

تقريظ
تفضّل الأخ الخطيب والشاعر الحسيني
الشيخ محمّد باقر الايرواني النجفي دام توفيقه وأتحفنا بأبياتٍ من شعره تضمَّنت تاريخ صدور الكتاب .
وله منَّا جزيل الشكر
من هِبَةِ المَوَلىٰ الكريمِ
الوَاهبِ
|
|
فُزْنَا بِنَيْل الخَيْر والمَوَاهبِ
|
نَسْألُهُ التَّأيِيدَ والمَزيدَ مِنْ
|
|
تَوْفِيقِهِ واليُسْرَ فَي المطَالبِ
|
فالأمْرُ مَوْكُولٌ لَهُ جَلَّ اسْمُهُ
|
|
وغالبٌ وَفَوقَ كلِّ غَالِب
|
نَحْمَدُهُ على عَظِيمِ مَنَّهِ
|
|
اَنْ قَدْ هَدَانَا لِلطَّرِيقِ الصَّائِبِ
|
واللهُ قَدْ أَلْهَمَنَا حُبَّ الولَا
|
|
لآلِ بَيْتِ الْمُصْطَفَى الْأطَايِبِ
|
هُمْ قَادَةٌ لِلدِّينِ وَالدُّنيا مَعَاً
|
|
وَمَنْ رَجَاهُمْ لم يَعُدْ بخَائِبِ
|
واللهُ قَدْ شَرَّفَهُمْ عَلَى الْوَرَىٰ
|
|
وَخَصَّهُمْ بِأَشْرَفِ الْمَرَاتِبِ
|
وَأَصْبَحَتْ طَاعَتُهُمْ مَقْرُونَةً
|
|
بِطاعَةِ اللهِ كَفَرْضٍ واجِبِ
|
لَا يَشْفَعُونَ في غَدٍ إلّا لِمَنْ
|
|
وَالَاهُمُ رُغْمَ الْعَدوِّ النَّاصِبِي
|
وَهَا هُو الْكِتَابُ خَيْرَ شَاهِدٍ
|
|
أتْحَفَنَا بِهِ يَرَاعُ كَاتِبِ
|
أعْنيِ النَّبِيلَ ابْنَ الرِّضَا حَقَّقَهُ
|
|
بِبَالِغِ الْجُهْدِ وَشَوْقٍ جَاذِبِ
|
إلَى الْمَلَا أرَّخْتُهُ : (قُل عَلَنَاً
|
|
عُنْوَانُهُ الثَّاقِبُ فِي الْمَنَاقِبِ)
|
١٣٠ / ١٥١
|
|
١٨٢ / ٦٣٤ / ٩٠
/ ٢٢٤
|
المجموع
١٤١١ هجري
بسم الله الرّحمٰن الرّحيم
مقدمة
المحقق
الحمد لله الأوّل بلا ابتداء ، والآخر
بعد فناء الأشياء ، الوليُّ الحميد ، العزيز المجيد ، المتفرِّد بالملك والقدرة ، الفعّال لما يريد ، له الخلق
والأمر .
والحمد لله الذي الخلق بقدرته ، وجعلهم
دليلا على إلهيّته ، وبعث فيهم رسلاً مبشِّرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجّة بعد الرسل ، يأمرونهم بعبادته ، وأيّد كلّ رسول بآيات ومعجزاتٍ جعلها دليلاً على صدق نبوّته .
وصلّى الله على محمّد خاتم الأنبياء
والمرسلين ، وصاحب المعجز المبين (القرآن العظيم) أوّل الثقلين ، كتابٌ عزيزٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيلٌ من حكيم حميد .
والصلاة والسلام على آله الطيّبين ،
ثاني الثقلين ، والمقرونين بالكتاب المبين ، الهداة المهديّين ، ذوي الآيات الباهرات ، والمعجزات الظاهرات ، ومنهل الفضائل والمكرمات ، نجوم الهدى وأعلام التُقى ؛ ما غرّد طير وشدا .
أمّا
بعد :
فقد كان الناس يطالبون كلَّ نبيٍّ مرسل
، أو وصيٍّ ، أن يريهم بعض المعجزات وخوارق العادات شرطاً لتصديقه والايمان به فذلك أثبتُ طريقٍ إلى معرفة صدقه واثبات صحّة نبوّته ووصايته ، فما هو المعجز ؟
«المعجز في اللغة : ما يجعل غيره عاجزاً
، ثمَّ تعورف في الفعل الذي يعجز القادر عن الاتيان بمثله .
وفي الشرع : هو كلُّ حادثٍ ، من فعل
الله ، أو بأمره ، او تمكينه ، ناقضٌ لعادة الناس في زمان تكليف مطابق لدعوته ، أو ما يجري مجراه»
.
فالمعجزة إذن هي برهان ساطع ، ودليل
قاطع ، وعلامة صدق ، يظهرها الله على يدي النبي أو الوصي عند دعائه او ادعائه ، يمكن للناس من خلالها التمييز بين الصادق والكاذب ، ودفع الشكِّ والريب فيه ، لئلا تبقى لهم حجّة في معصيته ومخالفته ، وليهلك مَن هلك عن بيّنة ويحيا من حيِّ عن بيّنة .
وللمعجز أحكامٌ وشروط لابدَّ من توفّرها
ومعرفتها ، ذكر الشيخ المصنّف أربعة منها في مقدّمة كتابه هذا
.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنَّ أعظم معجزات
الأنبياء ، واشرفها منزلة وأسماها رتبة ، وأوضحها دلالة هي : (القرآن الكريم) الذي فرض اعجازه على كلِّ مَن سمعه على تفاوت مراتبهم في البلاغة ، واختلاف مشاربهم وتباين تخصصاتهم ؛ أعجزهم اُسلوبه ونظمه في الايجاز والإِطالة معاً ؛
___________________
علومه ، حكمه ، كشفه
عن الغيوب الماضية وأخبار الاُمم السالفة وسِير الأنبياء ، وإخباره عن الحوادث الآتية والغيب ؛ وامتاز ببقائه وخلوده ، خاصّة وأن سائر معجزات الأنبياء كانت وقتيّة ذهبت في حينها ، ولم يشاهدها إلّا مَن عاصرها وحضرها ، لذا فهو دليلٌ على صدق اُولئك الرسل والأنبياء ، إذ هو مصدِّقٌ لهم ، ومخبرٌ عن حالهم .
وقد وصلتنا أخبار وأحاديث هي أكثر من أن
تحصى ، وأوسع من أن تحوى ، دخل جلُّها حدَّ الاشتهار ، إذ جاءت مرويّة بطرقٍ وأوجهٍ كثيرة ، وبأسانيد صحيحة مصحّحة ، تحكي جميعها معجزات ودلائل النبي والأئمة من أهل بيته صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ، باينوا بها مَن سواهم ، وسموا بها على سائر الأنبياء والأوصياء المتقدّمين .
فكانوا يُرُون أصحابهم ومواليهم
ومخالفيهم خوارق العادات ، ويخبرونهم بما في سرائرهم وقلوبهم من الحاجات والإِرادات ، وبما كانوا يفعلونه في خلواتهم ، كان جلّها ظاهراً لجماعة من الناس ، شاهدوه بأنفسهم في أوقات كثيرة ، وتناقلوه في مجالسهم ، كتظليل الغمامة على رأس الرسول صلّ الله عليه وآله قبل البعثة وبعدها ، وانشقاق القمر ، وردِّ الشمس ، وتسبيح الحصى ، وحنين الجذع ، وتلاوة رأس الحسين عليه السلام آيات من القرآن بعد ذبحه ، وغير ذلك ممّا يعدُّ خرقاً للعادة ، ومُلْحَقاً بالأعلام والدلائل الباهرة الدالّة على أنّهم الحجّة العظمى على الخلق .
قال الشيخ أبو عبد الله المفيد في أوائل
المقالات : «فأمّا ظهور المعجزات على الأئمة والأعلام ـ أي العلامات ـ فإنّه من الممكن الذي ليس بواجب عقلاً ، ولا ممتنع قياساً ، وقد جاءت بكونها منهم عليهم السلام الأخبار على التظاهر والانتشار ، وقطعتُ عليها من جهة السمع
وصحيح الآثار ، ومعي
في هذا الباب جمهور أهل الإِمامة»
.
وقد أثرىٰ علماء الفريقين المكتبة
الاسلاميّة بمؤلّفاتٍ حوتْ نزراً يسيراً من معجزات ودلائل النبي صلّ الله عليه وآله وأهل بَيته المنتجبين عليهم السلام ، ومن اُولئك العلماء الأعلام شيخنا عماد الدين الطوسي .
المؤلف
:
هو الشيخ الفقيه المتكلّم المحدِّث عماد
الدين أبو جعفر محمّد بن علي بن حمزة الطوسي المشهدي .
وصفه معاصره الشيخ منتجب الدين علي بن
بابويه في الفهرست بـ «الشيخ الإِمام . . . فقيه ، عالم ، واعظ . . .»
.
ووصفه الشيخ الفقيه الحسن بن علي بن
محمّد الطبري (من علماء القرن السابع) في كتابيه الكامل البهائي ومناقب الطاهرين بـ «الشيخ الإِمام ، العلّامة الفقيه ، ناصر الشريعة ، حجّة الإِسلام عماد الدين أبو جعفر محمّد بن على بن محمّد الطوسي المشهدي» وذكر من مصنّفاته كتاب الثاقب في المناقب
.
وذكره العلّامة الخوانساري في روضات
الجنّات فقال : «الشيخ الفقيه المتكلّم الأمين أبو جعفر الرابع عماد الدين محمّد بن علي بن محمّد الطوسي المشهدي ، المشتهر بالعماد الطوسي المشهدي ، والمكنّى عند فقهائنا الأجلّة بابن حمزة ، صاحب الوسيلة ، والواسطة ، من المتون الفقهيّة المشهورة ، الباقية إلى هذا الزمان ، والمشار إلى فتاويه وخلافاته النادرة في
___________________
كتب علمائنا الأعيان
. . . ويظهر أنّه كان في طبقة تلاميذ شيخ الطائفة ، أو تلاميذ ولده الشيخ أبي علي . . .» .
ثمَّ نقل كلام الشيخ الفقيه يحيى بن
سعيد الهذلي الحلّي (من علماء القرن السابع) في مقدّمة كتاب «نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر» قال : «قال شيخنا السعيد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي قدّس الله روحه . . . وقال الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي المتأخّر رضي الله عنه في الوسيلة . . . وقال الشيخ أبو يعلى سلّار . . . وقال الشيخ أبو الصلاح . . .» .
قال العلّامة الخوانساري : «قد ظهر من
هذه العبارة تقدّم منزلة الرجل على منزلة مثل سلّار وأبي الصلاح الحلبي ، اللذين كانا من كبار فقهاء زمن شيخنا الطوسي رحمه الله ، بل قد يلوح منها مشارفته إيّاهم في الطبقة . . .»
.
ابن
حمزة مشترك
قال العلّامة المتتبّع الميرزا عبدالله
أفندي في رياض العلماء : «ابن حمزة يطلق على جماعة ، وفي الأغلب الأشهر يراد منه الشيخ أبو جعفر الثاني الطوسي المتأخّر صاحب الوسيلة وغيرها في الفقه ، أعني الشيخ الإِمام عماد الدين أبو جعفر محمّد بن علي بن حمزة الطوسي المشهدي ، الفقيه المعروف ؛ ويقال فيه (محمّد بن حمزة) أيضاً من باب الاختصار» .
ثمَّ ذكر جماعة ممّن يُطلق عليهم كنية
ابن حمزة .
___________________
آثاره
العلميّة :
١ ـ التعميم :
ذكره الأفندي في الرياض نقلاً عن رسالة لتلميذ الشيخ حسين بن مفلح الصيمري المعمولة لذكر بعض مشايخ الشيعة
.
٢ ـ التنبيه :
ذكره الأفندي نقلاً عن الرسالة المذكورة ، وعن بعض العلماء ولم يذكر اسمه ، وسمّاه هذا الأخير : التنبّه
.
وذكرهما الخوانساري في الروضات عن بعض
الفهارس
.
٣ ـ الثاقب في المناقب :
وهو هذا الكتاب ، وسيأتي الحديث عنه في فصل مستقل .
٤ ـ الرائع في الشرائع .
٥ ـ مسائل في الفقه .
٦ ـ المعجزات :
عدَّ الكتاب الثلاثة الأخيرة الشيخ منتجب الدين من مصنّفاته
.
ولعل كتاب المعجزات هذا هو نفسه كتاب
الثاقب في المناقب ، لاتّحاد موضوعهما .
٧ ـ نهج العرفان إلى هداية الإِيمان :
نسب هذا الكتاب الشيخ زين الدين في رسالة الجمعة إلى عماد الدين الطبرسي ، واستظهر الميرزا الأفندي «أنّه هو هذا الشيخ ، فيكون الطبرسي من غلط النسّاخ ، والصواب
___________________
الطوسي ، إذ لم يعهد
عماد الدين الطبرسي»
.
ولكن الشيخ آقا بزرك الطهراني ذكره في
الذريعة قائلاً : «نهج العرفان إلى سبيل الايمان ، في الفقه ، لعماد الدين الطبري الحسن بن علي ابن محمّد ، صاحب بضاعة الفردوس ، وتحفة الأبرار ، وكامل البهائي ، ينقل عنه الشهيد الثاني في رسالة الجمعة»
.
٨ ـ الواسطة :
ذكره الشيخ منتجب الدين ، والشيخ الطهراني في الذريعة ، وقال : «من أجلِّ المتون الفقهيّة المعوَّل عليها»
.
٩ ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة :
ذكره الشيخ منتجب الدين وغيره ، وقال عنه الشيخ الطهراني في الذريعة : «من المتون الفقهيّة المعوَّل عليها والمنقول عنها في الكتاب الفقهيّة»
.
١٠ ـ كتاب في قضاء الصلاة :
نسبه إليه السيّد ابن طاوُس في كتابه «غياث سلطان الورى» ونقل عنه
.
أساتذته
وشيوخه :
استظهر العلّامة الخوانساري في روضات
الجنّات من خلال كتابي الشيخ الحسن بن علي الطبرسي «مناقب الطاهرين» و «الكامل البهائي» ومن سائر ما يوجد من النقل عنه في كتب الفتاوى والاستدلال ، أنّه كان
___________________
في طبقة تلاميذ شيخ
الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي ، أو من تلاميذ ولده الشيخ أبي علي
واستظهر أيضاً
ممّا في مقدّمة «نزهة الناظر» الذي ذكرنا نصّ عبارته ، أنّه كان في طبقة الشيخ تقي الدين أبي الصلاح الحلبي (٣٧٤ ـ ٤٤٧ هـ) تلميذ الشيخ الطوسي والسيّد المرتضى علم الهدى
؛ وفي طبقة الشيخ أبي يعلى سلّار بن عبدالعزيز الديلمي الذي هو من شيوخ ابن الشيخ الطوسي ، والمتوفّى سنة ٤٤٨ أو ٤٦٣ هـ
.
رغم أنّه شكّك في ذلك فقال : «مع أنّه
خلاف ما يظهر من الاجازة وكتب الرجال والأخبار»
.
وقال الشيخ الأفندي في رياض العلماء : «وقد
قال بعض العلماء في كتابه أنّه رحمه الله تلميذ الشيخ الطوسي . . . وفي كونه تلميذاً للشيخ الطوسي محل نظر»
.
وقال في موضع آخر : «وقد يقال إنّه يروي
عن الشيخ بلا واسطة ، أو بواسطة ، وهو الذي ينقل قوله في صلاة الجمعة بالحرمة ، لا الآتي ـ أي أبي يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري ـ الذي كان خليفة الشيخ المفيد ، كما قد يظن»
.
___________________
ولعل منشأ هذا الخلط هو اشتراك الشيخ
عماد الدين وأبي يعلى بكنية «ابن حمزة» ، وفي اسميهما «محمّد» ، وكونهما من كبار فقهاء عصرهما ، حتى أنَّ بعض العلماء نسبوا كتاب «الوسيلة إلى نيل الفضيلة» إلى الشيخ أبي يعلى ، رغم أنَّ الشيخ عماد الدين قد نقل قول أبي يعلى في الرمي ، في كتاب الحج من الوسيلة : «والرمي واجبٌ عند أبي يعلى»
.
والواقع أنّه بعيد الطبقة عن هؤلاء
الأعلام ، لأنّه ممّن نبغ في النصف الثاني من القرن السادس الهجري ، كما سيأتي بيانه .
والثابت أنّه تلميذ الشيخ الفقيه الجليل
محمّد بن الحسين ـ أو الحسن ـ الشوهاني .
روى عنه في كتابه هذا قائلاً : «حدّثنا
شيخي أبو جعفر محمّد بن الحسين بن جعفر الشوهاني رحمه الله في داره بمشهد الرضا عليه السلام»
.
وفي موضع آخر قال : «وقد سمعتُ شيخي أبا
جعفر محمّد بن الحسن الشوهاني رضي الله عنه ، بمشهد الرضا عليه الصلاة والسلام ، في داره ، وهو يقرأ من كتابه ، وقد ذهب عنّي اسم الراوي . . .»
.
وروى عنه أيضاً في كتابه في قضاء الصلاة
على ما في «غياث سلطان الورى» للسيّد ابن طاوُس ، قال :
«حكى ابن حمزة في كتابه في قضاء الصلاة
عن الشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسين الشوهاني أنّه كان يجوِّز الاستيجار عن الميت»
.
___________________
ويستفاد من قوله في الثاقب (رحمه الله) أنّه
لم يكن حيّاً حين تأليف الكتاب ، والله أعلم .
ترجم له الشيخ منتجب الدين في الفهرست
قائلاً : «الشيخ العفيف أبو جعفر محمد بن الحسين الشوهاني ، نزيل مشهد الرضا عليه وعلى آبائه الطاهرين السلام ، فقيه ، صالح ، ثقة»
.
وهو يروي عن الشيخين المفيدين : أبي علي
الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسي ، وأبي الوفاء عبد الجبّار بن علي المقرء الرازي ، عن الشيخ الطوسي ، كما ذكر ذلك تلميذه ابن شهرآشوب (المتوفّى سنة ٥٨٨ هـ) في كتابه «مناقب آل أبي طالب»
.
من هذا أيضاً يستفاد أنَّ الشيخ عماد
الدين يروي عن الشيخ الطوسي بواسطتين ، وأنّه من طبقة الشيخ ابن شهرآشوب السروي .
تلاميذه
والراوون عنه :
يروي عنه السيّد النسّابة جلال الدين
عبد الحميد بن السيّد شمس الدين فخار بن معد الحسيني .
صرّح بذلك المحقّق الكركي في إجازته
للقاضي صفي الدين عيسى ، عند ذكره ابن حمزة صاحب الوسيلة ، حيث قال :
«وقد رويتُ جميع مصنّفاته ومرويّاته
بالأسانيد الكثيرة والطرق المتعدِّدة ؛ فمنها الطرق المتعدّدة إلى الشيخ السعيد جمال الدين أحمد بن
___________________
فهد ، عن السيّد
السعيد العالم النسّابة تاج الدين محمّد بن معيّة العلوي الحسني ، عن شيخه السيّد العالم الفاضل علي بن عبدالحميد بن فخار العلوي الحسيني الموسوي ، عن والده السيّد عبدالحميد ، عن ابن حمزة» .
من هذا يُعْلَم أنَّ ابن حمزة هو في
طبقة السيّد فخّار بن معد (المتوفّى سنة ٦٣٠ هـ) ومؤلِّف كتاب «الحجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب» .
عصره
:
ممّا يؤسف له أنَّ كثيراً من أعلام
الفكر الإِسلامي لم يسجَّل لهم تاريخ الميلاد أو الوفاة ، ومن اُولئك الذين لم يُهْتَد لتاريخ ميلادهم ووفاتهم الشيخ عماد الدين ابن حمزة ، فأهملهما مَن ترجم له ، بل أهملوا ذكر كثير من أساتذته وشيوخه وتلامذته والراوين عنه ، حيث لم نعرف الكثير منهم .
ولكن ، ممّا تقدّم في فصول هذه المقدّمة
تبيّن لنا أنّه عاش في القرن السادس الهجري ، وألّف كتابه هذا في النصف الثاني منه .
ويؤكّد ذلك ما ذكره هو في كتابه هذا ،
قال بعد أن أورد حديثاً : «وقد نقلتُ ذلك من النسخة التي انتسخها جعفر الدوريستي بخطّه ، ونقلها إلى الفارسية في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ، ونحن نقلناها إلى العربيّة من الفارسية ثانياً ببلدة كاشان ، والله الموفّق ، في مثل هذه السنة : سنة ستين وخمسمائة»
.
وأورد في هذا الكتاب بعض مشاهداته ،
منها قصّة أنوشروان
___________________
المجوسي الأصفهاني
الذي بعثه خوارزمشاه (المتوفّى سنة ٥٥١ هـ) رسولاً إلى السطان سنجر بن ملكشاه السلجوقي المتوفّى سنة (٥٥٢ هـ)
.
مدفنه
:
قال السيّد الصدر في تأسيس الشيعة لعلوم
الاسلام :
«لا أعرف تاريخ وفاته ، غير أنّه توفّى
في كربلاء ، ودفن في بستانٍ خارج البلد ، وقبره اليوم معروف خارج باب النجف ، رضي الله تعالى عنه» .
وأكّد ذلك الشيخ الطهراني في الثقات
العيون
، وعند ذكره لمصنّفاته في الذريعة .
وقال سلمان هادي طعمة ، بعد أن أثنى
عليه : «ومرقده في الطريق العالم المؤدّي إلى مدينة الهنديّة ـ طويريج ـ»
.
الثاقب
في المناقب :
وقد ذكره في عِداد مصنّفاته جُلُّ من
ترجم له ، كما ذكروا له كتاباً في المعجزات ، ولعله هذا .
وهو في خمسة عشر باباً ، وحوى كلّ باب
عدّة فصول ، فالباب الأوّل في معجزات الرسول صلّ الله عليه وآله ، وفيه خمسة عشر فصلاً .
___________________
والباب الثاني في بيان معجزات الأنبياء
التي ذكرها الله تعالى في القرآن وبيان فضائلهم ، وما جعله الله تعالى لأهل بيت نبيّنا عليه وعليهم السلام ممّا يضاهيها ويشاكلها ويدانيها ، وفيه أحد عشر فصلاً .
وقد ألّف معاصره الفقيه المحدِّث المفسِّر
قطب الدين الراوندي (المتوفّى سنة ٥٧٣ هـ) كتاباً في موضوع هذا الباب بالخصوص ، سمّاه «الموازاة بين معجزات نبيّنا صلّ الله عليه وآله ومعجزات أوصيائه عليهم السلام ، ومعجزات الأنبياء عليهم السلام» حوى أربعة وأربعين فصلاً ، ثمَّ إنّه ألحقه بكتابه «الخرائج والجرائح» وجعله الباب السابع عشر منه .
أمّا الأبواب الثلاثة عشر الاُخرى فهي
في معجزات فاطمة عليها السلام والأئمة الاثني عشر عليهم السلام .
وأمّا الباعث له على تأليف هذا الكتاب
فقد ذكره هو في المقدّمة ، فقال :
«ثمَّ إنّي ذكرتُ ذات يومٍ من خصائهم
نتفاً ، ومن فضائلهم طرفاً ، بحضرة مَن هو شعبة من تلك الدوحة الغرّاء ، وزهرة من تلك الروضة الغنّاء ، فاستحسن واردها ، واستطرف شاردها ، واستحلّى مذاقها ، واستوسع نطاقها ، وأشار بتصنيف أمثالها ، وتزويق ظلالها ، وجمع ما بذَّ من فوائدها ، وشذَّ عن فرائدها . . .» .
فتأليفه لهذا «الثاقب» كان استجابة
لرغبة ذاك السيّد الشريف ، الذي لم يصرّح باسمه .
مصادر
الكتاب :
استقى أحاديث وروايات كتابه هذا من طرق
عديدة ، منها :
ـ عن شيخه أبي جعفر الشوهاني ، كما
تقدّم .
ـ مشاهداته الشخصيّة لكراماتٍ حدثت في
زمانه ، كحكاية أنوشروان المتقدّمة ، وحكاية محمّد بن علي النيسابوري
.
ـ نقلاً عن كتب ومؤلفات ، كما أشار لذلك
في المقدّمة : «إنَّ أصحابنا رضي الله عنهم قد صنّفوا في هذا المعنى كتباً وصحفاً ضخمة ، وأنا ألتقط منها ما هو أروع إلى السمع ، وأوقع في القلب ، وأملأ للصدر»
.
ومن الكتاب التي صرّح بأسمائها :
١ ـ كتاب بستان الكرام :
للشيخ المحدِّث أبي الحسن محمّد بن أحمد ابن شاذان القمّي ، من أعلام القرن الرابع والخامس ، نقل حديثين من جزئه السادس والثمانين
.
٢ ـ مفاخر الرضا :
للحاكم النيسابوري أبي عبدالله محمّد بن عبدالله ابن البيع الشافعي (٣٢١ ـ ٤٠٥ هـ) صاحب «المستدرك على الصحيحين»
.
٣ ـ حلية الأولياء :
للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني (٣٣٦ ـ ٤٣٠ هـ)
.
٤ ـ فضائل البتول :
لأبي موسى
.
٥ ـ سِيَر الأئمة :
للموليني
.
___________________
وعلى ما أعلم فانّه لم يصلنا في هذا
العصر من هذه الكتاب الخمسة إلّا كتاب «حلية الأولياء» .
ومن أجل هذا وغيره فقد تفرّد كتابنا هذا
بأحاديث نادرة كان هو المصدر لها في عصرنا الحاضر ، لذا كانت مهمّة تخريج أحاديثه كلّها عسيرة جدّاً ، فبقيت فيه أحاديث لم نعثر لها على مصدر آخر .
النسخ
المعتمدة في التحقيق :
١ ـ النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة
سماحة البحاثة المحقق العلامة السيد محمد علي الروضاتي الأصفهاني دام مؤيداً فقد تفضل مشكوراً وسمح لنا بالمخطوطة نفسها فقابلنا عليها من أولها إلى آخرها وتحتوي المخطوطة على ٢٢٩ ورقة ، وكانت أصح النسخ لأن عليها تصحيح صاحب روضات الجنات (قدس) ومع ذلك لم أجعلها الأصل بل عملت على التلفيق بين النسخ مع تثبيت الإِختلاف بين النسخ في الهامش وكانت النسخة بخط واحد وذكر في آخر صفحاتها أنه تم بعون الله تعالى وتوفيقه على يد أفقر عباد الله الغني محمد بن محمد الحراري الأتريجي كان الله له ولوالديه والمؤمنين غفوراً رحيماً . وقد رمزت لها بالحرف «ر» .
٢ ـ النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة
مسجد كوهرشاد في مشهد الإِمام الرضا (ع) تحت رقم ٥٤٦ العناوين مكتوبة بالقلم الأحمر ، يتكون الكتاب من ١٥٢ ورقة طولها × عرضها ١٥ × ٥ , ٢١ سطراً من النسخ الجيد وبخط واحد مع ختم الحاج السيد سعيد النائيني مؤسس المكتبة . وقد رمزت لها بالحرف : ك .
٣ ـ النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة ملك
في طهران تحت
رقم ٣٧٥٦ كتبت بخط
الناسخ محمد بن قسط ، والعناوين مكتوبة بالقلم الأحمر من مخطوطات القرن الثاني عشر الهجري تقع النسخة في ٢٤٤ ورقة عدد الأسطر ١٥ سطراً في كل صفحة بحجم واحد ١٤ × ٣٠ وقد رمزت لها بالحرف : «م» .
٤ ـ النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة آية
الله العظمى السيد المرعشي النجفي «رحمه الله» العامة في مدينة قم المقدسة تحت رقم (٢٨٢٣) كتبها بخط النسخ الشيخ علي الزاهد القمي ، وكتب عناوينها بالخط الأسود وفي حاشيتها تصحيح وعلامات بلاغ ومقابلة بخط الناسخ وفي بدايتها ونهايتها ختم بيضوي «حسين الطباطبائي» تقع النسخة في ٢٧٢ ورقة في كل ورقة ١٥ سطراً بحجم ٢١ × ١٥ سم وكانت كثيرة السقط والأغلاط وقد رمزت لها بالحرف : «ش» .
٥ ـ النسخة الثانية المحفوظة في خزانة
مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي «رحمه الله» العامة في قم المقدسة رقم المجموعة (١٢٥١) عدد الأوراق ٨٣ الموجود منها إلى نهاية حياة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام والباقي ساقط من النسخة ، والنسخة من القرن الثامن أو التاسع ، وقد رمزت لها بالحرف : «ع» .
٦ ـ النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة
روضة خيري بمصر مخطوطة سنة ١٠٦٤ هـ تحت رقم ٥٤٥ عدد الأوراق ١٩٧ ، مصورة في معهد المخطوطات العربية في الكويت تحت رقم (١٣٩٧) وقد رمزت لها بالحرف : «ص» .
شكر
وتقدير :
أتقدم بالشكر الجزيل الوافر لسماحة حجة
الإِسلام والمسلمين أستاذنا المحقق السيد عبد العزيز الطباطبائي «دام ظله» لما ألقاه من تشجيع في الإِستمرار في تحقيق هذا الكتاب وإرشادي إلى إمكان وجود نسخ خطية جيدة آخرها نسخة صاحب الروضات في أصفهان فقد تجشم الذهاب معنا إلى أصفهان وتفضل علينا سماحة البحاثة المحقق العلامة السيد محمد علي الروضاتي الأصفهاني دام مؤيداً باعطائها ومقابلتها من أولها إلى آخرها وله منا جزيل الشكر ، وكذلك أشكر الأخ عزيز الحاج رحيم الخفاف لما بذل من مشاركة في إخراج هذا السفر الجليل إلى الوجود كما أشكر الاخوة في مؤسسة بعثت لما قدموه لي من ملاحظات قيمة راجياً من الله العلي القدير أن يوفقهم لخير الدارين وخدمة الدين الحنيف .
قم المقدسه ـ شهر ذي الحجة ـ ١٤١١ هـ
.
|
نَبيل رَضَا عَلوَان
|










بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
المؤلف
الحمد لله العلي مجده
، الغالب جنده ، الفائض فضله ، الدائم طَوله ، الذي له الخلق والأمر
، وبيده الخذلان
والنصر ، وإليه المرجع والمصير ، وهو العليم القدير ، لا معقّب لحكمه ، ولا عازب
عن علمه ، ولا محيص عن قدره ، ولا رادّ لقضائه ، أحاط بكلّ شيء علماً ، وأحصى كلّ شيء عدداً .
وأشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا
شريك له ، شهادة قائدها التوفيق ، وسائقها التحقيق ، وباعثها
الإِيقان ، وراعيها
البيان .
وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، (انتجبه
من أفضل أرومة
___________________
وأكرم جرثومة ، وأفضل
قبيلة ، ومعدن فضيلة)
، تناسخته كرائم الأصلاب إلى شرائف الأرحام ، لم تدنّسه الجاهلية بأنجاسها ، ولم تلحقه الضلالة بعنادها ، ولم يكنفه إلّا من ذكا شهابه ، وزكا نصابه ، وطاب مولده ، وكرم محتده ، فأظهره من بيت العرب ، ومعدن الحسب ، من هاشم وعبد المطلب ، (فربّاه بالعلم ، وغذّاه بالحلم)
وعلّمه البيان ، وأنزل عليه القرآن .
بعثه
ومعالم الدين دارسة ، ومناهج الحقّ طامسة ، والناس حيارى في سكرة ، سكارى في حيرة ، فدعا إلى الحقّ ، وهدى إلى الصدق ، ونصح الخلق ، وأمر بالقصد
، وبعث على الرشد ، واحتمل العناء
، ويظلّ نهاره مجاهداً ، ويبيت ليله مكابداً ، حتّى أقام عمود الدين ، وثبّت
قواعد اليقين ، ونفر الشرك هارباً ، ونكب الشكّ خائباً ، ورست
دعائم الإِيمان ، ورسخت قواعد
الإِحسان ، وأظهر الإِسلام ، ونفّذ
الأحكام ، وخلص الدين لله
ولو كره المشركون
ثمّ إنّه لمّا دنا أجله وانقضى نحبه
وآثر جوار ربّه ، نظر لأُمته نظر الوالد لولده ، وركّز فيهم راية الحقّ ، ونصب لهم لواء الصدق ، وخلّف
___________________
فيهم الثقلين : كتاب
الله ، وعترته أهل بيته ، دليلين في الظلمة ، قائدين إلى الرحمة .
وذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضه بعضاً ، قال
الله تعالى : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )
وفيه ما يجلو العمى ، ويدعو إلى الهدى ، وإن كان لا ينطق بلسانه ، ولا يحكم ببيانه ، ولا يذكر ما فيه ، ولا يظهر ما في مطاويه ، إلّا بدليل ناطق ، ومقر
صادق ، والدليل على أحكامه من جعله النبيّ (ص) له قريناً ، ونصبه عليهم أميناً بقوله : «إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، فإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض»
. فهما قرينان متّفقان ، وصاحبان لا يفترقان .
وقد جعل عندهم بيانه ، وعليهم أنزل
قرآنه ، ومنهم ظهر برهانه ، قال الله تعالى : ( أَفَمَن يَهْدِي
إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ )
وقد دلّ الكتاب على أنّهم المعصومون من
الزلل ، المأمونون من الخطل ، بقوله تعالى : (
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ
___________________
الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )
.
ونبّه على أنّهم هم الأمناء على التنزيل
، العلماء بالتأويل ، بقوله : ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ
الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ )
وذكر أنّه ( مَّا فَرَّطْنَا فِي
الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ )
. فهم الفائزون
بعلمه ، العالمون بحكمه ، الملهمون لسرّه ، العاملون بأمره ، وهم ورثة الأنبياء ، وبقيّة الأصفياء ، وحملة الكتاب ، والمهتدون إلى الصواب بقوله تعالى : ( إِنَّ اللَّـهَ
اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى
الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
فدلّ على أنّهم الصفوة من الصفوة ، والأسوة من الأسوة ، ليظهر مواقعها ، ويشهر مواضعها ، ويسفر صاحبها ، ويزهر
مصباحها
، ولا يغلق بابها ، ولا يبهم خطابها ، ولا يتقحم راكبها ، ولا يتخلل مواكبها
.
قال الله تعالى : (
وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ
لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
.
ثمّ بيّن على ذلك دليلاً ، وهدى إليه
سبيلاً بقوله تعالى : (
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ
أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ
فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ )
. فنبّه علىٰ
أَنّهم هم الذريّة والصفوة ، والنفس والأسوة ،
___________________
والمبرّؤون من الكذب
، والمطهّرون من الريب ، والمخصوصون بالاصطفاء ، والمكرّمون بالاجتباء ، والحجج على الخليقة ، والهداة إلى الطريقة ، بعثاً على حطّ رحل الطلب بفنائهم ، وفصل الحكم بقضائهم .
قال الله تعالى : (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )
ثمّ نفى الاختيار عن غيره ، وأضافه إلى
أمره بقوله تعالى : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ
مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ )
فتناسى أكثر الأمّة وصيّته ، واجتهدوا في إطفاء نوره ، وإخفاء نهجه
، ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره ، ويوضّح منهاجه ، ويزهر سراجه ، ويحيي معالمه ، ويرسي دعائمه ، فأمدّهم على تشردهم في الأقطار ، وتباعدهم في الديار ، ممّا تخرّ له الجباه
، وتتقلّص له الشفاه ، وتعنو له الرقاب ، وتتضاءل له الألباب من زواهر الآيات ، وبواهر البيّنات ، ما تأثره المقرّ والجاحد ، ويرويه الشامخ والمعاند ، وتزداد على مرّ الأيّام جدّة ، وعلى كرّ الأيّام عدّة ، وعلى كثرة الأعداء ظهوراً ، وعلى فترة الأولياء
بهوراً ، لتأكيد الحجّة ، وتبيين المحجّة .
ثمّ إنِّي ذكرت ذات يوم من خصائصهم نتفاً
، ومن فضائلهم طرفاً ، بحضرة من هو شعبة من تلك الدوحة الغرّاء ، وزهرة من تلك الروضة الغناء ، فاستحسن واردها ، واستطرف
شاردها ، واستحلى مذاقها ، واستوسع نطاقها ، وأشار بتصنيف أمثالها ، وتزويق ظلالها ،
___________________
وجمع ما بذّ
من فوائدها ، وشذّ من فرائدها ، فاستخرت الله سبحانه في ذلك ، وطفقت أجمع على ترتيب غريب ، وتركيب عجيب ، وأنظم أن أذكر أوّلاً طرفاً من المعجزات لسيّد الأنبياء ، وإمام الأولياء محمّد المصطفى (ص) ، ثمّ اُثنّي بما في كتاب الله سبحانه وتعالى من آيات الأنبياء ودلالات الأصفياء ، ثمّ إنّي أذكر بإزاء كلّ آية ما توازيها ، وبدل كلّ فضيلة فضيلة تضاهيها ، من آيات أئمّتنا (صلوات الله عليهم) .
ثمّ أستأنف الكلام ، وأرتّب النظام ،
وابتدئ بذكر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، وأذكر قليلاً من آياته ، وطرفاً من دلالاته .
ثمّ أذكر لسيّدة النساء الإِنسية ،
الحوراء المرضية ، فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، ما يدلّ على شرف فضائلها ، ويهدي إلى وضوح دلائلها .
ثمّ أذكر لكلّ واحدٍ من الأئمّة عليهم
السلام ، على الترتيب والنسق ، إلى الحجّة المنتظر ، بعض آياته ، ليدلّ على شرف غايته ، إذ لو ذهبت أجمع ما ظهر من الآيات وما بهر على أيديهم
من الدلالات لضاق الزمان ، وتعذّر الإِمكان ، وفني القلم ، ونفد البياض .
وإنّ أصحابنا (رضي الله عنهم) قد صنّفوا
في هذا المعنى كتباً وصحفاً ضخمة ، وأنا ألتقط منها ما هو أروع إلى السمع ، وأوقع في القلب ، وأملأ للصدر ، وقد سمّيته بـ «الثاقب في المناقب»
.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك
خالصاً لرضاه ، ولا يكلني إلى سواه ، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه .
___________________
الباب الأوّل
في
ذكر طرف من معجزات نبيّنا محمّد (ص)
ويحتوي
على خمسة عشر فصلًا
١ ـ فصل :
في
بيان مقدمات الكتاب
اعلم وفّقك الله أنّا لو ذهبنا نجمع
جميع معجزاته
، ونؤلّف أكثر آياته ، لاعترانا الفتور ، وأزرى
بنا القصور ، لأنّه لم يعط أحد من الأنبياء الماضين (عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام) آية ، إلّا وقد اعطي مثلها وزيد له
، لأنّه أفضل البشر ، وسيّد الخلق (عليه أفضل الصلاة والسلام) ، وقد اقتصرنا على عدّة آيات تبركاً بذكره ، وتيمّنا بنشره .
وقد ظهرت معجزاته على أنحاء ، فأظهرها
وأسناها وأبهرها وأبهاها : القرآن ، لأنّه باقٍ على مرّ الأزمان ، لا يزيده طول الأحقاب إلّا اعتلاء ، ولا كثرة التلاوة إلّا بهاءً ، ولَو ذكرت ما فيه لطال
الخطاب ، ولم يسع سطره الكتاب .
وله معجزات أخر ، يشهد بصحّتها القرآن ،
ويحكم بحقيتها
___________________
البيان ، مثل انشقاق
القمر ، والمعراج ، فأعرضنا عن ذكر ذلك
لشهرتها بين أهل الإِسلام .
وللمعجز أحكام لا بدّ من معرفتها :
أحدها :
أن يكون من فعل الله تعالى .
وثانيها :
أن يكون خارقاً للعادة .
وثالثها :
أن يكون متعذّراً مثله على الخلق في الجنس ، مثل إحياء الموتى ، أو في الصفة نحو القرآن وانشقاق القمر .
ورابعها :
أن يكون موافقاً لدعوى المدّعي ، وإنّما يدلّ
المعجز على صدق المدّعي فحسب ، سواء
كان مدّعياً للنبوّة ، أو الإِمامة ، أو الصلاح .
وقد يظهر الله تعالى
المعجز على أيدي الصالحين من عباده ـ بحسب المصلحة ـ إذا كان الوقت يقتضيه ، فلا يدلّ بالإِبانة على النبوّة ، كما ذهب إليه قوم ، وشرح ذلك وبيانه مذكوران في موضعهما .
وما ظهر من آياته (ص) إما ظهر قبل بعثته
، أو بعدها .
فالأوّل :
إنّما أظهره الله تعالى على يده ، تعظيماً له في قلوب الناس ، لطموح الأبصار إليه ، واعتماد الخلق عليه .
والآخر :
إنّما أظهره
عقيب دعواه
ليدلّ على أنّه
___________________
الصادق فيما ادَّعاه
، المحق فيما ابتناه ، المقتدى بفعاله ، المهتدى بمقاله .
فإن ظهر لا عقيب
دعواه كان ذلك تنبيهاً للحاضر ، وتعريفاً للناظر ، وتذكيراً للمتأمل الذاكر ، سواء كان ابتداءً من القديم تعالى ، أو بسبب أمر يقتضي ذلك ، سواء ظهر على يده ، أو على يد غيره من إجابة الدعاء ، أو دفع البلاء ، أو كبت عدوّ ، أو عون وليّ ، أو نفاذ أمر ، أو إنهاء عذر ، أو تقديم نذر ، أو إحياء سنّة ، أو تضعيف
منّة ، أو ترغيب في الإِسلام ، أو ترهيب عن الآثام .
ونحن نذكر ـ بعون الله ـ من ذلك مقدار
مائة آية له (ص) ، ليسهل حفظه ، ولا يبعد حظه ، ومن الله استمد
التوفيق على العمل ، والعصمة من الزلل ، لأنّه وليّ ذلك والقادر عليه .
___________________
٢ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته التي ظهرت على يديه في المياه
وفيه
: أحد عشر حديثاً
١ / ١ ـ عن أمير المؤمنين عليه السلام ،
قال : «إنّ رسول الله (ص) كان في بعض غزواته فنفد الماء ، فقال : يا عليّ قم إلى هذه الصخرة ، وقل : أنا رسول رسول الله إليكِ ، انفجري ماءً ، فوالذي أكرمه بالنبوّة ، لقد بلّغتها الرسالة ، فطلع منها مثل ثدي البعير ، فسال منها من كلّ ثدي ماء ، فلمّا رأيت ذلك أسرعت إلى النبيّ (ص) وأخبرته ، فقال : إنطلق يا عليّ فخذ من الماء . وجاء القوم حتّى ملأوا قربهم وإداواتهم ، وسقوا دوابهم ، وشربوا ، وتوضأوا» .
٢ / ٢ ـ وعنه عليه السلام أنّه قال : «أمرني
(ص) في بعض غزواته ، وقد نفد الماء ، فقال : يا عليّ آتني بتور . فأتيته به ، فوضع يده اليمنى ويدي معها في التور ، فقال : انبع فنبع الماء من بين أصابعنا»
.
والتور : شبه ركوة يغسل منها اليد
والوجه .
___________________
٣ / ٣ ـ عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد
الله عليه السلام أن قال : «لمّا نزل رسول الله (ص) الحديبية ، شكوا إليه العطش وقلّة الماء ، فقال (ص) : اطلبوا لي ماءً . فأتي بماء ، فشرب (ص) ، وغسل منه وجهه ، وصبّه في القليب ، فجاشت حتَّى اغترف الناس بالقصاع منه» .
٤ / ٤ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «بعثني
رسول الله (ص) في بعض غزواته إلى رَكِيّ ، فأتيت الركيّ ، فإذا ليس فيه ماء ؛ فرجعت إليه فأخبرته ، فقال : فيه طين ؟ فقلت : نعم ، فقال : آتني بشيء منه ، فأتيته بطين منه ، فتكلّم فيه ، فقال : إذهب والقه بالركيَّ ، فألقيته فيه ، فإذا الماء قد ارتفع حتّى امتلأ الركيَّ وفاض من جانبيه ، فجئت مسرعاً ، فأخبرته بالذي رأيت ، فقال : أما تعجب يا عليّ أنَّ الله أنبعه بقدرته» .
٥ / ٥ ـ عن أبي هدبة إبراهيم بن هدبة ،
عن أنس ، قال : كان رسول الله (ص) في بعض غزواته ، فغلبهم العطش ، فإذا بجارية سوداء حبشية ، معها راوية ، فقال له أصحابه : يا رسول الله هذه راوية ماء .
قال : فأخذ بخطام البعير ، والجارية
تقول : يا عبد الله ما تريد
___________________
منّي ؟! قال : «لا
بأس عليك» ثمّ نادى أصحابه : «هاتوا أوعيتكم» . فجاؤوا بها ، فحلّ الراوية ، فلم يبق فيها شيء من الماء ، وملأ القوم أوعيتهم ، ثمّ قال : «زوّدوها من تمركم» . فزوّدوها كسراً وتمرات ، ثمّ قال للجارية : «أدني منّي» . فمسح يده (ص) على وجهها فابيضَّ وجهها ، ثمّ مسح يده على الراوية ، وقال : «بسم الله» ، فإذا الراوية كأنّها لم ينقص منها شيء .
قال : فذهبت الجارية إلى أهلها ، فقال
مولاها : أمّا البعير فبعيري ، والراوية راويتي ، والجارية ليست بجاريتي ، فقالت : أو لست بجاريتك ؟!
قال : فما بال وجهك أبيض ؟! قالت :
استقبلني رجل يسمّى محمّد رسول الله (ص) . . . وقصَّت عليه القصّة .
قال : فأتى مولاها رسول الله (ص) ، وقال
: يا رسول الله إنّ لنا بئراً مغورة ، وإنّ ماءنا من مكان بعيد .
قال : «فأرنيها» . فأراه ، فتفل فيها
بريقه الشريف
وقال : «بسم الله» ولولا أنّه قال ذلك لغرَّقهم الماء ، لكن صار ثلثيها ، وشربوا منها ماءً عذباً .
وفي ذلك عدّة آيات .
٦ / ٦ ـ عن عليّ عليه السلام قال : «كان
رسول الله (ص) في غزوةٍ ، فشكونا إليه الظمأ ، فدعا بركوة يمانية ، ثمّ نصب يده المباركة فيها ، فتفجَّرت من بين أصابعه عيون الماء ، فصدرنا وصدرت الخيل رواء ، وملأنا كلّ مزادة
وسقاء وقربة» .
___________________
٧ / ٧ ـ وعنه عليه السلام ، قال : «كنّا
معه (ص) بالحديبية ، وإذا ثَمّ قليب جافّة ، فأخرج (ص) سهماً من كنانته وناوله البراء بن عازب ، وقال له : اذهب بهذا السهم إلى هذه القليب فاغرزه فيها
. ففعل ذلك ، فتفجَّرت اثنتا عشرة عيناً من تحت السهم» .
٨ / ٨ ـ وعنه عليه السلام ، قال : «ويوم
الميضاة عبرة وعلامة ، دعا بالميضاة فنصب يده فيها ، ففاض الماء ، وارتفع حتَّى توضّأ منها ثمانية آلاف رجل ، وشربوا حاجتهم ، وسقوا دوابهم ، وحملوا ما أرادوا» .
٩ / ٩ ـ عن عرو بن الزبير ، قال : مرّ
النبيّ (ص) في بعض غزواته على ماء يقال له : بيسان
، فسأل عنه ، فقيل : يا رسول الله اسمه بيسان ، وهو ماء مالح ، فقال (ص) : «بل هو نعمان ، وهو طيّب» فغيّر الاسم ، فغير الله الماء وعذب
.
١٠ / ١٠ ـ عن عمرو بن سعيد
، قال : قال لي أبو طالب : كنت
___________________
مع ابن أخي بسوق ذي
المجاز
، فاشتدّ الحرّ فعطشت ، فشكوت إليه ، وقد علمت أنّه ليس عنده شيء ، فقال : «يا عمّ عطشت ؟» فقلت : نعم ، فثنى وركهُ ، فنزل ، فألقم عقبه
الأرض ، ثمّ رفع وقال : «اشرب يا عمّ» فشربت حتّى رويت .
١١ / ١١ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال :
«خرج رسول الله (ص) إلى حنين
، فإذا هو بوادٍ يشخب ، فقدّرناه فإذا هو قدر أربع عشرة قامة ، فقالوا : يا رسول الله ، العدوّ من ورائنا ، والوادي أمامنا ؛ كما قال أصحاب موسى عليه السلام : (
إِنَّا لَمُدْرَكُونَ )
، فنزل رسول الله (ص) فقال : اللهم إنّك جعلت لكلّ نبيّ مرسل دلالة ، فأرني قدرتك .
فركب (ص) ، وعبرت الخيل لا تندى حوافرها
، والإِبل لا تندى أخفافها ، ورجعنا ، فكان فتحنا» .
___________________
٣ ـ فصل :
في
بيان آياته الواردة في الأطعمة والأشربة
وفيه
: تسعة أحاديث
١٢ / ١ ـ أخبرنا أبو صالح عن ابن عبّاس
، قال : كان سبب تزويج النبيّ (ص) بخديجة عليها السلام ، أنَّه أقبل ميسرة ـ عبد
خديجة ـ وكان النبيّ (ص) قد نزل تحت شجرة ، فرآه الراهب ، فقال : مَن هذا الذي معك ؟ فقال : من أهل مكَة ، قال : فإنّه نبيّ ، والله ما جلس في هذا المجلس بعد عيسى عليه السلام أحد غيره .
قال : فأقبل إلى خديجة فقال لها : إنّي
كنت آكل معه حتّى أشبع ، ويبقى الطعام ، فدعت خديجة بقناع عليه رطب ، ودعت أختها هالة ، وهي امرأة أبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد الشمس ، ودعت النبيّ (ص) ، فأكلوا حتى شبعوا ولم ينقص منه شيء .
١٣ / ٢ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «لمّا
نزلت : ( وَأَنذِرْ
___________________
عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ )
دعا رسول الله (ص) ثلاثين
من أهل بيته ، وكان الرجل منهم ليأكل جذعة ويشرب زقاً
، فقرّب إليهم رجلاً فأكلوا حتّى شبعوا» .
وفي الحديث طول .
١٤ / ٣ ـ عن أبان بن عثمان ، يرفعه
بإسناده ، قال : إنّ أبا أمامة أسعد بن الأرت
[كان] يبعث إلى رسول الله (ص) كلّ يوم غداءً وعشاءً في قصعة ، ثريداً عليه عُراق ، وكان يأكل معه مَنْ حوله حتّى يشبعوا ، ثمّ ترد القصعة كما هي .
١٥ / ٤ ـ عن عمر بن ذر
قال : حدّثنا مجاهد أنَّ أبا هريرة كان يقول : والله الذي لا إله إلّا هو ، إنِّي كنت لأعتمد بيدي على الأرض من الجوع ، وإنّي كنت لأشدّ الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه
، فمرّ بي أبو بكر
___________________
فسألته عن آيةٍ من
كتاب الله ، وما سألته إلّا ليشبعني ، فمرّ بي ولم يفعل .
ثمّ مرّ بي عمر فسألته عن آية من كتاب
الله ، وما سألته إلّا ليشبعني ولم يفعل .
ثمّ مرّ بي أبو القاسم (ص) ، فتبسّم حين
رآني ، وعرف ما في نفسي ، وما في وجهي ، فقال : «يا أبا هريرة» . فقلت : لبيك يا رسول الله ، [قال] : «التحق» .
ومضى ، واتبعته ودخل ، واستأذنت ، فأذن
لي ، ودخلت ، فوجدت لبناً في قدح فقال : «من أين هذا اللبن ؟» قالوا : أهداه لك فلان ـ أو فلانة ـ .
قال : «يا أبا هريرة» قلت : لبّيك يا
رسول الله . قال : «إلحق أهل الصُّفّة وادعهم» .
قال : وأهل الصُّفّة أضياف أهل الإِسلام
لا يأوون
إلى أهل ومال ، وإذا أتته (ص) صدقة بعث بها إليهم ، ولم يتناول شيئاً ، وإذا أتته هديّة أصاب منها وأشركهم فيها ، فساءني ذلك ، فقلت : ما هذا اللبن في أهل الصفّة ؟! كنت أرجو أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوّى بها ، وأنا الرسول ؟! فإذا جاؤوا فأمرني فكنت أعطيهم ، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ؟! ولم يكن بد من طاعة الله عزّ وجل ، ومن طاعة رسوله ، فأتيتهم فدعوتهم ، فأقبلوا حتّى استأذنوا ، فأذن لهم ، فأخذوا مجالسهم من البيت .
فقال : «يا أبا هريرة» ، فقلت : لبيك يا
رسول الله ، قال : «خُذ وأعطهم» فأخذت القدح ، وجعلت أعطيه الرجل ، فيشرب حتّى يروى ، ثمّ يردّ القدح حتّى انتهيت إلى رسول الله (ص) ، وقد روي القوم
___________________
كلّهم ، فأخذ القدح
فوضعه على يده ، ونظر إلي فتبسّم وقال : «يا أبا هريرة» . فقلت : لبيك . قال : «بقيت أنا وأنت» قلت : صدقت يا رسول الله ، قال : «اقعد واشرب» .
فشربت حتّى رويت ، فما زال (ص) يقول :
«اشرب ، اشرب» حتّى رويت وقلت : والذي بعثك بالحقّ نبيّاً ، ما أجد له مسلكاً .
قال : «فاعطني» قال : فأعطيته ، فحمد
الله عزّ وجل ، وأثنىٰ عليه ، وسمّى ، وشرب الفضلة .
١٦ / ٥ ـ عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ،
قال : إنّ رسول الله (ص) ، لم يكن شيء أحبّ إليه في الشاة من الكتف ، فدخل على قوم من الأنصار ، فذبح شاة فأمر بها فسلخت ثمّ قطعت ، ثمّ انضجت ، فقال رسول الله (ص) : «هات الكتف» فجاءه به ، ثمّ قال : «هات الكتف» فجاءه به ، ثمّ قال : «هات الكتف» فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، إنّي ذبحت شاة واحدة ، وقد أتيتك بثلاث أكتاف ، قال : «أما إنّك لو سكتّ لجئت بما دعوتُ به» .
١٧ / ٦ ـ عن الصادق عليه السلام ، قال :
«إنّ سلمان رضي الله عنه أشار على النبيّ (ص) بحفر الخندق ، فأمر أصحابه أن يحفروا» .
قال : «فأرسلوا إلى النبيّ (ص) جابر بن
عبد الله الأنصاري ، وكان أصغر القوم ، فقال : يا رسول الله إنّا لنضرب بالمعاول فما نقدر على
___________________
شيء من الأرض . قال :
خذ بيدي ، فذهب النبيّ (ص) ليستقل
به ، فما استطاع ، فعلم جابر أنّ ذلك الضعف إنّما هو من الجوع ، وكان لا يرجع أحد حتّى يستأذن النبي (ص) .
قال : فأتيته فقلت : يا رسول الله ،
إنّي أحبّ أن تأذن لي . قال : «انصرف» فانصرفت ، وطحنت صاعاً ، وذبحت جذعة
، فأتى النبيّ (ص) حين ظن أنّهم قد فرغوا ، فقال : إنّي أحبّ أن تجيئني أنت ورجل أو رجلان ممّن أحببت .
فقال : أيّها الناس أجيبوا جابر بن عبد
الله . وقد عدّوا بالأمس ألف رجل ، قال : فدنا من النبيّ (ص) ، وقال : إنّه ليس عندي إلّا جذعة وصاع طحنته . فقال : أيّها الناس ، أجيبوا جابراً .
قال : فانطلق حتّى دخل على زوجته ، وقال
: قد افتضحنا ، قالت : ولم ؟ فأخبرها ، قالت : فأنهيت ما كان عندك إلى النبيّ (ص) ؟ قال : نعم ، قالت : أسكت ، فإنّ رسول الله (ص) لم يكن ليفضحك .
فدخل النبيّ (ص) ، ودعا بعشر صحاف ،
وحلّقهم عشرة عشرة ، ثمّ قال لها : سمّي واغرفي وأبقي ، وسمّي واثردي وأبقي .
قال : وسمّى النبيّ (ص) فدعا مائة فما
رئي منهم إلّا أثر أصابعهم ، فقاموا ، ثمّ دعا مائة أخرى ، فجلسوا
، وسمّى النبيّ (ص) فما رُئي منهم إلّا أثر أصابعهم
، فما زال يجيء مائة ، مائة ، حتّى فرغ القوم ، وكلّ ذلك يسمّي ، قال : فبقي الطعام كما هو حتّى استطعموه العيال ، والجيران ، والصبيان» .
___________________
١٨ / ٧ ـ عن سيف ، عن أبان ، عن أنس بن
مالك ، قال : كنّا مع النبيّ (ص) في غزوة فانتقص زاد القوم
، فقال : «هل فيكم أحد معه شيء ؟» فجاءه رجل بكفّ برّ ، بقية برّ ، فبسط له ثوباً ثمّ رمى به عليه ، ثمّ غطاه ، فدعا الله تعالى ، ثم كشف عنه ، فأخذ الناس منه ، ولقد رأيت أحدبَ وهو يشدّ كمّه رباطاً حتّى يملأه ، فأخذ العسكر منه على هذا النحو ، ما بقي أحد إلّا أخذ حاجته ، فأقلع وهو كما هو .
١٩ / ٨ ـ مثله : شكوا إليه في غزوة تبوك
نفاد الزاد ، فدعا بفضلة زاد لهم ، فلم يجد إلّا بضع عشرة تمرة ، فطرحت بين يديه ، فمسّها بيده المباركة ، ودعا ربّه ثمّ صاح في الناس فانحلقوا ، وقال : «كلوا بسم الله» فأكل القوم فصاروا كأشبع ما كانوا ، وملأوا مزاودهم وأوعيتهم ، والتمرات كلّها كهيئتها ، يرونها عياناً .
٢٠ / ٩ ـ عن جابر بن عبد الله ، قال :
توفي ـ أو استشهد ـ عبد الله بن عمرو بن حزام ، فاستغثت برسول الله (ص) على غرمائه أن يضعوا من دينهم شيئاً ، فأبوا ، فقال (ص) : «إذهب فصنّف تمرك أصنافاً» ففعلت ، ثمّ أعلمته فجاء ، فقعد على أعلاه ـ أو في وسطه ـ ثمّ قال : «كِلْ للقوم» . فكِلتُ لهم حتّى وفيتهم ، وبقي تمري ، كأنّه لم ينقص منه شيء .
___________________
٤ ـ فصل :
في
ظهور آياته فيما أُنزل
عليه من السماء
وفيه
: ثلاثة عشر حديثاً
٢١ / ١ ـ عن أبي عبد الله عليه السلام ،
قال : «أمطرت المدينة ليلة مطراً شديداً ، فلمّا أصبحوا خرج رسول الله (ص) بعلي فمرّ برجل من أصحابه ، فخرجوا من المدينة إلى جبل ريّان ـ وهو جبل مسجد الخيف ـ فجلسوا عليه ، فرفع رسول الله (ص) رأسه ، فإذا رمّانة مدلاة من رمّان الجنّة ، فتناولها رسول الله (ص) ففلقها ، وأكل منها وأطعم عليًّا عليه السلام ، وقال : يا فلان هذه الرمّانة من رمّان الجنّة ، لا يأكلها في الدنيا إلّا نبيّ ، أو وصيّ نبيّ» .
٢٢ / ٢ ـ عن عليّ بن الحسين ، عن أبيه عليهما
السلام ، قال : «اشتكى الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام وبرئ ، ودخل بعقبة مسجد النبيّ (ص) ، فسقط في صدره ، فضمّه النبيّ (ص) ، وقال : فداك جدّك تشتهي شيئاً ؟ قال : نعم ، أشتهي خربزاً
، فأدخل
___________________
النبيّ (ص) يده تحت
جناحه ثمّ هزّه إلى السقف . قال حذيفة : فأتبعته بصري ، فلم ألحقه ، وإنّي لأراعي السقف ليعود منه ، فإذا هو قد دخل من الباب وثوبه من طرف حجره معطوف ، ففتحه بين يدي النبيّ (ص) ، وكان فيه بطيختان ، ورمّانتان ، وسفرجلتان ، وتفاحتان ، فتبسّم النبيّ (ص) وقال :
«الحمد لله الذي جعلكم مثل خيار بني
إسرائيل ، ينزل إليكم رزقكم من جنّات النعيم ، إمض
فداك جدّك وكل أنت وأخوك وأبوك وأمّك ، وخبأ لجدّك نصيباً فمضى الحسن عليه السلام ، وكان أهل البيت عليهم السلام يأكلون من سائر الأعداد ويعود ، حتّى قبض رسول الله (ص) ، فتغير البطيخ ، فأكلوه فلم يعد ، ولم يزالوا كذلك حتّى قبضت فاطمة عليها السلام ، فتغيّر الرمّان ، فأكلوه فلم يعد ، ولم يزالوا كذلك حتّى قبض أمير المؤمنين عليه السلام ، فتغيّر السفرجل ، فأكلوه فلم يعد ، وبقيت التفاحتان معي ومع أخي ، فلمّا كان يوم آخر عهدي بالحسن ، وجدتها عند رأسه وقد تغيّرت ، فأكلتها ، وبقيت الأخرى معي» .
٢٣ / ٣ ـ وروي عن أبي محيص أنّه قال
: كنت بكربلاء مع عمر بن سعد لعنه الله فلمّا ركب
الحسين عليه السلام العطش ، استخرجها
من ردائه واشتمها ، وردّها ، فلمّا صرع عليه السلام فتشته فلم أجدها ، وسمعت صوتاً من رجال رأيتهم ، ولم يمكني الوصول إليهم ، أنّ الملائكة تتلذّذ بروائحها عند قبره ، عند طلوع الفجر ، وقيام النهار .
___________________
وفي الحديث طول ، أخذت موضع الحاجة .
٢٤ / ٤ ـ وروى أبو موسى في مصنّفه (فضائل
البتول عليها السلام) أنّ جبرئيل جاء بالرّمانتين ، والسفرجلتين ، والتفاحتين ، وأعطى الحسن والحسين عليهما السلام ، وأهل البيت يأكلون منها ، فلمّا توفّيت فاطمة عليها السلام تغيّر الرّمان والسفرجل ، والتفاحتان بقيتا معهما ، فمن زار الحسين عليه السلام من مخلصي شيعته بالأسحار وجد رائحتها .
ولست أدري أن الأمرين واحد أم اثنان ؟
وقد وقع هذا الاختلاف في الرواية ، والله أعلم .
٢٥ / ٥ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «بينما
رسول الله (ص) يتضوّر جوعاً ، إذ أتاه جبرئيل عليه السلام بجام من الجنّة فيه تحفة من تحف الجنّة ، فهلّل الجام ، وهلَّلت التحفة في يده ، وسبّحا وكبّرا وحمّدا ، فتناولهما أهل بيته ، ففعلوا
مثل ذلك .
فهمّ أن يتناولها بعض أصحابه ، فتناوله
جبرئيل عليه السلام ، وقال له : كُلها ، فإنّها تحفة من الجنّة ، أتحفك الله بها ، وإنّها ليست تصلح إلّا لنبيّ ، أو وصي نبيّ ، فأكل (ص) وأكلنا ، وإنّي لأجد حلاوتها إلى ساعتي هذه» .
٢٦ / ٦ ـ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ،
مرسلاً ، قال : دخل رسول الله (ص) على فاطمة عليها السلام ، وذكر فضل نفسها ، وفضل زوجها وابنيها ـ في حديث طويل ـ فقالت عليها السلام : «يا رسول الله ،
___________________
والله لقد بات ابناي
جائعين» فقال : «يا فاطمة ، قومي فهاتي العفاص من المسجد» .
قالت : «يا رسول الله ما لنا من عفاص»
قال : «يا فاطمة قومي ، فإنّه من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله» .
قال : فقامت فاطمة إلى المسجد ، فإذا هي
بعفاص مغطَّى .
قال : فوضعته قُدّام النبيّ (ص) فإذا هو
طبق مغطّى بمنديل شامي ، فقال : «عليَّ بعليّ
وأيقظي الحسن والحسين» .
ثمّ كشف عن الطبق ، فإذا فيه كعك أبيض
يشبه كعك الشام ، وزبيب يشبه زبيب الطائف ، وتمر يشبه العجوة
يسمّى الرائع ـ وفي رواية غيره . وصيحاني مثل صيحاني المدينة ـ فقال لهم النبيّ (ص) : «كلوا» .
٢٧ / ٧ ـ عن سليمان الديلميّ ، عن أبي
عبد الله عليه السلام ، قال : «مطروا بالمدينة مطراً جوداً ، فلمّا أن انقشعت السحابة ، خرج رسول الله (ص) ، ومعه عدّة من أصحابه المهاجرين والأنصار ، وعليّ عليه السلام ليس في القوم ، فلمّا خرجوا من باب المدينة ، جلس النبيّ (ص) ينتظر عليّاً ، وأصحابه حوله .
فبينما هو كذلك ، إذ أقبل عليٌّ من
المدينة ، فقال له جبرئيل عليه السلام : يا محمد ، هذا عليّ قد أتاك ، نقيّ الكفّين ، نقيّ القلب ، يمشي كمالاً ، ويقول صواباً ، تزول الجبال ولا يزول . فلمّا دنا من النبيّ (ص) ، أقبل يمسح وجهه بكفّه ، ويمسح به وجه
عليّ ،
___________________
ويمسح به وجه نفسه
وهو يقول : أنا المنذر وأنت الهادي من بعدي فأنزل الله على نبيّه كلمح البصر : (
إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ )
.
قال : فقام النبيّ (ص) ، ثمّ ارتفع
جبرئيل عليه السلام ، ثمّ رفع رأسه ، فإذا هو بكفّ أشدّ بياضاً من الثلج ، قد أدلت رمّانة ، أشدّ خضرة من الزمرّد ، فأقبلت الرّمانة تهوي إلى النبيّ (ص) بضجيج ، فلمّا صارت في يده ، عضّ منها عضّات ، ثمّ دفعها إلى عليّ عليه السلام ، وقال له : كُل ، وأفضل لابنتي وابنيّ ـ يعني الحسن والحسين عليهما السلام ـ ثمّ التفت إلى الناس ، وقال : أيّها الناس ، هذه هديّة من عند الله إليّ ، وإلى وصيّي ، وإلى ابنتي ، وإلى سبطيّ ، فلو أذن الله لي أن آتيكم منها لفعلت ، فاعذروني عافاكم الله .
قال سلمان : جعلت
فداك ، فما كان ذلك الضجيج ؟ فقال : إنّ الرمانة لمّا اجتنيت ، ضجّت الشجرة
بالتسبيح .
قال : جعلت فداك ، ما تسبيح الشجرة ؟
قال : سبحان من سبّحت له الشجر الناظرة ، سبحان ربّي الجليل ، سبحان من قدح من قضبانها النار المضيئة ، سبحان ربّي الكريم» .
ويقال : إنّه من تسبيح مريم عليها
السلام .
٢٨ / ٨ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «أتاني
رسول الله (ص) في منزلي ، ولم يكن طعمنا منذ ثلاثة أيّام ، فقال لي : يا عليّ هل عندك من شيء ؟ فقلت : والذي أكرمك بالكرامة ما طعمت أنا وزوجتي وابناي
___________________
منذ ثلاثة أيّام .
فقال النبيّ (ص) : يا فاطمة ادخلي البيت
، وانظري هل تجدين شيئاً ؟ فقالت : خرجت الساعة ، فقلت : يا رسول الله ، أدخلها أنا ؟ فقال : ادخل بسم الله ، فدخلت فإذا بطبق عليه رطب ، وجفنة من ثريد ، فحملتها إلى النبيّ (ص) ، فقال : أرأيت
الرسول الذي حمل هذا الطعام ؟ فقلت : نعم .
فقال : كيف هو ؟ قلت : من بين أحمر
وأخضر وأصفر ، فقال : كلّ خطّ من جناح جبرئيل عليه السلام ، مكلّل بالدرّ والياقوت ، فأكلنا من الثريد حتّى شبعنا ، فما رؤي الأخذ من أصابعنا وأيدينا» .
٢٩ / ٩ ـ عن عبد الرزاق ، عن معمّر ، عن
الزهريّ عن سعيد بن المسيب ، قال : إن السماء طشت على عهد رسول الله (ص) ليلاً ، فلمّا أصبح (ص) قال لعليّ عليه السلام : «انهض بنا إلى العقيق ننظر إلى حسن الماء في حفر الأرض» .
قال عليّ عليه السلام : «فاعتمد رسول
الله (ص) على يدي فمضينا ، فلمّا وصلنا إلى العقيق نظرنا إلى صفاء الماء في حفر الأرض» .
قال عليّ عليه السلام : «يا رسول الله ،
لو أعلمتني من الليل لاتخذت لك سفرة من الطعام» . فقال : يا عليّ ، إنّ الذي أخرجنا إليه لا يضيّعنا فبينا نحن وقوف ، إذ نحن بغمامة قد أظلّتنا ببرق
ورعد حتّى قربت منّا ، فألقت بين يدي رسول الله (ص) سفرة عليها رمّان ، لم تر العيون مثلها ، على كلّ رمّانة ثلاثة أقشار : قشر من اللؤلؤ ، وقشر
___________________
من الفضّة ، وقشر من
الذهب .
فقال (ص) لي : قل : بسم الله وكل يا
عليّ ، هذا أطيب من سفرتك . وكشفنا
عن الرمّان ، فإذا فيه ثلاثة ألوان من الحبّ : حبّ كالياقوت الأحمر ، وحبّ كاللؤلؤ الأبيض ، وحبّ كالزمرّد الأخضر ، فيه طعم كلّ شيء من اللذَّة ، فلمّا أكلت ذكرت فاطمة والحسن والحسين ، فضربت بيدي إلى ثلاث رمّانات ، ووضعتهن في كمّي ، ثمّ رفعت السفرة .
ثمّ انقلبنا نريد
منازلنا ، فلقينا رجلان من أصحاب رسول الله (ص) . فقال أحدهما : من أين أقبلت يا رسول الله ؟ قال : من العقيق ، قال : لو أعلمتنا لاتّخذنا لك سفرة تصيب منها ، فقال : إنّ الذي أخرجنا لم يضيعنا . وقال الآخر : يا أبا الحسن ، إنّي أجد منكما رائحة طيبة ، فهل كان عندكم ثمّ طعام ؟ فضربت يدي إلى كمّي لأعطيهما رمّانة فلم أر في كمّي شيئاً ، فاغتممت من ذلك
فلمّا افترقنا ومضى النبيّ (ص) إلى
منزله وقربت من باب فاطمة عليها السلام ، وجدت في كمّي خشخشة ، فنظرت فإذا الرمّان في كمّي ، فدخلت وألقيت رمّانة إلى فاطمة ، والاخريين إلى الحسن والحسين ، ثمّ خرجت إلى النبيّ (ص) ، فلمّا رآني قال : يا أبا الحسن ، تحدّثني أم أحدّثك ؟ فقلت : حدّثني يا رسول الله ، فإنّه أشفى للغليل ؛ فأخبر بما كان ، فقلت : يا رسول الله ، كأنّك كنت معي» .
وفي حديث آخر فيه طول ؛ وفي ذلك عدّة
آيات .
٣٠ / ١٠ ـ عن أبان ، عن أنس بن مالك ،
قال : خرج رسول
___________________
الله (ص) نحو البقيع
، فقال لي : يا أنس «انطلق وادع لي عليّ بن أبي طالب» فانطلقت ، فلقيني
عليّ عليه السلام ، فقال : «أين رسول الله ؟» فقلت : إنّ رسول الله أتى نحو البقيع وهو يدعوك .
فانطلق ، فأتاه ، فجعلا يمشيان وأنا
خلفهما ، وإذا غمامة قد أظلّتهما نحو البقيع ، ليس على المدينة منها شيء ، فتناول النبيّ (ص) شيئاً من الغمامة ، وأخذ منها شيئاً يشبه الأترج
، فأكله وأطعم عليًّا ، ثمّ قال : «هكذا يفعل كلّ نبيّ بوصيّه» .
٣١ / ١١ ـ عن ثمامة بن عبد الله ، عن
أنس ، قال : بعث إليّ الحجاج ـ لعنه الله ـ يوماً فقال : ما تقول في أبي تراب ؟ فقلت في نفسي : والله لأسوأنك .
قال : خرجت أريد النبيّ (ص) ، وأنا غلام
، وقد صلّى
الفجر ، وهو راكب على حماره ، وعليّ يمشي ، وهو معتنقه بيمينه ، فقال : «يا أنس ، اتبعنا» فاتبعتهما حتّى أتينا أكمة بالمدينة فنزل رسول الله (ص) عن الحمار ، ثمّ جلس هو وعليّ على الأكمة ، وقال : «يا أنس ، كن ها هنا إلى أن آتيك» .
فجلسا يتحدّثان ويضحكان إلى أن طلعت
الشمس ، فقلت : الآن ينزلان ، فجاءت سحابة فأظلّتهما عن الشمس ، فرأيت رسول الله (ص) يتناول منها شيئاً، فيأكله ويطعم عليّاً ، وأنا أنظر ، إلى أن انجلت الغمامة ، فنزلا ويد رسول الله (ص) في يد عليّ ، فقلت : بأبي
___________________
وأمّي يا رسول الله ،
لقد رأيت عجباً ، قال : «قد رأيت ؟!» قلت : نعم .
قال : «يا أنس ، إنّه قد جلس على هذه
الأكمة مائة نبيّ ، ومائة وصيّ كلّهم تظلّهم هذه الغمامة ، كما أظلّتني وأظلّت عليّاً .
يا أنس ، ما جلس على هذه الأكمة نبيّ
أكرم على الله منّي ، ولا وصيّ أكرم على الله من وصيّي هذا»
.
٣٢ / ١٢ ـ عن سالم بن أبي الجعد ، عن
جابر بن عبد الله ، قال : أتي رسول الله (ص) بفاكهة من الجنّة وفيها أترجة ، فقال جبرئيل عليه السلام : يا محمّد ناولها عليَّاً ، فناولها ، فبينا هو يشمّها إذ انفلقت ، فخرج من وسطها رقّ مكتوب فيه : من الطالب الغالب إلى عليّ بن أبي طالب .
٣٣ / ١٣ ـ عن أبي الزبير ، عن جابر رضي
الله عنه قال : أهديت إلى رسول الله (ص) أترجة من أترج الجنّة ، ففاح ريحها بالمدينة ، حتّى كاد أهل المدينة أن يعتبقوا بريحها
، فلمّا أصبح رسول الله (ص) في منزل أم سلمة رضي الله عنها ، دعا بالأترجة فقطعها خمس قطع ، فأكل واحدة ، وأطعم عليًّا واحدة ، وأطعم فاطمة واحدة ، وأطعم احسن واحدة ، وأطعم الحسين واحدة ، فقالت له أمّ سلمة : ألست من أزواجك ؟
قال : «بلى يا أمّ سلمة ، ولكنها تحفة
من تحف الجنّة أتاني بها جبرئيل ، أمرني أن آكل منها وأطعم عترتي .
يا أمّ سلمة ، إنّ رحمنا أهل البيت
موصولة بالرحمن ، منوطة بالعرش ، فمن وصلها وصله الله ، ومن قطعها قطعه الله» .
___________________
٥ ـ فصل :
في
ظهور آياته في إبراء المرضى ، والأعضاء المبانة والمجروحة
وفيه
: أحد عشر حديثاً
٣٤ / ١ ـ عن عليّ عليه السلام قال : «أصاب
عبد الله بن أنس
طعنة في عينه ، فمسحها رسول الله (ص) ، فما عرفت من الأخرى» .
٣٥ / ٢ ـ عن عبد الله بن كعب بن مالك ،
قال : لمّا بعث رسول الله (ص) محمّد بن مسلمة
في رجال من الأنصار إلى كعب بن الأشرف وثبت
رجل من المسلمين رجلاً من الأنصار فجرح فحملوه ، فأتوا به إلى النبيّ (ص) فمسح عليه فبرئت .
___________________
٣٦ / ٣ ـ عن معاوية بن عمّار ، عن أبي
عبد الله عليه السلام ، قال : «قتل عليّ بن أبي طالب عليه السلام يوم أحد أربعة عشر رجلاً ، وقتل سائر الناس سبعة ، وأصابه يومئذٍ ثمانون
جراحة ، فمسحها رسول الله (ص) ، فلم ينفح
منها شيء» .
٣٧ / ٤ ـ عن حمّاد بن أبي طلحة ، عن أبي
عوف ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فألطفني ، وقال : «إنّ رجلاً مكفوف البصر أتى النبيّ (ص) ، وقال : يا رسول الله ، ادع الله لي أن يردّ إليّ بصري» .
قال : «فدعا الله له ، فردّ عليه بصره .
ثمّ أتاه آخر فقال : يا رسول الله ، ادع
الله لي أن يردّ عليَّ بصري . فقال (ص) : تثاب عليه الجنّة أحبّ إليك ، أم يردّ عليك بصرك ؟ . فقال : يا رسول الله ، وإنّ ثوابها الجنّة ؟! قال : الله أكرم من أن يبتلي عبداً مؤمناً بذهاب بصره ، ثمّ لا يثيبه الجنّة»
٣٨ / ٥ ـ عن شرحبيل بن حسنة ، قال :
أتيت النبيّ (ص) ، وبكفّي سلعة ، فقلت : يا رسول
الله ، إنّ هذه السلعة تحول بيني وبين قائم سيفي لمّا أقبض عليه ، وعنان الدابة ، فقال (ص) : «أدن منّي» فدنوت
___________________
منه ، فقال : «افتح
كفّك» . ففتحتها ، فتفل في كفّي ، ووضع يده
على السلعة ، فما زال يمسحها بكفّيه حتّى رفع ، وما أرى أثرها .
٣٩ / ٦ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «بينا
رسول الله (ص) جالس ، إذ سأل عن رجلٍ من أصحابه ، فقيل : يا رسول الله ، قد صار من البلاء كهيئة الفرخ لا ريش عليه ، فأتاه (ص) ، فإذا هو كالفرخ من شدَّة البلاء ، فقال له : «لقد كنت تدعو في صحتك ؟
قال : نعم ، أقول : يا ربّ ، أيما عقوبة
تعاقبني بها في الدنيا والآخرة فاجعلها لي في الدنيا .
فقال (ص) : هلّا قلت : اللَّهم ربّنا
آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار .
فقالها ، فكأنَّما أنشط من عقال ، وقام
صحيحاً ، وخرج معنا» .
٤٠ / ٧ ـ وعنه صلوات الله عليه ، قال : «ولقد
أتاه رجل من جهينة مجذوم متقطع من الجذام ، فشكا إلى رسول الله (ص) ، فأخذ قدحاً من الماء ، فتفل فيه ، ثمّ قال : «امسح به جسدك ، ففعل حتّى لم يوجد فيه شيء» .
٤١ / ٨ ـ وعنه عليه السلام ، قال : «إنَّ
قتادة بن ربعي كان رجلاً صحيحاً ، فلمّا أن كان يوم اُحد أصابته طعنة في عينه ، فبدرت حدقته ، فأخذها بيده ، ثمّ أتى النبيّ (ص) فقال : يا رسول الله ، إنّ امرأتي الآن تبغضني ، فأخذها (ص) من يده ، ثمّ وضعها في مكانها ، فلم تكن تعرف ، إلّا بفضل حسنها ، وفضل ضوئها على العين الأخرى» .
___________________
٤٢ / ٩ ـ وعنه عليه السلام ، قال : «أصاب
محمّد بن سلمة يوم كعب بن الأشرف مثل ذلك في عينه ، ويده ، فمسحها رسول الله (ص) ، فما تبينا» .
٤٣ / ١٠ ـ عن عبد الله بن بريدة ، عن
أبيه ، قال : تفل رسول الله في رجل عمرو بن معاذ ، حين قطعت رجله فبرئت .
٤٤ / ١١ ـ عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي
جعفر عليه السلام ، قال : «مرّ أعمى على رسول الله ، فقال له : يا فلان ، أفتشتهي أن يردّ الله عليك بصرك ؟ قال : ما من شيء أوتاه من الدنيا أحبّ إليّ من أن يردّ الله عليَّ بصري .
فقال (ص) : توضأ واسبغ الوضوء ، ثمّ (صلِّ
ركعتين)
ثمّ قل : اللهم ، إنّي أسألك وأدعوك ، وأرغب إليك ، وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد (ص) ، نبيّ الرحمة ، يا محمّد ، إنّي أتوجّه بك إلى الله ربّك وربّي ليردّ بك عليّ بصري .
قال : فما قام النبيّ (ص) من مجلسه ،
ولا خطا خطوة
، حتّى رجع الأعمى وقد ردّ الله عليه بصره» .
٤٥ / ١٢ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «أتاه
رجل أعرابي أبرص ، فتفل في فيه ، فما قام من عنده إلّا صحيحاً» .
___________________
٦ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في كلام الجمادات وغيرها
وفيه
: ثمانية أحاديث
٤٦ / ١ ـ عن حبّة ، عن عليّ عليه السلام
، قال : «كنت مع رسول الله (ص) في شعاب مكّة ، وأسمع تسليم الشجر والحجارة عليه» .
٤٧ / ٢ ـ عن أبي هريرة ، عن أبي بكر ،
قال : بينا نحن مع رسول الله (ص) ، إذا نحن بصائح من نخلة ، فقال النبيّ (ص) : «هل تدرون ما قالت النخلة ؟» قالوا : الله ورسوله أعلم .
قال : «قالت : هذا محمّد رسول الله ،
ووصيّه عليّ بن أبي طالب» عليه السلام ، فسمّاه النبيّ (ص) في ذلك اليوم : الصيحاني .
٤٨ / ٣ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «إنَّ
رجلاً من ملوك فارس
___________________
عاقلاً أديباً ، قال
: يا محمّد أخبرني إلى ما تدعو ؟ قال : أدعو إلى شهادة أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأنّ محمداً عبده ورسوله .
قال : وأين الله يا محمّد ؟ قال : بكل
مكان موجود ، وفي غير شيء محدود .
قال : كيف هو ؟ وأين هو ؟ قال : ليس كيف
ولا أين ، لأنّه تبارك وتعالى خلق الكيف والأين .
قال : فمن (أين جاء ؟ قال : لا يقال :
من أين جاء ، وإنّما يقال : من) أين جاء للزائل من
مكان إلى مكان ، وربّنا تعالى لا يزول .
قال : يا محمّد إنّك لتصف أمراً عظيماً
، بلا كيف ، فكيف لي أن أعلم أنّه أرسلك ؟ فلم
يبق بحضرته ذلك اليوم ، لا حجر ولا مدر ، ولا شجر ، ولا سهل ، ولا جبل ، إلّا قال من مكانه : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله .
فقال الرجل : وأنا أشهد أن لا إله إلا
الله ، وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله . فقلت أنا : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمداً رسول الله .
فقال : يا محمّد ، من هذا ؟ قال : هذا
خير أهلي
وأقرب الخلق إليّ ، لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وروحه من روحي ، وهو وزيري
في حياتي ، وبعد وفاتي ، كما كان هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ
___________________
بعدي ، فاسمع له وأطع
، تكن على الحقّ . ثمّ سمّاه النبيّ (ص) : عبد الله» .
٤٩ / ٤ ـ عن
أبي جعفر الباقر عليه السلام ، قال : «تراءى له جبرئيل عليه السلام بأعلى الوادي ، عليه جبّة من سندس ، فأخرج له درنوكاً
من درانيك الجنّة ، فأجلسه عليه ، ثمّ أخبره أنّه رسول الله ، وأمره بما أراد أن يأمره به ، فلمّا أراد جبرئيل عليه السلام الانصراف
أخذ رسول الله (ص) بثوبه ، فقال : ما اسمك ؟ قال : جبرئيل . فعلم رسول الله (ص) ، فلحق بالغنم ، فما مرّ بشجر ، ولا مدر إلّا سلّم عليه» .
٥٠ / ٥ ـ عن
حنش بن المعتمر
، عن عليّ عليه السلام أنّه قال : «دعاني رسول الله (ص) ، فوجّهني إلى اليمن لأصلح بينهم ، فقلت : يا رسول الله إنهم قوم كثير ، لهم سن ، وأنا شاب حدث ، قال : يا عليّ ، إذا صرت بأعلى عقبة أفيق فناد بأعلى صوتك : يا شجر ، يا مدر ، يا ثرى ، محمّد رسول الله يقرئكم السلام .
___________________
قال : فذهبت فلمّا صرت بأعلى عقبة أفيق
أشرفت على أهل اليمن ، فإذا هم بأسرهم مقبلون نحوي ، مشرعون
رماحهم ، مشرعون أسنّتهم ، متنكبون قسيهم ، شاهرون سلاحهم ، فناديت بأعلى صوتي : يا شجر ، يا مدر ، يا ثرى ، محمّد رسول الله يقرئكم السلام ، فلم يبق شجر ، ولا مدر ، ولا ثرى ، إلّا ارتجّ بصوت واحد : وعلى محمّد رسول الله السلام ، وعليك السلام ، فاضطربت قوائم القوم وارتعدت ركبهم ، فوقع السلاح من أيديهم ، وأقبلوا إليّ مسرعين ، فأصلحت بينهم ، وانصرفت عنهم» .
٥١ / ٦ ـ وعنه عليه السلام ، قال : «ولقد
أخذ يوم خيبر ـ أو يوم حنين ، الشكّ من الراوي ـ حجراً ، فسمع للحجر تسبيح وتقديس ، ثمّ قال للحجر : انفلق فانفلق ثلاث فلق ، فسمع لكلّ فلقة تسبيح لا تسمع لأخرى ، والمنّة لله» .
٥٢ / ٧ ـ عن إبراهيم بن عبد الأكرم
الأنصاريّ ، ثمّ النجاريّ ، قال : دخل رسول الله (ص) هو وسهل بن حنيف ، وأبو أيوب حائطاً من حوائط بني النجّار ، فلمّا دخل ناداه حجر على رأس بئر لهم ، تنضح السواني عليها
، فكلّمه .
ثمّ ناداه الرمل وكلّمه .
فلمّا دنا من النخل ، نادته العراجين من
كل جانب : السلام
___________________
عليك يا رسول الله .
وكلّ واحد منها يقول : خذ منّي ، فأخذ منها فأكل وأطعم .
ثمّ دنا من العجوة ، فلمّا أحسته سجدت ،
فبارك عليها رسول الله (ص) ، وقال : «اللهم بارك عليها ، وانفع بها» .
فمن ثمّ روت العامّة أنّ الكمأة من
المنّ وماؤها شفاء للعين ، وأنّ العجوة من الجنّة
.
٥٣ / ٨ ـ وعن جابر بن عبد الله الأنصاري
، قال : كان رسول الله (ص) يقوم في أصل شجرة ـ أو قال : إلى جذع نخلة ، الشكّ من الراوي ـ ثمّ اتّخذ منبراً فحنّ الجذع إلى رسول الله (ص) حتّى سمع حنينه أهل المسجد ، حتّى أتاه رسول الله (ص) ، فمسحه بكفه الشريف فسكن ، فقال بعضهم : لو لم يأته لحنّ إلى يوم القيامة . .
ولقد أخذ رسول الله (ص) كفّاً من حصى
المسجد ، فسبّحت في كفّه .
___________________
٧ ـ فصل :
في
بيان آياته من كلام البهائم ، وفي كلام الطفل الذي
لم يبلغ حين الكلام
وفيه
: تسعة أحاديث
٥٤ / ١ ـ أخبرنا أبو سعيد الخدري رضي
الله عنه ، قال : عدا ذئب على شاةٍ فأخذها ، فطلبه الراعي ، فانتزعها منه ، فأقعى الذئب على ذنبه ، قال : ألا تتّقي الله ، تنزع منّي رزقاً ساقه الله تعالى إليّ .
فقال الراعي له : إنّ هذا لعجب ! ذئب
مقع على ذنبه ، يتكلّم بكلام الإِنس .
فقال له الذئب : ألّا أنبئك بما هو أعجب
من هذا ؟! محمّد (ص يحدّث الناس بأنباء ما قد سبق .
قال : فأقبل الراعي بغنمه حتّى حصل
بالمدينة ، فزواها إلى زاوية من زواياها ، ثمّ أتى النبيّ (ص) فأخبره ، فخرج إلى المسجد ، وأمر فنودي بالصلاة جامعة ، فلمّا اجتمع الناس قال للراعي : «أخبر بما
___________________
رأيت» ، فأخبرهم ،
فقال رسول الله (ص) : «والذي نفسي بيده ، لا تقوم الساعة حتّى تكلّم السباع الناس ، ويكلّم الرجل عذبة سوطه ، وشراك نعاله فتخبره فخذه
بما يحدث على أهله بعده» .
٥٥ / ٢ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «كلّم
الذئب أبا الأشعث ابن قيس الخزاعي ، فأتاه فطرده مرّة بعد أخرى ، ثمّ قال له في المرّة الرابعة : ما رأيت ذئباً أصفق وجهاً منك .
فقال له الذئب : بل أصفق وجهاً منّي مَن
تولّى عن رجل ليس على وجه الأرض أفضل منه ، ولا أنور نوراً ، ولا أتم بصيرة ولا أتم أمراً ، يملك شرقها وغربها ، يقول : لا إله إلّا الله ، فيتركونه ، من أصفق وجهاً : أنا أم أنت الذي تتولى عن هذا الرجل الكريم ، رسول ربّ العالمين ؟!
قال الخزاعي : ويلك ما تقول ؟! قال الذئب
: بل الويل لمن يصلى جهنّم غداً ، ويشقى في النشور أبداً ، ولا يدخل في حزب محمّد .
ثمّ قال الخزاعي : حسبي حسبي ، فمن الذي
يحفظ عليّ غنمي لأنطلق إليه ، وأؤمن به ، وأقول الكلمة ؟ قال له الذئب : أنا أحفظها عليك حتّى تذهب إليه وترجع .
قال الخزاعي : فمن لي بذلك ؟ قال الذئب
: الله تعالى لك .
فلم يزل الذئب في غنمه يحفظها ، حتّى
جاء الخزاعي إلى رسول الله (ص) ، فقال : السلام عليك يا رسول الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، آمنت وصدّقت .
___________________
ثمّ أخبره بكلام الذئب ، وأنا معه أسمع
منه ذلك ، فلم أستقر بعد ذلك بأيّام ، إلّا وذلك الذئب بين يديّ يقول : يا أبا الحسن ، قلت للخزاعي كذا وكذا» .
قال : «وأخذ أبو الأشعث سخلة من غنمه
فذبحها للذئب ، وقال : أنت الذي أعتقتني من النار» .
٥٦ / ٣ ـ عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن
ابن عباس ، قال : خرج أعرابي من بني سليم يدور في البرية ، فصاد ضبّاً فصيّره في كمّه ، وجاء إلى النبيّ (ص) ، وقال : يا محمد ، أنت الساحر الكذّاب الذي تزعم أنّ في السماء إلهاً بعثك إلى الأسود والأبيض ؟ فواللات والعزّى لولا أن يسمّيني قومي بالعجول لضربتك بسيفي حتّى أقتلك .
فقام عمر بن الخطَّاب ليبطش به ، فقال
النبيّ (ص) : «مهلاً يا أبا حفص ، فإنّ الحليم كاد أن يكون نبيَّاً» .
ثمّ قال النبيّ (ص) : «يا أخا بني سليم
، هكذا تفعل العرب ؟ تأتينا في مجالسنا وتهجونا بالكلام ! أسلم يا أعرابي فيكون لك ما لنا ، وعليك ما علينا ، وتكون في الإِسلام أخانا» .
فقال : فواللات والعزّى ، لا أؤمن بك
حتّى يؤمن بك هذا الضبّ . وألقى الضبّ من كمّه .
قال : فعدا الضب ليخرج من المسجد ، فقال
النبيّ (ص) : «يا ضبّ» فالتفت إليه ، فقال (ص) له : «من أنا ؟» فقال : أنت محمد رسول الله .
فقال : النبي (ص) : من تعبد . فقال :
أعبد من اتّخذ إبراهيم
___________________
خليلاً ، وناجى موسى
كليماً ، واصطفاك حبيباً .
فقال الأعرابي : سبحان الله ضبٌ اصطدته
بيدي ، لا يفقه ولا يعقل ، كلّم محمّداً وشهد له بالنبوَّة ، لا أطلب أثراً بعد عين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله .
وأنشأ يقول :
ألا يا رسول الله إنّك صادق
|
|
فبوركت مهديّاً وبوركت هاديا
|
شرعت لنا دين الحنيفة بعدما
|
|
غدونا كأمثال الحمير الطواغيا
|
فيا خير مدعوٍّ ويا خير مرسلٍ
|
|
إلى الإِنس ثمّ الجنّ لبيك داعيا
|
فنحن أناس من سليم عديدناً
|
|
أتيناك نرجو أن ننال العواليا
|
فبوركت في الأقوام حيّاً وميّتاً
|
|
وبوركت طفلاً ثمّ بوركت ناشيا
|
فقال النبيّ (ص) : «علّموا الأعرابي» فعُلّم
سوراً من القرآن .
وفي الحديث طول .
٥٧ / ٤ ـ ورواية أخرى عن معرض بن معقب ،
قال : حججت حجّة الوداع ، فنزلت داراً في مكّة ، فرأيت النبيّ (ص) ، ووجهه يتهلّل مثل دارة القمر ، ورأيت منه عجباً ! أتاه رجل من أهل اليمامة بابن له يوم ولد ، فرأيته في خرقة ، فقال النبيّ (ص) : «من أنا» فقال الطفل : أنت رسول الله . قال : «صدقت ، بارك الله فيك» .
قال : «ولم يتكلّم بعدها حتّى شبّ» .
قال أبي : وكنّا نسمّيه باليمامة :
مبارك اليمامة .
٥٨ / ٥ ـ عن نافع ، عن ابن عمر ، قال :
جاء إلى رسول
___________________
الله (ص) قوم فشهدوا
على رجل بالزور : أنه سرق جملاً ، فأمر النبيّ (ص) بقطعه .
فولّى الرجل وهو يقول اللّهمّ صلّ على
محمّد وآل محمّد ، حتّى لا يبقى من الصلاة شيء ، وبارك على محمّد وآل محمّد ، حتّى لا يبقى من البركات شيء ، وارحم محمّداً وآل محمّد ، حتّى لا يبقى من الرحمة شيء ، وسلّم على محمّد وآل محمّد ، حتّى لا يبقى من التسليم شيء .
قال : فتكلّم الجمل ، وقال : يا رسول
الله إنّه بريء من سرقتي ، فأمر النبيّ (ص) بردّه ، وقال : «يا هذا ما قلت آنفاً ؟» قال : قلت : اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد . . . وذكر كلامه من الدعاء .
قال : «كذلك نظرت إلى ملائكة الله
يخوضون سبل المدينة ، حتّى كادت تحول بيني وبينك ، لتردنّ عليَّ الحوض يوم القيامة ووجهك أشدّ بياضاً من الثلج» .
٥٩ / ٦ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «اجتمع
آل ذُريح في عيد لهم ، فجاءتهم بقرة لهم فصاحت : يا آل ذُريح ، أمر نجيح ، مع رجل يصيح ، بصوت فصيح ، فجاء بلا إله إلّا الله ، محمّدٌ رسول الله ، عجّلوا بلا إله إلّا الله تدخلوا الجنّة .
قال : فوالله ما شعرنا إلّا بآل ذريح قد
أقبلوا إلى النبيّ (ص) ، يطلبونه حتّى أسلموا» .
وروي هذا الخبر أطول من ذلك .
وروي أنّ القوم أحضروا ثوراً ليذبحوه ،
فقال ذلك .
___________________
٦٠ / ٧ ـ وعنه عليه السلام ، قال : «كانت
بقرة في بني سالم ، فلمّا بصرت بالنبيّ (ص) وكنا معه ، فأقبلت تلوذ وتعدو ، وقالت : يا بني سالم ، جاءكم الرجل الصالح ، مع الوزير الصادق ، أحاكمكم إليه فإنّه قاضي الله في الأرض ورسوله ، يا رسول الله إنّي وضعت لهم اثني عشر بطناً ، واستمتعوا بي ، وأكلوا من زبدي ، وشربوا من لبني ، ولم يتركوا لي نسلاً ، وهم الآن يريدون ذبحي ، وأنت الأمين على وحيه
، الصادق بقول : لا إله إلّا الله .
فآمن به بنو سالم ، وقالوا : ألا والذي
بعثك بالحقّ نبياً ، ما نريد معها بعد يومنا هذا من شاهد ، ولا بيّنة ، ولا نشكّ أنّك نبيّه ورسوله ، وهذا وزيرك» .
٦١ / ٨ ـ وعنه عليه السلام ، قال : «أقبل
جمل إلى رسول الله (ص) ، فضرب بجرانه
الأرض ، ورغا وبكى كالساجد المتذلّل ، الطالب الراغب السائل ، فقال القوم : سجد
لك هذا الجمل ، فنحن أحقّ بالسجود منه ، فقال (ص) لهم : بل اسجدوا لله تعالى ، إنّ هذا الجمل يشكو أربابه ، ولو أمرت شيئاً يسجد لشيء لأمرت المرأة تسجد لزوجها .
فهمّ أن ينهض
مع الجمل لينصفه من أربابه ، فإذا قد أقبل
___________________
صاحبه أعرابيّ ، فقال
رسول الله (ص) : هلم يا أعرابي . فأقبل إليه ، فقال (ص) : ما بال هذا البعير يشكو أربابه ؟
فقال : يا رسول الله ما يقول ؟
قال (ص) : يقول : «إنّكم انتجعتموه
صغيراً
وعملتم عليه ، حتّى صار عوداً كبيراً ، ثمّ إنّكم أردتم نحره . فقال الأعرابي : والذي بعثك بالحقّ والنبوة ، واصطفاك بالرسالة ما كذبك ، ولقد قال الحقّ .
فقال (ص) : يا أعرابي اختر مني واحدةً
من ثلاث : إما أن تهبه لي ، وإما أن تبيعه . وإمّا أن تجعله سائبة لله عزّ وجل .
فقال : يا رسول الله قد وهبته لك . فقال
: وإنّي أشهدكم أنّي جعلته سائبة لله تعالى . وكان ذلك الجمل يأتي أعلاف الناس
فلا يدفعونه» .
٦٢ / ٩ ـ عن حميد الطويل
، عن أنس ، قال : بينا النبيّ (ص) في فضاء من المدينة ، إذ أقبل جمل يعدو ، ويسيل عرقه على أخفافه ، حتّى برك بين يدي رسول الله (ص) ، وأقبل يبكي في كفي
رسول الله (ص) ، حتّى امتلأنا دموعاً ، فقال النبيّ (ص) : «حسبك قد قطَّعت الأحشاء ، وأنضجت الكلاء ، فإن كنت صادقاً فلك صدقك ، وإن كنت
___________________
كاذباً فعليك كذبك ،
مع أنّ الله تعالى قد أمن عائذنا ، وليس بخائب لائذنا» .
ثمّ تأخّر ، فبرك بين يدي رسول الله (ص)
، فقال أصحابه : يا رسول الله ما يقول هذا البعير ؟ قال : «هذا بعير قد همّ أهله
بنحره وأكل لحمه ، فهرب واستغاث بنبيّكم ، وبئس جزاء المملوك الصالح من أهله ، حقيق عليه أن يجزع
من الموت» .
وأقبل النبيّ (ص) يحدّث أصحابه ويسألونه
، فبينما هو كذلك ، إذ أقبل أصحابه في طلبه ، فلم يزالوا في أثره حتّى وقفوا على النبيّ (ص) فسلّموا ، فردّ عليهم ، وقال : «ما بليّتكم ؟» فقالوا : يا رسول الله بعيرنا هرب منّا فلم نصبه إلّا بين يديك .
فقال : «إنّه يشكو ، ففيم اشتكاؤه ؟»
قالوا : يا رسول الله ، ما يقول ؟
قال : «ذكر أنه كان فيكم خواراً
، فلم يزل حتّى اتخذتموه في إبلكم فحلاً فأنماها وبارك فيها ، وكان إذا كان الشتاء رحلتم عليه إلى موضع الكن
والدفء ، وإذا كان الصيف رحلتم عليه إلى موضع الكلأ ، فلمّا أدركت هذه السنة المجدبة ، هممتم بنحره ، وأكل لحمه ، فهرب واستجار بنبيكم ، وبئس جزاء المملوك الصالح ، وحقيق عليه أن يجزع من الموت» .
فقالوا : قد كان ذلك يا رسول الله ،
والله لا ننحره ، ولا نبيعه ولنتركه .
___________________
فقال : «كذبتم ، قد استغاث فلم تغيثوه ،
واستعاذ فلم تعيذوه ، وأنا أولى بالرحمة منكم ، إنّ الله تعالى قد نزع الرحمة من قلوب المنافقين ، وأسكنها في قلوب المؤمنين ، فبيعوه
بمائة» . فباعوه بمائة ، فاشتراه رسول الله (ص) بمائة درهم . ثمّ قال : «انطلق أيّها البعير ، وأنت حرّ لوجه الله» فقام ورغا بين يدي رسول الله (ص) ، فقال : «آمين» ثمّ رغا الثانية ، فقال : «آمين» ، ثمّ رغا الثالثة فقال : «آمين» ، ثمّ رغا الرابعة فبكى رسول الله (ص) وبكينا من حوله ، فقلنا : ما يقول هذا البعير ، يا رسول الله ؟ فقال : «أما إنّه يقول : جزاك الله خيراً أيّها النبيّ القرشيّ عن الإِسلام والقرآن ؛ قلت : آمين ، فقال : حقن الله دماء أمّتك ـ وروى عذاقها
ـ كما حقنت دمي ؛ فقلت : آمين ؛ فقال : أعطاها الله مناها من الدنيا كما سكنت روعتي ؛ قلت : آمين ، ثمّ قال في الرابعة : لا جعل الله بأسها بينها في دار الدنيا» فبكى رسول الله (ص) وبكينا معه ، فقال النبيّ (ص) : «هذه سألتها ربّي فأعطانيها ، وسألته هذه الخصلة فمنعنيها ، وأخبرني أنّه لا يكون فناء أمّتي إلّا بالسيف» .
___________________
٨ ـ فصل :
في
بيان ما يقرب من ذلك ، من كلام الذراع ، والشاة المسمومة
وفيه
: أربعة أحاديث
٦٣ / ١ ـ عن المبارك بن فضالة ، عن
الحسن ، عن أنس ، قال : شهدت خيبراً وأنا رديف أبي طلحة ، فقال رسول الله (ص) : «الله أكبر ، خربت خيبراً ، إنّا إذا نزلنا بساحة القوم ، فساء صباح المنذرين» . فجاءت امرأة بشاة مسمومة ، فوضعتها بين يدي النبيّ (ص) ، فلمّا ذهب ليأكل منها ، قال لأصحابه : «ارفعوا أيديكم فإنّها مسمومة ، والذي نفسي بيده ، إنّ فخذها ـ أو عضواً منها ، الشكّ من الراوي ـ قد كلّمني» .
فأرسل إلى اليهودية فقال : «ما حملك على
أن أفسدتيها بعد أن أصلحتيها ؟» قالت : أو علمت ذلك ؟ قالت : والله لأخبرنّك ما حملني على ذلك ، قلت : إن كنت نبيّاً حقّاً ، فإنّ الله سيعلمك ، وإن لم تكن كذلك أرحت الناس منك .
٦٤ / ٢ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «إنّ
رسول الله (ص) لمّا نزل الطائف ، وحاصر أهلها ، بعثوا إليه شاة مصلية
مسمومة ، فنطق
___________________
الذراع منها وقال :
يا رسول الله لا تأكلني ، فإنّي مسمومة» .
٦٥ / ٣ ـ عنه عليه السلام ، قال : «إنّ
اليهود أتت امرأة منهم يقال لها : عبدة ، فقالوا : يا عبدة ، لقد علمت أنّ محمداً قد هدم ركن بني إسرائيل ، وهدم ركن اليهود ، وقد جاءك الملأ من بني إسرائيل بهذا السمّ له ، فهم جاعلون لك جعلاً على أن تسمّيه في هذه الشاة .
فعمدت عبدة إلى الشاة فشوتها ، ثمّ جمعت
الرؤساء في بيتها ، وأتت رسول الله (ص) ، وقالت : يا محمّد قد علمت ما يجب لي ، وقد حضرني
رؤساء اليهود فزرني بأصحابك . فقام (ص) ، ومعه عليّ عليه السلام ، وأبو دجانة ، وأبو أيوب ، وسهل بن حُنيف ، وجماعة من المهاجرين والأنصار ، فلمّا دخلوا وأخرجوا الشاة شدّت اليهود آنافها بالصوف ، وقاموا على أرجلهم وتوكأوا على عصيهم ، فقال لهم رسول الله (ص) : اقعدوا ؛ فقالوا : إنّا إذا زارنا نبي لم يقعد منّا أحد ، وكرهنا أن يصل إليه من أنفاسنا ما يتأذَّى به . وكذبت اليهود عليها لعنة الله ، إنّما فعلت ذلك مخافة سورة السم ودخانه .
فلمّا وضعت الشاة بين يديه ، صلّ
الله عليه وآله تكلّمت كتفها فقال : مه يا محمّد لا تأكلني ، فإنّي مسمومة ، فدعا النبي صلّ الله عليه وآله
عبدة ، فقال لها : ما حملك على ما صنعت ؟ قالت : قلت : إن كان نبيّاً صادقاً لم يضرّه ، وإن كان كاذباً أرحت قومي منه .
فهبط جبرئيل عليه السلام ، فقال : الله
يقرئك السلام ، يقول : قل : بسم الله الذي يسمّيه به كل مؤمن ، وبه عزّ كلّ مؤمن ، وبنوره الذي أضاءت به السماوات والأرضون ، وبقدرته التي خضع لها كلّ جبار عنيد ، وانتكس كلّ شيطان مريد ، من شرّ السمّ ، والسحر ،
___________________
واللمم ، بسم الله
العليّ الملك الفرد ، الذي لا إله إلّا هو (
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ
الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ) .
فقال النبيّ (ص) ذلك ، وأمر أصحابه ،
فتكلّموا به ، ثمّ قال : كلوا . ثم أمرهم أن يحتجموا» .
٦٦ / ٤ ـ عن يزيد بن أبي حبيب ، قال :
أقبلت امرأة ومعها ابن لها ، وهو ابن شهر ، حتّى جاءت رسول الله (ص) فاكفهرّت عليه بوجهها ، فقال الغلام من حجرها : السلام عليك يا رسول الله ؛ السلام عليك يا محمّد بن عبد الله ، قال : فأنكرت الأم ذلك من ابنها ، فقال رسول الله (ص) : «فما يدريك أني رسول الله ، وأنّي محمّد بن عبد الله ؟» .
قال : علّمنيه ربّ العالمين ، والروح
الأمين جبرئيل عليه السلام ، وهو قائم على رأسك ينظر إليك . فقال جبرئيل عليه السلام : يا محمّد هذا تصديق لك بالنبوة ، ودلالة لنبوتك كي يؤمن بك بقية قومك .
قال رسول الله (ص) : «ما اسمك يا غلام ؟»
.
قال : سمّوني عبد العزى ، وأنا به كافر
، فسمّني يا رسول الله . قال : «أنت عبد الله» .
قال : يا رسول الله ، ادع الله عزّ وجل
أن يجعلني من خدمك في الجنّة .
فقال جبرئيل عليه السلام : ادع الله عزّ
وجلّ يعطيه ما سأل .
قال الغلام : السعيد من آمن بك ،
والشقيّ من كذبك ، ثمّ شهق
___________________
شهقة فمات ، فأقبلت
الأمّ عليه ، وقالت : يا رسول الله ، فداك أبي وأمي ، لقد كنت مكذّبة بك إلى لدن ما رأيت من آيات نبوّتك ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنّك رسول الله ، يا أسفي على ما فات منّي .
فقال لها : «أبشري ، فوالذي ألهمك الإِيمان
، إنِّي لأنظر إلى حنوطك وكفنك مع الملائكة» فما برحت حتّى شهقت وفاضت نفسها ، فصلَّى رسول الله صلّ الله عليه وآله ، عليهما ودفنها جميعاً .
٩ ـ فصل :
في
ظهور آياته من درور اللبن من ضرع الشاة التي ما بها لبن
وفيه
: ثلاثة أحاديث
٦٧ / ١ ـ عن زر بن حبيش
عن عبد الله بن مسعود ، قال : كنت أرعى غنماً لعقبة بن أبي معيط ، فمرّ بي رسول الله (ص) وأبو بكر ، فقال لي : «يا غلام هل من لبن ؟» قلت : نعم ، ولكن مؤتمن . فقال : «فهل من شاة لم يقربها الفحل ؟»
.
قال : فأتيته بشاة فمسح ضرعها بيده
الشريفة فنزل اللبن ، فحلبه في إناء ، فشرب ، وسقى أبا بكر ، ثمّ قال للضرع : «اقلص» فقلص .
قال : ثمّ لقيته بعد ذلك ، فقلت : يا
رسول الله ، علّمني من هذا القول .
___________________
قال : فمسح رأسي وقال : «يرحمك الله ،
إنّك عليم معلّم مكرّم» .
٦٨ / ٢ ـ عن محرز بن هديد ، قال إنّه
سمع هشاماً ـ أخا معبد ـ قبل البطحاء ، أنّ النبيّ (ص) لمّا خرج مهاجراً من مكّة ، هو وأبو بكر وعامر ابن فهيرة
، ودليلهما اللّيثي عبد الله بن أريقط
مرّوا على خيمة أم معبد ، وكانت امرأة جلدة ، برزة تحتبي
بفناء الخيمة ، تسقي وتطعم ، فسألوها لحماً وتمراً ليشتروا منها ، فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك ، وكان القوم مرمّلين
مسنتين فقالت : لو كان عندنا شيء ما أعوزناكم
القرى .
فنظر رسول الله (ص) إلى شاة في كسر
الخيمة ، فقال : «ما هذه الشاة يا أم معبد ؟» قالت : شاة خلفها الجاهد عن الغنم .
فقال : «هل بها من لبن ؟» قالت : هي أجهد
من ذلك .
___________________
قال : «أتأذنين لي أن أحلبها» . قالت :
نعم بأبي أنت وأمي إن كان بها لبن فاحلبها .
فدعا رسول الله (ص) بالشاة ، فمسح بيده
على ضرعها ، وسمّى الله تعالى ، ودعا لها في شأنها فتفاجَّت
عليه ، ودرّت .
فدعا بإناء يُربض الرهط
، فحلب فيها شخباً حتّى علاه الثمال ، ثمّ سقاها حتّى رويت ، وسقى أصحابه حتّى رووا ، ثمّ شرب آخرهم شرباً ، وقال (ص) «ساقي القوم آخرهم شرباً» ، فشربوا جميعاً عللاً بعد نهل ، حتّى أراضوا ثمّ حلب ثانياً عوداً على بدء ، حتّى امتلأ الإِناء ، فغادره عندها وارتحلوا عنها .
وفي الحديث طول مع اختلاف الروايات .
٦٩ / ٣ ـ عن قيس بن النعمان السكونيّ ،
قال : لما انطلق النبيّ (ص) ، وأبو بكر مستخفيين في الغار ، مَرّا بعبد يرعى غنماً قال : واستسقياه من اللبن ، فقال : والله ما لي شاة تحلب ، غير أن هنا عناقاً
حملت أوّل السنة ، وما بقي لها لبن .
فقال النبيّ (ص) : «ائتنا بها» ، فأتى
بها ، فدعا لها بالبركة ، ثمّ حلب عساً
وسقى أبا بكر ، ثمّ حلب أخرىٰ وسقا الراعي وشرب ، فقال العبد : بالله من أنت ؟! فو الله ما رأيت مثلك قط !
___________________
فقال (ص) : «أتراك إن خبّرتك تكتم» .
فقال : نعم .
فقال : «إنّي محمّد رسول الله» فقال :
أنت الذي تزعم قريش أنّه صابئ .
فقال : «إنّهم ليقولون ذلك» . قال :
فإنِّي أشهد أنّك رسول الله ، وأنّ ما جئت به حقّ .
___________________
١٠ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في الاستسقاء وإظلال السحاب عليه ، وغيره
وفيه
: خمسة أحاديث
٧٠ / ١ ـ عن أبي عبد الله عليه السلام ،
قال لابنه إسماعيل : «يا بنيّ حدثنا» قال إسماعيل : كانت السماء تمطر بغير سحاب ، فتنبت الأرض من ساعتها ، فيرعى فيها رسول الله (ص) عناقه .
وفي ذلك آيتان .
٧١ / ٢ ـ وعن عليّ عليه السلام ، وروى
أيضاً غيره أنّ النبيّ (ص) كان ذات يوم جالساً في المسجد ، إذ جاءه أعرابي ووقف عليه ، وقال : ما لنا بعير يربط
ولا صبي يصيح
. ثمّ أنشأ يقول :
[ أتيناك يا خير البرية كلّها
|
|
لترحمنا مما لقينا من الأزل ]
|
أتيناك والعذراء يدمى لبانها
|
|
وقد شغلت أم الصبي عن الطفل
|
___________________
وألقى بكفّيه الفتى استكانة
|
|
من الجوع ضعفاً ما يمرّ ولا يحل
|
ولا شيء مما يأكلُ الناس عندنا
|
|
سوىٰ الحنظل العامِى والعلهز والغسل
|
وليس لنا إلّا إليك فرارنا
|
|
وأين فرار الناس إلّا إلى الرّسل
|
فقام النبيّ (ص) يجرّ رداءه ، حتّى صعد
المنبر ، وقلب الرداء ، وخطب وقال : «اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً ، هنيئاً مريئاً غدقاً غير رائث
ولا لابث نافعاً غير ضار ، تملأ به الضرع ، وتنبت به الزرع ، وتحيي به الأرض بعد موتها» .
قال : فوالله ما ردّ يده إلى نحره ،
حتّى ألقت السماء بأرواقها
وجاء أهل البطحاء يصيحون : الغرق الغرق يا رسول الله ، فرفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم حوالينا ولا علينا ، اللّهم على الربا والآكام
، وبطون الأودية ، وأصول الشجر .
قال : فانجابت السحابة عن المدينة ،
حتّى أحدق بها كالإكليل ، فتبسّم رسول الله (ص) حتّى بدت نواجذه .
وفي الحديث طول ، وفي ذلك أيضاً آيتان .
___________________
٧٢ / ٣ ـ عن ابن عبّاس ، قال : قالت
حليمة : انفلت منّي رسول الله (ص) ، فغفلت عنه ، فذهب إلى البهم مع أخته الشيماء قبل البهم على الماء ، فخرجت أطلبه ، حتّى وجدته على الماء ، فقلت : أفي هذا الحرِّ ؟!
فقالت أخته : فما وجد أخي حرّاً ، رأيت
غمامة تظلل عليه ، إذا وقف وقفت ، وإذا سار سارت ، حتّى انتهى إلى هذا الموضع . فقالت أمّها : أعوذ بالله من شرّ ما أحذر على ابني .
٧٣ / ٤ ـ [ عن ] عليّ عليه السلام ، قال
: «إنّ الغمامة كانت تظلّله من يوم ولد ، إلى أن قبض في حضره وأسفاره» .
٧٤ / ٥ ـ عن سعيد بن المسيب ، عن أبي
لبابة ، قال : استسقى رسول الله (ص) يوم الجمعة ، فقال : «اللَّهم اسقنا» فقلت : يا رسول الله ، إن التمر في المربد . وما في السماء سحابة نراها .
فقال رسول الله (ص) : «اللّهم اسقنا» ،
قالها ثلاثاً ، وقال في الثالثة : «حتّى يقوم أبو لبابة عرياناً يسد ثعلب مربده
بإزاره» .
قال : فاستهلّت
السماء ، وأمطرت مطراً شديداً ، وصلّى بنا رسول الله (ص) .
قال : فأطافت الأنصار بأبي لبابة يقولون
: يا أبا لبابة ، والله لن تقلع حتّى تقوم أنت فتسد ثعلب مربدك بإزارك ، فأقلعت السحابة .
___________________
١١ ـ فصل :
في
ظهور آياته في طاعة الشجر والحجر له
وفيه
: ثمانية أحاديث
٧٥ / ١ ـ حمّاد بن عثمان ومخلد
بن عبد الله جميعاً ، قالا : سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول : «إن من الناس من يؤمن بالكلام ، ومنهم من لا يؤمن إلّا بالنظر ، إنّ رسول الله (ص) أتاه رجل ، فقال له : أرني آية . فقال (ص) لشجرتين : اجتمعا ، فاجتمعتا ، ثمّ قال : تفرقا . فافترقتا ، فرجعت كلّ واحدة منهما إلى مكانها» .
٧٦ / ٢ ـ وعنه عليه السلام ، قال : «لمّا
سار رسول الله (ص) إلى حصن بني قريظة ، حال النخل بينه وبين الحصن ، فقال (ص) للنخل بيده كذا ، فذهبت النخل يميناً وشمالاً ، حتّى بدا له الحصن» .
٧٧ / ٣ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «لقد
بعث رسول الله (ص) يوم بطحاء إلى شجرة
فأجابت ، ولكلّ غصن منها تسبيح ، وتهليل ، وتقديس .
___________________
ثمّ قال لها : انشقّي . فانشقّت نصفين ،
ثمّ قال لها : التزقي ، فالتزقت ، ثمّ قال لها : اشهدي . فشهدت له بالنبوّة ، ثمّ قال لها : ارجعي إلى مكانك بالتسبيح ، والتهليل ، والتقديس . ففعلت .
وكان موضعها جنب الجزّارين بمكّة .
وفي ذلك عدّة آيات من الذهاب ، والمجيء
، والانشقاق ، والالتزاق ، والتسبيح ، والشهادة بالنبوة .
٧٨ / ٤ ـ عن أبي بكر قال لعمر : أما
تذكر ونحن منصرفون من الغزوة الفلانية ، وقد أراد النبيّ (ص) أن يقضي حاجته ، وكان مكشوفاً ، فدعا بشجرة وكانت بالبعد ، فانقلعت بأصولها وعروقها ، فأقبلت إليه (ص) فوقفت في وجهه ، فقام خلفها حتّى عمل ما أراد ، ثمّ قال لها : «ارجعي إلى موضعك» . فرجعت إلى موضعها ؟! .
٧٩ / ٥ ـ وروي أنّه (ص) في غزوة الطائف
مرّ بين طلح
وهو وَسِنٌ
من النوم ، فاعترضته سدرة ، فانشقّت له نصفين ، فمرّ بين نصفيها ، وبقيت السدرة على ساقين إلى زماننا هذا ، تسمى سدرة النبيّ (ص) .
٨٠ / ٦ ـ عن الصادق عليه السلام ، قال :
«كان رسول الله (ص) في موضع ، ومعه رجل من الصحابة ، فأراد قضاء حاجته ، فقال للرجل : ائت الاثنتين ـ يعني النخلتين ـ فقل لهما : اجتمعا فاجتمعتا ، فاستتر رسول الله (ص) بهما ، فقضى حاجته ، فجاء الرجل إلى ذلك
___________________
الموضع ، فلم ير شيئاً»
.
٨١ / ٧ ـ وروى أبو الجارود العبدي ، عن
أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام ، قال : «لمّا صعد النبي (ص) الغار ، فطلبه عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، خشية أن يغتاله المشركون ، وكان النبيّ (ص) في حراء ، وعليّ على ثبير فبصر به النبيّ (ص) فقال : مالك يا عليّ ؟
فقال : بأبي أنت وأمّي ، إنّي خشيت أن
يغتالك المشركون .
فقال النبيّ (ص) : ناولني يدك يا علي .
فزحف الجبل حتّى تخطى عليّ عليه السلام برجله الجبل الآخر ، ثمّ رجع إلى قراره ، والمنّة لله» .
٨٢ / ٨ ـ عن أبي بكر ، قال : كنت مع
النبيّ (ص) في الغار ، وسمعت أصوات قريش ، فخفت وقلت : قد جاءوا ليقتلوك ويقتلوني معك . فرفس جانب الغار
رفسة ، فانفجر عن بحر عجاج فيه سفاين من فضة ، فرأيت جعفر بن أبي طالب يقوم في سفينة وقال لي : «قد قربت سفاين الفضة
إن جاؤوا من ها هنا خرجنا من ها هنا» .
___________________
١٢ ـ فصل :
في
ظهور آياته في إحياء الموتى
وفيه
: ثلاثة أحاديث
٨٣ / ١ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «ولقد
سألته قريش إحياء ميت ، كفعل عيسى عليه السلام ، فدعاني ثمّ وشّحني ببردة السحاب ، ثمّ قال : إنطلق يا عليّ مع القوم إلى المقابر ، فأحى لهم بإذن الله ، من سألوك من آبائهم ، وأمّهاتهم ، وأجدادهم ، وعشائرهم .
فانطلقت معهم ، فدعوت الله تبارك وتعالى
باسمه الأعظم ، فقاموا من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم بإذن الله تعالى ، جلّت عظمته» .
٨٤ / ٢ ـ عن مسمع بن عبد الملك كردين ،
وابن عمرويه
، قال : إنّ رسول الله (ص) كان قاعداً ، وهو يذكر اللّحم وقرمه
، إليه ، فقام رجل من الأنصار وله عناق ، فانتهى إلى امرأته ، فقال لها : هل لك من غنيمة باردة ؟ قالت : وما ذلك ؟
قال : إنّي سمعت رسول الله (ص) يذكر
اللّحم ويشتهيه .
___________________
قالت : خذها ، ولم يكن عندهم غيرها ،
وكان رسول الله (ص) يعرفها ، فلمّا جاء بها ذبحت وشويت ، ثم وضعها (ص) بين يدي أصحابه ، ثمّ قال : «كلوا ولا تكسروا عظماً» فأكل وأكلوا ، ورجع الأنصاري ، وإذا هي على بابه تلعب .
٨٥ / ٣ ـ عن أم سلمة رضي الله عنها ،
قالت كنت عند رسول الله (ص) في نصف النهار إذ أقبل ثلاثة من أصحابه ، فقالوا : ندخل يا رسول الله ؟ فصير ظهري إلى ظهره ، ووجهه إليهم .
فقال الأوّل منهم : يا محمّد ، زعمت
أنّك خير من إبراهيم ، وإبراهيم عليه السلام اتَّخذه الله خليلاً ، فأي شيء اتّخذك ؟
وقال الثاني : زعمت أنّك خير من موسى ،
وموسىٰ كلّمه الله عزّ وجل تكليماً ، فمتى كلّمك ؟
وقال الثالث : زعمت أنّك خير من عيسى ،
وعيسى أحيا الموتى ، فمتى أحييت ميتاً ؟
وفي الحديث طول وجواب . . . ثمّ قال
لعليّ عليه السلام : «قم يا حبيبي ، فالبس قميصي هذا ، فانطلق بهم إلى قبر يوسف بن كعب ، فأحيه لهم بإذن الله تعالى محيي الموتى» .
فأتى بهم إلى البقيع ، حتّى أتى إلى قبرٍ
دارس ، فدنا منه ، ثمّ تكلّم بكلمات فتصدّع القبر ، ثم ركله برجله وقال : «قم بإذن الله تعالى محيي الموتى» ، فإذا شيخ ينفض التراب عن رأسه ولحيته ، وهو يقول : يا أرحم الراحمين . ثمّ التفت إلى القوم كأنّه عارف بهم ، وهو يقول : أكفر بعد الإِيمان ! أنا يوسف بن كعب ، صاحب الأخدود ، أماتني الله منذ ثلاثمائة عام .
وفي الحديث طول ، اقتصرت على الموضع
المقصود .
___________________
١٣ ـ فصل :
في
ظهور آياته في ظهور النور
وفيه
: ستة أحاديث
٨٦ / ١ ـ عن حيان بن عمير
عن قتادة بن ملحان ، قال : «أتيت رسول الله (ص) لأبايعه ، فمسح يده على وجهي ، فكان لوجهي بريق ، حتّى أن المارّ ليمرّ في الطريق ، فينظر في وجهي كأنّما ينظر في مرآةٍ ، فأقول : هذه من بركة يد رسول الله (ص) .
٨٧ / ٢ ـ عن أبي عون الدوسي قال : لمّا
أسلم طفيل بن عمرو الدوسي ، قال : يا رسول الله ، إنّي أمرؤ مطاع في قومي ، وأنا راجع إليهم ، وداعيهم إليك ، فقال (ص) : «اللّهم اجعل له آية» .
قال : فخرج إلى قومه ، حتّى إذا كان
بثنية تطلعه على
___________________
الحاضر ، وقع نور بين
عينيه مثل المصباح ، فقال : اللّهم في غير وجهي ، فإنّي أخشى أن يظنّوا بي أنّها مثله وقعت في وجهي لفراق دينهم . فتحول النور إلى وسطه كالقنديل المعلّق .
٨٨ / ٣ ـ عن أنس بن مالك ، قال : إن
عبّاد بن بشر ، وأسيداً
كانا عند النبيّ (ص) في ليلة ظلماء حندس
، فخرجا من عنده فأضاءت عصا أحدهما مثل السراج ، فكانا يمشيان بضوئها ، فلمّا أرادا أن يفترقا إلى منازلهما ، أضاءت عصا هذا وعصا هذا .
٨٩ / ٤ ـ عن محمد بن حمزة الأسلمي
عن أبيه ، قال : كنّا مع النبيّ (ص) في سفر ، فتفرقنا في ليلة ظلماء ؛ فأضاءت أصابعي حتّى جمعوا عليها ظهورهم
، وما هلك منهم أحد ، وإنّ أصابعي لتنير
.
٩٠ / ٥ ـ عن قتادة بن النعمان ، قال :
أتيت النبيّ (ص) في ليلة مطيرة ، أحببت أن أصلّي معه ، فأعطاني (ص) عرجوناً ، وقال : «خذه فإنّه سيضيء لك أمامك عشراً ، فإذا أتيت بيتك فإنّ الشيطان قد
___________________
خلَفَكَ ، فانظر في
الزاوية عن يسارك حتّى تدخل ، فأَعْلِهِ به حتّى يسبقك» .
فدخلت ، فنظرت حيث قال النبيّ (ص) ،
فإذا سواد ، فعلوته به حتّى سبقني به ، فقالت أهلي : ما تصنع ؟! فإذا بضبع .
٩١ / ٦ ـ عن أبي هريرة ، قال : بينما
نحن نصلّي مع رسول الله (ص) العشاء ، وكان إذا سجد وثب الحسن والحسين عليهما السلام على ظهره فإذا أراد أن يركع أخذهما أخذاً رفيقاً ، حتّى يضعهما على الأرض ، فإذا عاد عادا ، حتّى قضى رسول الله (ص) صلاته فانصرف ، ووضعهما على فخذيه .
قال : فقمت إليه وقلت : يا رسول الله ،
ألا أذهب بهما ؟ فقال : «لا» .
قال : فبرقت لهما برقة ، فقال : «الحقا
بأمّكما» فما زالا في ضوئها حتّى دخلا .
___________________
١٤ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته من الإِخبار بالغائبات
وفيه
: ستة أحاديث
إعلم أنّ هذا الباب لو استقصيناه ،
لاحتاج إلى مجلّدة ضخمة ، ولكن اقتصرنا على طرف منه .
٩٢ / ١ ـ عن محمّد بن عليّ بن عتاب ،
قال : خرجت في الهزيمة مع عبد الله بن عزيز ، فلمّا صرت بطوس أتيت قبر أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام ، فإذا أنا بشيخ كبير هرم ، فسألني عن أهل الري ، فأخبرته بما نالهم وبما رأيت فيهم ، وبهدم السور ، فقال : حدّثني صاحب هذا القبر ، عن أبيه عن ، جدّه ، عن آبائه ، عن النبيّ (ص) أنه قال : «كأنّي بأهل الري وقد وليهم رجل يقال له (عبد الله بن عزيز) فيؤسر ، فيؤتىٰ به طبرستان ، فيضرب عنقه في يوم النحر ، ويرفع رأسه على خشبة ويطرح بدنه في بئر» .
قال : فرجعت إلى الري وابن عزيز في
البلد ، فحدّثته الحديث فتغير لون وجهه ، وقال لي : قد يكون اسم يوافق اسماً ، وأرجو أن يكفيني الله ذلك ، ولا بدّ من مناصحة من استكفانا أمره .
قال : فكرهت ذلك وندمت على قولي حتّى
تبيّن ذلك في
___________________
وجهي ، فقال : لا
عليك قد أدّيت ما سمعت . فما عدت إليه حتّى نزل به ما حدّثت به .
وفي الحديث عدّة آيات .
٩٣ / ٢ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «كان
رسول الله (ص) يخبر أهل مكّة بأسرارهم ، حتّى لا يبقى
منها شيء .
منها أنّ عمير بن وهب أتى المدينة وقال
: جئت في فكاك ابني .
فقال (ص) : كذبت ، بل قلت لصفوان وقد
اجتمعتم بالحطيم ، وقد ذكر صفوان قتلىٰ بدر وقال : والله الموت خير من البقاء ، مع ما صنع بنا ، وهل حياة بعد أهل القليب ؟! فقلت : لولا عيال ودَين لأرحتك من محمّد .
فقال صفوان : عليَّ أن أقضي دينك ،
وأجعل بناتك مع بناتي ، يصيبهنّ ما أصابهنَّ من خير أو شر . فقلت أنت : فاكتمها عليَّ ، وجهزني حتّى أذهب وأقتله فجئت لتقتلني .
فقال : صدقت يا رسول الله ، وأنا أشهد
أن لا إله إلا الله ، وأنّك رسول الله .
٩٤ / ٣ ـ وعنه عليه السلام مجملاً ، وعن
ابن شهاب مفصلاً ، قال : إنّ رسول الله (ص) لمّا بعث الجيش إلى مؤتة ، كان ذات يوم
___________________
على المنبر ، فنظر
إلى معركتهم فقال (ص) : «أخذ الراية زيد بن حارثة ، فجاءه الشيطان فحبب إليه الحياة الدنيا ، فقال : حين استحكم الإِيمان في قلوب المؤمنين ، تحبّب إليّ الدنيا ؟! فمضى قدماً حتّى استشهد رضي الله عنه» فقال (ص) : «استغفروا له ، ودخل الجنّة وهو يسعى .
ثمّ أخذ الراية جعفر بن أبي طالب فجاءه
الشيطان فمنّاه الحياة ، وكرّه إليه الموت ، فقال : الآن حين استحكم الإِيمان في قلوب المؤمنين تمنيني الدنيا ؟! ثمّ مضى قدماً حتّى استشهد» فصلَّى عليه ، ودعا له .
ثم قال : «استغفروا لأخيكم جعفر فإنّه
شهيد ، لقد دخل الجنّة ، وهو يطير بجناحين من ياقوت حيث يشاء في الجنّة .
ثمّ أخذ الراية بعده عبد الله بن رواحة
، فاستشهد ، ثمّ دخل الجنّة معترضاً» فشقّ ذلك على الأنصار ، فقيل : يا رسول الله ، ما اعترضه ؟
فقال : «لمّا أصابه الجرح نكل
، فغابت نفسه ، فشجع ، فدخل الجنّة» فسري عن قومه .
ثمّ ورد على ابن مُنْيَه
، فقال (ص) : «إن شئت أخبرتك ، وإن شئت أخبرني» . فقال : بل أخبرني يا رسول الله فأخبره خبره كلّه قال : وإنّك والَّذي بعثك بالحقّ ، ما تركت من حديثهم حرفاً لم تذكره . فقال (ص) : «إنّ الله رفع لي الأرض حتّى رأيت معركتهم »
.
___________________
٩٥ / ٤ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «قال
النبيّ (ص) ذات يوم : يأتيني غداً تسعة نفر
من حضرموت ، فيسلم منهم ستة نفر ، ولا يسلم ثلاثة .
فوقع في قلوب أناس كثير ، فقلت أنا
أصدّق الله ورسوله : هو كما قلت يا رسول الله .
فقال : أنت الصدّيق الأكبر ، ويعسوب
المؤمنين ، وإمامهم ترى ما أرى ، وتعلم ما أعلم ، وأنت أول المؤمنين إيماناً ، ولذلك خلقك ونزع منك الشك والضلال ، وأنت الهادي الثاني ، والوزير الصادق .
فلمّا أصبح رسول الله (ص) وقعد في مجلسه
وأنا عن يمينه ، أقبل تسعة رهط من حضرموت ، حتّى دنوا منه (ص) ، فسلّموا عليه ، فردّ عليهم السلام ، فقالوا : يا محمد ، اعرض علينا الإِسلام . فعرض عليهم ، فأسلم الستة ولم يسلم ثلاثة ، وانصرفوا .
فقال رسول الله (ص) للثلاثة : أمّا أنت
يا فلان فستموت بصاعقة من السماء ، وأما أنت يا فلان فيضربك أفعى في موضع كذا وكذا ، وأما أنت يا فلان فإنّك تخرج في طلب إبلك فيستقبلك أناس من كذا فيقتلونك .
فوقع في قلوب كثير من الناس ، فقلت :
صدق الله ورسوله ، لا يتقدمون ولا يتأخرون عمّا قلت فقال (ص) : صدّق الله قولك ، ولا زلت صدوقاً .
فأتى لذلك ما أتى ، فأقبل الستة الذين
أسلموا فوقفوا على رسول الله (ص) ، فقال لهم : ما فعل أصحابكم ؟ فقالوا : والَّذي بعثك بالحقّ نبيّاً ما جاوزوا ما قلت ، وكلٌّ مات بما قلت ، وإنّا جئناك لنجدّد
___________________
الإِسلام ، ونشهد أنك
رسول الله ، وأنك الأمين على الأحياء والأموات» .
٩٦ / ٥ ـ وعنه عليه السلام ، قال : «كنت
صاحب رسول الله (ص) يوم أقبل أبو جهل ـ لعنه الله ـ وهو يقول : ألست تزعم أنّك نبيّ مرسل ، وأنّك تعلم الغيب ، وأنّ ربّك يخبرك بما تفعله ، هل تخبرني بشيء فعلته لم يطّلع عليه بشر ؟
فقال (ص) : لأخبرنّك بما فعلته ، ولم
يكن معك أحد ، الذهب الَّذي دفنته في بيتك في موضع كذا وكذا ، ونكاحك سودة ، هل كان ما قلت ؟ فأنكر ، فقال (ص) : لئن لم تقر لأظهرنّ ذلك .
فعلم أنه سيظهره فقال : قد علمت أنّ معك
رجل من الجنّ يخبرك بجميع ما نفعله ، فأمّا أنا فلا لا أقول إنّك نبيّ أبداً .
فقال (ص) : لأقتلنك ، ولأقتلنّ شيبة ،
ولأقتلنّ عتبة ، ولأقتلنّ الوليد بن عتبة ، ولأقتلنّ أشراركم ، ولأقطعنّ دابركم ودابر مخزوم ، ولأوطينّ الخيل بلادكم ، ولآخذنّ مكّة عنوة ، ولتديننّ لي الدنيا شرقها وغربها ، وليعاديني قوم من قريش يكونوا طلقاي ، وطلقاء هذا وذريّتي يمتّعهم الله إلى حين ، والعاقبة بالنصر لرجل من ذرّيتي .
فتولى عنّا أبو جهل عليه اللعنة وهو
كالمستهزئ ، ففعل الله بهم ذلك» .
٩٧ / ٦ ـ عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي
الله عنه قال : قال
___________________
لي رسول الله (ص) : «إنّك
ستبقى حتّى تلقى ولدي محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، المعروف في التوراة بالباقر ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام» .
قال الراوي : فدخل جابر على عليّ بن
الحسين زين العابدين عليهما السلام فوجد محمّد بن عليّ عنده غلاماً ، فقال : يا غلام أقبل . فأقبل ، ثمّ قال : أدبر . فأدبر فقال جابر : شمائل رسول الله (ص) وربّ الكعبة .
ثمّ أقبل على عليّ بن الحسين عليه
السلام فقال له : من هذا ؟ فقال : «هذا ابني ، وصاحب الأمر من بعدي : محمّد الباقر» .
فقام جابر فوقع على قدميه يقبلهما ويقول
: نفسي لنفسك الفداء يا ابن رسول الله اقبل سلام أبيك ، إن رسول الله (ص) يقرئك السلام .
قال : فدمعت عينا أبي جعفر عليه السلام
وقال : «يا جابر وعلى أبي رسول الله (ص) السلام ما دامت السماوات والأرض ، وعليك يا جابر بما بلّغت» .
ومنها :
ما أخبر به أبا اليقظان عمّار بن ياسر رضي الله عنه بقوله (ص) : «ستقتلك الفئة الباغية ، وآخر زادك ضياح من لبن»
.
ومنها :
ما أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام أنه سيقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين
.
___________________
ومنها :
ما أخبره أنّه يموت قتلاً ، ضرباً على رأسه
.
ومنها :
ما أخبر بقتل الحسين عليه السلام ، ووضع تربته عند أمّ سلمة رضي الله عنها وقال : «إذا صار هذا دماً عبيطاً فاعلمي أنّ ابني الحسين قد قتلوه»
.
ومنها :
ما أخبر بقتل عمر بن الخطّاب ، وعثمان بن عفّان
.
ومنها :
ما أخبر أن معاوية سيطلب الإِمارة
.
ومنها :
ما أخبر بخبر بني أميّة
.
ومنها :
ما أخبر بملك ولد العبّاس ، وأمثال ذلك لا يحصى كثرة ، فإنّما اقتصرنا على هذا المقدار لأنّ استيفاء آياته لا يمكن أن تحصى .
___________________
١٥ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في معان شتى
وفيه
: أربعة عشر حديثاً
٩٨ / ١ ـ أبو أمامة الباهلي ، قال : إنّ
رسول الله (ص) بعث إلى الملوك رسلاً فأنطقهم الله بلسان من أرسل إليه .
٩٩ / ٢ ـ عن المعلّى بن خنيس ، عن
الصادق عليه السلام ، قال : «إنّ رسول الله (ص) أنفذ دحية الكلبيّ إلى قيصر ملك الروم ، فتفل في فيه ، فتكلم بالرومية .
ولمّا أنفذ عبد الله بن جحش إلى كسرى
تفل في فيه فتكلم بالفارسية الدريّة» .
١٠٠ / ٣ ـ عن أبي أمامة الباهلي ، قال :
أُتي للنبي (ص) بطعام ، فأمر به فوضع على الأرض فجثا على ركبتيه ، ووضع إحدى قدميه على
___________________
الأخرى ، وأقبل يأكل
، فدخلت امرأة برزة
مزّاحة فقالت : يا محمّد ، تأكل كما يأكل العبيد ! فقال : «أي عبد أعبد من محمّد ، اجلسي» .
فقالت : أنا والله لا آكل إلّا ما
ناولتني . فناولها ، فقالت : إلّا الذي في فيك . فأخرجها ، فناولها إيّاها ، فابتعلتها ، فصبّ الله عليها الحياء ، فما رؤيت ممازحة بعد ذلك أبداً .
١٠١ / ٤ ـ عن إسماعيل بن عمّار ، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال : «مرّ رسول الله (ص) بجابر بن عبد الله الأنصاريّ رضي الله عنه ، فقال : يا جابر ألا تسير ؟ فقال : يا رسول الله إن بكري
ضعيف ، ولا يستطيع أن يسير سير الرواحل ، وإنّما أخرجته من النضح حين خرجت .
قال : فغمز رسول الله (ص) [ أصل ]
ذنب بكره بمحجن
معه في يده ، وهو يقول : اللّهم احمله ، اللهمّ احمله» .
قال أبو عبد الله عليه السلام : «وكان
جابر بن عبد الله يحلف بالله ليسبق الناس حتّى رجعت ، وجعل يسير بين يدي الإِبل» .
١٠٢ / ٥ ـ عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال
: كان سراقة بن
___________________
جعشم المدلجي قريباً
من قريش في ناحية مكّة ، فأتاه رجل فقال : يا سراقة ، لقد رأيت ركباناً ثلاثة قد مرّوا . فقال سراقة : ينبغي أن يكون هذا محمّد ، لأتخذن عند قريش يداً .
فركب فرسه وأخذ رمحه ، وكانت قريش قد
بعثت الرجال في كلّ طريق ، والفرسان والنجائب ، وخرج منهم جماعة على طريق المدينة ، فلمّا لحق سراقة برسول الله (ص) ، قال أبو بكر : هذا فارس قد غشينا .
فقال (ص) : «اللَّهم اكفه عنّا» فارتطم
فرسه في الأرض ، وعلم سراقة أنّه من صنع الله تعالى ، فنادى رسول الله (ص) فقال : يا محمّد ، ادع الله أن يخلصني ، فوالله لأردّنّ عنك قريشاً .
فقال النبيّ (ص) : «اللَّهم إن كان
صادقاً فخلّصه» فوثب فرسه ، فلحق سراقة برسول الله (ص) ، وقال : يا محمّد ، خذ سهماً من كنانتي ، فإنك تمر براع لي
فخذ ما شئت من حملان
وغنم فقال (ص) : «لا حاجة لنا إلى ذلك» .
وفي الحديث طول .
١٠٣ / ٦ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «إنّ
رجلاً كان يطلب أبا جهل بدين ، ثمن جزور قد اشتراه منه ، واشتغل عنه وجلس يشرب ، فطلبه الرجل فلم يقدر عليه» فقال بعض المستهزئين : ممّن تطلب ؟ قال : من عمرو بن هشام ، فلي عليه دين .
قال : أفأدلك على من يستخرج الحقوق ؟
قال : نعم . فدلّه على
___________________
النبيّ (ص) ، وكان
أبو جهل يقول : ليت لمحمّد إليَّ حاجة فأسخر به ، وأردّه .
فأتى رسول الله (ص) وقال له : يا محمّد
، قد بلغني أن بينك وبين عمرو بن هشام حساباً ، فاستشفع بك إليه
.
فقام رسول الله (ص) معه فأتاه ، وقال له
: «قم يا أبا جهل وأد للرجل حقّه» وإنّما كنّاه أبا جهل ذلك اليوم ، فقام مسرعاً حتّى أدّى إليه حقّه ، فلمّا رجع ، قال له بعض أصحابه : فعلت ذلك فرقاً من محمّد .
قال : ويحكم اعذروني ، إنّه لمّا أقبل
رأيت عن يمينه رجالاً بأيديهم حرابُ تلألأ ، وعن يساره ثعبانين تصطك أنيابهما ، وتلمع النيران من أبصارهما ، لو امتنعت لم آمن أن يبعجوا بالحراب بطني ، ويقضمني الثعبانان .
١٠٤ / ٧ ـ وعنه عليه السلام «إنَّ أبا
جهل قال يوماً : أنا أقتل محمّداً ، ولو
شاءت بنو عبد المطّلب قتلوني به ، قالوا : إنّك إن فعلت ذلك اصطنعت إلى أهل الوادي معروفاً لا تزال تذكر به .
قال : إنّه لكثير السجود حول الكعبة ،
فإذا جاء وسجد أخذت حجراً فشدخته به .
فجاء النبيّ (ص) ، وطاف بالبيت سبعاً
، ثمّ صلّى فأطال في صلاته ، وسجد ، وأطال في سجوده ، فأخذ أبو جهل حجراً وأتاه من قبل رأسه ، فلمّا أن قرب منه ، أقبل عليه فحل من قبل رسول الله (ص) فاغراً فاه ، فلمّا رآه أبو جهل فزع وارتعدت يده ، وطرح الحجر فشدخ
___________________
رجله
، فرجع مدمياً
، متغيراً لونه ، يفيض عرقاً ، فقال أصحابه : ما رأيناك اليوم .
قال : ويحكم اعذروني فإنّه أقبل من عنده
فحل فاغر فاه يكاد يبتلعني ، فرميت الحجر ، فشدخت رجلي» .
١٠٥ / ٨ ـ سعيد بن عبد الرحمن الجحشي
قال : قال لي عمر بن عبد العزيز : أبلغك أنّ رسول الله (ص) أعطى عبد الله بن جحش يوم أحد عسيباً من النخل فصار في يده سيفاً ؟ قلت : نعم ، حدّثني بذلك آبائي . أو قال : أشياخنا ، الشكّ من الراوي .
١٠٦ / ٩ ـ عن العبّاس بن عبد المطّلب ،
قال : قلت : يا رسول الله ، دعاني إلى الدخول في دينك أمارة لنبوتك : قالت أمّك : رأتك في المهد تناغي القمر
، وتشير إليه بأصبعك ، فحيث أشرت إليه يذهب إليه .
قال (ص) : «كنت أحدّثه ويحدّثني ،
ويلهيني عن البكاء ، وأسمع وجبته [ حين ] يسجد تحت
العرش» .
١٠٧ / ١٠ ـ عن هند بنت الجون ، قالت :
لمّا نزل رسول
___________________
الله (ص) بخيمة أمّ
معبد ، توضّأ للصلاة ، ومجّ ماءً في فيه على عوسجة يابسة ، فاخضرّت وأنارت
، وظهر لي خضر ورقها ، وحسن حملها ، وكنا نتبرك بها ، ونستشفي بها للمرضى .
فلمّا توفي رسول الله (ص) ذهبت بهجتها
ونضارتها .
فلمّا قتل أمير المؤمنين عليه السلام
انقطع ثمرها .
فلمّا كان بعد مدّة طويلة أصبحنا يوماً
وإذا بها قد انبعث من ساقها دم عبيط ، وورقها ذابل يقطر منه مثل ماء اللحم ، فعلمنا أنه حدث حدثٌ عظيم ، فبتنا ليلتنا مهمومين فزعين نتوقع الداهية .
فلمّا أظلم الليل علينا سمعنا بكاءً
وعويلاً من تحتها ووجبة شديدة وضجّة ورجّة ، وصوت باكية تقول : يا ابن النبيّ ، يا ابن الوصيّ ، ويا ابن البتول ، ويا بقيّة السادة الأكرمين . ثمّ كثرت الرنّات والأصوات ، ولم أفهم كثيراً ممّا يقولون ، فأتانا بعد ذلك قتل الحسين عليه السلام ، ويبست الشجرة ، وجفّت ، وذهب أثرها .
١٠٨ / ١١ ـ وعن عروة بن أبي الجعد
البارقيّ ، قال : قدم جلب فأعطاني النبيّ (ص)
ديناراً وقال : «اشتر بها شاة» فاشتريت شاتين بدينار ، فلحقني رجل ، فبعت إحداهما منه بدينار ، ثمّ أتيت النبيّ (ص) بشاة ودينار ، فردّه عليَّ وقال : «بارك الله لك في صفقة يمينك» ولقد كنت أقوم [ بعد ذلك ] بالكناسة ـ أو قال بالكوفة ـ فأربح في اليوم أربعين ألفاً .
___________________
١٠٩ / ١٢ ـ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ،
قال : خرج علينا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في يوم جمعة وقد راح الناس في الأزر والأردية ، وراح في ثياب كثاف
، فخطب ، ثمّ صلّى ودخل .
ثمّ إنّ الناس وثبوا فراحوا في الأكسية
، والسراويلات ، والطيالسة ، فراح هو في ثوبين ، ثمّ دعا بماء وهو على المنبر فشرب ، فنظرت إلى العرق يرشح من جبينه .
قال : ثمّ نزل ، فصلّى ، ودخل ، فذكرت
ذلك لأبي فقلت : هل رأيت من أمير المؤمنين ما رأيت ؟! قال : لا .
ودخل عليه أبو ليلى وسأله ، قال : فقال
: «يا أبا ليلى ، أما بلغك ما قال رسول الله (ص) وقد دعاني يوم خيبر ، وأنا أرمد ، فجئت أتهادى بين رجلين ، فتفل في راحته ، ثمّ ألصقها بعيني ، ثمّ قال : اذهب اللّهم عنه الحر والبرد والرمد ؟! فوالله ما وجدت حرّاً ، ولا برداً ، ولا رمداً ، حتّى الساعة ، ولا أجدها حتّى أموت» .
١١٠ / ١٣ ـ عن أبي عبد الرحمن الفهري
قال : كنت مع النبيّ (ص) في غزوة حنين ، فسرنا في يوم قائظ شديد الحر ، فنزلنا تحت ظل شجرة ، فلمّا زالت الشمس ، لبست لامتي وركبت فرسي ، وانطلقت إلى رسول الله (ص) وهو في فسطاطه ، فقلت : السلام عليك
___________________
يا رسول الله
قد حان الرواح قال : «أجل» فنادى بلالاً من تحت شجرة كأنّ ظلها ظلّ طائر فقال : لبيك وسعديك ، وأنا فداك . فقال : «اسرج فرسي» فأخرج سرجاً دفتاه من ليف ليس فيه أشر ولا بطر ، فركب وركبنا فضاممناهم
عشيتنا .
قال : فلمّا تسامت
الخيلان ولّى المسلمون مدبرين ، كما قال الله تعالى ، فقال رسول الله (ص) : «يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله» ثمّ اقتحم (ص) عن فرسه ، وأخذ كفَّاً من تراب فقال : «شاهت الوجوه» فهزمهم الله تعالى .
قال يعلى بن عطاء : أخبرني أولئك ، عن
آبائهم ، أنّهم قالوا : لم يبق منا أحد إلّا امتلأت عيناه وفوه تراباً ، وقتلوا ، وسمعنا صلصلة
بين السماء والأرض كإمرار الحديد على الطست الحديد .
١١١ / ١٤ ـ عن شرحبيل بن مسلم الخولاني
، قال : إنّ الأسود بن قيس العنسي بينا هو باليمن فبعث إلى أبي مسلم الخولاني فأتاه ، فقال له : أتشهد أنّي رسول الله ؟ قال : ما أسمع .
قال : فتشهد أن محمّداً رسول الله ؟ قال
: نعم . فأمر بنار عظيمة فأججت ثمّ ألقى أبا مسلم الخولاني فيها ، فلم تضرّه ، فقيل للأسود : إنّك إن لم تنف هذا عنك ، أفسد عليك مَن اتّبعك ، فأمره بالرحيل .
___________________
الباب الثاني
في
بيان معجزات الأنبياء التي ذكرها الله تعالى في القرآن وبيان فضائلهم ، وما جعله الله تعالى لأهل بيت نبينا عليه وعليهم السلام مما يضاهيها ويشاكلها ويدانيها
وفيه
أحد عشر فصلًا
١ ـ فصل :
في ذكر آدم
وفيه
: اثنا عشر حديثاً
إنّ الله سبحانه وتعالى خلق آدم عليه
السلام ، واصطفاه ، وجعله بديع فطرته ، وآية قدرته ، بفضائل إعلاء لقدره وتنويهاً باسمه ، وجعله حجة قبل أن يحتج به عليه ، كما روي عن الصادقين عليهما السلام «الحجّة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق» .
وإنّما نذكر فضائله المذكورة في القرآن
، ثمّ نذكر بإزاء كلّ فضيلة فضيلة توازيها ، وبدل كلّ كرامة كرامة لأئمتنا عليهم السلام .
فأوّل فضيلة لآدم عليه السلام أنّ الله
سبحانه وتعالى أخبر ملائكته بتعظيم قدره قبل خلقه ، بقوله تعالى : (
إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
)
وهذه الفضيلة في غاية الشرف ، ونهاية الفضل ، حيث أخبر سبحانه وتعالى أنّه يجعل أحداً ينوب عنه في الحكم بين خليقته ، ثمّ كشف عن عظم قدره ورفع شأنه بإخباره عنه لأهل طاعته .
فإنّ الله سبحانه وتعالى أعطى أمير
المؤمنين وسيّد الوصيين عليه السلام ما يضاهي ذلك ويوازيه في القدر والنباهة ، وهو ما روته الثقات وحملة الإِثبات ونطقت به الآثار واشتهرت به الأخبار .
___________________
١١٢ / ١ ـ فعن جابر بن عبد الله رضي
الله عنه ، عن رسول الله (ص) أنه قال : «مكتوب على باب الجنّة : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، وعليّ أخو رسول الله . وذلك قبل أن يخلق الله تعالى السماوات والأرض بألفي عام» .
١١٣ / ٢ ـ وروي أيضاً في المشهور من
الأثر ، أنه كتب على قائمة من قوائم عرشه قبل خلق آدم عليه السلام بألفي عام : «لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، وأيّدته ونصرته بعليّ بن أبي طالب عليه السلام» .
١١٤ / ٣ ـ وروي عن أبي الحمراء أنّه قال
: قال رسول الله (ص) لمّا أسري بي إلى السماء ، رأيت على ساق العرش الأيمن مكتوباً : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، أيدته بعليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ونصرته به .
وأمّا الخلافة فإنّ الله سبحانه وتعالى
جعل له ذلك على لسان نبيّه محمّد (ص) في مواضع كثيرة ، ومواطن جمة ، كقوله (ص) : «أنت وصيّي في أهلي ، وخليفتي في أمتي» .
وقد أنزل الله سبحانه في المهدي الحجّة
الخلف من ولده صلوات الله عليهما : (
وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
___________________
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ
كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ )
الآية . ومن استخلفه الله تعالى فهو الخليفة .
وفي الآية تنبيه على أنّها ليست فيمن
سواهم ، لأنّ من ادعى الخلافة من غيرهم إنّما استخلفه الناس ، واختاره الخلق ، ولم يستخلفه الله تبارك وتعالى ، وقد قال الله عزّ من قائل : (
كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ )
ومن استخلفه الله
كان مطهّراً من الأدناس ، متميّزاً بالعصمة من الناس ، وليس ذلك من صفة من تصدّى للأمر .
وقد روي عن آل محمّد (ص) حقيقة ذلك ،
فيا لها من مرتبة شريفة ، ومنقبة منيفة ، وفضيلة باهرة ، وحجّة قاهرة .
والثانية : أنه سبحانه وتعالى علّم آدم
الأسماء كلّها وألهمه معانيها ، ثمّ قال للملائكة ( أَنبِئُونِي
بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )
فلمّا عجزوا واعترفوا ، قال لآدم عليه السلام (
أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ )
فلمّا عرفت الملائكة فضيلته وأيقنوا برتبته ، أمرهم بالسجود تكرمة له ، فأذعن المخلصون وتمرّد من كان من أهل النفاق ، وجحد عناداً ، واستكبر حسداً ، وادعى أنّه خيرٌ منه ، واعتقد في نفسه ما لم يجعله الله له ، فغضب الله عزّ وجل عليه ، فطرده عن بابه ، ووسمه باللعنة ، وأخرجه من جواره ، وأهبطه عن داره ، ومدح من أذعن لأمره ، وانقاد لحكمه بالسجود له بقوله تعالى : (
بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ *
لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ )
فميّز الله تعالى به
بين المؤمن والمنافق ، والمخلص والمدغل
.
___________________
وقد أعطى الله تعالى أمير المؤمنين عليه
السلام ما يماثل هذه الفضائل ويوازيها ، ويقاربها ويدانيها ، وهو أنّ رسول الله (ص) على ما روي في المشهور من الأثر ، والمنقول من الخبر (علّمه ألف باب ، ففتح له من كلّ باب ألف باب )
.
وقال (ص) : «أنا مدينة العلم وعليّ
بابها»
.
وبيّن صحة ذلك قول أمير المؤمنين عليه
السلام : «سلوني عمّا دون العرش»
.
وقوله : «سلوني قبل أن تفقدوني»
.
وقوله : «ما من فئة تضل فئة أو تهدي فئة
، إلا أنبأتكم ـ لو
___________________
شئت ـ بسائقها
وقائدها وناعقها ، ومحطّ رحالها إلى يوم القيامة»
.
١١٥ / ٤ ـ وقوله وقد روى عنه عباية بن
ربعي الأسدي ، قال : سمعته وهو يقول : «سلوني قبل أن تفقدوني ، ألا تسألوني عن علم البلايا والمنايا والأنساب» .
وحديث الجفر ، والجامعة ، ومصحف فاطمة عليها
السلام ، وغير ذلك غير خاف عند علماء أهل البيت عليهم السلام وفي إحصاء ذلك كثرة .
١١٦ / ٥ ـ فقد روى أبو إسحاق السبيعي
أنّ الحسن بن عليّ عليهما السلام ، قال في الخطبة الّتي خطبها بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام : «وكان رسول الله (ص) يوجهه ويكنفه ، جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن شماله لا يرجع حتّى يفتح الله على يده» .
١١٧ / ٦ ـ ويصدق ذلك ما رواه جابر بن
عبد الله ، قال : قال رسول الله (ص) : «ما اعتصىٰ عليَّ أهل مملكة قط إلّا رميتهم بسهم الله» قلنا : يا رسول الله ، وما سهم الله ؟
قال : «عليّ بن أبي طالب ، ما بعثته في
سرية قط إلّا رأيت جبريل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره وملك الموت أمامه في سحابة تظله ، حتّى يعطي الله لحبيبي النصر والظفر» .
___________________
١١٨ / ٧ ـ وقال رسول الله (ص) : «إنّ الله
تعالى جعل ملائكة سياحين في الأرض ، فإذا مرّوا بآل محمّد مسحوا بأجنحتهم رؤوسهم» .
١١٩ / ٨ ـ روى أبو جعفر الباقر عليه
السلام ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه السلام ـ بعد قتل عثمان بن عفان ـ : أنشدكم بالله ، هل فيكم أحد سلّم عليه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في ثلاثة آلاف من الملائكة يوم بدر غيري ؟» قالوا : لا .
١٢٠ / ٩ ـ روى الأصبغ بن نباتة ، قال :
دخلت على أمير المؤمنين ، والحسن والحسين عليهم السلام عنده ، وهو ينظر إليهما نظراً شديداً ، قلت له : بارك الله لك في فتيانك ، وبلّغ بهما أملهما فيك ، وبلّغ بك أملك فيهما .
فقال : «خرجت يوماً وصلّيت مع رسول الله
(ص) ، فلمّا انصرفت قلت : يا رسول الله إنّي كنت في ضيعة لي ، فجئت نصف النهار وأنا جائع ، مُعْيٍ ، فسألت ابنة رسول الله (ص) هل عندها شيء تطعمني ، فقامت لتهء شيئاً ، فأقبل ابناك الحسن والحسين مظهرين ، يقولان : حسبنا جبرئيل ورسول الله (ص) . فقلت : كيف حسبكما جبرئيل ورسول الله ؟ فقال الحسن : كنت أنا في حجر رسول الله (ص) ، والحسين في حجر جبرئيل ، فكنت أنا أثب من حجر رسول الله إلى حجر جبرئيل ، والحسين يثب من حجر جبرئيل إلى حجر رسول الله .
فقال رسول الله (ص) : صدق ابناي ، ما
زلت أنا وجبرئيل نلهو بهما منذ أصبحنا حتّى زالت الشمس .
___________________
قلت ففي أي صورة كان جبرئيل ؟ قال : في
الصورة التي كان ينزل عليَّ فيها» .
وأمثال ذلك لا تحصى كثرة .
وقد جعل الله تعالى عليّاً أمير
المؤمنين علماً بين الإِيمان والنفاق ، وبين من ولد لرشده ، وبين من ولد لغيّه .
فقال رسول الله (ص) : «حبّك إيمان وبغضك
نفاق» .
وقال رسول الله (ص) له : «لا يحبّك إلّا
مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق»
.
١٢١ / ١٠ ـ روى ابن عبّاس رضي الله عنه
في حديث طويل أنّه (ص) قال : «لا يحبك إلّا طاهر الولادة ، ولا يبغضك إلّا خبيث الولادة» .
١٢٢ / ١١ ـ روي عن عائشة ـ مع انحرافها
عن عليّ عليه السلام ـ قالت : كنا نختبر أولادنا على عهد رسول الله (ص) بحبّ عليّ ابن أبي طالب عليه السلام ، فمن أحبّه علمنا أنه لرشده .
وقد ذُكر في ذلك أبيات عنها :
إذا ما التبر حك على المحك
|
|
تبين غشه من غير شكِّ
|
___________________
ففينا الغش والذهب المصفى
|
|
عليّ بيننا شبه المحكِّ
|
١٢٣ / ١٢ ـ وكان جابر بن عبد الله الأنصاريّ رضي الله عنه وهو يدور على مجالس الأنصار ويقول : «عليّ خير البشر فمن أبى فقد كفر» ، يا معشر الأنصار أدّبوا أولادكم على حبّ عليّ ، فمن أبى فانظروا في شأن أمه .
وأمثال هذا كثيرة ولا يمكن استيفاؤها .
___________________
٢ ـ فصل :
في
ذكر نوح وهود وصالح
وفيه
: خمسة أحاديث
إنّ الله سبحانه وتعالى لم يذكر في
كتابه المجيد لأحد منهم آية سوى آية الناقة لصالح ، فإنّه تعالى جعلها له آية ، وذكرها في كتابه العزيز فقال عزّ من قائل : (
هَـٰذِهِ نَاقَةُ اللَّـهِ لَكُمْ آيَةً
)
فأمّا الطوفان ، والريح ، وإهلاك قوم منهم بسبب آية تخالف العادة ، وأنّه تعالى كان عذَّبهم بالماء والريح ، وأفناهم وقطع دابرهم ، وأبادهم ، وجعلهم عبرة لمن عقل ، وعظة لمن تدبّر ، وحديثاً لمن تذكّر ، على وجه يخرق العادة ، ثمّ لم يجعل ذلك لنبيّنا (ص) ، ولا لأحد من أوصيائه ، لأنّه سبحانه وتعالى جعله (ص) نبيّ الرحمة كما قال عزّ اسمه : (
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )
.
وكان (ص) أحسن الأنبياء خلقاً ، وأكرمهم
سجية ، وأعلاهم فضلاً .
١٢٤ / ١ ـ وقد قال (ص) من كرمه الفائض
وخلقه الجميل : «لكلّ
___________________
نبيّ دعوة مستجابة ،
وإنّي أخبأت دعوتي شفاعة لأهل الكبائر من أمتي» .
وإنّما فعل تعالى بالأمم الماضية من
العذاب المدمر ، والهلاك الشامل ، ليعتبر بهم من يجيء بعدهم ، بعدما استحقوا ذلك بأفعالهم القبيحة ، وإصرارهم على الكبائر ، وتماديهم على الكفر والجحود ، وإنّ الله سبحانه وتعالى لم يغلق على نبيّنا ، وعلى من بعث إليه باب التوبة ، ولم يسدّ لهم طريق الأوبة إلى يوم القيامة ، ورفع عنهم عذاب الاستئصال ببركته (ص) .
١٢٥ / ٢ ـ وقد روي أنّ نوحاً عليه
السلام لمّا دخل السفينة حمل معه من كلّ زوجين اثنين ، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز ، وقد حمل معه أصل كلّ شيء من القضبان والبذور والحب والنوى ، فلمّا هبط بسلام ، أخذ القضبان التي كانت معه فغرسها ، فنبتت وربت وأورقت وأثمرت من ساعتها :
وإنّ الله تعالى قد فضّل أئمتنا عليهم
السلام بمثل ذلك وهو :
١٢٦ / ٣ ـ ما روى أبو هارون العبدي ،
قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل وقال : بما تفتخرون علينا ولد عبد المطلب
.
وكان بين يديه طبق فيه رطب ، فأخذ عليه
السلام رطبة ففلقها واستخرج نواها ، ثمّ غرسها في الأرض وتفل عليها ، فخرجت من
___________________
ساعتها ، وربت حتّى
أدركت وحملت ، واجتنى منها رطباً ، فقدّم إليه في طبق ، وأخذ واحدة ففلقها فأكل ، وإذا على نواها مكتوب : لا إله إلا الله ، محمّد رسول الله ، أهل بيت رسول الله (ص) خزّان الله في أرضه .
ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام : «أتقدرون
على مثل هذا ؟!» .
قال الرجل : والله لقد دخلت عليك وما
على بسيط الأرض أحد أبغض عليَّ منك وقد خرجت وما على بسيط الأرض أحد أحبّ إليّ منك .
وأما الناقة ، وما أظهر الله سبحانه
وتعالى بها من الآية ، فقد آتى ربّنا تبارك وتعالى أهل البيت عليهم السلام
ما يقارب ذلك ويدانيه ، ويجانسه ويحاكيه . وهو :
١٢٧ / ٤ ـ ما حدثنا به شيخي أبو جعفر
محمّد بن الحسين بن جعفر الشوهاني رحمه الله في داره بمشهد الرضا عليه السلام ، بإسناده يرفعه إلى عطاء ، عن ابن عبّاس رضي الله عنه ، قال : قدم أبو الصمصام العبسيّ على رسول الله (ص) ، وأناخ ناقته على باب المسجد ، ودخل وسلّم وأحسن التسليم ، ثمّ قال : أيّكم الفتى الغوي الذي يزعم أنه نبيّ ؟
فوثب إليه سلمان الفارسيّ رضي الله عنه
، فقال : يا أخا العرب ، أما ترى صاحب الوجه الأقمر ، والجبين الأزهر ، والحوض والشفاعة ، والقرآن والقبلة ، والتاج واللواء
، والجمعة والجماعة ، والتواضع
___________________
والسكينة ، والمسكنة
والإِجابة ، والسيف والقضيب ، والتكبير والتهليل ، والاقسام والقضية ، والأحكام الحنيفة ، والنور والشرف ، والعلو والرفعة ، والسخاء ، والشجاعة ، والنجدة ، والصلاة المفروضة ، والزكاة المكتوبة ، والحج ، والإِحرام ، وزمزم ، والمقام ، والمشعر الحرام ، واليوم المشهود ، والمقام المحمود ، والحوض المورود ، والشفاعة الكبرى ، ذلك سيّدنا ومولانا محمّد رسول الله (ص) .
فقال الأعرابي : إن كنت نبيّاً فقل متى
تقوم الساعة ؟ ومتى يجيء المطر ؟ وأي شيء في بطن ناقتي هذه ؟ وأي شيء أكتسب غداً ؟ ومتى أموت ؟
فبقي النبيّ (ص) ساكتاً لا ينطق بشيء ،
فهبط الأمين جبرئيل عليه السلام وقال : يا محمّد ، إقرأ هذه الآية . (
إِنَّ اللَّـهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي
نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ
خَبِيرٌ )
.
قال الأعرابي : مدّ يدك فإني أشهد أن لا
إله إلا الله ، وأقر أنّك محمد رسول الله ، فأي شيء لي عندك إن أتيتك بأهلي وبني عمّي مسلمين ؟
فقال له النبيّ (ص) : «لك عندي ثمانون
ناقة حمر الظهور ، بيض البطون ، سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز» .
ثمّ التفت النبي (ص) إلى علي بن أبي
طالب عليه السلام وقال : «اكتب يا أبا الحسن :
بسم الله الرحمن الرحيم ، أقرّ محمّد بن
عبد الله بن
___________________
عبد المطلب بن هشام
بن عبد مناف ، وأشهد على نفسه في صحة عقله وبدنه ، وجواز أمره ، أنّ لأبي الصمصام العبسيّ عليه ، وعنده ، وفي ذمّته ثمانين ناقة ، حمر الظهور ، بيض البطون ، سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز ، وأشهد عليه جميع أصحابه» .
وخرج أبو الصمصام إلى أهله فقبض النبيّ (ص)
، فقدم أبو الصمصام وقد أسلم بنو العبس كلّهم ، فقال أبو الصمصام : يا قوم ، ما فعل رسول الله (ص) ؟ قالوا : قبض .
قال : فمن الوصيّ بعده ؟ قالوا : ما
خلّف فينا أحداً .
قال : فمن الخليفة من بعده ؟ قالوا :
أبو بكر .
فدخل أبو الصمصام المسجد فقال : يا
خليفة رسول الله ، إنّ لي على رسول الله (ص) ثمانين ناقة حمر الظهور ، بيض البطون ، سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز .
فقال أبو بكر : يا أخا العرب ، سألت ما
فوق العقل ، والله ما خلّف فينا رسول الله (ص) لا صفراء ولا بيضاء ، وخلّف فينا بغلته الدلدل ، ودرعه الفاضلة ، فأخذها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، وخلّف فينا فدكاً (فأخذناها نحن)
، ونبيّنا محمّد لا يورث فصاح سلمان الفارسيّ رضي الله عنه : كردى ونكردى وحق أمير ببردى يا أبا بكر باز كذار اين كار بكسى كه حق اوست . فقال : ردّ العمل إلى أهله . ثمّ ضرب يده على يدي أبي الصمصام ، فأقامه إلى منزل عليّ عليه السلام ـ وهو يتوضأ وضوء الصلاة ـ فقرع سلمان الباب ، فنادى عليّ عليه السلام : «ادخل أنت وأبو الصمصام العبسيّ» .
___________________
فقال أبو الصمصام : أعجوبة وربّ الكعبة
، من هذا الذي سمّاني باسمي ولم يعرفني ؟!
فقال سلمان رضي الله عنه : هذا وصيّ
رسول الله (ص) .
هذا الذي قال له رسول الله (ص) : «أنا
مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب» .
هذا الذي قال رسول الله (ص) : «عليّ خير
البشر فمن رضي فقد شكر ، ومن أبى فقد كفر» .
هذا الذي قال الله تعالى فيه : (
وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا )
هذا الذي قال الله تعالى فيه : (
أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ )
عند الله .
هذا الذي قال الله تعالى فيه : (
أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ
فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ )
.
هذا الذي قال الله تعالى فيه : (
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ )
الآية .
هذا الذي قال الله تعالى فيه : (
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ )
الآية .
___________________
هذا الذي قال الله تعالى فيه : (
لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ )
هذا الذي قال الله فيه : (
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )
.
هذا الذي قال الله تعالى فيه : (
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ
رَاكِعُونَ )
.
ادخل يا أبا الصمصام وسلم عليه ، فدخل
وسلّم عليه ثمّ قال : إنّ لي على رسول الله (ص) ثمانين ناقة حمر الظهور ، بيض البطون ، سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز .
فقال عليّ عليه السلام : «أمعك حجّة ؟»
قال : نعم ، ودفع الوثيقة إليه .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : «يا
سلمان ناد في الناس ، ألا من أراد أن ينظر إلى قضاء دين رسول الله (ص) فليخرج
غداً إلى خارج المدينة» .
فلمّا كان بالغداة
خرج الناس وقال المنافقون : كيف يقضي الدين وليس معه شيء ؟! غداً يفتضح ، ومن أين له ثمانون ناقة حمر الظهور ، بيض البطون ، سود الحدق ، عليها طرائف اليمن ونقط الحجاز ؟! .
فلمّا كان الغد اجتمع الناس ، وخرج عليّ
عليه السلام في أهله
___________________
ومحبّيه ، وجماعة من
أصحاب رسول الله (ص) ، وأسرّ إلى ابنه الحسن سرّاً لم يدر أحد ما هو ، ثمّ قال : «يا أبا الصمصام امض مع ابني الحسن إلى كثيب الرمل» .
فخرج الحسن عليه السلام ومضى معه أبو
الصمصام ، وصلَّى ركعتين على
الكثيب ، فكلّم الأرض بكلمات ، لا يُدرَى ما هي ، وضرب الأرض ـ أي ضرب الكثيب ـ بقضيب رسول الله (ص) ، فانفجر الكثيب عن صخرة ململمة ، مكتوب عليها سطران من نور :
السطر الأوّل ( بسم الله الرحمن الرحيم
، لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ) .
وعلى الآخر : ( لا إله إلّا الله ، عليّ
ولي الله ) .
وضرب الحسن تلك الصخرة بالقضيب فانفجرت
عن خطام ناقة ، قال الحسن عليه السلام : «قُد يا أبا الصمصام» فقاد فخرج منها ثمانون ناقة ، حمر الظهور ، بيض البطون ، سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز ، ورجع إلى عليّ عليه السلام فقال له : «استوفيت حقك يا أبا الصمصام ؟!» فقال نعم .
قال : «سلم الوثيقة» فسلّمها إليه ،
فخرقها .
ثمّ قال : «هكذا أخبرني أخي وابن عمّي (ص)
، إنّ الله عزّ وجلّ خلق هذه النوق في هذه الصخرة ، قبل أن يخلق الله ناقة صالح بألفي عام» .
ثمّ قال المنافقون : هذا من سحر عليّ
قليل .
وروي هذا الخبر على وجه آخر ، وهو :
___________________
١٢٨ / ٥ ـ ما روى أبو محمّد الإِدريسيّ
، عن حمزة بن داود الديلميّ ، عن يعقوب بن يزيد الأنباريّ ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حبيب الأحول ، عن أبي حمزة الثماليّ ، عن شهر بن حوشب ، عن ابن عبّاس رضي الله عنه ، قال : لمّا قبض النبيّ (ص) ، وجلس أبو بكر مكانه ، نادى في الناس : ألا من كان له على رسول الله دين ، أو عدة ، فليأت أبا بكر ، وليأت معه بشاهدين ، ونادىٰ عليّ عليه السلام بذلك علىٰ الاطلاق من غير طلب شاهدين . فجاء أعرابي متلثماً متقلداً بسيفه ، متنكباً كنانته وفرسه ، لا يُرى منه إلّا حافره ـ وساق الحديث ولم يذكر الاسم ولا القبيلة ـ وكان ما وعد به مائة ناقة ، حمر بأزمّتها وأثقالها ، موقرة ذهباً وفضة بعبيدها ، فلمّا ذهب سلمان رضي الله عنه بالأعرابي إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، قال له حين بصر به : «مرحباً بطالب عدة والده من رسول الله (ص)» .
فقال : ما وعد أبي فداك أبي وأمي يا أبا
الحسن ؟ فقال : «إنّ أباك قدم على رسول الله وقال : أنا رجل مطاع في قومي ، إن دعوتهم إلى الإِسلام أجابوني ، وإني ضعيف الحال ، فما تجعل لي إن دعوتهم إلى الإِسلام فأسلموا ؟
فقال (ص) : «من أمر الدنيا ، أم من أمر
الآخرة ؟» قال : وما عليك أن تجمعهما لي يا رسول الله ، وقد جمعهما الله لأناس كثيرة ؟!
فتبسّم النبيّ (ص) وقال : أجمع لك خير
الدنيا والآخرة ، فأمّا في الآخرة فأنت رفيقي في الجنّة ، وأمّا في الدنيا فقل ما تريد .
قال : مائة ناقة حمر بأزمّتها وعبيدها ،
موقرة ذهباً وفضة .
___________________
ثمّ قال : وإن دعوتهم فأجابوني ، وقضى
عليَّ الموت ، ولم ألقك فتدفع ذلك إلى ولدي ، فقال : نعم . فقال أبوك : فإن أتيتك وقد رفعك الله ولم أدركك
، يكون من بعدك من يقوم عنك فيدفع ذلك إليَّ أو إلى ولدي ؟
قال : نعم ، على أن لا أراك ولا تراني
في دار الدنيا بعد يومي هذا ، وسيجيبك قومك فإذا حضرتك الوفاة فليصر ولدك إلى وليّي من بعدي ووصيّي» . وقد مضى أبوك ودعا قومه فأجابوه ، وأمرك بالمصير إلى رسول الله (ص) ، أو إلى وصيّه فها أنا وصيّه ، ومنجز وعده» . فقال الأعرابي : صدقت يا أبا الحسن .
ثم كتب له عليّ خرقة بيضاء وناولها
الحسن عليه السلام وقال : «يا أبا محمّد ، سر بهذا الرجل إلى وادي العقيق ، وسلّم على أهله ، واقذف الخرقة ، وانتظر ساعة حتّى ترى ما يفعل ، فإن دفع إليك شيء ، فادفعه إلى الرجل» . ومضيا بالكتاب .
قال ابن عبّاس رضي الله عنه : فسرت من
حيث لم يرني ، فلمّا أشرف الحسن بن عليّ عليه السلام على الوادي ، نادى بأعلى صوته : «السلام عليكم أيها السكّان البررة الأتقياء ، أنا ابن وصيّ رسول الله (ص) ، أنا الحسن بن عليّ سبط رسول الله (ص) ، وابن وصيّه ورسوله إليكم» . وقد قذف الخرقة في الوادي ، فسمعت من ذلك الوادي صوتاً : لبيك لبيك يا سبط رسول الله وابن البتول ، وابن سيّد الأوصياء ، سمعنا وأطعنا ، انتظر لندفع إليك . فبينا أنا كذلك إذ ظهر غلام ـ ولم أدر من أين ظهر ـ وبيده زمام ناقة حمراء ، تتبعها ست ، ولم يزل يخرج غلام بعد غلام في يد كلّ غلام قطار ، حتّى عددت مائة ناقة حمراء بأزمّتها وأحمالها ، فقال الحسن عليه السلام : «خذ بزمام نوقك وعبيدك ومالك وامض بها ، رحمك الله» .
___________________
وأما السفينة التي قدّرها الله تبارك
وتعالى لنوح عليه السلام سبباً لنجاة أهله من الماء ، فإنّ الله سبحانه وتعالى جعل أهل بيت نبيّه (ص) سفينة لنجاة أمّته من النار فقال (ص) : «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ، فمن ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك»
.
فبيّن (ص) أن بهم
نجاة أمّته كما أنّ بها نجاة قوم نوح عليه السلام من الغرق ، وهذا دليل قاطع على أنّ الواجب اتباعهم والاقتداء بهم ، لأنّ من آمن به واتبعه نجا ، ومن لم يؤمن به ولم يركب السفينة هلك ، ولمّا جعل نفس أهل بيته السفينة ، وأمرهم بركوبها ، دلّ على أنّهم المقتدىٰ بهم ، وهذا واضح بحمد الله تعالى ولطفه ومنه .
___________________
٣ ـ فصل :
في
ذكر إبراهيم خليل الله
وفيه
: سبعة أحاديث
وأمّا إبراهيم خليل الله صلوات الله
عليه فإنّ الله تعالى ذكر له آيتين في القرآن : إحداهما قوله تعالى : (
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ )
.
والثانية قوله تعالى : (
وَاتَّخَذَ اللَّـهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً )
( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ
كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )
.
والسبب في همَّ نمرود بإحراقه ، أنّه
لمّا خرج القوم إلى عيدهم ، دخل إبراهيم عليه السلام إلى آلهتهم بقدوم
، فأخذها وكسرها إلّا كبيرها ، ثمّ وضع القدوم على عنقه ، فلمّا رأى نمرود ذلك أجّج له ناراً عظيمة ، وألقاه بالمنجنيق فيها ، فوقاه الله حَرّ النار ، وجعلها عليه برداً وسلاماً .
___________________
والسبب في طلب إبراهيم عليه السلام
إحياء الموتى من الله تعالى ، أنّه لمّا حاجّ نمرود في ربّه تعالى ، قال إبراهيم : ربي الذي يحيي ويميت ، قال : أنا أحيي وأميت وموَّه على الأغبياء ، ودلّس على الضعفاء بإطلاق من أراد قتله من السجن ، وقتل من برئ من عرض الناس ، فلمّا بهت لقوله تعالى : (
فَإِنَّ اللَّـهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ )
طالبه نمرود بإحياء
الموتى ، فأخذ أربعة من الطير ، وقطَّعهن ، وخلط أجزاءهن ، وفرّقها على جبال ، ودعاهنّ ، وقد أخذ بيده رؤوسهن ، فأتينه سعياً .
وقد أعطى الله سبحانه وتعالى لأئمتنا عليهم
السلام مثل ذلك ، وهو أنّه لمّا أمر الدوانيقي الحسن بن زيد ـ وهو واليه على المدينة ـ بإحراق دار أبي عبد الله عليه السلام بأهلها فأضرم فيها النار
وقويت ، خرج عليه السلام من البيت ودخل النار ، ووقف ساعة في معظمها ، ثمّ خرج منها وقال : «أنا ابن أعراق الثرى» وعرق الثرى لقب إبراهيم عليه السلام
.
١٢٩ / ١ ـ ومثل ذلك ما رواه المفضّل ،
قال : لمّا توفي جعفر الصادق عليه السلام ، فادعى الإِمامة عبد الله بن جعفر ولده ، فأمر موسى عليه السلام بجمع حطب كثير في وسط داره ، وأرسل إلى عبد الله يسأله المصير إليه ، فلمّا صار إليه ، ومع موسى عليه السلام جماعة من وجوه الإِمامية ، أمر موسى أن يجعل النار في الحطب ، حتّى صار كلّه جمراً ، ثمّ قام موسى عليه السلام ، وجلس بثيابه في وسط النار ،
___________________
وأقبل نحو
القوم ساعة ، ثمّ قام ونفض ثوبه ، ورجع إلى المجلس .
فقال لأخيه عبد الله : «أنت
تزعم أنّك الإِمام بعد أبيك ، فاجلس في ذلك . قالوا : فرأينا عبد الله قد تغيّر لونه ، فقام يجرّ رداءه ، حتّى خرج من دار موسى عليه السلام .
وما يقارب ذلك ويدانيه .
١٣٠ / ٢ ـ ما حدّث به عبد الله بن
العلاء ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، عن أبيه ، قال : «كنت مع أبي عليّ بن الحسين عليهما السلام نعود شيخاً من الأنصار ، إذ أتاه آتٍ فقال : إلحق دارك فقد
احترقت . فقال عليه السلام : والله ما احترقت . فذهب ، ولم يلبث أن عاد ، وقال : والله قد احترقت . فقال عليه السلام : والله ، ما احترقت . وعاد ومعه جماعة من أهلنا وموالينا ، يبكون ويقولون لأبي صلوات الله عليه : قد احترقت دارك . فقال أبي : كلا ، والله ، ما احترقت ولا كَذبت ولا كُذِّبتُ ، وإنّي لأوثق بما في يدي منكم ، لما أخبر به أعينكم .
وقام أبي ، وقمت معه حتّى أتينا والنار
تتوقد عن أيمان منازلنا وعن شمائلها ، وكلّ جانب منها ، ثمّ عدل أبي إلى المسجد فخرّ لله ساجداً ، وقال في سجوده : وعزتك وجلالك لا أرفع رأسي حتّى تطفيها» .
فقال : «والله ، ما رفع رأسه حتّى خمدت
النار ، وصار إلى داره وقد احترق ما حولها» .
وأما إحياء الموتى ، وهو :
___________________
١٣١ / ٣ ـ ما رواه يونس
بن ظبيان قال : كنّا عند أبي عبد الله عليه السلام أنا ، والمفضّل بن عمر ، وأبو سلمة السرّاج ، والحسن بن ثوير بن أبي فاختة ، فسألنا أبا عبد الله عليه السلام عن قول إبراهيم صلوات الله عليه : (
رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ
ـ
إلى قوله ـ فَخُذْ أَرْبَعَةً
مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ )
.
فقال أبو عبد الله عليه السلام : «أتريدون
أن أريكم ما أري إبراهيم عليه السلام ؟» . قلنا : نعم .
فقال : «يا طاووس ، يا باز ، يا غراب ،
يا ديك» ، فإذا نحن بطاووس وباز وغراب وديك ، فقطَّعهن ، وفرّق لحمهن على الجبال ، ثمّ دعاهن فإذا العظام تتطاير
بعضها إلى بعض ، واللحم إلى اللحم ، والعصب إلى العصب ، حتّى عادت كما كانت بإذن الله تعالى .
فقال : أبو عبد الله عليه السلام : «قد
أريتكم ما أرى إبراهيم قومه ، وقد أعطينا من الكرامة ما أعطي إبراهيم عليه السلام» .
وهذه كما علمت شاكلة لتلك ، ومعادلة لها
، وفي القرآن آية أخرى لخليل الله إبراهيم عليه السلام ، وهي ما ردَّ الله على سارة زوجته الشباب بعد الشيبة ، وجعلها ولوداً بعد العقم واليأس ، كما قال الله تعالى : ( وَامْرَأَتُهُ
قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا
عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا
___________________
إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ )
وقد أظهر الله على يد زين العابدين عليه السلام ما يماثل ذلك .
١٣٢ / ٤ ـ وهو ما روى عبد الكريم بن
عمرو الخثعميّ ، عن حبابة الوالبية ، قالت : رأيت أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام في شرطة الخميس ، ومعه دِرَّة لها سبابتان
، يضرب بها بياع الجري ، والمارماهي ، والزمار ، ويقول لهم : «يا بياعي مسوخ بني إسرائيل ، وجند بني مروان ، فقام إليه ابن الأحنف فقال له : يا أمير المؤمنين وما جند بني مروان ؟ فقال : «أقوام حلقوا اللحى وتركوا الشوارب» .
فلم أر ناطقاً أحسن نطقاً منه ، ثمّ
اتّبعته ، فلم أزل أقفو أثره ، حتّى قعد في رحبة المسجد ، فقلت له : يا أمير المؤمنين ، وما دلالة الإِمامة ؟ قال : «إئتيني بتلك الحصاة» ، ـ وأشار بيده إلى حصاة ـ ، فأتيته بها ، فطبع لي بخاتمه فيها ، ثمّ قال لي : «يا حبابة إذا ادَّعى مدع الإِمامة (فقدر أن يطبع)
كما رأيتِ ، فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة ، والإِمام لا يعزب عنه شيء يريده» .
قالت : ثمّ انصرفت حتّى قبض أمير
المؤمنين عليه السلام ، فجئت إلى الحسن ، وهو في مجلس أمير المؤمنين عليه السلام ، والناس يسألونه فقال لي : «يا حبابة الوالبية» قلت : نعم لبيك يا مولاي .
فقال : «أين ما معك» . فأعطيته الحصاة ،
فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين عليه السلام .
قالت الوالبية : ثمّ أتيت الحسين عليه
السلام ، وهو في مسجد
___________________
رسول الله (ص) ،
فقرّب ورحّب ، ثمّ قال : «إنّ لي في الدلالة دليلاً على ما تريدين ، افتريدين مني دلالة الإِمامة ؟» فقلت : نعم .
فقال : «هاتي ما معك» . فناولته الحصاة
، فطبع لي فيها .
قالت ثمّ أتيت عليّ بن الحسين زين
العابدين عليه السلام ، وقد بلغني الكبر إلى أن عييت ،
وأنا أعدّ يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة ، فرأيته راكعاً وساجداً مشغولاً بالعبادة ، فيئست من الدلالة فأومى إلي بالسبابة ، وعاد إلي شبابي .
قالت : فقلت : يا سيّدي كم مضى من
الدنيا وكم بقي ؟
فقال : «أمّا ما مضى ، فنعم ، وأما ما
بقي ، فلا» .
ثم قال : «هاتي ما معك» ، فأعطيته
الحصاة ، فطبع لي فيها .
ثمّ أتيت أبا جعفر عليه السلام ، فطبع
لي فيها .
ثمّ أتيت أبا عبد الله جعفراً الصادق عليه
السلام فطبع لي فيها .
ثمّ أتيت أبا الحسن موسى عليه السلام
فطبع لي فيها .
ثمّ أتيت الرضا عليه السلام فطبع لي
فيها .
وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما
ذكر محمّد بن هشام .
ولخليل الله إبراهيم عليه السلام قصة
أخرى في القرآن ، وهي قوله تعالى : ( وَكَذَٰلِكَ
نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ )
.
___________________
١٣٣ / ٥ ـ فروى عمران ، عن أبي جعفر عليه
السلام ، قال : «كشط له عن السموات حتّى نظر إلى العرش والكرسي والسموات والأرض» .
وقد أعطى الله تبارك وتعالى أمير
المؤمنين عليه السلام ما يحاكي ذلك .
١٣٤ / ٦ ـ وهو ما روي عن الطاهرين عليهم
السلام في تفسير قوله تعالى : ( فَكَانَ قَابَ
قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ )
أنّ رسول الله (ص)
لمّا عرج به إلى السماء ، رفع الله تعالى الحجاب بينه وبين عليّ ، حتّى نظر إلى حيث وضع (ص) قدمه . وبيان ذلك .
١٣٥ / ٧ ـ ما حدّث المعلى بن هلال عن
الكلبيّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس رضي الله عنه أنه ، قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : «أعطاني الله تعالى خمساً ، وأعطى عليّاً خمساً .
أعطاني جوامع الكلم ، وأعطى عليّاً
جوامع العلم ، وجعلني نبيّاً ، وجعله وصيّاً ، وأعطاني الكوثر وأعطاه
السلسبيل ، وأعطاني الوحي ، وأعطاه الإِلهام ، وأسري بي إلى السماء ، وفتح له أبواب السماوات والحجب حتّى نظر إلي ونظرت إليه» .
قال : ثمّ بكىٰ رسول الله (ص) ،
فقلت له : ما يبكيك ، فداك أبي
___________________
وأمي ؟ قال : «يا بن
عبّاس إنّ أوّل ما كلمني به ربّي ، أن قال لي : يا محمّد انظر تحتك ، فنظرت إلى الحجب قد انخرقت ، وإلى أبواب السماء قد فتحت ، ونظرت إلى عليّ وهو رافع رأسه إلى السماء ، فكلمني وكلمته» .
فقلت : يا رسول الله ، حدّثني بما كلمك
به ربّك .
قال : قال لي : يا محمّد قد جعلت عليّاً
وصيّك ووزيرك وخليفتك من بعدك ، فاعلمه ، فها هو يسمع كلامك . فأعلمته ، وأنا بين يدي ربّي عزّ وجلّ ، فقال لي : قد قبلت .
فأمر الله تعالى الملائكة أن يسلموا
عليه ففعلت ، فردّ عليهم السلام ، فرأيت الملائكة يتباشرون ، فما مررت بملأ من الملائكة إلّا وهم يهنئوني ، ويقولون : يا محمّد والذي بعثك بالحقّ نبيّاً ، لقد دخل السرور على جميع الملائكة .
ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم فقلت
: يا جبرائيل ، لم نكسوا رؤوسهم ؟ فقال : يا محمّد ما من ملك من الملائكة إلّا وقد نظر إلى عليّ ما خلا حملة العرش ، فإنّهم استأذنوا الله عزّ وجلّ في هذه الساعة أن ينظروا إلى عليّ ، فأذن لهم .
فلمّا هبط جعلت أعلمه بذلك ، وهو يخبرني
به ، فعلمت أنّي لم أطأ موطئاً إلّا وقد كشف لعليّ عنه ، حتّى نظر إليه ، لمّا رأيت من علمه به» .
قال ابن عباس : قلت : يا رسول الله ،
أوصني قال : «عليك بحبّ عليّ بن أبي طالب» .
قال : قلت : يا رسول الله ، أوصني . قال
: «عليك بحبّ عليّ» .
ثم قلت : يا رسول الله ، أوصني . قال : «يا
ابن عبّاس ، والَّذي بعثني بالحقّ نبيّاً ، لا يقبل الله من عبد حسنة حتّى يسأله عن حبّ عليّ
ابن أبي طالب ، وهو
أعلم بذلك ، فإن كان من أهل ولايته قُبل عمله ويؤمر به إلى الجنّة ، وإن لم يكن في أهل ولايته ، لم يسأله عن شيء ، ويؤمر به إلى النار ، وإنّ النار لأشد غيظاً
على مبغض عليّ منها على من زعم أنّ لله ولد .
يا ابن عباس لو أنّ الملائكة المقربين ،
والأنبياء والمرسلين ، أجمعوا على بغضه لعذّبهم الله بالنار ، وما كانوا ليفعلوا ذلك» .
قلت : يا رسول الله ، وكيف يبغضونه ؟
قال : «يا ابن عبّاس ، قوم يذكرون أنّهم من أمّتي ، ولم يجعل الله لهم في الإِسلام نصيباً ، يفضّلون عليه غيره ، والذي بعثني بالحقّ ، ما بعث الله نبيّاً أكرم عليه منّي ، ولا وصيّاً أكرم عليه من عليّ وصيّي» .
قال ابن عبّاس رضي الله عنه : فلم أزل
له كما أمرني رسول الله (ص) ، وإنّه لأكبر عملي .
فلمّا حضر رسول الله (ص) الوفاة قلت له
: فداك أبي وأمّي يا رسول الله ما تأمرني به قال : «يا ابن عبّاس ، خالف من خالف عليّاً ، ولا تكونن لهم ظهيراً ولا ولياً» .
قلت : يا رسول الله ، فلم لا تأمر الناس
بترك مخالفته ؟
قال : فبكى حتّى أغمي عليه ، ثمّ أفاق .
فقال : «يا ابن عبّاس سبق فيهم علم ربّي
ولا يخرج الله أحداً من الدنيا ممّن خالفه ، وأنكر حقّه ، حتّى يغيّر خلقته .
يا ابن عبّاس إذا أردت أن تلقى الله وهو
عنك راضٍ ، فاسلك طريقه ، ومل حيث مال ، وارض به إماماً ، وعادِ من عاداه ، ووال من والاه ، ولا يدخلنك فيه شك ، فإن اليسير من الشك كفر بالله تعالى» .
___________________
٤ ـ فصل :
في
بيان آيات إسماعيل ممّا ذكره الله تعالى في القرآن
وفيه
: حديثان
إنّ الله سبحانه وتعالى ذكر لإِسماعيل عليه
السلام في القرآن آية واحدة ، وفضيلة رائقة في حال كونه طفلاً فالآية .
١٣٦ / ١ ـ ما ذكر المفضّل بن عمر ، عن
أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : «لمّا وضعه إبراهيم بأرض مكّة ، ومعه أمّه هاجر ، ونفد ماؤهما ، وخرجت هاجر ، فصعدت على الصفا ، ثمّ أقبلت راجعة إلى إسماعيل عليه السلام ، فإذا عقبه يفحص في الماء ، فجمعته ، ولو تركته لساح» .
وفي الحديث طول ، وقد جعل الله ما يوافق
ذلك للرضا عليّ بن موسى عليهما السلام .
١٣٧ / ٢ ـ وهو ما حدّث به أبو الصلت عبد
السلام بن صالح الهروي الفقيه ، قال : لمّا خرج عليّ بن موسى الرضا عليه السلام من نيسابور يريد المأمون ، فبلغ قرب القرية الحمراء قيل له : يا ابن رسول
___________________
الله قد زالت الشمس
أو لا تصلي ؟ فنزل وقال : «إئتوني بماء» فقيل له : ما معنا ماء .
فبحث عليه السلام الأرض بيده فنبع من
الأرض الماء فأخذ ما توضَّأ به هو ومن معه .
والماء باق إلى يومنا هذا ، ويقال
للمنبع «عين الرضا» ، وإنّ إنساناً حفر المنبع ليجري الماء ، ويتخذ عليه مزرعة ، فذهب الماء وانقطع مدَّة ، ثمّ أهيل التراب فيه ، فعاد الماء ، والموضع مشهور .
وأما فضيلة إسماعيل عليه السلام ، فهو
ما نبّه عليه الله تعالى من قوة يقينه ، وتسليمه لأمر الله تعالى ، والانقياد لحكمه ، والصبر على ما ابتلاه به من الذبح ، وعظيم المحنة ، وشديد البلوى ، كما قال الله تعالى : ( إِنِّي أَرَىٰ
فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ )
.
وقد وقع لعليّ عليه السلام مثل ذلك ،
حين أمر الله تبارك وتعالى نبيّه (ص) بالخروج من مسقط رأسه ، مهاجراً إلى المدينة ، إذ لم يبق بها ناصر ، وقد تألب المشركون عليه واجتمعوا ، وصارت كلمتهم واحدة على ذلك ، وأمره الله تعالى أن يلتمس من ينام مكانه ، ويقوم مقامه ، ويعرض للأعداء نحره ، وللبلاء صدره ، ليدفع به عن نفسه مضرّة البوار ، ومعرّة
الكفار ، فذكر (ص) ذلك لعليّ عليه السلام ، فهشّ إليه ، وما تلكأ ، وأسرع إلى الامتثال ، وتلقى بالقبول والإِقبال عليه ، ونام على الفراش غير مكترث ، وتعرض للأعداء والقتل غير محتفل ، وقد أنزل الله تبارك وتعالى في شأنه : (
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ وَاللَّـهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ )
.
___________________
٥ ـ فصل :
في
ذكر آيات يوسف
وفيه
: حديثان
إنّ الله سبحانه وتعالى قد ذكر للصديق
يوسف عليه السلام في القرآن آية واحدة ، وهي قوله تعالى : (
قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ
فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ
الصَّادِقِينَ )
.
وسبب ذلك أنّ العزيز لمّا دخل داره ،
وقد راودت امرأته يوسف عليه السلام عن نفسه ، ولم يجبها إلى ما التمست ، وقد تعلّقت به : ( قَالَتْ مَا جَزَاءُ
مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
وقال يوسف : ( هِيَ رَاوَدَتْنِي
عَن نَّفْسِي )
.
وكان هناك مهد فيه طفل رضيع ، فسأله
يوسف عليه السلام ، فشهد له بما ذكره الله تعالى في كتابه .
وقد أعطى الله تعالى عليّ بن الحسين عليه
السلام ما يزيد على ذلك :
___________________
١٣٨ / ١ ـ وهو ما روى عمّار الساباطي ،
قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام أنّه قال : «لمّا قتل الحسين بن عليّ عليهما السلام ، وأقبل محمّد بن الحنفية إلى عليّ بن الحسين بن عليّ عليهم السلام وقال : له ما الذي فضّلك عليَّ ، وأنا أكثر رواية ، وأسن منك .
قال : كفى بالله شهيداً يا عمّ ، قال له
محمّد بن الحنفية : أحلت على غائب .
قال : وكان في دار عليّ بن الحسين عليهما
السلام شاة حلوب فقال : «اللهم انطقها ، اللهمّ انطقها» .
فقالت الشاة : يا عليّ بن الحسين إنَّ
الله استودعك علمه ووحيه ، فأمر سودة الخادمة
تتخذ لي العلف .
قال : فصفق محمّد بن الحنفية على وجهه ،
ثمّ قال : أدركني أدركني يا ابن أخي ، ثمّ ضرب بيده على كتفه فقال : اهتد هداك الله» .
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ليوسف عليه
السلام آية أخرى في كتابه بقوله : ( فَلَمَّا ذَهَبُوا
بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لَا
يَشْعُرُونَ )
فلمّا ألقوه في غيابت الجبّ ، وقَّاه الله تعالى سوء صنيعهم ، وحفظه من الردى ، وجنبه الأذى ، بحيث لم ينله ألم ، ولم تزل به قدم ، ولم يصبه نصب ، ولم ينبه وصب
وقد أكرم الله تعالى الباقر عليه السلام بما يوازي ذلك ويضاهيه :
___________________
١٣٩
/ ٢ ـ على ما رواه الموليني في تصنيفه في (سير الأئمة) بإسناده أنّ الباقر عليه السلام كان صبيَّاً ، فجاء إلى رأس بئر في داره ، فوقع فيها ، فأحسّت به أمُّه ، فصاحت ، وأخبرت أباه زين العابدين عليه السلام وهو يصلّي ، فلم يقطع الصلاة ، ولم يخففها ، ولم يضطرب في صلاته ، فرجعت عنه إلى رأس البئر ، وطفقت تبكي وتنظر في البئر ، وتتردد ذاهبة إلى أبيه وجائية إلى البئر ، إلى أن تمكّن منها الحزن ، وغلب عليها الضعف ، فقالت : ما أغلظ أكبادكم يا معشر بني هاشم ، فلمّا سمع ذلك زين العابدين عليه السلام ، أتمّ صلاته ، وجاء إلى رأس البئر ، وأدخل يده فيها ، وتناوله وأخرجه ، وقال : «خذيه يا ضعيفة اليقين» ، فلمّا نظرت إليه استبشرت ، وضحكت سروراً به ، ثمّ بكت من قوله عليه السلام : «يا ضعيفة اليقين» .
وفي ذلك آية أخرى لزين العابدين عليه
السلام ، إذ أخرجه من البئر العميقة من غير حبل ورشاء .
___________________
٦ ـ فصل :
في
ذكر آيات أيوب
إنّ الله سبحانه وتعالى لمّا ابتلى أيوب
عليه السلام بما ابتلاه في نفسه وأهله وماله وولده ، فصبر عليه ، وسلّم لأمر ربّه تعالى ، وأثابه على ذلك ، وعوّضه من جميع ذلك ، وردّ عليه أهله وماله ومثلهم معهم ، فلمّا استكمل أيّام محنته ، صابراً على بليته (
نَادَىٰ رَبَّهُ )
وقال : ( أَنِّي مَسَّنِيَ
الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ )
فقال تعالى : (
ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ )
وركض برجله الأرض ، وظهرت له منها عين ماء فاغتسل منها ، وشرب وذهب عنه ما كان يجده من الوجع ، ورجع إليه شبابه ، وأتاه أهله ، ومثلهم معهم ، رحمة من ربّه عزّ وجلّ .
وإنّ أئمتنا عليهم السلام قد صبروا على
أذيّة كلّ جبّار عنيد ، وشيطان مريد ، وعلى كلّ محنة قد طار شررها ، وشديدة قد استطار ضررها ، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ، وما ضعفوا وما استكانوا ، وجعل الله لهم ما هو أزيد من ذلك وأوكد رحمة منه .
وإنّ الحسين عليه السلام لمّا قتل في
سبيل الله وصبر عليه ، ولم
___________________
يبق منه غير زين
العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام ، فبارك الله عليه ، وأخرج
من صلبه الأئمة الهداة ، وجعلهم حججاً على بريّته وقادة الحق إلى جنّته ، وجعلهم نجوماً زاهرة يهتدى بهم في ظلمات الشبهات ، إلى محجة الدين ، وجادة اليقين ، كلّما غاب منهم نجم طلع آخر مكانه وزيّن به زمانه ، لا ينقطع ضياؤه ولا يخمد بهاؤه ، ما بقي من الدنيا أثر ، ثمّ قد طبَّق الأرض من ولده بكلّ سيّد شريف ، وحلاحل
غطريف ،
، قد بلغ السماء قدراً ، وحاز من مجلس الشرف صدراً .
وأمّا رجوع الشباب إليه فقد أعطي زين
العابدين عليه السلام ما هو أفضل من ذلك ، وهو ما أوردناه في هذا الكتاب ، من نظره إلى حبابة الوالبية بعد ما كبرت وشاخت ، فرجع إليها الشباب في الحال ، وعاشت مدة مديدة .
وأمّا ما نبع من العين وفار منها من
الماء ، ورجوع صحته إليه . فقد أوردنا في هذا الكتاب ما يزيد على ذلك من آياتهم عليهم السلام ، من خروج الماء من الحجر ، ومن إشارتهم إلى المريض حتّى ذهب عنه المرض ورجع إليه الصحّة ، على ما سنفصّل ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى .
___________________
٧ ـ فصل :
في
بيان آيات كليم الله موسى
وفيه
: ثلاثة عشر حديثاً
أوّل آية قد أظهرها الله لموسى عليه
السلام ، أنّه خلق في بطن أمّه بحيث لم يعرف أحد بأنّها حامل ، وستر عن جميع الخلق ، حفظاً له عليه السلام ، لأنّ فرعون كان يطلبه ، ويشق في طلبه بطون الحبالى ، لمّا قيل له أنّ زوال ملكه يكون على يد مولود يكون من شأنه كذا وكذا ، فصنع الله تعالى له عليه السلام بذلك ما خفي على الناس أمره .
وقد فعل الله تبارك وتعالى ما يضاهي ذلك
لمولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه ، حين طلب بنو العبّاس أثره ، وراقبوا أمر أبيه ، لمّا سمعوا أن زوال ملكهم يكون على يد ولد الحسين بن عليّ عليه السلام ، فأخفى الله تعالى أمره ، حتّى لم يعرف أهله بأن أمّه حامل ، حتّى أن حكيمة عليها السلام قالت حين قال لها أبو محمّد عليه السلام : «الليلة يولد حجّة الله من نرجس» قالت : وما نرى بها أثر حبل ؟! فقال : «سيظهر لك وقت الصبح» .
ثمّ لمّا وضع صنع الله تعالى له ما يبهت
العقول ، حتّى خفي على الناس أمره .
وأمّا موسى عليه السلام فقد أعطاه الله
تبارك وتعالى آيات كثيرة
من اليد البيضاء من
غير سوء ، وانقلاب العصا حيّة ، وفلق البحر ، ونتق الجبل فوق أمّته ، وإنزال المنّ والسلوى عليه وعلى أمّته في التيه ، وانفجار الحجر بالماء ، وابتلاع الأرض لقارون بأمره ، وإظلال الغمام على رأسه ورأس أمّته .
وقد أعطى الله سبحانه وتعالى أئمتنا عليهم
السلام ما يقارب جميع ذلك ويماثله ويدانيه ويشاكله .
فأما موسى عليه السلام فإنّه أخرج يده
بيضاء من غير سوء ، كما قال الله تعالى في غير موضع في كتابه منها : (
وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ )
.
وقال : (
أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ )
.
وقد أعطى الله تعالى الرضا عليه السلام
ما يزيد على ذلك .
١٤٠ / ١ ـ وهو ما روىٰ الحسن بن
منصور ، عن أخيه ، قال : دخلت على الرضا عليه السلام في بيت داخل جوف بيت ، فرفع يديه وكان ليلاً فكأنّ
يده بها ضياء عشرة مصابيح ، فاستأذن عليه رجل ، فخلى يده ثمّ أذن له .
وأمّا انقلاب العصا حيّة ، فقد أعطى
الله تبارك وتعالى أئمتنا عليهم السلام ما هو أجلّ من ذلك وأفضل ، وهو ما قد أوردناه في هذا
___________________
الكتاب ، في باب
معجزة موسى عليه السلام من قلب الصورة على الستر أسداً ، حتّى ابتلع الساحر بقوة الله تعالى ، بين يدي هارون .
ومن قلب الصورتين أسدين على المسند حتّىٰ
ابتلعا حميد بن مهران حاجب المأمون بين يديه ، بأمر الرضا عليه السلام
.
ومن قلب الصورة على المسورة أسداً بإذن
الله تعالى ، وذلك بأمر أبي الحسن الثالث عليه السلام بين يدي المتوكل ، حتّى ابتلع المشعبذ الهندي ، وقد ذكرنا جميع ذلك في الكتاب
.
١٤١ / ٢ ـ وروى أبو الصامت ، قال : قلت
لأبي عبد الله عليه السلام : أعطني شيئاً أزداد به يقيناً ، وأنفي الشك من قلبي ، قال لي : «هات ما معك» وكان في كمي مفتاح ، فناولته ، فإذا المفتاح أسد ، ففزعت منه ، ثمّ قال : «أنح وجهك عني» ففعلت ، فعاد مفتاحاً .
١٤٢ / ٣ ـ وروى سلمان رضي الله عنه قال
: كان بين رجل من شيعة عليّ وبين رجل آخر من شيعة غيره خلاف ، فاختصما إلى ذلك الغير ، فمال مع شيعته على شيعة عليّ ، فشكا إلى أمير المؤمنين عليه السلام صاحبه ، فذهب عليه السلام وقال : «ألم أنهك
أن يكون بينك وبين شيعتي عمل» .
قال سلمان : قال لي ذلك الغير : يا
سلمان ، فلمّا سمعت ذلك منه خفت من هيبته وشجاعته ، وفي يده قوس عربية فما شبّهته إلّا بموسى ابن عمران عليه السلام ، وقوسه بعصاه ، وفتح فاه ليبتلعني ، حتّى قلت له : يا عليّ بحقّ أخيك رسول الله (ص) إلّا عفوت عني ، فرده .
___________________
وأمّا انفلاق البحر لموسى عليه السلام
فكما قال الله سبحانه وتعالى : ( أَنِ اضْرِب
بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ )
وقد خرج موسى عليه
السلام من مصر فاتّبعه فرعون بجنوده ، فلمّا قارب البحر قال أصحاب موسى : (
إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )
فأمره تعالى أن يضرب
بعصاه البحر ، فضربه فظهر اثنا عشر طريقاً في البحر ، فسلك كلّ سبط من بني إسرائيل طريقاً .
وقد أظهر الله سبحانه وتعالى لأمير
المؤمنين عليه السلام ما يداني ذلك .
١٤٣ / ٤ ـ وهو : ما حدّث به أبو بصير ،
عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنّه قال : «مدّ الفرات عندكم على عهد أمير المؤمنين عليه السلام ، فأقبل إليه الناس فقالوا : يا أمير المؤمنين ، نحن نخاف الغرق ، لأنّ الفرات قد جاء بشيء من الماء لم نر مثله قط ، وقد امتلأت جنبتاه
فالله الله .
فركب أمير المؤمنين عليه السلام ،
والناس حوله يميناً وشمالاً ، حتّى انتهى إلى الفرات وهو يزجر
بأمواجه ، فوقف الناس ينظرون فتكلّم بكلام خفي عبراني ليس بعربي ، ثمّ إنّه قرع الفرات قرعة واحدة ، فنقص الفرات ذراعاً ، وأقبل الناس ـ وفي رواية أخرى فقال
___________________
لهم ـ : «هل يكفيكم
ذلك ؟» . فقالوا : زدنا يا أمير المؤمنين . فقرع قرعة أخرى ، فنقص ذراعاً آخر ، فقالوا : يكفينا ، فقال عليه السلام : لو أردت لقرعته حتّى لا يبقى فيه شيء من الماء» .
وأمّا نتق الجبل ، فإنّ قوم موسى عليه السلام
لمّا استثقلوا أحكام التوراة ولم يعملوا بها ، قلع الله سبحانه وتعالى جبلاً من أصله ، فرفعه في الهواء فوق رؤوسهم ، وقال لهم موسى عليه السلام : لئن لم تؤمنوا بالتوراة ، وتعملوا بها ، لسقط عليكم . كما قال الله تعالى : (
وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا
مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )
.
وقد أعطى الله تعالى لبعض أئمتنا عليهم
السلام ما يقارب ذلك ويدانيه .
١٤٤ / ٥ ـ وهو ما حدّث به عبد الرحمن بن
الحجّاج ، قال : كنت مع أبي عبد الله عليه السلام بين مكّة والمدينة ، وهو على بغلة ، وأنا على حمار ، وليس معنا أحد ، فقلت : يا سيّدي ، ما يجب من عظّم حقّ الإِمام ؟ فقال : «يا عبد الرحمن ، لو قال لهذا الجبل سر لسار» فنظرت والله إلى الجبل يسير ، فنظر والله إليه فقال : «والله ، إنّي لم أعنك» فوقف .
وأمّا إنزال المنّ والسلوى عليه وعلى
أمّته في التيه ، وهو أنّه لمّا بقي هو وأمّته في التيه أربعين سنة ، واحتاجوا إلى القوت ، أنزل الله تعالى كلّ غدوة عليهم المن والسلوى ، كما قال الله تعالى : (
وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ
)
.
___________________
فقد أعطى الله تبارك وتعالى الأئمة عليهم
السلام ما يزيد عليه ، ولم ينقص عنه ، ممّا يشاكله ويدانيه .
١٤٥ / ٦ ـ وهو ما حدّث به الثقات ، أنّ
أمير المؤمنين عليه السلام ، لمّا امتد مقامه بصفّين ، شكوا إليه نفاد الزاد والعلف ، بحيث لم يجد أحد من أصحابه شيئاً يؤكل ، فقال عليه السلام لهم : «غداً يصل إليكم ما يكفيكم» فلما أصبحوا تقاضوه
صعد عليه السلام على تل كان هناك ودعا بدعاء وسأل الله تعالى أن يطعمهم ويعلف دوابهم ، ثمّ نزل فرجع إلى مكانه ، فما استقر قراره ، إلّا وقد أقبلت العير بعد العير ، وعليها اللحمان والتمور والدقيق ، حتّى
امتلأت به البراري ، وفرّغ أصحاب الجمال جميع الأحمال من الأطعمة ، وما كان معهم من علف الدواب ، وغيرها من الثياب ، وجلال الدواب ، وجميع ما يحتاجون إليه ، ثمّ انصرفوا ، ولم يدر من أي البقاع وردوا ، أو من الإِنس كانوا أم من الجنّ ، وتعجب الناس من ذلك .
١٤٦ / ٧ ـ وروى بعض أصحابنا ، وقال :
حملت مالاً لأبي عبد الله عليه السلام ، فاستكثرته في نفسي ، فلمّا أدخلته عليه ، دعا الغلام ، فإذا طشت في آخر الدار ، فأمر أن يأتيه به ، ثمّ تكلم بكلام أومى بها إلى الطشت ، فانحدرت الدنانير من الطشت حتّى (حالت بيني) وبين الغلام ، قال :
فالتفت إليّ وقال : «أترانا نحتاج إلى ما في أيديكم ؟! إنما آخذ منكم ما آخذ ، لأطهّركم» .
___________________
وأمّا انفجار الماء من الحجر ، فهو أن
موسى عليه السلام كان معه حجر يحمله معه حيث يذهب ، فلمّا احتاج هو وقومه إلى الماء ، ضرب الحجر بعصاه ؛ (
فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ )
.
وقد أخرج الله تعالى الماء للصادق عليه
السلام من خشبة رحله :
١٤٧ / ٨ ـ وهو ما حدّث به الشيخ أبو
جعفر محمّد بن معروف الهلالي الخرّاز ، وقد أتى له مائة وثمان وعشرون سنة قال : أتيت
إلى أبي عبد الله جعفر عليه السلام إلى الحيرة فأقمت بها ثلاثة أيّام ، فما قدرت عليه من كثرة الناس ، فلمّا كان اليوم الرابع مضى إلى قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، فمضيت معه ، فلمّا صار
إلى بطن الطريق ، غلبه البول ، فاعتزل عن الجادّة فبال ، ثمّ نبش الرحل فخرج له الماء ، فتطهّر للصلاة فقام وصلّى ركعتين ، ودعا ربّه فقال في دعائه :
«اللَّهم لا تجعلني ممّن تقدم فمرق ،
ولا ممّن تأخر فرهق ، واجعلني من النمط الأوسط» .
وقال لي : «يا غلام ، لا تتحدث بما رأيت»
.
وقد أوردت له في معجزاته .
___________________
١٤٨ / ٩ ـ ما رواه داود الرّقيّ من
إظهار الماء في السبخة في طريق الحجّ عيناً فوّارة ، وما رواه يحيى بن هرثمة .
وقد ذكرناه في آيات أبي جعفر الثاني عليه
السلام من ظهور عين الماء له حين خرج من المدينة معه إلى المتوكل ، وأمثال ذلك كثيرة لا تحصى .
وأمّا ابتلاع الأرض لقارون ، وهو أنّ
قارون قال لامرأة كانت بغياً ذات جمال وهيئة : أعطيك مائة ألف درهم إن جئت غداً إلى موسى عليه السلام وهو جالس في بني إسرائيل يتلو عليهم التوراة ، وقلت : يا معشر بني إسرائيل ، إنّ موسى دعاني إلى نفسه فأنعمت له .
ثم قالت في نفسها : قد فعلت ما فعلت
فأذهب إلى بني إسرائيل وأرميه بالفاحشة ؟! لا والله لا أفعل .
فلمّا كان في الغد جلس موسى عليه السلام
في بني إسرائيل ، وجاءه قارون في زينته ، وعليه ثياب حمر ، وجاءت المرأة ، فقامت على رؤوسهم ثم قالت لموسى عليه السلام : إنّ قارون أعطاني مائة ألف درهم على أن أقوم على بني إسرائيل اليوم ، وأقول لهم : إنّ موسى دعاني إلى نفسه ، بحضرتك ومعاذ الله أن يكون ذلك ، لقد أكرمك الله تعالى . فغضب موسى عليه السلام فقال للأرض : خذيه . فأخذته إلى ساقه ، فقال : يا موسى ، الله الله ، ارحمني .
فقال عليه السلام : خذيه . فأخذته إلى
حقويه ، فقال : يا موسى ، الله الله ، ارحمني ،
فقال عليه السلام : خذيه . فابتلعته الأرض
حتّى غاب
.
وقد ظهر على يد ولي الله جعفر بن محمّد
الصادق عليه السلام ما يوازي ذلك شرفاً .
___________________
١٤٩ / ١٠ ـ وهو ما حدّث به صالح بن
الأشعث البزّاز الكوفيّ ، قال : كنت بين يدي المفضّل إذ وردت عليه رقعة من مولانا الصادق عليه السلام ، فنظر فيها ، فنهض قائماً واتكأ عليَّ ، ثمّ تسايرنا
إلى باب حجرة الصادق عليه السلام ، فخرج إليه عبد الله بن وشاح ، فقال : أسرع يا مفضّل في خطواتك ، أنت وصاحبك هذا .
فدخلنا فإذا بالمولى الصادق عليه السلام
قد قعد على كرسي ، وبين يديه امرأة ، فقال : يا مفضّل ، خذ هذه الامرأة وأخرجها إلى البرية في ظاهر البلد فانظر ما يكون من أمرها وعد إليّ سريعاً .
فقال المفضل : فامتثلت ما أمرني به
مولاي عليه السلام وسرت بها إلى برية البلد ، فلمّا توسطتها سمعت منادياً ينادي : إحذر يا مفضل . فتنحيت عن المرأة ، فطلعت غمامة سوداء ثمّ أمطرت عليها حجارة حتّى لم يكن
للمرأة حساً ولا أثراً فهالني ما رأيته ! ورجعت مسرعاً إلى مولاي عليه السلام ، وهممت أن أحدثه بما رأيت ، فسبق إلي الحديث ، فقال عليه السلام : «يا مفضل ، أتعرف المرأة ؟» فقلت : لا يا مولاي . فقال : «هذه امرأة الفضال بن عامر ، وقد كنت سيّرته إلى فارس ليفقّه أصحابي بها ، فلمّا كان عند خروجه من منزله قال لامرأته : هذا مولاي جعفر شاهد عليك ، لا تخونيني في نفسك . فقالت : نعم ، إن خنتك في نفسي أمطر الله عليَّ من السماء عذاباً واقعاً . فخانته في نفسها من ليلتها ، فأمطر الله عليها ما طلبت ، يا مفضل ، إذا هتكت امرأة سترها ، وكانت عارفة بالله ، هتكت حجاب الله ، وقصمت ظهرها ، والعقوبة إلى العارفين والعارفات أسرع» .
وأمّا تظليل الغمام عليهم فهو أنّ موسى عليه
السلام لمّا مكث
___________________
بقومه في التيه
أربعين سنة أثّر فيهم حرّ الشمس ، فظلل الله الغمام عليهم ، وقاية لهم من حرّ الشمس ، كما قال الله تعالى : (
وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ )
فقد أعطى الله تعالى أمير المؤمنين عليه السلام ما يشابه ذلك ويدانيه ويحاكيه وهو .
١٥٠ / ١١ ـ ما رواه جابر بن عبد الله
الأنصاري ـ رحمه الله ـ عن رسول الله (ص) أنّه قال : «ما بعثته قط في سرية إلّا ورأيت جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، وملك الموت أمامه في سحابة تظلله ، حتّى يعطي الله حبيبي النصر والظفر» .
وأمّا إحياء الموتى ، وهو ما قال الله
تعالى : ( فَقُلْنَا
اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّـهُ الْمَوْتَىٰ )
وشرح ذلك أنّه وجد على طريق سبط من الأسباط قتيل ، فتدارؤا
به والتجأوا إلى موسى عليه السلام ، فأمرهم الله تعالى بذبح بقرة على ما شرح في كتابه العزيز ، فلمّا فعلوا ذلك وضربوا ببعض لحمها القتيل
، أحياه الله تعالى حتّى قال : قتلني فلان بن فلان .
وقد أعطى الله تبارك وتعالى أمير
المؤمنين عليه السلام ما يشابه ذلك وهو :
١٥١ / ١٢ ـ ما حدّث به الباقر عليه
السلام ، قال : «إنّ عليّاً عليه السلام مرّ يوماً في أزقة الكوفة فانتهى إلى رجل قد حمل جريثاً
___________________
فقال : انظروا إلى
هذا قد حمل إسرائيلياً . فأنكر الرجل ، وقال : متى كان الاسرائيلي جريثاً ؟! .
فقال عليه السلام : أما إنّه إذا كان
اليوم الخامس ارتفع لهذا الرجل من صدغه دخان فيموت مكانه .
فأصابوه في اليوم الخامس كذلك ، فمات
فحمل إلى قبره ، فلمّا دفن جاء أمير المؤمنين عليه السلام إلى قبره ، فدعا الله ، ثمّ رفسه برجله ، فإذا الرجل قام قائماً بين يديه ، وهو يقول : الراد على عليّ كالراد على الله وعلى رسوله .
قال عليه السلام : عد في قبرك . فعاد
فيه ، فانطبق القبر عليه» .
١٥٢ / ١٣ ـ وحدّث داود الرقيّ ، قال :
كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه شاب يبكي فقال : إني نذرت أن أحجّ بأهلي ، فلمّا دخلت المدينة ماتت . قال : «اذهب ، فإنّها لم تمت» قال : ماتت وسجيتها ! قال : «اذهب ، فإنَّها لم تمت فخرج ورجع ضاحكاً وقال : دخلت عليها وهي جالسة . قال : «يا داود ، أو لم تؤمن» ؟ قال : بلى ، ولكن ليطمئن قلبي .
فلمّا كان يوم التروية قال لي : «يا
داود قد اشتقت إلى بيت ربّي» فقلت : يا سيّدي ، هذا عرفات ! قال : «إذا صلّيت العشاء الآخرة فارحل لي ناقتي ، وشدّ زمامها» ففعلت ، فخرج ، وقرأ (
قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ )
و ( يس ) ثمّ استوى على ظهر ناقته ، وأردفني
خلفه ، فسرنا هدءاً من
الليل ، وقعد في موضع ما كان ينبغي .
فلمّا طلع الفجر ، قام فأذَّن ، وأقام ،
وأنا عن يمينه ، فقرأ في أوّل
___________________
ركعة : (
الْحَمْدُ )
و ( الضُّحَىٰ ) وفي الثانية (
الْحَمْدُ )
و ( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ )
وقنت ، ثمّ سلّم وجلس ، فلمّا طلعت الشمس مرَّ الشاب ومعه المرأة فقالت لزوجها : هذا الذي شفع إلى الله في إحيائي .
٨ ـ فصل :
في
بيان آيات داود ممّا ذكره الله تعالى في القرآن
وفيه
: أربعة أحاديث
قال الله تعالى : (
يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ )
والتأويب : سير النهار ، وقيل : هو التسبيح ، ومعناه على القول الأوّل : يا جبال سيري معه .
وقد جعل الله تبارك وتعالى مثل ذلك
لمولانا أبي عبد الله عليه السلام ، وقد ذكرنا سير الجبال معه فيما ذكر في قوله : (
وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ )
.
١٥٣ / ١ ـ وروى أبو بصير قال : جاء رجل
إلى أبى عبد الله عليه السلام فسأله عن حقّ الإِمام
، قال له : «تأتي ناحية أحد» . فخرج فإذا أبو عبد الله عليه السلام يصلّي ، ودابّته قائمة ، وإذا ذئب قد أقبل ، فسارّ أبا عبد الله عليه السلام كما يسارّ الرجل ، ثمّ قال له : «قد فعلت» فقلت : جئت أسألك عن شيء ، فرأيت ما هو أعظم من مسألتي ! فقال : «إنّ الذئب أخبرني أن زوجته بين الجبل قد عسر عليها الولادة
___________________
فادع الله تعالى لها
أن يخلصها مما هي فيه ، فقلت قد فعلت ، على أن لا يُسلط أحداً من نسلكم
على أحد من شيعتنا أبداً» . فقلت : ما حق المؤمن على الله تعالى ؟ قال : لو قال للجبال «أوبي لأوَّبت» فأقبل الجبل يتداك بعضه إلى بعض ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : «ضربت له مثلاً ، ليس إيّاك عنيت» فرجع إلى مكانه .
ومعناه على القول الثاني : سبحي معه .
وقد أعطى الله تبارك وتعالى لمولانا زين
العابدين عليه السلام ما يماثل ذلك ويشاكله وهو :
١٥٤ / ٢ ـ ما حدّث به سعيد بن المسيب ـ في
رواية الزهريّ ـ قال : كان القوم لا يخرجون من مكّة حتّى يخرج زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام ، فخرج ، وخرجت معه ، فنزل في بعض المنازل ، وصلّى ركعتين ، وسبّح في سجوده ، فلم يبق شجر ولا مدر إلّا سبّح معه ، ففزعنا فرفع رأسه ، وقال : «يا سعيد أفزعت ؟» قلت : نعم ، يا ابن رسول الله . فقال : «هذا التسبيح الأعظم» .
وأمّا تسبيح الطير فقد ذكرنا في هذا
الكتاب ، في آيات أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام في آخر حديث وهو :
ما أجاب به عبد الملك بن مروان عامله ،
حين أمره بإخراج الباقر إليه ، فقال : وإنّه ليقرأ في محرابه فتجتمع الطير والسباع تعجباً من صوته ، فإنّ قراءته تشبه مزامير آل داود .
وأمّا قوله تعالى : (
وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ )
فإنّه ألان له
الحديد ليتخذ له الدروع منه كأنّه الشمعة في يده .
وقد أعطى الله تعالى لأمير المؤمنين عليه
السلام مثل ذلك وهو :
___________________
١٥٥ / ٣ ـ ما روى بعض مواليه أنّه دخل
عليه ، ورأى بين يديه حديداً ، وهو يأخذ بيده منه ، ويدققه ، ويجعله حلقاً ويسرده
كأنّه الشمعة في يده قال : فسألته عنه ، فقال : «أصنع الدرع»
وممّا يصحح ذلك ، ويشهد بصحته ، حديث
خالد بن الوليد ، وهو حديث طويل قد اقتصرنا على الموضع المقصود لشهرته .
١٥٦ / ٤ ـ وحدث به عبد الرحمن بن
العبّاس وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قالا : كنا جلوساً عند أبي بكر وقد أضحى النهار ، فإذا بخالد بن الوليد قد وافى في جيش قام غباره ، وكثرت صواهل خيله ، فإذا بقطب رحى ملوي في عنقه ، وقد فتل فتلاً ، فنزل عن فرسه ، ووقف بإزاء أبي بكر ، فرمقه الناس بأعينهم وراعهم
منظره ، فابتدأ وقال : اعدل يا بن أبي قحافة حيث جُعلت في الموضع الذي لست له بأهل ، وما ارتفعت إلى هذا المكان إلّا كما يرتفع الطافي من السمك على الماء . ـ في كلام طويل أعرضنا عن ذكره ـ
ثمّ قال : إنّي رجعت مُنكفئاً من الطائف
إلى هذه
في طلب المرتدين ، فرأيت ابن أبي طالب عليه السلام ومعه رهط عصاة عتاة من الذين شزرت حماليق
أعينهم من حسدك ، وبدرت حقداً عليك ،
___________________
وقرحت أفئدتهم لمكانك
، منهم عمّار بن ياسر ابن سميّة السوداء ، والمقداد ، وأخا غفار ، وابن العوام ، وغلامين أعرف أحدهما بوجهه ، وغلام اسمر حبشي قد بقل وجهه
فتبين لي المنكر من قلوبهم ، والحسد في احمرار أعينهم ، وقد توشّح بدرع رسول الله (ص) ولبس رداءه ، وقد أسرج له دابته ، وقد نزل على عين ماء ، فلمّا رآني اشمأز وبربر ، وأطرق موحشاً فقبض
على لحيته ، فبادرته بالسلام استكفي شره واتقي وحشته
، فنزلت ، ونزل من معي بحيث نزلوا اتقاءً من مراوغته ، فبدأ بي ابن ياسر بقبيح لفظه ، ومحض عداوته ، يقرعني بما كنت (تقدمت به إليَّ )
، فالتفت إليَّ الأصلع الرأس ، وقد ازدحم الكلام في حلقه كهمهمة الأسد ، وكقعقة الرعد .
فقال لي بغضب منه : «أو كنت فاعلاً يا
أبا سليمان ؟» فقلت : وايم الله ، لو أقام على رأيه لضربت الذي في عيناك ؛ فأغضبه قولي إذ صدقته ، وأخرجه إلى طبعه الذي أعرفه له عند الغضب ، وبدرت عيناه عليَّ ، فعلمت أنّه قد عزب عنه عقله ، فقال لي : «يا ابن اللخناء ، مثلك يقدر على مثلي ، ويجسر
أن يدير اسمي في لهواته التي لا عهد لها بكلمة حكمة ، ويلك إنّي لست من قتلاك وقتلى صاحبك
، وإنّي لأعرف بمنيتي ومقتلي منك بنفسك» ثمّ ضرب بيده إلى ترقوتي فنكسني عن فرسي ، وجعل يسوقني إلى رحى الحارث بن كلدة فعمد إلى القطب الغليظ فمدّ عنقي بكلتا يديه ولواه في عنقي ، ينفتل له
___________________
كالعلك المسخّن ،
وأصحابي هؤلاء وقوف ما أغنوا عنّي سطوته ، ولا كفوني شره ، فلا جزاهم الله عنّي خيراً ، فإنّهم لمّا نظروا إلى بريق عينيه سجدوا
فرقاً ، وسالت جباههم عرقاً ، وخمدت أرواحهم كأنما نظروا إلى ملك موتهم
، فوالذي رفع السماء بغير أعمادها
، لقد اجتمع على فكّ هذا القطب مائة رجل ـ أو يزيدون ـ من أشداء العرب ، فما قدروا على فكّه ، فدلّني عجز الناس عن فتحه أنّه سحر منه ، أو قوة ملك قد ركّبت فيه ، ففكّ هذا الآن عنّي إن كنت فاكه ، وخذ لي منه بحقي إن كنت آخذه ، وإلّا لحقت بدار عزتي ومستقر كرامتي ، فقد ألبسني ابن أبي طالب من العار ما صرت به ضحكة لأهل الديار .
فالتفت أبو بكر إلى عمر ، وقال : أما
ترى إلى ما يخرج من هذا الرجل ـ في كلام طويل ـ إلى أن دعوا قيس بن سعد بن عبادة ، وقال لهم ما هو مشهور ، فصبروا إلى أن وافوا أمير المؤمنين عليه السلام ، فقاموا بأجمعهم إليه واستأذنوا عليه ، فدخلوا ومعهم خالد فلمّا بصر إلى خالد قال : «نعمت صباحاً يا أبا سليمان ، نعم القلادة قلادتك» ـ في كلام طويل شرحه ـ
وتشفّع أبو بكر فلم يجب إلى ذلك ، إلى
أن قام بريدة الأسلميّ ، وطارق بن شهاب ، والأشجع بن حمدان العجليّ
فقالوا : يا أبا الحسن ، والله ما لخالد وعنقه إلّا من حمل باب خيبر بقوة يده ، ودحا به وراء ظهره ، وحمله حتّى عبر الناس عليه .
___________________
وقام عمّار بن ياسر رضي الله عنه وخاطبه
أيضاً في جملة من سأله ، فلم يجب أحداً ، إلى أن قال أبو بكر : سألتك بحق أخيك محمّد رسول الله (ص) إلّا ما رحمت خالداً ، وفككت عن عنقه هذا الحديد .
فلمّا سأله بحق أخيه رسول الله (ص)
استحيا ، وكان كثير الحياء ، فجذب خالداً إليه ، فأدناه ، وقبض على رأس الحديد وجعل يفتل منه شيئاً فشيئاً ، فرمى به ، كفتل أحدكم العلك المحمّى بالنار ، حتّى أتى على آخره ، فكبّر الناس ، وعجب من حضر من فعله ، فقال لهم : «إنّ الله بكرمه وفضله سيشتت شملكم ويأخذ بحقي منكم ، فبئس القوم أنتم» .
فتمثل عمّار بن ياسر ببيتي شعر ، وهما
هذان :
يزاول سرحان مساواة ضيغم
|
|
فضعضعه إذ رام ذاك فهشما
|
وأهوى له إذ رام ما لا يناله
|
|
إلى رأسه بالكفّ منه فحطما
|
___________________
٩ ـ فصل :
في
بيان معجزات نبيّ الله سليمان في القرآن
وفيه
: أربعة عشر حديثاً
إنّ الله سبحانه وتعالى أعطى سليمان عليه
السلام آيات باهرة
، وقد ذكر في كتابه العزيز منها أنّه أعطاه الحكمة صبياً ، وسخّر له الريح ، وعلّمه منطق الطير ، وسخّر له الجنّ والسباع والطير ، وأسأل له عين القطر .
فأمّا ما أعطى الله تعالى سليمان إياه
الحكمة صبياً ، فقد أورده في كتابه العزيز بقوله : (
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ )
وقصته أنّ غنماً نفشت في زرع قوم ، فحكم
سليمان عليه السلام بأنّ صاحب الغنم يعطيها لصاحب الأرض لينتفع بها حتّى يزرع صاحب الغنم أرضه ، فإذا بلغ الزرع الحدّ الذي نفشت فيه غنمه ، ردّ الغنم عليه ، وأخذ الأرض مزروعة .
وقد أعطى الله تعالى أئمتنا عليهم
السلام مثل ذلك ، وزيادة
___________________
عليه ، منها ما اشتهر
عند الخاص والعام من حديث :
١٥٧ / ١ ـ أبي حنيفة حين دخل دار الصادق
عليه السلام ، فرأى موسى عليه السلام في دهليز داره ، وهو صبي ، فقال في نفسه : إنّ هؤلاء يزعمون أنّهم يعطون العلم صبية ، وأنا أسبر
ذلك ؛ فقال : يا غلام ، إذا دخل الغريب بلدة فأين يحدث ؟ فنظر إليه نظر مغضب ، وقال : «يا شيخ ، أسأت الأدب ، فأين السلام ؟» .
قال : فخجلت ، ورجعت حتّى خرجت من الدار
، وقد نبل في عيني ، ثمّ رجعت إليه ، وسلّمت عليه ، وقلت : يا ابن رسول الله ، الغريب إذا دخل بلدة
أين يحدث ؟
فقال عليه السلام : «يتجنب
شطوط الأنهار
، ومشارع الماء ، وفيء النزّال ، ومساقط الثمار ، وأفنية الدور ، وجوادّ الطرق ، ومجاري المياه ، ورواكدها ، ثمّ يحدث أين شاء» .
قال : فقلت : يا ابن رسول الله ، ممّن
المعصية ؟ فنظر إليَّ وقال : «إمّا أن تكون من الله ، أو من العبد ، أو منهما معاً ، فإن كانت من الله ، فهو أكرم من أن يأخذ العبد
بما لم يجنه
؛ وإن كانت منهما ، فهو أعدل من أن يأخذ العبد بما هو شريك فيه ؛ فلم يبق إلّا أن تكون من العبد ، فإن عفا فبفضله ، وإن عاقب فبعدله» .
قال أبو حنيفة : فغرورقت عيناي ، وقرأت (
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن
___________________
بَعْضٍ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
.
١٥٨ / ٢ ـ وحديث أبي جعفر الثاني عليه
السلام مع يحيى بن أكثم قاضي القضاة ببغداد
بين يدي المأمون مشهور ، حين سأله عن محرم وطئ بيض صيد ، وهو ابن تسع سنين ؟ فأجابه قال : «الصيد من طير الحل ، أو من طير الحرم ؟ وباض في الحل ، أم باض في الحرم ؟ والمحرم حراً كان ، أو عبداً ؟ والعبد أحرم بإذن مولاه ، أم بغير إذنه ؟ والحر وطأه عمداً ، أو سهواً ؟ معيداً كان ، أو مبتدئاً ؟ والطير من صغار الطير أم من كبارها ؟ . . .» إلى غير ذلك من الانقسامات ، فبهت يحيى .
وسأله أبو جعفر عليه السلام عن مسألة
المرأة فلم يحر جواباً ، فتبيّن للناس عجزه ، وهو عليه السلام قد شرح المسائل على ما هو مشروح في موضعه .
١٥٩ / ٣ ـ وحديث بريهة النصرانيّ مع
هشام بن الحكم معروف ، حين وردا المدينة واستأذنا على الصادق عليه السلام ، فرأيا موسى عليه السلام في الدهليز ، فسلّم هشام عليه ، وسلّم بريهة ، ثمّ أخبرهما بما جاءا له ، فطفق يقرأ الإِنجيل ، فلمّا سمع بريهة ذلك قال : المسيح لقد كان يقرأ كذلك ، إيّاك أطلب منذ خمسين عاماً ، من هذا ؟ فقال هشام : هذا ابن الصادق عليه السلام . وكان عليه السلام صبياً ، فأسلم بريهة على يده قبل الوصول إلى الصادق عليه السلام .
وأمثال ذلك كثيرة لا تحصى كثرة .
وأمّا تسخير الريح لسليمان عليه السلام
، وهو ما قال الله سبحانه
___________________
وتعالى : (
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ )
وإنّ سليمان عليه السلام لمّا أراد أن يركب الريح ، أمر بفرش البساط ففرش بساطه ، ووضع عليه سريره ، ووضع الكراسي حول السرير ، وجلس وزراؤه وقواده على الكراسي حول السرير ، وجلس هو فوق البساط ، وأمر الريح بأن تحمل البساط ، وتحمل ما فوقه وتسير غدوة مسيرة شهر ، وترجع رواحاً مثله .
وإنّ الله تعالى أعطى أئمتنا عليهم
السلام مثل ذلك وما يشابهه وهو ما حدّث به :
١٦٠ / ٤ ـ معمّر ، عن الزهريّ ، عن
قتادة ، عن أنس ، قال : كنّا جلوساً في المسجد عند النبيّ (ص) ، وقد كان أهدي إليه بساط فقال لي : «ادعُ عليّ بن أبي طالب» عليه السلام ، فدعوته ، ثمّ أمرني أن أدعو أبا بكر وعمر وجميع أصحابه ، فدعوتهم كما أمرني نبيّ الله (ص) ، وأمرني أن أبسط البساط فبسطته ، ثمّ أقبل على عليّ عليه السلام فأمره بالجلوس على البساط ، وأمر أبا بكر وعمر وعثمان بالجلوس
مع أمير المؤمنين عليه السلام ، فجلست مع من جلس ، فلمّا استقرّ بنا المجلس أقبل (ص) على عليّ عليه السلام وقال : «يا أبا الحسن ، قل : يا ريح الصبا ، احمليني
، والله خليفتي عليك وهو حسبي ونعم الوكيل» .
قال أنس : فنادى أمير المؤمنين عليّ عليه
السلام كما أمره
___________________
النبيّ (ص) ، فوالذي
بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً ، ما كان إلّا هنيهة حتّى صرنا في الهواء ، ثمّ نادى : «يا ريح الصبا ، ضعيني» فإذا نحن في الأرض ، فأقبل عليّ علينا وقال : «يا معشر الناس ، أتدرون أين أنتم ؟ وبمن قد حللتم ؟» فقلنا : لا .
فقال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام : «أنتم
عند أصحاب الكهف والرقيم ، الذين (
كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا )
فمن أحبّ أن يسلّم على القوم فليقم» . فأوّل من قام أبو بكر ، فسلّم على القوم ، فلم يردّوا عليه جواباً ، ثمّ قام عمر ، وسلّم عليهم ، فلم يردّوا عليه جواباً ، فلم يزالوا يقومون واحداً بعد واحد ، ويسلّمون ولم يردّوا عليهم جواباً ، إلى أن قام أمير المؤمنين عليه السلام ، فنادى : «السلام عليكم أيّتها الفتية ، فتية أصحاب
الكهف والرقيم ، الذين (
كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا )
» فقالوا : وعليك
السلام ورحمة الله وبركاته ، أيّها الإِمام وابن عم سيّد
الأنام محمد (ص) .
فلمّا سمع القوم كلامهم لأمير المؤمنين عليه
السلام ، قالوا : يا أبا الحسن ، بحقّ ابن عمّك محمّد ـ (ص) ـ سل القوم ما بالهم سلّمنا عليهم فلم يردّوا علينا الجواب .
فقال عليه السلام : «أيّتها الفتية ، ما
بالكم لم تردّوا السلام على أصحاب رسول الله (ص) ؟» فقالوا : يا أبا الحسن ، قد أُمرنا أن لا نُسلّم إلّا على نبيّ أو وصي نبيّ ، وأنت خير الوصيين ، وابن عم خير النبيّين ، وأنت أبو الأئمة المهديين ، وزوج فاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين ، وقائد الغر
المحجلين إلى جنات النعيم .
___________________
فلمّا استتم القوم كلامهم أمرنا بالجلوس
على البساط ، ثمّ نادى : «يا ريح الصبا ، احمليني» فإذا نحن في الهواء . ثمّ نادى : «يا ريح الصبا ، ضعيني» فإذا نحن في الأرض .
قال : فوكز الأرض برجله ، فإذا نحن بعين
ماء ، فقال : «يا معاشر الناس ، توضوأ للصلاة ، فإنّكم تدركون صلاة الفجر
، مع النبيّ» (ص) .
قال فتوضأنا ، ثمّ أمرنا بالجلوس على
البساط فجلسنا ثمّ قال
: «يا ريح الصبا ، احمليني» فإذا نحن في الهواء ، ثمّ نادى : «يا ريح الصبا ، ضعيني» فإذا نحن في الأرض في مسجد رسول الله (ص) ، وقد صلّى ركعة واحدة ، فصلّينا معه ما بقي من الصلاة ، وما فات بعده ، وسلّمنا على النبيّ (ص) ، فأقبل بوجهه الكريم علينا ، وقال : «يا أنس ، أتحدّثني أم أحدّثك ؟» فقلت : الحديث منك أحسن . فحدّثني ، حتّى كأنّه كان معنا .
وفي الحديث طول ، وقد نظم هذا المعنى
بعض الشعراء :
من هو فوق البساط تحمله الر
|
|
يح إلى الكهف والرقيمين
|
فعاين الفتية الكرام بها
|
|
وكلبهم باسط الذراعين
|
فقال قوما فسلّما سترى
|
|
منّي ومن أمرهم عجيبين
|
فسلّما فلم يجبهما أحد
|
|
ولم يكونا هما رشيدين
|
فسلّم المرتضى فقيل له
|
|
لبيك لبيك دون هذين
|
وأمّا علمه بمنطق الطير ، فقد أعطى الله
تعالى أئمتنا عليهم السلام معرفة منطق الطير ، ومنطق كلّ شيء ، ويدل على ذلك ما رواه :
___________________
١٦١ / ٥ ـ عبد الله بن سوقة ، قال : مرّ
بنا الرضا عليه السلام ، فاختصمنا في إمامته ، فلمّا خرج خرجت أنا وتميم بن يعقوب السرّاج ـ من أهل الرقّة ـ ونحن مخالفون له ، نرى رأي الزيدية ، فلمّا صرنا في الصحراء فإذا نحن بظباء فأومأ أبو الحسن عليه السلام إلى خشف منها ، فإذا هو قد جاء حتى وقف بين يديه ، فأخذه أبو الحسن عليه السلام ، فمسح رأسه ودفعه إلى غلامه ، وجعل الخشف يضطرب لكي يرجع إلى مرعاه ، فكلّمه الرضا عليه السلام بكلام لم نفهمه ، فسكن ، ثمّ قال لي : «يا عبد الله ، أو لم تؤمن ؟» قلت : بلى ، يا سيّدي ، أنت حجّة الله على خلقه ، وأنا تائب إلى الله .
ثمّ قال للظبي : «إذهب» فجاء الظبي
وعيناه تدمعان ، فتمسّح بأبي الحسن عليه السلام ورغا
، فقال أبو الحسن : «أتدري ما يقول ؟» قلت : الله ورسوله وابن رسوله أعلم .
قال : يقول : دعوتني فرجوت أن تأكل من
لحمي ، فأجبتك ، وحزنت حين أمرتني بالذهاب
.
١٦٢ / ٦ ـ وممّا رواه صفوان ، عن جابر
قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام ، فبرزنا ، فإذا نحن برجل قد أضجع جدياً ليذبحه ، فصاح الجدي ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : «كم ثمن هذا الجدي ؟» فقال : أربعة دراهم ، فحلّها من كمّه ، ودفعها إليه ، فقال : «خلّ سبيله» .
___________________
قال : فسرنا ، فإذا نحن بصقر قد انقضّ
على دراجة ، فصاحت الدراجة ، فأومأ أبو عبد الله عليه السلام إلى الصقر بكمّه ، فرجع عن الدراجة ، فقلت : لقد رأيت عجباً من أمرك
!
فقال : «نعم ، الجدي لمّا أضجعه الرجل
ليذبحه وبصر بي قال : أستجير بالله وبكم أهل البيت (ممّا يراد بي)
وكذلك الدراجة ؛ ولو أنّ شيعتنا استقاموا لأسمعتهم منطق الطير» .
١٦٣ / ٧ ـ وقد حدّث سليمان الجعفريّ ،
قال : كنت مع الرضا عليه السلام في حائط ، وأنا أحدّثه إذ جاءه عصفور ، فوقع بين يديه ، وأخذ يصيح ، ويكثر الصياح ، ويضطرب ، فقال لي : «أتدري ما يقول هذا العصفور ؟» فقلت : الله ورسوله وابن رسوله أعلم قال : «يقول : إنّ حية تريد أن تأكل فراخي في البيت ؛ فقم ، وخذ تلك السكين والنسعة
، وادخل البيت واقتل الحيّة .
قال : فقمت ، وأخذت النسعة
، ودخلت البيت ، فإذا حيّة تجول في البيت ، فقتلتها .
وقد أوردنا في هذا الكتاب حديث الورشان
مع الصادق عليه
___________________
السلام
، وحديث الشاة معه
؛ وحديث الطير وغيرها مع زين العابدين عليه السلام ؛
وغير ذلك ، فلا نطيل الكتاب بتعدادها .
وأمّا تسخير الجن والشياطين ، وهو كما
قال الله تعالى في كتابه العزيز في غير موضع : (
فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ )
.
وقال تعالى : (
وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ
لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ )
.
وقد سخر الله تعالى له الجنّ والشياطين
حتّى انقادوا له ، وأطاعوه ، وعملوا بإذنه ، وبأمره ، واستسلموا لحكمه مذعنين .
وقد تهيّأ لأئمتنا عليهم السلام ما
يشاكل ذلك ويحاكيه ، وهو
ما حدّث به :
١٦٤ / ٨ ـ عيسى بن مهران
، قال : كان رجل من أهل خراسان ممّا وراء النهر ، وكان موسراً ، محبّاً لأهل البيت عليهم السلام ، وكان يحجّ كلّ سنة ، وقد وظّف على نفسه لأبي عبد الله الصادق عليه السلام في كلّ سنة ألف دينار من ماله ، وكانت تحته ابنة عم له ، تساويه في
___________________
اليسار والديانة ،
فقالت في بعض السنين : يا ابن عم ، حجّ بي في هذه السنة . فأجابها إلى ذلك ، فتجهزوا
للحجّ ، وحملت لعيال أبي عبد الله عليه السلام وبناته من فواخر ثياب خراسان ، ومن الجواهر والبز أشياء كثيرة خطيرة ،
وصيّر زوجها ألف دينار التي أعدها في كيس لأبي عبد الله عليه السلام ، وصيّر الكيس في ربعة
فيها حلي وطيب .
فلمّا ورد المدينة صار إلى أبي عبد الله
عليه السلام ، فسلّم عليه ، وأعلمه أنّه حجّ بأهله ، وسأله الإِذن لها في المصير إلى منزله ، للتسليم على أهله وبناته ، فأذن لها أبو عبد الله عليه السلام ، فصارت إليهم ، وقرّبت ما حملت إليهن ، فأقامت يوماً عندهنّ وانصرفت .
فلمّا كان من الغد قال لها زوجها :
أخرجي تلك الربعة لنسلّم الألف إلى أبي عبد الله عليه السلام . فقالت : هي في موضع كذا . فأخرجها ، وفتح القفل ، فلم يجد الدنانير ، وكان فيها حليها
وثيابها ، فاستقرض ألف دينار من أهل بلده ورهن الحلي بها ، وصار إلى أبي عبد الله عليه السلام ، فقال له : «قد وصلت الألف إلينا» .
قال : وكيف ذلك ؟ وما علم غيري بمكانها
، وغير ابنة عمي !
قال : «مسّتنا ضيقة ، فوجّهنا من أتى
بها ، من شيعتي من الجنّ ، فإنّي كلّما أريد أمراً بعجلة أبعث أحداً منهم» .
فزاد ذلك في بصيرة الرجل وسرّ به
واسترجع الحلي ممّن رهنه ثمّ انصرف إلى منزله ، فوجد امرأته تجود بنفسها ، فسأل عن خبرها ،
___________________
فقالت جويرتها : أصابها
وجع في فؤادها في
هذه الحالة . فغمّضها وسجّاها ، وشدّ حنكها وتقدم في إصلاح ما تحتاج إليه من الكفن والكافور وحفر قبرها ، وصار إلى أبي عبد الله عليه السلام وأخبره ، وسأله أن يتفضّل بالصلاة عليها .
فصلّى أبو عبد الله عليه السلام ركعتين
ودعا ثمّ قال للرجل : «انصرف إلى رحلك ، فإنّ أهلك
لم تمت ، وستجدها في رحلك ، تأمر وتنهى ، وهي في حال سلامة» .
فرجع الرجل ، فأصابها كما وصف أبو عبد
الله عليه السلام ، وخرج يريد مكّة ، وخرج أبو عبد الله عليه السلام يريد الحجّ فبينما المرأة تطوف إذ رأت أبا عبد الله يطوف بالبيت ، والناس قد حفّوا به ، فقالت لزوجها : من هذا الذي حفّ به الناس ؟ قال : هو أبو عبد الله عليه السلام .
قالت : والله ، هذا الرجل الذي رأيته
يشفع إلى الله تعالى حتّى ردّ روحي في جسدي .
١٦٥ / ٩ ـ عن إبراهيم بن أبي البلاد ،
عن سدير البصريّ
الصيرفيّ ، قال : أوصاني أبو جعفر عليه السلام بحوائج له بالمدينة . قال : فبينا أنا في الروحاء
على راحلتي إذا إنسان يلوي ثوبي
،
___________________
فملت إليه ، فظننت
أنّه عطشان فناولته الإِداوة ، فقال : لا حاجة لي فيها .
قال : فناولني كتاباً وطينه رطب ، فلمّا
نظرت إلى الخاتم ، فإذا هو خاتم أبي جعفر عليه السلام .
قال : فقلت له : متىٰ عهدك بصاحب
الكتاب ؟ قال : الساعة .
قال : وفيها شيء يأمرني به ؛ ثم التفتَّ
فإذا ليس أحد غيري .
قال : فقدم أبو جعفر عليه السلام ،
فلقيته ، فقلت : جعلت فداك ، رجل أتاني بكتاب منك
وطينه رطب !! قال : «نعم ، إذا عجل بنا أمر أرسلنا بعضهم» .
١٦٦ / ١٠ ـ وزاد محمّد بن الحسين
ـ بهذا الإِسناد ـ وقال : «إنّ لنا خُدّاماً من الجنّ فإذا أردنا السرعة بعثناهم» .
١٦٧ / ١١ ـ أبو حمزة الثماليّ ، قال :
دخلت على أبي جعفر عليه السلام فقيل لي : إنّ عنده قوماً ؛ فما لبثت قليلاً حتّى خرجوا ، فخرج قوم أنكرتهم ، لم يعرفوا ، ثمّ أذن ، فدخلت عليه ، فقلت : هذا زمان بني أميّة وسيفهم يقطر دماً . فقال : «يا أبا حمزة ، إنّ هؤلاء وفد شيعتنا من الجنّ ، جاءوا يسألوني عن معالم دينهم» .
١٦٨ / ١٢ ـ عن أبي حنيفة سائق الحاج ،
قال : لقيت أبا جعفر
___________________
عليه السلام ، فقلت
له : أقيم حتّى تشخص ؟ قال : «لا ، امض حتّى يقدم علينا أبو الفضل سدير ، وأن يهيء لنا بعض ما نريد ، ثمّ نكتب إليكم» .
قال : فسرت يومين وليلتين ، فأتى رجل
طويل أدم بكتاب خاتمه رطب ، والكتاب رطب ، فقرأته : «إنّ أبا الفضل قد قدم علينا ، ونحن شاخصون إن شاء الله تعالى ، فأقم حتّى نأتيك» .
قال : فأتاني فقلت : أتاني الكتاب رطباً
والخاتم رطباً ! قال : «إنّ لنا أتباعاً من الجنّ ، فإذا أردنا أمراً بعثنا واحداً منهم» .
ومن أمثال ذلك أخبار كثيرة لا تحصى ،
وقد أوردنا في هذا الكتاب في باب أمير المؤمنين صلوات الله عليه من آياته حديث الشيخ وما اختطف من حمزة وما استردها أمير المؤمنين عليه السلام .
وأمّا تسخير السباع ، فقد أوردنا في هذا
الكتاب كثيراً من انقياد الأسد لهم بمرأى منهم ، وبرسالتهم إليه ، في هذا الكتاب من حديث جويرية بن مسهر
، ومن مسارّة الذئب للصادق عليه السلام ، ومن مسارّة الأسد لموسى بن جعفر عليهما السلام
، فلا نطول الكتاب بتعدادها .
وأمّا إسالة عين القطر ، وهو النحاس
الذائب ، إنّ الله قد أسال النحاس له حتّى استعملوه في تشييد البنيان ، ثمّ جمد .
وقد أعطى الله تعالى أئمتنا عليهم
السلام ما يزيد على ذلك ، من
___________________
قلب الحجر ذهباً ،
ومن إلقاء الأرض مقاليدها
لهم ، وهو : ما حدّث به :
١٦٩ / ١٣ ـ إبراهيم بن موسى القزاز ،
قال : كنت يوماً في مجلس الرضا عليه السلام بخراسان ، فألححت عليه في شيء طلبته منه ، فخرج يستقبل بعض الطالبين ، وجاء وقت الصلاة ، فمال إلى قصر هناك ، فنزل تحت شجرة بقرب القصر ، وأنا معه ، وليس معنا ثالث ، فقال : «أَذِّن» فقلت : ننتظر يلحق بنا أصحابنا . فقال : «غفر الله لك ، لا تؤخر الصلاة عن أوّل وقتها إلى آخر وقتها ، من غير علّة عليك ، إبدأ بأوّل الوقت» .
فأذّنت وصلينا ، فقلت : يا بن رسول الله
، قد طالت المدّة في العدة التي وعدتنيها ، وأنا محتاج ، وأنت كثير الشغل ، لا نظفر بمسألتك في كلّ وقت .
قال : فحكّ الأرض بسوطه حكّاً شديداً ،
ثمّ ضرب بيده إلى موضع الحكّة فأخرج سبيكة ذهب ، فقال : «خذها إليك ، بارك الله لك فيها ، فانتفع بها ، واكتم ما رأيت» .
قال : فبورك لي فيها ، حتّى اشتريت
بخراسان مِلكين ما كان قيمته سبعين ألف دينار ، فصرت أغنى الناس من أمثالي هناك .
١٧٠ / ١٤ ـ وحديث إسماعيل بن أبي الحسن
، قال : كنت مع الرضا عليه السلام ، وقد مال بيده إلى الأرض كأنّه يكشف شيئاً ،
___________________
فظهرت سبائك ذهب ،
ثمّ مسح بيده عليها ، فغابت ، فقلت في نفسي : لو أعطاني واحدة منها . قال : «ألا ، إنّ هذا الأمر لم يأت وقته» .
وقد أوردنا كثيراً من أمثال آيات
موالينا عليهم السلام ، وخروج الذهب من التور ، ومن الطست ، وغير ذلك ما لا يحصى كثرة .
١٠ ـ فصل :
في
ظهور آيات آصف بن برخيا وصيّ سليمان بن داود ممّا ذكره الله تعالى في القرآن
وفيه
: حديث واحد
وهو قوله تعالى : (
أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ
بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ )
حاضراً شكر الله تعالى .
وقد أعطى الله تعالى أئمتنا عليهم
السلام أمثال ذلك كثيراً ، وقد ذكرنا في آيات أبي جعفر الثاني عليه السلام ذهابه من المدينة إلى طوس لغسل أبيه
.
وخروجه بمن كان يعبد الله بالشام في
الموضع الذي نصب فيه رأس الحسين عليه السلام من الشام إلى المدينة ، ومن المدينة إلى مكّة ، ومن مكّة إلى الشام في ساعة
.
___________________
ومُضي الصادق عليه السلام من المدينة
إلى مكّة وأدائه المناسك في ساعة من الليل .
وخروج أمير المؤمنين عليه السلام من
المدينة إلى المدائن لغسل سلمان رضي الله عنه ورجوعه إليها من ساعته وسنذكر في ذلك حديثاً غريباً ، وهو ما حدّث به :
١٧١ / ١ ـ محمّد بن الفضل الهاشميّ ،
قال : لمّا توفي موسى بن جعفر عليهما السلام أتيتُ المدينة فدخلتُ على الرضا عليه السلام ، فسلّمت عليه بالأمر ، وأوصلت إليه ما كان معي ، وقلت : إنِّي صائر إلى البصرة ، وعرفت كثرة اختلاف الناس ، وقد نعي إليهم موسى بن جعفر عليه السلام ولا شك
، أنّهم سيسألوني عن براهين الإِمام ، فلو أريتني شيئاً من ذلك .
فقال الرضا عليه السلام : «لم يخف عليَّ
شيء من هذا ، فأبلغ أولياءنا بالبصرة وغيرها أنّي قادم عليهم ، ولا قوة إلّا بالله» .
ثمّ أخرج إليّ جميع ما كان للنبيّ (ص)
عند الأئمة عليهم السلام ، من بردته وقضيبه وسلاحه وغير ذلك ، فقلت : ومتى تقدم عليهم ؟ قال : «بعد ثلاثة أيام من وصولك إليهم ودخولك البصرة» .
فلمّا قدمتها سألوني عن الحال فقلت لهم
: إنّي أتيت موسى بن جعفر عليه السلام قبل وفاته بيوم واحد ، فقال : «إنّي ميت لا محالة ، فإذا واريتني في لحدي فلا تقيمنّ ، وتوجّه إلى المدينة بودائعي هذه وأوصلها إلى ابني عليّ بن موسى فهو وصيّي ، وصاحب الأمر من
___________________
بعدي» ، ففعلت ما
أمرني به ، وأوصلت الودائع إليه ، وهو يأتيكم بعد ثلاثة أيام من يومي هذا ، فاسألوه عمّا شئتم .
فانتدب للكلام عمرو بن هذّاب عن
القوم ، وكان ناصبياً ينحو نحو الزيدية والاعتزال ، فقال : يا محمّد إن الحسن بن محمّد رجل من أفاضل أهل البيت في ورعه وزهده وعلمه وسمته
وليس هو كشاب مثل عليّ بن موسى الرضا عليه السلام ، ولعله لو سئل
عن معضلات الأحكام أجاب عن
ذلك .
فقال الحسن بن محمّد ـ وكان حاضراً في
المجلس ـ : لا تقل يا عمرو ذلك ، فإنّ عليّاً عليه السلام على ما وصفه من الفضل ، وهذا محمّد بن الفضل يقول إنّه يقدم إلى ثلاثة أيام ، فكفاك به دليلاً ، وتفرقوا .
فلمّا كان في اليوم الثالث من دخولي إلى
البصرة وإذا الرضا عليه السلام قد وافى ، فقصد منزل الحسن بن محمّد وأخلى له داره ، وقام بين يديه ، يتصرف بين أمره ونهيه ، فقال : يا حسن ، أحضر جميع القوم الذين حضروا عند محمّد بن الفضل ، وغيرهم من شيعتنا ، وأحضر جاثليق النصارى ورأس الجالوت ، فمر القوم أن يسألوا عمّا بدا لهم .
فجمعهم كلّهم والزيدية والمعتزلة ، وهم
لا يعلمون لما يدعوهم الحسن بن محمّد ، فلمّا تكاملوا ثُني للرضا عليه السلام وسادة فجلس عليها ، ثمّ قال : «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، هل تدرون لم بدأتكم بالسلام» ؟ فقالوا : لا . فقال : «لتطمئن أنفسكم »
قالوا : من
___________________
أنت رحمك الله ؟ .
قال : «أنا عليّ بن موسى بن جعفر بن
محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام وابن رسول الله ، صلّيت اليوم الفجر في مسجد رسول الله (ص) مع والي المدينة ، وأقرأني ـ بعد أن صلّينا ـ كتاب صاحبه إليه ، واستشارني في كثير من أموره ، فأشرت عليه بما فيه الحظُّ له ، ووعدته أن يصير إليّ بالعشيِّ بعد هذا العصر من هذا اليوم ، ليكتب عندي جواب كتاب صاحبه ، وأنا وافٍ له بما وعدته ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم» . فقالت الجماعة : يا ابن رسول الله ما نريد مع هذا الدليل برهاناً أكبر منه ، وأنت عندنا الصادق القول . فقاموا لينصرفوا فقال لهم : «لا تنصرفوا ، فإنّي إنّما جمعتكم لتسألوا عمّا شئتم من آثار النبوة وعلامات الإِمامة التي لا تجدونها إلّا عندنا أهل البيت ؛ فهلموا مسائلكم» .
فابتدأ عمرو بن هذّاب فقال : إنّ محمّد
بن الفضل الهاشميّ ذكر عنك أشياء لا تقبلها القلوب . فقال الرضا عليه السلام : «وما تلك ؟» قال : أخبرنا عنك أنّك تعلم كلّ ما أنزله الله تعالى ، وأنّك تعرف كلّ لسان ولغة .
فقال الرضا عليه السلام : «صدق محمّد بن
الفضل ، فأنا أخبرته بذلك ، فهلموا فاسألوا» .
قال : فإنّا نختبرك قبل كلّ شيء بالألسن
واللغات ، وهذا روميّ ، وهذا هنديّ ، وهذا فارسيّ ، وهذا تركيّ ، فأحضرناهم .
قال : «فليتكلموا بما أحبّوا ، وأجيب
كلّ واحد منهم بلسانه ولغته ، إن شاء الله» .
فسأل كلّ واحد منهم مسألة بلسانه ولغته فأجابهم
بألسنتهم ولغاتهم ، فتحيّر الناس وتعجبوا ، فأقرّوا جميعاً بأنّه أفصح منهم بلغاتهم .
ثمّ نظر الرضا عليه السلام إلى عمرو بن
هذّاب وقال : «إنْ أنا أخبرتك بأنك ستبلى في هذه الأيّام بدم ذي رحم لك ، كنت مصدقاً لي ؟» قال : لا ، فإنّ الغيب لا يعلمه إلّا الله .
قال عليه السلام : «أو ليس الله يقول : (
عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا *
إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ )
فرسول الله (ص) عنده مرتضى ، ونحن ذريّة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما شاء من غيبه ، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ؛ وإنّ الذي أخبرتك به يا ابن هذاب لكائن إلى خمسة أيّام ، فإن لم يصحّ ما قلت لك في هذه المدَّة فإنّي كذَّاب ، وإنْ صحَّ فتعلم أنّك الرادُّ على الله وعلى رسوله ؛
ولك دلالة أخرىٰ أما إنّك ستصاب
ببصرك ، وتصير مكفوفاً ، فلا تبصر سهلاً ولا جبلاً ، وهذا كائن بعد أيّام ؛
ولك دلالة أخرى : أنّك ستحلف يميناً
كاذبة ، فتضرب بالبرص» .
قال محمّد بن الفضل : تالله لقد نزل ذلك
كلّه بابن هذّاب ، فقيل له : صدق الرضا عليه السلام ، أم كذب ؟ قال : والله ، لقد علمت في الوقت الذي أخبرني به أنّه كائن ، ولكنني كنت أتجلد .
ثمّ إنّ الرضا عليه السلام التفت إلى
الجاثليق فقال : «هل دلَّ الإِنجيل على نبوة محمّد (ص) ؟» قال : لو دلّ الإِنجيل على ذلك لما جحدناه .
فقال عليه السلام : « أخبرني بالسكتة
التي لكم في السفر الثالث فقال الجاثليق : اسم من أسماء الله تعالى ، لا يجوز لنا أن نظهره . »
___________________
قال الرضا عليه السلام : «فإن قررتك
أنّه اسم محمّد (ص) ، وذكره ، وأقرّ
عيسى به ، وأنّه بشَّر بني إسرائيل بمحمّد ، أتقر به ولا تنكره ؟» قال الجاثليق : إن فعلت أقرّرت به ، فإنّي لا أردُّ الإِنجيل ولا أجحده .
قال الرضا عليه السلام : «فخذ عليَّ
السفر الثالث الَّذي فيه ذكر محمّد وبشارة عيسى بمحمّد» . قال الجاثليق : هات .
فأقبل الرضا يتلو ذلك السفر من الإِنجيل
، حتّى بلغ ذكر محمّد ، فقال : «يا جاثليق ، مَن هذا النبيّ الموصوف ؟» قال الجاثليق : صفه .
قال : «لا أصفه إلّا بما وصفه الله
تعالى ، هو صاحب الناقة والعصا والكساء ، النبيّ الأميّ الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإِنجيل ، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ، ويحل لهم الطيّبات ، ويحرّم عليهم الخبائث ، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ، يهدى إلى الطريق الأفضل
، والمنهاج الأعدل ، والصراط الأقوم .
سألتك بالله يا جاثليق ، بحقّ عيسى روح
الله وكلمته ، هل تجد هذه الصفة في الانجيل لهذا النبيّ ؟» فأطرق الجاثليق ملياً وعلم أنّه إن جحد الإِنجيل كفر ، فقال : نعم ، هذه الصفة في الإِنجيل ، وقد ذكر عيسى هذا النبيّ ، ولم يصح عند النصارى أنّه صاحبكم .
فقال الرضا عليه السلام : «أمّا إذا لم
تكفر بجحود الإِنجيل ، وأقررت بما فيه من صفة محمّد ، فخذ عليَّ السفر الثاني فإنِّي أوجدك ذكره ، وذكر وصيّه ، وذكر ابنته وذكر
الحسن والحسين» .
___________________
فلمّا سمع الجاثليق
ورأس الجالوت ذلك علما أنّ الرضا عليه السلام عالم بالتوراة والإِنجيل والزبور ، فقالا : والله ، لقد أتى بما لا يمكننا ردَّه ، ولا دفعه ، إلّا بجحود التوراة والإِنجيل والزبور ، وقد بشّر به موسى وعيسى جميعاً ، ولكن لم يتقرر عندنا صحة أنّه محمّد هذا ، وأمّا اسمه محمّد فلا يجوز لنا أن نقرّ لكم بنبوته ، ونحن شاكّون أنه محمّدكم أو غيره .
فقال الرضا عليه السلام : «احتججتم
بالشك ، فهل بعث الله قبل أو بعد من ولد آدم إلى يومنا هذا نبيّاً اسمه محمّد ؟ أو تجدونه في شيء من الكتب التي أنزلها الله تعالى على جميع الأنبياء غير محمّد ؟» فأحجموا عن جوابه ، وقالوا : لا يجوز لنا أن نقرّ لكم بأنّ محمّداً أنّه محمّدكم ، لأنا إن أقررنا لكم بمحمّد ووصيّه وابنته وابنيه على ما ذكرتم أدخلتمونا في الإِسلام كرهاً .
فقال الرضا عليه السلام : «أنت يا
جاثليق آمن في ذمّة الله ، وذمّة رسوله أنّه لا ينالك منّا شيء تكره ممّا تخافه وتحذره» .
قال : فأمّا إذا آمنتني ، فإنّ هذا النبيّ
الذي اسمه (محمّد) وهذا الوصي الذي اسمه (عليّ) وهذه البنت التي اسمها (فاطمة) وهذان السبطان اللذان اسمهما (الحسن والحسين) في التوراة والانجيل والزبور .
قال الرضا «فهذا الذي ذكرته في التوراة
والانجيل والزبور من اسم هذا النبيّ (ص) ، وهذا الوصيّ ، وهذه البنت ، وهذين السبطين ، صدق وعدل ، أم كذب وزور ؟» .
قال : صدق وعدل ، وما قال الله إلّا
الحقّ .
فلمّا أخذ الرضا إقرار الجاثليق بذلك ،
قال لرأس الجالوت :
___________________
«فاسمع الآن يا رأس الجالوت
السفر الأوّل من زبور داود» . قال : هات ، بارك الله عليك وعلى مَن ولدك . فقرأ الرضا عليه السلام السفر الأوّل ، من الزبور ، حتّى انتهى إلى ذكر محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، فقال : «سألتك يا رأس الجالوت بحقّ الله ، هذا في زبور داود ؟ ولك مني الأمان والذمّة والعهد ما قد أعطيت الجاثليق» .
فقال رأس الجالوت : نعم ، هذا بعينه
ألفيته في الزبور بأسمائهم .
قال الرضا عليه السلام : «فبحق العشر
الآيات التي أنزلها الله تعالى على موسى بن عمران في التوراة ، هل تجد صفة محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين في التوراة منسوبين إلى العدل والفضل ؟» قال : نعم ، ومن جحدها كان كافراً بربّه وأنبيائه .
فقال الرضا عليه السلام : «فخذ الآن
عليَّ سفر كذا من التوراة» فبهت رأس الجالوت متعجباً
من تلاوته وبيانه وفصاحة لسانه حتّى إذا بلغ ذكر محمّد (ص) قال رأس الجالوت : نعم ، هذا أحمد وايليا وفطيم وشبر وشبير
؛ وتفسيره بالعربيّة محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام . فتلا الرضا السفر إلى تمامه ، فقال رأس الجالوت ـ لمّا فرغ من تلاوته ـ : والله يا ابن محمّد ، لولا الرئاسة التي حصلت لي على جميع اليهود ، لآمنت بأحمد ، واتّبعت أمرك ، فوالله الذي أنزل التوراة على موسى ، والزبور على داود ، ما رأيت أقرأ للتوراة والانجيل والزبور منك ، ولا رأيت أحسن
بياناً وتفسيراً وفصاحة لهذه الكتاب منك .
___________________
فلم يزل الرضا عليه السلام معهم في ذلك
اليوم إلى وقت الزوال ، فقال لهم ـ حين حضر وقت الزوال ـ : «أنا أصلّي وأصير إلى المدينة للوعد الذي وعدت به والي المدينة ليكتب جواب كتابه ، وأعود إليكم بكرة إن شاء الله تعالى» .
قال : فأذّن عبد الله بن سليمان ، وأقام
، وتقدّم الرضا عليه السلام فصلَّى بالناس وخفّف القراءة وركع تمام السنّة ، وانصرف .
فلمّا كان من الغد عاد إلى مجلسه ذلك ،
فأتوه بجارية رومية فكلّمها بالرومية ، والجاثليق يسمع ، وكان فهماً بالرومية ، فقال الرضا عليه السلام بالرومية : «يا أمة الله أيّما أحبّ إليك : محمّد أو عيسى ؟» . فقالت : كان فيما مضى عيسى أحبّ إليّ ، حين لم أكن أعرف محمّداً ، فأمّا إن عرفت محمّداً فمحمدٌ الآن أحبُّ إليَّ من عيسى ، ومن كلِّ نبيّ .
فقال لها الجاثليق : فإذا كنت دخلت في
دين محمّد ، فتبغضين عيسى ؟ قالت : معاذ الله بل أحبَّ عيسى وأؤمن به ، ولكنّ محمداً أحبُّ إليَّ .
فقال الرضا عليه السلام للجاثليق : «فسِّر
للجماعة ما تكلمت به الجارية ، وما قلت أنت لها ، وما أجابتك به» .
ففسّر لهم الجاثليق ذلك كله ، ثم قال
الجاثليق : يا ابن محمد ها هنا رجل سندي ، وهو نصراني صاحب احتجاج وكلام بالسنديّة ، فقال له : «أحضرنيه» . فأحضره ، فتكلم معه بالسنديّة ثم أقبل يحاجّه وينقله من شيء إلى شيء بالسنديّة في النصرانية ، فسمعتُ السنديّ يقول بالسنديّة ، ثبطى ثبطى ثبطلة
فقال الرضا عليه السلام : «قد وحّد الله تعالى بالسنديّة» .
___________________
ثمّ كلمه في عيسى بن مريم فلم يزل يدرجه
من حال إلى حال ، إلى أن قال بالسنديّة : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله . ثمّ رفع منطقة كانت عليه ، فظهر من تحتها زنار في وسطه ، فقال : إقطعه أنت بيدك ، يا ابن رسول الله .
فدعا الرضا عليه السلام بسكّين ، فقطعه
، ثمّ قال لمحمّد بن الفضل الهاشميّ : «خذ
السنديّ إلى الحمّام وطهّره ، واكسه وعياله ، واحملهم جميعاً إلى المدينة .
فلمّا فرغ من مخاطبة
القوم ، قال : الآن صحّ عندكم ما كان محمّد بن الفضل يلقي عليكم عنّي» . فقالوا : نعم ، والله قد بان لنا منك فوق ذلك أضعافاً مضاعفة ، ولقد ذكر لنا محمّد بن الفضل أنّك تحمل إلى خراسان . فقال : «صدق محمّد ، إلّا أنّي أحمل مكرّماً معظّماً مبجّلا» .
قال محمّد بن الفضل : فشهد له الجماعة
بالإِمامة ، وبات عندنا تلك الليلة ، فلمّا أصبح ودَّع الجماعة ، وأوصاني بما أراد ، ومضى ، فتبعته أشيعه حتّى إذا صرنا في وسط البرية ، عدل عن الطريق ، فصلّى أربع ركعات ، ثمّ قال : «يا محمّد ، انصرف في حفظ الله ، فغمض طرفك» فغمضته ثمّ قال : «افتح عينك» ففتحها ، فإذا أنا بباب منزلي بالبصرة ، ولم أر الرضا عليه السلام قال : وحملت السنديّ وعياله إلى المدينة في وقت الموسم .
وفي ذلك عدَّة آيات لا تتعلق بما قصدناه
، إلّا أنّي أوردت الجميع صيانة للخبر .
___________________
١١ ـ فصل :
بيان
آيات روح الله عيسى بن مريم ممّا ذكره الله
تعالى في القرآن
وفيه
: أربعة وعشرون حديثاً
قال الله تعالى : (
إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ
تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ
وَالْإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا
بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي )
.
وقال الله تعالى : (
رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ
الرَّازِقِينَ )
.
وقال تعالى : (
وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللَّـهُ إِلَيْهِ )
.
وقال عزّ وجلّ : ( وَمَا قَتَلُوهُ
وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ
)
.
وقال الله تعالى في حقّ أمّه وهو في
بطنها : ( وَهُزِّي إِلَيْكِ
___________________
بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ
عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا )
.
وقال الله تعالى : (
كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ
عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
.
فأمّا مريم عليها السلام فكفلها زكريا ،
وضمّها إليه ، وجلست هي في محرابها تعبد الله عزّ وجل ، يأتيها رزقها بكرة وعشياً .
وإنّ الله جلّ ثناؤه قد أعطى فاطمة
الزهراء عليها السلام مثل ذلك ، وجاءت به فاطمة إلى رسول الله (ص) فقال : «يا فاطمة ، أنّى لك هذا ؟» قالت : ( هُوَ مِنْ عِندِ
اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
.
فرفع النبيّ (ص) يديه وقال : «الحمد لله
الذي جعل في أهل بيتي نظير زكريا ومريم إذ قال لها (
يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )» .
١٧٢ / ١ ـ وروى عليّ بن معمّر ، عن
الصادق عليه السلام ، قال : قالت أم أيمن : خرجت إلى مكّة فأصابني عطش شديد في الجحفة ، حتّى خفت على نفسي ، ثمّ رفعت رأسي إلى السماء وقلت : يا ربّ ، أتعطشني وأنا خادمة ابنة نبيّك ، فنزل إليَّ دلو من السماء» .
وفي رواية أخرى : «دلو من ماء الجنّة ،
فشربت ، وحقّ سيّدتي ما جعت ولا عطشت سبع سنين» .
وفي رواية أخرى : عطشت فيما بين مكّة
والمدينة عطشاً شديداً ، فأنزل الله تعالى عليها دلواً من السماء ، فشربت منها ، فما عطشت
___________________
بعدها أبداً ، وإن
كان أهل المدينة لتستعين بها عليها في اليوم الشديد الحر وما يصيبها عطش .
١٧٣ / ٢ ـ وروى سعيد بن جبير ، قال :
قال يزيد بن قعنب : كنت جالساً مع العبّاس بن عبد المطّلب وفريق من بني عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد عليها السلام ـ أمّ أمير المؤمنين عليه السلام ـ وكانت حاملة لتسعة أشهر ، وقد أخذها الطلق ، فقالت : ربّ إنّي مؤمنة بك ، وبما جاء من عندك من رسل وكتب ، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل عليه السلام ، وأنّه بنى البيت العتيق ، فبحق الذي بنى هذا البيت العتيق ، وبحق المولود الذي في بطني لما يسّرت عليَّ ولادتي .
قال يزيد بن قعنب : فرأينا البيت
قد انفتح
عن ظهره ، ودخلت فاطمة فيه ، وغابت عن أبصارنا ، والتصق الحائط ، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أن ذلك أمر من الله تعالى ، ثمّ خرجت بعد الرابع ، وبيدها عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ، ثمّ قالت : إنّي فضلت على من تقدّمني من النساء ، لأنّ آسية بنت مزاحم امرأة فرعون عبدت الله سراً في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلّا اضطراراً ، وإنّ مريم بنت عمران هزّت النخلة اليابسة بيدها حتّى أكلت منها رطباً جنياً ، وإنّي دخلت بيت الله الحرام ، وأكلت من ثمار الجنّة وأرزاقها ، فلمّا أردت أن أخرج هتف بي هاتف : يا فاطمة ، سمّيه عليّاً وهو عليّ ، والله تعالى العلي الأعلى ، يقول : إنّي شققت اسمه من
___________________
اسمي ، وأدّبته بأدبي
، ووقفته على غوامض علمي ، وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي ، ويقدّسني ، ويمجّدني ، فطوبى لمن أحبّه وأطاعه ، وويل لمن أبغضه وعصاه .
وأمّا قوله تعالى : (
فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ
تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا )
. فإنّ مريم عليها
السلام لمّا ولدت عيسى عليه السلام ناداها من تحتها : إنّ الله قد جعل تحتك نهراً تشربين منه ، فإذا جعت فهزي بجذع النخلة ، تساقط عليك رطباً جنياً فكلي منه .
وإنّ الله عزّ وجلّ قد جعل لأئمتنا
صلوات الله عليهم أمثال ذلك ، وقد ذكرنا كثيراً من ظهور العين لهم في مواضع ،
١٧٤ / ٣ ـ وقد روت الخاصَّة والعامَّة
أنّ عليّ بن موسى الرضا صلوات الله عليه لمّا خرج من نيسابور متوجهاً إلى مرو ، وبلغ قريباً من القرية الحمراء ، فدخل وقت الصلاة ، وطلب الماء ليتوضأ ، فلم يجد ، نزل وحكّ الأرض بسوطه ، فنبع له عين ماء فتوضأ هو ومن كان معه منها ، والعين باقية إلى اليوم يقال لها : (عين الرضا) .
وأمّا خروج الرطب من الشجر اليابس فقد
ذكرنا أمثال ذلك كثيراً في هذا الكتاب
، لأئمتنا صلوات الله عليهم .
١٧٥ / ٤ ـ فقد روى عليّ بن أبي حمزة قال
: حججت مع
___________________
الصادق عليه السلام ،
فجلسنا في بعض الطريق تحت نخلة يابسة ، فحرّك شفتيه بدعاء لم أفهمه ، ثمّ قال : «يا نخلة ، أطعمينا ممّا جعل الله تعالى فيك من رزق عباده »
.
قال : فنظرت إلى النخلة وقد تمايلت نحو
الصادق عليه السلام بأوراقها ، وعليها الرطب ، قال : «أدن فقل : بسم الله ، وكل» فأكلنا منها رطباً أطيب رطب وأعذبه ، فإذا نحن بأعرابي يقول : ما رأيت كاليوم سحراً أعظم من هذا ! فقال الصادق عليه السلام : «نحن ورثة الأنبياء ، ليس فينا ساحر ولا كاهن ، بل ندعو الله فيستجيب دعاءنا ، وإن أحببت أن أدعوا الله فتمسخ
كلباً تهتدي إلى منزلك ، وتدخل عليهم فتبصبص لأهلك» .
قال الأعرابي بجهله : بلى . فدعا الله
تعالى ، فصار كلباً في وقته ، ومضى على وجهه ، فقال لي الصادق صلوات الله عليه : «إتبعه» فاتبعته حتّى صار في حيّه
، فدخل منزله ، فجعل يبصبص لأهله وولده ، فأخذوا له عصا فأخرجوه ، فانصرفت إلى الصادق عليه السلام فأخبرته بما كان ، فبينما نحن في حديثه إذ أقبل حتّى وقف بين يدي الصادق عليه السلام ، وجعلت دموعه تسيل ، وأقبل يتمرّغ في التراب ، ويعوي ، فرحمه ، ودعا الله تعالى فعاد أعرابياً .
فقال له الصادق عليه السلام : «هل آمنت
يا أعرابي ؟» قال : نعم ألفاً وألفاً .
وأمّا كلام عيسى صلوات الله عليه في
المهد ، فهو ما قال الله تعالى : ( فَأَشَارَتْ
إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّـهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي
مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ
___________________
وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ
مَا دُمْتُ حَيًّا )
.
وقد تكلّم أئمتنا صلوات الله عليهم في
بطن الأمّ ، وفي المهد ، وقد تكلم أبو عبد الله الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما في بطن الأمّ ، وتكلمت من قبل فاطمة في بطن أمّها .
١٧٦ / ٥ ـ روى يعقوب السرّاج ، قال :
دخلت على الصادق جعفر بن محمّد صلوات الله عليهما ، فسلّمت عليه ، فقال : «سلّم على مولاك» وأشار إلى مهد في ضفة أخرى ، فيه موسى بن جعفر صلوات الله عليهما ، فمشيت إليه ، وقلت : السلام عليك يا مولاي . قال : «وعليك السلام ، يا يعقوب إنّه قد ولد لك البارحة بنت فسمّيتها باسم يبغضه الله تعالى فغيره» .
١٧٧ / ٦ ـ وروى محمّد بن ميمون ـ وقد
أوردته
في هذا الكتاب ـ قال : كنت مع الرضا عليه السلام بمكّة قبل خروجه إلى خراسان ، فقلت له : إنّي أريد أن أقدم إلى المدينة ، فأكتب لي كتاباً إلى أبي جعفر صلوات الله عليه ، فتبسّم ، فكتب ، وصرت إلى المدينة ، وقد كان ذهب بصري ، فأخرج الخادم أبا جعفر إلينا ، فحمله في المهد ، وناوله الكتاب ، فقال لموفق الخادم : «فضه وانشره» ففضّه
___________________
ونشره بين يديه ،
ونظر فيه ، ثمّ قال : «يا محمّد ، ما أصاب
بصرك ؟» فقلت : يا ابن رسول الله ، اعتلت عيناي ، فذهب بصري كما ترى .
قال : فمدّ يده فمسح بها على عيني ،
فعاد إليَّ بصري كأصح ما كان ، فقبّلت يده ورجله ، وانصرفت من عنده وأنا بصير .
١٧٨ / ٧ ـ وروى محمّد بن علي الطهويّ
، عن حكيمة بنت محمّد عليه السلام ـ في حديث طويل ـ قالت : دخلت على أبي محمّد صلوات الله عليه ، فلمّا أردت الانصراف ، قال : «بيتي الليلة عندنا ، فإنّه سيولد الليلة المولود الكريم على الله عزّ وجلّ ، الذي يحيي الله عزّ وجل به الأرض بعد موتها» قلت : ممّن يا سيّدي ، ولست أرى بنرجس شيئاً من الحبل
؟! قال : «من نرجس ، لا من غيرها»
قالت : فقمت
إليها ، فقلّبتها ظهراً وبطناً ، فلم أر بها أثر حبل ، فعدت إليه ، فأخبرته بما فعلته ، فتبسم ، ثمّ قال : «إذا كان وقت الفجر يظهر بها الحبل ، لأنّ مثلها مثل أمّ موسى لم يظهر بها الحبل ، ولم يعلم به أحد إلى وقت ولادتها ، لأنّ فرعون كان يشق (بطون الحبالى)
في طلب موسى ، وهذا نظير موسى صلوات الله عليهما» .
___________________
قالت حكيمة : فعدت إليها وأخبرتها .
قالت : وسألتها عن حالها ، فقالت : يا مولاتي ، ما أرى بي شيئاً من هذا .
قالت حكيمة : فلم أزل أرقبها إلى وقت
طلوع الفجر ، وهي نائمة بين يدي تتقلب جنباً إلى جنب ، حتّىٰ إذا كان آخر الليل ، وقت طلوع الفجر ، وثبت فزعة ، فضممتها إلى صدري ، وسمّيت عليها ، فقلت لها : ما حالك ؟ قالت : ظهر بي الأمر الذي أخبرك مولاي .
فصاح أبو محمّد عليه السلام : إقرأي
عليها ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ )
فأقبلت أقرأ عليها ،
كما أمرني ، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ بمثل ما أقرأ ، وسلّم عليَّ .
قالت حكيمة : ففزعت لمّا سمعت ، فصاح بي
أبو محمّد صلوات الله عليه : «لا تعجبي من أمر الله ، إنّ الله ينطقنا بالحكمة صغاراً ، ويجعلنا حججاً في أرضه كباراً» فلم يستتم الكلام حتّى غيبت عنّي نرجس ، فلم أرها ، كأنّما ضرب بيني وبينها حجاب ، فعدوت نحو أبي محمّد صلوات الله عليه وأنا صارخة ، فقال لي : «ارجعي يا عمّة ، فإنّك ستجدينها في مكانها» .
قالت : فرجعت ، فلم ألبث حتّى انكشف
الغطاء الذي بيني وبينها ، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري ، وإذا بالصبي ساجد بوجهه ، جاث على ركبتيه ، رافع سبابتيه نحو السماء ، وهو يقول : «أشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ جدّي رسول الله ـ (ص) ـ وأنّ أبي أمير المؤمنين» ثمّ عدَّ إماماً إماماً إلى أن بلغ إلى نفسه ، ثمّ صلّى عليهم ، ثمّ قال صلوات الله عليه : «اللهمّ انجز لي ما وعدتني ، وتمم لي أمري ، وثبّت وطأتي ، واملأ الأرض بي عدلاً وقسطاً» فصاح بي أبو محمّد ، وقال : «يا عمّة تناوليه ، وهاتيه»
___________________
فتناولته وأتيت به
نحوه ، فلمّا مثلته بين يدي أبيه ، وهو على يدي ، سلّم على أبيه ، فتناوله منّي والطير يرفرف على رأسه .
وفي الحديث طول .
١٧٩ / ٨ ـ وفي رواية موسى بن محمّد بن
القاسم بن حمزة بن جعفر عليهما السلام زيادة وهي : لمّا ناولته وضع يده تحت إليته وظهره ، ووضع قدميه على صدره ، ثمّ أدلى لسانه في فيه ، وأمرَّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله ، ثمّ قال : «تكلم يا بني» فتكلم بما ذكرنا .
قالت حكيمة : فلمّا كان اليوم السابع
جئت وسلّمت وجلست ، فقال : «هاتي ابني» فأتيت به إليه ، وهو في الخرقة ، ففعل به كفعلته الأولى ، ثمّ أدلى لسانه في فيه ، كأنّما يغذّيه لبناً وعسلاً ، ثمّ قال : «تكلم يا بني» فتكلم على ما ذكرناه ، ثمّ تلا : «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمٰنِ الرَّحِيمِ ( وَنُرِيدُ أَن
نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ *
وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ )» .
١٨٠ / ٩ ـ عن إبراهيم بن محمّد بن عبد
الله ، قال : حدّثتني نسيم جارية أبي محمّد صلوات الله عليه ، قالت : دخلت عليه بعد مولده بليلة ، فعطست ، فقال لي : «يرحمك الله» ففرحت ، فقال لي صلوات الله عليه : «ألا أبشرك بالعطاس ؟» فقلت : بلى . قال : «أمان من الموت ثلاثة أيّام» .
وأمثال ذلك كثرة لا تحصى .
وأمّا ما علّمه الله تعالى من الكتاب
والحكمة والتوراة والإنجيل
___________________
في الصبا كما ذكره
الله تعالى في كتابه العزيز ، فقد ذكرنا أمثال ذلك في هذا الكتاب ، فلا حاجة لنا إلى إطالة الكتاب بتكرارها .
وأمّا ما كان يخلق من الطين كهيئة الطير
، فينفخ فيها ، فيكون طيراً بإذن الله ، فقد ذكرنا في هذا الكتاب ما يشاكله من قلب الصورة أسداً لموسى ، وابنه الرضا عليهم السلام
.
وأمّا ما كان يبرئ من الأكمه والأبرص ،
فقد ذكرنا أمثال ذلك ، وسنذكر أشياء أخر ، منها : ما حدّث به :
١٨١ / ١٠ ـ عمر بن أذينة ، عن أبيه ، عن
أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «دخل الأشتر على عليّ صلوات الله عليه [ فسلّم ] فأجابه ، ثمّ قال : ما أدخلك عليَّ في هذه الساعة ؟ قال : حبك يا أمير المؤمنين .
قال : فهل رأيت ببابي أحداً ؟ قال : نعم
، أربعة نفر .
فخرج والأشتر معه ، فإذا بالباب أكمه
، ومكفوف ، وأبرص ، ومقعد ، فقال : ما تصنعون ها هنا ؟ قالوا : جئناك لما بنا . فرجع ففتح حُقاً له ، فأخرج رقاً أبيض ، فيه كتاب أبيض ، فقرأ عليهم ، فقاموا كلّهم من غير علةٍ» .
١٨٢ / ١١ ـ وروى عبد الواحد بن زيد ،
قال : حججت ، فرأيت عند الكعبة جاريتين تقول إحداهما للأخرى : لا وحق المنتجب
___________________
للوصيّة ، الحاكم
بالسويّة ، العادل في القضيّة ، بعل فاطمة المرضيّة ، ما فعلت كذا وكذا .
فقلت لها : أيّتها الجارية ، ومن الذي
تصفينه بهذه الصفة ؟
قالت : ذلك والله علم الأعلام ، وباب
الأحكام ، رباني الأمّة ، ورئيس الأئمة : عليّ بن أبي طالب عليه السلام .
فقلت لها : وأنت تعرفينه ؟! قالت : وكيف
لا أعرفه ؟! وقد قُتِل أبي وعمّي وابن عمي ـ وذكرت جماعة من عشيرتها ـ بين يديه ، ولقد دخل ذات يوم على والدتي ، فسلّم ، وقال : «يا أمّ الأيتام ، كيف أنت ؟» فقالت أمّي : يا أمير المؤمنين ، كيف حال من فقدت قيمها ، وهي ممتحنة بأولادها . وأخرجتني وبي جدري ، وقد ذهبت عيناي ، فلمّا نظر إليَّ توجع ، ومسح بيده على عيني ، فردهما الله عليَّ في الحال ، وإنّي لأنظر ببركته في الليلة الظلماء إلى الجمل الشارد .
قال عبد الواحد : فعمدت إلى نفقتي ،
وحللت ديناراً ، فأعطيتها ، فرمت به إليَّ ، وقالت : أتحقّر محبّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام ؟! ثمّ تولت وأنشأت تقول هذه الأبيات :
ما بث حبّ عليّ في جنان فتى
|
|
إلّا وقد شهدت بالنعمة النعم
|
ولا له قدم زلّ الزمان بها
|
|
إلّا وقد ثبتت من بعدها قدم
|
ما سرّني أن أكن من غير شيعته
|
|
لو أنّ لي ما حوته العرب والعجم
|
ثمّ قالت : نحن والله اليوم في عيال
أكرم خلف عن أفضل سلف نحن في عيال أبي محمّد الحسن صلوات الله عليه .
وأعجب من جميع ما ذكرناه ما شاهدناه في
زماننا ، وهو أنّ أنو
___________________
شروان المجوسيّ
الأصفهانيّ ، كان بمنزلة عند خوارزمشاه
، فأرسله رسولاً إلى حضرة السلطان سنجر بن ملكشاه
، وكان به برص فاحش ، وكان يهاب أن يدخل على السلطان لما قد عرف
من نفور الطبائع
منه ؛ فلمّا وصل إلى حضرة الرضا صلوات الله عليه بطوس ، قال له بعض الناس : لو دخلت قبته ، وزرته ، وتضرعت حول قبره ، وتشفعت به إلى الله سبحانه وتعالى ، لأجابك إليه ، وأزال عنك ذلك .
فقال : إنّي رجل ذمّي ، ولعل خدم المشهد
يمنعوني من الدخول في حضرته فقيل له غير زيك ، وادخلها من حيث لا يطّلع على حالك أحد .
ففعل ، واستجار بقبره ، وتضرع بالدعاء ،
وابتهل ، وجعله وسيلة إلى الله سبحانه وتعالى ، فلمّا خرج ، نظر إلى يده ، فلم ير فيها أثر البرص ، ثمّ نزع ثوبه ، وتفقّد بدنه ، فلم يجد به أثراً ، فغشي عليه ، وأسلم ، وحسن إسلامه ، وقد جعل للقبر شبه صندوق من الفضَّة ، وأنفق عليه مالاً ، وهذا مشهور شائع رآه خلق كثير من أهل خراسان .
وممّا شاهدناه أيضاً أنّ محمّد بن علي
النيسابوري قد كفّ بصره منذ سبع عشرة سنة ، لا يبصر عيناً ولا أثراً ، فورد حضرته صلوات الله
___________________
عليه من نيسابور
زائراً إذ دخلها متضرعاً ، وزار ، فوضع وجهه على قبره باكياً ، ورفع رأسه بصيراً ، وسمّي بالمعجزي ، وبقي بعد ذلك مدَّة مديدة ، وأقام بالمشهد الشريف بقيَّة عمره ، وقد تزوّج به ، ورزق أولاداً ، ولم توجعه عينه بعد ذلك ، ولم يُعرف إلَّا بالمعجزي ، وقد عرفه بذلك السلطان والرعيّة ، فيا لها من فضيلة قد فاق فضلها وراق خبرها .
وممّا يشاكل نفخه في الطين ، حتّى كان
طيراً بإذن الله تعالى ما حدّث به :
١٨٣ / ١٢ ـ الربيع ـ حاجب
المنصور ـ قال : وجّه المنصور إلى سبعين رجلاً من أهل بابل ، فدعاهم ، فقال : ويحكم ، أنتم ورثتم السحر من آبائكم من أيّام موسى بن عمران ، وأنّكم لتفرقون بين المرء وزوجه ، وأنّ أبا عبد الله جعفر بن محمّد ساحر كاهن مثلكم ، فاعملوا شيئاً من السحر ، فإنّكم إن بهتموه أعطيتكم الجائزة العظيمة ، والمال الجزيل .
فقاموا إلى المجالس الذي فيه المنصور ،
فصوروا سبعين صورة من صور السباع ، وجلس كلّ واحد منهم بجنب صاحبه ، وجلس المنصور على سرير ملكه ، ووضع التاج على رأسه ، ثمّ قال لحاجبه : ابعث إلى أبي عبد الله واحضره الساعة .
قال : فلمّا دخل عليه ، ونظر إليهم ،
وإليه ، وما قد استعد له غضب وقال : «ويلكم ، أتعرفوني ؟! أنا حجّة الله الذي أبطل سحر آبائكم في أيّام موسى بن عمران» .
ثمّ نادى برفيع صوته : «أيّتها الصور
المتمثلة ، ليأخذ كلّ واحد
___________________
منكم صاحبه ، بإذن
الله تعالى» .
قال : فوثب كلّ سبع إلى صاحبه ، وافترسه
، وابتلعه في مكانه ، ووقع المنصور عن سريره مغشياً عليه ، فلمّا أفاق قال : الله ، الله يا أبا عبد الله ، ارحمني وأقلني فإنّي تبت توبة لا أعود إلى مثلها أبداً . فقال صلوات الله عليه وآله : «قد أقلتك ، وعفوت عنك» .
ثمّ قال : يا سيّدي ، قل للسباع أن
تردّهم إلى ما كانوا .
قال : «هيهات ، إن أعادت عصا موسى سحرة
فرعون ، فستعيد السباع هذه السحرة» .
ومعنى قوله : «أنا حجّة الله الذي أبطل
سحر آبائكم : في أيّام موسى» : أنّي مثل ذلك الحجّة .
وللصادق عليه السلام مع المنصور آيات
كثيرة عجيبة ، منها :
ما حدّث به :
١٨٤ / ١٣ ـ محمّد بن الأسقنطوريّ
وكان وزيراً للدوانيقي ، وأنّه كان يقول بإمامة الصادق صلوات الله عليه ، قال : دخلت يوماً على الخليفة وهو يفكر ، فقلت : يا أمير المؤمنين ما هذه الفكرة ؟ قال : قتلت من ذريّة فاطمة ألف سيّدٍ أو يزيدون ، وتركت سيّدهم ومولاهم وإمامهم . فقلت : ومن ذاك يا أمير المؤمنين ؟ قال : جعفر بن محمّد ، وقد علمت أنّك تقول بإمامته ، وأنّه إمامي وإمامك وإمام هذا الخلق جميعاً ، ولكن الآن أفرغ منه .
قال ابن الأسقنطوري : لقد أظلمت الدنيا
عليَّ من الغم ، ثمّ دعا
___________________
بالموائد ، فأكل وشرب
وأمر الحاجب أن يُخرج الناس من مجلسه ، فبقيت أنا وهو ، ثمّ دعا سيافاً له ، فقال : يا سيّاف . قال : لبيك يا أمير المؤمنين .
قال : الساعة احضر جعفر بن محمّد وأشغله
بالكلام ، فإذا رفعت عمامتي عن رأسي فاضرب عنقه . قال السيّاف : نعم يا سيّدي .
قال : فلحقت السيّاف ، وقلت : ويلك يا
سيّاف ، أتقتل ابن رسول الله (ص) ؟! فقال : لا والله ، ولا أفعل ذلك . فقلت : وما الذي تفعل ؟!
قال : إذا حضر جعفر بن محمّد ، وشغله
بالكلام ، وقلع قلنسوته من رأسه ضربت عنق الدوانيقيّ ، ولا أبالي إلى ما صرت إليه . قلت : الرأي الذي أصبت .
قال : فأحضر جعفر بن محمّد عليهما
السلام على حمار مصري ، وكان ينزل موضع الخلفاء ، فلحقته في الستر وهو يقول : «يا كافي موسى فرعون ، اكفني شرّه» .
ثمّ لحقته في الستر الذي بيني
وبين الدوانيقيّ ، وهو يقول : «يا دائم يا دائم» . ثمّ أطبق شفتيه ، ولم أدر ما قال ، فرأيت القصر يموج كأنّه سفينة في لجّة البحر ، ورأيت الدوانيقيّ يسعى بين يديه ، حافي القدم ، مكشوف الرأس ، وقد اصطكت أسنانه ، وارتعدت فرائصه ، وأخذ بعضده ، وأجلسه على سريره ، وجثا بين يديه كما يجثو العبد بين يدي مولاه ، وقال : يا مولاي ، ما الذي جاء بك ؟ قال : «قد دعوتني فجئتك» قال : مرني بأمرك . قال : «أسألك أن لا تعود تدعوني حتّى أجيئك . قال : سمعاً وطاعة لأمرك .
ثمّ قام وخرج صلوات الله عليه وآله ،
ودعا أبو جعفر الدوانيقيّ
___________________
بالدواويج
والسمور
والحواصل
، ونام ، ولبس الثياب عليه ، وارتعدت فرائصه ، وما انتبه إلّا نصف الليل ، فلمّا انتبه ، قال لي : أنت جالس يا هذا ، قلت : نعم ، يا أمير المؤمنين .
قال : أرأيت هذا العجب ؟ قلت : نعم ، يا
أمير المؤمنين .
قال : لا والله ، لمّا أن دخل جعفر بن
محمّد عليّ رأيت قصري يموج كأنّه سفينة في لجج البحر ، ورأيت تنيناً قد فغر فاه ، ووضع شفته السفلى في أسفل قبّتي هذه ، وشفته العليا في أعلاها ، وهو يقول لي بلسان عربي مبين : يا منصور ؛ إنّ الله تعالى قد أمرني أن أبتلعك مع أهل قصرك ومن حضرك جميعاً إن أحدثت حدثاً . فلمّا سمعت منه ذلك طاش عقلي وارتعشت
يدي ورجلي ، فقلت : أسحر هذا يا أمير المؤمنين ؟! قال : أسكت ، أما تعلم أنّ جعفر بن محمّد خليفة الله في أرضه ؟! .
وأمّا إحياء عيسى عليه السلام الموتى ،
فهو مشهور عند الخاص والعام ، وقد ذكره الله تعالىٰ في القرآن .
وقد أعطى الله أئمتنا صلوات الله عليهم
كثيراً من ذلك ، وقد أوردنا بعضه ، وسنورد أيضاً طرفاً ، وهو ما حدّث به :
١٨٥ / ١٤ ـ الأصبغ بن نباتة ، قال : مرّ
مولاي أمير المؤمنين صلوات الله عليه بمقبرةٍ ، ونظر إلى القبور ، فقال : «أتحب أن أريك آية
___________________
بإذن الله تعالى ؟»
فقلت : نعم يا مولاي .
فأشار بيده إلى قبر ، وقال : «قم يا ميت»
فقام شيخ وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، وخليفة ربّ العالمين . فقال صلوات الله عليه : «من أنت يا شيخ ؟» فقال : أنا عمرو بن دينار الهمدانيّ ، قتلت في واقعة الأنبار ، قتلني أصحاب معاوية مع أمير الأنبار .
فقال : «إذهب إلى أهلك وأولادك وحدّثهم
بما رأيت ، وقل لهم : إنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام أحياني وردّني إليكم بإذن الله» .
وأمّا ما كان عيسى عليه السلام ينبئ بما
يأكل الناس وما يدّخرون في بيوتهم ، فإنّ الله تعالى قد أعطى أئمتنا صلوات الله عليهم أفضل من ذلك فقد روى :
١٨٦ / ١٥ ـ المعلى بن محمّد ، عن بعض
أصحابنا ، عن بكّار القمّي ، قال : حجّجت أربعين حجّة ، فلمّا كان في آخرها اُصبت بنفقتي بجمع
، فقدمت مكّة ، فأقمت حتّى صدر الناس ، ثمّ قلت : أصير إلى المدينة ، فأزور رسول الله (ص) ، وأنظر إلى سيّدي أبي الحسن موسى عليه السلام ، وعسى أن أعمل بيدي ، فأجمع شيئاً ، فأستعين به على طريقي إلى الكوفة .
فخرجت حتّى صرت إلى المدينة ، فأتيت
رسول الله (ص) ، فسلّمت عليه ، ثمَّ رجعت إلى المصلَّى الذي يقوم فيه الفَعَلَة ، فقمت فيه رجاء أن يسبّب الله لي عملاً ، فبينا أنا كذلك إذا أنا برجل قد أقبل ، فاجتمع حوله الفَعَلَة ، فجئت فوقفت معهم ، فذهبت الجماعة فاتّبعته ، وقلت : يا عبد الله ، إنّي رجل غريب ، فإن رأيت أن تذهب بي
___________________
معهم فتستعملني .
فقال : أنت من أهل الكوفة ؟ قلت : نعم . قال : اذهب .
فانطلقت معه إلى دار كبيرة تبنى جديدة ،
فعملت فيها أيّاماً ، وكنا لا نعطى من أسبوع إلى أسبوع ، إلَّا يوماً واحداً ، وكان العَمَلَة لا يعملون ، فقلت للموكّل : استعملني عليهم حتّى استعملهم وأعمل معهم . قال : قد استعملتك . فكنت أعمل معهم واستعملهم .
قال : فإنّي لواقف ذات يوم على السلم إذ
نظرت إلى أبي الحسن موسى بن جعفر صلوات الله عليه قد أقبل وأنا في سلَّم الدار ، فدار فيها ، ثمّ رفع رأسه إليَّ ، فقال : «بكار جئتنا ! انزل» فنزلت .
قال : فتنحّى ناحية فقال : «ما تصنع ها هنا
؟» قلت : جعلت فداك ، اُصبت بنفقتي بجمع ، فأقمت في مكة إلى أن صدر الناس ، ثمّ إنّي صرت إلى المدينة ، فأتيت المصلّى ، فقلت أطلب عملاً ، فبينا أنا قائم إذ جاء وكيلك ، فذهب
برجاله ، فسألته أن يستعملني كما يستعملهم . فقال : «أقم يومك هذا» .
فلمّا كان من الغد ، وكان اليوم الذي
يعطون فيه ، جاء فقعد على الباب ، فجعل الوكيل يدعو برجل رجل ويعطيه ، وكلّما ذهبت لأدنو قال لي بيده كذا ، حتّى إذا كان في آخرهم قال لي : «أدن منّي»
فدنوت ، فدفع إليّ صرّة فيها خمسة عشر ديناراً ، قال : «خذ ، هذه نفقتك إلى الكوفة» . ثمّ قال : «اخرج غداً» فقلت : نعم ، جعلت فداك . ولم أستطع أن أردَّه ، ثمّ ذهب وعاد إليَّ الرسول ، فقال : قال أبو الحسن عليه السلام : «ائتني غداً قبل أن تذهب» .
فلمّا كان من الغد أتيته ، فقال : «اخرج
الساعة حتّى تصير إلى
___________________
فيد
، فإنّك توافق قوماً يخرجون إلى الكوفة ، وهاك هذا الكتاب فادفعه إلى عليّ بن أبي حمزة» .
قال : فانطلقت ، فلا والله ، ما تلقّاني
خلق حتّى صرت إلى فيد ، فإذا قوم قد تهيّأوا للخروج إلى الكوفة من الغد ، فاشتريت بعيراً ، وصحبتهم إلى الكوفة ، فدخلتها ليلاً ، فقلت : أصير إلى منزلي فأرقد ليلتي هذه ، ثمّ أغدو بكتاب مولاي إلى عليّ بن أبي حمزة ، فأتيت منزلي فأخبرت أنّ اللصوص دخلوا حانوتي قبل قدومي بأيّام .
فلمّا أن أصبحت صلّيت الفجر ، فبينا أنا
جالس متفكّر فيما ذهب لي من حانوتي إذا أنا بقارع يقرع الباب ، فخرجت ، فإذا عليّ بن أبي حمزة ، فعانقته وسلّم عليَّ ، ثمّ قال لي : يا بكّار ، هات كتاب سيّدي . قلت : نعم ، وقد كنت على المجيء إليك الساعة .
قال : هات ، قد علمت أنّك قدمت ممسياً
. فأخرجت الكتاب ، فدفعته إليه ، فأخذه وقبّله ، ووضعه على عينيه ، وبكى ، فقلت : ما يبكيك ؟ قال : شوقاً إلى سيّدي ، ففك الكتاب وقرأه ، ثمّ رفع رأسه إليَّ ، وقال : يا بكّار ، دخل عليك اللصوص ؟ قلت نعم .
قال : أخذوا ما كان في حانوتك قلت : نعم
.
قال : إنّ الله تعالى قد أخلف عليك ما
ذهب منك ، وأعطاني أربعين ديناراً فقوّمت ما ذهب منّي ، فإذا قيمته أربعون ديناراً ، ففتح الكتاب فإذا فيه بأن ادفع إلى بكّار أربعين ديناراً قيمة ما ذهب من حانوته ، والمنة لله .
___________________
١٨٧ / ١٦ ـ عن أحمد بن عمر ، قال : خرجت
إلى الرضا صلوات الله عليه وامرأتي بها حبل ، فقلت له : إنّي خلّفت أهلي وهي حامل ، فادع الله أن يجعله ذكراً . فقال لي : «وهو ذكر ، فسمّه ، عمر» .
فقلت : نويت أن أسميه عليًّا ، وأمرت
الأهل به ، قال : «سمّه عمر» .
فوردت الكوفة وقد ولد لي ابن وسمّي
عليّاً ، فسمّيته عمر ، فقال لي جيراني : لا نصدّق بعدها بشيء ممّا كان يُحكى عنك . فعلمت أنّه كان أنظر لي من نفسي .
١٨٨ / ١٧ ـ وعن بكر بن صالح ، قال : قلت
للرضا صلوات الله عليه : امرأتي أخت محمّد بن سنان بها حبل ، فادع الله تعالى أن يجعله ذكراً . قال : «هما اثنان» فقلت في نفسي : محمّد وعليّ ، فدعاني بعد انصرافي فقال : «سم واحداً عليّاً ، والأخرى أمّ عمرو» .
فقدمت الكوفة وقد ولد لي غلام وجارية في
بطن واحد ، فسمّيت كما أمرني فقلت لأمّي : ما معنى أم عمرو ؟ فقالت : إنّ أمّي كانت تدعى أم عمرو .
١٨٩ / ١٨ ـ وروى أيضاً جعفر بن الشريف
الجرجانيّ ، قال : حججت سنة ، فدخلت على أبي محمّد صلوات الله عليه بسرّ من رأى ، وقد كان أصحابنا حملوا معي شيئاً من المال ، فأردت أن أسأله
___________________
إلى من أدفعه ، فقال
قبل أن قلت ذلك : «ادفع ما معك إلى المبارك خادمي» .
قال : ففعلت ذلك ، فقلت : إنّ شيعتك
بجرجان يقرأون عليك السلام . فقال : «أو لست منصرفاً بعد فراغك من الحجّ ؟!» قلت : بلى .
قال : «فإنّك تصير إلى جرجان من يومك
هذا إلى مائة وتسعين يوماً ، وتدخلها يوم الجمعة لثلاث ليال مضين من شهر ربيع الآخر ، في أوّل النهار ، فاعلمهم أنّي أوافيهم آخر النهار ؛ فامض راشداً ، فإنّ الله سيسلّمك ويسلّم ما معك ، وتقدم على أهلك وولدك ، وولد لولدك الشريف ابن فسمّه الصلت بن الشريف بن جعفر بن الشريف ، وسيبلغ الله به ، ويكون من أوليائنا» .
قلت : يا ابن رسول الله ، إنّ إبراهيم
بن إسماعيل الخلنحيّ ـ وهو من شيعتك ـ كثير المعروف إلى أوليائك ، يخرج إليهم في السنة أكثر من مائة ألف درهم ، وهو أحد المتقلّبين في نعم الله بجرجان .
فقال : شكر الله لأبي إسحاق وإبراهيم بن
إسماعيل صنعه إلى شيعتنا ، وغفر له ذنوبه ، ورزقه الله ذكرا سوياً ، قائلاً بالحق ، فقل له : يقول لك الحسن بن عليّ : سم ابنك أحمد» .
فانصرفت من عنده ، وحججت ، وسلّمني الله
تعالى ، حتّى وافيت جرجان في يوم الجمعة أوّل النهار ، كما ذكر صلوات الله عليه وآله ، وجاءني أصحابنا يهنّئوني ، فأعلمتهم أنّ الإِمام وعدني أن يوافيكم في آخر هذا النهار ، فتأهّبوا لما تحتاجون إليه ، وأعدّوا مسائلكم وحوائجكم كلّها .
فلمّا صلّوا الظهر والعصر اجتمعوا كلّهم
في داري ، فوالله ما شعرنا إلّا وقد وافانا أبو محمّد ، فدخل علينا ، ونحن مجتمعون ، فسلّم هو أوّلاً علينا ، فاستقبلناه وقبّلنا يديه ، ثمّ قال : «إنّي كنت وعدت
جعفر بن الشريف أن أوافيكم في آخر هذا اليوم
فصلّيت الظهر والعصر بسرّ من رأى وصرت إليكم لأجدّد بكم عهداً ، وها أنا قد جئتكم الآن ، فاجمعوا مسائلكم وحوائجكم كلّها» .
فأوّل من ابتدأ بالمسائل النصر بن جابر
، قال : يا ابن رسول الله ، إن ابني جابراً أصيب ببصره منذ أشهر ، فادع الله تعالى أن يردّ عليه بصره . قال : «فهاته»
فمسح بيده على عينيه فصار
بصيراً .
ثمّ تقدّم رجل فرجل ، يسألونه حوائجهم ،
فأجابهم إلى كلّ ما سألوه حتّى قضى حوائج الجميع
، ودعا لهم بخير ، وانصرف من يومه ذلك .
١٩٠ / ١٩ ـ وحدّث عليّ بن زيد بن عليّ
بن الحسين بن زيد بن عليّ ، قال : صحبت أبا محمّد عليه السلام من دار العامّة إلى منزله ، فلمّا صار إلى الدار ، وأردت الانصراف ، قال : «أمهل» فدخل ثمّ أذن لي فدخلت ، فأعطاني مائة دينار ، وقال : «صيّرها في ثمن جارية ، فإنّ جاريتك فلانة قد ماتت» .
وكنت خرجت من المنزل وعهدي بها أنشط ما
كانت ، فمضيت فإذا الغلام قال : ماتت جاريتك فلانة الساعة .
قلت : ما حالها ؟ قال : شربت ماء فشرقت
، فماتت .
___________________
١٩١ / ٢٠ ـ عن أبي هاشم الجعفريّ ، قال
: ركب أبو محمّد عليه السلام يوماً إلى الصحراء ، فركبت معه ، فبينا نسير ، وهو قدَّامي وأنا خلفه ، إذ عرض لي فكر في دين كان عليَّ ، فجعلت أفكر في أي وجه يكون قضاؤه .
فالتفت إليَّ وقال : «الله يقضيه» ثمّ
انحنى على قربوس سرجه ، فخطَّ بسوطه خطة في الأرض ، وقال : «يا أبا هاشم ، إنزل فخذ ، واكتم» .
فنزلت فإذا بسبيكة ذهب ، قال : فوضعتها
في خفي وسرنا ، فعرض لي الفكر ، فقلت : إن كان فيها تمام
الدين ، وإلّا فإنّي أرضّي صاحبه بها ، ويجب أن ننظر الآن في نفقة الشتاء ، وما نحتاج إليه من كسوة وغيرها .
فالتفت إليَّ ثمّ انحنى ثانية ، وخطَّ
بسوطه خطة مثل الأولى ، ثمّ قال : «انزل ، فخذ ، واكتم» .
فنزلت فإذا بسبيكة فضَّة فجعلتها في خفي
الآخر ، وسرنا يسيراً ، ثمّ انصرف إلى منزله ، وانصرفت إلى منزلي وجلست ، وحسبت ذلك الدين ، وعرفت مبلغه ، ثمّ وزنت سبيكة الذهب ، فخرجت بقسط ذلك الدين ، ما زادت ولا نقصت .
ومن تأمل ذلك عرف أن ذلك يزيد على ما
أخبرنا بما يأكلون وما تدّخرون في بيوتكم ، والله الموفق .
وأمّا قوله تعالى : (
وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم
___________________
بِالْبَيِّنَاتِ )
فهو أنّ بني إسرائيل أرادوا قتله ، فدخل عليه السلام بيتاً ، فتبعه إنسان ليأخذه ويقتله ، فألقى الله تعالى شبيه عيسى عليه ، فأخذته اليهود ، وظنّوا أنّه عيسى ، وهو يصيح أنّه فلان ، فلم يقبلوا منه ، وقتلوه ، وصلبوه ، فلمّا صلبوه رجع إلى صورته ، فأيقنت اليهود أنّه شبّه لهم ، وقد رفع الله عيسى إليه .
ومثل ذلك جرى في أبي عبد الله الصادق
صلوات الله عليه وهو ما حدّث به :
١٩٢ / ٢١ ـ أبو خديجة ، عن رجل من كندة ـ
وكان سيّافاً لبني العبّاس ـ قال : لمّا جيء إلى الدوانيقيّ بأبي عبد الله صلوات الله عليه ، وابنه إسماعيل ، أمر بقتلهما ، وهما محبوسان ، فأتى أبا عبد الله ليلاً ، فأخرجه وضربه بسيفه حتّى قتله ، ثمّ أخذ إسماعيل ليقتله ، فقاتله ساعة ثمّ قتله ، ثمَّ جاء إليه ، فقال له : ما صنعت ؟ فقال : لقد قتلتهما ، وأرحتك منهما .
فلما أصبح فإذا أبو عبد الله صلوات الله
عليه وإسماعيل جالسان ، فاستأذنا ، فقال أبو جعفر الدوانيقيّ للرجل : ألست زعمت أنّك قتلتهما ؟ [ قال : بلى لقد عرفتهما كما أعرفك قال : فاذهب إلى الموضع الذي قتلتهما فيه ]
فانظر ، فإذا بجزورين منحورين . قال فبهت ورجعت فأخبرته فنكس
رأسه وقال : لا يسمعن هذا منك أحد .
وهذا مثل قوله تبارك وتعالى : (
وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ
___________________
لَهُمْ )
.
وممّا يقارب ذلك ما حدّثت به :
١٩٣ / ٢٢ ـ أمّ الفضل بنت المأمون زوجة
أبي جعفر محمّد بن عليّ بن موسى عليهم السلام ، قالت : ألا أخبرك عن أبي جعفر بشيء عجيب وأمر جليل فوق الوصف
والمقدار ؟! قيل : وما ذاك ؟!
قالت : كنت أغار عليه كثيراً ، وأراقبه
أبداً ، فربما أسمعني الكلام ، فأشكو ذلك إلى أبي ، فيقول : يا بنيّة احتمليه ، فإنّه بضعة من رسول الله (ص) .
فبينما أنا جالسة ذات يوم إذ دخلت عليَّ
جارية من ولد عمّار بن ياسر وسلّمت عليَّ ، فقلت : من أنت ؟ قالت : أنا جارية من ولد عمّار بن ياسر ، وأنا زوجة أبي جعفر محمّد بن عليّ ، زوجك . فدخلني من الغيرة ما لم أقدر على احتماله ، وهمّمت أن أخرج وأصيح في البلاد ، وكاد الشيطان أن يحملني على الإِساءة إليها ، فكظمت غيظي
وأحسنت رفدها ، وكسوتها .
فلمّا خرجت عنّي لم أتمالك أن نهضت ،
فدخلت على أبي ، فخبّرته الخبر ، وكان سكران لا يعقل ، فقال : يا غلام عليَّ بالسيف . فأتى به ، فركب وقال : لأقطعنه .
فلمّا رأيت ذلك منه ، قلت : إنّا لله
وإنّا إليه راجعون ، ما صنعت
___________________
بزوجي ؟! وجعلت ألطم
على وجهي ، فدخل عليه والدي فما زال
يضربه بالسيف حتّى قطّعه ، ثمّ إنَّه خرج ، وخرجت خلفه هاربة ، ولم أرقد ليلي .
فلمّا أصبحت أتيت أبي فقلت له : أتدري
ما صنعت البارحة ؟! قال : وما صنعت ؟! قلت له : قتلت ابن الرضا ! فبرق عينه
وغشي عليه ، ثمّ أفاق بعد حين ، فقال : ويلك ما تقولين ؟! قلت : نعم ، والله ، دخلت عليه ولم تزل تضربه بالسيف حتّى قتلته فاضطرب من ذلك اضطراباً شديداً ، ثمّ قال : عليَّ بياسر الخادم . فلمّا أتي به قال : ما هذا الذي تقول هذه المرأة ؟! قال : صدقت يا أمير المؤمنين . فضرب بيده على صدره وخدِّه ، وقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، هلكنا ، وعطبنا
وافتضحنا إلى آخر الأبد ، اذهب ويلك وانظر ما القصة
وعجّل إليَّ بالخبر ، فإنّ نفسي تكاد أن تخرج الساعة .
فخرج ياسر وأنا ألطم خدّي ووجهي ، فما
لبث ياسر أن عاد إليه فقال : البشرى يا أمير المؤمنين ! فقال : ولك البشرىٰ ، ما عندك ؟! قال : دخلت عليه ، فإذا هو جالس ، وعليه قميص ، وهو يستاك ، فسلّمت عليه ، وقلت : يا ابن رسول الله أحبّ أن تهب لي قميصك هذا أصلّي فيه وأتبرّك به . وإنّما أردت أن أنظر إلى جسده ، هل به أثر جراحة وأثر السيف ؟ فقال : «بل أهب لك ما هو خير من هذا» . فقلت : لست أريد غير هذا القميص . فخلعه ، ونظرت إلى جسده وكأنّه العاج
ما به أثر ، فبكى المأمون بكاءً شديداً ، وقال : ما بقي بعد هذا شيء ، إنّ في
___________________
ذلك
لعبرة .
وفي القصة طول ، قد اقتصرنا على الموضع
المقصود منها .
وأمّا ما أنزل الله تعالى على عيسى عليه
السلام المائدة من السماء ، فهو ما قال الله تعالى في كتابه العزيز : (
إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا
مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّـهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا
عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّـهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن
يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ
الْعَالَمِينَ )
فأنزل الله تعالى عليه سبعة أرغفة مع
سمك وبقل وخل .
١٩٤ / ٢٣ ـ وفي رواية أبي محمد الحسن
العسكري عليه السلام : «وأكل منها خلق كثير» .
وقد ذكرت أمثال ذلك في الكتاب .
١٩٥ / ٢٤ ـ وقد حدّثت زينب بنت عليّ عليهما
السلام ، قالت : صلّى أبي مع
رسول الله (ص) صلاة الفجر ، ثمّ أقبل على عليّ عليه السلام فقال : «هل عندكم طعام ؟» فقال : «لم آكل منذ ثلاثة أيّام طعاماً» .
قال : «امض بنا إلى ابنتي فاطمة» فدخلا
عليها ، وهي تتلوى من
___________________
الجوع ، وابناها معها
، فقال : «يا فاطمة ، فداك أبوك ، هل عندك طعام ؟» فاستحيت وقالت : «نعم» ثمّ قامت وصلّت ، ثمّ سمعت حسّاً ، فالتفت فإذا صحفة ملآنة ثريداً ولحماً ، فاحتملتها وجاءت بها ، ووضعتها بين يدي رسول الله (ص) ، فجمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وجعل عليّ يطيل النظر إلى فاطمة ويتعجب ، ويقول : «خرجت من عندها وليس عندها طعام ، فمن أين هذا ؟!» ثمّ أقبل عليها ، فقال : «يا بنت رسول الله ، (
أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا )
؟» قالت : ( هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
.
فضحك النبيّ (ص) وقال : «الحمد لله الذي
جعل في أهل بيتي نظير زكريا ومريم ، إذ قال لها : (
أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
وما أخرج الله تعالى من الثمر من الشجر
اليابس لأئمتنا عليهم السلام إن لم يزد على ذلك ، لم ينقص عنه ، فلا نطيل الكلام بإعادته .
___________________
الباب الثالث
في
ذكر معجزات أمير المؤمنين وسيّد الوصيين عليّ بن أبي طالب عليه السلام
وفيه
تسعة فصول
١ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في إحياء الموتى
وفيه
: أربعة أحاديث
١٩٦ / ١ ـ عن عبد الرحمن بن كثير
الهاشميّ ، مولى أبي جعفر ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «خرج أمير المؤمنين عليه السلام بالناس يريد صفين حتىٰ عبر الفرات ، وكان قريباً من الجبل بصفين ، إذ حضرت صلاة المغرب ، فأمر بالنزول فنزلوا ، ثمّ توضَّأ وأذّن ، ولمّا فرغ من الأذان انفلق الجبل عن هامة بيضاء ، بلحية بيضاء ، ووجه أبيض ، فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، مرحباً بوصي خاتم النبيّين ، وقائد الغرّ المحجلين ، والعالم المؤمن ، والفاضل الفائق ميراث الصديقين ، وسيّد الوصيين» ، فقال : «وعليك السلام ، يا أخي شمعون بن حمون ، وصيّ عيسى بن مريم روح الله ، كيف حالك ؟!»
قال : بخير رحمك الله ، وأنا منتظر روح
الله ينزل ، ولا أعلم أحداً أعظم بلاءً في الله ، ولا أحسن غداً ثواباً ، ولا أرفع مكاناً منك ، اصبر يا أخي علىٰ ما أنت فيه حتّى تلقى الحبيب غداً ، وقد رأيت
___________________
أصحابك بالأمس ما
لقوا من بني إسرائيل ، نشروهم بالمناشير ، وحملوهم على الخشب فلو تعلم هذه الوجوه (المارقة المفارقة لك)
ما أُعدَّ لهم من عذاب ربّك وسوء نكاله لم يفروا ، ولو تعلم هذه الوجوه المبيّضة ما أعد الله لهم من الثواب الجزيل تمنّت لو أنها قرضت بالمقاريض ، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته .
ثمّ التأم الجبل ، وخرج أمير المؤمنين عليه
السلام إلى قتال القوم ، فسأله عمّار بن ياسر ، وابن عبّاس ، ومالك الأشتر ، وهاشم بن عتبة ، وأبو أيّوب الأنصاريّ ، وقيس بن سعد ، وعمرو بن الحمق ، وعبادة بن الصامت ، وأبو الهيثم بن التيهان رضي الله عنهم عن الرجل ، فأخبرهم أنّه شمعون بن حمون وصي عيسى عليه السلام [ وكانوا قد ] سمعوا منه كلامه ، فازدادوا بصيرة ، فقال له عبادة بن الصامت وأبو أيّوب الأنصاري : لا يهلعن قلبك يا أمير المؤمنين ، بآبائنا وأمّهاتنا نفديك ، فوالله لننصرنك نصرة أخيك رسول الله (ص) ولا يتخلف عنك من المهاجرين والأنصار إلّا شقي . فقال لهما معروفاً وذكرهما بخير .
١٩٧ / ٢ ـ عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ،
عن سلمان رضي الله عنه ـ في حديث طويل ، ألخص لك فائدته ـ قال : إن امرأة من الأنصار قُتلت تجنياً بمحبة عليّ عليه السلام يقال لها : (أمّ فروة) وكان عليّ عليه السلام غائباً ، فلمّا وافى ، ذهب إلى قبرها ورفع رأسه إلى السماء وقال : «اللهمّ يا محيي النفوس بعد الموت ، ويا منشئ العظام الدراسات بعد الفوت ، أحي لنا أمّ فروة ، واجعلها عبرة لمن عصاك» .
___________________
فإذا بهاتف يهتف : يا أمير المؤمنين ، إمضِ
لما سألت . فرفس قبرها ، وقال : «يا أمة الله ، قومي بإذن الله تعالى» .
فخرجت أمّ فروة من القبر ، فبكت وقالت :
أرادوا إطفاء نورك ، فأبى الله عزّ وجلّ لنورك إلَّا ضياءً ، ولذكرك إلَّا ارتفاعاً ، ولو كره الكافرون .
فردّها أمير المؤمنين عليه السلام إلى
زوجها ، وولدت بعد ذلك
غلامين وعاشت بعد أمير المؤمنين ستة أشهر .
١٩٨ / ٣ ـ عن محمّد بن أبي عمير ، عن
حنّان بن سدير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «لمّا صلّى أمير المؤمنين عليه السلام صلاة الظهر بأرض بابل ، التفت إلى جمجمة ملقاة ، وكلمها ، وقال : «أيّتها الجمجمة ، من أنت ؟» فقالت : أنا فلان بن فلان ، ملك بلد فلان .
قال عليّ : «أنا أمير المؤمنين ، فقصَّ
عليَّ الخبر ، وما كنت ، وما كان في عمرك» فأقبلت الجمجمة وقصّت خبرها ، وما كان في عصرها من خير وشر» .
وقال مصنف هذا الكتاب رحمه
الله
: إنّ مسجد الجمجمة معروف بأرض بابل ، وقد بني مسجد على الموضع الذي كلّمته جمجمة فيه ، وهو إلى اليوم باق معروف
، يزوره أكثر من يمرّ به من الحجّاج وغيرهم .
___________________
١٩٩ / ٤ ـ عن عيسى شلقان
، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «إنّ أمير المؤمنين عليه السلام كانت له خئولة في بني مخزوم ، وإنّ شاباً منهم أتاه وقال : إنّ أخي وابن أبي فارق الدنيا ، وقد حزنت عليه حزناً شديداً . فقال له : أتشتهي أن تراه ؟ فقال : نعم . قال : فأرني قبره .
قال : فخرج وتقنّع ببرد
رسول الله (ص) ودعا بدعائه المستجاب ، فلمّا انتهى إلى القبر تلملمت شفتاه ، ثمّ ركضه برجله ، فخرج من قبره ، وهو يقول : منكل
بلسان الفرس ، فقال عليه السلام : ألم تمت وأنت رجل من العرب ؟! فقال : بلى ، ولكن متنا على غير سنّتكم
، فانقلبت ألسنتنا» .
___________________
٢ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته ممّا رؤي في المنام ثمّ ظهر حكمه في اليقظة من تغيير صور أعدائه وقتلهم
وفيه
: ثمانية أحاديث
وفي ظهور آياته عليه السلام في تغيير
صورة من أنكر عليه .
٢٠٠ / ١ ـ عن محمّد بن عمر الواقديّ ،
قال : كان هارون الرشيد يقعد للعلماء في يوم عرفة ، فقعد ذات يوم وحضره الشافعيّ ، وكان هاشمياً يقعد إلى جنبه ، وحضر محمّد بن الحسن وأبو يوسف فقعدا بين يديه ، وغصَّ المجالس بأهله ، فيهم سبعون رجلاً من أهل العلم ، كلّ منهم يصلح أن يكون إمام صقع من الأصقاع .
قال الواقدي : فدخلت في آخر الناس ،
فقال الرشيد : لِمَ تأخرت ؟ فقلت : ما كان لإِضاعة حق ، ولكني شغلت بشغل عاقني عمّا أحببت .
قال : فقرّبني حتّى أقعدني بين يديه ،
وقد خاض الناس في كلّ فن من العلم ، فقال الرشيد للشافعي : يا ابن عمي ، كم تروي في فضائل عليّ بن أبي طالب ؟ فقال : أربعمائة حديث وأكثر . فقال له : قل
___________________
ولا تخف . قال : يبلغ
خمسمائة أو يزيد .
ثمّ قال لمحمّد بن الحسن : كم تروي يا
كوفي من فضائله ؟ قال : نحو ألف حديث أو أكثر .
فأقبل على أبي يوسف فقال : كم تروي أنت
يا كوفي من فضائله ؟ أخبرني ولا تخشَ . قال : يا أمير المؤمنين ، لو لا الخوف لكانت روايتنا في فضائله أكثر من أن تحصى .
قال : ممّ تخاف ؟ قال : منك ومن عمالك
وأصحابك . قال : أنت آمن ، فتكلم وأخبرني كم فضيلة تروي فيه ؟
قال : خمسة عشر ألف خبر مسند ، وخمسة
عشر ألف حديث مرسل .
قال الواقدي : فأقبل عليّ وقال : ما
تعرف في ذلك أنت ؟ فقلت مثل مقالة أبي يوسف ، قال الرشيد : لكني أعرف له فضيلة رأيتها بعيني ، وسمعتها بأذني ، أجلّ من كلّ فضيلة تروونها أنتم ، وإنّي لتائب إلى الله تعالى ممّا كان منّي من أمر الطالبية ونسلهم .
فقلنا جميعاً : وفّق الله أمير المؤمنين
وأصلحه ، إن رأيت أن تخبرنا بما عندك .
قال نعم ، ولّيت عاملي يوسف بن الحجّاج
بدمشق ، وأمرته بالعدل في
الرعية ، والإِنصاف في القضية ، فاستعمل ما أمرته ، فرفع إليه أنّ الخطيب الذي يخطب بدمشق يشتم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في كلّ يوم وينتقصه ، قال : فأحضره وسأله عن ذلك ، فأقرّ له بذلك ، فقال له : وما حملك على ما أنت عليه ؟ قال : لأنه قتل آبائي وسبى الذراري ، فلذلك له الحقد في قلبي
، ولست
___________________
أفارق ما أنا عليه .
فقيّده وغلّه
وحبسه ، وكتب إليَّ بخبره ، فأمرته بحمله إليَّ على حالته من القيود ، فلمّا مثل بين يدي زبرته ، وصحت به ، وقلت : أنت الشاتم لعليّ بن أبي طالب ؟! فقال : نعم . قلت : ويلك قتل من قتل ، وسبى من سبى بأمر الله تعالى ، وأمر النبيّ (ص) . فقال : ما أفارق ما أنا عليه ، ولا تطيب نفسي إلّا به .
فدعوت بالسياط والعقابين
، فأقمته بحضرتي
ها هنا ، وظهره إليّ ، فأمرت الجلّاد فجلده مائة سوط ، فأكثر الصياح والغياث ، فبال في مكانه ، فأمرت به فنحي عن العقابين ، وأدخل ذلك البيت ـ وأومى بيده إلى بيت في الإيوان ـ وأمرت أن يغلق الباب عليه وإقفاله ، ففعل ذلك ، ومضى النهار ، وأقبل الليل ، ولم أبرح من موضعي هذا حتّى صلّيت العتمة .
ثمّ بقيت ساهراً أفكر في قتله وفي عذابه
، وبأي شيء أعذبه ، مرّة أقول : أضرب على علاوته ؛ ومرّة أقول : أقطع أمعاءه ، ومرّة أفكّر في تفريقه ، أو قتله بالسوط ، فلم أتم
الفكر في أمره حتّى غلبتني عيني فنمت في آخر الليل ، فإذا أنا بباب السماء وقد انفتح ، وإذا النبيّ (ص) قد هبط وعليه خمس حلل ، ثمّ هبط عليّ عليه السلام ، وعليه ثلاث حلل ، ثمّ هبط الحسن عليه السلام ، وعليه حلتان ، ثم هبط الحسين وعليه حلتان ، ثمّ هبط جبرئيل عليه السلام وعليه حلّة
___________________
واحدة ، فإذا هو من
أحسن الخلق ، في نهاية الوصف ، ومعه كأس فيه ماء كأصفى ما يكون من الماء وأحسنه ، فقال النبيّ (ص) : «أعطني الكأس» فأعطاه ، فنادى بأعلى صوته : «يا شيعة محمّد وآله» فأجابوه من حاشيتي وغلماني وأهل الدار أربعون نفساً أعرفهم كلّهم ، وكان في داري أكثر من خمسة آلاف إنسان ، فسقاهم من الماء وصرفهم .
ثمّ قال : «أين الدمشقي» فكأنّ الباب قد
انفتح ، فأخرج إليه ، فلمّا رآه عليّ عليه السلام أخذ بتلابيبه وقال عليه السلام : «يا رسول الله ، هذا يظلمني ويشتمني من غير سبب أوجب ذلك» فقال عليه السلام : «خله يا أبا الحسن» .
ثمّ قبض النبيّ (ص) على زنده بيده ،
وقال : «أنت الشاتم لعليّ ابن أبي طالب ؟!» فقال : نعم فقال : «اللّهمّ امسخه ، وامحقه ، وانتقم منه» .
قال : فتحول ـ وأنا أراه ـ كلباً ، وردّ
إلى البيت كما كان ، وصعد النبيّ (ص) ، وجبرئيل وعليّ عليه السلام ومن كان معهم .
فانتبهت فزعاً مرعوباً مذعوراً ، فدعوت
الغلام وأمرت بإخراجه إليَّ ، فأخرج وهو كلب ، فقلت له : كيف رأيت عقوبة ربّك ؟ فأومى برأسه كالمعتذر ، وأمرت بردّه . فها هو ذا في البيت
ثمّ نادى وأمر بإخراجه ، فأخرج وقد خذ
الغلام بإذنه ، فإذا أذناه كآذان الناس ، وهو في صورة الكلب ، فوقف بين أيدينا يلوك بلسانه ، ويحرك شفتيه كالمعتذر ، فقال الشافعي للرشيد : هذا مسخ ، ولست آمن أن تعجّله العقوبة .
فأمر به فردّ إلى بيته ، كما كان بأسرع
من أن سمعنا وجبة وصيحة ، فإذا صاعقة قد سقطت على سطح البيت فأحرقته وأحرقت
الكلب
، فصار رماداً ، وعجّل الله بروحه إلى نار جهنّم
.
قال الواقدي : فقلت للرشيد : يا أمير
المؤمنين ، هذه معجزة وعِظة وُعِظتَ بها ، فاتق الله في ذريّة هذا الرجل . فقال الرشيد : أنا تائب إلى الله تعالى ممّا كان منّي ، وأحسنتُ توبتي .
٢٠١ / ٢ ـ عن محمّد بن كثير ، ومندل بن
عليّ العنزيّ ، وجرير بن عبد الحميد ـ وزاد بعضهم على بعض في اللفظ ، وقال بعضهم ما لم يقل البعض ، وسياق الحديث لمندل ـ عن الأعمش ، قال : بعث إليّ أبو جعفر الدوانيقي في جوف الليل أن أجب ، فبقيت متفكراً فيما بيني وبين نفسي ، فقلت : ما بعث إليَّ أمير المؤمنين في هذه الساعة إلّا ليسألني عن فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السلام ولعلني إن أخبرته قتلني .
قال : فكتبت وصيّتي ، ولبست كفني ،
ودخلت عليه ، فقال : ادن منّي . فدنوت منه ، وعنده عمرو بن عبيد ، فلمّا رأيته طابت نفسي شيئاً ، ثمّ قال : أدن . فدنوت حتّى كادت تمس ركبتي ركبته .
قال : فوجد رائحة الحنوط منّي ، فقال :
والله لتصدقني وإلّا صلبتك . قلت : ما حاجتك يا أمير المؤمنين ؟
قال : ما شأنك متحنطاً ؟
قلت : أتاني رسولك في جوف الليل أن أجب
، فقلت في نفسي : عسى أن يكون أمير المؤمنين بعث إليَّ في هذه الساعة ليسألني عن فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، ولعلي إن أخبرته قتلني ، فكتبت
___________________
وصيتي ، ولبست كفني .
قال : فكان متكئاً فاستوى جالساً . وقال
: لا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم ، أسألك الله يا سليمان ، كم حديثاً تروي في فضائل عليّ أمير المؤمنين عليه السلام ؟ فقلت : يسيراً يا أمير المؤمنين .
فقال : كم ؟ قلت : عشرة آلاف حديث فما
زاد .
فقال لي : يا سليمان والله لأحدّثك
بحديث في فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السلام تنسى كلّ حديث سمعته . فقلت : حدّثني يا أمير المؤمنين .
قال : نعم ، كنت هارباً من بني أميّة ،
وكنت أتردّد في البلدان ، فأتقرب إلى الناس بفضائل عليّ بن أبي طالب ـ في حديث طويل ـ حتّى وردت بعض البلاد ، فدخلت مسجداً ، وحدثت بين يدي إمام المسجد بفضائل عليّ عليه السلام ، فقال : ممّن أنت يا فتى ؟ قلت : من أهل الكوفة . قال : عربي أم مولى ؟ قلت : بل عربي .
فكساني وحملني وأرشدني إلى أخوين له ،
أحدهما إمام ، والآخر مؤذن ، وأخذ بيدي حتّى أتى الإِمام ، ورجع ، فإذا أنا برجل قد خرج إليَّ ، فقال : أمّا البغلة والكسوة فأعرفهما ، والله ما كان فلان يحملك ويكسوك إلّا أنّك تحبّ الله عزّ وجلّ ورسوله (ص) ، فحدثني بحديث في فضائل عليّ صلوات الله عليه فحدّثته ، وذكرت الحديث .
فلمّا قلت ذلك قال لي : يا بني ، من أين
أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة . قال : عربي أم مولى ؟ قلت : بل عربي . فكساني ثلاثين ثوباً وأعطاني عشرة آلاف دينار ـ أو درهم ـ ثمّ قال : يا شاب ، وقد أقررت عيني ولي إليك حاجة . قلت : قضيت إن شاء الله .
قال : إذا كان غداً فأت مسجد آل فلان ،
كي ترى أخي المبغض لعليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه .
قال : فطالت عليَّ تلك الليلة ، فلمّا
أصبحت أتيت المسجد الذي وصف لي ، فقمت للصلاة
فإذا إلى جنبي شاب متعمّم ، فذهب ليركع فإذا قد سقطت عمامته من رأسه ، فنظرت في وجهه فإذا رأسه رأس خنزير ، ووجهه وجه خنزير ، فوالله ما علمت ما تكلمت به في صلاتي حتّى سلّم الإِمام ، فقلت : يا ويحك ، ما الذي أرى بك ؟! فبكى ، وقال لي : انظر إلى هذه الدار . فنظرت ، فقال لي : ادخل . فدخلت .
فقال : كنت مؤذناً لآل فلان ، كلّما
أصبحت لعنت عليّاً بين الأذان والإِقامة ألف مرّة ، وكلّما كان يوم الجمعة لعنته أربعة آلاف مرة فخرجت من منزلي ، فأتيت داري فاتكأت على هذا الدكان الذي ترى ، فنمت ، فرأيت في المنام كأنّي بالجنّة وفيها رسول الله (ص) وعليّ فرحين ، ورأيت كأنّ النبيّ (ص) عن يمينه الحسن عليه السلام ، وعن يساره الحسين عليه السلام ، ومعه كأس وقال : «يا حسين اسقني» فسقاه فقال : «اسق الجماعة» فشربوا .
ثمّ رأيت كأنّه قال : «اسق المتكئ على
هذا الدكان» فقال له الحسين : «يا جدّاه ، أتأمرني أن أسقي هذا ، وهو يلعن والدي في كل يوم ألف مرة بين الأذان والإِقامة ، وقد لعنه في هذا اليوم أربعة آلاف مرّة ؟!» .
فأتاني النبيّ (ص) وقال لي : «مالك عليك
لعنة الله تلعن عليّاً وعليّ منّي ، وتشتم عليّاً وعليّ منّي ؟!» فرأيته كأنّه قد تفل في وجهي ، وضربني برجله ، وقال : «قم غيّر الله ما بك من نعمة» فانتبهت من نومي فإذا رأسي رأس خنزير ، ووجهي وجه خنزير .
ثمّ قال لي أبو جعفر الدوانيقي : أهذان
الحديثان في يدك ؟ قلت : لا .
___________________
فقال : يا سليمان ، حبّ عليّ إيمان ،
وبغضه كفر
، والله لا يحبّه إلّا مؤمن ، ولا يبغضه إلّا منافق .
٢٠٢ / ٣ ـ عن جعفر بن محمّد الدوريستي ،
قال : حضرت بغداد في سنة إحدى وأربعمائة في مجلس المفيد أبي عبد الله رضي الله عنه ، فجاءه علوي وسأله عن تأويل رؤيا رآها ، فأجاب ، فقال : أطال الله بقاء سيّدنا ، أقرأت علم التأويل ؟ قال : إنّي قد بقيت في هذا العلم مدّة ، ولي فيه كتب جمّة .
ثمّ قال : خذ القرطاس واكتب ما أملي
عليك .
قال : كان ببغداد رجل عالم من أصحاب
الشافعي ، وكان له كتب كثيرة ، ولم يكن له ولد ، فلمّا حضرته الوفاة دعا رجلاً يقال له جعفر الدقّاق وأوصى إليه ، وقال : إذا فرغت من دفني فاذهب بكتبي إلى سوق البيع
وبعها ، واصرف ما حصل من ثمنها في وجوه المصالح التي فصّلتها . وسلّم إليه التفصيل .
ثمّ نودي في البلد : من أراد أن يشتري
الكتب فليحضر السوق
الفلاني فإنّه يباع فيه الكتب من تركة فلان .
فذهبت إليه لأبتاع كتباً ، وقد اجتمع
هناك خلق كثير ، ومن اشترى شيئاً من كتبه كتب عليه جعفر الدقّاق للوصي ثمنه ، وأنا قد اشتريت أربعة كتب في علم التعبير ، وكتبت ثمنها على نفسي ، وهو يشترط على من ابتاع توفية الثمن في الأسبوع ، فلمّا هممت بالقيام قال لي
___________________
جعفر : مكانك يا شيخ
، فإنّه جرى على يدي أمر لأذكره لك ، فإنّه نصرة لمذهبك .
ثمّ قال لي : إنّه كان لي رفيق يتعلّم معي
، وكان في محلة باب البصرة رجل يروي الأحاديث ، والناس يسمعون منه ، يقال له : (أبو عبد الله المحدث) وكنت ورفيقي نذهب إليه برهة من الزمان ، ونكتب عنه الأحاديث ، وكلّما أملى حديثاً من فضائل أهل البيت عليهم السلام طعن فيه وفي روايته ، حتّى كان يوماً من الأيّام فأملى في فضائل البتول الزهراء وعليّاً صلوات الله عليهما ، ثمّ قال : وما تنفع هذه الفضائل عليّاً وفاطمة ، فإنّ عليا يقتل المسلمين . وطعن في فاطمة ، وقال فيها كلمات منكرة .
قال جعفر فقلت لرفيقي : لا ينبغي لنا أن
نأتي هذا الرجل ، فإنّه رجل لا دين له ولا ديانة ، وإنّه لا يزال يطوّل لسانه في عليّ وفاطمة ، وهذا ليس بمذهب المسلمين .
قال رفيقي : إنّك لصادق ، فمن حقنا أن
نذهب إلى غيره [ فإنه رجل ضال . فعزمنا أن نذهب إلى غيره ] ولا نعود إليه .
فرأيت من الليلة كأنّي أمشي إلى المسجد
الجامع ، فالتفت فرأيت أبا عبد الله المحدّث ، ورأيت أمير المؤمنين راكباً حماراً مصرياً ، يمشي إلى المسجد الجامع ، فقلت في نفسي : واويلاه أخاف أن يضرب عنقه بسيفه . فلمّا قرب منه ضرب بقضيبه عينه اليمنى ، وقال له : «يا ملعون ، لم تسبني وفاطمة ؟!» فوضع المحدّث يده على عينه اليمنى ، وقال : أو أعميتني .
قال جعفر : فانتبهت وهممت أن أذهب إلى
رفيقي وأحكي له ما رأيت ، فإذا هو قد جاءني متغير اللون ، فقال : أتدري ما وقع ؟! فقلت
___________________
له : قل . فقال :
رأيت البارحة رؤيا في أبي عبد الله المحدّث . فذكر ، فكان كما ذكرته من غير زيادة ولا نقصان ، فقلت له : أنا رأيت مثل ذلك ، وكنت هممت بإتيانك لأذكره لك ، فاذهب بنا الآن مع المصحف لنحلف له أنّا رأينا ذلك ، ولم نتواطأ عليه ، وننصح له ليرجع عن هذا الاعتقاد .
فقمنا ومشينا إلى باب داره ، فإذا الباب
مغلق ، فقرعنا ، فجاءت جارية وقالت : لا يمكن أن يرى الآن . فرجعت ، ثمّ قرعنا الباب ثانية فجاءت وقالت : لا يمكن ذلك . فقلنا ما وقع له ؟ فقالت : إنّه قد وضع يده على عينه ، ويصيح من نصف الليل ، ويقول : إنّ عليّ بن أبي طالب قد أعماني . ويستغيث من وجع العين فقلنا لها : افتحي الباب فإنّا قد جئناه لهذا الأمر . ففتحت ، فدخلنا ، فرأيناه على أقبح هيئة ، ويستغيث ويقول : مالي ولعليّ بن أبي طالب ، ما فعلت به ، فإنّه قد ضرب بقضيب على عيني البارحة وأعماني .
قال جعفر : وذكرنا له ما رأينا في
المنام ، وقلنا له : إرجع عن اعتقادك الذي أنت عليه ، ولا تطوّل لسانك فيه . فأجاب وقال : لا جزاكما الله خيراً ، لو كان عليّ بن أبي طالب أعمى عيني الأخرى لما قدّمته على أبي بكر وعمر . فقمنا من عنده ، وقلنا : ليس في هذا الرجل خير .
ثمّ رجعنا إليه بعد ثلاثة أيّام لنعلم
ما حاله فلمّا دخلنا عليه وجدناه أعمى بالعين الأخرى ، فقلنا له : أما تغيرت ؟! فقال : لا والله ، لا أرجع عن هذا الاعتقاد ، فليفعل عليّ بن أبي طالب ما أراد . فقمنا ورجعنا .
ثم عدنا إليه بعد أسبوع لنعلم إلى ما
وصل حاله ، فقيل : إنّه قد دفن وارتدّ ابنه ، ولحق
بالروم تعصباً على عليّ بن أبي طالب
___________________
صلوات الله عليه ،
فرجعنا وقرأنا : ( فَقُطِعَ دابِرُ
الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ )
.
وقد نقلت ذلك من النسخة التي انتسخها
جعفر الدوريستي بخطه ، ونقلها إلى الفارسية في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ، ونحن نقلناها إلى العربية من الفارسية ثانياً ببلدة كاشان ، والله الموفق في مثل هذه السنة : سنة ستين وخمسمائة .
٢٠٣ / ٤ ـ عن عثمان بن عفّان الشجري ،
قال : خرجت في طلب العلم ، ودخلت البصرة ، فصرت إلى محمّد بن عبّاد صاحب عبادان ، فقلت : إنّي رجل غريب أتيتك من بلد بعيد لأقتبس من علمك شيئاً . فقال لي : من أين أنت ؟ ؟ فقلت من سجستان .
قال : من بلد الخوارج . فقلت : لو كنت
خارجياً ما طلبت علمك .
فقال : ألا أخبرك بحديث حسن ، حتّى إذا
أنت دخلت بلادك تحدّث به الناس ؟ فقلت : بلى .
قال : اكتب عنّي : كان لي جار ، وكان من
المتعبدين ، فرأى في منامه كأنّه قد مات ، ودفن ، وحشر ، وحوسب ، وعبر على الصراط ، قال : فمررت بحوض النبيّ (ص) فإذا النبيّ (ص) جالس على شفير الحوض ، والحسن والحسين يسقيان الأمّة ، فصرت إلى الحسن صلوات الله عليه فاستقيته ، فأبى أن يسقيني ، فصرت إلى الحسين عليه الصلاة والسلام فاستسقيته ، فأبى أن يسقيني ، فصرت إلى
___________________
النبيّ (ص) فقلت : يا
رسول الله ، إنّي رجل من أمّتك ، صرت إلى الحسن فاستسقيته فلم يسقني وأبى ، فصرت إلى الحسين فاستسقيته فأبى !
قال (ص) : «وإن قصدت أمير المؤمنين لا
يسقيك» فبكيت ، وقلت : يا رسول الله ، إنّي رجل من أمّتك ومن شيعة عليّ .
قال : «لك جارٌ يلعن عليّاً ـ صلوات
الله عليه ـ فلم تنهه» قلت : يا رسول الله ، إنّي رجل ضعيف ، ليس لي قوة ، وهو من حاشية السلطان .
قال : فأخرج النبيّ (ص) سكّيناً وقال : «امض
واذبحه» فأخذت السكّين من يد النبيّ (ص) وصرت إلى داره ، ووجدت الباب مفتوحاً فدخلت ، فأصبته نائماً على
فراشه فذبحته ، ورجعت إلى النبيّ (ص) فقلت : يا رسول الله ، لقد ذبحته ، وهذه السكّين ملطخة بدمه . فقال : «هاتها» فدفعتها إليه ، ثمّ قال للحسن صلوات الله عليه : «اسقه» فناولني الكأس فما أدري شربت أم لا ثمّ انتبهت فزعاً مذعوراً
فقمت إلى الصلاة .
فلمّا انتشر عمود الصبح سمعت صراخ
النساء ، فقلت لجاريتي : ما هذا الصراخ ؟ قالت : يا مولاي ، إنّ فلاناً وجد على فراشه مذبوحاً . فما كان إلّا ساعة يسيرة حتّى جاء الحاجب وأعوانه يأخذون الجيران ، فصرت إلى الأمير وقلت : أيّها الأمير ، اتق الله عزّ وجلّ ، إنّ القوم براء ، وأنا ذبحته . فقال الأمير : ويحك ، ماذا تقول ؟ لست عندنا بمتهم على مثل هذا ! فقلت : أيّها الأمير ، هذا شيء في المنام وحكيت الحكاية بأسرها ، قال الأمير : جزاك الله خيراً ، أنت بريء ، والقوم براء .
___________________
٢٠٤ / ٥ ـ وحدّث جماعة من أهل خراسان ،
قالوا : اتهم الأمير داود ولد السلطان البارسلان الشريف أبا عليّ بن عبيد الله العلوي المعروف بابن نودولت بالميل إلى آل محمّد (ص) ، فقبض عليه وأخذ منه مائة ألف درهم وثلاثون ألف دينار وخمسين ، وحبسه ، وشدّد عليه ، فرأى أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة في المنام كأنّه قد أعطاه قارورة فيها كافور ، وقال له افرج عن أبي عليّ العلوي ، واردد عليه ماله» .
فاستيقظ ونسي المنام ، ثمّ رقد رقدةً
ثانية فرآه عليه السلام راكباً على فرس أشهب ، وبيده سيف مصلت ، فقال له : «ألم أقل لك افرج عن ولدي» وكأنّه صلوات الله عليه قتل النفر الأربعة الذين كانوا في دار العلوي الموكّلين به ، وضرب رقابهم ، وبانت رؤوسهم ، ولطم الأمير جعفراً بكفّه لطمة انتشر بعض محاسنه ، وحمّ من أجله ، وقال : «يا شقي ، افرج عنه ، أو أقتلك» فقال : بل أفرج عنه .
فاستيقظ وهو مهموم محموم ، وفرج عن
العلوي وردّ عليه جميع ما أخذه من ماله ، وغرم له بقيّته .
فلمّا أصبح أحضر أولاد الموكّلين الذين
كانوا في دار العلوي ، فسألهم عن آبائهم ، فقالوا : شاهدناهم البارحة في دار العلوي . فقال : امضوا . فلمّا مضوا شاهدوهم ، وقد بانت رؤوسهم عن أبدانهم وهلكوا .
٢٠٥ / ٦ ـ عن عيسى بن عبد الله ، عن شيخ
من قريش ، ولم يسمّه ، قال : رأيت رجلاً بالشام قد اسودّ نصف وجهه ، وهو مغطيه ، فسألته عن سبب ذلك ، فقال : نعم ، قد حلفت بالله تعالى أن لا يسألني عن ذلك أحد إلّا حدّثته .
___________________
كنت شديد الوقيعة في أمير المؤمنين علي
صلوات الله عليه ، كثير الذكر له بالمكروه ، فبينما أنا ذات ليلة نائم ، إذ أتاني آتٍ في المنام ، فقال : أنت صاحب الوقيعة في عليّ صلوات الله عليه ؟ فقلت : بلى . فضرب شق وجهي ، فأصبحت وشق وجهي أسود كما ترى ولا شك في ذلك ولا شبهة .
٢٠٦ / ٧ ـ عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر
صلوات الله عليه ، قال : «بينما أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه في مسجد الكوفة يجهز إلى معاوية ، ويحرّض الناس على قتاله إذ اختصم إليه رجلان فعلا صوت أحدهما في الكلام فالتفت إليه أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وقال له : «اخسأ» فإذا رأسه رأس كلب ، فبهت الذين حوله ، فقال الرجل بأصابعه وتضرّع إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال من حوله : يا أمير المؤمنين ، أقله عثرته . فحرّك شفتيه ، فعاد كما كان .
فوثب أصحابه وقالوا : يا أمير المؤمنين
، القدرة تمكنك على ما تريد ، وأنت تجهز إلى
معاوية ؟!
فأطرق هنيهة ورفع رأسه ثمّ قال : «والذي
فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لو شئت أن أطول برجلي هذه القصيرة في طول هذه الفيافي التي تسيرونها ، وهذه الجبال والأودية حتّى أضرب بها صدر معاوية لفعلت ، ولو أقسمت على الله تعالى أن أؤتى به قبل أن أقوم من مجلسي هذا ، وقبل أن يرتد إلى أحدكم الطرف لفعل ، ولكن (
عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) »
.
___________________
٢٠٧ / ٨ ـ وروي أنّه اختصم إليه رجل
وامرأة ، فحكم للمرأة عليه ، فغضب الرجل ، وأسف وعلا صوته صوت أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله . . . والباقي بحاله .
___________________
٣ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في الأشجار
وفيه
: أربعة أحاديث
٢٠٨ / ١ ـ عن عمرو بن شمر ، عن جابر ،
عن بعض أصحابنا ، عن محمّد بن أبي بكر ، قال : اعتل الحسن بن عليّ عليهما السلام فاشتهى علي أمير المؤمنين رمّانة ، فمدّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه يده إلى إسطوانة المسجد ، ودعا ربّه بما لم نفهمه ، فخرج منها غصن فيه أربع رمّانات ، فدفع إلى الحسن اثنتين ، وإلى الحسين اثنتين ، ثمّ قال : «هذه من ثمار الجنّة» فقلنا : يا أمير المؤمنين ، أو تقدر عليها ؟! فقال : «أو لست قسيم الجنّة والنار بين أمّة محمّد (ص) ؟!» .
٢٠٩ / ٢ ـ عن عبد الله بن عبد الجبّار ،
عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، عن آبائه ، عن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله ، قال : «كنا قعوداً عند مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله في دار له ، وفيها شجرة رمّانة يابسة ، إذ دخل عليه قوم من مبغضيه ، وعنده قوم من محبيه ، فسلّموا ، فأمرهم بالجلوس فجلسوا ، فقال صلوات الله عليه : إنّي أريكم اليوم آية تكون
___________________
فيكم كمثل المائدة في
بني إسرائيل إذ قال الله (
إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ
أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ )
.
ثمّ قال صلوات الله عليه انظروا إلى
الشجرة ، فرأيناها قد جرى الماء من عودها ، ثمّ اخضرّت وأورقت وعقدت ، وتدلّى حملها على رؤوسنا ، ثمّ التفت عليّ عليه السلام إلى النفر الذين هم محبوه ، وقال : مدّوا أيديكم وتناولوها ، وقولوا : بسم الله الرحمن الرحيم» .
قال : فقلنا : بسم الله الرحمن الرحيم ،
فتناولنا وأكلنا رمّانة لم نأكل قط شيئاً أعذب منها ولا أطيب .
ثمّ قال عليه السلام للنفر الذين هم
مبغضوه : مدّوا أيديكم وتناولوا وكلوا فمدّوا أيديهم ، فكلما مدّ رجل يده إلى رمّانة ارتفعت ، فلم يتناولوا شيئاً ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، ما بال إخواننا مدّوا أيديهم فتناولوها وأكلوها ، ومددنا أيدينا فلم تصل ؟
فقال لهم عليه السلام : «كذلك والذي بعث
محمّداً (ص) بالحقّ نبيّاً الجنّة ، لا ينالها إلّا أولياؤنا ، ولا يبعد عنها إلّا أعداؤنا ومبغضونا»
.
٢١٠ / ٣ ـ عن أبي الزبير ، قال : سألت
جابر بن عبد الله رضي الله عنه : هل كان لعليّ صلوات الله عليه آيات ؟ فقال : إي والله ، كانت له سيرة حضرتها الجماعة والجماعات ، لا ينكرها إلّا معاند ، ولا يكتمها إلّا كافر .
منها : أنّا سرنا معه في مسير ، فقال
لنا : «امضوا لأن نصلي تحت هذه السدرة ركعتين» فمضينا ، ونزل تحت السدرة ، فجعل يركع ويسجد ، فنظرنا إلى السدرة وهي تركع إذا ركع ، وتسجد إذا سجد ،
___________________
وتقوم إذا قام ،
فلمّا رأينا ذلك عجبنا ، ووقفنا حتّى فرغ من صلاته ، ثمّ دعا فقال : «اللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد» فنطقت أغصان الشجرة تقول : آمين آمين .
ثم قال : «اللَّهمّ صلِّ على شيعة محمّد
وآل محمّد» فقالت أوراقها وأغصانها وقضبانها : آمين آمين .
ثمّ قال : «اللّهم العن مبغضي محمّد وآل
محمّد ، ومبغضي شيعة محمّد وآل محمّد» فقالت الأوراق والقضبان والأغصان والسدرة : آمين آمين .
وفي الحديث طول .
٢١١ / ٤ ـ عن الحارث الأعور ، قال :
خرجنا مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه إلى العاقول ، فإذا هو بأصل شجرة قد وقع لحاؤها وبقي عودها ، فضربها بيده الشريفة ، ثمّ قال : «ارجعي بإذن الله خضراء ذات ثمرة» فإذا هي تهتز بأغصانها ، وأخرجت حملها الكمثري فقطعنا
وأكلنا وحملنا معنا ، فلمّا أن كان من الغد غدونا إليها فإذا نحن بها خضراء فيها الكمثري .
___________________
٤ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته مع الحيّات
وفيه
: أربعة أحاديث
٢١٢ / ١ ـ عن الحارث الأعور ، قال :
بينما أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله على منبر الكوفة يخطب الناس إذ نظر إلى زاوية من زوايا المسجد ، فقال : «يا قنبر ، ائتني بما في تلك الجحرة»
فانطلق قنبر ، فلمّا دنا من الجحرة فإذا هو بحيّة كأحسن ما يكون من الحيات ، فجزع قنبر من ذلك ، ثمّ أخذه فانفلت من يده ، ثمّ أقبل إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو على المنبر ، فالتقم أذنه وجعل يسارّه ،
ثمّ انصرف ، وجعل يتخلل الصفوف حتّى أتى الجحرة .
فتفكر أمير المؤمنين صلوات الله عليه
وبكى طويلاً ، ثمّ قال : «أتعجبون ؟» قالوا : ما لنا لا نتعجب ؟! قال : «أترون هذا الشجاع ، إنّه بايع رسول الله (ص) على السمع والطاعة لي ، فهو سامع مطيع ، وأنا وصي رسول الله (ص) آمركم بالسمع والطاعة لي ، فمنكم من يسمع ويطيع ، ومنكم من لا يسمع ولا يطيع !» .
___________________
٢١٣ / ٢ ـ وعنه ، قال : بينا أمير
المؤمنين عليه السلام يخطب الناس على المنبر يوم الجمعة ، إذ أقبل أفعى من باب الفيل ، رأسه أعظم من رأس البعير ، يهوي إلى المنبر .
قال : فافترق الناس فرقتين ، وجاء حتّى
صعد المنبر ، ثمّ تطاول إلى أذن أمير المؤمنين عليه السلام ، فأصغى إليه بأذنه ، فأقبل إليه يسارّه ملياً
ثمّ مضى ، فلمّا بلغ باب الفيل انقطع أثره ، فلم يبق مؤمن إلَّا قال : هذا من عجائب أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله ؛ ولم يبق منافق إلَّا قال : هذا من سحره .
فقال صلوات الله عليه وآله : «أيّها
الناس ، إنّ هذا الذي رأيتم وصي محمّد (ص) على الجنّ ، وأنا وصيّه على الإِنس ، وقد وقعت بينهم ملحمة تهادرت فيها الدماء ، ولم يدر ما المخرج منها ، فأتاني في ذلك ، وتمثل في هذا المثال يريكم فضلي ، وهو أعلم بفضلي عليكم منكم» .
٢١٤ / ٣ ـ عن سفيان الثوري ، عن أبي عبد
الله صلوات الله عليه ، عن آبائه ، قال : «دخل رسول الله (ص) على عائشة ، فأخذ منها ما يأخذ الرجل من المرأة ، فاستلقى (ص) على السرير ، فنام ، فجاءت حيّة حتّى صارت على بطنه ، فنظرت عائشة إلى النبيّ (ص) والحية على بطنه ، فوجّهت إلى أبي بكر .
فلمّا أراد أبو بكر أن يدخل على رسول
الله (ص) وثبت الحيّة في وجهه ، فانصرف .
___________________
ثمّ توجّهت إلى عمر بن الخطّاب ، فلمّا
أراد أن يدخل وثبت في وجهه ، فانصرف .
فقالت ميمونة وأمّ سلمة رضي الله عنهما
: وجّهي إلى عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه . قالت : فوجّهت إلى عليّ ، فلمّا دخل عليّ قامت الحيّة في وجهه ، تدور حول عليّ عليه السلام ، وتلوذ به ، ثمّ صارت في زاوية البيت ، فانتبه النبيّ (ص) ، فقال : يا أبا الحسن ، أنت ها هنا ؟! فقليلاً ما كنت تدخل دار عائشة . فقال : يا رسول الله دُعيت .
فتكلمت الحيّة وقالت : يا رسول الله ،
إنّي ملك غضب عليَّ ربّ العالمين ، فجئت إلى هذا الوصيّ أطلب إليه أن يشفع لي إلى الله تعالى .
فقال : ادع له حتّى أؤمن على دعائك .
فدعا عليَّ ، وأمّن النبيّ (ص) ، فقالت الحيّة : يا رسول الله ، قد غفر الله لي ، وردّ عليَّ جناحي» .
٢١٥ / ٤ ـ وروي من طريق آخر ، أنّ
النبيّ (ص) جعل يدعو والمَلَكُ يُكسى ريشة حتّى التأم جناحه ، ثمّ عرج إلى السماء ، فصاح صيحة ، فقال النبيّ (ص) : «أتدري ما قال الملك ؟» قال : «لا» .
قال : «يقول : جزاك الله من ابن عم عن
ابن عم
خيراً» .
___________________
٥ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته مع الأسد
وفيه
: ثلاثة أحاديث
٢١٦ / ١ ـ أخبر الحارث الأعور ، قال :
كنّا مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه في جبانة بني أسد وقوفاً ، إذ أقبل أسد يهوي إليه ، فتضعضعنا من خوفه ، فقال صلوات الله عليه : «مه» وأقبل الأسد حتّى قام بين يديه ، فوضع يده بين أذنيه وقال : «ارجع بإذن الله تعالى ، ولا تدخل في دار هجرة بعد اليوم ، وبلّغ ذلك السباع عني» .
٢١٧ / ٢ ـ عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن
يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه ، قال : قال عليّ صلوات الله عليه لجويرية ابن مسهر ، وقد عزم على الخروج إلى ضيعة له : «كيف أنت إذا لقيك أبو الحارث ؟» في حديث طويل له ، حتّى قال : فما الحيلة له ؟ قال : «تقرؤه منّي السلام ، وتخبره أنّي أعطيتك منه الأمان» .
فخرج جويرية ، وبينا هو يسير على دابته
إذ أقبل نحوه
أسد ، فقال له جويرية : يا أبا الحارث ، إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه يقرئك السلام ، وأنّه قد آمنني منك .
___________________
قال : فولّى الليث عنّي مطرقاً برأسه
يهمهم ، حتّى غاب في الأجمة يهمهم خمساً ، ثمّ غاب ، ومضى جويرية في حاجته ، فلمّا انصرف إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقال : كان من الأمر كذا وكذا ، قال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام : «ما قلت لليث ؟ وما قال لك ؟»
قال جويرية : قلت له ما أمرتني به ،
وبذلك انصرف عنّي ، وأمّا ما قال الليث فالله ورسوله ووصي
رسوله أعلم .
قال : «إنّه ولّى عنك يهمهم ، فأحصيت له
خمس همهمات ، ثمّ انصرف عنك» . قال جويرية : صدقت ، فوالله يا أمير المؤمنين هكذا هو .
فقال صلوات الله عليه : «إنّه قال :
فاقرأ وصي محمّد مني السلام ، وعقد بيده خمساً» .
٢١٨ / ٣ ـ عن موسى بن جعفر العابد ، قال
: حملني أبي على كتفه ، وأنا يومئذ صبي ، إلى قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فلمّا صار في بعض الطريق رأيت حماراً مارّاً فقلت : يا أبه ، هذا حمار مار قال : نعم . قلت : يا أبه ، هو يعرج . قال : نعم .
فلم يزل يسير ، ونحن نسير حتّى سبقنا
إلى القبر ، ثمّ رأيته وقد انصرف من عند القبر ، وهو يمشي وليس يعرج ، فمشينا إلى قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وهو يومئذ ليس عليه حائط ولا قبّة وعنده جب ، فرأيت أبي قد تقرّب إلى القبر وكنس عنه شيئاً ، وأخذه على خرقة فرمى به ، فقلت : يا أبه ، أيش هذا ؟ قال : يا بني ، إنّ الذي رأيته السبع ، وتوهمت أنّه حمار ، وإنّ يده كانت منتفخة ، وإنّه وضعها على
___________________
القبر فانفتحت ، فسال
منها هذا ، ورجع وهو يمشي صحيحاً . ثمّ حملني إلى المنزل ، وقال ذلك لوالدتي .
قال المصنف رحمه الله تعالى : إنّ في
ذلك لما يدل على عظيم منزلته ، وشرف محله عند الله عزّ وجلّ ، إذ ألهم الله سبحانه وتعالى البهائم وما لا يعقل جلالة قدره ، حتّى التجأ إلى قبره ، واستشفى بتربته ، وتواضع لعظمته ، إنّ في ذلك لعبرة لأولي الألباب ، والله الموفق .
٦ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته مع الشمس
وفيه
: ثلاثة أحاديث
٢١٩ / ١ ـ عن داود بن كثير الرقّي ، عن
جويرية بن مسهر ، قال : لمّا رجعنا من قتال أصحاب النهروان مررنا ببابل ، فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : «إنّ هذه أرض معذّبة ، قد عذّبت مرتين ، وقد هلك فيها مائة ألف ومائتان ، فلا يصلّي فيها نبيّ ولا وصي نبيّ ، فمن أراد
منكم أن يصلّي فليصل العصر» .
قال جويرية : فقلت : والله ، لأقلدن
اليوم ديني وأمانتي عليّ
بن أبي طالب عليه السلام .
قال : فسرنا إلى أن غابت الشمس ، واشتبكت
النجوم ، ودخل وقت العشاء الآخرة ، فلمّا أن خرجنا من أرض بابل نزل صلوات الله عليه عن البغلة ، ثمّ نفض التراب عن حوافرها ، ثمّ قال لي : «يا جويرية ، انفض التراب عن حوافر دابّتك» قال : ففعلت ؛ ثمّ قال لي :
___________________
«يا جويرية ، أذّن
للعصر» .
قال : فقلت : ثكلتك أمّك يا جويرية ،
ذهب النهار ، وهذا الليل ! فأذّنت للعصر ، فرجعت الشمس ، فسمعت لها صريراً كصرير البكرة ، حتّى عادت إلى موضعها للعصر بيضاء نقية .
قال : فصلّى أمير المؤمنين صلوات الله
عليه ، ثمّ قال : «أذّن للمغرب يا جويرية» فأذّنت ، فرأيت الشمس راجعة كالفرس الجواد ، ثمّ صلّيت المغرب ، ثمّ قال : «أذّن للعشاء الآخرة» فأذّنت ، وصلّينا العشاء الآخرة ، ثمّ قلت : وصي محمّد وربّ الكعبة ـ ثلاث مرات ـ لقد ضلّ وهلك وكفر من خالفك .
ولقد رجعت له الشمس مرّة أخرى في عهد
النبيّ صلوات الله عليه وآله وهو ما روى :
٢٢٠ / ٢ ـ أبو جعفر عليه السلام ، قال :
«بينا النبيّ (ص) نام عشية ورأسه في حجر عليّ صلوات الله عليهما ، ولم يكن عليّ صلّى العصر ، وقد دنت المغرب ، فقال له : يا عليّ ، أصليت العصر ؟ فقال : لا . فقال النبيّ (ص) : «اللّهمّ إنّ عليّاً كان في طاعة رسولك ، فاردد عليه الشمس . فعادت الشمس إلى موضعها وقت العصر .
وقد أحسن في ذلك أبو هاشم محمّد بن
إسماعيل الحميريّ ؛ والملقب بالسيد ، قال شعراً :
ردّت عليه الشمس لمّا فاته
|
|
وقت الصلاة وقد دنت للمغرب
|
___________________
حتّى تبلّج نورها في وقتها
|
|
للعصر ثمّ هوت هوي الكوكب
|
وعليه قد حُبست ببابل مرّة
|
|
أخرى وما حبست لخلق المغرب
|
إلّا ليوشع وله من بعده
|
|
ولردها تأويل أمر معجب
|
٢٢١ / ٣ ـ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : كنّا مع النبيّ (ص) إذ دخل عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فقال رسول الله (ص) : «يا أبا الحسن ، أتحب أن أريك كرامتك على الله ؟» قال : «نعم ، بأبي أنت وأمّي يا رسول الله» .
قال : «إذا كان غداً فانطلق إلى الشمس
معي فإنّها ستكلمك بإذن الله تعالى» .
قال : فماجت قريش والأنصار بأجمعهم ،
فلمّا أصبح صلّى الغداة ، وأخذ بيد عليّ بن أبي طالب وانطلقا ، ثمّ جلسا ينتظران طلوع الشمس ، فلمّا طلعت ، قال رسول الله (ص) : «يا عليّ ، كلمها فإنّها مأمورة ، وإنّها ستكلمك» .
فقال عليّ عليه السلام : «السلام عليك
ورحمة الله وبركاته ، أيّها الخلق السامع المطيع» .
فقالت الشمس : وعليك السلام ورحمة الله
وبركاته ، يا خير الأوصياء ، لقد أعطيت في الدنيا والآخرة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت . فقال عليّ : «ماذا أعطيت» .
قالت : لم يؤذن لي أن أخبرك فيفتتن
الناس ، ولكن هنيئاً لك ، العلم والحكمة في الدنيا ، وأمّا في الآخرة فأنت ممّن قال الله تعالى :
___________________
(
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا
كَانُوا يَعْمَلُونَ )
وأنت ممّن قال الله
تعالى فيه : ( أَفَمَن كَانَ
مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ )
فأنت المؤمن الَّذي
خصَّك الله بالإِيمان .
وروي أنّ الشمس كلّمته ثلاث مرات .
___________________
٧ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في إقدار الله تعالى إيّاه على ما لم يقدر عليه غيره
وفيه
: أربعة أحاديث
٢٢٢ / ١ ـ عن المفضّل ، عن أبي عبد الله
صلوات الله عليه ، قال : «إنّ مالكاً الأشتر رضي الله عنه قال : حدّثتني نفسي أنّي أشدّ من أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فحرّك دابّته إلى ذي الكلاع الحميري فاستلبه من فوق سرجه ، ورمى به إلى فوق وتلقاه بسيفه ، فقدّه نصفين ، ثمّ قال : «يا أشتر ، أنا أم أنت ؟» فقلت : بل أنت يا أمير المؤمنين .
٢٢٣ / ٢ ـ وذكر عبد الله بن أحمد بن
حنبل فيما رواه عن مشيخته ، عن جابر رضي الله عنه ، أنّ النبيّ (ص) دفع الراية إلى عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله يوم خيبر بعد أن دعا له ، فجعل عليّ يسرع السير ، وأصحابه يقولون له : أرفق . حتّى انتهى إلى الحصن ، فاجتذب بابه ، فألقاه في الأرض ، ثمّ اجتمع عليه سبعون رجلاً ، وكان جاهدهم أن أعادوا الباب .
٢٢٤ / ٣ ـ وروى أبو عبد الله الجدلي ،
قال : سمعت أمير
___________________
المؤمنين صلوات الله
عليه يقول : «عالجت باب خيبر وجعلته مجناً
لي ، وقاتلت القوم ، فلمّا أخزاهم
الله وضعت الباب على حصنهم طريقاً ، ثمّ رميت به في خندقهم» فقال له رجل : لقد حملت منه ثقلاً ! فقال عليه السلام : «ما كان إلّا مثل جُنّتي التي في بدني ، في غير ذلك المقام» وقال الشاعر في ذلك :
إنّ امرأً حمل الرتاج بخيبر
|
|
يوم اليهود بقدرة لمؤيدُ
|
حمل الرتاج رتاج باب قصورها
|
|
والمسلمون وأهل خيبر حشدُ
|
فرمى به ولقد تكلّف ردّه
|
|
سبعون كلهم له متشدّد
|
ردّوه بعد مشقة وتكلّف
|
|
ومقال بعضهم لبعض أردد
|
٢٢٥ / ٤ ـ عن سفيان الثوريّ ، عن الأوزاعيّ ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن حبيب بن الجهم ، قال : لمّا دخل عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه إلى بلاد صفّين نزل بقرية يقال لها صندوداء
، ثمّ أمرنا فسرنا عنها ، ثمّ عرس بنا في أرض بلقع ، فقام مالك بن أبي الحارث الأشتر ، وقال : يا أمير المؤمنين ، أتنزل الناس على غير ماء ؟! فقال : «يا مالك ، إنّ الله عزّ وجلّ سيسقينا في هذا المكان ماءً أعذب من الشهد ، وألين من الزبد ، وأبرد من الثلج ، وأصفى من الياقوت» .
فتعجبنا ـ ولا عجب من قول أمير المؤمنين
عليه السلام ثمّ أقبل يجرّ رداءه ، وبيده سيفه ، حتّى وقف على أرض بلقع ، فقال : «يا
___________________
مالك ، احفر أنت
وأصحابك» .
قال مالك : فاحتفرنا ، فإذا نحن بصخرة
سوداء عظيمة ، فيها حلقة تبرق كاللجين ، فقال لنا : «روموها» فرمناها بأجمعنا ونحن مائة رجل ، فلم نستطع أن نزيلها عن موضعها ، فدنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله رافعاً يده إلى السماء ، وهو يقول : «طاب طاب مريا عالم طيثو ثابوثه (شميا كوبا
جانوثا نوديثا برحوثا)
، آمين آمين ربّ العالمين ، ربّ موسى وهارون» ثمّ اجتذبها فرماها عن العين أربعين ذراعاً .
قال الأشتر : فظهر لنا ماء أعذب من
الشهد ، وألين من الزبد ، وأبرد من الثلج ، وأصفى من الياقوت ، فشربنا وسقينا ثمّ ردّ الصخرة ، وأمرنا أن نحثو عليها التراب ، ثمّ ارتحل ، وسرنا معه .
فلمّا سرنا غير بعيد ، قال : «من منكم
يعرف موضع العين ؟» فقلنا : كلنا يا أمير المؤمنين . فرجعنا وطلبنا العين ، فخفي علينا مكانها أشد خفاء ، وظننا أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه قد رهقه العطش فأومأنا بأطرافنا فإذا نحن بصومعة فيها راهب ، فدنونا منه ، فإذا نحن براهب قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر ، فقلنا : يا راهب ، أعندك ماء نسقي منه صاحبنا ؟ فقال : عندي ماء ، قد استعذبته منذ يومين . فقلنا له : فكيف لو شربت من الماء الذي سقانا منه صاحبنا بالأمس ؟! وحدّثناه بالأمر فدنا منّا بعد خشيته فقال : انطلقوا بنا إلى صاحبكم . فانطلقنا به ، فلمّا بصر به أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : «شمعون» ؟ قال الراهب : نعم شمعون ، هذا اسم سمّتني به أُمِّي ، ما أطلع عليه أحد ، إلّا الله تعالى ، ثمّ أنت ، فكيف عرفته ؟ قال : فأتم حتّى أتمه لك . قال : «وما تشاء يا شمعون ؟» قال : هذه العين ما اسمها ؟ قال : «هذه العين راحوما ، وهي من الجنّة ، وشرب منها ثلاثمائة وثلاثة عشر
___________________
وصيّاً ، وأنا خير
الوصيّين ، شربت منها» . قال الراهب : هكذا وجدت في جميع كتب الإِنجيل ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمداً رسول الله ، وأنّك وصي محمّد (ص) .
ثمّ رحل أمير المؤمنين والراهب يقدمه ،
حتّى نزل صفّين ونزل العابد والتقى الصفّان ، وكان أول من أصابته الشهادة الراهب ، فنزل أمير المؤمنين وعيناه تهملان بالدموع ، وهو يقول : «يحشر المرء مع من أحب ، الراهب معنا يوم القيامة ، ورفيقي في الجنّة» .
٨ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في الاخبار بالغائبات
وفيه
: ستة أحاديث
٢٢٦ / ١ ـ عن ابن عبّاس رضي الله عنه ،
قال : قلت لأمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله وسلم ، وهو متوجه إلى البصرة : يا أمير المؤمنين ، إنّك في نفر يسير ، فلو تنحّيت حتّى يلحق بك الناس . فقال : «يجيئكم من غد في فجكم هذا ، من ناحية الكوفة ثلاثة كراديس ، في كلّ كردوس خمسة آلاف وستمائة وخمس وستون رجلًا» .
قال : قلت : ما أصابني والله أعظم من [
تلك ] الضيقة .
قال : فلمّا أن صلّيت الفجر قلت لغلامي
: اسرج لي . قال : فتوجّهت نحو الكوفة ، فإذا بغبرة قد ارتفعت ، فسرت نحوها ، فلمّا أن دنوت منهم صيح بي : من أنت ؟ قلت : أنا ابن عبّاس ؛ فكفوا ، فقلت لهم : لمن هذه الراية ؟ قالوا : لفلان . قلت : كم أنتم ؟ فقالوا : طوي الديوان عند الجسر على خمسة آلاف وستمائة وخمسة وستين رجلاً .
قال : فمضوا ، ومضيت على وجهي ، فإذا
أنا بغبرة قد ارتفعت ، قال : فدنوت منهم ، فصيح بي : من أنت ؟ فقلت : أنا ابن عبّاس .
___________________
فأمسكوا ، فقلت : لمن
هذه الراية ؟ قالوا : لربيعة . فقلت : من رئيسها ؟ قالوا : زيد بن صوحان العبديّ . فقلت : كم أنتم ؟ قالوا : طوي الديوان عند الجسر على خمسة آلاف وستمائة وخمسة وستين رجلاً .
قال : فمضوا ، ومضيت على وجهي ، فإذا بغبرة
قد ارتفعت ، فأخذت نحوها ، فصيح بي من أنت ؟ قلت : أنا ابن عبّاس . فسكتوا عنّي ، فقلت : لمن هذه الراية ؟ فقالوا : لفلان ، رئيسها الأشتر ، قال : قلت : كم أنتم ؟ قالوا : طوي الديوان عند الجسر على خمسة آلاف وستمائة وخمسة وستين رجلاً .
فرجعت إلى العسكر ، فقال لي أمير
المؤمنين : «من أين أقبلت ؟» فأخبرته ، وقلت له : إنّي لمّا سمعت مقالتك اغتممت ، مخافة أن يجيء الأمر على خلاف ما قلت .
قال : فقال : «نظفر بهؤلاء القوم غداً
إن شاء الله تعالى ، ثمّ نقسّم مالهم فيصيب كلّ رجل منا خمسمائة» .
قال : فلمّا أن كان من الغد أمرهم أمير
المؤمنين صلوات الله عليه أن لا يحدثوا شيئاً حتّى يكون المبتدأ منهم ، فأقبلوا يرمون رجال أمير المؤمنين صلوات الله عليه فأتوه ، فقال لهم : «ما رأيت أعجب منكم ! تأمروني بالحرب والملائكة لم تنزل بعد ؟!» .
فلمّا كان الزوال دعا بدرع رسول الله (ص)
فلبسها وصبها عليه ، ثمّ أقبل على
القوم ، فهزمهم الله تعالى ، فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه للخزان : «اقسموا المال على الناس خمسمائة خمسمائة» فقسّموها ، ففضل من المال ألفا درهم ، فقال للخازن : «أي شيء بقي عندك ؟» فقال : ألفا درهم .
فقال : «أعطيت الحسن والحسين ومحمّد بن
الحنفية خمسمائة
___________________
خمسمائة ، وعزلت لي
خمسمائة ؟» قال : لا .
قال : «فهذه لنا» فلم تزدد
درهم ، ولم تنقصن درهم .
٢٢٧ / ٢ ـ عن عليّ بن النعمان ، ومحمّد
بن سنان ، رفعاه إلى أبي عبد الله صلوات الله عليه ، قال : «إنّ عائشة قالت : التمسوا لي رجلاً شديد العداوة لهذا الرجل ، حتّى ابعثه إليه . فأتيت برجل ، فمثل بين يديها ، فرفعت رأسها وقالت : ما بلغ من عداوتك لهذا الرجل ؟ قال لها : كثيراً ما أتمنى على ربّي أنّه وأصحابه في وسطي فَضُرِبْتُ ضربة بالسيف ، فيسبق السيف الدم .
ثمّ قالت : فأنت له ، فاذهب بكتابي هذا
، فادفعه إليه ، ظاعناً رأيته أو مقيماً ، أما إنّك إن وافيته ظاعناً رأيته راكباً على بغلة رسول الله (ص) متنكباً قوسه ، معلقاً كنانته بقربوس سرجه ، وأصحابه خلفه كأنّهم طيور صواف .
ثمّ قالت له : إن عرض عليك طعامه وشرابه
فلا تتناول
منه شيئاً فإنّ فيه السحر فمضيت واستقبلته راكباً ، فناولته الكتاب ففض خاتمه ، ثمّ قرأه وقال : «هذا والله مالا يكون» فثنى رجله ونزل ، فأحدق به أصحابه ، ثمّ قال : أسألك ، قال : نعم . قال : «وتجيبني» قال : نعم .
قال : «أنشدك بالله ، هل قالت : التمسوا
لي رجلاً شديد العداوة لهذا الرجل ؟» قال : نعم . «فأتيت بك ، فقالت لك : ما بلغ من عداوتك لهذا الرجل ؟ قلت : كثيراً ما أتمنى على ربّي أنّه وأصحابه في وسطي وأضرب بالسيف ضربة فيسبق السيف الدم ؟»
___________________
ثمّ قال : «أنشدك بالله ، أقالت لك إذهب
بكتابي هذا فادفعه إليه ظاعناً كان أو مقيماً ، أما إنّك إن وافيته ظاعناً رأيته راكباً بغلة رسول الله (ص) ، متنكباً قوسه ، معلقاً كنانته بقربوس سرجه ، وأصحابه خلفه كأنهم طير صواف ؟» قال : اللّهم نعم .
قال : «أنشدك بالله ، هل قالت لك : إن
عرض عليك طعامه وشرابه ، فلا تتناول
منه شيئاً ، فإنّ فيه السحر ؟» قال : اللّهم نعم .
قال : «أفمبلغ أنت عني ؟» قال : اللّهمّ
نعم ، فإنّي قد أتيتك وما على وجه الأرض خلق أبغض إليَّ منك ، وأنا الساعة ما على وجه الأرض خلق أحبّ إليّ منك ، فمرني بما شئت .
قال : «ادفع إليها كتابي ، وقل لها : ما
أطعت الله ولا رسوله حيث أمرك بلزوم بيتك ، فخرجت تترددين في العساكر . وقل لطلحة والزبير : ما أنصفتما الله ولا رسوله حيث خلّفتما حلائلكما في بيوتكما وأخرجتما حليلة رسول الله (ص)» .
فجاء بكتابه حتّى طرحه إليها
، وبلّغها رسالته ، ثمّ رجع إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فأصيب بصفين ، فقالت : ما نبعث إليه أحد إلّا أفسده علينا .
٢٢٨ / ٣ ـ عن صعصعة بن صوحان العبديّ ،
قال : لمّا قاتل أبو بكر مسيلمة . وأسرت الحنفية ، وجيء بها إلى المدينة ، ووقفت بين يدي أبي بكر .
٢٢٩ / ٤ ـ وقد روي عن جابر بن عبد الله
الأنصاريّ رضي الله
___________________
عنه ذلك أيضاً ، في
حديث طويل ، وأنا أذكر منه نقاوته : فقال : لمّا وقفت دنا إليها طلحة والزبير فطرحا عليها ثوبهما ، فلمّا رأت ذلك قامت وقالت : لست بعريانة فتكسواني فقيل لها : إنّهما يتزايدان عليك ، فأيّهما زاد عليك أخذك من السبي . قالت : لا يكون ذلك أبداً ، ولا يملكني ، ولا يكون لي بعل إلّا من يخبرني بالكلام الذي قلته ساعة خروجي من بطن أمّي .
فسكت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ، وورد
عليهم ما بهر عقولهم ، وبقوا في دهشة ، فقال أبو بكر : مالكم ينظر بعضكم إلى بعض ؟ فقال الزبير : لقولها الذي سمعت ، جارية من سادات قومها ولم يكن لها عادة بما لقيت ، وقد داخلها الفزع فلا تلوموها إذ قالت ما لا تحصله .
قالت : والله ما داخلني الفزع ولا الجزع
، وما قلت إلّا حقاً ولا نطقت إلّا فصلاً وما كذبت ولا كذّبت . فأخذ أبو بكر وعمر يتحاوران الكلام وأخذ ثوبه من طرحه عليها ، وجلست ناحية من القوم ، فجاء أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه وآله فوقف ونظر إليها ، ثمّ ناداها : «يا خولة» فوثبت فقالت : لبيك .
قال : «لمّا كانت أمّك حاملاً بك ،
وضربها الطلق ، واشتدّ بها الأمر دعت الله وقالت : اللّهمّ سلّمني من هذا الولد
سالماً كان أو هالكاً ؛ وسبقت الدعوة لك بالنجاة ، فناديت من تحتها : لا إله إلّا الله ، يا أمّاه لم تدعين عليَّ وعمّا قليل سيملكني سيّد ، يكون لي منه ولد ؟! فكتبت أمّك ذلك الكلام في لوح نحاس ، فدفنته في الموضع الذي سقطت فيه ، فلمّا كانت تلك الليلة التي قبضت فيها أمّك أوصت إليك بذلك ، فلمّا كان في وقت سبيك أخذت اللوح وشددتيه على عضدك
___________________
الأيمن ؛ هاتي اللوح
فأنا صاحبه ، وأنا أبو ذلك الغلام الميمون واسمه (محمّد)» .
قال : فأخرجته ، فأخذه أبو بكر ودفعه
إلى عمر
حتّى قرأه عليهم ، فلمّا قرأ بكت طائفة ، وحركت أخرى ، واهتدت
إليه ، فما خالف ما في اللوح كلام عليّ صلوات الله عليه حرفاً وقالوا بأجمعهم : صدق الله ، وصدق رسوله إذ قال : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» .
فقال أبو بكر : خذها يا أبا الحسن ،
بارك الله لك فيها .
وفي الحديث طول ، وأنّ أمير المؤمنين
صلوات الله عليه قد تزوّجها وأمهرها ، ولم يطأها بملك اليمين .
٢٣٠ / ٥ ـ عن عبد الله بن عبّاس ، قال :
جلس أمير المؤمنين صلوات الله عليه لأخذ البيعة بذي قار ، وقال : «يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون ولا ينقصون» فجزعت لذلك وخفت أن ينقص القوم عن العدد أو يزيدون عليه ، ويفسد الأمر علينا ، حتّى ورد أوائلهم ، فجعلت أحصيهم فاستوفيت عددهم تسعمائة رجل وتسعاً وتسعين رجلاً ، ثمّ انقطع مجيء القوم . فقلت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ماذا حمله على ما قال ؟ فبينما أنا متفكر في ذلك إذ رأيت شخصاً قد أقبل حتّى دنا ، وإذا هو رجل عليه قباء صوف ، ومعه سيفه وترسه وإداوته ، فقرب من أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال : امدد يدك أبايعك ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : «وعلى ما تبايعني ؟»
___________________
قال : على السمع
والطاعة ، والقتال بين يديك حتّى أموت أو يفتح الله على يديك .
فقال : «ما اسمك ؟» فقال : أويس القرني
قال : «أنت أويس القرني ؟» قال : نعم .
قال : «الله أكبر ، أخبرني حبيبي رسول
الله (ص) أنّي أدرك رجلاً من أمّته يقال له (أويس القرني) يكون من حزب الله وحزب رسوله ، يموت على الشهادة ، ويدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر» قال ابن عباس : فسرى ذلك عنّي .
٢٣١ / ٦ ـ عن سويد بن غفلة ، قال : إنّ
رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين إنّي مررت بوادي القرىٰ فرأيت خالد بن عرفطة قد مات بها ، فاستغفر له . فقال أمير المؤمنين : «إنّه لم يمت ، ولا يموت حتّى يقود جيش ضلالة ، صاحب لوائه حبيب بن جماز» فقام رجل من تحت المنبر فقال : والله يا أمير المؤمنين ، إنّي لك شيعة ، وإنّي لك محب ! . فقال : «ومن أنت ؟» قال : أنا حبيب بن جماز : قال : «إياك أن تحملها ، ولتحملنها ، فتدخل بها من هذا الباب» وأومى بيده إلى باب الفيل ، فلمّا مضى أمير المؤمنين ، ومضى الحسن بن عليّ من بعده صلوات الله عليهم ، وكان من أمر الحسين عليه السلام ما كان من ظهوره ، بعث ابن زياد لعنه الله عمر بن سعد إلى الحسين صلوات الله عليه ، وجعل خالد بن عرفطة على مقدّمته
وحبيب بن جماز صاحب رايته ، فسار بها حتّى دخل
___________________
المسجد من باب الفيل
.
وحديث رشيد الهجري وميثم التمار مشهور
عند عامّة الأصحاب ، فلا نذكره .
وكذلك حديث حبيب بن عبد الله الأزديّ في
أخبار أصحاب النهروان .
وحديث الإِخبار عن كربلاء ، والإِشارة
إلى موضع القتال ومصارع الرجال ، وغير ذلك .
وقد اقتصرنا على طرف من آياته صلوات
الله عليه ، وقليلٍ من معجزاته .
٩ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في أشياء شتى
وفيه
: اثنا عشر حديثاً
٢٣٢ / ١ ـ عن رزين الأنماطيّ ، عن أبي
عبد الله صلوات الله عليه ، عن أبيه ، عن آبائه ، عليهم السلام : «أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه دخل الكوفة فأقام بها أياماً ، فبينما هو يدور في طرقها ، فإذا هو بيهوديّ قد وضع يده على رأسه ، وهو يقول : معاشر الناس ، أفبحكم الجاهلية تحكمون ، وبه تأخذون ، وطريقاً لا تحفظون . فدعا به أمير المؤمنين صلوات الله عليه فوقف بين يديه ، وقال له : «ما حالك يا أخا اليهود ؟» فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي رجل تاجر خرجت من ساباط المدائن ومعي ستون حماراً ، فلمّا حضرت موضع كذا أخذ ما كان معي اختطافاً ، ولا أدري أين ذهب بها .
فقال أمير المؤمنين : «لن يذهب منك شيء
؛ يا قنبر اسرج لي فرسي» فأسرج له فرسه ،
فلمّا ركبه قال : «يا قنبر ، ويا أصبغ بن نباتة ، خذا بيدي اليهوديّ وانطلقا به أمامي» فانطلقا به حتّى صارا إلى الموضع الذي ذكره فخطَّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه بسوطه خطة ،
___________________
فقال لهم : «قوموا في
وسط هذه الخطة ، ولا تجاوزوها فتخطفكم الجنّ» .
ثمّ قنع فرسه واقتحم في الصحراء وقال : «والله
معاشر ولد الجنّ من ولد الحارث بن السيّد ـ وهو إبليس ـ إن لم تردّوا عليه أحمره لنخلعن ما بيننا وبينكم من العهد والميثاق ، ولأضربنكم بأسيافنا حتّى تفيئوا إلى أمر الله» . فإذا أنا بقعقعة اللجم ، وصهيل الخيل ، وقائل يقول : الطاعة لله ولرسوله ولوصيه . ثمّ انحدر في الصحراء ستون حماراً بأحمالها ، لم يذهب منها شيء ، فأدّاها إلى اليهوديّ .
فلمّا دخل الكوفة قال له اليهودي : ما
اسم محمّد ابن عمك في التوراة ؟ وما اسمك فيها ؟ وما اسم ولديك ؟ فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله : «سل استرشاداً ولا تسأل تعنتاً ، عليك بكتاب التوراة ، اسم محمّد فيها طاب طاب ، واسمي ايليا ، واسم ولديَّ شبر وشبير» .
فقال اليهوديّ : أشهد أن لا إله إلا
الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّك وصيه من بعده ، وأنّ ما جاء به وجئت به حق .
٢٣٣ / ٢ ـ عن عمّار بن الحضرميّ ، عن
زاذان أبي عمرو أنّ رجلاً حدّث عليّاً صلوات الله عليه وآله بحديث ، فقال : «ما أراك إلّا كذبتني» فقال : «لم أفعل . فقال : «أدعو الله عليك إن كنت كذبتني» قال : ادع . فدعا عليه ، فما برح حتّى أعمى الله عينيه .
٢٣٤ / ٣ ـ عن عباد بن عبد الله الأسديّ
، قال : سمعت عليّاً
___________________
صلوات الله عليه يقول
ـ وهو في الرحبة ـ : «أنا عبد الله وأخو رسول الله ، ولا يقولها بعدي إلّا كاذب»
.
قال : فقام رجل من غطفان وقال : أنا
أقول كما قال هذا الكاذب ، أنا عبد الله وأخو رسول الله فخنق
مكانه .
٢٣٥ / ٤ ـ قال أبو جعفر محمّد بن عمر
الجرجانيّ : حدَّثني ابن البواب ، عن الحسن بن زيد ، وحدّثنيه ابن أبي السلميّ ، قال : قال : إن ابن أبي غاضية طلبنا نشتم أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله فهربت ، فبعث إليّ محمّد بن صفوان ـ من ولد أبي خلف الجمحيّ ـ أن أعرني بغلتك . فقلت : لئن أعرتك بغلتي إنّي لكم شبه .
قال : فمشى ـ والله ـ على رجليه أربعة
أميال ، فوافى خالداً عامل هشام بن عبد الملك على المدينة فشتم أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله على المنبر ، فقال لابن صفوان : قم يا ابن صفوان . فقام وصعد مرقاة من المنبر ، ثمّ استقبل القبلة بوجهه وقال : اللّهمّ من كان يسب عليّاً لترة
يطلبها عنده ، أو لذحل
فإنّي لا أسبه إلّا فيك ولقد كان صاحب القبر يأتمنه وهو يعلم أنّه خائن .
وكان في المسجد رجل فغلبته عينه ، فرأى
أنّ القبر انفرج
، وخرجت منه كف قائل يقول : إن كنت كاذباً فعليك لعنة الله
، وإن
___________________
كنت كاذباً فأعماك
الله .
فنزل الجمحيّ من المنبر فقال لابنه ،
وهو جالس إلى ركن البيت : قم . فقام إليه فقال : أعطني يدك أتكئ عليها . فمضى به إلى المنزل .
فلمّا خرجا من المسجد نحو المنزل قال
لابنه : هل نزل بالناس شرّ وغشيهم ظلمة ؟ قال : كيف ذلك ؟ قال : لأنّي لا أبصر شيئاً .
قال : ذلك والله بجرأتك على الله ،
وقولك الكذب على منبر رسول الله (ص) . فما زال أعمى حتّى مات ، لعنة الله عليه .
٢٣٦ / ٥ ـ عن أنس ، قال : كنت عند رسول
الله (ص) أنا وأبو بكر وعمر في ليلة ظلماء مكفهرة ، فقال (ص) : «ائتوا باب عليّ» فأتيناه
فنقر أبو بكر الباب نقراً خفياً ، فخرج عليّ صلوات الله عليه وآله متأزراً بإزار من صوف ، مرتدياً بمثله ، في كفّه سيف رسول الله (ص) ، فقال لنا : «أحدث حدث ؟» فقلنا : خير ، أمرنا رسول الله (ص) أن نأتي بابك ، وهو بالأثر .
فإذا قد أقبل رسول الله (ص) فقال : «يا
عليّ» قال : «لبيك» .
قال : «أخبر أصحابي بما أصابك البارحة»
. قال عليّ : «يا رسول الله إنّي لاستحيي» فقال رسول الله (ص) : «إنّ الله لا يستحيي من الحقّ» .
فقال عليّ صلوات الله عليه وآله : «يا
رسول الله ، أصابتني جنابة البارحة من فاطمة ، وطلبت في البيت ماءً فلم أجده ، فبعثت الحسن
___________________
كذا والحسين كذا ،
فأبطا عليّ ، فاستلقيت على قفاي ، فإذا أنا بهاتف من سواد البيت : قم يا عليّ وخذ السطل ؛ واغتسل ، وإذا أنا بسطل مملوء من الماء ، وعليه منديل من سندس ، فأخذت السطل ، واغتسلت ، ومسحت بدني بالمنديل ، ورددت المنديل على رأس السطل ، فقام السطل في الهواء ، فأصابت قطرة منه هامتي ، فوجدت بردها على فؤادي» .
فقال النبيّ (ص) : «بخ بخ يا بن أبي
طالب ، أصبحت وخادمك جبرئيل ، أمّا الماء فمن نهر الكوثر ، وأمّا السطل والمنديل فمن الجنّة ، كذا أخبرني جبرئيل عليه السلام» .
٢٣٧ / ٦ ـ عن أحمد بن عمّارة ، عن عبد
الله بن عبد الجبّار ، قال : أخبرني مولاي وسيّدي الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن عليّ صلوات الله عليهم ، قال : «كنت مع أبي على شاطئ الفرات ، فنزع قميصه وغاص في الماء ، فجاء موج فأخذ القميص ، فخرج أمير المؤمنين عليه السلام وإذا بهاتف يهتف : يا أمير المؤمنين ، خذ ما عن يمينك . فإذا منديل فيه قميص ملفوف ، فأخذ القميص ولبسه ، فسقطت من جيبه رقعة ، مكتوب فيها : بسم الله الرحمن الرحيم ، هدية من الله العزيز الحكيم إلى عليّ بن أبي طالب ، هذا قميص هارون بن عمران (
كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ )
» .
٢٣٨ / ٧ ـ عن الحسين بن عبد الرحمن
التمّار ، قال : انصرفت
___________________
عن مجلس بعض الفقهاء
، فمررت بسليمان الشاذكونيّ ، فقال لي : من أين أقبلت ؟ قلت : من مجلس فلان العالم . قال : فما قوله ؟ قلت : شيئاً من مناقب أمير المؤمنين صلوات الله عليه . فقال : والله لأحدثنك بفضيلة سمعتها من قرشي عن قرشي .
قال : رجفت قبور البقيع على عهد عمر بن
الخطّاب فضجّ أهل المدينة من ذلك ، فخرج عمر ومعه أهل المدينة إلى المصلى يدعون الله تعالى ليسكن عنهم الرجفة ، فما زالت تزيد في كلّ يوم إلى أن تعدى ذلك إلى حيطان المدينة ، وعزم أهلها بالنقلة عنها ، قال عمر انطلقوا بنا إلى أبي الحسن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله . فمضى إليه ودخل عليه ومعه أهل المدينة ، فلمّا بصر به قال : يا أبا الحسن ، أما ترى إلى قبور البقيع ورجفتها ، حتّى قد تعدى ذلك إلى حيطان المدينة ، وقد عزم أهلها بالنقلة عنها ، والخروج منها ؟
فقال أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه
عليه : «عليّ بمائة من أصحاب رسول الله (ص)» فجاؤوا بهم ، فاختار من المائة عشرة ، فجعلهم خلفه ، وجعل التسعين خلفهم ، ودعا سلمان ، وأبا ذر ، والمقداد بن الأسود الكنديّ ، وعمّاراً فجعلهم أمامه ، فلم يبق بالمدينة بنت عاتق إلّا خرجت إلى البقيع ، حتّى إذا توسطه ضرب الأرض برجله ، وقال : «مالك مالك مالك» ثلاثاً فسكنت الرجفة ، وقال أمير المؤمنين : «صدق حبيبي رسول الله (ص) ، فلقد أنبأني بهذا الخبر ، وبهذا اليوم ، وباجتماع الناس له» .
٢٣٩ / ٨ ـ في كلام آخر عن التمّار ،
رفعه بإسناده ، قال : كان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام مع بعض أصحابه في مسجد الكوفة ، فقال له رجل : بأبي أنت وأمّي ، إنّي لأتعجب من هذه الدنيا
___________________
التي في أيدي هؤلاء
القوم ، وليست عندكم ؟!
فقال : «أترى أنّا نريد الدنيا ولا نعطاها ؟» .
ثمّ قبض قبضة من الحصى ، فإذا هي جواهر
، فقال : «ما هذا ؟» قال : هذا من أجود الجواهر . فقال : «لو أردنا هذا لكان ، ولكنا لم نرد» ثمّ رمى بالحصى فعاد كما كان .
٢٤٠ / ٩ ـ عن الحسن البصريّ ، قال :
أتانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله ـ وكنت يومئذ غلاماً قد أيفعت ـ فدخل منزله ـ في حديث طويل ـ ثمّ خرج وتبعه الناس ، فلمّا صار إلى الجبانة نزل واكتنفه الناس ، فخطَّ بسوطه خطة ، فأخرج منها ديناراً ، ثمّ خطَّ خطة أخرى فأخرج منها ديناراً آخر ، حتّى أخرج منها ثلاثة دنانير ، فقلّبها في يده حتّى أبصرها الناس ، ثمّ ردَّها وغرسها بابهامه ، ثمّ قال : «ليليك بعدي محسن أو مسيء» .
ثمّ ركب بغلة رسول الله (ص) وانصرف إلى
منزله ، وأخذنا العلامة
وصرنا إلى الموضع حتّى إذا بلغنا الرشح
فلم نصب شيئاً ، فقلنا للحسن : ما ترى ذلك من أمير المؤمنين عليه السلام ؟ فقال : «أمّا أنا فلا أرى أن كنوز الأرض تسير إلّا لمثله» .
٢٤١ / ١٠ ـ عن إبراهيم بن محمّد
الأشعريّ ، عمّن رواه ، قال : إنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله وسلّم أراد أن يبعث بمال إلى البصرة ، فعلم بذلك رجل من أصحابه ، فقال في نفسه : لو أتيته فسألته
___________________
أن يبعث معي بهذا
المال ، فإذا دفعه إليّ أخذت طريق الكرخة
فذهبت به .
فأتاه وقال : بلغني أنّك تريد أن تبعث
بمال إلى البصرة ؟ قال : «نعم» قال : فادفعه إليّ فأبلغه ، واجعل لي ما تجعل لمن تبعثه . فقد عرفت صحبتي .
قال : فقال له أمير المؤمنين صلوات الله
عليه : «خذ طريق الكرخة»
.
٢٤٢ / ١١ ـ حدّث أبو مهاجر زيد بن رواحة
العبديّ ، قال : دخلت الكوفة بعد موت الحجّاج فدخلت المسجد الجامع وأنا أقول : الحمد لله الذي أخلى منه الديار والآثار ، وجعل مصيره إلى النار ؛ فسمعني رجل كان هناك جالساً إلىٰ بعض سواري المسجد ، فقال لي : يا رجل ، خف الله تعالى على نفسك ، واحبس على لسانك ، فإنّك في أرض مسبعة ، وأوطان موحشة ، فإن يك خائناً فقد هلك ، وإن يك حامداً فقد ملك .
قال : فأنست به وجلست إليه فتحدّثنا
ساعة ، ورأيت جماعة منكبة على رجل وهو يحدّثهم ، وهم يسمعون منه ، ويكتبون عنه ، فقلت لصاحبي : من هذا الرجل ؟ فقال : رجل شهد مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه البصرة وصفّين والنهروان ، والناس يسمعون منه ، ويأخذون عنه ، وهو رجل له أصل وشرف ولب وعقل .
فقلت له : هل لك أن تدنو منه ، فلعلنا
نسمع منه شيئاً ننتفع به . قال : نعم . فدنونا منه ، فإذا هو يحدِّث عن أمير المؤمنين صلوات الله
___________________
عليه ، ويقول : سمعت
، ورأيت ؛ فاغتنمت
، وأقبلت عليه ، وأمهلته حتّى انفضَّ عنه أكثر من كان عنده ، وقلت له : أنا رجل من أهل البصرة ، خرجت لطلب العلم ، وأحببت أن أسمع منك شيئاً أحدِّث به عنك .
فقال : يا أهل البصرة ، ما أجرأ الناس
على الله تعالى وعلى رسوله (ص) ، وعلى هتك الدين وفتنة المسلمين ! ألا بشرٍ عليكم أهل الغدر والنكث ، بتوثبكم على أهل الحقّ والصدق ، وإنّ أول الفتنة في هذا الدين من بين أفنيتكم وأنديتكم ولمّا ضربت بجرانها وكنانها ، تراغى إليها الأكابر ، واصطلى بها الأصاغر ، فأذكوا شواظَّها ، وألكوا في دلاظها
، حتّى إذا عمّهم عارها وشنارها رماها الله تعالى بأمير المؤمنين عليه السلام وسيّد الوصيّين وأخي رسول ربّ العالمين ، فأقشع به عنكم الإِفك ، وجلى به عنكم الشرك ، وقتل به أهل النكث والإِفك ، وقامت به حجّة الحق ، وما كنتم بررة راشدين ، ولا جهلة مسترشدين ، ولقد استبدلتم الذي هو أدنى بالذي هو خير ، واستحببتم العمى على الهدى ، فبعداً للقوم الظالمين .
قال : فأمسكت عنه حتّى فرغ من كلامه ،
ثمّ قلت : أيّها الشيخ ، لقد عممت أهل البصرة ، وقد كان فيهم المؤمن والكافر ، والبر والفاجر ، والسعيد والشقي ، ولقد نصر الله تعالى وليّه ودينه منهم بقوم كما قال الله تعالى : (
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ )
قد كشف الله لهم عن
قلوبهم وأبصارهم حتّى
___________________
عرفوا الحقّ من الباطل
، والمحق من المبطل ، فجاهدوا في الله مع وليّه حقّ الجهاد .
قال : صدقت ولقد كان معنا منهم يومئذ
قوم صبروا ونصروا ، فمن أنت ؟ قلت : أنا رجل من عبد القيس . فقال : أهلاً بك ومرحباً ، بأبي قومك ويومك . ثمّ أدناني وقرّبني ، وأقبل عليّ ، ثمّ قال لي : والله ، لأحدّثنك بما تقرّ به عينك ، وتقوى به بصيرتك ، ويزداد به إيمانك .
ثمّ قال : قم بنا ، وأخذ بيدي إلى منزله
، وأكرمني ، وأحسن ضيافتي ، وقال : سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول : «قيّدوا العلم بالكتابة» وقام ، وأخرج صحيفة من جلد أبيض ، فيه كتابة فقرأ عليَّ : «حدّثني ربيعة بن سالم الهمدانيّ ، قال : لمّا كان اليوم الذي قتل فيه عمّار بن ياسر رضي الله عنه وكان ابتدأنا من صفين حرباً وطعناً ، فاستندت إلى قفة
كانت هناك ، وأشرفت على الناس ، وقد تزحزحوا عن مقاماتهم ، وهم يتكفؤون تكفؤ السفينة بأهلها ، فمن بين متقدّم لقتال ، ومتأخر عن كلال ، ما يسمع إلّا صهيل الخيل ، وغمغمة الرجال ، وقعقعة اللجم ، واصطكاك القنا باختلافها ، وخفق الرايات ، وقد أخذ العدو الماء ، وحفظ الموارد ، والناس معطشون ، وقد مدّت الخيل أعناقها ولجمها ، وعضت على الشكائم ، وقلقلت في مواقفها ، وقهقرت على أكفالها ، وصهلت لأوجالها ، وتداعى الناس بآبائهم (واعتزوا بأنسابهم)
والناس ملتفون ، والنساء على المطايا خلال الصفوف يُحرضنّ الرجال على القتال ، وقراء القرآن يتلون ما ذكره الله تعالى في كتابه من فضل الجهاد والمجاهدين والصبر عند مواقف الصدق ، وقد سمحوا بالأنفس والأموال كأن قد عاينوا الثواب ، واستيقنوا
___________________
المآب ، وأقبلت قبيلة
همدان برايتها مع سعيد بن قيس كأنّها سحابة مودقة .
قال ربيعة : فاتكيت على رمحي ، ورفعت
طرفي إلى السّماء ، وقلت في نفسي : يا ربّ ، هذا أخو نبيّك ووصيّه ، وأحبّ الخلق
إليه ، وأزلفهم لديه ، وأقربهم منه ، وأنصرهم له ، وأعلمهم بالدّين ، وأنصحهم للمسلمين ، وأهداهم للحقّ ، وأعلمهم بالكتاب ، وأعملهم به ، وبما يأتي ويذر ، فثبّت كلمته ، وقصهم على دعوته ، إنّ هذا الأمر ما يرد بهذا الخلق ، ولله الخلق والأمر ، يصيب برحمته من يشاء ، اللّهمّ وقد ضعفت عن حمل ذلك ، فافتح اللهم لي ما تثبّت به قلبي ، وتشرح به صدري ، وتطلق به لساني ، وتذهب به نزغ الشيطان الرجيم ، وهمزه وكيده ووسوسته وخيله ورجله .
قال ربيعة : فلمّا استتم الدعاء إذا أنا
بمقرعة بين كتفي ، فالتفت فإذا أنا بأمير المؤمنين عليه السلام وهو على بغلة رسول الله (ص) وبيده عنزة رسول الله (ص) ،
وكأنّ وجهه كدائرة القمر إذا أبدر ، فقال لي : «يا ربيعة ، لشد ما جزعت ، إنّما الناس رائح ومقيم ، فالرائح من يحببه هذا اللقاء إلى جنّة المأوى ، وإلى سدرة المنتهى ، وإلى جنّة عرضها كعرض السّماء والأرض ، أعدّت للمتقين ؛ والمقيم بين اثنين : إمّا نعم مقلّة ، أو فتنة مضلّة ، يا ربيعة ، حيّ على معرفة ما سألت ربا»
ومَرَّ يفري الأرض فرياً واتبعته حتّى
خرج عن العسكر ، وجازه بميل أو نحوه ، وثنى رجله عن البغلة ، ونزل وخر على الأرض للدُّعاء ، يقلّب كفّيه بطناً وظهراً ، فما ردّ يده حتّى نشأت قطعة سحابة كأنّها
___________________
هقل
نعام تدب بين
السماء والأرض ، حتّى أظلّتنا ، فما عدا ظلّها مركبنا ، حتّى
هطلت بشيء كأفواه القرب ، وشرب فرسي . من تحت حافره ، وملأت مزادي ، وارتويت ، ورويت ، فرسي ، ثمّ عاد فركب بغلته ، وعادت السحابة من حيث جاءت ، وعدت إلى العسكر ، فتركني وانغمس في الناس .
٢٤٣ / ١٢ ـ عن عاصم بن شريك ، عن أبي
البختري ، عن أبي عبد الله الصادق ، عن آبائه عليهم السلام ، قال : «أتى أمير المؤمنين عليه السلام منزل عائشة ، فنادى : «يا فضة ، أئتينا بشيء من ماء نتوضأ به ،» فلم يجبه أحد ، ونادى ثلاثاً ، فلم يجبه أحد ، فولّى عن الباب يريد منزل الموفقة السعيدة الحوراء الإنسية فاطمة عليها السلام ، فإذا هو بهاتف يهتف ويقول : يا أبا الحسن دونك الماء فتوضأ به . فإذا هو بإبريق من ذهب مملوء ماء عن يمينه ، فتوضأ ، ثمّ عاد الإِبريق إلى مكانه ، فلمّا نظر إليه رسول الله (ص) قال : «يا عليّ ما هذا الماء الذي أراه يقطر كأنّه الجمان
؟» .
قال : «بأبي أنت وأمّي ، أتيت منزل
عائشة فدعوت فضة تأتينا بماء للوضوء ثلاثاً فلم يجبني أحد ، فوليت ، فإذا أنا بهاتف يهتف وهو يقول : يا عليّ دونك الماء . فالتفت فإذا أنا بإبريق من ذهب مملوء ماء» .
فقال : «يا عليّ تدري من الهاتف ؟ ومن
أين كان الإِبريق ؟»
___________________
فقلت : «الله ورسوله
أعلم» .
فقال (ص) : «أمّا الهاتف فحبيبي جبرئيل عليه
السلام ، وأمّا الإِبريق فمن الجنّة ، وأمّا الماء فثلث من المشرق ، وثلث من المغرب ، وثلث من الجنّة» . فهبط جبرئيل عليه السلام فقال : يا رسول الله ، الله يقرئك السلام ويقول لك : أقرئ عليّاً السلام مني ، وقل : إنّ فضة كانت حائضاً .
فقال النبيّ (ص) : «منه السلام ، وإليه
يردّ السلام ، وإليه يعود طيب الكلام»
. ثمّ التفت إلى عليّ عليه السلام فقال : «حبيبي عليّ ، هذا جبرئيل أتانا من عند ربّ العالمين ، وهو يقرئك السلام ويقول : إنّ فضة كانت حائضاً . فقال عليّ عليه السلام : «اللَّهمَّ بارك لنا في فضّتنا» .
وآياته عليه السلام أكثر من أن تحصى ،
أو يحصرها كتاب ، أو يتضمنها خطاب ، وقد اقتصرنا على القليل مخافة التطويل .
___________________
الباب الرابع
في
آيات سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام
وفيه
ستة فصول
١ ـ فصل :
في
ذكر آياتها وهي في بطن أمّها
وفيه
: حديثان
٢٤٤ / ١ ـ عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ،
قال : لمّا تزوجت خديجة بنت خويلد ، رسول الله (ص) هجرها نسوان مكّة ، وكنّ لا يكلمنها ، ولا يدخلن عليها ، فلمّا حملت
بالزهراء فاطمة عليها السلام كانت إذا خرج رسول الله (ص) من منزلها تكلمها فاطمة الزهراء في بطنها من ظلمة الأحشاء ، وتحدّثها وتؤانسها ، فدخل رسول الله (ص) فقال لها : «يا خديجة من تكلمين ؟» قالت : يا رسول الله ، إنّ الجنين الذي أنا حامل به إذا أنا خلوت به في منزلي كلّمني ، وحدّثني من ظلمة الأحشاء .
فتبسّم رسول الله (ص) ثمّ قال : «يا
خديجة ، هذا أخي جبرئيل عليه السلام يخبرني أنّها ابنتي ، وأنّها النسمة الطاهرة المطهّرة ، وأنّ الله تعالى أمرني أن أسمّيها (فاطمة) وسيجعل الله تعالى من ذرّيتها أئمة يهتدي بهم المؤمنون» .
___________________
ففرحت خديجة بذلك ، فلمّا أن حضر وقت
ولادتها أرسلت إلى نسوان مكّة أن : يتفضلن ويحضرن ولادتي ليلين منّي ما تلي النساء من النساء ، فأرسلن إليها : يا خديجة ، أنت عصيتنا ولم تقبلي منّا قولنا ، وتزوجت فقيراً لا مال له ، فلسنا نجيء إليك ، ولا نلي منك ما تلي النساء من النساء .
فاغتمّت خديجة رضي الله عنها غمّاً
شديداً ، فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة كأنّهن من نسوة قريش ، فقالت إحداهن : يا خديجة ، لا تحزني فأنا آسية بنت مزاحم ، وهذه صفيّة
بنت شعيب
وفي رواية أخرى : كلثم بنت عمران أخت
موسى عليه السلام ـ
وهذه سارة زوجة إبراهيم عليه السلام ، وهذه
مريم بنت عمران عليه السلام ؛ وقد بعثنا الله تعالى إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء . وجلسن حولها ، ووضعت الزهراء فاطمة عليها السلام طاهرة ومطهرة .
٢٤٥ / ٢ ـ قال ابن عبّاس : لمّا سقطت
فاطمة الزهراء إلى الأرض أزهرت الأرض ، وأشرقت الفلوات ، وأنارت الجبال والربوات ، وهبطت الملائكة إلى الأرض ونشرت أجنحتها في المشرق والمغرب ، وضربت عليها سرادقات وحجب البهاء ، وكنفتها بأظلة السماء ، وغشي أهل مكّة ما غشيهم من النور ، ودخل رسول الله (ص) إلى خديجة وقال : «يا خديجة ، لا تحزني ، إن كان قد هجرك نسوان مكّة ولن يدخلن عليك ، فلينزلن عندك اليوم نسوان بهجات عطرات غنجات ، ينقدح في أعلاهن
___________________
نور يستقبل استقبالاً
ويلتهب التهاباً ، وتفوح منهن رائحة تسرّ أهل مكّة جميعاً» فسلمت الجواري فأحسن وحيين فأبلغن ـ في حديث طويل ـ حتّى وليت كلّ واحدة من حملها وغسلها ـ في الطشت الذي كان معهن ـ ونشفنها بالمنديل وتخليقها وتقميطها
، فلمّا فرغن عرجن إلى السماء مثنيات عليها .
وفي رواية أخرى أنّ المرأة التي بين يدي
خديجة غسّلتها بماء الكوثر ، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشدّ بياضاً من اللبن ، وأطيب رائحة من المسك والعنبر ، فلفّتها بواحدة ، وقنعتها بالثانية
، ثمّ استنطقتها فنطقت عليها السلام بالشهادة ، فقالت : «أشهد أن لا إلٰه إلَّا الله ، وأشهد أنّ أبي محمّداً رسول الله ، وأنّ علياً سيّد الأوصياء ، وولدي سادة الأسباط» ثمّ سلّمت عليهن وسمّت كلّ واحدة منهن باسمها ، وأقبلن فضحكن إليها .
وتباشرت الحور العين ، وبشّر أهل
السماوات بعضهم بعضاً بولادة فاطمة عليها السلام ، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك ، وقالت النسوة : خذيها يا خديجة طاهرة ، مطهرة ، زكية ميمونة ، بورك لك فيها ، وفي نسلها .
فتناولتها فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها
فدرّ عليها ، وكانت عليها السلام تنمو في اليوم كما ينمو الصبي في الشهر ، وتنمو في الشهر كما ينمو الصبي في السنة .
___________________
٢ ـ فصل :
في
بيان آياتها بإنزال الملك من السماء بتزويجها
وفيه
: حديث واحد
٢٤٦ / ١ ـ عن الأعمش ، عن ثابت ، عن أنس
، قال : قال رسول الله (ص) : «كنت يوماً جالساً في المسجد إذ هبط عليَّ ملك له عشرون رأساً ، فوثبت لأقبّل رأسه ، فقال : مه يا أحمد ، أنت أكرم على الله تعالى من أهل السماوات وأهل الأرض أجمعين . وقبّل الملك رأسي ويدي ، فظننته جبرئيل عليه السلام ، فقلت : حبيبي جبرئيل ، ما هذه الصورة التي لم تهبط عليَّ بمثلها ؟ قال : ما أنا بجبرئيل ، ولكني ملك ، يقال لي (محمود) وبين كتفي مكتوب : لا إلٰه إلا الله ، محمّد رسول الله .
وفي رواية : عليّ وليّه ووصيّه .
بعثني أن أزوج النور من النور . قلت : مَن
النور ؟ قال : فاطمة من عليّ ، وهذا جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وإسماعيل صاحب سماء الدنيا ، وسبعون ألفاً من الملائكة قد حضروا» .
___________________
فقال النبيّ (ص) لعليّ عليه السلام : «قد
زوجتك على ما زوجك الله من فوق سبع سماوات ، فخذها إليك» .
ثمّ التفت النبيّ (ص) إلى محمود وقال : «منذ
كم كتب هذا بين كتفيك ؟» قال : من قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام .
قال : فناوله جبرئيل قدحاً فيه خلوق من
خلوق الجنّة ، وقال : حبيبي يا محمّد ، مر فاطمة أن تلطخ رأسها وبدنها من هذا الخلوق .
فكانت فاطمة عليها السلام إذا حكّت
رأسها أو بدنها شمّ أهل المدينة رائحة الخلوق .
٣ ـ فصل :
في
بيان آياتها مع الرحى
وفيه
: ثلاثة أحاديث
٢٤٧ / ١ ـ عن أبي عبد الله عليه السلام
قال : «بعث رسول الله (ص) إلى فاطمة عليها السلام بمكيال فيه تمر مع أبي ذر رحمه الله تعالى .
قال أبو ذر : فأتيت الباب ، وقلت :
السلام عليكم . فلم يجبني أحد ، فظننت أن فاطمة عليها السلام بحال الرحى فلم تسمع ، ففتحت الباب وإذا فاطمة عليها السلام نائمة والحسين يرتضع ، والرحى تدور .
قال أبو ذر : فأتيت رسول الله (ص) ،
فقلت : يا رسول الله ، أتوب إلى الله ممّا صنعت إني أتيت أمراً عظيماً .
فقال رسول الله (ص) : «وما أتيت يا أبا
ذر ؟» فقصّ عليه ما كان ، فقال رسول الله (ص) : «ضعفت فاطمة فأعانها الله على دهرها» .
٢٤٨ / ٢ ـ عن أبي جعفر الثاني عليه
السلام ، قال : «بعث رسول
___________________
الله (ص) سلمان رضي
الله عنه إلى فاطمة عليها السلام لحاجة .
قال سلمان : وقفت بالباب وقفة حتّى
سلّمت فسمعت فاطمة تقرأ القرآن خفاء ، والرحى تدور من بر ، ما عندها أنيس .
قال : فعدت إلى رسول الله (ص) وقلت : يا
رسول الله ، رأيت أمراً عظيماً . فقال : «وما هو يا سلمان ؟ تكلم بما رأيت» .
قلت : وقفت بباب ابنتك يا رسول الله ،
فسمعت فاطمة تقرأ القرآن من خفاء ، والرحى تدور من بر ، وما عندها أنيس ! فتبسّم (ص) وقال : «يا سلمان إن ابنتي فاطمة عليها السلام ملأ الله قلبها وجوارحها إيماناً ويقيناً إلى ما شاء ، ففزعت لطاعة ربّها ، فبعث الله ملكاً اسمه روفائيل
ـ وفي موضع آخر : رحمة ـ فأدار لها الرحى ، فكفاها الله مؤونة الدنيا والآخرة» .
٢٤٩ / ٣ ـ عن أسامة بن زيد ، قال :
افتقد رسول الله (ص) ذات يوم عليّاً ، فقال : «اطلبوا إليّ أخي في الدنيا والآخرة ، اطلبوا إليّ فاصل الخطوب ، اطلبوا إليّ المحكّم في الجنّة في اليوم المشهود اطلبوا إليّ حامل لوائي في المقام
المحمود» .
قال أسامة : فلما سمعت من رسول الله (ص)
ذلك بادرت إلى باب عليّ ، فناداني رسول الله (ص) من خلفي : «يا أسامة ، عجّل عليَّ بخبره» وذلك بين الظهر والعصر ، فدخلت فوجدت عليّاً كالثوب
الملقى لاطياً بالأرض ، ساجداً يناجي الله تعالى ، وهو يقول : «سبحان الله الدائم ، فكّاك المغارم ، رزّاق البهائم ، ليس له في ديمومته ابتداء ، ولا زوال ولا انقضاء» فكرهت أن أقطع عليه ما هو فيه حتّى يرفع
___________________
رأسه ، وسمعت أزيز
الرحى فقصدت نحوها لأسلّم على فاطمة وأخبرها بقول رسول الله (ص) في بعلها ، فوجدتها راقدة على شقّها الأيمن ، مخمرة وجهها بجلبابها ـ وكان من وبر الإِبل ـ وإذا الرحى تدور بدقيعها ، وإذا كفّ يطحن عليها برفق ، وكفّ أخرى تلهي الرحا ، لها نور ، لا أقدر أن أملي عيني منها ، ولا أرى إلّا اليدين
بغير أبدان ، فامتلأت فرحاً بما رأيت من كرامة الله لفاطمة عليها السلام .
فرجعت إلى رسول الله (ص) وتباشير الفرح
في وجهي بادية ، وهو في نفر
من أصحابه ، قلت : يا رسول الله ، انطلقت أدعو عليّاً ، فوجدته كذا وكذا ، وانطلقت نحو فاطمة عليها السلام فوجدتها راقدة على شقّها الأيمن ، ورأيت كذا وكذا !
فقال : «يا أسامة ، أتدري من الطاحن ،
ومن الملهي لفاطمة ؟ إنّ الله قد غفر لبعلها بسجدته سبعين مغفرة ، واحدة منها لذنوبه ما تقدّم منها وما تأخر ، وتسعة وستين مذخورة لمحبّيه ، يغفر الله بها ذنوبهم يوم القيامة ، وإنّ الله تعالى رحم ضعف فاطمة لطول قنوتها بالليل ، ومكابدتها للرحى والخدمة في النهار ، فأمر الله تعالى وليدين من الولدان المخلدين أن يهبطا في أسرع من الطرف ، وإنّ أحدهما ليطحن ، والآخر ليلهي رحاها .
وإنّما أرسلتك لترى وتخبر بنعمة الله
علينا ، فحدِّث ، يا أسامة لو تبديا لك لذهب عقلك من حسنهما ، وإنّما سألتني خادماً فمنعتها
، فأخدمها الله بذلك سبعين ألف ألف وليدة في الجنّة ، الذين رأيت منهن ، وإنا من أهل بيت اختار الله لنا الآخرة الباقية على الدنيا الفانية» .
___________________
٤ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياتها مع القدر والنار
وفيه
: حديث واحد
٢٥٠ / ١ ـ عن حمّاد بن سلمة ، عن حميد
الطويل ، عن أنس ، قال : سألني الحجّاج بن يوسف عن حديث عائشة ، وحديث القدر التي رأت فاطمة بنت رسول الله (ص) وهي تحركها بيدها ، قلت : نعم ، أصلح الله الأمير ، دخلت عائشة على فاطمة عليها السلام وهي تعمل للحسن والحسين عليهما السلام حريرة بدقيق ولبن وشحم ، في قدر ، والقدر على النار يغلي (وفاطمة صلوات الله عليها)
تحرك ما في القدر بإصبعها ، والقدر على النار يبقبق
، فخرجت عائشة فزعة مذعورة ، حتّى دخلت على أبيها ، فقالت : يا أبه ، إنّي رأيت من فاطمة الزهراء أمراً عجيباً ، رأيتها وهي تعمل في القدر ، والقدر على النار يغلي ، وهي تحرك ما
في القدر بيدها ! فقال لها : يا بنية ، اكتمي ، فإنّ هذا أمر عظيم .
فبلغ رسول الله صلّ الله عليه
وآله وسلم ، فصعد المنبر ، وحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : «إنّ الناس يستعظمون ويستكثرون ما رأوا من القدر والنار ، والذي بعثني بالرسالة واصطفاني بالنبوة ، لقد حرّم الله تعالى النار على لحم
___________________
فاطمة ودمها وشعرها
وعصبها ، وفطم من النار ذرّيتها وشيعتها ، إنّ من نسل فاطمة من تطيعه النار والشمس والقمر والنجوم والجبال ، وتضرب الجنّ بين يديه بالسيف ، وتوافي إليه الأنبياء بعهودها ، وتسلّم إليه الأرض كنوزها ، وتنزّل عليه من السماء بركات ما فيها ، الويل لمن شك في فضل فاطمة ، لعن الله من يبغض بعلها ولم يرض بإمامة ولدها ، إنّ لفاطمة يوم القيامة موقفاً ، ولشيعتها موقفاً ، وإنّ فاطمة تُدعى فتلبي ، وتشفع فتشفّع على
رغم كلّ راغم» .
___________________
٥ ـ فصل :
في
بيان آياتها فيما أنزل عليها من السماء
وفيه
: ثلاثة أحاديث
٢٥١ / ١ ـ عن زينب بنت عليّ عليهما
السلام ، قالت : صلّى رسول الله (ص) صلاة الفجر ، ثمّ أقبل بوجهه الكريم على عليّ عليه السلام ، فقال : «هل عندكم طعام ؟» فقال : «لم آكل منذ ثلاثة أيّام طعاماً ، وما تركت في منزلي طعاماً» .
قال : «امض بنا إلى فاطمة» فدخلا عليها
وهي تتلوى من الجوع ، وابناها معها ، فقال : «يا فاطمة ، فداك أبوك ، هل عندك طعام ؟» فاستحيت فقالت : «نعم» فقامت وصلّت ؛ ثمّ سمعت حسّاً فالتفتت فإذا بصحفة ملأى ثريداً ولحماً ، فاحتملتها فجاءت بها ووضعتها بين يدي رسول الله (ص) ، فجمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وجعل عليٌّ يطيل النظر إلى فاطمة ، ويتعجّب ، ويقول : «خرجت من عندها وليس عندها طعام ، فمن أين هذا ؟»
ثمّ أقبل عليها فقال : «يا بنت رسول
الله ، ( أَنَّىٰ
لَكِ هَـٰذَا ؟ )»
___________________
قالت : (
هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
.
فضحك النبي (ص) وقال : «الحمد لله الذي جعل
في أهلي نظير زكريا ومريم إذ قال لها : (
أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ
اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
» .
فبينما هم يأكلون إذ جاء سائل بالباب ،
فقال : السلام عليكم يا أهل البيت ، أطعموني ممّا تأكلون . فقال (ص) : «إخسا إخسا» ففعل ذلك ثلاثاً ، وقال عليّ عليه السلام : «أمرتنا أن لا نرد سائلاً ، مَن هذا الذي أنت تخساه ؟» فقال : «يا عليّ ، إنّ هذا إبليس ، علم أنّ هذا طعام الجنّة ، فتشبّه بسائل لنطعمه منه» .
فأكل النبيّ (ص) وعليّ وفاطمة والحسن
والحسين عليهم السلام حتّى شبعوا ، ثمّ رفعت الصحفة ، فأكلوا من طعام الجنّة في الدنيا .
٢٥٢ / ٢ ـ عن جابر بن عبد الله
الأنصاريّ رضي الله عنه ، قال : إنّ رسول الله (ص) أقام أيّاماً لم يطعم فيها طعاماً حتّى شقّ عليه ذلك ، فطاف في ديار أزواجه فلم
يصب عند إحداهن شيئاً ، فأتى فاطمة عليها السلام ، فقال : «يا بنية ، هل عندك شءً آكله ، فإنّي جائع ؟» قالت : «لا والله» .
فلمّا خرج بعثت جارية لها برغيفين وبضعة
لحم ، فأخذته ووضعته في جفنة وغطَّت عليها وقالت : «والله لأوثرن بها رسول الله (ص) على نفسي ، وعلى غيري» . وكانوا محتاجين إلى شبعة طعام ، فبعثت حسناً وحسيناً إلى رسول الله (ص) .
فرجع إليها ، فقالت : «قد أتاني الله
بشيء فخبّأته لك» فقال :
___________________
«هلمي يا بنية» فكشف
الجفنة ، فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً ، فلمّا نظرت إليها بهتت ، وعرفت أنّه من عند الله تعالى ، فحمدت الله تعالى ، وصلّت على أبيها ، وقدَّمته إليه ، فلمّا رآه حمد الله وقال : (
أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا ؟ )»
قالت : ( هُوَ مِنْ عِندِ
اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
.
فبعث رسول الله (ص) إلى عليّ ، ثمّ أكل
رسول الله (ص) وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وجميع أزواج النبيّ (ص) حتّى شبعوا .
قالت فاطمة عليها السلام : «وبقيت
الجفنة كما هي ، فأوسعت منها على الجيران ، وجعل الله فيها بركة وخيراً كثيراً» .
٢٥٣ / ٣ ـ عن عاصم بن الأحول ، عن زر بن
حبيش ، عن سلمان الفارسيّ رضي الله عنه ، قال : خرجت من منزلي يوماً بعد وفاة رسول الله (ص) فلقيني
عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فقال لي : «يا سلمان ، جفوتنا بعد وفاة رسول الله (ص) ؟» .
فقلت : حبيبي يا أمير المؤمنين ، مثلك
لا يخفى عليه ، غير أنّ حزني على رسول الله (ص) هو الذي منعني من زيارتكم . فقال لي : «يا سلمان ، ائت منزل فاطمة فإنّها إليك مشتاقة ، وتريد أن تتحفك بتحفة قد أتحفت بها من الجنّة .
قال سلمان : قلت : يا أمير المؤمنين
أتحفت بتحفة من الجنّة بعد وفاة رسول الله (ص) ؟!» قال : «نعم يا سلمان» .
قال : فهرولت هرولة إلى منزل فاطمة عليها
السلام ، وقرعت
___________________
الباب ، فخرجت إليَّ
فضّة فأذنت لي ، فدخلت وإذا فاطمة جالسة ، وعليها عباءة قد اعتجرت
بها واستترت ، فلمّا رأتني قالت : «يا سلمان ، اجلس واعقل واعلم أنّي كنت جالسة بالأمس مفكّرة في وفاة رسول الله (ص) ، والحزن يتردد في صدري ، وقد كنت رددت باب حجرتي بيدي ، فانفتح من غير أن يفتحه أحد ، وإذا أنا بأربع
جواري ، فدخلن عليَّ ، لم ير الراؤن بحسنهن ونظارة وجوههن ، فلمّا دخلن قمت إليهن مستنكرة لهن ، فقلت : أنتن من أهل المدينة أم من أهل مكّة ؟ فقلن : لا من أهل المدينة ، ولا من أهل مكّة ، ولا من أهل الأرض ، نحن من الحور العين ، أرسلنا إليك ربّ العالمين يا ابنة رسول الله لنعزّيك بوفاة رسول الله (ص)» .
قالت فاطمة عليها السلام : «فقلت لإِحداهن
: ما اسمك ؟ قالت : ذرّة . قلت : حبيبتي لِمَ سمّيت ذرّة ؟ قالت : سمّيت ذرة لأبي ذر الغفاريّ ، صاحب أبيك رسول الله (ص) .
فقلت للأخرى : وأنت ما اسمك ؟ قالت :
أنا سلمى . فقلت : لِمَ سمّيت سلمى ؟ قالت : لأني لسلمان الفارسيّ ، صاحب رسول الله (ص) .
وقلت للأخرى : ما اسمك ؟ قالت : مقدودة
. فقلت : حبيبتي ، ولِمَ سمّيت مقدودة ؟ قالت : لأنّي للمقداد بن الأسود الكنديّ ، صاحب رسول الله (ص) .
فقلت للأخرى : ما اسمك ؟ قالت : عمّارة
. قلت : ولِمَ سمّيت عمّارة ؟ قالت : لأنّي لعمّار بن ياسر ، صاحب رسول الله (ص) .
فأهدين إليَّ هدية ، أخبأت لك منها» ثمّ
أخرجت لي طبقاً
___________________
أبيض ، فيه رطب أكبر
من الخشكنانج
، أبيض من الثلج ، وأذكى من المسك ، وأعطتني منها عشر
رطبات ، عجزت عن حملها ، فقالت : «كلهن عند إفطارك ، وعد إليَّ بعجمهن» .
قال سلمان : فخرجت من عندها أريد منزلي
، فما مررت بأحد ولا بجمع من أصحاب رسول الله (ص) إلّا قالوا : يا سلمان ، رائحة المسك الأذفر معك .
قال سلمان : كتمت أنّ معي شيئاً حتّى
أتيت منزلي ، فلمّا كان وقت الإِفطار أفطرت عليهن ، فلم أجد لهن عجماً ، فغدوت
إلى فاطمة ، وقرعت الباب عليها ، فأذنت لي بالدخول ، فدخلت وقلت : يا بنت رسول الله ؛ أمرتني أن آتيك بعجمته ، وأنا لم أجد لها عجماً ! فتبسّمت ، ولم تكن ضحكت عليها السلام .
ثمّ قالت : «يا سلمان ، هي من نخيل
غرسها الله تعالى لي في دار السلام بدعاء علمنيه أبي رسول الله (ص) كنت أقوله غدوة
وعشيّة» قلت : علميني الكلام سيدتي .
قالت : «إنْ سرّك أن تلقى الله تعالى
وهو عنك راض غير غضبان ، ولا تضرّك وسوسة الشيطان ما دمت حيّاً ، فواظب عليه» .
وفي رواية أخرى : «إنْ سرّك أن لا تمسّك
الحمّى ما عشت في دار الدنيا ، فواظب عليه ،» فقال سلمان : فقلت : علميني . قالت عليها السّلام :
«بسم الله الرحمن الرحيم ، بسم الله
النور ، بسم الله نور النور ،
___________________
بسم الله نور على نور
، بسم الله الذي هو مدبر الأمور ، بسم الله الذي خلق النور من النور ، الحمد لله الذي خلق النور من النور ، وأنزل النور على الطور ، في كتاب مسطور ، في رق منشور ، والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور بقدر مقدور على نبيّ محبور ، الحمد لله
الذي هو بالعز مذكور ، وبالخير مشهور ، وعلى السرّاء والضرّاء مشكور»
.
قال سلمان : فتعلمته ، وقد لقّنت أكثر
من ألف نفس من أهل المدينة ومكَّة ممّن بهم علل الحمّى ، وكلّهم برئوا بإذن الله تعالى .
وفي رواية أخرى : في شكوى ووسوسة
الشيطان ، وقد نزل عليها السلام الرزق من السّماء ، وكثيراً ما تدور الرحى في بيتها وهي نائمة أو مشتغلة بأمر آخر ، والرّواية فيها متظافرة .
___________________
٦ ـ فصل :
في
ظهور آياتها في غليان القدر بغير نار
وفيه
: حديثان
٢٥٤ / ٢ ـ عن زاذان ، عن سلمان رضي الله
عنه ، قال : أتيت ذات يوم منزل فاطمة عليها السّلام فوجدتها نائمة قد تغطَّت بالعباءة ، ونظرت إلى قدر منصوبة بين يديها تغلي بغير نار ، فانصرفت مبادراً إلى رسول الله (ص) ، فلمّا بصر بي ضحك ، ثمّ قال : «يا أبا عبد الله ، أعجبك ما رأيت من حال ابنتي فاطمة ؟» قلت : نعم ، يا رسول الله .
فقال رسول الله (ص) : «أتعجب من أمر
الله ، إنّ الله تبارك وتعالى علم ضعف ابنتي فاطمة ، فأيّدها بمن يعينها على دهرها من كرام ملائكته» .
٢٥٥ / ٢ ـ عن أمير المؤمنين عليه السلام
أنّه قد استقرض من يهوديّ شيئاً ، فاسترهنه فدفع إليه ملاءة فاطمة عليها السلام ، وكانت من الصّوف ؛ فأدخلها اليهودي داره ، فوضعها في بيت ، فلمّا كان الليل دخلت زوجته البيت الذي فيه الملاءة لشغل ، فرأت نوراً ساطعاً في البيت فانصرفت إلى زوجها فأخبرته بما رأت في ذلك البيت ، فتعجّب
___________________
زوجها ، وقد نسي أنّ
في بيته ملاءة فاطمة عليها السلام ، فنهض مسرعاً ، فدخل البيت فإذا ضياء الملاءة ، منتشرة وشعاعها ، كأنّها تشتعل من بدر منير ، يلمع من قريب ، فتعجّب من ذلك فأمعن النّظر في موضع الملاءة ، فعلم أن النّور من ملاءة فاطمة عليها السّلام ، فخرج اليهوديّ إلى قرابته ، وزوجته إلى قرابتها
، واستحضرهم الدار ، فاجتمع ثمانون من اليهود ، فرأوا ذلك فأسلموا .
___________________
الباب
الخامس
في
بيان آيات السبط الزكي أبي محمّد الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام
وفيه
سبعة فصول
١ ـ فصل :
في
بيان آياته في إحياء الموتى
وفيه
: حديث واحد
٢٥٦ / ١ ـ عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، عن
أبي جعفر عليه السلام ، قال : «جاء أناس إلى الحسن عليه السلام فقالوا له : أرنا من عجائب أبيك التي كان يرينها .
قال : أفتؤمنون بذلك ؟ فقالوا كلّهم :
نعم ، نؤمن بالله تعالى» . قال : «فأحيا لهم ميتاً بإذن الله ، فقالوا بأجمعهم : نشهد أنّك ابن أمير المؤمنين عليه السلام حقّاً ، وأنّه كان يرينا مثل ذلك كثيراً» .
___________________
٢ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته فيما يشاكل ذلك
وفيه
: حديث واحد
٢٥٧ / ١ ـ عن جابر بن عبد الله ، قال :
قال رسول الله (ص) : «حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، فإنّه قد كانت فيهم الأعاجيب ، ثمّ أنشأ يحدِّث (ص) فقال :
«خرجت طائفة من بني إسرائيل حتّى أتوا
مقبرة لهم ، وقالوا : لو صلّينا فدعونا الله تعالى فأخرج لنا رجلاً ممّن مات نسأله عن الموت ؛ ففعلوا ، فبينما هم كذلك ، إذ أطلع رجل رأسه من قبر ، بين عينيه أثر السجود ، فقال : يا هؤلاء ، ما أردتم منّي ، لقد متّ منذ عام ، ما كان سكنت عني حرارة الموت ، حتّى كان الآن فادعوا الله أن يعيدني كما كنت» .
قال جابر بن عبد الله : ولقد رأيت وحقّ
الله وحقّ رسول الله من الحسن بن عليّ عليهما السلام أفضل وأعجب منها ، ومن الحسين بن عليّ عليهما السلام أفضل : وأعجب منها .
أمّا الذي رأيته من الحسن عليه السلام
فهو : أنّه لمّا وقع عليه
___________________
من أصحابه ما وقع ،
وألجأه ذلك إلى مصالحة معاوية ، فصالحه ، واشتدّ ذلك على خواص أصحابه ، فكنت أحدهم فجئته فعذلته ، فقال : «يا جابر ، لا تعذلني ، وصدِّق رسول الله في قوله : (إنَّ ابني هذا سيّد ، وإنَّ الله تعالى يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)» .
فكأنّه لم يشف ذلك صدري فقلت : لعل هذا
شءً يكون بعد ، وليس هذا هو الصلح مع معاوية ، فإنّ هذا هلاك المؤمنين وإذلالهم ، فوضع يده على صدري وقال : «شككت وقلت كذا» .
قال : «أتحب أن أستشهد رسول الله (ص)
الآن حتّى تسمع منه ؟!» فعجبت من قوله ، إذ سمعت هدّة ، وإذا بالأرض من تحت أرجلنا انشقت ، وإذا رسول الله (ص) ، وعليّ وجعفر وحمزة عليهم السلام قد خرجوا منها ، فوثبت فزعاً مذعوراً ، فقال الحسن : «يا رسول الله ، هذا جابر ، وقد عذلني بما قد علمت» .
فقال (ص) لي : «يا جابر ، إنّك لا تكون
مؤمناً حتّى تكون لأئمتك مسلّماً ، ولا تكون عليهم برأيك معترضاً ، سلّم لابني الحسن ما فعل ، فإنّ الحقّ فيه ، إنّه دفع عن حياة
المسلمين الاصطلام بما فعل ، وما كان ما فعله إلّا عن أمر الله ، وأمري» .
فقلت : قد سلمت يا رسول الله . ثمّ
ارتفع في الهواء هو وعليّ وحمزة وجعفر ، فما زلت أنظر إليهم حتّى انفتح لهم باب [ من السماء ] ودخلوها ، ثمّ باب السماء الثانية ، إلى سبع سماوات يقدمهم سيّدنا ومولانا محمّد (ص) .
___________________
٣ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته من إخراج التمر من الشجر اليابس بإذن الله تعالى
وفيه
: حديث واحد
٢٥٨ / ١ ـ عن إسماعيل بن مهران ، عن منذر
الكناسيّ
، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «خرج الحسن بن عليّ عليهما السلام في بعض سفره ومعه رجل من ولد الزبير [ لا ]
يقول بإمامته ، فنزلوا في منهل من المناهل ، تحت نخل يابس ، قد يبس من العطش»
قال : «ففرش لأبي محمّد الحسن تحت نخلة
، والزبيريّ بحذائه تحت نخلة أخرى» .
___________________
قال : «فقام الزبيريّ ورفع رأسه وقال :
لو كان في هذا النخل رطبٌ لأكلنا منه . فقال الحسن عليه السلام : وإنّك لتشتهي الرطب ؟! قال : نعم . فرفع يده إلى السماء ودعا بدعاء لم يسمعٍ ولم يفهم ، فاخضرّت النخلة ، ثمّ صارت إلى حالتها فأورقت وحملت رطباً» .
قال : «فقال الجمّال الذي اكتروا منه :
سحر والله ! فقال الحسن : والله ليس بالسحر ولكن دعوة ابن نبيّ مجابة ، فصعدوا إلى النخلة حتّى صرموا ما كان فيها ، وما
كان كفاهم» .
___________________
٤ ـ فصل :
في
ظهور آياته من إظهار بعض حكم القيامة ، وأحوالها في الدنيا
وفيه
: حديث واحد
٢٥٩ / ١ ـ عليّ بن رئاب ، قال : سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يحدّث عن آبائه أنّه أتى آت الحسن بن عليّ عليهما السلام ، فقال : ما عجز عنه موسىٰ عليه السلام من مسألة الخضر عليه السلام ، فقال : من الكنز الأعظم .
ثمّ ضرب بيده على منكب الرجل فقال : «إيه»
ثمّ ركض ما بين يديه ، فانفلق عن انسانين على صخرة ، يرتفع منهما بخار أشدّ نتناً من الخبال وفي عنق كلّ واحد منهما سلسلة وشيطان مقرون به ، وهما يقولان : يا محمّد ، يا محمّد . والشيطانان يردَّان عليهما : كذبتما .
ثمّ قال : «انطبقي عليهما إلى الوقت
المعلوم الذي لا يقدَّم ولا يؤخر» وهو خروج القائم المنتظر عليه السلام ، فقال الرجل : سحر . ثمّ ولّى على أن يخبر بضد ذلك فخرس .
وفي ذلك آيات بينات .
___________________
٥ ـ فصل :
في
بيان آياته في انقلاب الرجل امرأة والإِمرأة رجلًا
وفيه
: حديث واحد
٢٦٠ / ١ ـ وجدت في بعض كتب أصحابنا
الثقات رضي الله عنهم أنّ رجلاً من أهل الشام أتى الحسن عليه السلام ومعه زوجته ، فقال : يا ابن أبي تراب ـ وذكر بعد ذلك كلاماً نزهت عن ذكره ـ إن كنتم في دعواكم صادقين فحوّلني امرأة وحوّل امرأتي رجلاً . كالمستهزئ في كلامه ، فغضب عليه السلام ، ونظر إليه شزراً ، [ وحرّك شفتيه ]
ودعا بما لم يُفهم ، ثمّ نظر إليهما ، وأحدَّ النظر ، فرجع الشاميّ إلى نفسه وأطرق خجلاً ووضع يده على وجهه ، ثمّ ولّى مسرعاً ، وأقبلت امرأته
، وقالت : والله إنّي صرت رجلاً .
وذهبا حيناً من الزمان ، ثمّ عادا إليه
وقد ولد لهما مولود ، وتضرّعا إلى الحسن عليه السلام تائبين ومعتذرين ممّا فرطا فيه ، وطلبا منه انقلابهما إلى حالتهما الأولىٰ ، فأجابهما إلى ذلك ، ورفع يده ، وقال : «اللَّهمَّ إن كانا صادقين في توبتيهما فتب عليهما ، وحوّلهما إلى ما كانا عليه» فرجعا إلى ذلك لا شك فيه ولا شبهة .
___________________
٦ ـ فصل :
في
بيان آياته فيما أعطاه جبرئيل من فاكهة الجنّة
وفيه
: حديث واحد
٢٦١ / ١ ـ عن أبي الحسن عامر بن عبد
الله ، عن أبيه ، عن الصادق عليه السلام ، عن آبائه ، عن الحسين عليه السلام ، قال : «دخلت مع الحسن عليه السلام على جدّي رسول الله (ص) وعنده جبرئيل عليه السلام في صورة دحية الكلبيّ ، وكان دحية إذا قدم من الشام على رسول الله (ص) حمل لي ولأخي خرنوباً
ونبقاً وتيناً ، فشبّهناه بدحية بن خليفة الكلبيّ ، وإنّ دحية كان يجعلنا نفتش كمّه ، فقال جبرئيل عليه السلام : يا رسول الله ، ما يريدان ؟ قال : «إنّهما شبّهاك بدحية بن خليفة الكلبي ، وإن دحية كان يحمل لهما إذا قدم من الشام نبقاً وتيناً وخرنوباً» .
قال : «فمدّ جبرئيل عليه السلام يده إلى
الفردوس الأعلى ، فأخذ منه نبقاً
وخرنوباً وسفرجلاً ورمّاناً فملأنا به حجرنا» .
قال : «فخرجنا مستبشرين ، فلقينا أبونا
أمير المؤمنين عليّ عليه
___________________
السلام فنظر إلى ثمرة
لم ير مثلها في الدنيا ، فأخذ من هذا ، ومن هذا واحداً واحداً ، ودخل على رسول الله (ص) وهو يأكل فقال : «يا أبا الحسن ، كُل وادفع إليَّ أوفر نصيب ، فإنّ جبرئيل عليه السلام أتى به آنفاً» .
٧ ـ فصل :
فيما
ظهر من آياته من الإِخبار بالغائبات
وفيه
: أربعة أحاديث
٢٦٢ / ١ ـ عن داود الرقيّ ، عن أبي عبد
الله عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، قال : «إنّ الحسن بن عليّ عليه السلام قال لولده عبد الله : يا بني ، إذا كان في عامنا هذا يدفع إليَّ هذا الطاغي جارية تسمّى (أنيس) فتسمّني بسمّ قد جعله الطاغي تحت فصّ خاتمها . قال له عبد الله : فلم لا تقتلها قبل ذلك ؟! قال : يا بني جفَّ القلم ، وأبرم الأمر فانعقد ، ولا حلّ لعقد الله [ المبرم ]
.
فلمّا كان في العام القابل أهدي إليه
جارية اسمها (أنيس) فلمّا دخلت عليه ضرب بيده على منكبها ، ثمّ قال : يا أنيس ، دخلتِ النار بما تحت فصّ خاتمك» .
٢٦٣ / ٢ ـ عن أبي أسامة زيد الشحام ، عن
أبي عبد الله عليه
___________________
السلام ، قال : «خرج
الحسن بن عليّ عليهما السلام إلى مكة ماشياً سنة من السنين ، فورمت قدماه ، فقال بعض مواليه : لو ركبت لسكن عنك بعض هذا الورم الذي برجلك .
قال : كلا ، إذا أتينا المنزل فإنّه
سيستقبلك عبد أسود ، معه دهن لهذا الورم ، فاشتر منه ولا تماكسه . فقال مولاه : بأبي أنت وأمّي ، ليس أمامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء ! قال : بلى ، إنّه أمامك دون المنزل .
فسارا أميالاً ، فإذا الأسود يستقبله ،
فقال الحسن عليه السلام : دونك الرجل فخذ منه الدهن واعطه ثمنه . فقال له الأسود : ويحك يا غلام ، لمن أردت هذا الدهن ؟ قال : للحسن بن عليّ عليهما السلام قال : انطلق بي إليه .
فأخذ بيده حتّى أدخله عليه ، فقال :
بأبي أنت وأمّي ، لم أعلم أنّك تحتاج إليه ، ولا أنّه يراد ذلك ، ولست آخذ له ثمناً ، إنّما أنا مولاك ، ولكن ادعو الله أن يرزقني ذكراً سوياً ، يحبكم أهل البيت ، فإنّي خلّفت امرأتي وقد أخذها الطلق
.
فقال له الحسن عليه السلام : انطلق إلى
منزلك ، فإنّ الله تبارك وتعالى وهب لك ذكراً سوياً ، وهو لنا شيعة .
فرجع الأسود من فوره ، فإذا بأهله قد
وضعت غلاماً سوياً ، فرجع إلى الحسن عليه السلام فأخبره بذلك ، ودعا له خيراً ، ومسح الحسن عليه السلام بذلك الدهن رجليه فما برح من مجلسه حتّى سكن ورمه ، ومشى على قدميه» .
___________________
٢٦٤ / ٣ ـ عن الباقر عليه السلام ، عن
آبائه عليهم السلام ، عن حذيفة ، قال : بينا رسول الله (ص) على جبل أحد في جماعة من المهاجرين والأنصار إذ أقبل الحسن بن عليّ عليه السلام يمشي على هدوء ووقار ، فنظر إليه رسول الله (ص) فرمقه من كان معه ، فقال له بلال : يا رسول الله ، ما ترى أحداً بأحُد ؟! فقال (ص) : «إنّ جبرئيل عليه السلام يهديّه ، وميكائيل يسدده ، وهو ولدي والطاهر من نفسي ، وضلع من أضلاعي ، هذا سبطي وقرَّة عيني بأبي هو» .
وقام ، وقمنا معه ، وهو يقول : «أنت
تفاحي وأنت حبيبي وبهجة قلبي» وأخذ بيده ، [ فمشى معه ]
ونحن نمشي حتّى جلس وجلسنا حوله ، فنظرنا إلى رسول الله (ص) وهو لا يرفع بصره عنه ، ثمّ قال : «إنّه سيكون بعدي هادياً مهدياً ، هدية من ربّ العالمين لي ، ينبئ عنّي ، ويعرّف الناس آثاري ويحيي سنّتي ، ويتولى أموري في فعله ، وينظر الله تعالى إليه ، ويرحمه ، رحم الله من عرف له ذلك وبرّني فيه ، وأكرمني فيه» .
فما قطع صلوات الله عليه وآله كلامه
حتّى أقبل إلينا أعرابي يجرّ هراوة له ، فلمّا نظر إليه (ص) قال : «قد جاءكم رجل يكلمكم بكلام غليظ تقشعر منه جلودكم ، وإنّه يسألكم عن أمور ، ألا إنّ لكلامه جفوة» فجاء الأعرابي فلم يسلّم ، فقال : أيّكم محمّد ؟ قلنا : ما تريد ؟ فقال (ص) : «مهلًا» فقال : يا محمّد ، قد كنت أبغضك ولم أرك ، والآن قد ازددت لك بغضاً . فتبسّم رسول الله (ص) وغضبنا لذلك ، فأردنا للأعرابي إرادة ، فأومأ إلينا رسول الله (ص) أن امسكوا
، فقال الأعرابي : يا محمّد ، إنّك تزعم أنّك نبيّ ، وأنّك قد كذبت على
___________________
الأنبياء ، وما معك
من دلائلهم شيء .
فقال النبيّ (ص) : «يا أعرابي ، وما
يدريك ؟» قال : فخبّرني ببراهينك .
قال : «إن أحببت أخبرتك كيف خرجت من
منزلك ، وكيف كنت في نادي قومك ، وإن أردت أخبرك عضو من أعضائي ، فيكون ذلك أوكد لبرهاني» قال : أو يتكلم العضو ؟! قال : «نعم ، يا حسن قم» .
فازدرى الأعرابي نفسه وقال : هو لا يأتي
ويأمر صبيّاً يكلّمني ؟! قال : «إنك ستجده عالماً بما تريد» فابتدر الحسن فقال : «مهلاً يا أعرابي :
ما غبياً سألت وابن غبي
|
|
بل فقيهاً اذن وأنت الجهول
|
فإن تك قد جهلت فإنّ عندي
|
|
شفاء الجهل ما سأل السؤول
|
وبحراً لا تقسّمه الدوالي
|
|
تراثاً كان أورثه الرسول
|
لقد بسطت لسانك ، وعدوت طورك ، وخادعتك
نفسك ، غير أنّك لا تبرح حتّى تؤمن إن شاء الله تعالى» فتبسّم الأعرابي وقال : هيهات .
فقال له الحسن عليه السلام : «قد
اجتمعتم في نادي قومك ، وقد تذاكرتم ما جرى بينكم على جهلٍ ، وخرقٍ منكم ، فزعمتم أنّ محمّداً صنبور ، والعرب قاطبة
تبغضه ، ولا طالب له بثأره ، وزعمت أنّك قاتله وكاف قومك مؤونته ، فحملت نفسك على ذلك ، وقد أخذت قضاتك بيدك تؤمه وتريد قتله ، تعسر عليك مسلكك ، وعمى عليك بصرك ، وأبيت إلّا ذلك ، فأتيتنا خوفاً من أن يستهزئوا بك ، وإنّما جئت
___________________
لخير يراد بك .
أنبئك عن سفرك : خرجت في ليلة ضحياء
، إذ عصفت ريح شديدة اشتدَّ منها ظلماؤها ، وأطبقت سماؤها ، وأعصر سحابها ، وبقيت محر نجماً
كالأشقر إن تقدم نُحر ، وإن تأخر عُقر ، لا تسمع لواطئ حسّاً ، ولا لنافخ خرساً
، تدالت عليك غيومها ، وتوارت عنك نجومها ، فلا تهتدي بنجم طالع ، ولا بعلمٍ لامع ، تقطع محجّة وتهبط لجّة بعد لجّة ، في ديمومة قفر ، بعيدة القعر ، مجحفة بالسفر ، إذا علوت مصعداً وأرادت الريح تخطفك ، والشوك تخبطك ، في ريح عاصف وبرق خاطف ، قد أوحشتك قفارها ، وقطعتك سلامها ، فانصرفت فإذا أنت عندنا ، فقرّت عينك وظهر زينك
، وذهب أنينك» .
قال : من أين قلت ـ يا غلام ـ هذا ؟!
كأنّك قد كشفت عن سويداء قلبي ، وكأنّك كنت شاهدي ، وما خفي عليك شيء من أمري ، وكأنّك عالم الغيب ، يا غلام ، لقّني الإِسلام .
فقال الحسن عليه السلام : «الله أكبر ،
قل : أشهد أن لا إله إلَّا الله ، وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله» .
فأسلم الرجل وحسن إسلامه ، وسرَّ رسول
الله (ص) ، وسرّ المسلمون وعلّمه رسول الله (ص) شيئاً من القرآن ، فقال : يا رسول الله ، أرجع إلى قومي وأعرّفهم ذلك . فأذن له ، فانصرف ، ثمّ رجع
___________________
ومعه جماعة من قومه ،
فدخلوا في الإِسلام .
وكان الحسن عليه السلام إذا نظر إليه
الناس قالوا : لقد أعطي هذا ما لم يعط أحدٌ من العالمين .
٢٦٥ / ٤ ـ وروي أنّ أمير المؤمنين عليه
السلام كان في الرحبة ، فقام إليه رجل ، وقال : أنا من رعيتك وأهل بلادك .
فقال عليه السلام : «لست من رعيتي ولا
من أهل بلادي ، وإنّ ابن الأصفر
بعث إلى معاوية بمسائل أقلقته ، فأرسلك إليّ بها» . قال : صدقت يا أمير المؤمنين ، كان في خفية وأنت قد اطلعت عليها ، ولم يعلم غير الله .
قال : «سل أحد ابني هذين» . قال : اسأل
ذا الوفرة
ـ يعني الحسن عليه السّلام ـ فأتاه فقال : «جئت لتسأل
: كم بين الحقّ والباطل ؟ وكم بين السّماء والأرض ؟ وكم بين المشرق والمغرب ؟ وما قوس قزح ؟ وما المؤنث ؟ وما عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض ؟» [ قال : نعم ]
.
قال الحسن عليه السّلام : «بين الحقّ
والباطل أربعة أصابع ، فما
___________________
رأيته بعينك فهو
الحقّ وما سمعته
بأذنيك باطل كثير ، وبين السّماء والأرض دعوة المظلوم مدّ البصر ؛ وبين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس ؛ وقزح اسم للشيطان ، لا تقل قوس قزح ، هو قوس الله ، وعلامة الخصب ، وأمان لأهل الأرض من الغرق ،
وأمّا المؤنث فهو من لا يدري أذكر هو أم
أنثى ، فإنّه ينتظر فيه ، فإن كان ذكراً احتلم ، وإن كانت أنثى حاضت وبدا ثدياها ، وإلّا قيل له : بل ، فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر ، وإن انتكص بوله على رجليه كما ينتكص بول البعير فهو امرأة .
وأمّا عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض
فأشد شيء خلقه الله الحجر ، وأشدّ منه الحديد ، يقطع به الحجر ، وأشدّ من الحديد النّار ، تذيب الحديد ، وأشدّ من النّار الماء ، يطفئ النّار ، وأشدّ من الماء السحاب ، يحمل الماء ، وأشدّ من السحاب الريح ، تحمل السحاب ، وأشدّ من الريح الملك الذي يردّها ، وأشدّ من الملك ملك الموت الَّذي يميت الملك ، وأشدّ من ملك الموت الموت الذي يميت ملك الموت ، وأشدّ من الموت أمر الله تعالى [ الذي ] يدفع الموت»
___________________
الباب السادس
في
بيان آيات السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين بن عليّ عليهما السلام
وفيه
عشرة فصول
١ ـ فصل :
في
ظهور آياته من إحضار النبي ومن ظهور آياته بعد موت رسول الله
وفيه
: حديث واحد
٢٦٦ / ١ ـ عن جابر بن عبد الله رضي الله
عنه ، قال : لمّا عزم الحسين بن عليّ عليهما السّلام ، على الخروج إلى العراق أتيته فقلت له : أنت ولد رسول الله (ص) ، وأحد سبطيه ، لا أرى إلّا أنّك تصالح كما صالح أخوك الحسن ، فإنّه كان موفقاً راشداً .
فقال لي : «يا جابر ، قد فعل أخي ذلك
بأمر الله وأمر رسوله ، وإنّي أيضاً أفعل بأمر الله وأمر رسوله ، أتريد أن أستشهد لك رسول الله (ص) وعليّاً وأخي الحسن بذلك الآن ؟» ثمّ نظرت فإذا السّماء قد انفتح بابها ، وإذا رسول الله وعليّ والحسن وحمزة وجعفر وزيد نازلين عنها حتّى استقروا على الأرض ، فوثبت فزعاً مذعوراً .
فقال لي رسول الله (ص) : «يا جابر ، ألم
أقل لك في أمر الحسن قبل الحسين : لا تكون مؤمناً حتّى تكون لأئمتك مسلّماً ، ولا تكن معترضاً ؟ أتريد أن ترى مقعد معاوية ومقعد الحسين ابني ومقعد يزيد قاتله لعنه الله ؟» قلت : بلى يا رسول الله .
فضرب برجله الأرض فانشقّت وظهر بحر
فانفلق ، ثمّ ضرب
___________________
فانشقت هكذا حتّى
انشقت سبع أرضين وانفلقت سبعة أبحر ، فرأيت من تحت ذلك كله النار ، فيها سلسلة قرن فيها الوليد بن مغيرة وأبو جهل ومعاوية الطاغية ويزيد ، وقرن بهم مردة الشياطين ، فهم أشدّ أهل النّار عذاباً .
ثمّ قال (ص) : «ارفع رأسك» فرفعت ، فإذا
أبواب السّماء متفتحة ، وإذا الجنّة أعلاها ، ثمّ صعد رسول الله (ص) ومن معه إلى السّماء ، فلمّا صار في الهواء صاح بالحسين : «يا بني الحقني» فلحقه الحسين عليه السّلام ، وصعدوا حتّى رأيتهم دخلوا الجنّة من أعلاها ، ثم نظر إليَّ من هناك رسول الله ، وقبض على يد الحسين ، وقال : «يا جابر ، هذا ولدي معي ها هنا ، فسلّم له أمره ، ولا تشك لتكون مؤمناً»
.
قال جابر : فعميت عيناي إن لم أكن رأيت
ما قلت من رسول الله (ص) .
___________________
٢ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في إبراء الأبرص
وفيه
: حديث واحد
٢٦٧ / ١ ـ عن صالح بن ميثم ، قال : دخلت
أنا وعباية بن ربعي على امرأة من بني والبة [ يقال لها : حبابة الوالبية ]
قد احتز
وجهها من السُّجود ، فقال عباية : يا حبابة ، هذا ابن أخيك .
قالت : أي أخ ؟ قال : صالح بن ميثم .
قالت : ابن أخي والله حقّاً ، يا ابن
أخي ، ألا أحدّثك حديثاً سمعته من الحسين بن عليّ عليهما السلام ؟ قلت : بلى يا عمّة .
قالت : كنت زوّارة للحسين عليه السّلام
فحدث بين عيني وضح ، فشق ذلك عليَّ ،
واحتبست عنه أيّاماً ، فسأل عنّي : «ما
___________________
فعلت حبابة الوالبيّة
؟» فقالوا : إنّها حدث بها وضح
بين عينيها . فقال لأصحابه : «قوموا بنا» فقام حتّى دخل عليَّ وأنا في مسجدي هذا
فقال : «يا حبابة ، ما الَّذي أبطأ بك
عليَّ ؟» فقلت : يا ابن رسول الله ، ما ذاك الَّذي منعني إلَّا وضح حدث بين عيني ، فكرهت إتيانك . فنظر إلي فكشفت القناع ، وتفل عليه ، فقال : «يا حبابة ، أحدثي
لله شكراً ، فإنَّ الله قد درأه عنك» قالت : فخررت ساجدة لله تعالى .
وقال : «يا حبابة ، ارفعي رأسك وانظري
في مرآتك» قالت فرفعت رأسي ونظرت في المرآة ، فلم أحس منه شيئاً ، فحمدت الله تعالى ، فنظر إليَّ وقال : «يا حبابة ، نحن وشيعتنا على الفطرة ، وسائر الناس منه براء» .
___________________
٣ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في اسوداد الشعر بعد ما ابيض
وفيه
: حديث واحد
٢٦٨ / ١ ـ عن أبي خالد الكابليّ ، قال :
سمعت عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول : «دخلت نصرة الأزديّة على الحسين عليه السلام ، فقال لها : «يا نصرة ، ما الذي أبطأ بك عليَّ ؟ فقالت له : يا ابن رسول الله ، شيء عرض لي في مفرق رأسي ، وكثر منه غمّي ، وطال منه همّي .
فقال : أدني منّي . فدنت منه ، فوضع
أصبعه على أصل البياض فصار كالقار ، فقال : إئتوها بمرآة . فأتيت بها ، فنظرت في المرآة ، فإذا البياض قد اسودَّ ، فسرّت بذلك ، وسرّ الحسين عليه السلام لسرورها» .
___________________
٤ ـ فصل :
في
ظهور آياته مع الماء
وفيه
: ثلاثة أحاديث
٢٦٩ / ١ ـ عن محمّد بن سنان ، قال : سُئل
عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام عن الحسين بن عليّ عليهما السلام ، وأنّه قتل عطشاناً ، قال : «مه ، من أين ذلك ؟! وقد بعث الله تعالى إليه أربعة أملاك من عظماء الملائكة ، هبطوا إليه وقالوا له : الله ورسوله يقرءان عليك السلام ، ويقولان : اختر إن شئت إمّا تختار الدنيا بأسرها وما فيها ونمكنك من كلّ عدو لك ، أو الرفع إلينا .
فقال الحسين عليه السلام : [ على الله ]
وعلى رسول الله السلام ، بل الرفع إليه . ودفعوا إليه شربة من الماء فشربها ، فقالوا له : أما إنّك لا تظمأ بعدها أبداً» .
٢٧٠ / ٢ ـ وعنه ، عن الرضا عليه السلام
، قال : «هبط على الحسين عليه السلام ملك وقد شكا إليه أصحابه العطش ؛ فقال : إنّ الله تعالى يقرئك السلام ويقول : هل لك من حاجة ؟ فقال الحسين عليه السلام : هو السلام ومن ربّي السلام . وقال : قد شكا إليَّ أصحابي ـ ما هو أعلم به منّي ـ من العطش . فأوحى الله تعالى إلى
___________________
الملك : قل للحسين :
خطّ لهم بأصبعك خلف ظهرك يرووا . فخطّ الحسين بأصبعه السبابة فجرى نهر أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، فشرب منه هو وأصحابه ، فقال الملك : يا ابن رسول الله ، تأذن لي أن أشرب منه ، فإنّه لكم خاصَّة ، وهو الرحيق المختوم الذي (
خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ )
.
فقال الحسين عليه السلام : إن كنت تحب
أن تشرب منه فدونك» .
وقد كتبت الحديثين
من الجزء السادس والثمانين من كتاب (البستان)
من تصنيف محمّد بن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان .
٢٧١ / ٣ ـ عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما
السلام ، قال : «خرج الحسن والحسين عليهما السلام من منزلهما إلى المسجد ، ثمّ قال الحسن للحسين : يا أخي ، اذهب بنا إلى الخلاء .
فانطلقا حتّى أتيا إلى العجوة
، وولّى كلّ واحد منهما ظهره إلى
___________________
صاحبه فرمى الله تعالى
بينهما جداراً يستتر به أحدهما عن صاحبه ، فلمّا قضيا حاجتهما ذهب الجدار ، وصار في موضعه عين ماء فتوضأ
ومضيا بعد الفراغ من الوضوء ـ في حديث طويل ـ
ثمّ قال الحسن عليه السلام للحسين عليه
السلام : أتدري ما مثلنا الليلة ؟ إنّي سمعت رسول الله وهو يقول : إنّ مثلكما مثل يونس بن متى إذا أخرجه الله من بطن الحوت فألقاه الله على جنب البحر ، وأنبت عليه شجرة من يقطين ، وأخرج له عيناً من تحتها ، فكان يأكل من اليقطين ، ويشرب من ماء العين .
فأخرج الله تعالى لنا الليلة عيناً من
ماء ؛ وسمعت جدِّي رسول الله (ص) وهو يقول : أمّا العين فهي لكم ، وأمّا اليقطين فأنتم عنه أغنياء .
وقال الله تعالى في يونس : (
وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ )
وأمّا نحن فسيحتج الله بنا على أكثر من ذلك ، ويمتعون إلى حين» .
___________________
٥ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في إظهار موضع قبره بكربلاء لأمّ سلمة
وفيه
: حديث واحد
٢٧٢ / ١ ـ عن الباقر صلوات الله عليه
قال : «لمّا أراد الحسين صلوات الله عليه الخروج إلى العراق بعثت إليه أمّ سلمة رضي الله عنها ، وهي التي كانت ربّته ، وكان أحبّ الناس إليها ، وكانت أرق الناس عليه ، وكانت تربة الحسين عندها في قارورة دفعها إليها رسول الله صلّ الله عليه وآله وسلّم .
فقالت : «يا بني ، أتريد أن تخرج ؟ فقال
لها : يا أمه ، أريد أن أخرج إلى العراق .
فقالت : إنّي أذكّرك الله تعالى أن تخرج
إلى العراق . قال : ولم ذلك يا أمه .
قالت : سمعت رسول الله (ص) يقول : «يقتل
ابني الحسين بالعراق ، وعندي يا بني تربتك في قارورة مختومة دفعها إليَّ رسول الله صلّ الله عليه وآله وسلّم .
___________________
فقال : يا أمّاه ، والله إنّي لمقتول ،
وإنّي لا أفرُّ من القدر والمقدور ، والقضاء المحتوم ، والأمر الواجب من الله تعالى .
فقالت : واعجباه ، فأين تذهب وأنت مقتول
؟
فقال : يا أمه ، إن
لم أذهب اليوم ذهبت غداً ، وإن لم أذهب غداً لذهبت بعد غد ، وما من الموت ـ والله يا أمه ـ بد ، وإنّي لأعرف اليوم والموضع الذي أقتل فيه ، والساعة التي أقتل فيها ، والحفرة التي أدفن فيها ، كما أعرفك ، وأنظر إليها كما أنظر إليك .
قالت : قد رأيتها ؟! قال : إن أحببت أن
أريك مضجعي ومكاني ومكان أصحابي فعلت . فقالت : قد شئتها .
فما زاد أن تكلّم بسم الله ، فخفضت له
الأرض حتّى أراها مضجعه ، ومكانه ومكان أصحابه ، وأعطاها من تلك التربة ، فخلطتها مع التربة التي كانت عندها ، ثمّ خرج الحسين صلوات الله عليه ، وقد قال لها : إنّي مقتول يوم عاشوراء .
فلمّا كانت تلك الليلة التي صبيحتها قُتِلَ
الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما فيها أتاها رسول الله صلّ الله عليه وآله في المنام أشعث
باكياً مغبراً ، فقالت : يا رسول الله ، مالي أراك باكياً مغبراً أشعث ؟! فقال : دفنت ابني الحسين عليه السلام وأصحابه الساعة .
فانتبهت أمّ سلمة رضي الله عنها فصرخت
بأعلى صوتها ، فقالت : واإبناه . فاجتمع أهل المدينة وقالوا لها : ما الذي دهاك ؟ فقالت : قتل ابني الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما . فقالوا لها : وما علمك [ بذلك ] ؟
قالت : أتاني في المنام رسول الله صلوات
الله عليه باكياً أشعث
___________________
أغبر ، فأخبرني أنّه
دفن الحسين وأصحابه الساعة . فقالوا : أضغاث أحلام قالت : مكانكم ، فإنّ عندي تربة الحسين عليه السلام ، فأخرجت لهم القارورة فإذا هي دم عبيط»
.
___________________
٦ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته بعد الموت
وفيه
: أحد عشر حديثاً
٢٧٣ / ١ ـ عن المنهال بن عمرو ، قال :
أنا والله رأيت رأس الحسين صلوات الله عليه على قناة يقرأ القرآن بلسان ذلق ذرب يقرأ سورة الكهف حتّى بلغ : (
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا )
فقال رجل : ورأسك ـ والله
ـ أعجب يا ابن رسول الله من العجب .
٢٧٤ / ٢ ـ وعنه ، قال : أدخل رأس الحسين
صلوات الله عليه دمشق على قناة ، فمرّ برجل يقرأ سورة الكهف وقد بلغ هذه الآية (
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا )
فأنطق الله تعالى الرأس ، فقال : أمري أعجب من أمر أصحاب الكهف والرقيم .
___________________
٢٧٥ / ٣ ـ عن مصقلة الطحّان ، قال :
سمعت أبا عبد الله صلوات الله عليه يقول : «لمّا قتل الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما أقامت امرأته الكلبيّة مأتماً ، وبكت وأبكت عليه النساء والخدم ، حتّى جفّت دموعهنّ ، وذهبت ، فبينما هي كذلك إذ رأت جارية من جواريها تبكي وتسيل دموعها ، فدعتها وقالت لها : مالكِ أنت من بيننا تسيل دموعك ؟ قالت : إنّي لمّا أصابني الجهد شربت شربة سويق» .
قال : «فأمرت ، فأتيت بالطعام والأسوقة
، فأكلت ، وشربت ، وأطعمت ، وسقت ، وقالت : إنّما نريد نتقوى بذلك على البكاء على الحسين صلوات الله عليه» .
قال : «وأهدي إلى الكلبيّة جزر
لتستعين بها على مأتم الحسين صلوات الله عليه وآله ، فقالت : لسنا في عرس ، فما نصنع بها ؟ فأخرجت من الدار ، فلمّا خرجت من الدار لم يحسَّ لها بحسٍ كأنّما طرن بين السماء والأرض ، ولم يرَ لهن بعد خروجهن من الدار أثر» .
٢٧٦ / ٤ ـ عن أحمد بن الحسين
: قال كنت بنينوى ، فإذا أنا ببقرة شاردة على وجهها ، والناس خلفها يعدون حتّى جاءت إلى القبر ، فبركت عليه ، والتزمته ثمّ رجعت مبادرة حتّى جاءت إلى باب مغلق فنطحته ففتحته ، فخرج منها ولدها ـ أي عجلها ـ فقيل : إن عجلها
سرق ، ولم يدر أصحابه أين هو ، حتّى وقفت هي عليه .
___________________
٢٧٧ / ٥ ـ عن يعقوب بن سليمان ، قال :
سمرت ذات ليلة أنا ونفر ، فتذاكرنا مقتل الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما ، فقال رجل من القوم : ما تلبّس أحد بقتله إلّا أصابه بلاء في أهله وماله ونفسه .
قال شيخ من القوم : والله أنا ممّن شهد
قتله ، وأعان عليه ، فما أصابني
إلى الساعة أمر أكرهه
. فمقته القوم ، وتغيّر السراج وكاد دهنه يطفأ ، فقام الرجل إليه ليصلحه ، فأخذت النار بأصبعه ، فنفخها فأخذت بلحيته ، فخرج يبادر إلى الماء وألقى بنفسه في النهر ، وجعلت النار ترفرف على رأسه فإذا أخرجه أحرقته
حتّى مات لعنه الله .
٢٧٨ / ٦ ـ عن السديّ ، قال كنا عنده إذ
جاءه رجل ريحه ريح القطران
، فقال السديّ : تبيع القطران ؟ قال : لا . قال : فما هذه الريح ؟ .
قال : أخبركم
، لا والله لا أبيع القطران ، إلّا أنّي كنت مع عمر بن سعد لعنه الله في عسكره أبيعهم
الحديد ، فلمّا أصيب الحسين صلوات الله عليه كنت في العسكر قريباً فرأيت في المنام إذا جاء رسول الله (ص) وعليّ صلوات الله عليه كان معه ، وهو يسقي أصحاب الحسين ، فقلت : أسقني يا عليّ ، فأبى ، فقلت : يا رسول
___________________
الله ، قل لعليّ
يسقيني ، فقال : «اسقه يا عليّ» .
فقال : «يا رسول الله ، إنّ هذا ممّن
أعان علينا» . فقال : «ما فعلت ؟» فقلت : بلى ، قد كنت أبيعهم الحديد .
فقال لي رسول الله (ص) : «فعلت» ؟ قلت :
نعم .
قال : «يا عليّ اسقه قطراناً» . فناولني
قدحاً ملء قطراناً فشربته ، فمكثت ثلاثة أيّام أبول القطران ، وهذه ريحه قد بقيت .
فقال السديّ : اشرب من ماء الفرات ، وكل
من خبز البر ، فما أراك تلقى محمّداً (ص) .
٢٧٩ / ٧ ـ عن إدريس بن عبد الله الأزديّ
، قال : لمّا قتل الحسين صلوات الله عليه أراد القوم أن يوطئوه الخيل ، فقالت فضّة لزينب عليها السلام : يا سيّدتي ، إنّ سفينة مولى رسول الله (ص) ركب البحر ، فانكسرت السفينة ، فوقع إلى الجزيرة ، فإذا هو بأسد ، فقال : يا أبا الحارث ، أنا مولى رسول الله (ص) . فهمهم السبع بين يديه حتّى أوقفه على الطريق ، وأسد رابض في ناحية ، فدعيني أمضي إليه ، فأعلمه ما هم صانعون .
فمضت إليه فقالت : يا أبا الحارث . فرفع
رأسه ثمّ قالت له : أتدري ما يريدون أن يصنعوا بأبي عبد الله صلوات الله عليه ؟! يريدون أن يوطئوا الخيل ظهره .
فمشى الأسد حتّى وضع يده على جسمه ،
فأقبلت الخيل ، فلمّا نظروا إليه قال لهم عمر بن سعد لعنه الله : فتنة ، فلا تثيروها . فانصرفوا .
٢٨٠ / ٨ ـ عن أبي رجاء العطارديّ ، قال
: كان لي جار من بني
___________________
الجهم ، فلمّا قتل
الحسين صلوات الله عليه قال : أترون الفاسق بن الفاسق ؟ فرماه الله عزّ وجلّ بكوكبين من نار ، فطمسا بصره .
٢٨١ / ٩ ـ عن سيّار بن الحكم ، قال :
انتهبت الناس ورساً
من عسكر الحسين ، يوم قتل الحسين ، فما تطيّبت به امرأة إلّا برصت .
٢٨٢ / ١٠ ـ وروي أنّ إسحاق الحضرميّ
الملعون الزنديق لعنه الله أخذ قميصه صلوات الله عليه فلبسه فبرص .
٢٨٣ / ١١ ـ عن سفيان بن عُيينة ، قال :
حدَّثتني جدّتي ، قالت : لمّا قتل الحسين بن عليّ صلوات الله عليه ساقوا إبلاً عليها ورس ، فلمّا نُحِرت رأين لحومها مثل العلقم ، ورأينا الورس رماداً ، وما رفعنا حجراً إلَّا وجدنا تحته دماً عبيطاً .
وليس بين الخبرين تناقض فإنّه ذكر في
الأوّل : أن الورس إذا استعملته امرأة برصت ، وذكر في الثاني : أنّه صار رماداً لأن ما وقع إلى قومها صار رماداً ، وما وقع إلى قوم سيّار من استعمله برص .
___________________
٧ ـ فصل :
في
بيان آياته مع فطرس الملك
وفيه
: حديث واحد
٢٨٤ / ١ ـ عن إبراهيم بن شعيب الميثميّ
، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : «إنّ الحسين صلوات الله عليه لمّا ولد أمر الله تعالى جبرئيل عليه السلام أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنء رسول الله (ص) ببشارة من الله تعالى ومن جبرئيل» .
قال : «فهبط جبرئيل عليه السلام ، فمرَّ
على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له : (فطرس) وكان من الحملة ، بعثه الله تعالى في شيء فأبطأ عليه ، فكسر جناحيه وألقاه في تلك الجزيرة ، فعبد الله تعالى فيها سبع مائة عام حتّى ولد الحسين عليه السلام ، فقال الملك لجبرئيل : يا جبرئيل ، أين تريد ؟ قال : إنّ الله تعالى أنعم على محمّد (ص) نعمة فبعثني
أهنيه من الله عزّ وجلّ ومني . قال : يا جبرئيل ، احملني معك لعلّ محمّداً يدعو لي ، فحمله جبرئيل» .
___________________
قال : «فلما دخل جبرئيل على النبيّ (ص)
هنّاه من الله تعالى ومن نفسه ، وأخبره بحال فطرس ، فقال النبيّ (ص) : «تمسّح بهذا المولود ، وعد إلى مكانك .
فتمسّح فطرس بالحسين عليه السلام وارتفع
وقال : يا رسول الله ، أما إنّ أمّتك ستقتله ، وله عليَّ مكافأة ألّا يزوره زائر إلّا أبلغته عنه ، ولا يسلّم عليه مسلّم إلا بلّغته عنه ، سلامه ، ولا يصلّي عليه مصلّ إلّا أبلغته صلاته . ثمّ ارتفع» .
٨ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في إجابة الدعاء
وفيه
: ثلاثة أحاديث
٢٨٥ / ١ ـ عن الصادق صلوات الله عليه ،
قال : «لمّا تهيّأ الحسين عليه السلام للقتال أمر بإضرام النار في الخندق
الذي حول عسكره ، ليقاتل القوم من وجه واحد ، فأقبل رجل من عسكر ابن سعد لعنه الله ، يقال له : (ابن أبي جويرية المزنيّ)
فلمّا نظر إلى النار تتقد صفق بيده ونادى : يا حسين ، ويا أصحاب الحسين ، أبشروا بالنار ، فقد تعجّلتموها في الدنيا .
فقال الحسين صلوات الله عليه : مَن
الرجل ؟ فقيل : ابن أبي جويرية المزني
.
فقال صلوات الله عليه : اللّهمّ أذقه
عذاب النار في الدنيا قبل الآخرة . فنفر به فرسه ، فألقاه في تلك النار فاحترق» .
٢٨٦ / ٢ ـ وعنه صلوات الله عليه ، قال :
«ثمّ برز من عسكر
___________________
عمر بن سعد لعنه الله
رجل يقال له : (تميم بن الحصين) فنادى : يا حسين ، ويا أصحاب الحسين ، أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنّه بطون الحيات ، والله لا ذقتم منه قطرة ، حتّى تذوقوا الموت جزعاً . فقال الحسين صلوات الله عليه : هذا وأبوه من أهل النار ، اللّهمّ اقتل هذا عطشاً في هذا اليوم» .
قال : «فخنقه العطش حتّى سقط عن فرسه
فوطأته الخيل بسنابكها حتّى مات لعنه الله» .
٢٨٧ / ٣ ـ عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة
؛ قال : حدَّثني مَن شهد عسكر الحسين عليه السلام : أنّ الحسين لمّا غلب على عسكره العطش ركب المسناة
يريد الفرات ، فقال رجل من بني أبان بن دارم : حُولوا بينه وبين الماء . ورمى بسهم فأثبته في حنكه ، فقال عليه السلام : «اللَّهمّ اظمئه اللّهمّ اظمئه» فوالله ما لبث الرجل إلّا يسيراً حتّى صبَّ الله عليه الظمأ .
قال القاسم بن الأصبغ : لقد رأيته وبين
يديه قلال فيها الماء ، وإنّه ليقول : ويلكم اسقوني قتلني الظمأ . فيُعطى القلّة
أو العس
الذي كان أحدهما مروياً أهل بيتٍ ، فيشربه ، ثمّ يقول : ويلكم اسقوني قتلني الظمأ .
قال : فوالله ما لبث إلَّا يسيراً حتّى
انقدَّ بطنه انقداد بطن البعير .
وفي رواية أخرى : النار توقد من خلفه ،
والثلج موضوع من قدامه ، وهو يقول : اسقوني . . . إلى آخر الكلام .
___________________
٩ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته من الاخبار بالغائبات
وفيه
: حديث واحد
٢٨٨ / ١ ـ عن أبي عبد الله صلوات الله
عليه ، قال : «قال الحسين صلوات الله عليه لغلمانه وقد أرسلهم إلى ضيعة له : لا تخرجوا يوم كذا وكذا ـ وقد سمّاه ـ واخرجوا يوم الخميس فإنّكم إن خالفتموني قُطِعَ عليكم الطريق ، وقُتِلتم ، وذهب ما معكم» .
قال : «فخالفوه ، وأخذوا طريق الحرّة
فاستقبلهم لصوص فقتلوهم كلّهم ، ثمّ دخل عليه والي المدينة من ساعته ، فقال : بلغني قتل غلمانكم ومواليكم ، فآجرك الله فيهم .
فقال صلوات الله عليه : أما إنّي أدلك
على من قتلهم ، فاشدد يديك بهم . قال : أو تعرفهم ؟! قال : نعم ، كما أعرفك ، وهذا منهم ، وأشار بيده إلى رجل كان على رأسه قائماً .
قال الرجل : يا ابن رسول الله ، كيف
عرفت أنّي منهم ؟! قال الحسين صلوات الله عليه : إن صدقتك تصدقني ؟ قال : نعم ، والله لأفعلن .
___________________
قال : خرجت ومعك فلان وفلان . وسمّاهم
بأسمائهم كلهم ، أربعة منهم من موالي الأسود والبقية من حبشان المدينة .
قال الوالي : وربّ القبر والمنبر ،
لتصدقن أو لأنثرن لحمك بالسياط . قال : والله ما كذب الحسين ، كأنّه كان معنا !» .
قال : «فجمعهم الوالي ، فأقرّوا بأجمعهم
، فأمر بهم فضربت أعناقهم» .
١٠ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في معان شتّى
وفيه
: حديثان
٢٨٩ / ١ ـ عن الباقر صلوات الله عليه ،
قال : «حدثني نجاد مولى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله ، قال : رأيت أمير المؤمنين صلوات الله عليه يرمي نصالاً ، ورأيت الملائكة يردّون عليه أسهمه ، فعميت ، فذهبت إلى مولاي الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما ، فشكوت ذلك إليه .
فقال : لعلك رأيت الملائكة تردّ على
أمير المؤمنين أسهمه ؟ فقلت : أجل . فمسح بيده على عيني فرجعت بصيراً بقوة الله تعالى» .
٢٩٠ / ٢ ـ عن يحيى بن أم الطويل ، قال :
كنّا عند الحسين صلوات الله عليه إذ دخل عليه شاب يبكي ، قال له : «وما يبكيك ؟!» قال : إنّ والدتي توفيت في هذه الساعة ، ولم توصي ، ولها مال وكانت قد أمرتني أن لا أحدث في أمرها حدثاً حتّى أعلمك بخبرها .
فقال الحسين عليه السلام : «قوموا بنا
حتّى نصير إلى هذه الحرّة» فقمنا معه حتّى انتهى إلى باب البيت الذي فيه المرأة [ وهي ]
___________________
مسجاة ، حتى أشرف على
البيت فدعا الله تعالى ليحييها حتّى توصي بما يجب من وصيتها .
فأحياها الله تعالى ، وإذا المرأة قد
جلست وهي تتشهّد أن لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ثمّ نظرت إلى الحسين صلوات الله عليه ، فقالت : أدخل البيت يا مولاي ، وأْمرني بأمرك .
فدخل الحسين صلوات الله عليه وجلس عند
فخذها ، ثمّ قال لها : «أوصي رحمك الله» فقالت : يا ابن رسول الله ، لي من المال كذا وكذا في مكان كذا وكذا ، وقد جعلت ثلثه إليك لتضعه حيث شئت من أوليائك ومواليك ، والثلثان لابني هذا إن علمت أنّه من مواليك وأوليائك ، وإن كان مخالفاً فخذه إليك فلا حقّ للمخالفين في أموال المؤمنين .
ثمّ سألته أن يصلّي عليها ، وأن يتولّى
أمرها ثمّ صارت المرأة ميتة كما كانت . . »
والباقي وجدت في الكتاب الأصل بياضاً .
الباب السابع
في
ذكر آيات زين العابدين عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما
وفيه
ثمانية فصول
١ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في إنطاق الله تعالى الحجر الأسود حجّة له
وفيه
: حديث واحد
٢٩١ / ١ ـ عن أبي عبد الله صلوات الله
عليه ، قال : «جاء محمّد ابن الحنفية رضي الله عنه إلى عليّ بن الحسين زين العابدين صلوات الله عليهما وقال : يا عليّ ، ألست تقرّ بأنّي إمام عليك ؟ قال : يا عمّ ، لو علمت ذلك لما خالفتك ، وإنّ طاعتي عليك وعلى الخلق مفترضة . وقال : يا عمّ ، أما تعلم أنّي وصي أبي ، وأبي وصي أبيه ؟! فتشاجرا ساعة .
فقال عليّ بن الحسين زين العابدين صلوات
الله عليهما : مَن ترضى أن يكون بيننا ؟ قال : مَن شئت . قال : أترضى أن يكون بيننا الحجر الأسود ؟ قال : سبحان الله ، أدعوك إلى الناس ، وتدعوني إلى حجر أسود لا يتكلم ؟
فقال عليّ عليه السلام : يتكلم ، أما
علمت أنّه يأتي يوم القيامة وله عينان ولسان وشفتان ، يشهد لمن وافاه بالموافاة ؟! فندنوا أنا وأنت ،
___________________
فندعو الله عزّ وجلّ
أن ينطقه لنا ، أينا حجّة الله على خلقه .
فانطلقا وصلّيا عند مقام إبراهيم صلوات
الله عليه ودنوا من الحجر ، وقد كان محمّد بن الحنفية ، قال له : لئن لم أجبك إلى ما دعوتني إليه إنّي إذاً لمن الظالمين ، فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام لمحمّد : تقدّم يا عمّي ، فإنّك أسن مني .
فقال محمّد للحجر : أسألك بحرمة الله
وحرمة رسول الله ، وبحرمة كلّ مؤمن إن كنت تعلم أنّي حجّة الله على عليّ بن الحسين إلّا نطقت بالحقّ ، وبيّنت ذلك لنا . فلم يجبه ، ثمّ قال محمّد لعليّ صلوات الله عليه : تقدم فسله .
فتقدم عليّ بن الحسين عليهما السلام
فتكلم بكلام لا يُفهم ، ثمّ قال : أسألك بحرمة الله تعالى ، وحرمة رسوله ، وحرمة أمير المؤمنين ، وحرمة الحسن ، وحرمة الحسين ، وحرمة فاطمة بنت محمّد (ص) أجمعين إن كنت تعلم أنّي حجّة الله على عمّي إلّا نطقت بذلك ، وبيّنته لنا ، حتّى يرجع عن رأيه .
فقال الحجر بلسان عربي : يا محمّد بن
عليّ ، اسمع وأطع عليّ بن الحسين ، فإنّه حجّة الله على خلقه . فقال ابن الحنفية عند ذلك : سمعت وأطعت وسلّمت» .
٢ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في إحياء الموتى
وفيه
: حديث واحد
٢٩٢ / ١ ـ عن ثابت بن دينار ، عن ثوير
بن سعيد بن علاقة ، قال : دخل محمّد بن الحنفية رضي الله عنه على سيّد العابدين عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما فرفع يده فلطمه
، وهو في عينه صغير ، ثمّ قال : أنت الذي تدّعي الإِمامة ؟! فقال له عليّ بن الحسين صلوات الله عليه : «اتق الله ، ولا تدّعين ما ليس لك» . فقال : هي والله لي . فقال له عليّ بن الحسين : «قم بنا نأتي المقابر حتّى يتبيّن لي ولك» .
فذهبا حتّى انتهيا إلى قبرٍ طري فقال له
: «هذا ميت قريب العهد بالموت ، فادعه واسأله عن خبرك ، فإن كنت إماماً أجابك ، وإلّا دعوته
___________________
فأخبرني» . فقال له :
أو تفعل ذلك ؟! قال : نعم . فقال له محمّد بن الحنفية : فلا أستطيع أن أفعل ذلك .
قال : فدعا الله تعالى عليّ بن الحسين عليهما
السلام بما أراد ، ثمّ دعا صاحب القبر فخرج ينفض التراب عن رأسه وهو يقول : الحقّ لعليّ بن الحسين دونك .
قال : فأقبل محمّد بن الحنفية وانكبَّ
على رجل عليّ بن الحسين يقبلها ، ويلوذ به ، ويقول : استغفر لي .
قال المصنف رحمة الله عليه : إنّ ما
ذكرناه من دلالته صلوات الله عليه من إحياء الموتى وكلام الحجر الأسود ، ونطق الشاة ، فهي على طريق توارد الأدلة ، وتبيين الحجة ، والحجّة القاطعة .
٣ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في استلانة الغل من الحديد في يده
وفيه
: حديث واحد
٢٩٣ / ١ ـ عن ابن شهاب الزهريّ ، قال :
شهدت عليّ بن الحسين صلوات الله عليه يوم جهز إلى عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام فأثقله
حديداً ، ووكّل به حفَّاظاً في عدة وجمع ، فاستأذنتهم في التسليم عليه والتوديع له ، فأذنوا لي ، فدخلت عليه وهو في قبّة والأقياد في رجليه ، والغل في يديه ، فبكيت وقلت : وددت أنني مكانك ، وأنت سالم . فقال : «يا زهريّ ، أو تظن [ أنّ ] هذا ممّا ترى عليَّ وفي عنقي يحزنني ؟! أما لو شئت ما كان ، فإنّه إن بلغ منك ومن أمثالك ليذكر القبر» .
ثمّ أخرج يده من الغل ، ورجليه من القيد
، وقال : «يا زهريّ ، لاجزت معهم على ذا منزلين
من المدينة» .
فما لبثنا إلّا أربع ليال حتّى قدم
الموكّلون به يطلبونه بالمدينة ، فما وجدوه ، وكنت فيمن سألهم عنه ، فقال لي بعضهم : إنّا لنراه
___________________
متبوعاً ، إنّه لنازل
ونحن حوله نحرسه
إذ أصبحنا فما وجدنا في محله إلّا حديده .
فقال الزهريّ : فقدمت بعد ذلك على عبد
الملك بن مروان ، فسألني عن عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما ، فأخبرته ، فقال لي : إنّه قد جاءني في يوم فقده الأعوان ، فدخل عليَّ فقال : «ما أنا وأنت ؟» قلت : أقم عندي . فقال : «لا أحب» ثمّ خرج ، فو الله لقد امتلأت في ثوبي خيفة .
قال الزهريّ : فقلت : يا أمير المؤمنين
، ليس عليّ بن الحسين حيث تظن ، إنّه مشغول بنفسه . فقال : حبذا شغل مثله ، فنعم ما شغل به .
قال : وكان الزهريّ إذا ذكر عليّ بن
الحسين صلوات الله عليه بكى وقال : زين العابدين .
وروى ذلك أبو نعيم الأصفهانيّ الحافظ في
كتاب (حلية الأولياء) .
___________________
٤ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في كون النبيّ معه
وفيه
: حديث واحد
٢٩٤ / ١ ـ عن الباقر عليه السلام ، قال
: «واصل
أبي عليه السلام ثلاثة أيّام ولياليهن ، فلمّا كان في اليوم الرابع قيل له : لو طعمت شيئاً . فقال : إنّ النبيّ (ص) كان عندي فسقاني لبناً» .
قال : «فشكّ بعض من كان عنده ، فعلم
صلوات الله عليه وآله بذلك ، فدعا بطشت فتقيأ فيه لبناً» .
___________________
٥ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته فيما صلّى عليه أهل السماوات والأرض
وفيه
: حديث واحد
٢٩٥ / ١ ـ عن الزهريّ ، عن سعيد بن
المسيّب ؛ وعبد الرزاق ، عن معمر ، عن عليّ بن زيد ، قال : قلت لسعيد بن المسيّب : إنّك أخبرتني أنّ عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما النفس الزكيّة ، وإنّك لا تعرف
له نظيراً . قال : كذلك ، وما هو مجهول ما أقول فيه ، والله ما رؤي مثله .
قال عليّ بن زيد : فقلت له : والله إنّ
هذه الحجة لوكيدة يا سعيد ، فلِمَ لم تصل على جنازته .
قال : سمعته يقول : أخبرني أبي أبو عبد
الله الحسين ، عن أبيه ، عن النبيّ (ص) ، عن جبرئيل ، عن الله تعالى أنّه قال : «ما من عبد من عبادي آمن بي ، وصدّق بك ، وصلّى في مسجدك ركعتين على خلاءٍ من الناس ، إلّا غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . فلم أر شاهداً أفضل من عليّ بن الحسين ، حيث حدَّثني بهذا الحديث ، فلمّا أن مات شهد جنازته البر والفاجر ، وأثنى عليه الصالح والطالح وانهال الناس
___________________
يتبعونه ، حتّى وضعت
الجنازة ، فقلت : إن أدركت الركعتين يوماً من الدهر فاليوم ، فلم يبق رجل ولا امرأة ، ثمّ خرجنا إلى الجنازة ، فوثبت لأصلّي ، فجاء تكبير من السماء ، فأجابه تكبير من الأرض ، ففزعت وسقطت على وجهي ، فكبّر مَن في السماء سبعاً ، وكبّر من في الأرض سبعاً ، وصلّوا على عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما ، ودخل الناس المسجد فلم أدرك الركعتين ولا الصلاة عليه ، إنّ هذا لهو الخسران المبين .
قال : فبكى سعيد ، وقال : ما أردت إلّا
خيراً ، ليتني كنت صلّيت عليه ، فإنّه ما رؤي مثله .
٦ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في طاعة الوحش له والتماسهم منه الحاجة
وفيه
: حديثان
٢٩٦ / ١ ـ عن أبي خديجة ، عن أبي عبد
الله عليه السلام ، قال : «كان عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما مع أصحابه في طريق مكّة فمرّ به
ثعلب وهم يتغدون .
فقال لهم عليّ بن الحسين : هل لكم أن
تعطوني موثقاً من الله لا تهيجون هذا الثعلب فأدعوه فيجيبني ؟ فحلفوا له ، فقال : يا ثعلب ، أنت آمن فجاء حتّى أقعى
بين يديه ، فطرح إليه عُراقاً
فولّى به فأكله .
ثمّ قال : هل لكم أن تعطوني أيضاً موثقاً
من الله فأدعوه أيضاً فيجيبني ؟ فحلفوا له
، فقال : يا ثعلب ، أنت آمن . فجاء حتّى أقعى بين يديه ، فكلح
له رجل في وجهه ، فخرج يعدو ، فقال صلوات الله
___________________
عليه : وأيّكم الذي
خفر ذمّتي ؟ فأخبره
الرجل ، ثمّ استغفر الله وسكت» .
٢٩٧ / ٢ ـ عن جابر بن عبد الله رضي الله
عنه ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «بينما عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما مع أصحابه إذ أقبلت ظبية من الصحراء حتّى قامت حذاءه وحمحمت ، فقال بعض القوم : يا ابن رسول الله ، ما تقول هذه الظبية ؟ قال : تزعم أن فلاناً القرشيّ أخذ خشفها بالأمس ، وأنّها لم ترضعه من الأمس شيئاً ، فبعث إليه عليّ بن الحسين أن أرسل إليّ بالخشف ، فبعث به إليه ، فلمّا أن رأته حمحمت وضربت بيدها ، ثمّ رجع» .
قال : «فوهبه عليّ بن الحسين لها ،
وكلّمها بكلام نحو كلامها ، فحمحمت وضربت بيدها ، وانطلقت والخشف معها ، فقالوا : يا ابن رسول الله ، ما الذي قالت ؟ قال : دعت الله لكم وجزتكم خيراً» .
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : إنّ
الله تعالى ألهم البهائم تعظيم قدرهم ليتنبّه الناس على عظم أقدارهم وشرف آثارهم عند الله تعالى .
___________________
٧ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته من الإِخبار بالغائبات
وفيه
: خمسة أحاديث
٢٩٨ / ١ ـ عن عبد الله بن عطاء التميميّ
، قال : كنت مع عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم في المسجد ، فمرّ عمر بن عبد العزيز وعليه نعلان شراكهما فضّة ، وكان من أخرق
الناس ، وهو شاب ، فنظر إليه عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام وقال : «يا عبد الله ، أترى هذا المترف ، إنّه لن يموت حتّى يلي الناس» .
قلت : «إنّا لله وإنّا إليه راجعون ،
هذا الفاسق ؟! قال : «نعم ، ولا يلبث إلّا يسيراً حتّى يموت ، فإذا مات لعنه أهل السماء ، واستغفر له أهل الأرض» .
٢٩٩ / ٢ ـ عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر
صلوات الله عليه ، قال : «لمّا دخل كنكر الكابلي على عليّ بن الحسين صلوات الله
___________________
عليهما ، فقال له :
يا وردان . فقال كنكر : ليس اسمي وردان . فقال له عليّ بن الحسين : بل تكذب ، يوم ولدتك أمّك سمّتك وردان ، وجاء أبوك فسمّاك كنكر . فقال : أشهد أن لا إلٰه إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله ، وأنّك وصيّه من بعده ، وأشهد أن أمّي حدّثتني بهذا الحديث بعد ما عقلت» .
٣٠٠ / ٣ ـ عن الصادق جعفر بن محمّد
صلوات الله عليهما ، قال : «لمّا قُتِلَ ابن الزبير وظهر عبد الملك بن مروان على الأمر كتب إلى الحجّاج بن يوسف ـ وكان عامله على الحجاز ـ :
بِسْمِ الله الرَّحمٰنِ الرَّحِيمِ
.
من عبد الله عبد الملك إلى الحجّاج بن
يوسف .
أمّا بعد ، فانظر دماء بني عبد المطلب
واحقنها واجتنبها ، فإنّي رأيت آل أبي سفيان لمّا ولغوا في دمائهم لم يلبثوا إلّا قليلاً ، والسلام .
وبعث بالكتاب سرَّاً ، فبعث عليّ بن
الحسين صلوات الله عليهما إلى عبد الملك بن مروان :
أما بعد ، فإنّك كتبت في يوم كذا ، في
ساعة كذا ، في شهر كذا ، في سنة كذا بكذا وكذا ، وإنّ الله تعالى قد شكر لك ذلك ، لأنّ رسول الله (ص) أتاني في منامي فأخبرني أنّك كتبت في يوم كذا ، في ساعة كذا ، وأنّ الله تعالى قد شكر لك ذلك ، وثبّت ملكك ، وزادك فيه برهة .
ثمّ طوى الكتاب وختمه وأرسله مع غلام له
على بعير ، وأمره أن
___________________
يوصله إلى عبد الملك
، فلمّا نظر في التاريخ وجده وافق تلك الساعة التي بعث بالكتاب إلى الحجّاج فيها ، فلم يشكّ في صدق عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما ، وفرح فرحاً شديداً ، وبعث إلى عليّ بن الحسين بوقر راحلته دنانير وأثواباً لما سرّ به من الكتاب» والمنّة لله .
٣٠١ / ٤ ـ عن الزهريّ ، قال : كان لي أخ
في الله تعالى ، وكنت شديد المحبّة له ، فمات في جهاد الروم ، فاغتبطت به وفرحت أن استشهد ، وتمنيت أنّي كنت استشهدت معه ، فنمت ذات ليلة ، فرأيته في منامي .
فقلت له : ما فعل بك ربّك ؟ فقال : غفر
الله لي بجهادي ، وحبّي محمّداً وآل محمّد ، وزادني في الجنّة مسيرة مائة ألف عام من كلّ جانب من الممالك بشفاعة عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما .
فقلت له : قد اغتبطت أن استشهدت بمثل ما
أنت عليه [ قال : أنت ] فوقي من مسيرة ألف
ألف عام .
فقلت : بماذا ؟! فقال : ألست تلقى عليّ
بن الحسين عليه السلام في كلّ جمعة مرّة وتسلّم عليه ، وإذا رأيت وجهه صلّيت على محمّد وآل محمّد ، ثمّ تروي عنه ، وتذكر في هذا الزمان النكد ـ زمان بني أميّة ـ فتعرَّض للمكروه ، ولكن الله يقيك .
فلمّا انتبهت قلت : لعلّه أضغاث أحلام .
فعاودني النوم فرأيت ذلك الرجل يقول : أشككت ؟ لا تشك فإنّ الشكّ كفر ، ولا تخبر بما رأيت أحداً ، فإنّ عليّ بن الحسين يخبرك بمنامك هذا كما أخبر رسول الله (ص) أبا بكر بمنامه في طريقه من الشام . فانتبهت وصلّيت فإذا
___________________
رسول عليّ بن الحسين
صلوات الله عليه ، فصرت إليه فقال : «يا زهريّ ، رأيت البارحة كذا وكذا . . .» المنامين جميعاً على وجههما .
٣٠٢ / ٥ ـ عن أبي خالد الكابليّ ، قال :
لمّا قُتِل أبو عبد الله الحسين صلوات الله عليه وبقيت الشيعة متحيرة ولزم عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما منزله ، اختلفت الشيعة إلى الحسن بن الحسن ، وكنت فيمن يختلف إليه وجعلت الشيعة تسأله عن مسألة ولا يجيب فيها ، وبقيت لا أدري مَن الإِمام متحيّراً ، وإنّي سألته ذات يوم فقلت له : جعلت فداك ، عندك سلاح رسول الله (ص) فغضب ، ثمّ قال :
يا معشر الشيعة ، تعنّونا
؟! فخرجت من عنده حزيناً كئيباً لا أدري أين أتوجه ، فمررت بباب عليّ بن الحسين زين العابدين عليه الصلاة والسلام قائمٌ الظهيرة ، فإذا أنا به في دهليزه قد فتح بابه ، فنظر إليَّ فقال : «يا كنكر» فقلت : جعلت فداك ، والله إنّ هذا الاسم ما عرفه أحد إلّا الله عزّ وجل ، وأنا ، وأمّي كانت تلقبني به وتناديني وأنا صغير .
قال : فقال لي : «كنت عند الحسن بن
الحسن ؟» قلت : نعم . قال : «إن شئت حدّثتك ، وإن شئت تحدّثني ؟» . فقلت : بأبي أنت وأمّي فحدّثني ، قال : «سألته عن سلاح رسول الله (ص) ، فقال : يا معشر الشيعة ، تعنّونا ؟»
فقلت : جعلت فداك ، كذا والله كانت القضيّة ، فقال للجارية : «إبعثي إليَّ بالسفط» فأخرجت إليه سفطاً مختوماً ، ففضّ خاتمه وفتحه ، ثمّ قال : «هذه درع رسول الله (ص)» ثمّ أخذها ولبسها ، فإذا هي إلى نصف ساقه .
___________________
قال : فقال لها : «اسبغي»
فإذا هي تنجرّ في الأرض . ثمّ قال : «تقلّصي» فرجعت إلى حالها . ثمّ قال صلوات الله عليه : «إنّ رسول الله (ص) إذا لبسها قال لها هكذا ، وفعلت هكذا مثله» .
___________________
٨ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في معان شتّى
وفيه
: حديث واحد
٣٠٣ / ١ ـ عن الباقر عليه السلام ، قال
: «كان عبد الملك بن مروان يطوف بالبيت ، وعليّ بن الحسين عليهم السلام يطوف بين يديه ولا يلتفت إلينا ؟ ولم يكن عبد الملك يبصر
وجهه ، فقال : من هذا الذي يطوف بين يدينا ولا يلتفت إلينا ؟ فقيل له : هذا عليّ بن الحسين . فجلس مكانه ، فقال : ردوه إليَّ . فردوه فقال له : يا عليّ بن الحسين إنّي لست قاتل أبيك ، فما يمنعك من المصير إليَّ ؟
فقال عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما
: إنّ قاتل أبي أفسد على نفسه بما فعله دنياه عليه ، وأفسد أبي عليه بذلك آخرته ، فإن أحببت أن تكون كهو فكن .
فقال : كلا ، ولكن تصير إلينا لتنال من
دنيانا .
فجلس زين العابدين صلوات الله عليه وبسط
رداءه ، فقال :
___________________
اللّهمّ أره حرمة
أوليائك عندك . فإذا رداؤه مملوء درَّاً يكاد شعاعها يخطف بالأبصار ، فقال : من يكون هذه حرمته عند ربّه كيف يحتاج إلى دنياك ؟! ثمّ قال : اللَّهمّ خذها فلا حاجة لي فيها» .
الباب الثامن
في
ذكر آيات أبي جعفر محمّد بن عليّ صلوات الله عليهما
وفيه
سبعة فصول
١ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته من إحياء الموتى
وفيه
: ثلاثة أحاديث
٣٠٤ / ١ ـ عن المفضّل بن عمر ، قال :
بينا أبو جعفر صلوات الله عليه سائر بين مكّة والمدينة إذ انتهى إلى جماعة على الطريق ، فإذا رجل منهم قد نفق
حماره ، وتبدّد متاعه ، وهو يبكي ، فلمّا رأى أبا جعفر صلوات الله عليه أقبل إليه وقال له : يا ابن رسول الله ، نفق
حماري ، فدعا أبو جعفر عليه السلام فأحيا الله تعالى له حماره .
٣٠٥ / ٢ ـ وقد سمعت شيخي أبا جعفر محمّد
بن الحسن الشوهانيّ رضي الله عنه بمشهد الرضا عليه الصلاة والسلام في داره ، وهو يقرأ من كتابه ، وقد ذهب عني
اسم الراوي ، أنّ فتى من أهل الشام كان يكثر الجلوس عند أبي جعفر صلوات الله عليه فقال ذات يوم : والله ، ما أجلس إليك حبّاً لك ، وإنّما أجلس إليك لفصاحتك وفضلك . فتبسم صلوات الله عليه ولم يقل شيئاً ، ثمّ فقده بعد ذلك
___________________
أيّاماً ، فسأل عنه
فقيل له : مريض فدخل عليه إنسان وقال له : يا ابن رسول الله ، إنّ الفتى الذي كان يكثر الجلوس إليك قد قضى ، وقد أوصى إليك أن تصلّي عليه . فقال صلوات الله عليه : «إذا غسّلتموه فدعوه على السرير ولا تكفنوه حتّىٰ آتيكم» ثمّ قام فتطهّر ، وصلّى ركعتين ، ودعا ، وسجد بعده فأطال السجود ، ثمّ قام فلبس نعله ، وتردّى برداء رسول الله (ص) ، ومضى إليه .
فلمّا وصل ودخل البيت الذي يغسّل فيه
وهو على سريره ، وقد فرغ من غسله ناداه باسمه فقال : يا فلان . فأجابه ولبّاه ، ورفع رأسه وجلس ، فدعا صلوات الله عليه بشربة سويق فسقاه ، ثمّ سأله : «ما حالك ؟» فقال : إنه قد قبض روحي بلا شك مني ، وإنّي لمّا قبضت سمعت صوتاً ما سمعت قط أطيب منه : ردّوا إليه روحه ، فإنّ محمّد بن عليّ قد سألناه . .
٣٠٦ / ٣ ـ عن محمّد بن مسلم ، عن أبي
عيينة ، قال : إنّ رجلاً جاء إلى أبي جعفر صلوات الله عليه وقال : أنا رجل من أهل الشام لم أزل ـ والله ـ أتولاكم أهل البيت ، وأبرأ من عدوكم ، وإنّ أبي ـ لا رحمه الله ـ كان يتولّى بني أميّة ويفضّلهم عليكم ، وكنت أبغضه على ذلك ، ويبغضني على حبّكم ، ويحرمني ماله ، ويجفوني في حياته وبعد مماته ، وقد كان له مال كثير ، ولم يكن له ولد غيري ، وكان مسكنه بالرملة
، وكان له بيت
يخلو فيه بنفسه ، فلمّا مات طلبت ماله في كلّ موضع
___________________
فلم أظفر به ، ولست
أشكّ أنّه دفنه في موضع وأخفاه عنّي لا رضي الله عنه .
فقال أبو جعفر صلوات الله عليه : «أفتحب
أن تراه وتسأله أين موضع ماله ؟» فقال له : أجل فإنّي فقير محتاج . فكتب له أبو جعفر صلوات الله عليه كتاباً بيده الكريمة في رق أبيض ، ثمّ ختمه بخاتمه ، وقال : «إذهب بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتّى تتوسطه ، ثمّ تنادي : يا ذرجان
فإنّه سيأتيك رجل معتم ، فادفع إليه الكتاب وقل له : أنا رسول محمّد بن عليّ بن الحسين بن زين العابدين ـ صلوات الله عليه ـ واسأله عمّا بدا لك» .
قال : فأخذ الرجل الكتاب وانطلق ، فلمّا
كان من الغد أتيت أبا جعفر صلوات الله عليه متعمداً لأنظر ما كان حال الرجل ، فإذا هو على باب أبي جعفر ينتظر حتّى أذن له ، فدخلنا عليه .
فقال له الرجل : الله أعلم حيث يجعل
رسالته ، وعند من يضع علمه ، قد انطلقت بكتابك الليلة حتّى توسطت البقيع ، فناديت يا ذرجان فأتاني رجل معتم ،
فقال : أنا ذرجان
، فما حاجتك ؟ فقلت : أنا رسول محمّد بن عليّ بن الحسين صلوات الله عليهم إليك ، وهذا كتابه . فقال : مرحباً برسول حجّة الله على خلقه . وأخذ الكتاب وقرأه ، وقال : أتحب أن ترى أباك ؟ قلت : نعم . قال : فلا تبرح من موضعك حتّى آتيك به ، فإنّه بضجتان
.
فانطلق فلم يلبث إلّا قليلاً حتّى أتاني
برجل أسود ، في عنقه حبل أسود فقال لي : هذا أبوك ، ولكن غيّره اللهب ، ودخل الجحيم ، وجرع الحميم ، والعذاب الأليم . فقلت : أنت أبي ؟! قال : نعم . قلت : ما غيّرك عن صورتك ؟! .
___________________
قال : إنّي كنت أتولى بني أميّة وأفضّلهم
على أهل بيت رسول الله (ص) ، فعذّبني الله على ذلك ، وإنّك تتولى أهل بيت النبيّ ، وكنت أبغضك على ذلك ، وحرمتك مالي ، وزويته عنك ، وأنا اليوم على ذلك من النادمين ، فانطلق إلى بيتي
واحتفر تحت الزيتونة وخذ المال ، وهو مائة ألف وخمسون ألفاً ، فادفع إلى محمّد بن عليّ صلوات الله عليه خمسين الفاً ، ولك الباقي .
قال : فإنّي منطلق حتّى آتي بالمال .
قال أبو عيينة : فلمّا حال الحول قلت
لأبي جعفر صلوات الله عليه : ما فعل الرجل ؟ قال : «قد جاءنا بالخمسين ألفاً ، فقضيت منها ديناً كان عليَّ وابتعت منها أرضاً ، ووصلت منها أهل الحاجة من أهل بيتي ، أما إنّ ذلك سينفع الميت النادم على ما فرّط من حبّنا ، وضيع من حقنا بما أدخل عليَّ من الرفق والسرور» .
___________________
٢ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته من إبراء الأعمى
وفيه
: حديث واحد
٣٠٧ / ١ ـ عن المثنى بن الوليد ، عن أبي
بصير ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت له : أنتم ذريّة رسول الله (ص) ؟ قال : «نعم» قلت : أنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى وتبرئوا الأكمه والأبرص ؟ قال : «نعم ؛ بإذن الله تعالى»
ثمّ قال : «أدن منّي» فدنوت منه ، فمسح
على وجهي ، وعلى عيني ، فأبصرت الشمس والسماء والأرض والبيوت ، وكلّ شيء كان في الدار ، ثمّ قال : «أتحب أن تكون هكذا ولك ما للناس وعليك ما على الناس يوم القيامة ؟ أو تعود كما كنت ولك الجنّة خالصة ؟» قلت : أعود كما كنت ، قال : فمسح على عيني ، فعدت كما كنت .
قال عليّ بن الحكم : فحدّثت بذلك محمّد
بن أبي عمير فقال : أشهد أن هذا حق كما أن النهار حق ؛ والمنّة لله .
___________________
٣ ـ فصل :
في
ظهور آياته صلوات الله عليه في خروج الثمر من الشجرة اليابسة
وفيه
: حديث واحد
٣٠٨ / ١ ـ عن عبد الرحمن بن كثير ، عن
أبي عبد الله ، قال : «نزل أبو جعفر عليه السلام بواد فضرب خباءه فيه ، ثمّ خرج يمشي حتّى انتهى إلى نخلة يابسة ، فحمد الله تعالى ، ثمّ تكلم بكلام لم نسمع بمثله ، ثمّ قال : أيّتها النخلة ، أطعمينا ممّا جعل الله فيك . فتساقط منها رطب أحمر وأصفر ، فأكل ومعه أبو أيوب الأنصاريّ
، فقال : هذه الآية فينا كالآية في مريم إذ هزّت إليها النخلة ، فتساقط عليها رطباً جنياً» .
___________________
٤ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في العنب واللباس
وفيه
: حديث واحد
٣٠٩ / ١ ـ عن الليث بن سعد ، قال : كنت
على جبل أبي قبيس أدعو فرأيت رجلاً يدعو الله عزّ وجلّ وقال في دعائه : «اللّهمّ إنّي أريد العنب فارزقنيه» فرأيت
غمامة أظلته ، ودنت من رأسه ، فرفع يده إليها ، فأخذ منها سلّة من عنب ، ووضعها بين يديه .
ثمّ رفع يده ثانية فقال : «اللَّهمّ
إنّي عريان فاكسني» فدنت الغمامة منه ثانية فرفع يده ، ثانية فأخذ منها شيئاً ملفوفاً في ثوب ، ثمّ جلس يأكل العنب ، وما ذلك في زمان العنب .
فقربت منه ، فمددت يدي إلى السلّة
وتناولت حبّات ، فنظر إليَّ وقال : «ما تصنع ؟» فقلت : أنا شريكك في العنب . قال : «ومن أين ؟» قلت : لأنّك كنت تدعو وأنا أؤمن على دعائك ، والداعي والمؤمِّن شريكان . فقال : «اجلس وكل» فجلست وأكلت معه ، فلمّا اكتفينا ارتفعت السلَّة .
فقام وقال لي : «خذ أحد الثوبين» فقلت :
أمّا الثوب فلا أحتاج
___________________
إليه . فقال : «انحرف
عنّي حتّى ألبسه» فانحرفت عنه ، فاتزر بأحدهما وارتدى بالآخر عليه ، وطواه ورفعه بكفه ، ونزل عن أبي قبيس ، فلمّا وصل قريباً من الصفا استقبله إنسان فأعطاه ، فسألت عنه وقلت لبعض من كان : مَن هذا ؟ قال : هذا ابن رسول الله (ص) : أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام .
٥ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته فيما رأى من ملكوت السماء
وفيه
: حديث واحد
٣١٠ / ١ ـ عن جابر بن يزيد الجعفيّ ،
قال : سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام عن قوله تعالى : (
وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ )
وكان مطرقاً إلى الأرض ، فرفع رأسه إلى فوق ، فإذا نور ساطع حال بصري دونه ، ثمّ قال : «رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض هكذا» ثمّ قال لي : «اطرق» فأطرقت ، ثمّ قال لي : «ارفع رأسك» فرفعت ، فإذا السقف على حاله .
___________________
٦ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في الإِخبار عن الغائبات
وفيه
: ثمانية أحاديث
٣١١ / ١ ـ عن عيسى بن عبد الرحمن ، عن
أبيه ، قال : دخل ابن عكاشة بن مُحصن
الأسديّ على أبي جعفر عليه السلام ـ وكان أبو عبد الله عليه السلام قائماً عنده ـ فقال لأبي جعفر : لأي شيء لا تزوج أبا عبد الله فقد أدرك التزويج ؟ وكان
بين يديه صرّة مختومة فقال : «أما إنّه سيجيء نخاس من أهل بربر ، وينزل دار ميمون ، فنشتري له بهذه الصرّة منه جارية» .
قال : فأتى على ذلك ما أتى ، فدخلنا
يوماً عليه ، فقال : «ألّا أخبركم عن النخّاس الذي ذكرته لكم ؟ قد قدم ، فاذهبوا واشتروا بهذه الصرّة منه جارية» .
قال : فأتينا النخّاس فدفعت ما كان معي
فقلت : أبغي بها
___________________
جارية . فقال : ما
معي إلّا جاريتين مريضتين ، إحداهما أمثل من الأخرى .
قلنا : فأخرجهما حتّى ننظر إليهما .
فأخرجهما ، فقلنا : بكم تبيعنا هذه المتماثلة ؟ قال : بسبعين ديناراً قلنا : أحِسن قال : لا ، شريتها بأنقص من سبعين ديناراً . فقلنا : نشتريها بهذه الصرّة ما بلغت ، ولا ندري ما فيها . وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية فقال : فكّوا وزنوا . فقال النخاس : لا تفكّوا ، فإنّها إن نقصت حبّة من سبعين ديناراً لم أبايعكم .
قال الشيخ : أدنوا ، فدنونا ، وفككنا
الختم ، ووزنا الدنانير ، فإذا هي سبعون ديناراً لا تزيد ولا تنقص .
فأخذنا الجارية وأدخلناها على أبي جعفر
، وجعفر عنده قائم ، فأخبرناه بما كان ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثمّ قال لها : «ما اسمك ؟ قالت : حميدة فقال : «حميدة في الدنيا ، محمودةٌ في الآخرة ، فأخبريني عنك أبكرٌ أنت أم ثيب ؟» قالت : بكر .
فقال : «وكيف ؟! ولا يقع في أيدي
النخّاسين شيء إلّا أفسدوه» . قالت : كان يجيء ويقعد منّي مقعد الرجل من المرأة فيسلط الله عليه رجلاً أبيض الرأس واللحية ، فلا يزال يلطمه حتّى يقوم عنّي ، ففعل بي مراراً ، وفعل الشيخ به مراراً .
فقال أبو جعفر : «خذها إليك» فولدت خير
أهل الأرض موسى بن جعفر عليه السلام .
٣١٢ / ٢ ـ عن داود بن كثير الرقيّ ، قال
: كنت يوماً عند أبي جعفر عليه السلام ، وكان عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن الحسن يدّعي أنّه إمام ، إذ أتى وفد من خراسان اثنان وسبعون رجلاً معهم المال
___________________
والتحف ، فقال بعضهم
: من [ أين ] لنا أن نفهم منهم الأمر فيمن هو ، فأتاهم رسول من عند عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن الحسن فقال : أجيبوا صاحبكم . فمضوا إليه وقالوا له : ما دلالة الإِمام ؟ قال : درع رسول الله (ص) وخاتمه وعصاه وعمامته . قال : يا غلام عليَّ بالصندوق . فأتي بصندوق ما بين غلامين فوضع بين يديه ففتحه واستخرج درعاً فلبسها ، وعمامة فتعمّم بها وعصا فتوكأ عليها ثمّ خطب ، فنظر بعضهم إلى بعض ، وقالوا : نوافيك غداً إن شاء الله تعالى .
قال داود : فقال لي أبو جعفر عليه
السلام : «امض إلى باب عبد الله ، فقم على طرف الدكان فسيخرج إليك اثنان وسبعون رجلاً من وفد خراسان ، فصح بكلّ واحد منهم باسمه واسم أبيه وأمّه» .
قال داود : فوقفت على طرف الدّكان
فسمّيت كلّ واحد منهم باسمه واسم أبيه وأمّه ، فتعجبوا فقلت : أجيبوا صاحبكم . فأتوا معي فأدخلتهم على أبي جعفر عليه السلام فقال لهم : «يا وجوه خراسان ، أين يُذهب بكم ؟ أوصياء محمّد (ص) ، أكرم على الله من أن يعرف عن أيتهم أين هي .
ثمّ التفت إلى أبي عبد الله عليه السلام
وقال : «يا ولدي ائتني بخاتمي الأعظم» فأتاه بخاتم فصَّه عقيق ، فوضعه أمامه فحرّك شفتيه ، وأخذ الخاتم فنفضه ، فسقط منه درع رسول الله (ص) والعمامة والعصا ، فلبس الدرع ، وتعمّم بالعمامة ، وأخذ العصا بيده ، ثمّ انتفض فيها نفضة فتقلّص الدرع ، ثمّ انتفض ثانية فجرّها ذراعاً أو أكثر ، ثمّ نزع العمامة ووضعها بين يديه ، والدرع والعصا ، ثمّ حرّك شفتيه بكلمات ، فغاب الدرع في الخاتم .
ثمّ التفت إلى أهل خراسان وقال : «إن
كان ابن عمّنا عنده درع رسول الله (ص) والعمامة والعصا في صندوق ويكون عندنا في صندوق
فما فضلنا عليه ؟! يا
أهل خراسان ما من إمام إلّا وتحت يده كنوز قارون ، إنّ المال الذي نأخذه منكم محبّة لكم وتطهيراً لرؤوسكم فأدّوا إليه المال ، وخرجوا من عنده مقرّين بإمامته .
٣١٣ / ٣ ـ عن موسى بن عبد الله بن
الحسين ، قال : لمّا طلب محمّد بن عبد الله بن الحسن الإِمامة وخرج من المدينة أتى بإسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ـ وهو شيخ كبير ضعيف ، قد ذهبت إحدى عينيه ، وذهبت رجلاه ، فصار يحمل حملاً ـ فدعاه إلى البيعة ، فقال له : يا ابن عمّي
، إنّي شيخ كبير ضعيف ، وأنا إلى برّك وعونك أحوج . فقال له : لا بد من أن تبايع . فقال له : وأي شيء تنتفع ببيعتي ؟ والله إنّي لأضيّق
عليك مكان اسم رجل إن كتبته . فقال : لا بد أن تفعله . وأغلظ له في القول ، فقال له إسماعيل : ادع لي جعفر بن محمّد ، فلعلنا نبايع جميعاً .
قال : فدعا بجعفر ، فأتي به ، فقال له
إسماعيل : جعلت فداك ، إن رأيت أن تبيّن له فافعل ، لعلّ الله يكفّه عنّا .
قال : «أجمعت على أن لا أكلّمه ، فليريَّ
رأيه» فقال إسماعيل لأبي عبد الله : أنشدك الله ، هل تذكر يوماً أتيت فيه أباك محمّد بن عليّ عليه السلام وعليه حلتان صفراوان فأدام النظر إليَّ وبكى ، فقلت له : وما يبكيك ؟ فقال : «يبكيني أنّك تقتل عند كبر سنّك ضياعاً لا ينتطح في دمك عنزان» قال : قلت : متى ذاك ؟ قال : «نعم ، إذا دعيت إلى الباطل فأبيته ، فإذا نظرت إلى الأحول مشؤوم قومه سميّي من آل الحسن ، على منبر رسول الله (ص) يدعو إلى نفسه فسمّي بغير اسمه
___________________
فأحدث عهدك واكتب
وصيّتك ، فإنّك مقتول من يومك ، أو من غدك» ؟
فقال له أبو عبد الله عليه السلام : «اللّهمّ
نعم ، وهذا وربّ الكعبة لا يصوم من شهر رمضان إلّا قليلاً ، فاستودعك الله يا أبا الحسن ، وأعظم الله أجرنا فيك ، وأحسن الخلافة على ما خلّفت ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون» ثمّ احتمل إسماعيل .
فقال : فوالله ، ما أمسينا حتّى دخل
عليه بنو أخيه بنو معاوية بن عبد الله بن جعفر فوطأوه حتى قتلوه .
وفي الحديث طول ، نذكر تمامه في باب أبي
عبد الله عليه السلام .
٣١٤ / ٤ ـ عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا
جعفر عليه السلام يقول لرجل من أهل خراسان : «كيف أبوك ؟» فقال : صالح . قال : «قد هلك أبوك بعدما خرجت حيث صرت إلى جرجان» .
ثمّ قال له : «كيف أخوك ؟» قال : خلّفته
صالحاً . قال : «قتله جاره صبيحة يوم كذا ، ساعة كذا» فبكى الرجل ، ثمّ قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون بما أصبت به . قال أبو جعفر عليه السلام : «اسكت فقد صارا إلى الجنّة ، والجنّة خير لهما ممّا كانا فيه» .
قال الرجل : فداك أبي وأمّي ، إنّي
خلّفت ابني ومعه وجع شديد ؛ ولم تنبئني
عنه قال : «قد برئ ، وزوّجه عمّه ابنته ، وأنت
___________________
تقدم إن شاء الله وقد
ولد لهما غلام ، واسمه (عليٌّ) وهو لنا شيعة ، وأمّا ابنك فليس لنا شيعة ، وهو لنا عدو ، فلا يغرّنك عبادته وخشوعه» .
فقام الرجل من عنده وهو وقيذ
فقلت : جعلت فداك ، من هذا ؟ فقال : «رجل من أهل خراسان ، وهو لنا شيعة» .
٣١٥ / ٥ ـ عن محمّد بن مسلم ، قال :
سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول لرجل من أهل إفريقية : «ما حال راشد ؟» فقال : خلّفته صالحاً يقرؤك السلام . فقال : «رحمه الله»
قال : أو مات ؟! قال : «نعم ، رحمه الله»
قال : ومتى مات ؟! قال : «بعد خروجك بيومين» .
قال : لا والله ما مرض ولا كانت به علّة
! قال : «وإنّ من يموت من غير علّة أكثر» .
قلت أنا : فمن الرجل ؟ قال : «كان لنا
ولياً ومحباً من أهل إفريقية» .
٣١٦ / ٦ ـ أبو بصير ، قال : لمّا توفي
عليّ بن ذراع وردت المدينة ، ودخلت على أبي جعفر عليه السلام فقال لي : «مات عليّ بن ذراع ؟» قلت : نعم رحمه الله .
قال : «أحدّثك بكذا وكذا ؟» ولم يدع
شيئاً ممّا حدّثني به عليّ ، فقلت عند ذلك : والله ما كان عندي حين حدّثني بهذا الحديث أحد ،
___________________
ولا خرج منّي إلى أحد
حتّى أتيتك ، فمن أين علمت هذا ؟! قال : فغمز بيده فخذي ، وقال : «هيهات ، هيهات ، الآن اسكت» .
٣١٧ / ٧ ـ عن أبي حمزة الثماليّ ، قال :
خرجت مع أبي جعفر عليه السلام ومعنا سليمان بن خالد إلى حائط من حيطان المدينة ، فما سرنا إلّا قليلاً حتّى قال : «الساعة يستقبلنا رجلان قد سرقا سرقة أضمرا عليها» فما سرنا إلّا
قليلاً حتّى استقبلنا الرجلان ، فقال أبو جعفر عليه السلام لغلمانه : «عليكم بالسارقين» فأخذا حتّى أتي بهما بين يديه فقال لهما : «أسرقتما ؟» فحلفا بالله ما سرقنا .
فقال أبو جعفر : «والله لئن لم تخرجا ما
سرقتما لأبعثن إلى الموضع الذي وضعتما فيه [ سرقتكما ] ، ولأبعثن به إلى صاحبه الذي سرقتما منه» فأبيا أن يردا الذي سرقاه
.
فقال أبو جعفر عليه السلام لغلمانه : «أوثقوهما
، وانطلق أنت يا سليمان إلى ذلك الجبل ـ وأشار بيده إلى ناحية منه ـ فاصعد أنت وهؤلاء الغلمان معك ، فإنّ في قلّة الجبل كهفاً فاستخرجوا ما فيه وأتوني به» .
قال سليمان : فانطلقت إلى الجبل وصعدت
إلى الكهف فاستخرجنا منه عيبتين
محشوتين حتّى دخلت بهما على أبي جعفر
___________________
عليه السلام ، فقال :
«يا سليمان ، لترى غداً العجب» .
فلمّا أصبحنا أخذ أبو جعفر عليه السلام
بأيدينا ودخلنا معه على والي المدينة ، وقد دخل المسروق منه برجال براء فقال : هؤلاء سرقوا . فأراد الوالي أن يعاقب القوم ، فقال أبو جعفر عليه السلام ابتداءً منه : «إنّ هؤلاء ليسوا سرّاقه ، إنّ السارقين عندي»
فقال للرجل : «ما ذهب منك ؟» قال : عيبة
فيها كذا وكذا . فادعى ما لم يذهب له . قال أبو جعفر عليه السلام : «لِمَ تكذب ؟ فما أنت أعلم بما ذهب لك منّي» فهمّ الوالي أن يبطش به ، فكفّه أبو جعفر عليه السلام .
ثمّ قال : «يا غلام إئتني بعيبة كذا
وكذا» فأتى بها ، ثمّ قال للوالي : «إن ادَّعى فوق هذا فهو كاذب مبطل ، وعندي عيبة أخرى لرجل آخر ، وهو يأتيك إلى أيّام ، وهو من أهل بربر ، فإذا أتاك فارشده
إليّ ، وأمّا هذان السارقان فإنّي لست ببارح حتّى تقطعهما» . فأتي بهما ، فقال أحدهما : تقطعنا ولم نقرّ على أنفسنا ؟ فقال الوالي : ويلكما ، يشهد عليكما مَن لو شهد على أهل المدينة لأجزت شهادته .
فلمّا قطعهما قال أحدهما : يا أبا جعفر
، لقد شهدت بحق ، وما يسرني أنّ الله أجرى توبتي على يد غيرك ، وإنّ لي بناء خارج المدينة ، وإنّي لأعلم أنّكم أهل بيت النبوة ومعدن العلم . فرّق له أبو جعفر عليه السلام وقال : «أنت على خير وإلى خير» .
ثمّ التفت إلى الوالي وإلى جماعة من
الناس فقال : «والله ، لقد سبق يده بدنه إلى الجنّة بعشرين سنة» .
فقال سليمان بن خالد لأبي حمزة الثماليّ
: يا أبا حمزة ، ورأيت دلالة أعجب من هذه ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : «يا سليمان ،
___________________
العجب في العيبة
الأخرى» فوالله ما لبثنا إلّا ثلاثة حتّى أتى البربريّ إلى الوالي ، فأخبره بقصّة عيبته ، فأرشده إلى أبي جعفر ، فأتاه فقال له أبو جعفر : «ألا أخبرك بما في عيبتك قبل أن تخبرني بما فيها» فقال له البربري : إن أنت أخبرتني بما فيها علمت أنّك إمام فرض الله طاعتك .
فقال عليه السلام : «فيها ألف دينار لك
، وألف دينار لغيرك ، ومن الثياب كذا وكذا» .
قال : فما اسم الرجل الذي له ألف دينار
؟ قال : «محمّد بن عبد الرحمن ، وهو على الباب ينتظر ، أتراني أخبرتك بالحق» .
فقال البربريّ : آمنت بالله وحده لا
شريك له ، وبمحمّد (ص) رسوله وأشهد أنّكم أهل بيت الرحمة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً . فقال أبو جعفر : «لقد هديت فخذ واشكر» .
قال سليمان : فحججت بعد ذلك بعشر
سنين فكنت أرى الأقطع من أصحاب أبي جعفر عليه السلام .
٣١٨ / ٨ ـ وعن محمّد بن عمر النخعيّ ،
قال : أخبرني رجل من أصحابنا من بني أسد ، وكان من أصحاب أبي جعفر عليه السلام ، قال : كنت مع عبد الله بن معاوية بفارس فبينما نحن نتحدّث فتحدّثوا وأنا ساكت ، فقال عبد الله بن معاوية : مالك ساكت لا تتكلم ؟ فوالله إنّي لعارف برأيك ، وإنّك لعلى الحق المبين .
ثمّ قال : سأحدّثك بما رأت عيناي وسمعت
أذناي من أبي جعفر عليه السلام .
ثمّ قال : إنّه كان بالمدينة رجل من آل
مروان وإنّه أرسل إليَّ ذات يوم ، فأتيته وما عنده أحد من الناس ، فقال : يا ابن معاوية ، ما
___________________
دعوتك إلّا لثقتي
بك ، وإنِّي قد علمت أنّه لا يبلّغ عنّي أحد غيرك ، وقد أحببت أن تلقى عمّيك الأحمقين : محمّد بن عليّ وزيد بن عليّ ، وتقول لهما : يقول لكما الأمير : لتكفا عمّا يبلغني عنكما أو ليتركاني . فخرجت من عنده متوجهاً إلى أبي جعفر فلقيته ، وهو يريد المسجد ، فلمّا دنوت منه تبسّم ضاحكاً ، ثمّ قال : «لقد بعث إليك هذا الطاغي فخلا بك ، وقال : الق عمّيك الأحمقين ، وقل لهما : كذا وكذا» فأخبرني بمقالته كأنّه كان حاضراً .
___________________
٧ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في معان شتّى
وفيه
: حديثان
٣١٩ / ١ ـ عن أبي عبد الله عليه السلام
، قال : «كان زيد بن الحسن يخاصم أبي في ميراث رسول الله (ص) ويقول : أنا من ولد الحسن وأولى بذلك منك ، لأنّي من ولده الأكبر ، فقاسمني ميراث رسول الله (ص) وادفعه إلي . فأبى أبي ذلك ، فتخاصما إلى القاضي ، وكان يختلف معه زيد بن عليّ إلى القاضي ، فبينما هم كذلك ذات يوم في خصومتهم إذ قال زيد بن الحسن لزيد بن عليّ : اسكت يا ابن السنديّة . فقال زيد بن عليّ : أف لخصومة تذكر فيها الأمّهات ، والله لا أكلمك بالفصيح من رأسي أبداً حتّى أموت . وانصرف إلى أبي فقال : يا أخي حلفت يميناً ثقة بك وعلمت أنك لا تلزمني ، حلفت أن لا أكلم زيد بن الحسن ، ولا أخاصمه . وذكر ما كان بينهما فأعفاه أبي ، فاغتنمها زيد بن الحسن ، وقال : يلي خصومتي محمد بن علي فأعيبه
وأؤذيه فيعتدي عليَّ
، فعدا على أبي فقال : بيني وبينك القاضي .
___________________
فقال : انطلق بنا .
فلمّا أخرجه قال أبي : يا زيد ، إنّ معك سكّينة قد أخفيتها ، أرأيت إن نطقت هذه السكّينة التي سترتها مني فشهدت أنّي أولى بالحق منك ، فتكف عنّي ؟! قال : نعم . فحلف له بذلك .
فقال أبي : أيّتها السكّينة انطقي بإذن
الله تعالى . فوثبت السكينة من يد زيد بن الحسن على الأرض ثمّ قالت : يا زيد أنت ظالم ، ومحمّد بن عليّ أولى منك بذلك وأحق ، لئن لم تكف لأليَّن قتلك
. فخرّ زيد مغشياً عليه ، فأخذ أبي بيده وأقامه .
ثمّ قال : يا زيد ، إن أنطقت هذه الصخرة
التي نحن عليها ، تقبل ؟ قال : نعم ، وحلف له على ذلك ، فرجفت الصخرة ممّا يلي زيداً حتى كادت أن تفلق ، ولم ترجف ممّا يلي أبي ، ثمّ قالت ، يا زيد ، أنت ظالم ، ومحمّد أولى منك بالأمر . فخرّ زيد مغشياً عليه فأخذه أبي بيده وأقامه .
وقال : يا زيد ، أرأيت ، إن نطقت هذه
الشجرة أتكف ؟ قال : نعم . فدعا أبي الشجرة ، فجاءت تخدّ في الأرض حتّى أظلتهم ، ثمّ قالت : يا زيد ، أنت ظالم ، ومحمّد أحق بالأمر منك ، فكفّ عنه وإلّا هلكت ، فغشي على زيد ،
وأخذ أبي بيده وأقامه ، وقال : يا زيد ، أرأيت هذا ؟ وانصرفت الشجرة إلى موضعها ، فحلف زيد ألّا يتعرض لأبي ، ولا يخاصمه ، وانصرف .
وخرج زيد من يومه إلى عبد الملك بن
مروان فدخل عليه ، وقال : أتيتك من عند ساحر كذَّاب لا يحلّ لك تركه . وقصّ عليه ما رأى ، فكتب عبد الملك إلى عامله بالمدينة أن ابعث إليّ محمّد بن عليّ مقيّداً . وقال له : أرأيت إن ولّيتك قتله فتقتله ؟ قال : نعم .
___________________
فلمّا انتهى الكتاب إلى العامل أجاب
العامل : ليس كتابي خلافاً عليك يا أمير المؤمنين ، ولا أردّ أمرك ، لكن رأيت أن أراجعك
في الكتاب نصيحة لك ، وشفقة عليك ، وإنّ الرجل الذي أردته ليس اليوم على وجه الأرض أعف عنه ، ولا أزهد ، ولا أورع ، وإنّه ليقرأ في محرابه فتجتمع الطير والسباع تعجباً لصوته ، وإنّ قراءته تشبه مزامير آل داود ، وإنّه من أعلم الناس وأرقهم وأشدَّهم اجتهاداً وعبادة ، وكرهت لأمير المؤمنين التعرض له (
إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ )
. فلمّا ورد الكتاب
سرّ بما أنهى إليه الوالي ، وعلم أنّه قد نصحه» .
وفي الحديث طول أخذنا موضع الحاجة .
٣٢٠ / ٢ ـ عن جابر بن يزيد الجعفيّ ،
قال : خرجت مع أبي جعفر عليه السلام إلى الحجّ وأنا زميله إذ أقبل ورشان
فوقع على غرارة محمله ، فترنّم ،
فذهبت لآخذه فصاح بي : «مه يا جابر ، فإنّه استجار بنا أهل البيت» فقلت : وما الذي شكا إليك ؟ قال : «شكا إليّ أنّه يفرخ في هذا الجبل منذ ثلاث سنين ، وأنّ حيّة تأتيه تأكل أفراخه ، فسألني أن أدعو الله عليها ليقتلها ، ففعلت ، وقد قتلها الله» .
ثمّ سرنا حتّى إذا كان وقت السحر قال لي
: «انزل يا جابر» فنزلت ، فأخذت بخطام الجمل ، فنزل فتنحّى يمنة ويسرة وهو يقول :
___________________
«اللّهمّ اسقنا ،
واظهر لنا ماءً ، فإذا حجر مربع
أبيض بين الرمل فاقتلعه ، فنبع له عين ماء صاف ، فتوضأنا وشربنا منه ، ثمّ ارتحلنا ، فأصبحنا دون قريات ونخل ، فعمد أبو جعفر عليه السلام إلى نخلة يابسة فدنا منها وقال : «أيّتها النخلة اليابسة ، أطعمينا» فلقد رأيت النخلة تنحني حتّى جعلنا نتناول من ثمرها ونأكل ، وإذا أعرابي يقول : ما رأيت ساحراً كاليوم ؟! فقال أبو جعفر عليه السلام : «يا أعرابي ، لا تكذبن علينا أهل البيت ، فإنّه ليس منّا ساحر ولا كاذب ، ولكن علمنا اسماً من أسماء الله تعالى ، نسأل الله به فنعطى ، وندعو به فنجاب» .
___________________
الباب التاسع
في
ذكر دلالات الامام الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام
وفيه
أربعة فصول
١ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في إحياء الموتى
وفيه
: خمسة أحاديث
٣٢١ / ١ ـ عن جميل بن درّاج ، قال : كنت
عند أبي عبد الله عليه السلام فدخلت عليه امرأة وذكرت أنّها تركت ابنها على وجهه ميتاً ، فقال لها : «لعلّه لم يمت ، قومي واذهبي إلى بيتك ، واغتسلي ، وصلّي ركعتين ، وادعي الله تعالى وقولي : «يا من وهب لي ولداً ولم يكن شيئاً ، جدّد لي هبتك «ثمّ حركيه ولا تخبري بذلك أحداً» ففعلت ذلك ، ثمّ جاءت فحركته فإذا هو قد بكى .
٣٢٢ / ٢ ـ عن السيّد أبي هاشم إسماعيل
بن محمّد الحميريّ ، قال : دخلت على الصادق جعفر بن محمّد عليهم السلام وقلت : يا ابن رسول الله ، بلغني أنّك تقول فيَّ إنّه ليس على شيء ، وأنا قد أفنيت عمري في محبّتكم وهجرت الناس فيكم في كيت وكيت ، فقال : «ألست القائل في محمّد بن الحنفيّة :
___________________
حتّى متى ؟ وإلى متى ؟ وكم المدى ؟
|
|
يا ابن الوصي وأنت حيٌّ ترزق
|
تثوى برضوىٰ لا تزال ولا ترى !
|
|
وبنا إليك من الصبابة أولق ؟!
|
وأنّ محمّد بن الحنفيّة قام بشعب رضوى
أسد عن يمينه ونمرٌ عن شماله ، يؤتى برزقه غدوة وعشيّة ؟!
ويحك ، إنّ رسول الله (ص) وعليّاً
والحسن والحسين عليهم السلام كانوا خيراً منه ، وقد ذاقوا الموت !» .
قال : فهل لك على ذلك من دليل ؟
قال : «نعم ، إنّ أبي أخبرني أنّه كان
قد صلَّى عليه وحضر دفنه ، وأنا أريك آية» فأخذ بيده فمضى به إلى قبر ، وضرب بيده عليه ، ودعا الله تعالى فانشق القبر عن رجل أبيض الرأس واللحيّة ، فنفض التراب عن رأسه ووجهه ، وهو يقول : يا أبا هاشم ، تعرفني ؟ قال : لا . قال : أنا محمّد بن الحنفية ، إنّ الإِمام بعد الحسين بن عليّ : عليّ بن الحسين ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ هذا . ثمّ أدخل رأسه في القبر وانضمّ عليه القبر ، فقال إسماعيل بن محمّد عند ذلك .
تجعفرت بسم الله والله أكبر
|
|
وأيقنت أنّ الله يعفو ويغفر
|
ودنت بدين غير ما كنت دائناً
|
|
به ونهاني سيّد الناس جعفر
|
فقلت له هبني تهودت برهة
|
|
وإلّا فديني دين من يتنصر
|
ولست بغال ما حييت وراجعاً
|
|
إلىٰ ما عليه كنت أخفي وأظهر
|
ولا قائلاً قولاً لكيسان بعدها
|
|
وإن عاب جهّال مقالي وأكثروا
|
والقصيدة طويلة .
٣٢٣ / ٣ ـ عن داود بن كثير الرقيّ ، قال
: حجّ رجل من أصحابنا فدخل على أبي عبد الله عليه السلام فقال له : فداك أبي وأمّي ، إنّ
___________________
أهلي قد توفيت ،
وبقيت وحيداً ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : «أو كنت تحبها ؟» قال : نعم . فقال : «ارجع إلى منزلك فإنّها سترجع إلى المنزل ، وترجع أنت وهي جالسة تأكل» .
قال : فلمّا رجعت من حجّتي ودخلت المنزل
وجدتها قاعدة تأكل ، وبين يديها طبق فيه تمر وزبيب .
٣٢٤ / ٤ ـ عن محمّد بن راشد ، عن أبيه
قال : أتيت بعض آل محمّد لأستفتيه عن مسألة ، فسألت عن أعلمهم ، فهديت إلى محمّد بن عبد الله بن الحسن فاستفتيته في ذلك فقال : إنّي لست أدري ما هذا ؟ فقال : أو ليس قد جاء عنكم أنّكم تقولون في أنفسكم أنّكم تدرون بالعلوم كلّها ؟
قال : إنّ ذلك لا يعلمه إلّا الإِمام ،
ولست بذلك . قلت له : فمن أين لي بذلك ؟
قال : ائت جعفر بن محمّد عليهما السلام
فإنّه عنده لا شك فيه . فأتيته ، فقيل لي : مات السيّد بن محمّد وهو في الجنازة ، فأتيته واستفتيته فأفتاني في مسألتي ، فلمّا أن قمت أخذ بثوبي فجذبني إلى نفسه فقال : «إنَّكم معاشر أهل الحديث تركتم العلم» .
فقلت له : يرحمك الله أنت إمام هذا
الزمان ؟ فقال : «نعم والله ، إنّي إمام هذا الزمان» .
فقلت : علامة ودليل . فقال : «سلني عمّا
بدا لك أخبرك به إن شاء الله .
فقلت : «إنّ أخاً لي مات في هذه المقبرة
فأْمُر أن يُحيا . فقال لي : «ما أنت أهل لذلك ، ولكن أخوك ما كان اسمه ؟» فقلت : أحمد .
___________________
فقال : «يا أحمد ، قم
بإذن الله تعالى ، وبإذن جعفر بن محمّد ، فقام والله وهو يقول : يا أخي اتبعه . وحلّفني بالطلاق والعتاق ألّا أخبر احداً
٣٢٥ / ٥ ـ عن أبي الحسن عليّ بن محمّد
التقي ، عن أبيه محمّد ، عن أبيه عليّ بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عليهما السلام ، قال ـ في حديث طويل أنا أختصره ـ أنّ ملك الهند بعث بجارية رائقة الجمال إلى أبي جعفر بن محمّد عليهما السلام مع بعض ثقاته في تحف وهدايا كثيرة ، وكتب إليه :
بسم الله الرحمن الرحيم
من ملك الهند إلى جعفر بن محمّد الطاهر
من كلّ نجس .
أمّا بعد ، هداني الله على يدك فإنّي
أهدى إليَّ بعض عمالي جارية لم أر أحسن منها حسناً ، ولا أجمل منها جمالاً ، ولا أعظم منها خطراً ، ولا أعقل منها عقلاً ، ولا أكمل منها كمالاً أن اتخذ منها ولداً يكون له الملك بعدي ، فنظرت إليها فأعجبتني وأعجبني شأنها ، فأقامت بين يدي يوماً وليلة أفكر فيها وفي جلالتها ، فلم أر أحداً يستأهلها غيرك ، فبعثت بها إليك مع شيء من الحلي والحلل والجواهر والطيب ، ثمّ جمعت من جميع وزرائي وعمّالي وأمنائي فاخترت منهم ألف رجل يصلحون للأمانة ، واخترت من الألف مائة ، ومن المائة عشرة ، ومن العشرة واحداً وهو ميزاب بن جنان لم أجد في مملكتي رجلاً أعقل منه
، ولا أشجع ، فبعثت على يده هذه الهدية ، وهذه الجارية .
___________________
فلمّا وصل الرجل بما بعث معه إليه ودخل
بعد دفع كثير واستشفاع قال له : «إرجع أيّها الخائن من حيث جئت بهديتك» .
فقال : أبعْد شقة بعيدة ، ومشقة شديدة ،
وإقامة حول الباب لا تقبل هدية الملك ؟! فقال : «ليس لك عندي جواب ، وما كنت بالذي أقبلها لأنّك خائن فيما أتيت به وائتمنت عليه» . فقال : والله ما خنتك ولا خنت الملك . فقال عليه السلام : «فإن شهد عليك بالخيانة بعض ثيابك تقر بالإِسلام ؟» قال : أو تعفيني عن ذلك وتسأل بما أحييت من بعد ؟ .
فأمر به فخلع من أعلاه فرو ، ثمّ أمر به
فبسط في ناحية
، الدار ، ثمّ قام عليه السلام فصلّى ركعتين وأطال الركوع والسجود ، ودعا بما أحبَّ ثمّ رفع رأسه وقد علاه نور وقال : «أيّها الفرو الطائع لله تعالى تكلّم بما تعلم منه ، وصف لنا ما جنى» فانبسط الفرو ثمّ انقبض وانضم حتّى صار كالكبش البازل
فسمعه من في المجلس وهو يقول : يا ابن رسول الله الصادق ، بعث إليك ملك الهند هذا الرجل وائتمنه على هذه الجارية وما معه من المال ، وأوصاه بحفظهما وحياطتهما ، فلم يزل على ذلك حتّى صرنا إلى بعض الصحارى فأصابنا المطر حتّى ابتلّ جميع ما معنا ، فأقمنا في ذلك الموضع شهراً كاملاً حتّى طلعت الشمس واحتبس المطر ، وعلّقنا ما معنا على الحجر والأشجار ، فنادى خادماً كان مع الجارية يخدمها يقال له : بشير
فقال : يا بشير
، لو دخلت هذه المدينة فأتيتنا بما فيها من الطعام إلى أن تجفّ رواحلنا كنا قد أكلنا من طعام هذه المدينة . فدفع إليه دراهمَ كثيرة ودخل الخادم المدينة .
___________________
وأمر ميزاب هذه الجارية أن تخرج من
قبّتها إلى مضرب قد نصب لها في الشمس وقال لها : لو خرجت إلى هذا المضرب ونظرت إلى هذه الأشجار وهذه المدينة التي قد أشرفنا عليها . فخرجت الجارية فإذا في الأرض وحل فكشفت عن ساقيها وسقط خمارها ، فنظر الخائن إليها وإلى حسنها وجمالها فراودها عن نفسها فأجابته ، فبسطني في الأرض وأفرش عليَّ الجارية وفجر بها ، وخانك ، يا ابن رسول الله ، هذا ما كان من قصته وقصتها ، وأنا أسألك بالذي جمع لك خير الدنيا والآخرة إلّا سألت الله تعالى ألّا يعذبني بالنار لفجورهما على تنجيسهما إيّاي .
قال موسى عليه السلام : فبكى الصادق عليه
السلام وبكيت وبكى من في المجلس واصفرّت ألوانهم .
قال : ففزع : ميزاب وأخذته رعدة شديدة
وخوف ، فخرّ ساجداً لله وقال : قد علمت أن جدّك كان بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً فارحمني رحمك الله ، وليكن لك أسوة بأخلاق جدّك فلم يعلم الملك بما كان حالي وقصّتي ، وقد أخطأت .
فقال عليه السلام : «لا رحمتك أبداً ولا
تعطفت عليك إلّا أن تقرّ بما جنيت» قال : فأقر الهنديّ بما أخبرت به الفروة .
قال : فلمّا لبسها وصارت في عنقه انضمت
في حلقه وخنقته حتّى اسودَّ وجهه ، فقال الصادق عليها السلام : «أيُّها الفرو ، خل عنه» فقالت الفرو : أسألك بالذي (جعلك إماماً)
إلّا أذنت لي أن أقتله . فقال : «خل عن النجس حتّى يرجع إلى صاحبه فيكون أولى به منا» .
وفي الحديث طول اقتصرنا منه على موضع
الحاجة ، فمن أراد الجميع طلبه في موضعه فإنّه مشهور .
___________________
٢ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته فيما أخبر به من حديث النفس
وفيه
: ثمانية أحاديث
٣٢٦ / ١ ـ عن حمران بن أعين ، قال : كنت
عند أبي عبد الله عليه السلام وأبو هارون المكفوف جالس بحذائه ، إذ اختصم إليه رجلان ، فنظر أبو عبد الله عليه السلام إلى أبي هارون وقال : «كذبت ، إنّ كلامهما بين يدي ربّ العزة» قال : فمن أين علمت جعلت فداك ؟! قال : «من الجاري الذي يجري منك مجرى الدم واللحم» .
٣٢٧ / ٢ ـ معمّر الزيّات ، قال : كنت
أطوف بالبيت وأبو عبد الله عليه السلام في الطواف ، فنظرت إليه وقلت في نفسي : هل طاعته مفروضة على الناس ، والله ما هو بأطول الناس ، ولا بأجمل
الناس فما لبث أن مرّ بي ووضع يده بين كتفي ثمّ قال : «(
أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ )
فجازني ثمّ أتاني أصحابنا فقالوا : ما الذي قال لك ؟ قلت : نعم ، كذا وكذا ، وما هو إلّا كما قلت في نفسي .
___________________
٣٢٨ / ٣ ـ عن هشام بن الأحمر ، قال :
دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وهو في ضيعته في يوم شديد الحر والعرق يسيل على وجهه ، وأنا أريد أن
أسأله عن المفضّل بن عمر الجعفيّ فابتدأني ، وقال : «نعم ، الرجل والله المفضل بن عمر الجعفيّ» حتّى أحصيت بضعاً وثلاثين مرة .
٣٢٩ / ٤ ـ عن خالد بن نجيح ، قال : دخلت
على أبي عبد الله عليه السلام وعنده خلق ، فقنعت رأسي وجلست في ناحية وقلت في نفسي : ويحكم ما أغفلكم ، عند من تتكلمون ؟ عند ربّ العالمين .
قال : فناداني : «ويحك يا خالد ، أنا
والله عبد مخلوق ولي ربّ أعبده ، وإن لم أعبده عذّبني والله بالنار» فقلت : لا والله لا أقول فيك أبداً إلَّا قولك في نفسك .
٣٣٠ / ٥ ـ عن إسماعيل بن عبد العزيز ،
قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : «ضع لي في المتوضأ ماء» فقمت فوضعت الماء ، فدخل ، فقلت في نفسي : أنا أقول فيه كذا وكذا ويدخل المتوضأ ويتوضأ ؟! فلم يلبث أن خرج وقال : «يا إسماعيل بن عبد العزيز ، لا ترفعوا البناء فوق طاقته ، فينهدم ، اجعلونا عبيداً مخلوقين وقولوا فينا ما شئتم» .
قال إسماعيل : وكنت أقول فيه ما أقول
فيه .
٣٣١ / ٦ ـ عن شهاب بن عبد ربّه ، قال :
أتيت أبا عبد الله أسأله
___________________
عن مسألة ، فقال : «إن
شئت فاسأل ، وإن شئت أخبرتك
فيما جئت له» فقلت له : أخبرني .
قال لي : «جئت لتسألني عن الجنب يغرف
الماء من الحب بالكوز فتصيب يده الماء» فقلت : نعم . فقال : «ليس به بأس» .
٣٣٢ / ٧ ـ عن عمر بن يزيد ، قال : كنت
عند أبي عبد الله عليه السلام وهو مضطجع ، ووجهه إلى الحائط ، فقال لي : «يا عمر ، اغمز رجلي» فقعدت أغمز رجله ، فقلت في نفسي : اسأله عن عبد الله وموسى أيّهما الإِمام ؟ قال : فحوّل وجهه إليَّ وقال : «إذن والله لا أجيبك» .
٣٣٣ / ٨ ـ عن زياد بن أبي الحلال ، قال
: اختلف الناس في جابر بن يزيد الجعفيّ وأحاديثه وأعاجيبه ، فدخلت على أبي عبد الله وأنا أريد أن أسأله فابتدأني من غير أن أسأله .
قال لي «رحم الله جابر بن يزيد الجعفيّ
، فإنّه كان يصدّق علينا ، ولعن الله المغيرة بن سعيد فإنّه كان يكذب علينا» .
___________________
٣ ـ فصل :
في
بيان آياته من الاخبار بالغائبات
وفيه
: سبعة عشر حديثاً
٣٣٤ / ١ ـ عن بكير بن أعين قال : حبس
عبد الله بن عياس بالكوفة ، فحمّلني رسالة إلى أبي عبد الله عليه السلام يسأله الدعاء بتخليته ، فلمّا أن كان في يوم عرفة على الموقف قلت له : اذكر أمر مولاك عبد الله بن عياس ، فرفع يده وحرّك شفتيه ، ثمّ قال : «أطلق عنه» .
قال بكير : فرجعت إلى الكوفة فسألت عن
اليوم الذي خلّي عن عبد الله بن عباس ، فوجدت تخليته في الوقت الذي دعا له أبو عبد الله عليه السلام بالتخلية .
٣٣٥ / ٢ ـ عن داود بن كثير ، قال : دخلت
على أبي عبد الله عليه السلام فقلت : يا ابن رسول الله ، أسألك عن شيء يختلج في صدري . فقال : «يا داود ، كأنّي بك قد كتفت بخدعة ، فتدخل في صندوق ، ولا يطلق عنك إلّا بألف درهم» .
قال داود : فأضلّني الشَّيطان عمّا أردت
سؤاله ، فخرجت متفكّراً
___________________
متحيّراً ممّا قال ،
فمررت ببعض سكك الكوفة فإذا جارية مليحة ، فتعلقت بي وقالت : يا صاحب الحق ، هل لك في الإِلمام بنا فتفيدنا ببعض ما خصصت به دوننا ؟ فقلت : ما أكره ذلك . فقالت لي : ادخل فدخلت . فإذا أنا بزوجها قد أقبل إليها ، فقالت لي : ادخل الصندوق ، فإنّي لا آمنه عليك إن رأى اجتماعنا . فدخلت الصندوق ، فأقفلت عليَّ ، ثمّ قالت : قد وقعت موقع سوء ، فإن افتديت نفسك بألف درهم وإلّا غمزت
بك إلى السلطان . فأعطيتها ألف درهم وخلّت عنّي ، فرجعت إلى أبي عبد الله عليه السلام ، فلمّا بصر بي قال : «نجوت الآن فاحمد الله تعالى» .
٣٣٦ / ٣ ـ عن يزيد بن خلف ، قال : سمعت
أبا عبد الله عليه السلام و [ قد ] ذكر عنده زيد ، وهو يومئذ يتردد في المدينة ، يقول : «كأنّي به قد خرج إلى العراق ويمكث يومين ويقتل في اليوم الثالث ، ثمّ يدار برأسه في البلدان ، ويؤتى به ، وينصب ها هنا على قصبة» وأشار بيده .
قال : فسمعت أذني من أبي عبد الله عليه
السلام ، ورأت عيني أن أتي برأسه حتّى أقيم على قصبة في الموضع الذي أشار إليه عليه السلام .
٣٣٧ / ٤ ـ وروي أنَّ محمد بن عبد الله
بن الحسن خاصم أبا عبد الله عليه السلام فقال : أنا والله أسخى يداً منك ، وأعلم وأشجع . فقال عليه السلام : «أمّا قولك : أنا أسخى يداً منك ، فوالله ما أمسيت قط ولله عليَّ حق في مالي ، ولا أصبحت ولله في مالي حق ، وأمّا قولك : أنا أعلم منك ، فإنّ أبي وأباك أمير المؤمنين عليه السلام أعتق
___________________
ألف نسمة من كد
يده ، فسمّهم لي وإلّا أسميتهم لك بأسمائهم وأسماء آبائهم إلى آدم ؛ وأمّا قولك : أنا أشجع منك فكأنّي أنظر إليك تقتل بالمدينة ، ويقطع رأسك ، وتوضع على جحر الزنابير فيسيل منه الدم إلى موضع كذا» .
قال : فقام محمّد واكماً واجماً ، وحكى
ما جرى بينهما أباه ، فقال له أبوه : ما علمت يا بني أنّك صاحب جحر الزنابير إلى الآن .
٣٣٨ / ٥ ـ في حديث آخر عن صفوان بن يحيى
قال : حكى محمّد بن جعفر بن محمّد بن الأشعث قال : أتدري ما سبب دخولنا في هذا الأمر ومعرفتنا به ، وما كان عندنا منه ذكر ، ولا معرفة بشيء ممّا عند الناس ؟ قال : قلت : وما ذاك ؟
قال : إنَّ أبا جعفر الدوانيقي قال
لمحمد بن الأشعث : يا محمّد ، ادع لي رجلاً له عقل
جيّد يؤدي عنّي . فقال : إنّي أصبت لك ، هذا خالي فلان بن مهاجر . قال : فأتني به . قال : فأتيته ، فقال له أبو جعفر : يا ابن مهاجر خذ هذا المال وائت المدينة ، وائت عبد الله بن الحسن بن الحسن وعدَّة من أهل بيته ، منهم جعفر بن محمّد ، وقل لهم : إنّي رجل غريب من أهل خراسان ، وبها شيعة من شيعتكم ، وجّهوا إليكم بهذا المال . فادفع إلى كلِّ واحد منهم على شرط كذا وكذا ، فإذا قبضوا المال فقل : إنّي رسول ، أحب أن يكون معي خطوطكم بقبضكم ما قبضتم .
فأخذ المال وأتى إلى المدينة ـ على
ساكنها أفضل الصلاة
___________________
والسلام ـ ورجع إلى
أبي جعفر الدوانيقي
، فقال أبو جعفر ما وراءك ؟
قال : أتيت القوم ، وهذه خطوطهم بقبضهم
، ما خلا أبو عبد الله جعفر بن محمّد ، فإنّي أتيته وهو في مسجد الرسول (ص) يصلّي ، وجلست خلفه ، فقلت : ينصرف وأذكر ما ذكرت لأصحابه فعجل وانصرف ، ثمّ التفت إليَّ وقال : «يا هذا ، اتق الله ولا تغر أهل بيت محمّد (ص) فإنّهم قريبو العهد بدولة بني مروان ، فكلهم محتاج» .
قال : فقلت : وما ذاك أصلحك الله ؟ قال
: «فادن رأسك منّي» فدنوت ، فأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك ، حتّى كأنّه كان ثالثنا ، قال : فقال له : يا ابن مهاجر ، اعلم أنّه ليس من أهل بيت النبوة إلّا وفيهم محدّث ، وإنّ جعفر بن محمّد محدّثنا اليوم .
فكانت هذه المقالة سبب مقالتنا بهذا
الأمر .
٣٣٩ / ٦ ـ عن موسى بن عبد الله بن الحسن
، قال : إنّ أبي لمّا أخذ في أمر محمّد بن عبد الله : «دعا إلى أمره أبا عبد الله عليه السلام ، فدفعه عن ذلك ونصح له ، فلم يرض منه بذلك ـ في كلام طويل ـ حتىٰ قال أبو عبد الله عليه السلام : «إنَّك لتعلم أنّه الأحول الأكشف الأخضر ، المقتول بسدّة أشجع عند بطن مسيلها» فقال : أبي ليس هو كذلك ، وليقومن بثأر أبي طالب . فقال له : أبو عبد الله عليه السلام : «يغفر الله لك ما أخوفني أن يكون هذا البيت يلحق بصاحبنا :
منتك نفسك في الخلافة ضلالا
والله لا يملك أكثر من حيطان المدينة
ولا [ من ] الأمر بد ، وإني
___________________
لأراه أشأم سخلة
أخرجتها أصلاب الرجال إلى أرحام النساء ، والله إنه لمقتول بسدَّة أشجع بين دورها ، والله لكأنّي به صريعاً مسلوباً ثوبه ، بين رجليه لبنة ، ولا ينفع
هذا الغلام ما يسمع منّي» .
قال موسى : يعنيني .
«فتخرجن معه فيهزم ، ثمّ يقتل صاحبه ، !
ثمّ يمضي فخرج معه راية أخرى ، فيقتل كبشها ويسرق حليتها ، فإن أطاعني فليطلب عند ذلك الأمان من بني العباس» .
فقام أبي مغضباً يجرّ ثوبه ، فلحقه أبو
عبد الله عليه السلام فقال له : «أخبرك أنّي سمعت عمّك ـ وهو خالك ـ يذكر أنّك وبني أبيك ستقتلون فيه ، ولوددت أنّي فديتك بولدي وبأحبّهم إليّ» . فما قبل أبي ، وخرج مغضباً أسفاً
، فما أقمنا بعد ذلك إلّا عشرين ليلة حتّى قدمت رسل أبي جعفر ، فأخذوا أبي وعمومتي وصفّدوا في الحديد ، ثمّ حملوا في محامل عراة لا وطاء عليها ، فقتل أكثرهم ، ثمّ أتى محمّد بن عبد الله بن الحسن فأخبر أنّ أباه وعمومته قتلوا ، فظهر ودعا الناس إلى نفسه ، وكنت ثالث ثلاثة بايعوا ، واستوثق الناس بيعته ، وأتى بأبي عبد الله عليه السلام حتّى وقف بين يديه ، فقال له عيسى بن زيد : أسلم تسلم . وطالت المحاورة بينهم ، حتّى قال له : والذي أكرم محمّداً (ص) بالنبوة لأسجننك .
فقال أبو عبد الله عليه السلام : «أراني
سأقول وأصدَّق» فقال عيسى بن زيد : لو تكلمت لكسرت فكك .
فقال أبو عبد الله عليه السلام : «أما
والله لو يبرق بالسيف لكأنّي بك تطلب لنفسك جحراً تدخل فيه ، وما أنت من المذكورين عند
___________________
اللقاء ، وإنّي أظنك
إذا صفّق خلفك طرت مثل الهيق
النافر» فقال محمد بانتهار : احبسه وشدّد عليه واغلظ عليه .
فقال له أبو عبد الله عليه السلام : «أما
والله ، لكأنّي بك خارجاً من سدّة أشجع إلى بطن الوادي وقد حمل عليك فارس معلّم في يده طراد نصفها أبيض ونصفها
أسود ، على فرس كميت
أقرح ، فيطعنك ولا يصنع فيك شيئاً ، وضربت خيشوم فرسه فطرحته ، وحمل آخر خارجاً من زقاق أبي عمّار
عليه غديرتان مضفورتان قد خرجتا من تحت بيضته
، كثير شعر الشاربين ، فهو والله صاحبك ، فلا رحم الله رمته» في كلام طويل .
فخرج عيسى بن موسى إلى المدينة وتحاربا
، فمضى محمّد يوم القتال إلى أشجع فخرج إليه الفارس الذي قال أبو عبد الله عليه السلام من خلفه من سكّة هذيل ، فطعنه فلم يصنع شيئاً ، فضرب خيشوم فرسه بالسيف ، وخرج عليه حميد بن قحطبة من زقاق العماريين فطعنه طعنة نفذ السنان
فيه ، وانكسر الرمح
، فصرعه ، ثمّ نزل إليه فضربه حتّى أثخنه وقتله ، وأخذ برأسه .
___________________
٣٤٠ / ٧ ـ عن الأزدي ، قال : خرجنا نريد
منزل أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه السلام فلحقنا أبو بصير ، فدخلنا على أبي عبد الله عليه السلام ، فرفع رأسه إلى أبي بصير وقال : «يا أبا محمّد ، ألا تعلم أنّه لا ينبغي للجنب أن يدخل بيوت الأنبياء ؟!» . فرجع أبو بصير ودخلنا .
٣٤١ / ٨ ـ أخبرنا مهزّم قال : خرجت
ممسياً من عند أبي عبد الله عليه السلام ، فأتيت منزلي بالمدينة ، فكانت أمّي عندي ، فوقع بيني وبينها كلام ، فأغلظت عليها بالكلام ، فلمّا أن كان من الغد صلّيت الغداة ، وأتيت منزل أبي عبد الله عليه السلام فدخلت عليه ، فقال لي مبتدئاً : «مالك ولوالدتك أغلظت في كلامها البارحة ؟! أما علمت : أنّ بطنها كان منزلاً قد سكنته ، وأنّ حجرها مهدٌ قد عمّرته ، وأنّ ثديها سقاءٌ قد شربته ؟!» قلت : بلى قال : «فلا تغلظ لها» .
٣٤٢ / ٩ ـ عن الحارث بن حصيرة الأزدي ،
قال : مرّ رجل من أهل الكوفة إلى خراسان فدعا الناس إلى ولاية جعفر بن محمّد عليهما السلام ، ففرقة أجابت وأطاعت ، وفرقة أنكرت وجحدت ، وفرقة وقفت وتورعت .
قال : فخرج من كلّ فرقة رجل فدخلوا على
أبي عبد الله عليه السلام ، وكان المتكلم منهم الذي ذكرت أنّه تورع ووقف ، وكان مع بعض القوم جارية ، فخلا بها الرجل ، فوقع عليها ، فلمّا دخلوا على
___________________
أبي عبد الله عليه
السلام قال : إنّه قدم علينا رجل من أهل الكوفة ، فدعا الناس إلى ولايتك وطاعتك ، فأجاب قوم ، وأنكر قوم ، وتورع منهم قوم ، وتوقفوا ، فقال : «ومِن أي الثلاثة أنت ؟» قال : أنا من الفرقة التي توقفت وتورعت . فقال : «وأين كان تورعك يوم كذا وكذا مع الجارية ؟!» قال : فارتاب الرجل وسكت .
٣٤٣ / ١٠ ـ عن عمّار السجستاني ، قال :
كان عبد الله بن النجاشي منقطعاً إلى الحسن بن الحسن ، ويقول بمقالة الزيدية ، فقضى أن خرجت أنا إلى أبي عبد الله عليه السلام فلقيني بعد ذلك ، فقال لي : استأذن لي على صاحبك . فقلت لأبي عبد الله عليه السلام : إنّه سألني الإِذن عليك ، فقال : «ائذن له» ما دعاك إلى ما صنعت يوم كذا ؟! فدخل عليه ، فقال عليه السلام : «أتذكر يوم مررت على باب دار فسال ميزاب الدار ، فقلت : إنّه قذر ؛ فطرحت نفسك في النهر بثيابك وعليك منشفة ، فاجتمع عليك الصبيان يضحكون منك ، ويصيحون عليك ؟» .
قال عمّار : فالتفت إليّ وقال : ما دعاك
إلى أن تخبر به أبا عبد الله ؟ فقلت : لا والله ، ما أخبرته ، وها هو ذا قدّامي يسمع كلامي .
قال : فلمّا خرجت قال لي : يا عمّار هذا
صاحبي دون غيره .
٣٤٤ / ١١ ـ عن أبي بصير ، قال : قال أبو
عبد الله عليه السلام : «يا أبا محمّد ، ما فعل أبو حمزة ؟» فقلت : خلّفته طائحاً
. فقال : «إذا
___________________
رجعت إليه فاقرأه
منّي السلام ، واعلمه أنّه يموت يوم كذا وكذا» . فقلت له : جعلت فداك ، أليس من شيعتكم ؟ قال : نعم ، إنّ الرجل من شيعتنا إذا خاف الله فراقبه وتوقّى الذنوب ، فإذا فعل ذلك كان معنا في درجاتنا» .
قال أبو بصير : فرجعت ، فما لبث أبو
حمزة أن مات في تلك الساعة ، في ذلك اليوم .
٣٤٥ / ١٢ ـ حنان بن سدير ، قال : رأيت
في المنام كأنّي دخلت على رسول الله (ص) وبين يديه طبق ، عليه منديل ، قد غطّي به ، فكشف المنديل عن الطبق ، فإذا فيه رطب ، فجعل يأكل منه ، فقلت : أطعمني يا رسول الله . فناولني رطبة فأكلتها ، حتّى ناولني ثمانية ، فقلت : زدني يا رسول الله . فقال : حسبك .
فلمّا كان من الغد دخلت على مولاي
الصادق عليه السلام ، وبين يديه طبق قد غطّي بمنديل كأنّه الذي رأيته في المنام ، فكشف المنديل عنه ، فإذا فيه رطب ، فجعل يأكل منه ، فقلت : يا ابن رسول الله ، أطعمني فناولني رطبة ، فأكلتها ، حتّى ناولني ثماني ، فقلت : زدني يا ابن رسول الله . فقال : «لو زادك جدّي لزدتك ، ولكن حسبك» .
٣٤٦ / ١٣ ـ عن شعيب العقرقوفي قال : بعث
معي رجل بألف درهم ، وقال : إنّي أحبُّ أن أعرف فضل أبي عبد الله عليه السلام على أهل بيته .
قال : فخذ خمسة دراهم ستوقة
، فاجعلها في الدراهم ، وخذ
___________________
من الدراهم خمسة
فصيّرها في لبنة
قميصك ، فإنّك ستعرف ذلك .
قال : فأتيت بها أبا عبد الله عليه
السلام ، فنشرتها بين يديه ، فأخذ الخمسة ، وقال : «هاك خمستك ، وهات خمستنا» .
٣٤٧ / ١٤ ـ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر
، قال حدّثني رجل من أهل جسر بابل قال
: كان في القرية رجل يؤذيني ، ويقول : يا رافضي . ويشتمني ، وكان يلقب بقرد القرية ، فحججت سنة من ذلك ، فقال لي أبو عبد الله عليه السلام ابتداءً : «قوما [ قد ] مات» . فقلت : جعلت فداك ، متى ؟! قال : «الساعة» فكتبت اليوم والساعة .
فلمّا قدمت الكوفة تلقّاني أخي ، فسألته
عمن مات ، وعمّن بقي ، فقال : قوما قد مات فقلت ـ هو بالنبطية : قرد القرية ـ متى مات ؟ فقال : يوم كذا ، ووقت كذا . وكان في الوقت الذي أخبرني به أبو عبد الله عليه السلام .
٣٤٨ / ١٥ ـ عن إبراهيم ابن أبي البلاد ،
قال : كنّا نزولاً بالمدينة ، وكانت جارية لصاحب المنزل تعجبني ، وإنّي أتيت الباب فاستفتحت ، ففتحت الجارية ، فغمزت ثديها ، فلمّا أن كان من الغد دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي : «يا إبراهيم ، أين أقصى أثرك اليوم ؟» فقلت : ما برحت من المسجد . فقال : «أما تعلم أنّ أمرنا هذا لا يُنال إلا بالورع ؟!» .
___________________
٣٤٩ / ١٦ ـ عن عمر بن يزيد ، قال : كنت
عند أبي عبد الله عليه السلام ، وهو وجع ، فولّاني ظهره ووجهه إلى الحائط ، فقلت في نفسي : ما ندري ما يصيبه في مرضه ، فلو سألته عن الإِمام بعده ؛ وأنا أفكر إذ حوّل وجهه وقال : «إنّ الأمر ليس كما تظن ، ليس عليَّ من وجعي هذا بأس بحمد الله» .
٣٥٠ / ١٧ ـ عن أبي كهمش ، قال : كنت
بالمدينة نازلاً في دار فيها وصيفة كانت تعجبني ، فانصرفت ليلاً ممسياً ، فاستفتحت الباب ، ففتحت لي ، فمددت يدي ، فقبضت على ثديها ، فلمّا كان من الغد دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال : «يا أبا كهمش ، تُب إلى الله ممّا صنعت البارحة» .
___________________
٤ ـ فصل :
في
بيان آياته ومعجزاته في معان شتّى
وفيه
: اثنا عشر حديثاً
٣٥١ / ١ ـ أخبرنا سعد الاسكاف ، عن سعد
بن طريف قال : كنا عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل من أهل الجبل بهدايا وألطاف ، وكان فيما أهدي إليه جراب فيه قديد وخبز ، فنشره أبو عبد الله عليه السلام قدّامه ، ثمّ قال : «خذ هذا القديد واطعمه الكلب» فقال الرجل : ولِمَ .
فقال : «إنّ هذا القديد ليس مذكّى» فقال
الرجل لقد اشتريته من رجل مسلم وذكر أنّه ذكي .
قال : فردّه أبو عبد الله عليه السلام
في الجراب كما كان ، ثمّ قال للرجل : «قم وادخل البيت ، وضعه في زاوية» ففعل الرجل ، وقد تكلم أبو عبد الله عليه السلام بكلام لا أعرفه ، ولا أدري ما هو ، فسمع الرجل القديد وهو يقول : «يا عبد الله ، ليس مثلى يأكله اولاد
___________________
الأنبياء
، إنّي لست بذكي» فحمل
الرجل الجراب وخرج إلى أبي عبد الله عليه السلام ، وأخبره بما سمع منه ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : «أما علمت يا هارون أنّا نعلم ما لا يعلمه الناس ؟!» قال : بلى ، جعلت فداك . وخرج الرجل ، وخرجت أتبعه حتّىٰ لقينا كلب ، فألقاه إليه فأكله حتّى لم يبق منه شيء .
٣٥٢ / ٢ ـ عن الحسن بن علي بن فضّال ،
قال : قال موسى بن عطية النيسابوري : اجتمع وفد خراسان من أقطارها ، كبارها وعلماؤها ، وقصدوا داري ، واجتمع علماء الشيعة واختاروا أبا لبابة وطهمان وجماعة شتى ، وقالوا بأجمعهم : رضينا بكم أن تردوا المدينة ، فتسألوا عن المستخلف فيها ، لنقلّده أمرنا
، فقد ذكر أنّ باقر العلم قد مضى ، ولا ندري من نصبه الله بعده من آل الرسول من ولد علي وفاطمة عليهما السلام . ودفعوا إلينا مائة ألف درهم ذهباً وفضّة [ وقالوا ] : لتأتونا بالخبر وتعرّفونا الإِمام ، فتطالبوه بسيف ذي الفقار والقضيب والخاتم والبردة واللوح الذي فيه تثبت الأئمة من ولد علي وفاطمة ، فإنّ ذلك لا يكون إلّا عند الإِمام ، فمن وجدتم ذلك عنده فسلّموا إليه المال .
فحملناه وتجهّزنا إلى المدينة وحللنا
بمسجد الرسول (ص) ، فصلّينا ركعتين ، وسألنا : مَن القائم بأمور الناس ، والمستخلف فيها ؟ فقالوا لنا : زيد بن علي ، وابن أخيه جعفر بن محمّد ، فقصدنا زيداً في مسجده ، وسلّمنا عليه ، فردّ علينا السلام وقال : من أين أقبلتم ؟ قلنا :
___________________
أقبلنا من أرض خراسان
لنعرف إمامنا ، ومن نقلده أمورنا . فقال : قوموا . ومشى بين أيدينا حتّى دخل داره ، فأخرج إلينا طعاماً ، فأكلنا ، ثمّ قال : ما تريدون ؟
فقلنا له : نريد أن ترينا ذا الفقار
والقضيب والخاتم والبرد واللوح الذي فيه تثبت الأئمة عليهم السلام ، فإنّ ذلك لا يكون إلّا عند الإِمام .
قال : فدعا بجارية له ، فأخرجت إليه
سفطاً ، فاستخرج منه سيفاً في أديم أحمر ، عليه سجف أخضر ، فقال : هذا ذو الفقار . وأخرج إلينا قضيباً ، ودعا بدرع من فضّة ، واستخرج منه خاتماً وبرداً ، ولم يخرج اللوح الذي فيه تثبيت الأئمة عليهم السلام ، فقال أبو لبابة من عنده : قوموا بنا حتّى نرجع إلى مولانا غداً فنستوفي ما نحتاج إليه ، ونوفّيه ما عندنا ومعنا .
فمضينا نريد جعفر بن محمّد عليهما
السلام ، فقيل لنا : إنّه مضى إلى حائط
له ، فما لبثنا إلّا ساعة حتّى أقبل وقال : «يا موسى بن عطية النيسابوري ويا أبا لبابة ، ويا طهمان ، ويا أيّها الوافدون من أرض خراسان ، إليَّ فأقبلوا» .
ثمّ قال : «يا موسى ، ما أسوأ ظنّك
بربّك وبإمامك ، لمَ جعلت في الفضّة التي معك فضة غيرها ، وفي الذهب ذهباً غيره ؟ أردت أن تمتحن إمامك ، وتعلم ما عنده في ذلك ، وجملة المال مائة ألف درهم» .
ثمّ قال : «يا موسى بن عطية ، إنّ الأرض
ومَن عليها لله ولرسوله وللإِمام من بعد رسوله ، أتيتَ عمّي زيداً فأخرج إليكم من السفط ما رأيتم ، وقمتم من عنده قاصدين إليَّ» .
___________________
ثمّ قال : «يا موسى بن عطية ، يا أيّها
الوافدون من خراسان ، أرسلكم أهل بلدكم لتعرفوا الإِمام وتطالبوه بسيف الله ذي الفقار الذي فضّل به رسول الله (ص) ونصر به أمير المؤمنين وأيّده ، فأخرج إليكم زيد ما رأيتموه» .
قال : «ثمّ أومى بيده إلى فص خاتم له ،
فقلعه ، ثمّ قال : «سبحان الله ، الذي أودع الذخائر وليه والنائب عنه في خليقته ، ليريهم قدرته ، ويكون الحجّة عليهم حتى إذا عرضوا على النار بعد المخالفة لأمره ، فقال : أليس هذا بالحق ؟ (
قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ )
.
قال : ثمّ أخرج لنا من وسط الخاتم
البردة والقضيب واللوح الذي فيه تثبيت الأئمة عليهم السلام ، ثمّ قال : «سبحان الذي سخّر للإِمام كلّ شيء وجعل له مقاليد السماوات والأرض لينوب عن الله في خلقه ويقيم فيهم حدوده كما تقدم إليه ليثبت حجّة الله على خلقه ، فإن الإِمام حجّة الله تعالى في خلقه» . ثمّ قال : «ادخل الدار أنت ومن معك بإخلاص وإيقان وإيمان» .
قال : فدخلت أنا ومن معي فقال : «يا
موسى ، ترى النور الذي في زاوية البيت ؟» فقلت : نعم . قال : «ائتني به» فأتيته ووضعته بين يديه وجئت بمروحة
ونقر بها على النور ، وتكلّم بكلام خفي .
قال : فلم تزل الدنانير تخرج منه حتّى
حالت بيني وبينه ، ثمّ قال : «يا موسى بن عطيه ، إقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم لقد كفر ( الَّذِينَ قَالُوا
إِنَّ اللَّـهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ )
لم نرد مالكم لأنّا فقراء ، وما
___________________
أردناه إلّا لنفرّقه
على أوليائنا من الفقراء ، وننتزع حق الله من الأغنياء ، فإنّها عقدة فرضها الله عليكم ، قال الله عز وجل : (
إِنَّ اللَّـهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ
يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ )
. وقال عز وجل : ( الَّذِينَ إِذَا
أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن
رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )
.
قال : ثمّ رمق الدنانير بعينه فتبادرت
إلى كو
كان في المجلس .
ثمّ قال : «أحسنوا إلى إخوانكم المؤمنين
، وصلوهم ولا تقطعوهم ، فإنّكم إن وصلتموهم كنتم منّا ومعنا ولنا لا علينا ، وإن قطعتموهم انقطعت العصمة بيننا وبينكم لا موصلين ولا مفصلين» فردّ المال إلى أصحابه وأخذ الفضَّة التي وضعت في الفضة ، والذهب الذي وضع في الذهب ، وأمرهم أن يصلوا بذلك «أولياءنا وشيعتنا الفقراء ، فإنّه الواصل إلينا ونحن المكافئون عليه» .
قال : ثمّ قال : «يا موسى بن عطية ،
أراك أصلع ، أدن منّي» فدنوت منه ، فأمرَّ يده على رأسي ، فرجع الشعر قططاً
، فقال : «يكون معك ذا حجّة» .
فقال : «أدن منّي يا أبا لبابة» وكان في
عينه كوكب
، فتفل في
___________________
عينه ، فسقط ذلك
الكوكب ، وقال : «هاتان حجتان إذا سألكما سائل فقولا : إمامنا فعل ذلك بنا» وودَّعنا وودّعناه ، وهو إمامنا إلى يوم البعث ، ورجعنا إلى بلدنا بالذهب والفضَّة .
٣٥٣ / ٣ ـ عن داود الرقي ، قال : كنت
عند أبي عبد الله عليه السلام جالساً إذ دخل ابنه موسى عليه السلام وهو ينتفض
، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : «جعلت فداك ، كيف أصبحت ؟» قال : «أصبحت في كنف الله ، متقلباً في نعم الله ، أشتهي عنقود عنب جرشي ، ورمّانة خضراء» ، فقلت : يا سبحان الله في الشتاء !! فقال : «يا داود ، [ إن ] الله قادر على كلّ شيء
، أدخل البستان فأخرج إليه عنقود عنب جرشي ورمّانة خضراء» .
قال داود : فلمّا أن دخلت البستان نظرت
إلى شجرتين خضراوتين ، فإذا رمّانة خضراء وعنقود عنب جرشي فاجتنيتهما وقلت : آمنت بالله وبسرّكم وعلانيتكم ، فأخرجته إلى موسى عليه السلام فقال : «يا داود ، ادفعه إليه فإنّه والله لأفضل من رزق مريم ، وقد اختص به موسى من الأفق الأعلى» .
٣٥٤ / ٤ ـ عن داود الرقيّ قال : خرجت مع
أبي عبد الله عليه السلام حاجّاً إلى مكّة ، ونحن نتساير ذات يوم في أرض سبخة إذ دخل علينا وقت الصلاة فقال : «هلم
بنا إلى هذا الجانب لنتطهّر ونصلّي»
___________________
فقلت : إنّها أرض
سبخة لا ماء فيها ! فقال : «اطع إمامك» فملت ، وسرنا ما شاء الله ، فإذا نحن بعين فوّارة ، وماء بارد عذب ، وأشجار خضر ، فنزلنا وتطهّرنا وصلّينا وشربنا وأروينا رواحلنا وملأنا سقاءنا ، وقمنا ومضينا .
فلمّا سرنا غير بعيد قال لي : «يا داود
، هل تعرف الموضع الذي كنّا فيه ؟» قلت : نعم ، يا ابن رسول الله .
قال : «فاذهب وجئني بسيفي فقد علّقته
على الشجرة فوق العين ونسيته» فمضيت إليه فوجدت السيف معلقاً على الشجرة ، وما رأيت أثراً من العين ، ولا من الأشجار الخضر ، وإنّما هي أرض سبخة لا عهد للماء فيها .
٣٥٥ / ٥ ـ عن داود بن ظبيان ، قال : كنّا
عند أبي عبد الله عليه السلام أنا والمفضّل بن أبي المفضل ويونس بن ظبيان ، فقال أحدهما لأبي عبد الله عليه السلام : أرني آية من الأرض . وقال الآخر : أرني آية من السماء . فقال : «يا أرض ، انفرجي» فانفرجت مدّ البصر ، فنظرت إلى خلق كثير في أسفل الأرض .
ثم قال : «يا سماء ، انشقي» فانشقت .
قال : فلو شئت أن أجتذب السماء بيدي
هاتين لفعلت ، فقال : «استشفّ
وانظر» ثمّ تلا هذه الآية : (
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ )
.
٣٥٦ / ٦ ـ عن الحسن بن عطية ، قال : كان
أبو عبد الله عليه
___________________
السلام واقفاً على
الصفا ، فقال له عبّاد البصري : حديث يروى عنك . قال : «وما هو ؟» قال : قلت : «إنّ حرمة المؤمن أعظم من حرمة هذه البنية»
.
قال : قلت ذلك ، إنّ المؤمن لو قال لهذه
الجبال : أقبلي ، أقبلت» .
قال : فنظرت إلى الجبال قد أقبلت ، فقال
لها : «على رسلك ، إنّي لم أردك» .
٣٥٧ / ٧ ـ عن علي بن المبشر قال : لمّا
قدم أبو عبد الله عليه السلام على أبي جعفر أقام أبو جعفر مولى له على رأسه وقال له : إذا دخل عليَّ فاضرب عنقه . فلمّا دخل أبو عبد الله عليه السلام ونظر إلى أبي جعفر أسرّ شيئاً فيما بينه وبين نفسه ، لم ندر ما هو ، ثمّ أظهر : «يا من يكفي خلقه كلّه ولا يكفيه أحد ، اكفني» فصار أبو جعفر لا يبصر مولاه ولا مولاه يبصره ، فقال أبو جعفر : يا جعفر بن محمّد ، لقد عنَّيتك
في هذا الحرّ ، فانصرف . وخرج أبو عبد الله عليه السلام من عنده ، فقال لمولاه : ما منعك أن تفعل ما أمرتك به ؟! فقال : لا والله ، ما أبصرته ، ولقد جاء شيء فحال بيني وبينه . فقال له أبو جعفر : والله لئن حدّثت بهذا الحديث
أحداً لأقتلك .
٣٥٨ / ٨ ـ عن أبي الصامت ، قال : قلت
لأبي عبد الله عليه السلام : أعطني شيئاً أزداد به يقيناً ، وأنفي به الشك عن قلبي . فقال
___________________
لي : «هات ما معك»
وكان في كمي مفتاح ، فناولته ، فإذا المفتاح أسد ، ففزعت منه ، ثمّ قال : «نح وجهك عنّي» ففعلت ، فعاد مفتاحاً .
٣٥٩ / ٩ ـ عن داود الرقي ، قال : دخل
كثير النواء على أبي عبد الله عليه السلام ، وكان كبيراً ، فسلّم ، فأجابه وخرج ، فلمّا خرج قال عليه السلام : «أما والله ، لئن كان أبو إسماعيل يقول ذلك لهو أعلم بذلك من غيره» .
وكان معنا رجل من أهل خراسان من بلخ
يكنى بأبي عبد الله فتغيّر وجهه ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : «لعلك ورعت ممّا سمعت» . قال : قد كان ذلك .
قال أبو عبد الله عليه السلام : «فهلا
كان هذا الورع ليلة نهر بلخ» فقال : جعلت فداك ، وما كان بنهر بلخ ؟! قال : «حيث دفع إليك فلان جاريته لتبيعها ، فلمّا عبرت النهر افترعتها في أصل الشجرة» . فقال : لقد كان ذلك جعلت فداك ، ولقد أتى لذلك أربعون سنة ، ولقد تبت إلى الله من ذلك . قال رجل : لقد تاب الله عليك .
ثمّ إنّ أبا عبد الله عليه السلام أمر
معتباً غلامه أن يسرج حماره فركب وخرجنا معه حتّىٰ برزنا إلى الصحراء فاختال الحمار في مشيته ـ في حديث له طويل ـ فدنا منه أبو عبد الله فمضينا حتّى انتهينا إلى جب بعيد القعر ، وليس فيه ماء فقال البلخي : اسقنا من هذا الجب ، فإنّ هذا جب بعيد القعر ، وليس فيه ماء . فدنا منه أبو عبد الله فقال : «أيّها الجب السامع المطيع لربه ، اسقنا ممّا جعل الله فيك» .
قال : فوالله لقد رأينا الماء يغلي
غلياناً حتّى ارتفع على وجه
___________________
الأرض ، فشرب وشربنا
.
فقال المفضّل وداود الرقي : جعلنا فداك
، وما هذا ، إنّما هذا يشبه فيكم كشبه موسى بن عمران . فقال : «رحمكم الله» .
ثمّ مضينا حتّى انتهينا إلى نخلة يابسة
لا سعف لها ، فقال البلخي : يا أبا عبد الله ، أطعمنا من هذه النخلة . فدنا عليه السلام من النخلة فقال : «أيّتها النخلة اللينة ، السامعة لربّها ، المطيعة ، أطعمينا ممّا جعل الله فيك» قال المفضّل : فنثرت علينا رطباً كثيراً ، وأكل وأكلنا معه .
وقال المفضّل وداود الرقي : جعلنا الله
فداك ، ما هذا إنما هو أشبه فيكم كشبه مريم . فقال لهم : «رحمكم الله» .
ثمّ مضى ومضينا معه حتّى انتهينا إلى
ظبي ، فوقف الظبي قريباً منه ، تنغم وتحرك ذنبه ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : «أفعل إن شاء الله تعالى» .
قال : ثمّ أقبل وقال : «هل علمتم ما قال
الظبي ؟!» فقلنا : الله ورسوله وابن رسول الله (ص) أعلم .
قال : «إنّه أتاني فأخبرني أنّ بعض أهل
المدينة نصب لأنثاه الشرك فأخذها ، ولها خشفان لم ينهضا ولم يقويا للرعي ، فسألني أن أسألهم أن يخلو عنها ، وضمن أنّها إذا أرضعت خشفيها حتّى يقويا أن ترد عليهم ، فاستحلفته ، فقال : برئت من ولايتكم أهل البيت إن لم أوفِّ ، وأنا فاعل ذلك إن شاء الله» .
فقال المفضّل وداود الرقي : يشبه فيكم
ذلك كشبه سليمان بن داود . فقال لهم : «رحمكم الله» .
وانصرف وانصرفنا معه ، فلمّا انتهى إلى
باب داره تلا هذه الآية :
«(
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ )
نحن والله الناس الذين ذكرهم الله في هذا المكان ، ونحن المحسودون» .
ثمّ أقبل علينا فقال : «رحمكم الله
اكتموا علينا ولا تذيعوا إلّا عند أهله ، فإنّ المذيع علينا أشدّ مؤنة من عدونا ، انصرفوا رحمكم الله» .
٣٦٠ / ١٠ ـ عن سدير الصيرفي ، قال : مرّ
أبو عبد الله عليه السلام على حمار له يريد المدينة ، فمرّ بقطيع من الغنم ، فتخلفت شاة من القطيع واتبعت حماره ، فتعبت الشاة ، فحبس عليه السلام الحمار عليها حتّى دنت منه الشاة ، فأومى برأسه نحوها ، فقالت له : يا ابن رسول الله ، أنصفني من راعيي هذا . قال : «ويحك ، ما بالك تريدين الإِنصاف من راعيك ؟!» قالت : يا ابن رسول الله ، يفجر بي . فوقف عليها حتّى دنا منه الراعي ، ثمّ قال له : «ويلك تفجر بها !!» .
قال : فالتفت الراعي إليه يقول : أمِنَ
الشياطين أنت ، أو من الجن ، أو من الملائكة ، أو من النبيّين ، أو من المرسلين ؟ فقال : «ويلك ، ما أنا بشيطان ،
ولا جنّي ، ولا ملك مقرّب ، ولا نبي مرسل ، ولكني ابن رسول الله (ص) وإن تبت استغفرت لك ، وإن أبيت دعوت الله عليك بالسخط واللعنة في ساعتك هذه» . فقال : يا ابن رسول الله ، إنّي تائب عمّا كنت فيه ، فاستغفر الله لي . فقال للشاة : «أيّتها الشاة ، ارجعي إلى قطيعك ومرعاك ، فإنّه قد ضمن أن لا يعود إلى ما كان فيه إن شاء الله» فمرّت الشاة وهي تقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله ، وأنّك حجّة الله على خلقه ، ولعن الله من ظلمكم وجحد ولايتكم .
___________________
٣٦١ / ١١ ـ عن أبي سلمة السرَّاج (ويونس
بن ظبيان وحسين بن ثوير قالوا : كنا عند أبي
عبد الله عليه السلام فقال لنا : «عندنا خزائن الأرض ومفاتيحها ، ولو شاء أن أقول
بإحدى رجليَّ : أخرجي ما فيك ، لأخرجت» .
وقال بإحدى رجليه ، فإذا نحن بالأرض قد
انفرجت ، فنظرنا إلى سبائك من ذهب كثيرة ، بعضها على بعض ، فقال لنا أبو عبد الله عليه السلام : «خذوها بأيديكم وانظروا» [ قلنا ] : قد أعطيتم ما أعطيتم وشيعتكم وعامّتكم فقراء ؟!» .
فقال : «سيجمع الله لهم الدنيا والآخرة
، ويدخلهم جنّات النعيم ، ويدخل عدونا الجحيم» .
٣٦٢ / ١٢ ـ عن داود الرقيّ ، قال : دخلت
على أبي عبد الله عليه السلام ، فقلت له : جعلت فداك ، كم عدد الطهارة ؟ فقال : «ما أوجب الله تعالى فواحدة ، وأضاف إليها رسول الله (ص) واحدة ، ومن توضَّأ ثلاثاً ثلاثاً فلا صلاة له» .
فبينا أنا معه في ذلك المكان إذ جاء
داود بن زربي فأخذ زاوية [ من البيت ] فسأله عمّا سألت في عدد الطهارة ، فقال له : «ثلاثاً ثلاثاً ، من نقّص عنهن فلا صلاة له» فارتعدت فرائصي ، وكاد أن يدخلني الشيطان ـ أعوذ بالله منه ـ فأبصر أبو عبد الله عليه السلام إليَّ وقد تغيّر لوني ، فقال لي : «اسكن يا داود ، هذا هو الكفر وضرب الأعناق» .
___________________
قال : فخرجنا من عنده ، وكان ابن زربي
إلى جوار بستان أبي جعفر المنصور ، وكان ألقي إلى أبي جعفر أمر داود بن زربي ، وأنّه رافضيُّ يختلف إلى جعفر بن محمّد فقال أبو جعفر : إنّي أطّلع على طهارته ، فإن هو توضَّأ وضوء جعفر بن محمّد فإني لأعرف طهارته ، وحققت عليه القول فاقتله .
فاطَّلع وداود يتهيَّأ للصلاة من حيث لا
يراه ، فأسبغ داود بن زربي الوضوء ثلاثاً ثلاثاً كما أمره أبو عبد الله عليه السلام ، فما أتمّ وضوءه حتّى بعث إليه أبو جعفر المنصور فدعاه .
قال داود : فلمّا دخلت عليه رحّب بي
فقال : يا داود قيل فيك شيء باطل ، وما أنت كذلك حتّى اطَّلعت على طهارتك ، ليست طهارتك طهارة الرفضة . فجعلني في حِلّ وأمر لي بمائة ألف درهم
.
قال داود الرقّي : فالتقيت أنا وداود بن
زربي عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له داود بن زربي : جعلني الله فداك ، حقنت دماءنا في دار الدنيا ، ونرجو أن ندخل بحبّك
الجنّة .
فقال أبو عبد الله عليه السلام : «فعل
الله ذلك بك وبإخوانك من جميع المؤمنين» .
ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام : «يا
داود بن زربي ، حدَّث داود الرقيّ بما مرّ عليك ، حتّى يسكن روعه» فحدَّثني بالأمر كلّه ، ثمّ قال : «يا داود بن زربي ، توضَّأ مثنى مثنى ، لا تزدن عليه ، فإنك إن زدت عليه فلا صلاة لك» .
___________________
الباب العاشر
في
ذكر معجزات الامام موسى بن جعفر عليهما السلام
وفيه
ستة فصول
١ ـ فصل :
في
ظهور آياته في إحياء الموتى
وفيه
: حديثان
٣٦٣ / ١ ـ عن المغيرة بن عبد الله ، قال
: مر العبد الصالح عليه السلام بامرأة بمنى ، وهي تبكي ، وصبيانها حولها يبكون ، فدنا منها وقال عليه السلام لها : «ما يبكيك يا أمة الله ؟» فقالت : يا عبد الله ، إنّ لي صبياناً يتامى ، وكانت لي بقرة كانت معيشتي ومعيشة صبياني منها ، وقد ماتت ، وبقيت منقطعة بي وبولدي ، ولا حيلة لنا .
فقال لها : «يا أمة الله ، هل لك أن
أحييها لك ؟» فألهمت أن قالت : نعم يا عبد الله .
فتنحّى عليه السلام وصلّى ركعتين ، ثمّ
رفع يديه وقلب يمينه وحرّك شفتيه ، ثمّ قام فمرَّ بالبقرة فنخسها
نخساً أو ضربها برجله ، فاستوت البقرة على الأرض قائمة ، فلمّا نظرت المرأة إلى البقرة قد قامت فقالت : وصاحت عيسى بن مريم وربّ الكعبة . فخالط موسى بن جعفر عليه السلام الناس ومضى .
___________________
٣٦٤ / ٢ ـ عن علي بن يقطين ، قال :
استدعى الرَّشيد رجلاً يُبطل به أمر موسى بن جعفر عليهما السلام ويقطعه
ويخجله في المجلس ، فانتُدِبَ له رجل معْزَم
فلمّا حضرت المائدة عمل ناموساً على الخبز ، فكان كلّما رام أبو الحسن عليه السلام تناول رغيفاً من الخبز طار من بين يديه ، واستفز
هارون الفرح والضحك لذلك ، فلم يلبث أبو الحسن عليه السلام أن رفع رأسه إلى أسد مصوّر على بعض الستور ، فقال له : «يا أسد الله ، خذ
خذ عدوّ الله» .
قال : فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون
من السباع ، فافترس ذلك المعزم ، فخرّ هارون الرشيد وندماؤه على وجوههم مغشياً عليهم ، وطارت عقولهم خوفاً من هول ما رأوه ، فلمّا أفاقوا ، قال هارون لأبي الحسن عليه السلام : أسألك بحقّي عليك لمّا سألت الصورة أن تردّ الرجل . قال عليه السلام : «إن كانت عصا موسى ردَّت ما ابتلعته من حبال القوم وعصيّهم ، فإنّ هذه
الصورة تردّ ما ابتلعته من هذا الرجل»
.
___________________
٢ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته ومعجزاته من كلامه في المهد
وفيه
: حديث واحد
٣٦٥ / ١ ـ عن يعقوب السرّاج ، قال :
دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ، وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في المهد ، فجعل يسارُّه طويلاً ، فجلست حتّى فرغ فقمت إليه فقال لي : «أدن من مولاك فسلّم عليه» . فدنوت وسلّمت عليه ، فردّ عليّ بلسان فصيح ، فقال : «اذهب فغير اسم ابنتك التي سمّيتها أمس ، فإنّه اسم يبغضه الله عزّ وجل» . وقد كانت ولدت لي بنت فسمّيتها باسم فقال أبو عبد الله عليه السلام : «انته إلى أمره ترشد» .
___________________
٣ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته من الإِخبار عن آجال الناس
وفيه
: ستة أحاديث
٣٦٦ / ١ ـ عن إسحاق بن عمّار ، قال :
كنت عند أبي الحسن الأول عليه السلام فدخل عليه رجل فقال له أبو الحسن عليه السلام : «يا فلان ، إنّك تموت إلى شهر ، فأضمرت في نفسي كأنّه يعرف آجال الشيعة !» فقال : «يا إسحاق ، ما تنكرون من ذلك ؟ قد كان رشيد الهجري مستضعفاً ، وكان يعرف علم المنايا ، فالإِمام أولى بذلك منه» .
ثمّ قال : «يا إسحاق ، إنّك تموت إلى
سنتين ، ويفتقر أهلك وأهل بيتك ، وتفلسون إفلاساً شديداً» وكان كما قال .
وفي ذلك ثلاث آيات .
٣٦٧ / ٢ ـ عن خالد بن نجيح ، قال : قال
لي أبو الحسن عليه السلام : «أفرغ فيما بينك وبين الناس في سنة أربع وسبعين ومائة حتّى يجيئك كتابي ، فاخرج وانظر ما عندك وابعث إليَّ ، ولا تقبل من أحدٍ شيئاً» . وخرج إلى المدينة ، وبقي خالد بمكّة فبقي خالد بعد المدة
___________________
خمسة عشر يوماً ثمّ
مات .
٣٦٨ / ٣ ـ وعنه ، قال : قلت لأبي الحسن عليه
السلام : إنّ أصحابنا قدموا من الكوفة فذكروا أنّ المفضل شديد
الوجع ، فادع الله له . فقال : «قد استراح» وكان هذا الكلام بعد موته بثلاثة أيّام .
٣٦٩ / ٤ ـ وعنه ، قال : كنت بمكّة معه عليه
السلام ، فدخلت عليه ، فقال : «من ها هنا من أصحابكم ؟» فعددت عليه ثمانية أنفس ، فأمر بخروج أربعة ، وسكت عن أربعة ، فما كان إلّا يومه من الغد حتّى مات أربعة ، وخرج الأربعة فسلموا .
٣٧٠ / ٥ ـ عن عبد الرحمن بن الحجّاج ،
قال : استقرض أبو الحسن عليه السلام من شهاب بن عبد ربه مالاً ، وكتب كتاباً ووضعه على يدي ، وقال : إن حدث بي حدث فخرّقه .
قال عبد الرحمن : فخرجت إلى مكّة فلقيني
أبو الحسن عليه السلام وأنا بمنى ، فقال لي : «يا عبد الرحمن ، خرّق الكتاب» ففعلت ، وقدمت الكوفة وسألت عن شهاب ، فإذا هو قد مات في الوقت الذي أومأ إليّ في خرق الكتاب .
وفي ذلك آيتان .
٣٧١ / ٦ ـ عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن
هشام ، قال : أردت
___________________
شراء جارية بمنى ،
فكتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أستشيره في ذلك ، فأمسك ولم يخبر .
قال : فانني من الغد عند مولى الجارية
إذ مرَّ بي ، وهي جالسة عند جوار تتحدّث مع جارية ، فنظر إليها ، ثمّ رجع إلى منزله وقال لي : «لا بأس ، إن لم يكن في عمرها قلّة» فأمسكت عن شرائها ، فلم أخرج من مكّة حتّى ماتت .
٤ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في إخباره عن حديث النفس
وفيه
: خمسة أحاديث
٣٧٢ / ١ ـ عن خالد بن نجيح ، قال : دخلت
على أبي الحسن الأول عليه السلام وهو في عرصة داره ، وهو يومئذ بالرميلة
، فلمّا نظرت إليه قلت في نفسي : بأبي وأمّي مظلوم مغصوب مضطهد ، ثمّ دنوت فقبّلت ما بين عينيه ، ثمّ جلست بين يديه ، فالتفت إليّ وقال : «يا خالد ، نحن أعلم بهذا الأمر ، فلا تضمر هذا في نفسك» فقلت : والله ما أردت بهذا شيئاً .
فقال : «نحن أعلم بهذا الأمر من غيرنا ،
لو أردنا لزف إلينا ، وإن لهؤلاء القوم مدة وغاية لا بدَّ من الانتهاء إليها» .
فقلت : لا أعود أضمر في نفسي شيئاً بعد
هذا . فقال : «لا تعد أبداً» .
٣٧٣ / ٢ ـ عن هشام بن سالم ، قال : لمّا
قبض أبو عبد الله عليه
___________________
السلام اختلف أصحابه
من بعده ، ومالوا إلى عبد الله بن جعفر ، فتبين لهم منه أنّه ليس بصاحب الأمر بعد أبيه ، فمالوا إلى محمّد بن جعفر فوجدوا فيه مثل ما وجدوا في عبد الله ، فاغتمّوا لذلك غمّاً شديداً ، فدخلنا مسجد رسول الله (ص) وصلّى كلّ واحد منّا ركعتين ، ثمّ رفعنا أيدينا إلى السماء ، باكية أعيننا ، حيرةً منّا في أمرنا ، ونحن نقول : اللهمّ إلى مَن ؟ إلى المرجئة أم إلى الخوارج أم إلى المعتزلة ؟ فجاءنا مولى لأبي عبد الله ، فدعانا إلى أبي الحسن موسى عليه السلام ، فمضينا معه ، فاستأذن لنا عليه
، فأذن لنا ، فدخلنا فلمّا بصر بنا قال من قبل أن نتكلم : «إليّ ، لا إلى الخوارج ، ولا إلى المعتزلة ، ولا إلى المرجئة» فعلمنا أنّه صاحب الأمر .
٣٧٤ / ٣ ـ عن علي بن يقطين ، قال : أردت
أن أكتب إلى أبي الحسن الأول عليه السلام : أيتنور الرجل وهو جنب ؟ فكتب إليَّ أشياء ابتداءً منه ، أولها : «النورة تزيد الرجل نظافة ، ولكن لا يجامع الرجل وهو مختضب ، ولا يجامع امرأة مختضبة» .
٣٧٥ / ٤ ـ عن أحمد بن عمر الحلّال :
لمّا سمعت الأخرس بمكّة يذكر أبا الحسن عليه السلام اشتريت سكيناً وقلت : والله لأقتلنه إذا خرج من المسجد . فأقمت على ذلك وجلست ، فما شعرت إلّا برقعة
___________________
من أبي الحسن عليه
السلام قد طلعت فيها : «بحقّي عليك إلّا كففت عن الأخرس ، فإنّ الله معي وهو حسبي» .
٣٧٦ / ٥ ـ عن عثمان بن سعيد ، عن أبي
علي بن راشد ، قال : اجتمعت العصابة بنيسابور في أيّام أبي عبد الله عليه السلام فتذاكروا ما هم فيه من الانتظار للفرج ، وقالوا : نحن نحمل في كلّ سنة إلى مولانا ما يجب علينا ، وقد كثرت الكاذبة ، ومَن يدّعي هذا الأمر ، فينبغي لنا أن نختار رجلاً ثقة نبعثه إلى الإِمام ، ليتعرف لنا الأمر .
فاختاروا رجلاً يعرف بأبي جعفر محمّد بن
إبراهيم النيسابوري ودفعوا إليه ما وجب عليهم في السنة من مال وثياب ، وكانت الدنانير ثلاثين ألف دينار ، والدراهم خمسين ألف درهم ، والثياب ألفي شقة ، وأثواب مقاربات ومرتفعات .
وجاءت عجوز من عجائز الشيعة الفاضلات
اسمها (شطيطة) ومعها درهم صحيح ، فيه درهم ودانقان ، وشقّه من غزلها ، خام تساوي أربعة دراهم ، وقالت ما يستحق عليَّ في مالي غير هذا ، فادفعه إلى مولاي ، فقال : يا امرأة ، استحي من أبي عبد الله عليه السلام أن أحمل إليه درهماً وشقّة بطانة . فقالت : «ألا
تفعل ! إنّ الله لا يستحي من الحق ، هذا الذي يستحق ، فاحمل يا فلان فلئن ألقى الله عز وجل وما له قبلي حقّ قلّ أم كثر ، أحبّ إليَّ من أن ألقاه وفي رقبتي لجعفر بن محمّد حق .»
قال : فعوجت الدرهم ، وطرحته في كيس ،
فيه أربعمائة درهم لرجل يعرف بخلف بن موسى اللؤلوئ ، وطرحت الشقة في رزمة فيها ثلاثون ثوباً لأخوين بلخيين يعرفان بابني نوح بن إسماعيل ، وجاءت
___________________
الشيعة بالجزء الذي
فيه المسائل ، وكان سبعين ورقة ، وكلّ مسألة تحتها بياض ، وقد أخذوا كلّ ورقتين فحزموها بحزائم ثلاثة ، وختموا على كلّ حزام بخاتم ، وقالوا : تحمل هذا الجزء
معك ، وتمضي إلى الإِمام ، فتدفع الجزءُ إليه ، وتبيّته عنده ليلة ، وعد عليه وخذه منه ، فإن وجدت الخاتم بحاله لم يكسر ولم يتشعب فاكسر منها ختمه وانظر الجواب ، فإن أجاب ولم يكسر الخواتيم فهو الإِمام ، فادفعه إليه وإلّا فرد أموالنا علينا .
قال أبو جعفر : فسرت حتّى وصلت إلى
الكوفة ، وبدأت بزيارة أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، ووجدت على باب المسجد شيخاً مسنّاً قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر ، وقد تشنّج وجهه ، متزراً ببرد ، متشحاً بآخر ، وحوله جماعة يسألونه عن الحلال والحرام ، وهو يفتيهم على مذهب أمير المؤمنين عليه السلام ، فسألت من حضر عنده ، فقالوا : أبو حمزة الثمالي . فسلّمت عليه ، وجلست إليه ، فسألني عن أمري ، فعرّفته الحال ، ففرح بي وجذبني إليه ، وقبّل بين عيني وقال : لو تجدب
الدنيا ما وصل إلى هؤلاء حقوقهم ، وإنّك ستصل بحرمتهم إلى جوارهم .
فسررت بكلامه ، وكان ذلك أول فائدة
لقيتها بالعراق ، وجلست معهم أتحدّث إذ فتح عينيه ، ونظر إلى البرية ، وقال : هل ترون ما أرى ؟ فقلنا : وأي شيء رأيت .
قال : أرى شخصاً على ناقة . فنظرنا إلى
الموضع فرأينا رجلاً على جمل ، فأقبل ، فأناخ البعير ، وسلّم علينا وجلس ، فسأله الشيخ وقال : من أين أقبلت ؟ قال : من يثرب . قال : ما وراءك ؟ قال : مات جعفر بن محمّد عليهما السلام . فانقطع ظهري نصفين ، وقلت لنفسي :
___________________
إلى أين أمضي ؟! فقال
له أبو حمزة : إلى من أوصى ؟ قال : إلى ثلاثة ، أولهم أبو جعفر المنصور ، وإلى ابنه عبد الله ، وإلى ابنه موسى .
فضحك أبو حمزة ، والتفت إليَّ وقال : لا
تغتم فقد عرفت الإِمام . فقلت : وكيف أيُّها الشيخ ؟!
فقال : أمّا وصيته إلى أبي جعفر المنصور
فستر على الإِمام ، وأمّا وصيته إلى ابنه الأكبر والأصغر فقد بيّن عن عوار الأكبر ، ونص على الأصغر . فقلت : وما فقه ذلك ؟ فقال : قول النبي (ص) : «الإِمامة في أكبر ولدك يا علي ، ما لم يكن ذا عاهة» فلمّا رأيناه قد أوصى إلى الأكبر والأصغر ، علمنا أنّه قد بيّن عن عوار كبيره ، ونصّ على صغيره ، فسر إلى موسى ، فإنّه صاحب الأمر .
قال أبو جعفر : فودّعت أمير المؤمنين ،
وودّعت أبا حمزة ، وسرت إلى المدينة ، وجعلت رحلي في بعض الخانات ، وقصدت مسجد رسول الله (ص) وزرته ، وصلّيت ، ثمّ خرجت وسألت أهل المدينة : إلى من أوصى جعفر بن محمّد ؟ فقالوا : إلى ابنه الأفطح عبد الله فقلت : هل يفتي ؟ قالوا : نعم .
فقصدته وجئت إلى باب داره ، فوجدت عليها
من الغلمان ما لم يوجد على باب دار أمير البلد ، فأنكرت ، ثمّ قلت : الإِمام لا يقال له لِمَ وكيف ؛ فاستأذنت ، فدخل الغلام ، وخرج وقال : من أين أنت ؟ فأنكرت وقلت : والله ما هذا بصاحبي . ثمّ قلت : لعله من التقية ، فقلت : قل : فلان الخراساني ، فدخل وأذن لي ، فدخلت ، فإذا به جالس في الدست على منصة عظيمة ، وبين يديه غلمان قيام ، فقلت في نفسي : ذا أعظم ، الإِمام يقعد في الدست ؟! ثمّ قلت : هذا أيضاً من الفضول الذي لا يحتاج إليه ، يفعل الإِمام ما يشاء ، فسلّمت عليه ، فأدناني وصافحني ، وأجلسني بالقرب منه ، وسألني فاحفى
، ثمّ قال :
___________________
في أي شيء جئت ؟ قلت
: في مسائل أسأل عنها ، وأُريد الحج . فقال لي : إسأل عمّا تريد .
فقلت : كم في المائتين من الزكاة ؟ قال
: خمسة دراهم .
قلت : كم في المائة ؟ قال : درهمان ونصف
.
فقلت : حسنٌ يا مولاي ، أُعيذك بالله ،
ما تقول في رجل قال لامرأته : أنت طالق عدد نجوم السماء ؟
قال : يكفيه من رأس الجوزا ، ثلاثة .
فقلت : الرجل لا يُحسن شيئاً . فقمت وقلت : أنا أعود إلى سيدنا غداً . فقال : إن كان لك حاجة فإنّا لا نقصّر .
فانصرفت من عنده ، وجئت إلى ضريح النبي (ص)
فانكببت
على قبره ، وشكوت خيبة سفري ، وقلت : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمّي ، إلى مَن أمضي في هذه المسائل التي معي ؟ إلى اليهود ، أم إلى النصارى ، أم إلى المجوس ، أم إلى فقهاء النواصب ؟ إلى أين يا رسول الله ؟ فما زلت أبكي وأستغيث به ، فإذا أنا بإنسان يحركني ، فرفعت رأسي من فوق القبر ، فرأيت عبداً أسود عليه قميص خَلِق ، وعلى رأسه عمامة خلق فقال لي : يا أبا جعفر النيسابوري ، يقول لك مولاك موسىٰ بن جعفر عليهما السلام : «لا إلى اليهود ، ولا إلى النصارى ، ولا إلى المجوس ، ولا إلى أعدائنا من النواصب ، إليَّ ، فأنا حجّة الله ، قد أجبتك عمّا في الجزو وبجميع ما تحتاج إليه منذ أمس ، فجئني به ، وبدرهم شطيطة الذي فيه درهم ودانقان ، الذي في كيس أربعمائة درهم اللؤلوئ ، وشقتها التي في رزمة الأخوين البلخيين» .
___________________
قال : فطار عقلي ، وجئت إلى رحلي ،
ففتحت وأخذت الجزو والكيس والرزمة ، فجئت إليه فوجدته في دار خراب ، وبابه مهجور ما عليه أحد ، وإذا بذلك الغلام قائم على الباب ، فلمّا رآني دخل بين يدي ، ودخلت معه ، فإذا بسيدنا عليه السلام جالس على الحصير ، وتحته شاذكونه
يمانية ، فلما رآني ضحك وقال : «لا تقنط ، ولمَ تفزع ؟ لا إلى اليهود ، ولا إلى النصارى والمجوس ، أنا حجّة الله ووليه ، ألم يعرفك أبو حمزة على باب مسجد الكوفة جري أمري ؟!» .
قال : فأزاد ذلك في بصيرتي ، وتحققت
أمره . ثمّ قال لي : «هات الكيس» فدفعته إليه ، فحلّه وأدخل يده فيه ، وأخرج منه درهم شطيطة ، وقال لي : هذا درهمها ؟» فقلت : نعم . فأخذ الرزمة وحلّها وأخرج منها شقة قطن مقصورة ، طولها خمسة وعشرون ذراعاً ، وقال لي : «إقرأ عليها السلام كثيراً ، وقل لها : قد جعلت شقتك في أكفاني ، وبعثت إليك بهذه من أكفاننا ، من قطن قريتنا صريا ، قرية فاطمة عليها السلام ، وبذر قطن ، كانت تزرعه بيدها الشريفة لأكفان ولدها ، وغزل أختي حكيمة بنت أبي عبد الله عليه السلام وقصارة
يده لكفنه ، فاجعليها في كفنك» .
ثمّ قال : «يا معتب جئني بكيس نفقة مؤناتنا»
فجاء به ، فطرح درهماً فيه ، وأخرج منه أربعين درهماً ، وقال : «إقرأها منّي السلام ، وقل لها : «ستعيشين تسع عشرة ليلة من دخول أبي جعفر ، ووصول هذا الكفن ، وهذه الدراهم ، فانفقي منها ستة عشر درهماً ، واجعلي أربعة وعشرين صدقة عنك ، وما يلزم عليك ، وأنا أتولى الصلاة عليك ؛ فإذا رأيتني فاكتم ، فإنّ ذلك أبقى لنفسك ؛ وافكك هذه الخواتيم وانظر هل أجبناك أم لا ؟ قبل أن تجيء بدراهمهم كما أوصوك ، فإنّك رسول» .
___________________
فتأملت الخواتيم فوجدتها صحاحاً ، ففككت
من وسطها واحداً فوجدت تحتها : ما يقول العالم عليه السلام في رجل قال : نذرت لله عزّ وجل لأعتقن كلّ مملوك كان في ملكي قديماً . وكان له جماعة من المماليك ؟
تحته الجواب من موسى بن جعفر عليهما
السلام : «من كان في ملكه قبل ستة أشهر ، والدليل على صحة ذلك قوله تعالى : (
حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )
(وكان بين العرجون
القديم والعرجون الجديد في النخلة)
ستة أشهر» .
وفككت الآخر ، فوجدت فيه : ما يقول
العالم عليه السلام في رجل قال : [ واللهِ ] أتصدّق بمال كثير ، بما يتصدّق .
تحته الجواب بخطه عليه السلام : «إن كان
الذي حلف بهذا اليمين من أرباب الدنانير تصدّق بأربعة وثمانين ديناراً ، وإن كان من أرباب الدراهم تصدّق بأربعة وثمانين درهماً ، وإن كان من أرباب الغنم فيتصدّق بأربعة وثمانين غنماً ، وإن كان من أرباب البعير فباربعة وثمانين بعيراً ؛ والدليل على ذلك قوله تعالى : (
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّـهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ )
فعددت مواطن رسول
الله (ص) قبل نزول الآية فكانت أربعة وثمانين موطناً» .
وكسرت الأخرى فوجدت تحته : ما يقول
العالم عليه السلام في رجل نبش قبراً وقطع رأس الميت وأخذ كفنه ؟
الجواب تحته بخطه عليه السلام : «تقطع
يده لأخذ الكفن من وراء الحرز ، ويؤخذ منه مائة دينار لقطع رأس الميت ، لأنّا جعلناه
___________________
بمنزلة الجنين في بطن
أمّه من قبل نفخ الروح فيه ، فجعلنا في النطفة عشرين ديناراً ، وفي العلقة عشرين ديناراً ، وفي المضغة عشرين ديناراً ، وفي اللحم عشرين ديناراً ، وفي تمام الخلق عشرين ديناراً ، فلو نفخ فيه الروح لألزمناه ألف دينار ، على أن لا يأخذ ورثة الميت منها شيئاً ، بل يتصدق بها عنه ، أو يحجّ ، أو يغزى بها ، لأنّها أصابته في جسمه بعد الموت» .
قال أبو جعفر فمضيت من فوري إلى الخان
وحملت المال والمتاع إليه ، وأقمت معه وحج في تلك السنة فخرجت في جملته
معادلاً
له في عماريّته
في ذهابي يوماً وفي عماريّة أبيه يوماً ، ورجعت إلى خراسان فاستقبلني الناس ، وشطيطة من جملتهم ، فسلّموا عليَّ ، فأقبلت عليها من بينهم وأخبرتها بحضرتهم بما جرى ، ودفعت إليها الشقة والدراهم ، وكادت تنشق مرارتها من الفرح ، ولم يدخل إلى المدينة من الشيعة إلَّا حاسد أو متأسف على منزلتها ودفعت الجزء إليهم ، ففتحوا الخواتيم ، فوجدوا الجوابات تحت مسائلهم .
وأقامت شطيطة تسعة عشر يوماً ، وماتت
رحمها الله ، فتزاحمت الشيعة على الصلاة عليها ، فرأيت أبا الحسن عليه السلام على نجيب ، فنزل عنه وأخذ بخطامه ، ووقف يصلّي عليها مع القوم ، وحضر نزولها إلى قبرها ونثر
في قبرها من تراب قبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، فلما فرغ من أمرها ركب البعير وألوى برأسه نحو البرية ، وقال : «عرّف أصحابك واقرأهم عنّي السلام ، وقل لهم : إنّني ومن جرى مجراي من أهل البيت لا بد لنا من حضور جنائزكم في أي بلد
___________________
كنتم ، فاتقوا الله
في أنفسكم وأحسنوا الأعمال لتعينونا على خلاصكم ، وفك رقابكم من النار» .
قال أبو جعفر : فلما ولّى عليه السلام
عرّفت الجماعة ، فرأوه وقد بَعُدَ والنجيب يجري به ، فكادت أنفسهم تسيل حزناً إذ لم يتمكنوا من النظر إليه .
وفي ذلك عدة آيات ، وكفى بها حجّة
للمتأمل الذاكر .
٥ ـ فصل :
في
ظهور آياته في الإِخبار بالمغيبات
وفيه
: ستة أحاديث
٣٧٧ / ١ ـ عن الأصبغ بن موسى ، قال :
بعث معي رجل من أصحابنا إلى أبي الحسن موسى عليه السلام بمائة دينار ، وكان معي بضاعة لنفسي ، فلمّا دخلت المدينة صببت عليَّ ماءً ، وغسلت بضاعتي وبضاعة الرجل ، وذررت عليها مسكاً ، ثمّ إني عددت بضاعة الرجل ، فوجدتها تسعة
وتسعين ديناراً ، فأخذت ديناراً من دنانير لي أخرى فغسلته وذررت عليه مسكاً ، وأعدتها في الصرّة كما كانت ، ثمّ دخلت عليه في الليل ، فقلت له : جعلت فداك ، إنّ معي شيئاً أتقرَّب به إلى الله . فقال : «هات» .
فلمّا ناولته الصرّة قال : «فضها»
ففضضتها ، ثمّ قلت : إنّ فلاناً مولاك بعث إليك معي بشيء . فلمّا أن ناولته ونثرتها بين يديه أخرج ديناري من بينها ، ثمّ قال : «إنّما بعث إلينا وزناً لا عدداً» .
٣٧٨ / ٢ ـ ولقد وجدت في بعض كتب أصحابنا
رضي الله عنهم
___________________
أنّه كان للرشيد باز
أبيض ، يحبه حباً شديداً ، فطار في بعض متصيداته حتّى غاب عن أعينهم ، فأمر الرشيد أن يضرب له قبّة
، ونزل تحتها ، وحلف أنّه لا يبرح من موضعه أو يجيئوا إليه بالباز ، وأقام بالموضع ، وأنفذ وجوه العسكر ، وسرح الأمراء والأقواد في طلبه على مسيرة يوم أو يومين وثلاثة .
فلمّا كان في اليوم الثاني آخر النهار
نزل البازي عليه في يده حيوان يتحرك ، ويلمع كما يلمع السيف في الشمس ، فأخذه من يده بالرفق ، ورجع إلى داره فطرحه في طست ذهب ، ودعا بالأشراف والأطباء والحكماء والفقهاء والقضاة والحكّام ، فقال : هل فيكم من رأى مثل هذه الصورة قط ؟ فقالوا : ما رأينا مثلها قط ، ولا ندري ما هي .
قال : كيف لنا بعلمها ؟ فقال له ابن
أكثم القاضي وأبو يوسف يعقوب القاضي : مالك غير إمام الروافض موسى بن جعفر تبعث وتُحضر جماعة من الروافض ، وتسأله عنها ، فإن علم كانت معرفتها لنا فائدة ، وإن لم يعلم افتضح عند أصحابه الذين عندهم أنّه يعلم الغيب ، وينظر في السماء إلى الملائكة .
فقال : هذا وتربة المهدي نعم الرأي وارسلوا
خلف أبي الحسن عليه السلام وسألوه أن يحضر المجالس الساعة ومن عنده من أصحابه . وبعثوا خلف فلان وفلان من أصحاب الروافض .
فحضر أبو الحسن عليه السلام وجماعة من
الشيعة معه ، فقال : يا أبا الحسن ، إنّما أحضرتك شوقاً إليك . فقال : «دعني من شوقك ، ألا إنّ الله تبارك خلق بين السماء والأرض بحراً مكفوفاً عذباً زلالاً ، كفَّ الموج بعضه على بعض من حواشيه لئلا يطغى خزنته فينزل منه مكيال فيهلك ما تحته ، وطوله أربعة فراسخ في أربعة فراسخ من
___________________
فراسخ الملائكة ،
الفرسخ مسيرة مائتي عام للراكب المجد يحفّ به الصافون المسبّحون من الملائكة الذين قال الله تعالىٰ : (
وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ )
.
وخلق له سكاناً أشخاصاً على عمل السمك
صغاراً وكباراً ، فأكبر ما فيه من هذه الصورة شبر ، وله رأس كرأس الآدمي ، وله أنف وأذنان وعينان ، والذكور منها له سواد في وجهه مثل اللحى ، والإِناث لها شعور على رأسها مثل النساء ، ولها أجساد
مثل أجساد السمك ، وفلوس مثل (فلوس السمك)
وبطون مثل بطونها ، ومواضع الأجنحة منها مثل أكف وأرجل مثل أيدي الناس ، وأرجلهم ، تلمع لمعاناً عظيماً لأنّها متبرّجة بالأنوار ، تغشي الناظر إليها حتى يرد طرفه حسيراً .
غداؤها التقديس والتكبير والتهليل ،
فإذا قصَّر أحدهما في التسبيح سلَّط الله عليها البزاة البيض ، فأكلتها وجُعلت رزقها ، وما يحل لك أن تأخذ من هذا البازي رزقه الذي بعثه الله إليه ليأكله» .
فقال الرشيد : أخرجوا الطست ، فأخرجوه ،
فنظر إليها فما أخطأ ممّا قال أبو الحسن موسى عليه السلام شيئاً ، ثمّ انصرف ، فطرحها الرشيد للبازي فقطعها وأكلها ، فما نقط لها دم ، ولا سقط منها شيء . فقال الرشيد لجماعة الهاشميين ومن حضر : أترانا لو حدّثنا بهذا كنا نصدَّق ؟!
٣٧٩ / ٣ ـ عن عبد الله بن سنان ، قال :
حمل الرشيد في بعض
___________________
الأيام إلى علي بن
يقطين ثياباً أكرمه بها ، وكان من جملتها درّاعة خزّ سوداء من لباس الملوك ، مثقّلة بالذّهب ، فأنفذ علي بن يقطين جلّ
تلك الثياب إلى موسى بن جعفر عليهما السلام ، وأنفذ من جملتها تلك الدرّاعة ، وأضاف إليها مالاً كان أعدَّه على رسم له فيما يحمله من خمس ماله .
فلمّا وصل ذلك إلى أبي الحسن عليه
السلام قَبِلَ المال والثياب وردّ الدرّاعة على يد الرسول إلى عليّ بن يقطين ، وكتب إليه : «احتفظ بها ، ولا تخرجها من يدك فسيكون لك بها شأن تحتاج معه إليها» . فارتاب عليّ بن يقطين بردّها إليه ، ولم يدر ما سبب ذلك ، واحتفظ بالدرّاعة ، فلمّا كان بعد أيام تغير علي بن يقطين على غلام له كان يختصّ به ، فصرفه عن خدمته ، وكان الغلام يعرف ميل علي بن يقطين إلى أبي الحسن عليه السلام ، ويقف على ما يحمله إليه في كلّ وقت من الأوقات من مال وثياب وألطاف وغير ذلك ، فسعى به إلى الرشيد وقال : إنَّه يقول بإمامة موسى بن جعفر عليهما السلام ويحمل إليه خمس ماله في كلّ سنة ، وقد حمل إليه الدرّاعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا وكذا . فاستشاط الرشيد لذلك ، وغضب غضباً شديداً ، وقال : لأكشفن عن هذا الحال ، فإن كان الأمر كما تقول أزهقت نفسه (وأمر في الحال)
بإحضار علي بن يقطين .
فلمّا مثل بين يديه قال : ما فعلت بالدرّاعة
التي كسوتك إيّاها ، قال : هي عندي يا أمير المؤمنين في سفط مختوم ، فيه طيب ، قد احتفظت بها ، وكلّما أصبحت فتحت السفط ونظرت إليها تبركاً بها ،
___________________
وقبّلتها ورددتها إلى
موضعها ، وكلّما أمسيت صنعت مثل ذلك . فقال : أحضرها الساعة ؟ فقال : نعم يا أمير المؤمنين .
واستدعى بعض خدمه وقال له : إمض إلى
البيت في داري ، وخذ مفتاحه من جاريتي
، وافتحه ، ثمّ افتح الصندوق الفلاني وجئني بالسفط الذي فيه بختمه . فلم يلبث الغلام أن جاء بالسفط مختوماً ، ووضع بين يدي الرَّشيد ، وأمر بكسر ختمه وفتحه .
فلمّا فتح نظر إلى الدرّاعة فيه بحالها
مطوية مدفونة في الطيب ، فسكن الرشيد من غضبه
، ثمّ قال لعلي بن يقطين : أرددها إلى مكانها وانصرف راشداً ، فلن أصدّق عليك بعدها ساعياً . وأمر أن يتبع بجائزة سنية ، وتقدم بضرب الساعي به ألف سوط ، فضرب نحو خمسمائة سوط ، فمات في ذلك .
٣٨٠ / ٤ ـ عن محمّد بن إسماعيل ، عن
محمد بن المفضل ، قال : اختلفت الرواية بين أصحابنا في مسح الرّجلين في الوضوء ، أهو من الأصابع إلى الكعبين ، أم من الكعبين إلى الأصابع ؟ فكتب علي بن يقطين إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : جعلت فداك ، إنّ أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرّجلين ، فإن رأيت أن تكتب لي بخطّك ما يكون عملي عليه فعلت إن شاء الله تعالى .
فكتب إليه أبو الحسن عليه السلام : «فهمت
ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء ، والذي آمرك به في ذلك أن تتمضمض ثلاثاً ، وتستنشق ثلاثاً ، وتغسل وجهك ثلاثاً ، وتخلّل شعر لحيتك ، وتغسل
___________________
يديك ثلاثاً ، وتمسح
رأسك كلّه ، وتمسح ظاهر أذنيك وباطنهما ، وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثاً . ولا تخالف ذلك إلى غيره» .
فلمّا وصل الكتاب إلى علي بن يقطين
تعجّب ممّا رسم له فيه ممّا (أجمعت العصابة)
على خلافه ، ثمّ قال : مولاي أعلم بما قال ، وأنا ممتثل أمره . فكان يعمل في وضوئه على هذا الحد ، ويخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالاً لأمر أبي الحسن عليه السلام .
وسعي بعليّ بن يقطين إلى الرشيد وقيل له
: إنه رافضيّ مخالف لك . فقال الرَّشيد لبعض خاصته : قد كثر عندي القول في علي بن يقطين والقذف له بخلافنا ، وميله إلى الرفض ، ولست أرى في خدمته لي تقصيراً ، وقد امتحنته مراراً فما ظهرت منه على شيء يقذف به ، وأحب أن أستبرئ أمره من حيث لا يشعر بذلك ، فيتحرز منّي . فقال له : يا أمير المؤمنين ، إنّ الرافضة تخالف الجماعة في الوضوء فتحققه ولا ترى غسل الرجلين ، فامتحنه من حيث لا يعلم بالوقوف على وضوئه . فقال : أجل ، إنّ هذا الوضوء يظهر به أمره .
ثمّ تركه مدة وناطه بشيء من الشغل في
الدار حتّى دخل وقت الصلاة ، وكان علي بن يقطين يخلو في حجرة في الدار لوضوئه وصلاته ، فلمّا دخل وقت الصلاة وقف الرشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يرى علي بن يقطين ولا يراه هو ، فدعا بالماء فتمضمض ثلاثاً ، واستنشق ثلاثاً ، وغسل وجهه وخلل شعر لحيته ، وغسل يديه إلى المرفقين ثلاثاً ، ومسح رأسه وأذنيه ، وغسل رجليه ، والرشيد ينظر إليه ، فلمّا رآه قد فعل ذلك لم يملك نفسه حتّى أشرف عليه بحيث يراه ، ثمّ ناداه : كذب يا علي بن يقطين من زعم أنّك من الرافضة . وصلحت حاله عنده .
___________________
ثمّ ورد عليه كتاب أبي الحسن عليه
السلام : «ابتداء يا علي بن يقطين من الآن توضأ كما أمرك الله ، اغسل وجهك مرة فريضة ، والأخرى إسباغاً ، واغسل يديك من المرفقين كذلك ، وامسح بمقدّم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك ، فقد زال ما كنا نخاف عليك منه» .
٣٨١ / ٥ ـ عن مرازم ، قال : حضرت باب
الرشيد أنا وعبد الحميد الطائي ومحمّد بن حكيم وأدخل عبد الحميد فما لبثنا أن طرح برأسه وحده ، فتغيرت ألواننا وقلنا : قد وقع الأمر .
فلمّا دخلت عليه وجدته
مغضباً ، والسياف قائم بين يديه ، وبيده سيف مصلت ، ورأيت خلفه علوياً ، فعلمت أنّه قد فعل بنا ذلك ، فقلت : اتق الله يا أمير المؤمنين في دمي ، فإنّه لا يحل لك إلّا بحجّة ، ولا تسمع فينا قول هذا الفاسق .
فقال العلوي : أتفسقني وقد كنت بالمدينة
تلقمني الفالوذج بيدك محبّة لي ؟ فقال الرشيد بحيث لم يسمع هو : إذاً عرفت حقّه . فقلت : يا أمير المؤمنين ، أنشدك الله إلَّا قلت لهذا : ألست كنت أبيع داراً بالمدينة لي فطلب منّي أن أبيعها منه ، ثمّ إنه استشفع في ذلك بموسى بن جعفر عليه السلام فما قبلت ولا شفّعته فيه ، وبعته من غيره ؟ فسأله : أكذلك ؟ قال : نعم . فقال : قم ، قبحك الله ، تقول إنّه يقول بربوبية موسى بن جعفر عليهما السلام ثمّ تقول إنّه لم يقبل شفاعته في بيع دار منّي ؟!
ثمّ أقبل عليَّ وقال : ارجع راشداً .
فخرجت وأخذت بيد صاحبي وقلت : امض ، فقد خلَّصنا الله تعالى ، ورحم الله عبد الحميد ،
___________________
وحكيت له ما جرى فقال
لي : وما منعك من قبول شفاعة أبي الحسن عليه السلام ؟ فقلت له : هو أمرني بذلك ، وقال لي : «إن استشفع بي إليك فلا تقبل شفاعتي» .
٣٨٢ / ٦ ـ عن أبي خالد الزُّبالي
قال : ورد علينا أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام وقد حمله المهدي ، فلمّا خرج ودعته وبكيت فقال : «ما يبكيك يا أبا خالد ؟» فقلت : جعلت فداك ، قد حملك هؤلاء وما أدري ما يحدث . فقال : «أمّا في هذه المرّة فلا خوف عليّ منهم ، وأنا عندك في يوم كذا ، في شهر كذا ، في ساعة كذا ، فانتظرني عند أول الميل»
ومضى .
قال : فلمّا كان من اليوم الذي وصفه لي
خرجت إلى الميل ، وجلست أنتظره حتّى اصفرت الشمس ، وخفت أن يكون قد تأخر به عن الوقت ، فقمت لأنصرف فإذا أنا بسواد قد أقبل ، ومنادٍ ينادي من خلفي ، فأتيته فإذا هو أبو الحسن موسى عليه السلام على بغلته فقال ابتداءً : يا أبا خالد ، إنّ لي عودة إليهم ، ولا أتخلّص من أيديهم .
___________________
٦ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في معان شتى
وفيه
: أحد عشر حديثاً
٣٨٣ / ١ ـ عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه
، عن محمّد الرافعي ، قال : كان لي ابن عم يقال له (الحسين بن عبد الله) وكان زاهداً ومن أعبد أهل زمانه ، وكان يعظ السلطان ، وربما استقبله بكلام صعب فيما يعظه به ، ويأمره بالمعروف ، وكان السلطان يحتمله لصلاحه ، ولم تزل هذه حالته حتّى كان ذات يوم فدخل أبو الحسن عليه السلام المسجد فرآه فأومى إليه وقال له : «يا أبا علي ما أحب إليَّ ما أنت فيه وأسرني بك فيه ، إلّا أنّه ليس لك معرفة ، فاطلب المعرفة» .
فقال : جعلت فداك يا ابن رسول الله ،
فما المعرفة ؟ قال : «اذهب وتفقه واطلب الحديث» .
قال : فممّن ؟ قال : «من مالك بن أنس ،
ومن فقهاء المدينة» . ثم أعرض علي الحديث فذهب وكتب حديثاً كثيراً ، ثمّ جاءه وقرأه عليه ، فأسقطه كلّه ، ثمّ قال : «اذهب في طلب المعرفة» وكان الرجل معنياً
___________________
بدينه ، فلم يزل
يترصد أبا الحسن عليه السلام حتّى إذا خرج إلى ضيعة له تبعه فبلغه في الطريق وقال : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، إنّي احتجّ عليك بين يدي الله تعالى ، دلني على المعرفة .
فأخبره بأمر أمير المؤمنين عليه السلام
، وأخبره بأمر غيره فقبل ذلك منه ، ثمّ سأل عمّن كان بعد أمير المؤمنين قال : «الحسن والحسين» حتّى عدَّ إلى نفسه ، ثمّ سكت .
قال : فمن في هذا اليوم ؟ فقال : «إن
أخبرتك تقبل ؟» قال : بلى .
قال : «أنا هو» قال : فشيء استدل به .
قال : «إذهب إلى تلك الشجرة ـ وأشار إلى بعض أشجار أمّ غيلان
ـ فقل لها : يقول لك موسى بن جعفر : أقبلي»
قال : فأتيتها وقلت لها ذلك ، فرأيتها
تخدُّ الأرض خدّاً حتّىٰ وقفت بين يديه ، ثمّ أشار إليها فرجعت ، فأقر به ، ثمّ لزم الصمت والعبادة ، وكان لا يراه أحد بعد ذلك يتكلم ، وكان قبل ذلك يرى الرؤيا الحسنة ، ويُرى له ، ثمّ انقطعت عنه ، فرأى أبا الحسن عليه السلام فيما يرى النائم ، فشكا إليه انقطاع الرؤيا ، فقال : «لا تغتم ، إنّ المؤمن إذا رسخ في الإِيمان رفعت عنه الرؤيا» .
٣٨٤ / ٢ ـ عن علي بن أبي حمزة البطائني
، قال : خرج أبو الحسن موسىٰ بن جعفر عليه السلام في بعض الأيَّام من المدينة ، إلى ضيعة له خارجة عنها ، فصحبته ، وكان عليه السلام راكباً بغلة ، وأنا على حمار لي ، فلمّا صرنا في بعض الطريق اعترضنا أسد ، فأحجمت
___________________
خوفاً ، وأقدم أبو
الحسن عليه السلام غير مكترث له ، فرأيت الأسد يتذلل له ويهمهم ، فوقف له أبو الحسن عليه السلام كالمصغي إلى همهمته ، ووضع الأسد يده على كفل بغلته ، فدهمني من ذلك [ فزع ] وخفت خوفاً عظيماً ، ثمّ تنحى الأسد إلى جانب الطريق ، وحوّل أبو الحسن عليه السلام وجهه إلى القبلة وجعل يدعو ويحرك شفتيه بما لم أفهمه ، ثمّ أومى إلى الأسد باليد أن امض ، فهمهم الأسد همهمة طويلة ، وأبو الحسن عليه السلام يقول : «آمين ، آمين» ، حتّى غاب عن أعيننا ، ومضى أبو الحسن عليه السلام لوجهه واتبعته .
فلمّا بعدنا عن الموضع لحقته ، وقلت :
جعلت فداك ، ما شأن هذا الأسد ؟! فلقد خفته والله عليك ، وعجبت من شأنه معك ! فقال عليه السلام : «إنّه خرج إليَّ يشكو عسر الولادة على لبوته ، وسألني أن أسأل الله تعالى أن يفرج عنها ، ففعلت ذلك ، وألقي في روعي أنّها تلد ذكراً فخبّرته بذلك ، فقال لي : امض في حفظ الله فلا سلّط الله عليك ولا على أحد من ذريتك وشيعتك شيئاً من السباع ؛ فقلت : آمين ، آمين» .
٣٨٥ / ٣ ـ عن إسماعيل بن سلام وأبي حميد
قالا : بعث إلينا علي بن يقطين وقال : اشتريا راحلتين ، وتجنبا الطريق ، ودفع إلينا مالاً وكتباً حتّى توصلا ما معكما من المال والكتب إلى أبي الحسن عليه السلام ، ولا يعلم بكما أحد .
قالا : فأتينا الكوفة واشترينا راحلتين
، وتزودنا زاداً ، وخرجنا نتجنب الطريق ، حتّى إذا صرنا ببطن البرية شددنا راحلتينا ، ووضعنا العلف لهما ، وقعدنا نأكل ، فبينما نحن كذلك إذ رأينا راكباً قد أقبل
___________________
ومعه شاكري
، فلمّا قرب فإذا هو أبو الحسن عليه السلام فقمنا إليه وسلّمنا عليه ، ودفعنا إليه الكتاب ، وما كان معنا ، فأخرج من كمّه كتباً فناولها إيَّانا وقال : «هذه جوابات كتبكم» فقلنا : زادنا قد فني ، فلو أذنت لنا فدخلنا المدينة وزرنا رسول الله (ص) وتزودنا زاداً . فقال : «هاتوا ما معكما من الزاد» فأخرجنا الزاد إليه فقلّبه بيده الشريفة وقال : «هذا يبلغكما الكوفة ، وأمّا زيارة رسول الله (ص) فقد زرتماه ، إنّي صلّيت معهم الفجر ، وأنا أريد أن أصلي معهم الظهر ، انصرفا في حفظ الله» .
٣٨٦ / ٤ ـ ووجدت في بعض كتب أصحابنا رضي
الله عنهم أنّ إبراهيم الجمّال كان من الموحدين العارفين ، فاستأذن على أبي الحسن علي بن يقطين الوزير ، وكان ممّن يوالي أهل البيت عليهم السلام ، فحجب عليه ، فحجّ في تلك السنة علي بن يقطين فاستأذن بالمدينة على أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام فحجبه ، فرآه ثاني يوم فقال : يا مولاي ما ذنبي ؟ فقال عليه السلام : «حجبتك لأنّك حجبت أخاك إبراهيم الجمال مولاي» فقال : مَن لي بإبراهيم الجمّال وهذا الوقت ؟ فقال عليه السلام : «إذا كان ليلاً فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يراك أحد من أصحابك ، فاركب نجيباً هناك مسرجاً» .
فوافى البقيع ، وركب النجيب ، ولم يلبث
حتّى أناخه على باب إبراهيم الجمّال ، فقرع الباب وقال : أنا علي بن يقطين فقال من داخل الدار : وما يعمل علي بن يقطين الوزير ببابي ؟ فقال علي بن يقطين : يا هذا ، إن أمري عظيم . فأبى أن يفتح عليه الباب ، ثمّ أذن له .
فلمّا دخل عليه قال : إنّ المولى عليه
السلام أبى أن يقبلني دون أن تغفر لي يا إبراهيم . فقال : يغفر الله لك . وعلي بن يقطين يقول :
___________________
اللهم اشهد لي . ثمّ
انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى عليه السلام بالمدينة ، فأذن له ، ودخل عليه فقبله .
٣٨٧ / ٥ ـ عن إسحاق بن أبي عبد الله ،
قال : كنت مع أبي الحسن موسى عليه السلام حين قدم من البصرة ، فبينما نحن نسير في البطائح في هول أرياح إذ سايرنا قوم في السفينة ، فسمعنا لهم جلبة ، فقال عليه السلام
: «ما هذا ؟» فقيل : عروس تهدى إلى زوجها .
قال : ثمّ مكثنا ما شاء الله تعالى ،
فسمعنا صراخاً وصيحة فقال عليه السلام : «ما هذا ؟» فقيل : العروس أرادت تغرف ماءً فوقع سوارها في الماء . فقال : (أحبسوا وقولوا لملاحهم يحبس فحبسنا وحبس)
ملاحهم فجلس ووضع أبو الحسن عليه السلام صدره على السفينة وتكلم بكلام خفي ، وقال للملاح : «إنزل» فنزل الملاح بفوطة
، فلم يزل في الماء نصف ساعة وبعض ساعة فإذا هو بسوارها ، فجاء به .
فلمّا أخرج الملّاح السوار قال له إسحاق
أخوه : جعلت فداك ، الدعاء الذي قلت أخبرنا به . فقال له : «أستره إلّا ممّن تثق به» ثم قال : «يا سابق كل فوت ، ويا سامع كل صوت ، ويا بارئ النفوس بعد الموت ، يا كاسي العظام لحماً بعد الموت ، يا من لا تغشاه الظلمات الحندسية ، ولا تتشابه عليه الأصوات المختلفة ، ويا من لا يشغله شأن عن شأن ، يا من له عند كل شيء من خلقه سمع حاضر ، وبصر نافذ ،
___________________
لا يغلطه كثرة
المسائل ، ولا يبرمه إلحاح الملحين ، يا حي حين لا حي في ديمومة ملكه وبقائه ، يا من سكن العلى واحتجب عن خلقه بنوره ، يا من أشرق بنوره دياجي الظلم
أسألك باسمك الواحد الأحد الفرد الوتر الصمد أن تصلّي على محمّد وآل محمّد الطيبين الطاهرين» .
٣٨٨ / ٦ ـ عن بشّار مولى السندي بن شاهك
، قال : كنت من أشدّ الناس بغضاً لآل محمّد فدعاني السندي يوماً فقال : يا بشّار ، إنّي أريد أن أئتمنك على ما ائتمنني هارون . قلت : إذاً لا أبقي فيه غاية . قال : هذا موسى بن جعفر قد دفعه إليَّ ، وقد دفعته ووكلتك بحفظه ، فجعلته في دار في جوف دور ، وكنت أقفل عليه عدّة أقفال ، فإذا مضيت في حاجة وكّلت امرأتي بالباب ، لا تفارقه حتّى أرجع .
قال بشار : فحول الله ما كان في قلبي من
البغض حبّاً .
قال : فدعاني عليه السلام يوماً فقال : «يا
بشّار ، احضر في سجن القنطرة وادع لي هند بن الحجاج ، وقل له : أبو الحسن يأمرك بالمصير إليه ، فإنّه ينتهرك ويصيح عليك ، فإذا فعل ذلك فقل : أنا قد قلت وأبلغت رسالته ، فإن شئت فافعل ، وإن شئت لا تفعل ، واتركه وانصرف» .
قال : ففعلت ما أمرني ، وأقفلت الأبواب
كما كنت أقفل ، وأقعدت امرأتي على الباب ، وقلت : لا تبرحي حتّى آتيك ، وقصدت إلى سجن القنطرة ، ودخلت على هند بن الحجاج وقلت له : أبو الحسن عليه السلام يأمرك بالمصير إليه ، فصاح عليّ وانتهرني ، فقلت له : قد أبلغتك فإن شئت فافعل ، وإن شئت لا تفعل ، وانصرفت وتركته .
___________________
وجئت إلى أبي الحسن عليه السلام ، فوجدت
امرأتي قاعدة على الباب ، والأبواب مغلقة ، فلم أزل أفتح واحداً بعد واحد حتّى وصلت إليه ، فأعلمته الخبر ، فقال : «نعم قد جاءني وانصرف» .
فخرجت إلى امرأتي فقلت لها : هل جاء أحد
بعدي فدخل هذا الباب ؟ فقالت : لا والله ، ما فارقت الباب ، ولا فتحت الأقفال حتّى جئت .
٣٨٩ / ٧ ـ قال : وروى علي بن محمّد بن
الحسن الأنباري أخو صندل ، قال : بلغني من جهة أخرى أنّه لمّا صار إليه هند بن الحجّاج قال له العبد الصالح عليه السلام عند انصرافه : «إن شئت رجعت إلى موضعك ولك الجنّة ، وإن شئت انصرفت إلى منزلك» فقال : إلى موضعي ، إلى السجن .
٣٩٠ / ٨ ـ عن إسحاق بن منصور ، قال :
سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام يقول ناعياً إلى رجل من الشيعة نفسه ، فقلت في نفسي : وإنّه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته ؟! فالتفت إليَّ وقال : «إصنع ما أنت صانع ، فإنَّ عمرك قد فني ، وقد بقي منه دون سنتين ، وكذلك أخوك لا يمكث بعدك إلّا شهراً واحداً حتّى يموت ، وكذلك عامّة أهل بيتك ويتشتت كلهم ، ويتفرق جمعهم ، ويشمت بهم أعداؤهم ، ويصيرون رحمة
لإِخوانهم ، إن كان هذا في صدرك» . فقلت : أستغفر الله ممّا عرض في صدري منكم .
___________________
فلم يستكمل منصور سنتين حتّى مات ، ومات
بعده بشهر أخوه ، ومات أهل بيته ، وأفلس بقيتهم وتفرّقوا حتّى احتاج من بقي منهم إلى الصّدقة .
٣٩١ / ٩ ـ عن إسحاق بن عمّار قال : دخلت
على موسى بن جعفر عليهما السلام فجلست عنده ، إذ استأذن عليه رجل خراساني فكلّمه بكلام لم أسمع بمثله ، كأنّه كلام الطير .
قال إسحاق : فأجابه عليه السلام بمثل
هذا الكلام وبلغته ، إلى أن قضى وطره من مسائله وخرج من عنده ، فقلت : ما سمعت بمثل هذا الكلام !
قال : «هذا كلام قوم من أهل الصين ،
وليس كلّ كلام أهل الصين مثله ثمّ إنّه تعجب من كلامي بلغته» فقلت : هو موضع التعجب . قال : «أخبرك بما هو أعجب منه ، إنّ الإِمام يعلم منطق الطير ومنطق كلّ ذي روح خلقه الله ، وما يخفى على الإِمام شيء» .
٣٩٢ / ١٠ ـ عن علي بن أبي حمزة ، قال :
كنت عند موسى بن جعفر عليهما السلام إذ أتاه رجل من أهل الري يقال له (جندب) فسلّم عليه وجلس ، فسأله أبو الحسن عليه السلام وأحسن السؤال ، ثمّ قال له : «يا جندب ، ما فعل أخوك ؟» قال : بخير ، وهو يقرئك السلام . قال : «يا جندب ، أعظم الله أجرك في أخيك» قال : ورد كتابه من الكوفة لثلاثة عشر يوماً بالسلامة !
قال : «إنّه والله مات بعد كتابه إليك
بيومين ، ودفع إلى امرأته مالاً
___________________
وقال : ليكن هذا
المال عندك ، فإذا قدم أخي فادفعيه إليه ؛ وقد أودعته الأرض في البيت الذي كان يكون فيه ، فإذا أتيتها فتلطَّف لها وأطمعها في نفسك ، فإنّها ستدفعه إليك» .
قال علي بن أبي حمزة : وكان جندب رجلاً جميلاً
. قال : فلقيت جندباً بعدها فقال : صدق أبو الحسن عليه السلام . فسألته عمّا قال له ، فقال : صدق والله سيدي ، ما زاد ولا نقص ، لا في الكتاب ، ولا في المال .
٣٩٣ / ١١ ـ وعنه ، قال : كان رجل من
موالي أبي الحسن عليه السلام لي صديقاً ، قال : خرجت من منزلي يوماً ، فإذا أنا بامرأة حسناء جميلة ومعها أخرى فتبعتها ، فقلت لها : تمتعيني نفسك ؟ فالتفتت إليَّ وقالت : إن كان لنا عندك حسن فليس فينا مطمع ، وإن لم يكن لك زوجة فامض بنا . فقلت : ليس عندنا ، فانطلقت معي حتّى صرنا إلى باب المنزل فدخلت ، فلما أن خلعت فردة خفها ، وبقي الخفُّ الآخر تنزعها إذا بقارع يقرع الباب ، فخرجت إليه ، فإذا هو موفق ، فقلت له : ما وراءك ؟
فقال : خير ، يقول لك أبو الحسن عليه
السلام : «أخرج هذه المرأة من البيت ، ولا تمسّها» فدخلت وقلت لها : البسي خفّيك يا هذه واخرجي .
فلبست خفّيها وخرجت ، فنظرتْ إلى الموفق
بالباب ، فقال : سد الباب فسددته ، فوالله ما جازت غير بعيد ، وأنا وراء الباب أسمع
، حتّى أتاها رجل فقال لها : مالك خرجت سريعاً ؟ وما لبثت إلَّا قليلاً . قالت : إنّ رسول الساحر جاء فأمره أن يخرجني ، فأخرجني . فسمعته
___________________
يقول : آه له ، فإذا
القوم قد طمعوا في مال عندي .
فلمّا كان العشاء عدت إلى أبي الحسن عليه
السلام فقال : «يا فلان تلك المرأة من أميّة ، أهل بيت اللعنة ، إنّهم كانوا بعثوها ليأخذوا ما بقي في بيتك ومنزلك ، فالحمد لله الذي صرفها عنك» .
ثمّ قال أبو الحسن عليه السلام : «تزوج
بابنة فلان ـ وهو مولى لأبي أيّوب الأنصاري ـ فإن له ابنة قد جمعت كلّ ما تريد من أمر الدنيا والآخرة» . فتزوجتها فكانت كما قال عليه السلام .
الباب الحادي عشر
في
ذكر معجزات الامام أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام
وفيه
تسعة فصول
١ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في الاستسقاء
وفيه
: حديث واحد
٣٩٤ / ١ ـ عن أبي يعقوب يوسف بن محمد بن
زياد وعلي بن محمد بن سيار عن الحسن بن علي العسكري ، عن أبيه علي بن محمّد عن أبيه محمّد بن علي التقي عليهم السلام ، قال : «إن الرضا عليه السلام لمّا جعله المأمون ولي عهده ، جعل بعض حاشية المأمون والمتعصبين على الرضا عليه السلام يقولون : انظروا إلى الذي جاءنا من علي بن موسى الرضا ولي عهدنا فحبس الله عزّ وجل علينا المطر . واتصل ذلك بالمأمون فاشتدّ عليه ، فقال للرضا عليه السلام : لو دعوت الله عزّ وجل أن يمطر للناس . فقال : نعم . قال : ومتى تفعل ذلك ؟ وكان ذلك يوم الجمعة ، فقال : يوم الاثنين ، فإنّ رسول الله (ص) أتاني البارحة في منامي ومعه أمير المؤمنين عليه السلام وقال : يا بني انتظر يوم الاثنين ، وابرز إلى الصحراء واستسق فإنّ الله عزّ وجل يسقيهم ، واخبرهم بما يريك الله ممّا لا يعلمون كي يزداد علمهم بفضلك ومكانك من ربّك عزّ وجل .
___________________
فلما كان يوم الاثنين عمد إلى الصحراء
وخرج الخلائق ينظرون ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنىٰ عليه ، ثمّ قال : اللهم يا رب ، إنّك عظّمت حقنا أهل البيت وتوسلوا فأرسل مطراً غير ضار ، وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى مستقرهم ومنازلهم .
قال : فوالذي بعث محمداً (ص) بالحق نبياً
لقد هبت الرياح والغيوم ، وأرعدت وأبرقت ، وتحرك الناس كأنّهم يريدون التنحي عن المطر ، فقال الرضا عليه السلام . على رسلكم أيّها الناس ، فليس هذا الغيم لكم ، إنّما هي لبلد كذا . فمضت السحابة وعبرت .
فجاءت سحابة أخرى تشتمل على رعد وبرق ،
فتحرك الناس ، فقال : على رسلكم ، فما هذه لكم إنّما هي لبلد كذا . فمضت ، فما زال كذلك حتّىٰ جاءت عشر سحائب وعبرت ، وهو يقول : إنّما هي لكذا .
ثمّ أقبلت سحابة جارية ، فقال : أيّها
الناس هذه بعثها الله لكم ، فاشكروا الله على فضله عليكم ، وقوموا إلى منازلكم ومقاركم فإنّها مسامتة لرؤوسكم ، ممسكة عنكم ، إلى أن تدخلوا مقارّكم ، ثمّ يأتيكم من الخير ما يليق بكرم الله وجلاله .
ونزل عن المنبر وانصرف الناس ، فما زالت
السحابة ممسكة إلى أن قربوا من منازلهم ، ثمّ جاءت بوابل مطر ، فملأت الأودية والحياض والغدران والفلوات ، وجعل الناس يقولون : هنيئاً لولد رسول الله (ص) كنز آيات الله» .
٢ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته ومعجزاته فيما جعل الله تعالى الصورتين أسدين
وفيه
: حديث واحد
٣٩٥ / ١ ـ وبالإِسناد المتقدِّم قال : «لما
اتسق الأمر للرضا عليه السلام وطفق الناس يتذاكرون ذلك ، قال للمأمون بعض المبغضين : يا أمير المؤمنين ، أُعيذك بالله أن يكون تاريخ الخلفاء في إخراجك هذا الشرف العميم والفضل العظيم من بيت ولد العبّاس إلى بيت ولد علي [ لقد ] أعنت على نفسك وأهلك ، وجئت بهذا الساحر ابن الساحر ، وقد كان خاملاً فأظهرته ، ووضيعاً فرفعته ، ومنسياً فذكرت به ، ومستخفاً فنوهت به ، قد ملأ الدنيا مخرقة وتزويقاً بهذا المطر الوارد بدعائه ، فما أخوفنا أن يخرج هذا الأمر من ولد العبّاس إلى ولد علي ، ما أخوفنا من أن يتوصل بالسحر إلى إزالة نعمتك والوثوب سراعاً إلى مملكتك ، هل جنى أحد على نفسه وملكه مثل ما جنيت ؟
قال المأمون : جئنا بهذا الرجل وأردنا
أن نجعله ولي عهدنا ليكون دعاءه إلينا ، ويعترف بالخلافة والملك لنا ، وليعتقد المقرّون به
أنّه ليس ممّا ادّعى في قليل ولا كثير ، وأنّ هذا الأمر لنا من دونه ، وقد
___________________
خشينا إن تركناه على
تلك الحالة أن ينشق علينا منه (ما لا نسدّه)
، ويأتي علينا ما لا نطيقه ، فالآن إذ قد فعلناه ، وأخطأنا في أمره بما أخطأنا ، وأشرفنا من الهلاك (بالتنويه به)
على ما أشرفنا ، فليس يجوز التهاون في أمره ، لكنا نحتاج أن نضع منه قليلاً ، حتّى نصوره عند الرعايا بصورة من لا يستحق هذا الأمر ، ثم ندبر فيه .
فقال الرجل المدبّر : يا أمير المؤمنين
، خوّلني مجادلته ، فإنّي أفحمه وأصحابه ، وأضع من قدره ، ولولا هيبتك في صدري لأريته منزلته ؛ ونكشف للناس عن قصوره عما رشّحته له . فقال المأمون : ما شيء أحبّ إليَّ من هذا .
قال : فاجمع جماعة من وجوه أهل مملكتك ،
من القواد والقضاة وجملة الفقهاء لأبيّن نقصه بحضرتهم ، فيكون تأخيرك له عن محله الذي أحللته فيه على علم منهم بصواب فعلك .
قال : فجمع الخلق الفضلاء
من رعيته في مجلس واحد واسع قعد لهم فيه ، وأقعد الرضا عليه السلام في دسته التي جعلها له بين يديه ، فانتدب هذا الحاجب المتضمن للموضع من الرضا عليه السلام وقال : إنّ الناس قد أخبروا عنك الحكايات وأسرفوا في وصفك ، فيما أرى أنّك إن وقفت عليه برئت إلى الله منه ، وأنّك دعوت الله تعالى في المطر المعتاد مجيئه فجعلوا ذلك معجزة أوجبوا لك بها آية ، وأنّه لا نظير لك في الدنيا ، وهذا أمير المؤمنين ـ أدام الله تعالى مملكته ـ لا يوازن بأحد إلّا رجح عليه ، وقد أحلّك المحل الذي قد عرفت ، وليس من حقّه عليك أن تسوغ الكذابين لك وعليه ما يكذبونه .
___________________
فقال الرضا عليه السلام : ما أدفع عباد
الله عن التحدّث بنعم الله عليّ ، وأمّا ذكرك صاحبك
الذي أحلّني ما أحلّني ، [ فما أحلّني إلا ] المحل الذي أحله ملك مصر يوسف الصدّيق عليه السلام ، فكان حالهما ما قد عرفت . فغضب الحاجب عند ذلك وقال : يا علي بن موسى ، لقد عدوت طورك ، وتجاوزت قدرك ، أن بعث الله بمطر مقدور في وقته ، لا يتقدم ولا يتأخر ؛ جعلته آية تستطيل بها ، وصولة تصول بها ، كأنّك جئت بمثل آية إبراهيم الخليل عليه السلام لمّا أخذ رؤوس الطير بيده ودعا أعضاءها التي كان فرّقها على الجبال فأتينه سعياً ونزلن على الرؤوس ، وخفقن وطرن بإذن الله تعالى ، فإن كنت صادقاً فيما تزعم فأحى هذين السبعين وسلطهما عليَّ ، فإنّ ذلك حينئذٍ يكون آية معجزة ، فأمّا المطر المعتاد فلست أنت أحق بأن يكون جاء بدعائك (دون دعاء)
غيرك الذي دعا كما دعوت .
وكان الحاجب أشار إلى أسدين مصوّرين على
مسند المأمون الذي كان يستند إليه ، وكانا متقابلين على المسند ، فغضب الرضا عليه السلام وصاح بالصورتين : دونكما الفاجر فافترساه في المجلس ، ولا تبقيا له عيناً ولا أثراً .
فوثبت الصورتان والقوم ينظرون متحيرين
، فلمّا فرغا منه أقبلا على الرضا عليه السلام وقالا : يا ولي الله في أرضه ماذا تأمرنا أنفعل به ما فعلنا بهذا ؟ يشيران إلى المأمون ، فغشي على المأمون منهما ، فقال الرضا عليه السلام : قفا . فوقفا ، ثمّ قال : صبّوا عليه ماء ورد وطيّبوه . ففعل ذلك به ، وعاد الأسدان يقولان : أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي افترسناه . قال : لا ، فإنّ لله عزّ وجل فيه تدبيراً ممضيه .
___________________
فقالا : فماذا تأمرنا
؟ فقال : عودا إلى مقركما كما كنتما .
فعادا إلى المسند ، فصارا صورتين كما
كانتا ، فقال المأمون : الحمد لله الذي كفاني شرهما وشر حميد بن مهران . يعني الرجل المفترس ، فقال للرضا عليه السلام : هذا الأمر لجدّكم (ص) ثمّ لكم ، ولو شئتَ لنزلت عنه لك» .
٣ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في قلب الحجر ذهباً
وفيه
: حديثان
٣٩٦ / ١ ـ عن علي بن أسباط ، قال : ذهبت
إلى الرضا عليه السلام في يوم عرفة فقال لي : «اسرج لي حماري» فأسرجت له حماره ، ثمّ خرج من المدينة إلى البقيع يزور فاطمة عليها السلام ، فزار وزرت معه ، فقلت : سيدي
على كم أسلّم ؟ فقال لي : سلّم على فاطمة الزهراء البتول ، وعلى الحسن والحسين ، وعلى علي بن الحسين ، وعلى محمّد بن علي ، وعلى جعفر بن محمّد ، وعلى موسى بن جعفر عليهم أفضل الصلاة وأكمل التحيّات» فسلّمت على ساداتي ورجعت .
فلمّا كان في بعض الطريق : قلت : يا
سيدي إنّي معدم ، وليس عندي ما أنفقه في عيدي هذا . فحكَّ الأرض بسوطه ، ثمَّ ضرب بيده ، فتناول سبيكة ذهب ، فيها مائة دينار ، فقال لي : «خذها» فأخذتها فأنفقتها في أموري .
٣٩٧ / ٢ ـ ومثل ذلك ما رواه إبراهيم بن
موسى ، قال : ألححت
___________________
على أبي الحسن الرضا عليه
السلام في شيء طلبته منه لحاجتي ، وكان يعدني ، فخرج ذات يوم ليستقبل والي المدينة ، وكنت معه ، فجاء إلى قرب قصر فلان ونزل تحت شجرة
ونزلت معه ، وليس معنا ثالث ، فقلت له : جعلت فداك ، هذا أوان ما وعدتني مراراً ، وأنا معدم درهماً فما سواه .
قال : فحكّ بسوطه الأرض حكّاً شديداً ،
ثمّ ضرب بيده ، فتناول سبيكة ذهب من موضع الحكّ ، وقال : «خذها وانتفع بها ، واكتم عليَّ ما رأيت ، والحمد لله رب العالمين» .
___________________
٤ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته من العلم بحديث النفس
وفيه
: سبعة أحاديث
٣٩٨ / ١ ـ عن الحسن بن علي بن فضّال ،
قال : قال عبد الله بن المغيرة : كنت واقفياً ، فحججت على تلك الحالة ، فلمّا صرت
بمكة اختلج في صدري شيء ، فتعلّقت بالملتزم
، ثمّ قلت : اللهمّ قد علمتَ طلبتي وإرادتي ، فارشدني إلى خير الأديان ، فوقع في نفسي أن آتي الرضا عليه السلام ، فأتيت المدينة ، فوقفت ببابه وقلت للغلام : قل لمولاك : رجل من أهل العراق بالباب .
فسمعت النداء : «ادخل يا عبد الله بن
المغيرة» فدخلت ، فلمّا نظر إليَّ قال لي : «قد أجاب الله دعوتك وهداك لدينه» فقلت : أشهد أنّك حجّة الله وأمينه على خلقه .
___________________
٣٩٩ / ٢ ـ عن أبان ، عن معمّر بن خلّاد
، قال : قال لي الريّان بن الصلت : أردت أن تستأذن لي على أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فأسلّم عليه ، وأحبّ أن يكسوني من ثيابه ، وأن يهب لي من الدراهم التي ضربت باسمه .
فدخلت على الرضا عليه السلام فقال
مبتدئاً : «إنّ الريّان بن الصلت يريد الدخول علينا ، والكسوة من ثيابنا ، والعطية من دراهمنا» ، فأذن له ، فدخل وسلّم ، فأعطاه ثوبين وثلاثين من الدراهم (التي ضربت) باسمه .
٤٠٠ / ٣ ـ عن علي بن إبراهيم بن هاشم ،
قال : حدّثني الريّان ابن الصلت قال : لمّا أردت الخروج إلى العراق عزمت على توديع الرضا عليه السلام وقلت في نفسي : إذا ودّعته سألته قميصاً من ثياب جسده الشريف ، لأكفن فيه ، ودراهم من ماله الحلال الطيّب ، لأصوغ لبناتي منها خواتيم .
فلمّا ودّعته شغلني البكاء والأسى على
مفارقته عن مساءلته ، فلمّا خرجت من بين يديه صاح بي : «يا ريّان ، ارجع» فرجعت ، فقال لي : «أما تحب أن أدفع إليك قميصاً من ثياب جسدي تكفن فيه إذا فني أجلك أو ما تحبّ أن أدفع إليك دراهم تصوغ منها لبناتك خواتيم ؟» .
فقلت : يا سيدي قد كان في نفسي أن أسألك
ذلك ، فمنعني الغم لفراقك .
فرفع عليه السلام الوسادة وأخرج قميصاً
، فدفعه إليَّ ، ورفع
___________________
جانب المصلَّى فأخرج
دراهم ، فدفعها إلي ، وكانت ثلاثين درهماً
.
٤٠١ / ٤ ـ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر
البزنطي ، قال : كنت شاكاً في أبي الحسن الرضا عليه السلام ، وكتبت إليه كتاباً أسأله فيه الإِذن عليه ، وقد أضمرت في نفسي أن أسأله إذا دخلت عليه عن ثلاث آيات قد عقدت قلبي عليها .
قال : فأتاني جواب ما كتبت به إليه «عافانا
الله وإياك ، أمّا ما طلبت من الإِذن عليَّ فإنّ الدخول عليَّ صعب ، وهؤلاء قد ضيّقوا عليَّ في ذلك الوقت فلست تقدر عليه الآن ، وسيكون إن شاء الله» وكتب عليه السلام بجواب ما أردت أن أسأله من الآيات الثلاث في الكتاب ، ولا والله ما ذكرت له منهنَّ شيئاً ، ولقد بقيت متعجباً بما ذكر هو في الكتاب ، ولم أدر أنه جوابي إلا بعد ذلك ، فوقفت على معنى ما كتب به .
٤٠٢ / ٥ ـ ابن أبي يحيى ، قال : لمّا
توفي أبو الحسن موسى عليه السلام وقفت فحججت تلك السنة ، فإذا أنا بعلي بن موسى الرضا عليه السلام فأضمرت في نفسي أمراً فقلت : (
أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ )
فمرّ كالبرق الخاطف عليَّ فقال : «أنا البشر الذي يجب عليك أن تتبعني» . فقلت : يا مولاي معذرة إلى الله تعالى وإليك . فقال : «مغفور لك إن شاء الله تعالى» .
٤٠٣ / ٦ ـ وروى مالك بن نوبخت ، عن جدّه
أبي محمّد الغفاري ، قال : لزمني دين ثقيل ، فقلت : ما لقضاء ديني غير سيدي
___________________
ومولاي أبي الحسن
الرضا عليه السلام .
فلمّا أصبحت أتيت منزله ، واستأذنت عليه
فأذن لي ، فدخلت فقال لي : «ابتداء يا أبا محمّد ، قد عرفنا حاجتك وعلينا قضاء دينك» .
فلمّا أمسينا أتى بطعام الإِفطار ،
فأكلنا ، فقال : «يا أبا محمّد ، تبيت أو تنصرف ؟» فقلت : يا سيدي ، إن قضيت حاجتي بالانصراف أحبّ إليَّ .
قال : فتناول عليه السلام من تحت البساط
قبضة ودفعها إليَّ ، فخرجت ودنوت من السراج ، فإذا هي دنانير حمر وصفر ، فأول دينار وقع في يدي رأيت نقشه كان عليه : «يا أبا محمّد ، الدنانير خمسون ، ستة وعشرون منها لقضاء دينك ، وأربعة وعشرون لنفقة بيتك» .
فلمّا أصبحت فتشت الدنانير ، فلم أجد
ذلك الدينار ، وإذا هي لم تنقص شيئاً .
وفيه ثلاث آيات .
٤٠٤ / ٧ ـ عن محمّد بن عيسى اليقطيني ،
قال : سمعت هشاما العباسي يقول : دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام يوما أريد أن أسأله أن يعوّذني من صداع أصابني ، وأن يهب لي ثوبين من ثيابه أحرم فيهما ، فلمّا دخلت سألته عن مسائل فأجابني ، ونسيت حوائجي ، فلمّا قمت لأخرج وأردت أن أودّعه قال لي : «اجلس» فجلست بين يديه ، فوضع يده على رأسي وعوَّذني ، ثمّ دعا بثوبين سعيديين
على عمل الموشى الذي كنت أطلبه ، فدفعهما إليَّ .
___________________
٥ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته تجري مجرى تلك
وفيه
: حديثان
٤٠٥ / ١ ـ عن الحسن بن علي الوشّاء ،
قال : كنت كتبت مسائل كثيرة قبل أن أقطع على الرضا عليه السلام ، وجمعتها في كتاب ممّا روي عن آبائه عليهم السلام وغيره ، وأردت أن أتثبت في أمره وأختبره ، فحملت الكتاب في كمي وصرت إلى منزله ، وأردت أن أجد منه خلوة فأتلو له الكتاب ، فجلست ناحية وأنا متفكر في طلب الإِذن عليه ، فإذا أنا بالغلام قد خرج من الدار وفي يده كتاب ، فقال : أيّكم الحسن بن علي الوشاء البغدادي ؟ فقمت إليه وقلت : أنا الحسن بن علي ، فما حاجتك ؟ فقال : هذا الكتاب أمرني أن أدفعه إليك ، فهاك . فأخذته وتنحيت ناحية ، فقرأته ، فإذا فيه والله جواب مسألة مسألة ، فعند ذلك قطعت عليه ، وتركت الوقف .
٤٠٦ / ٢ ـ عن علي بن محمد الشيرواني ،
عن علي بن أحمد الوشّاء الكوفي ، قال : خرجت من الكوفة إلى خراسان ، فقالت لي
___________________
ابنتي : خذ هذه
الحلّة فبعها واشتر لي بثمنها فيروزجاً .
قال : فأخذتها وشددتها في بعض متاعي ،
وقدمت مرو ، فنزلت في بعض الفنادق ، فإذا غلمان علي بن موسى ، المعروف بالرضا عليه السلام ، قد جاءوا فقالوا : نريد حلّة نكفن فيها بعض غلماننا فقلت : ما هي عندي فمضوا ثمّ عادوا فقالوا : مولانا يقرئك السلام ، ويقول : «معك حلّة في السفط الفلاني ، قد دفعتها إليك ابنتك وقالت : اشتر لي بثمنها فيروزجاً ، وهذا ثمنها» فدفعتها إليهم وقلت : والله لأسألنه عن مسائل ، فإن أجابني عنها فهو إمامي ، وكتبتها وغدوت إلى بابه ، فلم أصل إليه من كثرة الازدحام على الباب . فبينا أنا جالس إذ خرج إليَّ خادم فقال لي : يا علي بن محمد ، هذه جوابات مسائلك التي معك . فأخذتها فإذا هي جوابات مسائلي بعينها .
٦ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في الإِخبار بآجال الناس
وفيه
: خمسة أحاديث
٤٠٧ / ١ ـ روى الحاكم بإسناده عن سعد بن
سعد أنّه عليه السلام نظر إلى رجل فقال : «يا عبد الله ، أوص بما تريد واستعد لما لا بد منه» فمات الرجل بعد ذلك بثلاثة أيَّام .
٤٠٨ / ٢ ـ عن يحيى بن محمّد بن جعفر ،
قال : مرض أبي مرضاً شديداً ، فأتاه الرضا عليه السلام يعوده وعمّي إسحاق جالس يبكي ، فالتفت إليَّ وقال : «ما يبكي عمك ؟» فقلت : يخاف عليه ممّا ترى . قال : «لا تغتم ، فإنّ إسحاق سيموت قبله» .
قال : فبرء أبي محمّد ، ومات
إسحاق .
٤٠٩ / ٣ ـ عن الحسن بن بشّار ، قال :
قال لي الرضا عليه السلام : «إنَّ عبد الله يقتل محمَّداً» فقلت : عبد الله بن هارون يقتل محمد بن هارون ؟! قال : «نعم ، عبد الله الذي بخراسان ، يقتل
___________________
محمّد بن زبيدة الذي
هو ببغداد» فقتله ، وكان كما قال .
٤١٠ / ٤ ـ عن موسى بن مهران ، قال : قال
لي الرضا عليه السلام وقد نظر إلى هرثمة بالمدينة فقال : «كأنّي به وقد حمل إلى مرو فضرب عنقه» فكان كما قال .
٤١١ / ٥ ـ عن الحسن بن علي الوشّاء ،
قال : كنت مع الرضا عليه السلام بمنى فمرّ يحيى بن خالد مع قوم من آل برمك ، فقال : «مساكين ، ما يدرون ما يحلّ بهم في هذه السنة» .
ثمّ قال : «وأعجب من هذا هارون وأنا
كهاتين» . وضمّ أصبعيه .
قال مسافر : فما عرفت معنى الحديث حتّى
دفنّاه معه .
___________________
٧ ـ فصل :
في
بيان آياته فيما أخبر به ممّا رآه في المنام
وفيه
: حديثان
٤١٢ / ١ ـ روى الحاكم أبو عبد الله
النيسابوري بإسناده في كتابه (مفاخر الرضا عليه السلام) عن أبي حبيب النباجي قال : رأيت رسول الله (ص) في المنام ، وقد وافى النباج
، ونزل في المسجد الذي ينزله الحاج في كل سنة ، وكأني مضيت إليه ، وسلّمت عليه ، ووقفت بين يديه ، فوجدت عنده طبقاً من خوص نخل المدينة ، فيه تمر صيحاني ، وكأنّه قبض قبضة من ذلك التمر فناولني إيَّاها ، فعددته ، فكان ثماني عشر ، فتأوّلت أن أعيش بعد ذلك ثماني عشرة سنة ، بعدد كل تمرة سنة .
فلمّا كان بعد عشرين يوماً كنت في أرض
لعمي بين يدي الزراعة إذ رآني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا عليه السلام من المدينة ونزوله ذلك المسجد ، ورأيت الناس يسرعون
إليه ، فمضيت نحوه ،
___________________
فإذا هو جالس في
الموضع الذي كنت رأيت فيه النبي (ص) ، وتحته حصير مثل ما كان تحت النبي (ص) ، وبين يديه طبق من خوص فيه تمر صيحاني ، فسلّمت عليه ، فردّ عليّ السلام فناداني ، وناولني قبضة من ذلك التمر ، فعددته فإذا عدده بعدد الذي ناولني رسول الله (ص) ، فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ، جعلني الله فداك . فقال لي : «لو زادك جدّي رسول الله لزدتك» .
٤١٣ / ٢ ـ عن أحمد بن علي بن الحسن
الثعالبي ، قال : حدّثني أبو أحمد عبد الله بن عبد الرحمن المعروف بالصفواني ، قال : خرجت قافلة من خراسان إلى كرمان فقطع اللصوص عليهم الطريق ، وأخذوا منهم رجلاً اتهموه بكثرة المال وأقاموه في الثلج ، وملأوا فاه منه فانفسد فمه ولسانه حتّى لم يقدر على التكلم ، ثمّ انصرف إلى خراسان وسمع بخبر أبي الحسن الرضا عليه السلام بنيسابور ، فرأى فيما يرى النائم كأنّ قائلاً يقول له : إنّ ابن رسول الله نازل بخراسان فاسأله عن علتك ليعمل لك الدواء
فتنتفع به .
قال : فرأيت كأني قد قصدته وشكوتُ إليه
ما كنت وقعت فيه ، وأخبرته فقال لي : «خذ من الكمون والسعتر والملح ودقه ، وخذ منه في فمك مرتين أو ثلاثاً فإنّك تعافىٰ» فانتبه الرجل من منامه ولم يفكر فيما كان رأى في المنام حتّى ورد باب نيسابور فقيل له : إنّ علي بن موسى الرضا عليه السلام قد ارتحل من نيسابور وهو برباط سعد ، فوقع في نفسه أن يقصده ويصف له أمره ، فدخل عليه فقال : يا ابن رسول الله ، كان من أمري كيت وكيت ، وقد انفسد فمي ولساني [ و ] لا أقدر على الكلام إلّا بجاهد ، فعلمني دواء أنتفع به .
___________________
فقال عليه السلام : «ألم أعلمك ؟! فاذهب
واستعمل ما وصفت لك في المنام» فقال الرجل : يا ابن رسول الله ، إن رأيت أن تعيده علي . فقال لي : «خذ من الكمون والسعتر
والملح فدقه ، وخذ منه في فمك مرتين أو ثلاثاً تعافىٰ» فقال الرجل : فاستعملت منه فعافاني الله تعالى .
___________________
٨ ـ فصل :
في
بيان آياته في الإِخبار بالمغيبات
وفيه
: عشرة أحاديث
٤١٤ / ١ ـ عن الحسين بن موسى بن جعفر ،
قال : كنّا حول أبي الحسن الرضا عليه السلام ونحن شبان بني هاشم ، إذ مرّ علينا جعفر بن عمر العلوي وهو رث الهيئة ، فنظر بعضنا إلى بعض ، وضحكنا من هيئته ، فقال الرضا عليه السلام : «سترونه عن قريب كثير المال والتبع» فما مضى إلَّا شهر أو نحوه حتّى ولي المدينة وحسنت حاله ، وهو يمرّ بنا ومعه الخصيان والحشم .
٤١٥ / ٢ ـ عن عبد الله بن محمّد الهاشمي
العلوي قال : دخلت على المأمون فحدّثني ملياً ، ثمّ أخرج من كان عنده لمكاني ، فلمّا خلا المجالس دعا بماء فغسلنا أيدينا ، ثمّ أتى بطعام فطعمنا ، ثمّ أمر بستارة فمدّت ، ثمّ أقبل على واحدة من الجواري وقال : يا بنت فلان ، لما رثيت لنا من بطوس قاطناً . فأنشأت الجارية تقول شعراً :
سقيا لطوس ومن أضحى به قطنا
|
|
من عترة المصطفى ابقى لنا حزنا
|
___________________
فبكى المأمون حتّى اخضلت لحيته من دموعه
، ثمّ قال : يا عبد الله ، أيلومني أهل بيتي وأهل بيتك أن أنصب أبا الحسن علماً ، فوالله لأحدّثنك بحديث ، فاكتمه علي .
جئته يوماً فقلت له : جعلت فداك ، آباؤك
موسى بن جعفر وجعفر بن محمد ومحمّد بن علي وعلي بن الحسين والحسين بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهم السلام كان عندهم علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، وأنت وصي
القوم ، وعندك علمهم ، وهذه الزاهرية حظيتي ومَن لا أقدّم عليها أحداً من جواري ، وقد حملت غير مرّة كل ذلك تسقط ، وهي حبلى ، أفلا تعلمني شيئاً أعلمها فتعالج به فلعلها تسلم ؟
قال المأمون : فأطرق إطراقة ثم رفع رأسه
وقال : «لا تخف من إسقاطها ، فإنّها ستسلم وتلد لك غلاماً أشبه الناس بأمّه ، كأنّ وجهه الكوكب الدري ، وقد زاد الله في خلقه مرتين» . قلت : فما المرتان الزائدتان ؟ قال : «فالأولىٰ بيده اليمنى خنصرة زائدة ليست بالمدلاة ، وفي رجله اليسرىٰ خنصرة زائدة ليست بالمدلاة» .
فتعجبت من ذلك ، ولم أزل أتوقع من
الزاهرية حتّى إذا قرب أمرها جاءتني القيّمة على الجواري وعلى أمّهات الأولاد فقالت : يا سيدي ، إن الزاهرية قد دنت ولادتها ، فتأذن لي أن أدخل عليها القوابل ؟ فأذنت لها في ذلك .
ثمّ قلت : إذا وضعت المولود فأتيني به
ذكراً كان أو أنثى ؛ فما شعرت إلَّا وأنا بالقابلة قد أتتني بغلام مدرج في حريرة ، فكشفت عن وجهه كأنّه الكوكب الدري ، أشبه الناس بأمّه ، فرددت الغلام على القابلة ، وقمت أسعى حافياً ، وكان عليه السلام نزل معي في الدار ،
___________________
فإذا هو في بيت يصلّي
، فلمّا أحسّ بي خفف صلاته ، فسلّمت عليه ، ثمّ جئت إلى موضع سجوده فقبّلته وقلت : يا سيدي أنت الداعي المطاع ، وأنا من رعيتك ، فأخرجت خاتمي وجعلته في أصبعه وقلت : مرني بأمرك انتهى إلى ما تأمرني به ، والله إنّه لو فعل لفعلت ، ولكن لعن الله حمزة ومحمداً ابني جعفر فإنّهما قتلاه ، والله ما فعلت ولا أمرت ولا دسست ، وقد أمرت بقاتليه فقتلا سرّاً . ثمّ بكى . وأبكاني ؛ وكان حمزة ومحمد من بني العباس .
٤١٦ / ٣ ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال :
لمّا بعث المأمون رجاء بن الضحّاك لحمل أبي الحسن الرضا عليه السلام من المدينة إلى خراسان حمله على طريق الأهواز ، ولم يمرّ به على طريق العراق والكوفة ، وكنت بالشرق من إيذج فبلغني ذلك ، فسرت فلقيته وقد نزل به الرجاء بن الضحاك الأهواز ، فسلّمت عليه وتعرفت إليه وانتسبت ، وذلك أول لقائي به وصحبتي إيّاه ، فقال خيراً كثيراً ، ورأيته قليلاً ، وذلك زمن القيظ في الصيف ، فقلت : يا سيدي وابن ساداتي ، ما تجشم بك هذا الصيف ؟ فقال : «هيهات يا أبا هاشم ، ولكن ادع لي طبيباً من أطباء هذه البلاد ، أنعت له بقلة ها هنا عسى أن يعرفها» .
فأتيته بطبيب ، فنعت له بقلة فقال له
الطبيب : لا أعرف على وجه الأرض أحداً يعرف اسمها غيرك ، فمن أين عرفتها ؟ وليست في هذه الأوطان ، ولا في هذا الأوان ، ولا في هذا الزمان !
قال : «فابغ لي قصب السّكّر» فقال
الطبيب : هذا أدنى من الأول ، ما هذا بزمان قصب السكّر ، ولا يكون إلّا في الشتاء .
قال : فقال له عليه السلام : «بل هما في
أرضكم هذه ، وزمانكم هذا ، وهذا معك فأمضيا إلى شاذروان الماء فاعبراه فيرجع لكما
___________________
جوخان ، فاقصداه
فتجدان هناك رجلاً أسود في جوخان فقولا : أرنا منابت قصب السكر ومنابت الحشيشة» عن أبي هاشم فقال : «يا أبا هاشم ، دونك القوم» .
فقمت معهما ، فإذا أنا بالجوخان والرجل
الأسود هناك ، فسألناه فأومى إلى ظهره ، فإذا قصب السكّر ، فأخذنا منه حاجتنا ورجعنا إلى الجوخان فلم نر صاحبه فيه ، فانصرفنا إلى الرضا عليه السلام فحمد الله كثيراً ، فقال لي الطبيب
: من هذا ؟! قلت : ويلك ، ابن سيّد الأنبياء .
قال : أفعنده من أقاليد النبوة شيء ؟
قلت : قد شهدت بعضها ، ولكنه ليس بنبي .
قال : وهذا وصي نبي ؟ قلت : أمّا هذا
فنعم .
فبلغ ذلك رجاء بن الضحاك فقال لأصحابه :
إن أخطأتم به طريق الكوفة والعراق فما أخطأتم هذا الموضع الذي قد أظهر فيه الأعاجيب ، ولئن أقمتم بعد هذا لتمدّن إليه الرقاب . فارتحل به .
وقد ذكر الهاشمي المنصوري ذلك في دلائله
عن عمّه أبي موسى ، وليس فيه ذكر أبي هاشم .
٤١٧ / ٤ ـ عن أبي الصلت الهروي ، قال :
بينا أنا واقف بين يدي أبي الحسن الرضا عليه السلام إذ قال لي : «يا أبا الصلت ، ادخل القبة التي فيها قبر هارون ، فأتني بتراب من أربعة جوانبها»
___________________
قال : فمضيت وأتيته ، فلمّا مثلت بين
يديه قال لي : «ناولني هذا التراب الذي هو من عند قبره» فناولته ، فأخذه وشمّه ثمّ رمى به وقال : «سيحفر لي في هذا الموضع ، فتظهر صخرة لو جمع لها كلّ معول بخراسان لم يتهيأ قلعها» .
ثمّ قال : «سيحفر لي في هذا الموضع فأْمرهم
أن يحفروا لي سبع مراق إلى أسفل ، وأن يشق في صخرة فإن أبوا إلّا أن يلحدوا فأْمُرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين وشبراً ، فإنّ الله عزّ وجل سيوسعه لي ما شاء ، فإذا فعلوا ذلك فإنَّك ترى عند رأسي نداوة ، فتكلم بالكلام الذي أعلّمك فإنّه ينبع الماء حتّى يمتلأ اللّحد ، وترى فيه حيتاناً صغاراً ، ففتّت لها الخبز الّذي أعطيك فإنّها تلتقطه ، فإذا لم يبق منه شيء خرجت منه حوتة كبيرة فالتقطت الحيتان الصغار حتّى لا يبقى منها شيء ثمّ تغيب ، فإذا غابت فضع يدك على الماء ثمّ تكلم بالكلام الّذي أعلّمك ، فإنّه ينضب الماء ولا يبقى منه شيء ، ولا تفعل ذلك إلَّا بحضرة المأمون» .
ثمّ قال عليه السلام : «يا أبا الصلت ،
غداً أدخل إلى هذا الفاسق الفاجر ، فإن أنا خرجت مكشوف الرأس فتكلم ، أكلمك ، وإن خرجت وأنا مغطى الرأس فلا تكلمني» .
قال أبو الصلت : فلمّا أصبحنا من الغد
لبس ثيابه ، وجلس في محرابه ينتظر ، فبينا هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون فقال : أجب أمير المؤمنين ، فلبس نعليه ورداءه ، وأمرني أن أتبعه حتّى دخل على المأمون وبين يديه طبق عليه عنب وأطباق فاكهة ، وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه ، فلمّا بصر بالرضا عليه السلام وثب إليه ، وعانقه وقبّل ما بين عينيه وأجلسه معه ، ثمّ ناوله العنقود وقال : يا ابن بنت رسول الله ، رأيت عنباً أحسن مَن هذا ؟ فقال الرضا عليه السلام : «ربما يكون في الجنة أحسن منه» فقال له : كُل منه .
فقال له الرضا عليه السلام : «اعفني منه»
فقال : لا بد من ذلك ، وما يمنعك منه ؟ لعلك تتهمنا بشيء ؟ .
فتناول العنقود وأكل منه ثمّ ناوله ،
فأكل الرضا عليه السلام منه ثلاث حبّات ثمّ رماه وقام ، فقال المأمون : إلى أين ؟ قال : «إلى حيث وجهتني» .
فخرج عليه السلام وهو مغطى الرأس ، فلم
أكلمه حتّى دخل الدار . والحديث طويل .
فلمّا قبض عليه السلام أمر المأمون بحفر
قبره ، فحفرت الموضع فظهر كل شيء على ما وصف الرضا عليه السلام ، وفعلت ما أمرني به ، فلمّا رأى المأمون ما ظهر من الماء والحيتان وغير ذلك قال : لم يزل الرضا عليه السلام يرينا من عجائبه في حياته حتّى أراناها بعد وفاته أيضاً . فقال له وزير كان معه : أتدري ما أخبرك به الرضا عليه السلام ؟ قال : لا ، قال : أخبرك بأن مثلكم يا بني العباس مع كثرتكم وطول مدّتكم مثل هذه الحيتان الصغار ، حتّى إذا فنيت آجالكم وانقضت أيامكم ، وذهبت دياركم سلط الله تعالى عليكم رجلاً منّا فأفناكم عن آخركم ، قال : صدقت ، وفي الحديث طول .
٤١٨ / ٥ ـ وروى هرثمة بن أعين ما يخالف
بعضه ذلك ، وهذا هو الأكثر وقد روى ذلك عن طريق العامّة أيضاً .
٤١٩ / ٦ ـ عن جعفر بن محمّد النوفلي ،
قال : أتيت الرضا عليه السلام وهو بقنطرة أربق
، فسلّمت عليه ، ثمّ جلست وقلت : جعلت
___________________
فداك ، إنّ أناساً
يزعمون أنّ أباك حي ، فقال : «كذبوا لعنهم الله ، لو كان حيّاً ما قسّم ميراثه ، ولا نكح نساؤه ، ولكنه والله ذاق الموت كما ذاقه علي بن أبي طالب عليه السلام» .
قال : قلت : فما تأمرني ؟ قال : «عليك
بابني محمد من بعدي ، وأمّا أنا فإنّي غائب في وجه لا أرجع منه ، فبورك قبر بطوس ، وقبران ببغداد» .
قلت : جعلت فداك ، قد عرفنا واحداً ،
فمن الثاني ؟ قال : «ستعرفونه» .
ثمّ قال : «قبري وقبر هارون هكذا» وضمّ
اصبعيه .
٤٢٠ / ٧ ـ عن حمزة بن جعفر الأرجاني ،
قال : خرج هارون من المسجد الحرام من باب فقال عليه السلام ـ وهو يعني هارون ـ : «ما أبعد الدار وأقرب اللقاء يا طوس يا طوس ، ستجمعني
وإيّاه»
٤٢١ / ٨ ـ عن أبي الحسن الطيّب ، قال :
لمّا توفي أبو الحسن موسى عليه السلام دخل أبو الحسن الرضا عليه السلام السوق فاشترى كلباً وديكاً وكبشاً ، فلمّا كتب صاحب الخبر بذلك إلى هارون الرشيد قال : أمنا جانبه .
وكتب إليه الزبيري : إنّ علي بن موسى
الرضا قد فتح بابه ودعا إلى نفسه . فقال هارون الرشيد : واعجباه ، إنّ علي بن موسى قد اشترى كلباً وديكاً وكبشاً ، ويكتب فيه ما يكتب .
فقال المصنف لهذا الكتاب رحمه الله :
إنّ هذا أمر عجيب حيث
___________________
علم إن فعل ذلك لم
يجد إلى قتله سبيلاً ، ولا إلى التشبث بذيله وسيلة .
٤٢٢ / ٩ ـ عن إبراهيم بن أبي البلاد ،
قال : كان لي جار يشرب المسكر وينتهك ما الله به أعلم .
قال : فذكرته للرضا عليه السلام ، وكان
له محباً ، فقال : «يا أبا إسحاق ، أما علمت أنَّ ولي علي لم تزلّ له قدم إلّا وتثبت له أخرى ؟» .
قال : فانصرفت ، فإذا أنا بكتاب منه قد
أتاني فيه حوائج له ، فأمرني أن أشتريها بستين ديناراً ، فقلت في نفسي : والله ما عودني أن يكتب إلي ، إذ لم يكن عندي شيء ، ولا أعلم له عندي شيئاً .
فلمّا كان من الليل إذا أنا برجل جاءني
سكران ، فدعاني من خلف الباب ، فنزلت إليه فقال لي : اخرج . فقلت : لا أفعل ، في هذه الساعة ما حاجتك ؟ إذ أتيت قال : فأخرج يدك وخذ هذه الصرّة ، وابعث بها إلى مولاي لينفقها في الحاجة ، وما يقدر أن يتكلم من السكر ، فأخذت ما أعطاني وانصرفت ، فنظرت وزنها فإذا هي ستون ديناراً فقلت : وهذا والله مصداق ما قال لي في ولي علي ، وفي كتابه بحاجته . فاشتريت حوائجه ، وكتبت إليه بفعل الرجل فكتب : «هذا من ذلك» .
٤٢٣ / ١٠ ـ عن الحسين بن عمر بن يزيد ،
قال : خرجت بعد مضي أبي الحسن موسى عليه السلام ، فلمّا صرت قرب المدينة قلت لمقاتل بن مقاتل : غداً تدخل على هذا الرجل ؟ قال : وأي رجل ؟ قلت : علي بن موسى قال : والله لا تفلح أبداً ، لِمَ لا تقول : هو حجّة الله ؟ قلت : وما يدريك ؟ قال : أشهد أنّ أباه قد مات ، وأنّه حجة الله
___________________
على خلقه ، والله لا
دخلت معك أبداً .
قال الحسين بن عمر : فلمّا كان من الغد
مضيت فدخلت على الرضا عليه السلام بالغداة فقال : «مرحباً بك يا حسين» ثمّ أقعدني وسألني عن سفري ، وعليه قميص هاروني وإزار صغير فقلت له : ما فعل أبوك ؟ فقال : «مضى» .
فقلت له : جعلت فداك ، أي مضي مضىٰ
؟ قال : «مضى مضي الموت» .
فقلت له : مَن الإِمام من بعده ؟ قال : «أنا
الذي من خالفني كفر» .
قال : فلم أقبل منه ، قال : «فأي شيء لك
على أبي ؟» قلت : أنت أعلم .
قال : «لك عليه ألف دينار وهي عليَّ حتى
أقضيكها» قال : فلم أقطع عليه .
ثمّ قال : «يا حسين ـ بعدما سكت هنيئة ـ
رجل معك يقال له : مقاتل بن مقاتل» قلت : جعلت فداك ، هو من مواليك ، فقال لي : «قل له : أصبت فالزم» .
قلت : يا مولاي هذه آية ، أشهد أنّ أباك
قد مضى ، وأنّك الإِمام من بعده .
٩ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في معان شتى
وفيه
: سبعة أحاديث
٤٢٤ / ١ ـ عن محمد بن العلاء الجرجاني ،
قال : حججت فرأيت علي بن موسى الرضا عليه السلام يطوف بالبيت ، فقلت له : جعلت فداك ، هذا الحديث قد روي عن النبي (ص) : «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» .
قال : فقال : «نعم ، حدّثني أبي ، عن
جدّي ، عن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : قال رسول الله (ص) : «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» .
قال : فقلت له : جعلت فداك ، ومن مات
ميتة جاهلية . قال : «مشرك» .
قال : قلت : فمن إمام زماننا ؟ فإنّي لا
أعرفه . قال : «أنا هو» .
فقلت له : ما علامة أستدل بها ؟ قال : «تعال
إلى البيت» . وقال للغلمان : «لا تحجبوه إذا جاء» . قال : فأتيته من الغد ، فسلّم عليَّ وقرّبني ، وجعل يناظرني ، وبين يديه صبي ، وبيده رطب يأكله ، فنطق الصبي وقال : الحق حق مولاي ، وهو الإِمام .
___________________
قال محمّد بن العلاء : فتغير لوني وغشي
عليَّ ، فحلّفني أشدّ الأيمان أن لا أخبر به أحداً حتّى يموت .
٤٢٥ / ٢ ـ عن أبي واسع محمّد بن أحمد بن
إسحاق النيسابوري ، قال : سمعت جدّتي خديجة بنت حمدان قالت : لمّا دخل علي بن موسى الرضا عليه السلام نيسابور نزل محلة قرفى
ناحية تعرف بلاد سناباد في دار لجدّتي تعرف پسنده لأنّ الرضا عليه السلام ارتضاها من بين الدور . وپسنده كلمة فارسية معناها : مرضي .
فلمّا نزل عليه السلام دارنا زرع لوزة
في جانب من جوانب الدار ، فنبتت وصارت شجرة ، وأثمرت في سنته ، فعلم الناس بذلك وكانوا يستشفون بلوز تلك الشجرة ، فمن أصابته علّة يتبرك بالتناول من ذلك اللوز مستشفياً به فعوفي .
ومن أصابه رمد جعل من ذلك اللوز على
عينيه عوفي .
وكانت الحامل إذا عسرت ولادتها تناولت
من ذلك اللوز فتخف عليها الولادة وتضع من ساعتها ، وكان إذا أخذ القولنج دابّة من دواب الناس أخذ من قضبان تلك الشجرة فأمرّه على بطنها فتعافى ، ويذهب عنها ريح القولنج ببركة الرضا عليه السلام .
فمضت الأيّام على تلك الشجرة ويبست ،
فجاء جدّي حمدان فقطع أغصانها فعمي .
وروي في تلك الشجرة آيات كثيرة ، ذكرها
الحافظ أبو عبد الله في مؤلفه المسمى بـ (مفاخر الرضا عليه السلام) وقد اقتصرنا هنا نحن على هذا القدر .
___________________
٤٢٦ / ٣ ـ عن عيسى بن موسى العماني ،
قال : دخل الرضا عليه السلام على المأمون فوجد فيه همّاً فقال : «إنّي أرى فيك همّاً ؟» قال المأمون : نعم ، بالباب بدوي وأنّه قد دفع سبع شعرات يزعم أنّها من لحية رسول الله (ص) ، وقد طلب الجائزة ، فإن كان صادقاً ومنعت الجائزة فقد بخست شرفي ، وإن كان كاذباً وأعطيته الجائزة فقد سخر بي ، وما أدري ما أعمل به ؟
فقال الرضا عليه السلام : «عليّ بالشعر»
. فلمّا رآه شمّه وقال : «هذه أربع من لحية رسول الله (ص) ، والباقي ليس من لحيته» . فقال المأمون : من أين قلت هذا ؟ فقال : «عليّ بالنار» . فألقىٰ الشعر في النار فاحترقت ثلاث شعرات ، وبقيت الأربع التي أخرجها الرضا عليه السلام لم يكن للنار عليها سبيل ، فقال المأمون : عليَّ بالبدوي . فلمّا مثل بين يديه أمر بضرب رقبته ، فقال البدوي : ما ذنبي ؟ قال : تصدق عن الشعر . فقال : أربعة من لحية رسول الله (ص) ، وثلاثة من لحيتي . فتمكن الحسد في قلب المأمون .
٤٢٧ / ٤ ـ عن سهل بن زياد ، عن علي بن
محمد القاشاني ، قال : أخبرني بعض أصحابنا أنّه حمل إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام مالاً خطيراً فلم أره يسرّ به .
قال : فاغتممت لذلك ، وقلت في نفسي : قد
حملت مثل هذا المال ولم يسرَّ به .
قال : فقال : «يا غلام ، عليَّ بالطست
والماء» . وقعد على كرسي وقال للغلام بيده : «صبّ على يدي الماء» .
قال : فصبّ على يده الماء ، فجعل يسيل
من بين أصابعه في
___________________
الطست ذهباً ، ثمّ
التفت إليَّ وقال لي : «من كان هكذا لا يبالي بالذي حملت» .
٤٢٨ / ٥ ـ عن الحسن بن منصور ، عن أخيه
قال : دخلت على الرضا عليه السلام في بيت داخل في جوف بيت [ ليلاً ] ، فرفع يده عليه السلام ، فإذا بها ضياء عشرة مصابيح ، فاستأذن عليه رجل فخلّى يده ، ثمّ أذن له .
٤٢٩ / ٦ ـ عن أبي إسماعيل السندي ، قال
: سمعت بالسند أنّ لله تعالى في العرب حجّة ، فخرجت منها في الطلب ، فدُللت على الرضا عليه السلام ، فقصدته ، فدخلت عليه وأنا لا أحسن من العربيّة كلمة ، فسلّمت عليه بالسنديّة ، فردَّ عليَّ بها ، فجعلت أكلّمه بالسندية وهو يجيبني بها ، فقلت له : إنّي سمعت بالسند أنّ لله في العرب حجّة ، فخرجت في الطلب . فقال : «أنا هو» .
ثمّ قال : «فسل عمّا تريد» فسألته عمّا
أردت ، فلمّا أردت القيام من عنده قلت : إنّي لا أحسن من العربية شيئاً ، فادع الله أن يلهمنيها لأتكلم بها مع أهلها ، فمسح بيده على شفتي ، فتكلمت بالعربيّة من وقتي ببركته .
٤٣٠ / ٧ ـ عن علي بن إبراهيم ، عن بعض
أصحابنا ، قال : خرج الرضا عليه السلام من المدينة في السنة التي خرج فيها هارون ، وهو يريد الحج ، وانتهى إلى جبل عن يسار الطريق وأنت ذاهب إلى مكة ، يقال له (فارع) فنظر إليه وقال : «باني فارع وهادمه يقطع إرباً إرباً» فلم
___________________
أدر ما معنى ذلك .
فلمّا وافى هارون نزل بذلك الموضع من
الجبل ، وصعد جعفر بن يحيى ذلك الموضع من الجبل ، وأمر أن يبنى له فيه مجلسٌ ، فلمّا رجع من مكّة صعد إليه وأمر بهدمه ، فلمّا انصرف إلى العراق قطع إرباً إرباً .
الباب الثاني عشر
في
بيان آيات أبي جعفر محمّد بن علي التقي عليهما السلام
وفيه
عشرة فصول
١ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته ومعجزاته في إحياء الموتى
وفيه
: حديث واحد
٤٣١ / ١ ـ عن أحمد بن محمّد الحضرمي ،
قال : حجّ أبو جعفر عليه السلام فلمّا نزل زبالة فإذا هو بامرأة ضعيفة تبكي على بقرة مطروحة على قارعة الطريق ، فسألها عن علّة بكائها فقامت المرأة إلى أبي جعفر عليه السلام وقالت : يا ابن رسول الله ؛ إنّي امرأة ضعيفة لا أقدر على شيء ، وكانت هذه البقرة كل مال أملكه ، فقال لها أبو جعفر عليه السلام : «إن أحياها الله تبارك وتعالىٰ لك فما تفعلين ؟» قالت : يا ابن رسول الله لأجددنّ لله شكراً .
فصلّى أبو جعفر ركعتين ودعا بدعوات ثمّ
ركض برجله البقرة ، فقامت البقرة ، وصاحت المرأة : عيسى بن مريم . فقال أبو جعفر عليه السلام : «لا تقولي هذا ، بل عباد مكرمون ، أوصياء الأنبياء» .
___________________
٢ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته فيما كلم في المهد
وفيه
: حديث واحد
٤٣٢ / ١ ـ عن علي بن عبيدة ، عن حكيمة
بنت موسى عليه السلام قالت : لمّا حضرت ولادة الخيزران أدخلني أبو الحسن الرضا عليه السلام وإيّاها بيتاً ، وأغلق علينا الباب والقابلة معنا .
فلمّا كان في جوف الليل انطفأ المصباح
فاغتممت لذلك ، فما كان بأسرع أن بدر أبو جعفر عليه السلام فأضاء البيت نوراً فقلت لأمّه : قد أغناك الله عن المصباح . فقعد في الطست وقبض عليه وعلى جسده شيء رقيق شبه التور .
فلما أن أصبحنا جاء الرضا عليه السلام
فوضعه في المهد ، وقال لي : «الزمي مهده» .
قالت : فلما كان اليوم الثالث رفع بصره
إلى السماء ثمّ لمح يميناً وشمالاً ، ثمّ قال : «أشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله» . فقمت رعدة فزعة ، فأتيت الرضا عليه السلام فقلت له : رأيت عجباً ! فقال : «وما الذي رأيت ؟» فقلت : هذا الصبي فعل الساعة كذا وكذا ! قالت : فتبسم الرضا عليه السلام وقال : «ما ترين من عجائبه أكثر» .
___________________
٣ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في كمال عقله في سن الأطفال
وفيه
: حديث واحد
٤٣٣ / ١ ـ عن الريّان بن شبيب ، قال :
لمّا أراد المأمون أن يزوج ابنته أمّ الفضل أبا جعفر محمّد بن علي عليهما السلام ، أنكر عليه بنو العباس ـ في حديث طويل ـ إلى أن قال لهم المأمون : إنّي اخترت أبا جعفر عليه السلام لتبرزه على كافّة أهل الفضل في العلم والفضل مع صغر سنّه والأعجوبة فيه بذلك ، وأنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه ، فيعلموا أنّ الرأي ما قد رأيت .
فقالوا : إنّ هذا الفتى وإن راقك منه
هديه فإنّه صبي لا معرفة له ولا فقه ، فامهله حتّى يتأدب ويتفقّه في الدين ، ثمّ اصنع ما تراه بعد ذلك .
فقال لهم : ويحكم ، إنني أعرف بهذا
الفتى منكم ، وإنّ أهل البيت علمهم من الله تعالى موادُّه والهامه ، وهذا لم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حدّ الكمال ، فإن شئتم فامتحنوه . فرضوا بذلك وأتوا بيحيىٰ بن أكثم القاضي ، وهو يومئذ
___________________
قاضي الزمان ، فالتَمسوا
منه أن يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها ، ووعدوه بأموال نفيسة ، وعادوا إلى المأمون وسألوه أن يختار يوماً ، فأجابهم إلى ذلك .
فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه ،
وحضر يحيى بن أكثم وأمر المأمون أن يفرش لأبي جعفر عليه السلام دست ويجعل فيه مسورتان ففعل ذلك ، وجلس المأمون في دست متصل بدست أبي جعفر عليه السلام ، وجلس يحيى بن أكثم بين يديه فقال للمأمون : أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أسأل أبا جعفر بن علي ؟ فقال له المأمون : استأذنه في ذلك . فأقبل إليه يحيى بن أكثم فقال له : أتأذن لي ، جعلت فداك في مسألة ؟ فقال له أبو جعفر عليه السلام : «سل إن شئت»
قال : ما تقول في محرم قتل صيداً ؟ فقال
له أبو جعفر : «قتله في حل أو حرم ؟ عالماً كان المحرم أم جاهلاً ؟ قتله عمداً أو خطأً ؟ حرّاً كان المحرم أم عبداً ؟ صغيراً كان المحرم أم كبيراً ؟ مبتدئاً بالقتل كان أم معيداً ؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها ؟ من صغار الصيد أم من كبارها ؟ مصرّاً على ما فعل أو نادماً ؟ في الليل كان قتله أو نهاراً ؟ محرماً كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج محرماً ؟» .
فتحيّر يحيى بن أكثم ، وبان في وجهه
العجز والانقطاع ، وتلجلج حتّى عرف جماعة من أهل المجلس عجزه ، فقال المأمون : الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق والرأي ، ثمّ نظر إلى أهل بيته فقال لهم : أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه ؟
فلمّا تفرّق القوم وبقي الخاصّة قال
المأمون لأبي جعفر عليه السلام : إن رأيت ، جعلت فداك أن تذكر الفقه فيما فصّلته من وجوه قتل المحرم الصيد لنعلمه ونستفيده ،
فقال أبو جعفر عليه السلام : «نعم ، إنّ
المحرم إذا قتل صيداً في الحل وكان الصيّد من ذوات الطير ، وكان من كبارها فعليه شاة ، فإن
أصابه في الحرم فعليه
الجزاء مضاعفاً ، وإذا قتل فرخاً في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن ، وإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ ، وإن كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة ، وإن كان نعامة فعليه بدنة ، وإن كان ظبياً فعليه شاة ، وإن قتل شيئاً من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً هدياً بالغ الكعبة ، وإذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه ، وكان إحرامه بالعمرة نحره بمكة ، وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء ، وفي العمد المأثم وهو موضوع عنه في الخطأ ، والكفَّارة على الحر في نفسه ، وعلى السيّد في عبده ، والصغير لا كفَّارة عليه ، وهي على الكبير واجبة ، والنادم يسقط عنه بندمه عقاب الآخرة ، والمصرُّ يجب عليه عقاب الآخرة» فقال المأمون : أحسنت يا أبا جعفر ، أحسن الله إليك .
وفي الحديث طول قد اقتصرنا على هذا
القدر .
٤ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في كلام العصا في يده
وفيه
: حديث واحد
٤٣٤ / ١ ـ عن محمّد بن أبي العلاء
قال : سمعت يحيى بن أكثم قاضي القضاة يقول : بعد ما جاهدت به وناظرته غير مرَّة وحاورته في ذلك ، ولاطفته وأهديت له طرائف ، وكنت أسأله عن علوم آل محمّد (ص) قال : «أخبرك بشرط أن تكتم عليَّ ما دمت حياً ، ثمّ شأنك به إذا مت» .
فبينا أنا ذات يوم بالمدينة فدخلت
المسجد أطوف بقبر رسول الله (ص) فرأيت محمّد بن علي الرضا عليه السلام يطوف بالقبر الشريف ، فناظرته في مسائل عندي فأخرجها إلي ، فقلت له : إنّي والله أريد أن أسألك عن مسألة ، وإنّي والله لأستحي من ذلك ، فقال لي : «إني أخبرك بها قبل أن تخبرني وتسألني عنها ، تريد أن تسألني عن الإِمام» . فقلت : هو والله هذا . فقال : «أنا هو» . فقلت : علامة ، وكان في يده عصاه ، فنطقت وقالت : إنّ مولاي إمام هذا الزمان ، وهو الحجّة عليهم .
___________________
٥ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في قطع المسافة
وفيه
: حديثان
٤٣٥ / ١ ـ عن محمّد بن قتيبة ، عن مُؤدبٍ
كان لأبي جعفر عليه السلام قال : إنّه كان بين يديَّ يوماً يقرأ في اللوح إذ رمى اللوح من يده وقام فزعاً وهو يقول : «إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، مضى والله ، مات أبي عليه السلام» فقلت : مِن أين علمت هذا ؟ فقال : «دخلني من إجلال الله وعظمته شيء لا أعهده» . فقلت : وقد مضى ؟!
قال : «دع عنك هذا ، ائذن لي أن أدخل
البيت وأخرج إليك ، واستعرضني بآي القرآن إن شئت سأفسر لك وتحفظه» فدخل البيت ، فقمت ودخلت في طلبه اشفاقاً منّي عليه ، فسألت عنه فقيل : دخل هذا البيت وردّ الباب دونه ، وقال : «لا تأذنوا عليَّ لأحد حتّى أخرج إليكم» فخرج متغيراً وهو يقول : «إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، مضى والله أبي» فقلت : جعلت فداك ، قد مضى ؟! فقال : «نعم ، وتولّيت غسله وتكفينه ، وما كان ذلك لِيَلي منه غيري» .
ثمّ قال لي : «دع عنك واستعرضني آي
القرآن إن شئت أفسر لك تحفظه» . فقلت : الأعراف ؛ فاستعاذ بالله من الشيطان الرجيم ثمّ قرأ :
___________________
«بسم الله الرحمن
الرحيم ( وَإِذْ نَتَقْنَا
الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ )
» فقلت : (
المص )
فقال : «هذا أول
السورة» وهذا ناسخ ، وهذا منسوخ ، وهذا محكم وهذا متشابه ، وهذا خاص وهذا عام ، وهذا ما غلط به الكُتّاب ، وهذا ما اشتبه عليه الناس .
يقول المصنف رضي الله عنه : إنّه كان
بالمدينة وأبوه بطوس .
وروىٰ ذلك أبو الصلت الهروي ،
وقال : لمّا مضى الرضا عليه السلام ، وأغلقنا الباب دخل علينا فتى والباب مغلق من صفته كذا وكذا ، والقصة مشهورة .
٤٣٦ / ٣ ـ عن علي بن خالد قال : كنت
بالعسكر فبلغني أنّ هناك رجلاً محبوساً أتي به من ناحية الشام مكبولاً ، فقالوا : إنّه تنبؤ حق .
قال : فأتيت الباب واستأذنت البواب حتّى
وصلت إليه فإذا رجل له فهم وعقل ، فقلت له : يا هذا ما قصتك ؟
قال : إني كنت رجلاً بالشام أعبد الله
تعالى في الموضع الذي يقال أنّه نصب فيه رأس الحسين عليه السلام ، فبينما أنا ذات ليلة مقبل على المحراب أذكر الله تعالى إذ رأيت شخصاً بين يدي ، فنظرت إليه فقال لي : «قم» فقمت معه ، فمشى بي قليلاً فإذا أنا في مسجد الكوفة ، فقال لي : «تعرف هذا المسجد ؟» فقلت : نعم ، هذا مسجد الكوفة .
قال : فصلّى وصلّيت معه ، ثمّ خرج وخرجت
معه ، ومشى بي
___________________
قليلاً ، فإذا أنا
بمكّة ، فطاف بالبيت فطفت معه ، ثمّ خرج فمشى قليلاً ، فإذا أنا بالموضع الذي كنت أعبد الله فيه بالشام ، وغاب الشخص عن عيني ، فبقيت متعجباً متهولاً مما رأيت .
فلما كان في العام المقبل رأيت ذلك
الشخص فاستبشرت به ، ودعاني فأجبته ، ففعل كما فعل في العام الماضي ، فلمّا أراد مفارقتي بالشام قلت له : سألتك بالذي أقدرك على ما رأيت منك إلّا أخبرتني من أنت ؟ فأطرق طويلاً ثمَّ نظر إليَّ وقال : «أنا محمّد بن علي بن موسىٰ» .
وتراقى الخبر إلى محمّد بن عبد الملك
الزيّات فبعث إليَّ وكبلني في الحديد ، وحملني إلى العراق وحبست كما ترى وادَّعى عليَّ المحال ، فقلت له : فارفع قصتك إلى محمّد بن عبد الملك ؟ فقال : إفعل .
فكتبت عنه قصة شرحت أمره فيها ، ورفعتها
إلى محمّد بن عبد الملك فوقع في ظهرها : قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة ومن الكوفة إلى المدينة ومنها إلى مكّة ومنها إلى الشام أن يخرجك من حبسك هذا .
قال علي بن خالد : فغمني ذلك من أمره ،
ورققت له ، وانصرفت محزوناً عليه ، فلمّا كان من الغد باكرت الحبس لأعلمه بالحال وآمره بالصبر والرضى فوجدت الجند وأصحاب الحرس وصاحب السجن وخلقاً عظيماً من الناس يهرعون ، فسألت عن حالهم فقيل لي : المحمول من الشام المتنبء افتقد البارحة فلا يدرى أخسفت به الأرض ، أم اختطفه الطير .
وكان علي بن خالد زيدياً فقال بالإِمامة
لما رأى ذلك وحسن اعتقاده .
٦ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته مع الشجرة
وفيه
: حديث واحد
٤٣٧ / ١ ـ عن الريان بن شبيب ، قال :
لمّا توجّه أبو جعفر عليه السلام من بغداد منصرفاً من عند المأمون ، ومعه أمّ الفضل قاصداً بها إلى المدينة ، صار إلى شارع باب الكوفة ، ومعه الناس يشيعونه ، فانتهى إلى دار المسيب عند غروب الشمس ، فنزل ودخل المسجد ، وكان في صحنه نبقة لم تحمل بعد ، فدعا بكوز فيه ماء فتوضأ في أصل النبقة ، وقام عليه السلام فصلَّى بالناس صلاة المغرب ، فقرأ في الأولى منها ( الْحَمْدُ ) و (
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ )
وفي الثانية ( الْحَمْدُ ) و (
قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ )
وقنت قبل ركوعه فيها وصلّى الثالثة وتشهّد وسلّم ، ثمّ جلس هنيهة يذكر الله تعالى عز وجل اسمه وقام من غير أن يعقّب ، وصلّى النوافل أربع ركعات وعقّب بعدها ، وسجد سجدتي الشكر ، ثمّ خرج .
فلمّا انتهى إلى النبقة رآها الناس وقد
حملت حملاً حسناً ، فتعجبوا من ذلك ، وأكلوا منها ، فوجدوه نبقاً حلواً لا عجم له ، وودعوه ومضى عليه السلام في وقته إلى المدينة .
___________________
٧ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته من العلم بحديث النفس
وفيه
: أربعة أحاديث
٤٣٨ / ١ ـ عن محمد بن عيسى ، قال : دخلت
على أبي جعفر عليه السلام بالمدينة وهو نازل في دار بزيع فسلّمت عليه ، وقلت في نفسي : أستعطفه على زكريا بن آدم ؛ ثمّ رجعت إلى نفسي وقلت : مَن أنا فأعترض في هذا أو شبهه بمولاي ؟! هو أعلم بما يصنع . فقال لي بأعلى صوته : «على مثل أبي يحيىٰ لا تعجل ، وقد كان من خدمته لأبي ما كان» .
٤٣٩ / ٢ ـ عن علي بن أسباط ، قال : رأيت
أبا جعفر عليه السلام وهو يقول : «إنّ الله تبارك وتعالى احتجّ في الإِمامة بمثل ما احتجّ في النبوة ، قال الله تعالى : (
وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا )
، وقال : (
حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً )
فقد يجوز أن يؤتى الحكم وهو صبي . ويجوز أن يؤتاه وهو ابن أربعين سنة .
___________________
٤٤٠ / ٣ ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال :
سألني جمّال أن أكلّم أبا جعفر ليدخله في بعض أموره .
قال : فدخلت عليه لأكلمه ، فوجدته يأكل
مع جماعة ، فلم يمكنني كلامه ، فقال : «يا أبا هاشم ، كل من هذا الذي بين يدي» ثمّ قال ابتداء منه من غير مسألة : «يا غلام ، انظر إلى الجمّال الذي أتانا به أبو هاشم .
٤٤١ / ٤ ـ عن علي بن مهزيار ، قال :
حدّثني محمد بن الفرج أنّه قال : ليتني إذا دخلت على أبي جعفر عليه السلام كساني ثوبين قطوانين ممّا لبسه أحرم فيهما .
قال : فدخلت عليه بشرف وعليه رداء
قطواني
يلبسه ، فأخذه وحوّله من هذا العاتق إلى الآخر ، ثمّ إنّه أخذ من ظهره وبدنه إلى آخر يلبسه خلفه ، فقال : «أحرم فيهما ، بارك الله لك» .
___________________
٨ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته من العلم بالآجال
وفيه
: ثلاثة أحاديث
٤٤٢ / ١ ـ عن إبراهيم بن محمّد الهمداني
، قال : كتب أبو جعفر الثاني عليه السلام ، إليَّ كتاباً وأمرني أن لا أفكّه حتّى يموت يحيى بن عمران .
قال : فمكث الكتاب عندي سنتين ، فلمّا
كان اليوم الذي مات فيه يحيى بن عمران فككته فإذا فيه : «قم بما كان يقوم به» أو نحوه من هذا الأمر .
قال محمد بن عيسى : وحدَّثني يحيى
وإسحاق ابنا سليمان بن داود أنّ إبراهيم بن محمّد أقرأهم هذا الكتاب في المقبرة يوم مات يحيى بن عمران .
وكان إبراهيم يقول : كنت لا أخاف الموت
ما كان يحيى بن عمران في الحياة .
٤٤٣ / ٢ ـ عن أمية بن علي ، قال : كنت
بالمدينة ، وكنت أختلف
___________________
إلى أبي جعفر ، وأبو
الحسن الرضا عليهما السلام بخراسان ، وكان أهل بيته وعمومة أبيه يأتونه ويسلّمون عليه ، فدعا يوماً بجارية فقال لها : «قولي لهم تهيّأوا للمأتم» . فلمّا تفرقوا قالوا : ألا سألناه مأتم مَن ؟
فلمّا كان من الغد فعل مثل ذلك ، فقالوا
، مأتم مَن ؟ قال : «مأتم خير من على ظهرها» فأتانا خبر أبي الحسن عليه السلام بعد ذلك بأيّام ، فإذا هو قد مات في ذلك اليوم .
٤٤٤ / ٣ ـ عن محمّد بن القاسم ، عن أبيه
، وروى أيضاً غيره قال : لمّا خرج من المدينة في المرّة الأخيرة قال : «ما أطيبك يا طيبة ، فلست بعائد إليك» .
___________________
٩ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في الإِخبار بالغائبات
وفيه
: ثمانية أحاديث
٤٤٥ / ١ ـ عن محمد بن أبي القاسم ، قال
: ورواه عامّة أهل المدينة أنّ الرضا عليه السلام كتب في أحمال له تحمل إليه من المتاع وغير ذلك ، فلمّا توجهت وكان يوماً من الأيّام أرسل أبو جعفر عليه السلام رسلاً يردّونها فلم يدر لم ذلك ، ثمّ حسب ذلك اليوم في ذلك الشهر ، فوجد يوم مات فيه الرضا عليه السلام .
٤٤٦ / ٢ ـ عن محمّد بن القاسم ، عن أبيه
وعن غير واحد من أصحابنا أنّه قد سمع عمر بن الفرج أنّه قال : سمعت من أبي جعفر عليه السلام شيئاً لو رآه محمّد أخي لكفر . فقلت : وما هو أصلحك الله ؟
قال : إنّي كنت معه يوماً بالمدينة إذ
قرب الطعام فقال : «أمسكوا» فقلت : فداك ، أبي قد جاءكم الغيب .
فقال : «عليَّ بالخبّاز» فجيء به فعاتبه
وقال : «من أمرك أن تسمّني في هذا الطعام ؟» فقال له : جعلت فداك فلان ، ثمّ أمر بالطعام فرفع وأُتي بغيره .
___________________
٤٤٧ / ٣ ـ وعنه ، عن أبيه قال : حدّثني
بعض المدينيين أنّهم كانوا يدخلون على أبي جعفر عليه السلام وهو نازل في قصر أحمد بن يوسف يقولون له : يا أبا جعفر ، جعلنا فداك ، قد تهيأنا وتجهزنا ولا نراك تهم بذلك ؟! قال لهم : «لستم بخارجين حتّى تغترفوا الماء بأيديكم من هذه الأبواب التي ترونها» . فتعجّبوا من ذلك أن يأتي الماء من تلك المكثرة ، فما خرجوا حتّى اغترفوا بأيديهم منها .
٤٤٨ / ٤ ـ وعنه ، عن أبيه وعن بعض
المدينيين ، قال : لمّا وجّه المأمون إليه وهو بتكريت متوجهاً إلى الروم ، وصار في بعض الطريق في حميم الحر ولا مطر ولا وحل ولا ماء يرى ولا حوض ، قال لبعض غلمانه : «اعقد ذنب برذوني »
فتعجّب الناس ووقفوا حتّى عقد الغلام ذنب برذونه ، ثمّ مضى ، ومضى الناس معه ، وعمر بن الفرج مستهزء متعجب .
قال : فما مضوا إلا ميلاً أو ميلين وإذا
هم بماء قد فاض من نهر فطبق الأرض أجمع فمضى والناس وقوف حتّى شدّوا أذناب دوابهم .
قال أبي : قال عمر بن الفرج : والله لو
رأى أخي هذا لكفر اليوم أشدّه وأشدّه .
٤٤٩ / ٥ ـ وعنه ، عن أبيه ، ورواه عامّة
أصحابنا ، قال : إنّ رجلاً خراسانياً أتى أبا جعفر عليه السلام بالمدينة فسلّم عليه ، وقال : السلام عليك يا ابن رسول الله . وكان واقفياً ، فقال له : «سلام» وأعادها الرجل فقال : «سلام» فسلّم الرجل بالإِمامة ، قال : قلت في نفسي : كيف علم أنّي غير مؤتم به وأنّي واقف عنه ؟!
قال : ثمّ بكى وقال : جعلت فداك هذه كذا
وكذا ديناراً فاقبضها ،
___________________
فقال له أبو جعفر عليه
السلام : «قد قبلتها ؛ فضمّها إليك» . فقال : إنّي خلفت صاحبتي ومعها ما يكفيها ويفضل عنها . فقال : «ضمّها إليك فإنّك ستحتاج إليها» مراراً .
قال الرجل : ففعلت ورجعت ، فإذا طرّار
قد أتى منزلي فدخله ولم يترك شيئاً إلّا أخذه ، فكانت تلك الدنانير هي التي تحمّلت بها إلى موضعي .
٤٥٠ / ٦ ـ عن الحسن بن أبي عثمان
الهمداني ، قال : دخل أناس من أصحابنا من أهل الري على أبي جعفر عليه السلام ، وفيهم رجل من الزيدية ، فسألناه مسألة ، فقال أبو جعفر عليه السلام لغلامه : «خذ بيد هذا الرجل فأخرجه» فقال الزيدي : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله طيباً مباركاً ، وأنّك حجّة الله .
٤٥١ / ٧ ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال :
دخلت على أبي جعفر عليه السلام ومعي ثلاث رقاع معينة ، واشتبهت عليَّ فاغتممت ، فتناول إحداهن وقال : «هذه رقعة ريان بن شبيب» ثمّ تناول الثانية وقال : «هذه رقعة محمّد بن حمزة» . وتناول الثالثة وقال : «هذه رقعة فلان» فبهتُّ فنظر إليَّ وتبسّم عليه السلام .
٤٥٢ / ٨ ـ وعنه قال : أعطاني عليه
السلام ثلاثمائة دينار في
___________________
صرّة ، وأمرني أن
أحملها إلى بعض بني عمه ، وقال : «أما إنه سيقول لك : دلني على حريف أشتري بها منه متاعاً فدله عليه» .
فأتيته بالدنانير فقال : يا أبا هاشم ،
دلني على حريف يشتري لي بها متاعاً . ففعلت .
١٠ ـ فصل :
في
ظهور آياته في معان شتى
وفيه
: اثنا عشر حديثاً
٤٥٣ / ١ ـ عن العبّاس بن السندي
الهمداني ، عن بكير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : عمّتي
تشتكي من ريح بها . فقال : «ائتني بها» .
فأتيته بها فدخلت عليه فقال لها : «ما
تشتكين ؟» قالت : ركبتي جعلت فداك ، فمسح بيده الشريفة على ركبتيها من وراء الثياب ، وتكلّم بكلام ، فخرجت ولم تجد من الوجع شيئاً .
٤٥٤ / ٢ ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال :
دخلت معه بستاناً ذات يوم فقلت له : جعلت فداك ، إنّي مولع بأكل الطين فادع الله تعالى لي ، فسكت ثمّ قال بعد أيّام : «يا أبا هاشم ، قد أذهب الله عنك أكل الطين» .
قال أبو هاشم : فما شيء أبغض إليّ منه .
___________________
٤٥٥ / ٣ ـ عن علي بن أسباط ، قال : خرجت
مع أبي جعفر عليه السلام من الكوفة وهو راكب على حمار ، فمر بقطيع غنم ، فتركت شاة الغنم وَعدت إليه وهي ترغو
فاحتبس عليه السلام ، وأمرني أن أدعو الراعي إليه ، ففعلت ، فقال أبو جعفر عليه السلام : «أيّها الراعي ، إنّ هذه الشاة تشكوك وتزعم أن لها رجلين وأنك تحيف
عليها بالحلب ، فإذا رجعت إلى صاحبها بالعشي لم يجد معها لبناً ، فإن كففت من ظلمها ، وإلّا دعوت الله تعالى أن يبتر عمرك» .
فقال الراعي : إنّي أشهد أن لا إله إلَّا
الله ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله ، وأنّك وصيه ، أسألك لما أخبرتني من أين علمت هذا الشأن ؟
فقال أبو جعفر عليه السلام : «نحن خزّان
الله على علمه وغيبه وحكمته ، وأوصياء أنبيائه ، وعباد مكرمون» .
٤٥٦ / ٤ ـ عن محمّد بن الفرج ، قال :
كتب إليَّ أبو جعفر عليه السلام : «احمل إليَّ الخمس ، فإني لست آخذ منكم سوى عامي هذا» فقبض عليه السلام في تلك السنة .
٤٥٧ / ٥ ـ عن يوسف بن زياد ، عن الحسن
بن علي ، عن أبيه ، قال : جاء رجل إلى محمّد بن علي بن موسى عليهم السلام فقال : يا ابن رسول الله ، إنّ أبي قد مات ، وكان له ألف دينار ، ففاجأه
___________________
الموت ، ولست أقف على
ماله ، ولي عيال كثيرة ، وأنا من مواليكم فاغنني ، فقال أبو جعفر عليه السلام : «إذا صلّيت العشاء الآخرة فصلّ على محمّد وآل محمّد مائة مرّة ، فإنّ أباك يأتيك ويخبرك بأمر المال» .
ففعل الرجل ذلك فأتاه أبوه في منامه
فقال : يا بني مالي في موضع كذا فخذه . فذهب الرجل فأخذ الألف دينار وأبوه واقف فقال يا بني اذهب إلى ابن رسول الله (ص) فأخبره بأنّي قد دللتك عليه ، فإنّه كان أمرني بذلك ، فجاء الرجل وأخبره بالمال وقال : الحمد لله الذي أكرمك واصطفاك .
٤٥٨ / ٦ ـ عن أبي الصلت الهروي ، قال :
حضرت مجلس الإِمام محمّد بن علي بن موسى عليهم السلام ، وعنده جماعة من الشيعة وغيرهم ، فقام إليه رجل وقال : يا سيدي ، جعلت فداك . فقال عليه السلام : «لا تقصّر واجلس» .
ثمّ قام إليه آخر فقال : يا مولاي ،
جعلت فداك . فقال : «إن لم تجد أحداً فارم بها في الماء ، فإنّها تصل إليه» .
قال : فجلس الرجل ، فلمّا انصرف من كان
في المجلس قلت له : جعلت فداك ، رأيت عجباً ! قال : «نعم ، تسألني عن الرجلين ؟» قلت : نعم يا سيدي .
قال : «أمّا الأول فإنّه قام يسألني عن
الملّاح يقصّر في السفينة ؟ قلت : لا ، لأنّ السفينة بمنزلة بيته ليس بخارج منها ؛ والآخر قام يسألني عن الزكاة إن لم يصب أحداً من شيعتنا فإلى من يدفعه ؟ فقلت له : إن لم تصب لها
أحداً فارم بها في الماء ، فإنّها تصل إلى أهلها»
___________________
٤٥٩ / ٧ ـ عن صالح بن عطية الأضخم قال :
حججت فشكوت إلى أبي جعفر عليه السلام الوحدة ، فقال لي : «إنّك لا تخرج من الحرم حتّى تشتري جارية ترزق منها ابناً» . فقلت : تشير إليَّ ؟ قال : «نعم» وركب إلى النخّاس ونظر إلى جارية فقال : «اشترها» فاشتريتها ، فولدت محمّداً .
٤٦٠ / ٨ ـ عن عمران بن محمد الأشعري قال
: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فقضيت حوائجي وقلت له : إنّ أم الحسين تقرئك السلام وتسألك ثوباً من ثيابك تجعله كفناً لها . قال : «قد استغنت عن ذلك» . فخرجت ولست أدري ما معنى ذلك ، حتىٰ أتى الخبر بأنّها قد ماتت قبل ذلك بثلاثة عشر يوماً ، أو أربعة عشر يوماً .
٤٦١ / ٩ ـ عن ابن أورمة قال : إنّ
المعتصم دعا جماعة من وزرائه وقال : اشهدوا لي على محمّد بن علي بن موسى الرضا زوراً واكتبوا بأنّه أراد أن يخرج .
ثمّ دعاه فقال : إنّك أردت أن تخرج عليَّ
. فقال : «والله ما فعلت شيئاً من ذلك» .
قال : إنَّ فلاناً وفلاناً شهدوا عليك .
وأحضروا فقالوا : نعم ، هذه الكتب أخذناها من بعض غلمانك .
قال : وكان جالساً في [ بَهْوٍ ] فرفع
أبو جعفر عليه السلام يده وقال : «اللهم إن كانوا كذبوا عليَّ فخذهم» .
قال : فنظرنا إلى ذلك البهو يرجف ويذهب
ويجيء ، وكلما قام
___________________
واحد وقع ، فقال
المعتصم : يا ابن رسول الله ، تبت ممّا قلت ، فادع ربّك أن يسكّنه . فقال : «اللهم سكّنه ، وإنّك تعلم بأنّهم أعداؤك وأعدائي» .
٤٦٢ / ١٠ ـ عن محمّد بن ميمون ، قال :
كنت مع الرضا عليه السلام بمكّة قبل خروجه إلى خراسان ، قال : فقلت له : إنّي أريد أن أتقدّم إلى المدينة ، فاكتب معي كتاباً إلى أبي جعفر عليه السلام ، فتبسّم وكتب ، وحضرت إلى المدينة ، وقد كان ذهب بصري ، فأخرج الخادم أبا جعفر عليه السلام إلينا فحمله من المهد ، فتناول الكتاب وقال لموفق الخادم : «فضّه وانشره» ففضه ونشره بين يديه ، فنظر فيه ، ثمّ قال : «يا محمد ، ما حال بصرك ؟» قلت : يا ابن رسول الله ، اعتلت عيناي فذهب بصري كما ترى .
قال : فمدّ يده ومسح بها على عيني ،
فعاد بصري إليَّ كأصحّ ما كان ، فقبّلت يده ورجله ، وانصرفت من عنده وأنا بصير ، والمنّة الله .
٤٦٣ / ١١ ـ عن محمد بن عمر
بن واقد الرازي قال : دخلت على أبي جعفر محمّد الجواد بن الرضا عليهم السلام ومعي أخي به بهق شديد ، فشكا إليه ذلك البهق ، فقال : «عافاك الله مما تشكو» فخرجنا من عنده وقد عوفي ، فما عاد إليه ذلك البهق إلى أن مات .
قال محمّد بن عمر : وكان يصيبني وجع في
خاصرتي في كل أسبوع ، فيشتد ذلك بي أياماً ، فسألته أن يدعو لي بزواله عنّي ، فقال : «وأنت ، فعافاك الله» فما عاد إلى هذه الغاية .
___________________
٤٦٤ / ١٢ ـ عن إسماعيل بن عباس الهاشمي
، قال : جئت إلى أبي جعفر عليه السلام يوم عيد فشكوت إليه ضيق المعاش فرفع المصلّى ، فأخذ من التراب سبيكة من ذهب فأعطانيها ، فخرجت بها إلى السوق فكان فيها ستة عشر مثقالاً
من الذهب .
___________________
الباب الثالث عشر
في
آيات أبي الحسن علي النقي عليه السلام
وفيه
ستة فصول
١ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في إحياء الموتى
وفيه
: حديث واحد
٤٦٥ / ١ ـ عن محمّد بن حمدان ، عن
إبراهيم بن بلطون ، عن أبيه قال : كنت أحجب المتوكل ، فأهدي له خمسون غلاماً من الخزر ، فأمرني أن أتسلمهم وأحسن إليهم ، فلمّا تمّت سنة كاملة كنت واقفاً بين يديه إذ دخل عليه أبو الحسن علي بن محمّد النقي عليهما السلام ، فلمّا أخذ مجلسه أمرني أن أخرج الغلمان من بيوتهم ، فأخرجتهم ، فلمّا بصروا بأبي الحسن عليه السلام سجدوا له بأجمعهم ، فلم يتمالك المتوكل أن قام يجرّ رجليه حتّى توارى خلف الستر ، ثمّ نهض أبو الحسن عليه السلام .
فلمّا علم المتوكل بذلك خرج إليَّ وقال
: ويلك
يا بلطون ، ما هذا الذي فعل هؤلاء الغلمان ؟ فقلت : لا والله ، ما أدري . قال : سلهم . فسألتهم عمّا فعلوا فقالوا : هذا رجل يأتينا كل سنة فيعرض علينا الدين ، ويقيم عندنا عشرة أيّام ، وهو وصي نبي المسلمين . فأمرني بذبحهم ، فذبحتهم عن آخرهم .
فلمّا كان وقت العتمة صرت إلى أبي الحسن
عليه السلام ، فإذا
___________________
خادم على الباب فنظر
إليَّ ، فلمّا بصر بي قال : «ادخل» فدخلت ، فإذا هو ـ عليه السلام ـ جالس فقال : «يا بلطون ما صنع القوم ؟» فقلت : يا ابن رسول الله ذُبحوا والله عن آخرهم ، فقال لي : «كلهم ؟» فقلت : إي والله .
فقال عليه السلام : «أتحب أن تراهم ؟»
قلت : نعم ، يا ابن رسول الله . فأومأ بيده أن ادخل الستر ، فدخلت فإذا أنا بالقوم قعود وبين أيديهم فاكهة يأكلون .
٢ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته مع الماء والشجر
وفيه
: حديث واحد
٤٦٦ / ١ ـ عن يحيى بن هرثمة ، قال : أنا
صحبت أبا الحسن عليه السلام من المدينة إلى سرّ من رأى في خلافة المتوكل ، فلمّا صرنا ببعض الطريق عطشنا عطشاً شديداً ، فتكلمنا ، وتكلم الناس في ذلك ، فقال أبو الحسن عليه السلام : «الآن نصير إلى ماء عذب فنشربه» .
فما سرنا إلّا قليلاً حتّى صرنا إلى تحت
شجرة ينبع منها ماء عذب بارد ، فنزلنا عليه وارتوينا وحملنا معنا وارتحلنا ، وكنت علّقت سيفي على الشجرة فنسيته .
فلمّا صرت غير بعيد في بعض الطريق ذكرته
، فقلت لغلامي : ارجع حتّى تأتيني بالسيف ، فمرّ الغلام ركضاً ، فوجد السيف وحمله ورجع متحيراً ، فسألته عن ذلك فقال لي : إنّي رجعت إلى الشجرة ، فوجدت السيف معلقاً عليها ، ولا عين ولا ماء ولا شجر ، فعرفت الخبر ، فصرت إلى أبي الحسن عليه السلام فأخبرته بذلك ، فقال : «احلف أن لا تذكر ذلك لأحد» فقلت : نعم .
___________________
٣ ـ فصل :
في
بيان معجزاته في الحجر والرمل
وفيه
: ثلاثة أحاديث
٤٦٧ / ١ ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال :
خرجت مع أبي الحسن عليه السلام إلى سرّ من رأى نتلقى بعض القادمين فأبطأوا ، فطرح لأبي الحسن عليه السلام غاشية السرج فجلس عليها ، فنزلت عن دابّتي وجلست بين يديه وهو يحدّثني ، فشكوت إليه قصور يدي ، فأهوى بيده إلى رمل كان عليه جالساً وناولني منه كفَّاً وقال : «اتسع بهذا يا أبا هاشم ، واكتم ما رأيت» فجئت به معي ، ورجعنا فأبصرته فإذا هو يتقد كالنيران ذهباً أحمر .
فدعوت صائغاً إلى منزلي ، وقلت له :
اسبك لي هذا فسبكه وقال لي : ما رأيت ذهباً أجود منه ، وهو كهيئة الرمل ، فمن أين لك هذا ؟ فما رأيت أعجب منه ! قلت : هذا شيء كان عندنا قديماً تدّخره لنا عجائزنا على طول الأيّام .
٤٦٨ / ٢ ـ وعنه قال : حججت سنة حج فيها
بغا ، فلمّا صرت
___________________
إلى المدينة إلى باب
أبي الحسن عليه السلام وجدته راكباً في استقبال بغا ، فسلّمت عليه فقال : «إمضِ بنا إذا شئت» . فمضيت معه حتّى خرجنا من المدينة ، فلمّا أصحرنا التفت إلى غلامه وقال : «إذهب فانظر في أوائل العسكر» . ثمّ قال : «انزل بنا يا أبا هاشم» .
قال : فنزلت وفي نفسي أن أسأله شيئاً
وأنا أستحيي منه ، وأقدّم وأؤخر .
قال : فعمل بسوطه في الأرض خاتم سليمان
، فنظرت فإذا في آخر الأحرف مكتوب : «خذ» وفي الآخر «اكتم» وفي الآخر «اعذر» ثمّ اقتلعه بسوطه وناولنيه فنظرت ، فإذا بنقرة
صافية فيها أربعمائة مثقال ، فقلت : بأبي أنت وأمّي ، لقد كنت شديد الحاجة إليها ، وأردت كلامك وأقدّم وأؤخر ، والله أعلم حيث يجعل رسالته ، ثمّ ركبنا .
٤٦٩ / ٣ ـ وعنه قال : دخلت على أبي
الحسن عليه السلام فكلّمني بالهندية ، فلم أحسن أن أردّ عليه ، وكان بين يديه ركوة ملأى حصا ، فتناول حصاة واحدة فوضعها في فيه ملياً ، ثمّ رمى بها إليَّ فوضعتها في فمي ، فوالله ما رجعت من عنده حتى تكلّمت بثلاث وسبعين لساناً ، أولها الهندية .
___________________
٤ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته في الإِعلام عن آجال الناس
وفيه
: سبعة أحاديث
٤٧٠ / ١ ـ عن حسين الأسباطي ، قال :
قدمت على أبي الحسن علي عليه السلام بالمدينة فقال : «ما خبر الواثق عندك ؟» قلت : جعلت فداك ، خلّفته في عافية ، أنا من أقرب الناس عهداً به منذ عشرة أيام ، فقال : «إنّ الناس يقولون إنّه مات» . فعلمت أنّه يعني نفسه .
ثمّ قال : «ما فعل جعفر ؟» قلت : تركته
أسوأ الناس حالاً في السجن ، قال : فقال : «أما إنّه صاحب الأمر» .
فقال : «ما فعل ابن الزيّات ؟» قلت :
الناس معه والأمر أمره ، قال : «أما إنّه شؤم عليه» .
ثمّ سكت وقال : «لا بد أن تجري مقادير
الله وأحكامه» فأخبر أن مات الواثق ، وقعد المتوكل جعفر ، وقتل ابن الزيّات ، قلت : متى جعلت فداك ؟ قال : «بعد خروجك بستة أيام» .
٤٧١ / ٢ ـ عن محمّد بن الفرج الرُّخَّجي
، قال إنّ أبا الحسن
___________________
عليه السلام كتب إليّ
: «يا محمّد ، اجمع أمرك ، وخذ حذرك» .
قال : فأنا في جمع أمري لست أدري ما الَّذي
أراد حتّى ورد عليَّ رسول ، وحملني من وطني مصفداً بالحديد ، وضرب على كلّ ما أملك .
فمكثت في السجن ثماني سنين ، ثمّ ورد
عليَّ الكتاب منه وأنا في السجن : «يا محمد بن الفرج ، لا تنزل في ناحية الجانب الغربي» . فقرأت الكتاب ، فقلت في نفسي . يكتب إليَّ أبو الحسن عليه السلام بهذا وأنا في السجن ؟! إنّ هذا لعجب .
فما مكثت إلَّا أيّاماً يسيرة حتّى أفرج
عنّي ، وخليت قيودي ، وخلّي سبيلي ، فكتبت إليه بعد خروجي أسأله أن يسأل الله تعالى أن يردّ عليَّ ضيعتي ، فكتب إليّ : «سوف تعود إليك ، وتردَ عليك ، وما يضرُّك أن لا تردّ عليك» .
قال علي بن محمد النوفلي : فلمّا شخص
محمّد بن الفرج الرُّخَّجي إلى العسكر كتب له بردّ ضيعته ، فلم يصل الكتاب حتّى مات .
٤٧٢ / ٣ ـ عن أبي يعقوب قال : رأيت أبا
الحسن عليه السلام مع أحمد بن الخصيب يتسايران ، وقد قصر أبو الحسن عليه السلام عنه ، فقال له ابن الخصيب : سر جعلت فداك . فقال له أبو الحسن عليه السلام : «أنت المتقدم» فما لبثنا إلّا أربعة أيام حتّى وقع الدَّهق
على ساق ابن الخصيب وقتل .
___________________
٤٧٣ / ٤ ـ عن الحسن بن محمّد بن جمهور ،
قال : كان لي صديق مؤدب ولد
بغا أو وصيف ـ الشكّ منّي ـ فقال لي : قال الأمير [ عند ] منصرفه من دار الخلافة : حبس أمير المؤمنين هذا الذي يقولون له ابن الرضا اليوم ودفعه إلي علي بن كركر ، فسمعته يقول : «أنا أكرم على الله من ناقة صالح (
تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ )
ليس يفصح بالآية ولا
بالكلام ، أيّ شيء هذا ؟
قال : قلت : أعزك الله تعالى توعدك أنظر
ما يكون بعد ثلاثة أيّام .
فلمّا كان من الغد أطلقه واعتذر إليه ،
فلمّا كان اليوم الثالث وثب عليه باغر وبغلون أوتامش وجماعة معهم ، فقتلوه وأقعدوا المنتصر ولده خليفة .
٤٧٤ / ٥ ـ عن سعيد بن سهل البصري
الملقّب بالملاح قال : حدث لبعض أولاد الخلفاء وليمة ، فدعانا مع أبي الحسن عليه السلام ، فدخلنا فلمّا رأوه أنصتوا إجلالاً له ، وجعل شابٌّ في المجلس لا يوقّره ، وجعل يلعب ويضحك ، فأقبل عليه وقال : «يا هذا ، أتضحك ملء فمك وتذهل عن ذكر الله تعالى وأنت بعد ثلاثة أيّام من أهل القبور ؟!» فقلنا . هذا دليل حتى ننتظر ما يكون .
قال : فأمسك الفتى وكفّ عمّا هو فيه ،
وطعمنا وخرجنا ، فلمّا كان بعد يوم اعتلّ الفتى ومات في اليوم الثالث من أول النهار ، ودفن في آخره .
___________________
٤٧٥ / ٦ ـ وعنه ، قال : اجتمعنا أيضاً
في وليمة لبعض أهل سرّ من رأى وأبو الحسن عليه السلام معنا ، فجعل رجل يلعب
، ويمزح ولا يرى له إجلالاً فأقبل علىٰ جعفر وقال : «إنّه لا يأكل من هذا الطعام ، وسوف يرد عليه من خبر أهله ما ينغص عيشه» فقدّمت المائدة فقال : ليس بعد هذا خبر وقد بطل قوله ، فوالله لقد غسل الرجل يده وأهوى إلى الطعام فإذا غلامه قد دخل من باب البيت يبكي وقال له : إلحق أمّك فقد وقعت من فوق البيت وهي إلى الموت أقرب .
فقال جعفر : قلت : والله لا وقفت بعد
هذا ، وقطعت عليه أنّه الإِمام .
٤٧٦ / ٧ ـ عن أبي يعقوب قال : رأيت
محمّد بن الفرج قبل موته بالعسكر في عشية من العشايا وقد استقبل أبا الحسن عليه السلام ، فنظر إليه نظراً شافياً ، واعتلّ محمّد بن الفرج من الغد ، فدخلت عليه عائداً بعد أيّام من علته ، فحدّثني أنّ أبا الحسن عليه السلام أنفذ إليه بثوب ورأيته مدرجاً تحت رأسه . قال : وكفّن والله فيه .
___________________
٥ ـ فصل :
في
ظهور آياته من الإِخبار بالغائبات
وفيه
: ستة أحاديث
٤٧٧ / ١ ـ عن المنتصر بن المتوكل قال :
زرع والدي الآس في بستان وأكثر منه ، فلمّا استوى الآس كلّه وحسن ، أمر الفراشين أن يفرشوا له على دكان في وسط البستان وأنا قائم على رأسه ، فرفع رأسه إليَّ وقال : يا رافضي ، سل ربّك الأسود
عن هذا الأصل الأصفر ماله من بين ما بقي من هذا البستان قد اصفرّ ، فإنّك تزعم أنّه يعلم الغيب ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، إنّه ليس يعلم الغيب .
فأصبحت [ وغدوت ] إلى أبي الحسن عليه
السلام من الغد وأخبرته بالأمر ، فقال : «يا بني ، امض أنت واحفر الأصل الأصفر فإن تحته جمجمة نخرة ، واصفراره لبخارها ونتنها» .
قال : ففعلت ذلك فوجدته كما قال عليه
السلام ، ثمّ قال لي : «يا بني لا تخبرن أحداً بهذا الأمر إلَّا لمن يحدّثك بمثله» .
٤٧٨ / ٢ ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال :
كنت بالمدينة حين مرّ
___________________
بها بغا أيّام الواثق
في طلب الأعراب ، فقال أبو الحسن عليه السلام : «اخرجوا بنا حتّى ننظر إلى لغة هذا التركي» . فمر بنا تركي وكلّمه أبو الحسن عليه السلام بالتركية ، فنزل عن فرسه وقبّل حافر دابته .
قال : فحلف التركي وقلت له : ما قال
الرجل لك ؟ قال : هذا نبي ؟ فقلت : هذا ليس نبيّاً .
قال : دعاني باسم سميت به في صغري في
بلاد الترك ، وما علمه أحد إلى الساعة .
٤٧٩ / ٣ ـ عن الحسن بن محمد بن جمهور
العمي ، قال : سمعت من سعيد الصغير الحاجب قال : دخلت على سعيد بن صالح الحاجب فقلت : يا أبا عثمان قد صرت من أصحابك ، وكان سعيد يتشيع . فقال : هيهات ، قلت : بلى والله . فقال : وكيف ذلك ؟
قلت : بعثني المتوكل وأمرني أن أكبس على
علي بن محمّد بن الرضا عليهم السلام فأنظر ما فعل ، ففعلت ذلك فوجدته يصلّي ، فبقيت قائماً حتّى فرغ ، فلما انفتل من صلاته أقبل عليَّ وقال : «يا سعيد لا يكفَّ عنّي جعفر ـ أي المتوكّل الملعون ـ حتّى يقطع إرباً إرباً ! اذهب واعزب» وأشار بيده الشريفة ، فخرجت مرعوباً ، ودخلني من هيبته ما لا أحسن أن أصفه ، فلمّا رجعت إلى المتوكل سمعت الصيحة والواعية ، فسألت عنه فقيل : قتل المتوكل ، فرجعنا وقلت بها
.
٤٨٠ / ٤ ـ عن عبد الله بن طاهر ، قال :
خرجت إلى سر من رأى لأمر من الأمور أحضرني المتوكل ، فأقمت مدة ثمّ ودعت وعزمت على الانحدار إلى بغداد ، فكتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أستأذنه في
___________________
ذلك وأودعه ، فكتب لي
: «فإنك بعد ثلاث يحتاج إليك ويحدث أمران» .
فانحدرت واستحسنته ، فخرجت إلى الصيد
ونسيت ما أشار إلي أبو الحسن عليه السلام ، فعدلت إلى المطيرة
وقد صرت إلى مصري وأنا جالس مع خاصتي (إذ ثمانية فوارس)
يقولون . أجب أمير المؤمنين المنتصر ، فقلت : ما الخبر ؟ فقالوا : قتل المتوكل ، وجلس المنتصر ، واستوزر أحمد بن محمد بن الخصيب ، فقمت من فوري راجعاً .
٤٨١ / ٥ ـ عن الطيب بن محمد بن الحسن بن
شمون قال : ركب المتوكل ذات يوم وخلفه الناس وركب آل أبي طالب إلى أبي الحسن عليه السلام ليركبوا بركوبه فخرج في يوم صائف شديد الحر ، والسماء صافية ما فيها غيم ، وهو عليه
السلام معقود ذنب الدابة بسرج جلود طويل وعليه ممطر وبرنس ، فقال زيد بن موسى بن جعفر لجماعة آل أبي طالب : انظروا إلى هذا الرجل يخرج مثل هذا اليوم كأنه وسط الشتاء ، قال : فساروا جميعاً فما جاوزوا الجسر ولا خرجوا عنه حتىٰ تغيمت السماء وأرخت عزاليها كأفواه القرب ، وابتلت ثياب الناس ، فدنا منه زيد بن موسى بن جعفر وقال : يا سيدي ، أنت قد علمت أنّ السماء قد تمطر فهلا أعلمتنا فقد هلكنا وعطبنا .
٤٨٢ / ٦ ـ عن موسى بن جعفر البغدادي قال
: كانت لي حاجة
___________________
أحببت أن اكتب إلى
العسكري عليه السلام ، فسألت محمد بن علي بن مهزيار أن يكتب في كتابه إليه بحاجتي فإني كتبت إليه كتاباً ولم أذكر فيه حاجتي ، بل بيضت موضعها ، فورد الكتاب في حاجتي مفسراً في كتاب لمحمد بن إبراهيم الحمصي .
٦ ـ فصل :
في
ظهور آياته في معان شتى
وفيه
: سبعة عشر حديثاً
٤٨٣ / ١ ـ عن صالح بن سعيد قال : دخلت
على أبي الحسن عليه السلام في يوم وروده سر من رأى وهو في خان الصعاليك ، فقلت له : جعلت فداك في كل الأمور ، أرادوا إطفاء نورك والنقص بك حتى أنزلوك في هذا الخان الأشنع خان الصعاليك .
فقال «ها هنا أنت يا ابن سعيد» ثم أومأ
بيده الشريفة فإذا أنا بروضات أنيقات ، وأنهار جاريات ، وجنّات فيها خيرات عطرات ، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون ، فحار بصري ، وكثر عجبي فقال لي : «حيث كنا فهذا لنا عتيد يا ابن سعيد ، لسنا في خان الصعاليك» .
٤٨٤ / ٢ ـ عن محمّد بن الحسن الأشتر
العلوي الحسيني ، قال : كنت مع أبي علىٰ باب المتوكل ، وأنا صبي ، في جمع من الناس في
___________________
ما بين طالبي إلى
عباسي إلى جعفري إلى غير ذلك ، إذ جاء أبو الحسن علي بن محمّد عليه السلام فترجل الناس كلّهم ، حتى دخل فقال بعضهم لبعض : لِم نترجل لهذا الغلام ؟ فما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا سنا ولا بأعلمنا ! فقالوا : والله لا ترجلنا له . فقال أبو هاشم الجعفري : والله لتترجّلن له [ على ] صغره إذا رأيتموه . فما هو إلّا أن طلع وبصروا به حتّى ترجل له الناس كلّهم ، فقال لهم أبو هاشم : ألستم زعمتم أنّكم لا تترجلون له ؟ فقالوا : ما ملكنا أنفسنا حتّى ترجلنا .
٤٨٥ / ٣ ـ عن الحسن بن محمّد بن علي ،
قال : جاء رجل إلى علي بن محمّد بن علي بن موسى عليهم السلام وهو يبكي وترتعد فرائصه فقال : يا ابن رسول الله ، إن فلاناً ـ يعني الوالي ـ أخذ ابني واتهمه بموالاتك ، فسلّمه إلى حاجب من حجّابه ، وأمره أن يذهب به إلى موضع كذا فيرميه من أعلى جبل هناك ثمّ يدفنه في أصل الجبل . فقال عليه السلام : «فما تشاء ؟» فقال : ما يشاء الوالد الشفيق لولده .
قال : «إذهب فإنَّ ابنك يأتيك غداً إذا
أمسيت ويخبرك بالعجب من أمره» . فانصرف الرجل فرحاً .
فلمّا كان عند ساعة من آخر النهار غداً
إذا هو بابنه قد طلع عليه في أحسن صورة فسرّه وقال : ما خبرك يا بني ؟ فقال : يا أبت ، إن فلاناً ـ يعني الحاجب ـ صار بي إلى أصل ذلك الجبل ، فأمسى عنده إلى هذا الوقت يريد أن يبيت هناك ثمّ يصعدني من غد إلى أعلى الجبل ويدهدهني لبئر حفر لي قبراً في هذه الساعة ، فجعلت أبكي وقوم موكّلون بي يحفظونني ، فأتاني جماعة عشرة لم أر أحسن منهم وجوهاً ، وأنظف منهم ثياباً ، وأطيب منهم روائح ، والموكّلون بي لا يرونهم فقالوا لي : ما هذا البكاء والجزع والتطاول والتضرع ؟ فقلت : ألا ترون قبراً محفوراً ، وجبلاً شاهقاً ، وموكّلين لا يرحمون يريدون أن
___________________
يدهدهوني منه
ويدفنوني فيه ؟ قالوا : بلى ، أرأيت لو جعلنا الطالب مثل المطلوب فدهدهناه من الجبل ودفناه في القبر ، أتحرر نفسك فتكون لقبر رسول الله (ص) خادماً ؟ قلت : بلى والله . فمضوا إليه ـ يعني الحاجب ـ فتناولوه وجرّوه وهو يستغيث ولا يسمع به أصحابه ولا يشعرون به ، ثمّ صعدوا به إلى الجبل ودهدهوه منه ، فلم يصل إلى الأرض حتّى تقطَّعت أوصاله ، فجاء أصحابه وضجّوا عليه بالبكاء واشتغلوا عنّي ، فقمت وتناولني العشرة ، فطاروا بي إليك في هذه الساعة ، وهم وقوف ينتظرونني ليمضوا بي إلى قبر رسول الله (ص) لأكون خادماً . ومضى .
فجاء الرجل إلى علي بن محمّد عليه
السلام فأخبره ، ثمّ لم يلبث إلّا قليلاً حتّى جاء الخبر بأنّ قوماً أخذوا ذلك الحاجب فدهدهوه من ذلك الجبل فدفنه أصحابه في ذلك القبر ، وهرب ذلك الرجل الذي كان أراد أن يدفنه في ذلك القبر ، فجعل علي بن محمد عليه السلام يقول للرجل : «إنهم لا يعلمون ما نعلم» ويضحك .
٤٨٦ / ٤ ـ عن أبي الهيثم عبد الله بن
عبد الرحمن الصالحي ، قال : إن أبا هاشم الجعفري شكا إلى مولانا أبي الحسن عليه السلام ما يلقى من الشوق إليه إذا انحدر من عندنا إلى بغداد ، فقال له : ادع الله تعالى يا سيدي ، فإنّي لا أستطيع ركوب الماء خوف الإِصعاد
والإِبطاء عنك ، فسرت إليك على الظهر ومالي مركوب سوى برذوني هذا على ضعفه ، فادع الله تعالى أن يقويني على زيارتك ، على وجه الأرض ، فقال : «قوّاك الله يا أبا هاشم ، وقوّى برذونك» .
___________________
قال : فكان أبو هاشم يصلي الفجر ببغداد
، ويسير على البرذون ، فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر سر من رأى ، ويعود من يومه إلى بغداد إذا سار على ذلك البرذون ، وكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت .
٤٨٧ / ٥ ـ عن علي بن مهزيار ، قال :
إنّه صار إلى سر من رأى ، وكانت زينب الكذابة ظهرت وزعمت أنّها زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام ، فأحضرها المتوكل وسألها فانتسبت إلى علي بن أبي طالب وفاطمة ، فقال لجلسائه : كيف بنا بصحة أمر هذه ، وعند من نجده ؟ فقال الفتح بن خاقان : ابعث إلى ابن الرضا فاحضره حتّى يخبرك بحقيقة أمرها .
فأحضر عليه السلام فرحّب به المتوكل
وأجلسه معه على سريره ، فقال : إنّ هذه تدعي كذا ، فما عندك ؟ فقال : «المحنة في هذا قريبة ، إنّ الله تعالى حرّم لحم جميع مَن ولدته فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام على السباع ، فألقوها للسباع ، فإنْ كانت صادقة لم تتعرض لها ، وإن كانت كاذبة أكلتها»
فعرض عليها فكذبت نفسها ، وركبت حمارها
في طريق سر من رأى تنادي على نفسها وجاريتها على حمار آخر بأنّها زينب الكذّابة ، وليس بينها وبين رسول الله (ص) وعلي وفاطمة صلوات الله عليهم قرابة ، ثمّ دخلت الشام .
فلمّا أن كان بعد ذلك بأيّام ذكر عند
المتوكل أبو الحسن عليه السلام ، وما قال في زينب ، فقال علي بن الجهم : يا أمير المؤمنين ، لو جرّبت قوله على نفسه فعرفت حقيقة قوله . فقال : أفعل ، ثمّ تقدّم
___________________
إلى قوام السباع
فأمرهم أن يجوعوها ثلاثة ويحضروها القصر فترسل في صحنه فنزل وقعد هو في المنظر ، وأغلق أبواب الدرجة ، وبعث إلى أبي الحسن عليه السلام فأحضر ، وأمره أن يدخل من باب القصر ، فدخل ، فلمّا صار في الصحن . أمر بغلق الباب ، وخلّى بينه وبين السباع في الصحن .
قال علي بن يحيى : وأنا في الجماعة وابن
حمدون ، فلمّا حضر عليه السلام وعليه سواد وشقة
فدخل وأغلق الباب والسباع قد أصمّت الآذان من زئيرها ، فلمّا مشى في الصحن يريد الدرجة مشت إليه السباع وقد سكنت ، ولم نسمع لها حساً حتّى تمسحت به ، ودارت حوله ، وهو يمسح رؤوسها بكمّه ، ثمّ ضرب بصدورها الأرض ، فما مشت ولا زأرت حتّى صعد الدرجة ، وقام المتوكّل ودخل ، فارتفع أبو الحسن عليه السلام وقعد طويلاً ، ثمّ قام فانحدر ، ففعلت السباع به كفعلها في الأول ، وفعل هو بها كفعله الأول ، فلم تزل رابضة حتّى خرج من الباب الذي دخل منه ، وركب وانصرف ، وأتبعه المتوكّل بمال جزيل صلة له .
وقال علي بن الجهم : فقمت وقلت يا أمير
المؤمنين ، أنت إمام فافعل كما فعل ابن عمّك . فقال : والله لئن بلغني ذلك من أحد من الناس لأضربن عنقه وعنق هذه العصابة كلّهم . فوالله ما تحدّثنا بذلك حتّى قتل .
٤٨٨ / ٦ ـ وقد ذكر الحديث أبو عبد الله
الحافظ النيسابوري في كتابه الموسوم بالمفاخر ، ونسبه إلى جدّه الرضا عليه السلام ، وهو أنّه قد دخل على المأمون وعنده زينب الكذّابة ، وكانت تزعم أنّها
___________________
زينب بنت علي بن أبي
طالب ، وأنّ علياً قد دعا لها بالبقاء إلى يوم القيامة ، فقال المأمون للرضا عليه السلام سلم : على أختك .
فقال : «والله ما هي بأختي ولا ولدها
علي بن أبي طالب» . فقالت زينب : ما هو أخي ولا ولده علي بن أبي طالب . فقال المأمون للرضا عليه السلام : ما مصداق قولك هذا ؟؟
فقال : «إنا أهل بيت لحومنا محرّمة على
السباع ، فاطرحها
إلى السباع ، فإنّ تك صادقة فإنّ السباع تعفى لحمها» . قالت زينب : ابتدئ بالشيخ . قال المأمون : لقد أنصفت . فقال له : أجل .
ففتحت بركة السباع فنزل الرضا عليه
السلام إليها ، فلمّا رأته بصبصت وأومأت إليه بالسجود
، فصلّى فيما بينها ركعتين وخرج منها .
فأمر المأمون زينب أن تنزل فأبت ، وطرحت
للسباع فأكلتها .
قال المصنف
رحمه الله ورضي عنه : إنّي وجدت في تمام هذه الرواية أنّ بين السباع كان سبعاً ضعيفاً ومريضاً ، فهمهم شيئاً في أذنه فأشار عليه السلام إلى أعظم السباع بشيء فوضع رأسه له ، فلمّا خرج قيل له : ما قلت لذلك السبع الضعيف ؟ وما قلت للآخر ؟ قال : «إنّه شكا إليَّ وقال : إنّي ضعيف ، فإذا طرح علينا فريسة لم أقدر على مؤاكلتها ، فأشر إلى الكبير بأمري ، فأشرت إليه فقبل» .
قال : فذبحت بقرة وألقيت إلى السباع ،
فجاء الأسد ووقف عليها ومنع السباع أن تأكلها حتّى شبع الضعيف ، ثمّ ترك السباع حتّى أكلوها .
وقال المصنف
رحمه الله : وأقول أيضاً إنّه غير ممتنع أن يكون
___________________
ذلك غير الآخر ؛ وأنّ
ما نسب في أمر أبي الحسن عليه السلام في زينب الكذَّابة غير منسوب إليها ، وإنّما فعل ذلك المتوكل ابتداءً ، وتعرض لأمر آخر ، لأنّه كان مشغوفاً بإيذاء أهل البيت عليهم السلام .
٤٨٩ / ٧ ـ عن محمّد بن الفرج ، قال :
قال لي علي بن محمّد عليهما السلام : «إذا أردت أن تسأل مسألة فاكتبها وضع الكتاب تحت مصلّاك ، ودعه
ساعة ، ثمّ أخرجه وانظر إليه» .
قال محمّد : ففعلت ، فوجدت جواب ما سألت
عنه موقعاً في الكتاب .
٤٩٠ / ٨ ـ عن شاهواه ، عن عبد الله بن
سليمان الخلال قال : كنت رويت عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في أبي جعفر عليه السلام روايات تدل عليه ، فلمّا مضى أبو جعفر عليه السلام قلقت لذلك وبقيت متحيراً لا أتقدَّم ولا أتأخر ، وخفت أن أكتب إليه في ذلك ، ولا أدري ما يكون ، وكتبت إليه أسأله الدعاء أن يفرّج الله عنا في أسباب من قبل السلطان .
كنا نغتم بها من علمائنا ، فرجع الجواب بالدعاء وردَّ علينا الغلمان ، وكتب في آخر الكتاب : «أردت أن تسأل عن الخلف بعد مضي أبي جعفر عليه السلام ، فقلقت لذلك ، (
وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ
لَهُم مَّا يَتَّقُونَ )
صاحبك بعدي أبو محمد ابني ، عنده ما تحتاجون إليه ، يقدّم الله ما يشاء ويؤخر «( مَا نَنسَخْ مِنْ
آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا )
، قد كتبت بما فيه
بيان وإقناع لذي عقل يقظان» .
___________________
٤٩١ / ٩ ـ عن إسحاق الجلاب ، قال :
اشتريت لأبي الحسن عليه السلام غنماً كثيرة ، فأدخلني في إصطبل داره إلى موضع واسع لا أعرفه ، فجعلت أفرق تلك الغنم فيمن أمرني به ، فبعثت إلى أبي محمّد وإلى والدته وغيرهما ، ممّن أمرني ثمّ استأذنته في الانصراف إلى بغداد إلى والدي ، وكان ذلك يوم التروية ، فقال : «تقيم غداً عندنا ثمّ تنصرف» فأقمت .
فلما كان يوم عرفة أقمت عنده وبت ليلة
الأضحى في رواق له ، فلمّا كان في السحر أتاني وقال : «يا إسحاق ، قم» فقمت وفتحت عيني ، فإذا أنا على (باب بغداد)
، فدخلت على والدي وأتاني أصحابي فقلت لهم : عرّفت بالعسكر ، وخرجت ببغداد إلى يوم العيد .
٤٩٢ / ١٠ ـ عن زيد بن علي بن الحسين بن
زيد قال : مرضت فدخل عليَّ الطبيب ليلاً ، ووصف لي دواء بليلٍ آخذه كذا وكذا يوماً ، فلم يمكنني [ تحصيله من الليل ] فلم يخرج الطبيب من الباب حتّى ورد علي صرة بقارورة فيها ذلك الدواء بعينه ، فقال لي : أبو الحسن يقرئك السلام ويقول لك : «خذ الدواء واستعمله كذا وكذا يوماً» قال : فأخذته فبرئت .
قال محمّد بن علي قال زيد بن علي : أين
الغلاة عن هذا الحديث .
٤٩٣ / ١١ ـ عن جماعة من أهل أصفهان ،
منهم العياشي
___________________
محمّد بن النضر ،
وأبو جعفر بن محمّد بن علوية قالوا : كان بأصفهان رجل يقال له : عبد الرحمن ، وكان شيعياً ، قيل له : ما السبب الذي أوجب عليك القول بإمامة عليّ النقي عليه السلام دون غيره من أهل زمانه ؟ .
قال : شاهدت ما أوجب ذلك عليّ ، وذلك
أنّي كنت رجلاً فقيراً وكان لي لسان وجرأة ، فأخرجني أهل أصفهان سنة من السنين مع قوم آخرين إلى باب المتوكل متظلمين ، فأتينا باب المتوكل يوماً ، إذ خرج الأمر بإحضار علي بن محمد النقي عليه السلام ، بعض من حضر : من هذا الرجل الذي أمر بإحضاره ؟ فقيل : هذا رجل علوي تقول الرافضة بإمامته ، (ثمّ قيل : ويقدّر أنّ المتوكل يحضره للقتل)
. فقلت : لا أبرح من ها هنا حتّى أنظر إلى هذا الرجل أي رجل هو .
قال : فأقبل راكباً ، وقد قام الناس
يمنة الطريق ويسرتها صفّين ، ينظرون إليه ، فلمّا رأيته وقع حبّه في قلبي ، فجعلت أدعو له في نفسي بأن يدفع الله عنه شرّ المتوكّل ، فأقبل يسير بين الناس وهو ينظر إلى عرف دابته ، لا ينظر يمنة ولا يسرة ، وأنا دائم الدُّعاء له .
فلمّا صار إليَّ أقبل بوجهه عليَّ وقال
: «قد استجاب الله دعاءك ، وطوّل عمرك ، وكثر مالك وولدك» . فارتعدت ووقفت بين أصحابي يسألوني وهم يقولون : ما شأنك ؟! فقلت : خيراً ، ولم أخبرهم بذلك .
فانصرفنا بعد ذلك إلى أصفهان ، ففتح
الله عليّ وجوهاً من المال حتّى اليوم ، أغلق بابي على مائة ألف ألف درهم ، سوى مالي خارج الدار ، ورزقت عشرة من الأولاد ، وقد بلغت الآن من العمر نيفاً وسبعين سنة ، وأنا أقول بإمامة هذا الذي علم ما في قلبي واستجاب الله دعاءه فيَّ .
___________________
٤٩٤ / ١٢ ـ عن يحيى بن هرثمة ، قال :
دعاني المتوكل وقال : اختر ثلاثمائة ممّن تريد واخرجوا إلى الكوفة ، وخلّفوا أثقالكم فيها ، واخرجوا على طريق البادية إلى المدينة ، وأحضروا علي بن محمّد النقي إلى عندي مكرّماً معظّماً مبجلاً .
قال : فقمت وخرجنا ، وكان في أصحابي
قائد من الشراة
، وكان لي كاتب متشيّع ، وأنا على مذهب الحشوية ، وكان ذلك الشاري يناظر الكاتب ، وكنت أسمع إلى مناظرتهما لقطع الطريق .
فلمّا صرنا وسط الطريق قال الشاري
للكاتب : أليس من قول صاحبكم عليّ بن أبي طالب «ليس في الأرض بقعة إلَّا وهي قبر ، أو سيكون قبراً» ؟ فانظر إلى هذه البرية أين من يموت فيها حتّى يملأها الله قبوراً كما تزعمون ؟
قال : فقلت للكاتب : أهذا من قولكم ؟
قال : نعم . قلت : صدق ، أين من يموت في هذه البرية العظيمة حتّى تمتلئ قبوراً ؟ وتضاحكنا ساعة إذ انخذل الكاتب في أيدينا .
قال : وسرنا حتّى دخلنا المدينة ، فقصدت
بيت أبي الحسن عليّ بن محمد بن الرضا عليهم السلام ، فدخلت عليه فقرأ كتاب المتوكّل فقال : «انزلوا ، وليس من جهتي خلاف» .
قال : فلما حضرت إليه من الغد ، وكنا في
تموز أشدَّ ما يكون من الحر ، فإذا بين يديه خياط وهو يقطع من ثياب غلاظ ـ خفاتين ـ له ولغلمانه ، ثمّ قال للخياط : «إجمع عليها جماعة من الخياطين ، واعمد على الفراغ منها يومك هذا وبكّر بها إليَّ في هذا الوقت» .
___________________
ثم نظر إليَّ وقال : «يا يحيى ، اقضوا
وطركم من المدينة في هذا اليوم ، واعمل على الرحيل غداً في هذا الوقت» .
قال : فخرجنا وإنّما بيننا وبين العراق
مسيرة عشرة أيام ، فما يصنع بهذه الثياب ؟! ثمّ قلت في نفسي : هذا رجل لم يسافر ، وهو يقدّر أنّ كلَّ سفر يحتاج
فيه إلى هذه الثياب ، والعجب من الرَّافضة حيث يقولون بإمامة هذا مع فهمه . فعدت إليه في الغد في ذلك الوقت ، فإذا الثياب قد أحضرت ، فقال لغلمانه : «ادخلوا ، وخذوا لنا معكم لبابيد وبرانس» ثمَّ قال : «ارحل يا يحيى» فقلت في نفسي : هذا أعجب من الأوّل ، أيخاف أن يلحقنا الشّتاء في الطَّريق حتّى يأخذ معه اللبابيد والبرانس» .
فخرجت وأنا أستصغر فهمه حتّى إذا وصلنا
إلى مواضع المناظرة في القبور ارتفعت سحابة ، واسودَّت وأرعدت وأبرقت حتّى إذا صارت على رؤوسنا أرسلت برداً من الصخور ، وقد شدَّ على نفسه وغلمانه الخفاتين ، ولبسوا اللبابيد والبرانس وقال لغلمانه : «ارفعوا إلى يحيى لبادة ، وإلى الكاتب برنساً» وتجمعنا والبرد يأخذنا حتّى قتل من أصحابي ثمانون رجلاً ، وزالت ، ورجع الحرُّ كما كان .
فقال لي : «يا يحيى ، أنزل من بقي من
أصحابك ليدفن من مات ، فهكذا يملأ الله هذه البرية قبوراً» .
قال : فرميت نفسي عن الدابّة واعتذرت
إليه ، وقبّلت ركابه ورجله ، وقلت : أشهد أن لا إله إلَّا الله ، وأنّ محمَّداً رسول الله ، وأنّكم خلفاء الله في أرضه ، وقد كنتُ كافراً ، وإني الآن أسلمت على يديك يا مولاي .
قال : فتشيعت ، ولزمت خدمته إلى أن مضى
.
___________________
٤٩٥ / ١٣ ـ عن هبة الله بن أبي منصور
الموصلي ، قال : كان بديار ربيعة كاتب لنا نصراني وكان من أهل كفرتوثا
يسمّى (يوسف بن يعقوب) وكان بينه وبين والدي صداقة .
قال : فوافى ونزل عند والدي فقال : ما
شأنك قدمت في هذا الوقت ؟ قال : قد دعيت إلى حضرة المتوكل ، ولا أدري ما يراد مني ، إلَّا أنّي قد اشتريت نفسي من الله تعالى بمائة دينار قد حملتها لعلي بن محمّد بن الرضا عليهم السلام معي ، فقال له والدي : وفقت في هذا .
قال : وخرج إلى حضرة المتوكل وانصرف
إلينا بعد أيّام قلائل فرحاً مستبشراً ، فقال له أبي : حدّثني بحديثك .
قال : سرت إلى سر من رأى وما دخلتها قط
، فنزلت في دار وقلت : يجب أن أوصل المائة دينار إلى أبي الحسن بن الرضا عليه السلام قبل مصيري إلى باب المتوكل ، وقبل أن يعرف أحد قدومي .
قال : فعرفت أن المتوكّل قد منعه من
الركوب ، وأنّه ملازم لداره ، فقلت : كيف أصنع ؟ رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا ، لا آمن أن ينذر بي
فيكون ذلك زيادة فيما أحاذره .
قال : فتفكّرت ساعة في ذلك ، فوقع في
قلبي أن أركب حماري وأخرج من البلد ، ولا أمنعه من حيث يريد ، لعلي أقف على معرفة داره من غير أن أسأل أحداً .
قال : فجعلت الدراهم في كاغذة وجعلتها
في كمي ، وركبت
___________________
فكان الحمار يخرق
الشوارع والأسواق يمرّ حيث يشاء ، إلى أن صرت إلى باب دار ، فوقف الحمار ، فجهدت أن يزول فلم يزل ، فقلت للغلام : سل لمن هذه الدار ؟ فقيل : هذه دار ابن الرضا عليه السلام . فقلت : الله أكبر ، دلالة والله مقنعة .
قال : فإذا خادمٌ أسود قد خرج فقال :
أنت يوسف بن يعقوب ؟ قلت : نعم . قال : إنزل ، فنزلت ، فأقعدني في الدهليز ، ودخل ، فقلت في نفسي : وهذه دلالة أخرى ، مَن أين يعرف هذا الخادم اسمي وليس في هذا البلد أحد يعرفني ولا دخلته قط ؟!
قال : فخرج الخادم وقال : المائة دينار
الَّتي في كمك في الكاغذ هاتها . فناولته إيَّاها وقلت : هذه ثالثة ، ثمّ رجع إليَّ وقال : ادخل ، فدخلت إليه وهو في مجلسه وحده ، فقال : «يا يوسف ، أما بان لك ؟» فقلت : يا مولاي ، قد بان من البراهين ما فيه كفاية لمن اكتفى . فقال : «هيهات هيهات ، أما إنَّك لا تُسلم ولكن سيُسلم ولدك فلان ، وهو من شيعتنا ، يا يوسف ، إنّ أقواماً يزعمون أنّ ولايتنا لا تنفع أمثالك ، كذبوا والله ، إنّها لتنفع أمثالك ، امض فيما وافيت فإنّك سترى ما تحبُّ» .
قال : فمضيت إلى باب المتوكّل فقلت كلما
أردت وانصرفت .
قال هبة الله : فلقيت ابنه بعد هذا وهو
مُسلم حسن التشيع ، فأخبرني أنّ أباه مات على النصرانيّة ، وأنّه أسلم بعد موت والده ، وكان يقول : أنا بشارة مولاي عليه السلام .
٤٩٦ / ١٤ ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال :
ظهر برجل من أهل سر من رأى من البرص ما ينغص عليه عيشه ، فجلس يوماً إلى أبي عليّ الفهريِّ ، فشكا إليه حاله فقال له : لو تعرَّضت يوماً لأبي الحسن
___________________
علي بن محمد بن الرضا
عليهم السلام فتسأله أن يدعو لك رجوت أن يزول عنك .
فجلس له يوماً في الطريق وقت منصرفه من
دار المتوكِّل ، فلمّا رآه قام ليدنو منه فيسأله ذلك ، فقال : «تنحَّ عافاك الله» ثلاث مرات ، فابتعد الرجل ولم يجسر
أن يدنو منه ، وانصرف ، فلقي الفهريَّ فعرَّفه الحال وما قال : قال : قد دعا لك قبل أن تسأله ، فامضِ فإنّك ستعافى ، فانصرف الرجل إلى بيته فبات ليله ، فلمّا أصبح لم ير على بدنه شيئاً من ذلك .
٤٩٧ / ١٥ ـ عن زرافة حاجب المتوكل ، قال
: وقع رجل مشعبذ من ناحية الهند إلى المتوكل يلعب لعب الحقة ولم ير مثله ، وكان المتوكّل لعّاباً ، فأراد أن يُخجِلَ علي بن محمد بن الرضا عليه السلام فقال لذلك الرّجل : إن أخجلته أعطيتك ألف دينار .
قال : تقدّم بان يخبز رقاقاً خفافاً
واجعلها على المائدة وأقعدني إلى جنبه ، فقعدوا وأحضر علي بن محمد عليهما السلام للطعام ، وجعل له مسورة عن يساره ، وكان عليها صورة أسد ، وجلس اللاعب إلى جنب المسورة ، فمد علي بن محمد عليه السلام يده إلى رقاقة فطيّرها ذلك الرجل في الهواء ومدّ يده إلى أخرىٰ ، فطيّرها ذلك الرجل ، ومد يده إلى أخرى فطيرها فتضاحك الجميع .
فضرب علي بن محمد عليهما السلام يده
المباركة الشريفة على تلك الصورة التي في المسورة وقال : «خذيه» . فابتلعت الرجل ، وعادت كما كانت إلى المسورة .
فتحير الجميع ونهض أبو الحسن عليّ بن
محمد عليهما السلام
___________________
فقال له المتوكل : سألتك
إلَّا جلست ورددته . فقال : «والله لا تراه بعدها ، أتسلط أعداء الله على أولياء الله ؟!»
. وخرج من عنده ، فلم ير الرجل بعد ذلك
.
٤٩٨ / ١٦ ـ عن أبي العباس فضل بن أحمد
بن إسرائيل الكاتب ، قال : كنّا مع المعتز ، وكان أبي كاتبه ، فدخلنا الدار والمتوكل على سريره قاعد ، فسلّم المعتزّ ووقف ووقفت خلفه ، وكان عهدي به إذا دخل عليه رحّب به وأمره بالقعود ونظرت إلى وجهه يتغير ساعة بعد ساعة ، ويقبل على الفتح بن خاقان ويقول : هذا الَّذي يقول فيه ما يقول . ويرد عليه القول ، والفتح مقبل عليه يسكنه ويقول : مكذوب عليه يا أمير المؤمنين . وهو يتلظى ويقول : والله لأقتلنّ هذا المرائي الزنديق ، وهو الذي يدَّعي الكذب ، ويطعن في دولتي .
ثمّ قال : جئني بأربعة من الخزر وأجلاف
لا يفقهون . فجيء بهم ، ودفع إليهم أربعة أسياف ، وأمرهم أن يرطنوا بألسنتهم إذا دخل أبو الحسن ، وأن يقبلوا عليه بأسيافهم فيخبطوه ويقتلوه ، وهو يقول : والله لأحرقنّه بعد القتل . وأنا منتصب قائم خلفه من وراء الستر ، فما علمت إلَّا بأبي الحسن عليه السلام قد دخل ، وقد بادر الناس قدَّامه فقالوا : جاء والتفتّ ورائي وهو غير مكترث
ولا جازع ، فلمّا بصر به المتوكل رمى بنفسه من السرير إليه وهو بسيفه فانكبّ عليه يقبّل بين عينيه ، واحتمل يده بيده ، وهو يقول : يا سيدي ، يا ابن رسول الله ، ويا خير خلق الله ، يا ابن عمي ، يا مولاي ، يا أبا الحسن . وأبو الحسن يقول : «أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من هذا» . فقال : ما جاء بك يا
___________________
سيدي في هذا الوقت ؟
قال : «جاءني رسولك» فقال المتوكل : كذب ابن الفاعلة ، ارجع يا سيدي من حيث جئت ، يا فتح ، يا عبد الله ، يا معتز ، شيّعوا سيدي وسيدكم .
فلمّا بصر به الخزر خرّوا سجّداً مذعنين
، فلمّا خرج دعاهم المتوكل ثمّ أمر الترجمان أن يخبره بما يقولون ، ثمّ قال لهم : لم لا تفعلوا ما أمرتكم به ؟ قالوا : لشدَّة هيبته ، ورأينا حوله أكثر من مائة سيف لم نقدر أن ننالهم ، فمنعنا ذلك عمّا أمرنا به ، وامتلأت قلوبنا رعباً من ذلك . فقال المتوكل : هذا صاحبكم ، وضحك في وجه الفتح ، وضحك الفتح في وجهه وقال : الحمد لله الذي بيّض وجهه وأرانا
حجّته .
قال المصنف رحمه الله : وأظن أنّ القصة
التي ذكرتها قبل وأسندتها إلى جماعة أهل أصفهان وتشيّع عبد الرحمن الأصفهاني ، والخبر عمّا رواه من الأخبار عمّا في قلبه والدعاء له ، وإجابة الدعاء كان في ذلك اليوم ، ولا أبعد أن يكون من أمر المتوكل بقتله من الغلمان الخزرية وإحياء أبي الحسن عليه السلام إيّاهم ، هؤلاء الذين خرّوا له سجّداً في ذلك اليوم ، والله أعلم .
٤٩٩ / ١٧ ـ وأمّا حديث المخالي
فمشهور ، وذلك أنّ الخليفة أمر العسكر وهم تسعون
ألف فارس من الأتراك السَّاكنين بسرّ من رأى أن يملأ كلُّ واحد منهم مخلاة فرسه من الطين الأحمر ، ويجعلوا بعضه
___________________
على بعض في وسط برية
واسعة هناك ، ففعلوا .
فلمّا صار مثل جبل عظيم صعد فوقه
واستدعىٰ أبا الحسن عليه السلام واستصعده وقال : استحضرك للنظارة ، وقد كان أمرهم أن يلبسوا التجافيف
ويحملوا الأسلحة ، وقد عرضوا بأحسن زينة ، وأتمّ عدة ، وأعظم هيبة ، وكان غرضه أن يكسر كلّ من يخرج عليه ، وكان خوفه من أبي الحسن عليه السلام أن يأمر أحداً من أهل بيته أن يخرج على الخليفة .
فقال له أبو الحسن عليه السلام : «وهل
أعرض عليك عسكري ؟» فقال : نعم .
فدعا الله سبحانه ، فإذا بين السماء
والأرض من المشرق إلى المغرب ملائكة مدججون ، فغشي على المتوكل ، فلمّا أفاق قال له أبو الحسن عليه السلام : «نحن لا ننافسكم في الدنيا ، نحن مشتغلون بأمر الآخرة ، ولا عليك ممّا تظن» .
___________________
الباب الرابع عشر
في
ذكر آيات أبي محمّد الحسن بن علي العسكري
وفيه
أربعة فصول
١ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته عليه السلام في الحصى
وفيه
: حديث واحد
٥٠٠ / ١ ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال :
كنت عند أبي محمّد الحسن عليه السلام فاستؤذن لرجل من أهل اليمن ، فدخل رجل طويل جسيم جميل وسيم ، فسلّم عليه بالولاية ، فردَّ عليه بالقبول ، وأمره بالجلوس فجلس ملاصقاً بي ، فقلت في نفسي : ليت شعري من هذا ؟ فقال أبو محمّد عليه السلام : «هذا من ولد الأعرابية صاحبة الحصاة التي طبع فيها آبائي بخواتيمهم فانطبعت ، فقد جاء بها معه يريد أن نطبع فيها» .
ثمّ قال : هاتها فأخرج حصاة من جانب
منها موضع أملس ، فأخذها ثمّ أخرج خاتمه ، فطبع فيها فانطبع ، وكأنّي أقرأ نقش خاتمه الساعة «الحسن بن علي» فقلت لليماني : أرأيته قبل هذا ؟
قال : لا والله ، وإنّي منذ دهر لحريص
على رؤيته حتّى كان الساعة أتاني شابٌّ لست أراه فقال لي : قم فادخل ، فدخلت ، ثمّ نهض اليماني وهو يقول : رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ، ذرِّية
___________________
بعضها من بعض ، أشهد
أنَّ حقَّك لواجب كوجوب حقّ أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من بعده ، وإليك انتهت الحكمة والإِمامة ، وإنّك وليُّ الله ، لا عذر لأحد في الجهل بك .
فسألته عن اسمه فقال : اسمي مهجع بن
الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أم غانم ، وهي الأعرابية اليمانية صاحبة الحصاة الَّتي ختم فيها أمير المؤمنين عليه السلام .
وهذه أم غانم صاحبة الحصاة غير تلك
صاحبة الحصاة المشهورة ، وهي أم الندى بنت جعفر حبابة الوالبية الأسدية ، من أسد ابن خزيمة بن مدركة ، من بني سعد بن بكر بن زيد مناة .
وأمّا صاحبة الحصاة الأولى فهي أم مسلم ،
وقيل : أم أسلم ، جاءت النبي (ص) منزل أم سلمة فسألتها عن النبي (ص) فقالت : خرج (ص) في بعض الحوائج ، الساعة يجيء ، فانتظرته عند أمّ سلمة رضي الله عنها حتّى جاء (ص) ، فقالت أم مسلم : بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ، إني قد قرأت الكتاب وعلمت أن لكل نبي وصياً ، فموسى كان له وصي في حياته ووصي بعد وفاته ، وكذلك عيسى فمن وصيّك يا رسول الله ؟ فقال لها : «يا أم مسلم ، وصيي في حياتي وبعد مماتي واحد» ثمّ ضرب بيده إلى حصاة فجعلها كهيئة الدقيق ، ثمّ عجنها وختمها بخاتمه ، ثمّ قال لها : «يا أمّ سلمة ، من فعل بعدي مثل فعلي فهو وصيي في حياتي وبعد مماتي» .
فخرجت من عنده وأتت أمير المؤمنين عليه
السلام فقالت : بأبي أنت وأمي ، أنت وصي رسول الله (ص) ؟ فقال : «نعم يا أم مسلم» ثمّ ضرب بيده إلى الحصاة فجعلها كهيئة الدقيق ثمّ عجنها وختمها بخاتمه ، ثمّ قال : «يا أم مسلم ، من فعل [ مثل ] فعلي هذا فهو وصيي» .
فأتت الحسن عليه السلام وهو غلام فقالت
له : سيدي ، أنت
وصي أبيك ؟ فقال : «نعم
يا أم سلمة» وضرب بيده إلى الحصاة ففعل بها كفعلهما .
فخرجت من عنده حتّى أتت الحسين عليه
السلام وهي مستصغرة له ، فقالت : بأبي أنت وأمّي ، أنت وصي أخيك ؟ فقال : «نعم يا أم مسلم» وفعل مثل فعل أخيه .
ثمّ لحقت بعلي بن الحسين عليه السلام
بعد قتل الحسين عليه السلام في منصرفه ، فسألته : أنت وصي أبيك ؟ فقال : «نعم» ثمّ فعل كفعلهم عليهم السلام .
وقد أنشد في قصة اليماني والحصاة ، وهو
شعر :
بدرت إلى مولانا يطبع الحصى
|
|
له الله أصفى بالدليل وأخلصا
|
وأعطاه آيات الإِمامة كلها
|
|
كموسى وفلق البحر والسيد والعصا
|
وما قمّص الله النبيّين حجة
|
|
ومعجزة إلَّا الوصيّين قمصا
|
٢ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته عليه السلام من الاخبار بحديث النفس
وفيه
: أربعة عشر حديثاً
٥٠١ / ١ ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال :
سمعت أبا محمّد عليه السلام يقول : «إنّ في الجنّة باباً يقال له : المعروف ، ولا يدخله إلَّا أهل المعروف» . فحمدت الله تعالى في نفسي ، وفرحت بما أتكلف من حوائج الناس ، فنظر عليه السلام إليَّ فقال : «نعم دُمْ على ما أنت عليه ، فإنّ أهل المعروف في دنياهم هم أهل المعروف في الآخرة ، جعلك الله منهم يا أبا هاشم ورحمك» .
٥٠٢ / ٢ ـ وعنه قال : سأل محمّد بن صالح
الأرمني : عرّفني عن قول الله عزّ وجل ، (
لِلَّـهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ )
فقال عليه السلام : «لله الأمر من قبل أن يأمر ، ومن بعد أن يأمر بما يشاء» . فقلت في نفسي : هذا تأويل قوله تعالى : (
أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )
.
___________________
فأقبل عليَّ وقال : «كما هو أسررت في
نفسك ( أَلَا لَهُ
الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) »
فقلت : أشهد أنّك حجّة الله وابن حجّته على عباده .
٥٠٣ / ٣ ـ وعنه قال : دخلت على أبي محمد
عليه السلام وأنا أريد أن أسأله ما أصوغ به خاتماً أتبارك به ، فجلست ونسيت ما جئت له ، فلمّا ودّعته ونهضت رمى إليَّ خاتماً وقال : «أردت فضَّة فأعطيناك خاتماً ، وربحت الفص والكرى ، هنأك الله يا أبا هاشم» فتعجبت من ذلك وقلت : يا سيدي ، أشهد أنّك ولي الله ، وإمامي الذي أدين لله بفرض طاعته . فقال : «غفر الله لك يا أبا هاشم» .
٥٠٤ / ٤ ـ عن الحسن بن ظريف ، قال :
اختلج في صدري
مسألتان أردت الكتابة بهما إلى أبي محمّد عليه السلام فكتبت أسأله : إذا قام القائم وأراد أن يقضي ، أين مجلسه الذي يقضي فيه بين الناس ؟ وأردت أن أكتب إليه أسأله عن حمّى الرِّبع ، أغفلت ذكر الحمى ، فجاء الجواب : «سألت عن القائم فإذا قام يقضي بين الناس بعلمه ، كقضاء داود ، ولا يسأل البينة ، وكنت أردت أن تسأل عن حمّى الربع فأنسيت ، فاكتب على ورقة وعلّقها على المحموم (
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ )
فإنّه يبرأ بإذن الله تعالى» .
___________________
٥٠٥ / ٥ ـ عن أبي هاشم ، قال : كنت
مضيّقاً عليَّ ، فأردت أن أطلب منه شيئاً من الدنانير في كتاب فاستحييت ، فلمّا صرت إلى منزلي وجّه إليَّ مائة دينار ، وكتب إليَّ : «إذا كانت لك حاجة فلا تستحي ولا تحتشم ، واطلبها فإنّك ترى ما تحب إن شاء الله تعالى»
٥٠٦ / ٦ ـ وعنه قال : كنت عند أبي محمد عليه
السلام فسألته عن قول الله تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا
الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ
بِإِذْنِ اللَّـهِ )
فقال عليه السلام : «كلّهم من آل محمّد عليهم السلام ، الظالم لنفسه الذي لا يقرّ بالإِمام ، والمقتصد العارف بالإِمام ، والسابق بالخيرات بإذن الله الإِمام» .
قال : فدمعت عيناي وجعلت أفكر في نفسي
عظم ما أعطى الله آل محمّد عليهم السلام ، فنظر إليَّ وقال : «الأمر أعظم مما حدَّثتك به نفسك من عظم شأن آل محمّد عليهم السلام ، فاحمد الله فقد جعلك متمسكاً بحبلهم ، تدعى يوم القيامة بهم إذا دعي كل أناس بإمامهم ، فابشر يا أبا هاشم فإنّك على خير» .
٥٠٧ / ٧ ـ وعنه ، قال : سأل محمّد بن
صالح الأرمني أبا محمّد عليه السلام عن قول الله تعالى : (
يَمْحُو اللَّـهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ
___________________
الْكِتَابِ )
فقال عليه السلام : «هل يمحو إلَّا ما كان ، وهل يثبت إلا ما لم يكن ؟» فقلت في نفسي : هذا خلاف قول هشام أنّه لا يعلم بالشيء حتّى يكون .
فنظر إليَّ أبو محمد عليه السلام وقال :
«تعالى الجبّار العالم بالأشياء قبل كونها ، الخالق إذ لا مخلوق ، والرب إذ لا مربوب ، والقادر قبل المقدور عليه» . فقلت : أشهد أنّك حجّة الله ووليه بقسط ، وأنّك على منهاج أمير المؤمنين عليه السلام .
٥٠٨ / ٨ ـ وعنه قال : كنت عنده فسأله
محمّد بن صالح الأرمني عن قول الله تعالى : (
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ )
الآية قال : «ثبتوا المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ومن رازقه» .
قال أبو هاشم : فجعلت أتعجّب في نفسي من
عظيم ما أعطى الله وليّه من جزيل ما حمله ، فأقبل أبو محمّد عليه السلام عليَّ وقال : «الأمر أعجب ممّا عجبت منه يا أبا هاشم ، وأعظم ، ما ظنك بقوم مَن عرفهم عرف الله ، ومَن أنكرهم أنكر الله ، ولا يكون مؤمناً حتىٰ يكون لولايتهم مصدّقاً ، وبمعرفتهم موقناً ؟» .
٥٠٩ / ٩ ـ وعنه ، قال : سمعت أبا محمّد عليه
السلام قال : «الذنوب التي لا تغفر قول الرجل : ليتني لا أُواخذ إلَّا بهذا» فقلت في نفسي : إن هذا لهو الدقيق
، وقد ينبغي للرجل أن يتفقد من نفسه
___________________
كلّ شيء ، فأقبل عليَّ
عليه السلام ، وقال : «صدقت يا أبا هاشم ، نِعْمَ ما حدثتك به نفسك ، فإن الإِشراك في الناس أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء ، ومن دبيب الذر على الشبح الأسود»
٥١٠ / ١٠ ـ عن يحيى بن المرزبان ، قال :
التقيت مع رجل فَأخبرني أنّه كان له ابن عم ينازعه في الإِمامة والقول في أبي محمد عليه السلام وغيره ، فقلت : لا أقول به ولا أرى منه علامة ، فوردت العسكري في حاجة ، فأقبل أبو محمّد عليه السلام ، فقلت في نفسي متعنتاً : إنْ مدّ يده إلى رأسه وكشفه ثمّ نظر إليّ وردّه قلت به .
فلمّا حاذاني مدّ يده إلى رأسه أو
القلنسوة ، فكشفها ثمّ برق عينيه فيَّ ثمّ ردَّها وقال : «يا يحيى ، ما فعل ابن عمك الذي ينازعك في الإِمامة ؟» فقلت : خلّفته صالحاً فقال : «لا تنازعه» ثمّ مضى .
٥١١ / ١١ ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال :
فكّرت في نفسي فقلت : أشتهي أن أعلم ما يقول أبو محمّد عليه السلام في القرآن ؟ فبدأني وقال : «الله خالق كلّ شيء ، وما سواه فهو مخلوق» .
٥١٢ / ١٢ ـ عن ابن الفرات قال : كان لي
على ابن عم لي عشرة آلاف درهم ، فكتبت إلى أبي محمّد عليه السلام أشكو إليه وأسأله الدعاء ، وقلت في نفسي : لا أبالي أين يذهب مالي بعد أن أهلكه الله .
قال : فكتب إليَّ : «إنّ يوسف عليه
السلام شكا إلى ربّه السجن فأوحى
___________________
الله إليه : أنت أخترت
لنفسك ذلك حيث قلت : (
رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ )
ولو سألتني أن
أعافيك لعافيتك ؛ إنّ ابن عمّك لراد عليك مالك ، وهو ميت بعد جمعة» .
قال : فردّ عليَّ ابن عمّي مالي ، فقلت
: ما بدا لك في ردّه وقد منعتني إيّاه ؟ قال : رأيت أبا محمّد عليه السلام في المنام فقال لي : «إنّ أجلك قد دنا ، فردّ على ابن عمّك ماله» .
٥١٣ / ١٣ ـ عن أبي القاسم الحليسي قال :
كنت أزور العسكري في شعبان في أوله ، ثمّ أزور الحسين عليه السلام في النصف من شعبان ، فلمّا كانت سنة من السّنين وردت
العسكري قبل شعبان وظننت أني لا أزوره في شعبان ، فلمّا دخل شعبان قلت : لا أدع زيارة كنت أزورها ، وخرجت إلى العسكر ، وكنت إذا وافيت العسكر ، أعلمتهم برقعة أو رسالة ، فلمّا كان في هذه المرّة قلت : أجعلها زيارة خالصة لا أخلطها بغيرها ، وقلت لصاحب المنزل : أحب أن لا تعلمهم بقدومي .
فلمّا أقمت ليلة جاءني صاحب المنزل بدينارين
وهو (متبسّم ضاحك مستبشر) ويقول : بعث إلي بهذين الدينارين وقيل لي : ادفعهما إلى الحليسي وقل له : «من كان في طاعة الله كان الله في حاجته» .
٥١٤ / ١٤ ـ عن محمّد بن عليِّ بن
إبراهيم بن موسى بن جعفر قال : ضاقَ بنا الأمر فقال لي أبي : امضِ بنا حتّى نصيرَ إلى هذا
___________________
الرجل ـ يعني أبا
محمد عليه السلام ـ فإنّه قد وصف عنه سماحة . فقال لي : أتعرفه ؟ فقلت : ما أعرفه ولا رأيته قط .
قال : فقصدناه ، فقال لي أبي وهو في
طريقه ، ما أحوجنا أن يأمر لنا بخمسمائة درهم ، مائتين للكسوة ومائتي درهم للدين
، ومائة درهم للنفقة ، وأخرج إلى الجبل .
فقلت في نفسي : ليته أمر لي بثلاثمائة
درهم ، أشتري بمائة حماراً ، وبمائة كسوة ، ومائة درهم للنفقة ، وأخرج إلى الجبل .
فلمّا وافينا الباب خرج إلينا غلام فقال
: يدخل عليُّ بن إبراهيم ومحمّد ابنه ؛ فلمّا دخلنا عليه وسلّمنا عليه قال لأبي : «على ما خلّفك عنّا إلى هذا الوقت ؟» فقال : يا سيدي ، استحييت أن ألقاك وأنا على هذه الصورة والحال . فلمّا خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبي صرّة فيها خمسمائة درهم وقال : هذه الصرة : مائتان للكسوة ، ومائتان للدين ، ومائة درهم للنفقة ، ولا تخرج إلى الجبل وصر إلى سوراء
. وأعطاني صرَّة فقال هذه ثلاثمائة درهم ، اجعل مائة منها ثمن حمار ، ومائة للكسوة ، ومائة للنفقة ، ولا تخرج إلى الجبل وصر إلى سوراء .
قال : فصار أبي إلى سوراء ، فتزوج
بامرأة ، فدخله إلى اليوم ألفا درهم ، وهو مع ذلك يقول بالوقف .
٥١٥ / ١٥ ـ عن إسحاق ، عن الأقرع قال :
كنت كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله عن الإِمام هل يحتلم ؟ وقلت في نفسي بعدها
___________________
قد أعاذ الله تبارك
وتعالىٰ أولياءه من ذلك .
فورد الجواب : «حال الأئمة عليهم السلام
في المنام حالهم في اليقظة ، لا يغيّر النوم منهم شيئاً ، وقد أعاذ الله عز وجل أولياءه من الشيطان ، كما حدّثتك نفسك» .
٣ ـ فصل :
في
بيان آياته عليه السلام في الإِخبار بالمغيبات
وفيه
: اثنا عشر حديثاً
٥١٦ / ١ ـ عن علي بن زيد بن علي بن
الحسين ، قال : كان لي فرس وكنت به معجباً أكثر ذكره في المحافل ، فدخلت على أبي محمد عليه السلام يوماً فقال لي : «ما فعل فرسك ؟» فقلت هو عندي ها هوذا على بابك ، نزلت الآن عنه ، قال : «استبدل به قبل المساء إن قدرت ، ولا تؤخر ذلك» ودخل علينا داخل فانقطع الكلام ، فبقيت متفكراً ، ومضيت إلى منزلي فأخبرت أخي
فقال : ما أدري ما أقول في هذا ؟ وشححت عليه ونفست عليه ونفست على السائس ببيعه ، وأمسيت .
فلمّا صلّيت العتمة جاءني السائس وقال :
يا مولاي ، مات فرسك الساعة . فاغتممت لذلك ، وعلمت أنّه عنى هذا بذلك القول .
ثمّ دخلت على أبي محمّد عليه السلام بعد
أيّام وأنا أقول في نفسي : ليته أخلف عليَّ دابتي . فلمّا جلست قال قبل أن يتحدّث : «نعم نخلف عليك ، يا غلام اعطه برذوني الكميت» . ثمّ قال : «هذا خير من فرسك وأطول عمراً» .
___________________
٥١٧ / ٢ ـ عن محمّد بن الربيع الشيباني
، قال : ناظرت رجلاً من الثنوية بالأهواز ، ثمّ قدمت سر من رأى وقد علق بقلبي شيء من مقالته ، وإنّي جالس على باب دار أحمد الخصيب إذ أقبل أبو محمد عليه السلام من دار العامّة يوم الموكب ، فنظر إليَّ وأشار بسبابته «أحدٌ ، فوحِّده» فسقطت مغشياً عليَّ .
٥١٨ / ٣ ـ عن محمّد بن حجر ، قال : كتبت
إلى أبي محمّد عليه السلام فشكوت إليه عبد العزيز بن أبي دلف ، ويزيد بن عبد الله ، فكتب إلي : «أمّا عبد العزيز فقد كُفيته ، وأمّا يزيد فلك وله مقام بين يدي الله عز وجل» فمات عبد العزيز بن دلف ، وقتلَ يزيدٌ بن عبد الله محمد بن حجر .
٥١٩ / ٤ ـ عن إبراهيم بن هلقام ، عن ابن
القزاز قال : كنت أشتهي الولد شهوة شديدة ، فأقبل أبو محمد عليه السلام فارساً ، فقلت تراني أرزق ولداً ؟ فقال برأسه : نعم ، فقلت : ذكراً ؟ فقال برأسه : لا ، فولدت لي بنت .
٥٢٠ / ٥ ـ عن حمزة بن محمد بن أحمد بن
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : كان أبي بُلي بالشلل وضاق صدره ، فقال : لأقصدنَّ هذا الذي تزعم الإِمامية أنّه إمام . يعني الحسن بن علي عليهما السلام .
___________________
قال : فاكتريت دابَّة وارتحلت نحو سر من
رأى فوافيتها ، وكان يوم ركوب الخليفة إلى الصيد ، فلما ركب الخليفة ركب معه الحسن بن علي ، فلما ظهروا واشتغل الخليفة باللهو ، وطلب الصيد اعتزل أبو محمد عليه السلام وألقى إلى غلامه الغاشية فجلس عليها ، فجئت إلى خرابة بالقرب منه فشددت دابَّتي وقصدت نحوه ، فناداني : «يا أبا محمّد لا تدن منّي فإنّ عليَّ عيوناً ، وأنت أيضاً خائف» .
قال : فقلت في نفسي : هذا أيضاً من
مخاريق الإِمامة ، ما يدري ما حاجتي ؟ قال : فجاءني غلامه ومعه صرَّة فيها ثلاثمائة دينار فقال : يقول لك مولاي : «جئت تشكو إلي الشلل ، وأنا أدعو الله بقضاء حاجتك ، كثّر الله ولدك ، وجعل فيكم أبراراً ، خذ هذه الثلاثمائة دينار بارك الله لك فيها» .
قال : فما خلاني من ثلاثمائة دينار ،
وكانت معه .
قال : ولمّا مات واقتسمنا وجدنا مائتين
وثمانين ديناراً ، ثمّ أخبرتنا خادمة لنا أنّها سرقت منها عشرين ديناراً ، وسألتنا أن نجعلها في حلّ منها .
٥٢١ / ٦ ـ عن أبي القاسم بن إبراهيم بن
محمّد المعروف بابن الحميري ، قال : خرج أبي محمّد بن علي من المدينة فأردت قصده ، ولم أعلم في أي الطريق أخذ ، فقلت : ليس لي إلا الحسن بن علي عليهما السلام ، فقصدته بسر من رأى ووقفت ببابه وهو مغلق ، فقعدت منتظراً لداخل أو خارج ، فسمعت قرع الباب وكلام جارية من خلف الباب ، فقالت : يا ابن إبراهيم بن محمد ، إنّ مولاي يقرئك السلام ـ ومعها صرَّة فيها عشرون ديناراً ـ ويقول : «هذه بلغتك إلى أبيك» فأخذت الصرّة وقصدت الجبل ، وظفرت بأبي بطبرستان ، وكان بقي من الدنانير دينار واحد ، فدفعته إلى أبي وقلت : هذا ما أنفذه إليك
___________________
مولاي ؛ وذكرت له
القصّة .
٥٢٢ / ٧ ـ عن علي بن علي بن الحسن بن
شابور ، قال : وقع قحط بسر من رأى في زمان المولى الحسن بن علي عليهما السلام ، فأمر الخليفة الحاجب وأهل المملكة أن يخرجوا للاستسقاء ، فخرجوا ثلاثة أيام متواليات إلى المصلَّى يستسقون فما سقوا .
فخرج الجاثليق في اليوم الرابع إلى
الصحراء ، ومعه النصارى والرهبان ، وكان فيهم راهب ، فلمّا مد يده هطلت السماء بالمطر ، وخرج في اليوم الثاني فهطلت السماء بالمطر ، فشكّ أكثر الناس وتعجبوا ، وَصَبَوْا إلى دين النصرانية لما رأوا ذلك ، فأنفذ الخليفة إلى أبي محمّد عليه السلام ، وكان محبوساً ، فأخرجه من حبسه ، وقال : الحق أمّة جدِّك فقد هلكت . فقال له : إنّي خارج من غد ومزيل الشك فخرج الجاثليق في اليوم الثالث والرُّهبان معه ومولانا وسيدنا الحسن بن علي عليهما السلام في نفر من أصحابه ، فلمّا بصر بالراهب وقد مدَّ يده أمر بعض مماليكه أن يقبض على يده اليمنى ويأخذ ما بين أصبعيه ؛ ففعل وأخذ من بين سبابتيه عظماً أسود ، فأخذه مولانا عليه السلام ثمّ قال : «استسق الآن» فاستسقى وكانت السماء مغيمة فانقشعت وطلعت الشمس بيضاء .
فقال الخليفة : ما هذا العظم يا أبا
محمد ؟
فقال عليه السلام : «هذا عظم نبي من
أنبياء الله تعالى ، وهذا رجل من نسل ذلك النبي ، فوقع في يده هذا العظم ، وما كشف عن عظم النبي إلَّا هطلت السماء بالمطر» .
___________________
٥٢٣ / ٨ ـ عن محمّد بن عبد الله ، قال :
لمّا أمر الزبير
بحمل أبي محمّد عليه السلام كتب إليه أبو هاشم : جعلت فداك ، بلغنا خبر أقلقنا وبلغ منازل محمد بن عبد الله قال : فكتب إليه : «بعد ثلاث يأتيك الخبر» فقتل الزبير
يوم الثالث .
قال : فُقِدَ غلام له صغير ، فلم يوجد ،
فأخبر بذلك فقال : «اطلبوه في البركة» فطلب فوجد فيها ميتاً .
٥٢٤ / ٩ ـ عن علي بن محمد الصيمري ، قال
: دخلت على أبي عبد الله بن عبد الله وبين يديه رقعة فقال : هذه الرقعة كتبها إليَّ أبو محمّد عليه السلام فيها : «إنّي نازلت الله تعالى في هذا الطاغية يعني الزبير بن جعفر وهو آخذه بعد ثلاث» . فلمّا كان اليوم الثالث فعل به ما فعل .
٥٢٥ / ١٠ ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال :
شكوت إلى أبي محمّد عليه السلام ضيق الحبس وثقل القيد
، فكتب إليَّ : «تصلّي الظهر اليوم في منزلك» فأخرجت في وقت الظهر فصلّيت في منزلي كما قال عليه السلام .
___________________
وعنه : كنت مضيقاً ، فأردت أن أطلب منه
دنانير في كتابي فاستحييت منه ، فلمّا صرت إلى منزلي وجّه إليَّ بثلاثمائة دينار ، وكتب إليَّ «إذا كانت لك حاجة فلا تستحي ولا تستحشم ، واطلبها فإنّك ترى ما تحب إن شاء الله تعالى» .
٥٢٦ / ١١ ـ وعنه ، قال : كنت في الحبس
المعروف بحبس الجبيس ، بالجوسق بالقصر الأحمر أنا وعبد الله الخدوري والحسين بن محمّد العقيقي ، وحمزة الغراب ، ومحمّد بن إبراهيم القمي ، وحبس معنا أبو محمد عليه السلام وأخوه جعفر فحففنا به ، وكان المتولي لحبسه صالح بن وصيف ، وكان معنا في الحبس رجل جمحي يقول إنّه علوي ، فالتفت أبو محمد عليه السلام فقال : «لولا أنّ فيكم من ليس منكم لأخبرتكم متّى يفرّج الله عنكم» وأومأ إلى الجمحي بأن يخرج فخرج فقال عليه السلام : «هذا رجل ليس منكم فاحذروه ، وإنّ في ثيابه قصة كتبها إلى السلطان يخبره بما تقولون فيه» . فقال بعضهم : نفتش ثيابه ، ففتشوا فوجد فيها القصة يذكرنا فيها عظيمة ويعلمه بأنّنا ننقب ونهرب ، وفي الحديث طول .
ثمّ قال : وكنت أصوم معه فضعفت ذات يوم
، فأفطرت في بيت آخر على كعكة ، وما يدري والله أحد ، ثمّ جئت وجلست معه ، فقال لغلامه : «أطعم أبا هاشم فإنّه مفطر» فتبسّمت فقال : «ما يضحكك يا أبا هاشم ؟ إذا أردت القوّة فكل اللّحم ، فإنَّ الكعك لا قوة فيه» .
فلما كان في اليوم الثالث الذي أراد
الله أن يفرج عنه ، جاءه الغلام وقال يا سيدي ، احمل فطورك ؟ فقال : «احمل وما أحسبنا نأكل
___________________
منه» فحمل الطعام
الظهر ، وأطلق عند العصر وهو صائم قال : «هداكم الله» .
٥٢٧ / ١٢ ـ عن إسماعيل بن محمّد بن علي
بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، قال : قعدت لأبي محمّد عليه السلام على ظهر الطريق ، فلمّا مرَّ بي شكوت إليه الحاجة ، وحلفت له أنّه ليس عندي دِرهَمُ فما فوقه ، ولا غداء ولا عشاء .
قال : فقال : «تحلف بالله كاذباً وقد
دفنت مائتي دينار ! وليس قولي لك هذا دفعاً عن العطية ، يا غلام أعطه ما معك ؟» فأعطاني غلامه مائة دينار ، ثمّ أقبل عليَّ فقال : «إنّك تحرمها أحوج ما تكون إليها» ففنيت الدنانير التي دفنتها ، وصدق عليه السلام فيما قال دفنت مائتي دينار ، وقلت : تكون ظهراً وكهفاً لنا ، فاضطررت ضرورة شديدة إلى شيء أنفقه ، وانغلقت عليَّ أبواب الرزق ففتشت عنها فإذا ابن لي قد عرف موضعها فأخذها وهرب ، فما قدرت منها على شيء .
___________________
٤ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته عليه السلام في معان شتّى
وفيه
: أربعة أحاديث
٥٢٨ / ١ ـ عن أحمد بن الحارث القزويني ،
قال : كنت مع أبي بسر من رأى نتعاطى البيطرة في مربط أبي محمّد عليه السلام ، وكان عند المستعين بغل لم ير مثله حسناً وكبراً ، وكان يمنع ظهره من السرج ومن اللجام ، وقد كان قد جمع عليه الرواض فلم تكن لهم حيلة في ركوبه فقال له بعض ندمائه : يا أمير المؤمنين ، ألا تبعث إلى أبي محمّد الحسن بن الرضا حتّى يجيء ، فإمّا أن يركبه [ وإما أن يقتله ] فتستريح منه ، فبعث إلى أبي محمّد عليه السلام ، ومضى أبي معه .
قال أبي : فلمّا وصل إلى الدار كنت معه
، فنظر إلى البغل واقفاً في صحن الدار فعدل إليه ووضع يده على كفله .
قال : فنظرت إلى البغل وقد عرق حتّى سال
العرق منه .
ثمّ صار إلى المستعين فسلّم عليه ،
فرحّب وقرب وقال : يا أبا محمّد ، الجم هذا البغل ، فقال أبو محمّد عليه السلام لأبي : الجمه يا
___________________
غلام ، فقال له
المستعين : الجمه أنت . فوضع عليه السلام طيلسانه فألجمه .
ثمّ رجع إلى مجلسه فقعد ، فقال له : يا
أبا محمّد ، أسرجه ، فقال لأبي : «أسرجه يا غلام» ، فقال المستعين : أسرجه أنت يا أبا محمد ، فقام عليه السلام وأسرجه ورجع .
فقال له : أترى أن تركبه ؟ فقال : «نعم»
فقام فركبه من غير أن يمتنع عليه ، ثمّ ركضه في الدار ، ثمّ حمله على الهملجة فمشى أحسن مشي يكون ، ثمّ رجع فنزل ، فقال له المستعين : يا أبا محمّد ، كيف رأيته ؟ فقال : «يا أمير المؤمنين ، ما رأيت مثله ، حسناً» . فقال : خذه فهو لك ، فقال : «أراه وما يصلح أن يكون مثله إلّا لأمير المؤمنين» . فقال : يا أبا محمّد ، إنّ أمير المؤمنين قد حملك عليه ، فقال عليه السلام لأبي : «يا غلام خذه» فأخذه .
٥٢٩ / ٢ ـ عن سيف بن الليث ، قال : خلفت
ابناً لي عليلاً بمصر عند خروجي منها ، وابنا لي آخر أسنّ منه ، كان وصيي وقيمي على عيالي وفي ضياعي ، فكتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله الدعاء لابني العليل ، فكتب إليَّ : «قد عوفي ابنك المعتل ، ومات وصيّك وقيّمك الكبير ، فاحمد الله ، ولا تجزع فيحبط عملك وأجرك» . فورد الخبر أن ابني عوفي من علّته ، ومات ابني الكبير يوم ورد عليَّ جواب أبي محمّد عليه السلام عن مسألتي .
٥٣٠ / ٣ ـ عن علي بن محمّد ، عن بعض
أصحابنا ، قال : لمّا
___________________
سلّم أبو محمّد عليه
السلام إلى فخر بن أيم
فكان يضيق عليه ويؤذيه قال : فقالت له امرأته : ويلك) اتق الله ألا تدري من في منزلك ؟! وعرّفته صلاحه ، وقالت : إنّي أخاف عليك منه . فقال : لأرمينه بين السباع . ثمّ فعل ذلك فرآه قائماً يُصلّي وحوله السباع
٥٣١ / ٤ ـ عن أحمد بن إسحاق ، قال :
دخلت على أبي محمّد عليه السلام وقلت : إنّي مغتم بشيء يصيبني في نفسي ، وإنّي أردت أن أسأل أباك فلم يتفق
لي . قال : «وما هو يا أحمد ؟» فقلت : يا سيدي ، روي عن آبائك أنّ نوم الأنبياء على أقفيتهم ، ونوم المؤمنين على أيمانهم ، ونوم المنافقين على شمائلهم ، ونوم الشياطين على وجوههم . فقال عليه السلام : «كذلك هو» . فقلت : يا سيدي ، فإنّي أجهد أن أنام على يميني ولا يأخذني النوم عليها . فسكت ساعة ثمّ قال : «ادنُ منّي يا أحمد» فدنوت منه فقال : «ادخل يدك تحت ثيابك» فادخلتها ، فأخرج يده من تحت ثيابه وأدخلها تحت ثيابي ومسح بيده اليمنى على جانبي الأيسر وبيده على جانبي الأيمن ثلاث مرات .
قال أحمد : فما قدرت أن أنام على يساري
منذ فعل ذلك بي ، وما أخذني عليها نوم أصلاً .
___________________
الباب الخامس عشر
في
ذكر آيات صاحب الزمان الخلف الصالح المنتظر المهدي عجل الله فرجه الشريف
وفيه
خمسة فصول
١ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته عليه السلام في حال ولادته وبعدها
وفيه
: حديثان
٥٣٢ / ١ ـ عن السياري قال : حدّثتني
نسيم ومارية ، قالتا : لمّا خرج صاحب الزمان عليه السلام من بطن أمّه سقط جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبابته نحو السماء ، ثمّ عطس فقال : «الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله ، عبداً ذاكراً لله ، غير مستنكف ولا مستكبر» .
ثمّ قال : «زعمت الظلمة أنّ حجة الله
داحضة ، ولو أذن لنا في الكلام لزال الشك» .
٥٣٣ / ٢ ـ عن أبي علي الحسن الآبي قال :
حدّثتني الجارية التي أهديتها لأبي محمّد عليه السلام قالت : لمّا ولد السيّد عليه السلام رأيت نوراً ساطعاً قد ظهر منه وبلغ أفق السماء ، ورأيت طيوراً بيضاء تهبط من السماء وتمسح أجنحتها على رأسه ووجهه وسائر جسده ثمّ تطير ، فأخبرنا أبا محمد عليه السلام بذلك فضحك ثمّ قال : «تلك ملائكة السماء نزلت لتتبرك بهذا المولود ، وهي أنصاره إذا خرج بأمر الله عزّ وجل» .
___________________
٢ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته عليه السلام في حال طفولته
وفيه
: حديث واحد
٥٣٤ / ١ ـ عن سعد بن عبد الله بن أبي
خلف ، قال في حديث طويل أنا أقتصر على الموضع المقصود منه ، قال : مضيت إلى سر من رأى مع أحمد بن إسحاق لأزور أبا محمّد عليه السلام وأسأله عن مسائل أشكلت عليَّ ، فلمّا وصلنا إليها ووردنا باب أبي محمد عليه السلام استأذنا فخرج الإِذن بالدخول ، وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب غطاه بكساء طبري ، فيه مائة وستون صرّة من الدنانير والدراهم ، على كلّ صرّة منها ختم لصاحبه .
قال سعد : فما شبّهت أبا محمّد حين
غشينا نور وجهه إلّا ببدر قد استوت لياليه أربعاً بعد عشرة ، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر ، على رأسه فرق بين وفرة كأنّه ألف بين واوين ، وبين يديه رمّانة ذهبية تلمع ببدائع نقوشها ، ووسطها غرائب الفصوص المركّبة عليها ، قد كان أهداها له بعض رؤساء أهل البصرة ، وبيده قلم إذا أراد أن يسطّر به على البياض قبض الغلام على أصابعه ، فكان مولانا عليه السلام يدحرج الرمّانة بين يديه ويشغله بردّها كي لا
___________________
يصدّه عن كتبه ما
أراده ، فسلّمنا عليه فألطف بالجواب وأومأ إلينا بالجلوس .
فلمّا فرغ من كتبه البياض الذي كان بيده
أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طي كسائه ، فوضعه بين يديه ، فنظر المولى أبو محمّد عليه السلام إلى الغلام ، وقال : «يا بني ، فضّ الختم عن هدايا شيعتك التي بعثوها إليك» .
فقال : «يا مولاي ، يجوز لي أن أمدَّ
يدي الطاهرة إلى هدايا نجسة وأموال وحشة قد خلط حلّها بحرامها ؟» .
فقال عليه السلام : «يا ابن إسحاق ،
استخرج ما في الجراب ، ليميّز بين الحلال والحرام منها» .
فأول صرة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام
: هذا لفلان بن فلان من غلّة كذا ، تشتمل على اثنين وستين ديناراً ، منها من ثمن حجرة باعها ، وكانت إرثاً له من أبيه ، خمسة وأربعين ديناراً ، ومن أثمان تسعة أثواب
أربعة عشر ديناراً ، وفيها من أجرة الحوانيت ثلاثة دنانير» .
فقال مولانا عليه السلام : «يا بني ، دل
الرجل على الحرام منها» .
فقال : «فتّش عن دينار منها رازي السكة
، تاريخه سنة كذا ، قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه وقراضته
أصلية وزنها ربع دينار .
والعلّة في تحريمها أنّ صاحب هذه الحلّة
وزن في شهر كذا من
___________________
سنة كذا على حائك من
جيرانه من الغزل منّاً وربع ، فأتت على ذلك مدة قبض انتهاها لذلك الغزل سارقاً ، فأخبر به الحائك صاحبه فكذّبه واستردّ منه بدل ذلك منّاً ونصفاً من غزل أول ممّا كان دفعه إليه ، فاتخذ من ذلك ثوباً كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه» .
فلمّا فتح رأس الصرّة صادف رقعة في وسط
الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها على حسب ما قال ، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة .
ثمّ أخرج صرّة أخرى فقال الغلام عليه
السلام : «هذا لفلان بن فلان ، من محلّة كذا ، وهو يشتمل على خمسين ديناراً ، لا يحلّ لنا شيء منها» .
قال : «وكيف ذلك ؟» قال : «لأنّها من
ثمن حنطة قد حاف صاحبها على أكاريه في المقاسمة ، وذلك أنّه قبض حصته منها بكيل واف ، وكان ما خصّ الأكارين منها بكيل بخس» .
فقال عليه السلام : «صدقت يا بني» .
ثمّ قال : «يا ابن إسحاق ، احملها جميعاً
لتردَّها ، أو توصي بردِّها على أربابها ، ولا حاجة لنا في شيء منها ، وأتنا بثوب العجوز» .
قال أحمد : وكان ذلك الثوب في حق لي
فنسيته ، فلمّا انصرف أحمد بن اسحاق ليأتيه بالثوب نظر إليَّ مولانا عليه السلام فقال : «ما جاء بك يا سعد ؟» فقلت : شوّقني أحمد بن إسحاق الخصيب إلى لقاء مولانا .
قال : «فالمسائل التي أردت أن تسأل عنها
؟» قلت : على حالها .
قال : «اسأل قرّة عيني عنها ـ وأومأ إلى
الغلام ـ فاسأله عمّا بدا لك» . فسألته عنها ، فأجاب ، وإنّي تركت ذكرها كراهية التطويل .
فلمّا أجاب قام أبو محمّد عليه السلام
مع الغلام وانصرفت عنهما ، وطلبت أثر أحمد بن اسحاق فاستقبلني باكياً ، فقلت : ما أبكاك وأبطأك ؟ فقال : قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره . فقلت : لا عليك ، فأخبره ، وانصرف من عنده متبسماً ، وهو يصلّي على محمّد وآل محمّد ، فقلت : ما الخبر ؟ قال : وجدت الثوب مبسوطاً تحت قدمي مولاي يصلّي عليه .
قال سعد : فحمد الله تعالى وأثنىٰ
عليه على ذلك ، وجعلنا نختلف بعد ذلك إلى منزله عليه السلام أيّاماً ، ولا نرى الغلام بين يديه .
فلمّا كان يوم الوداع دخلت أنا وأحمد بن
إسحاق وكهلان من أهل بلدنا ، فانتصب أحمد بن إسحاق قائماً بين يديه ، وقال : يا ابن رسول الله ، قد دنت الرحلة واشتدَّت المحنة ، ونحن نسأل الله تعالى أن يصلّي على جدّك المصطفى ، وعلىٰ المرتضى أبيك ، وعلى سيدة النساء أمِّك ، وعلى سيدي شباب أهل الجنّة عمك وأبيك ، وعلى الأئمة الطاهرين من بعدهما آبائك ، وأن يصلّي عليك وعلى ولدك ، ونرغب إليه أن يعلي كعبك ، ويكبت عدوك ، ولا جعله الله هذا آخر عهدنا من لقائك .
فلمّا قال هذه الكلمة استعبر عليه
السلام حتّى انهملت دموعه وتقاطرت عبراته ، ثمّ قال : «يا ابن إسحاق ، لا تكلف في دعائك شططاً ، فإنّك ملاقٍ الله تعالى ، في صدرك هذا» .
فخرّ أحمد مغشياً عليه ، فلمّا أفاق قال
: سألتك بالله ، وبحرمة جدّك رسول الله (ص) ، إلّا ما شرّفتني بخرقة أجعلها كفناً . فأدخل عليه السلام يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهماً وقال : «خذها ، ولا تنفق على نفسك غيرها ، فإنّك لا تعدم ما سألت ، وإنّ الله تعالى لا يضيّع أجر من أحسن عملًا» .
قال سعد : فلمّا صرنا بعد منصرفنا من
حلوان على ثلاثة فراسخ حمّ أحمد بن إسحاق وصارت به علة صعبة أتى بلدة كان قاطناً بها ، ثمّ قال : تفرقوا عنّي هذه الليلة واتركوني وحدي ، فانصرفنا عنه ورجع كلّ واحد منّا إلى مرقده .
قال سعد : فلمّا حان أن ينكشف الليل عن
الصبح أصابتني فكرة ، ففتحت عيني ، فإذا
أنا بكافور الخادم ـ خادم مولانا أبي محمد عليه السلام ـ وهو يقول : أحسن الله بالخير عزاءكم ، وجبر بالمحبوب رزيتكم ، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه ، فقوموا لدفنه ، فإنّه من أكرمكم محلاً عند سيدكم ، ثمّ غاب عن أعيننا .
___________________
٣ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته عليه السلام من الاخبار بآجال الناس
وفيه
: حديثان
٥٣٥ / ١ ـ عن أبي عقيل عيسى بن نصر ،
قال : إنّ علي بن زياد الصيمري كتب إليه يلتمس كفناً ، فكتب إليه : «إنّك تحتاج إليه في سنة ثمانين» فمات في سنة ثمانين ، وبعث إليه بالكفن قبل موته .
٥٣٦ / ٢ ـ عن أبي عبد الله الصفواني ،
قال : رأيت القاسم بن العلاء وقد بلغ عمره مائة وست عشرة سنة ، منها ثمانون سنة صحيح العينين ، ثمّ لقي العسكريين وحجب بعد الثمانين ، وردَّت عليه عينه قبل وفاته بتسعة أيّام ، وذلك أنّي كنت بمدينة كذا من أرض أذربايجان ، وكان لا تنقطع توقيعات صاحب الزمان عليه السلام على يد أبي جعفر العمري ، وبعده على يد أبي القاسم بن روح ، فانقطعت عنه المكاتبة نحواً من شهرين فقلق من ذلك .
فبينما نحن عنده نأكل إذ دخل البواب
مستبشراً ، فقال : فيج
___________________
العراق ورد ، ولا
يسمّي بغيره ، فسجد القاسم ، ودخل كهل قصير يُرى أثر الفيوج عليه ، وعليه جبّة مصرية ، وفي رجله نعل محاملي ، وعلى كتفيه مخلاة ، فقام إليه القاسم فعانقه ، ووضع المخلاة ، ودعا بطشت وماء ، وغسل يديه وأجلسه إلى جانبه ، فأكلنا وغسلنا أيدينا ، فقام الرجل وأخرج كتاباً أفضل من نصف الدرج ، فناوله القاسم ، فقبّله ودفعه إلى كاتب له يقال له : ابن أبي سلمة أبو عبد الله ، فأخذه وقرأه [ وبكى ] حتّى أحسَّ القاسم ببكائه ، فقال : يا أبا عبد الله ، خبر ، خرج فيَّ فيما تركته ؟ قال : لا ، قال : فما هو ؟
قال : نعى الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا
الكتاب إليَّ بأربعين يوماً ، وأنّه يمرض يوم السابع بعد وصول هذا الكتاب ، وأنّ الله يردّ عليه عينيه بعد ذلك ، وقد حمل إليه بسبعة أثواب .
فقال القاسم : على سلامة من ديني ؟ قال
: في سلامة من دينك . فضحك وقال : ما أؤمل من بعد هذا العمر ؟
فقام الرجل الوارد فأخرج من مخلاته
ثلاثة أزر ، وحبرة يمانية حمراء ، وعمامة ، وثوبين ، ومنديلاً ، فأخذه القاسم ، وعنده قميص خلعة خلعها عليه علي النقي عليه السلام .
وكان للقاسم صديق في مهم الدنيا ، شديد
النصب يقال له : عبد الرحمن بن محمد السري فوافى
في قوم إلى الدار ، فقال القاسم : إقرؤوا الكتاب عليه فإنّي أحبّ هدايته . قالوا هذا لا يحتمله خلق من الشيعة ، فكيف عبد الرحمن ؟!
فأخرج القاسم إليه الكتاب ، وقال : إقرأه
، فقرأوه إلى موضع النعي ، فقال عبد الرحمن : يا أبا محمّد اتق الله فإنّك رجل واصل في دينك ، والله تعالى يقول : (
وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا
___________________
تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ )
وقال جلّ ذكره : ( عَالِمُ الْغَيْبِ
فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا )
.
قال القاسم فأتم الآية : (
إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ )
فمولاي هو المرتضى من الرسول .
ثمّ قال : اعلم أنّك تقول هذا ، ولكن
أرّخ اليوم فإن أنا عشت بعد هذا اليوم أو مت قبله فاعلم أنّي لست على شيء ، وإن أنا مت في ذلك اليوم فانظر لنفسك .
فأرّخ عبد الرحمن اليوم وافترقوا ، وحمّ
القاسم يوم السابع واشتدَّت العلّة إلى مدّة ، ونحن مجتمعون عنده يوماً إذ مسح بكمّه عينيه فخرج من عينيه شبه ماء اللحم ، ثمّ مدّ يده إلى ابنه فقال : يا حسن ، إلي ، ويا فلان إليّ ، فنظرنا إلى الحدقتين صحيحتين .
وشاع الخبر في الناس ، وأتته العامة من
الناس ينظرون إليه ، وركب القاضي إليه ، وهو أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي
وهو قاضي القضاة ببغداد فدخل عليه ، وقال : يا أبا محمّد ، ما هذا الذي ترى وأراه ؟ فقال : خاتماً فصّه فيروزج ، فقرّبه منه فقال : ثلاثة أسطر لا يمكنني قراءتها .
وقد قال لمّا رأى الحسن ابنه في وسط
الدار : اللهمّ ألهم الحسن
___________________
طاعتك ، وجنّبه
معصيتك . ثلاثاً .
ثم كتب وصيته بيده ، وكانت الضياع التي
في يده لصاحب الأمر ، كان أبوه وقفها عليه .
وكان فيما وصّى ابنه : إن أهلت للوكالة
فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرخندة وسائرها ملك لمولانا .
فلمّا كان يوم الأربعين وقد طلع الفجر
مات القاسم رحمه الله فوافاه عبد الرحمن يعدو في الأسواق حافياً حاسراً وهو يصيح : يا سيداه . فاستعظم الناس ذلك منه فقال لهم : اسكتوا ، فقد رأيت ما لم تروا . وتشيّع ورجع عمّا كان .
فلمّا كان بعد مدّة يسيرة ورد الكتاب
على الحسن ولده من صاحب الزمان عليه السلام : «ألهمك الله طاعته وجنّبك معصيته» . وهو الدعاء الذي دعا به أبوه .
وفي ذلك عدَّة آيات .
٤ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته عليه السلام من الاخبار بالغائبات
وفيه
: ستة عشر حديثاً
٥٣٧ / ١ ـ عن أحمد بن أبي روح ، قال :
وجَّهت إليَّ امرأة
من أهل دينور فأتيتها فقالت : يا ابن أبي روح ، أنت أوثق من في ناحيتنا ، ورعاً ، وإنّي أريد أن أودعك أمانة وأجعلها في رقبتك تؤدِّيها وتقوم بها ، فقلت : أفعل إن شاء الله . فقالت : هذه دراهم في هذا الكيس المختوم ، لا تحلّه ولا تنظر ما فيه حتّى تؤديه إلى من يخبرك بما فيه . وهذا قرطي يساوي عشرة دنانير ، وفيه ثلاث لؤلؤات تساوي عشرة دنانير ، ولي إلى صاحب الزمان عليه السلام حاجة أريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها .
فقلت : وما الحاجة ؟ قالت : عشرة دنانير
استقرضتها أمّي في عرسي ، ولا أدري ممّن استقرضتها ، ولا أدري إلى من أدفعها ، فإن أخبرك بها فادفعها إلى من يأمرك به .
قال : وكنت أقول بجعفر بن علي فقلت :
هذه المحنة بيني وبين جعفر .
فحملت المال وخرجت حتّى دخلت بغداد ،
فأتيت حاجز بن يزيد
___________________
الوشّاء ، فسلّمت
عليه وجلست فقال : ألك حاجة ؟ فقلت : هذا مال دفع إليَّ لأدفعه إليك ، أخبرني كم هو ؟ ومن دفعه إلي ؟ فإن أخبرتني دفعته إليك .
قال : لم أؤمر بأخذه ، وهذه رقعة جاءتني
بأمرك . فإذا فيها : «لا تقبل من أحمد بن أبي روح ، وتوجّه به إلينا إلى سر من رأى» فقلت : لا إله إلّا الله ، هذا أجل شيء أردته .
فخرجت به ووافيت سر من رأى ، فقلت : أبدأ
بجعفر ، ثمّ تفكّرت وقلت : أبدأ بهم ، فإن كانت المحنة من عندهم وإلَّا مضيت إلى جعفر .
فدنوت من باب دار أبي محمّد عليه السلام
، فخرج إليَّ خادم فقال : أنت أحمد بن أبي روح ؟ قلت : نعم ، قال : هذه الرقعة اقرأها فقرأتها ، فإذا فيها : «بسم الله الرحمن الرحيم ، يا ابن أبي روح أودعتك حايل بنت الديراني كيساً فيه ألف درهم بزعمك ، وهو خلاف ما تظن ، وقد أدّيت فيه الأمانة ، ولم تفتح الكيس ولم تدر ما فيه ، وإنّما فيه ألف درهم ، وخمسون ديناراً صحاحاً ، ومعك قرطان زعمت المرأة أنّها تساوي عشرة دنانير صدقت مع الفصين اللذين فيهما ، وفيهما ثلاث حبّات لؤلؤ شراؤهما بعشرة دنانير ، وهي تساوي أكثر ، فادفعهما إلى جاريتنا فلانة ، فإنّا قد وهبناهما لها ، وصر إلى بغداد وادفع المال إلى حاجز وخذ منه ما يعطيك لنفقتك إلى منزلك .
فأمّا العشرة دنانير التي زعمت أنّ
أمّها استقرضتها في عرسها ، وهي لا تدري من صاحبها ولا تعلم لمن هي ، هي لكلثوم بنت أحمد ، وهي ناصبية ، فتحرّجت أن تعطيها فإن أحبّت أن تقسمها في أخواتها فاستأذنتنا في ذلك ، فلتفرقها على ضعفاء أخواتها . ولا تعودن يا ابن أبي روح إلى القول بجعفر والمحنة له ، وارجع إلى منزلك فإنّ عدوك قد مات ، وقد أورثك الله أهله وماله» .
فرجعت إلى بغداد ، وناولت الكيس حاجزاً
، فوزنه فإذا فيه ألف درهم صحاح وخمسون ديناراً ، فناولني ثلاثين ديناراً وقال : أمرنا بدفعها إليك لتنفقها .
فأخذتها ، وانصرفت إلى الموضع الذي نزلت
فيه ، فإذا أنا بفيج قد جاءني من المنزل يخبرني بأنّ حموي قد مات ، وأنّ أهلي أمروني بالانصراف إليهم ، فرجعت فإذا هو قد مات ، وورثت منه ثلاثة آلاف دينار ومائة ألف درهم .
وفي ذلك أيضاً عدَّة آيات .
٥٣٨ / ٢ ـ عن ابن أبي سورة ، عن أبيه ،
وأبوه من مشايخ الزيدية بالكوفة قال : كنت خرجت إلى قبر الحسين عليه السلام اعرّف عنده ، فلمّا كان وقت العشاء الآخرة صلّيت وقمت ، فابتدأت أقرأ (
الْحَمْدُ )
فإذا شاب حسن الوجه ، عليه جبّة سنية ابتدأ أيضاً قبلي ، وختم قبلي ، فلمّا كان الغداة خرجنا جميعاً إلى شاطئ الفرات ، قال لي الشاب : أنت تريد الكوفة فامض ، فمضيت في طريق الفرات ، وأخذ الشاب طريق البر ، قال أبو سورة : ثمّ أسفت على فراقه ، فاتّبعته ، فقال لي : «تعال» فجئنا جميعاً إلى حصن المسناة فنمنا جميعاً ، وانتهينا فإذا نحن على الغري على جبل الخندق ، فقال لي : «أنت مضيق ولك عيال ، فامض إلى أبي طاهر الرازي فسيخرج إليك من داره ، وعلى يده دم الأضحية فقل له : شاب من صفته كذا وكذا ، يقول لك : اعط هذا الرجل صرّة الدنانير التي عند رجل السرير مدفونة» .
قال : فلمّا دخلت الكوفة خرجت إليه وقلت
له ما ذكر لي الشاب ، فقال : بالسمع والطاعة . وعلى يده دم الأضحية .
___________________
٥٣٩ / ٣ ـ وعن أبي أحمد بن أبي سورة ،
وهو محمّد بن الحسين بن عبد الله التميمي ، عن الرازي [ قال ] مشينا ليلتنا فإذا نحن على مقابر السهلة ، فقال : هوذا منزلي قال لي : أين الرازي علي بن يحيى فقل له يعطيك المال بعلامة أنه كذا وفي موضع كذا ومغطى بكذا ، فقلت : من أنت ؟ قال : أنا محمد بن الحسن . ثم مشينا حتى انتهينا إلى البوابين في السحر فجلس فحفر بيده فإذا الماء قد خرج وتوضأ وصلى عشر ركعات .
فمضيت إلى الرازي فدفعت الباب فقال : من
أنت ؟ فقلت : أبو سورة ، فسمعته يقول : مالي ولأبي سورة . فلما خرج وقصصت عليه صافحني وقبّل وجهي وأخذ بيدي ومسح بها على وجهه ثم أدخلني الدار وأخرج الصرة من عند رجل السرير ودفعها إليَّ ، فاستبصر أبو سورة وكان زيدياً ، وفي ذلك عدة آيات .
٥٤٠ / ٤ ـ عن إسحاق بن يعقوب ، قال :
سمعت الشيخ العمري يقول : صحبت رجلاً من أهل السواد ومعه مال للغريم عليه السلام ، فأنفذه فردَّ عليه وقيل له : «أخرج حق ولد عمّك منه ، وهو أربعمائة درهم» فبقي باهتاً متعجباً ، فنظر في حساب المال وكانت [ في يده ] ضيعة لابن عمه قد كان ردّ عليهم بعضها وزوى عنهم بعضها ، فإذا الذي بقي لهم من ذلك المال أربعمائة درهم كما قال عليه السلام ، فأخرجها منه وأنفذ الباقي .
فقيل لجماعة من أصحابنا قالوا : إنّه
بعث إلى أبي عبد الله بن الجنيد وهو بواسط غلاماً وأمر ببيعه فباعه ، وقبض ثمنه ، فلمّا عير الدنانير نقصت في التعيير ثمانية عشر قيراطاً وحبّة .
___________________
٥٤١ / ٥ ـ عن محمّد بن هارون ، قال :
كانت للغريم عليَّ خمسمائة دينار ، وأنا ليلة ببغداد ، وبها ريح وظلمة ، وقد فزعت فزعاً شديداً ، وفكرت فيما عليَّ ، وقلت في نفسي : لي حوانيت أشتريتها بخمسمائة دينار .
قال : فجاءني من يتسلّم منّي الحوانيت ،
وقد كتب لي في ذلك من قبل أن ينطق به لساني وما أخبرت به أحداً .
٥٤٢ / ٦ ـ عن جعفر بن أحمد بن متيل قال
: دعاني أبو جعفر محمّد بن عثمان فأخرج لي ثوبين معلمة وصرّة فيها دراهم ، فقال لي : تحتاج أن تصير بنفسك إلى واسط في هذا الوقت ، وتدفع ما دفعته إليك إلى أول رجل يلقاك عند صعودك من المركب إلى الشط بواسط .
قال : فتداخلني من ذلك غم شديد ، وقلت :
مثلي يرسل في هذا الأمر ويحمل هذا الشيء الوتح
!
قال : فخرجت إلى واسط ، وصعدت المركب ،
فأول رجل لقيته سألته عن الحسن بن قطاة الصيدلاني وكيل الوقف بواسط فقال : أنا هو ، من أنت ؟ فقلت : أبو جعفر العمري يقرأ عليك السلام ودفع إليَّ هذين الثوبين وهذه الصرَّة لأسلمهما إليك فقال : الحمد لله ، فإن محمّد بن عبد الله الحائري
قد مات وخرجت لإِصلاح كفنه ، فحل الثياب فإذا فيها ما يحتاج إليه من حبرة وثياب وكافور ، وفي الصرة كرى الحمّالين والحفّار .
___________________
قال : فشيعنا جنازته وانصرفت .
٥٤٣ / ٧ ـ عن نصر بن الصباح ، قال :
أنفذ رجل من أهل بلخ خمسة دنانير إلى حاجز ، وكتب رقعة غيّر فيها اسمه ، فخرج إليه الوصول باسمه ونسبه ، والدعاء له .
٥٤٤ / ٨ ـ عن محمّد بن شاذان بن نعيم ،
قال : بعث رجل من أهل بلخ بمال ورقعة ليس فيها كتابة ، وقد خطَّ فيها بأصابعه كما تدور من غير كتابة ، وقال للرسول : احمل هذا المال ، فمن أخبرك بقصته وأجاب عن الرقعة فأوصل إليه المال .
فصار الرَّجل إلى العسكر وقصد جعفراً
وأخبره الخبر فقال جعفر : تقرّ بالبداء ؟ قال الرّجل : نعم .
قال : فإنّ صاحبك قد بدا له ، وقد أمرك
أن تعطيني المال . فقال الرسول : لا يقنعني هذا الجواب .
فخرج الرجل من عنده وجعل يدور على
أصحابنا ، فخرجت إليه رقعة : «هذا مال عن ربه كان فوق صندوق ، فدخل اللُّصوص البيت وأخذوا ما في الصندوق وسلم المال» وردت عليه الرقعة كما يدور الدعاء «فعل الله بك وفعل» .
٥٤٥ / ٩ ـ عن محمد بن شاذان بن نعيم قال
: أهديت
مالاً ولم أفسر لمن هو ، فورد الجواب : «وصل كذا ، وكذا منه لفلان بن فلان ، ولفلان كذا» .
___________________
٥٤٦ / ١٠ ـ عن أبي العبّاس الكوفي ، قال
: حمل رجل مالاً ليوصله ، وأحب أن يقف على الدلالة ، فوقع عليه السلام : «إن استرشدت أرشدت
، وإن طلبت وجدت ، يقول لك مولاك : احمل ما معك» .
قال الرجل : فأخرجت مما معي ستة دنانير
بلا وزن وحملت الباقي ، فخرج التوقيع : «يا فلان رد الستة دنانير التي أخرجتها بلا وزن ، ووزنها ستة مثاقيل وخمسة دوانق وحبة ونصف» .
قال الرجل : فوزنت الدنانير ، فإذا هي
كما قال عليه السلام .
٥٤٧ / ١١ ـ عن إسحاق بن حامد الكاتب ،
قال : كان بقم رجل بزاز مؤمن ، وله شريك مرجئ ، فوقع بينهما ثوب نفيس فقال المؤمن : يصلح هذا الثوب لمولاي . فقال شريك ؟ لست أعرف مولاك ، لكن افعل ما تحب بالثوب .
فلما وصل الثوب شقّه عليه السلام نصفين
طولاً فأخذ نصفه وردّ النصف وقال : «لا حاجة لنا في مال المرجئ» .
٥٤٨ / ١٢ ـ عن محمّد بن الحسن الصوفي ،
قال : أردت الخروج إلى الحج ، وكان معي مال بعضه ذهب وبعضه فضة ، فجعلت ما كان معي من ذهب سبائك ، وما كان معي من الفضة نقراً . وكان قد دُفع ذلك المال إليه ليسلمه إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه .
قال : فلمّا نزلت بسرخس ضربت خيمتي على
موضع فيه رمل ،
___________________
فجعلت أميز تلك
السبائك والنقر ، فسقطت سبيكة من تلك السبائك منّي ، وغاصت في الرمل ، وأنا لا أعلم .
قال : فلمّا دخلت همدان ميزت تلك السبائك
والنقر مرّة أخرى اهتماماً منّي بحفظها ، ففقدت منها سبيكة وزنها مائة مثقال وثلاثة مثاقيل . أو قال : ثلاثة وتسعون مثقالاً .
قال : فسبكت مكانها من مالي بوزنها
سبيكة وجعلتها بين السبائك ، فلمّا وردت مدينة السلام قصدت الشيخ أبا القاسم الحسين بن روح فسلّمت إليه ما كان معي من السبائك والنقر ، فمدّ يده من بين السبائك إلى السبيكة الّتي كنت سبكتها من مالي بدلاً ممّا ضاع منّي ، فرمى بها إليّ وقال لي : ليست هذه السبيكة لنا ، وسبيكتنا ضيعتها بسرخس حيث ضربت الخيمة في الرمل ، فارجع إلى مكانك وانزل حيث نزلت ، واطلب السبيكة هناك تحت الرمل ، فإنّك ستجدها وستعود إلي ها هنا فلا تراني .
قال : فرجعت إلى سرخس ونزلت حيث كنت
نزلت ، ووجدت السبيكة تحت الرمل ، فنبت عليها الحشيش ، وأخذت السبيكة وانصرفت إلى بلدي ، فلمّا كان من السنة القابلة توجهت إلى مدينة السلام ومعي السبيكة ، فدخلت مدينة السلام وقد كان الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه قد مضى ، ولقيت أبا الحسن علي بن محمّد السمري رضي الله عنه فسلّمت السبيكة إليه .
وفي ذلك عدَّة آيات .
٥٤٩ / ١٣ ـ عن الحسين بن علي بن محمّد
القمّي ، المعروف بأبي عليّ البغدادي قال : كنت ببخارى فدفع إليَّ المعروف بابن جاشير
___________________
عشر سبائك وأمرني أن
أسلمها بمدينة السَّلام إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله سره ، فحملتها معي .
فلمّا وصلت مفازة أمويّة ضاعت منّي
سبيكة من تلك السبائك ، ولم أعلم بذلك حتّى دخلت مدينة السلام فأخرجت السبائك لأسلمها إليه ، فوجدتها قد نقصت واحدة منها ، فاشتريت سبيكة مكانها بوزنها وأضفتها إلى التسع سبائك ، ثمّ دخلت على الشيخ أبي القاسم الرُّوحي ، ووضعت السبائك بين يديه ، فقال لي : خذ تلك السبيكة التي اشتريتها قد وصلت إلينا وهي ذا هي . ثمّ أخرج تلك السبيكة التي ضاعت مني بأمويّة
فنظرت إليها وعرفتها .
قال الحسين بن علي المعروف بأبي علي
البغدادي : ورأيت تلك السبيكة بمدينة السلام .
٥٥٠ / ١٤ ـ قال : وسألتني امرأة عن وكيل
مولانا عليه السلام من هو ؟ فقال لها بعض القميين : إنّه أبو القاسم بن روح . وأشار لها إليه .
فدخلت عليه وأنا عنده ، فقالت له : أيها
الشيخ ، أي شيء معي ؟ فقال : ما معك فالقيه في دجلة ، فألقته ، ثمّ رجعت ودخلت إلى أبي القاسم الروحي رضي الله عنه وأنا عنده ، فقال أبو القاسم لمملوكة له : أخرجي إلي الحقَّة . فأخرجت إليه حقَّة ، فقال للمرأة : هذه الحقة التي كانت معك ورميت بها في دجلة ؟ قالت : نعم ، قال : أخبرك بما فيها ، أم تخبريني ؟ فقالت : بل أخبرني أنت .
فقال : في هذه الحقّة زوج سوار من ذهب ،
وحلقة كبيرة فيها
___________________
جوهر ، وحلقتان
صغيرتان فيهما جوهر ، وخاتمان ، أحدهما فيروزج والآخر عقيق . وكان الأمر كما ذكر ، لم يغادر منه شيئاً ، ثمّ فتح الحقّة فعرض عليَّ ما فيها ، ونظرت المرأة إليه فقالت : هذا الذي حملته بعينه ورميت به في دجلة ! فغشي عليَّ وعلى المرأة فرحاً بما شاهدنا من صدق الدلالة .
ثمّ قال الحسين لي بعد ما حدّثنا بهذا
الحديث : اشهد عند الله يوم القيامة بما حدّثت به أنّه كما ذكرته ، لم أزد فيه ولم أنقص منه ، وحلف بالأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم لقد صدق فيه ، وما زاد ولا أنقص .
وفي هذين الحديثين أيضاً عدة آيات .
٥٥١ / ١٥ ـ عن أبي محمّد الحسن بن أحمد
المكتب ، قال : كنت بالمدينة في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمّد السمري قدّس سرّه ، فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعاً نسخته : «بسم الله الرحمن الرحيم ، يا علي بن محمد السمري ، أعظم الله أجرك وأجر إخوانك فيك ، فإنّك ميت ما بينك وبين ستة أيام ، فاجمع أمرك ، ولا توصي إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة ، ولا ظهور إلّا بإذن الله تعالى ، وذلك بعد طول الأمد ، وقسوة القلب ، وامتلاء الأرض جوراً ، وسيأتي لشيعتي ، من يدعي المشاهدة ، ألا فمن ادعىٰ المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفترٍ ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم» .
قال : فنسخنا ذلك التوقيع وخرجنا من
عنده ، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، قيل له : من وصيّك من بعدك ؟
___________________
فقال : لله أمر هو
بالغه . وقضى رحمه الله ، وهذا آخر كلام سمع منه قدّس سرّه .
٥٥٢ / ١٦ ـ عن محمد بن شاذان بن نعيم
النيسابوري ، قال : قد اجتمع عندي مال للغريم عليه السلام خمسمائة درهم ، ينقص عشرين درهماً ، فأنفت
أن أبعث بها ناقصة هذا المقدار ، فأتممتها من عندي ، وبعثت بها إلى محمّد بن جعفر ، ولم أكتب مالي فيها . فأنفذ إليَّ محمّد بن جعفر القبض ، وفيه خمسمائة درهم منها عشرون درهماً .
___________________
٥ ـ فصل :
في
بيان ظهور آياته عليه السلام في معان شتّى
وفيه
: عشرة أحاديث
٥٥٣ / ١ ـ عن أحمد بن محمّد بن فارس
الأديب ، قال : سمعت حكاية بهمذان حكيتها كما سمعتها لبعض إخواني ، فسألني أن أكتبها له بخطي ، ولم أجد إلى مخالفته سبيلاً ، وقد كتبتها ، وعهدتها على من حكاها .
وذلك أنّ بهمذان أناساً يعرفون ببني
راشد ، وهم كلهم يتشيعون ، ومذهبهم مذهب أهل الإِمامة ، فسألت عن سبب تشيعهم من بين أهل همدان ، فقال لي شيخ منهم رأيت فيه صلاحاً وسمتاً حسناً : إنّ سبب ذلك أنّ جدّنا الذي ننتسب إليه خرج حاجّاً فقال إنّه لمّا فرغ من الحج وساروا منازل في البادية .
قال فنشطتُ للنزول والمشي ، فمشيت طويلاً
حتّى أعييت وتعبت ، فقلت في نفسي : أنام نومة تريحني فإذا جاءت القافلة قمت .
قال : فما انتبهت إلّا بحر الشمس ، ولم
أر أحداً ، فتوحشت ولم أر طريقاً ، ولا أثراً ، فتوكلت على الله تعالى وقلت : أتوجه حيث
___________________
وجهني ومشيت غير طويل
فوقعت في أرض خضراء نضرة كأنّها قريبة عهد بغيث ، فإذا تربتها أطيب تربة ، ونظرت في سواد تلك الأرض إلى قصر يلوح كأنّه سيف ، فقلت في نفسي : ليت شعري ما هذا القصر الذي لم أعهده ولم أسمع به ؟! فقصدته ، فلمّا بلغت الباب رأيت خادمين أبيضين ، فسلّمت عليهما فردَّا رداً جميلاً وقالا : اجلس ، فقد أراد الله بك خيراً . وقام أحدهما فدخل ، فاحتبس غير بعيد ثمّ خرج ، فقال : قم فادخل . فقمت ودخلت قصراً لم أر شيئاً أحسن ولا أضوأ منه ، وتقدّم الخادم إلى ستر على بيت فرفعه ، ثمّ قال لي : ادخل ، فدخلت البيت وقد علق فوق رأسه من السقف سيفاً طويلاً تكاد ظبته تمس رأسه ، وكان الفتى يلوح في ظلام ، فسلّمت ، فردَّ السلام بألطف كلام وأحسنه ثمّ قال : «أتدري من أنا ؟» فقلت : لا والله . فقال : «أنا القائم من آل محمّد (ص) ، أنا الذي أخرج آخر الزمان بهذا السيف ـ وأشار إليه ـ فأملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً» .
قال : فسقطت على وجهي وتعفرت ، فقال : «لا
تفعل ، ارفع رأسك أنت فلان من مدينة بالجبل يقال لها : همذان» قلت : صدقت يا سيدي ومولاي .
قال : «أفتحب أن تؤوب إلى أهلك ؟» قلت :
نعم يا مولاي ، وأبشرهم بما يسّر الله تعالى . فأومأ إلى خادم وأخذ بيدي وناولني صرّة ، وخرج بي ومشى معي خطوات ، فنظرت إلى ظلال وأشجار ومنارة ومسجد ، فقال : أتعرف هذا البلد ؟ قلت : إن بقرب بلدنا بلدة تعرف بأسد آباد وهي تشبهها . فقال : أتعرف أسد آباد ؟ فامض راشداً . فالتفت ولم أره .
ودخلت أسد آباد ، ونظرت فإذا في الصرّة
أربعون ـ أو خمسون ديناراً ـ فوردت همدان وجمعت أهلي وبشّرتهم بما يسّر الله تعالى لي ، فلم نزل بخير ما بقي معنا من تلك الدنانير .
٥٥٤ / ٢ ـ عن أبي الأديان ، قال : كنت
أخدم أبا محمّد عليه السلام وأحمل كتبه إلى الأمصار ، فدخلت عليه في علّته التي توفي بها ، فكتب معي كتباً وقال : «امض بها إلى المدائن ، فإنّك ستغيب خمسة عشر يوماً ، وتدخل سر من رأى يوم الخامس عشر ، وتسمع الواعية في داري ، وتجدني على المغتسل» .
قال أبو الأديان : فقلت : يا سيدي ،
فإذا كان ذلك فمن لنا ؟ قال : «من طالبك بجوابات كتبي ، فهو القائم بعدي» .
فقلت : زدني . فقال : «من يصلي عليَّ فهو
القائم من بعدي» .
فقلت : زدني يا ابن رسول الله فقال : «من
طلب ما في الهميان فهو القائم بعدي» .
ثم منعتني هيبته أن أسأله ما في الهميان
.
وخرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت
جواباتها ، ودخلت سر من رأى يوم الخامس عشر كما قال عليه السلام ، وإذا أنا بالواعية في داره ، وإذا به على المغتسل ، وإذا بجعفر بن علي على الباب ، والشيعة من حوله يعزّونه ويهنونه . فقلت في نفسي : إنّ يكن هذا الإِمام فقد بطلت الإِمامة ؛ لأنّي كنت أعرفه يشرب الخمر والنبيذ ويقامر بالجوسق ويلعب بالطنبور ، فتقدمت وعزيت وهنّيت ، ولم يسألني عن شيء ، ثمّ خرج عبد فقال : يا سيدي ، قد كفن أخوك ، فقم فصلّ عليه . فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يقدمهم .
فلمّا صرنا في الدار فإذا نحن بالحسن بن
علي عليه السلام على نعشه مكفناً ، فتقدم جعفر بن علي ليصلّي عليه ، فلمّا هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة وبشعر قطط وبأسنانه تفليج فجذب رداء جعفر بن
___________________
علي وقال : «تأخر يا
عم ، فأنا أحق بالصلاة على أبي عليه السلام» فتأخر جعفر واربد وجهه ، وتقدّم مولانا وسيدنا الخلف الصالح وصلّى على أبيه ، ودفن إلى جانب قبر أبيه عليه السلام .
ثمّ قال : «يا بصريُّ ، هات جوابات
الكتاب التي معك» فدفعتها إليه ، وقلت في نفسي : هذه آيتان ، بقي الهميان .
ثمّ خرجنا إلى جعفر بن علي وهو يزفر
فقال له حاجز الوشّاء : من الصبي ؟ ليقيم الحجة عليه . فقال : والله ما رأيته قط ولا أعرفه .
ونحن جلوس إذ قدم نفر من أهل قم ،
فسألوه عن الحسن عليه السلام ، فعرفوا بموته ، فقالوا : من ضبط الأمر بعده ؟ فأشار الناس إلى جعفر ، فسلّموا عليه وعزّوه وهنّوه ، وقالوا : معنا مال وكتب ندفعه إلى من يقول كم المال ، وممن الكتب . فقام ينفض أثوابه وهو يقول : يريدون منا أن نعلم الغيب .
قال : فخرج الخادم وقال : معكم كتب من
فلان وفلان ، وهميان فيه ألف دينار ، وعشرة دنانير منها مطلية ، فدفعوا الكتاب والمال إليه وقالوا : الذي وجّه بك إلينا لأخذ المال هو الإِمام .
فدخل جعفر بن علي على المعتمد وكشف ذلك
له ، فوجّه المعتمد بخدمه فقبض على صقل الجارية وطالبوها بالصبي ، فأنكرته وادعت حبلاً بها لتغطي حال الصبي ، فسُلمت إلى ابن أبي الشوارب ، وبغتهم موت عبد الله بن خاقان فجأة ، وخروج صاحب الزنج بالبصرة ، فشغلوا بذلك عن الجارية ، فخرجت عن أيديهم ، والحمد لله رب العالمين .
٥٥٥ / ٣ ـ عن علي بن سنان الموصلي ، عن
أبيه ، قال : لمّا
___________________
قبض أبو محمد عليه
السلام وقدم وفد من قم والجبل وفود بالأموال التي كانت تحمل على الرسم ، ولم يكن عندهم خبر وفاة أبي محمّد الحسن عليه السلام ، فلمّا أن وصلوا إلى سر من رأى سألوا عنه ، فقيل لهم : إنّه قد فقد ، فقالوا : ومن وارثه ؟ فقالوا : جعفر أخوه فسألوا عنه فقيل خرج متنزهاً ، وركب زورقاً في الدجلة يشرب الخمر ومعه المغنّون .
قال : فتشاور القوم وقالوا : ليس هذه
صفة الإِمام . وقال بعضهم لبعض : امضوا بنا حتى نردّ هذه الأموال على أصحابها .
فقال أبو العبّاس محمّد بن جعفر الحميري
القمي : قفوا بنا حتّى ينصرف هذا الرجل ، ونختبر أمره على الصحة .
قال : فلمّا انصرف دخلوا عليه وسلّموا
عليه وقالوا : يا سيدنا ، نحن من أهل قم ، فينا جماعة من الشيعة وغيرهم ، وكنّا نحمل إلى سيدنا أبي محمد عليه السلام الأموال .
فقال : وأين هي ؟ قالوا : معنا .
قال : احملوها إلي . قالوا : إن لهذه
الأموال خبراً طريفاً ، فقال : وما هو ؟
قالوا : إنّ هذه الأموال تجمع ، ويكون
فيها من عامّة الشيعة الدينار والديناران ، ثمّ يجعلونها في كيس ويختمون عليها ، وكنّا إذا وردنا بالمال إلى سيدنا أبي محمد عليه السلام يقول جملة المال كذا دينار ، من فلان كذا ، ومن عند فلان كذا ، حتّى يأتي على أسماء الناس كلهم ، يقول ما على نقش الخواتيم ، فقال جعفر : كذبتم تقولون على أخي ما لم يفعله ، هذا علم الغيب .
قال : فلمّا سمع القوم كلام جعفر جعل
بعضهم ينظر إلى بعض ، فقال لهم : احملوا هذا المال إليَّ . فقالوا : إنّا قوم مستأجرون ، لا
يسلّم المال إلّا
بالعلامات التي كنّا نعرفها من سيدنا الحسن عليه السلام ، فإن كنت الإِمام فبرهن لنا ، وإلّا رددناها على أصحابها ، يرون فيها رأيهم .
قال : فدخل جعفر بن علي على الخليفة ،
وكان بسر من رأى ، فاستعدى عليهم ، فلمّا أحضروا قال الخليفة : احملوا هذا المال إلى جعفر . فقالوا : أصلح الله الخليفة ، نحن قوم مستأجرون ، ولسنا أرباب هذه الأموال ، وهي لجماعة ، وأمرونا أن لا نسلّمها إلّا بالعلامة والدلالة ، وقد جرت بهذه العادة مع أبي محمد عليه السلام .
فقال الخليفة : وما كانت الدلالة التي
كانت مع أبي محمّد ؟
قال القوم : كان يصف لنا الدنانير ،
وأصحابها ، والأموال ، وكم هي ، فإذا فعل ذلك سلّمناها إليه ، وقد وفدنا عليه مراراً ، وكانت هذه علامتنا معه ، وقد مات ، فإن يكن هذا الرجل صاحب هذا الأمر فليقم لنا ما كان يقيمه لنا أخوه ، وإلّا رددناها إلى أصحابها الذين بعثوها بصحبتنا .
قال جعفر : يا أمير المؤمنين ، هؤلاء
قوم كذَّابون ، يكذبون على أخي ، وهذا علم الغيب . فقال الخليفة : القوم رسل ، وما على الرسول إلّا البلاغ المبين .
قال : فبهت جعفر ، ولم يرد جواباً ، فقال
القوم : يا أمير المؤمنين ، تطول بإخراج أمره إلى من يبدرقنا
حتّى نخرج من هذا البلد .
قال فأمر لهم بنقيب فأخرجهم منها ،
فلمّا أن خرجوا من البلد خرج إليهم غلام أحسن الناس وجهاً كأنّه خادم ، فصاح : يا فلان ويا
___________________
فلان بن فلان ،
أجيبوا مولاكم ، فقالوا له : أنت مولانا ؟ فقال : معاذ الله ، أنا عبد مولاكم ، فسيروا إليه . قالوا :
فسرنا معه حتى دخلنا دار مولانا الحسن
بن علي عليهما السلام ، فإذا ولده القائم سيدنا عليه السلام قاعد على سرير ، كأنّه فلقة قمر ، عليه ثياب خضر ، فسلّمنا عليه ، فردّ علينا السلام ، ثمّ قال : «جملة المال كذا وكذا ، ديناراً وحمل فلان كذا» ولم يزل يصف حتّى وصف الجميع ، ووصف ثيابنا ورواحلنا ، وما كان معنا من الدواب ، فخررنا سجّداً لله تعالى ، وقبّلنا الأرض بين يديه ، ثمّ سألناه عمّا أردنا فأجاب ، فحملنا إليه الأموال وأمرنا عليه السلام أن لا نحمل إلى سرّ من رأى شيئاً من المال ، وأنّه ينصب لنا ببغداد رجلاً نحمل إليه الأموال ، وتخرج من عنده التوقيعات .
قالوا : فانصرفنا من عنده ، ودفع إلى
أبي العبّاس محمد بن جعفر الحميري القمّي شيئاً من الحنوط والكفن ، فقال له : «أعظم الله أجرك في نفسك» .
قال : فلمّا بلغ أبو العباس عاقبة همذان
حمّ وتوفي رحمه الله .
وكان بعد ذلك تحمل الأموال إلى بغداد ،
إلى نوابه المنصوبين ، وتخرج من عندهم التوقيعات .
٥٥٦ / ٤ ـ عن محمد بن صالح : كتبت أسأله
الدُّعاء لبادا شاله وقد حبسه عبد العزيز ، واستأذنت في جارية استولدها ، فورد : «ستولد الجارية ، ويفعل الله ما يشاء ، والمحبوس يخلّصه الله» فاستولدت الجارية فولدت وماتت ، وخلّي عن المحبوس يوم خرج إليَّ التوقيع .
٥٥٧ / ٥ ـ قال : وحدّثني أبو جعفر ، قال
: ولد لي مولود وكتبت ،
___________________
أستأذن في تطهيره يوم
السابع أو الثامن ، فكتب يخبر بموته ، وكتب : «سيخلف عليك غيره ، فسمّه أحمد ، ومن بعد أحمد جعفراً» فجاء كما قال عليه السلام .
قال : وتزوجت امرأة سراً ، فلمّا وطأتها
علقت وجاءت ببنت ، فاغتممت وضاق صدري ، وكتبت أشكو ذلك ، فورد : «ستكفاها» فعاشت أربع سنين ثمّ ماتت فورد . «الله ذو أناة ، وأنتم تستعجلون» .
٥٥٨ / ٦ ـ عن أبي محمّد الحسن بن وجناء
، قال : كنت ساجداً تحت الميزاب في رابع أربع وخمسين حجة بعد العمرة وأنا أتضرع في الدعاء إذ حرّكني محرك ، فقال لي : قم يا حسن بن وجناء فرعشت .
قال : فقمت ، فإذا جارية صفراء نحيفة
البدن ، أقول إنّها من بنات أربعين فما فوقها ، فمشت بين يدي ، وأنا لا أسألها عن شيء ، حتّى أتت دار خديجة عليها السلام ، وفيها بيت بابه في وسط الحائط ، وله درج ساج يرتقى إليه ، فصعدت الجارية وجاءني النداء : «إصعد يا حسن» فصعدت ، فوقفت بالباب فقال لي صاحب الزمان عليه السلام : «يا حسن ، أتراك خفيت عليَّ ! والله ما من وقت في حجّك إلا وأنا معك فيه» . ثم جعل يعد عليَّ أوقاتي فوقعت على وجهي .
فحسست بيد قد وقعت عليَّ ، فقمت ، فقال
لي : «يا حسن ، إلزم بالمدينة دار جعفر بن محمّد عليه السلام ، ولا يهمنّك طعامك ولا شرابك ، ولا ما تستر به عورتك» . ثمّ دفع إليَّ دفتراً فيه دعاء الفرج ، وصلاة عليه ، وقال : «بهذا فادع ، وهكذا فصلّ عليَّ ، ولا تعطه إلَّا أوليائي ، فإنّ الله عز وجل يوفقك» .
___________________
فقلت : يا مولاي ، لا أراك بعدها ؟ فقال
: «يا حسن إذا شاء الله تعالى» .
قال : فانصرفت من حجّتي ولزمت دار جعفر عليه
السلام ، وأنا لا أخرج منها ولا أعود إليها إلَّا لثلاث خصال : إلَّا لتجديد الوضوء أو النوم ، أو لوقت الإِفطار ، فإذا دخلت بيتي وقت الإِفطار فأصيب وعائي مملوءاً دقيقاً على رأسه ، عليه ما تشتهي نفسي بالنهار ، فآكل ذلك فهو كفاية لي ، وكسوة الشتاء في وقت الشتاء ، وكسوة الصيف في وقت الصيف ، وإنّي لا أدخل الماء بالنهار وأرش به البيت ، وادع الكوز فارغاً ، وآتي بالطعام ولا حاجة لي إليه ، فأتصدَّق لئلا يعلم به من معي .
٥٥٩ / ٧ ـ عن الأزدي ، قال : بينا أنا
في الطواف ، قد طفت ستاً وأريد السابع ، وإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة وشاب حسن الوجه طيب الرائحة هيوب ، مع هيبته متقرب إلى الناس ، يتكلم ، فلم أر أحسن من كلامه ، ولا أعذب من منطقه في حسن جلوسه ، فذهبت أكلمه فزبرني الناس ، فسألت بعضهم : من هذا ؟ فقالوا : ابن رسول الله (ص) ، يظهر للناس في كلِّ سنة لخواصه يوماً يحدّثهم . فقلت : يا سيدي ، مسترشداً أتيتك ، فأرشدني هداك الله ، فناولني عليه السلام حصاة ، فحوّلت وجهي ، فقال لي بعض جلسائه : ما الذي بيدك ؟ فقلت : حصاة . وكشفت يدي عنها فإذا هي سبيكة ذهب .
فذهبت فإذا أنا به عليه السلام قد لحقني
، فقال لي : «بينت لك الحجّة ، وظهر لك الحق ، وذهب عنك العمى ، أتعرفني ؟» فقلت : لا . فقال عليه السلام : «أنا المهدي ، أنا القائم بأمر الله ، أنا قائم الزمان ، أنا الذي أملأها عدلاً كما ملئت ظلماً ، وجوراً ، إنّ الأرض لا تخلو من
___________________
حجّة ، ولا تبقى
الناس في فترة ، وهذه أمانة تحدّث بها إخوانك من أهل الحق» .
٥٦٠ / ٨ ـ عن أبي جعفر محمّد بن علي
الأسود قال : سألني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رحمه الله بعد موت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه أن أسأل أبا القاسم الروحي أن يسأل مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه أن يدعو الله أن يرزقه ولداً ذكراً .
قال : فسألته ، فأنهى ذلك ، [ ثم ]
أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيّام أنّه قد دعا لعلي بن الحسين ، وأنّه سيولد له ولد مبارك ينفع الله به ، وبعده أولاد ، فرزق ابنه أبو جعفر محمّد بن علي الفقيه ، وبعده أولاد .
٥٦١ / ٩ ـ عن أحمد بن إبراهيم بن مخلّد
، قال : حضرت ببغداد عند المشايخ ، فقال الشيخ أبو الحسن علي بن محمّد السمري قدس الله روحه ابتداء منه : رحم الله علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي .
قال : فكتب المشايخ تاريخ ذلك اليوم ،
فورد الخبر أنّه توفي في ذلك اليوم .
٥٦٢ / ١٠ ـ عن يوسف بن أحمد الجعفري ،
قال : حججت سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ، ثمّ جاورت بمكّة ثلاث سنين ، ثمّ خرجت عنها منصرفاً إلى الشام ، فبينما أنا في بعض الطريق وقد فاتتني صلاة الفجر
___________________
فنزلت من محملي
وتهيأت للصلاة ، فرأيت أربعة نفر في محمل فوقفت أعجب منهم ، فقال لي أحدهم : ممّ تتعجب ؟ تركت صلاتك فقلت : وما علمك بي ؟!
فقال : تحب أن ترى صاحب زمانك ؟ فقلت :
نعم . فأومأ إلى أحد الأربعة .
فقلت له : إنّه له دلائل وعلامات .
فقال : أيّما أحب إليك ، أن ترى المحمل
وما عليه صاعداً إلى السماء ، أو ترى المحمل بما عليه يرتفع إلى السماء فقلت : أيّهما فهو دلالة ، فرأيت المحمل وما عليه صاعداً إلى السماء وكان الرجل أومأ إلى رجل به سمرة ، كأنّ لونه الذهب ، بين عينيه سجّادة .
الفهارس العامة
١
ـ فهرس الآيات
٢ ـ فهرس الأعلام
٣ ـ فهرس الأماكن والبقاع
٤ ـ فهرس الكتاب الواردة في المتن
٥ ـ فهرس الأيام والوقائع
٦ ـ فهرس الفرق والأقوام والقبائل
٧ ـ فهرس الأبواب والفصول
(١)
(
فهرس الآيات )
سورة
البقرة
الآية
|
رقمها
|
الصفحة / رقم الحديث
|
(
إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً )
|
٣٠
|
١١٧
|
(
أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )
|
٣١
|
١١٩ / ١١٤
|
(
أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ )
|
٣٣
|
١١٩ / ١١٤
|
(
فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا )
|
٦٠
|
١٥٨ / ١٤٦
|
(
فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَٰلِكَ )
|
٧٣
|
١٦١ / ١٥٠
|
(
مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا )
|
١٠٦
|
٥٤٨ / ٤٩٠
|
(
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ )
|
١٢١
|
٣٤
|
(
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا )
|
١٥٦
|
٤١٩ / ٣٥٢
|
(
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ )
|
٢٠٧
|
١٤٦ / ١٣٧
|
(
فَإِنَّ اللَّـهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ )
|
٢٥٨
|
١٣٧
|
(
رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ )
|
٢٦٠
|
١٣٩ / ١٣١
|
(
فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ )
|
٢٦٠
|
١٣٦
|
سورة
آل عمران
(
إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا )
|
٣٣
|
٣٤
|
(
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ )
|
٣٤
|
١٧٢ / ١٥٧
|
(
كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا )
|
٣٧
|
١٩٦
|
(
أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ )
|
٣٧
|
١٩٦ ، ٢٢٢ / ١٩٥ ، ٢٩٦ / ٢٥١ ، ٢٩٧ / ٢٥٢
|
(
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ )
|
٦١
|
٣٤ ، ١٣٠ / ١٢٧
|
(
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ )
|
١٤٤
|
٤٢١ / ٣٥٥
|
(
الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّـهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ )
|
١٨١
|
٤١٨ / ٣٥٢
|
سورة
النساء
(
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ )
|
٥٤
|
٤٢٥ / ٣٥٩
|
(
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ )
|
٨٢
|
٣٣
|
(
وَاتَّخَذَ اللَّـهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً )
|
١٢٥
|
١٣٦
|
(
وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن )
|
١٥٧
|
١٩٥ ، ٢١٩ / ١٩٢
|
(
وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللَّـهُ إِلَيْهِ )
|
١٥٧ ـ ١٥٨
|
١٩٥
|
سورة
المائدة
(
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا )
|
٥٥
|
١٣١ / ١٢٧
|
(
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ )
|
٦٧
|
١٣٠ / ١٢٧
|
(
إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ )
|
١١٠
|
١٩٥
|
(
إِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ )
|
١١٠
|
٢١٧ / ١٩١
|
(
إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ )
|
١١٢
|
٢٢١ / ١٩٣
|
(
رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ )
|
١١٤
|
١٩٥
|
(
إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ )
|
١١٥
|
٢٤٥ / ٢٠٩
|
سورة
الأنعام
(
مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ )
|
٣٨
|
٣٤
|
(
فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا )
|
٤٥
|
٢٣٩ / ٢٠٢
|
(
وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ )
|
٧٥
|
١٤١ / ١٣٢ ، ٣٧٧ / ٣١٠
|
سورة
الأعراف
(
المص )
|
١
|
٥١٠ / ٤٣٥
|
(
أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ )
|
٥٤
|
٥٦٤ / ٥٠٢
|
(
هَـٰذِهِ نَاقَةُ اللَّـهِ لَكُمْ آيَةً )
|
٧٣
|
١٢٥
|
(
وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ )
|
١٦٠
|
١٥٦ / ١٤٤
|
(
وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا )
|
١٦٠
|
١٦١ / ١٤٩
|
(
وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ )
|
١٧١
|
١٥٦ / ١٤٣ ، ١٦٤ ، ٥١٠ / ٤٣٥
|
(
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ )
|
١٧٢
|
٥٦٧ / ٥٠٨
|
سورة
التوبة
(
أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ )
|
١٩
|
١٣٠ / ١٢٧
|
(
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّـهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ )
|
٢٥
|
٤٤٤ / ٣٧٦
|
(
إِنَّ اللَّـهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ )
|
١١١
|
٤١٩ / ٣٥٢
|
(
وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ )
|
١١٥
|
٣٤ ، ٥٤٨ / ٤٩٠
|
(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَكُونُوا )
|
١١٩
|
٣٥
|
سورة
يونس
(
أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ )
|
٣٥
|
٣٣
|
سورة
هود
(
تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ )
|
٦٥
|
٥٣٦ / ٤٧٣
|
(
وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا )
|
٧١
|
١٤٠ / ١٣١
|
سورة
يوسف
(
فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ )
|
١٥
|
١٤٨ / ١٣٨
|
(
قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ )
|
٢٥
|
١٤٧
|
(
قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ )
|
٢٦
|
١٤٧
|
(
رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ )
|
٣٣
|
٥٦٩ / ٥١٢
|
سورة
الرعد
(
إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ )
|
٧
|
٥٧ / ٢٧
|
(
إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ )
|
١١
|
٣٩٠ / ٣١٩
|
(
يَمْحُو اللَّـهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ )
|
٣٩
|
٥٦٧ / ٥٠٧
|
سورة
النحل
(
أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي )
|
٣٨
|
١٨٥
|
سورة
الاسراء
(
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ )
|
٨٢
|
٨٢ / ٦٥
|
سورة
الكهف
(
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ )
|
٩
|
٣٣٣ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤
|
(
كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا )
|
٩
|
١٧٤ / ١٦٠
|
سورة
مريم
(
وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا )
|
١٢
|
٥١٣ / ٤٣٩
|
(
فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي )
|
٢٣
|
١٩٨ / ١٧٣
|
(
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ )
|
٢٥
|
١٩٥
|
(
فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ )
|
٢٩
|
٢٠٠ / ١٧٥
|
(
وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ )
|
٥٠
|
١٣٠ / ١٢٧
|
سورة
طه
(
وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ )
|
٢٢
|
١٥٣
|
سورة
الأنبياء
(
بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ )
|
٢٦ ـ ٢٧
|
١١٩ / ١١٤ ، ٢٤٢ / ٢٠٦
|
(
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا )
|
٦٩ ـ ٧٠
|
١٣٦ ، ٥٦٥ / ٥٠٤
|
(
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ )
|
٧٩
|
١٧٠
|
(
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )
|
١٠٧
|
١٢٥
|
سورة
النور
(
وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ )
|
٥٥
|
١١٨ / ١١٤
|
سورة
الشعراء
(
إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )
|
٦١ ـ ٦٢
|
٤٦ ، ١٥٥ / ١٤٢
|
(
أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ )
|
٦٣
|
١٥٥ / ١٤٢
|
(
وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ )
|
٢١٤
|
٤٧ / ١٣
|
سورة
النمل
(
أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ )
|
١٢
|
١٥٣
|
سورة
القصص
(
وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ )
|
٥ ـ ٦
|
٢٠٣ / ١٧٩
|
(
وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ )
|
٦٨
|
٣٥
|
سورة
الروم
(
لِلَّـهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ )
|
٤
|
٥٦٤ / ٥٠٢
|
سورة
لقمان
(
إِنَّ اللَّـهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ )
|
٣٤
|
١٢٨ / ١٢٧
|
(
مَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا )
|
٣٤
|
٥٩٢ / ٥٣٦
|
سورة
السجدة
(
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ )
|
١٧
|
٢٥٦ / ٢٢١
|
(
أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا )
|
١٨
|
١٣٠ / ١٢٧ ، ٢٥٦ / ٢٢١
|
سورة
الأحزاب
(
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ )
|
٣٣
|
٣٤ ، ١٣١ / ١٢٧
|
سورة
سبأ
(
يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ )
|
١٠ ـ ١١
|
١٦٤ ، ١٦٥ / ١٥٤
|
(
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا )
|
١٢
|
١٧٣ / ١٥٩
|
(
وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ )
|
١٢
|
١٧٨ / ١٦٣
|
سورة
فاطر
(
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا )
|
٣٢
|
٥٦٦ / ٥٠٦
|
سورة
يس
(
حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )
|
٣٩
|
٤٤٤ / ٣٧٦
|
سورة
الصافات
(
إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ )
|
١٠٢
|
١٤٦ / ١٣٧
|
(
وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ )
|
١٤٧
|
٣٢٩ / ٢٧٠
|
(
وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ )
|
١٦٥
|
٤٤٩ / ٣٧٨
|
سورة
ص
(
فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ )
|
٣٦
|
١٧٨ / ١٦٣
|
(
أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ )
|
٤١
|
١٥٠
|
(
ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ )
|
٤٢
|
١٥٠
|
سورة
الدخان
(
كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ )
|
٢٨
|
٢٧٣ / ٢٣٧
|
سورة
الأحقاف
(
حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً )
|
١٥
|
٥١٣ / ٤٣٩
|
(
قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ )
|
٣٤
|
٤١٨ / ٣٥٢
|
سورة
ق
(
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ )
|
٣٧
|
٢٧٧ / ٢٤٢
|
سورة
النجم
(
فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ )
|
٩
|
١٤٢ / ١٣٤
|
سورة
القمر
(
أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ )
|
٢٤
|
٤٠١ / ٣٢٦ ، ٤٧٧ / ٤٠٢
|
سورة
الحشر
(
لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ )
|
٢٠
|
١٣١ / ١٢٧
|
سورة
الجن
(
عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا )
|
٢٦
|
١٨٩ / ١٧١ ، ٥٩٢ / ٥٣٦
|
(
إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ )
|
٢٧
|
٥٩٢ / ٥٣٦
|
سورة
المطففين
(
خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ )
|
٢٦
|
٣٢٨ / ٢٧٠
|
سورة
القدر
(
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ )
|
١
|
٢٠٢ / ١٧٨
|
سورة
الاخلاص
(
قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ )
|
١
|
١٦٢ / ١٥٢
|
(٢)
(
فهرس الأعلام )
(ا)
آدم (ع) : ١١٧ ، ١١٨ /
١١٣ ، ١١٩ / ١١٤ ، ٤٠٦ / ٣٣٧ .
آسية بنت مزاحم : ١٩٧
/ ١٧٣ ، ٢٨٦ / ٢٤٤ .
(أ)
أبان بن عثمان : ٤٣ /
٣ ، ٤٨ / ١٤ ، ٥٢ / ١٨ ، ٥٩ / ٣٠ ، ٤٧٦ / ٣٩٩ .
إبراهيم (ع) : ٧٤ / ٥٦
، ٩٥ / ٨٥ ، ١٣٦ ـ ١٣٧ ، ١٣٩ / ١٣١ ، ١٤١ / ١٣٢ ، ١٤٥ / ١٣٦ ، ١٩٧ / ١٧٣ ، ٣٥٠ / ٢٩١ ، ٤٧١ / ٣٩٥ .
إبراهيم بن أبي
البلاد : ١٨٠ / ١٦٥ ، ٤١٣ / ٣٤٨ ، ٤٩٣ / ٤٢٢ .
إبراهيم بن إسماعيل
الخلنحي : ٢١٥ / ١٨٩ .
إبراهيم بن بلطون :
٥٢٩ / ٤٦٥ .
إبراهيم بن شعيب
الميثمي : ٣٣٨ / ٢٨٤ .
إبراهيم بن عبد
الأكرم الأنصاري : ٦٩ / ٥٢ .
إبراهيم بن محمد :
٥١٥ / ٤٤٢ .
إبراهيم بن محمد
الأشعري : ٢٧٥ / ٢٤١ .
إبراهيم بن محمد بن
عبد الله : ٢٠٣ / ١٨٠ .
إبراهيم بن محمد
الهمداني : ٥١٥ / ٤٤٢ .
إبراهيم بن موسى :
٤٧٣ / ٣٩٧ .
إبراهيم بن موسى
القزاز : ١٨٣ / ١٦٩ .
إبراهيم بن هدبة ،
أبو هدبة : ٤٣ / ٥ .
إبراهيم بن هلقام :
٥٧٣ / ٥١٩ .
إبراهيم الجمال : ٤٥٨
/ ٣٨٦ .
إبليس : ٢٧٠ / ٢٣٢ ،
٢٩٦ / ٢٥١ .
ابن أبي تراب : ٣١١ /
٢٦٠ .
ابن أبي جويريه
المزني : ٣٤٠ / ٢٨٥ .
ابن أبي السلمي : ٢٧١
/ ٢٣٥ .
ابن أبي سورة : ٥٩٦ /
٥٣٨ .
ابن أبي الشوارب :
٦٠٨ / ٥٥٤ .
ابن أبي طالب : ١٦٦ /
١٥٦ .
ابن أبي غاضية : ٢٧١ /
٢٣٥ .
ابن أبي قحافة : ١٦٦ /
١٥٦ .
ابن أبي يحيى : ٤٧٧ /
٤٠٢ .
ابن الأحنف : ١٤٠ / ١٣٢
.
ابن إسحاق : ٥٨٦ / ٥٣٤
.
ابن الأصفر : ٣١٩ / ٢٦٥
.
ابن أكثم القاضي :
٤٤٨ / ٣٧٨ .
ابن أورمة : ٥٢٤ / ٤٦١
.
ابن البواب : ٢٧١ / ٢٣٥
.
ابن جاشير : ٦٠١ / ٥٤٩
.
ابن حمدون : ٥٤٦ / ٤٨٧
.
ابن الحميري : ٥٧٤ / ٥٢١
.
ابن الزبير : ٣٦١ / ٣٠٠
.
ابن الزيات : ٥٣٤ / ٤٧٠
.
ابن زياد : ٢٦٧ / ٢٣١
.
ابن سعد : ٣٤٠ / ٢٨٥
.
ابن سعيد : ٥٤٢ / ٤٨٣
.
ابن سيرين : ٥٠ / ١٦
.
ابن شهاب : ١٠١ / ٩٤
.
ابن شهاب الزهري :
٣٥٣ / ٢٩٣ .
ابن عباس : ٤٧ / ١٢ ،
٧٣ / ٥٦ ، ٩٠ / ٧٢ ، ١٠٨ / ١٠٢ ، ١٢٣ / ١٢١ ، ١٢٧ / ١٢٧ ، ١٣٣ / ١٢٨ ، ١٤٢ / ١٣٥ ، ٢٢٦ / ١٩٦ ، ٢٦١ / ٢٢٦ ، ٢٨٥ / ٢٤٤ ، ٢٨٦ / ٢٤٥ .
ابن عزيز : ١٠٠ / ٩٢
.
ابن عكاشة بن محصن
الأسدي : ٣٧٨ / ٣١١ .
ابن عمر : ٧٤ / ٥٨ .
ابن عمرويه : ٩٤ / ٨٤
.
ابن العوام : ١٦٧ / ١٥٦
.
ابن الفرات : ٥٦٨ / ٥١٢
.
ابن القزاز : ٥٧٣ / ٥١٩
.
ابن معاوية : ٣٨٦ / ٣١٨
.
ابن منيه : ١٠٢ / ٩٤
.
ابن مهاجر : ٤٠٦ / ٣٣٨
.
ابن نوح بن إسماعيل :
٤٣٩ / ٣٧٦ .
ابن نودولت : ٢٤١ / ٢٠٤
.
أبو أحمد بن أبي سورة
: ٥٩٧ / ٥٣٩ .
أبو الأديان : ٦٠٧ / ٥٥٤
.
أبو إسحاق : ٢١٥ / ١٨٩
، ٤٩٣ / ٤٢٢ .
أبو إسحاق السبيعي :
١٢١ / ١١٦ .
أبو إسماعيل : ٤٢٣ / ٣٥٩
.
أبو إسماعيل السندي :
٤٩٨ / ٤٢٩ .
أبو الأشعث بن قيس
الخزاعي : ٧٢ / ٥٥ .
أبو أمامة الباهلي :
١٠٧ / ٩٨ ـ ١٠٠ .
أبو أيوب الأنصاري :
٦٩ / ٥٢ ، ٨١ / ٦٥ ، ٢٢٦ / ١٩٦ ، ٣٧٤ / ٣٠٨ ، ٤٦٤ / ٣٩٣ .
أبو البختري : ٢٨٠ / ٢٤٣
.
أبو بصير : ١٥٥ / ١٤٣
، ١٦٥ / ١٥٣ ، ٣٧٣ / ٣٠٧ ، ٣٨٢ / ٣١٤ ، ٣٨٣ / ٣١٦ ، ٤١٠ / ٣٤٠ ، ٤١١ / ٣٤٤ .
أبو بكر : ٤٨ / ١٥ ،
٦٦ / ٤٧ ، ٨٤ / ٦٧ ، ٨٥ / ٦٨ ، ٨٦ / ٦٩ ، ٩٢ / ٧٨ ، ٩٣ / ٨٢ ، ١٠٩ / ١٠٢ ، ١٢٩ / ١٢٧ ، ١٣٣ / ١٢٨ ، ١٦٦ / ١٥٦ ، ١٧٣ / ١٦٠ ، ٢٤٨ / ٢١٤ ، ٢٦٤ / ٢٣٦ ، ٢٦٥ / ٢٢٩ ، ٢٧٢ / ٢٣٥ ، ٣٦٢ / ٣٠١ .
أبو تراب : ٦٠ / ٣١ .
أبو الجارود : ٣٦٠ / ٢٩٩
.
أبو الجارود العبدي :
٩٣ / ٨١ .
أبو جعفر : ٤٠٨ / ٣٣٩
، ٤٢٢ / ٣٥٧ ، ٦١١ / ٥٥٧ .
أبو جعفر بن محمد بن
علوية : ٥٥٠ / ٤٩٣ .
أبو جعفر الدوانيقي :
٢١٠ / ١٨٤ ، ٢١٨ / ١٩٢ ، ٢٣٣ / ٢٠١ ، ٤٠٦ / ٣٣٨ .
أبو جعفر العمري :
٥٩٠ / ٥٣٦ ، ٥٩٨ / ٥٤٢ .
أبو جعفر المنصور :
٤٢٧ / ٣٦٢ ، ٤٤١ / ٣٧٦ .
أبو جهل : ١٠٤ / ٩٦ ،
١١٠ / ١٠٤ ، ٣٢٣ / ٢٦٦ .
أبو الحارث : ٢٥٠ / ٢١٧
.
أبو حبيب النباجي :
٤٨٣ / ٤١٢ .
أبو الحسن : ١٦٨ / ١٥٦
.
أبو الحسن الطيب :
٤٩٢ / ٤٢١ .
أبو حفص : ٧٣ / ٥٦ .
أبو الحمراء : ١١٨ / ١١٤
.
أبو حمزة الثمالي :
٦٥ / ٤٤ ، ١٣٣ / ١٢٨ ، ١٨١ / ١٦٧ ، ٣٨٤ / ٣١٧ ، ٤١١ / ٣٤٤ ، ٤٤٠ / ٣٧٦ .
أبو حميد : ٤٥٧ / ٣٨٥
.
أبو حنيفة : ١٧١ / ١٥٧
.
أبو حنيفة (سائق
الحاج) : ١٨١ / ١٦٨ .
أبو خالد الزبالي :
٤٥٤ / ٣٨٢ .
أبو خالد الكابلي :
٣٢٦ / ٢٦٨ ، ٣٦٣ / ٣٠٢ .
أبو خديجة : ٢١٨ / ١٩٢
، ٣٥٨ / ٢٩٦ .
أبو خلف الجمحي : ٢٧١
/ ٢٣٥ .
أبو دجانة : ٨١ / ٦٥
.
أبو ذر الغفاري : ٢٧٤
/ ٢٣٨ ، ٢٩٠ / ٢٤٧ ، ٢٩٨ / ٢٥٣ .
أبو رجاء العطاردي :
٣٣٦ / ٢٨٠ .
أبو الزبير : ٦١ / ٣٣
، ٢٤٥ / ٢١٠ .
أبو سعيد الخدري : ٧١
/ ٥٤ .
أبو سلمة السرّاج :
١٣٩ / ١٣١ ، ٤٢٦ / ٣٦١ .
أبو سليمان : ١٦٧ / ١٥٦
.
أبو سورة : ٥٩٧ / ٥٣٩
.
أبو صالح : ٤٧ / ١٢ ،
٧٣ / ٥٦ ، ١٤٢ / ١٣٥ .
أبو الصامت : ١٥٤ / ١٤١
، ٤٢٢ / ٣٥٨ .
أبو الصلت الهروي :
٤٨٩ / ٤١٧ ، ٥١٠ / ٤٣٥ ، ٥٢٣ / ٤٥٨ .
أبو الصمصام العبسيّ
: ١٢٧ / ١٢٧ .
أبو طالب : ٤٥ / ١٠ ،
٤٠٧ / ٣٣٩ .
أبو طاهر الرازي :
٥٩٦ / ٥٣٨ .
أبو طلحة : ٨٠ / ٦٣ .
أبو العاص بن الربيع
بن عبد العزى بن عبد شمس : ٤٧ / ١٢ .
أبو العباس الكوفي :
٦٠٠ / ٥٤٦ .
أبو عبد الرحمن
الفهري : ١١٣ / ١١٠ .
أبو عبد الله : ٤٢٣ /
٣٥٩ .
أبو عبد الله بن أبي
سلمة : ٥٩١ / ٥٣٦ .
أبو عبد الله بن
الجنيد : ٥٩٧ / ٥٤٠ .
أبو عبد الله بن عبد
الله : ٥٧٦ / ٥٢٤ .
أبو عبد الله الجدلي
: ٢٥٧ / ٢٢٤ .
أبو عبد الله الحافظ
النيسابوري : ٥٤٦ / ٤٨٨ .
أبو عبد الله
الصفواني : ٥٩٠ / ٥٣٦ .
أبو عبد الله المحدث
: ٢٣٦ / ٢٠٢ .
أبو عثمان : ٥٣٩ / ٤٧٩
.
أبو علي بن راشد :
٤٣٩ / ٤٧٦ .
أبو علي العلوي : ٢٤١
/ ٢٠٤ .
أبو علي الفهري : ٥٥٤
/ ٤٩٦ .
أبو عوف : ٦٣ / ٣٧ .
أبو عون الدوسي : ٩٧ /
٨٧ .
أبو عيينة : ٣٧ / ٣٠٦
.
أبو القاسم بن
إبراهيم بن محمد المعروف بابن الحميري : ٥٧٤ / ٥٢١ .
أبو القاسم بن روح :
٥٩٠ / ٥٣٦ ، ٦١٤ / ٥٦٠ .
أبو القاسم الحليسي :
٥٦٩ / ٥١٣ .
أبو كهمش : ٤١٤ / ٣٥٠
.
أبو لبابة : ٩٠ / ٧٤
، ٤١٦ / ٣٥٢ .
أبو ليلى : ١١٣ / ١٠٩
.
أبو محمد : ٥٤٨ / ٤٩٠
، ٥٤٩ / ٤٩١ ، ٥٧٤ / ٥٢٠ ، ٥٩٢ / ٥٣٦ .
أبو محمد الإِدريسي :
١٣٣ / ١٢٨ .
أبو محمد الغفاري :
٤٧٧ / ٤٠٣ .
أبو محيص : ٥٤ / ٢٣ .
أبو مسلم الخولاني :
١١٤ / ١١١ .
أبو موسى : ٥٥ / ٢٤ ،
٤٨٩ / ٤١٧ .
أبو نعيم الأصفهاني
الحافظ : ٣٥٤ / ٢٩٣ .
أبو هارون العبدي :
١٢٦ / ١٢٦ .
أبو هارون المكفوف :
٤٠١ / ٣٢٦ .
أبو هاشم : ٥٦٦ / ٥٠٥
، ٥٦٧ / ٥٠٨ ، ٥٦٨ / ٥٠٩ ، ٥٧٦ / ٥٢٣ ، ٥٧٧ / ٥٢٦ .
أبو هاشم الجعفري :
٢١٧ / ١٩١ ، ٤٨٨ / ٤١٦ ، ٥١٤ / ٤٤٠ ، ٥١٩ / ٤٥١ ، ٥٢٠ / ٤٥٢ ، ٥٢١ / ٤٥٤ ، ٥٣٢ / ٤٦٧ ، ٥٣٨ / ٤٧٨ ، ٥٤٣ / ٤٨٤ ، ٥٤٤ / ٤٨٦ ، ٥٥٤ / ٤٩٦ ، ٥٦١ / ٥٠٠ ، ٥٦٤ / ٥٠١ ، ٥٦٥ / ٥٠٣ ، ٥٦٨ / ٥١١ .
أبو هريرة : ٤٨ / ١٥
، ٥٠ / ١٦ ، ٦٦ / ٤٧ ، ٩٩ / ٩١ .
أبو الهيثم بن
التيهان : ٢٢٦ / ١٩٦ .
أبو يحيى : ٥١٣ / ٤٣٨
.
أبو يعقوب : ٥٣٥ / ٤٧٢
، ٥٣٧ / ٤٧٦ .
أبو يوسف : ٢٢٩ / ٢٠٠
.
أحمد : ٦١٢ / ٥٥٧ .
أحمد بن إبراهيم بن
مخلد : ٦١٤ / ٥٦١ .
أحمد بن أبي روح :
٥٩٤ / ٥٣٧ .
أحمد بن إسحاق : ٥٨١ /
٥٣١ ، ٥٨٥ / ٥٣٤ .
أحمد بن إسحاق الخصيب
: ٥٨٧ / ٥٣٤ .
أحمد بن الحارث
القزويني : ٥٧٩ / ٥٢٨ .
أحمد بن الحسين : ٣٣٤
/ ٢٧٦ .
أحمد بن علي بن الحسن
الثعالبي : ٤٨٤ / ٤١٣ .
أحمد بن عمارة : ٢٧٣ /
٢٣٦ .
أحمد بن عمر : ٢١٤ / ١٨٧
.
أحمد بن عمر الحلال :
٤٣٨ / ٣٧٥ .
أحمد بن محمد بن أبي
نصر البزنطي : ١٣٣ / ١٢٨ ، ٤١٣ / ٣٤٧ ، ٤٧٧ / ٤٠١ .
أحمد بن محمد بن
الخصيب : ٥٣٥ / ٤٧٢ ، ٥٤٠ / ٤٨٠ ، ٥٧٣ / ٥١٧ .
أحمد بن محمد بن فارس
الأديب : ٦٠٥ / ٥٥٣ .
أحمد بن محمد الحضرمي
: ٥٠٣ / ٤٣١ .
أحمد بن يوسف : ٥١٨ /
٤٤٧ .
الأخرس : ٤٣٨ / ٣٧٥ .
إدريس بن عبد الله
الأزدي : ٣٣٦ / ٢٧٩ .
الأزدي : ٤١٠ / ٣٤٠ ،
٦١٣ / ٥٥٩ .
أسامة بن زيد : ٢٩١ /
٢٤٩ .
إسحاق : ٤٨١ / ٤٠٨ ،
٥٧٠ / ٥١٥ .
إسحاق بن أبي عبد
الله : ٤٥٩ / ٣٨٧ .
إسحاق بن حامد الكاتب
: ٦٠٠ / ٥٤٧ .
إسحاق بن سليمان بن
داود : ٥١٥ / ٤٤٢ .
إسحاق بن عمار : ٤٣٤ /
٣٦٦ ، ٤٦٢ / ٣٩١ .
إسحاق بن منصور : ٤٦١
/ ٤٩٠ .
إسحاق بن يعقوب : ٥٩٧
/ ٥٤٠ .
إسحاق الجلاب : ٥٤٩ /
٤٩١ .
إسحاق الحضرمي : ٣٣٧ /
٢٨٢ .
أسد بن خزيمة بن
مدركة : ٥٦٢ / ٥٠٠ .
إسرافيل : ١٢٢ / ١١٩
، ٢٨٨ / ٢٤٦ .
أسعد بن الأرت ، أبو
امامة : ٤٨ / ١٤ .
إسماعيل (ع) : ١٤٥ / ١٣٦
، ١٤٦ / ١٣٧ .
إسماعيل : ٢٨٨ / ٢٤٥
.
إسماعيل بن أبي الحسن
: ١٨٣ / ١٧٠ .
إسماعيل بن أبي عبد
الله الصادق (ع) : ٨٨ / ٧٠ ، ٢١٨ / ١٩٢ .
إسماعيل بن سلام :
٤٥٧ / ٣٨٥ .
إسماعيل بن عباس
الهاشمي : ٥٢٦ / ٤٦٤ .
إسماعيل بن عبد
العزيز : ٤٠٢ / ٣٣٠ .
إسماعيل بن عبد الله
بن جعفر بن أبي طالب : ٣٨١ / ٣١٣ .
إسماعيل بن عمار :
١٠٨ / ١٠١ .
إسماعيل بن محمد بن
علي بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب : ٥٧٨ / ٥٢٧ .
إسماعيل بن محمد
الحميري ، أبو هاشم : ٣٩٥ / ٣٢٢ .
إسماعيل بن مهران :
٣٠٨ / ٢٥٨ .
الأسود بن قيس العنسي
: ١١٤ / ١١١ .
أسيد : ٩٨ / ٨٨ .
الأشتر : ٢٠٤ / ١٨١ ،
٢٦٢ / ٢٢٦ .
الأشجع بن حمدان
العجلي : ١٦٨ / ١٥٦ .
الأصبغ بن موسى : ٤٤٧
/ ٣٧٧ .
الأصبغ بن نباتة :
١٢٢ / ١٢٠ ، ٢١٠ / ١٨٥ ، ٢٦٩ / ٢٣٢ .
الأعمش : ٢٢٦ / ١٩٧ ،
٢٣٣ / ٢٠١ ، ٢٨٨ / ٢٤٦ .
الأقرع : ٥٧٠ / ٥١٥ .
الأقطع : ٣٨٦ / ٣١٧ .
أم أسلم : ٥٦٢ / ٥٠٠
.
أم أيمن : ١٩٦ / ١٧٢
.
أم الحسين : ٥٢٤ / ٤٦٠
.
أم سلمة : ٦١ / ٣٣ ،
٩٥ / ٨٥ ، ١٠٦ / ٩٧ ، ٢٤٩ / ٢١٤ ، ٣٣٠ / ٢٧٢ ، ٥٦٢ / ٥٠٠ .
أم عمرو : ٢١٤ / ١٨٨
.
أم غانم : ٥٦٢ / ٥٠٠
.
أم فروة : ٢٢٦ / ١٩٧
.
أم الفضل (بنت
المأمون) : ٢١٩ / ١٩٣ ، ٥٠٥ / ٤٣٣ ، ٥١٢ / ٤٣٧ .
أم مسلم : ٥٦٢ / ٥٠٠
.
أم معبد : ٨٥ / ٦٨ ،
١١٢ / ١٠٧ .
أم موسى : ٢٠١ / ١٧٨
.
أم الندى (بنت جعفر ،
حبابة الوالبية) : ٥٦٢ / ٥٠٠ .
الأمير داود (ولد
السلطان) : ٢٤١ / ٢٠٤ .
أمية بن علي : ٥١٥ / ٤٤٣
.
أنس بن مالك : ٤٣ / ٥
، ٥٢ / ١٨ ، ٥٩ / ٣٠ ، ٦٠ / ٣١ ، ٧٧ / ٦٢ ، ٨٠ / ٦٣ ، ٩٨ / ٨٧ ، ١٧٣ / ١٦٠ ، ٢٧٢ / ٢٣٦ ، ٢٨٨ / ٢٤٦ ، ٢٩٣ / ٢٥٠ .
أنو شروان : ٢٠٦ / ١٨٢
.
أنيس : ٣١٤ / ٢٦٢ .
الأوزاعي : ٢٥٨ / ٢٢٥
.
أويس القرني : ٢٦٧ / ٢٣٠
.
ايليا : ٢٧٠ / ٢٣٢ .
أيوب (ع) : ١٥٠ .
(ب)
باداشاله : ٦١١ / ٥٥٦
.
باغر : ٥٣٦ / ٤٧٣ .
البراء بن عازب : ٤٥ /
٧ .
بريدة الأسلمي : ١٦٨ /
١٥٦ .
بريهة النصراني : ١٧٢
/ ١٥٩ .
بزيع : ٥١٣ / ٤٣٨ .
بشار (مولى السندي بن
شاهك) : ٤٦٠ / ٣٨٨ .
بشير : ٣٩٩ / ٣٢٥ .
بغا : ٥٣٢ / ٤٦٨ ،
٥٣٦ / ٤٧٣ ، ٥٣٩ / ٤٧٨ .
بغلون : ٥٣٦ / ٤٧٣ .
بكار القمي : ٢١١ / ١٨٦
.
بكر بن صالح : ٢١٤ / ١٨٨
.
بكير : ٥٢١ / ٤٥٣ .
بكير بن أعين : ٤٠٤ /
٣٣٤ .
بلال : ٣١٦ / ٢٦٤ .
البلخي : ٤٢٣ / ٣٥٩ .
بلطون : ٥٢٩ / ٤٦٥ .
(ت)
تامش : ٥٣٦ / ٤٧٣ .
تميم بن الحصين : ٣٤١
/ ٢٨٦ .
تميم بن يعقوب السراج
: ١٧٦ / ١٦١ .
(ث)
ثابت : ٢٨٨ / ٢٤٦ .
ثابت بن دينار : ٣٥١ /
٢٩٢ .
ثمامة بن عبد الله :
٦٠ / ٣١ .
ثوير بن سعيد بن
علاقة : ٣٥١ / ٢٩٢ .
(ج)
جابر : ١٧٦ / ١٦٢ ،
٢٤٤ / ٢٠٨ .
جابر بن عبد الله
الأنصاري : ٥٠ / ١٧ ، ٥٢ / ٢٠ ، ٦١ / ٣٢ ، ٦١ / ٣٣ ، ٧٠ / ٥٣ ، ١٠٤ / ٩٧ ، ١٠٨ / ١٠١ ، ١١٨ / ١١٢ ، ١٢١ / ١١٧ ، ١٢٤ / ١٢٣ ، ١٦١ / ١٥٠ ، ١٦٦ / ١٥٦ ، ٢٤٥ / ٢١٠ ، ٢٥٧ / ٢٢٣ ، ٢٦٤ / ٢٢٩ ، ٢٩٦ / ٢٥٢ ، ٣٠٦ / ٢٥٧ ، ٣٢٢ / ٢٦٦ ، ٣٥٩ / ٢٩٧ .
جابر بن يزيد الجعفي
: ٢٥٠ / ٢١٧ ، ٣٠٥ / ٢٥٦ ، ٣٧٧ / ٣١٠ ، ٣٩٠ / ٣٢٠ ، ٤٠٣ / ٣٣٣ .
جابر الجعفي : ٢٤٢ / ٢٠٦
.
جاثليق النصارى : ١٨٧
/ ١٧١ ، ٥٧٥ / ٥٢٢ .
جبرئيل : ٥٥ / ٢٤ ـ ٢٥
، ٥٦ ـ ٥٧ / ٢٧ ، ٥٨ / ٢٨ ، ٦١ / ٣٢ ـ ٣٣ ، ٦٨ / ٤٩ ، ٨١ / ٦٥ ، ٨٢ / ٦٦ ، ١٢١ / ١١٦ ـ ١١٧ ، ١٢٢ / ١١٩ ، ١٢٨ / ١٢٧ ، ١٤٣ / ١٣٥ ، ١٦١ / ١٥٠ ، ٢٣٢ / ٢٠٠ ، ٢٧٢ / ٢٣٦ ، ٢٨١ / ٢٤٣ ، ٢٨٥ / ٢٤٤ ، ٢٨٨ / ٢٤٦ ، ٣١٢ / ٢٦١ ، ٣١٦ / ٢٦٤ ، ٣٣٨ / ٢٨٤ ، ٣٥٦ / ٢٩٥ .
جرير بن عبد الحميد :
٢٣٣ / ٢٠١ .
جعفر : ٥٣٤ / ٤٧٠ ،
٥٣٧ / ٤٧٥ ، ٥٣٩ / ٤٧٩ ، ٥٩٩ / ٥٤٤ ، ٦١٢ / ٥٥٧ .
جعفر بن أبي طالب :
٩٣ / ٨٢ ، ١٠٢ / ٩٤ ، ٣٠٧ / ٢٥٧ ، ٣٢٢ / ٢٦٦ .
جعفر بن أحمد بن متيل
: ٥٩٨ / ٥٤٢ .
جعفر بن دراج : ٣٩٥ /
٣٢١ .
جعفر بن الشريف
الجرجاني : ٢١٤ / ١٨٩ ، ٢١٦ / ١٨٩ .
جعفر بن علي : ٥٧٧ / ٥٢٦
، ٥٩٤ / ٥٣٧ ، ٦٠٧ / ٥٥٤ ، ٦٠٩ / ٥٥٥ .
جعفر بن عمر العلوي :
٤٨٦ / ٤١٤ .
جعفر بن محمد ، أبو
عبد الله الصادق (ع) : ٤٣ / ٣ ، ٥٠ / ١٧ ، ٥٣ / ٢١ ، ٥٦ / ٢٧ ، ٦٣ / ٣٦ ـ ٣٧ ، ٨٨ / ٧٠ ، ٩١ / ٧٥ ، ٩٢ / ٨٠ ، ١٠٧ / ٩٩ ، ١٠٨ / ١٠١ ، ١٢٦ / ١٢٦ ، ١٣٧ / ١٢٩ ، ١٣٧ ، ١٣٨ / ١٣٠ ، ١٣٩ / ١٣١ ، ١٤١ / ١٣٢ ، ١٤٥ / ١٣٦ ، ١٥٤ / ١٤١ ، ١٥٥ / ١٤٣ ، ١٥٦ / ١٤٤ ، ١٥٧ / ١٤٦ ، ١٥٨ / ١٤٧ ، ١٥٩ / ١٤٨ ، ١٦٠ / ١٤٩ ، ١٦٢ / ١٥٢ ، ١٦٤ / ١٥٣ ، ١٧١ / ١٥٧ ، ١٧٢ / ١٥٩ ، ١٧٦ / ١٦٢ ، ١٧٧ / ١٦٣ ، ١٧٨ / ١٦٤ ، ١٨٢ / ١٦٨ ، ١٨٦ ، ١٩٦ / ١٧٢ ، ١٩٩ / ١٧٥ ـ ١٧٦ ، ٢٠٤ / ١٨١ ، ٢٠٧ / ١٨٣ ، ٢٠٨ / ١٨٣ ـ ١٨٤ ، ٢٠٩ / ١٨٤ ، ٢١٠ / ١٨٤ ، ٢١٨ / ١٩١ ـ ١٩٢ ، ٢٢٥ / ١٩٦ ، ٢٢٧ / ١٩٨ ، ٢٢٨ / ١٩٩ ، ٢٤٤ / ٢٠٩ ، ٢٤٨ / ٢١٤ ، ٢٥٧ / ٢٢٢ ، ٢٦٣ / ٢٢٧ ، ٢٦٩ / ٢٣٢ ، ٢٨٠ / ٢٤٣ ، ٢٩٠ / ٢٤٧ ، ٣٠٨ / ٢٥٨ ، ٣١٠ / ٢٥٩ ، ٣١٢ / ٢٦١ ، ٣١٤ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣ ، ٣٣٤ / ٢٧٥ ، ٣٣٨ / ٢٨٤ ، ٣٤٠ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ، ٣٤٢ / ٢٨٨ ، ٣٤٩ / ٢٩١ ، ٣٥٨ / ٢٩٦ ، ٣٦١ / ٣٠٠ ، ٣٧٤ / ٣٠٨ ، ٣٧٨ / ٣١١ ، ٣٨٠ / ٣١٢ ، ٣٨١ / ٣١٣ ، ٣٨٨ / ٣١٩ ، ٣٩٥ / ٣٢٢ ، ٣٩٦ / ٣٢٣ ، ٣٩٧ / ٣٢٤ ، ٣٩٨ / ٣٢٥ ، ٤٠١ / ٣٢٦ ، ٤٠١ / ٣٢٧ ، ٤٠٢ / ٣٢٨ ، ٤٠٢ / ٣٢٩ ـ ٣٣٠ ـ ٣٣١ ، ٤٠٣ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣ ، ٤٠٤ / ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ، ٤٠٥ / ٣٣٦ ، ٤٠٦ / ٣٣٨ ، ٤٠٧ / ٣٢٨ ، ٤١٠ / ٣٤٠ ـ ٣٤١ ـ ٣٤٢ ، ٤١١ / ٣٤٠ ـ ٣٤٢ ـ ٣٤٣ ـ ٣٤٤ ، ٤١٢ / ٣٤٥ ـ ٣٤٦ ، ٤١٣ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨ ، ٤١٤ / ٣٤٩ ، ٤١٥ / ٣٥١ ، ٤١٧ / ٣٥٢ ،
٤٢٠ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤ ،
٤٢١ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦ ، ٤٢٢ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨ ، ٤٢٣ / ٣٥٩ ، ٤٢٥ / ٣٦٠ ، ٤٢٦ / ٣٦١ ـ ٣٦٢ ، ٤٣٣ / ٣٦٥ ، ٤٣٧ / ٣٧٣ ، ٤٣٩ / ٣٧٦ ، ٤٧٣ / ٣٩٥ ، ٤٨٧ / ٤١٥ ، ٦١٢ / ٥٥٨ .
جعفر بن محمد
الدوريستي : ٢٣٦ / ٢٠٢ .
جعفر بن محمد النوفلي
: ٤٩١ / ٤١٩ .
جعفر بن يحيى : ٤٩٩ /
٤٣٠ .
جعفر الدقاق : ٢٣٦ / ٢٠٢
.
الجمحي : ٥٧٧ / ٥٢٦ .
جندب : ٤٦٢ / ٣٩٢ .
جوخان : ٤٨٩ / ٤١٦ .
جويرية بن مسهر : ١٨٢
/ ١٦٨ ، ٢٥٠ / ٢١٧ ، ٢٥٣ / ٢١٩ ، ٤٦٢ / ٣٩٢ .
(ح)
حاجز : ٥٩٩ / ٥٤٣ .
حاجز بن يزيد الوشاء
: ٥٩٤ / ٥٣٧ ، ٦٠٨ / ٥٥٤ .
الحارث الأعور : ٢٤٦
/ ٢١١ ، ٢٤٧ / ٢١٢ ، ٢٥٠ / ٢١٦ .
الحارث بن حصيرة
الأزدي : ٤١٠ / ٣٤٢ .
الحارث بن السيد :
٢٧٠ / ٢٣٢ .
الحارث بن كلدة : ١٦٧
/ ١٥٦ .
الحافظ ، أبو عبد
الله : ٤٩٦ / ٤٢٥ .
الحاكم : ٤٨١ / ٤٠٧ .
الحاكم أبو عبد الله
النيسابوري : ٤٨٣ / ٤١٢ .
حايل بنت الديراني :
٥٩٥ / ٥٣٧ .
حبابة الوالبية
الأسدية : ١٤٠ / ١٣٢ ، ١٥١ ، ٣٢٤ / ٢٦٧ ، ٥٦٢ / ٥٠٠ .
حبّة : ٦٦ / ٤٦ .
حبيب الأحول : ١٣٣ / ١٢٨
.
حبيب بن جماز : ٢٦٧ /
٢٣١ .
حبيب بن الجهم : ٢٥٨
/ ٢٢٥ .
حبيب بن عبد الله
الأزدي : ٢٦٨ / ٢٣١ .
الحجاج بن يوسف : ٦٠
/ ٣١ ، ٢٧٦ / ٢٤٢ ، ٢٩٣ / ٢٥٠ ، ٣٦١ / ٣٠٠ .
حذيفة : ٥٤ / ٢٢ ،
٣١٦ / ٢٦٤ .
الحسن الآبي ، أبو
علي : ٥٨٤ / ٥٣٣ .
الحسن البصري : ٢٧٥ /
٢٤٠ .
الحسن بن أبي عثمان
الهمداني : ٥١٩ / ٤٥٠ .
الحسن بن أحمد المكتب
، ٦٠٣ / ٥٥١ .
الحسن بن بشار : ٤٨١
/ ٤٠٩ .
الحسن بن ثوير بن أبي
فاختة : ١٣٩ / ١٣١ .
الحسن بن الحسن : ٣٦٣
/ ٣٠٢ ، ٤١١ / ٣٤٣ .
الحسن بن زيد : ١٣٧ ،
٢٧١ / ٢٣٥ .
الحسن بن ظريف : ٥٦٥
/ ٥٠٤ .
الحسن بن عطية : ٤٢١
/ ٣٥٦ .
الحسن بن علي ، أبو
محمد (ع) : ٥٣ / ٢٢ ، ٥٥ / ٢٤ ، ٥٩ / ٢٩ ، ٦١ / ٣٣ ، ٨٠ / ٦٣ ، ٩٩ / ٩١ ، ١٢١ / ١١٦ ، ١٢٢ / ١٢٠ ، ١٣٢ / ١٢٧ ، ١٣٤ / ١٢٨ ، ١٤٠ / ١٣٢ ، ٢٠٥ / ١٨٢ ، ٢٣١ / ٢٠٠ ، ٢٣٥ / ٢٠١ ، ٢٣٩ / ٢٠٣ ، ٢٤٤ / ٢٠٨ ، ٢٦٢ / ٢٢٦ ، ٢٦٧ / ٢٣١ ، ٢٧٢ / ٢٣٦ ، ٢٩٣ / ٢٥٠ ، ٢٩٥ / ٢٥١ ، ٢٩٦ / ٢٥٢ ، ٣٠٥ / ٢٥٦ ، ٣٠٦ / ٢٥٧ ، ٣٠٨ / ٢٥٨ ، ٣١٠ / ٢٥٩ ، ٣١١ / ٢٦٠ ، ٣١٢ / ٢٦١ ، ٣١٤ / ٢٦٢ ، ٣١٥ / ٢٦٣ ، ٣١٦ / ٢٦٤ ،
٣١٩ / ٢٦٥ ، ٣٢٢ / ٢٦٦
، ٣٢٨ / ٢٧١ ، ٣٥٠ / ٢٩١ ، ٣٩٦ / ٣٢٢ ، ٤٧٣ / ٣٩٦ ، ٥٢٢ / ٤٥٧ ، ٥٤٥ / ٤٨٧ ، ٥٦١ / ٥٠٠ ، ٥٦٢ / ٥٠٠ ، ٥٩٢ / ٥٣٦ .
الحسن بن علي ، أبو
محمد العسكري (ع) : ٢٠١ / ١٧٨ ، ٢١٤ / ١٨٩ ، ٢١٦ / ١٩٠ ، ٢١٧ / ١٩١ ، ٢٢١ / ١٩٤ ، ٢٧٣ / ٢٣٧ ، ٤٦٧ / ٣٩٤ ، ٥٤١ / ٤٨٢ ، ٥٦١ / ٥٠٠ ، ٥٦٤ / ٥٠١ ، ٥٦٥ / ٥٠٣ ـ ٥٠٤ ، ٥٦٦ / ٥٠٦ ـ ٥٠٧ ، ٥٦٧ / ٥٠٨ ـ ٥٠٩ ، ٥٦٨ / ٥١٠ ـ ٥١١ ـ ٥١٢ ، ٥٦٩ / ٥١٣ ، ٥٧٠ / ٥١٤ ـ ٥١٥ ، ٥٧٢ / ٥١٦ ، ٥٧٣ / ٥١٧ ـ ٥١٨ ـ ٥١٩ ـ ٥٢٠ ، ٥٧٤ / ٥٢١ ، ٥٧٥ / ٥٢٢ ، ٥٧٦ / ٥٢٣ ـ ٥٢٤ ـ ٥٢٥ ، ٥٧٧ / ٥٢٦ ، ٥٧٨ / ٥٢٧ ، ٥٧٩ / ٥٢٨ ، ٥٨٠ / ٥٢٩ ، ٥٨١ / ٥٣٠ ـ ٥٣١ ، ٥٨٤ / ٥٣٣ ، ٥٨٥ / ٥٣٤ ، ٥٩٥ / ٥٣٧ ، ٦٠٧ / ٥٥٤ ، ٦٠٩ / ٥٥٥ ، ٦١١ / ٥٥٥ .
الحسن بن قطاة
الصيدلاني : ٥٩٨ / ٥٤٢ .
الحسن بن محمد : ١٨٧
/ ١٧١ .
الحسن بن محمد جمهور
العمي : ٥٣٦ / ٤٧٣ ، ٥٣٩ / ٤٧٩ .
الحسن بن محمد بن علي
: ٥٤٣ / ٤٨٥ .
الحسن بن منصور : ١٥٣
/ ١٤٠ ، ٤٩٨ / ٤٢٨ .
الحسن بن وجناء ، أبو
محمد : ٦١٢ / ٥٥٨ .
حسين الأسباطي : ٥٣٤
/ ٤٧٠ .
حسين بن ثوير : ٤٢٦ /
٣٦١ .
حسين بن روح ، أبو
القاسم : ٦٠٠ / ٥٤٨ ، ٦٠٢ / ٥٤٩ ، ٦٠٢ / ٥٥٠ .
الحسين بن عبد الرحمن
التمار : ٢٧٣ / ٢٣٨ ، ٢٧٤ / ٢٣٩ .
الحسين بن علي ، أبو
عبد الله (ع) : ٥٤ / ٢٣ ، ٥٥ / ٢٤ ، ٥٩ / ٢٩ ، ٦١ / ٣٣ ، ٩٩ / ٩١ ، ١٠٦ / ٩٧ ، ١١٢ / ١٠٧ ، ١٢٢ / ١٢٠ ،
١٤٠ / ١٣٢ ، ١٤٨ / ١٣٨
، ١٥٠ ، ٢٠٠ / ١٧٥ ، ٢٣١ / ٢٠٠ ، ٢٣٥ / ٢٠١ ، ٢٣٩ / ٢٠٣ ، ٢٤٤ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ، ٢٦٢ / ٢٢٦ ، ٢٦٧ / ٢٣١ ، ٢٧٢ / ٢٣٦ ، ٢٧٣ / ٢٣٧ ، ٢٩٠ / ٢٤٧ ، ٢٩٣ / ٢٥٠ ، ٢٩٥ / ٢٥١ ، ٢٩٦ / ٢٥٢ ، ٣٠٦ / ٢٧٥ ، ٣١٢ / ٢٦١ ، ٣٢٢ / ٢٦٦ ، ٣٢٤ / ٢٦٧ ، ٣٢٦ / ٢٦٨ ، ٣٢٧ / ٢٦٩ ، ٣٢٨ / ٢٧١ ، ٣٣٠ / ٢٧٢ ، ٣٣٣ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ، ٣٣٤ / ٢٧٥ ، ٣٣٥ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨ ، ٣٣٦ / ٢٧٩ ، ٣٣٧ / ٢٨٠ ـ ٢٨١ ـ ٢٨٢ ـ ٢٨٣ ، ٣٣٨ / ٢٨٤ ، ٣٤٠ / ٢٨٥ ، ٣٤١ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧ ، ٣٤٢ / ٢٨٨ ، ٣٤٤ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠ ، ٣٥٠ / ٢٩١ ، ٣٥٦ / ٢٩٥ ، ٣٦٣ / ٣٠٢ ، ٣٩٦ / ٣٢٢ ، ٤٤٥ / ٣٧٦ ، ٤٥٥ / ٣٨٣ ، ٤٧٣ / ٣٩٦ ، ٤٨٧ / ٤١٥ ، ٥١٠ / ٤٣٦ ، ٥٤٥ / ٤٨٧ ، ٥٦٣ / ٥٠٠ ، ٥٦٩ / ٥١٣ ، ٥٩٦ / ٥٣٨ .
الحسين بن علي بن
محمد القمي المعروف بأبى علي البغدادي : ٦٠١ / ٥٤٩ .
الحسين بن عمر بن
يزيد : ٤٩٣ / ٤٢٣ .
الحسين بن محمد
العقيقي : ٥٧٧ / ٥٢٦ .
الحسين بن موسى بن
جعفر : ٤٨٦ / ٤١٤ .
حكيمة (ع) : ١٥٢ .
حكيمة بنت أبي عبد
الله : ٤٤٣ / ٣٧٦ .
حكيمة بنت محمد [
الجواد ] (ع) : ٢٠١ / ١٧٨ ، ٢٠٣ / ١٧٩ .
حكيمة بنت موسى [
الكاظم ] (ع) : ٥٠٤ / ٤٣٢ .
حليمة : ٩٠ / ٧٢ .
حماد بن أبي طلحة :
٦٣ / ٣٧ .
حماد بن سلمة : ٢٩٣ /
٢٥٠ .
حماد بن عثمان : ٩١ /
٧٥ .
حمران بن أعين : ٤٠١
/ ٣٢٦ .
حمزة : ١٨٢ / ١٦٨ ،
٣٠٧ / ٢٥٧ ، ٣٢٢ / ٢٦٦ .
حمزة بن جعفر : ٤٨٨ /
٤١٥ .
حمزة بن جعفر
الأرجاني : ٤٩٢ / ٤٢٠ .
حمزة بن داود الديلمي
: ١٣٣ / ١٢٨ .
حمزة بن محمد بن أحمد
بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب : ٥٧٣ / ٥٢٠ .
حمزة الغراب : ٥٧٧ / ٥٢٦
.
حميد بن قحطبة : ٤٠٩
/ ٣٣٩ .
حميد بن مهران : ١٥٤
/ ١٤٠ ، ٤٧٢ / ٣٩٥ . حميد الطويل : ٧٧ / ٦٢ ، ٢٩٣ / ٢٥٠ .
حميدة : ٣٧٩ / ٣١١ .
حنّان بن سدير : ٢٢٧
/ ١٩٨ ، ٤١٢ / ٣٤٥ .
حنش بن المعتمر : ٦٨
/ ٥٠ .
حيان بن عمير : ٩٧ / ٨٦
.
(خ)
خالد (عامل هشام بن
عبد الملك) : ٢٧١ / ٢٣٥ .
خالد بن عرفطة : ٢٦٧
/ ٢٣١ .
خالد بن نجيح : ٤٠٢ /
٣٢٩ ، ٤٣٤ / ٣٦٧ ، ٤٣٧ / ٣٧٢ .
خالد بن الوليد : ١٦٦
/ ١٥٥ ـ ١٥٦ .
خديجة : ٦١٢ / ٥٥٨ .
خديجة بنت حمدان :
٤٩٦ / ٤٢٥ .
خديجة بنت خويلد : ٤٧
/ ١٢ ، ٢٨٥ / ٢٤٤ ، ٢٨٦ / ٢٤٥ .
الخضر (ع) : ٣١٠ / ٢٥٩
.
خلف بن موسى اللؤلؤي
: ٤٣٩ / ٣٧٦ .
خوارزمشاه : ٢٠٦ / ١٨٢
.
الخيزران : ٥٠٤ / ٤٣٢
.
(د)
داود (ع) : ٥٦٥ / ٥٠٤
.
داود : ٢٤١ / ٢٠٤ .
داود بن زربي : ٤٢٦ /
٣٦٢ .
داود بن ظبيان : ٤٢١
/ ٣٥٥ .
داود بن كثير الرقي :
٢٥٣ / ٢١٩ ، ٣٧٩ / ٣١٢ ، ٣٩٦ / ٣٢٣ ، ٤٠٤ / ٣٣٥ .
داود الرقي : ١٥٩ / ١٤٨
، ١٦٢ / ١٥٢ ، ٢٠٨ / ١٨٤ ، ٢٠٩ / ١٨٤ ، ٢١٨ / ١٩٢ ، ٣١٤ / ٢٦٢ ، ٤٢٠ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤ ، ٤٢٣ / ٣٥٩ ، ٤٢٦ / ٣٦٢ .
دحية الكلبي : ١٠٧ / ٩٩
، ٣١٢ / ٢٦١ .
الدوانيقي : ١٣٧ .
(ذ)
ذرّة : ٢٩٨ / ٢٥٣ .
ذرجان : ٣٧١ / ٣٠٦ .
(ر)
الرازي : ٥٩٧ / ٥٣٩ .
رأس الجالوت : ١٨٧ / ١٧١
، ١٩١ .
راشد : ٣٨٣ / ٣١٥ .
الراهب : ٤٧ / ١٢ .
الربيع (حاجب المنصور)
: ٢٠٧ / ١٨٣ .
ربيعة : ٢٦٢ / ٢٢٦ ،
٥٥٣ .
ربيعة بن سالم الهمداني
: ٢٧٨ / ٢٤٢ .
رجاء بن الضاحك : ٤٨٨
/ ٤١٦ .
رزين الأنماطي : ٢٦٩
/ ٢٣٢ .
الرشيد : ٤٤٨ / ٣٧٨ ،
٤٤٩ / ٣٧٩ ، ٤٥٢ / ٣٨٠ ، ٤٥٣ / ٣٨١
الرشيد الهجري : ٢٦٨
/ ٢٣١ ، ٤٣٤ / ٣٦٦ .
روفائيل : ٢٩١ / ٢٤٨
.
الريان بن شبيب : ٥٠٥
/ ٤٣٣ ، ٥١٢ / ٤٣٧ ، ٥١٩ / ٤٥١ .
الريان بن الصلت :
٤٧٦ / ٣٩٩ ـ ٤٠٠ .
(ز)
زاذان : ٣٠١ / ٢٥٤ .
زاذان ، أبو عمرو :
٢٧٠ / ٢٣٣ .
الزبير : ٢٦٤ / ٢٢٧ ـ
٢٢٨ ، ٥٧٦ / ٥٢٣ .
الزبير بن جعفر : ٥٧٦
/ ٥٢٤ .
الزبيري : ٤٩٢ / ٤٢١
.
زر بن حبيش : ٨٤ / ٦٧
، ٢٩٧ / ٢٥٣ .
زرافة (حاجب المتوكل)
: ٥٥٥ / ٤٩٧ .
زكريا (ع) : ١٩٦ ،
٢٢٢ / ١٩٥ .
زكريا بن آدم : ٥١٣ /
٤٣٨ .
الزهري : ٥٨ / ٢٩ ،
١٦٥ / ١٥٤ ، ١٧٣ / ١٦٠ ، ٣٥٦ / ٢٩٥ ، ٣٦٢ / ٣٠١ .
زياد بن أبي الحلال :
٤٠٣ / ٣٣٣ .
زيد : ٣٢٢ / ٢٦٦ .
زيد بن حارثة : ١٠٢ /
٩٤ .
زيد بن الحسن : ٣٨٨ /
٣١٩ .
زيد بن رواحة العبدي
، أبو مهاجر : ٢٧٦ / ٢٤٢ .
زيد بن صوحان العبدي
: ٢٦٢ / ٢٢٦ .
زيد بن علي : ٣٨٧ / ٣١٨
، ٣٨٨ / ٣١٩ ، ٤١٦ / ٣٥٢ .
زيد بن علي بن الحسين
بن زيد : ٥٤٩ / ٤٩٢ .
زيد بن موسى بن جعفر
: ٥٤٠ / ٤٨١ .
زيد الشحام ، أبو
أسامة : ٣١٤ / ٢٦٣ .
زينب بنت علي بن أبي
طالب : ٢٢١ / ١٩٥ ، ٢٩٥ / ٢٥١ ، ٣٣٦ / ٢٧٩ ، ٥٤٥ / ٤٨٦ ، ٥٤٧ / ٤٨٨ .
زينب الكذابة : ٥٤٥ /
٤٨٧ ، ٥٤٦ / ٤٨٨ .
(س)
سارة (زوجة إبراهيم (ع))
: ١٣٩ / ١٣١ ، ٢٨٦ / ٢٤٤ .
سالم بن أبي الجعد :
٦١ / ٣٢ .
السدي : ٣٣٥ / ٢٧٨ .
سدير ، أبو الفضل :
١٨٢ / ١٦٨ .
سدير البصري الصيرفي
: ١٨٠ / ١٦٥ ، ٤٢٥ / ٣٦٠ .
سراقة بن جعشم
المدلجي : ١٠٩ / ١٠٢ .
سعد الأسكاف : ٤١٥ / ٣٥١
.
سعد بن سعد : ٤٨١ / ٤٠٧
.
سعد بن ظريف : ٤١٥ / ٣٥١
.
سعد بن عبد الله بن
خلف : ٥٨٥ / ٥٣٤ .
سعيد بن جبير : ١٩٧ /
١٧٣ .
سعيد بن سهل البصري
الملقب بالملاح : ٥٣٦ / ٤٧٤ .
سعيد بن صالح الحاجب
: ٥٣٩ / ٤٧٩ .
سعيد بن عبد الرحمن
الجحشي : ١١١ / ١٠٥ .
سعيد بن قيس : ٢٧٩ / ٢٤٢
.
سعيد بن المسيب : ٥٨
/ ٢٩ ، ٩٠ / ٧٤ ، ١٦٥ / ١٥٤ ، ٣٥٦ / ٢٩٥ .
سعيد الصغير الحاجب :
٥٣٩ / ٤٧٩ .
سفيان بن عيينة : ٣٣٧
/ ٢٨٣ .
سفيان الثوري : ٢٤٨ /
٢١٥ ، ٢٥٨ / ٢٢٦ .
السفياني : ٦٠٣ / ٥٥١
.
سلمى : ٢٩٨ / ٢٥٣ .
سلمان الفارسي (رض) :
٥٠ / ١٧ ، ٥٧ / ٢٧ ، ١٢٧ / ١٢٧ ، ١٣٣ / ١٢٨ ، ١٥٤ / ١٤١ ، ٢٢٦ / ١٩٧ ، ٢٧٤ / ٢٣٨ ، ٢٩١ / ٢٤٨ ، ٢٩٧ / ٢٥٣ ، ٢٩٨ / ٢٥٣ ، ٣٠١ / ٢٥٤ .
سليمان (ع) : ١٧٠ ،
١٧٢ / ١٥٩ ، ٥٣٣ / ٤٦٨ .
سليمان : ٢٣٤ / ٢٠١ .
سليمان بن خالد : ٣٨٤
/ ٣١٧ .
سليمان بن داود : ٤٢٤
/ ٣٥٩ .
سليمان الجعفري : ١٧٧
/ ١٦٣ .
سليمان الديلمي : ٥٦
/ ٢٧ .
سليمان الشاذكوني :
٢٧٤ / ٢٣٨ .
سنجر بن ملكشاه : ٢٠٦
/ ١٨٢ .
السندي بن شاهك : ٤٦
/ ٣٨٨ .
سهل بن حنيف : ٦٩ / ٥٢
، ٨١ / ٦٥ .
سهل بن زياد : ٤٩٧ / ٤٢٧
.
سودة : ١٠٤ / ٩٦ ،
١٤٨ / ١٣٨ .
سويد بن غفلة : ٢٦٧ /
٢٣١ .
سيار بن الحكم : ٣٣٧
/ ٢٨١ .
السياري : ٥٨٤ / ٥٣٢
.
السيد بن محمد : ٣٩٧
/ ٣٢٤ .
سيف : ٥٢ / ١٨ .
سيف بن الليث : ٥٨٠ /
٥٢٩ .
(ش)
الشافعي : ٢٢٩ / ٢٠٠
، ٢٣٦ / ٢٠٢ .
شاهويه : ٥٤٨ / ٤٩٠ .
شبر : ٢٧٠ / ٢٣٢ .
شبير : ٢٧٠ / ٢٣٢ .
شرحبيل بن حسنة : ٦٣
/ ٣٨ .
شرحبيل بن مسلم
الخولاني : ١١٤ / ١١١ .
الشريف : ٢١٥ / ١٨٩ .
الشريف أبو علي بن
عبيد الله العلوي : ٢٤١ / ٢٠٤
شطيطة : ٤٣٩ / ٣٧٦ .
شعيب العقرقوفي : ٤١٢
/ ٣٤٦ .
شمر بن عطية : ٢٢٦ / ١٩٧
.
شمعون : ٢٥٩ / ٢٢٥ .
شمعون بن حمون : ٢٢٥
/ ١٩٦ .
شهاب بن عبد ربه :
٤٠٢ / ٣٣١ ، ٤٣٥ / ٣٧٠ .
شهر بن حوشب : ١٣٣ / ١٢٨
.
شيبة : ١٠٤ / ٩٦ .
الشيخ العمري : ٥٩٧ /
٥٤٠ .
الشيماء : ٩٠ / ٧٢ .
(ص)
صالح (ع) : ٥٣٦ / ٤٧٣
.
صالح بن الأشعث
البزاز الكوفي : ١٦٠ / ١٤٩ .
صالح بن سعيد : ٥٤٢ /
٤٨٣ .
صالح بن عطية الأضخم
: ٥٢٤ / ٤٥٩ .
صالح بن ميثم : ٣٢٤ /
٢٦٧ .
صالح بن وصيف : ٥٧٧ /
٥٢٦ .
صعصعة بن صوحان
العبدي : ٢٦٤ / ٢٢٨ .
صفوان : ١٠١ / ٩٣ ،
١٧٦ / ١٦٢ .
صفوان بن يحيى : ٤٠٦
/ ٣٣٨ .
صفية بنت شعيب : ٢٨٦
/ ٢٤٤ .
صقل (الجارية) : ٦٠٨
/ ٥٥٤ .
الصلت بن الشريف بن
جعفر بن الشريف : ٢١٥ / ١٨٩ .
صندل : ٤٦١ / ٣٨٩ .
(ط)
طاب طاب : ٢٧٠ / ٢٣٢
.
طارق بن شهاب : ١٦٨ /
١٥٦ .
طفيل بن عمرو الدوسي
: ٩٧ / ٨٧ .
طلحة : ٢٦٤ / ٢٢٧ ـ ٢٢٩
.
طهمان : ٤١٦ / ٣٥٢ .
الطيب بن محمد بن
الحسن بن شمعون : ٥٤٠ / ٤٨١ .
(ع)
عائشة : ١٢٣ / ١٢٢ ،
٢٤٨ / ٢١٤ ، ٢٦٣ / ٢٢٧ ، ٢٨٠ / ٢٤٣ ، ٢٩٣ / ٢٥٠ .
عاصم بن الأحول : ٢٩٧
/ ٢٥٣ .
عاصم بن شريك : ٢٨٠ /
٢٤٣ .
عامر بن عبد الله ،
أبو الحسن : ٣١٢ / ٢٦١ .
عامر بن فهيرة : ٨٥ /
٦٨ .
عباد البصري : ٤٢٢ / ٣٥٦
.
عباد بن بشر : ٩٨ / ٨٨
.
عباد بن عبد الله
الأسدي : ٢٧٠ / ٢٣٤ .
عبادة بن الصامت :
٢٢٦ / ١٩٦ .
العباس بن السندي
الهمداني : ٥٢١ / ٤٥٣ .
العباس بن عبد المطلب
: ١١١ / ١٠٦ ، ١٩٧ / ١٧٣ .
عباية بن ربعي الأسدي
: ١٢١ / ١١٥ ، ٣٢٤ / ٢٦٧ .
عبد الحميد الطائي :
٤٥٣ / ٣٨١ .
عبد الرحمن : ٥٥٠ / ٤٩٣
.
عبد الرحمن الأصفهاني
: ٥٥٧ / ٤٩٨ .
عبد الرحمن بن أبي ليلى
: ٥٥ / ٢٦ ، ١١٣ / ١٠٩ .
عبد الرحمن بن الحجاج
: ١٥٦ / ١٤٤ ، ٤٣٥ / ٣٧٠ .
عبد الرحمن بن العباس
: ١٦٦ / ١٥٦ .
عبد الرحمن بن كثير :
٣٧٤ / ٣٠٨ .
عبد الرحمن بن كثير
الهاشمي (مولى أبو جعفر) : ١٩٦ / ٢٢٥ .
عبد الرحمن بن محمد
السري : ٥٩١ / ٥٣٦ .
عبد الرزاق : ٥٨ / ٢٩
، ٣٥٦ / ٢٩٥ .
عبد السلام بن صالح
الهروي الفقيه : ١٤٥ / ١٣٧ .
عبد العزى : ٨٢ / ٦٦
.
عبد العزيز : ٦١١ / ٥٥٦
.
عبد العزيز بن أبي
دلف : ٥٧٣ / ٥١٨ .
عبد القيس : ٢٧٨ / ٢٤٢
.
عبد الكريم بن عمرو
الخثعميّ : ١٤٠ / ١٣٢ .
عبد الله : ٥٥٧ / ٤٩٨
.
عبد الله (الأقطع) ٤٤١
/ ٣٧٦ .
عبد الله بن أحمد بن
حنبل : ٢٥٧ / ٢٢٣ .
عبد الله بن أنس : ٦٢
/ ٣٤ .
عبد الله بن بريدة :
٦٥ / ٤٣ .
عبد الله بن جحش :
١٠٧ / ٩٩ ، ١١١ / ١٠٥ .
عبد الله بن جعفر :
١٣٧ / ١٢٩ ، ٤٣٨ / ٣٧٣ ، ٤٤١ / ٣٧٦ .
عبد الله بن الحسن بن
الحسن : ٤٠٦ / ٣٣٨ .
عبد الله بن الحسن بن
علي بن أبي طالب : ٣١٤ / ٢٦٢ .
عبد الله بن خاقان :
٦٠٨ / ٥٥٤ .
عبد الله الخدوري :
٥٧٧ / ٥٢٦ .
عبد الله بن رواحة :
١٠٢ / ٩٤ .
عبد الله بن سليمان :
١٩٣ / ١٧١ .
عبد الله بن سليمان
الخلال : ٥٤٨ / ٤٩٠ .
عبد الله بن سنان :
٤٤٩ / ٣٧٩ .
عبد الله بن سوقة :
١٧٦ / ١٦١ .
عبد الله بن طاهر :
٥٣٩ / ٤٨٠ .
عبد الله بن عباس :
٢٦٦ / ٢٣٠ ، ٤٠٤ / ٣٣٤ .
عبد الله بن عبد
الجبار : ٢٤٤ / ٢٠٩ ، ٢٧٣ / ٢٣٦ .
عبد الله بن عبد
الرحمن الصالحي ، أبو الهيثم : ٥٤٤ / ٤٨٦ .
عبد الله بن عبد
الرحمن المعروف بالصفواني ، أبو أحمد : ٤٨٤ / ٤١٣ .
عبد الله بن عزيز :
١٠٠ / ٩٢ .
عبد الله بن عطاء
التميمي : ٢٩٧ / ٣٦١ .
عبد الله بن العلاء :
١٣٨ / ١٣٠ .
عبد الله بن علي بن
عبد الله بن الحسن : ٣٧٩ / ٣١٢ .
عبد الله بن عمرو بن
حزام : ٥٢ / ٢٠ .
عبد الله بن كعب بن
مالك : ٦٢ / ٣٥ .
عبد الله بن محمد
الهاشمي العلوي : ٤٨٦ / ٤١٥ .
عبد الله بن مسعود :
٨٤ / ٦٧ ، ٢٥٥ / ٢٢٢ .
عبد الله بن معاوية :
٣٨٦ / ٣١٨ .
عبد الله بن المغيرة
: ٤٧٥ / ٣٩٨ .
عبد الله بن النجاشي
: ٤١١ / ٣٤٣ .
عبد الله بن هارون :
٤٨١ / ٤٠٩ .
عبد الله بن وشاح :
١٦٠ / ١٤٩ .
عبد الملك بن مروان :
١٦٥ / ١٥٤ ، ٣٥٣ / ٢٩٣ ، ٣٦١ / ٣٠٠ ، ٣٦٥ / ٣٠٣ ، ٣٨٩ / ٣١٩ .
عبد الواحد بن زيد :
٢٠٤ / ١٨٢ ، ٢٠٥ / ١٨٢ .
عبدة : ٨١ / ٦٥ .
عتبة : ١٠٤ / ٩٦ .
عتبة بن عبيد الله
المسعودي ، أبو السائب : ٥٩٢ / ٥٣٦ .
عثمان بن سعيد : ٤٣٩
/ ٣٧٦ .
عثمان بن عفان : ١٠٦
/ ٩٧ ، ١٢٢ / ١١٩ ، ١٧٣ / ١٦٠ .
عثمان بن عفان الشجري
: ٢٣٩ / ٢٠٣ .
عروة بن أبي الجعد
البارقي : ١١٢ / ١٠٨ .
عروة بن الزبير : ٤٥
/ ٩ .
عطاء : ١٢٧ / ١٢٧ .
عاقبة بن أبي معيط :
٨٤ / ٦٧ .
عكرمة : ١٠٨ / ١٠٢ .
علي بن إبراهيم : ٤٥٥
/ ٣٨٣ ، ٤٩٨ / ٤٣٠ .
علي بن إبراهيم بن
هاشم : ٤٧٦ / ٤٠٠ .
علي بن أبي حمزة
البطائني : ١٩٨ / ١٧٥ ، ٢١٣ / ١٨٦ ، ٤٥٦ / ٣٨٤ ، ٤٦٢ / ٣٩٢ .
علي بن أبي طالب ،
أبو الحسن أمير المؤمنين : ٤٢ / ١ ، ٤٣ / ٤ ، ٤٤ / ٦ ، ٤٦ / ١١ ، ٤٧ / ١٣ ، ٥٣ / ٢١ ، ٥٥ / ٢٥ ، ٥٦ / ٢٧ ، ٥٧ / ٢٨ ، ٥٨ / ٢٩ ، ٦٠ / ٣٠ ، ٦١ / ٣٣ ، ٦٢ / ٣٤ ، ٦٣ / ٣٦ ، ٦٤ / ٣٩ ، ٦٥ / ٤٥ ، ٦٦ / ٤٦ ـ ٤٧ ، ٦٦ / ٤٨ ، ٦٨ / ٥٠ ، ٧٢ / ٥٥ ، ٧٥ / ٥٩ ، ٨٠ / ٦٤ ، ٨١ / ٦٥ ، ٨٨ / ٧١ ، ٩٠ / ٧٣ ، ٩١ / ٧٧ ، ٩٣ / ٨١ ، ٩٤ / ٨٣ ، ٩٥ / ٨٥ ، ١٠١ / ٩٣ ، ١٠٣ / ٩٥ ، ١٠٥ / ٩٧ ، ١٠٩ / ١٠٣ ، ١١٣ / ١٠٩ ، ١١٨ / ١١٣ ، ١٢٠ / ١١٤ ، ١٢١ / ١١٥ ـ ١١٦ ـ ١١٧ ، ١٢٢ / ١٢٠ ، ١٢٣ / ١٢٢ ، ١٢٤ / ١٢٣ ، ١٢٨ / ١٢٧ ، ١٢٩ / ١٢٧ ، ١٣٣ / ١٢٨ ، ١٤٠ / ١٣٢ ، ١٤٢ / ١٣٣ ـ ١٣٤ ـ ١٣٥ ، ١٤٦ / ١٣٧ ، ١٥٤ / ١٤٢ ، ١٥٥ / ١٤٣ ، ١٥٧ / ١٤٥ ،
١٦١ / ١٤٩ ـ ١٥٠ ـ ١٥١
، ١٦٥ / ١٥٤ ، ١٧٣ / ١٦٠ ، ١٧٤ / ١٦٠ ، ١٨٢ / ١٦٨ ، ١٨٦ ، ١٩٧ / ١٧٣ ، ٢٠٤ / ١٨١ ـ ١٨٢ ، ٢١٠ / ١٨٥ ، ٢١١ / ١٨٥ ، ٢١٤ / ١٨٧ ـ ١٨٨ ، ٢٢١ / ١٩٥ ، ٢٢٥ / ١٩٦ ، ٢٢٦ / ١٩٧ ، ٢٢٧ / ١٩٨ ، ٢٢٨ / ١٩٩ ، ٢٢٩ / ٢٠٠ ، ٢٣٣ / ٢٠١ ، ٢٣٧ / ٢٠٢ ، ٢٤٣ / ٢٠٧ ، ٢٤٢ / ٢٠٦ ، ٢٤٤ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ، ٢٤٥ / ٢١٠ ، ٢٤٦ / ٢١١ ، ٢٤٧ / ٢١٢ ، ٢٤٨ / ٢١٣ ، ٢٤٩ / ٢١٤ ، ٢٥٠ / ٢١٦ ـ ٢١٧ ، ٢٥١ / ٢١٨ ، ٢٥٣ / ٢١٩ ، ٢٥٤ / ٢٢٠ ، ٢٥٥ / ٢٢١ ، ٢٥٧ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ، ٢٥٨ / ٢٢٥ ، ٢٦١ / ٢٢٦ ، ٢٦٥ / ٢٢٩ ، ٢٦٦ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠ ، ٢٦٧ / ٢٣١ ، ٢٦٩ / ٢٣٢ ، ٢٧٠ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، ٢٧١ / ٢٣٥ ، ٢٧٢ / ٢٣٦ ، ٢٧٣ / ٢٣٧ ، ٢٧٤ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ، ٢٧٥ / ٢٤٠ ـ ٢٤١ ، ٢٧٦ / ٢٤٢ ، ٢٨٠ / ٢٤٣ ، ٢٨٨ / ٢٤٦ ، ٢٩١ / ٢٤٩ ، ٢٩٥ / ٢٥١ ، ٢٩٧ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ، ٣٠١ / ٢٥٥ ، ٣٠٧ / ٢٥٧ ، ٣١٣ / ٢٦١ ، ٣١٩ / ٢٦٥ ، ٣٢٢ / ٢٦٦ ، ٣٤٤ / ٢٨٩ ، ٣٩٦ / ٣٢٢ ، ٤٠٥ / ٣٣٧ ، ٤١٦ / ٣٥٢ ، ٤٤٠ / ٣٧٦ ، ٤٦٧ / ٣٩٤ ، ٤٩٢ / ٤١٩ ، ٤٩٣ / ٤٢٢ ، ٥٤٥ / ٤٨٧ ، ٥٤٧ / ٤٨٨ ، ٥٥١ / ٤٩٤ .
علي بن أحمد الوشاء الكوفي : ٤٧٩ / ٤٠٦
.
علي بن أسباط : ٤٧٣ / ٣٩٦ ، ٥١٣ / ٤٣٩ ،
٥٢٢ / ٤٥٥ .
علي بن الجهم : ٥٤٥ / ٤٨٧ .
علي بن الحسين ، أبو محمد زين العابدين (ع)
: ٥٣ / ٢٢ ، ١٠٥ / ٩٧ ، ١٣٨ / ١٣٠ ، ١٤٠ / ١٣١ ، ١٤١ / ١٣٢ ، ١٤٧ ، ١٤٨ / ١٣٨ ، ١٤٩ / ١٣٩ ، ١٥١ ، ١٦٥ / ١٥٣ ـ ١٥٤ ، ١٧٨ / ١٦٣ ، ٣٢٦ / ٢٦٨ ، ٣٤٩ / ٢٩١ ، ٣٥١ / ٢٩٢ ، ٣٥٣ / ٢٩٣ ، ٣٥٥ / ٢٩٤ ، ٣٥٦ / ٢٩٥ ، ٣٥٨ / ٢٩٦ ، ٣٥٩ / ٢٩٧ ،
٣٦٠ / ٢٩٨ ـ ٢٩٩ ،
٣٦١ / ٣٠٠ ، ٣٦٢ / ٣٠١ ، ٣٦٣ / ٣٠١ ، ٣٦٥ / ٣٠٢ ، ٣٩٦ / ٣٢٢ ، ٤٧٣ / ٣٩٦ ، ٤٨٧ / ٤١٥ ، ٥٦٣ / ٥٠٠ ، ٦١٤ / ٥٦٠ .
علي بن الحسين بن
موسى بن بابويه القمي : ٦١٤ / ٥٦٠ ـ ٥٦١ .
علي بن الحكم : ٣٧٣ /
٣٠٧ .
علي بن خالد : ٥١٠ / ٤٣٦
.
علي بن ذراع : ٣٨٣ / ٣١٦
.
علي بن رئاب ، ٣١٠ / ٢٥٩
.
علي بن زياد الصيمري
: ٥٩٠ / ٥٣٥ .
علي بن زيد : ٣٥٦ / ٢٩٥
.
علي بن زيد بن علي بن
الحسين بن زيد بن علي : ٢١٦ / ١٩٠ ، ٥٧٢ / ٥١٦ .
علي بن سنان الموصلي
: ٦٠٨ / ٥٥٥ .
علي بن عبيدة : ٥٠٤ /
٤٣٢ .
علي بن علي بن الحسن
بن شابور : ٥٧٥ / ٥٢٢ .
علي بن كركر : ٥٣٦ / ٤٧٣
.
علي بن المبشر : ٤٢٢
/ ٣٥٧ .
علي بن محمد : ٥٨٠ / ٥٣٠
.
علي بن محمد ، أبو
الحسن النقي (ع) : ١٥٤ / ١٤٠ ، ٣٩٨ / ٣٢٥ ، ٤٦٧ / ٣٩٤ ، ٥٢٩ / ٤٦٥ ، ٥٣١ / ٤٦٦ ، ٥٣٢ / ٤٦٧ ، ٥٣٣ / ٤٦٨ ـ ٤٦٩ ، ٥٣٤ / ٤٧٠ ـ ٤٧١ ، ٥٣٥ / ٤٧٢ ، ٥٣٦ / ٤٧٤ ، ٥٣٧ / ٤٧٥ ـ ٤٧٦ ، ٥٣٨ / ٤٧٧ ، ٥٣٩ / ٤٧٨ ـ ٤٧٩ ـ ٤٨٠ ، ٥٤٠ / ٤٨١ ، ٥٤٢ / ٤٨٣ ، ٥٤٣ / ٤٨٤ ـ ٤٨٥ ، ٥٤٤ / ٤٨٦ ، ٥٤٥ / ٤٨٧ ، ٥٤٨ / ٤٨٩ ، ٥٤٩ / ٤٩١ ـ ٤٩٢ ، ٥٥٠ / ٤٩٣ ، ٥٥١ / ٤٩٤ ، ٥٥٣ / ٤٩٥ ، ٥٥٤ / ٤٩٦ ، ٥٥٥ / ٤٩٧ ، ٥٥٦ / ٤٩٨ ، ٥٩١ / ٥٣٦ .
علي بن محمد بن الحسن
الأنباري : ٤٦١ / ٣٨٩ .
علي بن محمد بن سيار
: ٤٦٧ / ٣٩٤ .
علي بن محمد السمري ،
أبو الحسن : ٤٧٩ / ٤٠٦ ، ٦٠١ / ٥٤٨ ، ٦٠٣ / ٥٥١ ، ٦١٤ / ٥٦١ .
علي بن محمد الصيمري
: ٥٧٦ / ٥٢٤ .
علي بن محمد القاشاني
: ٤٩٧ / ٤٢٧ .
علي بن محمد النوفلي
: ٥٣٥ / ٤٧١ .
علي بن معمر : ١٩٦ / ١٧٣
.
علي بن مهزيار : ٥١٤
/ ٤٤١ ، ٤٥٤ / ٤٨٧ .
علي بن موسى ، أبو الحسن
الرضا (ع) : ١٠٠ / ٩٢ ، ١٤١ / ١٣٢ ، ١٤٥ / ١٣٦ ـ ١٣٧ ، ١٥٣ / ١٤٠ ، ١٧٦ / ١٦١ ، ١٧٧ / ١٦٣ ، ١٨٣ / ١٧٠ ، ١٨٦ / ١٧١ ، ١٩٨ / ١٧٤ ، ٢٠٠ / ١٧٧ ، ٢٠٤ / ١٨٠ ، ٢٠٦ / ١٨٢ ، ٢١٤ / ١٨٧ ـ ١٨٨ ، ٣٢٧ / ٢٦٩ ـ ٢٧٠ ، ٣٩٨ / ٣٢٥ ، ٤٦٧ / ٣٩٤ ، ٤٦٩ / ٣٩٥ ، ٤٧٣ / ٣٩٦ ، ٤٧٤ / ٣٩٧ ، ٤٧٥ / ٣٩٨ ، ٤٧٦ / ٣٩٩ ـ ٤٠٠ ، ٤٧٧ / ٤٠١ ـ ٤٠٢ ، ٤٧٨ / ٤٠٤ ، ٤٧٩ / ٤٠٥ ، ٤٨٠ / ٤٠٦ ، ٤٨١ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨ ـ ٤٠٩ ، ٤٨٢ / ٤١٠ ـ ٤١١ ، ٤٨٣ / ٤١٢ ، ٤٨٤ / ٤١٣ ، ٤٨٦ / ٤١٤ ، ٤٨٧ / ٤١٥ ، ٤٨٨ / ٤١٦ ، ٤٨٩ / ٤١٧ ، ٤٩١ / ٤١٩ ، ٤٩٢ / ٤٢١ ، ٤٩٣ / ٤٢٢ ـ ٤٢٣ ، ٤٩٥ / ٤٢٤ ، ٤٩٦ / ٤٢٥ ، ٤٩٧ / ٤٢٦ ـ ٤٢٧ ، ٤٩٨ / ٤٢٨ ـ ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ، ٥٠٤ / ٤٣٢ ، ٥١٦ / ٤٤٣ ، ٥١٧ / ٤٤٥ ، ٥٢٥ / ٤٦٢ ، ٥٤٦ / ٤٤٨ ، ٥٤٨ / ٤٩٠ ، ٥٥١ / ٤٩٤ .
علي بن النعمان : ٢٦٣
/ ٢٢٧ .
علي بن يحيى الرازي :
٥٤٦ / ٤٨٧ ، ٥٩٧ / ٥٣٩ .
علي بن يقطين : ٤٣٢ /
٣٦٤ ، ٤٣٨ / ٣٧٤ ، ٤٥٠ / ٣٧٩ ، ٤٥١ / ٣٨٠ ، ٤٥٧ / ٣٨٥ ، ٤٥٨ / ٣٨٦ .
عمار بن الحضرمي :
٢٧٠ / ٢٣٣ .
عمار بن ياسر ، أبو اليقظان : ١٠٥ / ٩٧
، ١٦٧ / ١٥٦ ، ٢١٩ / ١٩٣ ، ٢٢٦ / ١٩٦ ، ٢٧٤ / ٢٣٨ ، ٢٧٨ / ٢٤٢ ،
٢٩٨ / ٢٥٣ .
عمّار الساباطي : ١٤٨
/ ١٣٨ .
عمار السجستاني : ٤١١
/ ٣٤٣ .
عمارة : ٢٩٨ / ٢٥٣ .
عمر : ٤٩ / ١٥ ، ١٦٨
/ ١٥٦ ، ١٧٣ / ١٦٠ ، ٢٦٥ / ٢٢٩ ، ٢٧٢ / ٢٣٦ .
عمر : ٢١٤ / ١٨٧ .
عمر بن أذينة : ٢٠٤ /
١٨١ .
عمر بن الخطاب : ٧٣ /
٥٦ ، ٩٢ / ٧٨ ، ١٠٦ / ٩٧ ، ٢٤٩ / ٢١٤ ، ٢٧٤ / ٢٣٨ .
عمر بن ذر : ٤٨ / ١٥
.
عمر بن سعد : ٥٤ / ٢٣
، ٢٦٧ / ٢٣١ ، ٣٣٥ / ٢٧٨ ، ٣٣٦ / ٢٧٩ ، ٣٤١ / ٢٨٦ .
عمر بن عبد العزيز :
١١١ / ١٠٥ ، ٣٦٠ / ٢٩٨ .
عمر بن الفرج : ٥١٧ /
٤٤٦ ، ٥١٨ / ٤٤٨ .
عمر بن يزيد : ٤٠٣ / ٣٣٢
، ٤١٤ / ٣٤٩ .
عمران : ١٤٢ / ١٣٣ .
عمران بن محمد
الأشعري : ٥٢٤ / ٤٦٠ .
عمرو بن الحمق : ٢٢٦
/ ١٩٦ .
عمرو بن دينار
الهمداني : ٢١١ / ١٨٥ .
عمرو بن سعيد : ٤٥ / ١٠
.
عمرو بن شمر : ٢٤٤ / ٢٠٨
، ٢٥٠ / ٢١٧ .
عمرو بن عبيد : ٢٣٣ /
٢٠١ .
عمرو بن معاذ : ٦٥ / ٤٣
.
عمرو بن هذّاب : ١٨٧
/ ١٧١ .
عمرو بن هشام : ١٠٩ /
١٠٣ .
عمير بن وهب : ١٠١ / ٩٣
.
العياشي محمد بن
النضر : ٥٤٩ / ٤٩٣ .
عيسى بن زيد : ٤٠٨ / ٣٣٩
.
عيسى بن عبد الرحمن :
٣٧٨ / ٣١١ .
عيسى بن عبد الله :
٢٤١ / ٢٠٥ .
عيسى بن مريم (ع) :
٩٤ / ٨٣ ، ٩٥ / ٨٥ ، ١٩٠ / ١٧١ ، ١٩٤ / ١٧١ ، ١٩٨ / ١٧٣ ، ١٩٩ / ١٧٥ ، ٢١٠ / ١٨٤ ، ٢١١ / ١٨٥ ، ٢١٨ / ١٩١ ، ٢٢١ / ١٩٣ ، ٢٢٥ / ١٩٦ ، ٤٣١ / ٣٦٣ ، ٥٠٣ / ٤٣١ ، ٥٦٢ / ٥٠٠ .
عيسى بن مهران : ١٧٨
/ ١٦٤ .
عيسى بن موسى : ٤٠٩ /
٣٣٩ .
عيسى بن موسى العماني
: ٤٩٧ / ٤٢٦ .
عيسى بن نصر ، أبو
عقيل : ٥٩٠ / ٥٣٥ .
عيسى شلقان : ٢٢٨ / ١٩٩
.
(ف)
فاطمة [ الزهراء ] (ع)
: ٥٤ / ٢٢ ، ٥٥ / ٢٤ ، ٥٥ / ٢٦ ، ٥٨ / ٢٨ ، ٥٩ / ٢٩ ، ٦١ / ٣٣ ، ١٩٦ ، ١٧٤ / ١٦٠ ، ٢٠٠ / ١٧٥ ، ٢٠٤ / ١٨٢ ، ٢٠٨ / ١٨٤ ، ٢٢١ / ١٩٥ ، ٢٣٧ / ٢٠٢ ، ٢٧٢ / ٢٣٦ ، ٢٨٠ / ٢٤٣ ، ٢٨٥ / ٢٤٤ ، ٢٨٦ / ٢٤٥ ، ٢٨٨ / ٢٤٦ ، ٢٩٠ / ٢٤٧ ، ٢٩١ / ٢٤٨ ، ٢٩٢ / ٢٤٩ ، ٢٩٣ / ٢٥٠ ، ٢٩٥ / ٢٥١ ، ٢٩٦ / ٢٥٢ ، ٢٩٧ / ٢٥٣ ، ٣٠١ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥ ، ٣٥٠ / ٢٩١ ، ٤١٦ / ٣٥٢ ، ٤٤٣ / ٣٧٦ ، ٤٧٣ / ٣٩٦ ، ٥٤٥ / ٤٨٧ .
فاطمة بنت أسد : ١٩٧
/ ١٧٣ .
الفتح بن خاقان : ٥٤٥
/ ٤٨٧ ، ٥٥٦ / ٤٩٨ .
فخر بن أيم : ٥٨١ / ٥٣٠
.
فرعون : ٢٠١ / ١٧٨ ،
٢٠٨ / ١٨٣ ، ٢٠٩ / ١٨٤ ، ١٥٢ ، ١٥٥ / ١٤٢ .
الفضال بن عامر : ١٦٠
/ ١٤٩ .
فضة : ٢٨٠ / ٢٤٣ ،
٢٩٨ / ٢٥٣ ، ٣٣٦ / ٢٧٩ .
فضل بن أحمد بن
إسرائيل الكاتب ، أبو العباس : ٥٥٦ / ٤٩٨ .
فطرس : ٣٣٨ / ٢٨٤ .
فلان بن مهاجر : ٤٠٦
/ ٣٣٨ .
(ق)
قارون : ١٥٣ ، ١٥٩ / ١٤٨
، ٣٨١ / ٣١٢ .
القاسم بن الأصبغ بن
نباتة : ٣٤١ / ٢٨٧ .
القاسم بن العلاء :
٥٩٠ / ٥٣٦ .
قتادة : ١٧٣ / ١٦٠ .
قتادة بن ربعي : ٦٤ /
٤١ .
قتادة بن ملحان : ٩٧
/ ٨٦ .
قتادة بن النعمان :
٩٨ / ٩٠ .
قنبر (مولى أمير
المؤمنين) : ٢٦٩ / ٢٣٢ .
قيس بن سعد : ٢٢٦ / ١٩٦
.
قيس بن سعد بن عبادة
: ١٦٨ / ١٥٦ .
قيس بن النعمان
السكوني : ٨٦ / ٦٩ .
قيصر (ملك الروم) :
١٠٧ / ٩٩ .
(ك)
كافور (الخادم) : ٥٨٩
/ ٥٣٤ .
كثير النواء : ٤٢٣ / ٣٥٩
.
كسرى : ١٠٧ / ٩٩ .
كعب بن الأشرف : ٦٢ /
٣٥ ، ٦٥ / ٤٢ .
الكلبي : ٧٣ / ٥٦ ،
١٤٢ / ١٣٥ .
الكلبية : ٣٣٤ / ٢٧٥
.
كلثم : ٢٨٦ / ١٤٣ .
كلثوم بنت أحمد : ٥٩٥
/ ٥٣٧ .
كنكر الكابلي : ٣٦٠ /
٢٩٩ .
(ل)
الليث بن سعد : ٣٧٥ /
٣٠٩ .
الليثي عبد الله بن
أريقط : ٨٥ / ٦٨ .
(م)
مارية : ٥٨٤ / ٥٣٢ .
المأمون : ١٤٥ / ١٣٧
، ١٧٢ / ١٥٨ ، ٢١٩ / ١٩٣ ، ٤٦٧ / ٣٩٤ ، ٤٦٩ / ٣٩٥ ، ٤٨٦ / ٤١٥ ، ٤٨٨ / ٤١٦ ، ٤٩٠ / ٤١٧ ، ٤٩٧ / ٤٢٦ ، ٥٠٥ / ٤٣٣ ، ٥١٢ / ٤٣٧ ، ٥١٨ / ٤٤٨ ، ٥٤٦ / ٤٨٨ .
مالك الأشتر : ٢٢٦ / ١٩٦
، ٢٥٧ / ٢٢٢ ، ٢٥٨ / ٢٢٥ .
مالك بن أنس : ٤٥٥ / ٣٨٣
.
مالك بن نوبخت : ٤٧٧
/ ٤٠٣ .
المبارك (خادم أبو
محمد (ع)) : ٢١٥ / ١٨٩ .
المبارك بن فضالة :
٨٠ / ٦٣ .
مبارك اليمامة : ٧٤ /
٥٧ .
المتوكل : ١٥٤ / ١٤٠
، ١٥٩ / ١٤٨ ، ٥٢٩ / ٤٦٥ ، ٥٣١ / ٤٦٦ ، ٥٣٤ / ٤٧٠ ، ٥٣٩ / ٤٧٩ ، ٥٣٩ / ٤٨٠ ، ٥٤٠ / ٤٨٠ ـ ٤٨١ ، ٥٤٢ / ٤٨٤ ، ٥٤٥ / ٤٨٧ ، ٥٥٠ / ٤٩٣ ، ٥٥١ / ٤٩٤ ،
٥٥٣ / ٤٩٥ ، ٥٥٥ / ٤٩٦
ـ ٤٩٧ ، ٥٥٦ / ٤٩٨ .
المثنى بن الوليد :
٣٧٣ / ٣٠٧ .
مجاهد : ٤٨ / ١٥ ،
٢٨٥ / ٢٤٤ .
محرز بن هديد : ٨٥ / ٦٨
.
محمد بن إبراهيم
الحمصي : ٥٤١ / ٤٨٢ .
محمد بن إبراهيم
القمي : ٥٧٧ / ٥٢٦ .
محمد بن إبراهيم
النيسابوري ، أبو جعفر : ٤٣٩ / ٣٧٦ .
محمد بن أبي بكر :
٢٤٤ / ٢٠٨ .
محمد بن أبي العلاء :
٥٠٨ / ٤٣٤ .
محمد بن أبي عمير :
٢٢٧ / ١٩٨ ، ٣٧٣ / ٣٠٧ .
محمد بن أبي القاسم :
٥١٧ / ٤٤٥ .
محمد بن أحمد بن
إسحاق النيسابوري ، أبو واسع : ٤٩٦ / ٤٢٥ .
محمد بن أحمد بن علي
بن الحسن بن شاذان : ٣٢٨ / ٢٦٩ .
محمد بن الأسقنطوري :
٢٠٨ / ١٨٤ .
محمد بن إسماعيل :
٤٥١ / ٣٨٠ .
محمد بن إسماعيل
الحميري ، أبو هاشم : ٢٥٤ / ٢٢٠ .
محمد بن جعفر : ٤٣٨ /
٣٧٣ ، ٤٨١ / ٤٠٨ ، ٤٨٨ / ٤١٥ ، ٦٠٤ / ٥٥٢ .
محمد بن جعفر بن محمد
بن الأشعث : ٤٠٦ / ٣٣٨ .
محمد بن جعفر الحميري
القمي ، أبو العباس : ٦٠٩ / ٥٥٥ .
محمد بن حجر : ٥٧٣ / ٥١٨
.
محمد بن الحسن : ٢٢٩
/ ٢٠٠ .
محمد بن الحسن ، صاحب
الزمان القائم المهدي (ع) : ١١٨ / ١١٤ ، ١٥٢ ، ٣١٠ / ٢٥٩ ، ٤٥٤ / ٣٨٢ ، ٥٨٤ / ٥٣٢ ، ٥٩٠ / ٥٣٦ ، ٥٩٤ / ٥٣٧ ، ٥٩٧ / ٥٣٩ ، ٦٠٦ / ٥٥٣ ، ٦٠٧ / ٥٥٤ ، ٦١٢ / ٥٥٨ ، ٦١٣ / ٥٥٩ ، ٦١٤ / ٥٦٠ ، ٦١٥ / ٥٦٢ .
محمد بن الحسن الأشتر
العلوي الحسيني : ٥٤٢ / ٤٨٤
محمد بن الحسن
الشوهاني ، أبو جعفر : ٣٦٩ / ٣٠٥ .
محمد بن الحسن الصوفي
: ٦٠٠ / ٥٤٨ .
محمد بن الحسين : ١٨١
/ ١٦٦ .
محمد بن الحسين بن
جعفر الشوهاني : ١٢٧ / ١٢٧ .
محمد بن الحسين بن
عبد الله التميمي : ٥٩٧ / ٥٣٩ .
محمد بن حكيم : ٤٥٣ /
٣٨١ .
محمد بن حمدان ، ٥٢٩
/ ٤٦٥ .
محمد بن حمزة : ٥١٩ /
٤٥١ .
محمد بن حمزة الأسلمي
: ٩٨ / ٨٩ .
محمد بن الحنفية :
١٤٨ / ١٣٨ ، ٢٦٢ / ٢٢٦ ، ٣٤٩ / ٢٩١ ، ٣٥١ / ٢٩٢ ، ٣٩٥ / ٣٢٢ .
محمد بن راشد : ٣٩٧ /
٣٢٤ .
محمد بن الربيع
الشيباني : ٥٧٣ / ٥١٧ .
محمد بن زبيدة : ٤٨١
/ ٤٠٩ .
محمد بن سلمة : ٦٥ / ٤٢
.
محمد بن سنان : ٢١٤ /
١٨٨ ، ٢٦٣ / ٢٢٧ ، ٣٢٧ / ٢٦٩ .
محمد بن شاذان بن
نعيم النيسابوري : ٥٩٩ / ٥٤٤ ـ ٥٤٥ ، ٦٠٤ / ٥٥٢ .
محمد بن صالح : ٦١١ /
٥٥٦ .
محمد بن صالح الأرمني
: ٥٦٤ / ٥٠٢ ، ٥٦٦ / ٥٠٧ ، ٥٦٧ / ٥٠٨ .
محمد بن صالح بن عطية
الأضخم : ٥٢٤ / ٤٥٩ .
محمد بن صفوان : ٢٧١
/ ٢٣٥ .
محمد بن عباد : ٢٣٩ /
٢٠٣ .
محمد بن عبد الرحمن :
٣٨٦ / ٣١٧ .
محمد بن عبد الله :
٤٠٧ / ٣٣٩ ، ٥٧٦ / ٥٢٣ .
محمد بن عبد الله بن
الحسن : ٣٨١ / ٣١٣ ، ٣٩٧ / ٣٢٤ ، ٤٠٥ / ٣٣٧ .
محمد بن عبد الله
الحائري : ٥٩٨ / ٥٤٢ .
محمد بن عبد الملك
الزيات : ٥١١ / ٤٣٦ .
محمد بن عثمان ، أبو
جعفر : ٥٩٨ / ٥٤٢ .
محمد بن عثمان العمري
: ٦١٤ / ٥٦٠ .
محمد بن العلاء
الجرجاني : ٤٩٥ / ٤٢٤ .
محمد بن علي : ٣٨٧ / ٣١٨
، ٥٤٩ / ٤٩٢ ، ٥٧٤ / ٥٢١ .
محمد بن علي ، أبو
جعفر الباقر (ع) : ٦٥ / ٤٤ ، ٦٨ / ٤٩ ، ٩٣ / ٨١ ، ١٢٢ / ١١٩ ، ١٤١ / ١٣٢ ، ١٤٢ / ١٣٣ ، ١٤٨ / ١٣٨ ، ١٤٩ / ١٣٩ ، ١٦١ / ١٥١ ، ١٦٥ / ١٥٤ ، ١٨٠ / ١٦٥ ، ١٨١ / ١٦٧ ـ ١٦٨ ، ٢٤٢ / ٢٠٦ ، ٢٥٠ / ٢١٧ ، ٢٥٤ / ٢٢٠ ، ٣٠٥ / ٢٥٦ ، ٣١٦ / ٢٦٤ ، ٣٣٠ / ٢٧٢ ، ٣٤٤ / ٢٨٩ ، ٣٥٥ / ٢٩٤ ، ٣٥٩ / ٢٩٧ ، ٣٦٠ / ٢٩٩ ، ٣٦٥ / ٣٠٣ ، ٣٦٩ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، ٣٧٠ / ٣٠٦ ، ٣٧٣ / ٣٠٧ ، ٣٧٤ / ٣٠٨ ، ٣٧٧ / ٣١٠ ، ٣٧٨ / ٣١١ ، ٣٨٢ / ٣١٤ ، ٣٨٣ / ٣١٥ ـ ٣١٦ ، ٣٨٤ / ٣١٧ ، ٣٨٦ / ٣١٨ ، ٣٩٠ / ٣٢٠ ، ٣٧٩ / ٣١٢ ، ٣٩٦ / ٣٢٢ ، ٤٨٧ / ٤١٥ .
محمد بن علي ، أبو
جعفر التقي (ع) : ١٠٥ / ٩٧ ، ١٧٢ / ١٥٨ ، ١٨٥ ، ١٥٩ / ١٤٨ ، ٢٠٠ / ١٧٧ ، ٢١٩ / ١٩٣ ، ٢٩٠ / ٢٤٨ ، ٤٦٧ / ٣٩٤ ، ٤٧٣ / ٣٩٦ ، ٤٩٢ / ٤١٩ ، ٥٠٣ / ٤٣١ ، ٥٠٤ / ٤٣٢ ، ٥٠٥ / ٤٣٣ ، ٥٠٨ / ٤٣٤ ، ٥٠٩ / ٤٣٥ ، ٥١١ / ٤٣٦ ، ٥١٢ / ٤٣٧ ، ٥١٣ / ٤٣٨ ـ ٤٣٩ ، ٥١٤ / ٤٤١ ، ٥١٥ / ٤٤٢ ، ٥١٦ / ٤٤٣ ، ٥١٧ / ٤٤٥ ـ ٤٤٦ ، ٥١٨ / ٤٤٧ ـ ٤٤٩ ، ٥١٩ / ٤٥٠ ـ ٤٥١ ، ٥٢١ / ٤٥٣ ، ٥٢٢ / ٤٥٥ ـ ٤٥٧ ، ٥٢٣ / ٤٥٨ ، ٥٢٤ / ٤٥٩ ـ ٤٦٠ ـ ٤٦١ ، ٥٢٥ / ٤٦٢ ـ ٤٦٣ ،
٥٢٦ / ٤٦٤ ، ٥٤٨ / ٤٩٠
.
محمد بن علي الأسود ،
أبو جعفر : ٦١٤ / ٥٦٠ .
محمد بن علي بن
إبراهيم بن موسى بن جعفر : ٥٦٩ / ٥١٤ .
محمد بن علي بن عتاب
: ١٠٠ / ٩٢ .
محمد بن علي بن
مهزيار : ٥٤١ / ٤٨٢ .
محمد بن علي الطهوي :
٢٠١ / ١٧٨ .
محمد بن علي الفقيه ،
أبو جعفر : ٦١٤ / ٥٦٠ .
محمد بن علي
النيسابوري : ٢٠٦ / ١٨٢ .
محمد بن عمر بن واقد
الرازي : ٥٢٥ / ٤٦٣ .
محمد بن عمر الجرجاني
، أبو جعفر : ٢٧١ / ٢٣٥ .
محمد بن عمر النخعي ،
٣٨٦ / ٣١٨ .
محمد بن عمر الواقدي
: ٢٢٩ / ٢٠٠ .
محمد بن عيسى : ٥١٣ /
٤٣٨ ، ٥١٥ / ٤٤٢ .
محمد بن عيسى
اليقطيني : ٤٧٨ / ٤٠٤ .
محمد بن الفرج : ٥١٤
/ ٤٤١ ، ٥٢٢ / ٤٥٦ ، ٥٣٧ / ٤٧٦ ، ٥٤٨ / ٤٨٩ .
محمد بن الفرج الرخجي
: ٥٣٤ / ٤٧١ .
محمد بن الفضل
الهاشمي : ١٨٦ / ١٧١ .
محمد بن القاسم : ٥١٦
/ ٤٤٤ ، ٥١٧ / ٤٤٦ .
محمد بن قتيبة : ٥٩٨
/ ٤٣٥ .
محمد بن كثير : ٢٣٣ /
٢٠١ .
محمد بن مسلم : ٣٧٠ /
٣٠٦ ، ٣٨٣ / ٣١٥ .
محمد بن مسلمة : ٦٢ /
٣٥ .
محمد بن معروف
الهلالي الخزاز ، أبو جعفر : ١٥٨ / ١٤٧ .
محمد بن المفضل : ٤٥١
/ ٤٨٠ .
محمد بن ميمون : ٢٠٠
/ ١٧٧ ، ٥٢٥ / ٤٦٢ .
محمد بن هارون : ٤٨١
/ ٤٠٩ ، ٥٩٨ / ٥٤١ .
محمد بن هشام : ١٤١ /
١٣٢ .
محمد الرافعي : ٤٥٥ /
٣٨٣ .
محمود : ٢٨٨ / ٢٤٦ .
مخلد بن عبد الله :
٩١ / ٧٥ .
مرازم : ٤٥٣ / ٣٨١ .
مريم بنت عمران : ٥٧
/ ٢٧ ، ١٩٦ ، ١٩٧ / ١٧٣ ، ١٩٨ / ١٧٣ ، ٢٢٢ / ١٩٥ ، ٢٨٦ / ٢٤٤ ، ٣٧٤ / ٣٠٨ ، ٤٢٤ / ٣٥٩ .
المستعين : ٥٧٩ / ٥٢٨
.
مسمع بن عبد الملك
كردين : ٩٤ / ٨٤ .
المسيب : ٥١٢ / ٤٣٧ .
المسيح (ع) : ١٧٢ / ١٥٩
.
مسيلمة : ٢٦٤ / ٢٢٨ .
المشعبذ الهندي : ١٥٤
/ ١٤٠ .
مصقلة الطحان : ٣٣٤ /
٢٧٥ .
معاوية : ١٠٦ / ٩٧ ،
٢١١ / ١٨٥ ، ٢٤٢ / ٢٠٦ ، ٣٠٧ / ٢٥٧ ، ٣١٩ / ٢٦٥ ، ٣٢٣ / ٢٦٦ .
معاوية بن عمار : ٦٣
/ ٣٦ .
معبد : ٨٥ / ٦٨ .
معتب : ٤٢٣ / ٣٥٩ ،
٤٤٣ / ٣٧٦ .
المعتز : ٥٥٦ / ٤٩٨ .
المعتصم : ٥٢٤ / ٤٦١
.
المعتمد : ٦٠٨ / ٥٥٤
.
معرض بن معقب : ٧٤ / ٥٧
.
المعلى بن خنيس : ١٠٧
/ ٩٩ .
المعلى بن محمد : ٢١١
/ ١٨٦ .
المعلى بن هلال : ١٤٢
/ ١٣٥ .
معمر : ٥٨ / ٢٩ ، ١٧٣
/ ١٦٠ ، ٣٥٦ / ٢٩٥ .
معمر بن خلاد : ٤٧٦ /
٣٩٩ .
معمر الزيات : ٤٠١ / ٣٢٧
.
المغيرة بن سعيد :
٤٠٣ / ٣٣٣ .
المغيرة بن عبد الله
: ٤٣١ / ٣٦٣ .
المفضل : ١٣٧ / ١٢٩ ،
١٦٠ / ١٤٩ ، ٢٥٧ / ٢٢٢ ، ٤٢٤ / ٣٥٩ ، ٤٣٥ / ٣٦٨ .
المفضل بن أبي المفضل
: ٤٢١ / ٣٥٥ .
المفضل بن عمر : ١٣٩
/ ١٣١ ، ١٤٥ / ١٣٦ ، ٣٦٩ / ٣٠٤ .
المفضل بن عمر الجعفي
: ٤٠٢ / ٣٢٨ .
المفيد ، أبو عبد
الله : ٢٣٦ / ٢٠٢ .
مقاتل بن مقاتل : ٤٩٣
/ ٤٢٣ .
المقداد بن الأسود
الكندي : ١٦٧ / ١٥٦ ، ٢٧٤ / ٢٣٨ ، ٢٩٨ / ٢٥٣ .
مقدودة : ٢٩٨ / ٢٥٣ .
ملك الموت : ١٢١ / ١١٧
، ١٦١ / ١٥٠ .
المنتصر بن المتوكل :
٥٣٨ / ٤٧٧ ، ٥٤٠ / ٤٨٠ .
مندل بن علي العنزي :
٢٣٣ / ٢٠١ .
منذر الكناسي : ٣٠٨ /
٢٥٨ .
المنصور الدوانيقي :
٢٠٧ / ١٨٣ ، ٢١٠ / ١٨٤ .
المنهال بن عمرو :
٣٣٣ / ٢٧٣ .
مهجع بن الصلت بن عقبة
بن سمعان بن غانم بن أم غانم : ٥٦٢ / ٥٠٠ .
مهزم : ٤١٠ / ٣٤١ .
موسى بن جعفر ، أبو
الحسن (ع) : ١٣٧ / ١٢٩ ، ١٤١ / ١٣٢ ، ١٧١ / ١٥٧ ، ١٧٢ / ١٥٩ ، ١٨٢ / ١٦٨ ، ١٨٦ / ١٧١ ، ٢٠٠ / ١٧٦ ، ٢٠٤ / ١٨٠ ، ٢١١ / ١٨٦ ، ٢١٢ / ١٨٦ ،
٣٢٨ / ٢٧١ ، ٣٧٩ / ٣١١
، ٣٩٨ / ٣٢٥ ، ٤٢٠ / ٣٥٣ ، ٤٣١ / ٣٦٣ ، ٤٣٢ / ٣٦٤ ، ٤٣٣ / ٣٦٥ ، ٤٣٤ / ٣٦٦ ـ ٣٦٧ ، ٤٣٥ / ٣٦٨ ـ ٣٧٠ ، ٤٣٦ / ٣٧١ ، ٤٣٧ / ٣٧٢ ، ٤٣٨ / ٣٧٣ ـ ٣٧٤ ـ ٣٧٥ ، ٤٤١ / ٣٧٦ ، ٤٤٤ / ٣٧٦ ، ٤٤٧ / ٣٧٧ ، ٤٤٨ / ٣٧٨ ، ٤٥٠ / ٣٧٩ ، ٤٥١ / ٣٨٠ ، ٤٥٣ / ٣٨١ ، ٤٥٤ / ٣٨٢ ، ٤٥٥ / ٣٨٣ ، ٤٥٦ / ٣٨٤ ، ٤٥٧ / ٣٨٥ ، ٤٥٨ / ٣٨٦ ، ٤٥٩ / ٣٨٧ ، ٤٦٠ / ٣٨٨ ، ٤٦١ / ٣٩٠ ، ٤٦٢ / ٣٩١ ـ ٣٩٢ ، ٤٦٣ / ٣٩٣ ، ٤٧٧ / ٤٠٢ ، ٤٨٧ / ٤١٥ ، ٤٩٢ / ٤٢١ ، ٤٩٣ / ٤٢٣ .
موسى بن جعفر
البغدادي : ٥٤٠ / ٤٨٢ .
موسى بن جعفر العابد
: ٢٥١ / ٢١٨ .
موسى بن عبد الله بن
الحسن : ٤٠٧ / ٣٣٩ .
موسى بن عبد الله بن
الحسين : ٣٨١ / ٣١٣ .
موسى بن عطية
النيسابوري : ٤١٦ / ٣٥٢ .
موسى بن عمران (ع) :
٦٨ / ٤٨ ، ٧٤ / ٥٦ ، ٩٥ / ٨٥ ، ١٥٢ ، ١٥٤ / ١٤٠ ـ ١٤٢ ، ١٥٥ / ١٤٢ ، ١٥٦ / ١٤٣ ، ١٥٨ / ١٤٦ ، ١٥٩ / ١٤٨ ، ١٦٠ / ١٤٩ ، ١٦١ / ١٥٠ ، ١٩١ / ١٧١ ، ١٩٢ / ١٧١ ، ٢٠١ / ١٧٨ ، ٢٠٧ / ١٨٣ ، ٢٠٨ / ١٨٣ ، ٢٠٩ / ١٨٤ ، ٢٥٩ / ٢٢٥ ، ٣١٠ / ٢٥٩ ، ٤٢٤ / ٣٥٩ ، ٤٨٢ / ٤١٠ ، ٥٦٢ / ٥٠٠ .
موسى بن محمد بن
القاسم بن حمزة بن جعفر : ٢٠٣ / ١٧٩ .
موفق (الخادم) : ٢٠٠
/ ١٧٧ ، ٤٦٣ / ٣٩٣ ، ٥٢٥ / ٤٦٢ .
الموليني : ١٤٩ / ١٣٩
.
ميثم التمار : ٢٦٨ / ٢٣١
.
ميزاب بن جنان : ٣٩٨
/ ٣٢٥ .
ميسرة (عبد خديجة) :
٤٧ / ١٢ .
ميكائيل : ١٢١ / ١١٦ ـ
١١٧ ، ١٢٢ / ١١٩ ـ ١٢٠ ، ١٦١ / ١٥٠ ، ٢٨٨ / ٢٤٦ ، ٣١٦ / ٢٦٤ .
ميمون : ٣٧٨ / ٣١١ .
ميمونة : ٢٤٩ / ٢١٤ .
(ن)
نافع : ٧٤ / ٥٨ .
نجاد (مولى أمير
المؤمنين) : ٣٤٤ / ٢٨٩ .
النجاري : ٦٩ / ٥٢ .
نرجس : ١٥٢ ، ٢٠١ / ١٧٨
.
نسيم (جارية أبو محمد
(ع)) : ٢٠٣ / ١٨٠ ، ٥٨٤ / ٥٣٢ .
النصر بن جابر : ٢١٦
/ ١٨٩ .
نصر بن الصباح : ٥٩٩
/ ٥٤٣ .
نصرة الأزدية : ٣٢٦ /
٢٦٨ .
نمرود : ١٣٦ ، ١٣٧ .
نوح (ع) : ١٢٦ / ١٢٥
، ١٣٥ / ١٢٨ .
نوح بن إسماعيل : ٤٣٩
/ ٣٧٦ .
(هـ)
هاجر : ١٤٥ / ١٣٦ .
هارون بن عمران (ع) :
٦٧ / ٤٨ ، ١٥٤ / ١٤٠ ، ٢٥٩ / ٢٢٥ ، ٤٨٩ / ٤١٧ ، ٤٩٢ / ٤١٩ ـ ٤٢٠ ، ٤٩٨ / ٤٣٠ .
هارون الرشيد : ٢٢٩ /
٢٠٠ ، ٤٣٢ / ٣٦٤ ، ٤٦٠ / ٣٨٨ ، ٤٩٢ / ٤٢١ .
هاشم بن عتبة : ٢٦٦ /
١٩٦ .
الهاشمي المنصوري :
٤٨٩ / ٤١٦ .
هالة (أخت خديجة) :
٤٧ / ١٢ .
هبة الله بن أبي
منصور الموصلي : ٥٥٣ / ٤٩٥ .
هرثمة : ٤٨٢ / ٤١٠ .
هرثمة بن أعين : ٤٩١
/ ٤١٨ .
هشام : ٨٥ / ٦٨ ، ٤٣٥
/ ٣٧١ .
هشام بن الأحمر : ٤٠٢
/ ٣٢٨ .
هشام بن الحكم : ١٧٢
/ ١٥٩ .
هشام بن سالم : ٤٣٧ /
٣٧٣ .
هشام بن عبد الملك :
٢٧١ / ٢٣٥ .
هشام العباسي : ٤٧٨ /
٤٠٤ .
هند بن الحجاج : ٤٦٠
/ ٣٨٨ ، ٤٦١ / ٣٨٩ .
هند بنت الجون : ١١١ /
١٠٧ .
هود : ١٢٥ .
(و)
الواثق : ٥٣٤ / ٤٧٠ ،
٥٣٩ / ٤٧٨ .
وردان : ٣٦١ / ٢٩٩ .
وصيف : ٥٣٦ / ٤٧٣ .
الوليد بن عتبة : ١٠٤
/ ٩٦ .
الوليد بن المغيرة :
٣٢٣ / ٢٦٦ .
(ي)
ياسر (الخادم) : ٢٢٠
/ ١٩٣ .
يحيى بن أبي كثير :
٢٥٨ / ٢٢٥ .
يحيى بن أكثم : ١٧٢ /
١٥٨ ، ٥٠٥ / ٤٣٣ ، ٥٠٨ / ٤٣٤ .
يحيى بن أم الطويل :
٣٤٤ / ٢٩٠ .
يحيى بن خالد : ٤٨٢ /
٤١١ .
يحيى بن سليمان بن
داود : ٥١٥ / ٤٤٢
يحيى بن عمران : ٥١٥
/ ٤٤٢ .
يحيى بن محمد بن جعفر
: ٤٨١ / ٤٠٨ .
يحيى بن المرزبان :
٥٦٨ / ٥١٠ .
يحيى بن هرثمة : ١٥٩
/ ١٤٨ ، ٥٣١ / ٤٦٦ ، ٥٥١ / ٤٩٤ .
يزيد : ٣٢٣ / ٢٦٦ .
يزيد بن أبي حبيب :
٨٢ / ٦٦ .
يزيد بن خلف : ٤٠٥ / ٣٣٦
.
يزيد بن قعنب : ١٩٧ /
١٧٣ .
يزيد بن عبد الله :
٥٧٣ / ٥١٨ .
يعقوب بن سليمان :
٣٣٥ / ٢٧٧ .
يعقوب بن يزيد
الأنباري : ١٣٣ / ١٢٨ .
يعقوب السراج : ٢٠٠ /
١٧٦ ، ٤٣٣ / ٣٦٥ .
يعقوب القاضي ، أبو يوسف
: ٤٤٨ / ٣٧٨ .
يعلى بن عطاء : ١١٤ /
١١٠ .
يوسف (ع) : ١٤٧ ، ١٤٨
/ ١٣٨ ، ٤٧١ / ٣٩٥ ، ٥٦٨ / ٥١٢ .
يوسف بن أحمد الجعفري
: ٦١٤ / ٥٦٢ .
يوسف بن الحجاج : ٢٣٠
/ ٢٠٠ .
يوسف بن زياد : ٥٢٢ /
٤٥٧ .
يوسف بن كعب : ٩٥ / ٨٥
.
يوسف بن محمد بن زياد
، أبو يعقوب : ٤٦٧ / ٣٩٤ .
يوسف بن يعقوب : ٥٥٣
/ ٤٩٥ .
يونس بن ظبيان : ١٣٩
/ ١٣١ ، ٤٢١ / ٣٥٥ ، ٤٢٦ / ٣٦١ .
يونس بن متى : ٣٢٩ / ٢٧١
.
(٣)
(
فهرس الأماكن والبقاع )
(أ)
أبو قبيس : ٣٧٥ / ٣٠٩
.
أحد : ١٦٤ / ١٥٣ ،
٣١٦ / ٢٦٤ .
أذربيجان : ٥٩٠ / ٥٣٦
.
أربق : ٤٩١ / ٤١٩ .
أسد آباد : ٦٠٦ / ٥٥٣
.
أصفهان : ٥٥٠ / ٤٩٣ .
أموية : ٦٠٢ / ٥٤٩ .
الأهواز : ٤٨٨ / ٤١٦
، ٥٧٣ / ٥١٧ .
إيذج : ٤٨٨ / ٤١٦ .
(ب)
باب البصرة : ٢٣٧ / ٢٠٢
.
باب بغداد : ٥٤٩ / ٤٩١
.
باب خيبر : ١٦٨ / ١٥٦
.
باب الفيل : ٢٤٨ / ٢١٣
، ٢٦٨ / ٢٣١ .
بابل : ٢٠٧ / ١٨٣ ،
٢٢٧ / ١٩٨ ، ٢٥٣ / ٢١٩
بخارى : ٦٠١ / ٥٤٩ .
بسنده : ٤٩٦ / ٤٢٥ .
البصرة : ١٨٦ / ١٧١ ،
١٩٤ / ١٧١ ، ٢٣٩ / ٢٠٣ ، ٢٦١ / ٢٢٦ ، ٢٧٥ / ٢٤١ ، ٢٧٦ / ٢٤٢ ، ٤٥٩ / ٣٨٧ ، ٦٠٨ / ٥٥٤ .
البطحاء : ٨٥ / ٦٨ .
بغداد : ١٧٢ / ١٥٨ ،
٢٣٦ / ٢٠٢ ، ٤٨٢ / ٤٠٩ ، ٤٩٢ / ٤١٩ ، ٥١٢ / ٤٣٧ ، ٥٣٩ / ٤٨٠ ، ٥٤٤ / ٤٨٦ ، ٥٤٩ / ٤٩١ ، ٥٩٢ / ٥٣٦ ، ٥٩٤ / ٥٣٧ ، ٥٩٨ / ٥٤١ ، ٦١١ / ٥٥٥ ، ٦١٤ / ٥٦١ .
البقيع : ٦٠ / ٣٠ ،
٩٥ / ٨٥ ، ٢٧٤ / ٢٣٨ ، ٣٧١ / ٣٠٦ ، ٤٥٨ / ٣٨٦ ، ٤٧٣ / ٣٩٦ .
بلخ : ٤٢٣ / ٣٥٩ .
البيت الحرام : ١٩٧ /
١٧٣ ، ٤٠١ / ٣٢٧ ، ٤٩٥ / ٤٢٤ .
بيسان : ٤٥ / ٩ .
(ت)
تكريت : ٥١٨ / ٤٤٨ .
(ث)
ثبير (جبل) : ٩٣ / ٨١
.
(ج)
جبانة بني سعد : ٢٥٠
/ ٢١٦ .
جحر الزنابير : ٤٠٦ /
٣٣٧ .
الجحفة : ١٩٦ / ١٧٢ .
جرجان : ٢١٥ / ١٨٩ ،
٣٨٢ / ٣١٤ .
جوخان : ٤٨٩ / ٤١٦ .
الجوسق : ٥٧٧ / ٥٢٦ .
(ح)
الحجاز : ١٢٨ / ١٢٧ ،
٣٦١ / ٣٠٠ .
الحديبية : ٤٣ / ٣ ،
٤٥ / ٧ .
الحرم : ٥٢٤ / ٤٥٩ .
حصن بني قريظة : ٩١ /
٧٦ .
حصن المسناة : ٥٩٦ / ٥٣٨
.
حضر موت : ١٠٣ / ٩٥ .
حلوان : ٥٨٩ / ٥٣٤ .
الحمراء (قرية) : ١٤٥
/ ١٣٧ ، ١٩٨ / ١٧٤ .
حنين : ٤٦ / ١١ .
الحيرة : ١٥٨ / ١٤٧ .
(خ)
خان الصعاليك : ٥٤٢ /
٤٨٣ .
خراسان : ١٧٨ / ١٦٤ ،
١٨٣ / ١٦٩ ، ١٩٤ / ١٧١ ، ٢٠٠ / ١٧٧ ، ٢٠٦ / ١٨٢ ، ٣٧٩ / ٣١٢ ، ٤١٠ / ٣٤٢ ، ٤١٦ / ٣٥٢ ، ٤٤٥ / ٣٧٦ ، ٤٧٩ / ٤٠٦ ، ٤٨١ / ٤٠٩ ، ٤٨٤ / ٤١٣ ، ٤٨٨ / ٤١٦ ، ٤٩٠ / ٤١٧ ، ٥١٦ / ٤٤٣ ، ٥٢٥ / ٤٦٢ .
الخندق : ٥٩٦ / ٥٣٨ .
خوارزم : ٢٠٦ / ١٨٢ .
خيبر : ٨٠ / ٦٣ .
(د)
دجلة : ٦٠٢ / ٥٥٠ ،
٦٠٩ / ٥٥٥ .
دمشق : ٢٣٠ / ٢٠٠ ،
٣٣٣ / ٢٧٤ .
ديار ربيعة : ٥٥٣ / ٤٩٥
.
(ذ)
ذي قار : ٢٦٦ / ٢٣٠ .
(ر)
رباط سعد : ٤٨٤ / ٤١٣
.
الرحبة : ٢٧١ / ٢٣٤ .
الرميلة : ٣٧٠ / ٣٠٦
، ٤٣٧ / ٣٧٢ .
الروحاء : ١٨٠ / ١٦٥
.
الري : ١٠٠ / ٩٢ .
ريان (جبل) : ٥٣ / ٢١
.
(ز)
زبالة : ٥٠٣ / ٤٣١ .
زقاق أبي عمار : ٤٠٩
/ ٣٣٩ .
(س)
ساباد : ٤٩٦ / ٤٢٥ .
ساباط المدائن : ٢٦٩
/ ٢٣٢ .
سجستان : ٢٣٩ / ٢٠٣ .
سرخس : ٦٠٠ / ٥٤٨ .
سر من رأى : ٢١٤ / ١٨٩
، ٥٣١ / ٤٦٦ ، ٥٣٢ / ٤٦٧ ، ٥٣٧ / ٤٧٥ ، ٥٣٩ / ٤٨٠ ، ٥٤٢ / ٤٨٣ ، ٥٤٥ / ٤٨٦ ـ ٤٨٧ ، ٥٥٣ / ٤٩٥ ، ٥٥٧ / ٤٩٩ ، ٥٧٣ / ٥١٧ ، ٥٧٤ / ٥٢٠ ـ ٥٢١ ، ٥٧٥ / ٥٢٢ ، ٥٧٩ / ٥٢٨ ، ٥٨٥ / ٥٣٤ ، ٥٩٥ / ٥٣٧ ، ٦٠٧ / ٥٥٤ ، ٦٠٩ / ٥٥٥ .
السند : ٤٩٨ / ٤٢٩ .
السهلة : ٥٩٧ / ٥٣٩ .
سوق ذي المجاز : ٤٦ /
١٠ .
(ش)
شاطء الفرات :
٢٧٣ / ٢٣٧ ، ٥٩٦ / ٥٣٨ .
الشام : ٥٦ / ٢٦ ،
١٨٥ ، ٢٤١ / ٢٠٥ ، ٣١٢ / ٢٦١ ، ٣٥٣ / ٢٩٣ ، ٣٦٢ / ٣٠١ ، ٥١٠ / ٤٣٦ ، ٥٤٥ / ٤٨٧ ، ٦١٤ / ٥٦٢ .
شعاب مكة : ٦٦ / ٤٦ .
(ص)
صريا (قرية) : ٤٤٣ / ٣٧٦
.
الصفا : ١٤٥ / ١٣٦ ،
٤٢٢ / ٣٥٦ .
صفين : ١٥٧ / ١٤٥ ،
٢٢٥ / ١٩٦ ، ٢٥٨ / ٢٢٥ .
صندوداء : ٢٥٨ / ٢٢٥
.
(ض)
ضجنان : ٣٧١ / ٣٠٦ .
(ط)
الطائف : ٥٦ / ٢٦ ،
٨٠ / ٦٤ ، ١٦٦ / ١٥٦ .
طبرستان : ١٠٠ / ٩٢ ،
٥٧٤ / ٥٢١ .
طوس : ١٠٠ / ٩٢ ، ١٨٥
، ٢٠٦ / ١٨٢ ، ٤٨٦ / ٤١٥ ، ٤٩٢ / ٤١٩ ـ ٤٢٠ ، ٥١٠ / ٤٣٥ .
عبادان : ٢٣٩ / ٢٠٣ .
العراق : ٣٢٢ / ٢٦٦ ،
٣٣٠ / ٢٧٢ ، ٤٠٥ / ٣٣٦ ، ٤٤٠ / ٣٧٦ ، ٤٧٦ / ٤٠٠ ، ٤٨٨ / ٤١٦ ، ٤٩٩ / ٤٣٠ ، ٥١١ / ٤٣٦ ، ٥٥٢ / ٤٩٤ ، ٥٩١ / ٥٣٦ .
عرفات : ١٦٢ / ١٥٢ .
العسكر : ٥٣٧ / ٤٧٦ ،
٥٤٩ / ٤٩١ .
عاقبة أفيق : ٦٨ / ٥٠
.
العقيق : ٥٨ / ٢٩ .
عين راحوما : ٢٥٩ / ٢٢٥
.
عين الرضا (ع) : ١٤٦
/ ١٣٧ ، ١٩٨ / ١٧٤ .
(غ)
غار حراء : ٩٣ / ٨١ .
الغري : ٥٩٦ / ٥٣٨ .
(ف)
الفرات : ١٥٥ / ١٤٣ ،
٢٢٥ / ١٩٦ ، ٣٣٦ / ٢٧٨ ، ٣٤١ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧ .
فارس : ٦٦ / ٤٨ ، ١٦٠
/ ١٤٩ ، ٣٨٦ / ٣١٨ .
فارع : ٤٩٨ / ٤٣٠ .
فرخنده : ٥٩٣ / ٥٣٦ .
فيد : ٢١٣ / ١٨٦ .
(ق)
قم : ٦٠٠ / ٥٤٧ ، ٦٠٩
/ ٥٥٥ .
(ك)
كاشان : ٢٣٩ / ٢٠٢ .
كربلاء : ٥٤ / ٢٣ ،
٢٦٨ / ٢٣١ .
الكرخة : ٢٧٦ / ٢٤١ .
كرمان : ٤٨٤ / ٤١٣ .
الكعبة : ١١٠ / ١٠٤ ،
٢٠٤ / ١٨٢ ، ٦١٣ / ٥٥٩ .
الكوفة : ١١٢ / ١٠٨ ،
١٦١ / ١٥١ ، ٢١١ / ١٨٦ ، ٢١٢ / ١٨٦ ، ٢١٣ / ١٨٦ ، ٢١٤ / ١٨٧ ، ٢٦١ / ٢٢٦ ، ٢٦١ / ٢٢٦ ، ٢٦٦ / ٢٣٠ ، ٢٦٩ / ٢٣٢ ، ٢٧٦ / ٢٤٢ ، ٤٠٤ / ٣٣٤ ، ٤٠٥ / ٣٣٥ ، ٤١٣ / ٣٤٧ ، ٤٣٥ / ٣٦٨ ـ ٣٧٠ ، ٤٤٠ / ٣٧٦ ، ٤٥٧ / ٣٨٥ ، ٤٦٢ / ٣٩٢ ، ٤٧٩ / ٤٠٦ ، ٤٨٨ / ٤١٦ ، ٥١٢ / ٤٣٧ ، ٥٢٢ / ٤٥٥ ، ٥٥١ / ٤٩٤ ، ٥٩٦ / ٥٣٨ .
(م)
المدائن : ١٨٦ ، ٢٦٩
/ ٢٣٢ ، ٦٠٧ / ٥٥٤ .
المدينة : ٥٦ / ٢٦ ـ ٢٧
، ٦٠ / ٣٠ ـ ٣١ ، ٦١ / ٣٣ ، ٧١ / ٥٤ ، ٧٥ / ٥٨ ، ٧٧ / ٦٢ ، ٨٩ / ٧١ ، ١٠١ / ٩٣ ، ١٠٩ / ١٠٢ ، ١٣١ / ١٢٧ ، ١٣٧ ، ١٤٦ / ١٣٧ ، ١٥٦ / ١٤٤ ، ١٥٩ / ١٤٨ ، ١٦٢ / ١٥٢ ، ١٧٢ / ١٥٩ ، ١٧٩ / ١٦٤ ، ١٨٠ / ١٦٥ ، ١٨٥ ، ١٨٦ ، ١٨٨ / ١٧١ ، ١٩٣ / ١٧١ ، ١٩٦ / ١٧٢ ، ٢٠٠ / ١٧٧ ، ٢١١ / ١٨٦ ، ٢١٢ / ١٨٦ ، ٢٦٤ / ٢٢٨ ، ٢٧١ / ٢٣٥ ، ٢٧٤ / ٢٣٨ ، ٣٤٢ / ٢٨٨ ، ٣٥٣ / ٢٩٣ ، ٣٦٩ / ٣٠٤ ، ٣٨١ / ٣١٣ ، ٣٨٤ / ٣١٧ ، ٣٨٦ / ٣١٨ ، ٣٨٩ / ٣١٩ ، ٤٠٥ / ٣٣٦ ، ٤٠٦ / ٣٣٨ ، ٤٠٧ / ٣٣٩ ، ٤١٠ / ٣٤١ ، ٤١٣ / ٣٤٨ ، ٤١٤ / ٣٥٠ ، ٤١٦ / ٣٥٢ ، ٤٢٥ / ٣٦٠ ، ٤٣٤ / ٣٦٧ ، ٤٤١ / ٣٧٦ ، ٤٤٥ / ٣٧٦ ، ٤٤٧ / ٣٧٧ ، ٤٥٣ / ٣٨١ ، ٤٥٥ / ٣٨٣ ، ٤٥٦ / ٣٨٤ ، ٤٥٨ / ٣٨٥ ، ٤٧٣ / ٣٩٦ ، ٤٧٤ / ٣٩٧ ، ٤٧٥ / ٣٩٨ ، ٤٨٢ / ٤١٠ ، ٤٨٣ / ٤١٢ ، ٤٨٦ / ٤١٤ ، ٤٨٨ / ٤١٦ ، ٤٩٣ / ٤٢٣ ، ٤٩٨ / ٤٣٠ ، ٥٠٨ / ٤٣٤ ، ٥١٠ / ٤٣٥ ، ٥١٢ / ٤٣٧ ، ٥١٣ / ٤٣٨ ، ٥١٥ / ٤٤٣ ، ٥١٦ / ٤٤٤ ، ٥١٧ / ٤٤٦ ، ٥٢٥ / ٤٦٢ ، ٥٣١ / ٤٦٦ ، ٥٣٢ / ٤٦٨ ، ٥٣٤ / ٤٧٠ ،
٥٣٨ / ٤٧٨ ، ٥٥١ / ٤٩٤
، ٥٧٤ / ٥٢١ ، ٦٠٣ / ٥٥١ ، ٦١٢ / ٥٥٨ .
مدينة السلام : ٦٠١ /
٥٤٨ ، ٦٠٢ / ٥٤٩ .
مرو : ١٩٨ / ١٧٤ ،
٤٨٠ / ٤٠٦ ، ٤٨٢ / ٤١٠ .
مسجد الجامع : ٢٧٦ / ٢٤٢
.
مسجد الجمجمة : ٢٢٧ /
١٩٨ .
المسجد الحرام : ٤٩٢
/ ٤٢٠ .
مسجد الخيف : ٥٣ / ٢١
.
مسجد رسول الله (ص) :
٥٣ / ٢٢ ، ١٧٣ / ١٦٠ ، ١٨٨ / ١٧١ ، ٤٠٧ / ٣٣٨ ، ٤١٦ / ٣٥٢ ، ٤٣٨ / ٣٧٣ ، ٤٤١ / ٣٧٦ .
مسجد الكوفة : ٢٤٢ / ٢٠٦
، ٢٧٤ / ٢٣٩ ، ٥١٠ / ٤٣٦ .
مشهد الرضا (ع) : ١٢٧
/ ١٢٧ ، ٣٦٩ / ٣٠٥ .
مصر : ٤٧١ / ٣٩٥ ،
٥٨٠ / ٥٢٩ .
المطيرة : ٥٤٠ / ٤٨٠
.
مقام إبراهيم : ٣٥٠ /
٢٩١ .
مكة : ٧٤ / ٥٧ ، ٨٥ /
٦٨ ، ٩٢ / ٧٧ ، ١٠٤ / ٩٦ ، ١٠٩ / ١٠٢ ، ١٤٥ / ١٣٦ ، ١٥٦ / ١٤٤ ، ١٦٥ / ١٥٤ ، ١٨٠ / ١٦٤ ، ١٨٥ ، ١٩٦ / ١٧٢ ، ٢٠٠ / ١٧٧ ، ٢١١ / ١٨٦ ، ٢٨٥ / ٢٤٤ ، ٣١٥ / ٢٦٣ ، ٣٥٨ / ٢٩٦ ، ٣٦٩ / ٣٠٤ ، ٤٢٠ / ٣٥٤ ، ٤٣٤ / ٣٦٧ ، ٤٣٥ / ٣٦٩ ـ ٣٧٠ ، ٤٣٦ / ٣٧١ ، ٤٣٨ / ٣٧٥ ، ٤٧٥ / ٣٩٨ ، ٤٩٨ / ٤٣٠ ، ٥١١ / ٤٣٦ ، ٥٢٥ / ٤٦٢ ، ٦١٤ / ٥٦٢ ،
منى : ٤٣٥ / ٣٧٠ ،
٤٣٦ / ٣٧١ ، ٤٨٢ / ٤١١ .
منبر الكوفة : ٢٤٧ / ٢١٢
.
مؤتة : ١٠١ / ٩٤ .
(ن)
نهر الكوثر : ٢٧٣ / ٢٣٦
.
النهروان : ٢٥٣ / ٢١٩
.
نيسابور : ١٤٥ / ١٣٧
، ١٩٨ / ١٧٤ ، ٢٠٧ / ١٨٢ ، ٤٣٩ / ٣٧٦ ، ٤٨٤ / ٤١٣ ، ٤٩٦ / ٤٢٥ .
نينوى : ٣٣٤ / ٢٧٦ .
(هـ)
همدان : ٦٠١ / ٥٤٨ ،
٦٠٥ / ٥٥٣ ، ٦١١ / ٥٥٥ .
الهند : ٣٩٨ / ٣٢٥ ،
٥٥٥ / ٤٩٧ .
(و)
وادي القرى : ٢٦٧ / ٢٣١
.
واسط : ٥٩٧ / ٥٤٠ ،
٥٩٨ / ٥٤٢ .
(ي)
يثرب : ٤٤٠ / ٣٧٦ .
اليمن : ٦٨ / ٥٠ ،
١١٤ / ١١١ ، ١٢٨ / ١٢٧ .
(٤)
(
فهرس الكتب الواردة في المتن )
القرآن : ٢٠٣ / ١٨٠ ،
٢١٠ / ١٨٤ ، ٢٧٨ / ٢٤٢ ، ٥٦٨ / ٥١١ .
الإِنجيل : ١٧٢ / ١٥٩
، ١٨٩ / ١٧١ ، ١٩٠ / ١٧١ ، ٢٠٣ / ١٨٠ ، ٢٦٠ / ٢٢٥ .
البستان : ٣٢٨ / ٢٧٠
.
التوراة : ١٥٦ / ١٤٣
، ١٥٩ / ١٤٨ ، ١٩٠ / ١٧١ ، ٢٠٣ / ١٨٠ ، ٢٧٠ / ٢٣٢ .
الجامعة : ١٢١ / ١١٥
.
الجفر : ١٢١ / ١١٥ .
حلية الأولياء : ٣٥٤
/ ٢٩٣ .
الزبور : ١٩١ / ١٧١ .
زبور داود : ١٩٢ / ١٧١
.
سير الأئمة : ١٤٩ / ١٣٩
.
فضائل البتول (ع) :
٥٥ / ٢٤ .
مزامير آل داود : ١٦٥
/ ١٥٤ ، ٣٩٠ / ٣١٩ .
مصحف فاطمة (ع) : ١٢١
/ ١١٥ .
مفاخر الرضا (ع) :
٤٨٣ / ٤١٢ ، ٤٩٦ / ٤٢٥ ، ٥٤٦ / ٤٨٨ .
(٥)
(
فهرس الأيام والوقائع )
أحد (يوم) : ٦٣ / ٣٦
، ٦٤ / ٤١ ، ١١١ / ١٠٥ .
الأضحى : ٥٤٩ / ٤٩١ .
الأنبار (واقعة) :
٢١١ / ١٨٥ .
بدر (يوم) : ١٠١ / ٩٣
، ١٢٢ / ١١٩ .
البصرة (وقعة) : ٢٧٦
/ ٢٤٢ .
تبوك (غزوة) : ٥٢ / ١٩
.
التروية (يوم) : ١٦٢
/ ١٥٢ ، ٥٤٩ / ٤٩١ .
الحج : ٣٩٠ / ٣٢٠ ،
٤٩٨ / ٤٣٠ ، ٦٠٠ / ٥٤٨ .
حجة الوداع : ٧٤ / ٥٧
.
حنين (يوم ، غزوة) :
٦٩ / ٥١ ، ١١٣ / ١١٠ .
خيبر (يوم) : ٦٩ / ٥١
، ١١٣ / ١٠٩ ، ٢٥٧ / ٢٢٣ .
صفين (واقعة) : ٢٢٥ /
١٩٦ ، ٢٦٤ / ٢٢٧ ، ٢٧٦ / ٢٤٢ ، ٢٧٨ / ٢٤٢ .
الطائف (غزوة) : ٩٢ /
٧٩ .
عاشوراء (يوم) : ٣٣١
/ ٢٧٢ .
عرفة (يوم) : ٢٢٩ / ٢٠٠
، ٤٠٤ / ٣٣٤ ، ٤٧٣ / ٣٩٦ ، ٥٤٩ / ٤٩١ .
العمرة : ٦١٢ / ٥٥٨ .
مؤتة (غزوة) : ١٠١ / ٩٤
.
المعراج : ٤٠ .
النهروان (وقعة) :
٢٧٦ / ٢٤٢ .
(٦)
(
فهرس الفرق والأقوام والقبائل )
(آ)
آل أبي سفيان : ٣٦١ /
٣٠٠ .
آل أبي طالب : ٥٤٠ / ٤٨١
.
آل برمك : ٤٨٢ / ٤١١
.
آل الحسن : ٣٨١ / ٣١٣
.
آل داود : ١٦٥ / ١٥٤
.
آل ذريح : ٧٥ / ٥٩ .
آل محمد (ص) : ١١٩ / ١١٤
، ١٢٢ / ١١٨ ، ٢٤١ / ٢٠٤ ، ٣٩٧ / ٣٢٤ ، ٤١٦ / ٣٥٢ ، ٤٦٠ / ٣٨٨ ، ٥٠٨ / ٤٣٤ ، ٥٦٦ / ٥٠٦ ، ٦٠٦ / ٥٥٣ .
آل مروان : ٣٨٦ / ٣١٨
.
(أ)
الأتراك : ٥٥٧ / ٤٩٩
.
أصحاب الكهف : ١٧٤ / ١٦٠
.
أصحاب النهروان : ٢٥٣
/ ٢١٩ ، ٢٦٨ / ٢٣١ .
الأعراب : ٥٣٩ / ٤٧٨
.
الإِمامية : ١٣٧ / ١٢٩
، ٥٧٣ / ٥٢٠ .
الأنصار : ٥٠ / ١٦ ،
٥٦ / ٢٧ ، ٦٢ / ٣٥ ، ٨١ / ٦٥ ، ٩٠ / ٧٤ ، ٩٤ / ٨٤ ، ١٠٢ / ٩٤ ، ١٢٤ / ١٢٣ ، ١٣٨ / ١٣٠ ، ٢٢٦ / ١٩٦ ـ ١٩٧ ، ٢٥٥ / ٢٢١ ، ٣١٦ / ٢٦٤ .
أهل أصفهان : ٥٤٩ / ٤٩٣
، ٥٥٧ / ٤٩٨ .
أهل إفريقية : ٣٨٣ / ٣١٥
.
أهل الإِمامة : ٦٠٥ /
٥٥٣ .
أهل بابل : ٢٠٧ / ١٨٣
.
أهل بربر : ٣٧٨ / ٣١١
، ٣٨٥ / ٣١٧ .
أهل البصرة : ٢٧٧ / ٢٤٢
، ٥٨٥ / ٥٣٤ .
أهل البطحاء : ٨٩ / ٧١
.
أهل بلخ : ٥٩٩ / ٥٤٣
ـ ٥٤٤ .
أهل البيت : ٦١ / ٣٣
، ١٢١ / ١١٥ ، ١٢٧ / ١٢٦ ، ١٣٥ / ١٢٨ ، ١٧٧ / ١٦٢ ، ١٧٨ / ١٦٤ ، ١٨٧ / ١٧١ ، ١٨٨ / ١٧١ ، ٢٣٧ / ٢٠٢ ، ٢٩٦ / ٢٥١ ، ٣١٥ / ٢٦٣ ، ٣٧٠ / ٣٠٦ ، ٣٩٠ / ٣٢٠ ، ٤٠٧ / ٣٣٨ ، ٤٤٥ / ٣٧٦ ، ٤٥٨ / ٣٨٦ ، ٤٦٨ / ٣٩٣ ، ٥٠٥ / ٤٣٣ ، ٥٤٨ / ٤٨٨ ، ٥٦١ / ٥٠٠ .
أهل الجبل : ٤١٥ / ٣٥١
.
أهل جسر بابل : ٤١٣ /
٣٤٧ .
أهل خراسان : ١٧٨ / ١٦٥
، ٢٠٦ / ١٨٢ ، ٢٤١ / ٢٠٤ ، ٣٨٠ / ٣١٢ ، ٣٨٢ / ٣١٤ ، ٤٠٦ / ٣٣٨ ، ٤٢٣ / ٣٥٩ .
أهل دينور : ٥٩٤ / ٥٣٧
.
أهل الرقة : ١٧٦ / ١٦١
.
أهل الري : ١٠٠ / ٩٢
، ٤٦٢ / ٣٩٢ ، ٥١٩ / ٤٥٠ .
أهل سر من رأى : ٥٥٤
/ ٤٩٦ .
أهل السواد : ٥٩٧ / ٥٤٠
.
أهل الشام : ٣١١ / ٢٦٠
، ٣٦٩ / ٣٠٥ ، ٣٧٠ / ٣٠٦ .
أهل الصفّة : ٤٨ / ١٥
.
أهل الصين : ٤٦٢ / ٣٩١
.
أهل العراق : ٤٧٥ / ٣٩٨
.
أهل قم : ٦٠٨ / ٥٥٤ ،
٦٠٩ / ٥٥٥ .
أهل كفرتوثا : ٥٥٣ / ٤٩٥
.
أهل الكوفة : ٢١٢ / ١٨٦
، ٢٣٤ / ٢٠١ ، ٤١٠ / ٣٤٢ .
أهل المدينة : ٦١ / ٣٣
، ١٩٧ / ١٧٢ ، ٢٧٤ / ٢٣٨ ، ٢٩٨ / ٢٥٣ ، ٣٣١ / ٢٧٢ ، ٣٨٥ / ٣١٧ ، ٤٢٤ / ٣٥٩ ، ٤٤١ / ٣٧٦ ، ٥١٧ / ٤٤٥ .
أهل مكة : ٤٧ / ١٢ ، ١٠١
/ ٩٣ ، ٢٨٦ / ٢٤٥ ، ٢٩٨ / ٢٥٣ ،
أهل همدان : ٦٠٥ / ٥٥٣
.
أهل الوادي : ١١٠ / ١٠٤
.
أهل اليمامة : ٧٤ / ٥٧
.
أهل اليمن : ٦٩ / ٥٠
، ٥٦١ / ٥٠٠ .
(ب)
بنو أبان بن دارم :
٣٤١ / ٢٨٧ .
بنو أسد : ٣٨٦ / ٣١٨
.
بنو إسرائيل : ٨١ / ٦٥
، ١٤٠ / ١٣٢ ، ١٥٥ / ١٤٢ ، ١٥٩ / ١٤٨ ، ١٩٠ / ١٧١ ، ٢١٨ / ١٩١ ، ٢٢٦ / ١٩٦ ، ٢٤٥ / ٢٠٩ ، ٣٠٦ / ٢٥٧ .
بنو أمية : ١٠٦ / ٩٧
، ١٨١ / ١٦٧ ، ٢٣٤ / ٢٠١ ، ٣٦٢ / ٣٠١ ، ٣٧٠ / ٣٠٦ ، ٤٦٤ / ٣٩٣ .
بنو الجهم : ٣٣٧ / ٢٨٠
.
بنو راشد : ٦٠٥ / ٥٥٣
.
بنو سالم : ٧٦ / ٦٠ .
بنو سعد : ٢٥٠ / ٢١٦
.
بنو سعد بن بكر بن
زيد مناة : ٥٦٢ / ٥٠٠ .
بنو سليم : ٧٣ / ٥٦ .
بنو العباس : ١٥٢ ،
٢١٨ / ١٩٢ ، ٤٠٨ / ٣٣٩ ، ٤٨٨ / ٤١٥ ، ٤٩١ / ٤١٧ ، ٥٠٥ / ٤٣٣ .
بنو عبد العزى : ١٩٧
/ ١٧٣ .
بنو عبد المطلب : ١١٠
/ ١٠٤ ، ١٢٦ / ١٢٦ ، ٣٦١ / ٣٠٠ .
بنو العبس : ١٢٩ / ١٢٧
.
بنو قريظة : ٩١ / ٧٦
.
بنو مخزوم : ١٠٤ / ٩٦
، ٢٢٨ / ١٩٩ .
بنو مروان : ١٤٠ / ١٣٢
، ٤٠٧ / ٣٣٨ .
بنو معاوية بن عبد
الله بن جعفر : ٣٨٢ / ٣١٣ .
بنو النجار : ٦٩ / ٥٢
.
بنو هاشم : ١٤٩ / ١٣٩
، ٤٨٦ / ٤١٤ .
بنو والبة : ٣٢٤ / ٢٦٧
.
(ت)
الترك : ٥٣٩ / ٤٧٨ .
(ث)
الثنوية : ٥٧٣ / ٥١٧
.
(ج)
(ح)
جهينة : ٦٤ / ٤٠ .
الحشوية : ٥٥١ / ٤٩٤
.
الحنفية : ٢٦٤ / ٢٢٨
.
(خ)
الخزر : ٥٢٩ / ٤٦٥ ،
٥٥٦ / ٤٩٨ .
الخوارج : ٢٣٩ / ٢٠٣
، ٤٣٨ / ٣٧٣ .
(ر)
الرافضة : ٤٢٧ / ٣٦٢
، ٤٤٨ / ٣٧٨ ، ٤٥٢ / ٤٨٠ ، ٥٥٠ / ٤٩٣ ، ٥٥٢ / ٤٩٤ .
ربيعة : ٢٦٧ / ٢٣٠ .
الروم : ١٠٧ / ٩٩ ،
٢٣٨ / ٢٠٢ ، ٣٦٢ / ٣٠١ ، ٥١٨ / ٤٤٨ .
(ز)
الزيدية : ١٧٦ / ١٦١
، ١٨٧ / ١٧١ ، ٤١١ / ٣٤٣ ، ٥١١ / ٤٣٦ ، ٥١٩ / ٤٥٠ ، ٥٩٦ / ٥٣٨ .
(س)
السندية : ١٩٣ / ١٧١
.
(ش)
الشيعة : ١٥٤ / ١٤٢ ،
٥٢٣ / ٤٥٨ ، ٦٠٩ / ٥٥٥ .
(غ)
غطفان : ٢٧١ / ٢٣٤ .
(ق)
قريش : ٩٣ / ٨٢ ، ٩٤
/ ٨٣ ، ١٠٤ / ٩٦ ، ١٠٩ / ١٠٢ ، ٢٤١ / ٢٠٥ ، ٢٥٥ / ٢٢١ ، ٢٨٦ / ٢٤٤ .
قوم موسى (ع) : ١٥٦ /
١٤٣ .
(م)
المجوس : ٤٤٢ / ٣٧٦ .
المدينيين : ٥١٨ / ٤٤٧
ـ ٤٤٨ .
المرجئة : ٤٣٨ / ٣٧٣
.
مضر : ٢٦٧ / ٢٣٠ .
المعتزلة : ١٨٧ / ١٧١
، ٤٣٨ / ٣٧٣ .
المهاجرين : ٥٦ / ٢٧
، ٨١ / ٦٥ ، ٢٢٦ / ١٩٦ ، ٣١٦ / ٢٦٤ .
(ن)
النصارى : ٥٧٥ / ٥٢٢
، ٤٤٢ / ٣٧٦ .
النصرانية : ١٩٣ / ١٧١
، ٥٥٤ / ٤٩٥ ، ٥٧٥ / ٥٢٢ .
(هـ)
همدان : ٢٧٩ / ٢٤٢ .
الهندية : ٥٣٣ / ٤٦٩
.
(و)
الواقفية : ٥١٨ / ٤٤٩
.
ولد أبي خلف الجمحي :
٢٧١ / ٢٣٥ .
ولد الحارث بن السيد
: ٢٧٠ / ٢٣٢ .
ولد الزبير : ٣٠٨ / ٢٥٨
.
ولد العباس : ١٠٦ / ٩٧
، ٤٦٩ / ٣٩٣ .
ولد علي (ع) : ٤٦٩ / ٣٩٣
.
(ي)
اليهود : ١٩٢ / ١٧١ ،
٢١٨ / ١٩١ ، ٢٦٩ / ٢٣٢ ، ٤٤٢ / ٣٧٦ .
(٧)
(
فهرس الأبواب والفصول )
الباب
الأول
في ذكر طرف من معجزات نبينا محمد (ص)
ويحتوي على خمسة عشر فصلًا ................................................................ ٣٧
١ ـ فصل : في بيان مقدمة الكتاب ......................................... ٣٩
٢ ـ فصل : في بيان ظهور آياته التي ظهرت
على يديه في المياه . وفيه : أحد عشر حديثاً ..................................................... ٤٢
٣ ـ فصل : في بيان آياته الواردة في
الأطعمة والأشربة . وفيه : تسعة أحاديث ................................................................... ٤٧
٤ ـ فصل : في ظهور آياته فيما أنزل عليه
من السماء . وفيه : ثلاثة عشر حديثاً ................................................................ ٥٣
٥ ـ فصل : في ظهور آياته في إبراء
المرضى والأعضاء المبانة والمجروحة . وفيه : أحد عشر حديثاً .......................................... ٦٢
٦ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في كلام
الجمادات وغيرها . وفيه : ثمانية أحاديث .............................................................. ٦٦
٧ ـ فصل : في بيان آياته من كلام
البهائم وفي كلام الطفل الذي لم يبلغ حين الكلام . وفيه : تسعة أحاديث .................................... ٧١
٨ ـ فصل : في بيان ما يقرب من ذلك من
كلام الذراع والشاة
المسمومة . وفيه : أربعة أحاديث ............................................ ٨٠
٩ ـ فصل : في ظهور آياته من درور اللبن
من ضرع الشاة التي ما بها لبن . وفيه : ثلاثة أحاديث .................................................. ٨٤
١٠ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في
الاستسقاء وإظلال السحاب عليه وغيره . وفيه : خمسة أحاديث .......................................... ٨٨
١١ ـ فصل : في ظهور آياته في طاعة الشجر
والحجر له . وفيه : ثمانية أحاديث .............................................................. ٩١
١٢ ـ فصل : في ظهور آياته في إحياء
الموتى . وفيه : ثلاثة أحاديث .......... ٩٤
١٣ ـ فصل : في ظهور آياته في ظهور النور
. وفيه : ستة أحاديث ............ ٩٧
١٤ ـ فصل : في بيان ظهور آياته من الإِخبار
بالغائبات . وفيه : ستة أحاديث .................................................................. ١٠٠
١٥ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في معان
شتى . وفيه : أربعة عشر حديثاً .................................................................... ١٠٧
الباب الثاني
في بيان معجزات الأنبياء التي ذكرها
الله تعالى في القرآن وبيان فضائلهم ، وما جعله الله تعالى لأهل بيت نبينا عليه وعليهم السلام مما يضاهيها ويشاكلها ويدانيها . وفيه : أحد عشر فصلاً ................... ١١٥
١ ـ فصل : في ذكر آدم . وفيه : اثنا عشر
حديثاً .......................... ١١٧
٢ ـ فصل : في ذكر نوح وهود وصالح . وفيه
: خمسة أحاديث .............. ١٢٥
٣ ـ فصل : في ذكر إبراهيم خليل الله .
وفيه : سبعة أحاديث ............... ١٣٦
٤ ـ فصل : في بيان آيات إسماعيل مما
ذكره الله تعالى في القرآن . وفيه : حديثان ............................................................ ١٤٥
٥ ـ فصل : في ذكر آيات يوسف . وفيه :
حديثان ......................... ١٤٧
٦ ـ فصل : في ذكر آيات أيوب (ع) ...................................... ١٥٠
٧ ـ فصل : في بيان ذكر كليم الله موسى .
وفيه : ثلاثة عشر حديثاً ........ ١٥٢
٨ ـ فصل : في بيان آيات داود مما ذكره
الله تعالى في القرآن .
وفيه : أربعة أحاديث ...................................................... ١٦٤
٩ ـ فصل : في بيان معجزات نبي الله
سليمان في القرآن . وفيه : أربعة عشر حديثاً ......................................................... ١٧٠
١٠ ـ فصل : في ظهور آيات آصف بن برخيا
وصي سليمان بن داود مما ذكره الله تعالى في القرآن . وفيه : حديث واحد ......................... ١٨٥
١١ ـ فصل : في بيان آيات روح الله عيسى
بن مريم مما ذكره الله تعالى في القرآن . وفيه : أربعة وعشرون حديثاً .............................. ١٩٥
الباب الثالث
في ذكر معجزات أمير المؤمنين وسيد
الوصيين علي بن أبي طالب (ع) . وفيه : تسعة فصول ................................................ ٢٢٣
١ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في إحياء
الموتى . وفيه : أربعة أحاديث .................................................................. ٢٢٥
٢ ـ فصل : في بيان ظهور آياته مما رؤي
في المنام ثم ظهر حكمه في اليقظة من تغيير صور أعدائه وقتلهم . وفيه : ثمانية أحاديث ................ ٢٢٩
٣ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في
الأشجار . وفيه : أربعة أحاديث ........ ٢٤٤
٤ ـ فصل : في بيان ظهور آياته مع الحيات
. وفيه : أربعة أحاديث .......... ٢٤٧
٥ ـ فصل : في بيان ظهور آياته مع الأسد
. وفيه : ثلاثة أحاديث .......... ٢٥٠
٦ ـ فصل : في بيان ظهور آياته مع الشمس
. وفيه : ثلاثة أحاديث ......... ٢٥٣
٧ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في إقدار
الله تعالى إياه على ما لم يقدر عليه غيره . وفيه : أربعة أحاديث .................................... ٢٥٧
٨ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في الإِخبار
بالغائبات . وفيه : ستة أحاديث .................................................................. ٢٦١
٩ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في أشياء
شتى . وفيه : اثنا عشر حديثاً .................................................................... ٢٦٩
الباب الرابع
في آيات سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)
. وفيه : ستة فصول .............. ٢٨٣
١ ـ فصل : في ذكر آياتها وهي في بطن
أمها . وفيه : حديثان .............. ٢٨٥
٢ ـ فصل : في بيان آياتها بإنزال الملك
من السماء بتزويجها . وفيه : حديث واحد ...................................................... ٢٨٨
٣ ـ فصل : في بيان آياتها مع الرحى .
وفيه : ثلاثة أحاديث ................ ٢٩٠
٤ ـ فصل : في بيان ظهور آياتها مع القدر
والنار . وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٢٩٣
٥ ـ فصل : في بيان آياتها فيما أنزل
عليها من السماء . وفيه : ثلاثة أحاديث .................................................................. ٢٩٥
٦ ـ فصل : في ظهور آياتها في غليان
القدر بغير نار . وفيه : حديثان .................................................................. ٣٠١
الباب الخامس
في بيان آيات السبط الزكي أبي محمد
الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) . وفيه : سبعة فصول ................................................ ٣٠٣
١ ـ فصل : في بيان آياته في إحياء
الموتى . وفيه : حديث واحد ............. ٣٠٥
٢ ـ فصل : في بيان ظهور آياته فيما
يشاكل ذلك . وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٣٠٦
٣ ـ فصل : في بيان ظهور آياته من إخراج
التمر من الشجر اليابس بإذن الله تعالى . وفيه : حديث واحد ...................................... ٣٠٨
٤ ـ فصل : في ظهور آياته من إظهار بعض
حكم القيامة وأحوالها في الدنيا . وفيه : حديث واحد ............................................... ٣١٠
٥ ـ فصل : في بيان آياته في انقلاب
الرجل امرأة والامرأة رجلاً . وفيه : حديث واحد ............................................................. ٣١١
٦ ـ فصل : في بيان آياته فيما أعطاه
جبرئيل من فاكهة الجنة . وفيه :
حديث واحد ............................................................. ٣١٢
٧ ـ فصل : فيما ظهر من آياته من الإِخبار
بالغائبات . وفيه : أربعة أحاديث .................................................................. ٣١٤
الباب السادس
في بيان آيات السبط الشهيد أبي عبد الله
الحسين علي (ع) . وفيه : عشرة فصول ............................................................. ٣٢١
١ ـ فصل : في ظهور آياته من إحضار النبي
ومن ظهور آياته بعد موت رسول الله . وفيه : حديث واحد ........................................... ٣٢٢
٢ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في إبراء
الأبرص . وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٣٢٤
٣ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في اسوداد
الشعر بعد ما ابيض . وفيه : حديث واحد ...................................................... ٣٢٦
٤ ـ فصل : في ظهور آياته مع الماء .
وفيه : ثلاثة أحاديث ................. ٣٢٧
٥ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في إظهار
موضع قبره بكربلاء لأم سلمة . وفيه : حديث واحد .............................................. ٣٣٠
٦ ـ فصل : في بيان ظهور آياته بعد الموت
. وفيه : أحد عشر حديثاً ....... ٣٣٣
٧ ـ فصل : في بيان آياته مع فطرس الملك
. وفيه : حديث واحد ........... ٣٣٨
٨ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في إجابة
الدعاء . وفيه : ثلاثة أحاديث .................................................................. ٣٤٠
٩ ـ فصل : في بيان ظهور آياته من الإِخبار
بالغائبات . وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٣٤٢
١٠ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في معان
شتى . وفيه : حديثان ........... ٣٤٤
الباب السابع
في ذكر آيات زين العابدين علي بن الحسين
(ع) . وفيه : ثمانية فصول .................................................................... ٣٤٧
١ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في إنطاق
الله تعالى الحجر الأسود حجة له . وفيه : حديث واحد ............................................ ٣٤٩
٢ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في إحياء
الموتى . وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٣٥١
٣ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في
استلانة الغل من الحديد في يده . وفيه : حديث واحد ................................................ ٣٥٣
٤ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في كون
النبي معه . وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٣٥٥
٥ ـ فصل : في بيان ظهور آياته فيما صلى
عليه أهل السماوات والأرض .................................................................. ٣٥٦
٦ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في طاعة
الوحش له والتماسهم منه الحاجة . وفيه : حديثان ................................................... ٣٥٨
٧ ـ فصل : في بيان ظهور آياته من الإِخبار
بالغائبات . وفيه : خمسة أحاديث .................................................................. ٣٦٠
٨ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في معان
شتى . وفيه : حديث واحد ........ ٣٦٥
الباب الثامن
في ذكر آيات أبو جعفر محمد بن علي .
وفيه : سبعة فصول ............... ٣٦٧
١ ـ فصل : في بيان ظهور آياته من إحياء
الموتى . وفيه : ثلاثة أحاديث .................................................................. ٣٦٩
٢ ـ فصل : في بيان ظهور آياته من إبراء
الأعمى . وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٣٧٣
٣ ـ فصل : في ظهور آياته صلوات الله
عليه في خروج الثمر من الشجرة اليابسة . وفيه : حديث واحد ..................................... ٣٧٤
٤ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في العنب
واللباس . وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٣٧٥
٥ ـ فصل : في بيان ظهور آياته فيما رأى
من ملكوت السماء . وفيه : حديث واحد ............................................................. ٣٧٧
٦ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في الإِخبار
عن الغائبات . وفيه : ثمانية أحاديث ............................................................ ٣٧٨
٧ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في معان
شتى . وفيه : حديثان ............. ٣٨٨
الباب التاسع
في ذكر دلالات الإِمام الصادق جعفر بن
محمد (ع) . وفيه : أربعة فصول .................................................................... ٣٩٣
١ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في إحياء
الموتى . وفيه : خمسة أحاديث .................................................................. ٣٩٥
٢ ـ فصل : في بيان ظهور آياته فيما أخبر
به في حديث النفس . وفيه : ثمانية أحاديث ...................................................... ٤٠١
٣ ـ فصل : في بيان آياته من الإِخبار
بالغائبات . وفيه : سبعة عشر حديثاً .................................................................... ٤٠٤
٤ ـ فصل : في بيان آياته ومعجزاته في
معان شتى . وفيه : إثنا عشر حديثاً .................................................................... ٤١٥
الباب العاشر
في ذكر معجزات الإِمام موسى بن جعفر (ع)
. وفيه : ستة فصول .......... ٤٢٩
١ ـ فصل : في ظهور آياته في إحياء
الموتى . وفيه : حديثان ................ ٤٣١
٢ ـ فصل : في بيان ظهور آياته ومعجزاته
من كلامه في المهد . وفيه : حديث واحد ...................................................... ٤٣٣
٣ ـ فصل : في بيان ظهور آياته من الإِخبار
عن آجال الناس وفيه : ستة أحاديث ............................................................. ٤٣٤
٤ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في إخباره
عن حديث النفس وفيه : خمسة أحاديث ..................................................... ٤٣٧
٥ ـ فصل : في ظهور آياته في الإِخبار
بالمغيبات . وفيه : ستة أحاديث .................................................................. ٤٤٧
٦ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في معان
شتى . وفيه : أحد عشر حديثاً .................................................................... ٤٥٥
الباب الحادي عشر
في ذكر معجزات الإِمام أبو الحسن علي بن
موسى الرضا (ع) . وفيه : تسعة فصول ....................................................... ٤٦٥
١ ـ في بيان ظهور آياته في الاستسقاء .
وفيه : حديث واحد ............... ٤٦٧
٢ ـ فصل : في بيان ظهور آياته ومعجزاته
فيما جعل الله تعالى الصورتين أسدين . وفيه : حديث واحد .................................... ٤٦٩
٣ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في قلب
الحجر ذهباً . وفيه : حديثان .................................................................. ٤٧٣
٤ ـ فصل : في بيان ظهور آياته من العلم
بحديث النفس . وفيه : سبعة أحاديث ............................................................ ٤٧٥
٥ ـ فصل : في بيان ظهور آياته تجري مجرى
تلك . وفيه : حديثان .......... ٤٧٩
٦ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في الإِخبار
بآجال الناس . وفيه : خمسة أحاديث ........................................................... ٤٨١
٧ ـ فصل : في بيان آياته فيما أخبر به
مما رآه في المنام . وفيه : حديثان .................................................................. ٤٨٣
٨ ـ فصل : في بيان آياته في الإِخبار
بالمغيبات . وفيه : عشرة أحاديث .................................................................. ٤٨٦
٩ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في معان
شتى . وفيه : سبعة أحاديث .................................................................. ٤٩٥
الباب الثاني عشر
في بيان آيات أبو جعفر محمد بن علي
التقي (ع) . وفيه : عشرة
فصول .................................................................... ٥٠١
١ ـ فصل : في بيان ظهور آياته ومعجزاته
في إحياء الموتى . وفيه : حديث واحد ............................................................. ٥٠٣
٢ ـ فصل : في بيان ظهور آياته فيما كلم
في المهد . وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٥٠٤
٣ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في كمال
عقله في سن الأطفال . وفيه : حديث واحد ...................................................... ٥٠٥
٤ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في كلام
العصا في يده وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٥٠٨
٥ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في قطع
المسافة وفيه : ثلاثة أحاديث .................................................................. ٥٠٩
٦ ـ فصل : في بيان ظهور آياته مع الشجرة
. وفيه : حديث واحد .......... ٥١٢
٧ ـ فصل : في بيان ظهور آياته من العلم
بحديث النفس . وفيه : أربعة أحاديث ............................................................ ٥١٣
٨ ـ فصل : في بيان ظهور آياته من العلم
بالآجال . وفيه : ثلاثة أحاديث .................................................................. ٥١٥
٩ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في الإِخبار
بالغائبات . وفيه : ثمانية أحاديث .................................................................. ٥١٧
١٠ ـ فصل : في ظهور آياته في معان شتى .
وفيه : اثنا عشر حديثاً ........ ٥٢١
الباب الثالث عشر
في آيات أبو الحسن علي النقي . وفيه :
ستة فصول ........................ ٥٢٧
١ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في إحياء
الموتى . وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٥٢٩
٢ ـ فصل : في بيان ظهور آياته مع الماء
والشجر . وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٥٣١
٣ ـ فصل : في بيان معجزاته في الحجر
والرمل . وفيه : ثلاثة أحاديث .................................................................. ٥٣٢
٤ ـ فصل : في بيان ظهور آياته في الإِعلام
عن آجال الناس . وفيه : سبعة أحاديث ............................................................ ٥٣٤
٥ ـ فصل : في ظهور آياته من الإِخبار
بالغائبات . وفيه : ستة أحاديث .................................................................. ٥٣٨
٦ ـ فصل : في ظهور آياته في معان شتى .
وفيه : سبعة عشر حديثاً ........ ٥٤٢
الباب الرابع عشر
في ذكر آيات أبو محمد الحسن بن علي
العسكري . وفيه : أربعة فصول .................................................................... ٥٥٩
١ ـ فصل : في بيان ظهور آياته (ع) في
الحصى . وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٥٦١
٢ ـ فصل : في بيان ظهور آياته (ع) من
الاخبار بحديث النفس . وفيه : أربعة عشر حديثاً .................................................. ٥٦٤
٣ ـ فصل : في بيان آياته (ع) في الإِخبار
بالمغيبات . وفيه : اثنا عشر حديثاً .............................................................. ٥٧٢
٤ ـ فصل : في بيان ظهور آياته (ع) في
معان شتى . وفيه : أربعة أحاديث .................................................................. ٥٧٩
الباب الخامس عشر
في ذكر آيات صاحب الزمان الخلف الصالح
المنتظر المهدي (عج) . وفيه : خمسة فصول ............................................... ٥٨٣
١ ـ فصل : في بيان ظهور آياته (ع) في
حال ولادته وبعدها . وفيه : حديثان .................................................................. ٥٨٤
٢ ـ فصل : في بيان ظهور آياته (ع) في
حال طفولته . وفيه : حديث واحد ..................................................................... ٥٨٥
٣ ـ فصل : في بيان ظهور آياته (ع) من
الإِخبار بآجال الناس . وفيه : حديثان ............................................................ ٥٩٠
٤ ـ فصل : في بيان ظهور آياته (ع) من
الإِخبار بالغائبات . وفيه : ستة عشر حديثاً .......................................................... ٥٩٤
٥ ـ فصل : في بيان ظهور آياته (ع) في
معان شتى . وفيه : عشرة أحاديث .................................................................. ٦٠٥
|