فإن اختار الدالّ قيمتها ، مضى الصلح ، وسلّم إليه القيمة ، لتعذّر تسليم العين إليه. وإن امتنع ، فإن اختار صاحب القلعة دفعها إلى الدالّ وأخذ قيمتها ، دفعت الجارية إلى الدالّ ، وسلّم إلى صاحب القلعة قيمتها ، ويكون جارية مجرى الرضخ ، وكان الصلح ماضيا. وإن امتنع كلّ منهما ، فسخ الصلح عند الشيخ (١) ، لتعذّر إمضائه ، لأنّ حقّ الدالّ سابق ، ولا يمكن الجمع بينه وبين الصلح ، ولصاحب القلعة أن يحصن قلعته كما كانت من غير زيادة ، وهو مذهب الشافعي (٢).
والوجه : دفع القيمة ، كما لو أسلمت الجارية قبل دفعها إليه ، لما في فسخ الصلح من تضرّر المسلمين. ورعاية حكمة دفع ضرر يسير عن صاحب العين في مقابلة ثبوت ضرر عظيم في حقّ المسلمين كافّة ، فإنّه ربما لا يمكن فتح القلعة بها مناف لحكمة الشارع.
مسألة ١١٤ : لو فتحت القلعة عنوة أو صلحا ولم تكن الجارية داخلة في الهدنة ، فإن كانت الجارية باقية على الكفر ، سلّمت إليه ، عملا بالشرط.
وإن أسلمت قبل الصلح والأسر ، دفع إلى الدالّ قيمتها ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صالح أهل مكة عام الحديبيّة على أنّ من جاء منهم مسلما ردّه إليهم ، فلمّا جاءت مسلمات منعه الله تعالى من ردّهنّ ( إلى الكفّار ) (٣) وأمره بردّ مهورهنّ على أزواجهنّ ، وفسخ ما كان عقده عليهالسلام من الهدنة (٤).
__________________
(١) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٢٨.
(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٤٥ ، المغني ١٠ : ٤٠٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٢٧.
(٣) ما بين القوسين لم يرد في « ق ، ك ».
(٤) المغازي ـ للواقدي ـ ٢ : ٦٣١ ، السيرة النبويّة ـ لابن هشام ـ ٣ : ٣٤٠ ، صحيح البخاري ٣ : ٢٥٧ ـ ٢٥٨ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٢٨ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٤ : ١٧١ ، مصابيح السنّة ـ للبغوي ـ ٣ : ١١٢ ـ ٣٠٨٣.