

بسم الله الرحمن
الرحيم
قال الله تعالى
حكاية عمّا دعا به أبو الأنبياء « إبراهيم »
عليه وعلى نبينا «
محمد » أفضل الصلاة والسلام :
( وَاجْعَلْ لِي لِسانَ
صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ )
سورة الشعراء
الآية ٨٤
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله الذي
أنزل « القرآن » هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. وأشهد أن لا إله إلا الله القائل في محكم كتابه : ( إِنَّا
نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ) .
والصلاة والسلام
على رسول الله الذي صح عنه من الحديث الذي رواه « أبو سعيد الخدري » رضياللهعنه حيث قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « من شغله القرآن ، وذكري عن مسألتي
أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ، وفضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله
على خلقه » ا هـ .
وبعد : فقد اقتضت
إرادة الله تعالى أن جعل قلوب بعض عباده المؤمنين أوعية « للقرآن » فحفظوه ،
وفهموه ، وعملوا بتعاليمه : فأحلّوا حلاله ، وحرّموا حرامه ، وتأدّبوا بآدابه ،
وتخلّقوا بأخلاقه ثم علّموه للمسلمين حتى وصل إلينا صحيحا مرتّلا ، فقد تلقّاه
الخلف عن السلف ، وتعلمه جيل بعد جيل. وهكذا ستظلّ
__________________
طائفة من المسلمين
ـ بعون الله تعالى ـ لا همّ لهم إلا حفظ « القرآن » ثم تعليمه للمسلمين ، الى أن
يرث الله الأرض ومن عليها.
ولقد كان من نعم
الله الكبرى التي أنعم بها عليّ أن جعلني من حفظة كتابه ثم تعلّم رواياته وقراءاته
، ثم الوقوف على معرفة رسمه ، وضبطه ، وعدّ آياته ، ثم فهم معانيه وأحكامه ،
والوقوف على بلاغته وإعجازه.
ولقد تعلق قلبي
ووجداني تعلقا كبيرا « بالقرآن » منذ نعومة أظافري.
وأحمد الله تعالى
أن وفقني فدوّنت ما يقرب من أربعين كتابا كلها لها صلة بالقرآن الكريم.
وبما أن حفاظ «
القرآن » لهم المكانة السامية ، والمنزلة الرفيعة في نفسي وفكري ، فقد رأيت من
الواجب عليّ نحوهم أن أقوم بتجلية بعض الجوانب المشرقة على هؤلاء الأعلام ليقتفي
آثارهم من شرح الله صدره للإسلام.
فأمسكت بقلمي ـ رغم
كثرة الأعمال المنوطة بي ـ وطوّفت بفكري ، وعقلي بين المصنفات التي كتبت شيئا عن
هؤلاء « الحفاظ » بدءا من صحابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
ويسعدني ويشرّفني
أن أقدّم الجزء الاول لتراجم هؤلاء العلماء الأجلاء تحت عنوان : « حفاظ القرآن عبر
التاريخ ».
وقد ضمّنت هذا
الجزء تراجم حفاظ القرآن ابتداء من الصحابة رضوان الله عليهم حتى عام ٤٠٥ هـ خمس
وأربعمائة من الهجرة . كما رتبت الأعلام حسب
__________________
حروف الهجاء ليسهل
الرجوع إليها عند اللزوم. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل لي لسان صدق في الآخرين
وأن يجعلني من الناجين الفائزين يوم يقوم الناس لربّ العالمين. وصلّ اللهمّ على
سيدنا « محمد » وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
|
خادم
العلم والقرآن
الدكتور
/ محمد محمد محمد سالم محيسن
|
المدينة المنورة
الجمعة ٢٠ رمضان ١٤٠٨ هـ.
الموافق ٦ مايو ١٩٨٨ م.
رقم الترجمة / ١
« إبراهيم أبو اسحاق » ت ٣٦٠ هـ ونيف
هو إبراهيم بن
محمد بن مروان أبو اسحاق الشامي الأصل ، المصريّ الدار ، ضابط ماهر عارف بقراءة
ورش عالي السند فيها.
ذكره الذهبي ت ٧٤٨
هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن
علماء القراءات.
أخذ « إبراهيم أبو
إسحاق » القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم « أبو بكر بن سيف » وذلك سنة ثمان
وتسعين ومائتين من الهجرة.
تصدر « إبراهيم
أبو اسحاق » لتعليم القرآن واشتهر بالثقة والضبط وحروف القرآن ، وأقبل عليه حفاظ
القرآن.
ومن الذين أخذوا
عنه : ابن غلبون ، وابنه طاهر مؤلف كتاب « التذكرة » وغيرها .
توفي « إبراهيم
أبو اسحاق » سنة بضع وستين وثلاثمائة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢
« إبراهيم البزوري » ت ٣٦١ هـ
هو : إبراهيم بن
أحمد بن إبراهيم أبو اسحاق البزوري البغدادي مقرئ
كبير وشيخ جليل ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ
القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « إبراهيم
البزوري » القراءة عن خيرة العلماء. فقد قرأ على : اسحاق ابن احمد الخزاعي وأحمد
بن فرح ، وأحمد بن يعقوب بن أخي العرق ، وأحمد بن سهل الأشناني ، وابن مجاهد ،
وأبي بكر النقاش ، وجعفر بن محمد الرافقي .
تصدر « أبو بكر
البزوري » لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، واشتهر بالصدق ومن
الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية :
عبد الباقي بن
الحسن ، وعلي بن محمد الحذّاء ، ومحمد بن عمر بن بكير ، ومحمد بن الحسن بن عبد
الله الشمعي ، وأبو جعفر محمد بن جعفر بن علان ، ومنصور بن أحمد العراقي. ومنصور
بن محمد السندي ، وأبو الحسين علي بن محمد الخبازي.
يقول « ابن الجزري
» : وقول « الحفدلي » إن « الشذائي » قرأ على « إبراهيم البزوري » غلط فاحش ا هـ .
__________________
أخذ « إبراهيم
البزوري » حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : حدث
عن يوسف بن يعقوب القاضي ، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة ، وأحمد بن الحسين بن نصر
الحذاء وجعفر الفريابي وأحمد بن فرح المقرئ. وإبراهيم بن هاشم البغوي ، ومحمد بن
جرير الطبري ، وعلي بن اسحاق بن زاطيا ، واسحاق بن إبراهيم بن حاتم .
وقد حدث عن «
إبراهيم البزوري » عدد من العلماء ، يقول « الخطيب البغدادي » : حدثنا عنه أبو
الحسن بن الحمامي المقرئ ، وأبو نعيم الأصبهاني ، ومحمد بن عمر بن بكير النجار . توفي « إبراهيم البزوري » يوم الخميس لست بقين من ذي الحجة سنة إحدى وستين
وثلاثمائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٣
« إبراهيم الطبري » ت ٣٩٣ هـ
هو : إبراهيم بن
أحمد أبو إسحاق الطبري المالكي البغدادي ، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. ذكره «
الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن
الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « إبراهيم
الطبري » القراءة عن عدد كبير من خيرة حفاظ القرآن.
يقول « ابن الجزري
» قرأ إبراهيم الطبري علي أحمد بن عثمان بن بوبان ، وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ.
وأبي بكر النقاش ، وأبي بكر بن مقسم ، ومحمد بن علي بن الهيثم ، وأبي عيسى بكار ،
ومحمد بن الحسن بن الفرج الأنصاري ، وعبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم ، ومحمد بن
عبد الله بن محمد بن قرد بن أبي عمر الطوسي النقاش ، وعبد الوهاب بن العباس. وقرأ
الحروف على أحمد بن عبد الله ابن محمد المكي عن العنزي صاحب البزي ، وإبراهيم بن
أحمد بن الحسن القرماسيني عن أبي بكر الأصبهاني وغيره ، وأبي سليمان محمد بن عبد
الله بن سليمان بن الطيب بن يوسف السعدي الدمشقي عن أحمد بن عبد الله بن ذكران ،
وعثمان بن أحمد بن عبد الله الرقيقي عن صاحب خلف وأبي بكر بن جعفر بن أحمد الشعيري
عن صاحب أبي حمدون وغير هؤلاء كثير .
وقد رحل أبو اسحاق
الطبري في سبيل العلم إلى كثير من الأمصار يأخذ عن علمائها وفي هذا المعنى يقول
الخطيب البغدادي : « كان إبراهيم الطبري أحد
__________________
الشهود ببغداد ،
وذكر لي أبو القاسم التنوخي أنه شهد أيضا بالبصرة ، وواسط ، والأهواز والكوفة ،
ومكة ، والمدينة المنورة. قال : وأم بالناس في المسجد الحرام أيام الموسم ، وما
تقدم فيه من ليس بقرشي غيره » ثم يقول الخطيب البغدادي : « وسكن إبراهيم الطبري بغداد وحدث بها عن اسماعيل بن محمد الصفار ، وأبي عمرو
بن السماك وأحمد بن سليمان العبداني ، وعلي بن ادريس السنوري ، ومن في طبقتهم
وبعدهم ». ثم يقول : « وكان أبو الحسن الدار قطني خرج له خمسمائة جزء. وكان كريما
سخيا مفضلا على أهل العلم ، حسن المعاشرة ، جميل الأخلاق ، وداره مجمع أهل القرآن
والحديث وكان ثقة » .
تصدر « إبراهيم
الطبري » لتعليم القرآن وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم : « الحسين بن علي
العطار ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، وأبو علي الأهوازي ، وأبو علي البغدادي
صاحب كتاب « الروضة » وأبو نصر أحمد بن مسرور ، وأحمد بن رضوان ، وأبو عبد الله
محمد بن يوسف الإخشيني روى عنه الحروف » .
احتل « إبراهيم
الطبري » مكانة سامية مما استوجب ثناء العلماء عليه ، يقول « الإمام ابن الجزري »
: « كان الطبري ثقة مشهورا أستاذا » .
توفي سنة ثلاث
وتسعين وثلاثمائة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٤
« إبراهيم بن محمّد المعروف بنفطويه » ت ٣٢٣ هـ
هو : إبراهيم بن
محمد بن عرفة بن سليمان بن المغيرة بن حبيب الأزدي ، أبو عبد الله البغدادي ، صاحب
التصانيف.
تلقى نفطويه
القراءة عن خيرة العلماء منهم : محمد بن عمرو بن عون الواسطي ، وأحمد بن إبراهيم
بن الهيثم البلخي. وسمع الحروف من « شعيب بن أيوب الصريفيني صاحب يحيى بن آدم ،
وقيل عرض عليه وعن محمد بن الجهم » .
جلس نفطويه لتعليم
القرآن والنحو ، فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : محمد بن أحمد الشنبوذي ، وعبد الواحد
بن أبي هاشم ، وعمر بن إبراهيم الكتاني ، وغير هؤلاء كثير.
سكن « نفطويه »
بغداد وحدث بها عن « إسحاق بن وهب العلاّف ، وخلف بن محمد كردوس ، ومحمد بن عبد
الملك الدقيقي ، وشعيب بن أيوب الصريفيني ، وعباس بن محمد الدوري ، واحمد بن عبد
الجبار العطاردي ، وعبد الكريم بن الهيثم العاقولي » ، وقد روى عن « نفطويه »
الحديث عدد كثير منهم : « أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، وأبو طاهر بن أبي
هاشم المقرئ » .
__________________
وقد احتل نفطويه
مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا المقام يقول « القفطي »
: كان « نفطويه » حسن الحفظ للقرآن ، أول ما يبتدئ في مجلسه بمسجد الأنباريين
بالغدوات الى أن يقرئ القرآن علي قراءة « عاصم » ثم الكتب بعدها وكان مسندا في
الحديث ، ثقة ، صدوقا ، وكان حسن المجالسة للخلفاء والوزراء ، متقن الحفظ للسير
وأيام الناس ، وتواريخ الزمان ، ووفاة العلماء ، وكانت له مروءة وفتوّة .
وقد ترك « نفطويه
» كتبا متعددة في شتى العلوم استفاد منها الكثيرون مما يدلّ على كثرة علمه وسعة
اطلاعه ، من هذه الكتب : غريب القرآن ، والردّ على من قال بخلق القرآن ، وكتاب
التاريخ ، وكتاب المقنع في النحو ، وكتاب الاستيفاء في الشروط ، وكتاب الأمثال ،
وكتاب الشهادات ، وكتاب الاقتضابات ، وكتاب في الردّ على المفضل الضبيّ في نقضه
على « الخليل بن أحمد » ، وكتاب الملح ، وكتاب المصادر ، وكتاب القوافي.
توفي « نفطويه »
ببغداد بعد حياة حافلة بالعلم وتعليم القرآن في شهر صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة
من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٥
« أبي بن كعب » رضياللهعنه ت ٣٠ هـ
عده « أبو عبيد
القاسم بن سلام » ت ٢٢٤ هـ ضمن الصحابة الذين أتموا حفظ « القرآن » وذكره « الذهبي
» ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الاولى من حفاظ « القرآن الكريم ».
عرض « أبي بن كعب
» القرآن على النبي عليه الصلاة والسلام. كان « أبيّ » رضياللهعنه صاحب مدرسة وحده : فقد قرأ عليه الكثيرون من الصحابة أذكر منهم : عبد الله بن
عباس رضياللهعنه ، أبا هريرة رضياللهعنه ، عبد الله بن السائب رضياللهعنه ، كما قرأ على « ابيّ » الكثيرون من التابعين أذكر منهم :
عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، أبا عبد الرحمن السلمي ، وأبا العالية.
شهد « أبي بن كعب
» رضياللهعنه « بدرا » والمشاهد كلها. وكان ربعة من الرجال ، أبيض الرأس
، واللحية.
ومناقب « أبي بن
كعب » رضياللهعنه كثيرة أذكر منها ما يلي : فهو سيّد القراء بالاستحقاق ،
وأقرأ هذه الأمة على الاطلاق. فعن « أبي صالح الكاتب » قال : حدثنا « موسى بن علي
» عن أبيه ، أن « عمر بن الخطاب » رضي الله
__________________
عنه خطب بالجابية فقال : « من أراد أن يسأل عن « القرآن » فليأت « أبي ابن كعب » ، من أراد أن
يسأل عن « الفرائض » فليأت « زيدا » ، من أراد أن يسأل عن « الفقه » فليأت « معاذا
» ، من أراد أن يسأل عن « المال » فليأتني فإن الله جعلني خازنا وقاسما » .
كما أمر الهادي
البشير صلىاللهعليهوسلم بحفظ القرآن على « أبيّ بن كعب » يشير الى ذلك الحديث
التالي : فعن « ابن عمر » رضياللهعنهما أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال « استقرءوا القرآن من أربعة : من « ابن مسعود ، وأبيّ
، ومعاذ ، وسالم مولى أبي حذيفة » . ولعظم شأن « أبي
بن كعب » عند النبي عليه الصلاة والسلام ، فقد قرأ عليه النبي صلىاللهعليهوسلم بعض « القرآن » للإرشاد ، والتعليم ، يدل على ذلك الحديث التالي : فعن « أبي
» رضياللهعنه قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « أمرت أن أقرأ عليك القرآن » قلت : يا رسول الله وسميت
لك؟ قال : نعم » ا هـ .
وعن « أنس بن مالك
» رضياللهعنه قال : جمع القرآن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أربعة كلهم من الأنصار : « أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو
زيد أحد عمومتي » .
قال رجل « لابيّ »
أوصني. قال : « اتخذ كتاب الله إماما ، وارض به قاضيا وحكما. فإنه الذي استخلفه
فيكم رسولكم ، شفيع ، مطاع ، وشاهد لا
__________________
يفحم ، فيه ذكركم
وذكر من قبلكم ، وحكم ما بينكم ، وخبركم وخبر ما بعدكم » ا هـ .
توفي « أبي بن كعب
» بالمدينة المنورة سنة ثلاثين من الهجرة في خلافة « عثمان » رضياللهعنه. رحم الله « أبي بن كعب » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٦
« أحمد بن الأشعث » ت قبل ٣٠٠ هـ
هو : أحمد بن محمد
بن يزيد بن الأشعث بن حسان أبو بكر العنزي البغدادي المعروف بأبي حسّان ذكره «
الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن
الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى « ابن
الأشعث » القرآن على خيرة علماء عصره منهم : « أبو نشيط » صاحب « قالون » أحد رواة
« نافع » الإمام الاول بالنسبة لأئمة القراءة ولا زالت قراءة « أبي نشيط » يتلقاها
المسلمون بالقبول حتى الآن. وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما
أخذ « ابن الأشعث » القراءة عن « أحمد بن زرارة » عن « سليم » .
وقد اشتهر «
الأشعث » بالقراءة وصحة الضبط مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا المعنى يقول «
الذهبي » : وحذق « ابن الأشعث » في قراءة « قالون » وتصدّر للإقراء فتلا عليه «
ابن شنبوذ ، وأحمد بن بويان ، وعلي بن سعيد بن ذؤابة ، وأبو الحسين ، وغيرهم » ا
هـ وقال « الذهبي » :
توفي « أحمد بن
الأشعث » قبل الثلاثمائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٧
« أحمد الأشناني » ت ٣٠٧ هـ
هو : أحمد بن سهل
بن الفيروزان أبو العباس الأشناني.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أحمد
الأشناني » القراءة عن مشاهير العلماء منهم : « عبيد بن الصبّاح » صاحب « حفص »
أحد رواة « عاصم بن أبي النجود » ثم قرأ على جماعة من أصحاب « عمرو بن الصباح »
منهم : « الحسين بن المبارك ، وإبراهيم السمسار ، وعلي بن محصن وعليّ بن سعيد »
وآخرون .
وقد تصدر « أحمد
الأشناني » للإقراء فتتلمذ عليه عدد كثير منهم : « أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل
الدقاق ، وابن مجاهد ، وعبد الواحد بن أبي هاشم ، وعمر ابن أحمد والد الحافظ « أبي
الحسن الدار قطني » ومحمد بن علي بن الجلندا ، وعلي ابن سعيد القزاز ، وعبد الله
بن الحسين السامري ، وإبراهيم بن محمد الماوردي ، والحسن بن سعيد المطوعي ، وأبو
بكر النقاش » وغير هؤلاء كثير .
وكان « أحمد
الأشناني » من الثقات ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « حدثني الحسن بن أبي
طالب عن أبي الحسن الدار قطني ، قال :
__________________
أحمد بن سهل
الأشناني « ثقة » وقال « البغدادي » أيضا : أخبرنا « أحمد ابن أبي جعفر »
قال : سمعت « القاضي أبا الحسن عليّ بن الحسن الجراحيّ » يقول : أحمد بن سهل
الأشنانيّ المقرئ ثقة صدوق » ا هـ .
كما أخذ « أحمد
الأشناني » الحديث عن خيرة العلماء منهم : « بشير بن الوليد ، وأبو بكر بن أبي
شيبة ، وعبد الأعلى بن حماد ، والحسين بن علي بن الأسود العجلي » وآخرون .
وكما اشتهر « أحمد
الأشناني » بتعليم القرآن ، اشتهر أيضا برواية حديث النبي عليه الصلاة والسلام.
وقد روى عنه عدد كثير منهم : « إبراهيم بن أحمد البزوري ، وعبد العزيز بن جعفر
المجاشي ومحمد بن خلف بن جيان » وآخرون .
توفي « أحمد
الأشناني » يوم الاربعاء لاربع عشرة خلت من المحرم سنة سبع وثلاثمائة ، بعد حياة
حافلة بتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله « أحمد الأشناني
» رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٨
« أحمد البزّيّ » ت ٢٥٠ هـ
هو : أحمد بن محمد
بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزّة ، مولى بني مخزوم. عالم القراءات ، الحجة ،
الثقة ، مؤذن المسجد الحرام أربعين سنة. وقال « البخاري » :
اسم « أبي بزّة »
« بشّار » مولى عبد الله بن السائب المخزومي وأبو بزّة : فارسي ، وقيل : همذاني ،
أسلم على يد « السائب بن صيفي المخزومي ».
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « البزّي »
سنة سبعين ومائة من الهجرة. وقرأ « البزّي » القرآن على مشاهير علماء عصره منهم :
« عكرمة بن سليمان ، وأبو الإخريط وهب بن واضح ، وعبد الله بن زياد مولى عبيد بن
عمير الليثي ، عن أخذهم عن « إسماعيل بن عبد الله القسط ». قال « أبو عمرو الداني
» : اتفق الناقلون عن « البزّي » على أن « إسماعيل القسط » قرأ على « ابن كثير »
نفسه ، إلا ما كان من الاختلاف عن « أبي الإخريط » فإن الذي حكى عنه الموافقة
للجماعة من أن « إسماعيل القسط » قرأ على « ابن كثير ».
وحكى عنه «
القوّاس » أنه قرأ على « إسماعيل القسط » وأنه قرأ على « شبل بن عباد ، ومعروف »
وقرأ على « ابن كثير ». وقال « أبو الإخريط » :
__________________
ولقيت « شبلا ،
ومعروفا » فقرأت عليهما القراءة التي قرأتها على « إسماعيل القسط » .
وقراءة « البزّي »
مشهورة ومتواترة ، ولا زال المسلمون يتلقونها بالرضا والقبول حتى الآن ، وقد
تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. ولقد كان « البزّي » رحمهالله تعالى من الذين أوقفوا حياتهم على تعليم القرآن ، والأذان في المسجد الحرام ،
وقد تتلمذ على « البزّي » الكثيرون ، منهم : « إسحاق بن محمد الخزاعي ، والحسن بن
الحباب ، وأحمد بن فرح ، وأبو ربيعة محمد بن إسحاق ، ومحمد بن هارون ، وآخرون .
وقد حدث « البزّي
» عن « مؤمل بن إسماعيل ، ومالك بن سعير ، وأبي عبد الرحمن المقرئ » وغيرهم .
وقد روى عن «
البزّي » البخاري في تاريخه ، والحسن بن الحباب بن مخلد ، ومحمد بن يوسف بن موسى ،
والحسن بن العباس الرازي ، ويحيى بن محمد بن صاعد ، وآخرون . يقول « ابن الجزري » : وقد روى « البزّي » حديث التكبير مرفوعا من آخر «
والضحى » وقد أخرجه الحاكم « أبو عبد الله » من حديثه في المستدرك ، عن « أبي يحيى
محمد بن عبد الله بن محمد المقرئ » الإمام بمكة ، حدثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ
، حدثنا « البزّي » وقال : سمعت « عكرمة بن سليمان » ، يقول : قرأت على « إسماعيل
بن عبد الله بن قسطنطين ، فلما بلغت « والضحى » قال : كبّر عند خاتمة كل سورة ،
فإني قرأت
__________________
على « عبد الله بن
كثير » فلما بلغت والضحى قال كبّر حتى تختم. وأخبره « ابن كثير » أنه قرأ على «
مجاهد » فأمره بذلك ، وأخبره « مجاهد » أن « ابن عباس » رضياللهعنه أمره بذلك ، وأخبره « ابن عباس » أن « أبيّ بن كعب » رضياللهعنه أمره بذلك ، وأخبره « أبيّ » أن النبي صلىاللهعليهوسلم أمره بذلك. قال « الحاكم » هذا صحيح الإسناد ، ولم يخرجه
البخاري ولا مسلم » ا هـ .
وأقول : إن
التكبير أثناء الختم سنة مشهورة بين القراء. وقد قرأت به ، وأقرأت به تلاميذي ،
والحمد لله رب العالمين.
وقد نظم « ابن
الجزري » باب التكبير في منظومته : « طيبة النشر في القراءات العشر » فقال :
وسنة التكبير
عند الختم
|
|
صحت عن المكين
أهل العلم
|
في كل حال ولدى
الصلاة
|
|
سلسل عن أئمة
الثقات
|
من أول انشراح
أو من الضحى
|
|
من آخر أو أول
قد صححا
|
للناس هكذا وقيل
إن ترد
|
|
هلل وبعض بعد
لله حمد
|
والكل للبزّي
رووا وقنبلا
|
|
وعبيد الله بن
عبد الله الدهقان
|
تكبيره من
انشراح وروى
|
|
عن كلهم أول كل
يستوى
|
يقول « ابن الجزري
» : اختلف في سبب ورود التكبير من المكان المعيّن. فروى « الحافظ أبو العلاء »
بإسناده عن « أحمد بن فرح » عن « البزّي » أن الأصل في ذلك أن النبي صلىاللهعليهوسلم انقطع عنه الوحي ، فقال المشركون قلى محمدا ربّه فنزلت سورة « والضحى » فقال
النبي صلىاللهعليهوسلم « الله أكبر » وأمر النبي صلىاللهعليهوسلم أن يكبر إذا بلغ « والضحى » مع خاتمة كل سورة حتى يختم.
__________________
ثم يقول « ابن
الجزري » وهذا قول الجمهور من أئمتنا كأبي الحسن بن غلبون ، وأبي عمرو الداني
وغيرهما بين متقدم ومتأخر ، قالوا فكبّر النبي صلىاللهعليهوسلم شكرا لله تعالى لما كذب المشركين ، وقيل : فرحا وسرورا
بنزول الوحي بعد انقطاعه .
توفي « البزّي »
سنة خمسين ومائتين بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله « البزّي » رحمة
واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٩
« أحمد التستري »
هو : أحمد بن محمد
بن عبيد الله بن إسماعيل أبو العباس العجلي التستري نزيل الأهواز.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « التستري »
القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : أحمد بن محمد بن عبد الصمد الرازي ، والخضر
بن الهيثم الطوسي ، ومحمد بن موسى الزينبي وأحمد بن شبيب .
تصدر التستري
لتعليم القرآن واشتهر بالثقة وصحة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن ، وفي مقدمة من
أخذ عنه القراءة أبو علي الأهوازي .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة التستري إلا أن الحافظ « الذهبي » قال : بقي الى قريب الثمانين
وثلاثمائة من الهجرة. رحم الله التستري رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٠
« أحمد الخزّاز » ت ٢٨٦ هـ
هو : أحمد بن علي
بن الفضل أبو جعفر الخزاز بالخاء المعجمة وزايين ، بغدادي ، مقرئ ماهر.
تلقى « أحمد
الخزاز » القراءة عن خيرة العلماء : فقد سمع حروف القرآن من « محمد بن يحيى
القطيعي ، وأبي هاشم الرفاعي ، وقرأ على « هبيرة » صاحب « حفص » وعرض القرآن على «
محمد بن عمر القصبي » .
تصدر « أحمد
الخزاز » لتعليم القرآن فأخذ عنه الكثيرون منهم : « ابن مجاهد ، وابن شنبوذ ، وعلي
بن الحسين الرقي ، وأحمد بن عجلان ، ومحمد بن يعقوب المعدّل ، والخضر بن الهيثم » . كما أخذ « أحمد الخزاز » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء منهم : « هوذة بن خليفة ، وعاصم بن علي ،
والحكم ابن أسلم ، وأسيد بن زيد ، وأبو بكر بن أبي الأسود ، وأحمد بن يونس ، وسعيد
بن سليمان ، وشريح بن النعمان ، وعلي بن الجعد » وآخرون .
وقد روى الحديث عن
« أحمد الخزاز » عدد كثير منهم : « يحيى بن صاعد ،
__________________
ومحمد بن مخلد ،
وأبو عمرو بن السمّاك ، وجعفر الخالدي ، وأبو بكر الشافعي ، وإسماعيل بن علي
الخطبي ، وأحمد بن يوسف بن خالد » وغيرهم كثير .
توفي « أحمد
الخزاز » يوم الاثنين لاربع عشرة ليلة خلت من المحرم سنة ست وثمانين ومائتين من
الهجرة. رحم الله « أحمد الخزاز » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١١
« أحمد بن صالح » ت ٢٤٨ هـ
هو : أحمد بن صالح
أبو جعفر المصري ، الحافظ المقرئ. الامام الحجة القارئ المحدث الحافظ أحد الأعلام.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « أحمد بن
صالح » سنة سبعين ومائة من الهجرة بمصر ، وكان « والده » من أجناد « طبرستان » كما
قال « ابن يونس » في تاريخه .
وقد أخذ « أحمد بن
صالح » القراءة عن مشاهير العلماء ، منهم : « ورش ، وقالون » وله عن كل منهما
رواية. كما قرأ على « إسماعيل بن أويس ، وأخيه أبي بكر » عن نافع ، وروى حروف «
عاصم بن أبي النجود » عن « حرمي بن عمارة » .
وقد جلس « أحمد بن
صالح » لتعليم القرآن الكريم ، وقد أخذ عنه الكثيرون ، منهم « أحمد بن محمد بن
حجاج ، والحسن بن أبي مهران ، والحسن بن
__________________
علي بن مالك
الأشناني والحسن بن القاسم بن عبد الله » ، وآخرون .
وقد أخذ « أحمد بن
صالح » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء ، منهم « سفيان بن عيينة ، وعبد الله بن
وهب ، وابن أبي فديك ، وعبد الرزاق » ، وخلق سواهم » .
قال « الذهبي »
وقد حدث عن « أحمد بن صالح » : « البخاري ، وأبو داود ، ومحمد بن يحيى ، وصالح بن
محمد بن جزرة ، ومحمد بن إسماعيل الترمذي ، وأبو بكر بن أبي داود وخلق كثير » ا هـ
. ثم يقول « الذهبي » : وقد رحل « أحمد بن صالح » في الكهولة الى « بغداد » وذاكر «
أحمد بن حنبل » وسمع من « عفان بن مسلم » وغيره ا هـ .
وقال « أحمد بن
صالح » عن نفسه : كتبت عن « ابن وهب » خمسين الف حديث ا هـ . وقال « صالح بن محمد الحافظ » : « لم يكن بمصر » أحد يحسن الحديث غير « أحمد
بن صالح » كان رجلا جامعا ، يعرف الفقه ، والحديث ، والنحو ، ويتكلم في حديث
الثوري ، وشعبة ، وغيرهما ـ يعني يذاكر به ـ ثم قال : وكان يحفظ حديث « الزهري » ا
هـ . ونظرا لأن « أحمد بن صالح » كان من علماء القرآن ،
والحديث ، ولشهرته بالضبط وصحة الرواية ، فقد احتل مكانة مرموقة بين العلماء وأثنى
عليه الكثيرون ، وهذا قبس من أقوال العلماء عنه :
__________________
قال « أبو عمرو
الداني » ، قال : « مسلمة بن القاسم الأندلسي » : الناس مجمعون على ثقة « أحمد بن
صالح » لعلمه ، وخيره ، وفضله ، وأن « أحمد بن حنبل » وغيره كتبوا عنه ووثقوه » .
وقال « البخاري »
: « أحمد بن صالح » : ثقة ، مأمون ، ما رأيت أحدا يتكلم فيه بحجة ، كان « أحمد
وابن المديني ، وابن نمير » يثنون عليه ا هـ .
وقال « ابن نمير »
: إذا جاوزت الفرات فليس أحدا مثل « أحمد بن صالح » ا هـ .
وقال « يعقوب
النسوي » الحافظ : كتبت عن أكثر من ألف شيخ ، حجتي فيما بيني وبين الله رجلان ، :
« أحمد بن حنبل وأحمد بن صالح » ا هـ . وقال « ابن وارة
» هؤلاء أركان الدين ، « أحمد بن حنبل ، وابن نمير ، والنّفيلي وأحمد ابن صالح » ا
هـ .
وقال « أحمد بن
عبد الله العجلي » ثقة صاحب سنة ا هـ .
توفي « أحمد بن
صالح » في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم
القرآن الكريم ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله « أحمد بن صالح » رحمة
واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٢
« أحمد بن صالح » ت بعد ٣٥٠
هو : أحمد بن صالح
بن عمر بن اسحاق أبو بكر البغدادي ، ثم انتقل الى الشام ونزل طرابلس وحدث بها
وبالرملة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن ، كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أحمد بن
صالح » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : الحسن بن الحباب ، والحسن بن الحسين
الصواف ، ومحمد بن هارون التمار ، وأبو بكر بن مجاهد ، وأبو الحسن أحمد بن جعفر بن
المنادي ، وأبو الحسن بن شنبوذ وآخرون.
تصدر « أحمد بن
صالح » لتعليم القرآن واشتهر بين الناس بصحة القراءة فأقبل عليه الكثيرون ، ومن
الذين أخذوا عنه القراءة « عبد الباقي بن الحسن ، وعبد المنعم بن غلبون ، وعلي بن
بشر الأنطاكي ، وخلف بن قاسم بن سهل الأندلسي » قال « الخطيب البغدادي » : حدث « أحمد بن صالح » بطرابلس والرملة عن جعفر بن
عيسى الناقد ومحمد بن الحكم العتكي وروى عنه « الغرباء » وذكر « ابن الثلاج » أنه
سمع منه .
توفي « أحمد بن
صالح » بالرملة بعد الخمسين وثلاثمائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٣
« أحمد الصّفّار »
هو : أحمد بن موسى
أبو جعفر الصفّار البغدادي المعدّل.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أحمد
الصفّار » القرآن عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « عمرو بن الصباح ، وأبو شعيب
القوّاس البغدادي ، والعباس بن الفضل الصفّار ، ومحمد بن الفضل زرقان ، وحمدان بن
أبي عثمان الدقاق » وآخرون .
تصدّر « أحمد
الصفّار » لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : « ابن شنبوذ ،
ومحمد بن أبي جعفر بن أبي أمية ، ومحمد بن عمران التمّار ، وعبد الوهاب بن العباس
المسكي .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « أحمد الصفّار ». رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٤
« أحمد بن الصقر » ت ٣٦٦ هـ
هو : أحمد بن
الصقر بن ثابت أبو الحسن الطائي المنجبي ، أستاذ ماهر ، له مؤلف في القراءات سماه
« الحجة ».
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أحمد بن
الصقر » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : أبو عيسى بكار ، وأبو بكر بن مقسم
، وعبد الواحد بن أبي هاشم .
تصدر « أحمد بن
الصقر » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة والصدق ، وجودة القراءة وأقبل عليه حفاظ
القرآن ، وتتلمذ عليه عدد كبير ، وفي مقدمتهم : « عبدان ابن عمر المنجبي ، وعلي بن
معتوق العين ترماني » ، نسبة الى « عين ترما » قرية من غوطة دمشق الشرقية تبعد
عنها أربعة أميال تقريبا . قال الحافظ « الذهبي » : ترك « أحمد بن الصقر » كتابا في
القراءات سماه « الحجة » .
توفي « أحمد بن
الصقر » بعد أن أصبح كهلا سنة ست وستين وثلاثمائة من الهجرة ، بعد أن أدّى
للمسلمين الكثير من الأعمال الفاضلة أهمها تعليم القرآن الكريم. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٥
« أبو أحمد العجليّ » توفي في حدود ٢٢٠ هـ
هو : عبد الله بن
صالح بن مسلم أبو أحمد العجلي الكوفيّ. الإمام الحجة الثقة الثبت.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن.كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ
ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو أحمد
العجلي » القراءة عن مشاهير علماء عصره : فقد أخذها عرضا عن « حمزة الزيات »
الإمام السادس من أئمة القراءات. كما روى حروف القراءات عن : « أبي بكر بن عياش
وحفص بن سليمان » سماعا كما أخذ « أبو أحمد العجليّ » الحديث عن خيرة العلماء ،
منهم : « أبو بكر النهشلي ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، وفضيل بن مرزوق ،
وحماد بن سلمة ، وزهير بن معاوية ، وشبيب بن شبّة ، والحسن بن صالح بن حيّ »
وطائفة غيرهم .
وقد سكن « أبو
أحمد العجليّ » بغداد ، وأترابها ، وقد تلقى عنه القرآن الكثيرون منهم : ابنه أبو
الحسن أحمد ، وأحمد بن يزيد الحلواني ، وأبو حمدون ، وإبراهيم بن الرازي ، ومحمد
بن شاذان الجوهري » وآخرون .
__________________
وكان « أبو أحمد
العجلي » ثقة ، صدوقا ، مستقيم الحديث. توفي في حدود العشرين ومائتين. رحم الله «
أبا أحمد العجلي » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ١٦
« أحمد بن فرح » ت ٣٠٣ هـ
هو : أحمد بن فرح
بن جبريل أبو جعفر الضرير البغدادي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن.كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ
ضمن علماء القراءات.
وقد أخذ « ابن فرح
» القرآن والروايات عن خيرة العلماء. يقول « ابن الجزري » : قرأ « ابن فرح » على «
الدوري » بجميع ما عنده من القراءات ، وعلى « عبد الرحمن بن واقد » وقرأ أيضا على
« البزّي ، وعمر بن شبّة » ا هـ . وقرأ القرآن على « ابن فرح » عدد كثير. وفي هذا يقول «
الذهبي » : وتصدر للإفادة زمانا ، وبعد صيته ، واشتهر اسمه ، لسعة علمه ، وعلوّ
سنده ، فقرأ عليه : « زيد بن علي بن أبي بلال ، وعبد الله بن محرز ، وعليّ بن سعيد
القزاز ، وأبو بكر النقاش ، وعبد الواحد بن أبي هاشم وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ ،
والحسن بن سعيد المطوعي » وآخرون .
كما أخذ « ابن فرح
» الحديث عن خيرة العلماء منهم : « عليّ بن عبد الله المديني ، وأبو الربيع
الزهراني ، وأبو بكر بن أبي شبة ، وعثمان بن أبي شيبة ، وإبراهيم بن عبد الله
الهروي ، وإسحاق بن بهلول التنوخي » وغير هؤلاء.
__________________
كما أخذ الحديث عن
« ابن فرح » عدد كثير منهم : « أبو طالب بن البهلول الأنباري ، وأحمد بن جعفر بن
مسلم الختلي ، وعثمان بن أحمد ابن سمعان الرزاز » وغير هؤلاء .
وكان « ابن فرح »
من الثقات ، وفي هذا المعنى يقول « الخطيب البغدادي » : حدثني « علي بن محمد بن
نصر » قال : سمعت « حمزة بن يوسف » يقول : سألت أبا الحسن الدار قطني عن أحمد بن
فرح فقال : كان ثقة ا هـ .
وقد احتلّ « ابن
فرح » مكانة سامية لدى العلماء ، يقول عنه « الخطيب البغدادي » : حدثنا « أبو
الحسن محمد بن أحمد بن حمّاد فقال : قرأت في كتاب « أخي » : مات « أحمد بن فرح »
في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثمائة ، صلى عليه « أبو عاصم بن أبي الحسين » وكان قد
أوصى أن يصلي عليه رجل من أهل السنة ، وكان ثقة مأمونا ، عالما بالعربية واللغة ،
عالما بالقرآن » ا هـ . رحم الله « ابن فرح » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٧
« أحمد الفيل » ت ٢٨٦ هـ
هو : أحمد بن محمد
بن حميد أبو جعفر البغدادي الملقب « بالفيل » لعظم خلقته ، كما يعرف « بالفامي »
نسبة الى قرية « فامية » من عمل دمشق ، قال عنه « ابن الجزري » كان « أحمد الفيل »
مشهورا حاذقا .
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أحمد الفيل
» القرآن عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « يحيى بن هاشم السمسار » عن « حمزة » و
« عمرو بن الصباح » يقول « ابن الجزري » : وقد اشتهرت رواية « حفص بن سليمان بن
المغيرة » من طريق « أحمد الفيل » .
تصدر « أحمد الفيل
» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم « أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل البحتري
، ومحمد بن أحمد بن الخليل بن أبي أمية ، وأحمد ابن محمد شيخ الرهاوي » .
كما أخذ « أحمد
الفيل » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء منهم : « يحيى بن هاشم السمسار ، وعاصم بن
علي » وغيرهما .
__________________
وقد أخذ عنه
الحديث عدد كثير منهم : « عبد الصمد بن علي الطستي ، وعبد الباقي بن قانع »
وغيرهما . قال « الخطيب البغدادي » : أخبرنا « هاشم السمسار » حدثنا
« الصفّار » أخبرنا « عبد الباقي بن قانع » أن « أحمد بن حميد الفيل المقرئ » مات
سنة ست وثمانين ومائتين من الهجرة. رحم الله « أحمد الفيل » رحمة واسعة ، وجزاه
الله عن القرآن أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٨
« أحمد القوّاس » ت ٢٤٠ هـ
هو : أحمد بن محمد
بن علقمة بن نافع المكي المعروف بالقوّاس.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أحمد القواس
» القراءة عن « أبي الإخريط وهب بن واضح » ، وحدّث عن « مسلم بن خالد الزنجي » ،
وغيره .
وجلس « أحمد
القوّاس » للإقراء مدّة من الزمن ، وقد أخذ عنه القراءة عدد كثير منهم : « أحمد بن
يزيد الحلواني ، وقنبل ، وعبد الله بن جبير الهاشمي » ، وقيل : إن « البزّي » قرأ
عليه القرآن ، ذكره الداني ، وغيره .
وحدث عن « أحمد
القواس » : « ابن مخلد ، ومحمد بن علي الصائغ ، وعلي ابن أحمد بن بسطام » وغيرهم . وقد كان « القواس » حجة في القراءة ، ومن المجيدين لحروف القرآن ، يقول «
ابن مجاهد » قال لي « قنبل » : قال لي « القواس » في سنة سبع وثلاثين ومائتين الق
هذا الرجل ـ يعني البزي ـ فقل له : هذا الحرف ليس من قراءتنا ، يعني قوله تعالى :
في سورة « إبراهيم »
__________________
( وَما هُوَ بِمَيِّتٍ ) مخففا ، وإنما يخفف من الميت من قد مات بالفعل ، وما لم يمت فهو مشدّد ا هـ .
وأقول : هذا هو
الصواب ، فقد أجمع القراء العشرة على تشديد ما لم يمت في جميع القرآن الكريم.
توفي « القواس »
سنة أربعين ومائتين من الهجرة. رحمهالله تعالى رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٩
« الأعرج حميد بن قيس » ت ١٣٠ هـ
الإمام ، الثقة ،
المحدث ، العالم بالفرائض. هو حميد بن قيس أبو صفوان الأعرج المكي القارئ.
أخذ « حميد »
القراءة عن « مجاهد بن جبر » وعرض عليه ثلاث مرات وروى عنه القراءة : سفيان بن
عيينة ، وأبو عمرو بن العلاء ، وإبراهيم بن يحيى ، وعبد الوارث بن سعيد ، وآخرون.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات. يقول « ابن عيينة » قال : « حميد » : كل شيء أقرؤه فهو
قراءة مجاهد. وقال « ابن عيينة » أيضا : كان « حميد بن قيس » أفرضهم وأحسبهم ،
وكانوا لا يجتمعون إلا على قراءته ، ولم يكن بمكة أحد أقرأ منه ومن « ابن كثير » ا
هـ . وقال « عبد الله ابن مسلم بن قتيبة » : « حميد بن قيس »
مولى آل الزبير ، كان قارئ أهل المدينة ، وكان كثير الحديث ، فارضا ، حاسبا ، قرأ
على « مجاهد » ا هـ ويقول « الذهبي » : روى « حميد الأعرج » الحديث عن « مجاهد
بن جبر ،
__________________
وعطاء ، والزهري »
وغيرهم ، وحدث عنه « معمر ، وابن عيينة » ، وغيرهما ، وقد وثقه « أبو داود » .
توفي « حميد
الأعرج » سنة ثلاثين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي
عليه الصلاة والسلام. رحم الله « حميدا » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٠
« ابن الأخرم » ت ٣٤١ هـ
هو : محمد بن
النضر بن مرة بن الحر الربعي بن حسان بن محمد بن النضر بن مسلم بن ربيعة الفرسى
أبو الحسن الدمشقي المعروف بابن الأخرم شيخ الإقراء بالشام.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « ابن الأخرم
» سنة ستين ومائتين بقينية خارج دمشق ، وقينية كانت قرية مقابل الباب الصغير من
مدينة دمشق ، واندثرت وأصبحت أرضا زراعية ، وسكنها جماعة من العلماء .
أخذ « ابن الأخرم
» القراءة عن عدد من علماء القراءات : فقد أخذ القراءة عرضا عن هارون الأخفش وهو
من جلّة أصحابه وأضبطهم. قال عبد الباقي بن الحسن : قال لي « ابن الأخرم » : قرأت
على الأخفش وكان يأخذ عليّ في منزلي ا هـ . كما قرأ « ابن
الأخرم » على جعفر بن أحمد بن كزاز ، وأحمد بن نصر بن شاكر وآخرين.
جلس « ابن الأخرم
» لتعليم القرآن بدمشق واشتهر بالضبط والثقة ، وصحة
__________________
الاسناد وازدحم
على مجلسه الطلاب. وفي هذا المعنى يقول « الذهبي » : انتهت الى « ابن الأخرم »
رئاسة الاقراء بالشام ، وكان له حلقة عظيمة وتلاميذ جلة وقال « محمد بن علي السّلمي » : قمت ليلة المؤذن الكبير لآخذ النوبة على «
ابن الأخرم » فوجدت قد سبقني ثلاثون قارئا ، ولم تدركني النوبة الى العصر ا هـ .
وقال أبو القاسم
بن عساكر الحافظ « طال عمر ابن الأخرم » وارتحل الناس إليه وكان عارفا بعلل
القراءات بصيرا بالتفسير والعربية متواضعا حسن الأخلاق كبير الشأن ا هـ.
وقد روى القراءة
عرضا على « ابن الأخرم » أحمد بن عبد العزيز بن بدهن. وأحمد بن نصر الشذائي ،
وأحمد بن مهران ، وصالح بن ادريس ، وعبد الله بن علية ، وعلي بن زهير ، ومحمد بن
أحمد الشنبوذي ، ومحمد بن أحمد السّلمي وغيرهم كثير.
قال محمد بن أحمد
الشنبوذي قرأت على « ابن الأخرم » فما وجدت شيخا أحسن منه معرفة بالقراءات ولا
أحفظ ، ومع ذلك كان يحفظ تفسيرا كبيرا ومعاني ، وقال لي : إن الأخفش لقنني القرآن .
وقال الحافظ أبو
عمرو الداني : قرأت فيما أملاه « علي بن داود » لما قدم « ابن الأخرم » بغداد ،
وحضر مجلس ابن مجاهد قال « ابن مجاهد » لأصحابه : هذا صاحب الأخفش الدمشقي فاقرءوا
عليه. وكان ممن قرأ عليه أبو الفتح بن
__________________
بدهن » . هكذا قضى « ابن الأخرم » حياته في جهاد وكفاح وصبر وجلد ، وكان من المخلصين
لتعليم كتاب الله تعالى ومن الحريصين على رواية القراءات القرآنية وفقا للكيفية
التي نزلت على النبي صلىاللهعليهوسلم بواسطة أمين الوحي جبريل عليهالسلام. ولقد تفضل الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه على حفاظ القرآن
بالثواب الجزيل والفضل الكبير ، وقد ورد في ذلك الكثير من أحاديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم.
من هذه الأحاديث
الحديث الذي رواه « أبو هريرة » رضي الله عليه حيث قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « يجيء القرآن يوم القيامة فيقول : يا رب حلّه ، فيلبس تاج الكرامة ، ثم
يقول : يا رب : ارض عنه ، فيرضى عنه. فيقال له : اقرأ وارق ، وتزاد بكل آية حسنة »
ا هـ .
توفي « أبو الحسن
بن الأخرم » سنة احدى وأربعين وثلاثمائة ، وصليت عليه في المصلى بعد الظهر ، وكان
يوما صائفا ، وصعدت غمامة على جنازته من المصلى الى قبره . رحم الله « ابن الأخرم » رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢١
« إدريس الحدّاد » ت ٢٩٢ هـ
هو : إدريس بن عبد
الكريم الحداد أبو الحسن البغدادي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « إدريس
الحدّاد » القرآن عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « خلف بن هشام البزّار ، ومحمد بن
حبيب الشموني » وآخرون .
كان « إدريس
الحداد » من خيرة العلماء في الضبط والصدق والاتقان مما استوجب ثناء العلماء عليه
، وقد سئل عنه « الدار قطني » فقال : « ثقة » وفوق الثقة بدرجة . تصدر « إدريس الحداد » لتعليم القرآن ، فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « محمد
بن أحمد بن شنبوذ ، وابن مقسم ، وموسى بن عبيد الله الخاقاني ، ومحمد بن إسحاق
البخاري ، وأحمد بن بويان ، وأحمد بن عبيد الله بن حمدان ، والحسن بن سعيد المطوعي
، وأبو بكر النقاش ، وعلي بن الحسين الرقي » ، وغيرهم كثير .
كما سمع « إدريس
الحداد » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم من خيرة
__________________
العلماء منهم : «
داود بن عمرو الضبيّ ، ومصعب بن عبد الله الزبيري ، وأبو الربيع الزهراني ، وأحمد
بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وليث بن حمّاد الصفار ، وإبراهيم ابن عبد الله الهروي ،
وأحمد بن حاتم الطويل » وغيرهم .
وقد روى الحديث عن
« إدريس الحداد » عدد كثير وفي مقدمتهم : « أبو بكر بن الأنباري ، وأحمد بن سليمان
النجاد ، وإسماعيل بن علي الخطبيّ ، وأبو علي بن الصوّاف » وآخرون .
توفي « إدريس
الحداد » يوم الأضحى ، وهو يوم السبت سنة اثنتين وتسعين ومائتين وله ثلاث وتسعون
سنة. رحم الله « إدريس الحداد » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٢
« أبو الأزهر المصريّ » ت ٢٣١ هـ
هو : عبد الصمد بن
عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة ، أبو الأزهر المصري ، صاحب الإمام ، «
مالك » وراو مشهور بالقراءة ومن الثقات.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو الأزهر
» القراءة عرضا عن « ورش » وروى حروف « حمزة » عن « داود بن أبي طيبة ». وقد أخذ
القراءة عن « أبي الأزهر » عدد كثير ، منهم : « محمد بن سعيد الأنماطي ، وحبيب بن
إسحاق ، والفضل بن يعقوب » وآخرون.
يقول « الذهبي » :
حدث « أبو الأزهر » عن : « أبيه ، وسفيان بن عيينة ، وابن وهب » ا هـ .
توفي « أبو الأزهر
» سنة إحدى وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٣
« إسحاق المروزي » ت ٢٨٦ هـ
هو : إسحاق بن
إبراهيم بن عثمان بن عبد الله أبو يعقوب المروزي ثم البغدادي ورّاق « خلف البزار »
وراوي اختياره عنه.
ذكره « ابن الجزري
» ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « إسحاق
المروزي » القراءة عن خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم « خلف البزار » فقد قرأ عليه
اختياره في القراءة ، ثم قام به بعده وقرأ أيضا على « الوليد بن مسلم ».
اشتهر « إسحاق »
بالثقة ، والضبط وصحة القراءة ، والجودة ، والاتقان ، ولذا أقبل عليه طلاب العلم ،
فتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : « محمد بن عبد الله بن أبي عمرو النقاش ،
والحسن بن عثمان البرصاطي ـ على الصواب كما ذكر « ابن الجزري » وعليّ بن موسى
الثقفي ، وابنه محمد بن إسحاق المروزي ، وابن شنبوذ.
توفي « إسحاق
المروزي » بعد حياة حافلة بتعليم القرآن سنة ست وثمانين ومائتين من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٤
« أبو اسحاق الأنطاكي » ت ٣٣٩ هـ
هو : إبراهيم بن
عبد الرزاق بن الحسن بن عبد الرزاق الأنطاكي أبو اسحاق. وأنطاكية بالفتح ثم السكون
، والياء مخففة ، وليس قول « امرئ القيس » :
« علون بأنطاكية فوق قمة
|
|
كحرمة نحل أو
جنة يثرب »
|
دليلا على تشديد
الياء ، لأنها للنسبة ، وكانت العرب إذا أعجبها شيء نسبته الى « أنطاكية ».
وأنطاكية من أعيان بلاد الشام ، موصوفة بالنزاهة ، والحسن ، وطيب الهواء ، وعذوبة
الماء وكثرة الفواكه وسعة الخير .
تلقى « أبو اسحاق
الأنطاكي » القراءة من خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : والده ، ومحمد بن العباس بن
شعبة ، وشهاب بن طالب ، واسحاق الخزاعي ، ومحمد بن حمد الرازي ، وعبيد الله بن
صدقة ، وأحمد بن أبي رجاء ، والفضل بن زكريا ، وعيسى بن محمد بن أبي ليلى ، وحمدان
المغربل ، و « قنبل » في قول وآخرون .
رحل « أبو اسحاق
الأنطاكي » الى بعض الأقطار في سبيل طلب العلم وبخاصة القراءة القرآنية وفي هذا
يقول محمد بن الحسن الأنطاكي : سمعت أبا اسحاق الأنطاكي يقول : أتيت مكة وقنبل حي
، وقرأت هذه القراءات من هذا الكتاب الذي رواه « قنبل » وهو يسمع فما رد عليّ شيئا
، وما أرى ذلك إلا
__________________
لصحة قراءتي ،
وذلك أني حفظتها بعينها ، ثم يقول : وقد رحلت الى « المصّيصة » بفتح الميم وتشديد
الصاد وياء ساكنة وهي مدينة على شاطئ جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم
تقارب « طرسوس » . وكان « بقصّيصة » أحمد بن حفص الخشاب ، فأخذت عنه قراءة
أبي عمرو ، وكان قد قرأها على « السّوسى ». ثم يقول : وقرأت على « الأخفش » مقرئ
أهل دمشق .
وهكذا نجد أبا
اسحاق الأنطاكي طوف البلاد سعيا لتلقي حروف القرآن الكريم ، ثم جلس بعد ذلك
للإقراء وتعليم القرآن وحديث النبي عليه الصلاة والسلام. وقد أخذ عنه القراءة عدد
كثير ، وفي مقدمتهم : ابنه أبو الحسن ، ومحمد ابن الحسن بن علي ، وعلي بن محمد بن
بشر ، وعبد المنعم بن غلبون ، وعلي بن موسى الأنطاكي ، وعلي بن اسماعيل البصري ،
وأبو علي بن حبش ، وعبد الله بن اليسع الأنطاكي ، والحسن بن سعيد المطوعى وغير
هؤلاء كثير .
أخذ أبو اسحاق
الأنطاكي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء فقد روى عن « أبي أمية الطرسوسي ، ومحمد
بن إبراهيم الصوري ، ويزيد ابن عبد الصمد ، وعلي بن عبد العزيز البغوي » وغير
هؤلاء.
وكما كان أبو
اسحاق الأنطاكي معلما لكتاب الله تعالى كان راويا ايضا لسنة الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم. وقد حدث عنه « أبو أحمد محمد بن جامع الدهان ، وشهاب بن محمد الصوري ، ومحمد
بن أحمد الملطيّ ، ومحمد بن أحمد بن جميع الغساني » وآخرون .
__________________
بلغ « أبو اسحاق
الأنطاكي » مكانة سامية بين العلماء وطلاب العلم مما استحق الثناء عليه ، وفي هذا
المعنى يقول الإمام الداني ت ٤٤٤ هـ : « أبو اسحاق الأنطاكي » مقرئ جليل ضابط مشهور
ثقة مأمون ا هـ . وقال « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ : « كان أبو اسحاق الأنطاكي
مقرئ أهل الشام في زمانه معرفة وإسنادا » ا هـ . وقال « ابن
العماد الحنبلي » ت ١٠٨٩ هـ « كان أبو اسحاق الأنطاكي مقرئ أهل الشام وصنف كتابا
في القراءات الثمان ، وروى الحديث عن أبي أمية الطرسوسي » ا هـ .
توفي « أبو اسحاق
الأنطاكي » في شعبان سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة
النبي عليه الصلاة والسلام. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٥
« إسحاق الخزاعي » ت ٣٠٨ هـ
هو : إسحاق بن
أحمد بن إسحاق بن نافع بن أبي بكر الخزاعي ، المكي ، الإمام في قراءة المكيين.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى « إسحاق
الخزاعي » القرآن على مشاهير علماء عصره ، في مقدمتهم « أحمد البزّي » أحد رواة «
ابن كثير ». ولا زالت قراءة « البزّي » يلقاها الناس بالرضا والقبول حتى الآن ،
وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
كما أخذ القرآن عن
« عبد الوهاب بن فليح » وروى الحروف عن « عبد الله ابن جبير ، وقنبل » الراوي
الثاني عن ابن كثير . قال المطوعي : سمعنا الخزاعي يقول : قرأت على « ابن فليح
» سبعا وعشرين ختمة ، وقرأت على « البزّي » ثلاثين ختمة ا هـ .
وقد تلقى القرآن
على « إسحاق الخزاعي » عدد كثير منهم : « ابن شنبوذ ، ومحمد بن موسى الزينبي ،
والحسن بن سعيد المطوعي ، وابن مجاهد ، ومحمد بن أحمد الأشناني ، وأبو بكر
الداجوني ، وإبراهيم بن عبد الرزاق » وغيرهم كثير .
__________________
وكان « إسحاق
الخزاعي » من الثقات ، وفي هذا المعنى يقول الذهبي : كان إسحاق الخزاعي ثقة ، حجة
، رفيع الذكر . ويقول أيضا : إسحاق الخزاعي إمام في قراءة المكيين ،
مطّلع ، ضابط ثقة ، مأمون ، له كتاب حسن جمعه في اختلاف المكيين واتفاقهم ا هـ .
توفي « إسحاق الخزاعي
» في رمضان سنة ثمان وثلاث مائة بمكة المكرمة ، رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٦
« إسحاق المسيّبي » ت ٢٠٦ هـ
العالم الثبت
الثقة المحدث الفقيه. هو إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن المسيّب ،
المخزومي ، أبو محمد المسيبي المدني.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن.كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ
ضمن علماء القراءات.
أخذ « إسحاق
المسيبي » القرآن عن « نافع بن أبي رويم » وهو الإمام الأول من أئمة القراءات.
وقد جلس « إسحاق
المسيبي » لتعليم القرآن بالمدينة المنورة بعد شيخه « نافع » وقد تتلمذ عليه
الكثيرون ، منهم : ولده « محمد » ، وأبو حمدون الطيب ابن إسماعيل ، وخلف بن هشام ،
ومحمد بن سعدان ، وأحمد بن جبير ، وعبد الله بن ذكوان ، وآخرون
كما حدث عنه « ابن
ذكوان ، وأحمد بن حنبل » وغيرهما . قال « أبو حاتم
السجستاني » : إذا حدثت عن « المسيبي » عن « نافع » ففرغ سمعك وقلبك ، فإنه أتقن
الناس ، وأعرفهم بقراءة أهل المدينة ، وأقرؤهم للسنة ، وأفهمهم بالعربية ا هـ .
توفي « إسحاق
المسيبي » سنة ست ومائتين. رحمهالله رحمة واسعة.
__________________
رقم الترجمة / ٢٧
« إسماعيل القسط » ت ١٧٠ هـ
علامة عصره ،
الضابط ، الثقة ، مقرئ مكة المكرمة. هو أبو إسحاق إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين
المخزومي ، مولاهم ، المعروف بالقسط ، قارئ أهل مكة في زمانه ، وآخر أصحاب ابن
كثير وفاة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة. وذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء
القراءات.
ولد « إسماعيل
القسط » سنة مائة من الهجرة.
تلقى « إسماعيل
القسط » القرآن على « ابن كثير » الإمام الثاني من أئمة القراءات. كما أخذ القرآن
عن كل من « شبل بن عباد ، ومعروف بن مشكان ، وسمع من « علي بن زيد بن جدعان ».
وكان « إسماعيل القسط
» ثقة ، ضابطا ، جلس للإقراء ، فأقرأ الناس زمانا طويلا ، وقد تتلمذ عليه الكثيرون
منهم : الإمام محمد بن إدريس الشافعي ، وعكرمة بن سليمان ، وداود بن شبل بن عباد ،
وعبد الله بن زياد ، وأبو قرّة موسى ابن طارق ، وأبو الإخريط وهب بن واضح ،
وآخرون.
قال « مضر بن محمد
الأسدي » : حدثنا ابن أبي بزّة أنه قرأ على « عكرمة » وأخبرني أنه قرأ على « شبل
بن عبّاد » وعلى « إسماعيل بن قسطنطين ».
__________________
توفي « إسماعيل
القسط » سنة سبعين ومائة من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحم الله «
إسماعيل القسط » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ٢٨
« إسماعيل بن جعفر » ت ١٨٠ هـ
هو إسماعيل بن
جعفر بن أبي كثير الأنصاري مولاهم المدني ، الحافظ ، الثقة ، ولد « إسماعيل بن
جعفر » سنة بضع ومائة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قرأ « إسماعيل بن
جعفر » القرآن على « شيبة بن نصاح » ثم عرض القرآن على الإمام نافع المدني ،
الإمام الأول من أئمة القراءات ، وسليمان بن مسلم بن جماز.
وسمع الحديث من
مشاهير علماء عصره ، منهم : عبد الله بن دينار ، وأبو طوالة عبد الله بن عبد
الرحمن ، والعلاء بن عبد الرحمن ، وحميد الطويل ، وهشام بن عروة ، وربيعة بن عبد
الرحمن ، وآخرون.
وتصدر « إسماعيل
بن جعفر » للإقراء فتتلمذ عليه عدد كثير منهم : الإمام أبو الحسن الكسائي ، وأبو
عبيد القاسم بن سلاّم ، وسليمان بن داود الهاشمي ، وأبو عمر الدوري ، وآخرون.
__________________
وكما تصدر «
إسماعيل بن جعفر » للإقراء ، تصدّر أيضا للحديث ، وقد أخذ عنه الحديث عدد كثير
منهم : قتيبة بن سعيد ، وعلي بن حجر ، ومحمد بن سلام البيكندي ، وإبراهيم بن عبد
الله الهروي ، وداود بن عمرو الضبيّ ، ومحمد بن الصباح الدولابي ، وآخرون.
وكما اشتهر «
إسماعيل بن جعفر » بالإقراء ، والحديث ، اشتهر أيضا بالصدق والثقة ، والأمانة ،
يقول « يحيى بن معين » : إسماعيل بن جعفر ثقة مأمون. وقد كان « إسماعيل بن جعفر »
مؤدّبا « لعليّ » ولد الخليفة المأمون ، وهذا مما زاد في حرمته ومكانته.
توفي « إسماعيل بن
جعفر » سنة ثمان ومائة ، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن وسنة سيّد الأنام. رحم
الله « إسماعيل بن جعفر » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ٢٩
« أبو الأسود الدؤلي » ت ٧٥ هـ
علامة العصر
والاوان في اللغة ، والنحو ، والقراءات ، أول من وضع علم النحو ، وأول من ابتكر
نقط المصاحف ، قاضي البصرة ، الثقة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قال « ابن فارس »
: « الدؤل » بضم الدال ، وفتح الهمزة : قبيل من كنانة ا هـ. وقال « أبو اليقظان »
« الدّول » بضم الدال ، وسكون الواو ، من « بكر بن وائل » وعددهم كثير ا هـ. وقد
أسلم « أبو الأسود » في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولكنه لم ير الرسول عليه الصلاة والسلام ، لهذا اعتبره
المؤرخون من المخضرمين .
قال « أبو عمرو
الداني » ت ٤٤٤ هـ : قرأ « أبو الأسود » القرآن على
__________________
« عثمان بن عفان ،
وعلي بن أبي طالب » رضياللهعنهما ، كما قرأ على « أبي الأسود » عدد كثير ، منهم : « ولده
حرب ، ونصر بن عاصم ، ويحيى بن يعمر ، وحمران بن أعين » ا هـ . وأخذ « أبو الأسود » الحديث عن « عمر ، وعلي ، وأبي بن كعب ، وأبي ذر
والزبير بن العوام » وآخرين.
كما حدث عنه :
ابنه حرب ، ويحيى بن يعمر ، وابن بريدة ، وآخرون. وأخذ عن « أبي الأسود » النحو :
« عنبسة ميمون الأقرن » ثم أخذه عن « ميمون » « عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي »
وأخذ عنه « عيسى بن عمر » وأخذه عنه « الخليل بن أحمد » وأخذه عنه « سيبويه »
وأخذه عنه « سعيد الأخفش »
وذكر المؤرخون أن
« أبا الأسود » أول من نقط المصاحف ، وسبب ذلك أنه سمع قارئا يقرأ قول الله تعالى
: ( أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
وَرَسُولُهُ ) بخفض لام « ورسوله » فقال : ما ظننت أن أمر الناس قد صار
الى هذا ، فذهب الى « زياد » وقال له : أريد كاتبا فطنا ، فأتى به فقال له « أبو
الأسود » خذ « المصحف » ومدادا يخالف لونه لون المصحف ، وانظر إليّ وأنا أقرأ
القرآن ، فإذا فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة أعلاه ، وإذا رأيتني قد ضممت فمي فانقط
نقطة بين يدي الحرف ، وإن كسرت فانقط نقطة تحت الحرف ، فإذا أتبعت شيئا من ذلك غنة
أي تنوينا ، فاجعل مكان النقطة نقطتين ، وهكذا حتى أتى على القرآن كله ، ولهذا
اعتبر « أبو الأسود » أول من ابتكر نقط المصاحف . وقال « محمد بن سلام الجمحي » : أبو الأسود هو أول من وضع باب الفاعل
__________________
والمفعول ،
والمضاف ، وحرف النصب ، والرفع ، والجرّ ، والجزم ، الخ ، ثم أخذ ذلك عنه « يحيى
بن يعمر » ا هـ .
وقال « المبرّد »
: حدثنا « المازني » : قال : السبب الذي جعل « أبا الأسود » يضع أبواب النحو ، أن
بنت أبي الأسود قالت له : « ما أشدّ الحر »؟ برفع الدال ، فقال : الحصباء بالرمضاء
، قالت : إنما تعجبت من شدته فقال : أو قد لحن الناس؟ فأخبر بذلك « عليا » رضياللهعنه فأعطاه أصولا بنى عليها ، فقال « علي » رضياللهعنه : « ما أحسن هذا النحو الذي نحوت » فمن ثم سمّى النحو نحوا
ا هـ .
ولقد بلغ « أبو
الأسود » القمة في المجد ، وكانت له المكانة المرموقة بين العلماء ، يقول عنه «
الجاحظ » : أبو الأسود مقدم في طبقات الناس ، كان معدودا في : الفقهاء ، والشعراء ،
والمحدثين ، والفرسان ، والنحاة ، والحاضري الجواب ... الخ
توفي « أبو الأسود
» سنة تسع وستين من الهجرة ، بعد حياة حافلة في نشر العلم ، والقرآن ، وتعليمهما.
رحم الله « أبا الأسود » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٣٠
« الأسود بن يزيد »
( أبو عمرو النخعي الكوفي ) ت ٧٥ هـ
الإمام القدوة ،
قارئ الكوفة. وهو أخو « عبد الرحمن بن يزيد » ووالد « عبد الرحمن بن الأسود » وابن
أخي « علقمة بن قيس » وخال « إبراهيم النخعي » فهؤلاء أهل بيت من رءوس العلم
والعمل ، والفضل. وكان « الأسود ابن يزيد » مخضرما ، أدرك الجاهلية والإسلام.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قرأ « الأسود بن
يزيد » « القرآن » على « عبد الله بن مسعود » رضياللهعنه وروى عن الخلفاء الأربعة.
كما كان من العباد
الذين لا هم لهم إلا قراءة « القرآن » فكان يختم « القرآن » كل ست ليال ، وفي
رمضان كان يختم كل ليلتين. وكان « الأسود
__________________
ابن يزيد » من
معلمي « القرآن الكريم » ومن الذين قرءوا عليه : « إبراهيم النخعي ، وأبو إسحاق
السبيعي ، ويحيى بن وثاب ».
وحدث « الأسود بن
يزيد » عن : « معاذ بن جبل ، وبلال ، وابن مسعود ، وعائشة ، وحذيفة بن اليمان » ،
وغيرهم.
كما حدث عنه : «
ابنه عبد الرحمن ، وأخوه ، وإبراهيم النخعي ، وعمارة بن عمير ، وأبو إسحاق السبيعي
» ، وآخرون.
وكان « الأسود بن
يزيد » ورعا تقيا ، تضرب بعبادته المثل ، فقد ورد أنه حج ثمانين حجة ، من بين حجة
وعمرة ، وكان صوّاما قوّاما ، وكان يقول في تلبيته : لبيك غفّار الذنوب. وقال «
إبراهيم النخعي » : كان « الأسود » إذا حضرت الصلاة أناخ بعيره ، ولو على حجر.
توفي « الأسود بن
يزيد » سنة خمس وسبعين من الهجرة ، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن ، وقراءته ،
وعبادة الله تعالى. رحم الله « الأسود بن يزيد » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل
الجزاء.
رقم الترجمة / ٣١
« ابن أشتة » ت ٣٦٠ هـ
هو : محمد بن عبد
الله بن محمد بن أشتة أبو بكر الأصبهاني أستاذ كبير وإمام شهير ، ونحوي محقق سكن
مصر.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن أشتة »
القراءة القرآنية عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : أبو بكر ابن مجاهد الإمام
المشهور وصاحب كتاب السبعة في القراءات ، ومحمد بن أحمد بن الحسن الكسائي الأخير ،
ومحمد بن يعقوب المعدل ، وأبو بكر النقاش ، وأبو بكر الآدمي ، وإبراهيم بن جعفر
الباطرقاني ، ويوسف بن جعفر بن معروف. وآخرون
يقول « ابن الجزري
» : وقول « ابن سوار » في كتابه « المستنير » في سند رواية « روح » أنه قرأ على «
أحمد بن حرب المعدل » وهم. والصواب أنه محمد ابن يعقوب المعدل. كما ذكره « ابن
أشتة » في كتابه ، وهو أخبر به « وأحمد بن حرب » قديم الوفاة توفي سنة إحدى
وثلاثمائة ، ولم يدركه « ابن أشتة » ولو لم يسمّه « ابن أشتة » في كتابه لقلنا :
إنه ربما يروي عنه بواسطة ولكن بعد تسميته
__________________
له وتعيينه أنه :
« محمد بن يعقوب » لا سبيل الى أن يكون : أحمد بن حرب. وأيضا فإن المعدل الذي هو
معروف بابن وهب صاحب « روح » وأبي الزعراء صاحب الدوري ، إنما هو : محمد بن يعقوب
، لا « أحمد بن حرب » ا هـ .
تصدر « ابن أشتة »
لتعليم القرآن واشتهر بالثقة وجودة الإتقان ، وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن
، وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة القرآنية : خلف بن إبراهيم
، وعبد الله بن محمد بن أسد الأندلسي ، وعبد المنعم بن غلبون ، ومحمد بن عبد الله
المؤدب ، وخلف بن قاسم وغير هؤلاء .
لم يقتصر عمل «
ابن أشتة » على الدرس والتعليم ، بل تعدى ذلك إلى الكتابة والتصنيف فزود مكتبة
علوم القرآن بالمصنفات النافعة المفيدة ، من هذه المصنفات : كتاب « رياضة الألسنة
» في اعراب القرآن ومعانيه ، وكتاب « المصاحف » يقول عنه « السيوطي » رأيت لابن
أشتة « كتاب المصاحف » ، ونقلت منه أشياء في كتاب « الاتقان » ومن مصنفات « ابن أشتة » أيضا كتاب « المحبر » ، قال عنه « ابن الجزري » :
وكتابه « المحبّر » كتاب جليل يدل على عظيم مقداره ومن مصنفات « ابن أشتة » أيضا كتاب « المفيد في الشاذ » .
احتل « ابن أشتة »
مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه حول هذا المعنى يقول الداني : «
ابن أشتة » ضابط مشهور ثقة ، عالم بالعربية بصير
__________________
بالمعاني ، حسن
التصنيف ، صاحب سنة ، روى عنه جماعة من شيوخنا ، وسمع منه عبد المنعم بن غلبون ،
وخلف بن إبراهيم ، وعبد الله بن محمد بن أسد الأندلسي وآخرون ا هـ . قال ابن الجزري : « ابن أشتة » أستاذ كبير وإمام شهير ، ونحوي محقق ثقة » ا
هـ .
توفي « ابن أشتة »
بمصر في شعبان سنة ستين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٣٢
« أبو الأشعث الجرشي »
هو : عامر بن سعيد
بالتصغير ، أبو الأشعث الجرشي ، نسبة إلى « الجرش » قرية بمصر.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو الأشعث
» القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « ورش » أحد رواة « الإمام نافع »
المدني المشهورين ولا زالت قراءة « ورش » يتلقاها المسلمون حتى الآن ، وقد تلقيتها
وقرأت بها والحمد لله رب العالمين
وقد تلقى على «
أبي الأشعث » القرآن « محمد بن عبد الرحيم » الأصبهاني ، وقال : قرأت عليه «
بالمصّيصة » في المسجد الجامع. وكان يقول : قرأت على « ورش » ثم يقول « الأصبهاني
» : فختمت عليه ختمتين ، وشرعت في الثالثة فمات ا هـ .
كان « أبو الأشعث
» من خيرة العلماء ، المجاهدين ، الصابرين ، وفي هذا المعنى يقول « الداني » كان «
أبو الأشعث خيّرا فاضلا بلغ المائة في سنه ، وزاد عليها ، وغزا « الروم » سبعين
سنة » ا هـ .
توفي « أبو الأشعث
» إلى رحمة الله ، ولم يذكر أحد من المؤرخين تاريخ وفاته.رحم الله « أبا الأشعث »
رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٣٣
« ابن أبي الأصبغ » ت ٣٣٩ هـ
هو : محمد بن أحمد
بن عبد العزيز بن منير ، أبو بكر الحراني المعروف بابن أبي الأصبغ إمام الجامع
بمصر ، وفقيه متصدر ، وكان من علماء مذهب « الإمام مالك » رحمهالله ـ.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن أبي
الأصبغ » القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم : أحمد بن هلال. كما سمع حروف
القرآن من عبد الله بن عيسى عن قالون. وقالون أحد الرواة المشهورين عن الإمام نافع
المدني الإمام الاول بالنسبة إلى أئمة القراءات ، ولا زالت قراءة قالون يتلقاها
المسلمون حتى الآن
كما أخذ « ابن أبي
الأصبغ » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن العلماء. وفي مقدمتهم : « محمد بن سليمان المنقري »
وغيره
تصدر « ابن أبي
الأصبغ » لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسّلام. فمن الذين أخذ عنهم
القراءة القرآنية : « أحمد بن عمر بن محفوظ الجيزيّ ، ومنير ابن أحمد الخشاب ،
وأبو محمد بن النحاس ، وأبو عبد الله بن المفرج الأندلسي » وغيرهم .
__________________
توفي « ابن أبي
الأصبغ » بمصر سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن
وسنة النبيّ عليه الصلاة والسّلام. رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ٣٤
« أيّوب بن تميم » ت ١٩٨ هـ
هو : أيوب بن تميم
بن سليمان بن أيوب ، أبو سليمان التميمي الدمشقي الضابط المشهور.
ولد « أيوب بن
تميم » سنة عشرين ومائة من الهجرة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قرأ « أيوب »
القرآن على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « يحيى بن الحارث الذماري » صاحب «
ابن عامر » الإمام الرابع بالنسبة للقراء العشرة المشهورين ، وقد خلف « أيوب » «
ابن عامر » في القراءة بدمشق .
وقد تلقى القرآن
على « أيوب بن تميم » كثير منهم : « الوليد بن عتبة » و « عبد الله بن ذكوان » ولا
زالت قراءة « ابن ذكوان » يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن. وقد تلقيتها
وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ الحروف عن « أيوب بن تميم » : « عبد
الحميد بن بكار ، وأبو مسهر الغسّاني ، وهشام بن عمّار » ولا زالت قراءة « هشام »
يتلقاها المسلمون حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
قال « ابن ذكوان »
قلت « لأيوب بن تميم » : أنت تقرأ بقراءة « يحيى بن
__________________
الحارث »؟ قال :
نعم ، أقرأ بحروفها كلها ، إلا قوله تعالى : « جبلاّ » من قوله تعالى : ولقد أضل
منكم جبلاّ كثيرا أفلا تعقلون فإنه رفع الجحيم ، وأنا أكسرها ا هـ .
وأقول : ورد في «
جبلا » أربع قراءات. الاولى : قراءة « نافع » و « عاصم وأبي جعفر » : « جبلاّ »
بكسر الجيم ، وتشديد اللام ؛ والثانية : قراءة « ابن كثير ، وحمزة ، والكسائي ، ورويس
، وخلف العاشر ». « جبلا » بضم الجيم والباء وتخفيف اللام ؛ والثالثة : قراءة «
روح » « جبلاّ » بضم الجيم والباء ، وتشديد اللام. والرابعة : قراءة « ابي عمرو
وابن عامر » ، « جبلا » بضم الجيم ، وسكون الباء وتخفيف اللام وكلها لغات ،
ومعناها : الخلق .
توفي « أيوب بن
تميم » سنة ثمان وتسعين ومائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٣٥
« أبو أيوب الخيّاط » ت ٢٣٥ هـ
هو : سليمان بن
أيوب بن الحكم أبو أيوب الخياط البغدادي ، والمعروف بصاحب « البصري » مقرئ جليل
ثقة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٧٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو أيوب »
القرآن على خيرة العلماء ، وفي هذا المعنى يقول « ابن الجزري » : قرأ « أبو أيوب »
على « اليزيدي ». وقيل : إنه عرض على « أبي عبد الرحمن عبد الله بن اليزيدي ». وإن
ثبت ذلك فلا يمنع عرضه على « اليزيدي » نفسه ، فقد صحّ عندنا من غير طريق ا هـ .
وقد تلقى « القرآن
» على « أبي أيوب » عدد كثير ، منهم : « أحمد بن حرب المعدّل ، وإسحاق بن مخلد
الدقاق ، وعلي بن أحمد بن مروان ، وبكر بن أحمد السراويلي ، والسرّي بن مكرم ،
وعبد الله بن كثير المؤدب » وغيرهم كثير . كان « أبو أيوب
» من الحفاظ الثقات ، وفي هذا المعنى يقول « ابن معين » : « أبو أيوب » صاحب
البصري ثقة صدوق ، حافظ لما يكتب عنه ا هـ .
توفي « أبو أيوب »
سنة خمس وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٣٦
« أيّوب بن المتوكّل » ت ٢٠٠ هـ
حجة القراءات ،
الثبت الثقة ، معلم القرآن ، ومجوّده. هو أيوب بن المتوكل البصري الصيدلاني
المقرئ.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى « أيوب
بن المتوكل » القرآن على خيرة علماء عصره ، منهم : سلام القارئ ، وأبو الحسن
الكسائي ، وحسين الجعفي ، وآخرون . كما أخذ الحديث
عن « فضيل بن سليمان » وجماعة.
وقد تلقى القرآن
على « أيوب بن المتوكل » عدد كبير أجلّهم : محمد بن يحيى القطيعي ، وخالد بن
إبراهيم ، وفهد بن الصقر . كما حدث عنه « ابن المديني ، ويحيى بن معين » ، وجماعة.
وقال « أحمد بن سنان » : سمعت « أيوب بن المتوكل يقول : « قرأت على يحيى القطان ،
وسألني كتاب الحروف ، فسمعه مني » .
وكان « أيوب بن
المتوكل » من خير علماء عصره ، يقول « إسحاق بن إبراهيم الشهيدي » : دخلت الكوفة
فأتيت « عبد الله بن إدريس » فأول ما
__________________
سألني عن « أيوب
بن المتوكل » قلت : هو بخير ، قال : يقرئ؟ قلت : نعم ، قال : ذلك أقرأ الناس وقال « أبو حاتم السجستاني » : أيوب بن المتوكل من أقرأ الناس ، وأرواهم
للآثار في القرآن .
وقال « أيوب بن
المتوكل » : ما غلبت « يعقوب الحضرمي » إلاّ بالأثر. ويقول « الذهبي » : كان «
أيوب بن المتوكل » إماما ضابطا ثقة ، متبعا الأثر ، وقد وثقه « علي بن المديني »
وغيره ا هـ . ويقول « الذهبي » أيضا : جاء عن « أيّوب » أخبار كثيرة ،
وكان من جلّة القراء وبلغنا أن « يعقوب الحضرمي » وقف على قبر « أيوب » عند ما دفن
فقال : يرحمك الله يا أيّوب ، ما تركت خلقا أعلم بكتاب الله منك ا هـ .
توفي « أيوب بن
المتوكل » سنة مائتين من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «
أيوب » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٣٧
« ابن برهام » ت ٣٨٥ هـ
هو : مظفر بن أحمد
بن إبراهيم أبو الفتح الدمشقي المعروف بابن برهام ويقال : « برهان » بالنون.
ذكره « الذهبي » ت
٧٨٤ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن برهام »
القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : محمد بن الأخرم ، وصالح بن ادريس ،
والحسن بن سعيد المطوعي ، ومحمد بن أحمد بن الحسن الأشناني ، وعلي بن عبد العزيز
الجلاء ، وعلي بن سعيد أبو ذؤابة .
كما أخذ « ابن
برهام » حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء. وفي مقدمتهم : « أحمد بن عبد الله بن
النصر بن هلال ، وأبي علي الحصائري » وجماعة .
تصدر « ابن برهام
» لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة الضبط. ومن الذين أخذوا عنه القراءة
القرآنية : « عبيد الله بن سلمة ، وتمام بن محمد ، وأبو سعيد الماليني ، وعلي بن
الحسن الربعي ، وعبد الله بن محمد الزارع ، وأبو علي الحسين بن علي الرهاوي »
توفي « ابن برهام
» سنة خمس وثمانين وثلاثمائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٣٨
« بكار بن أحمد » ت ٣٥٣ هـ
هو : بكار بن أحمد
بن بكار بن بنان بن بكار بن زياد بن درستويه ابو عيسى البغدادي مقرئ ثقة مشهور.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « بكار بن
أحمد » في شهر صفر سنة خمس وسبعين ومائتين وظل يقرئ القرآن أكثر من ستين سنة ، وفي
هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الخياط ، قال : سمعت
أحمد بن عبد الله بن الخضر يقول : سمعت أبا عيسى بكار بن أحمد في سنة اثنتين
وخمسين وثلاثمائة يقول : « أنا أقرأ منذ ستين سنة ، وسألته في اثر ذلك عن سنّه
فقال لي : ولدت في صفر سنة خمس وسبعين ومائتين » ا هـ .
تلقى « ابن بكار »
القرآن الكريم وسنة الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم على خيرة العلماء فمن أخذ عنهم « بكار » القراءة القرآنية
: « الحسن بن الحسين الصواف صاحب أبي حمدون ، وأحمد بن يعقوب ابن أخي العرق وعبد
الله بن الصقر السكري ، وابن مجاهد ، وأبو بكر محمد بن سليمان المروزي ، وأبو عبد
الله الحداد » ، وآخرون .
__________________
ومن الذين أخذ
عنهم « بكار » سنة الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم : « عبد الله بن أحمد بن حنبل ، وإبراهيم بن هاشم البغوي.
وأحمد بن علي الآبار ، وأحمد بن القاسم بن نصر ، وأحمد بن عبد الله بن شجاع ،
والحسين بن محمد بن عفير ، والعباس بن يوسف الشكلي ، وأحمد بن إسحاق بن البهلول
التنوخي » وغير هؤلاء .
جلس « بكار » زمنا
طويلا يقرئ الناس ويروي لهم سنة النبي صلىاللهعليهوسلم ، واشتهر بالثقة وصحة الضبط ، فأقبل عليه الناس من كل مكان
، وكثر طلابه والآخذون عنه ، فمن الذين نقلوا عنه القراءة القرآنية : « أبو جعفر
الكتاني ، وعلي بن محمد العلاف ، وأبو الحسن الحمامي ، وأبو العلاء محمد بن الحسن
الوراق وأبو بكر بن مهران ، والحسن بن الفحام ، وعبد الملك بن بكر النهرواني
وآخرون . ومن الذين أخذوا عن « بكار » سنة النبي عليه الصلاة
والسلام : عبد العزيز بن جعفر الفارسيّ ، وأبو الحسن بن رزقويه ، وأبو علي بن
شاذان ، وغير هؤلاء .
كان « بكار » من
الثقات ، وفي هذا يقول الخطيب البغدادي : « كان « بكار » ثقة ينزل الجانب في سوق
يحيى » ا هـ .
توفي « بكار » يوم
الأربعاء ودفن يوم الخميس لتسع بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة
من الهجرة ، ودفن عند قبر الإمام أبي حنيفة ـ رحمهالله ـ في مقبرة الخيزران. رحم الله « بكار بن أحمد » رحمة
واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٣٩
« أبو بكر الأدمي » ت ٣٢٧ هـ
هو أحمد بن محمد
بن إسماعيل المعروف بالحمزوي لأنه كان عارفا بحروف حمزة ، وكان من الثقات
المتقنين.
ذكره الذهبي ت ٧٤٨
هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن ، كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن
علماء القراءات.
تلقى « أبو بكر
الأدمي » القرآن عن خيرة العلماء منهم : سليمان بن يحيى الضبيّ ، وهو من أجل
أصحابه ، ومحمد بن عمر بن سليمان ، وعثمان بن سعيد ، وغيرهم كثير.
تصدر « أبو بكر
الأدمي » لتعليم القرآن ببغداد في جامع المدينة مدة طويلة ، فتتلمذ عليه الكثيرون
منهم : محمد بن عبد الله بن أشتة ، وعبد الله بن الصقر ومحمد ابن أحمد الشنبوذي ،
وأبو بكر الشطوي ، ومحمد بن أحمد بن عبد الرحمن وعبد الواحد بن أبي هاشم سماعا ،
وعبد الله بن الحسن ، وغيرهم كثير .
وكما اشتغل « أبو
بكر الأدمي » بحفظ القرآن وتعليمه اشتغل أيضا بالسنة النبوية وروايتها ، فسمع
الحديث من : محمد بن اسماعيل الحساني ، والحسن بن عرفة ، والسّري بن عاصم ، وفضل
بن سهل الأعرج ، وأبي يوسف القلويّ ، وغيرهم
__________________
وقد روى الحديث عن
أبي بكر الأدمي عدد كثير ، في مقدمتهم : الدار قطني ، ويوسف بن عمر القواس. يقول
الخطيب البغدادي : حدثني عبيد الله بن أبي الفتح حدثنا أبو الحسن الدار قطني حدثنا
أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي الشيخ!
توفي « أبو بكر
الأدمي » يوم الأربعاء لعشرين بقين من شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثلاثمائة من
الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٤٠
« أبو بكر الأذفوي » ت ٣٨٨ هـ
هو : محمد بن علي
بن أحمد بن محمد أبو بكر الأذفوي المصري ، وأذفو بضم الهمزة ، وسكون الذال المعجمة
وفاء ، مدينة حسنة بالقرب من أسوان ، يقول « ابن الجزري » قد رأيتها. ولد « أبو بكر
الأذفوي » سنة أربع وثلاثمائة من الهجرة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو بكر
الأذفوي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « ابن الجزري » : أخذ القراءة
عرضا عن « المظفر بن أحمد بن حمدان » ، وسمع الحروف من : أحمد بن إبراهيم بن جامع
، وسعيد بن السكن ، والعباس بن أحمد
كما أخذ « أبو بكر
» علوم العربية والحديث عن عدد من خيرة العلماء. وفي هذا يقول « القفطي » : وصحب
أبو بكر « الأذفوي » أبا جعفر النحاس المصري ، وأخذ عنه وأكثر. وروى كل تصانيفه ،
وأخذ عن غيره من أهل العلم
__________________
والقرآن ، والحديث
والعربية ، وكان سيد أهل عصره في مصره وغير مصره ، وقرأ على الاجلاء واعتاد على
مجالسة الرؤساء والفضلاء
تصدر « أبو بكر
الأذفوي » لتعليم القرآن الكريم وحروفه واشتهر بالثقة والضبط وحسن الإتقان وأقبل
عليه الطلاب يأخذون عنه ، وفي هذا يقول « ابن الجزري » : « روى عن أبي بكر الأذفوي
القراءة « محمد بن الحسين بن النعمان ، والحسن بن سليمان ، وعبد الجبار بن أحمد
الطرسوسي ، وابنه أبو القاسم أحمد بن أبي بكر الأذفوي ، وعتبة بن عبد الملك وأبو
الفضل الخزاعي » .
ومع أن « أبا بكر
الأذفوي » كان من العلماء الأجلاء ومن الذين تصدوا لتعليم القرآن والتصنيف في
علومه إلا أنه مع ذلك كان خشابا يتجر في الخشب ولعله كان يتمثل بحديث النبي صلىاللهعليهوسلم حيث قال في الحديث الذي رواه المقداد بن معديكرب رضياللهعنه حيث قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : « ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ، وإن
نبيّ الله داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده » .
لم تقتصر جهود «
أبي بكر الأذفوي » على التعليم والتجارة بل تصدى للتصنيف وترك للمكتبة الإسلامية
ثروة قيمة من مصنفاته ، في مقدمة ذلك كتابه « الاستغناء » في تفسير القرآن الذي
بلغ مائة وعشرين مجلدا ، وقد جمع فيه من العلوم ما لم يجتمع في غيره قال عنه «
الذهبي » : منه نسخة بمصر بوقف القاضي الفاضل عبد الرحيم علي البيساني على مدرسته
بالقاهرة .
من هذا يتبين أن «
أبا بكر الأذفوي » بلغ منزلة رفيعة في العلم ، ومكانة سامية في خدمة القرآن الكريم
وعلومه. وفي هذا المعنى يقول « الإمام أبو عمرو
__________________
الداني » : انفرد
« أبو بكر الأذفوي » بالإمامة في وقته في قراءة « نافع » إمام أهل المدينة. مع سعة
علمه وبراعة فهمه وصدق لهجته وتمكنه من علم العربية وبصره بالمعاني ، روى عنه
القراءة جماعة من الأكابر .
وقال « الحافظ الذهبي
» : « برع أبو بكر الأذفوي » في علوم القرآن ، وكان سيد أهل عصره بمصره ، له كتاب
التفسير في مائة وعشرين مجلدا موجود بالقاهرة . وقال « القفطي »
: كان « أبو بكر » صالحا يرتزق من معيشته وكان خشابا. وصحب أبا جعفر النحاس المصري
وأخذ عنه وأكثر ، وكان سيد أهل عصره في مصره وغير مصره . وقال « الإمام ابن الجزري » : « أبو بكر الأذفوي » أستاذ نحوي مقرئ مفسر ثقة
. وقال « العلامة السيوطي » : كان أبو بكر من أهل الدين
والصلاح والأدب والعلم ، صنف كتاب « الاستغناء » في التفسير . هكذا تجد خيرة العلماء يتفقون على علمه وتقواه وتوثيقه.
وهناك ملاحظة
علمية مهمة ذكرها « الذهبي » حيث قال : « وقد غلط « ابن سوار » فأسند قراءة « ورش
» عن شيخه العثماني عن الأذفوي عن أحمد ابن عبد الله بن هلال. كذا قال. فأسقط
بينهما رجلا وهو : المظفر بن أحمد عن ابن هلال » .
توفي « أبو بكر
الأذفوي » بمصر يوم الخميس لسبع خلون من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة
بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٤١
« أبو بكر الأصبهاني » ت ٢٩٦ هـ
هو : محمد بن عبد
الرحيم بن إبراهيم بن شبيب بن يزيد أبو بكر الأصبهاني ، الأسدي شيخ القراء في
زمانه.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى « أبو
بكر الأصبهاني » القراءة عن خيرة علماء عصره وفي مقدمتهم : « أبو الربيع سليمان بن
أخي الرشديني ». قال « عبد الواحد بن أبي هاشم » : حدثنا « محمد بن أحمد الدقاق »
، حدثنا « محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني » قال : قرأت القرآن على « أبي الربيع ابن
أخي الرشديني » وختمت عليه إحدى وثلاثين ختمة ، وقلت له : الى من تسند قراءتك؟ قال
: الى « ورش » .
كما قرأ «
الأصبهاني » على « مواس بن سهل » والحسن بن الجنيد ، والفضل ابن يعقوب الحمراوي »
بمصر. وقال « الأصبهاني » دخلت « مصر » ومعي ثمانون ألفا فأنفقتها على ثمانين ختمة
ا هـ .
وقد اشتهر «
الأصبهاني » بالقراءة وعظم شأنه مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا المعنى يقول «
أبو عمرو الداني » ت ٤٤٤ هـ : الأصبهاني إمام عصره في رواية ورش لم ينازعه في ذلك
أحد من نظرائه . ولا زالت قراءة « الأصبهاني » عن
__________________
« ورش » يتلقاها
المسلمون بالقبول حتى الآن وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد الله رب العالمين.
كما حدث «
الأصبهاني » عن « عثمان بن أبي شيبة ، وداود بن رشيد ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ،
وعبد الله بن عمر مشكدانه » وغيرهم
توفي « الأصبهاني
» ببغداد سنة ست وتسعين ومائتين من الهجرة. رحمهالله تعالى رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٤٢
« أبو بكر بن الإمام » ت ٣٥٥ هـ
هو : أحمد بن
العباس بن عبيد الله ، أبو بكر البغدادي ، المعروف بابن الإمام ، نزيل خراسان إمام
واستاذ ماهر.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
شغف « ابن الإمام
» بالترحال الى كثير من المدن لتلقّي العلم والأخذ عن العلماء ، وفي هذا يقول «
الخطيب البغدادي » : « ورد « ابن الإمام » خراسان سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ، ثم
إنه خرج من « نيسابور » ودخل « مرو » و « بخارى ». ثم انصرف الى نيسابور سنة
اثنتين وأربعين وثلاثمائة ثم خرج الى « جرجان » ومنها الى « الريّ ». فبلغني أنه
توفي في الريّ » ا هـ .
أخذ « ابن الإمام
» القراءة عن خيرة العلماء ، منهم : والده ، وأحمد بن سهل الأشناني ، وأبو بكر بن
مجاهد ، ومحمد بن إبراهيم الأهناسيّ ، وعلي بن محمد بن فارس . كما أخذ « ابن الإمام » حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء ، منهم : أبو القاسم البغوي ، وجعفر بن
محمد الفريابي ، وعبد الله ابن محمد بن ناجية .
__________________
تصدر « ابن الإمام
» لتعليم القرآن ، فتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : أبو عبد الله الحاكم الحافظ
والقاضي أبو بكر الحيري ، وعلي بن جعفر السعيدي ، وأبو نصر أحمد بن علي بن
السمناني وغيرهم .
اشتهر « ابن
الإمام » بالقراءات وصحة الضبط وجودة الاتقان. وفي هذا يقول تلميذه « أبو عبد الله
الحاكم » : « كان أبو بكر أحمد العباس بن الإمام البغدادي » أوحد عصره في أداء
الحروف في القراءات ومن المتقدمين ببغداد من أصحاب أبي بكر بن مجاهد » ا هـ .
توفي « ابن الإمام
» بالريّ في صفر من سنة خمس وخمسين وثلاثمائة من الهجرة. رحم الله « ابن الإمام »
رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٤٣
« أبو بكر بن الأنباري » ت ٣٢٨ هـ
هو : محمد بن
القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن ، أبو بكر بن الأنباري البغدادي الإمام الكبير
والأستاذ الشهير.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « ابن
الأنباري » في يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين من
الهجرة ، ونشأ في بيت علم ومعرفة ، لأن والده رحمهالله تعالى كان من العلماء بالقرآن الكريم ، كما كان أديبا
لغويا مصنفا.
تلقى « أبو بكر بن
الأنباري » القرآن الكريم على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : والده القاسم بن
محمد ، واسماعيل بن إسحاق القاضي ، والحسن بن الحباب ، وأحمد بن سهل الأشناني ،
وسليمان بن يحيى الضبيّ ، وعبيد الله بن
__________________
عبد الرحمن الواقدي
، ومحمد بن هارون التمار ، وأحمد بن فرح وغيرهم كثير .
وقد تصدر « أبو
بكر بن الأنباري » للتدريس وتعليم القرآن ولغة العرب في حياة والده وكان يملي في
ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى. وقد تتلمذ على « أبي بكر بن الأنباري » عدد
كثير ، أذكر منهم ما يلي : عبد الواحد بن أبي هاشم ، وأبا الفتح بن بدهن ، وأحمد
ابن نصر ، وعبد الله بن الحسين السامري والحسين بن خالويه ، وصالح بن ادريس ، وأبا
علي اسماعيل القالي ، والدار قطني ، وعبد العزيز بن عبد الله الشعيري ، وغير هؤلاء
كثير .
كما أن « أبا بكر
الأنباري » أخذ حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة علماء عصره ، فسمع : اسماعيل بن اسحاق القاضي ،
وأحمد بن الهيثم بن خالد البزاز ، ومحمد بن يونس ، وأبا العباس ثعلب ، ومحمد بن
النضر وغيرهم من هذه الطبقة.
وكما اشتهر « ابن
الأنباري » بتعليم القرآن اشتهر أيضا برواية حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم.
وقد روى عنه
الحديث عدد كثير منهم : أبو عمر بن حيوية ، وأبو الحسين بن البواب ، وأبو الحسن
الدار قطني ، وأبو الفضل بن المأمون واحمد بن محمد بن الجراح ، ومحمد بن عبد الله
، وغيرهم كثير .
وقد وهب الله
تعالى « أبا بكر بن الأنباري » حافظة قوية ، وذاكرة فذة نادرة ، وقد ذكر ذلك غير
واحد من الذين أرخوا له. يقول الخطيب البغدادي :
__________________
ت ٤٦٣ هـ. حدثني
علي بن أبي علي البصري عن أبيه قال : أخبرني غير واحد ممن شاهد « أبا بكر محمد بن
القاسم الأنباري » أنه كان يملي من حفظه لا من كتاب ، وان عادته في كل ما كتب عنه
من العلم كانت هكذا. ما أملى قط من دفتر. ثم قال : وسمعت حمزة بن محمد بن طاهر
الدقاق يقول : « كان أبو بكر بن الأنباري يملي كتبه المصنفة ومجالسه المشتملة على
الحديث والأخبار والتفاسير ، والأشعار ، كل ذلك من حفظه .
ومن الأدلة على
قوة حفظه ما يلي : قال « أبو علي القالي » : « كان « ابن الأنباري » يحفظ ثلاثمائة
ألف بيت شاهدا في القرآن . وقال « محمد بن جعفر التميمي » : ما رأينا أحفظ من « ابن
الأنباري » ولا أغزر من علمه. حدثوني عنه أنه قال : أحفظ ثلاثة عشر صندوقا ». قال
« التميمي » : وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله. ثم يقول : وحدثت أنه كان يحفظ مائة
وعشرين تفسيرا بأسانيدها. وقيل : إن « ابن الأنباري » أملى كتاب « غريب الحديث »
في خمسة وأربعين ألف ورقة ا هـ .
وحكى « جعفر بن
معاذ » أنه كان عند « أبي بكر بن الأنباري » في الجامع فسأله إنسان عن معنى آية
فقال : فيها عشرة أوجه ، فقال : هات ما حضر منها. فقال كلها حاضرة ا هـ . وذكر « القفطي » أن « أبا بكر بن الأنباري » مرض يوما مرضا شديدا فانزعج
أبوه عليه انزعاجا شديدا ، فلامه الناس على ذلك ، فقال : كيف لا أجزع لعلة من يحفظ
جميع ما ترون ، وأشار لهم الى « حيرى » مملوءة كتبا . والحيرى : شبه الحظيرة.
__________________
وكان « أبو بكر
الأنباري » أمينا في كل شىء ، وبخاصة في علمه ، فكان إذا أخطأ لا تمنعه مكانته
العلمية عن أن يرجع عن خطئه ، ويقول لتلاميذه : إني أخطأت ، والصواب كذا. وحول هذا
المعنى يحكي أبو الحسن الدار قطني أحد تلاميذه : أنه حضره في مجلس أملاه يوم جمعة.
فصحف اسما أورده في إسناد حديث ـ إما كان حيّان أو حبّان فقال : ( حبان ) ، قال
الدار قطني : فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته وهم ، وهبته أن أقفه على ذلك
، فلما انقضى الإملاء تقدمت الى المستملي وذكرت له وهمه ، وعرفته صواب القول فيه
وانصرفت ، ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه. فقال « أبو بكر بن الأنباري » للمستملي :
عرف جماعة الحاضرين أن صحفنا الاسم الفلاني لما أملينا حديث كذا في الجمعة الماضية
، ونبهنا ذلك الشاب على الصواب وهو كذا ، وعرف ذلك الشاب أنا رجعنا الى الأصل
فوجدناه كما قال ا هـ. وهكذا يجب أن تكون أمانة العلماء وصدق الأساتذة مع
تلاميذهم.
يقول « ابن النديم
» ت ٣٨٥ هـ : أخذ « أبو بكر الأنباري » النحو عن « ثعلب » وكان أفضل من أبيه وأعلم
، كان في نهاية الذكاء والفطنة ، وجودة القريحة ، وسرعة الحفظ ، وكان مع ذلك ورعا
من الصالحين ، لا تعرف له زلة ، وكان يضرب به المثل في حضور البديهة وسرعة الجواب
، وكان أكثر ما يمليه من غير دفتر ولا كتاب ا هـ . وقال عنه « الإمام الداني » ت ٤٤٤ هـ : « أبو بكر ابن الأنباري » إمام في
صناعته مع براعته في فهمه وسعة علمه ، وصدق لهجته ا هـ .
ومن صفات « ابن
الأنباري » أنه كان من الزهاد ، لأنه أعطى كل وقته للعلم طلبا ودراسة وتعليما
وتدوينا ، ومن الأدلة على زهده ما رواه القفطي
__________________
ت ٦٢٤ هـ حيث قال
: « مضى ابن الأنباري يوما في النخّاسين ورأى جارية تعرض حسنة كاملة الوصف. قال «
ابن الأنباري » فوقعت في قلبي ومضيت الى دار أمير المؤمنين « الراضي بالله ». فقال
لي : اين كنت الى الساعة؟ فعرفته ، فأمر بعض أصحابه فمضى فاشتراها وحملها الى
منزلي فجئت فوجدتها فعلمت الأمر كيف جرى ، فقلت لها كوني فوق الى أن أستبرئك وكنت
أطلب مسألة من العلم قد اختلت عليّ فاشتغل قلبي بالجارية فقلت للخادم : خذها وامض
بها الى النخاس فليس قدرها أن تشغل قلبي عن علمي فبلغ « الراضي بالله » أمره فقال
: لا ينبغي أن يكون العلم في قلب أحد أحلى منه في صدر هذا الرجل » .
وقد احتل « أبو
بكر بن الأنباري » مكانة عظيمة بين العلماء وعامة الناس مما جعل العلماء يثنون
عليه ويوثقونه ، حول هذا المعنى يقول « الخطيب ، البغدادي » : « كان « ابن
الأنباري » من أعلم الناس بالنحو والأدب ، وأكثرهم حفظا ، وكان صدوقا فاضلا خيرا ،
دينا من أهل السنة ، وصنف كتبا كثيرة في علوم القرآن وغريب الحديث ، والمشكل ،
والوقف والابتداء ، والرد على من خالف مصحف العامة » ا هـ .
وقد ترك « ابن
الأنباري » ثروة علمية كبيرة في فنون متعددة انتفع بها المسلمون من بعده ، من هذه
المصنفات : كتاب « الوقف والابتداء » ، وهذا الكتاب يعتبر من أقدم الكتب التي صنفت
في هذا العلم ومن أوسعها وأجمعها. وقد تم طبعه ولله الحمد. وفي الحديث عن قيمة هذا
الكتاب العلمية يقول الإمام الداني : « سمعت بعض أصحابنا يقول عن شيخ له إن ابن
الأنباري لما صنف كتابه في الوقف والابتداء جيء به الى « ابن مجاهد » فنظر فيه
وقال : لقد كان
__________________
في نفسي أن أعمل
في هذا المعنى كتابا ، وما ترك هذا الشاب لمصنف ما يصنف » ا هـ .
وعن مصنفات « ابن
الأنباري » وأهميتها وقيمتها العلمية يقول القفطي : نقلا عن « محمد بن جعفر » :
مات « ابن الأنباري » فلم نجد من تصنيفه إلا شيئا يسيرا ، وذلك أنه كان يملي من حفظه
، وقد أملى كتاب « غريب الحديث » قيل إنه خمسة وأربعون ألف ورقة ، وكتاب شرح
الكافي وهو نحو ألف ورقة ، وكتاب الهاءات وهو نحو ألف ورقة وكتاب الأضداد وما رأيت
أكبر منه. وكتاب الجاهليات سبعمائة ورقة. وكتاب المذكر والمؤنث ما عمل أحد أتم منه
، ورسالة المشكل ردا على ابن قتيبة ، وأبي حاتم ونقضا لقولهما ، وكتاب الزاهر في
النحو ، وكتاب المقصور والممدود. وكتاب الموضح في النحو. وكتاب نقض مسائل ابن
شنبوذ ، وكتاب اللامات ، وكتاب شرح المفضليات ، وكتاب السبع الطوال وعمل عدة أشعار
ودواوين من أشعار العرب .
ومن الأدلة على
فهم « ابن الأنباري » لكتاب الله تعالى ، وكيف يكون الوقف عند تمام الكلام ما رواه
أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله النحوي المؤدب حيث قال : حدثني أبي قال : سمعت «
أبا بكر بن الأنباري » يقول : دخلت « المارستان » بباب المحول ، فسمعت صوت رجل في
بعض البيوت يقرأ : ( أَوَلَمْ يَرَوْا
كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) . فقال : أي « ابن الأنباري » أنا لا أقف إلا على قوله تعالى : ( كَيْفَ
يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ) فأقف على ما عرفه القوم وأقروا به ، لأنهم لم يكونوا يقرون
بإعادة الخلق ، وأبتدي بقوله : ( ثُمَّ
__________________
يُعِيدُهُ
) فيكون خبرا. وأما ما قرأه « ابن شنبوذ » الأحمق إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وإن
تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم ، فخطأ ، لأن
الله قد قطع لهم العذاب في قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ لا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) .
أقول : وقراءة «
ابن شنبوذ » هذه قراءة شاذة ، والقراءة الصحيحة والمتواترة : ( وَإِنْ
تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ).
توفي أبو بكر بن
الأنباري وهو دون الخمسين سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ببغداد ودفن في داره. رحم
الله « أبا بكر بن الأنباري » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء ، إنه سميع
مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٤٤
« أبو بكر الباهلي »
هو : محمد بن أحمد
بن علي أبو بكر الباهلي البصري النجار الصناديقي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو بكر
الباهلي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : القاسم بن زكريا المطرز ، وأبو
بكر الداجوني ، وأبو بكر النقاش ، وعمر بن محمد الكاغدي وأبو سلمة عبد الرحمن بن
اسحاق الكوفي ، ومحمد بن الربيع بن سليمان الخبزي.
تصدر « أبو بكر
الباهلي » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة. وأقبل عليه حفاظ القرآن
يأخذون عنه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة « أبو علي الأهوازي » ونسبه وكناه ،
وقال : إنه قرأ عليه في مسجده بالبصرة في بني لقيط سنة خمس وثمانين وثلاثمائة .
ولم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة أبي بكر الباهلي ، وقال « الحافظ الذهبي » : كان حيا في سنة خمس
وثمانين وثلاثمائة. رحم الله « أبا بكر الباهلي » رحمة واسعة. وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٤٥
« أبو بكر التمّار »
هو : محمد بن
هارون بن نافع بن قريش بن سلامة أبو بكر البغدادي المعروف بالتمار ، مقرئ البصرة ،
وضابط مشهور.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو بكر
التمار » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « رويس » « محمد بن المتوكل »
قال الداني : وهو من أجل أصحاب رويس وأضبطهم. وقال « ابن الجلندا » : قرأت على «
التمار » وأخبرني أنه قرأ على « رويس » أربعا وعشرين ختمة ، وثلاثا وعشرين ختمة
أخرى متقطعا ، وأقرأت في مسجده بعد موته سنتين ا هـ . و « رويس » شيخ التمار من القراء المشهورين ، ولا زالت قراءته يتلقاها
المسلمون حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ « أبو
بكر التمار » القراءة أيضا عن « وردان بن إبراهيم الأثرم ، وبكير بن إبراهيم ،
وسعيد بن أوس » وآخرين .
وقد تصدر « أبو
بكر التمار » لتعليم القرآن الكريم ، فتتلمذ عليه الكثيرون. وفي هذا يقول « ابن
الجزري » : روى القراءة عن « أبي بكر التمار » عرضا وسماعا : « أحمد بن محمد
اليقطيني ، وأبو بكر النقاش ، وأبو بكر بن الأنباري ، وعبد الواحد بن عمرو ، وعبد
الله بن الحسن بن سليمان النخّاس ، وأبو الفرج
__________________
الشنبوذي ، وأبو
الفرج محمد بن إبراهيم النحوي ، وأحمد بن محمد بن مقسم » وغيرهم كثير .
توفي « أبو بكر
التمّار » بعد سنة عشر وثلاثمائة من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن
الكريم. رحم الله « أبا بكر التمّار » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٤٦
« أبو بكر الدّاجوني » ت ٣٢٤ هـ
هو : محمد بن أحمد
بن عمر بن أحمد بن سليمان الضرير ، الداجوني الكبير. و « داجون » قرية من قرى «
الرملة » بفلسطين ، وتعرف اليوم « ببيت دجن ».
ولد « أبو بكر
الداجوني » سنة مائتين وثلاث وسبعين من الهجرة.
وكان « الداجوني »
من المحبين للقرآن الكريم فرحل في سبيل ذلك الى الكثير من علماء هذا الفنّ وأخذ
عنهم القراءات. وفي هذا يقول « ابن الجزري » : أخذ « أبو بكر الداجوني » القراءة
عرضا وسماعا عن « الأخفش بن هارون ، ومحمد بن موسى الصوري ، وموسى بن جرير ، وعبد
الله بن جبير ، وعبد الرزاق بن الحسن ، والعباس بن الفضل بن شاذان ، وأحمد بن
عثمان بن شبيب ، وإسحاق الخزاعي ، وأحمد بن محمد بن عبد الله البيساني » وغيرهم
كثير .
وبعد أن تعلم «
أبو بكر الداجوني » القراءات القرآنية ، تصدر لتحفيظ القرآن وتعليم حروفه ورواياته
، فتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : أبو بكر بن مجاهد ، وعبد الله بن محمد القبّاب
الأصبهاني ، وزيد بن أبي بلال الكوفي ، والعباس بن محمد الداجوني الصغير ، وأحمد
العجلي ، شيخ أبي علي الأهوازي ، وعبد الله بن محمد بن فورك. وسمع منه الحروف «
أحمد بن محمد النحاس ، والحسن بن رشيق » .
__________________
وقد اشتهر
الداجوني وذاع صيته ، وأثنى عليه الكثيرون. يقول عنه « الداني » : أبو بكر
الداجوني إمام مشهور ، ثقة ، مأمون ، حافظ ، ضابط ، رحل الى العراق ، والى « الريّ
» بعد سنة ثلاثمائة.
وقد ذكره « الذهبي
» ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن ، كما ذكره « ابن الجزري » ت
٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات. وقد صنّف « الداجوني » كتابا في القراءات استفاد منه
المسلمون.
توفي « أبو بكر
الداجوني » في رجب سنة ثلاثمائة وأربع وعشرين من الهجرة عن إحدى وخمسين سنة. رحم
الله « الداجوني » رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
رقم الترجمة / ٤٧
« أبو بكر الرّازي » ت ٣١٢ هـ
هو : أحمد بن محمد
بن عثمان بن شبيب ، نزيل مصر ، مقرئ مشهور بالضبط والاتقان. وكان حجة في قراءة
القرآن الكريم.
تلقى « أبو بكر
الرازي » القرآن على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « أحمد ابن أبي شريح ،
والفضل بن شاذان ، وموسى بن هارون ، صاحب البزّي ، والحسن بن علي بن حماد الرازي ».
وقد تصدر « أبو
بكر الرازي » إلى تعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم : « أبو الفرج
الشنبوذي ، وأحمد بن محمد العجلي ، وأحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس ، والحسن بن
رشيق ، وسمع منه الحروف « أبو بكر الداجوني » وقد كان « الداجوني » يروي القراءة
عن « أبي بكر الرازي » عرضا وسماعا توفي « أبو بكر
الرازي » بمصر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم
ورواياته. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٤٨
« أبو بكر الزينبي » ت ٣١٨ هـ
هو : محمد بن موسى
بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن
عباس بن عبد المطلب ، وأبو بكر الزينبي الهاشمي البغدادي. قال الأهوازي : وسمّي
الزينبي لأن جدته كانت « زينب بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس ». وهو مقرئ
محقق ضابط لقراءة المكيين.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو بكر
الزينبي » القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم : أبو ربيعة ، وسعدان بن كثير ،
ومحمد بن شريح العلاف ، واسحاق بن محمد الخزاعي ، والحسن بن محمد الحداد ، وآخرون.
تصدر « أبو بكر
الزينبي » لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : أحمد ابن عبد العزيز بن
بدهن ، وعلي بن محمد بن خشنام ، وأحمد بن عبد الرحمن بن الفضل وغيرهم كثير
توفي أبو بكر
الزينبي سنة ثمان عشرة وثلاثمائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٤٩
« أبو بكر بن سيف » ت ٣٠٧ هـ
هو : عبد الله بن
مالك بن عبد الله بن يوسف بن سيف أبو بكر ، التجيبي المصري. أخذ « أبو بكر بن سيف
» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو يعقوب الأزرق » صاحب « ورش » ولا
زالت قراءة « الازرق » يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها
وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
كما حدث « أبو بكر
بن سيف » عن « محمد بن رمح » صاحب « الليث ابن سعد ». قال « ابن الجزري » : وكان «
أبو بكر بن سيف » شيخ الديار المصرية في زمانه ، وعمّر زمانا ، وانتهت إليه
الإمامة في قراءة « ورش » ا هـ .
وقد أخذ القراءة
عن « أبي بكر بن سيف » عدد كثير منهم : « إبراهيم بن محمد بن مروان ، وأحمد بن
محمد بن اسماعيل النحوي ، وسعيد بن جابر الأندلسي ومحمد بن إبراهيم بن خيرون ،
وابن الفرج ، أبو عدي عبد العزيز بن علي بن الإمام ، وآخرون وقد حدث عنه « ابن يونس » كما ذكر « ابن العماد »
توفي « أبو بكر بن
سيف » يوم الجمعة في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثمائة بمصر ، رحمهالله واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٥٠
« بكر بن شاذان » ت ٤٠٥ هـ
هو : بكر بن شاذان
بن عبد الله أبو القاسم البغدادي الحربي ، ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ
ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو بكر بن
شاذان » القرآن عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : زيد بن أبي بلال ، وأبو بكر محمد
بن علي بن الهيثم بن علون ، ومحمد بن عبد الله بن مرة النقاش. وأحمد بن بشر الشارب
، وبكار بن أحمد بن بكار
كما أخذ « بكر بن
شاذان » حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء وحدث عنهم. وفي هذا يقول « الخطيب
البغدادي » : سمع « بكر بن شاذان » جعفر الخالدي. وعبد الباقي بن قانع ، وأبا بكر
الشافعي ، وغيرهم ، ثم يقول : حدثنا عنه الازهري وأبو محمد الخلال ، وعبد العزيز
بن علي الازجي ثم يقول : وكان عبدا صالحا ثقة أمينا ا هـ .
تصدر « بكر بن
شاذان » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة ، وأقبل
__________________
عليه حفاظ للقرآن
يأخذون عنه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : أبو علي الحسن ابن أبي الفضل الشرمقاني
، والحسن بن محمد المالكي ، والحسن بن علي العطار ، والحسن بن القاسم غلام الهراسي
، وأبو الحسن الخياط ، وأبو الفضل بن عبد الرحمن الرازي .
اشتهر « بكر بن
شاذان » بالأخلاق الفاضلة ، والصفح والعلم ، والعفو عن عثرات الإخوان عملا بقوله
تعالى : ( وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ
وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ
عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ويقول الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم في الحديث الذي رواه « عبادة بن الصامت » رضياللهعنه حيث قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ألا أدلك على ما يرفع الله به الدرجات ، قالوا : نعم يا
رسول الله ، قال : تحلم على من جهل عليك ، وتعفو عمن ظلمك ، وتعطي من حرمك ، وتصل من
قطعك .
والدليل على تخلق
« بكر بن شاذان » بهذه الأخلاق الفاضلة ما رواه « الخطيب البغدادي » حيث قال :
حدثني الحسن بن غالب المقرئ أن بكر ابن شاذان وأبا الفضل التميمي جرى بينهما كلام.
فبدت من « أبي الفضل » كلمة ثقلت على « بكر » ، وانصرف ، ثم ندم « التميمي » فقصد
« أبا بكر بن يوسف » وقال له : قد كلمت « بكر بن شاذان » بشيء جفا عليه ، وندمت
على ذلك ، وأريد أن تجمع بيني وبينه فقال له « ابن يوسف » : سوف نخرج لصلاة العصر
، فخرج « بكر » وجاء الى « ابن يوسف » والتميمي عنده ، فقال له التميمي : أسألك
بالله أن تجعلني في حل ، فقال : « بكر » سبحان الله ما فارقتك
__________________
حتى أحللتك وانصرف
، فقال التميمي : قال لي والدي : يا عبد الواحد احذر من أن تخاصم من إذا نمت كان
منتبها ا هـ .
وقال « ابن الجزري
» ت ٨٣٣ هـ : « بكر بن شاذان » الواعظ شيخ ماهر ثقة مشهور صالح زاهد
توفي « بكر بن
شاذان » يوم السبت التاسع من شوال سنة خمس وأربعمائة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٥١
« أبو بكر بن الشارب » ت ٣٧٠ هـ
هو : أحمد بن محمد
بن بشر بن علي بن محمد بن جعفر المعروف بابن الشارب ، أبو بكر الخراساني المؤدّب ،
نزيل بغداد ، شيخ جليل ثقة ثبت.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن ، كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو بكر بن
الشارب » القراءة عن محمد بن موسى الزينبي ، وأبي بكر محمد بن يونس وابن مجاهد ،
وأبي مزاحم الخاقاني وغيرهم.
وقرأ على « أبي
بكر بن الشارب » ، « بكر بن شاذان ، والخزاعي ، والكارزيني ، وعلي بن أحمد بن عمر
الحمامي » ، وغيرهم كثير.
توفي « أبو بكر بن
الشارب » سنة سبعين وثلاثمائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٥٢
« أبو بكر الشذائي » ت ٣٧٣ هـ
هو : أحمد بن نصر
بن منصور بن عبد الحميد بن عبد المنعم أبو بكر الشذائي البصري إمام مشهور.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو بكر
الشذائي » القراءة عن عدد كبير من خيرة العلماء. وفي مقدمتهم : عمر بن محمد بن نصر
الكاغذي ، والحسن بن بشار بن العلاف ، وابن مجاهد ، وابن الأخرم ومحمد بن جعفر
الحربي ، وابن شنبوذ ، ونفطويه ، ومحمد بن أحمد الداجوني الكبير ، وأبو مزاحم موسى
الخاقاني ، واسحاق بن أحمد النحوي ، ومحمد بن موسى الزينبي وغيرهم كثير .
تصدر « أبو بكر
الشذائي » إلى تعليم القرآن واشتهر بالثقة ، وصحة الضبط والاتقان وذاع صيته بين
المسلمين وأقبل عليه طلاب العلم وتتلمذ عليه الكثيرون. وفي مقدمة من أخذ عن « أبي
بكر الشذائي » للقراءة ، « أبو الفضل الخزاعي ، وأحمد بن عثمان بن جعفر المؤدب ،
والحسن بن علي الشاموخي ، وأبو عمرو بن سعيد البصري ، ومحمد بن القاسم التكريتي ،
ومحمد بن الحسين الكارزيني ، وعلي بن جعفر السعيدي » وغير هؤلاء كثير .
توفي « أبو بكر
الشذائي » بالبصرة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٥٣
« أبو بكر الطرازي » ت ٣٨٥ هـ
هو : محمد بن محمد
بن أحمد بن عثمان أبو بكر الطرازي البغدادي ، نزيل نيسابور مقرئ محقق.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن ، كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « الطرازي »
القراءة القرآنية عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر بن مجاهد ، وأحمد بن
محمد بن إبراهيم بن أبي قتادة ، وابن شنبوذ ، وجعفر بن محمد السرنديبي ، وأبو بكر
الزيتوني ، وعلي بن سعيد بن ذؤابة » .
كما أخذ « أبو بكر
الطرازي » حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء وفي هذا يقول : « الخطيب البغدادي » :
سكن « أبو بكر الطرازي » « نيسابور ، وحدث بها عن : أبي القاسم البغوي ، وأبي بكر
بن أبي داود ، وأبي سعيد العدوي ، ويحيى بن محمد بن صاعد ، وأبي بكر بن دريد وأحمد
ابن موسى بن مجاهد ، وعبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري » ثم يقول « البغدادي »
: « وكان فيما بلغني يظهر التقشف وحسن المذهب ، إلا أنه روى مناكير وأباطيل وفي
هذا يقول « الخطيب البغدادي » حدثنا عنه ابنه علي ، وأبو عبيد محمد بن أبي نصر
النيسابوري وغيرهما ، حدثنا أبو الحسن علي بن أبي بكر الطرازي بنيسابور حدثنا أبي
، وأنبأنا أبو عبيد محمد بن أبي نصر ببغداد ، أنبأنا
__________________
أبو بكر محمد بن محمد
بن أحمد بن عثمان الطرازي ، حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا ، حدثنا خراش بن
عبد الله الطحان ، حدثنا أنس بن مالك رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم « النظر إلى الوجه الحسن يجلو البصر ، والنظر إلى الوجه
القبيح يورث الكلح » ا هـ.
يقول « البغدادي »
: وهذا الحديث لم يروه « أبو سعيد العدوي » عن خراش عن أنس ، وإنما رواه بإسناد
آخر ، ثم يقول « البغدادي » : وكان أبو بكر الطرازي يحدث كثيرا
من حفظه ، ومن ذلك الحديث التالي. قال : وحدثنا خراش بن عبد الله حدثنا « أنس بن
مالك » قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما حسن الله خلق امرئ ولا خلقه فأطعمه النار. ثم يقول «
البغدادي » : وجميع نسخة « أبي سعيد العدوي » التي رواها عن خراش أربعة عشر حديثا
، وليس فيها شيء من هذه الأحاديث ا هـ .
تصدر « أبو بكر
الطرازي » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وفي مقدمتهم : نصر بن
أبي نصر الحداد ، ومنصور بن أحمد العراقي وآخرون .
أحتل « أبو بكر
الطرازي » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه وفي هذا يقول « الحافظ
الذهبي » : الطرازي نزيل نيسابور مقرئ ضابط ، صالح على السند . وقال الإمام « ابن الجزري » : كان « أبو بكر الطرازي » مقرئا محققا .
توفي « أبو بكر
الطرازي » سنة خمس وثمانية وثلاثمائة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٥٤
« أبو بكر العجلي » ت ٣٥٥ هـ
هو : أحمد بن عبد
الرحمن بن الفضل بن الحسن بن البحتري أبو بكر العجلي المروزي ثم البغدادي الدقاق
المعروف بالوليّ.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن ، كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو بكر
العجلي » القرآن الكريم وسنة الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء ، فمن الذين أخذ عنهم القراءة وحروف
القرآن : والده ، ومحمد بن يونس الزينبي ، وابن مجاهد ، وأحمد بن الحسن السمسار ،
وأحمد بن دبيس ، والحسن بن علي بن بشار ، ومحمد بن عبيد القاضي ، وأحمد بن سهل
الأشناني ، والحسن بن الحباب ، والقاسم بن محمد بن بشار وآخرون. وسمع كتاب الوقف
والابتداء من أبي بكر بن الأنباري .
ومن الذين أخذ
عنهم حديث النبي صلىاللهعليهوسلم : « الحسن بن علي ابن الوليد الفارسي ، وأحمد بن يحيى
الحلواني ومحمد بن نصر الصائغ ، ومحمد بن الليث الجوهري ، وعبد الله بن محمد ابن
ناجية ، وأبو علي أحمد بن الحسن المقرئ ، وقاسم بن محمد الأنباري ، وأبو عيسى بن
قطن السمسار » .
تصدر « أبو بكر
العجليّ » لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ،
__________________
فأقبل عليه الطلاب
وتتلمذ عليه الكثيرون ، فمن الذين أخذوا عنه القراءة وحروف القرآن : « علي بن عبيد
الله بن جناح ، وإبراهيم بن أحمد الطبري ، وأبو الحسن بن الحمامي » وغير هؤلاء
ومن الذين أخذوا
عنه سنة الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم : « عبيد الله بن محمد الكاتب ، وعلي بن أحمد الرزاز ،
وآخرون .
اشتهر « أبو بكر
العجلي » بالثقة ودقة الضبط وصحة الرواية مما استوجب الثناء عليه وفي هذا المعنى
يقول الخطيب البغدادي : « كان أبو بكر العجلي من الثقات » ا هـ . وقال الحافظ « الذهبي » : « كان أبو بكر العجلي من كبار المقرئين ومن ثقاتهم
» ا هـ .
توفي « أبو بكر
العجلي » ببغداد في رجب سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن
وسنة النبي عليه الصلاة والسّلام. رحم الله « أبا بكر العجلي » رحمة واسعة ، إنه
سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٥٥
« أبو بكر بن عيّاش » ت ١٩٣ هـ
شيخ الإسلام ،
الإمام ، الحجة ، القارئ ، المحدث ، الثقة. وقد اختلف المؤرخون في اسمه على عدة
أقوال أشهرها أن اسمه : « شعبة » بن سالم الأسدي مولاهم الكوفي ، مولى واصل
الأحدب.
ولد « شعبة » رحمهالله تعالى سنة خمس وتسعين من الهجرة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
يقول « أبو بكر »
عن نفسه : قرأت القرآن وجوّدته ثلاث مرات على « عاصم ابن أبي النجود » ا هـ . وقال « يحيى بن آدم » : قال لي « أبو بكر » تعلمت من « عاصم » « القرآن »
كما يتعلم الصبيّ من المعلم ، فلقي منّي شدّة ، فما أحسن غير قراءته ، وهذا الذي
أخبرتك به من القرآن إنما تعلمته من عاصم تعلّما ا هـ . ومما تجدر الإشارة إليه أن « أبا بكر بن عياش » أحد الرواة عن « عاصم »
المشهورين. ولا زالت رواية « أبي بكر » يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن
، وقد تلقيتها وقرأت بها ، والحمد لله رب العالمين.
ويقول « الذهبي »
ت ٧٤٨ هـ : عرض « أبو بكر » القرآن أيضا فيما بلغنا على « عطاء بن السائب ، وأسلم
المنقري » .
وروى « يحيى بن
آدم » عن « أبي بكر » قال : تعلمت من « عاصم »
__________________
خمسا خمسا ، ولم
أتعلم من غيره ، ولا قرأت على غيره ، واختلفت إليه نحوا من ثلاث سنين في الحرّ ،
والشتاء ، والأمطار ا هـ. وقال « عبيد بن يعيش » سمعت « أبا بكر » يقول : ما رأيت
أقرأ من « عاصم » ، فقرأت عليه ، وما رأيت أفقه من « مغيرة » فلزمته ا هـ .
ولقد تعلق قلب «
أبي بكر » تعلقا عظيما منقطع النظير بالقرآن حتى كان لا يفتر لسانه عن قراءته ،
والروايات ، التالية توضح ذلك.
يقول الذهبي : روى
من وجوه متعددة أن « أبا بكر » مكث نحوا من أربعين سنة يختم القرآن في كل يوم
وليلة مرة . وقال « جعفر الخلدي » حدثنا « ابن مسروق » حدثنا « يحيى
الجماني » قال : « لما حضرت « أبا بكر بن عياش » الوفاة بكت أخته ، فقال لها : ما
يبكيك انظري إلى تلك الزاوية قد ختمت فيها ثمان عشرة ألف ختمة » ا هـ يقول « الذهبي » : وقد حدث « أبو بكر بن عياش » عن « عاصم » وأبي إسحاق
السبيعي وعبد الملك بن عمير ، وإسماعيل السدي ، وحصين بن عبد الرحمن ، وآخرين .
وقد تلقى « القرآن
» على « أبي بكر بن عياش » عدد كثير منهم : « أبو الحسن الكسائي ، ويحيى العكيمي ،
وأبو يوسف الأعمش ، وعبد الحميد بن حبان وعروة بن محمد الأسدي ، ويحيى بن آدم ،
وآخرون.
كما حدّث عن « أبي
بكر بن عياش » : ابن المبارك ، والكسائي ، ووكيع ، وأبو داود ، وأحمد بن حنبل ،
وإسحاق بن راهويه ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وأبو
__________________
كريب ، والحسن بن
عرفة ، وهنّاد بن السرّي ، وخلق كثير .
ولقد كان « لأبي
بكر بن عياش » المكانة السامية المرموقة بين العلماء ، فكان حجة منقطع النظير ،
مما استوجب ثناء العلماء عليه ، والروايات التالية توضح ذلك :
قال « الحافظ
يعقوب بن شيبة » : « كان « أبو بكر » معروفا بالصلاح البارع ، وكان له فقه ، وعلم
بالأخبار » ا هـ وقال « يحيى بن معين » : كان أبو بكر بن عياش ثقة ، وقال
غير واحد من العلماء : كان ، رحمهالله ، صدوقا .
كما كان عليه رحمة
الله تعالى من المتمسكين بسنة النبي عليه الصلاة والسلام وفي هذا المعنى يقول «
ابن المبارك » : ما رأيت أحدا أسرع إلى السنة من « أبي بكر بن عياش » ا هـ .
وكما اشتهر « أبو
بكر بن عياش » بتعليم القرآن ، وتلاوته له ، اشتهر أيضا بالزهد والورع ، ومن أدلة
ذلك ما يلي :
قال « يحيى بن
سعيد » : زاملت « أبا بكر بن عياش » إلى « مكة » فما رأيت أورع منه ، لقد أهدى له
رجل رطبا ، فبلغه أنه من بستان أخذ من « خالد ابن سلمة المخزومي » فأتي آل خالد ،
فاستحلّهم ، وتصدق بثمنه وقال « يحيى ابن معين » : « لم يفرش « لأبي بكر بن عياش »
فراش خمسين سنة وكان
__________________
« أبو بكر بن عياش
» رحمهالله تعالى من الذين ينطقون الحكمة ، فمن ذلك قوله : « أدنى نفع
السكوت السلامة ، وكفى بها عافية ، وأدنى ضرر المنطق الشهرة ، وكفى بها بلية » . وقال « أبو هاشم الرفاعي » : سمعت « أبا بكر » يقول : « الخلق أربعة : معذور
، ومخبور ، ومجبور ، ومثبور ، فالمعذور : البهائم والمخبور : ابن آدم ، والمجبور :
الملائكة ، والمثبور الجنّ » ا هـ .
توفي « أبو بكر بن
عياش » سنة ثلاث وتسعين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتلاوة القرآن وتعليمه. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٥٦
« أبو بكر بن مجاهد » ت ٣٢٤ هـ
هو : أحمد بن موسى
بن العباس بن مجاهد التميمي الحافظ الأستاذ البغدادي ، شيخ الصنعة وشيخ القراء في
عصره ، والمقدم منهم على جميع أهل زمانه.
نشأ « أبو بكر بن
مجاهد » منذ نعومة أظافره على حفظ القرآن ، وأكبّ إكبابا منقطع النظير على قراءات
القرآن ، وتفسيره ، واعرابه ، وروايات حروفه وطرقه ، تساعده في ذلك حافظة واعية لا
يرتسم فيها شيء الا يثبت وكأنما يحفر فيها حفرا ، كما كان يساعده ذكاء نافذ ومعرفة
واعية بالرواية والقراء.
وقد مضى يختلف إلى
شيوخ القراءات في عصره حتى أخذ عنهم جميعا ، وكأنما تحولت حافظته سجلاّ ضخما بجميع
القراءات بطرقها ورواياتها الكثيرة. ومن أهم شيوخه « عبد الرحمن بن عبدوس » الثقة
الضابط المحرر ، تلميذ « أبي عمر الدوري » إذ يقول « ابن مجاهد » : قرأت على « ابن
عبدوس » قراءة نافع من أول القرآن إلى خاتمته نحوا من عشرين ختمة.
ويذكر « ابن مجاهد
» في مستهل حديثه عن « ابن كثير » وأسانيده لقراءته أنه قرأ بها على « قنبل » شيخ
القراء بمكة المكرمة سنة مائتين وثمانية وسبعين للهجرة ، مما يدل على أنه رحل
لسماع القراءات إلى أمصارها في مكة المكرمة ،
__________________
والمدينة المنورة
، والكوفة والبصرة ، ودمشق. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على شدّة تعلق « ابن
مجاهد » بجمع الروايات ، وحفظ الطرق والقراءات.
ومن يتتبع شيوخ «
ابن مجاهد » يجدهم بلغوا العشرات وكلهم من خيرة علماء علم القراءات وحسبي أن أشير
هنا إلى بعض هؤلاء : منهم : محمد بن إسحاق أبو ربيعة ، ومحمد بن يحيى الكسائي
الصغير ، وأحمد بن يحيى ثعلب ، وموسى بن إسحاق الأنصاري ، وأحمد بن فرح ، وإدريس
بن عبد الكريم ، والحسن بن العباس بن أبي مهران ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ،
وعبد الله بن أبي داود ، وغير هؤلاء كثير .
وبعد أن تلقى «
ابن مجاهد » جميع قراءات القرآن الكريم جلس للإقراء وتعليم المسلمين حروف القرآن
الكريم. وفي هذا المعنى يقول عنه « ابن الجزري » : وبعد صيت « ابن مجاهد » واشتهر
أمره ، وفاق نظراءه مع الدين والحفظ والخير ، ولا أعلم أحدا من شيوخ القراءات أكثر
تلاميذ منه ، ولا بلغنا ازدحام الطلبة على أحد كازدحامهم عليه ، حكى « ابن الأخرم
» : أنه وصل إلى « بغداد » فرأى في حلقة « ابن مجاهد » نحوا من ثلاثمائة مصدّر . وقال « علي بن عمر » المقرئ : كان « ابن مجاهد » له في حلقته أربعة وثمانون
خليفة يأخذون على الناس .
من هذا يتبين أن
الذين تلقوا القرآن على « ابن مجاهد » وأخذوا عنه حروف القراءات عدد كثير أذكر
منهم ما يلي : « إبراهيم بن أحمد الخطّاب ، والحسن بن أحمد بن عبد الغفّار الفارسي
، والحسن بن سعيد المطوعي ، والحسين بن خالويه
__________________
النحوي ، والحسين
بن محمد بن حبشي ، وزيد بن علي ، وعبد السلام بن بكّار ، وعبد الله بن الحسين أبو
أحمد السامري ، وغير هؤلاء كثير . ويقول « الذهبي » : آخر من روى السبعة لابن مجاهد « أبو
اليمن الكندي » تفرد بعلوّ رواية الكتاب ، عن « ابن توبة » عن « الصريفيني » عن «
أبي حفص الكتّاني عنه » ا هـ . كما أكبّ « ابن مجاهد » على دراسة الحديث النبوي الشريف ،
وحدث عن عدد كبير من علماء الحديث منهم : « عبد الله بن أيوب المخزومي ، ومحمد بن
عبد الله الزهيري ، وزيد بن إسماعيل الصائغ ، وسعدان بن نصر ، وأحمد ابن منصور
الرمادي ، ومحمد بن إسحاق الصاغاني ، ومحمد بن سعد العوفي ، وعباس الدوري ، وأبو
رفاعة العدوي » ، وغيرهم كثير .
ولم يقتصر « ابن
مجاهد » على تعليم القرآن وحروفه ، بل تصدّر أيضا لرواية الحديث النبوي الشريف.
ومن الذين رووا عنه : « أبو طاهر بن أبي هاشم ، وأحمد بن عيسى ، وأبو بكر الجعابي
، وأبو القاسم بن النخاس ، وأبو الحسين بن البوّاب ، وأبو بكر بن شاذان ، وطلحة بن
محمد بن جعفر ، وأبو الحسن الدار قطني ، وأبو حفص بن شاهين » وآخرون . بلغ « ابن مجاهد » القمّة في المجد وبعد الصيت ، واحتل مكانة سامية مما
استوجب ثناء العلماء عليه ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : كان « ابن مجاهد »
ثقة ، مأمونا ، كتب إليّ « أبو طاهر محمد بن الحسين المعدّل » من الكوفة ، عن «
أحمد بن يحيى » النحوي ، قال : في سنة ست وثمانين ومائتين ، ما بقي في عصرنا هذا
أحد أعلم بكتاب الله من « أبي بكر بن مجاهد » ا هـ . وقال « أبو عمرو الداني » : فاق « ابن مجاهد »
__________________
في عصره ، سائر
نظرائه من أهل صناعته ، مع اتساع علمه ، وبراعة فهمه ، وصدق لهجته ، وظهور نسكه .
توفي « ابن مجاهد
» بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام يوم الاربعاء في
شعبان سنة أربع وعشرين وثلاثمائة من الهجرة. ودفن في مقبرة له بباب البستان في
الجانب الشرقي ببغداد ، وصلّى عليه « الحسن بن عبد الله الهاشمي ». رحم الله « ابن
مجاهد » رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٥٧
« أبو بكر المعافري »
هو : محمد بن عبد
الله أبو بكر المعافري المصري ، مقرئ مجود معروف قيم برواية ورش.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن.كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ
ضمن علماء القراءات.
أخذ « المعافري »
القراءة عرضا عن أبي بكر محمد بن القباب ، وأبي العباس أحمد بن محمد بن القباب.
تصدر المعافري
لتعليم القرآن. وقد روى عنه القراءة عرضا ، خلف بن إبراهيم ابن خاقان ، وسعيد بن
عبد العزيز الثغري.
توفي المعافري
بمصر سنة بضع وخمسين وثلاثمائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٥٨
« أبو بكر بن مقسم » ت ٣٥٤ هـ
هو : محمد بن
الحسن بن يعقوب بن الحسن بن الحسين بن محمد أبو بكر البغدادي العطار المقرئ النحوي
المفسر.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « ابن مقسم »
سنة خمس وستين ومائتين من الهجرة ، وعمر كثيرا حيث توفي عن تسع وثمانين سنة.
أخذ « ابن مقسم »
القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « ابن إدريس ابن عبد الكريم ، وداود بن
سليمان ، وحاتم بن اسحاق ، وأبو العباس المعدل والعباس بن الفضل الرازي ، وأحمد بن
فرح المفسر ، وعبد الله بن محمد بن بكار ، ومضر بن محمد ، وعلي بن الحسين الفارسي
وآخرون .
كما أخذ « ابن
مقسم » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن عدد من
__________________
العلماء : فقد سمع
أبا السّري موسى بن الحسن ، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة ، وموسى بن اسحاق الأنصاري
، وأبا العباس ثعلب ، والحسن القطان ، ومحمد بن الليث الجوهري ، وإدريس بن عبد
الكريم الحداد ، وآخرين .
تصدر « ابن مقسم »
لتعليم القرآن زمنا طويلا ، فتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : « ابنه أحمد ،
وأبو بكر بن مهران ، وعلي بن عمر الحمامي ، والفرج بن محمد التكريتي ، والحسن بن
محمد الفحام ، وإبراهيم بن أحمد الطبري ، وعمر بن إبراهيم الكتاني ، وعلي بن محمد
العلاف ، وأبو الفرج الشنبوذي ، وغير هؤلاء
كان « ابن مقسم »
من الثقات ، فقد وثّقه الخطيب البغدادي ، والحافظ شمس الدين محمد بن علي الداوديّ
، صاحب « طبقات المفسرين » حيث قال : « وكان « ابن مقسم » ثقة ومن أعرف الناس
بالقراءات ، وأحفظهم لنحو الكوفيين ولم يكن فيه عيب إلا أنه قرأ بحروف تخالف
الإجماع ، واستخرج لها وجوها من اللغة والمعني » ا هـ .
كما أثنى عليه
العلامة « أبو عمرو الداني » حيث قال : « ابن مقسم » مشهور بالضبط والإتقان ، عالم
بالعربية ، حافظ للغة ، حسن التصنيف في علوم القرآن ، وكان قد سلك مذهب « ابن
شنبوذ » الذي أنكر عليه ، فحمل الناس عليه لذلك .
كما أثنى عليه «
ابن العماد الحنبلي » صاحب كتاب « شذرات الذهب » حيث قال : « تصدر « ابن مقسم »
للإقراء دهرا ، وكان علامة في نحو
__________________
الكوفيين ، سمع من
ثعلب أماليه ، وصنف عدة تصانيف ، وله قراءة معروفة منكرة خالف فيها الإجماع » .
اشتهر « ابن مقسم
» بالعلم ، وقد صنف عدة مصنفات منها : كتاب الأنوار في تفسير القرآن ، والمدخل الى
علم الشعر ، والاحتجاج في القراءات ، وكتاب في النحو ، وكتاب الوقف والابتداء في
القرآن ، وكتاب المصاحف ، وعدد التمام ، ومجالسات ثعلب ومفرداته ، والرد على
المعتزلة ، والانتصار لقرّاء الأمصار ، واللطائف في جمع هجاء المصاحف ، وغير ذلك .
ومع أن « ابن مقسم
» كان من العلماء ومن المؤلفين إلا أنه وقع فيما وقع فيه « ابن شنبوذ » حيث أجاز
القراءة بما يتفق رسم المصحف والعربية ، دون الاعتداد بصحة السند ، وفي هذا يقول :
ابن الجزري : وله اختيار في القراءات رويناه في كتاب الكامل وغيره ، رواه عنه أبو
الفرج الشنبوذي ، ويذكر أنه كان يقول : إن كل قراءة وافقت رسم المصحف ووجها في
العربية فالقراءة بها جائزة ، وإن لم يكن لها سند ا هـ .
وقد ذكر المؤرخون
خروج « ابن مقسم » على إجماع العلماء حيث أجاز القراءة بغير المتواتر والمشهور من
حروف القرآن ، حيث قال جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي وقد ذكر حاله :
أبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ صاحب أبي بكر بن مجاهد في كتابه الذي سماه « كتاب
البيان » فقال : وقد نبغ نابغ في عصرنا هذا ، فزعم أن كل من صح عنده وجه في
العربية لحرف من القرآن يوافق خط المصحف فقراءته جائزة في الصلاة وغيرها. وابتدع
بقيله ذلك بدعة ضل بها عن
__________________
قصد السبيل ،
وأورط نفسه في مزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله وحاول إلحاق كتاب الله من
الباطل ما لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه إذ جعل لأهل الإلحاد في دين الله
بسيّئ رأيه طريقا إلى مغالطة أهل الحق بتخير القراءات من جهة البحث ، واستخرج
بالآراء دون الاعتصام والتمسك بالأثر المفترض. وقد كان « أبو بكر بن مجاهد » شيخنا
نسله من بدعته المضلة باستتابته منها وأشهد عليه الحكام والشهود بعد أن سئل
البرهان علي صحة ما ذهب إليه فلم يأت بطائل ولم تكن له حجة قوية ولا ضعيفة ،
فاستوهب « أبو بكر بن مجاهد » تأديبه من السلطان عند توبته وإظهاره الاقلاع عن
بدعته المضلة ، فالله سبحانه وتعالى قد أعلمنا أنه حافظ كتابه من الزائغين بقوله :
( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا
لَهُ لَحافِظُونَ ) .
توفي « أبو بكر بن
مقسم » يوم الخميس لثمان خلون من شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وثلاثمائة. رحمهالله وغفر له إنه غفور رحيم.
__________________
رقم الترجمة / ٥٩
« أبو بكر النقاش » ت ٣٥١ هـ
هو : محمد بن
الحسن بن محمد بن زياد بن هارون بن جعفر بن مسند أبو بكر النقاش الموصلي الأصل ثم
البغدادي.
ولد « أبو بكر
النقاش » بالموصل سنة ست وستين ومائتين من الهجرة ، وعني بالقراءات القرآنية من
صغره.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
شغف « أبو بكر
النقاش » منذ نعومة أظفاره بالقراءات القرآنية وفي سبيل ذلك وصل الى كثير من المدن
والأمصار يأخذ عن شيوخها ويتلقى عن علمائها وفي هذا يقول الإمام « ابن الجزري » :
طاف « أبو بكر النقاش » الأمصار وتجول في البلدان وكتب الحديث وقيد السنن ، وصنف
المصنفات في القراءات ، والتفسير ، وغير ذلك. وطالت أيامه ، فانفرد بالإمامة في
صناعته مع ظهور نسكه ، وورعه ، وصدق لهجته ، وبراعة فهمه ، وحسن اطلاعه ، واتساع
معرفته ا هـ .
__________________
وقال « الخطيب
البغدادي » : كان أبو بكر النقاش عالما بحروف القرآن حافظا للتفسير ، وله تصانيف
في القراءات وغيرها من العلوم ، وكان قد سافر الى الكثير من المدن شرقا وغربا ،
وكتب بالكوفة ، والبصرة ، ومكة ، ومصر ، والشام ، والجزيرة ، والموصل ، والجبال ،
وبلاد خراسان وما وراء النهر. ا هـ .
ويجمع المؤرخون
على أن شيوخ « أبي بكر النقاش » بلغوا عددا كبيرا فمن الذين أخذ عنهم القراءات :
أبو ربيعة ، وأبو علي الحسين بن محمد الحداد المكي ، ومحمد بن عمران الدينوري ،
ومدين بن شعيب البصري ، وأبو أيوب الضبي ، واسماعيل بن عبد الله النحاس ، وادريس
بن عبد الكريم ، وأحمد بن فرح ، وهارون الأخفش ، وعبيد الله بن بكار ، وغيرهم كثير
.
ومن الذين أخذ
عنهم الحديث : اسحاق بن سفيان الختليّ ، وإبراهيم بن زهير الحلواني ، ومحمد بن عبد
الله بن سليمان الحضرمي ، ومحمد بن علي بن زيد الصائغ المكي ، وأحمد بن محمد بن
رشد بن المصري ، والحسين بن ادريس الهرويّ ، وغيرهم كثير .
تصدر « أبو بكر
النقاش » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وذاع
صيته ، وأقبل عليه طلاب العلم من كل فج عميق ، يأخذون عنه وينهلون من علمه ويقرءون
مصنفاته.
ومن الذين أخذوا
عنه القراءة القرآنية ، محمد بن عبد الله بن أشتة ، محمد بن أحمد الشنبوذي ،
والحسن بن محمد الفحام ، والحافظ أبو الحسن الدار قطني ، والفرج ابن محمد القاضي ،
وعبد الله بن عبد الصمد الوراق ، وإبراهيم بن أحمد الطبري ،
__________________
واحمد بن عبد الله
بن الحسين البزاز ، ومحمد بن الحسن بن الفضل القطان وغيرهم كثير .
ومن الذين رووا
عنه سنة الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم : أبو بكر بن مجاهد ، وجعفر بن محمد ، وأبو الحسن الدار
قطني ، وأبو حفص بن شاهين ، ومحمد ابن الحسين بن الفضل ، ومحمد بن أبي الفوارس ،
وأبو الحسن بن الحمامي المقرئ ، وجماعة آخرون .
وكان « أبو بكر
النقاش » من المشهود لهم بالثقة ، وفي هذا يقول الإمام « الداني » ت ٤٤٤ هـ :
النقاش جائز القول ، مقبول الشهادة ، سمعت عبد العزيز بن جعفر يقول : كان النقاش
يقصد في قراءة « ابن كثير ، وابن عامر » لعلو إسناده فيهما ، وكان له بيت مليء
كتبا ، وكان أبو الحسن الدار قطني يستملي له وينتقي للناس من حديثه ا هـ .
سمع « أبو بكر بن
مجاهد » الحروف من جماعة كثيرة ، وطاف الأمصار ، وتجول في البلدان وكتب الحديث ،
وقيد السنن ، وصنف المصنفات ، وطالت أيامه فانفرد بالإمامة في صناعته مع ظهور نسكه
وورعه وصدق لهجته وبراعة فهمه ، وحسن اطلاعه واتساع معرفته ا هـ .
ترك « أبو بكر
النقاش » ثروة علمية ضخمة حيث صنف في القراءات والتفسير وغير ذلك ، ومن مصنفاته :
كتاب التفسير في نحو اثني عشر ألف ورقة سماه « شفاء الصدور » أو « إشفاء الصدور »
وكتاب « الموضح في معاني
__________________
القرآن » ودلائل
النبوة ، والقراءات بعللها ، وكتاب العقل ، وكتاب المناسك ، وكتاب أخبار القصاص ،
وكتاب ذم الحسد ، وكتاب أبواب في القرآن ، وكتاب إرم ذات العماد ، وكتاب المعجم
الاوسط ، والمعجم الأصغر ، والمعجم الكبير في أسماء القراء وقراءاتهم ، وكتاب
السبعة بعللها الكبير ، وكتاب السبعة الاوسط ، وكتاب السبعة الأصغر ، وغيرها كثير .
ظل « أبو بكر
النقاش » يتلو كتاب الله تعالى حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وفارق الدنيا وفي هذا يقول
أبو الحسن بن الفضل القطاني : حضرت أبا بكر النقاش وهو يجود بنفسه في ثالث شوال
سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ، فجعل يحرك شفتيه ثم نادى بعلو صوته : ( لمثل هذا
فليعمل العاملون ) يرددها ثلاثا ثم خرجت نفسه رحمهالله تعالى ا هـ . رحم الله أبا
بكر النقاش رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٦٠
« ابن أبي بلال » ت ٣٥٨ هـ
هو : زيد بن علي
بن أحمد بن محمد بن عمران بن أبي بلال أبو القاسم العجلي الكوفي شيخ العراق.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قرأ « ابن أبي
بلال » على عدد كبير من علماء القرآن ، وفي مقدمتهم : أحمد بن فرح ، وعبد الله بن
عبد الجبار ، والحسن بن العباس ، وعبد الله بن جعفر السّواف ، ومحمد بن أحمد
الداجوني ، وأبو بكر بن مجاهد ، وأبو علي الحسن النقار ، وأحمد بن إبراهيم
القصباني ، ومحمد بن يونس النحوي ، وأبو مزاحم الخاقاني ، وعبد الله بن القاسم
الخياط وحماد بن أحمد وغيرهم كثير .
وبعد أن بدت مواهب
« ابن أبي بلال » جلس لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر وذاع
صيته وأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان يأخذون عنه ، ويقرءون عليه.
ومن الذين أخذوا
عن « ابن أبي بلال » القراءة القرآنية : « بكر بن شاذان ، وأبو الحسن الحمامي ،
وعبيد الله بن عمر المصاحفي ، والحسن بن محمد بن الفحام ، والحسن بن علي بن الصقر
، وعبد الباقي بن الحسن ، وعلي بن محمد بن
__________________
موسى الصابوني ،
وعلي بن محمد العلاف ، والحسن بن خشيش ، وأحمد بن الصقر وغير هؤلاء كثير .
يقول « الخطيب
البغدادي » : « نزل « ابن أبي بلال » بغداد وحدّث بها عن محمد بن عبد الله بن
سليمان الحضرمي ، وعلي بن العباس المقانعي ، وعبد الله ابن زيدان البجلي ، ومحمد
بن محمد بن عقبة الشيباني ، وعبد الله بن أسيد الأصبهاني.
ثم يقول الخطيب
البغدادي : وحدثنا عن « ابن أبي بلال » أبو الحسن بن زرقويه ، وعلي بن أحمد
الحمامي المقرئ ، وأبو نعيم الأصبهاني ، وكان صدوقا ا هـ .
ومن الأحاديث التي
حدث بها « ابن أبي بلال » الحديث التالي : قال البغدادي : أخبرنا « أبو نعيم »
حدثنا « أبو القاسم زيد بن علي بن أبي بلال المقرئ الكوفي ـ ببغداد ـ قال : حدثنا
عبد الله بن محمد بن الحسن بن أسيد الأصبهاني بالكوفة حدثنا « النضر بن هشام » قال
: حدثنا « مروان بن صبيح » قال : حدثنا « عبد العزيز بن صهيب » عن « أنس بن مالك »
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ثلاث من كن فيه فهي راجعة على صاحبها : البغي ، والمكر ،
والنكث ، ثم قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ
السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ ) وقرأ : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ ) وقرأ : ( فَمَنْ نَكَثَ
فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ) .
احتل « ابن أبي
بلال » مكانة سامية بين المسلمين وطلاب العلم واشتهر بين
__________________
الناس وذاع صيته ،
وعرف لدى الجميع بصدق الحديث. ودقة الضبط مما استوجب الثناء عليه. حول هذه المعاني
يقول « ابن الجزري » : « ابن أبي بلال » شيخ العراق إمام حاذق ثقة ا هـ .
توفي « ابن أبي
بلال » ببغداد في جمادى الاولى سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة
حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي صلىاللهعليهوسلم. رحم الله « ابن أبي بلال » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٦١
« ابن بنان » ت ٣٧٤ هـ
هو : عمر بن محمد
بن عبد الصمد بن الليث بن بنان أبو محمد البغدادي ، مقرئ زاهد عابد.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن بنان »
القراءة وحروف القرآن عن خيرة العلماء. وفي هذا يقول « الإمام ابن الجزري » : عرض
« ابن بنان » لابن كثير على الحسن بن الحباب وأبي ربيعة ، وللدوري على أحمد بن فرح
المفسر .
كما حدث « ابن
بنان » عن عدد من العلماء ، حول هذا المعنى يقول الخطيب البغدادي : « أبو محمد
المقرئ كان أحد عباد الله الصالحين ، وحدث عن جعفر ابن محمد بن العباس البزاز ،
والحسين بن محمد بن عفير ، وأبي القاسم البغوي ، ومحمد بن سليمان المالكي البصري ،
وإبراهيم بن حماد القاضي ، وأبي ذر بن الباغندي ».
ثم يقول الخطيب
البغدادي : حدثنا عنه بشرى بن عبد الله ، ومحمد بن عمر ابن بكير ، وعبد العزيز
الازجي ، وأبو محمد الجوهري.
__________________
ثم يقول : حدثني
عبد العزيز بن علي حدثنا أبو محمد عمر بن محمد بن عبد الصمد المقرئ ، ـ ببغداد ـ أخبرنا
أبو علي محمد بن سليمان بن علي بن أبي أيوب ـ بالبصرة ـ حدثنا محمد بن عبد الملك
بن أبي الشوارب حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من زرع زرعا أو غرس غرسا فأكل منه إنسان أو بهيمة فهو له
صدقة ا هـ .
تصدر « ابن بنان »
لتعليم القرآن واشتهر بالأمانة والصدق ، وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن ، ومن
الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : الحسين بن أحمد .
توفي « ابن بنان »
يوم السبت التاسع من رجب سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ودفن في مقبرة باب حرب بعد أن
قارب التسعين. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٦٢
« ابن بويان » ت ٣٤٤ هـ
هو : أحمد بن
عثمان بن محمد بن جعفر بن بويان الخراساني البغدادي الحربي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « ابن بويان »
سنة ستين ومائتين من الهجرة.
تلقى « ابن بويان
» القراءة على مشاهير العلماء ، وفي مقدمتهم : ادريس بن عبد الكريم ، وأحمد بن
الأشعث ، ومحمد بن أحمد بن واصل ، وأبو عيسى موسى بن إبراهيم الزينبي ، والحسن بن
العباس بن أبي مهران الجمال ، وغير هؤلاء.
تصدر « ابن بويان
» لتعليم القرآن الكريم ، وذاع صيته في الآفاق ، وأقبل عليه طلاب العلم يأخذون عنه
حروف القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون : إبراهيم بن أحمد الطبري ، وإبراهيم بن عمر
البغدادي ، وأحمد بن نصر الشذائي ، وطالب بن عثمان النحوي ، وعبيد الله بن محمد بن
أبي مسلم الفرضي ، وعلي بن عمر الدار قطني ، ومحمد بن الحسن الآدمي ، والحسن بن
محمد بن الحباب ، وأحمد بن الحسين بن مهران وغيرهم كثير .
كما أخذ « ابن
بويان » حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد
__________________
من علماء السنة
المطهرة. فقد سمع « محمد بن علي الوراق ، المعروف بحمدان ، وكان عنده عنه جزء واحد
من حسنه « علي بن أبي طالب » رضياللهعنه ، كما سمع من موسى بن هارون الحافظ وادريس بن عبد الكريم
الحداد.
كما تصدر « ابن
بويان » لرواية حديث النبي عليه الصلاة والسّلام. ومن الذين حدثوا عنه : أبو الحسن
بن رزقويه ، وأبو نصر أحمد بن محمد بن حسنود ، وابن المفضل القطان وأحمد بن عمر
الدلال .
اشتهر « ابن بويان
» بالحفظ ، والثقة وصحة الضبط ، وفي هذا يقول أبو عمرو الداني ت ٤٤٤ هـ : « كان «
ابن بويان » ثقة حافظا ضابطا مشهورا » .
توفي « ابن بويان
» سنة أربع وأربعين وثلاثمائة من الهجرة. بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي
عليه الصلاة والسّلام. رحم الله « ابن بويان » رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٦٣
« ابن جبير » ت ٢٥٨ هـ
هو : أحمد بن جبير
بن محمد بن جعفر بن أحمد بن جبير ، أبو بكر ، وقيل : أبو جعفر ، الكوفي نزيل
أنطاكية ، وكان أصله من خراسان ، ثم سافر إلى الحجاز ، والعراق ، والشام ، ومصر ،
ثم أقام بأنطاكية ، فنسب إليها ، وكان « ابن جبير » من أئمة القراء.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات ..
وكان « ابن جبير »
من المحبين لقراءة القرآن الكريم ، وقد تتلمذ منذ باكورة حياته على والده ، ثم بعد
ذلك أخذ القراءة على مشاهير علماء عصره : يقول « أبو عمرو الداني » : أخذ « أحمد
بن جبير » القراءة عرضا وسماعا عن : الكسائي وعن سليم ، وعبيد الله بن موسى ، وعبد
الوهاب بن عطاء ، وأبي يوسف الأعشى ، وحجاج بن محمد الأعور ، والحسين بن عيسى ،
وعمرو بن ميمون ، وغيرهم كثير .
كما سمع « ابن
جبير » بعض قراءة « عاصم » من « أبي بكر بن عيّاش » . يقول « الذهبي » : روى عبد الباقي بن فارس ، عن عبد الله بن عليّ ، عن
الحسين بن إبراهيم ، قال : « قرأت على » أحمد بن جبير الكوفي » ،
__________________
المعروف بالانطاكي
لطول مقامه بها ، وأخبرني أنه قرأ على « الكسائي » بالحروف التي عرضها على « أبي
بكر بن عياش »
وقال « أبو طاهر
بن أبي هاشم » : حدثنا « محمد بن يونس » حدثنا « أحمد ابن صدقة » حدثنا أحمد بن
جبير بأنطاكية ، قال : سمعت « أبا بكر بن عياش » وكنت أقول له فلان يقرأ عندنا كذا
وكذا ، فيقول : ... كان « عاصم » يقرأ كذا وكذا » ا هـ .
وقد تصدى « ابن
جبير » للاقراء فتتلمذ عليه عدد كثير منهم « عبد الله ابن صدقة ، ومحمد العباس بن
شعبة ، وشهاب بن طالب ، والفضل ابن زكريا ، والحسين بن إبراهيم بن أبي عجرم ،
وحمدان بن المغربل ، وغيرهم كثير .
وكان « ابن جبير »
إماما جليلا ثقة ضابطا ا هـ . وقال عنه « أحمد بن يعقوب التائب » : « أدركته وأنا ابن
عشرين سنة أو دونها وكان فصيحا عالما ، وكان إذا قرأ تخاله لفخامة صوته ، وجمهورية
صوته بدويّا » ا هـ .
توفي « أحمد بن
جبير » سنة ثمان وخمسين ومائتين يوم التروية ، ودفن يوم عرفة بعد الظهر بباب
الجنان. رحم الله « أحمد بن جبير » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٦٤
« جعفر بن الصبّاح » ت ٢٩٤ هـ
هو : جعفر بن عبد
الله بن الصباح بن نهشل أبو عبد الله ، الأنصاري الأصبهاني.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن الصباح
» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء منهم : « أبو عمر الدوري » ومحمد بن عيسى
الأصبهاني التميمي باختياره ، والربيع بن ثعلب ، وعبد الحميد بن بكّار وآخرون .
وقد تلقى القرآن
على « ابن الصباح » عدد كثير منهم : « محمد بن أحمد بن عبد الوهاب ، ومحمد بن أحمد
الكسائي ، وعليّ بن عبد العزيز » وغيرهم كثير .
كما أخذ « ابن
الصباح » أحاديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء ، فقد سمع من « إسماعيل بن موسى ابن بنت
السّدي ، وإبراهيم بن عبد الله الهروي » وجماعة .
كما حدث عن « ابن
الصبّاح » الكثيرون ، منهم : « أبو حمد العسّال ، وأبو القاسم الطبراني ، وآخرون .
توفي « ابن الصباح
» سنة أربع وتسعين ومائتين على خلاف. رحم الله « ابن الصباح » رحمة واسعة إنه سميع
مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٦٥
« أبو جعفر الطّبري » ت ٣١٠ هـ
هو : محمد بن جرير
بن يزيد أبو جعفر الطبري أحد الأعلام وصاحب التفسير والتاريخ والتصانيف.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن.كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ
ضمن علماء القراءات.
ولد « أبو جعفر
الطبري » « بآمد » عاصمة طبرستان سنة أربع وعشرين ومائتين من الهجرة.
لم يكد « أبو جعفر
الطبري » يبلغ السنّ التي تؤهله للتعليم حتى عهد به والده إلى علماء « بآمد »
وسرعان ما يتفتح عقله وتبدو عليه مخايل النبوغ وهو حدث.
وفي هذا يقول «
الطبري » عن نفسه : حفظت القرآن ولي سبع سنين ، وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين
وكتبت الحديث وأنا في التاسعة من عمري .
__________________
هذا الخبر إن دل
على شيء فإنما يدلّ على ذكائه ونبوغه ، لأنه من النادر أن يستطيع صبيّ في السابعة
من عمره أن يحفظ القرآن كله. ومن النادر أيضا أن يستطيع صبيّ في التاسعة من عمره
أن يكتب الحديث على الطريقة التي كان يسير عليها القدماء من الرواية والسند. وإذا
كان المسلمون ارتضوا أن يصلي بهم غلام في الثامنة من عمره فهذا دليل على ثقتهم فيه
، وتقديرهم له ، وإعجابهم به.
رحل « أبو جعفر
الطبري » في سبيل طلب العلم إلى : العراق ، والشام ، والحجاز ، ومصر ، ولقد كانت
مصر ثريّة بعلمائها الذين أخذ عنهم « الطبري ». فقد أخذ عن « يونس بن عبد الأعلى
الصدفي » قراءة « حمزة ، وورش ».
كما أخذ « الطبري
» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « سليمان بن عبد الرحمن بن حامد ،
والعباس بن الوليد بن مزيد ، كما روى حروف القراءات سماعا عن : « أبي كريب محمد بن
العلاء ، وأحمد بن يوسف التغلبي » وغير هؤلاء كثير .
كما أخذ حديث النبي
صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء منهم : « محمد بن عبد الملك بن أبي
الشوارب ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وأحمد بن منيع البغوي ، ومحمد بن حميد الرازي ،
وأبو كريب محمد بن العلاء ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، وأبو سعيد الأشجّ »
وغيرهم كثير .
وفي « مصر » أخذ
فقه الشافعي على « الربيع بن سليمان المرادي ، واسماعيل بن إبراهيم المزني ، ومحمد
بن عبد الله بن الحكم ».
وقد تصدر « أبو
جعفر الطبري » لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم :
__________________
« محمد بن أحمد
الداجوني ، وعبد الواحد بن عمر ، وعبد الله بن أحمد الفرغاني ، ومحمد بن محمد بن
فيروز الكرجي شيخ الأهوازي » ، وغيرهم كثير .
ومن الذين تتلمذوا
على « أبي جعفر الطبري » القاضي أبو بكر أحمد قاضي الكوفة ، وقد اشتهر بعلمه في
الفقه ، والقراءات ، والتفسير ، والأدب ، والتاريخ ، وله عدّة مؤلفات منها : كتاب
في السير ، وكتاب في غريب القرآن ، وكتاب في القراءات ، وكتاب في التاريخ ، وكتاب
المختصر في الفقه ، وغير ذلك. ومن تلاميذ « الطبري » « أبو الحسن أحمد بن يحيى بن
علم الدين ».
وهو صاحب كتاب «
المدخل إلى مذهب الطبري » ، وكتاب « الاجماع في الفقه على مذهب أبي جعفر الطبري ».
ومنهم « أبو الفرج المعافي بن زكريا النهرواني » القاضي المشهور. وله كتاب «
التحرير » في أصول الفقه ، وكتاب « الحدود والعقود » في أصول الفقه أيضا ، وكتاب «
القراءات » ، وغير ذلك. ومنهم : « علي بن عبد العزيز بن محمد الدولابي » مؤلف كتاب
القراءات ، وكتاب أصول الكلام ، وكتاب إثبات الرسالة. ومنهم : « أبو بكر محمد بن
أحمد ابن أبي الثلج الكاتب. وأبو القاسم بن المراد مؤلف كتاب الاستقصاء في الفقه
وأبو الحسن الدقيقي الحلواني ، صاحب كتاب الشروط ، وكتاب الرد على المخالفين.
وغير هؤلاء ممن
تتلمذوا على « أبي جعفر الطبري » فانتهجوا نهجه ، واصطبغوا بصبغته ، وصار الطابع
المميز لكل منهم أنه تخرج من مدرسة الطبري.
أما عن معالم
شخصية « الطبري » فقد كان طويل القامة ، نحيف الجسم ، أسمر اللون ، واسع العينين ،
كبير اللحية ، وهب حياته للعلم ، ولم يتزوج قط.
كما أن كتب
التاريخ تذكر « لأبي جعفر الطبري » عدة صفات أهمها ما
__________________
يلي : منها أنه
كان « ورعا » كما كان والده أيضا ورعا تقيا. وليس معنى هذا أنه ورث هذه الصفة عن
والده ، بل معناه أنه تأثر بأبيه ومحاكاته له.
ومن مظاهر ورعه
أنه كان مع اشتغاله بالتأليف والتدريس يحرص على قراءة قدر من القرآن الكريم ،
اعتاد أن يقرأه ، وكانت قراءته للقرآن تجمع بين الترتيل الجيّد الممثل للمعاني ،
وبين الخشوع المصور للجلال ، حتى لقد كان بعض سامعيه يقول إنه لم يكن يظن أن
إنسانا يحسن أن يقرأ هذه القراءة. ووصفه « عبد العزيز بن محمد الطبري » بأنه كان
مجوّدا في القراءة ، موصوفا بذلك ، يقصده القراء ليصلوا خلفه ، ويسمعوا قراءته
وتجويده .
قال « أبو علي
الطوماري » : كنت أحمل القنديل في شهر رمضان بين يدي « أبي بكر بن مجاهد » لصلاة
التراويح ، فخرج ليلة من ليالي العشر الأواخر من داره ، ومررنا على مسجده فاجتازه
ولم يدخله ، وسار حتى وقف على باب مسجد « الطبري » وكان « الطبري » يقرأ سورة «
الرحمن » فاستمع لقراءته طويلا ثم انصرف. فقلت له : يا أستاذ تركت الناس ينتظرونك
، وجئت تسمع قراءة « الطبري »؟ فقال : « يا أبا علي ، دع عنك ، ما ظننت أن الله
خلق بشرا يحسن أن يقرأ هذه القراءة » .
ومن الصفات التي
اتصف بها : « إباؤه » وعزّة نفسه ، فلم يستهن بكرامة نفسه مرة ، وقد لزمته هذه
الصفة طيلة حياته ، حتى كان يرفض الهدايا والمنح ، لأنه جرى على ألا يقبل هدية لا
يستطيع أن يكافئ بمثلها ، فإن كانت فوق طاقته ردّها ، واعتذر إلى مهديها. وكثيرا
ما رفض هدايا الوزراء ، والكبراء على تشوقهم إلى أن يقبلها.
__________________
ومن صفات « الطبري
» : جرأته في الحق. ولا غرابة في أن يكون « الطبري » شجاع القلب ، جريئا في إعلان
ما يعتقده حقّا ، لأنه قد استكمل الأسباب التي تسلحه بهذه الجرأة من علم واسع ،
وورع مشهور ، واستهانة بالدنيا ومظاهرها. لهذا كان ممن لا تأخذه في الله لومة
لائم.
وقد عرض عليه
القضاء فأبى أن يقبله ، وربما كان « ورعه » هو السبب في رفضه ولاية المظالم مخافة
أن يجور في حكم من أحكامه. ويذكر أن « الخاقاني » لما تقلد الوزارة أرسل الى «
الطبري » مالا كثيرا ، فأبى أن يقبله فعرض عليه القضاء فامتنع .
ومن صفات « الطبري
» التواضع : يعرف في كثير من العلماء سماحة النفس ، ودماثة الخلق ، ورقة المعاملة
، والتواضع الذي لا يمسّ كرامة المؤمن بل يعليها ، من هؤلاء العلماء « أبو جعفر
الطبري ».
فقد كان رحمهالله ورعا زاهدا في الدنيا ، راغبا عما بأيدي الناس ، وكان عظيم الأنفة والإباء ،
فاستغنى بذلك عن الزهو والخيلاء. ومن مظاهر تواضع « الطبري » أنه كان يعطف على
تلاميذه ، ويتواضع في معاملتهم حبّا لهم ، وثقتهم من حبّهم له.
ذكر « ابن كامل »
أن بعض تلاميذ « الطبري » آلمه في مجلس الأستاذ ، فانقطع « ابن كامل » عن المجلس
مدّة ، ثم قابله « الطبري » فجعل يعتذر له ، ويترضاه ، ويترفق به ، كأنه هو الذي
آذاه. فرضي « ابن كامل » وعاد إلى مجلس « الطبري »
ومن صفات « أبي
جعفر الطبري » مضاء عزيمته : أولع « الطبري » بحبه
__________________
للعلم منذ حداثته
إلى أن توفّاه الله تعالى. فقد وهب نفسه للعلم ، وأعطى العلم أعظم نصيب من وقته
ومن جهده. كانت عزيمته الماضية تتأبى على الفتور والكلال ، فتسلح بالصبر ،
والنشاط. بهذه العزيمة طوّف في كثير من الأقطار ، فسمع من كبار العلماء بطبرستان ،
والعراق ، والشام ، ومصر.
وبهذه العزيمة قرأ
كثيرا ، وحفظ كثيرا ، وألف كثيرا ، وكان يستهين بالجهد المضني ، ويستسهل الصعب
المجهد. وبهذه العزيمة كان يقرأ وهو شديد المرض ، فقد ذكر تلميذه « ابن كامل » أنه
زاره قبل المغرب وهو شديد العلة ، فرأى تحت مصلاّه « فردوس الحكمة » لعلي بن زين
الطبري .
وكانت عزيمته
القويّة ، تنشّطه إلى القراءة وهو في الخامسة والثمانين من عمره ، ولم يكن يقنع
بالقراءة في ذلك الوقت ، بل كان يتدبّر ما يقرأ ، ويتمعن فيه ، ويخطّ بقلمه في
كثير من المواضع .
وكانت ثمرات هذه
العزيمة أنه خلّف ثروة عظيمة من المؤلفات في كثير من العلوم المختلفة ، وهذا ما
سيتضح جليا بإذن الله تعالى أثناء الحديث عن مؤلفاته.
ومن صفات « أبي
جعفر الطبري » ظرفه : كان « أبو جعفر الطبري » مع كثرة اشتغاله بالعلم إلا أنه لم
يصرفه ذلك عن الدعابة ، ووجاهة السمت ، وأناقة المظهر ، والتنعم بما أحله الله
تعالى ، فقد كان ظريفا في ظاهره ، نظيفا في باطنه ، حسن العشرة لمجالسيه ، مهذبا
في جميع أحواله.
ومن صفات « الطبري
» تعدد ثقافته : وحقا أن منهوم العلم لا يشبع ، كما أن منهوم المال لا يقنع ، وأنى
لمنهوم العلم أن يشبع ، وهو يجد في كل لون من
__________________
ألوان المعرفة
كشفا عن جديد كان يجهله ، ولذّة مستحدثة لا تغني عنها لذّة سابقة؟
وقد عرفنا من حياة
« الطبري » أنه وهب نفسه للعلم ، وقصر عليه حياته ، وناط به حاضره ، ومستقبله.
ومن أهم ثقافة
الطبري : العلوم الدينية من قراءات ، وتفسير ، وحديث ، وفقه ، وأصول. وهذه هي
ثقافته الأصلية ، ومعظم مؤلفاته تدور في فلكها.
كان « الطبري »
شافعيا أولا ، ثم اجتهد وانفرد بمذهب مستقل ، وقد مكنه علمه الواسع بالمذاهب
المختلفة أن يؤلف كتابا : في « اختلاف الفقهاء » فيعرض آراءهم ، وأدلتهم ،
ويناقشها. وكان الحديث النبوي الواحد يحمله على طلبه في مظانه ، وفي هذا يقول «
الطبري » عن نفسه : جئت إلى « أبي حاتم السجستاني » وكان عنده حديث في القياس عن «
الأصمعي » عن « أبي زائدة » عن « الشعبي » فسألته عنه ، فحدثني به .
كان لأبي جعفر
الطبري المكانة السامية ، والمنزلة الرفيعة بين العلماء ، وغيرهم من خاصة الناس ،
وعامتهم ، مما استوجب الثناء عليه ، وهذا قبس مما ذكره المؤرخون عنه. قال « أبو
محمد عبد العزيز بن محمد الطبري » أحد تلاميذه : « كان أبو جعفر من الفضل والعلم
والذكاء والحفظ لأنه جمع من علوم الاسلام ما لا نعلمه اجتمع لأحد ، ولا ظهر من كتب
المصنفين ، وانتشر من كتب المؤلفين ما انتشر له ، وكان راجحا في علوم القرآن ،
والقراءات ، واختلاف الفقهاء مع الرواية كذلك » ا هـ . وقال « الخطيب البغدادي » : « كان « أبو جعفر الطبري » أحد أئمة العلماء
يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله ، وكان قد
__________________
جمع من العلوم ما
لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره ، وكان حافظا لكتاب الله ، عارفا بالقراءات ، بصيرا
بالمعاني ، فقيها في أحكام القرآن ، عالما بالسنن وطرقها ، وصحيحها وسقيمها ،
وناسخها ومنسوخها ، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم من المخالفين في
الأحكام ، ومسائل الحلال والحرام ، عارفا بأيام الناس وأخبارهم ، وله الكتاب
المشهور في تاريخ الأمم والملوك ، وكتاب في التفسير لم يصنف أحد مثله ، وله في
أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة ، واختيار من أقاويل الفقهاء » ا هـ .
وقال « ابن خلكان
» : « كان « أبو العباس بن سريج » يقول : « محمد ابن جرير الطبري » فقيه العالم » .
وقال « الحسن بن
علي الأهوازي المقرئ » : ألف « الطبري » في القراءات كتابا جليلا كبيرا رأيته في
ثمانية عشرة مجلدا بخطوط كبار ، ذكر فيه جميع القراءات من المشهور والشاذ ، وعلل
ذلك وشرحه ، واختار منها قراءة لم يخرج بها عن المشهور » ا هـ .
عاش « الطبري »
حياة كانت من بدايتها إلى نهايتها ستا وثمانين سنة قضاها منذ الصغر إلى نهاية
العمر بحثا عن العلوم والمعرفة.
ومما لا شك فيه أن
ثقافة « الطبري » كانت متنوعة ، وكان علمه غزيرا ، كل ذلك أهل « الطبري » ليترك
ثروة علمية عظيمة من المؤلفات والمصنفات.
في مقدمة مؤلفات «
الطبري » كتابه : « جامع البيان في تفسير القرآن ». قال عنه « السيوطي » : إنه جمع
فيه بين الرواية والدراية ولم يشاركه في ذلك أحد
__________________
قبله ، ولا بعده ا
هـ . وقال « الخطيب البغدادي » : إن كتابه في التفسير لم يصنف
أحد مثله ا هـ.
التزم « الطبري »
منهجا خاصا في تصنيف كتابه ، ويتميز هذا المنهج بعدة سمات ، أهمها ما يلي :
أولا : الاعتماد على المأثور :
ذلك أنه اعتمد على
التفسير بالمأثور مما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم ومما روى عن الصحابة والتابعين ، متتبعا طريق الاسناد
الدقيقة في سلاسل الروايات ، وبهذا اصطبغ تفسيره بأنه سجّل لما أثر من الروايات.
لكنه كان في أكثر تفسيره يلخص الفكرة العامة التي يستنبطها من هذه الروايات ،
ويصوغها بقوله ، ثم يعقب عليها بذكر الروايات التي قد تختلف في التفصيل والايجاز.
ثانيا : دقة الإسناد :
كان « الطبري »
أمينا في ذكر السند ، وفي تسجيل أسماء الرواة ، لأنه اتصل بكثير من العلماء ، وسمع
منهم ، فإذا كان قد سمع هو وغيره قال ، حدثنا ، وإذا كان قد سمع وحده ، قال :
حدثني.
ثالثا : الإكثار من الأحاديث النبوية.
رابعا : الإكثار من الاستشهاد بالقراءات القرآنية وتخريجها.
مثال ذلك قوله
تعالى : ( أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى
مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ
فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ ، وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) .
__________________
قال : اختلف
القراء في قراءة قوله تعالى : « أ فمن أسّس بنيانه » فقرأ بعض قرّاء أهل المدينة
وهو « نافع » ومعه « ابن عامر » الشامي ، بضم الهمزة ، وكسر العين على البناء
للمفعول ، و « بنيانه » بالرفع نائب فاعل.
وقرأت عامة قراء
الحجاز ، والعراق بفتح الهمزة والسين فيهما على البناء للفاعل ، والفاعل ضمير يعود
على « من » و « بنيانه » بالنصب مفعول به. ثم قال : وهما قراءتان متفقتان في
المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله تعالى : ( فَلَمَّا
بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي
أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى ) .
قال : اختلف
القراء في قراءة قوله تعالى : « ما ذا ترى » فقرأته عامة قراء أهل المدينة ،
والبصرة ، وبعض أهل الكوفة بفتح التاء ، والراء ، وألف بعدها ، بمعنى أيّ شيء
تأمر.
وقرأ عامة قراء
الكوفة : « ما ذا ترى » بضم التاء ، وكسر الراء ، وياء بعدها ، بمعنى ما ذا تشير
وما ذا ترى من صبرك.
ومن مؤلفات «
الطبري » تاريخ الأمم والملوك ، واختلاف الفقهاء ، وتهذيب الآثار ، وتفصيل الثابت عن
رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الأخبار ، وكتاب آداب القضاة ، وكتاب أدب النفوس الجيدة
والأخلاق النفيسة وكتاب المسند المجرد ، ورسالة البصير في معالم الدين ، وكتاب
مختصر مناسك الحج ، وكتاب الفرائض ، وكتاب الموجز في الأصول ، وكتاب مسند « ابن
عباس » رضياللهعنهما ، واختيار من أقاويل الفقهاء ، وكتاب المسترشد ، وفضائل «
عليّ بن أبي طالب وابن عباس » رضياللهعنهما. وكتاب فضائل « أبي بكر وعمر » رضياللهعنهما ، وكتاب في تعبير الرؤيا إلى غير ذلك من المصنفات المفيدة والنافعة.
__________________
قال « أبو محمد
الفرغاني » صاحب ابن جرير : إن قوما من تلامذة « محمد ابن جرير » حسبوا له منذ بلغ
الحلم إلى أن مات ثم قسموا على تلك المدّة أوراق مصنفاته ، فصار لكل يوم أربع عشرة
ورقة ا هـ .
توفي « ابن جرير
الطبري » في شوال سنة عشر وثلاثمائة ببغداد ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة
النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله « ابن جرير الطبري » رحمة واسعة وجزاه الله
أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٦٦
« جعفر المشحلائي » ت بعد ٣٣٠ هـ
هو : جعفر بن
سليمان أبو أحمد ، وقيل : أبو الحسين المشحلائي : بكسر الميم وسكون الشين المعجمة
وحاء مهملة ، نسبة إلى قرية « مشحلايا » قرية من أعمال حلب.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « جعفر
المشحلائي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو شعيب السوسي » الراوي
المشهور عن « أبي عمرو بن العلاء البصري ». ولا زالت قراءة « السوسي » يتلقاها
المسلمون بالقبول حتى الآن .
تصدر « جعفر
المشحلائي » لتعليم القرآن. واشتهر بالثقة والضبط وعمر طويلا ، فتتلمذ عليه
الكثيرون ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « عبد الله بن المبارك ، وعبد المنعم
بن غلبون » ، وهو الذي روى الإدغام الكبير منصوصا .
توفي « جعفر
المشحلائي » بعد حياة حافلة بتعليم القرآن بعد الثلاثين وثلاثمائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٦٧
« جعفر النّصيبي » ت ٣٠٧ هـ
هو : جعفر بن محمد
بن أسد أبو الفضل الضرير النصيبي المعروف بابن الحمامي ، قارئ ضابط حاذق.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن.كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ
ضمن علماء القراءات.
أخذ « جعفر
النصيبي » القرآن عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو عمر الدوري » أحد رواة «
أبي عمرو بن العلاء » البصريّ ، ولا زالت قراءة « أبي عمر الدوري » يتلقاها
المسلمون بالقبول وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
وقد اشتهر « جعفر
النصيبي » بالقراءة والاقراء ، وقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم : « محمد بن علي
الجلندا ، ومحمد بن علي بن حسن العطوفي ».
كما روى عنه حروف
القرآن « عبد الله بن أحمد بن ذي زويه ، وإبراهيم بن أحمد الخرقي » .
توفي « جعفر
النصيبي » سنة سبع وثلاثمائة من الهجرة. رحم الله « أبا جعفر النصيبي » رحمة واسعة
إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٦٨
« ابن الجلندا » ت بعد ٣٤٠ هـ
هو : محمد بن علي
بن الحسن بن الجلندا أبو بكر الموصلي ، مقرئ متقن ضابط.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن الجلندا
» القراءة عرضا عن خيرة العلماء ، منهم : محمد بن اسماعيل القرشي ، والفضل بن داود
المدني ، والفضل بن أحمد الزبيدي ، ومحمد ابن هارون التمار ، والحسن بن الحسين
الصواف ، وجعفر بن محمد بن أسد ، وأحمد ابن سهل الأشناني ، وأبو بكر بن مجاهد ،
وأحمد بن عبد ربه ابن عياش وآخرون .
تصدر « ابن
الجلندا » لتعليم القرآن ، فتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : عبد الباقي بن الحسن بن
السقاء وغيره .
واشتهر « ابن
الجلندا » باتقان القرآن الكريم وضبط حروفه وبرع في القراءات. مما استوجب الثناء
عليه وفي هذا المعنى يقول « الذهبي » :
اشتهر « ابن
الجلندا » بالضبط والإتقان وبرع في القراءات . وقال عنه
__________________
« الإمام الداني »
: « ابن الجلندا » مشهور بالضبط والاتقان ا هـ .
قال « ابن الجزري
» : توفي « ابن الجلندا » فيما أحسب سنة بضع وأربعين وثلاثمائة من الهجرة. رحم
الله « ابن الجلندا » رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٦٩
« أبو جعفر يزيد بن القعقاع
المدني المخزومي » ت ١٢٨ هـ
أحد أئمة التابعين
، وعلم من علماء القراءات ، الثقة من المشهورين شيخ القراءات بالمسجد النبوي
الشريف.
أحد القراء العشرة
المشهورين ، وقراءة « أبي جعفر » من القراءات المتواترة التي لا زال الناس
يتلقونها بالقبول ، وقد تلقيتها وقرأت بها ، والحمد لله رب العالمين.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قال « ابن الجزري
» : عرض « أبو جعفر » القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، وعبد الله
بن عباس ، وأبي هريرة ا هـ .
وروى القراءة عنه
عدد كثير لأنه كان مدرسة وحده ، منهم : « نافع ابن أبي نعيم » أحد القراء السبعة
المشهورين ، ولا زالت قراءة « نافع » يتلقاها المسلمون بالقبول ، وقد قرأت بها
والحمد لله رب العالمين. كما أخذ القراءة عن « أبي
__________________
جعفر » : سليمان
بن مسلم بن جماز ، وعيسى بن وردان ، وأبو عمرو بن العلاء ، وعبد الرحمن بن زيد ،
وولداه : إسماعيل ، ويعقوب ، وآخرون.
قال « يحيى بن
معين » : كان « أبو جعفر » إمام أهل المدينة في القراءة فسمى القارئ لذلك .
وقال « مالك بن
أنس » : كان « أبو جعفر » رجلا صالحا ، يقرئ الناس بالمدينة ا هـ .
وقال « مجاهد » :
حدثوني عن « الأصمعي » عن « أبي الزناد » قال : لم يكن أحد أقرأ للسنة من « أبي
جعفر » وكان يقدم في زمانه على « عبد الرحمن ابن هرمز » ا هـ .
وقال « الذهبي » :
فأما قراءة « أبي جعفر » فدارت على « أحمد بن زيد الحلواني » عن « قالون ، عن عيسى
بن وردان » ، عن « أبي جعفر » قرأ بها « الفضل بن شاذان الداري ، وجعفر بن الهيثم
عن الحلواني » ، وأقرأ بها « الزبير ابن محمد العمري » ، عن قراءته على « قالون »
بإسناده ، وأقرأها « سليمان بن داود الهاشمي ، عن سليمان بن مسلم بن جماز » عن «
أبي جعفر » وأقرأها « الدوري » عن إسماعيل بن جعفر عن « أبي جعفر » ا هـ .
ومن يقرأ تاريخ «
أبي جعفر » يتبين له بجلاء ووضوح أنه كان من الزهاد ، المتصدقين ، الذين يصومون
صيام داود عليهالسلام ، يوضح ذلك النصوص التالية : فعن « سبط الخياط » قال : روى
« ابن جماز عنه » أنه كان يصوم يوما ويفطر
__________________
يوما ، واستمرّ
على ذلك مدة من الزمان ، فقال له بعض أصحابه في ذلك فقال : إنما فعلت ذلك أروض به
نفسي لعبادة الله تعالى ا هـ .
وقال « ابن الجزري
» : قرأت بخط الأستاذ « أبي عبد الله القصّاع » أن « أبا جعفر » كان يصلي في جوف
الليل أربع تسليمات يقرأ في كل ركعة بالفاتحة ، وسورة من طوال المفصل ، ويدعو
عقبها لنفسه ، والمسلمين ، ولكل من قرأ عليه وقرأ بقراءته بعده وقبله ا هـ .
وقال « سليمان بن
مسلم » : أخبرني « أبو جعفر » أنه أتى به إلى « أم سلمة » أم المؤمنين رضياللهعنها ، وهو صغير فمسحت على رأسه ، ودعت له بالبركة ا هـ . وعن « عبد الرحمن بن زيد بن أسلم » : كان « أبو جعفر » يصلي خلف القراء في
رمضان يلقنهم ، وكان بعده « شيبة بن نصاح » جعلوه كذلك ا هـ .
كما كان « أبو جعفر » رحمهالله تعالى من المتصدقين الذين يخفون أنفسهم ابتغاء رضوان الله تعالى ، يوضح ذلك
الخبر التالي : فعن « مالك بن أنس » قال : كان « أبو جعفر » إذا مرّ سائل وهو يصلي
بالليل ، دعاه فيستتر منه ، ثم يلقي إليه إزاره ا هـ .
ومن نعم الله على
« أبي جعفر » رحمهالله ، أن الله أكرمه غاية الإكرام فتفضل عليه في الدنيا ومنحه
القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام أما في الدار
__________________
الآخرة وهي لا
زالت مجهولة إلا أنا نرجو من الله تعالى له جنة عرضها السموات والارض.
ومما يدل على
قبوله عند الله تعالى ومغفرته له ما يلي : روى « محمد بن منصور » المدني قال :
حدثنا « محمد بن إسحاق المسيبي ، حدثني « أبي » عن « نافع » قال : لما غسّل « أبو
جعفر » بعد وفاته نظروا ما بين نحره إلى فؤاده مثل ورقة المصحف ، قال : فما شك أحد
ممن حضر أنه نور القرآن » ا هـ .
وقال « شيبة بن
نصاح » وكان ختنه على ابنة « أبي جعفر » : أ لا أريكم منه عجبا؟ قالوا : بلى ،
فكشف عن صدره ، فإذا « دوّارة » بيضاء مثل اللبن ، فقال « أبو حازم » وأصحابه : هذا
والله نور القرآن ، قال : « سليمان » : فقالت لي : « أم ولده » بعد ما مات : صار
ذلك البياض غرة بين عينيه ا هـ .
وقال « سليمان بن
أبي سليمان » رأيت « أبا جعفر » على الكعبة في المنام ، فقلت : أبا جعفر ، فقال :
نعم ، أقرئ إخواني السلام وأخبرهم أن الله جعلني من الشهداء الأخيار المرزوقين ا
هـ .
توفي « أبو جعفر
يزيد بن القعقاع » سنة ثمان وعشرين ومائة من الهجرة ، عن نيف وتسعين سنة ، بعد
حياة حافلة في تعليم القرآن ، والزهد ، والتقرب إلى الله تعالى. رحم الله « أبا
جعفر » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٧٠
« ابن جمّاز » ت بعد السبعين ومائة هـ
هو : سليمان بن
مسلم بن جماز ، وقيل سليمان بن سالم بن جماز بالجيم والزاي مع تشديد الميم أبو
الربيع الزهري ، مولاهم المدني ، مقرئ جليل ضابط.
ذكره « ابن الجزري
» ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « ابن جمّاز
» القراءة عن خيرة العلماء ، فقد عرض على « ابي جعفر يزيد بن القعقاع ، وشيبة بن
نصاح » ثم عرض على « نافع بن أبي رويم » وقرأ بحرف « أبي جعفر ، ونافع ».
اشتهر « ابن جماز
» بالثقة ، وصحة الضبط ، وجودة القراءة ، وتتلمذ عليه طلاب العلم ، فمن الذين
أخذوا عنه القراءة : « إسماعيل بن جعفر ، وقتيبة بن مهران » وآخرون.
توفي « ابن جماز »
بعد حياة حافلة بتعليم القرآن بعد السبعين ومائة من الهجرة حسبما ذكر « ابن الجزري
». رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٧١
« الجمّال الازرق » ت في حدود ٣٠٠ هـ
هو : الحسين بن
علي بن حمّاد بن مهران أبو عبد الله الجمال الازرق الرازي ، ثم القزويني.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « الجمّال
الازرق » القراءة عن خيرة العلماء منهم : « أحمد بن يزيد الحلواني ، وأحمد بن
الصباح بن أبي سريج عن « أبي عمرو بن العلاء » ومحمد بن إدريس الدنداني ، وسليمان
بن داود الهاشمي ، وعليّ بن أبي نصر » وغيرهم كثير .
وقد تلقى القرآن
على « الجمال الأزرق » عدد كثير منهم : « محمد بن أحمد ابن شنبوذ ، وأحمد بن محمد
الرازي ، والحسن بن سعيد المطوعي ، ومحمد بن الحسن النقاش ، وأحمد بن مالك القصّار
، وأبو بكر بن مجاهد ، وغيرهم كثير .
توفي « الجمال
الأزرق » في حدود سنة ثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم.
رحم الله « الجمال الأزرق » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٧٢
« أبو حاتم السّجستاني » ت ٢٥٥ هـ
هو : سهل بن محمد
بن عثمان بن يزيد أبو حاتم السجستاني ، إمام البصرة في النحو والقراءة واللغة
والعروض.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ضمن
علماء القراءات.
كان « أبو حاتم »
من النابهين المتعلقين بعلوم اللغة والقرآن.
وقد تلقى القرآن
على مشاهير علماء عصره ، في مقدمتهم : « يعقوب الحضرمي » الإمام الثامن من أئمة
القراءات. كما عرض القرآن على « سلام الطويل وأيوب ابن المتوكل ». وروى الحروف عن
« إسماعيل بن أبي أويس ، ومحمد بن يحيى القطيعي ، وسعيد بن أوس ، وعبيد بن عقيل » .
كما أخذ « أبو
حاتم السجستاني » النحو ، واللغة على مشاهير علماء عصره وفي هذا المعنى يقول «
المبرّد » : سمعت « أبا حاتم » يقول : قرأت كتاب سيبويه على « الأخفش الاوسط » :
سعيد بن مسعدة مرتين ، ثم يقول « المبرّد » : وكان
__________________
« أبو حاتم » كثير
الرواية عن « أبي زيد الأنصاري ، وأبي عبيدة معمر بن المثنى ، والأصمعي. كما كان
عالما باللغة ، والشعر ، حسن العلم بالعروض ، واخراج المعمّى ، وله شعر جيّد ،
ويصيب المعنى » ا هـ .
وقد تتلمذ على «
أبي حاتم » عدد كثير منهم : « محمد بن سليمان المعروف بالزردقي ، وعليّ بن أحمد
المسكيّ ، وأبو سعيد العسكري ، وأبو بكر بن دريد ، وأحمد بن حرب ، وأحمد بن الخليل
العنبري ، والحسين بن تميم ، وغيرهم كثير .
لقد كان « أبو
حاتم من حفاظ القرآن الذين لا يلحنون. يقول « ابن الجزري » : « روينا عن « الحسين
بن تميم » البزّاز أنه قال : صلّى « أبو حاتم » بالبصرة ستين سنة بالتراويح وغيرها
فما أخطأ يوما ، ولا لحن يوما ، ولا أسقط حرفا ، ولا وقف إلا على حرف تام » ا هـ .
كما كان « أبو
حاتم » من المتهجدين المستغفرين بالأسحار. فعن « محمد بن إسماعيل الخفاف » قال : «
كان « أبو حاتم » وأبواه ، جعلوا الليل بينهم أثلاثا : فكان أبوه يقوم الثلث ،
وأمه تقوم الثلث ، وأبو حاتم يقوم الثلث فلما مات أبوه جعل الليل نصفين ، فلما
ماتت أمّه جعل « أبو حاتم » يقوم الليل كله » ا هـ .
وقد احتل « أبو
حاتم » بين قومه المنزلة السامية الرفيعة ، وقد أثنى عليه الكثيرون من العلماء :
قال « ابن دريد » : كان « أبو حاتم ، يتبحر في الكتب. ويخرّج المعمّى ، حاذق بذلك
، دقيق النظر فيه » ا هـ .
__________________
وكان « أبو حاتم »
متبحرا في كثير من العلوم ، والدليل على ذلك مصنفاته المتعددة في القرآن ، واللغة
، وغيرهما ، يقول « القفطي » : كتابه في القراءات مما يفخر به أهل البصرة ، فإنه
أجلّ كتاب صنف في هذا النوع في زمانه .
كما ذكر « القفطي
» « لأبي حاتم » عدّة مصنفات أذكر منها ما يلي :
كتاب إعراب
القرآن
كتاب الطير
كتاب النبات
كتاب الفصاحة
كتاب النخلة
كتاب الأضداد
كتاب الهجاء
كتاب الادغام
كتاب الكرم
كتاب الإبل
كتاب الاتباع
كتاب الزرع
|
|
كتاب ما تلحن
فيه العامة
كتاب المذكر
والمؤنث
كتاب المقصور
والممدود
كتاب المقاطع
والمبادئ
كتاب القسي
والنبال والسهام
كتاب السيوف
والرماح
كتاب حلق
الإنسان
كتاب الشتاء
والصيف
كتاب النحل
والعسل
كتاب الخصب
والقحط
كتاب اختلاف
المصاحف
كتاب الشوق
|
إلى الاوطان إلى
غير ذلك من المصنفات المفيدة والنافعة.
توفي « أبو حاتم »
سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة. رحم الله « أبا حاتم » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٧٣
« أبو الحارث » ت ٢٤٠ هـ
هو : الليث بن
خالد أبو الحارث البغدادي ثقة معروف حاذق ضابط.
ذكره « ابن الجزري
» ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو الحارث
» القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « الكسائي » وهو من جلة أصحابه. وروى
حروف القراءات عن « حمزة بن القاسم الأحول ، وعن اليزيدي ».
تصدر « أبو الحارث
» لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة والضبط وأخذ عنه الكثيرون منهم : « سلمة بن عاصم
، صاحب الفراء ، ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير ، والفضل بن شاذان ، ويعقوب بن أحمد
التركماني » وآخرون.
توفي « أبو الحارث
» سنة أربعين ومائتين من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٧٤
« ابن الحباب » ت ٣٠١ هـ
هو : الحسن بن
الحباب بن مخلد الدقاق ، أبو علي ، البغدادي ، شيخ متصدر للقراءة مشهور ، ثقة ،
ضابط من كبار الحذاق.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قال « الخطيب
البغدادي » : كان « ابن الحباب » أصله من « واسط » كثير الحديث ، قريب الأمر ،
وكان ثقة يسكن الجانب الشرقي ، وقد قارب التسعين ، ولم يغيّر شيبه ا هـ . وقال « ابن الجزري » : روى « ابن الحباب » القراءة عرضا وسماعا عن « البزّي
» وهو الذي روى « التهليل » عنه عند الختم ، وبه قرأ « الداني » على شيخه « فارس »
من طريقه ثم يقول « ابن الجزري » وقرأ « ابن الحباب » أيضا على « محمد بن غالب
الأنماطي ، وبشر بن هلال » ا هـ .
يقول « الخطيب
البغدادي » : وقد سمع « ابن الحباب » محمد بن حميد الرازي ، ومحمد بن سليمان لوين
، ومحمد بن إسماعيل المبارك ، ومحمد بن يحيى ابن أبي سمنية ، ومحمد بن سهل بن عسكر
البخاري .
__________________
وقد جلس « ابن
الحباب » للاقراء ، وقد تلقى عليه القرآن الكثيرون ، منهم : « ابن مجاهد ، وابن
الأنباري ، وأبو بكر محمد ابن القاسم ، وأحمد بن عبد الرحمن ابن الفضل الوليّ
وأحمد بن صالح بن عمر ، وأحمد بن مسلم الختلي ، وأحمد بن عبيد الله ، وأبو بكر
النقاش ، وأبو الحسن بن شنبوذ ، وعبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم ، وغيرهم كثير » .
وقد كان « ابن
الحباب » من الثقات ، وفي هذا المعنى يقول « الخطيب البغدادي » : حدثني « عليّ بن
محمد بن نصر » قال : سمعت « حمزة بن يوسف » يقول : وسألت « الدار قطني » عن «
الحسن بن الحباب بن مخلد الدقاق المقرئ ببغداد ، فقال : ثقة » ا هـ .
توفي « ابن حباب »
سنة إحدى وثلاثمائة من الهجرة وقد قارب التسعين.رحم الله « ابن الحباب » رحمة
واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٧٥
« ابن حبش » ت ٣٧٣ هـ
هو : الحسين بن
محمد بن حبش ـ بفتح الحاء وسكون الباء ـ ابن حمدان ، أبو علي الدينوري نسبة إلى
مدينة « دينور » ، وهي مدينة من أعمال « الجبل » وبينهما وبين همذان عشرون ونيف
فرسخا وهي مدينة كثيرة الثمار والزروع وينسب إليها جماعة من علماء القرآن والحديث
والأدب .
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن حبش »
القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم : أبو عمران موسى بن جرير الرقي. وإبراهيم
بن حرب الحراني ، والعباس بن الفضل الرازي ، وأبو بكر بن مجاهد ، وإبراهيم بن عبد
الرزاق الأنطاكي ، والحسن بن بدر ، ومحمد ابن أحمد بن الحسن الشعيري وغير هؤلاء.
تصدر « ابن حبش »
لتعليم القرآن الكريم واشتهر بالثقة والضبط وجودة القراءة ، وأقبل عليه حفاظ
القرآن وتتلمذ عليه الكثيرون منهم : محمد بن المظفر الدينوري ، وأبو الفضل محمد بن
جعفر الخزاعي ، ومحمد بن إبراهيم البصير ، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي ،
وأحمد بن عبد الواسع ، وأبو غانم الكرجي ، وأبو الحسن علي بن محمد الخباز وغيرهم
كثير .
__________________
احتل « ابن حبش »
مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، حول هذا المعنى يقول « الداني »
: « ابن حبش » تقدم في علم القراءات ، مشهور بالإتقان ثقة مأمون ا هـ .
قال « الإمام ابن
الجزري » : ابن حبش حاذق ضابط متقن ، وإنه كان يأخذ لجميع القراء بالتكبير في جميع
السور وقرأت أنا بالتكبير من طريقه عن السوسي .
توفي « ابن حبش »
سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة من الهجرة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٧٦
« أبو الحسن الأنطاكي » ت ٣٧٧ هـ
هو : علي بن محمد
بن اسماعيل بن محمد بن بشر أبو الحسن الأنطاكي التميمي نزيل الاندلس وشيخها.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « أبو الحسن
الأنطاكي » بأنطاكية سنة تسع وتسعين ومائتين من الهجرة. أحب « أبو الحسن الأنطاكي
» الرحلة في طلب العلم ، فدخل بعض البلاد الإسلامية ليستمع من مشايخها ، ويأخذ عن
علمائها مثل : دمشق ومصر حتى أصبح من العلماء المشهورين الحذاق ، وفي هذا يقول : «
ابن الجزري » :
لزم « أبو الحسن
الأنطاكي » إبراهيم بن عبد الرزاق نحوا من ثلاثين سنة ، وخرج من أنطاكية مع أمه
للحج في شوال سنة ثمان وثلاثين وانصرف إلى دمشق ، فوصل إليه موت شيخه « إبراهيم بن
عبد الرزاق » فنزل « مصر » وأقرأ بها إلى أن وجّه « المستنصر بالله » أمير الأندلس
قاصدا إلى « مصر » وكتب معه أن يجهز إليه مقرئا ، يقرئ الناس بالأندلس فوجه إليه
بأبي الحسن ، فقدم الاندلس مع « أمه » ودخل « قرطبة » في شعبان سنة اثنتين وخمسين
وثلاثمائة .
__________________
أخذ « أبو الحسن
الأنطاكي » القراءة عن عدد كبير من علماء القراءات ، وفي هذا يقول « الإمام ابن
الجزري » :
أخذ القراءة عرضا
عن « إبراهيم بن عبد الرزاق ، وأحمد بن محمد بن حشيش ، ومحمد بن جعفر بن بيان
البغدادي ، ومحمد بن النضر بن الأخرم ، وأحمد بن صالح البغدادي ، وأحمد بن يعقوب
التائب ».
ثم يقول « ابن
الجزري » : وقد وقع في كتاب « المستنير » لابن سوار أن « أبا الحسن الأنطاكي قرأ
على اسماعيل النحاس عن الازرق عن ورش وهذا مما لا يصح ، فإن النحاس توفي قبل مولد
« الأنطاكي » هذا بنحو عشر سنين وأكثر. ولكن لما دخل الأنطاكي « مصر » سنة ثلاثين وثلاثمائة كان
جماعة من أصحاب « النحاس » موجودين ، فيحتمل أن يكون قرأ على بعضهم والله أعلم ا
هـ .
تصدر « أبو الحسن
الأنطاكي » لتعليم القرآن وحروفه ، واشتهر بالثقة وحسن القراءة وأقبل عليه حفاظ
القرآن وتتلمذ عليه عدد كبير ، وفي مقدمتهم : « أبو الفرج الهيثم بن أحمد الصباغ ،
وإبراهيم ابن مبشر ، وعتبة بن عبد الملك ، ومحمد ابن عمر الغازي ، وأبو المطرز
القنازعي ، ومحمد بن يوسف النجار ، وعبيد الله بن سلمة بن حزم شيخ أبي عمرو الداني
وآخرون » .
لم تقتصر جهود أبي
الحسن الأنطاكي على تعليم القرآن ، بل شملت أيضا بعض المصنفات النافعة في
القراءات. يقول « الإمام الداني » : « أخذ أبو الحسن الأنطاكي » القراءة عرضا
وسماعا عن « إبراهيم بن عبد الرزاق ، ومحمد بن الأخرم وصنف قراءة ورش » ا هـ .
__________________
احتل « أبو الحسن
الأنطاكي » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « أبو
الوليد بن الفرضي » : أدخل أبو الحسن الى الاندلس علما جما ، وكان بصيرا بالعربية
والحساب ، وله حظ في الفقه ، قرأ الناس عليه ، وسمعت أنا منه ، وكان رأسا في
القراءات ، لا يتقدمه أحد في معرفتها في وقته .
وقال « الإمام
الداني » : « أبو الحسن الأنطاكي » مشهور بالفضل والعلم ، والضبط وصدق اللهجة ا هـ
.
وقال « القفطي » :
رحل « أبو الحسن الأنطاكي » إلى الاندلس ، فأدخل إليها علما كثيرا من القراءات
والرواية لحديث كثير عن الشاميين والبصريين ، وكان بصيرا بالعربية والحساب. وله حظ
في الفقه على مذهب الشافعي. قرأ الناس عليه بالاندلس ، وكتبوا عنه ، وسمعوا منه ا
هـ .
وقال « الإمام ابن
الجزري » : « أبو الحسن الأنطاكي » شيخ الأندلس ، وإمام حاذق ، مسند ، ثقة ضابط ،
ا هـ .
توفي « أبو الحسن
الأنطاكي » سنة سبع وسبعين وثلاثمائة بقرطبة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٧٧
« الحسن الجمّال » ت ٢٨٩ هـ
هو : الحسن بن
العباس بن أبي مهران الجمّال بالجيم المعجمة ، أبو علي الرازي ، شيخ عارف حاذق ثقة
، إليه المنتهى في الضبط والتحرير ، أقرأ ببغداد وغيرها.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى «
الجمّال » القراءة على خيرة العلماء منهم : « أحمد بن قالون ، وأحمد الحلواني ،
ومحمد بن عيسى الأصبهاني ، وأحمد بن صالح المصري ، والقاسم ابن أحمد الخياط ،
وغيرهم كثير » .
وقد تتلمذ على «
الجمال » عدد كثير منهم : « ابن مجاهد ، وابن شنبوذ ، وابن المنادي ، والنقاش ،
وعبد الجليل الزيات ، والحسن بن الحباب ، وأحمد بن عثمان بن بويان ، وأحمد بن
حمّاد صاحب السطاح ، وغير هؤلاء كثير » . قال « الخطيب
البغدادي » : سكن « الجمّال » بغداد ، وحدث بها عن « سهل بن عثمان العسكري ، وعبد
المؤمن بن علي الزعفراني ، وعبد الله بن هارون الفروي ، ويعقوب بن حميد بن كاسب ».
وروى عنه « يحيى بن محمد بن صاعد ، ومحمد ابن مخلد وأبو عمرو بن السمّاك ، وعبد
الصمد بن علي الطستي » .
توفي « الحسن
الجمّال » في رمضان سنة تسع وثمانين ومائتين. رحم الله « الحسن الجمّال » رحمة
واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٧٨
« الحسن بن أبي الحسن البصري » ت ١١٠ هـ
شيخ أهل البصرة ،
ومفتيها ، سيّد أهل زمانه علما وعملا ، حافظ القرآن ، العامل بآدابه وتعاليمه ،
أحد أئمة التابعين. مولى « زيد بن ثابت » رضياللهعنه ، وكانت « أم الحسن البصري » مولاة لأم سلمة أم المؤمنين رضياللهعنها. ويسار أبوه من سبي « ميسان » وهي أرض واسعة كثيرة القرى ، والنخل ، بين
البصرة وواسط.
سكن « يسار »
المدينة ، وأعتق ، وتزوج في خلافة « عمر » رضياللهعنه فولد له « الحسن » لسنتين بقيتا من خلافة « عمر » رضياللهعنه ، ثم نشأ الحسن بوادي القرى ، وحضر الجمعة مع « عثمان » رضياللهعنه ، وسمعه يخطب ، وشهد يوم « الدار » وله يومئذ أربع عشرة سنة.
قال « محمد بن سعد
» كان « الحسن » رحمهالله جامعا ، عالما ، رفيعا ، فقيها ، ثقة ، حجة ، مأمونا ،
عابدا ، كثير العلم ، فصيحا ، جميلا ، وسيما ا هـ .
__________________
وقال « الذهبي » :
كان « الحسن » رجلا تام الشكل ، مليح الصورة ، بهيّا ، وكان من الشجعان الموصوفين
ا هـ .
وقال « محمد بن
سلاّم » : حدثنا « أبو عمرو الشّعّاب » بإسناد له قال : كانت « أم سلمة » رضياللهعنها تبعث « أم الحسن » في الحاجة فيبكي وهو طفل ، فتسكته « أم سلمة » بثديها ،
وتخرجه إلى أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو صغير فكانوا يدعون له ، فأخرجته إلى « عمر » رضياللهعنه فدعا له وقال : « اللهم فقهه في الدين ، وحبّبه إلى الناس » ا هـ .
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قال « ابن الجزري
» : قرأ « الحسن البصري » على « حطّان بن عبد الله الرقاشي » عن « أبي موسى
الأشعري » وعلى « أبي العالية » عن « أبيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت » رضياللهعنهما.
ثم قال : وروى
القراءة عنه « أبو عمرو بن العلاء » وسلام بن سليمان الطويل ، ويونس بن عبيد ،
وعاصم الجحدري . وقال « الذهبي » : وروى « الحسن البصري » عن : « عمران بن
حصين ، والمغيرة بن شعبة ، وعبد الرحمن ابن سمرة ، والنعمان بن بشير ، وابن عباس ،
وعمرو بن تغلب ، ومعقل بن يسار ، وانس بن مالك ، وجمع من الصحابة » ا هـ .
كما روى عنه عدد
كثير منهم : « شيبان النحوي ، ويونس بن عبيد ، وابن
__________________
عون ، وحميد
الطويل ، وثابت البنانيّ ، ومالك بن دينار ، وهشام بن حسان ، وجرير بن حازم ،
ومبارك بن فضالة ، وأبان بن يزيد العطار ، وشبيب بن شيبة ، وأشعث بن سوار وغيرهم
كثير .
وكان « الحسن
البصري » خطيبا رقيق القلب ، فعن « مبارك بن فضالة » قال : حدثنا « الحسن البصري »
عن « أنس بن مالك » رضياللهعنه قال : « كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة ، يسند ظهره إليها ، فلما
كثر الناس قال : « ابنوا لي منبرا له عتبتان ، فلما قام على « المنبر » يخطب ،
حنّت « الخشبة » إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أي أنس وأنا في المسجد ، فسمعت للخشبة حنين الواله ،
فما زالت تحنّ حتى نزل إليها ، فاحتضنها فسكنت » ا هـ.
وكان « الحسن
البصري » إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم قال : « يا عباد الله الخشبة تحنّ إلى رسول
الله صلىاللهعليهوسلم شوقا إليه ، فأنتم أحقّ أن تشتاقوا إلى لقائه » ا هـ .
وكان « الحسن
البصري » رحمهالله تعالى من الزهاد ، الصوّامين : فعن « السّري بن يحيى » قال
: كان « الحسن » يصوم البيض ، والأشهر الحرم والاثنين ، والخميس ا هـ .
ولقد كان للحسن
البصري المكانة السامية ، والمنزلة الحسنة بين المسلمين ، والدليل على ذلك ثناء
الناس عليه ، يوضح ذلك الأقوال الآتية :
__________________
قال « قتادة » :
ما كان أحد أكمل مروءة من « الحسن البصري » .
وقال « هشام بن
حسّان » : كان « الحسن » أشجع أهل زمانه .
وقال « قتادة »
كان « الحسن » من أعلم الناس بالحلال والحرام .
وقال « حميد بن
يونس » : ما رأينا أحدا أكمل مروءة من « الحسن » .
وقال « عوف » : ما
رأيت رجلا أعلم بطريق الجنة من « الحسن » .
وقال « أبو عمرو
بن العلاء » : ما رأيت أفصح من « الحسن » والحجاج .
وكان « الحسن
البصري » رحمهالله ينطق بالحكمة فمن أقواله :
١ ـ روى « حوشب »
عن « الحسن » أنه قال : يا ابن آدم ، والله إن قرأت القرآن وآمنت به ، ليطولنّ في
الدنيا حزنك ، وليشتدّنّ في الدنيا خوفك ، وليكثرنّ في الدنيا بكاؤك .
٢ ـ وقال « هشام
بن حسان » : سمعت « الحسن » يحلف بالله ، ما أعزّ أحد الدرهم إلا أذلّه الله ا هـ .
٣ ـ وروى « ضمرة
بن ربيعة » عن « الحسن » أنه قال : « من كذّب بالقدر فقد كفر ا هـ .
__________________
٤ ـ وروى « صالح
المريّ » عن « الحسن » أنه قال : ابن آدم إنما أنت أيام ، كلما ذهب يوم ذهب بعضك ا
هـ .
٥ ـ وقال « مبارك
بن فضالة » : سمعت « الحسن » يقول : فضح الموت الدنيا ، فلم يترك فيها لذي لبّ
فرحا ا هـ . يروى أنه في مرض الموت أغمي عليه ثم أفاق إفاقة فقال :
لقد نبهتموني من جنات وعيون ومقام كريم ا هـ.
توفي « الحسن
البصري » بعد حياة حافلة بالعلم والعمل. رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. وكان ذلك سنة عشر
ومائة عن ثمان وثمانين سنة.
__________________
رقم الترجمة / ٧٩
« أبو الحسن الحلواني » ت ٢٥٠ هـ ونيف
هو : أحمد بن يزيد
بن يزداذ الصفّار أبو الحسن الحلواني.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
يقول « ابن الجزري
» : قرأ « الحلواني » بمكة على « أحمد بن محمد القوّاس ، وبالمدينة المنورة على «
قالون » رحل إليه مرتين ، وإسماعيل وأبي بكر بن أبي أويس ، وبالكوفة والعراق على «
خلف ، وخلاد ، وجعفر بن محمد الخشكني ، وأبي شعيب القوّاس ، وحسين بن الأسود »
وآخرين .
كما تتلمذ على «
الحلواني » الكثيرون ، منهم : « الفضل بن شاذان ، وابنه العبّاس بن الفضل ، ومحمد
بن بسّام ، ومحمد بن عمرو بن عون الواسطي ، وأحمد بن الهيثم ، والحسن بن العباس
الجمّال ، والحسين بن علي بن حماد الأزرق ، وغيرهم كثير » .
توفي « الحلواني »
سنة نيّف وخمسين ومائتين من الهجرة. بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، رحمهالله رحمة واسعة. وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٨٠
« أبو الحسن الخاشع » ت في حدود ٣٩٠ هـ
هو : علي بن
اسماعيل بن الحسن بن اسحاق أبو الحسن البصري القطان ، المعروف بالخاشع.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
اعتنى « أبو الحسن
الخاشع » بالقراءات القرآنية منذ باكورة حياته ، ورحل إلى كثير من المدن الإسلامية
يأخذ من علمائها. ويتلقى عن قرائها حتى ذاع صيته واشتهر بين المسلمين ويحدثنا
التاريخ أنه رحل إلى المدن التالية : مكة المكرمة ، أنطاكية ، عسقلان ، حمص ، مصر.
وكان نتيجة هذه الرحلات أنه أخذ عن الكثيرين من العلماء ، وفي هذا يقول « الإمام
ابن الجزري » : « أخذ أبو الحسن الخاشع القراءة عرضا بمكة عن أبي بكر بن عيسى بن
بندار صاحب قنبل ، أحد الرواة المشهورين عن ابن كثير المكي ».
وأخذ بأنطاكية
القراءة عن الأستاذ إبراهيم بن عبد الرزاق ، وأخذ بعسقلان عن أبي الحسن علي بن محمد
بن عامر العامري. وأخذ « بحمص » عن قيس بن محمد الصوفي إمام جامع « حمص ». وأخذ
بالصعيد الأعلى بمصر عن أحمد بن عثمان بن عبد الله الأسواني عن قراءته على أحمد بن
عبيد الله البصري.
وأخذ « أبو الحسن
الخاشع » القراءة بغير هذه المدن عن : أحمد بن محمد بن بقرة ، ومحمد بن عبد العزيز
بن الصباح ، وأبي العباس المطوعي ، وعلي بن خشنام المالكي ، ومحمد بن عبيد الله
الرازي ، وغير هؤلاء كثير .
__________________
تصدر « أبو الحسن
الخاشع » لتعليم القرآن ، واشتهر بالإتقان وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب ،
ومن الذين قرءوا عليه : أبو بكر محمد بن عمر بن ذلال ، وأبو علي الأهوازي ، وأبو
نصر أحمد بن مسرور الخباز وآخرون .
احتل أبو الحسن
الخاشع مكانه سامية بين العلماء لخلقه واهتمامه بالقرآن الكريم مما استوجب الثناء
عليه.
وفي هذا يقول
الحافظ « الذهبي » : أقرأ أبو الحسن الخاشع ببغداد مدة ، واشتهر ذكره وطال عمره.
وصنف في القراءات . ويقول الإمام « ابن الجزري » « أبو الحسن الخاشع » استاذ
مشهور رحال محقق ، اعتنى بالفن » ا هـ .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاته ، إلا أن « ابن الجزري » قال : « بقي إلى حدود التسعين وثلاثمائة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء ».
__________________
رقم الترجمة / ٨١
« أبو الحسن الدار قطني » ت ٣٨٥ هـ
هو : علي بن عمر
بن أحمد بن مهدي بن مسعود الإمام الحافظ ، أبو الحسن الدار قطني البغدادي صاحب
التصانيف وأحد الأعلام الثقات.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « الدار قطني
» سنة ست وثلاثمائة من الهجرة.
وما أن بدأت
مواهبه حتى أخذ يرحل إلى الأقطار يأخذ عن علمائها ويتلقى عن شيوخها وقد رحل في ذلك
إلى كل من مصر ، والشام ، وأخذ القرآن وحروف القراءات عن عدد كبير من خيرة العلماء
، وفي هذا يقول الإمام « ابن الجزري » : « عرض الدار قطني القراءات على أبي بكر
النقاش ، وأبي الحسن أحمد بن جعفر بن المنادي ، ومحمد بن الحسن الطبري ، ومحمد بن
عبد الله الحربي ، وأبي بكر محمد بن عمران التمار ، ومحمد بن أحمد بن قطن ، وأبي
الحسن بن بويان ، وأحمد بن محمد الديباجي ، وسمع كتاب السبعة من أبي بكر بن مجاهد .
__________________
وكان إماما في
القراء ، والنحويين ، سألته عن العلل والشيوخ ، وصادفته فوق ما وصف لي ، وله
مصنفات يطول ذكرها ، منها : « المختلف والمؤتلف في أسماء الرجال وغريب اللغة
، وكتاب القراءات ، وكتاب السنن ، والمعرفة بمذاهب الفقهاء » .
وقال : البرقاني
أحد تلاميذه : كان الدار قطني يملي عليّ العلل من حفظه » . وقال أبو ذر الهروي : قيل للحاكم : هل رأيت مثل الدار قطني؟ فقال : هو لم ير
مثل نفسه ، فكيف أنا .
ومما يدل على
فصاحة لسان « الدار قطني » الكثير من الآراء والأخبار ، أذكر منها الخبر التالي :
يقول « الخطيب البغدادي » : حدثني « الازهري » أن « أبا الحسن الدار قطني » لما
دخل مصر كان بها شيخ علوي من أهل مدينة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له « مسلم بن عبيد الله » وكان عنده كتاب النسب عن
الخضر بن داود عن الزبير بن بكار. وكان « مسلم » أحد الموصوفين بالفصاحة المطبوعة
على العربية. فسأل الناس « أبا الحسن الدار قطني » أن يقرأ كتاب النسب ، ورغبوا في
سماعة بقراءته ، فأجابهم إلى ذلك ، واجتمع في المجلس من كان بمصر من أهل العلم
والأدب ، والفضل ، فحرصوا على أن يحفظوا على أبي الحسن لحنة ، أو يظفروا منه بسقطة
، فلم يقدروا على ذلك ، حتى جعل « مسلم » يعجب ويقول له : « وعربية أيضا » ا هـ .
وكان الدار قطني
ملمّا بكثير من العلوم يحفظها عن ظهر قلب ، وفي هذا يقول
__________________
« الخطيب البغدادي
» : « حدثنا محمد بن علي الصوري قال : سمعت أبا محمد رجاء بن محمد بن عيسى المعدل
يقول : سألت أبا الحسن الدار قطني : فقلت له : رأى الشيخ مثل نفسه؟
كما أخذ الدار
قطني حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من خيرة العلماء. وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي »
: سمع « أبا القاسم البغوي » وأبا بكر بن أبي داود ، ويحيى بن صاعد ، وبرز بن
الهيثم القاضي ، وأحمد بن اسحاق البهلول. وعبد الوهاب بن أبي حية ، والفضل بن أحمد
الزبيدي ، وأبا عمر محمد بن يوسف القاضي ، وأبا سعيد العدوي ، ويوسف بن يعقوب
النيسابوري ، وأبا حامد بن هارون الحضرمي ، وأحمد بن عيسى السكين البلدي. وإسماعيل
بن العباس الوراق ، وإبراهيم بن حماد القاضي ، وخلقا كثيرا من هذه الطبقة ومن
بعدهم .
تصدر « الدار قطني
» إلى تعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. يقول « الإمام ابن الجزري » :
« تصدر « الدار قطني » في أواخر عمره للإقراء ، وألف في القراءات كتابا جليلا لم
يؤلف مثله ، وهو أول من وضع أبواب الأصول قبل « الفرش ». ولم يعرف مقدار الكتاب
إلا من وقف عليه ، ولم يكمل حسن كتاب « جامع البيان » لأبي عمرو الداني ت ٤٤٤ هـ إلا
لكونه نسجا على منواله.
وروى عن الدار
قطني حروف القراءات من كتابه هذا محمد بن إبراهيم بن أحمد. ثم يقول : « ابن الجزري
» : « وقد رحل « الدار قطني » إلى مصر والشام. وهو كبير فأفاد ، وروى عنه خلق
وأئمة كبار مثل : العلامة أبي حامد الأسفراييني ، وأبي ذر المعروي ، وأبي عبد الله
الحاكم ، وأبي بكر البرقاني ، وعبد الغني الازدي ،
__________________
وتمام الرّازي ،
وأبي نعيم الأصبهاني ، وأبي محمد الخلال ، وأبي الطيب الطبري ، وأبي الحسن بن
المهتدي بالله .
وقد منح الخالق
العظيم « الدار قطني » ذاكرة قوية ، وحافظة أمينة. وفي هذا يقول « الحاكم » : صار
« الدار قطني » أوحد عصره في الحفظ ، والفهم ، والورع ، فقال لي : قال الله تعالى
: ( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) فقلت له : لم أرد هذا ، وإنما أردت أن أعلمه لأقول رأيت شيخا لم ير مثله ،
فقال لي : إن كان في فن واحد فقد رأيت من هو أفضل مني ، وأما من اجتمع فيه ما
اجتمع فيّ فلا » .
ومن الأدلة أيضا
على حافظة « الدار قطني » القوية الخبر التالي : قال البغدادي : « حدثنا الأزهري
قال : بلغني أن « الدار قطني » حضر في حداثته مجلس « اسماعيل الصفار ، فجلس ينسخ
جزءا كان معه ، وإسماعيل يملي ، فقال له بعض الحاضرين : لا يصح سماعك وأنت تنسخ.
فقال له « الدار قطني » : فهمي للاملاء خلاف فهمك. ثم قال : كم تحفظ ، كم أملى
الشيخ من حديث إلى الآن ، فقال : لا أعرف ، فقال « الدار قطني » : أملى ثمانية عشر
حديثا ، فعدت الأحاديث فوجدت كما قال. ثم قال « الدار قطني » : الحديث الاول منها
عن فلان ، عن فلان ، ومتنه كذا ، والحديث الثاني عن فلان ، عن فلان ، و، متنه كذا
، ولم يزل يذاكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها في الاملاء حتى أتى على
آخرها. فتعجب الناس منه .
كان الدار قطني مع
غزارة علمه قوي الملاحظة ، ودقيقا في ضبطه للكلمات والأسماء ، والأخبار في ذلك
كثيرة. أذكر منها الخبر التالي : قال البغدادي : قال الخلال : وغاب مستملي « أبي
الحسن الدار قطني » في بعض مجالسه فاستمليت
__________________
عليه. فروى حديث
عائشة أم المؤمنين رضياللهعنها أن النبي صلىاللهعليهوسلم أمرها أن تقول : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى » فقلت
: اللهم انك عفو ـ وخففت الواو ـ فأنكر ذلك وقال : « عفوّ » بتشديد الواو .
وقال « الأزهري »
: رأيت « محمد بن أبي الفوارس » وقد سأل « أبا الحسن الدار قطني » عن علة حديث
فأجابه ثم قال له : « يا أبا الفتح ليس بين الشرق والغرب من يعرف هذا غيري » .
لقد كانت ثقافة «
الدار قطني » متعددة ، فكما كان من علماء القراءات والحديث كان من علماء الفقه ،
وفي هذا يقول البغدادي : وسمعت بعض من يعتني بعلوم القرآن يقول : لم يسبق « أبو
الحسن » إلى طريقته التي سلكها في عقد الأبواب المتقدمة في أول القراءات ، وصار
القراء بعده يسلكون طريقته في تصانيفهم ، ويحذون حذوه ، ومنها المعرفة بمذاهب
الفقهاء ، فان كتاب السنن الذي صنفه يدل على أنه كان ممن اعتنى بالفقه ، لأنه لا
يقدر على جمع ما تضمن ذلك الكتاب إلا من تقدمت معرفته بالاختلاف في الأحكام ،
وبلغني أنه درس فقه الشافعي على أبي سعيد الاصطخري ، وقيل بل درس الفقه على صاحب
لأبي سعيد ، وكتب الحديث عن أبي سعيد نفسه ، ومنها أيضا المعرفة بالأدب والشعر ،
وقيل : إنه يحفظ دواوين جماعة من الشعراء .
ثم يقول «
البغدادي » : سمعت القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري يقول : كان « الدار
قطني » أمير المؤمنين في الحديث ، وما رأيت حافظا ورد بغداد إلا مضى إليه ، وسلم
له يعني سلم له التقدمة في الحفظ وعلو المنزلة في العلم ، ثم يقول « البغدادي » :
حدثني « الصوري » قال : سمعت عبد الغني بن
__________________
سعيد الحافظ «
بمصر » يقول : أحسن الناس كلاما على حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلاثة : علي بن المديني ، في وقته ، وموسى بن هارون في
وقته ، وعلي بن عمر الدار قطني في وقته. قال « البرقاني » : كنت أسمع عبد الغني بن
سعيد الحافظ كثيرا اذا حكى عن « أبي الحسن الدار قطني » شيئا يقول : قال أستاذي : وسمعت أستاذي ،
فقلت له في ذلك ، فقال : وهل تعلمنا هذين الحرفين من العلم إلا من « أبي الحسن
الدار قطني » .
لقد احتل « الإمام
الدار قطني » مكانة سامية ومنزلة رفيعة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه تقديرا
لعلمه وخلقه وفضله حول هذه المعاني السامية يقول « البغدادي » : « كان الدار قطني
فريد عصره وقريع دهره ونسيجا وحده وإمام وقته ، انتهى إليه علم الأثر ، والمعرفة
بعلل الحديث. وأسماء الرجال ، وأحوال الرواة مع الصدق والأمانة والفقه والعدالة
وقبول الشهادة ، وصحة الاعتقاد وسلامة المذهب والاضطلاع بعلوم سوى علم الحديث منها
القراءات.
ثم يقول «
البغدادي » : وحدثني أبو الوليد سليمان بن خلف الأندلسي قال : سمعت : أبا ذر
العروي : يقول : سمعت الحاكم أبا عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ وسئل عن الدار
قطني فقال : قال لي « الأزهري » : كان « الدار قطني » ذكيا اذا ذوكر شيئا من العلم
أي نوع كان وجد عنده منه نصيب وافر ، ولقد حدثني « محمد بن طلحة » أنه حضر مع «
أبي الحسن » في دعوة عند بعض الناس ليلة. فجرى شيء من ذكر « الأكلة » فاندفع « أبو
الحسن » يورد أخبار « الأكلة » وحكاياتهم ونوادرهم حتى قطع ليلته أو أكثرها بذلك »
ا هـ .
توفي « الدار قطني
» ثامن ذي القعدة لسنة خمس وثمانين وثلاثمائة وله ثمانون سنة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٨٢
« الحسن بن العلاّف » ت ٣١٨ هـ
هو : الحسن بن علي
بن بشار بن زياد المقرئ أبو بكر البغدادي ، المعروف بابن العلاف الضرير الأديب
الشاعر النحوي. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ
القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « الحسن بن
العلاف » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو عمر الدوري » أحد الرواة
المشهورين عن « أبي عمرو بن العلاء » قيل : إن « الحسن ابن العلاف » آخر من قرأ
على « الدوري » .
وقد عمّر « الحسن
بن العلاف » طويلا ، فقيل عاش مائة سنة قضاها في تعليم القرآن الكريم وقد تتلمذ
عليه الكثيرون منهم : « أبو الفرج الشنبوذي ، وأحمد بن نصر الشذائي ، وأحمد بن عبد
الرحمن الوليّ » وغير هؤلاء كثير . كان « الحسن بن
العلاف » أديبا وشاعرا ، وهو صاحب المرثية المشهورة في الهرّ ، والتي يقول فيها :
يا هرّ قد
فارقتنا ولم تعد
|
|
وكنت عندي
بمنزلة الولد
|
قال « الخطيب
البغدادي » : أخبرنا « علي بن أبي المعدل » : حدثني « أبي » قال حدثني عبد العزيز
بن أبي بكر الحسن العلاف الشاعر ، وكان أحد ندماء
__________________
المعتضد ، قال
حدثني « أبي » قال : كنت ذات يوم في دار المعتضد ، وقد أطلنا الجلوس بحضرته ، ثم
نهضنا إلى مجالسنا في حجرة كانت موسومة بالندماء ، فلما أخذنا مضاجعنا ، وهدأت
العيون ، أحسسنا بفتح الابواب ، وتفتيح الأقفال بسرعة ، فارتاعت الجماعة لذلك ،
وجلسنا في « فرشنا » فدخل إلينا خادم من خدم « المعتضد » فقال : إن أمير المؤمنين
يقول لكم : أرقت الليلة بعد انصرافكم فعملت :
و لما انتهينا
للخيال الذي سرى
|
|
إذا الدار قفر
والمزار بعيد
|
وقد ارتجّ على
تمامه ، فأجيزوه ، ومن أجازه بما يوافق غرضي أجزلت جائزته ، وفي الجماعة كل شاعر
مجيب مذكور ، وأديب فاضل مشهور ، فأفحمت الجماعة ، وأطالوا الفكر ، فقلت مبتدرا
لهم :
فقلت لعيني
عاودي النوم واهجمي
|
|
لعلّ خيالا
طارقا سيعود
|
فرجع الخادم إلى «
المعتضد » بهذا الجواب ، ثم عاد إليّ ، فقال : أمير المؤمنين يقول لك ، أحسنت ،
وما قصّرت ، وقد وقع بيتك الموقع الذي أريده ، وقد أمر لك بجائزة وها هي . كما أخذ « الحسن بن العلاف » الحديث عن خيرة العلماء منهم :
« حميد بن مسعدة
البصري ، ونصر بن عليّ الجهضمي ، ومحمد بن إسماعيل الحسّاني » وآخرون . وقد روى عنه الكثيرون منهم ، « عبد الله بن الحسن بن النخاس وأبو الحسن
الجرّاحي القاضي ، وأبو عمر بن حيويه ، وأبو حفص بن شاهين ».
توفي « الحسن بن
العلاّف » سنة ثمان عشرة وثلاثمائة على خلاف في ذلك. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٨٣
« أبو الحسن الفريابيّ »
هو : محمد بن جعفر
بن المستفاض أبو الحسن الفريابي البغدادي نزيل حلب.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو الحسن
الفريابي » القرآن عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : اسماعيل ابن إسحاق القاضي عن «
قالون » أحد الرواة المشهورين عن « نافع » المدني ، ولا زالت قراءة « قالون »
يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن .
كما أخذ «
الفريابي » حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء ، منهم : أبو يوسف يعقوب بن إسحاق
القلوسي ، ومحمد بن أحمد بن الجنيد الرقاق ، وعباس بن محمد الدوري ، وإسحاق بن
سيار النصيبي ، والمطلب بن شعيب المصري ، وموسى بن الحسن الصّقلي ، والحسن بن كليب
الأنصاري وآخرون .
تصدر « الفريابي »
لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، فمن الذين أخذوا عنه القراءة :
علي بن محمد بن إسحاق الحلبي ، وعبد المنعم بن غلبون ، وعمر الكتاني . ومن الذين أخذوا عنه حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم : محمد بن اسماعيل الوراق ، ويوسف بن عمر القواس ، وأبو
حفص
__________________
ابن شاهين ، وأبو
حفص الكتاني . اشتهر « الفريابي » بالثقة وصحة الضبط ، ومن الذين وثقوه
« الخطيب البغدادي » لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « أبي الحسن الفريابي ».
رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٨٤
« أبو الحسن القزويني » ت ٣٨١ هـ
هو : علي بن أحمد
بن صالح بن حماد أبو الحسن القزويني.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « أبو الحسن
القزويني » سنة ثلاث وثمانين ومائتين. أخذ « أبو الحسن القزويني » القراءة عن خيرة
العلماء ، وفي هذا يقول الإمام « ابن الجزري » : « أخذ القراءة عرضا عن « الحسين
بن علي الازرق » ، والعباس بن الفضل الرازي ، ولقي « ابن مجاهد » ببغداد فناظره » .
تصدر « أبو الحسن
القزويني » لتعليم القرآن ، وذاع صيته ، وطال عمره ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، يقول
« ابن الجزري » : تصدر « أبو الحسن القزويني » للاقراء نحو ثلاثين سنة.
وقرأ عليه أبو
الفضل الخزاعي بقزوين سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. كما قرأ عليه أحمد بن محمد بن
زكريا ، وروى عنه القاضي أبو يعلى الخليلي .
توفي « أبو الحسن
القزويني » في رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة بعد أن عاش ثمانية وتسعين سنة ،
قضاها في تعليم القرآن. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٨٥
« أبو الحسن الكسوري »
هو : نظيف بن عبد
الله أبو الحسن الكسوري : بكسر الكاف ، نزيل دمشق مولى « بني كسرة » ، الحلبي ،
مقرئ كبير مشهور.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو الحسن
الكسوري » القراءة عن خيرة العلماء ، منهم : أحمد بن محمد اليقطيني ، وموسى بن
جرير النحوي ، وأبو العباس الأشناني ، وعبد الصمد بن محمد العينوني ، في سنة تسعين
ومائتين ، ولم يكمل القرآن عليه ، بل سمع منه كتاب « عمرو بن الصباح ».
وقرأ أيضا على أبي
الحارث محمد بن أحمد الرقي ، قال « ابن الجزري » « وقرأ على « قنبل » في قول جماعة
من المحققين. وقيل : على « اليقطيني عن قنبل » ثم قال : أي « ابن الجزري » :
وقراءته على قنبل تحتمل كما قرأ على أبي عمرو بن الحارث وابن عقيل الرقيين » ا هـ .
تصدر « أبو الحسن
الكسوري » لتعليم القرآن وحروفه ، فتتلمذ عليه عدد كثير منهم : عبد الباقي بن
الحسن ، وعبد المنعم بن غلبون ، وعلي بن محمد بن إسماعيل ابن عمير ، وأبو علي
الرهاوي فيما ذكره « أبو العز » عن الحسن بن القاسم عنه .
__________________
اشتهر « أبو الحسن
الكسوري » بالقراءة وصحة الضبط والإتقان مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا المعنى
يقول « الذهبي » : « كان أبو الحسن الكسوري من كبار القراء » ا هـ .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « أبي الحسن الكسوري » رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٨٦
« أبو الحسن النخّاس » ت ٢٨٠ هـ ونيف
هو : إسماعيل بن
عبد الله بن عمرو بن سعيد بن عبد الله التجيبي ، أبو الحسن النخاس ، شيخ قراء مصر
، محقق ثقة ، كبير القدر ، جليل المنزلة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قرأ « أبو الحسن
النخاس » القرآن على خيرة علماء عصره ، منهم : « الازرق » صاحب « ورش » وهو أجل
أصحابه ، ولا زال المسلمون يتلقون القرآن من طريق « الازرق » عن « ورش » حتى الآن
، وقد تلقيت ذلك وقرأت به والحمد لله رب العالمين.
كما قرأ « أبو
الحسن النخاس » على عدد كثير منهم : إبراهيم بن حمدان ، وأحمد بن إسحاق بن إبراهيم
الخياط ، وأحمد بن عبد الله بن هلال ، وأحمد بن أسامة التجيبي ، وحمدان بن عون بن
حكيم ، ومحمد بن أحمد بن شنبوذ ، ومحمد بن خيرون الأندلسي ، وأبو علي وصيف
الحمراوي .
قال « الذهبي » عن
« أبي الحسن النخاس » : « تصدّر للإقراء مدّة. فقرأ عليه خلق لإتقانه وتحريره ،
وبصره بقراءة ورش » ا هـ .
توفي « أبو الحسن
النخاس » سنة بضع وثمانين ومائتين ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم
الله « أبا الحسن النخاس » رحمة واسعة ، وجزاه الله تعالى أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٨٧
« حسنون بن الهيثم » ت ٢٩٠ هـ
هو : الحسن بن
الهيثم أبو علي الدويري المعروف بحسنون.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ وضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « حسنون »
القرآن عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « هبيرة التمار » صاحب « حفص » قال « الداني
» : وروايته أشهر الروايات ، وأصحها . وقد تصدّر «
حسنون » لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أبو بكر الديلي » شيخ « أبي
العلاء الواسطي » وأبو بكر النقاش ، ومحمد بن أحمد بن هارون ، وعبد الجليل الزيات
، وابن أبي أمية ». وسمع منه الحروف « أبو بكر ابن مجاهد » .
كما أخذ « حسنون »
حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء منهم : « محمد بن كثير الفهري » ، « وداود
بن رشيد » وآخرون .
كما اشتهر « حسنون
» بتعليم القرآن ، اشتهر أيضا برواية حديث النبي صلىاللهعليهوسلم فسمع منه الحديث الكثيرون منهم : « أبو بحرية البربهاري ،
وعبد الرحمن بن العباس المخلص ».
__________________
توفي « حسنون »
سنة تسعين ومائتين من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه
الصلاة والسلام . رحم الله « حسنون » رحمة واسعة وجزاه الله عن القرآن أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٨٨
« أبو الحسين الجبّي » ت ٣٨١ هـ
هو : أحمد بن عبد
الله بن الحسين بن إسماعيل أبو الحسين الجبي ، هكذا نسبه « الحافظ الذهبي » وقال «
الإمام ابن الجزري » : الجبني الكبائي بموحدة ثم همزة مقصورة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو الحسين
الجبي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « ابن الجزري » : « قرأ على أحمد
بن فرح سنة ثلاثمائة ، وأحمد بن محمد الرازي ، وابن شنبوذ ، وأبي بكر الداجوني
والحسين بن إبراهيم صاحب ابن جبير ، والخضر بن الهيثم ، ومحمد بن جرير الطبري
الإمام باختياره سنة ثمان وثلاثمائة ، ومحمد بن موسى الزينبي ، ومحمد بن عبد الله
الرازي ، وعبد الله بن محمد بن هاشم الزعفراني ، وعبد الله بن عمر بن كثير
الهمذاني ، ومحمد بن أحمد بن عمران بن رجاء ، وأبي بكر محمد بن الحسن النقاش ،
ومحمد بن أحمد الشعيري ، وهبة الله بن جعفر وأحمد ابن عبد الصمد الرازي » .
تصدر « أبو الحسين
الجبي » لتعليم القرآن ، ومن الذين اشتهروا بالأخذ عنه ، « أبو علي الأهوازي » .
توفي « أبو الحسين
الجبي » سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة بالأهواز بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٨٩
« حسين الجعفي » ت ٢٠٣ هـ
العالم الحجة ،
معلم الكوفة.
هو : حسين بن علي
بن فتح ، أبو عبد الله الجعفي ، الكوفي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قرأ « حسين الجعفي
» القرآن وجوّده على مشاهير علماء عصره منهم : « حمزة بن حبيب الزيات » الإمام
السادس من أئمة القراءات ، وهو أحد الذين خلفوه في القيام بالقراءة.
كما روى الحروف عن
« أبي بكر بن عياش ، وأبي عمرو بن العلاء » . وقد برع « حسين
الجعفي » في القراءة ، والحديث ، وأقرأ المسلمين زمانا طويلا بعد شيخه « حمزة ».
ومن الذين أخذوا عنه القرآن : « أيوب بن المتوكل ، وخلاد بن خالد ، وأبو هشام محمد
بن يزيد الرفاعي ، وهارون بن حاتم ، وعنبسة بن النضر وآخرون .
وكما أخذ « الحسين
الجعفي » القرآن عن مشاهير علماء عصره ، تلقى الحديث أيضا عن أئمة الحديث ، منهم :
« جعفر بن برقان ، وفضيل بن مرزوق ، وعبد
__________________
الرحمن بن يزيد بن
جابر ، وسفيان الثوري ، ومجمّع بن يحيى الأنصاري » وآخرون.
وقد أخذ عنه
الحديث عدد كثير منهم : « الإمام أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، ويحيى بن معين
، وأحمد بن عمر الوكيعي ، وأحمد بن الفرات ، وعباس الدوري ، ومحمد بن عاصم الثقفي
، وخلق كثير » . وكان « حسين الجعفي » من العلماء العاملين ، الثقات.
وقد أثنى عليه
الكثيرون من مشاهير العلماء : فمن ذلك قول « الإمام أحمد بن حنبل » : ما رأيت أفضل
من « حسين الجعفي » . وقال « قتيبة بن سعيد » : قالوا لسفيان بن عيينة : قدم «
حسين الجعفي » فقال : قدم أفضل رجل يكون قط .
وروى « أبو هشام
الرفاعي » عن « الكسائي » قال : قال لي « الرشيد » : من أقرأ الناس؟ قلت : « حسين
الجعفي » .
وقال « أحمد بن
عبد الله العجلي » : كان « حسين الجعفي » يقرئ القرآن ، رأس فيه ، ولم أر رجلا قط
أفضل منه ، وهو ثقة ، ولم نره إلا مقعدا ، ولم يطأ قط ، وكان جميلا يخضب » ا هـ .
توفي « حسين
الجعفي » سنة ثلاث ومائتين من الهجرة عن أربع وثمانين سنة قضاها في تعليم القرآن
الكريم وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله « حسين الجعفي » رحمة واسعة ،
وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٩٠
« أبو الحسين الملطيّ » ت ٣٧٧ هـ
هو : محمد بن أحمد
بن عبد الرحمن أبو الحسين الملطي الشافعي نزيل عسقلان ، فقيه مقرئ متقن ثقة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ أبو الحسين
الملطي القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : أبو بكر بن مجاهد ، وأبو بكر بن
الأنباري وآخرون .
كما أخذ حديث
النبي صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء ، يقول الحافظ « الذهبي » وحدث عن « عدي
بن عبد الباقي ، وخيثمة الطرابلسي وأحمد بن مسعود الوزان » .
تصدر « أبو الحسين
الملطي » إلى تعليم القرآن ، ولسنة النبي عليه الصلاة والسّلام واشتهر بالصدق
والأمانة ، وأقبل عليه الطلاب ، فمن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا الحسن بن ملاعب
الحلبي ، وروى عنه الحروف « عبيد الله بن سلمة » . ومن الذين رووا عنه الحديث : إسماعيل بن رجاء ، وعمر بن أحمد الواسطي ،
وداود بن مصحح ، وعبيد الله بن سلمة .
__________________
قال « الحافظ
الذهبي » : أخبرنا عبد الحافظ بن بدران « بنابلس » أخبرنا أحمد بن طاوس أخبرنا
حمزة بن أحمد السلمي سنة خمسين وخمسمائة ، حدثنا الفقيه « نصر بن إبراهيم ، أخبرنا
عمر بن أحمد الخطيب حدثنا « أبو الحسين الملطي » حدثنا أحمد بن محمد بن إدريس
الإمام بحلب ، حدثنا سهل بن صالح الانطاكي ، حدثنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة أم المؤمنين رضياللهعنها قالت : قالت « هند » يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح ،
وإنه لا يعطيني ما يكفيني ويكفي بنيّ ، فآخذ من ماله وهو لا يعلم ، فهل عليّ منه
شيء؟ قال : خذي من ماله ما يكفيك وبنيك بالمعروف .
احتل « أبو الحسين
الملطي » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « الإمام
الداني » : « أبو الحسن الملطي » مشهور بالثقة والاتقان ، سمعت اسماعيل بن رجاء
يقول : كان كثير العلم كثير التصنيف في الفقه ، وكان تفقه للشافعي ، وكان يقول
الشعر .
وقال « ابن الجزري
» : أبو الحسين الملطي الشافعي نزيل عسقلان فقيه مقرئ متقن ثقة ، وله قصيدة عارض
بها « أبا مزاحم الخاقاني » وهي في وصف القراء ، ثم يقول : « ابن الجزري » أنشد
فيها الشيخ أبو المعالي المقرئ شفاها ، عن ست الدار الوجيهية عن إبراهيم ابن وثيق
عن ابن زرقون عن الخولاني عن أبي عمرو الداني قال : أنشدني إياها « عبيد الله » من
لفظه وأنشدنيها « بمصر » أبو محمد اسماعيل بن رجاء « من حفظه » قال : « أنشدنا » «
أبو الحسين الملطي » وأولها :
أقول لأهل اللب
والفضل والحجر
|
|
مقال مريد
للثواب وللأجر ،
|
وأسأل ربي عفوه
وعطاءه
|
|
وطرد دعواي
العجب عني والكبر ،
|
__________________
وأدعوه خوفا
راغبا بتذلل
|
|
ليغفر لي ما كان
من سيّئ الأمر ،
|
وأسأله عونا كما
هو أهله
|
|
أعوذ به من آفة القول
والفخر
|
توفي « أبو الحسين
الملطي » بعسقلان سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٩١
« أبو الحسين بن المنادي » ت ٣٣٦ هـ
هو : أحمد بن جعفر
بن محمد بن عبيد الله أبو الحسين البغدادي المعروف بابن المنادي الإمام المشهور.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « ابن المنادي
» لثمان عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول سنة ست وخمسين ومائتين من الهجرة.
تلقى « ابن
المنادي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « الحسن بن العباس ، وعبيد
الله بن محمد بن أبي محمد اليزيدي ، ومحمد بن سعيد بن يحيى الضبي ، والفضل بن مخلد
وآخرون ». كما أخذ « ابن المنادي » حروف القراءات عن جده : محمد بن عبيد الله ،
ومحمد بن الفرج الغساني .
وقد اشتهر « ابن
المنادي » بالثقة والتحقيق والإتقان ، وتصدر لتعليم القرآن والقراءات وسنة النبي صلىاللهعليهوسلم. قرأ على « ابن المنادي » عدد كثير ، منهم : أحمد بن نصر الشذائي ، وعبد
الواحد بن أبي هاشم : وأبو الحسن بن بلال ،
__________________
وأحمد بن صالح بن
عمر البغدادي ، وعبد الله بن أحمد بن يعقوب ، وأحمد بن عبد الرحمن ، وعبيد الله بن
إبراهيم العمري ، وروى القراءة عنه « أبو الحسين الجبني شيخ الأهوازي .
وأخذ « ابن
المنادي » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم : جده ، محمد بن عبيد الله ،
ومحمد بن إسحاق الصاغاني ، وزكريا بن يحيى المروزي ، ومحمد بن عبد المالك الدقيق ،
وأبو داود السجستاني ، وعيسى ابن الوراق ، وأبو يوسف القلوسي وغير هؤلاء كثير.
وقد روى عن « ابن
المنادي » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عدد لا بأس به ، منهم : « أبو عمر بن حيوة » وآخر من حدث
عنه « محمد بن فارس الغوري » . وكان « ابن المنادي » من الثقات ، وقد أثنى عليه الكثيرون
من العلماء ، وفي هذا المعنى يقول الخطيب البغدادي ت ٤٦٣ هـ : « كان « ابن المنادي
» ثقة أمينا ، ثبتا ، صدوقا ، ورعا ، حجة فيما يرويه ، محصلا لما يمليه ، صنف كتبا
كثيرة ، وجمع علوما جمة ، وما سمع الناس من مصنفاته إلا أقلها » ا هـ .
وقال عنه الإمام
الداني ت ٤٤٤ هـ : « « ابن المنادي » مقرئ جليل ، غاية فن الإتقان ، فصيح ، عالم
بالآثار ، نهاية في علم العربية ، ثقة مأمون ، صاحب سنة » ا هـ .
قال عنه « ابن
الجزري » ٨٣٣ هـ : « كان « ابن المنادي » إماما مشهورا ، حافظا ثقة ، متقنا ،
محققا ، ضابطا » ا هـ .
__________________
وقد اتصف « ابن
المنادي » بكثير من الصفات النبيلة التي تتفق وتعاليم الإسلام ، من هذه الصفات أنه
كان شديد العناية بصدق الرواية ، ولا يقبل الكذب أيا كان نوعه ومن جرب عليه الكذب
ولو مرة واحدة فانه لا يقبله في حلقة درسه ، لأن المحدث يجب أن يتحلى بالصدق في
جميع الأحوال.
حول هذا المعنى
يروي لنا الخطيب البغدادي هذه الحادثة فيقول : قال لي « أبو الحسن بن الصلت » :
كنا نمضي مع « ابن قاح الوراق » إلى « ابن المنادي » لنسمع منه فاذا وقفنا ببابه
خرجت إلينا جارية له وقالت : كم أنتم؟ فنخبرها بعددنا ، ويؤذن لنا في الدخول
ويحدثنا ، فحضر معنا مرة إنسان علوي وغلام له فلما استأذنا قالت الجارية : كم أنتم؟
فقلنا : نحن ثلاثة عشر ، وما كنا حسبنا العلوي ولا غلامه في العدد ، فدخلنا عليه ،
فلما رآنا خمسة عشر نفسا قال لنا : انصرفوا اليوم فلست أحدثكم ، فانصرفنا وظننا
أنه عرض له شغل ، ثم عدنا إليه مجلسا ثانيا ، فصرفنا ولم يحدثنا ، فسألناه بعد ذلك
عن السبب الذي أوجب ترك التحدث لنا ، فقال : كنتم تذكرون عددكم في كل مرة للجارية
فتصدقون ، ثم كذبتم في المرة الأخرى.
ومن كذب في هذا
المقدار لم يؤمن أن يكذب فيما هو أكبر منه ، قال : فاعتذرنا إليه وقلنا : نتحفظ
فيما بعد ، فحدثنا » ١ هـ .
وهكذا يجب على كل
مسلم وبخاصة العلماء التحلي بالصدق ، الذي هو من أسمى الصفات الحميدة ، والنبي صلىاللهعليهوسلم كان يلقب قبل بعثته عليه الصلاة والسلام بالصادق الأمين.
وتعاليم الهادي
البشير صلىاللهعليهوسلم كلها تحث على الصدق وتحذر من الكذب.
__________________
فعن عبد الله بن
مسعود رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : « إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة
، وإن الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن
الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا » ا هـ .
ومن التزم بالصدق
ونفّذ تعاليم الإسلام فإنه ليفوز يوم القيامة بجنة عرضها السموات والارض ، يشير
إلى ذلك قوله تعالى : ( قالَ اللهُ هذا
يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ، لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا
عَنْهُ ، ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .
توفي « أبو الحسين
بن المنادي » يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة بقين من المحرم سنة ست وثلاثين
وثلاثمائة من الهجرة ، ودفن في مقبرة « الخيزران ». رحم الله « ابن المنادي » رحمة
واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٩٢
« حفص بن سليمان » ت ١٨٠ هـ
الإمام الحجة ،
الثقة الثبت ، صاحب الرواية المشهورة في الآفاق ، ويقرأ بها الآن معظم المسلمين في
شتى أنحاء العالم.
وهو حفص بن سليمان
بن المغيرة أبو عمرو بن أبي داود الأسدي الكوفي ، ولد حفص سنة تسعين من الهجرة.
وقد أخذ حفص القراءة عرضا وتلقينا على « عاصم ابن أبي النّجود » الإمام الخامس من
الأئمة العشرة.
قال « الداني » :
وقد أخذ « حفص » قراءة عاصم تلاوة. ونزل « بغداد » فأقرأ بها ثم رحل إلى مكة وجاور
بها ، فأقرأ الناس بقراءة « عاصم » ولا زال المسلمون حتى الآن يتلقون قراءة « حفص
» بالرضا والقبول ، ولا أكون مبالغا إذا قلت إن قراءة « حفص » من أشهر الروايات في
شتى بقاع الدنيا.
ومما تجدر الإشارة
إليه أن قراءة « حفص » صحيحة ومتصلة السند بالهادي البشير عليه الصلاة والسلام ،
لأنها ترتفع إلى الإمام « عليّ بن أبي طالب » رضياللهعنه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
وقد كان « حفص » رحمهالله مدرسة وحده ، فقد تلقى عليه القراءة عدد كثير منهم : عمرو بن الصباح ، وأخوه
عبيد بن الصباح ، وأبو شعيب القواس ، وحمزة ابن القاسم ، وحسين بن محمد المروذي ،
وخلف الحدّاد ، وغير هؤلاء كثير. وقد
__________________
روى « حفص » عن
عدد كثير ، منهم : علقمة بن مرثد ، وثابت البناني ، وأبو إسحاق السبيعي ، ومحارب
بن دثار ، وإسماعيل السدّي ، وليث بن أبي سليم ، وآخرون.
كما روى الحديث عن
« حفص » عدد كثير منهم : بكر بن بكّار ، وآدم بن أبي إياس ، وأحمد بن عبدة ، وهشام
بن عمّار ، وعلي بن حجر ، وعمرو الناقد ، وآخرون. وقد اشتهر « حفص » رحمهالله تعالى بضبط الحروف مما جعل الناس يتهافتون على الأخذ بقراءته.
توفي « حفص » سنة
ثمانين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم ، رحم الله « حفصا »
رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ٩٣
« حمدان بن عون » ت ٣٤٠ هـ
هو : حمدان بن عون
بن حكيم بن سعيد أبو جعفر الخولاني المصري ، أحد الحذاق المدققين. ذكره « الذهبي »
ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تعلق « حمدان بن
عون » بقراءة القرآن وتجويده. فقد حكى « عمرو بن محمد ابن عراك » حيث قال : سمعت «
حمدان بن عون » يقول : فرأت على « ابن هلال » ثلاثمائة ختمة ، ثم أتى بي إلى
اسماعيل النحاس ، فقال : هذا تلميذي ، وقد قرأ عليّ وجوّد فخذ عليه ، فأخذ عليّ ،
وقرأ عليّ ختمتين ، يعني : جود فيهما وحقق .
وهكذا كان العلماء
الاوائل لا يستنكف الواحد منهم أن يأخذ عن تلميذه ، ويتلقى عنه العلم والقرآن. كما
تلقّى « حمدان بن عون » القرآن على خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أحمد بن هلال ،
واسماعيل بن عبد الله النحاس ، والقاسم بن محمد بن عامر » وآخرون .
تصدر « حمدان بن
عون » لتعليم القرآن ، فتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : « عمر بن محمد بن
عراك ».
توفي « حمدان بن
عون » بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم حول سنة أربعين وثلاثمائة من الهجرة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٩٤
« أبو حمدون الذّهلي » ت في حدود سنة ٢٤٠ هـ
هو : الطيب بن
إسماعيل بن أبي تراب ، أبو حمدون الذهلي البغدادي ، النقاش للخواتم.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى « أبو
حمدون » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، منهم : « اليزيدي ، وإسحاق المسيّبي صاحب
نافع ، ويعقوب الحضرمي ، الإمام الثامن من أئمة القراءات ، وعبد الله بن صالح ،
وإسحاق الازرق ، ويحيى بن آدم ، وغير هؤلاء كثير ».
كما روى « أبو
حمدون » الحروف عن : « سليمان بن داود الهاشمي ، وحجاج ابن منهال الأعور ، وحسين
الجعفي ، وسليمان بن عيسى » ، يقول « ابن الجزري » قال : « أبو حمدون » : سمعت
الكسائي وقد قرأ علينا ختمتين ، ما من حرف إلا سألناه عنه » ا هـ .
كما أخذ « أبو
حمدون » الحديث عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمة هؤلاء « سفيان بن عيينة » يقول « الذهبي » : جلس « أبو حمدون » للاقراء ، وقصده الطلبة لدينه وورعه ،
وإتقانه ، وحذقه بالأداء ، وقد أخذ عنه الكثيرون منهم :
__________________
« الحسن بن الحسين
الصواف ، والفضل بن مخلد الرقاق ، والحسين بن شريك ، وآخرون » .
وكما أقبل طلاب
العلم على « أبي حمدون » لتلقي القرآن الكريم ، أقبلوا عليه أيضا لسماع حديث
الرسول صلىاللهعليهوسلم. وقد حدث عنه الكثيرون منهم : إسحاق بن سنين الختّلي ،
وسليمان بن يحيى الضبي ، والقاسم بن أحمد المعشري ، وأبو العباس بن مسروق ، وغيرهم
.
وكان « أبو حمدون
» من الزهاد القانعين ، وفي هذا المعنى يقول « الذهبي » : « وقد كان « أبو حمدون »
على قدم عظيم من التقلل ، والقناعة ، والعبادة ، بلغنا أنه كان يلتقط المنبوذ ـ أي
ما يلقيه الناس استغناء عنه ـ ويتقوّت به » .
وذكر الخطيب
البغدادي في « تاريخه » : أن « أبا حمدون » كانت له صحيفة فيها أسماء ثلاث مائة
نفس من أصحابه ، يدعو لهم كل ليلة ، فنام عنهم ليلة فقيل له في النوم : « كم تسرج
مصابيحك »؟ قال : فقعد ودعا لهم » ا هـ .
توفي « أبو حمدون
» في حدود سنة أربعين ومائتين من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، وسنة
النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله « أبا حمدون » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٩٥
« حمزة بن حبيب الزيّات » ت ١٥٦ هـ
شيخ القراء ،
الإمام القدوة ، الثقة الحجة ، عالم القراءات والفرائض ، والحديث ، العابد الخاشع
، مقرئ الكوفة.
هو أبو عمارة ،
مولى آل عكرمة بن ربعي التيمي ، أحد القراء السبعة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من علماء القراءات. كما ذكره « ابن الجزري » ت
٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
قال « سهل بن محمد
التميمي » : قال لنا « سليم » سمعت « حمزة » يقول : « ولدت سنة ثمانين ، وأحكمت
القراءة ولي خمس عشرة سنة » ا هـ. وقال « الذهبي » : ولد « حمزة » سنة ثمانين ،
وأدرك الصحابة بالسنّ ، فلعله رأى بعضهم ، وقرأ « القرآن » عرضا على « الأعمش » ،
وحمران بن أعين ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وأبي إسحاق ، وقرأ أيضا على «
طلحة بن مصرف ، وجعفر الصادق ، وتصدر للاقراء ، وقرأ عليه عدد كثير » ا هـ . وقال « سليم »
__________________
عن « حمزة » :
قرأت القرآن أربع مرات على « ابن أبي ليلى » . وأقول : قرأ «
حمزة » على كل من « أبي حمزة حمران بن أعين ت ١٢٩ هـ وأبي إسحاق عمرو بن عبد الله
السبيعي ت ١٣٢ هـ. وقرأ « أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي » شيخ « حمزة » على
« عاصم بن ضمرة ، والحارث الهمذاني » على « علي بن أبي طالب » رضياللهعنه. وقرأ « علي بن أبي طالب » على رسول الله صلىاللهعليهوسلم. من هذا يتبيّن أن قراءة « حمزة » متواترة ، وصحيحة ،
ومتصلة السند بالنبي صلىاللهعليهوسلم ، ولا زال المسلمون يتلقونها ، ويقرءون بها حتى الآن. وقد
تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
ومن يقرأ تاريخ «
حمزة » يجده كان مدرسة وحده في تعليم القرآن ، ولذا فقد أخذ القراءة عنه عدد كثير
منهم : خلف بن هشام البزّار ت ٢٢٩ هـ وخلاد بن خالد الصيرفي ت ٢٢٠ هـ وسفيان
الثوري ت ١٦١ هـ وعلي بن حمزة الكسائي ت ١٨٩ هـ ١ هـ. قال « الذهبي » وقد حدث «
حمزة » عن « طلحة بن مصرف ، وحبيب بن أبي ثابت ، وعمرو بن مرّة ، وعديّ بن ثابت »
وآخرين.
كما حدث عنه «
الثوري » ، وشريك ، وأبو الأحوص ، وشعيب بن حرب ، ويحيى بن آدم ، وقبيصة بن عقبة »
وأمم سواهم .
وقال « محمد بن
الحسن النقاش » : كان « حمزة » يجلب الزيت من العراق إلى « حلوان » ويجلب من «
حلوان » : الجوز ، والجبن ، إلى الكوفة .
وقال « الذهبي » :
كان « حمزة » إماما ، حجة ، قيّما بكتاب اليه تعالى ، حافظا للحديث ، بصيرا
بالفرائض ، والعربية ، عابدا ، خاشعا ، قانتا لله تعالى .
__________________
وقال « شعيب بن
حرب » : أمّ « حمزة » الناس سنة مائة ، ودرس « سفيان الثوري القرآن على « حمزة » .
وقال « حمزة » عن
نفسه : نظرت في المصحف حتى خشيت أن يذهب بصري ، ثم قال : وكان مصحفه على هجاء مصحف
« عبد الله بن الزبير ». ولقد كان « حمزة » رحمهالله تعالى حجة في قراءة القرآن ، فعن « شعيب بن حرب » قال :
سمعت « حمزة » يقول : « ما قرأت حرفا إلا بأثر » .
وقال « إبراهيم
الازرق » : كان « حمزة » يقرأ في الصلاة كما يقرأ لا يدع شيئا من قراءته ، فذكر
المد والهمز والادغام.
وقال « يحيى بن
معين » : كان « حمزة » رحمهالله ثقة .
وروى « علي بن
الحسين » أن « حمزة » قال : إن لهذا التحقيق منتهى ينتهي إليه ، ثم يكون قبيحا ،
مثل « الجعودة » لها منتهى تنتهي إليه ، فإذا زادت صارت « قططا ».
وقال « عبد الله
بن موسى » : ما رأيت أحدا أقرأ من « حمزة ». كما قال « سفيان الثوري » : غلب «
حمزة » الناس على القرآن والفرائض.
وقال « أبو عمر
الدوري » : حدثنا « أبو المنذر يحيى بن عقيل » قال : كان « الأعمش » إذا رأى «
حمزة » قد أقبل قال : هذا حبر القرآن.
وقال « أبو حنيفة
» « لحمزة » : شيئان غلبتنا عليهما ، لسنا ننازعك فيهما ، القرآن ، والفرائض .
__________________
ومن يقرأ تاريخ «
حمزة » يحكم بأنه كان زاهدا ، وكثير العبادة ، وهناك أكثر من دليل على ذلك.
قال « عبيد الله
بن موسى » : كان « حمزة » يقرئ القرآن حتى يتفرق الناس ، ثم ينهض فيصلي أربع ركعات
، ثم يصلي ما بين الظهر والعصر ، وما بين المغرب والعشاء ، وحدثني بعض جيرانه أنه
لا ينام الليل ، وأنهم يسمعون قراءته يرتل القرآن » ا هـ .
وقال « إسحاق بن
الجراح » قال « خلف بن تميم » : مات « أبي » وعليه « دين » فأتيت « حمزة » ليكلم
صاحب الدين ، فقال : ويحك إنه يقرأ عليّ ، وأنا أكره أن أشرب من بيت من يقرأ عليّ
الماء » ا هـ .
وذكر « جرير بن
عبد الحميد » قال : مرّ بي « حمزة » فطلب ماء فأتيته به ، فلم يشرب لكوني أحضر
القراءة عنده » ا هـ .
وقال « حسين
الجعفي » : « ربما عطش « حمزة » فلا يستقي كراهية أن يصادف من يقرأ عليه » ا هـ .
توفي « حمزة »
بمدينة « حلوان » بمصر سنة ست وخمسين ومائة ، بعد حياة كلها عمل وجهاد في تعليم
القرآن ، رحم الله « حمزة » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٩٦
« خلاّد بن خالد » ت ٢٢٠ هـ
هو : خلاد بن خالد
أبو عيسى ، وقيل : أبو عبد الله الشيباني مولاهم الصيرفي الكوفي ، صاحب « سليم ».
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « خلاد بن
خالد » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « الذهبي » : خلاد بن خالد الكوفي إمام في القراءة ، ثقة ، عارف ، محقق ،
أستاذ ، أخذ القراءة عرضا عن « سليم » وهو من أضبط أصحابه وأجلهم ، وروى القراءة
عن « حسين ابن علي الجعفي عن « أبي كر » نفسه ، عن « عاصم » وعن « أبي جعفر » محمد
ابن الحسن الرؤاسي » ا هـ .
أقرأ « خلاد بن
خالد » الناس مدّة من الزمان ، وقد أخذ عنه عدد كثير منهم : « أحمد بن يزيد
الحلواني ، وإبراهيم بن علي القصّار ، وحمدون بن منصور ، وسليمان بن عبد الرحمن
الطلحي ، وعلي بن حسين الطبري ، وعنبسة بن النضر الأحمري » وآخرون .
__________________
أخذ « خلاد بن
خالد » الحديث عن خيرة العلماء ، منهم : « زهير بن معاوية ، والحسن بن صالح بن حيّ
» وآخرون .
كما حدث عنه « أبو
زرعة ، وأبو حاتم » وكان صدوقا .
توفي « خلاد بن
خالد » سنة عشرين ومائتين من الهجرة. رحم الله « خلاد ابن خالد » رحمة واسعة إنه
سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٩٧
« ابن خشنام المالكي » ت ٣٧٧ هـ
هو : علي بن محمد
بن إبراهيم بن خشنام المالكي أبو الحسن البصري الدلال ، شيخ مشهور ومن الصالحين.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن خشنام »
القراءة القرآنية عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : أبو بكر محمد بن موسى الزينبي ،
ومحمد بن يعقوب بن الحجاج المعدل .
اشتهر « ابن خشنام
» بالصدق ، والثقة ، والعدل ، وجودة القراءة ، فأقبل عليه الطلاب ، وحفاظ القرآن
وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم : « القاضي أحمد بن عبد الله بن عبد الكريم ،
وأبو الحسن طاهر بن غلبون ، ومسافر بن الطيب ، ومحمد ابن الحسين الكارزيني ، وعلي
بن أحمد الجوردكيّ ، وأبو القاسم عبد العزيز بن محمد الفارسي ، وأبو أحمد عبد
السلام بن الحسين ، والحسن بن محمد بن الفحام وغير هؤلاء » .
اشتهر « ابن خشنام
» بالثقة بين العلماء ، مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « الإمام الداني »
: « كان « ابن خشنام » خيرا فاضلا وكان من المياسير فتصدق بماله ، وكان الغالب
عليه الزهد » ا هـ .
توفي « ابن خشنام
» بالبصرة سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٩٨
« الخضر بن الهيثم » ت ٣١٠ هـ
هو : الخضر بن
الهيثم بن جابر بن الحسين الطوسي أبو القاسم مقرئ متصدر. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ
ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن
علماء القراءات.
أخذ « الخضر »
القرآن عن مشاهير العلماء منهم : « الحسن بن مالك الأشناني ، وحفص بن عدي ، وأبو
حمدون الطيب بن إسماعيل ، وأبو شعيب السوسي ، وعمر ابن شبّة ، وهبيرة بن محمد
التمار ، وأبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي ، والليث بن مقاتل المرّي ، وعبيد الله
بن محمد بن جعفر الأزدي ، ومحمد بن يعقوب السمرقندي ، ونصر بن داود » وآخرون .
وقد تصدر « الخضر
» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه عدد كثير منهم : « أحمد بن محمد بن عبيد الله العجلي
، وأحمد بن عبد الله الجبّي » شيخا الأهوازي ، وآخرون .
قال « ابن الجزري
» توفي الخضر بن الهيثم فيما أحسب قريب سنة عشر وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة
حافلة بتعليم القرآن. رحم الله الخضر بن الهيثم رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٩٩
« خلف بن هشام البزّار » ت ٢٢٩ هـ
أحد أئمة القراءات
بالكوفة ، الثقة الكبير ، الزاهد ، العابد ، العالم ، الورع.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة ، من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
كان « خلف البزار
» من المبكرين في حفظ « القرآن ». فقد حفظه وهو ابن عشر سنين ، كما انقطع لطلب
العلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة . وكان « خلف البزار » من الثقات ، فقد وثقه « ابن معين ،
والنسائي » كما كان رحمهالله تعالى من المحبين للعلم ، مهما كلفه ذلك.
يقول « الذهبي » :
قال « حمدان بن هانئ » : سمعت « خلف بن هشام » يقول : أشكل عليّ باب في النحو
فأنفقت ثمانين ألف درهم حتى حذقته . كما كان رحمهالله تعالى من الذين يتمثلون قول الله تعالى : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنا
بَنِي آدَمَ ) فكان يعتز بنفسه ، ويكرمها من أجل القرآن. والدليل على ذلك
ما يلي : يقول « أحمد بن إبراهيم » ورّاقة : سمعت « خلفا » يقول : قدمت « الكوفة »
إلى « سليم » فقال : ما أقدمك؟ قلت : أقرأ على « أبي بكر ابن عياش » فدعا ابنه
وكتب معه ورقة إلى « أبي بكر » لم أدر ما كتب فيها ، فأتيناه فقرأ الورقة وصعّد
__________________
فيّ النظر ثم قال
: أنت « خلف » قلت : نعم ، قال : أنت الذي لم تخلف ببغداد أقرأ منك؟ فسكتّ ، فقال
لي : اقعد ، هات اقرأ ، قلت : عليك؟ قال : نعم ، قلت : لا والله لا أقرأ على من
يستصغر رجلا من حملة القرآن ، ثم خرجت ، فوجّه إلى « سليم » فسأله أن يردّني فأبيت
» ا هـ .
ولقد تتلمذ « خلف
البزار » على مشاهير علماء عصره ، وأخذ عنهم القرآن ، وحروف القراءات ، منهم :
١ ـ سليم بن عيسى
، عن « حمزة الكوفي » الإمام السادس من الأئمة العشرة المشهورين.
٢ ـ يعقوب بن
خليفة الأعمش عن أبي بكر شعبة بن عياش.
٣ ـ أبو زيد :
سعيد بن أوس الأنصاري ت ٢١٥ هـ.
وقرأ كل من « أبي
بكر بن عياش ، وأبي زيد الأنصاري » على عاصم الكوفي ت ١٢٧ هـ وسند « عاصم » متصل
برسول الله صلىاللهعليهوسلم.
من هذا يتبين أن
قراءة « خلف البزّار » صحيحة ، ومتصلة السند برسول الله عليه الصلاة والسلام ، ولا
زال المسلمون يتلقونها بالرضا والقبول حتى الآن. وقد تلقيتها وقرأت بها ، والحمد
لله رب العالمين.
كما تتلمذ على «
خلف البزّار » عدد كثير منهم :
١ ـ إسحاق بن
إبراهيم بن عثمان الورّاق ت ٢٨٦ هـ.
٢ ـ أبو الحسن
إدريس بن عبد الكريم البغدادي ت ٢٩٣ هـ.
توفي « خلف البزار
» في جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين ومائتين ، ببغداد بعد حياة حافلة بتعليم القرآن
وقراءاته. رحم الله « خلف البزّار » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٠٠
« ابن خليع » ت ٣٥٦ هـ
هو : علي بن محمد
بن جعفر بن أحمد بن خليع أبو الحسن البجلي البغدادي ، الخياط ، القلانسي مقرئ ضابط
ثقة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن خليع »
القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : أبو بكر يوسف ابن يعقوب الأصم ، وزرعان
بن أحمد ، وأحمد بن حرب المعدل ، وعلي بن عثمان الجوهري ، ومسلم بن عبيد الله ،
وغير هؤلاء .
تصدر « ابن خليع »
لتعليم القرآن ، وذاع صيته واشتهر بين الناس بالإتقان وصحة القراءة فأقبل عليه
طلاب العلم وحفاظ القرآن وتتلمذ عليه الكثيرون. وفي مقدمتهم : « أبو القاسم بكر بن
شاذان ، وأبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران ، ومحمد بن عبد الله الحربي ، وأبو
الحسن الحمامي ، وأبو الفرج النهرواني ، وأبو الحسن بن العلاف. وأبو الحسن علي بن
محمد بن إبراهيم بن خشنام ، وأبو الفرج عبيد الله بن عمر المصاحفي ، وأحمد بن عبد
الله السوسنجردي » .
كان « ابن خليع »
من الثقات المشهورين بصحة القراءة مما استوجب الثناء عليه ، حول هذا المعنى يقول «
ابن الجزري » : « كان « ابن خليع » مقرئا ضابطا ثقة » .
__________________
توفي « ابن خليع »
يوم الخميس بعد العصر لاثنتي عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة ست وخمسين وثلاثمائة
من الهجرة وهو في عشر الثمانين بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحمهالله « ابن خليع » رحمة واسعة. وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ١٠١
« ابن خيرون » ت ٣٠٦ هـ
هو : محمد بن عمر
بن خيرون ، أبو عبد الله المعافري الأندلسي ، شيخ القراء بالقيروان.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « ابن خيرون
» القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر بن سيف ، وإسماعيل النحاس ،
ومحمد بن سعيد الأنماطي ، وعبيد الله بن محمد » وآخرون. رحل « ابن خيرون » إلى «
القيروان » واستوطنها ، واشتغل بتعليم القرآن وبخاصة قراءة « نافع » المدني الإمام
الاول بالنسبة لأئمة القراءات.
وفي هذا يقول «
ابن الجزري : « قدم » ابن خيرون » القيروان بقراءة نافع ، وكان الغالب على تلك
البلاد قراءة « حمزة » ولم يكن يقرأ لنافع إلا خواص الناس ، فلما قدم « ابن خيرون
» القيروان اجتمع عليه الناس ورحل إليه القراء من الآفاق. وألف كتاب « الابتداء
والتمام » وكتاب « الألفات واللامات » .
وكان « ابن خيرون
» من المعلمين الحذاق ، الذين يحرصون على صحة القراءة مهما كلفهم ذلك من جهد وشدة.
حول هذه المعاني
يقول « الإمام الداني » : « وكان ابن خيرون يأخذ أخذا
__________________
شديدا على مذهب
المشيخة من أصحاب ورش ، وسلك أصحابه في ذلك طريقة ، وكذلك من أخذ عنهم إلى اليوم ،
وكان ثقة مأمونا. وإماما في قراءة نافع من رواية ورش عنه » ، ا هـ .
وقد روى القراءة
عن « ابن خيرون » عدد كثير منهم : ابناه محمد وعلي ، وأبو جعفر أحمد بن أبي بكر
وأبو بكر الهوّاري المعلم ، وعبد الحكيم بن إبراهيم ، وغيرهم .
وقد احتل « ابن
خيرون » مكانة سامية بين العلماء وعامة المسلمين مما استوجب الثناء عليه ، حول هذه
المعاني يقول « الذهبي » : « كان « ابن خيرون » رجلا صالحا فاضلا كريم الأخلاق ،
إماما في القراءة شديد الأخذ ، ولم يكن يقرأ أهل إفريقية بحرف نافع إلا خواص الناس
حتى قدم « ابن خيرون » فاجتمع عليه الناس » ا هـ .
توفي « ابن خيرون
» بمدينة « سوسة » يوم الاثنين في نصف شعبان سنة ست وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة
حافلة بتعليم القرآن الكريم ورواياته. رحم الله « ابن خيرون » رحمة واسعة ، إنه
سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٠٢
« داود المصريّ » ت ٢٢٣ هـ
هو : داود بن أبي
طيبة هارون بن يزيد أبو سليمان ، المصري ، النحوي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن
علماء القراءات.
تلقى « داود
المصري » القرآن على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : قارئ الديار المصرية ، « ورش
» أحد رواة « الإمام نافع » الإمام الأول بالنسبة للقراء المشهورين ، ولا زالت
قراءة « ورش » يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول. حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها
والحمد لله رب العالمين.
وبعد أن تحقق «
داود المصري » من قراءته على « ورش » عرض « القرآن » على « عليّ بن كيسه » صاحب
سليم .
وقد تتلمذ على «
داود المصري » عدد كثير منهم : « ابنه : عبد الرحمن ، وحبيب بن إسحاق القرشي ،
وأحمد بن أبي حمّاد ، وعبد الرحمن بن أحمد القيرواني ، والحسن بن زياد ، وعبيد بن
محمد البزّار » وغيرهم كثير .
وكان « داود
المصري » من الزهاد الصالحين المتمسكين بكتاب الله. ولما توفي رآه بعض الصالحين في
النوم فقال له : إلى ما صرت؟ قال رحمني الله بتعليم القرآن .
توفي « داود
المصري » في شوال سنة ثلاث وعشرين ومائتين. رحم الله « داود المصري » رحمة واسعة
إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٠٣
« أبو دحية المصريّ »
هو : معلّى بن
دحية بن قيس أبو دحية المصري راو مشهور. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء
الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء
القراءات.
تلقى « أبو دحية »
القرآن عن خيرة علماء عصره. فقد قرأ القرآن وجوده على « الإمام نافع » المدني ،
وهو الإمام الاول بالنسبة إلى أئمة القراءات المشهورين . وقد أخذ القرآن على « أبي دحية » عدد كثير منهم : « يونس بن عبد الأعلى ،
وأبو مسعود المدني ، وعبد الصمد بن عبد الرحمن ، وعبد القوي بن كمّونة.
كما روى الحروف عن
« أبي دحية » هشام بن عمّار ، أحد رواة « الإمام ابن عامر الدمشقي » المشهورين.
كما أخذ الحروف عن
« أبي دحية » « أبو يعقوب الازرق » وهو من أئمة القراءات المشهورين .
قال « يونس بن عبد
الأعلى » : أقرأني « ابن دحية مثل ما أقرأني « ورش » من أوله إلى آخره ا هـ .
__________________
وروى « الداني »
عن « أبي دحية » أنه قال : سافرت بكتاب « الليث بن سعد » إلى « نافع » لأقرأ عليه
فوجدته يقرئ الناس بجميع القراءات ، فقلت له : يا « أبا رويم » ما هذا؟ فقال لي :
سبحان الله أحرم ثواب القرآن ، أنا أقرأ الناس بجميع القراءات ، حتى إذا كان من
يطلب حرفي أقرأته به ا هـ .
توفي « أبو دحية »
إلى رحمة الله ، ولم يذكر المؤرخون تاريخ وفاته. رحم الله « أبا دحية » رحمة واسعة
إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٠٤
« أبو الدرداء » رضياللهعنه ت ٣٢ هـ
هو : أبو الدرداء
عويمر بن زيد الأنصاري ، الخزرجي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الأولى من حفاظ « القرآن » قال « سعيد بن عبد العزيز » :
أسلم « أبو الدرداء » يوم « بدر » ثم شهد « أحدا » وأمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم يومئذ أن يردّ من على الجبل ، فردهم وحده. وكان قد تأخر إسلامه قليلا ا هـ .
وقال « أبو
الدرداء » عن نفسه : أعدّ لي ماء في المغتسل فاغتسل ، ولبس حلته ، ثم ذهب إلى
النبي صلىاللهعليهوسلم فنظر إليه « ابن رواحة » مقبلا ، فقال : يا رسول الله هذا
« أبو الدرداء » وما أراه إلا جاء في طلبنا؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : إنما جاء ليسلم ، إن ربّي وعدني بأبي الدرداء أن يسلم ا
هـ .
وقد جمع « أبو
الدرداء » القرآن على رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قال « أبو الدرداء » : كنت تاجرا قبل المبعث ، فلما جاء
الاسلام جمعت التجارة والعبادة ،
__________________
فلم يجتمعا ،
فتركت التجارة ولزمت العبادة ا هـ . وكان « أبو
الدرداء » رضياللهعنه مدرسة وحده ، فقد روي أن الذين كانوا في حلقة إقرائه ،
أزيد من ألف رجل ، ولكل عشرة منهم ملقن ، وكان « أبو الدرداء » يطوف عليهم قائما ،
فإذا أحكم الرجل منهم ، تحوّل إلى « أبي الدرداء » يعرض عليه.
وقد روى عن « أبي
الدرداء » عدد كثير أذكر منهم : أنس بن مالك ، وابن عباس ، وأبا أمامة ، وعبد الله
بن عمرو بن العاص ، وغيرهم من خيرة الصحابة.
ومن التابعين :
علقمة بن قيس ، وقبيصة بن ذؤيب ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء بن يسار ، وأبو عبد
الرحمن السلمي ، وخالد بن معدان ، وعبد الله بن عامر اليحصبي أحد القراء السبعة
المشهورين ، ولا زال المسلمون يتلقون قراءته حتى الآن.
وعن « محمد بن كعب
» قال : لما كان زمن « عمر بن الخطاب » رضياللهعنه ، كتب إليه « يزيد بن أبي سفيان » إن أهل الشام قد كثروا ،
واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم ، فأعنّي برجال يعلمونهم ، فدعا « عمر »
كلا من : معاذ بن جبل ، وعبادة بن الصامت ، وأبي الدرداء ، وأبي بن كعب ، وأبي
أيوب الأنصاري ».
وقال لهم : إن
إخوانكم قد استعانوني من يعلمهم القرآن ، ويفقههم في الدين ، فأعينوني يرحمكم الله
بثلاثة منكم. فخرج « عبادة بن الصامت » إلى « حمص » وخرج « أبو الدرداء » إلى «
دمشق » وخرج « معاذ بن جبل » إلى « فلسطين » ولم يزل « أبو الدرداء » بدمشق حتى
توفاه الله تعالى .
__________________
قال : « أنس » رضياللهعنه : مات النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولم يجمع القرآن غير أربعة : « أبو الدرداء ، ومعاذ ،
وزيد بن ثابت ، وأبو زيد » ا هـ . قال « أبو عمرو الداني » ت ٤٤٤ هـ : عرض على « أبي الدرداء
» القرآن : خليد ابن سعيد ، وراشد بن سعد ، وخالد بن معدان ، وابن عامر ا هـ . وقال « مسلم بن مشكم » قال لي « أبو الدرداء » : اعدد من في مجلسنا ، قال :
فجاءوا ألفا وستّ مائة ونيفا ، فكانوا يقرءون ، ويتسابقون عشرة عشرة ، فإذا صلى
الصبح انفتل وقرأ جزءا ، فيحدّقون به يسمعون ألفاظه ، وكان « ابن عامر » مقدّما
فيهم .
وكان « لأبي
الدرداء » بين الصحابة ، والتابعين مكانة علمية خاصة يتجلى ذلك في الأقوال الآتية
: قال « أبو ذرّ » لأبي « الدرداء » : ما أظلت خضراء أعلم منك يا أبا الدرداء ا هـ
. وقال « مسروق » : وجدت علم الصحابة انتهى إلى ستة : « عمر
ـ وعليّ ـ وأبيّ ـ وزيد ـ وأبي الدرداء ـ وابن مسعود » ا هـ وقال « الليث » عن رجل آخر : رأيت « أبا الدرداء » دخل مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم ومعه من الأتباع مثل السلطان ، فمن سائل عن فريضة ، ومن سائل عن حساب ، وسائل
عن حديث ، وسائل عن معضلة ، وسائل عن شعر ا هـ .
وكان « أبو
الدرداء » مع كثرة أعماله ، وانشغاله بتعليم القرآن لا يفتر عن ذكر الله تعالى ،
يدل على ذلك ما يلي : روى « عمر بن واقد » أنه قيل « لأبي الدرداء » وكان لا يفتر
من الذكر : كم تسبح في كل يوم؟ قال : مائة ألف ، إلا
__________________
أن تخطئ الأصابع . وقد أثر عن « أبي الدرداء » أقوال كلها وعظ ، وحكمة ، وإرشاد ، أذكر منها ما
يلي : قال « معاوية بن قرّة » : قال « أبو الدرداء » ثلاثة أحبهن ويكرههن الناس :
الفقر ، والمرض ، والموت ، أحب الفقر تواضعا لربّي ، والموت اشتياقا لربّي ،
والمرض تكفيرا لخطيئتي ا هـ . وقال « لقمان بن عامر » : إن « أبا الدرداء » قال : أهل
الأموال يأكلون ونأكل ، ويشربون ونشرب ، ويلبسون ونلبس ، ويركبون ، ونركب ، ولهم
فضول أموال ينظرون إليها ، وننظر إليها معهم ، وحسابهم عليها ونحن منها برآء ا هـ . وعن « عبد الله بن مرّة » أن « أبا الدرداء » قال : ا عبد الله كأنك تراه ،
وعدّ نفسك في الموتى ، وإياك ودعوة المظلوم ، واعلم أن قليلا يغنيك خير من كثير
يلهيك ، وأن البرّ لا يبلى ، وأن الإثم لا ينسى ا هـ .
قال « الذهبي » :
توفي « أبو الدرداء » سنة اثنتين وثلاثين ، وما خلّف بالشام كلها بعده ، رضياللهعنه ا هـ . رحم الله « أبا الدرداء » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٠٥
« ابن ذؤابة القزاز » ت قبل ٣٤٠ هـ
هو : علي بن سعيد
بن الحسن بن ذؤابة أبو الحسن البغدادي القزاز. مقرئ مشهور بالضبط والاتقان.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « ابن ذؤابة
» القراءة على خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : اسحاق الخزاعي ، وأحمد بن فرح ، وأحمد
بن سهل ، وأحمد بن الأشعث ، وأبو بكر بن مجاهد ، ومحمد بن عبد الله ، وغيرهم كثير.
تصدر « ابن ذؤابة » لتعليم القرآن. فتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : صالح بن
ادريس ، وعلي بن عمر الدار قطني الحافظ ، وعمر بن إبراهيم الكتاني ، وأحمد بن محمد
الباهلي وآخرون .
اشتهر « ابن ذؤابة
» بالثقة والأمانة ، وجودة الإتقان ، وفي هذا يقول الإمام « الداني » : « ابن
ذؤابة مشهور بالضبط والإتقان ، ثقة مأمون » ا هـ . وقال « الذهبي » : « كان من جلة أهل الأداء ، مشهورا ضابطا محققا » ا هـ .
توفي « ابن ذؤابة
» قبل الاربعين وثلاثمائة من الهجرة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٠٦
« ابن ذكوان » ت ٢٤٢ هـ
هو : عبد الله بن
أحمد بن بشير بن ذكوان ، القرشيّ الفهري الدمشقي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « ابن ذكوان »
سنة ثلاث وسبعين ومائة من الهجرة. وقد تلقى « ابن ذكوان » القراءة عن مشاهير علماء
عصره ، في مقدمتهم : « أيوب بن تميم » وهو الذي خلفه في القيام بالقراءة بدمشق . قال « أبو عمرو الداني » : قرأ « ابن ذكوان » على « الكسائي » حين قدم الشام
، وقد اختلف المؤرخون في رحلة « الكسائي » إلى الشام ، فقال « ابن الجزري » : ولقد
وقفت على ما يدلّ أن « الكسائي » دخل الشام ، وأقرأ بجامع دمشق ا هـ . وقال « النقاش » : قال ابن ذكوان : أقمت على الكسائي سبعة أشهر ، وقرأت عليه
القرآن غير مرّة .
كما أخذ « ابن
ذكوان » الحديث عن مشاهير علماء عصره ، منهم : « عراك بن خالد ، وسويد بن عبد
العزيز ، والوليد بن مسلم ، ووكيع بن الجراح » وآخرون . و « ابن ذكوان » هو أحد الرواة المشهورين عن « ابن عامر
__________________
الدمشقي ». وقراءة
« ابن ذكوان » صحيحة ومشهورة ، ولا زال المسلمون يتلقونها بالرضا والقبول حتى الآن
وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
ولقد اشتهر « ابن
ذكوان » بالقراءة ، والاقراء ، وقد تتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : ابنه أحمد ،
وأحمد بن أنس ، وأحمد بن يوسف التغلبي ، وأحمد بن نصر بن شاكر بن أبي رجاء ، وأبو
زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي ، وعبد الله بن مخلد الرازي ، وآخرون .
وكما كان « ابن
ذكوان » استاذا في القراءات ، فقد كان أيضا من أئمة الحديث ، وقد روى عنه عدد كثير
منهم : « أبو داود ، وابن ماجة في سننهما ، وولده أبو عبيدة أحمد بن عبد الله ،
وإسماعيل بن قيراط ، وعبد الله بن محمد بن مسلم المقدسي ، وغير هؤلاء كثير .
كما كان « لابن
ذكوان » مصنفات مفيدة في علوم القرآن منها : « كتاب أقسام القرآن وجوابها ، وما
يجب على قارئ القرآن عند حركة لسانه ، لقد كان « لابن
ذكوان » المنزلة الرفيعة ، والمكانة السامية بين علماء عصره ، مما استوجب ثناء
الكثيرين عليه : قال « أبو زرعة الدمشقي » : « لم يكن بالعراق ، ولا بالحجاز ، ولا
بالشام ، ولا بخراسان في زمان « ابن ذكوان » أقرأ منه » . وقال « الوليد بن عتبة » الدمشقي : « ما بالعراق أقرأ من ابن ذكوان » ا هـ . وقال « أبو حاتم » : كان « ابن ذكوان » صدوقا ا هـ .
توفي « ابن ذكوان
» سنة اثنتين وأربعين ومائتين من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة
النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله « ابن ذكوان » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٠٧
« أبو ربيعة » ت ٢٩٤ هـ
هو : محمد بن
إسحاق بن وهب بن أعين بن سنان أبو ربيعة الربعي المكي ، المؤدب ، صاحب المصنفات
المفيدة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو ربيعة »
القراءة عرضا عن « البزّي ، وقنبل » الراويين المشهورين عن « ابن كثير » الإمام
الثاني بالنسبة للقراء العشرة ولا زالت قراءة كل من « البزّي ، وقنبل » يتلقاها
المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن. وقد تلقيتها ، وقرأت بها والحمد لله رب
العالمين.
قال الإمام «
الداني » ت ٤٤٤ هـ عن « أبي ربيعة » : وضبط عن البزّي ، وسمعوه منه ، وهو من كبار
أصحابهما ، وقدمائهم ، ومن أهل الضبط والاتقان ، والثقة ، والعدالة ، وأقرأ الناس
في حياتهما » ا هـ . وقال « ابن الجزري » : وطريق « أبي ربيعة » عن « البزّي »
هي التي في الشاطبية ، والتيسير من طريق النقاش عنه ا هـ . وقد تصدى « أبو ربيعة » للاقراء بمكة المكرمة بعد وفاة شيخيه : « قنبل ،
والبزّي » ، فأخذ عنه القراءة عدد كثير منهم : محمد بن الصبّاح ، ومحمد بن عيسى
بندار ، وعبد الله بن أحمد البلخي ، وإبراهيم بن عبد
__________________
الرزاق ، وأبو بكر
النقاش ، وهبة الله بن جعفر ، ومحمد بن موسى الهاشمي ، وعبد الصمد بن بنان ، ومحمد
بن أحمد الداجوني ، وغيرهم كثير .
توفي « أبو ربيعة
» في رمضان سنة أربع وتسعين ومائتين من الهجرة. رحم الله « أبا ربيعة » رحمة واسعة
إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٠٨
« رفيع بن مهران »
« أبو العالية الرّياحي البصري » ت ٩٠ هـ
الإمام ـ المقرئ ـ
الحافظ ـ المفسر ـ الورع ـ صاحب المنزلة العالية.
أدرك زمان النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو شاب ، وأسلم في خلافة « أبي بكر » رضياللهعنه.
أخذ « القرآن »
عرضا على : أبيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وابن عباس ، رضياللهعنهم. وصحّ أنه عرض « القرآن » على « عمر » فقد روى « الدار قطني » أن أبا العالية
قال : قرأت « القرآن » على « عمر بن الخطاب » أربع مرات ا هـ . حفظ « أبو العالية » « القرآن » وتصدر للإقراء والتعليم ، وبعد صيته ، وأصبح
من مشاهير القراء.
__________________
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى على « أبي
العالية » « القرآن » عدد كثير ، منهم : شعيب بن الحبحاب ، والحسن بن الربيع ،
والأعمش ، وأبو عمرو بن العلاء ، اللغوي والقارئ المشهور ، الذي لا زالت قراءته
يقرأ بها المسلمون حتى الآن . قال « أبو بكر بن أبي داود » : ليس أحد بعد الصحابة أعلم
بالقرآن من « أبي العالية » وبعده « سعيد ابن جبير » وبعده « السدّي » وبعده «
الثوري » ا هـ . وقال « مغيرة » : كان « أبو العالية » إماما في « القرآن
» والتفسير ، والعلم ، والعمل ، وكان أشبه أهل البصرة علما « بإبراهيم النخعي » ا
هـ . وقال « قتادة » : صح أن « أبا العالية » قال : « قرأت
القرآن بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوسلم بعشر سنين » .
وروى « حماد بن
زيد » عن « شعيب بن الحبحاب » قال : قال « أبو العالية » اشترتني « امرأة » فأرادت
أن تعتقني ، فقال بنو عمها : تعتقينه فيذهب إلى الكوفة فينقطع ، فأتت بي مكانا في
المسجد فقالت : « أنت سائبة » تريد لا ولاء لأحد عليك ، قال : « فأوصى أبو العالية
بماله كله » ا هـ .
وروى « الربيع بن
أنس » عن « أبي العالية » قال : أرحل إلى الرجل مسيرة أيام ، فأول ما أتفقده من
أمره ، صلاته ، فإن وجدته يقيمها ، ويتمها ، أقمت وسمعت منه ، وإن وجدته ، يضيعها
رجعت ولم أسمع منه. وقلت : « هو لغير
__________________
الصلاة أضيع » . فهذا الخبر إن دلّ على شيء ، فإنما يدلّ على مدى حرصه على أن يكون سنده في
العلم ، قويّا صحيحا. قال « أبو نعيم » : حدثنا « عبد الله بن محمد » عن « أبي
العالية » أنه كان إذا أراد أن يختم « القرآن » من آخر النهار أخره إلى أن يمسي ،
وإذا أراد أن يختمه من آخر الليل أخره إلى أن يصبح .
وكما كان « أبو
العالية » عالما بالقرآن صحيح السند ، فقد كان أيضا عالما بالسنة وصحيح السند ،
فقال تلقى الحديث وسمعه من « عمر ـ وعليّ ـ وأبيّ ـ وأبي ذرّ ـ وابن مسعود ـ وعائشة
ـ وأبي موسى ـ وأبي أيوب ـ وابن عباس ـ وزيد بن ثابت » رضي الله عن الجميع .
وكان « أبو
العالية » يختم « القرآن » كل جمعة ، يدلّ على ذلك الخبر التالي : قال « أبو خليدة
» خالد بن دينار : سمعت « أبا العالية » يقول : كنّا عبيدا مملوكين ، منا من يؤدي
الضرائب ، ومنا من يخدم أهله ، فكنا نختم كل ليلة ، فشق علينا ، حتى شكا بعضنا إلى
بعض ، فلقينا أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعلمونا أن نختم كل جمعة ، « فصلينا ونمنا ولم يشق علينا »
ا هـ .
ولقد كان « لأبي
العالية » المكانة السامية عند « ابن عباس » رضياللهعنهما يدلّ على ذلك الخبر التالي : فعن « أبي العالية » قال :
كان « ابن عباس » يرفعني على « السرير » وقريش أسفل من السرير ، فتغامزت بي قريش ،
فقال « ابن عباس » : هكذا العلم يزيد الشريف شرفا ، ويجلس المملوك على الأسرّة » .
وكان « أبو
العالية » من الذين يخشون الله تعالى حق خشيته ، ويخافون عقابه وعذابه ، وهناك
أكثر من دليل على ذلك ، ولكنني أكتفي بذكر ما يلي : فقد قال
__________________
صاحب الحلية :
حدثنا « أبو حامد بن جبلة » عن « أبي العالية » قال : « لما كان قتال « عليّ و «
معاوية » كنت رجلا شابّا ، فتهيأت ولبست سلاحي ثم أتيت القوم فإذا صفان لا يرى
طرفاهما ، إذا كبّر هؤلاء كبّر هؤلاء وإذا هلّل هؤلاء ، هلل هؤلاء ، فراجعت نفسي
فقلت : أي الفريقين أنزّله كافرا؟ ومن أكرهني على هذا ، فتلوت هذه الآية : ( وَمَنْ
يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها ) أمسيت حتى رجعت وتركتهم » ا هـ .
ولقد كان « أبو
العالية » من الحكماء ، ومن مأثور قوله ما يلي : قال « أبو نعيم » في الحلية :
حدثنا « سليمان بن أحمد » عن « أبي العالية » قال : « تعلموا الإسلام فإذا علمتموه
فلا ترغبوا عنه ، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الاسلام ، ولا تحرفوا الصراط يمينا
أو شمالا ، وعليكم بسنة نبيكم صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، وإياكم وهذه الأهواء المتفرقة فإنها تورث بينكم
العداوة والبغضاء » .
وقال « أبو نعيم »
: حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، عن الربيع بن بدر عن سيّار أبي المنهال قال : رأيت
« أبا العالية » يتوضأ فقلت : « إن الله يحبّ التوابين ويحبّ المتطهرين » فقال :
ليس المتطهرين من الماء ، ولكن المتطهّرين من الذنوب ا هـ .
توفي « أبو
العالية » في شوال سنة تسعين من الهجرة. بعد حياة حافلة بالعبادة ، وتعليم القرآن
والسنة المطهرة. رحم الله « أبا العالية » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٠٩
« روح بن عبد المؤمن » ت ٢٣٥ هـ
هو : روح بن عبد
المؤمن أبو الحسن الهذلي مولاهم البصري النحوي ، كذا نسبه جماعة الحفاظ والمحدثين.
وقال « الأهوازي »
: هو روح بن عبد المؤمن بن قرّة بن خالد.
وقال « الداني » :
هو روح بن عبد المؤمن بن عبدة بن مسلم ، مقرئ جليل ثقة ضابط مشهور ا هـ .
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « روح »
القرآن على خيرة العلماء ، فقد عرض القرآن على « يعقوب الحضرمي » الإمام الثامن
بالنسبة للقراء المشهورين ، وروح من خيرة أصحاب « يعقوب الحضرمي » وأحد رواته
المشهورين ، ولا زالت رواية « روح » يتلقاها المسلمون حتى الآن ، وقد تلقيتها
وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
كما روى « روح »
الحروف عن « أحمد بن موسى ، ومعاذ بن معاذ ، وابنه عبيد الله بن معاذ » ، كلهم عن
« أبي عمرو » وغيرهم كثير . وقد روى
__________________
« روح » الحديث عن
« أبي عوانة ، وحماد بن يزيد ، وجعفر بن سليمان الضبعي » .
كما روى عن « روح
» الحديث « الإمام البخاري » ، في صحيحه ، وروى عنه أيضا : « عبد الله بن أحمد ،
وأبو خليفة ، وإبراهيم بن محمد بن نائلة الأصبهاني ، وأبو يعلى الموصلي » .
وكان « روح » من
قراء القرآن المتقين ، ومن رواة الحديث الثقات ، وقد شهد له بذلك أكثر من واحد ،
وفي مقدمتهم : « ابن حبان » .
توفي « روح » سنة
أربع أو خمس وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحم الله « روح » رحمة واسعة إنه سميع
مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١١٠
« روح بن قرّة »
هو : روح بن قرّة
البصري ، وهو غير « روح بن عبد المؤمن » صاحب « يعقوب الحضرمي ».
ذكر « روح بن قرّة
» « الذهبي » ضمن علماء الطبقة السادسة من الحفاظ. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « روح »
القراءة عن خيرة العلماء منهم : « يعقوب الحضرمي » الإمام التاسع بالنسبة لأئمة
القراءات ، كما قرأ على « سلام بن أبي المنذر » وغيرهما .
وقد أخذ « القرآن
» على « ابن قرّة » عدد من العلماء منهم : « أبو عبد الله الزبير بن أحمد الزبيري
» فقيه البصرة ، « وأبو الفتح » النحوي وغيرهما .
توفي « ابن قرّة »
إلى رحمة الله ، ولم يذكر أحد تاريخ وفاته. رحم الله « ابن قرّة » وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١١١
« رويس » ت ٢٣٨ هـ
هو : محمد بن
المتوكل أبو عبد الله اللؤلؤي البصري ، المعروف برويس ، مقرئ حاذق مشهور.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى رويس القراءة
عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « يعقوب الحضرمي » وهو من خيرة أصحابه ،
وأحد الرواة المشهورين عنه ، ولا زالت قراءة « رويس » يتلقاها المسلمون بالرضا
والقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. قال « الزهري »
: سألت « أبا حاتم » عن « رويس » هل قرأ على « يعقوب الحضرمي »؟ قال : نعم قرأ
معنا وختم عليه ختمات ، وكان ينزل في « بني مازن » وعلى روايته أعوّل ا هـ .
وقد تتلمذ على «
رويس » عدد كثير منهم : « محمد بن هارون التمّار » والإمام « أبو عبد الله الزبير
بن أحمد الزبيري الشافعي » .
وكان « لرويس »
المكانة السامية ، والشهرة المعرفة بالضبط وحسن الاستقامة ، وفي هذا المعنى يقول «
الأستاذ أبو عبد الله القصّاع » : كان
__________________
« رويس » قارئا
مشهورا جليلا.
توفي « رويس »
بالبصرة سنة ثمان وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
رقم الترجمة / ١١٢
« رويم بن يزيد » ت ٢١١ هـ
هو : رويم بن يزيد
، أبو الحسن البصري ، ثقة ، كبير القدر ، كان يقرئ بمسجده بمكان يقال له « نهر
القلائين » ببغداد.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « رويم »
القرآن عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « سليم » صاحب « حمزة » كما أخذ عن « عمرو
بن ميمون » عن « حمزة » .
وقد تلقى القرآن
على « رويم » عدد كثير منهم : « محمد بن شاذان الجوهري ، وإسماعيل بن الحارث ،
وغيرهما كثير .
وقد حدث « رويم »
عن عدد كبير من خيرة العلماء ، منهم : « الليث بن سعد ، وسلاّم بن المنذر ،
وإسماعيل بن يحيى التيمي ، وهارون بن أبي عيسى الشامي » وآخرون .
كما روى عن « رويم
» الحديث عدد من العلماء منهم : « أبو عبد الله محمد ابن سعد » كاتب الواقدي ،
وأحمد بن يوسف التغلبي ، وجعفر بن محمد بن شاكر ابن الصائغ .
توفي « رويم » سنة
إحدى عشرة ومائتين من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه
الصلاة والسلام. رحم الله « رويم بن يزيد » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١١٣
« أبو الزّعراء بن عبدوس » ت ٢٨٠ هـ
هو : عبد الرحمن
بن عبدوس بفتح العين ، أبو الزعراء البغدادي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو الزعراء
» القراءة عن خيرة علماء عصره. وفي هذا المعنى يقول « ابن الجزري » : أخذ « ابن
عبدوس » القراءة عرضا عن « أبي عمر الدوري » بعدة روايات ، وأكثر عنه ا هـ .
وقال « أبو عمرو
الداني » : « أبو الزعراء » من أكبر أصحاب « أبي عمر الدوري » وأجلّهم ، وأضبطهم ،
وأوثقهم ا هـ . « وأبو عمر الدوري » أحد رواة « أبي عمرو بن العلاء »
البصري الإمام الثالث بالنسبة لأئمة القراءة. ولا زالت قراءة « أبي عمر الدوري »
يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب
العالمين.
وقد تصدر « أبو
الزعراء » للاقراء مدة طويلة فقرأ عليه الكثيرون منهم « مجاهد » وهو أجلّ أصحابه.
قال « ابن مجاهد » : قرأت « لنافع » على « أبي الزعراء » نحوا من عشرين ختمة ،
وقرأت عليه « لأبي عمرو ، وللكسائي وحمزة » .
__________________
كما أخذ القراءة
عن « أبي الزعراء » : « عليّ بن الحسين الرقيّ ، وعمر بن عجلان ، وإبراهيم بن موسى
الدينوري ، وعلي بن النضر ، ومحمد بن يعقوب المعدل ، ومحمد بن المعلّى الشوينزي »
وغير هؤلاء كثير .
توفي « أبو
الزعراء » سنة بضع وثمانين ومائتين من الهجرة. رحم الله « أبا الزعراء » رحمة
واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١١٤
« زيد بن ثابت » رضياللهعنه ت ٤٥ هـ
هو : « زيد بن
ثابت » الخزرجي ، الأنصاري ، شيخ المقرئين ، وإمام الفرضيين.
ذكره « أبو عبيد
القاسم بن سلام » ت ٢٢٤ هـ ضمن الصحابة الذين أتموا حفظ « القرآن الكريم ».
وعده « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الاولى من حفاظ القرآن.
يقول « زيد بن
ثابت » عن نفسه : « أتى بي النبي صلىاللهعليهوسلم مقدمه المدينة فقالوا : يا رسول الله هذا غلام من « بني
النجار » وقد قرأ مما أنزل عليك سبع عشرة سورة ، فقرأت على رسول الله عليه الصلاة
والسلام ، فأعجبه ذلك ، وقال : « يا زيد تعلم لي كتاب يهود ، فإني والله ما آمنهم
على كتابي ».
قال : فتعلمته فما
مضى لي نصف شهر حتى حذقته ، وكنت أكتب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا كتب إليهم ا هـ .
__________________
وعن « زيد بن ثابت
» رضياللهعنه أنه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا نزل عليه الوحي بعث إلي فكتبته ا هـ . وعن « زيد » أنه قال : « أجازني رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الخندق وكساني قبطيّة » . وهي ثوب من ثياب « مصر » رقيقة بيضاء.
وكان « زيد بن
ثابت » من حملة الحجة ، وكان « عمر بن الخطاب » رضياللهعنه يستخلفه إذا حج على « المدينة المنورة » وهو الذي تولّى
قسمة الغنائم يوم « اليرموك ». وكان « زيد بن ثابت » رضياللهعنه شديد الذكاء ، فيه عدل وفطنة وهناك أكثر من شاهد على ذلك ،
ولكني أكتفي بذكر ما يلي :
أولا : فعن « داود
بن أبي هند » عن « أبي نضرة » عن « أبي سعد » قال : « لما توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم قام خطباء الأنصار فتكلموا وقالوا : رجل منّا ، ورجل منكم ، فقام « زيد بن
ثابت » فقال : إن رسول الله صلى عليه وسلّم كان من المهاجرين ، ونحن أنصاره ،
وإنما يكون الإمام من المهاجرين ، ونحن أنصاره. فقال « أبو بكر » رضياللهعنه : « جزاكم الله خيرا يا معشر الأنصار ، وثبت قائلكم ، لو قلتم غير هذا ما
صالحناكم » ا هـ .
قرأ على « زيد بن
ثابت » عدد كثير منهم : أبو هريرة ـ وابن عباس ـ وابن عمر ـ وأبو سعيد الخدري ـ وأنس
بن مالك ـ وسهل بن سعد ـ وأبو أمامة بن سهل ـ ومروان بن الحكم ـ وسعيد بن المسيّب
ـ وأبان بن عثمان.
قال « أنس بن مالك
» : جمع القرآن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أربعة كلهم من الأنصار : « أبيّ ، ومعاذ ، وزيد بن ثابت ،
وأبو زيد » ا هـ .
__________________
وعن « أنس بن مالك
» رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : « أفرض أمتي زيد بن ثابت » ا هـ .
وروى الشعبي عن «
مسروق » قال : « كان أصحاب الفتوى من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : عمر ـ وعليّ ـ وابن مسعود ـ وزيد ـ وأبيّ ـ وأبو موسى » ا هـ . وقال « جعفر بن برقان » : سمعت « الزهري » يقول : « لو لا أن زيد بن ثابت
كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب من الناس » .
وروى « سعيد بن
عامر » عن حميد بن الأسود ، قال : قال « مالك » : « كان إمام الناس عندنا بعد «
عمر » « زيد بن ثابت ». وكان إمام الناس عندنا بعد « زيد » « ابن عمر » ا هـ .
وقال « عبيد بن
السباق » حدثني « زيد » أن « أبا بكر » قال له : « إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، قد
كنت تكتب الوحي لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فتتبع « القرآن » فاجمعه ، فقلت : كيف تفعلون شيئا لم
يفعله رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : هو والله خير ، فلم يزل « أبو بكر » يراجعني حتى
شرح الله صدري للذي شرح له صدر « أبي بكر وعمر » فكنت أتتبع « القرآن » أجمعه من :
الرقاع ـ والأكتاف والعسب ـ وصدور الرجال » ا هـ .
قال « أبو هريرة »
رضياللهعنه : لما مات « زيد بن ثابت » : مات حبر
__________________
الأمة ، ولعل الله
أن يجعل في « ابن عباس » منه خلفا ا هـ .
وقال « عمّار بن
أبي عمّار » لما مات « زيد بن ثابت » جلسنا إلى « ابن عباس » في ظلّ ، فقال : هكذا
ذهاب العلماء ، دفن اليوم علم كثير ا هـ .
قال « الواقدي »
توفي « زيد بن ثابت » سنة خمس وأربعين من الهجرة ، عن ست وخمسين سنة ا هـ . رحم الله « زيد بن ثابت » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١١٥
« سالم مولى أبي حذيفة » رضياللهعنه ت
الصحابي الكبير
أحد السابقين إلى الاسلام.
ذكره « ابن الجزري
» ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
وقال : وردت الرواية
عنه في حروف « القرآن ».
ولقد كان « لسالم
مولى أبي حذيفة » الأثر الواضح في تعليم القرآن وتجويده ونقل قراءاته ورواياته ،
ومما يدل على علوّ منزلته ومكانته عند النبي صلىاللهعليهوسلم قوله عليه الصلاة والسلام : « خذوا القرآن من أربعة عبد
الله بن مسعود ـ وأبيّ بن كعب ـ ومعاذ بن جبل ـ وسالم مولى أبي حذيفة .
يؤم المهاجرين
لأنه كان أقرأهم : فعن « ابن عمر » رضياللهعنهما قال : « كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الذين
قدموا من مكة حين قدم. المدينة ، لأنه كان أقرأهم » ا هـ .
كما كان رضياللهعنه من أحسن الناس صوتا بقراءة القرآن. فعن « عائشة » أم المؤمنين رضياللهعنها قالت : « استبطأني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات ليلة فقال : ما حبسك؟ قلت : إن في المسجد لأحسن من
سمعت
__________________
صوتا بالقرآن ،
فأخذ رداءه ، وخرج يسمعه ، فإذا هو « سالم مولى أبي حذيفة » فقال : الحمد لله الذي
جعل في أمتي مثلك .
كما كان رضياللهعنه من الشجعان : فعن « محمد بن ثابت بن قيس » قال : لما انكشف المسلمون يوم
اليمامة قال « سالم مولى أبي حذيفة » : ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فحفر لنفسه حفرة فقام فيها ، ومعه راية المهاجرين ، ثم قاتل حتى قتل ا هـ .
رحم الله « سالم
مولى أبي حذيفة » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١١٦
« ابن أبي سريج » ت ٢٣٠ هـ
هو : أحمد بن
الصباح بن أبي سريج ، ويقال : أحمد بن عمر بن الصبّاح ، أبو جعفر ، ويقال : أبو
بكر ، النهشلي ، الرازي ، ثم البغدادي ، القطان ، ثقة ، ضابط كبير ، وهو شيخ «
الإمام البخاري » وأحد أصحاب الشافعي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « ابن سريج »
القرآن عن خيرة العلماء.
يقول « ابن الجزري
» : قرأ « ابن أبي سريج » على « الكسائي » وله عنه نسخة ، وأخذ أيضا عن « عبيد
الله بن موسى ، وعبد الوهاب بن عطاء » صاحب « أبي عمرو بن العلاء » .
وقد تتلمذ على «
ابن أبي سريج » عدد كثير منهم : « الحسين بن علي بن حمّاد الازرق ، والفضل بن
شاذان ، وابنه العباس بن الفضل » في قول الأهوازي ، والهذلي. ويقول « ابن الجزري »
: الصحيح أن « العباس » إنما روى الحروف سماعا ، أو قراءة من غير أن يعرض عليه
القرآن .
توفي « ابن أبي
سريج » سنة ثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١١٧
« السّري بن مكرم »
هو : السّري بن
مكرم البغدادي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « السري »
القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو أيوب الخياط » فقد روى القراءة عنه
عرضا .
وقد تصدر « السري
» لتعليم القرآن ، فأخذ عنه القراءة عدد كثير منهم : « محمد بن أحمد بن شنبوذ ،
وأحمد بن يوسف الأهوازي ، وعلي بن أحمد السامري » وآخرون .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « السري ». رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١١٨
« ابن سعدان » ٢٣١ هـ
هو : محمد بن
سعدان أبو جعفر الضرير ، الكوفي النحوي صاحب المصنفات في النحو والقراءات.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « ابن سعدان
» القراءة عن خيرة العلماء : فقد أخذ القراءة عرضا عن سليم عن حمزة ، وعن يحيى بن
المبارك اليزيدي ، وعن إسحاق بن محمد المسيبي ، وروى الحروف سماعا عن عبيد بن عقيل
عن شبل ، وعن « محمد بن المنذر » عن « يحيى بن آدم » ، وعن « يحيى بن منصور » عن «
أبي بكر » .
وقد تتلمذ على «
ابن سعدان » عدد كثير : فروى القراءة عنه عرضا وسماعا : « أحمد بن محمد بن واصل »
وهو أجلّ أصحابه ، وأثبتهم فيه وجعفر بن محمد الآدمي ، وعبد الله بن محمد بن هاشم
الزعفراني ، ومحمد بن جعفر بن الهيثم وغير هؤلاء كثير .
__________________
وقد روى « ابن
سعدان » الحديث عن عدد من العلماء منهم : « أبو معاوية ، وابن إدريس الاودي »
وغيرهما .
كما روى عنه
الحديث جماعة منهم : « عبد الله بن أحمد بن حنبل » وكان « ابن سعدان » من « الثقات
» فقد وثقه « الخطيب » ، وغيره.
وكما كان « ابن
سعدان » من علماء القراءات ، فقد كان أيضا من علماء النحو ، وله مصنفات مفيدة في
العلمين منها : « كتاب القراءات ، وكتاب مختصر في النحو ، وكتاب في الحدود » .
توفي « ابن سعدان
» سنة إحدى وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١١٩
« سعد بن أبي وقّاص » رضياللهعنه ت ٥٥ هـ
علم من حفاظ «
القرآن الكريم » وأحد العشرة المبشرين بالجنة ، وأحد السابقين إلى الإسلام ، وأحد
الستة أهل الشورى ، وأحد من شهد « بدرا » والحديبية.
ذكره « ابن الجزري
» ت ٨٣٣ هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات.
وقال : وردت عن «
سعد بن أبي وقاص » الرواية في حروف القرآن.
وكان « سعد »
قصيرا ـ أشنّ الأصابع ـ ذا هامة ـ آدم ـ جعد الشعر. أسلم « سعد » رضياللهعنه وهو ابن سبع عشرة ، ولنستمع إليه وهو يقول : ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت
، ولقد مكثت سبع ليال وإني لثلث الإسلام .
ولقد كان « لسعد »
المكانة المرموقة في العلم والمعرفة ، مما جعل الكثيرين يأخذون عنه : فقد حدث عنه
عدد كثير أذكر منهم : ابن عمر ـ وعائشة ـ وابن عباس ـ والسائب بن يزيد ـ وقيس بن
أبي حازم ـ ومجاهد ـ وشريح ـ وأبا عبد الرحمن السلمي ـ وعروة بن الزبير ـ وهناك
عدد كثير.
__________________
وكان « سعد » أول
من رمى بسهمه في الإسلام ، ولنستمع إليه وهو يقول : « ما جمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبويه لأحد قبلي ، ولقد رأيته يقول : « يا سعد ارم فداك أبي وأمي » وإني لأول
المسلمين رمى المشركين بسهمه ، ولقد رأيتني مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم سابع سبعة ما لنا طعام إلا ورق السّمر .
كما كان « سعد »
من الشجعان وكان سهمه لا يخطئ إلا نادرا ، يدل على ذلك قوله عن يوم أحد : فلقد
رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يناولني النبل ويقول : « ارم فداك أبي وأمي » حتى إنه
ليناولني السهم ما له من نصل فأرمي به ا هـ .
وقال « الزهري » :
بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم سريّة فيها : « سعد ابن أبي وقاص » إلى جانب من الحجاز
يدعى « رابغ » وهو من جانب « الجحفة » فانكفأ المشركون على المسلمين فحماهم « سعد
» يومئذ بسهامه ، فكان هذا أول قتال في الاسلام ، فقال سعد :
ألا هل أتى رسول
الله أني
|
|
حميت صحابي
بصدور نبلي
|
فما يعتدّ رام
في عدوّ
|
|
بسهم يا رسول
الله قبلي
|
ولقد أحبه الرسول صلىاللهعليهوسلم وكان يفاخر به ، يدلّ على ذلك ما يلي : فعن « جابر » رضياللهعنه قال : كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ أقبل « سعد » فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « هذا خالي فليريني امرؤ خاله »
__________________
وعن « يحيى القطان
» قال « سعد » : اشتكيت بمكة ، فدخل عليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعودني ، فمسح وجهي وصدري وقال : « اللهم اشف سعدا » فما
زلت يخيّل إليّ أني أجد برد يده صلىاللهعليهوسلم على كبدي حتى الساعة » ا هـ .
وكان « سعد » رضياللهعنه حينما أسلم صادقا في إسلامه لم تؤثر فيه العواطف ، يوضح ذلك ما يلي : فعن «
مسلمة بن علقمة » أن « سعدا » رضياللهعنه قال : نزلت هذه الآية فيّ : ( وَإِنْ جاهَداكَ
لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما ) .
قال : كنت برّا
بأمي ، فلما أسلمت ، قالت : يا سعد ما هذا الدين الذي قد أحدثت؟ لتدعنّ دينك هذا ،
أو لا آكل ، ولا أشرب حتى أموت ، فتعيّر بي ، فيقال : يا قاتل أمه. قلت : لا تفعلي
يا أمه إني لا أدع ديني هذا لشيء ، فمكثت يوما وليلة لا تأكل ولا تشرب وأصبحت وقد
جهدت ، فلما رأيت ذلك قلت : يا أمه تعلمين والله لو كان لك مائة نفس فخرجت نفسا
نفسا ، ما تركت ديني ، إن شئت فكلي أو لا تأكلي ، فلما رأت ذلك أكلت ا هـ .
كما كان رضياللهعنه من المتواضعين الذين لا يحبون الظهور : فعن « عامر ابن سعد » قال : كان أبي
في غنم له ، فجاء ابنه « عمر » فلما رآه قال : أعوذ بالله من شرّ هذا الراكب ،
فلما انتهى إليه قال : يا أبت أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك ، والناس يتنازعون في
الملك بالمدينة ، فضرب صدر « عمر » وقال : اسكت فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : « إن الله عزوجل يحب العبد التقيّ الغنيّ الخفيّ » ا هـ
__________________
ولصدق « سعد » في
إسلامه ، وقوة إيمانه بشرّ النبي صلىاللهعليهوسلم بأنه من أهل الجنة يدلّ على ذلك الخبران التاليان : فعن «
ابن عمر » رضياللهعنهما قال : كنا جلوسا عند النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : « يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة » فطلع
« سعد بن أبي وقاص » ا هـ .
وعن « عبد الله بن
عمرو » رضياللهعنهما أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : « أول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة » فدخل
« سعد بن أبي وقاص » ا هـ .
ولمكانة « سعد »
عند النبي صلىاللهعليهوسلم دعا له بأن يكون مستجاب الدعاء ، يوضح ذلك الحديث التالي :
فعن « ابن عباس » رضياللهعنهما أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال « يوم أحد » : « اللهم استجب لسعد ثلاث مرّات » ١ هـ .
ومنذ دعاء الرسول صلىاللهعليهوسلم « لسعد » باستجابة الدعاء ، كان لا يدعو بشيء إلا استجاب الله له ، وهناك
أكثر من دليل على ذلك ، ولكني أكتفي بالدليل التالي : فعن « مصعب بن سعد » أن رجلا
نال من « عليّ » رضياللهعنه ، فنهاه « سعد » فلم ينته ، فدعا عليه ، فما برح حتى جاء
بعير نادّ فخبطه حتى مات ا هـ.
توفي « سعد » سنة
خمس وخمسين من الهجرة ، وهو ابن اثنتين وثمانين وكان « سعد » آخر المهاجرين وفاة.
رضي الله عن « سعد بن أبي وقاص » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٢٠
« سعيد بن جبير » ت ٩٥ هـ
أحد مشاهير علماء
التابعين ، الإمام الكبير ، الحافظ ، المقرئ ، المفسر ، العالم ، العابد.
قرأ القرآن على «
ابن عباس » رضياللهعنه.
وكان « سعيد بن
جبير » مدرسة وحده في تعليم القرآن ، فقد قرأ عليه عدد كبير ، في مقدمتهم : « أبو
عمرو بن العلاء البصري ، إمام البصرة » في القراءات ، واللغة ، والنحو ، ولا زالت
قراءة « أبي عمرو بن العلاء » من القراءات المتواترة يتلقاها المسلمون بالقبول حتى
الآن.
كما أخذ « سعيد بن
جبير » الحديث عن عدد من الصحابة ، والتابعين ، منهم : « ابن عباس ، وعائشة ، وأبو
موسى الأشعري ، والضحاك بن قيس ، وأبو سعيد الخدري وآخرون.
وكما كان « سعيد
بن جبير » إماما في القراءات ، كذلك كان حجة في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام ،
وقد حدث عنه عدد كثير منهم : أبو صالح
__________________
السمّان ، وآدم بن
سليمان ، وأيوب السختياني ، وثابت بن عجلان ، وسليمان الطويل ، وسليمان الأعمش ،
وطلحة بن مصرّف ، وآخرون .
وقد ذكره « الذهبي
» ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت
٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
ومن يقرأ سيرة «
سعيد بن جبير » يجده كان رحمهالله تعالى من المتعلقين بقراءة القرآن ، يوضح ذلك الأخبار
التالية : قال « القاسم بن أبي أيوب » : سمعت « سعيدا » يردد هذه الآية في الصلاة
بضعا وعشرين مرة : ( وَاتَّقُوا يَوْماً
تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ) . وقال « هلال بن يساف » : دخل « سعيد بن جبير » الكعبة »
فقرأ « القرآن » في ركعة ا هـ .
وقال « وقاء بن
إياس » : كان « سعيد بن جبير » يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء ، وكانوا يؤخرون
العشاء . وعن « عبد الملك بن أبي سليمان » : كان « سعيد بن جبير »
يختم القرآن في كل ليلتين .
كما كان « سعيد بن
جبير » رحمهالله تعالى من الذين يخشون الله حقّ خشيته ، ويبكون خوفا من
عذابه حتى عدّ من الزهاد : فعن « القاسم الأعرج » قال : كان « سعيد بن جبير » يبكي
من الليل حتى عمش ا هـ .
وروى « الثوري »
عن « حماد » قال « سعيد » : قرأت القرآن في ركعتين في الكعبة ا هـ .
__________________
وقال « سعيد بن
جبير » : لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت أن يفسد عليّ قلبي ا هـ . وروى « قيس بن الربيع » عن « الصعب بن عثمان » قال : قال « سعيد بن جبير »
ما مضت عليّ ليلتان منذ قتل « الحسين بن علي » رضياللهعنهما إلا أقرأ فيهما القرآن ، إلا مريضا أو مسافرا ا هـ .
وقال « أبو نعيم »
: حدثنا إبراهيم بن عبد الله عن « سعيد ابن عبيد » قال : « كان سعيد بن جبير إذا
أتى على هذه الآية : ( فَسَوْفَ
يَعْلَمُونَ. إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي
الْحَمِيمِ ) رجّع فيها ورددها مرتين أو ثلاثا » .
كما كان « سعيد بن
جبير » رحمهالله تعالى ينطق بالحكمة ويعلّمها الناس وهناك الكثير من ذلك :
قال « ضرار بن مرّة » : قال « سعيد بن جبير » : « التوكل على الله جماع الإيمان
وكان يدعو ويقول : اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك ، وحسن الظن بك » ا هـ . وقال « عطاء بن دينار » : قال « سعيد بن جبير » : إن الخشية أن تخشى الله
حتى تحول خشيتك بينك وبين معصيتك ، فتلك الخشية ، والذكر : طاعة الله ، فمن أطاع
الله فقد ذكره ، ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن أكثر التسبيح وتلاوة القرآن ا هـ .
وقال « هلال بن
حبيب » : قلت : « لسعيد بن جبير » : ما علامة هلاك الناس؟ قال : إذا ذهب علماؤهم ا
هـ .
__________________
وكان « سعيد بن
جبير » يعمل جهد طاقته لنشر العلم بين الناس : فعن « حبيب بن أبي ثابت » قال : قال
لي « سعيد بن جبير » : لأن أنشر العلم أحبّ إليّ من أن أذهب إلى قبري ا هـ .
ونظرا لشدّة إخلاص
« سعيد بن جبير » وعمله المستمرّ في تعليم القرآن وشرح معانيه للمسلمين ، استحق
ثناء المسلمين عليه ، يبين ذلك النصوص التالية : فعن « جعفر بن أبي المغيرة » قال
: كان « ابن عباس » رضياللهعنهما إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول : أ ليس فيكم ابن أم
الدهماء؟ يعني سعيد بن جبير .
وروى « ابن مهدي »
عن « سفيان » قال : لقد مات « سعيد بن جبير » وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج
إلى علمه ا هـ .
وروى « عبد السلام
بن حرب » عن « خصيف » قال : كان أعلمهم بالقرآن « مجاهد » وأعلمهم بالحج « عطاء »
وأعلمهم بالحلال والحرام « طاوس » وأعلمهم بالطلاق « سعيد بن المسيب » وأعلمهم
لهذه العلوم « سعيد بن جبير » ا هـ .
استشهد « سعيد بن
جبير » سنة خمس وتسعين من الهجرة ، عن سبع وخمسين سنة بعد حياة حافلة بتعليم
القرآن وشرحه ، وتعليم سنة الرسول صلىاللهعليهوسلم. رحم الله « سعيد بن جبير » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٢١
« سقلاب بن شيبة » ت ١٩١ هـ
هو : سقلاب بن
شيبة ، أبو سعيد المصري ، الإمام المشهور.
ذكره « الذهبي »
ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن
علماء القراءات.
تلقى « سقلاب »
القرآن على خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم « الامام نافع بن أبي نعيم » قارئ المدينة
المنورة ، والقارئ الاول بالنسبة لائمة القراءات . وقد روى « القرآن » عن « سقلاب » عدد كثير منهم : « يوسف بن عمرو الازرق ،
ويونس بن عبد الأعلى » .
توفي « سقلاب »
سنة إحدى وتسعين ومائة من الهجرة. رحم الله « سقلاب » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٢٢
« سلاّم المزني » ت ١٧١ هـ
الإمام ، الحجة ،
القارئ ، الثقة ، الفصيح ، النحوي. هو : سلام ابن سليمان أبو المنذر المزني مولاهم
البصري. قارئ الكوفة المعروف بالخراساني ، شيخ يعقوب الحضرمي الإمام الثامن من
أئمة القراءات. ومما تجدر الإشارة إليه أن « سلاّما » هذا غير « سلاّم الطويل »
المدائني ، المعروف بالخراساني ، ويكني أبا سليمان ، ولا يميز بينهما إلا الحذاق
لأنهما في طبقة واحدة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى « سلام
المزني » القراءة على مشاهير علماء عصره منهم : عاصم بن أبي النّجود ، وأبو عمرو
بن العلاء ، وعاصم الجحدري ، والحسن بن أبي الحسن ، ويونس بن عبيدة ، وابن جريج ،
وابن أبي فديك ، وابن أبي مليكة ، وسفيان بن عيينة ، وآخرون.
وقد اشتهر سلاّم
المزني بالقراءة والاقراء بالكوفة. وتتلمذ عليه عدد كثير منهم : يعقوب الحضرمي ،
وهارون بن موسى الأخفش ، وإبراهيم بن الحسن العلاف ، وأيوب بن المتوكل ، وآخرون.
كما حدث عنه
كثيرون ، منهم : عبيد الله بن محمد ، ومحمد بن سلام
__________________
الجمحي ، وعبد
الواحد بن غياث ، وزيد بن الحباب ، وآخرون. ولقد بلغ « سلام المزني » بين قومه
المكانة السامية والمنزلة الرفيعة مما استحق الثناء عليه.
يقول « يعقوب بن
إسحاق » : لم يكن في وقت « سلام أبي المنذر » أعلم منه وكان فصيحا نحويّا.
وقال « زكريا بن
يحيى الساجي » : « سلام أبو المنذر » صدوق ، كان صاحب سنة. توفي سنة إحدى وسبعين
ومائة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحم الله سلام المزني رحمة واسعة ، وجزاه
الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ١٢٣
« سليمان الأعمش » ت ١٤٨ هـ
شيخ القراء
والمحدثين ، الحافظ ، الثقة ، العالم بالفرائض : هو سليمان بن مهران ، الأسدي ،
الكوفي.
ولد « سليمان
الأعمش » بقرية « أمة » من أعمال « طبرستان » سنة إحدى وستين هـ. وقدم به والداه
إلى الكوفة طفلا.
قال « أحمد بن عبد
الله العجلي » : الأعمش ثقة ثبت. كان محدث الكوفة في زمانه ، وكان يقرئ القرآن وهو
رأس فيه ، وكان فصيحا ، وكان لا يلحن حرفا ، وكان عالما بالفرائض.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قال « الذهبي » :
ورد أن « الأعمش » قرأ القرآن على « زيد بن وهب ، وزر بن حبيش ، وإبراهيم النخعي »
، وأنه عرض القرآن على « أبي العالية الرياحي ، وعلى مجاهد ، وعاصم بن بهدلة ،
وأبي حصين » .
__________________
قال « الأعمش » :
قرأت القرآن على « يحيى بن وثاب » ، وقرأ يحيى على « علقمة » وقرأ هو على « عبد
الله بن مسعود » وقرأ « عبد الله بن مسعود » على رسول الله صلىاللهعليهوسلم .
وقد روى « الأعمش
» عن كثيرين من خيرة علماء عصره منهم : « زيد ابن وهب ، وأبو عمرو الشيباني ،
وإبراهيم النخعي ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وغيرهم
كثير .
كما روى عن «
الأعمش » عدد كثير ، لأن الناس كانوا يأتون اليه من كل فجّ للأخذ عنه. فمن هؤلاء :
« الحكيم بن عيينة ، وطلحة بن مصرّف ، وحبيب ابن أبي ثابت ، وصفوان بن سليم ،
وسهيل بن أبي صالح ، وأبان بن تغلب » وآخرون .
وكان « الأعمش » رحمهالله تعالى من الزهاد ، وهناك أكثر من دليل على ذلك ولكنني أكتفي بذكر ما يلي :
قال « ابن عيينة » : رأيت « الأعمش » لبس فروا مقلوبا ، تسيل خيوطه على رجليه ، ثم
قال : أ رأيتم لو لا أني تعلمت العلم ، من كان يأتيني لو كنت بقّالا؟ .
وكان « الأعمش » رحمهالله تعالى من الثقات. فعن « ابن معين » قال : الأعمش ثقة ، وقال « النسائي » :
الأعمش ثقة ثبت . وقال « عبد الله بن محمد » : حدثنا « زياد بن أيوب » قال
: سمعت « هشيما » يقول : « ما رأيت بالكوفة أحدا أقرأ لكتاب الله ولا أجود من «
الأعمش » .
__________________
وقال « إبراهيم بن
عرعرة » : سمعت « يحيى بن القطان » إذا ذكر الأعمش يقول : كان من النسّاك ، وكان
محافظا على الصلاة في الجماعة ، وعلى الصف الاول . قال : « منصور بن الأسود » : سألت « الأعمش » عن قوله تعالى : ( وَكَذلِكَ
نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) . قال : سمعتهم يقولون : إذا فسد الناس أمّر عليهم شرارهم ا هـ . وقال « قبيصة » حدثنا « سفيان الثوري » عن « الأعمش » في معنى قوله تعالى : ( وَمَا
الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ ) قال : معنى ذلك : مثل زاد الراعي ا هـ .
وقال « وكيع » كان
« الأعمش » قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الاولى ، واختلفت إليه قريبا من
ستين سنة فما رأيته يقضي ركعة ا هـ .
ونظرا لأن حياة «
الأعمش » كانت مليئة بتعليم القرآن ، وسنّة سيد الأنام كما كان من العباد الذين لم
تغرهم الدنيا بزخارفها ، فقد استحق ثناء الناس عليه ، وهذه بعض الأدلة على ذلك :
قال « يحيى القطان » : كان « الأعمش » علاّمة الإسلام .
وقال « سفيان بن
عاصم » : سمعت « القاسم أبا عبد الرحمن » يقول : « ما أحد أعلم بحديث « ابن مسعود
» من « الأعمش » ا هـ .
__________________
وقال « ابن عيينة
» : سبق « الأعمش » الناس بأربع : كان أقرأهم للقرآن ، وأحفظهم للحديث ، وأعلمهم
بالفرائض ، وذكر خصلة أخرى ا هـ .
وقد ذكر « الذهبي
» وغيره أن « الأعمش » رأى « أنس بن مالك » رضياللهعنه وروى عنه الحديث ، وقد اقتبست من مروياته ما يلي : قال «
الفضل بن موسى » : حدثنا « الأعمش » عن « أنس بن مالك » قال : كنت مع النبي صلىاللهعليهوسلم في سفر ، فمرّ على شجرة يابسة فضربها بعصا كانت في يده ، فتناثر الورق ، فقال
: « إنّ سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، يساقطن الذنوب
كما تساقط هذه الشجرة ورقها » ا هـ .
وقال « أبو نعيم »
: حدثنا « الأعمش » عن « أبي صالح » عن « أبي هريرة » قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « ليس المسكين الذي تردّه التمرة والتمرتان ، ولا اللقمة واللقمتان ، ولكن
المسكين الذي لا يسأل الناس ، ولم يفطن بمكانه فيعطى » ا هـ .
وقال « يحيى بن
معين » : حدثنا « حفص بن غياث » عن « الأعمش » عن « أبي صالح » عن « أبي هريرة » رضياللهعنه ، قال : قال رسول الله صلى عليه وسلّم : « من أقال مسلما عثرته ، أقاله الله
يوم القيامة » ا هـ .
توفي « الأعمش »
بالكوفة سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، وسنة
سيّد الأنام ، رحم الله « الأعمش » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٢٤
« سليمان بن خلاّد » ت ٢٦١ هـ
هو : سليمان بن
خلاد ، أبو خلاد النحوي السامري المؤدب.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « سليمان بن
خلاد » القرآن على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « أبو محمد اليزيدي ، وإسماعيل
بن جعفر » .
وقد تتلمذ على «
سليمان » وأخذ عنه القراءة عدد كثير منهم : « القاسم بن محمد بن بشار ، ومحمد بن
أحمد بن قطن ، وعلي بن أحمد بن مروان ، وبكر بن أحمد السراويلي ، وأحمد بن حمدان
الفرائضي ، ومحمد بن أحمد بن شنبوذ » وآخرون .
وقد أخذ « سليمان
بن خلاد » الحديث عن خيرة العلماء منهم : « يزيد بن هارون ، ووهب بن جرير »
وغيرهما.
كما حدث عن «
سليمان بن خلاد » عدد لا بأس به منهم : « أبو بكر بن داود ، ومحمد بن مخلد ، وعبد
الرحمن بن أبي حاتم ».
توفي « سليمان بن
خلاد » سنة إحدى وستين ومائتين من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٢٥
« سليمان بن داود » ت ٢٥٣ هـ
هو : سليمان بن
داود بن حمّاد بن سعد ، أبو الربيع المصري. ولد « سليمان » سنة ثمان وسبعين ومائة
من الهجرة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى « سليمان
بن داود » القرآن على مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « ورش » إمام القراءة في
مصر ، وهو أحد رواة « الإمام نافع » قارئ المدينة المنورة .
وقد تلقى « القرآن
» على « سليمان بن داود » عدد كثير ، وفي مقدمتهم : « محمد بن عبد الرحيم »
الأصبهاني ، وقد عرض عليه كما يقول « ابن الجزري » : إحدى وثلاثين ختمة .
وقد روى « سليمان
بن داود » الحديث عن خيرة علماء عصره منهم : « ابن وهب ، وأشهب ، وعبد الملك
الماجشون » ، وآخرون كما حدث عنه عدد كثير ،
__________________
منهم : « أبو داود
، والنسائي » في السّنن ، وعمر بن محمد بن بجير ، ومحمد بن زبّان المصري ، وآخرون .
ولقد كان « سليمان
بن داود » من خيرة العلماء ، مما استحقّ الثناء عليه ، وفي هذا المعنى يقول « أبو
سعيد بن يونس » : كان « سليمان » فقيها على مذهب الإمام مالك ، وكان رجلا زاهدا ا
هـ .
وقال « أبو داود
السجستاني » : « قلّ من رأيت في فضله » ا هـ .
توفي « سليمان بن
داود » أول ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين ومائتين من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم
القرآن الكريم. رحم الله « سليمان بن داود » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٢٦
« سليمان الضبّي » ت ٢٩١ هـ
هو : سليمان بن
يحيى بن أيوب بن الوليد بن أبان ، أبو أيوب التميمي البغدادي المعروف بالضبّي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « سليمان
الضبّي » سنة مائتين وعمّر زمنا طويلا. بلغ إحدى وتسعين سنة قضى نحو ستين سنة منها
في تعليم القرآن الكريم وحديث النبي عليه الصلاة والسلام.
أخذ « سليمان
الضبي » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو عمر الدوري » أحد الرواة
المشهورين عن « أبي عمرو بن العلاء » البصري ، ولا زالت قراءة « أبي عمرو »
يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
كما أخذ عن « رجاء
بن عيسى ، وترك الحذاء » وآخرين . وقد تصدر « سليمان الضبّي » لتعليم القرآن فأخذ عنه عدد
كثير منهم : « أحمد بن عبد الله ابن الخشف ، وأحمد بن محمد الأدميّ ، وعبد الرحمن
بن إسحاق الكوفي ، ومحمد بن القاسم الأنباري ، وأبو بكر النقاش ، ومحمد بن الحسن
بن يونس ، وعبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن الواثق بالله » وآخرون .
__________________
لقد احتلّ «
سليمان الضبّي » المكانة السامية بين العلماء. مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا
يقول « الخطيب البغدادي » : أخبرنا « عبد الكريم بن محمد بن أحمد المحاملي » ،
أخبرنا « علي بن عمر الحافظ » قال : سليمان بن يحيى الضبّي كان شيخا صالحا يقرئ في
مدينة « أبي جعفر » في الجامع بحرف « حمزة » ا هـ .
وقد أخذ « سليمان
الضبّي » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « خلف بن هشام البزّار ،
وإسحاق بن إسماعيل الطالقاني ، ومحمد بن حميد الرازي ، وأبو حمدون الطيب ، والفضل
بن سهل الأعرج » وغيرهم كثير .
وكما كان « سليمان
الضبّي » معلما لكتاب الله تعالى ، كان أيضا معلما وراويا لحديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم ، وقد تتلمذ عليه عدد كثير وفي مقدمتهم : « أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري
، وأبو الحسين بن المنادي ، وعبد الباقي بن قانع » وآخرون .
توفي « سليمان
الضبّي » سنة إحدى وتسعين ومائتين من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي
عليه الصلاة والسلام. رحم الله « سليمان الضبّي » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٢٧
« سليم بن عيسى » ت ١٨٨ هـ
هو سليم بن عيسى
بن سليم بن عامر بن غالب ، صاحب « حمزة الزيات » الإمام السابع من أئمة القراءة
وأخص تلامذته ، وأحذقهم بالقراءة ، وأقومهم بالحروف. وهو الذي خلف « حمزة الزيات »
في الإقراء بالكوفة. ولد « سليم بن عيسى » سنة ثلاثين ومائة من الهجرة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد سمع « سليم »
الحديث من شيخيه « حمزة ، وسفيان الثوري » وقد تلقى القرآن على « سليم » عدد كثير
منهم : « خلف بن هشام البزّار ، وخلاد بن خالد الصيرفي ، وأبو عمر الدوري ، ومحمد
بن يزيد ، والطيب بن إسماعيل ».
كما كان رفقاؤه في
القراءة على « حمزة » يقرءون عليه لشدّة إتقانه. قال « يحيى بن سليمان الجعفي » :
حدثنا « يحيى بن المبارك » قال : كنا نقرأ على « حمزة » ونحن شباب ، فإذا جاء «
سليم » قال لنا « حمزة » تحفظوا وتثبتوا ، قد جاء « سليم ».
وقال « الدوري » :
حدثنا « الكسائي » قال : كنت أقرأ على « حمزة » فجاء « سليم » فتلكأت ، فقال لي «
حمزة » تهاب سليما ولا تهابني؟ فقلت : يا أستاذ أنت إن أخطأت قوّمتني ، وهذا إن
أخطأت عيّرني. وقال « خلف » :
__________________
قرأت على « سليم »
مرارا ، وسمعته يقول : قرأت القرآن على « حمزة » عشر مرات.
توفي « سليم » سنة
ثمان وثمانين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم ، رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
رقم الترجمة / ١٢٨
« ابن أبي السمح » ت ٣٥٦ هـ
هو : أحمد بن
أسامة بن أحمد بن عبد الرحمن بن أبي السمح التجيبي المصري.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « ابن أبي
السمح » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : والده عن يونس ، واسماعيل بن عبد
الله النحاس ، أخذ عنه رواية ورش.
تصدر « ابن أبي
السمح » لتعليم القرآن ، فأخذ عنه عدد كثير منهم : محمد بن النعمان ، وخلف بن
إبراهيم بن خاقان ، وعبد الرحمن بن يونس .
اختلف المؤرخون في
تاريخ وفاة « ابن أبي السمح » فذكر « الداني » أنه توفى سنة اثنتين وأربعين
وثلاثمائة. وقد بلغ مائة وعشرين.
وذكر « الذهبي »
عن أبي القاسم بن الطحان أنه روى عنه. وذكره في تاريخه فقال : توفي في شهر رجب سنة
ست وخمسين وثلاثمائة ، ثم قال : وكان هذا أصح. رحم الله أبا السمح رحمة واسعة ،
إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٢٩
« سويد بن نمير » ت ١٩٤ هـ
هو : سويد بن عبد
العزيز بن نمير أبو محمد السّلمي مولاهم الواسطي ، ولد « سويد » سنة ثمان ومائة من
الهجرة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « سويد »
القرآن على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « يحيى بن الحارث ، والحسن بن عمران ،
صاحب ابن عطية بن قيس » . وقرأ القرآن على « سويد » عدد كثير منهم : « الربيع بن
تغلب ، وأبو مسهر الغساني ، وهشام بن عمّار » أحد رواة « ابن عامر » المشهورين .
كما أخذ « سويد »
الحديث عن خيرة علماء عصره منهم : « أيوب السختياني ، وأبو الزبير المكي ، وثابت
بن عجلان ، وعاصم الأحول » وطائفة من التابعين .
__________________
وقد أخذ عن « سويد
» الحديث عدد كثير منهم : « داود بن رشيد ، وعلي بن حجر ، ومحمد بن هاشم البعلبكي
» وخلق كثير .
توفي « سويد » سنة
أربع وتسعين ومائة من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه
الصلاة والسلام. رحم الله سويدا رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٣٠
« أبو سهل البغدادي » ت ٣٤٥ هـ
هو : صالح بن
ادريس بن صالح بن شعيب أبو سهل البغدادي الوراق ، نزيل دمشق استاذ ماهر ضابط متقن.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو سهل »
القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : ابن مجاهد ، وعلي ابن سعيد بن الحسن ، وعبد
الرحمن بن اسحاق الكوفي ، ومحمد بن الأخرم ، وعلي ابن الحسين بن السفر ، ومحمد بن
أحمد بن شنبوذ.
كما أخذ حروف
القراءات عن مشاهير العلماء ، وفي مقدمتهم : أحمد بن محمد ابن علي الديباجي ،
ومحمد بن جعفر العلاف ، ومحمد بن أحمد بن قطن ، ومحمد ابن القاسم الأنباري وآخرون .
وأخذ « أبو سهل
البغدادي » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء ، فقد حدث بدمشق عن يحيى بن محمد بن صاعد .
تصدر « أبو سهل
البغدادي » لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر في الآفاق ، وذاع
صيته بين الأنام ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان. فمن الذين أخذوا عنه القراءة
القرآنية : عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون. وعلي بن
__________________
محمد بن بشر
الأنطاكي ، وعلي بن داود الداراني ، والمظفر بن أحمد الدمشقي وغير هؤلاء .
ومن الذين رووا
عنه حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم « عبيد الله بن فطيس ، وثمام بن محمد بن عبد الله الرازي ،
وعبد الرحمن بن عمر بن نصر » وغيرهم .
واشتهر « أبو سهل
البغدادي » بالثقة والإتقان وصحة الضبط ، وقد أثنى عليه الكثيرون ، وفي هذا يقول
الحافظ « الذهبي » : « كان « أبو سهل البغدادي » شابا صالحا ناسكا ، منقطع القرين
من سادة المقرئين » ا هـ .
توفي « أبو سهل
البغدادي » في ريعان شبابه عن نيف وأربعين سنة ، وذلك في جمادى الاولى سنة خمس
وأربعين ، وثلاثمائة من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «
أبا سهل البغدادي » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٣١
« شبل بن عبّاد » ت ١٥٠ ونيف من الهجرة
شيخ قراء مكة بعد
« ابن كثير » هو « شبل بن عباد » أبو داود ، المكي ، الضابط ، الثقة. وهو أجل
أصحاب « ابن كثير ». ولد « شبل » سنة سبعين من الهجرة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد أخذ « شبل »
القراءات عن مشاهير علماء عصره ، منهم : « ابن محيصن » و « عبد الله بن كثير » شيخ
قراء مكة المكرمة ، وهو الإمام الثاني بالنسبة للأئمة العشرة.
كما أخذ القراءات
عن « شبل » عدد كثير ، منهم : « إسماعيل القسط ، وابنه داود بن شبل ، وعكرمة بن
سليمان ، وعبد الله بن زياد ، وحسن بن محمد ، ووهب بن واضح » .
كما روى عن « شبل
» القراءة من غير عرض : « عبيد الله بن عقيل ، وعلي ابن نصر ، ومحمد بن صالح ،
وأبو حذيفة موسى بن مسعود ، ويحيى بن سعيد
__________________
المازني » . وقد حدث « شبل » عن : « أبي الطّفيل ، وعمرو بن دينار ، وابن أبي نجيح »
وجماعة.
كما حدث عنه عدد
كثير منهم : « سفيان بن عيينة ، وأبو نعيم ، وروح بن عبادة ، ويحيى بن أبي بكير ،
وأبو حذيفة موسى بن مسعود النّهدي ، وعبيد بن عقيل » . قال « يحيى بن معين » : « شبل بن عباد » من الثقات.
توفي « شبل » سنة
نيّف وخمسين ومائة من الهجرة . رحم الله « شبل بن عباد » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٣٢
« شجاع بن أبي نصر » ت ١٩٠ هـ
هو : شجاع بن أبي
نصر ، أبو نعيم البلخي ، ثم البغدادي. ولد « شجاع » سنة عشرين ومائة ببلخ.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى « شجاع »
القرآن على مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم العالم الجليل : « أبو عمرو بن العلاء
» البصري ، الإمام الثالث من أئمة القراءات المشهورين.
كما سمع « شجاع »
من « عيسى بن عمر ، وصالح المرّي » . كما أخذ « شجاع
» الحديث عن خيرة العلماء منهم : « الأعمش » وغيره .
وقد تتلمذ على «
شجاع » عدد كثير أخذوا عنه القرآن وحروفه ، في مقدمة هؤلاء : الإمام الحجة اللغوي
الفقيه المحدث : « أبو عبيد القاسم بن سلام » صاحب التصانيف ، كما أخذ عن « شجاع »
القرآن : « محمد بن غالب ، وأبو نصر القاسم بن علي ، وأبو عمر الدوري » أحد رواة «
أبي عمرو » ، والحسن ابن عرفة ، وسريج بن يونس ، وهارون الحمّال.
__________________
وقد كان « شجاع »
من الثقات ، فقد وثّقه « أبو عبيد ». وسئل عنه الإمام « أحمد بن حنبل » فقال : بخ
بخ وأين مثله اليوم.
توفي « شجاع »
ببغداد سنة تسعين ومائة وله سبعون سنة. رحم الله « شجاعا » رحمة واسعة إنه سميع
مجيب.
رقم الترجمة / ١٣٣
« شعبة بن عياش » ت ١٩٣ هـ
هو : شعبة بن عياش
بن سالم أبو بكر الحنّاط بالنون ، الأسديّ النهشلي الكوفي الإمام العالم راوي عاصم
بن أبي النجود.
ذكره « ابن الجزري
» ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « شعبة » سنة
خمس وتسعين من الهجرة ، وبعد أن شبّ وترعرع واكتملت مواهبه أخذ القرآن عن خيرة
العلماء : فقد عرض القرآن على « عاصم » ثلاث مرات ، وعلى « عطاء بن السائب ، وأسلم
المنقري ».
تصدر « شعبة »
لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وجودة القراءة وأقبل عليه الطلاب فتتلمذ عليه : «
أبو يوسف يعقوب بن خليفة الأعشى ، وعبد الرحمن بن أبي حماد ، وعروة بن محمد الأسدي
، ويحيى بن محمد العليمي ، وسهل بن شعيب ».
وروى عنه حروف
القراءات سماعا من غير عرض عدد كثير منهم : « إسحاق بن عيسى ، وإسحاق بن يوسف
الأزرق ، وأحمد بن جبير ، وبريد بن عبد الواحد ، وحسين بن عبد الرحمن ، وحسين بن
علي الجعفي ، وحماد بن أبي زياد ، وطاهر بن أبي أحمد الزبيدي ، وعبد الله بن عمرو
بن أبي أمية ، وعبد المؤمن ابن أبي حماد البصري ، وعبد الجبار بن محمد العطاردي ،
وعبد الحميد بن صالح ، وعبيد بن نعيم ، وعلي بن حمزة الكسائي ، والمعافي بن يزيد ،
والمعلى بن منصور الرازي ، وميمون بن صالح الدارمي » وآخرون.
__________________
عمّر « شعبة »
دهرا طويلا ، واحتل مكانة سامية بين العلماء وقد أثنى عليه الكثيرون ، وفي هذا
يقول « ابن الجزري » : « كان « شعبة » إماما كبيرا ، عالما ، وعاملا ، وكان يقول :
أنا نصف الإسلام ، وكان من أئمة السنة » .
ولما حضرته الوفاة
بكت أخته ، فقال لها : ما يبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية فقد ختمت فيها ثمان عشرة
ألف ختمة .
توفي « شعبة » بعد
حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم في جمادى الاولى سنة ثلاث وتسعين ومائة من الهجرة
، وقيل : سنة أربع وتسعين. رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٣٤
« أبو شعيب السّوسي » ت ٢٦١ هـ
هو : صالح بن زياد
بن عبد الله بن إسماعيل ، أبو شعيب السوسي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
يقول « ابن الجزري
» : أخذ « أبو شعيب السوسي » القراءة عرضا وسماعا عن « أبي محمد اليزيدي » وهو من
أجلّ أصحابه .
ويقول « الذهبي »
: قرأ « السوسي » على « اليزيدي » وسمع بالكوفة من « عبد الله بن نمير ، وأسباط بن
محمد » ، وبمكة من « سفيان بن عيينة » .
وقد جلس « السوسي
» لتعليم القرآن حتى قارب التسعين. وقد أخذ عنه القراءة عدد كثير منهم : « ابنه
أبو المعصوم ، وموسى بن جرير النحوي ، وأبو الحارث محمد بن أحمد الطرسوسي ، وعلي
بن محمد السعدي ، ومحمد بن إسماعيل القرشي ، وأبو الحارث محمد بن أحمد » وغيرهم
كثير .
يقول « الذهبي » :
حدث عن « السوسي » « أبو بكر بن أبي عاصم ، وأبو عروبة الحرّاني ، وأبو علي محمد
بن سعيد » ا هـ .
__________________
وقد اشتهرت قراءة
« السوسي » وعمّت الآفاق ، ولا زال المسلمون يتلقونها بالرضا والقبول ، وقد
تلقيتها ، وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
توفي « السوسي »
في أول سنة إحدى وستين ومائتين من الهجرة ، وقد قارب تسعين سنة. رحم الله « السوسي
» رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ١٣٥
« شعيب بن أيّوب » ت ٢٦١ هـ
هو : شعيب بن أيوب
بن زريق ، أبو بكر الصريفيني ، والمراد : صريفين واسط لا صريفين بغداد.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى « شعيب
بن أيوب » القراءة على مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « يحيى بن آدم » فقد أخذ
القراءة عنه عرضا وسماعا كما أثبته الإمام الداني .
وقد تلقى « القرآن
» على « شعيب بن أيوب » عدد كثير منهم : « محمد بن عمرو بن عون ، ويوسف بن يعقوب الواسطي
، وأبو بكر أحمد بن يوسف القافلاني ، وأحمد بن سعيد الضرير » ، وسمع منه الحروف «
إسماعيل بن عرفة نفطويه » .
كما أخذ « شعيب بن
أيوب » الحديث عن خيرة علماء عصره ، في مقدمتهم : « يحيى القطان ، وحسين بن علي
الجعفي » .
__________________
وقد روى عنه
الحديث عدد كثير ، منهم : « أبو داود » في سننه ، وعبدان الأهوازي ، وأبو بكر بن
أبي داود ، ومحمد بن مخلد ، وعبد الله بن شوذب الواسطي ، وآخرون .
وقد كان « شعيب بن
أيوب » من الثقات ، وفي هذا المعنى يقول « الذهبي » : كان شعيب رأسا في قراءة عاصم
، وثّقه الدار قطني وغيره .
توفي « شعيب بن
أيوب » بواسط سنة إحدى وستين ومائتين. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٣٦
« أبو شعيب القوّاس »
هو : صالح بن محمد
أبو شعيب القواس الكوفي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو شعيب
القواس » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « حفص ابن سليمان » أحد رواة «
عاصم » الكوفي الإمام الخامس بالنسبة للقراء المشهورين .
وقد تلقى القرآن
على « أبي شعيب » عدد كثير منهم : « أحمد بن الحسن المالحاني ، وأحمد بن الصفّار ،
وأحمد بن يزيد الحلواني ، والحسن بن العباس الرازي ، وعبد الله بن الهذيل ، والصلت
بن شنبوذ » وغيرهم كثير .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « أبي شعيب القواس ». رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٣٧
« ابن شنبوذ » ت ٣٢٨ هـ
هو : محمد بن أحمد
بن أيوب بن الصلت البغدادي ، شيخ الإقراء بالعراق.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
اشتهر « ابن شنبوذ
» بالرحلة إلى كثير من البلاد في طلب القراءات ، ولذلك تلقى القراءات القرآنية
وعرفها ودرسها صحيحها وشاذها عن عدد كبير من علماء الأمصار يعدون بالعشرات ، منهم
: إبراهيم الحربي ، وأحمد بن بشار الأنباري ، وأحمد بن نصر بن شاكر ، وأحمد بن فرح
، وأحمد بن أبي حماد ، واسحاق الخزاعي ، والحسن بن العباس الرازي ، والحسن بن
الحباب ، والعباس بن الفضل الرازي ، وقنبل أحد رواة ابن كثير ، وغيرهم كثير .
وقد تصدر « ابن
شنبوذ » لتعليم القرآن وحفظه وتجويده ، واشتهر بالعلم وأقبل الطلاب عليه من كل
مكان ، فتتلمذ عليه الكثيرون ، وأخذوا عنه ، من هؤلاء الذين تلقوا عنه القراءات :
أحمد بن نصر الشذائي ، وأبو الحسين أحمد بن عبد الله الجبّي ، وإدريس بن علي
المؤدب ، وعلي بن الحسين الغضائري ، والحسن بن سعيد المطوعي ، وأبو بكر عبد الله
بن أحمد القباب ، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم
__________________
الشنبوذي ، وأبو
بكر بن مقسم ، ومحمد بن محمد بن أحمد الطرازي ، وغير هؤلاء كثير .
ولم يقتصر « ابن
شنبوذ » على تلقي القراءات القرآنية ، بل أخذ حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء ، منهم : أبو مسلم الكجّيّ ، وبشر بن موسى ، واسحاق بن
إبراهيم الدّبري ، وعبد الرحمن بن جابر الحمصيّ ، وغيرهم كثير .
وقد روى عن « ابن
شنبوذ » الحديث عدد لا بأس به ، منهم : أبو بكر بن شاذان ، ومحمد بن اسحاق القطيعي
، وأبو حفص بن شاهين وغيرهم وكان ابن شنبوذ من المعاصرين « لابن مجاهد » ، وكانت
بينهما خلافات كما هي عادة الأقران ، ومع أن « ابن شنبوذ » كان من علماء القراءات
ومن المشهود لهم بالتقوى إلا أنه ارتكب خطيئة كبيرة كانت السبب في تشويه سيرته
وتعكير صفو حياته.
وذلك أنه تخير
لنفسه حروفا من شواذ القراءات تخالف الإجماع ، فقرأ بها ، فصنف « أبو بكر بن الأنباري
» وغيره كتبا في الرد عليه ، وأنكروا عليه ذلك الأمر الذي يخالف إجماع المسلمين ،
وفي هذا المعنى يقول الإمام : « أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم »
في أول كتاب : « البيان عن اختلاف القراءة :
وقد نبغ نابغ في
عصرنا هذا فزعم أن كل ما صح عنده وجه في العربية لحرف من القرآن يوافق خط المصحف
فقراءته به جائزة في الصلاة وغيرها ، فابتدع بفعله
__________________
ذلك بدعة ضلّ بها
عن قصد السبيل وأورط نفسه في منزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله ، وحاول
إلحاق كتاب الله عزوجل من الباطل ما لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه ، إذ جعل
لأهل الإلحاد في دين الله عزوجل بسيّئ رأيه طريقا إلى مغالطة أهل الحق بتخير القراءات من
جهة البحث والاستخراج بالآراء دون الاعتصام والتمسك بالأثر المفترض على أهل
الاسلام قبوله والأخذ به كابرا عن كابر وخالفا عن سالف .
وقال « الخطيب
البغدادي » ت ٤٦٣ هـ : روى « ابن شنبوذ » عن خلق كثير من شيوخ الشام ومصر ، وكان
قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات تخالف الاجماع يقرأ بها ، فصنف أبو بكر بن الأنباري
وغيره كتبا في الرد عليه ا هـ .
وقال إسماعيل
الخطبي ت ٣٥٠ هـ في كتاب التاريخ : اشتهر ببغداد أمر رجل يعرف « بابن شنبوذ » ،
يقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف يخالف فيها المصحف مما يروى عن « عبد الله بن
مسعود ، وأبي بن كعب » ، وغيرهما مما كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمعه «
عثمان بن عفان » رضياللهعنه ، ويتتبع الشواذ فيقرأ فيها ويجادل حتى عظم أمره وفحش ،
وأنكره الناس ، فوجه السلطان « محمد بن المقتدر بن المعتضد » أبا العباس المعروف
بالراضي بالله فقبض عليه في يوم السبت لست خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين
وثلاثمائة من الهجرة وحمل إلى دار الوزير « محمد بن علي بن مقلة » ت ٣٢٨ هـ.
وأحضر القضاة
والفقهاء والقراء ، وناظره ـ الوزير ابن مقلة ـ بحضرتهم ، فأقام الوزير على ما ذكر
عنه الحجة ، واستنزله الوزير عن ذلك فأبى أن ينزل عنه ،
__________________
أو يرجع عما يقرأ
به من هذه الشواذ المنكرة التي تخالف رسم المصحف ، وأنكر ذلك جميع من حضر المجلس
من القضاة ، والفقهاء والقراء وأشاروا بعقوبته ، ومعاملته بما يضطره إلى الرجوع عن
رأيه ، فأمر الوزير ـ ابن مقلة ـ بتجريده من ثيابه وضربه بالدّرة على قفاه ، فضرب
نحو العشرة ضربا شديدا فلم يصبر واستغاث ، وأذعن بالرجوع والتوبة ، فخلى عنه ،
وأعيدت عليه ثيابه ، واستتيب وكتب عليه كتاب بتوبته وأخذ فيه خطه بالتوبة ، ا هـ .
وهكذا كانت حادثة
« ابن شنبوذ » رادعا لكل من تريد له نفسه الخروج عن إجماع المسلمين ومحاولة
القراءة بغير ما تواتر واشتهر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
حكم القراءة بالشاذ
فإن قيل : نريد
بيان آراء العلماء في حكم القراءة بالشاذ. أقول : قبل الدخول في تفصيل ذلك يجدر بي
أن أبين تعريف الشاذ فأقول : يقال : شذّ عنه يشذّ شذوذا بمعنى ندر عن جمهوره ،
وشذاذ الناس : الذين يكونون في القوم ليسوا في قبائلهم ولا منازلهم .
من هذا يتبين أن
مادة « شذذ » تدور حول الندرة ، والتفرد ، والقلة ، والغرابة ، والتفرق. أما عن
بيان حكم القراءة بالشاذ فأقول وبالله التوفيق : من يتابع أقوال العلماء في ذلك ،
وأقوال الفقهاء في هذه القضية يستطيع أن يحكم بأن هناك شبه إجماع من علماء
المسلمين على أنه تحرم القراءة بالشاذ في الصلاة وغيرها.
__________________
وهذا نموذج من
أقوال العلماء في ذلك : قال الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة ت ١٧٩ هـ : « من
قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف لم يصلّ وراءه
» ا هـ .
وقال أبو حاتم
السجستاني ت ٢٥٠ هـ : « لا تجوز القراءة بشيء من القراءات الشاذة لخروجها عن إجماع
المسلمين ، وعن الوجه الذي ثبت به « القرآن » وهو التواتر ، وإن كان موافقا
للعربية ، وخط المصحف ، لأنه جار من طريق الآحاد ، نحو : ( ملك يوم الدين ) » بفتح
الميم واللام ونصب الكاف ، وهي قراءة « أنس » رضياللهعنه. وقال « الإمام أبو بكر الشاشي » ت ٥٠٧ هـ نقلا عن الشيخ
القاضي الحسين بن محمد بن أحمد أبو علي المروزي ت ٤٦٢ هـ وهو من كبار فقهاء
الشافعيين : « إن الصلاة بالقراءة الشاذة لا تصح » ا هـ .
وقال « الشيخ محيي
الدين النووي » : ت ٦٧٦ هـ وهو من كبار فقهاء الشافعية ، « لا تجوز القراءة في
الصلاة ، ولا في غيرها بالقراءات الشاذة ، وليست قرآنا لأن القرآن لا يثبت إلا
بالتواتر ، وأما القراءة الشاذة فليست متواترة ، فلو خالف وقرأ بالشاذ أنكر عليه
سواء قرأ بها في الصلاة أو في غيرها ، هذا هو الصواب الذي لا معدل عنه ، ومن قال
غير هذا فهو غالط أو جاهل » ا هـ .
وقال ابن الصلاح
عثمان بن عبد الرحمن بن موسى ت ٦٤٣ هـ : هو ممنوع من القراءة ، بما زاد على العشرة
منع تحريم ، لا منع كراهة في الصلاة وخارجها » .
__________________
وكذلك صرح « ابن
الحاجب وابن السبكي » بتحريم القراءة بالشاذ ، واستفتى « الإمام الحافظ ابن حجر
العسقلاني » ت ٨٥٢ هـ عن حكم القراءة بالشاذ فقال : « تحرم القراءة بالشاذ ، وفي الصلاة
أشد » .
فإن قيل : متى شذت
القراءات؟ أقول : من يتتبع تاريخ القرآن الكريم يجد أن القرآن نزل منجما على نبينا
محمد صلىاللهعليهوسلم خلال ثلاث وعشرين سنة مدة بعثته عليه الصلاة والسلام. وكان
النبي صلىاللهعليهوسلم يعارض « جبريل » عليهالسلام بالقرآن كل عام في رمضان : وفي العام الذي نقل فيه النبي صلىاللهعليهوسلم إلى الرفيق الأعلى عارض « جبريل » بالقرآن مرتين. إذا فكل ما نسخ من القرآن
الكريم حتى العرضة الأخيرة يعتبر شاذا.
فإن قيل : من أول
من تتبع القراءات الشاذة؟ أقول : قال « أبو حاتم السجستاني » ت ٢٥٠ هـ : « أول من
تتبع بالبصرة وحده القراءات وألفها وتتبع الشاذ منها فبحث عن إسناده « هارون بن
موسى » الأعور ت ١٩٨ هـ .
فإن قيل : ما حكم
تعلم وتدوين القراءات الشاذة؟ أقول : من يقرأ أقوال العلماء في ذلك يمكنه أن يحكم
بأنه يجوز تعلم القراءات الشاذة وتعليمها نظريا لا عمليا ، حيث لا تجوز القراءة
بالشاذ.
كما يجوز تدوينها
في الكتب ، وبيان وجهها من حيث : اللغة ، والإعراب ، والمعنى. واستنباط الأحكام
الشرعية ، منها على القول بصحة الاحتجاج بها.
كما يجوز
الاستدلال بها على وجه من وجوه اللغة العربية ، كما أن القراءات الشاذة تتضمن
الكثير من اللهجات العربية القديمة. فهي سجل حافل بذلك ، والله أعلم.
__________________
رقم الترجمة / ١٣٨
« شيبة بن نصاح » ت ١٣٠ هـ
أحد أئمة التابعين
، الإمام الثقة ، شيخ القراء ، ومقرئ المدينة المنورة. مولى « أم سلمة » أم
المؤمنين رضياللهعنها ، وأحد شيوخ « نافع بن أبي نعيم » أحد القراء السبعة
المشهورين ، ولا زال المسلمون يتلقون قراءة « نافع » بالرضا والقبول ، وقد تلقيتها
وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
قال « الذهبي » :
أدرك « شيبة » أم المؤمنين « عائشة وأم سلمة » رضياللهعنهما .
ثم قال : وقرأ «
شيبة » « القرآن » على « عبد الله بن عياش » وأقول : وقرأ « عبد الله بن عياش »
على « أبيّ بن كعب » رضياللهعنه ، وقرأ « أبيّ » على النبي صلى عليه وسلّم.
ومن هذا يتبيّن أن
قراءة « شيبة » صحيحة ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام.
وقال « الذهبي » :
قرأ القرآن على « شيبة » عدد كثير منهم : « إسماعيل ابن جعفر ، وسليمان بن مسلم بن
جماز » أحد رواة « أبي جعفر » المدني ، الإمام الثامن ، كما قرأ على « شيبة » «
نافع » المدني ، الإمام الاول من القراء السبعة .
__________________
كما حدث « شيبة بن
نصاح » عن « القاسم بن محمد ، وخالد بن مغيث ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، وأبي بكر
بن عبد الرحمن » ، وغير هؤلاء كثير. قال « الدوري » أحد رواة « أبي عمرو بن العلاء
» : حدثنا إسماعيل بن جعفر قال : قرأت على « شيبة بن نصاح مولى » أم سلمة ، فكان
إمام أهل المدينة في القراءة ، وقال « إسماعيل بن جعفر » : أخبرني « سليمان بن
مسلم » أن « شيبة » أخبره أنه أتي به إلى « أم سلمة » أم المؤمنين ، رضياللهعنها وهو صغير ، فمسحت رأسه ودعت له بالبركة » .
وقال « قالون » :
كان « نافع » أكثر اتباعا « لشيبة » منه لأبي جعفر .
وقال « ابن الجزري
» : لما ماتت « سكينة » بنت « الحسين بن علي » رضياللهعنهما ، قدم شيبة فصلى عليها ، وذلك إجلالا له وتقديرا لفضله .
توفي « شيبة بن
نصاح » سنة ثلاثين ومائة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله « شيبة
بن نصاح » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٣٩
« أبو صالح البرجمي » ت ٢٣٠ هـ
هو : عبد الحميد
بن صالح بن عجلان التميمي ، أبو صالح البرجمي ، الكوفي ، مقرئ ثقة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو صالح »
القراءة عن خيرة العلماء في مقدمتهم : « أبو بكر بن عياش ، وأبو يوسف الأعشى ».
يقول « أبو صالح »
عن نفسه : كنت أختلف أنا « وأبو يوسف الأعشى » إلى « أبي بكر بن عياش » فنجلس بين
يديه معا ، فيقرأ « أبو يوسف » على « أبي بكر » وأنا مشافهة بين يدي « أبي بكر »
فالفتح لنا جميعا ، والرد علينا جميعا ، فإذا فرغ « أبو يوسف » من قراءته ، درست
عليه بحضرة « أبي بكر » فإن سها « أبو يوسف » عن حرف ردّ عليّ « أبو بكر » والناس
من ورائنا مجتمعون ا هـ .
وقد أخذ « القرآن
» عن « أبي صالح » عدد كثير منهم : « إسماعيل بن أبي
__________________
علي الخياط ،
وجعفر بن عنبسة ، والحسين بن جعفر بن محمد بن قتّات ، كما قرأ عليه « القاسم بن
أحمد الخياط » ولم يكمّل .
توفي « أبو صالح
البرجمي » سنة ثلاثين ومائتين من الهجرة. رحم الله « أبا صالح » رحمة واسعة وجزاه
الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٤٠
« ابن الصبّاح »
هو : محمد بن عبد
العزيز بن عبد الله بن الصباح ، أبو عبد الله المكي الضرير المقرئ الجليل.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن الصباح
» القراءة عن عدد من العلماء منهم : « قنبل » أحد رواة ابن كثير المكي ، الإمام
الثاني بالنسبة إلى أئمة القراءات وهو من أجل أصحاب قنبل.
كما أخذ « ابن
الصباح » القراءة عن أبي ربيعة محمد بن اسحاق ، واسحاق الخزاعي ، عن ابن فليح.
تصدر « ابن الصباح
» لتعليم القرآن الكريم ، فتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : علي بن محمد الحجازي ،
ومحمد بن زريق ، وعبد الله بن الحسين ، والحسين بن اسماعيل التنوخي ، وآخرون .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « ابن الصباح ». رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٤١
« أبو طاهر الأنطاكي » ت ٣٨٠ هـ
هو : محمد بن
الحسن بن علي أبو طاهر الأنطاكي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو طاهر
الأنطاكي » القراءة عن خيرة العلماء ، قال « الحافظ أبو عمرو الداني » : « أخذ
القراءة عرضا وسماعا عن « إبراهيم بن عبد الرزاق » وهو من جلة أصحابه ، ومن أثبت
الناس فيه .
تصدر « أبو طاهر
الأنطاكي » لتعليم القرآن ، واشتهر بالدقة والثقة ، وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ
القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون. قال « الإمام ابن الجزري » : روى القراءة عنه عرضا
« علي بن داود » الداراني وسماعا « أبو الطيب بن غلبون ، وفارس بن أحمد ، وعبيد
الله بن مسلمة » وعرض عليه أيضا « أبو العباس بن نفيس ، وأبو علي الرهاوي » .
احتل « أبو طاهر
الأنطاكي » مكانة سامية بين العلماء ، فأثنى عليه الكثيرون ، قال عنه « الذهبي » :
أبو طاهر الأنطاكي أحد أعلام القرآن نزل مصر . وقال « ابن
الجزري » أبو طاهر الأنطاكي إمام كبير مقرئ شهير .
__________________
قال « الامام
الداني » : خرج أبو طاهر الأنطاكي من « مصر » إلى الشام ، فتوفي في منصرفه قبل سنة
ثمانين وثلاثمائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ١٤٢
« أبو طاهر البعلبكي » ت ٣٥٤ هـ
هو : محمد بن
سليمان بن أحمد بن ذكوان ، أبو طاهر البعلبكي المؤذن مقرئ معمر صالح عالي السند.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « أبو طاهر
البعلبكي » سنة أربع وستين ومائتين ، واستقر « بصيدا » وأخذ القراءة عرضا عن هارون
الأخفش ، وحدث عن أحمد بن محمد بن يحيى ابن حمزة ، وزكريا بن يحيى الخياط ، وأحمد
بن إبراهيم البشري ، والحسين بن محمد ابن جمعة .
وقرأ عليه « عبد
الباقي بن الحسن ، وجعفر بن أحمد بن الفضل » وروى عنه أبو الحسين بن جميع ، وأبو
عبد الله بن منده .
توفي « أبو طاهر
البعلبكي » سنة أربع وخمسين وثلاثمائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٤٣
« طاهر بن غلبون » ت ٣٩٩ هـ
هو : طاهر بن عبد
المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك ، أبو الحسن الحلبي ، نزيل مصر.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
نشأ « طاهر بن
غلبون » في بيت العلم والمعرفة ، فوالده الإمام المشهور « عبد المنعم بن عبيد الله
» أحد علماء القراءات ، ومؤلف كتاب « الإرشاد ».
وقد أخذ « طاهر »
القراءة وحروف القرآن عن عدد كبير من خيرة العلماء ، وفي مقدمة هؤلاء : والده «
عبد المنعم ، وعبد العزيز بن علي » ، ثم رحل إلى « العراق » فقرأ بالبصرة على :
محمد بن يوسف بن نهار الحرتكي ، وعلي بن محمد الهاشمي ، وعلي بن محمد بن خشنام.
كما سمع حروف
القراءات من « والده » ومن « إبراهيم بن محمد بن مروان ، وعتيق بن ما شاء الله ،
وعبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن محمد بن المفسر ، وأبي الفتح بن بدهن ، وسمع
لسبعة « ابن مجاهد » من أبي الحسن علي ابن محمد بن اسحاق الحلبي المعدل .
تصدر « طاهر بن غلبون
» لتعليم القرآن وأخذ شهرة عظيمة ورثها عن والده ،
__________________
وأقبل عليه الطلاب
من كل مكان ، فقد روى القراءة عنه عرضا وسماعا : « الإمام الكبير الحافظ أبو عمرو
الداني » وإبراهيم بن ثابت الاقليسي ، وأحمد بن باشاذ الجوهري ، وأبو الفضل عبد الرحمن
الرازي ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد القزويني .
احتل « طاهر بن
غلبون » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، يقول تلميذه « الإمام
الداني » : لم ير في وقته مثله في فهمه وعلمه مع فضله ، وصدق لهجته ، كتبنا عنه
كثيرا .
وقال « الإمام ابن
الجزري » : « طاهر بن غلبون » نزيل مصر أستاذ عارف ، ثقة ضابط حجة محرر شيخ الداني
، مؤلف كتاب التذكرة في القراءات الثمان .
وأقول : لقد
استفاد « ابن الجزري » من كتاب « التذكرة » استفادة كبيرة وهو أحد مصادره في
القراءات ، ولنستمع إلى ابن الجزري وهو يقول : قرأت بمضمنه القرآن كله على : أبي
عبد الله محمد بن الصائغ ، وأبي محمد عبد الرحمن ابن أحمد الشافعي ، وإلى أثناء
سورة النحل على الأستاذ أبي بكر بن أيدغدي بالديار المصرية .
توفي « طاهر بن
غلبون » سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. رحم الله « طاهر بن غلبون » رحمة واسعة إنه
سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٤٤
« أبو طاهر بن أبي هاشم » ت ٣٤٩ هـ
هو : عبد الواحد
بن عمر بن محمد بن أبي هاشم أبو طاهر البغدادي البزاز الإمام النحوي والأستاذ
الكبير أحد الأعلام.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « أبو طاهر »
في رجب سنة ثمانين ومائتين ، وبعد أن شب عوده تتلمذ على خيرة العلماء يأخذ عنهم
القرآن والحديث والنحو ، وغير ذلك من أنواع المعرفة.
ومن يقرأ كتب
التراجم والتاريخ يجد أن شيوخ « أبي طاهر » بلغوا من الكثرة عددا كثيرا ، وحسبي أن
أشير هنا إلى قبس منهم : فمن العلماء الذين أخذ عنهم « أبو طاهر » القرآن وحروف
القراءات ، « أحمد بن سهل الأشناني ، وأبو عثمان سعيد بن عبد الرحيم الضرير ، وأبو
بكر بن مجاهد ، وإبراهيم بن غرفة ، وإبراهيم بن محمد بن أيوب ، وأحمد بن رستم ،
وأحمد بن فرح ، وأحمد بن علي بن الحسن ، وأحمد بن محمد الشعراني ، وغيرهم كثير .
ومن العلماء الذين
أخذ عنهم « أبو طاهر » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم : « محمد بن جعفر القتات ، وعبيد بن محمد المروزي ، وأحمد
بن فرح الضرير ، وعبد الله بن محمد بن ياسين ، ومحمد بن الحسين بن شهريار ، ومحمد
بن الحسين الأشناني ، ومحمد بن العباس اليزيدي ، ووكيع القاضي ، وأبو بكر بن أبي
داود ،
__________________
وصالح بن أبي
مقاتل ، وأبو بكر بن أبي مجاهد ، وأبو مزاحم الخاقاني » ، وغير هؤلاء كثير .
وكما كان « أبو
طاهر » من علماء القراءات والحديث كان أيضا من علماء النحو واللغة ، وكان كوفي
المذهب ، وقرأ على « ابن درستويه » بعض كتاب « سيبويه » .
وبعد أن اكتملت
مواهب أبي طاهر جلس لتعليم القرآن وسنة الهادي البشير عليه الصلاة والسلام ، فذاع
صيته ، واشتهر بين الناس ، وأقبل عليه طلاب العلم يأخذون عنه ، ويتتلمذون عليه ، فكثر
طلابه وعظمت حلقة درسه ، وكان يقرئ في سكة « عبد الصمد بن علي بن عبد الرحمن بن
العباس » ببغداد.
ومن الذين أخذوا
عن « أبي طاهر » القراءة عرضا وسماعا : أحمد بن عبد الله ابن الخضر ، وأبو الفرج
أحمد بن موسى ، وعبد العزيز بن جعفر بن خواستي ، وعبيد الله بن عمر المصاحفي ،
وعلي بن عمر الحمامي ، وعلي بن الحسين الذهبي ، وعلي بن العلاف ، وجعفر بن محمد بن
الفضل ، وغيرهم كثير .
ومن الذين أخذوا
عن « أبي طاهر » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم : إبراهيم بن مخلد بن جعفر المعدل ، وأبو الحسن بن الحمامي
المقرئ .
كان « أبو طاهر »
رقيق القلب ، يبكي من خشية الله تعالى ، حول هذا المعنى يقول « الخطيب البغدادي »
: « أخبرنا علي بن أبي علي ، حدثني أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الله
الشاهد قال : كنت أمشي يوما مع أبي طاهر ابن أبي هاشم المقرئ ، وكان أستاذي
فاجتزنا بمقابر « الخيزران » فوقف عليها
__________________
ساعة ثم التفت
إليّ فقال لي : يا أبا القاسم ترى لو وقف هؤلاء هذه المدة الطويلة على باب ملك
الروم ما رحمهم؟ فكيف تظن بمن هو أرحم الراحمين؟ وبكى » ا هـ .
اشتهر أبو طاهر
بالثقة وصحة الضبط وتقوى الله تعالى وإتقانه لقراءة القرآن مما استوجب الثناء عليه
، وفي هذا المعنى يقول الحافظ « الذهبي » : « وقد أطنب أبو عمرو الداني » في وصفه
وقال : لم يكن بعد « ابن مجاهد » مثل « أبي طاهر » في علمه وفهمه مع صدق لهجته
واستقامة طريقته ، قرأ عليه خلق كثير. وكان ينتحل في النحو مذهب الكوفيين وكان
بارعا فيه ا هـ .
وقال الامام «
الداني » : « سمعت عبد العزيز الفارسي » يقول : « لما توفي ابن مجاهد ، رحمهالله تعالى أجمعوا على أن يقدموا شيخنا « أبا طاهر » فتصدر للإقراء في مجلسه وقصده
الأكابر ، فتحلقوا عنده كعقيل بن البصري وكان من جلة أصحاب « ابن مجاهد » وكأبي
بكر الجلاء ونظرائهما » ا هـ .
وقال « الخطيب
البغدادي » : « كان « أبو طاهر » من أعلم الناس بحروف القرآن ووجوه القراءات وله
في ذلك تصانيف عدة » ا هـ .
وقال « القفطي »
في تاريخ النحاة : لم ير بعد « ابن مجاهد » في القراءات مثل « أبي طاهر » .
توفي « أبو طاهر »
في شوال سنة تسع وأربعين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة
النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله « أبا طاهر » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٤٥
« طلحة بن عبيد الله القرشي » رضياللهعنه ت ٣٦ هـ
علم من حفاظ «
القرآن الكري » وأحد العشرة المبشرين بالجنة.
ذكره « ابن الجزري
» ت ٨٣٣ هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات وقال : وردت عنه الرواية في حروف «
القرآن ». وصفه النبي صلىاللهعليهوسلم بأنه الجواد ، والفياض. كان من السابقين إلى الإسلام.
كان « طلحة » رضياللهعنه : حسن الوجه ـ يضرب إلى الحمرة ـ مربوعا ـ إلى القصر هو أقرب ـ رحب الصدر ـ بعيد
ما بين المنكبين ـ ضخم القدمين ـ كثير الشعر ـ ليس بالجعد القطط ولا بالسبط ـ إذا
مشى أسرع ـ وإذا التفت التفت جمعا.
حدث عنه بنوه :
يحيى ـ وموسى ـ وعيسى ـ والسائب بن يزيد ـ ومالك ابن أوس ـ وأبو عثمان النهدي ـ وقيس
بن أبي حازم ـ ومالك بن أبي عامر الأصبحي ـ والأحنف بن قيس ـ وأبو سلمة بن عبد
الرحمن ـ وآخرون.
__________________
ولقد أحبه الرسول صلىاللهعليهوسلم وأثنى عليه ثناء عاطرا : فعن « جابر » رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : من أراد أنه ينظر إلى شهيد يمشي على رجليه فلينظر
إلى « طلحة بن عبيد الله » ا هـ.
قال « أبو نعيم »
حدثنا سليمان بن أحمد فقال : لما رجع النبي صلىاللهعليهوسلم من « أحد » صعد « المنبر » فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قرأ
هذه الآية : ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما
عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ
يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً )
فقام إليه رجل
فقال : يا رسول الله من هؤلاء؟ فأقبل « طلحة بن عبيد الله » وعليه ثوبان أخضران ،
فقال : « أيها السائل هذا منهم » ا هـ .
كما كان « طلحة » رضياللهعنه شجاعا لا يهاب الأعداء وهناك أكثر من شاهد على ذلك : فعن « عائشة » أم
المؤمنين رضياللهعنها قالت : كان « أبو بكر » إذا ذكر يوم « أحد » قال : ذلك كله
يوم طلحة ، قال « أبو بكر » : كنت أول من فاء يوم « أحد » فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولأبي عبيدة بن الجراح : « عليكما صاحبكما » يريد « طلحة » فأصلحنا من شأن
النبي صلىاللهعليهوسلم ثم أتينا « طلحة » في بعض تلك « الجفار » فإذا به بضع وسبعون أو أقلّ أو أكثر ، بين طعنة ، وضربة ، ورمية ، وإذا قد
قطعت إصبعه ، فأصلحنا من شأنه ا هـ .
__________________
وروى « قبيصة » عن
« جابر » قال : صحبت « طلحة بن عبيد الله » فما رأيت رجلا أعطى لجزيل مال من غير
مسألة منه ا هـ .
وحدث « الترمذي »
عن « عقبة بن علقمة اليشكري » قال : سمعت « عليا » رضياللهعنه يوم « الجمل » يقول : سمعت من « في » رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : « طلحة ـ والزبير جاراي في الجنة » ا هـ .
وكان « طلحة » رضياللهعنه من أثرياء الصحابة ، يدل على ذلك الآثار الآتية : قال « الحميدي » حدثنا «
ابن عيينة » حدثنا « عمرو بن دينار » قال : أخبرني « مولى » لطلحة ، قال : كانت
غلة طلحة كل يوم ألفا وافيا. انتهى .
وقال « إبراهيم التيمي
» عن أبيه قال : كان طلحة يغلّ بالعراق أربع مائة ألف ، ويغلّ بالسراة عشرة آلاف
دينار ، ولقد كان يرسل إلى « عائشة » أم المؤمنين رضياللهعنها إذا جاءت غلته كل سنة بعشرة آلاف ، ولقد قضى عن صبيحة
التيمي ثلاثين ألفا » ا هـ .
وقال « الواقدي »
: حدثنا إسحاق بن يحيى ـ عن موسى بن طلحة أن « معاوية » سأله : كم ترك « أبو محمد
» من العين؟ قال : ترك ألفي ألف درهم ، ومائتي ألف درهم ، ومن الذهب مائتي ألف
دينار ، فقال « معاوية » : عاش حميدا سخيّا شريفا ا هـ .
__________________
ولقد كان « طلحة
بن عبيد الله » من الأسخياء البررة الأوفياء ، والدليل على ذلك الآثار الآتية :
فعن « أبي إسماعيل
الترمذي » أن « طلحة » أتاه مال من « حضرموت » سبع مائة ألف ، فبات ليلته يتململ ،
فقالت له زوجته : ما لك؟ قال : تفكرت منذ الليلة فقلت : ما ظن رجل بربّه يبيت وهذا
المال في بيته؟ قالت : فأين أنت عن بعض أخلائك ، فإذا أصبحت فادع بجفان ، وقصاع
فقسّمه فقال لها : رحمك الله إنك موفقة بنت موفق ، وهي : « أم كلثوم بنت الصديق » رضياللهعنهما : فلما أصبح دعا بجفان فقسّمها بين المهاجرين والأنصار.
وعن « علي بن زيد
» قال : جاء أعرابي إلى « طلحة » يسأله ، فتقرب إليه برحم ، فقال : إن هذه لرحم ما
سألني بها أحد قبلك ، إنّ لي أرضا قد أعطاني بها « عثمان » ثلاث مائة ألف فاقبضها
، وإن شئت بعتها من « عثمان » ودفعت إليك الثمن ، فقال : الثمن ، فأعطاه ا هـ.
وعن « سعدى » بنت
عوف المريّة قالت : دخلت على « طلحة » يوما وهو خائر ، فقلت : ما لك؟ لعل رابك من
أهلك شيء؟ قال : لا والله ، ونعم حليلة المسلم ، ولكن مال عندي قد غمني ، فقلت :
ما يغمّك؟ عليك بقومك ، قال : يا غلام ادع لي قومي فقسمه فيهم ، فسألت الخازن : كم
أعطى؟ قال : أربع مائة ألف.
قتل « طلحة » في
موقعة « الجمل » سنة ست وثلاثين من الهجرة ، وهو ابن ثنتين وستين سنة. رضي الله عن
« طلحة بن عبيد الله » وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ١٤٦
« طلحة بن محمد » ت ٣٨٠ هـ
هو : طلحة بن محمد
بن جعفر أبو القاسم ، ويقال : أبو محمد البغدادي ، الشاهد ، غلام « ابن مجاهد » ووراقة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « الذهبي » ت ٨٣٣ هـ ضمن
علماء القراءات.
ولد « طلحة بن
محمد » في شهر ربيع من سنة إحدى وتسعين ومائتين. أخذ « طلحة » على « ابن مجاهد »
واستملى عليه ولذا يقال له : غلام ابن مجاهد ، كما روى القراءة أيضا عن أبي بكر
محمد بن عمران الدينوري ، والحسن بن محمد الحداد .
حدث « طلحة بن
محمد » عن عدد من العلماء ، يقول « الخطيب البغدادي » : حدث عن « عمر بن إسماعيل
بن أبي غيلان الثقفي ، ومحمد بن العباس اليزيدي ، وعبد الله بن زيدان ، ومحمد بن الحسين
الأشناني ، وأبي القاسم البغوي ، وأبي بكر بن داود ، وأحمد بن القاسم أخي الليث
الفرائضي وأبي الصخرة الشامي ، ويحيى بن مجاهد ، وغير هؤلاء .
تصدر « طلحة بن
محمد » لتعليم القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، ومن الذين
__________________
قرءوا عليه :
القاضي أبو العلاء ، وأبو أحمد عبد الله بن عبدويه العطار ، وأبو الفضل الخزاعي .
وقد روى عن « طلحة
بن محمد » الحديث الكثيرون. يقول « الخطيب البغدادي » حدثنا عنه عمر بن إبراهيم
الفقيه ، والازهري ، وأبو محمد الخلال ، وعبد العزيز بن علي الازجي ، وعلي بن
المحسن التنوخي ، والحسن بن علي الجوهري .
توفي « طلحة بن
محمد » سنة ثمانين وثلاثمائة وله تسعون سنة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٤٧
« أبو الطيب الأنطاكي » ت ٣٤٠ هـ
هو : أحمد بن
يعقوب التائب ، أبو الطيب الأنطاكي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
روى « أبو الطيب
الأنطاكي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : بكر ابن سهل الدمياطي ، وأحمد
بن المعلى ، وعبيد الله بن صدقة ، ومحمد بن حفص الخشاب صاحب السوسي ، وإسحاق بن
أحمد الخزاعي وآخرون.
تصدر « أبو الطيب
الأنطاكي » لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : علي بن أحمد بن بشر
الأنطاكي ، وعبيد الله بن عمر البغدادي ، وعلي بن محمد وآخرون .
كما أخذ « أبو
الطيب الأنطاكي » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : أبو أمية الطرسوسي ،
وعثمان بن خرّزاد ، وجماعة آخرون .
وقد احتل أبو «
الطيب الأنطاكي » مكانة سامية ، واشتهر بمعرفته للقراءات القرآنية ، وفي هذا يقول
الذهبي : « قال بعض الشيوخ » : « لم يكن بعد « ابن مجاهد » أعرف من أحمد بن يعقوب
التائب بحروف القراءة » .
__________________
كما أثنى عليه «
الداني » فقال : أبو الطيب الأنطاكي إمام في هذه الصنعة ، ضابط بصير بالعربية ،
وله كتاب حسن في القراءات.
توفي « أبو الطيب
الأنطاكي » بأنطاكية سنة أربعين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن
الكريم ، رحم الله « أبا الطيب الأنطاكي » رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٤٨
« أبو الطيب الحضيني » ت ٣٦٩ هـ
هو : عبد الغفار
بن عبيد الله بن السري أبو الطيب الحضيني بالحاء المهملة والضاد المعجمة الكوفي ثم
الواسطي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو الطيب
الحضيني » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : أبو العباس أحمد بن سعيد
الضرير ، وأبو بكر بن مجاهد ، والحسين بن علي ، وأبو العباس محمد بن الحسن بن يونس
النحوي ، والعباس بن الفضل ، وعبد الله بن عبد الجبار ، والحسن بن داود النقار ،
وجعفر بن سليمان القافلاني ، وعلي بن محمد بن عمار ، ومحمد بن عمير القاضي ، وحماد
بن محمد ، وابن أبي أمية ، وأحمد ابن محمد الأدمي ، ومحمد بن جعفر بن خليل ، ومحمد
بن معلى الشونيزي ، وأحمد ابن الحسين .
أخبر « الحافظ
الذهبي » بأن « أبا الطيب الحضيني » حدث عن عدد من العلماء ذكر منهم : عمر بن أبي
غيلان ، ومحمد بن جرير الطبري ، وأحمد بن حماد ابن سفيان .
__________________
تصدر أبو الطيب
الحضيني لتعليم القرآن واشتهر بالثقة والضبط وجودة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن
وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي هذا يقول « الامام ابن الجزري » : قرأ عليه « أبو عبد
الله الكارزيني ، وأبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي ، وأبو بكر أحمد بن المبارك
الواسطي ، وإبراهيم بن سعد الرفاعي ، وعبد الرحمن بن الهرمزان ، وعلي بن محمد
الخبازي ، وعبيد الله بن أحمد » ا هـ .
اشتهر أبو الطيب
الحضيني بالمكانة العلمية والثقة بين العلماء فأصبح شيخ الإقراء بواسط وصنف في
القراءات ، ذكره « الحافظ الذهبي » في كتابه « تاريخ الاسلام » بأنه رأى هذا
الكتاب ، ونظرا لأن أبا الطيب كانت له مكانة سامية جليلة فقد أثنى عليه العلماء ،
وفي هذا يقول الإمام « ابن الجزري » : « أبو الطيب الحضيني إمام مقرئ ضابط ثقة
محقق وشيخ واسط » ا هـ .
وقال « القاضي
أسعد » : كان أبو الطيب مقرئا معروفا متقنا نحويا أديبا .
وقد وثقه « خميس
الحوزي » وقال : أظنه توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة ، وقال « سبط الخياط » توفي
سنة تسع وستين وثلاثمائة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٤٩
« عاصم بن أبي النّجود » ١٢٧ هـ مولى بني أسد
أحد علماء
التابعين ، الإمام ، وشيخ قراء الكوفة بلا منازع ، ومقرئ عصره الحجة الثقة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قال « أبو عبيد
القاسم بن سلام » : كان من قراء أهل الكوفة « يحيى بن وثاب » وعاصم بن أبي النجود
، وسليمان الأعمش ، قرأ « عاصم » على كل من : « أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب
بن ربيعة السلمي ت ٧٣ هـ ، وأبي مريم زر بن حبيش الأسدي ت ٨٢ هـ ، وأبي عمرو سعد
بن إلياس الشيباني ت ٩٦ هـ وقرأ هؤلاء الثلاثة على : « عبد الله بن مسعود » ت ٣٢
هـ.
وقرأ كل من « أبي
عبد الرحمن السلمي ، وزر بن حبيش » على « عثمان بن عفان ، وعليّ بن أبي طالب » رضياللهعنهما ، وقرأ « أبو عبد الرحمن السلمي » أيضا على « أبيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت » رضياللهعنهما.
__________________
وقرأ كل من : عبد
الله بن مسعود ، وعثمان بن عفان ، وعليّ بن أبي طالب ، وأبيّ بن كعب ، وزيد بن
ثابت » رضياللهعنهم ، على رسول الله صلىاللهعليهوسلم. من هذا يتبيّن أن قراءة « عاصم » متواترة ، وصحيحة ،
ومتصلة السند بالنبي صلىاللهعليهوسلم.
ولا زال المسلمون
يتلقون قراءة « عاصم » بالرضا والقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد
لله رب العالمين.
قال « الذهبي » :
وتصدر « عاصم » للاقراء مدّة بالكوفة فقرأ عليه عدد كثير منهم : « شعبة أبو بكر بن
عياش » ت ١٩٣ هـ وحفص أبو عمرو وحفص ابن سليمان بن المغيرة ت ١٨٠ هـ وأبان بن تغلب
ت ١٤١ هـ ، وحماد بن سلمة ت ١٦٧ هـ ، وسليمان بن مهران الأعمش ت ١٤٧ هـ.
وقال « ابن الجزري
» : كان « عاصم » هو الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد « أبي عبد
الرحمن السلمي » ت ٧٣ هـ.
ثم قال : وقد جلس
موضعه ورحل الناس إليه للقراءة ، وكان قد جمع بين الفصاحة والاتقان ، والتحرير ،
والتجويد ، وكان أحسن الناس صوتا بالقرآن. انتهى .
وقال « أبو بكر بن
عياش » : « لا أحصي ما سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول : ما رأيت أحدا أقرأ للقرآن من
عاصم » .
وقال : « يحيى بن
آدم » : حدثنا « الحسن بن صالح » قال : ما رأيت أحدا قط أفصح من « عاصم بن أبي
النجود » .
__________________
وقال « عبد الله
بن أحمد بن حنبل » : سألت « أبي » عن « عاصم بن بهدلة » فقال : رجل صالح ، خيّر
ثقة ، قلت : أي القراءات أحب إليك؟ قال : قراءة أهل المدينة ، فإن لم يكن ، فقراءة
« عاصم » ا هـ .
وقال « أبو كريب »
: حدثنا « أبو بكر » قال لي عاصم : مرضت سنتين ، فلما قمت قرأت « القرآن » فما
أخطأت حرفا ا هـ .
وقال « أبو بكر بن
عياش » عن « شمر بن عطية ». قام فينا رجلان : أحدهما أقرأ القرآن لقراءة « زيد بن
ثابت » وهو « عاصم » والآخر أقرأ الناس لقراءة « عبد الله بن مسعود » وهو : الأعمش
، ثم قال « ابن عياش » : وكان « عاصم » نحويا ، فصيحا ، إذا تكلم ، مشهور الكلام ،
وكان هو ، والأعمش ، وأبو حصين الأسدي لا يبصرون. جاء رجل يوما يقود « عاصما »
فوقع وقعة شديدة ، فما نهره ، ولا قال له شيئا ا هـ .
وأقول : هذا الخبر
إن دلّ على شيء فإنما يدل على حلم ، وسعة صدر ، « عاصم » رحمهالله تعالى.
وقال « سلمة بن
عاصم » : كان « عاصم بن أبي النجود » ذا أدب ، ونسك ، وفصاحة ، وصوت حسن ا هـ .
وقال « أبو بكر بن
عياش » : قال « عاصم » : من لم يحسن من العربية إلا وجها واحدا ، لم يحسن شيئا ،
ثم قال : ما أقرأني أحد حرفا إلا « أبو عبد الرحمن السلمي » ، وكان قد قرأ على «
عليّ » رضياللهعنه ، وكنت أرجع من عنده
__________________
فأعرض على « زر بن
حبيش » وكان « زر » قد قرأ على « عبد الله بن مسعود » رضياللهعنه ا هـ .
وقال « زياد بن
أيوب » حدثنا « أبو بكر » قال : كان « عاصم » إذا صلى ينتصب كأنه « عود » وكان
يقيم يوم الجمعة في المسجد إلى العصر ، وكان عابدا ، خيّرا ، يصلي أبدا ، ربما أتى
حاجة ، فإذا رأى مسجدا قال : حل بنا فإن حاجتنا لا تفوت ، ثم يدخل فيصلي ا هـ .
وقال « الذهبي » :
كان « عاصم » ثبتا في القراءة ، صدوقا في الحديث ، وقد وثقه « أبو زرعة » وجماعة ،
وقال « أبو حاتم » : محله الصدق ا هـ .
وقال « أبو بكر بن
عياش » : دخلت على « عاصم » وقد احتضر ، فجعل يردد هذه الآية يحققها كأنه في
الصلاة : ( ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ
) .
توفي الإمام «
عاصم » بالكوفة سنة سبع وعشرين ومائة بعد حياة حافلة بتعليم كتاب الله تعالى وسنة
نبيه عليه الصلاة والسلام. رحم الله « عاصما » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٥٠
« عامر السيد عثمان » ت ١٤٠٨ هـ
ولد « عامر السيد
عثمان » ببلده « ملامس » مركز منيا القمح محافظة الشرقية بالديار المصرية ، وذلك
في سنة عشر من شهر مايو سنة ألف بعد التسعمائة ميلادية.
حفظ « شيخي »
القرآن الكريم منذ باكورة حياته ببلدة « ملامس » على خيره العلماء وهو : الشيخ
عطيّة بن سلامة.
كما تلقى « شيخي »
القراءات القرآنية ، وعلوم القرآن على خيرة علماء عصره مثل : الشيخ « عبد الرحمن
سبيع » إلا أن الشيخ « عبد الرحمن سبيع » انتقل إلى رحمة الله تعالى قبل أن يتم
شيخي « عامر السيد عثمان » القراءات القرآنية.
فالتقى بعلامة
عصره الشيخ « همام قطب » فأخذ عنه القراءات العشر الصغرى بمضمّن : الشاطبية ،
والدرّة ثم طلب شيخي المزيد من القراءات ، وعلوم القرآن ، فالتقى بعلامة عصره
الشيخ « إبراهيم البناسي » فأخذ عنه القراءات العشر الكبرى من طريق الطيبة.
ثم رحل شيخي «
عامر السيد عثمان » إلى القاهرة فالتقى بالشيخ « علي سبيع » شيخ القراء ، فقرأ
عليه القراءات من أول القرآن الكريم إلى قوله تعالى : ( وَقالَ
ارْكَبُوا فِيها ) ثم توفي الشيخ « علي سبيع » إلى رحمة الله.
بعد ذلك تفرغ «
عامر السيد عثمان » لتحفيظ القرآن الكريم والقراءات القرآنية ، وأقبل عليه
الكثيرون من الطلاب ثم ذاع صيته في جميع الأرجاء واحتل
__________________
مكانة سامية نظرا
لعلمه وأمانته ودقته وشدّة تفانيه في أن يكون طلابه على أحسن ما يكون عليه طلاب
القرآن جودة ، وإتقانا.
بعد ذلك عرف «
عامر السيد عثمان » لدى الخاص والعام فتم تعيينه رسميا من قبل مشيخة المقارئ
المصرية قارئا بمسجد السلطان الحنفي ، ثم نقل بعد ذلك إلى أن يكون شيخا إلى مقرأة
الإمام الشافعي رحمهالله.
بعد ذلك أصبح «
لعامر السيد عثمان » المكانة المرموقة والشهرة الطيبة الكريمة ، وأصبحت الأضواء
كلها مسلطة عليه ، وأصبح وكأنه القارئ الذي لا يتقدم عليه أحد نظرا لإلمامه وحفظه
لجميع القراءات والروايات الصحيحة التي نقلت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
بعد ذلك أخذ «
عامر السيد عثمان » يشغل الكثير من المناصب الهامة المتصلة بالقرآن الكريم وعلوم
القرآن. فعيّن أستاذا بالأزهر لتعليم الطلاب القراءات القرآنية ، وتجويده ، ورسمه
، وضبطه ، وعدّ آية.
كما وقع الاختيار
عليه من قبل مشيخة الازهر ليكون عضوا بلجنة تصحيح المصاحف ، ومراجعتها بالأزهر. ثم
اختير ليكون عضوا ضمن اللجنة العلمية التي تختار القراء بالإذاعة المصرية.
وفي نهاية المطاف
عين « عامر السيد عثمان » شيخا لعموم القراء ، والمقارئ ، بالقاهرة.
وقد تتلمذ على «
عامر السيد عثمان » عدد كثير بلغ الآلاف وفي مقدمتهم : « محمد سالم محيسن » مؤلف
هذا الكتاب.
وقد تلقيت عليه
ولله الحمد والشكر جميع القراءات التي صحت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونقلت إلينا بطريق التواتر ، وقد قرأت عليه ختمتين كاملتين
للقرآن الكريم
مشافهة حرفا حرفا ، وكلمة كلمة من أول القرآن الكريم إلى آخره ، وذلك بالأزهر
بالقاهرة : وكانت الختمة الاولى بالقراءات العشر الصغرى ، بمضمّن : الشاطبية
للإمام الشاطبي ، والدرّة ، للإمام « ابن الجزري ». وكانت الختمة الثانية
بالقراءات العشر الكبرى بمضمن طيّبة النشر للإمام « ابن الجزري » أيضا.
ومن الذين أخذوا
القراءات القرآنية على « عامر السيد عثمان » عبد المتعال منصور عرفة ، ورزق خليل
حبّة ، ومحمد عبد المتعال الشرقي ، وإبراهيم عطوة عوض ، وغير ذلك كثير.
واستمر « عامر
السيد عثمان » يعلم القرآن الكريم والقراءات القرآنية حتى انتقاله الى رحمة ربّه
الكريم.
ونظرا لمكانته
السامية ، وشهرته العلمية في جميع أنحاء العالم الإسلامي فقد تم اختياره ليقوم
بتصحيح ومراجعة المصحف الشريف بالمملكة العربية السعودية بمجمع خادم الحرمين
الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز المفدى حفظه الله لطباعة القرآن الكريم بالمدينة
المنورة كما يقوم « عامر السيد عثمان » بالإشراف على تسجيل القرآن الكريم لحفاظ
القرآن الكريم وفي مقدمتهم الدكتور / علي الحذيفي الأستاذ بالجامعة الإسلامية ،
وإمام المسجد النبوي الشريف ، وأحد المدرسين به.
كما انتدب « عامر
السيد عثمان » إلى بعض البلاد الإسلامية للإشراف على مسابقات القرآن الكريم ،
وليكون عضوا ضمن لجنة التحكيم ، من هذه البلاد : « اندونسيا ».
ومع أن وقت « عامر
السيد عثمان » كان مبذولا في تعليم القرآن ، فقد رأيته يستمع إلى بعض طلابه ، وهو
يسير معهم في الطريق ينتقل من مكان إلى مكان ليكون في حلقات درسه ، لأن الحلقات
التي كان يعقدها يوميا متعددة ، وفي أماكن متفرقة.
مع كثرة هذه
المشاعل إلاّ أن « عامر السيد عثمان » زود المكتبة الإسلامية ببعض مؤلفاته المفيدة
منها :
كتاب : كيف يتلى
القرآن الكريم.
وكتاب : فتح
القدير شرح تنقيح التحرير. وهذا الكتاب يعتبر فريدا في نوعه حيث عالج موضوعا علميا
هامّا إلا وهو بيان الصحيح من وجوه القراءات التي وقع فيها الخلاف بين طرق
الروايات ، وإيضاح الممنوع من هذه الوجوه وتوضيح المقيدات ، وبيان ما يترتب على
تحرير الطرق والروايات.
توفي بالمدينة
المنورة يوم الجمعة الخامس من شوال سنة ١٤٠٨ هـ أسأل الله تعالى أن يغفر له وأن
يسكنه فسيح جنانه إنه سميع مجيب.
رقم الترجمة / ١٥١
« عبادة بن الصّامت » رضياللهعنه ت ٣٤ هـ
الامام القدوة ـ أحد
النقباء ليلة العقبة ، ومن أعيان البدريين ، صحابيّ شهد المشاهد كلها ، وأتم حفظ
القرآن في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم. كان رضياللهعنه جميلا ، طويلا ، جسيما.
قال « محمد بن كعب
القرظي » : جمع القرآن زمن النبي صلىاللهعليهوسلم خمسة من الأنصار « معاذ بن جبل ، وعبادة بن الصامت ، وأبيّ
بن كعب ، وأبو الدرداء ، وأبو أيوب الأنصاري » .
وقد حدث عن «
عبادة » عدد كثير ، أذكر منهم : أبا أمامة الباهلي ، وأنس ابن مالك ، وأبا مسلم
الخولاني ، وجنادة بن أبي أمية ، وأبا إدريس الخولاني ، وأبا الأشعث الصنعاني ،
وأبا سلمة بن عبد الرحمن ، وغير هؤلاء كثير .
وكان « عبادة بن
الصامت » رضياللهعنه أحد الصحابة الذين أسهموا بقدر كبير في تعليم القرآن
وتجويده بالشام.
__________________
كما كان رضياللهعنه من الذين يتمثلون قول الرسول صلىاللهعليهوسلم « من رأى منك منكرا فليغيره بيده ، فمن لم يستطع فبلسانه ،
فمن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ».
فعن « إسحاق بن
قبيصة بن ذؤيب » عن أبيه ، أن « عبادة بن الصامت » ، أنكر شيئا على « معاوية »
فقال : لا أساكنك بأرض ، فرحل إلى « المدينة المنورة » فقال له « عمر » رضياللهعنه وهو خليفة المسلمين حينئذ : « ما أقدمك »؟ فأخبره بفعل « معاوية » فقال له :
« ارحل إلى مكانك ، فقبّح الله أرضا لست فيها ، وأمثالك ، فلا إمرة له عليك » .
ولما استشهد « عمر
» رضياللهعنه ، وتولى أمر المسلمين « عثمان بن عفان » رضياللهعنه ، كتب « معاوية » إلى « عثمان » : أن « عبادة بن الصامت » قد أفسد عليّ «
الشام » وأهله ، فإما أن تكفه إليك ، وإما أن أخلّي بينه وبين الشام.
فكتب إليه « عثمان
» : أن رحّل « عبادة » حتى ترجعه إلى داره « بالمدينة » قال : فدخل على « عثمان »
فلم يفجأه إلا به وهو معه في الدار ، فالتفت إليه فقال : يا عبادة ما لنا ولك؟
فقام « عبادة » بين ظهراني الناس ، فقال : سمعت رسول الله عليه وسلّم يقول : «
سيلقى أموركم بعدي رجال يعرّفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة
لمن عصى ، ولا تضلوا بربكم » ا هـ .
ولقد أحب الرسول صلىاللهعليهوسلم « عبادة » حبا كثيرا ، والدليل على ذلك ما يلي : قال محمد بن سابق ، حدثنا
حشرج بن نباتة ، عن موسى بن
__________________
محمد بن إبراهيم
التيمي : سمع أبا قلابة يقول : حدثني الصنابحي : أن عبادة ابن الصامت حدثه قال :
خلوت برسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت : أي أصحابك أحب إليك حتى أحبه؟ قال : اكتم عليّ
حياتي : « أبو بكر ـ ثم عمر ـ ثم عليّ » ثم سكت ، فقلت : ثم من يا رسول الله؟ قال
: « من عسى أن يكون : الزبير ـ وطلحة ـ وسعد ـ وأبو عبيدة ـ ومعاذ ـ وأبو طلحة ـ وأبو
أيوب ـ وأنت يا عبادة ـ وأبيّ بن كعب ـ وأبو الدرداء ـ وابن مسعود ـ وابن عوف ـ وابن
عفان ـ ثم هؤلاء الرهط من الموالي : سلمان ـ وصهيب ـ وبلال ـ وعمّار » ا هـ .
توفي « عبادة بن
الصامت » رضياللهعنه بعد حياة حافلة ـ بالعمل ـ والجهاد وقراءة القرآن ـ وتعليمه
ـ والتمسك بتعاليم الاسلام ، وذلك سنة أربع وثلاثين من الهجرة « بالرملة » وهو ابن
اثنتين وسبعين سنة رضي الله عن « عبادة » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٥٢
« أبو العباس الرازي » ت بعد ٣١٠ هـ
هو : أحمد بن محمد
بن عبد الصمد بن يزيد أبو العباس الرازي مقرئ أستاذ.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو العباس
الرازي » القرآن عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : الفضل ابن شاذان ، ومحمد بن
سمعويه الموصلي صاحب أبي الفتح عامر بن عمرو آخرون. سكن « أبو العباس الرازي »
الأهواز ، وأقرأ بها زمنا طويلا.
وقد أقبل حفاظ
القرآن على « أبي العباس الرازي » يتلقون عنه. فمن الذين أخذوا عنه القراءة : أحمد
بن نصر الشذائي ، وأحمد بن محمد بن عبيد الله العجلي ، وأحمد بن محمد الشنبوذي
وآخرون .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « أبي العباس الرازي » إلا أن العجلي قال قرأت على « أبي العباس »
بالأهواز سنة عشر وثلاثمائة ، يفهم من هذا أنه توفي بعد ذلك التاريخ. رحم الله أبا
العباس الرازي رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٥٣
« أبو العبّاس الرّازي » ت في حدود ٢٩٠ هـ
هو : الفضل بن
شاذان بن عيسى ، أبو العباس الرازي الإمام الكبير.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو العباس
الرازي » القرآن عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أحمد بن يزيد الحلواني ، ومحمد
بن إدريس الأشعري ، ومحمد بن عيسى الأصبهاني ، ونوح بن أنس ، وأحمد بن أبي سريج ،
والفضل بن يحيى بن شاهين ، وعمرو بن بكير ، كما روى عن « أبي عمر الدوري » أحد
رواة الإمام « أبي عمرو بن العلاء » ولا زالت قراءة « أبي عمر الدوري » يتلقاها
المسلمون بالرضا حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين .
وقد تتلمذ على «
أبي العباس الرازي » الكثيرون ، منهم : ابنه « أبو القاسم العباس » والحسن بن سعيد
الرازي ، وابن خرطبة ، وصالح بن مسلم ، وأحمد بن محمد بن عبد الصمد ، وأحمد بن عثمان
بن شبيب ، وأبو الحسن بن شنبوذ ، وغيرهم كثير .
وقد بلغ « أبو
العباس الرازي » مكانة سامية في العلم والعدالة مما استوجب
__________________
الثناء عليه ،
يقول « الإمام أبو عمرو الداني » : « لم يكن في دهره مثله في علمه وفهمه وعدالته
وحسن اطلاعه » ا هـ .
يقول « الذهبي »
وقد روى عن « أبي العباس الرازي » أبو حاتم الرازي ، مع تقدمه ، وابنه عبد الرحمن
بن أبي حاتم ، وقال : ثقة .
توفي أبو العباس
الرازي في حدود التسعين ومائتين من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٥٤
« العبّاس بن الفضل » ت ١٨٦ هـ
العالم الجليل ،
الورع ، عظيم القدر ، قاضي الموصل. هو : العباس بن الفضل ابن عمرو بن عبيد بن
الفضل بن حنظلة الواقفي الأنصاري البصري قاضي الموصل.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « العباس بن
الفضل » سنة خمس ومائة من الهجرة. وقدم « العراق » فلقي « أبا عمرو بن العلاء
البصري » فقرأ عليه القرآن ، وجوّده ، وبرع في معرفة القراءات.
وكان « العباس »
صاحب شهرة عظيمة ومن العلماء الأفذاذ ، وقد ولّي القضاء بالموصل ، وأقام بها قاضيا
إلى أن توفي رحمهالله.
وكما أخذ « العباس
بن الفضل » القراءة عن « أبي عمرو » أخذها أيضا عن غيره ، مثل : خارجة بن مصعب عن
« نافع بن أبي نعيم » وأبي عمرو عن مطرّف ابن معقل عن ابن كثير ، وآخرين.
يقول « ابن الجزري
» : وكان « للعباس بن الفضل » اختيار في القراءة. وكان « أبو عمرو بن العلاء »
يجلّ « العباس بن الفضل » ويثني عليه ، ومن ذلك قوله : « لو لم يكن في أصحابي إلا
« العباس بن الفضل لكفاني » ا هـ .
__________________
وكان « العباس » رحمهالله تعالى صاحب مكانة سامية بين علماء عصره مما استوجب ثناءهم عليه ، فمن ذلك قول
« سبط الخياط » : وكان « العباس بن الفضل » عظيم القدر جليل المنزلة في العلم
والدين والورع ، مقدما في القرآن ، والحديث ، من أجلاء أصحاب « أبي عمرو » ا هـ .
وقد روى القراءة
عن « العباس بن الفضل » عدد كثير منهم : « حمزة بن القاسم ، وعامر بن عمر الموصلي
، وعبد الرحمن بن واقد ، وعبد الرحمن البيروني ، ومحمد بن عمر الرومي ، وآخرون .
ومما يدلّ أيضا
على مكانة « العباس بن الفضل » في العلم مناظرته الإمام الكسائي في الإمالة.
ومعروف لدى جميع العلماء مكانة الكسائي العلمية في القراءات ، والنحو ، واللغة
والغريب ، فهو الإمام السابع من أئمة القراءات ، كما أنه إمام مدرسة الكوفة في
النحو.
فالإمالة لها
أنواع : صغرى ، وكبرى ، ولها شروط ، وأسباب ، وموانع ، ومنها القياسي ، وغيره ،
إلى غير ذلك من الأحكام الخاصة بها ، والتي هي مبينة في المصنفات المعنية بذلك.
ومما يدل على
أهمية باب الإمالة ، أن العلماء ألفوا فيها بحوثا خاصة لنيل درجة الدكتوراة. فكون
« العباس بن الفضل » يناظر « الكسائي » في هذا الباب لا يدل إلا على أن « العباس »
كان من مشاهير علماء عصره.
وكما اهتم « العباس
بن الفضل » بالقراءات القرآنية ، فقد اهتم أيضا بروايته لحديث النبي عليه الصلاة
والسلام ، وقد روى عنه الحديث عدد منهم : « بشر بن
__________________
سالم الكوفي ،
وإبراهيم بن عبد الله الهروي ، ومحمد بن عبد الله بن عمار ، ومسعود ابن جويرية ،
وزكريا بن يحيى رحمويه » وآخرون .
توفي « العباس بن
الفضل » سنة ست وثمانين ومائة من الهجرة ، بعد حياة حافلة بالعلم والعمل. رحم الله
« العباس بن الفضل » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٥٥
« العباس بن الفضل » ت بعد سنة ٣١٠ هـ
هو : العباس بن
الفضل بن شاذان بن عيسى أبو القاسم الرازي ، مقرئ الريّ.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « العباس بن
الفضل » القرآن عن خيرة العلماء. وفي هذا يقول « ابن الجزري » : روى القراءة عن
أبيه الفضل. وروى الحروف عن : « أحمد أبي سريج عن الكسائي ، ومحمد بن غالب صاحب
شجاع ، والعباس بن الوليد صاحب قتيبة ، وعن : أحمد بن يزيد الحلواني » وغيرهم كثير
.
كما روى عن «
العباس بن الفضل » القرآن جماعة منهم : « محمد بن الحسن النقاش ، ومحمد بن أحمد
الداجوني ، وأبو بكر بن مقسم ، وأبو بكر محمد بن الحسن الأنصاري وابن شنبوذ » وغير
هؤلاء .
توفي « العباس بن
الفضل » بعد سنة عشر وثلاثمائة من الهجرة. رحم الله « العباس بن الفضل » رحمة
واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٥٦
« أبو العباس المطوعي » ت ٣٧١ هـ
هو : الحسن بن
سعيد بن جعفر بن الفضل بن شاذان أبو العباس المطوعي البصري.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ
ضمن علماء القراءات.
ولد « أبو العباس
المطوعي » في حدود سنة سبعين ومائتين ، وما ان اشتد عوده حتى حفظ القرآن الكريم
وجاب الأقطار ولقي العلماء وأخذ عنهم.
قال أبو الفضل
الخزاعي قلت للمطوعي : في أي سنة قرأت على ادريس الحداد؟ فقال : في السنة التي
رحلت فيها إلى الري سنة اثنتين وتسعين ومائتين. والري : مدينة مشهورة من أمهات البلاد وأعلام المدن ، كثيرة
الفواكه والخيرات ، بينها وبين نيسابور مائة وستون فرسخا ، وإلى قزوين سبعة وعشرون
فرسخا .
كما أن « أبا
العباس المطوعي » رحل في سبيل طلب العلم إلى « أصبهان » ، وفي هذا يقول « أبو نعيم
الحافظ » : قدم الحسن بن سعيد « أصبهان » سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وكان رأسا في
القرآن وحفظه .
__________________
وأصبهان مدينة
عظيمة مشهورة من أعلام المدن وأعيانها ، تتلمذ أبو العباس المطوعي على عدد كبير من
خيرة العلماء وفي مقدمتهم : ادريس بن عبد الكريم ، ومحمد بن عبد الرحيم الأصبهاني
، وأحمد بن الحسين الحريري ، ومحمد بن أبي مخلد الأنصاري ، ويوسف بن يعقوب الواسطي
، وأحمد بن سهل الأشناني ، والحسن بن حبيب الدمشقي ، ومحمد بن علي الخطيب ، ومحمد
بن يعقوب المعدل ، وأبو بكر بن شنبوذ ، وأحمد بن موسى بن مجاهد ، وغير هؤلاء عدد
كثير .
تصدر « أبو العباس
» المطوعي لتعليم القرآن وحروفه ، وحديث النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالضبط
والاتقان وصحة الرواية وعمّر حتى جاوز المائة ، وأقبل عليه حفاظ القرآن وطلاب
العلم من كل مكان ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : « أبو الفضل محمد بن
جعفر الخزاعي ، وأبو الحسين علي بن محمد الخباز ، وأبو بكر محمد بن عمر النهاوندي
وأبو علي محمد بن عبد الرحمن بن جعفر ، ومحمد بن الحسن الحارثي ، والمظفر بن أحمد
بن إبراهيم ، وأبو زرعة أحمد بن محمد الخطيب ، وعلي بن جعفر السعيدي » وغيرهم كثير
.
لقد كان « لأبي
العباس المطوعي » الأثر الواضح في تلاميذه ، كما أنه ترك لمكتبة علوم القرآن بعض
المؤلفات النافعة ، من هذه المؤلفات : كتاب معرفة اللامات وتفسيرها .
بلغ « المطوعي »
مكانة علمية سامية ، مما استوجب ثناء العلماء عليه ، وفي هذا يقول : « الذهبي » :
« كان أبو العباس المطوعي أحد من عني بهذا الفن ـ أي في القراءات وعلوم القرآن ـ وتبحّر
فيه ولقي الكبار وأكثر الرحلة في الأقطار » انتهى .
__________________
وقال « الذهبي »
أيضا : « وجمع وصنف وعمر دهرا طويلا وانتهى إليه علو الإسناد في القراءات » .
وقال « الإمام ابن
الجزري » : هو إمام عارف ثقة في القراءات. أثنى عليه الحافظ أبو العلاء الهمذاني ،
ووثقه ا هـ .
وقال أيضا : «
انتهى إلى « أبي العباس المطوعي » علو الإسناد في القراءات » .
وهكذا نجد « أبا
العباس المطوعي » استفاد من حياته وأفاد الكثيرين من المسلمين حتى توفاه الله مع
سنة احدى وسبعين وثلاثمائة بعد أن جاوز المائة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٥٧
« أبو العباس المعدل » ت ٣٢٠ هـ
هو : محمد بن
يعقوب بن الحجاج بن معاوية بن الزبرقان بن صخر ، أبو العباس التيمي من تيم الله بن
ثعلبة البصري المعروف بالمعدل ، إمام ضابط مشهور.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القراءات. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو العباس
المعدل » القرآن عن عدد كبير من العلماء. وفي مقدمتهم : أبو بكر محمد بن وهب صاحب
« روح » أحد رواة « يعقوب » الحضرميّ ، الإمام التاسع بالنسبة لأئمة القراءات ،
كما قرأ على « زيد » ابن أخي يعقوب ، فيما ذكره ابن سوار وغيره ، وعلي أبي الزعراء
بن عبدوس الدوري ، ومحمد بن الجهم اللؤلؤي وأحمد بن علي الخزاز ، وعمر بن محمد بن
برزة وغيرهم كثير .
أخذ « أبو العباس
المعدل » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن أبي داود السجستاني .
جلس أبو العباس
المعدل لتعليم القرآن ورواياته واشتهر بذلك وذاع صيته في الآفاق وأقبل عليه
الطلاب.
وتتلمذ عليه
الكثيرون منهم : علي بن محمد بن خشنام المالكي ، وأبو أحمد بن
__________________
عبدالله بن الحسين
، ومحمد بن محمد بن فيروز ، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن أشتة ، وأحمد بن محمد
البصري ، وأبو الحسن علي بن حبشان ، وأبو بكر بن مقسم العطار ، وهبة الله بن جعفر
، وابن الكردي ، وأبو العباس الكيال وآخرون .
كان « أبو العباس
المعدل » من الثقات ، ومن القراء المشهود لهم بالأمانة وصحة النقل ، وقد أثنى عليه
الكثيرون ، وفي هذا المعنى يقول الإمام الداني ت ٤٤٤ هـ : « انفرد « أبو العباس
المعدل » بالإمامة في عصره ببلده ، فلم ينازعه في ذلك أحد من أقرانه مع ثقته وضبطه
وحسن معرفته » ا هـ .
قال « ابن الجزري
» : قد وهم الشيخ أبو طاهر بن سوار في كتابه « المستنير » فقال في تسميته : أحمد
بن حرب المعدل ، والصواب محمد بن يعقوب أبو العباس المعدل ، وذلك أحمد بن حرب أبو
جعفر قديم من أصحاب الدوري ، توفي سنة احدى وثلاثمائة ، وهذا متأخر يروي عن أصحاب
الدوري ا هـ .
توفي « أبو العباس
المعدل » بعد العشرين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمهالله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٥٨
« أبو العباس الهذلي » ت ٣٣٢ هـ
هو : محمد بن
الحسن بن يونس بن كثير أبو العباس الهذلي الكوفي النحوي مقرئ ثقة مشهور ضابط.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو العباس
الهذلي » القراءة عن خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : الحسن بن علي بن عمران
الشحام صاحب قالون ، وعلي بن الحسن بن عبد الرحمن التميمي صاحب محمد بن غالب صاحب
الأعشى ، قال عنه : ومنه تعلمت القراءة حرفا حرفا ، وعبد الواحد بن أحمد ،
واسماعيل بن يحيى عن أبيه المسيبيّ ، واسماعيل القاضي ، وعبد الرحمن بن أحمد
القيرواني صاحب داود بن أبي طيبة وآخرون.
اشتهر « أبو
العباس الهذلي » بالدقة والثقة وجودة القراءة ، فتتلمذ عليه الكثيرون ورحل إليه
الطلاب من كل مكان.
ومن الذين أخذوا القراءة
عنه : محمد بن محمد بن فيروز الكرجي ، وأبو الطيب عبد الغفار بن عبيد الله الحضيني
، ومحمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي ، ومحمد بن جعفر بن محمد بن هارون التميمي ،
وعلي بن محمد عبد الله الشاهد ، وأحمد بن يوسف ، وغير هؤلاء كثير .
__________________
كان « أبو العباس
الهذلي » من المشهود لهم بصحة الرواية والضبط ، وفي هذا المعنى يقول الإمام الداني
ت ٤٤٤ هـ : « كان « أبو العباس الهذلي » ثقة مشهورا ضابطا جليلا » ا هـ .
وقال الخزاعي : «
كان أبو العباس الهذلي من علماء الكوفة وعنه أخذ جماعة من المتأخرين وكان ثقة » ا
هـ .
توفي « أبو العباس
الهزلي » سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، رحمهالله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٥٩
« عبد الباقي بن الحسن » ت بعد ٣٨٠ هـ
هو : عبد الباقي
بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن السقا أبو الحسن الخراساني الأصل
الدمشقي المولد ، ولد بدمشق ورحل إلى الأمصار طلبا للعلم والمعرفة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن ، كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أحب « عبد الباقي
» القرآن والعلم منذ نعومة أظفاره ورحل في سبيل ذلك إلى الأمصار وأخذ عن الشيوخ
وتلقى عن العلماء والمحدثين.
« أخذ « عبد
الباقي » القراءة عرضا عن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم ، وإبراهيم بن الحسن ،
وإبراهيم بن عمر ، وإبراهيم بن عبد العزيز ، وإبراهيم بن عبد الله بن محمد ، وأحمد
بن عبد الله بن الخشف ، وأحمد بن صالح ، وأحمد بن عبد الرحمن ، والحسين بن عبد
الله ، وزيد بن أبي بلال ، وصالح بن أحمد ، وعبد الرحمن ابن عمر البغدادي ، وعبد
الله بن علي ، وعبيد الله بن إبراهيم ، وعلي بن عبد الله بن محمد ، وعلي بن محمد
بن جعفر القلانسي ، ونظيف بن عبد الله ، ومحمد بن إبراهيم البلخي ، ومحمد بن أحمد
بن هارون ، ومحمد بن زريق ، ومحمد بن الحسين الديلي .
كما أخذ « عبد
الباقي » حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد
__________________
من العلماء ، وحدث
عنهم ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « وحدث « عبد الباقي » عن عبد الله بن
عتاب الزفتي ، وأبي علي الحصائري » وجماعة .
تصدر « عبد الباقي
» لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ،
يقول « الامام ابن الجزري » : أخذ القراءة « عن عبد الباقي » عرضا : فارس بن أحمد
، واكثر عنه ، وقال : قال لنا « عبد الباقي » : أدركت أبا اسحاق إبراهيم بن عبد
الرزاق بأنطاكية وجلست معه في مجلسه وهو يقرئ سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ، ولم
أقرأ عليه. ولما حصل الروايات ورجع إلى « دمشق » يقرئ بها حصل بينه وبين شيوخها
اختلاف فتعصب له قوم وتعصب آخرون عليه حتى تطاول بعضهم إلى بعض فخرج منها إلى الديار
المصرية .
احتل عبد الباقي
مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، يقول « الامام الداني » : كان
عبد الباقي خيرا فاضلا ثقة مأمونا ، إماما في القراءات عالما بالعربية بصيرا
بالمعاني. قال لي « فارس بن أحمد » أحد تلاميذه عنه : إنه أدرك إبراهيم بن عبد
الرزاق بأنطاكية وجلس بين يديه في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة وسمعت عبد الرحمن بن
عبد الله يقول : كان عبد الباقي يسمع معنا ببغداد على « أبي بكر الأبهري » وكتب
عنه كتبه في الشرح ثم قدم مصر فقامت له بها رئاسة عظيمة وكنا لا نظنه هناك إذ كان
ببغداد .
وقال الامام « ابن
الجزري » : كان عبد الباقي أستاذا حاذقا ضابطا ثقة وصل إلى الأمصار .
توفي عبد الباقي
بالاسكندرية ، وقيل بمصر بعد سنة ثمانين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن
الكريم. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٦٠
« أبو عبد الرّحمن السّلمي » رضياللهعنه ت ٧٤ هـ
الإمام الحجة ،
الزاهد ، المحدث ، الثقة ، مقرئ الكوفة نحوا من أربعين سنة ، أحد كبار التابعين.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « أبو عبد
الرحمن السلمي » في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقرأ القرآن وجوّده ، وبرع في حفظه ، وإليه انتهت
القراءة تجويدا وضبطا ، بالكوفة. أخذ القراءة عرضا عن « عثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ،
وعبد الله بن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وأبيّ بن كعب » .
وروى « حسين
الجعفي » عن « محمد بن أبان » عن « علقمة بن مرثد » وعرض على « عليّ بن أبي طالب »
.
وروى « أبو إسحاق
السّبيعي » عن « أبي عبد الرحمن السلمي » قال : والدي علمني القرآن ، وكان من
أصحاب الرسول صلىاللهعليهوسلم .
__________________
قال « عبد الواحد
بن أبي هاشم » : حدثنا « محمد بن عبيد الله المقرئ ... عن « عاصم بن بهدلة ، وعطاء
بن السائب ، ومحمد بن أبي أيوب ، وعبد الله بن عيسى » أنهم قرءوا على « أبي عبد
الرحمن السلمي » وذكروا أنه أخبرهم أنه قرأ على « عثمان » عامة القرآن ، وكان
يسأله عن « القرآن » فيقول : إنك تشغلني عن أمر الناس ، فعليك بـ « زيد بن ثابت »
فإنه يجلس للناس ، ويتفرغ لهم ، ولست أخالفه في شيء من « القرآن » قال وكنت ألقى «
عليا » فأسأله ، فيخبرني ويقول : عليك بـ « زيد » فأقبلت على « زيد » فقرأت عليه «
القرآن » ثلاث عشرة مرة » ا هـ .
وأخذ « أبو عبد
الرحمن السلمي » الحديث عن « عمر بن الخطاب ، وعثمان ابن عفان » رضياللهعنهما.
وكان « أبو عبد
الرحمن السلمي » مدرسة وحده يعلّم القرآن ، وقد أخذ عنه عدد كثير أذكر منهم : «
عاصم بن أبي النجود » أحد القراء السبعة المشهورين ، ولا زالت قراءة « عاصم » من
أشهر القراءات ويقرأ بها حتى الآن ، كما تلقى القراءة عنه : « يحيى بن وثاب ،
وعطاء بن السائب ، وعبد الله بن عيسى ، ومحمد ابن أبي أيوب ، وإسماعيل بن أبي خالد
» وآخرون. وعرض عليه القرآن : « الحسن ـ والحسين » رضياللهعنهما .
كما أخذ الحديث عن
« أبي عبد الرحمن السلمي » عدد كثير أذكر منهم : « أبا إسحاق ، وعلقمة بن مرثد ،
وعطاء بن السائب » .
ولقد كان « لأبي
عبد الرحمن السلمي » جهوده البارزة في تعليم القرآن
__________________
الكريم يوضح ذلك
ما يلي : قال « أبو إسحاق » : كان « أبو عبد الرحمن السلمي » يقرئ الناس في المسجد
الأعظم أربعين سنة » ا هـ .
وقال « عطاء بن
السائب » : كان « أبو عبد الرحمن » يقرئ وكان يبدأ بأهل السوق وقال : كنت أقرأ على
« أبي عبد الرحمن وهو يمشي » ا هـ .
وروى « منصور » عن
« تميم بن سلمة » ، أن « أبا عبد الرحمن » كان إمام المسجد ، وكان يحمل في اليوم
المطير » ا هـ .
وكما كان « أبو
عبد الرحمن » حجة في القرآن والقراءات ، كان أيضا حجة وثقة في حديث الرسول صلىاللهعليهوسلم ، حديثه مخرّج في كتب السنة .
قال « أبو عبد
الرحمن » : « أخذنا « القرآن » عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم
يجاوزوهن إلى العشر الأخر حتى يعلموا ما فيهن ، فكنا نتعلم القرآن والعمل به ،
وسيرث « القرآن » بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم ، ووضع يده على
الحلق » ا هـ .
وكان « أبو عبد
الرحمن » من الزهاد المتصلين بالله تعالى ، يشير إلى ذلك ما يلي : فعن « عطاء بن
السائب » قال : دخلنا على « أبي عبد الرحمن » نعوده فذهب بعضهم يرجيه ، فقال : أنا
أرجو ربّي ، وقد صمت له ثمانين رمضان انتهى .
__________________
كما كان رحمهالله تعالى من الزهاد الذين لا يأخذون أجرا على تعليم القرآن ، يوضح ذلك ما يلي :
فعن « عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء » عن أبيه ، عن « أبي عبد الرحمن » أنه جاء
وفي الدار « جزر » فقالوا : بعث بها « عمرو بن حريث » لأنك علمت ابنه « القرآن »
فقال : « ردّ ، إنا لا نأخذ على كتاب الله أجرا » ا هـ .
وقال « أحمد بن
أبي خيثمة » عن « عطاء بن السائب » قال : كان رجل يقرأ على « أبي عبد الرحمن »
فأهدى له « فرسا » فردّها ، وقال : أ لا كان هذا قبل القراءة ا هـ .
توفي « أبو عبد
الرحمن السلمي » سنة أربع وسبعين من الهجرة ، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن
وتجويده ، وقراءاته. رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٦١
« عبد الرحمن بن هرمز الأعرج المدني » ت ١١٧ هـ
مولى محمد بن ربيعة
علم من علماء
التابعين ، شيخ القراء ، والإمام الحجة الحافظ.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قال « الذهبي » :
أخذ « عبد الرحمن بن هرمز » القرآن عرضا عن « أبي هريرة وابن عباس ، وعبد الله بن
عياش ».
ثم قال : قال «
إبراهيم بن سعد » : كان الأعرج يكتب المصاحف . وروى « ابن
لهيعة » عن « أبي النضر » قال : كان « عبد الرحمن بن هرمز » أول من وضع العربية ،
وكان أعلم الناس بأنساب قريش ، وقيل : إنه أخذ العربية عن « أبي الأسود الدّئلي »
ا هـ . وقال « الذهبي » : سمع « عبد
__________________
الرحمن هرمز » أبا
هريرة ، وأبا سعيد الخدري وعبد الله بن مالك ، وطائفة ، وجوّد القرآن وأقرأه ،
وكان يكتب المصاحف ، وسمع أيضا من « أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وعمير مولى ابن عباس
» وحدث عنه « الزهريّ ، وأبو الزناد ، وصالح ابن كيسان ، ويحيى بن سعيد الأنصاري »
، وتلا عليه « نافع بن أبي نعيم » .
توفي « عبد الرحمن
بن هرمز » بالاسكندرية سنة سبع عشرة ومائة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم.
رحم الله « عبد الرحمن بن هرمز » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٦٢
« عبد الرّزاق بن الحسن » بقى إلى حدود ٢٩٠ هـ
هو : عبد الرزاق
بن الحسن بن عبد الرزاق ، ويقال : ابن عبد الله بن عمرو العجلي أبو القاسم ، ويقال
: أبو الحسين الأنطاكي الوراق ، شيخ مقرئ.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « عبد الرزاق
» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أحمد بن جبير الأنطاكي ، وقال «
الداجوني » : إنه قرأ على « ابن ذكوان » أحد الرواة المشهورين عن « ابن عامر
الشامي ».
وذكر « الهذلي »
عن « عبد الرزاق » روى القراءة أيضا عن : « البزّي » أحد الرواة المشهورين عن «
ابن كثير المكي ». ولا زالت قراءة « البزي » يتلقاها المسلمون حتى الآن. وقد
تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين .
وقد تصدر « عبد
الرزاق » لتعليم القرآن ، فأخذ عنه القراءة عدد كثير منهم : « ابنه إبراهيم ،
وأحمد بن يعقوب التائب ، ومحمد بن أحمد بن شنبوذ ، ومحمد بن الحسن النقاش ، ومحمد
بن أحمد الداجوني ، ومحمد بن محمد الوزير » وآخرون .
كان « عبد الرزاق
» من الأئمة الأعلام ، يقول « أبو العلاء الحافظ » : كان « عبد الرزاق » إمام جامع
دمشق ا هـ.
__________________
لم يذكر المؤرخون
تحديد زمن وفاة « عبد الرزاق » ولكن قال « أبو عبد الله الحافظ » بقي إلى حدود
التسعين ومائتين. رحم الله « عبد الرزاق بن الحسن » رحمة واسعة وجزاه الله عن
القرآن أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ١٦٣
« عبد الله بن كثير » ت ١٢٠ هـ
أحد علماء
التابعين ، شيخ القراء ، وإمام أهل مكة. مولى « عمرو بن علقمة الكناني » وقد ولد
بمكة سنة ثمان وأربعين هـ.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قال : « أبو نعيم
» : عبد الله بن كثير الداري ، مولى بني عبد الدار ، كان ثقة .
وقال « ابن عيينة
» : لم يكن بمكة أحد أقرأ من « حميد بن قيس ، وعبد الله ابن كثير » ا هـ .
وقال جرير بن حازم
: رأيت عبد الله بن كثير فصيحا بالقرآن ا هـ .
وقال « ابن الجزري
» : كان « ابن كثير » الإمام المجتمع على قراءته « بمكة » المكرمة ، لم ينازعه
فيها منازع.
__________________
وقال « مجاهد » :
لم يزل « ابن كثير » الإمام المجتمع عليه في القراءة « بمكة » حتى مات.
وقال « الأصمعي »
ت ٣١٥ هـ : قلت : « لأبي عمرو بن العلاء » : قرأت على « ابن كثير »؟ قال : نعم ،
ختمت عليه القرآن بعد ما ختمت على « مجاهد » وكان « ابن كثير » أعلم بالعربية من «
مجاهد » وكان فصيحا ، بليغا ، مفوها ، أبيض اللحية ، طويلا ، أسمر جسيما ، يخضب
بالحناء ، عليه السكينة والوقار.
تلقى « ابن كثير »
القرآن عن كل من : « أبي السائب عبد الله بن السائب المخزومي ت ٦٨ هـ ، وأبي
الحجاج مجاهد بن جبر ت ١٠٤ هـ و « درباس » مولى « ابن عباس ».
وقرأ « عبد الله
بن السائب » شيخ « ابن كثير » على : « أبي بن كعب » و « عمر بن الخطاب » رضياللهعنهما.
وقرأ « مجاهد بن
جبر » شيخ ابن كثير على : « عبد الله بن عباس ، وعبد الله ابن السائب ».
وقرأ « عبد الله
بن عباس » على « أبيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت ».
وقرأ كل من زيد بن
ثابت ، وأبيّ بن كعب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم. من هذا يتبيّن أن قراءة « ابن كثير » متواترة ، ومتصلة
السند بالنبي صلىاللهعليهوسلم ، ولا زال المسلمون يتلقون قراءة « ابن كثير » بالرضا
والقبول حتى الآن ، وأحمد الله تعالى أني تلقيتها وقرأت بها.
ولقد كان « ابن
كثير » مدرسة وحده ، وقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم :
البزّي : أحمد بن
محمد بن عبد الله بن أبيّ بزّة ت ٢٥٠ هـ.
وقنبل : محمد بن
عبد الرحمن بن محمد المخزومي ت ٢٩١ هـ.
وإسماعيل بن عبد
الله القسطنطين ت ١٧٠ هـ.
والخليل بن أحمد
الفراهيدي ت ١٧٠ هـ.
وسفيان بن عيينة ت
١٩٨ هـ.
وقد حدث « ابن
كثير » عن « عبد الله بن الزبير ، وأبي المنهال عبد الرحمن ابن مطعم ، وعكرمة ، ومجاهد
بن جبر » وغيرهم كثير.
كما روى عنه : «
ابن جريج ، وإسماعيل بن أمية ، وزمعة بن صالح ، وعمر ابن حبيب المكي ، وحماد بن
سلمة » وآخرون.
توفي « ابن كثير »
سنة مائة وعشرين من الهجرة ، عن خمس وسبعين سنة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن
وتجويده. رحم الله « ابن كثير » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ١٦٤
« عبد الله بن عامر اليحصبي » ت ١١٨ هـ
أحد مشاهير علماء
التابعين ، إمام أهل الشام في القراءة ، وإليه انتهت مشيخة الإقراء بالشام.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قال « أبو عمرو بن
العلاء » : أخذ « ابن عامر » القراءة عرضا عن « أبي الدرداء » وعن « المغيرة بن
شهاب » صاحب « عثمان بن عفان » وقيل عرض « ابن عامر » « القرآن » على « عثمان »
نفسه .
قال « خالد بن يزيد
المريّ » : سمعت « عبد الله بن عامر » يقول : قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولي سنتان ، وانتقلت إلى دمشق ، ولي تسع سنين انتهى .
وقال « يحيى بن
الحارث » : إن « ابن عامر » ولد سنة إحدى وعشرين من الهجرة .
__________________
وقال « هشام بن
عمّار » : حدثنا « عراك بن خالد » حدثنا « يحيى بن الحارث » قال : قرأت على « ابن
عامر » وقرأ ابن عامر على « المغيرة بن شهاب » وقرأ « المغيرة » على « عثمان بن
عفان » رضياللهعنه.
قال « هشام » :
وهذا أصحّ عندنا ا هـ .
وكان « ابن عامر »
من مشاهير علماء عصره في القراءة والاقراء ، ولا زالت قراءته يتلقاها المسلمون
بالقبول حتى الآن ، وهو أحد القراء السبعة المشهورين.
وقال « الذهبي » :
ولي « ابن عامر » قضاء دمشق ، بعد « أبي إدريس الخولاني » وحدث عن « معاوية ،
وفضالة بن عبيد ، والنعمان بن بشير » ، وغيرهم.
وروى عنه « محمد
بن الوليد الزبيدي ، وربيعة بن يزيد ، وعبد الرحمن بن يزيد ، وعبد الله بن العلاء
، وآخرون » ا هـ .
وقال : « يحيى بن
الحارث » : كان « ابن عامر » قاضي الجند ، وكان رئيس المسجد لا يرى فيه بدعة إلا
غيّرها » ا هـ.
توفي « ابن عامر »
سنة ثمان عشرة ومائة ، وله سبع وتسعون سنة ، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن
الكريم. رحمهالله رحمة واسعة.
__________________
رقم الترجمة / ١٦٥
« أبو عبد الله الأصبهاني » ت ٢٥٣ هـ
هو : محمد بن عيسى
بن إبراهيم بن رزين أبو عبد الله الأصبهاني.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ
ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى «
الأصبهاني » القرآن على مشاهير علماء عصره. يقول عنه « ابن الجزري » : هو إمام في
القراءات كبير مشهور له اختيار في القراءة أول وثان ، أخذ القراءة عرضا وسماعا عن
« خلاد بن خالد ، والحسن بن عطية ، وداود بن أبي طيبة ، وسليمان بن داود الهاشمي ،
ويونس بن عبد الأعلى » ، وروى الحروف عن « عبيد الله بن موسى ، وإسحاق بن سليمان »
ا هـ .
وقد تتلمذ على «
الأصبهاني » عدد كثير منهم : « الفضل بن شاذان » وهو أكبر أصحابه ، وأعلمهم ، «
ومحمد بن عبد الرحيم الأصبهاني ، وجعفر بن عبد الله ابن الصباح ، والحسين بن
إسماعيل الضرير ، وأحمد بن الخليل بن أبي فراس ، وإبراهيم بن أحمد بن نوح » وغيرهم
كثير .
وقد كان للأصبهاني
مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا المعنى يقول « أبو نعيم الأصبهاني »
: ما أعلم أحدا أعلم في وقته في فنّه منه ، يعني : القراءات ا هـ.
__________________
وقال عنه « أبو
حاتم » صدوق ا هـ .
وكان « للأصبهاني
» عدة مصنفات منها : « كتاب الجامع في القراءات ، وكتاب في عدد آي القرآن ، وكتاب
في رسم القرآن .
توفي « الأصبهاني
» سنة ثلاث وخمسين ومائتين على خلاف في ذلك. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٦٦
« أبو عبد الله الحربي »
هو : محمد بن عبد
الله بن جعفر أبو عبد الله ، ويقال : محمد بن جعفر أبو عبد الله البغدادي الحربي ،
مقرئ مجود.
قال « ابن الجزري
» : وكلهم قال عنه « ابن جعفر » ، سوى الدار قطني. فقال ابن عبد الله : والصواب
أنه « محمد بن عبد الله بن جعفر » ، فمن قال : « ابن جعفر » نسبه إلى جده ، كذا
صححه القصاع وأثبته غيره.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو عبد
الله » القراءة عن مشاهير العلماء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن سهل الأشناني ، وأحمد
بن علي البزاز ، ومحمد بن حبيب صاحب الأعشى » وغير هؤلاء .
تصدر « أبو عبد
الله الحربي » لتعليم القرآن ، واشتهر بالتحقيق وتجويد الحروف ، فأقبل عليه الطلاب
من كل مكان. فمن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا : أبو الحسن الدار قطني ، وأحمد بن
نصر الشذائي ، وعمر بن إبراهيم الكناني قرأ عليه عدة ختمات ، وأبو الفرج الشنبوذي
وغيرهم .
احتل « أبو عبد
الله الحربي » مكانة سامية بين العلماء نظرا لتقواه وخوفه من
__________________
الله تعالى مما
استوجب الثناء عليه. وفي هذا يقول الإمام الشنبوذي : « كان « أبو عبد الله الحربي
» من سراة الشيوخ ومن صلحاء الناس » ا هـ . وقال « الحافظ
الذهبي » : كان محققا مجودا لحرف عاصم ا هـ .
لم يذكر المؤرخ
تاريخ وفاة « أبي عبد الله الحربي ». رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٦٧
« عبد الله بن الحسين » ت ٣٨٦ هـ
هو : عبد الله بن
الحسين بن حسنون أبو أحمد السامري البغدادي ، نزيل مصر مسند القراء في زمانه.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « عبد الله بن
الحسين » سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين من الهجرة.
أخذ « عبد الله بن
الحسين » القرآن وحروف القراءات في باكورة حياته ، ومن يقرأ كتب التاريخ يمكنه أن
يحكم وهو مطمئن بأن عبد الله بن الحسين قرأ على عدد كبير جدا من علماء القراءات ،
وفي هذا يقول الإمام الداني ت ٤٤٤ هـ : أخذ عبد الله بن الحسين القراءة عرضا عن محمد بن حمدون
الحذاء ، وأحمد بن سهل الأشناني ، وأبي بكر بن مجاهد ، وأبي الحسن بن شنبوذ ، وأبي
بكر بن مقسم ، وأبي الحسن أحمد بن الرقي كذا قال « ابن سوار » ، والحسن بن صالح ،
ومحمد بن الصباح المكي ، وسلامة بن هارون ، وأحمد بن محمد بن هارون بن بقرة ،
وأحمد بن عبد الله الطنافسي ، وأبي العباس محمد بن يعقوب المعدل ، وغير هؤلاء كثير
ممن ذكرهم « الداني » .
__________________
كما ذكر « الإمام
ابن الجزري » عددا آخر من شيوخ عبد الله بن الحسين منهم : أبو محمد الحسن بن صالح
الواسطي ، وأبو الحسن علي بن أحمد الوزان ، ومحمد بن محمد الباهلي ، وموسى بن جرير
النحوي ، وأحمد بن الحسين المالحاني ، والحسين بن أحمد المقرئ ، وغيرهم عدد كثير . وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على علو إسناد الشيخ.
جلس « عبد الله بن
الحسين » إلى تعليم القرآن وحروف القراءات زمنا طويلا واشتهر بالثقة والضبط وأقبل
عليه حفاظ القرآن ، وكثر طلابه ، وحسبي أن أشير هنا إلى طرف يسير ممن أخذ عنه
القرآن وحروف القراءات.
قال « الإمام ابن
الجزري » : قرأ عليه « أبو الفتح فارس » وهو أضبط من قرأ عليه وأبو الفضل الخزاعي
، ويوسف بن رباح ، وأبو الحسين التنيسي الخشاب ، ومحمد بن سليمان الأبيّ ، وعبد
الرحمن بن الحسن ، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي ، وأبو العباس بن نفيس ، ومحمد بن
علي بن يوسف المؤدب ، والحسين ابن إبراهيم الأنباري ، وآخرون .
اشتهر « عبد الله
بن الحسين » بين العلماء بالثقة وصحة الرواية وقوة الصبر والاحتمال مما استوجب
الثناء عليه ، حول هذه المعاني السامية يقول « الإمام الداني » : « سألت « أبا
حيان محمد بن يوسف الأندلسي » عن « أبي أحمد » ، فأثنى عليه ووثقه » ا هـ . وقال عنه « الإمام الداني » : « هو مشهور ضابط ثقة مأمون » .
توفي « عبد الله
بن الحسين » بمصر ليلة السبت ، ودفن يوم السبت لثمان بقين من المحرم سنة ست
وثمانين وثلاثمائة ، وصلى عليه أبو حفص عمر بن عراك ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٦٨
« عبد الله الزّعفراني »
هو : عبد الله بن
محمد بن هاشم أبو محمد الزعفراني.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « الزعفراني
» القرآن عن خيرة العلماء منهم : « خلف بن هشام ، ودحيم الدمشقي ، والدوري ، وأبو
هشام الرفاعي ، وعبيد بن الصباح ، وعبد الوهاب بن فليح ، وسليمان بن داود الزهراني
، وهارون بن حاتم التميمي ، ومحمد بن سعدان ، وروح بن عبد المؤمن » وآخرون .
وقد تصدر «
الزعفراني » للاقراء ومن الذين تتلمذوا عليه : « علي بن الحسين الغضائري » فيما
روى عنه « الأهوازي » .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « عبد الله الزعفراني ». رحم الله « الزعفراني » رحمة واسعة إنه سميع
مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٦٩
« عبد الله بن السّائب بن أبي السّائب المخزومي »
رضياللهعنه ت ٧٠ هـ
صحابيّ جليل ،
قارئ أهل مكة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
يقول « ابن الجزري
» : روى « عبد الله بن السائب » القراءة عرضا عن « أبي بن كعب ، وعمر بن الخطاب » .
وعرض عليه «
القرآن » « مجاهد بن جبر » و « عبد الله بن كثير » أحد القراء السبعة المشهورين ،
وقراءة « ابن كثير » لا زال المسلمون يتلقونها بالقبول حتى الآن .
وروى « ابن عيينة
» عن « مجاهد بن جبر » أنه قال : كنا نفخر على الناس
__________________
بقارئنا « عبد
الله بن السائب » وبفقيهنا « عبد الله بن عباس » وبمؤذننا « أبي محذورة » وبقاضينا
« عبيد بن عمير » ا هـ .
حدث « عبد الله بن
السائب » عن « أبيّ بن كعب ، وعمر بن الخطاب » ، رضياللهعنهما.
توفي « عبد الله
بن السائب » في حدود سنة سبعين من الهجرة ، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن
برواياته وقراءاته. يقول « ابن أبي مليكة » : رأيت « عبد الله بن عباس » رضياللهعنه لما فرغ من دفن « عبد الله بن السائب » وقف على قبره فدعا له ثم انصرف ا هـ . رحم الله « عبد الله بن السائب » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٧٠
« عبد الله بن عبّاس » رضياللهعنه ت ٦٨ هـ
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ « القرآن الكريم ».
ولد « ابن عباس » رضياللهعنه بشعب « بني هاشم » قبل الهجرة بثلاث سنين وصحب النبي صلىاللهعليهوسلم نحوا من ثلاثين شهرا.
كان « ابن عباس » رضياللهعنه : أبيض ـ مديد القامة ـ جسيما ـ وسيما ـ صبيح الوجه ـ مهيبا ـ كامل العقل ـ ذكيّ
النفس ـ له وفرة يخضب بالحناء.
قال عنه « عطاء »
ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة إلا ذكرت وجه « ابن عباس » ا هـ.
وقال « عكرمة » :
كان « ابن عباس » إذا مرّ في الطريق قيل : أمرّ المسك ، أم مرّ « ابن عباس »؟ وذلك
لطيب رائحته. هاجر « ابن عباس » مع أبويه إلى دار الهجرة سنة الفتح.
__________________
قرأ « ابن عباس » القرآن
الكريم على « أبيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت » وقرأ « القرآن » على « ابن عباس » عدد
كثير ، منهم : مجاهد ـ وسعيد بن جبير ـ والأعرج ـ وعكرمة بن خالد ـ وسليمان بن
قتّة شيخ « عاصم الجحدري » وآخرون.
حدث عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وعن « عمر ـ وعليّ ـ ومعاذ ـ وعبد الرحمن بن عوف ـ وأبي سفيان ـ وأبي ذرّ ـ
وأبي بن كعب ـ وزيد بن ثابت » وآخرين.
وروى عنه : ابنه
عليّ ـ وعكرمة ـ ومقسم ـ وكريب ـ وأنس بن مالك ـ وأبو الطفيل ـ وأبو أمامة ـ وعروة
بن الزبير ـ وسعيد بن جبير ـ ومجاهد بن جبر وآخرون.
قال « ابن عباس » رضياللهعنه : لقد كنت أسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ا هـ.
وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يحبّ « ابن عباس » حبا جمّا ، ودعا له بالفقه والتأويل ، كما دعا له بالفهم
والعلم : فعن « سعيد بن جبير » قال : قال « ابن عباس » : بتّ عند خالتي ، فوضعت
لرسول الله صلىاللهعليهوسلم غسلا فقال : من وضع هذا؟ قالوا : « عبد الله » قال : اللهم
علمه التأويل ، وفقّهه في الدين .
وروى « كريب » أن
النبي صلىاللهعليهوسلم دعا « لابن عباس » أن يزيده الله فهما وعلما. وعن « عكرمة
» عن « ابن عباس » قال : مسح النبي صلىاللهعليهوسلم رأسي ، ودعا لي بالحكمة .
__________________
وعن « ابن عباس » رضياللهعنهما قال : انتهيت إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وعنده « جبريل » فقال له « جبريل » : إنه كائن هذا حبر
الأمة فاستوص به خيرا .
وعن « سعيد بن
جبير » عن « ابن عباس » قال : كان « عمر » يدخلني مع أشياخ بدر ، فقال بعضهم : لم
تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال : إنه من قد علمتم ، قال : فدعاهم ذات
يوم ودعاني معهم ، وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني فقال : ما تقولون في قوله
تعالى : ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ) حتى ختم السورة؟
فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله تعالى ، ونستغفره إذا جاء نصر الله وفتح علينا.
وقال بعضهم : لا
ندري ، ولم يقل بعضهم شيئا ، فقال لي : يا ابن عباس كذلك تقول؟ قلت لا ، قال : فما
تقول؟ قلت : هو أجل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أعلمه الله ( إِذا جاءَ نَصْرُ
اللهِ وَالْفَتْحُ ) أي فتح مكة ، فذاك علامة أجلك ، فسبح بحمد ربك واستغفره
إنه كان توّابا فقال « عمر » ما أعلم منها إلا ما تعلم .
وعن « محمد بن كعب
» القرظي عن « ابن عباس » رضياللهعنهما ، أن « عمر بن الخطاب » رضياللهعنه جلس في رهط من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم من المهاجرين فذكروا ليلة القدر ، فتكلم منهم من سمع فيها بشيء مما سمع ،
فقال « عمر » : ما لك يا ابن عباس صامتا؟ تكلم ولا تمنعك الحداثة ، فقال « ابن
عباس » : يا أمير المؤمنين إن الله تعالى وتر يحب الوتر ، فجعل أيام الدنيا تدور
على سبع وخلق الإنسان من سبع ، وخلق أرزاقنا من سبع ، وخلق
__________________
فوقنا سبع سماوات
، وخلق تحتنا أرضين سبعا ، وأعطى من المثاني سبعا ، ونقع في السجود من أجسادنا على
سبع ، والطواف بالكعبة سبعا ، وبين الصفا والمروة سبع ، ورمى الجمار بسبع ، فأراها
في السبع الأواخر من شهر رمضان والله أعلم. فتعجب « عمر » وقال : ما وافقني فيها
أحد عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلا هذا الغلام .
ومناقب « ابن عباس
» رضياللهعنهما كثيرة ومتعددة أذكر فيها ما يلي : قال « طاوس » : ما رأيت
أحدا أشدّ تعظيما لحرمات الله من « ابن عباس » انتهى .
وقال « الواقدي »
أن « سعد بن أبي وقاص » رضياللهعنه قال : ما رأيت أحدا أحضر فهما ، ولا ألبّ لبّا ، ولا أكثر
علما ، ولا أوسع حلما من « ابن عباس » لقد رأيت « عمر » يدعوه للمعضلات فيقول : قد
جاءت معضلة ، ثم لا يجاوز قوله ، وإن حوله لأهل بدر ا هـ .
وحدث « الواقدي »
عن « عبيد الله بن عبد الله » قال : كان « ابن عباس » قد فات الناس بخصال : بعلم
ما سبق ـ وفقه فيما احتج إليه من رأيه ـ وحلم ـ ونسب ـ وما رأيت أحدا أعلم بما
سبقه من حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ ولا بقضاء « أبي بكر ـ وعمر ـ وعثمان » منه ـ ولا أعلم
بما مضى ـ ولا أثقب رأيا فيما احتيج إليه منه ، ولقد كنا نحضر عنه فيحدثنا العشية
كلها في المغازي ، والعشية كلها في النسب ، والعشية كلها في الشعر ا هـ .
__________________
وقال « طاوس » :
ما رأيت أورع من « ابن عمر » ولا أعلم من « ابن عباس » ا هـ .
توفي « ابن عباس »
بالطائف سنة ثمان وستين هـ وصلى عليه « محمد ابن الحنفية » وقال : مات ربانيّ
الأمة ا هـ. رضي الله عن « ابن عباس » وجزاه عن القرآن وأهله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٧١
« عبد الله بن عمر بن الخطّاب » رضياللهعنه ت ٧٣ هـ
مفتي الأمة ـ وشيخ
الإسلام ـ والإمام القدوة ـ الفصيح العفيف ـ صاحب الجود والحياء ـ والزهد والورع.
ذكره « ابن الجزري
» ت ٨٣٣ هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات ، وقال : وردت الرواية عنه في حروف
القرآن .
أسلم « عبد الله
بن عمر » وهو صغير ، ثم هاجر مع أبيه قبل البلوغ ، واستصغر يوم « أحد » فأول
غزواته « الخندق ». وهو ممن بايع النبي صلىاللهعليهوسلم تحت الشجرة.
روى « ابن عمر »
علما كثيرا نافعا عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وعن أبيه وأبي بكر ـ وعثمان ـ وعلي ـ وبلال ـ وصهيب ـ وزيد
بن ثابت ـ وابن مسعود ـ وعائشة ـ وأخته حفصة.
__________________
كما روى عنه عدد
كثير أذكر منهم : آدم بن علي ـ وأسلم مولى أبيه ـ وأبا ذؤيب ـ وأنس بن سيرين ـ وبشر
بن حرب ـ وبكر المزني ـ وبلال بن عبد الله ـ وثابت البناني ـ وحبيب بن أبي مليكة ـ
وآخرين .
وكان « ابن عمر » رضياللهعنهما : ربعة كأنه بدر ـ يخضب بالصفرة ـ إزاره إلى نصف الساق.
كان النبي صلىاللهعليهوسلم يحبه حبا جما ، وقد بشره بالجنة : فعن « ابن عمر » رضياللهعنهما قال : كنت شاهد النبي صلىاللهعليهوسلم في حائط نخل ، فاستأذن « أبو بكر » فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : « ائذنوا له وبشروه بالجنة » ثم « عمر » كذلك ، ثم « عثمان » فقال : «
بشروه بالجنة على بلوى تصيبه » فدخل يبكي ويضحك ، فقال : « عبد الله بن عمر » فأنا
يا نبي الله؟ قال : « أنت مع أبيك » .
وكان « ابن عمر » رضياللهعنهما من الشبان الذين نشئوا في طاعة الله يدل على ذلك الآثار الآتية : فعن « ابن
مسعود » رضياللهعنه أنه قال : « إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا « عبد
الله بن عمر » ا هـ .
وعن « جابر » رضياللهعنه أنه قال : « ما منا أحد أدرك الدنيا إلا وقد مالت به إلا « ابن عمر » ا هـ .
وقالت « عائشة »
أم المؤمنين رضياللهعنها : « ما رأيت أحدا ألزم للأمر الأول من « ابن عمر » ا هـ .
__________________
وقال « طاوس » :
ما رأيت أورع من « ابن عمر » ا هـ .
كما كان رضياللهعنه زاهدا في الدنيا ، يوضح ذلك ما يلي : قيل لـ « نافع » : ما كان يصنع « ابن
عمر » في منزله؟ قال : لا تطيقونه الوضوء لكل صلاة ـ والمصحف فيما بينهما ا هـ .
وكان « ابن عمر » رضياللهعنهما يتمثل دائما قول الله تعالى : ( لَنْ تَنالُوا
الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )
وهناك أكثر من
دليل على ذلك : فعن « نافع » مولى « ابن عمر » قال : «
كان ابن عمر إذا اشتدّ عجبه بشيء من ماله قرّبه لربّه عزوجل ، قال « نافع » :
وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه ، فربما شمّر أحدهم فيلزم المسجد ، فإذا رآه « ابن
عمر » على تلك الحالة الحسنة أعتقه ، فيقول له أصحابه : يا أبا عبد الرحمن والله
ما بهم إلا أن يخدعوك ، فيقول « ابن عمر » : فمن خدعنا بالله عزوجل تخدّعنا له.
قال « نافع » :
فلقد رأيتنا ذات عشية وراح « ابن عمر » على نجيب له قد أخذه بمال عظيم ، فلما
أعجبه سيره أناخه مكانه ثم نزل عنه ، فقال : يا نافع ، انزعوا زمامه ، ورحله ،
وحللوه ، وأشعروه ، وأدخلوه في « البدن » .
وعن « ابن عمر » رضياللهعنهما قال : لما نزلت : ( لَنْ تَنالُوا
الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) دعا « ابن عمر »
جارية له فأعتقها ، وقال : والله إن كنت لأحبك في الدنيا ، اذهبي فأنت حرة لوجه
الله عزوجل .
__________________
وعن « نافع » قال
: كان « ابن عمر » لا يعجبه شيء من ماله إلا خرج منه لله عزوجل ، قال : وكان
ربما تصدق في المجلس الواحد بثلاثين ألفا ، قال : وأعطاه « ابن عمر » مرتين ثلاثين
ألفا ، فقال : يا نافع ، إني أخاف أن تفتنني دراهم « ابن عمر » اذهب فأنت حرّ .
ولقد فاق « ابن
عمر » أهل زمانه في الجود ـ والسخاء ، يوضح ذلك ما يلي : فعن « نافع » مولى « ابن
عمر » قال : « أتى ابن عمر ببضعة وعشرين ألفا فما قام حتى أعطاها » ا هـ.
وعن « نافع » أنه
قال : « ما مات « ابن عمر » حتى أعتق ألف إنسان ، أو زاد » ا هـ.
وعن « نافع » قال
: « بعث معاوية إلى « ابن عمر » بمائة ألف فما حال عليه الحول وعنده منها شيء » ا
هـ.
وعن « نافع » أنه
قال : « إن كان « ابن عمر » ليفرق في المجلس ثلاثين ألفا ، ثم يأتي عليه شهر ما
يأكل مزعة لحم » ا هـ.
كما كان « لابن
عمر » رضياللهعنهما المكانة العلمية والمنزلة السامية : فعن « مالك » رحمهالله أنه قال : « كان إمام الناس عندنا بعد « زيد بن ثابت » « عبد الله بن عمر »
مكث ستين سنة يفتي الناس » ا هـ.
مات « ابن عمر »
سنة ثلاث وسبعين من الهجرة ، وكان عمره سبعا وثمانين سنة. رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٧٢
« عبد الله بن عمرو بن العاص » رضياللهعنه ت ٦٥ هـ
علم من حفاظ
القرآن ، صاحب الفضائل ـ والمقام الراسخ في العلم والعمل ـ العابد الزاهد ـ الإمام
الحبر.
ذكره « ابن الجزري
» ت ٨٣٣ هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات ، وقال : وردت الرواية عنه في حروف
القرآن .
أسلم « عبد الله
بن عمرو » قبل أبيه ، وحمل عن النبي صلىاللهعليهوسلم علما كثيرا.
وكان « عبد الله
بن عمرو » طويلا ـ سمينا ـ أحمر اللون ـ عظيم البطن. وقد روى « عبد الله عن عمرو »
عن : أبي بكر ـ وعمر ـ ومعاذ ـ وأبيه ـ وسراقة بن مالك ـ وعبد الرحمن بن عوف ـ وأبي
الدرداء ـ وعن غيرهم ..
وقد حدث عنه عدد
كبير أذكر منهم : ابنه محمد ـ ومولاه أبا قابوس ـ وحفيده شعيب بن محمد ـ ومولاه
إسماعيل ـ وأنس بن مالك ـ وأبا أمامة بن سهل ـ وسعيد بن المسيب ـ وعروة ـ وغيرهم.
__________________
وكان « عبد الله
بن عمرو » قد أتم حفظ القرآن في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم وقد عكف على قراءته ـ وتدبره ـ وترتيله : يقول « ابن جريج
» عن « عبد الله بن عمرو » قال : « جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة ، فقال رسول
الله صلىاللهعليهوسلم : « اقرأه في شهر » قلت : يا رسول الله دعني أستمتع من
قوتي وشبابي ، قال : « اقرأه في عشرين » قلت : دعنى أستمتع ، قال « اقرأه في سبع
ليال » قلت : دعني يا رسول الله أستمتع » رواه النسائي.
وحينما تقدمت به
السن ، ووهن منه العظم ، كان يتذكر دائما نصح النبي صلىاللهعليهوسلم له فيقول : يا ليتني قبلت رخصة الرسول عليه الصلاة
والسلام.
وكان « عبد الله
بن عمرو » صاحب عقلية حافظة ، ولنستمع إليه وهو يقول : « حفظت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ألف مثل » ا هـ .
وقال عنه « أبو
هريرة » رضياللهعنه : « لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أكثر حديثا مني إلا ما كان من « عبد الله بن عمرو » فإنه كان يكتب ولا أكتب »
ا هـ .
وقد أحب الرسول صلىاللهعليهوسلم « عبد الله بن عمرو » حبّا جمّا ، وأثنى عليه وعلى والديه ، يوضح ذلك الخبر
التالي : قال « طلحة بن عبيد الله » رضياللهعنه : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : « نعم أهل البيت « عبد الله ، وأبو عبد الله ، وأم
عبد الله » ا هـ .
وكان « عبد الله
بن عمرو » رضياللهعنهما من الذين لا يتعلقون بزخارف الدنيا يوضح ذلك الخبر التالي
:
__________________
وكان « عبد الله
بن عمرو » رضياللهعنهما من الحكماء ، وقد أثر عنه في ذلك الشيء الكثير : فعن «
عياش بن عياش » عن « أبي عبد الرحمن » قال : سمعت « عبد الله بن عمرو بن العاص »
يقول : إن الجنة حرام على كل فاحش أن يدخلها » .
وعن « حميد بن
هلال » أن « عبد الله بن عمرو » قال : « من سقى مسلما شربة ماء باعده الله من جهنم
شوط فرس » ا هـ.
وكان يقول : « دع
ما لست منه في شيء ، ولا تنطق فيما لا يعنيك » .
وعن « ابن هبيرة »
أن « عبد الله بن عمرو » قال : « إنه في الناموس الذي أنزل الله تعالى على « موسى
» عليهالسلام : أن الله تعالى يبغض من خلقه ثلاثة : الذي يفرق بين
المتحابين ، والذي يمشي بالنمائم ، والذي يلتمس البريء ليعنّته » .
وعن « خالد بن
يزيد » أن « عبد الله بن عمرو » قال : « مكتوب في التوراة من حفر حفرة سوء لصاحبه
وقع فيها » .
وكان « عبد الله
بن عمرو » ورعا شديد التمسك بآداب الرسول صلىاللهعليهوسلم والأدلة على ذلك كثيرة ومتعددة :
فعن « عمرو بن
شعيب » عن أبيه قال : « انطلقت مع « عبد الله بن عمرو ابن العاص » إلى البيت ،
فلما جئنا دبر الكعبة قلت له : أ لا تتعوذ؟ قال : أعوذ بالله من النار ، ثم مضى
حتى اذا استلم الحجر قام بين الركن والباب ، فوضع
__________________
صدره ، ووجهه ،
وبسط ذراعيه ثم قال : « هكذا رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعل » .
ومما يدل على عدم
تعلّق عبد الله بن عمرو بزخارف الدنيا ، الخبر التالي :
فعن « أبي عبد
الرحمن الحبليّ » قال : سمعت « عبد الله بن عمرو » يقول : « لأن أكون عاشر عشرة
مساكين يوم القيامة أحبّ إليّ من أن أكون عاشر عشرة أغنياء ، فإن الأكثرين هم
الأقلون يوم القيامة ، إلا من قال هكذا وهكذا ، يقول : يتصدق يمينا وشمالا » ا هـ .
وكان « عبد الله
بن عمرو » كثير البكاء من خشية الله تعالى ، يوضح ذلك الأثر التالي : فعن « يعلى
بن عطاء » عن « أم عبد الله » أنها كانت تصنع الكحل « لعبد الله بن عمرو » وكان
يكثر من البكاء : يغلق عليه بابه ، ويبكي حتى رمصت عيناه ا هـ.
ومنذ أن دخل « عبد
الله بن عمرو » الإسلام ، وقلبه مضاء بنور الله وكان رضياللهعنه ذا مكانة عالية بين العابدين والزاهدين والمتواضعين
والخاشعين.
توفي « عبد الله
بن عمرو » سنة خمس وستين من الهجرة ، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة بعد حياة حافلة
بالعكوف على قراءة « القرآن الكريم » رضي الله عن « عبد الله بن عمرو » وجزاه الله
أفضل الجزاء ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٧٣
« عبد الله بن عيّاش » ت ٧٠ هـ
هو : عبد الله بن
عياش بن أبي ربيعة أبو الحارث المخزومي المكي ثم المدني. ولد بالحبشة ، وذلك أن
والده كان قديم الإسلام فهاجر إلى الحبشة ، فولد له « عبد الله » بها .
وعبد الله بن عياش
من التابعين ، وقيل : إنه رأى النبي صلىاللهعليهوسلم وهو صغير : وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام جاء إلى بعض
بيوت آل ربيعة ، إما لعيادة أو لغير ذلك ، فقالت له « أسماء بنت مخرمة التميميّة »
وهي أم أولاد « عياش » : يا رسول الله ، أ لا توصيني؟ فأوصاها بوصية ، ثم أتى
بصبيّ من ولد عياش ذكرت به مرضا ، فجعل النبي صلىاللهعليهوسلم يرقيه ويتفل عليه ، فجعل الصبي يفعل مثل ذلك فينهاه بعض
أهل البيت فيكفّهم النبي عليه الصلاة والسلام عنه .
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قرأ « عبد الله بن
عياش » القرآن على « أبيّ بن كعب » رضياللهعنه كما سمع الحديث من « عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن عباس
ومن أبيه عياش » رضياللهعنهم أجمعين .
__________________
وقد تلقى القرآن
على « عبد الله بن عياش » عدد كثير منهم : « مولاه : أبو جعفر يزيد بن القعقاع ،
وشيبة بن نصاح ، وعبد الرحمن بن هرمز ، ومسلم بن جندب ، ويزيد بن رومان » .
وكان « عبد الله
بن عياش » أقرأ أهل المدينة في زمانه. وقد تلقى الحديث عن « عبد الله بن عياش » عدد
كثير منهم : « ابنه الحارث ، ونافع مولى « ابن عمر » وسليمان بن يسار » .
توفي « عبد الله
بن عياش » بعد سنة سبعين من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٧٤
« عبد الله بن محمد » ت ٣٧٨ هـ
هو : عبد الله بن
محمد أبو محمد القضاعي الأندلسي ، المعروف بمقرون.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
اشتهر « عبد الله
بن محمد » بكثرة الترحال إلى الأقطار ليأخذ عن علمائها ، ويقرأ على قرائها ، وفي
هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « أبو محمد القضاعي الأندلسي نزيل وهران ، ثم مالقة
، ثم نزيل قرطبة قدمها بأمر « الحكم » أمير الأندلسي في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة
، فأقرأ الناس بها على باب مسجد الجامع بحرف نافع من رواية ورش ، وكان ينحو في
قراءته نحو قراءة البصريين .
أخذ « عبد الله بن
محمد » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « الإمام الداني » : « أخذ عبد
الله بن محمد » القراءة عرضا عن أبي الفضل عبد الحكم بن إبراهيم المقرئ ، صاحب أبي
بكر بن سيف .
تصدر « عبد الله
بن محمد » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة « أبو بكر قاسم بن مسعود
» .
توفي « عبد الله
بن محمد » بقرطبة سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٧٥
« عبد الله بن مسعود » رضى الله عنه ت ٣٢ هـ
ذكره « أبو عبيد
القاسم بن سلام » ت ٢٢٤ هـ ضمن علماء الصحابة الذين أتموا حفظ « القرآن الكريم ».
كما ذكره « الذهبي
» ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الأولى من حفاظ « القرآن ».
كان « ابن مسعود »
رضياللهعنه : نحيفا ، قصيرا ، شديد الأدمة لطيفا ، فطنا ، شديد
الذكاء.
كان رضياللهعنه من خيرة الصحابة ، ومن السابقين إلى الإسلام ، يقول عن نفسه : « لقد رأيتني
سادس ستة ، وما على ظهر الأرض مسلم غيرنا » ا هـ . شهد « بدرا » واحتزّ رأس « أبي جهل » عليه لعنة الله.
وكان يتولى فراش
الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ووساده ، وسواكه ، ونعله ، وطهوره.
__________________
أتم « عبد الله بن
مسعود » رضياللهعنه حفظ القرآن في حياة النبي عليه الصلاة والسلام.
قال « عروة بن
الزبير » رضياللهعنه : « أول من جهر بالقرآن بمكة بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم « عبد الله بن مسعود » ا هـ .
ويروى ان النبي صلىاللهعليهوسلم مرّ بابن مسعود وهو يقرأ حرفا حرفا فقال : « من سرّه أن يقرأ القرآن غضا كما
أنزل فليسمعه من « ابن مسعود » ا هـ
ومما تجدر الإشارة
إليه أن « ابن مسعود » رضياللهعنه كان إماما في تجويد القرآن ، وترتيله ، وتحقيقه ، وحسن
صوته ، وقد كان يقرأ القرآن في غير رمضان مرة كل جمعة ، وفي رمضان كان يقرؤه في
ثلاث.
وإلى « ابن مسعود
» تنتهي قراءة « عاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف البزار ، والأعمش » ، وهم علماء
القراءات بالكوفة.
وقد تلقى القرآن
على « ابن مسعود » عدد كثير أذكر منهم :
١ ـ علقمة بن قيس.
٢ ـ الأسود بن
يزيد النخعي.
٣ ـ مسروق بن
الأجدع.
٤ ـ عبيدة
السلماني.
٥ ـ أبا عبد
الرحمن السلمي.
قال : « الشعبي »
: « ما دخل الكوفة أحد من الصحابة أنفع علما ، ولا أفقه صاحبا من « عبد الله بن
مسعود ».
__________________
قال « عبد الله بن
مسعود » رضياللهعنه : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « اقرأ عليّ القرآن ، قلت : يا رسول الله أقرأ عليك
وعليك أنزل؟ قال : « إني أشتهي أن أسمعه من غيري » فقرأت عليه سورة النساء حتى
بلغت : ( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) فغمزني برجله فإذا عيناه تذرفان » ا هـ .
وروي عن « خيثمة »
قال : « كنت جالسا عند « عبد الله بن عمرو » فذكر « ابن مسعود » فقال : لا أزال
أحبه بعد إذا سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : « استقرءوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود
، فبدأ به ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبي حذيفة » .
ومن الأدلة على
مدى اهتمام « ابن مسعود » بالقرآن قوله : « القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ، ولا
تشغلوها بغيرها » ا هـ.
وقوله في حامل
القرآن : « ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا نام الناس ، وبنهاره إذا أفطر
الناس ، وببكائه إذا الناس يضحكون ، وبخشوعه إذا الناس يختالون » ا هـ.
توفي رضياللهعنه في السنة الثانية والثلاثين من الهجرة ، ودفن بالبقيع ، وصلى عليه « عثمان بن
عفان ». رحم الله ابن مسعود رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٧٦
« أبو عبد الله المسيّبي » ت ٢٣٦ هـ
هو : محمد بن
إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله المسيبي ، المدني المقرئ عالم مشهور
بالضبط والثقة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو عبد
الله المسيبي » القرآن عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « والده » رحمهالله كما أخذ عن « نافع المدني » الإمام الأول من أئمة القراءات المشهورين ، وأخذ
أيضا عن « أحمد وثابت ابني ميمونة بنت أبي جعفر » .
كما روى « أبو عبد
الله المسيبي » الحديث عن خيرة العلماء منهم : « سفيان ابن عيينة ، ومحمد بن فليح
، ومعن القزاز » .
وقد روى القراءة
عن « أبي عبد الله المسيبي » عدد كثير منهم : « محمد بن الفرج ، وعبد الله بن
الصقر ، ومحمد بن واصل ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي ، وعبد الواحد بن أحمد بن عزال
، وإسماعيل بن يحيى بن عبد ربه ، وأحمد بن إبراهيم الورّاق » وآخرون .
__________________
وقد روى الحديث عن
« أبي عبد الله المسيبي » عدد كثير منهم : الإمام مسلم ، والإمام أبي داود في
كتابيهما ، وأبو زرعة الرازي ، وإبراهيم الحربي ، وأبو يعلى الموصليّ ، وعبد الله
بن الصقر السكري وغيرهم كثير .
وقد احتل « أبو
عبد الله المسيبي » المكانة السامية مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا المعنى يقول
« مصعب الزبيري » : لا أعلم في قريش كلها أفضل من المسيبي ا هـ .
وقال عنه « الذهبي
» : « كان « أبو عبد الله المسيبي » من العلماء العاملين » .
توفي « أبو عبد
الله المسيبي » في ربيع الأول سنة ست وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٧٧
« عبد الملك النهرواني » ت ٤٠٤ هـ
هو : عبد الملك بن
بكران بن عبد الله بن العلاء ، أبو الفرج النهرواني القطان.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « عبد الملك »
القراءة عن خيرة العلماء ، فقد أخذ القراءات عرضا عن « زيد بن علي بن أبي بلال ،
وأبي عيسى بكار ، وأبي بكر النقاش ، وابن مقسم ، ومحمد بن علي بن الهيثم ، وأبي
طاهر ، بن أبي طاهر ، وهبة الله بن جعفر ، ومحمد ابن عبد الله بن أبي عمر ، وأبي
عبد الله الفارسي ، وعلي بن محمد بن خليع القلاني » وآخرين .
تصدر « النهرواني
» لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ،
ومن الذين قرءوا عليه : الحسن بن محمد البغدادي والحسن ابن علي العطار ، ونصر بن
عبد العزيز الفارسي ، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي ، وأبو علي غلام
الهراس ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، وعلي بن محمد الخياط ، وعبد الملك بن
علي بن شابور ، وعبد الملك بن عبدويه .
كما أخذ «
النهرواني » حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من
__________________
المحدثين وروى
عنهم ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « أبو الفرج القطان المقرئ من أهل «
النهروان » سمع أحمد بن سلمان النجاد ، وجعفر الخلدي ، وله مصنف في القراءات ،
وروى عنه أحمد بن رضوان الصيدلاني وغيره وكان ثقة .
اشتهر « عبد الملك
» بالثقة ، واحتل مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول
« الحافظ الذهبي » : « أبو الفرج النهرواني من حلبة شيوخ المقارئ » .
وقال « الإمام ابن
الجزري » : أبو الفرج النهرواني مقرئ أستاذ حاذق ثقة .
قال « عبد السلام
بن أحمد بن بكران المغازلي النهرواني » : مات « عبد الملك النهرواني » في يوم
الأربعاء التاسع عشر من شهر رمضان سنة أربع وأربعمائة. رحمهالله واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٧٨
« عبد المنعم بن غلبون » ت ٣٨٩ هـ
هو : عبد المنعم
بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك ، أبو الطيب الحلبي نزيل مصر.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « ابن غلبون »
ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب لسنة تسع وثلاثمائة بحلب ، وانتقل إلى «
مصر » فسكنها حتى توفاه الله.
أخذ « ابن غلبون »
القراءة وحروف القرآن على خيرة العلماء ، وفي هذا يقول الإمام « ابن الجزري » :
روى عبد المنعم بن غلبون القراءة عرضا وسماعا عن : إبراهيم بن عبد الرزاق ،
وإبراهيم بن محمد بن مروان ، وأحمد بن محمد بن بلال ، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم
البغدادي ، وأحمد بن الحسين النحوي ، وأحمد بن موسى ، وجعفر بن سليمان ، والحسين
بن خالويه ، والحسن بن حبيب الحصائري ، وصالح بن ادريس ، وعبد الله بن أحمد بن
الصقر ، وعلي بن محمد المكي ، وعمر ابن بشران ، ومحمد بن جعفر الفريابي وآخرون .
__________________
تصدر « ابن غلبون
» لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة ، وجودة الضبط وأقبل عليه حفاظ
القرآن يأخذون عنه ، وتتلمذ عليه الكثيرون. وفي مقدمتهم : ولده أبو الحسن طاهر ،
فقد عرض عليه القراءات. واشتهر مثل والده وصنف كتاب « التذكرة » في القراءات.
ومن الذين أخذوا
القراءة عن عبد المنعم بن غلبون « أحمد بن علي الربعي ، وأبو جعفر أحمد بن علي
الأزدي ، وأحمد بن علي تاج الأئمة ، وأحمد بن نفيس ، والحسن بن عبد الله الصقلي ،
وخلف بن غصن ، وأبو عمر الطلمنكي ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأستاذ ،
وأبو عبد الله محمد بن سفيان ، وأبو الحسين محمد ابن قتيبة الصقلي ، ومكي بن أبي
طالب القيسي ، وأحمد بن أبي الربيع ، وأبو عبد الله مسلم شيخ غالب بن عبد الله » .
اشتهر « عبد
المنعم بن غلبون » بين الناس وصنف كتاب « الإرشاد في القراءات » وقد استفاد منه
الكثيرون من قراء القرآن الذين جاءوا من بعده.
كما احتل مكانة
سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه وفي هذا يقول « الإمام أبو عمرو الداني
» : كان « عبد المنعم بن غلبون » حافظا للقراءة ضابطا ذا عفاف ونسك وفضل وحسن
تصنيف ، وكان الوزير جعفر بن الفضل معجبا به ، وكان يحضر عنده المجلس مع العلماء ا
هـ .
وقال « أبو علي
الغساني » : كان « ابن غلبون » ثقة خيارا . قال « الإمام
ابن الجزري » : كان « عبد المنعم بن غلبون » نزيل مصر أستاذا ماهرا كبيرا ، كاملا
محررا ، ضابطا ، ثقة خيرا ، صالحا دينا ا هـ .
__________________
ومن الأدلة على
تقواه وصلته بالله تعالى ، أنه وجد على بعض مؤلفاته بخطه هذان البيتان :
صنفت ذا العلم
أبغي الفوز مجتهدا
|
|
لكي أكون مع
الأبرار والسعدا
|
في جنة في جوار
الله خالقنا
|
|
في ظل عيش مقيم
دائم أبدا
|
توفي « عبد المنعم
بن غلبون » بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ١٧٩
« عبد الوارث بن سعيد » ت ١٨٠ هـ
الإمام الحافظ ،
الثقة ، المقرئ. هو : عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان أبو عبيدة ، البصري.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « عبد الوارث
» سنة اثنتين ومائة من الهجرة. وقرأ « القرآن » وجوّده على « أبي عمرو بن العلاء »
البصري ، الإمام الثالث من أئمة القراءات. كما قرأ أيضا على « حميد بن قيس المكي ».
وتصدر « عبد
الوارث » للاقراء ، فقرأ عليه عدد كثير منهم : ابنه « عبد الصمد » وبشر بن هلال ،
ومحمد بن عمر القصبي ، وأبو الربيع الزهراني ، وأحمد ابن أبي عمر القرشي ، وعمران
بن موسى القزاز ، وعون بن الحكم ، وآخرون .
وكان « عبد الوارث
» ثقة حجة ، موصوفا بالعبادة والدين ، والفصاحة ، والبلاغة ، وقد أثنى عليه
الكثيرون من علماء عصره ، من ذلك قول « أبي عمرو الجرمي » : « ما رأيت فقيها أفصح
من « عبد الوارث » إلا « حماد بن سلمة » .
__________________
وقد حدث « عبد
الوارث » عن عدد من العلماء منهم : « أيوب السختياني ، وأيوب بن موسى ، وشعيب بن
الحبحاب ، والجعد أبي عثمان ، وداود بن أبي هند ، وعبد العزيز بن صهيب ، وعبد الله
بن أبي نجيح » ، وآخرون .
وكما كان « عبد
الوارث » أستاذا في القرآن الكريم ، كان أيضا من علماء الحديث النبوي الشريف ، وقد
حدث عنه عدد كثير منهم : ولده « عبد الصمد ، وأبو معمر عبد الله بن عمرو المقعد ،
وهو رواية كتبه ، وقتيبة بن سعيد ، وبشر بن هلال ، وعلي بن المديني ، وعبيد الله
بن عمر القواريري ، وخلق سواهم .
وكان « عبد الوارث
» من خيرة علماء عصره ، يقول عنه « الذهبي » : وكان « عبد الوارث » علما مجودا ،
من فصحاء أهل زمانه ، ومن أهل الدين والورع ا هـ .
وقال « معاوية بن صالح
» : قلت « لأبي معين » : من أثبت شيوخ البصريين : قال : « عبد الوارث » وسمّى
جماعة ا هـ .
وقال « أبو زرعة »
: « عبد الوارث » ثقة.
وقال « النسائي »
: ثقة ، ثبت.
وقال « ابن سعد »
: ثقة ، حجة.
توفي « عبد الوارث
» سنة ثمانين ومائة من الهجرة ، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن وسنة سيد الأنام ،
رحم الله « عبد الوارث بن سعيد » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٨٠
« عبيد بن الصبّاح » ت ٢١٩ هـ
هو : عبيد بن
الصباح بن صبيح أبو محمد النهشلي الكوفي ، ثم البغدادي ، مقرئ ضابط صالح.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد اختلف
المؤرخون في كل من : « عبيد بن الصباح وعمرو بن الصباح » هل هما أخوان أو لا؟ فقال
« أبو علي الأهوازي » : ليسا بأخوين. وقال « أبو عمرو الداني » هما أخوان ا هـ .
تلقى « عبيد بن
الصباح » القرآن على مشاهير علماء عصره ، وفي هذا المعنى يقول « أبو عمرو الداني »
: أخذ « عبيد بن الصباح » القراءة عرضا عن « حفص » وهو من أجل أصحابه وأضبطهم .
وأقول : قراءة «
حفص » هي التي يقرأ بها المسلمون الآن في معظم أنحاء العالم. وقد روى القراءة عرضا
عن « عبيد بن الصباح » : « أحمد بن سهل الأشناني » وقال « ابن شنبوذ » : لم يرو
عنه غير الأشناني ا هـ .
وقال « ابن الجزري
» : روى القراءة عن « عبيد بن الصباح » عرضا « أحمد بن سهل الأشناني ، وعبد الصمد
بن محمد العينوني ، والحسن بن المبارك
__________________
الأنماطي ، فيما
ذكره « الأهوازي » عن شيخه « الغضائري » عن « أبي هاشم الزعفراني » عنه ا هـ .
توفي « عبيد بن
الصباح » سنة تسع عشرة ومائتين. رحمهالله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٨١
« أبو عبيد القاسم بن سلاّم » ت ٢٢٤ هـ
هو : القاسم بن
سلام ، أبو عبيد الخراساني ، الأنصاري مولاهم البغدادي ، الإمام الكبير ، الحافظ ،
العلامة ، أحد الأعلام المجتهدين ، وصاحب التصانيف في القراءات ، والحديث ، والفقه
، واللغة ، والشعر.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. وذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن
علماء القراءات.
ولد « أبو عبيد »
سنة سبع وخمسين ومائة ، وكان والده مملوكا روميّا لرجل من « هراة ».
وقد أخذ « أبو
عبيد » القراءة عن مشاهير علماء عصره منهم : « علي بن حمزة الكسائي » الإمام
السابع من أئمة القراءات ، وشجاع بن أبي نصر ، وسليمان بن حماد ، وإسماعيل بن جعفر
، وحجاج بن محمد ، ويحيى بن آدم ، وهشام بن عمّار » وآخرون .
كما أخذ اللغة من
مشاهير علماء اللغة مثل « أبي عبيدة ، وأبي زيد الأنصاري » وغيرهما .
__________________
كما أخذ الحديث عن
خيرة العلماء منهم : « إسماعيل بن جعفر ، وشريك بن عبد الله ، وإسماعيل بن عياش ،
وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن المبارك ، ويحيى القطان ، وإسحاق الأزرق » وخلق
كثير .
وكان « أبو عبيد »
علما بارزا من علماء القراءات ، وقد أخذ القراءة عنه الكثيرون منهم : « أحمد بن
إبراهيم ورّاق خلف ، وأحمد بن يوسف التغلبي ، وعلي ابن عبد العزيز البغوي » ،
وآخرون .
كما حدث عن « أبي
عبيد » الكثيرون ، منهم : « نصر بن داود ، وأبو بكر الصاغاني ، وأحمد بن يوسف
التغلبي » ، وغيرهم كثير .
وقد صنف « أبو
عبيد » في شتى العلوم ، مثل القراءات ، واللغة ، والحديث ، والفقه والشعر ، وغير
ذلك.
يقول « ابن
درستويه » : ولأبي عبيد كتب لم يروها قد رأيتها في ميراث بعض الطاهرية تباع كثيرة
في أصناف الفقه كله ، وبلغنا أنه إذا كان إذا ألّف كتابا أهداه إلى « ابن طاهر »
فيحمل إليه مالا خطيرا ، والغريب المصنف من أجلّ كتبه في اللغة ، قال : ومنها
كتابه في الأمثال أحسن تأليفه ، وغريب الحديث ذكره بأسانيده ، فرغب فيه أهل الحديث
، وكذلك كتابه « معاني القرآن » وله كتب في الفقه فإنه عمد إلى مذهب « مالك ،
والشافعي » فتقلد أكثر ذلك ، وأتى بشواهده ، وحسّنه باللغة ، والنحو ، وله في
القراءات كتاب جيّد ، ليس لأحد من الكوفيين قبله مثله ، وكتابه في « الأموال » من
أحسن ما صنف في الفقه ، وأجوده ا هـ .
__________________
وقال « أحمد بن
يوسف » : لما عمل « أبو عبيد » كتاب « غريب الحديث » عرضه على « عبد الله بن طاهر
» فاستحسنه وقال : إن عقلا بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق أن لا يحوج إلى
طلب المعاش ، فأجرى له عشرة آلاف درهم في الشهر ا هـ .
يقول « أبو عبيد »
رحمهالله : مكثت في تصنيف كتاب « غريب الحديث » أربعين سنة ، وربما
كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال ، فأضعها في الكتاب ، فأبيت ساهرا فرحا مني
بتلك الفائدة ، وأحدكم يجيئني فيقيم عندي أربعة أشهر أو خمسة فيقول : قد أقمت
الكثير ا هـ .
ولقد كان « أبو
عبيد » من الذين يحترمون أنفسهم ، ويكرمونها لتكريم الله لها ، وهناك أكثر من شاهد
على ذلك : قال « عبد الله بن محمد بن سيّار » : سمعت « ابن عرعرة » من « أبي عبيد
» وطمع أن يأتيه في منزله ، فلم يفعل « أبو عبيد » حتى كان هو يأتيه ا هـ .
ولقد كان « أبو
عبيد » مع علمه ينطق بالحكمة ، فمن ذلك : قول « علي بن عبد العزيز » : سمعت « أبا
عبيد » يقول : « المتبع للسنة كالقابض على الجمر ، وهو اليوم عندي أفضل من ضرب
السيف في سبيل الله » ا هـ .
ونظرا لمكانة «
أبي عبيد » العلمية والسلوكية ، والدينية فقد استحق ثناء العلماء عليه : قال «
الداني » : « أبو عبيد » إمام أهل دهره في جميع العلوم صاحب سنة ، ثقة مأمون. ا هـ
.
__________________
وقال « عبد الله
بن طاهر » : « علماء الإسلام أربعة : عبد الله بن عبّاس في زمانه ، والشعبي في
زمانه ، والقاسم بن معن في زمانه ، والقاسم بن سلاّم في زمانه » ا هـ .
وقال « إبراهيم
الحربي » : ما مثلت أبا عبيد إلا بجبل نفخ فيه الروح . وعن « محمد بن أبي بشر » قال : أتيت « أحمد بن حنبل » في مسألة فقال لي : ائت
« أبا عبيد » فإن له بيانا لا نسمعه من غيره ، قال : فأتيته فشفاني جوابه ا هـ .
وقال « عباس
الدوري » : سمعت « أحمد بن حنبل » يقول : « أبو عبيد ممن يزداد عندنا كل يوم خيرا
» ا هـ .
وقال « الحسن بن
سفيان » : سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول : « أبو عبيد » أوسعنا علما ،
وأكثرنا أدبا ، وأجمعنا جمعا ، إنا نحتاج إليه ، ولا يحتاج إلينا ا هـ . وقال « أبو داود » : « أبو عبيد » ثقة مأمون ا هـ .
توفي « أبو عبيد »
سنة أربع وعشرين ومائتين بعد حياة حافلة في تعليم القرآن ، واللغة ، وحديث النبي
عليه الصلاة والسلام. رحم الله « أبا عبيد » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء
__________________
رقم الترجمة / ١٨٢
« عبيد الله العبسيّ » ت ٢١٣ هـ
هو : عبيد الله بن
موسى بن باذام ، أبو محمد العبسي مولاهم الكوفي ، الإمام الحجة ، الحافظ ، الثقة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « عبيد الله
العبسي » بعد العشرين ومائة.
وقد تلقى القرآن ،
وجوّده على مشاهير علماء عصره : فقد أخذ القراءة عرضا عن : « عيسى بن عمر ، وشيبان
بن عبد الرحمن الهمذاني ، وعلي بن صالح بن حسن ».
وروى الحروف سماعا
من غير عرض عن « حمزة الزيات » وقيل عرض عليه أيضا ، وكان يقرئ بها.
وسمع حروفا من
القرآن من « الكسائي ، ومن شيبان بن عاصم » .
وقد حدث « عبيد
الله العبسيّ » عن : هشام بن عروة ، والأعمش ،
__________________
وإسماعيل بن أبي
خالد ، وزكريا بن أبي زائدة ، وابن جريج ، والأوزاعي ، وشيبان ، وخلق سواهم .
وقد جلس « عبيد
الله العبسي » للاقراء بالكوفة ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : « إبراهيم بن
سليمان ، وأيوب بن علي ، ومحمد بن عبد الرحمن ، وأحمد بن جبير ، وأبو حمدون الطيب
، ومحمد بن علي بن عفان ، وهارون بن حاتم » وغير هؤلاء كثير .
كما حدث عن « عبيد
الله العبسي » أحمد بن حنبل قليلا ، وأحمد بن أبي غرزة الغفاري ، ويحيى بن معين ،
وعبد بن حميد ، وأبو نمير ، وعباس الدوري ، وخلق كثير .
وكان « عبيد الله
العبسي » من الثقات ، فقد وثقه « ابن معين » وغيره وقال « القاضي » : « عبيد الله
العبسي » مشهور بالرواية ، ثقة في النقل ، معروف بالقراءة من رواة القرآن ،
والحديث ، والفقه ، والفرائض ، علم في العلم ، والدراية وكان مع فضله ومعرفته ذا
زهد ، وورع ، من العلماء العاملين بعلمه ا هـ .
وقال « الذهبي » :
حديث « عبيد الله العبسي » في الكتب الستة بواسطة ، وعند البخاري بلا واسطة ، وكان
صاحب عبادة ، وتهجد ، وزهد ، صحب « حمزة الزيات » ا هـ .
توفي « عبيد الله
العبسي » سنة ثلاث عشرة ومائتين ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه
الصلاة والسلام. رحم الله « عبيد الله العبسي » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٨٣
« عبيد الله القيسي » ت ٣٦٠ هـ
هو : عبيد الله بن
عمر بن أحمد بن جعفر أبو القاسم القيسي البغدادي الشافعي نزيل الأندلس.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ٨٣٣ هـ ضمن
علماء القراءات.
ولد « عبيد الله
القيسي » ببغداد سنة خمس وسبعين ومائتين من الهجرة. رحل عبيد الله القيسي إلى بعض
البلاد الإسلامية ليأخذ عن علمائها ، ويتلقى القرآن والفقه على قرائها وفقهائها ،
وفي هذا يقول « الإمام ابن الجزري » : « قدم « عبيد الله » مصر ، فقرأ على أبي
الفتح بن بدهن ، وقدم « الأندلس » فدخل « قرطبة » في المحرم سنة سبع وأربعين
وثلاثمائة .
أخذ « عبيد الله »
الفقه على خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : أبو سعيد الاصطخري ، والقاضي المحاملي ،
كما أخذ « عبيد الله » القراءة القرآنية عن خيرة العلماء ، يقول : الإمام ابن الجزري
: وعرض القراءات على « ابن مجاهد » وأحمد بن يعقوب التائب ، وإبراهيم بن داود
الرقي ، واسحاق بن أبي عمران الإمام ا هـ .
واشتهر « عبيد
الله القيسي » بالعلم في الفقه وأصوله والقراءات. وصنف في
__________________
ذلك الكتب
المفيدة. كما كان له مكانة مرموقة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه. وفي هذا
يقول « الفرضي » : « كان عبيد الله عالما بالأصول والفروع وإماما في القراءات ،
صنف فيها وفي الفقه » .
وقال « الإمام
الداني » : كان عبيد الله إماما في الفقه على مذهب الإمام الشافعي وغيره ، كثير
التصنيف في أصول الأحكام وغير ذلك ا هـ .
وقال « الإمام ابن
الجزري » : « عبيد الله القيسي » إمام مقرئ علامة .
توفي « عبيد الله
» بقرطبة لأربع بقين من ذي الحجة لسنة ستين وثلاثمائة من الهجرة ، وله خمس وستون
سنة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٨٤
« عبيد الله بن مهران » ت ٤٠٦ هـ
هو : عبيد الله بن
محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن مهران بن أبي مسلم أبو أحمد الفرضي البغدادي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « عبيد الله »
القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : أبو الحسن بن بديان ، وهو آخر من بقي من
أصحابه ممن روى عنه رواية « قالون » وغيرها .
كما أخذ حديث
الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء. يقول الخطيب البغدادي : سمع عبيد الله
بن مهران القاضي المحاملي ، ويوسف بن يعقوب ابن اسحاق بن البهلول ومن بعدهما ،
وحضر مجلس أبي بكر بن الأنباري .
تصدر « عبيد الله
» لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالصدق والأمانة وصحة
القراءة ، وأقبل عليه الطلاب. يقول الإمام « ابن الجزري » : أخذ عن « عبيد الله بن
مهران » القراءة عرضا « الحسن بن محمد البغدادي ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي
والحسن بن علي العطار ، ومحمد بن علي الخياط ، وأبو علي غلام الهراس ، وعلي بن
الحسين بن زكريا الطرثيثي ، وأبو
__________________
الحسن علي بن محمد
الخياط ، وعبد الرحمن بن أحمد الرازي ». وروى القراءة عنه سماعا : عبد الله بن
محمد شيخ الداني ، وأعلى ما وقعت رواية قالون من طريقه .
وصف « عبد الله بن
مهران » بعدة صفات حميدة ، منها : شدة إخلاصه ، وحبه لتعليم القرآن ، دون أن يأخذ
على ذلك أجرا من أحد.
احتل « عبيد الله
بن مهران » مكانة سامية واشتهر بالصدق والخوف من الله تعالى ، والاقبال على طاعة
الله تعالى ، مما استوجب ثناء العلماء عليه ، وفي هذا يقول الخطيب البغدادي : كان
« عبيد الله بن مهران » ثقة ، صادقا ، ديّنا ، ورعا ، ثم يقول : سمعت « العتيقي »
ذكره فقال : ثقة مأمون ما رأينا مثله في معناه ، وسمعت الازهري ذكره فقال : كان
إماما من الأئمة .
وقال « الإمام ابن
الجزري » : أبو أحمد الفرضي إمام كبير ثقة ورع .
مما هو ثابت أن
الجزاء من جنس العمل ، وصدق الله حيث قال : ( الَّذِينَ
تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا
الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .
ويفوح من سيرة «
عبيد الله بن مهران » رائحة طيبة عطرة هي رائحة تمسكه بتعاليم الإسلام ، اذا فمن
كان كذلك فان الله سبحانه وتعالى سيتفضل عليه بحسن الخاتمة. حول هذا المعنى يقول «
أبو الحسن محمد بن أحمد » رأيت في منامي « أبا أحمد الفرضي » بهيئة جميلة أجمل مما
كنت أراه في دار الدنيا : فقلت له : يا أبا
__________________
أحمد ، كيف رأيت
الأمر؟. فقال لي : الفوز ، والأمن للذين قالوا : ربنا الله ثم استقاموا .
حقا ، لعلها رؤيا
صادقة ، وصدق الله حيث قال في كتابه العزيز : ( إِنَّ الَّذِينَ
قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ
أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ
تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ،
وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ. نُزُلاً
مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) . لأنه كان يدخر ذلك العمل عند الله تعالى ، ومما يدل على
ذلك الحادثة التالية : يقول الخطيب البغدادي : كتب « أبو حامد مع رجل من خراسان
كتابا إلى « عبيد الله بن مهران » يشفع له أن يأخذ عليه القرآن ، فظن « عبيد الله
» أنها مسألة قد استفتي فيها ، فلما قرأ الكتاب غضب ورماه من يده وقال : أنا لا
أقرأ القرآن بشفاعة.
ثم يقول البغدادي
: حدثني أبو القاسم منصور بن عمر الفقيه الكرخي قال : لم أر في الشيوخ من يعلم
العلم لله خالصا لا يشوبه بشيء من الدنيا غير « أبي أحمد الفرضي » فإنه كان يكره
أدنى سبب حتى المديح لأجل العلم.
قال : وكان قد
اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم ، وقرآن ، وإسناد ، وحالة متسعة في الدنيا ، وغير
ذلك من الأسباب التي يداخل بمثلها السلطان ، وتنال بها الدنيا ، وكان مع ذلك ورع
الخلق.
وكان يبتدئ كل يوم
بتدريس القرآن ، ويحضر عنده الشيخ الكبير ذو الهيئة ، فيقدم عليه الحدث لأجل سبقه
، واذا فرغ من إقراء القرآن تولى قراءة الحديث علينا بنفسه فلا يزال كذلك حتى
تستنفد قوته ، ويبلغ النهاية من جهده في
__________________
القراءة ، ثم يضع
الكتاب من يده فحينئذ يقطع المجلس وينصرف ، وكنت أجالسه فأطيل القعود معه ، وهو
على حالة واحد لا يتحرك ، ولا يعبث بشيء من أعضائه ولا يغير شيئا من هيئته حتى
أفارقه ، وبلغني أنه كان يجلس مع أهله على هذا الوصف ولم أر في الشيوخ مثله ومن صفاته أيضا شدة إمعان النظر ، والتفكر في مخلوقات الله تعالى ، يقول «
الخطيب البغدادي » : « حدثني عيسى بن أحمد الهمذاني » قال : سمعت علي ابن عبد
الواحد بن المهدي يقول : « اختلفت إلى « أبي أحمد الفرضي » ثلاث عشرة سنة لم أره
ضحك فيها .
فعن علي بن أبي
طالب رضى الله عنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : « من قرأ القرآن واستظهره فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله به الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم
وجبت لهم النار » .
وعن عبد الله بن
عمرو بن العاص رضياللهعنهما أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : الصيام والقرآن يشفعان للعبد ، يقول الصيام : رب إني
منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه ، ويقول القرآن : رب منعته النوم بالليل
فشفعني فيه ، فيشفعان .
توفي « عبيد الله
بن مهران » في شوال سنة ست وأربع مائة وله اثنتان وثمانون سنة رحمهالله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٨٥
« أبو عثمان الضّرير » ت بعد سنة ٣١٠ هـ
هو : سعيد بن عبد
الرحيم بن سعيد أبو عثمان الضرير البغدادي مؤدب الأيتام.
أخذ « أبو عمر
الدوري » أحد رواة « أبي عمرو البصري » الإمام الثالث بالنسبة لأئمة القراءات ،
وكان « أبو عثمان الضرير » من كبار أصحاب « أبي عمر الدوري ».
وقد اشتهر « أبو
عثمان الضرير » بالقراءة ، والاقراء ، فأخذ عنه القرآن الكثيرون منهم : « أبو
الفتح أحمد بن عبد العزيز بن بدهن ، وأحمد بن عبد الرحمن ابن الفضل ، والحسن بن
سعيد المطوعي ، وعليّ بن الحسين الغضائري ، وأبو بكر أحمد بن نصر الشذائي ،
وإبراهيم بن أحمد الخطاب ، وعبد الله بن نافع » وغيرهم كثير .
لقد كان « لأبي
عثمان الضرير » مكانة سامية بين العلماء وقد أثنى عليه الكثيرون يقول « ابن الجزري
» : « أبو عثمان الضرير » مقرئ حاذق ضابط مؤدب الأيتام .
توفي « أبو عثمان
الضرير » بعد سنة عشر وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «
أبا عثمان الضرير » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٨٦
« عثمان بن عفّان » رضياللهعنه ت ٣٥ هـ
ذكره « أبو عبيد
القاسم بن سلام » ت ٢٢٤ هـ في كتابه « القراءات » ضمن الصحابة الذين رويت عنهم
قراءات صحيحة. كما عده « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ في كتابه « معرفة القراء الكبار » ضمن
علماء الطبقة الأولى لحفاظ « القرآن الكريم ».
وقد أطلق المسلمون
اسمه على رسم المصحف المعتدّ به لدى علماء المسلمين ، وذلك تقديرا لجهوده العظيمة
في خدمة « القرآن ».
وهو أحد السابقين
إلى الإسلام ، وصاحب الهجرتين : الهجرة إلى الحبشة ، والهجرة إلى المدينة المنورة
، وكاتب الوحي ، وحافظ القرآن ، ومعلمه ، وخليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأحد المبشرين بالجنة ، ومجهّز جيش العسرة ، وصاحب بئر رومة ، وهو الذي
كانت تستحي منه الملائكة ، وكان رضياللهعنه من الصادقين ، والقائمين ، والصائمين ، والمتصدقين ،
الواصلين الارحام.
قرأ عليه القرآن «
المغيرة بن أبي شهاب المخزومي » شيخ « ابن عامر » أحد القراء السبعة المشهورين.
وحدث عنه بنوه ، وابن عباس ، وعبد الله بن عمر ، وأنس بن مالك رضياللهعنهم أجمعين. وكان رضياللهعنه معتدل الطول ، حسن الوجه ، كبير اللحية ، أسمر اللون ،
بعيد ما بين المنكبين.
قال « السائب » :
رأيته فما رأيت شيخا أجمل منه. وعثمان بن عفان رضي
__________________
الله عنه هو الآمر
بجمع القرآن في المرّة الثانية والأخيرة ، وهو المشرف على كتابته في عهد خلافته
بمعرفة كل من : زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن
بن الحارث بن هشام ، رضياللهعنهم أجمعين.
وكان ذلك سنة خمس
وعشرين من الهجرة حيث اجتمع أهل الشام وأهل العراق في غزوة « أرمينية وأذربيجان ».
وكان ضمن هذه
الغزوة « حذيفة بن اليمان » ت ٣٦ هـ ، فرأى اختلافا كثيرا بين المسلمين في وجوه
القراءات ، وسمع ما كانت تنطق به ألسنتهم من كلمات التجريح ، والتأثيم ، فاستعظم
ذلك « حذيفة » ففزع إلى « عثمان » رضياللهعنه ، وأخبره بما رأى ، وقال له : أدرك الناس قبل أن يختلفوا
في كتابهم الذي هو أصل الشريعة ، ودعامة الدين ، كما اختلف اليهود والنصارى ا هـ.
فأدرك « عثمان » رضياللهعنه بثاقب نظره ، وحصافة رأيه أن هذه الفتنة إن لم تعالج بالحكمة والحزم ، ستجرّ
لا محالة إلى أسوأ العواقب ، ففكر في علاجها قبل أن يستفحل خطرها ، ويتفاقم شرها.
فجمع أعلام الصحابة ، وذوي الرأي منهم ، فأجمعوا رأيهم على أن تنسخ الصحف الأولى
التي جمعها « زيد بن ثابت » رضياللهعنه في عهد الخليفة الأول « أبي بكر الصديق » رضياللهعنه في مصاحف متعددة ، ثم يرسل إلى كل مصر مصحف منها ، يكون مرجعا للناس عند
الاختلاف ، وموئلا عند التنازع ، على أن يحرق كل ما عدا هذه المصاحف ، وبذلك
يستأصل دابر الخلاف ، وتجتمع الكلمة ، وتوحد الصفوف.
ومناقب « عثمان » رضياللهعنه كثيرة ومتعددة ، أذكر منها ما يلي : فعن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : « من يحفر بئر رومة فله الجنة ، فحفرها « عثمان
» ومن جهز جيش العسرة فله الجنة ، فجهزها « عثمان » ا هـ .
__________________
وقال « عبد الرحمن
بن سمرة » رضياللهعنه : جاء « عثمان » رضياللهعنه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم بألف دينار في كمه حين جهز جيش العسرة ، فنثرها النبي صلىاللهعليهوسلم في حجره ، وأخذ يقلبها ويقلبها ويقول : ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين
ا هـ .
قتل رضياللهعنه شهيدا في داره مظلوما ، ثامن عشر ذي الحجة سنة خمس وثلاثين هـ وله اثنتان
وثمانون سنة. رحم الله « عثمان بن عفان » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٨٧
« ابن أبي عجرم »
هو : الحسين بن
إبراهيم بن عامر المعروف بابن أبي عجرم ، أبو عيسى الأنطاكي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن أبي
عجرم » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن جبير » وهو من أشهر
أصحابه ، وأضبطهم.
كما تتلمذ عليه
الكثيرون منهم : « الحسن بن أحمد بن عتاب ، والحسن بن سعيد المطوعي ، وعبد الله بن
اليسع » وغيرهم كثير .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « ابن أبي عجرم » رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٨٨
« أبو عدي بن الإمام » ت ٣٨٠ هـ
هو : عبد العزيز
بن علي بن أحمد بن محمد بن اسحاق بن الفرج أبو عدي المصري ، يعرف بابن الإمام.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو عدي »
القراءة عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول الإمام « ابن الجزري » : « أبو عدي » أخذ
القراءة عرضا وسماعا عن « أحمد بن هلال ، وأبي بكر بن سيف » ، وروى حروف القرآن عن
« إبراهيم بن حمدان بن عبد الصمد عن علي عن أبي عبيد القاسم بن سلام » وعن «
النحاس » عن الأزرق .
وقد اعتبر العلماء
« أبا عدي بن الإمام من أعلى علماء القراءات إسنادا في زمانه ، وفي هذا يقول
الحافظ « الذهبي » : « أبو عدي أعلى من قرأت القرآن من طريقه » .
كما أخذ « أبو عدي
» حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء ، يقول « الذهبي » : وقد روى الحديث عن
علي بن قديد ، ومحمد بن زبان وجماعة .
__________________
تصدر « أبو عدي »
لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، واشتهر بالثقة وعلو الإسناد ،
وصحة القراءة ، وحسن الضبط ، وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن ، وتتلمذ عليه
الكثيرون ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : أحمد بن علي بن هاشم ، واسماعيل
بن عمرو بن راشد ، وخلف بن إبراهيم ، وطاهر ابن غلبون ، وأبو الفضل الخزاعي ، ومكي
بن أبي طالب القيسي ، وأبو عمر الطلمنكي ، وعبد الجبار الطرسوسي ، وأبو محمد عبد
الله بن محمد الظهراوي ، وآخرون.
وقال « ابن الجزري
» : وآخر من قرأ عليه أحمد بن نفيس شيخ ابن الفحام ، فلأجل ذلك كانت رواية « ورش »
من هذا الطريق في « التجريد » أعلى ما يوجد عن ورش .
قال « الحافظ
الذهبي » : حدث عن « أبي عدي » يحيى بن الطحان وغيره .
احتل « أبو عدي »
مكانة سامية ومنزلة عالية ، وكان حجة وقد أثنى عليه الكثيرون ، يقول « ابن الجزري
» : « أبو عدي » مقرئ محدث ، متصدر ، ضابط شيخ الإقراء ومسندهم بمصر ، وكان شيخا
ورعا صدوقا .
وقد اختلف العلماء
في تاريخ وفاة « أبي عدي » فقال أبو اسحاق الحبال : توفي في عاشر ربيع الأول سنة
إحدى وثمانين وثلاثمائة.
وقال « أبو عمرو
الداني » : توفي سنة ثمانين وثلاثمائة.
وقال « أسد اليزدي
» : « توفي في شهر شعبان سنة تسع وسبعين وثلاثمائة ». رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٨٩
« عراك بن خالد » ت قبل سنة ٢٠٠ هـ
هو : عراك بن خالد
بن يزيد بن صالح بن صبيح ، أبو الضحاك الدمشقي ، شيخ أهل دمشق في عصره.
وقد تلقى « عراك »
القرآن عن مشاهير علماء عصره منهم : « والده خالد بن يزيد ، ويحيى بن الذماري ،
وإبراهيم بن أبي عبلة » كما أخذ القراءة عن « عراك » عدد كثير منهم : « الربيع بن
تغلب ، وهشام بن عمار » ولا زالت قراءة « هشام » يتلقاها المسلمون حتى الآن ، وقد
تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين .
كما تلقى الحديث
عن « عراك » عدد لا بأس به ، منهم : « ابن ذكوان ، ومحمد بن وهبة بن عطيّة ، وموسى
بن عامر المريّ » .
توفي « عراك بن
خالد » قبل سنة مائتين من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٩٠
« ابن عطية » ت ٣٨٣ هـ
هو : عبد الله بن
عطية بن عبد الله بن حبيب أبو محمد الدمشقي مقرئ إمام ثقة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن عطية »
القراءة عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « ابن الجزري » : أخذ « ابن عطية »
القراءة عرضا وسماعا عن « جعفر بن حمدان بن سليمان ، والحسن بن حبيب ، ومحمد بن
النصر بن الأخرم .
كما أخذ الحديث عن
عدد من العلماء وفي مقدمتهم « ابن جوصا » .
تصدر « ابن عطية »
لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة الضبط ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : علي بن
داود الدارني ، وعبيد الله بن سلمة ، وطرفة الخرستاني ، وعبد الله بن سوار العنسي
، والحسين بن علي الرهاوي .
منح الله تعالى «
ابن عطية » ذاكرة قوية وحافظة أمينة فحفظ الكثير من الشعر ليستعين بذلك على فهم
القرآن الكريم ، وفي هذا يقول « عبد العزيز
__________________
الكتاني » : كان «
ابن عطية » يحفظ فيما يقال خمسين ألف بيت للاستشهاد على معاني القرآن .
احتل « ابن عطية »
مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « الإمام الداني » : « كان «
ابن عطية » ثقة ضابطا خيرا فاضلا » .
وقال « ابن الجزري
» : « كان « ابن عطية » مقرئا مفسرا إماما ثقة .
وقال « الذهبي » :
كان إمام مسجد باب الجابية .
توفي « ابن عطية »
في شوال سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة ، رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٩١
« ابن العلاف » ت ٣٩٦ هـ
هو : علي بن محمد
بن يوسف بن يعقوب بن علي أبو الحسن بن العلاف البغدادي ، ولد سنة عشر وثلاثمائة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن العلاف
» القراءة عن خيرة العلماء. وفي هذا يقول « ابن الجزري » : قرأ « ابن العلاف » على
أبي بكر النقاش ، وأبي طاهر بن أبي هاشم ، وبكار ، وأبي علي الحسن بن داود النقار
، وزيد بن أبي بلال ، ومحمد بن عبد الله المؤدب ، وهبة الله بن جعفر ، ومحمد بن
علي بن الهيثم وعبد العزيز بن محمد بن الواثق بالله ، ومحمد بن أحمد السلمي فيما
ذكره الهذلي .
كما أخذ « ابن
العلاف » حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » :
سمع ابن العلاف علي بن محمد المقرئ ومن بعده ، وحدثنا عنه ابنه محمد ، وعبد العزيز
الأرجي وكان ثقة .
تصدر « ابن العلاف
» لتعليم القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون. يقول ابن الجزري » : قرأ عليه الحسن بن
محمد البغدادي ، صاحب كتاب « الروضة ».
__________________
وأبو الفتح بن
شيطا ، وأحمد بن محمد القنطري ، وعبد الله بن محمد الزارع ، وعثمان بن علي الدلال
، وأبو علي الشرمقاني ، والحسن بن علي العطار ، وأحمد بن رضوان الصيدلاني ، وأحمد
بن محمد بن أحمد المداوي ، وأحمد بن محمد بن يوسف ابن مرمة الأصبهاني ، وعلي بن
محمد بن فارس الخياط .
احتل « ابن العلاف
» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : كان «
ابن العلاف » من كبار أئمة الأداء .
وقال « الإمام ابن
الجزري » : « كان ابن العلاف استاذا مشهورا ثقة ضابطا .
توفي « ابن العلاف
» سنة ست وتسعين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمهالله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٩٢
« علقمة بن قيس » رضياللهعنه ت ٦١ هـ
علم من حفاظ
القرآن ، فقيه الكوفة ، وعالمها ، ومقرئها ، الإمام الحافظ ، المجوّد ـ المجتهد.
ذكره « ابن الجزري
» ت ٨٣٣ هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات.
ولد « علقمة » في
حياة النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأخذ « القرآن » عرضا عن « ابن مسعود » وسمع من « علي ،
وعمر ، وأبي الدرداء ، وعائشة » رضياللهعنهم أجمعين.
وعرض عليه القرآن
، إبراهيم بن يزيد النخعي ، وأبو إسحاق السبيعي ، وعبيد ابن نضلة ، ويحيى بن وثاب
، وآخرون.
وجوّد القرآن على
« ابن مسعود » وكان أشبه الناس « بابن مسعود » سمتا ، وهديا ، وعلما ، وكان من
أحسن الناس صوتا بالقرآن. يدلّ على ذلك قوله : كنت رجلا قد أعطاني الله حسن صوت
بالقرآن وكان « ابن مسعود » يستقرئني ويقول لي : اقرأ فداك أبي وأمي فإني سمعت
رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
__________________
« إن أحسن الأصوات
يزيّن القرآن » وكان إذا سمعه « ابن مسعود » يقول : « لو رآك رسول الله صلىاللهعليهوسلم لسرّ بك » ا هـ .
وقال « ابن مسعود
» رضياللهعنه : ما أقرأ شيئا ، وما أعلم شيئا ، إلا و « علقمة » يعلمه ا
هـ .
وقال « علقمة » :
قرأت القرآن في ليلة عند البيت ا هـ . وحدث « علقمة »
عن « عمر ـ وعثمان ـ وعليّ ـ وسلمان ـ وأبي الدرداء ـ وخالد ابن الوليد ـ وحذيفة ـ
وخباب ـ وعائشة ـ وسعد ـ وعمّار ـ وآخرين.
وحدث عنه : أبو
وائل ـ والشعبي ـ وعبيد بن نضلة ـ وإبراهيم النخعي ـ ومحمد بن سيرين ـ وأبو إسحاق
السبيعي ـ وأبو قيس عبد الرحمن بن ثروان ـ وعبد الرحمن بن عوسجة ـ وآخرون.
رحل « علقمة » في
طلب العلم ، ونزل « الكوفة » ولازم « ابن مسعود » حتى رأس في العلم ، وبعد صيته.
يقول « علقمة » :
ما حفظت وأنا شابّ فكأني انظر إليه في قرطاس ا هـ .
وروى « منصور » عن
« إبراهيم » قال : كان أصحاب « عبد الله بن مسعود » الذين يقرءون الناس « القرآن »
ويعلمونهم السنة ، ويصدر الناس عن رأيهم ستة : علقمة ـ والأسود ـ ومسروق ـ وعبيدة
ـ وأبو ميسرة عمرو بن شرحبيل ـ والحارث بن قيس ا هـ .
__________________
وقال « إبراهيم »
: كان « علقمة » يقرأ القرآن في « خمس » ا هـ .
ومناقب « علقمة »
كثيرة ومتعددة أذكر منها ما يلي : عن « علقمة بن قيس » قال : « كنت رجلا قد أعطاني
الله حسن الصوت بالقرآن ، وكان « عبد الله بن مسعود » يرسل إليّ فأقرأ عليه القرآن
، قال فكنت إذا فرغت من قراءتي قال زدنا من هذا » ا هـ .
وكان « علقمة » رحمهالله من المتواضعين الزاهدين في الدنيا ، ومما يدل على تواضعه الخبر التالي : فعن
« المسيب بن رافع » قال : « كانوا يدخلون على « علقمة » وهو يقرع غنمه ، ويحلب ،
ويعلف .
ومما يدل على زهده
وخوفه من الله تعالى ما يلي : فعن « مالك بن الحارث » عن « عبد الرحمن بن يزيد »
قال : قيل « لعلقمة » أ لا تدخل المسجد فيجتمع إليك وتسأل ، فنجلس معك ، فإنه يسأل
من هو دونك؟ قال : « إني أكره أن يوطأ عقبي فيقال : هذا علقمة » .
وعن « علي بن مدرك
» قال : « علقمة » : إن أنا مت ، فلقني « لا إله إلا الله » فإذا خرجتم بجنازتي من
الدار فأغلقوا الباب حتى يخرج آخر الرجال ، وعلى أول النساء ، فإنه لا أرب لي فيهن
ا هـ .
وروى « أبو نعيم »
في الحلية أنه مر بحلقة فيها « علقمة ، والأسود ، ومسروق » وأصحابهم ، فوقف عليهم
فقال : بأبي وأمّي العلماء ، بروح الله ائتلفتم ،
__________________
وكتاب الله تلوتم
، ومسجد الله عمّرتم ، ورحمة الله انتظرتم ، أحبكم الله وأحبّ من أحبكم » ا هـ .
قال « أحمد بن
حنبل » : علقمة ثقة ، من أهل الخير ا هـ .
وقال « ابن
المديني » : لم يكن أحد من الصحابة له أصحاب حفظوا عنه ، وقالوا بقوله في الفقه
إلا ثلاثة : زيد بن ثابت ـ وابن مسعود ـ وابن عباس ، وأعلم الناس بابن مسعود :
علقمة ـ والأسود ـ وعبيدة ـ والحارث .
وروى « الهيثم بن
عديّ » عن « مجالد » عن « الشعبي » قال : كان الفقهاء بعد أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالكوفة في أصحاب « عبد الله ابن مسعود » : علقمة ـ وعبيدة ـ وشريح ـ ومسروق
ا هـ .
وقال « مرة
الهمداني » : كان « علقمة » من الربانيين ، وكان عقيما لا يولد له ا هـ .
وقال « إسماعيل بن
أبي خالد ، عن الشعبي : إن كان أهل بيت خلقوا للجنة ، منهم أهل هذا البيت : علقمة
، والأسود ا هـ.
وقال : « أبو قيس
الأودي » : رأيت « إبراهيم النخعي » آخذا بالركاب « لعلقمة » ا هـ .
وكان « علقمة » رحمهالله زاهدا في الدنيا ، وصاحب ورع ودين.
توفي « علقمة »
سنة إحدى وستين من الهجرة ، وقد عاش تسعين سنة. رحم الله « علقمة » رحمة واسعة ،
وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٩٣
« أبو علي البغدادي »
هو : أحمد بن علي
البغدادي السمسار.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
حفظ « أبو علي
البغدادي » القرآن وجوّده على « محمد بن يحيى » الكسائي الصغير وهو أنبل أصحابه ،
كما روى عن « محمد بن الجهم الشّمّري.
ثم تصدر للإقراء
وتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « بكار بن أحمد ، وعبد الواحد بن أبي
هاشم ، وزيد بن أبي بلال ، وأحمد بن عبد الرحمن الولي وغير هؤلاء .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « أبي علي البغدادي » رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٩٤
« أبو علي البغدادي » ت ٣٤٠ هـ
هو : أحمد بن عبيد
الله بن حمدان بن صالح أبو علي البغدادي مقرئ ضابط.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو علي
البغدادي » القرآن على مشاهير العلماء ، فقد حفظ القرآن كله على « ادريس بن عبد
الكريم » ، كما قرأ على « الحسن بن الحباب » عن « البزي » أحد الرواة المشهورين عن
« ابن كثير المكي » ولا زالت قراءة البزي يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن.
تصدر « أبو علي
البغدادي » لتعليم القرآن ، واشتهر بين الناس بالضبط ، وجودة القراءة ، فأقبل عليه
الطلاب.
ومن الذين أخذوا
عنه القراءة « عبد الباقي بن الحسن » وغيره .
توفي « أبو علي
البغدادي » في حدود الأربعين وثلاثمائة بعد حياة حافلة لتعليم القرآن الكريم. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٩٥
« عليّ بن الحسين الرّقي »
هو : علي بن
الحسين بن الرقي أبو الحسين الوزّان البغدادي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو الحسين
الرقي » القرآن عن خيرة العلماء منهم : « أبو شعيب السوسي » أحد رواة « أبي عمرو
بن العلاء البصري ». ولا زالت قراءة « السوسي » يتلقاها المسلمون حتى الآن ، وقد
تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
كما أخذ « أبو
الحسين الرقي » القراءة أيضا عن « قنبل » أحد رواة « ابن كثير » المكي ، ولا زالت
قراءة « قنبل » مشهورة حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
كما أخذ القراءة أيضا عن « عبد الرحمن بن عبدوس ، وأحمد بن علي الخزّار ، وإسحاق
الخزاعي ، وجعفر بن محمد الوزّان ، وأحمد بن صدقة ، وعبد الله بن سليمان » وآخرين .
وقد تصدر « أبو
الحسين الرقي » للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : « عبد الله بن الحسين
السّامري » وآخرون .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « أبي الحسين الرقي ». رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٩٦
« أبو علي الحصائري » ت ٣٣٨ هـ
هو : الحسن بن
حبيب بن عبد الملك ، أبو علي الحصائري الدمشقي الشافعي شيخ فقيه مقرئ ثقة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « أبو علي
الحصائري » سنة اثنتين وأربعين ومائتين ، أخذ « أبو علي الحصائري » القراءة عن
خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : هارون بن موسى الأخفش ، وسمع منه كتابه الذي ألفه في
قراءة « ابن عامر » بالعلل ، قال الإمام الداني ت ٤٤٤ هـ : « ولا نعلم أحدا من
الشاميين يروي هذا الكتاب إلا عن أبي علي الحصائري ، كما روى حروف القراءات عن
أحمد المعلى عن هشام وعن محمد بن الجهم عن الوليد صاحب يعقوب.
تصدر « أبو علي
الحصائري » لتعليم القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : صالح بن ادريس ، وعبد
الله بن عطية ، وعبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون ، وأبو العباس المطوعي ، وغير
هؤلاء .
أخذ « أبو علي
الحصائري » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء ، فقد حدث عن « الربيع بن سليمان ، ومحمد
بن عبد الله الحكم ، وأبي
__________________
أمية الطرسوسي ،
ولم يقتصر « أبو علي الحصائري » على تعليم القرآن الكريم ، بل كان يروي حديث
الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم.
ومن الذين أخذوا عنه
الحديث : ابن المقرئ ، وابن جميع الغساني ، وتمام الرازي ، وأبو بكر بن أبي الحديد
، وأبو حفص بن شاهين ، وعبد الواحد بن عمر ابن أبي نصر ، وعبد الرحمن بن عثمان بن
أبي نصر التميمي وآخرون .
وكما كان « أبو
علي الحصائري » من القراء ومن المحدثين ، فقد كان من فقهاء الشافعية أيضا حيث كان
يروي كتاب « الأم » في الفقه للامام الشافعي رحمهالله ، ويشتغل به ، وفي هذا يقول « الذهبي » : « كان « أبو علي
الحصائري » يروي كتاب « الأم » للشافعي ، ويعرفه ، ويشتغل في المذهب » ا هـ .
اشتهر « أبو علي
الحصائري » بالعلم ، والتقوى ، وحسن الخلق ، والتمسك بالكتاب والسنة ، وحول هذه
المعاني يقول عبد العزيز الكتاني : كان أبو علي الحصائري حافظا لمذهب الشافعي وثقة
نبيلا .
قال « ابن عساكر »
: كان إمام مسجد باب الجابية ا هـ .
والجابية : الحوض
الذي يجبي فيه الماء للإبل ، فهو على هذا منقول وجعل علما على قرية من أعمال دمشق
من ناحية الجولان .
توفي « أبو علي
الحصائري » في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن
وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٩٧
« عليّ بن حمزة الكسائيّ » ت ١٨٩ هـ
الإمام الحجة ،
شيخ قراء الكوفة ، وإمام المسلمين في القراءات والعربية ، فريد عصره في لغة العرب
، وأعلم أقرانه بالغريب. هو أبو الحسن مولى بني أسد ، وكان من أولاد الفرس من سواد
العراق ، إليه انتهت رئاسة القراءة بالكوفة بعد وفاة شيخه « حمزة ».
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من علماء القراءات. كما ذكره « ابن الجزري » ت
٨٣٣ هـ ضمن علماء القرآن.
قال « ابن الجزري
» : كان الكسائي إمام الناس في القراءة في زمانه ، وأعلمهم بالقراءات ا هـ .
وقال « ابن معين »
: ما رأيت بعيني هاتين أصدق لهجة من الكسائي ، وقال « الذهبي » : ولد « الكسائي »
في حدود سنة عشرين ومائة ، وسمع من
__________________
« جعفر الصادق ،
والأعمش ، وزائدة ، وسليمان بن الارقم » ، وقرأ « القرآن » وجوّده على « حمزة
الزيات ، وعيسى بن عمر الهمداني » ا هـ .
وروى « أبو عمرو
الداني » وغيره أن « الكسائي » قرأ على : محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، واختار
لنفسه قراءة ، ورحل إلى « البصرة » فأخذ العربية عن « الخليل بن أحمد » .
وقال « الذهبي » :
وأخذ « الكسائي » الحروف أيضا ـ أي حروف القراءات ـ عن « أبي بكر بن عياش » وغيره
، وخرج إلى البوادي ، فغاب مدّة طويلة ، وكتب الكثير من اللغات ، والغريب ، عن
الأعراب « بنجد » وتهامة ، ثم قدم وقد أنفد خمس عشرة « قنّينة » حبر ، وقرأ عليه «
أبو عمر الدوري ، وأبو الحارث ، ونصير بن يوسف الرازي ، وقتيبة بن مهران الأصبهاني
، وأبو عبيد القاسم بن سلام » وخلق سواهم ا هـ .
وأقول : لقد تلقى
« الكسائي » القراءات على خلق كثير منهم : « حمزة بن حبيب الزيات » وهو الإمام
السادس ، وسند حمزة صحيح ومتصل برسول الله صلىاللهعليهوسلم.
كما قرأ « الكسائي
» على « محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى » أحد شيوخ « حمزة الكوفي » وعلى « عيسى
الهمداني ».
وقرأ « عيسى
الهمداني » على « عاصم بن بهدلة أبي النّجود » وهو الإمام الخامس ، وعاصم سنده
صحيح ومتصل بالنبي صلىاللهعليهوسلم. ومن هذا يتبين أن قراءة « الكسائي » صحيحة ومتواترة
ومتصلة السند حتى رسول الله صلى
__________________
الله عليه وسلم ،
ولا زال المسلمون يتلقون قراءة « الكسائي » بالرضا والقبول ، وقد تلقيتها وقرأت
بها والحمد لله رب العالمين.
كما تتلمذ على
الكسائي عدد كثير ، لأنه كان مدرسة وحده منهم : أبو الحارث : الليث بن خالد
البغدادي ، وحفص الدوري ، وقتيبة بن مهران الأصبهاني ، وأبو حمدون الطيب بن
إسماعيل ، وأبو عبيد القاسم بن سلام ت ٢٢٤ هـ وغيرهم كثير. قال « خلف بن هشام »
كنت أحضر بين يدي الكسائي ، وهو يقرأ على الناس ، وينقطون مصاحفهم بقراءته عليهم ا
هـ.
وقال « أبو عبيد
القاسم بن سلام » كان « الكسائي » يتخيّر القراءات ، فأخذ من قراءة « حمزة » ببعض
وترك بعضا ، وكان من أهل القراءات ، وهي كانت علمه وصناعته ، ولم نجالس أحدا كان
أضبط ولا أقوم بها منه ا هـ
ولقد كان «
الكسائي » رحمهالله تعالى ثقة ، وأمينا في نقله قراءات القرآن ، وتاريخه
الناصع خير شاهد على ذلك. قال « أبو العباس بن مسروق » : حدثنا « سلمة بن عاصم »
قال : قال « الكسائي » : صليت « بهارون الرشيد » فأعجبتني قراءتي ، فغلطت في آية
ما أخطأ فيها صبيّ قط ، أردت أن أقول : « لعلهم يرجعون » فقلت : « لعلهم يرجعين »
فو الله ما اجترأ « هارون الرشيد » أن يقول أخطأت ، ولكنه والله لما سلم قال : أيّ
لغة هذه؟ قلت : يا أمير المؤمنين قد يعثر الجواد ، قال : أما هذه فنعم ا هـ
فهذا الخبر إن دلّ
على شيء فإنما يدلّ على شجاعة « الكسائي » وأمانته ، وقال « الفراء » ، إنما تعلم
« الكسائي » النحو على كبر ، لأنه جاء إلى قوم ، وقد أعيا ، فقال : قد عييت ،
فقالوا له : تجالسنا وأنت تلحن؟ قال : كيف لحنت؟ قالوا له : إن كنت أردت من التعب
فقل : « أعييت » وإن كنت أردت انقطاع الحيلة والتحيّر في الأمر ، فقل « عييت »
فأنف من ذلك وقام من فوره فسأل
عمن يعلّم النحو ،
فدلّ على « معاذ الهرّاء » فلزمه ، ثم خرج إلى البصرة ، فلقي « الخليل بن أحمد »
ثم خرج إلى بادية الحجاز ا هـ .
ولقد بلغ «
الكسائي » مكانة سامية في العلم ، مما استحق ثناء العلماء عليه : قال « أبو بكر بن
الأنباري » : اجتمعت في الكسائي أمور : كان أعلم الناس بالنحو ، وواحدهم في الغريب
، وكان أوحد الناس في القرآن فكانوا يكثرون عليه حتى لا يضبط الأخذ عليه ، فيجمعهم
، ويجلس على كرسي ، ويتلو القرآن من أوله إلى آخره وهم يسمعون ويضبطون عنه حتى
المقاطع ، والمبادئ ا هـ .
وقال « الإمام
الشافعي » : من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على « الكسائي » ا هـ .
وقال « الذهبي » :
كان في « الكسائي » حشمة ، لما نال من الرئاسة بإقراء « محمد الأمين ولد الرشيد »
وتأديبه ، وتأديبه أيضا للرشيد ، فنال ما لم ينله أحد من الجاه ، والمال ،
والإكرام ، وحصل له رئاسة العلم والدنيا ا هـ .
ولقد خلّف الكسائي
للمكتبة الاسلامية ، والعربية ، الكثير من المصنفات ، منها كتاب معاني القرآن ،
وكتاب القراءات ، وكتاب العدد ، وكتاب النوادر ، وكتاب في النحو ، وكتاب الهجاء ،
وكتاب مقطوع القرآن وموصوله ، وكتاب المصادر ، وكتاب الحروف وكتاب الهاءات ، وغير
ذلك كثير.
توفي الكسائي
ببلدة يقال لها « رنبويه » بالريّ سنة تسع وثمانين ومائة بعد حياة حافلة بتعليم
القرآن وعلومه. رحم الله « الكسائي » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ١٩٨
« علي بن داود » ت ٤٠٢ هـ
هو : علي بن داود
بن عبد الله أبو الحسن الداراني القطان ، إمام جامع دمشق ومقرئه.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « علي بن داود
» القرآن عن خيرة العلماء ، فقد قرأ القرآن بالروايات على طائفة من العلماء ، منهم
أبو الحسن بن الأخرم ، وأحمد بن عثمان السباك ، وصالح بن ادريس ، ومحمد بن القاسم
بن المحرز ، ومحمد بن جعفر الخزاعي .
تصدر « علي بن
داود » لتعليم القرآن واشتهر بالثقة وصحة القراءة ، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون
عنه ، وفي هذا يقول الإمام « ابن الجزري » : قرأ عليه الأهوازي ، وتاج الأئمة أحمد
بن علي ، وأحمد بن محمد الأصبهاني ، ورشاد بن نظيف ، وعلي بن الحسن الربعي ، وأحمد
بن محمد القنطري ، وعبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي ، وأبو عبد الله الكارزيني
.
اشتهر « علي بن
داود » بعفة النفس والقناعة كما عرف عنه أنه لا يأخذ أجرا على تعليم القرآن ،
وإنما يعتبر ذلك حسبة لله تعالى ، حول هذا المعنى يقول عبد
__________________
المنعم بن النحويّ
: « خرج القاضي أبو محمد العلوي وجماعة من الشيوخ إلى « داريا » ليأخذوا الشيخ كي
يكون إماما للجامع الأموي. فلبس أهل « داريا » السلاح ليقاتلوا دونه ، فقال القاضي
: يا أهل « داريا » أ لا ترضون أن يسمع في البلاد أن أهل دمشق احتاجوا إليكم في
إمام ، فقالوا : قد رضينا ، فأخذوه ، وسكن في المنارة الشرقية ، وكان يقرى شرقي
الرواق الاوسط ولا يأخذ على الامامة رزقا ، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برا ، ويقتات
من أرض له « بداريا » ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى الطاحون
ويطحنه ثم يعجنه ويخبزه » .
ألا يعتبر أن «
علي بن داود » ضرب أروع الأمثال في القناعة وعفة النفس؟ بهذه الأخلاق الفاضلة احتل
« علي بن داود » مكانة سامية في جميع الاوساط مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا
يقول تلميذه « رشاد بن نظيف » : « لم ألق مثله حذقا وإتقانا في رواية « ابن عامر »
الدمشقي ، وهو الإمام الرابع بالنسبة إلى أئمة القراءات » .
وقال « الكتاني »
: كان علي بن داود ثقة ، انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين ، ومضى على سداد .
وقال « الإمام
الداني » : كان ثقة ضابطا متقشفا .
وقال « الإمام ابن
الجزري » : « كان « علي بن داود » إماما مقرئا ضابطا متقنا محررا زاهدا ثقة » ا هـ
.
توفي « علي بن
داود » في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة ، وهو في التسعين رحمهالله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ١٩٩
« أبو علي الصوّاف » ت ٣١٠ هـ
هو : الحسن بن
الحسين بن علي بن عبد الله بن جعفر أبو علي الصوّاف البغدادي ، شيخ متصدر ماهر
عارف بالفن.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو علي
الصواف » القرآن عن مشاهير العلماء ، منهم : « أبو حمدون الطيب بن إسماعيل ، ومحمد
بن غالب » صاحب الشجاع كما روى حروف القراءات عن « القاسم بن يزيد الوزّان » وعن «
أبي عمر الدوري » أحد رواة « أبي عمرو بن العلاء » .
وقد اشتهر « أبو
علي الصواف » بتعليم القرآن ، فتتلمذ عليه عدد كثير منهم : « بكار بن أحمد ، وعبد
الواحد بن أبي هاشم ، وأبو العباس الحسن بن سعيد ، ومحمد بن أحمد بن حامد ، وأحمد
بن عبد الرحمن بن عبيد ، وعليّ بن محمد الحذّاء ، ومحمد بن عليّ بن الجلندا ، وأبو
بكر النقاش ، وإبراهيم بن محمد الأحوال » وغيرهم كثير .
كما أخذ « أبو
عليّ الصواف » حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن
__________________
الكثيرين من
العلماء ، منهم : « موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، وأبو سعيد الأشجّ ، ورباح بن
الجراح الموصلي ، وأحمد بن منصور » وآخرون .
وكما اشتهر « أبو
علي الصواف » بتعليم القرآن ، اشتهر أيضا برواية أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام
، وقد روى عنه الحديث الكثيرون منهم : « بكار بن أحمد ، وأبو طاهر بن أبي هاشم ،
وأبو القاسم بن النخاس ، وأحمد بن جعفر بن محمد الخلال ، وعبد العزيز بن جعفر
الحنبلي ، ومحمد بن المظفر ، وأبو الفضل الزهري ، ومحمد بن عبيد الله بن الشخّير »
وغيرهم كثير .
وكان « لأبي علي
الصواف » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « الخطيب
البغدادي » : كان « أبو علي الصواف » ثقة ، فاضلا ، نبيلا ، وكان يسكن الجانب
الشرقي .
يقول « الخطيب
البغدادي » : أخبرني أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، أخبرنا « علي بن عمر بن محمد
الحربي » قال : وجدت في كتاب أخي بخطه : « مات « أبو علي الصواف » المقرئ ليومين
خلوا من شهر رمضان سنة عشر وثلاثمائة ، ودفن في مقابر « الخيزران » ا هـ . رحم الله « أبا علي الصواف » رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٠٠
« الإمام عليّ بن أبي طالب » رضياللهعنه ت ٤٠ هـ
والحديث عن « عليّ
بن أبي طالب » كرّم الله وجهه يكسوه الجلال ، والإجلال ، ويحيطه التقدير والتعظيم
، والإكبار. إنه ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام. وعلي بن أبي طالب رضياللهعنه أحد السابقين إلى الإسلام ، بل أول من دخل الاسلام من الصبيان. أمير المؤمنين
، ورابع الخلفاء الراشدين ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة رضوان الله عليهم أجمعين.
أتم حفظ القرآن
الكريم بعد أن نقل النبي صلىاللهعليهوسلم إلى الرفيق الأعلى.
وقد روى عنه ،
وقرأ عليه القرآن كل من :
١ ـ أبي عبد
الرحمن السلمي ت ٧٣ هـ.
٢ ـ أبي الأسود
الدؤلي ت ٦٩ هـ.
٣ ـ عبد الرحمن بن
أبي ليلى ت ٨٣ هـ.
قال : « أبو عبد
الرحمن السلمي » : « ما رأيت أحدا كان أقرأ من عليّ ».
والإمام عليّ بن
أبي طالب رضياللهعنه باب مدينة العلم والعلوم ، كان من أعدل الناس ، ومن أقدرهم
على حلّ المعضلات ، حتى ضرب به المثل فقالوا :
__________________
« قضية ولا أبا
حسن لها ». وكان أعظم الناس حلما ، وكان بحق من أعلم الناس بعد النبي عليه الصلاة
والسلام.
الأمر الذي أثبته
النبي صلىاللهعليهوسلم حين قال : « أنا دار الحكمة وعليّ بابها » ا هـ .
وعن « سهل بن سعد
» رضياللهعنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال يوم خيبر : « لأعطينّ هذه الراية رجلا يفتح الله على
يديه ، يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم
يعطاها ، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم كلّهم يرجو أن يعطاها ، فقال : « أين عليّ بن أبي طالب؟
فقالوا : هو يا رسول الله يشتكي عينيه ، قال : « فأرسلوا إليه ». فأتي به فبصق في
عينيه ودعا له ، فبرأ كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، فقال عليّ : يا رسول
الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. فقال : انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم
إلى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه ، فو الله لأن يهدي الله بك
رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم » ا هـ .
وعن « سعد بن أبي
وقاص » رضياللهعنه قال : خلف رسول الله صلىاللهعليهوسلم « عليّ بن أبي طالب » في غزوة « تبوك » فقال : يا رسول
الله تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال : « أما ترضى أن تكون مني بمنزلة « هارون »
من « موسى » غير أنه لا نبي بعدي » ا هـ .
وعن « ابن عمر » رضياللهعنهما قال : آخى النبي صلىاللهعليهوسلم بين
__________________
أصحابه ، فجاء «
علي » تدمع عيناه فقال : يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أنت أخي في الدنيا والآخرة ا هـ .
وعن « بريدة » رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : « إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم ، قيل
: يا رسول الله سمّهم لنا ، قال : « عليّ » منهم : قالها ثلاثا ، وأبو ذرّ
والمقداد بن الأسود ، وسلمان ، أمرني بحبهم ، وأخبرني أنه يحبهم » ا هـ .
أجمع المسلمون على
أن « عليّ بن أبي طالب » قتل شهيدا وما على وجه الأرض بدريّ أفضل منه ، قتله « ابن
ملجم » صبيحة سابع عشرة من رمضان سنة أربعين من الهجرة بالكوفة. رحم الله الإمام «
علي بن أبي طالب » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٠١
« أبو علي النّقّار » ت قبل ٣٥٠ هـ
هو : الحسن بن
داود بن الحسن بن عون بن منذر بن صبيح ، وصبيح مولى معاوية بن أبي سفيان أعتقه بخط
يده.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو علي
النقار » القراءة على خيرة العلماء ، يقول « ابن الجزري » : « قرأ « أبو علي
النقار » لحمزة على محمد بن لاحق ، وجعفر بن محمد بن يوسف ، وكان قيما بقراءة «
عاصم » ثقة مأمونا » ا هـ .
تصدر « أبو علي
النقار » لتعليم القرآن ، وأقرأ الناس دهرا طويلا ، واشتهر بالثقة وصحة الضبط
والإتقان ، فأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : «
زيد بن أبي بلال ، وعبد الواحد بن أبي هاشم ، وأحمد بن نصر الشذائي ، وأحمد بن
يوسف الكوفي ، ومحمد بن جعفر التميمي ، ومحمد بن أحمد بن أبي دارة ، وعلي بن محمد
بن يوسف العلاف ، ومحمد بن صبغون الملطي ، وأبو بكر بن مهران » وآخرون .
قال « الإمام
الداني » : توفي « أبو علي النقار » قبل سنة خمسين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة
حافلة بتعليم القرآن الكريم ، رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٠٢
« عمر بن عراك » ت ٣٨٨ هـ
هو : عمر بن محمد
بن عراك بن محمد أبو حفص الحضرمي المصري الإمام أستاذ في قراءة ورش.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
« أخذ « ابن عراك
» القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : حمدان بن عون ، وعبد المجيد بن مسكين ،
وقسيم بن مطير ، وأبو غانم المظفر بن أحمد ، ومحمد ابن جعفر العلاف. وسمع الحروف
من : « أحمد بن محمد بن زكريا الصرفي ، وأحمد بن إبراهيم بن جامع ، والحسن بن أبي
الحسن العسكري ».
تصدر « ابن عراك »
لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة الضبط ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه.
ويتلقون القراءات وحروف القرآن.
ومن الذين قرءوا
عنه : تاج الأئمة أحمد بن علي بن هاشم ، وفارس بن أحمد ، وعتبة بن عبد الملك
والحسين بن إبراهيم الأنباري. وكان يقول : أنا كنت السبب في تأليف « أبي جعفر
النحاس » كتاب اللامات .
توفي « ابن عراك »
« بمصر » سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة. وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٠٣
« عمر الكاغدي » ت ٣٠٥ هـ
هو : عمر بن محمد
بن نصر بن الحكم أبو حفص الكاغدي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « الكاغدي »
القرآن على خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو عمر الدوري » أحد رواة « أبي عمرو
بن العلاء البصري ». ولا زالت قراءة « أبي عمر الدوري » يتلقاها المسلمون بالقبول
حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
وقد تصدر «
الكاغدي » للاقراء فأخذ عنه القراءة عدد كبير منهم : « أحمد ابن نصر الشذائي ،
وهبة الله بن جعفر ، ورحمة بن محمد ، وأحمد بن محمد بن الهودار » وآخرون .
كما أخذ « الكاغذي
» الحديث عن خيرة العلماء ، منهم : « عمرو بن علي ، وخلاد بن أسلم ، ومحمود بن
خدّاش ، وأحمد بن بديل ، ومحمد بن إسماعيل بن سمرة ، ومحمد بن عمرو بن حنان »
وآخرون .
وقد روى الحديث عن
« الكاغدي » عدد كثير منهم : « الحسن بن أحمد
__________________
السبيعي ، وعبد
العزيز بن جعفر الخرقي ، وأبو حفص بن الزيات » ، وآخرون . وكان « الكاغدي » من الثقات ، كما شغل منصب القضاء ببغداد.
توفي « الكاغدي »
سنة خمس وثلاثمائة على خلاف في ذلك. رحم الله « الكاغذي » رحمة واسعة إنه سميع
مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٠٤
« عمر الكتاني » ت ٣٩٠ هـ
هو : عمر بن
إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ
ضمن علماء القراءات.
ولد « الكتاني »
سنة ثلاثمائة من الهجرة ، وأخذ القراءة وحروف القرآن عن خيرة العلماء ، وفي هذا
يقول « الإمام ابن الجزري » : سمع الكتاني حروف القرآن من : إبراهيم بن عرفة
نفطويه ، وقرأ على الأشناني ولم يختم عليه ، وعرض القرآن على « علي بن سعيد القزاز
، وبكار وعمر بن جناد ، ومحمد بن الحسن بن النقاش ، وأحمد بن عثمان بن بويان ،
ومحمد بن علي الرقي ، وزيد بن أبي بلال ، وأحمد بن محمد بن هارون الوراق » ، وروى
القراءة عن عبيد الله بن بكير ، وسمع كتاب السبعة من « ابن مجاهد » ا هـ .
وأخذ « الكتاني »
حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي ». «
سمع « الكتاني » أبا القاسم البغوي ، وأحمد بن اسحاق بن البهلول التنوخي ، ويحيى
بن محمد بن صاعد ، وأبا سعيد العدوي ، وأبا حامد محمد بن هارون الحضرمي ، والفضل
بن منصور الزبيدي ، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، وأبا بكر النيسابوري ، وأبا
بكر بن مجاهد » وغيرهم.
__________________
كما حدثنا عنه
الأزهري ، وعبد العزيز الأزجي ، والتنوخي ، وأبو الفضل بن الكوفي. ثم يقول «
الخطيب البغدادي » : وكان ثقة ينزل ناحية نهر الدجاج ، وذكره محمد بن أبي الفوارس
، فقال : « كان لا بأس به » .
تصدر « الكتاني »
لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، ومن الذين
أخذوا عنه القراءة : عيسى بن سعيد الأندلسي ، وأبو نصر أحمد بن محمد بن اسحاق
المقري ، ومحمد بن جعفر الخزاعي ، وأحمد بن الفتح ، والحسن بن الفحام ، وسمع منه
كتاب السبعة عبد الله بن هزار مرد الصيرفيني ، وأحمد ابن محمد بن يوسف ، وعلي بن
القاسم بن إبراهيم شيخ أبي علي الحداد. وقرأ عليه الحسن بن علي العطار ، والحسن بن
أبي الفضل الشرمقاني ، وعبيد الله بن أحمد بن علي الكوفي ، وكان « الكتاني » يقرئ
بمسجده ببغداد .
توفي « الكتاني »
في رجب سنة تسعين وثلاثمائة وله تسعون سنة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٠٥
« عمران بن ملحان التميمي البصري » ت ١٠٥ هـ
« أبو رجاء العطاردي »
عالم من علماء
القرآن والقراءات ، أحد كبار التابعين ، وشيخ الإسلام الإمام القدوة ، مقرئ البصرة
ومعلمها.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « أبو رجاء
العطاردي » قبل الهجرة بإحدى عشرة سنة. أسلم في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم لكنه لم يره .
يقول « محرز بن
عون » في سبب إسلامه : حدثنا « يوسف بن عطية » عن أبيه : دخلت على « أبي رجاء »
فقال : بعث النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكان لنا صنم مدوّر ، فحملناه على « قتب » وتحولنا ففقدنا « الحجر » انسلّ فوقع في رمل فرجعنا في طلبه فإذا هو في رمل
قد غاب فيه ، فاستخرجته ، فكان ذلك أول
__________________
إسلامي ، فقلت :
إن إلها لم يمتنع من تراب يغيب فيه لإله سوء ، فرجعت إلى المدينة ، وقد توفي النبي
صلىاللهعليهوسلم .
يقول « ابن الحزري
» : عرض « أبو رجاء » « القرآن » على « ابن عباس » رضياللهعنه ، وتلقنه من « أبي موسى الأشعري » رضياللهعنه .
وقال « أبو رجاء
العطاردي » : كان « أبو موسى » يعلمنا القرآن خمس آيات خمس آيات ا هـ .
وقد تلقى القراءة
عن « أبي رجاء » عدد كثير منهم : « أبو الأشهب العطاردي » وكان « أبو رجاء » يختم
القرآن في كل عشر ليال .
وحدث « أبو رجاء »
عن « عمر ، وعليّ ، وعبد الله بن عباس ، وعمران بن حصين ، وأبي موسى الأشعري »
وحدث عنه : « ابن عون ، وعوف الأعرابي ، وسعيد بن أبي عروبة ، وسلم بن زرير ، وصخر
بن جويرية » وخلق كثير
توفي « أبو رجاء »
سنة خمس ومائة ، وله أكثر من مائة وعشرين سنة ، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن.
رحم الله « أبا رجاء العطاردي » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٠٦
« أبو عمرو بن العلاء البصري » ت ١٥٤ هـ
عالم من أشهر
علماء القراءات ، واللغة ، والنحو ، شيخ القراء ، ومقرئ أهل البصرة ، وزعيم
المدرسة البصرية النحوية ، من أعلم الناس بالقرآن والعربية ، الحجة الثقة. هو زبان
بن العلاء بن العريان المازني التميمي البصري. قال « أبو عمرو الداني » : ولد «
أبو عمرو بن العلاء » بمكة المكرمة سنة ثمان وستين ونشأ بالبصرة ، ومات بالكوفة ،
وإليه انتهت الإمامة في القراءة بالبصرة ا هـ .
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قال « الذهبي » :
أخذ « أبو عمرو بن العلاء » القراءة عن : أهل الحجاز ، وأهل البصرة ، فعرض بمكة
على : « مجاهد بن جبر ، وسعيد بن جبير ، وعطاء بن
__________________
يسار ، وعكرمة بن
خالد ، وابن كثير » ، وعرض بالمدينة على « أبي جعفر يزيد بن القعقاع ، ويزيد بن
رومان ، وشيبة بن نصاح » ا هـ .
وروى « اليزيدي »
عن « أبي عمرو » قال : سمع « سعيد بن جبير » قراءتي فقال : الزم قراءتك هذه ا هـ .
وأقول : مما تقدم
تبين أن « أبا عمرو بن العلاء » قرأ على خلق كثير : بمكة المكرمة ، والمدينة
المنورة ، والكوفة ، والبصرة ، ويعتبر « أبو عمرو » أكثر القراء شيوخا ، أذكر منهم
:
أبا جعفر يزيد بن
القعقاع ت ١٢٨ هـ.
ويزيد بن رومان ت
١٢٠ هـ.
وشيبة بن نصاح ت
١٣٠ هـ.
ونافع بن أبي نعيم
ت ١٦٩ هـ.
وعبد الله بن كثير
ت ١٢٠ هـ.
ومجاهد بن جبر ت
١٠٤ هـ.
وأبا العالية رفيع
بن مهران.
وقرأ « أبو
العالية » شيخ أبي عمرو على :
عمر بن الخطاب ت
٢٣ هـ.
وأبيّ بن كعب ت ٣٠
هـ.
وزيد بن ثابت ت ٤٥
هـ.
وعبد الله بن عباس
ت ٦٨ هـ.
وقرأ كل من « زيد
بن ثابت ، وأبيّ بن كعب » على رسول الله صلى الله
__________________
عليه وسلم. من هذا
يتبين أن قراءة « أبي عمرو بن العلاء » صحيحة ، ومتواترة ، ومتصلة السند بالنبي
عليه الصلاة والسلام. ولا زال المسلمون حتى الآن يتلقون قراءة « أبي عمرو بن
العلاء » بالرضا والقبول ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
قال « الذهبي » :
قرأ على « أبي عمرو بن العلاء » خلق كثير منهم : « يحيى بن المبارك اليزيدي ، وعبد
الوارث التنوري ، وشجاع البلخي ، وعبد الله ابن المبارك ».
ثم قال : وأخذ عنه
القراءة ، والحديث ، والأدب : « أبو عبيدة معمر بن المثنى ، والأصمعي ، ويعلى بن
عبيد ، والعباس بن الفضل ، ومعاذ بن مسلم النحوي ، وهارون بن موسى ، وعبيد بن عقيل
» وآخرون .
وقال « الذهبي » :
حدث « أبو عمرو بن العلاء » عن : « أنس بن مالك ، وعطاء بن أبي رباح ، وأبي صالح
السمّان » .
وقال « ابن مجاهد
» : حدثني « جعفر بن محمد » عن « سفيان بن عيينة » قال : رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم فقلت : يا رسول الله قد اختلفت عليّ القراءات فبقراءة من تأمرني أن أقرأ؟
فقال : اقرأ بقراءة « أبي عمرو بن العلاء » .
وقال « وهب بن جرير
» : قال لي « شعبة » : تمسك بقراءة « أبي عمرو » فإنها ستصير للناس إسنادا ا هـ .
__________________
وقد احتل « أبو
عمرو بن العلاء » المكانة السامية بين جميع العلماء منذ عصره حتى الآن ، ولذلك
استوجب الثناء عليه : فعن « أبي عبيدة معمر بن المثنى » قال : كان « أبو عمرو »
أعلم الناس بالقرآن ، والعربية ، وأيام العرب ، والشعر ، وأيام الناس ا هـ .
وقال « وكيع » :
قدم « أبو عمرو بن العلاء » الكوفة ، فاجتمعوا إليه كما اجتمعوا على هشام بن عروة
ا هـ .
وقال « ابن معين »
: « أبو عمرو » ثقة. وقال « أبو عبيدة » كانت دفاتر « أبي عمرو » ملء بيت إلى
السقف ، ثم تنسك فأحرقها ، وكان من أشراف العرب ووجوههم ا هـ .
وقال « الأصمعي »
: قال لي « أبو عمرو » : لو تهيأ لي أن أفرغ ما في صدري في صدرك لفعلت ، لقد حفظت
في علم القرآن أشياء لو كتبت ما قدر « الأعمش » على حملها ا هـ .
وقال « الأصمعي »
: سمعت « أبا عمرو » يقول : ما رأيت أحدا قبلي أعلم مني ، ثم قال « الأصمعي » :
أنا لم أر بعد « أبي عمرو » أعلم منه ا هـ .
وروى « الأخفش »
قال : مرّ « الحسن » بأبي عمرو ، وحلقته متوافرة ، والناس عكوف ، فقال : من هذا؟
فقالوا : أبو عمرو ، فقال : لا إله إلا الله كادت العلماء أن تكون « أربابا » كل
عزّ لم يؤكد بالعلم فإلى ذلّ يؤول ا هـ .
__________________
وقال « الأصمعي »
: قال لي « أبو عمرو » : كن على حذر من الكريم إذا أهنته ومن اللئيم إذا أكرمته ،
ومن العاقل إذا أحرجته ، ومن الأحمق إذا مازحته ومن الفاجر إذا عاشرته ، وليس من
الأدب أن تجيب من لا يسألك ، أو تسأل من لا يجيبك ، أو تحدث من لا ينصت لك ا هـ .
توفي « أبو عمرو »
بالكوفة سنة أربع وخمسين من الهجرة ، بعد حياة كلها عمل في تعليم القرآن ، ولغة
العرب. رحم الله « أبا عمرو بن العلاء » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٠٧
« عمرو بن الصّباح » ت ٢٢١ هـ
هو : عمرو بن
الصباح بن صبيح ، أبو حفص البغدادي ، الضرير الضابط الحاذق.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « عمرو بن
الصباح » القرآن على خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « حفص ابن سليمان » أحد رواة
الإمام عاصم المشهورين. فقد أخذ عنه القرآن عرضا وسماعا. وقد روى أيضا عن « أبي
يوسف الأعشى ، عن أبي بكر » .
وقد قرأ على «
عمرو بن الصباح » عدد كثير منهم : « إبراهيم بن عبد الله السمسار ، والحسن بن
المبارك ، وزرعان بن أحمد ، وعبد الصمد بن محمد العينوني ، وعلي بن سعيد البزّار ،
وعلي بن محصن ، وأحمد بن موسى الصفّار ، وأحمد بن جبير ، ومحمد بن يزيد بن هارون »
وآخرون .
توفي « عمرو بن
الصباح » سنة إحدى وعشرين ومائتين من الهجرة. رحم الله « عمرو بن الصباح » رحمة
واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٠٨
« أبو عمر الدّوري » ت ٢٤٦ هـ
هو : حفص بن عمر
بن عبد العزيز بن صهبان بن عدي بن صهبان ، أبو عمر الدوري ، البغدادي الضرير ،
نزيل سامراء.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ونسبته إلى «
الدور » موضع ببغداد ، محلة بالجانب الشرقي. قال « الأهوازي » : رحل « الدوري » في
طلب القراءات ، وقرأ بسائر الحروف السبعة ، وسمع من ذلك شيئا كثيرا .
وقال « ابن الجزري
» : « أبو عمر الدوري » إمام القراءة ، وشيخ الناس في زمانه ، ثقة ، ثبت كبير ،
ضابط ، أول من جمع القراءات .
وقد أخذ « أبو عمر
الدوري » القراءات عن مشاهير علماء عصره : فقد قرأ على « إسماعيل بن جعفر عن نافع
، وعلى أخيه يعقوب بن جعفر عن بن جمّاز عن « أبي جعفر » وعن « سليم » عن « حمزة »
ومحمد بن سعدان عن حمزة ، وعلى الكسائي وغيرهم كثير .
__________________
وكما أخذ « أبو
عمر الدوري » القراءات على مشاهير العلماء ، فقد أخذ أيضا حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء : وفي هذا المعنى يقول « الذهبي » : وروى « أبو عمر الدوري »
عن « إسماعيل المؤدب ، وإبراهيم بن سليمان ، وإسماعيل بن عياش ، وسفيان بن عيينة ،
وأبي معاوية الضرير ، ويزيد ابن هارون ، كما روى عن « أحمد بن حنبل » وهو من
أقرانه » ا هـ .
وقد كان « أبو عمر
الدوري » مدرسة وحده ، ولنستمع إلى « الذهبي » وهو يقول : لقد طال عمر « أبي عمر
الدوري » وقصد من الآفاق ، وازدحم عليه الحذاق لعلو سنده وسعة علمه ا هـ .
كما تتلمذ على «
أبي عمر الدوري » عدد كثير. فقد روى القراءة عنه « أحمد بن حرب » شيخ المطوعي ،
وأحمد بن فرح بالحاء المهملة ، وأبو جعفر المفسّر المشهور ، وأحمد بن محمد بن
حمّاد ، وأحمد بن يزيد الحلواني ، وغيرهم كثير .
ويقول الذهبي : «
وحدّث عن أبي عمر الدوري ، ابن ماجة في سننه ، وأبو زرعة الرازي ، وحاجب أركين ،
ومحمد بن حامد ، وخلق كثير » .
ويقول « أبو داود
» : رأيت « أحمد بن حنبل » يكتب عن « أبي عمر الدوري » ا هـ .
توفي « أبو عمر
الدوري » سنة ستّ وأربعين ومائتين من الهجرة ، بعد حياة كلها عمل من أجل تعليم
القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله « أبا عمر الدوري » رحمة واسعة
وجزاه الله أفضل الجزاء. وقراءة « أبي عمر الدوري » لا زالت متواترة يتلقاها المسلمون
بالرضا والقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
__________________
رقم الترجمة / ٢٠٩
« عيسى بن وردان » ت في حدود ١٦٠ هـ
هو : عيسى بن
وردان ، أبو الحارث المدني الحذاء.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى : « عيسى بن
وردان » القرآن عن خيرة علماء عصره وفي مقدمتهم : « أبو جعفر يزيد بن القعقاع »
وهو من خيرة أصحابه المشهورين ، وأحد رواته المعروفين ولا زالت قراءة « ابن وردان
» يتلقاها المسلمون حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
كما عرض « ابن
وردان » القرآن على « شيبة بن نصاح ، ونافع بن أبي نعيم » وهو من قدماء أصحابه .
قال « ابن مجاهد »
: حدثنا « عبد الله بن محمد الحربي » حدثنا « أبو إبراهيم » حدثنا « زيد بن بشر »
الحضرمي ، حدثنا « ابن وهب » أخبرني « ابن زيد بن أسلم » قال : كان « أبي » يقول «
لعيسى بن وردان » : اقرأ على إخوتك .
وكان « ابن وردان
» من الثقات ، وصاحب سمعة طيبة ، وفي هذا المعنى
__________________
يقول « ابن الجزري
» : « ابن وردان » إمام مقرئ حاذق ، وراو محقق ضابط .
توفي « ابن وردان
» كما قال « ابن الجزري » في حدود الستين ومائة من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم
القرآن الكريم ، رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢١٠
« عيسى بن عمر الثقفي » ت ١٥٦ هـ
شيخ قراء الكوفة
بعد حمزة بن حبيب الزيات ، الثبت الثقة. هو : عيسى بن عمر الهمذاني ، الكوفي مولى
بني أسد. وهو غير « عيسى بن عمر الثقفي البصري النحوي ».
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قرأ « عيسى بن عمر
» على مشاهير علماء عصره ، منهم : « عاصم بن أبي النجود » إمام قراء الكوفة ، وهو
الإمام الخامس بالنسبة للأئمة العشرة ، الذين لا زالت قراءاتهم يقرأ بها حتى الآن.
كما قرأ على «
طلحة بن مصرف ، والأعمش ». وقرأ عليه عدد كثير ، منهم : « الكسائي » شيخ قراء
الكوفة ، وهو الإمام السابع ، وعبيد بن موسى ، وعبد الرحمن بن أبي حماد .
وروى الأحاديث عن
« عطاء بن أبي رباح ، وحمّاد ، وعمرو بن مرة » ، وغير هؤلاء كثير .
__________________
كما روى عنه « ابن
المبارك ، وأبو نعيم ، وخلاد بن يحيى ، ووكيع » .
وروى « عبد الرحمن
بن أبي حماد » عن « سفيان الثوري » حيث قال : أدركت الكوفة وما بها أحد أقرأ من «
عيسى الهمداني » .
وقال ابن معين : «
عيسى بن عمر الكوفي ، ثقة وصاحب حروف » .
وقال « أحمد بن
عبد الله العجلي » : « عيسى الهمداني » ثقة ورجل صالح ورأس في القرآن .
توفي « عيسى بن
عمر » سنة ست وخمسين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ورواياته ،
وتجويده. رحم الله « عيسى بن عمر » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢١١
« ابن غالب الأنماطي » ت ٢٥٤ هـ
هو : محمد بن غالب
، أبو جعفر ، الأنماطي ، البغدادي ، المقرئ.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « ابن غالب »
القراءة عن خيرة العلماء. فقد أخذ القراءة عرضا عن « شجاع » عن « أبي عمرو بن
العلاء » وهو أضبط أصحابه يقول « ابن الجزري » : قرأ « ابن غالب » على « شجاع »
عشر ختمات : ثلاثا بالادغام ، وسبعا بالاظهار.
وروى « ابن غالب »
القراءة أيضا عن « الأصمعي » عن « أبي عمرو » .
وقد تتلمذ على «
ابن غالب » عدد كثير ، وفي هذا المعنى يقول « الخطيب البغدادي » : « كان بمدينة
السلام ممن يقرئ بقراءة « أبي عمرو » جماعة ، منهم : « أبو جعفر محمد بن غالب » ،
صاحب « شجاع بن أبي نصر » وقرأ عليه بها جماعة منهم « الحسن بن حباب بن مخلد
الدقاق » و « نصر بن القاسم الفارضي ، ومحمد بن هارون الأنصاري » وخلق كثير » .
__________________
وكان « ابن غالب »
من الزهاد الصالحين ، وفي هذا المعنى يقول « ابن المبارك » : كان « ابن غالب رجلا
صالحا ا هـ .
ويقول « الخطيب
البغدادي » : بلغني عن « أبي بكر بن محمد بن الحسن ابن زياد النقاش » قال : كان «
محمد بن غالب » رجلا صالحا ورعا ينادي فيكسب في اليوم القيراط أو الأكثر ، قال :
فبلغني أن بعض أصحابه جاءه في يوم « وحل وطين » فقال له : « متى أشكرها بين
الرجلين اللتين تعبتا إليّ في مثل هذا اليوم لتكسباني الثواب؟ ثم قام بنفسه فاستقى
له الماء وغسل رجليه » .
توفي « ابن غالب »
يوم الأربعاء بعد العصر سنة أربع وخمسين ومائتين ببغداد. رحم الله « ابن غالب »
رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢١٢
« ابن غالب الصّيرفيّ »
هو : محمد بن غالب
، أبو جعفر الصيرفي ، الكوفي ، مقرئ متصدر للاقراء.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « الصيرفي »
القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو يوسف الأعشى » عن « أبي بكر بن
عياش » .
وقد تلقى على «
الصيرفي » القراءة « علي بن الحسن التميمي » .
قال « الداني » :
وكان شيخنا « أبو الفتح » يضنّ برواية « محمد بن غالب الصيرفي » ولا يمكن أحدا
منها لغرابتها ، وصحة طريقها ، وسألته أن يقرئنيها فأخذها عليه وقرأت عليه بها
القرآن كله ، وما أعلم أحدا ممن قرأ عليه من أصحابه قرأ بها عليه ، ولا مكنه منها
ا هـ .
توفي « الصيرفي »
إلى رحمة الله ، ولم يذكر أحد تاريخ وفاته. رحم الله « الصيرفي » رحمة واسعة وجزاه
الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢١٣
« غزوان بن القاسم » ت ٣٨٦ هـ
هو : غزوان بن
القاسم بن علي بن غزوان ، أبو عمرو المازني ، نزيل ، مصر ، مقرئ حاذق محرر.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « غزوان » سنة
اثنتين وتسعين ومائتين من الهجرة.
أخذ « غزوان »
القراءة وحروف القرآن عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « ابن مجاهد ، وأبو الحسن
بن شنبوذ ، ومحمد بن سلمة العثماني ، وأحمد بن محمد ابن محمد بن بسام » .
تصدر « غزوان »
لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ، ومن الذين
أخذوا عنه : اسماعيل بن عمرو الحداد ، وأبو بكر محمد ابن الحسن الطحان .
احتل « غزوان »
مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الإمام أبو عمرو
الداني » ت ٤٤٤ هـ : كان غزوان ماهرا ضابطا شديد الأخذ واسع الرواية حافظا للحروف
ا هـ .
__________________
توفي « غزوان »
بمصر بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، وذلك سنة ست وثمانين وثلاثمائة من الهجرة
وعهد أن يصلي عليه الشيخ أبو أحمد السامرائي ، رحم الله « غزوان » رحمة واسعة ،
وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ٢١٤
« غلام السّبّاك » ت ٣٤٥ هـ
هو : أحمد بن
عثمان بن الفضل بن بكر الربعي البغدادي المعروف بغلام السّباك.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « غلام السباك
» القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « الحسن بن الحباب ، والحسن بن الحسين
الصواف » .
رحل « غلام السباك
» من بغداد إلى « دمشق » ثم تصدر لتعليم القرآن الكريم ، فأقبل عليه طلاب العلم
وتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : « تمام الرازي ، وعلي بن داود الداراني ، وعبد
القاهر الجوهري ، وعبد الرحمن بن أبي نصر » وغير هؤلاء .
ذكر المؤرخون أن «
غلام السباك » كان مستجاب الدعوة ، ودليل ذلك أنه أصيب بمرض تسبب عنه ثقل سمعه ،
فشق عليه ذلك ، فسأل الله تعالى أن يرد عليه سمعه فاستجاب الله تعالى له دعاءه ورد
عليه سمعه .
توفي « غلام
السباك » سنة خمس وأربعين وثلاثمائة من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن
الكريم. رحم الله « غلام السباك » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢١٥
« أبو الفتح بن بدهن » ت ٣٥٩ هـ
هو : أحمد بن عبد
العزيز بن موسى بن عيسى أبو الفتح الخوارزمي الأصل ثم البغدادي نزيل مصر ، يعرف «
بابن بدهن » قارئ مشهور عارف ، اجتمع له حسن الأداء وحسن الصوت.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
« أخذ « أبو الفتح
بن بدهن » القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم : أحمد ابن سهل الأشناني ، وسعيد
بن عبد الرحيم الضرير ، ومحمد بن موسى الزينبي ، وأبو الحسن بن الأخرم ، وابن
مجاهد ، وهو أحذق أصحابه ، كما روى حروف القراءات عن « العباس بن أحمد » صاحب
البزي أحد الرواة المشهورين عن « ابن كثير » المكي » .
تصدر « أبو الفتح
بن بدهن » لتعليم القرآن ، واشتهر بالصدق وصحة القراءة ، وأقبل عليه طلاب العلم ،
فتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : عبيد الله بن عمر القيسي ، ومحمد بن الحسن
بن النعمان ، وعبد المنعم بن غلبون الأنطاكي ، والخضر ابن أحمد » وغير هؤلاء .
احتل « أبو الفتح
بن بدهن » مكانة سامية ومرموقة ، مما استوجب الثناء
__________________
عليه ، وفي ذلك
يقول « الحافظ الذهبي » « كان « أبو الفتح بن بدهن » من أطيب الناس صوتا بالقرآن ،
وأفصحهم أداء ، وحذق ، ومهر ، وطال عمره واشتهر ، وحدث عن « إبراهيم بن عبد الله
المخزومي » ا هـ .
توفي « أبو الفتح
بن بدهن » ببيت المقدس سنة تسع وخمسين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم
القرآن الكريم رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢١٦
« أبو الفتح الموصلي » ت ٢٥٠ هـ
هو : عامر بن عمر
بن صالح أبو الفتح الموصلي ، مقرئ حاذق ، قاضي « الموصل » وصاحب « اليزيدي ،
والعباس بن الفضل الأنصاري »
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو الفتح
الموصلي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي هذا المعنى يقول « ابن الجزري » أخذ « أبو
الفتح الموصلي » القراءة عن « اليزيدي » وله عنه نسخة ، وعن « العباس بن الفضل
الأنصاري »
قال « أحمد بن
سمعويه » : قرأ « أبو الفتح الموصلي » على « اليزيدي » ختمتين باختيار « أبي عمرو
بن العلاء »
وقد أخذ القراءة
عن « أبي الفتح الموصلي » عدد كثير منهم : « أحمد بن سمعويه ، وأبو الحسن محمد بن
السرّاج ، وأبو العباس أحمد بن مسعود السراج ، وعيسى بن رصاص ، وموسى بن حاتم بن
جمهور ، ومحمد بن الحسين الموصلي » وآخرون
توفي « أبو الفتح
الموصلي » سنة خمسين ومائتين من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢١٧
« أبو الفرج الشنبوذي » ت ٣٨٨ هـ
هو : محمد بن أحمد
بن إبراهيم بن يوسف بن العباس بن ميمون أبو الفرج الشنبوذي البغدادي غلام ابن
شنبوذ.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « أبو الفرج
الشنبوذي » سنة ثلاثمائة من الهجرة ، شغف « أبو الفرج الشنبوذي » في الترحال إلى
طلب العلم ، فجاب الأقطار ، وسمع من العلماء ، وأخذ حروف القرآن. حول هذا المعنى
يقول « الإمام ابن الجزري » : « رحل أبو الفرج الشنبوذي » ولقي الشيوخ وأكثر
وتبحّر في التفسير ا هـ .
أخذ « أبو الفرج
الشنبوذي » حروف القرآن عن عدد كبير من خيرة العلماء ، وذكر المؤرخون من شيوخه
الكثير وفي هذا يقول « الإمام ابن الجزري » : « أخذ القراءة عرضا عن : أبي بكر بن
مجاهد ، وأبي بكر النقاش ، وأبي بكر بن أحمد بن حماد ، وأبي الحسن بن الأخرم ،
وإبراهيم بن محمد الماوردي ، ومحمد بن جعفر الحربي ، وأحمد بن محمد بن اسماعيل الأدمي
، ومحمد بن هارون التمار ، وأبي
__________________
الحسن بن شنبوذ ، وإليه
نسب لكثرة ملازمته له ، ومحمد بن موسى الزينبي وموسى ابن عبد الله الخاقاني »
وغيرهم كثير .
منح الله سبحانه
وتعالى « أبا الفرج الشنبوذي » ذاكرة قوية حافظة ، فحفظ الكثير ، وتعلم الكثير ،
وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « سمعت « أبا الفضل عبيد الله بن أحمد بن علي
الصيرفيّ » يذكر « أبا الفرج الشنبوذي » فعظم أمره ووصف علمه بالقراءات ، وحفظه
للتفسير ، وقال : سمعته يقول : أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقراءات » ا هـ
.
من هذا يتبين بما
لا يدع مجالا للشك بأن « أبا الفرج الشنبوذي » كان واسع العلم كثير المعرفة ، وقد
شهد بذلك العلماء ، قال « عبد العزيز بن علي المالكي » :
دخل « أبو الفرج »
غلام « ابن شنبوذ » على « عضد الدولة » زائرا فقال له : يا أبا الفرج ، إن الله
يقول : ( يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ
أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ) ونرى العسل يأكله المحرور فيتأذى به ، والله الصادق في
قوله؟ قال : أصلح الله الملك ، إن الله لم يقل فيه الشفاء للناس بالألف واللام
الذين يدخلان لاستيفاء الجنس ، وإنما ذكره منكرا فمعناه فيه شفاء لبعض الناس دون
بعض .
وأقول : لقد ثبت
بما لا يدع مجالا للشك بعد تجارب متعددة قام بها العلماء المختصون بأن عسل النحل
قاتل للجراثيم قاهر لها ، ولم ينتبه الكثيرون إلى ذلك إلا خلال القرن الحالي حيث
بدأت الأخبار ترد من أنحاء العالم وهي تفيد بأن عسل النحل فيه كثير من أعاجيب الطب
الوقائي ، والعلاجي.
__________________
يقول أحد الأطباء
: إن عسل النحل يعتبر سلاح الطبيب في كثير من الأمراض ، فهو ضد التسمم الناشئ من
أمراض الجسم ، مثل التسمم البولي الناتج من أمراض الكبد ، والمعد ، والأمعاء ، وهو
مفيد في الالتهاب الرئوي ، والسحائي وفي حالات الذبحة الصدرية وفي الارتشاحات
الناشئة من التهاب الكلي الحاد.
كما أن عسل النحل
مفيد للجروح والحروق وهو مطهر ومضاد للفساد والعفونة فسبحان القائل : ( يَخْرُجُ
مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ).
تصدر أبو الفرج
الشنبوذي لتعليم القرآن وحروفه واشتهر بالصدق وجودة الحفظ والثقة وأقبل عليه حفاظ
القرآن ، يقول الامام « ابن الجزري » : قرأ عليه « أبو علي الأهوازي ، وأبو طاهر
محمد بن ياسين الحلبي ، والهيثم بن أحمد الصباغ ، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي
، ومحمد بن الحسين الكارزيني ، وعبد الله بن محمد بن مكي السواق ، وعلي بن القاسم
الخياط ، وأبو علي الرهاوي ، وعبد الملك ابن عبدويه ، ومنصور بن أحمد العراقي ،
وعثمان بن علي الدلال ، وعلي بن محمد الجوزداني » ، وغير هؤلاء كثير .
لقد كان لأبي
الفرج الشنبوذي الأثر الواضح والمؤثر في كثير من الجوانب العلمية وهي متعددة من
ذلك أنه ترك بعض المصنفات العلمية المتصلة بالقراءات القرآنية ، مثال ذلك كتاب في
القراءات وكتاب فيما خالف فيه ابن كثير المكي أبا عمرو البصري وغير ذلك .
__________________
احتل « أبو الفرج
الشنبوذي » مكانة سامية ومرموقة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا
يقول الحافظ « الذهبي » : « وأكثر « أبو الفرج » الترحال في طلب القراءات وتبحّر
فيها واشتهر اسمه وطال عمره » ا هـ .
وقال الامام « أبو
عمرو الداني » : « أبو الفرج الشنبوذي » عالم مشهور نبيل حافظ ماهر حاذق كان يتجول
في البلدان ا هـ .
وقال « عبد الرحمن
بن عبد الله » : كنت أجلس إلى الشنبوذي أسمع منه التفسير وكان من أعلم الناس به ،
سمعت « فارس بن أحمد » يقول : قدم علينا « الشنبوذي » « حمص » فقال لنا : كيف يقف
الكسائي علي قوله تعالى : ( تَراءَا الْجَمْعانِ ) فقلنا الفائدة من الشيخ أعزه الله. قال : يقف ( تراءى ) وأمالها ا هـ .
وقال « الإمام ابن
الجزري » : أبو الفرج الشنبوذي أستاذ من أئمة القراءات ، رحل ولقي الشيوخ وأكثر
وتبحّر في التفسير واشتهر اسمه وطال عمره مع علم بعلل القراءات ا هـ .
توفي « أبو الفرج
» سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة ، رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢١٨
« الفضل بن مخلد »
هو : الفضل بن
مخلد بن عبد الله بن زريق أبو العباس البغدادي ، يعرف بفضلان الدقاق الأعرج.
أخذ « الفضل بن
مخلد » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو حمدون الطيب » وهو من أجل
أصحابه ، و « محمد بن غالب » وأبو أيوب الخياط ، وعبيد بن عبد الله الضرير وغيرهم
كثير .
تصدّر « ابن مخلد
» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أبو الحسن ابن المنادي ، وأبو
الحسن بن شنبوذ ، ومدين بن شعيب ، ومحمد بن إسحاق البخاري » كما روى القراءة عنه «
أبو بكر بن مجاهد » وغير هؤلاء كثير .
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وكما أخذ « ابن
مخلد » القراءة عن خيرة العلماء ، أخذ أيضا حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو حمدون المقرئ ، وداود ابن صغير
البخاري » وغيرهما .
وتصدر « ابن مخلد
» أيضا لرواية حديث الهادي البشير عليه الصلاة والسلام
__________________
فتتلمذ عليه
الكثيرون منهم : « أبو الحسين بن المنادي ، وجعفر الخلدي » وغيرهما .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « ابن مخلد » رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢١٩
« أبو الفضل النيسابوري » ت ٣٣٩ هـ
هو : جعفر بن
حمدان بن سليمان أبو الفضل بن أبي داود النيسابوري المؤدّب نزيل دمشق ، ضابط
مشهور.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو الفضل
النيسابوري » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : هارون الأخفش ، وكان من
حذاق أصحابه.
تصدر « أبو الفضل
النيسابوري » لتعليم القرآن ، فتتلمذ عليه عدد كثير منهم : عبد الله بن عطية ،
وأبو بكر محمد بن أحمد الجبني ، ومحمد بن الحسين الديبچلي ، ومحمد بن عبيد بن
الخليل ، وروى عنه الحديث « أبو الحسن علي بن عمر الدار قطني » ا هـ .
توفي « أبو الفضل
النيسابوري » سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي صلىاللهعليهوسلم ، رحمهالله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٢٠
« ابن فليح » توفي في حدود ٢٥٠ هـ
هو : عبد الوهاب
بن فليح بن رياح أبو إسحاق المكي ، إمام أهل مكة في القراءة في زمانه.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة من حفاظ القرآن.
وقد تلقى « ابن فليح
» القراءة عن مشاهير علماء عصره : فقد أخذ القراءة عرضا وسماعا عن « داود بن شبل ،
ومحمد بن سبعون ، ومحمد بن بزيع ، وعبد الملك بن شعوة ، وشعيب بن أبي مرّة ، ومحمد
بن عبد الله الخالدي ، وعدد كثير من شيوخ أهل مكة يبلغون ثمانين نفسا » .
وقد جلس « ابن
فليح » للاقراء ، فقرأ عليه عدد كثيرون ، منهم : « إسحاق ابن أحمد الخزاعي ،
والحسين بن محمد الحدّاد. ومحمد بن عمران الدينوري ، وعبد الوهاب بن محمد بن هاشم .
كما روى عنه
الحديث ، « محمد بن أحمد الشطوي ، ومحمد بن هارون الازدي ، ويحيى بن محمد بن صاعد
» وآخرون .
وكان « ابن فليح »
من العلماء العاملين الذي يتمتعون بالسيرة الحسنة يقول عنه ابن أبي حاتم : أبي روى
عن « ابن فليح » وقال : هو صدوق .
توفي « ابن فليح »
في حدود الخمسين ومائتين. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٢١
« القاسم بن أحمد الخياط » ت ٢٩١ هـ
هو : القاسم بن
أحمد بن يوسف بن يزيد أبو محمد التميمي الخياط الكوفي ، إمام في قراءة عاصم ، حاذق
ثقة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن.
كما ذكره « ابن
الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « القاسم أبو
محمد الخياط » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « محمد بن حبيب الشموني ».
وقد تصدر « القاسم
» للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « ابنه عبد الله ، وسعيد بن عبد الله
الإسكافي ، وعلي بن الحسن ، ومحمد بن الخليل بن أبي أمية ، ومحمد بن عبد الله
الكسائي ، وجعفر بن عنبسة النحوي ، والفضل بن مرثد ، ومحمد ابن شنبوذ ، ومحمد بن
الحسن النقاش » وآخرون .
قال « محمد بن عبد
الله الكسائي » : كنت أقرأ برواية « عاصم » رواية « عبد الجبار بن محمد العطار »
فلما سمعت إجماع الناس على تفضيل « القاسم الخياط » ورأيت ذوي الأسنان وأهل
المعرفة يقرءون عليه لازمته حتى قرأت عليه ، وأتقنت قراءته ا هـ .
__________________
وقال « الحسن بن
داود النقّار » قرأت على « القاسم » أربعين ختمة ، وسمعت إجماع الناس على تفضيله ا
هـ .
قال « الخطيب
البغدادي » : توفي « القاسم الخياط » غداة الجمعة لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة
إحدى وتسعين ومائتين. رحم الله « القاسم الخياط » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٢٢
« أبو القاسم النخاس » ت ٣٦٨ هـ
هو : عبد الله بن
الحسن بن سليمان أبو القاسم البغدادي المعروف بالنخاس بالمعجمة مقرئ ثقة مشهور
ماهر.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد أبو « القاسم
النخاس » سنة تسعين ومائتين.
أخذ « أبو القاسم
النخاس » القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم : « محمد ابن هارون التمار » صاحب
« رويس » .
تصدر « أبو القاسم
النخاس » لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسّلام. واشتهر بالثقة والأمانة
والضبط وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن. وتتلمذ عليه الكثيرون. ومن الذين
أخذوا عنه القرآن : محمد بن الحسن الكارزيني ، وأبو الحسن الحمامي ، وأبو العلاء
محمد بن علي الواسطي ، وأبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد الحداد ، وأبو الحسن العلاف
، وأبو الفضل الخزاعي ، وعلي بن محمد الخباز وآخرون .
وأخذ « أبو القاسم
النخاس » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن عدد من
__________________
العلماء ، وفي هذا
يقول « الخطيب البغدادي » : « سمع « أبو القاسم النخاس » : أحمد بن عبد الجبار
الصوفي ، وعبد الله بن محمد بن ناجية ، وموسى بن سهل الجونيّ ، وأحمد بن عمر بن
زنجويه ، والحسن بن محمد بن عنبر ، وأبا القاسم البغوي ، وأبا بكر بن أبي داود ،
ومحمد بن اسماعيل البصلاني ، وأبا سعيد العدوي ، وأبا بكر بن العلاف الشاعر ، ومحمد
بن الحسين بن حميد بن الربعي .
وقد روى حديث الهادي
البشير صلىاللهعليهوسلم عنه عدد كثير.
وفي هذا يقول «
الخطيب البغدادي » : روى عنه أبو بكر بن مجاهد المقرئ وحدثنا عنه الحسن بن الحمامي
، وأبو بكر البرقاني ، وأحمد بن محمد الكاتب ، وعمر بن إبراهيم الفقيه .
اشتهر « أبو
القاسم النخاس » بالثقة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه. وفي هذا يقول «
الخطيب البغدادي » : حدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال : « كان « أبو القاسم عبد
الله بن النخاس » من أهل القرآن والفضل والخير والستر والعقل الحسن والمذهب الجميل
والثقة ثم قال : ما رأيت من الشيوخ مثله » .
وقال عنه الإمام «
ابن الجزري » : « أبو القاسم النخاس » مقرئ مشهور ثقة ماهر متصدر » ا هـ . توفي « أبو القاسم النخاس » يوم السبت لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة ثمان
وستين وثلاثمائة من الهجرة ، رحمهالله رحمة واسعة. وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٢٣
« القاسم المطرّز » ت ٣٠٥ هـ
هو : القاسم بن
زكريا بن عيسى أبو بكر البغدادي المطرز.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ المطرف
القراءة وحروف القرآن عن خيرة العلماء منهم : « أبو عمر الدوري ، وأبو حمدون ،
والقاسم بن يزيد الوزّان » ، وآخرون.
وقد اشتهر «
المطرز » بالاقراء ، والضبط ، فتلقى عليه الكثيرون القرآن الكريم ، منهم ، « أبو
بكر بن مجاهد ، وعبد الواحد بن أبي هاشم ، وأحمد بن عبد الرحمن بن الفضل ، وعليّ
بن الحسين الغضائري شيخ الأهوازي » وغيرهم كثير .
وقد بلغ « المطرز
» مكانة سامية مما استوجب ثناء العلماء عليه. وفي هذا المعنى يقول « الذهبي » :
كان « المطرز » ثقة ، حجة ، إماما ، مصنفا ، أثنى عليه « الدار قطني » وغيره ا هـ .
وقد سمع « المطرز
» حديث الرسول صلىاللهعليهوسلم من خيرة العلماء
__________________
منهم : « عمران بن
موسى القزاز ، وسويد بن سعيد ، ومحمد بن عبد الأعلى ، وبشر بن خالد ، ومحمد بن
الصباح الجرجرائي ، وإسحاق بن موسى ، وهارون بن حاتم الكوفي ، وإبراهيم بن سعيد
الجوهري ، وأبو كريب محمد بن العلاء » وآخرون .
وكما اشتهر «
المطرز » بتعليم القرآن ، اشتهر أيضا برواية حديث النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد
أخذ عنه الحديث عدد كثير منهم : « أبو الحسين بن المنادي ، وعبد العزيز بن جعفر
الخرقي ، ومحمد بن خلف بن جيان الخلاّل ، ومحمد ابن المظفر ، وأبو حفص بن الزيّات
» وغير هؤلاء كثير .
توفي « المطرز »
يوم السبت ودفن يوم الأحد لسبع عشرة خلون من « صفر » سنة خمس وثلاثمائة ودفن في
مقابر « باب الكوفة ». رحم الله « المطرز » رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٢٤
« قالون » ت ٢٢٠ هـ
الإمام ، الحجة ،
صاحب الكرامة الكبرى ، معلم القرآن ومجوّده ، الثبت الثقة.
هو عيسى بن مينا
بن وردان ، مولى بني زهرة الملقب بقالون ، وقالون بلغة الرومية جيّد ، وكان «
قالون » ربيب الإمام نافع قارئ المدينة والإمام الأول بالنسبة للقراء ، وقد اهتم «
نافع » بقالون اهتماما عظيما ، وهو سماه « قالون » لجودة قراءته.
وقد تلقى « قالون
» القراءة على شيخه « نافع ».
يقول « ابن الجزري
» : قرأت على أحمد بن محمد الشيرازي عن علي بن أحمد ، أن « قالون » قال : كان نافع
إذا قرأت عليه يعقد لي ثلاثين ـ أي يجعلني أقرأ في اليوم ثلاثين آية ، ثم يقول لي
قالون يعني جيّدا جيّدا بالروميّة .
قال « عبد الله بن
عليّ » : إنما كان يكلمه بذلك لأن « قالون » أصله من « الروم » كان جد جدّه « عبد
الله » من سبي الروم من أيام « عمر بن الخطاب » رضياللهعنه. فقدم به من أسره وباعه فاشتراه بعض الأنصار ، فهو مولى «
محمد بن محمد بن فيروز » .
__________________
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد ولد « قالون »
سنة عشرين ومائة من الهجرة.
وقرأ على « نافع »
سنة خمسين.
يقول « قالون » :
قرأت على « نافع » قراءته غير مرّة ، وكتبتها في كتابي .
وقال « النقاش » :
قيل لقالون : كم قرأت على « نافع » قال ما لا أحصيه كثرة إلا أني جالسته بعد
الفراغ عشرين سنة .
يقول « ابن الجزري
» : أخذ « قالون » القراءة عرضا عن « نافع » وعرض أيضا على « عيسى بن وردان ».
ومما تجدر الإشارة
إليه أن قراءة قالون اشتهرت في الأمصار ، ولا زال المسلمون يتلقونها بالرضا
والقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. ونظرا لشهرة
قراءة « قالون » بين المسلمين فقد طبعت المصاحف بروايته تيسيرا على القراء.
ولا زال المصحف
المطبوع برواية « قالون » يوزع على أبناء المسلمين وبخاصة في « ليبيا » حتى الآن.
ومن أصول قراءة «
قالون » أنه يقرأ بصلة ميم الجمع إذا وقعت قبل متحرك ، كما يقرأ الهمزتين من كلمة
نحو قوله تعالى : ( سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ ) بتسهيل
__________________
الهمزة الثانية
بينها وبين حركتها مع إدخال ألف بين الهمزتين ، وأصول قراءة « قالون » مدونة في
المصنفات المعنية بذلك ، بل هناك مصنفات خاصة برواية « قالون ».
ولقد كان « قالون
» مدرسة وحده في تعليم القرآن الكريم فقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم : ولداه :
إبراهيم وأحمد ، وإبراهيم بن الحسين الكسائي ، وإبراهيم ابن محمد المدني ، وأحمد
بن صالح المصري ، وأحمد بن يزيد الحلواني ، وإسماعيل ابن إسحاق القاضي ، والحسن بن
علي الشحّام ، والحسين بن عبد الله المعلم ، وآخرون.
ومن عجيب ما يحكى
أن « قالون » كان أصمّ بحيث لا يسمع شيئا قط من الحديث العام ، ولكنه مع ذلك كان
إذا استمع لقارئ القرآن فإنه بفضل من الله تعالى يدرك الخطأ الذي يقع فيه القارئ
فيسارع إلى تصحيح الخطإ له ، والدليل على ذلك الخبر التالي : يقول « ابن الجزري »
: قرأت على « أحمد بن محمد بن الحسين » عن « علي بن أحمد بن عبد الواحد » عن « أبي
اليمن » قال : حدثني أبو محمد البغدادي قال : كان « قالون » أصمّ لا يسمع البوق ،
وكان إذا قرأ عليه قارئ فإنه يسمعه ا هـ .
وقال « ابن أبي
حاتم » : كان « قالون » أصمّ يقرئ القرآن ويفهم خطأهم ولحنهم بالشفة » ا هـ .
ويقول « علي بن
الحسن » : كان « قالون » شديد الصمم ، فلو رفعت صوتك لا إلى غاية لا يسمع ، فكان
ينظر إلى شفتي القارئ فيردّ عليه اللحن والخطأ .
__________________
ومما لا شك فيه أن
نعم الله على عباده المؤمنين ، وبخاصة المشتغلين بتعليم القرآن لا يحصيها عدّ.
ومما جاء فضل أهل
القرآن الحديثان التاليان : فعن « أبي ذرّ » رضياللهعنه قال : قلت : يا رسول الله أوصني ، قال : عليك بتقوى الله
فإنه رأس الأمر كله ، قلت : يا رسول الله زدني ، قال : عليك بتلاوة القرآن فإنه
نور لك في الارض ، وذخر لك في السماء ا هـ .
وعن « جابر » رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : « القرآن شافع مشفع ، وما حل مصدّق ، من جعله إمامه قاده إلى الجنة ، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار » .
ومع أن « قالون »
من المشتغلين بالقرآن الكريم ، إلا أنه مع ذلك كان له اهتمام أيضا بالحديث النبوي
الشريف ، فقد أخذ الحديث عن « إسماعيل القاضي ، وموسى بن إسحاق الأنصاري ، وأبي
زرعة الرازي » ، وغير هؤلاء كثير.
توفي « قالون »
سنة عشرين ومائتين وله نيّف وثمانون سنة. رحمهالله « قالون » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٢٥
« قتيبة بن مهران » ت بعد سنة ٢٠٠ هـ
هو : قتيبة بن
مهران أبو عبد الرحمن الأصبهاني.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى « قتيبة
» القرآن على مشاهير علماء عصره ، وفي هذا المعنى يقول « ابن الجزري » : أخذ «
قتيبة » القراءة عرضا وسماعا عن « الكسائي ، وسليمان بن مسلم بن جماز ، وإسماعيل
بن جعفر » ا هـ .
وقال « قتيبة » عن
نفسه : قرأت القرآن من أوله إلى آخره على الكسائي ، وقرأ « الكسائي » القرآن من
أوله إلى آخره عليّ ا هـ.
وقال أيضا : «
صحبت « الكسائي » إحدى وخمسين سنة وشاركته في عامة أصحابه » ا هـ.
وفي رواية : قال :
« قرأت على أبي الحسن الكسائي نيّفا وعشرين ختمة ، وصاحبته نيّفا وعشرين سنة ».
وقال أيضا : «
قرأت على الكسائي اختياره ، وقرأ الكسائي عليّ قراءة أهل المدينة » ا هـ .
__________________
وقد جلس « قتيبة »
للاقراء فتلقى عليه عدد كثير منهم : « أبو معشر يونس بن حبيب ، وأحمد بن محمد بن
حوثرة ، والعباس بن الوليد ، والعباس بن الفضل ، وبشر بن إبراهيم ، وزهير بن أحمد
الزهراني ، وخلف بن هشام » وغيرهم كثير .
كما أخذ « قتيبة »
الحديث عن مشاهير علماء عصره منهم : « شعبة ، والليث ابن سعد ، وأبو معشر السندي »
وجماعة.
كما أخذ عن «
قتيبة » جماعة منهم : يونس بن حبيب ، وعقيل ابن يحيى ، وإسماعيل بن يزيد القطان
الأصبهاني .
قال « الحافظ أبو
العلاء الهمذاني » في مفردة قراءة « الكسائي » بعد إسناده رواة « قتيبة » عنه : «
هذه رواية جليلة ، وإسناد صحيح ، وهي من أجلّ الروايات عن « الكسائي » وأعلاها ،
وأحقّها بالتقديم ، وأولاها » ا هـ .
وقد اشتهر « قتيبة
» بالضبط والاتقان ، وإليه انتهت رئاسة الاقراء بأصبهان وقد أثنى عليه الكثيرون ،
وفي هذا المعنى يقول « ابن الجزري » : كان « قتيبة » إماما جليلا نبيلا متقنا ،
أثنى عليه « يونس بن حبيب » وقال : كان من خيار الناس ، وكان مقرئ « أصبهان » في
وقته ا هـ .
توفى « قتيبة »
بعد المائتين بقليل ، رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٢٦
« قنبل » ت ٢٩١ هـ
هو : محمد بن عبد
الرحمن بن خالد بن سعيد بن جرجة ، أبو عمرو المخزومي مولاهم المكي الملقب بقنبل
شيخ القراء بالحجاز.
وقد اختلف في سبب
تلقيبه « قنبلا ».
فقيل : لأنه من
بيت بمكة يقال لهم القنابلة.
وقيل : لاستعماله
دواء يقال له : قنبيل معروف لدى الصيادلة ، فلما أكثر منه عرف به ، وحذفت الياء
تخفيفا.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « قنبل » سنة
خمس وتسعين ومائة هجرية.
وأخذ القراءة عرضا
عن خيرة علماء عصره في مقدمتهم : « أحمد بن محمد بن عون النبّال » وهو الذي خلفه
في القيام بالقراءة بمكة المكرمة ، وإليه انتهت رئاسة الاقراء بالحجاز.
كما أخذ « قنبل »
القراءة أيضا عن « البزّي » و « قنبل ، والبزّي » هما الراويان المشهوران في قراءة
« ابن كثير » المكي الإمام الثاني بالنسبة لأئمة القراءات.
__________________
ولا زالت قراءة كل
من « قنبل ، والبزّي » يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها
وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
وقد اشتهر « قنبل
» بالضبط ، والتقوى ، والصلاح ، فرحل الناس إليه من الأقطار لأخذ القراءة عنه ،
فقرأ عليه الكثيرون منهم : « أبو ربيعة محمد بن إسحاق » وهو أجلّ أصحابه ، ومحمد
بن عبد العزيز بن عبد الله بن الصباح ، وإسحاق بن أحمد الخزاعي ، وأحمد بن موسى بن
مجاهد ، ومحمد بن أحمد بن شنبوذ ، ومحمد بن موسى الزينبي ، وإبراهيم بن عبد الرزاق
الأنطاكي » ، وغير هؤلاء كثير .
قال « أبو عبد
الله القصّاع » : كان « قنبل » على الشرطة بمكة المكرمة ، لأنه كان لا يليها إلا
رجل من أهل الفضل والخير ، والصلاح ، ليكون لما يأتيه من الحدود ، والأحكام ، على
الصواب ، فولوها « لقنبل » لعلمه ، وفضله عندهم .
وقد طعن « قنبل »
في السنّ وتوفي سنة إحدى وتسعين ومائتين من الهجرة عن ستّ وتسعين سنة. رحم الله «
قنبلا » رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٢٧
« الليث بن خالد » ت ٢٤٠ هـ
هو : الليث بن
خالد ، أبو الحارث البغدادي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « الليث بن
خالد » القرآن عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « الكسائي » وهو من جلة
أصحابه.
كما روى الحروف عن
« حمزة بن القاسم الأحول » وعن « اليزيدي » .
وقد تتلمذ على «
الليث » الكثيرون منهم : « سلمة بن عاصم » صاحب الفراء ، ومحمد بن يحيى الكسائي
الصغير ، والفضل بن شاذان ، ويعقوب بن أحمد التركماني » .
توفي « الليث »
سنة أربعين ومائتين من الهجرة. رحم الله « الليث » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٢٨
« مجاهد بن جبر » ت ١٠٢ هـ
شيخ القراء ،
وصاحب التأويل والتفسير وإمام عصره.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من علماء القراءات. كما ذكره « ابن الجزري » ت
٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « مجاهد بن
جبر » القرآن ، والتفسير عن « ابن عباس » رضياللهعنه.
قال « الأنصاري »
حدثنا « الفضل بن ميمون » قال : سمعت « مجاهدا » يقول : عرضت القرآن على « ابن
عباس » ثلاثين مرة ا هـ .
وروى « ابن إسحاق
» عن « مجاهد » قال : عرضت « القرآن » ثلاث عرضات على ابن عباس أقفه عند كل آية ،
أسأله فيم نزلت ، وكيف نزلت .
وقال « محمد بن
عبد الله بن عبد الحكيم » : حدثنا « الشافعي » عن « شبل ابن عبّاد » قال : قرأت
على « ابن كثير » وأخبره « ابن كثير » أنه قرأ على
__________________
« مجاهد » وقرأ «
مجاهد » على « ابن عباس » ا هـ .
قال « الذهبي » :
وأخذ « مجاهد » الفقه عن « أبي هريرة ، وعائشة ، وسعد ابن أبي وقاص ، وعبد الله بن
عمرو ، وابن عمر ، ورافع بن خديج ، وجابر بن عبد الله ، وأبي سعيد الخدري ، وأسيد
بن ظهير وغيرهم » ا هـ .
وقرأ على « مجاهد
بن جبر » الكثيرون منهم : « ابن كثير الداري ، وأبو عمرو ابن العلاء البصري ، إمام
البصرة في القراءات ، واللغة ، والنحو ، ولا زالت قراءة « أبي عمرو » يقرأ بها
المسلمون حتى الآن وهي من القراءات السبع المتواترة.
وروى الحديث عن «
مجاهد بن جبر » عدد كثير منهم : « عكرمة ، وطاوس ، وعطاء ، وعمرو بن دينار ،
والحكيم بن عيينة ، وابن أبي نجيح ، وسليمان الأعمش ، وأيوب السختياني ، وقتادة بن
دعامة ، وحميد الأعرج » ، وآخرون.
وكما اشتهر «
مجاهد بن جبر » بتعليم القرآن ، ذاع صيته بتفسير القرآن أيضا ، مما جعل العلماء
يوصون بأخذ التفسير عنه : فعن « سفيان الثوري » قال : « خذوا التفسير من أربعة :
مجاهد بن جبر ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، والضحاك » .
وقال « قتادة » :
أعلم من بقي بالتفسير مجاهد » ا هـ .
ونظرا لاشتهار «
مجاهد » بالتفسير ، أقتبس من أقواله ما يلي : قال « أبو نعيم » : حدثنا « إبراهيم
بن عبد الله » عن « مجاهد » في قوله تعالى ( وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ
تَبْتِيلاً ) قال : أخلص له إخلاصا ا هـ .
__________________
* وقال « جرير »
عن « منصور » : قال « مجاهد » في قوله تعالى : ( وَلِمَنْ خافَ مَقامَ
رَبِّهِ جَنَّتانِ ) قال : ذلك الذي يذكر الله عزوجل عند المعاصي ، فيبتعد عند ارتكابها خوفا من الله تعالى .
* وقال « ابن أبي
نجيح » قال « مجاهد » في قوله تعالى : ( لَتُسْئَلُنَّ
يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) قال : عن كل شيء من لذة الحياة .
* وقال « عبد الله
بن المبارك » حدثنا « أبو جعفر » عن « ليث » عن « مجاهد » في قوله : ( وَقُومُوا
لِلَّهِ قانِتِينَ ) قال : القنوت : الركوع ، والخشوع وغض البصر ، وخفض الجناح
من رهبة الله تعالى ، قال : وكان العلماء إذا قام أحدهم إلى الصلاة هاب الرحمن عزوجل أن يشذ نظره ، أو
يلتفت ، أو يعبث بشيء ما في الصلاة .
* وقال « الأعمش »
: سمعت « مجاهدا » يقول : القلب بمنزلة الكف ، فإذا أذنب الرجل ذنبا انقبض « اصبع
» حتى تنقبض أصابعه كلها إصبعا إصبعا ، قال : ثم يطبع عليه ، فكانوا يرون أن ذلك «
الران » قال الله تعالى : ( كَلاَّ بَلْ رانَ
عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) .
* وروى « سفيان
الثوري » عن « منصور » عن « مجاهد » في قوله تعالى : ( بَلى مَنْ كَسَبَ
سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ ) قال : « الذنوب تحيط بالقلوب كلما عمل ذنبا ارتفعت حتى
تغشى القلب ، وحتى يكون هكذا ثم قبض يده ، ثم قال هو الران » .
__________________
* وروى « أبو نعيم
» عن « مجاهد » في قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ) [ لقمان : ٦ ] قال : الغناء .
* وروى « أبو نعيم
» عن « أبي بكر محمد بن الحسين الآجري » عن « فضيل بن عياض » عن « ليث » عن «
مجاهد » في قوله تعالى : ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ
مَنْ يَشاءُ ) [ البقرة ٢٦٩ ] قال : العلم والفقه .
وكما أثر عن «
مجاهد بن جبر » العلم بالكتاب والسنة ، أثر عنه الكثير من الحكم البليغة ذات
المعاني الكثيرة : فعن « أبي نعيم » قال : حدثنا « أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي
» عن « مجاهد » قال : سأل « موسى » عليهالسلام ربّه عزوجل : أيّ عبادك أغنى؟ قال : الذي يقنع بما يؤتى ، قال : فأيّ
عبادك أحكم؟ قال : الذي يحكم للناس بما يحكم لنفسه ، قال : فأيّ عبادك أعلم؟ قال :
أخشاهم ا هـ .
وقال « الحسن بن
عبد الله » : سمعت « مجاهدا » يقول : إذا خرج الرجل حضره الشيطان ، فإذا قال : بسم
الله ، قيل : هديت ، فإذا قال : توكلت على الله ، قيل : كفيت ، وإذا قال : لا حول
ولا قوة إلا بالله ، قيل : حفظت ، فيقال : كيف يكون بمن هدى ، وكفى ، وحفظ ا هـ .
ونظرا لجهاد «
مجاهد » المستمر ، ودعوته إلى الله تعالى ، فقد استحق ثناء الناس عليه : قال «
سلمة بن كهيل » : ما رأيت أحدا يريد بهذا العلم وجه الله إلا هؤلاء الثلاثة : عطاء
، ومجاهد ، وطاوس ا هـ.
توفي « مجاهد بن
جبر » وهو ساجد سنة ثنتين ومائة من الهجرة عن ثلاث وثمانين سنة بعد حياة حافلة
بتعليم القرآن وتفسيره. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله عن القرآن وأهله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٢٩
« محمّد بن إسماعيل »
هو : محمد بن
إسماعيل أبو بكر القرشي ، مقرئ حاذق ضابط.
ذكره « الذهبي »
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « محمد بن
إسماعيل » القراءة عن خيرة العلماء منهم : « أبو شعيب السوسي » أحد الرواة
المشهورين عن « أبي عمرو بن العلاء » البصري الإمام الثالث بالنسبة لأئمة القراء
العشرة المشهورين .
وقد تصدر « محمد
بن إسماعيل » للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : « محمد بن علي بن
الجلندى » وآخرون .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « محمد بن إسماعيل ». رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٣٠
« محمد الأشناني » ٣٤٧ هـ
هو : محمد بن أحمد
بن الحسن بن عمر أبو بكر ، ويقال أبو عبد الله الثقفي الأصبهاني الأشناني المعروف
بالكسائي شيخ مشهور.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى محمد
الأشناني القراءة وسنة النبي صلىاللهعليهوسلم على خيرة العلماء.
ومن الذين أخذ
عنهم القراءة : محمد بن عبد الله بن شاكر ، وجعفر بن عبد الله ابن الصباح ، وعمر
بن محمد بن برزة ، ونوح بن منصور ، واسحاق الخزاعي في قول الهذلي ، وغير هؤلاء .
ومن الذين حدث
عنهم : عبد العزيز بن معاوية القرشي ، وعبد الله بن محمد النعمان ، وأبو بكر بن
عاصم ، وجماعة .
تصدر « محمد
الأشناني » لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد أقبل عليه الطلاب
يأخذون عنه.
ومن الذين أخذوا
عنه القراءة القرآنية : محمد بن عبد الله بن أشتة ، ومحمد
__________________
ابن جعفر بن محمود
الأشناني ، ومحمد بن عبد الرحمن بن الفضل الجوهري ، وأبو جعفر المغازلي ، والمظفر
بن أحمد ، ومحمد بن أحمد السّلمي وغير هؤلاء .
ومن الذين رووا
عنه حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم : أبو بكر بن المقرئ ، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني ،
ومحمد بن علي بن مصعب شيخ أبي علي الحداد .
توفي « محمد
الأشناني » بأصبهان سنة سبع وأربعين وثلاثمائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٣١
« محمّد الأنماطي »
هو : محمد بن سعيد
أبو عبد الله المصري الأنماطي. مقرئ متصدر جليل القدر ضابط.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « محمد
الأنماطي » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « عبد الصمد ابن عبد الرحمن »
صاحب « ورش » وعن « يوسف بن عمرو الازرق » وهو من كبار أصحابهما ، ومن جلة
المصريين .
تصدّر « محمد
الأنماطي » لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : « عبد المجيد بن
مسكين ، ومحمد بن خيرون المغربي » .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « محمد الأنماطي » رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٣٢
« محمّد بن البراء » ت ٢٩١ هـ
هو : محمد بن أحمد
بن البراء بن المبارك أبو الحسن البغدادي القاضي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن البراء
» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « خلف بن هشام البزّار » ، فقد ختم عليه
القرآن تسع ختمات .
ولا زالت قراءة «
خلف البزّار » يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد
لله رب العالمين.
وقد تصدر « ابن
البراء » لتعليم القرآن الكريم ، فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أحمد بن محمد بن
علي الديباجي ، وعليّ بن سعيد القزّاز ، وعثمان بن أحمد الدقاق ، وابن زياد النقاش
» وآخرون .
كما أخذ « محمد بن
البراء » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : سمع «
محمد بن البراء » « المعافي بن سليمان ، وخلف بن هشام البزّار ، ومحمد بن حسان
السمتي ، وعلي
__________________
ابن المديني ،
ومحمد بن الصباح ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي ، والفضل بن غانم ، وعبد المنعم بن
إدريس » وأمثالهم .
كما تصدر « ابن
البراء » لرواية حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم.
يقول « الخطيب
البغدادي » : روى عن « ابن البراء » « الحسين بن إسماعيل المحاملي ، ومحمد بن أحمد
الدقاق ، وأبو جعفر بن برية الهاشمي ، وعبد الباقي بن قانع » وآخرون .
ومن الأحاديث التي
رواها « ابن البراء » الحديث التالي : قال « أبو الحسن الدار قطني » : أخبرنا «
أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصلت الأهوازي » قال : حدثنا
« القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي » إملاء ، قال : حدثنا محمد بن
أحمد البراء ، قال : نبّأنا المعافي بن سليمان » قال : نبّأنا « موسى بن أعين » عن
« ليث بن حبيب بن أبي ثابت » عن « سعيد بن جبير » عن « أبي هريرة » رضياللهعنه قال : « أمرني رسول الله صلىاللهعليهوسلم بركعتي الفجر » .
وكان « ابن البراء
» من الثقات ، فقد وثقه « الخطيب البغدادي ».
توفي « ابن البراء
» في شوال سنة إحدى وتسعين ومائتين من الهجرة. بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ،
وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله « ابن البراء » رحمة واسعة ، وجزاه الله
أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٣٣
« محمّد أبو الحارث الرّقي »
هو : محمد بن أحمد
أبو الحارث بن الرّقي ، نزيل طرسوس ، مقرئ متصدر مشهور جليل.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو الحارث
» الرقي ، القرآن عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو شعيب السوسي » وهو من خيرة
أصحابه ، وأوثقهم .
كما تلقى عليه
القرآن عدد كبير منهم : « نظيف بن عبد الله ، وأبو بكر النقاش » وآخرون .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « أبي الحارث الرقي ». رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٣٤
« محمّد بن حمدون الحذّاء » ت ٣١٠ هـ
هو : محمد بن
حمدون أبو الحسن الواسطي الحذّاء.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « محمد
الحذّاء » القرآن عن مشاهير العلماء.
فقد عرض القرآن
على « أبي عون ، وقنبل » أحد الرواة المشهورين عن « ابن كثير » المكي ، ولا زالت
قراءة « قنبل » يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد
لله رب العالمين.
كما سمع « محمد
الحذّاء » حروف القرآن من « شعيب بن أيوب الصريفيني » .
وقد تصدّر « محمد
الحذّاء » للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أبو أحمد الساوي ، وعلي بن سعيد
ذؤابة ، وعبيد الله بن مخلد ، وروى عنه القراءة « أبو بكر بن مجاهد » وآخرون .
كان « محمد بن
حمدون » من الثقات ، وفي هذا يقول : « أبو طاهر بن أبي هاشم » : كان « محمد
الحذّاء » من أهل الثقة والاتقان » ا هـ .
توفي « محمد
الحذّاء » سنة عشر وثلاثمائة على خلاف في ذلك. رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٣٥
« محمّد بن رفاعة » ت ٢٤٨ هـ
هو : محمد بن يزيد
بن رفاعة ، أبو هشام الرفاعي ، الكوفي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « محمد بن
رفاعة » القرآن عن مشاهير علماء عصره.
يقول « ابن الجزري
» في هذا المعنى : « أخذ القراءة عرضا عن « سليم » وسمع من « أبي يوسف الأعشى ،
وحسين بن عليّ الجعفي ، ويحيى بن آدم ، وسمع قراءة « الأعشى » وضبط حروفا عن « أبي
بكر بن عياش » وروى أيضا عن « الكسائي » وله كتاب « الجامع في القراءات » ا هـ .
وقد تتلمذ على «
محمد بن رفاعة » عدد كثير منهم : « موسى بن إسحاق القاضي ، وعلي بن الحسن القطيعي
، وأحمد بن سعيد المروزي ، والقاسم بن داود ، وعليّ بن أحمد بن قربة ، وعبد الله
بن هاشم الزعفراني » وآخرون .
وقد أخذ « محمد بن
رفاعة » الحديث عن مشاهير علماء عصره منهم : « أبو
__________________
بكر بن عياش ،
وحفص بن غياث ، والمطّلب بن زياد ، وابن فضيل » وآخرون .
وقد روى عن « محمد
بن رفاعة » الحديث عدد من العلماء منهم : « مسلم » في صحيحه ، والترمذي ، وابن
ماجة في كتابيهما ، وابن خزيمة في صحيحه ، وأحمد ابن أبي خيثمة » وآخرون .
وقد احتلّ « محمد
بن رفاعة » مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا المعنى يقول « أحمد بن
عبد الله العجليّ » : « محمد بن رفاعة » لا بأس به ، صاحب قرآن وولي قضاء المدائن
» .
توفي سنة ثمان
وأربعين ومائتين ، رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٣٦
« محمد سالم محيسن » أمدّ الله في عمره
ولد المؤلف
الدكتور : محمد بن محمد بن محمد بن سالم بن محيسن ببلدة « الروضة » مركز فاقوس
شرقية في جمهورية مصر العربية في ١١ فبراير سنة ١٩٢٩ م من أسرة متدينة مستورة
الحال.
* حفظ « القرآن
الكريم » ثمّ جوّده منذ باكورة حياته.
* التحق بالأزهر
الشريف لطلب العلم وحصل على الشهادات العلمية الآتية :
(١) الشهادة
العالية في القراءات من الازهر سنة ١٩٤٨ م.
(٢) شهادة التخصص
في القراءات وعلوم القرآن من الازهر سنة ١٩٥٣ م.
(٣) الشهادة
العالية « الليسانس » في العلوم الإسلامية والعربية من جامعة الازهر سنة ١٩٦٧ م.
(٤) الماجستير في الآداب
العربية بتقدير « ممتاز » من كلية الآداب جامعة القاهرة سنة ١٩٧٣ م.
(٥) الدكتوراة في
الآداب العربية بمرتبة الشرف الاولى من كلية الآداب جامعة القاهرة سنة ١٩٧٦ م.
__________________
نشاطه العلمي
والعملي
* بعد حصوله على
شهادة التخصص في القراءات وعلوم القرآن عيّن مدرسا بقسم تخصص القراءات بالأزهر
لتدريس القراءات وعلوم القرآن.
* عيّن عضوا بلجنة
تصحيح المصاحف ومراجعتها بالأزهر سنة ١٩٥٦ م.
* انتدب للتدريس
بمعهد غزّة الديني من عام ١٩٦٠ الى ١٩٦٤ م.
اختير عضوا ضمن
اللجنة العلمية التي تشرف على تسجيل القرآن الكريم بالإذاعة المصرية سنة ١٩٦٥ م.
* انتدب للتدريس
بالمعهد الديني « بواد مدني » بالسودان من عام ١٩٥٤ إلى ١٩٥٦ م.
انتدب للتدريس
بجامعة « أم درمان » الإسلامية بالسودان من عام ١٩٧٠ الى ١٩٧٣ م.
* انتدب للتدريس
بجامعة الخرطوم من عام ١٩٧٣ الى ١٩٧٦ م.
* انتدب للتدريس
بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من عام ١٩٧٦ م إلى الآن.
* قام بالإشراف
ومناقشة الكثير من البحوث العلمية.
شارك في الكثير من
المؤتمرات العلمية.
* له أحاديث دينية
بإذاعة السودان تزيد على المائة حديث.
* له أحاديث دينية
أسبوعية ، وندوات علمية أسبوعية بإذاعة المملكة العربية السعودية من عام ١٩٧٧ م
إلى الآن.
* بلغ انتاجه
العلمي أكثر من ثلاثين كتابا في جوانب متعددة : مثل : تجويد القرآن ـ وضبط القرآن
ـ وإعجاز القرآن ـ وعلوم القرآن ـ والقراءات الثلاث ـ والقراءات السبع ـ والقراءات
العشر ـ والقراءات الشاذة ـ وتوجيه القراءات ـ وغريب القرآن ـ والآداب الإسلامية ـ
والسنة النبوية ـ والفقه الإسلامي.
* يرجو من الله
تعالى أن يوفقه دائما إلى خدمة العلم والقرآن.
* يرجو من الله
تعالى أن يحسن خاتمته ويتوفاه على الايمان وأن يغفر له ولوالديه إنه سميع مجيب.
شيوخه
حفظ المؤلف القرآن
، وجوّده ، وتلقى علوم القرآن ، والقراءات والعلوم الشرعية ، والعربية ، عن خيرة
علماء عصره ، وبيانهم فيما يلي :
حفظ القرآن الكريم
على الشيخ : محمد السيد عزب.
جوّد القرآن
الكريم على كل من الشيخ : محمد محمود ، والشيخ محمود بكر.
أخذ القراءات
علميا عن كل من الشيخ عبد الفتاح القاضي والشيخ محمود دعبيس.
أخذ القراءات
عمليا وتطبيقيا عن الشيخ عامر السيد عثمان.
أخذ رسم القرآن ،
وضبطه عن الشيخ أحمد أبو زيت حار.
أخذ عدّ آي القرآن
عن الشيخ محمود دعبيس.
أخذ توجيه
القراءات عن الشيخ محمود دعبيس.
أخذ الفقه
الإسلامي عن كل من الشيخ أحمد عبد الرحيم ، والشيخ محمود عبد الدائم.
أخذ أصول الفقه عن
الشيخ يس سويلم.
أخذ التوحيد عن
الشيخ عبد العزيز عبيد.
أخذ المنطق عن
الشيخ صالح محمد شرف.
أخذ التفسير عن كل
من الشيخ خميس محمد هيبة ، والشيخ كامل محمد حسن.
أخذ الحديث وعلومه
عن الشيخ محمود عبد الغفار.
أخذ دراسة الكتب
الإسلامية عن الشيخ محمد الغزالي.
أخذ النحو والصرف
عن كل من الشيخ خميس محمد هيبة ، والشيخ محمود حبلص.
أخذ علوم البلاغة
عن كل من الشيخ محمود دعبيس ، والشيخ محمد بحيرى.
أخذ فقه اللغة عن
الدكتور حسن ظاظا.
أخذ أصول اللغة عن
الدكتور حسن السيد عون.
أخذ مناهج البحث
العلمي عن الدكتور عبد المجيد عابدين أشرف عليه في رسالة الماجستير الدكتور أحمد
مكي الأنصاري أشرف عليه في رسالة الدكتوراة الدكتور عبد المجيد عابد أكرمه الله
تعالى ووفقه. وصنف الكتب الآتية :
كتب للمؤلف
١ ـ المستنير في
تخريج القراءات من حيث اللغة ـ والاعراب ـ والتفسير ، ٣ اجزاء.
٢ ـ المهذّب في
القراءات العشر وتوجيهها من طريق طيبة النشر ٢ جزءان.
٣ ـ الارشادات
الجليّة في القراءات السبع من طريق الشاطبية.
٤ ـ التذكرة في
القراءات الثلاث وتوجيهها من طريق الدرة ٢ جزءان.
٥ ـ الإفصاح عما
زاد به الدرة على الشاطبية.
٦ ـ المغني في
توجيه القراءات العشر المتواترة ٣ أجزاء.
٧ ـ القراءات
وأثرها في علوم العربية ٢ جزءان.
٨ ـ تهذيب اتحاف
فضلاء البشر في القراءات الاربع عشرة.
٩ ـ الرسالة
البهية في قراءة أبي عمر الدوري.
١٠ ـ المجتبي في
تخريج قراءة أبي عمر الدوري.
١١ ـ الرائد في
تجويد القرآن.
١٢ ـ إرشاد
الطالبين إلى ضبط الكتاب المبين.
١٣ ـ التوضيحات
الجليّة شرح المنظومة السخاوية.
١٤ ـ الهادي إلى
تفسير كلمات القرآن.
١٥ ـ نظام الأسرة في
الاسلام.
١٦ ـ الوقف والوصل
في العربية.
١٧ ـ أبو عبيد
القاسم بن سلام ، حياته وآثاره اللغوية.
١٨ ـ أبو بكر محمد
بن القاسم الانباري ، حياته وآثاره.
١٩ ـ المقتبس من
اللهجات العربيّة والقرآنية.
٢٠ ـ البرهان في
إعجاز القرآن.
٢١ ـ مرشد المزيد
إلى علم التجويد.
٢٢ ـ تاريخ
القرآن.
٢٣ ـ في رحاب
القرآن.
٢٤ ـ في رحاب
الاسلام.
٢٥ ـ العبادات في
ضوء الكتاب والسنة.
٢٦ ـ الحج والعمرة
في ضوء الكتاب والسنة.
٢٧ ـ المحرمات في
ضوء الكتاب والسنة.
٢٨ ـ الفضائل في
ضوء الكتاب والسنة.
٢٩ ـ الكشف عن
أسرار ترتيب القرآن.
٣٠ ـ التعليق على
كتاب النشر في القراءات العشر.
٣١ ـ تصريف
الافعال والأسماء في ضوء أساليب القرآن.
٣٢ ـ أنت تسأل
والإسلام يجيب.
٣٣ ـ في رحاب
السّنة المطهّرة.
٣٤ ـ الاسلام يؤمن
حقوق الإنسان.
٣٥ ـ الأسرة في
ضوء تعاليم الإسلام.
٣٦ ـ حديث الروح
في ضوء الكتاب والسنة.
٣٧ ـ المبسوط في
القراءات الشاذة.
٣٨ ـ منهج
الأنبياء في الدعوة إلى الله.
٣٩ ـ في رحاب
القراءات.
٤٠ ـ معجم حفاظ
القرآن عبر التاريخ.
٤١ ـ تحقيق شرح
طيبة النشر لابن الناظم.
٤٢ ـ طبقات
المفسرين ومناهجهم.
٤٣ ـ الهادي شرح
طيبة النشر في القراءات العشر.
٤٤ ـ السراج
المنير في الثقافة الإسلامية.
رقم الترجمة / ٢٣٧
« محمد بن سرح » ت ٢٧٣ هـ
هو : محمد بن سنان
بن سرح بالحاء المهملة إبراهيم أبو جعفر التنوخي الشيزري الضرير القاضي بشيزر .
تلقى « ابن سرح »
القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « عيسى بن سليمان الشيزري » صاحب الكسائي ،
كما أخذ القراءة عرضا وسماعا من « أحمد ابن جبير الأنطاكي ، وميمون بن حفص »
وغيرهم .
وقد تصدر « ابن
سرح » لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أبو الحسن بن شنبوذ ، وإبراهيم
بن عبد الرزاق ، ومحمد بن عبد الله الرازي ، وأحمد بن الحسن الرازي ، وأبو العباس
أحمد بن العباس الضرير ، وعبد الصمد بن سعيد الحمصي ، ومحمد بن أحمد بن محمد
الهروي » وغيرهم كثير .
كما أخذ « محمد بن
سرح » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء منهم : « عبد الوهاب بن نجدة ، وهشام بن
عمّار ، وأبو نعيم الحلبي » وطائفة غير هؤلاء .
وكما تصدر « ابن
سرح » لتعليم القرآن تصدر أيضا لتعليم حديث النبي عليه
__________________
الصلاة والسلام.
وقد تتلمذ عليه الكثيرون. منهم : « ولده إسماعيل ، وأبو جعفر الطحاوي ، وأبو علي
بن هارون ، وأبو القاسم الطبراني ، وأحمد بن إبراهيم بن جامع السكري ، وأحمد بن
الحسن بن عتبة الرازي » وغير هؤلاء .
توفي « محمد بن
سرح » سنة ثلاث وسبعين ومائتين. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٣٨
« محمّد بن سعيد البزار »
هو : محمد بن سعيد
بن عمران بن موسى أبو جعفر البزّار الكوفي الضرير مقرئ بارع.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « محمد
البزّار » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « خلف بن هشام البزّار ، وخلاد
بن خالد » الصيرفي ، وهما الراويان المشهوران عن « حمزة الزيات » ولا زالت
قراءة « خلف ، وخلاد » يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن. وقد تلقيتها وقرأت بها
والحمد لله رب العالمين.
تصدر « محمد
البزّار » لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن سهلان ،
ومحمد بن إبراهيم السوّاق ، وإسحاق بن أحمد النحوي » وغيرهم .
كان « محمد بن
البزّار » من خيرة العلماء وبخاصة في قراءة القرآن. وفي هذا يقول « الذهبي » : برع
« محمد البزار » في القراءة ، وله اختيار معروف وهو قديم الوفاة » ا هـ .
__________________
وقال « الشذائي »
: قال « محمد بن إبراهيم السوّاق » : كان « محمد البزّار » قد اختار من رواية «
خلف ، وخلاد » رواية يقرئ بها ا هـ .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « البزّار » رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٣٩
« محمّد بن شاذان » ت ٢٨٦ هـ
هو : محمد بن
شاذان أبو بكر الجوهري البغدادي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « ابن شاذان
» القراءة عن خيرة علماء عصره : فقد أخذها عرضا عن « خلاد » صاحب « سليم » وهو من
جلة أصحابه ، وعن « رويم بن يزيد » صاحب القناد عن « حمزة » وروى الحروف عن « عبد
الله بن صالح العجلي » وعن « خالد بن يزيد » الطبيب عن « حمزة » فيما ذكره «
الهذلي » .
وقد عمّر « ابن
شاذان » حتى وصل ثلاثا وتسعين سنة ، وكان مع ذلك من العلماء المشهور لهم بالثقة
وصحة الضبط. قال عنه « ابن الجزري » : « ابن شاذان » حاذق ثقة محدث معروف ومشهور ا
هـ .
وقد ذكره « الدار
قطني » فقال : ثقة صدوق .
وقال « الخطيب
البغدادي » : قرأت على « الحسن بن أبي بكر » عن « أحمد بن كامل القاضي » قال : كان
« محمد بن شاذان » الجوهري ثقة في الحديث مأمونا ا هـ .
__________________
وقد تصدر « ابن
شاذان » للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أبو الحسن ابن شنبوذ ، وأبو بكر
النقاش » وغيرهما .
كما أخذ « ابن
شاذان » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « هوذة بن خليفة ، وزكريا
بن عدي ، ومعلّى بن منصور ، وعمرو ابن حكام » .
وقد روي عن « ابن
شاذان » الحديث عدد كبير منهم : « الحسين بن إسماعيل المحاملي ، وأحمد بن سلمان
النجاد ، وعبد الصمد بن علي الطستي ، وأحمد ابن كامل القاضي ، وعبد الباقي بن قانع
» وغيرهم كثير .
توفي « ابن شاذان
» ليلة السبت لأربع خلت من جمادى الاولى سنة ست وثمانين ومائتين بعد حياة حافلة
بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله « ابن شاذان » رحمة واسعة
، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٤٠
« أبو محمد العينوني » ت ٢٩٤ هـ
هو : عبد الصمد بن
محمد بن أبي عمران ، أبو محمد الهمداني المقدسي العينوني ، مقرئ متصدر مشهور.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو محمد
العينوني » القرآن عن خيرة العلماء ، فقد أخذ القراءة عرضا وسماعا عن « عمرو بن
الصباح » عن « حفص بن سليمان بن المغيرة » .
وتصدر « أبو محمد
العينوني » لتعليم القرآن الكريم ، فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « إبراهيم بن عبد
الرزاق ، وصالح بن أحمد بن عبد الرحمن ، ومحمد بن الحسن النقاش » وآخرون .
توفي « أبو محمد
العينوني » سنة أربع وتسعين ومائتين من الهجرة بقرية « عينون » من بيت المقدس. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٤١
« محمّد بن المعلّى » ت ٣٢٥ هـ
هو : محمد بن
المعلّى بن الحسن بن طالب بن عبد الله ، أبو عبد الله البغدادي ، المعروف
بالشونيزي.
قال عنه « ابن
الجزري » : محمد بن المعلّى مقرئ محقق معروف .
وقال « الخطيب
البغدادي » : حدثنا « محمد بن علي بن الفتح » ، حدثنا « أحمد بن إبراهيم بن شاذان
» حدثنا « أبو عبد الله محمد بن المعلّى بن الحسن ابن طالب الشونيزي الشيخ الثقة »
.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ٨٣٣ هـ ضمن
علماء القراءات.
أخذ « ابن المعلى
» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو عون محمد ابن عمرو بن عون ، ومحمد
بن غالب صاحب شجاع ، وعبد الرحمن بن عبدوس » وغير هؤلاء .
تصدر « ابن
المعلّى » لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أحمد ابن نصر الشذائي ،
وأبو الطيب عبد الغفار بن عبد الله السرّي الحضيني الواسطي » وغيرهما .
__________________
كما أخذ « ابن
المعلّى » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم من خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « محمد بن عبد الله
المخرمي ، والقاسم بن بشر بن معروف ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي » وكما تصدر « ابن
المعلى » لتعليم القرآن تصدّر أيضا لرواية حديث الرسول عليه الصلاة والسلام ،
فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أبو حفص بن الزيات ، وعلي بن محمد بن لؤلؤ ، وأبو
بكر بن شاذان ، وعبد الله بن عثمان الصفّار » .
قال « الخطيب
البغدادي » : أنبأنا « السمسار » حدثني « الصفّار » حدثنا « ابن قانع » قال : مات
« أبو عبد الله بن الشونيزي » في شعبان سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. رحم الله « محمد
بن المعلّى » رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٤٢
« محمد بن موسى الصّوري » ت ٣٠٧ هـ
هو : محمد بن موسى
بن عبد الرحمن بن أبي عمّار ، وقيل : ابن أبي عمارة.
قال « ابن الجزري
» : والاول هو الصحيح ، أبو العباس الصوري الدمشقي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ
ضمن علماء القراءات.
أخذ « الصوري »
القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « ابن ذكوان » أحد الرواة المشهورين عن «
ابن عامر » الشامي والإمام الرابع بالنسبة لأئمة القراءات. ولا زالت رواية « ابن
ذكوان » من طريق « الصوري » يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها
وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
كما أخذ « الصوري
» القراءة عرضا عن « عبد الرزاق بن حسن الإمام » .
وقد تصدّر «
الصوري » للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم : « محمد ابن أحمد الداجوني ،
والحسن بن سعيد المطوعي » ولا زالت قراءة كل من « الداجوني ، والمطوّعي » يتلقاها
المسلمون حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين .
توفي « الصوري »
سنة سبع وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحم الله « الصوري »
رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٤٣
« محمد بن النجار » ت ٤٠٢ هـ
هو : محمد بن جعفر
بن محمد بن الحسن بن هارون أبو الحسن التميمي الكوفي النحوي المعروف بابن النجار.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد ابن النجار »
أول سنة ثلاث وثلاثمائة من الهجرة.
أخذ « ابن النجار
» القراءة عن خيرة العلماء. يقول « ابن الجزري » : أخذ القراءة عرضا عن محمد بن
الحسن بن يونس ، والحسن بن داود النقاد وعن أبيه جعفر بن محمد .
كما أخذ « حديث
الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء.
يقول « الخطيب
البغدادي » : قدم محمد بن النجار بغداد وحدث بها عن « محمد بن الحسين الأشناني ،
وعبيد الله بن ثابت الحريري ، واسحاق بن محمد ابن مروان ، ومحمد بن القاسم بن
زكريا المحاربي ، وأبي بكر بن دريد ، ونفطويه ، وأبي ورق الهزاني ، ومحمد بن يحيى
الصولي » .
__________________
تصدر « محمد بن
النجار » لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسّلام. واشتهر بالثقة وصحة
السند ، وعمر طويلا ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، يقول « الامام ابن الجزري »
: « روى القراءة عن « ابن النجار » الحسن بن محمد البغدادي ، وأبو علي غلام الهراس
، وأبو علي العطار » .
وقال « الخطيب
البغدادي » : حدثنا عن « محمد بن النجار » محمد بن علي ابن مخلد الوراق ، وأحمد بن
علي بن التوزي ، وأبو القاسم الأهوازي ، وأحمد بن عبد الواحد الوكيل وغيرهم.
ثم يقول «
البغدادي » : وذكر لي الحسن بن علي بن عبد الله المقرئ ، وأبو يعلى أحمد بن عبد
الواحد الوكيل أنهما سمعا منه ببغداد في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة .
اشتهر « ابن
النجار » بين العلماء بالدقة والثقة مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول أبو علي
البغدادي : كان « ابن النجار » من جلة أهل العربية ، ومن أهل الحديث متقنا فاضلا .
وقال « ابن الجزري
» : « ابن النجار » مقرئ ، نحوي ، معمّر ، مسند ثقة .
قال « الخطيب
البغدادي » : أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي ، وأبو منصور محمد ابن أحمد بن عبد
العزيز العكبري قال : توفي أبو الحسن محمد بن جعفر بن النجار المقرئ بالكوفة في
جمادى الاولى سنة اثنتين وأربعمائة ، رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٤٤
« محمّد بن النفّاخ » ت ٣١٤ هـ
هو : محمد بن محمد
بن عبد الله بن بدر النفّاخ أبو الحسن الباهلي البغدادي السامري نزيل مصر.
كان « ابن النفاخ
» من « سرّ من رأى » ثم سافر إلى الشام ، ثم رحل إلى « مصر » فاستوطنها حتى توفي
بها.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى « ابن
النفّاخ » حروف القرآن عن خيرة العلماء. وفي هذا يقول « ابن الجزري » : روى « ابن
النفاخ » حروف القرآن عن « أبي عمر الدوري » بـ « سرّ من رأى » سنة أربع وأربعين
ومائتين ، ويقال إنه عرض عليه .
وقد اشتهر « ابن
النفاخ » بين العلماء ، وكان صاحب تقوى وصلاح مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا
يقول « الداني » : كان « ابن النفاخ » ثقة مشهورا .
وقال « ابن يونس »
: كان ثقة ثبتا صاحب حديث متقللا من الدنيا .
__________________
وقد اشتهر « ابن
النفاخ » بالقراءة ، والاقراء ، وقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم : « الحسن بن سعيد
المطوعي ، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهاب ، وأحمد بن محمد بن هارون الأسواني ، ومحمد
بن أحمد بن جابر التنيسي ، وأحمد بن محمد ابن إسماعيل المصري ، وعبد الله بن
الحسين السامري ، وغيرهم كثير .
كما أخذ « ابن
النفّاخ » الحديث عن خيرة العلماء منهم : « إسحاق بن أبي إسرائيل ، وأحمد بن
إبراهيم الدورقي ، ومحمد بن خالد الدمشقي » وطبقتهم .
وكما اشتهر « ابن
النفاخ » بقراءة القرآن ، اشتهر أيضا برواية حديث النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد
روى عنه الحديث الكثيرون منهم : « حمزة الكناني ، ومحمد بن إسحاق الصفّار ، وأبو
بكر بن المقرئ ، وعبد الله بن إبراهيم الأبنودي ، وأحمد بن محمد المهندس ، وعبيد
الله بن محمد بن خلف البزّار ، وأبو سعيد بن يونس » وآخرون .
توفي « ابن
النفّاخ » بمصر يوم الثلاثاء لعشر بقين من شهر ربيع الآخر سنة أربع عشرة وثلاثمائة
من الهجرة. رحم الله « ابن النفّاخ » رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٤٥
« محمّد بن واصل » ت ٢٧٣ هـ
هو : محمد بن أحمد
بن واصل أبو العباس البغدادي مقرئ جليل.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « محمد بن
واصل » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « والده عن اليزيدي » وعرضا عن «
محمد بن سعدان المقرئ » ، قال « الداني » : وهو أجل أصحابه ، كما أخذ القراءة عرضا
عن « محمد بن إسحاق المسيبي » وعن غير هؤلاء .
تصدر « محمد بن
واصل » لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : « أحمد بن بويان ، ومحمد بن
أحمد الرامي ، والحسن بن السرّي ، وعلي بن الحسن ابن سهل ، وابن مجاهد ، وابن
شنبوذ ، وموسى بن عبيد الله الخاقاني ، وعبد الله بن محمد الطوسي الكاتب ، والحسين
بن إبراهيم الصائغ ، وعلي بن مستور » وغيرهم كثير .
وقد أخذ « محمد بن
واصل » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء منهم : « محمد بن صالح الخياط ، ومحمد بن
سعدان النحوي ، وخلف بن هشام البزّار ، وأحمد بن حنبل ، وسلمة بن عاصم » وغيرهم .
__________________
وكما تصدر « محمد
بن واصل » لتعليم القرآن ، تصدر أيضا لتعليم سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد
تتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أبو بكر بن مجاهد ، وأبو مزاحم الخاقاني ، وأبو
الحسن بن شنبوذ » ، وغيرهم .
قال « الخطيب
البغدادي » : أخبرنا « علي بن محمد السمسار » قال : أنبأنا « عبد الله بن عثمان الصفّار
» قال : أنبأنا « ابن قانع » : أن « محمد بن أحمد ابن واصل المقرئ » ، مات في
جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين ومائتين من الهجرة.
رحم الله « محمد
بن واصل » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٤٦
« محمّد بن وهب » ت ٢٨٠ هـ
هو : محمد بن وهب
بن يحيى بن العلاء بن عبد الحكم بن عبيد بن هلال ابن تميم أبو بكر الثقفي البصري
القزّاز.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « محمد بن وهب
» القرآن عن خيرة العلماء : فقد سمع حروف القراءات من « يعقوب الحضرمي » الإمام
الثامن من أئمة القراءات المشهورين. ولا زالت قراءة « يعقوب » يتلقاها المسلمون
بالقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
كما أخذ « محمد بن
وهب » حروف القراءات أيضا من « محمد بن موسى اللؤلؤي » ثم قرأ على « روح » الراوي
المشهور عن « يعقوب الحضرمي » ولازم « روحا » وصار أجلّ أصحابه ، وأخصهم به ،
وأعرفهم بقراءته ، وأحذقهم .
تصدر « ابن وهب »
لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : « محمد ابن يعقوب المعدّل » وهو من
أضبط أصحابه ، ومحمد بن جامع الحلواني ، ومحمد ابن المؤمّل الصيرفي ، وأحمد
الزبيري ، وأبو الحسن الرازي ، وحمزة بن علي » وغيرهم كثير .
__________________
كما أخذ « محمد بن
وهب » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء ، فقد حدث عن « أبي الوليد الطيالسي ، والربيع
بن يحيى الأشناني ، وهدبة بن خالد القيسي ، وعبيد الله بن معاذ العنبري ، وإبراهيم
بن الحسن العلاّف ، ونصر بن علي الجهضمي » وآخرين .
وكما تصدر « محمد
بن وهب » لتعليم القرآن تصدر أيضا لتعليم حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم ، وقد روى عنه الكثيرون منهم : « محمد بن مخلد الدوري ، وإسماعيل بن محمد
الصفّار ، وأبو سعيد بن الأعرابي ساكن مكة » وآخرون .
يقول « الخطيب
البغدادي » : قرأت في كتاب « محمد بن مخلد » سنة سبع وثمانين ومائتين فيها مات «
العقيلي محمد بن وهب ». رحم الله « محمد بن وهب » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٤٧
« محمد الهرواني » ت ٤٠٢ هـ
هو : محمد بن عبد
الله الحسين بن عبد الله بن يحيى بن خالد أبو عبد الله الجعفي الكوفي القاضي
المعروف بالهرواني ، ولد سنة خمس وثلاثمائة من الهجرة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « الهرواني »
القراءة عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : محمد بن الحسن بن يونس النحوي ، وحماد
بن أحمد الكوفي .
كما أخذ «
الهرواني » حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء.
يقول « الخطيب
البغدادي » : سمع « الهرواني » علي بن محمد بن هارون الحميري ، ومحمد بن القاسم بن
زكريا المحاربي ونحوهما ، وقدم بغداد وحدث بها ، وكان ثقة فاضلا جليلا ، يقرئ
القرآن ، ويفتي في الفقه على مذهب « أبي حنيفة » وكان من عاصره من الكوفيين يقول :
« لم يكن بالكوفة من هو أفقه منه » .
ومن الأحاديث التي
رواها الهرواني وذكرها الخطيب البغدادي ما يلي : قال
__________________
البغدادي : حدثني
عبيد الله بن أبي الفتح حدثنا محمد بن عبد الله الهرواني الكوفي ببغداد ، حدثنا
علي بن محمد بن هارون الحميري ، حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، حدثنا عبد الله
بن ادريس بن الفرات القزاز عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء كلما ذهب نبي خلفه
نبيّ ، وإنه ليس كائن بعدي نبيّ. قالوا : يا رسول الله فما يكون؟ قال : يكون خلفاء
ويكثرون. قالوا : يا رسول الله فما نصنع؟ قال : أوفوا بيعة الاول فالاول ، أدوا
الذي عليكم ويسألهم الله الذي عليهم .
تصدر محمد «
الهرواني » لتعليم القرآن واشتهر بالثقة وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين
أخذوا عنه القراءة : « أبو علي البغدادي ، وأبو علي غلام الهراس ، ومحمد بن علي بن
الحسن العلوي ، وأبو علي الشرمقاني ، وأبو علي العطار ، وأبو الفضل الخزاعي .
احتل « محمد
الهرواني » مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه ، قال « العتيقي » : ما رأيت
بالكوفة مثله .
وقال « أبو علي
المالكي » : كان من جملة أصحاب الحديث فقيها على مذهب العراقيين جليل القدر .
وقال « أبو العز »
عن أبي علي الواسطي : كان « محمد الهرواني » جليلا في زمانه ، يرحل إليه في طلب
القرآن والحديث من كل بلد .
__________________
وقال « ابن الجزري
» : أبو عبد الله الجعفي الكوفي نحوي مقرئ ثقة يعرف بالهرواني بفتح الهاء والراء ،
وهو الذي كان يأخذ بإعادة الاخلاص ثلاث مرات عند الختم ، انفرد بذلك في رواية «
الأعشى ». ذكر ذلك عنه « أبو الفخر حامد ابن حسنويه القزويني » والظاهر ذلك اختيار
منه .
قال « أحمد بن علي
بن التوزي » : توفي القاضي أبو عبد الله بن الهرواني بالكوفة في ليلة الخميس
الثاني عشر من رجب سنة اثنتين وأربعمائة ، وقد نيف على التسعين سنة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٤٨
« محمد بن يحيى الكسائي الصغير » ت ٢٨٨ هـ
هو : محمد بن يحيى
أبو عبد الله البغدادي الملقب بالكسائي الصغير.
ولد « محمد بن يحيى
» سنة تسع وثمانين ومائة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « محمد بن
يحيى » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو الحارث الليث بن خالد » وهو
أجلّ أصحابه ، وهاشم البربري .
تصدر « محمد بن
يحيى » للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « محمد بن الحسن البطّى ، وزياد بن
زياد القفطي ، وأبو بكر بن مجاهد ، وأبو مزاحم الخاقاني ، وأحمد بن يحيى ثعلب ،
وأبو الحسن بن شنبوذ ، وأحمد بن علي السمسار ، وأحمد بن سهلان ، ومحمد بن كامل بن
خلف القاضي وكيع ، والعباس ابن الفضل ، وأحمد بن دبيس » ، وآخرون .
وكان « محمد بن
يحيى » من خيرة العلماء في القراءات ، والنحو ، وقد أثنى عليه الكثيرون ، وفي هذا
يقول « ابن الجزري » : « محمد بن يحيى » مقرئ محقق جليل شيخ متصدر ثقة .
__________________
وقد أخذ « محمد بن
يحيى » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء فسمع « خلف بن هشام البزّار ، وعليّ بن
المغيرة الأثرم ، وأبا مسحل ، صاحب الكسائي ، وأبا الحارث الليث بن خالد »
كما أخذ عنه
الحديث عدد كبير منهم : « أبو بكر بن مجاهد ، وأبو علي أحمد ابن الحسن المعروف
بدبيس » وغيرهما .
توفي « محمد بن
يحيى » سنة ثمان وثمانين ومائتين من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة
النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله « محمد بن يحيى » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٤٩
« محمد بن يوسف » ت ٣٧٠ هـ
هو : محمد بن يوسف
بن نهار أبو الحسن الحرتكي بكسر الحاء وسكون الراء وبالمثناة من فوق ، البصري ،
إمام جامع البصرة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « محمد بن
يوسف » القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم : « أبو بكر ابن مجاهد ، وأبو الحسن
بن شنبوذ ، وأحمد بن بويان ، ومحمد بن أحمد الرامي » .
تصدر « محمد بن
يوسف » لتعليم القرآن ولسنة النبي عليه الصلاة والسّلام ، واشتهر بالثقة وصحة
الاتقان ، وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، ومن الذين
أخذوا عنه القراءة عرفنا : « طاهر بن غلبون ، وعيسى بن سعيد القرطبي ، وأحمد بن
عبد الله بن اسحاق ، وعثمان بن مالك ، وعبد الله بن أحمد الدّلال » .
كما أخذ محمد بن
يوسف حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن بعض العلماء ، فقد سمع « أبا بكر بن داود ، وعبد الله
بن محمد أبا القاسم البغوي » .
وقد حدث عن « محمد
بن يوسف » عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « محمد ابن الحسين بن جرير الدشتي »
لقيه بالأهواز .
__________________
اشتهر « محمد بن
يوسف » بالتحقيق ، والضبط ، وكثرة العلم ، مما استوجب ثناء العلماء عليه ، وفي هذا
يقول أحد تلاميذه طاهر بن غلبون : « قرأت عليه بالبصرة ، وكان قيما بالقراءة ، قد
أدرك الأكابر من الشيوخ » .
وقال « الامام ابن
الجزري » : « محمد بن يوسف » إمام جامع البصرة ، شيخ محقق ، معروف بالضبط والإتقان
.
ذكر « الإمام
الداني » : إن « محمد بن يوسف » توفي بالبصرة بعد سنة سبعين وثلاثمائة من الهجرة
بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٥٠
« ابن محيصن » ت ١٢٣ هـ
هو : محمد بن عبد
الرحمن بن محيصن المكي. قارئ أهل مكة ، الثقة عالم القراءات والعربية.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قرأ « ابن محيصن »
القرآن على : « سعيد بن جبير ، ومجاهد ، ودرباس ، مولى ابن عباس ».
وقرأ عليه عدد
كثير منهم : « شبل بن عباد ، وأبو عمرو بن العلاء » البصري ، وهو الإمام الثالث ،
من أئمة القراءات العشرة.
كما قرأ عليه «
عيسى بن عمر » القارئ.
كما روى الحديث عن
« أبيه ، وصفية بنت شيبة ، وعطاء ، ومحمد بن قيس ابن مخرمة » .
قال « ابن مجاهد »
: وكان ممن تجرد للقراءة في عصر « ابن كثير » محمد بن عبد الرحمن بن محيصن .
ويقول « ابن
الجزري » : وقراءة « ابن محيصن » في كتاب : المبهج ، والروضة.
__________________
وقال « ميمون بن
عبد الملك » سمعت « أبا حاتم » يقول : ابن محيصن من قريش ، وكان نحويا ، قرأ
القرآن على « ابن مجاهد » .
وقال « أبو عبيد
القاسم بن سلام » : « وكان من قراء مكة عبد الله بن كثير ، وحميد بن قيس ، ومحمد
بن محيصن ، وكان ابن محيصن أعلمهم بالعربية ، وأقواهم عليها » .
توفي « ابن محيصن
» سنة ثلاث وعشرين ومائة بمكة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، ورواياته. رحم الله
« ابن محيصن » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٥١
« ابن أبي مرة النقاش » ت ٣٥٢ هـ
هو : محمد بن عبد
الله بن محمد بن مرة ويقال : ابن أبي مرة ، أبو الحسن الطوسي ثم النقاش يعرف بابن
أبي عمر النقاش ، مقرئ جليل متصدر صالح.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن أبي مرة
» القرآن وحروف القراءات عن عدد من العلماء ، وفي هذا يقول : « الإمام ابن الجزري
» : « أخذ « ابن أبي مرة » القراءة عرضا عن أبي على الصواف ، وأبي بكر بن مجاهد
وإبراهيم بن زياد القنطري ، وروى اختيار خلف البزار عرضا عن اسحاق بن إبراهيم
المروزي ، وعلي بن محمد بن الحسين بن نازك ، ومحمد بن إبراهيم ، وإبراهيم بن اسحاق
، وأبي بكر بن المؤدب ، وروى رواية « اسماعيل » عن « نافع » .
كما أخذ « ابن أبي
مرة » حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : «
سمع « ابن أبي مرة » أبا علي الحسن بن الحسين الصواف ، وأبا جعفر بن بدينا ، حدثنا
عنه علي بن المظفر ـ المعروف بالأصبهاني ـ وكان ـ أي ابن أبي مرة ـ ثقة صالحا دينا
فاضلا ، أخبرنا علي بن المظفر أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد بن مرة
المقرئ النقاش ـ املاء ـ حدثنا أحمد بن المقدام حدثنا بشر بن المفضل عن الجراح
__________________
قال : حدثني فرقد
السنجي قال : قال لي إبراهيم : يا فرقد هل تدري ما سوء الحساب؟ قلت لا ، قال : أن
يحاسب العبد بذنبه كله ، لا يغفر له منه شيء » .
تصدر « ابن أبي
مرة » لتعليم القرآن وذاع صيته واشتهر بالأمانة والصدق ، وأقبل عليه طلاب العلم
وحفاظ القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي هذا يقول « الامام ابن الجزري » : «
روى القراءة عنه عرضا ابنه الحسن وأحمد بن عبد الله السوسنجردي ، وأبو الفرج
النهرواني ، وأبو الحسن الحمامي ، وبكر بن شاذان ، وعلي بن محمد بن يوسف بن العلاف
وأبو بكر بن مهران » ا هـ .
توفي « ابن أبي
مرة » عشية يوم الاربعاء ، ودفن يوم الخميس لاربع بقين من شهر ربيع الاول سنة
اثنتين وخمسين وثلاثمائة من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٥٢
« ابن مرشد »
هو : محمد بن أحمد
بن مرشد بن الزّرز ، أبو بكر الدمشقي المقرئ.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « ابن مرشد »
القراءة القرآنية عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم : « هارون الأخفش » فقد قرأ عليه
بدمشق قبل سنة تسعين ومائتين من الهجرة .
تصدر « ابن مرشد »
لتعليم القرآن الكريم فأقبل عليه حفاظ القرآن.
وفي مقدمتهم : «
عبد الباقي بن السقاء » فقد قرأ عليه ثلاث ختمات .
اشتهر « ابن مرشد
» بالتقوى والصلاح ، وكثرة الصيام ، وفي هذا يقول تلميذه : « عبد الباقي بن السقاء
» : « كان « ابن مرشد ، من خيار المسلمين صابرا على صيام الدهر ، ولزوم الجماعة »
ا هـ .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « ابن مرشد » رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٥٣
« أبو مزاحم الخاقاني » ت ٣٢٥
هو : موسى بن عبيد
الله بن يحيى بن خاقان البغدادي ، ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة
الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
حفظ « أبو مزاحم »
القرآن الكريم وجوده على « الحسن بن عبد الوهاب » ثم تلقى القراءات القرآنية على
مشاهير علماء عصره. فقد أخذ القراءة عرضا عن : محمد بن الفرج ، عن الدوري عن
الكسائي ، وإدريس بن عبد الكريم ومحمد بن يحيى الكسائي ، وعبد الوهاب بن محمد بن
عيسى الخزاز.
وسمع حروف
القراءات من : أحمد بن يوسف بن التغلبي ، عن ابن ذكوان أحد رواة ابن عامر الدمشقي
الإمام الرابع بالنسبة لأئمة القراءات ، كما سمع الحروف أيضا من : محمد بن أحمد بن
واصل عن أبيه ، وغير هؤلاء كثير .
وقد برع « أبو
مزاحم » في قراءة القرآن حتى أصبح إماما في قراءة « الكسائي » ضابطا لها ، مضطلعا
بها ، يقول عنه « ابن الجزري » : أبو مزاحم الخاقاني أول من صنف في التجويد فيما
أعلم ، وقصيدته الرائية مشهورة ، وشرحها الحافظ « أبو عمرو الداني » ، وقد أخبرني
بها أبو حفص عمر بن الحسن المراغي .
__________________
تصدر « أبو مزاحم
الخاقاني » لتعليم القرآن وتجويده ، فتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : أحمد بن نصر ،
ومحمد بن أحمد بن إبراهيم ، وأحمد بن الحسن بن شاذان ، ومحمد بن أحمد الشنبوذي ،
وزيد بن علي ، وغير هؤلاء كثير .
وكما أخذ « أبو
مزاحم » حروف القرآن ، أخذ أيضا سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، فسمع الحديث من :
أبي مزاحم عباس بن محمد الدوري ، ومحمد بن اسماعيل الترمذي ، وعبيد الله بن أبي
سعد الوراق ، واسحاق بن يعقوب العطار ، والحارث بن أبي سلمة ، وعبيد الله بن أحمد
بن حنبل ، وغيرهم كثير.
كما تصدر « أبو
مزاحم » لرواية حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم ، فروى عنه الحديث عدد كثير ، منهم : محمد بن الحسين
الآجري ، وأبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ ، وأبو حفص بن شاهين ، ويوسف بن عمر القواس
، وغيرهم كثير .
وقد كان « أبو
مزاحم » من العاملين بتعاليم الكتاب والسنة ، البعيدين عن زخارف الدنيا المقبلين
على الله تعالى ، وحول هذه المعاني يقول ابن الجزري : « وكان أبوه وجده وزيرين
لبني العباس ، وكذا أخوه « أبو علي محمد بن عبيد الله ». وترك « أبو مزاحم »
الدنيا وأعمل نفسه في رواية الحديث ، وأقرأ الناس ، وتمسك بالسنة. وكان بصيرا
بالعربية شاعرا مجودا .
كما كان « أبو
مزاحم » من الثقات المشهود لهم بصحة الرواية ، قال الخطيب البغدادي : « وكان « أبو
مزاحم » ثقة ديّنا من أهل السنة » .
توفي أبو مزاحم
الخاقاني في ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة
النبي عليه الصلاة والسلام ، رحمهالله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٥٤
« أبو مسلم الكاتب » ٣٩٩ هـ
هو : محمد بن أحمد
بن علي بن حسين أبو مسلم كاتب الوزير « أبي الفضل » البغدادي نزيل مصر ، ولد سنة
خمس وثلاثمائة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو مسلم
الكاتب » القراءة عن خيرة العلماء ، يقول الإمام « ابن الجزري » : « روى القراءة
عن أبي بكر بن مجاهد ، ومحمد بن أحمد بن قطن ، وعلي بن أحمد بن بزيع ، وسمع من «
ابن دريد » ونفطويه وابن الأنباري ، وأبي القاسم البغوي ، وابن أبي داود ، ودخل
المغرب فسمع من أبي القاسم زياد بن مؤنس .
كما أخذ « أبو
مسلم الكاتب » حديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء ، يقول الخطيب البغدادي : « نزل « أبو
مسلم الكاتب » مصر وحدث بها عن أبي القاسم البغوي ، وعبد الله بن أبي داود ، ويحيى
بن محمد بن صاعد ، وبدر بن الهيثم ، وسعيد ابن أخي زبير الحافظ ، وأبي بكر بن دريد
، وأبي بكر بن مجاهد ، وإبراهيم بن غرفة النحوي » .
ثم يقول « الخطيب
البغدادي » : حدثنا عنه أحمد بن محمد العتيقي ،
__________________
والقاضي أبو عبد
الله محمد بن سلامة القضاعي المصري. ثم يقول : وحدثني « الصوري » قال حدثني أبو
الحسين العطار وكيل أبي مسلم الكاتب وكان من أهل العلم والمعرفة بالحديث كتب وجمع.
ولم يكن بمصر بعد عبد الغني بن سعيد أفهم منه ، قال : ما رأيت في أصول « أبي مسلم
» عن « البغوي » شيئا صحيحا غير جزء واحد. كان سماعه فيه صحيحا وما عدا ذلك مفسودا
.
تصدر « أبو مسلم
الكاتب » لتعليم القرآن. وأقبل عليه الطلاب وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي هذا يقول «
الإمام ابن الجزري » : روى القراءة عن أبي مسلم الكاتب الحافظ أبو عمرو الداني ،
وقال : كتبنا عنه كثيرا ، ورشاد بن نظيف ، وأبو علي الأهوازي ، وأحمد بن بابشاذ ،
وأحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة » .
احتل « أبو مسلم
الكاتب » مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه. يقول « ابن الجزري » « أبو مسلم
الكاتب نزيل مصر معمر مسند عالي السند » .
توفي أبو مسلم
الكاتب في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٥٥
« المظفر أبو غانم » ت ٣٣٣ هـ
هو : المظفر بن
أحمد بن حمدان ، أبو غانم المصري مقرئ جليل نحوي ضابط.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن.كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ
ضمن علماء القراءات.
أخذ « أبو المظفر
أبو غانم » القراءة عن عدد من العلماء ، منهم : أحمد بن هلال ، وهو أجل أصحابه
وأضبطهم للقراءة ، وسمع حروف القراءات من « موسى بن أحمد » عن « ابن مجاهد ».
تصدر « المظفر »
لتعليم القرآن ، فتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : أبو بكر محمد ابن علي الأذفوي ،
وعمر بن عراك ، ومحمد بن خراسان الصقلي ، وغير هؤلاء كثير .
كان « المظفر » من
خيرة العلماء ، ومن المؤلفين الأجلاء.
قال « ابن الجزري
» : « أبو غانم المصري مقرئ جليل نحوى ضابط ، ألف كتابا في اختلاف السبعة » ا هـ .
توفي « المظفر أبو
غانم » يوم الأحد لاربع بقين من ربيع الاول سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة من الهجرة
بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحمهالله رحمة واسعة ، إنه
سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٥٦
« معاذ بن جبل » رضياللهعنه ت ١٧ هـ
أحد الصحابة الذين
جمعوا « القرآن » حفظا على عهد النبي صلىاللهعليهوسلم. كما وردت عنه الرواية في حروف القرآن.
ذكره « ابن الجزري
» ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
قال « أنس بن مالك
» رضياللهعنه : جمع القرآن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أربعة كلهم من الأنصار : « أبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، ومعاذ بن جبل ، وأبو
زيد أحد عمومتي ».
وقال عبد الله بن
عمرو رضياللهعنه : قال رسول الله عليه وسلّم : « خذوا القرآن من أربعة : من
« ابن مسعود ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبي حذيفة » ا هـ .
وقال « مجاهد »
لما فتح رسول الله صلىاللهعليهوسلم « مكة » استخلف عليها « عتّاب بن أسيد » يصلي بهم ، وخلّف
معاذا يقرئهم ، ويفقههم .
__________________
قال « عطاء » :
أسلم « معاذ بن جبل » وله ثمان عشرة سنة ا هـ.
وكان رضياللهعنه : أبيض ، جعد الشعر ، طويلا ، جميلا ، عظيم العينين.
قال « جابر بن عبد
الله » : كان « معاذ » من أحسن الناس وجها ، وأحسنهم خلقا ، وأسمحهم كفّا ا هـ.
وقال « أيوب بن
سيّار » : قال « أبو بحرية » : « دخلت مسجد « حمص » فإذا بفتى حوله الناس : جعد ـ قطط
ـ إذا تكلم كأنما يخرج من فيه نور ـ ولؤلؤ ، فقلت : من هذا؟ قالوا : معاذ بن جبل ا
هـ .
وقد روى عن « معاذ
» عدد كبير أذكر منهم : ابن عمر ـ وابن عباس ـ وجابر ـ وأنس ـ وأبا أمامة ـ وأبا
مسلم الخولاني ـ وابن أبي ليلى ـ ومسروق ـ وآخرين.
ولقد أحبه النبي صلىاللهعليهوسلم ، والدليل على ذلك قول « معاذ » : لقيني النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : « يا معاذ إني لأحبّك في الله » قلت : وأنا والله
يا رسول الله أحبّك في الله ، قال : « أ فلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة : ربّ
أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك » ا هـ .
ولسموّ منزلة «
معاذ » عند النبي عليه الصلاة والسلام كان يثني عليه ثناء عاطرا ، والدليل على ذلك
الأثر التالي : فعن « ابن غنم » قال : سمعت « أبا عبيدة » ـ « وعبادة بن الصامت »
يقولان : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « معاذ بن جبل أعلم الأولين والآخرين بعد النبيين
والمرسلين ، وإن الله يباهي به الملائكة » .
__________________
وكان « معاذ بن
جبل » رضياللهعنه ينطق بالحكمة ، وقد أثر عنه في ذلك الكثير من الأخبار أذكر
منها ما يلي :
١ ـ قال : « أبو
نعيم » حدثنا « أبي » عن « معاذ بن جبل » رضياللهعنه قال : « تعلّموا العلم فإن تعلمه لله خشية ، وطلبه عبادة ،
ومذاكرته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة
، لأنه معالم الحلال والحرام ومنار أهل الجنة ، والأنس في الوحشة ، والصاحب في
الغربة ، والمحدث في الخلوة ، والدليل على السراء ، والضرّاء ، والسلاح على
الأعداء ، والزين عند الأخلاء ، يرفع الله به أقواما ، ويجعلهم في الخير قادة
وأئمة ، تقتبس آثارهم ، ويقتدي بفعالهم ، وينتهي إلى رأيهم ، ترغب الملائكة في
خلّتهم بأجنحتها تمسحهم ، يستغفر لهم كل رطب ويابس حتى الحيتان في الحجر وهوامّه ،
وسباع الطير وأنعامه ، لأن العلم حياة القلوب من الجهل ، ومصباح الأبصار من الظلم
، يبلغ بالعلم منازل الأخيار ، والدرجة العليا في الدنيا والآخرة ، به توصل
الارحام ، ويعرف الحلال من الحرام ، يلهمه السعداء ، ويحرمه الأشقياء » ا هـ.
٢ ـ وروى « سليمان
بن أحمد » أن « معاذ بن جبل » رضياللهعنه كان إذا تهجّد من الليل قال : « اللهم قد نامت العيون ،
وغارت النجوم ، وأنت حيّ قيوم ، اللهم طلبي الجنة بطيء ، وهربي من النار ضعيف ،
اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلى يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد » ا هـ .
ومناقب « معاذ » رضياللهعنه كثيرة أذكر منها ما يلي :
فعن « أنس » رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : « أرحم أمتي بأمتي « أبو بكر » وأشدّها في دين الله
« عمر » وأصدقها حياء « عثمان »
__________________
وأعلمهم بالحلال
والحرام « معاذ » وأفرضهم « زيد » ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة « أبو عبيدة » ا
هـ .
وعن « أبي هريرة »
رضياللهعنه أن الرسول صلىاللهعليهوسلم قال : « نعم الرجل « أبو بكر » نعم الرجل « عمر » نعم
الرجل « معاذ بن جبل » .
وعن « محمد بن عبد
الله الثقفي » أن الرسول صلىاللهعليهوسلم قال : « يجيء « معاذ » يوم القيامة أمام العلماء بين يدي
العلماء » وعن « عبيد بن صخر » أن النبي صلىاللهعليهوسلم حين ودعه « معاذ » قال : « حفظك الله من بين يديك ومن خلفك
، ودرأ عنك شرّ الانس والجنّ » ا هـ .
ولقد كان « معاذ »
رضياللهعنه يخشى الله حق خشيته ، من أدلة ذلك ما يلي : فعن « ابن عمر
» رضياللهعنهما قال : « مرّ « عمر » بمعاذ وهو يبكي فقال : ما يبكيك؟ قال
: حديث سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : « إن أدنى الرياء شرك ، وأحب العبيد إلى الله
الاتقياء الأخفياء ، الذين غابوا لم يفتقدوا ، وإذا شهدوا لم يعرفوا ، أولئك
مصابيح العلم ، وأئمة الهدى » ا هـ .
توفي « معاذ » سنة
سبع عشرة من الهجرة وله ثلاث وثلاثون سنة. رحم الله « معاذ بن جبل » رحمة واسعة
وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٥٧
« معروف بن مشكان » ت ١٦٥ هـ
هو : أبو الوليد
معروف بن مشكان ـ بضمّ الميم ـ ويجوز كسرها.
ولد سنة مائة من
الهجرة ، وهو من أبناء الفرس ، الذين بعث بهم « كسرى » في السفن لطرد الحبشة من
اليمن .
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى « معروف
» القرآن على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « عبد الله ابن كثير » قارئ مكة
المكرمة ، وهو الإمام الثاني من القراء العشرة المشهورين ، وقد خلّف « معروف » ابن
كثير من القراءة بمكة المكرمة .
وقد تلقى على «
معروف » القرآن عدد كثير منهم : « إسماعيل بن عبد الله القسط ، ووهب بن واضح » ،
كما سمع منه الحروف : « مطرف النّهدي ، وحماد ابن زيد ، وعبيد بن عقيل » وآخرون .
وقد أخذ « معروف »
الحديث عن عدد من العلماء منهم : « عطاء بن أبي رباح ، ومجاهد بن جبر ».
__________________
كما حدث عنه « ابن
المبارك ، ومروان بن معاوية ، ومحمد بن حنظلة المخزومي ، وآخرون .
توفي « معروف بن
مشكان » سنة خمس وستين ومائة من الهجرة. رحمهالله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٥٨
« المغيرة بن أبي شهاب » ت ٩١ هـ
هو : المغيرة بن
أبي شهاب ، عبد الله بن عمرو بن المغيرة بن ربيعة بن عمرو ابن مخزوم أبو هاشم
المخزومي الشامي ، مقرئ دمشق.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قرأ « المغيرة »
القرآن الكريم على « عثمان بن عفان » رضياللهعنه ، وقد ذكره الإمام « أبو عبيد القاسم بن سلام » في كتابه «
القراءات ».
وقد أنكر « ابن
جرير الطبري » أن « المغيرة » قرأ على « عثمان » حيث قال : وزعم بعضهم أن « ابن
عامر » قرأ على « المغيرة » عن « عثمان » وهذا غير معروف لأننا لا نعلم أحدا ادّعى
أنه قرأ على « عثمان » ا هـ .
وقد ردّ انكار «
الطبري » هذا الكثيرون من العلماء ، فقال « السخاوي » : « وهذا قول ظاهر السقوط
فقوله : « لا نعلم أحدا قرأ على « عثمان » فغير صحيح فإن « أبا عبد الرحمن السلمي
» قرأ عليه ، وروي أنه علمه القرآن.
ثم يقول « السخاوي
» : وقرأ أيضا على « عثمان » أبو الأسود الدؤلي ، وروى الأعمش ، عن « يحيى بن وثاب
» عن « زرّ بن حبيش » عن « عثمان » ثم لا يمنع أن يكون « عثمان » أقرأ « المغيرة »
وحده ، لرغبة « المغيرة » في ذلك ، أو أراد « عثمان » أن يخصّه. ا هـ .
__________________
وقد أخذ القراءة
عن « المغيرة بن أبي شهاب » خيرة العلماء في مقدمتهم : « عبد الله بن عامر »
الدمشقي ، الإمام الرابع بالنسبة لأئمة القراء المشهورين ولا زالت قراءة « عبد
الله بن عامر » يتلقاها المسلمون حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب
العالمين .
توفي « المغيرة بن
أبي شهاب » سنة إحدى وتسعين من الهجرة ، وله تسعون سنة. رحم الله « المغيرة » رحمة
واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٥٩
« المفضّل الضّبّي » ت ١٦٨ هـ
هو : المفضل بن
محمد بن يعلى بن عامر ، الكوفي ، الثقة. شيخ قراء الكوفة ، وإمام النحو ، واللغة.
ذكره « الذهبي »
ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ضمن علماء
القراءات.
تلقى « المفضل
الضبي » القراءة على مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « عاصم بن أبي النجود »
شيخ قراء الكوفة ، وهو الإمام الخامس بالنسبة لأئمة القراءات.
وقد أخذ القراءة
عرضا عن « المفضل الضبي » عدد كثير منهم : « علي بن حمزة الكسائي » الإمام السابع
بالنسبة للقراء ، و « جبلة بن مالك ، وسعيد بن أوس » .
كما روى « المفضل
الضبي » عن « أبي رجاء العطاردي » و « أبي إسحاق ، وسماك بن حرب ».
وروى عنه « الحسن
المدائني » ، وقيل : إن « ابن الأعرابي » أدركه وحمل عنه .
__________________
قال « أبو بكر الخطيب
» : كان « المفضل الضبي » علاّمة ، إخباريّا ، ثقة قال « أبو عمرو الحافظ » : قرأت
في أخبار « بني العباس » أن الرشيد قال له : يا أبا محمد كم اسما في قوله عزوجل : (
فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ ) فقال : ثلاثة أسماء : وقال « أبو زيد الأنصاري » : سمعت «
المفضل » يقول : كنت آتي « عاصما » أقرأ عليه ، وإذا لم آته آتاني في بيتي .
ولما بلغ « ابن
المبارك » موت « المفضل » أنشد قائلا :
نعى لي رجال
والمفضّل منهم
|
|
فكيف تقرّ العين
بعد المفضّل
|
توفي « المفضل »
سنة ثمان وستين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ولغة القرآن. رحم
الله « المفضل الضبي » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٦٠
« أبو موسى الأشعري » رضياللهعنه ت ٤٤ هـ
هو : « أبو موسى
الأشعري » عبد الله بن قيس ، اليماني ، التميمي ، أحد مشاهير القراء.
عده « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الاولى من حفاظ القرآن.
قال « حسين المعلم
» : سمعت « ابن بريدة » يقول : كان « الأشعري » قصيرا ، أثط : أي خفيف شعر اللحية
، خفيف الجسم ا هـ .
وقال أنس بن مالك
، رضياللهعنه : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « يقدم عليكم غدا قوم هم أرقّ قلوبا للاسلام منكم ، فقدم
الأشعريون ، فلما دنوا جعلوا يرتجزون :
غدا نلقى الأحبه
|
|
محمدا وحزبه
|
فلما قدموا
تصافحوا ، فكانوا أول من أحدث المصافحة » .
قال « أبو أحمد
الحاكم » : أسلم « أبو موسى الأشعري » بمكة ، وهاجر إلى الحبشة ، ثم قدم مع أهل
السفينتين بعد فتح خيبر بثلاث ، فقسم لهم النبي صلىاللهعليهوسلم ا هـ .
__________________
وعن « عياض »
الأشعري ، قال : لما نزل قوله تعالى : ( فَسَوْفَ يَأْتِي
اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « هم قومك يا أبا موسى وأومأ إليه » .
وعن « أبي البختري
» قال : أتينا « عليا » رضياللهعنه فسألناه عن أصحاب « محمد » صلىاللهعليهوسلم ، قال : عن أيّهم تسألوني؟ قلنا : عن « ابن مسعود » قال :
علم القرآن والسنة ، ثم انتهى ، وكفى به علما ، قلنا : « أبو موسى الأشعري »؟ قال
: صبغ في العلم صبغة ، قلنا : « حذيفة »؟ قال : أعلم أصحاب « محمد » صلىاللهعليهوسلم بالمنافقين ، قالوا : « سلمان »؟ قال : أدرك العلم الاول ، والعلم الآخر ،
بحر لا يدرك قعره ، قالوا : « أبو ذر »؟ قال : « وعى علما عجز عنه » ا هـ .
وقال « الشعبي »
يؤخذ العلم عن ستة : عمر ـ وعبد الله بن مسعود ـ وزيد ابن ثابت ، يشبه علمهم بعضه
بعضا وكان « علي ، وأبيّ بن كعب ، وأبو موسى » يشبه علمهم بعضه بعضا ، يقتبس بعضهم
من بعض ا هـ .
وقال « ابن شوذب »
: كان « أبو موسى » إذا صلى الصبح ، استقبل الصفوف رجلا رجلا يقرئهم ا هـ .
قرأ على « أبي
موسى الأشعري » : أبو رجاء العطاردي ، وحطان الرقاشيّ وحدث عنه : بريدة بن الحصيب
، وأبو أمامة الباهلي ، وأبو سعيد الخدري ، وأنس ابن مالك ، وطارق بن شهاب ، وسعيد
بن المسيب ، والأسود بن يزيد ، وغيرهم.
__________________
وقد أحبه النبي صلىاللهعليهوسلم ودعا له بالمغفرة والجنة : فعن « أبي موسى الأشعري » أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : « اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه ، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما
» ا هـ .
وعن « ابن بريدة »
عن أبيه قال : « خرجت ليلة من المسجد فإذا النبي صلىاللهعليهوسلم عند باب المسجد قائم ، وإذا رجل يصلي ، فقال لي : « يا
بريدة أ تراه يرائي »؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : « بل هو مؤمن منيب ، لقد
أعطى مزمارا من مزامير آل داود » فأتيته ، فإذا هو « أبو موسى » فأخبرته .
وعن « أنس » رضياللهعنه : أن « أبا موسى » قرأ ليلة فقمن أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم يستمعن لقراءته ، فلما أصبح ، أخبر بذلك ، فقال : لو علمت
لحبّرت تحبيرا ، ولشوقت تشويقا ا هـ .
وقال « العجلي » :
بعثه « عمر » أميرا على البصرة ، فأقرأهم وفقههم ... ولم يكن في الصحابة أحد أحسن
صوتا منه ا هـ .
ولقد كان « لأبي
موسى الأشعري » المكانة المرموقة ، والمنزلة الرفيعة لدى الصحابة والتابعين ،
يتجلى ذلك من خلال النصوص التالية : روى « أسامة بن زيد » عن صفوان بن سليم قال :
لم يكن يفتي في المسجد زمن رسول الله صلىاللهعليهوسلم غير هؤلاء : عمر ، وعليّ ومعاذ ، وأبي موسى ا هـ .
وقال « مسروق » :
كان القضاء في الصحابة إلى ستة : عمر ، وعلي ، وابن
__________________
مسعود ، وأبيّ ،
وزيد ، وأبي موسى ا هـ .
وقال « الأسود بن
يزيد » لم أر بالكوفة أعلم من : علي وأبي موسى ا هـ .
وقال « أبو عثمان
النهدي » : ما سمعت مزمارا ، ولا طنبورا ، ولا صنجا ، أحسن من صوت « أبي موسى
الأشعري » إن كان ليصلي بنا فنودّ أنه قرأ البقرة ، من حسن صوته ا هـ .
استعمله النبي صلىاللهعليهوسلم على : « زبيد ، وعدن » .
ثم ولّي إمرة
الكوفة ، والبصرة « لعمر » رضياللهعنه.
توفي « أبو موسى
الأشعري » في ذي الحجة سنة أربع وأربعين هـ رحم الله « أبا موسى » وجزاه أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٦١
« موسى بن جرير » ت ٣١٦ هـ
هو : موسى بن جرير
أبو عمران الرّقي الضرير.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « موسى بن
جرير » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو شعيب السوسي » أحد الرواة
المشهورين عن « أبي عمرو » البصري ، وهو أجل أصحابه ، وقد خلفه في القراءة
والإقراء بعد وفاته ، ولا زالت قراءة « السوسي » يتلقاها المسلمون بالقبول حتى
الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها ، والحمد لله رب العالمين.
وقد روى القراءة
عن « موسى بن جرير » عدد كثير منهم : « أحمد بن الحسين الكتاني ، والحسين بن محمد
بن حبش ، وعبد الله بن الحسين السامري ، وعبد الله بن اليسع الأنطاكي ، ومحمد بن
أحمد الداجوني ، والحسن بن سعيد المطوعي » وآخرون .
وقد أثنى عليه
الكثيرون ، قال « الذهبي » : كان « موسى بن جرير » بصيرا بالادغام ماهرا في
العربية ، وافر الحرمة ، كثير الأصحاب .
توفي « موسى بن جرير
» سنة ست عشرة وثلاثمائة على خلاف. رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٦٢
« ابن مهران » ت ٣٨١ هـ
هو : أحمد بن
الحسين بن مهران ، الأستاذ أبو بكر الأصبهاني ثم النيسابوري.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تنقل « ابن مهران
» في الأقطار ليأخذ عن علمائها وقرائها. وأخذ عن الكثيرين. وكان عالي السند ، يقول
« ابن الجزري » : قرأ بدمشق على « ابن الأخرم ، وببغداد على « أبي الحسين بن بويان
، وحماد بن أحمد ، وأبي بكر النقاش ، وأبي عيسى بكار ، وعلي بن محمد بن خليع ،
وهبة الله بن جعفر ، والحسن بن داود النقار ، ومحمد بن الحسن بن مقسم ، وأبي علي
محمد بن أحمد بن الصفار » ، وغيرهم كثير .
وقال « الحاكم » :
قرأت ببخاري على « ابن مهران » كتاب « الشامل » في القراءات وهو من مؤلفاته. كما
أخذ « ابن مهران » الحديث عن عدد من العلماء ، وفي هذا يقول « الذهبي » : سمع «
ابن مهران » من إمام الأئمة ابن خزيمة ، وأبي العباس السراج ، وأحمد بن محمد بن
الحسين وجماعته .
تصدر « ابن مهران
» لتعليم القرآن وحروفه ، وحديث الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم ، واشتهر بين الناس بالأمانة ، والثقة وحسن القراءة ،
وأقبل عليه
__________________
طلاب العلم وحفاظ
القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : « مهدي
بن طرارة شيخ الهذلي ، وعلي بن محمد البستي شيخ الواحدي ، ومنصور بن أحمد العراقي
، وطاهر بن علي الصيرفي شيخ شيخ البغوي ، وأحمد بن محمد بن أحمد الحداد ، وعلي بن
عبد الله الفارسي ، وأبو بكر محمد بن أحمد الكرابيسي ».
وروى عنه حروف
القراءات سماعا « أحمد بن إبراهيم المقرئ من كتابه « الغاية » وعبيد الله بن محمد
الطوسي ، وعبد الله بن الحسين النيسابوري ، والحاكم أبو عبد الله الحافظ من كتابه
« الشامل » وآخرون » .
كما روى عنه
الحديث عدد كبير ، وفي مقدمتهم : « أبو عبد الله الحاكم » ، وقال : كان إمام عصره
في القراءات. وكان أعبد من رأينا من القراء ، وكان مجاب الدعوة ، انتقبت عليه خمسة
أجزاء .
ترك « ابن مهران »
للمكتبة الاسلامية الكثير من كتب القراءات. وكلها من تصنيفه ، منها : كتاب الغاية
في القراءات العشر ، ومذهب حمزة في الهمز في الوقف ، وكتاب طبقات القراء ، وكتاب
المرات ، وكتاب الاستعاذة بحججها ، وكتاب الشامل .
احتل « ابن مهران
» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، يقول : « ابن الجزري » : ابن
مهران ضابط محقق ثقة صالح ، مجاب الدعوة ، وقد وقع لي بحمد الله رواية كتابه عاليا
.
توفي « ابن مهران
» في شوال سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة ، وله ست وثمانون سنة. رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٦٣
« نافع بن عبد الرّحمن بن أبي نعيم الليثي » ت ١٦٩ هـ
الإمام الكبير ،
حبر القرآن ، وشيخ قراء المدينة المنورة ، الحجة الثقة ، وإمام عصره بلا منازع.
مولى جعونة بن
شعوب الليثي ، حليف « حمزة بن عبد المطلب ».
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « الإمام »
نافع سنة سبعين من الهجرة ، وأصله من أصبهان.
قال « الذهبي » :
وقد اشتهرت تلاوة « نافع » على خمسة : « عبد الرحمن ابن هرمز الأعرج ، صاحب أبي
هريرة ، وأبي جعفر يزيد بن القعقاع أحد العشرة القراء ، وشيبة بن نصاح ، ومسلم بن
جندب الهذلي ، ويزيد بن رومان ».
وروى « إسحاق
المسيبي » عن « نافع » قال : أدركت عدة من التابعين فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان
منهم فأخذته ، وما شذ فيه واحد تركته ، حتى ألفت هذه القراءة ا هـ .
__________________
وقال « أبو قرّة »
موسى بن طارق : سمعت « نافعا » يقول : قرأت على سبعين من التابعين ا هـ .
وقال « أبو عبيد
القاسم بن سلام » ت ٢٢٤ هـ : وإلى « نافع » صارت قراءة أهل المدينة ، وبها تمسكوا
إلى اليوم ا هـ.
وقال « مجاهد بن
جبر » : كان الإمام « نافع » الذي قام بالقراءة بعد التابعين بمدينة رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وكان عالما بوجوه القراءات متبعا لآثار الأئمة.
وقال « أبو بكر المقورسي
» : وأقرأ الإمام « نافع » الناس دهرا طويلا نيّفا عن سبعين سنة ، وانتهت إليه
رئاسة القراءة بالمدينة المنورة ، وصار الناس إليها .
وقال « الإمام
مالك » : نافع إمام الناس في القراءة ، وقراءته سنة.
وقال « الأصمعي »
عن فلان : أدركت المدينة سنة مائة ، ونافع رئيس في القراءة.
وقال « عبيد بن
ميمون التبّان » قال لي « هارون بن المسيب » : قراءة من تقرئ؟ قلت : قراءة « نافع
، قال : فعلى من قرأ « نافع »؟ قلت : على « الأعرج ». وقال « الأعرج » قرأت على «
أبي هريرة » رضياللهعنه .
وقال « الذهبي » :
روي أن « نافعا » كان صاحب دعابة ، طيب الأخلاق ، وثقه « يحيى بن معين ». وقال «
أبو حاتم » : صدوق ، وقال « ابن عدي » : لنافع عن « الأعرج » نسخة مائة حديث ،
حدثنا بها « جعفر بن
__________________
أحمد » ، وله نسخة
أخرى أكثر من مائة حديث ، عن أبي الزناد ، عن « الأعرج » رواها « ابن أبي فديك »
عنه ، ولم أر له شيئا منكرا » ا هـ .
وأقول : ذكرت
المصادر أن « الإمام نافعا » قرأ على سبعين من التابعين أذكر منهم : أبا جعفر يزيد
بن القعقاع ت ١٢٨ هـ.
وعبد الرحمن بن
هرمز الأعرج ت ١١٧ هـ
وشيبة بن نصاح
القاضي ت ١٣٠ هـ
ويزيد بن رومان ت
١٢٠ هـ
ومسلم بن جندب
الهذلي ت ١٣٠ هـ
وقد تلقى هؤلاء
الخمسة القراءات عن ثلاثة من أصحابه وهم : « أبو هريرة ، وعبد الله بن عباس ، وعبد
الله بن عياش » رضياللهعنهم. وقد قرأ هؤلاء الثلاثة على « أبيّ بن كعب » رضياللهعنه ، وقرأ « أبيّ بن كعب » على رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
من هذا يتبيّن أن
قراءة « الإمام نافع » صحيحة ومتواترة ، ومتصلة السند بالنبي صلىاللهعليهوسلم.
ولا زال المسلمون
في كل مكان يتلقون قراءة « نافع » بالرضا والقبول ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد
لله رب العالمين.
وقد تتلمذ على «
الامام نافع » خلق كثير لا يحصون : من المدينة المنورة ، ومن مصر ، ومن البصرة ،
ومن الشام وغير ذلك من بلاد المسلمين ، أذكر منهم :
الإمام مالك بن
أنس ، إمام دار الهجرة ت ١٧٩ هـ
وأبا عمرو بن
العلاء البصري ت ١٥٤ ه
__________________
وإسماعيل بن جعفر
بن وردان ت ١٦٠ هـ
وسليمان بن جماز ت
١٧٠ هـ
وعيسى بن مينا ،
قالون ت ٢٢٠ هـ
وأبا سعيد عثمان المصري
، ورش ت ١٩٧ ه
وقال « الذهبي ».
: روى « نافع » الحديث عن الأعرج ، وعامر بن عبد الله ابن الزبير ، وأبي الزناد.
وقد روى عنه : «
الليث بن سعد ، وخارجة بن مصعب ، وابن وهب ، وأشهب ، وخالد بن مخلد » وغيرهم.
وقال « أحمد بن
هلال المصري » قال لي الشيباني ، قال لي رجل ممن قرأ على « نافع » : يا « أبا عبد
الله » أتطيب كلما قعدت تقرئ؟
قال : ما مسست
طيبا ، ولكني رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يقرأ في « فيّ » فمن ذلك أشم من « فيّ » هذه الرائحة »
ا هـ .
وروى « الذهبي »
قال : لما حضرت « نافعا » الوفاة ، قال له ابناؤه : أوصنا ، قال : « اتقوا الله
وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ».
وقال « قالون » :
كان « نافع » من أطهر الناس خلقا ، ومن أحسن الناس قراءة وكان زاهدا ، جوادا ، صلى
في مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم ستين سنة » .
توفي « الإمام
نافع » بالمدينة المنورة سنة مائة وتسع وستين من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم
القرآن برواياته وتجويده. رحم الله الإمام نافعا رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٦٤
« أبو نشيط » ت ٢٥٨ هـ
هو : محمد بن
هارون أبو جعفر الرّبعي الحربي البغدادي المروزي المعروف بأبي نشيط.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو نشيط »
القرآن على مشاهير علماء عصره وفي مقدمتهم « قالون » أحد رواة الإمام نافع قارئ
المدينة والإمام الاول بالنسبة لأئمة القراءة.
وكان « أبو نشيط »
من أجل أصحاب « قالون » ولا زال المسلمون يتلقون رواية « قالون » من طريق « أبي
نشيط » حتى الآن.
وقد تلقيتها وقرأت
بها والحمد لله رب العالمين.
وقد تلقى القرآن
على « أبي نشيط » عدد كثير منهم : « أبو حسان أحمد ابن محمد بن الأشعث العنزيّ »
وغيره .
وكان « أبو نشيط »
يرحل في سبيل تلقي حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وفي هذا المعنى
يقول « الذهبي » : « كان « أبو نشيط » من حفاظ الحديث
__________________
والرحّالين فيه ،
سمع « الفريابي » وأبا المغيرة الحمصي ، ويحيى بن أبي بكير ، وطبقتهم ا هـ .
كما روى الحديث عن
« أبي نشيط » عدد كبير منهم : « ابن ماجة في تفسيره ، وأبو بكر بن أبي الدنيا ،
وابن أبي حاتم ، وابن صاعد ، والمحاملي ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل » ، وآخرون .
توفي « أبو نشيط »
سنة ثمان وخمسين ومائتين من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، وسنة النبي
عليه الصلاة والسلام. رحم الله « أبا نشيط » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٦٥
« نصر بن عاصم » ت قبل سنة ١٠٠ هـ
هو : نصر بن عاصم
الليثي ، ويقال : الدؤلي البصري النحوي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « نصر بن
عاصم » القرآن عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم « أبو الأسود الدؤلي » العالم
المشهور.
وقد روى القراءة
عن « نصر بن عاصم » عدد كثير منهم : « أبو عمرو بن العلاء » البصري ، و « عبد الله
بن أبي إسحاق الحضرمي » كما روى عنه الحروف « عون العقيلي ، ومالك بن دينار » .
وكان « نصر بن
عاصم » من العلماء المرموقين الموثوق بهم ، فقد وثقه « الإمام النسائي » وغيره.
قال « ابن الجزري
» يقال : إن « نصر بن عاصم » أول من نقط المصاحف ، وخمّسها ، وعشّرها. ا هـ .
__________________
كما قال « خالد بن
الحذّاء » : هو أول من وضع العربيّة ا هـ .
قال « الداني » :
توفي « نصر بن عاصم » قديما قبل سنة مائة من الهجرة رحم الله « نصر بن عاصم » رحمة
واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٦٦
« نصير بن يوسف » ت في حدود سنة ٢٤٠ هـ
هو : نصير بن يوسف
بن أبي نصر أبو المنذر ، الرازي ثم البغدادي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « نصير بن يوسف
» القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم « الكسائي » وكان من جلّة أصحابه .
وقد تتلمذ على «
نصير » عدد كثير منهم : « محمد بن عيسى الأصبهاني ، وداود ابن سليمان ، وعبد الله
بن محمد بن الحسين ، وعليّ بن أبي نصر النحوي ، والحسين ابن شعيب ، وأحمد بن محمد
بن رستم » شيخ « عبد الواحد بن عمر » وهو آخر من بقي من أصحابه .
كما أخذ « نصير »
الحديث عن خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم « إسحاق ابن سليمان الرازي » وغيره .
وكان لـ « نصير بن
يوسف » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب ثناء الكثيرين عليه ، وفي هذا المعنى
يقول « أبو عبد الله الحافظ » كان « نصير » من
__________________
الأئمة الحذاق ،
لا سيما في رسم المصحف ، وله فيه تصنيف ا هـ .
وقال الأستاذ «
أبو محمد سبط الخياط » كان « نصير » ضابطا عالما بمعنى القراءات ، ونحوها ، ولغتها
ا هـ .
وقال « القفطي »
كان « نصير » علاّمة نحويّا ، صدوق اللهجة ، كثير الأدب حافظا ، جالس « الكسائي »
وأخذ عنه النحو ، وقرأ عليه القرآن ، وله مؤلفات حسان ، سمعها منه « أبو الهيثم
الرازي » رواها عنه « بهراة » وقد رأى الأصمعي أبا زيد الانصاري وسمع منهما . توفي « نصير » في حدود الاربعين ومائتين. رحمهالله رحمة واسعة.
__________________
رقم الترجمة / ٢٦٧
« هارون التّغلبي » ت ٢٩٢ هـ
هو : هارون بن
موسى بن شريك أبو عبد الله التغلبي الدمشقي المعروف بالأخفش.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « هارون
التغلبي » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي هذا يقول « ابن الجزري » : أخذ
القراءة عرضا وسماعا عن « ابن ذكوان » أحد الرواة المشهورين عن « ابن عامر »
الشامي ، ولا زالت قراءة « ابن ذكوان » يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن.
وقد تلقيتها وقرأت
بها والحمد لله رب العالمين كما أخذ حروف القراءات عن « هشام بن عمار » أحد الرواة
المشهورين عن « ابن عامر » كما قرأ باختيار « أبي عبيد القاسم بن سلام » على « أبي
محمد البيساني » عنه .
وقال « الذهبي » :
إن « هارون التغلبي » رأى « أبا عبيد القاسم بن سلام » بدمشق ، وسأله مسألة في
اللغة .
__________________
بلغ « هارون
التغلبي » مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا المعنى يقول « أبو علي
الأصفهاني » : كان « هارون التغلبي » من أهل الفضل ، صنف كتبا كثيرة في القراءات
والعربية ، وإليه رجعت الإمامة في قراءة « ابن ذكوان ». وقال « ابن الجزري » : «
قد رأيت من مؤلفاته » ا هـ .
وقال عنه « ابن
الجزري » : « كان هارون التغلبي مقرئا متصدرا ثقة نحويا شيخ القراء بدمشق يعرف
بأخفش باب الجابية » .
عاش « هارون
التغلبي » زمنا طويلا حتى وصل اثنتين وتسعين سنة قضاها في نشر العلم وتعليم القرآن
، لذلك فقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم : « إبراهيم بن عبد الرزاق ، وإسماعيل بن عبد
الله الفارسي ، وجعفر بن حمدان بن أبي داود ، والحسن بن حبيب ، والحسن بن عبد
الملك ، ومحمد بن أحمد بن شنبوذ ، ومحمد ابن الأخرم ، ومحمد بن الحسن النقاش ،
ومحمد بن موسى الصوري ، والحسين بن محمد البيروني » وغيرهم كثير .
كما أخذ « هارون
التغلبي » الحديث عن خيرة العلماء منهم : أبو مشهر ، وسلام بن سليمان المدائني » .
وقد أخذ الحديث عن
« هارون التغلبي » عدد كثير منهم : « أبو القاسم الطبراني ، وأبو أحمد بن الناصح
المفسر » وجماعة .
توفي « هارون
التغلبي » في صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين. رحم الله « هارون التغلبي » وجزاه
الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٦٨
« هارون المزوّق » ت ٣٠٥ هـ
هو : هارون بن علي
بن الحكم ، أبو موسى ، البغدادي المزوّق النقاش المعروف بحيون.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد أخذ « هارون
المزوق » القرآن عن خيرة العلماء منهم : « أحمد بن يزيد الحلواني ، وأبو عمر
الدوري » ولا زالت قراءة كل من « الحلواني ، والدوري » يتلقاها المسلمون بالقبول
حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها ، والحمد لله رب العالمين .
وقد اشتهر « هارون
المزوّق » بالقراءة ، والاقراء. فروى القراءة عنه عدد كثير منهم : « أحمد بن صالح
بن عطية ، وجعفر بن أحمد الخصّاف ، ومختار بن عبد الله الحلبي » وآخرون .
وقد احتل «
المزوّق » مكانة سامية لدى العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول «
الذهبي » : كان « المزوّق » نبيلا ثقة .
وقال « الداني » :
كان « المزوّق » من كبار أصحاب « الحلواني » .
__________________
كما سمع « المزوّق
» حديث النبي صلىاللهعليهوسلم من خيرة العلماء منهم : « يعقوب بن ماهان ، وإبراهيم بن
سعيد الجوهري ، والحسين بن علي الصدّائي ، وزياد بن أيوب الطوسي » وآخرون.
وكما اشتهر « المزوّق
» بتعليم القرآن ، اشتهر أيضا برواية حديث النبي عليه الصلاة والسلام.
وقد روى عنه
الحديث عدد كثير منهم : « أبو الحسين بن المنادي ، ومحمد بن حميد المخزومي ،
وعثمان المجاشي ، وعمر بن أحمد بن يوسف الوكيل » وآخرون .
توفي « هارون
المزوّق » ليلة الثلاثاء ، ودفن يوم الاربعاء لاثنتين وعشرين ليلة خلت من جمادى
الآخرة سنة خمس وثلاثمائة. رحم الله « هارون المزوّق » رحمة واسعة. وجزاه الله
أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٦٩
« هبة الله بن جعفر »
هو : هبة الله بن جعفر
بن محمد بن الهيثم أبو القاسم البغدادي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « هبة الله »
القراءة عن عدد كبير من مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « والده جعفر ، وأبو
عبد الرحمن عبد الله بن علي ، ومحمد بن محمد بن أحمد اللهبي ، واسحاق بن أحمد
الخزاعي ، وعمر بن نصر ، وهارون بن موسى بن الأخفش ، وأبو ربيعة محمد بن اسحاق ،
وأحمد بن فرح ، وأبو بكر الأصبهاني ، وأحمد بن قعنب ، وأحمد بن يحيى الوكيل صاحب
روح ، وعلي بن أحمد المجلاب ، ومحمد بن يعقوب المعدل » ، وغيرهم .
كما أخذ « هبة
الله » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء ، منهم : « موسى بن هارون الحافظ ،
وأحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار. وأحمد ابن الصلت » ، وغيرهم .
تصدر « هبة الله »
للإقراء دهرا ، واشتهر بالصدق وجودة القراءة وذاع صيته بين الناس ، فأقبل عليه
طلاب العلم ، وتتلمذ عليه عدد كثير. فمن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : أبو
الحسن الحمامي ، وعلي بن محمد بن يوسف بن العلاف ،
__________________
وعبد الملك بن
بكران الحلواني ، ومحمد بن أحمد بن الفتح الحنبلي ، وأبو بكر بن مهران ، وأحمد بن
عبد الله الجبي ، وعبيد الله بن أحمد الصيدلاني ، وأحمد بن محمد الشامي ، وعلي بن
محمد بن عبد الله ، وغير هؤلاء .
كما أخذ حديث
النبي صلىاللهعليهوسلم عن « هبة الله » عدد كثير منهم : أبو الحسن بن « رزقويه ».
احتل « هبة الله »
بين العلماء مكانة سامية مرموقة مما استوجب الثناء عليه.
وفي هذا المعني
يقول « الحافظ الذهبي » : « هبة الله بن جعفر » أحد من عني بالقراءات وتبحّر فيها .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « هبة الله ». إلا أن « ابن الجزري » قال : بقي « هبة الله » فيما أحسب
إلى حدود الخمسين وثلاثمائة.
رحم الله « هبة
الله » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٧٠
« هبيرة التّمّار »
هو : هبيرة بن
محمد التمّار ، أبو عمر ، الأبرش البغدادي ، المشهور بالاقراء ، والمعرفة ، ودقة
الضبط.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « هبيرة »
القرآن على خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « حفص بن سليمان » أحد الرواة المشهورين
عن « عاصم بن أبي النجود » وعاصم هو الإمام الرابع بالنسبة لأئمة القراءات
المشهورين .
وقد أخذ القراءة
عن « هبيرة » عدد كثير منهم : حسنون بن الهيثم ، وأحمد ابن علي بن الفضل الخزاز ،
والخضر بن الهيثم الطوسي ، عرضا وسماعا .
قال « أبو إسحاق
الطبري » قال : « حسنون » : لم يخالف « هبيرة » « عمرو بن الصباح » ، إلا في خمسة
أحرف وهي : « يوم الزينة » من قوله تعالى : ( قالَ مَوْعِدُكُمْ
يَوْمُ الزِّينَةِ ) .
قرأه « هبيرة » «
يوم » بالنصب ، وقرأه « عمرو بن الصباح » بالرفع.
الحرف الثاني : «
وقرن » من قوله تعالى : ( وَقَرْنَ فِي
بُيُوتِكُنَ ) .
__________________
قرأه « هبيرة » «
وقرن » بكسر القاف ، وقرأه « عمرو بن الصباح » بفتح القاف.
الحرف الثالث : «
بنصب » من قوله تعالى : ( وَاذْكُرْ عَبْدَنا
أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ) قرأه « هبيرة » « بنصب » بفتح النون ، وسكون الصاد ، وقرأه « عمرو بن الصباح
» « بنصب » بضم النون ، والصاد.
الحرف الرابع : (
فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ ) .
قرأه « هبيرة »
بنصب القاف فيهما ، وقرأه « عمرو بن الصباح » برفع الاول ونصب الثاني.
الحرف الخامس :
لفظ « يحسب » حيثما وقع في القرآن الكريم.
قرأه « هبيرة »
بكسر السين ، وقرأه « عمرو بن الصباح » بفتح السين .
توفي « هبيرة »
بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، ولم يذكر أحد من المؤرخين تاريخ وفاته ، رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٧١
« أبو الهيثم الكوفيّ »
هو : محمد بن
الهيثم أبو عبد الله الكوفي قاضي عكبرا ، ضابط مشهور حاذق في قراءة « حمزة ».
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو الهيثم
» القراءة عن خيرة العلماء ، وفي هذا المعنى يقول « ابن الجزري » : أخذ « أبو
الهيثم » القراءة عرضا عن « خلاد بن خالد » وهو أجل أصحابه ، وعرض على « عبد
الرحمن بن أبي حمّاد ، وحسين الجعفي ، وجعفر الخشكني » كلهم عن حمزة ا هـ .
وقد تلقى « القرآن
» على « أبي الهيثم » عدد كبير منهم : « القاسم بن نصر المازني ، وعبد الله بن ثابت
» وغيرهما .
رحل « أبو الهيثم
» في سبيل سماع حديث النبي صلىاللهعليهوسلم إلى كثير من الأقطار الاسلامية ، وفي هذا يقول : « الخطيب
البغدادي » : ورحل « أبو الهيثم » في الحديث إلى الكوفة ، والبصرة ، والشام ، ومصر
فسمع من « أبي غسّان مالك بن إسماعيل ، وأبي نعيم الفضل بن دكين » الكوفيين و «
عبد الله بن
__________________
رجاء » البصري ،
ومحمد بن كثير المصّيصي ، ويحيى بن بكير » المصريين ، ويوسف بن عديّ ، ويحيى بن
سليمان الجعفي ، وغيرهم .
وقد روى عن « أبي
الهيثم » حديث الرسول صلىاللهعليهوسلم عدد كثير منهم : « موسى بن هارون الحافظ ، ومحمد بن عبد
الله الحضرمي ، والقاضي المحاملي ، ويحيى بن محمد بن صاعد ، ومحمد بن مخلد الدوري
، وإسماعيل بن محمد الصفّار ، ومحمد بن عمرو الرزاز ، وأبو عمرو بن السمّاك »
وغيرهم كثير .
لم يذكر المؤرخون
تاريخ وفاة « أبي الهيثم الكوفي » رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٧٢
« أبو هريرة » رضياللهعنه ت ٥٩ هـ
هو : « أبو هريرة
» عبد الرحمن بن صخر الدوسي.
روى عن « عبد الله
بن رافع » أنه قال « لأبي هريرة » لم كنّوك أبا هريرة؟
قال : أما تفرق
مني؟ قلت : بلى ، إني لأهابك ، قال : كنت أرعى غنما لأهلي ، فكانت لي « هريرة »
ألعب بها ، فكنوني بها ا هـ .
وكان « أبو هريرة
» رضياللهعنه : إماما ، حافظا ، مفتيا ، فقيها ، صالحا ، حسن الأخلاق ،
متواضعا ، محببا إلى جميع المسلمين.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ « القرآن ».
أسلم « أبو هريرة
» سنة سبع من الهجرة عام خيبر ، وصحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أربع سنين.
وقرأ « أبو هريرة
» « القرآن » على « أبيّ بن كعب » رضياللهعنهما.
__________________
وكان « أبو هريرة
» رجلا آدم ، بعيد ما بين المنكبين ، أفرق الثنيتين ذا ضفيرتين.
عن « أبي هريرة » رضياللهعنه قال : « إن كنت لأعتمد على الأرض من الجوع ، وإن كنت لأشدّ الحجر على بطني من
الجوع. ، ولقد قعدت على طريقهم ، فمرّ بي « أبو بكر » فسألته عن آية في كتاب الله
، ما أسأله إلا ليستتبعني ، فمرّ ولم يفعل ، فمرّ « عمر » فكذلك ، حتى مرّ بي رسول
الله صلىاللهعليهوسلم ، فعرف ما في وجهي من الجوع ، فقال : « أبو هريرة »؟ قلت :
لبيك يا رسول الله ، فدخلت معه البيت ، فوجدنا « لبنا » في قدح ، فقال : « من أين
لكم هذا »؟ قيل : أرسل به إليك فلان ، فقال : « يا أبا هريرة ، انطلق إلى أهل
الصفة ، فادعهم » وكان أهل الصفة أضياف الاسلام ، لا أهل ، ولا مال ، إذا أتت رسول
الله صلىاللهعليهوسلم صدقة أرسل بها إليهم ، ولم يصب منها شيئا ، وإذا جاءته
هدية أصاب منها ، وأشركهم فيها ، فساءني إرساله إياي ، فقلت : كنت أرجو أن أصيب من
هذا اللبن شربة أتقوى بها ، وما هذا اللبن في أهل الصفة؟ ولم يكن من طاعة لله
وطاعة رسوله بدّ ، فأتيتهم فأقبلوا مجيبين ، فلما جلسوا ، قال : « خذ يا أبا هريرة
فأعطهم ، فجعلت أعطي الرجل ، فيشرب حتى يروى ، حتى أتيت على جميعهم ، وناولته رسول
الله صلىاللهعليهوسلم فرفع رأسه إليّ متبسما وقال : « بقيت أنا وأنت » قلت :
صدقت يا رسول الله ، قال : فاشرب فشربت ، فقال : « اشرب » فشربت ، فما زال يقول :
اشرب ، فأشرب ، حتى قلت : والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغا ، فأخذ فشرب من الفضلة
ا هـ .
قال « البخاري » :
روي عن « أبي هريرة » ثمان مائة حديث أو أكثر.
وقال « أبو سعيد
الخدري » : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « أبو هريرة وعاء من العلم » ا هـ .
__________________
كما ثبت أن النبي صلىاللهعليهوسلم دعا له فقال : « اللهم حبّب عبدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين ، وحبّبهم
إليهما ا هـ .
وروى « أبو هريرة »
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : « أ لا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك؟
قلت : أسألك أن تعلمني مما علمك الله ، فنزع نمرة كانت على ظهري فبسطها بيني وبينه
حتى كأني أنظر إلى النمل يدبّ عليها فحدثني ، حتى إذا استوعبت حديثه قال : اجمعها
فصرّها إليك » فأصبحت لا أسقط حرفا مما حدثني ا هـ .
وكما اشتهر « أبو
هريرة » بكثرة حفظه لحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
اشتهر أيضا بذاكرة
قوية لا تنسى ، يدل على ذلك ما يلي : روى « أبو الزعيزعة » كاتب « مروان » انّ «
مروان » أرسل إلى « أبي هريرة » فجعل يسأله ، وأجلسني خلف السرير وأنا أكتب حتى
إذا كان رأس الحول دعا به فأقعده من وراء حجاب ، فجعل يسأله عن ذلك الكتاب ، فما
زاد ولا نقص ، ولا قدّم ولا أخّر ، قلت : هكذا فليكن الحفظ ا هـ .
وقال « الشافعي »
: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره ا هـ .
ولقد كان « لأبي
هريرة » المنزلة السامية الرفيعة لدى الصحابة والتابعين وشهد له الجميع بالعلم ،
يدلّ على ذلك النصوص التالية : قال « أبو صالح » : كان « أبو هريرة » من أحفظ
الصحابة ا هـ .
__________________
وقال « أبو رافع »
: إن « أبا هريرة » لقي « كعبا » فجعل يحدثه ويسأله ، فقال « كعب » : ما رأيت أحدا
لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من « أبي هريرة » .
وقال « ابن عمر »
لأبي هريرة : يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأعلمنا بحديثه ا هـ .
وقال « زياد بن
مينا » : كان « ابن عباس ـ وابن عمر ـ وأبو هريرة ـ وأبو سعيد ـ وجابر مع غيرهم من
الصحابة يفتون بالمدينة ، ويحدثون من لدن توفي « عثمان » رضياللهعنهم إلى أن توفوا ، وإلى هؤلاء الخمسة صارت الفتوى .
قال « الذهبي »
توفي « أبو هريرة » سنة تسع وخمسين ، ولعله الصحيح لأنه صلى على « أم سلمة » وماتت
في شوال سنة تسع وخمسين ا هـ.
رحم الله أبا
هريرة ، رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٧٣
« هشام بن عمّار » ت ٢٤٥ هـ
هو : هشام بن
عمّار بن نصر بن ميسرة أبو الوليد السلمي ، إمام أهل دمشق ومقرئهم ، ومحدثهم ،
ومفتيهم.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « هشام بن
عمّار » سنة ثلاث وخمسين ومائة من الهجرة.
وقد أخذ « هشام »
القراءة عن مشاهير علماء عصره منهم : « أيوب بن تميم ، وعراك بن خالد ، وسويد بن
عبد العزيز ». وروى الحروف عن « عتبة بن حمّاد » ، وغير هؤلاء كثير .
وقد أخذ « هشام »
حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن خيرة العلماء ، يقول : « الذهبي » : « وسمع من مالك ،
ومسلم الزنجي ، وعبد الرحمن بن أبي الرّجال ، وإسماعيل بن عياش ، وسفيان بن عينية
، وسليمان بن موسى الزّهري ، وغيرهم كثير » .
قال « محمد بن
الفيض الغساني » : « سمعت « هشاما » يقول : باع
__________________
« أبي » بيتا
بعشرين دينارا وجهزني للحج ، فلما صرت إلى « المدينة المنورة » أتيت مجلس « مالك »
ومعي مسائل ، فأتيته وهو جالس في هيئة الملوك وغلمان قيام ، والناس يسألونه ، وهو
يجيبهم ، فقلت : ما تقول في كذا؟ فقال : حصلنا على الصبيان يا غلام احمله ، فحملني
كما يحمل الصبيّ ، وأنا يومئذ مدرك ، فضربني بدرّة مثل درّة المعلمين سبع عشرة
درّة ، فوقفت أبكي ، فقال : ما يبكيك أوجعتك هذه؟ قلت : إن « أبي » باع منزله ،
ووجّه بي أتشرف بك وبالسماع منك فضربتني ، فقال : اكتب ، فحدثني سبعة عشر حديثا ،
وأجابني عن المسائل » .
ويقول « الذهبي »
: لقد كان هشام بن عمّار من أوعية العلم ، وكان ابتداء طلبه للعلم وهو حدث قبل
السبعين ومائة ، وفيها قرأ « القرآن » على أيوب بن تميم ، وعلى الوليد بن مسلم
وجماعة .
وقد كان « هشام بن
عمّار » من الذين أوقفوا حياتهم لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام.
يقول « ابن الجزري
» : قد روى القراءة عن « هشام » ، أبو عبيد القاسم ابن سلام قبل وفاته بنحو أربعين
سنة ، وأحمد بن يزيد الحلواني ، وأحمد بن أنس ، وإسحاق بن أبي حسّان ، وأحمد بن
المعلّى ، وإبراهيم بن عباد ، وإسحاق بن داود ، وغيرهم كثير .
لقد كان « هشام بن
عمّار » من رجال الحديث الثقات ، فقد وثقه يحيى ابن معين ، وابن الجنيد ، وأحمد
العجلي ، والنسائي. وقال « الدار قطني » : صدوق كبير المحلّ .
__________________
وقد حدث عن « هشام
بن عمّار » عدد كثير ، وفي هذا المعنى يقول « الذهبي » : حدث عن « هشام » من كبار
شيوخه : « الوليد بن مسلم ، ومحمد بن شعيب ».
وحدث عنه من أصحاب
الكتب : « البخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجة » ، وروى الترمذي عن رجل
عنه ، ثم يقول « الذهبي » : وحدث عنه بشر كثير ، أذكر منهم : ولده « أحمد » وأبا
زرعة الدمشقي ، والرازي ، وأبا حاتم ، ويعقوب الفسوي ، وإسحاق بن إبراهيم ، وغيرهم
كثير .
قال « أبو القاسم
بن الفرات » : أخبرنا « أبو علي أحمد بن محمد الأصبهاني » المقرئ. قال : لما توفي
« أيوب بن تميم » يعني : مقرئ دمشق ، رجعت الإمامة حينئذ إلى رجلين أحدهما مشتهر
بالقراءة والضبط ، وهو « ابن ذكوان » فائتم به الناس ، والآخر مشتهر بالنقل ،
والفصاحة ، والرواية ، والعلم ، والدراية ، وهو « هشام ابن عمّار » وكان خطيبا
بدمشق ، رزق كبر السنّ ، وصحة العقل والرأي فارتحل إليه في نقل القراءة ، والحديث
ا هـ .
ولقد كان « هشام
بن عمّار » خطيبا بارعا ، وفي هذا المعنى يقول « عبدان الأهوازي » قال « هشام بن
عمّار » : ما أعدت خطبة منذ عشرين سنة .
وهذا الخبر إن دلّ
على شيء فإنما يدلّ على فصاحة « هشام بن عمّار » وكثرة علمه ، وشدّة ذكائه.
وكان « هشام بن
عمّار » مع فصاحته وبلاغته ، وعلوّ منزلته في العلم ، ينطق بالحكمة ويعلمها الناس
، وفي هذا المعنى يقول « محمد بن خريم الخريمي » :
__________________
سمعت « هشام بن
عمّار » يقول في خطبته : « قولوا الحقّ ، ينزلكم الحقّ منازل أهل الحقّ ، يوم لا
يقضي إلا بالحقّ » ا هـ
ولقد احتلّ « هشام
بن عمّار » بين العلماء مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة ، حول هذه المعاني السامية
يقول « يحيى بن معين » : هشام بن عمار كيّس .
وقال « هشام بن
مرثد » : سمعت « ابن معين » يقول : « هشام بن عمّار أحبّ إليّ من « ابن أبي مالك »
ا هـ .
كما كان « هشام بن
عمّار » من المقرّبين إلى الله تعالى ، ومن مستجابي الدعوة ، وفي هذا المعني يقول
« أبو عبيد الله الحميدي » : « أخبرني بعض أهل الحديث « أن هشام ابن عمّار » قال :
سألت الله سبع حوائج فقضى لي منها ستّا ، والواحدة ما أدري ما صنع فيها : سألته أن
يغفر لي ولوالديّ ، فما أدري ما صنع في هذه ، وسألته أن يرزقني الحج ففعل ، وسألته
أن يعمّرني مائة سنة ، ففعل ، وسألته أن يجعلني مصدّقا على حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ففعل ، وسألته أن يجعل الناس يغدون إليّ في طلب العلم ففعل ، وسألته أن أخطب
على منبر دمشق ففعل ، وسألته أن يرزقني ألف دينار حلالا ففعل » ا هـ .
توفي « هشام بن
عمّار » في آخر المحرّم سنة خمس وأربعين ومائتين بعد حياة حافلة بخدمة الكتاب
والسنة. رحمهالله رحمة واسعة أمين.
__________________
رقم الترجمة / ٢٧٤
« ابن هلال » ت ٣١٠ هـ
هو : أحمد بن عبد
الله بن محمد بن هلال ، أبو جعفر الازدي المصري ، استاذ كبير محقق ضابط.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره ابن الجزري ت ٨٣٣ هـ ضمن
علماء القراءات.
أخذ « ابن هلال »
القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : والده ، واسماعيل ابن عبد الله النحّاس ،
وسمع حروف القراءات من « بكر بن سهل الدمياطي ».
تصدر « ابن هلال »
لتعليم القرآن فأخذ عنه الكثيرون ، منهم : حمدان بن عون ، وسعيد بن جابر ، والحسن
بن عبد الله ، وعبد العزيز بن الفرح ، وأحمد بن محمد بن الهيثم الشعراني ، ومحمد
بن أحمد بن أبي الإصبع ، وعتيق بن ما شاء الله ، والمظفر بن أحمد بن حمدان ، وآخرون
.
توفي « ابن هلال »
في ذي القعدة سنة عشر وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم.
رحم الله « ابن هلال » رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٧٥
« ورش » ت ١٩٧ هـ
هو : عثمان بن
سعيد بن عدي المصري المقرئ المشهور بورش ، والورش : شيء يصنع من اللبن ، ونافع
شيخه في القراءة هو الذي لقّبه بورش لشدة بياضه.
وقيل : إن نافعا
لقبه « بالورشان » وهو طائر معروف ، فكان يقول له ، اقرأ يا ورشان ، ثم خفف وقيل
ورش ، وكان لا يكرهه ويقول أستاذي نافع سماني به.
ولد ورش سنة عشر
ومائة من الهجرة.
وكان « ورش » رحمهالله تعالى أشقر ، سمينا ، مربوعا ، وإليه انتهت رئاسة الاقراء بالديار المصرية في
زمانه.
ذكره « الذهبي »
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من علماء القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد قرأ ورش
القرآن وجوّده عدة مرات على شيخه « نافع » القارئ المدني ، والإمام الاول بالنسبة
لأئمة القراءات. ولقراءة ورش المصري ، على « نافع » المدني قصة لطيفة يرويها
المؤرخون ، وهذا موجزها.
قال « الداني » :
أخبرنا « علي بن الحسن ، وعلي بن إبراهيم » عن « محمد ابن سلمة العثماني » قال :
قلت لأبي : أ كان بينك وبين ورش مودّة؟
قال : نعم ، حدثني
« ورش » قال : خرجت من مصر لأقرأ على « نافع »
__________________
فلما وصلت إلى
المدينة المنورة صرت إلى مسجد « نافع » فإذا هو لا تطاق القراءة عليه من كثرتهم ،
وإنما يقرئ ثلاثين ، فجلست خلف الحلقة ، وقلت لإنسان من أكبر الناس عند « نافع »؟
فقال لي : كبير الجعفريين ، فقلت : كيف به ، قال : أنا أجيء معك إلى منزله ، وجئنا
إلى منزله فخرج شيخ ، فقلت : أنا من « مصر » جئت لأقرأ على « نافع » فلم أصل إليه
وأنا أريد أن تكون الوسيلة إليه ، فقال : نعم وكرامة ، وأخذ طيلسانه ومضى معنا إلى
« نافع » وكان لنافع كنيتان : « أبو رويم ، وأبو عبد الله » فبأيّهما نودي أجاب ،
فقال له الجعفري : هذا وسيلتي إليك جاء من « مصر » ليس معه تجارة ، وإنما جاء
للقراءة خاصّة ، فقال : أي « نافع » : ترى ما ألقى من أبناء المهاجرين والأنصار ،
فقال صديقه الجعفري : تحتال له ، فقال لي « نافع » أ يمكنك أن تبيت في المسجد؟ قلت
: نعم ، فبتّ في المسجد ، فلما أن كان الفجر جاء « نافع » فقال : ما فعل الغريب؟
فقلت : ها أنا رحمك الله ، قال : أنت أولى بالقراءة.
قال أي « ورش » :
وكنت مع ذلك حسن الصوت مدّادا به ، فاستفتحت فملأ صوتي مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقرأت ثلاثين آية ، فأشار بيده أن اسكت ، فسكتّ ، فقام إليه شابّ من الحلقة
فقال : يا معلّم أعزّك الله نحن معك وهذا رجل غريب ، وإنما رحل للقراءة عليك وقد
جعلت له عشرا ، واقتصرت على عشرين ، أي تنازلت له عن عشر آيات من المقدار المخصّص
لي وسأكتفي بقراءة عشرين آية فقط. ولعلّ السبب في ذلك هو حسن قراءة « ورش » وجمال
صوته.
يقول « ورش » قرأت
عشر آيات فقام فتى آخر فقال كقول صاحبه ، فقرأت عشر آيات ، وقعدت حتى لم يبق أحد
ممن له قراءة.
فقال « نافع » : «
اقرأ فأقرأني خمسين آية ، فما زلت أقرأ عليه خمسين في خمسين حتى قرأت عليه ختمتان
قبل أن أخرج من المدينة المنورة » ا هـ .
__________________
ومما تجدر الإشارة
إليه أن قراءة « ورش » اشتهرت بين المسلمين ، واستفاضت ، ولا زال المسلمون في كل
مكان يتلقونها بالرضا والقبول ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
ونظرا لشهرة قراءة
ورش بين المسلمين فهناك مصاحف قرآنية تطبع طباعة خاصة متضمنة أصول قراءة ورش.
ومن أصول قراءة
ورش أنه يقرأ بالمدّ الطويل في كل من المدّ المنفصل والمتصل ، ويقرأ أيضا بمدّ
حرفي اللين إذا وقع بعدها همز ، كما يقرأ بنقل حركة الهمز إلى الساكن الصحيح الذي
قبله ، إلى غير ذلك من الأحكام ، وكلها مبيّنة ومدوّنة في الكتب المختصة بذلك.
وبعد أن رجع ورش
من المدينة المنورة إلى موطنه « مصر » جلس يقرئ الناس حتى وافته منيته.
قال « إسماعيل
النحاس » : قال لي « أبو يعقوب الأزرق » : إن « ورشا » لما تعمّق في النحو وأحكمه
، اتخذ لنفسه مقرئا يسمّى مقرئ ورش . ومما لا شك فيه
أن « ورشا » رحمهالله تعالى كان مدرسة وحده ، وقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم :
أحمد بن صالح الحافظ ، وداود بن أبي طيبة ، وأبو يعقوب الأزرق ، وعبد الصمد بن عبد
الرحمن بن القاسم ، ويونس بن عبد الأعلى ، وسليمان بن داود ، وآخرون.
وكما اشتهر ورش
بقراءة القرآن ، اشتهر أيضا بالثقة والأمانة ، وكان حجة في القراءة.
توفي « ورش » بمصر
سنة سبع وتسعين ومائة من الهجرة. بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم وتجويده.
رحم الله « ورشا » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء. والله أعلم.
__________________
رقم الترجمة / ٢٧٦
« الوليد بن عتبة » ت ٢٤٠ هـ
هو : الوليد بن
عتبة بن بنان أبو العباس الأشجعي الدمشقي.
ذكره « الذهبي ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة ضمن حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « الوليد بن
عتبة » سنة ست وسبعين ومائة من الهجرة. وأخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره : فقد
عرض القرآن على « أيوب بن تميم » كما روى القراءة عن « الوليد بن مسلم وضمرة بن
ربيعة » .
وقد تلقى عنه القرآن
عدد كثير منهم : « أحمد بن نصر بن شاكر » « ونعيم بن كثير ، وعبد الله بن محمد بن
هاشم الزعفراني ». كما روى عنه الحروف « أحمد ابن يزيد الحلواني » و « الفضل بن
الأنطاكي » وكما كان « الوليد بن عتبة » معلم للقرآن الكريم ، فقد كان أيضا من
رواة حديث النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقد حدّث عنه عدد كثير منهم : « أبو داود » في سننه ،
ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني ، وجعفر الفريابي ، وعمر بن سعد ، وآخرون .
وقد اشتهر «
الوليد بن عتبة » بالضبط والاتقان وصحة القراءة ، وفي هذا
__________________
المعنى يقول « أبو
زرعة الدمشقي » : كان القراء بدمشق الذين يحكمون القراءة الشامية العثمانية ،
ويضبطونها : هشام ، وابن ذكوان ، والوليد بن عتبة » .
وقال عنه الإمام
البخاري : « الوليد بن عتبة » معروف الحديث .
توفي « الوليد بن
عتبة » سنة أربعين ومائتين من الهجرة. بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي
عليه الصلاة والسلام. رحمهالله « الوليد بن عتبة » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٧٧
« وهب بن واضح » ت ١٩٠ هـ
هو : وهب بن واضح
أبو الإخريط ، ويقال أبو القاسم المكي.
قال عنه « الذهبي
» : انتهت إليه رئاسة الإقراء بمكة .
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد تلقى « وهب بن
واضح » القرآن على مشاهير علماء عصره منهم : « شبل ابن عبّاد ، ومعروف بن مشكان ،
وإسماعيل بن عبد الله القسط » وآخرون .
قال أبو عمرو
الداني : أخذ « وهب بن واضح » القراءة عرضا عن « إسماعيل بن عبد الله القسط » ثم
عرض على « شبل ومعروف ».
وقد روى عن « وهب
بن واضح » القرآن عدد كثير منهم : « أحمد بن محمد القوّاس ، وأحمد ابن محمد
البزّي. ، أحد الرواة المشهورين عن ابن كثير ، ولا زال
المسلمون يتلقون قراءة « البزّي » حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب
العالمين.
توفي « وهب بن
واضح » سنة تسعين ومائة من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم ، رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٧٨
« يحيى بن آدم » ت ٢٠٣ هـ
هو : يحيى بن آدم
بن سليمان بن خالد أبو زكريا الصّلحي مولى آل أبي معيط الكوفي ، صاحب أبي بكر بن
عياش.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
روى « يحيى بن آدم
» القراءة عن « أبي بكر بن عياش » سماعا ، وقال : سألت « أبا بكر بن عياش » عن هذه
الحروف فحدثني بها كلها ، وقرأتها عليه حرفا حرفا ، وقيدتها على ما حدثني بها ا هـ
.
وقال « ابن الجزري
» : وروى « يحيى بن آدم » القراءة أيضا عن « الكسائي » وهو الإمام السابع من أئمة
القراءات.
وقال « أبو عمرو
الداني » وغيره ، روى « يحيى بن آدم » حروف عاصم سماعا من غير تلاوة عن « أبي بكر
بن عياش ا هـ .
__________________
وقال « أبو طاهر
بن أبي هاشم » : حدثنا « علي بن أحمد العجلي » وغيره ، قالوا : حدثنا « أبو هشام »
قال : حدثنا « يحيى بن آدم » قال : سألت « أبا بكر بن عياش » عن حروف « عاصم »
التي في هذه الكراسة أربعين سنة ، قال : فحدثني بها كلها ، وقرأها عليّ حرفا حرفا
، فنقطتها ، وقيدتها ، وكتبت معانيها على معنى ما حدثني بها سواء ، ثم قال :
أقرأنيها « عاصم » كما حدثتك حرفا حرفا ا هـ .
ولقد كان « يحيى
بن آدم » مدرسة وحده ، فقد أخذ عنه القراءات عدد كثير منهم : « الإمام أحمد بن
حنبل ، وأحمد بن عمر الوكيعي ، وشعيب بن أيوب الصريفيني ، وأبو حمدون الطيب بن
إسماعيل ، وخلف بن هشام البزّار ، الإمام العاشر من أئمة القراءات » .
كما تلقى « يحيى
بن آدم » القراءات عن مشاهير العلماء ، أخذ أيضا الحديث عن أفضل العلماء ، منهم :
« عيسى بن طهمان ، ويونس بن أبي إسحاق ، وفضيل ابن مرزوق ، ومفضل بن مهلهل ،
وسفيان الثوري ، ومسعر بن كدام ، وآخرون » .
وكما كان « يحيى
بن آدم » معلما لكتاب الله تعالى ، كان أيضا من رواة الحديث عن النبي عليه الصلاة
والسلام ، وقد روى عنه عدد كثير ، وفي مقدمتهم : الإمام أحمد بن حنبل ، ويحيى ابن
معين ، وأبو كريب ، وعبد بن حميد ، وهارون الحمّال ، والحسن ابن علي ابن عفان ،
وخلق كثير .
يقول « الذهبي » :
أثبت الروايات عن « أبي بكر بن عياش » رواية
__________________
« يحيى ابن آدم »
وما ذكر صاحب التيسير ، غيرها ا هـ .
وقد كان « يحيى بن
آدم » من العلماء الثقات ، فقد وثقه « ابن معين ، والنسائي » وسئل عنه « أبو داود
» فقال : ذاك واحد الناس ا هـ .
كما كان « يحيى بن
آدم » رحمهالله من خيرة علماء عصره ، ولذلك ذكره الكثيرون من العلماء
بالفضل وأثنوا عليه : يقول « علي بن المديني » : رحم الله « يحيى بن آدم » لقد كان
عنده علم كثير ا هـ .
وقال « ابن الجزري
» : سئل « الإمام أحمد بن حنبل » عن « يحيى بن آدم » فقال : « ما رأيت أحدا أعلم ،
ولا أجمع للعلم منه ، وكان عاقلا حليما ، وكان من أروى الناس عن « أبي بكر بن عياش
» ا هـ .
ويقول « الذهبي »
: قال « أبو أسامة » : ما رأيت « يحيى بن آدم » إلا ذكرت « الشعبي » يعني أنه كان
جامعا للعلم ، ثم يقول « أبو أسامة » : كان « عمر ابن الخطاب » رضياللهعنه في زمانه رأس الناس ، وكان بعده « ابن عباس » رضياللهعنهما ، ثم كان بعده « الشعبيّ » في زمانه ، وكان بعد « الشعبي »
« الثوري » في زمانه ، وكان بعد الثوري « يحيى بن آدم » .
توفي « يحيى بن
آدم » بفم الصلح ، وهي قرية من قرى « واسط » وذلك في شهر ربيع الاول سنة ثلاث
ومائتين ، وهو في عشر السبعين ، وذلك بعد العمل المتواصل من أجل تعليم كتاب الله
تعالى ، وسنة النبي صلىاللهعليهوسلم. رحم الله « يحيى بن آدم » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٧٩
« يحيى الذّماريّ » ت ١٤٥ هـ .
شيخ القراءات
بدمشق ، وإمام الجامع الأموي ، الثقة ، الثبت.
هو : يحيى بن
الحارث بن عمرو بن يحيى الذماري.
وذمار قرية من
اليمن على بعد مرحلتين من « صنعاء ». وقرية « ذمار » ينسب إليها نفر من أهل العلم
، منهم : « أبو هشام عبد الملك بن عبد الرحمن » سمع « الثوري » وغيره.
ومنهم : « مروان
أبو عبد الملك » القارئ ، قرأ القرآن على : « زيد بن واقد ، ويحيى بن الحارث »
وحدث عنهما ، وولّى قضاء دمشق .
وقد أخذ « يحيى
الذماري » القراءة عرضا عن « عبد الله بن عامر » الدمشقي ، وهو الإمام الرابع
بالنسبة للقراء أو الأئمة العشرة.
وقد خلف « يحيى
الذماري » « ابن عامر » بعد وفاته.
كما قرأ « يحيى
الذماري » على « نافع بن أبي نعيم » المدني ، ونافع هو الإمام الأول بالنسبة
للأئمة العشرة.
__________________
وقد ذكره « الذهبي
» ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن.
كما ذكره « ابن
الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
وقد روى « يحيى
الذّماري » عن مشاهير علماء عصره ، منهم : « سعيد بن المسيب ، وسالم بن عبد الله ،
وأبو الأشعث الصنعاني ».
وقد أخذ القراءة
عن « يحيى الذماري » عدد كثير ، منهم : « سعيد بن عبد العزيز ، وثور بن يزيد ،
وهشام بن الغازي ، ويحيى بن حمزة ومحمد بن شعيب بن سابور ، وهبة بن الوليد وصدقة
بن عبد الله ، وغير هؤلاء كثير.
كما حدث عنه «
الاوزاعي ، وصدقة بن خالد ».
وكان « ليحيى
الذماري » اختيار في القراءة خالف فيه شيخه « ابن عامر ».
وقال « الذهبي » :
سئل « يحيى الذماري » عن آي القرآن فأشار بيده ستة آلاف ، ومائتان ، وعشرون آية.
وأقول : هذا هو
عدد آي القرآن عند علماء الشام.
وهو ما يرويه «
يحيى الذماري » وينسب هذا العدد إلى « عثمان بن عفان » رضياللهعنه.
أما بقية علماء
عدد آي القرآن فبيانها كما يلي : فأهل الكوفة يعدون آي القرآن ستة آلاف ومائتين ،
وسبع عشرة آية ، وهذا العدد هو ما يرويه « نافع المدني » عن شيخيه : « شيبة بن
نصاح ، وأبي جعفر يزيد بن القعقاع ».
وأهل البصرة يعدون
آي القرآن ستة آلاف ومائتين وأربع عشرة آية ، وهذا العدد هو ما يرويه « ورش » عن «
نافع » عن شيخيه.
وأهل مكة يعدّون
آي القرآن ستة آلاف ومائتين ، وعشرة آية ، وهذا العدد هو ما يرويه « مجاهد بن جبر
» عن « ابن عباس » عن « أبي بن كعب » رضياللهعنهما.
وفي هذا المعنى
يقول الإمام الشاطبي في منظومته : « ناظمة الزهر » :
ولما رأى الحفاظ
أسلافهم عنوا
|
|
بها دوّنوها عن
أولي الفضل والبرّ
|
فعن نافع عن
شيبة ويزيد أو
|
|
المدني إذ كل
كوف به يقري
|
وحمزة مع سفيان
قد أسنداه عن
|
|
عن عليّ عن
أشياخ ثقات ذوي خبر
|
والآخر إسماعيل
يرويه عنهما
|
|
بنقل ابن جماز سليمان
ذي النشر
|
وعدّ عطاء بن
اليسار كعاصم
|
|
هو الجحدري في
كل ما عدّ للبصري
|
ويحيى الذماري
للشامي وغيره
|
|
ردوا لعدد
المكّي أبيّ بلا نكر
|
بأن رسول الله
عدّ عليهم
|
|
له الآي توسيعا
على الخلف في اليسر
|
وقد سئل « أبو
حاتم » عن « يحيى الذماري » فقال : ثقة ، وكان عالما بالقراءة في دهره بدمشق ا هـ.
وقال « يحيى بن
معين » : « يحيى الذماري » ثقة.
وقال « أبو أيوب »
كان « يحيى الذماري » يقف خلف الأئمة يردّ عليهم إذا أخطئوا.
توفي « يحيى
الذماري » سنة خمس وأربعين ومائة ، وله تسعون سنة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ،
ورواياته. رحم الله « يحيى الذماري » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / ٢٨٠
« يحيى العليمي » ٢٤٣ هـ
هو : يحيى بن محمد
بن قيس ، العليمي ، الأنصاري الكوفي.
ولد « العليمي »
سنة خمسين ومائة من الهجرة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « العليمي »
القراءة عن مشاهير علماء عصره ، في مقدمتهم : « حمّاد ابن أبي زياد » عن « عاصم »
كما أخذ القراءة عرضا عن « أبي بكر بن عياش » عن « عاصم » أيضا ، ولا زالت قراءة «
أبي بكر » يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها
والحمد لله رب العالمين.
يقول « ابن الجزري
» : والصحيح أن « العليمي » قرأ على كل من « أبي بكر بن عياش ، وحمّاد بن أبي زياد
» سنة سبعين ومائة من الهجرة ، وهو ابن عشرين سنة ، ثم يقول : وقال « الأستاذ أبو
إسحاق » الطبري في كتابه « الاستبصار » : قرأت على « ابن خليع » القلانسي ، قال :
قرأت على « يوسف ابن يعقوب » الواسطي ، وقال : قرأت على « العليمي » وقال : قرأت
على « حماد ابن أبي زياد » سنة سبعين ومائة ا هـ .
وقد قرأ على « العليمي
» « يوسف بن يعقوب الأصم » وكانت قراءته على
__________________
« العليمي » سنة أربعين
ومائتين ، وللعليمي تسعون سنة .
توفي « العليمي »
سنة ثلاث وأربعين ومائتين عن ثلاث وتسعين سنة. رحمهالله « العليمي » رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
رقم الترجمة / ٢٨١
« يحيى بن وثاب » ت ١٠٣ هـ
أحد كبار التابعين
، شيخ القراء ، وأحد الأئمة الأعلام.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قال « أبو نعيم »
اسم أبيه « وثاب » : « يزدويه بن ماهويه » سباه « مجاشع بن مسعود » السّلمي من «
قاشان » إذ افتتحها.
وكان « وثاب » من
أبناء أشرافها ، ثم وقع في سهم « ابن عباس » رضياللهعنهما. فسماه « وثّابا » وتزوج فولد له « يحيى » ثم استأذن « ابن
عباس » في الرجوع إلى « قاشان » فأذن له ، فدخل هو وابنه « يحيى » الكوفة ، فقال «
يحيى » : يا أبت إني آثرت العلم على المال ، فأذن له في المقام ، فأقبل على «
القرآن » وتلا على أصحاب « عليّ بن أبي طالب ، وابن مسعود » حتى صار أقرأ أهل
زمانه ، فأورث وثاب عقبه ، فحازوا رئاسة الدارين ، لأن « يحيى » فاق نظراءه في
القرآن ، والآثار.
وفاق خالد بن وثاب
وولداه ، أزهر ، ومخلد في رئاسة الدنيا والولايات
__________________
واتصلت رئاسة عقبه
إلى أيامنا بأصبهان ، ولهم الصيت والذكر والثروة والثناية .
وقال « أبو عمرو
الداني » : أخذ « يحيى بن وثاب » القراءة عرضا عن « علقمة بن قيس » ومسروق ،
والأسود ، والشيباني ، والسلمي » ا هـ.
وقال « الذهبي » :
الثبت أنه قرأ القرآن كله على « عبيد بن نضلة ، صاحب علقمة » ا هـ .
وروى « أبو بكر بن
عياش » عن « عاصم » قال : تعلم « يحيى بن وثاب » من « عبيد بن أبي نضلة » آية آية
، وكان والله قارئا .
وقال « يحيى بن
آدم » : سمعت « الحسن بن صالح » يقول : قرأ « يحيى ابن وثاب » على « علقمة بن قيس
» وقرأ « علقمة » على « ابن مسعود » رضياللهعنه. فأيّ قراءة أفضل من هذه .
وقال « ابن خاقان
» : وكان من قراء أهل الكوفة « يحيى بن وثاب ، وعاصم ، والأعمش ، وكان هؤلاء من
بني أسد موالي ، وكان أقدم الثلاثة وأعلاهم « يحيى بن وثاب » ا هـ .
وقال « الذهبي » :
حدث « يحيى بن وثاب » عن « ابن عباس ، وابن عمر » ، وروى مرسلا عن « عائشة ، وأبي
هريرة ، وابن مسعود » ، وروى أيضا
__________________
عن « ابن الزبير ،
ومسروق ، وعلقمة ، والأسود بن يزيد ، وعبيدة السّلمي وأبي عمرو الشيباني » ا هـ .
قال « الذهبي » :
وقرأ على « يحيى بن وثاب » « الأعمش ، وطلحة بن مصرف ، وأبو حصين ، وحمدان بن أعين
، وغيرهم » وحدث عنه « عاصم ، وأبو العميس عتبة المسعودي ، وأبو إسحاق السبيعي ،
وأبو إسحاق الشيباني ، وقتادة ، والأعمش وغيرهم » ا هـ .
وروى « يحيى بن
عيسى الرملي » عن « الأعمش » قال : كان « يحيى بن وثاب » من أحسن الناس صوتا
بالقراءة ، ربما اشتهيت أن أقبّل رأسه من حسن قراءته ، وكان إذا قرأ لا تسمع في
المسجد حركة ، كأن ليس في المسجد أحد .
توفي « يحيى بن
وثاب » سنة ثلاث ومائة من الهجرة ، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن وسنة الرسول
عليه الصلاة والسلام. رحم الله « يحيى بن وثاب » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٨٢
« يحيى اليزيديّ » ت ٢٠٢ هـ
هو : يحيى بن
المبارك بن المغيرة أبو محمد العدوي البصري المعروف باليزيدي لصحبته يزيد بن منصور
الحميري خال « المهدي » وكان يؤدب ولده.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
وقد أخذ « اليزيدي
» القراءة عرضا عن « أبي عمرو بن العلاء » الإمام الثالث من أئمة القراءات ، وقد
خلف « اليزيدي » « أبا عمرو » البصري في القراءة بالبصرة. كما أخذ « اليزيدي »
القراءة أيضا عن « حمزة ابن حبيب الزيات » الإمام السابع من أئمة القراءات.
يقول « الذهبي » :
وقد اتصل « اليزيدي » بالرشيد ، وأدّب « المأمون » وكان ثقة ، علامة ، فصيحا ،
مفوّها ، بارعا في اللغة والأدب ، أخذ اللغة عن « الخليل ابن أحمد الفراهيدي »
وغيره ، حتى قيل : إنه أملى عشرة آلاف ورقة عن « أبي عمرو » خاصة ا هـ .
وقد أنجب «
اليزيدي » عدة أولاد كلهم علماء فضلاء ، وهم : محمد ، وعبد الله ، وإبراهيم ،
وإسحاق ، وإسماعيل ، وكلهم تلقوا عنه العلم ، والقرآن الكريم.
__________________
ويقول « ابن
الجزري » : ولليزيدي اختيار في القراءة خالف فيه « أبا عمرو ابن العلاء » في حروف
يسيرة ، قرأت به من كتاب « المنهج ، والمستنير » وغيرهما وهي عشرة أشياء .
يقول يحيى اليزيدي
عن نفسه : كان أبي يعني « المبارك » صديقا « لأبي عمرو بن العلاء » فخرج أبي إلى
مكة ، فذهب « أبو عمرو » يشيّعه ، وكنت مع « أبي » فأوصى « أبي » « أبا عمرو » بي
، ثم مضى ، فلم يرني « أبو عمرو » حتى قدم « أبي » فذهب « أبو عمرو » يستقبله ،
ووافقني عند « أبي » فقال : يا أبا عمرو كيف رضاك عن « يحيى »؟ فقال : ما رأيته
منذ فارقتك إلى هذا الوقت ، فحلف أبي أن لا أدخل البيت حتى أقرأ على « أبي عمرو »
القرآن كله قائما ، فلم أجلس حتى ختمت « القرآن » على « أبي عمرو » .
وقد تلقى « القرآن
» على « اليزيدي » عدد كثير منهم : « أبو عمر الدوري ، وأبو شعيب السوسي » وقراءة
« الدوري ، والسوسي » لا زال المسلمون يتلقونها بالرضا والقبول حتى الآن ، وقد
تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
كما أخذ القراءة
عن « اليزيدي » : أبو حمدون الطيب بن إسماعيل ، وعامر ابن عمر الموصلي ، ومحمد بن
سعدان ، وأحمد بن جبير ، ومحمد بن شجاع ، وأبو أيوب سليمان بن الحكم الخياط ،
وآخرون.
وقد ألف « اليزيدي
» عدّة مصنفات منها : كتاب نوادر اللغة ، وكتاب المقصور وكتاب الشّكل ، وكتاب في
النحو.
توفي « اليزيدي »
سنة اثنتين ومائتين من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم ، ولغة
العرب. رحم الله اليزيدي رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٨٣
« يحيى بن يعمر البصري » ت قبل سنة ٩٠ هـ
أحد أئمة التابعين
، الإمام الكبير ، قاضي مرو ، وشيخ القراء والنحاة ، وأحد أوعية العلم. أخذ
القراءة عرضا عن « ابن عمر ، وابن عباس » رضياللهعنهما. و « أبي الأسود الدؤلي » .
وقرأ عليه عدد
كبير منهم : « عبد الله بن أبي إسحاق ، وأبو عمرو بن العلاء » البصري أحد القراء
السبعة المشهورين ، ولا زالت قراءة « أبي عمرو » يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول
، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
قال « البخاري »
في تاريخه : حدثنا « حميد بن الوليد » عن « هارون بن موسى » قال : أول من نقط
المصاحف « يحيى بن يعمر » ا هـ .
قال « الذهبي » :
حدث « يحيى بن يعمر » عن « أبي ذر الغفاري ، وعمّار ابن ياسر » مرسلا ، وعن «
عائشة ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، وابن عمر » وعن غيرهم .
__________________
وحدث عن « يحيى بن
يعمر » الكثيرون ، منهم : « قتادة ، وعطاء الخراساني ، وسليمان التيمي ، ويحيى بن
عقيل » ، وغيرهم .
توفي « يحيى بن
يعمر » قبل التسعين من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «
يحيى بن يعمر » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٨٤
« يزيد بن رومان المدني » ت ١٢٠ هـ
شيخ قراء المدينة
المنورة ، والإمام الكبير ، المحدث ، الثقة.
مولى آل « الزبير
بن العوام ».
قرأ « يزيد بن
رومان » على « عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ».
وقرأ « عبد الله
بن عياش » على « أبيّ بن كعب » وقرأ « أبيّ بن كعب » على النبي صلىاللهعليهوسلم.
من هذا يتبين أن
قراءة « يزيد بن رومان » صحيحة ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام.
وروى القراءة عن «
يزيد بن رومان » عدد كثير في مقدمتهم : « نافع بن أبي نعيم » أحد القراءة السبعة
المشهورين ، وإمام المدينة في الاقراء وشيخها.
« وأبو عمرو بن
العلاء » إمام البصرة وشيخها ، ولا زالت قراءة كل من « نافع ، وأبي عمرو » يتلقاها
المسلمون بالرضا والقبول ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
__________________
قال « الذهبي » :
قرأ « يزيد بن رومان » على « عبد الله بن عياش » وسمع من « عروة بن الزبير » وهو
ثقة ، ثبت ، حديثه في الكتب الستة ، وهو أحد شيوخ « نافع » في القراءة ، وثقه ابن
معين وغيره. وكان فقيها قارئا محدثا » ا هـ .
وقد حدث عنه « أبو
حازم الأعرج ، ومحمد بن إسحاق ، وجرير بن حازم ، ومالك بن أنس ، وجماعة » ا هـ .
وقد اختلف
المؤرخون في تاريخ وفاة « يزيد بن رومان » فقيل توفي سنة عشرين ومائة ، وقيل سنة
تسع وعشرين ، وقيل سنة ثلاثين ومائة ، بعد حياة حافلة في تجويد القرآن وتعليمه ،
ورواية سنة الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم. رحم الله « يزيد بن رومان » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٨٥
« يعقوب الحضرمي » ت ٢٠٥ هـ
هو : « أبو محمد
يعقوب بن إسحاق بن زيد الحضرمي ».
الامام الكبير ،
عالم القراءات ، والنحو ، والفقه ، والحديث ، الحجة ، الثقة.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
قال « ابن الجزري
» : وكان « يعقوب الحضرمي » إماما كبيرا ، ثقة ، عالما ، صالحا ، دينا ، انتهت
إليه رئاسة القراءة بعد « أبي عمرو بن العلاء البصري » وكان إمام جامع « البصرة »
سنين .
وقال « طاهر بن
غلبون » : كان « يعقوب الحضرمي » إمام أهل البصرة بالجامع ، لا يقرأ إلا بقراءته ا
هـ .
ولقد تتلمذ «
يعقوب الحضرمي » على مشاهير علماء عصره وأخذ عنهم القراءات القرآنية ، ولنستمع
إليه وهو يقول عن نفسه : « قرأت على « سلام »
__________________
في سنة ونصف ، وقرأت
على « شهاب بن شرنفة المجاشعيّ » في خمسة أيام ، وقرأت على « شهاب بن مسلمة بن
محارب المحاربي » في تسعة أيام ، وقرأ « مسلمة » على « أبي الأسود الدؤلي » على «
الإمام علي بن أبي طالب » رضياللهعنه ا هـ .
وأقول : لقد تتبعت
شيوخ « يعقوب الحضرمي » فوجدته قرأ على كل من :
١ ـ أبي المنذر
سلام بن سليمان المزني ت ١٧١ هـ
٢ ـ شهاب بن شرنفة
المجاشعيّ ت ١٦٢ هـ
٣ ـ أبي يحيى مهدي
بن ميمون ت ١٧١ هـ
٤ ـ أبي الأشهب
جعفر بن حبان ت ١٦٥ هـ.
وقرأ « أبو المنذر
سلام بن سليمان المزني » على كل من :
١ ـ « عاصم »
الكوفي ، وهو الإمام الخامس.
٢ ـ « وأبي عمرو
بن العلاء » وهو الإمام الثاني.
وقرأ « شهاب بن
شرنفة » شيخ يعقوب على كل من :
١ ـ أبي عبد الله
هارون بن موسى العتكي الأعور ت ١٩٨ ه
٢ ـ المعلى بن
عيسى
وقرأ « أبو يحيى
مهدي بن ميمون » شيخ يعقوب على كل من :
١ ـ شعيب بن
الحبحاب البصري ت ١٣٠ ه
٢ ـ أبي العالية
الرياحي.
وقرأ « أبو الأشهب
» شيخ يعقوب على :
__________________
« أبي رجاء عمران
بن ملحان العطاردي » ت ١٠٥ هـ.
وقرأ « أبو رجاء
العطاردي » على « أبي موسى الأشعري » وقرأ « أبو موسى الأشعري » على رسول الله صلىاللهعليهوسلم .
من هذا يتبين أن
قراءة « يعقوب الحضرمي » صحيحة ، ومتواترة ، ومتصلة السند بالنبي صلىاللهعليهوسلم.
ولا زال المسلمون
يتلقونها بالرضا والقبول حتى الآن.
وقد تلقيتها وقرأت
بها والحمد لله رب العالمين.
كما تتلمذ على «
يعقوب الحضرمي » عدد كثير ، لأنه كان مدرسة وحده ، منهم : « زيد ابن أخيه أحمد ،
وكعب بن إبراهيم ، وعمر السراج ، وحميد بن الوزير ، والمنهال بن شاذان ، ورويس :
عبد الله محمد بن المتوكل ، وروح : أبو الحسن بن عبد المؤمن ».
ولقد بلغ « يعقوب
الحضرمي » المكانة السامية ، والمنزلة الرفيعة ، في تعليم القرآن ، ورواياته ،
وقراءاته ، مما استوجب ثناء العلماء عليه :
يقول « أبو القاسم
الهذلي » : لم ير في زمن « يعقوب » مثله ، كان عالما بالعربية ووجوهها ، والقرآن
واختلافه ، فاضلا ، تقيّا ، نقيّا ، ورعا ، زاهدا ، بلغ من زهده أنه سرق رداؤه عن
كتفه في الصلاة ، ولم يشعر ، وردّ إليه ولم يشعر ، لشغله بالصلاة ا هـ .
هو : أعلم من رأيت
بالحروف ، والاختلاف في القرآن ، وعلله ، ومذاهب النحو ، وأروى الناس لحروف القرآن
، ولحديث الفقهاء .
__________________
وقال « ابن أبي
حاتم » سئل « أحمد بن حنبل » عن « يعقوب الحضرمي » فقال : صدوق ، وسئل عنه : « أبي
» فقال : صدوق ا هـ .
وقال « أبو الحسن
بن المنادي » في أول كتابه « الايجاز والاقتصار في القراءات الثمان » : كان يعقوب
الحضرمي أقرأ أهل زمانه وكان لا يلحن في كلامه ، وكان السجستاني من أحد غلمانه ا
هـ .
وقال « السعيدي »
: كان « يعقوب الحضرمي » من أعلم أهل زمانه بالقرآن ، والنحو ، وغيره ، وأبوه ،
وجدّه.
وقال « الأهوازي »
: أنشدني فيه « أبو عبد الله محمد بن أحمد » :
أبوه من القراء
كان وجدّه
|
|
ويعقوب في
القراء كالكوكب الدري
|
تفرّده محض
الصواب ووجهه
|
|
فمن مثله في
وقته وإلى الحشر
|
وقال « مروان بن
عبد الملك » : سمعت « أبا حاتم » يقول : « يعقوب بن إسحاق » من أهل بيت العلم
بالقرآن ، والعربية ، وكلام العرب ، والرواية الكثيرة ، والحروف ، والفقه ، وكان
أقرأ القراء ، وكان أعلم من أدركنا ، ورأينا بالحروف ، والاختلاف في القرآن ،
وتعليله ، ومذاهب أهل النحو ، وأروى الناس لحروف القرآن ، وحديث الفقهاء ا هـ .
وقال « ابن الجزري
» : ومن أعجب العجب ، بل من أكبر الخطإ جعل قراءة
__________________
« يعقوب » من
الشواذ ، الذي لا تجوز القراءة به ، ولا الصلاة ، وهذا شيء لا نعرفه قبل إلاّ في
هذا الزمان ممن لا يقول على قوله ، ولا يلتفت إلى اختياره ، فليعلم أنه لا فرق بين
قراءة « يعقوب » وقراءة غيره من السبعة عند أئمة الدين المحققين ، وهذا هو الحق
الذي لا محيد عنه ا هـ .
توفي « يعقوب
الحضرمي » في ذي الحجة سنة ٢٠٥ هـ خمس ومائتين من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم
القرآن وقراءاته. رحم الله « يعقوب الحضرمي » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٨٦
« أبو يعقوب الأزرق » ت في حدود ٢٤٠ هـ
هو : يوسف بن عمرو
بن يسار أبو يعقوب الازرق المدني ثم المصري.
الإمام الحجة
الضابط المحقق الثقة :
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « يعقوب
الازرق » القراءة على مشاهير علماء عصره : فقد أخذ القراءة عرضا وسماعا عن « ورش »
وهو الذي خلفه في القراءة والاقراء بمصر. كما عرض القرآن على « سقلاب » ، وغيره .
قال « أبو الفضل
الخزاعي » : « أدركت أهل مصر ، والمغرب على رواية « أبي يعقوب الازرق » عن « ورش »
لا يعرفون غيرها .
وقال « الذهبي » :
« لزم « الازرق » « ورشا » مدة طويلة ، وأتقن عنه الأداء وجلس للإقراء ، وانفرد عن
« ورش » بتغليظ اللامات ، وترقيق الراءات .
وأقول : الترقيق
من الرقة ، وهو ضد السمن ، فهو عبارة عن انحاف ذات الحرف ونحوله.
__________________
والتفخيم من
الفخامة وهي العظمة ، والكثرة ، فهو عبارة عن ربوّ الحرف وتسمينه فهو والتغليظ
واحد ، إلا أن المستعمل في الراء ضدّ الترقيق التفخيم.
والمستعمل في
اللام التغليظ ضدّ الترقيق.
يقول « ابن الجزري
» في ترقيق الراءات وتفخيمها : القراءات في مذاهب القراء عند أئمة المصريين
والمغاربة ، وهم الذين روينا رواية « ورش » من طريق « الازرق » من طرقهم على أربعة
أقسام : قسم اتفقوا على تفخيمه ، وقسم اتفقوا على ترقيقه ، وقسم اختلفوا فيه عن كل
القراء وقسم اختلفوا فيه عن بعض القراء.
وتفصيل الكلام عن
هذه الأقسام الاربعة يرجع إليه في الكتب المعنية بذلك مثل كتاب « النشر في
القراءات العشر » لابن الجزري .
ويقول « ابن
الجزري » بالنسبة لتغليظ اللام : « قد اختص المصريون بمذهب عن « ورش » في اللام لم
يشاركهم فيها سواهم ، ورووا من طريق الأزرق ، وغيره عن « ورش » تغليظ اللام إذا
جاورها حرف تفخيم ، واتفق الجمهور منهم على تغليظ اللام إذا تقدمها : « صاد ، أو
طاء ، أو ظاء » بشروط ثلاثة وهي أن تكون اللام مفتوحة ، وأن يكون أحد هذه الثلاثة
مفتوحا ، أو ساكنا ، واختلفوا في غير ذلك » ا هـ .
وأقول : قراءة «
الازرق » عن « ورش » مشهورة ، ومتواترة ، ولا زال المسلمون يتلقونها بالرضا
والقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
قال « أبو بكر بن
سيف » : سمعت « أبا يعقوب الازرق » يقول : « إن
__________________
ورشا لما تعمق في
النحو ، اتخذ لنفسه مقرأ يسمّى مقرأ ورش ، فلما جئت لأقرأ عليه قلت له : يا أبا
سعيد إني أحب أن تقرئني مقرأ « نافع » خالصا ، وتدعني مما استحسنت لنفسك ، قال :
فقلدته مقرأ « نافع » وكنت نازلا مع « ورش » في الدار ، فقرأت عليه عشرين ختمة ،
بين حدر وتحقيق ، فأما التحقيق فكنت أقرأ عليه في الدار التي كنا نسكنها في مسجد «
عبد الله ». وأما الحدر ، فكنت أقرأ عليه إذا رابطت معه بالاسكندرية ا هـ .
وقد كان « الازرق
» رحمهالله تعالى مدرسة وحده ، وقد تلقى عليه القرآن عدد كثير منهم :
« إسماعيل بن عبد الله النحاس ، ومحمد بن سعيد الأنماطي ، وأبو بكر عبد الله بن
مالك ، وموّاس بن سهل » وآخرون .
توفي « الازرق »
في حدود الاربعين ومائتين من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم « القرآن الكريم ». رحم
الله « الازرق » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٨٧
« يوسف الأصم » ت ٣١٣ هـ
هو : يوسف بن
يعقوب بن الحسين بن يعقوب بن خالد بن مهران ، أبو بكر الواسطي ، المعروف بالأصم.
ولد « يوسف الأصم
» سنة ثمان عشرة ومائتين في شعبان.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن.كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ
ضمن علماء القراءات.
أخذ « يوسف الأصم
» القراءة عن مشاهير علماء عصره منهم : « يحيى بن محمد العليمي ، وابن أبي أيوب
الصيرفيني ، وأبو ربيعة عن « قنبل » فيما ذكره « الهذلي » وآخرون .
كان « ليوسف الأصم
» المكانة السامية بين العلماء.
وفي هذا يقول «
ابن الجزري » : كان « يوسف الأصم » إماما جليلا ثقة مقرئا ، كبير القدر وكان إمام
جامع واسط وأعلى الناس إسنادا في قراءة « عاصم » ا هـ .
وقال « ابن خليع »
: كان شيخنا « يوسف الأصم » حسن الأخذ قرأت عليه ، وله نيّف وتسعون سنة ا هـ .
__________________
وقال أبو إسحاق
إبراهيم بن أحمد الطبري : « سمعت أبا بكر النقاش ، يقول : ما رأيت عيناي مثل يوسف
الأصم وذكر له مناقب كثيرة ».
وقد تصدر « يوسف
الأصم » للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أبو بكر النقاش ، وعلي بن جعفر بن
خليع ، وعثمان بن سمعان ، وأبو بكر بن يحيى العطّار ، والحسن بن سعيد المطوعي ،
وإبراهيم بن عبد الرحمن البغدادي ، ويوسف ابن محمد بن أحمد الضرير ، وعبد العزيز
بن عصام » وآخرون .
وقد روى « يوسف
الأصم » الحديث عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » قدم « يوسف
الأصم » بغداد وحدث بها عن « محمد بن خالد بن عبد الله المرني » وروى عنه « أبو
عمرو بن السمّاك » وقال : حدثنا ببغداد سنة ثلاث وتسعين ومائتين ا هـ .
وقال « أبو بكر
النقاش » : كان « يوسف بن يعقوب » أصمّ إلا عن كتاب الله تعالى ومقعدا إلا عن
فرائض الله ، قال « الطبري » : لو لم يحك هذه الحكاية « النقاش » لما تحدثت بها ا
هـ .
توفي « يوسف الأصم
» في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة. رحمهالله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٨٨
« يونس بن عبد الأعلى » ت ٢٦٤ هـ
هو : يونس بن عبد
الأعلى بن موسى بن ميسرة ، أبو موسى الصدفيّ المصريّ.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
ولد « يونس بن عبد
الأعلى » في ذي الحجة سنة سبعين ومائة من الهجرة.
وقد أخذ « يونس بن
عبد الأعلى » القراءة على مشاهير علماء عصره ، منهم : «
ورش ، ومعلي بن دحية » وروى القراءة عنه : « موّاس بن سهل ، وأحمد بن محمد الواسطي
، وأبو عبد الله محمد بن الربيع شيخ المطوعي ، وأسامة بن أحمد ، ومحمد بن إسحاق بن
خزيمة ، ومحمد بن جرير الطبري ، وعبد الله بن الهيثم ، وغيرهم كثير .
كما أخذ « يونس بن
عبد الأعلى » الحديث عن مشاهير العلماء ، منهم : « سفيان بن عيينة ، وابن وهب ،
والوليد بن مسلم ، وأبي ضمرة ، ومعن بن عيسى ، والشافعي » وآخرون .
__________________
قال « الذهبي » :
وقد حدث عن « يونس بن عبد الأعلى » : الإمام مسلم ، والنسائي ، في كتابيهما ، وأبو
بكر بن زياد النيسابوري ، وأبو عوانة الأسفراييني ، وأبو طاهر أحمد بن محمد
المديني ، وبشر كثير من المشارقة والمغاربة ، وانتهت إليه رئاسة العلم ، وعلوّ
الاسناد في الكتاب والسنة ، وكان كبير الشهود بمصر ا هـ .
وقال « ابن أبي
حاتم » : سمعت أبي يوثق « يونس بن عبد الأعلى » ويرفع من شأنه ا هـ .
توفي « يونس » في
ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائتين من الهجرة ، وله أربع وتسعون سنة. رحم الله «
يونس » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٨٩
« أبو يوسف الأعشى » ت في حدود ٢٠٠ هـ
قارئ الكوفة ،
الحجة ، الثقة.
هو : يعقوب بن
محمد بن خليفة بن سعيد ، أبو يوسف الأعشى التميمي الكوفي.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو يوسف »
القرآن على مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم « أبو بكر ابن عياش » وكان « أبو يوسف
» أجلّ من قرأ على « ابن عياش ».
وكان أبو يوسف من
خيرة علماء عصره ، يقول عنه « أبو بكر النقاش » كان « أبو يوسف » الأعشى صاحب قرآن
، وفرائض ، ولست أقدم عليه أحدا في القراءة على « أبي بكر » كما لا أقدّم أحدا على
« يحيى بن آدم » عن « أبي بكر » ا هـ .
وقد تصدر « أبو
يوسف » للإقراء بالكوفة فتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أبو جعفر محمد بن غالب الصيرفي
، وأبو جعفر محمد بن حبيب » ، كما أخذ عنه الحروف « أحمد بن جبير ، وخلف بن هشام ،
وعمرو بن الصباح ، ومحمد بن إبراهيم الخوّاص » .
__________________
يقول « أبو العباس
بن عقدة » : حدثنا « القاسم بن أحمد » حدثنا « أبو جعفر الشموني ، عن « أبي يوسف
الأعشى » قال : قال لي « أبو بكر » : يا أبا يوسف أنا أصلي خلف فلان ، وهو يقرأ
قراءة « حمزة بن حبيب الزيات » فقد شككني في بعض الحروف التي أقرؤها ، فاعرض عليّ
عرضة تكون لك ، أتحفظها عنك ، قال : فجلس له في أصحاب الشعير ، فقرأ واجتمع الناس
حوله يكتبون الحروف » ا هـ .
ويقول « ابن
الجزري » : لم أر أحدا أرخ وفاة « أبي يوسف » وعندي أنه توفي في حدود المائتين » ا
هـ . رحم الله « أبا يوسف الأعشى » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل
الجزاء.
__________________
رقم الترجمة / ٢٩٠
« ابن يونس المطرّز » ت ٣٢٩ هـ
هو : محمد بن يونس
أبو بكر الحضرمي البغدادي المعروف بالمطرّز.
ذكره « الذهبي » ت
٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣
هـ ضمن علماء القراءات.
حفظ « ابن يونس »
القرآن ، وروى القراءة عرضا وسماعا عن خيرة علماء عصره وفي مقدمتهم : اسماعيل بن
عبد ربه ، ومحمد بن عبد الرحيم ، وأحمد بن محمد بن صدقة ، وجعفر بن محمد بن حرب ،
وعباس بن محمد الجوهري ، وأحمد بن سعيد بن شاهين ، وادريس بن عبد الكريم. وتصدر «
ابن يونس » لتعليم القرآن الكريم ، واشتهر بالدقة والضبط والاتقان فتتلمذ عليه
الكثيرون.
وممن روى القراءة
عنه : عبد الواحد بن أبي هاشم ، وأحمد بن محمد بن المروذي ، وآخرون .
أخذ « ابن يونس »
حديث الهادي البشير النذير صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء ، منهم : أحمد بن عبيد الله الفرسي ،
وأبو بكر بن أبي الدنيا ، وجعفر بن محمد بن كزال. ومحمد بن عبد الله الحضرمي ،
وموسى بن اسحاق الأنصاري ، ومحمد بن سهل بن الحسن العطار ، وأحمد بن زيد بن هارون
المكي ، ومحمد بن أحمد بن الهيثم المصري.
كما تصدر « ابن
يونس » لرواية حديث النبي صلىاللهعليهوسلم ، فأخذ عنه
__________________
الكثيرون. وممن
روى عنه : « أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش ، وأبو طاهر بن أبي هاشم ،
ومنصور بن محمد الحذاء ، وأبو حفص بن شاهين ، وأبو الحسين بن سمعون » ، وآخرون .
ومن الأحاديث التي
رويت عن « ابن يونس » الحديث التالي : قال الخطيب البغدادي : « أخبرنا أبو الحسن
علي بن أحمد بن عمر المقرئ ، أخبرنا أبو طاهر ابن أبي هاشم قال : حدثني محمد بن
يونس المقرئ حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا ابن نمير ، حدثنا وكيع عن
الأعمش عن إبراهيم عن همام عن حذيفة قال : « يا معشر القراء : اسلكوا الطريق ولئن
سلكتموه لقد سبقتم سبقا بعيدا ، ولئن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا »
ا هـ .
وقد جاءت السنة
المطهرة حافلة بالأحاديث التي تبين فضل قراءة القرآن الكريم منها ما يلي : فعن عبد
الله بن مسعود رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا مأدبته ما استطعتم
، إن هذا القرآن حبل الله ، والنور المبين ، والشفاء النافع ، عصمة لمن تمسك به ،
ونجاة لمن اتبعه ، لا يزيغ فيستتعب ولا يعوج فيقوم ،
ولا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق عن كثرة الرد أتلوه فإن الله
يأجركم عن تلاوته كل حرف عشر حسنات. أما إني لا أقول : « الم » حرف ، ولكن « ألف »
حرف ، ولام « حرف » وميم حرف .
وعن أبي أمامة
الباهلي رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : اقرءوا القرآن. فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه
، اقرءوا الزهراوين : البقرة
__________________
وآل عمران ،
فانهما يأتيان يوم القيامة كانهما « غمايتان أو كأنهما غيابتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما. اقرءوا سورة البقرة فإن
أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة التي
تبين فضل قراءة القرآن .
كان « ابن يونس »
من الثقات ، ومن حفاظ القرآن الاجلاء ، وقد أثنى عليه الكثيرون من العلماء منهم :
الإمام الداني ت
٢٤٤ هـ حيث قال :
« كان « ابن يونس
» إماما جليلا مقرئا متصدرا مشهورا ا هـ
وقال الخطيب
البغدادي : « كان جليلا في القراءة ثقة »
وقال « ابن الجزري
» : كان « ابن يونس » مقرئا مشهورا حاذقا ا هـ .
توفي « ابن يونس »
سنة تسع وعشرين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه
الصلاة والسلام. رحم الله « ابن يونس » رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
تمّ ولله الحمد
والشكر
__________________
فهرس عام
بحفاظ القرآن
عبر التاريخ
الخزء الأول
فهرس حفاظ
القرآن
الجزء
الأول
المقدمة.......................................................................... ٧
١ ـ إبراهيم أبو اسحاق الشامي................................................ ١١
٢ ـ إبراهيم أبو إسحاق البزوري............................................... ١٢
٣ ـ إبراهيم ابو اسحاق الطبري................................................ ١٤
٤ ـ إبراهيم بن محمّد بن عرفة ـ نقطويه........................................ ١٦
٥ ـ أبي بن كعب ـ صحابي................................................... ١٨
٦ ـ أحمد بن الأشعث ، ابو بكر العنزي......................................... ٢١
٧ ـ أحمد بن سهل ، أبو العباس الأشناني........................................ ٢٢
٨ ـ أحمد البزّيّ.............................................................. ٢٤
٩ ـ أحمد بن محمد بنعبيد الله ، أبو العباس التستري............................... ٢٨
١٠ ـ أحمد بن علي بن الفضلا ، ابو جعفر الخزّاز................................ ٢٩
١١ ـ أحمد بن صالح ، ابو جعفر المصري........................................ ٣١
١٢ ـ أحمد بن صالح ، ابو بكر البغدادي........................................ ٣٤
١٣ ـ أحمد بن موسى ، أبو جعفر الصّفّار....................................... ٣٥
١٤ ـ أحمد بن الصقر ، أبو الحسن الطائي....................................... ٣٦
١٥ ـ أبو أحمد العجليّ الكوفي................................................. ٣٧
١٦ ـ أحمد بن فرح ، أبو جعفر الضرير البغدادي................................ ٣٩
١٧ ـ أحمد الفيل ، أبو جعفر البغدادي.......................................... ٤١
١٨ ـ أحمد القوّاس ، ابن محمد بن علقمة بن نافع المكي........................... ٤٣
١٩
ـ الأعرج حميد بن قيس ابو صفوان......................................... ٤٥
٢٠ ـ ابن الأخرم ، محمد بن النضر ، ابو الحسن الدمشقي......................... ٤٧
٢١ ـ إدريس الحدّاد ، ابو الحسن البغدادي...................................... ٥٠
٢٢ ـ أبو الأزهر المصريّ ، عبد الصمد بن عبدالرحمن بن
القاسم.................. ٥٢
٢٣ ـ إسحاق المروزي ، أبو يعقوب............................................ ٥٣
٢٤ ـ أبو اسحاق الأنطاكي ، ابراهيم بن عبد الرزاق بن
الحسن................... ٥٤
٢٥ ـ إسحاق الخزاعي ، ابن احمد بن إسحاق بن نافع............................ ٥٧
٢٦ ـ إسحاق المسيّبي ، أبو محمد............................................... ٥٩
٢٧ ـ إسماعيل القسط ، أبو إسحاق إسماعيل بن عبدالله........................... ٦٠
٢٨ ـ إسماعيل بن جعفر الأنصاري.............................................. ٦٢
٢٩ ـ أبو الأسود الدؤلي....................................................... ٦٤
٣٠ ـ الأسود بن يزيد أبو عمرو النخعي الكوفي.................................. ٦٧
٣١ ـ ابن أشتة ، ابو بكر الاصبهاني............................................ ٦٩
٣٢ ـ أبو الأشعث الجرشي ، عامر بن سعيد..................................... ٧٢
٣٣ ـ ابن أبي الأصبغ ، أبو بكر الحراني......................................... ٧٣
٣٤ ـ أيّوب بن تميم ، أبو سليمان التميمي....................................... ٧٥
٣٥ ـ أبو أيوب الخيّاط ، سليمان بن أيوب...................................... ٧٧
٣٦ ـ أيّوب بن المتوكّل ، البصري.............................................. ٧٨
٣٧ ـ ابن برهام ، ابو الفتح الدمشقي........................................... ٨٠
٣٨ ـ بكار بن أحمد ، ابو عيسى البغدادي...................................... ٨١
٣٩ ـ أبو بكر الأدمي ، الحمزوي.............................................. ٨٣
٤٠ ـ أبو بكر الأذفوي ، محمد بن علي بن أحمد................................. ٨٥
٤١ ـ أبو بكر الأصبهاني ، محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم....................... ٨٨
٤٢
ـ أبو بكر بن الإمام ، البغدادي ، أحمد بن العباس............................ ٩٠
٤٣ ـ أبو بكر بن الأنباري ، البغدادي ، محمد بن القاسم......................... ٩٢
٤٤ ـ أبو بكر الباهلي ، محمد بن أحمد بن علي.................................. ٩٩
٤٥ ـ أبو بكر التمّار ، البغدادي ، محمد بن هارون بن
نافع...................... ١٠٠
٤٦ ـ أبو بكر الدّاجوني ، محمد بن أحمد بن عمر............................... ١٠٢
٤٧ ـ أبو بكر الرّازي ، أحمد بن محمد بن عثمان............................... ١٠٤
٤٨ ـ أبو بكر الزينبي ، محمد بن موسوى بن محمد.............................. ١٠٥
٤٩ ـ أبو بكر بن سيف ، عبد الله بن مالك بن عبدالله.......................... ١٠٦
٥٠ ـ بكر بن شاذان ، ابو القاسم البغدادي الحربي.............................. ١٠٧
٥١ ـ أبو بكر بن الشارب ، احمد بن محمد بن بشر............................. ١١٠
٥٢ ـ أبو بكر الشذائي ، أحمد بن نصر بن منصور............................. ١١١
٥٣ ـ أبو بكر الطرازي ، محمد بن محمد بن أحمد............................... ١١٢
٥٤ ـ أبو بكر العجلي ، أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل........................ ١١٤
٥٥ ـ أبو بكر بن عيّاش..................................................... ١١٦
٥٦ ـ أبو بكر بن مجاهد ، أحمد بن موسى بن العباس............................ ١٢٠
٥٧ ـ أبو بكر المعافري ، محمد بن عبدالله...................................... ١٢٤
٥٨ ـ أبو بكر بن مقسم ، محمد بن الحسن بن يعقوب........................... ١٢٥
٥٩ ـ أبو بكر النقاش ، محمد بن الحسن بن محمد............................... ١٢٩
٦٠ ـ ابن أبي بلال ، أبو البقاسم العجلي...................................... ١٣٣
٦١ ـ ابن بنان ، أبو محمد البغدادي........................................... ١٣٦
٦٢ ـ ابن بويان ، أحمد بن عثمان بن محمد.................................... ١٣٨
٦٣ ـ ابن جبير أحمد بن جبير بن محمد ، أبو بكر
الكوفي........................ ١٤٠
٦٤ ـ جعفر بن الصبّاح ، أبو عبدالله الأنصاري................................ ١٤٢
٦٥
ـ أبو جعفر الطّبري ، محمد بن جرير بن يزيد.............................. ١٤٣
٦٦ ـ جعفر المشحلائي ، جعفر بن سليمان أبو احمد............................ ١٥٤
٦٧ ـ جعفر النّصيبي ، أبو الفضل الضرير...................................... ١٥٥
٦٨ ـ ابن الجلندا ، أبو بكر الموصلي........................................... ١٥٦
٦٩ ـ أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني المخزومي............................... ١٥٨
٧٠ ـ ابن جمّاز ، سليمان بن مسلم بن جماز.................................... ١٦٢
٧١ ـ الجمّال الازرق ، أبو عبدالله الرازي..................................... ١٦٣
٧٢ ـ أبو حاتم السّجستاني ، سهل بن محمد بن عثمان........................... ١٦٤
٧٣ ـ أبو الحارث ، الليث بن خالد........................................... ١٦٧
٧٤ ـ ابن الحباب ، الحسن ابو علي البغدادي................................... ١٦٨
٧٥ ـ ابن حبش ، الحسين بن محمد أبو علي الدينوري........................... ١٧٠
٧٦ ـ أبو الحسن الأنطاكي ،علي بن محمد بن إسماعيل........................... ١٧٢
٧٧ ـ الحسن الجمّال ، الحسن بن العباس ، أبوعلي
الرازي....................... ١٧٥
٧٨ ـ الحسن بن أبي الحسن البصري.......................................... ١٧٦
٧٩ ـ أبو الحسن الحلواني ، أحمد بن يزيد بن يزداذ.............................. ١٨١
٨٠ ـ أبو الحسن الخاشع ، علي بن إسماعيل بن الحسن........................... ١٨٢
٨١ ـ أبو الحسن الدار قطني.................................................. ١٨٤
٨٢ ـ الحسن بن العلاّف ، ابو بكر البغدادي................................... ١٩٠
٨٣ ـ أبو الحسن الفريابيّ..................................................... ١٩٢
٨٤ ـ أبو الحسن القزويني ، علي بن أنحمد بن صالح............................. ١٩٤
٨٥ ـ أبو الحسن الكسوري ، نظيف بن عبدالله................................ ١٩٥
٨٦ ـ أبو الحسن النخّاس ، إسماعيل بن عبدالله بن عمرو......................... ١٩٧
٨٧ ـ حسنون بن الهيثم ، الحسن بن الهيثم..................................... ١٩٨
٨٨
ـ أبو الحسين الجبّي ، أحمد بن علد الله بن الحسين.......................... ٢٠٠
٨٩ ـ حسين الجعفي ، أبو عبدالله ، الكوفي.................................... ٢٠١
٩٠ ـ أبو الحسين الملطيّ ، محمد بن أحمد بن عبدالرحمن......................... ٢٠٣
٩١ ـ أبو الحسين بن المنادي ، أحمد بن جعفر بن محمد.......................... ٢٠٦
٩٢ ـ حفص بن سليمان..................................................... ٢١٠
٩٣ ـ حمدان بن عون ، أبو جعفر الخولاني..................................... ٢١٢
٩٤ ـ أبو حمدون الذّهلي ، الطيب بن إسماعيل................................. ٢١٣
٩٥ ـ حمزة بن حبيب الزيّات................................................. ٢١٥
٩٦ ـ خلاّد بن خالد ، ابو عيسى الشيباني..................................... ٢١٩
٩٧ ـ ابن خشنام المالكي ، ابو الحسن البصري الدلال........................... ٢٢١
٩٨ ـ الخضر بن الهيثم ، أبو القاسم الطوسي................................... ٢٢٢
٩٩ ـ خلف بن هشام البزّار.................................................. ٢٢٣
١٠٠ ـ ابن خليع ، ابو الحسن البجلي البغدادي................................ ٢٢٥
١٠١ ـ ابن خيرون ، محمد بن عمر ، أبو عبدالله المعافري........................ ٢٢٧
١٠٢ ـ داود المصريّ ، أبو سلمان النحوي.................................... ٢٢٩
١٠٣ ـ أبو دحية المصريّ ، معلى بن دحية بن قيس............................. ٢٣٠
١٠٤ ـ أبو الدرداء ، عويمر بن زيى الأنصاري.................................. ٢٣٢
١٠٥ ـ ابن ذؤابة القزاز ، أبو الحسن البغدادي................................. ٢٣٦
١٠٦ ـ ابن ذكوان ، عبدالله بن أحمد بن بشير ن القرشي........................ ٢٣٧
١٠٧ ـ أبو ربيعة ، محمد بن إسحاق بن وهب ، الملكي......................... ٢٣٩
١٠٨ ـ رفيع بن مهران ، أبو العالية الرّياحي البصري........................... ٢٤١
١٠٩ ـ روح بن عبد المؤمن ، أبو الحسن الهذلي................................. ٢٤٥
١١٠ ـ روح بن قرّة البصري................................................ ٢٤٧
١١١
ـ رويس ، ابو عبدالله اللؤلؤي البصري................................... ٢٤٨
١١٢ ـ رويم بن يزيد ، أبو الحسن البصري.................................... ٢٥٠
١١٣ ـ أبو الزّعراء بن عبدوس ، عبد الرحمن البغدادي.......................... ٢٥١
١١٤ ـ زيد بن ثابت ، صحابي............................................... ٢٥٣
١١٥ ـ سالم مولى أبي حذيفة ، صحابي........................................ ٢٥٧
١١٦ ـ ابن أبي سريج ، أحمد بن الصباح...................................... ٢٥٩
١١٧ ـ السّري بن مكرم البغدادي............................................ ٢٦٠
١١٨ ـ ابن سعدان ، محمد بن سعدان ، ابو جعفر الضرير....................... ٢٦١
١١٩ ـ سعد بن أبي وقّاص................................................... ٢٦٣
١٢٠ ـ سعيد بن جبير....................................................... ٢٦٧
١٢١ ـ سقلاب بن شيبة ، أبو سعيد المصري.................................. ٢٧١
١٢٢ ـ سلاّم المزني ، ابو المنذر البصري....................................... ٢٧٢
١٢٣ ـ سليمان الأعمش ، الأسدي ، الكوفي.................................. ٢٧٤
١٢٤ ـ سليمان بن خلاّد ، أبوخلاد النحوي................................... ٢٧٨
١٢٥ ـ سليمان بن داود ، ابو الربيع المصري................................... ٢٧٩
١٢٦ ـ سليمان الضبّي ، أبو أيوب التميمي.................................... ٢٨١
١٢٧ ـ سليم بن عيسى ، صاحب حمزة الزيات................................ ٢٨٣
١٢٨ ـ ابن أبي السمح ، أحمد بن أسامة ،التجيبي............................... ٢٨٥
١٢٩ ـ سويد بن نمير ، أبومحمد السلمي....................................... ٢٨٦
١٣٠ ـ أبو سهل البغدادي ، صالح بن إدريس بن صالح......................... ٢٨٨
١٣١ ـ شبل بن عبّاد ، ابو داود المكي........................................ ٢٩٠
١٣٢ ـ شجاع بن أبي نصر ، أبو نعيم البلخي.................................. ٢٩٢
١٣٣ ـ شعبة بن عياش ، أبو بكر الحناط...................................... ٢٩٤
١٣٤
ـ أبو شعيب السّوسي ، صالح بن زياى بن عبدالله......................... ٢٩٦
١٣٥
ـ شعيب بن
أيّوب ،
ابو بكر الصريفيني................................... ٢٩٨
١٣٦ ـ أبو شعيب القوّاس ، صالح بن محمد.................................... ٣٠٠
١٣٧ ـ ابن شنبوذ ، الغدادي................................................. ٣٠١
١٣٨ ـ حكم القراءة بالشاذ.................................................. ٣٠٤
١٣٩ ـ شيبة بن نصاح...................................................... ٣٠٧
١٤٠ ـ أبو صالح البرجمي ، عبد الحميد بن صالح بن
عجلان..................... ٣٠٩
١٤١ ـ ابن الصبّاح ، ابو عبدالله المكي الضرير................................. ٣١١
١٤٢ ـ أبو طاهر الأنطاكي ، محمد بن الحسن بن علي.......................... ٣١٢
١٤٣ ـ أبو طاهر البعلبكي ، محمد بن سليمان بن ذكوان........................ ٣١٤
١٤٤ ـ طاهر بن غلبون ، أبو الحسن الحلبي.................................... ٣١٥
١٤٥ ـ أبو طاهر بن أبي هاشم ، عبد الواحد بن عمر بن
محمد................... ٣١٧
١٤٦ ـ طلحة بن عبيد الله القرشي............................................ ٣٢٠
١٤٧ ـ طلحة بن محمد ، ابو القاسم البغدادي.................................. ٣٢٤
١٤٨ ـ أبو الطيب الأنطاكي ، أحمد بن يعقوب................................ ٣٢٦
١٤٩ ـ أبو الطيب الحضيني ، عبد الغفار بن عبيد الله........................... ٣٢٨
١٥٠ ـ عاصم بن أبي النّجود ، مولى بني أسد.................................. ٣٣٠
١٥١ ـ عامر السيد عثمان ، شيخ مؤلف هذا الكتاب........................... ٣٣٤
١٥٢ ـ عبادة بن الصّامت................................................... ٣٣٨
١٥٣ ـ أبو العباس الرازي ، أحمد بن محمد بن عبد الصمد...................... ٣٤١
١٥٤ ـ أبو العبّاس الرّازي ، الفضل بن شاذان بن عيسى........................ ٣٤٢
١٥٥ ـ العبّاس بن الفضل بن عمرو بن عبيد ، قاضي الموصل..................... ٣٤٤
١٥٦ ـ العباس بن الفضل بن شاذان بن عيسى ، ابو القاسم
الرازي............... ٣٤٧
١٥٧ ـ أبو العباس المطوعي ، الحسن .... بن الفضل بن
شاذان.................. ٣٤٨
١٥٨
ـ أبو العباس المعدل ، محمد بن يعقوب بن الحجاج......................... ٣٥١
١٥٩ ـ أبو العباس الهذلي ، محمد بن الحسن بن يونس........................... ٣٥٣
١٦٠ ـ عبد الباقي بن الحسن ، أبو الحسن الخراساني............................ ٣٥٥
١٦١ ـ أبو عبد الرّحمن السّلمي.............................................. ٣٥٧
١٦٢ ـ عبد الرحمن بن هرمز الأعرج المدني ، مولى محمد بن
ربيعه................ ٣٦١
١٦٣ ـ عبد الرّزاق بن الحسن ، أبو القاسم الأنطاكي........................... ٣٦٣
١٦٤ ـ عبد الله بن كثير ، مولى عمرو بن علقمة الكناني........................ ٣٦٥
١٦٥ ـ عبد الله بن عامر اليحصبي............................................ ٣٦٨
١٦٦ ـ أبو عبد الله الأصبهاني ، محمد بن عيسى بن إبراهيم...................... ٣٧٠
١٦٧ ـ أبو عبد الله الحربي ن محمد بن عبدالله بن جعفر.......................... ٣٧٢
١٦٨ ـ عبد الله بن الحسين ، أبو أحمد السامري البغدادي....................... ٣٧٤
١٦٩ ـ عبد الله الزّعفراني ، أبو محمد......................................... ٣٧٦
١٧٠ ـ عبد الله بن السّائب بن أبي السّائب المخزومي ، صحابي.................. ٣٧٧
١٧١ ـ عبد الله بن عبّاس ، صحابي........................................... ٣٧٩
١٧٢ ـ عبد الله بن عمر بن الخطّاب ، صحابي................................. ٣٨٤
١٧٣ ـ عبد الله بن عمرو بن العاص ، صحابي................................. ٣٨٨
١٧٤ ـ عبد الله بن عيّاش ، ابو الحارث المخزومي............................... ٣٩٢
١٧٥ ـ عبد الله بن محمد ، الاندلسي ، المعروف بمقرون......................... ٣٩٤
١٧٦ ـ عبد الله بن مسعود ، صحابي.......................................... ٣٩٥
١٧٧ ـ أبو عبد الله المسيّبي ، محمد بن إسحاق بن محمد......................... ٣٩٨
١٧٨ ـ عبد الملك النهرواني ، ابو الفرج ، القطان............................... ٤٠٠
١٧٩ ـ عبد المنعم بن غلبون ، أبو الطيب الحلبي................................ ٤٠٢
١٨٠ ـ عبد الوارث بن سعيد ، أبو عبيدة البصري............................. ٤٠٥
١٨١
ـ عبيد بن الصبّاح ، ابو محمد النهشلي................................... ٤٠٧
١٨٢ ـ أبو عبيد القاسم بن سلاّم ، الخراساني.................................. ٤٠٩
١٨٣ ـ عبيد الله العبسيّ ، ابو محمد ، الكوفي.................................. ٤١٣
١٨٤ ـ عبيد الله القيسي ، أبو القاسم ، البغدادي............................... ٤١٥
١٨٥ ـ عبيد الله بن مهران ، أبو أحمد الفرضي ، البغدادي...................... ٤١٧
١٨٦ ـ أبو عثمان الضّرير ، سعيد بن عبد الرحيم ،
البغدادي................... ٤٢١
١٨٧ ـ عثمان بن عفّان ، ذو النورين......................................... ٤٢٢
١٨٨ ـ ابن أبي عجرم ، أبو عيسى الأنطاكي.................................. ٤٢٥
١٨٩ ـ أبو عدي بن الإمام ، عبد العزيز بن علي ، بن أحمد..................... ٤٢٦
١٩٠ ـ عراك بن خالد ، أبو الضحاك الدمشقي................................ ٤٢٨
١٩١ ـ ابن عطية ، عبد الله ، أبو محمد الدمشقي............................... ٤٢٩
١٩٢
ـ ابن العلاف ،
علي بن محمد بن يوسف ، البغدادي...................... ٤٣١
١٩٣ ـ علقمة بن قيس ..................................................... ٤٣٣
١٩٤ ـ أبو علي البغدادي ، السمسار......................................... ٤٣٧
١٩٥ ـ أبو علي البغدادي ، أحمد بن عبيد الله.................................. ٤٣٨
١٩٦ ـ عليّ بن الحسين الرّقي ، ابو الحسين الوزان............................. ٤٣٩
١٩٧ ـ عليّ بن حمزة الكسائيّ ، أبو الحسن ، مولى بني
أسد..................... ٤٤٢
١٩٨ ـ علي بن داود ، أبو الحسن الداراني..................................... ٤٤٦
١٩٩ ـ أبو علي الصوّاف ، البغدادي......................................... ٤٤٨
٢٠٠ ـ الإمام عليّ بن أبي طالب............................................. ٤٥٠
٢٠١ ـ أبو علي النّقّار ، الحسن بن داود....................................... ٤٥٣
٢٠٢ ـ عمر بن عراك ، أبو تحفص الخضرمي المصري........................... ٤٥٤
٢٠٣
ـ عمر الكاغدي ، ابو حفص ، عمر بن محمد نصر....................... ٤٥٥
٢٠٤ ـ عمر الكتاني ، ابو حفص ، عمر بن إبراهيم بن أحمد.................... ٤٥٧
٢٠٥ ـ عمران بن ملحان التميمي البصري ، أبو رجاء
العطاردي................ ٤٥٩
٢٠٦ ـ أبو عمرو بن العلاء البصري.......................................... ٤٦١
٢٠٧ ـ عمرو بن الصّباح ، أبو حفص البغدادي................................ ٤٦٦
٢٠٨ ـ أبو عمر الدّوري ، حفص بن عمر بن عبد العزيز بن
صهبان............. ٤٦٧
٢٠٩ ـ عيسى بن وردان ، ابو الحارث المدني الحذاء............................. ٤٦٩
٢١٠ ـ عيسى بن عمر الثقفي ، الهمذاني الكوفي................................ ٤٧١
٢١١ ـ ابن غالب الأنماطي ، ابو جعفر ، البغدادي............................. ٤٧٣
٢١٢ ـ ابن غالب الصّيرفيّ ، محمد ، ابو جعفر ، الكوفي......................... ٤٧٥
٢١٣ ـ غزوان بن القاسم ، ابو عمرو المازني................................... ٤٧٦
٢١٤ ـ غلام السّبّاك ، احمد بن عثمان ... البغدادي............................ ٤٧٨
٢١٥ ـ أبو الفتح بن بدهن ، أبو الفتح الخوارزمي.............................. ٤٧٩
٢١٦ ـ أبو الفتح الموصلي ، عامر بن عمر بن صالح............................. ٤٨١
٢١٧ ـ أبو الفرج الشنبوذي ، محمد بن احمد بن إبراهيم........................ ٤٨٢
٢١٨ ـ الفضل بن مخلد ، أبو العباس البغدادي.................................. ٤٨٦
٢١٩ ـ أبو الفضل النيسابوري ، جعفر بن حمدان بن سليمان.................... ٤٨٨
٢٢٠ ـ ابن فليح ، أبو إسحاق المكي.......................................... ٤٨٩
٢٢١ ـ القاسم بن أحمد الخياط ، ابو محمد التميمي............................. ٤٩٠
٢٢٢ ـ أبو القاسم النخاس ، عبد الله بن الحسن بن سليمان...................... ٤٩٢
٢٢٣ ـ القاسم المطرّز ، أبو بكر البغدادي..................................... ٤٩٤
٢٢٤ ـ قالون ، عيسى بن مينا بن وردان ، مولى بني
زهرة....................... ٤٩٦
٢٢٥ ـ قتيبة بن مهران ، ابو عبد الرحمن الأصبهاني............................. ٥٠٠
٢٢٦
ـ قنبل ، محمد بن عبد الرحمن بن خال ، ابو عمرو المخزومي............... ٥٠٢
٢٢٧ ـ الليث بن خالد ، ابو الحارث البغدادي................................. ٥٠٤
٢٢٨ ـ مجاهد بن جبر....................................................... ٥٠٥
٢٢٩ ـ محمّد بن إسماعيل ، ابو بكر القرشي.................................... ٥٠٩
٢٣٠ ـ محمد الأشناني ، أبو بكر الثقفي الاصبهاني.............................. ٥١٠
٢٣١ ـ محمّد الأنماطي ، أبو عبد الله المصري................................... ٥١٢
٢٣٢ ـ محمّد بن البراء ، أبو الحسن البغدادي.................................. ٥١٣
٢٣٣ ـ محمّد أبو الحارث الرّقي............................................... ٥١٥
٢٣٤ ـ محمّد بن حمدون الحذّاء ، أبو الحسن الواسطي........................... ٥١٦
٢٣٥ ـ محمّد بن رفاعة ، أبو هشام الرفاعي ، الكوفي........................... ٥١٧
٢٣٦ ـ محمد سالم محيسن.................................................... ٥١٩
٢٣٧ ـ محمد بن سرح ، ابو جعفر التنوخي.................................... ٥٢٥
٢٣٨ ـ محمّد بن سعيد البزار ، ابو جعفر ، الكوفي.............................. ٥٢٧
٢٣٩ ـ محمّد بن شاذان ، أبو بكر الجوهري ، البغدادي......................... ٥٢٩
٢٤٠ ـ أبو محمد العينوني ، عبد الصمد بن محمد ،
الهمداني...................... ٥٣١
٢٤١ ـ محمّد بن المعلّى ، أبو عبد الله البغدادي ، الشونيزي...................... ٥٣٢
٢٤٢ ـ محمد بن موسى الصّوري ... بن أبي عمار.............................. ٥٣٤
٢٤٣ ـ محمد بن النجار ، ابو الحسن التميمي ، الكوفي ، النحوي................ ٥٣٥
٢٤٤ ـ محمّد بن النفّاخ ، أبو الحسن الباهلي................................... ٥٣٧
٢٤٥ ـ محمّد بن واصل ، ابو العباس البغدادي.................................. ٥٣٩
٢٤٦ ـ محمّد بن وهب ، أبو بكر الثقفي البصري القزاز........................ ٥٤١
٢٤٧ ـ محمد الهرواني ، أبو عبد الله الجعفي الكوفي
القاضي...................... ٥٤٣
٢٤٨ ـ محمد بن يحيى الكسائي الصغير ، أبو عبدالله البغدادي.................... ٥٤٦
٢٤٩
ـ محمد بن يوسف ، أبو الحسن الحرتكي................................. ٥٤٨
٢٥٠ ـ ابن محيصن ، محمد بن عبد الرحمن..................................... ٥٥٠
٢٥١ ـ ابن أبي مرة النقاش ، أبو الحسن الطوسي............................... ٥٥٢
٢٥٢ ـ ابن مرشد ، محمد بن أحمد ، أبو بكر الدمشقي......................... ٥٥٤
٢٥٣ ـ أبو مزاحم الخاقاني ، موسى بن عبيد الله ............................... ٥٥٥
٢٥٤ ـ أبو مسلم الكاتب ، كاتب الوزير ابي الفضل........................... ٥٥٧
٢٥٥ ـ المظفر أبو غانم ، المصري............................................. ٥٥٩
٢٥٦ ـ معاذ بن جبل........................................................ ٥٦٠
٢٥٧ ـ معروف بن مشكان.................................................. ٥٦٤
٢٥٨ ـ المغيرة بن أبي شهاب ، ابو هاشم المخزومي.............................. ٥٦٦
٢٥٩ ـ المفضّل الضّبّي....................................................... ٥٦٨
٢٦٠ ـ أبو موسى الأشعري.................................................. ٥٧٠
٢٦١ ـ موسى بن جرير ، أبو عمران الرقي.................................... ٥٧٤
٢٦٢ ـ ابن مهران ، احمد بن الحسين ، ابو بكر
الاصبهاني....................... ٥٧٥
٢٦٣ ـ نافع بن عبد الرّحمن بن أبي نعيم الليثي................................. ٥٧٧
٢٦٤ ـ أبو نشيط ، محمد بن هارون ، أبو جعفر الربعي الحربي................... ٥٨١
٢٦٥ ـ نصر بن عاصم الليثي................................................ ٥٨٣
٢٦٦ ـ نصير بن يوسف ، ابو المنذر الرازي.................................... ٥٨٥
٢٦٧ ـ هارون التّغلبي ، ابو عبد الله .......................................... ٥٨٧
٢٦٨ ـ هارون المزوّق ، أبو موسى البغدادي................................... ٥٨٩
٢٦٩ ـ هبة الله بن جعفر ، ابو القاسم البغدادي................................ ٥٩١
٢٧٠ ـ هبيرة التّمّار ، ابو عمر الأبرش البغدادي................................ ٥٩٣
٢٧١ ـ أبو الهيثم الكوفيّ ، محمد بن الهيثم ،
أبو عبد الله الكوفي................... ٥٩٥
٢٧٢ ـ أبو هريرة ، عبد الرحمن بن صخر الدوسي............................. ٥٩٧
٢٧٣ ـ هشام بن عمّار ، ابو الوليد السلمي.................................... ٦٠١
٢٧٤ ـ ابن هلال ، أبو جعفر الأزدي المصري................................. ٦٠٥
٢٧٥ ـ ورش ، عثمان بن سعيد بن عدي المصري.............................. ٦٠٦
٢٧٦ ـ الوليد بن عتبة ، ابو العباس الأشجعي الدمشقي......................... ٦٠٩
٢٧٧ ـ وهب بن واضح ، ابو الإخربط........................................ ٦١١
٢٧٨ ـ يحيى بن آدم ، ابو زكريا الصلحي ، مولى آل ابي معيط................... ٦١٢
٢٧٩ ـ يحيى الذّماريّ ، ابن الحارث بن عمرو.................................. ٦١٥
٢٨٠ ـ يحيى العليمي ، ابن محمد بن قيس...................................... ٦١٩
٢٨١ ـ يحيى بن وثاب....................................................... ٦٢١
٢٨٢ ـ يحيى اليزيديّ ، ابو محمد العدوي البصري.............................. ٦٢٤
٢٨٣ ـ يحيى بن يعمر البصري................................................ ٦٢٦
٢٨٤ ـ يزيد بن رومان المدني................................................. ٦٢٨
٢٨٥ ـ يعقوب الحضرمي ، أبو محمد يعقوب بن إسحاق........................ ٦٣٠
٢٨٦ ـ أبو يعقوب الأزرق ، يوسف بن عمرو بن يسار......................... ٦٣٥
٢٨٧ ـ يوسف الأصم ، ابو بكر الواسطي..................................... ٦٣٨
٢٨٨ ـ يونس بن عبد الأعلى ، ابو موسى الصدفي المصري...................... ٦٤٠
٢٨٩ ـ أبو يوسف الأعشى ، يعقوب بن محمد بن خليفة........................ ٦٤٢
٢٩٠ ـ ابن يونس المطرّز ، محمد بن يونس ، ابو بكر
الحضرمي.................. ٦٤٤
|