحو الغدير الذي ينزف الماء .. أراها وألقي 3 ، فتهبط خلف أديم الظلام ملائكة الله تحمل سبع نجوم تضيء كما شجر التين ليت سري يضيء ).

ـ ( ادركيني ) ..

وعلى فرس ابيض ستجيئ

لتنثر قمحاً وحبات نورْ

وتزرع قامتها في تراب العصور

وتبيح المساجد للعابرين.

ويكثر غيم التساؤل يا فاطمة

يا نهوض حضاراتنا النائمة


ويا وردة في مهب الحقول

سينتفض الماء في حجرهِ

ويحتدم الغيث في سفره

بعد عامٍ وعام وعامْ فعدْ وأعدْ ألف مرّه.

قبس يفيض

الاستاذ سعيد العسيلي

بحران موج تقاهما زخَّارُ

والمكرمات بها الحياة تُنارُ

زهراء عالية الجبين شريفةٌ

ما شابها ذنب ولا أوزار

معصومة كالورد في أكماله

والعطر منها نبعه فوَّار

ولها من الهادي ابتسامة ثغره

وبوجهها من وجهه أنوار

قبس يفيض على الورى من روحه

فيها ودفق حنينه مدرار

وأشعّة من هديه : وولاؤها

فرض وطاعتها هدىً ومنار

فُرضت بأمر الله بلَّغ نصَّه

وحيٌ وما للمنكرين خيار

وله بها صفو الحديث كواحةٍ

برحابها تتفتَّح الأزهار

والله يغضب إن بدت غضبى وإن

رضيت سيرضى للرِّضا الغفَّار

هي بضعة منه ويؤذيه إذا

ما أوذيت وتصيبه الأكدار

فيها الأمان من الضلال : ونسلها

دون الأنام أئمّة أبرار

رضاه رضاها

الاستاذ سعيد معتوب الشبيب

يا سماءُ افرحي ويا أرضُ جودي

نجمُ سعد أنار كل الوجودِ

كتب الفجر في شفاه الليالي

وُلدَت فاطم ابنةُ المحمود


قد تباركتَ يا إله فبارك

مولد الكوثر البتول الولود

باركوا للنبي أفضل يوم

ولزوج الرسول تلك الودود

ثم للمرتضى الوصي عليٍ

بركات من ربّنا المعبود

فاطم الاُمّ تلك اُمّ أبيها

بضعة منه أورثت كل جود

لعليٍ ربُّ العباد اجتباها

فحوت فخر كل مجدٍ تليد

هي اُم لشبَّرٍ وشبيرٍ

سادت الخلق في جنان الخلود

ولها زينبٌ اما قد تجلّى

دورها الفذّ في الفدا والصمود

فاطم أنتِ مَن أنا أين شعري

كيف يرقى لوصف سرّ الوجود

فاطم أنت مَن أكون تراني

كيف أصبحت في قوافي قصيدي

لستُ أدري وقد أحار جواباً

غير أنّي عرفت سرّ وجودي

قل لتاريخنا الذي قد تساوى

سيّد القوم رتبةً بالمسود

مَن تكون التي فداها أبوها

وهو طه رسول ربّ حميد

مَن تكون التي رضاه رضاها

وأذاها يؤذي الإله ... افيدي

لي عتاب على الذين تناسوا

فضلها والعتاب جدّ شديد

أين أقلامكم وأين القوافي

ألف آهٍ أقولها في نشيدي

علّمينا

الاستاذ شفيق العبادي

علّمينا فقد سئمنا الهوانا

كيف يرقى إلى علاك مدانا

كيف نسمو إليك يحدو بنا الشوق ، ويعلو ذرى النجوم علانا

كيف نحيا وفوقنا يهتف العزّ وتمشي نحو السماء خطانا

ونواري بعزمنا وإبانا

حاضراً عاثر الخطى خزيانا

عقمت فيه للفضيلة رحمٌ

وانطوى أمسه العزيز مَهانا



كيف شاخت بنا الأماني وكانت

صرخات الأمجاد رجع صدانا

كيف أودى بنا الشتات وعدنا

يعثر الدرب والطريق سرانا

كيف يدنو إلى رحابك فكرٌ

شلّهُ الوهم فانطوى واستكانا

ويغني ـ كما اردت ـ يراعٌ

نسل الخوف من لهاه اللسانا

علمينا فقد تهاوى علانا

وكبا المجد صاديا ظمآنا

يا ابنة المصطفى وغرس المعالى

وصدى الحق في ضمير سمانا

وصِدى الحق لم يزل يملأ الآفاق شدواً ويرهف الآذانا

ونسيج العفاف تغزل منه

مريم الطهر للتقى أرادنا

لك في خاطر المحبين يوم

مَلِك القلب منهم والجنانا

كم وقفنا عليه نستلهم الذكرى ونُحيي شروقه مهرجانا

« ونساقيه من كؤوس القوافي »

خمرة الحب والوفاء دنانا

ونفدّيه بالنفوس إذا ما

أمل البغي أن يهض ولانا

طالعتني ذكراه تفترش الاُفق على مفرق الرؤى عنوانا

ومشت بي إلى الوراء عصوراً

شمت فيها وجه النبي عيانا

حيث أحنى عليك مذ لحت نوراً

منه يضفي على المدى إيوانا

ورأى فيك للرسالة ينبوعاً سيثري معينه الأزمانا

وتباهي بك الوجود ولم لا

حيث لولاك ما استقام وكانا

وتلقّاكِ طرفه راعف الجفن وقد كان خاشعاً وسْنانا

فنثرتِ الرجاء في نفسه الحيرى وأثلجتِ قلبه الحرّانا

وفرشتِ الغد المهوّم في الاُفق على ضفة الرؤى ريحانا

يا ابنة المصطفى وحسب منانا

أن يرى عندك الولاء مكانا

أتملاّك همسة من جنون العشق تحدو بخافقي ألحانا

أسرت باحة الفؤاد فأرخى

في يديها كما تحبّ العنانا

أرهقت كبرياؤها عنت الدهر وأوهى صمودها الأزمانا


كلّما شفّها الغرام تغنّتْ

فأهاجت بشدوها الأكوانا

وإذا مسّها الشعور تراءتْ

فكرة تملأ الوجود بيانا

أتعبت مبدعاً وأقصت يراعاً

وأهاضت فكراً وشلّت لسانا

يا ابنة المصطفى ستبقين درباً

يهب السائرين فيه الأمانا

وستبقى ذكراك في مسمع الدهر

نشيداً حلو البيان مصانا

كلما راعها المخاض بصبحٍ

رقص الدهر حوله نشوانا

وإذا أبطأ الزمان أطلّت

من كُوى الخلد تستحثّ الزمانا

واحتضان الرسالة البِكر طفلاً

ذبت فيها مودةً وحنانا

فزكت بذرةً وطابت جذوراً

واشرأبت عبر المدى أغصانا

ورمال البطحاء تحضن للتاريخ فصلاً مضمخاً أشجانا

كم شربنا به الضنى وحملنا

غصص الدهر في الحشا بركانا

واحتملنا به الهجير وأرضُ الحقد تغلي رمالها نيرانا

وعبرنا به الرياح فما هيض جناح ولا خفضنا بنانا

والهدير الذي ملأ الأرض دوياً قد استحال دخانا

علمينا فقد سئمنا الهوانا

كيف يدنو إلى علاك مدانا

النداء المهيب

الشيخ عبدالمجيد فرج الله

وغامت عيونك بالاحتضار

وهذي المدينة

مذبوحة الشهقات

مبدّدة الحسرات

على نغم الوجع المستريح على رئتيك


كأنّ الزمان المعفّر بالانطفاء

المكبّل بالاحتباء

إلى بركة الوحل

يفترش الانكسار !

وحين يمرُّ على أنهر الرمش

ـ حيث تغطُّ سفائن أحداقنا باختناق الغرق ـ

نداؤك ... يحضن آهته الهامسه

معلّقةً بنتوآت باب يشمّ فحيح اللظى

فينغرس الصدأُ المرُّ

يحمل كلّ نكوص الخطى اليابسه

وكلَّ تداعي الوجوه الخريفية العابسه

ويسكن بين الضلوع

جداراً

تحطّمه مهجةٌ تستحمُّ بوهج الألق

فيطغى الجوى الأبديُّ

لكلّ البراءاتِ .. كل المسافاتِ

وهي تتوقُ لنبضٍ نقيِّ الرفيف

يتوّج بالنور وجهَ النهارْ

وكانَ ...

وكان المدى هائماً

والسماءُ الوليدةُ تائهةً

ما لها من قرارْ

وخلف خطاها الشرايين

ممتدّة إلى لألأ النور من جبهة العرشِ


وهو يبوحُ بسرًّ

يوزّعه الله حول مدى الكونِ

لا يحتويه ـ سواكِ ـ مدارْ

نداؤك

هذا الضعيف المحاصَرُ بالاختطافْ

يجيء إليَّ ... إليَّ

فيخترق الغبَشَ اللهبيّ على معبر الحدق الغارقهْ

يُطاردُ كلَّ ذهوليَ

كلّ احتراقيَ

كلّ احتمالات صحوي المُعافْ

فأصرُخُ في السرِّ

حين توكّرُ آهتُك المستباةُ على شجني

ووجهي المرمَّلُ بالإندثارْ

يفزّ على نبرةٍ باسقة

تطوّقها الريحُ مجنونةً باللهيبْ

وبالصخب الجاهليّ المتاجر بالنبضِ

في لُمّةٍ من فضاءٍ غريبْ

فاُهرعُ ـ كالطفل يفقِدُ كلّ مرافي الأمان

اُطوِّفُ في جنبات الصباح الكسير

فتُمطرني الشمسُ أدمعَها الباهته

ويُعولُ خلفي الربيع المصفّدُ

والوردُ يهربُ ..

والحدقات البريئةُ توغِلُ في البحر

يلتئمُ الاُفقُ بالرمد الأسود المُستعارْ


فاُغلق بابي

وركلُ اللُّهاث على ظهري المتبدّدِ في الوحل

يتبعُني

يستطيل يداً

تنتقي أوجهاً من عذابي

تبوّأت عند انهمار المواجع

هالة روحِك ... وهي تشُدُّ الرحالْ

وبين يديها

تدُقُّ عنانَ السماء أصابع عُشبٍ يبيسْ

وحين توحّمت الأرضُ

كانت عصافيرُك الحائمات على شهقة البحرِ

تملأُ بالشدوِ والشجوِ سمعَ الترابْ

وتبحثُ بين أزيز الرمالْ

عن الوردِ ...

أين أضاع خطاه ؟

وأسلم للصمت دفءَ شذاه ؟

وراح إلى ضفةٍ لن تُنالْ !

يصير دوائرَ محمومةَ الاستعارْ

فتجفل منها الذئابْ

وترتدُّ أصداؤها كطنين الذبابْ

ولكن

تظلُّ العصافيرُ مشدوهةً بالأغاريد والابتهالْ

ولمّا استطال سكونُكِ ذاك المهيبْ

ولم تقتحمْهُ دموعُ ( الحسين )


وآهةُ ( زينبَ )

أو حشرجاتُ نشيجِ ( الحسن )

تلوّتْ عصافيرك البيضُ والخضرُ

تنسُلُ ـ باكيةً ـ ريشَها بالرمادْ

ومن يومها

حين مالت يدُ الشمس وهي تُسلّم عند الغروبْ

على كلّ وجه أضاع الدروبْ

رأى الاُفقُ

كيف يشِبُّ الجنون بأعين كلّ الخطاطيفِ

والدمعُ يهطِلُ متّشحاً بالسوادْ !

أنا ـ الآنَ ـ اُهرَعُ خلف الخطاطيفِ

أنضحُ أدمعها بالعويلْ

أشمُّ احتراقَ دمِ ( الحسنين ) و( زينبَ )

وهو يُعاني مخاضَ الدموعْ

فتنزِلُ ناسيةً لونها الأحمر المتلثّم بالنارِ ...

تبعد عني الخطاطيفُ

نحو مدىً يتلاشى ...

تظلُّ تحومُ ... تحومْ

تتابعُ تهويمَها في عيونِ النجومْ

الطهر الاسمى

الشيخ عبد الكريم آل زرع

لكِ يا بضعة النبي الوفاءُ

من محبٍ لا يعتريه جفاءُ

مزجت ذاته بحبك حتى

كان منها كما يكون البناء


فاستوى في جنانه منه نهر

صب فيه من الجلال بهاء

وجرى فهو في الحنايا عروج

لسماء وما عليها سماء

وهو في كونه مدامة حسن

رشفت من نميرها الأعضاء

فإذا مقلة تنم عن الحب وقلب يستاف منه الصفاء

ومحيّى يفيض منه جمال العشق عذباً مستعذباً والسناء

يا أبنة المصطفى وحسبك فخراً

انّكِ الطهر فاطم الزهراء

لكِ وجه لو أبصرته ذكاءٌ

أدركت ما هو الضياء ذكاء

حزتِ أسمى الصفات يا ابنة طه

بعضها بعد لم تحزها النساء

كَلَّ في مدحك اليراع ومَن رام محالاً أودى به الإعياء

وكليل الجناح يستصعب السفح وتعلوه قمة شمّاء

ما عسى أن أقول فيمَن أبوها

خير مَن شرفت به العلياء

سيد الكون باسمه قد تباهى الرسل والأنبياء والأولياء

ما عساني أقول في بعلك الطهر عليّ وفي يديه القضاء

هو للمصطفى وصي وعنه

صغر الأوصياء والأنبياء

هو قلب الوجود وهو إمامي

وأميري إن عدت الاُمراء

وبنوك الأُلى أضاءوا زماناً

أليلاً في ضميره إغفاء

وأحالوا جدب العواطف خصباً

فانتشى العدل واستقام الإخاء

ومن النبع يستقي ومن النور على كل ظلمة يستضاء

فهم النور والحياة وشيءٌ

ليس يدرى لكنّه معطاء

يا ابنة المصطفى ألفنا الرزايا

غير أنّا من حبكم سعداء

وصبرنا وكل صبر جهادٌ

وهتفنا أن منكم لا براء

دونه سادتي تسال الدماء

دونه الروح إن روحي فداء

إنَ هذا من الجهاد يسير

زرعته في قلبنا كربلاء

كيف أسعى ولستُ أملك شعري

لو غشاني مدح لكم وثناء


وإذا الذكر خصكم بمديح

ما عسى أن تنمنم الشعراء

يا ابنة المصطفى عليك سلامي

ما تغنت بعشها ورقاء

الصوت المضيء

الشيخ علي الفرج

حُلُمي ذهولْ

لغَتي اصفرارٌ باردٌ وفمي ذبولْ

عيناي نَوْرَسَتان شاردتانِ ..

خلف الاُفق لا أدري أيرجعها الربيعُ

أم الخريفُ

إذا تسابقت الفصولْ

تتكسر الكلمات وسط دمي ويسرقها الافولْ

لا بدّ للوتر المحطّم أن يقولْ

الكون صمتٌ

كله صمتٌ

فلا شفةٌ ..

ولا رئةٌ ..

سوى صوتٍ مضيءٍ من بعيدٍ

ذاك صوت رحى البتولْ

حُلُمي عذابْ

عبّأتُ أوردتي التهابْ

وحصدت خلفي ألف بابْ

وحملتُ أرصفتي لأبحث عنكِ في وسط الضبابْ

سافرتُ حتى ماتت الخطوات في قدميّ .. ماتت الماء من عطشٍ .. وجودي


صخرةٌ .. نافورةٌ لليأسِ .. مهلاً .. لحظةٌ مغسولةٌ جاءت لتقتلع اليبابْ

وهنا تساقط صوتُكِ الفضّيُّ

من أعلى ..

تفتحت الصحارى أعيناً مجنونة نحو السماء. أجلْ ..

إذا بك تفرشين على السما

سجادة لك من سحاب

غسلتُ أقدامي التعبى بذاكرتي

ورحتُ اُطفئُ في مسراكِ أعصابي

أأنتِ نافورةٌ صلى لها عطشي

أم وردةٌ عَبَدَتْها كلّ أطيابي

أم أنتِ قطرةُ ضوءٍ حولها ضربتْ

كل النجوم لها أعراق أنساب

طفوتُ فوق غراماتي وسرتُ بها

زهراءُ واسمكِ محفورٌ على بابي

زهراءُ واسمك أشياء مدلَّلةٌ

تلهو بها صلواتي وسط محرابي

زهراءُ واسمك في اسمائنا حرمٌ

وفوق كعبتهِ علَّقتُ أهدابي

مولد الزهراء

الاستاذ علي حمدان الرياحي

ماذا اُحدّث عنكِ يا ابنة أحمدِ

ومثيل فضلك في الورى لم يُشهَدِ

ما دمت سيدة النساء وخيرها

وأجلّ مَن ولدت ومن لم تولد

اُمّ الأئمة والمصابيح التي

شعّ الزمان بنورها المتوقّد

ماذا اُحدّث عن أبيك وقد أتى

لمّا ولدت بلهفة المتوجّد

وحبا لوجهك لاثماً متشوقاً

حبّاً ترعرع من قديم سرمدي

وتماثل النوران نوراً واحداً

من كوكب متفرّد متجرّد

فكأن صورة أحمد في فاطمٍ

وكأن صورة فاطم في أحمد

ماذا اُحدّث عنك بعد طفولةٍ

وضياء وجه ما تلألأ يزدد

وتطاول الأعناق لابنة احمد

من كلّ ذي جاه وكل مسوَّد


فيشيح خير المرسلين بوجهه

ويخيب من يأتي إليه ويغتدي

وثناك عن كل الصحابة والورى

وأباك إلاّ للكميِّ الأصيدِ

القاسم الهامات قصمة عادلٍ

بالقسط غير مقلّل ومزيّد

اُم الأئمة خير أعلام الورى

عفواً إذا شطّ اليراع على يدي

فتقبلي مني هدية شاعرٍ

لمحمّدٍ ولآل بيت محمّدِ

مبعث النور

الاستاذ علي حمدان الرياحي

أيّ يوم يَجلّ فيه العزاءُ

ومصابٌ يطيب فيه البكاءُ

مثل يوم مرزّءٍ مستحمٍ

غربت في سمائه الزهراءُ

لا السماوات بعدها مشرقات

حين تخبو ولا الضياء الضياءُ

يشحذ البدرُ من مطالعها النور وتمتاح من سناها ذكاءُ

أترى شفها بعادُ أبيها

فاستحم الجوى وحنّ اللقاءُ

بضعة المصطفى واُمّ أبيها

وشذاه والنفح واللألاءُ

اُمّ أسباطه وخير البرايا

والتراث الأجلّ والآلاءُ

قصَّر الخافقان عنها عطاءً

ووَنى عن لحاقها الأنبياءُ

قبَّل المصطفى يديها وما كان

لغير الزهراء هذا العطاءُ

مبعث النور والأئمة منها

شُهبٌ ما مضى الزمان وضاءُ

غصون الحنايا

الاستاذ فرات الاسدي

قمرٌ يافعُ البهاء حزينُ

ملأَ الليلَ وجهه المفتونُ

وتدانى فشفَّه خجل الأرض ، وقد نمَّ طرفُها الموهونُ

ليتَها بالهوى تبوحُ إليه

فيُناجى طيفٌ وتُروى شجونُ


كم أسرَّت جوىً يُلحُّ عليها

وأذاع الأسرار حبٌّ مكينُ

ضمّنَتْه الشكاةُ للألقِ المخضلِّ فيه أديمُها ، والسنينُ

ولقاءٍ سمعت إليه وطافتْ

كلَّ شوطٍ حتى أضاء اليقينُ

طورُها مهدُ فاطمٍ أين منه

في التجلّي حِراءُ أو سينينُ !

* * *

يا ابنة النور ، والعوالم جاءت

كيف شأءت : تكونُ أو لا تكونُ

وبأفلاكها مداراتُ هذا الكون صلّتْ ، وسبّح التكوينُ

أُنظرينا فنحنُ رهطُ مواليكِ ، وما ضيَّعَ اليسار يمينُ

لكِ ودٌ مخضوضر بدمانا

أنتِ فيه ، والتينُ والزيتونُ

جذره القلبُ والحنايا غصونُ

وله من تُرابِ خطوِكِ طينُ

رفَّ لم يختلفْ لديه وتينُ

أو أطاحت بنبضهِ سكّينُ

بل مضى ، يمنحُ المفاداةَ عمراً

علويّاً ، شهيدهُ والسجينُ !

* * *

قمرٌ شاحبُ .. ودربٌ حزينُ

والمدى في حدادِهِ مركونُ

.. المدى شائه المسافة يهوي

دونه الليل والسُرى والعيونُ

عثر النجم فيه وارتدَّ ركبٌ

أسلمَتْه إلى خطاه الظنونُ

فإذا التيهُ رايةٌ والخطايا

جندها ، والحداةُ صوتٌ هجينُ

وإذا غايةُ المسيرة أن يشتدَّ رهجٌ ، وأن تُساق مُتونُ !

* * *

لُعِنَ الغدرُ أيُّ نصرٍ ذليل

راح يجنيه حدُّهُ المسنونُ

أيُّ ذكرى منسيّةٍ لبريقٍ

كان في الفتح يلتظي ويبينُ

حسبُه اليوم غمدُهُ وغبارٌ

صَدِيءٌ باردٌ عليه يَرينُ !

خُيلاء السيوف تملأُ عطفَيه ادّعاءً .. ويشمخ العرنينُ

ثمَّ لا شيءَ غير عزمٍ دعيٍّ

هو في زحمة العزائم دُون


اِيهِ يا اُمّة السقيفة هلاّ

رفَّ جفنٌ .. هلاّ تندّى جبينُ

ما نفضت الأكفَّ من ترب طه

بعد حتى استفاق حقدٌ دفينُ

وصدورٌ موغورةٌ وغضونُ

في وجوهٍ يؤودهُنَّ مجونُ

ما توضّانَ بالغدير ولكن

غارَ تحت الجلود جدبٌ ضنينُ

هل تراها تطيقُ طهرَ عليٍّ

وهو يشذى بمائِهِ النسرينُ

أم تراها تجلُّ فاطمة الزهراء ، والحقُّ حلفُها والدينُ

وهُداها القرآن والدمع إلفٌ

وصلاةٌ محزونةٌ .. وحنينُ

* * *

ألفُ عذراً يا بنتَ أحمدَ لو يُعصر صدرٌ ، ولو يُطاحُ جنينُ

إنَّها الردّةُ اللعينةُ والأطماعُ ، والثأرُ ، والعمى ، والجنونُ

حملتْها بخزيها صفّين ..

ولدى الطفّ عارُها مرهونُ

وأطاحت بالأزهر الفاطميّ المجد ، وانصاع تحتَها يستكينُ

وإلى الآن لم تزلْ ورؤاها

ينسَل الوهمُ بينها والهونُ !

والغريُّ الذي بها راح يصلى

والبقيعُ الذي بها مطعونُ

وغداً يثقلُ الحسابُ عليها

كم يُؤدّى غرمٌ ، وتُوفى ديونُ ؟

فوراء الغيوبِ لله أمرٌ

ولخيل المهديّ شوطٌ يحينُ !

فاتيما *

الاستاذ فرات الاسدي

صوتٌ يتصاعد في حنجرة الريح ، واُغنّيهْ

__________________

(*) أسم مشهد في البرتغال يأوي اليه الزمنى والمرضى والمعاقون في ليلةٍ خاصةٍ مشهودةٍ كل عام ، محمّلين بالنذور فيبرؤوا في صباحه.


والنغم الخافقُ ينثالُ وئيداً

والشجر الخافقُ ينثالُ وئيداً

مزهواً بالصحو

وحبّات المطر المتساقطة ـ اللحظة ـ من وجه الشمسْ

صوتٌ يتصاعد ، والسربُ الموعودُ بأمنيّهْ

يتحاورُ في هَمسْ

يتنقّل في خطواتٍ لاهثة

فوق مدارج هذا الحُلْمْ ..

مَن حدَّث تلك الأرواح الظامئة الحيرى ؟

أنَّ نهاراً يُولَدُ ، يمتدُّ

يرفُّ حماماتٍ من أجنحة اللَّهفهْ

مَن أودع في دمها السِرّا ؟

مَن أومأ للنور وسافر خلفهْ ؟

مَن فجّر في هذي الأرض الخزفية

ينبوعَ الزهراءْ ؟

مَن نضّر ذاكرةَ الأسماء ؟!

صوتٌ يتصاعد في النبع وئيداً ..

يتهيّأ للُّقيا

ويُعوِّذُ في سرّ قرارته شبَحاً أبيضْ

عن نهرٍ نبويٍّ يَرفَضّْ

غدراناً من دمع يتفيّا

فيه الواديْ

ويُسرِّبُ عاشوراء إلى كلّ بلادِ !

.. سوف يمرُّ على العاهات فيُبرئُها ..


سوف يلملمُ من كلمات الفقراء براءتها ،

والمجذوبينْ

يمسحُ عنهم وجعاً وحنينْ

وسيحمل بين يديه نذورهم القرويّة

للربّ ، وللوجه القادم من عبق الشرقْ

.. يحمل ذكرى أبديّهْ

يا وجهاً يُوقظ في

الغابات نضارتها ، والبحر عواصفَهُ

مُرَّ على هذا الزمن المجدورْ

يا حُلماً بالوَهَج الدافقِ مضفورْ

يا حلُماً من نورْ

« فاتيما » تقتربُ الآن ..

وينكسرُ البلّورْ !

عن تربته بدمٍ منحورْ

يهَبُ الثورة والخصبَ بذورهما ،

يُطلقُ في الأرضِ الفرح المأسور !

« فاتيما » تقترب الآن ..

وينكسرُ البلّورْ

تندلق الفرحة في الطرقات وفي الدور :

فاتيما

فاتيما

يا حُلُماً ممطور !

صوتٌ ينزف :

كان هنا ظلٌّ يحمل خطوتها ..


يُشبه مشيتَها ،

كان هنا ..

غادرت الأشياء جبلّتها ،

جاءت راكضةً

تهديها الورد الغضّْ

وتحيّيها

تمشي خلف خطاها تِيْها

والأطفال تُناديها :

فاتيما

يا مطراً أخضر

فاتيما

يا مصراً أخضر

صوتٌ يشهد :

هذا العالم مسكون بالخيبهْ ..

بأجنّته النوويّة والغثيانْ

حدَّ الرهبهْ !

مسكون بالحقد الكافر والآلاتْ

تقطع أعناق الكلماتْ

تنفخُ في قنديل الروح صفيَر الظلمات !

والإنسانْ

حَنّط حُبَّهْ

زجَّجَهُ في دَنَسِ الرَّغبهْ !

صوتٌ يهتفُ :

يا فاتيما :


مُدّي للبحر نوافذهُ

وَدَعي أحزان الأشرعة الاولى

تنسربِ الآنَ مُغادرةً

من رئة الإعصار العاتي

فالبحر مواتيْ

يا فاتيما :

يا لُغة الطوفان الآتي !!

الملكوت الزاهر

الاستاذ محمّد سعيد الجشي

صلّى الإله على البتول وآلِها

من تخضع الأملاك عند جلالِها

الطهر فاطمة سليلة ( أحمد )

من يشرق الإعجاز في أقوالها

ما قورنت شمس الضحى بسنائها

إلاّ تسامت رفعة بكمالها

هي شعلة من ( أحمد ) وضاءة

والشمس تمنح ضوءها لهلالها

ما نالها غير ( الوصي ) لأنّه

ورث المكارم من أجل رجالها

فاق الأنام مناقباً وفضائلاً

رُدت إليه الشمس بعد زوالها

* * *

ما أعظم ( الزهراء ) درّة عصمة

قد عمّ هذا الكون فيض نوالها

قد أزهر الملكوت من أنوارها

وسما رواق المجد تحت ظلالها

نبوية الأعراق طيبة الشذى

عطر الجنان يضوع من أذيالها

الله شرّفها وعظّم شأنها

وإمامة الإسلام في أنجالها

سادت نساء العالمين بفضلها

وبطهرها وفخارها ومقالها


هي شعلة للحق ناطقة به

يزهو الهدى بيمينها وشمالها

الكوثر العذب الطهور بنطقها

نبع الهدى ينساب من سلسالها

شبه ( الرسول ) شمائلاً وخلائقاً

ما ( مريم ) في الفضل من أمثالها

مَن ذا يماثلها ( ففاطم ) علّة

يهمي سحاب الفضل من أفضالها

* * *

ما كان يشبهها بنهج خصالها

إلاّ وريثة نهجها وخصالها

هي ( زينب ) من أشعلت بخطابها

قبساً يضيء على مدى أجيالها

قد ورثتها كل فضل باذخ

ولذا سمت كالشمس في أفعالها

في مولد الزهراء

الاستاذ محمود مهدي

تجلّت شمس هدي في ضحاها

وأشرقت المعالم من سناها

وفي دلج السُّرى الحادي تغنى

بمولدها ، وفيها الكون باهى

فلا تحف السؤال خلاك ذمٌ

عن الشمس التي الحادي عناها

وشعشع نورها في كلّ منحىً

وطوّق فسحة الدنيا صداها

* * *

هي الريحانة الذاكي شذاها

لسر الطهر مولاها اصطفاها

هي الكنز المصون لكلّ جيلٍ

من الإعجاز بارينا براها

هي المشكاة مشكاة الدراري

هي القديسة السامي علاها

هي الفحوى لقاموس المعالي

هي الزهرا البتول فتاة طه

وأيم الله لا تعطى صفات

كهذي من بني الدنيا سواها

يضيق الوصف عن حصر المعاني

التي فيها مكوّنها حباها

فمن حقّ المعالي ان تباهى

ببنت كان هادينا أباها


وقفتُ وفي حلقي شجىً

السيد مدين الموسوي

وقفتُ على قبر النبي وأعيُني

تكاد بأن تأتي عليها دموعُها

وارخيتُ أجفاني لتسكُبَ عبرةً

تفجَّر من أرض العراق نقيعها

بكيتُ بها حزناً لآل محمّدٍ

وقد راعني في كلّ أرض مضيعُها

لماذا عفت منهم قبور وغيرهم

تلألأُ نوراً بالنعيم شموُعها

لماذا خَبَتْ منهم شموس وغُيّبتْ

بدورٌ مع القرآن كان طلوعها

وقفتُ وفي حلقي شجىً يستفزّني

وقد هُدَّ من تلك العماد رفيعها

اُسائلها الزهراء كيف تهشّمتْ

عشية خلف الباب عمداً ضلوعها

اُسائل عن نارٍ ببابك لم تزَل

تُحرّق أكباداً تضرّى صديعها

اُسائل عن أرضٍ وقد ضمَّ تُرابها

طهارة اجداثٍ عبيراً تضوعها

فما راعني إلاّ صدىً جاوبَ الصدى

وقد صُمَّ من تلك القلوب سميعها

هي الآن قاعاً صفصفاً غير أنّها

تُحشّدُ أملاك السماء ربوعها

سلاماً أبا الزهراء إنّ عصابة

توالت على إيذاك ساء صنيعها

وأنّ يداً اعفتْ قبوراً بطيبَةٍ

وباسمك بعد الله زال خنوعها

لها من اكفّ سالفات وراثة

غداة أحاطت بالحسين جموعها

وأنَّ اَكُفّاً اضرمت باب حيدرٍ

بنارٍ وللزهراء راحت تروعها

هي الآن تمري الضرع سُمَاً تدوفه

فتقطر من حقد علينا ضروعها

تبادلنا كأساً بكأسٍ نقيعةٍ

فنسكرها حُبّاً ويطغى نقيعها

لقد رويت منّا دماءً ولم يزل

يُطارد أشلاء الملايين جوعها

وقد قطعت منّا رؤوساً كريمةً

وقد اضرمت ناراً ترامى وسيعها

فمنّا بكوفان اُبيحت حرائرٌ

وبغدادُ ما زالت تسيل صدوعها

وفي كربلا حيث الزمان تفصّمتْ

عراه وقد جلّى السماء صديعها

وفي أرض فخٍّ لا تزال جماجم

معلّقة مالت عليها جَذوعها


وقد حسبَتْ انّا إذا السيف حُكّمَتْ

قواعده فينا تطول قطوعها

وقد حسبَتْ انّا إذا غاب بعضنا

واخلى لها درباً يسود جميعها

وما علِمَتْ انّا بقيّة صرخة

تردّد في صُمِّ الزمان رجيعها

وانّا غراس ثابتات بأصلها

وقد ناطحت هام السماء فروعها

عزاءً أبا الزهراء لستُ معزّياً

سواك بمَن يوم الحساب شفيعها

بامّة ظلم اجمعتْ فيك رأيها

وعنك تخلّى جلفها وقطيعها

وطال بوجه الله عمْداً وقوفها

وفي حضرة الشيطان دام ركوعها

غداة أزاحت عن علاها عليّها

ورُفِّع من جهلٍ عليها وضيعها

وراحت تكافيك الصنيع فتارة

بنار واُخرى سُمُّها ونقيعها

وفي كربلا لم تُبق منك بقيّةً

ليفنى عليها شيخنا ورضيعها

واخرى وقد لاحت لآلك قبَّةٌ

يُلامِس أبراج المساء سطوعها

عفَتها لتعفي نورها وسموَّها

وقد خاب ، إلاّ تطولَ ، صنيعها

عزاءً أبا الزهراء في كل بقعةٍ

تساوى عليها طفُّها وبقيعها

سيدة النساء

السيد مدين الموسوي

ارى على بوابة السماءْ

ملائكاً تهبط للأرض على حياءْ

تلامس التراب في حفيفها وتفرش الضياء

أسمع في موكبها همهمة الوحي وصوتاً يشبه البكاءْ

فتعتريني رعشة الخشوعْ

ويخفق القلبُ فما تكاد أن تمسكه الضلوعْ

أغرق في دوامة الدموعْ


وأقرأ الأشياءْ

أقرؤها بلا حروف أو نقاط تكشف الأسماءْ

أقرأ في القلب وفي العيون في ارتعاشة الدماءْ

نوراً به تحتفل الأرض ، فتنجابُ له السماءْ

أقرؤها فاطمة الزهراءْ ، فاطمة الزهراءْ

أطهرُ مَن يمشي على الأرض ، ومَن يمرُّ في الأجيالْ

أكرمُ مَن تحمد في خصالها الخصالْ

أعظم مَن يعظمُ في تعظيمه الكمالْ

أفضل مَن تحمل في ظهورها الرجالْ

سيدة النساءْ

بوابة الجنة يوم يوضع الميزان للجزاءْ

ربيبةُ العصمة والجمالْ

حليلة الإمامْ

شريكة الهمّ الذي ناءت به الجبالْ

كريمة الكرامْ

فلتفخر النساءْ .. بأن فيها أصبحت فاطمة الزهراءْ

ولتفخر الرسلْ .. والبيت والدعاءْ

لمّا تطوف حوله فاطمة الزهراءْ

وليفخر المقدسُ والإسراء .. لما ترى أنواره فاطمة الزهراءْ

وليفخر الكون الذي يضاءْ .. بطلعة الزهراء ،

فإن فيها رحمة السماءْ

تاب بها آدمُ من عصيانه

وكفّرت سوأتها حواءْ


نهج الكوثرية

الشيخ محمّد حسين الانصاري

يا أوّل نور قد صوّرْ

وبه كلّ نبيّ بشّرْ

إنّا أعطيناك الزهرا

إنّا أعطيناك الكوثر

أبناءُ الزهراء نجومٌ

إذ قيل لشانئك الابتر

فهم أوّل مَن قد صلّى

أوّل من هلل أو كبّر

الجنّة أكبر من وصف

وفواكهها حُسناً أكبر

والزهرا فاكهة منها

ولذا فيها سحر يؤثر

والشعر علا بمدائحها

لا يُذكر شيءٌ إن تُذكَر

أنوارُ مدائحها تطغى

حتى في الصبح إذا أسفر

وعبير مدائحها يذكو

حتى في المسك أو العنبر

ورقيق مدائحها حرٌّ

لسواها بالملك فلا قر

وجمال مدائحها يبدو

كجمال الروض إذا أزهر

كالورد الأحمر إذ يبدو

يجلس في محراب أخضر

وإذا ما شئتَ لها وصفاً

فالنور لها أقرب مصدر

ولذا في المحشر لا تبدو

حتى بالغضّ لنا يؤمَر

فسنا برق الزهرا سحرٌ

يخطَفُ ألباب ذوي المحشر

ويكاد سنا برق الزهرا

يذهب بالأبصار إذا مر

وربيع مدائحها فيضٌ

من جنبات العرش تحدّر

وبه أرض الشعر ستنمو

وسماوات الشعر ستكبر

وتكاد سماوات الشعراء

بمدح الزهرا تتفطَّر

الزهرا مشكاة فيها

مصباح يا حُسن المنظر

والمصباح إذا ما يبدو

في نور زجاجته مُغمَر

دريٌّ كوكبها يعلو

وبه نور الله تكوّر


يوقَد من زيتونة خيرٍ

وله الله لهذا استأثر

ويكاد الزيت يضيءُ ولو

لم تمسسهُ النار فيؤمَر

نور في نورٍ يتجلّى

سبحان الله إذا صوَّر

قد قال لها الهادي قولاً

حسبي هذا وبه أفخر

الباري يرضى لرضاها

وبذا حتى الشانئ قد قر

ويُكنّيها اُم أبيها

وتُخَصّ بآياتٍ أكثر

ويُقبِّل حبّاً إكراماً

يدَها والأمر هنا أبهر

فالهادي لا ينطق هجراً

لا يفعل إلاّ ما يؤمَر

قطوف طوبى

السيد مسلم فاخر الجابري

النور فاض بمكةٍ فأضاءَ‌ها

فلتنسج البطحاء منه رداءَ‌ها

والكعبة الغراء يغسل وجهها

بالعطر ما ساقى الهوى بطحاء‌ها

قمر السماء أطلّ من عليائه

وهفا إليها لاثماً علياءها

ما كوكبٌ إلاّ وأوجع قلبه

شوق يهدهد بالجوى حصباءها

وتهافتت زهر النجوم برملها

فاختار قلب محمّد زهراءها

يا كعبة الله اهتفي وتعطّفي

حتى يزور العطر منكِ فِناءها

وتبرّجي فرحاً بزهرة دوحةٍ

باهت بها أرض الحجاز سماءها

أقسمتُ لو مدّتْ عليه غصونها

لكست بوارف ظلها صحراءها

ولسان واديها يروّى عذبه

دنيا تساقى الظامئين رواءها

والليل هل يدري سيخلع لونه

للنور لو لاقى هناك ذُكاءها

هذي الحجارة في شوامخ مكةٍ

خشعت وشاطرت السماء نعماءها

ولو أنّها استطاعت تذوب محبةً

لسعتْ يغيّر شوقها أسماءها


نامت قريش عن تململ ليلةٍ

نصبت على الحرم المنيع خباءها

وتغافلت مضرٌ عن الاُفق الذي

غطّى بخضرة موجه حمراءها

لتزِفّ قافلة تطامن خطوها

فسرتْ وردّدتِ الجبال صداءها

الأعين الحيرى يصارع يأسها

حلمٌ ألمّ ليستردّ رجاءها

في جنةٍ غنّاء تمنح ظلها

للظامئين على الطريق وماءها

لله بضعةُ أحمدٍ من نوره

لمعت فأهدى أفقه لألاءها

وافتكَ تخترق القرون كنجمةٍ

تنأى فتهدي للعيون ضياءها

مهما ترامى الاُفق حول وميضها

عبرتْه تطرد بالسنا ظلماءها

مرت بطوبى فاستفزّ حنينها

ظلّ يرافق في النعيم بهاءها

وتوسّمت في موكب عبرت به

كفّاً لطاها زهوها وعطاءها

بالأمس أخلد ركبه في ظلها

ومضى يخوض من الجنان قضاءها

نالت يداه فاثقلته ثمارها

ومشت خطاه فزيّنت خضراءها

ودنت خديجة تستظل بكوثرٍ

من رحمةٍ تزجي إليه صفاءها

في ليلة غرّاء لو مدتْ يداً

نحو النجوم تناولت زرقاءها

يسري ابن عبدالله في ملكوتها

فترى بمجرى روحه إسراءها

ما غاب همسُ محمّدٍ عن سمعها

يصغي فتمنح صوته إصغاءها

وترى الصباح على جبين متوّجٍ

بالنور ينضح بالعبير مساءها

أدَرَتْ خديجة إذ تودّع ليلةً

والوجدُ يخضب بالسنا احناءها

أنّ الجنان قد انحنين كرامةً

للسرِّ فاستودعنه أحشاءها

وبأنّ كفّ محمّد قطفت لها

في الخلد من زهراتها عذراءها

وبأنّ ما ضمّت عليه ضلوعها

حوراء غادرت الجنان وراءها

ما زاغ طرف محمّد عن سدرةٍ

في قاب قوسين استشفّ سناءها

سرّ النبوة فاض في أغصانها

عبقاً وخالط نشره أنداءها

وتنزّلت للأرض منه كتائبٌ

عقدت ملائكة السماء لواءها


يا سرّ فاطم ما مررت بخاطرٍ

إلاّ وأهدته السماء حباءها

البستْ شيعتها رداء كرامة

وجلوتَ سفر مآثرٍ انباءها

تلك التي أعطت فنضّرت الثرى

وسمت فجاز سموّها جوزاءها

ما موقفٌ وقفته بعد محمّد

تُصمي بصائب رأيها خصماءها

إلاّ وكان الغرّ من أبنائها

وبناتها بجهادهم خلفاءها

للعلم ما عقدت عليه ضلوعها

والطهر ما مدت عليه كساءها

يحيا بهما ميت الضمير وإن طغى

جدبٌ أراقت كالربيع دماءها

وهبت لاُمتها قطاف حياتها

ومضت تعانق كربها وبلاءها

عرس الشهادة ما تحفّز ثائرٌ

إلاّ أعاد عليه عاشوراءها

وإذا تعثّر موكب في زحفه

زفت إلى سوح الجهاد فداءها

مرّ الخلود بها فقارب خطوه

ومشى إليها يصطفي شهداءها

يا صفوة الله التي مدّتْ لها

كفّ العناية فاصطفت آباءها

الروح من اُفق السماء منزّلٌ

يروي لبنت محمّد أبناءها

ترضى فيرضى الله في ملكوته

ويسوءُ قلب محمّد ما ساءها

وتقوم ما قام النبي بليله

يخفي النشيج عن الظلام نداءها

ترجو و( وعد ) الله يملأ قلبها

ويهدُّ خوف ( وعيده ) أعضاءها

ما أومأت نحو السماء تضرعاً

إلاّ وسابق دمعها إيماءها

فإذا تجلّى للسماء جبينها

بدراً تساقطت النجوم إزاءها

واهتزّ محراب تكنّف ركنه

ليل أحبَّ الله فيه لقاءها

يا قصةً للمجد ردّد بعدها

تاريخ اُمّة أحمد أصداءها

خلدت على مرّ العصور فما وهى

صرحٌ على التقوى أطال بقاءها

كفٌّ لأحمد شيّدت أركانه

فرعت لها عين الإله بناءها

وشريعةٌ للحبّ كوثرُ نبعها

يجري ويمنع ورده غرباءها

عهدٌ لفاطم في ضمائر عصبةٍ

نسيت له عند الوفاء وفَاءها


حشدت على باب الوصي وعبّأت

أضغانها واستنفرت غوغاءها

ما كان أقساها تروّع بضعةً

من أحمدٍ فرض الأله ولاءها

ولقد جفت حتى تلبّد أفقها

بالظلم واشتكت البتول جفاءها

أيكون حب محمّد في قلبه

من مات حيراناً يكنّ عداءها

غضبت وكان الله شاهد سرّها

مذ أعلنت للعالمين عناءها

ودعت عليه بعد كل فريضةٍ

ولَيسمعنّ الله فيه دعاءها

ولئن بكى يوماً وطال شقاؤه

من هجرها فلقد أطال بكاءها

سيد الحزن والكبرياء

الاستاذ مصطفى المهاجر

أريجُ النبوة فيكِ ابتدى

وفيض الهدايةِ منكِ اهتدى

وأنغامُ عزكِ في الخافقين

لها الدهرُ من ولهٍ انشدا

ونورِكِ يا بضعة المصطفى

أضاءَ أضاءَ فغطى المدى

حنانيكِ اُمّ النبي الكريم

واُمّ الأئمة نور الهدى

شربنا ولاءَكِ منذ الرضاع

فأورقَ حباً غزير الندى

وحلَّق في حزنكِ المستديم

حنين بأشواقه يُقتدى

فحزنكِ يسكن أضلاعنا

لهيباً توقّد لن يُخمدا

وصوتُكِ رغم رنين الأسى

لهُ في نفوس الهداة صدى

فصارتْ شعاعاً بما تحتوي

قلوبٌ لدى وجدها سُجّدا

وصارت بذكراكِ أيامنا

معطرةً عزةً سؤددا

وصارت ليالي الاسى ثرةً

بذكراكِ نيرةً فرقدا

وصرنا إذا ضامنا حاقد

وطوّقَنا بالهموم العدى

طلبناكِ نستكشفُ العاديات

ذكرناكِ نستنجحُ المقصدا


فذابتْ على عتبات الهوى

مغاليق أحكامه كالردى

وعادت لأنفسنا بسمة

تكاد من الحزن أن تُوأدا

حنانيكِ سيدة العالمين

حنانيك يا نسمة تُفتدى

على شاطئيك ترفّ الحياةُ

وتزهرُ أفياؤها بالندا

وتشمخُ ذكراكِ نحو السماء

تعانقُ في مجدها أحمدا

وتملأ دنيا الوفاء العظيم

بفيضٍ من الطهر لن ينفدا

وتوقدُ في الداجيات الشموس

لتكشف من ظلمةِ ما بدا

فتزدان بالنور أيامنا

وتفتح درباً لنا موصدا

وتُشعلُ أحلامنا بالرجاء

لنوصل بالأمس زهواً غدا

أسيدة الحزن والامنيات

شموعاً على الدرب لن توقدا

بغير ابتهالك انّ الطريق

إلى الله مفروشةٌ عسجدا

وغير ندائكِ ان الحياة

بلا طاعة الله لن تُحمدا

وغير دعائكِ ان أبناءنا

لحمل العقيدة كي تُرشدا

وغير وقوفِكِ بين الصفوف

لتصحيح ما اعوجّ أو قُدِّدا

حنانيك سيدةَ العالمين

وعفوَكِ من بضعة تُقتدى

شربنا ولاءَكِ منذ الرضاع

فأورقَ حباً غزير الندى

ونرجو الشفاعة في حبكم

فمن رحمة الله لن نُطردا

منابر الوحي

السيد منير الخباز

لمّا رأتها الكعبة العصماءُ

تفيض من جبينها الأضواءُ

تساءلت مَن هذه الحسناء

فقيل بشرى هذه الزهراء

تفاحة من سدرة المنتهى

تكوّنت من السنا والبها

ذابت بصلب المصطفى فازدهى

والتقت الأنوار والاشذاءُ


من تربة الأرض وماء الجنانْ

تورّدت في وجهها جنتانْ

لو كان انسان له معنيان

فإنّها الإنسية الحوراءُ

منابر الوحي لاجدادها

خلافة الأرض لأولادها

كل المعالي بعض أمجادها

ومن علاها ترتقي العلياءُ

علمنا تأريخنا المؤلم

ان الفداء والهدى توأمُ

وانه لا سيف إلاّ الدم

بغيره لا تنجلي الظلماءُ

فبابها المحروق بابُ الصمودْ

وبابها في الحشر باب الصعودْ

والكوثر الفياض يأبى الورودْ

إلاّ لمَن تقبله الزهراء

تأريخها الثائر ما أعظمه

ملحمة للمرأة المسلمه

خديجة في مطلع الملحمة

وفي الختام زينب الحوراءُ

ملحمة للشعر والمنبرِ

غنّى بها اللحن مدى الأعصرِ

وآية التطهير والكوثرِ

وآية القربى لها أصداءُ

فارقت الدنيا بعمر الورود

وعطرها باق بقاء الخلودْ

والشمس لا يدنو إليها الخمود

ونورها شعت به الأرجاءُ

في ظلال الزهراء

السيد مهند جمال الدين

أنت في البحر والقوافي تغيبُ

وسلا قلبك الشعور المجيبُ

ترتجي الشاردات وهي حيارى

أقتيلٌ بك الحجا أم سليب

هل جفتك الحروف أم هدّك السعي إليها أم قد بلاك المشيب

لا ربيع يدعو إليك الأقاحي

أو صفاء ترعى دماه القلوب

والشعاع الذي عقدت عليه

كلّ فجرٍ مكفّنٌ محجوب

والرجاء الذي علاك فضاه

قد تعامى وصبحه منهوب


والأمانيُّ كلّها قد تبدّتْ

في فؤادٍ توطّنتهُ الكروب

والمقادير محنة وشقاءٌ

والرزايا ودمعها المسكوب

وحشةٌ ما لها ختام وعمرٌ

يتلوّى على السراب كئيب

كيف تطوي النوى وأنت شقيّ

وعليك الزمان وقتٌ مريب

وصريعٌ تغافل القبر عنه

وغريب يبكي عليه غريب

كيف تسري فيك الليالي وجفنٌ

راح في هذه الدموع يذوب

كيف تجري الحياة في خافقٍ لمّا يزل في دمائه يستريب

وعجيب عدا الربيع يغذّي

قاحلاً سوف تغتديه الطيوب

أسناءٌ عليك قد راح يُلقي

أم تولّى هذي الجراح طبيب

أم سقاك الإله فيضاً من الحب وشهداً كأنّه شؤبوب

ما تُرى أن يكون سحراً تغالى

أم هوىً ضجّ بالدماء يجيب

وسرى فيك ضوؤه يتمطّى

فكأنّ الذي وقاك حبيب

حبُّ آلِ الرسول فيك هيام

أبداً قد سما عليه نسيب

فزها في الغصون نوراً بهياً

يتحاشى أن يحتويه مغيب

مرحباً بالهوى إذا اجتاح قلباً

حجرياً وجمره مشبوب

ليس يهوى من فيه صرحٌ عميد

شاده الوجد والسنى واللهيب

ومصير الخلود ان يترقّى

لِسَنا فاطمٍ وما يستطيب

هذه زهرة بها صدح الكون

وأغفت على شذاها طيوب

أشرقت فانتمى السناء إليها

وتباهى ونبعه الموهوب

فبدت غرّة الصباح بوهجٍ

يا لها من براعةٍ ما تصيب

تتملّى بوجه أحمدٍ لمّا

بشّر الروح قلبه والرقيب

هُتفت هذه الملائك للفجر فقد حلّها الضياء العجيب

كشفتُ نجمةٌ لأخرى سروراً

فالدياجي من غيّها ستثوب

ولقد عانقت سناها الصحارى

فاهتدى قلبها وغنّى الوجيب


وبدا نورُها ونورُ أبيها

كنهارٍ شموسه لا تغيب

وبميلادها سمت راية الدين وفرّت من العقول العيوب

وتسامت انشودةٌ تتغنّى

في شفاه الوجود وهي لعوب

أنتِ ترنيمة الأناشيد تهفو

أنتِ روح الخلود أنت اللهيب

جُنّةٌ أنت للصلاح حماها

ساعدٌ يزدهي وصوتٌ مهيب

وفتىً صافحت سناه الثريّا

والقصيّ البعيد منه قريب

يا ابنة المرسلين إنّا سلكنا

لاحباً صدره سخيُّ رحيب

وانتهجنا من حبّه ما هدانا

وصراطاً عاشت عليه الدروب

فعلى عُتمة الطريق ضياءٌ

وشذى ناعم وقلب طروب

مذهب الحق منهل قد سقانا

فيضَ نورٍ وقلبه ملهوب

ما يبالي فقد دهته الدواهي

والكرى يستبيحنا واللغوب

وهو يرعى فينا جفوناً تعامت

ودماءً قد هدّها التخريب

ايّها العاشقون إنّا لَنصحو

والدجى في عيوننا والمغيب

قد ركبنا الرياح لكن وصلنا

لمتيهٍ يضجّ فيه النعيب

نصطلي بالعذاب والدمع فينا

يتناهى لكنّه مكذوب

وشعاراتُ حولها تتباكى

ورؤانا عن ذلها لا تؤوب

فالنعيم الذي عبرنا إليه

بالأماني مخادع مقلوب

والضياعُ الذي وصلنا إليه

بعد جهد نعيشه تعذيب

فامنحينا يا مَن لها قد شدا حرفي وغنّى الفؤاد وهو قطوب

من رؤىً تزدهي عليك صلاحاً

وسلاماً يشدّنا ويطيب

واخذلي الانكسار فينا وبثّي

في دمانا فيومنا سيثوب

وانطوي يا سياط ما دام نبتي

جذوره في الدِّما عصيٌّ غضوب

سوف نصحو يوماً وأضغاثنا تُدمى وثأرُ العيون فيها رهيب


ألق المعاني

الشيخ نزار سنبل

قوافي الشعر تسبقني عجالى

وترقصُ في مخيلتي دلالا

تطير إلى معانقة المعاني

فتبرز كالسراج إذا تلالا

وشلال الشعور إذا تهادى

يضيئ لفرحة الهادي احتفالا

فسوسنة الجنان تفوح عطراً

وتنشر في الدنى أرجا زلالا

ترانيم الملائك وهي جذلى

وتغريد الثغور إذا تعالى

تبث الوحي في شفتي شعراً

وألحاناً تشفُ لها اختيالا

فما غنّت طيور الأيك إلاّ

لتسكب من فضائلها الخصالا

وما عطرت زهور الروض حُسنا

تعبَّقُ منه أخيلة ثمالى

وما بزغت خيوط الفجر إلاّ

ونور الطهر يكسوها الجمالا

أيا زهراء يا ألق المعاني

ويا فجراً تبلّج واستطالا

ويا إشراقة التأريخ نالت

بها الأيام أو سمة تلالا

نشرت الهديَ في الآفاق نوراً

تسلسل في الزمان رؤى جذالا

ويا نبعاً تحفّ به ورودٌ

ويملأ كل جادبة ظلالا

ويا اُمّاً لوالدها المصفَّى

وذا سرّ عرفت به الجلالا

حملت العبء من صغر وناغت

على كفيك أنغام حُبالى

فتحت القلب إذ ضاقت رحاب

فلا سهلاً يضم ولا جبالا

فرشت الكون في عينيه زهرا

وكنت الاُمّ تمنحه الدلالا

فلا عجب إذا غنّت سماءٌ

ترتل من مناقبها مقالا

فما خلق الإله لها مثيلاً

وما عرف الزمان لها مثالا

وكم انثى تطوف إلى المعالي

وتسبق في مساعيها الرجالا

يقول الناصبي نطقتَ هجراً

وذاك الرافضي هذى وغَالى


وجرّد من ضغائنه حساما

وسدّد حقدهُ الغاوي نبالا

تخبّط في الظلام عمىً وتيهاً

وصال بفكره الخاوي وجالا

وزمجر والغرور له سلاح

وما عرف القراع ولا النزالا

وذنبي أنّني أهوى عليّاً

وأني قد عشقت به الكمالا

وسيري في هذى القرآن ذنبٌ

عظيمٌ استحق به القتالا

أإيماني وتوحيدي وحبّي

لآل البيت يجعلكم خبالى ؟!

أليس الله كلّلهم بتاج

تقدّس في الورى وعلا وطالا

فذي (القربى) وذي (الإنسان) تحكي

وذي ( التطهير ) تتحفُهم نوالا

أحاديث الرسول غدت توالى

وأقوال الصحاب بدت سجالا

أزيلوا عن عيونكم غشاها

فلا بدراً ترون ولا هلالا

سأبقى ما حييتُ على هداهم

وأنعمُ في جحيم الحب بالا

فلي وعي يساندُهُ دليلٌ

فلا شكاً أقولُ ولا احتمالا

وان سدت دروب في وجوه

ولكن الحياة لمن توالى

أيا تفاحة الفردوس مدّي

إلينا المجد نقتطف الكمالا

فقد تهنا واُفق البحر صفوٌ

ولم يدَع الضباب لنا مجالا

فهبِّي من نسيم الخلد روحاً

لتبعث ما يعزّ لنا منالا

جناح النسيم القدسي

الاستاذ يقين البصري

لقاحٌ من الطين مسَّ المدى

جناحاً من النسمة البارده

وليلٌ يكرر ذاك الصدى

ليوقظ تلك الرؤى الخامده


عيونٌ لها مثل فيء الزمان

امتدادٌ

يُصاهر كل العصور يحرّك كل

الدماء

وينفض ألفَ جناح يُذيب

الحديد رمالاً

من الثلج تُبحر نحو البعيد

البعيد إلى اللجّة الراكده

أنهم يزرعون نعم انهم

يفتحون الحصون

نعم انهم يطلقون السهام

رصاصاً ليحيى الرماد

ولكنهم عبروا ضفتين بعيداً

عن الشاطئ المستقيم

أقاموا صراطاً ولكنّهم عبّدوه

ابتعاداً عن النص

ابتعاداً عن الطل ابتعاداً عن

النبض زيغاً إلى آخر الحدِّ

تحدَّر ذاك الزعيق انسلاخاً

تقطّع أوصاله السافيات وشتى

الرياح استباحت مداه

وتاهت رؤاه وتاه الصدى خائراً

يفتّش كل زوايا الحنين

كذا انسلّ من فوهات السقيفة رحلاً وراحلة في السراب


فكان العذاب

انّها الرحلة العائده

تحاكم أوراقها من جديد

تعلّم أجيالها من جديد

وتطلٌ تلك الأكفّ الاُسارى

وتُلغي قيود الحدي

ألقٌ غاص به سر الليل فأدرك أنوار العرش وعلّل أسرار الكون

في واحدة من أروع إصغاءات الدمع الضارع لله حنيناً قدسياً

اُمّ أبيها تكتب في لوح القدر الكائن عند الله معالم تقواه

رغم لجاج البعض أنّ رسول الله الأعظم بلا ذرية ففاض عطاء الله بهذا الكوثر

جمح البغي الساكن في عرى الصحراء حماقات شنعاء

فاختزنت يس عرىً أقوى من كل عواصف هذا الليل الكالح

فاعشوشب وجه الأرض حنيناً أبديا إذ يهجع أهل الأرض نياماً

في قبرٍ أثقل من نوم الموتى فأين الأعمار من الأسرار

كان العالم يكسوه الزغب النابت فوق جحيم الجهل فانبجست منه عيون الماء

وفار التنور ومن كلٍّ زوجين اثنين وإن قلّ بعينيك العدّ فإن الشانئ أبتر

وحي بارك عزّ الله يديه فانجب ألف نبياً في الحسنين وزينب مرقاة القدس

الباسط أجنحةً تحمي وتكابر تقاتل كلّ ذئاب الأرض ولا تحمل خنجر

يا هذا القادم من أوطان التسبيح تفيض قداسات أطهر بل أعبق من إضمامة عطر

الورد وأدفأ من حضن الاُم وأصفى من شلالات النور تعال فقد كادت أبواب الليل تُسد

على هذا البعض سعاراً حتى اشرقت الأرض بنور الله فقد وُلدت فاطمة الزهراء

فصلّى الله عليها في عين العرش وبارك أحمد


خباء النور

الاستاذ يقين البصري

أكمام وردٍ في الثغورِ

أم ومضةُ الألق الطهورِ

أم رعشة بصدى الضمير

تدبُّ عن شلال نور

أم خفقة القلب المقرّح

من جراحات الشعور

أم حشرجات من أسى

من فيض ووالهة الصدور

أوجاع غُصنٍ مرهف

أم وقع سيف في النحور

أم غيمةٌ وطفاء روّى

ماؤها عطش البحور

أم بسمة عذراء غنّتها المنى لحن الطيور

وصدىً على شفة المدى

ينداح عن قمم النسور

وأرومة فوق السما

تطأ العوالم بالحضورِ

ما زال يختزل السُرى

ليطوفَ في فلك الحبور

لأرى الجلال مهللاً

في موكب لجبٍ وقور

يجثو على أعتاب مجد محمّدٍ عند النشور

أبشاشة الحزن الطروب

بصولة الأسد الهصور

أرفيف أعلام الهداية

في الصدور وفي الظهور

أم سورة الطوفان

يُغرق كل رابية وسور

ولربّما نكص الخيال

وشطّ في تيه الوعور

جُنَّ احتباس الحرف في

قلمي وأعياني قصوري

كيف التماس الوصف في فلك يدور على الدهور

بنت النبي المصطفى

وجنان كل دمٍ غيور

أنضارة الأمل العظيم

وهل لمثلك من نظير

أطلق نداك لمصفر الكف المُكلل بالنذور


المحتويات

بادئ ذي بدء ................................................................. ٣

الصدّيقة

سفيان ابن مصعب العبدي ................ ٥

المشهد الأعلى

السيد الحميري ........................... ٥

فيكم ودادي

مهيار الديلمي ............................ ٦

الحكم والخصم

الصاحب بن عباد ........................ ٦

سبطا محمّد

محمد بن منصور السرخسي ............... ٧

المم بقبرها

الهبل اليمني ............................... ٧

حزن البتول

الشيخ صاحل الكوّاز ..................... ٨

البغي الزاحف

السيد حيدر الحلي ........................ ٩

نقضوا عهد أحمد

الشيخ كاطم الأزري ..................... ٩

أيدي الحوادث

الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء ........ ٩

العبرات السخينة

الشيخ سليمان البلادي البحراني .......... ١٠

سل أربعاً

الشيخ حسن الحلي ...................... ١١

يا باب فاطم لا طُرقتَ بخيفة

الشيخ محمد حسن آل سميسم ............ ١٢

رمتها سهام الدهر

الشيخ حبيب شعبان .................... ١٣

المناقب الغر

الشيخ حبيب شعبان .................... ١٤

النجم المشرق

الدكتور محمد اقبال اللاهوري ........... ١٥

ما بال عينيك

الشيد مهدي الأعرجي .................. ١٦

من الأنوار القدسية

الشيخ محمد حسين الاصفهاني ........... ١٧


الشكوى والدموع

السيد كاطم الأمين ..................... ١٩

يعزّ على الرسول

الشيخ محد علي اليعقوبي ................. ٢٠

مولد الزهراء

السيد محمد جمال الهاشمي ................ ٢٠

بنت الخلود

السيد محمد جمال الهاشمي ................ ٢١

الصديقة الزهراء

الشيخ عبد المنعم الفرطوسي ............. ٢٢

دموع خلف الابتسام

الاستاذ عبود الأحمد ..................... ٢٣

امتداد السنا

الشيخ ابراهيم النصيراوي ................ ٢٥

الزهراء 3

الدكتور الشيخ أحمد الوائلي ............. ٢٦

الكوثر النبوي

الاستاذ بدر الشبيب ..................... ٢٨

اُم أبيها

الاستاذ بشار كامل الزين ................ ٢٩

شمس المحبوب

الاستاذ ثامر الوندي ..................... ٣٠

ثمالة الأمل

الاستاذ جاسم محمّد الصحيّح ............ ٣٢

غصص كاللّيل

الشيخ جعفر الهلالي ..................... ٣٣

أسرار الحزن

السيد حسين الشامي .................... ٣٥

سرٌّ يضيء

الاستاذ حسين الصالح ................... ٣٦

قبس يفيض

الاستاذ سعيد العسيلي ................... ٣٧

رضاه رضاها

الاستاذ سعيد معتوق الشبيب ............ ٣٧

علّمينا

الاستاذ شقيق العبادي ................... ٣٨

النداء المهيب

الشيخ عبد المجيد فرج الله ................ ٤٠

الطهر الاسمى

الشيخ عبد الكريم آل زرع .............. ٤٤

الصوت المضيء

الشيخ علي الفرج ....................... ٤٦

مولد الزهراء

الاستاذ علي حمدان الرياحي ............. ٤٧

مبعث النور

الاستاذ علي حمدان الرياحي ............. ٤٨

غصون الحنايا

الاستاذ فرات الأسدي .................. ٤٨


فاتيما

الاستاذ فرات الاسدي .................. ٥٠

الملكوت الزاهر

الاستاذ محمد سعيد الجشي .............. ٥٤

في مولد الزهراء

الاستاذ محمود مهدي ................... ٥٥

وقفتُ وفي حلقي شجىً

السيد مدين الموسوي .................... ٥٦

سيدة النساء

السيد مدين الموسوي .................... ٥٧

نهج الكوثرية

الشيخ محمد حسين الانصاري ............ ٥٩

قطوف طوبى

السيد مسلم فاخر الجابري ............... ٦٠

سيد الحزن والكبرياء

الاستاذ مصطفى المهاجر ................. ٦٣

منابر الوحي

السيد منير الخباز ........................ ٦٤

في ظلال الزهراء

السيد مهند جمال الدين .................. ٦٥

ألق المعاني

الشيخ نزار سنبل ........................ ٦٨

جناح النسيم القدسي

الاستاذ يقين البصري .................... ٦٩

خباء النور

الاستاذ يقين البصري .................... ٧٢

المحتويات .................................................................... ٧٣

للزهراء شذى الكلمات

المؤلف:
الصفحات: 75