
تراثنا
|
صاحب
الامتیاز
مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام
لإحياء التراث
المدير المسؤول :
السيّد جواد
الشهرستاني
|
العدد
الأوّل [١٢٩]
|
السنة الثانية
والثلاثون
|
محتـويات العـدد
* كلمة العدد :
* الحضارات وجدلية الصراع.
................................................................ هيئة التحرير ٧
*النعماني ومصادر الغيبة (٣).
........................................... السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني ١٠
* لسان الميزان والمصادر الرجالية في المدرسة الإمامية (١)
................................................... الشيخ محمّد باقر ملكيّان ٢٧
* الروابط الحجاجيّة في الخطبة الفدكيّة.
.................................................... د. علي عبّاس الأعرجي ٨٤
محرّم
ـ ربيع الأوّل
|
١٤٣٨ هـ
|
*
التُّراث التفسيري عند الإمام الرضا عليهالسلام
........................................................ د. سكينة آخوند ١١١
* من ذخائر التراث :
* الغُرَرْ في قاعدة نفي الضِرار
والضَرَرْ للسيّد حسن الصدر.
............................................. تحقيق : الشيخ مسلم الرضائي ١٩٣
* من أنباء التراث.
............................................................ هيـئة التحرير ٢٨٧
* صورة الغلاف : نموذج من نسخة (الغُرَرْ في قاعدة نفي الضِرار
والضَرَرْ للسيّد حسن الصدر) والمنشورة في هذا العدد.

كلمة العـدد :
الحضارات وجدلية الصراعات
هيئة التحرير
بسم الله الرحمن
الرحيم
تمرّ الحضارات بالمراحل
الثلاث التي يعبّر عنها علماء الاجتماع بمراحل سير الحضارات ، وهي عبارة عن النشوء
والأوج والأفول ، ولكلّ مرحلة مقوّماتها وأسبابها ، وقوام جميع تلك المراحل يرجع إلى
البعد المعنوي والقيم الإنسانية المتعالية لتلك الحضارات في كلّ مرحلة من المراحل (أَفَحَسِبْتُمْ
أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً) ، وبذلك وصف الله عزّ
وجلّ أمّة الرسول(صلى الله عليه وآله) من المؤمنين : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّة
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ
بِاللّهِ) ، وبسقوط القيم المعنوية
تنهار الحضارات وتبدأ مرحلة الأفول وحقّ عليها قول الله عزّ وجلّ : (وَإِذَا
أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ
عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) ، وبذلك ضرب الله مثلاً لانهيار الأمم وسقوط الحضارات بسقوط
القيم المعنوية حيث قال في محكم كتابه : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً
قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ
مَكَان فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ
وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) ، وقال رسول الله(صلى
الله عليه وآله) : «إنّما هي أعمالكم تردّ عليكم» ، وهي لا تتعدّى كونها سنّة من السنن
الإلهية (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ
خَلَوْا
مِن قَبْلُ) ، فكان على إثرها سقوط
الحضارات وبزوغ حضارات أخرى عبّر الله عنها في محكم كتابه : (وَتِلْكَ
الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ
مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) ، وكان ملاك التقوى والقيم المعنوية هو المعيار الإلهي في العلاقات
بين الشعوب (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم
مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) ، إلاّ أنّ انحسار
تلك القيم كان عاملاً أساسياً في صراع الأمم والحضارات وأفولها وبدأ مرحلة الإنحطاط
بعد أن أصبحت البشرية تبني حضاراتها على أنقاظ القيم المعنوية وعلى أرصدة مادّية (أَتَبْنُونَ
بِكُلِّ رِيع آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ).
إنّ التصوّر الإسلامي
للصراع هو نوع من أنواع التكامل المعنوي والتعالي بالقيم المعنوية والإنسانية لا الانتصار
بالحروب وإقصاء الطرف الآخر وسحق الشعوب واستعبادها (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ
النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْض لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ
يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا).
وكانت الحكمة ولا زالت
ضالّة الإنسان ، فكانت مراحل الحضارات متزامنة ومضطردة باضطراد الحكمة ، فتهدّمت الحضارات
بتهدّم أركان الحكمة فيها ، وبقيت السنن تستخلف حضارات ، إلاّ أنّ السنن بقيت هي السنن
، وبدأت الحكمة تتجاذب أطراف الحوار بين أصحاب الرأي ، وبدأ الصراع يستحوذ على تلك
الحوارات ، ولم يستثن هذا الصراع مفكّري الحضارات الأولى حيث كانوا ضحايا تلك الصراعات
، وإنّ الصراع الفكري في الكنيسة في العصور الوسطى كان نموذجاً سيئاً من نماذج تلك
الصراعات ، وقبل ذلك بقرون كان الصراع الفكري على أشدّه بين المذاهب الإسلامية ومدارسها
، وراح ضحيّة تلك الحقبة أئمّة ومفكّرون.
ومرّت قرون وبدأ عصر
جديد يلوح في الأفق بعد أن بدأت ملامح صورة مشرقة تتكامل بظهور مفكرين سعوا في حوار
الحضارات من خلال احترام الرأي والرأي الآخر وبدت معالم العمران الفكري بين مفكّري
مختلف الحضارات ، إلاّ أنّه سرعان ما بدأت في الغرب مرحلة جديدة من الصراع الفكري بين
الحضارات أسّس لها مفكّرون من أمثال صموئيل هينتنغتون وفوكوياما وغيرهم ممّن بنى صرح
أفكاره على أرنولد توينبي في محاضراته (الصراع بين الحضارات) حيث إن توينبي ينظر إلى
الصراع بين الحضارات هو صراع بين الأديان وأنّ هذه الحضارات إنّما تقوم على الدين كمعتقد
رئيسي ومرجع أساسي في قيام الحضارة ولا زالت هذه الأفكار هي الحاكمة على منطق العقل
، ولا زالت الصورة مبهمة عمّا ينتظر العالم من بنات تلك الأفكار ، في حين نرى أنّ بوصلة
مفكّري الأديان على العكس من ذلك حيث تشير إلى القيم المعنوية والتكامل الإنساني والأخلاقي
ونبذ الصراعات وعدم إقصاء الآخر حيث تلتقي الكثير من الديانات في مثل هذه القيم المعنوية
، ففي الفكر الشيعي نرى ما يبعث على الأمل ويسعى جاهداً لرأب الصدع ، حيث نرى على رأس
المؤسّسة الدينية الشيعية سماحة آية الله العظمى السيّد عليّ السيستاني (دام ظلّه)
يحمل هم الشعوب في لملمة ما تبقّى من القيم ليقول كلمته : (نسعى جاهدين لأن يتقبّل
أحدنا الرأي ، يتقبّله مكمّلاً ومسانداً وداعماً وشريكاً ، بعد أن أدرك المواطن أنّ
العنصرية والفئوية والإقليمية والطائفية والتطرّف بأشكاله العدوانية لا تحقّق أيّ هدف
لهذا الطرف أو ذاك).
وفي كلمة له ألقيت
خلال افتتاح الملتقى الأوّل لعلماء السنّة والشيعة في العراق : (خطابنا هو الدعوة إلى
الوحدة ، وكنت ولا أزال أقول : لا تقولوا إخواننا السنّة ، بل قولوا : أنفسنا أهل السنّة).
النُعمانيّ ومَصادرُ الغَيبةِ
(٣)
|
|
السيّد محمّد جواد الشبيريّ الزنجانيّ
بسم الله الرحمن الرحيم
تنويه :
تعرّضنا في الفصول
السابقة من هذا المقال إلى بيان سيرة حياة أبي عبد الله النعماني مؤلّف كتاب الغيبة ، والتعريف بهذا الكتاب.
وفي هذا الفصل سوف نتعرّض لأزمة الإمامة في عصر الغيبة ـ والتي كانت هي الغاية الرئيسة
من وراء تأليف النعماني لهذا الكتاب ـ وكذلك إجابة النعماني عن شبهة طول عمر إمام العصر
والزمان (عج) ، ومن ثمّ ننتقل إلى دراسة ظاهرة اندثار المذاهب المنحرفة بعد عصر النعماني.
وفي الختام سنبحث في لقب النعماني وبعض الأشخاص الآخرين الذين لقّبوا بهذا اللقب.
أزمة الإمامة في عصر
الغيبة وظاهرة طول عمر الإمام المنتظر (عج) :
لقد مثّلت غيبة إمام
العصر (عج) اختباراً إلهيّاً كبيراً. فعلى الرغم من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروايات المستفيضة
التي وردت في غيبة الإمام ، والتمهيدات الكثيرة التي قام بها الأئمّة عليهمالسلام في هذا الشأن من أجل
إعداد الناس لهذه المرحلة ، نجد ردّة عن الحقّ
من قبل الكثير من الشيعة ، حيث مالوا إلى التيّارات المنحرفة بمجرّد حدوث الغيبة. وعلى
حدّ تعبير النعماني : «فإنّنا رأينا طوائف من العصابة المنسوبة إلى التشيّع ، المنتمية
إلى نبيّها محمّد (صلى الله عليه وآله) ممّن يقول بالإمامة ... قد تفرّقت كلمها ، وتشعّبت
مذاهبها ... فطار بعضها علوّاً [غلوّاً] ، وانخفض بعضها تقصيراً ، وشكّوا جميعاً إلاّ
القليل في إمام زمانهم ووليّ أمرهم وحجّة ربّهم». وقد أكّد النعماني على هذه الحقيقة مراراً ، وهي أنّه لم يثبت
على منظومة الإمامة والوفاء لإمامة إمام العصر (عج) من أدعياء التشيّع غير النزر
اليسير.
بيد أنّ النعماني لا
يذكر أسماء هذه الفرق والتيارات المنحرفة بشكل صريح ، وإنّما يكتفي بالإشارة إلى بعضها
فقط.
وفي موضع من الكتاب
بعد ذكره لعدد من الروايات أضاف قائلاً : «وهذه الأحاديث دالّة على ما قد آلت إليه
أحوال الطوائف المنتسبة إلى التشيّع ممّن خالفوا الشرذمة المستقيمة على إمامة الخلف
بن الحسن بن عليّ عليهالسلام ؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنّ الجمهور منهم
من يقول في الخلف : أين هو؟ وأنّى يكون هذا؟ وإلى متى يغيب؟ وكم يعيش هذا؟ وله الآن
نيّفٌ وثمانون سنة! فمنهم من يذهب إلى أنّه ميّت ، ومنهم من ينكر ولادته ، ويجحد وجوده
بواحدة ، ويستهزئ بالمصدّق به ، ومنهم من يستبعد المدّة ويستطيل الأمد ، ولا يرى أن
الله في قدرته ونافذ سلطانه وماضي أمره وتدبيره قادرٌ على أن يمدّ لوليّه في العمر
كأفضل ما مدّه ويمدّه لأحد من أهل عصره وغير أهل عصره ، ويظهر بعد مضيّ هذه المدّة
وأكثر منها».
ثمّ أخذ النعماني بعد
ذلك بالإجابة عن شبهة طول عمر الإمام (عج) بإجابتين. ولكنّا قبل الدخول في بيان الجواب
الأوّل نسترعي انتباه القارئ إلى أنّ عمر صاحب العصر والزمان (عج) عند مباشرة النعماني
تأليف كتابه كان قد بلغ حدّاً تجاوز الحدّ الطبيعي لأعمار سائر الناس ، ومن هنا طرحت
الشبهة في عمره الشريف ، ولكن حيث إنّ عمر الإمام في حينها لم يتجاوز عمر كبار
المعمّرين في ذلك الوقت ، كان من الطبيعي للنعماني أن يجيب في بعض جوابه من خلال التمثيل
بأنّ هناك الكثير من المعاصرين له قد تجاوزت أعمارهم المئة سنة ومع ذلك يتمتّعون بقوى
جسدية وصحّة كاملة.
بيد أنّ هذه الإجابة
إنّما كانت إجابة مرحلية ؛ إذ لم يكن هناك ما يضمن ظهور الإمام الحجّة (عج) في القريب
العاجل ، وقد كان النعماني مدركاً بأنّ عمر الإمام سيتجاوز الأعمار الطبيعية ، من هنا
فإنّه يجيب عن تلك الشبهة بشكل جوهريّ إذ يقول : ما هو المانع من اعتبار طول عمر الإمام
المنتظر من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جملة كراماته ؛ إذ
ليس هناك من دليل على ضرورة أن يتساوى الإمام في عمره مع سائر الناس ، وقد مثّل النعماني
لذلك بقصّة بقاء النبيّ موسى عليهالسلام على قيد الحياة ، والتي
ذكرت في القرآن الكريم ، ففي قصّة ولادة موسى بذلت السلطات الفرعونية الحاكمة كلّ ما
بوسعها من أجل الحيلولة دون ولادته ، إلاّ أنّ الله سبحانه وتعالى قضى ببقائه على قيد
الحياة بشكل غير طبيعي ، حتّى جعله يترعرع في أحضان ذلك الذي كان يريد القضاء عليه
، وذبح من أجل ذلك جميع المولودين حديثاً ، وبعد منعطفات طويلة ذكرها الله سبحانه وتعالى
في القرآن الكريم حانت ساعة ظهوره التي قدّرها الله في وقتها.
يبدو أنّ النعماني
قد استند في هذا التمثيل إلى أمرين :
الأوّل
: إنّ سنّة الله في الحفاظ على الأنبياء والأولياء لم تقم حتماً
على المحافظة عليهم بالطرق الطبيعية المألوفة ، بل قد تتمّ المحافظة عليهم بالطرق
غير الطبيعية. ومن هنا يمكن لعمر الإمام المنتظر (عج) من أجل المحافظة عليه أن يمتدّ
إلى ما شاء الله.
الأمر
الآخر : إنّ النبيّ موسى عليهالسلام كان في مستهلّ حياته
وطفولته وبداية شبابه يعيش في غيبة ، ومفهوم هذه الغيبة يعني : أنّ من كان حوله من
الناس م يكونوا يعرفون أنّه هو الذي ادّخره الله للانتقام من الظلمة. ويمكن أن
نطرح ما يشبه هذا المعنى والمفهوم بالنسبة إلى غيبة إمام العصر (عج) أيضاً.
وهنا يبدو من النافع
والمفيد أن نشير إلى بحث بشأن رؤية المجتمع في عصر النعماني إلى مسألة الغيبة ومدّتها.
رؤية الشيعة في بداية
الغيبة إلى مدّة غيبة الإمام (عج) :
كتب بعض المحقّقين
في هذا المجال يقول : في الأيّام الأولى التي تمّ فيها الكلام بين الشيعة بشأن وجود
الإمام وغيبته ربّما قلّ أن يكون هناك من يحتمل أنّ غيبة الإمام (عج) ستستمر إلى فترة
طويلة جدّاً ، فقد كان الشيعة يتصوّرون أنّ الإمام (عج) سيظهر بمجرّد زوال المشاكل
التي كانوا يعانون منها والأخطار المحدقة التي كانت تهدّد حياة الإمام ، وأنّه سيقوم
بأعباء الإمامة كما هو ديدن آبائه وأجداده الطاهرين
عليهمالسلام. وقد كان الاعتقاد السائد بين الشيعة أنّه (عج) سيظهر في حياة
أولئك الكبار والمعمّرين من أصحاب الإمام الحسن العسكري عليهالسلام من الذين شهدوا ولادته
وأقرّوا بإمامته ، حتّى يثبتوا صحّة دعواه لمكان رؤيتهم ومعرفتهم له ، وبذلك يقف الشيعة
على صحّة هذه الحقائق ويركنون إلى الاطمئنان بها.
ومن ثمّ تطرّق في الهامش
إلى عبارة ابن قبة : (مسألة في الإمامة) إذ يقول : «وأما قولهم إذا ظهر فكيف يُعلم
أنّه ابن الحسن بن عليّ؟ فالجواب في ذلك أنّه قد يجوز بنقل من تجب بنقله الحجّة من
أوليائه كما صحّت إمامته عندنا بنقلهم».
نجد هنا حدوث سوء فهم
لعبارة ابن قبة ، وللأسف الشديد فإنّ الذي أدّى إلى سوء فهم هذه العبارة هو نقلها بشكل
مبتور ، وفيما يلي نذكر تتمّة كلام ابن قبة ليتّضح عدم صواب الفهم المتقدّم ، فقد استطرد
ابن قبة بعد الكلام السابق قائلاً :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«وجواب آخر وهو أنّه
قد يجوز أن يظهر معجزاً يدلّ على ذلك ، وهذا الجواب الثاني هو الذي نعتمد عليه ، ونجيب
الخصوم به ، وإن كان الأوّل صحيحاً».
إنّ الإشكال الذي طُرح
هنا هو حول كيفية معرفة صاحب العصر (عج) من قبل الناس عند ظهوره ، وقد ذكر ابن قبة
جوابين عن هذا الإشكال ، والإجابة الثانية التي يعتمدها في الردّ على المخالفين هو
أنّ إمام العصر (عج) يمكنه أن يعرّف نفسه للناس من خلال إظهار المعجزة.
وعندما كان ابن قبة
منشغلاً بتأليف كتابه كان هناك إجابة مفترضة عن الإشكال المتقدّم وهي الإجابة التي
ذكرها كجواب أوّل ، وقد استند إليها المحقّق المعاصر في غير محلّه ، في حين أنّ هذا
الجواب ليس دليلاً على أنّ الناس لم يكونوا يحتملون أن تطول غيبة إمام العصر (عج) ،
بل إنّ طرح مثل هذا الجواب هو للإجابة عن مجرّد احتمال أن لا تمتدّ غيبته لفترة طويلة
، وأنّه سيظهر في عصر أولئك الكبار والمعمّرين من أصحاب الإمام الحسن العسكري عليهالسلام.
وبعبارة
أخرى : تمّ الخلط في هذا الاستدلال المذكور بين أمرين :
الأوّل
: إنّ الناس في ذلك العصر كانوا يعتقدون أنّ غيبة إمام العصر
(عج) لن تمتدّ لفترة طويلة جدّاً.
الثاني
: إنّ الناس في تلك الحقبة كانوا يحتملون عدم استمرار غيبة صاحب
الأمر (عج) لفترة طويلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإنّ الأمر الثاني
ـ الذي هو أمر صحيح ، ويمكن استنتاجه من عبارة ابن قبة ـ من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى
استدلال. وأمّا ادّعاء المحقّق المعاصر فيتعلّق بالأمر الأوّل الذي لا يمكن استنتاجه
من عبارة ابن قبة.
وبطبيعة الحال من الواضح
أنّ الجواب الأوّل لابن قبة إنّما هو جواب مرحلي ، فهو وإن كان كافياً لدفع الشبهة
بالنسبة إلى تلك الفترة ، ولكن لا يمكن الاستناد إليه والتعويل عليه في اقتلاع الشبهة
وحسمها من الأساس ، وربّما لهذا السبب نجد ابن قبة نفسه كان يعوّل على الإجابة الثانية
ويستفيد منها في مقام المناظرة مع المخالفين والخصوم.
تكملة توضيح جواب
النعماني عن شبهة طول عمر إمام العصر(عج) :
فيما يتعلّق بمسألة
طول عمر الإمام (عج) يمكن الحصول على جوابين أيضاً من تضاعيف كلام النعماني ، وإنّ
الإجابة الأولى إجابة مرحلية تقتصر على عصر النعماني وما بعده بفترة قصيرة ، وحاصل
هذه الإجابة : إنّ مدّة عمر الإمام (عج) يمكن أن لا تتجاوز في حدّها الأقصى عمر أكبر
المعمّرين في تلك الحقبة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيد أنّ الجواب الرئيسي
للنعماني هو جوابه الثاني ، وحاصله : أن لا دليل لدينا على أنّ عمر الإمام (عج) لن
يتجاوز الأعمار الطبيعية ، وأنّه لابدّ أن يكون مثل العمر المتعارف لسائر الناس ، فلا
الله سبحانه وتعالى عاجز عن إطالة عمر الإمام (عج) ، ولا سنّته بشأن أوليائه قائمة
على اتّباع القوانين المتعارفة والطبيعية دائماً وأبداً ، كما نجد ذلك بالنسبة إلى
قصّة النبيّ موسى عليهالسلام حيث نشاهد أساليب غير
متعارفة فيما يتعلّق بولادته وتربيته ونشأته والمحافظة عليه.
وقد أشار النعماني
في موضع آخر إلى تشكيك أكثر الناس في ولادة الإمام الحجّة المنتظر (عج) ، وفي عمره
أيضاً ، مستنداً في طول زمان غيبته إلى الروايات التي تتحدّث عن غيبة إمام العصر (عج)
والتي تمّ التأكيد فيها على أنّه سيكون من الصعب على الناس تحمّل ذلك ، فلا يؤمن به
إلاّ النزر اليسير من المؤمنين ، فإنّ هذه الروايات
بنفسها تؤكّد على غرابة هذه الحادثة واختلافها عن سائر الحوادث الأخرى ، بحيث يمكن
جعلها شاهداً على الجواب الرئيسي والأساسي للنعماني عن شبهة طول عمر الإمام الحجّة
المنتظر (عج).
هذا وقد تعرّض أرباب
الفرق والنحل من أمثال : النوبختي وسعد بن عبد الله إلى ذكر الفرق المنحرفة التي ظهرت
بعد وفاة الإمام الحسن العسكري عليهالسلام بالتفصيل ، ومن بين تلك المذاهب
مذهب الجعفرية (أتباع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جعفر بن علي ، المعروف
بجعفر الكذّاب) حيث كان لتلك الفرق الكثير من الأتباع والمؤيّدين. وقد أشار النعماني مراراً إلى أنّ الغالبية العظمى من
الشيعة قد انحرفت عن الصراط المستقيم بعد الغيبة ، ولكن ما هو مدى صحّة ودقّة هذا الكلام؟
وهل تمّ أخذ جميع الحواضر الشيعية بنظر الاعتبار لإصدار مثل هذا التعميم؟ فهل تمّ أخذ
مدينة قم بنظر الاعتبار مثلاً؟ أم أنّ النعماني قد اقتصر في قوله هذا على الحواضر القريبة
من مدن إقامته في العراق والشام فقط؟ وهذا ما يحتاج إلى مزيد من التحقيق والتأمّل.
ومن المفيد هنا أن
نذكر أنّ شبهات الغيبة لم تقتصر على المنحرفين عن صراط التشيّع المستقيم ، بل كان هذا
الأمر يُشكّل معضلة فكرية حادّة حتّى بالنسبة إلى الشيعة الراسخين والثابتين على تشيّعهم
أيضاً ، وقد أشار عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه (م : ٣٢٨ أو ٣٢٩) في مقدّمة كتاب
الإمامة
والتبصرة من الحيرة إلى هذه المسائل ،
وقد واجه ابنه الشيخ الصدوق هذه الحيرة لدى أكثر الشيعة الذين كانوا يأتون إليه عند
إقامته في نيشابور ، إنّنا نرى حتّى عالماً متديّناً مثل : الشريف أبو سعيد محمّد بن
الحسن القمّي ـ وهو من أسرة آل الصلت المعروفة بتشيّعها ـ يقع في الشكّ والحيرة بسبب
كلام بعض الفلاسفة والمناطقة بشأن الإمام القائم (عج) وطول غيبته ، وقد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أدّى ذلك إلى تأليف
كتاب كمال
الدين وتمام النعمة بتوجيه من إمام العصر
والزمان (عج) في عالم الرؤيا ، وقد كان لتأليف كتب (الغيبة) دور هام في دفع هذا النوع من الشبهات وإصلاح المسار الفكري
للتشيّع قطعاً.
مصير المذاهب المنحرفة
بعد النعماني :
ورد في الفصول المختارة ـ نقلاً عن الحسن بن
موسى النوبختي ـ التعريف مفصّلاً بأربع عشرة فرقة ظهرت بعد وفاة الإمام الحسن
العسكري عليهالسلام ، وقد أفاد الشيخ المفيد
قائلاً : «وليس من هؤلاء الفرق التي ذكرناها فرقة موجودة في زماننا هذا ـ وهو من سنة
ثلاث وسبعين وثلاث مائة ـ إلاّ الإمامية الاثنا عشرية القائلة بإمامة ابن الحسن المسمّى
باسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، القاطعة على حياته وبقائه إلى وقت قيامه
بالسيف حسب ما شرحناه فيما تقدّم عنهم ، وهم أكثر فرق الشيعة عدداً وعلماً ، ومتكلّمون
نظّار ، وصالحون عبّاد ، متفقّهة وأصحاب حديث وأدباء وشعراء ، وهم وجه الإمامية ورؤساء
جماعتهم والمعتمد عليهم في الديانة».
واستطرد الشيخ المفيد
قائلاً : «ومن سواهم منقرضون لا يعلم أحدٌ من جملة الأربع عشرة فرقة التي قدّمنا ذكرها
ظاهراً بمقاله ، ولا موجوداً على هذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوصف من ديانته ،
وإنّما الحاصل منهم حكاية عمّن سلف ، وأراجيف بوجود قوم منهم لا يثبت».
إنّ الفقرة الأخيرة
تشير إلى إشاعات حول بعض أتباع هذه المذاهب في عصر المؤلّف ، إذ يرى الشيخ المفيد عدم
صحّتها.
وقد أشار الشيخ المفيد
في كتابه الفصول
العشرة في الغيبة الذي ألّفه سنة (٤١٠
للهجرة) إلى أنّه لم يعثر على أحد من أحفاد جعفر كان قد اختلف مع الشيعة الاثنى عشرية
حول مسألة إمامة ابن الإمام الحسن العسكري عليهالسلام وبقائه على قيد الحياة
وانتظار ظهوره ، وقد دعم الشيخ الطوسي هذا الرأي في كتابه الغيبة الذي ألّفه في سنة
(٤٤٧ للهجرة) ، وقد كانت هذه الفرقة قد اندثرت تماماً ولم يعد لها من وجود في ذلك الزمان.
وقد نقل بعض المحقّقين
المعاصرين ما تقدّم وأضاف إليه قائلاً : «يبدو أنّه بالإمكان الوثوق بمضمون هذا الكلام
فيما يتعلّق بالحدود التقليدية لمذهب التشيّع من المدينة إلى خراسان ، بيد أنّ الكثير
من أحفاد جعفر قد هاجروا إلى المدن والحواضر البعيدة عن المناطق والبلدان الشيعية ،
من قبيل :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصر والهند ونظرائهما
.. وأصبح بعضهم من أقطاب ومشايخ الصوفية ، ومن بين تلك الطرق الصوفية التي تنتقل فيها
الزعامة والمشيخة بالوراثة موجودة حاليّاً في تركيا. وقد أرجعت هذه الفرقة سلالة مشيختها
في أحدث إصداراتها إلى جعفر الذي يدعونه بجعفر المهدي ، وقد أشار أحد المتأخّرين من
مشايخهم واسمه السيّد أحمد حسام الدين (المتوفّى سنة (١٣٤٣ للهجرة) .. بشكل غير مباشر
في مقدّمة تفسيره إلى أنّه (وارث النبيّ) و (إمام العصر)».
إنّ هذه العبارة تنطوي
على شيء من الغموض ، فالذي يبدو من ظاهرها أنّ المؤلّف يعتقد
أنّ فرقة الجعفرية لم تندثر في عصر الشيخ المفيد والشيخ الطوسي ، وقد استند في إثبات
ذلك إلى استمرار بقاء سلسلة طريقة أبناء جعفر إلى العصر الراهن في تركيا ، إلاّ أنّ
بقاء سلسلة الطريقة لا يتنافى مع اندثار الجعفرية في عصر الشيخ المفيد والشيخ الطوسي
؛ لأنّ المراد من اندثار الجعفرية يعني القول بإمامة شريعتهم ، دون مشيخة طريقتهم ،
كما هو الحال بالنسبة إلى معروف الكرخي الذي تنتهي إليه سلاسل الكثير من طرق الصوفية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبطبيعة الحال فإنّ
كون هذه السلسلة الصوفية تقوم على الوراثة وانتقال المشيخة من الآباء والأجداد إلى
الأبناء في ذلك الزمان بحاجة إلى إثبات ، ولا يكفي في إثبات ذلك مجرّد بقاء هذه السلسلة
على الطريقة الراهنة في الوقت الحاضر.
إن كان مراد السيّد
حسام الدين من التعبيرين المذكورين وهما : (وارث النبيّ) و (إمام العصر) في الشريعة
، ولو افترضنا أنّه يدّعي الإمامة في الشريعة عن طريق التوارث وانتقال المرجعية من
الآباء إلى الأبناء ، وأنّ هذه المرجعية قد انتقلت إليه من آبائه ، فإنّ مجرّد هذا
الادّعاء لا يصحّ دليلاً على أنّ آباءه كانوا يدّعون الإمامة حقيقة ، أو أنّهم كانوا
يعتقدون بإمامة جعفر ، بل من المحتمل أن يكون شخص من أولاد جعفر قام بهذه الدعوى بعد
سنين من اندثار الجعفرية ونسبها إلى أجداده أيضاً ، وعليه لا دليل على عدم صحّة كلام
الشيخ المفيد والشيخ الطوسي بشأن اندثار الجعفرية في عصرهما.
وفيما يلي نعود إلى
مواصلة الكلام بشأن سيرة أبي عبد الله النعماني.
لقب النعماني :
يشير صاحب كتاب روضات الجنّات في ترجمة النعماني
إلى أنّ لقب النعماني منسوب إلى النعمانية ، وهي مدينة بين واسط وبغداد ، ويَحتمل بعيداً
نسبته إلى قرية في مصر معروفة بهذا الاسم ، وقد أضاف : إنّ هذا اللقب لا ينتسب إلى
النعمانية ـ بفتح النون ـ والتي هي مدينة صغيرة بين حماة وحلب ، أو إلى النعمان ـ بالفتح
ـ والذي هو اسم واد في طريق الطائف ، أو إلى
النُعمان الذي تَسمّى
به بعض المشاهير.
يمكن إرجاع عدم نسبة
هذا اللقب إلى النَعمانية والنَعمان ـ بفتح النون ـ إلى اختلاف تلفّظ هذين الاسمين
واسم النُعماني ـ بضمّ النون ـ ولكن ما هو سبب عدم نسبته إلى النُعمان؟ هذا ليس واضحاً. ومن ناحية أخرى لم يتّضح سبب احتمال صاحب روضات الجنّات أن يكون هذا اللقب
نسبةً إلى قرية في مصر رغم بُعده ، في حين يُصرّح بإنكار أن يكون منسوباً إلى
النُعمان.
وقد ذهب السمعاني في
أنسابه
على هامش مدخل (النعماني)
إلى القول بنسبته إلى النعمانية ـ مدينة بين بغداد وواسط على ضفاف نهر دجلة ـ ثمّ ذكر
أسماء عدد من المحدّثين الملقّبين بهذا اللقب من أمثال : أبي جعفر
محمّد بن سليمان الباهلي النعماني (المتوفّى سنة ٣٢٢ للهجرة) في النعمانية ، وهو قريب
في المعاصرة للنعماني صاحب الغيبة.
وقد جاء في كتاب تاريخ بغداد في ترجمة أبي يعقوب
إسحاق بن إبراهيم النعماني أنّ تأريخ وفاته كان في سنة (٣٤٥ للهجرة) ، وبذلك يكون
معاصراً تماماً للشيخ النعماني صاحب كتاب الغيبة الذي كان حيّاً في
شهر ذي الحجّة من سنة (٣٤٢ للهجرة).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما يعتبر أبو الحسن
علي بن ثابت بن أحمد بن إسماعيل النعماني الذي يروي عنه أبو الحسن الدارقطني (المتوفّى
سنة ٣٤٥ للهجرة) ، من طبقة النعماني صاحب الغيبة أيضاً.
وقال ياقوت الحموي
في هامش مدخل (النعمانية) ـ بعد ضبطها بضم النون ـ في كتاب معجم البلدان : «كأنّها منسوبة إلى
رجل اسمه النُعْمان ؛ بُليدة بين واسط وبغداد في نصف الطريق على ضفّة دجلة ... وأهلها
شيعة غالية كلّهم ... وقد نسب إليها قوم من أهل الأدب في كتاب ابن طاهر».
ويمكن لنا ـ بالنظر
إلى مذهب سكّان هذه المدينة ـ أن ننسب النعماني صاحب الغيبة إلى هذه المدينة أيضاً.
ولكن لم يتّضح لنا من هو القائل بنسبة سكّان هذه المدينة إلى الغلوّ في التشيّع؟ وربّما
تسرّبت هذه العبارة إلى معجم
البلدان من كتاب ابن طاهر ، والمراد من ابن طاهر على ما يبدو هو أبو
الفضل محمّد بن طاهر المقدسي (المتوفّى سنة ٥٠٧ للهجرة) ، والذي ألّف كتاباً
بعنوان المؤتلف
والمختلف ، وقد طبع هذا الكتاب في لندن سنة (١٨٩٠ للميلاد) على يد المستشرق
(دي بونك) تحت عنوان الأنساب
المتّفقة في النقط والضبط.
ومهما يكن فليس من
الواضح اعتبار النعمانية في عصر النعماني صاحب الغيبة ـ في أواسط القرن الرابع
ـ مركزاً للتشيّع الغالي ـ على حدّ تعبير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرجاليّين من أهل
السنّة ـ ، بل الذي نحتمله أنّ النعمانية لم تشهد انتشار التشيّع إلاّ بعد سنوات من
تلك الحقبة.
وإنّ المحدّثين الملقّبين
بالنعماني من المعاصرين لصاحب
الغيبة ـ من الذين تمّت الإشارة
لهم في العبارة المنقولة عن أنساب السمعاني ـ هم على ما يبدو من أهل السنّة بأجمعهم.
وهناك الكثير من الذين
ينتسبون إلى لقب النعماني في كتبنا الروائية ، من أمثال : أحمد بن داوود النعماني ،
مؤلّف كتاب دفع
الهموم والأحزان وقمع الغموم والأشجان ـ والذي لا نملك معلومات
كثيرة حوله ـ ، وعليّ بن الحسن بن صالح بن الوضّاح النعماني الذي يروي عن أبي عبد الله
بن إبراهيم ابن أبي رافع وعن الخطّاب وأبي عبد الله محمّد بن إبراهيم النعماني.
وقد نقل الكفعمي في المصباح أمراً عن النعماني
في نهج
السداد ، والمقصود من هذا
الشخص هو عبد الواحد بن الصفيّ النعماني ، وكتابه شرح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رسالة
واجب الاعتقاد للعلاّمة الحلّي ، وقال صاحب الرياض
[ما معناه] :«أظنّ أنّه من أحفاد النعماني صاحب الغيبة» ، ولكن لم يتّضح لنا منشأ هذا الظنّ ، ومجرّد لقب النعماني
لا يمكنه تبرير مثل هذا الظنّ.
روى البيّاضي في الصراط المستقيم عن كتاب القاضي النعماني : «لو لم يكن هذا الاسم
تصحيفاً عن القاضي النعماني ، قد يكون المراد منه
علي نجل القاضي نعمان المصري ، مؤلّف دعائم الإسلام ، الذي تولّى منصب
القضاء ـ مثل أبيه ـ عن الخلافة الفاطمية».
وللبحث صلة ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لسان الميزان
والمصادر الرجالية في المدرسة الإمامية
(١)
|
|
الشيخ محمّد باقر ملكيّان
بسم الله الرحمن
الرحيم
الحمد لله ربّ
العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمّد وعترته الطاهرين واللعن الدائم على
أعدائهم أجمعين.
مقدّمة :
لقد نقل ابن حجر في
كتابه لسان الميزان عن كثير من مصادر الشيعة الرجالية ، وهذه المصادر تارةً وصلت إلينا
ـ كما هو الحال في رجال النجاشي والشيخ والكشّي وغيرها ـ و تارةً لم تصل إلينا ـ كما
هو الحال في رجال ابن أبي طي وعليّ بن الحكم وابن بابويه وغيرها من المصادر الرجالية
ـ.
والذي نحن بصدده في
المقام استخراج ما نقل ابن حجر عن المصادر التي وصلت إلينا ـ أي المصادر الأربعة الرجالية
ـ والوجه في ذلك أنّ النسخ
التي كانت عند ابن
حجر من هذه المصادر تختلف عن النسخ التي بأيدينا :
١ ـ فهو قد نقل عن
هذه المصادر تراجم ليس في النسخ الموجودة منها عين ولا أثر.
٢ ـ كما أنّه قد نقل
في ذيل بعض التراجم موضوعات ليست في النسخ الموجودة بين أيدينا ، مثلاً نقل في بعض
التراجم عن رجال الشيخ توثيقات مع أنّ رجال
الشيخ خال عن التوثيق.
فمن المحتمل جدّاً
أنّ هناك غلط في نسخة ابن حجر في هذه الموارد أو خبطه وخلطه ، وقد نبّهنا على ذلك في
الحواشي.
ومن الغريب جدّاً أنّ
ابن حجر لم ينقل عن رجال البرقي ، فهذا إمّا لعدم توفّر نسخة من رجال البرقي لديه وإمّا
لأنّ رجال البرقي كتاب الطبقات فقط وليس فيه أيّ جرح أو تعديل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي الختام ينبغي التنبيه
على نكتة وهي أنّ ابن حجر لم ينقل عن مصادر الشيعة الرجالية إلاّ في القسم اليسير من
التراجم ، فهو ـ كما سترى إن شاء الله ـ لم ينقل عن هذه المصادر بعد حرف (الحاء) إلاّ
القليل لم يبلغ عدد الأصابع.
والقول بأنّ هذه النسخ
ناقصة عنده بعيد جدّاً ، فلعلّ الوجه في ذلك :
١ ـ إمّا قلّة فائدة
هذه المباحث والموضوعات للباحث السنّي.
٢ ـ وإمّا القول بأنّ
ابن حجر لم يوفّق لتكميل لسان الميزان تكميلاً نهائياً ، فالظاهر أنّ ابن حجر ألّف
كتابه هذا في أواخر حياته.
ما نقله ابن حجر في لسان الميزان
عن المصادر الرجالية الأربعة في المدرسة الإمامية
١ ـ آدم بن إ سحاق
بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري القمّي :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في مصنّفي الإمامية. روى عن يونس بن يعقوب وعبيد الله بن محمّد الجعفي وغيرهما. روى
عنه محمّد بن عبد الجبّار وإبراهيم بن هاشم القمّي وأبو عبد الله الرقّي.
قال : وكان زاهداً
خاشعاً.
٢ ـ آدم بيّاع اللؤلؤ
:
ذكره الطوسي في مصنّفي
الشيعة الإمامية وأثنى على حفظه وعلمه.
٣ ـ آدم بن الحسين
النجاشي الكوفي ، أبو الحسين :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال الشيعة ممّن روى عن جعفر.
روى عنه إسماعيل بن
مهران.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٤ ـ آدم بن صبيح الكوفي
:
روى عن جعفر
الصادق ، ذكره الطوسي في رجال الشيعة وقال : كان ثقة.
٥ ـ آدم بن عبد الله
بن سعد الأشعري :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة الإمامية وأثنى عليه.
٦ ـ آدم بن عيينة الهلالي
، أخو سفيان :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة فيمن يروي عن جعفر الصادق وقال : كان يكتب بين يديه.
٧ ـ آدم بن المتوكّل
:
روى عن جعفر الصادق
عليهالسلام. وعنه أحمد بن يزيد الخزاعي وعبيس. ذكره الطوسي في مصنّفي الإمامية.
٨ ـ آدم بن محمّد القلانسي
البلخي ، أبو محمّد :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال الشيعة وكان يتّهم بالتفويض.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٩ ـ آدم المرادي ،
أخو أبي الصيرفي :
ذكره أبو عمرو الكشّي
في رجال الشيعة وقال : روى عن جعفر الصادق.
١٠ ـ أبان بن أرقم
الأسدي الكوفي :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في الشيعة الإمامية في رجال أبي عبد الله جعفر الصادق ووثّقه.
١١ ـ أبان بن أرقم
الطائي ثمّ النسبي ، أبو الأرقم الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
أبي عبد الله جعفر الصادق ووثّقه وكان من الشيعة الإمامية.
١٢ ـ أبان بن أرقم
الغنوي الكوفي ثمّ المدني :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في الشيعة الإمامية وقال : روى عن أبي عبد الله جعفر الصادق ، رحل إليه فسمع حديثاً
كثيراً.
١٣ ـ أبان بن صدقة
الكوفي :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال جعفر بن محمّد من الشيعة وقال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسند حديثاً كثيراً.
١٤ ـ أبان بن عبد الله
، أبو عبد الله البصري :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال الشيعة من أصحاب جعفر الصادق.
١٥ ـ أبان بن عبد الملك
النخعي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : روى عن جعفر بن محمّد وصنّف كتاب الحجّ.
١٦ ـ أبان بن عبدة
الصيرفي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة الرواة عن جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام.
١٧ ـ أبان بن عثمان
الأحمر :
ذكره الطوسي في مصنّفي
الإمامية ، وكان أصله من الكوفة وتردّد إلى البصرة وأخذ عنه أبو عبيدة ومحمّد بن سلام
وأكثر عنه في طبقات الشعراء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولم يعرف من مصنّفاته
إلاّ كتابه الكبير في المبتدأ والبعث والمغازي والوفاة والردّة.
وذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : حمل عن جعفر بن محمّد وموسى بن جعفر ، له كتاب المبتدأ. وقال محمّد بن
أبي عمير : كان أبان من أحفظ الناس بحيث إنّه يرى كتابه فلا يزيد حرفاً على رأس المأتين.
١٨ ـ أبان بن عمر الأسدي
:
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال الشيعة الرواة عن جعفر الصادق عليهالسلام.
١٩ ـ أبان بن عمر الجدلي
الكوفي :
ذكره الطوسي أيضاً.
٢٠ ـ أبان بن عمران
الفزاري الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة الرواة عن جعفر الصادق عليهالسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٢١ ـ أبان بن كثير
الغنوي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة الرواة عن جعفر بن محمّد.
٢٢ ـ أبان بن محمّد
البجلي البزّاز الكوفي يعرف بسندي :
ذكره النجاشي في رجال
الشيعة وقال : له كتاب النوادر.
٢٣ ـ أبان بن مصعب
الواسطي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة الرواة عن جعفر بن محمّد عليهالسلام وقال : إنّه مقلّ.
٢٤ ـ إبراهيم بن أبي
البلاد بن سليم الغطفاني ، يكنّى أبا إسماعيل :
ذكره الطوسي في رجال
جعفر الصادق عليهالسلام من الشيعة وقال : كان
ثقة فقيهاً قارياً وعمّر دهراً طويلاً حتّى كاتبه عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام برسالة.
روى عنه ابناه يحيى
ومحمّد ومحمّد بن سهل بن اليسع وآخرون.
٢٥ ـ إبراهيم بن أبي
حفص الكاتب ، أبو إسحاق :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال الشيعة وقال : كان أحد المصنّفين.
روى عن أبي محمّد العسكري
وكان مقبول القول ، ما رأيت أعقل منه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا أحسن من حديثه.
٢٦ ـ إبراهيم بن أبي
حفصة العجلي :
مولاهم ، ذكره الطوسي
في رجال الشيعة الرواة عن أبي جعفر الباقر وقال كان من العباد الثقات.
٢٧ ـ إبراهيم بن أبي
رجاء الكوفي :
ذكره الكشّي في رجال
الشيعة الرواة عن جعفر الصادق.
٢٨ ـ إبراهيم بن أبي
زياد الكوفي ، أبو أيّوب :
ذكره الطوسي في رجال
جعفر الصادق من الشيعة.
٢٩ ـ إبراهيم بن أبي
فاطمة :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال روى عن الصادق عليهالسلام.
٣٠ ـ إبراهيم بن أبي
محمود الخراساني :
ذكره النجاشي في رجال
الشيعة من أصحاب موسى الكاظم عليهالسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٣١ ـ إبراهيم بن أبي
المكرم الجعفري :
ذكره النجاشي في رجال
الشيعة وقال : روى عن عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام.
٣٢ ـ إبراهيم بن الأزرق
الكوفي بيّاع الطعام :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال أبي جعفر الباقر عليهالسلام من الشيعة.
٣٣ ـ إبراهيم بن إسحاق
الحارثي المخارقي :
ذكره الطوسي في رجال
جعفر الصادق من الشيعة.
٣٤ ـ إبراهيم بن إسحاق
النهاوندي ثمّ الأحمري ، أبو إسحاق :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة ، وقال : كان ضعيفاً في حديثه وصنّف كتباً ، منها : المسبعة ، وخوارق الأسرار
، والنوادر ، ومقتل الحسين ، وغيرها. رواها عنه ظفر ابن حمدون والقاسم بن محمّد الهمداني
وغيرهما ؛ انتهى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٣٥ ـ إبراهيم بن إسماعيل
بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال جعفر بن محمّد الصادق من الشيعة وقال : كان فاضلاً في نفسه سريّاً في قومه.
٣٦ ـ إبراهيم بن بشر
، بيّاع السابري :
ذكره الطوسي في رجال
جعفر الصادق من الشيعة.
٣٧ ـ إبراهيم بن جميل
الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
أبي جعفر الباقر عليهالسلام من الشيعة.
٣٨ ـ إبراهيم بن حبيب
القرشي :
ذكره الطوسي في رجال
جعفر الصادق عليهالسلام من الشيعة.
٣٩ ـ إبراهيم بن حريث
:
ذكره الكشّي في رجال
جعفر الصادق من الشيعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٤٠ ـ إبراهيم بن الحسن
بن جمهور ، أبو الفتح :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في شيوخ الشيعة وقال : روى عن أبي بكر المفيد نسخة الأشج ، يعني : عثمان بن الخطّاب
الآتي ذكره.
٤١ ـ إبراهيم بن الحسن
بن عليّ المدني بن عليّ :
ذكره الطوسي في رجال
الصادق من الشيعة وقال : سكن الكوفة.
٤٢ ـ إبراهيم بن الحكم
بن ظهير الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة المصنّفين وقال : له كتاب الملاحم. وقال : روى عن أبيه وعبيدة بن حميد وعليّ
بن عابس.
٤٣ ـ إبراهيم بن حمّاد
:
عن [كذا] ، وعنه أحمد
بن ميثم. وأثنى عليه ، وذكره الطوسي في رجال الشيعة المصنّفين.
٤٤ ـ إبراهيم بن حيّان
الكوفي الأسدي :
نزيل واسط ، ذكره الطوسي
في رجال الشيعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٤٥ ـ إبراهيم بن خالد
العطّار :
ذكره الطوسي في مصنّفي
الشيعة.
٤٦ ـ إبراهيم بن خربوذ
المكّي :
ذكره الطوسي في رجال
الباقر من الشيعة.
٤٧ ـ إبراهيم بن خصيب
الأنباري :
ذكره الطوسي في الشيعة
الإمامية.
٤٨ ـ إبراهيم بن داود
اليعقوبي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة ، وقال : روى عن عليّ الرضا بن الكاظم موسى.
٤٩ ـ إبراهيم بن رجاء
الجحدري :
ذكره الطوسي في مصنّفي
الشيعة الإمامية ، روى عنه إبراهيم بن هاشم.
٥٠ ـ إبراهيم بن الزبرقان
التيمي الكوفي :
قال أبو جعفر الطوسي
في رجال الشيعة : إبراهيم بن الزبرقان التيمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكوفي أسند عن جعفر
الصادق عليهالسلام.
٥١ ـ إبراهيم بن زياد
الخارفي :
ذكره الطوسي في رجال
جعفر الصادق من الشيعة.
٥٢ ـ إبراهيم بن زياد
الخزّاز الكوفي ، أبو أيّوب :
ذكره الطوسي في رجال
جعفر الصادق عليهالسلام من الشيعة.
٥٣ ـ إبراهيم بن سلمان
مدني :
ذكره الطوسي في رجال
جعفر الصادق من الشيعة.
٥٤ ـ إبراهيم بن سليمان
النهمي :
قد ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال الشيعة ـ وهو أعلم به ـ فقال : إبراهيم بن سليمان بن عبد الله بن حيّان السهمي
بطن من همْدان ، روى عن عليّ بن غراب ويحيى بن هاشم وإبراهيم بن الحكم وجابر بن إسماعيل
وجماعة.
روى عنه حميد بن زياد
وعليّ بن محمّد بن رباح النحوي وآخرون.
وكان يعرف بالجزّار.
وله تصانيف سرد منها
الطوسي جملة. وقال : إنّه كان يسكن قديماً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قرية هلال فكان يقال
له الهلالي.
٥٥ ـ إبراهيم بن سماعة
الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
٥٦ ـ إبراهيم بن شيبة
الأصبهاني ، مولى بني أسد :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
٥٧ ـ إبراهيم بن صالح
الأنماطي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من أصحاب الباقر عليهالسلام ، وقال : له
تصانيف على مذهب الإمامية.
٥٨ ـ إبراهيم بن الصباح
الأزدي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
٥٩ ـ إبراهيم بن ضمرة
الغفاري :
ذكره الطوسي في رجال
جعفر الصادق من الشيعة ، ونقل عنه طعناً في الإمام الشافعي ووصفه بالزهد والورع لا
بارك الله فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٦٠ ـ إبراهيم بن عبّاد
البرجمي الكوفي :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في الرواة عن جعفر الصادق من الشيعة.
٦١ ـ إبراهيم بن عبّاد
الأزدي الكوفي :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في الشيعة الرواة عن جعفر الصادق.
٦٢ ـ إبراهيم بن عبد
الحميد الكوفي الأسدي الأنماطي ، أخو محمّد بن عبد الله بن زرارة لأمّه :
روى عن جعفر الصادق
عليهالسلام ويعقوب الأحمر وسعد
الإسكاف.
وعنه محمّد بن جعفر
وصفوان بن يحيى ومحمّد بن عيسى.
ذكره الطوسي أبو جعفر
في رجال الشيعة.
٦٣ ـ إبراهيم بن عبد
الرحمن بن أميّة بن محمّد بن عبد الله بن ربيعة الخزاعي :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال جعفر الصادق من الشيعة.
٦٤ ـ إبراهيم بن عبد
الرحمن بن أبي كريمة :
أخو إسماعيل السدّي
من رجال الشيعة ، ذكره الطوسي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٦٥ ـ إبراهيم بن عبدة
النيسابوري :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال الشيعة وقال : روى عن أبي الحسن الثالث من الأئمة الاثني عشر وأبي محمّد العسكري.
٦٦ ـ إبراهيم بن عبيد
:
أبو عزة الأنصاري ،
ذكره الطوسي في رجال الشيعة وقال : روى عن جعفر والباقر.
٦٧ ـ إبراهيم بن عثمان
الخزّاز الكوفي ، أبو أيّوب :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في مصنّفي الشيعة وقال : روى عن محمّد بن مسلم وأبي الورد وغيرهما.
روى عنه صفوان بن يحيى
والحسن بن محبوب وأثنى على ورعه وزهده.
٦٨ ـ إبراهيم بن عربي
الأسدي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : روى عن جعفر الصادق عليهالسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٦٩ ـ إبراهيم بن عليّ
الكوفي :
نزيل سمرقند ، ذكره
الطوسي في رجال الشيعة.
٧٠ ـ إبراهيم بن غريب
الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : روى عن جعفر الصادق عليهالسلام.
٧١ ـ إبراهيم بن فهد
الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال روى عن محمّد بن عقبة ، روى عنه عبد العزيز بن يحيى.
٧٢ ـ إبراهيم بن قتيبة
الأصفهاني :
ذكره الطوسي في مصنّفي
الشيعة الإمامية.
٧٣ ـ إبراهيم بن المتوكّل
الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من أصحاب جعفر الصادق عليهالسلام.
٧٤ ـ إبراهيم بن المثنّى
الكوفي :
ذكره الليثي في رجال الشيعة من
أصحاب جعفر الصادق عليهالسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٧٥ ـ إبراهيم بن محرز
الجعفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من أصحاب جعفر.
٧٦ ـ إبراهيم بن محمّد
الأشعري القمّي :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في مصنّفي الشيعة الإمامية ، روى عن جعفر الصادق عليهالسلام وغيره ، روى عنه الحسن
بن عليّ بن فضّال وغيره.
٧٧ ـ إبراهيم بن محمّد
بن سعيد بن هلال بن عاصم بن سعد الثقفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة ، وقال : كان أوّلاً زيدياً ثمّ صار إمامياً قال : وكان سبب خروجه من الكوفة
إلى أصبهان أنّه صنّف كتاب المناقب والمثالب فأشار عليه بعض أهل الكوفة أن يخفيه ولا
يظهره فقال : أيّ البلاد أبعد عن التشيّع؟ فقالوا له : أصبهان ، فحلف أن لا يخرجه ويحدّث
به إلاّ بأصبهان ، تقع منه بصحّة ما أخرج فيه ، فتحوّل إلى أصبهان وحدّث به فيها.
قال : ومات بأصبهان
سنة ثمانين ومائتين.
حدّث عن أبي نعيم وعبّاد
بن يعقوب والعبّاس بن بكار وهذه الطبقة.
ومن تصانيفه : كتاب
المغازي ، كتاب السقيفة ، كتاب الردّة ، كتاب الشورى ، كتاب مقتل عثمان ، كتاب صفّين
، كتاب الحكمين ، كتاب النهروان ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب مقتل عليّ عليهالسلام ، كتاب مقتل الحسين
عليهالسلام ، كتاب التوّابين ،
كتاب أخبار المختار ، كتاب السرائر ، كتاب المعرفة ، كتاب الجامع الكبير في الفقه ،
كتاب فضل الكوفة ومن نزلها من الصحابة ، كتاب الدلائل ، كتاب من قتل من آل محمّد ،
كتاب التفسير ، وغير ذلك.
روى عنه أحمد بن عليّ
الأصبهاني والحسين بن عليّ بن محمّد الزعفراني ومحمّد بن زيد الرطّال وآخرون.
وكان أخوه عليّ قد
هجره وباينه بسبب الرفض.
قلت : أرّخ الطوسي
وفاته سنة ثلاث وثمانين ومائتين.
٧٨ ـ إبراهيم بن محمّد
بن العبّاس الختلي القمّي :
ذكره أبو عمرو الكشّي
في رجال الشيعة وقال : روى عن عليّ بن الحسين بن فضّالة.
٧٩ ـ إبراهيم بن محمّد
بن عبد الله بن موسى بن جعفر الصادق :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
٨٠ ـ إبراهيم بن محمّد
، بن فارس النيسابوري :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من أصحاب عليّ بن محمّد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجواد عليهالسلام.
٨١ ـ إبراهيم بن محمّد
المرادي :
ذكره الطوسي في مصنّفي
الشيعة.
٨٢ ـ إبراهيم بن محمّد
، مولى قريش :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
٨٣ ـ إبراهيم بن محمّد
الهمداني :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : إنّه أخذ عن أبي جعفر الجواد عليهالسلام.
٨٤ ـ إبراهيم بن محمّد
بن ميمون :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال الشيعة.
٨٥ ـ إبراهيم بن مرثد
الكندي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من أصحاب أبي جعفر الباقر عليهالسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٨٦ ـ إبراهيم بن مسكين
البصري :
روى عن كهمس الفزاري
، وعنه محمّد بن سليمان بن محبوب ، ذكره الطوسي في رجال الشيعة.
٨٧ ـ إبراهيم بن مسلم
بن هلال الضرير الكوفي :
ذكره النجاشي في رجال
الشيعة.
٨٨ ـ إبراهيم بن معاذ
:
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من أصحاب أبي جعفر الباقر عليهالسلام.
٨٩ ـ إبراهيم بن معقل
بن قيس الأسدي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة ممّن روى عن جعفر الصادق عليهالسلام.
٩٠ ـ إبراهيم بن معوض
الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : كان من أصحاب أبي جعفر الباقر وجعفر الصادق رضي الله عنهما ، روى عنه
حصين بن مخارق ومنصور بن حازم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٩١ ـ إبراهيم بن منير
الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
٩٢ ـ إبراهيم بن موسى
الأنصاري :
ذكره النجاشي في شيوخ
الشيعة ، روى عن عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام ، وله كتاب النوادر.
٩٣ ـ إبراهيم بن مهرويه
:
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
٩٤ ـ إبراهيم بن مهزيار
الأهوازي :
روى عن أبي محمّد العسكري
، وعنه عبد الله بن جعفر الحميري وسعد بن عبد الله القمّي ، ذكره الطوسي والنجاشي في
مصنّفي الشيعة.
٩٥ ـ إبراهيم بن هراسة
الشيباني الكوفي :
قال أبو جعفر الطوسي
في رجال الشيعة : كان يعرف بابن هراسة ، وهي أمّه ، واسم أبيه رجاء ، وكان من رجال
جعفر الصادق عليهالسلام المصنّفين لكنّه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عامّي المذهب ، يعني
أنّه من أهل السنّة.
٩٦ ـ أحمد بن إبراهيم
بن إسماعيل بن داود بن حمدون ، أبو عبد الله النديم الكاتب ، يكنّى أبا عبد الله :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في مصنّفي الإمامية وقال : شيخ أهل اللغة ووجههم ، أخذ عنه أبو العبّاس ثعلب قبل ابن
الأعرابي ، وأخذ عن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى الرضا وكان خصّيصاً به.
٩٧ ـ أحمد بن إبراهيم
بن المعلّى بن أسد العمي ، أبو بشر ، بصري :
ذكره الطوسي في مصنّفي
الإمامية. روى عن جدّه وعن عمّه. وله تصانيف.
٩٨ ـ أحمد بن الحسين
بن سعيد بن حمّاد بن مهران ، أبو جعفر الأهوازي :
قال أبو جعفر الطوسي
: وذكروا أنّه غال وحديثه يعرف وينكر ، أخذ عن أكثر شيوخ أبيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٩٩ ـ أحمد بن عليّ
بن الخضيب الرازي :
قال أبو جعفر الطوسي
: لم يكن بذاك الثقة في الحديث.
روى عنه التلعكبري.
١٠٠ ـ أحمد بن محمّد
بن سيار السياري ، أبو عبد الله البصري :
قال أبو جعفر الطوسي
: ضعيف الحديث فاسد المذهب.
١٠١ ـ أحمد بن ميثم
بن أبي نعيم الفضل بن دكين الكوفي ، أبو الحسن :
وقال أبو جعفر الطوسي
: له تصانيف في التشيّع ، يعني وكان من الفقهاء.
١٠٢ ـ إدريس بن أبي
إدريس بن عبد الله المرهبي الزيّات :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : كان حافظاً خبير بالحديث ، وكان يعادى عبد الله بن طاوس ويذكر أنّه كان
يكذب على أبيه ، قال : وكان على خاتم سليمان بن عبد الملك. وذكر الطوسي قصّته في شان
عبد الله بن طاوس وآثار الوضع عليها لائحة وبالله التوفيق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٠٣ ـ إدريس بن زياد
الكفرتوثي ، أبو الفضل وأبو محمّد :
ذكره الطوسي وقال :
ثقة من رجال الشيعة ، أدرك أصحاب جعفر الصادق عليهالسلام.
وروى عن حنان بن سدير.
وعنه أحمد بن ميثم
بن أبي نعيم وجعفر بن محمّد الحسيني ومحمّد بن الحسن الأشعري.
وله كتاب النوادر وغيره.
١٠٤ ـ إدريس بن عبد
الله :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : له مسائل جيّدة رواها عنه محمّد ابن الحسن.
١٠٥ ـ إدريس بن عبد
الله بن سعد الأشعري القمّي :
أخو الزبير وزكريّا.
قال الليثي : كان من رجال الشيعة ، أخذ عن جعفر الصادق عليهالسلام ، وروى عن عليّ الرضا
عليهالسلام. وصنّف كتباً يعتمد عليها ، روى عنه محمّد بن الحسن بن أبي
خالد ، وأثنى عليه ابن النجاشي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٠٦ ـ إدريس بن الفضل
بن سليمان الخولاني :
أبو الفضل ، ذكره ابن
النجاشي في مصنفّي الشيعة وقال : كان ثقة واقفاً وله كتاب الأدب وغيره.
١٠٧ ـ إدريس بن هلال
:
ذكره الكشّي في رجال
الشيعة ، وقال : كان أحد رجال جعفر بن محمّد وحدّث.
١٠٨ ـ إدريس بن يوسف
:
ذكره الكشّي في رجال
الشيعة وقال : كان من رجال الصادق. روى عنه محمّد القمّي.
١٠٩ ـ أديم بن الحرّ
الخثعمي ، بيّاع الهروي :
روى عن جعفر الصادق
عليهالسلام.
روى عنه حمّاد بن عثمان.
وذكره الكشّي في رجال
الشيعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١١٠ ـ أديم بن عبد
الله بن سعد الأشعري القمّي :
أخو عبد الملك ، ذكره
الكشّي في رجال الشيعة. روى عنه نوح الشيباني.
١١١ ـ إ سحاق بن آدم
بن عبد الله بن سعد الأشعري القمّي :
ذكره النجاشي في رجال
الشيعة وقال : روى عن عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام ، روى عنه محمّد بن
أبي الصهبان ، وله تصانيف.
١١٢ ـ إ سحاق بن إبراهيم
الأزدي :
أبو يعقوب الكوفي من
رجال الشيعة ، ذكره الطوسي ، روى عنه الحسين بن حمزة ابن بنت أبي حمزة الثمالي.
١١٣ ـ إسحاق بن إبراهيم
النخعي :
ذكره الكشّي في رجال
الشيعة وقال : روى عن جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١١٤ ـ إ سحاق بن إسماعيل
بن نوبخت :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : كان العامّة تسمّيه عالم أهل البيت ، وكان ثقة.
١١٥ ـ إ سحاق بن إسماعيل
النيسابوري :
ذكره الطوسي في رجال
أبي عبد الله جعفر الصادق عليهالسلام ، روى عنه عليّ
ابن مهران.
١١٦ ـ إ سحاق بن بشر
أبو حذيفة البخاري ، صاحب كتاب المبتدأ :
وذكره النجاشي في رجال
الصادق عليهالسلام وقال : كان عاميّاً
يعني من أهل السنّة.
١١٧ ـ إ سحاق بن جرير
بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي ، أبو عبد الله البجلي :
روى عن جعفر الصادق
عليهالسلام ، قاله الطوسي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال : وكان فقيهاً
من أهل العلم والتصنيف والرواية.
روى عنه عبيد بن سعدان
بن مسلم. وروى هو عن أحمد بن ميثم بن أبي نعيم وعثمان بن عيسى الرواسي وغيرهما.
١١٨ ـ إ سحاق بن جندب
الفرائضي :
ذكره النجاشي في رجال
الشيعة ، وقال : روى عن جعفر الصادق عليهالسلام.
روى عنه عبيس ووصفه
بالعبادة والتصنيف.
١١٩ ـ إ سحاق بن شعيب
بن ميثم الأسدي مولاهم الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة ، روى عن جعفر بن محمّد.
١٢٠ ـ إ سحاق بن عبد
الله بن سعد الأشعري القمّي :
ذكره الطوسي والنجاشي
والكشّي.
روى عنه ابنه أحمد
وعليّ بن بزرج ومحمّد بن أبي عمير وآخرون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٢١ ـ إ سحاق بن عبد
العزيز الكوفي ، أبو السفائح :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
١٢٢ ـ إ سحاق بن عمّار
بن يزيد بن حيّان ، أبو يعقوب الصيرفي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
جعفر الصادق عليهالسلام وولده موسى بن جعفر
عليهالسلام.
وذكره ابن عقدة في
رجال الشيعة وقال : له مصنّف وكان ثقة. روى عنه عتاب بن كلوب بن قيس البجلي
والحسن محبوب وعبد الله بن المغيرة وغيرهم.
١٢٣ ـ إ سحاق بن غالب
الأسدي الكوفي :
ذكره الكشّي في رجال
الشيعة وقال : كان شاعراً.
روى عن جعفر الصادق
عليهالسلام.
روى عنه صفوان بن يحيى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٢٤ ـ إ سحاق بن فرّوخ
، مولى آل طلحة :
ذكره الكشّي في رجال
الشيعة وقال : أخذ عن جعفر الصادق.
١٢٥ ـ إ سحاق بن الفضل
بن يعقوب بن الفضل بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : كان من رجال الباقر وولده جعفر عليهالسلام.
١٢٦ ـ إ سحاق بن محمّد
النخعي الأحمر :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : كان يروي عن ابن هاشم
الجعفري وإسماعيل بن
محمّد بن عليّ بن إسماعيل بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس وجعفر بن محمّد الفلاّس والحسن
بن طريف والحسن بن بلال ومحمّد بن الربيع بن سويد وسرد جماعة.
ومات سنة ستّ وثمانين
ومائتين.
١٢٧ ـ إ سحاق بن نوح
الشامي :
ذكره الطوسي في رجال
أبي جعفر الباقر عليهالسلام وقال : كان ثقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٢٨ ـ إ سحاق بن واصل
:
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال الشيعة.
١٢٩ ـ إ سحاق بن الهيثم
الكوفي :
ذكره الكشّي في رجال
جعفر الصادق عليهالسلام من الشيعة.
١٣٠ ـ إ سحاق بن يحيى
الكاهلي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
١٣١ ـ إ سحاق بن يزيد
بن إسماعيل الطائي ، أبو يعقوب الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : روى عن الباقر عليهالسلام وكان ثقة.
١٣٢ ـ أسد بن إسماعيل
:
ذكره الكشّي في رجال
الشيعة ممّن أخذ عن جعفر الصادق رضياللهعنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٣٣ ـ أسد بن سعيد
النخعي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : إنّه أخذ عن جعفر الصادق عليهالسلام.
١٣٤ ـ أسد بن عطاء
الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : كان من الرواة عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
١٣٥ ـ أسد بن عمّار
القيسي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : أخذ عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
١٣٦ ـ إسرائيل بن أسامة
الكوفي :
ذكره الكشّي والطوسي
في رجال الشيعة وأنّه من أصحاب جعفر الصادق رضياللهعنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٣٧ ـ إسرائيل بن عايذ
المدني المخزومي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة ، كان ثقة من الرواة عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
١٣٨ ـ إسرائيل بن عبّاد
المكّي ، أبو معاذ :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة ، وكان ثقة من الرواة عن أبي جعفر الباقر رضي الله عنه.
١٣٩ ـ الأسفع الكندي
، كوفي :
من رجال الشيعة ، أخذ
عن جعفر الصادق ، وصحب عبد الله بن عيّاش المسوّف ، ذكره الطوسي وقال : كان متقناً
كثير الرواية.
١٤٠ ـ أسلم الكوفي
الضرير :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
١٤١ ـ أسلم بن عابد
المدني :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
١٤٢ ـ أسلم المكّي
السبواس مولى محمّد ابن الحنفية :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : كان يخدم محمّد بن عليّ الباقر ولا يقول بالكيسانية ، قال : وروى حمدويه
عن محمّد بن عبد الحميد عن يونس بن يعقوب سئل أسلم عن قول محمّد ابن الحنيفة لعامر
بن واثلة : لا تبرح بمكّة حتّى تلقاني ولو صار أمرك إلى أن تأكل العضاه ، فأنكره أسلم
وقال لفطر : الست شاهدنا حين حدّثنا عامر بن واثلة بهذا : أنّ محمّد ابن الحنيفة إنّما
قال له : يا عامر إنّ الذي ترجوه انّما يخرج بمكّة ، فلا تبرح بمكّة حتّى تلقاه وإن
صار أمرك إلى أن تأكل العضاه ، ولم يقل لا تبرح حتّى تلقاني. قال : وروى حمدويه عن
أيّوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن شعبة عن سلام بن سعيد الجمحي
عن أسلم قال : كنت مع أبي جعفر فمرّ علينا محمّد بن عبد الله بن الحسن يطوف ، فقال
أبو جعفر : يا أسلم أتعرف هذا؟ قلت : نعم. قال : أما إنّه سيظهر ويقتل في حال مضيعة
، لا تحدّث بهذا أحداً فإنّه أمانة عندك. قال : فحدّثت به معروف بن خربوذ واستكتمته
، فسأله عنه أبا جعفر ، فأنكر عليّ وقال : لو كان الناس كلّهم شيعة لنا لكان ثلاثة
أرباعهم شكّاكاً والربع الآخر حمقى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٤٣ ـ إسماعيل بن إبراهيم
بن بزة القصير الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة. روى عن جعفر الصادق عليهالسلام.
روى عنه عليّ بن الحسن
، وله مسند كثير الفوائد قاله النجاشي.
١٤٤ ـ إسماعيل بن أبي
زياد السكوني :
قرأت بخطّ ابن أبي
طي : إسماعيل بن أبي زياد السكوني يعرف بالشقري ، أحد رجال الشيعة
وثقات الرواة ، ذكره الطوسي وله كتاب النوادر.
١٤٥ ـ إسماعيل بن أبي
زياد السلمي :
قال الطوسي : كوفي
ثقة من رجال الشيعة ، روى عنه عبد الله بن المغيرة.
١٤٦ ـ إسماعيل بن بكيرة
الكوفي :
ذكره النجاشي في مصنّفي
الشيعة وقال : روى عنه إبراهيم بن سليمان ابن حبّان التيمي. وقال الطوسي : كان يحفظ
أحاديث ورواها ، يعرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيحها من فاسدها.
١٤٧ ـ إسماعيل بن جابر
بن يزيد الجعفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
١٤٨ ـ إسماعيل بن الحكم
:
ذكره النجاشي في مصنّفي
الشيعة وقال : روى عن إسماعيل بن محمّد ابن عبد الله ، وقال : هو إسماعيل بن الحكم
الرافعي من ولد أبي رافع.
١٤٩ ـ إسماعيل بن خالد
:
كوفي. وذكره الكشّي
في رجال الشيعة رواة أبي جعفر الباقر وولده ، قال : وعاش إلى أن أخذ عن موسى بن جعفر.
روى عنه حمّاد بن عيسى.
١٥٠ ـ إسماعيل بن سهل
الدهقان :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : روى عن حمّاد بن عيسى ومحمّد بن أبي عمير. روى عنه محمّد بن عبد الجبّار
والهيثم بن أبي مسروق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأبو القاسم الكوفي
ومحمّد بن خالد البرقي. وقال ابن النجاشي : ضعّفه أصحابنا.
١٥١ ـ إسماعيل بن شعيب
الأسدي :
روى عن جعفر الصادق
عليهالسلام ، وعنه عبد الله بن
جعفر الحميري ، ذكره الطوسي.
١٥٢ ـ إسماعيل بن عبد
الله الرماح الكوفي :
روى عن أبي عبد الله
الصادق ، روى عنه محمّد بن أبي عمير وأبان بن عثمان ، ذكره الطوسي في رجال الشيعة.
١٥٣ ـ إسماعيل بن عليّ
بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت النوبختي :
ذكره الطوسي في شيوخ
المصنّفين من الشيعة ، وذكر له من التصانيف كتاب الاستيفاء في الإمامة ، وكتاب الأنوار
في تاريخ الأئمّة الأبرار ، وكتاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منع روية الله تعالى
، وكتاب الردّ على الجبرية في المخلوق والاستطاعة ، وكتاب النقض على مسألة عيسى بن
أبان في الاجتهاد ، وكتاب الردّ على أصحاب الصفات ، وغير ذلك.
١٥٤ ـ إسماعيل بن عليّ
الخزاعي :
قال ابن النجاشي في
كتاب مصنّفي الشيعة : كان من رجال الشيعة وعلمائها ومصنّفيها ، وكان مقامه بواسط ،
وولّي الحسبة بها ، وكان سماعه من أبيه سنة ثنتين وسبعين ومائتين ، وسمع بصنعاء من
إسحاق بن إبراهيم الدبري.
١٥٥ ـ إسماعيل بن عليّ
القمّي ، أبو عليّ البصري :
ذكره الطوسي في مصنّفي
الشيعة وقال : ثقة.
١٥٦ ـ إسماعيل بن عمر
بن أبان الكلبي :
روى عن أبيه وجعفر
الصادق وولده موسى بن جعفر وخالد بن نجيح وغيرهم.
روى عنه أبو نعيم الفضل
بن دكين وغيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وذكره ابن النجاشي
في مصنّفي المعتزلة.
١٥٧ ـ إسماعيل بن الفضل
بن يعقوب بن عبد الله بن الحارث بن
نوفل بن الحارث بن
عبد المطّلب :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : مدني ثقة من ذوي البصيرة والاستقامة ، أخذ عن جعفر الصادق رضي الله عنه
، روى عنه ابنه محمّد ومحمّد بن النعمان وأبان بن عثمان وغيرهم.
١٥٨ ـ إسماعيل بن قدامة
:
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : روى عن جعفر الصادق عليهالسلام.
١٥٩ ـ إسماعيل بن كثير
السلمي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : كان من الرواة عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
١٦٠ ـ إسماعيل بن كثير
البكري القيسي الكوفي ، أبو الوليد :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : كان من الرواة عن جعفر الصادق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رضي الله عنه.
١٦١ ـ إسماعيل بن كثير
العجلي الكوفي أبو معمر :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : كان من الرواة عن جعفر ، وله مع أبي حنيفة مناظرة ، وكان عالماً حسن
المناظرة.
١٦٢ ـ إسماعيل بن محمّد
بن مهاجر بن عبيد الأزدي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
جعفر الصادق عليهالسلام قال : وقد روى عن
الباقر عليهالسلام ، وصنّف كتاب القضايا
بوّبه وهذّبه.
١٦٣ ـ إسماعيل بن مهران
بن محمّد بن أبي نصر الكوفي :
ذكره الطوسي في مصنّفي
الشيعة.
وقال الكشّي : له كتاب
الملاحم وثواب القرآن والنوادر وغير ذلك.
يروي عن مالك بن عطيّة
الأحمسي وجعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام وغيرهما.
روى عنه سلمة بن الخطّاب
وبكر بن هشام وسهل بن زياد وآخرون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٦٤ ـ إسماعيل بن همّام
بن عبد الرحمن بن ميمون البصري ، مولى كندة ، يكنّى أبا همّام :
ذكره الكشّي في رجال
الشيعة وابن النجاشي في مصنّفيهم.
روى عن عليّ بن موسى
الرضا عليهالسلام وغيره.
روى عنه العبّاس بن
معروف وأحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال وآخرون.
١٦٥ ـ إسماعيل بن يحيى
الهاشمي الكوفي الصيرفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة ممّن روى عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
١٦٦ ـ إسماعيل بن يسار
الهاشمي ، مولاهم :
ذكره ابن النجّاشي
في مصنّفي الشيعة وقال : روى عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، وكان مولى إسماعيل
بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وذكر الطوسي في رجال
الصادق عليهالسلام إسماعيل بن يسار البصري.
١٦٧ ـ أسيد بن القاسم
الكتّاني ، كوفي يكنّى أبا القاسم :
يروي عن أبي جعفر الباقر
وأبي عبد الله الصادق رضي الله عنهما ، ذكره الطوسي في رجال الشيعة.
١٦٨ ـ أشعث بن سويد
النهدي الكوفي :
من رجال الشيعة ، ذكره
الطوسي في الرواة عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
١٦٩ ـ إلياس بن عمرو
البجلي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : روى عن جعفر الصادق عليهالسلام.
١٧٠ ـ أنس بن عمرو
الأزدي ، كوفي :
قال الطوسي في رجال
الشيعة : حافظ يروي عن أبي جعفر الباقر رضي الله عنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٧١ ـ أنس بن القاسم
الحضرمي :
قال الطوسي في رجال
الشيعة : روى عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
١٧٢ ـ أيّوب بن أعين
:
مولى بني طريف. ذكره
الكشّي والطوسي في رجاله الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رضياللهعنه.
١٧٣ ـ أيّوب بن بكر
بن أبي علاج الموصلي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن أبي جعفر الباقر رضي الله عنه.
١٧٤ ـ أيّوب بن الحرّ
الجعفي ويقال النخعي ، كوفي :
ذكره الطوسي وغيره
في رجال الشيعة والرواة عن جعفر الصادق عليهالسلام وابنه موسى بن جعفر
عليهالسلام.
قال ابن النجاشي :
وكان يعرف بأخي أديم.
روى عنه يحيى بن عمران
الحلبي وأبو عبد الله البرقي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٧٥ ـ أيّوب بن حسن
بن عليّ بن أبي رافع :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في الرواة عن أبي جعفر الباقر من الشيعة. وذكره أبو عمرو الكشّي في الرواة عن الصادق.
١٧٦ ـ أيّوب بن راشد
البزّاز الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : روى عن جعفر الصادق ، روى عنه سالم بن أسباط.
١٧٧ ـ أيّوب بن شعيب
القزّاز الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
١٧٨ ـ أيّوب بن شهاب
بن زيد البارقي الأزدي ، مولاهم ، الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن أبي جعفر الباقر وولده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصادق رضي الله عنهما.
١٧٩ ـ أيّوب بن عثمان
الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
١٨٠ ـ أيّوب بن عطيّة
الحذّاء الأعرج ، يكنّى أبا عبد الرحمن الكوفي :
ذكره ابن النجاشي
في رجال الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق
عليهالسلام وقال : له كتاب يرويه
عنه صفوان بن يحيى ، وذكره الطوسي في رجال الشيعة.
١٨١ ـ أيّوب بن نوح
بن درّاج النخعي ، مولاهم ، الكوفي :
قال الطوسي : له روايات
كثيرة ، ومسائل في اللغة ، وكان مأموناً شديد الورع كثير العبادة ، وكان أبوه قاضياً
بالكوفة.
١٨٢ ـ بدر بن رشيد
الكوفي البكري ، مولاهم :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : روى عن جعفر بن عبد الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٨٣ ـ بدر بن مصعب
:
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة ونسبه حراميا وقال : روى عن جعفر.
١٨٤ ـ برد الإسكاف
الأزدي الكوفي :
روى عن عليّ زين العابدين
بن الحسين وعن ولده أبي جعفر.
روى عنه محمّد بن أبي
عمير ومحمّد بن سماعة.
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
١٨٥ ـ بريد بن معاوية
بن أبي حكيم ، واسمه حاتم العجلي ، يكنّى أبا القاسم :
قال ابن النجاشي :
وجه من وجوه الشيعة وفقيه ، له محلّ عند الأئمّة.
روى عنه عليّ بن عقبة
بن خالد الأسدي وجميل بن صالح وعليّ بن رياب وغيرهم.
وروى هو عن إسماعيل
بن رجاء وأبي جعفر الباقر وجعفر الصادق.
وذكر ابن عقدة عن عليّ
بن الحسن بن فضالة أنّه مات سنة خمسين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومائة.
١٨٦ ـ بريد الكناسي
:
ذكره الطوسي في الرواة
عن جعفر الصادق عليهالسلام.
١٨٧ ـ بسّام بن عبد
الله الصيرفي ، أبو الحسن الكوفي :
ذكره ابن عقدة في رجال
الشيعة ، وكذلك الطوسي وابن النجاشي.
١٨٨ ـ بسطام بن الحصين
بن عبد الرحمن الجعفي الكوفي ، ابن أخي خيثمة :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
١٨٩ ـ بسطام بن سابور
الزيّات ، أبو الحسين الواسطي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة. روى عن جعفر الصادق عليهالسلام.
١٩٠ ـ بسطام بن مرّة
:
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة.
روى عن عمرو بن ثابت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يروي عنه إبراهيم بن
هاشم والمعلّى بن محمّد البصري وغيرهما.
١٩١ ـ بشّار الأسلمي
:
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
١٩٢ ـ بشّار بن الأسود
الكندي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رحمه الله تعالى.
١٩٣ ـ بشّار بن بشّار
الضبعي ، كوفي ، يكنّى أبا جعفر :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق عليهالسلام.
وقال ابن النجاشي :
له تصنيف ، رواه عنه محمّد بن أبي عمير.
١٩٤ ـ بشّار بن عبيد
مولى عبد الصمد ، كوفي :
ذكره الطوسي والكشّي
في رجال الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رضياللهعنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٩٥ ـ بشّار بن زيد
بن النعمان :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
١٩٦ ـ بشّار بن سواد
الأحمر :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
١٩٧ ـ بشّار بن مفزع
العجلي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
١٩٨ ـ بشّار مولى مزاحم
، كوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٩٩ ـ بشر بن أبي غيلان
الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
٢٠٠ ـ بشر بن بشّار
، كوفي :
روى عن أبي جعفر الباقر
عليهالسلام. روى عنه داود الصيرفي. ذكره الطوسي في رجال الشيعة.
٢٠١ ـ بشر بن جعفر
الجعفي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق وأبيه أبي جعفر الباقر رضي الله عنهما.
٢٠٢ ـ بشر بن حسان
الرملي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رحمه الله تعالى.
٢٠٣ ـ بشر بن خثعم
:
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال الشيعة من الرواة عن أبي جعفر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباقر رضي الله عنه.
٢٠٤ ـ بشر بن رباط
الكوفي :
ذكره أبو عمرو الكشّي
في رجال الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رضياللهعنه.
٢٠٥ ـ بشر بن سلم الهمداني
البجلي :
ذكره أبو جعفر الطوسي
في رجال الشيعة وكنّاه أبا الحسن.
٢٠٦ ـ بشر بن سليمان
البجلي الكوفي :
ذكره ابن النجاشي في
مصنّفي الشيعة. روى عنه عمر بن الربيع الأقرع.
٢٠٧ ـ بشر بن الصلت
العبدي الكوفي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رحمه الله تعالى.
٢٠٨ ـ بشر بن عاصم
:
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رحمه الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعالى.
٢٠٩ ـ بشر بن عبد الله
بن عمرو بن سعيد الخثعمي :
قد ذكره الطوسي في
الرواة عن أبي جعفر الباقر وولده جعفر الصادق رحمة الله عليهما وقال : هو من رجال الشيعة.
٢١٠ ـ بشر بن عبد الله
الشيباني :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : روى عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
٢١١ ـ بشر بن عقبة
:
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق عليهالسلام.
٢١٢ ـ بشر بن عقبة
الراتبي :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن الباقر والصادق ـ رضي الله عنهما ـ وكذا ذكره أبو عمرو الكشّي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٢١٣ ـ بشر بن عمّار
الخثعمي الكوفي المكتب :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق عليهالسلام.
٢١٤ ـ بشر بن غالب
الكوفي :
ذكره أبو عمرو الكشّي
في رجال الشيعة وقال : عالم فاضل جليل القدر. وقال : روى عن الحسين بن عليّ وعن ابنه
زين العابدين. روى أخوه عبد الله بن غالب من رواية عقبة بن بشير عنه.
٢١٥ ـ بشر بن مسعود
:
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من أصحاب عليّ قال : شهد معه المشاهد وروى عنه.
٢١٦ ـ بشر بن مسلمة
الكوفي ، أبو العبّاس :
ذكره الطوسي وابن النجاشي
في رجال الشيعة.
روى عن جعفر الصادق
عليهالسلام. وعنه محمّد بن أبي عمير.
وذكره الطوسي بشر بن
مسلمة آخر كوفي وقال : يكنّى أبا صدقة ، روى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن موسى بن جعفر.
وأمّا أبو عمرو الكشّي
فجعلهما واحداً.
٢١٧ ـ بشير بن خارجة
الجهني المدني :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من رواة الصادق رضي الله عنه.
٢١٨ ـ بشير بن زاذان
الحريري :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة وقال : كان ثقة ، روى عن الصادق رضي الله عنه.
٢١٩ ـ بشير بن سليمان
المدني :
ذكره الطوسي في رجال
الشيعة من الرواة عن أبي جعفر الباقر رضي الله عنه.
وللبحث صلة ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروابط الحجاجيّة في الخطبة الفدكيّة
(اللمّة)
للسيّدة الزهراء عليهاالسلام
|
|
د. علي عبّاس الأعرجي
بسم الله الرحمن
الرحيم
المقدّمة
والصلاة والسلام على
حبيب إله العالمين وخاتم النبيّين وحبيب قلوب المؤمنين محمّد صلوات الله عليه وعلى
آله الطيّبين الطاهرين أبي الزهراء سيّدة نساء العالمين.
وبعد ... فقد منّ الله
عليّ بنعمة دراسة خطبة سيّدة النساء عليهاالسلام ، وفي دراسة النزعة
الحجاجية في لغة أهل البيت عليهمالسلام ؛ لإيصال رسالة معرفية
إلى كلّ المعنيّين بدراسة الخطاب المعاصر بأنّ السيّدة الزهراء تمثّل امتداد الخطّ
الرسالي بدلالة اللّغة نفسها ، وليس بدلالة الاعتقاد بمشروعية قضيّتها فقط.
إنّ الحجاج مرتبط بالخطابة
الإقناعية ، والدراسات المهتمّة بتحليل الخطاب والذي يدخل في مجال البحوث التي تسعى
إلى اكتشاف منطق اللّغة
ومنطق ذلك الخطاب
.. ساعياً إلى اكتشاف القواعد الداخلية له ، والمتحكّمة في تسلسل الأقوال والجمل وتتابعها
بشكل متنام وتدريجي ، بحسب رؤية الدكتور أبو بكر العزّاوي الذي يردف هذه الرؤية بأنّ
الحجاج حسب هذا التصوّر يتمثّل في إنجاز تسلسلات استنتاجية داخل الخطاب.
ونحن هنا في مقام تجنيد
أدوات البحث الحجاجي ؛ للبحث في دقيقة من دقائق لا متناهية في شخصية السيّدة الصدّيقة
(عليها وعلى أبيها الصلاة والسلام). وحتّى نجنح في البحث إلى سبيل الموضوعية البعيدة
عن الارتكازات العقائدية التي تقطن نفس الباحث ؛ وحتّى لا تكون هذه المرتكزات طاغية
بشكل يهمّش الحقائق اللّغوية والخطابية الناتجة عنها ـ في فكر السيّدة الزهراء
عليهاالسلام ـ وهو أمل الباحث الذي
طالما شعر بالتعطّش لامتلاك أدوات وأسلحة معرفية ، وجد السبيل إليها في المقاتلة بكلّ
ما أوتي من قوّة.
بنيت المقالة على مبحثين
، كان الأوّل منهما : رابطا التعارض والعطف ، والمبحث الثاني لرابطي التساوق والتعليل
، بعد أن مزجت الروابط الأربع في ما يتقارب بينهما.
التمهيد
أوّلا : خطبة الزهراء عليهاالسلام
(الامتداد ، التاريخ)
في خطبة سيّدتي ومولاتي
المعروفة بالخطبة الفدكية ، تلك الخطبة العصماء التي خطبتها في مسجد النبيّ(صلى
الله عليه وآله) والتي أبدت من خلالها اعتراضها على ابن أبي قحافة الذي انتزع فدكاً
منها ، وقد طالبت من خلالها احتجاجاً على سلب حقّها وصرّحت بأنّ فدكاً ملكاً لها ،
والتي رواها أعلام الرواة من العامّة والخاصّة ، وزيّنوا كتبهم بحلية نقلها ـ مثل فتوح البلدان ، وعمدة الأخبار ، ومعجم البلدان ـ ، وسمّيت هذه الخطبة
أيضاً بخطبة اللُّمّة ؛ لأنّها عندما عزمت الخروج لتلك التظاهرة التي توخّت الزهراء
منها إقامة الحجّة والدليل على أحقّيتها المشروعة ، وعلى طلب ظلامتها من أبي بكر ،
لا لتسترجع فدكاً لملكيّتها التي سنّها كتاب الله في مواضع عدّة ولا يمكن أن
تستثنى الزهراء منها ، لا سيّما وأنّها أولى بأن تسعى لتأكيد ما نزل على أبيها ،
وأن تحرص على تثبيته من خلال الحرص على عدم التغافل عنه ، متجاوزة حجج أبي بكر التي
كان إحداها زعمه بأنّه سمع رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول : بأنّ الأنبياء مستثنون
من التوريث.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانياً : الحجاج والخطبة الفدكية
على الرغم من أنّ المشروع
الأرسطي يؤشّر على أنّ المنطق ألزم العلوم للخطابة ؛ إلاّ أنّ الإقناع الخطبي كما حدّد
أرسطو مقوّماته يختلف عن الإقناعين البرهاني والجدلي ؛ ولئن كان أرسطو قد
أقرّ في مقدّمة مصنّفه أنّ (الخطابة تناسب الجدل ؛ لأنّ كليهما يتناول أموراً تدخل
ـ في نحو ما ـ في نطاق معرفة الناس جميعاً ، وليسا مقصورين على علم خاصّ بعينه» ، وهذا يعني : تقاربهما
الحجاجي فـ (هما قوّتان لإنتاج الحجج) ، تهدفان لبناء
الاعتقاد ، إلاّ أنّ الأولوية في الجدل تتعلّق بفحص واختبار المحمول ، ومن ثمّ فهو
مقصور على الاستدلال في المناقشة الفكرية ، في حين أنّ موضوع الخطابة يرتبط بمجال القيم
وغايات تحريك الفعل وتوجيه الجمهور.
وعليه فالخطابة في
النظرية الأرسطية تتوخّى (إنتاج قول عمومي يخدم القيم التي ينبغي أن يقوم عليها المجتمع
الإنساني) ، وقواعد كلّية تندرج
تحتها جزئيّات ، وإلاّ فالخطابة لا تتعلّق في الكلّيات ؛ بل بالجزئيّات ،
وللجزئيّات موضع آخر غير الخطابة.
وبحسبان ما سبق فقد
تعدّدت أدوات الربط لتبيان هذه القواعد الكلّية ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبغاية من التكثيف
والدقّة ؛ لأنّ الكلام كلّما كان مكثّفاً كثرت أدوات الربط فيه ، وإنّ إهمالها يجعل
من النصّ ممزّقاً غير مترابط ، حينها يفقد جماله وتأثيره.
إنّ إنتاج الاعتقاد
في الخطابة يتّكئ على ثلاثة أركان : الخطيب ، والقول ، والسامعين ، يقول أرسطو : «والتصديقات
التي يقدّمها القول على ثلاثة أضرب : الأوّل يتوقّف على أخلاق القائل ، والثاني على
تصيير السامع في حالة نفسية ما ، والثالث على القول نفسه حيث هو يثبت أو يبدو أنّه
يثبت».
إنّ الإقناع يتوقّف
على القول الذي يجب بناؤه حجاجيّاً والعمل على تعبئته بالأدلّة القادرة على إقامة الاعتقادات
أو تغييرها ؛ لأنّ الإقناع ـ كما أكّد أرسطو ـ «يحدث عن الكلام نفسه إذا أثبتنا حقيقة
أو شبه حقيقة بواسطة حجج مقنعة مناسبة للحالة المطلوبة».
ولا يلغي أرسطو دور
المقوّمات الأسلوبية والتصويرية في الفعّالية التأثيرية للقول ؛ لأنّ (النسيج القضوي)
ـ المضمون ـ وحده لا يبني الإقناع ؛ بل إنّ جمالية القول خادمة للغاية نفسها ، وهكذا
يتبدّى لنا أنّ الإقناع عند أرسطو يتأتّى بتضافر أركان ثلاثة ، هي : اللوغوس أي (القول
بما هو فكر) ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والأخلاق (أخلاق القائل)
، والانفعال (انفعال المقول له ، المتلقّي).
ثالثاً : الروابط الحجاجية
إنّ ترابط الأقوال
لا يستند إلى قواعد الاستدلال المنطقي وإنّما هو ترابط حجاجي ؛ لأنّه مسجّل في أبينة
اللّغة بصفته علاقات توجّه القول وجهة دون أخرى وتفرض ربطه بقول دون آخر ، موضوع الحجاج
في اللّغة هو بيان ما يتضمّنه القول من قوّة حجاجية تمثّل مكوّناً أساسيّاً لا ينفصل
عن معناه ، يجعل المتكلّم في اللّحظة التي يتكلّم فيها يوجّه قوله وجهة حجاجية معيّنة.
اللّغة في معناها العام
عبارة عن قيد ، وتستعمل قيوداً ديناميكية ، تضبط نسق ترتيب الأقوال والأفكار ، وهذه
وأمثالها دعت ديكرو أن يسوّغ البحث في (الأقوال) و (روابط) اللّغة لمعرفة الطاقة الحجاجية
، ولا يمكن تحصيل ذلك إلاّ عن طريق اللّغة.
فالحجاج متضمّن في
البنى اللّفظية ، ومن ثَمّ فهو يوجّه بطريقة أو بأخرى أنماط الاستعمال وأساليبه ، وهذا
ما يطلق عليه ديكرو «الحجاج داخل اللّغة».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذن فالروابط الحجاجية
هي المؤشّر الأساس والبارز ، وهي الدليل القاطع على أنّ الحجاج مؤشّر له في بنية اللّغة
نفسها.
وتحوي اللّغة العربية
على روابط حجاجية عدّة شأنها في ذلك شأن اللّغات الأخرى ؛ منها : بل ، ولكن ، وإذن
، ولا سيّما ، وحتّى ، ولأنّ ، وبما أنّ ، وإذا ، والواو ، والفاء ، واللام ، وكي
......
وقد أشار شكري المبخوت
إلى تنوّع أشكال الربط الحجاجي «إذا كانت الوجهة الحجاجية محدّدة بالبنية اللّغوية
؛ فإنّها تبرز في مكوّنات ومستويات مختلفة من هذه البنية ؛ فبعض هذه المكوّنات يتعلّق
بمجموع الجملة ؛ أي هو عامل حجاجي في عبارة ديكرو ؛ فيقيّدها بعد أن يتمّ الإسناد فيها
، ومن هذا النوع نجد النفي والاستثناء المفرّغ والشرط والجزاء وما إلى ذلك ممّا يغيّر
قوّة الجملة دون محتواها الخبر ، ونجد مكوّنات أخرى ذات خصائص معجمية محدّدة تؤثّر
في التعليق النحوي ، وتتوزّع في مواضع بمختلف معانيها ، والأسوار(بعض ، كلّ ، جميع)
وما اتّصل بوظائف نحوية مخصوصة كحرف التقليل ، أو ما تخوض لوظيفة من الوظائف مثل (قطّ)
و (أبداً)».
وعليه «فالروابط الحجاجية
تربط بين قولين أو بين حجّتين على الأصلح أو أكثر ، وتسند لكلّ قول دوراً محدّداً داخل
الاستراتيجية الحجاجية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العامّة)».
وتكون هذه الروابط
على أقسام :
ـ الروابط المدرجة
للحجج ، مثل : حتّى ، بل ، لكن ، يلحقها : الروابط المدرجة للنتائج ، مثل : إذن ، لهذا.
ـ الروابط التي تدرج
حججاً قوية ، مثل : حتّى بل ، لكن ، والروابط التي تدرج حججاً ضعيفة.
ـ روابط التعارض الحجاجي
، مثل : بل ، لكن ، وروابط التساوق الحجاجي ، مثل : لا سيّما ، حتّى.
إذن فالروابط الحجاجية
تعين في إنتاج الدلالة وتماسك الخطاب من خلال ربطها بين القيمة الحجاجية لقول ما وبين
النتيجة.
وفي ميدان بحثنا (الخطبة
الفدكية) للسيّدة الزهراء (عليها وعلى آلها أفضل الصلاة والسلام) ، تنوّعت مظاهر الروابط
الحجاجية فيها ، وسيكون التطبيق وفاقاً للأطر المذكورة آنفاً ، وعلى النحو الآتي :
١ ـ روابط التعارض
الحجاجي.
٢ ـ روابط التساوق
الحجاجي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٣ ـ روابط التعليل
الحجاجي.
٤ ـ روابط العطف الحجاجي.
ويمكن لنا جمع كلّ
رابطين بجامع واحد ؛ فروابط التعارض تلتحم مع روابط العطف ، وروابط التساوق تلتحم مع
روابط التعليل ؛ فالتعارض يشبه إلى حدّ ما العطف ، وكذا التساوق إن لم يكن هناك تساوق
فلا تعليلَ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبحث الأوّل
رابطا التعارض والعطف
روابط التعارض والعطف
:
روابط الكلام تكون
عادةً حروفاً ، ومن الندرة أن تكون كلمات ، ومن هذه الروابط
الموجودة في خطبة السيّدة عليهاالسلام : (لكن ، بل ، مع ذلك
، حتّى ، لا سيّما ، لا من شيء ، بلا ، لا ، إلاّ ، ف + الفعل ، فإنّه إنّما ، يا النداء)
، وغيرها.
ومعظم ما ذكرنا من
روابط موجود في خطبة سيّدة النساء عليهاالسلام ، وسنبدأ بها تباعاً
وبحسب ورودها في الخطبة :
لا من شيء / بلا :
هذان التعبيران يردان
عادة في الاعتراض الجُملي لتقوية الحجّة أو توضيحها ؛ فالجملة الاعتراضية لابدّ لها
من اتّصال بما وقعت معترضة فيه ، ألا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تراك لا تقول مكّة
وزيد أبوه قائم خير بلاد الله؟.
وهي تأتي لإفادة الكلام
تقويةً ، وتسديداً ، أو تحسيناً ، هذا هو الأصل في
هذا الرابط (تقوية الكلام) ؛ من ذلك قولها
عليهاالسلام (ابتدع الأشياء لا
من شيء كان قبلها) ، و (وأنشأها بلا احتذاءِ أمثلة امتثلها).
فالزهراء
عليهاالسلام في خطبتها هذه جاءت
محتجّةً على الخليفة أبي بكر ومن والاه ؛ فلا بدّ من وجود رابط للكلام يقوّى به ؛ ابتدع
الأشياء ، أوجدها من غير شيء
مسبوق قبلها ؛ لذا يقال (بديع السماوات
والأرض) ، وهي من الصفات الجلالية الخاصّة بربّ العزّة ، وأمّا الإنشاء بلا احتذاء
؛ أي : بلا مثيل يُخلق مشابهًا له.
وقد عطفت عليها السلام
على المماثل (الإبداع والإنشاء) ؛ إذ لا فرق بينهما من الناحية الاصطلاحية ، وكذا الملاّ
صدرا لم يفرّق بينهما.
فهي عليها السلام ذكرت
هذين الأمرين تأكيداً وتقوية للكلام ؛ فالله (ابتدع) و (أنشأ) ، (لا من شيء) و (بلا)
(احتذاء) أو (أمثلة).
وقد اتّضح المعنى وبان
وقويَ من المعترضات (الروابط) الحجاجية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآنفة ، فهي التي
حرّكت المعنى ونظّمته بين المترادفات ، وهذا الأمر يعطي زخماً معنوياً للمتلقّي ، يجعل
منه عارفاً بأصول الدين التي هي تدافع عنه (الإمامة) ، والله الخالق المبتدع المنشئ
أصله.
ثُمّ حرف عطف يقتضي
ثلاثة أمور : التشريك في الحكم ، والترتيب ، والمهلة ، والمهلة أكثر ، جاء
في كلام سيّدة النساء عليهاالسلام : (وأطلع الشيطان
رأسه من مغرزه هاتفاً بكم فألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللغرّة فيه ملاحظين ، ثمّ استنهضكم
فوجدكم خفافاً ، وأحمشكم فألفاكم غضاباً).
جاء الرابط الحجاجي(ثمّ)
للمهلة والترتيب ، فكلا المعنيين مرادان فيه ؛ فبادئ ذو بدئ (أطلع الشيطان) من جحره
وموطن دخوله في مغرز النفس البشرية غير المحصّنة ، فـ(هتف) بها ـ أي : النفس ـ لما
يدعو إليه الشيطان الرجيم ، ترتّب على هذه الدعوة استجابة من هذه النفوس المظلمة والخاوية
التي كانت مسرعة لإرادة الشيطان الرجيم ؛ أفدنا ذلك من كثرة تناوب حروف العطف ؛ فتناوبها
يدلّل على السرعة ، فكان (الاستنهاض)
بعد مدّة من الزمن ؛ تحصّل ذلك من الرابط (ثمّ) الذي دلّل لنا على هذا الأمر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونتأمّل الأمر : بداية
(أطلع) فـ(هتف) فـ(ألفاكم) ، فـ(ملاحظين) ، وبعد مدّة ليست بالقصيرة (حصل الاستنهاض)
وهو أمر عملي فعلي عكس الأمور السابقة التي هي أمور نظرية تجريبية ، فالرابط (ثمّ)
أوحت لنا الزهراء عليهاالسلام بهِ أنّ هناك مقدّمات
لقضية الاستنهاض ضدّها ، ونهب تراثها ، وهو الاستعداد النفسي لهؤلاء القوم ، وهذا ما
تطلّب مدّة من الزمن ومهلة.
لكنّ :
وفي معناها ثلاثة أقوال
:
أحدها
: وهو المشهور : أنّه واحد ، وهو الاستدراك ، وفسّر بأن تنسب
لما بعدها حكماً مخالفاً لحكم ما قبلها ، ولذلك لابدّ أن يتقدّمها كلام مناقض.
والثاني
: أنّها ترد تارة للاستدراك وتارة للتوكيد ، قاله جماعة ، وفسّروا
الاستدراك برفع ما يتوهّم ثبوته نحو (ما زيد شجاعاً ، لكنّه كريم) لأنّ الشجاعة والكرم
لا يكادان يفترقان ، فنفي أحدهما يوهم انتفاء الآخر ، و (ما قام زيد ، لكنّ عمراً قام)
وذلك إذا كان بين الرجلين تلابس أو تماثل في الطريقة ، ومثّلوا للتوكيد بنحو (لو جاءني
أكرمته لكنّه لم يجئ) فأكّدت ما أفادته لو من الامتناع.
والثالث
: أنّها للتوكيد دائماً مثل إنّ ، ويصحب التوكيد معنى
الاستدراك.
وقد وردت في خطبة الزهراء
عليهاالسلام (ألا وقد قلت ما قلت
على معرفة منّي بالخذلة التي خامرتكم ، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم ، ولكنّها فيضة
النفس ونفثة الغيظ).
الزهراء
عليهاالسلام أرادت أن توضّح للمتلقّي
وللمستمع آنذاك معرفتها بالنفوس ؛ فهي قالت الذي قالته (على معرفة) ، من خذلان خامر
نفوسهم المريضة ، واستعملت عليهاالسلام مادّة (المخامرة) ،
لتدلّل على أمرين :
١ ـ تمام الاختلاط
، اختلاط نفوسهم بالباطل.
٢ ـ معرفة ما يعتري
النفس من بواطن الأمور وخفاياها.
وهما أمران متوازيان
يسيران متحاذيين ، لتدلّل لنا على معرفتها بالنفوس ، وبالتالي عصمتها التشريعية والمكتسبة
التي تتيح لها ذلك ، فالمعصوم هو الوحيد الذي يعلم ما هي خوالج النفس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد تكون استدركت على
(الخذلة التي خامرتكم) ، بأنّ سببها (فيضة النفس ونفثة الغيظ) ، فيكون كلامها تفسيراً
لهذا الخذلان الذي حصل معها.
بل :
حرف إضراب ، فإن تلاها
بجملة كان معنى الإضراب إمّا الإبطال ، وإمّا الانتقال من غرض إلى آخر.
وقد وردت في خطبة الزهراء
مرّات ثلاث الأوّل : (سبحان الله ما كان أبي رسول الله صلّى الله عليه وآله عن كتاب
الله صادفاً ، ولا لأحكامه مخالفاً!
بل كان يتبع أثره ،
ويقفو سوره) كلاّ بل (سَوَّلَتْ
لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَالله الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ).
الثاني : اقتباس من
كلام الله عزّ وجل في سورة يوسف عليه السلام الآية.
الثالث : كلاّ بل ران
على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم.
أمّا الأوّل فقد بدأت
سلام الله عليها بالتعجّب (سبحان الله) من كلام أبي بكر الذي نفى أن يكون هناك شيء
من هذا من أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) غير عارف أو أنّه لا يطبّق أحكامه وقد استدلّت
بمجموع من آيات الله استدلّت بها على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجوب التوريث وأنّه
لا يمنع كونها بنت نبىّ أن ترث أباها!.
(بل كان يتبع أثره
، ويقفو سوره) : جاءت (بل) هنا لإبطال مقولة أبي بكر (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما
تركناه صدقة).
فردّ على الله قوله
: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ) ، وقوله : (فَهَبْ لِي مِن
لَّدُنكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً).
وخصّص عموم قوله تعالى
: (لِلْرِجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ
وَالأقْرَبُونَ وَلِلْنِسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ
مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) ، وقوله تعالى : (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا
تَرَكْتُمْ إِن لَمْ يَكُن لَكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الُّثمُنُ) وقصد بذلك منع سيّدة نساء العالمين
عليهاالسلام ميراثها من أبيها(صلى
الله عليه وآله) مع ما بيّناه من إيجاب عموم القرآن ذلك ، وظاهر قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ
الله فِي أَوْلاَدِكُم لِلْذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ).
الإشكال أكبر ممّا
تدركه العقول البسيطة ؛ لأنّه جعل الصدّيقة الطاهرة
عليهاالسلام في معنى القاتلة الممنوعة
من ميراث والدها لجرمها ، والذمّية الممنوعة من الميراث لكفرها ، والمملوكة المسترقّة
الممنوعة من الميراث لرقّها ، فأعظم الفرية على الله عزّ وجلّ ، وردّ كتابه ، ولم تقشعرّ
لذلك جلودكم ، ولا أبته نفوسكم!!!.
فكلامها إبطال لأكذوبته
؛ مستعملةً حرف الإبطال (بل).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبحث الثاني
رابطا التساوق والتعليل
إن لم يكن هناك تساوق
فلا تعليلَ ، وخطبة السيّدة الزهراء عليهاالسلام ملأى بالتعليلات المتساوقة
، وهذه التعليلات تحتاج إلى روابط حجاجية دقيقة ، بربط فنىّ دقيق يجعل من المتلقّي
مُقنَعًا بالكلام ، ومن الروابط الحجاجية في خطبتها
عليهاالسلام :
حتّى :
حرف للغاية ، وللتعليل
، وبمعنى إلاّ في الاستثناء ، ويخفض ويرفع وينصب ؛ ولهذا قال الفرّاء : أموت وفي نفسي
من حتّى شيءٌ ، قال ابن هشام : «حرف
يأتي لأحد ثلاثة معان : انتهاء الغاية ، وهو الغالب ، والتعليل ، وبمعنى إلاّ في الاستثناء
، وهذا أقلّها».
وقد ذكر ديكرو أنّ
«الحجّة المربوطة بواسطة هذا الرابط ينبغي أن تنتمي إلى فئة حجاجية واحدة ؛ أي أنّها
تخدم نتيجة واحدة ، والحجّة التي ترد بعد هذا الرابط تكون هي الأقوى ؛ لذلك فإنّ القول
المشتمل على الأداة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(حتّى) لا يقبل الإبطال
والتعارض الحجاجي».
ومن ورودها في الخطبة
الفدكية(يكسر الأصنام ، وينكث الهام ، حتّى انهزم الجمع وولّوا الدبر ، حتّى تفرّى
اللّيل عن صبحه ، وأسفر الحقّ عن محضه).
وقد وردت في هذين الموضعين
لانتهاء الغاية ، وتكون مرادفة لـ(إلى) لكنّها أعمّ من (حتّى) ، ونتيجة لكسر الأصنام
، ونكث الهام ، (انهزم الجمع وولّوا الدبر) وكذلك (تفرّى اللّيل عن صبحه) و (أسفر الحقّ
عن محضه).
فالانهزام ، وتولية
الدبر ، وتفرّي اللّيل عن صبحه ، وإسفار الحقّ عن محضه ؛ تعدّ نتائج ، وهي في كلّ الأحوال
تخدم نتيجة واحدة ، وتبقى الحجّة التي ترد بعد (حتّى) هي الأقوى حجاجيّاً.
أقول : إنّ حقيقة مفهوم
حتّى : إيصال الحكم السابق إلى مدخوله ، وهذا معنى حرفي غير مستقلّ سواء كان من الجارّة
أو العاطفة ، والفرق بينهما من جهة المعنى : أنّ الحكم السابق يتعلَّق على ما بعده
مستقلاًّ في العطف كما يتعلَّق على ما قبله ، وأمّا في الجرّ : فهو لإيصال الحكم إلى
المجرور فقط وليس للحكم تعلَّق عليه مستقلاًّ.
ثمّ إنّ حتّى لإلحاق
موضوع ضعيف بالنسبة إلى تعلَّق الحكم عليه إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما سبق ، سواء كان
الموضوع في نفسه قويّاً أو ضعيفاً ، فيقال : مات الناس حتّى الأنبياء ، فإنّ نسبة الموت
إلى الأنبياء وتعلَّقه عليهم ضعيفة وبعيدة وإن كانوا بالنسبة إلى الناس أقوياء.
بعد ذلك تأمّل في المعنى
المراد من قولها سلام الله عليها.
ومن ذلك قولها
عليهاالسلام : (حتّى إذا دارت بنا
رحى الإسلام ودرّ حلب الأيّام ، وخضعت ثغرة الشرك ، وسكنت فورة الإفك ، وخمدت نيران
الكفر ، .....فأنّى حِرتُم بعد البيان وأسررتم بعد الإعلان).
فـ(حتّى) حرف ابتداء
يجرّ الجمل : «أن تكون حرف ابتداء ، أي حرفاً تبتدأ بعده الجمل ، أي تستأنف ، فيدخل
على الجملة الاسمية ، ..... وعلى الفعلية التي فعلها ماض نحو (حَتّى
عَفَوْا وَقَالُوا) ، وكذا قال في حتّى
الداخلة على (إذا) في نحو (حتّى إذَا فَشِلْتُمْ
وَتَنَازَعْتُم) إنّها الجارّة ، وإنّ
(إذا) في موضع جرّ بها».
فيكون معنى كلامها
سلام الله عليها : في بداية دوران رحى الإسلام ، ودرّ حلب الأيّام ، وخضوع ثغرة الشرك
، و ... وترتّب عليه حيرة بعد بيان ووضوح ، وسرّ بعد إعلان ، وهكذا ؛ فابتداءً صار
ما صار ترتّب عليه ما ذكرنا من أمور.
يمكننا القول أنّ السيّدة
الزهراء باستخدامها (حتّى) استطاعت وبأسلوب بليغ أن تعرض مسلسل الأحداث التي مرّ بها
الإسلام منذ نزول الوحي وحتّى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهاء استتباب أمر
الرسالة المحمّدية وقيام دولة الإسلام وإرساء دعائمها ؛ حتّى أنّ القاري لخطبتها يمكنه
أن يستبطء أموراً تاريخية تجلّت من وراء قدرة السيّدة المعصومة على مخاطبة القوم بالحقيقة
الجليّة التي يعرفونها تمام المعرفة وينكرونها ، لذلك أقبلت عليها السلام بتوجيه الخطاب
إليهم حجاجاً على الموقف الذي تبنّوه ضدّها عليها السلام ، لذلك كان للأداة (حتّى)
وقعاً حجاجيّاً بارزاً في تقوية الحجّة بالدليل.
الفاء :
وفيها أنواع : الترتيب
، والتعقيب ، والسببية ، وهي التي ما بعدها
لازم لما قبلها ، وعلى أيّة حال فهي
كيف ما وجدت فهي للتشريك في الحكم والمتابعة.
وقد وردت في خطبة السيّدة
الزهراء عليهاالسلام على اختلاف أنواعها
، من ذلك قولها : (ابتعثه الله إتماماً لعلمه ، وعزيمةً على إمضاء حكمه ، فرأى الأمم
فرقاً في أديانها ، عكفاً على نيرانها ، عابدةً لأوثانها ، منكرة لله مع عرفانها ،
فأنار الله بمحمّد ظلمها ، وفرّج عن القلوب بهمها ، وجلا عن الأبصار عمهها).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تبدأ سلام الله عليها
خطبتها بفعل المطاوعة (ابتعث) الذي قَبِلَ الأثر فكان في أمرين (الإتمام ، والعزيمة)
، وفيه إشارة إلى قول الرسول صلّى الله عليه وآله : (إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق) ، وقد جعلت العلم مساوقاً
لمكارم الأخلاق ، فالعلم هو مورد الأخلاق ، والعكس صحيح.
وأمّا العزيمة هو التكليف
الذي لا يسقط ، وبعد هذا الإتمام
، والتكليف الذي لا يسقط(العزيمة) ، جاء الترتيب بالفاء الرؤية (فرأى الأمم) التي كانت
فرقاً في غابر أزمانها وأديانها ، فمنها من عبد النيران ، وهم المجوس ، وآخرون عبدوا
الأوثان الذين يرونها تُقرّب إلى الله زلفى.
ترتّب على هذين الأمرين
(إتمام الأخلاق) و (التوحيد) (فأنار الله بمحمّد ظلمها ، وفرّج عن القلوب بهمها ، وجلا
عن الأبصار عمهها) ، ترتّب عليه الإنارة الإلهيّة بالرسول الذي فرّج غمّ القلوب ، وجلا
نور الأبصار.
والملاحظ إنّ ارتباط
السبب بالنتيجة قد أفادته (الفاء) التي كان ما بعدها لازماً لما قبلها ؛ فالفاء بوصفها رابطاً
حجاجيّاً ، أوحت لنا بهذا الترتيب الذي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعجز عنه رابطة غيرها.
اللام :
للاّم أنواع فمنها
للجرّ ، وأخرى للجزم ، وغير عاملة ، والكوفيّون أضافوا الناصبة.
وقد وردت اللاّم في
كلامها سلام الله عليها من ذلك : (الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم
..... وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتّصالها).
ورد في هذا المقطع
من كلامها لامات : (له الشكر) و (لاستزادتها ، لاتصالها) ، وفي الرابط الحجاجي الأوّل
(له) اللاّم هنا للملك ، أي الشكر ملك لله
وحده ، والدليل إنّ الذي يعمل لك عملاً تقول له وتشكره يقول لك : الشكر لله.
أو للاستحقاق ؛ أي
الشكر مستحقّ لله تعالى ، وتسويغ وجود هذا
الرابط الحجاجي هو للتمهيد إلى المقولة الإقناعية التي تريد أن تبدأ بها ؛ وربّما عادة
من عادات العرب إذا أرادوا أن يبدؤوا الكلام ابتدؤوا بالتحميد لله والشكر له.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمّا المقطع الثاني(لاستزادتها
، لاتصالها) اللاّم هنا تعليليّة ، فالندبة التي هي النداء المتكرّر مع الصوت ؛ وهذا النداء
المتكرّر سببه أو قل علّته للاستزادة وللاتّصال ، وفيهما تضمين لقوله تعالى : (وَإِذْ
تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ
عَذَابِي لَشَدِيدٌ).
وقد أجرته مجرى العلّة
والمعلول والسبب والمسبّب ، فقد ربط الله الاستزادة بكمّية الشكر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
١ ـ الاحتجاج : أبي منصور أحمد بن
علي بن أبي طالب الطبرسي ، تعليقات وملاحظات : السيّد محمّد باقر الخرسان ، طبع في
مطابع النعمان النجف الأشرف.
٢ ـ بحار الأنوار الجامعة
لدرر أخبار الأئمّة الأطهار : الشيخ محمّد باقر
المجلسي قدسسره تحقيق : الشيخ عبد
الزهراء العلوي ، دار الرضا ، بيروت ـ لبنان.
٣ ـ بلاغة الإقناع في المناظرة
: د. عبد اللطيف عادل ، منشورات ضفاف ، ط١ ، ٢٠١٣م.
٤ ـ تاج العروس من جواهر القاموس
: لمحبّ الدين أبي فيض محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي
، المجلّد الأوّل باب الهمزة (أ ـ ي) باب الباء (أ ـ ذ) دراسة وتحقيق : علي شيري ،
دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
٥ ـ التعريفات : للجرجاني ، دار الكتب
العلمية ـ بيروت ف ١٩٨٣م.
٦ ـ تناوب حروف العطف في خطب
الحرب عند أمير المؤمنين (دراسة دلالية) : د. مهدي سلمان ،
مجلّة مركز دراسات الكوفة ، العدد٣/ ٢٠١٣م.
٧ ـ جمهرة اللغة : ابن دريد الازدي ،
عني بتصنيفه : كرنكو.
٨ ـ الجنى الداني في حروف
المعاني : تحقيق : فخر الدين قباوة ، ط١ ، دار الكتب العلمية ، لبنان/
١٩٩٢م.
٩ ـ الحجاج عند أرسطو : هشام الريفي ، ضمن
كتاب (أهمّ نظريات الحجاج) في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم) ، إشراف ، حمادي
صمود ، جامعة الآداب والفنون ، سلسلة آداب مجلّد ٣٩ ، ١٩٩٨م.
١٠ ـ الحجاج في البلاغة المعاصرة
: د. محمّد سالم ولد الطلبة ، ٢٠٠٨م ، بيروت لبنان ، دار الكتاب
الجديد.
١١ ـ الحجاج في القرآن : عبد الله صولة ، ضمن
كتاب (أهمّ نظريات الحجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم) ، إشراف : حمادي
صمود ، جامعة الآداب والفنون ، سلسلة آداب مجلد ٣٩ ، ١٩٩٨م.
١٢ ـ الحجاج في الإمتاع والمؤانسة
: لأبي حيّان التوحيدي ، حسين بو بلوطة ، ٢٠٠٩م ، جامعة الحاج
الأخضر ، الجزائر.
١٣ ـ الحجاج في اللغة : ضمن كتاب (أهم نظريات
الحجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم) ، إشراف : حمادي صمود ، جامعة الآداب
والفنون ، سلسلة آداب مجلد ٣٩ ، ١٩٩٨م.
١٤ ـ الحجاج مفهومه ومجالاته
، دراسة نظرية وتطبيقية في البلاغة العربية : حافظ إسماعيل علوي
، عالم الكتب الحديث ، ط١ ، ٢٠١٠م.
١٥ ـ الحكمة المتعالية في الأسفار
العقلية الأربعة : لصدر الدين محمّد
الشيرازي مجدّد الفلسفة الإسلامية المتوفّى (١٠٥٠هـ).
١٦ ـ دلائل الإمامة : للمحدّث الشيخ أبي
جعفر محمّد بن جرير الطبري الصغير من أعلام القرن الخامس الهجري ، تحقيق : قسم الدراسات
الإسلامية مؤسّسة البعثة قم.
١٧ ـ رسائل الإمام علي
عليهالسلام دراسة حجاجية : رائد
الزبيدي ، أطروحة دكتوراه ، آداب البصرة ، ٢٠١٣م.
١٨ ـ الروابط الحجاجية في رسائل
الإمام الحسن عليهالسلام : أ. د عبد الإله
العرداوي ، جامعة الكوفة كلّية التربية الأساسية ، ٢٠١٥م.
١٩ ـ سفينة البحار : للشيخ عبّاس القمّي
، د. ط.
٢٠ ـ شرح الكافية : للرضي الإسترآبادي
، ١٣٩٨ هـ ـ ١٩٧٨ م ، جامعة قاريونس ، تصحيح وتعليق يوسف حسن عمر.
٢١ ـ شرح نبراس الهدى ، في
أحكام الفقه وأسرارها : لمولى هادي
السبزواري قدسسره١٢١٢ ـ ١٢٨٩ق مراجعة وتحقيق : محسن بيدارفر ، انتشارات بيدار.
٢٢ ـ الصحاح تاج اللّغة وصحاح
العربية : للجوهري ، تحقيق : أحمد عبد الغفور عطّار ، الكويت ١٩٨٦م.
٢٣ ـ فن الخطابة : ترجمة بدوي ، دار الشؤون
الثقافية ، بغداد ، ط٢ ، ١٩٨٦م.
٢٤ ـ القاموس المحيط : للفيروزآبادي ، د.
ط.
٢٥ ـ كتاب سيبويه : أبو بشر ابن قنبر ،
تحقيق : عبد السلام هارون ، د.ط.
٢٦ ـ الكشّاف : للزمخشري ، د. ت. د.ط.
٢٧ ـ لسان العرب : لابن منظور ، منشورات
دار صادر.
٢٨ ـ اللّغة والحجاج : أبو بكر العزّاوي ،
دار العمدة في الطبع ، المغرب ، ط١ ، ٢٠٠٧م.
٢٩ ـ مأساة الزهراء عليها السلام
شبهات وردود : لسيّد جعفر مرتضى
العاملي ، دار السيرة بيروت ـ لبنان.
٣٠ ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد
: للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي ، بتحرير الحافظين
الجليلين : العراقي وابن حجر ١٤٠٨ هـ ـ ١٩٨٨ م بيروت ـ لبنان.
٣١ ـ المسائل الصاغانية : للشيخ المفيد محمّد
بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي ، تحقيق : السيّد محمّد القاضي ، الطبعة : الأولى
١٤١٣ هـ ، الناشر : المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد.
٣٢ ـ مصباح الأصول : تقريراً لأبحاث آية
الله العظمى السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي
قدسسره ، (الأصول العمليّة)
، تأليف : آية الله السيّد محمّد سرور الواعظ الحسيني البهسودي (فرج الله عنه) ، مؤسّسة
إحياء آثار الإمام الخوئي.
٣٣ ـ معاني الحروف : للرّماني ، تحقيق :
عبد الفتّاح إسماعيل شلبي ، ط٣ ، دار الشروق ، ١٩٨٤م.
٣٤ ـ مغني اللبيب عن كتب الأعاريب
: لابن هشام الأنصاري المصري حقّقه وفصّله ، وضبط غرائبه : محمّد
محيي الدين عبد الحميد ، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي قم ـ إيران
١٤٠٤ هـ.
٣٥ ـ نظرية الحجاج في اللغة
(ضمن كتاب (أهم نظريّات الحجاج) ، في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم) : إشراف حمادي صمود
، جامعة الآداب والفنون ، سلسلة آداب مجلّد ٣٩ ، ١٩٩٨م.
٣٦ ـ نظرية اللغة الأدبية : ايفانكوس ، ترجمة :
حامد أبو حمد ، القاهرة ، مكتبة غريب.
التراث التفسيري
عند الإمام الرضا عليهالسلام
|
|
د. سكينة آخوند
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد :
إنّ القرآن الكريم
كتاب هداية ولابدّ من توضيح ما يرمي إليه من المعاني والمقاصد للحصول على معارفِه العَميقة
، وإنّ أهمّ مصدر في فهم القرآن إنّما هو الروايات التفسيرية للمعصومين عليهمالسلام ، فهي بالإضافة إلى
ما تمنحه من التفسير الصّحيح تزوّدنا كذلك بالمباني التفسيرية ومناهجه وقواعده
ووجوهه المختلفة ، فبالإضافة إلى الجانب التعليمي لروايات أهل البيت عليهمالسلام فإنّ أحاديثهم تعدّ
مصدراً غنيّاً للحُصول على المناهج والنماذج التفسيرية المختلفة.
بناءً على هذا وبسبب
سعة الروايات التفسيرية لأهل البيت عليهمالسلام فإنّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالتنا هذه قد اقتصرت
على التراث التفسيري عند الإمام الرضا عليهالسلام أنموذجاً ، ومن خلال
الوقوف عند الروآيات التفسيرية للإمام الرضا عليهالسلام والتأمّل فيها
يتبيّن لنا أنّ الإمام عليهالسلام لم يتطرّق فقط لتفسير
كلام الله وتوضيحه فحسب بل أنّه عليهالسلام قد وضّح وبيّن للمسلمين
أهمّ المباني والأصول والقواعد التفسيرية أيضاً.
المقدّمة :
إنَّ أكثر ما يحتاجه
الناس للاستفادة من القرآن الكريم هو فهم ما ترمي إليه الآيات الإلهية من مراد ومقصود
، وإنّ شمولية القرآن تستوجب أن يكون للإنسان معلّمٌ فهيمٌ ومطّلعٌ على حقائق القرآن
ليبيّن للناس معارفه ، بناءً على هذا فإنّ الله تبارك وتعالى فوّض رسالة تبيين القرآن
وتفسيره إلى الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وهذا ما يتبيَّن لنا من الآية (٤٤)
من سورة النحل ، وهو بدوره أيضاً استطاع أن يقوم بأعباء هذه المهمّة قولاً وعملاً بأحسن
وجه ، ولكن الحقبة الرسالية المحدودة والأجواء الحاكمة عليها آنذاك من جهة والمستوى
الفكري والثقافي لعامّة المسلمين من جهة أُخرى لم تكونا كافيتين لضمان ما تستوعبه الأمّة
من فهم صحيح للقرآن الكريم ولسلامتها عن الإنحرافات ، بل كان من اللازم أن يبقى هذا
التراث مصاناً ومحفوظاً في بيت النبوّة وهم ورثة كتاب الله وترجُمانيِّي وَحيه ، وقد
أشار الإمام الصادق عليهالسلام إلى هذه الضرورة
العقلية قائلاً : «إنّا أهل بيت لم يزل الله يبعث منّا من يعلم كتابه من أوّله إلى
آخره».
بناءً على هذا فإنّ
لأهل البيت عليهمالسلام الدور الأهمُّ والأساسيُّ
في بثِّ ونشر الثقافة القرآنية وخاصّةً تفسير وتبيين الحقائق القرآنية ، فإنّ قسماً
من أقوال أهل البيت عليهمالسلام وسيرتهم إنّما يختصّ
ـ بشكل مباشر أو غير مباشر ـ بتفسير وتبيين القرآن كما يختصّ ضمناً بتوضيح وتبيين الأصول
والقواعد التفسيرية لكتاب الله ، فإنّهم عليهمالسلام قد وضعوا الخطوط العريضة
والمهمّة في معرفة القرآن وتفسيره إضافةً إلى إماطتهم الستار عن الألفاظ المبهمة وتوضيح
مبهمات القرآن وبهذا صاروا يعلِّمون طريقة التفسير وكيفية الأخذ بالمناهج الأساسية
لفهم القرآن ، وعلى هذا الأساس فإنّ بيانات أهل البيت عليهمالسلام لم تقتصر على
توضيح الآيات فحسب بل بلغت إلى أكثر من ذلك لتشمل المباني والأساليب والقرائن والقواعد
الدالّة على فهم القرآن بحيث إنّ معرفة هذه الأمور تجعل الطريق مفتوحاً أمام المفسِّرين
لمعرفة مقاصد القرآن.
لقد استخرجنا في هذه
المقالة مباني وأساليب التفسير من الروايات التفسيرية للإمام الرضا عليهالسلام ، والمراد من الأحاديث
التفسيرية هو كلّ ما يتعلّق بشأن من شؤون آيات القرآن الكريم ، سواء كان متعلِّقاً
بنزولها أم بقراءتِها أو بيان معانيها ، في ظاهرها أو باطنها ، تنزيلها أو تأويلها
أو ..... أو تكون قاعدةً كلِّيّةً من قواعد فهم القرآن الكريم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتوضيح ذلك : أنّ الحديث
التفسيري ـ بصفة كونه حديثاً ـ يشمل كلّ ما يحكي عن شيء من شؤون المعصومين عليهمالسلام وأحوالهم ، من قول
أو فعل أو تقرير ، أو نحو ذلك ، وبقيد تعلّقه بالتفسير يشمل كلّ حديث يمكن أن يقع فى
طريق إيضاح معاني القرآن الكريم.
أهمّية حقبة الإمام
الرضا عليهالسلام.
كلُّ واحد من أئمّة
أهل البيت عليهمالسلام إنّما هو مصباحٌ مضيء
على طريق هداية البشر ومصداقٌ لما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) في باب الثقلين
، فإنّ تعاليمهم عليهمالسلامجنباً إلى جنب القرآن الكريم مهّد طريقاً مخلّداً لهداية البشر
، ومن بينهم عليهمالسلامالإمام الرضا عليهالسلام فإنّه وبسبب الأجواء
الخاصّة السياسية منها والثقافية التي أحدقت به عليهالسلامآنذاك صارت له بعض الخصائص التي جعلت سيرته وتعاليمه متمايزة
من بين سائر الأئمّة عليهمالسلام ، فإن الأحاديث والتعاليم
التي وصلت إلينا من الإمام الرضا عليهالسلامتشير إلى استمرارية سنّة أهل البيت من رسول الله (صلى الله
عليه وآله)ومن منشأ الوحي وذلك لأنّ الإمام الرضا عليهالسلام هو إمام من أئمّة أهل
البيت عليهمالسلامومصداق من مصاديق الثقلين ، فقد قال الإمام الرضا عليهالسلام : «إنّا أهل بيت يتوارث
أصاغرنا عن أكابرنا القذَّة بالقَذَّة».
فقد وصلتنا عن الإمام
الرضا عليهالسلام في تفسير وتوضيح آيات
القرآن الكريم روايات كثيرة ، فقد جاء إلى الإمام الرضا عليهالسلام في مكّة رجل قال له
:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«إنّك لتفسِّر من كتاب
الله ما لم تسمع به؟ فقال أبو الحسن عليهالسلام : علينا نزل قبل
الناس ، ولنا فُسِّرَ قبل أن يفسّر في الناس ، فنحن نعرف حلاله وحرامه ، وناسخه ومنسوخه
، وسفريه وحضريه ، وفي أيِّ ليلة نَزَلَت كم من آية ، وفيمن نزلت وفيما نزلت».
من الأمور المثيرة
للإنتباه في روايات الإمام الرضا عليهالسلام هو الاهتمام
بالعلوم المعروفة لدينا اليوم بالعلوم القرآنية وتفسير القرآن التي تمهِّد للقارىء
فهم كتاب الله بنحو أفضل.
هذا وإنّ البحث في
الروايات الرضوية ودراستها إنّما هو لتبيين مكانة الإمام الرضا عليهالسلام في تبيين العلوم القرآنية
والتفسير وتأثير تعاليمه على هذه المباحث ، وهو الهدف من تأليف مقالتنا هذه؛ وقد تناولنا
هذه الدراسة من أربعة جهات وهي :
المباني القرآنية عند
الإمام الرضا عليهالسلام ، المناهج التفسيرية ، القواعد التفسيرية ، والمقاصد التفسيرية.
أوّلاً : المباني القرآنية عند الإمام الرضا عليهالسلام.
من أهمِّ الأدوار التي
قام بها المعصومون عليهمالسلام هو عرضهم المباني
والأُسُس التفسيرية في منهجية تفسير القرآن الكريم التي أشاروا إليها دائماً في
أقوالهم وتعاليمهم التفسيرية؛ وإنّ التأمّل في الروايات التفسيرية للإمام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرضا عليهالسلام تبيّن أنّ أهمّ المباني
لمعرفة القرآن في رواياته عليهالسلام هي عبارة عن :
١ ـ خلود القرآن :
إنّ القرآن الكريم
هو آخر كتاب سماوي لهداية البشر ، بناءً على هذا لابدّ أن تكون قوانينه بحيث يمكنها
أن تؤدِّي دورها في هداية المجتمع البشري إلى يوم القيامة ، ويستلزم هذا المبنى بأن
تكون للقرآن أحكام خالدة ومطابقة لحاضر البشر ومستقبله ، كما يستلزم أيضاً أن يكون
للقرآن باطن عميق ، وقد نقل الإمام الرضا عليهالسلام بواسطة أبيه رواية
عن الإمام الصادق عليهالسلام «إنّ رجلاً سأل أبا
عبد الله عليهالسلام ما بال القرآن لا يزداد
على النشر والدرس إلاّ غضاضة؟ فقال : إنّ الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان
ولا لناس دون ناس فهو في زمان جديد وعند كلِّ قوم غضٌّ إلى يوم القيامة».
٢ ـ صيانة القرآن الكريم
من التحريف :
إنّ عدم إمكان تحريف
القرآن الكريم هو واحد من أهمِّ المباني في معرفة القرآن بحيث إنّ إثبات هذا الأمر
بحاجة إلى أدلّة قطعية.
في رواية قال الإمام
الرضا عليهالسلام : « ... لا يَخْلَقُ
من الأزمِنة ولا يَغثُّ على الألسنة لأنّه لم يجعل لزمان دون زمان بل جعل دليل القرآن
وحجّةً على كلِّ إنسان (لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ
مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيم حَمِيد)». فمن هذه الرواية يمكننا استنباط صيانة القرآن الكريم من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التحريف.
٣ ـ القرآن وحيٌ إلهيٌّ
:
إنّ القرآن الكريم
قد نطق به الوحي ، وألفاظه وحيٌ إلهيٌّ ، وهذا الأمر يعدُّ واحداً من المباني في تفسير
القرآن الكريم ، فإنّ دراسة الروايات الرضوية تبيّن لنا هذا الأمر كما في الرواية التالية
عن الحسين بن خالد قال : «قلت للرضا عليهالسلام يا ابن رسول الله أخبرني
عن القرآن أخالقٌ أو مخلوق فقال ليس بخالق ولا مخلوق ولكنّه كلام الله».
فهذه الرواية خير شاهد
على أنّ القرآن وحيٌ إلهيٌّ وليس من قول البشر.
٤ ـ الوضوح في بيان
القرآن الكريم :
إنّ وضوح بيان القرآن
وقابلية فهمه الصحيح من الأمور التي استند إليها علماؤنا ، فإنّ إرشاد روّاد العلم
والباحثين في المسائل الإعتقادية وإرجاعهم إلى القرآن الكريم لهو خير دليل على قابلية
فهم القرآن الكريم؛ على سبيل المثال جاء في رواية عن عبد العزيز بن المهتدي قال : «سألت
الرضا عليهالسلام عن التوحيد فقال كلّ
من قرأ قل هو الله أحد وآمن بها فقد عرف التوحيد» فإنّ هذا التشجيع في
تدبّر القرآن واستخراج رفيع معارفه في التوحيد إنّما ينبئُنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن قابلية فهم القرآن
، كما أنّ الروايات التي تُرشد وتُأكّد على عرض الآيات المتشابهات من القرآن الكريم
على الآيات المحكمات أيضاً إنّما هي حاكية عن إمكان وقابلية فهم القرآن ، وذلك ما جاء
في قول الإمام الرضا عليهالسلام حيث قال : «من ردّ
متشابه القرآن إلى محكمه هُدِي إلى صراط» فإنّ هذه الرواية
تدلُّ على فهم القرآن من ثلاثة أبعاد : الفهم المباشر في إحكام الآيات المحكمات ، فهم
التشابه في الآيات المتشابهات ، ردّ المتشابه على المحكم وذلك لفهمه.
٥ ـ القرآن كتاب هداية
:
إنّ الكثير من آيات
القرآن تكشف لنا عن حقيقة أنّ القرآن كتاب هداية وذلك مثل قوله تعالى في الآيات التالية
:
ـ (ذلِكَ
الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ).
ـ (قُلْ
نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا
وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ).
ـ (طس
تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَاب مُبِين * هُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ).
فإنّ هذه الخصوصية
للقرآن الكريم هي الأخرى تعدُّ واحدةً من مباني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معرفة القرآن الكريم
الّتي تمّت الإشارة إليها في روايات الإمام الرضا عليهالسلام ، ففي رواية سأل فيها
الريّان بن الصلت من الإمام الرضا عليهالسلام عن القرآن فأجابه
الإمام عليهالسلام قائلاً : «كلام الله
لا تتجاوزوه وتطلبوا الهدى في غيره فَتضلُّوا» فبناءً على هذه الرواية
فإنّ عالم آل محمّد (صلى الله عليه وآله) جعل الهداية منحصرةً في القرآن وعدّ طلبها
من غيره ضلالةً.
وفي حديث الإمامة الصادر
عن الإمام الرضا عليهالسلام أيضاً جاء فيه أنّه
قال : «إنّ الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيّه (صلى الله عليه وآله) حتّى أكمل له الدين
وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كلِّ شيء بيّن فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام
وجميع ما يحتاج إليه كملاً».
وقد روى محمّد بن موسى
الرازي عن أبيه قال : «حدّثني أبي قال : ذكر الرضا عليهالسلام يوماً القرآن فعَظّمَ
الحجّة فيه والآية والمعجزة في نظمه قال : هو حبل الله المتين وعروته الوثقى وطريقته
المثلى المؤدّي إلى الجنّة والمنجي من النار لا يَخْلَقُ على الأزمنة ولا يغثّ على
الألسنة لأنّه لم يُجعَل لزمان دون زمان بل جُعِلَ دليل البرهان والحجّة على كلِّ إنسان
(لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ
يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيم حَمِيد)».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانياً : المناهج التفسيرية
عند الإمام الرضا عليهالسلام.
المناهج التفسيرية
هي عبارة عن أساليب يتّخذها المفسِّرون لكشف معاني آيات القرآن وألفاظه ، وبالرغم من
أنّ هذه الأساليب متعدِّدَة ألاّ أنّه يمكننا أن نقول : إنّ هناك طريقتين كلّيّتين
منذ عهد الصحابة وحتّى زماننا هذا قد اتُّخِذَتا في تفسير القرآن الكريم :
الأوّل المنهج التفسيري
بالمأثور ، والآخر هو المنهج التفسيري العقلي ـ الاجتهادي :
والمراد من المنهج
التفسيري بالمأثور هو تفسير آيات القرآن عن طريق نفس آيات القرآن (تفسير القرآن بالقرآن)
وعن طريق الأحاديث والروايات الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمعصومين
عليهمالسلام كما هو ديدن علماء
الشيعة في التفسير ، وأمّا السنّة فبالاستفادة من الروايات الواردة عن رسول الله
(صلى الله عليه وآله) والصحابة.
وفي المنهج الثاني
فإن التدبّر العقلي له الدور الأساسي بمختلف محاوره الكلامية واللغوية والفلسفية والعرفانية
والفقهية و .... التي تتمحور حول هذا المنهج العقلي ـ الاجتهادي.
ومع التأمّل في الروايات
التفسيرية للإمام الرضا عليهالسلام ندرك أنّ رواياته
التفسيرية عليهالسلام قد جاءت في شتّى المجالات
الاعتقادية والاجتماعية والفقهية وذلك ابتناءاً على الاعتقاد بشمولية القرآن وبكونه
مرجعاً في جميع الأمور ، ففي ظلِّ هذه المباني القويمة والأصول الأصيلة يمكننا أن نشير
إلى المناهج
التالية في تفسيره
:
١ ـ تفسير القرآن بالقرآن
:
إنّ العقل يحكم علينا
في مجال فهم كلام المتكلّم ورفع الإبهام والإجمال عنه أن نستعين بسائر كلامه الآخر
، فإذا عثرنا على قيود وقرائن في بقية كلامه تساعدنا على فهم أفضل لكلامه فلابدّ من
الاستفادة منها. وهذا الحكم يشمل فهم آيات القرآن أيضاً ، فإنّ آيات القرآن غير مستثنات
من هذه القاعدة ، وقد صرّح القرآن بضرورة الإرجاع إلى الآيات المحكمة وذلك لفهم
المراد والمقصود من سائر الآيات الأُخَر ، ولذلك فمن أراد أن
يفهم القرآن فعليه أن يطلب ذلك أوّلاً من نفس القرآن ، فإذا تأمّلنا في
آيات القرآن الكريم يتبيّن لنا أنّ بعض الأمور في بعض الآيات قد جاءت بصورة مبهمة
ومجملة في حين أنّ نفس هذه الأمور قد جاءت بصورة مفصّلة ومشروحة في آيات أُخرى.
ومضافاً على ما ذكرنا
فإنّ القرآن بنفسه يعرّف منهجيته أنّه (تِبْيَاناً لِكُلِّ
شَيْء) ، وذلك بمعنى أنّه
ناظر إلى منهجية تفسير القرآن بالقرآن.
وبناءً على ما جاء
في الروايات أيضاً فإنّ القرآن مجموعة متكاملة بحيث إنّ بعض آياته ترتبط ببعضها الآخر
، فمع مراجعة الآيات والتدبّر فيها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يمكننا أن نجعلها شاهداً
على آية أخرى وقرينة لفهمها ، بناءً على هذا لا يجب الاكتفاء بما نحصل عليه من مفهوم
الآيات من غير أن نراجع وندقِّق في الآيات الأُخرى.
لقد أكّد أهل البيت
عليهمالسلام في رواياتهم على الإستفادة
من الآيات لفهم سائر الآيات الأخر بصورة صحيحة وكاملة ، وقد عرّفوا وأشاروا وأكّدوا
على القرآن الكريم كونه أتقن وأضبط مصدر لتفسير القرآن.
وقد أشار أمير المؤمنين
عليّ عليهالسلام إلى أنّ آيات القرآن
قرينة في تفسيره قائلاً عليهالسلام : «كتاب الله ... ينطق
بعضه ببعض ويشهد بعضه ببعض» ، هذا وإنّ
الاستعانة بآيات القرآن في التفسير كان هو المنهج الشائع عند المعصومين عليهمالسلام في تفسير القرآن ، وذلك من قبيل الاستدلال
بآية لفهم آية أُخرى ، وكذلك الاستفادة من الآيات المحكمة في فهم الآيات المتشابهة.
ومضافاً على ما ذكرنا
من تفسير القرآن بالقرآن في كونه منهجية أهل البيت عليهمالسلام ، فإنّه يصون أيضاً
بنسبة كبيرة من الوقوع في الأخطاء التفسيرية.
هذا وإنّ الإمام الرضا
عليهالسلام أيضاً قد استفاد في
تفسير آيات القرآن من طريقة تفسير القرآن بالقرآن في موارد عديدة ، ونحن هنا نذكر نماذج
من هذه الروايات :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أ ـ ففي آية (وَمَا
أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَسْأَلُوا أَهْلَ
الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) قال الإمام الرضا عليهالسلام : «نعم الذكر رسول
الله ونحن أهله ، وذلك بيّن في كتاب الله عزّ وجلّ حيث يقول في سورة الطلاق : (فَاتَّقُوا
الله يَا أُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ الله إِلَيْكُمْ ذِكْراً
* رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ الله مُبَيِّنَات) فالذكر رسول الله
(صلى الله عليه وآله) ونحن أهله» ، فإنّ الإمام الرضا
عليهالسلامقد استفاد هنا من طريقة تفسير القرآن بالقرآن في صدد إثبات
هذا الأمر ، وهو أنّ المراد من (أهل الذكر) في الآية هم الأئمّة الأطهار عليهمالسلام ، واستناداً على الآية
التي مرّت علينا آنفاً من سورة الطلاق التي جعلت للرسول عنوان (الذكر) فقد استفاد الإمام
الرضا عليهالسلام منها كذلك ليعرّف نفسه
أنّه من أئمّة أهل البيت عليهمالسلام.
ب ـ وفي رواية عن الإمام
الرضا عليهالسلام لما سئل عن قوله تبارك
وتعالى : (خَتَمَ الله عَلَى قُلُوبِهِمْ) فقال عليهالسلام : «الختم هو الطَّبع
على قلوب الكفّار عقوبةً على كفرهم ، كما قال عزّ وجلّ : (بَلْ
طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً)».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ج ـ وفي رواية أخرى
فإنّه عليهالسلام استعان بقوله تعالى
: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ....) في تفسير قوله تعالى
: (يُوصِيكُمُ الله فِي أَوْلاَدِكُم
لِلْذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ) وقال عليهالسلام : «وعلّة أُخرى في
إعطاء الذكر مِثلَي ما تُعطى الأنثى لأنّ الأنثى في عيال الذكر إن احتاجت وعليه أن
يعولها وعليه نفقتها ، وليس على المرأة أن تعول الرجل ولا تؤخذ بنفقته إن احتاج ، فوفّر
الله تعالى على الرجال لذلك ، وذلك قول الله عزّ وجلّ : (الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض وَبِمَا أَنْفَقُوا
مِنْ أَمْوَالِهِمْ)».
د ـ وفي رواية أخرى
فإنّه عليهالسلام بيّن معنى كلمة (قواما)
من سورة الفرقان (الآية ٦٧) استناداً على الآيات التالية (.... عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ
وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعَاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُـحْسِنِينَ) و (... لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً
إِلاَّ مَا آتَاهَا ....) وفسّرها بمعنى (المعروف)
والمعروف بمعنى على قدر عياله ومؤنتهم التي هي صلاح له ولهم.
«عن أبي الحسن عليهالسلام في قول الله عزّ وجلّ
(وَكَانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوَاماً)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال : القوام هو المعروف
(عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ
قَدَرُهُ مَتَاعَاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُـحْسِنِينَ) على قدر عياله ومؤنتهم
التي هي صلاح له ولهم (لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً
إِلاَّ مَا آتَاهَا)».
ففي تفسير القرآن بالقرآن
غالباً ما يُستند إلى الآيات المتّحدة في الموضوع ، ولكن لوحظ في روايات أهل البيت
عليهمالسلام أنّهم لم يتّخذوا هذه
الطريقة لزوماً في فهم الآيات ، فلم يستفيدوا من الآيات الناظرة إلى الآيات الأخرى
كقرائن تفسيرية في بعض الأحيان ، وقد فسَّروا بعض آيات القرآن بآيات أُخرى يبدو أنّها
ليس بينها تلازماً ظاهريّاً في فهم تلك الآيات ، وذلك بمعنى أنّهم فسّروا القرآن بما
يستنبط من القرآن وليس التفسير بظاهر الآيات المتّحدة في المعنى ، علماً أنّ هذه الطريقة
كانت مختصّة بهم عليهمالسلام.
ففي رواية قد استفاد
الإمام الرضا عليهالسلام من آيات في تفسير آية
أُخرى يبدو أنّه لا تلازم بينها وبين تلك الآيات ظاهريّاً في اتّحاد الموضوع ، كما
جاء في عقب آية (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَعْنَةُ
الله عَلَى الظَّالِمِينَ) حيث قال الإمام الرضا
عليهالسلام : «المؤذِّن أمير المؤمنين
(صلوات الله عليه) ، يؤذِّن أذاناً يُسمِعُ الخلائقَ كلَّها ، والدليل على ذلك قول
الله عزّ وجلّ في سورة براءة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(وَأَذَانٌ مِنَ الله وَرَسُولِهِ) فقال أمير المؤمنين
عليهالسلام : كنت أنا الأذان في
الناس».
فإنّ هذا الأمر وهو
أنّ أمير المؤمنين كان قد قرأ سورة التوبة بين الناس وأعلن براءة الله ورسوله من المشركين
هو أمرٌ مُتَّفَقٌ عليه بين المسلمين ، وقد أشار أمير المؤمنين
عليهالسلام بنفسه إليه ، وقد بيّن الإمام
الرضا عليهالسلام استناداً على آية سورة
التوبة أنّ ذلك المؤذِّن الذي يؤذِّن يوم القيامة من بين أهل الجنّة : (أَن
لَعْنَةُ الله عَلَى الظَّالِمِينَ) هو أمير المؤمنين عليهالسلام وإن كان ظاهر
الآية لا دلالة له على ذلك.
٢ ـ تفسير القرآن بالسنّة
الروائية :
إنّ واحداً من أفضل
طرق معرفة القرآن والذي يعدّ أَمْراً ضروريّاً في فهمه هو تفسيره بسنَّة المعصومين
عليهمالسلام ، وفي واقع الأمر أنّ
سنّة المعصومين عليهمالسلام هي أحد أهمّ مصادر
علم التفسير وأساس الحصول على المعارف الإسلامية ؛ فإنّ المعصومين عليهمالسلام هم منشأ من نور واحد
وكلامهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حجّة ، كما في معتقد
الشيعة وفقاً لما جاء في رواية الإمام الباقر عليهالسلام :
«عن جابر قال : قلت
لأبي جعفر محمّد بن علي الباقر : إذا حدّثتني بحديث فأسنده لي ، فقال : حدّثني أبي
عن جدّي عن رسول الله عن جبرئيل عن الله عزّ وجلّ ، وكلّ ما أحدّثك فبهذا الإسناد».
وكما في رواية الإمام
الصادق عليهالسلام : «إنّا ورثنا محمّداً
وعندنا علم التوراة والإنجيل والزبور وتبيان ما في الألواح».
إنّ استناد كلّ إمام
من أئمة أهل البيت عليهمالسلام إلى أحاديث وسيرة الرسول
الأعظم (صلى الله عليه وآله) وكذلك سنّة الأئمّة المعصومين عليهمالسلام من قبله في تبيين آيات
القرآن يمكن أن يلفت نظرنا إلى أمور مهمّة :
أ ـ إنّ ذكر مثل هذه
الروايات عن الأئمّة المعصومين عليهمالسلام سوف يؤدّي إلى إحياء
المدرسة التفسيرية لأهل البيت عليهمالسلام ، ومن خلال هذه المدرسة
يتمّ عرض التفسير الصحيح للناس ويتعلّموا منهجيته.
ب ـ إنّ اطّلاع الناس
على مثل هذه الروايات تجعلهم يدركون المقام العلميَّ لأهل البيت عليهمالسلام ، ويدركون بأنّهم عليهمالسلام ينهلون من منهل علميٍّ
واحد فتتجه أنظارهم إليهم ليتزوّدوا من علومهم عليهمالسلام.
إنّ الإمام الرضا عليهالسلام وبالرغم من أنّ له
إحاطة كاملةٌ بمعاني الآيات وبما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تشتمل عليه من مفاهيم
ومداليل ، وأنّه عليهالسلام في حدِّ ذاته مصدر
من مصادر تفسير القرآن الكريم ، إلاّ أنّه في بعض الأحيان يستشهد في تفسير آيات
القرآن الكريم ببعض الروايات التفسيرية للأئمّة الذين كانوا قبله عليهمالسلام.
ويمكننا أن نشير في
هذا المجال إلى النماذج التالية :
١ ـ «في عيون أخبار
الرضا بإسناده إلى إبْراهيم بن عبّاس الصُّوفي الكاتب ، قال : كُنّا يَوماً بين يدي
عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام فقال : ليس في
الدّنيا نعيم حقيقيّ ، فقال له بعض الفقهاء ممّن يحضره : في قول الله عزّ وجلّ : (ثُمَّ
لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذ عَنِ النَّعِيمِ) أما هذه النعيم في
الدّنيا هو الماء البارد؟ فقال له الرضا عليهالسلام ـ وعلا صوته ـ كذا
فَسّرْتُموه أنتم وجعلتموه على ضروب ، فقالت طائفة : هو الماء البارد ، وقال غيرهم
: هو الطّعام الطّيّب ، وقال آخرون : هو طيب النّوم ، ولقد حدّثني أبي ، عن أبيه أبي
عبد الله عليهالسلام أنّ أقوالكم هذه ذكرت
عنده ـ في قول الله عزّ وجلّ لَتُسْأَلُنَّ
يَوْمَئِذ عَنِ النَّعِيمِ ـ فغضب وقال : إنّ
الله عزّ وجلّ لا يسأل عباده عمّا تفضّل عليهم به ، ولا يمنّ بذلك عليهم ، والامتنان
بالإنعام مستقبح من المخلوقين فكيف يضاف إلى الخالق عزّ وجلّ ما لا يرضى المخلوق به؟
ولكنّ النعيم حُبّنا أهل البيت وموالاتنا .... يسأل الله عنه بعد التوحيد والنبوّة
لأنّ العبد إذا وفى بذلك أدّاه إلى نعيم الجنّة الذي كان لا يزول».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٢ ـ قد نقل الإمام
الرضا عليهالسلام روايةً عن آبائه الطاهرين
عن أمير المؤمنين عليهالسلام في تفسير سورة الحمد
:
«قال الإمام [العسكري]
عليهالسلام : جاء رجل إلى الرضا
عليهالسلام فقال : يابن رسول
الله أخبرني عن قوله عزّ وجلّ (اَلْحَمْدُ لله رَبِّ
الْعالَمِينَ) ما تفسيره؟ قال عليهالسلام : لقد حدّثني أبي ،
عن جدّي ، عن الباقر ، عن زين العابدين عليهمالسلام أَنّ رجلاً جاء إلى
أمير المُؤمنين عليهالسلام فقال : أخبرني عن قوله
عزّ وجلّ (اَلْحَمْدُ لله رَبِّ الْعالَمِينَ) ما تفسيره؟ فقال : (اَلْحَمْدُ لله) هو أن عرّف الله عباده بعض نعمه عليهم جملاً ، إذ لا يقدرون
على معرفة جميعها بالتفصيل ، لأَنّها أَكثر من أن تُحصى أو تعرف فقال لهم : قولوا :
(اَلْحَمْدُ لله) على ما أنعم به علينا. (رَبِّ الْعالَمِينَ) وهم الجماعات من كلِّ مخلوق ، من الجمادات ، والحيوانات .....».
٣ ـ وفي تفسيره عليهالسلام آية (فَلَمَّا
قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأرْضِ
تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ .....) جاءت الرواية التالية
:
«عن الحسين بن خالد
، عن أبي الحسن عليّ موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ،
عن أبيه محمّد بن عليّ عليهمالسلام قال : إنّ سليمان بن
داود قال ذات يوم لأصحابه : إنّ الله تبارك وتعالى قد وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من
بعدي ، سخّر لي الريح والإنس والجنَّ والطير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والوحوش ، وعلّمني
منطق الطير ، وآتاني من كلِّ شيء ، ومع جميع ما أوتيت من الملك ما تمّ لي سرور يوم
إلى الليل قد أحببت أن أدخل قصري في غد فأصعد أعلاه وأنظر إلى ممالكي فلا تأذنوا لأحد
عَلَيَّ بالدخول لئلاّ يرد عَلَيَّ ما ينغّص عَلَيَّ يومي ، فقالوا نعم ، فلمّا كان
من الغد أخذ عصاه بيده وصعد إلى أعلى موضع من قصره ووقف مُتّكئا على عصاه ينظر إلى
ممالكه سروراً بما أوتي ، فرحاً بما أعطي ، إذ نظر إلى شابٍّ حسن الوجه واللباس قد
خرج عليه من بعض زوايا قصره ، فلمّا أبصر به سليمان عليهالسلام قال له : من أدخلك
إلى هذا القصر وقد أردت أن أخلو فيه اليوم ، فبإذن من دخلت؟! فقال الشابّ : أدخلني
هذا القصر ربُّه وبإذنه دخلت ، فقال : ربُّه أحقُّ به منّي ، فمن أنت؟ قال : أنا ملك
الموت ، قال : وفيما جئت؟ قال : لأقبض روحك ، فقال؟ امض بما أمرت به في هذا يوم سروري
وأبى الله عزّ وجلّ أن يكون لي سرور دون لقائك ، فقبض ملك الموت روحه وهو متّكىء على
عصاه ، فبقى سليمان متّكئاً على عصاه وهو ميّت ما شاء الله والناس ينظرون إليه وهم
يُقدِّرون أنّه حيٌّ فافتتنوا فيه واختلفوا ، فمنهم من قال : إنّ سليمان قد بقي متَّكئا
على عصاه هذه الأيّام الكثيرة ولم يأكل ولم يشرب ولم يتعب ولم ينم إنّه لربُّنا
الذي يجب أن نعبده ، وقال قوم : إنَّ سليمان لساحر وإنه يرينا أنّه واقف متّكىء على
عصاه يسحر أعيننا وليس كذلك ، فقال المؤمنون : إنّ سليمان هو عبد الله ونبيُّه يدبِّر
الله أمره بما شاء ، فلمّا اختلفوا بعث الله عزّ وجلّ الأرضة فدبّت في عصاه فلمّا أكلت
جوفها انكسرت العصا وخرّت [خرّ] سليمان من
قصره على وجهه فشكرت
الجنّ الأرضة على صنيعها ، فلأجل ذلك لا توجد الأرضة في مكان إلاّ وعندها ماء وطين
وذلك قول الله عزّ وجلّ : (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ
الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ
ـ يعني عصاه ـ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ
الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ)».
٤ ـ وفي تفسيره آية
(فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِن قَوْلِهَا وَقَالَ
رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ
وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) ذكر عليهالسلام روايةً عن الإمام الصادق
عليهالسلام بواسطة أبيه عليهالسلام :
«سمعت عليّ بن موسى
الرضا عليهالسلام يقول عن أبيه موسى
عن أبيه جعفر بن محمّد عليهالسلام في قوله عزّ وجلّ :
(فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِن قَوْلِهَا) قال لمّا قالت النملة
(يَا أَيُّهَا النَّـمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ
لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـانُ وَجُنُودُهُ) : حملت الريح صوت النملة
إلى سليمان وهو مارٌّ في الهواء والريح قد حملته فوقف وقال : عَلَيَّ بالنملة ، فلمّا
أتي بها قال سليمان : يا أَيّتها النملة أما علمت أنّي نبيٌّ وأنِّي لا أظلم أحداً؟!
قالت النملة : بلى ، قال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سليمان : فلم حذَّرتهم
ظلمي وقلت يا أيّها النمل ادخلوا مساكنكم ، قالت : خشيت أن ينظروا إلى زينتك فيفتتنوا
بها فيعبدون غير الله تعالى ذكره ، ثمّ قالت النملة : أنت أكبر أم أبوك؟ قال سليمان
: بل أبي داود ، قالت النملة : فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود؟ قال
سليمان : مالي بهذا علم ، قالت النملة : لأنّ أباك داود داوى جرحه بودّ فسمِّي داود
، وأنت يا سليمان أرجو أن تلحق بأبيك ، ثمّ قالت النّملة : هل تدري لم سُخِّرت لك الريح
من بين سائر المملكة؟ قال سليمان : ما لي بهذا علم ، قالت النملة : يعني عزّ وجلّ بذلك
لو سخّرت لك جميع المملكة كما سخّرت لك هذه الريح لكان زوالها من يدك كزوال الريح ،
فحينئذ فتبسّم ضاحكاً من قولها».
٥ ـ «حدّثنا عليّ بن
موسى الرضا ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبيه محمّد ابن عليّ صلوات الله عليهم في قوله
عزّ وجلّ : (فِطْرَتَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ
عَلَيْهَا) قال : هو لا إله إلاّ
الله محمّد رسول الله عليٌّ أمير المؤمنين وليّ الله إلى هاهنا التوحيد».
٦ ـ «أبا الحسن الرضا
عليهالسلام في قول الله (وَقُولُوا
حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ) قال : فقال أبو جعفر
عليهالسلام : نحن باب حطّتكم».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٧ ـ وفي تفسير آية
(لِلْذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ) أشار إلى حديث عن أمير
المؤمنين عليهالسلام :
«عن الرضا عليهالسلام ، عن آبائه ، عن عليٍّ
عليهالسلام في حديث أنّ رجلاً
سأله لم صار الميراث للذّكر مثل حظِّ الأنثيين فقال : من قبل السنبلة كان عليها ثلاث
حبّات فبادرت حوّاء فأكلت منها حبّة وأطعمت آدم حبّتين فلذلك ورث الذكر مثل حظِّ الأنثيين».
وعلى هذا المنوال فإنّ
الأئمّة عليهمالسلام غير ما اعتمدوه من
تفسير القرآن بالقرآن فقد اعتمدوا أيضاً مضافاً على ذلك أحاديث الرسول الأعظم (صلى
الله عليه وآله) أو أحاديث إمام آخر ، هذا وإنّ المعصومين عليهمالسلام قد أخذوا بأحاديث رسول
الله (صلى الله عليه وآله) في تفسير كثير من الآيات.
٣ ـ تفسير القرآن بالأدلّة
العقلية القطعية :
إنّ للعقل في الإسلام
مكانة رفيعة ، وقد تكرَّرت في القرآن الكريم عبارة (أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) و (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) التي تدعو إلى التعقّل في فهم كتاب الله ، كما تكرّرت أيضاً
عدّة مرّات في القرآن الكريم مشتقّات مفردة (التدبّر) وعلى الخصوص عبارة (أَفَلاَ
يَتَدَبَّرُونَ) ، وذلك في ذمِّ عدم
التدبُّر في آيات الكتاب ، وفي الروايات أيضاً فقد عُدَّ العقل أحد الحجّتين الإلهيَّتين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للإنسان فقد قال الإمام
الكاظم عليهالسلام : «إنّ لله على الناس
حُجَّتين حجّة ظاهرة وحجّة باطنة فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبياء والباطنة فالعقول».
فمن هنا يتبيّن أنَّ
القرآن الذي جاء به الرسول الظاهري (الرسل) لم يكن مخالفاً قطّ مع نتاج الرسول الباطني
أي العقل ، فعلى هذا الأساس لا غرو أنّ بعض الآيات لا تفسَّر إلاّ اعتماداً على القواعد
والاستلزامات العقلية ، وإنّ عدم الاعتناء بالقواعد العقلية القطعية يؤدِّي إلى الانحراف
في التفسير ، وبناءً على ذلك فإنّ الأئمّة المعصومين عليهمالسلام استفادوا في بعض الأحيان
في تفسير القرآن الكريم من البراهين والأصول والقواعد العقلية لتفسير آيات القرآن وخاصّة
الآيات التي لها صلة بالعقيدة وإثبات وحدانية الله تبارك وتعالى.
فإنّ الاستفادة من
البرهان والقرائن العقلية في التفسير لبيان وإيضاح مفاهيم ومقاصد الآيات القرآنية يقال
له التفسير العقلي ، وتفسير القرآن اعتماداً على العقل إنّما يتمّ على نحوين : النحو
الأوّل التصريح بالقوانين العقلية ، والنحو الثاني : بيان الأمور الّتى تتمخّض عن القوانين
العقلية وهي (المستلزمات العقلية).
أ) التصريح بالقوانين
العقلية :
المقصود من القوانين
العقلية هو بيان قوانين مثل عدم إمكان اجتماع الضدّين والنقيضين لكونها من المحالات
، قانون العلّية ، الحدوث والقِدَم ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صفات واجب الوجود ،
الاختلاف والبون بين خصائص واجب الوجود مع ممكن الوجود و ..... فقد اعتمد الإمام الرضا
عليهالسلام في تفسير بعض الآيات
على القوانين والبراهين العقلية.
إنّ الإمام الرضا عليهالسلام في مناظراته مع بعض
الفلاسفة والمتكلّمين الإسلاميِّين وغير الإسلاميِّين كان يلجأ إلى الأدلّة العقلية
في القضايا المنطقية لإسكات مخاطبيه وإفحامهم مهما كان لديهم من القدرة العلمية ، وخير
شاهد على ذلك مناظراته مع عمران الصابئي وسلمان المروزي والجاثليق وغيرهم.
ب) بيان الأمور التي
تتمخّض عن القوانين العقلية (المستلزمات العقلية).
المراد من هذا هو أنّ
الأئمّة عليهمالسلام قد أشاروا في تفسير
بعض الآيات الكريمة إلى أمر لازمه حكم عقليٌّ ، فإنّ الأئمّة عليهمالسلام بصفتهم في مقام حملة
كتاب الله والمبيّنين له والهواة في تفسير القرآن بالقرآن ، قد استفادوا في خلال مباحثهم
القرآنية من الاستدلالات العقلية. وهذا الأمر يؤكّد على لزوم التدبّر في آيات الوحي
الذي يُعدُّ هو الآخر من التعاليم القرآنية. وهناك نماذج في هذا المجال في تفسير أهل
البيت عليهمالسلام :
«هشام بن المشرقي عن
أبي الحسن الخراساني عليهالسلام قال : إنّ الله كما
وصف نفسه أحد صمد نور ، ثمّ قال : (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) فقلت له : أفله يدان
هكذا ـ وأشرت بيدي إلى يده ـ فقال : لو كان هكذا كان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مخلوقاً».
فإنّ الإمام عليهالسلام في تفسيره هذا اعتماداً
على الأدلّة العقلية بيّن أموراً نظر إليها مخاطبه بنظر سطحيٍّ وظاهريٍّ فقد اعتمد
في تفسيرها على المعنى اللغوي في حين أنّه مخالف للاستلزامات العقلية.
٤ ـ العلوم الطبيعية
في تفسير القرآن.
على أنّ المصدر الأصلي
لعلوم أهل البيت عليهمالسلام هو العلم الغيبيّ وليس
العلم الإكتسابيّ ، ولكن الروايات التفسيرية التي وصلتنا من قبل أئمّتنا عليهمالسلام تارة نرى فيها إشارات
إلى المباحث العلمية بحيث بيّنوا فيها أُموراً مطابقة مع التطوّرات العلمية للبشر في
عصرنا الحاضر ، نشير إلى نماذج من هذا القبيل من التفسير.
«عن الحسن بن خالد
عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : قلت أخبرني عن
قول الله (وَالسَّماءِ ذَاتِ الْحُبُكِ) فقال هي محبوكة إلى
الأرض وشبك بين أصابعه فقلت كيف تكون محبوكة إلى الأرض والله يقول رفع السماوات
بغير عمد ترونها فقال سبحان الله أليس يقول بغير عمد ترونها قلت بلى فقال فثَمّ عمد
ولكن لا ترونها قلت كيف ذلك جعلني الله فداك قال فبسط كفّه اليسرى ثمّ وضع اليمنى عليها
فقال هذه أرض الدنيا والسماء الدنيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليها ...»
فإنّ هذا الحديث الشريف
يشير إلى قانون الجاذبية وقانون الطرد المركزي للسيّارات والكواكب الذي عليه يتمّ التعادل
وتتمّ الموازنة بينها في المدارات الفلكية المعيّنة لها ، فإنّ قوّة الجاذبة وقوّة
الطرد المركزي هذه تعتبر كعمد لا يرى تنشدّ إليه الأجرام السماوية.
٥ ـ الوقائع التاريخية
في تفسير القرآن.
إنّ القرآن الكريم
يهدف إلى تعليم وتربيت البشر ، فمن خلال أخذ العبرة مضى من التاريخ أتى ببعض الوقائع
للأمم الغابرة ، ولكن اجتنب عن ذكر جميع الجوانب التفصيلية لقصصهم واكتفى بانتقاء أبرزها
دوراً وأكثرها عبرةً ، ونقل من كلِّ قصّة ما يكون محلاًّ للاعتبار والتأمّل ، وقد احترز
عن ذكر سائر وقائع القصّة وأحداثها ، (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ
عِبْرَةٌ لاِولِي الاْلْبَابِ).
إنّ الاطلاع على سائر
خفايا قصص القرآن يساعد كثيراً على فهم واستيعاب سائر الآيات بنحو أفضل ، ولتحقّق هذا
الهدف لابدّ من الرجوع إلى شخص النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمّة المعصومين عليهمالسلام ـ نوّابه وحملة علمه
وأسراره الإلهية من بعده ـ ليمكن استيعاب سائر محتويات القصص القرآنية بنحو أفضل ،
لأنّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأئمّة عليهمالسلام هم أفضل من يمكن أن
يفسّر كتاب الله ، ومع الاعتماد على الحقائق التاريخية لوقائع الأمم السالفة فسّر الأئمّة
العديد من الآيات وقد أشاروا إلى قصص الأنبياء واستعانوا بها لتوضيح وتبيين آيات القرآن
ولشرح آية أو جملة من الآية ، فقد استفاد الإمام الرضا عليهالسلام أيضاً من التاريخ في
تفسير آيات القصص القرآنية وبيان سائر محتوياتها ، وعلى سبيل المثال فإنّ بعض هذه الروايات
جاءت على النحو التالي :
١ ـ ففي الروايات الواردة
عن الإمام الرضا عليهالسلام عقب الآيات (٦٠ ـ ٨٠)
من سورة الكهف التي جاءت في جوابه عليهالسلام على الكتاب الوارد
عليه من بعض أصحابه يستفسرون منه عن علم النبيّين موسى والخضر عليهماالسلام ، فأجاب عليهالسلام بالتفصيل عن جميع محتويات
القصّة.
«فحدّثني محمّد بن
علي بن بلال ، عن يونس قال : اختلف يونس وهشام بن إبراهيم في العالم الذي أتاه موسى
عليهالسلام أيّهما كان أعلم ،
وهل يجوز أن يكون على موسى حجّة في وقته وهو حجّة الله على خلقه ، فقال قاسم
الصيقل : فكتبوا ذلك إلى أبي الحسن الرضا عليهالسلام يسألونه عن ذلك فكتب
في الجواب : أتى موسى العالم فأصابه وهو في جزيرة من جزائر البحر إمّا جالساً
وإمّا متّكئاً فسلّم عليه موسى فأنكر السلام إذ كان بأرض ليس فيها سلام ، قال : من
أنت؟ قال : أنا موسى بن عمران ، قال : أنت موسى بن عمران الذي كلّمه الله تكليما؟ قال
: نعم ، قال : فما حاجتك؟ قال : جئت أن تعلّمن ممّا علّمت رشداً ، قال : إنّي وكِّلتُ
بأمر لا تطيقه ووكِّلتَ أنت بأمر لا أطيقه ، ثُمّ
حدّثه العالم بما يصيب
آل محمّد من البلاء وكيد الأعداء حتّى اشتدّ بكاؤهما ، ثمّ حدّثه العالم عن فضل آل
محمّد حتّى جعل موسى يقول ياليتني كنت من آل محمّد وحتّى ذكر فلاناً وفلاناً ومبعث
رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى قومه وما يلقى منهم ومن تكذيبهم إيّاه وذكر له
من تأويل هذه الآية (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ
وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّة) حين أخذ الميثاق عليهم ، فقالَ لَهُ مُوسى : هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى
أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ، فقالَ الخضر : إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ
مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ، فقال موسى عليهالسلام : سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ
اللهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْراً ، قال الخضر : فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي
عَن شَيْء حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً ، يقول لاتسألني عن شيء أفعله ولا تنكره َعلَيَّ حتّى أنا
أخبرك بخبره ، قال : نعم ، فمرُّوا ثلاثتهم حتّى انتهوا إلى ساحل البحر وقد شحنت سفينة
وهي تريد أن تعبر فقال لأرباب السفينة : تحملوا هؤلاء الثلاثة نفر فإنّهم قوم صالحون
، فحملوهم فلمّا جنحت السفينة في البحر قام الخضر إلى جوانب السفينة فكسرها وأحشاها
بالخرق والطين ، فغضب موسى غضباً شديداً وقال للخضر : أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ
أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً؟! فقال له الخضر عليهالسلام : أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ
لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ، قال موسى : لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ
تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً ، فَخَرجوا من السفينة
فمرّوا فنظر الخضر إلى غلام يلعب بين الصبيان حسن الوجه كأنّه قطعة قمر في أذنيه درّتان
، فتأمّله الخضر ثُمّ أخذه فقتله ، فوثب موسى على الخضر وجلد به الأرض فقال : أَقَتَلْتَ
نَفْساً
زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْس لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً؟! فَقالَ الخِضْرُ : أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ
مَعِيَ صَبْراً
، قال موسى : إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْء
بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَدُنِّي عُذْراً ، فَانطَلَقَا حتَّى
إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَة بالعشيِّ تُسمّى الناصرة
وإليها ينتسب النصارى ولم يضيّفوا أحداً ولم يطعموا غريباً فاستطعموهم فلم يطعموهم
ولم يضيّفوهم فنظر الخضر عليهالسلام إلى حائط قد زال
لينهدم فوضع الخضر يده عليه وقال : قم بإذن الله فقام ، فقال موسى لم ينبغ لك أن تقيم
الجدار حتّى يطعمونا ويؤونا وهو قوله (لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ
عَلَيْهِ أَجْراً) فقال له الخضر : هذَا فِرَاقُ بَيْنِي
وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً ، أمّا السفينة التي
فعلت بها ما فعلت فإنّها كانت لقوم لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم
ـ أي وراء السفينة ـ ملك يأخذ كلّ سفينة صالحة غصباً كذا نزلت ، وإذا كانت السفينة
معيوبة لم يأخذ منها شيئاً ، وأمّا الغلام فكان أبواه مؤمنين وطبع كافراً ، كذا نزلت
، فنظرت إلى جبينه وعليه مكتوب طبع كافراً فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً فأردنا
أن يبدلهما ربّهما خيراً منه زكاة وأقرب رحماً فأبدل الله لوالديه بنتاً وولدت
سبعين نبيّاً ، وأمّا الجدار الذي أقمته فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته
كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربّك أن يبلغا أشدّهما إلى قوله ذلك تأويل ما لم
تسطع عليه صبراً».
٢ ـ وفي رواية أخرى
قد تطرّق الإمام الرضا عليهالسلام لذكر محتويات قصّة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلعم بن باعورا وذلك
لبيان آية : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ
آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ).
«عن أبي الحسن الرضا
عليهالسلام : أنّه أُعطي بلعم
بن باعوراء الإسم الأعظم ، فكان يدعو به فيستجاب له ، فمال إلى فرعون ، فلمّا مرّ فرعون
في طلب موسى وأصحابه قال فرعون لبلعم أُدع الله على موسى وأصحابه ليحبسه علينا ،
فركب حمارته ليمرّ في طلب موسى وأصحابه فامتنعت عليه حمارته فأقبل يضربها فأنطقها الله
عزّ وجلّ فقالت ويلك على ما تضربني أتريد أجيء معك لتدعو على موسى نبيِّ الله وقوم
مؤمنين ، فلم يزل يضربها حتّى قتلها وانسلخ الإسم الأعظم من لسانه ، وهو قوله (فَانْسَلَخَ
مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ
بِهَا وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ
إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) وهو مثل ضربه».
٣ ـ وفي تفصيل قصّة
القتيل من بني إسرائيل فقد ورد عن الإمام الرضا عليهالسلام هذه الرواية :
«أحمد بن محمّد بن
أبي نصير البزنطي قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليهالسلام يقول : إنّ رجلاً من
بني إسرائيل قتل قرابة له ثمّ أخذه وطرحه على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طريق أفضل سبط من أسباط
بني إسرائيل ثمّ جاء يطلب بدمه ، قالوا لموسى عليهالسلام : إنّ سبط آل فلان
قتلوا فلاناً فأخبرنا من قتله؟ قال : إيتوني ببقرة ، قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ
بِالله أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ، ولو أنّهم عمدوا
إلى أيِّ بقرة أجزأتهم ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم ، قالوا : ادْعُ لَنَا رَبَّكَ
يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَ فَارِضٌ وَلاَ
بِكْرٌ ، ـ يعني لا صغيرة ولا كبيرة ـ عَوَانُ بَيْنَ ذلِكَ ولو أنّهم عمدوا إلى أيِّ
بقرة أجزأتهم ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم ، قالوا : ادع لنا ربَّك يبيّن لنا ما لونها
، قال : إنّه يقول إنّها بقرة صفراء فاقع لونها تسرّ الناظرين ، ولو أنّهم عمدوا إلى
أي بقرة لأجزأتهم ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم ، قالوا : ادع لنا ربّك يبيّن لنا ما
هي إن البقر تشابه علينا وإنّا إن شاء الله لمهتدون ، قال : إنّه يقول إنّها بقرة لا
ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلّمة لا شية فيها ، قالوا : الآن جئت بالحقّ
فطلبوها فوجدوها عند فتى من بني إسرائيل فقال لا أبيعها إلاّ بملء مسكها ذهباً ، فجاؤوا
إلى موسى عليهالسلام فقالوا له ذلك ، فقال
: اشتروها فاشتروها وجاؤوا بها ، فأمر بذبحها ، ثمّ أمر أن يضرب الميّت بذنبها فلمّا
فعلوا ذلك حيي المقتول ، وقال : يا رسول الله إنّ ابن عمِّي قتلني دون من يدّعي عليه
قتلي ، فعلموا بذلك قاتله ، فقال رسول الله موسى بن عمران عليهالسلام لبعض أصحابه : إنّ
هذه البقرة لها نبأ ، فقال : وما هو؟ قال : إنّ فتى من بني إسرائيل كان بارّاً
بأبيه ، وإنّه اشترى تبيعاً فجاء إلى أبيه ورأى أنّ المقاليد تحت رأسه فكره أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يوقظه فترك ذلك البيع
، فاستيقظ أبوه فأخبره ، فقال له : أحسنت ، خذ هذه البقرة فهي لك عوضاً لما فاتك ،
قال : فقال له رسول الله موسى بن عمران عليهالسلام : انظروا إلى البرّ
ما بلغ بأهله».
٤ ـ كذلك نقل الإمام
الرضا عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام في شأن النبيِّ سليمان
بالتفصيل الذي ذكرناه سابقاً.
٥ ـ وعلى هذا النحو
جاء في رواية الإمام الرضا عليهالسلام في تفسير آية (إِن
يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ
يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَالله أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ) إنّه عليهالسلام قال :
«كانت لإسحاق النبيّ
مِنْطَقة يتوارثها الأنبياء والأكابر ، فكانت عند عمّة يوسف ، وكان يوسف عندها ، وكانت
تحبّه ، فبعث إليها أبوه أن ابعثيه إليّ وأردّه إليك ، فبعثت إليه أن دعه عندي الليلة
لأشمّه ثمّ أرسله إليك غدوة ، فلمّا أصبحت أخذت المنطقة فربطتها في حقوه وألبسته قميصاً
وبعثت به إليه ، وقالت : سُرقت المِنْطَقة فوجدت عليه ، وكان إذا سرق أحد في ذلك
الزمان دفع إلى صاحب السرقة فأخذته فكان عندها».
ثالثاً ـ القواعد التفسيرية
عند الإمام الرضا عليهالسلام.
إنّ القواعد التفسيرية
عبارة عن أحكام وأُمور كلِّية ترشدنا إلى استنباط وفهم معاني القرآن ومعرفة طريقة التعامل
معه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعبارة أُخرى : إنّ
القواعد التفسيرية هي عبارة عن مجموعة من الضوابط الكلّية التي قام عليها الفهم الصحيح
لآيات القرآن ، والوصول إلى المعنى الذي أراده الله منها ، وإنّ إيجاد المنهجية الصحيحة
للتفسير ، وبيان معاني كلام الله وشرحه ، قائمٌ عليها ، ولازم لها ، مثل صحّت القراءة
، مفاهيم الكلمات في زمن النزول ، قواعد الأدب العربي ، القرائن اللفظية وغير اللفظية
، بيان سبب النزول و ..... ، ومن خلال قراءة الروايات التفسيرية للإمام الرضا عليهالسلام نشاهد القواعد التفسيرية
التالية :
١ ـ لحاظ معاني المفردات
:
لاشكّ إنّ أحد لوازم
تفسير القرآن هو فهم مفردات آياته ، وقد بلغت أهمّية هذا العلم حدّاً بحيث عدّ الراغب
الأصفهاني فهم معاني مفردات الآيات من الضروريّات الأوّليّة لطالبي فهم القرآن الكريم
، وقال البعض الآخر إنّ الاستفادة من حقائق القرآن ومعارفه وأحكامه وآدابه متوقّف على
الفهم الدقيق والصحيح لمفردات آياته.
بناءً على هذا لابدّ
للمفسِّر أن يكون مطّلعاً على معاني ومفاهيم المفردات القرآنية مضافاً إلى اهتمامه
بخصوصيّات تلك المفاهيم حتّى يستطيع تفسير القرآن.
وإنّ الروايات التفسيرية
أيضاً غير مستثنات من هذه القاعدة ، وإنّ التأمّل في الروايات التفسيرية للإمام الرضا
عليهالسلام يُبَيِّن لنا مدى اهتمام
الإمام عليهالسلام بمعاني مفردات الآيات
في تفسير القرآن الكريم ، وقد تطرّق عليهالسلام إليها بأساليب
مختلفة ، فبعض روايات
الإمام الرضا عليهالسلام مختصّة بتبيين مفردات
القرآن أو المترادف ، أو ذكر المترادف مصحوباً بالبيان والتوضيح ، أو ذكر الآيات ذات
المفردات المترادفة في المعنى ، وبعض هذه الروايات جاءت في تبيين معنى الكلمة ، وإنّ
الإمام عليهالسلام في مثل هذه الروايات
يقوم بشرح الكلمة وتبيين معانيها ، ونحن هنا نشير إلى بعض هذه الروايات :
تعيين معنى المفردات
استناداً بالآيات :
ففي رواية استند الإمام
الرضا عليهالسلام في بيان معنى (ختم)
من (سورة البقرة آية ٧) بآية (طَبَعَ الله عَلَيْهَا
بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) حيث جاءت في اللغة
بنفس هذا المعنى.
«عن عبد العظيم بن
عبد الله الحسني رضياللهعنه عن إبراهيم بن أبي
محمود قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ (خَتَمَ الله عَلَى قُلُوبِهِمْ
وَعَلَى سَمْعِهِمْ) قال : الختم هو الطبع
على قلوب الكفّار عقوبة على كفرهم كما قال عزّ وجلّ (بَلْ طَبَعَ الله عَلَيْهَا
بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً)»
وكذلك معنى «قَواماً»
في الآية ٦٧ من سورة الفرقان فقد بيّنها استناداً بآية : (عَلَى
الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعَاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً
عَلَى الْمُـحْسِنِينَ) وآية (..... لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً
إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بَعْدَ
عُسْر يُسْراً).
«أحمد بن محمّد ، عن
محمّد بن علي ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الحسن عليهالسلام في قول الله عزّ وجلّ
(وَكَانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوَاماً) قال : القوام هو المعروف (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ
وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعَاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُـحْسِنِينَ) على قدر عياله ومئونتهم التي هي صلاح له ولهم لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً
إِلاَّ مَا آتَاهَا».
بيان وجه تسمية بعض
المفردات :
إنّ الإمام الرضا عليهالسلام في بعض الروايات يبيّن
بعض مفردات الآيات من خلال تبيين وجه تسميتها ، على سبيل المثال فقد بيّن عليهالسلام في رواية وجه
تسمية (أولو العزم) في الآية ٣٥ من سورة الأحقاف ، وفي رواية وجه تسمية (أُمّيّ) وفي
رواية أخرى وجه تسمية (إبليس) :
«إنّما سمِّي أولو
العزم أولي العزم لأَنَّهم كانوا أصحاب العزائم والشرائع ، وذلك أنّ كلّ نبيٍّ كان
بعد نوح عليهالسلام كان على شريعته ومنهاجه
وتابعاً لكتابه إلى زمان إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وكلّ نبيٍّ كان في
أيّام إبراهيم وبعده كان على شريعة إبراهيم ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى زمن موسى عليهالسلام ، وكلّ نبيٍّ كان في
زمن موسى عليهالسلام وبعده كان على شريعة
موسى ومنهاجه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتابعاً لكتابه إلى
أيّام عيسى عليهالسلام ، وكلّ نبيٍّ كان في
أيّام عيسى عليهالسلام وبعده كان على منهاج
عيسى وشريعته وتابعاً لكتابه إلى زمن نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فهؤلاء
الخمسة هم أُولو العزم ، وهم أفضل الأنبياء والرسل عليهمالسلام ، وشريعة محمّد
(صلى الله عليه وآله) لا تنسخ إلى يوم القيامة ، ولا نبيّ بعده إلى يوم القيامة ، فمن
ادّعى بعد نبيِّنا أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه».
«محمّد البرقي ، عن
جعفر بن محمّد الصوفي قال : سألت أبا جعفر محمّد بن عليِّ الرضا عليهالسلام فقلت : يا ابن رسول
الله لم سُمّي النبيُّ (صلى الله عليه وآله) الأمِّيّ؟ فقال : ما تقول الناس؟ قلت :
يزعمون أنّه إنّما سمّي الأمّي لأنّه لم يحسن أن يكتب ، فقال عليهالسلام : كذبوا عليهم ، لعنة
الله ، أنّى ذلك والله يقول في محكم كتابه (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي
الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) فكيف كان يعلّمهم ما
لا يُحسن ، والله لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرأ ويكتب باثنين وسبعين
ـ أو قال بثلاثة وسبعين لساناً ـ وإنّما سمِّي الأُمّيّ لأنّه كان من أهل مكّة من أمّهات
القرى وذلك قول الله عزّ وجلّ لتنذر أمّ القرى ومن حولها».
«عن أبي الحسن الرضا
عليهالسلام أنّه ذكر أنّ اسم إبليس
الحارث ، وإنّما قول الله عزّ وجلّ يا إبليس : يا عاصي ، وسمّي إبليس لأنّه أبلس من
رحمة الله عزّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجلّ».
بيان معنى المفردات
:
إنّ عدداً من الروايات
التفسيرية بيّن فيها الإمام عليهالسلام الجانب اللغوي فقط
للمفردة القرآنية ، حيث يذكر المعنى المراد منها بكلمة أو بكلمات أوضح وأسهل أو بكلمة
مرادفة للوصول إلى المعنى ، وهذه الطريقة هي أشبه ما يكون بترجمة الكلمة وتوضيحها ،
وقد اتّخذت في موارد يحتاج بها المخاطب إلى توضيح المفردة المبهمة فقط ولا يحتاج إلى
توضيح أكثر من ذلك ، ففي رواية بيّن الإمام الرضا عليهالسلام معنى (لاَ
فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ) قائلاً : «لا صغيرة
ولا كبيرة». وفي كلام آخر له عليهالسلام في مفردتي (الحرث)
و (النسل) في آية : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ
وَالنَّسْلَ) قال عليهالسلام : «النسل هم الذرّية
والحرث هم الزرع» حيث بيّن عليهالسلام معنى المفردتين ففسّر
(النسل) بالذرية و (الحرث) بالزرع.
«أبي نصر البزنطي قال
: سمعت أبا الحسن الرضا عليهالسلام يقول : لا فارض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا بكر ، يعني لا
صغيرة ولا كبيرة ، النسل : هم الذرّية والحرث : الزرع».
وفي رواية فسّر آية
(فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) بالعفو من غير
عتاب.
وفي عدد من الروايات
التفسيرية نرى الإمام عليهالسلام يشير إلى مطالب أدبية
وقواعد لغوية كذلك.
وإنّ هذا النوع من
الروايات التفسيرية يعتبر أسلوباً من الأساليب التعليمية لانتخاب المناهج الصحيحة في
فهم الآيات القرآنية مضافاً إلى ما تبيّنه لنا من منهجية المعصوم في التفسير.
والجدير بالذّكر أنّ
هذا النوع من الروايات التفسيرية هو عبارة عن بيان معنى المفردات ، في حين أنّ سائر
الروايات التفسيرية الأخرى بيّن لنا مناهج وأساليب التفسير مضافاً إلى كونها توضّح
معاني الألفاظ القرآنية.
٢ ـ لحاظ القراءة الصحيحة
:
إنّ تفسير القرآن وتبيين
مقاصد آياته وإماطة الستار عن المعنى الحقيقي الذي قصده الباري تعالى إنّما ترتبط جميعها
بمعرفة الألفاظ وحقيقة الكلمات ، وهذه بدورها متوقّفة على القراءة الصحيحة لآيات القرآن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنّ القراءة الصحيحة
لها الأثر الكبير في فهم معاني الكلمات ومقاصد العبارات القرآنية ، بناءً على هذا فإنّ
أوّل خطوة لابدّ للمفسّر أنْ يخطوها لفهم مقاصد الآيات وتبيينها هو التحقيق في القراءة
الصحيحة ليتحقّق على أساسها التفسير الصحيح.
إنّ القراءة الصحيحة
هي القراءة التي تكون مطابقةً لقراءة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، المطابقة لما
أنزله الله تبارك وتعالى ، وإنّ أحد طرق الوصول إلى القراءة الصحيحة هو رواية الأئمّة
المعصومين عليهمالسلام.
إنّ لحاظ القراءة الصحيحة
هو بمثابة واحدة من القواعد التفسيرية التي كانت محلّ اهتمام الإمام الرضا عليهالسلام في تأييده القراءة
المشهورة ، ففي رواية العزيز بن المهتدي عن الإمام الرضا ، قال : سألت الرضا عليهالسلام عن التوحيد ، فقال
: «كلّ من قرأ (قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) وآمن بها ، فقد عرف التوحيد. قلت : كيف يقرؤها؟ قال : كما يقرؤها
الناس».
إنّ هذه الرواية في
غاية الوضوح ويمكننا أن نستنبط منها جواز القراءات المتعارفة في الحقبة الزمنية التي
عاشها الأئمّة المعصومون عليهمالسلام.فإنّ القراءة التي تبيّن معنىً آخر غير المعنى الذي أراده الله
تبارك وتعالى من الآية وقصده يحكم عليه بالبطلان ، على سبيل المثال ففي الرواية
التي جاءت في شأن آية (قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ
لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صَالِح .....) فإنّ القائلين بقراءة
: (إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِح) قد نسب الإمام
الرضا عليهالسلام قولهم إلى الكذب وقال
: «كذبوا هو ابنه ولكنّ الله عزّ وجلّ نفاه عنه حين خالفه في دينه». قال المجلسي في توضيح هذه الرواية : «لكن كانوا يفسّرون القراءة
بكونه معمولاً غير صالح أي ولد زنا ، فنفى عليهالسلام أصل القراءة أو تأويلهم».
بناءً على هذا فإنّ
القراءة المشهورة التي تقرأ الآية بالمصدرية هي القراءة الصحيحة ، وإنّ ابن نوح في
الأصل كان من بيت النبوّة ، ولكن بما أنّ المراد من (أهل) في هذه الآية هم جميع الذين
نجوا مع نوح عليهالسلام فقد نفته الآية عن
الأهلية فلم يُعدّ ولم يحسب من أهل النبيِّ نوح عليهالسلام.
٣ ـ لحاظ سياق الآيات
:
إنّ من الأسس والقواعد
المهمّة في تفسير آيات القرآن الكريم هو لحاظ وصياغة الآية وسياقها ، بل هي من أهمّ
القرائن الدالّة على مراد المتكلّم ، فإنّ سياق الآيات بصفته قرينة من القرائن اللفظية
المتّصلة في فهم كلام الله ، يستفاد منه في توضيح
معاني الآيات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنّ سياق الآيات هو
عبارة عن نوعية وكيفية الترابط والتناسب بين الآيات مع بعضها البعض ، وإنّ الاهتمام
بالسياق معناه إمعان النظر من قبل المفسّر في الآيات التي جاءت قبل وبعد الآية المعنية
بالتفسير.
إنّ أصل قرينة وجود
السياق وتأثيره في تعيين معنى المفردات ومقاصد العبارات هو واحد من أصول المحاورة العقلائية
التي يترتّب عليها الأثر من مراد المتكلّم في جميع اللُّغات ، وإنّ المفسّرين في تفسيرهم
لآيات القرآن الكريم قد اهتمّوا بالسياق واستعانوا به في تعيين معنى المفردات وفهم
مقاصد الآيات ، وذلك لأنّ آيات القرآن بالإضافة إلى كونها مترابطة في النزول فهي ذات
ارتباط موضوعيٍّ ومفهوميٍّ وقد صدرت لأمر واحد.
وإنّ الإمام الرضا
عليهالسلام كان يهتمّ بتأثير السياق
وبمكانته في تفسير الآيات القرآنية ، وكان يعتبر سياق الكلام وصياغته واحداً من قواعد
معرفة اللغة في تفسير القرآن الكريم ، ويعدّه من القرائن المهمّة في التفسير ، ونظراً
لصياغة الكلمات ، والعبارات والآيات فقد تطرّق عليهالسلام لشرح وبيان آيات القرآن
الكريم في مواطن عديدة آخذاً بنظر الاعتبار صياغة العبارات وترابط الكلمات والآيات
كما في سورة النجم الآية ١٣ (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً
أُخْرَى) فقد اشتملت هذه الآية
الكريمة على ضميرين هما الفاعل والمفعول في كلمة (رآه) ، وقد عيَّن الإمام الرضا عليهالسلام عائد الضميرين نظراً
لسياق الآيات التي جاءت قبل هذه الآية وهي قوله تعالى : (لَقَدْ
رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) فقد عدّ الإمام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرضا عليهالسلام عائد الضمير إلى فؤاد
الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، ونظراً لسياق الآيات التي جاءت فيما بعد فقد
عدّ عليهالسلام عائد الضمير المفعول
إلى الله سبحانه وتعالى ، بناءً على هذا فإنّ رؤية النبيّ (صلى الله عليه وآله) آيات
الله تعالى إنّما هي بمثابة رؤية الله تبارك وتعالى.
فقد قال عليهالسلام :
«إنّ بعد هذه الآية
ما يدلّ على ما رأى حيث قال : (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ
مَا رَأَى) ، يقول : ما كذب فؤاد
محمّد (صلى الله عليه وآله) ما رأت عيناه ، ثمّ أخبر بما رأى فقال : (لَقَدْ
رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) ، فآيات الله عزّ وجلّ
غير الله ، وقد قال : (وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ
عِلْماً) فإذا رأته الأبصار
فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة».
والأمر الذي نلاحظه
في هذه الرواية هو إنّ الإمام عليهالسلام قد اعتبر ـ بشكل
مباشر ـ الاهتمام بسياق الآية أمراً ضروريّاً ، وكان يذكّر عليهالسلام أصحابه أن يتّخذوه
قاعدة في التفسير وإن لم يذكر كلمة السياق ولكنّ كلامه عليهالسلام «إنّ بعد هذه الآية
ما يدلّ على ما رأى حيث ....» يُستفاد منه اهتمامه بقبل وبعد الآية للحصول على الفهم
الصحيح للآيات ، وبعبارة أخرى فإنّ مراده هو السياق الذي يتّخذ اليوم في التفسير.
٤ ـ لحاظ عائد الضمير.
إنّ الضمير يستفاد
منه قصداً للاختصار ، ففي مثل هذه الموارد فإنّ عائد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضمير تارةً يكون
مذكوراً في الكلام ويمكن تعيينه بسهولة ، وتارةً أخرى لايذكر في الكلام ولكن يمكن تعينه
من خلال القرائن والسياق ، فإنّ التعيين الصحيح لعائد الضمير هو من العوامل والقرائن
المؤدّية إلى الفهم الصحيح لآيات القرآن الكريم.
إنّ الإضمار هو من
جملة الأمور التي يحتاج اتّضاح مقصدها إلى قرائن معيّنة ، ولحاظ هذا النوع من القرائن
لفهم مقصد الآيات أمرٌ ضروريٌّ ، حيث إنّ الضمير يجعل مفهوم الآية غامضاً في بعض الأحيان
، فعندها لابدّ من اللجوء إلى السياق للاستعانة به في إرجاع الضمير لفهم المراد من
الآية. وذلك كما مرّ علينا آنفاً في (آية ١٣ سورة النجم) حيث إنّ الإمام الرضا عليهالسلام أخذ بنظر الاعتبار
سياق الآيات واهتمّ بها في تعيين عائد الضميرين الموجودين فيها من فعل (رآه).
وكما أنّ التعيين الصحيح
لعائد الضمير يؤدّي إلى الفهم الصحيح لآيات القرآن فإنّ الخطأ في تعيينه يؤدّي إلى
الفهم الخاطىء لآيات القرآن ، وذلك مثل ما فهمه المأمون العبّاسي من آية (حَتَّى
إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا) فظنّ أنّ قوله تعالى
«اسْتَيْأس الرسل» كان قيده (من الرُّسُل) وأنّ الضمير المستتر في (ظنّوا) والضمير
هم في (أنّهم) يعودان إلى (الرُّسُل) ، فعلى أساس هذه القراءة الخاطئة للآية المباركة
فقد تردّد المأمون في عصمة الأنبياء وفى يقينهم ، هناك قال الإمام الرضا عليهالسلام في تفسير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآية : «يقول الله
تعالى : حتّى إذا استيأس الرسل من قومهم وظنّ قومهم أنّ الرسل قد كذبوا جاء الرسل نصرنا». وقد عدّ (من قومهم) قيداً لقوله تعالى : (استيأس الرسل) في
تفسير الآية ، وعدّ عائد الضمير المستتر في (ظنّوا) إلى القوم ، وعائد الضمير (هُم)
في (إنّهم) وعائد الضمير المستتر في (كذبوا) إلى (الرُّسُل) ، وتلا مفهوم الآية بالنحو
التالي : (حتّى إذا استيأس الرسل من قومهم وظنّ قومهم أنّ الرسل قد كذبوا ، جاء الرسل
نصرنا) ، وقد ردّ عليهالسلام التوهُّم الناشيء من
الفهم الخاطىء للآية وذلك من خلال ذكره
عليهالسلام القيد الصحيح
لقوله تعالى : (استيأس الرسل) وتعيينه عليهالسلام عائد الضمّير.
٥ ـ العلم بأسباب النزول.
سبب النزول هو عبارة
عن الأجواء الحاكمة ومكان وزمان النزول ، لأنّ الآيات قد نزلت في ظروف تلك الأجواء
والأوضاع ، والظروف الراهنة آنذاك في المجتمع مؤثّرة في دلالة الآيات ، وتعدّ من القرائن
المرتبطة بآيات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القرآن ، وإنّ الاعتناء
بها ضروريٌ في التفسير.
إنّ العلم بأسباب النزول
أمر لابدّ منه ولازم لتفسير القرآن وفهم معانيه ، «لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف
على قصّتها وبيان سبب نزولها». وذكر العلاّمة الطباطبائي رحمهالله في هذا الشأن : «إنّ
معرفة سبب النزول تؤدّي إلى فهم واستيعاب المدلول الصحيح للآيات والأحكام ، وتارةً
مفهوم ومقصود الآية يبقى مبهماً مع عدم العلم بسبب النزول وحتّى في الموارد التي يمكن
فيها حدس مدلول الآية والحصول على مفهومها الصحيح دون الاعتناء بسبب النزول كذلك ،
ويمكن مراجعة أسباب النزول والاستفادة منها وذلك لحصول العلم بجزئيّات الموضوع المطروق
في الآية وللفهم الأسهل منها والأكثر شفافيّة ، وكذلك من أجل تعيين مصاديق الآية».
إنّ ذكر سبب النزول
في الروايات التفسيرية للإمام الرضا عليهالسلام يحضى بمنزلة مرموقة
، وإنّ الرواية التالية عن الإمام الرضا عليهالسلام إنّما تبيّن المنزلة
الخاصّة لهذا العلم ، فقد نقل إبراهيم بن العبّاس في شأن الإمام الرضا عليهالسلام واهتمامه بسبب النزول
قائلاً :
«وكان يختمه في كلّ
ثلاثة ، ويقول لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة لختمت ولكنّي ما مررت بآية قطّ إلاّ
فكّرت فيها وفي أيّ شيء أنزلت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي أيّ وقت ، فلذلك
صرت أختم في كلّ ثلاثة أيّام».
وقد اعتنى الإمام الرضا
عليهالسلام في رواياته التفسيرية
بأسباب النزول ، وقد بيّن عليهالسلام أسباب نزول بعض الآيات
وذلك لتوضيح الآية المعنية بالتفسير ، ولمّا سأل المأمون الإمام عليهالسلام عن معنى قول الله تبارك
وتعالى في آية (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لاَمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ
كُلُّهُمْ جَميعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) هناك ذكر الإمام الرضا
عليهالسلام رواية عن آبائه الطاهرين
عن أمير المؤمنين عليهمالسلام رفعاً للإبهام وتوضيحاً
بنحو أفضل هذا نصُّها :
«عن أبي الصَّلت عبد
السَّلام بن صالح الهروي قال : سأل المأمون أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام عن قول الله تعالى
: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لاَمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ
كُلُّهُمْ جَميعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) وما كان لنفس أن تؤمن إلاّ بإذن الله؟ فقال الرضا عليهالسلام : حدّثني أبي موسى
بن جعفر ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين
، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهالسلام قال : إنّ المسلمين
قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من الناس
على الإسلام لكثر عددنا وقوينا على عدوّنا ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
ما كنت لألقى الله عزّ وجلّ ببدعة لم يحدث إليَّ فيها شيئاً ، وما أنا من المتكلِّفين
، فأنزل الله تعالى عليه يا محمّد (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ
لاَمَنَ مَنْ فِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأرْضِ
كُلُّهُمْ جَميعاً) على سبيل الإلجاء والإضطرار
في الدنيا كما يؤمنون عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة ، ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقّوا
منّي ثواباً ولا مدحاً لكنّي أريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرّين ليستحقّوا
منّي الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنّة الخلد (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ
حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) وأمّا قوله تعالى :
(وَمَا كَانَ لِنَفْس أَنْ تُؤْمَِن إلاّ
بِإذْنِ اللهِ) فليس ذلك على سبيل
تحريم الإيمان عليها ، ولكن على معنى أنّها ما كانت لتؤمن إلاّ بإذن الله ، وإذنه :
أمره لها بالإيمان ما كانت مكلّفة متعبّدة ، وإلجاؤه إيّاها إلى الإيمان عند زوال التكليف
والتعبّد عنها. فقال المأمون : فرّجت عنّي يا أبا الحسن فرّج الله عنك».
على هذا الأساس فإنّ
الإمام الرضا عليهالسلام مع بيانه سبب نزول
الآية قد ردّ التوهُّم الحاصل من ظاهر الآية في شأن رسول الله (صلى الله عليه
وآله) من إكراهه الناس على قبول الإسلام.
يتبيّن من خلال التدقيق
في بعض روايات الإمام الرضا عليهالسلام أنّه لا يلاحظ أسباب
النزول فحسب بل كان يلاحظ انسجام أسباب النزول مع سياق الآيات كذلك ، وتطبيق أسباب
النزول على الآيات ، ففي رواية الإمام الرضا عليهالسلام في شأن نزول آيات (وَاللَّيْلِ
إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنثَى *
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى *وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى
* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وَكَذَّبَ
بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا
تَرَدَّى) أنّها جاءت في أبي
الدحداح كما في الرواية التالية :
«عن أحمد بن محمّد
بن أبي نصر قال : وسمعت الرضا عليهالسلام يقول في تفسير والليل
إذا يغشى قال : إنّ رجلاً من الأنصار كان لرجل في حائطه نخلة ، وكان يضرّ به ، فشكا
ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعاه فقال : أعطني نخلتك بنخلة في الجنّة
فأبى ، فبلغ ذلك رجلاً من الأنصار يكنّى أبا الدحداح ، فجاء إلى صاحب النخلة فقال :
بعني نخلتك بحائطي ، فباعه ، فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : يا رسول
الله ، قد اشتريت نخلة فلان بحائطي ، قال : فقال له رسول الله (صلى الله عليه
وآله) : فلك بدلها نخلة في الجنّة.
فأنزل الله تبارك وتعالى
على نبيّه (صلى الله عليه وآله) (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ
وَالأُنْثَى إنّ سَعْيَكُمْ لَشَتّى فَأَمّا مَنْ أَعْطَى) ـ يعني النخلة ـ (وَاتّقَى وَصَدّقَ بِالْحُسْنَى) ـ بوعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ (فَسَنُيَسِّرُهُ
لِلْيُسْرَى وَما يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إذا تَرَدّى إنّ عَلَيْنا لَلْهُدَى)».
فإنّ سبب النزول الذي
بيّنه الإمام الرضا عليهالسلام لهذه الآية جاء منسجماً
مع سياق الآيات ، وقد أشير في الرواية إلى هذه المسألة وهي الانسجام بين أسباب النزول
وسياق الآيات.
٦ ـ لحاظ نوع الخطاب.
إنّ الاهتمام بخوصيّات
الخطاب والمخاطب هو أحد الأمور الذي يعدّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قرينةً في الكلام وله
الأثر في دلالة الألفاظ ، فبما أنّ القرآن الكريم جاء كلامه موافقاً ومطابقاً لأصول
المحاورة العقلائية نراه قد لاحظ خصوصيّات الخطاب والمخاطب ، ولابدّ من لحاظ هذه الخصوصيّات
في تفسير الآية وفهمها ، ومن جملة الآيات التي أشارت إلى ما نحن فيه هي الآيات التي
خوطب بها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بلهجة العتاب ، فإنّ عدم لحاظ هذا الأمر
في الآيات يؤدّي إلى الترديد في عصمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فنظراً لعصمته
(صلى الله عليه وآله) وعلوِّ منزلته عند الله تبارك وتعالى يتَّضِح أنّ هذا الخطاب
لم يقصد به شخص الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وإنّ الخطاب بالعتاب والتهديد إنّما
قصد به الآخرون ، ومن أجل أن يكون أوقع في نفوسهم وأكثر تأثيراً عليهم فقد خوطب به
النبيُّ (صلى الله عليه وآله) ، وذاك من باب «إيّاكَ أعني واسمعي يا جارة» الذي ذكره
الإمام الرضا عليهالسلام في الدفاع عن عصمة
النبيّ (صلى الله عليه وآله) في الرواية التالية :
«فقال المأمون لله
درُّك يا أبا الحسن فأخبرني عن قول الله عزّ وجلّ (عَفَا الله عَنكَ لِمَ
أَذِنتَ لَهُمْ) قال الرضا عليهالسلام : هذا ممّا نزل بـ
: (إيّاك أعني واسمعي يا جارة) خاطب الله عزّ وجلّ بذلك نبيّه وأراد به أمّته ، وكذلك
قوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنّ عَمَلُكَ
وَلَتَكُوْنَنَّ مِنَ الْخَاسِرِيْنَ) وقوله عزّ وجلّ (وَلَوْلاَ
أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيْلا) قال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صدقت يا ابن رسول الله
(صلى الله عليه وآله)».
وقد نقلت هذه الرواية
عن الإمام الصادق عليهالسلام أيضاً ، وقد عدّ الشيخ
الطوسي المقصود بالخطاب والمعنيّ به هم أُمَّةُ النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وقد عدّ
المازندراني هذا النوع من الخطاب نحواً من التعريض حيث قال : «أنّ الخطاب موجّه إلى
المخاطب ، في حين أنّ المراد بالخطاب هو شخص آخر من شأنه أن يوجّه له هذا النوع من
الخطاب».
٧ ـ لحاظ المسلّمات
الدينية.
إنّ من جملة القرائن
المستفادة في تفسير القرآن هي الضرورة الدينية ، وهو الأمر الذي بلغ من الوضوح حدّاً
بحيث لا يمكن إنكاره من قبل أيّ أحد ، ولا يحتاج معه إلى تبيّن واستدلال.
فإنّ عصمة الأنبياء
وتنزيههم عن ارتكاب الذنوب والخطأ هو من المسلّمات الدينية ، وإجمالاً محلّ اتّفاق
جميع مذاهب المسلمين ، وإن كانوا يختلفون في كيفيّته وحدوده ، فإنّ مذهب أهل البيت
عليهمالسلام وأتباعهم يبرّئون
جميع الأنبياء وينزّهونهم عن ارتكاب جميع الذنوب ، صغيرها وكبيرها ، قبل النبوّة وبعدها
، وأنّهم لا يرتكبون حتّى السهو والاشتباه في أداء رسالتهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك دلائل عديدة سبّبت
إلى تشويه سمعة الأنبياء وأسدت إليهم أنواع التهم ، فمن جملة تلك الدلائل هو الفهم
الخاطئ للآيات المتشابهة في شأن الأنبياء عليهمالسلام. وهنا كان للأئمّة المعصومين عليهمالسلام الدور الفاعل في إماطة
الستار عن وجه الحقيقة وردِّ هذه الإدّعاءات الباطلة والفهم الخاطئ للآيات القرآنية
، وقد دافعوا عن ساحة الأنبياء وذبّوا عنهم ، فإن الإمام الرضا عليهالسلام في مناظراته ـ
التي كانت أكثرها من إعداد المأمون وتحت إشرافه ـ عدّ عصمة الأنبياء جزءاً من المسلّمات
الدينية ودافع عنها ، وفي إحدى المناظرات عرض عليّ بن الجهم ـ وهو لا يعتقد بعصمة الأنبياء
ـ بعض الآيات في شأن آدم ، يونس ، يوسف عليهمالسلام والرسول الأعظم
(صلى الله عليه وآله) ، حيث كان يظنّ أنّ ظاهرها في عدم عصمة الأنبياء فخاطب الإمام
عليهالسلام فقال له : يابن رسول
الله أتقول بعصمة الأنبياء؟ قال : نعم ، قال : فما تعمل في قول الله عزّ وجلّ : (وَعَصَى
آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) وفي قوله عزّ وجلّ : (وَذَا النُّونِ إذْ ذَهَبَ
مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ) وقوله عزّ وجلّ في
يوسف عليهالسلام : (وَلَقَدْ
هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا) وفي قوله عزّ وجلّ
في داود : (وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ) وقوله تعالى في نبيّه
محمّد (صلى الله عليه وآله) (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ
مَا الله مُبْدِيهِ) فأجاب الإمام عليهالسلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الأسئلة ووضّح
الآيات المذكورة واحدةً تلو الأخرى.
ومن جملة ما أورده
ابن جهم هو سؤاله عن آية : (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ
فَغَوَى)؟ فقال الرضا عليهالسلام :
«ويحك يا علي ، اتّق
الله ولا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش ، ولا تتأوّل كتاب الله برأيك ، فإنّ الله عزّ
وجلّ قد قال : (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله
وَالرَّاسِخُونَ) ، وأمّا قوله عزّ وجلّ
في آدم : (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) فإنّ الله عزّ وجلّ خلق آدم حجّة في أرضه وخليفة في بلاده ،
لم يخلقه للجنّة ، وكانت المعصية من آدم في الجنّة لا في الأرض ، وعصمته يجب أن
يكون الأرض ليتمّ مقادير أمر الله ، فلمّا هبط إلى الأرض وجُعل حجّةً وخليفةً عُصم
بقوله عزّ وجلّ : (إِنَّ الله اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ
إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) ...».
رابعاً : المقاصد التفسيرية
للإمام الرضا عليهالسلام.
إنّ الروايات التفسيرية
للإمام الرضا عليهالسلام تارةً تأتي على وجه
بيان المفهوم ، وتارةً من أجل أن تبيّن تفسيراً صحيحاً للآيات القرآنية مضافاً إلى
أوجه التأويل وبيان باطن الآيات وتعيين المصداق وتبيين المعارف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاعتقادية ، وتفسير
الأمور الغيبية وآيات الأحكام. ففي هذا المضمار سنتطرّق إلى البحث في أنواع الروايات
التفسيرية للإمام الرضا عليهالسلام :
١ ـ تعليم الأصول التفسيرية
:
إنّ أحد الأمور المهمّة
التي كان يقصدها الأئمّة عليهمالسلام في تفسيرهم لآي
القرآن هو تعليمهم المباني التفسيرية لأصحابهم وعرضهم القواعد والأصول العملية له ،
وقد أشاروا عليهمالسلام إليها مراراً وتكراراً
، كما أنّهم عليهمالسلام كانوا يعلّمون
تلامذتهم وأصحابهم المباني التفسيرية ، وقد قال الإمام الصادق عليهالسلام : «إنّما علينا أن
نلقي اليكم الأصول وعليكم أن تفرّعوا» ، وفي رواية أخرى مشابهة
لها قال الإمام الرضا عليهالسلام لأحمد بن محمّد بن
أبي نصر البزنطي : «علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع».
فإنّ هذه الطريقة العملية
الخاصّة بهم عليهمالسلام كان لها أثران ، أوّلا : تكوين نوع من الارتباط
الوثيق بين القرآن الكريم وبين تلامذتهم مضافاً إلى تلاوة آياته والتدبّر والتفكّر
فيها ، بحيث يحصل لهم الارتباط الوثيق والأنس العميق مع القرآن. ثانياً : كان أصحاب الأئمّة
عليهمالسلام كلّما يواجهون من الأسئلة
في مجال القرآن وتفسيره يحاولون السؤال من الأئمّة لحلّ معضلاته وفهمه فكانوا
يسألون أهل البيت عليهمالسلام عن ذلك ويتلقّون منهم
الأجوبة الكافية ، وذلك لأنّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأئمّة عليهمالسلام مضافاً إلى تعليمهم
الأصول والمناهج الصحيحة لفهم القرآن كانوا يعلّمون الناس بصورة عملية كيفية التعامل
مع الآيات والإستفادة منها ، ويرشدونهم إلى ما يلزم في هذا المضمار.
إنّ هذه المنهجية كان
لها الدور البنّاء في الفهم القرآني ، وتعدّ طريقاً أساسيّاً في حلّ المشكلات التفسيرية
للمفسّرين ، بحيث ساعدهم ذلك في كشف الكثير من مفاهيم الآيات القرآنية؛ فإنّ أهل البيت
عليهمالسلام كانوا يغتنمون
الفرص لتعليم أصحابهم المعارف العميقة والمعاني الدقيقة للآيات القرآنية ، وكانوا يسعون
إلى الارتقاء بالعلوم القرآنية إلى أعلى مستوياتها ، مضافاً إلى أنّهم كانوا يحاولون
من خلال بياناتهم الجامعة الكاملة تنمية القدرات العلمية لتلامذتهم في مجال التفسير
ومناهجه ومبانيه ، ومن هذا المنطلق فإنّهم عليهمالسلامكانوا يحثّون شيعتهم ويرغّبونهم على أن يتعلّموا طرق التفسير
ليسلكوا الطريق الصحيح في التدبّر والتفكّر في القرآن ، ففي رواية يعلّم فيها الإمام
الرضا عليهالسلام كيفية أخذ المعنى من
الآيات المتشابهة ، ففي تفسير آية (كَلاّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ
يَوْمَئِذ لَمَحْجُوبُوْنَ) يقول : «إنّ الله تبارك
وتعالى لا يوصف بمكان يحلّ فيه فيحجب عنه فيه عباده ولكنّه يعني إنّهم عن ثواب ربّهم
لمحجوبون».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإنّه عليهالسلام مضافاً إلى توجّهه
إلى أصل نفي المكانية عن الله تبارك وتعالى يفسّر الآية ويعلّم كيفية أخذ المعنى الصحيح
من الآيات المتشابهة.
وفي رواية أخرى يوضّح
عليهالسلام كيفية أخذ المعنى الصحيح
من آية (لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارَ وَهُوَ يُدْرِكُ
الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيْفُ الْخَبِيْرُ) وبيّن عليهالسلام أنّ المراد من الأبصار
هو الأوهام ، كما في الرواية التالية :
«أنّه سأل الرضا عليهالسلام عن شيء من التوحيد
فقال : ألا تقرأ القرآن؟ قلت : نعم ، قال : اقرأ (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)
فقرأت ، فقال : ما الأبصار؟ قلت : إبصار العين ، قال : لا. إنّما عني الأوهام ، لا
تدرك الأوهام كيفيّته وهو يدرك كلّ فهم».
٢ ـ تبيين مفاهيم آيات
القرآن :
إنّ أهل البيت عليهمالسلام لديهم العلم اللدنّي
بالقرآن ، فهم يعلمون علماً يقينيّاً وقطعيّاً بالمراد الإلهي وبمعاني الآيات ، فهم
يعلمون أصل وحقيقة ما أراده الله وقصده من جميع الآيات ، ولذلك نرى أنّ النبيّ
(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته عليهمالسلام كانوا يبادورن إلى
تبيين وتفسير القرآن لتدرك الأمّة الطريق الصحيح لفهم القرآن لكي لا يتعرّضوا للتشتّت
والإنحراف ، فقد أكّد الإمام الباقر عليهالسلام على افتقار الناس إلى
تفسر القرآن وعرّف نفسه مرجعاً لتفسيره ، قائلا : «فإنّما على الناس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن يقرأوا القرآن كما
أنزل فإذا احتاجوا إلى تفسيره فالاهتداء بنا وإلينا».
يستفاد من هذه الرواية
أنّ فهم معاني القرآن يفتقر إلى التفسير ، وهذا التفسير لا يمكن الحصول عليه من دون
الاستعانة بالأئمّة الأطهار عليهمالسلام ، وبناءً على هذا فقد
جاءتنا عن الإمام الرضا عليهالسلام روايات كثيرة في مجال
التبيين المفهومي وتفسير الآيات ، نشير إلى بعضها هنا :
١ ـ في تفسير آية (الطّلاقُ
مَرَّتانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوْف أَوْ تَسْرِيْحٌ بِإِحْسَان).
«عن أبي القاسم الفارسي
قال قلت للرضا عليهالسلام : جعلت فداك ، إنّ
الله يقول في كتابه : (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوْف
أَوْ تَسْرِيْحٌ بِإِحْسَان) وما يعني بذلك؟
قال : أمّا الإمساك بالمعروف : فكفّ الأذى وإجباء النفقة ، وأمّا التسريح بإحسان :
فالطلاق على ما نزل به الكتاب».
٢ ـ وما نقله عليهالسلام عن أجداده الطاهرين
عليهمالسلام عن أمير المؤمنين عليهالسلام في تفسير آية (أَكَّالُوْنَ
لِلسُّحْتِ) ، قال عليهالسلام : «هو الرجل الذي يقضي
لأخيه الحاجة ثمّ يقبل هديّته».
٣ ـ وأجاب على سؤال
حمدان بن سليمان في شأن الآية : (فَمَنْ يُرِدِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهُ
أَنْ يَهْدِيَهِ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ).
«عن حمدان بن سليمان
النيسابوري قال : سألت أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام عن قول الله عزّ وجلّ
(فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهِ يَشْرَحْ
صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ) قال : من يرد الله
أن يهديه بإيمانه في الدنيا إلى جنّته ودار كرامته في الآخرة يشرح صدره للتسليم لله
والثقة به والسكون إلى ما وعده من ثوابه حتّى يطمئنّ إليه ، ومن يرد أن يضلّه عن جنّته
ودار كرامته في الآخرة لكفره وعصيانه له في الدنيا يجعل صدره ضيّقاً حرجاً حتّى يشكّ
في كفره ويضطرب من اعتقاده قلبه حتّى يصير كأنّما يصّعّد في السماء ، كذلك يجعل
الله الرجس على الذين لا يؤمنون».
٤ ـ وفي الرواية التالية
فسّر قوله تعالى : (وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَة
إلاّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّة فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْب وَلاَ يَابِس إلاّ
فِي كِتَاب مُبِيْن) بالنحو التالي :
«عن الحسين بن خالد
قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن قول الله (وَمَا
تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَة إلاّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّة فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ
رَطْب وَلاَ يَابِس إلاّ فِي كِتَاب مُبِيْن) ، فقال : الورقة السقط يسقط من بطن أمّه من قبل أن يهلّ الولد
، قال : فقلت وقوله : (وَلاَ حَبَّة) قال : يعني الولد في بطن أمّه ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا أهلّ ويسقط من
قبل الولادة ، قال : قلت : قوله : (وَلاَ رَطْب) قال : يعني المضغة إذا أسكنت في الرحم قبل أن يتمّ خلقها قبل
أن ينتقل ، قال : قلت قوله : (وَلاَ يَابِس) قال : الولد التامّ ، قال : قلت : (فِيْ
كِتَاب مُبِيْن) قال : في إمام مبين».
٥ ـ وفسّر قوله تعالى
: (بِثَمَن بَخْس) بثمن كلب الصيد كما
في الرواية التالية :
«عن أبي بصير عن الرضا
عليهالسلام في قول الله (وَشَرَوْهُ
بِثَمَن بَخْس دَرَاهِمَ مَعْدُوْدَة) قال : كانت عشرين درهماً
، والبخس : النقص ، وهي قيمة كلب الصيد إذا قتل كان قيمته عشرين درهماً».
٣ ـ تأويل الآيات القرآنية
:
النوع الآخر من الروايات
التفسيرية لدى الإمام الرضا عليهالسلام هو الروايات التي تُعنى
بتأويل ما دلّت عليه ظاهر الألفاظ.
التأويل : من الأوّل؛
أيّ الرجوع إلى الأصل ، ومنه الموئل للموضع الذي يرجع إليه ، وهو ردّ الشيء إلى الغاية
المرادة ، والتأويل في الآيات
هو بمعنى تبيين الآيات المتشابهة المشار إليها في سورة آل عمران (آية ٧)؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتعبير الرؤيا كما
في سورة يوسف (آية ١٤٤) ؛ وعاقبة الأمر وما يؤول إليه العمل كما في سورة الإسراء (آية
٣٥) ؛ وكشف المعنى الباطني كما في سورة الكهف (آية ٨٢) ، وقد عدّ القرآن الكريم التأويل
مختصّاً بالله وبالراسخين في العلم في قوله : (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيْله
إلاّ اللهُ وَالرَّاسِخُوْنَ فِي الْعلْمِ) ، وإنّ
الرّاسِخُوْنَ فِي العِلْمِ المراد بهم هم الأئمّة عليهمالسلام في الكثير من الروايات.
فإنّ تأويل الآيات
المتشابهة واضح في الروايات التفسيرية للإمام الرضا عليهالسلام ، على سبيل المثال
ففي تفسيره عليهالسلام قوله تعالى : (كَلاّ
إنَّهُم عَنْ رَبِّهِمْ لَمَحْجُوْبُوْنَ) قدّر كلمة (ثواب) قبل
(ربّهم) ، وفي تفسيره عليه السلام آية (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ
صَفّاً صَفّاً) قدّر عليهالسلام كلمة (أمر) قبل
(ربّك) ، وفي تفسيره آية (هَلْ يَنْظُرُوْنَ إلاّ
أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللهُ فِي ظُلَل مِنَ الْغَمَامِ) قدّر عليهالسلام كلمة (بالملائكة) بعد
(الله) ، وبناءً على ذلك يردّ التوهّم بالجسمانية الحاصل من هذه الآيات ، وإنّ مؤلّف كتاب
مواهب الرحمان في تفسير القرآن بعد أن ذكر هذه الروايات قال : «ما ورد في الحديث بيان
حسن جدّاً كالآية الشريفة كما هو شأنه عليهالسلام في بيان الآيات المتشابهات».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٤ ـ تبيين المعنى الباطني
للآيات.
إنّ الوصول إلى المعاني
الباطنية ومعرفة أبعاد المعاني الموجودة في بطون الآيات كثيراً ما تناولته الروايات
التفسيرية لأهل البيت عليهمالسلام والتي تدور حول محور
التفسير المعنوي والباطني للقرآن الكريم ، وهذا لا يعني أنّهم عليهمالسلاملم يهتمّوا بشرح الألفاظ وبتبيين المعنى اللغوي لكلمات وآيات القرآن ، بل
بمعنى أنّ القرآن بما أنّه يحمل وجوهاً متعدّدة فلذلك يتطلّب تفسيراً وتأويلاً من مختلف
الوجوه ، ومن هنا يتحقّق معنى الحضور العلمي والمعنوي لأهل البيت عليهمالسلام في مقام كونهم مصداقاً
لأهل الذكر ، وقد صرّح الإمام الباقر عليهالسلام بهذا الأمر وهو أنّه
لا يمكن لأحد غير الأوصياء أن يدّعي أنّه عالم بكلّ ظاهر القرآن وباطنه ، وكلمة باطن في روايات
أهل البيت عليهمالسلام غالباً ليس معناها
توضيح المفاهيم وشرح الكلام ومدلوله ، بل لها معنى ووجود آخر متمايز عن هذا المعنى
، فمثلا الآية المباركة (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ
أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَعِين) فإنّ معناها الظاهري
واضحٌ جدّاً يراد به أنّ وجود النعم ومقتضيات الحياة وتداومها إنّما هي بيد الله وإرادته
سبحانه وتعالى ، وقائم على أساس تدبيره الشامل لكلّ الوجود ، حيث نستفيد من ظاهر الآية
أنّ الله عزّ وجلّ لولا فضله على عباده وعنايته جلّ وعلا لتعسّر عليهم الأمر ، هذا
هو المعنى الظاهري للآية ، ولكنّ الإمام الرضا عليهالسلام يكشف لنا في تفسير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه الآية عن صفحة
أخرى للمعنى المراد من باطن كلام الله تبارك وتعالى وتذكر لنا الرواية التالية قوله
عليهالسلام بما يلي : «سُئل الإمام
الرضا عليهالسلام عن قول الله عزّ وجلّ
: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ
غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَعِين) ، فقال عليهالسلام : «ماؤكُم أبوابكم
أيّ الأئمّة عليهمالسلام والأئمّة أبواب الله
وبين خلقه فمن يأتيكم بماء مَعين يعني بعلم الإمام».
فأوّل عليهالسلام (ماؤكم) بالأئمّة عليهمالسلام و (بِماء مَعِين) بعلم
الإمام.
ولا شكّ إذا دقّقنا
في كلام الإمام وبيانه عليهالسلام سندرك أنّ استعارته
عليهالسلام (بماء معين) للعلم
النافع مناسبة جّداً؛ لأنّه كما أنّ الماء هو منبع الحياة المادّية والمنشأ الأصلي
لإمكان استمراريّتها على وجه الأرض ، فإنّ العلم النافع وخاصّة علم الدين هو بمثابة
الأساس للحياة المعنوية وسبباً للسعادة الدنيوية والأخروية للبشر ، وإنّ هذا المعنى
قد جاء أيضاً في آيات أخرى من القرآن الكريم كما في سورة الأنفال (٢٤) وآل عمران (١٦٤).
٥ ـ تعيين المصداق
والجري والتطبيق.
إنّ بعض الروايات التفسيرية
تتعرّض إلى بيان مصداق الآية ، وذلك بمعنى تطبيقها على الواقع الخارجي ، فإنّ الالتفات
إلى المصداق والاعتناء به يعيّن حدود المعنى ويمنح الكلام وضوحاً ويخرجه من الإبهام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنّ مثل هذا التفسير
يشير إلى المصاديق الخارجية مورد نزول الآية ، ولكن ذكر المصداق تارة يكون بمعنى الجري
والتطبيق؛ أي سوق المفهوم إلى مواضيع حسب الظاهر غير مستفادة من ظاهر الكلام ، حيث
يبدو من ظاهر الآية أنّها نزلت في موارد كانت الآية ناظرة إلى تلك الموارد فقط ولكن
الإمام يوضّح أبعاد أخرى ويمنح المصداق تصوّراً آخر ، ففي مثل هذا التفسير يجري تطبيق
الآية على الوقائع والحوادث الخارجية بعينها وكذلك على الأفراد والأشخاص.
وأمّا الجري أو الاضطراد
فهو عبارة عن تطبيق المفاهيم الحاصلة من الآيات على موارد أخرى مشابهة لمورد شأن النزول
، مع تجريد الموارد المشابهة عن الجزئيّات المختصّة بمورد شأن النزول ، وإنّ اصطلاح
الجري هذا مأخوذ من رواية الإمام الباقر عليهالسلام حيث قال في فلسفة الجري
والتطبيق : «لو أنّ الآية إذا نزلت في قوم ثمّ مات أولئك القوم ماتت الآية لما بقي
من القرآن شيء ، ولكنّ القرآن يجري أوّله على آخره ما دامت السماوات والأرض ، ولكلّ
قوم آية يتلونها وهم منها من خير أو شرّ».
إنّ ذكر المصداق يحضى
بمنزلة خاصّة في روايات أهل البيت عليهمالسلام ، حيث أنّ الحديث عن
المصاديق الخارجية المحدّدة في الكثير من الروايات التفسيرية يُغنينا عن التوضيح والشرح
المطوّل لمفاهيم الآيات أو تبيين مفرداتها ، ومن الواضح أنّ الهدف المقصود من هذه الروايات
هو ذكر بعض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصاديق الآية وتطبيقها
على أبرز تلك المصاديق وليس الهدف هو تفسير خصوص الآية فقط.
وقد أجاب الإمام الرضا
عليهالسلام على كتاب أبي الأسد
الذي سأل فيه ما تفسير قوله : (وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ
بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ) مبيّناً عليهالسلام واحداً من مصاديق الحكّام
، فكتب إليه : الحكّام القضاة ، ثمّ كتب تحته : هو أن يعلم الرجل أنّه ظالم عاصي هو
غير معذور في أخذه ذلك الذي حكم له به إذا كان قد علم أنه ظالم ..
وكذلك في تفسير آية
(وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا
عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ الله) فقد عدّ عليهالسلام صلاة الليل مصداقاً
للرَّهبانيّة.
وفي تفسير آية : (إِن
تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُم) فقد عدّ عليهالسلام عبادة الأوثان وشرب
الخمر وقتل النفس وعقوق الوالدين وقذف المحصنات والفرار من الزحف وأكل مال اليتيم من
مصاديق الذنوب الكبيرة.
وفي رواية أخرى ينقلها
الإمام الرضا عليهالسلام عن أمير المؤمنين عليهالسلام تتبيّن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منها مصاديق بعض الآيات
، قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : «بينما أنا أمشي
مع النبيّ (صلى الله عليه وآله) في بعض طرقات المدينة إذ لقينا شيخ طوال كثّ اللحية
بعيد ما بين المنكبين ، فسلّم على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ورحّب به ثمّ التفت
إليّ فقال : السلام عليك يا رابع الخلفاء ورحمة الله وبركاته ، أليس كذلك هو يا
رسول الله؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : بلى ، ثمّ مضى فقلت : يا رسول
الله ماهذا الذي قال لي هذا الشيخ وتصديقك له؟ قال : أنت كذلك والحمد لله ، إنّ الله
عزّ وجلّ قال في كتابه : (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ
خَلِيفَةً) والخليفة المجعول فيها
آدم عليهالسلام ، وقال عزّ وجلّ (يَا
دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ) فهو الثاني ، وقال
عزّ وجلّ حكاية عن موسى حين قال لهارون عليهالسلام : (اخْلُفْنِي
فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ) فهو هارون إذ استخلفه
موسى عليهالسلامفي قومه وهو الثالث ، وقال عزّ وجلّ (وَأَذَانٌ
مِنَ اللهِ وَرَسُوْلِهِ إلَى النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ) وكنت أنت المبلّغ عن
الله عزّ وجلّ وعن رسوله ، وأنت وصيّي ووزيري وقاضي ديني والمؤدّي عنّي ، وأنت منّي
بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، فأنت رابع الخلفاء كما سلّم عليك الشيخ.
أولا تدري من هو؟ قلت : لا قال : ذاك أخوك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخضر عليهالسلام فاعلم».
وكذلك في تفسير الآية
: (وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُوْلِهِ إلَى
النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ) فكان أمير المؤمنين
عليهالسلام المصداق الوحيد للآية
بناءً على الرواية.
٦ ـ تبيين المفاهيم
الاعتقادية.
إنّ الدفاع عن المعتقدات
الدينية ومراقبة سير الفكر الديني في المجتمع الإسلامي يمثّل أحد اهتمامات أهل البيت
عليهمالسلام ، فلذلك نرى الإمام
عليهالسلام يهتمّ في تفسير هذه
المفاهيم من خلال تفسيره للآيات ، فإنّ الإمام قد صحّح الكثير من الاعتقادات وبيّنها
استناداً إلى الآيات ، وقد واجه بذلك الكثير من المشارب الفكرية مثل المرجئة ، القدرية
، المجسّمة و ...
وفي رواية يخوض أحد
المتكلّمين في حواره مع الإمام الرضا عليهالسلام نقاشاً كلاميّاً يقول
فيه :
«إنّا روينا أنّ الله
قسّم الرؤية والكلام بين نبيّين ، فقسّم الكلام لموسى ولمحمّد ، الرؤية ، فقال أبو
الحسن عليهالسلام : فمن المبلّغ عن الله
إلى الثقلين من الجنّ والإنس لا تدركه الأبصار ولا يحيطون به علماً وليس كمثله شيء
أليس محمّد؟ قال : بلى ، قال : كيف يجيء رجل إلى الخلق جميعاً فيخبرهم أنّه جاء من
عند الله وأنّه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول لا تدركه الأبصار ولا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يحيطون به علماً وليس
كمثله شيء ثمّ يقول : أنا رأيته بعيني وأحطت به علماً وهو على صورة البشر ، أما تستحون
، ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتي من عند الله بشيء ثمّ يأتي بخلافه ،
من وجه آخر قال أبو قرّة : فإنّه يقول : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً
أُخْرَى) فقال أبو الحسن عليهالسلام : إنّ بعد هذه
الآية ما يدلّ على ما رأى ، حيث قال : (مَا كَذَّبَ الْفُؤادُ
مَا رَأَى) يقول : ما كذّب فؤاد
محمّد ما رأت عيناه ، ثمّ أخبر بما رأى فقال : (لَقَدْ رَأَى مِنْ
آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) فآيات الله غير الله
وقد قال الله : (وَلاَ يُحِيْطُوْنَ بِهِ عِلْمَاً) فإذا رأته الأبصار
فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة ، فقال أبو قرّة : فتكذّب بالروايات؟ فقال أبو الحسن
عليهالسلام : إذا كانت الروايات
مخالفة للقرآن كذّبتها ، وما أجمع المسلمون عليه أنّه لا يحاط به علماً ولا تدركه
الأبصار وليس كمثله شيء».
وفي رواية أخرى :
«عن معلّى بن محمّد
، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : سألته فقلت :
الله فوّض الأمر إلى العباد ، قال : الله أعزّ من ذلك ، قلت : فجبرهم على المعاصي ،
قال :الله أعدل وأحكم من ذلك ، قال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثمّ قال : قال الله
: يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيّئاتك منّي ، عملت المعاصي بقوّتي
التي جعلتها فيك».
فقد بيّن الإمام عليهالسلام في هاتين الروايتين
المعتقد الصحيح وعرض التفسير الصحيح للآيات.
٧ ـ تفسير الأمور الغيبية.
والوجه الآخر من الوجوه
التفسيرية عند الإمام الرضا عليهالسلام ، هو بيان الأمور الغيبية
وبيان بطون الآيات وبيان الأخبار المرتبطة بأصل نشأة الخلق ومعرفة الوجود ، فقد كانت
هناك إشارات في بعض الآيات إلى مباحث الخلقة حيث تمّ توضيحها بواسطة بعض الروايات.
فإنّ المأمون يسأل
الإمام الرضا عليهالسلام عن آية : (وَهُوَ
الذِي خَلَقَ السّماواتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّام وَكَانَ عَرْشُهُ عَلى المَاءِ) فأجابه عليهالسلام : «إنّ الله تعالى
خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السماوات والأرض فكانت الملائكة تستدلّ بأنفسها
وبالعرش والماء على الله تعالى ، ثمّ جعل عرشه على الماء ليظهر بذلك قدرته للملائكة
فتعلم أنّه على كلّ شيء قدير ، ثمّ رفع العرش بقدرته ونقله فجعله فوق السماوات السبع
ثمّ خلق السماوات السبع والأرض في ستّة أيّام وهو مستول على عرشه وكان قادراًعلى أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يخلقها في طرفة عين
ولكنّه عزّ وجلّ خلقها في ستّة أيّام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئاً بعد شيء فيستدلّ
بحدوث ما يحدث على الله تعالى مرّة بعد مرّة ، ولم يخلق الله العرش لحاجة به إليه ،
لأنّه غنيّ عن العرش وعن جميع ما خلق لا يوصف بالكون على العرش ، لأنّه ليس بجسم تعالى
عن صفة خلقه علوّاً كبيراً». وبذلك وضّح الإمام عليهالسلام أموراً ربّما لا يمكن
الإنسان الحصول عليها دون الإرتباط به عليهالسلام.
٨ ـ تبيين آيات الأحكام.
إنّ الإمام الرضا عليهالسلام كسائر المعصومين عليهمالسلام قد تطرّق في بعض الروايات
لتبيين وتوضيح بعض آيات الأحكام وقد بيّن للمسلمين جزئيّات بعض الأحكام كما في الروايات
التالية :
«عن أحمد بن محمّد
بن أبي نصر قال : سألت الرضا عليهالسلام عن قول الله : (وَمِنَ
اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ النُّجُومِ) قال : أربع ركعات بعد
المغرب ، وإدبار النجوم ركعتان قبل صلاة الصبح».
«عن أحمد بن محمّد
، عن ابن أبي نصر قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليهالسلام : إنّا حين نفرنا من
منى أقمنا أيّاماً ثمّ حلقت رأسي طلب التلذّذ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فدخلني من ذلك شيء؟
فقال : كان أبو الحسن صلوات الله عليه إذا أخرج من مكّة فأتي بثيابه حلق رأسه ، قال
: وقال في قول الله عزّ وجلّ : (ثُمَّ لِيَقْضُوا
تَفَثَهُمْ وَلْيُوْفُوا نُذُوْرَهُم) ، قال : التفث تقليم
الأظفار وطرح الوسخ وطرح الإحرام».
وفي تفسيره لآية الخمس
فيه توسعة لمفهومه : «عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين
بن عثمان ، عن سماعة قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الخمس فقال : في
كلّ ما أفاد الناس من قليل أو كثير».
وقد تعرّض الإمام الرضا
عليهالسلام إلى سبب تشريع بعض
الأحكام وذلك من أجل أن يشرح بعض آيات الأحكام شرحاً أفضل كما في جوابه عليهالسلام على كتاب محمّد بن
سنان حيث أشار فيه إلى سبب تحريم بعض المحرّمات مثل قتل النفس ، عقوق الوالدين ، الزنا
، قذف المحصنات ، أكل مال اليتيم ، الفرار من الزحف ، التعرّب بعد الهجرة والربا.
٩ ـ تبيين الحكمة من
الحكم وعلّته.
إنّ بعض الروايات التفسيرية
يتمّ فيها توضيح وتبيين حكمة الحكم وعلّته ، وذلك من قبيل ما كتبه الإمام الرضا عليهالسلام في جواب مسائل محمّد
بن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سنان حيث قال عليهالسلام : «علّة تزويج الرجل
أربع نسوة ويحرم أن تتزوّج المرأة أكثر من واحد ، لأنّ الرجل إذا تزوّج أربع نسوة كان
الولد منسوباً إليه ، والمرأة لو كان لها زوجان أو أكثر من ذلك لم يعرف الولد لمن هو
، إذ هم مشتركون في نكاحها ، وفي ذلك فساد الأنساب والمواريث والمعارف».
١٠ ـ الاستناد بآيات
القرآن في بيان المطالب.
ففي هذا الوجه من الوجوه
التفسيرية يبيّن المعصوم حكماً أو أمراً معيّناً ويدعمه بآيات من القرآن ، وبعبارة
أخرى إنّ الموضوع أو الحكم الذي يبيّنه المعصومون عليهمالسلام إنّما يذكرون سنده
من القرآن وذلك من أجل إقناع المخاطب أو السائل أو لتعليم كيفية الاستفادة من القرآن
، فإنّ الاستناد بآيات القرآن الكريم بعد توضيح بعض الأمور له دورٌ مهمّ في تبيين آيات
القرآن.
وهذه الطريقة نلاحظها
في الروايات التفسيرية للمعصومين عليهمالسلام ومن جملتها الروايات
التفسيرية للإمام الرضا عليهالسلام كما في الروايات التالية
عنه عليهالسلام :
«عن مبارك مولى الرضا
عليهالسلام ، عن الرضا عليّ بن
موسى عليهالسلام قال : لا يكون المؤمن
مؤمناً حتّى يكون فيه ثلاث خصال ، سنّة من ربّه وسنّة من نبّيه ، وسنّة من وليّه ،
فأمّا السنّة من ربّه فكتمان السرّ ، قال الله عزّ وجلّ : (عَالِمُ
الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إلاّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رَسُوْل) ، وأمّا السنّة من
نبّيه فمداراة الناس فإنّ الله عزّ وجلّ أمر نبيّه (صلى الله عليه وآله) بمداراة الناس
فقال : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ
عَنِ الجاهِلِينْ) ، وأمّا السنّة من
وليّه فالصبر على البأساء والضرّاء يقول الله عزّ وجلّ : (والصّابِرِيْنَ
فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرّاءِ وَحِيْنَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الذِيْنَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ
هُمُ الْمُتّقُوْنَ)».
«عن الحسن بن علي الوشّاء
قال : سمعت الرضا عليهالسلام يقول : أقرب ما
يكون العبد من الله عزّ وجلّ وهو ساجد ، وذلك قوله تبارك وتعالى : (وَاسْجُدْ
وَاقْتَرِبْ)».
«إنّ رحم آل محمّد
ـ الأئمّة ـ لمعلّقة بالعرش ، تقول : اللهمّ صِل من وصلني ، واقطع من قطعني ، ثمّ هي
جارية في أرحام المؤمنين ، ثمّ تلا هذه الآية : (وَاتَّقُوا اللهَ الذِي
تَسَاءَلُوْنَ بِهِ وَالأَرْحَامَ)».
«قال الإمام الرضا
عليهالسلام في رجل أوصى بجزء من
ماله ، فقال : جزء من سبعة ، إنّ الله يقول في كتابه (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَاب
لِكُلِّ بَاب مِنْهُمْ جُزْءٌ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مَقْسُوْمٌ)».
١١ ـ التفسير التصويري.
في بعض الأحيان يكون
الإمام في مقام شرح الآية ورفع الإبهام والإجمال عنها ، وذلك من خلال الاستعانة بتصوير
الحالة للسائل ، عوضاً عن تبيين المفردات وشرح الآيات؛ حيث شوهد كراراً هذا الأسلوب
في تفسير الآيات في سيرة المعصومين عليهمالسلام ، ومن بين هذه الروايات
ما بيّنه الإمام الرضا عليهالسلام عمليّاً لعبد الله
بن سنان في تفسير آية (وَالَّذِيْنَ إِذَا أَنْفَقُوا
لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) ، فبسط كفّه وفرّق
أصابعه وحناها شيئاً ، وعن قوله تعالى : (وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ
الْبَسْطِ) فبسط راحته وقال :
هكذا ، وقال : القوام ما يخرج من بين الأصابع ويبقى في الراحة من شيء.
وكذلك في الرواية التالية
:
«عن الحسن بن خالد
، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : قلت : أخبرني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن قول الله : (وَالسَّمَاءِ
ذَاتِ الْحُبُك) فقال : هي محبوكة إلى
الأرض ، وشبّك بين أصابعه ، فقلت : كيف تكون محبوكة إلى الأرض والله يقول (رَفَعَ
السَّماوَاتِ بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَها)؟ فقال : سبحان الله ، أليس يقول : بغير عمد ترونها؟ قلت : بلى
، فقال : فثمّ عمد ولكن لا ترونها ، قلت : كيف ذلك جعلني الله فداك؟ قال : فبسط كفّه
اليسرى ثمّ وضع اليمنى عليها ، فقال : هذه أرض الدنيا والسماء الدنيا عليها فوقها قبّة
، والأرض الثانية فوق السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها قبّة ، والأرض الثالثة فوق
السماء الثانية والسماء الثالثة فوقها قبّة ، والأرض الرابعة فوق السماء الثالثة والسماء
الرابعة فوقها قبّة ، والأرض الخامسة فوق السماء الرابعة والسماء الخامسة فوقها قبّة
، والأرض السادسة فوق السماء الخامسة والسماء السادسة فوقها قبّة ، والأرض السابعة
فوق السماء السادسة والسماء السابعة فوقها قبّة ، وعرش الرحمن تبارك وتعالى فوق السماء
السابعة وهو قول الله : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ
سَمَاوَات وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ)».
وهناك رواية يعلِّم
فيها الإمام عليهالسلام أبي نصر البزنطي بشكل
عملي كيفية المسح على الرجلين :
«عن ابن أبي نصر ،
عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : سألته عن المسح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على القدمين كيف هو؟
فوضع كفّه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم ، فقلت : جعلت فداك ، لو
أنّ رجلا قال بإصبعين من أصابعه هكذا؟ فقال لا إلاّ بكفّه».
١٢ ـ ردّ التفاسير
الخاطئة بآيات القرآن.
لا شكّ إنّ أحد مسؤوليّات
أهل البيت عليهمالسلام التي قاموا بأعبائها
هو ردّهم الشبهات ، فإنّهم عليهمالسلام بالإضافة إلى ما لديهم
من الطريقة الإثباتية في تفسير الآيات في الردّ على الشبهات فقد قاموا بتصحيح التفاسير
الواردة من غيرهم عليهمالسلامللآيات وردّ الشبهات عنها ، وقد مهّدوا الطريق للتفسير الصحيح
وذلك بمخالفتهم للتفاسير الخاطئة والمناهج المخالفة لقواعد التفسير ، مثل التفسير بالرأي
، وتجزئة الآيات ، وعدم الاعتناء بآيات الناسخ والمنسوخ ، والنهي عن تبيين الإسرائيليّات
الواردة في الروايات.
إنّ شطراً من الروايات
المذكورة عن الإمام الرضا عليهالسلام يتبيّن من خلالها
أنّ أحد المواضع المنحصرة بهم عليهمالسلام هو هدايتهم إلى التفسير
الصحيح وتصحيح الفهم الخاطىء للقرآن الكريم. وقد روى الصدوق رحمهالله في كتبه الثلاثة رواية
بسند معتبر «عن الإمام الرضا عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام عن النبيّ (صلى
الله عليه وآله) أنّ الله تبارك وتعالى قال : ما آمن بي من فسّر برأيه كلامي».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي رواية فسّر فيها
الإمام الرضا عليهالسلام قوله تعالى : (إِنَّهُ
لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) ثمّ سأل الوشّاء أن
كيف تقرأون هذه الآية في شأن ابن نوح؟ ثمّ يردّ القراءة القائلة بنفي البنوّة عن ابن
نوح ويكذّبها ويخطّئها ويقول عليهالسلام : «هو ابنه ولكنّ الله
عزّ وجلّ نفاه عنه حين خالفه في دينه».
يتبيّن من خلال هذا
الحوار أنّ الإمام الرضا عليهالسلام مضافاً إلى ما سلكه
من التفسير الصحيح فإنّه أراد أن يردّ ويخطّئ التفسير والفهم الخاطئ للآية.
نتيجة البحث :
إنّ التأمّل في التراث
التفسيري للإمام الرضا عليهالسلام يبيّن لنا أنّ الإمام
عليهالسلام كالنبيّ (صلى الله
عليه وآله) وكسائر المعصومين عليهمالسلام كانت على عاتقه مهمّة
تبيين وتفسير القرآن ، وإنّه عليهالسلام لم يكن ليتطرّق إلى
تبيين وتفسير كلام الله فحسب بل قد بيّن للمسلمين أهمّ الأصول والقواعد التفسيرية ،
ففي ظلّ التوضيح الدقيق لهذه الأصول في كلام الإمام عليهالسلام يتمّ عرض المبنى المناسب
للتفسير الصحيح ليمهّد الأرضية للتقليل من حجم الأخطاء والاشتباهات الحاصلة في التفسير.
فمن خلال المباني التي
أشار إليها الإمام الرضا عليهالسلام في الروايات يمكننا
أن نعدّ منها خلود القرآن ، عدم تحريف القرآن ، إمكان فهم القرآن ، هداية القرآن وكون
ألفاظ القرآن صادرة من الوحي الإلهي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما أنّ الإمام عليهالسلام اتّخذ المناهج التفسيرية
التالية في تفسيره للقرآن الكريم وهي عبارة عن تفسير القرآن بالقرآن ، تفسير القرآن
بالسنّة ، تفسير القرآن بواسطة الدليل العقلي القطعي ، تفسير القرآن بما توصّل إليه
البشر من التطوّر العلمي ، تفسير القرآن بالتاريخ.
فمن جملة القواعد التفسيرية
الواردة ضمن التفسير المأثور عن الإمام الرضا عليهالسلام يمكننا الإشارة إلى
الموارد التالية : الاهتمام بالقراءة الصحيحة ، الاعتناء بمفاهيم الكلمات ، الاهتمام
بالقرائن مثل السياق ، سبب النزول ، الاعتناء بخصائص المخاطب ، وسائر الآيات القرآنية
والضرورات الدينية ، بحيث يمكننا من خلال هذه القواعد التفسيرية الواردة في روايات
أهل البيت عليهمالسلام أن نكوّن في تفسير
القرآن مجموعة من المناهج والقواعد التفسيرية.
إنّ روايات الإمام
الرضا عليهالسلام مضافاً إلى التفسير
تشتمل على التأويل ، بيان المعنى الباطني ، تعيين المصداق ، تبيين المعارف الاعتقادية
والأمور الغيبيّة وتفصيل آيات الأحكام.
هذا وإنّ تبيين بواطن
وحقائق الآيات إنّما هو من اختصاصات المعصومين عليهمالسلام الراسخون في العلم
ومنحصرٌ بهم.
المصادر
١ ـ القرآن الكريم.
٢ ـ نهج البلاغة.
٣ ـ آفاق التفسير : محمّد عليّ مهدوي راد
، منشورات هستي نما ـ طهران/١٣٨٢هـ. ش.
٤ ـ الاتقان في علوم القرآن
: جلال الدين السيوطي ، دار ابن كثير ـ بيروت/١٤١٤هـ. ق.
٥ ـ إثبات الهداة بالنصوص
والمعجزات : الحرّ العاملي ، انتشارات
الأعلمي ـ بيروت/١٤٢٥هـ. ق.
٦ ـ الاحتجاج : أحمد بن عليّ الطبرسي
، منشورات المرتضى ـ مشهد / ١٤٠٣هـ. ق.
٧ ـ الأمالي : محمّد بن عليّ ابن
بابويه ، كتابخانه اسلامية ـ طهران/١٣٦٢هـ. ش.
٨ ـ الأمالي : الشيخ المفيد ، كنگره
شيخ مفيد ـ قم/١٤١٣هـ. ق.
٩ ـ أسباب نزول القرآن : عليّ بن أحمد الواحدي
، دار الكتب العلمية ـ بيروت/١٤١١ هـ. ق.
١٠ ـ بحار الأنوار : محمّد باقر المجلسي
، مؤسسة الوفاء ـ بيروت/١٤٠٤هـ. ق.
١١ ـ البرهان في تفسير القرآن
: السيّد هاشم البحراني ، مؤسسة بعثت ـ قم.
١٢ ـ البرهان في علوم القرآن
: بدر الدين الزركشي ، دار المعرفة ـ بيروت/١٤١٠هـ. ق.
١٣ ـ بصائر الدرجات الكبرى
: محمّد بن حسن الصفّار ، منشورات الأعلمي ، كتابخانه آية الله
المرعشي النجفي ـ طهران/١٣٧٤هـ. ش ، ١٤٠٤هـ. ق.
١٤ ـ التبيان في تفسير القرآن
: الشيخ الطوسي ، دار احياء التراث العربي ـ بيروت/١٤٠٢ هـ. ق.
١٥ ـ التحقيق في كلمات القرآن
الكريم : حسن مصطفوي ، وزارت فرهنگ وارشاد إسلامي ـ طهران/١٣٦٨هـ. ش.
١٦ ـ تحليلي از زندگى امام
رضا عليهالسلام : محمّد جواد فضل الله
، آستان قدس رضوي ـ مشهد ، چاپ هفتم/١٣٨٢هـ. ش.
١٧ ـ تفسير العيّاشي : محمّد بن مسعود العيّاشي
، المطبعة العلمية ـ طهران/١٣٨٠هـ. ق.
١٨ ـ تفسير القرآن العظيم : إسماعيل بن عمرو ابن
كثير ، دار الكتب العلمية ـ بيروت/١٤١٦هـ. ق.
١٩ ـ تفسير القمّي : علي بن إبراهيم القمّي
، تحقيق : الطيّب الموسوي الجزائري ، دار الكتاب ـ قم ، چاپ سوم/١٤٠٤هـ. ق.
٢٠ ـ التفسير المنسوب للإمام
الرضا : مدرسة الإمام المهدي عليهالسلام ـ قم/ ١٤٠٩هـ. ق.
٢١ ـ التوحيد : جعفر بن محمّد بن عليّ
ابن بابويه ، انتشارات جامعة المدرسين ـ قم/١٣٩٨هـ. ق.
٢٢ ـ جامع البيان : محمّد بن جرير الطبري
، دار المعرفة ـ بيروت/١٤١٢هـ. ق.
٢٣ ـ الجواهر الحسان : الثعالبي ، دار احياء
التراث العربي ـ بيروت/١٤١٨هـ. ق.
٢٤ ـ روح البيان : حقّي إسماعيل بروسوي
، دار الفكر.
٢٥ ـ شرح أصول الكافي : محمّد صالح المازندراني
، دار إحياء التراث العربي.
٢٦ ـ الصافي في تفسير القرآن
: محمّد محسن الفيض الكاشاني ، تصحيح : حسين الأعلمي ، دار المرتضى
ـ بيروت.
٢٧ ـ صحيفة الإمام الرضا عليهالسلام
: تحقيق : محمّد مهدي نجف ، كنگره جهاني إمام رضا ـ مشهد/١٤٠٦هـ.
ق.
٢٨ ـ علل الشرائع : محمّد بن علي ابن بابويه
، كتابفروشي داوري ـ قم/١٩٩٦م.
٢٩ ـ عيون أخبار الرضا : محمّد بن علي ابن بابويه
، انتشارات جهان ـ طهران/١٣٧٨هـ. ش.
٣٠ ـ قرآن در إسلام : السيّد محمّد حسين
الطباطبائي ، دفتر انتشارات اسلامي ـ قم/١٣٦١ هـ. ش.
٣١ ـ قرب الاسناد : عبد الله بن جعفر الحميري
، مؤسسة آل البيت عليهمالسلام ـ قم/١٤١٣هـ. ق.
٣٢ ـ قصص الأنبياء : السيّد نعمت الله الجزائري
، انتشارات كتابخانه آيت الله المرعشي ، ١٤٠٤هـ. ق.
٣٣ ـ قواعد التفسير : خالد السبت ، دار ابن
عفّان ـ بيروت/١٤٢١هـ. ق.
٣٤ ـ قواعد التفسير لدى الشيعة
والسنة : محمّد فاكر ميبدي ، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية/١٤٢٨هـ.
ق.
٣٥ ـ الكافي : أبو جعفر محمّد بن
يعقوب الكليني ، دار الكتب الإسلامية ـ طهران/١٣٦٥ هـ. ش.
٣٦ ـ كتاب العين : خليل بن أحمد الفراهيدي
، نشر هجرت ـ قم ، چاپ دوم/١٤٠٩هـ. ق.
٣٧ ـ كنز العمال : علاء الدين المتّقي
الهندي ، مؤسّسة الرسالة ـ بيروت/١٤٠٩هـ. ق.
٣٨ ـ مجمع البحرين : فخر الدين الطريحي
، مرتضوي ـ طهران ، چاپ سوم/١٣٧٥هـ. ش.
٣٩ ـ مسند الإمام الرضا عليهالسلام
: عزيز الله العطاردي ، دار الصفوة ـ بيروت/ ١٤١٣هـ. ق.
٤٠ ـ معالم التنزيل : حسين بن مسعود البغوي
، دار احياء التراث العربي ـ بيروت/١٤٢٠ هـ. ق.
٤١ ـ معاني الأخبار : محمّد بن عليّ ابن
بابويه ، دفتر انتشارات إسلامي ـ قم/١٤٠٣هـ. ش.
٤٢ ـ مفردات ألفاظ القرآن : حسين بن محمّد راغب
الإصفهاني ، دار القلم ـ بيروت/١٤١٢هـ. ق.
٤٣ ـ مناقب آل أبي طالب : محمّد بن عليّ ، ابن
شهرآشوب المازندراني ، انتشارات علاّمه ـ قم/١٣٧٩هـ. ش.
٤٤ ـ مواهب الرحمان في تفسير
القرآن : عبد الأعلى الموسوي السبزواري/١٤٠٩هـ ق.
٤٥ ـ الميزان : السيّد محمّد حسين
الطباطبائي ، دار الكتب الإسلامية ـ طهران/١٤١٧هـ. ق.
٤٦ ـ نوادر الأخبار : الفيض الكاشاني ، مؤسّسة
مطالعات وتحقيقات فرهنگي ـ طهران/١٣٧١هـ. ش.
٤٧ ـ نور الثقلين : عبد عليّ بن جمعة العروسي
الحويزي ، انتشارات إسماعيليان ـ قم/١٤١٥هـ. ق.
٤٨ ـ الوافي : الفيض الكاشاني ، كتابخانه
إمام أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ـ اصفهان/١٤٠٦هـ. ق.
٤٩ ـ وسائل الشيعة : محمّد بن حسن بن عليّ
الحرّ العاملي ، مؤسّسة آل البيت عليهمالسلامـ قم/١٤٠٩هـ. ق.
من ذخائر التراث

مقـدّمة التحقيـق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شرع
الإسلام فسهّل شرائعه لمن ورده ، وأعزّ أركانه على من غالبه ، فجعله أمناً لمن علقه
، وسلماً لمن دخله ، وبرهاناً لمن تكلّم به ، وشاهداً لمن خاصم به ، ونوراً لمن استضاء
به ، وفهماً لمن عقل ، ولبّاً لمن تدبّر ، وآية لمن توسّم ، وتبصرة لمن عزم ، وعبرة
لمن اتعظ ، ونجاة لمن صدّق ، وثقة لمن توكّل ، وراحة لمن فوّض ، وجنّة لمن صبر ، فهو
أبلج المناهج ، واضح الولائج ، مشرف المنار ، مشرق الجواد ، مضيء المصابيح ، كريم المضمار
، رفيع الغاية ، جامع الحلبة ، متنافس السُّبقَة ، شريف الفرسان.
والصلاة على رسوله
نبيّ الرحمة ، وإمام الأئمّة ، وسراج الأمّة ، المنتخب من طينة الكرم ، وسلالة المجد
الأقدم ، ومغرس الفخار المعرّق ، وفرع العلاء المثمر المورق ، وعلى أهل بيته مصابيح
الظُّلَم ، وعصم الأمم ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنار الدين الواضحة
، ومثاقيل الفضل الراجحة ، ولا سيّما بقيّة
الله في الأرضين روحي وأرواح العالمين لمقدمه الفداء ، واللعن الدائم المؤبّد على
أعدائهم أجمعين.
أمّا بعد ..
فلا يخفى على أحد أهمّية
البحث عن القواعد الفقهية ، إذ يبتني الحكم عليها في كثير من الفروع الفقهية التي لا
نصّ عليها بخصوصها ، وتعتبر القواعد مستنداً ودليلاً للفتوى فيها.
ويمكن أن نقسّم المراحل
التاريخية التي مرّت بها القواعد الفقهية إلى ثلاث :
المرحلة الأولى : التأسيس
وهذه المرحلة تبدأ
مع نشوء الفقه والتشريع الإسلامي ، فإنّ كلام الله تعالى في القرآن الكريم يعدّ المؤسّس
الأوّل لجملة من القواعد الفقهية ، كقاعدة نفي العسر والحرج ، وقاعدة نفي السبيل للكافرين
على المؤمنين ، ثمّ أسّست جملة من أحاديث النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) مجموعة
من القواعد الفقهية ، واستند إليها الفقهاء في الإفتاء ، كقاعدة نفي الضرر ، وقاعدة
الإسلام يجبّ ما قبله ، وقاعدة الغرور ، وبعد النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) أكمل
أئمة أهل البيت عليهمالسلام عدل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القرآن التأسيس لجملة
من القواعد الفقهية كقاعدتي الفراغ والتجاوز ، وغيرها.
المرحلة الثانية :
الاستدلال على الموارد :
أو البحث الصغروي ،
ونجد أنّ أقدم الكتب الفقهية الموجودة بين أيدينا كالمقنعة والهداية والخلاف والمبسوط وغيرها
قد استُدلّ فيها بالقواعد
الفقهية على جملة من الفروع ، من دون التصريح بكونها قواعد فقهية ، ومن دون البحث الكبروي
عن القاعدة ، ولعلّ في ذلك شيئاً من الغرابة ، فكيف يستدلّ بالقاعدة من دون بحث كبروي
عن المستند وعن موارد تطبيقها.
ولعلّ السبب في ذلك
أنّ جملة من تلك القواعد ما هي إلا عمومات وردت في الكتاب والسنّة ، وبعد وضوح السند
في جملة من تلك الأحاديث استدلّوا بها وطبّقوها على صغرياتها.
المرحلة الثالثة :
البحث الكبروي أو (مرحلة التدوين)
ونعني به تدوين القواعد
الفقهية ، كقاعدة فقهية ، والبحث عن مستندها من الكتاب والسنّة والعقل والاجماع
وبناء العقلاء ، ثمّ البحث عن ألفاظ الدليل ودلالته إن كان المستند دليلاً لفظياً ،
وبعدها البحث عن موارد جريان القاعدة.
ويمكن تقسيم هذه المرحلة
إلى مرحلتين :
الأولى : مرحلة التدوين
الأوّلي
وبدأت هذه المرحلة
في القرن الثامن الهجري على يد الشهيد الأوّل
محمّد بن مكّي الجزّيني
العاملي قدسسره (ت ٧٧٨ هـ) ؛ إذ يُعدّ
كتابه القواعد
والفوائد أقدم مصنَّف في القواعد الفقهية على مذهب الإمامية ، وقد صرّح
الشهيد قدسسره في إجازته لابن الخازن
أنّه لم يسبق بمثله بين الأصحاب.
وقد لقي هذا الكتاب
عناية خاصّة من الفقهاء وأعلام الطائفة فهذّبوه ورتّبوه ، كما فعل ذلك تمليذه الفقيه
الأصولي والمتكلّم المحقّق الفاضل السيوري
قدسسره (ت ٨٢٦هـ) حيث نظّم
قواعده ، وحذف المكرّر منها ، ورتّبه ، ووضعه تحت عنوان :
نضد القواعد الفقهية
على مذهب الإمامية.
ومن كتب القواعد في
هذه المرحلة كتاب تمهيد
القواعد للشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي
قدسسره (ت ٩٦٦هـ).
الثانية : مرحلة التكامل
في القرنين الثالث
عشر والرابع عشر نجد النضج في البحث عن القواعد الفقهية والأبحاث الاستدلالية المعمّقة
، والبحث عن الفوارق بين جملة من القواعد التي تتداخل في مواردها ، وكذلك البحث في
التفريق بين القاعدة الفقهية والأصولية ، وتشخيص بعض القواعد وأنّها أصولية أو فقهية.
ومن الكتب المهمّة
في هذه المرحلة التي يمكن أن نشير إليها هي :
١ ـ عوائد الأيام ، تأليف الفقيه الأصولي
المولى أحمد بن محمّد مهدي النراقي (ت ١٢٤٥هـ) ، وقد طبع في مجلّدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٢ ـ كتاب العناوين ، تأليف الفقيه الأصولي السيّد مير عبد الفتّاح الحسيني المراغي
(ت ١٢٥٠ هـ).
٣ ـ موسوعة القواعد الفقهية لآية الله العظمى السيّد
محمّد حسن البجنوردي (ت ١٣٩٦ هـ) ، ويعدّ من أوسع وأعمق ما كتب في القواعد الفقهية.
واتّجه قسم من الأعلام
للبحث والكتابة عن قاعدة معيّنة ، كقاعدة اليد ، ولا ضرر ، والفراغ والتجاوز ، وأصالة
الصحّة ، وغيرها ، فصنّفوا رسائل مختصّة بالبحث عن قاعدة معيّنة ، ومن هذه القواعد
التي عني بها الأعلام قاعدة لا ضرر ، فكتبوا فيها رسائل وكتب ، منهم حسب تاريخ وفياتهم
:
١ ـ الشيخ عبد الله
السماهيجي البحراني (ت ١١٣٥ هـ) ، وسمّى رسالته في القاعدة بالسلمانية.
٢ ـ الشيخ محمّد تقي
بن أبي طالب بن علي الأردكاني اليزدي (ت ١٢٦٨ هـ).
٣ ـ السيّد حسن المدرّس
الحسيني الأعرجي الأصفهاني (ت ١٢٧٣هـ).
٤ ـ الشيخ الأعظم الشيخ
مرتضى الأنصاري (ت ١٢٨١هـ).
٥ ـ السيّد علي الموسوي
الغريفي البحراني النجفي (ت ١٣٠٢ هـ).
٦ ـ الشيخ إبراهيم
اللنكراني الحائري النجفي (ت ١٣١٤ هـ).
٧ ـ السيّد محمود بن
عبد العظيم الموسوي الخوانساري (ت ١٣١٥ هـ).
٨ ـ الميرزا أبو طالب
بن الميرزا أبي القاسم الموسوي الزنجاني (ت ١٣٢٩ هـ).
٩ ـ السيّد أسد الله
بن عبّاس الحسيني الرودباري الإشكوري النجفي (ت ١٣٣٣ هـ).
١٠ ـ الشيخ عبد الرحيم
بن نصر الله الأنصاري الكليبري التبريزي (ت ١٣٣٤ هـ).
١١ ـ السيّد مصطفى
الحسيني الكاشاني (ت ١٣٣٦ هـ).
١٢ ـ السيّد محمّد
صادق الحجّة الطباطبائي (ت ١٣٣٧ هـ) وقد كتب منظومة في القاعدة سمّاها بعقد الدرر في قاعدة لا
ضرر ، وقد شرحها العلاّمة الشيخ فرج آل عمران القطيفي ، مطبوعة.
١٣ ـ الشيخ فتح الله
بن محمد جواد النمازي الأصفهاني النجفي ، المعروف بشيخ الشريعة (ت ١٣٣٩ هـ) ، ورسالته
مطبوعة بتحقيق السيّد علي الخراساني الكاظمي ومن منشورات مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث سنة
(١٤٠٧ هـ).
١٤ ـ الشيخ علي بن
فضل الله المازندراني الحائري (ت ١٣٣٩ هـ)
١٥ ـ السيّد أبو القاسم
بن زين العابدين الحسيني الخاتون آبادي الطهراني (ت ١٣٤٦ هـ) ، وقد طبعت رسالته في
قاعدة الضرر المنفي مع بعض مصنفاته الأخرى على الحجر سنة (١٣٢٢ هـ).
١٦ ـ السيّد محمّد
جعفر الحسيني الشيرازي الحائري ، وسمّى رسالته بكشف الستار عن قاعدة لا ضرر ولا ضرار ، وطبعت سنة (١٣٤٧
هـ) ، كما في الذريعة.
١٧ ـ السيّد حسن الصدر
الكاظمي العاملي (ت ١٣٥٤هـ) ، وهي الرسالة التي بين يديك ، وسنتحدّث عنها بشيء من التفصيل.
١٨ ـ الشيخ أسد الله
بن علي أكبر الديزجي الزّنجاني النجفي (ت ١٣٥٤ هـ).
١٩ ـ الشيخ موسى النجفي
الخوانساري (ت ١٣٦٣ هـ) ، ورسالته في لا ضرر من تقريرات أبحاث المحقّق الميرزا محمّد
حسين النائيني ، وقد طبعت في آخر المجلّد الثالث من منية الطالب في شرح المكاسب.
٢٠ ـ السيّد يونس الموسوي
الأردبيلي (ت ١٣٧٧ هـ).
٢١ ـ السيّد جمال الدين
الموسوي الگلپايگاني النجفي (ت ١٣٧٧ هـ).
٢٢ ـ السيّد باقر الشخص
الموسوي الأحسائي النجفي (ت ١٣٨١ هـ).
٢٣ ـ السيّد علي مدد
بن حسين الموسوي القائيني الخراساني (ت ١٣٨٤ هـ).
٢٤ ـ الشيخ عبد
النبي بن محمّد علي العراقي النجفي القمّي (ت ١٣٨٥هـ).
٢٥ ـ الشيخ أحمد بن
محمود الأهري التبريزي (ت ١٣٨٨ هـ).
٢٦ ـ الشيخ محمّد تقي
الآملي الطهراني (ت ١٣٩١ هـ).
٢٧ ـ الميرزا باقر
بن محمّد مهدي الزنجاني النجفي (ت ١٣٩٤ هـ).
٢٨ ـ السيّد حسين مكّي
الحسيني العاملي الدمشقي (ت ١٣٩٧ هـ).
٢٩ ـ الشيخ جمال الدين
النائيني النجفي (ت١٣٩٧ هـ).
هذا ما عثرت عليه من
مؤلّفات الأعلام إلى القرن الخامس عشر ، وأمّا أعلام قرننا الحالي فالرسائل المكتوبة
حول القاعدة كثيرة لا يسع المجال لذكرها أجمع ، فأكتفي بهذا المقدار.
ترجمة السيّد المجدّد
الشيرازي (١٢٣٠ ـ ١٣١٢ هـ) :
هو السيّد معزّ الدين
أبو محمد الميرزا محمد حسن بن محمود الحسيني الشيرازي النجفي ثم السامرائي ، المعروف
بالمجدّد الشيرازي وبالميرزا الشيرازي.
علمٌ من أعلام الطائفة
بل مرجعها الأعلى في عصره ، فقيه محقّق ، وأصوليّ مدقّق ، جامع للفنون.
ولد في شيراز سنة ثلاثين
ومائتين وألف هجريّة ، فقد والده الميرزا محمود وهو طفل صغير فتولّى تربيته خاله السيّد
حسين الموسوي ، وشرع بدراسة العلوم العربية والفقه والأصول وهو في السادسة من عمره
، وكان سريع التعلّم يتمتّع بالذكاء والفطنة فشرع بدراسة شرح اللمعة الدمشقية وهو
في الخامسة عشرة من عمره ، وأنهى في شيراز دراسة كتب السطوح.
هجراته العلمية :
هاجر إلى أصفهان سنة
(١٢٤٨ هـ) حيث كانت مركز الحوزة العلمية في
إيران آنذاك ، فقرأ
على المحقّق الشيخ محمّد تقي الرازي النجفي الأصفهاني
قدسسره صاحب هداية المسترشدين
، ثمّ حضر درس السيّد حسن بن علي البيد آبادي الأصفهاني
قدسسره الشهير بالمدرّس ،
وحصل على إجازة منه قبل بلوغه العشرين من عمره ، كما حضر درس الشيخ محمّد إبراهيم الكلباسي
قدسسره.
ثمّ ارتحل إلى العراق
، فورد النجف سنة (١٢٥٩ هـ) ، واختلف إلى حلقات درس الأعلام ، ومنهم :
١ ـ فقيه الطائفة وشيخ
حوزة النجف الأشرف آنذاك الشيخ محمّد حسن النجفي
قدسسره صاحب (الجواهر).
٢ ـ الفقيه المحقّق
الشيخ حسن بن جعفر كاشف الغطاء قدسسره صاحب كتاب (أنوار الفقاهة)
المطبوع حديثاً.
٣ ـ الفقيه الشيخ مشكور
بن محمد الحولاوي الخاقاني النجفي قدسسره.
٣ ـ الشيخ الأعظم الشيخ
مرتضى الأنصاري قدسسره ، ولازم بحثه فقهاً
وأصولاً وانتفع به كثيراً ، بل كانت عمدة استفادته منه.
وبرز في حياة أستاذه
الشيخ الأعظم وحظي باحترامه وتقديره ؛ إذ كان ينوّه بفضله ويشيد بعلمه أمام طلاّبه
ويصغي لكلامه ومناقشاته أثناء الدرس بل ويأمر طلاّبه بالسكوت والإصغاء إذا تكلّم الميرزا
الشيرازي قدسسره ، كما ينقل أنّه أشار
إلى اجتهاد الميرزا أكثر من مرّة.
ولمّا توفّي الشيخ
الأنصاري سنة (١٢٨١ هـ) ، اجتمع المبرّزون من
فضلاء طلاّبه في دار
الشيخ الميرزا حبيب الله الرشتي قدسسره وأجمعوا على تقديم
السيّد المجدّد للدرس والصلاة ، فأرشدوا الناس بذلك إلى الرجوع إليه في التقليد ، وأخذت
مرجعيّته وحلقة درسه تتّسع يوماً فيوماً على الرغم من توافر أكابر المجتهدين في عصره
، حتّى نال الزعامة الكبرى ، وانتهت إليه رئاسة أكثر الإمامية في عصره ، ولا سيّما
بعد وفاة المرجع الديني السيّد حسين الكوه كمري
قدسسره.
وفي سنة (١٢٩١ هـ)
سافر إلى سامراء عازماً على الإقامة فيها ، لكن دون أن يعلن عن قصده في بداية الأمر
، ولعلّه خشية أن يضغط عليه العلماء والناس ليعدل عن فكرته ، ولمّا عرف عنه الرغبة
في الإقامة ومجاورة الإمامين العسكريين
عليهماالسلام لحق به العلماء والطلاب
، وشرع في البحث والتدريس ، وبذل جهوداً كبيرة في عمران سامراء ، فبنى بها مدرستين
كبيرتين ، وجسراً ، وسوقاً كبيراً ، وعدّة بيوت للمجاورين ، حتّى عمرت سامرّاء به وصارت
إليها الرحلة ، وتردّد الناس عليها ، وأمّها أصحاب الحاجات من مختلف الأقطار ،
وعمّر فيها الدرس ، وقصدها طلاب العلوم ، وكانت قبل سكناه فيها بمنزلة قرية صغيرة ،
فلمّا سكنها عمرت عمراناً فائقاً وبنيت فيها الدور والأسواق ، وسكن فيها الغرباء ،
وكثر إليها الوافدون ، وصار فيها عدد من طلاّب العلم والمدرّسين لا يستهان به ، وكانت
في أكثر الأوقات محتشدة بالوافدين والزائرين ، وأخذت الوفود العلمية والبعثات من سائر
الأقطار الإسلامية تترى عليه ، وازدهرت الحياة الأدبية في أيامه ، حيث اشتهر بحبّه
للشعر وإنشاده ،
وبإكرامه للشعراء وهباته
لهم ، ولأكثر معاصريه من أعلام الأدب مدائح فيه.
وكان مهيباً وقوراً
، متواضعاً مع زواره والوافدين إليه ، مرحباً بهم ومكرّماً لهم كلّ حسب رتبته ومكانته
، ولم يكن في ذلك تصنّعاً منه ، إنّما هي سجيّته وطبعه ، حتّى ضرب به المثل في حسن
أخلاقه وحسن ملاقاته.
وكان بعيد النظر ،
حسن التدبير ، واسع الصدر ، مهتمّاً بشؤون الأمّة الإسلامية ، متتبّعاً لأخبارها ،
وقد أقام في كلّ بلد ممثّلاً عنه.
ومن الوقائع في سيرته
قدسسره قضية التنباكو (الدخانيّة)
حيث عقد شاه إيران ناصر الدين القاجاري اتفاقيّة مع شركة إنجليزية باحتكار التبغ الإيراني
(التنباك) ، فأثّر هذا الامتياز على الحركة التجارية الداخلية والسوق المحلية
وأضرّ بصغار التجار والكسبة والمزارعين ، فحاول الناس انثناء الشاه عن عقد
الاتفاقيّة فأصرّ على رأيه فلجؤوا إلى العلماء الذين طالبوه أيضاً بإلغاء الاتفاقيّة
فما زاده ذلك إلاّ إصراراً وعناداً على إبرام الاتفاقيّة وتنفيذها ، فالتجأ العلماء
إلى المرجعية العليا للطائفة المتمثّلة بالميرزا المجدّد الشيرازي
قدسسره فأرسلوا إليه
البرقيات طالبين منه التدخّل موقنين أنّه بتدخّله سيحسم الأمر فأبرق إليهم
مستفسراً وطالباً منهم توضيحاً أكثر ، كما أرسل إلى الشاه رسائل عديدة يطالبه فيها
بالاستجابة للشعب وإلغاء الاتفاقيّة ، فلمّا يئس من إقناعه أصدر فتواه الشهيرة بحرمة
استعمال الدخانيّات مطلقاً ، فترك جميع أهل إيران التدخين حتّى النساء في قصر الشاه
، الأمر الذي اضطرّ الشاه إلى فسخ الامتياز.
طلابه :
وقد تخرّج بالمترجم
عدد كبير من العلماء ، يعسر عدّهم ، وذكر العلاّمة المتتبع الآقا بزرك الطهراني : (أنهيت
المشاهير الأفاضل من تلاميذ آية الله سيّدنا المجدّد الشيرازي في كتابي هدية الرازي إلى نيف وخمسمائة) فمن أراد الاطّلاع
عليه الرجوع للكتاب المذكور.
مؤلّفاته وتقريراته
: من الشائع بين الطلاب أنّ المترجم له لم يترك تأليفاً إلاّ أنّ كتب التراجم ذكرت
له عدّة مؤلفات ، منها :
١ ـ كتاب في الطهارة
إلى الوضوء.
٢ ـ كتاب من أوّل المكاسب
إلى آخر المعاملات.
٣ ـ تلخيص إفادات أستاذه
الشيخ الأنصاري قدسسره في الأصول ، وينقل
أنّه دورة كاملة في علم الأصول من أوّله إلى آخره.
٤ ـ حاشية على نجاة العباد لأستاذه صاحب الجواهر
قدسسره ، وهي رسالة
فتوائية.
٥ ـ حاشية على النخبة للشيخ محمّد إبراهيم
الكلباسي (مطبوعة معها) ، وهي رسالة فتوائية أيضاً.
٦ ـ رسالة في الرضاع
، في الفقه.
٧ ـ رسالة في اجتماع
الأمر والنهي ، في علم الأصول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأمّا تقريرات
دروسه بقلم طلاّبه فهي كثيرة ذكر جملة منها في الذريعة الجزء الرابع.
وفاته :
توفّي بسامراء في ليلة
الأربعاء (٢٤) شعبان سنة (١٣١٢هـ) ، فحمل نعشه من بلد إلى بلد حتّى مثواه الأخير في
النجف الأشرف ، وأقيمت الفواتح على روحه الطاهرة في مختلف البلدان الإسلامية ، ورثاه
الشعراء بكثير من المراثي.
ترجمة المؤلّف :
هو العلاّمة الكبير
ذو الفنون ، الفقيه ، الأصولي ، والرجالي المحدّث ، والمؤرّخ المتتبّع ، السيّد حسن
ابن العلاّمة السيّد هادي الموسوي العاملي الأصل ، الكاظمي
قدسسره.
من أشهر مشايخ الإجازة
في عصره ، مؤلّف مكثر ، ومرجع مقلّد ، تشهد مؤلّفاته بسعة باعه في مختلف العلوم التي
كتب فيها وأبدع ، وأضاف للمكتبة الشيعية ، والإسلامية ما يُشكر عليها من مصنّفات لا
تزال إلى يومنا هذا مورداً للانتفاع والاستفادة ، سواء في العلوم التخصّصية كالفقه
والأصول والحديث ، أو في المواضيع العامّة التي ينتفع بقراءتها عموم الناس مثل
تأسيس الشيعة ، الكرام لعلوم الإسلام ، فشكر الله مساعيه وأجزل مثوبته
وحشره مع أجداده
الطاهرين.
ولد
قدسسره في الكاظمية المقدّسة يوم الجمعة عند الزوال في التاسع
والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة (١٢٧٢ للهجرة).
ودرس فيها المقدّمات
كعلوم العربية ، والمنطق ، وشرع فيها بدراسة الفقه والأصول.
ومن جملة أساتذته في
الكاظمية :
١ ـ والده العلاّمة
السيّد هادي الصدر (ت ١٣١٦ هـ).
٢ ـ السيّد باقر بن
السيّد حيدر الحسني الكاظمي (ت ١٢٩٠هـ).
٣ ـ الشيخ أحمد العطّار
(ت١٢٩٩ هـ).
٤ ـ الميرزا باقر بن
زين العابدين السلماسي الكاظمي (ت ١٣٠١ هـ) ، وغيرهم.
هجراته العلميّة :
هاجر إلى النجف الأشرف
ـ مهوى الأفئدة ومقصد طلاّب العلم ـ سنة (١٢٨٨ هـ) ، فحضر على أعلام النجف وفقهائها
، ومنهم :
١ ـ آية الله الفقيه
المحقّق الشيخ محمّد حسين الكاظمي ، صاحب الموسوعة الفقهية هداية الأنام في شرح شرائع
الإسلام.
٢ ـ آية الله الفقيه
الأصولي الميرزا حبيب الله الرشتي صاحب الكتاب الأصولي المعروف بدائع الأفكار وغيره من المصنّفات.
٣ ـ آية الله
الشيخ محمّد الأيرواني ، المعروف بالفاضل الأيرواني.
٤ ـ آية الله
السيّد الميرزا محمّد حسن الحسيني المعروف بالمجدّد الشيرازي ، وقد لازمه واختصّ
به.
ثمّ هاجر إلى سامرّاء
سنة (١٢٩٢ هـ) إثر هجرة أستاذه المجدّد الشيرازي إليها سنة (١٢٩١ هـ) ، ولكن لم يمكث
فيها طويلاً بسبب عدم توفّر ظروف الاستقرار والمعيشة آنذاك ، فبقي فيها أقلّ من سنتين
، ثمّ رجع ثانية إلى النجف الأشرف وبقي فيها إلى سنة (١٢٩٧ هـ).
ولمّا تهيّأت الظروف
في سامرّاء هاجر إليها ثانية (سنة ١٢٩٧ هـ) ، واستقرّ فيها مكبّاً على الاشتغال بالعلوم
والتصنيف ، وفي هذه الفترة توفّي أستاذه السيّد المجدّد الشيرازي عام (١٣١٢ هجرية)
فبقي السيّد الصدر في سامرّاء مدرّساً ومؤلّفاً إلى سنة (١٣١٤ للهجرة).
وفي عام (١٣١٤ هجرية)
رجع إلى مسقط رأسه الكاظمية المقدّسة ، وتفرّغ فيها للتأليف والتصنيف.
وفاته ومدفنه :
توفّي في بغداد عصر
يوم الخميس الحادي عشر من ربيع الأوّل سنة (١٣٥٤للهجرة) ، وكان لوفاته وقع كبير في
نفوس محبّيه وعموم المؤمنين ، وشُيّع جثمانه الطاهر إلى الكاظمية المقدّسة تشييعاً
منقطع النظير ، قيل : حضره مائة ألف مشيّع ، وأقيمت له الفواتح في شتّى بقاع المعمورة
، كما نعته
الصحافة العراقية
، واللبنانية ، ورثاه الشعراء والأدباء بقصائد مشجية.
مؤلّفاته :
لقد كتب سيّدنا
الصدر قدسسره وصنّف وأجاد بل أغنى المكتبة الإسلامية وأثراها بمؤلّفاته القيّمة
من موسوعات كبرى إلى رسائل علمية صغيرة حجماً ، واشتهر بجملة منها كتأسيس الشيعة الكرام
لفنون الإسلام وتكملة أمل الآمل وغيرها ، وقيل : تجاوزت مؤلّفاته المئة ، ولا يسعنا هنا ذكر
جميع مصنّفاته ، فنقتصر على جملة منها ولا سيّما ما ذكره في ترجمته بقلمه الشريف :
١ ـ رسالة في إباحة
الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر : ذكر فيه الأحاديث النبوية من صحاح ومسانيد المخالفين.
٢ ـ إبانة الصدور في
موقوف ابن أذينة المأثور : رسالة في مسألة إرث ذات الولد من الرباع.
٣ ـ الإبانة عن كتب
الخزانة : ذكر فيه ما حوته مكتبته من كتب بعد مقدّمة في فضل الكتب.
٤ ـ الإجازة الكبيرة
: رتّبها على الطبقات ، وهي إجازته للبحّاثة المتتبّع الشيخ آقا بزرگ الطهراني ، وقد
طبع مراراً وبتحقيقات متعدّدة.
٥ ـ إحياء النفوس بآداب
السيّد جمال الدين علي بن طاووس : أو في مسلك السيّد ابن طاووس ، جمعه من كتبه ومصنّفاته
ورتّبه.
٦ ـ انتخاب القريب
من التقريب : جمع فيه من نصّ عليه ابن حجر في
كتابه التقريب أنّه من الشيعة ، طبع بتحقيق الدكتور ثامر كاظم الخفاجي في
قم المقدّسة (سنة ١٤٣٢ هـ).
٧ ـ البراهين الجلية
في كفر (زيغ) أحمد ابن تيمية : وقد كتبه على طريقة أهل السنّة ، ورتّبه على ثلاثة مقاصد
: المقصد الأوّل : في شهادات علماء الإسلام على كفره وتبديعه وفساد عقيدته. المقصد
الثاني : في تطبيق المشهود به عليه على نصوص كلامه من مصنّفاته ومباينته لعقيدة أهل
السنّة والجماعة. المقصد الثالث : في الأنواع المكفّرة التي باح بها في مصنّفاته
وتفرّد بها في الإسلام.
وتعمل مؤسسة آل البيت
عليهمالسلام لإحياء التراث على
تحقيقه ، وفقهم الله تعالى لإتمامه.
٨ ـ بغية الوعاة في
طبقات مشايخ الإجازات (الكبيرة) : من كتب الإجازات ، طبعت بتحقق الشيخ الميرزا محمّد
حسين النجفي في مجلّة كتاب شيعة (العدد ٧ و٨).
٩ ـ بغية الوعاة في
طبقات مشايخ الإجازات (المتوسّطة) : وهي غير السابقة.
١٠ ـ بهجة النادي في
ترجمة الشريف السيّد هادي : وهي رسالة في ترجمة والده ، طبعت عدّة مرات.
١١ ـ تأسيس الشيعة
الكرام لعلوم الإسلام : مرتّب على فصول لكلّ علم ، مطبوع ، قال عنه المحقّق البحّاثة
المتتبّع الآقا بزرگ الطهراني : «ابتكر
موضوعاً خصّصه بالتدوين
، وأبدع فيه غاية الإبداع ، وقرّر فيه بما صحّ من التواريخ والسير تقدّمَ علماء الشيعة
على سائر علماء الإسلام في تأسيس أنواع العلوم الإسلامية من النحو والصرف ، وعلوم البلاغة
، والعروض ، واللغة ، والكلام ، والمعقول ، والفقه ، والأصول ، والتفسير ، والأخلاق
، وغير ذلك ، وأثبت فيه سبقهم في التصنيف والتأليف في تلك الأنواع على من عداهم ،
وأورد تراجم المؤسّسين وأحوالهم ، فذكر بعض القدماء المصنّفين وتصانيفهم ، وفرغ منه
حدود سنة (١٣٢٩ هـ) ، ومع اكتفائه في جميع ذلك عن الكثير باليسير خرج الكتاب في مجلّد
ضخم كبير ، فطولب اختصاره ، فاستخرج منه لباب المقال في كتابه الموسوم بـ : الشيعة وفنون الإسلام المطبوع». انتهى.
١٢ ـ تبيين الإباحة
في مشكوك ما لا يؤكل لحمه للمصلّين.
١٣ ـ تبيين الرشاد
في لبس السواد على الأئمّة الأمجاد عليهمالسلام : رسالة فارسية كتبها
جواباً لسؤال ورده من الهند ، وقد ترجمها للعربية الشيخ إسماعيل الكَلداري وطبعت بقمّ
، كما طبع الأصل الفارسي أيضاً.
١٤ ـ تحصيل الفروع
الدينية في فقه الإمامية.
١٥ ـ رسالة في تعارض
الاستصحابين : رسالة صغيرة ، من إفادات آية الله السيّد محمّد حسن المجدّد الشيرازي
، وقد طبعت بتحقيق كاتب هذه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السطور.
١٦ ـ تكملة أمل الآمل
: موسوعة في تراجم الأعلام ، عُدّ من أهم مؤلّفات السيّد الصدر واشتهر بها ، طبعت أكثر
من مرّة.
١٧ ـ توضيح السداد
عن حكم أراضي السواد.
١٨ ـ حاشية على فرائد الأصول للشيخ الأعظم الشيخ
مرتضى الأنصاري.
١٩ ـ رسالة في حجّية
الظنّ في أفعال الصلاة.
٢٠ ـ حدائق الوصول
في بعض مسائل علم الأصول ، أو حدائق الأصول.
٢١ ـ رسالة في حكم
الشكوك غير المنصوصة.
٢٢ ـ الدرر الموسوية
في شرح العقائد الجعفرية : في أصول الدين وإثبات إمامة الأئمّة الطاهرين عليهمالسلام ، شرح فيه الفنّ الأوّل
من كتاب كشف
الغطاء لزعيم الطائفة الشيخ جعفر الجناجي النجفي المعروف بـ : (كاشف
الغطاء).
٢٣ ـ الدرّ النظيم
في مسألة التتميم : رسالة في إتمام القليل المتنجّس كرّاً.
٢٤ ـ ذكرى المحسنين
: رسالة في ترجمة المحقّق المؤسّس السيّد محسن الأعرجي صاحب المحصول في الأصول والوسائل في الفقه ، طبعت
في حياة المؤلّف ، ثم طبعت بتحقيق عبد الكريم الدبّاغ.
٢٥ ـ الردّ على فتاوى
الوهابيّين : رسالة في الردّ على فتوى حرمة البناء على القبور ، طبع مراراً.
٢٦ ـ سبيل الرشاد في
شرح رسالة نجاة العباد : في فقه الطهارة والصلاة لصاحب الجواهر الشيخ محمّد حسن النجفي ، مبسوط في مجلّدات عدّة ، ووهم الزركلي
لمّا وصف هذا الكتاب بأنّه : «في السلوك وبيان طريق العبودية» بل هو كتاب في الفقه
الاستدلالي ، وما في السلوك كتاب آخر باسم سبيل الصالحين.
٢٧ ـ سبيل الصالحين
: في السلوك وبيان طريق العبودية ، وتهذيب الأخلاق ، وقد طبع بتبريز في حياة المؤلّف.
٢٨ ـ سبيل النجاة في
فقه المعاملات : بطريقة المتن والتفريع دون الاستدلال ، نظير جواهر الكلمات في المعاملات للشيخ مفلح الصيمري
، كما وصفه السيّد الصدر بنفسه.
٢٩ ـ شرح وسائل الشيعة
: للمحدّث الحرّ العاملي ، طبع.
٣٠ ـ الشيعة وفنون
الإسلام : مختصر من تأسيس الشيعة الكرام لعلوم الإسلام ، ولكنّه مختلف عن الأصل في
ترتيب الفصول ، كما اشتمل المختصر على فوائد غير موجودة في الأصل ، طبع مراراً.
٣١ ـ عيون الرجال
: وقد خصّه بالرواة الموثّقين بالتعدد ، فهو طبقات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثقات من الرواة ،
طبع في حياة المؤلّف في الهند.
٣٢ ـ الغالية لأهل
الأنظار العالية : في تحريم حلق اللحية ، فارسية.
٣٣ ـ الغُرَر في نفي
الضرار والضرر : وهي الرسالة التي بين يديك ، وسنتحدّث عنها بشيء من التفصيل.
٣٤ ـ فصل القضا في
الكتاب المشتهر بفقه الرضا : ذهب فيه إلى أنّ كتاب فقه الرضا عليهالسلام هو بعينه كتاب التكليف
للشلمغاني ، طبع أكثر من مرّة محقّقاً.
٣٥ ـ قاطعة اللجاج
في إبطال طريقة أهل الاعوجاج : في الردّ على الأخبارية.
٣٦ ـ كشف الالتباس
عن قاعدة الناس : أي : قاعدة السلطنة.
٣٧ ـ كشف الظنون عن
خيانة المأمون : رسالة أثبت فيها خيانة المأمون العبّاسي في سمّه الإمام الرضا عليهالسلام.
٣٨ ـ اللباب في شرح
رسالة الاستصحاب : أو كشف النقاب عن رسالة الاستصحاب ، للشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري.
٣٩ ـ لزوم صوم ما فات
في سنة الفوات.
٤٠ ـ اللوامع الحسنيّة
في الأصول الفقهيّة : دورة أصولية كاملة ، ذكر فيه نتائج أفكار الشيخ الأعظم الأنصاري
والسيّد المجدّد الشيرازي.
٤١ ـ مجالس المؤمنين
في وفيات المعصومين عليهمالسلام من النبي (صلى
الله عليه وآله) إلى الإمام الحسن العسكري عليهالسلام.
٤٢ ـ محاربو الله ورسوله
يوم الطفوف : رسالة في عدد المخرجين لمحاربة سيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليهالسلام ، مطبوعة.
٤٣ ـ مختلف الرجال
: ودُوّن في علم الرجال على نهج سائر العلوم ، من ذكر تعريف العلم ، وبيان موضوعه ،
وغايته ، ومبادئه التصورية والتصديقية.
٤٤ ـ مصابيح الإيمان
في حقوق الإخوان ، أو تعريف الجنان في حقوق الإخوان : كتاب أخلاقي يتضمّن نصائح وفوائد
، طبع أكثر من مرّة.
٤٥ ـ مفتاح السعادة
وملاذ العبادة : كتاب في العبادات والزيارات.
٤٦ ـ رسالة في مناقب
آل الرسول من طريق الجمهور.
٤٧ ـ نزهة أهل الحرمين
في تاريخ تعميرات المشهدين : أي : مشهد أمير المؤمنين ومشهد سيّد الشهداء أبي عبد الله
الحسين عليهماالسلام ، طبع مراراً.
٤٨ ـ رسالة في النصوص
المأثورة على الحجّة صاحب الزمان عجل الله فرجه.
٤٩ ـ نفائس المسائل
: في جملة من المسائل الفقهية المشكلة والفروع الخفيّة.
٥٠ ـ نهاية الدراية
: في أصول علم الحديث وأنواعه ، شرح فيه وجيزة الشيخ البهائي العاملي
قدسسره ، وأضاف إليه ما فاته
من مهمّات هذا العلم ، وقد طبع في حياة المؤلّف في الهند ، وطبع بتحقيق الشيخ ماجد
الغرباوي.
٥١ ـ هداية النجدين
وتفصيل الجندين : جند العقل وجند الجهل.
٥٢ ـ وفيات الأعلام
من الشيعة الكرام : رتّبه على حسب القرون ، فيذكر فيه من مات في القرن الأوّل للهجرة
، ثمّ من مات منهم في القرن الثاني وهكذا ، طبع بتحقيق ثامر الخفاجي.
ومن الملفت للنظر أنّ
الآثار الفقهية والأصولية للسيّد الصدر
قدسسره لم تحظ بالعناية من
قبل المحقّقين والناشرين فلم يطبع شيء منها ، بخلاف كتبه في التراجم والإجازات ، فعزمت
على تحقيق جملة من مصنّفاته الفقهية والأصولية ، أسأل الله عزّ وجلّ التوفيق لذلك.
حول رسالة الغُرر :
تمثّل هذه الرسالة
تقريراً لبحث آية الله العظمى المجدّد السيّد محمّد حسن الحسيني الشيرازي قدسسره ، كما صرّح بذلك السيّد
الصدر نفسه في أكثر من موضع في الرسالة وهي :
١ ـ ما ذكره في أوّل
الرسالة فقال : «لمّا كانت قاعدة نفي الضرر ... إلى أن قال : تعرّض لكشف حقيقتها ،
وبيان المراد منها السيّد الإمام الأستاذ حجّة الإسلام ونائب الإمام ، ملجأ البشر في
رأس المائة الرابعة عشر في مجلس الإفادة ، فأحببت أن أثبت تلك الفرائد والغرر في سالة
وأسميتها ...» ، وهذه الأوصاف التي ذكرها لا تنطبق إلاّ على السيّد المجدّد الشيرازي
قدسسره مضافاً إلى أنّه كان
قد اختصّ بالسيّد المجدّد قدسسره أيّام حضوره في سامرّاء
، ولذلك نجزم بأنّه لا يريد إلاّ السيّد المجدّد
قدسسره.
٢ ـ ما ذكره في آخر
الجواب الثالث عن إشكال كثرة التخصيص ، حيث قال : «كذا أفاده سيّدنا الأستاذ العلاّمة
ـ دام ظلّه العالي ـ إلاّ أنّه لم يعتمد عليه ، بل ذكره في عداد ما أجاب به عن الإشكال
، وسيجيء ما اعتمد عليه من الجواب عن قريب إن شاء الله تعالى».
٣ ـ ما ذكره في أوّل
الجواب الخامس عن إشكال كثرة التخصيص ، فقال : «خامسها : ما أفاده سيّدنا الأستاذ العلاّمة
ـ دام ظلّه العالي ـ في مجلس الدرس».
٤ ـ ما ذكره جواباً
عن إشكال التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة ، والتفريق بين المخصّص اللبّي واللفظي
، وفي اللفظي بين كون المخصّص منوّعاً أو موزّعاً ، وقال في ختامها : «كذا أفاده سيّدنا
الأستاذ العلاّمة في المقام ، وسمعناه منه أيضاً في مباحث العام والخاصّ» ، ولذلك كلّه
نجزم بكون الرسالة من إفادات السيّد المجدّد الميرزا محمّد حسن الشيرازي
قدسسره.
و «التقريرات عنوان
عام لبعض الكتب المؤلّفة من أواخر القرن الثاني عشر وبعده حتّى اليوم ، وهو نظير (الأمالي)
في كتب الحديث للقدماء ، والفرق أنّ (الأمالي) كانت تكتب في مجلس إملاء الشيخ الحديث
عن كتابه أو عن ظهر قلبه ، وكان السامع يصدر الكتاب باسم الشيخ ، ويعدّ من تصانيف
الشيخ ، بخلاف (التقريرات) فإنّها مباحث علمية يلقيها الأستاذ على تلاميذه عن ظهر القلب
ويعيها التلاميذ في حفظهم ، ثم ينقلونها إلى الكتابة في
مجلس آخر ، ويعد من
تصانيفهم».
أهميّة هذه الرسالة
:
وممّا يضفي عليها أهمّية
أنّ ما طبع من تقريرات السيّد المجدّد الشيرازي
قدسسره لا يحوي هذه القاعدة
، مضافاً إلى موضوعها حيث تبحث عن قاعدة لا ضرر التي تعدّ من أهمّ القواعد الفقهية
وأشهرها والتي دأب الفقهاء على الاستدلال بها في معظم أبواب الفقه ، بل هي المدرك الوحيد
لجملة من الفروع.
مباحث الرسالة :
وقد جعلها المصنّف
في مقامات خمسة :
المقام
الأوّل : في مأخذها ومستندها ، وفي هذا المقام استعرض الروايات الدالّة
على هذه القاعدة باستقصاء.
المقام
الثاني : في تحقيق موضوع الضرر وبيان مصاديقه ، وتعرّض فيه ـ بداية ـ
لأقوال اللغويين في معنى الضرر والضرّ والضرار ، ثم بيّن ما توصّل إليه من معنى الضرر
من خلال التأمّل في كلمات اللغويين ، ومناقشة كلمات بعض الأعلام في ذلك ، وكذلك تعرّض
لبعض مصاديق الضرر بناء على ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اختاره من معنى
الضرر.
المقام
الثالث : في بيان الحكم المستفاد من الجملة التركيبية وحقيقته ،
والمعاني المحتملة فيها والتحقيق فيها.
المقام
الرابع : في كيفية سببية الحكم للضرر ، وبيان الفارق بين ضرر النفس وضرر
الغير.
المقام
الخامس : في بيان عدم شمول القاعدة للأوامر الندبيّة ، والتعرّض لجملة
من الإشكالات الواردة على القاعدة والإجابة عنها ، أو بعبارة أخرى تنبيهات القاعدة
، وهي :
التنبيه الأوّل : وتعرّض
فيه لإشكال كثرة التخصيص في القاعدة وذكر خمسة أجوبة ، ثلاث منها لأعلام سابقين ، والرابع
مما ذكره المقرّر له السيّد المجدّد الشيرازي دون تبنّيه ، والخامس ما تبنّاه السيّد
الشيرازي.
التنبيه الثاني : تعرّض
فيه للحكومة كبرويّاً وصغرويّاً ، والإشكال الوارد على حكومة لا ضرر على الأدلة الأوّلية
والإجابة عنه وإثبات حكومة لا ضرر.
التنبيه الثالث : في
إثبات ملاك الحكم وجهته بعد ارتفاع لزومه بدليل لا ضرر.
اسم الرسالة :
ممّا يلفت النظر تعدّد
أسماء مصنّفات السيّد الصدر قدسسره ، فنجد لعدد من
رسائله أكثر من اسم ، ولعلّ القارئ الكريم التفت لذلك حين ذكر أسماء
مصنّفاته ، من قبيل
رسالته المستخرجة من مصنّفات السيّد ابن طاووس فقد ذكر لها اسمين : إحياء النفوس بآداب السيّد
جمال الدين علي بن طاووس ، وإحياء النفوس في مسلك السيّد ابن طاووس ، وكذلك شرحه على رسالة
الاستصحاب للشيخ الأعظم فقد ذكر له اسمين : اللباب في شرح رسالة الاستصحاب ، وكشف النقاب
عن رسالة الاستصحاب ، وكذلك رسالته
الأخلاقية في حقوق الإخوان فقد سمّاه باسمين : مصابيح الإيمان في حقوق الإخوان وتعريف الجنان
في حقوق الإخوان.
ومن جملتها هذه الرسالة
في قاعدة لا ضرر فقد سمّاها أوّلاً بـ : ضوء القمر في نفي الضرار والضرر ، ثمّ عدل عن ذلك إلى اسم آخر وهو الغُرَر في قاعدة نفي
الضرار والضرر ، ويبدو أنّ السيّد
قدسسره كان يسمّي مؤلّفاته
باسم ثمّ يعدل عن ذلك لاسم آخر ، كما هو واضح في هذه الرسالة ، إذ تسميتها بـ :
(ضوء القمر) في نسخة وحيدة يبدو عليها أنّها الكتابة الأوّليّة للرسالة لكثرة ما
عليها من إضافات ، مضافاً إلى أنّه في تلك النسخة جاءت التسمية بـ : (ضوء القمر) في
نهايتها ، وأمّا في البداية فعليها إضافات منها تسمية الرسالة بـ (الغُرَر) ؛ ولذلك
كلّه ولغيرها من القرائن نجزم أنّ التسمية النهائية للرسالة من قبل المؤلّف هي : الغُرَر في قاعدة نفي
الضرار والضرر.
وهناك أمر آخر وهو
أنّه ذكر اسم الرسالة في جميع النسخ مرّتين في أوّلها وآخرها ، وفي أوّلها أضاف كلمة
قاعدة في الاسم فجاء الاسم : (الغُرَر في قاعدة نفي الضرار والضرر) ، وفي آخرها لم
يذكر هذه اللفظة فجاء
الاسم : (الغُرَر
في نفي الضرار والضرر).
منهج التحقيق :
لهذه الرسالة نسخ أربع
كما جاء في فهرست النسخ الخطّية لمكتبة السيّد الصدر
قدسسره في العدد الخامس من
مجلّة كتاب
شيعة ، واعتمدت في تحقيق الرسالة على ثلاث منها ؛ لعدم الاختلاف بينها
إلاّ قليلا. ولأنّ هذه النسخ الثلاث يظهر عليها تصحيحات من المصنّف
قدسسره ، ومواصفات هذه النسخ
هي :
١ ـ النسخة الأولى : هي النسخة الأقدم ويبدو
أنّها بخطّ المؤلّف ، وعليها تصحيحات كثيرة وإضافات في الهامش ، وعدد صفحاتها (١٥)
صفحة ، وهي موجودة في مكتبة المؤلّف بالكاظمية المقدّسة ضمن مجموعة مرقّمة بـ : AS٧٩ ، ورمزت لهذه النسخة بـ : (ج).
٢ ـ النسخة الثانية : وعليها بعض التصحيحات
من المصنّف ، لم يذكر فيها الناسخ ، وتقع في (٥١) صفحة ، وطول الصفحة : (٢٢ سم) ، وعرضها
: (١٦ ،٣ سم) ، ومتوسّط عدد الأسطر (١٧) سطراً ، وهي أيضاً موجودة في مكتبة المصنّف
ضمن مجموعة مرقّمة بـ : AS٧١ ، ورمزت لهذه النسخة بـ : (ن).
٣ ـ النسخة الثالثة : وهي أيضاً غير معلومة
الناسخ ، وعليها بعض التصحيحات من المصنّف ، وتقع في (٣٤) صفحة ، وطول الصفحة : (٨
،٤
سم) ، وعرضها : (٦
،٥ سم) ، ومتوسّط عدد الأسطر فيها (١٧) سطراً ، وهي أيضاً موجودة في مكتبة المصنّف
ضمن مجموعة مرقّمة بـ : AS٦٨ ، ورمزت لهذه النسخة بـ : (ب).
وحصلت على نسخها المصوّرة
جميعاً من مؤسّسة (كتاب شناسي شيعة) ، بمساعي الأخ العزيز الميرزا محمّد حسين النجفي
فله وافر الشكر والامتنان ، وكذلك لمديرها المسؤول حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ رضا
مختاري دام عزّه.وكان عملي في التحقيق هو مقابلة النسخ الثلاث ، وإثبات الاختلافات
فيما بينها ، ومن ثمّ استخراج الأقوال والروايات ، ووضع علامات الترقيم ، وتقويم النصّ
بإثبات النصّ الصحيح باعتبار أنّ النسخ الثلاث قد عرضت على المؤلّف وكتب عليها ملاحظاته
وتصحيحاته ، فالاختلافات الموجودة تكون من سهو النسّاخ.
وأسأل الله تبارك وتعالى
أن يتقبّل منّي هذا العمل المتواضع وأن يجعله في ميزان حسناتي بحقّ سادات الورى محمّد
وآله الطاهرين ، والحمد لله أوّلاً وآخراً وصلّى الله على أشرف خلقه وسيّد رسله محمّد
وأهل بيته الطيّبين الطاهرين المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.
مسلم الشيخ محمّد جواد
الرضائي
١٧ رجب الأصبّ (١٤٣٧
هـ)


الغُرَر في قاعدة نفي الضِرار والضَرر
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدّمة المؤلّف :
الحمد لله ربّ العالمين
، والصلاة على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم
الدين.
وبعد ، فيقول العبد الراجي
عفو ربّه ذي المنن ، ابن السيّد الهادي صدر الدين حسن : لمّا كانت قاعدة نفي الضرر
من القواعد التي عمّ نفعها في أبواب الفقه ، ولم تكن بيّنة المراد ، ولا صريحة المفاد ، تعرّض لكشف
حقيقتها ، وبيان المراد منها السيّد الإمام الأستاذ حجّة الإسلام ونائب الإمام ،
ملجأ البشر في رأس المائة الرابعة عشر ، في مجلس الإفادة ، فأحببت أن أثبت تلك الفرائد
والغُرَر في رسالة ، وأسمّيها الغُرَر
في قاعدة نفي الضرار والضرر ، فأستعين الله تعالى
على ذلك ، وهو أرحم الراحمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فأقول
: تنقيح الكلام في هذه القاعدة يتمّ في مقامات :
المقام
الأول : في مأخذها.
الثاني
: في تحقيق موضوع الضرر ، وبيان مصاديقه.
الثالث
: في بيان الحكم ، وحقيقته.
الرابع
: في كيفيّة سببيّة الحكم للضرر ، والفرق بين ضرر الغير وضرر
النفس.
الخامس
: في عدم شمول القاعدة للأوامر المستحبّة ، وفي الإشكالات
الوارد على القاعدة ، والجواب عنها ، وحكومة القاعدة على سائر أدلّة التكاليف.
[في مدرك القاعدة]
أما المقام الأوّل
:
ففي مأخذها ، فنقول
: هو العقل والنقل ، أمّا الأوّل فظاهر ، وأمّا الثاني فجملة من الأخبار التي لا يبعد
دعوى بلوغها حدّ التواتر ، بل صرّح فخر الدين بذلك في رهن الإيضاح ، قال : «والضرر
منفيّ بالحديث المتواتر».
وكذلك السيّد العلاّمة
السيّد صدر الدين العاملي في حجّية
المظنّة ، قال : «ومن المتواتر قوله عليهالسلام : لا ضرر ولا ضرار».
[أخبار القاعدة]
[١ ـ] منها : ما رواه في الفقيه في باب الحريم بإسناده عن الحسن الصيقل عن أبي عبيدة الحذّاء
قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : «كان لسمرة بن جندب
نخلة في حائط بني فلان ، فكان إذا جاء إلى نخلته نظر إلى شيء من أهل الرجل.
قال : فذهب إلى رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فشكاه ، فقال : يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، إنّ
سمرة يدخل عليّ بغير إذني ، فلو أرسلت إليه فأمرته أن يستاذن حتّى تأخذ أهلي حذرها
منه.
فأرسل إليه رسول الله
(صلى الله عليه وآله) فدعاه ، فقال : يا سمرة ما شأن فلان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يشكوك ، ويقول يدخل
بغير إذني ، فترى من أهله ما يكره ذلك؟! يا سمرة استأذن إذا أنت دخلت ، ثمّ قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله) : أيسرّك أن يكون لك عذق في الجنة بنخلتك؟
قال : لا.
قال : لك ثلاثة.
قال : لا.
قال : ما أراك يا سمرة
إلاّ مضارّاً ، اذهب يا فلان فاقطعها واضرب بها وجهه».
[٢ ـ] ومنها : ما رواه في الكافي والتهذيب في الموثّق عن ابن
بُكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إنّ سمرة بن
جندب كان له عذق ... وذكر الحديث ، إلى أن قال :
فقال : إذا أردت الدخول
فاستأذن فأبى ، فلمّا ساومه حتّى بلغ به من الثمن له ما شاء الله ، فأبى أن يبيعه ، فقال : لك عذق في
الجنة ، فأبى أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقبل ، فقال رسول الله
(صلى الله عليه وآله) للأنصاري : اذهب ، فاقلعها وارم بها إليه ؛ فإنّه لا ضرر ولا
ضرار».
[٣ ـ] ومنها : بإسنادهما عن ابن مسكان
، عن زرارة ، نحو الحديث الأوّل ، وفي آخره : «إنّك يا سمرة رجل مضارّ ، ولا ضرر
ولا ضرار على المؤمن ، ثمّ أمر بها رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقلعت ، فرمى بها
وجهه.
وقال : [له رسول الله(صلى
الله عليه وآله)] : انطلق فاغرسها حيث شئت».
[٤ ـ] ومنها : ما في التذكرة ونهاية ابن الأثير ، عن النبيّ (صلى
الله عليه وآله) أنّه قال : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام».
[٥ ـ] ومنها : ما رواه في الفقيه عن ابن خالد ، عن أبي
عبد الله عليهالسلام قال : «قضى رسول الله
(صلى الله عليه وآله) بين أهل المدينة ومشارب النخل : أنّه لا يمنع
نفع البئر ، وقضى بين أهل البادية
أنّه لا يمنع فضل ماء ليمنع فضل كلاء ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقال : «لا ضرر ولا ضرار».
[٦ ـ] ومنها : ما رواه في الكافي والتهذيب بإسنادهما عن طلحة
بن زيد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إنّ الجار كالنفس
غير مضارّ ولا آثم».
[٧ ـ] ومنها : ما رواه الشيخ ، عن
عقبة بن خالد ، عن أبي عبد الله في حديث ، قال : «لا ضرر ولا ضرار».
[٨ ـ] ومنها : ما رواه في الكافي ، عن محمّد بن يحيى
، عن محمّد بن الحسن ، قال : كتبت إلى أبي
محمّد عليهالسلام : «رجل كانت له رحى
على نهر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قرية ، والقرية لرجل
، فأراد صاحب القرية أن يسوق إلى قريته الماء في غير هذا النهر ، ويعطّل هذه الرحى
، أَلَهُ ذلك أم لا؟ ، فوقّع عليهالسلام : يتّقي الله تعالى
، ويعمل في ذلك بالمعروف ، ولا يضرّ أخاه المؤمن».
[٩ ـ] ومنها : ما رواه الشيخ بإسناده
عن محمّد بن علي بن محبوب ، قال : «كتب رجل إلى الفقيه ...». وذكر مثله. ورواه الصّدوق كذلك.
[١٠ ـ] ومنها : ما رواه في الفقيه وفي التهذيب وفي الكافي بإسناده عن محمّد بن
الحسن قال : كتب إلى أبي محمّد : رجل
كانت له قناة في قرية ، فأراد رجل أن يحفر قناة أخرى إلى قرية له ، كم يكون بينهما في
البعد حتّى لا تضرّ إحداهما بالأخرى في الأرض إذا كانت
صلبة أو رخوة؟
فوقّع عليهالسلام : على حسب أن لا تضرّ
أحدهما بالآخر إن شاء الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعالى ...» ، الحديث.
[١١ ـ] ومنها : ما رواه الكافي وفي الفقيه بإسنادهما عن عقبة
بن خالد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في رجل أتى جبلاً فشقّ
فيه قناة ، فذهب الآخر بماء قناة الأولى ، فقال عليهالسلام : «يتقاسمان بحقائب
البئر ليلة ليلة ، فينظر أيّتها أضرّت بصاحبتها ، فإن
رأيت الأخرى أضرّت بالأولى فلتعوّر».
[١٢ ـ] ومنها : ما رواه في الكافي
بإسناده عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي. والشيخ ، عن أبي المعز ، عن الحلبي.
والصدوق بإسناده عن حمّاد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «سألته عن الشيء
يوضع على الطريق ، فتمرّ الدابة ، فتنفر بصاحبها فتعقره ، فقال : كلّ شيء يضرّ بطريق
المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيب».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[١٣ ـ] ومنها : حديث أبي الصبّاح ،
«كلّ من أضرّ بشيء من طريق
المسلمين فهو له ضامن».
[١٤ ـ] ومنها : ما رواه علي بن إبراهيم
بإسناده عن أبي مريم ، عن أبي جعفر عليهالسلام. ورواه الصدوق بإسناده عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، قال
: «قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في صاحب الدابّة :
[أنّه] يضمن ما وطئت بيدها ورجلها ، وما نفحت برجلها فلا ضمان عليه إلاّ
أن يضربها إنسان».
ورواه الشيخ بإسناده
أيضاً كما في الفقيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[١٥ ـ] ومنها : رواية هارون بن حمزة
الغنوي ، عن الصادق عليهالسلام : «في رجل شهد بعيراً
مريضاً وهو يباع ، فاشتراه رجل بعشر دراهم ، فجاء واشترك فيه رجل بدرهمين بالرأس والجلد
، فقضي أنّ البعير برئ فبلغ ثمنه دنانير.
قال : فقال لصاحب الدرهمين
خمس ما بلغ ، فإن قال : أريد الرأس
والجلد فليس له [ذلك] ، هذا الضرار ، وقد أعطي حقّه إذا
أعطي الخمس ...» ، الحديث.
[١٦ ـ] ومنها : في الفصول المهمّة للشيخ صاحب الوسائل في باب : أنّه لا يجوز
الإضرار بالمؤمن ، ولا يجب عليه تحمّل الضرر إلاّ ما استثني ، عن عبد الله بن جعفر
في قرب
الإسناد ، عن السندي بن محمّد ، عن أبي البختري ، عن جعفر ، عن أبيه
، عن علي عليهالسلام قال : «لا يغلط على مسلم في شيء».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقول
: والأحاديث كثيرة رواه الفريقان ، فهو من المتواتر عندهما ، وممّا
رووه في صحاحهم حديث سمرة بن جندب ، رواه أبو داود السجستاني في سننه في باب القضاء
، بإسناده عن واصل مولى أبي عُيَيْنة قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن علي يحدّث عن سمرة
بن جندب ، أنّه كانت له عضد من نخل في حائط رجل من الأنصار ، قال : ومع الرجل أهله.
قال : فكان سمرة يدخل
إلى نخله ، فيأذي به جاره ، ويشقّ عليه ،
فطلب إليه أن يبيعه ، فأبى ، فطلب إليه أن يناقله ، فأبى.
فأتى النبي(صلى
الله عليه وآله) فذكر ذلك له ، فطلب إليه النبي(صلى الله عليه وآله) أن يبيعه ، فأبى
، فطلب إليه أن يناقله ، فأبى ، قال : فهبه له ، ولك كذا وكذا أمر رغّبه فيه ، فأبى ،
فقال : أنت مضّار.
فقال رسول الله
(صلى الله عليه وآله) للأنصاري : «اذهب فاقلع نخله».
ورووا عن أبي صرمة
صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال :
«من ضارّ ضارّ الله
به ، ومن شاقّ شاقّ الله به» ، الحديث.
[١٧ ـ] ومنها : ما في كتاب التكليف لمحمّد بن علي الشلمغاني
،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويعرف اليوم بفقه الرضا ، وهما واحد ، قال
: «ولا ضرر في شفعة ولا ضرار ...» ، إلى آخره.
وبالجملة
، قد عملت الطائفة
بهذه الأحاديث وتسالموا عليها خلَفاً عن سلف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأمّا المقام الثاني
: في تحقيق موضوع الضرر
فنقول ـ وبالله تعالى
التوفيق ـ : الضرر اسم من الضرّ ، والظاهر المستفاد من موارد استعمالاتهم له أنّه :
«النقص الذي ليس بإزائه ما يقاومه» ، بمعنى أنّه لا ينتج منه ما يقابل ما نقص منه.
قال السيّد علي خان
صدر الدين الشيرازي المكّي شارح
الصحيفة في كتاب الطراز : «ضرّه ضرّاً وبه
كمدّ وأضرّ به ، وضارّه ، وضارّ به ، ضراراً ومضارّة : أوقع به مكروهاً من ألم أو أذى
ونقص ، في بدنه ، أو حاله
، أو ماله ، والاسم : الضُّر ـ بالضم ـ والضرر والمضرّة».
وقال الأزهري : «كل
ما كان من سوء حال وفقر ومشقّة فهو الضُّر ـ بالضم ـ ، وما كان ضد النفع فهو بفتحها».
وقال صاحب العين : «الضرّ والضّرر لغتان
، فإذا ضممت إليه النفع فتحت الضاد» ... إلى أن قال : «وكلّ نقصان دخل في شيء فهو ضرر».
وقال صاحب الطراز : «في الأثر : «لا
ضرر ولا ضرار في الإسلام» هما بمعنى على التأكيد.
أو الضرر أن تضرّ صاحبك
، والضرار أن يضرّك وتضرّه ، فالضرر من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واحد والضرار من اثنين.
أو الضرر أن تضرّه
بما ينفعك والضرار أن تضرّه بما لا منفعة لك فيه وهو يضرّه».
وأمّا
كتب اللغة فلا يستفاد
منها بالخصوص ما يعبّر به عنه على وجه يكون مؤدّياً لتمام مفاده ، فتراهم يقولون إنّه
ضدّ النفع ، وفي النفع إنّه ضد الضرر ، أو إنّه دخول المكروه والنقص المطلق في الأعيان
، أو النقص الخاص في الأعيان ، أو إنّه النقص مطلقاً في الأعيان وغيره ، أو إنّه خصوص
النقص المعيّن في الأعيان.
هذا تمام ما وصل إلينا
من كلماتهم في الضر ، وهو كما ترى لا يشفي الغليل ، وكذا لا يعلم منهم الفرق بين الضرّ
والضرار على وجه مبيّن.
قال الفيّومي في المصباح : «الضرّ ـ بفتح الضاد
ـ مصدرٌ ، وضرّه يضرّه ـ من باب قتل ـ إذا فعل به مكروهاً وأضرّ به ، يتعدّى بنفسه
ثلاثيّاً ، وبالباء رباعيّاً ، فهو مضرور إذا نزل به الضرّ ، والاسم الضرر ، وهو
خلاف النفع ...». إلى أن قال : «وضارّه مضارّة وضراراً بمعنى ضرّه».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال صاحب النهاية ـ في قوله (صلى
الله عليه وآله) : «لا ضرر ولا ضرار» : «لا يضرّ الرجل أخاه بأن ينقصه شيئاً من حقّه ، والضّرار
فعال من الضرر ، أي لا يتجاوز به على إضراره بإدخال
الضرر عليه.
وقيل : الضرر فعل الواحد
، والضرار : فعل الاثنين.
والضرر : ابتداء الفعل
، والضرار : الجزاء عليه.
وقيل : الضرر أن تضرّ صاحبك وتنتفع أنت به
، والضرار : أن تضرّه من غير أن تنتفع [به].
وقيل : هما بمعنى واحد
والضرار للتأكيد».
وبالجملة ، التأمّل
في كلمات أهل العرف واللغة ، والجمع بينهما بعد التأمّل في موارد الاستعمال ، يعطي
أنّ الضرر عندهم هو : «النقص الذي ليس بإزائه ما يقاومه».
بمعنى أنّه لا ينتج
منه ما يقابل ما نقص منه ، لا ما حصل ؛ إذ ليس كلّ نقص في المال ضرر عرفاً ، ألا ترى
أنّه لو بذل المال لتحصيل مال آخر لم يكن ضرراً ، كما هو الشأن في التجارة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبالجملة ، الإقدام على بذل
المال لداعي النّفع ولأجل تحصيله ليس ضرراً ، بل هو شبيه بالمعاملة ، لغرض إنتاج ما
يقاوم النقص من نفس المال المنتقص بلا واسطة شيء آخر ، بأن يكون في عرضه لا في طريقه.
[أثر الأجر الأخروي
في موضوع الضرر]
نعم ، لو فرض عدم إنتاجه
لما يقاومه في النقص ، بل كان متداركاً بشيء آخر خارج عنه ، مثل الثواب وغير ذلك ممّا
يترتّب على الإطاعة ، لا يخرج المتدارك عن كونه ضرراً ، غايته أنّه متدارك ؛ بداهة
عدم خروج الموضوع بعد تحقّقه بعنوانه عمّا كان عليه أوّلاً.
فما
يقال : من أنّ التدارك يخرجه عن الضّرر به ، وهو المراد في الخبر ،
كما يظهر من بعض الأفاضل ، وصرّح به بعض المحقّقين
، حيث قال : «لو صرف المال في سبيل الله بنيّة التقرّب لم يكن ضرراً أصلاً ؛ لأنّ ما
بإزائه من الدرجات في الآخرة أضعاف ما صرف من ماله ، بخلاف ما لو أعطى فقيراً بداعي
الرئاسة وأمثاله ، فإنّه قد أضرّ بنفسه» ، انتهى.
ففيه : ما عرفت من أنّه
لا يخرج بالتدارك عمّا كان عليه ؛ فإنّ الموضوع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد تحقّقه بعنوانه
لا ينتقل عمّا كان عليه أوّلاً.
نعم ، بعد تحقّق التدارك
يكون بمنزلة من لم يتضرّر ؛ فلا يقبح الأمر ، وأين الخروج عن القبح من الخروج عن الموضوع
على وجه الحقيقة.
ثمّ
لا يخفى أنّ صرف المال لتحصيل الأغراض العقلائيّة لا يعدّ ضرراً وإن
كان كثيراً ، كما في بذله في صون الأعراض ؛ فإنّه من أهمّ الأغراض.
ولا فرق في ذلك بين
أن يكون الغرض الذي يصرف في تحصيله المال أصليّاً ومقصوداً لذاته ، أو كان تبعيّاً
كما لو فرض الغرض لتحصيل مرضاة المولى وأغراضه التي هي من أهمّ المقاصد العقلائيّة
المتوقّفة على بعض المقدّمات الموقوفة على بذل المال.
[الفرق بين صرف المال
وبين رفع اليد عنه]
نعم ، فرق بين تحصيل الغرض
ببذل المال الذي هو مصرف له ، وبين رفع اليد عن المال لأجل تحصيل غرض من الأغراض ؛
فإنّ الثاني قد يدخل تحت عنوان الضرر ، والأمر به يكون أمراً بالضرر ؛ لأنّه فرق بين
الأغراض التي يتوقّف حصولها على صرف المال ، بحيث لو لم يصرف فيها المال لا يمكن حصولها
، ومن ليس له مال لا يحصل له الغرض الفلاني مثلاً.
وبين الأغراض التي
لا تتوقّف على ذلك ، والإعراض عن المال ليس موجباً لحصولها ؛ لحصولها لمن ليس له مال أصلاً
، إلاّ أنّه اتفق لشخص
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في مورد أنّه إذا أراد
التوصّل إلى ذلك الغرض لابدّ له أن يرفع اليد عن بعض ماله.
فإنّ الأوّل لا يعدّ
بذله للمال ضرراً ، ولا إقدامه عليه إقدامٌ على الضرر ، بخلاف الثاني ؛ فإنّه مقدم
على الضرر ، وإلزامه بذلك موجب لتضرّره ؛ لتوقّفه على رفع اليد عن ماله ، وليس كلّ
ما يتّفق توقّفه على تحصيل الغرض ليس بضرريّ ، بل لابدّ وأن يكون من مقدّماته وعوارضه.
وبعبارة أخرى : لابدّ
أن يكون المال من مصارفه.
وبعبارة
أوضح : تحصيل المقاصد قد يكون موقوفاً على وجود مال سابقاً ، وعلى انعدامه
لاحقاً ، بحيث يكون كلّ من الوجود السابق والانعدام
اللاحق مؤثّرَيْن في
حصول ذلك الغرض والمقصود ، وقد يكون موقوفاً على انعدام المال فقط ، نعم على تقدير
وجوده لابدّ من انعدامه.
فلو كان من الأوّل
كان خارجاً عن عنوان الضرر ؛ لأنّه مصرف للمقصود ، وإن كان من قبيل الثاني كان ضرريّاً
؛ لعدم حصول شيء بإزائه.
ومن هذا التحقيق اتّضح
ما ذكره الأصحاب من الفرق بين بذل المال
لتحصيل ماء الوضوء ، وحكموا بلزوم بذله له ، وبين رفع اليد عن المال لأجل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوصل إلى ماء الوضوء.
كما لو فرض وجود لصّ
في الطريق الذي يُراد إتيان الماء منه ، أو كان في المكان الذي هو فيه بحيث لو ذهب
في تحصيل الماء جاء اللصّ وأخذ شيئاً من ماله.
فحكموا بالتيمّم هنا
دون الفرض الأوّل ؛ لأنّ التكليف في الأوّل لا يعدّ ضرريّاً ؛ لأنّ المال هناك مصرف
دون الثاني ؛ لأنّه ضرري.
ومن هذا البيان تكثر
الفروع ، وينكشف فيه أكثر الفروع المذكورة في مسألة الاستطاعة ، وتحصيل الزاد والراحلة ، وأنّها منطبقة على
القاعدة ، وأنّها من الشقّ الأوّل.
وبعضُ مَن لم يقف على
وجه الفرق بين الشقّين أشكل عليه الأمر ، والتزم بإرجاعه إلى ورود النصّ به.
وبعضٌ حكم بالتيمّم
في صورة كون الثمن زائداً عن ثمن المثل.
والتحقيق
: ما سمعت ، ولو كان التكليف ضرريّاً لم يكن فرق بين الشراء بثمن
المثل أو بأزيد منه ، كما هو واضح.
نعم
، ربما يشكل الأمر
في بعض الموارد التي لم يعلم حالها ، وأنّها من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيّ الشقّين ، كما
في مثل إلقاء المال في البحر ؛ لأجل غرض من الأغراض المحتمل كونه من باب الصرف والخرج
، لا من باب رفع اليد عن المال.
والتحقيق
: أنّه يختلف بحسب الأشخاص والأوقات والجهات ، ورجّح سيّدنا الأستاذ
أنّه من باب رفع اليد عن المال مطلقاً ، فتأمّل.
[عموم موضوع الضرر
للأموال والأعراض والنفوس]
ثمّ
اعلم أنّه لا فرق في تحقيق موضوع الضرر بالمعنى الذي عرفته في
مطلق الماليّات ، الأعمّ من الأعيان والمنافع والحقوق ، والمراد من المال في مثل المقام
ما يعمّ الجميع.
وكما أنّه يكون في
الماليّات يكون في الأعراض والنفوس ، ولا يختصّ بالمال ، بل هو في الثاني أهمّ وأولى
بالمراعاة ، كما هو المعلوم من طريقة العقلاء ؛ فإنّا نراهم يبذلون الأموال الخطيرة
في حفظ أعراضهم وأنفسهم ، بل هو من أهمّ مقاصدهم بمقتضى جبلّتهم وفطرتهم.
ويشهد للتعميم :
[١ ـ] ما ذكروه في شرط الذّهاب في
تحصيل الماء من عدم وجود ما يخاف فيه على النفس أو العرض.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[٢ ـ] وما قالوه في التوضُّؤ بالماء
من اشتراط عدم الخوف من استعماله ... إلى غير ذلك ممّا تمسّكوا به في الموارد الكلّيّة
والجزئيّة في سائر أبواب الفقه ، وهذا ممّا لا إشكال فيه.
[إشكال التفريق بين
النقص المالي والبدني]
نعم ، ربّما يشكل في
وجه الفرق بين النقص المالي وبين النقص البدني ؛ فإنّهم لا يحكمون بتحقّق الضرر بمجرد
حصول النقص مطلقاً في المال كما ستعرف.
ويحكمون بتحقّقه في
البدن مطلقاً ، ولذا يلتزمون بارتفاع الأمر بالوضوء بمجرد خوف الضرر ، ويحكمون بالتيمّم.
مع أنّه يمكن أن يُقال
فيه ما يقال في المال ، بأن يُقال : إتعاب القدمين وتحمّل المشاقّ في تحصيل الماء ليس
بضرر ؛ لأنّه مصرف له ، فلا فرق بينهما من هذه الجهة ، فيشكل وجه الحكم المذكور.
ويمكن
أن يقال : إنّ المطلوب بالمال ليس إلاّ التوصّل به إلى الأغراض
والمقاصد ، بل كأنّه خلق لذلك ، ومحّض للتوصّل به إلى ما
هناك ، مثل إصلاح النفس والبدن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالمال محبوب تبعيّ
لإصلاح النّفس والبدن ، لا ذاتيّ بحيث لو علموا أنّه لا يترتّب على تحصيله شيء من مقاصدهم
مع ذلك يطلبونه ، بخلاف البدن والنفس فإنّه مطلوب بنفسه لذاته ، ولا يصرف في شيء إلاّ
في موارد خاصّة يكون صرفه أبقى لحفظه وبقائه النوعيّ كالجهاد ، فإنّه عند التحقيق غير
ضرريّ لحفظ بيضة الإسلام وإعلاء كلمة الحق ، فليس هو بضرريّ حتّى لو علم التلف فيه.
وبالجملة ، المال موضوع للخرج
والصرف ، إلاّ فيما ندر عكس النفس والبدن ، فإنّهما ليسا موضوعين لذلك إلاّ فيما ندر
، فلو أمر في مورد من الموارد بما يوجب النقص في البدن ، أو أقدم المقدِمُ على مثل
ذلك فهو من باب الأمر بتحمّل الضرر لأجل منفعة أهمّ منه ، لا أنّه ليس بضرر موضوعاً
، كما توهّم.
والحاصل
: فقد ظهر وجه رفع اليد عن عمومات أدلّة التكاليف الشاملة
بعمومها للموارد التي يحصل النقص في البدن ، وأنّ سدّ باب عنوان الحرج في النفوس أكثر
منه في الأموال.
لا
يخفى أيضاً : أنّ الضرر البدنيّ كالماليّ ربّما يكون يسيراً لا يعتنى به عند العقلاء ، وربّما
يعدونه ضرراً ، لكن يتحمّلونه لتحصيل المقاصد والأغراض المتوقّف عليه غالباً ، إلى
غير ذلك ممّا يتصوّر في المالي ، فإنّه يتصوّر في البدني.
هذا تمام الكلام في
موضوع الضرر وأفراده وأحواله.
وأمّا المقام الثالث
: ففي حكمه
فيتوقّف على بيان معنى
القاعدة ، وبيان المراد من النفي فيها.
فنقول : لا ريب أنّ
هذه القضيّة المصدّرة بأداة النفي الغير المقيّدة ظاهرُها الأوّليّ النفي المطلق على
وجه ينافيه الإيجاب الجزئي ، كما هو الشّأن في كلّ ما كان كذلك ؛ لأنّ السلب الكلّي
ينافيه الإيجاب الجزئي ، خلاف النفي المقيّد الذي لا ينافيه الإيجاب المقيّد ، كما
هو المعلوم في محلّه.
فلا يمكن الأخذ بهذا
الظهور في خصوص المقام ؛ للزومه ما هو المحال على الشارع بعد وجود الضرر في الخارج.
فلا يمكن حمل النفي
على حقيقته ، أعني : النفي عن الخارج مطلقاً ؛ لوجود الحقيقة في الخارج ، فلابدّ من
صرف هذا الظهور إلى ما هو المعقول في المقام ، وهو أحد وجوه :
الأوّل
: حمل النفي فيها على النهي ، ويكون المراد : النهي عن فعل
الضرر ؛ لأنّ النهي إنّما يتعلق بالأفعال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفيه
: أنّه يختصّ حينئذ بنفي الحكم التكليفي ، والقاعدة جارية في نفي
الحكم الوضعي بالنصّ والفتوى.
الثاني
: تقدير خبر «لا مشروع» ، أي : لا ضرر مشروع في الإسلام ، دون
موجود ، حتّى لا يعود المحذور.
وفيه : أنّ هذا الوجه
مآله إلى الوجه الأوّل ، وقد عرفت ما فيه.
الثالث
: إبقاء كلمة «لا» على حالها ظاهرة في النفي ، ولكن المراد نفي
الحكم الضرري.
وهذا هو المتعيّن من
الوجوه ، لكن الكلام في كيفيّة الاستفادة على وجه تساعده القواعد العربية والصناعة
اللفظية.
ويمكن ذلك بوجوه :
الأوّل
: أن يقال : إنّه ليس المنفيّ مطلق الضرر في الخارج ، بل المنفيّ
المقيّد ، وهو ما استند إلى الشارع ، أي : لا ضرر من الشارع في الشريعة ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالمنفيّ الضرر المقيّد
، وهو كلام مطابق للواقع لا مخالفة له مع الواقع ؛ لأنّ الموجود في الخارج إنّما هو
الضرر المطلق لا المقيّد من الشارع ، فنفي وجود المقيّد لا ينافي وجود المطلق ؛ لإحرازه
في ضمن مقيّد آخر.
الثاني
: أن يقال : هنا وصف مقدّر للحكم ، أي : لا حكم يوجب الضرر.
الثالث
: أن يكون الكلام من باب الكناية ، بذكر اللازم وإرادة الملزوم.
وحاصله
: أنّ الكلام وإن كان ظاهراً في نفي الضرر الخارجي ، لكنّه
ليس بمراد على ظاهره ، بل المراد نفي ما يوجب الضرر ، وهو ليس إلاّ الحكم وسببيّته
ظاهراً ، حسبما سيتضح لك عن قريب.
الوجه
الرابع من الوجوه المعقولة في الخبر : أن يكون المراد نفي الحكم أيضاً
، لكن على وجه من التوسعة والعناية في الكلام ، لا على أحد الوجوه المتقدّمة.
بأن يُقال : المراد
نفي نفس الضرر ، ونفي ماهيّته في الإسلام ، وأنّه ليس بموجود فيه أصلاً ، فكلّ ما يرى
في الخارج يصحّ نفيه حقيقة عن الإسلام ، وأنّه ليس من الإسلام ، ولا بموجود فيه ، وليس
الإسلام ظرفاً له ؛ لأنّ الإسلام الذي [هو] عبارة عن جميع ما جاء به النبي (صلى
الله عليه وآله) من الأحكام ، وليس الضرر في جملتها ، ووجود الضرر بين المسلمين ليس
من حيث الإسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا مانع من نفي الماهية
بهذا اللحاظ على وجه الحقيقة ؛ لأنّ المحلّ المنفي فيه الضرر غير المحلّ الموجود فيه
؛ لأنّ الأوّل هو الإسلام ، والثاني هو الخارج ، والحيثية إذا اختلفت اختلف المعنى
، فلا يحتاج إلى تقدير أو حذف.
وليس مساق هذه الرواية
إلاّ مساق قوله (صلى الله عليه وآله) : «بني الإسلام على خمس ...» فإنّه لا فرق بين إثبات
شيء في الإسلام ، ونفي شيء عن الإسلام ، فكما أنّ الصلاة متحقّقة وثابتة في الإسلام
، ومعنى ثبوتها جعلها وتشريعها فكذلك الضرر ليس بثابت في الإسلام ، ولا مجعول في الإسلام
، فإثبات كلّ شيء على حسبه ونفيه كذلك ، فكأنّ الإسلام بني على الصلاة والزكاة والجهاد
والصوم والولاية وعدم الضرر.
وهذا نظير قوله تعالى
: (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ
فِي الْحَجِّ) ؛ فإنّ الحجّ مركّب
من أفعال وتروك ، فالأوّل هو الإحرام والطواف والصلاة والسعي وغير ذلك ، والتروك :
ترك المباشرة ، وترك الجدال ، فالإحرام في الحج ، والرفث ليس في الحج ، وكذا الإسلام
منه أفعال ومنه تروك.
نعم ، نفي الضرر ـ بمعنى
نفي مشروعيّته ـ لا يكون إلاّ بلحاظ نفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشروعيّة لازمه المترتّب عليه ، أعني
: الحكم الضرري ؛ لأنّ نفس الضرر بما هو ضرر من الموجودات الخارجيّة ليس قابلاً للتشريع.
وهذا لا ينافي نفيه
بهذا المعنى ، وهو نفي حقيقيٌّ بهذا الاعتبار ، والوجه المصحّح له نفي لازمه
بحسب الواقع ، فلا مجاز ولا حذف ولا تقدير.
واعتبار الظرفية بنوع
من العناية والتوسعة غير عزيز النظير ، فيكون قد لاحظ الإسلام شيئاً واحداً ذا أجزاء
، ونفى من بينها الضرر ، أو يكون الإسلام عبارة عن مجموع الأحكام ، ونفى الضرر عنها.
وحينئذ ، فهو نفيٌ
لاتّصاف المجموع به ، فليس الضرر من سنخ الأمور المسمّاة بالإسلام ، بأيّ معنىً فسّر
الإسلام به.
فالشارع لم يشرّع حكماً
يلزم من العمل به ضرر على وجه يصحّ استناده إليه ولو بتوسّط حكمه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[في كيفيّة سببيّة
الحكم للضرر والفرق بين ضرر الغير وضرر النفس]
أمّا المقام الرابع
:
فاعلم أنّ كيفيّة سببيّة
الحكم للضرر ليس على حدّ الأسباب التكوينيّة ، مثل الدواء المضرّ ، والنّار في الإحراق
، ضرورة كون الحكم الضرريّ ـ بما هو حكم وإنشاء ـ لا يوجب الضرر في الخارج ، بخلاف
ما يوجب الأثر في الفاعل الموجَب ، كما هو واضح.
بل لا يوجد في التكليفات
ما هو من قبيل الثاني ، وإن احتمله بعضهم ، بل ربما قيل : بعدم الفرق بين السببيّة
فيهما ، وأنّها على نحو واحد ، فإنّ الدواء المضرّ بما هو دواء لا يكون موجباً للضرر
، بل إنّما يكون بعد الاستعمال والشرب ، وكذا الحكم إنّما يكون بواسطة العمل به.
فالسببيّة فيها تحتاج
إلى عناية مرجعها إلى جهة الإعمال والاستعمال ، وهو في كلّ شيء بحسبه ، فإنّ المقصود
من الحكم النوعي في الشريعة إنّما هو العمل ، لا مجرّد التديّن والالتزام.
بل ربّما أنكر أصل وجوب التديّن في
الأحكام الفرعيّة ، فتأمّل.
فإذا
عرفت أنّ حاصل نفي الضرر في القاعدة نفي ما هو المنشأ له ، وهو ليس
إلاّ الحكم الذي يوجب ذلك من جهة العمل به ، والنفي على وجه خاصّ لا مطلقاً ، وهو استناده
إلى الشارع بتوسّط حكمه من حيث شرعه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجعله ـ لو كان مجعولاً
ـ من غير فرق بين التكليف والوضع ، فاعلم أنّ ذلك يختلف بحسب
اختلاف الموارد ، فقد يكون الحكم نفسه ـ أعني الإلزام ـ في مقام ضرريّاً ، سواء كان
وجوباً أو حرمة أو استحباباً ، وقد يكون نفس الرخصة والإباحة ضرريّة على حسب اختلاف
مواردها لا مطلقاً.
وقد لا يكون كذلك ، كما
في جواز إضرار الشخص نفسه ، فإنّ الرخصة عبارة عن اختيار الفعل أو الترك ، فهي ليست
ضرريّة مطلقاً ، بل لابدّ من ملاحظة ما يلزم منه التسبيب.
فجواز الإضرار بالغير
موجب لتحقّق التسبيب ، فهو منفي ، وبه يتحقّق النفي من قبل الشارع ، كما أنّ بإثباته
يتحقّق التسبيب.
وهذا بخلاف الجواز
بالنسبة إلى نفس الشخص ، فإنّه لا تسبيب فيه ، نعم إلزامه والحكم عليه يوجب ذلك ، فهو
مرفوع عنه ، فعُلم الفرق بين إباحة الإضرار بالغير وإباحة الإضرار بالنفس.
فما يظهر من بعضهم من نفي كون الإباحة
ضرريّة مطلقاً في غير
محلّه ، كتوهّم كونها ضرريّة مطلقاً
كذلك.
ولعلّ الوجه في هذا
الإفراط والتفريط عدم التأمّل في معنى الرخصة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[في عدم شمول القاعدة
للمستحبّات وتنبيهات القاعدة]
وأمّا المقام الخامس
:
فنقول
: قد ظهر ممّا ذكرنا في وجه التفصيل عدم شمول نفي الضرر
للأوامر المستحبّة الشاملة بإطلاقها لموارد الضرر ؛ لعدم الاستناد إلى الشارع ،
بعد فرض جواز تركه وعدم الالتزام به ، كما ذكرنا في صورة الإباحة سواء كان في الماليّات
أو في النفس والبدن.
وحينئذ ، فالوضوءات
المندوبة الضرريّة ليست بمنفيّة بهذه القاعدة ، ويجوز فعلها لو لم يكن هناك دليل آخر
على فسادها.
والظاهر تحقّقه في
النفس في صورة العلم بالضرر ، فلا يجوز فعلها ؛ لما ورد من لزوم حفظ النفس والبدن من
الأدلّة العقليّة والنقليّة ، فيبقى في غير النفس على ما ذكرنا من عدم النفي بالقاعدة.
وهذا بخلاف التكاليف
الإلزاميّة ، فإنّها منفيّة بهذه القاعدة للزومها ذلك واستناده إلى الحاكم به ، فهو
مرفوع بمجرّد اللزوم كما
تقدّم ، وسيجيء الكلام على حال الفعل بعد ارتفاع الإلزام عنه من جوازه أو حرمته إذا
أراد المكلّف فعله من قبل نفسه عالماً بالضرر مقدماً عليه ، فانتظر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[تنبيهات قاعدة لا
ضرر]
وحيث عرفت معنى الضرر
، وعرفت أنّ المنفيَّ منه في الإسلام ما هو ، وعرفت معنى النفي ، فلابدّ من التنبيه
على أمور يتوقّف الاستدلال بعموم القاعدة في سائر الموارد عليها.
[التنبيه الأوّل :
إشكال لزوم كثرة التخصيص وردّه]
الأوّل
: الظاهر من هذه القاعدة عموم نفي الضرر في الشريعة لجميع
الموارد الضرريّة الكلّية منها والجزئية ، كما يشهد به ما ورد في التمسّك بها
في الأخبار في الموارد
الجزئيّة ، مضافاً إلى ما ترى من تمسّك الأصحاب بها في سائر المقامات ، بل من أوّل
الطهارة إلى آخر الديات ، وهذا ظاهر للمتتبّع ، ولا يعتريه ريبٌ ولا إشكال.
وإنّما الإشكال لزوم
كثرة التخصيص فيها ؛ وذلك أنّ كثيراً من الأحكام الواردة في الشريعة ظاهرها كونها ضرريّة
كالخمس ، والزكاة ، والجهاد وغير ذلك ، ولو كانت هذه الأحكام مخصّصة لعموم هذه هذه
القاعدة كانت أكثر من الباقي فيها ، فتكون موهنة لها ؛ لكثرتها.
وهذا الإشكال وارد
على القاعدة المذكورة على جميع التقادير في معنى القاعدة ، عقليّة كانت القاعدة أو
شرعيّة ، نفياً كانت أو نهياً.
وقد أُجيب عن الإشكال
بوجوه :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[الجواب الأوّل ومناقشته
:]
أحدها : أنّ الوهن غير موهن
، لانجبار القاعدة بعمل الأصحاب ، بل كلّ أهل العلم من المسلمين ، واستمرّت سيرتهم
على العمل بها والاستدلال بها في مقابل العمومات المثبتة للتكليف ، ولا يرفعون اليد
عنها إلاّ في صورة التخصيص بمخصّص قوي ، ولا يمكن إنكار انحصار مدرك الحكم بعموم
القاعدة في كثير من الموارد.
وفيه
: عدم كفاية ذلك في رفع الوهن المذكور ، بناءً على أنّ لزوم
تخصيص الأكثر على تقدير العموم قرينة على إرادة معنى لا يلزم منه ذلك ، غاية الأمر
تردّد بين العموم وإرادة ذلك المعنى.
وما ذكر من استدلال
العلماء لا يصلح معيّناً ، خصوصاً لهذا المعنى المرجوح المنافي لمقام الامتنان وضرب
القاعدة.
اللّهمّ إلاّ أن يمنع
أكثريّة الخارج ، أو على تقدير التسليم يدّعى كون موارد الكثرة إنّما خرجت بعنوان واحد
جامع لها ، ولا يلزم معرفته على وجه التفصيل.
وحينئذ لا يلزم الوهن
كما ذكر في محلّه ، لكنّ مرجع هذا الجواب إلى الالتزام بأصل الاشكال ، وقد اعترف أنّه
مناف لمساق القاعدة ، فلا يشفي الغليل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[الجواب الثاني وردّه
:]
ثانيها
: ما يظهر من كلام المحقّق القمّي ، حيث ذكر في مفاد
القاعدة : أنّ المراد منها : نفيُ ما هو الزائد عن طبائع التكاليف الثابتة بالنسبة
إلى طاقة أوسط النّاس البريئين عن المرض وغير ذلك ، وهو معيار مطلق التكاليف ، بل
هي منفيّة من أصل ، إلاّ فيما ثبت وبقدر ما سبق ، ولا يريد الله تعالى
الضرر إلاّ من جهة التكاليف الثابتة بحسب أحوال متعارف أواسط الناس.
وأورد عليه بعض معاصريه : بلزوم عدم معارضة
القاعدة لدليل من الأدلّة الشرعيّة ؛ لأنّها بناء على هذا التعبير تكون مقيّدة بالضرر
الذي لا تنفيه قاعدة الضرر ، مع أنّ الفقهاء كثيراً ما ينفون ما عليه الدّليل عن عموم ونحوه
بالقاعدة.
ثمّ وجّهه بأنّ مراد المحقّق المذكور :
«أنّ الضرر منفي ، وهو كأحد العمومات ، فما دلّ على خلافه لابدّ فيه من ملاحظة التراجيح
، وقواعد الألفاظ ، ونحو ذلك من أحكام التعارض ، ثمّ بعد ملاحظة الدليل وقوّته بعد
ذلك لو ثبت شيء يوجبه فلا مانع منه ؛ لا أنّ قاعدة الضرر مقيّدة بعدم الدليل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مطلقاً ولو أصل البراءة
ونحو ذلك».
وأنت
خبيرٌ بما في التفسير المذكور للقاعدة ، وبُعده عن مساقها الظاهر
في نفي أصل الضرر مطلقاً ، وعدم رفعه الإشكال ، بل هو التزام به في جميع الأحكام ،
وكذا ما في كلام الموجّه من كون القاعدة كأحد العمومات التي يلاحظ فيها قواعد التعارض
والتراجيح.
مع أنّك ستعرف حكومتها
على سائر أدلّة الأحكام ، وعدم معارضة شيء من العمومات لها ، وتقدّمها عليها.
[الجواب الثالث :]
ثالثها
: أنّ القاعدة من القواعد العقلية الغير القابلة للتخصيص ، وما
ورد من الشارع بمضمونها فإنّما هو على طريقة العقل ، فيكون إمضاءً لها ، فمساقها مساق
نفي الظلم ، وليس شيء من التّكاليف بضرريّ عند العقلاء ؛ لأنّهم يرون الأوامر الصادرة
من الموالي على عبيدهم ليست ضرريّة ، وأنّها ممّا يستحقّها المولى على رعيّته إذا كان
حافظاً لهم ، رافعاً عنهم ما ينبغي دفعه ورفعه ، وله عليهم بذلك مراتب من الأمر والنهي
لا تُعدّ ضررية ، نعم لو تجاوز حدّه وأمر فوق ما له عليهم كان ذلك عندهم أمراً بالضرر.
فإذا كان حال الموالي
مع عبيدهم والملوك مع رعاياهم ذلك فكيف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالحيّ القيّوم ، الخالق
للعباد ، الناظر في مصالحهم ، وهو من لا يأمر إلاّ بالحسن ، ولا ينهى إلاّ عن القبيح
، ولا يعود نفع أوامره ونواهيه إلاّ إليهم ، بل جميع أوامره لإصلاح حال عبيده ، فلا
شيء من أوامره بضرريّ ، وليس في طبائعها شيء من الضّرر ، فالقاعدة غير مخصّصة.
فظهر ما في كلام المحقّق
القمّي من كون طبائع التكاليف ضرريّة ، وأين الكلفة من الضّرر؟
كذا أفاده سيّدنا الأستاذ
العلاّمة ـ دام ظله العالي ـ إلاّ أنّه لم يعتمد عليه ، بل ذكره في عداد ما أجاب به
عن الإشكال ، وسيجيء ما اعتمد عليه من الجواب عن قريب إن شاء الله.
[الجواب الرابع ومناقشته]
رابعها
: ما أجاب به بعض الأعاظم المحقّقين : من أنّ التكاليف
وإن كانت ضرريّة إلاّ أنّ القاعدة إنّما تنفي الأحكام الضرريّة التي لم تتدارك ،
والأحكام كلّها متداركة بالثواب المعدّ للمكلفين ، فهو خارج عن القاعدة ، لا أنه داخل ، حتّى يكون تخصيصاً.
وفيه
: ما تقدّم في تحقيق موضوع الضّرر ، وأنّه لا يخرج بالتدارك عن
عنوانه الذي كان عليه ، وأنّ الثواب ليس بإزاء التكليف ، بل إنّما هو بإزاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإطاعة والانقياد.
مضافاً إلى أنّ القاعدة
إنّما تنفي الضرر الدنيوي ، أعني النقص الذي عرفت ، لا الأعمّ منه ومن الأُخروي كما
عرفت تفصيل القول في ذلك ، فلا تغفل.
[جواب المجدّد السيّد
الشيرازي قدسسره]
خامسها
: ما أفاده سيّدنا الأستاذ العلاّمة ـ دام ظله العالي ـ في مجلس
الدرس.
وحاصله
: أنّ التأمّل في التعليلات الواردة في وجه الأمر بالزكاة
والخمس وغيرهما من التكاليف الماليّة ـ مثل : أنّها تطهّر المال وتنمّيه ، وأنّها قوت للفقراء ، ومثل دفع البلاء
في الصّدقة ، والنورانيّة في
الوضوء ... وأمثال هذه التعليلات الكثيرة ـ تعطي أنّ في نفس
بذلها شيئاً يقاومه ويوازيه حال من نفس المال مثل نموّ المال أو البدن ، أو يرفع عنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القذارة ، أو غير ذلك
من الفوائد. فيكون المال المبذول مصرفاً لتحصيل هذه المنافع ، ودفعاً للمضارّ كسائر
ما يصرف في سائر المعاوضات والتجارات.
وقد عرفت أنّ الضرر
هو النقص الخاص الذي لا يحصل في مقابله من نفس المال ما يوازنه وما يكون بإزائه ، وكلّ
ما كان بذلاً للمال على هذا الوجه يكون ضرراً منفياً ، بخلاف ما يحصل من نفس بذله ما
يوازنه ، فإنّه ليس ضرريّاً ، بل يكون المال من مصارفه ، وممّا وضع للبذل فيه عند العقلاء
، وتكاليف الشارع الحكيم الفيّاض كلّها من هذا القبيل ، وليس فيها تكليف ضرريّ ، حتّى
يكون تخصيصاً في أدلّة نفي الضرر.
نعم ، بعضها ممّا لم يعلم
المكلّف بمنافعها الحاصلة من نفس بذل المال فيها ، مثل المنافع الدنيويّة والخواصّ
المعنويّة ، فأخبر عنها وذكر بعض ما يترتّب في الدنيا على ذلك ، فهي خارجة عن موضوع
الضرر ، والأمر بها ليس أمراً به مطلقاً ، وبذل المال في تحصيل هذه المنافع مثل بذله
في شراء القوت وأمثال ذلك.
وبالجملة ، التكليف بالزكاة
مثلاً لمّا كان لأجل تحصيل الطهارة في المال يكون نظير التطهير الظاهري.
فكما أنّ صرف المال
في تحصيل الطهارة للثّوب أو البدن من القذارة الظاهريّة ليس ضرريّاً لو أمر الشارع
به ، فكذا صرفه في تحصيل الطهارة المعنويّة.
ولا فرق بين الطهارتين
سوى أنّ الثانية لم يعلم بها النّاس فأعلمهم
الشارع العليم ، وأمرهم
بها ؛ لعدم إدراكهم لها لطفاً منه وكرماً.
فإن
قلت : لا يتمّ هذا التوجيه إلاّ في خصوص ما كان من التكاليف
التوصليّة دون التعبديّة ؛ لأنّ المنافع التي تكون مترتّبة على نفس بذل المال من دون
احتياج إلى قصد القربة إنّما هي من قبيل الأوّل لا الثاني ، وفي الثاني لا تترتّب المنافع
على مجرّد الدفع ، بل عليه مع القربة ، مثل الخمس والزكاة والوضوء ... وأمثال ذلك.
فالتوجيه المذكور لا
يوجب خروج الأوامر التعبديّة عن موضوع الضّرر ، بل يكون تخصيصاً لأدلّة القاعدة ، اللّهمّ
إلاّ أن يتمّ بأحد الأجوبة المتقدّمة.
قلت
: هذا توهّم فاسد ؛ إذ مجرّد هذا التقييد ـ أعني : تقييد حصول
النفع على قصد القربة ـ لا يخرج القاعدة المترتّبة عن مقابلتها للمال ، وعن كون المنفعة
حاصلة منه مترتّباً عليه ؛ فإنّ المنافع المترتّبة على الفعل في أمثال ما ذكرنا من
قبيل خواصّ الشيء ، كشرب الدّواء لرفع المرض ، دون ما كانت مترتّبة على الإطاعة فقط
، كالمثوبات الأُخرويّة.
وهذه التكاليف ليس فيها
ضرر دنيويّ بعد وجود هذه الفوائد المترتّبة على فعلها ، مثل حصول صفة الطهارة في المال
، أو النموّ والكثرة ، أو حصول الوسعة في الرزق ، والطّول
في العمر ، وأمثال هذه الخواصّ ؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنّ مفاد دليل القاعدة
ينفي ورود الأمر على موضوع الضّرر ، فكلّ ما كان ضرراً ـ مع قطع النظر عن الأمر ـ فهو
منفيّ لا أمر فيه ، بخلاف الموضوع الذي ليس فيه ضرر قبل الأمر ، فإنّه لا مانع من دون
الأمر عليه وإثباته في الإسلام.
ولا ريب أنّ الخواصّ
التي في هذه الأمور المذكورة هي من قبيل الخواصّ فيها ، لا من مقولة الجزاء المقرّر
للأعمال الحسنة المتوقّف حصولها على نيّة التقرّب ، والمنفيّ هو الضرر الدنيوي لا الأخروي
أو الأعم ، حتّى يتوهّم أنّ الجزاء في مثل هذه الخواصّ يخرج دفع المال عن عنوان الضرر
؛ إذ ليس هو إلاّ المثوبات الأخرويّة الحاصلة بواسطة الإطاعة ، والإطاعة متأخّرة
عن الأمر.
والضرر إنّما يحصل
بنفس الأمر ، والقاعدة إنّما تنفي الضّرر الكائن قبل الأمر ، فكلُّ شيء لم يكن فيه
قبل الأمر به ما يوازنه فهو ضرر منفيّ في نفسه.
فلابدّ من معرفة كون
المقابل لهذا النقص قابلاً للمقابلة ولو من بيان الشّارع ، مثل ما ورد : أنّ دفع الزكاة
موجب للطّهارة والنمو ، وأمثال ذلك ، فنحكم حينئذ أنّ صرف هذا المال في تحصيل هذه الأمور
ليس ضرراً ، مثل صرفه في سائر المقاصد العقلائيّة.
وأمّا لو ورد أمر بتحمّل
الضّرر لتحصيل ما هو أهمّ وأعظم منها لا يُعدّ عرفاً ضرراً قبيحاً ؛ لأنّه بعد الكسر
والانكسار يكون الحاصل النفع الغير
المقابل بنقص.
فلو فرض في التكاليف
ما هو من هذا القبيل فهو أيضاً ليس مراداً من عموم هذه القاعدة ، فهو ليس بمنفيّ حتّى
يكون تخصيصاً لها ، ونحن لا نمنع إمكان تخصيصها بمخصّص قويّ ، وهو لا ينفي حكومتها
على أدلّة الأحكام ؛ لأنّه لا يشترط في الحاكم أن لا يكون قابلاً للتخصيص.
وحينئذ إن شكّ في كون
الشيء ضرريّاً أم لا ، فينفى بالقاعدة ؛ لحكومتها على أدلّة التكاليف.
نعم ، لو علم كونه مصرفاً
في الجملة ، لكن شكّ في أنّ له مقابلاً قابلاً أم لا ، فيمكن أن يقال : إنّا نستكشف
من ذلك الاطلاق أو العموم القابليّة ؛ إذ لو لم يكن قابلاً لما أمر به الشارع ، فيستكشف
أنّه مقابل قابل ، فيؤخذ بإطلاق الدليل ، ولا ينفى بالقاعدة.
وبعبارة
أخرى : إنّه يدور الأمر بين التخصّص والتخصيص ، وأصالة عدم التخصيص
تقتضي حينئذ الحكم بالثاني ، وأنّه ليس بضرريّ ، وأنّ له مقابلاً قابلاً ، فإنّ المتكلّم
به هو الذي تكلّم بالقاعدة ، فهو لا يأمر بما ينافيها.
وأمّا ميزان القابليّة
فهي في يد العقلاء ، لأنّهم المرجع في أمثال المقام.
فإن
قلتَ : لا يمكن التمسّك في المقام بعموم الدليل المثبت للتكليف ، ولا
بالقاعدة في نفيه ؛ لأنّه من
مقام الشبهة في المصداق لا في المفهوم ، ولا يصحّ التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة
، كما حقّق في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محلّه ، فلا يمكن استكشاف
حكم الموضوع المشكوك لا نفياً بعموم القاعدة ؛ لأنّ الشّك في وجود ما خصّص به العام
لا في طروئه ، ولا إثباتاً أخذاً بعموم دليل الوضوء مثلاً.
قلت
: لا نسلّم عدم جواز التمسّك بالعام في أمثال المقام مطلقاً ،
بل نفرّق بين ما لو كان الدليل المخصّص لبّيّاً أو لفظيّاً ، بل لا نسلّم أيضاً في
مطلق الدّليل اللفظي ؛ لأنّ المناط عندنا على عدم حصول التنويع في أفراد العام بواسطة
وجود الدليل المخصّص ، والمقام من هذا القبيل وإن كان لفظيّاً ، والغالب في اللفظي
هو التوزيع بخلاف اللبّيّات ، إلاّ أنّا لا نفهم في المقام التوزيع.
كذا أفاده سيّدنا الأُستاذ
العلاّمة في المقام ، وسمعناه منه أيضاً في مباحث العام والخاص.
[التنبيه الثاني :
حكومة لا ضرر على أدلّة الأحكام]
التنبيه
الثاني : أنّ هذه القاعدة مقدّمة على سائر أدلة الأحكام ؛ لحكومتها عليها
، وقد جرت سيرة الفقهاء على تقديمها ، وعدم معاملتها مع أدلّة الأحكام معاملة المتعارضين
، وما ذلك إلاّ لحكومتها على سائر أدلّة الأحكام ، مثل حكومة أدلّة نفي الحكم عن كثير
الشكّ ، ونفي حكم الشكّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في النافلة ، وعن شكّ المأموم
مع حفظ الإمام ، وبالعكس ، وعن الشكّ بعد الفراغ ، على أدلّة الشكوك
في الصلاة.
وكشف حقيقة الحال في
حكومة القاعدة على سائر أدلّة التكاليف موقوفٌ على بيان معنى الحكومة ، وبيان ضابطها
وملاكها ، وملاك تقديم الحاكم على المحكوم ؛ ليتّضح الحال فيها ، وفي أمثالها.
فالكلام تارةً في الكبرى
، أعني : بيان مفهوم الحكومة ، وأخرى في الصغرى ، أعني : موارد تحقّقها.
[بيان معنى الحكومة
وضابطتها :]
أمّا
الكلام في الكبرى : فنقول : إنّ الحكومة
عبارة عن أن يكون الدليل الحاكم أوّلاً وبالذات بمدلوله مفسّراً للمراد من المحكوم
ومبيّناً لكميّة مدلوله لا غير ، غير رافع لموضوعه ، بل موضوعه مع وجود الحاكم صادق
على المورد أيضاً ، وإنّما الحاكم أوجب رفع الحكم المعلّق عليه عن المورد.
ومرادنا من كونه مفسّراً
له أوّلا وبالذات هو : أن يكون بحيث لا يفهم التنافي بينه وبين المحكوم في أوّل النظر
، بل يكون كالقرائن المتّصلة من حيث كونه موجباً لظهور المحكوم عليه في اختصاص الحكم
الذي تضمّنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بغير مورد الحاكم ابتداء.
وبالجملة
، الميزان أن يكون
بحيث يوجب ظهور المحكوم عليه في إرادة اختصاص الحكم المعلّق على الموضوع المذكور فيه
بغير مورد الحاكم مع صدق ذلك الموضوع على ذلك المورد معه ، وإذا كان كذلك كان المقدّم
على المحكوم عليه وإن كان من أضعف الظهورات بعد فرض حجّيّته ؛ إذ المفروض أنّه بهذا
اللسان الذي هو له هو حجّة.
فإن
قلت : إنّ ذلك لا يجدي في التقديم حين اجتماع الدليلين ؛ لأنّ
أصالة الحقيقة الموجبة للكشف عن المراد عند اجتماعهما متعارضة وإن كانت جارية في كلٍّ
منهما في نفسه مع قطع النظر عن الآخر ، وإجراؤها في الحاكم في حالة
انفراده وإثبات نظره وشرحه لا يجدي في لزوم أخذه والعمل بمقتضاه إلاّ بعد إحراز اعتباره
عند الاجتماع ، لا في نفسه.
ولا يمكن ذلك ؛ لوجود
الدليل الآخر المعارض له في الظاهر ، ف١هما من حيث إجراء أصالة الحقيقة في كلٍّ منهما
متعارضان ، فلم يَبْقَ ما يوجب التقديم ، خصوصاً إذا فرض أنّ ظهور الحاكم أضعف من ظهور
المحكوم ، فلا يقدّم ما ظاهره الحكومة في جميع ما يؤول الأمر فيه إلى التعارض وإن كان
الحاكم قطعيّ الدلالة.
نعم ، إذا كان قطعي الدلالة
على الحكومة والنظر ـ وإن كان مدلوله ظنّيّاً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ وكان مع ذلك سنده
قطعيّاً كان حاكماً مطاعاً ؛ لعلمنا حينئذ بعدم اعتبار أصالة الحقيقة في جانب المحكوم
، وفي غير هذه الصورة لا نسلّم الحكومة والتقديم ؛ لتعارضهما.
وأمّا مقدار ما يخرج
من مدلول المحكوم فهو راجع إلى القواعد المقرّرة لكيفيّة التصرّف في المدلول بالنسبة
إلى مدلول الحاكم.
قلت
: ليس المقام من مقامات الحكم بالتعارض ؛ وذلك أنّ التعارض
تنافي مدلول الدليلين ، وبعد فرض تنافي المدلولين يلتمس المرجّح.
فإن كان كالأظهريّة
رجّح الأظهر بالأظهريّة التي هي أمر خارج عن أصل المدلول موجب للأخذ بمدلوله ؛ إذ هو
الأظهر في الدلالة على مدلوله من الدليل الآخر على مدلوله ، لا أنّها توجب التصرّف
في الدليل الآخر ، وإذا لم تكن يحكم بالتساقط ؛ لعدم تعيّن ما هو المراد الفعليّ
منها لكي يكون متصرّفاً في الآخر.
وهذا بخلاف الحاكم
والمحكوم ؛ لأنّ في الحاكم جهة داخليّة هي مدلوله ـ وهي النظر والتفسير للمحكوم ـ غير
موجودة قابلة للاعتماد على إفهام المراد من المحكوم ، وهذه الجهة متى ما وجدت لا يبقى
للتعارض مورد ؛ لما عرفت من كيفيّة التعارض ، وأنّه تنافي المدلولين.
ومع فرض وجود ما يصلح
لبيان المراد من الآخر كيف يتصوّر بعد التنافي حتّى يحكم بالتّعارض ، بل يكفي في الأخذ
بمدلول الحاكم عدم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجود ما يصلح للاعتماد
في إفهام المراد في المحكوم ، ووجوده في الحاكم.
وهذا النظر الموجود
في الحاكم غير موقوف على إثبات اعتبار أصالة الحقيقة في جانب الحاكم ؛ لأنّه سليم عن
المعارض ؛ لعدم وجود ما يقابله في المحكوم بحكم الأصول العقلائيّة.
وإن
شئت قلت : إنّ الحاكم مدلوله بيان وصف الحكم المذكور في المحكوم وأنّ صفته
ما هي ، فإذا هو لبيان حكمة الحكم ، والمحكوم مدلوله بيان ثبوت حكمه لموضوع ، فكيف يبقى بعد اجتماع
الواصف والموصوف تعارض ، فتدبّر ، فإنّ هذا غاية ما يمكن أن يقال في حقيقة الحكومة
وبيانها.
[موارد الحكومة ومصاديقها
:]
وأمّا
الكلام في الصغرى ، وموارد ثبوت حكومة
القاعدة : فلا ريب أنّ ذلك يختلف بحسب التعبيرات في بيان المرادات في المقامات ، أمّا
مثل قوله عليهالسلام : «لا حكم لكثير الشكّ»
، ... وأمثاله التي تقدّم عدّها ، فظاهرها ـ بعد ذكر حكم الشكوك في الصلاة ـ الحكومة
على أدلّة الشكوك في الصلاة ؛ لأنّ نفي الموضوع لا معنى له حقيقة.
فلابدّ أن يراد منه
نفي الحكم ، ولا يمكن أن يراد نفي جنس الحكم عن الشكّ ؛ لعدم معقوليّته ، فنفي الجنس
مع وجود الفرد له كاشف عن أنّ المراد : أنّ الحكم الذي ذكرناه للشّك منفيّ عن هذا الشكّ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبعبارة
أخرى : يفهم أنّه عليهالسلام ذكر حكم الشكّ في أدلّة
الشكوك ، وأراد في هذا الدليل نفيها عن هذا الفرد ، فيكون ناظراً إلى سائر أدلّة الشكوك
الدالّة بإطلاقها على شمول الحكم مطلق الشكّ ، لا أنّها ضرب قاعدة كلّيّة في نفسها
في الواقع.
وبالجملة
، كلّ دليل كان فيه جهة دلالة على التعرّض لحال دليل آخر كان المتعرّض
حاكماً متقدّماً ، ولا يبعد استفادة ذلك في أغلب ما ذكر فيه ذلك من الأدلّة.
[حكومة لا ضرر والإشكال
فيها]
وأمّا ما نحن فيه ـ
أعني : قاعدة نفي الضرر ـ فقد يستشكل فيها ، وفي قاعدة نفي العسر والحرج وفي دلالتها
على ذلك.
ووجه
الاستشكال : أنّ ظاهرها أنّها قاعدة
كلّيّة ضربت لبيان نفي الحكم الضرريّ في الواقع ، بمعنى أنّه ليس في الأحكام الواقعيّة
حكم يلزم من العمل به ـ لو علم به المكلّف ـ ضرر ، وهذا لبيان عدم ثبوته ووجوده في
الواقع بين الأحكام الثابتة في الواقع ، كما لو أراد الإخبار عن وجوده في الواقع ،
فلا فرق في كيفيّة الثبوت بين النفي والإثبات.
وبالجملة ، كيف ما يتصوّر ثبوت
الأحكام في الواقع ، فهذه القاعدة تنفي الضرر عن تلك الأحكام الواقعيّة ، فلا نظر لها
إلى خصوص الأحكام الموجودة في الألفاظ والمداليل اللفظيّة.
وإذا صار مدلولها نفي
الحكم في الواقع ، وجاء دليل مطلق ـ مثل (أَقِيْمُوا الصَّلاةَ) أو (كُتِبَ
عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) أو (إذَا
قُمْتُم إلى الصّلاةِ فَاغْسِلُوا) ... وأمثال ذلك ـ ممّا إطلاقه يشمل موارد الضّرر ، فيكون مثبتاً
للضرر ، فيقع التعارض بين الدليلين ولا حكومة ، فلابدّ حينئذ من التماس المرجّح ، ويعمل
على قواعد التعارض.
[جواب الإشكال على
حكومة لا ضرر]
وأنت
خبيرٌ بأنّ ذلك توهّم صرف ، بل لا ينبغي التوقّف في حكومة أمثال ذلك
؛ إذ لا يلزم في الحاكم أن يكون دالاًّ على بيان المراد من المحكوم بالمطابقة ، بل
يكفي بالدلالة الالتزاميّة إذا كانت بيّنة.
ولا ريب أنّها هنا
موجودة بيّنة ؛ لأنّ مدلول هذه القاعدة بيان وصف للأحكام ، وهو عدم اتصافها
بالضرر ، فهي لبيان حكم الأحكام.
ولازم ذلك أنّها ناظرة
إلى نفي كلّ حكم ظاهره الاتّصاف بذلك الوصف ، ومنها أدلّة الأحكام ، فمساقها مساق التفسير
لما هو المراد من الإطلاقات بالدلالة الالتزاميّة البيّنة ، كما لا يخفى على من كان
له أُنس بأساليب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكلام ، ولذا ترى
العلماء يقدّمونها على سائر أدلّة الأحكام في سائر الموارد.
مع إمكان أن يُقال
: الأحكام هنا عبارة عن خصوص الخطابات ومداليل الألفاظ ، وإذا نفى وجود الحكم الموجب
للضّرر فلابدّ أن يكون المراد بيان عدم إرادته ممّا يعطيه ظاهر الإطلاقات من شمولها
موارد الضرر ، ولو لم تكن كذلك لكان نفيه لغواً صرفاً ؛ لأنّ ما ذكرنا في معنى القاعدة
رجع إلى نفي ما يستلزم الوقوع بالضرر.
وإذا كان المراد النفي
في الواقع لا يكون مستلزماً للوقوع بالضرر ؛ لعدم ابتلاء المكلَّف به ، فلابدّ أن يكون
النفي عن الموقع ، وليس هو إلاّ الخطابات الشرعيّة الواردة للتكليف التي ظاهرها الإيقاع
، فلابدّ أن يكون ناظراً إلى تلك الأدلّة الدالّة بإطلاقها على الضرر ، فالقاعدة ناظرةٌ
إلى حال تلك الأدلّة والخطابات وحاكمة عليها.
وإن
شئت قلت : إنّ الشارع أراد ـ في نفي الضرر ، والعسر والحرج ، وأمثال ذلك
ـ بيان أوصاف نوعيّة لسائر الأحكام ، ثم بيّن أفراد تلك الأحكام الموصوفة بذلك الوصف
، وحينئذ كان إطلاق تلك الأحكام وارداً في بيان غير هذه الجهة ؛ لأنّه من هذه الجهة
كان الشارع بيّن عدم اتصافها به ، فلا تشمله الإطلاقات حتّى يوهم التعارض.
[في بقاء ملاك الحكم
الإلزامي بعد ارتفاع الإلزام بالضرر]
التنبيه
الثالث : أنّ الذي استفدناه من هذه القاعدة : نفي ما يستلزم
الوقوع بالضرر من الشارع
، وهذا كما عرفت سابقاً قد يكون هو الجواز ـ كما في إضرار الغير ـ فينفى ؛ لأنّ تجويز الشارع الإضرار
بالغير ـ لو فرض ـ هو الذي يكون حينئذ مسبّباً للضرر.
وقد يكون هو الوجوب
كما في إضرار النفس ، فإنّ الوجوب على المكلّف هو الذي يسبّب ذلك.
فإذا ارتفع الإلزام
منه ، فهل يبقى واقع الحكم في ذلك المورد ، بحيث لو أراد المكلّف باختياره أن يأتي
به كان له ذلك ؛ لبقاء جهة الحكم أم لا ؛ لارتفاع الامر؟
الظاهر : الأوّل ؛
وذلك لأنّ المأمور به قد يكون في ذاته مصلحة مقتضية للأمر به ، لكنّ الشارع
لا يأمر به للزوم جهة مرجوحة مترتّبة عليه ، كالوقوع بالمشقّة مثلاً ، فإذا جاء به
العبد كان حسناً ؛ لوجود المقتضي فيه.
فإذا كان الأمر من
هذا القبيل فلا يبعد أن يكون بعض موارد الضرر المنفيّ من هذا القبيل ، والقاعدة إنّما
تنفي الوجوب الفعليّ على العبد ؛ لأنّه الذي يستلزم الضرر عليه.
فإذا ارتفع الإلزام
من الوجوب فجهة أصل الوجوب باقية على ما كانت عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإذا ارتفع الإلزام
وأراد العبد الفعل من نفسه كان له ذلك ، وكان مسقطاً له عن الواجب ، وكذلك الحال فيما
لو اعتقد عدم الضرر وفعله ، ثمّ بان كونه ضرريّاً ، فنقول : أجزأه ؛ لوجود جهة الأمر
فيه ، وعدم مزاحمتها بشيء من الأشياء.
فإن
قلت : أمّا إمكان ارتفاع الأمر مع بقاء الجهة مسلّم إمكانه ، لكن لابدّ
من إثباته في المقام ، وبيان كيفيّة استكشاف بقائه ؛ إذ كما يمكن أن يكون باقياً يمكن
أن يكون مرتفعاً بارتفاع الإلزام ؛ لأنّه الذي كان موجباً لوجود المقتضي ، وبعد اتصافه
بالضرر فلا نسلّم بقاء تلك الجهة والمصلحة فيه ، فقد تكون حين لا ضرر ، وبعده ترفع
بارتفاع الأمر ، فلابدّ من دليل آخر غير نفس الأمر به يعيّن بقاءه لنا في الواقع ،
حتّى يجوز لنا فعله غير الإطلاق ؛ لأنّه ارتفع بارتفاع الأمر ، ولا يمكن إبقاء الإطلاق
المسبّب عن وجود الأمر مع فرض ارتفاع السبب ، أعني الأمر.
قلت
: لسنا ندعي أنّ كلّ مورد ارتفع فيه الوجوب يثبت بقاء الرجحان
في ذلك المورد ، بل نقول : إنّ القاعدة المذكورة حيث كانت واردة في مقام الامتنان في
رفع ما يلزم منه الضرر من قبل الشارع امتناناً ولطفاً دلّت على وجود المقتضي وبقائه
في سائر مواردها ، وإلاّ لما كان للامتنان مورد ، فهي في كلّ ما يمكن الأمر به ـ لولا
الامتنان ـ ثابتة ، ولازم ذلك وجود المقتضي
في مواردها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإذا كانت كذلك ، وكان
هنا شيء ثابت الجواز على وجه الإطلاق ، مثل الوضوء ، فمقتضى القاعدة المذكورة : عدم
إلزام الشارع بما كان منه ضرريّاً.
فإذا ارتفع الإلزام
يبقى إطلاق دليل الوضوء على وجود المقتضي على حاله ؛ لأنّ القاعدة إنّما نفت الإلزام
به لا غير ، وهو كان دالاًّ على وجود المقتضي في جميع أفراده الضرريّة وغيرها.
والذي دلّنا على عدم
ارتفاع المقتضي : هو كون القاعدة واردة في مقام الامتنان الذي
يلزمه وجود المقتضي في مواردها.
وأنّها إنّما ترفع
اللّزوم لا واقع الحكم وجهته ؛ لعدم ما يوجب رفعه.
هذا ما تيسّر لنا تحريره
في بيان القاعدة.
والحمد لله ربّ العالمين والصلاة على
أشرف الأنبياء والمرسلين
وعلى أهل بيته الطيّبين
الطّاهرين
وقد وقع الفراغ منها
في دار غيبة الإمام عجل الله فرجه
سامرّاء في سنة ١٣١١
وسمّيتها : «الغُرر
في نفي الضرار والضرر».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر التحقيق
١ ـ الإشارات والتنبيهات : لابن سينا أبي علي
الحسين بن عبد الله بن سينا البخاري البلخي ، ت ٤٢٨ هـ ، نشر مؤسسة النعمان ، بيروت
، ١٤١٣ هـ ـ ١٩٩٢م ، تحقيق : د. سليمان دنيا.
٢ ـ الاقتصاد الهادي إلى طريق
الرشاد : لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، ت ٤٦٠ هـ ،
منشورات مكتبة جامع چهلستون ، طهران ، ١٤٠٠ هـ.
٣ ـ إيضاح الفوائد : لفخر المحقّقين الشيخ
أبي طالب محمّد بن الحسن بن يوسف ابن المطهّر الحلّي ، ت ٧٧١ هـ ، نشر : المطبعة العلمية
، قم ، الطبعة الأولى ١٣٨٧ هـ ، بتحقيق : السيّد حسين الموسوي الكرماني والشيخ علي
پناه الاشتهاردي والشيخ عبد الرحيم البروجردي.
٤ ـ البيان : للشهيد الأول شمس الدين
محمّد بن مكّي الجزّيني العاملي ، ت ٧٨٦ هـ ، نشر وتحقيق : الشيخ محمّد الحسون ، قم
، الطبعة الأولى ١٤١٢ هـ.
٥ ـ تحرير الأحكام الشرعية
على مذهب الإمامية : للعلاّمة الحلّي الحسن
بن يوسف بن المطهّر ، ت ٧٢٦ هـ ، نشر : مؤسسة الإمام الصادق عليهالسلام ، قم ، الطبعة
الأولى ١٤٢٠ هـ ، تحقيق : الشيخ إبراهيم البهادري.
٦ ـ تذكرة الفقهاء : للعلاّمة الحلّي الشيخ
حسن بن يوسف بن المطهّر ، ت٧٢٦ هـ ، طبع وتحقيق : مؤسسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، قم
، الطبعة الأولى ١٤١٤ هـ ـ ١٤١٦ هـ.
٧ ـ التهذيب (تهذيب الأحكام
في شرح المقنعة) : لشيخ الطائفة أبي جعفر
بن الحسن الطوسي ، ت ٤٦٠ هـ ، نشر : دار الكتب الإسلامية ، طهران ، ١٣٩٠ هـ ،
تحقيق وتعليق : السيّد حسن الموسوي الخرسان.
٨ ـ جامع المقاصد في شرح القواعد
: للمحقّق الثاني الشيخ علي بن الحسين الكركي ، ت ٩٤٠ هـ ، تحقيق
ونشر : مؤسسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، الطبعة
الأولى ١٤٠٨ هـ.
٩ ـ الحدائق الناضرة في أحكام
العترة الطاهرة : للمحدّث الشيخ يوسف
البحراني ، ت ١١٨٦ هـ ، نشر : مؤسسة النشر الإسلامي ، قم ، ١٣٦٣ هـ.ش تحقيق : الشيخ
محمّد تقي الإيرواني.
١٠ ـ خاتمة مستدرك الوسائل
: للميرزا حسين النوري الطبرسي ، ت ١٣٢٠ هـ ، تحقيق : مؤسسة آل
البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، قم
، الطبعة الأولى ١٤١٥ هـ.
١١ ـ الدروس الشرعية في فقه
الإمامية : للشهيد الأول شمس الدين
محمّد بن مكّي الجزّيني العاملي ، ت ٧٨٦ هـ ، تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي ،
قم ، الطبعة الثانية ١٤١٧ هـ.
١٢ ـ ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد
: للملاّ محمّد باقر بن محمّد مؤمن الخراساني السبزواري ، ت ١٠٩٠
هـ ، نشر : مؤسسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، قم.
١٣ ـ رسائل فقهية : للشيخ الأعظم مرتضى
الأنصاري ، ت ١٢٨١هـ ، نشر مجمع الفكر الإسلامي ، قم ، الطبعة الأولى ١٤١٤هـ ، تحقيق
: لجنة تحقيق ترث الشيخ الأعظم قدسسره.
١٤ ـ الرسالة الشمسية : لنجم الدين عمر بن
علي القزويني المعروف بالكاتبي ، ت ٦٧٥ هـ ، مطبوعة مع مجموعة من شروحها ، نشر : شركة
شمس المشرق ، بيروت.
١٥ ـ رسالة في حجّيّة الظنون
الخاصّة (أو رسالة في حجية الظن) : للسيد صدر الدين محمّد
بن صالح بن محمّد بن شرف الدين العاملي الكاظمي الأصفهاني ، ت١٢٦٣ ، مخطوط ، توجد نسخة
منها ضمن مكتبة السيّد حسن الصدر.
١٦ ـ سنن أبي داود : لأبي داود سليمان بن
الأشعث السجستاني ، ت ٢٧٥ هـ ، دار الفكر ، لبنان ، الطبعة الأولى ١٤١٠ ـ ١٩٩٠م ، تحقيق
: سعيد محمّد اللحام.
١٧ ـ سنن الترمذي (الجامع الصحيح)
: لأبي عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي ، ت ٢٧٩ هـ ، دار الفكر
، لبنان ، الطبعة الثانية ١٤٠٣ هـ ـ ١٩٨٣م ، تحقيق : عبد الوهاب عبد اللطيف.
١٨ ـ السنن الكبرى (سنن البيهقي)
: لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ، ت ٤٥٨ هـ ، نشر :
دار الفكر ، لبنان.
١٩ ـ شرائع الإسلام في مسائل
الحلال والحرام : للمحقّق الحلّي أبي
القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن ، ت ٦٧٢ هـ ، نشر : مؤسسة المعارف الإسلامية ، قم ،
الطبعة الثانية ١٤٢٠ هـ ، تحقيق وتعليق : عبد الحسين محمّد علي بقال.
٢٠ ـ الصحاح (تاج اللغة وصحاح
العربية) :لإسماعيل بن حماد الجوهري
، ت ٣٩٣ هـ ، نشر : دار العلم للملايين ، بيروت ، الطبعة الرابعة ١٤٠٧ هـ ـ ١٩٨٧م ،
تحقيق : أحمد عبد الغفور عطار.
٢١ ـ الطراز (الطراز الأوّل
والكناز لما عليه من لغة العرب المعوّل) : للسيّد علي بن
أحمد بن محمّد معصوم الحسيني ، المعروف بابن معصوم المدني ، ت ١١٢٠ هـ ، نشر وتحقيق
: مؤسسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، مشهد
، الطبعة الأولى ١٤٣١ هـ.
٢٢ ـ علل الشرائع : للشيخ الصدوق أبي جعفر
محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، ت ٣٨١ هـ ، منشورات المكتبة الحيدرية ، النجف
الأشرف ، ١٣٨٥ هـ ـ ١٩٦٦م.
٢٣ ـ العناوين : للسيّد مير عبد الفتاح
الحسيني المراغي ، ت ١٢٥٠ هـ ، تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي ، قم ، الطبعة الثالثة
١٤٢٩.
٢٤ ـ عوائد الأيام في بيان
قواعد استنباط الأحكام : للمولى أحمد بن مهدي
النراقي ، ت ١٢٤٥ هـ ، نشر : دار الهادي ، بيروت ، الطبعة الأولى ١٤٢٠ هـ ـ ٢٠٠٠م.
٢٥ ـ غنائم الأيام في مسائل
الحلال والحرام : للميرزا أبو القاسم
بن محمّد حسن ابن نظر علي الجيلاني القمّي ، ت ١٢٣١ هـ ، تحقيق ونشر : مكتب الإعلام
الإسلامي ، مشهد ، الطبعة الأولى ١٤١٧ هـ.
٢٦ ـ فرائد الأصول : للشيخ الأعظم مرتضى
الأنصاري ، ت ١٢٨١ هـ ، نشر مجمع الفكر الإسلامي ، قم ، الطبعة الثانية ١٤٢٢ هـ ، تحقيق
: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم.
٢٧ ـ الفصول المهمّة في أصول
الأئمّة : للمحدّث الشيخ محمّد بن الحسن الحر العاملي ، ت ١١٠٤ هـ ، نشر
مؤسسة معارف إسلامي إمام رضا عليهالسلام ، الطبعة الأولى
١٤١٨ هـ ، تحقيق : محمّد بن محمّد الحسين القائيني.
٢٨ ـ فقه الرضا عليهالسلام
: وهو الفقه المنسوب إلى الإمام علي بن موسى الرضا عليهماالسلام ، المستشهد ٢٠٣ هـ
، تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، قم
، الطبعة الأولى ١٤٠٦ هـ.
٢٩ ـ قاعدة لا ضرر ولا ضرار
: للشيخ فتح الله النمازي الشيرازي المعروف بشيخ الشريعة الأصفهاني
، ت ١٣٣٩ هـ ، تحقيق : السيّد علي الخراساني الكاظمي ، ومؤسسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، نشر
: دار الأضواء ، بيروت ، الطبعة الأولى ١٤٠٧ هـ.
٣٠ ـ قرب الإسناد : لأبي العباس عبد الله
جعفر الحميري ، من أعلام القرن الثالث الهجري ، تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، قم
، الطبعة الأولى ١٤١٣ هـ.
٣١ ـ قواعد الأحكام : للعلاّمة الحلّي الحسن
بن يوسف بن المطهّر ، ت ٧٢٦ هـ ، تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي ، قم ، الطبعة
الأولى ١٤١٣ هـ.
٣٢ ـ القوانين المحكمة في الأصول
المتقنة : للميرزا أبو القاسم بن محمّد حسن بن نظر علي الجيلاني القمّي
، ت ١٢٣١ هـ ، نشر دار المحجّة البيضاء ، بيروت ، الطبعة الأولى ١٤٣١ هـ ، تحقيق :
السيّد رضا حسين صبح.
٣٣ ـ الكافي : لثقة الإسلام أبي جعفر
محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي ، ت ٣٢٨ هـ ، نشر : دار الكتب الإسلامية ،
طهران ، الطبعة الخامسة ١٣٦٣ هـ.ش ، تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري.
٣٤ ـ كتاب السرائر الحاوي لتحرير
الفتاوي : للشيخ أبي جعفر بن منصور بن أحمد ابن إدريس الحلّي ، ت ٥٩٨ هـ
، تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي ، قم ، الطبعة الثانية ١٤١٠ هـ.
٣٥ ـ كتاب الطهارة : للشيخ الأعظم مرتضى
الأنصاري ، ت ١٢٨١ هـ ، نشر مجمع الفكر الإسلامي قم ، الطبعة الثالثة ١٤٢٨ هـ تحقيق
: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم.
٣٦ ـ كتاب العين : لأبي عبد الرحمن الخليل
بن أحمد الفراهيدي ، ت١٧٥ هـ ، نشر : مؤسسة دار الهجرة ، قم ، الطبعة الثانية ١٤٠٩
هـ ، تحقيق : مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي.
٣٧ ـ كشف الرموز في شرح المختصر
النافع : لزين الدين أبي علي الحسن بن أبي طالب ابن أبي المجد اليوسفي
المعروف بالفاضل الآبي ، ت ٦٧٦ ، نشر وتحقيق : مؤسسة النشر الإسلامي ، قم.
٣٨ ـ كفاية الأحكام (كفاية
الفقه) : للملاّ محمّد باقر بن محمّد مؤمن الخراساني السبزواري ، ت ١٠٩٠
هـ ، نشر مؤسسة النشر الإسلامي ، قم ، الطبعة الأولى ١٤٢٣ هـ ، تحقيق : مرتضى الواعظي
الأراكي.
٣٩ ـ لسان العرب : لأبي الفضل محمّد بن
مكرم بن منظور الافريقي المصري ، ت ٧١١ هـ ، نشر : أدب الحوزة ، قم ١٤٠٥ هـ.
٤٠ ـ المبسوط في فقه الإمامية
: لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، ت ٤٦٠ هـ ، نشر
المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية ، طهران ، الطبعة الثالثة ١٣٨٧ هـ ، تحقيق
: السيّد محمّد تقي الكشفي.
٤١ ـ المحاسن : للشيخ الجليل الأقدم
أبي جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، ت ٢٧٤ وقيل : ٢٨٠ ، نشر دار الكتب الإسلامية
، تحقيق : السيّد جلال الدين الحسيني المحدّث.
٤٢ ـ مختلف الشيعة : للعلاّمة الحلّي الحسن
بن يوسف بن المطهّر ، ت ٧٢٦ هـ ، تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي ، قم ، الطبعة
الأولى ١٤١٢ هـ.
٤٣ ـ مدارك الأحكام في شرح
شرائع الإسلام : للسيّد محمّد بن علي
الموسوي العاملي ، ت ١٠٠٩ هـ ، تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، قم
، الطبعة الأولى ١٤١٠ هـ.
٤٤ ـ مسالك الأفهام إلى تنقيح
شرائع الإسلام : للشهيد الثاني الشيخ
زين الدين بن علي العاملي ، ت ٩٦٥ هـ ، تحقيق ونشر : مؤسسة المعارف الإسلامية ، قم
، الطبعة الأولى ١٤١٣ هـ.
٤٥ ـ المصباح المنير في غريب
الشرح الكبير : لأحمد بن محمّد بن
علي المغربي الفيّومي ، ت ٧٧٠ هـ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، الطبعة الأولى
١٤٣٠ هـ ـ ٢٠٠٩م.
٤٦ ـ المعتبر في شرح المختصر
: للمحقق الحلّي أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن ، ت ٦٧٦ هـ
، نشر : مؤسسة سيّد الشهداء عليهالسلام ، قم ، الطبعة الأولى
١٣٦٤ هـ.ش ، حقّقه عدة من الأفاضل.
٤٧ ـ معجم مقاييس اللغة : لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا ، ت ٣٩٥ هـ ، طبع ونشر :
مكتب الإعلام الإسلامي ، قم ، ١٤٠٤ هـ ، تحقيق : عبد السلام محمّد هارون.
٤٨ ـ المقنعة : للشيخ المفيد أبي عبد
الله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي ، ت ٤١٣ ، تحقيق ونشر : مؤسسة النشر
الإسلامي ، قم ، الطبعة الثانية ١٤١٠ هـ.
٤٩ ـ منتهى المطلب في تحقيق
المذهب : للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن علي ابن المطهّر ، ت ٧٢٦ هـ
، نشر وتحقيق : مجمع البحوث الإسلامية ، مشهد ، الطبعة الأولى ١٤١٢ هـ.
٥٠ ـ من لا يحضره الفقيه : للشيخ الصدوق أبي جعفر
محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي ، ت ٣٨١ هـ ، منشورات جماعة المدرسين ، قم
، الطبعة الثانية ، تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري.
٥١ ـ منهاج العقول في شرح منهاج
الوصول : لمحمّد بن الحسن البدخشي ، ت ٩٢٢ هـ ، منشورات مطبعة محمّد علي
صبيح وأولاده بالأزهر ، مصر.
٥٢ ـ النهاية في غريب الحديث
والأثر : لأبي السعادات مجد الدين المبارك بن محمّد ، المعروف بابن الأثير
الجزري ، ت ٦٠٦ هـ ، طبع : مؤسسة إسماعيليان ، قم ، الطبعة الرابعة ١٣٦٤ هـ.ش ، تحقيق
: محمود محمّد الطناحي وطاهر أحمد الزاوي.
٥٣ ـ النهاية في مجرّد الفقه
والفتاوى : لشيخ الطائفة أبي جعفر
محمّد بن الحسن الطوسي ، ت ٤٦٠ هـ ، انتشارات قدس محمّدي ، قم.
٥٤ ـ الوافي : للمولى محمّد محسن
بن المرتضى بن محمود بن علي المشتهر بالفيض الكاشاني ، ت ١٠٩١ هـ ، منشورات : مكتبة
الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام العامة ، أصفهان ،
الطبعة الأولى ١٤٠٦ هـ.
٥٥ ـ وسائل الشيعة (تفصيل وسائل
الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة) : للمحدّث الشيخ محمّد بن الحسن الحر العاملي ، ت ١١٠٤ هـ ، تحقيق
: مؤسسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، قم
، الطبعة الثانية ١٤١٤ هـ.
٥٦ ـ هداية المسترشدين في شرح
معالم الدين : للشيخ محمّد تقي الرازي
النجفي الأصفهاني ، ت ١٢٤٨ هـ ، تحقيق ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي ، قم ، الطبعة
الأولى ١٤٢٠ هـ.
من أنبـاء التـراث
هيئة التحرير
كتب صدرت محقّقة
* موسوعة العلاّمة
الأوردبادي (١ ـ ٢٥).
تأليف : الشيخ
محمّد علي الأوردبادي (ت ١٣٨٠ هـ).
وهي مجموعة من
الآثار القيّمة قام بتأليفها وجمعها العلاّمة الشيخ محمّد علي الأوردبادي (ت
١٣٨٠ هـ) في مختلف الفنون والتخصّصات وقد نهض سبط المؤلّف السيّد مهدي آل
المجدّد الشيرازي لتحقيق تراث جدّه المتناثر في أوراق ودفاتر عديدة ، ثمّ قام
بكتابتها برمّتها ، ووقف على ما فيها من أبحاث وتراث ، ثمّ عمل على تبويب
التراجم والتاريخ والشعر وغيرها
|
|
كلّ بحسبه ،
ووضع عناوين جامعة لها كما يريد هو بعد استشارة أهل الفنّ في ذلك واستحسانهم
إيّاه. وبعد ذلك المجهود ، والعمل المتواصل لسنوات عدّة خرجت الموسوعة مرتّبة
على (٢٥) جزءاً مع الفهارس الفنّيّة ، وجاءت عناوينها على الشكل الآتي :
الجزء الأوّل
المدخل :
يعدّ هذا الجزء
مدخلاً للموسوعة وهو من إعداد الجامع والمحقّق سبط المؤلّف السيّد مهدي آل
المجدّد الشيرازيّ ، وقد ضمّ المواضيع الآتية : بعض التقاريظ لهذه الموسوعة ، ما
قيل في المؤلّف قدسسره ، إجازات الحديث والاجتهاد وهي على قسمين : إجازاته من
قبل مشايخه من الأعلام ، وإجازاته
|
إلى بعض الأفاضل
والأعلام.
الجزء الثاني
المدخل :
جاء هذا الجزء
متمّماً للجزء الأوّل ، وتضمّن كتاب السبيل الجدد إلى حلقات السّند ، قصّة
معايشة المحقّق مع هذه الموسوعة.
الجزء الثالث أبحاث
متنوّعة :
١ ـ أبحاث في
القرآن الكريم : بحث فيها المؤلّف عن أُمّهات المسائل والأُصول التفسيريّة
كإعجاز القرآن ، وأسباب النزول ، وفضل القرآن على سائر الكتب السماويّة ، وكيفية
نزوله ، ومحكمه ومتشابهه ، وصيانته من التحريف ، وناسخه ومنسوخه ، والتفسير
بالرأي.
٢ ـ الدفاع عن
العقيدة : وأهمّ ما في هذا القسم : ردود متفرّقة على تقوّلات ابن حزم وأبي
الحسين الخيّاط والقاديانيّة والطنطاويّ ، رسالة حول هدم قبور أئمّة البقيع عليهمالسلام ، مقالة تأبينية في فاجعة البقيع ، القطر الهندي
|
|
والحالة الحاضرة
في الحجاز ، الردّ على البابيّة والبهائيّة ، علم المعصوم حضوريّ أم حصولي؟
الجزء الرابع أبحاث
متنوّعة :
ويتضمّن هذا
الجزء القسم الثالث (أبحاث إسلامية متنوّعة).
وهي عبارة عن
مقالات متفرّقة ورسائل منها : تمهيد لسلسلة مقالات باسم (أبطال الإسلام الكرام)
، العناية بالبشر ، حلقات التبليغ وأدواره ، النهضة الحسينيّة المقدّسة وأسبابها
، رسالة (الكلمات التامّات) في الذبّ عن المظاهر العزائيّة والشعائر الحسينية ،
رسالة (الكلمات الجامعة) في نقد رسالة (التنزيه لأعمال الشبيه) للسيّد محسن
الأمين العاملي.
الجزء الخامس فوائد
متنوّعة :
يضمّ هذا الجزء
(رسائل متفرّقة وفوائد قيّمة) ومقدّمات وتقاريظ لكتب مطبوعة جمعها المحقّق في
كتاب مستقل سمّاه من هنا وهناك.
|
الجزء السادس علي عليهالسلام
وليد الكعبة :
في هذا الكتاب
لا يحاول مؤلّفه إثبات شيء بهذا الخصوص أو نفيه بل كلّ ما في الأمر أنّه استند
إلى ما رواه ثقات الشيعة ومحدّثيهم أنّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام وُلد في الكعبة ولم يولد في الكعبة أحد قبله ولا بعده.
الجزء السابع حياة
أبي الفضل العبّاس عليهالسلام
:
تناول المؤلّف
فيه جوانب متنوّعة من حياة أبي الفضل العبّاس وغيرها من الفوائد الجليلة التي قد
لا توجد في كتاب آخر.
الجزء الثامن سبيل
النضار أو شرح حال شيخ الثار :
دافع المؤلّف في
هذا الكتاب عن شيخ الثار (المختار بن أبي عبيد الثقفي) ، وقد أدّى فيه المؤلّف
حقّ المقال ، وأغرق نزعاً في التحقيق ، ولم يبق في القوس خزعاً.
|
|
الجزء التاسع أبو
جعفر محمّد ابن الإمام علي الهادي عليهالسلام
سبع الدجيل :
يتحدّث هذا
الكتاب عن حياة سيّدنا الجليل محمّد ابن الإمام علي الهادي عليهالسلام ، فذكر المؤلّف نسبه ، وأشاد بآبائه وأجداده ، كما ذكر
عن الإمامة والبداء المقدار المناسب ، ثمّ ذكر مشهده الشريف وأثبته تاريخيّاً ،
وبعد ذلك ذكر مقداراً من كراماته ومعاجزه عليهالسلام وما قيل فيه من الشعر.
الجزء العاشر
التراجم :
جمع المؤلّف
التراجم الموجودة في هذا الكتاب من عدّة مصادر ، ثمّ رتّبها بحسب الوفيات ، وقد
اشتمل على (٧٧) ترجمة.
الجزء الحادي عشر
المجدّد الشيرازي :
تضمّن هذا
الكتاب دراسة عن حياة أكبر شخصيّة دينيّة بارزة تعدّ في زمانه. وهو الإمام
المجدّد السيّد محمّد حسن الشيرازي المتوفّى سنة
|
١٣١٢ هـ.
الجزآن الثاني عشر
والثالث عشر سبائك التبر.
فيما قيل في
الإمام المجدّد الشيرازي وآله من الشعر.
الجزء الرابع عشر
الديوان :
وهو ديوان
المؤلّف ، وقد جاءت قصائده مرتّبة على الحروف الهجائيّة.
الجزء الخامس عشر
الحديقة المبهجة :
هي المجموعة
الأُولى من مجاميع المؤلّف واشتملت على بابين : أحدهما باب التراجم وتضمّن (٢٤)
ترجمة ، والباب الآخر فوائد لغوية وأدبية ، ووفيَات لبعض العلماء ومنتخبات من
بعض الكتب ، وقصائد متنوّعة.
الجزء السادس عشر
الجوهر المنضّد :
هي المجموعة
الثانية من مجاميع المؤلّف ، تضمّن باب التراجم منها (٣٩) ترجمة ، أمّا فوائد هذه
|
|
المجموعة
فتنوّعت بين وفيَات لبعض الأعلام وبعض المباحث الخاصّة بالرجعة ، وقصائد وعدد من
القصص والفوائد التاريخيّة.
الجزء السابع عشر
الرياض الزاهرة :
هي المجموعة
الثالثة من مجاميع المؤلّف تضمّنت ثلاثة أقسام : باب التراجم ، فوائد متنوّعة ،
ملحق المجموعة.
الجزء الثامن عشر
الروض الأغنّ :
هي الجموعة
الرابعة من مجاميع المؤلّف وهي كبقيّة المجاميع غزيرة بالفوائد الأدبيّة
والتاريخيّة وغيرهما.
الجزء التاسع عشر
زهر الربى :
هي المجموعة
الخامسة من مجاميع المؤلّف اشتمل باب التراجم منها على (٨) تراجم ، أمّا فوائدها
فقد تنوّعت بين وفيَات بعض الأعلام ، وفوائد تاريخيّة ، ورسالة في حلق اللّحى ،
ومراسلات بعض العلماء مع
|
المؤلّف.
الجزء العشرون
الحدائق ذات الاكمام وملحقها :
هي المجموعة
السادسة من مجاميع المؤلّف ، اختصّ باب التراجم منها بترجمة جماعة من العلماء
الأعلام الذين هم من أبرز تلاميذ الإمام المجدّد الشيرازي.
أمّا الفوائد
فقد تنوّعت بين بعض أمثال العرب ، وعدد من القصائد وبين بعض المطالب التاريخيّة
، واشتمل ملحق المجموعة على بعض القصائد.
الجزء الحادي
والعشرون قطف الزّهر :
هي المجموعة
السابعة من مجاميع المؤلّف وتضمّنت هذه المجموعة جملة من تراجم حملة العلم ،
وتضمّنت أيضاً رسالة بعث بها المؤلّف إلى الأُستاذ الطنطاويّ صاحب التفسير ،
وفيها ردّ عليه لما تقوّله من الأوهام.
|
|
الجزء الثاني
والعشرون المجموعة الكبيرة :
هي المجموعة
الثامنة من مجاميع المؤلّف ، تضمّنت (١٥) ترجمة فضلاً عن فوائد تفسيريّة ولغويّة
، وضمّت قصائد وأبياتاً شعرية متفرّقة ، ووفيَات عدد من الأعلام ، وفوائد
عقائديّة.
الجزء الثالث
والعشرون المجموعة الصغيرة :
هي المجموعة
التاسعة والأخيرة من مجاميع المؤلّف ، اشتمل باب التراجم منها على (٩) تراجم ،
أمّا الفوائد فهي في وفيَات بعض الأعلام ، وعرض لبعض من كتب الحديث ، فضلاً عن
عدد من القصائد.
الجزء الرابع
والعشرون الإمام الحجّة المنتظر عليهالسلام
في أحاديث العامّة :
يمثّل هذا
الكتاب مفردات لمجموعة من الروايات والآثار الصادرة من قبل علماء الجمهور
ورواتهم
|
ومحدّثيهم ومشايخ
علم الحديث والحفّاظ المعتمدين.
الجزء الخامس
والعشرون الفهارس الفنّية :
وقد اشتمل هذا
الفهرس على ما يأتي : فهرس الآيات القرآنية ، فهرس الأحاديث ، فهرس الآثار ،
فهرس الأعلام ، فهرس القبائل والطوائف والفِرق ، فهرس الأماكن والبِقاع والبلدان
، فهرس الوقائع والأيّام ، فهرس الأشعار ، فهرس الكتب الواردة في المتن.
تحقيق : السيّد
مهدي آل المجدّد الشيرازي.
الحجم : وزيري.
نشر : مركز
إحياء التراث التابع للعتبة العبّاسية ـ كربلاء ـ العراق.
* الرحلة الحجازية
أو نهزة المسافر ونزهة المسامر.
تأليف : آية
الله الشيخ محمّد
|
|
الحسين كاشف
الغطاء (ت ١٣٧٣ هـ).
عزم المصنّف على
حجّ بيت الله الحرام بدءاً من موطنه النجف الأشرف فسجّل فيها معالم رحلته بأسلوب
أدبيّ مشبّع ببعض الشواهد الشعرية حسب ما يقتضيه المقام وينساق إليه الكلام ،
بيّن من خلال رحلته مساجلاته العلمية ومعالم البلدان والقرى التي مرّ بها في
رحلته ، وما رآه من عجائب وعاناه من مصاعب ، وما سنح إليه من ذكريات وخواطر في
أسفاره وأوطاره ، وقد قام المحقّق في هذا السفر ببيان بعض مفرداته وتوضيح لما
ورد من معالم تلك الرحلة.
تحقيق : أمير
الشيخ شريف كاشف الغطاء.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٣٢٥.
نشر : مكتبة
الإمام كاشف الغطاء العامة ـ النجف الأشرف ـ العراق/ ١٤٣٧ هـ.
|
* رسالة في
المعراج.
تأليف : الشيخ
محمّد جواد البلاغي (ت ١٣٥٢ هـ).
دراسة في موضوع
معراج الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) الذي يعدّ من الأبحاث العقائدية
الدالّة على قدرة الله تعالى وإثبات نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)
في كونه إعجازاً إلهيّاً ، وهو محلّ اختلاف بين المسلمين ، فبعضٌ يراه معراجاً
روحياً وجسدياً والآخر يراه روحياً ، حيث أكّد المصنّف في رسالته هذه على حصول
المعراج الجسدي والروحي معاً ، اشتملت الرسالة على : مقدّمة المركز ومقدّمة
التحقيق ، وصف الرسالة ، تمهيد ، المعراج لغةً ، اصطلاحاً ، في الحديث الشريف ،
وفي العلوم العصرية ، في مواجهة هذه الأسئلة ، إعجاز المعراج وكيفية العروج في
السماء ، الهدف من المعراج.
تحقيق : جعفر
الموسوي الخرسان.
الحجم : رقعي.
|
|
عدد الصفحات :
٨٧.
نشر : مركز
المرتضى لإحياء التراث ـ النجف الأشرف ـ العراق.
* أوراق الذهب (١ ـ
٣).
تأليف : السيّد
عبّاس الجزائري (ت ١٣٠٦ هـ).
يعدّ الكتاب من
تراجم العلماء ، حيث تناول المؤلّف فيه ترجمة السيّد دلدار علي النقوي النصير
آبادي (ت ١٢٣٥ هـ) المعروف بسيّد العلماء ، مؤسّس الأسرة العلمية الشهيرة في
الهند ، المعروفة بـ : «خاندان اجتهاد/أُسرة الاجتهاد» ، كما ترجم لأبيه وأخوانه
وأولاده ، وذكر سيرته الذاتية ، وقد أردفه بترجمة نفسه في عداد تلاميذ سيّد
العلماء. وقد قام المحقّق الشيخ علي الفاضلي بإلحاق الوثائق والأسناد والمكاتيب
والتقاريظ والإجازات القيّمة والرسائل المتبادلة بين سيّد العلماء وأقطاب
العلماء وبينه
|
وبين تلميذه
المير حامد حسين وبينه وبين السيّد محمّد قلي ووالد المير حامد حسين حتّى ظهر
الكتاب بحلّة قشيبة في ثلاث مجلّدات.
تحقيق : الشيخ
علي الفاضلي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
١٨٨١.
نشر : مؤسّسة
كتاب شناسي شيعة ـ قم ـ إيران.
* قلائد الحكم
وفرائد الكلم.
تأليف : القاضي
أبي يوسف يعقوب بن داود الاسفراييني الشافعي (ت ٤٤٨ هـ).
كتاب تربوي جمع
فيه المصنّف ٧٨٤ كلمة من لآلئ وجواهر ودرر من كلام سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين
علي ابن أبي طالب عليهالسلام من حكمه وخطبه ودعائه ومواعظه عليهالسلام ، وقد أشار إلى ذلك في مقدّمة الكتاب ، وقد زوّد الكتاب
بمقدّمة المركز ومقدّمة
|
|
التحقيق وترجمة
المؤلّف والنسخ المعتمدة في التحقيق ومنهج التحقيق.
تحقيق : علي
كاظم خضيّر الحويمدي الكربلائي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
١٩١.
نشر : دار
التراث ـ النجف الأشرف ـ العراق.
* لباب الألقاب في
ألقاب الأطياب.
تأليف : المولى
حبيب الله الشريف الكاشاني (ت ١٣٤٠ هـ).
كتاب تراجم
العلماء وأحوالهم ، يعدّ مصدراً مهمّاً لمعرفة سيّد المجتهدين الكبار والعلماء
الفضلاء والمؤلّفين المشاهير والأدباء والأعلام ، وهو معوّل العلماء والباحثين
وروّاد العلم ممّن اهتمّوا بمعرفة أعلام مدرسة أهل البيت
عليهمالسلام ، وقد عوّل عليه الشيخ آقا بزرك الطهراني صاحب
|
الذريعة قائلاً
في ذكر رجال الميرزا حبيب الله : « ... له لباب الألقاب الكتاب المبسوط الذي
ننقل عنه كثيراً».
اشتمل الكتاب
على عشرة أبواب وخاتمة في أحوال المصنّف ، وذكر مصنّفاته وقد زوّد الكتاب
بتعليقات آية الله الشبيري الزنجاني.
تحقيق : الشيخ
نزار الحسن والسيّد جواد برك چيان.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٢٥٦.
نشر : مؤسّسة
تراث الشيعة ـ قم ـ إيران.
* قطعة من رسالة
الشرائع
تأليف : الشيخ
علي بن الحسين بن بابويه القمّي (٣٢٩ هـ)
الكتاب عبارة عن
رسالة فقهية كتبها المصنّف إلى والده الشيخ الصدوق ، وقد التزم فيها الإفتاء
بلفظ الروايات
|
|
التي صحّت عنده
روايتها عن الأئمّة الهداة
عليهمالسلام ، عرفت لدى العلماء برسالة الشرائع حيث كانت معتمدةً
عندهم في الرجوع إليها ، وقد صنّفت في زمن لم تمسّ فيه الحاجة إلى التفريع في
المسائل وقد مثّلت هذه الرسالة أقدم نصٍّ فقهيٍّ معتبر عند الإمامية ، اشتملت الرسالة
على مقدّمة التحقيق ، الباب الأوّل : سيرة المصنّف ، الباب الثاني : دراسة عن الرسالة
، القسم الأوّل : متن الرسالة ، القسم الثاني : المقاطع المستخرجة من المصادر
الأخرى.
تحقيق : الشيخ
كريم مسير والشيخ شاكر المحمّدي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٣٢٧.
نشر : دار
المؤرّخ العربي ـ بيروت ـ لبنان.
|
* أحسن الوديعة في
تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة.
تأليف : السيّد
محمّد مهدي الموسوي الإصفهاني الكاظمي.
كتاب تراجم جعله
المصنّف تتمّة لكتاب روضات الجنّات ولم يسلك منهجه المألوف في إيراد الأسماء على
ترتيب الحروف بل ذكر العلماء والسادات على ترتيب الطبقات في مراعات سنّي الوفاة
، وقد اشتمل الكتاب على مائة وترجمتين حسب الترقيم كما تضمّن في البين تراجم
شخصيّات أخرى كالذرّية والتلامذة كما اشتمل على خاتمة في ذكر المراكز الشيعية
وعلى فهارس فنية.
تحقيق : مؤسّسة
تراث الشيعة.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٤٤٣.
نشر : مؤسّسة
تراث الشيعة ـ قم ـ إيران.
|
|
كتب صدرت حديثاً
* النظرية التربوية
في القرآن.
تأليف : نذير
الحسني.
عرض المؤلّف
دراسة حول النظرية التربوية في القرآن الكريم والتي سعى المشروع الإسلامي من
خلالها للوصول إلى أهدافه التربوية وتحقيقها في المجتمع ، وذلك من خلال محاور
بيّنها المؤلّف بأسلوب علمي في الترسيم الإسلامي لها في القرآن الكريم
بالمرتكزات والأهداف والطرق والأساليب والمجالات والمؤسّسات التربوية التي طرحها
القرآن ، ليأخذ بيد الفرد والمجتمع نحو طريق الرقي والتكامل.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٤٨٧.
نشر : مؤسّسة
العرفان ـ بغداد ـ العراق/١٤٣٧ هـ.
|
* القبلة في القرآن
والحديث.
تأليف : السيّد
هاشم الناجي الموسوي الجزائري.
تناول المؤلّف
بحث مواضع استقبال ومواضع اجتناب استقبال القبلة من بين شتّى المواضيع المرتبطة بها
، معتمداً في ذلك على ذكر آيات القرآن الكريم الواردة في هذا الشأن والروايات
والمواضيع الدالّة عليه ، وقد أشار إليها في فهرس التمهيدات وفهرس العناوين
المتصدّرين في أوّل الكتاب المعروف بموسوعة آثار الأعمال.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٢٧٨.
نشر : ناجي
الجزائري ـ قم ـ إيران/١٤٣٧ هـ.
* الغدير والمنصب.
تأليف : السيّد
صادق الخرسان.
|
|
دراسة في أهمّية
يوم الغدير ومعطياته وتعميم ثقافته لتوعية المجتمع الإسلامي ومعرفة الأبعاد التي
أُسّس لها يوم الغدير في قيادة ورئاسة الأُمّة وتوضيح معنى الإمامة ببعديها
النظري والعلمي ، وذلك تأصيلاً لنهج صاحبي الغدير (رسول الله (صلى الله عليه
وآله) وأمير المؤمنين عليهالسلام) وترسيخ مقاييسهما في التعاطي مع الإنسان والمنصب
والالتزام بما التزما به من عدم كون المنصب وسيلة لنيل مكاسب مؤقّتة أو تحقيق
طموحات زائلة. اشتمل الكتاب على مقدّمتين وثلاث محاور ، مقوّمات صاحب المنصب ،
أسباب نجاح صاحب المنصب ، أوجه ممارسة المنصب ، الخاتمة.
الحجم : رقعي.
عدد الصفحات :
٤٠.
نشر : الأمانة
العامّة للعتبة الكاظمية ـ العراق.
|
* أُسس النزاهة.
تأليف : السيّد
صادق الخرسان.
قراءة في وصية
للإمام الحسين عليهالسلام يبحث من خلالها ضرورة نزاهة المصلح في أداء دوره الإصلاحي
، الذي يقوم بنشر أُسس المعروف وتقويم دعائمه في المجتمع ، من وقفة تصحيح ونهضة
تقويم لضمان إسلامه بما يوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
اشتمل الكتاب
على توطئة وثلاثة محاور وخاتمة. المحور الأوّل لغويٌّ ، المحور الثاني بيان وصية
الإمام الحسين عليهالسلام والمحور الثالث استعرض فيه المؤلّف فقه النزاهة وما
يترتّب من الأحكام على مخالفتها وقد جاءت الخاتمة تلخيصاً للبحث.
الحجم : رقعي.
عدد الصفحات :
٨٨.
نشر : دار
البذرة ـ النجف الأشرف ـ العراق.
|
|
* ديوان التراث.
إعداد : السيّد
حسن الموسوي البروجردي.
كتاب يعتني
بشؤون التراث والتراثيّين ، يصدر عن مؤسّسة دار التراث في النجف الأشرف يستعين
بمقالات أصحاب القلم وأهل الفكر في تعريف الشخصيّات التراثية التي بذلت جهدها في
بناء هذا الصرح بعطائها العلمي ، تأمّلاً في أحوالهم وظروفهم وسير تأليفهم
وبحوثهم ، وقد زوِّد بمقالات تراثية عامّة تحتوي على مواضيع تراثية مختلفة تهدى
إلى الشخصية التراثية المعنية في كلِّ إصدار سنوي. وهذا هو العدد الأوّل وقد
اختصّ بالعالم التراثي الكبير والرجالي المؤرّخ العلاّمة الشيخ علي ابن محمّد
رضا بن موسى ابن الشيخ الكبير جعفر آل كاشف الغطاء صاحب الكتاب المعروف بـ :
«الحصون المنيعة في طبقات الشيعة» ووالد الإمام الشيخ
|
محمّد الحسين آل
كاشف الغطاء.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
١٠٠٠.
نشر : دار
التراث ـ النجف الأشرف ـ العراق.
* مرقد سيّدة
النساء.
تأليف : السيّد
هاشم الناجي الجزائري.
كتاب روائي من
سلسلة موسوعة آثار الأعمال ، تناول فيه المؤلّف ذكر ما روي عن أئمّة أهل البيت
في الأحداث المروّعة التي انصبّت على أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) بعد
رحيله ، والتي أدّت إلى شهادة الصديقة الطاهرة سيّدة نساء العالمين وما أوصته عليهاالسلام من إخفاء قبرها بعد رحيلها.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
١١٩.
نشر : ناجي
الجزائري ـ قم ـ إيران.
|
|
* النجف الأشرف
والمرجعية الدينية.
تأليف : السيّد
محمّد بحر العلوم.
تناول المؤلّف
في كتابه أبحاثاً تحكي عراقة موطنه النجف الأشرف والتراث العلمي والتاريخي لهذه
المدينة ، والدور الكبير للمرجعية الدينية في مسار الحركة العلمية والثقافية
لحاضر النجف وماضيها وموقفها إزاء مختلف التيّارات السياسية.
اشتمل الكتاب
على أربعة فصول : الأصالة في الجامعة النجفية ، التطوّر السياسي والديني
للمرجعية ، معالم المرجعية خلال نصف قرن ، المرجعية الدينية والعالم.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٤٠٢.
نشر : العارف
للمطبوعات ـ النجف الأشرف ـ العراق وبيروت ـ لبنان.
|
* طريق الوصول إلى
أخبار آل الرسول عليهمالسلام.
تأليف : الشيخ
هادي النجفي.
يعدّ الكتاب من
كتب التراجم الرجالية التي تبيّن أحوال رجال السند لمعرفة سلامة السند أو سقمه ،
جمع المؤلّف فيه ما حصل عليه من الإجازات من مشايخه وأساتذته ، ثمّ قام بترجمة تلك
الشخصيّات التي أخذ عنهم تلكم الإجازات في نقل روايات المعصومين
عليهمالسلام من الكتب الحديثية الأربعة.
اشتمل الكتاب
على مقدّمة في : فوائد الإجازة وعلى أربعين ترجمة للمشايخ الذين صدرت عنهم
الإجازات وخاتمة.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٤٦٤.
نشر : منشورات
دار التفسير ـ قم ـ إيران.
|
|
* دراسات في قاعدة
لا ضرر ولا ضرار.
تأليف : السيّد
أصغر ناظم زاده.
كتاب أصولي ،
توجّه فيه المؤلّف إلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار لما رأى فيها من ضرورة البحث في
جانب من مسائلها المهمّة ، مثل مسألة خيار الضرر على نفسه ، والإضرار بالغير ،
وتعارض الضررين وغيرها ، وقد رتّبها على ثماني جهات : قاعدة لا ضرر من المسائل
الأصولية أو الفقهية ، مدارك القاعدة من الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ،
الروايات الواردة من طرق الخاصّة والعامّة ، حجّية لا ضرر مجرّدة أو مزيدة بقيد
«الإسلام» أو بقيد «على مؤمن» ، الإشكالات الواردة على ورود لا ضرر في ذيل حديث
الشفعة وحديث منع الفضول الماء ، شرح مفردات الحديث وهو الفرق بين «الضرر» و «الضرار»
، في فقه قاعدة لا ضرر ولا ضرار وفيها خمسة
|
احتمالات ، في
تنبيهات قاعدة لا ضرر.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
١٦٠.
نشر : مؤسّسة
بوستان كتاب ـ قم ـ إيران.
* دراسات في صلاة
المسافر والخوف والمطاردة.
تأليف :
كتاب فقهي جمع
فيه المؤلّف دراساته في المباحث الفقهية مثل كتاب صلاة المسافر ، كتاب صلاة
الخوف والمطاردة ، وذلك على ترتيب كتاب العروة الوثقى الذي درّسه في أكثر من
عامين ، وقد رتّبه على أربعة فصول في : صلاة المسافر وأحكامها ، قواطع السفر
موضوعاً وحكماً ، أحكام صلاة المسافر ، صلاة الخوف والمطاردة.
الحجم : وزيري.
|
|
عدد الصفحات :
٤٩٥.
نشر : مؤسّسة
بوستان كتاب قم إيران.
* الفرق بين العام
والمطلق وبين التخصيص والتقييد.
تأليف : السيّد
علي حسن مَطَر الهاشمي.
كتيّب تناول فيه
المصنّف دراسة أصولية وبحثاً تحقيقيّاً في بيان الفرق بين معنى العام والمطلق ،
وفي بيان الفرق بين التخصيص والتقييد في اصطلاح علماء الأصول ، وقد عقد البحث في
مطلبين ، الأوّل : العام والخاص. والثاني : المطلق والمقيّد.
الحجم : رقعي.
عدد الصفحات :
٧٨.
نشر : منشورات
العطّار قم إيران.
* مزارات الحلّة
ومراقد علمائها.
تأليف : السيّد
حيدر موسى وتوت.
|
كتاب تاريخي
يأتي في عداد كتب التراجم.
قام المؤلّف فيه
بالتحقيق والتنقيب عن مزارات ومراقد علماء الحلّة الفيحاء ، وقد جمع ما وقف عليه
وحقّقه من صحّة تاريخ المزار والمرقد وذكر النسب ، وقد بدأ بذكر تراث الحلّة
وتاريخها اعتماداً على ما ذكره
|
|
الرحّالة مثل :
بنيامين اليهودي وابن جبير وابن بطّوطة ، ثمّ ذكر تاريخ أمرائها بدءاً من الأمير
علي بن مزيد الأسدي إلى الأمير علي بن دبيس بن صدقة ومنه بدأ بذكر تراجم
أعلامها.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٣٨٧.
نشر : دار
التوحيد الكوفة العراق.
|
|