
تراثنا
|
صاحب
الامتیاز
مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام
لإحياء التراث
المدير المسؤول :
السيّد جواد
الشهرستاني
|
العدد
الثالث [١٣٥]
|
السنـة الرابعة
والثلاثون
|
محتـويات العـدد
* النعماني
ومصادر الغيبة (٩).
.............................................. السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني ٧
* دراسات في نسخ
واعتبار كتاب (كامل الزيارات) (٣).
..................................................... الشيخ محمّد عليّ العريبيّ ٣٥
* الخطاب الحجاجي في
وصيّة الإمام الصادق عليهالسلام إلى أبي جعفر الأحول.
.......................................... د.
عبد الإله عبد الوهاب العرداوي ١٣٨
* وسائل الاختصاص في
اللغة (شواهد من كلام الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام أنموذجاً).
............................................. د.
هاشم جعفر حسين الموسوي ١٦٣
* تأويلات السيّد علي الحائري (مقتنيات
الدُرر وملتقطات الثمر).
..................................................... د.
حامد ناصر الظالمي ١٩٧
* تراجم علماء البحرين
وكتبهم ومكتباتهم من كتاب (الفوائد الطريفة) (٣)
....................................... عبد
العزيز علي آل عبد العال القطيفي ٢٣٠
* من ذخائر التراث :
* التهذيب للشيخ بهاء
الدين محمّد بن الحسين العامليّ (ت ١٠٣٠ هـ).
............................................. تحقيق : الشيخ محمّد لطف زاده ٢٦١
* من أنباء التراث.
.............................................................. هيـئة التحرير ٣٠٢
* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (التهذيب للشيخ بهاء الدين
محمّد بن الحسين العامليّ (ت ١٠٣٠ هـ)) والمنشورة في هذا العدد.

النعماني ومصادر
الغيبة
(٩)
|
|
السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني
تنويه :
بعد التعريف بأبي
عبد الله النعماني ـ مؤلّف كتاب الغيبة
ـ والبحث في
مؤلّفاته وفي التفسير المنسوب إليه ، حيث تحدّثنا عن صحّة انتسابه إليه ، وتناولنا
هذا الكتاب من مختلف الزوايا. وفي هذه الحلقة سوف نبحث في كتابين نُسبا خطأً إلى النعماني
، وسوف نعمل على إيضاح منشأ هذا الخطأ. وبعد ذلك سنعرّف سبط النعماني أي الوزير المغربي.
وكذلك سوف ننقل ترجمة النجاشي له ولخال أبيه ـ هارون بن عبد العزيز الكاتب ـ وسيكون
لنا توضيح في هذا الشأن أيضاً. وسوف نختم هذا القسم من تحقيقنا بترجمة
__________________
رسائل للوزير المغربي في شرح سيرته الذاتية وسيرة أسرته مع ذكر بعض المسائل
بشأن هذه الرسالة.
كتابان نُسبا خطأً إلى النعماني :
لقد نسبت بعض كتب
الفهارس ومعاجم الكتب كتاب جامع
الأخبار وكتاب نثر اللآلئ في الحديث إلى النعماني ، ويبدو أنّ هذه النسبة مأخوذة من كلام صاحب الروضات ، فقد نقل في ترجمة النعماني عبارتين عن مقدّمة بحار الأنوار ، وقد جاء في إحديهما ما يلي :
«وكتاب جامع الأخبار كتاب الغيبة
للشيخ الفاضل الكامل
الزكي محمّد بن إبراهيم النعماني ـ رحمه الله ـ تلميذ الكليني».
وجاء في العبارة
الثانية : «كتاب نثر
اللآلئ وكتاب جامع الأخبار من أجلّ الكتب».
__________________
وقد نوّه المحدّث
النوري من خلال الإشارة إلى عبارتي مقدّمة البحار إلى وجود تحريفات في نقل صاحب الروضات ، فمن خلال عبارتي العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار يتّضح أنّ هذين الكتابين ليسا من تأليف النعماني ، فما هو
السبب الذي أدّى إلى مثل هذا الفهم الخاطئ لهاتين العبارتين؟
لكي نبيّن المنشأ
الاحتمالي لهذا الخطأ ، يجب علينا أن نشير إلى عبارتي مقدّمة بحار الأنوار لكي يمكننا أن نبيّن سبب مثل هذا الخطأ ؛ ففي الفصل
الأوّل من مقدّمة بحار
الأنوار الذي يبحث في تعريف
مصادر البحار ومؤلّفيها قد ورد عنوان كتاب جامع الأخبار ، وقد شغل ما يقرب من الستّة أسطر من البحث في بيان مختلف
الاحتمالات بشأن مؤلّف الكتاب ، ثمّ قال : «وكتاب الغيبة للشيخ الفاضل الكامل الزّكي محمّد بن إبراهيم النعماني تلميذ
الكليني».
إنّ مقارنة هذه
العبارة بالعبارة المنقولة في روضات
الجنّات ، ينشأ منها هذا الاحتمال ، وهو أنّ صاحب الروضات لم يراجع هذا النصّ بصورة تفصيلية ، وإنّما راجع نصّاً يقتصر على ذكر أسماء
مصادر البحار ومؤلّفيها ، وقد حُذفت منها المسائل المرتبطة بالاحتمالات الواردة بشأن مؤلّف
كتاب جامع
الأخبار ؛ ولذلك ذهب به
التصوّر إلى أنّ كتاب جامع
الأخبار مثل كتاب
__________________
الغيبة
هو من تأليف النعماني.
أمّا نسبة نثر اللآلئ إلى النعماني فقد نشأ من خطأ مضافاً إلى الخطأ الذي مرّ آنفاً
فقد جاء في الفصل الثاني من مقدّمة البحار ـ الخاصّ ببيان اعتبار مصادر الكتاب ـ كلام العلاّمة المجلسي بشأن كتاب عوالي اللآلئ ، وقال : إنّ مؤلّف هذا الكتاب لم يميّز التستّر من اللّباب ، فقد اكتفى بذكر
بعض نقوله في بحار
الأنوار. ثمّ قال : «ومثله كتاب نثر اللئالي وكتاب جامع
الأخبار. وكتاب النعماني من أجلّ الكتب ، وقال الشيخ المفيد رحمه الله في إرشاده ...». (وقد أورد هنا عبارة المفيد في الثناء على كتاب الغيبة للنعماني).
وكأنّ عبارة (ومثله)
لم تكن في نسخة صاحب الروضات ، أو أنّه لم يلتفت لها ، فلذلك ظنّ أنّ عبارة (من أجلّ الكتب) قد جاء في شأن
كتاب نثر
اللآلئ وجامع الأخبار كذلك ، وحيث إنّه تصوّر أنّ جامع الأخبار من تأليف
__________________
النعماني ، فقد اعتبر نثر
اللآلئ من تأليفه أيضاً بقرينة السياق.
وعلى أيّ حال فإنّ
هذا الفهم من عبارة بحار
الأنوار اشتباه واضح ، ففي
هذه العبارة يرى العلاّمة المجلسي كتاب نثر اللآلئ مثله مثل عوالي اللآلئ الذي اكتفى بنقل بعض رواياته ، وقد صرّح في الفصل الأوّل
بأنّ هذين الكتابين هما من تأليف ابن أبي جمهور الأحسائي.
إنّ جملة (كتاب
النعماني من أجلّ الكتب) جملة مستقلّة وكاملة ومؤلّفة من مبتدأ وخبر ، وإنّ عطفها على
ما قبلها من قبيل عطف جملة على جملة أو هي واو استئنافية. وإنّ عبارة جامع الأخبار يحتمل قويّاً أنّها معطوفة على نثر اللآلئ ، ولا ربط لعبارة (من أجلّ الكتب) بها. وأمّا مدح الشيخ المفيد
فإنّ مقصوده هو كتاب النعماني فقط ، وليس جامع الأخبار.
ومهما كان فإنّ
نثر
اللآلئ هو من تأليف ابن
أبي جمهور الأحسائي ، وقد ذُكرت احتمالات عديدة بشأن مؤلّف جامع الأخبار ، ولا شكّ في أنّ هذين الكتابين ليسا من تأليف النعماني.
أسرة النعماني :
لا يوجد الكثير
من الأخبار بشأن أسرة النعماني ، وكلّ ما نعرفه أنّ
__________________
حفيده لابنته ـ أبو القاسم (الوزير المغربي) الحسين بن عليّ بن حسين ـ هو
من كبار العلماء ومن السياسيّين البارزين في عصره ، فقد تردّد اسمه كثيراً في
الكتب التأريخية التي رصدت أحداث تلك الحقبة ، حيث كان محوراً للكثير من الأحداث فيها
، وقد وردت ترجمته في الكثير من مصادر السير والتاريخ ، وأوّل ترجمة له وردت في رجال
النجاشي.
إنّ أهمّ مصدر تناول
سيرة حياته هو كتاب بغية
الطلب في تاريخ حلب ، لابن العديم كمال
الدين عمر بن أحمد بن أبي جرادة (المتوفّى سنة ٦٦٠ للهجرة) ، خصوصاً وأنّ هذا الكتاب يشتمل على رسالة عن الوزير المغربي تحتوي على معلومات
قيّمة للغاية بشأن حياته وحياة أسرته ، كما يحتوي هذا الكتاب على ما كتبه والد الوزير بشأنه وهو تقريرٌ ملفت للنظر.
أمّا المصادر المتأخّرة
فقد اشتمل الكثير منها على بيان سيرته ، وأكثر المصادر تفصيلاً في هذا الشأن كتاب أعيان الشيعة ، حيث اشتمل هذا الكتاب
__________________
على ذكر سيرته في موضعين ، أحدهما : على هامش اسم حسين ، والآخر ـ عن طريق الخطأ ـ على هامش اسم عليّ بن الحسين ، حيث اشتمل على
معلومات جديدة وقيّمة. هذا وقد اشتملت المصادر الحديثة على سيرة الوزير المغربي
أيضاً ، وسنكتفي بذكر كتاب واحد منها مع ذكر العنوان الذي جاء على غلاف هذا الكتاب
:
(الوزير المغربي أبو القاسم
الحسين بن علي ، العالم الشاعر الناثر الثائر ، دراسة في سيرته وأوجه ما تبقّى من آثاره) ، وهذا الكتاب من تأليف الدكتور إحسان عبّاس ، وقد أشار
في مقدّمة كتابه إلى المؤلّفات المطبوعة للوزير المغربي.
ولا تبدو هناك حاجة
إلى بيان السيرة التفصيلية للوزير المغربي في هذا المقال ، من هنا فإنّنا سنكتفي بنقل
عبارة رجال
النجاشي عنه وعن أحد أقربائه ، وكذلك نقل أجزاء من رسالة الوزير المغربي
في التعريف بأصله ونسبه وما كتبه أبيه في شأنه. وفي القسم التالي من هذا المقال سوف
نتعرّض إلى شذرات من المعلومات حول الوزير المغربي وأسرته ، ثمّ نصحّح بعض الأخطاء
التي وقع فيها البعض بشأنه ، وننقل آراءه التفسيرية بشكل كامل.
ترجمة الوزير المغربي في رجال النجاشي :
قال أبو العبّاس
النجاشي في رجاله :
__________________
«الحسين بن عليّ
بن الحسين بن محمّد بن يوسف الوزير أبو القاسم المغربي من ولد بلاس بن بهرام جور ،
وأمّه فاطمة بنت أبي عبد الله محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني شيخنا صاحب كتاب الغيبة. له كتب ، منها : ... توفّي رحمه الله يوم النصف من شهر رمضان ، سنة ثمان عشرة
وأربع مئة».
هناك فقرتان من
هذا النصّ بحاجة إلى إيضاح :
الفقرة
الأولى : قد يُفهم من عبارة (من ولد بلاس بن بهرام جور) أنّ
بلاس هو نجل (بهرام جور) مباشرة إلاّ أنّ الصحيح هو أنّ بلاس ينتسب إلى بهرام جور عبر
واسطتين أو ثلاث وسائط ، وقد نقل ابن العديم نسب الوزير المغربي عن مخطوطة خطّها الوزير
بيده ، وكذلك عن مخطوطة لولده عبد الحميد ، وطبقاً لما كتبه الوزير المغربي فإنّ بلاش (الذي هو بلاس على ما يبدو) هو ابن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور ، وقد ضبط عبد الحميد
__________________
اسمه على شكل فلاش وتلفّظه الآخر بلاش ـ على ما يبدو ـ معتبراً إياه ابن جاماسب بن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور ، ويبدو أنّ هذا النقل هو الأصحّ.
إنّ بهرام جور (بهرام
الخامس) هو الملك الساساني الخامس عشر ، ابنه (يزدجرد الثاني) هو الملك السادس عشر
، وحفيده (پيروز الأوّل) ، هو الملك الثامن عشر ، وابن پيروز (جاماسب) هو الملك الساساني
الحادي والعشرين ، وقد كان ليزدجرد الثاني ولد اسمه بلاش أيضاً ، جلس على العرش خلفاً
لأخيه (پيروز) ، ويبدو أنّ بلاش ـ الوارد في نسب الوزير
__________________
المغربي ـ هو حفيد أخيه.
لقد التفت صاحب
قاموس
الرجال إلى الإشكال الواقع في كلام النجاشي ، فقال :
«بلاس ليس ولداً
لبهرام بل هو ابن فيروز بن يزدجرد بن بهرام ، وقد كان بلاس عمّاً لأنوشيروان ، وقد
بنى ساباط المدائن. وأصل ساباط كان بلاس آباد ، وقد تحوّل إلى ساباط بفعل التخفيف والتعريب».
إنّ النسب الذي
يذكره صاحب قاموس
الرجال لبلاس هو ذاته النسب المنقول عن خطّ الوزير المغربي ، وقد
ذكرنا أنّه يحتمل سقوط جاماسب من هذا النسب. وعلى أيّ حال فإنّ عم أنوشيروان (بلاش) كان هو الملك الساساني التاسع عشر ، وهو غير بلاش جدّ الوزير المغربي ، وإنّ
بلاش الذي
__________________
هو جدّ الوزير كان أبن أخيه أو حفيد أخيه.
وقد ذهب صاحب قاموس الرجال إلى تخطّي كلام النجاشي في هذا المورد ، ولكن يُحتمل أنّ النجاشي ـ بالالتفات
إلى الاختلاف في نسب بلاس ـ إنّما ذكر عبارة بلاس بن بهرام جور من باب الاختصار في
النسب ، وعليه لا يمكن أن نحكم على النجاشي بالخطأ بضرس قاطع.
القسم
الثاني : لقد بحث علماء الرجال في كلمة (شيخنا) الواردة في هذه العبارة
، وقد وردت عبارة النجاشي التي تقدّم ذكرها بعينها في خلاصة العلاّمة الحلّي ، وقد تمّ حذف الكتب من عبارة (صاحب كتاب الغيبة. له كتب ، منها : ...) إلى نهاية العبارة اختصاراً ، وقد اعترض بعض علماء الرجال
على نقل العلاّمة الحلّي قائلين : إن كان الوزير المغربي أستاذاً للنجاشي ، فلا
يمكن أن يكون أستاذاً للعلاّمة الحلّي ، وهناك من قال إنّ نقل هذه العبارة في خلاصة العلاّمة دون حذف كلمة (شيخنا) هو الذي أدّى إلى ظهور هذا الإشكال.
وقد أصاب صاحب قاموس الرجال عندما قال : إنّ كلمة (شيخنا) الواردة في كلام النجاشي إنّما تعني النعماني
وليس الوزير المغربي خصوصاً إذا أخذنا بنظر الاعتبار مجيء عبارة (صاحب كتاب الغيبة) بعدها مباشرة ،
__________________
وإنّ عبارة شيخنا ، تعني شيخ طائفتنا. وعليه لا إشكال في استعمال العلاّمة الحلّي لهذه العبارة.
وعلى الرغم من عدم
تمامية الإشكال الذي أورده علماء الرجال على العلاّمة الحلّي بتلك الصيغة من وجهة نظرنا
، ولكن يمكن تقرير الإشكال بصيغة أخرى ، ببيان أنّ القسم الأوّل من خلاصة العلاّمة
الحلّي خاصّ بالمقبولين من الرواة ، في حين لا نرى في ترجمة الوزير المغربي أيّ توثيق أو وصفه بما يُشعر المدح
والثناء ، من هنا يبدو أنّ العلاّمة الحلّي قد ذهب إلى اعتبار وصف (شيخنا) يعود إلى
الوزير المغربي ، ويحتمل أنّ العلاّمة الحلّي في هذه الترجمة لم يراجع أصل رجال النجاشي
، وإنّما اعتمد في ذلك
__________________
على نقل أستاذه أحمد بن طاووس عن رجال النجاشي في حلّ الإشكال ؛ إذ في هذا النقل تمّ حذف عبارة (صاحب كتاب الغيبة) اختصاراً ، ولذلك فقد تصوّر العلاّمة الحلّي أنّ كلمة (شيخنا)
تعود إلى صاحب الترجمة ؛ ولهذا السبب اعتبر أنّها تعني شيخ الطائفة الإمامية ـ وهي
عبارة في غاية الأهمية في مدح بل توثيق الراوي ـ فأورد اسم حسين بن علي المغربي في
القسم الأوّل من رجاله.
مؤلّفات الوزير المغربي في رجال النجاشي :
هناك العديد من
المؤلّفات التي كتبها الوزير المغربي وقد ذُكر أكثرها في رجال النجاشي ، وفيما يلي نستعرض هذه المؤلّفات مع إضافة بعض الإيضاحات لبعضها :
١ ـ خصائص علم القرآن :
قال ابن شهرآشوب
في معالم
العلماء :
«أبو القاسم المغربي
الوزير ، له كتاب المصابيح في تفسير القرآن».
وقد أشار صاحب رياض العلماء بعد نقل هذه العبارة إلى أنّ هذا الكتاب هو نفس خصائص علم القرآن على ما يبدو
، ولكنّه لم يذكر
أيّ
__________________
دليل على ذلك. ولا يمكن الحكم بوضوح على ما إذا كان هذان الكتابان كتاباً
واحداً أم كتابين مختلفين ، والذي يبدو من عنوان (خصائص علم القرآن) أن يكون موضوعه في علوم القرآن ـ الذي هو من مباني علم
التفسير ـ وليس في علم التفسير.
وعلى كلّ حال فقد
نسب ابن العديم إلى الوزير المغربي كتاباً في تفسير القرآن ، ويبدو أنّه عنى بذلك كتاب
المصابيح ، وقد قال بشأن هذا الكتاب : «أحسن فيه على اختصاره». وقد أخبر الوزير المغربي في رسالته عن الكثير من الإملاءات
التي كانت له في تفسير القرآن وتأويله. وربّما كان كتاب تفسير القرآن ، وأحياناً كتاب خصائص
علم القرآن قد تمّ إعدادهما من هذه الإملاءات.
وهذا التفسير غير
موجود حاليّاً ، ولكن يبدو أنّه كان عند الشيخ الطوسي ؛ لأنّه قد نقل الكثير من المسائل
في كتاب التبيان عن الوزير المغربي. وفي القسم التالي من هذا المقال سوف نقوم ببيان آرائه التفسيرية.
٢ ـ اختصار إصلاح المنطق :
إنّ هذا الكتاب
الذي كان عنوانه هو المنخل من نتائج إقامة الوزير المغربي في مصر ، وقد كتب والد الوزير المغربي خلف نسخة
الكتاب بعد
__________________
الإشارة إلى تاريخ ولادته ، والجهود التي بذلها نجله من أجل تحصيل العلم في
الصغر ، قائلاً :
«لقد اختصر هذا
الكتاب ، وبلغ الغاية في هذا الاختصار ، وقد أدرج فيه جميع فوائد الكتاب ، ولم يفتقد
أي واحد من ألفاظ الكتاب. وإنّما عمد إلى تغيير بعض أبواب الكتاب رعاية للاختصار ،
واضعاً كلّ نوع في موضعه المناسب. وبعد اختصار هذا الكتاب ذكرته بنظمه. وقد بدأه وأنجز
بعض أوراقه في ليلة واحدة. وكان ذلك منه قبل أن يكمل السابعة عشر من عمره».
وقد عرض المؤلّف
هذا الكتاب على أبي العلاء المعرّي ، فاستحسنه وأرسل له رسالته الأغريضية في الثناء
عليه.
٣
ـ اختصار غريب المصنّف :
٤
ـ رسالة في القاضي والحاكم.
٥
ـ كتاب الإلحاق بالاشتقاق.
٦
ـ اختيار شعر أبي تمّام.
٧
ـ اختيار شعر (البحتري).
٨
ـ اختيار شعر (المتنبّي) والطعن عليه.
__________________
وغير هذه الكتب
هناك كتب أخرى من تصنيف الوزير المغربي ، ومن بينها : كتاب (الإيناس) في علم الأنساب ، وكتاب (أدب الخواص) ، وهما مطبوعان. وهناك نصوص متفرّقة من كتبه المفقودة مجموعة
في كتاب الوزير المغربي ، وقد اشتمل هذا الكتاب على بعض الأشعار المتبقية من ديوانه.
ترجمة أحد أقارب الوزير المغربي في رجال النجاشي :
نجد اسم الوزير
المغربي في رجال
النجاشي في ترجمة هارون بن عبد العزيز ، حيث قال :
«هارون بن عبد العزيز
أبو علي الأراجني (الأوارجي ظ) الكاتب ، مصري ، كان وجهاً في زمانه ، مدحه المتنبّي
، وله ابن اسمه علي وكان حسن التخصيص (التخصّص) بمذهبنا ، وهو جدّ أبي الحسن عليّ بن
الحسين المغربي الكاتب والد الوزير أبي القاسم ، له كتاب الرد على الواقفة».
كلام العلاّمة المامقاني
واعتراض صاحب قاموس
الرجال في الشأن :
ذكر صاحب تنقيح المقال اسم علي بن هارون بن عبد العزيز في كتابه وقال : لم أعثر بشأنه إلاّ على عبارة
النجاشي : (له ابن اسمه علي) ، وأمّا عبارة (وكان حسن التخصيص (التخصّص) بمذهبنا) ،
فيبدو أنّها تخصّ والده (صاحب الترجمة في رجال النجاشي).
__________________
وقد اعترض صاحب
قاموس
الرجال على هذا الكلام قائلاً :
جملة (وكان حسن
التخصيص بمذهبنا) تعود إلى علي بن هارون بن عبد العزيز ، وإلاّ فإنّ ذكر اسم علي دون
توضيح إضافي لغو خارج عن وظيفة الرجالي ؛ لأنّ العالم الرجالي ليس مثل المتخصّص في
علم الأنساب الذي تقتصر وظيفته على ذكر طبقات الأفراد فقط.
ويحتمل أن تكون
العبارة اللاحقة للنجاشي (وهو جدّ أبي الحسن عليّ بن الحسين المغربي الكاتب والد الوزير
أبي القاسم) عائدة إليه أيضاً. وإن عبارة (له كتاب) المتعلّقة بهارون بن عبد العزيز
صاحب الترجمة ، لا تشكّل مانعاً من كلامنا المتقدّم في كون العبارة التي مرّت آنفاً
هي بشأن ولده علي ؛ لقيام القرينة على ارتباط هذه العبارة بصاحب الترجمة. ومن جهة أخرى
فإنّ فصل هذا الكلام وعدم ذكر حرف العطف في بدايته دليل آخر على صحّة كلامنا.
مناقشة كلام صاحب قاموس الرجال :
بعد دراستنا لكلام
صاحب القاموس لابدّ لنا من الإشارة إلى أمرين فيما يخصّ رجال النجاشي ، الأوّل : النظرة
العامّة لهذا الكتاب إلى رجال
النجاشي. والثاني : التحقيق
في خصوص الترجمة المتقدّمة لهارون بن عبد العزيز في رجال النجاشي.
__________________
وفيما يتعلّق بالأمر
الأوّل نشير إلى أنّ هذه الرؤية إلى كتاب رجال النجاشي بحدّ ذاتها مهمّة في فهم عبارات
الكتاب ، حيث تدعونا هذه الطريقة في الكثير من تراجم كتاب النجاشي إلى بيان تفسير خاصّ
لعباراته. وتفصيل هذا الكلام يحتاج إلى مقال مستقلّ ، ولكنّنا سنكتفي هنا بذكر بعض
المسائل في إثبات عدم صوابية تحليلات صاحب القاموس لعبارات النجاشي :
أوّلاً : في بداية الجزء الثاني من رجال النجاشي تمّ تعريف هذا الكتاب على النحو الآتي
:
«كتاب فهرست أسماء
مصنّفي الشيعة وما أدركنا من مصنّفاتهم ، وذكر طرف من كناهم وألقابهم ومنازلهم وأنسابهم
، وما قيل في كلّ رجل منهم من مدح أو ذمّ».
إنّ كلمة (أنسابهم)
في هذه العبارة تثبت أنّ النجاشي عند تأليف هذا الكتاب كان ناظراً إلى أنساب الرواة
، وعليه فإنّ هدفه لم يكن رجاليّاً بحتاً.
ثانياً : عند مراجعة كتاب رجال
النجاشي يتبيّن لنا أنّ المؤلّف كان مهتمّاً بذكر أسر الرواة ، ففي
ما يقرب من خُمس التراجم ورد ذكر الآباء والإخوة والأجداد والأعمام والأخوال والأولاد
وما إلى ذلك ، بل اتّسعت الدائرة لتشمل حتّى زوج الخالة أحياناً ، وقد اقترن ذلك في الغالب بتوضيحات حول الأقارب ، ولربّما كان ذلك من أجل إلقاء
مزيد من الضوء على التعريف
__________________
بصاحب الترجمة ، إلاّ أنّ هذا ليس قاعدة مضطردة في جميع الموارد ، حيث لم
يتمّ ذكر الأقارب لهذه الغاية دائماً ، فعلى سبيل المثال نقرأ في ترجمة عبيد الله
بن أحمد بن نهيك قوله : «وآل نهيك بالكوفة بيت من أصحابنا ، منهم عبد الله بن محمّد
وعبد الرحمن السمريان وغيرهما» ، كما جاء في ترجمة محمّد بن سماعة : «والد الحسن وإبراهيم وجعفر ، وجدّ معلّى
بن الحسن». فلو كان الهدف مجرّد التعريف بمحمّد بن سماعة ، لم تكن
هناك ضرورة إلى سرد جميع هذه الأسماء.
وكذلك جاء في ترجمة
المعلّى بن خنيس : «وابن أخيه [أخته] عبد الحميد بن أبي الديلم) ، ولا شكّ في أنّ المعلّى بن خنيس أكثر شهرة من عبد الحميد بن أبي الديلم ،
وعليه لا يصحّ التعريف بالمعلّى بن خنيس من خلال التعريف بعبد الحميد بن أبي الديلم.
ويبدو أنّ ذكر جميع
هذه الأمور جاء في سياق التعريف بأقارب الراوي ، وإنّ ذكرها شكّل غاية مستقلّة للنجاشي
للتعريف بهم ، وليس من اللازم أن نبحث له عن غاية أخرى غير هذه الغاية ، وعلى هذا الأساس
فإنّ ذكره لعبارة : «وكان خاله علاّن الكليني الرازي» وذلك في ترجمة العالم
والمحدّث الشيعي الشهير محمّد بن يعقوب الكليني ، خير دليل على ذلك.
__________________
ثالثاً : يعمد الرجاليّون أحياناً ـ ضمن الترجمة ـ إلى بيان سبب لقب أو كنية الراوي
، وعليه يمكن أن يكون ذكر عبارة (وله ابن اسمه علي) في هذه الترجمة لبيان وتوضيح منشأ
تلك الكنية ، والملفت للانتباه أنّ هذه العبارة قد تكرّرت مرّة واحدة فقط في رجال النجاشي
، وذلك في ترجمة موسى بن عمر بن يزيد بن ذبيان ، وفي هذه الترجمة بعد ذكر كنية أبي
علي يستطرد قائلاً : «وله ابن اسمه علي وبه كان يكتني» ؛ وعليه لا حاجة إلى اعتبار جملة (كان حسن التخصيص بمذهبنا)
مرتبطة بابن صاحب الترجمة ، وبشكل عام ـ كما نوّه الشيخ المامقاني ـ إنّ الظهور الأوّلي
لهذا النوع من التعابير هو ارتباطه بصاحب الترجمة ، وما لم نعثر على قرينة واضحة على
الخلاف لا ينبغي أن نرفع أيدينا عن هذا الظهور.
وفيما يتعلّق بالأمر
الثاني ـ البحث في خصوص ترجمة هارون بن عبد العزيز في رجال النجاشي ـ كذلك نبدأ أوّلاً بالقول : إنّه لم يكن هارون بن عبد العزيز ولا نجله (علي)
جدّاً للوزير المغربي لأبيه ، بل إنّ هارون بن عبد العزيز هو خال أبيه ، وإنّ علي بن
هارون هو ابن خال أبيه ، كما تمّ التصريح بذلك في رسالة الوزير المغربي.
__________________
ويبدو أنّ كلمة
(جد) في النسخة المتوفّرة لرجال النجاشي ، تحريف عن كلمة (خال) ، فبعد التحام الألف
باللام من كلمة (خال) تبدو شديدة الشبه بكلمة (جد) ، فإنّ حصول هذا التحريف وحدوث ذلك
في أثناء الكتابة وامتزاج الحبر أمر طبيعي جدّاً. وهذا الأمر يثبت أنّ الجملة المتقدّمة
ترتبط بـ : (هارون بن عبد العزيز) ، وليس بنجله (علي). وعلى فرض اعتبار أنّ هذه
الجملة من خطأ النجاشي ، فإنّ هذا الخطأ يكون مؤيّداً لارتباطها بـ : (هارون بن
عبد العزيز) ، لأنّ الخطأ في اعتبار الخال بدلاً من الجد أقرب إلى التحقّق من
الخطأ في اعتبار ابن الخال بدلاً من الجد.
خلاصة
الكلام : لا وجود لأيّ قرينة تصرفنا عن الظهور البدوي لكلام
النجاشي ؛ ولذلك يجب اعتبار جملة (وكان حسن التخصيص) والجملة التالية لها مرتبطة بـ : (هارون بن عبد العزيز) وليس بولده (علي).
رسالة الوزير المغربي في التعريف بأصله ونسبه وسيرته العلمية :
اتّهم الوزير المغربي
في بغداد باعتناق المذهب الإسماعيلي الذي كان يحظى بدعم من الحكّام المصريّين ، وإنّ
لقب المغربي يُعدّ خير شاهد على
__________________
ارتباطه بالمصريّين ، وقد كتب الوزير رسالة يدافع فيها عن نفسه ليعرضها على
الخليفة العبّاسي (القادر) ، وقد نقل ابن العديم الجزء الأوّل من هذه الرسالة في كتابه
بغية
الطلب.
ولأهميّة هذه الرسالة
في التعريف بالوزير المغربي وأسرته ، سوف ننقل القسم الأكبر منها ، ممّا يعتبر سيرة
الكاتب بقلمه :
ففي البداية نوّه
إلى الاتّهام الذي وجّه إليه ، موضّحاً نسبته إلى المغربي التي كانت هي السبب وراء
ذلك الاتّهام ، فقال :
«كان أصلي من البصرة
، وانتقل سلفي عنها في فتنة البريدي إلى بغداد ، وكان جدّ أبي وهو أبو الحسن علي بن
محمّد يخلف على ديوان المغرب ، فنسب به إلى المغربي ، وولد له جدّي الأدنى ببغداد في
سوق العطش ، ونشأ وتقلّد أعمالاً كثيرة ، منها تدبير محمّد بن ياقوت عند استيلائه على
أمر المملكة ، وكان خال أبي وهو أبو علي هارون بن عبد العزيز الأوارجي المعروف ـ الذي
مدحه المتنبّي ـ متحقّقاً بصحبة أبي بكر محمّد بن رائق ، فلمّا لحق أبا بكر بن رائق
ما لحقه بالموصل ، سار جدّي وخال أبي إلى الشام ، والتقيا بالإخشيذ ، وأقام والدي وعمّي
ـ رحمهما الله ـ بمدينة السلام (بغداد) ، وهما حدثان إلى أن توطّدت أقدام شيوخهما بتلك
البلاد ، وأنفذ
__________________
الإخشيذ غلامه المعروف بفاتك المجنون الممدوح المشهور ـ وقد مدحه المتنبّي ـ
فحملهما (أي هذان الملازمان أو الأولياء) ومن يليهما إلى الرحبة وسار بهما على طريق الشام إلى مصر فأقامت الجماعة هناك
إلى أن تجدّدت قوّة المستولي على مصر فانتقلوا بكلّيتهم وحصلوا في حيّز سيف الدولة
أبي الحسن بن حمدان مدّة حياته ، واستولى جدّي على أمره استيلاء يشهد به مدائح أبي
نصر بن نباته فيه ، ثمّ غلب أبي من بعده على أمره وأمر ولده غلبة تدلّ عليها مدائح
أبي العبّاس النامي فيه ، ثمّ شجر بينهما ما يتّفق مثله بين المتصاحبين في الدنيا ففارقه
من الرحبة ، وانحدر إلى الأنبار قاصداً مدينة السلام ، فلمّا حصل بالأنبار وجد العراق
مضطرباً ، وبهاء الدولة ـ رحمه الله ـ في أوّل أمره غالباً ؛ فخوّف من المقام ، فركب
مغرّراً بنفسه قاصداً الشام ليتمكّن من تعرّف أخبارنا وافتكاك أسارنا ، فإنّا كنّا
بحلب معوّقين من بعده ، فلقي بمصر الحظوة التي عرفت ، وليتها ما اتّفقت ، فإنّ ختامها
كان سمّاً رعافاً ، وعقباها كان بوراً واجتياحاً ، وانتقلت في أثره ، وكانت والدتي
من أهل العراق ، ولنا إلى اليوم أملاك بالنعمانية موروثة ، فكنّا بمصر زوّاراً وبالعراق
لما انتقلنا إليها قاطنين وأُلاّفاً ، فهذا أوّلاً حديث الأصل الذي وقع الاشتباه ،
وتمّ التمويه فيه.
ثمّ ارجع إلى ذكر
الدين فإنّي نشأت وغذّيت بكتب الحديث وحفظ القرآن ومناقبة الفقهاء ومجالسة العلماء
، والله ما رأيت قط بتلك البلاد مأدبة
__________________
ولا وليمة إلاّ ولعرس ، ولا كنت متشاغلاً إلاّ بعلم أو دين ، ولقد سلم لي من
جزازات كتبي ما هو اليوم دالّ على تشاغلي بالدين القيّم ، واستمراري على النهج الأسلم
؛ لأنّه ليس كتاب من كتب السنة إلاّ وقد أحطت به رواية ورمته دراية ، وها هنا اليوم
نسختان من موطّأ مالك سماعي من جهتين ، وعليهما خطوط الشيخين والصحيحان لمسلم والبخاري
، وجامع سفيان ومسانيد عدّة عن التابعين ، ولي ـ وأحمد الله ـ إملاءات عدّة في تفسير
القرآن وتأويله وتخريجات من الصحاح المذكورة ، وسمعت كتاب المزني عن الطحاوي عن
المزني ، وأمّا الأحاديث المنثورة التي كنت أبكّر بكور الغراب لاستماعها ، وأطرح زينة
الدنيا في مزاحمة أشياعها فأكثر من أن تحصى».
إنّ الوزير المغربي
عمد من خلال هذه التوضيحات إلى إثبات عدم صحّة الظنون الباطلة في حقّه.
توضيح بعض المسائل في هذه الرسالة :
أوّلاً : إنّ والدة الوزير المغربي ـ التي كانت لها بعض الأملاك التي ورثها الوزير
المغربي ـ هي فاطمة بنت أبي عبد الله النعماني ، وقد سبق لنا أن ذكرنا بعض الاحتمالات بشأن لقب النعماني ووجه نسبة هذا اللقب
إليه دون أن نصل إلى نتيجة واضحة بهذا الشأن ، إلاّ أنّ هذه الفقرة تشكّل دليلاً واضحاً
__________________
على انتساب النعماني إلى مدينة النعمانية ، وبذلك يكون بحثنا في هذا
الموضوع قد تمّ.
ثانياً : لقد كانت خاتمة أسرة الوزير المغربي في مصر مريرة ومؤلمة ، فقد قام الحاكم
العبيدي بقتل والده وعمّه ، وقد تعقّب إخوته ، فظفر بشقيقين للوزير المغربي وقتلهما
، بينما تمكّن الوزير المغربي من التواري والخروج من مصر خلسة ، وبعدها أخذ يسعى في
الانتقام من حاكم مصر ، وقد شكّلت هذه الفترة من حياة الوزير المغربي منعطفاً هامّاً
في حياته السياسية ، وسوف نشير إليها إجمالاً.
ثالثاً : قد سعى الوزير المغربي في هذه الرسالة إلى التظاهر باعتناق المذهب السنّي
، وليس هناك من شكّ في أنّ ذلك كان منه بداعي التقيّة ، إذ لا شكّ ولا شبهة في تشيّعه ، وإنّ ترجمته في رجال النجاشي ـ الخاصّ بفهرسة مصنّفات الشيعة ـ يُشكّل دليلاً
قاطعاً على انتمائه إلى التشيّع ، وقد ذكر أبو جعفر البصري النقيب أستاذ ابن أبي الحديد
المعتزلي ما يؤيّد أنّ الوزير المغربي كان رافضيّاً ، ولا يخفى مدى تعلّقه الكبير بأهل البيت عليهمالسلام ويبدو ذلك جليّاً من وصيّته بدفنه إلى جوار أمير المؤمنين عليهالسلام ، وسعيه الحثيث إلى تحقيق هذه الوصية ، وأهمّ دليل على تشيّع الوزير المغربي قصائده في
__________________
مدح أمير المؤمنين عليهالسلام ، وتصريحه بغصب
حقّه من قبل الخلفاء الأوائل وهجائه لهم. وننقل هنا شيئاً من أشعاره تيمّناً :
«صلّى عليك
الله يا من دنا
|
|
من قاب قوسين
مقام النبيهِ
|
أخوك قد
خُولفتَ فيه كما
|
|
خُولف في
هارون موسى أخيهِ
|
هل برسول
الله من أسوة
|
|
لم يقتدِ
القومُ بما هُنّ فيهِ».
|
وقد تمّت الإشارة
في هذه الأبيات إلى حديث المنزلة ، الذي قال فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعليّ عليهالسلام : «يا عليّ أنت مني بمنزلة هارون من موسى».
ومن الجدير بالذكر
أنّ الوزير المغربي لم يصرّح باعتناقه مذهب أهل السنّة ، حيث يبدو من ذلك أنّه لم يرَ
ضرورة للكذب في إبداء هذا المعتقد ؛
__________________
إذ أمكنه التغلّب على هذه المشكلة من خلال التورية ، وإنّ العبارة المتقدّمة
التي تنطوي على التورية يمكن لها أن تكون دليلاً على شدّة تمسّكه بالتشيّع ؛ إذ أنّه
يحجم عن الكذب حتّى في حالة التقية.
رابعاً : وبما إنّه قد كتب هذه الرسالة في ظروف التقية ، فقد دعاه ذلك إلى الإحجام
عن انتساب أمّه إلى أبي عبد الله النعماني (بوصفه من مشاهير علماء الشيعة) ، إلاّ أنّ
ابن خلّكان صرّح بأنّها بنت أبي عبد الله النعماني في رسالة (أدب الخواص).
خامساً : إنّ هذه الرسالة تشير إلى مثابرة الوزير المغربي على طلب العلم ، وهو أمر
قد شهد له به والده أيضاً.
ما كتبه والد الوزير المغربي في شأنه :
لقد كتب والد الوزير
المغربي (عليّ بن الحسين) على ظهر نسخة من كتاب (اختصار إصلاح المنطق) ـ وهو من تأليف الوزير المغربي ـ في وصف ولده ما يلي :
«وُلد ـ سلّمه الله
وبلّغه مبلغ الصالحين ـ أوّل وقت طلوع الفجر من ليلة صباحها يوم الأحد ، الثالث عشر
من ذي الحجّة سنة سبعين وثلاثمئة ، واستظهر القرآن وعدّة من الكتب في اللغة والنحو
، ونحو خمسة عشر ألف بيت من مختار الشعر القديم ، ونظم الشعر وتصرّف في النثر ، وبلغ
من الحظ
__________________
ما يقصر عنه نظراؤه ، ومن حساب المولِّد والجبر والمقابلة وجميع الأدوات
إلى ما يستقلّ بدونه الكاتب ، وذلك كلّه قبل استكماله أربع عشرة سنة ...».
ثمّ استطرد في
بيان بعض التوضيحات حول كتاب (اختصار
إصلاح المنطق) حيث تقدّم ذكر ذلك.
وللبحث صلة ...
__________________
دراسات في نسخ
واعتبار كتاب
(كامل الزيارات)
(٣)
|
|
الشيخ محمّد عليّ العريبيّ
بسم الله الرحمن الرحیم
لقد تناولنا في
الأعداد السابقة في القسم الأوّل دراسة تفصيلية في نسخ واعتبار الكتاب المتداول المعروف
بكامل
الزيارات للشيخ الأقدم جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي رحمهالله ، حيث تناولنا هناك
الفصل الأوّل : في توصيف الكتاب ونسخه وتقييمها ، وسوف نتناول هنا الفصل الثاني : في
مضامين الكتاب وأسانيده ومتنه والخاتمة في تعيين المؤلف.
الفصل الثاني
في مضامين الكتاب وأسانيده ومتنه
خطبة الكتاب :
مراعاة آداب الخطبة :
خطبة الكتاب من
أهمّ ما يُستند إليه في تعريف الكتاب ومصنّفه وعقيدته وغرضه ونهجه الذي اتّبعه تصنيفه
، ويدلّ أسلوبه أيضاً على سعة باعه في العلم وإحاطته بأدب الحديث والتأليف ، من البدء
بتمجيد الله والصلاة على سيّد خلقه محمّد صلّى الله عليه وآله ثمّ العطف عليها بعقيدته
في الأصول والإمامة ، ثمّ سبب الكتابة ومحلّها والغرض المتوخّى منها وما أتمّه وما
قصر فيه ، وقد يلحق بالإجازة.
وجلّ هذه الأمور
مجتمعة حوتها خطبة كتاب كامل
الزيارات المتداول ، وهي كاشفة عن علوّ قدم الكاتب في العلم ، وهي
مع متن الكتاب دالاّن على ارتفاعه في الأخذ عن مشايخ عصره وتقدّمه على أقرانه بل وتميّزه
عن كثير منهم في السفر لطلب الحديث كما يظهر من المواضع التي صرّح أنّه سمع فيها الحديث
في مصر.
وقد سُمِعَ من ابن
قولويه وطَلَبَ الحديثَ أيضاً في مصر وعلى احتمال الشام كذلك ، قاله ابن حجر في لسان
الميزان :
«جعفر بن محمّد
بن جعفر بن موسى بن قولويه ، أبو القاسم القمّي :
الشيعي من كبار الشيعة وعلمائهم المشهورين متّهم ، وذكره الطوسي وابن
النجاشي وعلي بن الحكم في شيوخ الشيعة ، وتلمّذ له المفيد وبالغ في إطرائه ، وحدّث
عنه أيضاً الحسين بن عبيد الله الغضايري ومحمّد بن سليم الصابوني ، سمع منه بمصر ، مات سنة ثمان وستّين وثلاث مائة».
ولعلّ ابن قولويه
سمع من الصابوني أيضاً وأجازه ، فإن كانت إجازة مدبّجة ـ أو ما بحكمها ـ بينهما ففيها
دلالة على شأن لابن قولويه بين أهل مصر ، ويظهر هذا من ترجمة النجاشي لجعفر بن يحيى
بن العلاء ، قال : «جعفر بن يحيى بن العلاء ، أبو محمّد الرازي ، ثقة ، وأبوه أيضاً
، روى أبوه
__________________
عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وهو أخلط بنا من أبيه وأدخل فينا ، وكان أبوه يحيى بن العلاء قاضياً بالري
، وكتابه يختلط بكتاب أبيه لأنّه يروي كتاب أبيه عنه ، فربّما نسب إلى أبيه ، وربّما
نسب إليه. أخبرنا محمّد بن محمّد بن النعمان قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن قولويه
قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن سليم الصابوني بمصر قال : حدّثنا موسى بن الحسين بن
موسى قال : حدّثنا جعفر ابن يحيى بن العلاء» ، بناء على اتّحاد محمّد بن سليم ومحمّد بن أحمد بن سليم الصابوني.
كما أنّ صاحب الزيادات
المذكورات طلب الحديث في مصر وسمع عن ابن عبدوس في صريح قوله في أحد مواضع الزيادات
الأربع الآتي ذكرها إن شاء الله.
طريق الكتاب واسم المصنّف :
خلت نسخ الكتاب
كلّها عن بيان طريق للكتاب ، أو تصريح باسم المؤلّف في الخطبة ، وإن ذكر صريحاً في
مواضع من الكتاب وأنّه ابن قولويه ، لكن التفكيك بين الخطبة والمتن محتمل ، لا من جهة
اشتراط ذكر الطريق عليها؛ فإنّ أكثر نسخ الكتب لا يسجّل عليها الطريق خاصّة المشهورة
منها ، بل لأنّ مطابقة النسخ تفتقر لقرائن وشواهد ومن أهمّها ما يسجّل من طرق للكتاب
وإجازات وقراءات عليه ، على النحو الذي ذكرناه في نسخة قرب الإسناد التي رواها ابن إدريس رحمهالله ، وفقد تلك القرائن ينتج بقاء احتمال التصرّف في الكتاب ولا يثبته أيضاً كما
هو واضح.
وأوّل الكتاب من
نسخة (١٠٣٦ هـ) المختلفة عن كلّ النسخ والخالية
__________________
عن الخطبة ـ ومرّ أيضاً أنّ نسخة القرن العاشر الأولى سقط أوّلها ولا يعلم اشتمالها
على الخطبة ـ ، والوحيدة الحاكية عن المصنّف قوله :

وأوّله من نسخة
المجلسي سنة (١٠٦٨ هـ) :

وأوّله من النسخة
المقابلة سنة ١٣٥١ هـ :

وأوّله من نسخة
الأردوبادي ـ الأميني المطبوعة ١٣٩٧ هـ وهي المتداولة في السنين الماضية :

نهجه في الكتاب وما اشترط على نفسه :
اشترط المصنّف على
نفسه شروطاً ذكرها في الخطبة بعد ذكر سبب التأليف بقوله بحسب النسخة المتداولة ـ الأردوبادي
ـ الأميني والقيّومي ـ : «فأشغلت الفكر فيه وصرفت الهمّ إليه ، وسألت الله تبارك وتعالى
العون عليه حتّى أخرجته وجمعته عن الأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين من أحاديثهم»
حتّى قال في
الشرط الأوّل :
* «ولم أخرّج فيه حديثاً
روي عن غيرهم إذا [إذ خ ل] كان
فيما روينا عنهم من حديثهم صلوات الله عليهم كفاية عن حديث غيرهم».
بأن لا يروي فضيلة
فيهم مروية عن غيرهم ، ليكون الأثر والحجّة منهم صلوات الله عليهم ، وهذه سيرة الشيعة
التي استمرّوا عليها في حفظ مناقب أئمّتهم عليهمالسلام بلسانهم وعنهم إتماماً للحجّة وحفظاً عن دخول الباطل في الحقّ ، ولا ينافي ذكر
بعض كلام الرواة ـ الحاكين لمضامين تلك المعاني ـ في الوفاء بهذا الشرط ، فإنّ المقصود
رواية ما يصدق عليه أنّه بجملته منهم عليهمالسلام.
الشرط الثاني في قوله :
* «وقد علمنا أنّا لا نحيط
بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره ، لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا
رحمهم الله برحمته».
__________________
وهذا بيان لطريقته
في التقصّي ، والمبالغة الحثيثة في الجمع ، بشرط أن يكون الحديث ممّا وقع له من جهة
الثقات من أصحابنا ، وهو صريح في أنّ ما يذكره في الكتاب أخذه ممّن يتّكل عليه في الحديث
وتتمّ به الحجّة الخصوم ، ولا يتمّ هذا الأمر ولا يصدق الوقوع من جهة الثقات إلاّ على
ما سمعه أو أخذه من مشايخه المباشرين ، كما هو معلوم من طريقة المحدّثين والرواة ،
فإن كان صاحب هذه الكلمات هو ابن قولويه فهو توثيق لمشايخه المباشرين ، وإن كان غير
ابن قولويه فكذلك ، فإنّه هذا الأخير تحرّز عن الإرسال وأسند ما استطاع بالسماع والإجازة
في ما سوف تراه في الزيادات المذكورات.
والشرط الثالث في قوله :
* «ولا أخرجت فيه حديثاً
روي عن الشذاذ من الرجال ، يؤثّر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين
بالحديث والعلم ، وسمّيته كتاب كامل الزيارات وفضلها وثواب ذلك ، وفصّلته أبواباً ،
كلّ باب منه يدلّ على معنى لم أخرّج فيه حديثاً يدلّ على غير معناه ، فيختلف على
الناظر فيه والقاري له ولا يعلم ما يطلب وأنّى وكيف ، كما فعل غيرنا من المصنّفين ،
إذ جعلوا الباب بغير ما ضمّنوه ، فأخرجوا في الباب أحاديثاً لا تدلّ على معنى
الباب ، حتّى ربّما لم يكن في الباب حديثاً يدلّ على معنى بيّن من الأحاديث التي لا
تليق بترجمة الباب ، ولا على شيء منه».
أي أنّه محّص تلك
الأخبار التي رواها عن مشايخه الثقات ، بأن لم
يخرج حديثاً في طريقه شذاذ الرجال المعلوم ترك حديثهم المأثور عن أهل البيت عليهمالسلام ، فالشرط أن تكون كلّ الأخبار خالية أسانيدها عن الشذاذ من الرجال غير المعروفين
بالرواية المشهورين بالحديث والعلم ، وهو لا يلازم توثيق كلّ المذكورين من غير مشايخه
، فإنّ غرضه لازم آخر وهو زيادة الداعي للوثوق بصدور الخبر وتضعيف احتمال كذبه
وكبت منكره ، حتّى يحصل غرضه الذي ذكره في سبب التأليف في قوله : «وأنا مبيّن لك أطال
الله بقاءك ما أثاب الله به الزائر لنبيّه وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين بالآثار
الواردة عنهم (صلى الله عليه وآله) ، على رغم من أنكر فضلهم ذلك وجحده وأباه وعادى
عليه».
وحاصله : التعهّد برواية ما تورث جملته الاطمئنان بصدوره عن أهل البيت عليهمالسلام بالشرطين السابقين
حتّى تنقطع حجّة المنكرين.
وهذا ـ أي حصول
هذا الغرض بهذه الشروط ـ لا يلازم توثيق كلّ رجال الأسانيد ولا تصحيح آحاد الآخبار؛
فإنّه على الطريقة التي مضى عليه المؤلّفون في كتبهم إذا أرادوا الاحتجاج على المعنى
حشدوا الأدلّة حتّى تنقطع بالمجموع الكثير حجّة الخصم ، دون أن يكون غرضهم الاعتماد
على كلّ معنى في رواية وتصحيحها ، وهذا هو الفرق بين كتب الرواية كأكثر كتبنا ،
وكتب الاعتماد ككتاب من لا يحضره الفقيه ، هذا ، فضلاً عن بعد احتمال أن يكون في مقام
توثيق عشرات الرواة في أسانيد الكتاب المتّفق على ضعفهم أو المتروكة أخبارهم ، ولا
يخفى أنّ هذه الطريقة في استنتاج صحّة الكتب
واستفادة شهادة المؤلّف على صحّة رجال سنده لم تبرز كمنهج إلاّ بين
المتأخّرين ولم يعرها المتقدّمون شأناً؛ فإنّ عادة المصنّفين على مدح الكتاب
والاحتراز عن جهات الضعف التي يمكن أن تنال منه كتلقّي أخباره عن غير سماع أو عن وجادة
بغير إجازة ، ويكفيهم أخذه عن الثقات من المشايخ ليعملوا بما ورد من أدب عن أَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام : (إِذَا حَدَّثْتُمْ بِحَدِيث فَأَسْنِدُوهُ إِلَى الَّذِي حَدَّثَكُمْ فَإِنْ
كَانَ حَقّاً فَلَكُمْ وَإِنْ كَانَ كَذِباً فَعَلَيْهِ) ، وما خرج عن هذا خلاف الأصل في الطريقة.
تنبيه : حول عبارة (إذا كان فيما رويناه عنهم) :
الجملة الشرطية
أو التفسيرية في المطبوع أخيراً : (إذا كان فيما روينا عنهم ...) بـ : (إذا) التفسيرية
على الأصحّ ، أو الشرطية على تأويل يتمسّك به المستدلّ على إيراد الخبر الضعيف إذا
لم يجد الصحيح الذي فيه الكفاية عن الصادقين عليهمالسلام؛ فإنّها في أكثر النسخ بـ : (إذ) التعليلية ، جملة تعليلة
لعدم الرواية عن غير الأئمّة عليهمالسلام كما هو صريحها ، لا للترديد بين عدلين ولا جملة معترضة بمعنى الزيادة التفسيرية.
يدلّك على هذا ما
جاء في نسخ منها :
__________________
نسخة المجلسي سنة
(١٠٦٨ هـ) التي تقدّم التعريف بها :

ونسخة الأرموي سنة
(١٣٥١ هـ) المقابلة على النسخ القديمة والمصحّحة لم تشر لخلاف في النسخ كونها (إذ)
:

ونسخة سنة (١٢٨٤
هـ) من نسخ مجلس الشورى الإيراني :

وكذا في أخرى غير
مؤرّخة :

__________________
ولعلّ الاشتباه
في تصحيف إذ التعليلية بـ : (إذا) الشرطية قد وقع من نسخة الشيخ الأردوبادي ـ
الأميني رحمها الله التي تقدّم التعريف بها ، وجاء في صورتها :

ومثله جاء في طبعة
دار الفقاهة بتحقيق القيّومي ، وصورته :

فتحصّل :
أنّ هذا التفصيل
المستند إلى أنّ (إذا) شرطية للقول بأنّ مصنّف الكتاب قد أودع كتابه أخباراً ضعيفة
إذا لم يكن في الأخبار الصحيحة مضمونها ، ينهدم إذا عرف أنّّ الصحيح أنّها تفسيرية
في نسخة الأردوبادي ـ الأميني ، وهي حرف (إذ) تعليلي في أكثر النسخ وأصحّها ، ويَضعُف
بعده هذا الاحتمال بالتبع.
ترتيب أبواب الكتاب :
وهي مائة وثمانية
أبواب ، في كلِّ نسخ الكتاب ، حتّى النسخة المختلفة ـ (نسخة الكاغذاني سنة (١٠٣٦
هـ) التي تقدّم دراستها) ـ والاختلافات جزئية بين النسخ ، ولم ينصّ أحد من المتقدّمين
ولا غيرهم كالسيّد ابن طاووس على وصف نسختهم من كتاب ابن قولويه وعدد أبوابه.
ما ذكره في خطبة الكتاب :
قال في خطبة الكتاب
مبيّناً طريقته في تفصيل الكتاب وما توخّاه منه تحاشياً عمّا ارتكبه غيره من المصنّفين
من خطأ التخريج والترتيب :
«وفصّلته أبواباً؛
كلّ باب منه يدلّ على معنى لم أخرّج فيه حديثاً يدلّ غير معناه فيختلف على الناظر فيه
والقارئ له ولا يعلم ما يطلب وإنّيوكيف ، كما فعل غيرنا من المصنّفين إذ جعلوا الباب بغير ما
ضمّنوه فأخرجوا
__________________
في الباب أحاديث لا تدلّ على معنى الباب ، حتّى ربّما لم يكن في الباب حديث
يدلّ معنى بيِّن من الأحاديث التي لا تليق بترجمة الباب ولا على شيء منه.
والذي أردت بذلك
التسهيل على من أراد حديثاً منه قصد الباب الذي يريد الحديث فيه فيجده ، ولئلاّ يملّ
الناظر فيه والقارئ له والمستمع لقراءته» إلى آخر حديثه في المقدّمة.
إضافة لهذا فقد
ذكر أنّه غرضه من الكتاب استقصاء الأخبار في موضوع الزيارات وفضلها على وجه يظهر منه
انفراده بهذا العمل المصنّف جمعاً وترتيباً.
الإيراد الأوّل : كلام المفيد في مقدّمة المزار :
إلاّ أنّه يرد على
ما ذكره من غرضه من الترتيب : ما ذكره الشيخ المفيد رحمهالله ذكر في مزاره ـ حيث أكثر النقل عن شيخه ، مختصراً لغرض الأذكار والحفظ والتسهيل
، قال ـ في مقدّمته : «أمّا بعد ـ وبالله التوفيق ـ فإنّي قد اعتزمت على ترتيب مناسك
زيارة الإمامين (أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، والحسين بن علي صلوات الله عليهما)
ووصف ما يجب من العمل عند الخروج إليهما ، ويلزم من الفعل في مشهديهما ، وما يتبع ذلك
في منازله ، ويتعلّق بأوصافه في مراتبه.
وأذكر على التقديم
في صدره طرفاً ممّا جاء به الأثر في فضله ، فإنّي لم
__________________
أجده على الحدود التي أؤمها منه في شيء ممّا تقدّم من مصنّفات أصحابنا ـ
رضوان الله عليهم ـ وتأخّر ، وإن كان موجوداً فيها على غيرها ـ ممّا يتعذّر القاصد
العمل بها لأجل الجمع بينها ، ويصعب عليه الإتيان على النسق والنظام بها ـ وهو اختلاف
محالّها من الأماكن ، وتباين أجناسها من المواضع ، واختلاط المعنى منها بخلافه ، ومجاوزة
الباب في الغرض لبعيده ، ومباينة المناسب في المواطن لقريبه.
فعمدت تلخيص ذلك
على اختصار ، وتحرّيت تأليفه للحفظ والتذكار ، وبالله أستعين ، وعليه أتوكّل ، وهو
حسبي ، ونعم الوكيل» انتهى.
وقوله الأخير رحمهالله غريب؛ لأنّ كتاب
كامل
الزيارات المنتسب لشيخه ابن قولويه قد فرض أنّه رتّب على النحو المطلوب
وعلّله بنحو ما ذكره المفيد! ، إلاّ أن يكون المفيد لم يدرك الأثر الكامل عن شيخه ،
كأن يكون ابن قولويه ألّف كتابه أواخر عمره كما يظهر من شهادة ابن طاووس برؤيته لخطّه
على نسخته سنة (٣٦٦ هـ) قبل وفاته بسنة أو سنتين ، وما ذكر في الباب الثامن
والثمانين من كامل
الزيارات المتداول أنّ ابن قولويه كان على عزم الزيادة في الكتاب إلاّ
أنّ الأجل باغته رحمهالله.
ومن هذا القبيل
ـ أي عدم الاطلاع على كتاب الشيخ ـ ما ذكره الشيخ الطوسي رحمهالله في خطبة كتاب عدّة الأصول من عدم وجود كتاب واف بمطالب الأصول المتداولة بين أصوليّي ومتكلّمي بغداد ومذاهبهم
تشرح مختار الإمامية إلاّ ما كتبه وألقاه شيخه المرتضى من ورقات ، مع أنّ السيّد المرتضى
رحمهالله ألّف
__________________
كتاب الذريعة تعليقاً على كتاب العُمَد على انبساط من الشرح قلّ نظيره ، وكثير منه نقل معناه
الطوسي في كتاب العدّة!.
لكن عدم اطّلاع
الشيخ المفيد رحمهالله بالخصوص على كتاب شيخه ـ مع إمكانه ـ في غاية البعد ، كيف وقد سمع منه أكثر
أخبار المزار وغيرها ولازمه حتّى توفّي وجاوره في الحياة في بيوت الدنيا ورقد في جواره
ملحوداً بعد المماة في كاظمية بغداد في مقابر قريش!.
نعم يمكن القول
أنّه لا تنافي بين كلام المفيد رحمهالله واطّلاعه على كتاب شيخه ابن قولويه ـ وهو الذي نفترض الآن مطابقته للنسخة المتداولة
اليوم بمقدّمتها ـ لأنّه قصد اختصر تلك المطالب للزائر التي أطال فيها شيخه ابن
قولويه ، لكنّها إجابة لا ترفع تمام الغرابة لما ذكرناه من عدم كفاية الاحتمالات
في أمثال هذه الأبحاث المعتمدة على البحث في النسخ والقرائن بعد فقدان المناولة الصحيحة
والنسخ العتيقة ذات الاعتبار وتسرّب الشكّ في مواضع عديدة تقتضي البتّ في تقييم الكتاب
ونسخه ومقدار ما يحتجّ به منه خوفاً على ضياع الأثر أو اختلاطه بغيره.
الإيراد الثاني : مثال لرواية ليست في الكامل وهي في مزار المفيد :
وقد يرد على غرضه
من استيعاب الكتاب ما بلغه وسعُه ـ والمفروض أنّه ابن قولويه ـ من جمع الأخبار المتعلّقة
بالزيارات ، ما رواه عنه الرواة ولم يودع في هذا الكتاب المتداول! ، ومنه ما رواه تلميذه
الشيخ المفيد في مزاره ، مثاله قول المفيد في المزار :
«أَخْبَرَنِي أَبُو
الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بن يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بن يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ
بن أَحْمَدَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بن مُحَمَّدِ بن
الأَشْعَثِ عَنْ عَلِيِّ بن إِبْرَاهِيمَ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِيهَِ قَالَ رَجَعْتُ
مِنْ مَكَّةَ فَأَتَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى عليهالسلام فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ قَاعِدٌ فِيمَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ ، فَقُلْتُ
: يَا ابن رَسُولِ اللهِ إِنِّي إِذَا خَرَجْتُ إِلَى مَكَّةَ (فَرُبَّمَا لَقِيَنِي
الرَّجُلُ فَيَقُولُ لِي) طُفْ عَنِّي أُسْبُوعاً وَصَلِّ عَنِّي رَكْعَتَيْنِ فَأَشْتَغِلُ عَنْ ذَلِكَ
فَإِذَا رَجَعْتُ لَمْ أَدْرِ مَا أَقُولُ لَهُ ، قَالَ : إِذَا أَتَيْتَ مَكَّةَ وَقَضَيْتَ
نُسُكَكَ فَطُفْ أُسْبُوعاً وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلِ : اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا
الطَّوَافَ وَهَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ عَنْ أَبِي وَأُمِّي وَعَنْ زَوْجَتِيَ وَوُلْدِي
وَحَامَّتِي وَعَنْ جَمِيعِ أَهْلِ بَلَدِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَنْ إِخْوَانِي
وَأَخَوَاتِي فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا حُرِّهِمْ وَعَبْدِهِمْ أَبْيَضِهِمْ
وَأَسْوَدِهِمْ فَلاَ تَشَاءُ أَنْ تَقُولَ لِلرَّجُلِ إِنِّي طُفْتُ وَصَلَّيْتُ عَنْكَ
إِلاَّ كُنْتَ صَادِقاً ، فَإِذَا أَتَيْتَ قَبْرَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه
وآله)فَقَضَيْتَ مَا يَجِبُ عَلَيْكَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قِفْ عِنْدَ رَأْسِهِ
فَقُلْ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللهِ مِنْ أَبِي وَأُمِّي وَزَوْجَتِي وَوُلْدِي
وَحَامَّتِي وَجَمِيعِ أَهْلِ بَلَدِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِخْوَانِي عَبْدِهِمْ
وَحُرِّهِمْ وَأَبْيَضِهِمْ وَأَسْوَدِهِمْ ، فَلاَ تَشَاءُ أَنْ تَقُولَ
لِلرَّجُلِ إِنِّي قَدْ أَقْرَأْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) عَنْكَ السَّلاَمَ
إِلاَّ كُنْتَ صَادِقاً».
__________________
فإنّ شغل الفكر
وصرف الهمّة من مصنّف الكتاب في جمع ما وقع له من الثقات ، يقتضي أن لا يفوته ما رواه
في هذا المعنى ، خاصّة ما رواه عنه تلامذته كالشيخ المفيد ورواه هو عن الثقات من مشايخه
كالكليني كما ترى في هذا المثال ، ومن المستغرب أيضاً إهمال المشايخ بعد ابن قولويه
لكثير من أخبار هذا الكتاب المتداول ، كما سوف يأتي ذكر أمثلته وغيرها من
الملاحظات في المقارنات.
لكنّ الإنصاف أنّ
الأمر الأوّل وهو عدم رواية ابن قولويه ـ بافتراض أنّ الكتاب من تصنيفه بصورته ـ لرواية
أسندت إليه في كتاب آخر في نفس الموضوع لا ينافي غرضه الذي توخّاه في مقدّمة كتابه؛
إذ أنّ هذا الجمع من الروايات يقنع القاري ، وفوات رواية أو روايتين على المصنّف ليس
بعزيز.
وبعد هذا فقد يتطرّق
احتمال أن تكون مقدّمة الكتاب المتداول لغير ابن قولويه ، والكتاب محرّر عن الكتاب
الأصل لابن قولويه مزيداً فيه سماعات المصنّف من شيخه إتماماً له ، كما زيد في كثير
من الكتب ككتاب سليم بن قيس بتصريح الشيخ المفيد ، وكتاب بصائر الدرجات الذي زيد على
نسخته الصغيرة أخباراً كثيرة حتّى صارت هي النسخة المشهورة اليوم وكتاب الأشعثيّات
الذي ذهب أثره واستبدل بكتاب سمّي الجعفريّات ، فراجع ما ذكرنا حول هذه الكتب ونسخها
، ولا يفوت أن نستدرك ما لعلّه يسبق لبعض الأوهام ذات الغيرة على المذهب الخائفة على
ذهاب أثرة العلم ، أنّ
__________________
البحث في نسخ الكتاب وقرائن صحّتها ونسبتها فرع لعلم الحديث قديم ، وشغل
يضطرّ إليه المشتغلون فيه للتحرّز الواجب في نقل الآثار المعصومة وحاجة أهل العلم الدائمة
لتقييم درجة اعتبار الكتب ، ولا يلزم منه إلاّ نادراً إسقاط جملة الكتاب ، فإنّ أغلب
كتبنا بل جلّها اليوم إنّما تعامل آحاد أخبارها عند البحث في الفقه والمعارف ومباشرة
الاستنباط.
ملحق شرح الأبواب :
وممّا يميّز نسخة
كتاب كامل
الزيارات المشهورة عن باقي كتب المصنّفين المتقدّمين ـ إذا فرض أن
نسبته لابن قولويه صحيحة ـ إلحاقة خطبة الكتاب بشرح لأبوابه وذكر لعنوانيها ، تحت عنوان
شرح أبواب الكتاب.
لم يسع التأكّد
من وجودها في نسخة القرن العاشر المتقدّمة لسقوط أوّلها.
وفي نسخة المجلسي
سنة (١٠٦٨ هـ) :

أثبتت في نسخة سنة
(١٣٥١ هـ) المقابلة المصحّحة :

وفي نسخة الأردوبادي
التي سمّيناها بنسخة الأميني لأنّه قدّم لها :

واختلف النصّ على
عددها آخر شرح الأبواب في بعض النسخ بين المائة وثمانية ومائة وسبعة ، وهو من خطأ النسّاخ
، وبعد التباس رسم الثمانية والسبعة وكذا التسعة فيه دلالة على كون اللفظ من خطأ العدّ
لا الرسم ، وأنّه من تبرّعات غير المصنّف.
ونكتفي بعرض ما
نبّه عليه في نسخة الأرموي النجفي المصحّحة والمقابلة سنة (١٣٥١ هـ) :

وأمّا نسخة سنة
(١٠٣٦ هـ) فقد ذكرنا أنّها خلت عن الخطبة واكتفت
بحكاية قول المصنّف ما صورته : «قال مصنّف هذا الكتاب الشيخ أبو جعفر محمّد
بن قولويه رحمة الله عليه : قد رتّبت هذا المزار على مائة أبواب وثمانية».
وصورته :

وذكرنا هناك تقييمنا
للنسخة ومقدار تأثيرها في سير البحث.
اختلاف الأبواب في نسخة الكاغذاني (١٠٣٦ هـ) :
لم نقف على اختلاف
في الأبواب يمكن أن يؤثّر في تقييم النسخة المشهورة لكتاب كامل الزيارات ، عدا نسخة الكاغذاني سنة (١٠٣٦ هـ) التي تعدّد نسّاخها وتميّزت عن غيرها ،
ومرّ عليك دراستها وذكر مواضع الاختلاف في عناوين الأبواب الأولى وترتيب أحاديثها بل
وبعض طرقها ، على وجه لا يمكن القول بأنّه من أخطاء النسّاخ ، مذكّراً
بروايات الشيخ المفيد رحمهالله عن شيخه في نفس موضوع الزيارات التي اختلفت كثير من طرقها أيضاً عمّا أودع في
كتاب كامل
الزيارات المتداول ممّا يستبعد أن يقع بهذه الكثرة من الاختلاف من
راو واحد عن شيخ واحد أو كتابه في العادة.
والظاهر من الكلّ
أنّ شرح الأبواب كان ضمن النسخ القديمة لهذا الكتاب المتداول ، واحتمال كونها من زيادات
من تأخّر عن مصنّفه وارد أيضاً ، خاصّة بالنظر إلى نسخة سنة (١٠٣٦ هـ) الآنفة وما يدلّ
عليه تغيّر عدد الأبواب في بعض النسخ من التبرّع بالزيادة.
وهذا الحكم على
الأبواب ليس فيه ما يعتدّ بـ تأثيره في احتمالات انتساب النسخة لابن قولويه أو شخص
آخر لخلوّه عن القرائن المعتبرة التي تدلّ شخص المؤلّف أو لها ارتباط باعتبار الكتاب
، وذكره جاء إتماماً لدراسة خطبة الكتاب والتنبيه على بعض الفوائد.
الزيادات :
تمثّل الزيادات
الأربع المصرّح بها في الكتاب إحدى أقوى القرائن نسبة الكتاب ثبوتاً لجعفر بن قولويه؛
كون لازمها أنّ نصوص الكتاب الأخرى متن كتاب ابن قوليه ، وعلى نسبته نفياً عن ابن قولويه؛
لسريان الشكّ لغير هذه المواضع أيضاً أنّها من الزيادات.
والحقّ أنّه لو
بلغنا أصل الكتاب بأسباب صحيحة معتبرة لكان الأصل مع القول الأوّل والمُدَّعي لغيره
يطالب بالبيان ، ولو جزمنا أو لم يحصل اليقين بالمطابقة بين نسخة المصنّف والنسخة المتداولة
مع عدم ثبوت هويّة شخص صاحب الزيادات لنثق بنقله وقوله ، فالأصل هو العدم ، وأنّه لا
محيص عن انبساط الشكّ في باقي نسبة الكتاب لقلم ابن قولويه حتّى يقوم على كلّ حديث
قرينة تثبت انتسابها له ، وعلى مدّعي الانتساب الصحيح له إقامة البيان.
ما أفاده محقّق الكتاب ـ (القيّومي) ـ تبعاً لـ : (النوري) والملاحظات عليه
:
[التنبيه على أحاديث مزيدة على أصل الكتاب] :
قال حفظه الله في
مقدّمة تحقيقه المطبوع :
«ممّا ينبغي التنبيه
عليه في المقام أنّه يوجد نقلاً عن تلميذ المؤلّف : (الحسين بن أحمد بن المغيرة) ثلاثة
أحاديث في الأبواب : (٨٢
و ٨٨) ، وليست هذه الأحاديث من أصل الكتاب وإنّما أدرجها تلميذ المؤلّف فيه ، كما
أشار إليه في ضمن نقلها ، إمّا لم يتفطّن المحدّث الخبير العلاّمة
__________________
المجلسي والمحدِّث الحرّ العاملي وأدرجوها في كتبهم نقلاً عن الكامل ، وأنت خبير بأنّها من زيادات النسّاخ ، ولأجل اشتهار الأحاديث ذكرناها في الهامش.
أمّا حسين بن أحمد
بن المغيرة هو البوشنجي العراقي ، وهو من مشايخ المفيد ، فذكر للخبر الثالث طريقين ، أحدهما من غير
طريق شيخه أبي القاسم ، وهو ما رواه من طريق مزاحم بن عبد الوارث ، ولم يذكر تمام
السند ، والطريق الآخر هو طريق شيخه ابن قولويه ، وهذا أيضاً يدلّ على أنّها من زيادات
النسّاخ في أصل الكتاب».
وقد سبقه للتنبيه
عليه المحدّث النوري في خاتمة
المستدرك ، قال رحمهاللهفي ترجمتة لابن قولويه :
«وعدّ النجاشي من
كتبه : كتاب الزيارات. والشيخ في الفهرست : له كتاب جامع
الزيارات ، والمراد منهما كتاب كامل الزيارات ، وهو اسمه الذي سمّاه به ،هو كتاب مشهور معروف بين الأصحاب ، نقل عنه أرباب
التأليف منهم ، مشتمل على مائة وستّة أبواب.
وممّا ينبغي التنبيه
عليه في هذا المقام أنّ الخبر الطويل الشريف
__________________
المعروف بخبر زائدة ، الذي يلوح من مضامين متنه علائم الصدق ، وآثار الصواب
، ونقله العلاّمة المجلسي في البحار من كامل
الزيارة ، ليس من أصل الكتاب وإنّما أدرجه فيه بعض تلامذته ، ولم
يتفطّن المجلسي لذلك ، فوقع في غفلة لا بدّ من التنبيه عليها.
ففي الكامل باب (٨٨) فضل كربلاء وزيارة [الحسين عليهالسلام] : الحسين بن أحمد بن المغيرة ـ في حديث رواه شيخه أبو القاسم
رحمهالله مصنّف هذا الكتاب ، ونقل عنه ـ وهو عن زائدة ، عن مولانا علي بن الحسين عليهماالسلام. ذهب على شيخنا رحمهالله أن يضمّنه كتابه هذا ، وهو ممّا يليق بهذا الباب ...» الحديث إلى أن قال :
«وأمّا العلاّمة
المجلسي فلم ينظر إلى ما صدر به الباب المذكور ، ولم ينقل المقدّمة المذكورة ، فقال
: مل ـ وهو رمز الكامل ـ عبيد الله بن الفضل ابن محمّد بن هلال ، عن سعيد بن محمّد. وساق السند والمتن
، وأنت خبير بأنّه ليس من الكامل وإن كان فيه ، وأنّ الناظر في البحار يتحيّر في قوله : وقال مزاحم بن عبد الوارث في حديثه ، فإنّه لم يكن داخلاً
في السند الذي أثبته ، فكيف ينقل عنه! ، والمعهود من أئمّة الفنّ أنّهم إذا وجدوا في
متن الخبر اختلافاً بالزيادة والنقيصة أو غيرهما من رجال السند ، بأن رواه واحد منهم
في كتابه أو حدث به كذا ، والآخر كذا ، يشيرون إليه غالباً ، وأمّا من لم يكن من
رجاله فنقله في غير محلّه.
وأمّا الحسين بن
أحمد بن المغيرة ، وهو البوشنجي العراقي الذي تقدّم وأنّه من مشايخ المفيد ، فذكر للخبر
طريقين : أحدهما : من غير طريق شيخه أبي القاسم ، وهو ما رواه من طريق مزاحم ولم يذكر
تمام السند. والآخر : من طريق شيخه الذي ذكره ، فناسب أن يشير إلى الاختلاف».
وكذا قال الشيخ
الأردوبادي في النسخة التي حقّقها هو وقدّم لها الأميني.
أقول : ظاهرهم الاتّفاق على نسبة الزيادة للحسين بن أحمد بن المغيرة ، وهو المقصود
من قولهم بعض تلامذة المؤلّف.
وهو الحسين بن أحمد
بن المغيرة الثلاّج البوشنجي من مشايخ المفيد ، أورد في المجلس الثالث من أماليه روايته ، قال : «قَالَ أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ ابن أَحْمَدَ بن الْمُغِيرَةِ
قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّد حَيْدَرُ بن مُحَمَّد السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي
أَبُو عَمْرو مُحَمَّدُ بن عَمْرو الْكَشِّي قَالَ حدّثنا حَمْدَوَيْهِ بن نُصَيْر
قَالَ : حدّثنا يَعْقُوبُ بن يَزِيدَ عَنِ ابن أَبِي عُمَيْر عَنِ ابن الْمُغِيرَةِ
قَالَ : كُنْتُ أَنَا وَيَحْيَى بن عَبْدِ اللهِ بن الْحَسَنِ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ
عليهالسلام فَقَالَ لَهُ يَحْيَى : جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَعْلَمُ
الْغَيْبَ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللهِ ضَعْ يَدَكَ عَلَى رَأْسِي فَوَاللهِ مَا بَقِيَتْ
شَعْرَةٌ فِيهِ وَلاَ فِي جَسَدِي إِلاَّ
__________________
قَامَتْ ، ثُمَّ قَالَ : لاَ وَاللهِ مَا هِيَ إِلاَّ وِرَاثَةٌ عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ (صلى الله عليه وآله)».
وفي كتاب ابن الغضائري : «الحسين بنْ أحمد بن المغيرة ، أبو عبد الله ، البوشنجىّ ، عراقي ، مضطرب
المذهب. ثقة في روايته».
وفي
فهرست النجاشي تضعيف حديثه وتوثيقه
تبعاً لشيخه ابن الغضائري ، قال : «الحسين بن أحمد بن المغيرة أبو عبد الله البوشنجي كان عراقيّاً مضطرب المذهب ، وكان ثقة فيما يرويه ، له كتاب عمل السلطان. أجازنا روايته أبو عبد الله بن الخمري الشيخ الصالح في
مشهد مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام سنة أربعمائة عنه».
وأراد باضطراب المذهب
تبنّيه لرواية أخبار المتّهمين بالغلوّ والارتفاع فيما لم يثبت عن الثقات سماعه ، لا
العمل بعقيدة الحلوليّين أو المؤلّهين لغير ربّ العالمين عزّ وجلّ؛ فإنّ هؤلاء مهجورو
الحديث مزريٌّ بقولهم كفّار بلا ريب ، وهو ـ أي التعبير ـ كثير في أسباب التضعيف ويثمر
في تقييم المروي في أخبار المعارف والفضائل ، وأمثلته كثيرة يجتمع فيها توثيق الراوي
__________________
وتضعيف حديثه أو مذهبه وطريقته.
وفي ترجمة محمّد
بن الحسن بن شمّون أنّه يلقّب بالثلاّج ، وكذا قال ابن طاووس في الإقبال : «فصل فيما نذكره من فضل صلاة تصلّي كلّ ليلة من عشر ذي الحجّة ذَكَرَهَا ابن
أُشْنَاس فِي كِتَابِهِ فَقَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بن أَحْمَدَ
بن الْمُغِيرَةِ الثَّلاَّجُ : سَمِعْتُ طَاهِرَ بن الْعَبَّاسِ يَقُولُ سمعت ... قال
لِي أَبِي مُحَمَّدُ بن عَلِيّ عليهالسلام : يَا بُنَيَّ لاَ تَتْرُكَنَّ أَنْ تُصَلِّيَ كُلَّ لَيْلَة بَيْنَ
الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الاْخِرَةِ مِنْ لَيَالِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ رَكْعَتَيْنِ
...» الحديث.
وهو معاصر للمفيد
مقارب لطبقته وقيل أنّه من مشايخه على تأمّل في صدق ذلك برواية واحدة عنه ، بل عدّ
بعض المتأخّرين ابن قولويه ممّن أخذ من الحسين بن أحمد أيضاً وكأنّهم استندوا لهذه
المواضع من كامل
الزيارات ، ولم يُذكر له كتابٌ في الزيارات.
وأمّا زيادات الحسين بن أحمد بن المغيرة :
فقد قصد بها هذه
المواضع الثلاث وحصرت فيها ، وسنذكر غيرها أيضاً :
الموضع
الأوّل : الحديث الخامس من الباب
(٨٢) (التمام عند قبر
__________________
الحسين عليهالسلام وجميع المشاهد) : «قَالَ ابن قُولَوَيْهِ وَزَادَهُ الْحُسَيْنُ بن أَحْمَدَ بن
الْمُغِيرَةِ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ
فِي هَذَا الْبَابِ بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ حَيْدَرُ بن مُحَمَّدِ بن نُعَيْم السَّمَرْقَنْدِيُّ
بِإِجَازَتِهِ بِخَطِّهِ بِاجْتِيَازِهِ لِلْحَجِّ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مُحَمَّدِ
بن مَسْعُود الْعَيَّاشِيِّ عَنْ عَلِيِّ بن مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن
أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ ابن عَلِيِّ بن النُّعْمَانِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْبَرْقِيِّ
وَعَلِيِّ بن مَهْزِيَارَ وَأَبِي عَلِيِّ بن رَاشِد جَمِيعاً عَنْ حَمَّادِ بن عِيسَى
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام أَنَّهُ قَالَ : مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِ اللهِ الاِْتْمَامُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ
حَرَمِ اللهِ وَحَرَمِ رَسُولِهِ وَحَرَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَحَرَمِ الْحُسَيْنِ
(صلى الله عليه وآله)».
أقول : قوله : «قال ابن قولويه وزاده الحسين» وقع في نسخة كامل الزيارات التي قام بتحقيقها الأردوبادي رحمهالله ، وأدرجها القيّومي في الهامش بعنوان الزيادة هكذا : «وزاد الحسين بن أحمد بن
المغيرة ...» وذكر الحديث ، دون تصديره بـ : «قال ابن بابويه» أو الضمير العائد على
الحسين.
وفي نسخة (١٣٥١
هـ) ـ وهي من أفضل النسخ مقابلة وتصحيحاً كما مرّ عرضها ـ في هذا الموضع والموضع الثاني
الآتي ـ أتى اللفظ مطابقاً لنسخة الأردوبادي وكذا المجلسي.
__________________
وصورتها (من صفحة
٢٦٠) :

ومثلها في نسخة
(١٠٣٦ هـ) المختلفة الأوائل كما سوف يأتي ، وصورتها (من صورة ١٤٧) :

والذي يظهر أنّ
حاكي القول والمؤلّف بين القولوين أخذ الزيادة عن نسخة عليها زيادات الحسين بن المغيرة
، ولم يكن هو ممّن سمع عن الحسين ؛ وإلاّ لنصّ على طريقه وسماعه كما هي عادة المحدّثين
من المصنّفين من أهل الفنّ وكما ذكر نحوه في موضع الزيادة الرابع الآتي.
والظاهر أنّ جملة
(قال ابن قولويه) أي قال ما مضى ابن قولويه إلى
هنا ، (وزاده) أي زاد الحسين على ما قاله ابن قولوه (عقب هذا الحديث) أي
الحديث الماضي في هذا الباب.
فلا وجه لما قيل
أن ابن قولويه يروي عن الحسين بن المغيرة استناداً إلى هذا الموضع.
الموضع
الثاني : في نفس الباب (ح ٩) قوله : «وَمِنْ زِيَادَةِ الْحُسَيْنِ
بن أَحْمَدَ بن الْمُغِيرَةِ مَا فِي حَدِيثِ أَحْمَدَ بن إِدْرِيسَ بن أَحْمَدَ بن زَكَرِيَّا الْقُمِّيِّ
قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ عَلِيِّ بن إِسْمَاعِيلَ
عَنْ مُحَمَّدِ بن عَمْرو عَنْ قائد [فَائِد] الْحَنَّاطِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي
عليهالسلام قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ : تُتِمُّ وَلَوْ
مَرَرْتَ بِهِ مَارّاً».
وهو صريح في نسبة
الزيادة للحسين ، والحديث ليس ممّا ورد بسنده في كتبنا الحاضرة ، وزيادته كانت على
طريقة أهل القراءة والمقابلة إستدراكاً على أحاديث الكتب. كما أنّه يشكّ في رواية وتحمّل
الحسين بن أحمد الرواية عن طبقة أحمد بن إدريس (ت ٣٠٦ هـ) شيخ الكليني وابن قولويه
والصدوق علي بن بابويه ومحمّد بن الحسن بن الوليد ، ولهذا لم يسنده واكتفى بالتنبيه
على أنّه في حديث أحمد ، ويحتمل ـ على بعد وتأويل ـ أن يكون عن الحسين عن ابن قولويه
عن ابن إدريس.
الموضع
الثالث : وهو أهمّ من السابقين واستند إليه النوري للقول بأنّ
الزيادات هي للحسين بن المغيرة :
ما قاله في أوّل
الباب (٨٨) (فضل كربلاء وزيارة الحسين عليهالسلام) :
__________________
«للحسين بن أحمد
بن المغيرة فيه حديث ـ رواه شيخه أبو القاسم رحمهاللهمصنّف هذا الكتاب ونقل عنه ـ وهو عن زائدةَ عن مولانا علي بن الحسين عليهالسلام ذهب على شيخنا رحمهالله أن يضمنه كتابه هذا ، وهو ممّا يليق بهذا الباب ويشتمل أيضاً على معان شتّى
حسن تامّ الألفاظ ، أحببت
إدخاله وجعلته أوّل الباب
وجميع أحاديث هذا الباب وغيرها ممّا يجري مجراها يستدلّ بها صحّة قبر مولانا الحسين
عليهالسلام بكربلاء؛ لأنّ كثيراً من المخالفين ينكرون أن قبره بكربلاء كما ينكرون أنّ قبر
مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام بالغري بظهر نجف الكوفة ، قد كنت استفدت هذا الحديث بمصر عن شيخي أبي
القاسم علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي رحمهالله مما نقله عن مُزاحم بن عبدِ الوارثِ البصرىِّ بإِسناده عن قدامةَ بن زائدةَ
عن أبيه زائدةَ عنْ عليّ بن الحسين عليهالسلام.
وقد
ذاكرت شيخنا ابن قولويه بهذا الحديث بعد فراغه من تصنيف هذا الكتاب ليدخله فيه فما
قضى ذلك وعَاجَلَتْهُ مَنِيَّتُهُ رضي الله عنه وألحقه بمواليه عليهمالسلام ،
وهذا الحديث داخل فيما أجاز لي شيخي رحمهالله ، وقد جمعت بين الروايتين بالألفاظ الزائدة والنقصان والتقديم والتأخير فيهما
حتّى
__________________
صحَّ بجميعه عمّن حدّثني به أوّلاً ثمّ الآن؛ وذلك أنّي ما قرأته على شيخي رحمهالله ولا قرأه عليّ
غير أنّي أرويه عمّن حدّثني به عنه وهو أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن عيّاش قال :
حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بن مُحَمَّدِ بن قُولَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنِي
أَبُو عِيسَى عُبَيْدُ اللهِ بن الْفَضْلِ بن مُحَمَّدِ بن هِلاَل الطَّائِيُّ الْبَصْرِيُّ
رحمهالله قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بن مُحَمَّد قَالَ حدّثنا مُحَمَّدُ
بن سَلاَّمِ بن يَسَار [سَيَّار] الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بن مُحَمَّد
الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عِيسَى بن أَبِي شَيْبَةَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنِي
نُوحُ بن دَرَّاج قَالَ حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بن زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ
عَلِيُّ بن الْحُسَيْنِ عليهالسلام بَلَغَنِي يَا زَائِدَةُ أَنَّكَ تَزُورُ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنِ
عليهالسلام أَحْيَانا ...» الحديث وهو طويل.
ثمّ قال بعده :
«رَجَعْنَا إِلَى الأَصْلِ».
الملاحظات :
أقول : وهنا إثنا عشر ملاحظة :
١ ـ جملة «مصنّف
هذا الكتاب» أثبت في النسخة المختلفة لسنة
__________________
(١٠٣٦ هـ)
(صورة ١٥٢) :

وكذا أثبت في النسخة
التي هي الأفضل مقابلة ، وهي نسخة الأرموي النجفي سنة (١٣٥١ هـ) ، وصورته (من صفحة
٢٧٠) :

وهو صريح في كون
الأصل هو كتاب ابن قولويه ، وعليه زيادات اختارها ممّا رواه الحسين بن أحمد بن المغيرة
وتصرّف هو في تأليف بعض أسانيدها طلباً لعلوّها وصحّتها أو ما رآه مناسباً من مواضع
لها من الأبواب.
لكن قوله : (رجعنا
إلى الأصل) كما يصدق على ما لم يتصرّف فيه بالكلّية ، يصدق أيضاً على بعض الأصل كما
وقع في مجموع التفسير المعروف بتفسير القمّي وغيره ، فلا يدلّ هذا على مطابقة الباقي
لنسخة ابن قولويه.
٢ ـ قوله في الموضع
الأوّل : «قَالَ ابن قُولَوَيْهِ وَزَادَهُ الْحُسَيْنُ بن أَحْمَدَ ابن الْمُغِيرَةِ»
، وفي الموضع الثاني : «وَمِنْ زِيَادَةِ الْحُسَيْنِ بن أَحْمَدَ بن الْمُغِيرَةِ»
وفي الثالثة : «للحسين بن أحمد بن المغيرة فيه حديث رواه شيخه أبو القاسم رحمهالله مصنّف هذا الكتاب
ونقل عنه» ، يكشف عن وقوع الزيادة من ثالث جزماً.
٣ ـ أنّ صاحب اللفظ
أخذ عن الحسين بن أحمد بن المغيرة سماعاً أو ممّا كتبه الحسين على نسخة شيخه جعفر بن
محمّد بن قولويه استدراكاً وهو احتمال أرجح ، وهكذا في باقي المواضع.
٤ ـ يرجّح أنّه
زاده (عن الحسين) من غير سماع منه بل عن كتاب أو طريق غير معتبر ، يكشف عنه خلوّ الكتاب
عن لفظ الإسناد عن الحسين بن أحمد بن المغيرة ، وتعويضه بطريق آخر في الموضع الثالث
، وقوله في علّة تأليفه بين الحديثين مستغنياً عن إسناده للحسين بن المغيرة ومصرّحاً
بأنّ
الذي حدّثه به غيره : «وذلك أنّي ما قرأته على شيخي رحمهالله ولا قرأه عَلَيَّ
غير أنّي أرويه عمّن حدّثني به عنه وهو أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن عيّاش قال :
حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بن مُحَمَّدِ بن قُولَوَيْهِ ...» الحديث ، ولو
كان له رواية عن الحسين لكان الأنسب ذكرها.
٥ ـ قوله : «وهذا
الحديث داخل فيما أجاز لي شيخي رحمهالله» أي شيخه أبو القاسم علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي الذي
سمع منه هذا الحديث ، ثمّ قوله : «وقد جمعت بين الروايتين بالألفاظ الزائدة والنقصان
والتقديم والتأخير» ، أي أنّه جمع بين ما زاده الحسين بن أحمد بن المغيرة نقلاً عن
شيخه ورواه هو عن غير طريق الحسن وما أجاز له روايته ابن عبدوس.
وقد يدلّ هذا على
إعمال التلفيق في الأسانيد ورفعها بالإجازات ، وهو ممّا نصّ على تضعيف العامل به ،
كما قيل في محمّد بن جعفر بن أحمد بن بطّة المؤدّب أبو جعفر القمّي : «كان كبير المنزلة
بقم كثير الأدب والفضل والعلم (العلم والفضل خ ل) يتساهل في الحديث ويعلّق الأسانيد
بالإجازات» ، طلباً لعلوّها واتّصالها دون اعتبار السماع الصحيح أو المناولة المعتبرة للحديث
من نسخة الكتاب ، وهذا ما يفعله المتأخّرون في الرواية بالإجازات العامّة لإثبات اتصال
الأسانيد ، مع أنّها لا تثبت إلا الاتّصال الاصطلاحي دون وقوعه الحقيقي بالرواية عن
الكتاب المحقّق الانتساب لصاحبه.
__________________
لكن رفع الأسانيد
بالإجازات إنّما يكون ضائراً بحديث الرجل إذا لم يقترن بما يقوّيه من ثبوت طريق آخر
للرواية ، كالإجازة العامّة والمنضمّة لروايته عن راو عن شيخه الذي استجازه تأكيداً
لصحّة الإسناد ، وهذا هو الحاصل هنا.
٦ ـ لم أقف على
رواية للحسين بن أحمد بن المغيرة رواها عن علي ابن محمّد بن عبدوس ، وهذا ما يبعد احتمال
كون الزيادة السابقة في الكتاب هي للحسين.
٧ ـ قوله الأخير
«رجعنا إلى الأصل» تنبيها على انتهاء حديث زائدة الطويل ، يحكي جري القلم على الكتاب
الأصل بالتصرّف فيه ، كما مرّ عليك في الكتاب المنسوب لعلي بن إبراهيم القمّي ، لكنّه
موضع واحد صرّح به في كتاب كامل
الزيارات خلافاً لما في التفسير.
٨ ـ قوله : «رواه
شيخه أبو القاسم رحمهالله مصنّف هذا الكتاب ونقل عنه» ، دالٌّ على أنّ أصل الكتاب هو كتاب ابن قولويه
، وأنّ الزيادة فيه مستقصاة عن حديث ابن قولويه بطرق خاصّة للراوي ، منها أخذه عن نسخة
تلميذه الحسين بن المغيرة ، وكلّ الإشكال في مجهولية المؤلّف.
٩ ـ قوله : «غير
أنّي أرويه عمّن حدّثني به عنه وهو أبو عبد الله أحمد ابن محمّد بن عيّاش» ، أي لا
أروي الحديث بنقل الحسين بن المغيرة ولا سماعاً عن شيخه وشيخي ابن قولويه ، بل بالطريق
الذي أرويه عن شيخي ابن عبدوس وما رواه ابن عيّاش عن ابن قولويه.
وهو ـ ابن عيّاش
ـ أحمد بن محمّد بن عبيد الله بن الحسن مكثرٌ مضطرب الحديث كالحسين ، قال النجاشي :
«أحمد بن محمّد بن عبيد الله بن الحسن بن عيّاش (عبّاس) بن إبراهيم بن أيّوب الجوهري
، أبو عبد الله وأمّه سكينة بنت الحسين بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن إسحاق ، بنت
أخي القاضي أبي عمر محمّد بن يوسف ، كان سمع الحديث ، فأكثر واضطرب في آخر عمره ، وكان
جدّه وأبوه ، من وجوه أهل بغداد ، وأيّام آل حمّاد والقاضي أبي عمر. له كتب : منها
: كتاب
مقتضب الأثر في عدد الأئمّة الاثني عشر كتاب الأغسال ، كتاب أخبار أبي هاشم داود بن
القاسم الجعفري ، كتاب شعر أبي هاشم ، أخبار جابر الجعفي ، كتاب الاشتمال على معرفة
الرجال ومن روى عن إمام إمام ، كتاب ما نزل من القرآن في صاحب الزمان ، كتاب في ذكر
الشجاج ، كتاب عمل رجب ، كتاب عمل شعبان ، كتاب عمل شهر رمضان ، كتاب أخبار السيّد
، كتاب اللؤلؤ وصنعته وأنواعه ، كتاب ذكر من روى الحديث من بني ناشرة ، كتاب أخبار
وكلاء الأئمّة الأربعة. رأيت هذا الشيخ ، وكان صديقاً لي ولوالدي ، وسمعت منه شيئاً كثيراً ورأيت
شيوخنا يضعّفونه فلم أرو منه شيئاً ، وتجنّبته» ، وفيه دلالة على اعتماد صاحب التأليف على الضعاف المتروكين.
وفي كلامه المتقدّم
إعراض عن الرواية عن الحسين ، إمّا لضعفه وهو بعيد ، أو لعدم تحمّله الحديث عنه وهو
الذي يظهر من التعبير بالزيادة في
__________________
الأبواب ، أعني أنّه قرأها من نسخة الزيارات عليها خطّ الحسين.
١٠ ـ أنّ صاحب اللفظ
وإن كان ظاهره العلم فمجهول ـ حتّى الآن ـ لا تكفي القرائن من نفس الكتاب على تعيينه
، ولا طريق لمعرفة ما ارتكبه في الكتاب إلاّ من قوله ، وهذا يمنع عن الأخذ بمتفرداته
، خاصّة وأنّه اعترف بالزيادة بعد انخرام المؤلّف وأنّه استباح النقل بالتلفيق ورفع
إسناد الأخبار بالإجازة ، فلو لم يدلّ هذا على ضعفه فإنّه يدلّ على شيء من التساهل
، بل هذا يدلّ على تفاوت نسخته التي زاد فيها ونسخ الشيخ المفيد وغيره ممّن نقلوا عن
ابن قولويه؛ حيث كان الكتاب مشهوراً عن المصنّف أيّام حياته ثمّ زاد عليه ابن المغيرة
ثمّ هذا الراوي ويسري الاحتمال إلى باقي الكتاب.
١١ ـ أّن هذا المقدار
لا يفي للجزم بالزيادة في الكتاب إلاّ في المواضع المنصوص عليها ، لكنّه يكفي للشكّ
في مواضع التفرّد بعد أن عرفت أنّ النسخة لمجهول ـ حتّى الآن ـ وعرفت خصائص روايته
، فتأمّل.
١٢ ـ قوله : «وذلك
أنّي ما قرأته على شيخي رحمهالله ولا قرأه عَلَيَّ غير أنّي أرويه عمّن حدّثني به عنه» في إشعار بإجازته لنفسه
زيادة شيء في الكتاب إذا كان لم يسمعه عن شيخه ، ويمكن أن يؤيّد بما يأتي من إهمال
الشيخ المفيد والطوسي رحمهم الله أكثر ما روي عن الأصمّ وغيره من المتروكين ،
ومثله ترك الطوسي رحمهالله روايات اليقطيني ، مع أنّها من روايات الكامل.
الموضع
الرابع : وزيادة على المواضع الثلاثة السابقة موضع رابع ، فقد
أورد في الباب (٩٠) (أنّ الحائر من المواضع التي يحبّ الله أن يدعى فيها)
قولاً للحسين بن
أحمد بن المغيرة ، قال : «قَالَ الْحُسَيْنُ بن أَحْمَدَ بن الْمُغِيرَةِ :
حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّد الْحَسَنُ بن أَحْمَدَ بن عَلِيّ الرَّازِيُّ الْمَعْرُوفُ
بِالْوَهْوِرْدِيِّ بِنَيْشَابُورَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ
غَيْرَ مَا مَضَى فِي الْحَدِيثَيْنِ الأَوَّلَيْنِ أَحْبَبْتُ
شَرْحَهُ فِي هَذَا الْبَابِ لاَِنَّهُ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد
الْوَهْوِرْدِيُّ : حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيّ مُحَمَّدُ بن هَمَّام رحمهالله قَالَ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ الْحِمْيَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو هَاشِم الْجَعْفَرِيُّ
قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى
__________________
أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بن مُحَمَّد عليهالسلام وَهُوَ مَحْمُومٌ عَلِيلٌ فَقَالَ لِي : يَا أَبَا هَاشِم ابْعَثْ رَجُلاً مِنْ
مَوَالِينَا إِلَى الْحَائِرِ يَدْعُو اللَّهَ لِي ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ
فاسْتَقْبَلَنِي
عَلِيُّ بن بِلَال فَأَعْلَمْتُهُ مَا قَالَ لِي وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلَ
الَّذِي يَخْرُجُ ، فَقَالَ : السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ وَلَكِنَّنِي أَقُولُ إِنَّهُ
أَفْضَلُ مِنَ الْحَائِرِ إِذْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ فِي الْحَائِرِ وَدُعَاؤُهُ
لِنَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ دُعَائِي لَهُ بِالْحَائِرِ ، فَأَعْلَمْتُهُ عليهالسلاممَا قَالَ : فَقَالَ لِي : قُلْ لَهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه
وآله) أَفْضَلَ مِنَ الْبَيْتِ الْحَجَرِ وَكَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَسْتَلِمُ
الْحَجَرَ وَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى بِقَاعاً يُحِبُّ أَنْ يُدْعَى فِيهَا
فَيَسْتَجِيبَ لِمَنْ دَعَاهُ وَالْحَائِرُ مِنْهَا» انتهى.
وصورته من نسخة
(١٣٥١ هـ) المقابلة الآتي عرضها ودراستها :

__________________
ويلاحظ :
١ ـ إنّ قوله :
«قالَ الْحُسَيْنُ بن أَحْمَدَ بن الْمُغِيرَةِ : وَحَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّد
الْحَسَنُ بن أَحْمَدَ بن عَلِيّ الرَّازِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْوَهْوِرْدِيِّ بِنَيْشَابُورَ
بِهَذَا الْحَدِيثِ» ، كلّه من كلام الحسين ، وبلحاظ الموارد الثلاث المتقدّمة يقوى
بل يتعيّن أن يكون قوله : «وذكر» أي الحسين في روايته ، و «أحببت» من لفظ من ضمّ زيادات
الحسين ، فتكون جملة «وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ غَيْرَ مَا مَضَى فِي الْحَدِيثَيْنِ الأَوَّلَيْنِ
أَحْبَبْتُ شَرْحَهُ فِي هَذَا الْبَابِ لاَِنَّهُ مِنْهُ» من كلام المؤلّف للكتاب
بالزيادات.
٢ ـ إنّ قوله :
«وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ غَيْرَ مَا مَضَى فِي الْحَدِيثَيْنِ الأَوَّلَيْنِ أَحْبَبْتُ
شَرْحَهُ فِي هَذَا الْبَابِ لاَِنَّهُ مِنْهُ» ، صريح كالسابق أنّ صاحب لفظها من المؤلّفين
الذين يعتنون بالكتاب لا بحديث أو حديثين حتّى يجزم أنّه لم يوقع في الكتاب غير هذه
الزيادات.
ومن هذا وما مرّ
يتأكّد احتمال أن يكون الكتاب على طريقة التأليف بين الأصل والزيادات من المرويّات
، من قبيل ما رجّحناه في كتاب بصائر
الدرجات الكبير.
وأنّ المؤلّف ليس
ابن قولويه ، ولا تلميذه الحسين بن أحمد بن المغيرة ، بل من تلامذة الأوّل ، مجهول
، على روايته بعض أمارات التساهل ، وليس مجرّد محشٍّ على الكتاب.
__________________
مواضع يحتمل أنّها مزيدة :
ويحتمل زيادة مواضع
أخرى أو إعادة تحريرها في الكتاب غير ما مرّ من الواضع الأربعة ، بلا جزم منّا ، وعليه
شواهد ، منها :
الموضع الأوّل :
ما رواه في الباب بعد (ح ٦) ، قال : «سلام مولانا أبي الحسن موسى ابن جعفر الكاظم (صلى الله
عليه وآله) على جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
بِإِسْنَادِهِ عَنْ
سَهْل عَنْ عَلِيِّ بن حَسَّانَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ : حَضَرْتُ أَبَا الْحَسَنِ
الأَوَّلَ عليهالسلام وَهَارُونُ الْخَلِيفَةُ وَعِيسَى بن جَعْفَر وَجَعْفَرُ بن يَحْيَى بِالْمَدِينَةِ
قَدْ جَاءُوا إِلَىَ قَبْرِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ هَارُونُ لاَِبِي
الْحَسَنِ عليهالسلام تَقَدَّمْ فَأَبَى فَتَقَدَّمَ هَارُونُ فَسَلَّمَ وَقَامَ نَاحِيَةً فَقَالَ
عِيسَى بن جَعْفَر لاَِبِي الْحَسَنِ عليهالسلامتَقَدَّمْ فَأَبَى ـ فَتَقَدَّمَ عِيسَى بن جَعْفَر فَسَلَّمَ
وَوَقَفَ مَعَ هَارُونَ فَقَالَ جَعْفَرٌ لاَِبِي الْحَسَنِ عليهالسلام تَقَدَّمْ فَأَبَى
فَتَقَدَّمَ جَعْفَرٌ فَسَلَّمَ وَوَقَفَ مَعَ هَارُونَ وَتَقَدَّمَ أَبُو
الْحَسَنِ عليهالسلام فَقَالَ السّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَتِ أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذِي اصْطَفَاكَ
وَاجْتَبَاكَ وَهَدَاكَ وَهَدَى بِكَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْكَ فَقَالَ هَارُونُ لِعِيسَى
سَمِعْتَ مَا قَالَ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ هَارُونُ أَشْهَدُ أَنَّهُ أَبُوهُ حَقّاً».
والمعنى منقول بصور
وألفاظ متعدّدة ، أمّا السند فمعلّق على الكليني في الحديث السابق ، وأخرجه في الكافي ، وعلّقه الشيخ في التهذيب
__________________
على الكليني أيضاً ، ولم يسند الخبر إلى ابن قولويه في مصدر متقدّم ، حتّى
من تلميذه المفيد في المزار أو الإرشاد.
وأدرج العنوان في
هامش النسخة المختلفة الأوائل لسنة (١٠٣٦ هـ) مع أنّ نسخ الكتاب المتداول مدرجة في
المتن ، (صورة ٥) :

وفي النسخة المقابلة
المصحّحة لسنة (١٣٥١ هـ) نصٌّ على عدم وجود
__________________
العنوان في نسخة الصدر ولا ما سمّاها العتيقة ولا غيره ، وصورته (ص ١٩) :

الموضع الثاني :
وفي نفس الباب بعد
الحديث الثامن جاء ما صورته :
«ما يجب أن يدعى
به عند قبر سيّدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) تخرّج في المناسك :
حَدَّثَنِي عَلِيُّ
بن الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بن إِبْرَاهِيمَ بن هَاشِم عَنْ مُحَمَّدِ بن عِيسَى بن
عُبَيْد عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ زَكَرِيَّا الْمُؤْمِنِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بن نَاجِيَةَ
عَنْ إِسْحَاقَ بن عَمَّار قَالَ : قُلْتُ لاَِبِي عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام عَلِّمْنِي تَسْلِيماً
خَفِيفاً عَلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) قَالَ قُلْ أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذِي
انْتَجَبَكَ وَاصْطَفَاكَ وَاخْتَارَكَ وَهَدَاكَ وَهَدَى بِكَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْكَ
صَلاَةً كَثِيرَةً طَيِّبَةً».
ورواه المفيد في
أماليه بلفظ قريب لم يسنده لشيخه ابن قولويه :
«قَالَ أَخْبَرَنِي
أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بن مُحَمَّدِ بن [الحسن بن] الْوَلِيدِ رَحِمَهُ اللَّهُ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بن عَبْدِ اللهِ عَنْ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بن عِيسَى عَنْ
مُحَمَّدِ ابن سِنَان عَنْ إِسْحَاقَ بْنِْ عَمَّار قَالََ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ
عليهالسلام يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه
وآله) أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذِي انْتَجَبَكَ وَاصْطَفَاكََ وَأَصْفَاكَ وَهَدَاكَ وَهَدَى
بِكَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْكَ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيماً».
ولم أجد من أسنده
لابن قولويه ممّن قارب عصره.
__________________
وأمّا العنوان فقد
خلت عنه النسخة المختلفة المذكورة ، وصورتها (صورة ٦) :

وفي هامش نسخة (١٣٥١
هـ) أثبت العنوان مع اختلاف في اللفظ في نسخ أخرى :

فيحتمل أن تكون
الزيادة في العناوين متأخّرة ، وأمّا الروايات فمن الأصل إلاّ أنّها ممّا تفرّد بها
الكتاب ، والمتفرّدات فيه كثيرة.
ومن شواهد كونها
زائدة من النسّاخ والمحشّين قوله في ذيل الثاني بلا مناسبة واضحة : «تخرج في المناسك»
، فإنّها ممّا يلاحظه المحشّي عادة ترتيب الأخبار.
مختار الشيخ عبد الرحيم الرّبّاني :
جزم الشيخ عبد الرحيم
الربّاني الشيرازي رحمهالله ـ في هامش البحار المطبوع بتعليقاته ـ أنّ خطبة الكتاب وفهرست الأبواب بعدها
والزيادات الآتي ذكرها هي للحسين بن المغيرة البوشجي ، قال :
«أقول : الحسين بن أحمد بن المغيرة هو الراوي لكتاب الزيارات هذه عن شيخه أبي القاسم
ابن قولويه ، ومعلوم من إدراجه هذا الحديث وغيره أنّ نسخة الكتاب إنّما وصلت إلينا من قبله وبخطّه وروايته ، وهو الذي
يقول في صدر الكتاب ، بعد الخطبة وفهرس الأبواب : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد
بن قولويه القمّي الفقيه قال : حدّثني أبي إلخ ، والظاهر من تأخير سند الكتاب عن الخطبة
والفهرس أنّه هو الذي أنشأ الخطبة ورتّب الفهرس ، لا شيخه ، وإلاّ لوجب تقديم سند الكتاب
على الخطبة كما في غير واحد من أسناد كتب الحديث. وكيف كان ، فالرجل وثّقه ثقة النجاشىّ
في رجاله حيث قال : الحسين بن أحمد بن المغيرة أبو عبد الله البوشنجى ، كان عراقيّاً
__________________
مضطرب المذهب وكان ثقة فيما يرويه وهكذا عنونه ابن داود في رجاله ، ناقلاً نصّ
ذلك عن النجاشي والغضائري ، إلاّ أنّه أدرجه في القسم الثاني المختصّ بذكر المجروحين
والمجهولين ، كما فعل ذلك العلاّمة في رجاله وذكره في الضعفاء ومن يرد قوله أو يقف
فيه».
أقول : لا يعلم أنّ النسخة الواصلة إلينا كانت بخطّ الحسين أو بخطّ غيره فإنّه لا
شاهد عليه ، كما أنّ المسند إليه القول عن الحسين بن أحمد بن المغيرة ـ في قوله في
الزيادات وزاد الحسين أو قال الحسين بن أحمد بن المغيرة ـ هو الأولى بنسبة الخطبة والفهرست
وإسناد الزيادات عن الحسين ، والوجه الذي يتمسّك به غالباً هو جريان سيرة المصنّفين
على ذكر حديث أنفسهم مسنداً بصيغة الغائب وضميره ، لكن لم يثبت لهذا الأصل من طريق
المثبتات العلمية والاطمئنان والتتبّع أصل ، وحتّى الغلبة لا تخرج عن كونها دعوى مجرّدة
، نعم ، دون الجزم احتمال أن يكون مثل هذا الكتاب الحاضر ـ وهو كتاب كامل الزيارات المتداول ـ أن يكون ممّا أملاه الحسين بن أحمد ابن المغيرة وزاد فيه سماعاته
، ثمّ روي عنه بهذه الهيئة ، لكنّه لا ينفي احتمال انتساب الكتاب لغيره أيضاً ، بل
هو الذي ترجّحه الشواهد والقرائن السابقة.
القرائن الخارجية :
المقارنة بين النسخة المتداولة وروايات الكتب :
بعد الانتهاء من
دراسة الكتاب من جهة أصل وجوده ودراسة متنه
__________________
المتداول من جهة العوارض ، انتهت دراسته من الداخل ، ووجب الانتقال لدراسته
من الخارج بالمقارنة وتتبّع الشواهد ، وأوّلها مقارنة أخباره وطرقها مع من نقل عن كتاب
الزيارات لابن قولويه رحمهالله في الكتب الأخرى ، ويتقدّم في الدراسة من صرّح بنقله عن كتاب المؤلّف.
نسخة السيّد ابن طاووس من كامل الزيارات :
وتقدّم نقل كلامه
مع احتمال أن تكون نسخته هي أصل النسخة المتداولة اليوم.
قال في الدروع الواقية قال : «روينا ذلك بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي ، عن الشيخ المفيد محمّد
بن محمّد بن النعمان ، عن شيخه أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه قدّس الله جلّ جلاله
أرواحهم ، من كتابه الذي سمّاه كامل
الزيارات ، من نسخة عليها خطّ جدّي أبي جعفر الطوسي ، بإسناده إلى
علي بن ميمون ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : (يا علي ، بلغني أنّ قوماً من شيعتنا يمرّ بأحدهم السنة والسنتان لا يزورون
الحسين صلوات الله عليه ...) الحديث.
وهو في الكامل بالإسناد إلى علي بن ميمون ، قال : (حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ
عَبْدِ اللهِ بن جَعْفَر الْحِمْيَرِيِّ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى عَلِيِّ بن مَيْمُون
__________________
الصَّائِغِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه عليهالسلام ...) الحديث.
ثمّ روى أخباراً
مصرّحاً أنّها من الكتاب وعطف عليها أخباراً أخرى ظاهرة في كونها مأخوذة منه أيضاً.
إسناد روايات نسخة
ابن طاووس فيها احتمال المغايرة مع المتداول
ويلاحظ عند المقارنة
:
روى في الكامل بعض الأخبار عن الأصمّ ثمّ أسندها بطريق آخر ، ونقلها السيّد ابن طاووس عن كتاب
ابن قولويه ـ كما هو الظاهر من تصريحه في الحديث السابقين على هذا الحديث الآتيـ بطريق
واحد مرسل.
قال ابن طاووس في
الدروع الواقية :
«وروينا بإسنادنا
أيضاً إلى جعفر بن قولويه رضي الله عنه ، بإسناده إلى صفوان الجمّال قال : سألت أبا
عبد الله عليهالسلام ونحن في طريق المدينة نريد مكّة ، فقلت له : يا بن رسول الله ، مالي أراك كئيباً
حزيناً منكسراً؟
فقال : لو تسمع
ما أسمع لشغلك عن مسألتي.
قلت : وما الذي
تسمع؟
قال : (ابتهال الملائكة
إلى الله على قتلة أمير المؤمنين وقتلة الحسين ، ونوح الجنّ عليهما ، وبكاء الملائكة
الذين حوله وشدّة حزنهم ، فمن يتهنّأ مع هذا بطعام أو شراب أو نوم).
قلت : فمن يأتيه
زائراً ثمّ ينصرف ، متى يعود إليه؟ وفي كم يؤتى؟ وفي
كم يسع الناس تركه؟
قال : (أمّا القريب
فلا أقلّ من شهر ، وأمّا البعيد الدار ففي كلّ ثلاث سنين ، [فما جاز الثلاث سنين] فقد
عقّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وقطع رحمه إلاّ من علّة. ولو علم زائر الحسين ما
يدخل على رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وما يصل إليه من الفرح ، وإلى أمير المؤمنين
، وإلى فاطمة والأئمّة والشهداء منّا أهل البيت ، وما ينقلب به من دعائهم له ، وما
له في ذلك من الثواب في العاجل والآجل ، والمدخور له عند الله ، لأحبّ أن تكون ثَمَّ
داره ما بقي. وإنّ زائره ليخرج من رحله فما يقع فيه على شيء إلاّ دعا له ، فإذا
وقعت الشمس عليه أكلت ذنوبه كما تأكل النار الحطب ، وما تبقي الشمس عليه من ذنوبه شيئاً
، فينصرف وما عليه من ذنب ، وقد رفع له من الدرجات ما لا يناله المتشحّط بدمه في سبيل
الله ، ويوكّل به ملك ، يقوم مقامه يستغفر له حتّى يرجع إلى الزيارة ، أو تمضي ثلاث
سنين ، أو يموت ...) وذكر الحديث بطوله». انتهى ، نقلناه بطوله لحاجة المقارنة.
وصورته في مخطوط
مجلس الشورى الإيراني لنسخة سنة (١٠٩٣ هـ) ناسخها محمّد شفيع برقم (شناسگر ركورد :٤٨٨٢٤٥
ـ شماره بازيابي :
__________________
١/١٢٤٤٠ ـ
شماره مدرك كتابخانه مجلس : IR٤٧٩٦ ، صورة ٢٢ ـ ٢٣) :


ولاحظ أنّ الفصل
المذكور في هذه النسخة من كتاب الدروع الواقية هو التاسع عشر ، في حين أنّ النسخة المحقّقة
المنتشرة أثبتته في الفصل العشرين ، وسقط منها أوّل الحديث الذي رواه داوود بن فرقد.
وصورته من المطبوع
المنشور عن مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم / ط :

وذكروا في مقدّمة
التحقيق أنّهم ظفروا بنسخة كاملة للدروع الواقية وهي نسخة المكتبة الرضوية ، وأنّ باقي
النسخ فيها سقوطات أو هي مختصرة!.
ورواها في الكامل المتداول في موضعين :
الأوّل : عن علي عن صفوان ومتنه مقطوع.
والثاني : بسنده عن الأصمّ عن صفوان ثمّ روى مثل لفظ نسخة السيّد ابن طاووس ، ثمّ ذكر
لها طريق الموضع الأوّل أيضاً ، ولم يقدّمه مع أنّه أصحّ.
وأهمل السيّد ذكر
الطريقين مع أنّ من عادة ابن طاووس نسخ ما في الكتب بصورتها وألفاظها ، ومن المأسوف
عليه أنّ السيّد لم يذكر تمام الطريق الذي في نسخته لنعرف تطابقها مع المتداولة ، ونقطع
بالتصرّف الذي نال كتاب ابن قولويه من عدمه.
فالأولى : رواها في كامل
الزيارات بما لفظه :
«حَدَّثَنِي أَبِي
وَأَخِي رَحِمَهُمَا اللَّهُ عَنْ أَحْمَدَ بن إِدْرِيسَ وَمُحَمَّدِ بن يَحْيَى جَمِيعاً
عَنِ الْعَمْرَكِيِّ بن عَلِيّ الْبُوفَكِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَكَانَ فِي
خِدْمَةِ أَبِي جَعْفَر الثَّانِي عليهالسلام عَنْ عَلِيّ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام قَالَ :
سَأَلْتُهُ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَنَحْنُ نُرِيدُ المكّة [مَكَّةَ] فَقُلْتُ :
يَا ابن رَسُولِ اللهِ مَا لِي أَرَاكَ كَئِيباً حَزِيناً مُنْكَسِراً؟ فَقَالَ : لَوْ
تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ لَشَغَلَكَ عَنْ مَسْأَلَتِي ، قُلْتُ : فَمَا الَّذِي تَسْمَعُ؟
قَالَ : ابْتِهَالَ الْمَلاَئِكَةِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى قَتَلَةِ أَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ وَقَتَلَةِ الْحُسَيْنِ عليهالسلامنَوْحَ الْجِنِّ وَبُكَاءَ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ حَوْلَهُ
وَشِدَّةَ
جَزَعِهِمْ فَمَنْ يَتَهَنَّأُ مَعَ هَذَا بِطَعَام أَوْ بِشَرَاب أَوْ نَوْم
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ».
والثانية : رواها بسندين ، قدّم السند الذي فيه الأصمّ عن صفوان ، ثمّ عطف عليها طريقاً
آخر ، وهو الذي اقتصر عليه السيّد ابن طاووس وصدر الحديث ، لتطابق لفظ أوّله : «سَأَلْتُ
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام» ، مهملاً الطريق الآخر ، ولا شكّ أنّه نقل من هذا الموضع
لا الموضع الأوّل المبتور.
وصورته في كامل الزيارات :
«حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ
بن عَبْدِ اللهِ بن جَعْفَر الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بن
مُحَمَّدِ بن سَالِم عَنْ مُحَمَّدِ بن خَالِد عَنْ عَبْدِ اللهِ بن حَمَّاد الْبَصْرِيِّ
عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَصَمِّ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ
: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلاموَنَحْنُ فِي طَرِيقِ الْمَدِينِةِ نُرِيدُ مَكَّةَ فَقُلْتُ
لَهُ : يَا ابن رَسُولِ اللهِ مَا لِي أَرَاكَ كَئِيباً حَزِيناً مُنْكَسِراً؟ ...
يَسْتَغْفِرُ لَهُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الزِّيَارَةِ أَوْ يَمْضِيَ ثَلاَثُ سِنِينَ
أَوْ يَمُوتَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
حَدَّثَنِي أَبِي
رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَحْمَدَ بن إِدْرِيسَ وَمُحَمَّدِ بن يَحْيَى جَمِيعاً
عَنِ الْعَمْرَكِيِّ بن عَلِيّ الْبُوفَكِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى ـوَ كَانَ
فِي خِدْمَةِ أَبِي جَعْفَر الثَّانِي عليهالسلام ـ عَنْ عَلِيّ عَنْ صَفْوَانَ بن مِهْرَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ
عليهالسلام قَالَ : سَأَلْتُهُ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ». انتهى
__________________
هذا ما يمكن ملاحظته
، واستفادة التغاير بين نسخة السيّد ونسخة اليوم بهذا المقدار ضعيفة.
نسخة السيّد رضي
الدين وعبد الكريم بن طاووس (ت ٦٩٣ هـ) عليها خطّ ابن قولويه :
وقد روى كتاب المزار لابن قولويه بهذا الإسناد الذي صرّح به في أكثر من موضع يأتي ذكره عن نسخة عليها
خطّ ابن قولويه سنة (٣٦٦ هـ) أي قبل وفاة جعفر بن محمّد بن قولويه بسنة أو سنتين ،
وهو : عمّه رضي الدين ، عن الحسن بن الدربي ، عن محمّد بن علي بن شهرآشوب ، عن جدّه
، عن الطوسي ، عن المفيد ، عن جعفر بن قولويه بكتابه.
ومن تلك المواضع :
١ ـ قال في بعض
نسخ فرحة
الغري : «في مزار ابن قولويه في النسخة التي عليها خطّه وتاريخه سنة ستّ وستّين وثلاثمائة ما
رويته عن العمّ السعيد رضي الدين عن الحسن بن الدربي بإسناده إلى ابن قولويه قال :
حدّثني أبي رحمهالله ، عن سعد بن عبد الله عن الحسن بن موسى الخشّاب عن علي بن أسباط رفعه قال :
قال أبو عبد الله عليهالسلام :
إنّك إذا أتيت الغري
رأيت قبرين ، قبراً كبيراً وقبراً صغيراً ، فأمّا الكبير فقبر أمير المؤمنين (صلوات
الله عليه) وأمّا الصغير فرأس الحسين بن علي رحمهالله.
وأخبرنا أحمد بن
محمّد بن سعيد ، عن عبد الله بن محمّد بن خالد
__________________
بأسناده مثله» انتهى.
والرواية بالإسناد
الأوّل هي المروية في كتاب الكامل المتداول المطبوع ، لكن تعليق الإسناد الثاني ـ عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة وهو من مشايخ
ابن قولويه على ما قيل في مقدّمة محقّق كتاب الكامل ـ أعني الشيخ القيّومي ـ ولم أقف على روايته عنه! ـ على
حديث المزار يعني أنّه من تتمّة كلام ابن قولويه في مزاره؛ حيث لا يروي عبد الكريم عن ابن عقدة بالمباشرة لتأخّره
بطبقات عنه ، إلاّ أن يكون في نسخة فرحة الغري لبساً أو خطأ من النسّاخ أو تعليقاً على متقدّم لم يظهر! ، وليس في النسخة
المتداولة؛ فإنّها عطفت عليه حديث محمّد بن عبد الله بسنده إلى صفوان الجمّال!.
ولم يُثبت ما زاده
السيّد في فرحة
الغري من الطريق الثاني في نسخة الأرموي النجفي سنة (١٣٥١ هـ) التي
مضى عرضها ودراستها ـ المقابلة على عدّة نسخ قديمة ونسخة السيّد الصدر.
__________________
وصورته ص ٣٩ :

ولا في النسخة المختلفة
عن باقي النسخ (الكاغذاني سنة ١٠٣٦ هـ)
وصورتها (صورة رقم
١٧) :

لكن الصحيح أنّ
الإسناد الثاني معلّق على ما قبل ما بين المعقوفين ، أي على قوله : «وَأَخْبَرَنِي
الْوَزِيرُ الْمُعَظَّمُ نَصِيرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بن مُحَمَّدِ بن الْحَسَنِ
الطُّوسِيُّ عَنْ وَالِدِهِ عَنْ فَضْلِ اللهِ عَنْ ذِي الْفَقَارِ وَعَنِ الطُّوسِيِّ
عَنِ الْمُفِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ [أي بن داود صاحب كتاب كامل الزيارات أيضاً] قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن تَمَّام قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بن مُحَمَّدِ بن رِيَاح قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بن مُحَمَّد
قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بن مُحَمَّدِ بن خَالِد التَّمِيمِيُّ قَالَ
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بن عَلِيّ الْخَرَّازُ عَنْ خَالِهِ يَعْقُوبَ بن إِلْيَاسَ عَنْ
مُبَارَك الْخَبَّازِ قَالَ : قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام أَسْرِجِ الْبَغْلَ
وَالْحِمَارَ فِي وَقْتِ مَا قَدِمَ وَهُوَ فِي الْحِيرَةِ ...» الحديث ، ثمّ قال أي
ابن داود : «وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن مُحَمَّدِ بن سَعِيد عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ
بن خَالِد بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ» ، وأنّ ما بين المعقوفين من الزيادات في بعض النسخ
في غير موضعها المناسب.
٢ ـ وروى أيضاً
ما رواه في الكامل المتداول ، قال في فرحة
الغري :
«الباب السابع فيما
ورد عن مولانا الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام في ذلك : رَوَى جَعْفَرُ بن مُحَمَّدِ بن قُولَوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ بن عَلِيِّ بن يَعْقُوبَ عَنِ الْحَسَنِ بن عَلِيِّ
بن فَضَّال عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بن الْجَهْمِ ابن بُكَيْر قَالَ ذَكَرْتُ لاَِبِي
الْحَسَنِ عليهالسلام عِيسَى بن مُوسَى وَتَعَرُّضَهُ لِمَنْ يَأْتِي قَبْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
عليهالسلام ...» الحديث.
__________________
انتهى وهو بعينه
في المصنّف المتداول.
٣ ـ وكذا قال في
الفرحة : «وفي مزار ابن قولويه ـ فيما رويته عن العمّ السيّد رضي الدين عن الحسن بن
الدربي بإسناده إليه ـ قال : حدّثني أبي رحمهالله ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد ابن أبي
نصر ، قال : سألت الرضا عليهالسلام فقلت : أين موضع قبر أمير المؤمنين؟ فقال : الغري. فقلت له : جعلت فداك إنّ
بعض الناس يقول دفن بالرحبة. قال : لا ولكن بعض يقول دفن في المسجد».
ورواه في الكامل المتداول.
٤ ـ قال : «رَوَى
جَعْفَرُ بن مُحَمَّدِ بن قُولَوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ بن عَلِيِّ بن يَعْقُوبَ عَنِ الْحَسَنِ بن عَلِيِّ بن فَضَّال
عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بن الْجَهْمِ بن بُكَيْر قَالَ : ذَكَرْتُ لاَِبِي الْحَسَنِ
عليهالسلام عِيسَى بن مُوسَى وَتَعَرُّضَهُ لِمَنْ يَأْتِي قَبْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
عليهالسلام وَأَنَّهُ كَانَ يَنْزِلُ مَوْضِعاً يُقَالُ لَهُ الثُّوَيَّةُ يَتَنَزَّهُ
إِلَيْهِ وَكَانَ قَبْرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلاً وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَرْوِي صَفْوَانُ الْجَمَّالُ
أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام وَصَفَ لَهُ قَالَ لَهُ فِيمَا ذَكَرَ إِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الْغَرِيِّ ظَهْرِ
الْكُوفَةِ فَاجْعَلْهُ خَلْفَ ظَهْرِكَ وَتَوَجَّهْ نَحْوَ النَّجَفِ وَتَيَامَنْ
قَلِيلاً فَإِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الذَّكَوَاتِ الْبِيضِ وَالثَّنِيَّةُ أَمَامَهُ
فَذَلِكَ قَبْرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام وَأَنَا
__________________
آتِيهِ كَثِيراً وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ لاَ يَرْوِي ذَلِكَ يَقُولُ هُوَ
فِي الْمَسْجِدِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ هُوَ فِي الْقَصْرِ فَأَرُدُّ عَلَيْهِمِْ أَنَّ
اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَجْعَلَ قَبْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلامفِي الْقَصْرِ فِي مَنَازِلِ الظَّالِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ يُدْفَنُ فِي الْمَسْجِدِ
وَهُمْ يُرِيدُونَ سَتْرَهُ فَأَيُّنَا أَصْوَبُ قَالَ أَنْتَ أَصْوَبُ مِنْهُمْ أَخَذْتَ
بِقَوْلِ جَعْفَرِ بن مُحَمَّد عليهالسلام قَالَ ثُمَّ قَالَ لِي يَا أَبَا مُحَمَّد مَا أَدْرِي أَحَداً مِنْ أَصْحَابِنَا
يَقُولُ بِقَوْلِكَ وَيَذْهَبُ مَذْهَبَكَ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَمَا ذَلِكَ
شَيِْءٌ مِنَ اللهِ قَالَ أَجَلْ إِنَّ اللَّهَ يُوَفِّقُ مَنْ يَشَاءُ وَيُؤْمِنُ
عَلَيْهِ فِعْلَ [فَقُلْ] ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ فَاحْمَدْهُ عَلَيْهِ».
وهو بعينه في الكامل المتداول.
وهذا المقدار يقوّي
تطابق نسخة المصنّف مع المتداولة اليوم في الجملة ، لكنّه لا ينفي احتمال الزيادة والتغيير
في مواضع أخرى.
__________________
المقارنة بين نقولات المتقدّمين من كامل الزيارات
أوّلا : نسخة المفيد التي نقل منها في المزار :
وتقدّم ذكر طرف
ممّا يتعلّق بهذا البحث عند التعرّض لما ذكره صاحب كتاب كامل الزيارات في مقدّمته ، وبقيت ملاحظات أخرى :
١ ـ إنّ الشيخ المفيد
في المزار قال في مقدّمته : «أمّا بعد ـ وبالله التوفيق ـ فإنّي قد اعتزمت على ترتيب مناسك
زيارة الإمامين (أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، والحسين بن علي صلوات الله عليهما)
ووصف ما يجب من العمل عند الخروج إليهما ، ويلزم من الفعل في مشهديهما ، وما يتبع ذلك
في منازله ، ويتعلّق بأوصافه في مراتبه.
وأذكر على التقديم
في صدره طرفاً ممّا جاء به الأثر في فضله ، فإنّي لم أجده على الحدود التي أؤمّها منه
في شيء ممّا تقدّم من مصنّفات أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ وتأخّر ، وإن كان موجوداً
فيها على غيرها ـ ممّا يتعذّر القاصد العمل بها لأجل الجمع بينها ، ويصعب عليه الإتيان
على النسق والنظام بها ـ وهو اختلاف محالّها من الأماكن ، وتباين أجناسها من المواضع
، واختلاط المعنى منها بخلافه ، ومجاوزة الباب في الغرض لبعيده ، ومباينة المناسب في
المواطن لقريبه.
فعمدت تلخيص ذلك
على اختصار ، وتحرّيت تأليفه للحفظ والتذكار ،
وبالله أستعين ، وعليه أتوكّل ، وهو حسبي ونعم الوكيل». انتهى
وقوله الأخير رحمهالله غريب؛ لأنّ كتاب
كامل
الزيارات المنتسب لشيخه ابن
قولويه قد فرض أنّه رتّب على النحو المطلوب وعلّله بنحو ما ذكره المفيد! ، إلاّ أن
يكون المفيد لم يدرك الأثر الكامل عن شيخه ، كأن يكون ابن قولويه ألّف كتابه أواخر
عمره كما يظهر من شهادة ابن طاووس برؤيته لخطّه على نسخته سنة (٣٦٦ هـ) قبل وفاته بسنة
أو سنتين ، وما يمكن أن يستفاد ممّا ذكر في الباب الثامن والثمانين من كامل الزيارات المتداول من أنّ ابن قولويه كان على عزم الزيادة في الكتاب
إلاّ أنّ الأجل باغته رحمهالله.
ومن هذا القبيل
ما ذكره الشيخ الطوسي رحمهالله في خطبة كتاب عدّة
الأصول من عدم وجود كتاب
واف بمطالب الأصول المتداولة بين متكلّمي بغداد ومذاهبهم تشرح مختار الإمامية ، مع
أنّ السيّد المرتضى رحمهالله ألّف كتاب الذريعة على انبساط من الشرح قلّ نظيره.
٢ ـ إنّ كثرة رواية
المفيد عن شيخه ابن قولويه ، تجعلنا نستقرب أنّ المفيد إنّما يروي عن كتاب شيخه ، وليس
هو إلاّ كتاب الزيارات ، لكن التفاوت في مواضع الطرق والألفاظ ملحوظ بين نسخة المفيد وما أودع في
الكتاب الحاضر من كامل
الزيارات ومن أمثلة ذلك:
أ ـ في المزار قال :
«أَخْبَرَنِي أَبُو
الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بن مُحَمَّد عَنْ مُحَمَّدِ بن يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّة
__________________
مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بن عِيسَى عَنِ الْقَاسِمِ بن
يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بن رَاشِد عَنِ الْحُسَيْنِ بن ثُوَيْرِ بن أَبِي فَاخِتَةَ قَالَ : كُنْتُ أَنَا وَيُونُسُ ابن ظَبْيَانَ
الْمُفَضَّلُ بن عُمَرَ وَأَبُو سَلَمَةَ السَّرَّاجُ جُلُوساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ
اللَّه عليهالسلام وَكَانَ الْمُتَكَلِّمُ يُونُسَ وَكَانَ أَكْبَرَنَا سِنّاً
فَقَالَ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي كَثِيراً مَا أَذْكُرُ الْحُسَيْنَ عليهالسلام فَأَيَّ شَيُْء
أَقُولُ؟ قَالَ : قُلْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تُعِيدُ
ذَلِكَ ثَلاثاً فَإِنَّ السَّلاَمَ يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ قَرِيب وَمِنْ بَعِيد».
__________________
وفي الكامل : «حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ سَعْدِ بن عَبْدِ اللهِ عَنْ أَحْمَدَ
ابن مُحَمَّدِ بن عِيسَى عَنِ الْقَاسِمِ بن يَحْيَى عَنِ الْحَسَنِ بن رَاشِد عَنِ
الْحُسَيْنِ ابن ثُوَيْر قَالَ : كُنْتُ أَنَا وَيُونُسُ بن ظَبْيَانَ وَالْمُفَضَّلُ
بن عُمَرَ وَأَبُو سَلَمَةَ السَّرَّاجُ جُلُوساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام فَكَانَ الْمُتَكَلِّمُ
يُونُسَ وَكَانَ أَكْبَرَنَا سِنّاً وَذَكَرَ حَدِيثاً طَوِيلاً يَقُولُ : ثُمَّ قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام : إِنَّ أَبَا عَبْدِ
اللَّهِ عليهالسلام لَمَّا مَضَى بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ والأَرَضُونَ السَّبْعُ
وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ وَمَا يَنْقَلِبُ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مِنْ
خَلْقِ رَبِّنَا وَمَا يُرَى : وَمَا لاَ يُرَى ، وَبَكَى عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ
إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَشْيَاءَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ ، قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا هَذِهِ
الثَّلاَثَةُ أَشْيَاءَ؟ قَالَ : لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ الْبَصْرَةُ وَلاَ دِمَشْقُ
وَلاَ آلُ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
فاقتصر على رواية
صدر الحديث مع تفاوت السند.
لكن يحتمل أن يكون
المفيد إنّما روى عن شيخه ابن قولويه رواية الكليني؛ حيث روى الكليني نفس الخبر بنفس
الطريق ، وذكرنا في مباحث سابقة أنّ فيه ما ينافي غرض المصنّف من استقصاء الأخبار ،
وأنّ فوات خبر كهذا ـ وغيره ـ رواه عن شيخه الكليني ورواه المفيد عنه ، فيه غرابة ،
ثمّ
__________________
دفعناه بكون الغاية تحقيق الغرض من الاحتجاج بمجموع الأحاديث ، وكذا ذكرنا احتمال
أن لا يكون المفيد مطّلعا على كتاب شيخه أو عند اكتماله ، واستبعدناه لضعف احتماله
، ويبقى في النفس شيء.
ب ـ ومنها في المزار :
«وَرَوَى أَحْمَدُ
بن مُحَمَّدِ بن عِيسَى عَنِ ابن أَبِي عُمَيْر عَمَّنْ رَوَاهُ قَالََ قَالَ أَبُو
عَبْدِ اللهِ عليهالسلام إِذَا بَعُدَتْ بِأَحَدِكُمُ الشُّقَّةُ وَنَأَتْ بِهِ الدَّارُ فَلْيَعْلُ
عَلَى مَنْزِلِهِ وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَلْيُومِ بِالسَّلاَمِ إِلَى قُبُورِنَا
فَإِنَّ ذَلِكَ يَصِلُ وَتُسَلِّمُ عَلَى الأَئِمَّةِ عليهمالسلاممِنْ بَعِيد كَمَا تُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ مِنْ قَرِيب غَيْرَ
أَنَّكَ لاَ تَقُولُ أَتَيْتُكَ بَلْ تَقُولُ مَوْضِعَهُ قَصَدْتُكَ بِقَلْبِي زَائِراً
إِذْ عَجَزْتُ عَنْ حُضُورِ مَشْهَدِكَ وَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِسَلاَمِي لِعِلْمِي
بِأَنَّهُ يَبْلُغُكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ ثُمَّ
تَدْعُو بِمَا أَحْبَبْتَ».
وفي الكامل قطعة منه : «حَدَّثَنِي أَبِي رحمهالله عَنْ سَعْد وَمُحَمَّدِ بن يَحْيَى عَنْ
__________________
أَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بن عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بن أَبِي عُمَيْر عَمَّنْ رَوَاهُ
قَالَ : قَالَ : أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام إِذَا بَعُدَتْ بِأَحَدِكُمُ الشُّقَّةُ وَنَأَتْ بِهِ الدَّارُ فَلْيَعْلُ
أَعْلَى مَنْزِل لَهُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَلْيُومِ بِالسَّلاَمِ إِلَى قُبُورِنَا
فَإِنَّ ذَلِكَ يَصِيرُ إِلَيْنَا».
لكنّه حديث لم يسنده
المفيد لشيخه ابن قولويه ، كما أنّ من قوله : «غير أنّك لا تقول» الظاهر أنّه من كلام
المفيد ، فلا يصحّ جعله من قرائن التفاوت بين نسخة المفيد وشيخه ابن قولويه ، ذكرناه
للتنبيه.
ج ـ ومنها ما تفاوت
طريق الخبر فيه :
مثاله في المزار :
«أَخْبَرَنِي أَبُو
الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بن عَبْدِ اللهِ عَنْ مُحَمَّدِ بن الْحَسَنِ
عَنْ مُحَمَّدِ بن مِهْرَانَ عَنْ عَلِيِّ بن عُثْمَانَ الرَّازِيِّ قَالَ : «سَمِعْتُ
أَبَا الْحَسَنِ الأَوَّلَ عليهالسلام يَقُولُ : مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى زِيَارَتِنَا فَلْيَزُرْ صَالِحِي إِخْوَانِهِ
يُكْتَبْ لَهُ ثَوَابُ زِيَارَتِنَا ، وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَصِلَنَا فَلْيَصِلْ
صَالِحِي إِخْوَانِهِ يُكْتَبْ لَهُ ثَوَابُ صِلَتِنَا».
وفي الكامل : «حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بن جَعْفَر الرَّزَّازُ الْقُرَشِيُّ
الْكُوفِيُّ عَنْ خَالِهِ مُحَمَّدِ بن الْحُسَيْنِ بن أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ عَمْرِو
بن عُثْمَانَ الرَّازِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الأَوَّلَ عليهالسلام يَقُولَ ...» الحديث.
__________________
د ـ وإضافة لما
مرّ فيلاحظ على مزار المفيد قلّة إسناد الرواية لكبار المتّهمين بالغلوّ وندرة ذكرهم
، وحتّى ما رواه من حديث المفضّل بن عمر ساقه تأييداً ، وما في الكامل المطبوع ذكرٌ لمجموعة من تلك الأحاديث بزيادة طرق فيها من أهل الغلوّ والمتّهمين.
هـ ـ كما أنّ اختلاف
كثير من طرق وألفاظ الأخبار ممّا لا يتّفق في العادة والرواية عن شيخ واحد ، خاصّة
ممّن له كتاب يروى منه كابن قولويه.
ثانياً ـ نسخة الشيخ الطوسي رحمهالله : في المصباح ، وفي زيارات التهذيب :
واقتصر في مزار
التهذيب على ما ذكره شيخه المفيد في مزاره ، وانظر كمثال من التهذيب «بَابُ فَضْلِ الْكُوفَةِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي
يُسْتَحَبُّ فِيهَا الصَّلاَةُ مِنْهَا وَمَوْضِعِِ قَبْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
عليهالسلام وَالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَهُ وَفَضْلِ حَصَى الْغَرِيِّ وَمَسْجِدِ السَّهْلَةِ
وَالْمَسَاجِدِ الَّتِي لاَ يُصَلَّى فِيهَا وَفَضْلِ الْفُرَاتِ وَالاِغْتِسَالِ مِنْهْ»
والباب الأوّل والثاني من مزار
المفيد.
وأخرج في المصباح حديثاً واحداً عن مزار ابن قولويه ، قال : «وَذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ
بن مُحَمَّدِ بن قُولَوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الزِّيَارَاتِ أَنَّهُ رَوَى
__________________
سَالِمُ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام قَالَ : مَنْ بَاتَ
لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ بِأَرْضِ كَرْبَلاَءَ وَقَرَأَ أَلْفَ مَرَّة قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ أَلْفَ مَرَّة وَيُحَمِّدُهُ تَعَالَى أَلْفَ
مَرَّة ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَات يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَة أَلْفَ
مَرَّة آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ مِنْ كُلِّ
سُوء وَمِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْطَان وَسُلْطَان وَيَكْتُبَانِ لَهُ حَسَنَاتِهِ لاَ تُكْتَبُ
عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَيَسْتَغْفِرَانِ لَهُ مَا دَامَا مَعَهُ».
وهو بعينه مرسل
الكتاب المتداول.
لكن هذا المقدار
ـ وهو موافقة كثير ممّا روي عن ابن قولويه لما رواه عنه غيره في الكتب المتقدّمة في
الجملة ـ يقوّي التطابق ، لكنّه لا يثبت أكثر من تطابق الكثير لا كلّ النسخة كما لا
يخفى.
ثالثاً ـ محمّد بن جعفر ، ابن المشهدي (٦١٠ هـ) في المزار الكبير :
ولم أقف على مورد
حتّى الآن صرّح بروايته عن نسخة كتاب ابن قولويه ، لكن كثرة إسناده عن جعفر بن محمّد
بن قولويه لا ريب أن تكون من كتابه ، والكلام فيه هو الكلام المتقدّم في نسخة الشيخ
المفيد ، من تفاوت الأسانيد والألفاظ عن نسخة الكتاب الحاضرة ، ولعلّنا نعرّج على التفصيل
في زمان يسع له.
رابعاً ـ الحسن ابن سليمان الحلّي (القرن الثامن) في مجموعه :
__________________
وقد نقل عنه في
مجموعه الحديثي شيئاً من نسخته من المزار ، في باب (تتمّة ما تقدّم من أحاديث الرجعة).
قال في ح ٢ :
«وَمِمَّا رَوَيْتُهُ
بِالطُّرُقِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ جَعْفَرِ بن مُحَمَّدِ بن
قُولَوَيْهِ الْقُمِّيِْ مِنْ كِتَابِ الْمَزَارِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بن جَعْفَر الرَّزَّازِ
، عَنْ مُحَمَّدِ بن الْحُسَيْنِ بن أَبِي الْخَطَّابِ وَأَحْمَدَ بن الْحَسَنِ بن
عَلِيِّ بن فَضَّال ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مَرْوَانَ بن مُسْلِم ، عَنْ بُرَيْدِ بن
مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيِّ ، قَالَ : قُلْتُ لاَِبِي عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام يَا ابن رَسُولِ
اللهِ أَخْبِرْنِي عَنْ إِسْمَاعِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ
حَيْثُ يَقُول (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ
وَكانَ رَسُولاً نَبِيّاً أَكَانَ إِسْمَاعِيلَ بن إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام؟ فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ بن إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام! فَقَالَ عليهالسلام :» إِسْمَاعِيلُ مَاتَ قَبْلَ إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام ...» الحديث.
وهو في المتداول.
وقال في ح ٣ :
«وَعَنْهُ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللهِ بن جَعْفَر الْحِمْيَرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيِّ
ابن مُحَمَّدِ بن سَالِم ، عَنْ مُحَمَّدِ بن خَالِد ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن حَمَّاد
الْبَصْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَصَمِّ ، قَالَ؛ حَدَّثَنَا
أَبُو عُبَيْدَةَ الْبَزَّازُ ، عَنْ حَرِيز ،
__________________
قَالَ : قُلْتُ لاَِبِي عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أَقَلَّ بَقَاءَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَأَقْرَبَ
آجَالَكُمْ بَعْضَهَا مِنْ بَعْض مَعَ حَاجَةِ هَذَا الْخَلْقِ إِلَيْكُمْ؟ فَقَالَ
: إِنَّ لِكُلِّ وَاحِد مِنَّا صَحِيفَةً ...» الحديث.
وهو بعينه في الكامل المتداول.
وهو في الكافي من الزيادات الملحقة به عن نسخة الصفواني ، ما صورته : «وَفِي نُسْخَةِ الصَّفْوَانِيِّ
زِيَادَةٌ : عَلِيُّ بن إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عَبْدِ
الرَّحْمنِ الأَصَمِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْبَزَّازِ ، عَنْ حَرِيز ، قَالَ
: قُلْتُ لاَِبِي عَبْدِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مَا أَقَلَّ
بَقَاءَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَأَقْرَبَ آجَالَكُمْ بَعْضَهَا مِنْ بَعْض مَعَ حَاجَةِ
النَّاسِ إِلَيْكُمْ! فَقَالَ : إِنَّ لِكُلِّ وَاحِد مِنَّا صَحِيفَة ...» الحديث.
وقال في ح ٤ :
«وَعَنْهُ ، عَنْ
أَبِيهِ ، عَنْ سَعْدِ بن عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بن عَبْدِ
اللهِ الرَّازِيِّ الْجَامُورَانِيِّ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بن سَيْفِ بن عَمِيرَةَ ،
عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي بَكْر الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام أَوْ أَبِي جَعْفَر
عليهالسلام قَالَ : قُلْتُ لَهُ : أَيُّ بِقَاعِ اللهِ أَفْضَلُ بَعْدَ حَرَمِ اللهِ وَحَرَمِ
رَسُولِهِ (صلى الله عليه وآله)؟ فَقَالَ : «الْكُوفَةُ ، يَا أَبَا بَكْر هِيَ
__________________
الزَّكِيَّةُ الطَّاهِرَةُ ، فِيهَا قُبُورُ النَّبِيِّينَ الْمُرْسَلِينَ وَغَيْرِ
الْمُرْسَلِينَ وَالأَوْصِيَاءِ الصَّادِقِينَ ، وَفِيهَا مَسْجِدُ سُهَيْلُ ، الَّذِي
لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ صَلَّى فِيهِ ، وَمِنْهَا يَظْهَرُ عَدْلُ
اللَّهِ ، وَفِيهَا يَكُونُ قَائِمُهُ ، وَالْقُوَّامُ مِنْ بَعْدِهِ ، وَهِيَ مَنَازِلُ
النَّبِيِّينَ وَالأَوْصِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ».
وهي بعينها في الكامل ، ورواها المفيد عن شيخه ابن قولويه مثله.
وقال في ح ١١ :
«وَرَوَيْتُ عَنْ
جَعْفَرِ بن مُحَمَّدِ بن قُولَوَيْهِ فِي مَزَارِهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
الْحُسَيْنُ بن مُحَمَّدِ بن عَامِر ، عَنِ الْمُعَلَّى بن مُحَمَّد الْبَصْرِيِّ ،
قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ ، عَنِ ابن صَدَقَةَ ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بن عُمَرَ
، قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليهالسلام : (كَأَنِّي وَاللهِ بِالْمَلائِكَةِ قَدْ زَاحَمُوا الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليهالسلام) قَالَ : قُلْتُ : فَيَتَرَاءَوْنَ لَهُمْ؟ قَالَ : (هَيْهَاتَ
هَيْهَاتَ لزماء [قَدْ لَزِمُوا] وَاللهِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَمْسَحُونَ
وُجُوهَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ ، قَالَ : وَيُنْزِلُ اللَّهُ عَلَى زُوَّارِ
الْحُسَيْنِ عليهالسلام غُدْوَةً وَعَشِيَّةً مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ ، وَخُدَّامُهُمُ الْمَلائِكَةُ
، لاَ يَسْأَلُ اللَّهَ عَبْدٌ حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ إِلاَّ
أَعْطَاهُ إِيَّاهَا ...) الحديث.
قَالَ : قُلْتُ
: هَذِهِ وَاللهِ الْكَرَامَةُ.
__________________
قَالَ : (يَا مُفَضَّلُ
أَزِيدُكَ؟) قُلْتُ : نَعَمْ يَا سَيِّدِي ، قَالَ : (كَأَنِّي بِسَرِير مِنْ نُور
قَدْ وُضِعَ ، وَقَدْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ قُبَّةٌ مِنْ يَاقُوتَة مُكَلَّلَة بِالْجَوْهَرِ ، وَكَأَنِّي بِالْحُسَيْنِ عليهالسلام جَالِساً عَلَى ذَلِكَ السَّرِيرِ ، وَحَوْلَهُ تِسْعُونَ أَلْفَ قُبَّة خَضْرَاءَ ،
وَكَأَنِّي بِالْمُؤْمِنِينَ يَزُورُونَهُ وَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ : أَوْلِيَائِي سَلُونِي فَطَالَمَا أُوذِيتُمْ ذُلِّلْتُمْ وَاضْطُهِدْتُمْ
، فَهَذَا يَوْمٌ لاَ تَسْأَلُونِّي حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ
إِلاَّ قَضَيْتُهَا لَكُمْ ، فَيَكُونُ أَكْلُهُمْ وَشُرْبُهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ،
فَهَذِهِ وَاللهِ الْكَرَامَةُ الَّتِي لاَ يُشْبِهُهَا شَيءٌ)».
ومثله في البحار ، وراجعت صورة نسخة المجلسي من كامل الزيارات التي عليها حواشيه ـ وتقدّم عرضها ـ فوجدت أنّ صورة الباب
تقع في صفحتين غير مصوّرتين وهما الصفحتان ١٧٥ و ١٧٦!.
وقريب منها نسخة
من الكامل وفيها : «فهذا والله الكرامة التي لا منتهاها شيء» ، ويحتمل التصحيف ، وأنّ هذه النسخة مطابقة لنسخة الحسن بن سليمان.
__________________
ومغايرة لما في
الكامل المطبوع بنسختيه (الأردوبادي والقيّومي) وفيه : «فَهَذِهِ وَاللهِ الْكَرَامَةُ
الَّتِي لاَ انْقِضَاءَ لَهَا وَلاَ يُدْرَكُ مُنْتَهَاهَا» ..
وفي نسخة الكاغذاني
سنة (١٠٣٦ هـ) المختلفة : «فهذه والله الكرامة الذي لا انقضاء ولا منتهاها شيء».

__________________
وفي المقابلة بعدّة نسخ سنة (١٣٥١ هـ) للأرموي النجفي :

وقفة عند نسخة الحسن بن سليمان الحلّي من كتاب كامل
الزيارات :
وممّا مضى يمكن
الوقوف على النسخة التي يحتمل أن تكون مطابقة لنسخة الحسن بن سليمان الحلّي (القرن
الثامن) ، ويزيد على السابق أيضاً موضع ، وهو الذي رواه في :
الباب ٧٩ (زيارات
الحسين بن علي عليهالسلام) ، (زيارة أخرى) وهي الزيارة ٦ ، قال في آخرها :
«... ثُمَّ قُلْ
: اكْتُبْ لِي عِنْدَكَ عَهْداً وَمِيثَاقاً بِأَنِّي أَتَيْتُكَ مُجَدِّداً الْمِيثَاقَ
فَاشْهَدْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّاهِدُ.
حَدَّثَنِي حَكِيمُ
بن دَاوُدَ بن حَكِيم عَنْ سَلَمَةَ بن الْخَطَّابِ عَنِ الْحُسَيْنِ ابن زَكَرِيَّا
عَنْ سُلَيْمَانَ بن حَفْص الْمَرْوَزِيِّ عَنِ الْمُبَارَكِ قَالَ : تَقُولُ عِنْدَ
قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليهالسلام السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ
اللهِ فِي أَرْضِهِ شَاهِدَهُ عَلَى خَلْقِهِ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ابن رَسُولِ
اللهِ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ابن عَلِيّ الْمُرْتَضَى السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ابن
فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاَةَ وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ
وأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَجَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللهِ
حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ حَيّاً وَمَيِّتاً ثُمَّ ضَعْ
خَدَّكَْ الأَيْمَنَ عَلَى الْقَبْرِ وَقُلْ أَشْهَدُ أَنَّكَ عَلَى بَيِّنَة مِنْ
رَبِّكَ جِئْتُكَ مُقِرّاً بِالذُّنُوبِ لِتَشْفَعَ لِي عِنْدَ رَبِّكَ يَا ابن
رَسُولِ اللهِ ثُمَّ اذْكُرِ الأَئِمَّةَ بِأَسْمَائِهِمْ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِد وَقُلْ
أَشْهَدُ أَنَّهُمْ حُجَجُ اللهِ ثُمَّ قُلْ اكْتُبْ لِي عِنْدَكَ مِيثَاقاً وَعَهْداً
إِنِّي أَتَيْتُكَ مُجَدِّداً الْمِيثَاقَ فَاشْهَدْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ إِنَّكَ أَنْتَ
الشَّاهِدُ».
لكن في النسخة المرقومة
التي توافق آخر رواية الحسن بن سليمان في مجموعه الذي نقلنا لفظه آنفاً ، بعد قوله
: «أنت الشاهد» ، قال : «بسم الله الرحمن الرحيم حدّثني أبو عبد الرحمن ...» وهي في
المطبوع والمخطوط من النسخ الأخرى آخر زيارات الباب ، وصورتها من مخطوط الكامل المذكور الذي احتملنا أنّه مطابق لنسخة الحسن بن سليمان الحلّي من آخر ب ٧٩
:
__________________

فإذا كانت هذه هي
النسخة المطابقة لنسخة الحسين بن سليمان من كامل الزيارات ففيها اختلافات غير مؤثّرة مع باقي النسخ ، وفيها مغايرة
للعناوين ممّا لا تخلو عنه نسخة من كامل الزيارات ، وهو دليل على تعاقب التغيير من هذه الجهة ، كما يصرّح به
الأرموي النجفي في نسخته المقابلة ، لاحظ السطر الآخير من ص ٢٣٠ (زيارة القدوم) ممّا
لم يثبت في النسخ المتداولة :

أنّ هذا المقدار
لا يحقّق الجزم بمطابقة نسخة الحسن بن سليمان الحلّي ـ المفقودة كغيرها من نسخ المتقدّمين
والمتأخّرين ـ لنسخة هذا الزمان ، وإن كانت المطابقة محتملة وعليها قرائن جيّدة.
والحاصل :
أنّنا خلصنا بعد
تتبّع ما نقل عن نسخ المفيد والطوسي وابني طاووس والحسن بن سليمان الحلّي إلى أنّ القرائن
مجتمعة تؤيّد اختلاف النسخة الحاضرة عن نسخ المتقدّمين خاصّة ، وأنّ الاشتراك بينهما
كثير ، وترجيح احتمال الزيادة والتحرير لا يزال باقياً ، ومع فقدنا ـ حتّى الآن ـ للنسخ
القديمة أو قرائن الاعتبار ، فالجزم بأحد الاحتمالين غير مقدور بهذا المقدار من التتبّع
الذي بذلنا الوسع في استخراجه وترتيبه ، لكن المجموع وبلا ريب يضعّف الوثوق بدعوى مشهورية
النسخة الحاضرة التي لم نقف على اتّصال شهرتها بنسخ المتقدّمين.
خاتمة في تعيين مؤلّف الكتاب المتداول
المعروف بكامل الزيارات
وعلى الراجح من
انتساب الكتاب المتداول اليوم لغير جعفر بن محمّد ابن قولويه ، سواء بالزيادة أو معها
والتحرير والتغيير في الترتيب ، فإنّ تعيينه مهمّ للغاية وممتنع مع قلّة القرائن ،
إلاّ أنّ تقريب الأمر بتوظيف تلك الدلائل لا يترك أو يهمل.
فممّا يمكن معرفته
حول تلك الشخصية :
١ ـ جعفر بن محمّد
بن قولويه : ويروي عنه الحسين بن أحمد بن المغيرة أيضاً.
٢ ـ أبو القاسم
علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي ، ويتفرّد المؤلّف بالرواية عنه ، سمع منه بمصر.
٣ ـ أبو عبد الله
أحمد بن محمّد بن عيّاش (ت ٤٠١ هـ) ، قال فيما نقلناه عنه سابقاً : «... وذلك أنّي
ما قرأته على شيخي رحمهالله ولا قرأه علي ، غير أنّي أرويه عمّن حدّثني به عنه وهو أبو عبد الله أحمد بن
محمّد بن عيّاش» ، والظاهر أنّه بمنزلة المعاصر له في الطبقة.
عليّ بن محمّد بن عبدوس ، أبو القاسم الكوفي :
ذُكر أنّه من تلاميذ
الكليني ، وليس له رواية في كتب الحديث الإمامي
إلاّ رواية واحدة فقط ، وهو من رجال العامّة ورواتهم.
ذكر سماعة من الكليني
ابن عساكر في تاريخ
دمشق ، قال : «محمّد بن يعقوب ويقال محمّد بن علي أبو جعفر الكليني
، من شيوخ الرافضة ، قدم دمشق وحدّث ببعلبك» حتّى قال : «روى عنه أبو سعد الكوفي شيخ
الشريف المرتضى أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى الموسوي وأبو عبد الله أحمد بن إبراهيم
وأبو القاسم علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي وعبد الله ابن محمّد بن ذكوان ، أنبأنا أبو
الحسن بن جعفر قالا أنا جعفر بن أحمد بن الحسين بن السرّاج أنا أبو القاسم المحسن بن
حمزة الورّاق بتنيس نا أبو علي الحسن بن علي بن جعفر الديبلي بتنيس في المحرّم سنة
خمس وتسعين وثلاثمائة نا أبو القاسم علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي أخبرني محمّد بن
يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن موسى بن إبراهيم المحاربي عن الحسن بن
موسى عن موسى بن عبد الله عن جعفر ابن محمّد قال قال أمير المؤمنين إعجاب المرء بنفسه
دليل على ضعف عقله».
أقول : مجرّد الرواية لا تحقّق عنوان التلمذة ولا المشيخة ، والكليني رحمهاللهسمع منه الكثير من أهل البلاد التي رحل لها ونزل بها كقم وبغداد والكوفة
وبعلبك.
وهو من علماء العامّة
ونحاتها ، قال الحموي (٦٢٦ هـ) في معجم الأدباء : «علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي :
نحوي ذكره محمّد بن إسحاق ،
__________________
وله من الكتب كتاب ميزان
الشعر بالعروض.
كتاب
البرهان في علل النحو. كتاب معاني الشعر».
وله كتاب الفوائد
، قال الشامي (٩٤٢ هـ) في (سبل
الهدى والرشاد في سيرة خير العباد) : «روى أبو القاسم علي بن محمّد بن عبدوس العوفي في
فوائده ، عن سالم بن عبد الله بن عمر قال : أخبرني واقد أنّ جنّياً عشق جارية لا أعلمه
إلاّ قال : منهم أو من آل عمر ، قال : وإذا في دراهم ديك ، فلمّا جاءها صاح الديك ،
فهرب فتمثّل في صورة إنسان ، ثمّ خرج حتّى لقي شيطاناً من الإنس ، فقال له : اذهب فاشتر
لي ديك بني فلان بما كان ، وأت به في مكان كذا ، فذهب الرجل ، فأغلى لهم في الديك فباعوه
، فلمّا رآه الديك صاح فهرب وهو يقول : اخنقه ، فخنقه خنقة صرعت الديك ، فجاء ، فحزّ
رأسه ، فلم يلبثوا يسيراً حتّى صرعت الجارية».
أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن عيّاش (ت ٤٠١ هـ) :
ضعيف الحديث وظاهر
تجنّبهم الرواية عنه اتّهامه أيضاً.
ففي فهرست النجاشي : «أحمد بن محمّد بن عبيد الله بن الحسن بن عيّاش بن إبراهيم بن أيّوب
الجوهري أبو عبد الله. وأمّه سكينة بنت الحسين ابن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن إسحاق
بنت أخي القاضي أبي عمر
__________________
محمّد بن يوسف. كان سمع الحديث وأكثر واضطرب في آخر عمره وكان جدّه وأبوه من
وجوه أهل بغداد أيّام آل حمّاد والقاضي أبي عمر. له كتب منها : كتاب مقتضب الأثر في عدد
الأئمّة الاثني عشر ، كتاب الأغسال ، كتاب أخبار أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري ،
كتاب شعر أبي هاشم ، أخبار جابر الجعفي ، كتاب الاشتمال على معرفة الرجال ومن روى عن
إمام إمام ، كتاب ما نزل من القرآن في صاحب الزمان [عليه السلام] ، كتاب في ذكر الشجاج
، كتاب عمل رجب ، كتاب عمل شعبان ، كتاب عمل شهر رمضان ، كتاب أخبار السيّد ، كتاب
اللؤلؤ وصنعته وأنواعه ، كتاب ذكر من روى الحديث من بني ناشرة ، كتاب أخبار وكلاء الأئمّة
الأربعة. رأيت هذا
الشيخ وكان صديقاً لي ولوالدي وسمعت منه شيئاً كثيراً ورأيت شيوخنا يضعّفونه فلم أرو
عنه شيئاً تجنّبته وكان من أهل العلم والأدب القويّ وطيّب الشعر وحسن الخطّ رحمهالله وسامحه ومات سنة
إحدى وأربعمائة».
ونحوه قال الشيخ
في الفهرست ، ومن قوله : «كان سمع الحديث وأكثر اختلّ في آخر عمره» ، وفي رجاله : «أحمد بن محمّد بن عيّاش : يكنّى أبا عبد الله ، كثير الرواية إلاّ أنّه اختلّ في آخر عمره ، أخبرنا عنه جماعة من
__________________
أصحابنا مات سنة إحدى وأربعمائة».
انطباق المعطيات مع المحتملات :
ولعلّ تتبّع من
روى عن هؤلاء الثلاثة مجتمعين ـ أو له نصيب من الرواية عن بعضهم ـ واتّفاق الطبقة ،
وشيء من وحدة الخصائص ، يضيّق دائرة احتمال من يمكن أن يكون المتصرّف في الكتاب ، ولنورد
بعض هؤلاء ، فمنهم :
١ ـ علي بن محمّد
الخزّاز الرازي صاحب كفاية
الأثر وصاحب كتاب أخبار أبي هاشم الجعفري الذي يروي منه الطبرسي في كتاب أعلام الورى.
فقد روى عن أحمد
بن محمّد بن عيّاش عن محمّد بن أحمد بن عبد الله الصفواني من تلامذة الكليني ـ الذي
جاء أنّ المتصرّف الراوي روى عنه الزيادة السابقة ـ في كفاية الأثر :
«حَدَّثَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بن مُحَمَّدِ بن عَيَّاش الْجَوْهَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا
__________________
مُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ الصَّفْوَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الْحُسَيْنِ
قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابن مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عَبْدِ
اللهِ الْحِمَّصِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابن حَمَّاد عَنْ أَنَسِ بن سِيرِينَ عَنْ أَنَس
بن مَالِكُ قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) صَلاَةَ الْفَجْرِ
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ مَعَاشِرَ أَصْحَابِي مَنْ أَحَبَّ أَهْلَ بَيْتِي
حُشِرَ مَعَنَا وَمَنِ اسْتَمْسَكَ بِأَوْصِيَائِي مِنْ بَعْدِي فَقَدِ اسْتَمْسَكَ
بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو ذَرّ الْغِفَارِيُّ فَقَالَ يَا رَسُولَ
اللهِ كَمِ الأَئِمَّةُ بَعْدَكَ قَالَ عَدَدَ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ
كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ قَالَ كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي تِسْعَةٌ مِنْ
صُلْبِ الْحُسَيْنِ وَالْمَهْدِيُّ مِنْهُمْ».
وقد يؤيّد أنّه
الخزّاز برواية زيدت في نسخ الكافي عن الصفواني ، وذكرناها سابقاً عند مقارنة ما رواه الحسن بن سليمان الحلّي ،
وهو في المجموع الحديثي المسمّى المختار من بصائر الدرجات أو مختصر بصائر
الدرجات :
«وَعَنْهُ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللهِ بن جَعْفَر الْحِمْيَرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيِّ
ابن مُحَمَّدِ بن سَالِم ، عَنْ مُحَمَّدِ بن خَالِد ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن حَمَّاد
الْبَصْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَصَمِّ ، قَالَ؛ حَدَّثَنَا
أَبُو عُبَيْدَةَ الْبَزَّازُ ، عَنْ حَرِيز ، قَالَ : قُلْتُ لاَِبِي عَبْدِ اللَّهِ
عليهالسلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أَقَلَّ بَقَاءَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَأَقْرَبَ
آجَالَكُمْ بَعْضَهَا مِنْ بَعْض مَعَ حَاجَةِ هَذَا الْخَلْقِ إِلَيْكُمْ؟ فَقَالَ
: إِنَّ لِكُلِّ وَاحِد مِنَّا صَحِيفَةً ...» الحديث.
__________________
وهو بعينه في الكامل المتداول.
وهو في الكافي من الزيادات الملحقة به عن نسخة الصفواني ، ما صورته : «وَفِي نُسْخَةِ الصَّفْوَانِيِّ
زِيَادَةٌ : عَلِيُّ بن إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عَبْدِ
الرَّحْمنِ الأَصَمِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْبَزَّازِ ، عَنْ حَرِيز ، قَالَ
: قُلْتُ لاَِبِي عَبْدِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلامُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مَا أَقَلَّ
بَقَاءَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَأَقْرَبَ آجَالَكُمْ بَعْضَهَا مِنْ بَعْض مَعَ حَاجَةِ
النَّاسِ إِلَيْكُمْ! فَقَالَ : إِنَّ لِكُلِّ وَاحِد مِنَّا صَحِيفَة ...» الحديث.
٢ ـ محمّد بن علي
الطرازي :
لم يترجم له فيما
وصلنا من كتب التراجم والفهارس ، أكثر السيّد ابن طاووس النقل عن الطرازي من كتابه
الذي بخطّه في الإقبال ، وقيل أنّ اسمه الدعاء والزيارة ، وروى عن أحمد بن عيّاش المذكور أنّه من مشايخ
المؤلّف.
قال ابن طاووس في
الإقبال :
«من الدعوات في
كلّ يوم من رجب ، ما رويناها عن جماعة ونذكرها بإسناد محمّد بن علي الطرازيّ من كتابه
قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن عيّاش رضي الله عنه ، قال :
__________________
حدّثنا أحمد بن
محمّد بن سهل المعروف بابن أبي الغريب الضبّي ، قال : حدّثنا الحسن بن محمّد بن جمهور
، قال : حدّثني محمّد بن الحسين الصائغ ، عن محمّد بن الحسين الزّاهرىّ ، من ولد زاهر
مولى عمرو بن الحمق وزاهر الشهيد بالطفّ ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي معشر ، عن
أبي عبد الله عليهالسلام ، أنّه كان إذا دخل رجب يدعو بهذا الدعاء في كلّ يوم من أيّامه : خابَ الْوافِدُونَ
عَلى غَيْرِكَ ...» الحديث.
٣ ـ محمّد بن علي
بن يعقوب أبو الفرج الكاتب :
صاحب كتاب المزار ، وممّن تناسب طبقته الرواية عن ابن قولويه آخر حياته.
قال النجاشي : «محمّد
بن علي بن يعقوب بن إسحاق بن أبي قرّة ، أبو الفرج القناتي الكاتب : كان ثقة ، وسمع كثيراً ، وكتب كثيراً ، وكان يورق لأصحابنا وقعنا ،
ومعنا في المجالس ، له كتب منها : كتاب عمل يوم الجمعة ، كتاب عمل الشهور ، كتاب معجم
رجال أبي المفضّل ، كتاب التهجّد ، أخبرني وأجازني جميع كتبه».
ونقل من كتابه السيّد
ابن طاووس في الإقبال : «فصل [١٣] فيما نذكره
__________________
من تعيين زيارة لمولانا علي صلوات الله عليه في يوم الغدير المشار إليه :
اعلم أنّنا ذكرنا في كتاب مصباح
الزائر وجناح المسافر عدّة روايات مطوّلات يضيق عن مثلها مثل هذا
الميقات؛ لأنّ يوم الغدير يختصّ بيومه زيارات في كتاب المسرّة من كتاب مزار
ابن أبي قرّة ، وهي زيارات يوم
الغدير» ، ثمّ روى الزيارة الرجبية لأمير المؤمنين عليهالسلام.
وهو الذي يروي
النسخة الواصلة إلينا من كتاب غيبة النعماني (ت ٣٦٠).
ومن مشايخه أبو
الحسين محمّد بن علي البجلي الكاتب أو محمّد بن أبو الحسين الشجاعي الكاتب في طريق
رواية كتاب الغيبة
: «حدّثنا الشيخ
أبو الفرج محمّد بن علي بن يعقوب بن أبي قرّة القناني رحمهالله قال حدّثنا أبو الحسين محمّد بن علي البجلي الكاتب واللفظ من أصله وكتبت هذه
النسخة وهو ينظر في أصله قال حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم النعماني بحلب».
__________________
٤ ـ محمّد بن هارون
التلعكبري :
الراوي عن ابن عيّاش
أيضاً ، ومن طبقة من أخذ عن ابن قولويه.
قال ابن طاووس في
جمال
الأسبوع :
«حَدَّثَ أَبُو
الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بن هَارُونَ التَّلَّعُكْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بن مُحَمَّدِ بن عَيَّاشَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَلِيُّ بن مُحَمَّد الزُّبَيْرِيُّ قَالَ
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بن الْحُسَيْنِ بن فَضَّال عَنْ إِبْرَاهِيمَ بن أَبِي بَكْر عَنْ
بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابن مَنْصُور الرِّيَالِيِّ عَنْ أَبِي رِكَاز
قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام مَنْ قَالَ : يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يُصَلِّي الْغَدَاةَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّم».
٥ ـ آخرون :
وقد يحتمل آخرون
، كالحسين بن أحمد بن المغيرة ، وتبيّن ممّا مرّ مفصّلاً عدم رجحان هذا الاحتمال ،
وأنّ من تصرّف في كتاب أساس كتاب ابن قولويه ليس له سماع عن الحسين بن المغيرة ، ولم
نقف على رواية للحسين بن أحمد بن المغيرة عن علي بن محمّد بن عبدوس أحد مشايخ
مؤلّف الكتاب.
ويحتمل أنّه الشيخ
المفيد ، ولم يذكر له هذا الكتاب لكونه ممّا ينسب لصاحب الأصل ابن قولويه ، ولأنّه
يروي عن الحسين بن أحمد بن المغيرة أيضاً ولا يجب عليه ذكر سماعه عنه في الكتاب ، وهو
من أبرز من روى عن شيخه ابن قولويه ، ويناسب أن يفاوضه أيضاً كما مرّ في موضع من الزيادات
حكاية ذلك.
__________________
إلاّ أنّها محتملات
بعيدة ليست على قواعد التحقيق والإثبات.
وقد جمعنا أثناء
التسويد أسماء أخرى وفوائد شتّى وقواعد في الحديث والرجال والدراية استطرادية ، لا
حاجة لذكرها هنا لكونها محتملات صرفة ـ وفي عين الحال شيّقة ـ ومحلّها مواضع أُخر ،
فلا يليق إيداعها كتب البحث والتحقيق ، ولا تُعين الباحث على اختصار الطريق.
أحمده سبحانه على
إتمام الكلام في هذا المقام
وأصلّي على
النبي المصطفى المختار وآله الطاهرين الطيّبين
الكرام ، وأسأله
التوفيق بالإخلاص وغفران الذنوب العظام
إنّه سميع مجيب
الدعاء.
محمّد علي حسين
العريبي
البحرين
١٤٣٦ هـ ـ ٢٠١٥
م
__________________
المصادر
١
ـ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد : للمفيد ، محمّد بن محمّد ، مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام ، مؤتمر الشيخ المفيد ، الطبعة الأولى ، ١٤١٣ هـ ، قم.
٢
ـ الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة : لابن طاووس ، علي بن موسى ، تحقيق : الشيخ جواد القيّومي الأصفهاني ، مكتب الإعلام
الإسلامي ، الطبعة الأولى ، ١٤١٨ هـ ، قم.
٣
ـ البلد الأمين والدرع الحصين : للكفعمي ، إبراهيم بن علي العاملي ، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، الطبعة الأولى
، ١٤١٨ هـ ، بيروت.
٤
ـ الأمالي : للمفيد ، محمّد
بن محمّد ، تحقيق : الأستاد حسين ولي ، وعلي أكبر الغفاري ، مؤتمر الشيخ المفيد ، الطبعة
الأولى ، ١٤١٣ هـ ، قم.
٥
ـ بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار : للمجلسي ، محمّد باقر بن محمّد تقي ، تحقيق : جمع من المحقّقين ، دار إحياء
التراث العربي ، الطبعة الثانية ، ١٤٠٣ هـ ، بيروت.
٦
ـ تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلّها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها
وأهلها : لابن عساكر ، علي بن حسن ، تحقيق : شيري ، علي ، دار الفكر
، ١٤١٥ هـ ـ ١٩٩٥ م ، بيروت.
٧
ـ تحف العقول عن آل الرسول صلّى الله عليه وآله : لابن شعبة الحرّاني ، الحسن بن علي ، محقّق مصحّح : غفاري ، علي أكبر ، الناشر
: جماعة المدرّسين ، الطبعة الثانية ، ١٤٠٤ هـ ، قم.
٨
ـ تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة : للحرّ العاملي ، محمّد بن الحسن ، مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ،
الطبعة الثالثة ، ١٤٢٩ هـ ـ ٢٠٠٨ م ، بيروت.
٩
ـ تهذيب الأحكام في شرح المقنعة : للطوسي ، محمّد بن الحسن ، تحقيق : السيّد حسن الموسوي الخرسان ، دار الكتب
الإسلامية ، الطبعة الرابعة ، ١٤٠٧ هـ ، طهران.
١٠
ـ جامع الرواة : للأردبيلي ، محمّد
علي ، دار الأضواء ، الطبعة الأولى ، ١٤٠٣ هـ ـ ١٩٨٣ م ، بيروت.
١١
ـ جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع : لابن طاووس ، علي بن موسى ، الناشر : دار الرضي ، ١٣٣٠ هـ ، الطبعة الأولى ،
قم.
١٢
ـ خلاصة الأقوال : للحلّي ، الحسن
بن يوسف ، تحقيق : القيّومي ، الشيخ جواد ، مؤسّسة نشر الفقاهة ، الطبعة الأولى ، ١٤١٧
هـ ، قم.
١٣
ـ الدروع الواقية : لابن طاووس ، علي
بن موسى ، مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، الطبعة الأولى ، ١٤١٥ هـ ، بيروت.
١٤
ـ الرجال : للطوسي ، محمّد
بن الحسن ، تحقيق : الشيخ جواد القيّومي الأصفهاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة
لجماعة المدرّسين بقم المقدّسة ، الطبعة الثالثة ، ١٤١٥ هـ ، قم.
١٥
ـ الرجال : لابن الغضائري الواسطي
البغدادي ، أحمد بن حسين ، تحقيق : الحسيني ، محمّد رضا ، دار الحديث ، الطبعة الأولى
، ١٤٠٥ هـ ، قم.
١٦
ـ الرجال : للحلّي ، الحسن
بن عليّ بن داود ، تحقيق : بحر العلوم ، محمّد صادق ، نشر جامعة طهران ، الطبعة الأولى
، طهران ، ١٣٨٤ هـ ش.
١٧
ـ الرجال : للبرقي ، أحمد بن
محمّد ، تحقيق : الطوسي ، محمّد بن الحسن / المصطفوي ، حسن ، منشورات جامعة طهران ،
الطبعة الأولى ، ١٣٨٣ هـ ش ، طهران.
١٨
ـ الرواشح السماوية في شرح الأحاديث الإمامية : للمير داماد ، محمّد باقر بن محمّد ، نشر دار الخلافة (القديم) ، الطبعة الأولى
، ١٣١١ هـ ، قم.
١٩
ـ سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد : لشمس الشامي ، الصالحي ، محمّد ابن يوسف ، تحقيق : معوّض ، علي محمّد / عبد
الموجود ، عادل أحمد ، دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولى ، ١٤١٤ هـ ـ ١٩٩٣ م ، بيروت.
٢٠
ـ الصحيفة السجّادية : للسجّاد ، الإمام
علي بن الحسين عليهالسلام ، نشر الهادي ، الطبعة الأولى ، ١٤١٨ هـ ، قم.
٢١
ـ الغيبة : لابن أبي زينب ،
محمّد بن إبراهيم ، تحقيق : غفاري ، علي أكبر ، الناشر : نشر الصدوق ، الطبعة الأولى
، ١٣٩٧ هـ ، طهران.
٢٢
ـ فرحة الغري : لابن طاووس ، عبد
الكريم بن أحمد ، تحقيق : السيّد تحسين آل شبيب الموسوي ، مركز الغدير للدراسات الإسلامية
، الطبعة الأولى ، ١٤١٩ هـ ـ ١٩٩٨ م ، قم.
٢٣
ـ فرحة الغري : لابن طاووس ، عبد
الكريم بن أحمد ، تحقيق : محمّد مهدي نجف ، نشر العتبة العلوية المقدّسة ، مطبعة التعارف
، الطبعة الأولى ، ١٤٣١ هـ ـ ٢٠١٠ م.
٢٤
ـ فرحة الغري في تعيّين قبر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام
في النجف : لابن طاووس ، عبد الكريم بن أحمد ، منشورات الرضي ، الطبعة الأولى ، لا ت ،
قم.
٢٥
ـ فهرست أسماء ومصنّفي الشيعة : للنجاشي ، أبو العباس ، أحمد بن علي بن أحمد بن العباس ، السيّد موسى الشبيري
الزنجاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الخامسة ، ١٤١٦ هـ ، قم.
٢٦
ـ فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مركز مطالعات اسلامى : للناطقي ، علي أوسط وانتظاري ، رمضانعلي ، ١٣٨١ هـ ق ، قم.
٢٧
ـ فهرستواره دست نوشت هاى ايرانى (دنا) : به كوشش مصطفى درايتي ، مؤسّسة فرهنگي بژوهشي الجواد عليهالسلام ، الطبعة الأولى ، ١٣٨٩ هـ ش.
٢٨
ـ الكافي : الكليني ، محمّد
بن يعقوب ، دار الحديث ، الطبعة الأولى ، ١٤٢٩ هـ ، قم.
٢٩
ـ كامل الزيارات : لابن قولويه القمّي
، جعفر بن محمّد ، تحقيق : الشيخ جواد القيّومي ، نشر مؤسّسة الفقاهة ، الطبعة الأولى
، ١٤١٧ هـ ، قم.
٣٠
ـ كامل الزيارات : لابن قولويه ، جعفر
بن محمّد ، تصحيح وتعليق أميني ، عبد الحسين ، نشر المكتبة المباركة المرتضوية ، الطبعة
الأولى ، ١٣٥٦ هـ ، النجف.
٣١
ـ كتاب المزار : للمفيد ، محمّد
بن محمّد ، تحقيق : السيّد محمّد باقر الأبطحي ، مؤتمر ألفيّة الشيخ المفيد ، الطبعة
الأولى ، ١٤١٣ هـ ، قم.
٣٢
ـ كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الإثني عشر : للخزّاز الرازي ، علي بن محمّد ، تحقيق : الحسيني الكوهكمري ، عبد اللطيف ،
الناشر : بيدار ، ١٤٠١ هـ ، قم.
٣٣
ـ مختصر البصائر : للحلّي ، حسن بن
سليمان بن محمّد ، تحقيق : المظفّر ، مشتاق ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الأولى
، ١٤٢١ هـ ، قم. ن
٣٤
ـ المزار في كيفيّة زيارات النبيّ والأئمّة عليهمالسلام
: للشهيد الأوّل ، محمّد بن مكّي ، تحقيق : موحّد أبطحي الأصفهاني
، محمّد باقر ، الناشر : مدرسة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجة الشريف ، الطبعة
الأولى ، ١٤١٠ هـ ، قم.
٣٥
ـ المزار الكبير : لابن المشهدي ،
محمّد بن جعفر ، تحقيق : الشيخ جواد القيّومي الإصفهاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة
لجماعة المدرّسين بقم ، الطبعة الأولى ، ١٤١٩ هـ ، قم.
٣٦
ـ مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل : للنوري ، حسين بن محمّد تقي ، مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام ، الطبعة الأولى ، ١٤٠٨ هـ ، قم.
٣٧
ـ مصباح الزائر : لابن طاووس ، علي
بن موسى ، مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، الطبعة الأولى ، ١٤١٦ هـ ـ ١٣٧٥ هـ ق ، قم.
٣٨
ـ مصباح المتهجّد : للطوسي ، محمّد
بن الحسن ، مؤسّسة فقه الشيعة ، الطبعة الأولى ، ١٤١١ هـ ، بيروت.
٣٩
ـ معجم الأدباء : لياقوت الحموي ،
ياقوت بن عبد الله ، دار الفكر ، الطبعة الثالثة ، ١٤٠٠ هـ ـ ١٩٨٠ م ، بيروت.
٤٠
ـ معجم رجال الحديث وطبقات الرواة : للخوئي ، أبو القاسم ، مركز نشر الثقافة ، الطبعة الخامسة ، ١٣٧٢ هـ ق ، قم.
٤١
ـ المقنعة : للمفيد ، محمّد
بن محمّد ، مؤتمر ألفيّة الشيخ المفيد ، الطبعة الأولى ، ١٤١٣ هـ ، قم.
٤٢
ـ من لا يحضره الفقيه : للصدوق ، محمّد
بن علي ابن بابويه ، تحقيق : الغفاري ، علي أكبر ، دفتر انتشارات إسلامي ، الطبعة الثانية
، ١٤١٣ هـ ، قم.
٤٣
ـ نظرات في نسخ كتاب بصائر الدرجات : للعريبي ، محمّد علي ، غير مطبوع ، ١٤٣٥ هـ ، البحرين.
الخطاب الحجاجي في وصيّة الإمام الصادق عليهالسلام
إلى أبي جعفر محمّد بن النعمان الأحول
(التوجيه الحجاجي اختياراً)
|
|
د. عبد الإله عبد الوهاب العرداوي
بسم الله الرحمن الرحیم
توطئة :
يعدّ خطاب الإمام
الصادق عليهالسلام مدوّنة تراثية فكرية ، فهو من أعرق النصوص الأدبية وأفصحها ، وهذا ديدن أئمّة
أهل البيت عليهمالسلام ومنهم الإمام الصادق عليهالسلام ، ومن ذلك الخطاب الثرّ وصيّته إلى محمّد بن النعمان الأحول التي تشكّل مقاربة
إصلاحية في الدين والدولة ، بنيت على أسس تبليغية على وفق مقدّمات خطابية تواصلية تحاور
الناس عبر بوّابة الإقناع والتأثير في المتلقّي ، واعتماد استراتيجيّات توجّه عقل المخاطب
وروحه وضميره بعيداً عن العنف والإكراه والمغالطة.
وكانت خطّة البحث
مقسّمة على مقدّمة ومبحثين : الأوّل : الإطار
النظري اشتغل على فقرات عدّة : الأولى : ترجمة محمّد بن النعمان الأحول ،
والثانية : مهاد نظري للتوجيه الحجاجي ، والمبحث الثاني : الإطار التطبيقي وفيه خطوات
اجرائية لمنهج الحجاج في نصّ الوصية ،وتمثّل بالموجّهات اليقينية ، ثمّ ختم البحث بخاتمة
عرضت أهمّ نتائج البحث ، وأخيراً ثبت المصادر والمراجع.
المقدّمة :
الحمد لله الذي
منَّ علينا بنبيّه الصادق الأمين محمّد(صلى الله عليه وآله) ، والصلاة والسلام على
أفضل خلقه وأشرف بريّته أئمّة الهدى وسفن النجاة آل البيت عليهمالسلام المنتجبين ، وبعد
:
فتاريخ الإنسانية
والأمم يحفل بأحداث وتطوّرات متتابعة ، ولو تصفّحناه وبحثنا في ثناياه عن القدوات الإنسانية
والعظماء لجذبتنا إليه شخصيّات سجّل التاريخ مسيرتها بأحرف من الأنوار الإلهية ، والإشراقات
الربّانية ، ومن تلك الشخصيّات أئمّة أهل البيت عليهمالسلام الذين خصّهم الله سبحانه وتعالى بمعرفة متميّزة ، لذلك فالتقويم البشري لمعرفتهم
لا يعتدّ به بقدر ما يجسّد حجّة على الآخرين ممّن يحيا بمعزل عن مبادئهم عليهمالسلام.
ومن سليل تلك العترة
الطاهرة عليهمالسلام ، الإمام الصادق عليهالسلام ، مدرسة علم
الأوّلين والآخرين ، وهذا اللقب كاف في التعريف بمدى المعرفة التي أفادها الناس منه عليهالسلام ، حتّى أنّ جميع الفئات الثقافية أقرّت بسعة المعرفة التي توافر
عليها ، حتّى أنّ المؤرّخين يذكرون أنّ أي شخصية عندما تناظر الإمام الصادق عليهالسلام ، إنّما تبدو كأنّها صبىّ أمام المعلّم.
وفي ضوء ما تقدّم
، كانت أقلام العلماء قد سطّرت المؤلّفات الكثيرة التي دارت في مختلف العلوم التي اشتغل
عليها الإمام الصادق عليهالسلام ، لذلك أجد
نفسي صغيراً لأكتب عن جانب من جوانب حياته المضيئة ، لكن حبّي لهذه الشخصية العظيمة
وإيماني الكبير بأفعاله ومواقفه وعلمه شجّعني على تعقّب طريق من الطرق التي سلكها في
استشرافه نحو الكمال الإنساني ، وذلك في رحاب أدبه الواسع من خلال وصيّته عليهالسلام لأبي جعفر بن النعمان الأحول التي حاولنا سبر أغوارها بتحقيق عنصر ارتكزت عليه
، ألا وهو التوجيه الحجاجي ، الذي قرّر قضايا عبادية وأخلاقية ونفسية ، فكان حضوره
في الوصيّة يشكّل تمظهراً فكريّاً وإقناعيّاً بارزاً ، فكان مقاربة إلى ما يؤول إليه
الخطاب الحجاجي من أنماط تبليغية إبداعية مبوّبة على نسق ايدولوجي قارّ في غائيّة معرفية
متمركزة في مطلق علمه عليهالسلام.
وكانت خطّة البحث
مقسّمة على مقدّمة ومبحثين : الأوّل : الإطار النظري وقد اشتغل على فقرات عدّة : الأولى
: ترجمة محمّد بن النعمان الأحول ، والثانية : مهاد نظري للتّوجيه الحجاجي ، والمبحث
الثاني : الإطار التطبيقي وفيه خطوات إجرائية لمنهج الحجاج في نصّ الوصية ،وتمثّل
بالموجّهات اليقينية ، ثمّ ختم البحث بخاتمة عرضت أهمّ نتائج البحث ، وأخيراً ثبت المصادر
والمراجع.
وختاماً : هذا ما
وفّقنا الله إليه من الكتابة في هذه الأوراق البحثية ، فإن أصبنا فيما سعينا إليه فهو
منّة من منن الله علينا ، وإن أخطأنا وزلّ قلمنا فحسبنا الضعف والهوان ، إذ أنّ الكمال
لله وحده يهب لمن يشاء من عباده ويقدر ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين والعاقبة
للمتّقين.
الإطار النظري :
أوّلاً : ترجمة أبي جعفر محمّد بن النعمان الأحول.
هو أبو جعفر الحارث
بن محمّد بن النعمان البجلي أبو علي الكوفي ، إمامي ، ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب
الصادق عليهالسلام والكاظم عليهالسلام وقال النجاشي : «حارث بن أبي جعفر محمّد بن النعمان الأحول مولى بجيلة ، روى
عن أبي عبد الله عليهالسلام ، كتابه يرويه عدّة من أصحابنا» وفي الفهرست «الحارث بن الأحول له أصل». وفي لسان الميزان «الحارث بن محمّد بن النعمان أبو محمّد
بن أبي جعفر البجلي ... روى عن جعفر الصادق عليهالسلام وزارة بن أيمن وبريد
بن معاوية البجلي وغيرهم».
وفي سير أعلام النبلاء «ومن قدمائهم أبو جعفر محمّد بن النعمان الأحول ، عراقي شيعي جلد ... يعدّ من
أصحاب جعفر بن محمّد ، صنّف كتاب
الإمامة وكتاب الردّ على المعتزلة وكتاب طلحة وعائشة وكتاب المعرفة
__________________
وكتاب
في أيّام هارون الرشيد» وله كتاب في الحديث. وكان صيرفيّاً في طاق المحامل بالكوفة ، يرجع إليه في النقد
فيخرج كما ينقد ، كان ثقة متكلّماً حاذقاً كثير العلم حسن الخاطر حاضر الجواب.
كان يلقّب عندنا
بصاحب الطاق ومؤمن الطاق والمخالفون يقلبونه شيطان الطاق ، وكان سبب هذه التسمية أنّه كان يتصرّف ويشهد الدنانير فلاحاه قوم في دينار
جرّبوه وبهرجه هو ، فأصاب وأخطأوا ، وألزمهم الحجّة ، فقال : أنا شيطان الطاق ، يعني
: طاق المحامل بالكوفة موضع دكّانه فلزمه هذا اللقب.
ثانياً : التوجيه الحجاجي :
التوجيه الحجاجي
من المصطلحات التي تتداخل عندها علوم معرفية متعدّدة ، منها المنطق والنحو واللسان
، ممّا أدى هذا إلى الاتساع والتشابك ،
__________________
بل والتعدّد في الموصلات المعرفية التي تعمل على محايثة هذا المصطلح إلى
الأهمّية التي يشكّلها بوصفه يمثّل الآيدلوجية الوظيفية والإنجازية للغة ، ويكون العصب
الحسّي الناقل للإيعاز الإدراكي من القائل عبر المقول (المضمون الجملي) إلى المتلقّي.
إنّ الذي نصبوا
إليه في هذه المقاربة لمصطلح التوجيه ، هو التوجّه الذي تبنّاه اللسانيّون المحدّثون
في فهم هذا المصطلح والعناية القصوى بتحليل ما يقوم به المتكلّم حينما يتكلّم ، وقد
أدّت دراسة القوّة الإنجازية لأفعال الكلام إلى دراسة المواجهات «علاقة الموجّهات بأفعال
اللغة» ، فقد عرفه مارتن
بقوله : «التوجيه حكم على حكم أي إنّه حكم من الدرجة الثانية ... وهو ما من شأنه أن
يجعل مجال التوجيه مجالاً شاسعاً ، فقولنا : (هو يعدو سريعاً) هو قول موجّه ، ذلك أنّ
قولنا (يعدو) حكم هو نفسه محكوم عليه بحكم آخر من قولنا : (سريعاً) ، هذا يعني أنّ
كلّ قول عادي هو قول موجّه».
يدخل فعل التوجيه
ضمن واحد من أنواع الأفعال اللغوية التي صاغها سورل وقد سمّاها بالأفعال التوجيهية
وتتّحد بأنّها «كلّ المحاولات الخطابية التي يقوم بها المرسل بدرجات مختلفة للتأثير
في المرسل إليه ليقوم بعمل
__________________
معيّن في المستقبل» وبذلك تتعدّد أفعال الإنجاز والتوجيه.
ومنها الأوامر والطلبات
والاقتراحات ولكي يحقّق المرسل فعل التوجيه في الخطاب فإنّه «يستعين بأدوات أُخرى وآليّات
مختلفة منها أساليب الأمر والنهي والتحذير والإغراء والروابط والعوامل الحجاجية ، وذلك
بالاستناد إلى دور السياق والمقام» فالأفعال التوجيهية تعبّر عن توجّه المرسل إلى أن ينفّذ المرسل إليه بعض الأفعال
في المستقبل ، كما أنّها تعبّر عن رغبة المرسل أو أمنيّته بأن يكون خطابه أو بأن تؤخذ
إرادته التي انطوى عليها خطابه على أنّها هي السبب الرئيس أو الدافع الحقيقي في الفعل
الذي سوف يأتي به المرسل إليه مستقبلاً. إنّ الموجّهات اللغوية محمّلة بطاقة حجاجية يتمّ
توظيفها من الباثّ فتكون قادرة على توجيه الملفوظ تبعاً لقصديّة الكلام ومتطلّبات التلقّي
والتوصيل ، إذ يقف المخاطب بخطابه عند عتبات إشارية ـ موجّهات ـ يستدعيها ويوظّفها
بما ينسجم وتوجيه القول من جهة ، وتوجيه المتلقّي إلى عمل ما من جهة أُخرى.
ومن هنا نجد طبيعة
الخطاب التي حفلت بها وصية الإمام الصادق عليهالسلاملأبي جعفر محمّد بن النعمان الأحول قد تميّزت ببناء استراتيجية توجيهية
__________________
تتّكىء على هدف التوجيه وبما يتلاءم وطبيعتها المقامية والسياقية ، إذ من
خلالها يقوم المرسل بتوجيه المرسل إليه عبر اللغة وبها سعياً منه إلى توجيه
المتلقّي نحو فعل مستقبلي معيّن ، لذلك نجد وصيّة الإمام الصادق عليهالسلام قد تشكّلت فيها مجموعة من الموجّهات الحجاجية التي تبغي الإقناع والتأثير
ومن ثمّ توجيه المتلقّي نحو عمل ما أو تركه عن طريق (الإقناع والإذعان).
وقد وردت في الوصية
مجموعة من الموجّهات اليقينية معتمدين في إبرازها على مجموعة من العوامل والوحدات اللغوية
التي تقوم بوظائف حجاجية ، والتي يعرّفها موشلر وروبول بأنّها : «الآثار الظاهرة في
الخطاب»فهي بارزة للعيان في بنية الملفوظ ولها قيمة توجيهية في هذا
الملفوظ باتّجاه النتيجة وتقويتها ، إذ أنّها لا تربط بين متغيّرات حجاجية ، أي بين
حجّة ونتيجة او بين مجموعة حجج كما يحصل مع الروابط الحجاجية ، ولكنّها تقوم بحصر الإمكانات
الحجاجية وتقييدها ، أي إنّ العامل الحجاجي يعمل على إظهار (الموضع) في الملفوظ ، وبدوره
يعمل هذا الموضع علّة تحديد الاتّجاه التأويلي الصحيح للوصول إلى النتيجة النهائية
التي يكون لها الدور الرئيس في إحداث التوجيه.
ومن خلال ما سبق
تبيّن أنّ التوجيه الحجاجي تتجسّد وظيفته من خلال العوامل الحجاجية على حمل المخاطب
بها على الاقتناع وترك الشكّ
__________________
والتردّد والإنكار ، فضلاً عن إمكانيّتها في حصر الإمكانيّات التأويلية والقصدية
الدلالية ، كذلك تضييق الفجوة بين المتكلّم والمتلقّي وتجنّب الجدل بينهما.
الموجّهات اليقينية :
يرى عبد الله صولة
: أنّّ الموجّهات اليقينيّة تعدّ الضمان لحقيقة الكلام ولإمكان أن يكون هذا الكلام
مقنعاً على الرغم من اصطباغه بالذاتية ، ذلك أنّ الإقناع يحصل لدى المتلقّي بمجرّد
أنّ القضية المعروضة عليه جاءت موجّهه توجيه إثبات. وقد تجسّدت الموجّهات اليقينية في مجموعة من العوامل
الحجاجية التي تعطي تطمينات إلى المتلقّي بإمكانية تصديق بنية الملفوظ الذي وردت فيه.
لقد تضمّنت وصيّة
الإمام الصادق عليهالسلام العديد من الموجّهات اليقينية الإثباتية والتي منها :
أوّلا : القسم :
يعدّ القسم نوعاً
من أنواع الفعل الكلامي الذي يوجّه القول توجيهاً يقينيّاً إثباتيّاً يلجأ إليه المتكلّم
لتوكيد كلامه ، فهو إذ يثبت القول ويوجّهه يجعل في الوقت نفسه الحجّة على المخاطب ويلزمه
بها ، وفي ذلك يقول القشيري : «إنّ الله ذكر القسم لكمال الحجّة وتأكيدها ، وذلك أنّ
الحكم يفصل
__________________
باثنين ، أمّا بالشهادة وأمّا بالقسم فذكر تعالى في كتابه النوعين حتّى لا يبقى
لهم حجّة».
وفي ضوء ذلك يجب
القول : أنّ كلّ مقسم به يكون حجّة على صحّة الدعوى ، وإنّما تكون الحجّة الناتجة عن
صحّة الدعوى متوقّفة على اعتبار المخاطب الذي أتى من أجله القسم ، لهذا ذكر القشيري في شروط القسم : «ولا يكون القسم إلاّ باسم معظّم» أي كون المقسم به يقع ضمن الحواضن المعرفية الثقافية التي يتوافق معها المتكلّم
والمتلقّي والتي تمثّل حيثيّات إيمانية وعرفية مسلّم بها. إنّ الدلالة الكلّية للقسم
لا تتّجه نحو القسم بذاته فحسب ، وإنّما الغاية منها تحقيق المغزى التوصيلي الذي يطمح
إلى دفع المتلقّي إلى الوثوق بكلام الباثّ ، ومن ثمّ يكون وجوده ضروريّاً لإنتاج الإقناع
أو لاحتمال حصوله على الأقلّ ؛ برز أسلوب القسم في وصية الإمام الصادق عليهالسلام عبر مجموعة من العوامل الحجاجية ـ مثلّث المقسم به ـ وهي توجّه الملفوظ وجهة
حجاجية ، وحمل المتلقّي على التصديق والاقتناع بها في حالتي النفي والإثبات للدعوى
، وبذلك انقسمت التراكيب اللغوية المتضمّنة لأسلوب القسم في الوصية من الناحية الحجاجية
على قسمين :
__________________
أ ـ العامل الحجاجي :
دلّ العامل الحجاجي
على الشيء المقسم به ، ومن مميّزاته أنّه يؤثّر في التركيب حتّى ينهض في الخطاب بوظيفة
الحجاج ، كما يعمل على توجيه الملفوظ وإثباته وجعله ممّا يحمل على أنّه واقع لا محالة
، ذلك أنّ للمقسم به قوّة في تحقيق قيمة الكلام التأثيرية ، أنّه يمثّل المعلوم القديم
الذي لا يمكن أن يقبل ، ويمكن أن نرى العامل الحجاجي من خلال وروده في وصية الإمام الصادق عليهالسلام وكما يأتي :
والله إنّي أعلم
بشراركم من البيطار بالدواب.
والله لو قدّم أحدكم
ملء الأرض ذهباً على الله ....
والله مالكم سرّ
إلاّ وعدوّكم أعلم به منكم.
فلا تعجلوا فو الله
لقد قرب هذا الأمر.
فو الله لو أنّ
أهل السموات والأرض اجتمعوا على أن يضلّوا عبداً ....
وقد اكتسبت هذه
العوامل ـ المقسم به ـ حجاجيّتها في توجيه الإثبات
__________________
من حصول إجماع ضمني في قبولها ورسوخها بحيث يمثّل حلقة وصل بين طرفي الخطاب
، وهذا الإجماع نتاج العظمة التي يحملها المقسم به ـ الله ـ والتي تبرز من خلال هذه
العوامل الحجاجية التي بدورها تحيل على آيدولوجيّات معجمية ناتجة عن الدلالات المحايثة
في المقسم به ، فالحمولات الدلالية والاقتضائية للعامل الحجاجي قي القسم يقوم بوظيفة
حجاجية في الحواضن والمنظومات العقدية للمخاطب ـ القسم بالله ـ لذلك يتمّ طلبه في الخطاب
سعياً من الباث لحصول الاستقرار والاطمئنان الروحي وعدم التردّد من طرف المقابل في
قبول القضية ـ الدعوى ـ من حيث تحقيق الصدق والإثبات اليقيني ممّا يجعل المتلقّي يقتنع
بمضمون جواب القسم ، فالدور الحجاجي الذي يمارسه القسم يمثّل في توجيه المقول والقول
معاً في ثنائية نسقية ، أي يعمل على توجيه فحوى الكلام وإبراز مدى مصداق حضور
الذات القائلة في كلامها المنطوق ، وانفتاحها على أبجديّات المتلقّين ، وأبجديّات إيمانهم
، اذ ينطلق من مكوّناتها ويعتمد عليها ليقيم الحجّة على صحّة القضايا التي يعرضها عليهم
ويوجّهها توجيهاً إقناعيّاً مخصوصاً وتأثيراً ملموساً.
وقد اتّضحت أدوات
القسم المحدّدة لجملة القسم ـ العامل الحجاجي ـ في وصيّة الإمام الصادق عليهالسلام من خلال حروف القسم (الواو) و (الفاء).
ب ـ الدعوى :
هي المقسم عليه
ـ جواب القسم ـ ، وتمثّل البؤرة التي جاء القسم
ليسلّط الضوء عليها بوصفها المعلومة الجديدة التي من شأنها أن ترد ، كما أنّها
القضية التي يتمّ حولها الجدل والاختلاف فتحاول أن تستجمع قواها ، وتفرض نفسها أمام
الرياح العاتية عبر تحصينها داخل الأسوار ، ثمّ درء معاول التفنيد عنها بواسطة القسم
، فهي كالعارية ، وقد تشكّلت الدعوى ـ جواب القسم ـ في عدّة أنماط لغوية تركيبية :
١ ـ النمط الخبري المثبت :
يتّضح جواب القسم
في صيغة نمط خبري مثبت في المثال الآتي :
فلا تعجلوا فو الله
لقد قرب هذا الأمر.
٢ ـ النمط الخبري المؤكّد :
يمثّل جواب القسم
النمط الخبري المؤكّد في الملفوظ الآتي :
والله إنّي لأعلم
بشراركم من البيطار بالدواب.
٣ ـ النمط الخبري المنفي :
يمثّل جواب القسم
النمط الخبري المنفي في المثال الآتي :
والله مالكم سرّاً
إلاّ وعدوّكم أعلم به منكم.
٤ ـ النمط الطلبي :
يمثّل جواب القسم
النمط الطلبي في الملفوظات الآتية :
__________________
فو الله لو أنّ
أهل السموات والأرض اجتمعوا على أن يضلّوا عبداً ...
والله لو قدّم أحدكم
ملء الأرض ذهباً على الله .... .
الطاقة الحجاجية للقسم :
تنفتح تراكيب الأنماط
للدعوى على آفاق دلالية وتداولية واسعة لا تقف عند حدود الطاقة التعبيرية لدلالة النمط
، إذ تبيّن الملفوظات المؤكّدة بالقسم محاولة المتكلّم لإقناع الخصم بوسم خطابه بأعلى
درجات التأكيد ، ومن ثمّ يصبح للملفوظ درجة حجاجية عالية ، فأساس الطاقة المولّدة للإقناع هو ماينهض له المقسم به من دور مهمّ في توجيه
الملفوظات وإثباتها وجعلها ممّا يحمل على أنّها واقعة لا محالة ، وبعبارة أخرى أنّ قوّة المقسم به «تعمل على تحقيق قيمة الكلام التأثيرية سواء
أكانت هذه القيمة متحقّقة أم كانت متصوّرة».
كما تكشف الملفوظات
المؤكّدة بالقسم عن صورتين متعارضتين تنفتح
__________________
في وصية الإمام
الصادق عليهالسلام اذ تزيد درجة إثبات الدعوى بارتفاع درجة الإنكار ، وتطابق الجمل بأنماط مقامية
مختلفة تتمايز بموقف المخاطب من فحوى القضية انطلاقاً من مجرّد التردّد في قبول هذه
الفحوى إلى الإنكار التامّ ، فكلّما ازداد الإنكار احتيج إلى مضاعفة التوكيد ، وتظهر هذه الدعوى في إشكال بنيوية متباينة ، وذلك حتّى تكون منسجمة ومتطابقة
مقاميّاً ، وكما يأتي :
١ ـ الطبقة المقامية الأولى :
وهي الطبقة التي
يكون فيها المخاطب جاهلاً بالمعلومة التي يقصد اعطاءه إيّاها أو يعدّ المتكلّم أن المخاطب
يحملها ، أي المعلومة لا تدخل في القاسم الإخباري المشترك بين المتكلّم والمخاطب ، وتتمثّل في الملفوظات الآتية :
والله إنّي لأعلم
بشراركم من البيطار بالدوابّ.
والله لو قدّم أحدكم
ملء الأرض ذهباً على الله .....
فقد مثّلت الدعوى
ـ جواب القسم ـ في المثالين المعلومة التي يجهلها المخاطب بالنسبة للمتكلّم لذا يلجأ
الأخير إلى إثباتها والسعي للحصول على
__________________
اليقين واستقرار ثبوتيّتها في ذهن المتلقّي ، وكأنّ المتكلّم يدفع بالمخاطب
إلى الوثوق بكلامه حين يقدّم له معلومة يجهلها فيعمل (المتكلّم) على تأكيدها بأعلى
درجات الإثبات ، حيث يمثّل المثال : (والله إنّي لأعلم بشراركم من البيطار بالدواب) الحجّة
التي قدّمها الإمام الصادق عليهالسلام إلى محمّد بن النعمان
الأحول ، فالإمام عليهالسلام يؤكّد بأنّه يمتلك المعرفة (الغيبية) مالا يقدر أن يدرك كنهها غيره من الذي
يمتلك الأرضية الخصبة للمعرفة (الواقعية) ، فهو يفوق بالقياس عن الطبيب البيطري العالم
المتصرّف بفنون الطبّ الخاصّ بالدواب ، فالملفوظ هنا كناية عن المعرفة الواسعة ، وقد
أتى الإمام عليهالسلام بالقسم لإثبات هذه الدعوى ، ثمّ عزّز القسم بالعامل الحجاجي (إنّ + اللام) المؤكّدتان
لمضمون الخبر في الجملة ، وزيادة توثيقه.
وهكذا الحال في
المثال الآخر ، وفيها يلجأ إلى مجموعة من المؤكّدات ، وهنا يقع القسم كونه يحمل قوّة
إنجازية ليس فقط بدلالته البنيوية الخاصّة وقوّته الداخلية ، ـ أي إحالته المرجعية
المقدّسة ـ بل تنفتح دلالته على جهة صدوره ، ومتانة العلاقة بين القسم والمقسوم عليه
ـ الدعوى ـ ، أي يصبح القسم مرآة عاكسة لطبيعة المخاطب الذي يمتلك المقدرة بكلّ
حيثيّاتها.
٢ ـ الطبقة المقامية الثانية :
هي الطبقة المقامية
التي يتوافر فيها المخاطب على المعلومة التي يعدّها
__________________
المتكلّم معلومة غير واردة ، ويعمل المتكلّم على تصحيحها للمخاطب.
وتتمثّل في النماذج
الآتية :
والله مالكم سرّاً
إلاّ وعدوّكم أعلم به منكم.
فوالله لو أن أهل
السموات والأرض اجتمعوا على أن يضلّوا عبداً ...
فلا تعجلوا فوالله
لقد قرب هذا الأمر.
إنّ النماذج السابقة
هي جواب القسم على القضايا التي يعرضها المتكلّم ، وهي أصلاً أجوبة لأسئلة مقدّرة ومفترضة
يتمّ الردّ عليها بطريقة لا يمكن ردّها أو إنكارها.
ثانياً : القصر :
القصر في اللغة
يعني : الحبس ، وفي الاصطلاح : «تخصيص أمر بأمر بأسلوب معيّن أي حبسه عليه وجعله ملازماً
له» وهو أداة توكيد
وتخصيص ، وكلّما قويت الحاجة اليهما كان القصر أبلغ ، ودلالة التوكيد في
__________________
القصر أن يكون بنفي الغير وإثبات الحكم للموضوع ، ويكون صريحاً بحرف
(النفي) و (إلاّ) وضمناً بـ : (إنّما) ، وأمر الاختصاص ، فهو اختصاص أحد العنصرين دون
غيره بالآخر ، ومن ثمّ تأكيد النسبة بينه وبين الآخر.
إنّ الأقوال التي
تتضمّن هذه العوامل الحجاجية (أدوات القصر) هي في حقيقتها قائمة على ثنائيّة النفي
والإثبات من حيث السلوك الحجاجي والوجهة الحجاجية ، كما أنّها تبيّن الاختلاف بين الدلالة
الإخبارية والدلالة الحجاجية ، فمعنى هذه الأدوات الإخباري لا يضمحلّ ، لكن الذي يحصل
هو التعديل في الوظيفة الحجاجية للقول ، أي الإمكانات الحجاجية التي يتيحها الملفوظ
، إذ أنّ من وظائف هذا القصر هو تقليص الاستنتاجات التأويلية وتحديد المسار الصحيح
في خريطة القول والذي ينبغي أن يسير فيه الخطاب ، وبعبارة أكثر دقّة وضع حدّ لتعدّد
الاحتمالات في شأن المفاهيم الناجمة عن قول ما.
ومن مدارسة مدوّنة
وصيّة الإمام الصادق عليهالسلام نلحظ تحقيق أسلوب
القصر عبر مجموعة من العوامل الحجاجية التي عملت على تعديل القيمة الحجاجية للأقوال
(قيمة الإثبات / قيمة التخصيص) ، فضلاً عن قدرتها على توجيه المخاطب وإقناعه بضرورة
إنجاز شيء ما على وفق موجّهات القول ، ومن هذه العوامل (ما ... إلاّ ، لا ... إلاّ
، إنّما).
__________________
١ ـ القيمة الحجاجية للعامل (لا .... إلاّ) و (ما ... إلاّ) :
يقوم هذان العاملان
بتوجيه القول بالنفي والإثبات بناءً على مقتضى الإنكار والشكّ والتوهّم الحاصل من المخاطب
، الأمر الذي يجعل المتكلّم يلجأ إلى هذه الأدوات لما لها من إمكانية حجاجية في توجيه
المخاطب وإقناعه ، وكما في النماذج الآتية :
لا يقرأون القرآن
إلاّ هجراً ، ولا يأتون الصلاة إلاّ دبراً.
فلا يسمع معروفاً
إلاّ أنكره ولا منكراً إلاّ أنكره.
ولا ينزله إلاّ
بقدر ولا يعطيه إلاّ خير الخلق.
والله ما لكم سرّاً
إلاّ وعدوّكم أعلم به منكم.
ولا تطلع صديقك
من سرّك إلاّ على ما لو اطّلع عليه عدوّك لم يضرّك.
ففي هذه النماذج
نجد الإمام الصادق عليهالسلام قد ألزم محمّد بن النعمان الأصول بقاعدة التقييد وحضر مسار الجائز عنده وقيّده
بواسطة العامل الحجاجي (لا ... إلاّ) و (ما ... إلاّ) اللذين عملا على وظيفتين حجاجيّتين
هما :
__________________
التصريح بالنفي
الواضح من الجملة الأولى وتعيينه ، وإقصاء مفاهيم أُخرى قد تخطر في ذهن المتلقّي ،
إذ أنّ وجود النفي دون القصر يسبغ على النصّ تعدّد التأويلات أو الإمكانات الاستنتاجية
المحتملة ، والثانية : هي تأكيد المفهوم المقصور عليه ، إذ بواسطته تلغى المفاهيم والتأويلات
الأخرى التي قد يتصوّرها المتلقّي والتي تعمل على الإخلال بالنظام الدلالي الذي يدخل
في بوتقة النظام العقدي للإسلام ، فوجود القصر في هذه الأداة حدّد المقصود ووجّه ذهن
المتلقّي إلى قبوله من دون سائر المقاصد ، كما أنّ الإعلان بالمقصور عليه من شأنه أن
يسدّ الأبواب أمام الغير ، فالوظيفة للجملة الثانية في علاقتها بالجملة الأُولى هي
علاقة التوكيد والبيان والتفسير.
٢ ـ القيمة الحجاجية للعامل الحجاجي (إنّما) :
ذكر الجرجاني إنّ
(إنّما) يؤتى بها كخبر لا يجهله المخاطب ، ولا يدفع صحّته ، ولكن لمن يعلمه ويقرّ به ، كما أنّها تأتي «إثباتاً لما يذكر وتوكيداً له ، ولإيضاح له ما تقدّم ، إنّك
تقول للرجل : (إنّما هو أخوك ، وإنّما هو صاحبك القديم) لا تقوله لمن يجهل ذلك ويدفع
بصحّته ، ولكن لمن يعلمه ويقرّ به ، إلاّ أنّك تريد تنبيه للذي يجب عليه من حق
ّالأخ وحرمة الصاحب» وهذا الكلام واضح من الجرجاني على أنّ العامل الحجاجي (إنّما) قد اشتغل على
تحديد (الموضع) الذي هو مجموعة مبادئ مشتركة بين
__________________
الناس وإبرازه ، كما أنّه حدّد المسلك التأويلي الذي ينبغي للمتلقّي التزامه
للوصول إلى النتيجة ، فالمخاطب لا يجهل (الموضع) ، بل يقرّ به ، لأنّه فكرة عامّة مشتركة
، وبعد قدح العامل تقع عملية التوجيه الحجاجي وتقويته باتّجاه النتيجة ، وهو ما عبّر
عنه الجرجاني بـ : (التنبيه) أي التوجيه في معنى من معانيه.
وتمثّل النماذج
التي يسوقها الإمام الصادق عليهالسلام بنية قصرية موغلة
في الحجاج ، ومحقّقة قوى إنجازية تدفع بالمخاطب نحو الاقتناع أو الدحض.
إنّما ينجو من أطال
الصمت عن الفحشاء
إنّما أوليائي الذين
سلّموا لأمرنا
فالوجهة الحجاجية
للمثالين المذكورين تروم تغذية المتلقّي للدخول في الأجواء العقدية التي يقدّمها الإمام
الصادق عليهالسلام ، ويحصر قاعدة الاستنتاجات الضمنية التي يمكن أن يبثّها المتلقّي ، وذلك عبر
ثيمة لغوية (إنّما) والتي تعبّر عن غاية المتكلّم ، وتأكيد الحقيقة وإقرارها في نفس
المتلقّي من أجل تقوية التوجيه الحجاجي نحو النتيجة.
الخاتمة :
كان من منن الله
علينا أن يسّر لنا إنجاز هذا البحث ، والنظر في الحجاج
__________________
بوصفه منهجاً مؤطّراً لتحليل الخطاب عبر بنيته وأساليبه ، وبعد أن انتهينا من
الاشتغال في الخطوات الإجرائية لهذا المنهج في مدوّنة تراثية هي : وصيّة الإمام الصادق عليهالسلام لأبي جعفر محمّد بن النعمان الأحول ، لابدّ لنا أن نلملم شتات بحثنا ، ونعرضها
بشيء من التكثيف بما يأتي :
اعتمد المنجز النصّي
في خطابه على الحجاج اللغوي بوصفه ظاهرة لغوية نجدها في كلّ قول ، وفي كلّ خطاب بحسب
ديكرو.
كشفت لنا المدوّنة
عن بعض الموجّهات اللغوية التي تقوم بوظيفة حجاجية سمحت بتوجيه الملفوظ بحسب قصدية
المتكلّم ، ومناسبات التلقّي ، ومن ثمّ توجيه المتلقّي نحو القيام بفعل ما أو تركه
(الإقناع أو الإذعان).
لقد اندرجت هذه
الموجّهات اللسانية ضمن الموجّهات اليقينية ، فكان الهدف من حضور الموجّهات اليقينية
في المدوّنة هو إثبات الأمور المنكرة ، وحمل المخاطب على الاقتناع بها وترك الشكّ بها
، وكلما قويت درجة الإنكار ضاعف المتكلّم عوامل التوكيد.
عدّ القسم أساس
الأفعال الكلامية ومن المؤكّدات التي تتحقّق من خلال مجموعة من العوامل الحجاجية والتي
حصل إجماع ضمني على حجّيتها وقوّتها وتأثيرها.
وظّف الإمام الصادق عليهالسلام أسلوب القصر بصيغته المعروفة بوصفه من الأساليب اللغوية الحجاجية التي توجّه
القول توجيه توكيد إثبات.
المصادر
١
ـ الإتقان في علوم القران : السيوطي (أبو الفضل جلال الدين) تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم ، ط١ ، المكتبة
العصرية ، صيدا ، بيروت ١٤٢٦ هـ ـ ٢٠٠٦ م.
٢
ـ استراتيجيّات الخطاب ـ مقاربة تداولية ـ : عبد الهادي بن ظافر الشهري ، ط١ ، دار الكتب الجديدة المتّحدة ، ٢٠٠٤ م.
٣
ـ أعيان الشيعة : السيّد محسن الأمين
(ت ١٣٧١ هـ) ، تحقيق : حسن الأمين ، دار التعارف ، للمطبوعات ، بيروت ، لبنان ١٤٠٣
هـ ـ ١٩٨٣ م.
٤
ـ البيان في روائع القران (دراسة لغوية وأسلوبية للنصّ القرآني) : تمام حسّان ، عالم الكتب ، القاهرة ١٩٩٣ م.
٥
ـ تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله) : ابن شعبة الحرّاني ، (ت القرن الرابع الهجري) تصحيح وتعليق : علي أكبر غفّاري
، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، ط٢ ، قم ١٤٠٤ هـ.
٦
ـ توضيح المقال في علم الرجال : الملاّ علي كني (ت ١٣٠٦ هـ) تحقيق : محمّد حسين مولوي ، مطبعة سرور ، ط١ ، ١٤٢١
هـ.
٧
ـ جامع الرواة : محمّد علي الأردبيلي
، مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ، قم ١٤٠٣ هـ.
٨
ـ الحجاج في القران الكريم (من خلال أهمّ خصائصه الأسلوبية) : عبدالله صولة ، ط٢ ، دار الفارابي ، بيروت ، لبنان ٢٠٠٧ م.
٩
ـ الخطاب الحجاجي السياسي في كتاب (الإمامة والسياسة) لابن قتيبة ـ دراسة تداولية ،
(أطروحة دكتوراه) : إبتسام بن خراف
كلّية الآداب والعلوم الإنسانية ، جامعة الحاج لخضر ، باتنة ، الجزائر ٢٠١٠ م
١٠
ـ خلاصة الأقوال : العلاّمة الحلّي
(ت ٧٢٦ هـ) تحقيق : الشيخ جواد القيّومي ، ط١ ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة
المدرّسين ، قم ١٤١٧ هـ.
١١
ـ دلائل الإعجاز : عبد القاهر الجرجاني
، تحقيق : محمود محمّد شاكر ، ط١ ، دار المدني ، السعودية ١٩٩١ م.
١٢
ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : آغا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ) ، دار الأضواء ، ط٣ ، بيروت ، لبنان ١٩٨٣ م.
١٣
ـ رجال الطوسي : الشيخ الطوسي (ت
٤٦٠ هـ) تحقيق : الشيخ جواد القيّومي ، ط١ ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة
المدرّسين ، قم ١٤١٥ هـ.
١٤
ـ رجال النجاشي : النجاشي (ت ٤٥٠
هـ) مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، ط٥ ، قم ١٤١٦ هـ.
١٥
ـ رسائل الإمام علي عليهالسلام في نهج البلاغة (دراسة
حجاجية) : رائد مجيد جبّار الزبيدي ، (أطروحة دكتوراه) كلّية الآداب
، جامعة البصرة ١٤٣٤ هـ ـ ٢٠١٣ م.
١٦
ـ سير أعلام النبلاء : الذهبي (ت ٧٤٨ هـ)
تحقيق : شعيب الأرنؤوط ومحمّد نعيم العرقسوسي ، مؤسّسة الرسالة ، ط٩ ، بيروت ، لبنان
١٤١٣ هـ ـ ١٩٩٣ م.
١٧
ـ العامل الحجاجي والموضع ضمن كتاب الحجاج مفهومه ومجالاته : حافظ إسماعيل علوي وآخرون ، عالم الكتب الحديث ، ط١ ، أربد ، الأردن ٢٠١٠ م.
١٨
ـ الفهرست : الشيخ الطوسي (ت
٤٦٠ هـ) تحقيق : الشيخ جواد القيّومي ، مؤسّسة النشر الإسلامي ،ط١ ، قم ١٤١٧ هـ.
١٩
ـ الفهرست : ابن النديم البغدادي
(ت ٤٣٨ هـ) تحقيق : رضا تجدد ، (د.ط) (د.م) (د.ت).
٢٠
ـ قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية ـ البنية التحتية أو التمثيل الدلالي
التداولي : أحمد المتوكّل ،
دار الأمان ، المغرب ١٩٩٥ م.
٢١
ـ لسان الميزان : ابن حجر(ت ٨٥٢ هـ)
، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، ط٢ ، بيروت ، لبنان ١٣٩٠ هـ ـ ١٩٧١ م.
٢٢
ـ معترك الأقران في إعجاز القرآن : السيوطي ، تحقيق : علي محمّد البجاوي ، القاهرة ١٩٧٣ م.
٢٣
ـ منتهى المقال في أحوال الرجال : الشيخ محمّد بن إسماعيل المازندراني (ت ١٢١٦ هـ) مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لاحياء التراث ،
مطبعة ستارة ، ط١ ، قم ١٤١٦ هـ.
٢٤
ـ نقد الرجال : التفرشي (ت القرن
الحادي عشر للهجرة) ، مؤسّسة آل البيت عليهمالسلاملإحياء التراث ، مطبعة ستارة ، ط١ ، قم (د.ت).
٢٥
ـ الوظائف التداولية في اللغة العربية : أحمد المتوكّل ، دار الثقافة ، ط١ ، الدار البيضاء ١٩٨٥ م.
وسائل الاختصاص في اللغة
شواهد من كلام الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام انموذجاً
|
|
د. هاشم جعفر حسين الموسوي
بسم الله الرحمن الرحیم
مقدّمة :
لقد تطرّقنا في
مقالنا هذا إلى دراسة أدبية للدّواعي البلاغية الواردة في لغة العرب وبيانهم من فصاحة
وبلاغة ، وكان جلّ اهتمامنا في الاختصاصات البلاغية الواردة في كلامهم ، وبما أنّ الدراسات
اللغوية والنحوية وما شاكلها من فنون بيان العرب بحاجة إلى شواهد عليها فكان كلام الإمام
الحسن المجتبى عليهالسلام خير شاهد في هذا المضمار حيث أنّ كلام آل البيت عليهمالسلام مدوّنة معرفية متكاملة
، وموسوعة لغوية في أعلى درجات البيان والفصاحة ، ولو أنّ أيدي اللغويّين ـ قديماً
وحديثاً ـ امتدّت لاستقراء شواهدها اللغوية لأصبنا من ذلك بسهم وافر من الثروة اللغوية.
والاختصاص وسيلة
من وسائل المعنى ، حظيت بعناية العلماء على تنوُّع مشاربهم اللغوية والأدبية ، فاستقروا
شواهدها من كلام العرب ، واستنبطوا بموجب تلك الشواهد وسائل الاختصاص وأضربها وأحكامها
التفصيلية. ومفاد الاختصاص إنّما هو عناية المتكلّم بمعنى يُرتِّب عليه أجزاء
الكلام على نمط معيَّن وأدوات لغوية معلومة ، ليُنبِّه أذهان المتلقّين على أنّ
هذا المعنى له حظوة عنده.
ومن المفترض أنّ
كلام آل البيت عليهمالسلام هو موضعٌ للعناية والاختصاص بأجزائه كلّها وبمعانيه أجمعها ، ذلك أنّهم يستقون
معاني كلامهم من معدن الفيض الإلهي ، ويُعربون عن تلك المعاني القدسية بأبهى حلّة لغوية
، وبأعلى درجة من درجات البيان ، فهم الذين أحصى الله سبحانه كلَّ شيء فيهم ، وهم
عِدْلُ القرآن الكريم وتراجمة وحيه.
على أنّ الباحث
ارتأى أن يجاري اللغة في أحكامها ـ استناداً إلى أنّهم عليهمالسلام كلّموا الناس على
وفق سنن لغتهم ، وأمروهم أن يُعربوا كلامهم ، لأنّهم قومٌ فصحاء ـ فاختار دراسة وسائل
الاختصاص في كلام الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام.
ولمّا كان الإحصاء
قد أحاط بجملة صالحة من هذه الوسائل تناسب مقام البحث وما يتّسع له من صفحات ، اختار
الباحث أن يقسّم المادّة المدروسة تمهيداً مختصراً لمعنى الاختصاص في اللغة والاختصاص
، ثمّ خمسة مطالب رُتّبت على النحو الآتي :
المطلب
الأوّل : الاختصاص بالتقديم والتأخير.
المطلب
الثاني : الاختصاص بالقصر.
المطلب
الثالث : الاختصاص بالمفاعيل.
المطلب
الرابع : الاختصاص بالنداء.
المطلب
الخامس : الاختصاص بوسائل أخرى.
وأسأل الله سبحانه
وتعالى أن يتقبّل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم ، وأن ينال رضا سيّدي ومولاي كريم آل
البيت الحسن المجتبى ، والحمد لله أوّلاً وآخراً.
التمهيد : معنى الاختصاص في اللُّغة والاصطلاح :
الاختصاص مصدر قياسيّ
للفعل الخماسي (اختصَّ) ، ومجرّده من الثلاثي(خصَّ) الدَّالّ عَلى الْفُرْجَةِ وَالثُّلْمَةِ
، ومنه يقال : خَصَصْتُ فُلاَناً بِشَيء خَصُوصِيَّةً ، فاِذَا أُفْرِدَ وَاحِدٌ ،
فَقَدْ أَوْقَعَ فُرْجَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ، و «اختصّ بِهِ ، إِذا انْفَرد بِهِ ، وخَصَّ غيرَه واختصّه ببرِّه» ، والاختصاص هو الانفراد بالشيء ، والاصطفاء ، والاختيار ، وهو قصر شيء على
شيء على وَجْهِ التفرُّد ، والعرب تَعْمَدْ في كلامها إلى أنَّها تُعَمِّم ، ثمّ تُفرِد
للاختصاص
__________________
والتفضيل ، وقد أوضح العسكري(ت ٣٩٥ هـ) معنى الاختصاص ، وفرّقه عن الانفراد ، فقال :
«إنَّ الاختصاصَ انفرادُ بعض الأَشياء بمعنى دون غيره ، كالانفراد بالعلم والمُلك ،
والانفراد تصحيحُ النفس وغير النَّفس ، وليس كذلك الاختصاص ؛ لأنَّهُ نقيض الاشتراك
، والانفراد نقيض الازدواج ، والخاصَّة تحتمل الإِضافة وغير الإضافة ؛ لأنَّها نقيض
العامَّة ، فلا يكون الاختصاص إلاَّ على الإِضافة ؛ لأنَّه اختصاص بكذا دون كذا» ، فالمختصُّ مُنْفَرِدٌ بِحُكْم من دونِ غيره ، وتكون له بذلك الأفضليَّة على
غيره ، وعُرِفَ الاختصاص في النَّحو على وجه العموم بأَنَّهُ «قصر الحُكْمِ على بعضِ
أَفرادِ المذكور» ، فمن نَخُصُّهُ بشيء ، ونقصر عليه أمراً ، فهو مفضَّل على غيره ، مُمَيَّز
بأوصاف التخصيص.
وعدّ الدكتور تمّام
حسَّان الاختصاص علاقة سياقيَّة كُبرى ، أو قرينة معنوية كبرى ، تتفرّع عنها قرائن
معنوية أخَصّ منها ، وأنَّ هذه القرائن الخاصّة كلّها تجتمع في قرينة معنوية كبرى أعمّ
منها تشملها جميعاً ، وتسمَّى قَرينة الاختصاص.
وقد اشتمل كلام
الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام على وسائل للاختصاص
__________________
متنوّعة ، اعتنى البحث بدراسة جملة منها وتحليلها ضمن مطالب سترد في
الصفحات اللاحقة على النحو الآتي :
المطلب الأوّل : التخصيص بالتَّقديمِ والتَّأخيرِ :
إنّ الكلامَ يصدُر
عن المتكلّم وهو يحمل فكرةً ما يراد توصيلها للمخاطب ، ويكون ذلك الكلام تحتَ تأثير
مناسبات القول ومقتضيات الأحوال والعلاقة بين المتكلّم والمتلقّي ، فلا يتمّ التفاهم
، ولا يقع ذلك الكلام في نفس المتلقّي موقعَ القَبُول والاكتفاء حتّى تُراعَى تلك المناسبات ، فلمناسبة أو لغرض ، تتقدّم أجزاء الكلام بحسب ما تقتضيه المناسبة ، لكن
ذلك التقديم ليس مطلقاً ؛ لأنَّ في الكلام ما يجوز التقديم والتأخير ، وفيه ما لا
يجوز ذلك ، أي إنَّ هناك ما يُسمَّى بالرُّتَبِ المحفوظة التي لا يجوز تقديم شيء عليها
، وهناك الرُّتَب غير المحفوظة ، التي يمكن تقديم شيء عليها ؛ لذا فإنَّ أجزاءَ الكلام ولبناته الأساسية مرتّبة ترتيباً
متناسقاً ، وقد تطرأ عليها أحياناً تغيّرات تحوّلها عن نَسَقِهَا القديم ، فيشهد الكلام
بذلك ولادة لصورة الكلام الأصليَّة ، وهذا الأمر ليس بالجديد في كلام العرب ، بل كان
ذلك من سُنَنِ لغتهم ، فهم كانوا يعمدون إلى ذلك الأمر في مخاطباتهم ، فتقديم
__________________
الكلام ، وهو في المعنى مُؤخّر ، وتُأخّرُهُ ، وهو في المعنى مُقَدَّم سنّة
جارية ، وهو دليلٌ على
عدم جمود اللغة واحتباسها تحت قيد الرتابة ، بل إنَّ التقديم والتأخير علامة على حيويَّة
اللُّغة وسعتها في طرائق التعبير ، حتّى عَدَّ ابن جنّي (٣٩٢ هـ) ذلك من شجاعة العربية ، ويراه عبد القاهر الجرجاني (ت٤٧١ هـ) ذا فوائدَ كثيرة ، ومحاسن جمَّة ، فيه
سَعَةُ التصرُّف ، وأنَّ سَبَبَ ما رَاقَ في الكلام من مَسْمَع ، وَلَطُفَ من موقع
، هو ما قُدِّم فيه شيءٌ ، وحَلَّ فيه لفظٌ من مكان إلى مكان آخر ، وهو دليلُ الفصاحة ، ومَلَكَة البيان ، وهو ـ بعدُ ـ «أَحَد أَسَالِيبِ الْبَلاَغَةِ
، فَإِنَّهُمْ أَتَوْا بِهِ دَلاَلَةً على تَمَكُّنِهِمْ في الْفَصَاحَةِ
وَمَلَكَتِهِمْ في الْكَلاَمِ وَانْقِيَادِهِ لَهُمْ وَلَهُ فِي الْقُلُوبِ أَحْسَنُ
مَوْقِع وَأَعْذَبُ مَذَاق».
ومازال موضوع التقديم
والتأخير محطّ عناية العلماء كلّ بحسب اختصاصه ؛ لذلك نرى أنَّ النحويّين قد وضعوا
لكلّ جزء من الكلام رتبة خاصّة به ، فالأصل في الجملة الاسمية أنْ تُقدَّم رتبة المبتدأ
، وتؤخَّر رتبة الخبر ، أمَّا الجملة الفعلية ، فرُتْبَةُ الفعل فيها يجب أنْ تكون
أوّلاً ، ثمّ تليها رتبةُ الفاعل ، ورتبةُ المفعول يجب أن تكون آخراً ، ومن غنى العربية
امتلاكها وسائل حفظها التي تضمن لها سلامتها ، وإنْ حدث ما يطرأ على نظامها ،
__________________
بالتقديم والتأخير ، أو بغير ذلك ، حافظت القرائن اللفظية والمعنوية على
سلامة التركيب فيه وانتظام معناه.
إنّ الثابت في الأحكام
النحوية أنّ العدول بالتراكيب عن الترتيب الأصلي يوجب تغيّراً في الأحكام وفي المعنى
، وإنّ مثل هذا التغيير يُوجب عدم تفويت الفائدة من التقديم ، وإلاَّ لَذَهَبَ رونق
الكلام ، وفاتت قيمته الجمالية والتأثيرية في المقابل ، ولَخَاَلَفَتْ مقتضى الحال
الذي سِيقَ من أجله ، فإباحة تحرُّك بعض أجزاء الكلام لا بدَّ له من مسوغ يشفع له
؛ لذلك قيل إنّ الأصل الجاري في التقديم والتأخير يكون لسبب العناية والاهتمام بالمُقدَّم.
وأوّل من أشار إلى
عادة العرب في التقديم والتأخير مع بيان السبب سيبويه (ت١٨٠ هـ) ، بقوله :) (كأنّهم
إنَّما يقدّمون الذي بيانه أهمُّ لهم ، وهم ببيانه أعنى ، وإن كانا جميعاً يُهِمّانِهم
ويَعْنِيانهم» ، فهو يرى تساوي أجزاء الكلام في الأهمّية ، لكن ما يهمّهم بيانه يقومون بتقديمه
، ولكن ليس على حساب اللفظ المؤخَّر ؛ لأنَّه هو الآخر موضع عنايتهم واهتمامهم ، ولكن
إنْ أُريد زيادة الاهتمام بجزء من دون آخر ، يقدَّم في الكلام على غيره ؛ لذا قال
الجرجاني : «اعلم أَنَّا لم نَجدْهُم اعْتَمدوا فيه شيئاً يَجري مَجرى الأَصْل ، غيرَ
العنايةِ والاهتمامِ» ، فالعناية بالمقدّم من أبرز غايات التقديم ، وتتحصَّل من سياقات عدَّة.
__________________
إنّ التقديم والتأخير
يضفي دلالة الاخْتِصَاص ، ولكثرته في الكلام العربي قيل : «كَادَ أَهْلُ الْبَيَانِ يُطْبِقُونَ على
أَنَّ تَقْدِيمَ الْمَعْمُولِ يُفِيدُ الْحَصْرَ سَوَاءٌ كَانَ مَفْعُولاً أَوْ ظَرْفاً
أَوْ مَجْرُوراً».
وقد استقرى البحث
مواضع كثيرة للتقديم والتأخير في نصوص كلام الإمام المجتبى عليهالسلام ، واستنتج من ذلك
أنّ الذي طغى عليها هو تقديم شبه الجملة من الظرف والجار والمجرور ، لذا سأعرض لأمثلة
من ذلك التقديم الذي يُراد به الاختصاص ، فمنه تقديم الظرف على متعلقه في قول الإمام
عليهالسلام : «وعندنا ما نزلت به رسله» ، بتقديمِ الظرفِ (عندنا) دلالة على تخصيصِ وجود ذاك الشيء الذي نزلتْ به الرسل ، أي إنّهم مستودع خزائن الأنبياء عليهمالسلام ، فجَمَعَ ـ تعالى ـ لهم كلّ ما خَصَّ به أنبياءه السابقين ، فشرَّفَهم
وَحْدَهم بجميعِ فضائلِ النبيّين المُقرَّبينَ من الصُحُفِ الإِلهيَّة ، والكتب
السماويَّة ، والعلوم الرَّبَانيَّة ، والمواريث القُدْسِيَّة ، فالتقديم هنا لتوجيه
الأذهان اِلى مكان وجود هذه الكرامات ـ التي عندهم ـ لا إِلى هذه الكرامات بعينها ،
فلم يعدِّدها ؛ بل عبَّر عنها بـ : (ما نزلت) ؛ لأنّ سياقَ الكلامِ ليسَ معقوداً عليها
بالدرجة الأولى ، بل على مكانِ وجودها.
وفي هذا المعنى
نفسه الذي يراد به بيان فضائل آل البيت عليهمالسلام ، يرد
__________________
قول الإمام المجتبى أيضاً : «وقد خَلَتْ لهم من الله سُنّةٌ ، ومضى فيهم من
الله حُكْم» ، إذ تقدّم الجارّان والمجروران (لهم ، وفيهم) ، على فاعلي الجملة
المتأخّرين (سنةٌ ، وحكم) ، لغرض الاختصاص ، وآية ذلك أيضاً استعمال لام الاختصاص المضافة
إلى ضمير جماعتهم عليهمالسلام ، واستعمال (في) للظرفية المستحكمة في ذواتهم ، المُبيَّن اقتضاؤها من الله
عزّ وجلّ بـ : (من) البيانية ، المصرَّح بأنّها قد مضت لهم بحكمه تعالى.
ومن أمثلة تقديم
الجارِّ والمجرور ما في قول الإمام المجتبى : «التَّقْوى بابُ كُلِّ تَوْبَة ، وَرَأْسُ
كُلِّ حِكْمَة ، وَشَرَفُ كُلِّ عَمَل ، بِالتَّقْوى فازَ مَنْ فازَ مِنَ الْمُتَّقينَ» ، فبعد أن بيّن الإمام أهمّية التقوى وعظم خطرها وجلالة قدرها ، خصّ فوز المتّقين
بامتلاكهم لناصيتها واتّخاذها وسيلة الفوز الرئيسة.
ومن إرشاداته عليهالسلام : «هلاكُ الناس
في ثلاث : الكِبْرُ ، والحِرصُ ، والحَسَدُ ، فالكبرُ به هلاكُ الدين وبه لُعِن إبليس
، والحرصُ عدوّ النفس وبه أُخرج آدم من الجنّة ، والحسدُ رائدُ السوء وبه قتلَ قابيلُ
هابيل». ففي الكلام اختصّ هلاك الدين بالكبر ، وكذلك الحال في سبب لعنة إبليس وطرده
من مقام القرب ، وبيان إنّ خروج آدم إنّما كان سببه الحرص ، وأنّ جريمة
__________________
قتل الأخ أخاه مردّها إلى الحسد.
ومن التقديم والتأخير
لشبه الجملة بنوعيها في نصّ واحد ، ما ورد في قوله عليهالسلام لرجل : «اِيّاكَ أَنْ تَمْدَحَنِي فَأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْكَ ، أَوْتُكَذِّبَنِي
فَإِنَّهُ لا رَأْيَ لِمَكْذُوب ، أَوْتَغْتابَ عِنْدِي أَحَداً» ، ففي النصّ تقديم للجار والمجرور (بنفسي) على معمول اسم التفضيل (وهو منك)
، وتقديم الظرف (عندي) مفعول الفعل المتعدّي (وهو أحداً) ، وإنّما كان غرض تغيير النمط
الأصلي لتركيب الكلام منوطاً بغاية الاختصاص ، كاشفاً عن أهمّية التقديم والتأخير
عند المتكلّم ، فمَنْ أقرب معرفة لنفس الإمام منه ، فكانت مخالفة الترتيب ، وإنْ كان
الحكم النحوي يقتضيه في الأصل ، لأنّ المعنى حاكم على التركيب يسوقه إلى ما تقتضيه
حكمة الكلام ولطائف التعبير. ونلحظ أيضاً في التركيب الآخر (تغتاب عندي أحد) شدّة كراهة
الإمام للاغتياب ، فكان الفصل بين الفعل ومعموله أمارة على تلك الكراهية.
ومن التخصيص بالتقديم
والتأخير في غير شبه الجملة ما ورد في أجزاء جملة الشرط في قول الإمام عليهالسلام : «ونحن واللهِ
ثمرةُ تلك الشجرة ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجى ، ومن تخلّف عنها ، فإلى النار هوى» ، فقد تقدّم الجارُّ والمجرور (إلى النار) على متعلّقه الفعل الماضي الواقع
جواباً للشرط (هوى) ، إمعاناً في التخصيص ، إذ من المعلوم أنّ جواب الشرط هو نتيجة
__________________
لفعل الشرط ، فهما علّة ومعلول ، فإنّ تقدّم جزء من الجواب على بعضه دلّ
ذلك على العدول بالتركيب عن الترتيب الأصلي ممّا يوجب تغيّراً في المعنى ، مفاده شدّة
الاختصاص وغرضه التنبيه على العاقبة السيّئة لمَن تخلّف عن ولاية آل البيت ولم يلتزم
بمنهجهم. على حين نجد قبالة ذلك أنّ الترتيب في الفقرة الأولى (فمن تعلّق بغصن من أغصانها
نجى) ورد على النمط الأصلي لجملة الشرط ، ليناسب ذلك استقامة السبب والنتيجة لمَنْ
تمسّك بولايتهم عليهمالسلام.
المطلب الثاني : الاختصاص بالمَفَاعِيل :
ذكر الدكتور تمّام
حسّان علل التخصيص بالمفاعيل وغاياته في الاستعمالات اللغوية ، وسنحاول هنا أن ننتفع من جانب التنظير عنده لتوظيف في التطبيق على نصوص مختارة
من كلام الإمام الحسن عليهالسلام :
١ ـ التخصيص بالمَفْعُول لَهُ :
هو «العلّة التي
لأجلها صدر الفعل عن فاعله ، سواء كان سجيّة كـ : (قعدَ عن الحرب جبناً ، أو عَرَضاً
، كـ : (ضَنِيَ فلانٌ حُبّاً)» ، فالعلّة موجودة وهي دافع الفاعل إلى الفعل ، وهي حاصلة ولا يراد تحصيلها ،
فالجبن دافع إلى حدث القعود ، والجبن حاصل ولا يراد تحصيله ، ومنه يتّضح إفادة اختصاص
__________________
ذلك الحدث بتلك العلّة المذكورة ، فعندما تقول مثلاً : (أتيتُ رغبةً في لقائك) ، فإنَّك بذلك تكون قد أَسْنَدتَ
الإتيان إلى نفسك مُقَيّداً بسبب خاصّ ، وهو قيدُ الغائيَّة ، والتي تكون قرينة معنوية
دالَّةً على المفعول لأجله ، ومقيّدة للإسناد الذي لولاها لكان أَعمّ ، فهو من دونِ
سبب أعمّ منه وهو مُسَبِّبٌ ، وتكون دالَّة على جهة فَهْمِ الحَدَثِ الذي يشير إليه
الفعل ، ومثال
الاختصاص بالمفعول له في كلام الإمام الحسن عليهالسلام : «اِنَّ اللهَ لَمْ يُطَعْ مَكْرُوهاً ، ولَمْ يُعْصَ مَغْلُوباً ولَمْ يُهْمِلِ
الْعِبادَ سُدىً مِنَ الْمَمْلَكَةِ ، بَلْ هُوَ الْمالِكُ لِما مَلَّكَهُمْ ، والقادِرُ
على ما عَلَيْهِ أَقْدَرَهُمْ ، بَلْ أَمَرَهُمْ تَخْييراً ، ونَهاهُمْ تَحْذيراً» ، إذ قال : (تخييراً ، تحذيراً) مُقيِّداً بها الإسناد الذي لولاها لأصبحَ عامّاً
لا تقييد فيه ، فقيَّدَ التخيير بالأمر والنهي بالتحذير.
ومنه أيضاً قول
الإمام عليهالسلام : «مَنْ أَدامَ الاْخْتِلافَ إِلَى الْمَسْجِدِ أَصابَ إِحْدى ثَمان : آيَةً
مُحْكَمَةً ، وأَخاً مُسْتَفاداً ، وَعِلْماً مُسْتَطْرَفاً ، وَرَحْمَةً مُنْتَظِرَةً
، وَكَلِمَةً تَدُلُّهُ عَلَى الهُدى أَوْ تَرُدُّهُ عَنْ رَدىً ، وَتَرْكَ الذُّنُوبِ
حَياءً أَوْ خَشْيَةً» ، فقيّد الحياء أو الخشية بترك الذنوب ، فلولا هذا التخصيص لكان إعمام ترك
__________________
الذنوب وارداً لا محالة ، إذ إنّ أسباب ترك الذنب متعدّدة ، وكلام الإمام في
مقام إرصاد حالة ترك الذنب في مورد مخصّص وهو إدامة الاختلاف إلى المسجد.
وقال رجل للإمام
الحسن عليهالسلام بعد اعتزاله الخلافة الدنيوية : «إنّ الناس يزعمون أنّك تريد الخلافة؟» ، فأجابه
الإمام : «كانت جماجمُ العرب بيدي ، يسالمون ما سالمتُ ويحاربون مَن حاربتُ ، فتركتُها
ابتغاءَ وجهِ الله تعالى» ، فقد خَصَّصت العلّةُ (ابتغاء وجه الله تعالى) ، وقَيّدتْ حدثَ الترك ،
ولم تترك لمفتر أن يتأوّل لترك الإمام الخلافةَ أسباباً يختلقها ، أو ظنوناً مردّها
إلى قصور الأذهان عن إدراك الأحكام الواقعية لما يصدر عن الأئمّة عليهمالسلام. ذلك مع أنّ الإمام المجتبى أوضح أنّ من أعلى مصاديق ابتغاء وجه الله في تركه
الخلافة ، طاعته لما أخبر به أبوه عن جدّه عن الله عزّ وجلّ ، إذ يقول المجتبى
لرجل من شيعته : «سمعت أبي يقول : قال رسولُ الله (صلّى الله عليه وآله) : لن تذهبَ
الأيّامُ والليالي حتّى يَلِيَ على أُمّتي رجلٌ ، واسعُ البُلعُوم ، رَحِبُ الصدر ،
يأكل ولا يشبع ، وهو معاوية ، فلذلك فعلتُ ما جاء بك».
٢ ـ المَفْعُول المُطْلَق :
هو «كلُّ اسْم دلّ
على حدث وزمان مَجْهُول ، وَهُوَ وَفعله من لفظ
__________________
وَاحِد ، وَالْفِعْل مُشْتَقّ من الْمصدر ، فَإِذا ذكرت الْمصدر مَعَ فعله فضلَةً
، فَهُوَ مَنْصُوب ، تَقول : قُمْت قيَاماً ، وَقَعَدت قُعُوداً» ، والقرينة الدّالَّة عليه قرينة معنوية ، تسمَّى (التَّحديدُ والتَّوكِيد)
، «والمقصود بالتحديد والتوكيد : تعزيزُ المعنى الذي يفيده الحدث في الفعل ، وذلك بإيراد
المصدر المشترك مع الفعل في مادَّته ؛ لأنَّ المصدر هو اسم الحدث ، ففي إيراده بعد
الفعل تعزيز لعنصر الحدث ومعنى الفعل ، وتكون التقوية بواسطة ذكره مفرداً منوّناً على
سبيل التأكيد ، أو مضافاً لمُعَيَّن لإفادة النوع ، أو موصوفاً لإفادة النوع أيضاً
، أو مُمَيِّزاً لعدد ، فيكون العدد نفسُه مفعولاً مطلقاً».
وورد التخصيص في
كلام الإمام الحسن المجتبى بالمفعول المُطلَق المؤكِّد لفعله في قوله عليهالسلام : «واعلموا علماً
يقيناً أنّكم لن تعرفوا التقى حتّى تعرفوا صفة الهدى ، ولن تُمسكوا بميثاق الكتاب حتّى
تعرفوا الذي نبذه ، ولن تتلوا الكتاب حقَّ تِلاوتِه حتّى تعرفوا الذي حرّفه» ، فقال : (اعلموا علماً يقيناً) ، فـ :(علماً) مصدر جِيءَ به لتوكيد الحدث المُطلَقِ
المُجَرَّدِ ، ثمَّ وُصِفَ المصدر بـ : (يقيناً) ، لفائدة بيان نوع ذلك التسليم ، وتحديده
بذلك النوع ، فقد يتبادر إلى الذهن سؤالٌ عن صفةِ ذلك العلم في حال لم يُذكر في
الكلام ، و (يقيناً) قد بيَّن ذلك ، فجاء المصدر لتأكيد ما سيعلمه الإمام للأمّة
__________________
وأهمّيته لكونه غائباً عن الذهن غير قارّ في العقل والوجدان ، وخُصِّصَ وقُيِّدَ
بـ : (يقيناً) لتثبيت أنّ علم الإمام علم يقيني لدنّي لا يرقى إليه الظنّ والشكّ
والاحتمال وغير ذلك من منازل الأخبار غير اليقينية.
وورد في النصّ أيضاً
ما ينوب عن المفعول المطلق في قوله عليهالسلام : (ولن تتلوا الكتاب حقَّ تلاوته) ، فـ : (حقَّ) صفة للمصدر (تلاوته) ، وقد
أضيفت إليه ونابت عنه في المصدرية ، على قاعدة أنّ المضاف والمضاف إليه بحكم
الكلمة الواحدة ، وشأن هذه النيابة عن المصدر كشأن قولنا : «ضَرَبْتُ زَيْداً حَقَّ
ضَرْبِهِ ، وَأَصْلُهُ تِلاوَةً حَقّاً. ثُمَّ قُدِّمَ الْوَصْفُ ، وَأُضِيفَ إِلَى
الْمَصْدَرِ ، وَصَارَ نَظِيرَ : ضَرَبْتُه شَدِيدَ الضَّرْبِ ، إِذْ أَصْلُهُ : ضَرْباً
شَدِيداً».
وإنّما خرج التعبير
عن نمطه الأصلي ، فقدِّمت الصفة على الموصوف وأضيفت إلى المصدر المؤكّد لفعله ، لغرض
المبالغة في توكيد هذه التلاوة الحقّة ، وقد ورد عن الأئمّة الهداة في تفسير هذه التلاوة
ما نصّه عن الإمام الصادق عليهالسلام : «يرتّلون آياته ، ويتفقّهون به ، ويعملون بأحكامه ، ويرجون وعدَه ، ويخافون
وعيدَه ، ويعتبرون بقصصه ، ويأتمرون بأوامره ، وينتهون بنواهيه ، ما هو والله حفظ آياته
، ودرس حروفه ، وتلاوة سوره ، ودرس أعشاره وأخماسه ، حفظوا حروفه وأضاعوا حدوده ، وإنّما
هو تدبّر آياته والعمل بأحكامه» ، وعنه عليهالسلام في معنى حقّ التلاوة أيضاً : «الوقوف عند
__________________
الجنّة والنار» ، والمقصود به : «الوقوف عند ذكر الجنّة والنار ، يسأل في الأولى ، ويستعيذ
في الأخرى».
وهذه المعاني كلّها
ترجع إلى التدبّر في قراءة القرآن الكريم ، وبذل الوسع في استيضاح مقاصد النصوص القرآنية
والعمل بها ، ما استطاع المؤمن إلى ذلك سبيلاً.
وقد أكّد الإمام
الحسن هذه المعاني في ذيل النصّ المتقدّم فقال عن القرآن الكريم : «واعقلوه إذا سمعتموه
عقلَ رعاية ، ولا تعقلوه عقلَ رواية ، فإنّ رواةَ الكتاب كثيرٌ ورعاتَه قليلٌ ، والله
المستعان» ، وفي النصّ ورد المفعول المطلق (عقل دراية ، وعقل رواية) مبيّناً لنوع الحدث
عن طريق الإضافة ، فخصّصت الدراية بالعقل ، لأنّها المقصودة ، ونُفي النوع الآخر ،
لأنّه لا يحقّق الغرض المنشود.
والذي يعضد ذلك
الاختصاص أنّ الفعل الذي اشتقّ منه المصدر (اعقلوه) ، تقدّم على أداة الشرط وفعل الشرط
، وإنّما تغيّر ترتيب جملة الشرط هنا مع أنّها من الرتب المحفوظة غالباً ، لبيان مقدار
العناية والاختصاص بعقل الدراية ، ذلك أنّ الجواب المتقدّم له من الحظوة في هذا
السياق ما لا يخفى ، ولا يُعتدُّ بما ذكره نحويّو البصرة من حجج لمنع تقدّم
__________________
الجواب ، كضعف أداة الشرط للعمل في ما قبلها ، وحفظ المراتب ، والسببية ،
وغير ذلك ، إذ إنّ الصدارة في الكلام ، والرتبة ، والسببية ، والنتيجة تصطدم كلّها بالتقدّم
من أجل العناية بالمتقدِّم ، ولأنّ ضعف العامل وقوّته مسألة عقلية لا ترتبط بالاستعمال
اللغوي ، فالمتكلّمُ له أن يُعنى بالجواب أو ما يُشعِرُ به فيقدِّمه ، عنايةً به ،
وإغراءً للسامع ، إن كانت النتيجة هي المطلوبة.
وورد العدد نائباً
عن المفعول المطلق في قوله عليهالسلام في توبيخ الوليد بن عقبة : «وأمّا أنتَ يا وليد بن عقبة ، فواللهِ ما ألومُكَ
أن تَبغضَ عليّاً ، وقد جلدكَ في الخمر ثمانين جلدةً» ، فـ : (ثمانين) عدد نائب عن المصدر (جلدة) مضاف إليه ، وإنّما ناب عنه لغرض
تخصيص مقدار الحدّ الواجب ، ولولا ذكره لوقع الإبهام في الحدِّ ، ولكان الإعمام في
الكلام سيّد المقام ، فانجلت بالعدد المضاف إلى المصدر عقدة الإبهام.
٣ ـ المفعول فيه :
هو «ما نصب من اسم
زمان ، أو مكان مقارن لمعنى (في) دون لفظها»والمقارنة هنا بمعنى التضمين ، أي : إنّ المفعول له لا يُنصب
إلا أن تكون (في) مقدّرة فيه ، فإذا لُفظت امتنع نصبه ووجب خفضه ، نحو : (سرتُ في
__________________
يومِ الجمعة ، وجلستُ في الدارِ) ، ولو لم تكن مُتضمَّنَة ، كان اسماً صريحاً
ولم يكن مفعولاً فيه ، فيُعرب بحسب موقعه نحو : (يومُ الجمعةِ يومٌ مباركٌ ، ،
والدارُ لزيد). فبالظرف يتحقّق اختصاص زمان الحدث ومكانه على جهة
التعيين والاختصاص ، إذ إنّ للظرف تعلُّقاً بالفعل ؛ لأنّه يفيد تقييد إسناد الفعل
بجهة معيّنة.
ومن استعمال الظرف
للاختصاص في كلام الإمام الحسن المجتبى ، قوله عليهالسلام : «والتمسوا ذلك عندَ أهله ، فإنّهم خاصّةُ نور يستضاءُ بهم وأئمةٌ يُقتدى بهم
، بهم عيشُ العلم وموتُ الجهل ، وهم الذين يخبرُكم حكمُهم عن علمهم ، وظاهرُهم عن باطنهم
، لا يخالفون الحقَّ ولا يختلفون فيه ، وقد خلتْ لهم من الله سُنّةٌ ، ومضى فيهم من
الله حُكْمٌ ، إنّ في ذلك لذكرى للذاكرين» فـ : (عند) ظرف مكان عند النحويّين وقد تستعمل للزمان قليلاً ، لكن المتمعّن
في دلالتها يجدها دالّة على حضور ما تتعلّق به حسّاً ، نحو : (الكتاب عندك) ، أو معنىً
، كما في قول الإمام آنفاً ، الدالّ عليه الظرف المضاف (عند أهله) ، وقد خصّص معرفة
التقى ، والتمسّك بميثاق الكتاب ، وتلاوة الكتاب حقّ تلاوته عند آل البيت عليهمالسلام ، فلا علم إلاّ
علمهم ، لأنّهم عِدلُ الكتاب وتراجمةُ وحي الله.
__________________
المطلب الثالث : التخصيص بالنداء :
النداء صورةٌ من
صُوَرِ التَّخصيصِ. وهو تنبيهُ المَدعُو ليُقبِل عليك ، وفي نداءِ الشَّخص المطلوب تخصيصٌ لشخصِهِ من دونِ غيره ، وفي ذلك قال ابنُ
يعيش (ت ٦٤٣ هـ) : «اعلم أنَّ كلَّ منادى مختصٌّ ، تختصُّه فتُناديه من بينِ مَن بحَضْرتك
لأمْرك ، ونَهْيك ، أو خبرِك. ومعنى اختصاصك إيَّاه أنْ تقصِده ، وتختصّه بذلك دونَ
غيره. وقد أجرتِ العرب أشياء اختصّوها على طريقة النداء لاشتراكهما في الاختصاص ، فاسْتعير
لفظُ أحدهما للآخر من حيث شارَكَه في الاختصاص ، كما أجروا التَّسويةَ مجرى الاستفهام
، إذ كانت التَّسوية موجودةً في الاستفهام».
ومثال ذلك ما نقل
عنه عليهالسلام في مخاطبة يزيد بن معاوية (عليه اللعنة الدائمة) وقد جمعهما مجلسٌ ، فصرّح يزيد
بعداوته للإمام ، فقال له الإمام : «اعلمْ يا يزيد ، أنّ إبليس شارك أباك في جماعه
فاختلط الماءان ، فأورثك ذلك عداوتي ، لأنّ الله تعالى يقول : (وَشَارِكْهُمْ
فِي الأمْوَالِ وَالأوْلاَدِ). وشارك الشيطان حَرْباً عند جِماعِه فولد له صخراً ، فلذلك
كان يبغض جدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله» ، فنلحظ أنّ الإمام استعمل أسلوب النداء وخصّ المنادى باسمه ، مع إمكان الاستغناء
عن ذلك كلّه ، لأنّ المقام مقام
__________________
خطاب مباشر والمنادى حاضر في المجلس ، ولعلّ التخصيص بالنداء وتعيين
المنادى إنّما ورد في النصّ ، لأنّ الإمام يكشف ليزيد عن حقائق من عالم الغيب التي
لا يعلمها إلاّ هم عليهمالسلام ، ولا يدركها الجاهلون ، ويستدلّ على ذلك بكلام الله الذي لا يأتيه الباطل أبداً
، ليعلم من كان حاضرَ المجلسِ ومن غاب عنه فسمع الخبر ، أنّ عداوة آل أميّة لآل بيت
النبوّة مستحكمةٌ في جذرها ، ممتدّة في أصولها وفروعها فهم الشجرة الملعونة في القرآن
، التي غرسها الشيطان في أصلابهم فأنبتت معاوية ويزيد وأمثالهم من أئمّة الكفر والفسق
والجور.
وفي دعائه عليهالسلام ، استعمل نداءً
بلفظ مخصوص وبمعنىً معيّن ، لا ينادى به إلاّ اسم الجلالة ، إذ يقول : «اللّهُمَّ إنّي
أَتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِجُودِكَ وكَرَمِكَ ، وأتَقرَّبُ إلَيْكَ بِمُحَمَّد عَبْدِكَ
ورَسُولِكَ ...» ، فـ (اللّهُمَّ) ، عند نحويي البصرة ، من حيث البنية يقابل (يا اللهُ) ، وقد
عُوِّض عن (يا) النداء في أوّل الاسم ، بـ : (ميم مشدّدة) ، في (اللهمّ) ، وأنّ ضمّة
(الهاء) في (اللهُمّ) بمنزلة ضمّة (الهاء) في (يا اللهُ). أمّا من حيث المعنى فاستعمال اللّهمّ له مورد خاصّ يناسب
ما في معناه من تفخيم وتعظيم ، لذا يقتصر النداء به ويختصُّ في موارد الجلال والعظمة
ومصداق ذلك استعماله في القرآن الكريم مع
__________________
عظائم الأمور ، كقوله تعالى : (قُلِ اللَّهمَّ مَالِكَ
الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ
مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْء
قَدِيرٌ) ، وقوله عزّ وجلّ : (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونَ لَنَا عِيداً
لاَِوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ، وقوله تعالى : (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ
إِن كَانَ هذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّماءِ
أَوِ ائْتِنَا بِعَذَاب أَلِيم) ، وقوله جلّ جلاله : (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ
السَّماوَاتِ وَالأرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ
فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
فاستعمال الإمام
المجتبى لهذا الاسم الشريف فيه اختصاص بمورد العظمة والجلال ، الذي هو أقرب لقبول الدعاء
مهما عظم مطلبه وجلّ تحقّقه ، إذ هو قبالة عطاء العظيم الوهّاب.
المطلب الرابع : الاختصاص بالقصر :
القصر يعني تَخْصِيصُ
أَمْر بِآخَر ، بِطَرِيق مَخصُوص ، أو إِثْبَات الحُكْمِ لِلمَذكُورِ ، ونفيه عمّا
عداه ، ويُخَصَّصُ بالقَصْرِ ، بطرائق متعدّدة منها : تقديم
__________________
الخبر على المُبتَدَأ لأجلِ القَصْرِ ، وقد ورد ذلك في قول الإمام المجتبى ،
ومنه قوله في آل البيت عليهمالسلام «بهم عيشُ العلم وموتُ الجهل» ، فالجار والمجرور المتعلّق بالخبر المحذوف قد قصر العلم بهم وخصّص استمراره
وإدامته وانتصاره على الجهل وإهلاكه له بمعيّتهم ، إذ لا عالم ربّاني راسخ في علمه
إلا محمّد وآل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) ، أمّا بقيّة الذر ممّن آمن بهم
فمتعلّمون على سبيل نجاة.
ومن وسائل القصر
الأُخر التي وردت في كلام المجتبى عليهالسلام ، القصر بأدوات القصر ، ومنها (إنّما) كقوله : «اِنَّما الخَليفَةُ مَنْ سارَ
بِسيرَةِ رَسُولِ اللهِ ، وعَمِلَ بِطاعَةِ اللهِ ولَعَمْري إِنّا لأعْلامُ الْهُدى
وَمَنارُ التُّقى» ، فقد قصرت (إنّما) صفة الخليفة بآل البيت الذين ساروا بسيرة الرسول الأكرم
عليهالسلام ، فهم أعلام الهدى ومنار التقى.
وورد التخصيص (بالنفي
وإلاّ) في قول الإمام عليهالسلام : «أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إلاَّ اللهُ ، وَحْدَهُ لا شَرِيِكَ لَهُ» ، قاصراً صفةَ الإِلوهيَّة ، ومُخَصّصها في الذَّاتِ الإِلهيَّة المُقدَّسَة
قصراً حقيقيّاً من دونِ شريك.
المطلب الخامس : الاختصاص بوسائل أخرى
يتضمّن هذا المطلب
وسائل متفرّقة للاختصاص ورد عليها بعض
__________________
الأمثلة في كلام الإمام المجتبى عليهالسلام ، ومن تلك الوسائل :
(أ) ضمير الفصل :
وهو ضمير منفصل
مرفوع ، يقع بين المبتدأ والخبر نحو : سعيد هو القائمُ ، أو بين ما أصله مبتدأ وخبر
، نحو : كان سعيدٌ هو القائمَ ، وإنّ سعيداً هو القائمُ ، وظننتُ سعيداً هو القائمَ.
وضمير الفصل لا
يحمل خصائص الضمير المعلومة ، وإنّما سُمّي ضميراً ، لأنّ صورته تشابه صورة الضمير
، وأمّا الفصل فلأنّه يفصل بين معنى الخبر ومعنى الصفة ، ليُعلَم من أوّل الكلام أنّ
ما بعده خبر لا صفة.
أمّا الفائدة المعنوية
لضمير الفصل فهي التوكيد والاختصاص ، لكنّ بعض المفسّرين قصر فائدته على الاختصاص.
وممّا ورد من اختصاص
بضمير الفصل في كلام الإمام الحسن ، قوله عليهالسلام : «لإنّا نحن أبرارٌ بآبائنا وأُمّهاتنا ، وقلوبنا عَلَتْ بالطاعات والبرّ ،
وتَبرّأَتْ من الدنيا وحبِّها وأطعنا الله في جميع فرائضِه ، وآمَنّا بوحدانيّته ،
وصدّقنا برسوله» ، فهذه الكمالات الإنسانية والصفات النورانية قد اختصّت بآل البيت عليهمالسلام ، لا ينازعهم فيها
أحد ، ولا يجرؤ على ادّعائها مدّع مهما علت مرتبته ، فكان الفصل بضمير الجمع المرفوع
(نحن) دالاًّ على الاختصاص والتفرّد.
__________________
(ب) تعريف المبتدأ والخبر :
المبتدأ والخبر
يمثّلان طرفي الإسناد ، وهما متلازمان ، يقول سيبويه : «هذا باب المسند والمسند إليه
، وهما ما لا يَغْنَى واحدٌ منهما عن الآخر ، ولا يَجد المتكلّمُ منه بُدّاً ، فمن
ذلك الاسم المبتدأ والمبنيُّ عليه ، وهو قولك : عبدُ الله أخوك ، وهذا أخوك».
والثابت عن النحويّين
أنّ المبتدأ لا يكون إلاّ معرفة ، وأنّه لا يجوز الابتداء بالنكرة إلاّ بمسوّغات مذكورة
تفصيلاً. فإن ورد الخبر معرفة أيضاً ، كان الغرض من تعريف الطرفين
هو الاختصاص ، وينطبق ذلك على المعارف جميعها ، وهي : أسماء الأعلام ، والضمائر ، وأسماء
الإشارة ، والمعرّفات بأل ، والأسماء الموصولة ، وما أضيف إلى واحد ممّا سبق.
أمّا بيان علّة
الاختصاص في تعريف المبتدأ والخبر ، فتتّضح بمعرفة أنّ المبتدأ دالّ على الذات فهو
متعيّن بالابتداء ، والخبر دالّ على الوصف ، وهو معنى نسبي ، فهو متعيّن بالخبرية ،
فقولنا مثلاً : سعيدٌ المنطلقُ ، دالٌّ على إثبات انطلاق مخصوص بسعيد ، لا يشاركه فيه
غيره ، ذلك أنّك إن أخبرت عن معرفة بمعرفة زدتها تخصيصاً وتقنيناً ، والفرق يتّضح أكثر
إن قلت في
__________________
المثال المذكور : سعيد منطلقٌ ، إذ يكون سعيد منطلقاً من منطلقينَ آخرين.
وقد وردت هذه الوسيلة
من الاختصاص بأنماط متنوّعة في كلام الإمام المجتبى ، ومن هذه الأنماط :
النمط
الأوّل : المبتدأ ضمير متكلّم والخبر معرّف أل ، كقوله عليهالسلام : «أَنـَا
الضّامِنُ لِمَنْ لَمْ يَهْجِسْ في قَلْبِهِ إِلاَّ الرِّضا أَنْ يَدْعُوَ اللهَ فَيُسْتَجابُ
لَهُ» ، فالمقام هنا مقام
الحديث عن ذات الإمام المقدّسة ، وفي الكلام اختصاص الخبر بالمسند إليه ، فضمان استجابة
الدعاء من الله لا يضمنه إلاّ مَن قربت درجته عند الله فارتضاه الله لمقام الشفاعة
، قال تعالى : (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ
بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ
* يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ
ارْتَضَى وَهُم مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) ، وقال عزّ وجلّ : (وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ
يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ، وقال سبحانه :(لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ
إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمنِ عَهْداً) وقال تعالى : (يَوْمَئِذ لاَّ تَنفَعُ
الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) ، وقال تعالى :
__________________
(وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ
عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ إِذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا
مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ).
وهل هؤلاء العباد
المأذون لهم بالشفاعة إلا محمّد وآله عليهمالسلام ، فقد ورد في زيارة أمير المؤمنين عليهالسلام : «إنّ لي ذنوباً كثيرة ، فاشفَعْ لي فيها عند ربّك ؛ فإنّ لك عند الله مقاماً
محموداً ، وإنّ لك عنده جاهاً وشفاعة ، وقد قال الله تعالى : (وَلاَ
يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى) ، وفي حديث الإمام الصادق عليهالسلاممع المفضّل : «قال الصادق عليهالسلام : يا مفضّل ما هو إلاّ أنتَ وأمثالُك. بلى يا مفضّل لا تُحدِّث بهذا الحديث
أصحابَ الرُّخَص من شيعتنا فيتّكلون على هذا الفضل ، ويتركون العمل ، فلا يُغني عنهم
من الله شيئاً لأنّا كما قال الله تبارك وتعالى فينا : (إِلاَّ
لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)» وفي الزيارة الجامعة الكبيرة : «اَللّهُمَّ إنّي لَوْ وَجَدْتُ شُفَعاءَ أقْرَبَ
اِلَيْكَ مِنْ محمّد وَأهْلِ بَيْتِهِ الأخيارِ الأئِمَّةِ الأبرارِ لَجَعَلْتُهُمْ
شُفَعائي».
النمط
الثاني : المبتدأ ضمير غائب والخبر معرّف أل ، ومنه قوله عليهالسلام في آل البيت : «وهم
الذين يخبرُكم حكمُهم عن علمهم ، وظاهرُهم عن
__________________
باطنهم» ، وفي هذا النمط يكون الحديث عن الغائب وما يختصّ به من مكارم وفضائل ، فآل
البيت عليهمالسلام هم المختصّون بهذه الصفات ، فحكمهم أمارة ودليل على علمهم الواقعي الذي يحيط
بالعلل الحقيقية للتشريع ، لأنّهم مَعدِن حُكْمِ اللهِ وسِرِّهِ ، وعَيْبَة عِلْمِ
الله وخزنته ، وأنّ ما ظهر منهم على أيّ جهة كانت مُخبِرٌ عن بواطنهم القدسية ، لذا
ورد في زياراتهم ما يوجب علينا الإيمان بظاهرهم وباطنهم والتسليم لهم في ذلك كلّه ،
ومن ذلك قول الزائر : «مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَجَهْرِكُمْ وَظاهِرِكُمْ وَباطِنِكُمْ».
النمط
الثالث : المبتدأ معرّف بأل والخبر معرّف بالإضافة ، ومنه قوله عليهالسلام : «التَّقْوى بابُ
كُلِّ تَوْبَة ، ورَأْسُ كُلِّ حِكْمَة ، وشَرَفُ كُلِّ عَمَل» ، فقد اختصّ الإمام المجتبى هذه الفضيلة ليبيّن عن آثارها النافعة ، من باب
الحثّ على التخلّق بها والسعي لتحصيلها ، والتقوى هي الغاية المبتغاة من العمل العبادي
كلّه ، وقد رسم القرآن الكريم طريق الوصول إليها ووسمها بآيات بيِّنات فقال : (ذلِكَ
الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ
بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِا لاْخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ).
__________________
ولا غرابة أن يخصّها
الإمام المجتبى بهذه الفضائل ، فيعرّفها بهذه الأوصاف الشريفة ، ذلك أنّه «لا عِزَّ
أعزُّ من التّقوى» ، فبها تُستَحصل مكارم الأخلاق جميعها في الدنيا والآخرة.
خلاصة البحث :
يمكن إجمال خلاصة
البحث في النقاط الآتية :
١ ـ جارى البحث
أحكام اللغة في القول بالاختصاص في أجزاء من كلام الإمام الحسن عليهالسلام ، وإلاّ فالثابت
أنّ كلام آل البيت عليهمالسلام بأجزائه كلّها هو موضع عناية واختصاص ، ذلك أنّهم يستقون معاني كلامهم من معدن
الفيض الإلهي ويعبّرون عنه بأعلى درجات البيان ، واستند الباحث في ذلك إلى أنّهم عليهمالسلام كلّموا الناس وفق
سنن لغتهم ، وأمروهم أن يعربوا كلامهم على وفق سنن العربية ، فهم قوم فصحاء.
٢ ـ تنوّعت وسائل
الاختصاص في كلام الإمام المجتبى ، وقُسِّمت في متن البحث على مطالب خمس ، وكان أكثرها
وروداً الاختصاص بالتقديم والتأخير.
٣ ـ أظهر البحث
أنّ الاختصاص بالتقديم والتأخير في كلام الإمام عليهالسلام ، يرد حيث يقتضيه الغرض ، ومن ذلك قول المجتبى : «أو تغتاب عندي أحداً» ، فكان
التقديم فاصلاً بين الفعل (تغتاب) ومفعوله (أحداً) أمارة على
__________________
شدّة كراهية الإمام للاغتياب ، فتسبّب عنه الفصل بين أجزاء الكلام ،
واختصاص الأمر بمحضره الشريف.
٤ ـ تغيّرت رتب
الكلام المحفوظة في النصوص التي دُرست من كلامه عليهالسلام ، وكان الباعث على هذا الخرق النحوي هو الاختصاص والعناية ، ومن ذلك تغيّر رتبة
جواب الشرط في قوله عليهالسلام في حقّ القرآن الكريم : «واعقلوه إذا سمعتموه» إذ ورد قبل أداة الشرط وفعله
، لأهمّية مقام الاختصاص والإغراء بالجواب المتقدّم والعناية بنتيجته المطلوبة.
٥ ـ استعمل النداء
في كلام الإمام المجتبى وسيلة للاختصاص بدلالة القرائن المعنوية للسياق ، فقد أرصد
البحث أمثلة لذلك ، منها قوله عليهالسلام مخاطباً يزيد (عليه اللعنة الدائمة) وقد جمعهما مجلس واحد : «اعلمْ يا يزيد
أنّ إبليس شارك أباك في جماعه ، فاختلط الماءان ، فأورثك ذلك عداوتي ...» ، فاختصّ
بالنداء اسم المُنادى لتقييده أوّلاً ، ولبيان أهمّية الأمر الذي نُودي باسمه لأجله
ثانياً.
٦ ـ من وسائل الاختصاص
المعنوية المهمّة التي وردت في البحث تعريف المبتدأ والخبر ، وقد بيّن البحث علّة الاختصاص
في تعريف طرفي الإسناد ، مع ذكر صور متنوّعة لذلك التعريف ، اختلفت أغراضها تفصيلاً
واتّفقت في غرضها العامّ وهو الاختصاص.
المصادر
*
ـ القرآن الكريم
١
ـ إرشاد السالك إلى حلّ ألفية ابن مالك : ابن قيّم الجوزية (برهان الدين إبراهيم ابن محمّد بن أبي بكر بن أيّوب ت ٧٦٧
هـ) ، تحقيق : د. محمّد بن عوض بن محمّد السهلي ، دار أضواء السلف ، الرياض ، ط١ ،
١٩٥٤ م.
٢
ـ إرشاد الفحول إلى تحقيق الحقّ من علم الأصول : الشوكاني (محمّد بن علي ابن محمّد بن عبد الله ت ١٢٥٠ هـ) ، تحقيق : الشيخ أحمد
عزو دار الكتاب العربي ، ط١ ، بيروت ١٩٩٩ م.
٣
ـ الإتقان في علوم القرآن : السيوطي (جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر ت ٩١١ هـ) ، تحقيق : محمّد أبو الفضل
إبراهيم ، الهيأة المصرية العامّة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٤ م.
٤
ـ الأشباه والنظائر في النحو : جلال الدين السيوطي (ت٩١١ هـ) ، تحقيق : أحمد مختار الشريف ، مؤسّسة الرسالة
، بيروت ، ١٩٨٧ م.
٥
ـ الأصول في النحو : ابن السراج (أبو
بكر محمّد بن سهل ت ٣١٦ هـ) ، تحقيق : د. عبد الحسين الفتلي ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت
، ط٣ ، ١٩٩٦ م.
٦
ـ الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويّين البصريّين والكوفيّين : أبو البركات الأنباري (عبد الرحمن بن محمّد بن أبي سعيد ت٥٧٧ هـ) تحقيق : محمّد
محيي الدين عبد الحميد ، مطبعة السعادة ، القاهرة ، ط٤ ، ١٩٦١ م
٧
ـ الإيضاح في شرح المفصّل : ابن الحاجب (عثمان بن عمر ت ٦٤٦ هـ) ، تحقيق : وتقديم د. موسى بنّاي العليلي
، منشورات وزارة الأوقاف ، مطبعة العاني ، بغداد ١٩٨٢ م.
٨
ـ البحر المحيط في التفسير : أبو حيّان النحوي (محمّد بن يوسف بن علي ت ٧٤٥ هـ) ، تحقيق : صدقي محمّد جميل
، دار الفكر ، بيروت ، ١٤٢٠ هـ.
٩
ـ البديع في علم العربية : أبو السعادات ابن الأثير (المبارك بن محمّد بن محمّد الجزري ت ٦٠٦ هـ) ، تحقيق
: ودراسة : د. فتحي أحمد علي الدين ، جامعة أم القرى ، مكّة المكرّمة ، ط١ ، ١٤٢٠ هـ.
١٠
ـ البرهان في علوم القرآن : الزركشي (بدر الدين محمّد بن عبد الله ت ٧٩٤ هـ) ، تحقيق : محمّد أبو الفضل
إبراهيم ، دار إحياء الكتب العربية ، ط١ ، ١٩٥٧ م.
١١
ـ الخصائص : ابن جنّي (أبو الفتح
عثمان ت ٣٩٢ هـ) ، الهيأة المصرية العامّة للكتاب ، القاهرة ، ط٤ ،(د. ت).
١٢
ـ الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها : ابن فارس ، (أحمد بن فارس بن زكريّا (ت ٣٩٥ هـ) ، دار الكتب العلمية ، بيروت
، ط١ ، ١٩٩٧ م.
١٣
ـ الفروق اللغوية : أبو هلال العسكري
(الحسن بن عبد الله بن سهل ت٣٩٥ هـ) ، تحقيق : محمّد إبراهيم سليم ، دار العلم والثقافة
للنشر والتوزيع ، القاهرة ، (د.ت).
١٤
ـ الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل : الزمخشري (محمود بن عمر ت ٥٣٨ هـ) ، رتّبه وضبطه وصحّحه
مصطفى حسين أحمد ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ١٩٤٧ م.
١٥
ـ الكناش في فنّي النحو والصرف : إسماعيل بن علي بن محمود بن محمّد (ت٧٣٢ هـ) ، دراسة وتحقيق : د. رياض بن حسن
الخوام ، المكتبة العصرية ، بيروت ، ٢٠٠٠ م.
١٦
ـ اللغة العربية معناها ومبناها : د. تمّام حسّان عمر ، عالم الكتب ، ط٥ ، ٢٠٠٦ م.
١٧
ـ اللمع في العربية : ابن جنّي ، تحقيق
: فائز فارس ، دار الكتب الثقافية ، الكويت (د. ت).
١٨
ـ المقتضب : المبرّد (أبو العبّاس
محمّد بن يزيد ت ٢٨٥ هـ) ، تحقيق : عبد الخالق عضيمة ، عالم الكتب ، بيروت ، (د. ت).
١٩
ـ بحار الأنوار : العلاّمة المجلسي
(محمّد باقر بن محمّد تقي بن مقصود ت ١١١١ هـ) ، مؤسّسة الوفاء بيروت ، ط٢ ،١٤٠٣ هـ.
٢٠
ـ تهذيب اللغة : أبو منصور الأزهري
(محمّد بن أحمد ت ٣٧٠ هـ) تحقيق : محمّد عوض مرعب ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت
، ط١ ، ٢٠٠١ م.
٢١
ـ حاشية الصبّان على شرح الأشموني : الصبّان (أحمد بن محمّد بن علي ت ١٢٠٦ هـ) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط
١ ، ١٩٩٧ م.
٢٢
ـ حاشية ياسين (مطبوع بهامش شرح التصريح على التوضيح لخالد الأزهري) : الشيخ ياسين بن زين الدين الحمصي العليمي (ت ١٠٦١ هـ) ، دار إحياء الكتب العربية
، عيسى البابي الحلبي ، مصر ،(د. ت).
٢٣
ـ دلائل الإعجاز في علم المعاني : عبد القاهر الجرجاني (عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمّد ت ٤٧١ هـ) ، تحقيق
: محمود محمّد شاكر ، مطبعة المدني ، القاهرة ، دار المدني ، جدّة ، ط٣ ، ١٩٩٢ م.
٢٤
ـ شرح الكافية الشافية : ابن مالك (محمّد بن عبد الله ت ٦٧٢ هـ) ، تحقيق : د. عبد المنعم أحمد هريدي
، دار المأمون للتراث ، دمشق ،(د. ت).
٢٥
ـ شرح المفصّل : ابن يعيش (موفّق
الدين يعيش بن علي بن يعيش ت ٦٤٣ هـ) ، قدّم له د. أميل بديع يعقوب ، دار الكتب العلمية
، بيروت ، ط١ ، ٢٠٠١ م.
٢٦
ـ فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيّبي على الكشّاف) : الطيّبي (الحسين بن عبد الله الطيّبي ت ٧٤٣ هـ) ، تحقيق
: د. جميل بني عطا ، دبي ، ط١ ،٢٠١٣ م.
٢٧
ـ فقه اللغة وسرّ العربية : أبو منصور الثعالبي (عبد الملك بن محمّد بن إسماعيل ت ٤٢٩ هـ) تحقيق : عبد الرزّاق
المهدي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط١ ، ٢٠٠٢ م.
٢٨
ـ فهم القرآن ومعانيه : المحاسبي (الحارث
بن أسد ت ٢٤٣ هـ) ، تحقيق : حسين القوتلي ، دار الكندي ، دار الفكر ، بيروت ، ط٢ ،
١٣٩٨.
٢٩
ـ كتاب سيبويه : سيبويه (أبو بشر
عمرو بن عثمان بن قنبر ت١٨٠ هـ) ، تحقيق : محمّد عبد السلام هارون ، مكتبة الخانجي
، القاهرة ، ط٣ ، ١٩٨٨ م.
٣٠
ـ لسان العرب : ابن منظور (محمّد
بن مكرم ت ٧١١ هـ) ، دار صادر ، بيروت ، ط٣ ، ١٤١٤ هـ.
٣١
ـ مجموعة ورّام : ورّام بن أبي فراس
الحلّي (ت ٦٠٥ هـ) ، انتشارات مكتبة الفقيه ، قم.
٣٢
ـ مدارك التنزيل وحقائق التأويل : النسفي (عبد الله بن أحمد بن محمود ت ٧١٠ هـ) ، حققه وخرّج أحاديثه يوسف علي
بديوي ، دار الكلم الطيب ، بيروت ، ط١ ، ١٩٩٨ م.
٣٣
ـ معاني النحو : د. فاضل صالح السامرّائي
، مطبعة الحكمة للطباعة والنشر ، الموصل ، ١٩٩١ م.
٣٤
ـ مفاتيح الغيب ـ التفسير الكبير : فخر الدين الرازي (محمّد بن عمر بن الحسن التيمي ت ٦٠٦ هـ) ، دار إحياء التراث
العربي ، بيروت ، ط٣ ، ١٩٩٩ م.
٣٥
ـ مفتاح العلوم : السكّاكي (يوسف
بن أبي بكر بن محمّد ت ٦٢٦ هـ) ، تحقيق : نعيم زرزور ، دار الكتب العلمية ، بيروت ،
ط٢ ، ١٩٨٧ م.
٣٦
ـ نور الثقلين : العروسي (عبد علي
بن جمعة الحويزي) تحقيق : علي عاشور ، ط١ ، بيروت ، ٢٠٠١ م.
٣٧
ـ نهج البلاغة : تحقيق : د. صبحي
الصالح ، مطبعة وفا ، إيران ، قم ، ١٤٢٩ هـ.
تأويلات السيّد علي الحائري
بين جماليات التعبير القرآني والشطط التاريخي
في ضوء تفسيره (مقتنيات الدُرر وملتقطات الثمر)
|
|
د. حامد ناصر الظالمي
بسم الله الرحمن الرحيم
حياته :
ولد السيّد علي
الحائري في مدينة كربلاء في حدود سنة (١٢٧٠ هـ ـ ١٨٥٤ م).
وهو السيّد علي
بن حسين بن يونس ابن السيّد إسماعيل ، إذ ينتهي نسبه إلى السيّد إبراهيم المجاب ابن
السيّد محمّد العابد ابن الإمام موسى بن جعفر عليهماالسلام ، وقد سمّي بالحائري إمّا لولادته في كربلاء أو لانحداره من البيوتات العلوية
الشريفة التي سكنت حائر الإمام الحسين عليهالسلام.
نشأ السيّد علي
الحائري في كربلاء ودرس في كتاتيبها تلاوة القرآن وأحكامه والنحو والصرف واللغة والأخلاق
، ثم هاجر إلى النجف الأشرف
لاكمال دراسته هناك ، وقرأ على علمائها أيضاً ، وبقي في كربلاء والنجف مدّة
طويلة.
ومن أساتذته والده
السيّد حسين الملقّب بالتقوي لشدّة تقواه وورعه ، وتتلمذ كذلك على السيّد محمّد حسن
الشيرازي ، بل وأجازه بالاجتهاد عندما كان يُقيم في سامراء.
ولد للسيّد علي
الحائري ابنان هما السيّد مهدي الملقّب بشمس الفقهاء والسيّد هادي من زوجته الأولى
التي تزوّجها في كربلاء ، وبنتاً واحدة من زوجته الثانية التي تزوّجها في طهران.
هاجر السيّد علي
الحائري إلى إيران سنة (١٨٩٢ م) وعاش هناك بقيّة حياته إلى أن توفّي في العشرين من
شوّال سنة (١٣٥٣ هـ) في مدينة طهران ، ودفن قرب مسجد الشاه عبد العظيم عن عمر يناهز
(٨٣ سنة).
وفي طهران عكف على
تفسير القرآن فكتبَ مقتنيات
الدُرر وملتقطات الثمر ، إذ جاء في نهاية
هذا التفسير : «وقد تمّ بعون الله كتاب مقتنيات الدُرر وملتقطات الثمر في تفسير الكتاب العزيز ـ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ـ في
الشهر الذي أُنزل في مثله القرآن من السنة السابعة بعد
__________________
الثلاثين بعد الثلاثمئة بعد الألف».
أي أنّه انتهى من
تفسيره وعمره (٦٧) سنة إذا ما عرفنا أنّ ولادته كانت (١٢٧٠ هـ) وإنتهاء تأليفه للكتاب كان في رمضان سنة (١٣٣٧ هـ).
لقّب السيّد علي
الحائري بألقاب عديدة منها :
١ ـ الحائري : وكان
هذا اللقب لولادته في كربلاء قرب الحائر الحسيني الشريف في دار جده السيّد يونس.
٢ ـ الطهراني :
لأنّه سكن طهران منذ أن هاجر إليها سنة (١٣٩٢ هـ).
٣ ـ المفسّر : لأنّه
عمل على تفسير القرآن شطراً طويلاً من حياته.
٤ ـ اللاريجاني
: وقد أشار إلى هذا اللقب الشيخ آغا بُزرك الطهراني.
ومن تلامذته الذين
يرد ذكرهم في مقدّمة التفسير الحاج عبدالحسين المعروف بمحسنيان الذي بذل الجهد الكبير
في نشر هذا التفسير وتنظيم مخطوطاته ، وكانت الطبعة الأولى له هي طبعة المطبعة الحيدرية
ونشرته دار الكتب الإسلامية في طهران سنة (١٣٧٩ هـ) وكانت على نفقة الحاج محمود
الكاشاني ، فقد كانت هذه الطبعة بعد وفاته بستّ وعشرين سنة وبعد الانتهاء من تأليف
التفسير بحدود اثنتين وأربعين سنة.
أمّا الطبعة الثانية
فهي طبعة مؤسّسة التاريخ العربي بيروت سنة (٢٠١٢ م) ، والطبعة الثالثة هي طبعة مؤسّسة
دار الكتاب الإسلامي بتحقيق :
__________________
السيّد محمّد وحيد الطبسي الحائري ومراجعة وتدقيق : محمّد تقي الهاشمي ، في
قم سنة (٢٠١٢ م).
أمّا تسمية تفسيره
بـ : مقتنيات
الدُرر وملتقطات الثمر فقد تكون لكثرة
ما عرضه من آراء وأقوال وتأويلات المفسّرين ومناقشتها وموازنتها وترجيح بعض على البعض
، لذلك فهذه الآراء التي عرضها قد التقطها فهي كالدُرر والثمر.
امتاز هذا التفسير
بالرأي المعتدل والطرح المتّزن ، والنقل الدقيق ، والعرض لآراء المفسّرين ، والموضوعية
في الطرح والترجيح ، وكان مقدِّراً لآراء المفسّرين ومرجّحاً لها ، بعد أن يقوم بطرح
ما اجتمع لديه من احتمالات ، وقد تبدأ الاحتمالات باثنين وتنتهي بتسعة احتمالات ، وهذه
الاحتمالات جمعها والتقطها من بطون التفاسير فكانت ثماراً طيّبة من شجرة المذاهب الإسلامية
جميعاً.
كان في بعض الاحتمالات
مُرجّحاً لرأي أو مؤكّداً عليه ، وفي الغالب كان يترك عرض الوجوه والتأويلات دون ترجيح
، فالقارئ هو من يختار المناسب من الوجوه وهذا الأمر جعل من تفسيره منفتحاً على الآخر.
اهتمّ السيّد علي
الحائري بموضوعات دلالية مهمّة منها النظم القرآني ، وإيجاد المناسبة بين سور القرآن
الكريم ، والمناسبة بين مطالع السور وخواتيمها ، وبين موضوع السورة وخاتمتها ، وبين
نهاية سورة ومطلع الأخرى التي بعدها ، وهذا الأمر ـ أي علم المناسبة ـ يحتاج إلى حصافة
عقلية ، ومعرفة بالمقاصد الكلّية في القرآن ، والأنساق العامّة للنصّ القرآني
ـ وهي موضوعنا في حديث قادم ـ.
أمّا عملنا الآن
فسيكون بتتبّع أطروحاته حسب أسبقيّتها في النصّ القرآني ، وسنركّز على الموضوعات التالية
:
أوّلاً : التعليل : أي محاولة إيجاد العلّة في اختيار الألفاظ ، وطرق التعبير بها ، وكيفية توزيعها
في نظام الجملة ، وأسباب ذلك الاختيار والتوزيع.
المثال الأوّل : حديثه عن السمع والبصر إذ قال «اعلم أنّه اختلف في أفضلية نعمة البصر والسمع
فقال قائل : بأفضلية السمع لوجوه.
منها : أنّ الله قدّم في الذكر في أغلب القرآن السمع على البصر ، والتقديم في الذكر
دليل على الشرف.
ومنها : أنّ العمى وقع في حقّ الأنبياء وأمّا الصمم فغير جائز لأنّه مُخلٌّ بأداء
الرسالة.
ومنها : أنّ السمع يدرك من جميع الجوانب دون البصر.
ومنها : أنّ الإنسان يستفيد من المعارف من المعلّم وذلك لا يمكن إلاّ بالسمع.
ومنها : أنّ امتياز الإنسان عن سائر الحيوانات بالنطق والكلام ، وإنّما ينتفع به السامعة
لا الباصرة ، ومتعلّق النطق الذي به شرف الإنسان ومتعلّق البصر الألوان والأشكال ،
وذلك أمرٌ مشترك بين الإنسان وسائر الحيوان.
ومنهم مَن قال بأنّ
البصر أفضل من السمع :
قالوا : المشهور أنّه ليس الخبر كالمُعاينة وذلك يدلّ على أنّ أكمل وجوه الإدراك البصر.
الثاني : إنّ عجائب حكمة الله في العين أكثر من عجائب حكمته في تخليق الأذن ، فركّب
العين من سبع طبقات وثلاث رطوبات وجعل لها عضلات كثيرة على صور مختلفة ، والأذن ليس
كذلك. وكثرة العناية في التخليق في الشيء يدلّ على كونه أفضل من غيره.
الثالث : أنّ القوة الباصرة هي النور ، والآلة السامعة هي الهواء ، والنور أشرف من
الهواء.
الرابع : أنّ البصر يرى ما فوق سبع سماوات ، والسمع لا يدرك ما بعُد على فرسخين ، فكان
البصر أقوى.
الخامس : أنّ بعض الناس يسمع كلام الله وكلام الملائكة في الدنيا ولا يراه أحد ، وأنّ
موسى سمع كلام من غير سؤال ، ولمّا سُئل قال : (لَنْ تَرَانِي) فذلك يدلّ على أنّ حال الرؤية أعظم وأعلى من السماع ، على
أنّ ذهاب العين ليس كذهاب السمع وهي الكريمتان : وأنطق بلحم ، ورتّب غذائه في النبات
بحبوبه وثماره ، وفي الحيوان بحياته وآثار نفعه ، وفي الأراضي بأشجاره وأنهاره ، وفي
الأفلاك بكواكبه وأنواره».
والأمر في القرآن
واضح في تقديم السمع على البصر إذ يقول تعالى :
__________________
(خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ
وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ) وقوله : (وَلَوْ
شَاء اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) ، وقوله تعالى : (أُولَـئِكَ
الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) وقوله تعالى : (حَتَّى
إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ) وقوله تعالى : (فَمَا
أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيء) وقوله تعالى : (ثُمَّ
سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ
وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ) وقوله تعالى : (قُلْ
هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ) وقوله تعالى : (قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم
مَّنْ إِلَـهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُم بِهِ)وقوله تعالى : (لِنُرِيَهُ
مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) وقوله تعالى : (وَيُولِجُ
النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) وقوله تعالى : (اللهُ
__________________
يَصْطَفِي
مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) وقوله تعالى : (مَّا
خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْس وَاحِدَة إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ
يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيء إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) وقوله تعالى : (فَاسْتَعِذْ
بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)وقوله تعالى : (لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) وقوله تعالى : (وَاللهُ
يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) وقوله تعالى : (اِنَّ
اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) وقوله تعالى : (فَعِندَ
اللهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً) وقوله تعالى :(اِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ
مِن نُّطْفَة أَمْشَاج نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً) وقوله تعالى : (أَسْمِعْ
بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا) وقوله تعالى : (مَا
كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ) وقوله تعالى : (وَجَعَلَ
لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ
__________________
تَشْكُرُونَ) وقوله تعالى : (اِنَّ
السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) وقوله تعالى : (وَهُوَ
الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ) وقوله تعالى : (قُلْ
هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ) وقوله تعالى : (وَمَا
كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ) وقوله تعالى : (أَمَّن
يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) وقوله تعالى : (أُولَـئِكَ
الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ). فهذه الآيات والبالغة سبع وعشرون آية تقدّم فيها ذكر السمع
على البصر ، وغالباً ما يأتي السمع مفرداً والبصر جمعاً ، فتقدّم السمع هنا لأنّه هو
المتقدّم عند ولادته الإنسان؛ فأولى المُدركات هي حاسة السمع عند الطفل وعندما تنتهي
حياة الإنسان فآخر حاسّة تبقى معه هي السمع وهي الحاسة الوحيدة التي تبقى فاعلة حتى
لو نام الإنسان وهي الحاسّة التي ليس عليها ما يمنعها من غطاء أو غيره بخلاف البصر
فالبصر يتحكّم الإنسان به إرادياً. ولذلك فهذه الحاسة تبقى يقظة عند الإنسان
وأصحاب الكهف لم يناموا لولا أن ضُرب على آذانهم كما في قوله تعالى :
__________________
(فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ
فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً).
المثال
الثاني : هو تعليله لقوله تعالى : (غَيرِ
المَغضُوبِ عَلَيهِمْ) ، فلماذا أَسنَدَ سبحانهُ وتعالى الغضبَ لغيره والنعمة له بقوله تعالى : (الَّذِينَ
أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ) ، قال السيّد علي الحائري : «وإنّ الغضب صادر عن الغير بسبب
أنّ الغير صار سبب الغضب ، فالمناسب أن يقول غير الذين غضبت عليهم فصار الكلام في قوة
التصريح في جانب الرحمة والتعريض في جانب العقاب» أي أنّه تعالى خصّ النعمة به والغضب جعل مصدره مجهولاً وعامّاً ، فهو غضب من
الله الناس والمخلوقات فهو غير محدّد.
والمثال
الثالث : تعليله لتكرار قوله تعالى : (قُلْنَا
اهْبِطُواْ) فقد وردت في قوله تعالى : (وَقُلْنَا
اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْض عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ
إِلَى حِين) وقوله تعالى : (قُلْنَا
اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ
فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) ، فقال السيّد علي الحائري هو «استئناف مبنيّ على سؤال يَنسَحبُ عليه الكلام
كأنّه قيل : فما وقع بعد قبول توبته؟ فقيل : (قُلْنَا
اهْبِطُواْ مِنْهَا) من الجنة (جميعاً) ، وفي تكرير الهبوط؛ فقيل : الهبوط الأوّل من الجنّة إلى
السماء ،
__________________
وهذا الهبوط من السماء إلى الأرض ، وقيل : التكرير للتأكيد ، والخطاب لآدم
وحوّاء وذريّتها باعتبار ما يكون ، وقيل : الخطاب لآدم وحوّاء وإبليس والحيّة
والطاووس ، والمُراد اهبطوا أنتم أجمعون ، ولذلك لا يستدعي اجتماعهم على الهبوط في
زمان واحد ، وكرّر الأمر بالهبوط إيذاناً بتحقّقه لا محالة ، ودفعاً لما وقع في أُمنيته
عليهالسلام من استتباع قبول التوبة للعفو عن الهبوط ، ولأنّ الأمر الثاني بالهبوط مُشعر
بالتكليف والابتلاء بالعبادة والثواب والعقاب ، ولذلك اقترن الهبوط الثاني بإيتاء الهدى
المؤدّي إلى النجاة وما فيه من وعيد العقاب ، فليس بمقصود من التكليف قصداً أوّليّاً
بل إنمّا هو دائر على سوء اختيار المكلَّفين».
والمثال
الرابع : هو تعليله لقوله تعالى : (وَآتَيْنَا
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ) إذ قال السيّد علي الحائري «وعيسى بالسريانية : اليسوع ومعناه المبارك ، وابن
بإثبات الألف في الكتابة وإن كان واقعاً بين العلمين لندرة الإضافة إلى الأم. ومريم
بالسريانية : بمعنى العابدة والخادمة للمعبد ، وقد جعلتها أُمّها محرَّرة لخدمة المسجد
، ولكمال عبادتها لربّها سمّاها مريم ، وصرّح باسمها في القرآن مع الأنبياء سبع مرّات
، وخاطبها كما خاطب الأنبياء كقوله : (يَا
مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) فشاركها
__________________
مع الرجال ، ولو كانت النساء بمثل هذه لفضّلت النساء على الرجال).
أقول : لقد وردت
لفظة مريم في القرآن الكريم في أربع وثلاثين مرّة وليس بسبع مرات وهي قوله تعالى :
١ ـ (وَآتَيْنَا
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ).
٢ ـ (وَآتَيْنَا
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ).
٣ ـ (اسْمُهُ
الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ).
٤ ـ (وَقَوْلِهِمْ
إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ).
٥ ـ (إِنَّمَا
الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ).
٦ ـ (لَّقَدْ
كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ).
٧ ـ (قُلْ
فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ
مَرْيَمَ وَأُمَّهُ).
٨ ـ (وَقَفَّيْنَا
عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ).
__________________
٩ ـ (لَّقَدْ
كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ).
١٠ ـ (مَّا
الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ).
١١ ـ (لُعِنَ
الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى
ابْنِ مَرْيَمَ).
١٢ ـ (إِذْ
قَالَ اللهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى
وَالِدَتِكَ).
١٣ ـ (يَا
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً
مِّنَ السَّمَاءِ).
١٤ ـ (قَالَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ
السَّمَاءِ).
١٥ ـ (وَإِذْ
قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي
وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللهِ).
١٦ ـ (اتَّخَذُواْ
أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ
__________________
مَرْيَمَ).
١٧ ـ (ذَلِكَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ).
١٨ ـ (وَإِبْرَاهِيمَ
وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً).
١٩ ـ (وَقَفَّيْنَا
بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ).
٢٠ ـ (وَإِذْ
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ
إِلَيْكُم).
٢١ ـ (كَمَا
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ).
أما الآيات التي
ذُكرت فيها مريم دون إضافة عيسى أو المسيح إليها فهي :
١ ـ (وَإِنِّي
سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ).
٢ ـ (قَالَ
يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ).
__________________
٣ ـ (وَإِذْ
قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ).
٤ ـ (يَا
مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ).
٥ ـ (وَمَا
كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ).
٦ ـ (إِذْ
قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَة مِّنْهُ).
٧ ـ (وَبِكُفْرِهِمْ
وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً).
٨ ـ (أَلْقَاهَا
إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ).
٩ ـ (وَاذْكُرْ
فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً).
١٠ ـ (فَأَتَتْ
بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً).
١١ ـ (وَجَعَلْنَا
ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة).
١٢ ـ (وَلَمَّا
ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ).
__________________
١٣ ـ (وَمَرْيَمَ
ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا).
ولفظة ابن التي
جاءت بين اسمين دون حذف الألف هو خطّ قرآني قد تكون له دلالة محدّدة ، وقد يتمّ الاجتهاد
بدلالته مثال ذلك قوله تعالى : (وَمَن
يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ) فقد وردت لفظة إبراهيم بـ (ابرهيم) وهي الوحيدة في القرآن الكريم التي ترد بهذا
الخط دون الألف ومنه كذلك قوله تعالى : (سُبْحَانَ
الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ
الأَقْصَا) فقد وردت بالألف الممدودة وليس المقصورة فقد يكون لذلك دلالة.
والمثال
الخامس : هو تعليله لتقديم النساء في قوله تعالى : (زُيِّنَ
لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ) ، إذ قال السيّد علي الحائري «وقدّم ذكر النساء أي : حال كونها من طائفة النساء
لعراقتهنّ في معنى الشهوات ، فإنهنّ حبائل الفتنة».
ثانياً : الفروق الدلالية
اهتمّ السيّد علي
الحائري بهذا الموضوع وعمل على التمييز بين المعاني
__________________
التي يُعتقد أنّها متشابهة :
ومن ذلك تفسيره
لقوله تعالى : (وَلَقَدْ
هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ
عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) إذ قال «والفرق بين السوء والفحشاء : قيل إنّ السوء خيانة اليد والفحشاء هو
الزنى ، أو أنّ السوء مقدّمات الفاحشة كالقُبلة والنظر بشهوة ، والفحشاء هو الزنى».
وفي كتب الفروق
اللغوية : إنّ الفحشاء من الفُحش ، والفاحش أي الشديد القُبح وكلّ شيء جاوز حدّ الاعتدال
مجاوزةً شديدة فهو فاحش. لذا فالانتقال كان هنا من السوء إلى الفحشاء أي من الأقل
إلى الأكبر.
وفي تفسيره لقوله
تعالى : (وَأَنفِقُوا
مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ
لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَل قَرِيب فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) قال السيّد الحائري عن الفرق بين الصدقة والهدية : «والفرق بين الصدقة والهديّة
__________________
أنّ الصدقة للمحتاج بطريق الرحم ، والهديّة للتحبّب والمودّة ولذا كان (صلى
الله عليه وآله) يقبل الهدية لا الصدقة فرضاً كانت أو نفلاً».
وفي كتاب فروق اللغات
: «الهدية تُشعر بإعظام المُهدى إليه وتوقيره ... وهي مبنية على الحشمة والإعظام» «والصدقة ما يُرجى به الثواب وخاصّة من الله سبحانه» ، والصدقة هنا أي ما يُرجى به الثواب أقرب لروح الآية في قوله تعالى : (لَوْلا
أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَل قَرِيب فَأَصَّدَّقَ)أي أبذل كي أنال
الثواب.
وعن الفرق بين المُرائي
والمنافق فهو يذكر ذلك في تفسير قوله تعالى : (فَوَيْلٌ
لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ
يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) إذ قال السيّد الحائري : «إنّ المنافق يُبطن الكفر ويظهر الإيمان ، والمرائي
يظهر زيادة الخشوع وآثار الصلاح ليعتقد مَن يراه أنّه من أهل الصلاح ، وحقيقة الرياء
طلب ما في الدنيا بإظهار الدين».
وفي كتب الفروق
اللغوية : «أنّ النفاق إظهار الإيمان مع إسرار الكفر ، وسُمّي بذلك تشبيهاً بما يفعله
اليربوع وهو أن يجعل بحجره باباً ظاهراً وباباً باطناً يخرج منه إذا طلبه الطالب ،
ولا يقع هذا الاسم على مَنْ يظهر شيئاً
__________________
ويخفي غيره إلاّ الكفر والإيمان ، والرياء إظهار جميل الفعل رغبةً في حمد
الناس لا في ثواب الله تعالى ، فليس الرياء من النفاق في شيء» ، النفاق هو الظاهر مخالف للباطن مُطلقاً ، ولكن الرياء هو الخشوع وإظهار التقوى
الزائدة طلباً للحصول على شيء.
ثالثاً : من الموضوعات
الأخرى التي نتناولها هنا ما يتعلّق بالشطط الذي وقع به المفسّر وانحرف به عن المقصد
القريب :
فمن ذلك تفسيره
لقوله تعالى : (وَإِذَا
فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا
قُلْ إِنَّ اللهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) ، إذ قال السيّد الحائري المقصود بذلك «الحُمس ، وهم طائفة من المشركين يطوفون
حول البيت وهم عُراة يعبدون الأصنام ويقولون : نعبد إلهنا ونطوف عُراة كما ولدتنا أمهاتنا
ولا نطوف بثياب قارفنا فيها الذنوب».
لعلّ المعلومة التي
ذكرها السيّد الحائري غير دقيقة تاريخيّاً ، فقد كتب الدكتور محمّد ظاهر وتر بحثاً عن الحُمس هذه الطبقة الدينية التي عاشت في قريش خاصّة ، وهؤلاء هم «المتشدّدون
في الدين ، إذ كانوا يقفون بنمرة
__________________
وباقي القبائل تقف بعرفة ، ويلتقون بمزدلفة للإفاضة ، ويطوفون حول البيت
بملابسهم ، ويطوف غيرهم عُرياناً لاعتقادهم أنّ هذه الثياب قد اقتُرِفت فيها
الذنوب وعصوا الله فيها ويُسمّون تلك الثياب التي نزعوها باللقيّ ، وينطبق نزع الثياب
على الرجل والمرأة على السواء ... وقد جاء الإسلام فمنع طواف العُريّ وألزم كلّ مَن
يطوف أن يلبس لباس الإحرام ... ومن مظاهر التشدّد في الدين أنّ الحُمس يحرّمون على
أنفسهم أكل الطيّبات من الرزق ، فلا يذوقون السمن والزبد واللحم وغير ذلك ، ولا يأكلون
من نبات الحرم ـ إذا أرادوا الحج ـ ما داموا حُرماً ، ولا يلبسون ما صُنع من الوبر
والشعر ، فلا يغزلون ولا ينسجون وإنّما كانوا يكتفون أن يجلسوا بظلّ الأدم ، ولا يظلمون
في معاملتهم مع غيرهم ، ولا ينقضون الميثاق ، ولا يخلفون الذمّة ما داموا في
الأشهر الحُرم التي كانوا يعظّمونها ويتقيّدون بحرمتها ، وكانوا يقيمون في الحرم» وكانوا كذلك يتمتّعون بالشجاعة ، وأغلبهم من قريش ومن الذين يسكنون حول الحرم.
ومن الذين كانوا يحجّون إلى البيت ، فهم متشدّدون في دينهم ، وتظهر فيهم الشجاعة والبطولة. وبهذا يَتبيّن لنا أنّ الذين يطوفون حول البيت عُراة هم
ليسوا الحُمس بل غيرهم ، فالحُمس يُقدّسهم العرب لتديّنهم وشجاعتهم ، وغير الحُمس غير
مُقدّس ، لذلك فهم ـ أي غير الحُمس ـ مرتكبو الآثام ، فعندما يأتون للطواف حول الكعبة
عليهم خلع
__________________
ملابسهم لأنّها غير طاهرة فقد اقترفوا بها الذنوب ، فالطواف يكون دون ملابس
، والذين يطوفون بملابسهم فقط هم الحُمس ، ولذلك جاء الإسلام بانقلاب اجتماعي وأخلاقي
وديني كبير عندما فرض لباس الإحرام فقط على الجميع دون استثناء ودون تمييز نساءً ورجالاً
، فانتهت قُدسية الحُمس وهم كبار قريش وساداتها وقادتها وشجعانها ومَنْ جاورهم ، وارتفع
تقدير غيرهم من الذين كانوا يطوفون عُراة. ولباس الإحرام فُرض في الحج كي لا يُميّز
مَنْ هو من الحُمس عن غيره ، لأنّ الحُمس كانوا يلبسون أفضل الملابس المُزينة
وغيرهم يطوف عارياً ، فغرض لباس الإحرام في الحجّ يعني لا تميّز بين الطبقات ، إذ لا
طبقة خاصّة لها لباسها المقدّس وطبقة أخرى من العُراة فعلى الجميع لبس القطعتين المأزر
والغطاء ، وهما كالكفن كذلك المكوّن من قطعتين ، فضلاً عن ذلك فقد كان الحُمس يدخلون
البيوت من غير أبوابها بل يتسوّرون ، فمنع الإسلام ذلك ، وهذا يؤكّد لنا أنّه لا لباس
مقدّس ومحدّد في الإسلام يميّز بين الناس.
والمثال الثاني
: هو تفسيره لقوله تعالى : (وَقَالُوا
لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ
وَنَسْراً) ، قال السيّد علي الحائري «وقالوا : ـ أي الرؤساء للأتباع والسفلة ـ لا تذرُنَّ
آلهتكم ولا تَذرُنَّ ودَّاً ولا سُواعاً أي : لا تتركوا عبادتها ... وخصّ عبادة هؤلاء
بالذكر فهو من
__________________
باب عطف الخاصّ على العامّ لأنّها كانت أكبر أصنامهم وأعظم ما عندهم ...».
في حين أنّ النبي
نوح عليهالسلام كان نبيّاً لمنطقة محدّدة كانت تعبد هذه الأصنام الخمسة ، ولذلك فإنّ حصول الطوفان
كان لإغراق مَن عبد هذه الأصنام الخمسة ضمن منطقة العراق وهي خمسة مناطق عراقية ، فما
ذنب مَن لم تصل له رسالة نوح كي يتمّ إغراقه ، وهذا مخالف للعدل الإلهي ، فقد تمّ
إغراق مَن أُرسل نوح إليه ، والقرآن الكريم يحدّد ذلك بقوله تعالى :
١ ـ (اِنَّا
أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ).
٢ ـ (وَقَوْمَ
نُوح لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ
آيَةً).
٣ ـ (وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ).
٤ ـ (فَلَبِثَ
فِيهِمْ أَلْفَ سَنَة إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً).
فالإرسال هنا كان
خاصّاً لهؤلاء القوم الذين عبدوا تلك الأصنام ، والحقيقة التاريخية تشير إلى أنّ الطوفان
قد أغرق خمس مدن في جنوب
__________________
العراق ، والأصنام الخمسة المذكورة تشير إلى عدد المدن المُغرقة التي عبدت
تلك الأصنام.
ليس هذا فحسب فقد
تشير الآية إلى الأشخاص الخمسة الذين تزعّموا قيادة الكفّار والمشركين في بداية البعثة
النبوية وهم : (أبو
جهل بن هشام ، أمية بن خلف ، عتبة بن ربيعة ، أبو سفيان بن حرب وسُهيل بن عمرو).
والمثال الثالث
: هو تأويله لـ (ذي القرنين) عندما فسّر قوله تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ
عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً * إِنَّا مَكَّنَّا
لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيء سَبَباً) فقد اختلف المفسّرون والمؤرّخون في هذه الشخصية اختلافاً كبيراً ، فقال السيّد
علي الحائري «وفي ذي القرنين أقوال :
الأوّل : هو الاسكندر
بن فيلقوس اليوناني ، والدليل عليه أنّ القرآن دلَّ على أنّ الرجل المسمّى بذي القرنين
بلغ ملكه إلى أقصى المغرب بدليل قوله : (حَتَّى
إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْن حَمِئَة) ، وأيضاً بلغ ملكه إلى أقصى المشرق بدليل قوله : (حَتَّى
إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ)وبلغ ملكه أقصى الشمال بدليل أنّ يأجوج ومأجوج قومٌ من الترك
يسكنون في أقصى الشمال ، وبدليل أنّ السدّ المذكور في القرآن يُقال في
__________________
كتب التاريخ : إنّه مبني في أقصى الشمال ، فهذا الإنسان المُسمّى بذي القرنين
في القرآن قد دلّ القرآن على أنّ ملكه بلغ أقصى المغرب والمشرق والشمال وهذا هو تمام
القدر المعمور في الأرض. والملك الذي اشتهر بهذا العنوان من بسط الملك والقدرة ليس
مذكور في التاريخ والدنيا إلاّ الإسكندر ....
الثاني : قيل هو مزربان من مرزويه بن يافث بن نوح.
الثالث : وقيل من أحفاد كهلان سبأ بن يعرب بن قحطان.
الرابع : وقيل هو تُبّع الأكبر أوّل التبابعة.
الخامس : وقيل إنّه أفريدون بن النعمان الذي قَتَلَ الضحّاك.
السادس : وذكر أبو الريحان البيروني في كتابه المُسمّى بـ : الآثار الباقية من القرون
الخالية أنّ ذا القرنين هو أبو كرب الحميري ، وأن ملكه بلغ مشارق
الأرض ومغاربها ، وهو الذي افتخر به التُبّع اليماني حيث قال :
قد كان ذا
القرنين جدّني تُبّعاً
|
|
ملكاً علا في
الأرض غَيرَ مُفنَّدِ
|
بلغ المشارقَ
والمغارِبَ يبتغي
|
|
أسبابَ أمر
من حكيم ومُرشِدِ
|
ويمكن أن يكون هذا
القول قريباً من الصحّة لأنّ الأذواء كانوا من اليمن مثل ذي المنار وذي النواس وذي
النون وذي رعين وذي يزن وذي جدن ، ولكن القول الصحيح الأوّل الذي بيان سعة ملكه في
القرآن حسبما يُستفاد من التأريخ إنّما هو الإسكندر الرومي ...».
فالسيّد علي الحائري
يميل إلى أنّه الإسكندر الرومي ، ويرى نشوان
__________________
الحِميري أحد علماء القرن السادس الهجري (ت ٥٧٣ هـ) أنّه واحدٌ من التبابعة
إذ يقول «وتُبَّع واحد التبابعة من ملوك حِمير ، وسمّي تُبّعاً لكثرة أتباعه ، وقيل
: سُمّوا تبابعة لأنّ الآخر منهم يتبع الأوّل في المُلك ، وهم سبعون تُبّعاً ملكوا
جميع الأرض ومَن فيها من العرب والعجم ، قال لبيد بن ربيعة الكلابي :
فإن تسألينا
فِيم نحن فإنّنا
|
|
عصافيرُ من
هذا الأَنامِ المُسَحَّرِ
|
عبيدٌ لحيِّ
حِمير إنْ تملّكوا
|
|
ويظلمنا
عمّالُ كِسرى وقَيصَرِ
|
ونحن وهمُ
ملكٌ لحِمير عنوةٌ
|
|
وما إنْ لنا
من سادة غيرَ حميرِ
|
تبابعةٌ
سبعون من قبلِ تُبَّع
|
|
تولّوا
جميعاً أزهراً بعد أزهرِ
|
وقال النعمان بن
بشير :
لنا من بني
قحطان سبعون تُبّعاً
|
|
أطاعت لها
بالخرج منها الأعاجم
|
وقال عبد الخالق
بن أبي الطلح الشهابي :
نَعدُّ
تبابعاً سبعين منّا
|
|
إذا ما عَدّ
مكرمةً قبيلُ
|
ولكن تبّع الأوسط
منهم مؤمناً ، وهو أسعد تبّع الكامل بن ملكي كرب بن تُبّع الأكبر بن تُبّع الأقرن وهو
ذو القرنين الذي قال الله تعالى : (أَهُمْ
خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّع وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا
مُجْرِمِينَ) ، وكان من أعظم التبابعة ومن أفصح شعراء العرب ولذلك قال بعض العلماء فيه ،
ذهب
__________________
ملك تبّع بشعره ولولا ذلك ما قُدّم عليه شاعر من العرب ، ويقال : إنّه كان نبيّاً
مرسلاً إلى نفسه لما تمكّن في الأرض ، والدليل على ذلك أنّ الله تعالى ذكره عند ذكر
الأنبياء ، فقال : (وَقَوْمُ
تُبَّع كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ) ولم يُعلم أنّه أُرسِلَ إلى قوم تُبّع رسول غير تُبَّع وهو الذي نهى النبي
(صلى الله عليه وآله) من سبّه بقوله : (لا تسبُّوا تُبّعاً فإنّه كان قد أسلم) ، لأنّه آمن به قبل ظهوره بسبعمئة عام ، وليس ذلك إلاّ بوحي من الله عزَّ وجلّ
...
ومنهم : تُبّع الأقرن
وهو ذو القرنين الذي ذكره الله تعالى في كتابه في سورة الكهف بقوله : (وَيَسْأَلُونَكَ
عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً)وسُمَّي ذو القرنين
لأنه ولد وقرناه أشيبان وسائر شعر رأسه أسود وكان مؤمناً صالحاً».
وفي مكان آخر من
كتابه شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم قال نشوان بن سعيد الحميري : «الصّعب
: اسم ذي القرنين السيّار؛ قال لبيد :
لو كان حيٌّ
بالحياة مُخَلَّدا
|
|
في الدهر
خَلَّده أبو يكسوم
|
والصَعبُ ذو
القرنين أصبحَ ثاوياً
|
|
....................
|
وعن علي بن أبي
طالب وابن عمه عبد الله بن عباس رضياللهعنه : أنّ ذا القرنين السَيَّار ، هو الصعب بن عبدالله بن مالك بن زيد بن سدد بن
حِمير الأصغر ،
__________________
وقد أَوضحتُ في كتاب القاف أنّ ذا القرنين الذي بنى سدّ يأجوج ومأجوج هو تُبّع
الأقرن لأنّه ولِدَ وقرناه أشيبان فسمِّي الأقرن وذا القرنين ، وكان عبداً صالحاً عالماً
قد تمكَّّن في الأرض».
ولكن العلاّمة أبو
الكلام آزاد طرح رأياً مخالفاً لما مرّ من التأويلات عن شخصية ذي القرنين وتحديدها ، وقد
عرض لهذا الرأي السيّد سلمان عابد الندوي عرضاً مفصّلاً في كتابه تأمّلات في شخصية ذي القرنين دراسة تحليلية بقلم الأستاذ إمتياز علي عرشي في ضوء ما كتبه العلاّمة أبو الكلام
آزاد ، والرأي عنده أنّه
الملك قورش الفارسي وليس الاسكندر الرومي أو أحد التبابعة أو غيره ، وأنّ الرأي القائل
بأنّه الاسكندر المقدومي هو باطل لثبوت وثنيّته وعدم إيمانه بالله والبعث بعد الموت
، وأنّ هذا الأمر ـ أي تحديد شخصية ذي القرنين ـ أخذ مدىً واسعاً في الدراسات فقد :
«صنّف سير سيد أحمد خان رسالة تُسمّى إزالة الغين عن قصة ذي القرنين طبع في آجرة سنة (١٨٩٠ م) وأثبت فيها أنّ المراد بذي القرنين هو ملك الصين (جي
، وانك ، تي) الذي بنى جدار الصين وتُوفّي سنة (٢١ ق.م) ، ثمّ ألّف مولانا
__________________
عبدالحق الدهلوي رسالة تسمّى بـ : إزالة الرين عن قصة ذي القرنين ردّاً على رأي سير سيّد أحمد خان ، ومع نقده على رأي سيّد أحمد لم يقبل آراء
المفسّرين السابقة ، وأثبت أنّ ذا القرنين هو (تُبّع الحميري) والسدّ الذي بناه هو
ما يقع في جبل يورال».
عندما نطالع سورة
الكهف نجدها قد ذكرت أربع قصص هي :
١ ـ قصّة أصحاب
الكهف.
٢ ـ قصّة موسى و
(فتاه) أو العبد الصالح.
٣ ـ قصّة ذي القرنين.
٤ ـ قصّة صاحبي
الجنّة.
نجد أنّ مواقع أحداث
هذه القصص هي في شمال الجزيرة العربية ، فقصّة أصحاب الكهف وقعت في دولة الروم آنذاك
وحالياً هي الأردن ، وقصّة موسى في مصر أو شمال الجزيرة العربية ، فلابدّ وأن تكون
الثالثة كذلك من تلك المنطقة لأن عرب الجنوب لم يَتسنّى لهم السيطرة على العالم بهذه
الطريقة ، وأنّ جيوشهم لم تصل إلى أماكن بعيدة ، ويتبيّن أنّ تحديد شخصية ذي القرنين
بالملك قورش الفارسي قد أخذت بُعداً كبيراً عند المفسّرين الهنود لأنّ «أوّل من بحث
في الموضوع هو مولانا حكيم محمّد حسن النقوي المتوفّى سنة (١٢٢٣ هـ) في تفسيره بالفارسية
الموسوم بـ : معالمات
الأسرار ، ورأى أنّ المُراد بذي القرنين هو (قورش) مؤسّس الامبراطورية
الفارسية ،
__________________
وعلى حدّ قوله فإنّ هذا الرأي يتأيّد بما جاء في صحيفة دانيال وصحيفة
إشعياء ... ثمّ ألّف الحكيم نور الدين القادياني كتابه المسمّى بـ : تصديق براهين أحمدية وجاء بهذا الرأي بمزيد من التفصيل ، فقد استعرض قصّة رؤيا دانيال وتأويلها على
لسان جبريل وحاول تطبيقها على (قورش) وأثبتَ له صفة ذي القرنين».
وقبل أن نشرع في
عرض رأي أبي الكلام آزاد يتبيّن لنا أنّ المفسّرين الهنود يميلون إلى أنّه (قورش) الفارسي
، وأنّ نشوان بن سعيد الحِميري يؤكّد على أنّه من اليمن كما مرّ بنا سواء أكان هو الصّعب
أو من التبابعة.
كانت رؤيا دانيال
هي من حَفّز الباحثين على أنّ ذا القرنين هو نفسه (قورش) وكذلك «لا ينبغي أن ننسى أنّ
(قورش) كان من متّبعي مذهب (مزديستا) أي الدين الزرادشتي ، وهذا أمرٌ له أهمّية خاصّة
في العلاقة التي كانت بين الفارسيّين والإسرائيليّين ، فمن المعلوم أن الوثنية كانت
عامّة شاملة في العالم كلّه لم يشذّ عنها إلاّ فئتان إثنتان : اليهود والزرادشتيّون
، وأنّ (قورش) هو منقذ اليهود من السبي البابلي ، فقد بعثه الله لإنقاذ بني إسرائيل
ممّا كانوا من البلاء العظيم ... فقورش لقّب في كلام أشعياء النبي براعي الله
ومسيحه ... وما دام الأمر كما ذُكر فطبيعة الحال تقتضي المقصود في سؤال اليهود عن ذي
القرنين».
__________________
وفي هذه الحالة
فإنّ (قورش) الذي كان من أتباع الديانة الزرادشتية لم يكن نبيّاً بل كان ملكاً صالحاً
«ومعلّماً أخلاقيّاً يؤسّس ـ خلافاً لما كانت عليه الملوك والحكومات من الأخلاق والسيرة
ـ إمبراطورية جديدة على أخلاق سياسية جديدة» ، وأصحاب الكهف كانوا من الصالحين وكذلك الفتى الذي رافق موسى كان من الصالحين
، فسورة الكهف هنا تقصّ علينا قصصاً ثلاثة لمجموعة من الناس الصالحين الذين دعانا القرآن
إلى الاعتبار بقصصهم.
ويحدّد أبو الكلام
آزاد الأماكن التي دخلها ذو القرنين (قورش) منها فتح بابل وتحرير اليهود بعد سبعين
سنة من السبي في زمن بخت نصر سنة (٥٤٥ ق.م) بطلب من أمراء بابل وشخصيّاتها بأن يقدم
إلى مدينتهم ويُنجّيهم من عسف الملك بيل شازار الذي خلف بخت نصر. ومن المناطق التي فتحها (قورش) مناطق شمال إيران التي تتاخم
الجبال الشمالية الفاصلة بين بحر الخزر والبحر الأسود أي بلاد القوقاز ، ومن ثمّ أمر
ببناء سدّ حديدي هناك.
والآية القرآنية
تشير إلى تمكينه بالأرض في قوله تعالى : (اِنَّا
مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيء سَبَباً) ، وهذا يذكّرنا بقوله تعالى :
__________________
(وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا
لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ).
وعندما يذكر أنّ
(قورش) من أتباع الديانة الزرادشتية فإنّ تلك الديانة كانت مقبولة عند كثير من علماء
المسلمين ، بل أنّ شيخ الإشراق شهاب الدين السهرودي في كتابه حكمة الإشراق كان يعدّ
زرادشت نبيّاً ، بل تمّت معاملة الزرادشتيّين معاملة أهل الكتاب.
ولكن هذا لا يعني
أنّ الموضوع قد تمّ حسمه تماماً ، فهي آراء فيها الراجح وفيها غير الراجح.
__________________
المصادر
*
القرآن الكريم
١
ـ تأمّلات فى شخصية ذي القرنين : لسلمان عابد الندوي ، طبع مؤسّسة الرسالة ، بيروت ـ سوريا ، ط٢ ، سنة ١٩٨٩.
٢
ـ تفسير مقتنيات الدُرر وملتقطات الثمر : للسيّد علي الحائري الطهراني ، تحقيق السيّد محمّد وحيد الطبسي الحائري ، مراجعة
وتدقيق محمّد تقي الهاشمي ، مؤسّسة دار الكتاب الإسلامي قم سنة ٢٠١٢.
٣
ـ الحُمس من قبائل العرب : مجلّة التراث العربي الصادرة عن اتّحاد الكتاب العربي بدمشق ، العدد ٨١ ـ ٨٢.
٤
ـ ديوان لبيد بن ربيعة العامري : دار صادر ـ بيروت.
٥
ـ شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم : لنشوان بن سعيد الحميري (ت ٥٧٣ هـ) ، تحقيق : الدكتور حسين العمري ومطهَّر بن
علي الأرياني ، والدكتور محمّد ابن عبد الله ، نشر دار الفكر المعاصر ، بيروت ، ودار
الفكر في دمشق ، ط١ ، سنة ١٩٩٩.
٦
ـ عشائر كربلاء وأُسرها : سلمان هادي آل طعمة ، دار المَحجّة البيضاء ، بيروت سنة ١٩٩٧.
٧
ـ فروق اللغات في التمييز بين مفاد الكلمات : للسيّد نور الدين بن نعمة الله الجزائري ، حقّقه وشرحه الدكتور محمّد رضوان
الداية ، مكتب نشر الثقافة الإسلامية ، طهران ، سنة ١٤١٥ هـ.
٨
ـ مسند أحمد بن حنبل : لأحمد بن حنبل ،
دار صادر بيروت د. ت.
٩
ـ معجم الفروق اللغوية الحاوي على كتاب أبي هلال العسكري وكتاب السيّد نور الدين الجزائري
: تحقيق : مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم ، سنة ١٤٣٦ هـ.
١٠
ـ معجم المؤلّفين : عمر رضا كحالة ،
مؤسّسة الرسالة ، ط١ ، سنة١٩٩٣.
١١
ـ نقباء البشر في القرن الرابع عشر ، ضمن كتاب طبقات أعلام الشيعة (القسم الرابع من
الجزء الأوّل) : للشيخ آقا بزرك
الطهراني مطبعة الآداب ، النجف الأشرف سنة ١٩٦٨.
تراجم علماء
البحرين وكتبهم ومكتباتهم
من كتاب (الفوائد الطريفة)
للعلاّمة عبد الله
الأفندي الأصفهاني
(١٠٦٧ هـ ـ ١١٣١ هـ)
(٣)
|
|
عبد العزيز علي آل عبد العال القطيفي
لقد قلنا في القسم
الأوّل من مقالتنا هذه أنّ العلاّمة عبد الله الأفندي (١٠٦٧ هـ ـ ١١٣١ هـ) كتب كتابه
هذا فيما يبدو في مراحل زمنية مختلفة، لعلّ آخرها هو ما أشار إليه في الصفحة
(٥٨١) وهو سنة (١١٣١ هـ)
، وقد اهتمّ فيه بالحديث عن الكتب الفريدة ، والنسخ العزيزة ، والتصحيح على الأخطاء
التي وقع فيها المؤلّفون في نسبة الكتب ، وكذلك التعريف بالأعلام ، وذكر الإجازات ،
وهذا الكتاب عبارة عن مسوَّدة لم تخرج إلى التبييض لذلك لم تذكره المصادر ولم تنتشر
نسخه ، ولم يعْطِ مؤلّفه له اسماً ، واسمه هذا (الفوائد الطريفة) انتخبه المحقّق السيّد مهدي الرجائي استطراداً لما هو المستفاد
من مجموع الكتاب ، وقد طبع من قبل مكتبة آية الله المرعشي النجفي الطبعة الأولى (١٤٢٧
هـ) ، وهي طبعة كثيرة التصحيف ، مليئة بالأخطاء المطبعية.
في القسم الأوّل
من هذه المقالة تناولنا تراجم علماء البحرين ونستأنف البحث في تكملة تلك التراجم.
١ ـ الشيخ محمّد
بن علي بن إبراهيم ابن أبي جمهور الأحسائي : وجد الأفندي اسمه هكذا على النصف الآخر
من شرح تهذيب
الأصول للسيّد ضياء الدين بن الأعرج : محمّد بن علي بن إبراهيم بن
حسن بن إبراهيم بن جمهور الأحساوي أصلاً الشيباني قبيلة. وذكره الشيخ سليمان الماحوزي في ترجمة الشيخ أحمد بن عبد
الله بن متوّج معتمداً على كتابيه عوالي اللئالي ودرر اللآلي العمادية. تتلمذ على استاذ علماء عصره الشيخ الفاضل يوسف بن حسين
بن أُبي الخطّي القطيفي. ذكر في عوالي اللئالي طرقه السبعة في أسناده وروايته في هذا الكتاب ، فالطريق الأوّل : عن والده أبو
الحسن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي عن مشايخه. الطريق الثاني : عن السيّد
محمّد بن كمال الدين موسى الموسوي عن مشايخه. الطريق الثالث : عن الشيخ حرز الدين الأوالي
عن مشايخه. الطريق الرابع : عن السيّد محمّد بن شهاب الدين أحمد الموسوي الحسيني عن
مشايخه. الطريق الخامس : عن الشيخ حسن بن عبد الكريم الفتّال عن مشايخه. الطريق السادس
: عن علي بن هلال الجزائري عن مشايخه. الطريق السابع :
__________________
عن الشيخ عبد الله بن علاء الدين فتح الله ابن المولى العلي رضي الدين عبد
الملك بن شمس الدين إسحاق بن رضي الدين عبد الملك بن محمّد بن محمّد بن فتحان الواعظ
الكاشاني عن جدّه رضي الدين عبد الملك عن مشايخه. ومنها ما رواه في الطريق الثالث من الطريق السابع من طرقه
بالإسناد المتّصل المذكور اسناده بطريق العنعنة ممّا لا تدخل فيه الإجازة
والمناولة ، حيث يبدأه بوالده الشيخ أبو الحسن علي عن جدّه الشيخ إبراهيم عن مشايخه
إلى الإمام المعصوم عليهالسلام.
قال في درر اللآلي العمادية في
الأحاديث الفقهية ، الذي ألّفه بعد
عوالي
اللئالي ، بأنّه يروي إجازة عن الشيخ حسن بن عبد الكريم الفتّال ،
عن الشيخ جمال الدين حسن ابن الشيخ المرحوم المغفور حسين بن مطهّر الجزائري. ويروي إجازة عن الشيخ علي بن هلال الجزائري ، عن شيخه
جمال الدين حسن الشهير بابن العشرة الكركي عن الشهيد الأوّل. ويروي إجازة عن الشيخ عبد الله بن علاء الدين فتح الله
ابن المولى العلي رضي الدين عبد الملك بن شمس الدين إسحاق بن رضي الدين عبد الملك بن
محمّد بن محمّد بن فتحان الواعظ الكاشاني عن جدّه رضي الدين عبد الملك
__________________
ابن شمس الدين إسحاق القمّي.
وهذه ترجمة الشيخ
ابن أبي جمهور رآها الأفندي في صدر بعض الرسائل لبعض متأخّري علمائنا بالفارسية ، وفيها
بيان مناظرات جماعة من علماء الشيعة مع العامّة في الإمامة ، ومنهم ابن أبي جمهور. ولإئتمام الفائدة أرسلتها إلى الشيخ الفاضل الأستاذ شاكر
بن ..... الناصر الآجامي ، وهو أحد فضلاء الحوزة العلمية في القطيف ، وهو يتقن اللغتين
الفارسية والإنجليزية كتابة ومخاطبة ، فقام مشكوراً بترجمة القسم المتعلّق بالشيخ ابن
أبي جمهور ، وهذا نصّ الترجمة :
الشيخ محمّد بن
علي بن أبي جمهور الأحسائي ، فضائله مشهورة بين الناس ومعدود من علماء الإمامية.
مولده الشريف كان
في الإحساء ، علومه وكمالاته لا حصر لها ، درس العلوم المتداولة على يد العلماء في
بلاده وفاقهم. بعد ذلك سافر إلى العراق وحضر مدّة طويلة عند علمائها وخصوصاً الشيخ
الفاضل شرف الدين حسين ابن عبد الكريم الفتّال ، الذي كان مجاوراً للمشهد الغروي وخادماً
له.
وبعد ذلك وفي عام
(٨٧٧ هـ) عزم على زيارة بيت الله الحرام وزيارة روضة سيّد الأنام وأئمّة البقيع عليهمالسلام ، وذلك من طريق
الشام ، وفي أثناء الطريق أقام شهراً في كرك نوح وحضر لدى الشيخ علي بن هلال الجزائري
، وفي
__________________
ذلك الشهر كان يستفيد في كلّ وقت من محضر ذلك الشيخ المبجّل.
وبعد أن فرغ من
الحجّ والزيارة رجع إلى بلاده وبقي هناك أمداً قصيراً ثمّ شدّ الرحال إلى بغداد لزيارة
العتبات المقدّسة في العراق ، وبعد ذلك توجّه إلى خراسان لزيارة الإمام الرضا عليهالسلام ، وفي الطريق كتب
رسالة في أصول الدين سمّاها (زاد
المسافرين).
وفي المشهد الرضوي
المقدّس صحب السيّد النقيب المير محسن بن محمّد الرضوي ، وفي سنة (٨٧٨ هـ) ، وبطلب
من هذا السيّد كتب شرحاً لتلك الرسالة وسمّاه كشف البراهين.
ولمّا وصل خبر قدوم
الشيخ على علماء السنّة في هرات جاء أحدهم إلى مشهد وكان بارعاً في شتّى العلوم ، ومع
أنّ ذلك الزمان كان زمان تقيّة لكن الشيخ ناظره في ثلاثة مجالس وغلبه وقطع حجّته.
وقد كتب الشيخ رسالة
في بيان مجالسه مع ذلك الفاضل الهروي ولكون تلك الرسالة قلَّما تقع في الأيدي نذكر
وصفاً لأحد المجالس.
في أحد الأيّام
جمع السيّد محسن المذكور بعض الطلبة والسادة على ضيافة وكان الملاّ الهروي حاضراً معهم
الخ ...
قال الأفندي : في
ذيل تلك الرسالة لم يذكر بياناً لأيّ ممّا وعد بذكره ، مثل شرح أحوال ملوك المشعشعين
، ومثل حكاية تشيع السلطان ميرزا اسفنديار ملك بلاد العرب ، ولذلك أعتقد أن تلك التراجم
الشخصية أخذت من كتاب مجالس
المؤمنين للقاضي نور الله الشوشتري ووضعت في المقدّمة
فلاحظ.
ووجد الأفندي مجموعة
عتيقة عند قاضي أصفهان السيّد محمّد كلّها بخطّ ابن أبي جمهور الأحسائي وهي من مؤلّفاته
، ومن جملتها :
أ
ـ نسخة الوسيلة إلى الله المعروفة بالكشمروية ، قد نقلها من كتاب النهج
القويم في مناجات القديم ، تأليف الشيخ الأجل شرف الدين حسين بن تغلب الأوالي رحمهالله.
ب
ـ شرحه على الألفية الشهيدية بخطّه ، وخطّه سهل. قال الأفندي : وهذا الشرح كثير الفوائد ، مشتمل على مسائل لطيفة
غريبة.
ج
ـ كتاب طويل الذيل جدّاً في أحكام الصلوات وواجباتها وسننها وآدابها بخطّه أيضاً ، لبعض من تأخّر عن الشهيد ، كثير الفوائد جدّاً ، وعليه
تعليقات كثيرة من السيّد ومن غيره من العلماء.
د
ـ كتاب في الفقه إلى أواخر الحجّ
بخطّه أيضاً ، ولم يعلم مؤلّفه ، وعلى النسخة تعليقات كثيرة من السيّد وغيره من الفضلاء
، قال الأفندي : وقد يظنّ أنّ كلا الكتابين أيضاً من مؤلّفات ابن أبي جمهور نفسه ،
ففيه تأمّل.
ومن مؤلّفاته كذلك
:
كتاب جامع الجمع في الكلام ، يقرب من خمسة عشر ألف بيت.
__________________
وكتاب شرح فيه ألفية الشهيد ، وهو شرح كبير قد سمّاه الفوائد الجامعية في شرح
الرسالة الألفية ، سمّاه بذلك لأنّه
ألّفه في جامع الكوفة. وأورد له الأفندي فائدة منتخبة من كتابه درر اللئالي العمادية في الأحاديث الفقهية ببعض طرقه في الرواية. ثمّ أورد فوائد حول درر اللئالي
العمادية في الأحاديث الفقهية
، وهو كتاب في الفقه المدلّل ، تكلّم فيه على كلّ حديث ، وهو جزءان. وقال إنّه رأى منه نسخاً ، منها : نسخة في استراباد ،
جيّدة حسنة ، ومن كتب المرحوم مولانا محمّد حسين الأردبيلي. ونسخة أخرى في البحرين عند السيّد هاشم البحراني ، لكن
الجزء الثاني منه لم يكتب عنوان مباحثه ، وقد أورد فيه مقدّمة في ذكر أخبار مفيدة ،
وفي آخره خاتمة أيضاً في ذكر أخبار لطيفة في أصول الدين والأخلاق وما يناسب ذلك. وقد
أورد في كلّ بحث من مباحث كلا الجزأين أبواب الزيادات على طريق التهذيب للشيخ الطوسي ، ومن هذه الجهة قد تشوّش أكثر مباحثه ، ويحتاج إلى المراجعة ،
وتكرّر الملاحظة ، وعمدة أخبارها في الفقه نقلها هو عن كتاب المختلف والتحرير للعلاّمة ، وإيضاح
القواعد لولده الشيخ فخر الدين ، وإنّما سمّاه بالعمادية لأنّه ألّفه
للسادة كمال الدين ، والسيّد عماد الدين ، والسيّد كمال الدين ، ابن عماد الدين علي
، وفرغ من تأليفه
__________________
بإسترآباد ، وكان تاريخ النسخة الأولى المبيضة من المسوّدة إحدى وتسعمائة. ورأى الأفندي في قرية القارة من قرى الأحساء ، وهي قرية
قريبة من قرية ابن أبي جمهور [التيمية] ، في جملة كتب سلسلة السبل عدّة كتب من مؤلّفاته
، وكتباً أخر من مؤلّفات غيره ، وكانت بخطّه الشريف ، وخطّه متوسّط ، من جملتها : النصف
الأوّل من شرح
تهذيب الأصول للعلاّمة
للسيّد ضياء الدين الأعرج الحسيني ، ومنها : النصف الآخر من شرح تهذيب الأصول للسيّد
ضياء الدين الأعرج ، وكان نسبه ـ قدّس سرّه ـ في آخر النسخة هكذا : محمّد بن علي بن
إبراهيم بن حسن بن إبراهيم بن جمهور الأحساوي أصلا الشيباني قبيلة ، وقد كتب بالعراق
في الحلّة السيفية في المدرسة الزينبية ، المجاورة بمقام صاحب الزمان ، في شهر صفر
سنة ثلاث وثمانين وثمان مئة. قال الأفندي : ويظهر منه ومن غيره أنّه ابن أبي جمهور
الأحسائي ، لا ابن جمهور كما هو المشهور. وانتخب الأفندي له من كتاب عوالي اللئالي ، طرقه السبعة في أسناده ورواياته لما ذكره في هذا الكتاب ، وفي ما رواه بطريق
الأسناد المتّصل المعروف بالعنعنة ممّا لا تدخل فيه الإجازة والمناولة. وأورد الأفندي قطعة من أوائل البحار في بيان الأصول التي أخذ منها الشيخ المجلسي كتابه هذا ، فقال : وكتاب غوالي اللئالي ونثر
__________________
اللئالي ، كلاهما تأليف الشيخ الفاضل محمّد بن جمهور الأحساوي ، ولديه تأليفات أخرى
قد نرجع إليها ونورد منها. وقال المجلسي : وكتاب غوالي اللآلي وإن كان مشهوراً ومؤلّفه في الفضل معروفاً ، لكنّه لم يميّز القشر من
اللباب ، وأدخل أخبار متعصّبي المخالفين بين روايات الأصحاب ، فلذا اقتصرنا منه على
نقل بعضها. ومثله كتاب
نثر اللآلي ، وكتاب جامع الأخباروفي بيان الرموز التي وضعها للكتب في كتابه البحار ، قال : غو : لغوالي
اللآلي ، والنثر لا يحتاج إلى الرمز ، جع : لجامع الأخبار. وفي فهرست كتاب الإجازات من كتاب البحار للمجلسي ، ذكر صورة إجازته للسيّد الفاضل السيّد محسن الرضوي ـ رحمهما الله
ـ مع ذكر الطرق السبعة في أوّل كتاب غوالي اللآلي له قدّس سرّه. وصورة إجازته للشيخ ربيعة بن جمعة رحمهما الله. وصورة استجازة السيّد حيدر الكركي عن مشايخ عصره ، مع ذكر
بعض طرقه إلى ابن أبي جمهور الأحسائي رضي الله عنه. وأورد الأفندي صورة لرواية السيّد حسين بن حيدر الحسيني
العاملي لبعض كتب الفقه والحديث ، وفيها : أنّ الشيخ نور الدين النسّابة ، قد روى عن
جمع ،
__________________
منهم : شيخنا الشيخ عبد العالي ، والسيّد الأمير محمّد مهدي ، عن والده ، عن
الشيخ محمّد بن جمهور بجميع رواياته ومصنّفاته. ورأى الأفندي في صدر بعض الرسائل لبعض متأخّري علمائنا
بالفارسية ، بيان مناظرات جماعة من علماء الشيعة مع العامّة في الإمامة ، كابن جمهور
الأحساوي ، وهشام ابن الحكم ، والشيخ المفيد ، وغيره ، ثمّ أورد عبارتها في أوّل الرسالة
، وهي باللغة الفارسية. وقد أوردت ترجمتها فيما مضى.
٢ ـ الشيخ محمّد
بن عبدالله السماهجي القراوي البحراني : قرأ على قاضي البحرين السيّد جعفر بن عبد الرؤوف
بن حسين بن محمّد الحسيني الموسوي كتاب البيان للشهيد وكتب له عليه إجازة ، وهو جدّ المرحوم الشيخ محمّد الطهراني المعاصر
للأفندي ، والكتاب رآه الأفندي في البحرين.
ابن ناصر بن علي
بن خميس بن عيينة البحراني الهذلي محتداً وأصلا : طالع نسخة من نهج البلاغة عتيقة جدّاً كتبت سنة تسع وستّين وسبع مئة ، وقد طالعها الشيخ محمّد سنة خمس
وسبعين وتسع مئة.
٣ ـ الشيخ محمّد
بن موسى بن محمّد الحسني [الأحسائي] : يحتمل كثيراً أنّه ابن عمّ السيّد محمّد بن أحمد
بن محمّد الحسيني الأحسائي الذي مرّت ترجمته لأنّهما يحملان نفس اسم الجدّ والعائلة
، ولأنّ الشيخ يوسف
__________________
ابن أُبَي أجازهما معاً على نسخة من كتاب الدروس في عبارة واحدة ، ثمّ أعقبها بإجازة للشيخ شمس الدين محمّد بن خميس بن راشد
وكان ذلك في الثاني من محرّم سنّة ستّين وثمان مئة ، وسوف تأتي في ترجمة الشيخ يوسف
ابن أبَي القطيفي ، وقد أجاز السيّد محمّد بن موسى ابن عمّه السيّد محمّد بن أحمد إجازة
على ذات الكتاب وهذه صورتها : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى
الله على محمّد وآله الطاهرين ، وبعد : فقد أجزت السيّد الجليل الحسيب النسيب محمّد
بن أحمد الحسيني ، رواية كتاب الشرائع من تصانيف الشيخ المحقّق نجم الدين بن سعيد على وفق ما قرأته وأجيز لي فيه ،
وكذلك أجزت له رواية كتاب الإرشاد للعلاّمة جمال الدين ـ قدّس الله روحه ـ على وفق ما قرأته وأجيز لي فيه ، فليروها
لمن شاء وأحبّ ، فهو أهل لذلك ، وكذلك أجزت له رواية الجوامع للإمام العالم
الطبرسي ، على وفق ما أجاز لي السعيد المرحوم محمود بن أمير حاج ، فليرو ذلك لمن شاء
وأحبّ ، فو أهل لذلك ، وكان ذلك ثالث عشرين شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وستّين وثمان
مئة ، وكتب العبد الضعيف إلى رحمة الله السيّد محمّد بن موسى الحسيني ، حامداً مصلّياً
على نبيّه وآله. وهو على هذا مجاز من السعيد المرحوم محمود بن أمير حاج. وعلى هذا يكون
اسمه ونسبه محمّد بن موسى بن محمّد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمّد ابن جعفر
بن علي بن محمّد بن إبراهيم بن عبد الله بن أحمد بن موسى بن حسين بن إبراهيم بن حسن
بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن موسى بن
محمّد بن أحمد بن موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام.
٤ ـ الشيخ محمّد
بن [!] بن الشيخ محمّد بن عبد الله السماهيجي القراوي البحراني الطهراني : ذكره الأفندي
ضمن ترجمة جدّه وقال بأنّه معاصر له لكنّه دعا له بالرحمة من الله.
٥ ـ محمّد بن يوسف
بن محمّد بن قايد موفّق الدين البحراني الإربلي : هو الشاعر الفاضل الشافعي الشيخ أبو
عبد الله ، الملقّب موفّق الدين الإربلي أصلا ومنشأً ، والبحراني مولداً ، الشاعر المشهور.
قال ابن خلّكان في تاريخه : كان إماماً مقدّماً في علم العربية ، متّفنّناً في أنواع
الشعر ، ومن أعلم الناس بالعروض والقوافي ، وأحذقهم بنقد الشعر ، وأعرفهم بجيّده من
رديّه ، وأدقّهم نظراً في اختياره ، واشتغل بشيء من علوم الأوائل ، وحلّ كتاب إقليدس ، وبدأ نظم الشعر وهو صبيٌّ صغير بالبحرين جرياً على عادة العرب قبل أن ينظر
في الأدب. وهو شيخ أبي البركات المستوفي ، صاحب تاريخ إربل ، وعليه اشتغل هو بعلوم الشعر ، وبه تخرّج ، وقد ذكره في تاريخه وعدّد فضائله
، وقال : كان شيخنا أبو الحرم مكّي الماليني النحوي ، يراجعه في كثير من المسائل المشكلة
في النحو ، وكان يرجع إليه ، ومدح السلطان صلاح الدين بقصيدة طويلة ، وله ديوان شعر
جيّد ، ورسائل حسنة ، وكان في الشعر من طبقة معاصريه ، ومن شعره قصيدة مدح بها زين
الدين أبا المظفّر يوسف بن زين الدين صاحب إربل.
__________________
وكان أبوه من إربل وصنعته التجارة وكان يتردّد إلى البحرين ، ويقيم بها مدّة لتحصيل اللئالي من
المغاصات أسوة بالتجّار ، فاتّفق أن ولد له هناك الموفّق أبو عبد الله ، ثمّ انتقل
إلى إربل ، فنسب إلى البحرين لهذا السبب. وله معنى لطيف مليح في غلام إسمه السهم وقد
التحى :
قالو التحى
السهم قلت حصّن
|
|
حشاك فالآن
لا يطيش
|
فالسهم لا
ينفذ الرمايا
|
|
إلاّ إذا كان
فيه ريش
|
وتوفّي في ليلة
الأحد ثالث شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانى وخمس مئة بإربل ، ودفن بمقبرة أهل قبلي البست.
٦ ـ الشيخ مفلح
بن حسن الصيمري : من فضلاء علماء عصره. له كتاب شرح الموجز لابن فهد الحلّي ، مدح هذا الشرح جماعة من علماء عصره ، كلّ واحد بأبيات وقصائد
جياد ، بل قد مدحه نفسه أيضاً بأبيات ، وممّن مدحه : ولده العلاّمة الشيخ جمال الدين
حسين بن مفلح ، والشيخ الفقيه الورع شمس الدين محمّد بن أحمد الأحسائي ، والفقيه التقي
المرحوم السعيد ناصر الدين ناصر بن عبد الحسين السماهيجي الغراوي البحراني ، وقد
رأى الأفندي تلك القصائد كلّها في آخر الشرح المذكور في البحرين. والشيخ مفلح من المعاصرين للشيخ حرز بن حسين البحراني. ووجد
__________________
الأفندي بخطّه تدقيق لفظ الشهيفينة التي تحمل اسم الشاعر الشيخ علي
الشهيفينة فقال : والشهيفينة على ما وجدته بخطّ الشيخ مفلح قد كان بالشين المعجمة ،
ثمّ الهاء ، ثمّ الياء المثنّاة التحتانية ، ثمّ الفاء ، ثمّ ياء التحتانية ، ثمّ
النون ثمّ الهاء. وهو خلاف المشهور.
٧ ـ الشيخ موسى
بن محمّد بن علي بن أبي جمهور الأحسائي : رأى الأفندي خطّه الذي كان متوسّطاً ، واسمه
على ظهر رسالة
أبي غالب الرازي إلى ابن ابنه أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمّد ، في مجموعة عتيقة جدّاً
في البحرين وفيها مجموعة من الرسائل والكتب.
٨ ـ ميثم بن علي
بن ميثم البحراني : ذكر الشيخ زين الدين أبي محمّد علي بن محمّد بن يونس العاملي البياضي
النباطي ، في أوائل كتاب الصراط
المستقيم إلى مستحقّي التقديم ، مقدّمة في ذكر شيء من الكتب التي عثر عليها وأضاف ما نقله إليها ، فعدّ منها
: شرح
نهج البلاغة لابن ميثم
البحراني. وفي التعداد ذكر كتاب البدع لأبي القاسم الكوفي ، فكتب الأفندي ملاحظة تحته قال فيها : وأخطأ من نسبه إلى
ابن ميثم البحراني شارح نهج
البلاغة ، ويعرف هذا الكتاب بالإستغاثة في بدع الثلاثة ، وتارة بالإغاثة
في بدع الثلاثة ، فلا تغفل. وذكر الأفندي قطعة من أوائل البحار للعلاّمة
__________________
المجلسي في بيان الأصول والكتب المأخوذ منها ، فعدّ منها : كتاب شرح نهج البلاغة ، وكتاب الإستغاثة
في بدع الثلاثة ، للحكيم المدقّق
العلاّمة كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني ، فعقّب الأفندي على ذلك في الهامش
قائلا : وقد يقال : إنّه كتاب الإغاثة
في بدع الثلاثة ، ونسب بعض العلماء
هذا الكتاب إلى أبي القاسم علي بن أحمد الكوفي الغالي ، والظاهر كونه كذلك ، فإنّه
قد ذكره أصحاب الرجال على ما قالوه : غال ملعون ، والأصحاب قد عوّلوا على الكتاب المذكور
، فكيف يجوز ذلك حينئذ؟! ثمّ انتسابه إلى الشيخ كمال الدين ميثم البحراني كما في المتن
ممّا قد قاله غيره أيضاً ، ولي في ذلك تأمّل ، لأنّه صدّر بعض أخباره هكذا : حدّثنا
علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب الخ. ولا شكّ أنّ الشيخ
كمال الدين كان عاصر المحقّق خواجه نصير الطوسي ، وعلي بن إبراهيم من مشايخ الكليني.
وبالجملة النسخة التي رأيناها قد كانت في ملكنا ثمّ تلفت ، وكان سند بعض أخباره في
بحث آية المودّة هكذا ، فلعلّ بهذا الاسم كتابين أحدهما له فتأمّل ، بل أحدهما كتاب
الإغاثة ، والآخر كتاب الإستغاثة. ويقول الأفندي تحت عنوان فائدة في تحقيق حول كتاب الإغاثة في بدع الثلاثة : يظهر من مطاوي كتاب الإغاثة في بدع الثلاثة ، للسيّد أبي القاسم الكوفي العلوي
المعاصر للصدوق ونظرائه ، أنّ له مؤلّفات أخر ، منها : ... ثمّ إنّ المشهور أنّ كتاب
الإغاثة المشار إليه قد كان من مؤلّفات ابن ميثم البحراني شارح نهج البلاغة ،
__________________
والمعاصر للمحقّق ، وهو غلط واضح ، لأنّ مؤلّفه كما صرّح في مطاوي هذا
الكتاب نفسه أيضاً بأنّه يروي عن الصادق عليهالسلام بأربع وسائط ، وقد
يروي عن جماعة من مشايخ الثقات ، وهم : جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي عن أحمد بن الفضل
، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليهالسلام ، فهو من الأقدمين لا من المتأخّرين. ثمّ لا يخفى أنّ هذا الكتاب مع صغر حجمه
مشتمل على جزأين ، وبعض الكتّاب قد يكتفون بكتابة الجزء الأوّل منه ، فقد يظنّ أنّ
ذلك الكتاب هو بهذا المقدار ، بل قد يظنّ أنّ الجزء الثاني من كتاب آخر ونظير ذلك قد
وقع في كتب أخرى ، منها كتاب إرشاد
القلوب للديلمي. ومن قبيل هذا الرأي رأي للشيخ سليمان الماحوزي الذي ذكر
الأفندي في فهرست مؤلّفاته بحسب ما رآه في آخر بعض مصنّفاته ، رسالة في أنّ كتاب الإستغاثة في بدع الثلاثة ليست للشيخ ابن ميثم البحراني.
أورد الأفندي فائدة
من درر اللئالي العمادية في الأحاديث الفقهية ، للشيخ محمّد بن علي بن أبي جمهور الأحسائي
يذكر فيها طرق روايات أستاذه حسن بن عبدالكريم الفتّال ، الذي تنتهي طرقه لجمال المحقّقين
حسن ابن المطهّر الحلّي رحمه الله ، الذي له في ذلك طرق ، ومنها : أنّه يروي عن
العالم الكامل ، محقّق العلوم للمتقدّمين ، والمتأخّرين ، ومكمّل مباحث
__________________
الحكماء والمتكلّمين ، منهاج السالكين ، ومعراج الواصلين الشيخ كمال الملّة
والدين ، ميثم بن علي البحراني ، عن الشيخ المتبحّر علي بن سليمان البحراني ، عن الشيخ
كمال الدين بن سعادة البحراني ، عن نجيب الدين السوراوي ، عن ابن رطبة ، عن أبي علي
، عن أبيه الشيخ أبي جعفر. وذكره الشيخ محمّد بن أبي جمهور الأحسائي في الطريق السابع
من أسناده ورواياته لما أورده من أحاديث وروايات في كتاب عوالي اللئالي ، بأنّه يروي عن المولى رضيّ الدين عبد الملك بن شمس الدين إسحاق بن رضي الدين
عبد الملك بن شمس الدين إسحاق بن رضيّ الدين عبد الملك بن محمّد الواعظ القمّي ، الذي
ينتهي طريقه لجمال المحقّقين العلاّمة حسن بن المطهّر الحلّي رحمه الله ، والتي منها
: أنّه رحمه الله يروي عن الشيخ العالم الكامل ، محقّق علوم المتقدّمين والمتأخّرين
، ومكمّل علوم الحكماء والمتكلّمين ، الشيخ كمال الدين ميثم بن علي البحراني ، عن الشيخ
علي بن سليمان البحراني ، عن الشيخ كمال الدين بن سعادة البحراني ، عن الشيخ نجيب الدين
محمّد السوراوي ، عن ابن رطبة ، عن أبي علي ، عن أبيه الشيخ أبي جعفر. وقال السيّد القاضي نوّر الله في حواشي كتابه الموسوم بمصائب
النواصب : إنّ من جملة مشايخ السيّد الشريف هو الشيخ العالم العارف الكامل ، كمال الدين
ميثم البحراني ، وإنّ السيّد الشريف نفسه قد صرّح بذلك في مواضع من
__________________
مؤلّفاته ، منها : في شرح المفتاح ، وأنّ ابن ميثم هذا هو صاحب الشروح
الثلاثة على نهج البلاغة ، ومؤلّف الكتاب الكبير الموسوم بالقواعد في الحكمة والكلام. انتهى ملخّصاً.
قال الأفندي : لي
في ذلك تأمّل ، لأنّ ابن ميثم هذا لم يدركه السيّد الشريف ، فلاحظ. له كتاب شرح نهج البلاغة الصغير ، وقد نقل بعض أصحاب التعاليق على الشرح الصغير لابن ميثم البحراني على نهج
البلاغة عن القاضي مجد الدين علي بن باقي الحلّي وهو من علمائنا ،
أنّه قال في كتاب المنتخب من تصنيفه : إنّ النبي(صلى الله عليه وآله) قاطع أهل فدك على أربعة وعشرين ألف
دينار ، وبعث في فدك مولى له قيماً لفاطمة عليهاالسلام وأنحلها إيّاها. وقال الأفندي : رأيت بخطّ عتيق لبعض فضلاء أصحاب التعاليق
على الشرح الصغير لابن ميثم المذكور على شرح النهج عند نقله رحمهالله بعض أقاويل سفيان الثوري بهذه العبارة : سفيان الثوري هذا كان في شرطة هشام
بن عبد الملك ابن مروان ، ممّن شهد قتل زيد بن علي بن الحسين عليهالسلام ، فهو : إمّا أن يكون ممّن قتله ، أو أعان عليه ، أو خذله. وقد ألّف الشيخ مقداد كتاب تجويد البراعة
في شرح تجريد البلاغة لابن ميثم البحراني
، لأجل الوزير عزّ الدين الحسن بن أبي العيد ، من وزراء الدولة الأليخانية. أورد الأفندي فائدة في
__________________
تعريف شرح قصيدة البردة النبوية للبوصيري ، عند ذكر فضل علم البلاغة ، بأنّ
الشيخ زكي الدين عبد العظيم بن أبي الأصبغ ، ذكر في صدر كتابه التحرير أنّه وقف على أربعين كتاباً في هذا العلم أو بعضه قبل أن
يؤلّف كتابه المذكور ، ومنها كتاب التجريد للشيخ ابن ميثم البحراني. وقد رأى الأفندي في البحرين في مكتبة الشيخ سليمان الماحوزي
كتاب تفسير سورة
الفاتحة المعروف بإعجاز البيان في أمّ
القرآن للقنوي الصوفي المصري تلميذ محيي الدين ابن عربي ، فسّرها
على طريق الصوفية ، وهو كتاب طويل الذيل جدّاً ، وقد أشار الشيخ ميثم بن علي بن ميثم
في شرح إشارات أستاذه علي بن سليمان البحراني إلى مدح هذا الكتاب ومؤلّفه. وللشيخ ميثم كتاب القواعد ، وهو من الكتب التي قرأها الشهيد الثاني في كرك نوح عليهالسلام في ذي الحجّة سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة على يد المقدّس السيّد حسن ابن السيّد
جعفر مع جملة من العلوم الأخرى.
٩ ـ الشيخ ناصر
بن إبراهيم البويهي الأحسائي : ذكره الشيخ سليمان الماحوزي في رسالته مشايخ آل بابويه التي أوردها الأفندي بتمامها ، فقال : ومنهم الشيخ الفاضل ناصر بن إبراهيم البويهي
الأحسائي ، يروي عن الشيخ ظهير الدين محمّد بن الحسام ، توفّي سنة اثنتين وخمسين وثمان
مئة ، ذكره
__________________
الشهيد الثاني ـ عطّر الله مرقده ـ في شرح البداية في بحث السابق واللاحق.
قال الأفندي في الهامش : قال قدّس سرّه : وإن اشترك اثنان عن شيخ ، وتقدّم موت أحدهما
عن الآخر ، فهو النوع المسمّى السابق واللاحق ، وأكثر ما وقفنا عليه في عصرنا من ذلك
ستّة وثمانون سنة ، فإنّ شيخنا المبرور نور الدين علي بن عبد العالي الميسي والشيخ
الفاضل ناصر بن إبراهيم البويهي الأحسائي ، كلاهما يرويان عن الشيخ ظهير الدين محمّد
بن الحسام ، وبين وفاتيهما ما ذكرناه ، لأنّ الشيخ ناصر الدين البويهي توفّي سنة اثنتين
وخمسين وثمان مئة ، وشيخنا توفّي سنة ثمان وتسعمائة. انتهى (منه دام ظلّه).
ذكره العلاّمة المجلسي
في كتاب الإجازات من البحار ، الذي أورد الأفندي فهرسه ، وفيه : صورة إجازة الشيخ علي بن محمّد بن يونس
البياضي للشيخ ناصر بن إبراهيم البويهي الحساوي قدّس الله روحهما.
١٠ ـ ناصر بن أحمد
بن عبدالله بن محمّد بن علي بن الحسن بن سعيد ابن متوّج بن علي بن شدّاد البحراني :
البحراني محتداً ، الأوالي مولداً ، كتب بالحلّة بالمدرسة السيفية العلّية الزينبية
، نسخة من قواعد العلاّمة بخطّه ، في سنة ثمان وثلاثين وثمان مئة ، وخطّه متوسّط ،
ثمّ قرأها على الشيخ أحمد ابن فهد الحلّي في نفس السنة ، وقد كتب له إنهاءٌ بخطّه ،
والخطّ رديء وهذا صورته : أنهاه ـ أدام الله تعالى ظلّه ، وكثّر في العلماء مثله ـ
قراءة وبحثاً
__________________
وضبطاً في مجالس متعدّدة ، آخرها حادي عشري جمادى الآخر من سنة ثمان وثلاثين
وثمانمائة هلالية هجرية ، وكتبه أضعف العباد أحمد بن محمّد ابن فهد عفا الله عنه. وهذه
النسخة عتيقة مصحّحة محشّاة ، وعليها بلغات من ابن فهد ، كما أنّ لابن متوّج حواشي
وتعليقات كثيرة وفوائد جدّاً على هذه النسخة. يقول الأفندي : هذا الشيخ المجاز له يعرف
بابن المتوّج البحراني ، كما أنّ والده أحمد الفقيه معروف بذلك ، فعلى هذا يرتفع إشكال
هذا المقام ، وهو أنّ ابن المتوّج كان من معاصري الشيخ مقداد المقدّم على ابن فهد ،
بل معاصر للشهيد أيضاً كما بالبال. وقال : كلّ ما يحكي الشيخ مقداد في كنز العرفان وغيره بعنوان (الشيخ المعاصر) فمراده ابن المتوّج البحراني ، وحينئذ كيف يتصوّر
كون ابن المتوّج من تلامذة ابن فهد المتأخّر عنه؟ إذ الجواب : أنّ والده أحمد الفقيه
المشهور كان من المعاصرين للشيخ مقداد ، والولد وهو الشيخ ناصر الدين أبو عبد الله
هذا قد كان من تلامذة ابن فهد المتأخّر عنه ، فتأمّل. وقد أجازه أستاذه ابن فهد الحلّي بإجازة كتبها له على آخر
كتاب الدروس
الشرعية للشهيد ، وهذا نصّها : أمّا بعد حمد الله : فقد قرأ عليّ
المولى الشيخ الفاضل ، الورع العلاّمة المحقّق المدقّق ، صاحب الفهم الثاقب ،
والفكر الصائب ، أفضل المجتهدين زين الإسلام والمسلمين ، شرف الملّة والحقّ والدين
، أبو عبد الله ناصر الدين محمّد ، نتيجة الإمام العالم المتبحّر ،
__________________
أفضل العلماء الراسخين ، مكمّل علوم الأوّلين والآخرين ، وارث الأنبياء
والمرسلين ، خاتمة المجتهدين ، أبي العبّاس جمال الدين أحمد بن المتوّج البحراني ـ
أدام تعالى فضائله ـ هذا الكتاب من أوّله إلى آخره ، قراءة بحث وإيقان ، وتحفّظ وإتقان
، قراءة تشهد بفضله ، وتدلّ على نبله ، وسأل في أثناء قراءته عمّا أشكل من هذا الكتاب
، وكانت الإفادة منه أكثر من له. وأجزت له روايته عنّي ، عن الشيخ الفاضل السعيد الموفّق
الشهيد ضياء الدين أحمد ابن الشيخ الإمام الفاضل ، جامع الفضائل ، مكمّل علوم الأواخر
والأوائل ، التقي السعيد ، الموفّق الشهيد ، أبي عبد الله محمّد بن مكّي مصنّف الكتاب
عنه. وأن يروي عنّي ، عنه ، عن والده شمس الدين محمّد بن مكّي جميع مصنّفاته ، ومؤلّفاته
، وأجزت له أيضاً أن يروي عنّي جميع مصنّفات الشهيد أبي عبد الله محمّد بن مكّي ، وجميع
مصنّفاته ومقروءاته ومجازاته ، عن الشهيد السعيد المرحوم زين الدين علي بن حسين الحارثي
الحائري ، عن الشهيد قدّس سرّه. وأجزت أيضاً للشيخ أبي عبد الله ناصر الدين بن المتوّج
ـ أدام الله تعالى ..؟ ـ أن يروي عنّي جميع مصنّفات الإمام الأعظم ظهر الضعفاء محمّد
بن الحسن بن المطهّر رضي الله عنه ، جميع مصنّفات والده الإمام الأعظم مفتي الفرق ،
أبي منصور الحسن بن المطهّر ، وجميع مقروءاته ومجازاته. وعن شيخه المقدّس الفاضل نظام
الدين علي بن عبد الحميد النيلي ، عن شيخه فخر الدين عن والده. وعنّي عن شيخي المذكور
عن والده جميع مصنّفات الإمام أبي القاسم جعفر بن سعيد. وأن يروي عنّي بهذا السند
جميع كتب أصحابنا ، فليرو ذلك لمن شاء وأحبّ فهو أهل لذلك ، وفّقه الله
وإيّانا لمراضيه ، وأعانه وإيّانا على امتثال أوامره ، والإنزجار عن نواهيه ، إنّه
وليّ ذلك ، وكتب العبد الفقير إلى الله تعالى أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي ، في ثاني
ذي القعدة الحرام ، من سنة تسع وثلاثين وثمان مئة ، والحمد لله وحده.
إجازة الشيخ ناصر
للشيخ عيسى بن علي بن حسن بن عميرة ، بخطّ يده ، وخطّه متوسّط ، وقد كتبت على نسخة
عتيقة من الشرائع كتبت سنة تسع وثمانين وستمائة ، والإجازة كتبت على الجزء الأوّل منه
سنة أربع وأربعين وثمانمائة ، قد محيت بعض مواضع الإجازة ، وبعضها لا يمكن قراءتها
لرداءة الخطّ ، وقد بذل الأفندي مجهوداً في قراءتها وكتابتها وبقي بعض منها ، وقد
أوردناها في ترجمة الشيخ عيسى. وعن الشيخ ناصر ينقل بعض الفضلاء لكن الأفندي لم يسمّه
، حيث قال : قال بعض الفضلاء في الرسالة المختصرة في الاستخارات : ونقلت عن شيخي الشيخ
السعيد ناصر الدين أبي عبد الله ابن ناصر بن المتوّج قدّس الله روحيهما بالمشافهة الخ
، فلاحظ ، وساق الكلام إلى قوله قال : يعني ابن المتوّج المذكور ، هكذا نقلته عن شيخنا
فخر الدين أحمد بن مخدم رحمه الله.
__________________
١١ ـ الشيخ ناصر
الدين ابن نزار : ذكره الشيخ محمّد بن علي بن أبي جمهور الأحسائي في مفتتح الطريق الأوّل
من أسناده ورواياته لما أورده من أحاديث وروايات في كتاب عوالي اللئالي ، ووصفه طريقه إليه بقوله : عن شيخي وأستاذي ، ووالدي النسبي والمعنوي ، وهو
الشيخ الزاهد العابد ، العامل الكامل ، زين الملّة والدين ، أبو الحسن علي ابن الشيخ
المولى الفاضل المتّقي من بين أنسابه وأحزابه ، حسان الدين إبراهيم ابن المرحوم حسن
بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي ، تغمّده الله برضوانه ، وأسكنه بحبوحة جنانه ، عن
شيخه العالم النحرير ، قاضي قضاة الإسلام ، ناصر الدين الشهير بابن نزار ، عن أستاذه
الشيخ التقي الزاهد جمال الدين حسن ، الشهير بالمطوّع الجرواني الأحسائي. وذكره في الطريق الثالث من الطريق السابع أيضاً من هذا
الكتاب تحت ما رواه بالإسناد المتّصل ، المذكور إسناده عن طريق العنعنة ، ممّا لا يدخل
فيه الإجازة والمناولة ، فقال : حدّثني أبي وأستاذي الشيخ العالم الزاهد الورع ، زين
الدين أبو الحسن علي ابن الشيخ العلاّمة المحقّق المرحوم المغفور ، حسام الدين إبراهيم
بن حسن بن أبي جمهور الأحسائي رضوان الله عليهم ، عن شيخه الزاهد الفقيه ، قاضي قضاة
الإسلام ، ناصر الدين ابن نزار ، عن شيخه وأستاذه الشيخ الفقيه الزاهد حسن الشهير بالمطوّع
الجرواني.
__________________
١٢ ـ ناصر بن عبد
الحسين السماهيجي الغراوي البحراني : وصفه الأفندي : بالفقيه التقي المرحوم السعيد
ناصر الدين ناصر بن عبد الحسين السماهيجي الغراوي البحراني ، وقال إنّ له أبياتاً في
مدح كتاب شرح
الموجز لابن فهد الحلّي
تأليف الشيخ مفلح بن حسن الصيمري ، وقد مدح هذا الشرح جماعة من علماء عصره ، كلّ واحد
بأبيات وقصائد جياد ، بل قد مدحه مؤلّفه أيضاً بأبيات ، وممّن مدحه : ولده العلاّمة
الشيخ جمال الدين حسين بن مفلح ، والشيخ الفقيه الورع شمس الدين محمّد بن أحمد
الأحسائي ، وقد رأى الأفندي تلك القصائد كلّها في آخر الشرح المذكور في البحرين.
١٣ ـ ناصر بن محمّد
الخطّي [الجارودي] : له أسئلة في مسائل متفرّقة سأل عنها الشيخ سليمان الماحوزي ، وأورد
الأفندي إشارة لها في فهرست مؤلّفات الشيخ سليمان الماحوزي التي رآها في آخر بعض مؤلّفاته
تحت عنوان جواب أسئلة الشيخ ناصر بن محمّد الخطّي في مسائل عديدة.
١٤ ـ السيّد هاشم
البحراني : كان شيخ الإسلام الخونح من محال فارس. رأى الأفندي عنده في البحرين نسخة من كتاب درر اللئالي العمادية لابن أبي جمهور الأحسائي ، وسيأتي وصفه في محلّه. وأورد
__________________
الأفندي بعض اشتباهات السيّد هاشم في نسبة الكتب لمؤلّفيها ، ومنها : كتاب المناقب الفاخرة في فضائل
العترة الطاهرة ، حيث يقول : ثمّ
اعلم أنّ السيّد هاشم العلاّمة البحراني ينقل كثيراً عن كتاب المناقب الفاخرة في فضائل
العترة الطاهرة للسيّد الرضي ،
والحقّ عندي أنّه سهو ، وأنّه تأليف السيّد أبي الحسين محمّد بن أحمد بن الحسين الحسيني
، وهو ليس بالسيّد الرضي ، وهذا من باب الخلط والاشتباه ، فإنّ نسب السيّد الرضي الشريف
أبو الحسين محمّد بن الشريف أبي أحمد الحسين الموسوي ، وأيضاً المشايخ الذي يروي مؤلّفه
فيه عنهم جماعة من المتأخّرين ، ليسوا من مشايخ السيّد الرضي. وكتاب عيون المعجزات ، قال : ممّن ينسب هذا الكتاب إلى السيّد المرتضى قدّس سرّه السيّد هاشم البحراني
في كتاب إيضاح
المسترشدين وغيره ، ويظهر منه أنّ الراوي قد يروي عن الحسن بن أبي الحسن السوراني ،
فتأمّل ، ثمّ [إنّ] النسخ التي رأيناها قد تصرّح في مطاويها بأنّه من مؤلّفات
الشيخ الجليل حسين بن عبد الوهّاب ، وكان بعض مشايخه متّفقة مع مشايخ السيّد المرتضى
والسيّد الرضي ، فكان من معاصريهما ، فلعلّ كتاب عيون المعجزات إثنان. وعن كتاب التمحيص ، قال : وفي كتاب معالم
الزلفى للسيّد هاشم البحراني
، أنّ كتاب التمحيص للحسين بن سعيد الأهوازي ، وقد نسب الشيخ إبراهيم القطيفي في كتاب الفرقة الناجية هذا الكتاب إلى حسن
__________________
ابن علي بن شعبة صاحب تحف
العقول. وكتاب مصباح الأنوار في مناقب إمام الأبرار ، للشيخ هاشم بن محمّد ، وقد ينسب إلى شيخ الطائفة ، وهو
خطأ ... ، قال الأفندي في الهامش : ثمّ إنّه قد نسب السيّد هاشم البحراني في كتاب نزهة الأبرار في خلق الجنّة
والنار وغيره من مؤلّفاته إلى الشيخ الطوسي كتاب مصابيح النور ، والظاهر أنّ مراده به هو هذا الكتاب. ولأهمّية السيّد هاشم في تتبّع الكتب يحيل الأفندي القارىء
للرجوع إليه للتحقّق من كتاب الإغاثة
في بدع الثلاثة ، فيقول فائدة في
تحقيق حول كتاب الإغاثة
في بدع الثلاثة : يظهر من مطاوي
كتاب الإغاثة
في بدع الثلاثة ، للسيّد أبي القاسم
الكوفي العلوي المعاصر للصدوق ونظرائه ، أنّ له مؤلّفات أخر ، منها : كتاب الأوصياء ، ولعلّ السيّد هاشم العلاّمة البحراني قد تعرّض لهذا الكتاب عند تعداده أسامي
من ألّف الكتب حول الأوصياء. وكذلك يحيل الأفندي للسيّد هاشم في تعريفه ببعض الكتب ومنها
: كتاب بيان نسب
عمر بن الخطّاب ، فيقول : السيّد
الفاضل القاسم بن الشريف بن أحمد بن محمود بن يعقوب الحسيني الجيلاني ، له كتاب في
بيان نسب عمر بن الخطّاب ، وقد ينقل عنه السيّد هاشم العلاّمة في رسالته في نسب عمر. وكتاب فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام لابن شهر آشوب ،
وهو غير كتاب مناقب
آل أبي طالب له ،
__________________
وقد ينقل عنه السيّد هاشم البحراني في مؤلّفاته. وكتاب الاختصاص للشيخ المفيد الذي ذكره العلامة المجلسي في أوائل البحار وأكّد على نسبته إليه ثمّ جاء الأفندي وقال في الهامش : وقد صرّح السيّد هاشم
البحراني الشهير بالعلاّمة أيضاً في كتابه معالم الزلفى وغيره ، بأنّ كتاب الاختصاص من مؤلّفات الشيخ المفيد قدّس سرّه.
١٥ ـ الشيخ يحيى
بن حسين بن عشيرة : ورد اسمه (بن عشرة) وهو خطأ. ذكره الأفندي في ترجمة جمع من الأعلام
فقال : كان من جملة العلماء وأرباب الفتاوي ، من المتأخّرين ، رأيت بعض فتاواه.
١٦ ـ يوسف بن حسين
بن أُبي الخطّي القطيفي : ذكره الشيخ محمّد بن أبي جمهور الأحسائي في الطريق الرابع
من أسناده ورواياته لما أورده من أحاديث وروايات في كتاب عوالي اللئالي ، بأنّه يروي عنه بواسطة : السيّد محمّد بن أحمد الموسوي الحسيني ، عن شيخه
وأستاذه الشيخ العلاّمة صاحب الفنون ، كريم الدين يوسف الشهير بابن أبي القطيفي ، عن
شيخه رضي الدين حسين بن راشد القطيفي. وذكره الأفندي في تعداد مشاهير تلامذة الشيخ أحمد بن عبد
الله بن المتوّج البحراني ، المشهور بابن المتوّج فقال : الشيخ الفاضل هو أجلّهم إذ
كان أستاذ علماء عصره ، كابن أبي جمهور
__________________
الأحسائي ، وكالشيخ حرز بن حسين البحراني ، المعاصر للشيخ حسن الصيمري ، وغيرهما
من الفضلاء. له حواشي وفوائد كثيرة على أطراف نسخة من اختصار التذكرة للعلاّمة الحلّي ، تأليف الشيخ أحمد بن المتوّج.
وأورد الأفندي في
تعداد الكتب التي لم تذكر في البحار كتاب التهاب
نيران الأحزان ومثير اكتئاب الأشجان ، وقال : يحتمل اتّحاده مع مثير الأحزان الذي ذكره المؤلّف ـ سلّمه الله ـ وهو عندي موجود أيضاً.
دون أن ينبّه على اسم مؤلّفه فلعلّه لا يعرفه ، وقد نبّه على مؤلّفه الشيخ فرج العمران
القطيفي (١٣٢١ هـ ـ ١٣٩٨ هـ) رحمه الله في كتابه : الأزهار الأرجية وقال : بأنّه من مؤلّفات الشيخ يوسف بن أُبي صاحب الترجمة.
١ ـ إجازته للسيّد
شمس الدين محمّد بن خميس بن راشد ، وقد كتبها له على كتاب اختصار التذكرة للعلاّمة ، تأليف الشيخ أحمد بن المتوّج ، وخطّه الشريف رديء ، وهذه صورتها
: أمّا بعد ، فيقول العبد الضعيف يوسف بن حسين بن أُبي : أنّي قد أجزت للسيّد الكبير
شمس الدين محمّد ابن خميس بن راشد ، رواية كتاب فوائد التذكرة من تصانيف العلاّمة ، خاتمة المجتهدين ، فخر الملّة والحقّ والدين ، أحمد بن
عبد الله بن متوَّج ، قدّس الله روحه العزيزة ، وأفاض على تربته المراحم الربّانية
، فليرو عنّي إن شاء
__________________
وأحبَّ محتاطاً ومتحرّياً لي وله بالشرائط المعتبرة بين أهل العلم ، وكان ذلك
في الثاني من المحرّم أحد شهور سنة ستّين وثمان مئة ، وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم
كثيراً.
٢ ـ إجازته لتلامذته
، وهم : السيّد محمّد بن أحمد بن محمّد الحسيني ، والسيّد محمّد بن موسى بن محمّد الحسيني
، وشمس الدين محمّد بن خميس. وقد سمّاه الأفندي فيها : الشيخ الفاضل يوسف البحراني
، وقد كتبها في آخر نسخة من كتاب الدروس ، وهي نسخة عتيقة وجدها بالغري ، وقد ضاعت منها عدّة مواضع ، وهي : أمّا بعد
: فيقول العبد الضعيف المحتاج إلى رحمة ربّه اللطيف ، يوسف بن حسين بن أُبي : أنّي
قد أجزت الموليين السيّدين العالمين محمّد بن موسى بن محمّد ، ومحمّد بن أحمد بن
محمّد ، رواية الكتاب الموسوم بالدروس
الشرعية ، من تصانيف الشيخ الإمام العلاّمة أبي عبد الله محمّد بن
مكّي ، عن الشيخ المقداد بن عبد الله السيوري ، عن المصنّف قدّس الله روحه.
وكذا أجزت للصدر
الكبير العالم شمس الدين محمّد بن خميس ، رواية الكتاب المذكور بالطريق التي لي إلى
مصنّفه ، فليرو كلّ ما أخذ ذلك لمن شاء وأحبّ ، محتاطاً ومتحرّياً لي وله بالشرائط
المعتبرة في الإجازة ، وكان ذلك في اليوم الثاني من المحرّم ، أحد شهور سنة ستّين وثمان
مئة ،
__________________
وكفى بالله وكيلاً ، وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم كثيراً.
٣ ـ إجازة للسيّد
محمّد بن أحمد الحسيني ، على ظهر نفس النسخة السابقة بخطّ عتيق جدّاً : بسم الله الرحمن
الرحيم ، أنهاه ـ أيّده الله ـ شرحاً وبحثاً ، السيّد محمّد الحسيني في مجالس متعدّدة
، آخرها يوم الثاني شهر المحرّم أوّل سنة ستّين وثمان مئة ، وكان ذلك على يد الشيخ
الأجلّ يوسف ابن حسين بن أُبي ، وقد أجاز له رواية الكتاب بالطريق التي له عن مشايخه
إلى مصنّف الكتاب عليه الرحمة والرضوان ، فليرو ذلك عنّي لمن شاء وأحبّ محتاطاً ومتحرّياً
لي وله.
وللبحث صلة ...
__________________
من ذخائر الترّاث
التهذيب
للشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسين العامليّ
(ت ١٠٣٠ هـ)
تحقيق
الشيخ محمّد لطف زاده
مقـدّمة التحقيـق
بسم الله الرحمن الرحيم
(التهذيب) هي رسالة وجيزة في علم النحو ، من جملة مؤلَّفات الشيخ
بهاء الدين العاملي رحمه الله (ت ١٠٣٠ هـ) ، وهي على اختصارها مفيدة جدّاً ، كتبها
على منهج كتابه المعروف بـ : الفوائد
الصمديّة ، وقد أودع فيها مبادئ القواعد النحويّة لسهولة حفظها لمن
رام ذلك ، ولها نسخ مختلفة ، فقد لفتت أنظار الأعلام وأولي الأقلام فاهتمّوا بنسخها
وبادروا بشـرحها ، وسنشير إلى بعض نسخها وشروحها بعد تعرّضنا لمقالة الشيخ آقا بزرك
الطهراني رحمهالله(ت ١٣٨٩ هـ) :
«(تهذيب البيان) في النحو للشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسين العاملي (ت
١٠٣١ هـ) متنٌ جيّد مفيد في غاية الاختصار ، أوّله : (باسمك يا ربّ يبتدئ الكلام ،
وبحمدك يختتم كلّ أمر يرام) إلى قوله : (هذه رسالة صغيرة الحجم ، وجيزة النظم ، خفيفة
المؤونة ، كثيرة المعونة ، قد حَوَتْ من
علم النحو أصوله ، وهذّبت فصوله ، ونظمت دُرره ، وتضمّنت غرره ، أوجزت لفظها
ليسهل حفظها).
رأيت منه عدّة نسخ
، وطبع ضمن مجموعة بالهند ، ومرّ شرحه الموسوم بإرشاد اللبيب ، (في ج١ ص٥١٨) ، ومن
شروحه : شرح الشيخ محمّد بن علي الحرفوشي (ت ١٠٥٩ هـ) ذكره في الأمل ، وشرح السيّد نعمة الله الجزائري (ت ١١١٢ هـ) رحمه الله الموسوم بـ : مفتاح اللبيب».
وقال السيّد حسين
الكركي رحمهالله ـ تلميذ الشيخ البهائي ـ في حقّ شيخه المؤلّف وكتابه :
«كان في البحث كنت
في خدمته منذ أربعين سنة في الحضر والسفر وكان له معي محبّة وصداقة عظيمة سافرت معه
إلى زيارة أئمّة العراق عليهم السلام فقرأت عليه في بغداد ، وبلد الكاظمين ، وفي النجف
الأشرف ، وحائر الحسين عليه السلام والعسكريّين كثيراً من الأحاديث ... وقرأت عليه
الرسالة المسمّاة بـ : تهذيب
البيان والفوائد الصمديّة كلاهما من مصنّفاته في النحو ...».
نسخ التهذيب :
وإليك الآن نسخ
التهذيب على الإجمال وجدت من الكتاب ما
__________________
مجموعه (١٣) نسخة :
١ ـ محمّد مهدي
، (١٠٠٥ هـ) ، ٩ ق ، مشهد/ الأستانة الرضويّة ، الرقم : ٣٧٩٠ ، نسخ ، (فهرس المكتبة
١٢ : ٦١).
٢ ـ آفتاب بن سيّد
محمّد حسين الحسيني القمصـري ، (أواخر ذي الحجّة ، ٧ ق) ، طهـران/مجلس ، الرقم :٤ ـ
١٤٤٠١ ، نسخ ، (فهرس المكتبة ٣٨ : ٥٣٧).
٣ ـ محمّد المدعوّ
بالكافي ، (العشرة الأولى من شهر رمضان ١٠٧٩ هـ) ، ٦ ق ، قم المقدّسة/ مركز إحياء ،
الرقم : ٥ ـ ٢٣٩٦ ، نسخ ، (فهرس المكتبة ١ : ٤٦٨).
٤ ـ بدون كاتب ،
(قرن ١٣ هـ) ، ٩ ق ، قم المقدّسة/ كلبايكاني ، الرقم : ٣ ـ ٢٤٥٥ ، ١٣٥ ،١٣ ، نسخ ،
(فهرس المكتبة ٢ : ١٠٩١).
٥ ـ غلام رضا بن
محمّد علي الآراني الكاشاني ، (١٢٠٦ هـ) ، ١٥ ق ، آران كاشان/ محمّد هلال ، الرقم :
٢ ـ ١٩٧ ، نسخ ، (مختصر فهرس المكتبة : ٣٦).
٦ ـ غلام رضا بن
محمّد علي الآراني ، (جمعة رمضان المبارك ١٢٠٦ هـ) ، ١٤ ق ، قم المقدّسة/ مركز إحياء
، الرقم : ٣ ـ ٤٠١ ، نسخ ، (فهرس مصوّرات المكتبة ٢ : ٦).
٧ ـ محمّد صالح
بن محمّد تقي ، (٢٠ جُمادى الأولى ١٢٨٤ هـ) ، ٦ ق ، قم المقدّسة/ كلبايكاني ، الرقم
: ١١ ـ ٥٨٤٣ ،١٨٣ ـ ٢٩ ، نسخ ، (فهرس
المكتبة ٢ : ١٠٩١).
٨ ـ بدون كاتب ،
(٢٤ شعبان ١٣١٣ هـ) ، قم المقدّ سة/ المرعشـي ، الرقم : ٦ ـ ١٠٠١٧ ، نسخ ، (فهرس المكتبة
٢٦ : ١٦).
٩ ـ محمّد سعيد
الحبشيّ الهنديّ ، (من دون تاريخ) ، طهران / ملك ، الرقم : ٣ ـ ٢٥٦٩ ، نسخ ، (فهرس
المكتبة ٦ : ٤٩).
١٠ ـ من دون كاتب
(ومن دون تاريخ) ، ١٠ ق ، قم المقدّسة / الفيضية ، الرقم : ٢ ـ ٢٠٥٤ ، نسخ ، (فهرس
المكتبة ٣ : ١٧٣).
١١ ـ إبراهيم بن
عزيز الله ، (من دون تاريخ) ، طهران / إلهيّات ، الرقم : ١ ـ ٦٨٠ ، نستعليق ، (فهرس
المكتبة : ٣٦٠).
١٢ ـ من دون كاتب
(ومن دون تاريخ) ، ١٠ ق ، چالوس / إمام الصادق عليهالسلام ، غير مرقّم ، (فهرس
المكتبة : ٢٦٣).
١٣ ـ محمّد بن طاهر
السماوي ، (٨ رمضان المبارك ١٣٥٥ هـ) ، ٧ ق ، النجف / الحكيم) ، الرقم : ١٠٨٢ ـ ١ ،
نسخ.
طبعاته الحديثة :
طبعت نسخة منه في
بريس الإسلاميّة ، لاهور ، (بتاريخ سنة ١٣٣٠ هـ) ، وقد كان تصحيحها وتحريرها على يد
محمّد فيض الحسن.
__________________
وطبعت أيضاً نسخة
أخرى في مطبعة الجعفري في الهند ، سنة (١٢٦٢ هـ) ، وتزيّنت بتصحيح وتعليق محمّد جعفر.
الشروح والحواشي للتهذيب :
١ ـ شرح تهذيب البيان : في النحو ، تأليف البهائي ، للشيخ محمّد بن علي بن محمّد الحرفوشي الحريري
العاملي (ت ١٠٥٩ هـ) ، تلميذالسيّد نور الدين أخي صاحب المدارك ، حكى بعض الأفاضل أنّه موجود في إحدى مكتبات النجف الأشرف.
وقال الشيخ حرّ
العاملي في حقّ الشيخ محمّد الحرفوشي وشرح تهذيبه :
«هو الشيخ محمّد
بن علي بن أحمد الحرفوشي الحريري العاملي الكركي الشامي ، كان عالماً فاضلاً أديباً
ماهراً محقّقاً مدقّقاً شاعراً منشئاً حافظاً أعرف أهل عصره بعلوم العربيّة ... له
كتب كثيرة الفوائد ، منها : اللآلي
السنيّة في شرح الأجروميّة (مجلّدان) ، وكتاب مختلف
النَجاة (لم يتمّ) ، وشرح الزبدة ، وشرح التهذيب في النحو ، وشرح
الصمديّة في النحو ، وشرح القطر و ..».
__________________
٢ ـ مفتاح اللبيب في شرح التهذيب : للمحدّث الجزائري ، السيّد نعمة الله بن عبد الله الموسوي التستري (ت ١١١٢
هـ) رحمه الله ، ذكره في آخِر كتابه الأنوار النعمانيّة ، وقال : «إنّ اسمه مفتاح
اللبيب».
٣ ـ إرشاد اللبيب في شرح التهذيب : في النحو ، المتن للشيخ الأجل بهاء الدين العاملي ، والشرح للعلاّمة السيّد
علي محمّد ابن السيّد محمّد ابن العلاّمة السيّد دلدار علي النقوي اللكنهوي (ت ١٣١٢
هـ) ، ذكره العلاّمة السيّد علي نقي النقوي (ت ١٤٠٨ هـ) في مشاهير علماء الهند.
وقيل في حقّه :
«كان آية في التحقيق
والتدقيق وجامعيّة العلوم ، لا يكاد يوجد علم إلاّ وله تصنيف واستنباط فيه ؛ فهو فقيه
، أصولي ، متكلّم ، منطقي ، حكيم ، طبيب ، محدِّث ، رجالي ، مفسّر ، شاعر ، أديب ،
باحث ، مناظر مع أهل الديانات والملل المختلفة ، وله مهارة في اللغة العبرانيّة والسريانيّة
؛ فكُتبه مشحونة بنقل عبائر التوراة والإنجيل العبرانيّين ، ولد في ٤ شوّال سنة (١٢٦٠
هـ) ، وقرأ على أبيه فتخرّج عنده في حداثة سنّه ، واشتغل في التدريس
__________________
والتصنيف ، فله أكثر من مائة مصنَّف من كتب ورسائل ... وتوفّي السيّد
المترجَم في ٤ ربيع الآخر (١٣١٢ هـ) ، ودفن في حسينيّة جدّه غفران مآب».
٤ ـ حاشية التهذيب : للحسين بن أحمد النطنزي الكاشاني (ت ١٣٢٢ هـ) ، حاشية مختصرة ووجيزة وقد عثرت
على نسخة منها في مدينة كاشان ، (العاطفي / أفشين) ، الرقم : ١ / ١٢٩ ، في أربع عشرة
ورقة وهو غير مكتمل في النهاية.
أوّل المخطوطة :
«الحمد لله خلق العالمين ، وجعل لمخلوقاته عينين ولساناً وشفتين ، وهديناه النجدين
، فالشكر واجب له ، والحمد كذلك».
٥ ـ مفتاح الغوامض : لمحمّد بن محمّد حسن النوري ، أعرب الشارح في بداية شرحه عن اسمه بـ : (محمّد
بن محمّد حسن النوري) وعن اسم شرحه بـ : (مفتاح الغوامض). ولا يوجد في المصادر ذكر لكاتبه ومكتوبه ، ولكن وَفْقاً
لإشاراته العديدة إلى السيّد نعمة الله الجزائري (ت ١١١٢ هـ) رحمهاللهولحاشيته على الفوائد
الضيائيّة ، يمكن استنتاج أنّ حياة المؤلّف كانت من القرن الثاني عشر
فصاعداً. وهي سقطت من آخره ويقع في ورقة في (طهران ، الوطنيّة ، رقم : ٢ / ٢١٧٤).
أوّل المخطوطة :
«أحمد الله المتعال في العزّ والجلال ، والمتفرّد في
__________________
صفة الجمال والكمال ...».
٦ ـ شرح تهذيب النحو : لمؤلّف مجهول ، أصل الكتاب موجود في مكتبة كبيرة في ناصريّة هند ، موقوف من
قبل العلاّمة ناصر حسين ابن العلاّمة مير حامد حسين الهندي رحمهالله لمكتبة جدّه المفتي
محمّد قلي رحمهالله.
أوّل المخطوطة :
«الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على نبيّه محمّد وآله الطاهرين. قوله : (الكلمة)
أي الكلمة في اصطلاح النحاة».
هذا الكتاب موجود
في مجموعة تضمّ ثلاثة كتب : شرح
التهذيب ، والصمدية ، والهداية في النحو.
علماً أنّه لا توجد
أي دلالة تدلّ على اسم الكتاب وحتّى الكاتب ، بل غاية ما هناك مكتوب على غلاف الكتاب
: شرح
تهذيب النحو وعبارة أخرى في
وسط الكتاب تدلّ على الكاتب حيث قال : «قال المصنّف في الفوائد الصمدية : ...».
وهو شرح موجز ومفيد
بلغة عربيّة سهلة وغير معقّدة ، وقد كتب سنة (١٠٦٣ هـ) ، وطريقة الشارح هو أن يبدأ
كلامه بكلمة (قوله ، قوله) ثمّ يذكر نصّ الكتاب ثمّ يأخذ بشرح العبارة ، ولم تكن من
عادته أن يرجع إلى كتاب آخر سوى في موضع واحد وهو في مبحث جواز حذف (كان) قد أشار
بقوله :
__________________
قال المصنّف في
الفوائد
الصمديّة : «والأوّل أقوى والأخير أضعف والمتوسّطان متوسّطان».
٧ ـ الحواشي المطبوعة
: تمّ جمعها في الهند في سنة (١٢٦٢ هـ) بعنوان أنّها : تهذيب النحو .
أقول : عنوان تهذيب
النحو غير صحيح ، لأنّ المؤلّف قال في خطبة الكتاب : «وسمّيتها
بالتهذيب ليوافق لفظها ومعناها وينبئ ظاهرها عن فحواها» ، ولم يعنونها بـ : تهذيب النحو ،
أو
التهذيب في النحو ، أو تهذيب البيان ، حتّى أنّ السيّد نعمة الله الجزائري (ت ١١١٢ هـ) رحمهالله سمّى كتابه بـ :
بمفتاح
اللبيب في شرح التهذيب ولم يضف إليه شيء
، فتأمّل.
وإنّما نشأ هذا
اللبس من عدم تدقيق بعض المفهرسين فسبّب إرباك بعض المحقّقين حتّى التبس عليهم الأمر
في تسمية هذا الكتاب.
النسخ المعتمدة :
وقد اعتمدت في تحقيق
هذه الرسالة على أربعة نسخ :
الأولى : محفوظة في الأستانة الرضويّة المقدّسة عليهالسلام في مدينة مشهد ،
الرقم (٣٧٩٠) ، كتبها محمّد مهدي بتاريخ (١٠٠٥ هـ) ، العناوين والعلائم فيها كتبت بمداد
الأسود ، وعليها حواش قليلة ، وختم بيضوي : (أنا عبد من عبيد
__________________
محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وبيضوي آخر : (سعيد الأنصاري) ، ومربّع
غير مقروء ، وتملّك محمّد هادي بن محمّد صالح بتاريخ (١٠٥٠ هـ) ، وهي وقف نادر شاه
، في تسع ورقات ، وعدد أسطرها ، وعلى النسخة ختم الأستانة.
وقد رمزنا لها بالرمز
: (م).
الثانية : محفوظة في مجلس الشورى في طهران ، الرقم : (١٤٤٠١/٤) ، كتبها آفتاب ابن السيّد
محمّد حسين الحسيني القمصري بتاريخ (أواخر ذي الحجّة ١٠٧٥ هـ) ، العناوين والعلائم
فيها كتبت بالشنجرف ، وعليها علامة نسخة بدل والتصحيح ، في ٨ ورقات ، وعدد أسطرها .
وقد رمزنا لها بالرمز
: (ج).
الثالثة : محفوظة في إحياء التراث ، في قم المقدّسة ، الرقم (٢٣٩٦ / ٥) ، كتبها محمّد
المدعو بكافي بتاريخ (من العشر الأول من شهر رمضان ١٠٧٩ هـ) ، العناوين والعلائم فيها
كتبت بالشنجرف ، وعليها حواش قليلة وعلامة نسخة بدل وختم مربّع (محمّد) ، في سبع ورقات
، وعدد أسطرها .
وقد رمزنا لها بالرمز
: (أ).
الرابعة : محفوظة في إحياء التراث ، في قم المقدّسة ، الرقم (٤٠١/٣) ، كتبها غلام رضا
بن محمّد علي الآراني الكاشاني ، في (الجمعة من شهر رمضان المعظّم ١٢٠٦ هـ) ، العناوين
والعلائم فيها كتبت بمداد أسود ، وعليها
حواش قليلة ، في إثنى عشر ورقات ، وعدد أسطرها .
منهج التحقيق :
وقد التزمت في ضبط
نصّ الرسالة وتصحيحها وتحقيق مسائلها حسب المنهج الآتي :
١ ـ تحرير النصّ
وفق القواعد الإملائيّة المعاصرة.
٢ ـ تصحيح ما وقع
في الرسالة من تصحيف أو خطأ أو سقط ، ونحو ذلك.
شكر وتقدير :
وأخيراً من واجبي
أن أذكر كلّ من أخذ بيدي بهذا الطريق وكلّ من آزرني بتحقيق هذه الرسالة وأخصّ كلاًّ
من :
١ ـ فضيلة الشيخ
أمير رضا البلوكي النيسابوري لما بذله من جهد في إخراج المقالة هذه ومراجعتها.
٢ ـ وأقدّم شكري
إلى المكتبات والأشخاص الذين قدّموا لي خدمة في ذلك ولا سيّما مكتبة العتبة الرضوية
المقدّسة ، ومركز إحياء التراث في قم المقدّسة ، ومكتبة مجلس الشورى في طهران ،
ومكتبة الإمام الحكيم العامّة في النجف الأشرف.
فلهم منّي جزيل
الشكر بما قدّموا وأسأل الله أن يوفّقهم لخدمة طلبة
العلم وكفى بهذا الدعاء خيراً.
الخاتمة :
أرجو من إخواني
المؤمنين ولا سيّما أهل البحث والتحقيق أن ينبّهوني إلى ما يجدونه من خطأ جرى به القلم
وزاغ عنه البصر ، فإنّ الإنسان معرّض للخطأ والنسيان ، فإنّ الكمال لله ، والعصمة لأهلها
، والحمد لله الّذي بنعمته تتمّ الصالحات.
محمّد لطف زاده
النجف الأشرف/ جوار
الروضة العلويّة المقدّسة
(١٣ محرّم الحرام
١٤٣٩ هـ)






بسم الله الرحمن الرحيم
باسمك اللهمّ نبتدأ الكلام ، وبحمدك نختم كلّ أمر يرام ، يا من حَسُرَتْ عن وصفه الضمائر ، وقَصُرتْ عن إدراكه الأبصار
والضمائر ، نسألك أن تصلّي على الصادع بأمرك ونهيك ، والقائم بأعباء وحيك ، حبيبك محمد صلواتك عليه وآله مصادر الحكمة ومواردها
، وأركان النُبوة وقواعدها.
وبعد : فهذه رسالة صغيرة الحجم ، وجيزة النظم ، خفيفة المؤونة ، كثيرة المعونة ،
قد حَوَتْ من علم النحو
أصوله ، وهَذَّبت فصوله ، نظمت دُرَرَه ، وتضَمَّنْت غُرَرَه ، أوجَزْتُ لفظها ليسهل
حفظها ، وسمّيتُها بالتهذيب ليوافق لفظها معناها ، وينبي ظاهرها عن فحواها ، وبالله أستعين.
__________________
مقدّمة :
الكلمة : لفظ موضوع مفرد ؛ فإن استقلَّ معناها ولم يقترن فاسم ، أو اقترن ففعل ، وإلاّ
فحرف.
والكلام : هوالمفيد بالإسناد.
والجملة أعمّ منه.
فالاسم يختصّ باللاّم
والجرّ والتنوين ؛ فإن وُضِعَ لشيء بعينه فمعرفة ، وإلاّ فنكرة.
وأيضاً إن ناسَبَ
الحرف فمبني ، وإلاّ فمعرب ، وأيضاً إن تلبّس بعلامة التأنيث ولو تقديراً فمؤنّث ،
وإلاّ فمذكّر.
والمؤنّث إن قابله
ذَكَرٌ من الحيوان فحقيقي ، وإلاّ فلفظي.
تتمّة :
والفعل يختصّ بـ : (لم) و (قد) ، فإن اقترن وضعاً بزمان سابق فماض أو مستقبِل أو حال
فمضارع ، وإلاّ فأمر.
والماضي مبنيّ على الفتح مع غير الضمير المرفوع المتحرّك والواو.
والمضارع معرب إلاّ مع أحد النونين.
والأمر مبني على ما يُجْزَمُ به مضارعة.
__________________
تتمّة :
الإعراب : ما اختلف الآخر به ولو تقديراً وهو في الاسم رفعٌ ونصبٌ وجرٌّ ؛ فالمفرد والجمع
المكسّر المنصرفان بالضمّة والفتحة والكسرة. [و] غير المنصرف بالأوّلين. [و] جمع المؤنّث السالم بالضمّة والكسرة. [و] الأسماء الستّة
مفردةً مكبّرةً مضافةً إلى غير الياء بالواو وألف والياء. والمثنّى ولواحقه بالأخيرين.
وجمع المذكّر السالم ولواحقه بالواو والياء. ويقدّر الكلّ في نحو : (عصا) و (غلامي).
والرفع في نحو : (مسلمىَّ)
، وسِوى النصب في نحو : (قاض).
تتمّة :
وإعراب
الفعل رفع ونصب وجزم ؛ فالصحيح المجرّد عن ضمير رفع المثنّى أو جمع أو مخاطبة بالضمّة والفتحة والسكون وغير المجرّد بالنون وحذفها ونحو
: (يدْعُوْ) و (يرْمي) بالضمّة تقديراً والفتحة لفظاً والحذف.
__________________
ونحو : (يخشى) بهما تقديراً والحذف الأسماء.
المرفوعات : فما اشتمل على علم الفاعلية.
الفاعل : ما أسند إليه العامل فيه على جِهة قيامه به والأصل تقدّمه على المفعول ويجب
إذا خيف اللَّبس أو كان ضميراً مستقلاًّ. ويمتنع إذا اتّصل به ضميره أو اتّصل المفعول
دونه وما وقع بعد (إلاّ) أو معناها وجب تأخيره.
وإذا تنازع العاملان
اسماً ظاهراً بعدهما فخيار
البصريّون الثاني والكوفيّون الأوّل. وأيّهما أُعملت أضمرت الفاعل في المهمل موافقاً
للظاهر أمّا المفعول فالمهمل إن كان الأوّل حُذِفَ أو الثاني أُضْمِرَ ؛ فإن منع مانع
فالإظهار.
نائب
الفاعل : المفعول القائم مقامه ولا يقع ثاني باب (علمت) ولا ثالث باب (أعلمت) ولا مفعول
له ولا معه. ويتعيّن المفعول به له فإن لم يكن فالجميع سواءٌ.
المبتدأ : هو المجرّد المسند إليه أو الصفة بعد نفي أو استفهام رافعةً
__________________
لظاهر أو حكمه ؛ فإن طابقت مفرداً فوجهان. والأصل تقدّمه ويجب في ذي الصدر وما
الخبر فِعْلٌ أو مساوية. ويمتنع في نحو : (أين زيد؟) و (في الدار رجل) و (على التمرة مثلها
زيداً) و (عندي أنّك قائم). ولا ينكّر إلاّ مع الفائدة.
الخبر : هو المجرّد المسند به ويحذف وجوباً في نحو : (لولا علىٌّ [عليه السلام] لَهَلَكَ
عمر) و (ضربي زيداً قائماً) و (كلّ رجل وضَيعَتُه) و (لعَمْرُكَ لأقُوَمنَّ). وقد يكون
جملة فلابدّ من رابط والروابط ثمان.
خبر
(إنّ) وأخواتها : هوالمسند بعد
أحدها وهو كخبر المبتدأ إلاّ في تقديمه غير ظرف.
خبر
(لا) لنفي الجنس : هو المسند بعدها.
اسم (ما)
و (لا) : هوالمسند بعدهما. وشرط (ما) عدم زيادة (إنْ) معها وإذا
انتقض النفي أو تقدّم الخبر بطل العمل.
المنصوبات : هوما اشتمل على علم المفعولية :
__________________
المفعول
المطلق : هو مصدر يؤكّد عامله ويبيّن نوعه أو عدده. والمؤكِّد مفرد دائماً. ويجب حذف العامل سماعاً في نحو : (سقياً
ورعياً)وقياساً إذا وقع تفصيلاً لأثر مضمون جملة أو مثنّىً أو مثبتاً
بـ : (إلاّ) أو معناها أو مكرّراً بعد مبتدأ لا يكون خبراً عنه أو مضمون جملة لا يحتمل
غيره أو يحتمل أو للتشبيه عِلاجاً بعد جملة مشتملة على اسم بمعناه وصاحبه.
المفعول
له : هو ما فُعِلَ لأجله فِعْل ويشرط كونه مصدراً متّحداً بعامله وقتاً وفاعلاً ؛ فإن فُقِد شرطٌ فباللاّم.
المفعول
معه : هو تالي الواو لمصاحبته معمولَ فِعْل ؛ فإن كان لفظاً فإن
جازَ العطف فوجهان وإلاّ فالنصب وإن كان معنى فإن جاز العطف تعيّن وإلاّ فالنصب.
المفعول فيه : ما
فعل فيه حدث من ظرفِ زمان أو مكان مبهم أو محمول عليه.
وأمّا ما بعد (دخلت)
فمفعول به على المختار.
__________________
المفعول
به : هو ما وقع عليه فعل الفاعل. ويجب تقدّمه على الفعل في نحو : (مَن ضربت؟) وحذْف فعله في مواضع :
منها : المنادى : وهوالمدعوّ بحرف النداء ولو تقديراً. ولا يقدّر مع اسم الجنس والإشارة والمستغاث والمندوب. ويجرّد عن اللام إلاّ (الله) ؛
فالمفرد المعرفة يبنى على ما يرفع به والمستغاث يخفض بلامها ويفتح لألِفِها ولا لام
فيه وغيرهما ينصب.
وتوابع الأوّل من التأكيد والصفة وعطف البيان يرفع وينصب. والبدل كالمستقلّ مطلقاً.
والمعطوف إن كان مع اللام فالخليل يختار رفعه ويونس نصبه والمبرِّد إن كان كالخليل
فكالخليل وإلاّ فكيونس وإلاّ فكالبَدَل.
ومنها المشتغل
عنه العامل : وهو اسم بعده فعل أو شبهه ،
__________________
مشتغل عنه بضميره أو متعلّقه. ونصبه بفعل يفسّره المشتغل ويجب بعد لوازم الفعل ويختار بعد مظانّه ولتناسب الفعلين أو كان الفعل طلبيّاً ويجب الرفع بعد لوازم الاسم ومع الفصل بذي الصدر ويتساوى الأمران في مثل : (زيد قامَ وعمراً أكرمته) ويختار الرفع فيما عداها.
الحال : ما تبيّن الهيئة غير نعت. والأصل تأخّرها عن صاحبها ويمتنع إن كان نكرةً محضةً ولا يجيء
عن المضاف إليه إلاّ إذا صَحَّ قيامه مقام المضاف أو كان المضاف بعضه أو عاملاً في
الحال ويكون جملةً فالمضارع المثبت بالضمير وحده وما سواه به أو بالواو أو بهما.
التمييز : ما يرفع الإبهام المستقرّ عن ذات أو نسبة ويفترق عن الحال بسبعة أوجه.
فالأوّل : عن مفرد
مقدار غالباً ؛ فإن كان جنساً ولم يقصِد الأنواع أفرد وإلاّ فلا.
__________________
والثاني : عن نسبة
في جملة أو نحوها أو إضافة فإن كان صفة طابق ما انتصب عنه وإلاّ فما قصد إلاّ مع الجنسية إلاّ مع قصد الأنواع.
المستثنى : هو المذكور بعد (إلاّ) أو أخواتها مخرجاً أو غيره ؛فالأوّل متّصل والثاني منقطع فإن كان بعد (إلاّ) في الموجب
أو مقدّما على المستثنى منه أو بعد (مافَلا) و (ماعَدا) و (ليس) و (لا يكون) ؛ فالنصب
يكثر بعد (فلا) و (عدا) وفي المنقطع ويختار البدل ولو على المحلّ فيما بعد (إلاّ)
في التامّ الغير الموجب ويعرب بحسب العوامل في غير التامّ وهو غير موجب غالباً ويخفض
بعد (سِوى) و (غير) و (حاشا) على الأكثر.
خبر
كان وأخواتها : هو المسند بعد
أحدها وهو كخبر المبتدأ. ويتقدّم معرفة. ويحذف (كان) وجوباً في نحو : (ما أنت منطلقاً
انطلقت) وذلكفي نحو : (الناس مَجْزيّون بأعمالهم إن خيراً فخيراً) أربعة
أوجه.
المنصوب
بـ : (لا) لنفي الجنس : هوما يليها نكرةً
مضافاً أو شبهه.
والمفرد يبنى على ما ينصب به ومع التكرار خمسة أوجه وإذا عرفت أو فصل فالرفع والتكرير ونعت
المبني مفرداً يليه مبني ومعرب وإلاّ فمعرب
__________________
كالعطف.
اسم
إنّ وأخواتها : هو المسند إليه
بعد أحدها.
خبر
(ما) و (لا) : هو المسند بعدهما
وإذا عطف عليه بموجب فالرفع.
المجرورات : ما اشتمل على علم الإضافة.
المضاف
إليه : ما نُسِبَ إليه شيء بواسطة حرف جرّ مقدّر. وتجرّد المضاف عن التنوين والنونين ، ولا يضاف موصوف إلى صفة وبالعكس ، والاسم إلى مماثل له ، وإضافة الصفة إلى معمولها لفظيةٌ ، وغيرها معنويةٌ.
المجرور
بالحرف : ما نسب إليه شيء بواسطة حرف جرٍّ ملفوظ ولا بدّ من تعلّق
الجارّ والمجرور بالفعل أو معناه إلاّ ما استثني ، ويجب حذف المتعلّق إذا كان أحدهما صفةً أو صلةً أو خبراً أو حالاً وكذلك الظرف.
التوابع : كلّ فرع بإعراب أصله.
__________________
النعت : ما دلّ على معنى في متبوعه مطلقاً وهي إمّا بحال موصوفه وتبعه في العشرة المشهورة أو بحال متعلّقه. ويتبعه إعراباً وتعريفاً وتنكيراً
أمّا البواقي فإنْ رُفِعَ ضمير الموصوف فموافق أيضاً وإلاّ فكالفعل.
العطف : هو المقصود بالنسبة مع متبوعه ولا يعطف على المرفوع المتّصل إلاّ مع الفصل
ولا يعطف على الضمير المجرور إلاّ مع إعادة الجارّ ولا على معمولي عاملين مختلفين إلاّ
في نحو : (في الدّار زيد والحجرة عمر).
التأكيد : ما يقرّ أمر المتبوع في النسبة أو الشمول فلفظيةٌ اللفظ المكرّر ومعنويةٌ (النفس)
و (العين) وكلاهما و (كلّ) و (أجمع) وأخواته ولا يؤكّد المرفوع المتّصل بالأوّلين إلاّ بعد المتّصل.
البدل : هو المقصود بالنّسبة أصالةً وهو أربعة.
والغلط : لا يقع من فصيح ولا يبدُل ظاهر من مضمر غير الغائب بدل كلّ ولا نكرة غير معنوية من معرفة.
__________________
عطف
البيان : ما يوضّح متبوعه غير صفة وفصله عن البدل بثمانية أمور.
المبنيّات : ما ناسب مبنيَّ الأصل.
المضمر : ما وضع لحاضر أغائب مقدّم ولو حكما ولا يعود على متأخّر لفظاً ورتبةً إلاّ
فيما استثني ؛ فإن استقلّ فمنفصل وإلاّ فمتّصل. والمتّصل مرفوع ومنصوب مجرور والمنفصل
غير مجرور ولا يسُوغُ إلاّ مع تعذّر المتّصل بالتّقديم أو الفصل أو الحذف أو معنوية العامل أو حرفيّته والرافع أو بكونه مسنداً إليه
صفة جَرَت على غير من هي له.
اسم
الإشارة : ما وضع لمشار إليه ؛ فللمذكّر (ذا) ومثنّاه (ذان)وللمؤنّث (تا) و (تي) وفروعهما ومثنّاها ولجمعهما (أولاء)
ـ مداً وقصراً ـ ويدخلها (هاء) التنبيه ويلحقها كاف الخطاب.
الموصول : ما افتقر إلى صلة وعائد وهو (الّذي) و (الّتي) ومثنّاهما ومجموعهما و (ما)
و (من) و (ال) و (ذو) و (ذا) وفي (ماذا صنعتَ؟) وجهان ، والصلة جملة خبرية معهودة ذات
عائد ويجوز حذفه مفعولاً وصلة (أل) اسم فاعل أو مفعول.
__________________
الأسماء العاملة للمشبّهة بالأفعال :
المصدر : اسم للحَدَث الجاري على الفعل ويعمل مطلقاً إلاّ إذا كان مفعولاً مطلقاً إلاّ
إذا كان بدلاً عن الفعل. ولا يتقدّم معموله عليه ولا يضمر فيه.
اسم
الفاعل : ما وضع لمَن قامَ به الفعل على معنى الحدوث ويعمل بشرط
الاعتماد على مصاحبه أو النفي أو الاستفهام وكونه لغير الماضي ويستوي الجميع مع اللام.
اسم
المفعول : ما وضع لمن وقع عليه الفعل وحكمه كافيه.
الصفة
المُشبَّهة : ما اشتقّ من لازم
لمن قام به بعد الثبوت. ويفترق عن اسم الفاعل بعشرة أوجه ومعمولها مرفوع ومنصوب ومجرور [إمّا]مضاف أو باللاّم أو مجرّد وهي باللاّم أو مجرّدة صارت ثمانية
عشر ؛ فالممتنع (الحسن وجهه) و (الحسن وجه) واختلف في (حسن وجهه) أمّا البواقي
فالأحسن ذوالضمير الواحد والحسن ذو الضميرين والقبيح الخالي.
اسم
التفضيل : ما اشتقّ لموصوف بزيادة على غيره ولا يبنى إلاّ من
الثلاثي المجرّد ، تامّ متصرّف وغير مبني منه أفعل لغيره ويتوصّل إلى الفاقد بـ : (أشدّ)
ونحوه ويستعمل بـ : (من) فيفرد ويذكّر وباللاّم فيطابق ومضافاً فإن
__________________
قصد به الزيادة [على من أضيف اليه وجب كونه منهم وجاز الوجهان أو زيادة] مطلقة فالمطابقة ولا يرفع الظاهر إلا منفيّاً وهو لفظاً لشيء أو معنى لشيء فصل باعتباره على نفسه باعتبار غيره.
الأفعال : يختصّ المضارع بالإعراب فيرتفع بالتجرّد عن الناصب والجازم وينتصب بـ : (لن)
و (أن) بعد غير العِلْم وبعد الظّنّ وجهان وبـ : (إذن) مع قصد الاستقبال وعدم الامتياز
وبـ : (كي) السببية وبـ : (أن) مضمرةً بعد لامها ولامِ الجحود و (حتّى؟) بمعنى (كي)
أو (إلى) بقصد الاستقبال و (أو) بمعنى (إلى) أو (إلاّ) و (فاء) السببية و (واو) المعيّة
المسبوقين بنفي أو طلب والعاطفة له على اسم صريح.
وينجزم بـ : (لام)
الأمر و (لا) في النهي و (لم) و (لمّا) فتقلبانه ماضياً ويفترقان بخمسة أمور وبـ :
(أن) مقدّرة بعد الطلب مع قصد السببية وبكَلِم المجازاة المقتضية شرطاً وجزاءاً ؛ فإنْ
كان مضارعين أو الأوّل فالجزم وإنْ كان الثاني مضارعاً فوجهان.
أفعال
المدح والسلام : ما وضع لإنشاء
مدح أو ذمّ فمنها (نِعم) و (بئس) و (ساء). وفاعلها معرّف باللاّم أو مضاف إلى معرّف
بها أو مضمراً
__________________
ومميّز وبعده مخصوص مطابق.
ومنها (حَبَّ) وفاعله
(ذا) مطلقاً وبعده مخصوص. وقد يقع قبله أو بعده تمييز أو حال يطابقه.
فعلا
التعجّب : ما وضع لإنشاء التعجّب نحو : (ما أحسن زيدٌ) أو (أحسن بزيد)
ولا يتصرّف فيهما و (ما) مبتداء عند سيبَوَيه وما بعدها خبرها والمجرور فاعلٌ موصولة
عند الأخفش والخبر محذوف والمجرور مفعول.
أفعل
المقاربة : ما وضع لدُنوّ الخبر رجاءً أو حصولاً أو أخذاً فيه
وتعمل عمل كان.
أفعال
القلوب : أفعال يدخل على الاسمية لبيان ما نشأت عنه من ظنّ أو يقين وينتصب الجزئين [ويختصّ] بالإلغاء والتعليق وبنحو : (علّمتني مُنطلقاً).
أفعال
الناقصة : ما وضع لتقرير الفاعل على صفة وهي غير محصورة والمشهور
منها ستّة عشر وعملها مشهور ويجوز فيها توسّط إخبارها وفي ما عدا (ليس) والمبدءُ بما
تقدّمها عليها على المختار.
مباحث الحروف :
حروف
الجرّ : ما وضع للإفضاء بحدث وهي مشهورة وجوّز بعضهم
__________________
وُرود كلّ منها بمعنى الآخَر والمختصّ منها بالظاهر (ربّ) و (الكاف) و (الواو)
و (الباء) و (حتّى) و (مذ) و (منذ).
حروف
مشبّهة بالفعل : مشهور ولها الصدر
سوى (أنّ) تفتح الهمزة في موضع المصدر ويكسر في موضع الجمل ؛ فإن جاز أجاز أو لا يعطف
على محلّي اسمي (إنّ) و (لكنّ) إلاّ بعد مُضي الخبر.
حروف
العطف : (الواو) للجمع مطلقاً و (الفاء) للترتيب و (ثمّ) و (حتّى)
له بمهملة ومعطوفها جزء أقوى أو أضعف و (لا) و (بل) و (لكنّ) لأحد الأمرين معيناً و
(أو) و (أم) لأحدهما مبهماً.
حروف
التنبيه : (ألا) و (أما) و (ها).
حروف
النداء : الهمزة للقريب و (أيا) و (هَيا) للبعيد و (يا) لهما.
حروف
الإيجاب : (نَعَم) لتقرير سابقها و (بلى) لإيجاب النفي و (أي)
للإثبات بعد الاستفهام و (أجَل) و (جَيرِ) و (أنَّ) لتصديق الخبر.
حروف
التفسير : (أي) و (أن) في معنى القول.
حروف
صدر : (ما) و (أن) للفعلية و (إن) للاسمية.
حروف
التحفيض : (هَلاّ) و (إلاّ) و (لولا) و (لوما) لها الصدر ويلزمها
الفعل ولو تقديراً.
حروف
الاستفهام : (الهمزة) و (هل) ويفترقان في خمسة أوجه.
تاء
التأنيث الساكنة : يلحق الماضي المسند إلى مؤنّث ويختار ذكرها مع الفصل بغير (إلاّ) وتركها مع الفصل بها وفي باب (نِعم) و (بئس) ولك الخيار مع ظاهر اللّفظين نحو : (طَلَعَ
الشمس) [وطلعت الشمس].
هذا آخر ما أردناه
وختام ما قصدناه
والحمد لله ربّ
العالمين وصلّى الله على سيّدنا
محمّد وآله الطاهرين
المعصومين
برحمتك يا أرحم
الراحمين.
__________________
المصادر
القرآن
كريم.
١
ـ أعيان الشيعة : الأمين ، السيّد
محسن بن عبد الكريم (ت ١٣٧١ هـ) ، تحقيق : حسن الأمين ، نشر : دار التعارف للمطبوعات
، بيروت.
٢
ـ أمل الآمل : الحرّ العاملي
، الشيخ محمّد بن الحسن (ت ١١٠٤ هـ) ، تحقيق السيّد أحمد الحسيني الأشكوري ، مطبعة
الآداب ، النجف الأشرف.
٣
ـ الأنوار النعمانية : الجزائري ، نعمة
الله بن عبد الله (ت ١١١٢ هـ) ، تحقيق : محمّد علي القاضي الطباطبائي ، نشر : مكتبة
بني هاشمي ، تبريز ، الطبعة الأولى ، ١٣٧٨ هـ.
٤
ـ التراث العربي المخطوط في مكتبات إيران العامة : الحسيني ، السيّد أحمد الأشكوري ، نشر : دليل ما ، قم المقدّسة ، الطبعة الأولى
، ١٤٣١ هـ.
٥
ـ تراجم مشاهير علماء الهند : النقوي ، السيّد علي نقي النقوي (ت ١٤٠٨ هـ) ، نشر : مكتبة العتبة العباسية
المقدّسة ، كربلاء المقدّسة ، الطبعة الأولى ، ١٤٣٥ هـ.
٦
ـ تكملة أمل الآمل : الصدر ، السيّد
حسن بن هادي (ت ١٣٥٤ هـ) ، تحقيق : د. حسين علي محفوظ وعبد الكريم الدبّاغ وعدنان الدبّاغ
، نشر : دار المؤرّخ العربي ، الطبعة الأولى ، ١٤٢٩ هـ.
٧
ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : الطهراني ، الشيخ آقا بزرك (ت ١٣٨٩ هـ) ، نشر : دار الأضواء ، بيروت ، الطبعة
الثالثة ، ١٤٠٣ هـ.
٨
ـ طبقات أعلام الشيعة : الطهراني ، الشيخ
آقا بزرك (ت ١٣٨٩ هـ) ، نشر : دار إحياء التراث العربي بيروت ، الطبعة الأولى ، أوفسيت
١٤٣٠ هـ.
٩
ـ فهرستگان نسخه هاى إيران (فنخا) : اهتمام : مصطفى درايتي ، الطبعة الأولى ، نشر : المكتبة الوطنية في إيران
، طهران ، الطبعة الأولى ، ١٣٩٠ ش.
١٠
ـ فهرستواره دست نوشته هاى إيران (دنا) : إعداد واهتمام : مصطفى درايتي ، الطبعة الأولى ، نشر : المكتبة الوطنية في
إيران ، طهران ، الطبعة الأولى ، ١٣٨٩ ش.
١١
ـ كشف الحجب والأستار : السيّد إعجاز
حسين (ت ١٢٨٦ هـ) رحمه الله ، نشر : مكتبة آية الله المرعشي النجفي رحمه الله ، قم
المقدّسة ، الطبعة الثانية ، ١٤٠٩ هـ.
١٢
ـ ميراث مشترك إيران وهند : خويي ، علي صدرايي ، نشر : مكتبة آيت الله المرعشي النجفي
، الطبعة الأولى ، ١٣٣٥ هـ ..
١٣
ـ موسوعة طبقات الفقهاء : مؤسّسة الإمام
الصادق عليه السلام ، اللجنة العلمية ، نشر : مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام ، الطبعة
الأولى ، ١٤١٨ هـ.
١٤
ـ هديّة العارفين : إسماعيل باشا
بغدادي (ت ١٣٣٩ هـ) ، نشر : دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، أوفيست.
من أنبـاء التـراث
هيئة التحرير
كتب صدرت محقّقة
* علم الاستعداد لتحصيل ملكة الاجتهاد.
تأليف : السيّد مهدي القزويني (ت ١٣٠٠ هـ).
وفّر المصنّف رحمهالله في كتابه
هذا نموذجاً للمرجعية الدينية العليا عند الشيعة الإمامية الإثني عشرية بالرجوع
إلى تجربة مدرسة النجف الأشرف التي تمثّلت بزعامة جدّه السيّد أحمد القزويني
وأولاده وتلامذته وتلامذتهم حتّى منتصف القرن الثالث الهجري ، فوضع هذا الكتاب
منهجاً للتربية والتهذيب والتصفية الروحية قبل مهمّة
|
|
التحصيل ، مؤكّداً أنّ مقام المرجعية يفرض نفسه بعد
الملكة القدسية دون أن يُفرَض على أحد ، وأنّ المرتضي لهذا المقام عليه أن يصل
إلى مرحلة التجرّد عن جميع العلائق الدنيوية ، وقد قدّم محقّق الكتاب دراسة عن
حياة السيّد مهدي القزويني وهجرته إلى الحلّة واجتهاده ومرجعيّته ، كما أعطى
معلومات كافية عن النسختين الخطّيتين المعتمدتين في تحقيق هذا الكتاب ، كما
اشتمل الكتاب على مقدّمة المؤلّف وثلاث تأسيسات في الاستعداد والمستعدّ ، وفي
بيان المستَعَدِّ له ، والخاتمة في بيان أسُس متعدّدة تتعلّق في الاستعداد
والمستعدّ والمستَعَدِّ له.
تحقيق : الدكتور جودت القزويني.
|
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٤٠٠.
نشر : الخزائن لإحياء التراث ـ بيروت ـ لبنان.
* إظهار ما عندي بمنسك الفاضل الهندي ج(١ ـ ٢).
تأليف : السيّد محمّد بن علي بن حيدر العاملي المكّي
(ت ١١٣٩ هـ).
كتاب فقهي قصد به المصنّف شرح كتاب (الزهرة في مناسك
الحجّ والعُمرَة) للفاضل الهندي شرحاً علميّاً معتمداً فيه أراء العلماء الفقهية
مسندةً بمصادرها ؛ اشتمل الكتاب على مقدّمة التحقيق وقد تضمّنت منهجية التحقيق
وترجمة المصنّف ، خطبة الشارح ، شرح خطبة المنسك ، معنى الاقتباس ، حكم الأقتباس
شرعاً ، وعشرة أبواب في : التوجّه إلى الحجّ ، من يجب عليه الحجّ والعمرة ، معنى
العمرة والحجّ وأقسامهما ، المواقيت ، الحرم وأحكامه ، الإحرام وما يحرم
|
|
به ، أفعال العمرة وهي ثمانية ، أفعال الحجّ ، الحصر
والصدّ ، الكفّارات.
تحقيق : الشيخ رضا علي المهدوي.
عدد الصفحات : ٥٤٢ ، ٤٦٣.
نشر : مركز فقهي أئمّة أطهار ـ قم ـ إيران.
* ترجمة الإمام الحسن بن علي عليهماالسلام من تاريخ مدينة دمشق.
تأليف : ابن عساكر (ت ٥٧١ هـ).
كتاب تاريخي في ترجمة سبط الرسول الأعظم (صلى الله
عليه وآله) الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهالسلام مستلّ من
كتاب تاريخ مدينة دمشق للحافظ ابن عساكر ، اهتمّ بتحقيقه مركز الثقافة الجعفرية
للبحوث والدراسات في مدينة قم المقدّسة مستعيناً بالعالم الجليل العلاّمة الشيخ
محمّد رضا الجعفري رحمهاللهحيث تمّ على
يديه تصحيح واستدراك هذه الترجمة على ثلاث نسخ خطّية لتاريخ مدينة دمشق
|
ذكرت في المقدّمة ، معتمداً مصادر أهل العامّة ليتمّ
بذلك نشر معارف أهل البيت والطائفة الجعفرية عن طرق العامّة ، اشتمل الكتاب على
كلمة المركز ، مقدّمة الإعداد ، الحافظ ابن عساكر وتاريخ مدينة دمشق في سطور ،
ترجمة العلاّمة الجعفري ، منهجنا في الإعداد ، صور من النسخة الأصليه ، نسبه
وروايته عليهالسلام ، مولده وتسميته ، كنيته ، شبهه بالنبي (صلى الله
عليه وآله) ، حثّ النبي (صلى الله عليه وآله) على محبّته ، نزول آية التطهير في
حقّه وآبائه عليهمالسلام ، سيّد شباب أهل الجنّة ، مكانته ومنزلته عند النبي
(صلى الله عليه وآله) ، سيادته عليهالسلام ، مكانته
ومنزلته عند الآخرين ، سجاياه وفضائله ما قيل عن حياته الزوجية ، كلامه عليهالسلام وكلمات في حقّه ، من تاريخ حياته بعد شهادة أبيه عليهالسلام ، شهادته بالسمّ ، احتضاره ، دفنه ، الصلاة عليه ،
مأتمه ، عمره الشريف وتاريخ شهادته عليهالسلام ، ويليه
الفهرس التفصيلي للأحاديث.
|
|
تحقيق : العلاّمة الشيخ محمّد رضا الجعفري.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٦٧٨.
نشر : مركز الثقافة الجعفرية للبحوث والدراسات ـ قم ـ
إيران.
* ترجمة الإمام الحسين بن علي عليهماالسلام من تاريخ مدينة دمشق.
تأليف : ابن عساكر (ت ٥٧١ هـ).
كتاب تاريخي في ترجمة ثاني سبطي الرسول الأعظم (صلى
الله عليه وآله) الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلاممستلّ من
كتاب تاريخ مدينة دمشق للحافظ ابن عساكر اهتمّ بتحقيقه مركز الثقافة الجعفرية
للبحوث والدراسات في مدينة قم المقدّسة مستعيناً بالعالم الجليل العلاّمة الشيخ
محمّد رضا الجعفري رحمهالله حيث تمّ على
يديه تصحيح واستدراك هذه الترجمة على ثلاث نسخ خطّية لتاريخ مدينة دمشق ذكرت في
المقدّمة معتمداً مصادر أهل
|
العامّة ليتمّ بذلك نشر معارف أهل البيت والطائفة
الجعفرية عن طرق العامّة ، اشتمل الكتاب على كلمة المركز ، مقدّمة الإعداد ،
الحافظ ابن عساكر وتاريخ مدينة دمشق في سطور ، ترجمة العلاّمة الجعفري ، منهجنا
في الإعداد ، صور من النسخة الأصليه للعلاّمة ، نسبه وروايته عليهالسلام ، مولده وتسميته ، كنيته ، شبهه بالنبي (صلى الله
عليه وآله) ، ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله)في حقّه ، نزول آية التطهير
في حقّه وآبائه عليهمالسلام ، محبّته وولايته ، مكانته ومنزلته ، سجاياه وفضائله عليهالسلام ، الإخبار عن شهادته ، خروجه ومقتله عليهالسلام ، الحوادث العامّة بعد شهادته عاقبة من شهد أو شارك
في قتله عليهالسلام ، مأساة رأسه الشريف ، رؤية رسول الله (صلى الله عليه
وآله)في المنام بعد شهادته عليهالسلام وشماتة ابن
الزبير ، سماع نوح الجنّ في مصيبته عليهالسلام وما وجد
مكتوباً في كنائس الروم ، ما جرى على قبره الشريف عليهالسلام ، محلّ
شهادته
|
|
وتأريخها ، عذاب قتلته عليهالسلام ، مراثيه عليهالسلام ، ويليه
الفهرس التفصيلي للأحاديث.
تحقيق : العلاّمة الشيخ محمّد رضا الجعفري.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٦٤٠.
نشر : مركز الثقافة الجعفرية للبحوث والدراسات ـ قم ـ
إيران.
* إسداء الرغاب في مسألة الحجاب.
تأليف : السيّد محمّد باقر اللكهنوي الكشميري (ت ١٣٤٦
هـ).
تناول المصنّف رحمهالله مسألة الحجاب
ومشروعيّته في الكتاب والسنّة ، وبيّن في كتابه هذا وجوب التستّر على النساء
شرعاً ، وما في التبرّج من خزي في الدنيا والآخرة ، وما دلّ عليه الشرع من وجوب
غضّ البصر على الرجال وتحريم النظر إلى الأجنبيّات وربّات الحجال ، كما تصدّى
إلى ردّ العديد
|
من الشبهات والتساؤلات ، وقد جاء هذا الكتاب في مقدّمة
وجزءين من سبعة فصول في : الكلام في النظر إلى وجه الأجنبية وكفّيها ، ما دلّ
على حرمة النظر إلى الوجه والكفّين من الكتاب ومن السنّة والإجماع ، دلالة العقل
على قبح النظر إلى الوجه والكفين مطلقاً ، أدلّة المجوّزين للنظر إلى الوجه
والكفّين وردودها ، مناقشة بعض العلماء في المسألة ، كما اشتمل على طليعة الكتاب
، مقدّمة التحقيق في أربعة فصول : حياة المؤلّف ، نبذة من تاريخ الحجاب ، فلسفة
الحجاب وفوائده ، الكتاب وعملنا فيه ، ونماذج من مصوّرات النسخة المعتمدة في
التحقيق.
تحقيق : مركز إحياء التراث الإسلامي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٥٧٣.
نشر : المعهد العالي للعلوم والثقافة الإسلامية ـ
طهران ـ إيران.
|
|
* الصحف المطهّرة.
تأليف : السيّد هادي الحسيني الخراساني رحمهالله (ت ١٣٦٨ هـ).
الكتاب هو مشيخة سماحة العلاّمة الحجّة المحقّق آية
الله السيّد هادي الخراساني رحمهالله (ت ١٣٦٨ هـ)
، وهو من سلسلة كتب المشايخ التي دأب عليه علماؤنا الأبرار صوناً للتراث العلمي
الذي مُنِحَ إليهم من قِبَل مشايخهم الحاملين للروايات عن المحدّثين والمتّصلين
بالسلسلة الشريفة والعنعنة المنيفة إلى النبي والأئمّة المعصومين عليهمالسلام الدالّة على طريق الرواية وأخذ معارف الدين وأحكامه.
وقد اشتمل الكتاب على تقريظ سبط المصنّف العلاّمة
السيّد محمّد
رضا الحسيني الجلالي ، ومقدّمة المحقّق ، و (لمحة
الأربعين) ترجمة ذاتية بقلم السيّد الخراساني رحمهالله حين بلوغه
أربعين سنة ، الصُّحُفُ المطهّرة ، والباب الأوّل : في الإجازات الواصلة إلينا
من مشايخنا المعاصرين ، الباب
|
الثاني : في ضبط ما صدر منّي بمعونة القلم ممّا سمّيته
أو لم يُسَمّ ، الملاحق : الملحق الأوّل : تكميل ترجمة المؤلّف رحمهالله ، الملحق الثاني : ذكر تلامذة المؤلّف رحمهاللهوالمجازين منه في الاجتهاد والرواية ، الملحق الثالث :
قائمة مؤلّفات السيّد الخراساني رحمهالله ، الملحق
الرابع : الوثائق والصور ، الملحق الخامس : الفهارس العامّة.
تحقيق : وحيد الشوندي.
نشر : مؤسّسة تراث الشيعة ـ قم ـ إيران.
* موسوعة الإمام محمّد الحسين آل كاشف الغطاء ج (١ ـ ١٤).
تأليف : الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء (ت ١٣٧٣
هـ).
لقد قام مركز إحياء التراث الإسلامي في مدينة قم
المقدّسة بتحقيق جميع آثار الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء تخليداً لآثاره
العلمية وإثراءاً للمكتبة الإسلامية ، وقد
|
|
صدر منها مجموعة الآثار الكلامية في أربعة عشر مجلّد ،
وقد اشتملت هذه المجموعة على : المدخل الأوّل في حياة المصنّف رحمهالله وآثاره العلمية ، المدخل الثاني وهو بعنوان (عقود
حياتي) وهو عبارة عن ترجمة لعقود حياته الثمانية بقلمه رحمهالله ، وأمّا المجلّد الأوّل فقد تناول فيه البحوث
الكلامية في أصول الدين وقد صدر تحت عنوان الدين والإسلام (الجزء الأوّل) ،
وأمّا المجلّد الثاني فهو تكملة للمباحث الكلامية للجزء الأوّل من الدين
والإسلام ، والمجلّد الثالث تناول فيه سيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)
وما يتعلّق بذلك من المباحث الكلامية ، والمجلّد الرابع هو تحقيق لكتابه أصل الشيعة
وأصولها ، والمجلّد الخامس تناول كتابه الفردوس الأعلى ، والمجلّد السادس كتاب
جنة المأوى ، والمجلّد السابع والثامن والتاسع هي عبارة عن آثاره التي صدرت تحت
عنوان المطالعات والمراجعات والنقود
|
والردود ، والمجلّد العاشر بعنوان الدروس الدينية
والتي تناول فيها المباحث الكلامية والعقائدية ، والمجلّد الحادي عشر تحقيق
لكتابه (الآيات البيّنات في قمع البدع والضلالات) وكتابه (التوضيح في بيان ما هو
الإنجيل ومن هو المسيح) ، والجزء الثاني عشر أفرد للفهارس التي وضعت من قبل لجنة
التحقيق لمجموعة آثاره الكلامية هذه.
وقد ساهم في تحقيق مجموعة الآثار هذه الشيخ أكبر أسد
علي زاده والسيّد جواد الورعي وحبيب عفيفي ومحمّد جاسم الساعدي وغلامرضا النقي
الجلال آبادي والسيّد أحمد الفاضلي ومحمّد حسين حكمت ومحسن نوروزي ورمضان علي
قرباني وساعد في الترجمة عمار جمعة ومحمّد حسين حكمت.
تحقيق : المركز العالي للعلوم والثقافة الإسلامية
(مركز إحياء التراث الإسلامي).
|
|
الحجم : وزيري.
نشر : المعهد العالي للعلوم والثقافة الإسلامية طهران
ـ إيران.
* تفسير ابن حجّام.
تأليف : محمّد بن العبّاس بن علي ابن الماهيار.
مصنّف هذا السّفر الجليل في علم تفسير القرآن الكريم
هو : محمّد بن العبّاس بن علي بن مروان بن الماهيار ، أبو عبد الله البزّار ،
المشهور بابن الحجّام (من أعلام القرن الرابع الهجري) ، ويعدّ تفسيره هذا من
التفاسير المأثورة عن أهل البيت عليهمالسلام ، حيث انتحى
فيه المنحى الروائي في جمع ما ورد من روايات عنهم عليهمالسلام في تفسير
آيات بعض سور القرآن الكريم فيذكرها معتمداً على من سبقه من المفسّرين ممّن
اعتمدوا نقل روايات أهل البيت عليهمالسلام.
تحقيق : إقبال وافي.
الحجم : وزيري.
|
عدد الصفحات : ٣٦٠.
نشر : الأمانة العامّة للعتبة الحسينية المقدّسة ، قسم
دار القرآن الكريم ـ شعبة البحوث والدراسات القرآنية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
* تحصيل النجاة في أصول الدين.
تأليف : فخر المحقّقين (ت ٧٧١ هـ).
كتاب كلامي من تراث الحلّة الفيحاء تصنيف فخر
المحقّقين الشيخ محمّد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (ت ٧٧١ هـ) ، كتبه
لتلميذه السيّد ناصر الدين حمزة بن حمزة العلوي ، يبحث فيه المصنّف العقائد
الإسلامية الرشيدة لمذهب أهل البيت عليهمالسلام في ضوء
البرهان والدليل العقلي حيث يعدّ الوسيلة الفعّالة للدفاع عن العقائد الإسلامية
الحقّة وردّ الشّبهات.
اشتمل الكتاب على تقديم مركز
|
|
العلاّمة الحلّي ، ومقدّمة التحقيق في منهجية التحقيق
وحياة المصنّف ، الأصل الأوّل في التوحيد ، الأصل الثاني في العدل ، الأصل
الثالث في النبوّة ، الأصل الرابع في الإمامة ، الأصل الخامس في الوعد والوعيد.
تحقيق : حامد فيّاضي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٢٤٦.
نشر : مركز العلاّمة الحلّي لإحياء التراث التابع
للعتبة الحسينية المقدّسة ـ كربلاء ـ العراق.
* الفضائل ومستدركاتها.
تأليف : سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمّي (من أعلام
القرن السادس الهجري).
كتاب الفضائل تطرّق المصنّف فيه إلى ذكر زواج عبد الله
ومولد النبي (صلى الله عليه وآله) ، وذكر خبر مولد الإمام عليهالسلاموتلاوته عليهالسلامالكتب
السماوية وتسميته بأمير المؤمنين قبل خلق آدم عليهالسلام ، كما
|
تناول جانباً من فضائله عليهالسلام من نزول
النجم في داره وردِّه الشمس وذكر احتجاجاته ومعجزاته عليهالسلامومناقبه التي تشهد لها آيات الذكر الحكيم والأحاديث
النبوية الشريفة وروايات المعصومين عليهمالسلام ، كما أشار
إلى فضائل بعض الصحابة. كما ذكرت مقدّمة بترجمة المؤلّف ومنهجية التحقيق ، وقد
ألحقت به الفهارس الفنّية.
تحقيق : الشيخ عبد الله الصالحي النجفي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٧٣٥.
نشر : العتبة الحسينية المقدّسة ـ كربلاء ـ العراق.
كتب صدرت حديثاً
* الحكيم في القرآن الكريم.
تأليف : السيّد هاشم الناجي الموسوي الجزائري.
كتاب من سلسلة موسوعة آثار
|
|
الأعمال الذي يتتبّع فيها المؤلّف المواضيع اعتماداً
على ما ورد في الكتاب والسنّة ، وقد وضّح مفهوم الحكمة في القرآن والحديث حيث
أفرد للآيات القرآنية الوارد فيها اسم (الحكيم) تعليقات لعلماء التفسير في بيان
أقوالهم جاءت في الهامش ، كما اعتمد روايات أئمّة أهل البيت عليهمالسلام فيما يخصّ معنى الحكمة اعتقاديّاً وتربويّاً.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٢٦٤ و١٦٨.
نشر : ناجي الجزائري ـ قم ـ إيران.
* أحسن المقال في تمييز مشتركات الرجال.
تأليف : الشيخ محمّد حسن الصادقي.
كتاب رجالي سبر المؤلّف فيه البحث والتنقيب في معرفة
الأسماء المشتركة للرواة المعبّر عنها بالمشتركات في علم الرجال ليميّز
|
ويعيّين جملةً منها حسب القرائن الحاصلة له بالاطمينان
الكامل أو الظنّ القوي الغالب أو بالظّن فقط ، علّ أن يفيد القاريء فيما إذا
ضمّها إلى القرائن والنتائج الحاصلة له ، وقد بيّن منهجية عمله في المشتركات
الرجالية في مقدّمة الكتاب ، كما أدرج أسماء الرواة المشتركة على ترتيب حروف
التهجّي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٣٦٨.
نشر : دار التفسير ـ قم ـ إيران.
* السنّة النبوية في مصادر المذاهب الإسلامية ج(١ ـ ٢٠).
تأليف : المركز العالي للدراسات التقريبية.
موسوعة حديثية اعتنت بتأليفها مجموعة من الباحثين في
المركز العالي للدراسات التقريبية التابع للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب
الإسلامية ، تناولت به عرض المشتركات الحديثية بين الفريقين
|
|
اعتماداً على مصادر كلا المدرستين ليتبيّن من خلال هذا
المجهود العلمي مدى التعاطي العلمي والفكري بينهما ، حيث يكشف هذا المشروع عن
وجود مساحات كبيرة مشتركة بين المدرستين في ثاني أكبر مصدر للتشريع الإسلامي بعد
القرآن الكريم ، حيث تعدّ هذه الموسوعة مصدراً غنيّاً للباحثين في المناهج
المقارنة وللدارسين في الموضوعات القرآنية والفقهية والكلامية وغيرها من العلوم
الإسلامية ، كما أجابت عن كثير من التساؤلات والشبهات المطروحة في مجال
الاختلافات بين الفريقين.
انتظمت هذه الموسوعة في عشرين جزء وقد اشتملت على :
المجلّد الأوّل : الاعتقاديّات ، المجلّد الثاني : القرآن والأحاديث القدسية ،
المجلّد الثالث : التفسير ، المجلّد الرابع : الأنبياء والرسل عليهمالسلام ، المجلّد الخامس : خاتم الرسل(صلى الله عليه وآله) ،
المجلّد السادس : أهل البيت عليهمالسلام ، المجلّد
|
السابع والثامن : الأخلاق ، المجلّد التاسع : الحقوق
والسياسات والطبّ ، المجلّد العاشر إلى الخامس عشر : الفقه ، المجلّد السادس عشر
إلى السابع عشر : الاقتصاد ، المجلّد الثامن عشر إلى العشرين : التعليقات.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : لكل جزء أكثر من ١٠٠٠ صفحة.
نشر : المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية.
* آثار وبركات سورة القدر في الدنيا والآخرة.
تأليف : السيّد هاشم الناجي الموسوي الجزائري.
كتاب روائي من موسوعة آثار الأعمال التي دأب المؤلّف
فيها بسرد الروايات الواردة عن طريق أئمّة أهل البيت عليهمالسلام للموضوع المختصّ به الكتاب ، وقد خصّص تلكم الروايات
من آثار القرآن وخواصّ السور في
|
|
موضوع آثار وبركات سورة القدر في الدنيا والآخرة.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٩٦.
نشر : المؤلّف ناجي الجزائري ـ قم ـ إيران.
* وسيلة النجاة.
تأليف : الميرزا محمّد حسين الغروي النائيني (ت ١٣٥٥
هـ).
كتاب فقهي ، وهو عبارة عن رسالة عملية تتألّف من قسمين
: الأوّل في أبواب التقليد والاحتياط والطهارة وقسم كبير من الصلاة. والثاني في
ثلاث مسائل أُصولية : المعاني الحرفية والتعبّدية والتوصّلية والترتّب.
قام بإعداد الكتاب وتصحيحه حفيده سماحة الشيخ جعفر
الغروي النائيني.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٣٩٤.
نشر : دار التفسير ـ قم ـ إيران.
|
* القواعد الفقهية في فقه الإمامية ج.
تأليف : الشيخ عبّاس السبزواري.
موسوعة فقهية تناولت أكثر من أربعمائة قاعدة فقهية في
مختلف أبواب الفقه بين القواعد الخاصّة والقواعد العامّة ، وقد بحث المؤلّف فيها
عن مفادّها ومدركها وتطبيقاتها واستثناءاتها على نحو مستقلّ تسهيلاً لروّاد
العلم وسالكي طريق الفقاهة وطالبي ملكة الاجتهاد.
وقد اشتمل هذا الجزء على : قاعدة القرعة ، قاعدة
الصحّة ، قاعدة الاشتراك ، قاعدة اشتراك الكفّار مع المسلمين في التكليف بالفروع
، قاعدة اشتراك الأحكام بين العالم والجاهل ، قاعدة الحلّ والإباحة ، قاعدة
الإلزام ، قاعدة الجبّ ، قاعدة نفي السبيل.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٤٥٣ ، ٤٤١ ، ٤٥٣.
نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي
|
|
التابعة لجماعة المدرّسين ـ قم ـ إيران.
* السكينة في صحّة حديث السفينة.
تأليف : نويد أرجمند.
قدّم المؤلّف في كتابه هذا دراسة علمية استدلالية في
صحّة أسانيد حديث الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) (إنّ مثلَ أهل بيتي فيكم
مثل سفينة نوح ....) بعد أن رأى اختلاف المتأخّرين من المصحّح إلى المضعّف فعكف
على تحقيق أسانيده في كتب السنّة فقط بطرق خمسة من الصحابة وهم : عبد الله بن
الزبير ، عبد الله بن عبّاس ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، أبو سعيد الخدري وأبو ذر ، معتمداً على قواعد الجرح
والتعديل وعلى أقوال العلماء.
اشتمل الكتاب على مقدّمة المؤسّسة ، مقدّمة المؤلّف ،
وعلى عشرة فصول في : البحث حول رواية عبد الله بن الزبير بن العوّام ، البحث
|
حول رواية عبد الله بن العبّاس ، البحث حول رواية علي
بن أبي طالب عليهالسلام ، البحث حول رواية أبي سعيد الخدري ، البحث حول رواية
أبي ذر رحمهالله ، اتّهام بعض رجال الأسانيد بالتشيّع لا يقدح في صحّة
الحديث ، كلام بعض علماء السنّة في تصحيح حديث السفينة أو تحسينه ، ليس لحديث
السفينة منكراً ، وعلماء السنّة يرمون حديث السفينة في كتبهم ويدفعون شبهة وجود
النكارة في متنه ، كلام المخالفين في تضعيف حديث السفينة أو تضعيف بعض طرقه ،
والجواب عمّا قالوا ، أحاديث تشهد لمعنى حديث السفينة.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٥٩٨.
نشر : بنياد إمامت ـ قم ـ إيران.
* أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام.
إعداد : قسم الشؤون الفكرية
|
|
والثقافية للعتبة العلوية المقدّسة.
كتاب في تاريخ وسيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام من الولادة في الكعبة المعظّمة إلى الشهادة في محراب
مسجد الكوفة على شكل مقالات قدّمها كلّ من السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ،
السيّد عبد العزيز ابن الصدّيق المغربي الحسني الغماري ، السيّد حسن الحسيني
الشيرازي المجدّد ، الأستاذ علي موسى الكعبي ، الشيخ سامي الغريري ، كما جاءت
فيه قصائد لكلٍّ من الشعراء : القاضي أحمد بن ناصر المخلافي اليمني (ت ١١١٦ هـ)
، الشيخ صالح بن درويش الكاظمي البغدادي (ت ١٢٦١ هـ) الشيخ عبد الحسين بن أحمد
شكر النجفي (ت ١٢٨٥ هـ) ، السيّد محمود بن محمّد الدولة الذماري (ت ١٣٨٥ هـ).
اعتنت باصدار الكتاب العتبة العلوية المقدّسة قسم
الشؤون الفكرية والثقافية بإشراف السيّد محمّد رضا
|
الجلالي.
اشتمل الكتاب على خمسة فصول : كلمة السيّد محمّد رضا
الحسيني الجلالي (لماذا الإمام؟) هوية الإمام عليهالسلام ، حول فضائل
الإمام عليهالسلام ، براءة الإمام عليهالسلام ، من تراث
الإمام عليهالسلام ، ديوان الكتاب إعداد السيّد محمّد رضا الحسيني
الجلالي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٥٠٣.
نشر : دار الكفيل ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
* الشفاء في نظم حديث الكساء ومداركه لدى الفريقين.
تأليف : الشيخ حسين عبد السيّد النصّار.
عمل أدبي في نظم حديث الكساء ومداركه لدى الفريقين ،
وهي المصادر المعوّل عليها ، نظم المؤلّف الطرق المروي منها هذا الحديث وقد
شرحها ليقف على الأعلام والمصادر فيبيّن
|
|
لتلك الأعلام تراجمها ، ولهذه المصادر أهمّيتها
العلمية ، كما ذكر نصّ الحديث ، وقد عقد فصلاً يذكر فيه نكات آية التطهير نظماً
وهو عمل أدبي يعدّ من الصناعات الأدبية المبتكرة إلاّ أنّ العديد من أبياته
بحاجة إلى تقويم في الوزن وإلى صيانة في أداء البيان البلاغي.
اشتمل الكتاب على توطئة ، مقدّمة ، أحوال حديث الكساء؛
وعلى ثلاثة فصول في: نكات آية التطهير (إنّما يريد الله ...) ، حديث الكساء
برواية فاطمة الزهراء عليهاالسلام وسندها
ومصادرها ، حديث الكساء برواية الأئمّة عليهمالسلام من طرقنا
الخاصّة ، حديث الكساء برواية الصحابة من طرق العامّة.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات: ١٧٣.
نشر : قسم الشؤون الفكرية والثقافية التابع للعتبة
الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
|
طبعات جديدة لمطبوعات سابقة
* دروس في فقه الإمامية ج(١ ـ ٥).
تأليف : الشيخ عبد الهادي الفضلي.
كتاب فقهي تحت عنوان المجموعة الفقهية ، وهي عبارة عن
دروس في فقه الإمامية رتّبها المؤلّف على شكل بحوث تمهيدية في أبواب الفقه
ابتداءً من المقدّمة العلمية لعلم الفقه والبحوث التمهيدية في فقه الإمامية
والتكليف الشرعي وحتّى خلاصة مبحث القروض ، حيث مهّد لدراسة الفقه الاستدلالي في
الجزء الأوّل ، وعرض النموذج لفقه العبادات في الجزء الثاني ، وقد خصّص الأجزاء
المتبقية للمعاملات التجارية القديمة والمستحدثة ، حيث مثّل الجزء الثالث بحوثاً
تمهيدية للمعاملات المالية في قسمين هما : القواعد والنظريات ذات
|
|
العلاقة بالبحث الفقهي المعاملاتي ، وفي الجزء الرابع
تناول المعاملات التجارية مبتدئاً بالمعاملات القديمة ثمّ المستحدثة ، وقد ركّز
البحث في الجزء الخامس على معاملات البنوك التجارية.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٣٢٢ ، ٥١٩ ، ٣٠٦ ، ٤١٧ ، ٣٩٢.
نشر : مركز الغدير ـ بيروت ـ لبنان.
* السيرة النبويّة عند أهل البيت عليهمالسلام ج(١ ـ ٣).
تأليف : الشيخ علي الكوراني.
كتاب تاريخي من سلسلة جواهر التاريخ ، تناول فيها
المؤلّف السيرة النبوية الشريفة عند أهل البيت عليهمالسلام ، وذلك عند
المسلمين تتحرّى رواية أهل البيت عليهمالسلام ورأي علماء
مذهبهم.
وهذه هي الطبعة الثانية من السيرة النبوية عند أهل
البيت عليهمالسلام وقد جاءت منقّحة ومزيدة.
|
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٧٦٠ ، ٧٢٧ ،٥٢٠.
نشر : دار المعارف ـ قم ـ إيران.
* كلمة الإمام الحسن عليهالسلام.
تأليف : السيّد حسن الشيرازي.
اقتصر المؤلّف رحمهالله على نقل
النصوص التاريخية في تاريخ الإمام الحسن عليهالسلام من كلماته
وخطبه ومواقفه الرسالية الخالدة التي تحكي بدورها المنطق الإلهي في معرفة
الحقيقة وقبولها وكشف اللثام عن وجه الزيف والتزوير الأموي المستبدّ.
اشتمل الكتاب على مقدّمة المركز ومقدّمة المؤلّف رحمهالله والمواضيع التي جاءت عناوينها في فهرسة الكتاب.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات : ٢٨٨.
نشر : مركز الإمام الحسن عليهالسلامللدراسات
التخصّصية التابع للعتبة الحسينية ـ النجف الأشرف ـ العراق.
|
|
* دعوات قنوت الأئمّة الصادقين.
تأليف : فضل الله الراوندي (حي إلى سنة ٥٦٣ هـ).
نسخة خطّية مصوّرة جمعها السيّد محمّد حسين الحسيني
الجلالي عن المخطوطة المحفوظة في متحف آقا خان في جنيف ـ سويسره ـ برقم ٧٤٨٩ ـ
٢٦٥٢٦ ٢٠ ـ ٥ ، وتحتوي على دعوات قنوت الأئمّة عليهمالسلام ، وفيها
فوائد بالفارسية ، ومن هذه الفوائد أنّ لهذه القنوتات مقدّمة مذكورة في مهج
الدعوات للسيّد رضي الدين بن طاووس (ت ٦٦٤ هـ).
الحجم : رقعي.
عدد الصفحات : ٩٠.
نشر : المدرسة المفتوحة ـ شيكاغو.
*أحسن المقال في حكم الصلاة على النبي والآل.
تأليف : الشيخ موسى زين
|
العابدين.
يأتي هذا الكتاب في عداد الكتب التي أُلّفت في حكم
الصلاة على النبي وآله ـ عليهم السلام ـ أجمعين وفضيلتها ، حيث كانت ولازالت
محلّ اهتمام المسلمين التزاماً بكتاب الله وولاءً للرسول الأعظم وآله الطيّبين
الطاهرين ، وقد تناول المؤلّف البحث في كتابه بالتفسير القرآني ، كما بيّن حكم
الصلاة عليهم فقهياً.
وقد رتّب كتابه على : كلام
|
|
المؤلّف ، المقدّمة ، وأربعة فصول في : تفسير الآية
الكريمة ، وجوب اتّباع الآل في مقام الصلاة عليه(صلى الله عليه وآله) ، فوائد
الصلاة على النبيّ والآل ، حكم الصلاة عليهم من الناحية الفقهية ، الأخبار
الواردة عن طرق الخاصّة ، ملحق ، والخاتمة في ذكر الأخبار الواردة في الصلاة على
النبي وآله.
الحجم : رقعي.
عدد الصفحات : ٢٣٧.
نشر : باقيات ـ قم ـ إيران.
|
|