بمناسبة مرور قرنين على وفاة العلامة الكبير

والمحقق النحرير والرجالي الشهير

أبى علي الحائري

( ١١٥٩ ـ ١٢١٦ هـ )



المقدمة‌

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‌

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل بريّته محمّد المصطفى 6 ، الذي أرسله بالهدي ودين الحقّ ، ليستنقذ النّاس من تيه الضّلالة وحيرة الجهالة.

والصّلاة والسّلام على الأئمّة المعصومين الطّاهرين ، والهداة المهديّين ، الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، حملة علوم النبوّة ، وهداة هذه الأمّة ما دجا ليل وأضاء نهار ، سيّما ناموس الدّهر ، وبقيّة آل الله ، إمام العصر والزّمان ، الحجّة ابن الحسن ، عجّل الله تعالى فرجه الشّريف ، وجعلنا من كلّ مكروه فداه.

وبعد :

فإنّ من البديهي بمكان القول بأنّ المدرسة الإسلاميّة وعبر قرونها الماضية ، قد توسّعت آثارها ومعالمها ، وانتشرت طرقها وأبعادها للوصول إلى أقصى معالم المعرفة ، وأعلى درجات السمو ، نظرا لتوسع حاجة البشريّة إليها‌


مع مرور الأيّام والدّهور.

كما انّه ونتيجة للتطوّر الحاصل في كلّ فنّ وعلم ، كعلم الفقه ، والأصول ، والتفسير ، والكلام ، والعربيّة ، والدراية ، والرجال. فقد أصبح لكلّ علم من هذه العلوم مباحثه ، ومبانيه ، وأبعاده ومدرسته الخاصّة به.

ومن هنا وكنتيجة منطقية لوجود الترابط الموضوعي ـ المتفاوت بين التلازم البيّن والواضح ، وبين التشابك الفرعي الدقيق ـ بين الكثير من هذه العلوم ، فإنّا نجد أنّ الكثير من علمائنا الأبرار ـ قدّس الله أرواحهم ـ ومنذ العصور الاولى لانتشار المعرفة الإسلاميّة وإلى يومنا هذا ، قد اغترفوا من كلّ علم قدرا ، وقضوا فيه وطرا ، مرتشفين من معينة العذب المتمثل بمدرسة أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين ، ممتثلين لقوله تبارك وتعالى : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (١).

وكذا لقول الناطق الأمين ، الذي لا ينطق عن الهوى الرّسول الأكرم 6 : « من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنّة ، فإنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به » (٢).

ولقول وصيّ الأولياء ، ووارث علم الأنبياء ، أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه أفضل الصّلاة والسّلام : « الشاخص في طلب العلم كالمجاهد في سبيل الله » (٣).

إلى غير ذلك من النّصوص المختلفة سواء من الآيات الكريمة أو‌

__________________

(١) التوبة : ١٢٣.

(٢) أمالي الصدوق : ٥٨ / ٩.

(٣) بحار الأنوار ١ : ١٧٩ / ٦٢.


الروايات المستفيضة عن الصّادقين سلام الله عليهم أجمعين ، ممّا لا تعدّ ولا تحصى ، تشيد بفضل العلم والعلماء وتحثّ على طلبه والتأكيد عليه ، حتّى جعل طلبه فريضة ـ كباقي الفرائض ـ كما في قول النبيّ 6 : « طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة » (١).

ثمّ إنّه ليس يخاف على أحد أنّ أشرف هذه العلوم وأفضلها علم الفقه ، إذ بواسطته تشخّص وتحفظ أوامر السماء ونواهيها ، وذلك بالرجوع إلى المصادر الاولى لهذه الأحكام ، وهي الأدلّة الأربعة التي منها السنّة المطهّرة ، والتي تعدّ المصدر الثاني في التشريع بعد كتاب الله تبارك وتعالى.

ولما كانت السنّة بما فيها قول المعصوم أو فعله أو تقريره على هذه الأهمية العظيمة والخطيرة ، فكان لا بدّ من إحراز صدورها عنهم : ـ بطريق علمي أو وجداني ـ من خلال الاطمئنان الكامل بصحّة سند الروايات التي بطبعها تكون حاكية عنها.

وهذا بالطبع لا يتيسّر لكلّ مستنبط إلاّ إذا كانت له إحاطة تامّة برجال السند ، وهل أنّهم أهل للاعتماد على نقلهم والاطمئنان بصحة منقولاتهم أم لا.

إنّ الاستقراء العلمي في المدونات الرجالية التي تزدان بها المكتبة الإسلامية يظهر بوضوح أنّ هناك في طرق الأخبار المدوّنة في المجاميع الحديثيّة رجالا موثوقا بهم ، يعتمد عليهم في مقام النقل.

وهناك من طعن فيهم ، بحيث لا يعتمد على نقلهم.

وآخرين لم يعلم حالهم من حيث الاعتماد وعدمه ، وهم المشار إليهم بالمجاهيل الذين ينظر في أمرهم ، وأنّهم هل يدخلون في الطائفة الأولى أو‌

__________________

(١) عوالي اللآلي ٤ : ٧٠ / ٣٦.


الثانية. وهذا أمر نسبيّ ينقاد إلى سعي المستنبط واجتهاده ، فلربما تتوافر لديه جملة من القرائن والشواهد التي تعزز الثقة ببعض الرواة فيعتمد نتيجة ذلك على مروياته أو يكون العكس من ذلك فتطرح ، وإلى غير ذلك ممّا هو مذكور في محلّه.

ولا غرابة من ذلك ، فالكثير من الشواهد والأدلة القاطعة قد أظهرت جملة من الكذّابين والوضّاعين الذين تلاعبوا في الحديث حسب ما تقتضيه مصالح ساستهم وأولياء أمورهم خصوصا بعد الانحراف التاريخي الذي حصل بعد وفاة الرّسول 6 ، بل وقد حذّر القرآن وأعلن ذلك بصراحة ووضوح حيث قال الله تبارك وتعالى :

( وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشّاكِرِينَ ) (١).

ولعلّ أوّل من نبّه على هذا الأمر وعلى خطورته ، وعلى الحاجة الماسة إلى هذا العلم ـ أعني علم الرّجال ـ هو الرّسول الأكرم 6 حيث قال : « ستكثر بعدي القالة عليّ » (٢).

وقد فصّل الكلام والبحث مولانا أمير المؤمنين 7 حين سأله سليم بن قيس الهلاليّ الكوفيّ قائلا : إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذرّ شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن النبيّ 6 غير ما في أيدي النّاس ، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم.

ورأيت في أيدي النّاس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث‌

__________________

(١) آل عمران : ١٤٤.

(٢) المعتبر ـ المقدّمة ـ : ١ / ٢٩.


عن نبيّ الله 6 أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أنّ ذلك كلّه باطل. أفترى النّاس يكذبون على رسول الله 6 متعمّدين؟! ويفسّرون القرآن بآرائهم؟! قال : فأقبل عليّ فقال : « قد سألت ، فافهم الجواب :

إنّ في أيدي النّاس حقّا وباطلا ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وعامّا وخاصّا ، ومحكما ومتشابها ، وحفظا ووهما ، وقد كذب على رسول الله 6 على عهده حتّى قام خطيبا فقال :

أيّها النّاس ، قد كثرت عليّ الكذّابة ، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار.

ثمّ كذب عليه من بعده.

وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس :

رجل منافق يظهر الايمان ، متصنّع بالإسلام ، لا يتأثّم ولا يتحرّج أن يكذب على رسول الله 6 متعمّدا. فلو علم النّاس أنّه منافق كذّاب لم يقبلوا منه ، ولم يصدّقوه ، ولكنّهم قالوا : هذا قد صحب رسول الله 6 ورآه وسمع منه ، وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله.

وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ، ووصفهم بما وصفهم ، فقال عزّ وجلّ :

( وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ) (١).

ثمّ بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضّلالة ، والدعاة إلى النّار ، بالزّور والكذب والبهتان ، فولّوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب النّاس ، وأكلوا‌

__________________

(١) المنافقون : ٤.


بهم الدّنيا.

وإنّما النّاس مع الملوك والدّنيا ، إلاّ من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول الله شيئا لم يحمله على وجهه ، ووهم فيه ، ولم يتعمّد كذبا ، فهو في يده يقول به ويعمل به ويرويه ، فيقول : أنا سمعته من رسول الله 6.

فلو علم المسلمون أنّه وهم لم يقبلوه ، ولو علم هو أنّه وهم لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول الله 6 شيئا أمر به ، ثمّ نهى عنه وهو لا يعلم. أو سمعه ينهى عن شي‌ء ثمّ أمر به ، وهو لا يعلم.

فحفظ منسوخه ولم يحفظ النّاسخ ، ولو علم أنّه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه.

وآخر رابع لم يكذب على رسول الله 6 ، مبغض للكذب خوفا من الله ، وتعظيما لرسول الله 6 ، لم ينسه (١) بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به كما سمع ، لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم النّاسخ من المنسوخ ، فعمل بالنّاسخ ورفض المنسوخ. » (٢).

إلى آخر كلامه سلام الله عليه. نقلناه إلى هنا لما فيه من فوائد وأبعاد ومعاني للمجتمع الذي كان في زمن النبيّ 6 وبعد زمانه.

ولا يسعنا هنا التعرّض بالتفصيل لإيراد القرائن والدلائل المثبتة لظهور‌

__________________

(١) لم يسه ، خ. ل.

(٢) أصول الكافي ١ : ٥٠ / ١ ، باب اختلاف الحديث.


حالة الكذب ووضع الأحاديث على الرسول الأكرم 6 أو آله الأطهار ، وبإشكال وكيفيّات مختلفة ، تعرّض لها علماؤنا الأبرار 4 تعالى برحمته الواسعة ، واستنادا إلى التصريحات الواضحة الصادرة عن أهل بيت العصمة : ، والمحذرة من الوقوع في هذه المزالق الخطرة والمتشابكة.

بيد أنّ وضوح هذا الأمر لم يثن البعض ـ وذلك ممّا يؤسف له ـ عن التحرز في الأخذ من جميع الصحابة أو التابعين ، دون تمحيص وتدقيق ، متذرعا بحجة عدالة جميع الصحابة الباطلة ، والمتفتقة عنها أذهان المتزلفين والمتحلّقين حول موائد السلطة الأموية في محاولة لتبرير فساد معاوية ومن لفّ لفه وطرحه قبالة الخط النبوي السليم المتمثل بأهل بيته : ، فاكتظت الكثير من مصادر أولئك بالجم الوفير من تلك الأحاديث الموضوعة والمكذوبة على رسول الله 6 ، اعتمادا على تلك الاطروحة السقيمة ، والدعوى الباطلة.

والاستقراء السريع لآراء علماء العامة يظهر جليا التبني الغريب لهذا الأمر الواضح السقوط من قبل رجال الحديث ، ورواة الأخبار ، وسريانه على معتقدات الفرقة وعقائدها.

فهذا ابن حجر العسقلاني يقول في الإصابة : اتّفق أهل السنّة على أنّ الجميع عدول ، ولم يخالف في ذلك إلاّ شذوذ من المبتدعة (١).

بل ذهب الخطيب البغدادي في الكفاية في علم الدراية إلى أنّهم أرفع بكثير من هذه المنزلة ، حيث قال : إنّ عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل‌

__________________

(١) الإصابة : ١ / ٩ ، في بيان حال الصحابة من العدالة.


الله لهم ، وإخباره عن طهارتهم ، واختياره لهم في نصّ القرآن (١).

وقال ابن الصلاح في مقدّمته : للصحابة بأسرهم خصّيصة ، وهي أنّه لا يسأل عن عدالة أحد منهم ، بل ذلك أمر مفروغ منه ، لكونهم على الإطلاق معدّلين بنصوص الكتاب والسنّة وإجماع من يعتدّ به في الإجماع من الأمّة (٢).

وغير ذلك من المقولات الباهتة والواضحة السقوط ، وكان ذلك ممّا سبب ـ وكما ذكرنا سابقا ـ تسرّب الكثير من الموضوعات التي لا تخفى على أحد ، فأوقعت رواد العديد من تلك المدرسة بالحرج الشديد قبالة هذا الخلط الواضح ، والتنافر البيّن بين العقائد الإسلاميّة التي نادى بها رسول الله 6 ، وما يزال ينادي بها القرآن الكريم بين ظهراني هذه الأمّة ، وبين ما تطالعنا به هذه الصحاح من أخبار وروايات لصحابة وتابعين لا تخفى أسماؤهم على ذوي الخبرة والتمحيص كأبي هريرة الذي روي أنّ أمير المؤمنين 7 قال عنه :

« ألا إنّ أكذب الناس ـ أو قال : أكذب الإحياء ـ على رسول الله 6 أبو هريرة الدوسي » (٣).

وكسمرة بن جندب ، ومحمّد بن عكاشة الكرماني ، وأحمد بن عبد الله الجويباري ، وعبد الكريم بن أبي العوجاء الذي لمّا أمر محمّد بن سليمان أمير البصرة بقتله ، وأيقن بالموت ، قال : والله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث ، أحرّم فيها الحلال ، وأحلّ فيها الحرام ، ولقد فطّرتكم في يوم‌

__________________

(١) الكفاية في علم الدراية : ٤٦ ، باب ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة.

(٢) مقدّمة ابن الصلاح : ١٧٤.

(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي : ٤ / ٦٨.


صومكم ، وصوّمتكم في يوم فطركم (١).

ومن هنا لم يجد بعض رواد هذه المدرسة بدا من التصدي لتشذيب كتب العامة ـ وبالأخص ما يعرف منها بالصحاح ـ ممّا يستطيعون التعرض له من تلك الأحاديث الموضوعة والساقطة ، فكان أن وضعوا ما يقارب من الأربعين كتابا في هذا الموضوع ، منها :

ـ كتاب الأباطيل ، للحسين بن إبراهيم الجوزقاني.

ـ تذكرة الموضوعات ، لأبي الفضل المقدسي.

ـ اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ، لجلال الدين السّيوطي.

ـ المقاصد الحسنة في كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة ، للسخاوي.

ـ تمييز الطيّب من الخبيث ، لابن الربيع.

ـ الفوائد المجموعة في بيان الأحاديث الموضوعة ، لمحمّد بن يوسف ابن عليّ الشاميّ.

وغيرها من الكتب التي ألّفت في هذا الحقل.

كما أنّ هناك طائفة أخرى من الكتب التي ألّفها علماء العامّة ، وهي في الضعفاء والمجاهيل والمتروكين ، لكثرة وجودهم في طرقهم. نذكر قسما منها :

ـ الكامل في ضعفاء الرجال ، لابن عدي.

ـ كتاب المجروحين من المحدّثين والضعفاء والمتروكين ، لمحمّد بن حيّان البستي.

__________________

(١) راجع : مباحث في تدوين السنة المطهرة : ٣١.


ـ الضعفاء الكبير ، للعقيلي.

ـ الضعفاء والمتروكين ، لابن الجوزي.

ـ الجرح والتعديل ، للرازي.

وغيرها من مصنّفات القوم.

والحقّ يقال إنّ هذه التوجهات ـ رغم تأخّرها وخضوع العديد منها للمؤثرات الجانبية التي تمليها الظروف المحيطة بها ـ كانت خطوة جادة وإيجابية في تجاوز الهالة الوهمية التي اصطنعها قدماؤهم حول الصحابة عامة دون تمييز وتمحيص ، وإزالة التصور الخاطئ بصواب ما جاء في بعض كتبهم التي اسموها جزافا بالصحاح.

إلاّ أنّ الشيعة الإمامية كانوا أبصر من أن يقعوا في الشراك التي وقع فيها علماء المذاهب الإسلامية الأخرى ، إذ كانوا يهتدون بنور هدى أئمتهم المعصومين : الذين حذّروا شيعتهم من هذه المزالق الخطرة.

فإنّ أئمّتنا الأطهار سلام الله عليهم ومن أوّل يوم انتشر فيه الحديث وإلى منتصف العصر الثالث الهجري ، قد تصدّوا لهذه الظاهرة ، وأعطوا كلّ ذي حقّ حقّه ، لأنّهم ابتلوا بقوم وضّاعين من الزنادقة ، بذلوا غاية ما يسعهم في تحريف الشريعة والدسّ فيها. وكذا الوضع عليهم ، ونسبة ما لا يرونه لهم. ولذا أعلنوا التبرّي منهم ، والتنوية بأسمائهم ، لكي تمحّص وتغربل الأحاديث من الدسائس والمنكرات.

فهذا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول : « إذا حدّثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدّثكم ، فإن كان حقّا فلكم ، وإن كان كذبا فعليه » (١).

وقال الإمام أبو عبد الله الصادق 7 : « إنّا أهل بيت صدّيقون‌

__________________

(١) الكافي ١ : ٤٢ / ٧ ، باب رواية الكتب والحديث.


لا نخلو من كذّاب يكذب علينا ، ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس. » (١).

وعن الإمام أبي الحسن موسى 7 أنّه قال : « لعن الله محمّد ابن بشير وأذاقه حرّ الحديد ، إنّه يكذب عليّ ، برئ الله منه ، وبرئت إلى الله منه ، اللهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا يدّعي في ابن بشير ، اللهمّ أرحني منه ».

ثمّ قال : « يا عليّ ، ما أحد اجترأ أن يتعمّد الكذب علينا إلاّ أذاقه الله حرّ الحديد.

وإنّ بيانا كذب على عليّ بن الحسين 7 ، فأذاقه الله حرّ الحديد.

وإنّ المغيرة بن سعيد كذب على أبي جعفر 7 ، فأذاقه الله حرّ الحديد.

وإنّ أبا الخطّاب كذب على أبي ، فأذاقه الله حرّ الحديد.

وإنّ محمّد بن بشير لعنه الله يكذب عليّ ، برئت إلى الله منه. » (٢)

إلى آخره.

حتّى أنّ أصحابهم وأتباعهم الذين تأدّبوا بآدابهم واقتفوا أثرهم ونهجهم قد انتحلوا هذا الخطّ وساروا على سيرة أئمّتهم صلوات الله عليهم.

فهذا يونس بن عبد الرحمن قد سأله بعض الأصحاب ـ على ما نقل محمّد بن عيسى بن عبيد ، حيث حضر المسألة ـ فقال له :

يا أبا محمّد ، ما أشدّك في الحديث وأكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا ، فما الذي يحملك على ردّ الأحاديث؟!

__________________

(١) رجال الكشّي : ١٠٨ / ١٧٤.

(٢) رجال الكشّي : ٤٨٢ / ٩٠٩.


فقال : حدّثني هشام بن الحكم أنّه سمع أبا عبد الله 7 يقول :

« لا تقبلوا علينا حديثا إلاّ ما وافق القرآن والسنّة ، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدّمة ، فإنّ المغيرة بن سعيد لعنه الله دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي.

فاتّقوا الله ، ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا تعالى وسنّة نبيّنا 6 ، فإنّا إذا حدّثنا قلنا : قال الله عزّ وجلّ ، و: قال رسول الله 6.

قال يونس : وافيت العراق ، فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر 7. ووجدت أصحاب أبي عبد الله 7 متوافرين ، فسمعت منهم ، وأخذت كتبهم ، فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا 7 ، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبد الله 7 ، وقال لي :

إنّ أبا الخطّاب كذب على أبي عبد الله 7 ، لعن الله أبا الخطّاب ، وكذلك أصحاب أبي الخطّاب ، يدسّون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله 7 ، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن ، فإنّا إن تحدّثنا حدّثنا بموافقة القرآن ، وموافقة السنّة.

إنّا عن الله وعن رسوله نحدّث ، ولا نقول : قال فلان وفلان ، فيتناقض كلامنا.

إنّ كلام آخرنا مثل كلام أوّلنا ، وكلام أوّلنا مصادق (١) لكلام آخرنا ، فإذا أتاكم من يحدّثكم بخلاف ذلك فردّوه عليه ، وقولوا : أنت أعلم وما جئت به ،

__________________

(١) مصداق ، خ. ل.


فإنّ مع كلّ قول منّا حقيقة ، وعليه نورا ، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه ، فذلك من قول الشيطان » (١).

إلى غير ذلك من الأحاديث المتضمّنة للتحذيرات الكثيرة التي صدرت عن الأئمّة الأطهار سلام الله عليهم ، والتي تأكّد على التفحّص الكامل والتثبت الشديد والأخذ بحذر ، حتّى لا نبتلى بالأحاديث الموضوعة والمكذوبة عليهم سلام الله عليهم. وحتّى تكون كتبنا الحديثيّة أكثر نزاهة ونقاوة بالقياس إلى كتب غيرنا.

ومن هنا فإنّ المرء لا يعسر عليه إدراك الكم الوفير والغني من الكتب الرجاليّة التي صنّفها علماؤنا الأبرار ، طوال القرون السالفة وحتّى يومنا هذا ، سواء كانت مفصلة أو مختصرة ، يراد منها التحقق من وثاقة رواة الأخبار وناقليها ، وتصنيفهم ضمن المراتب الخاصة بهم ، سعيا لتنزيه السنّة المطهرة عن الكذب والدس والاختلاق.

وإنّا وبهذا الجهد المتواضع لا يسعنا المجال أن نحيط بكلّ من ألّف وما ألّف في هذا الموضوع ، إذ لا نبالغ إن ادعينا أنّ تعداد ما ألّف من الكتب الرجاليّة قد يصل إلى المئات ، حتّى أنّ الشيخ آقا بزرك الطهراني ـ ; تعالى ـ قد ألّف كتابا كاملا في هذا الموضوع سمّاه : مصفى المقال في مصنّفي علم الرّجال.

ولكن وممّا لا بدّ منه ، الإشارة إلى بعض أمّهات المصادر الرجاليّة‌ ، وحيث نقتصر هنا في هذا الموجز على أهمّ المصادر التي اعتمدها المصنّف في كتابه هذا ، توخيا للاختصار ، وتجنبا عن الإطالة والإسهاب.

١ ـ رجال الكشّي :

__________________

(١) رجال الكشّي : ٢٢٤ / ٤٠١.


لأبي عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي.

ويعتبر أحد الأصول الأربعة الرجاليّة.

ومؤلفه الكشي تلميذ العيّاشي ، وأستاذ جعفر بن قولويه ، وشيخ إجازة هارون بن موسى التلعكبري ، فهو من طبقة ثقة الإسلام الكليني المتوفّى سنة ٣٢٩ ه‍.

ويظهر من معالم العلماء لابن شهرآشوب أنّ اسم الكتاب : معرفة الناقلين عن الأئمّة الصادقين (١).

والموجود منه الآن هو ما اختاره وهذّبه ورتّبه الشيخ الطوسي سنة ٤٥٦ ه‍ ، والمعروف باسم : اختيار معرفة الرّجال ، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي 1.

وقد أملاه الشيخ على تلامذته في المشهد الغروي. وكان بدء إملائه يوم الثلاثاء السادس والعشرين من صفر سنة ٤٥٦ ه‍ ، على ما حكاه السيّد رضيّ الدين علي بن طاوس في فرج المهموم (٢).

وأمّا أصل رجال الكشّي فلا نعلم بوجوده. ولو أنّ هناك بعض الاحتمالات بوجوده في زمن العلاّمة الحلّي وابن داود ، لاختلاف بعض المنقولات فيهما عمّا هو موجود في الاختيار ، والله العالم.

٢ ـ رجال النجاشي :

أو : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة.

لأبي العبّاس أحمد بن عليّ بن أحمد بن العبّاس النجاشي الأسدي الكوفي ( ٣٧٢ ـ ٤٥٠ ه‍ ).

__________________

(١) معالم العلماء : ١٠١ / ٦٧٩.

(٢) فرج المهموم : ١٣٠.


يعدّ بحقّ عمدة الأصول الأربعة ، ومؤلفه ; تعالى يعدّ أفضل من خطّ في علم الرّجال أو نطق بفم ، حتى قيل إنّه لا يقاس بسواه ، ولا يعدل به من عداه ، بل قوله المقدّم ـ في غالب الأحيان ـ عند المعارضة على غيره من أئمّة الرّجال.

وقال عنه السيّد بحر العلوم في رجاله : وبتقديمه صرّح جماعة من الأصحاب ، نظرا إلى كتابه الذي لا نظير له في هذا الباب ، والظاهر أنّه الصواب (١) ، انتهى.

وعدّ الشيخ النوري في خاتمة مستدركة النجاشي من الاثني عشر الذين ختم بهم المشايخ (٢).

ويظهر من الكتاب في ترجمة الصدوق أنّه ألّفه بعد تأليف شيخ الطائفة لكتابة الفهرست ، حيث ورد فيه أنّ دعائم الإسلام مذكور في فهرست الشيخ الطوسي (٣).

وصرّح كذلك في ترجمة الشيخ الطوسي عند ذكر كتبه بأنّ له :

الفهرست (٤).

ويظهر من ترجمة محمّد بن عبد الملك بن محمد التبّان المتوفّى سنة ٤١٩ ه‍ ، أنّه ألّفه بعد هذا التاريخ ، وقبل وفاة السيّد المرتضى علم الهدى المتوفّى سنة ٤٣٦ ه‍ (٥).

__________________

(١) رجال السيد بحر العلوم : ٢ / ٤٦.

(٢) خاتمة مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٩٧ قال : في ذكر المشايخ الذين تنتهي إليهم الأخبار ثمّ في : ٥٠١ ذكره ثاني المشايخ.

(٣) راجع رجال النجاشي ٢ : ٣١١ / ١٠٥٠ ، طبعة دار الإضواء ، بيروت.

(٤) رجال النجاشي : ٤٠٣ / ١٠٦٨.

(٥) رجال النجاشي : ٤٠٣ / ١٠٦٩.


٣ ـ الفهرست :

لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه‍ ).

وهو أحد الأصول الأربعة الرجاليّة.

وهو فهرست يشتمل على ذكر المصنّفات والأصول ، رتّبه مؤلفه ; تعالى على حروف المعجم من الهمزة إلى الياء ، ولكنّه أهمل الترتيب في الداخل فلا هو على ترتيب الحروف ولا على الأزمنة والأوقات.

وقال في ديباجته : إذا ذكرت كلّ واحد من المصنّفين وأصحاب الأصول ، فلا بدّ من أن أشير إلى ما قيل فيه من التعديل والتجريح ، وهل يعوّل على روايته أو لا ، وأبيّن عن اعتقاده ، وهل هو موافق للحقّ أو هو مخالف له ، لأنّ كثيرا من مصنّفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة ، وإن كانت كتبهم معتمدة. إلى أن قال :

ولم أضمن أنّي استوفي ذلك إلى آخره ، فإنّ تصانيف أصحابنا وأصولهم لا تكاد تضبط ، لانتشار أصحابنا في البلدان وأقاصي الأرض ، غير أنّ عليّ الجهد في ذلك والاستقصاء فيما اقدر عليه ويبلغه وسعي ووجدي.

٤ ـ رجال الشيخ الطوسي :

له أيضا :

وهو رابع الأصول الأربعة الرجاليّة.

وقد يسمّى : كتاب الأبواب ، لأنّه مرتّب على أبواب ، يذكر فيها رجال أصحاب النبيّ 6 ، وأصحاب كلّ واحد من الأئمّة :. وفي آخره باب من لم يرو عنهم.

وقد يذكر الرّجل في بعض الأبواب الأول وفي باب من لم يرو عنهم أيضا.


وذكروا له وجوها ، منها الحكم بالتعدّد ، أخذا بالظاهر ، وغير ذلك.

وإنّ ابن داود في رجاله أوّل من جعل الرمز له ولأبوابه ، فتلقّاه من بعده الأصحاب بالقبول.

وقال الشيخ الطوسي في ديباجة الكتاب :

أمّا بعد ، فإنّي قد أجبت إلى ما تكرّر سؤال الشيخ الفاضل فيه ، من جمع كتاب يشمل على أسماء الرّجال الذين رووا عن النبيّ 6 وعن الأئمّة : من بعده إلى زمن القائم 7 ، ثمّ أذكر بعد ذلك من تأخّر زمانه عن الأئمّة : من رواة الحديث ، أو من عاصرهم ولم يرو عنهم.

وأرتّب ذلك على حروف المعجم التي أوّلها الهمزة وآخرها الياء ، ليقرب على ملتمسه ، ويسهل عليه حفظه.

وأستوفي ذلك على مبلغ جهدي وطاقتي ، وعلى مدّة ما يتّسع لي زماني وفراغي وتصفّحي. ولا أضمن أنّي أستوفي ذلك عن آخره ، فإنّ رواة الحديث لا ينضبطون ، ولا يمكن حصرهم لكثرتهم وانتشارهم في البلدان شرقا وغربا ، غير أنّي أرجو أنّه لا يشذّ عنهم إلاّ النّادر. إلى آخره.

٥ ـ خلاصة الأقوال في معرفة الرّجال :

للحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر ، المعروف : بالعلاّمة الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه‍ ).

رتّب كتابه هذا إلى قسمين :

الأوّل : فيمن يعتمد على روايته أو يترجّح عنده قبول قوله.

والثاني : فيمن يتوقّف فيه وتترك روايته ، إمّا لضعفه ، أو لاختلاف الجماعة في توثيقه وضعفه ، أو لكونه مجهولا عنده.

والظاهر أنّه أوّل من سلك هذا المنهج في الترتيب.


ألّفه في سنة ٦٩٣ ه‍ على ما صرّح به في ترجمة السيّد المرتضى علم الهدى (١).

قال في ديباجته ـ بعد نقل ما ذكرناه موجزا ـ : ولم نذكر كلّ مصنّفات الرواة ، ولا طوّلنا في نقل سيرتهم ، إذ جعلنا ذلك موكولا إلى كتابنا الكبير المسمّى بـ : كشف المقال في معرفة الرّجال ، فإنّا ذكرنا فيه كلّ ما نقل عن الرواة والمصنّفين ، ممّا وصل إلينا من المتقدّمين.

٦ ـ إيضاح الاشتباه :

له أيضا :

في ضبط تراجم الرجال ، على ترتيب حروف أوائل الأسماء ، مبيّنا فيه الحروف المركّبة منها أسماؤهم وأسماء آبائهم وبلادهم ، وذكر حركات تلك الحروف.

فرغ من تأليفه في ٢٩ ذي القعدة سنة ٧٠٧ ه‍.

٧ ـ رجال البرقي :

لأبي جعفر أحمد بن محمّد بن خالد بن عبد الرحمن الكوفي البرقي ، المتوفّى سنة ٢٧٤ أو سنة ٢٨٠ ه‍.

وقد يعبّر عنه بـ : الطبقات ، كما ذكره النجاشي.

أو : طبقات الرجال ، كما عبّر عنه الشيخ في الفهرست. لكونه مرتّبا على الطبقات بترتيب الأئمّة ، نظير رجال الشيخ الطوسي.

إلاّ أنّ النجاشي عدّله في رجاله : كتاب الطبقات ، ثمّ بعد عدهّ لكتب أخرى ذكر : كتاب الرجال.

فالظاهر أنّ له كتابين في الرجال :

__________________

(١) الخلاصة : ٩٤ / ٢٢.


الأوّل : الطبقات. وهو المعروف الآن برجال البرقي.

الثاني : كتاب الرجال. وهو غير موجود.

ذكر في كتابه أوّلا أصحاب النبيّ 6 ، ثمّ أصحاب أمير المؤمنين 7 ، ثمّ الامام الحسن ، ثمّ الامام الحسين ، إلى آخر الأئمّة الاثني عشر.

ويذكر في أصحاب كلّ إمام أوّلا الذين أدركوا الإمام السابق عليه أيضا ، ثمّ الذين نشأوا في عصر هذا الامام.

٨ ـ رجال ابن داود :

للشيخ تقيّ الدين أبي محمّد الحسن بن عليّ بن داود الحلّي ( ٦٤٧ ـ المتوفّى بعد سنة ٧٠٧ ه‍ ).

رتّب كتابه هذا ـ كما قال ـ إلى جزءين :

الجزء الأوّل : في ذكر الممدوحين ، ومن لم يضعّفهم الأصحاب فيما علمته. أو المختصّ بالموثّقين والمهملين.

الجزء الثاني : المختصّ بالمجروحين والمجهولين.

وقال في ديباجته : رتّبته على حروف المعجم في الأوائل والثواني فالآباء ، على قاعدة تقود الطالب إلى بغيته ، وتسوقه إلى غايته ، من غير طول وتصفّح للأبواب ، ولا خبط في الكتاب.

وضمّنته رموزا تغني عن التطويل ، وتنوب عن الكثير بالقليل ، وبيّنت فيها المظانّ التي أخذت منها ، واستخرجت عنها.

ثمّ أخذ في ذكر الرموز التي استعملها في الكتاب ، وقال :

وهذه لجّة لم يسبقني أحد من أصحابنا رضي الله عنهم إلى خوض غمرها ، وقاعدة أنا أبو عذرها ، فالله تعالى يوفّقني لإتمام المرام ، ويجعله وسيلة إلى دار السلام ، بمحمّد وآله الكرام.


٩ ـ معالم العلماء :

في فهرست كتب الشيعة وأسماء المصنّفين منهم قديما وحديثا.

لرشيد الدين أبي عبد الله محمّد بن عليّ بن شهرآشوب المازندراني السروي ، المتوفّى سنة ٥٨٨ ه‍.

وهو تتمّة لكتاب فهرست الشيخ الطوسي.

قال : وزدت فيه نحوا من ستمائة (١) مصنّف ، وأشرت إلى المحذوف من كتابه ، وإن كانت الكتب لا تعدّ ولا تحدّ.

وذكر في آخره بعض شعراء أهل البيت : ، وجعلهم أربع طبقات : المجاهرون ، والمقتصدون ، والمتّقون ، والمتكلّفون.

١٠ ـ فهرست أسماء علماء الشيعة ومصنّفيهم :

للشيخ منتجب الدين أبي الحسن عليّ بن عبيد الله بن بابويه الرازي المتوفّى بعد سنة ٥٨٥ ه‍.

وهذا الفهرست تتميم وتكملة لفهرست الشيخ الطوسي.

أورد فيه المتأخّرين عن الشيخ الطوسي ، أو معاصريه غير المذكورين في فهرسته ، كما صرّح به في أوّله.

فقد أرّخ فيه لأكثر من سبعمائة علم من أعلام عصر أبي جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي المتوفّى سنة ٤٦٠ ه‍ ، حتّى عصره.

وهذه الفترة تقلّ فيها مصادر التراجم ، ولذا أصبح هذا الفهرست ـ مع شدّة اختصاره ـ موضعا لعناية المؤلّفين في هذا الموضوع.

١١ ـ رجال العقيقي :

للشريف أبي الحسن عليّ بن أحمد بن عليّ بن محمّد بن جعفر‌

__________________

(١) ثلاثمائة ، خ. ل.


الحجّة بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر ابن الامام السجّاد 7 ( بين القرن الثالث والرابع الهجري ).

ذكره الشيخ في الفهرست ، وينقل عنه النجاشي أيضا كما في ترجمة زياد بن عيسى (١).

ويكثر النقل عنه العلاّمة في الخلاصة ، وكذلك ابن داود.

١٢ ـ التحرير الطاووسي :

للشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن ابن الشيخ زين الدين بن عليّ ابن أحمد العاملي الجبعي ( ٩٥٩ ـ ١٠١١ ه‍ ).

المستخرج من كتاب : حلّ الإشكال في معرفة الرّجال ، للسيّد أحمد ابن موسى بن طاوس ، المتوفّى سنة ٦٧٣ ه‍.

وقد عمد الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني ـ الذي وصل إليه الكتاب كاملا بالإرث من أبيه ، حيث كان موجودا عنده ـ إلى هذا الكتاب واستخرج منه ما كان حرّره السيّد فيه من كتاب : اختيار الرّجال ، للكشّي ، وسماه : التحرير الطاووسي.

وعمد إليه أيضا الشيخ عبد الله التستري ، المتوفّى سنة ١٠٢١ ه‍ ، فاستخرج منه ما أدرجه السيّد فيه من كتاب : الرجال الضعفاء ، المنسوب لابن الغضائري ، وهو الموجود الآن من كتاب ابن الغضائري.

١٣ ـ الرجال الكبير :

المعروف بـ : منهج المقال في تحقيق أحوال الرّجال.

للميرزا محمّد بن عليّ بن إبراهيم الفارسي الأسترآبادي ، المتوفّى سنة ١٠٢٨ ه‍.

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٧٠ / ٤٤٩.


وهو صاحب الكتب الثلاثة في الرجال : الكبير « منهج المقال » ، والوسيط « تلخيص الأقوال » ـ وقد ينقل عنه المصنّف أيضا في كتابه ـ والصغير الموسوم بـ « الوجيز ».

وقد قسّم المصنّف كتابه الكبير إلى ثلاثة أجزاء ، فرغ من جزئه الأول سنة ٩٨٤ ه‍ ، ومن الثاني سنة ٩٨٥ ه‍ ، ومن الثالث سنة ٩٨٦ ه‍.

وقد ذكر الشيخ آقا بزرك الطهراني في الذريعة (١) أنّ للكتاب الكبير حواش كثيرة عليه ـ وقد عدّ منها ثمانية ـ نظرا لأهمية الكتاب وشموله.

وقال عنه أبو علي الحائري في ديباجة كتابه منتهى المقال :

لمّا كان كتاب « منهج المقال في أحوال الرّجال » الذي ألّفه العالم العامل ، والفاضل الكامل ، الورع التقيّ ، والمقدّس الزكيّ ، مولانا آميرزا محمّد الأسترآبادي قدّس الله فسيح تربته ، وأسكنه بحبوحة جنّته ، كتابا شافيا لم يعمل مثله في الرّجال ، وجامعا وافيا بجميع المذاهب والأقوال. ثمّ ذكر ما يتعلّق بتعليقة أستاذه الوحيد البهبهاني.

ثمّ قال :

رأيت أن أؤلّف زبدة وجيزة ، بل تحفة عزيزة ، أذكر فيها مضمون الكتابين ، وملخّص المؤلّفين ، بأن أذكر ملخّص ما ذكره الميرزا ; ، ثمّ ملخّص ما أفاده الأستاذ العلاّمة دام علاه ،. إلى آخر كلامه.

١٤ ـ تعليقة منهج المقال :

ويعبّر عنها بـ : التعليقة البهبهانيّة.

للآقا محمّد باقر بن محمّد أكمل الوحيد البهبهاني ( ١٦ / ١١١٨ ـ ١٢٠٥ ه‍ ).

__________________

(١) الذريعة : ٦ / ٢٢٥.


وهي شرح لطيف مفيد لكتاب منهج المقال للميرزا الأسترآبادي ، ابتدأها بخمس فوائد رجاليّة.

قال المصنّف في ديباجة كتابه « منتهى المقال » ـ إذ أنّه نقل معظم نكات التعليقة في كتابه ـ : وكذا الحاشية التي علّقها عليها استاذنا العالم العلاّمة ، وشيخنا الفاضل الفهّامة ، جامع المعقول والمنقول ، حاوي الفروع والأصول ، مؤسّس ملّة سيّد البشر في رأس المائة الثانية عشر ، الأجلّ الأفضل الأكمل ، مولانا وملاذنا الآقا محمّد باقر بن محمّد أكمل ، لا زال ملجأ للخواصّ والعوام ، إلى قيام من عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام.

فإنّها حوت خرائد لم يفضّ ختامها الفحول من الرّجال ، بل لم يجسر لكشف نقابها أعاظم أولئك الأبدال. فلله درّة دام ظلّه ، لقد رفع نقابها ، وكشف حجابها ، بحيث لم يترك مقالا لقائل ، ولا نصالا لصائل ، كيف لا ، وهو مصداق المثل السائر : وكم ترك الأوّل للآخر.

١٥ ـ بلغة المحدثين :

للشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي ، المعروف بالمحقّق البحراني ( ١٠٧٠ ـ ١١٢١ ه‍ ).

وهو على غرار الوجيزة للعلاّمة المجلسي ، في بيان ما يختاره من أحوال الرجال ثقة وضعفا ، من دون ذكر أيّ تفصيل.

قال في مقدّمته : فعنّ بخلدي أن أكتب رسالة وجيزة في تحقيق أحوال الرجال ، وأطوي فيها كشحا عن القيل والقال ، واقتصر على بيان ما اتّضح لي من أحوالهم ، غير متعرّض لاختلاف الأصحاب وأقوالهم ، ولا للضعفاء والمجاهيل لعدم الفائدة ، مع تأديته إلى التطويل.

وهو بذلك يختلف عن وجيزة العلاّمة المجلسي إذ إنّه ذكر فيها الرواة‌


بأصنافهم الأربعة : الثقات والموثّقين والممدوحين والضعفاء.

١٦ ـ معراج أهل الكمال :

له أيضا.

بما أنّ فهرست شيخ الطائفة الطوسي أحد الأصول الرجاليّة المهمّة التي قام عليها علم الرجال ، واستند إليه أكثر الرجاليّين فيما بعد ، لذا قام المحقّق البحراني بشرح هذا الكتاب شرحا مبسوطا وافيا ، مع إظهار كافّة النكات العلميّة ، مع أخذه بجميع زوايا الكتاب وخفاياه. وهو أيضا يعدّ الشرح الوحيد لهذا الكتاب ، فلذا ظهرت أهمّيّته ، علما أنّه لم يوفّق إلى إتمامه ، بل خرج منه حرف الألف والباء فقط.

١٧ ـ مجمع الرجال :

لزكيّ الدين المولى عناية الله القهبائي.

بين القرن العاشر والحادي عشر الهجري.

جمع فيه بين الأصول الرجاليّة الخمسة ، وهي : رجال الكشّي ، رجال الشيخ ، فهرست الشيخ ، رجال النجاشي ، رجال ابن الغضائري الضعفاء الذي استخرجه أستاذه المولى عبد الله التستري من كتاب رجال السيّد ابن طاوس « حلّ الإشكال في معرفة الأخبار ».

ولم يترك من ألفاظها شيئا حتّى الخطبة ، فأورد خطب الجميع في أوّل الكتاب. مرتّبا للتراجم على ترتيب الحروف بالنحو المألوف.

وعليه تعليقات وحواش كثيرة ومفيدة منه ، أثبتت في النسخة المطبوعة ، ذيل التراجم.

وختم الكتاب باثني عشر فائدة رجاليّة نافعة.

وصرّح في بعض النسخ الخطيّة منه بأنّه ألّفه في مدّة اثنتي عشرة سنة ، وفرغ منه في ٢٣ جمادى الآخرة سنة ١٠١٦ ه‍.


١٨ ـ حاوي الأقوال في معرفة الرجال :

للشيخ عبد النبي بن الشيخ سعد الجزائري ، المتوفّى سنة ١٠٢١ ه‍.

وهو أوّل كتاب رتّب مؤلفه الرجال فيه على أربعة أقسام ـ بحسب القسمة الأصليّة للحديث ـ : الصحيح ، والموثّق ، والحسن ، والضعيف.

ولم يذكر غالب المجاهيل.

والكتب الرجاليّة التي قبله إما غير مقسّمة ، أو مقسّمة على قسمين ، مثل : الخلاصة ورجال ابن داود.

ثم إنّ المؤلّف ; تعالى ابتدأ كتابه هذا ، واختتمه أيضا بفوائد جيّدة وحسنة.

ومذاقه يقرب من مذاق ابن الغضائري في تضعيف جملة وافية ممّن لا يستحقّ التضعيف ، فأدرج في الضعفاء جملة من الحسان والموثّقين.

١٩ ـ نقد الرجال :

للسيّد مصطفى بن الحسين التفريشي الحسيني.

ما بين القرن العاشر والحادي عشر الهجري.

ذكر فيه الرجال على ترتيب الحروف في الأسماء وكذا الآباء. وضمّن كتابه الممدوحين والمذمومين والمهملين.

ويحتوي على جميع أقوال القوم من المدح والذّم ، من دون تكرار في الكلام. وضمّنه رموزا لكي يغني عن التطويل والتكثير.

وكتابه ـ كما قال عنه الأردبيلي في جامع الرواة ـ في كمال النفاسة ، ونهاية الدقّة ، وكثرة الفائدة (١).

فرغ من تأليفه في شهر رمضان من سنة ١٠١٥ ه‍ كما ذكر ذلك‌

__________________

(١) جامع الرواة : ٢ / ٢٣٣.


مصنّفه.

وقد ألّف العلاّمة المحقّق الشيخ عبد النبيّ الكاظمي المتوفّى سنة ١٢٥٦ ه‍ كتابه الثمين كتعليقة وحاشية على كتاب نقد الرجال ، ولذا سمّاه بـ : تكملة الرجال.

٢٠ ـ أمل الآمل :

للشيخ المحدّث محمّد بن الحسن بن عليّ الحرّ العاملي ، ( ١٠٣٣ ـ ١١٠٤ ه‍ ).

وقسّم الكتاب إلى قسمين ، فجعل القسم الأوّل منه مختصا بعلماء جبل عامل ، والقسم الثاني منه في أسماء العلماء المتأخّرين عن الشيخ أبي جعفر الطوسي ، وبعض المعاصرين له ، ومن قارب زمانه. وقد يعبّر عنه أو عن القسم الثاني فقط : تذكرة المتبحّرين في العلماء المتأخّرين.

شرع فيه سنة ١٠٩٦ ه‍ ، وفرغ منه في سنة ١٠٩٧ ه‍.

ولم يستقص فيه كلّ علماء الشيعة ولا جلّهم ، بل اقتصر من أهل جبل عامل على معاصريه ومن يعرفهم من مشايخه غالبا. ومن القسم الثاني اقتصر غالبا على من ذكره الشيخ منتجب الدين ، أو ذكر في الإجازات الكبيرة الدائرة ، مثل : إجازة العلاّمة والشهيد وصاحب المعالم.

٢١ ـ هداية المحدّثين إلى طريقة المحمّدين :

المعروف بـ : مشتركات الكاظمي.

للشيخ محمّد أمين بن محمّد عليّ بن فرج الله الكاظمي.

ما بين القرن الحادي عشر والثاني عشر.

ألّفه في سنة ١٠٨٥ ه‍.

وهو في تمييز الأسماء المشتركة من الرجال.

رتّب كتابه هذا إلى ثلاثة أقسام :


الأوّل : المشتركون في الاسم الأوّل فقط.

الثاني : المشتركون في الاسم واسم الأب.

الثالث : المشتركون في الكنى والنسب والألقاب.

وألّف كتابه هذا بعد شرحه لكتاب « جامع المقال » لاستاذه فخر الدين الطريحي ، حيث إنّ كتابه في المشتركات أيضا.

هذه نبذة مختصرة عن أهمّ المصادر التي اعتمدها المصنّف في تأليفه هذا السفر الجليل. وإلاّ ، فهناك الكثير من الكتب والموسوعات الرجاليّة لم نتعرّض لها خوف الإطالة ، وخروجا عن المطلوب.

ولما نعرفه من الترابط الكامل بين علمي الرجال والدراية ، إذ إنّ علم الرجال ـ كما عرّفه بعضهم ـ :

هو علم يبحث فيه عن أحوال الراوي من حيث اتّصافه بشرائط قبول الخبر وعدمه (١).

وعلم الدراية ـ كما عرّفوه ـ :

هو علم يبحث فيه عن متن الحديث وطرقه ، من صحيحها وسقيمها وعللها ، وما يحتاج إليه ، ليعرف المقبول منه والمردود (٢).

نرى أنّ المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ قد جمع في هذا السفر بين هذين العلمين ، حيث ابتدأ كتابه هذا بخمس مقدّمات ، وجعل المقدّمة الخامسة منه في فوائد تتعلّق بالرجال ، التقطها غالبا من فوائد الأستاذ العلاّمة الوحيد البهبهاني ـ ; ـ.

ولمّا كانت هذه المقدّمة لها مساس كامل بعلم الدراية ، ارتأينا الإشارة‌

__________________

(١) تنقيح المقال : ١ / ١٧٣.

(٢) الرعاية في علم الدراية : ٤٥.


بعض الشي‌ء إليه ، وإلى الأحاديث التي وردت عن الأئمّة الأطهار سلام الله عليهم أجمعين في هذا الموضوع.

وذلك أنّ علم الدراية يرتكز أساسا على تفحّص سند الحديث ومتنه ، وكيفيّة تحمّله وآداب نقله ، وصولا إلى تصنيف الأحاديث المروية ضمن مراتبها التي يتعامل من خلالها مع تلك الأحاديث.

لذلك فقد أصبحت دراسة الحديث سندا ومتنا ، رواية ودراية ، نقلا وضبطا ، من أهمّ الواجبات الملقاة على العلماء المستنبطين للأحكام من أصولها.

وكذا هو الحال بالنسبة إلى الظروف المحيطة بصدور الحديث عنهم : ، إذ انّ كثيرا من الأحاديث الصحيحة سندا ومتنا غير معمول بها ، لأنّها ربما تكون قد قيلت في ظرف تقيّة ، أو قيلت حفظا على الشيعة من الأعداء ، كما في كثير من الأحاديث التي ذكرت فيها طعون على بعض أصحابهم وخواصّهم.

ولذا تظهر بوضوح خطورة هذا العلم وصعوبته والتي يترتب عليها أن يكون الباحث فيه ملمّا بجميع جوانبه ، حتّى لا يقع في هفوة من هفواته ، أو زلّه من زلاّته.

ولكن ، وللمكانة السامية والكبيرة لهذا العلم ، فإنّا نجد أنّ الأئمّة من أهل البيت : قد أولوه جانبا مهما من أحاديثهم وتوجيهاتهم ، والناصّة على وجوب دراية الحديث ، والتعمّق به ، ومعرفة معانيه ومبانيه.

كقول الامام أبي جعفر الباقر 7 لولده الامام أبي عبد الله الصادق 7 :

« يا بنيّ ، اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم ، فإنّ المعرفة هي الدّراية للرواية ، وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى‌


درجات الإيمان.

إنّي نظرت في كتاب لعليّ 7 فوجدت في الكتاب :

إنّ قيمة كلّ امرئ وقدره معرفته ، إنّ الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا » (١).

بل جاء عن صادق أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين :

« خبر تدريه خير من عشر ترويه. إنّ لكلّ حقّ حقيقة ، ولكلّ صواب نورا.

ثمّ قال : إنّا والله لا نعدّ الرجل من شيعتنا فقيها حتّى يلحن له فيعرف اللّحن. » (٢).

بل وقد ورد عنهم : الكثير من الأحاديث الصحيحة الحاثة على نشر الروايات والتحدّث بها وحفظها والتزوّد منها.

فقد ورد عن الامام الصادق 7 أنّه قال : « اعرفوا منازل الرجال منّا على قدر رواياتهم عنّا » (٣).

وفي حديث آخر عنه 7 قال : « اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنّا. فإنّا لا نعدّ الفقيه منهم فقيها حتّى يكون محدّثا.

فقيل له : أو يكون المؤمن محدّثا؟! قال : يكون مفهّما والمفهّم محدّث » (٤).

إلى غير ذلك من الروايات الدالة على المراد ، والتي حوتها مدرسة أهل البيت : عبر تراثها الضخم ، الذي صنّفه أتباع هذه المدرسة‌

__________________

(١) معاني الأخبار : ١ / ٢.

(٢) الغيبة للنعماني : ١٤١ / ٢.

(٣) رجال الكشّي : ٣ / ٢.

(٤) رجال الكشّي : ٣ / ٢.


من عهد سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين 7 إلى عهد مولانا أبي محمّد الحسن العسكري 7.

حتّى قال ابن شهرآشوب في معالمه نقلا عن الشيخ أبي عبد الله محمّد ابن محمّد النعمان البغدادي المفيد قدّس الله روحيهما :

صنّف الإماميّة من عهد أمير المؤمنين عليّ 7 إلى عهد أبي محمّد الحسن العسكري صلوات الله عليه أربعمائة كتاب ، تسمّى الأصول (١).

فضلا عمّا صنّفوه من الكتب والنوادر وغيرها.

فهذا كتابي النجاشي والشيخ الطوسي كفهرست لما صنّفته الإماميّة من الكتب والأصول والنوادر وغيرها التي عثروا عليها.

هذا فضلا عمّا صنّفوه بعد عصرهم سلام الله عليهم ، وفي زمن غيبة قائم آل محمّد عجّل الله تعالى فرجه الشريف وجعلنا لتراب مقدمه الفداء.

وختاما ، نسأل الباري عزّ وجلّ أن يوفّقنا لما فيه خير الدارين ، وأن يعصمنا من الخطأ والزلل في القول والعمل ، وأن يأخذ بأيدينا لإتمام هذا الكتاب وإصداره محقّقا كاملا ، إنّه نعم المولى ونعم النصير.

والحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على خير خلقه وأفضل بريّته محمّد المصطفى وعلى آله المعصومين وصحبه المنتجبين.

__________________

(١) معالم العلماء : ٣.


الشيخ أبو عليّ الحائريّ ;.

مصنّف هذا الكتاب.

هو العالم الفاضل الشيخ محمّد بن إسماعيل بن عبد الجبّار بن سعد الدين المازندراني الحائري ـ المعروف بأبي عليّ ـ البخاري محتدا ، الغاضري مولدا ، الجيلاني أبا ، السينائي نسبا.

من العلماء والفقهاء المحقّقين ، وأعاظم الرجاليّين المتتبعين.

وفي باب الكنى من منتهى المقال ، قال : يتصل نسبي ـ على ما كان يذكره والدي ; ـ بالشيخ الرئيس أبي عليّ بن سينا (١) ، شيخ الفلاسفة الاسلاميين ، وأستاذ الحكماء الإلهيين. إلى آخره.

ورغم أنّه لم يعهد إلى الآن بأنّ الشيخ الرئيس كانت له ذرّيّة من ذكور أو إناث ، إلاّ أنّه بعد مضي زهاء سبعة أو ثمانية قرون على وفاته كتب الشيخ أبو عليّ ـ صاحب هذه الترجمة وكما مرّ سابقا ـ عن قول أبيه بأنّ نسبه يرجع إلى ذلك الفيلسوف الفاضل والحكيم العارف.

أصل أبيه من مازندران ، والظاهر أنّ وفاته كانت في حدود سنة ألف ومائة وتسعة وستّين أو أقل بقليل. لأنّ المصنّف قال في كتابه :

ومات والدي ولي أقل من عشر سنين.

ولد المصنّف ; تعالى في شهر ذي الحجّة الحرام في السنة التاسعة والخمسين بعد المائة والألف في كربلاء شرّفها الله. ولم أجد خلافا من أحد في تاريخ ولادته.

وقال الشيخ الطهراني في الذريعة :

__________________

(١) من هنا قيل له : السينائي.


وتوفّي في شهر ربيع الأوّل سنة خمسة عشر أو ستّة عشر بعد المائتين والألف في النجف الأشرف.

ودفن في الصحن الشريف في حال رجوعه عن الحج. كما ذكره ولده الشيخ عليّ في حاشية منتهى المقال عند ترجمة والده (١).

وذكر في مصفى المقال ، نقلا عن ولد المصنّف الشيخ عليّ بأن والده توفّي بعد الرجوع عن الحج في سنة ١٢١٦ ه‍ (٢).

وقال الشيخ عباس القمّي في الكنى والألقاب : توفّي بكربلاء سنة ١٢١٥ ه‍ (٣).

وكذا ذكر ذلك في كتابه الآخر : هداية الأحباب (٤).

وقال السيّد محسن الأمين العاملي في الأعيان :

ولد بالحائر في ذي الحجّة سنة ١١٥٩ ه‍ ، وتوفّي سنة ١٢١٥ ه‍ بالحائر ، ودفن فيه.

وقال أيضا : ولد هو في الحائر وسكنه حيّا وميّتا (٥).

وقال الميرزا محمّد عليّ المعلّم الأصفهاني الحبيب‌آبادي في مكارم الآثار ـ بعد أن ذكر القول الأوّل عن مصفى المقال ـ :

وجاء في بعض المواضع أنه توفي في النجف الأشرف بعد رجوعه من الحج قبل وصوله إلى منزله.

__________________

(١) الذريعة : ٢٣ / ١٣.

(٢) مصفى المقال : ٣٩٤.

(٣) الكنى والألقاب : ١ / ١١٩.

(٤) هداية الأحباب : ٢٩.

(٥) أعيان الشيعة : ٩ / ١٢٤.


ثم قال : فما ذكره في الروضات (١) من أنّ وفاته كانت قبل المجزرة التي قام بها الوهابيّون في كربلاء بعام ، مضيفا : وذلك عام ألف ومائتين وخمسة عشر ، ثمّ قال : وكانت مجزرتهم في سنة ألف ومائتين وستة عشر ، الظاهر أنّه اشتباه.

ثمّ نقل عن منتخب التواريخ (٢) ، بعد أن ذكر وفاته في كربلاء في سنة ١٢١٥ ـ كما في كثير من الكتب الأخرى ـ.

قال : ولم يثبت لديّ موضع قبره.

ونقل عن الروضات أيضا بأنّه قال : حائري المولد والمسكن حيّا وميّتا.

وهذا الكلام أيضا لا يوافق ما جاء من كون وفاته بالنجف الأشرف (٣) ، انتهى.

هذا مجمل ما ذكره العلماء في تاريخ وفاته.

ونذكر نحن نصّ عبارة ولده ـ أي ولد المصنّف ـ الشيخ علي الموجودة على هامش النسخة التي كتبها بيده والمحفوظة في خزانة مكتبة آية الله العظمى السيّد المرعشيّ النجفيّ 1 بقم ، علما بأنّ الحاشية لم تكن واضحة ، وفي مواضع غير مقروءة ، ونص العبارة :

أقول : وكانت وفاته قدّس الله روحه في شهر ربيع الأوّل من السنة السادسة عشر [ ة ] بعد المائتين والألف ، في النجف الأشرف ، ودفن في الغري في الصحن الشريف.

__________________

(١) روضات الجنّات : ٤ / ٤٠٥.

(٢) منتخب التواريخ ، الباب ٥ الفصل ١٢ / ٢٢٧.

(٣) مكارم الآثار : ٢ / ٥٩٣ ، وانظر : روضات الجنّات : ٤ / ٤٠٤.


وقد أقيمت له المآتم والفواتح في دور العلماء ، سيّما في دار فخر الفقهاء ورئيس الفضلاء ، واحد الدهر ، ومفرد العصر ، مولانا الشيخ جعفر ابن الشيخ خضر.

وكان المرحوم لا يزال يسأل الله سبحانه أن يرزقه الشهادة أو الموت بين الحرمين ، وقد توفّي في النجف الأشرف بعد حج بيت الله الحرام وزيارة النبيّ والأئمّة عليهم أفضل الصّلاة والسّلام ، قبل الوصول إلى الأهل والوطن ، وأصبح ضيفا لسيّد الوصيّين وابن عمّ سيّد المرسلين وأبي الأئمّة الطاهرين (١).

هذا ما تمكّنا من قراءته.

والظاهر أنّ هذا القول هو أصح الأقوال المتعلقة بتاريخ وفاته ومحلّ دفنه ، والله العالم.

وعاش المصنّف ـ كأكثر العلماء ـ عيش كدّ ونصب ، وضيق في المعاش ، وقلّة ما في اليد ، كما وكان ; تعالى كثير الترحال والأسفار ، حيث ذكر هو في جملة كلام له :

واشتغلت على الأستاذ العلاّمة ، والسيّد الأستاذ دام علاهما برهة ، إلاّ أنّه كان يتخلل بين ذلك الاشتغال أكثر منه من أنواع البطالة والعطال ، ومقاساة الأسفار والأهوال ، والحلّ والترحال ، فوقتا بالحجاز ، وعاما باليمن ، ودهرا بالقفار ، ويوما بالوطن.

نعم لكلّ شي‌ء آفة ، وللعلم آفات ، وإلى الله المشتكى من دهر حسناته سيّئات.

والملاحظ من كلامه هذا صعوبة الحياة التي كان يعيشها ; ،

__________________

(١) منتهى المقال ـ الخطيّة ـ : ٥٤٣.


وقساوة الظروف التي كانت تحيطه ، بيد أن ذلك لم يقعد به ; تعالى عن الكتابة والابداع والتأليف ، كشأن غيره من علمائنا الأبرار 4 تعالى ، من الذين عاشوا في مثل تلك المصاعب والمشاق ، فتركوا تراثا ضخما ، وآثارا رائعة تدل على طول باع ، وقدرة كبيرة.

والمعروف أن المصنّف قد عاصر فترة زمينة حسّاسة أبرز سماتها الصراع الفكري المحتدم آنذاك بين الأصوليين والأخباريين ، وإلى ذلك يشير قوله في ترجمة أستاذه الوحيد البهبهاني :

وقد كانت بلدان العراق ـ سيّما المشهدين الشريفين ـ مملوءة قبل قدومه من معاشر الأخباريين ، بل ومن جهّالهم والقاصرين ، حتّى أنّ الرجل منهم كان إذا أراد حمل كتاب من كتب فقهائنا ـ رضي الله تعالى عنهم ـ حمله بمنديل. إلى آخر كلامه.

وقد حدثت في أيامه فتنة كبيرة بين الأصوليين والأخباريين ، إذ إنّ مير محمّد الأسترآبادي ألّف كتابا باسم : الفوائد المدنيّة ، في الردّ على الأصوليّين.

فألّف السيّد دلدار علي النقوي ـ المتوفّى سنة ١٢٣٥ ه‍ ، وتلميذ السيّد محمّد مهدي بحر العلوم ـ في الردّ على الأسترآبادي كتابا باسم :

أساس الأصول.

ثمّ ألّف ميرزا محمّد بن عبد النبيّ النيسابوري الأخباري كتابا باسم :

معاول العقول لقلع أساس الأصول ، في الردّ على دلدار علي النقوي. ممّا أدّى إلى قتله ـ أي الميرزا محمّد الاخباري ـ على أيدي جماعة من الأصوليين في بلدة الكاظمين وذلك سنة ١٢٣٢ ه‍.

وألّف في تلك الفترة تلميذ السيّد دلدار علي النقوي كتاب : مطارق الحقّ واليقين في كسر معاول الشياطين ، في الردّ على الميرزا محمّد أيضا.


وكذلك نرى أنّ المصنّف ـ أعني الشيخ أبي عليّ الحائري ـ كانت أوّل تآليفه في الردّ على الأخباريين ، إذ ألّف كتاب : عقد اللآلئ البهيّة في الردّ على الطائفة الغبيّة ، والمقصود منها الأخباريّين ، وقد ألّفه قبل تأليف كتاب المنتهى بعشرين سنة أي في حدود سنة ١١٧٤ ه‍.

أساتذته :

تتلمذ الشيخ المصنّف على جماعة من علماء عصره ونواميس دهره مثل :

١ ـ الآقا محمّد باقر بن محمّد أكمل الوحيد البهبهاني ;.

وقد عبّر عنه في ديباجة المنتهى : بالأستاذ العلاّمة.

وقال في ترجمته : محمّد بن محمّد أكمل ، المدعو بباقر ، أستاذنا العلاّمة ، وشيخنا الفاضل الفهّامة ـ دام علاه ومدّ في بقاه ـ علاّمة الزمان ، ونادرة الدّوران ، عالم عرّيف ، وفاضل غطريف ، ثقة وأيّ ثقة ، ركن الطائفة وعمادها ، وأورع نسّاكها وعبّادها ، مؤسّس ملّة سيّد البشر في رأس المائة الثانية عشر ، باقر العلم ونحريره ، والشاهد عليه تحقيقه وتحبيره ، جمع فنون الفضل فانعقدت عليه الخناصر ، وحوى صنوف العلم فانقاد له المعاصر. إلى آخر كلامه.

٢ ـ السيّد عليّ بن محمّد بن عليّ الطباطبائي ـ صاحب رياض المسائل ـ وابن أخت الأستاذ العلاّمة الوحيد ، وصهره على بنته.

قال عنه المصنّف في المنتهى :

ثقة عالم عرّيف ، وفقيه فاضل غطريف ، جليل القدر ، وحيد العصر ، حسن الخلق ، عظيم الحلم ، حضرت مدّة مجلس إفادته ، وتلطّفت برهة على تلامذته ، فإن قال لم يترك مقالا لقائل ، وإن صال لم يدع نصالا‌


لصائل. إلى آخره.

وقد عبّر عنه في المنتهى : بالسيّد الأستاذ.

٣ ـ ويظهر من الديباجة أيضا بأنّ من مشايخه السيّد محسن ابن السيّد حسن بن مرتضى الكاظمي الأعرجي ، حيث قال :

وذكرت ما ذكره مولانا المقدّس الأمين الكاظمي في مشتركاته ، لئلاّ يحتاج الناظر في هذا الكتاب إلى كتاب آخر من كتب الفن ، وإن كان ما ذكرته من القرائن يغني في الأكثر عن ذلك.

إلاّ أنّي امتثلت في ذلك أمر السيّد السند ، والركن المعتمد ، المحقّق المتّقي مولانا السيّد محسن البغدادي النجفي الكاظمي.

وهو المراد في هذا الكتاب ببعض أجلاّء العصر ، حيثما أطلق.

٤ ـ ويظهر أيضا أنّ من أساتذته السيّد مهدي بحر العلوم. حيث قال في الديباجة :

وإذا قلت بعض أفاضل العصر ، فالمراد أفضل فضلائه ، وأجلّ علمائه ، نادرة العصر ، ويتيمة الدهر ، السيّد البهيّ ، والمولى الصفيّ ، سيّدنا المهدي الطباطبائي النجفي دام ظلّه وزيد فضله.

ويظهر ذلك أيضا من المحدث النوري في خاتمة المستدرك حيث قال ـ بعد أن ذكر الشيخ أبا عليّ الحائري ـ :

عن الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني ، ولعلّه يروي عن سائر أساتيذه ومعاصريه كالعلاّمة الطباطبائي ، وصاحب الرياض ، وغيرهما (١).

ويروي عنه كما جاء في المستدرك أيضا.

العالم العامل التقيّ الشيخ عبد العلي الرشتي. الذي يروي عنه‌

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٠٢.


الحاج المولى عليّ ابن ميرزا خليل الطهراني.

مؤلّفاته وكتبه :

قال المصنّف في ترجمة نفسه في باب الكنى : وقد تطفّلت على المشتغلين ، ونظمت نفسي في سلك المؤلّفين ، مع أنّي لست من أهل تلك الدرج ، إلاّ أنّه قد ينظم مع اللؤلؤ السبج ، وممّا كتبته. ثمّ أورد أسماء تلك الكتب ، نذكرها مع شرح ميسّر عنها :

١ ـ عقد اللآلئ البهيّة في الردّ على الطائفة الغبيّة ، وهي رسالة في الردّ على الأخباريين ، وقد ألّفها قبل كتابه المنتهى بعشرين سنة.

وقد عبّر عنها الميرزا محمّد النيشابوري في رجاله : الرسالة البهيّة في الردّ على الطائفة الغويّة (١).

٢ ـ ترجمة رسالة مناسك الحجّ ، الفارسيّة إلى اللّغة العربيّة ، لاستاذه الآقا محمّد باقر البهبهاني.

٣ ـ ترجمة الرسالة الوسطى ، من الرسائل الخمس في مناسك الحجّ ، للآقا محمّد عليّ بن محمّد باقر البهبهاني ـ والتي كلّها بالفارسيّة ـ إلى اللّغة العربيّة.

٤ ـ رسالة في واجبات الحجّ ومحرّماته وبعض مكروهاته ومستحبّاته ، والتي انتخبها ولخّصها من شرح المختصر النافع لاستاذه السيّد علي الطباطبائي صاحب كتاب رياض المسائل.

٥ ـ كتاب زهر الرياض ، باللّغة الفارسيّة ، وهو في الطهارة والصّلاة والصوم ، انتخبها أيضا من شرح المختصر النافع لاستاذه السيّد الطباطبائي‌

__________________

(١) الدريعه : ١١ / ١٣٣ ، ١٥ / ٢٩٥.


الموسوم بـ : رياض المسائل ، فاختار اسم الكتاب مطابقا للأصل.

وقد ترجمه إلى لغة الاردو مهدي حسين مولوي.

وقال في الذريعة : إنّه في بعض المواضيع جاء باسم : زهرة ، بالتاء (١).

٦ ـ كتاب : العذاب الواصب على الجاحد والناصب ، أو : معائب النواصب ، ردّا على كتاب : نواقض الروافض ، الذي ألّفه الميرزا مخدوم الشريفي ، ابن بنت السيّد المير سيّد شريف الجرجاني ، وهو في ثلاث مجلّدات.

قال في أوّله : إنّي وقفت على رسالة مروية ومقالة عميّة مسماة بـ : نواقض الروافض لابن بنت الشريف.

إلى أن قال : أقام فيها بزعمه أدلّة عقليّة ونقليّة في الردّ على فرقة الإماميّة الاثني عشريّة.

ثمّ بعد أن ذكر تسميته بـ : العذاب الواصب قال : حيث إنّه مشتمل على جملة من معائبهم فسمّيته : معائب النواصب ودوافن الكواذب.

وله اسم آخر قال : نزل عليّ به الروح الأمين على رسول ربّ العالمين ، قوله : ( إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ) ، حيث إن تاريخ تأليف كتاب : العذاب الواصب ، سنة ١٢٠٥ ه‍ مطابق لهذه الجملة.

بينما كان تأليف كتاب : النواقض ، سنة ٩٥٧ ه‍ ، وهو مطابق لكلمة : نواقض ، ومطابق أيضا لـ : ( كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجِّينٍ ).

وقدّم له ثلاث مقدّمات ، ذكر فهرسها أوّلا ، وهي بنفسها تعدّ كتابا مستقلا في الإمامة.

__________________

(١) الذريعة : ١٢ / ٧١ ، ٤ / ١٠٦.


وذكر المحدث النوري في خاتمة المستدرك بأنّه رآه وهو في غاية الجودة (١).

وذكر المصنّف عند ترجمة نفسه من باب الكنى بأنّه لا زال مشتغلا به حيث قال :

والآن أنا مشتغل في الردّ على صاحب نواقض الروافض ، نسأل الله التمام والفوز بسعادة الختام ، وأن يجعل ذلك كلّه خالصا لوجهه الكريم ، وموجبا لثوابه الجسيم ، إنّه رؤوف رحيم ، عطوف كريم.

٧ ـ كتابنا هذا ، وهو كتاب منتهى المقال ، ويأتي وصفه مفصّلا.

نحن وكتاب منتهى المقال :

بعد أن أنهينا الكلام حول مؤلّف هذا الكتاب ، لا بدّ لنا ـ وحسب ما هو المعهود ـ من التعريف والتوضيح حول بعض الأمور والنكات والتعليقات الموجودة والتي قيلت حول الكتاب ، وكذا الوصف الكامل بما يحتويه الكتاب ، لكي نعطي للقارئ الكريم صورة مصغّرة بما ضمّ بين دفّتيه من موضوعات ونكات.

فنقول :

قسّم المصنّف الكتاب إلى مقدّمة وأصل وخاتمة ، وذكر في المقدّمة خمس مقدّمات فرعية وهي :

الاولى : في تواريخ ومواليد المعصومين سلام الله عليهم أجمعين.

الثانية : في ذكر جماعة رأوا القائم 7 أو وقفوا على معجزته.

الثالثة : في كنى الأئمّة سلام الله عليهم وألقابهم على ما تقرر عند أهل الرجال.

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٠٢.


الرابعة : في بيان أسامي رجال يحصل فيهم الاشتباه عند الإطلاق.

الخامسة : في فوائد تتعلّق بالرجال والدراية التقطها من فوائد الأستاذ العلاّمة الوحيد البهبهاني أعلى الله مقامه.

ثمّ شرع في كتاب الرجال ورتّبه حسب الحروف الهجائية ، مبتدءا في كلّ ترجمة من التراجم بملخّص ما ذكره الميرزا محمّد الأسترآبادي في كتابه الكبير منهج المقال ، ثمّ ملخّص ما ذكره أستاذه المولى محمّد باقر البهبهاني في تعليقته على منهج المقال.

وأمّا إذا كان له تعليق أو كلام فإنه يذكره مسبوقا بـ : قلت ، أو : أقول.

ثمّ يختم كلامه بما ذكره الشيخ محمّد أمين الكاظمي في كتابه هداية المحدّثين المعبّر عنه بالمشتركات.

كما أنه قد أضاف بعض التراجم التي لم يذكرها الميرزا الأسترآبادي والوحيد البهبهاني.

وبعد أن انتهى من ذلك شرع في الكنى وقسّمها إلى أبواب ذاكرا أولا :

باب المبتدئين بالأب.

باب المصدّر بابن.

باب المصدّر بأخ.

باب الألقاب.

باب في ذكر نساء لهنّ رواية أو صحبة.

ثمّ أنهى كتابه بالخاتمة وقال :

الخاتمة تشتمل على اثني عشر فائدة نافعة ، ذكر بعضها الميرزا ;.

ثمّ ذكر خمسة فوائد فقط وهي :

الفائدة الأولى : ذكر فيها عدّة الكليني.


الفائدة الثانية : ذكر ما ذكره الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن بعض الأخبار أنّهم : قالوا : خدّامنا شرار خلق الله.

ثمّ ذكر الممدوحين والمذمومين منهم.

الفائدة الثالثة : في السفراء المحمودين في زمان الغيبة.

الفائدة الرابعة : في ذكر المذمومين الذين ادّعوا البابيّة.

الفائدة الخامسة : في ذكر طرق الشيخ الطوسي في كتابيه ، وكذا طرق الشيخ الصدوق.

ثمّ أنهى الكتاب ولم يف بما وعد في مقدّمة الخاتمة من أنّها تشتمل على اثني عشر فائدة.

ولعل مرجع ذلك انشغاله ; تعالى بغيره من المؤلّفات التي أملتها الظروف التي أحاطت به ، كما تشير إلى ذلك النسخة الموجودة عند الحاج الشيخ علي القمّي والتي لم يكتمل آخرها فتمّمها الشيخ محمّد نقي ابن محمّد عليّ الشاهروديّ سنة ١٢١٤ ه‍ ، ذكر في آخرها أنّ اشتغال المؤلّف بردّ نواقض الروافض منعه عن تتميم الفوائد التي وعدها في أوّل الخاتمة.

كما أن المصنّف ; تعالى أشار إلى ذلك أثناء ترجمته لنفسه في باب الكنى حيث قال ـ عند تعداده لمؤلّفاته ـ :

والآن أنا مشتغل في الردّ على صاحب نواقض الروافض.

مؤاخذة على الكتاب :

والملاحظ أن المؤلف ; تعالى قد أهمل ذكر المجهولين في كتابه معللا ذلك بقوله :

ولم أذكر المجاهيل لعدم تعقّل فائدة في ذكرهم.


بينما نرى أنّ الكتب المؤلّفة قبله وبعده جلّها قد ذكرت جميع الرواة بما فيهم المجاهيل ، ولم يسبقه في ذلك أحد إلاّ المحقّق عبد النبيّ الجزائري في كتابه حاوي الأقوال ، فقد أهمل ذكر المجاهيل ، وكذلك المولى خداويردي الأفشار (١).

وليتهم لم يسقطوهم لأنّهم غير منصوصين بالجهالة من علماء الرجال ، مع أنّ الفوائد في ذكرهم كثيرة ولذلك ذكرهم علماء الرجال ، من أوّل يوم ألّفت فيه كتب الرجال وإلى عصره ، وكذا بعد زمانه وإلى هذا اليوم.

فمن فوائد ذكرهم :

أوّلا : إنّه ربما تظهر للناظر أمارة الوثوق بالمجهول فيعمل بخبره ، فلو لم يذكر تنتفي الفائدة والفحص عنه غالبا.

ثانيا : إنّه ربما كان الاسم مشتركا بين المجهول وغيره ، فمع عدم ذكره لا يعلم الاشتراك.

ثالثا : إنّ الفائدة من ذكرهم هي نفس الفائدة في ذكر الموثّق والممدوح والمقدوح وغيرهم ، فلو لم يذكر لم تعلم حاله لمن يريد البحث عن سند الرواية ، كما أنّه لا تعلم صفة غيره لو لم يذكر (٢).

ولكن وكما قالوا إنّ المنهج السداد ما أشار إليه المحقّق الداماد في :

الرواشح ، في الراشحة الثالثة عشر حيث قال :

المجهول :

اصطلاحي : وهو حكم أئمّة الرجال عليه بالجهالة ، كإسماعيل بن قتيبة من أصحاب الرضا 7 (٣) ، وبشير المستنير الجعفي من‌

__________________

(١) الذريعة : ٢٣ / ١٣.

(٢) انظر : أعيان الشيعة : ٩ / ١٢٤.

(٣) رجال الشيخ : ٣٦٩ / ٣٦.


أصحاب الباقر 7 (١).

ولغوي : وهو ليس بمعلوم الحال ، لكونه غير مذكور في كتب الرجال ، ولا هو من المعهود أمره المعروف حاله من حال من يروي عنه ، من دون حاجة إلى ذكره.

والأوّل متعيّن بأنّه يحكم بحسبه ومن جهته على الحديث بالضعف ، ولا يعلّق الأمر على الاجتهاد فيه واستبانة حاله ، على خلاف الأمر في الثاني.

إذ ليس يصحّ ولا يجوز بحسبه ومن جهته أن يحكم على الرواية بالضعف ولا بالصحّة ولا بشي‌ء من مقابلاتهما أصلا ، ما لم يستبن حاله ولم يتّضح سبيل الاجتهاد في شأنه.

أليس للصحيح والحسن والموثّق والقوي أقسام معيّنة لا تصحح إلاّ بألفاظ مخصوصة معيّنة من تلقاء أئمّة الحديث والرجال؟!

ثمّ قال :

وبالجملة ، جهالة الرجل على معنى عدم تعرّف حاله من حيث عدم الظفر بذكره أو بمدحه وذمّة في الكتب الرجالية ليس ممّا يسوغ الحكم بضعف السند أو الطعن فيه ، كما ليس يسوغ تصحيحه أو تحسينه وتوثيقه.

إنّما تكون الجهالة والإهمال من أسباب الطعن ، بمعنى حكم أئمّة الرجال على الرجل بأنّه مجهول أو مهمل.

فمهما وجد شي‌ء من ألفاظ الجرح انصرم التكليف بالفحص والتفتيش وساغ الطعن في الطريق.

فأمّا المجهول والمهمل لا بالمعنى المصطلح عليه عند أرباب هذا‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٠٨ / ١١.


الفن بالعرف العامّي ـ أعني المسكوت عن ذكره رأسا ، أو عن عدم مدحه وذمّه ـ فعلى المجتهد أن يتتبع مظان استعلام حاله ، من الطبقات والأسانيد والمشيخات والإجازات والأحاديث والسير والتواريخ وكتب الأنساب وما يجري مجراها ، فإن وقع إليه ما يصحّ للتعويل عليه فذاك.

وإلاّ وجب تسريح الأمر إلى بقعة التوقّف ، وتسريح القول فيه إلى موقف السكوت عنه. إلى آخر كلامه أعلى الله مقامه (١).

كما أنّ المصنّف ; تعالى قد أهمل أيضا ذكر مؤلّفات الرواة من الأصول والكتب والنوادر وغيرها ، ولكن هذا لم يكن وحيدا فيه ، إذ إنّ معظم الكتب الرجالية المختصرة قد سلكوا هذا المسلك.

ويبدو من تصفّح كتاب المنتهى أنّ المصنّف ألّف قسما منه في حياة أستاذه الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني ، والقسم الآخر بعد وفاته ، لأنّه في كثير من المواضع قال عند ذكر اسم أستاذه : « سلّمه الله » أو « دام علاه » ، بينما نجد في البعض الآخر يقول عند ذكر اسمه : « 1 » ونحو ذلك.

وعلى أية حال فقد نال هذا الكتاب استحسانا وقبولا من قبل العلماء والباحثين ، في عصره وما بعده ، رغم ما أشاروا إليه من نواقص سبق أن أشرنا إليها سابقا تختص بإسقاطه للمجاهيل وعدم ذكره لمؤلفات الرواة من الأصول وغير ذلك ، والتي أشار إليها النوري في خاتمة مستدركة ، وحيث عزا شهرة الكتاب لاشتماله على تمام تعليقة أستاذ المصنّف الوحيد البهبهاني (٢) ،

__________________

(١) الرواشح السماويّة : ٦٠.

(٢) لقد تبيّن لنا أثناء عملنا في تحقيق هذا الكتاب أن هذا القول لا يخلو من جانب كبير من الصحة والصواب ، حيث إننا فوجئنا بأنّ الكثير من العبارات المنقولة عن التعليقة لا وجود لها في جملة النسخ المخطوطة الموجودة لدينا ومن ضمنها النسخة المطبوعة ، ولعلّ مرجع ذلك أنّ هذه العبارات والموارد قد استفادها المصنّف عن أستاذه مباشرة وشفاها فأثبتها ، والله


حيث قال :

وكتابه هذا لاشتماله على تمام التعليقة لاستاذه الأستاذ الأكبر البهبهاني صار معروفا للعلماء وإلاّ ففيه من الأغلاط ما لا يخفى على نقدة هذا الفن ، مع أنّه أسقط عن الكتاب ذكر المجاهيل ، قال : لعدم تعقّل فائدة في ذكرهم ، وكذا ذكر مؤلّفات الرواة من الأصول والكتاب (١) ، وبذلك بدأ النقص في كتابه ، مضافا إلى سقطاته ، ومع ذلك قال ـ في جملة كلامه ـ : لئلا يحتاج الناظر في هذا الكتاب إلى كتاب آخر من كتب الفن ، وسنشير إن شاء الله تعالى في بعض الفوائد الآتية إلى بعض ما ذكر في الكتب والمجاهيل من الفوائد (٢).

إلاّ أن قول العلامة النوري هذا قد تعرّض إلى الرد من قبل بعض المحققين أمثال الميرزا أبو الهدى الكرباسي ; ـ على ما نقل عنه ـ وهو من الرجال الذين قد حازوا حلبة السبق في ميدان الاطلاع والتحقيق في فنّ الرجال ، في كتابه الدرّة البيضاء : ٩ ـ من النسخة الخطّية ـ فقد قال بعد نقل كلام المستدرك :

والظاهر أنّ هذا الكلام لا يخلو من تعسّف وذلك :

أوّلا : ـ بعد الغضّ عن أنّ مجرّد اشتمال الكتاب على النقل من كتاب آخر لا يكون سببا لمعروفيّته وشهرته ، خصوصا مع التمكّن من الرجوع إلى المنقول عنه ـ إنّ في كتاب المنتهى تتبّعات فائقة ، وتصرّفات رائقة أخذت تتلقّى بأحسن القبول ، وكسبت مقاما مرضيا عند الفحول ، وهذا أمر لا يخفى‌

__________________

تعالى هو العالم.

(١) كذا ، وصوابها : الكتب.

(٢) المستدرك ـ الخاتمة ـ : ٣ / ٤٠٢.


على الناظر فيه.

ثانيا : قوله : ففيه من الأغلاط ما لا يخفى ، غير صحيح ، إذ إنّ أغلاطه ليست بتلك الصورة التي ذكرها ، بل هي بمقدار مألوف عند المؤلّفين ، وهذا ما نراه في خلاصة العلاّمة ، ورجال ابن داود ، الذي حوى أغلاطا لا تحصى ، وإن أنكر بعض القاصرين وقوع أغلاط فيه ـ أي في رجال ابن داود ـ حيث قال في مقام الردّ على سيّد نقّاده :

ما أنصف الصهباء من

ضحكت إليه وقد عبس

وأجابه السيّد بحر العلوم :

قد أنصف الصهباء من

أزال عنها ما التبس

وهذا الفقير بنفسه سمع المرحوم مؤلّف الدرّة البيضاء مشافهة أنّه قال :

المراد من سيّد النقّاد هو مير مصطفى التفريشي ، حيث ذكر في نقد الرجال أغلاطا في رجال ابن داود.

والمراد من الرادّ عليه : هو الشيخ فرج الله الحويزي ، حيث إنّه ردّ على السيّد مصطفى التفريشي منكرا عليه وقوع غلط فيه (١) ، انتهى.

حواشي الكتاب :

كتبت حول هذا الكتاب بعض الحواشي والمكمّلات ، وخاصة في ذكر المجاهيل نذكرها هنا :

١ ـ تكملة رجال أبي عليّ :

لتلميذ المصنّف درويش علي الحائري.

قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في الذريعة : رأيت بخط شيخنا العلاّمة‌

__________________

(١) مكارم الآثار : ٢ / ٥٩٣.


النوري في حاشية : توضيح المقال ، للحاج المولى عليّ الكني على ذكر المؤلّفين في علم الرجال : إنّ للمولى درويش علي الحائري رسالة في ذكر المجاهيل الذين اسقطهم أستاذه الشيخ أبو عليّ عن رجاله بزعم عدم الحاجة (١).

٢ ـ إكمال منتهى المقال :

وهو للشيخ محمّد عليّ بن قاسم آل كشكول الحائري ، تلميذ صاحب الفصول وشريف العلماء الذي بأمره كتب هذا الكتاب ـ كما صرّح في أوّله ـ.

وفرغ منه يوم الجمعة في النصف من شوال سنة ١٢٤٥ ه‍.

ذكر في أوّله وجه الحاجة إلى ذكر المجاهيل ، ردّا على الشيخ أبي علي الحائري الذي ترك ذكرهم في منتهى المقال ، وتخطئة لطريقته ، فتعرض لجميعهم.

وذكر معهم أيضا كثيرا من المعلومين الذين أهملهم الشيخ أبو علي.

وذكر عند بيان وجه الحاجة إلى ذكر المجاهيل : أنّ له كتاب التنبيهات السنيّة في الاصطلاحات الرجاليّة ، والفائدة الخامسة منه جعلها كتابا مستقلا سمّاه حديقة الأنظار في مشيخة التهذيب والفقيه والاستبصار. وله الفوائد الغاضريّة ، وجملة من الرسائل الرجاليّة (٢).

التعليقات على الكتاب :

علّق على المنتهى جماعة من العلماء منهم :

__________________

(١) الذريعة : ٤ / ٤١٣.

(٢) الذريعة : ٢ / ٢٨٣.


أوّلا : السيّد محمد ابن السيّد صالح ابن السيّد محمد بن إبراهيم شرف الدين الموسوي العاملي ، الشهير بالسيّد صدر الدين العاملي الأصفهاني.

المولود بشدغيث من بلاد بشارة في جبل عامل سنة ١١٩٣ ه‍ ، والمتوفّى في النجف الأشرف زائرا في أوّل صفر سنة ١٢٦٣ ه‍ ، والمدفون في الحجرة الغربيّة التي على يمين الداخل إلى الصحن الشريف من الباب السلطاني.

له تعليقات غير مدوّنة على منتهى المقال ، دوّنها ورتّبها سبط أخيه السيّد حسن صدر الدين في كتاب سمّاه : نكت الرجال (١).

ثانيا : حاشية عليه للسيّد أبي تراب الخوانساري ، ضياء الدين عبد العلي بن أبي القاسم جعفر بن السيّد محمّد مهدي الموسوي الخوانساري.

ولد في خونسار سنة ١٢٧١ ه‍ ، وهاجر إلى العتبات المقدّسة من أصفهان سنة ١٢٩٦ ه‍ ، وجاور النجف الأشرف إلى أن توفّي بها في التاسع من جمادى الأولى سنة ١٣٤٦ ه‍ (٢).

ثالثا : السيّد أبي محمّد الحسن ابن السيّد هادي بن محمد عليّ أخو العلاّمة صدر الدين الموسوي العاملي الكاظمي ، المتوفّى سنة ١٣٥٤ ه‍.

له حواش على الكتاب موجودة بخطه ، كتبها على حواشي نسخته من المنتهى موجودة في مكتبته في الكاظميّة.

وله أيضا كتاب : نكت الرجال ، وهي حواشي السيّد صدر الدين‌

__________________

(١) مصفى المقال : ٢٠٣ ، الذريعة : ٦ / ٢٢٣.

(٢) مصفى المقال : ٢٤ ، الذريعة : ٦ / ٢٢٣.


العاملي رتّبها وهذّبها بهذا الكتاب.

فرغ منه في سامراء في شهر محرم سنة ١٣١٣ ه‍ ، وهو موجود في خزانته في الكاظميّة (١).

رابعا : الحاشية عليه للميرزا حسين النوري ابن الشيخ الفقيه الميرزا محمّد تقي بن عليّ محمّد النوري الطبرسي.

المولود سنة ١٢٥٤ ه‍ ، والمتوفّى ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة ١٣٢٠ ه‍.

له تعليقات كثيرة على الكتاب مبسوطة كتبها على هامش نسخته (٢).

خامسا : الحاشية عليه للشيخ المولى علي ابن الميرزا خليل الطهراني ، المتوفّى في النجف الأشرف سنة ١٢٩٦ ه‍.

ذكرها السيّد الصدر في إجازته المبسوطة للشيخ آقا بزرك الطهراني سنة ١٣٣٠ ه‍ (٣).

سادسا : الحاشية عليه للسيّد شرف الدين عليّ بن محمّد المرعشي التبريزي ، المتوفّى سنة ١٣١٦ ه‍.

ذكرها حفيده المرحوم السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي نزيل قم (٤).

هذا ما تمكنّا جمعه من الكتب والتعليقات والحواشي التي ذكرت حول الكتاب والدالة على المنزلة السامية لهذا الكتاب حيث أولاه هؤلاء الأعلام اهتمامهم ورعايتهم ، وألحقوا به الحواشي والتعليقات.

__________________

(١) مصفى المقال : ١٣٠ ، الذريعة : ٢٤ / ٣٠٤ ، ٦ / ٢٢٢.

(٢) مصفى المقال : ١٥٩ ، الذريعة : ٦ / ٢٢٢.

(٣) الذريعة : ٦ / ٢٢٢.

(٤) الذريعة : ٦ / ٢٢٣.


مصادر الترجمة :

إليك بعض المصادر :

هدية الأحباب : ١٩ ، الكنى والألقاب : ١ / ١٢٤ ، كشف الحجب والأستار : ٥٦١ ، الفوائد الرضوية : ٢ / ٣٩٤ ، أحسن الوديعة : ٢ / ١٤ ، منتخب التواريخ باب ٥ فصل ١٢ : ٢٢٧ ، خاتمة مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٠٢ ، تنقيح المقال : ٣ / ٢٨ باب الكنى ، ريحانة الأدب : ٧ / ٢١٠ ، مكارم الآثار : ٢ / ٥٩٣ ـ ٥٩٨ ، إيضاح المكنون : ١ / ٥٦٠ ، ٢ / ١١٠ ، ٥٧٤ ، هدية العارفين : ٢ / ٣٥٣ ، مصفى المقال : ٣٩٤ ، الذريعة : ٢ / ٢٨٣ ، و ٤ / ٤١٣ ، و ٦ / ٢٢٢ ، معجم رجال الحديث : ١٥ / ١٠٦ ، و ٢١ / ٢٥١ ، معجم المؤلفين : ٩ / ٥٧ ، دائرة المعارف تشيع ١ / ٤٢٤ ، رياض الجنة : ٤٧٧ / ٨٩ ، فهرست كتابخانه إهدائي سيد محمد مشكاة به دانشگاه تهران : ٢ / ٦٦٤ برقم ٢٣٣ ، روضات الجنات : ٤ / ٤٠٤.


منهجية التحقيق :

لا يخفى على كلّ أحد ما لعلم الرجال من الأهميّة ، وخاصة في الأبحاث العلميّة الحوزويّة والتي تشكل عنصرا مهما في تصنيف وتشخيص الروايات المنقولة عن أهل بيت العصمة : ، تجنبا عن الوقوع في الاشتباهات بشتى صورها من خلال تسرب العديد من الروايات الموضوعة والمنسوبة إليهم : ، ولا يتأتى ذلك إلاّ من خلال جملة معلومة ـ لدى العلماء والمحققين ـ من الشواهد والمسالك من ضمنها ما يعرف بعلم الرجال.

والمكتبة الشيعية تزدان بجملة وافرة من الأسفار القيمة للعديد من علماء الطائفة ، والمختصة بهذا العلم المهم والحساس ، لا زال الكثير منها بحاجة ماسة إلى تقديمه بالصورة اللائقة به من التحقيق والطبع والنشر.

ومن هنا فقد ارتأت مؤسّسة آل البيت : ـ وحسب منهجيتها في نشر هذه العلوم ، وإظهار هذا التراث إلى حيّز الوجود ، من عالم الطباعة القديمة إلى حيث الطباعة الحديثة المحقّقة الأنيقة ـ إلى تحقيق ونشر وطبع بعض الكتب والمصادر الرجاليّة غير المحقّقة ، فشرعت في هذا المضمار ، واختارت بعض المصادر الرجاليّة المهمّة ، فكان في مقدمتها كتاب منتهى المقال للحائري ، وكذا كتاب منهج المقال للميرزا محمّد الأسترآبادي ، وتعليقته للأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني وغيرها ، وكان من المقرر أن تخرج الجميع في فترة واحدة ولكن نظرا لضيق الوقت فقد ارتأى الإسراع بكتاب منتهى المقال قبل غيره ليكون إخراجه موافقا مع مرور قرنين كاملين على وفاة مصنّفه أبي عليّ محمّد بن إسماعيل الحائري ; ، الذي توفّي سنة ١٢١٦ من الهجرة النبويّة الشريفة.


ومن هنا فقد نال هذا الكتاب السبق في تقديمه بين يدي القارئ الكريم ، على أن تلحقه تباعا باقي الكتب إن شاء الله تعالى بلطفه وعنايته ، وبعناية وتوجيهات الحضرة المقدّسة ، والوجود الطاهر ، والفيض القدسي لبقية الله الأعظم الحجّة ابن الحسن المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشّريف.

هذا ، وقد اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على ثلاث نسخ ، الأوّليان مخطوطتان والثالثة حجرية.

١ ـ النسخة المخطوطة الاولى :

وهي النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة جامعة طهران تحت رقم ٩٨٥ ، وهي ضمن مجموعة الكتب والمخطوطات المهداة من قبل السيّد محمّد المشكاة إلى مكتبة جامعة طهران.

وهي من أنفس وأقدم النسخ الموجودة للكتاب ، وقد ذكر في فهرست جامعة طهران أنّها بخطّ المصنّف نفسه.

ويظهر من هذه النسخة أنّ المصنّف ألّف الكتاب من دون ذكر ما في المشتركات من الأسماء ، ولكن أضاف المشتركات فيما بعد في حواشي الكتاب.

وتوجد تعليقة حول هذا الموضوع ذكرت في الصفحة الثالثة من النسخة الخطيّة نذكرها هنا وهي :

ورد مؤلّف هذا الكتاب المشهد الرضوي ، وأراني هذا الكتاب الذي بخطّه ، وما كان فيه ذكر المشترك ، قلت له : كتابك جامع ، لكن فيه نقص من جهة ترك المشترك.

وبعد مدّة مديدة أراني هذا وفيه ما كتبه من الحواشي ، وأسند أنّ السيّد محسن الكاظمي أمره بالإلحاق. ولم يذكرني إمّا لما بين العرب والعجم من‌


المنافرة كما يشهد منهم ، أو لعدم معرفته ; بحالي.

وبعد الملاقاة الثانية في عراق العرب كان يظهر الإخلاص الخاص ، وصار بيني وبينه محبة كاملة ، واستنبطت الحق له في عدم ذكر اسمي في كتابه عند ذكر سميي ، وعذره من غير الجهة المذكورة أوضح (١).

ويلاحظ في الصفحة الرابعة من النسخة إجازة الآقا محمّد باقر البهبهاني للمصنّف بخط الوحيد ، وهذا نصّها :

بسم الله الرّحمن الرّحيم : الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطّاهرين أجمعين ، ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدّين.

وبعد ، فقد استجاز منّي الولد العزيز ، العالم الفاضل ، المتتبّع الماهر ، الرّشيد السديد ، الجليل النبيل ، مولانا أبو عليّ بن (٢) محمّد بن إسماعيل ، وفقه لمراضيه ، وجعل كلّ يوم من أيّام عمره خيرا من ماضيه ، فأجزت له أن يروي عنّي ما هو من مؤلّفاتي ومصنّفاتي وتحقيقاتي ومسموعاتي ومقروءاتي على مشايخي وأساتيذي العظام الكرام ، والعلماء الأعلام والرؤساء أولي العزّة والاحترام ، غمرهم في بحار ألطافه وإحسانه وغفرانه ، وأسكنهم بحبوحة جنّاته.

وأنا الأقلّ الأحقر الأذلّ محمّد باقر بن محمّد غفر الله تعالى سبحانه عن جرائمهما وزلاتهما آمين بمحمّد وآله الميامين صلوات الله عليهم أجمعين إلى يوم الدين تحريرا في شهر ربيع الأوّل سنة ١١٩٦ ه‍.

وكتب في أعلى هذه الصفحة تاريخ وفاة المرحوم البهبهاني :

توفّي قدّس الله فسيح تربته صبيح يوم السبت تاسع عشر من شهر‌

__________________

(١) حرّره محمّد مهدي الحسيني الموسوي ، الذي اشترى هذا الكتاب من ورثته بواسطة الحاج محمّد كاظم الكاظمي.

(٢) كذا.


شوّال المكرّم سنة ١٢٠٥ ه‍ ، انتهى.

علما أنّ بعض المترجمين له أرّخوه بسنة ١٢٠٨ ه‍ (١) ، والله العالم.

كتبت هذه النسخة بخطّ النسخ ويشاهد فيها بعض الاشتباهات والأغلاط من الكاتب أصلحت في الحاشية ، وتوجد أيضا في الحواشي بعض الإضافات.

ذكر في الصفحة الرابعة من النسخة عدد الصفحات وهي ٢٣٦ والظاهر أنّ الصواب ٢٣٩.

ولم يعلم تاريخ تأليف الكتاب ولكن يشاهد في هذه النسخة تاريخ ١٨ ربيع الأوّل سنة ١١٩٤ ه‍. ق ، فيحتمل أن يكون تاريخ التأليف في حدود هذا التاريخ.

قياس الصفحات ١٥ ٢١ و ١٢ ١٦.

وكلّ صفحة تحتوي على ٢٣ سطرا. وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف « م ».

٢ ـ النسخة المخطوطة الثانية :

وهي النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة آية الله السيّد المرعشي النجفي بقم ، تحت رقم : ٥٢٧٤ ، بخط ولد المصنّف الشيخ علي ، التي كتبها بتاريخ ٢ ذي القعدة سنة ١٢٤٥ من الهجرة النبويّة المشرّفة ، وهي النسخة الثالثة من الكتاب التي كتبها ولده بيده.

وكتبت فيها العناوين والعلامات مميزة بلون خاص وعليها تعليقات وتصحيحات منه ، ولكنّها في الغالب غير واضحة وغير مقروءة لذا لم ندرجها في الهامش.

__________________

(١) كما في روضات الجنّات ٢ : ٩٨ / ١٤٣.


والنسخة كاملة وتحتوي على ٢٩٠ ورقة ، وكلّ ورقة ٢٨ سطرا بقياس ٥ / ٣٠ ٢١ سم. وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف « ش ».

٣ ـ النسخة الحجريّة :

وهي التي كتبها الشيخ محمّد تقي ابن الشيخ محمّد عليّ الخوانساري يوم الأحد سادس شهر جمادى الاولى من سنة ١٢٦٧ ه‍.

وهي تحتوي على ٣٧٣ صفحة من الحجم الكبير.

وطبع في مقدّمته كتاب : توضيح المقال في علم الدراية والرجال للعلاّمة الحاج مولى عليّ الكني الطهراني ، المولود سنة ١٢٢٠ ه‍ ، والمتوفّى سنة ١٣٠٦ ه‍ ، وكان من تلامذة العلاّمة صاحب الجواهر.

ولم يذكر فيها سنة الطبع ولا محلّها ، والظّاهر أنّها طبعت في طهران.

منهجية العمل :

تم إنجاز العمل في الكتاب وفق منهجية المؤسسة التي بنيت على أسلوب التحقيق الجماعي من خلال عدة لجان مختصة وفي مراحل متتابعة ، كان ملخص الأعمال تلك كما يلي :

١ ـ مرحلة المقابلة : ومهمتها كانت محصورة في مقابلة النسخ ـ الثلاث ، المخطوطة والحجرية للكتاب ـ المعتمدة في التحقيق ومعارضتها على بعضها البعض وتثبيت الاختلافات الواردة فيما بينها ، وكانت أعمال هذه المرحلة بعهدة كل من الأخوين الفاضلين : الحاج عز الدين عبد الملك ، وصاحب ناصر.

٢ ـ مرحلة التخريج : قامت هذه اللجنة بتخريج الأقوال والنصوص الواردة في الكتاب على المصادر المنقول منها مباشرة ، مع تثبيت كافة الاختلافات بين المصادر وبين ما ورد في أصل الكتاب ، إذ كانت طريقة‌


المؤلف ـ ; ـ النقل عن المصادر باختصار ولربما كان بالمعنى ، وكانت هذه اللجنة مؤلفة من أصحاب السماحة حجج الإسلام : السيد محمد علي حكيم زاده ، السيد ناصر الطيبي ، والشيخ علاء مصطفى.

٣ ـ مرحلة تثبيت الهوامش : ومهمتها تثبيت الهوامش بعد سبر غور الاختلافات المثبتة من قبل اللجنتين السابقتين ، وانتفاء الصحيح منها وضمن نسق واحد ، وقد قام بمهمّة هذه اللجنة الأخ الماجد عبد الكريم حسن الجوهر.

٤ ـ ثم جاءت مرحلة التنسيق بين نتائج أعمال المراحل السابقة وتنظيمها ، وإعداد الكتاب وتهيئته لمرحلة تقويم وتوزيع النص والمراجعة النهائية ، وقد قام بهذه المهمة الأخ الماجد مهدي البرهاني.

٥ ـ مرحلة تقويم وتوزيع النص والمراجعة النهائية : وقد تم في هذه المرحلة مراجعة الكتاب وملاحظة الأعمال التي جرت عليه في المراحل المتقدمة ، واختيار النص الصحيح لتثبيته في المتن ، وذكر ما تراه مناسبا ومهما من الاختلافات والتخريجات في الهامش ، وكذا إيضاح بعض الأمور المبهمة والتعليق عليها إن دعت الحاجة إلى ذلك ، وكانت مسئولية هذه المرحلة ملقاة على عاتق المحقّق الفاضل السيّد مرتضى الحيدري.

والمؤسسة إذ تفتخر وهي تقدم للملإ العلمي هذا الأثر الرجالي المهم ، لا يسعها إلا أن تشيد بما أدّاه منتسبوها لإخراج الكتاب بهذا الشكل الجديد ، تود أن تحيط القارئ الكريم علما أن المؤلف ـ ; ـ كانت له طريقة خاصة في تصنيفه للكتاب ، فهو لم ينقل النصوص كاملة في المورد المعين كما في « منهج المقال » وإنّما ذكر نصا واحدا ، ثم انتقى من بقية النصوص عبارات وربما كلمات أحالها على مصادرها ، فقد يبدو للوهلة الأولى أن كلامه غير مترابط ، أو أن تقطيع النص وتوزيعه لم يكن صحيحا ،


إلاّ أنّه بالتمعّن الدقيق والتأني في متابعة النصوص تتضح منهجية المؤلف وطريقة تقطيع وتوزيع نصّ الكتاب.

والله الموفق وهو يهدي السبيل.

والحمد لله رب العالمين وصلواته وسلامه على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

مؤسسة آل البيت :

لإحياء التراث

١٧ ربيع الأول ١٤١٦‌






منتهى المقال في أحوال الرّجال - -١

المؤلف: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
الصفحات: 69
ISBN: 964-5503-89-2